ا ه شرح م ر ا ه شوبري قوله استظهارا أي طلبا لظهور استيعاب الواجب ا ه ع ش قوله ويعتبر جافا إلخ يتوهم أن في(4/144)
هذه العبارة حذف نائب الفاعل الذي فسره الشارح بقوله غير الحب ويجاب بأنه ليس محذوفا وإنما هو ضمير مستتر يعود على القوت المذكور سابقا لكن المراد بعض القوت وهو خصوص غير الحب بدليل مقابلته بقوله والحب مصفى وقوله جافا حال من الضمير المستكن ا ه شيخنا قوله وإلا فرطبا أي بتقدير الجفاف فلا بد من الجفاف بالفعل فيما يجف أو تقديرا فيما لا يجف وهذا هو المعتمد وقوله ويقطع بإذن راجع لقوله وإلا فرطبا يدل على هذا كلامه بعد وانظر ما وجه اشتراط الاستئذان ا ه شيخنا وعلله ق ل على الجلال بقوله ويجب استئذان العامل لأنه شريك ا ه وعبارة ع ش على م ر فلا بد من الجفاف بالفعل فيما يجف أو تقديرا فيما لا يجف لأنه إذا تعذر الجفاف بالفعل لا يتعذر تقديره لا يقال حيث لم يكن له جفاف فكيف يمكن تقديره لأنا نقول يمكن اعتباره بالقياس إلى ما يتجفف من غيره لأن غاية الأمر أن ما لا يتجفف قام به مانع من التجفيف وهو لا يمنع أن يجيء منه مثل ما يجيء من غيره لفرض زوال المانع انتهت قوله أيضا إلا فرطبا بفتح الراء وسكون الطاء والرطب خلاف الجاف فيصدق بالرطب بضم الراء وفتح الطاء والعنب وبالبسر فيصح إخراج البسر ويجزئ حيث لم يتأت منه رطب فيجب إخراجه في هذه الحالة ا ه ع ش على م ر نقلا عن سم على حج قوله ويقطع بإذن من الإمام عبارة شرح م ر ويجب استئذان العامل في قطعه كما في الروضة فإن قطع من غير استئذانه أثم وعزر أي ولا ضمان وعلى الساعي أن يأذن له خلافا لما صححه في الشرح الصغير من الاستحباب نعم إن اندفعت الحاجة بقطع البعض فيما لو احتاج لقطعه لنحو عطش لم تجز الزيادة عليها انتهت وهذا واضح فيما إذا كان ثم عامل وإلا وجب استئذان الإمام أو نائبه ولو فوق مسافة العدوي ا ه ع ش عليه قوله من تبنه أي ومن قشر لا يؤكل معه فكان الأنسب زيادة هذا لأجل قوله بخلاف إلخ ا ه شيخنا قوله والوجه ترجيح الدخول إلخ من جملة كلام الأذرعي وهو المعتمد ا ه ع ش قوله(4/145)
اعتبار القشرة إلى قوله بالنصف فعلم أنه لا تجب تصفيته من قشره وإن قشره لا يدخل في الحساب ا ه شرح م ر وفي فتاوى الشهاب م ر ما نصه سئل الشهاب م ر عمن عليه زكاة أرز شعير وضرب ذلك الواجب حتى صار أبيض فحصل منه نصف أصله مثلا ثم أخرجه عن الأرز الشعير هل يجزئ أم لا فأجاب بأنه لا يجزئ ما أخرجه عن واجبه ا ه أقول هذا قد ينافيه قول الشارح فعلم أنه لا تجب تصفية إلخ فالقياس الإجراء ويوجه بأن ما فعله هو الأصل في حقه وليس فيه تصرف على الفقراء في حصتهم وإنما أسقط عنهم تبييضه تخفيفا عليهم وليس فيه تفويت على الفقراء بل فيه رفق بهم لتحمل المؤنة عنهم وبقي ما لو لم يضربه وشك فيما حصل عنده هل يبلغ خالصه خمسة أوسق أو لا هل تجب عليه الزكاة أم لا فيه نظر والأقرب عدم الوجوب لأنه الأصل ولا يكلف إزالة القشر ليختبر خالصه هل يبلغ نصابا أو لا ولا يشكل ذلك بما لو اختلط إناء من ذهب وفضة وجهل الأكثر حيث كلف امتحانه بالسبك وغيره مما ذكر ثم لأنه هناك تحقق الوجوب وجهل قدر الواجب بخلافه هنا فإنه شك في أصل الوجوب ا ه ع ش عليه قوله وقد يكون خالصها أي العشرة وقوله من ذلك أي مما ادخر في قشره ا ه شيخنا قوله أولى من قوله كأرز وعلس جوابه أن الكاف استقصائية كما في شرح م ر ا ه قوله ويكمل نوع بآخر أي لاشتراكهما في الاسم وإن تباينا في الجودة والرداءة وإن اختلف مكانهما وهو شامل لتكميل ما تتمر من الرطب بما لا يتتمر منه ا ه ح ل قوله أيضا ويكمل نوع بآخر أي حيث كانا في عام واحد أخذا من قوله بعد ويضم بعض كل إلخ ا ه ح ل قوله وهو قوت صنعاء اليمن ويكون في الكم الواحد منه حبتان وثلاث ولا تزول كمامه إلا بالرحى الخفيفة أو المهراس وبقاؤه فيه أصلح ا ه برماوي تنبيه يقع كثيرا أن البر يختلط بالشعير والذي يظهر أن الشعير إن قل بحيث لو ميز لم يؤثر في النقص لم يعتبر فلا يجزئ إخراج شعير ولا يدخل في الحساب وإلا لم يكمل أحدهما بالآخر فما كمل(4/146)
نصابه أخرج عنه من غير المختلط ا ه حج ا ه ع ش على م ر قوله بسلت وهو الذي تسميه العامة شعير النبي {صلى الله عليه وسلم} ا ه ع ش قوله(4/147)
فلما اكتسب إلخ غرضه بهذا الرد على قولين ضعيفين حكاهما في المنهاج قيل إنه شعير فيضم له لشبهه به في برودة الطبع وقيل حنطة فيضم لها لشبهه لها في اللون والملاسة ا ه من شرح م ر قوله وصفا عبارة شرح م ر طبعا وهي أولى ا ه شوبري قوله ويخرج من كل بقسطه أي لانتفاء المشقة وهذا بخلاف ما تقدم في الماشية حيث يدفع نوع مع مراعاة القيمة والتوزيع ولا يكلف بعضا من كل نوع لما فيه من المشقة ومن ثم كان لا وقص هنا بخلاف الماشية ا ه ح ل قوله أيضا ويخرج من كل بقسطه مفهومه أنه لو أخرج من أحد النوعين عنهما لا يكفي وإن كان ما أخرج منه أعلى قيمة من الآخر وليس مرادا لأنه لا ضرر على الفقراء وليس بدلا عن الواجب لاتحاد الجنس ا ه ع ش على م ر قوله فإن عسر فوسط فلو أخرج من الأعلى أجزأ لأنه زاد خيرا قاله في شرح البهجة ا ه شوبري قوله ولا أدناها أي ولو برعاية القيمة ا ه ع ش قوله رعاية للجانبين أي المالك والمستحقين فراعينا المالك في عدم إخراج الأعلى وراعينا المستحقين في عدم إخراج الأدنى ا ه شيخنا قوله ولا يضم ثمر عام وزرعه إلى آخر بأن قطع كل في عام على ما يراه المؤلف وبأن اطلع كل في عام بالنسبة للثمر ا ه ح ل قوله قبل جذاذ ثمر الأول بفتح الجيم وكسرها وإهمال الدالين وإعجامهما أي قطعه ا ه شرح م ر قوله ويضم كل إلخ هذا مقابل قوله إلخ فكأنه قال ويضم بعض كل لبعض إن اتحد العام دل على ذلك قوله إن اتحد في العام قطع وعبارة أصله ويضم ثمر العام الواحد بعضه إلى بعض وإن اختلف إدراكه انتهت قوله ويضم بعض كل منهما أي الثمر والزرع بأن كان عنده أنواع من التمر أو الزبيب أو الزرع ولم يبلغ كل نوع خمسة أوسق وكتب أيضا سواء كان كل واحد نصابا أو بعض نصاب وإذا ضما بلغا نصابا أو أحدهما نصابا والآخر بعض نصاب ا ه ح ل قوله وإن اختلف إدراكه وعليه فلو أدرك بعضه ولم يبلغ نصابا جاز له التصرف فيه ثم إذا أدرك باقيه وكمل به النصاب زكى الجميع إن كان(4/148)
الأول باقيا أو تالفا فإن سبق له بيع تبين بطلانه في قدر الزكاة ويجب على المشتري رده إن كان باقيا وبدله إن كان تالفا ثم رأيت في كلام سم على حج ما يصرح بذلك فليراجع ا ه ع ش على م ر قوله كنجد وتهامة ومثل الأول الإسكندرية والشام ومثل الثاني صعيد مصر ا ه برماوي قوله إن اتحد في العام قطع أي بالقوة لا بالفعل ا ه ح ل وهذا ضعيف بالنسبة للثمر ومعتمد بالنسبة للزرع فيشترط وقوع حصاد الزراعتين في سنة بأن يكون بين حصادي الأول والثاني دون اثني عشر شهرا عربية ولا عبرة بابتداء الزرع لأن الحصاد هو المقصود وعنده يستقر الوجوب ويكفي عن الحصاد زمن إمكانه على الأوجه ا ه حج قوله قطع للثمر والزرع المعتمد في الثمر اعتبار الاطلاع أي البروز وفي الزرع اعتبار القطع والمراد بالعام اثنا عشر شهرا وتحسب من حين الزراعة الأولى في الزرع أو البروز الأول في الثمر وصورة اختلاف العام في الزرع مع اتحاد القطع فيه أن يزرع أولا في المحرم ويقطع في رجب ثم في العام الثاني يزرع في صفر ويقطع في جمادى فبين الزراعتين أكثر من عام وبين القطعتين دون عام فيقال اتحد القطع في العام ا ه شيخنا وعبارة شرح م ر والمراد بالعام هنا اثنا عشر شهرا عربية قال الشيخ والقول بأنه أربعة أشهر غير صحيح وأشار بذلك إلى الرد على ابن الرفعة لأنه نقله عن الأصحاب انتهت ثم قال وزرعا العام بضمان وإن اختلفت زراعته في الفصول ويتصور ذلك في الذرة فإنها تزرع في الربيع والخريف والصيف ا ه ثم قال والمستخلف من أصل كذرة سنبلة مرة ثانية في عام يضم إلى الأصل بخلاف نظيره من الكرم والنخل لأنهما يرادان للتأبيد فجعل كل حمل كثمرة عام بخلاف الذرة ونحوها فألحق الخارج منها ثانيا بالأول كزرع تعجل إدراك بعضه ا ه قوله وإن لم يقع الاطلاعان الاطلاع هو الظهور والبروز يقال اطلع أي يظهر ا ه شيخنا ح ف وفي المختار أطلع النخل أخرج طلعه ا ه قوله ما لو أثمر نخل أي أو كرم وقوله فلا ضم أي(4/149)
وإن اتحد قطعهما في العام لأنهما يرادان للتأبيد وقوله وإن اعتبر ابن المقري إلخ المعتمد كلام ابن المقري ا ه ح ل قوله مرتين في عام بأن ينفصل الحمل الثاني عن الحمل الأول وأما ما يخرج متتابعا بحيث(4/150)
يتأخر بروز الثاني عن بروز الأول بنحو يومين أو ثلاثة ثم يتلاحق به في الكبر فكله حمل واحد ا ه ع ش على م ر قوله وذكر اتحاد القطع أي الحصاد قال شيخنا والمراد بالحصاد حصوله بالقوة لا بالفعل كما أفاده الكمال ابن أبي شريف وقال إن تعليلهم يرشد إليه ا ه شرح م ر ا ه شوبري قوله وإن اعتبر ابن المقري إلخ هذا هو المعتمد وقوله هو ما صححه الشيخان ما صححاه هو المعتمد والفرق بين الثمر حيث اعتبر فيه اتحاد الاطلاعين وبين الزرع حيث اعتبر فيه اتحاد الحصادين أن الثمر بمجرد الاطلاع يصلح للانتفاع به بسائر أنواعه بخلاف الزرع فإنه لا ينتفع به بمجرد الظهور والبروز وإنما المقصود منه للآدميين خاصة فاعتبر حصاده ا ه من ع ش على م ر قوله ونقلاه أي نقلا التصحيح وهو أنسب بكلام الإسنوي بعد من تفسير الضمير باعتبار اتحاد القطع وقوله بأن ذلك أي عدم الرؤية الذي قاله الإسنوي قوله لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ أي لأن المثبت مقدم على النافي ا ه شرح م ر قوله وفيما شرب بعروقه إلخ ولا يجب في المعشرات زكاة لغير السنة الأولى بخلاف غيرها مما مر لأنها إنما تكرر في الأموال النامية وهذه منقطعة النماء معرضة للفساد ا ه شرح م ر قوله وإن احتاجت إلى مؤنة وعلل ذلك بأنها إنما تحفر لإصلاح القرية فإذا تهيأت وصل الماء من النهر إليها المرة بعد الأخرى بخلاف السقي بالنضح ومن النضح الآلة المعروفة بالشادوف والنطالة ا ه برماوي قوله وفيما شرب بنضح أو نحوه إلخ فإن قلت لم وجبت الزكاة فيما سقي بمؤنة ولم تجب في المعلوفة قلت لأن من شأن العلف كثرة المؤنة بخلاف الماء من شأنه خفة المؤنة بل هو من شأنه الإباحة ولأن القوت ضروري فوجبت فيه الزكاة لأولى الحاجات وإن حصل بمؤنة ولا كذلك الحيوان فليتأمل ا ه سم ا ه شوبري قوله بحيوان بأن يحمل الماء على ظهره بدليل قوله ويسمى هذا الحيوان أيضا سانية أي كما يسمى ناضحا وفي المختار والسانية الناضحة وهي الناقة التي(4/151)
يستقى عليها وفي المثل سير السواني سفر لا ينقطع ا ه قوله سانية بسين مفتوحة بعدها ألف ثم نون ثم ياء من سنت بمعنى سقت يقال سنت الناقة وكذا السحاب يسنو إذا سقت ا ه برماوي قوله كدولاب هو فارسي معرب ويقال له المنجنون بثلاث نونات وجيم والدالية أيضا فعطف الدالية بعده مرادف وقيل الدالية اسم للبكرة وقيل جذع قصير يداس أحد طرفيه فيرفع الآخر الماء وسميت دالية لأنها تدلى إلى الماء فتخرجه فائدة السيح هو الجاري على وجه الأرض بسبب فتح مكان من النهر ونحوه ا ه برماوي قوله وهي ما يديره الماء أي بنفسه وحيث كان الماء يديرها بنفسه هلا وجب فيما سقي بها العشر لخفة المؤنة راجعه ا ه ع ش على م ر قوله وفيما شرب بهما يتصيد للضمير معنى يليق به وقد فسره بالنوعين ويعبر عن النوعين بعبارة تناسب لأن كلا من النوعين فيه فردان بأن يقال هما ما لا مؤنة فيه وما فيه مؤنة ا ه وفي البرماوي ما نصه والضابط أن يقال متى سقي بماء لا كلفة فيه وجب العشر وإلا فنصف العشر ا ه قوله لا بأكثرهما متعلق بمحذوف أي لا يعتبر بأكثرهما وقوله ولا بعدد السقيات متعلق بمحذوف أي ولا يسقط بعدد السقيات وغرضه بهذا الرد على قولين ضعيفين حكاهما في المنهاج وعبارته مع شرح المحلي وواجب ما سقي بهما أي بالنوعين كالنضح والمطر سواء ثلاثة أرباعه أي العشر عملا بواجب النوعين فإن غلب أحدهما ففي قول يعتبر هو فإن كان الغالب المطر فالواجب العشر أو النضح فنصف العشر والأظهر يقسط والغلبة والتقسيط باعتبار عيش الزرع أو الثمر ونمائه وقيل بعدد السقيات والمراد النافعة بقول أهل الخبرة ويعبر عن الأول باعتبار المدة فلو كانت المدة من يوم الزرع إلى يوم الإدراك ثمانية أشهر واحتاج في ستة أشهر زمن الشتاء والربيع إلى سقيتين فسقي بماء السماء وفي شهرين من زمن الصيف إلى ثلاث سقيات فسقي بالنضح فإن اعتبرنا عدد السقيات فعلى قول التوزيع يجب خمسا العشر وثلاثة أخماس نصف العشر وعلى قوله(4/152)
اعتبار الأغلب يجب نصف العشر لأن عدد السقيات بالنضح أكثر وإن اعتبرنا المدة فعلى قول(4/153)
التوزيع وهو الصحيح يجب ثلاثة أرباع العشر وربع نصف العشر وعلى قوله اعتبار الأغلب يجب العشر لأن مدة السقي بماء السماء أطول انتهت قوله من يوم الزرع مثلا أي أو يوم الاطلاع في النخل أو ظهور العنب في الكرم ا ه ا ط ف قوله وكذا لو جهلنا المقدار أي كذا يجب ثلاثة أرباع العشر لو جهلنا المقدار إلخ بأن شككنا هل انتفع بسقية المطر أربعة أشهر أو أقل أو أكثر وبسقيتي النضح أربعة أشهر أو أقل أو أكثر فإنها تسقط باعتبار المدة أي بأن تجعل أربعة أشهر لسقية المطر وأربعة أشهر لسقيتي النضح كما أشار إليه بقوله أخذا بالاستواء وقوله من نفع كل منهما يقتضي أن النفع معتبر في التقسيط مع أنه غير معتبر ا ه شيخنا قوله أخذا بالاستواء أي كأنهما متساويان ا ه حلبي وعبارة شرح الروض أخذا بالاستواء لئلا يلزم التحكم لأن الأصل عدم زيادة كل منهما انتهت قوله وربع نصف العشر لم يعبر بثمن العشر محافظة على الإتيان بما تقتضيه النسبة ا ه ح ل قوله ضم أحدهما إلى الآخر أي وإن كانا ببلدين ويخرج زكاة كل منهما في محله ا ه ع ش قوله فرع لو علمنا إلخ بأن علمنا أنه سقي ستة أشهر بماء واثنين بآخر وجهلنا عينه وقوله فيؤخذ اليقين أي وهو نصف العشر في هذا المثال ويوقف الزائد عليه وهو ربع العشر ا ه شيخنا وعبارة ح ل قوله أن أحدهما أكثر أي الذي سقي بهما وقوله فيؤخذ اليقين أي وهو النصف ويبقى ما زاد عليه لأنه مشكوك في مقداره انتهت وقوله وهو النصف ليس بظاهر بل اليقين يزيد على النصف مثلا إذا سقي في ستة أشهر بأحدهما وفي شهرين بالآخر وجهل الحال فعلى تقدير أن يكون سقي في الستة أشهر بالمطر وفي الشهرين بالنضح يكون الواجب ثلاثة أرباع العشر وربع نصف العشر وعلى تقدير عكس ذلك يكون الواجب ربع العشر ونصف ربع العشر وهو ثمن العشر فالواجب على هذا التقدير هو اليقين فيؤخذ ويوقف المشكوك فيه وهو ثمن العشر الذي نقص عن الواجب على التقدير الآخر ويجوز التصرف في هذا(4/154)
الموقوف ا ه شيخنا ح ف وقال سم على حج انظر ما اليقين الذي يأخذه وما حكم تصرف المالك في المال المشكوك في قدر الواجب منه ا ه والظاهر أن المراد باليقين ما يغلب على الظن أن الواجب لا ينقص عنه وإن تصرف المالك فيما زاد على ما يغلب على ظنه أنه الواجب صحيح لأن الأصل عدم الوجوب ا ه ع ش على م ر وفي الرشيدي ما نصه قوله فيؤخذ اليقين أي ويوقف الباقي كما في شرح الروض ومعنى أخذ اليقين أن يعتبر بكل من التقديرين ويؤخذ الأقل منهما هكذا ظهر فليراجع ا ه قوله وتجب ببدو صلاح ثمر إلخ ولو اشترى أو ورث نخيلا مثمرة وبدا الصلاح عنده فالزكاة عليه لا على من انتقل الملك عنه لأن السبب إنما وجد في ملكه ا ه حج ولو اشترى نخلا وثمرتها بشرط الخيار فبدا الصلاح في مدته فالزكاة على من له الملك فيها وهو البائع إن كان الخيار له والمشتري إن كان له ثم إن لم يبق الملك له وأخذ الساعي الزكاة من الثمرة رجع عليه من انتقلت إليه وإن كان الخيار لهما وقفت الزكاة فمن ثبت الملك له وجبت عليه وإن اشترى النخيل بثمرتها أو ثمرتها فقط مكاتب أو كافر فبدا الصلاح لم تجب زكاتها على أحد أما المشتري فلعدم أهليته لوجوبها وأما البائع فلانتفاء كونها في ملكه حال الوجوب أو اشتراها مسلم فبدا الصلاح في ملكه ثم وجد بها عيبا لم يردها على البائع قهرا لتعلق الزكاة بها فهو كعيب حدث بيده فلو أخرج الزكاة من الثمرة لم يرد وله الأرش أو من غيرها فله الرد أما لو ردها عليه برضاه كان جائزا لإسقاط البائع حقه وإن اشترى الثمرة وحدها بشرط القطع فبدا الصلاح حرم القطع لتعلق حق المستحقين بها فإن لم يرض البائع بالإبقاء فله الفسخ لتضرره بمص الثمرة رطوبة الشجرة ولو رضي به وأبى المشتري إلا القطع امتنع على المشتري الفسخ لأن البائع قد رضي بإسقاط حقه وللبائع الرجوع في الرضا بالإبقاء لأن رضاه إعارة وإذا فسخ البيع لم تسقط الزكاة عن المشتري لأن بدو الصلاح كان في ملكه فإن(4/155)
أخذها الساعي من الثمرة رجع البائع على المشتري ولو بدا الصلاح قبل القبض كان عيبا حادثا بيد البائع فينبغي كما قاله الزركشي ثبوت الخيار للمشتري وما قاله من أن محل ذلك إذا كان البدو بعد اللزوم وإلا فهي ثمرة استحق(4/156)
إبقاؤها في زمن الخيار فصار كالمشروط في زمنه فينبغي أن ينفسخ العقد إن قلنا الشرط في زمن الخيار يلحق العقد مردود والأرجح عدم انفساخ العقد بما ذكر والفرق بينهما أن الشرط في المقيس عليه لما أوجده العاقد أن في حريم العقد صار بمثابة الموجود في العقد بخلاف المقيس إذا يغتفر في الشرعي ما لا يغتفر في الشرطي بدليل صحة بيع العين المؤجرة مع استثناء منافعها شرعا وبطلان بيع العين مع استثناء منافعها شرطا ا ه شرح م ر قوله بل انعقاد سبب وجوبه أي فيحرم الأكل حينئذ والتصدق والإهداء حتى يصفى أو يجفف ويخرج واجبه أو حتى يخرج واجبه رطبا إذا لم يجفف ا ه شيخنا وعبارة ع ش على م ر قوله واشتداد حب إلخ حيث اشتد الحب فينبغي أن يمتنع على المالك الأكل والتصرف وحينئذ فينبغي اجتناب الفريك ونحوه كالفول حيث علم وجوب الزكاة في ذلك الزرع ا ه عميرة انتهت قوله ولو أخرج في الحال الرطب والعنب إلخ وقوله ومؤنة جذاذ الثمر إلخ الأولى تأخير هذين المبحثين عند قوله ويعتبر جافا إلخ كما لا يخفى قوله لم يقع الموقع أي لأنه ليس من جنس الواجب ولا مشتملا عليه لأن الواجب التمر أو الزبيب والرطب والعنب ليسا من جنس التمر والزبيب ولا مشتملا عليهما ا ه ح ل وهذا بخلاف ما لو أخرج حبا في تبنه أو ذهبا من المعدن في ترابه فصفاه الآخذ فبلغ الحاصل منه قدر الزكاة والفرق أن الواجب هنا ليس كامنا في ضمن المخرج من الرطب ونحوه بخلافه في الحب المذكور والمعدن فإن الواجب بعينه موجود فيما أخرجه غايته أنه اختلط بالتراب أو التبن فمنع المختلط من معرفة مقداره فإذا صفي وتبين أنه قدر الواجب أجزأ لزوال الإبهام ثم رأيت في حج فيما يأتي في المعدن ما هو صريح في الفرق المذكور ونص عبارته بعد قول المصنف حتى يبلغ خالصه نصابا وعلى عدم الإجزاء لو خلص المغشوش في يد الساعي أو المستحق أجزأ كما في تراب المعدن بخلاف سخلة كبرت في يده لأنها لم تكن بصفة الإجزاء يوم الأخذ(4/157)
والتراب والمغشوش هنا بصفته لكنه مختلط بغيره ا ه ع ش على م ر قوله من خالص مال المالك أي فيحرم عليه إعطاء أجرة الحصادين منه وكذا يحرم عليه الصدقة منه قبل إعطاء الزكاة ويفرز إن علم الحرمة وإلا فلا ويغرم بدل ما تصرف فيه اتفاقا ومع حرمته ينفذ تصرفه في غير قدر الزكاة ا ه خضر على التحرير نقلا عن العباب وشرحه وفي التحفة ما نصه فعلم أن ما اعتيد من إعطاء الملاك الذين تلزمهم الزكاة الفقراء سنابل أو رطبا عند الحصاد أو الجذاذ حرام وإن نووا به الزكاة ولا يجوز لهم حسابه منها إلا إن صفي أو جف وجددوا إقباضه كما هو ظاهر ثم رأيت مجليا صرح بذلك مع زيادة فقال ما حاصله إن فرض أن الآخذ من أهل الزكاة فقد أخذ قبل محله وهو تمام التصفية وأخذه بعدها من غير إقباض المالك له أو من غير نية لا يجزه قال وهذه أمور لا بد من رعاية جميعها وقد تواطأ الناس على أخذ ذلك مع ما فيه من الفساد وكثير من المتعبدين يرونه أحل ما وجد وسببه نبذ العلم وراء ظهورهم انتهى ويلزمهم إخراج زكاة ما أعطوه كما لو أتلفوه ونوزع فيما ذكر من الحرمة بإطلاقهم ندب إطعام الفقراء يوم الجذاذ والحصاد خروجا من خلاف من أوجبه لورود النهي عن الجذاذ دليلا ومن ثم كره فأفهم هذا الإطلاق أنه لا فرق بين ما تعلقت به الزكاة وغيره ويجاب بأن الزركشي لما ذكر جواز التقاط السنابل بعد الحصاد قال ويحمل على ما لا زكاة فيه أو علم أنه زكى أو زادت أجرة جمعه على ما تحصل منه فكذا يقال هنا وأما قول شيخنا الظاهر العموم وإن هذا القدر مغتفر فهو وإن كان ظاهر المعنى ومن ثم جزم به في موضع آخر لكن الأوفق بكلامهم ما قدمته أولا وإذا زادت المشقة في التزام مذهبنا فلا عتب على المتخلص بتقليد مذهب آخر كمذهب أحمد فإنه يجيز التصرف قبل الخرص والتضمين وأن يأكل هو وعياله على العادة ولا يحسب عليه وكذا ما يهديه من هذا في أوانه ا ه كلام التحفة قوله أي حزر إلخ هو تفسير للخرص وهو القول بغير علم(4/158)
بل بالظن والحزر ومنه قوله تعالى قتل الخراصون ويطلق أيضا على التخمين والعمل بغير تقدير ا ه برماوي قوله على مالكه أي إن كان موسرا وإلا فلا يجوز لما فيه من تسليطه على ضياع حق المستحقين ا ه شرح م ر عبارة ح ل قوله وتضمين لمخرج من مالك أو نائبه أي(4/159)
حيث كان موسرا بقدر حق الفقراء زيادة على الديون التي عليه حتى لو ضمنه وتبين كونه معسرا حال التضمين لم يصح ولم ينتقل الحق للذمة على المعتمد انتهت قوله فيطوف الخارص إلخ في حديث الأذان طاف بي وأنا نائم قال الخطابي يريد الطيف وهو الخيال الذي يلم بالنائم يقال منه طاف بطيف ومن الطواف يطوف ومن الإحاطة بالشيء أطاف بطيف كذا في مرقاة الصعود ا ه شوبري قوله بكل شجرة ولا يقتصر على رؤية البعض وقياس الباقي لتفاوتهما ا ه شوبري قوله واحدا كان أو أكثر أي ولو أحد الشريكين إن وجدت فيه الشروط الآتية ا ه برماوي قوله أهل للشهادات أي لوصف الشهادات بدليل قوله من عدالة إلخ لأن العدالة وما بعدها بيان لوصف الشهادات لا للشهادات انتهى شيخنا وإنما جمع الشهادات لإخراج نحو المرأة فإنها أهل للشهادة في الجملة ا ه شوبري على التحرير قوله وغيرها مما يأتي من عدم ارتكاب الخارم مروءة وعدم عداوة بينه وبين المالك وأن لا يكون بينهما أصلية ولا فرعية ولا سيادة كما يدل عليه قوله فلا يصلح إلخ ا ه ط ف ويشترط أيضا أن يكون ناطقا بصيرا وهل يشترط فيه السماع أو لا ظاهر قوله أنه يشترط فيه أهلية الشهادة اشتراطه فراجعه ا ه برماوي قوله عبد الله بن رواحة قال سم قال الرافعي وما روي أنه بعث مع ابن رواحة غيره يجوز أن يكون في مرة أخرى وأن يكون معينا أو كاتبا ا ه شرح الروض وهو صريح في احتمال تعدد البحث وبه يندفع ما ببعض الهوامش أنه لم يبعثه إلا مرة واحدة ا ه ع ش قوله وتضمين وليس هذا التضمين على حقيقة الضمان لأنه لو تلف جميع الثمار بآفة سماوية أو سرقت من الشجر أو الجرين قبل الجفاف من غير تفريط فلا شيء عليه قطعا لفوات التمكن وإن تلف بعضها فإن كان الباقي نصابا زكاه أو دونه أخرج حصته بناء على أن التمكن شرط للضمان لا للوجوب فإن تلف بتفريط كأن وضعه في غير حرز مثله ضمن وإن لم يضمن في حالة عدم تقصيره مع تقدم التضمين لبناء أمر الزكاة على(4/160)
المساهلة لأنها علقة ثبتت من غير اختيار المالك فبقاء الحق مشروط بإمكان الأداء ا ه شرح م ر فإن لم يبعث الحاكم خارصا أو لم يكن تحاكما إلى عدلين عالمين بالخرص ليخرصا عليه لينتقل الحق إلى الذمة ويتصرف في الثمرة ولا يكفي واحد احتياطا للفقراء ولأن التحكيم هنا على خلاف الأصل رفقا بالمالك فبحث بعضهم إجزاء واحد يرد به ا ه شرح م ر ا ه شوبري قوله أي تضمين الحق كأن يقول الخارص ضمنتك حق المستحقين من الرطب أو العنب بكذا تمرا أو زبيبا ا ه شرح م ر قوله وببدو الصلاح ما قبله أي إلا إذا كان تابعا لما بدا صلاحه كأن بدا صلاح نوع فيجوز خرص الكل على المعتمد ا ه ح ل وعبارة ع ش قوله ما قبله نعم إن بدا صلاح نوع دون آخر فالأقيس من الوجهين كما قاله ابن قاضي شهبة جواز خرص الكل م ر وقال سم في حواشي البهجة وانظر لو بدا صلاح حبة من نوع فهل يجوز خرصه أقول القياس جواز الخرص حينئذ أخذا مما قالوه فيما لو بدا صلاح حبة في بستان حيث يجوز بيع الكل بلا شرط قطع انتهت قوله أنه أي الخارص لا يترك أي بلا خرص قوله لخبر ورد فيه عبارة شرح م ر وما صح من قوله {صلى الله عليه وسلم} إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع حمله الشافعي رضي الله عنه وتبعه الأئمة على تركهم له ذلك من الزكاة ليفرقه بنفسه على فقراء أقاربه وجيرانه لطمعهم في ذلك منه لا على ترك بعض الأشجار من غير خرص جمعا بينه وبين الأدلة الطالبة لإخراج زكاة التمر والزبيب إذ في قوله فخذوا ودعوا إشارة لذلك أي إذا خرصتم الكل فخذوا بحساب الخرص واتركوا له شيئا مما خرص فجعل الترك بعد الخرص المقتضي للإيجاب فيكون المتروك له قدرا يستحقه الفقراء ليفرقه هو انتهت قوله قال الماوردي ولا دخل للخرص إلخ أي يحرم خرصها بالإجماع لكثرتها وكثرة المؤنة في خرصها ولإباحة أهلها الأكل منها للمختار وتبعه عليه الروياني قالا وهذا في النخل أما الكرم فهم فيه كغيرهم قاله السبكي وعلى هذا ينبغي أنه إذا(4/161)
عرف من شخص أو بلد ما عرف في أهل البصرة أنه يجري عليه(4/162)
حكمهم ولهذا قال الأذرعي لم أر هذا لغير الماوردي وقضية كلام شيخه الصيمري والأصحاب قاطبة عدم الفرق ا ه من شرح م ر قوله وقبول أي فورا ا ه برماوي قوله كأن يقول له ضمنتك حق المستحقين إلخ أي أو ضمنتك إياه بكذا أو خذه بكذا تمرا أو زبيبا أو أقرضتك نصيب الفقراء من الرطب بما يجيء منه من التمر وكل كاف ا ه برماوي قوله فإن انتفى الخرص أي والحال كما تقدم أن بدو الصلاح حصل إما قبل بدو الصلاح فلا حق للفقراء وله التصرف بالأكل وغيره وفي الروض ما نصه فرع يحرم الأكل والتصرف قبل الخرص ا ه قال الشيخ في شرحه لكنه إن تصرف في الجميع أو البعض شائعا صح فيما عدا نصيب المستحقين ثم قال فإن قلت هلا جاز التصرف أيضا في قدر نصيبه كما في المشترك قلت الشركة هنا غير حقيقية كما مر بل المغلب فيها جانب التوثق فلا يجوز التصرف مطلقا ا ه ففهم شيخنا كما ترى أن التصرف على وجه الشيوع فيما عدا نصيب الفقراء حرام ولكنه ينفذ وهذا الكلام لا وجه له فإن ذلك أولى بالجواز من حصة الشريك لضعف الشركة له بدليل أن له إخراجها من غير المال وأن لنا قولا بالصحة في بيع الجميع على قول الشركة نظرا إلى أنها غير حقيقية والحامل له على هذا فيما أظن ما اقتضته عبارة الروض كأصلها وكذا الجلال المحلي حيث يقول أما قبل الخرص ففي التهذيب لا يجوز له أن يأكل شيئا ولا أن يتصرف في شيء ا ه والاعتذار عن هذه العبارات أن مرادهم قطعا التصرف في شيء معين بقرينة اقترانه بالأكل هذا مرادهم قطعا إن شاء الله تعالى والله أعلم انتهى ا ه سم قوله لم ينفذ تصرفه في الجميع أي ويبقى حق الفقراء بحاله ا ه شرح م ر قوله بل فيما عدا الواجب شائعا ثم إن اقتصر في تصرفه عليه لم يأثم وإن تصرف في الجميع أثم وكذا في بعض معين ا ه شوبري ولو باعه للشافعي شخص مذهبه لا يرى تعلق الزكاة به فهل للشافعي أخذه منه اعتبارا بعقيدة المخالف أو ليس له أخذه اعتبارا بعقيدة نفسه الذي يتجه ترجيحه هو(4/163)
الثاني خلافا لمن مال إلى الأول ا ه من ع ش على م ر قوله فكذلك إن اتهم المراد بالاتهام هنا احتمال سلامته من ذلك السبب فقوله ولم يتهم أي لم يحتمل سلامته منه ا ه شيخنا قوله لم يبال بكلامه أي لأنه لا يكاد يخفى على أحد وظاهره أنه لا تقبل البينة في ذلك لأن هذا يشترك في معرفته غالب الناس ا ه ح ل قوله لكن اليمين هنا أي في باب الزكاة في جميع مسائله ا ه قوله أو غلطه بما يبعد كأن قال الخارص الثمر عشرون وسقا فادعى المالك غلطه بخمسة فالخمسة يبعد غلطه فيها وقوله ويحط في الثانية المحتمل أي لا يحسب في وجوب الزكاة فيه والقدر المحتمل كوسق من عشرين فإنه يحتمل أنه غلط فيه فإنه يلغي هذا الواحد ا ه شيخنا قوله القدر المحتمل كواحد في مائة وكسدس أو عشر على ما قاله البندنيجي واستبعد في السدس وقد مثله الرافعي بنصف العشر ا ه حج قوله بما يبعد أي بما لا يقع عادة من أهل المعرفة بالخرص كالربع ا ه شرح م ر قوله بفتح الميم عبارة الإسنوي والمحتمل هنا بفتح الميم وأما بكسرها فهي الواقعة نفسها إلخ وسيأتي في المرابحة ضبطه بالكسر بالهامش فليحرر ا ه شوبري قوله بعد تلف للمخروص قال في العباب فرع ولو تلفت الثمار بآفة قبل مكنة الأداء بلا تقصير فلا شيء على المالك أو بعضها زكى الباقي وإن دون النصاب وإن أتلفها المالك قبل الصلاح فلا زكاة عليه لكن يكره بقصد الفرار منها أو بعد الخرص والتضمين عبثا وهو مما يجف ضمن الواجب جافا وكذا بعد الصلاح وقبل الخرص خلافا للشيخين ا ه أي في قولهما يضمنه رطبا ومشى معهما في الروض وعبارته مع شرحه فإن لم يجف أو أتلفها قبله أي قبل الخرص بل أو التضمين أو القبول لزمه عشر الرطب أي قيمته لعدم ثبوته في الذمة وإنما يلزمه مثل الرطب كما يلزمه مثل الماشية التي لزمه فيها الزكاة أو أتلفها وإن كانت متقومة لأن الماشية أنفع للمستحقين من القيمة بالدر والنسل والشعر بخلاف الرطب ا ه وقوله أي قيمته اعتمده م ر(4/164)
فانظره مع السابق من قوله ويعتبر جافا فيما إذا قبض الساعي الرطب أنه يرده فإن تلف رد مثله لأن المعتمد أنه مثلي إلا أن يفرق بأنه هنا روعي مصلحة المستحقين لأن القيمة أنفع لتعرض الرطب للتلف بخلافه هناك إذ الدفع هناك من الساعي للمالك ا ه سم ا ه شوبري(4/165)
قوله أعيد كيله أي وجوبا ا ه شيخنا والله أعلم باب زكاة النقد أصل النقد لغة الإعطاء ثم أطلق على المنقود من باب إطلاق المصدر على اسم المفعول وللنقد إطلاقان أحدهما ما يقابل العرض والدين فيشمل المضروب وغيره وهو المراد هنا الثاني على المضروب خاصة والناض له إطلاقان أيضا كالنقد ا ه شرح م ر وقوله ثم أطلق على المنقود لعل المراد به ما يعطى من خصوص الذهب والفضة لا مطلق ما يعطى بدليل قوله بعد وللنقد إطلاقان إذ هو كالصريح في أنه ليس له غير هذين الإطلاقين على أن الذي نقله في التحفة عن القاموس أنه لغة خاص بالدراهم لا غير ا ه رشيدي وقوله ثم أطلق أي لغة أيضا وقوله وللنقد إطلاقان أي في عرف الفقهاء ا ه ع ش عليه وفي المختار نقده الدراهم ونقد له الدراهم أي أعطاه فانتقدها أي قبضها ونقد الدراهم وانتقدها أخرج منها الزيف وبابهما نصر ودرهم نقد أي وزان جيد وناقده ناقشه في الأمر انتهى قوله فسرت بذلك أي بمنع الزكاة ا ه ع ش والمراد فسر الكنز فيها فهي دالة على المدعي باللازم حيث رتب الوعيد على المنع فيستلزم وجوب الأداء ا ه شيخنا قوله يجب في عشرين مثقالا والمثقال لم يتغير جاهلية ولا إسلاما وهو اثنان وسبعون شعيرة معتدلة لم تقشر وقطع من طرفيها ما دق وطال والمراد بالدراهم الإسلامية التي كل عشرة منها سبعة مثاقيل وكل عشرة مثاقيل أربعة عشر درهما وسبعان وكانت مختلفة في الجاهلية ثم ضربت على هذا الوزن في زمن عمر وعبد الملك بن مروان وأجمع عليه المسلمون قال الأذرعي كالسبكي ويجب اعتقاد أنها كانت في زمنه {صلى الله عليه وسلم} لأنه لا يجوز الإجماع على غير ما كان في زمنه وزمن خلفائه الراشدين ويجب تأويل خلاف ذلك ووزن الدرهم ستة دوانق قال بعض المتأخرين ودرهم الإسلام المشهور اليوم ستة عشر قيراطا وأربعة أخماس قيراط بقراريط الوقت قال الشيخ ونصاب الذهب بالأشرفي خمسة وعشرون وسبعان وتسع ومراده بالأشرفي فيما يظهر القايتبايي وبه يعلم النصاب بما على(4/166)
وزنه من المعاملة الحادثة الآن على أنه حدث أيضا تغيير في المثقال لا يوافق شيئا مما مر فليتنبه لذلك ا ه شرح م ر قال شيخنا البابلي والشريفي الموجود الآن ثلاثة أرباع مثقال فكل شريفين مثقال ونصف وعليه فكل ثلاثة مثاقيل بأربعة شرائفة فجملة النصاب بها سبعة وعشرون إلا ربعا ا ه ا ط ف قوله مثقالا تمييز للعشرين وذهبا تمييز للتمييز ودرهما تمييز للمائتين وفضة تمييز لذلك التمييز وقوله فأكثر معطوف على كل من عشرين ومائتين من ذلك أي من العشرين والمائتين وقوله بوزن مكة متعلق بكل منهما أيضا والمراد عشرون يقينا خالصة وكذا يقال في المائتين بدليل ما يأتي له في المحترزات ا ه شيخنا قوله ذهبا سمي بذلك لأنه يذهب ولا يبقى وقوله فضة سميت بذلك لأنها تنفض ولا تبقى وسمي المضروب من الذهب دينارا ومن الفضة درهما لأن الدينار آخره نار والدرهم آخره هم وأنشد بعضهم في معنى ذلك فقال النار آخر دينار نطقت به والهم آخر هذا الدرهم الجاري والمرء بينهما ما لم يكن ورعا معذب القلب بين الهم والنار ا ه برماوي قوله بعد حول نعم لو ملك نصابا ستة أشهر مثلا ثم أقرضه إنسانا لم ينقطع الحول كما ذكره الرافعي في باب زكاة التجارة في أثناء تعليل وأسقطه من الروضة ا ه شرح م ر وقوله لم ينقطع الحول أي لأنه لما كان باقيا في ذمة الغير كان كأنه لم يخرج عن ملكه ا ه ع ش عليه وإنما تكرر الواجب هنا بتكرر السنين بخلافه في الثمر والحب لا يجب فيه ثانيا حيث لم ينو تجارة لأن النقد تام بنفسه ومتهيئ للانتفاع والشراء به في أي وقت بخلاف ذينك ا ه حج أي فإنهما منقطعان عن النماء ومعرضان للفساد ا ه سم قوله ربع عشر وهو نصف مثقال فيدفع للفقراء مثقالا كاملا إن لم يوجد نصفه ويصير شريكا لهم فيه ثم يبيعونه لأجنبي ويقتسمون ثمنه أو يبيعهم المزكي النصف الذي له أو يشتري نصفهم منهم وإن كره للشخص شراء صدقته ولو مندوبة للضرورة(4/167)
وحصته قبل ذلك أمانة معهم ولا يكفي إعطاؤهم ثمن حصتهم ابتداء ا ه برماوي قوله أواق بقصر الهمزة كجوار ا ه شيخنا وإذا نطقت بيائه تشدد أو تخفف ا ه برماوي قوله من الورق فيه خمس لغات تثليث الواو مع سكون الراء وفتح الواو مع كسر الراء وفتحها ا ه شيخنا قوله وفي الرقة ربع العشر هذا مبين لما قبله لأنه يفهم من قوله ليس فيما دون إلخ أن الواجب في الخمس ربع العشر وأجيب بأنه يفهم ذلك بطريق المفهوم وفيه أن الرقة مطلقة لم تقيد بخمس أواق وأجيب بأنها قيدت بمفهوم الأولى ا ه شيخنا قوله وتشديد الياء على الأشهر ومقابله تخفيف الياء ا ه ع ش على م ر قوله والمعنى أي الحكمة في ذلك أي في وجوب الزكاة في النقدين لكن في هذه الحكمة التي في كلام الشارح نوع خفاء وعبارة شرح م ر والنقدان من أشرف نعم الله على عباده إذ بهما قوام الدنيا ونظام أحوال الخلق لأن حاجات الناس كثيرة وكلها تقضى بهما بخلاف غيرهما من الأموال فمن كنزهما فقد أبطل الحكمة التي خلقا لها كمن حبس قاضي البلد ومنعه أن يقضي حوائج الناس انتهت قوله معدان أي مهيآن بحسب خلق الله لهما ا ه شيخنا قوله كالماشية في السائمة أي في كونها معدة للنماء وإن كان النمو مختلفا فنمو الماشية من جهة السمن والدر والنسل ونمو النقد من جهة ربح التجارة به ا ه شيخنا وكان الأولى أن يقول كالسائمة في الماشية أو إسقاط في كما في شرح الروض وكما أسقطها في العاملة فيما سيأتي ا ه شوبري قوله وبما ذكر علم أن نصاب الذهب إلخ حاصله أن نصاب الذهب الآن من الشريفي الإبراهيمي والمحمدي والبندقي أربعة وعشرون دينارا إلا خمسة قراريط وثلث قيراط وخمس قيراط وقيل ثلاثة وعشرون دينارا ونصف دينار وخروبة وسبعا خروبة وهو الموافق لما ذكره ابن عرفة المالكي من أن فيه ربع العشر وهو نصف دينار ونصاب الدراهم المسماة الآن في مصر بالأنصاف الفضة ستمائة وستة وعشرون نصفا فضة وثلث نصف لأن كل عشرة أنصاف فضة ثلاثة دراهم(4/168)
شرعية ومن القروش البنادقة عشرون قرشا ومن الأبي طاقة اثنان وعشرون قرشا ومن الريال وأبي كلب اثنان وعشرون قرشا وربع قرش ا ه برماوي قوله وإنه لا زكاة فيما دون نصاب هذا علم من التقييد بالعشرين والمائتين وفيه أن مفهوم العدد لا يعمل به الأعلى رأي ضعيف في الأصول وقوله وإن تم في بعض الموازين وجه علم ذلك مما مر أن المتبادر من العشرين والمائتين اليقين ا ه شيخنا وعبارة شرح م ر نصاب الفضة مائتا درهم ونصاب الذهب عشرون مثقالا بوزن مكة تحديدا فلو نقص في ميزان وتم في أخرى فلا زكاة للشك وإن راج رواج التام ولا بعد في ذلك مع تحديد لاختلاف خفة الموازين باختلاف حذق صانعيها انتهت قوله ولا في مغشوش ومثله المختلط بما هو أدون منه كفضة بنحاس وذهب بفضة ا ه برماوي ويكره للإمام ضرب المغشوشة فإن علم عيارها صحت المعاملة بها معينة وفي الذمة وكذا إن لم يعلم عيارها لحاجة المعاملة بها ولذلك استثنيت من قاعدة أن ما كان خليطه غير مقصود وقدر المقصود مجهول كمسك مخلوط بغيره ولبن مشوب بماء لا تصح المعاملة به فجعل الزركشي غشها مقصودا غير صحيح ولو ضرب مغشوشة على سكة الإمام وغشها أزيد من غش ضربه حرم فيما يظهر لما فيه من التدليس بإيهام أنه مثل مضروبه ويحمل العقد عليها إن غلبت ولو كان الغش يسيرا بحيث لا يأخذ حظا من الوزن فوجوده كالعدم ويكره لغير الإمام ضرب الدراهم والدنانير ولو خالصة لما فيه من الافتيات عليه ويكره لمن ملك نقدا مغشوشا إمساكه بل يسبكه ويصفيه قال القاضي أبو الطيب إلا إذا كانت دراهم البلد مغشوشة فلا يكره إمساكه ذكره في المجموع ا ه شرح م ر وقوله بإيهام أنه مثل مضروبه ومثل المغشوشة الجيدة أو المغشوشة بمثل غش الإمام لكن صفتها مخالفة لصفة دراهم الإمام ومن علم بمخالفتها لا يرغب فيها كرغبته في دراهم الإمام فتحرم لما في صفتها من التدليس وقوله ويكره لغير الإمام إلخ أي وللإمام أن يؤدبه على ذلك ا ه دميري ا ه ع ش عليه(4/169)
قوله أو مغشوشا خالصه قدرها ويكون متطوعا بالنحاس لأنه في الحقيقة إنما أعطى الزكاة خالصا من خالص والنحاس وقع تطوعا ا ه شرح م ر قوله لا في(4/170)
سائر الجواهر هذا علم من ذكر الذهب والفضة وفيه أن هذا مفهوم لقب ولا يعمل به عند الأصوليين الأعلى رأي ضعيف فلعله جرى عليه ا ه شيخنا قوله والدرهم ستة دوانق قال في المصباح الدانق معرب وهو سدس درهم وهو عند اليونان حبتا خرنوب وثلثا حبة خرنوب فإن الدرهم الإسلامي ست عشرة حبة خرنوب وتفتح النون من دانق وتكسر وبعضهم يقول الكسر أفصح وجمع المكسور دوانق وجمع المفتوح دوانيق بزيادة ياء قاله الأزهري ا ه ع ش على م ر قوله ومتى زيد على الدرهم ثلاثة أسباعه وهي إحدى وعشرون حبة وثلاثة أخماس لأن تسعة وأربعين ثلاثة أسباعها واحد وعشرون يبقى حبة وخمسان ثلاثة أسباعها ثلاثة أخماس يضاف ذلك إلى الخمسين خمسا حبة يحصل اثنان وسبعون ثلاثة أعشارها أحد وعشرون وثلاثة أخماس ا ه شوبري قوله ثلاثة أسباعه سبعه سبعة وخمس وهو عشر المثقال فسبع هذا عشر ذاك وعشر ذاك سبع هذا ا ه شيخنا وعبارة ع ش على م ر وسبعه سبع حبات وخمس حبة فإذا زيد عليه ثلاثة أسباعه وهي أحد وعشرون حبة وثلاثة أخماس حبة صار اثنين وسبعين وهي المثقال انتهت قوله كان مثقالا لأن المثقال اثنان وسبعون شعيرة ولم يختلف جاهلية ولا إسلاما ا ه شوبري قوله فكل عشرة دراهم سبعة مثاقيل وذلك لأنك إذا بسطت العشرة دراهم حبات وبسطت السبعة مثاقيل حبات وجدت المقدارين متساويين بيان ذلك أن تضرب العشرة دراهم في عدد حبات الدرهم فتضرب العشرة في خمسين وخمسين بخمسمائة وأربع حبات أو تضرب السبعة مثاقيل في عدد حبات المثقال فتضرب سبعة في اثنين وسبعين بخمسمائة وأربع حبات فظهرت المساواة ا ه قوله ولو اختلط إناء إلخ صورة المسألة أن يكون عنده إناء وزنه ألف مثقال مثلا ويعلم أن فيه ستمائة من أحد الجنسين وأربعمائة من الآخر ولم يعلم أن الستمائة والأربعمائة من أي الجنسين هذا وقوله الأكثر معمول لمحذوف كما قدره لا لزكى كما يتوهم ا ه شيخنا قوله زكى كلا الأكثر أي إن كان غير محجور عليه وإلا تعين(4/171)
التمييز ا ه شرح م ر وقوله إن احتاط ويكون الزائد على الواجب تطوعا ا ه ق ل على الجلال قوله كما مرت الإشارة إليه أي في زكاة الحيوان عند قوله ويجزئ نوع عن آخر أي بخلاف الجنس هذا ما ظهر بعد التوقف فيه ا ه ز ي ا ه شوبري قوله كأن يضع فيه أي في الماء الذي جعله في إناء آخر غير المختلط ألفا ذهبا أي ألف درهم ذهبا وقوله ثم ألفا فضة أي ألف درهم فضة أي والفرض أن المخلوط ألف وبالضرورة الماء يرتفع بالفضة أكثر لأنها أكبر جرما وقوله ثم يضع فيه المخلوط أي والفرض أن وزنه ألف درهم فبالضرورة يزيد ارتفاع الماء به على علامة الذهب وينقص عن علامة الفضة ويكون لأحدهما أقرب منه إلى الآخر هذا وقوله بسبك قدر يسير أي من الآنية المخلوطة بأن يكسر جزءا منها ويميزه بالنار وقوله إذا تساوت أجزاؤه أي من حيث الذهب والفضة فيها لا من حيث الثخن والرقة والحاصل أن له في التمييز ثلاث طرق ا ه شيخنا قوله كأن يضع فيه ألفا ذهبا إلخ قال الإسنوي وأسهل من هذه وأضبط أن يضع في الماء قدر المخلوط منهما معا مرتين في إحداهما الأكثر ذهبا والأقل فضة وفي الثانية بالعكس ويعلم في كل منهما علامة ثم يضع المخلوط فيلحق بما وصل إليه قال ونقل في الكفاية عن الإمام وغيره طريقا آخر يأتي أيضا مع الجهل بمقدار كل منهما وهو أن يضع المختلط وهو ألف مثلا في ماء ويعلم كما مر ثم يخرجه ثم يضع فيه شيئا بعد شيء حتى يرتفع لتلك العلامة ويعتبر وزن كل منهما فإن كان الذهب ألفا ومائتين والفضة ثمانمائة علمنا أن نصف المختلط ذهب ونصفه فضة بهذه النسبة ا ه والمراد أنهما نصفان في الحجم لا في الوزن فتكون زنة الذهب ستمائة وزنة الفضة أربعمائة لأن المختلط من الذهب والفضة إنما يكون ألفا بالنسبة المذكورة إذا كان كذلك وبيانه بها أنك إذا جعلت كلا منهما أربعمائة وزدت على الذهب منه بقدر نصف الفضة وهو مائتان كان المجموع ألفا والطريق الأول كما قال يأتي أيضا في مختلط جهل وزنه(4/172)
بالكلية قاله الفوراني فإنك إذا وضعت المختلط المذكور تكون علامته بين علامتي الخالص فإن كانت نسبته إليهما سواء فنصفه ذهب(4/173)
ونصفه فضة وإن كان بينه وبين علامة الذهب شعيرتان وبينه وبين علامة الفضة شعيرة فثلثاه فضة وثلثه ذهب أو بالعكس فالعكس قال الرافعي وإذا تعذر الامتحان وعسر التمييز بأن تفقد آلات السبك أو تحتاج فيه إلى زمان صالح وجب الاحتياط فإن الزكاة واجبة على الفور فلا يجوز تأخيرها مع وجود المستحقين ذكره في النهاية ولا يبعد أن يجعل السبك أو ما في معناه من شروط الإمكان ولا يعتمد المالك في معرفة الأكثر غلبة ظنه ولو تولى إخراجها بنفسه ويصدق فيه إن أخبر عن علم ولو ملك نصابا نصفه بيده وباقيه مغصوب أو دين مؤجل زكى الذي في يده في الحال بناء على أن الإمكان شرط للضمان لا للوجوب ولأن الميسور لا يسقط بالمعسور ا ه شرح م ر وقوله فتكون زنة الذهب ستمائة إلخ وإيضاح ذلك أنه قد علم بالنسبة المذكورة أن حجم الواحد من الفضة كحجم واحد ونصف قدرها من الذهب فإذا كان الإناء ألفا وجب أن يكون فيه من الذهب مقدار الفضة ومقدار نصفها ولا يتصور ذلك مع كون الجملة ألفا إلا إذا كان فيه ستمائة ذهبا وأربعمائة فضة ا ه سم على البهجة وقوله زكى الذي في يده في الحال أي وأما المغصوب والدين فإن سهل استخلاصه لكونه حالا على مليء باذل وجبت زكاته فورا أيضا وإلا فعند رجوعه إلى يده ولو بعد مدة طويلة كما يأتي ا ه ع ش عليه قوله ثم ألفا فضة ويعلمه وهذه العلامة تكون فوق الأولى لأن الفضة أكبر حجما من الذهب ا ه شرح م ر فالفضة الموازنة للذهب يكون حجمها مقدار حجمه مرة ونصفا وسيأتي التصريح به وهذا إنما يعلم من الخارج لكن في كلام ابن الهائم أن جوهر الذهب كجوهر الفضة وثلاثة أسباعها ومن ثم كان المثقال درهما وثلاثة أسباع والدرهم سبعة أعشار المثقال ا ه رشيدي قوله ثم يضع فيه المخلوط لا شك أنه يكتفى بوضع المخلوط أولا ووسطا أيضا ا ه شرح م ر قوله ويزكي محرم كآنية والعبرة في نحو الآنية بالوزن وتخرج زكاتها باعتباره وفي غيرها من الحلي ولو محرما بالقيمة إن اختلفت(4/174)
مع الوزن أي وزادت القيمة وقوله ولو محرما أي محرم الاستعمال بأن صنع بقصد مباح ثم اتخذه الرجل لاستعماله بخلاف محرم الصنعة بأن صاغه الرجل لا بهذا القصد فالمعتبر وزنه إذ صنعته لا قيمة لها فهو كالآنية وبهذا التقرير لا تخالف بين ما في العباب وشرح الخطيب فليتأمل ا ه شوبري قوله أيضا ويزكى محرم إلخ ولا أثر لزيادة قيمته بالصنعة لأنها محرمة فلو كان له إناء وزنه مائتا درهم وقيمته ثلاث مائة وجبت زكاة مائتين فقط فيخرج خمسة من نوعه لا من نوع آخر دونه ولا من جنس آخر ولو أعلى أو يكسره ويخرج خمسة أو يخرج ربع عشره مشاعا ا ه شرح م ر وقوله أو يخرج ربع عشره مشاعا هذا إذا كانت الصنعة محرمة كما هو الفرض فإن كانت مباحة وقيمته ما ذكر أخرج خمسة دراهم قيمتها مصوغة سبعة ونصف ولا يجوز أن يكسره وخرج منه خمسة دراهم أو يخرج ربعه مشاعا فيبيعه الساعي بذهب ويقسمه بين المالك والمستحقين كذا في شرح الروض وقضيته أنه لا يجوز أن يخرج سبعة دراهم ونصف مضروبة ووجهه أن الواجب عليه خمسة دراهم مصوغة فإذا أخرج سبعة ونصفا كان رباء لزيادة المخرج على الواجب وقد يقال يرد عليه أن الربا إنما يعتبر في العقود وما هنا ليس بعقد ثم رأيت في شرح الروض ما يصرح بجواز ذلك وعبارته بعدما ذكر عنه وظاهر أنه يجوز إخراج سبعة ونصف نقدا ولا يجوز كسره للأداء فيه لضرر الجانبين ا ه ع ش عليه قوله كضبة فضة عبارة سم على البهجة قوله وكذا المكروه إلخ قوة الكلام تدل على كراهة استعمال إناء فيه ضبة مكروهة ا ه وتفيد الكراهة في الجميع لا في محل الضبة فقط ا ه ع ش على م ر قوله لا حلي بضم أوله مع كسر اللام وتشديد الياء واحده حلي بفتح الحاء وإسكان اللام ا ه شرح م ر وقوله مباح يؤخذ من شرح م ر أن الحلي ليس بقيد وأن المدار على الإباحة ولو للإناء ونص عبارته ولو اشترى إناء ليتخذه حليا مباحا فحبس واضطر إلى استعماله في طهره ولم يمكنه غيره وبقي كذلك حولا فهل تجب زكاته(4/175)
الأقرب كما قال الأذرعي لا لأنه معد لاستعمال مباح ا ه وبقي ما لو صاغ إناء على وجه محرم ثم اضطر إلى استعماله في مباح فقصد إعداده له فهل تجب زكاته نظرا للأصل أو لا نظرا للقصد الطارئ فيه نظر والأقرب الثاني للعلة المذكورة وقوله واضطر إلى استعماله في طهره أي أو للشرب فيه لمرض أخبره الثقة أنه لا يزيله إلا هو وأمسكه(4/176)
لأجله أو اتخذه ابتداء كذلك وقوله في طهره أي مثلا ا ه ع ش عليه قوله بالاستغناء عن الانتفاع بهما أي عدم الانتفاع المباح بأن لم يوجد الانتفاع بهما أو وجد انتفاع غير مباح بأن كان محرما أو مكروها فلا حاجة للإلحاق في كلام القليوبي وقال شيخنا ح ف عن الانتفاع بهما أي بالاستعمال في البيع والشراء فلا يرد أن المحرم والمكروه يزكى مع الانتفاع به لأنه انتفاع بغير البيع والشراء ا ه وعبارة ق ل قوله عن الانتفاع بهما أي عدم الانتفاع بهما اقتضى وجوب الزكاة فيهما وألحق به الانتفاع المحرم المكروه كما مر والانتفاع المباح بهما أسقط وجوب الزكاة فيهما كعوامل الماشية انتهت على التحرير وقوله أي عدم الانتفاع بهما اقتضى إلخ أي لأنه إذا أمسك عشرين دينارا من أول الحول إلى آخره صدق عليه أنه لم ينتفع بها في تلك المدة ا ه شيخنا قوله إن قصد إصلاحه ولو لم يعلم بانكساره إلا بعد عام أو أكثر فقصد إصلاحه لا زكاة أيضا لأن القصد يبين أنه كان مرصدا له وبه صرح في الوسيط فلو علم انكساره ولم يقصد إصلاحه حتى مضى عام وجبت زكاته فإنه قصد بعده إصلاحه فالظاهر عدم الوجوب في المستقبل ا ه شرح م ر قوله بل قصد جعله تبرا التبر هو الذهب والفضة بدون ضرب أي صوغ فمعنى كونه يجعله تبرا أنه يزيل الصنعة التي فيه ويبقيه قطعة ذهب أو فضة ا ه شيخنا قوله أو كنزه أي بأن اتخذه ليدخره ولا يستعمله لا في محرم ولا غيره كما لو ادخره ليبيعه عند الاحتياج إلى ثمنه ولا فرق في هذه الصورة بين الرجل والمرأة ا ه ع ش على م ر قوله أو لم يقصد شيئا قد يشكل هذا بعدم الوجوب في حلي اتخذه بلا قصد كما سيأتي قريبا ويجاب بأن الكسر هنا المنافي للاستعمال قربه من التبر وأعطاه حكمه ا ه سم على البهجة ا ه ع ش على م ر قوله ومما يحرم سوار إلخ أي مما يحرم اتخاذه فقوله للبس متعلق بمقدر أي اتخذ للبس إلخ كما يؤخذ من كلامه ا ه شيخنا ومن المحرم أيضا ما تتخذه المرأة من تصاوير الذهب(4/177)
والفضة فتجب فيه الزكاة قاله الجرجاني في الشافي ا ه شرح م ر ومحله إذا كان على صورة حيوان يعيش بتلك الهيئة بخلاف الشجر وحيوان مقطوع الرأس مثلا فلا يحرم استعماله واتخاذه ولكن ينبغي أن يكون مكروها فتجب زكاته كما مر في الضبة للحاجة ا ه ع ش عليه قوله أكثر من ضمها وفيه لغة ثالثة أسوار بضم الهمزة حكاه المصنف في شرح مسلم وحكى الحافظ المنذري كسر الهمزة أيضا ا ه ع ش على م ر قوله للبس رجل وخنثى ولو اتخذه لاستعمال محرم فاستعمله في المباح في وقت وجبت فيه الزكاة وإن عكس ففي الوجوب احتمالان أوجههما عدمه نظرا لقصد الابتداء فإن طرأ على ذلك قصد محرم ابتدأ لها حولا من وقته ا ه شرح م ر قوله وخنثى عبارة الإرشاد والخنثى في حلي كل كالآخر ا ه يعني أنه في حلي الرجل كالمرأة وفي حلي المرأة كالرجل ا ه سم قوله أو إجارتهما أي ولو بعد قصد لبسهما على الأرجح من وجهين وإن قصد بالإجارة التجارة إذ لا حرمة حينئذ فعلم أن القصد يتغير من الحرمة للإباحة وعكسه وقوله لمن له استعمالها لو قال لمن لا زكاة عليه لكان أولى ا ه ق ل قوله أولا بقصد شيء ووجه عدم وجوب الزكاة في هذه أن الزكاة إنما تجب في مال نام والنقد غير نام وإنما ألحق بالنامي لتهيئه به للإخراج وبالصياغة بطل تهيؤه له وقوله وإن وجبت الزكاة في الأخيرة وذلك لأن صرفه بهيئة الصياغة عن الاستعمال فصار مستغنى عنه كالدراهم المضروبة ا ه من شرح م ر قوله وحرم عليهما أصبع وكذا أنملتان منه ا ه شرح م ر قوله أيضا وحرم عليهما أصبع وكذا على المرأة وقوله وحلي ذهب وكذا حلي فضة وإنما قيدنا بالذهب لأجل الضمير في قوله وسن خاتم منه ا ه شيخنا قوله وحلي ذهب أي إلا إن صدأ بحيث لا يبين كما في المجموع عن جمع وأقره ووجهه زوال الجلاء عنه حينئذ ا ه شرح م ر وقوله إلا إن صدأ بحيث لا يبين أي فلا حرمة لكن ينبغي كراهته فتجب فيه الزكاة ثم إن استعمله على وجه لا يوجد إلا في النساء حرم لما فيه من(4/178)
التشبيه بهن وإلا فلا ا ه ع ش عليه قوله وسن خاتم منه ولا فرق في ذلك بين قليله وكثيره ويفارق ضبة الإناء الصغيرة على رأي الرافعي بأن الخاتم أدوم استعمالا من الإناء ا ه شرح م ر والسن هو الشعبة التي يمسك الفص بها لا الدبلة التي تجعل في الأصبع ا ه شيخنا أي فإنها من(4/179)
قبيل الخاتم فتحرم من الذهب وتجوز من الفضة قوله لا أنف وأنملة وسن وخاتم فضة أي ولا زكاة في ذلك وإن أمكن نزعه ورده كما اقتضاه كلام الماوردي ا ه شرح م ر قوله بتثليث الهمزة والميم ففيها تسع لغات أفصحها وأشهرها فتح الهمزة وضم الميم والأنامل أطراف الأصابع وفي كل أصبع غير الإبهام ثلاث أنامل ا ه من شرح م ر ا ه شوبري وقد نظم بعضهم لغات الأنملة والأصبع فقال يا أصبع ثلثا مع ميم أنملة وثلث الهمز أيضا واو وأصبوعا وقال بعضهم وهمز أنملة ثلث وثالثه والتسع في أصبع واختم بأصبوع قوله على مقطوعها هل يخرج به من خلق بلا نحو أنملة كأنف أم لا والتقييد للغالب كل محتمل ولعل الأول أقرب فليحرر ا ه شوبري قوله ولأن عرفجة بن أسعد في الدميري ابن صفوان ا ه وهي نسبة لجده ففي الإصابة عرفجة بضم العين والفاء بينهما راء ساكنة وبالجيم بن سعد بن كرز بن صفوان التميمي السعدي وقيل العطاردي كان من الفرسان في الجاهلية وشهد الكلاب فأصيب أنفه ثم أسلم فأذن له رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أن يتخذ له أنفا من ذهب أخرج حديثه أبو داود وهو معدود في أهل البصرة ا ه ع ش على م ر قوله والفرق بينها أي الثلاثة حيث تجوز من الذهب والفضة للرجل وغيره وبين الأصبع واليد حيث يمنعان مطلقا أنها أي الثلاثة تعمل والعمل في السن بالمضغ عليه وفي الأنف بخلوص الكلام وجذب الريح ودفع الهوام وفي الأنملة بالقبض على شيء بواسطة بقية الأصبع بخلافهما أي اليد والأصبع لا يعملان شيئا لعدم انثنائهما بل يكونان قطعة واقفة ا ه شيخنا وفي الشوبري ما نصه يؤخذ من الفرق عدم جواز أنملة سفلى كالأصبع لما ذكر وأخذ الأذرعي منه أن ما تحت الأنملة لو كان أشل امتنعت ويؤخذ منه أن الزائدة إذا عملت حلت وإلا فلا ا ه قوله وخاتم فضة الخاتم ما يلبس في اليد وأما الختم فهو ما يتخذ لختم المكاتيب من غير لبس فلا يجوز من أحد النقدين ا ه شيخنا قوله أيضا وخاتم فضة ويحل له الختم به أيضا ونقل بالدرس عن(4/180)
الكرماني على البخاري ما يوافقه وعن شيخنا الزيادي أنه نقل أولا الحرمة ثم رجع واعتمد الجواز فلله الحمد ا ه ع ش على م ر قوله أيضا وخاتم فضة أي بل هو سنة والعبرة في قدره وعدده ومحله عادة أمثاله ففي الفقيه الخنصر وحده وفي العامي نحو الإبهام معه ومتى خالف عادة أمثاله كره أو حرم وتلزمه زكاته فيهما ويحرم تمويهه بالذهب سواء حصل منه شيء بالعرض على النار أم لا وينبغي أن ينقص عن مثقال وله اتخاذ خواتيم متعددة ليلبس بعض كل منها في وقت ولا زكاة فيها حينئذ فإن لبس منها أكثر من عادة أمثاله أو قصد ذلك وجبت الزكاة ومثل ذلك الخلاخيل للمرأة ولا بأس بلبس غير الفضة من نحاس أو غيره لكن قال بعضهم إنه يكره لأنه حلية أهل النار وكونه في خنصر اليمنى أفضل وله الختم به إذا نقش اسمه عليه ولا كراهة في نقشه بذكر الله تعالى وغيره ويسن جعل فصه داخل الكف وخرج به الختم وهو قطعة فضة ينقش عليها اسم صاحبها ويختم بها فيحرم وبحث بعضهم الجواز وهو مرجوح ا ه برماوي وعبارة شرح م ر ويندب لبسه في خنصر اليمنى وفي خنصر اليسار للاتباع لكن لبسه في اليمين أفضل لأنه زينة واليمين أشرف ويجوز لبسه فيهما معا بفص وبدونه وجعل الفص في باطن الكف أفضل ويجوز نقشه ولو بذكر الله تعالى ولا كراهة فيه قاله ابن الرفعة وينبغي أن ينقص الخاتم عن مثقال والمعتمد ضبطه بالعرف فيرجع في زينته له فما خرج عنه كان إسرافا كما قالوه في الخلخال للمرأة ويجوز تعدده اتخاذا ولبسا والضابط فيه أن لا يعد إسرافا أما إذا اتخذ خواتيم ليلبس اثنين منها أو أكثر دفعة فتجب فيها الزكاة لوجوبها في الحلي المكروه انتهت وقوله ولا كراهة فيه أي في النقش لكن يحرم استعماله إذا أدى ذلك إلى ملاقاة النجس كأن لبسه في اليسار واستنجى بها بحيث يصل ماء الاستنجاء إليه وقوله ويجوز تعدده ظاهره ولو كثرت وخرجت عن عادة أمثاله كعشرين خاتما مثلا وقوله فتجب فيها الزكاة أي بخلاف ما إذا اتخذها(4/181)
ليلبسها واحدا بعد واحد ا ه ع ش تنبيه قال شيخ الإسلام الشرف المناوي وتحصل السنة بلبس الخاتم(4/182)
مطلقا ولو مستعارا أو مستأجرا لكن الأوفق بالسنة لبسه بالملك والاستدامة على ذلك ا ه شوبري فائدة كان نقش خاتمه {صلى الله عليه وسلم} محمد سطر أسفل ورسول سطر أوسط والله سطر أعلى ا ه ق ل على الجلال وكان نقش خاتم أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه نعم القادر الله وكان نقش خاتم سيدنا عمر رضي الله عنه كفى بالموت واعظا يا عمر وكان نقش خاتم سيدنا عثمان رضي الله عنه آمنت بالله مخلصا وكان نقش خاتم سيدنا علي رضي الله عنه الملك لله وكان نقش خاتم أبي عبيدة بن الجراح الحمد لله ا ه من خط بعض الفضلاء قوله ولرجل منها حلية آلة حرب إلخ ومع ذلك تجب الزكاة فيما جعله حلية ا ه شيخنا وظاهر كلامهم عدم الفرق في تحلية آلة الحرب بين المجاهد وغيره وهو كذلك إذ هو بسبيل من أن يجاهد ووجهه أنها تسمى آلة حرب وإن كانت عند من لا يحارب ولأن إغاظة الكفار ولو من بدارنا حاصلة مطلقا ا ه شرح م ر والتحلية لصق عين النقد أي قطع منه في محال متفرقة مع الإحكام حتى تصير كالجزء منه ويمكن فصلها مع عدم ذهاب شيء من عينها وأما التمويه فهو تسييح الذهب أو الفضة ويطلى به الشيء وقضية كلامهم هنا جوازه في آلة الحرب كالتحلية سواء حصل منه شيء بالعرض على النار أو لا على خلاف ما مر في الآنية ويفرق بأن هنا حاجة للزينة باعتبار ما من شأنه بخلافه ثم ا ه حج انتهى شوبري وعبارة ح ل قوله تحلية آلة حرب بخلاف التمويه فيحرم وإن لم يحصل منه شيء وفي كلام حج أنه لا يحرم وهو واضح للإغاظة انتهت وجزم به البرماوي في حاشيته قال وإن حصل منه شيء بالعرض على النار ا ه لكن في ع ش على م ر تحريم التمويه ا ه شيخنا ح ف قوله بلا سرف السرف مجاوزة الحد ويقال في النفقة التبذير وهو الإنفاق في غير حق فالمسرف المنفق في معصية وإن قل إنفاقه وغيره المنفق في طاعة وإن أفرط ا ه شرح م ر والمراد بالسرف في حق المرأة أن تفعله على مقدار لا يعد مثله زينة كما أشعر به قوله بل تنفر منه النفس إلخ وعليه فلا(4/183)
فرق فيه بين الفقراء والأغنياء ا ه ع ش عليه قوله وخف انظر ما المراد بالآلة حتى كان الخف منها وكذا صنع م ر ومثل لها أيضا بالمنطقة ولعل المراد بها ما ينتفع به المحارب في الحرب من ملابسات بدنه ا ه قوله وأطراف سهام أي ودرع ومنطقة بكسر الميم ما يشد به الوسط وترس وسكين الحرب أما سكين المهنة أو المقلمة فيحرم على الرجل وغيره تحليتها كما يحرم عليهما تحلية الدواة والمرآة ا ه شرح م ر ا ه شوبري وقوله أو المقلمة أي أو سكين المقلمة وهي المقشط والمقلمة بكسر الميم وعاء الأقلام ا ه ع ش قوله لأنها تغيظ الكفار بابه باع ولا يقال أغاظه ا ه مختار ا ه ع ش قوله وركاب وكذا قلادة وثفر ولبب وأطراف سيور وبرة بعير أما البغال والحمير فلا يجوز تحلية ما يتعلق بها لأنها لا تصلح للقتال ا ه برماوي قوله لأنه غير ملبوس فيه تعليل الشيء بنفسه كأنه قال لا يحرم غير الملبوس لأنه غير ملبوس وأجيب بأنه أتى بهذا توطئة للقياس الذي بعده وهو قوله كالآنية فهو جامع للقياس ا ه شيخنا ح ف قوله وخرج بالفضة أي المذكورة صريحا في قوله وخاتم فضة وكناية في قوله ولرجل منها إلخ فقوله لمن ذكر أي الرجل والخنثى وقوله من ذلك أي التختم والتحلية ا ه شيخنا قوله وبالرجل في الثانية هي قوله ولرجل حلية آلة حرب والأولى قوله وخاتم فضة ا ه شيخنا قوله وإن جاز لها المحاربة في الجملة وهي حالة الضرورة وعبارة شيخنا لا يقال إذا جاز لهن المحاربة بآلتها غير محلاة فمع التحلية أجوز إذ التحلي لهن أوسع من الرجال لأنا نقول إنما جاز لهن لبس آلة الحرب للضرورة ولا ضرورة ولا حاجة إلى التحلية ا ه ح ل فقوله بآلة الحرب أي المحلاة لأجل قوله في الجملة وهي حالة الضرورة وإلا فيجوز لها المحاربة بغير المحلاة ولو من غير ضرورة ا ه شيخنا قوله وكقلادة القلادة كناية عن دنانير كثيرة أو فضة كثيرة تنظم في خيط وتوضع في رقبة المرأة والمعراة هي التي تجعل لها عيون ينظم فيها سواء كانت(4/184)
العيون منها أو من غيرها ولو من حرير قاله ح ل ا ه شيخنا وعبارته قوله معراة قطعا أي ولو كانت عراها من غيرها ولو حريرا انتهت قوله ومثقوبة على الأصح المعتمد أن المثقوبة تجب فيها الزكاة مع حرمتها ومنها ما يقع من أن المرأة تعلق على رأسها أو برقعها ذهبا أو فضة(4/185)
مثقوبين من غير عرى فهذا حرام وتجب فيه الزكاة ا ه شيخنا قال م ر في شرحه ولو تقلدت دراهم أو دنانير مثقوبة بأن جعلتها في قلادتها زكتها بناء على تحريمها وهو المعتمد وما في المجموع من حلها محمول على المعراة وهي التي جعل لها عرى فإنه لا زكاة فيها لأنها صرفت في ذلك عن جهة النقد إلى جهة أخرى بخلاف غيرها انتهت قوله وإن زعم الإسنوي إلخ ظاهره أنه مبني على الإباحة وحينئذ تعبيره بالزعم ظاهر ا ه شيخنا قوله وما نسج بهما أي يحل لها لبسه دون فرشه فلا يحل لها الجلوس على السجادة المقصبة ا ه شيخنا وفي ع ش على م ر ما نصه قوله ولها لبس ما نسج بهما أفهم أن غير اللبس من الافتراش والتدثر بذلك لا يجوز وقياس ما مر في افتراش الحرير حله لها إلا أن يفرق بأنه إنما جوز لها لبس ما نسج بالذهب والفضة لحصول الزينة المطلوب منها تحصيلها للزوج وهو منتف في الفرش وإنما جاز لها افتراش الحرير لأن بابه أوسع وفي الروضة ولبس الثياب المنسوجة بالذهب والفضة فيه وجهان أصحهما الجواز ا ه قال السيد في حاشيتها لم يتعرضوا لافتراش المنسوج بهما كالمقاعد المطرزة بذلك قال الجلال البلقيني وينبغي حل ذلك على القولين ووجه البناء في افتراش الحرير لهن لبسه وفي افتراشه قولان وكذلك الذهب والفضة يحل لهن لبسهما فبقي مجيء القولين في الافتراش قلت وقد يحصل مزيد السرف في الافتراش هنا كما سبق في لبس النعل بخلاف الحرير ا ه شوبري وقوله في لبس النعل المعتمد فيه الجواز فيكون المعتمد في الفراش الجواز أيضا ا ه قوله أيضا وما نسج بهما أي ولبس ما نسج بهما وظاهر أن حرمة الافتراش كذلك وعبر في التحرير وشرحه بالاستعمال وهو يشمل ذلك ا ه شوبري قوله إلا إن بالغت في سرف المعتمد أن أصل السرف محرم عليها كالمبالغة فيه كما في شرح م ر فيجب عليها الزكاة في السرف وفي المبالغة وتجب الزكاة في جميع الحلي الذي أسرفت أو بالغت فيه لا في الزيادة فقط ا ه شيخنا قوله وزنه مائتا(4/186)
مثقال أي وزن مجموع فرديته وقوله فلا يحل لها أي وتجب الزكاة في الجميع لا في الزائد فقط ا ه شيخنا وفي ق ل على الجلال ولو اتخذت حليا متعددا ففيه ما مر في الخاتم ومتى حرم أو كره وجبت زكاة الجميع لا القدر الزائد فقط على المعتمد ا ه ق ل قوله بل تنفر منه النفس لاستبشاعه يؤخذ من هذا إباحة ما تتخذه النساء في زمننا من عصائب الذهب والتراكيب وإن كثر ذهبها إذ النفس لا تنفر منها بل هي في نهاية الزينة ا ه شرح م ر وقوله من عصائب الذهب والتراكيب أي التي تفعل بالصوغ وتجعل على العصائب أما ما يقع لنساء الأرياف من الفضة المثقوبة أو الذهب المخيط على القماش فحرام كالدراهم المثقوبة المجعولة في القلادة كما مر وقياس ذلك أيضا حرمة ما جرت به العادة من ثقب دراهم وتعليقها على رءوس الأولاد الصغار ا ه ع ش عليه قوله لم يحرم قد علمت أن المعتمد التحريم وذكر المنهاج المبالغة تصوير لا تقييد وهذا بخلاف العصائب ونحوها فيجوز لهن وإن كبرت جدا ا ه سم قوله وكالمرأة الطفل المراد به غير البالغ ا ه شوبري ومثله المجنون ا ه شيخنا قوله لكن لا يقيد بغير آلة الحرب أي كما قيدت المرأة في قوله ولامرأة لبس حليهما بل يجوز له استعمال حليهما ولو في آلة الحرب ا ه شيخنا قوله وخرج بالمرأة أي في قوله ولامرأة لبس حليهما وقوله على ما مر أي في قوله وحلي ذهب أي على الوجه الذي مر وهو أن المدار على القصد ا ه شيخنا قوله ولكل تحلية صحف يعني ما فيه قرآن ولو للتبرك فيما يظهر وكذا غلافه وإن انفصل عنه ا ه حج واحترز بتحلية المصحف عن تحلية الكتب فلا يجوز على المشهور سواء في ذلك كتب الأحاديث وغيرها كما في الذخائر ولو حلى المسجد أو الكعبة أو قناديلها بذهب أو فضة حرم وكذا تعليقها إن حصل من التحلية شيء بالعرض على النار أخذا مما مر في الآنية لأنها ليست في معنى المصحف ولعدم نقله عن السلف فهو بدعة وكل بدعة ضلالة إلا ما استثني بخلاف كسوة الكعبة بالحرير(4/187)
ولو جعل القناديل المذكورة ونحوها وقفا على مسجد لم تجب زكاتها لعدم المالك المعين وظاهر كما قال الشيخ أن محل صحة وقفه إذا حل استعماله بأن احتيج إليه وإلا فوقف المحرم باطل وقضية ما ذكر(4/188)
أنه مع صحة وقفه لا يجوز استعماله عند عدم الحاجة إليه وبه صرح الأذرعي ناقلا له عن العمراني عن أبي إسحاق ا ه شرح م ر قوله أيضا تحلية مصحف وله تحلية غلافه أي جلده أيضا وينبغي إلحاق اللوح المعد للقرآن بالمصحف ا ه شرح م ر وقوله المعد للقرآن أي ولو في بعض الأحيان كالألواح المعدة لكتابة بعض السور فيما يسمونه صرافة ا ه ع ش عليه قوله أيضا تحلية مصحف أي وإن حصل منه شيء بالعرض على النار وكتابته كذلك وكذا جلده ولو منفصلا عنه وكيسه مثله واللوح وعلاقته كذلك بخلاف الكرسي والتفسير وإن حرم مسه فكالمصحف وإلا فلا ومنه يؤخذ أن المراد بالمصحف ما حرم مسه وإن لم يسم مصحفا وحرمة تحلية التمائم وفي شرح العلامة حج ما يقتضي الجواز فيها ا ه برماوي تنبيه يؤخذ من تعبيرهم بالتحلية المار والفرق بينهما وبين التمويه حرمة التمويه هنا بذهب أو فضة لما فيه من إضاعة المال فإن قلت العلة الإكرام وهو حاصل بكل قلت لكنه في التحلية لم يخلفه محظور بخلافه في التمويه لما فيه من إضاعة المال وإن حصل منه شيء فإن قلت يؤيد الإطلاق قول الغزالي من كتب القرآن بالذهب فقد أحسن ولا زكاة عليه قلت يفرق بأنه يغتفر في إكرام حروف القرآن ما لا يغتفر في نحو ورقه وجلده على أنه لا يمكن إكرامها إلا بذلك فكان مضطرا إليه فيه بخلافه في غير ما يمكن الإكرام فيه بالتحلية فلم يحتج للتمويه فيه رأسا حج ا ه شوبري قوله ولها أي للمرأة بذهب ومثلها الصبي ولا يجوز تحلية سائر الكتب لرجل ولا لامرأة ولو بالفضة وسواء كتب الحديث والعلم ومثلها الكعبة وقبره {صلى الله عليه وسلم} وكذا بقية الأنبياء فيحرم تحليتها ولو تمويها ويجوز تزيين المساجد بالقناديل والشموع التي توقد لأنه نوع احترام ويحرم تزيينها بقناديل النقد ويبطل وقفها إلا إن احتيج إليها كالوقف على تزويق المساجد ويجوز ستر الكعبة بالديباج وكذا مشاهد الأنبياء والأولياء لكن سئل المصنف عن ستر توابيت الأولياء بالستور الحرير المزركشة(4/189)
وغيرها هل هو جائز لإظهار توابيتهم به فيتبرك بهم أو يتلى كتاب الله تعالى عندهم فأجاب بأنه يحرم إلباس توابيت الأولياء الحرير وإظهارها يحصل بدون ذلك ولا ريب أن ترك إلباسها إياه أحب إليهم فإنهم كانوا يتنزهون عن استعماله في ذواتهم الشريفة فلان يتنزهوا أن تعمل على قبورهم أولى ومن قال بالجواز قال الأولى بالسنة المطهرة تركه ا ه برماوي فرع لو حلت مصحفها بالذهب ثم باعته للرجل أو أجرته وأعارته إياه فهل يحل استعماله بنحو القراءة فيه محل نظر والمنع أقرب ا ه م ر وهذا واضح إذا كان يحصل منه شيء بالعرض على النار وإلا فلا يمكن غير الحل لأنه لا يزيد حينئذ على الإناء المموه الذي لا يحصل منه شيء بالعرض على النار مع أنه يحل استعماله للرجل كما تقدم في باب الاجتهاد ا ه سم على حج قوله دون غيرها فإن قيل لم لم يحل تحليته للرجل بالذهب كما يجوز له أن يتخذ له كيسا من حرير قلنا الذهب أضيق فإن قيل فلم لم يجز تحلية الكعبة بالفضة كالمصحف وكما يجوز سترها بالديباج قلنا لأن المصحف أشرف منها وأعظم ا ه شوبري قوله من كتب القرآن أي من رجل أو امرأة ولو لرجل فلا يحرم استعماله انتهى ح ل قوله فإن صدئ في المختار صدأ الحديد وسخه وبابه طرب فهو صدئ بوزن كتف ا ه قوله بحيث لا يبين أي وكان الصدأ يحصل منه شيء بالعرض على النار ا ه شرح م ر وهذا فيما إذا كان الصدأ من النحاس وإلا فالصدأ الحاصل من مجرد الوسخ لا يحصل منه شيء بالعرض على النار ا ه ع ش عليه قوله أيضا بحيث لا يبين بفتح الياء وكسر الباء أي لا يظهر بأن ستر ا ه شوبري والله أعلم بالصواب باب زكاة المعدن والركاز والتجارة قدم المعدن لثبوته في محله وجمع معه الركاز لمشاركته له في عدم الحول وعقبهما بالباب المار لأنهما من النقدين وجمع معهما التجارة لاعتبارها بآخر الحول فقط لا بجميعه وأخرها عن النقد لقلتها ولأنها راجعة إليه والمعدن بفتح الدال المهملة وكسرها اسم للمحل ولما يخرج(4/190)
منه وقيل الأول للأول والثاني للثاني من عدن(4/191)
بالمكان أقام به يقال عدن كضرب يعدن عدونا إذا أقام ومنه سميت جنات عدن لأن الناس يقيمون فيها إلى الأبد من الله تعالى علينا بها بمنه وكرمه وسميت عدن التي باليمن عدنا لأن تبعا كان يحبس الناس فيها أرباب الجرائم وكان رجلا صالحا قيل إنه آمن بنبينا {صلى الله عليه وسلم} قبل بعثته بستمائة سنة والركاز بكسر الراء المهملة وبالزاي آخره ما دفن بالأرض من ركز من باب قتل بمعنى غرز ومنه قولهم ركزت الرمح إذا غرزته أو بمعنى خفي ومنه قوله تعالى هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا أي صوتا خفيا والتجارة بكسر التاء تقليب المال بالمعاوضة لغرض الربح كما يأتي يقال تجر يتجر بضم الجيم من باب قتل تجرا بإسكانها وتجارة فهو تاجر وقوم تجر كصاحب وصحب وتجار كصاحب وصحاب وتجار بضم التاء وتشديد الجيم كفاجر وفجار واتجر بمعنى تجر والأصل في الثلاثة الكتاب والسنة والإجماع ا ه برماوي وفي المصباح عدن بالمكان عدنا وعدونا من باب ضرب وقعد أقام ا ه قوله من أهل الزكاة أي ولو صبيا ا ه ع ش على م ر وخرج المكاتب والذمي والعبد ويمنع الذمي منه بدارنا وما أخذه العبد فلسيده فعليه زكاته ا ه برماوي وقوله ويمنع الذمي إلخ والمانع له الإمام أو الآحاد ا ه شوبري وعبارة سم قوله من أهل الزكاة فإن لم يكن أهلها كمكاتب وذمي ملكه ولم يزكه ويمنع ندبا الإمام وغيره الذمي من المعدن والركاز الإسلامي فإن أخذ قبل ذلك منه شيئا ملكه ولا شيء عليه وما ناله العبد فهو لسيده أو المبعض فلذي النوبة إن تهايأ وإلا فلهما ولو أخرج اثنان من معدن نصابا زكياه للخلطة ويتجه اعتبار اتحاد ما يتوقف عليه الحصول ا ه عباب انتهت قوله نصاب ذهب أو فضة إلخ يعلم من كلامه الآتي أن كون المستخرج نصابا ليس قيدا بل المدار على كون المستخرج يبلغ نصابا بنفسه أو بضمه إلى غيره من الذي ملكه من غير المعدن فإن قوله الآتي ويضم ثانيا لما ملكه صريح في ذلك وكذا يقال في قوله الآتي وفي ركاز من ذلك أي من نصاب ذهب إلخ(4/192)
أو فضة فالمدار فيه أيضا على كون الركاز يبلغ نصابا إما بنفسه أو بضمه إلى غيره مما ملكه من غير الركاز كما سيذكره الشارح بقوله ولو بضمه إلى ما ملكه مما مر ويأتي فيه أيضا التفصيل المذكور في المعدن بقوله ويضم بعض نيله لبعض إلخ وقد أشار إلى هذا م ر في شرحه بقوله وكذا في الركاز كما نقله في الكفاية ا ه ثم قال في الركاز في محل آخر وشرطه النصاب ولو بالضم كما مر ا ه قوله موات أو ملك له كذا اقتصروا على ذلك وقضيته أنه لو كان من أرض موقوفة عليه أو على جهة عامة أو من أرض نحو مسجد رباط لا تجب زكاته ولا يملكه الموقوف عليه ولا نحو المسجد والذي يظهر أنه إن أمكن حدوثه في الأرض وقال أهل الخبرة إنه حدث بعد الوقفية أو المسجدية ملكه الموقوف عليه كريع الموقوف ونحو المسجد ولزم مالكه المعين زكاته أو قبلها فلا زكاة فيه لأنه من عين الوقف وإن ترددوا فكذلك ويؤيد ما تقرر من أنه قد يحدث قولهم إنما لم يجب إخراج الزكاة للمدة الماضية وإن وجده في ملكه لأنه لم يتحقق كونه ملكه من حين ملك الأرض لاحتمال كون الموجود مما يخلق شيئا فشيئا والأصل عدم وجوب الزكاة ا ه برماوي قوله كما في الترجمة ففي صنيعه شبه استخدام ا ه شيخنا وعبارة حج والمعدن يطلق على الجواهر المستخرجة من الأرض كنقد ونحاس وحديد وهذا الإطلاق هو المراد في الترجمة ويطلق على مكان الجواهر المخلوقة فيه وهذا الإطلاق هو المراد من قوله من استخرج نصاب ذهب أو فضة من معدن انتهت بنوع تصرف قوله لزمه ربع عشره وفي قوله يلزمه الخمس كالركاز بجامع الخفاء في الأرض وفي قول إن حصل بتعب كأن احتاج إلى طحن أو معالجة بالنار أو حفر فربع عشره وإلا بأن حصل بلا تعب فخمسه لأن الواجب يزداد بقلة المؤنة وينقص بكثرتها كالمعشرات ويرد بأن من شأن المعدن التعب وإركاز عدمه فأنطنا كلا بمظنته ا ه من أصله مع شرح م ر قوله أيضا لزمه ربع عشره ولا تجب عليه في المدة الماضية إن وجده في ملكه لعدم تحقق(4/193)
كونه ملكه من حين ملك الأرض لاحتمال أن يكون الموجود مما يخلق شيئا فشيئا والأصل عدم الوجوب ا ه شرح م ر وقوله لخبر و في الرقة إلخ قدمه لصراحته في المدعي ولتعيين المقدار الواجب فيه ا ه شيخنا قوله القبلية بقاف وباء موحدة(4/194)
مفتوحتين نوع يجلب من ناحية يقال لها الفرع بضم الفاء وإسكان الراء قرية بين مكة والمدينة قريبة من ساحل البحر ذات نخل وزرع على نحو أربع مراحل من المدينة ا ه برماوي وفي المصباح والقبلية بفتح القاف والباء موضع من الفرع عن المدينة نحو خمس ليال في ناحية من ساحل البحر وفي الحديث أقطع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} معادن القبلية قال المطرزي هكذا صح بالإضافة وفي كتاب الصغاني مكتوب بكسر القاف وسكون الباء ا ه قوله نماء في نفسه عبارة المصباح نما الشيء ينمي من باب رمى يرمي نماء بالفتح والمد كثر ا ه انتهى ع ش على م ر وفيه بعد الذي نقله الشيخ قال الأصمعي وزعم بعض الناس أن ينمو نموا من باب قعد لغة ا ه قوله كما في سائر الأموال الزكوية أي التي تعلقت الزكاة بعينها كالمواشي والنقد كالفضة وليس المراد التي وجبت زكاتها بالفعل ا ه برماوي قوله ويضم بعض نيله بفتح الياء وضم الضاد والميم هكذا ضبطه بالقلم ا ه شوبري والضمير المستتر فيه يعود على من في قوله من استخرج ا ه شيخنا قوله إن اتحد معدن عبارة شرح م ر إن اتحد معدن أي المخرج ا ه بأن كان جنسا واحدا كما ذكره الشوبري ثم قال م ر ويشترط اتحاد المكان المستخرج منه ا ه ومنه يعلم أن الاتحاد في كل من المستخرج والمستخرج منه شرط وإن كان معنى الاتحاد في المستخرج غير معناه في المكان ويمكن أن يكون مراد المتن بقوله معدن ما يشملهما تأمل قوله واتصل عمل ولا يشترط في الضم اتصال النيل على الجديد لأن الغالب عدم حصوله متصلا ا ه شرح م ر قوله وسفر أي لغير نزهة أما إذا كان لنزهة فيقطعه ا ه برماوي قوله وإن طال الزمن أي زمن قطعه عرفا لعدم إعراضه عن العمل ولكونه عازما على العود بعد زوال عذره ا ه شرح م ر قوله أو زال الأول عن ملكه أي فلا يشترط لضم بعض نيله لبعض بقاء الأول في ملكه كأن زال ملكه عنه بنحو بيع أو هبة بل أو بالتلف فيضم الثاني والثالث لما تلف ويخرج زكاة الجميع إن كمل النصاب فإن زال ملكه(4/195)
عن الأول بالبيع أو الهبة كأن كان كلما أخرج شيئا باعه أو وهبه إلى أن أخرج نصابا تبين بطلان نحو البيع في قدر الزكاة ويلزمه الإخراج وإن تلف وتعذر رده قياسا على ما ذكره حج في زكاة النابت من أنه لو حصل من زرع دون نصاب حل له التصرف فيه ببيع أو نحوه وإن ظن حصول تمام النصاب مما زرعه أو سيزرعه ويتحد حصاده مع الأول فإذا تم النصاب بان بطلان نحو البيع في قدر الزكاة ويلزمه الإخراج عنه وإن تلف وتعذر رده لأنه بان لزوم الزكاة فيه فما هنا أولى ا ه ع ش على م ر قوله أو قطع العمل بلا عذر هذا محترز القيد الثاني المردد بين الأمرين فيكون مفهومه شيئا واحدا ا ه شيخنا نعم يتسامح بما اعتيد للاستراحة فيه من مثل ذلك العمل وقد يطول وقد يقصر ولا يتسامح بأكثر منه كما قال المحب الطبري إنه الوجه ومقتضى التعليل ا ه شرح م ر قوله فلا يضم أول لثان في إكمال نصاب أي ليزكي الجميع وإلا فهو يضم الأول للثاني في إكمال النصاب ليزكي الثاني كما شمله قوله ويضم ثانيا لما ملكه فالحاصل أن الأول إذا كان دون نصاب لا يزكيه إلا إن كان عنده من غير المعدن ما يكمل النصاب وإن الثاني يزكيه إن كان عنده ما يكمل النصاب سواء كان من المعدن أو غيره وهذا كله عند انتفاء شرط من الشروط أما عند اجتماعها فيضم ويزكي الجميع ا ه شيخنا قوله ويضم ثانيا لما ملكه قال في العباب فلو نال دون نصاب وماله نصاب فأكثر فإن ناله مع تمام حوله زكاهما حالا أو في أثنائه زكى النيل حالا والباقي لحوله وإن كان ماله دون نصاب زكى النيل حالا والباقي لحوله من تمام نصابه بالنيل إلخ ا ه سم قوله لما ملكه أي سواء كان الأول أو غيره فيضم الثاني للأول وغيره ويضم الأول لغير الثاني لا الثاني ا ه شيخنا قوله يقوم به أي بذلك المستخرج كأن اشترى عرض التجارة بفضة والذي استخرجه فضة لا عكسه كأن اشترى عرض التجارة بفضة والمستخرج ذهب ا ه برماوي قوله زكى الثاني أي فقط وينعقد حول الكل من حينئذ(4/196)
وقوله فلا زكاة في التسعة عشر أي ما لم يكن مالكا لبقية النصاب من غير الثاني وقوله كما تجب فيه أي فقط وينعقد حول العشرين من حينئذ ا ه شيخنا وعبارة شرح م ر وينعقد الحول على العشرين من وقت تمامها انتهت قوله أيضا زكى الثاني أي(4/197)
إلا إن كان ما ملكه غائبا فلا تلزمه زكاته حتى يعلم سلامته فيتحقق اللزوم ا ه برماوي قوله كحديد ونحاس فرع لو انقلب نحو النحاس نحو ذهب بصنع كالكيمياء فينبغي أن تجب زكاته إذا مضى عليه الحول وإن واجبه ربع العشر كغيره من النقد أو بغير صنع ككرامة أو معجزة فيحتمل أن يكون كالركاز فتجب الزكاة فيه بل هو نماء في نفسه ويحتمل اشتراط الحول كغيره والظاهر أن محله في الأخيرة إذا كان النحاس في معدن بشرطه فإن كان مملوكا فيتجه القطع باشتراط الحول فليتأمل ا ه كاتبه ا ه شوبري قوله غيره مما يملكه فلو استخرج تسعة عشر مثقالا بالأول وكان في ملكه مثقال وجبت زكاة التسعة عشر فقط ويبتدئ حول العشرين من حين الاستخراج ا ه شيخنا قوله فيضم إليه نظير ما مر علم من هذا أن النصاب في كلام المصنف ليس بقيد بل متى بلغ المستخرج نصابا ولو بضمه لما يملكه فإنه يزكي كما صرح به م ر ويؤخذ من كلام الشارح تأمل قوله ووقت وجوب إخراج زكاة المعدن عبارة حج ووقت وجوبه وقت حصول النيل في يده ووقت الإخراج بعد التخليص والتنقية فلو تلف بعضه قبل التمكن من الإخراج سقط قسطه ووجب قسط ما بقي انتهت قوله عقب تخليصه وتنقيته قال في العباب ولا يجزئ الإخراج منه قبلها ولو قبضه الساعي ويصدق بيمينه في قدره فإن نفاه وبلغ الفرض أجزأه وإلا رد الزائد أو طلب الوفاء ا ه وقوله أجزأه اعتمده م ر ويفارق ما لو قبض الساعي زكاة التمر الذي يتتمر رطبا حيث يكون القبض فاسدا ولا يجزئ المقبوض وإن تتمر بيد الساعي بأنه هنا عند القبض بصفة الواجب إلا أن الاختلاط مانع فإذا زال تبينا الإجزاء والاعتداد بالقبض بخلافه هناك فإنه ليس بصفة الإجزاء عند القبض فكان القبض فاسدا في نفس الأمر وما كان فاسدا لا ينقلب صحيحا ا ه م ر وقال في شرح الروض بعد أن ذكر الإجزاء كما في العباب وفارق عدم إجزاء سخلة أخرجت وكملت في يد المستحق بأنها لم تكن بصفة الوجوب حال الإخراج بخلاف هذا فإنه بصفته لكنه(4/198)
مختلط بغيره ا ه سم قوله ومؤنة ذلك على المالك ويجبر على التنقية ولا يجزئ إخراج الواجب قبلها لفساد القبض فإن قبضه الساعي قبلها ضمن من ماله فيلزمه رده إن كان باقيا وبدله إن كان تالفا ويصدق بيمينه في قدره إن اختلفا فيه قبل التلف أو بعده إذ الأصل براءة ذمته فإن تلف في يده قبل التمييز وغرمه فإن كان تراب فضة قوم بذهب أو تراب ذهب قوم بفضة والمراد بالتراب في الموضعين المعدن المخرج فإن اختلفا في قيمته صدق الساعي بيمينه لأنه غارم قال في المجموع فإن ميزه الساعي فإن كان قدر الواجب أجزأه وإلا رد التفاوت أو أخذه ولا شيء للساعي بعمله لتبرعه ولو تلف بعضه قبل التنقية في يد المالك وقبل التمكن منها والإخراج سقطت زكاته لا زكاة الباقي وإن نقص عن النصاب كتلف بعض المال ا ه شرح م ر قوله أي من نصاب ذهب أو فضة أي وإن لم يكن مضروبا ا ه شرح م ر قوله رواه الشيخان أي رويا الخبر الدال على وجوب الخمس في الركاز وعبارة حج وفي الركاز الخمس كما في الخبر المتفق عليه انتهت أي بين الشيخين قوله مصرف الزكاة هذا هو المعتمد في الركاز وقيل إنه يصرف لأهل الخمس لأنه مال جاهلي حصل الظفر به من غير إيجاف خيل ولا ركاب فكان كالفيء ا ه شرح م ر ومصرف بكسر الراء اسم لمحل الصرف وهو المراد هنا وبالفتح مصدر ا ه برماوي قوله وهو دفين جاهلي أي دفين الجاهلية وهم من قبل الإسلام أي بعثته {صلى الله عليه وسلم} ا ه حج ولعل المراد ما لم يكن في زمن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أما من كان في زمن رسول واتبعه فلا ينبغي أن يكون دفينه ركازا ا ه سم وعبارة شرح م ر المراد بجاهلي الدفن ما قبل مبعثه {صلى الله عليه وسلم} ويعتبر في كونه ركازا أن لا يعلم أن من ملكه بلغته الدعوة وعاند وإلا فهو فيء كما في المجموع عن جمع وأقره وقضيته أن دفين من أدرك الإسلام ولم تبلغه الدعوة ركاز انتهت وقوله ما قبل مبعثه {صلى الله عليه وسلم} شمل ما إذا دفنه أحد من قوم موسى أو عيسى مثلا قبل نسخ دينهم وفي كلام الأذرعي ما يفيد أنه ليس بركاز وأنه(4/199)
لورثتهم أي إن علموا وإلا فهو مال ضائع كما هو ظاهر فليراجع ا ه رشيدي عليه قوله هو أولى من قوله موجود لأنه لا بد أن يكون مدفونا ابتداء ولو أظهره(4/200)
نحو سيل بخلاف ما لم يدفن فإنه لا يكون ركازا ا ه ح ل بل يكون لقطة لاحتمال أنه ملكه شخص ثم ضاع منه ا ه شيخنا وقد علم مما تقرر أن المدار على الدفن والضرب دليله ولا نظر إلى احتمال أخذ مسلم له ودفنه لأن الأصل والظاهر عدم الأخذ ثم الدفن وإلا فلو نظرنا لذلك لم يكن لنا ركاز بالكلية فقد قال السبكي الحق أنه لا يشترط العلم بكونه من دفنهم بل يكتفى بعلامة من ضرب أو غيره وهو متعين ولا بد أن يكون الموجود مدفونا فلو وجده ظاهرا وعلم أن السيل والسبع ونحو ذلك أظهره فركاز أو أنه كان ظاهرا فلقطة فإن شك كان كما لو تردد في كونه ضرب الجاهلية أو الإسلام قاله الماوردي ا ه شرح م ر قوله فإن وجده بموات أي سواء كان بدار الإسلام أم بدار الحرب وإن كانوا يذبونا عنه وسواء أحياه الواجد أم أقطعه أم لا ولو وجده في أرض الغانمين كان لهم أو في أرض الفيء فلأهله أو في دار الحرب في ملك حربي فهو له أو في أرض موقوفة عليه واليد له فله كما قاله البغوي وأقراه ولو سبل شخص ملكه طريقا أو مسجدا أو سبل الإمام أرضا من بيت المال كذلك كان لقطة أيضا لأن اليد للمسلمين وزالت يد المالك كما قاله الغزي خلافا للأذرعي ا ه شرح م ر قوله زكاه هذا جواب الشرط وظاهره أنه في هاتين يملكه وإن علم مالكه حرر وانظر ما الفرق بين الموات والمسجد ا ه شيخنا قوله وفي معنى الموات القلاع إلخ وفي معناه أيضا خرابات الجاهلية ا ه شرح م ر قوله أو وجد بمسجد أعاد العامل لاختلاف الحكم وبناه للمفعول لأن فاعله لا يتقيد بالأهلية وقوله أو وجد إسلامي أعاد العامل لأن هذا مقابل لما مر فليس من جملة التفصيل ا ه شيخنا وعبارة الشوبري قوله فإن وجده بموات بناه للفاعل وبنى ما بعده للمفعول ووجهه ظاهر وهو أن حكم الأول من وجوب الزكاة متعلق بمن هو أهل لها فخص به بخلاف ما بعده وهو ظاهر فلله دره انتهت ثم قال قوله أو وجد بمسجد إن قلت لم أعاد لفظ وجد وهلا اكتفى بالسابق وعطف أو بمسجد(4/201)
إلخ عليه قلت لما خالف حكم السابق كان كالمستقل فأعاد ما ذكر إشارة لذلك فإن قلت ما بعده موافق له في الحكم فهلا عطفه عليه بدون إعادته قلت هو مباين له في الحقيقة وإن وافقه في الحكم لأن الأول من أفراد الجاهل وهذا إسلامي تأمل ا ه قوله أو وجد بمسجد أي وإن اختص بطائفة محصورة فإن نفوه عرض على الواقف وهكذا إلى المحيي ا ه برماوي قوله أو شارع أي أو طريق نافذ ا ه برماوي قوله أي المالك في الثلاثة وجهه في المسجد والشارع أن اليد عليه للمسلمين وقد جهل مالكه ولأن الظاهر أنه لمسلم أو ذمي ولا يحل تملك مالهما بغير بدل قهرا ا ه شرح م ر قوله أو وجد بملك شخص أي ولو بإقطاع إمام أو في موقوف بيده وإن وجد في ملك حربي في دار الحرب فله حكم الفيء لا إن دخل دارهم بأمانهم فيرد على مالكه وجوبا وإن أخذ قهرا فهو غنيمة ا ه برماوي قوله إن ادعاه التقييد بدعوى المالك هو المعتمد كما ذكراه وإن شرط السبكي وابن الرفعة أن لا ينفيه وإن لم يدعه وصوبه الإسنوي كسائر ما بيده فقد رد بالفرق بينهما إذ يده ثم ظاهرة معلومة له غالبا بخلافه فاعتبر دعواه له لاحتمال أن غيره دفنه له ا ه شرح م ر قوله يأخذه بلا يمين ما لم يدعه الواجد وإلا فلا بد من اليمين ا ه شوبري ومثله شرح م ر قوله وإلا فلمن ملك منه قياس ما قدمه فيمن وجده بملكه أنه لا يكفي هنا مجرد عدم النفي بل لا بد من دعواه ثم ما تقرر من أنه لمن ملك منه أو ورثته ظاهر إن علموا به وادعوه أو لم يعلموا وأعلمهم بذلك وإعلامه إياهم واجب لكن اطردت العادة في زماننا بأن من نسب له شيء من ذلك تسلطت عليه الظلمة بالأذى واتهامه بأن هذا بعض ما وجده فهل يكون ذلك عذرا في عدم الإعلام ويكون في يده كالوديعة فيجب حفظه ومراعاته أبدا ويجوز له صرفه مصرف بيت المال كمن وجد مالا أيس من ملاكه وخاف من دفعه لأمين بيت المال أن أمين بيت المال لا يصرفه مصرفه فيه نظر ولا يبعد الثاني للعذر المذكور وينبغي له إن أمكن(4/202)
دفعه لمن ملك منه تقديمه على غيره إن كان مستحقا في بيت المال ا ه ع ش على م ر قوله فيكون له وإن لم يدعه وحينئذ فيزكيه في هذا العام زكاة الركاز وفي بقية الأعوام زكاة النقد وهي ربع العشر وهذا بخلاف المعدن لا يزكيه إلا مرة لاحتمال أنه نبت في هذا العام فقط والركاز لا يتأتى فيه هذا الاحتمال لأنه مدفون ا ه شيخنا والمراد ببقية الأعوام السنون الماضية إلى عام الإحياء ا ه شرح م ر قوله وإن لم يدعه(4/203)
أي بل وإن نفاه ا ه ح ل وقوله بل وإن نفاه فيه نظر والوجه خلافه إذ ليس وجوده عند الإحياء قطعيا وحينئذ فإذا نفاه هو أو وارثه حفظ فإن أيس من مالكه فلبيت المال ا ه سم قوله أيضا وإن لم يدعه أي ما لم ينفعه فالشرط فيمن قبل المحيي أن يدعيه وفي المحيي أن لا ينفيه ا ه م ر ا ه سم قوله أيضا وإن لم يدعه زاد العلامة حج بل وإن نفاه ونقله العلامة الزيادي عن الدارمي وأقره قال العلامة سم لكن الوجه خلافه ونقله عن العلامة الرملي وعبارته فيمن قبل المحيي أن يدعيه وفي المحيي أن لا ينفيه ا ه برماوي قوله لم يزل ملكه عنه أي فيخرج خمسه الذي لزمه يوم ملكه وزكاة باقيه للسنين الماضية إلى الإحياء ا ه حج وم ر قوله وأباه بعضهم قضيته أنه لا حق له ويدل على أن المحيي لو نفاه لا شيء له وانظر لو عاد وادعاه ا ه شوبري قوله وسلك بالباقي ما ذكر أي من أنه لمن تلقى الملك منه وهكذا إلى المحيي فإن كان الميت هو المحيي فالباقي للورثة ولو نفوه أو لبيت المال على الخلاف فيما سبق ا ه شيخنا قوله فإن أيس من مالكه إلخ أي مطلقا أي سواء عرف قبل اليأس أم لا وهذا هو المعتمد ا ه من خط شيخنا الأشبولي بهامش شرح م ر قوله تصدق به الإمام أي صرفه في مصارفه الشرعية فلا يشكل بقول المجموع فإن أيس من مالكه كان لبيت المال كسائر الأموال الضائعة وقيل إن هذا فيما إذا عرف مالكه ثم أيس من وجوده وذاك فيما إذا جهل عين مالكه ثم أيس من ذلك ووجه ذلك أن الوجود بعد اليأس من الوجود بعد المعرفة أقرب منه بعد اليأس من الوجود بعد الجهل بالعين فلذلك راعينا تلك الأقربية وجعلناه ملك بيت المال حتى يسهل غرمه لمالكه إذا جاء بخلافه في الحالة الأخرى لبعد وجوده فمكنا واجده من التصرف بما مر ولا ينافي ما تقرر قولهم لو ألقى هارب أو ريح ثوبا بحجرة مثلا أو خلف مورثه وديعة وجهل مالك ذلك لم يتملكه بل يحفظه لأنه مال ضائع لحمله على ما قبل اليأس وحينئذ فلا فرق وفي وجوب حفظه بين(4/204)
معرفة مالكه والجهل به من أصله ولا يعكر على ذلك قولهم الآتي في اللقطة وما وجد بأرض مملوكة فلذي اليد فيها فإن لم يدعه فلمن قبله وهكذا إلى المحيي فإن لم يدعها فلقطة ا ه شرح م ر قوله أو من هو في يده فله صرفه في وجوه الصدقة عن مالكه ويثاب على ذلك خصوصا إن علم أن دفعه للإمام تضييع له لظلمه ا ه ق ل قال بعضهم ويجوز لواجده أن يمون منه نفسه ومن تلزمه مؤنته حيث كان ممن يستحق في بيت المال ا ه شيخنا قوله وأنا دفنته انظر موقعه وهل ذكره متعين والإخلال به مضر ا ه شوبري قوله حلف ذو اليد أي إذا كان هو المشتري أو المكتري أو المستعير بدليل قول الشارح ولو وقع التنازع إلخ قوله من المدعيين أي في كل صورة من الثلاث فهو مثنى لا جمع ا ه شيخنا قوله سلم له حصول الكنز في يده أي سلم أنه وضع يده عليه ويده متأخرة فتنسخ يد المالك ا ه شيخنا قوله والواجب فيما ملك بمعاوضة إلخ يؤخذ من المتن ستة شروط الأول أن يملك بمعاوضة الثاني أن يكون بنية تجارة الثالث أن لا ينوي القنية الرابع الحول الخامس أن يبلغ نصابا آخر الحول السادس أن لا ينض بما يقوم به ا ه شيخنا ح ف قوله بنية تجارة أي واقعة ولو في مجلس العقد فإذا اشترى عرضا للتجارة لا بد من نيتها وهكذا إلى أن يفرغ رأس مال التجارة وقوله وإن لم تحددها في كل تصرف أي بعد شرائه بجميع رأس مال التجارة لانسحاب حكم التجارة عليه ا ه ح ل قوله مقرونة بنية تجارة ينبغي أن لا تشترط مقارنتها لجميع العقد بل يكفي وجودها قبل الفراغ وإن لم توجد إلا مع لفظ الآخر وإن تأخر وظاهر كلامهم أنه لا يكفي تأخرها عن العقد وإن وجدت في مجلس العقد وله اتجاه فليتأمل وعبارة زي وينبغي اعتبارها في مجلس العقد ا ه ع ش على م ر قوله وإصداق كأن زوج أمته بعرض ونوى به التجارة حال العقد أما لو زوج غير السيد موليته فإن كان مجبرا فالنية منه حال العقد وإن كان غير مجبر فالنية منها مقارنة لعقد وليها أو توكله في النية ا ه(4/205)
ع ش قوله واكتراء كأن يستأجر الأعيان ويؤجرها بقصد التجارة ففيما إذا استأجر أرضا ليؤجرها بقصد التجارة(4/206)
فمضى حول ولم يؤجرها يلزمه زكاة التجارة فيقومها بأجرة المثل حولا ويخرج زكاة تلك الأجرة وإن لم تحصل له لأنه حال الحول على مال التجارة عنده والمال ينقسم إلى عين منفعة وما هنا من الثاني وإن أجرها فإن كانت الأجرة نقدا عينا أو دينا حالا أو مؤجلا يأتي فيه ما مر أو عرضا فإن استهلكه أو نوى قنيته فلا زكاة فيه وإن نوى التجارة فيه استمرت زكاة التجارة وهكذا في كل عام ا ه حج قوله لا كإقالة أي ولا كإرث فلو مات مورثه عن مال تجارة انقطع حوله ولا ينعقد له حول حتى يتصرف فيه بنية التجارة ذكره الرافعي قبيل شرط السوم وتبعه المصنف خلافا لما أفتى به البلقيني ا ه شرح م ر وقوله حتى يتصرف فيه ظاهره أنه لا ينعقد الحول إلا فيما تصرف فيه بالفعل فلو تصرف في بعض العروض الموروثة وحصل كساد في الباقي لا ينعقد حوله إلا فيما تصرف فيه بالفعل وهو ظاهر فليراجع ا ه رشيدي عليه قوله ورد بعيب أي حيث لم يكن المردود من أموال التجارة وإلا فحكمها باق ا ه م ر ا ه ع ش ومثله ويقال في الإقالة ا ه شيخنا قوله لانتفاء المعاوضة بل الاسترداد المذكور فسخ لها ولأن التملك مجانا لا يعد تجارة فمن اشترى بعرض للقنية عرضا للتجارة أو للقنية أو اشترى بعرض للتجارة عرضا للقنية ثم رد عليه بإقالة أو نحوها لم يصر مال تجارة وإن نواها بخلاف الرد بعيب أو نحوه ممن اشترى عرضا للتجارة بعرض لها فإنه يبقى حكمها ولو اشترى لها صبغا ليصبغ به أو دباغا ليدبغ به للناس صار مال تجارة فتلزمه زكاته بعد مضي حوله وإن لم يبق عين نحو الصبغ عنده عاما خلافا لما يوهمه كلام التتمة أو صابونا أو ملحا ليغسل به أو يعجن به لهم لم يصر كذلك لأنه يستهلك فلا يقع مسلما لهم ا ه شرح م ر وفي المصباح وصبغت الثوب صبغا من بابي نفع وقتل وفي لغة من باب ضرب ا ه وفيه أيضا دبغت الجلد دبغا من باب قتل ونفع ومن باب ضرب لغة ا ه قوله فلأنها متعلقه فيه تعليل الشيء بلازمه أو نفسه كما لا يخفى على(4/207)
المتأمل ا ه ح ل ومتعلقه بفتح اللام وضم القاف ا ه برماوي قوله لقنية بكسر القاف وضمها ا ه شوبري ومعنى القنية أن ينوي حبسه للانتفاع به ا ه شيخنا ح ف وفي المختار قنوت الغنم وغيرها قنوة وقنيتها أيضا قنية بكسر القاف وضمها فيهما إذا اقتنيتها لنفسك لا للتجارة واقتناء المال وغيره اتخاذه ا ه قوله فإن نوى لها انقطع إلخ أي ولو كثر جدا بحيث تقتضي العادة بأن مثله لا يحبس للانتفاع به ويصدق في دعواه القنية ولو دلت القرينة على خلاف ما ادعاه ا ه ع ش على م ر قوله فإن نوى لها انقطع إلخ أي بمجرد النية بخلاف عرض القنية لا يصير للتجارة بمجرد نيتها كما سيأتي القنية هي الحبس للانتفاع وقد وجدت بالنية المذكورة مع الإمساك فرتبنا عليها أثرها والتجارة هي التقليب في السلع بقصد الأرباح ولم يوجد ذلك ولأن الاقتناء هو الأصل فاكتفينا فيه بالنية بخلاف التجارة ولأن ما لا يثبت له حكم الحول بدخوله في ملكه لا يثبت بمجرد النية كما لو نوى بالمعلوفة السوم وقضية إطلاقه انقطاع الحول بذلك سواء نوى به استعمالا جائزا أم محرما كلبسه الديباج وقطعه الطريق بالسيف وهو كذلك كما هو أحد وجهين في التتمة ولو نوى القنية ببعض عرض التجارة ولم يعينه ففي تأثيره وجهان حكاهما الماوردي أقر بهما كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى التأثير ويرجع في ذلك البعض إليه وإن جرى بعضهم على أن الأقرب المنع ا ه شرح م ر قوله وهو يقال لأمتعة البزاز إلخ عبارة شرح م ر البز بباء موحدة مفتوحة وزاي معجمة مشددة يطلق على الثياب المعدة للبيع عند البزازين وعلى السلاح قاله الجوهري انتهت قوله وكلامهم يشمل إلخ مشى م ر على ما في التتمة وعلى أن هذا بخلاف ما لو كان له دين قرض على آخر فقبضه ناويا التجارة فيه فإنه يصير مال تجارة لظهور المعاوضة والمقابلة هنا قال وبذلك يجتمع الكلامان في القرض قال وكذا كل دين إذا قبضه ناويا التجارة فيه صار مال تجارة لأنه عوض حقه لا عينه(4/208)
فالمعاوضة والمقابلة ظاهرة فيه فليتأمل ا ه سم قوله لكن في التتمة أنها لا تكفي أي عند الاقتراض وهذا هو المعتمد فإن اشترى بهذا المقترض شيئا ونوى التجارة عند الشراء كان المشترى عرض تجارة ا ه شيخنا وعبارة شرح م ر أما لو اقترض مالا ناويا به التجارة فلا يصير مال تجارة لأنه لا يقصد لها وإنما هو إرفاق قاله القاضي تفقها وجزم به الروياني والمتولي وصاحب(4/209)
الأنوار انتهت قوله أيضا لكن في التتمة إلخ هو المعتمد بخلاف ما لو صالح عن دين القرض بعرض فإنه يصير مال تجارة إذا نوى به التجارة وأما لو صالح عن دين الفرض بدراهم فلا تكون مال تجارة وإن نوى لأنها إنما تجب فيها زكاة العين حتى لو خرج عن ملكه في جزء من السنة لم تجب فلا تجب إلا إذا حال الحول عليها في ملكه قال شيخنا الشبراملسي وقضيته أنه لو استرد بدلها ونوى به التجارة لا يكون مال تجارة وإن كان من العروض ولو قيل إنه مال تجارة في هذه الحالة لم يكن بعيدا لأنه قبضه عوضا عما في ذمة الغير فانطبق عليه الضابط ا ه برماوي قوله بشرط حول ويظهر انعقاد الحول بأول متاع يشترى بقصدها وينبئ حول ما يشترى بعده عليه ا ه شوبري قوله بآخره الباء في بآخره وبطرفيه وبجميعه ظرفية أي في آخره لا في طرفيه ولا في جميعه ا ه برماوي وعبارة أصله مع شرح م ر وفي قول بطرفيه أي في أول الحول وفي آخره ولا يعتبر ما بينهما إذ تقويم العرض في كل لحظة يشق ويحوج إلى ملازمة السوق ومراقبة دائمة وفي قول بجميعه كالمواشي وعليه لو نقصت قيمته عن النصاب في لحظة انقطع الحول فإن كمل بعد ذلك استأنف الحول من يومئذ وهذان مخرجان والمنصوص الأول انتهت قوله فلو رد مال التجارة أي جميعه ا ه ز ي وهذا شروع فيما يقطع الحول أما في أثنائه كهذه وأما بعد تمامه كالتي بعدها ا ه شيخنا قوله أيضا فلو رد مال التجارة أي جميعه لأنه مفرد مضاف لمعرفة فيعم ودلالة العام كلية محكوم فيها على كل فرد فرد مطابقة أي رد كل فرد فرد من مال التجارة أما لو رد بعضه فقط فحول التجارة باق فيه وإن قل العرض جدا لأن الربح كامن فيه ونقص المال عن النصاب لم يتحقق لأن العبرة بآخر الحول بخلاف ما لو نض جميعه وهذا مرادهم قطعا وهو المفهوم من تعليلهم ومنه يعلم أن التجار بحوانيت الديار المصرية ونحوها إذا نض من عروضهم البعض ناقصا فحول التجارة فيه باق نظرا لما عنده من العروض وإن قلت فليتفطن(4/210)
لذلك ا ه برماوي قوله إلى نقد يقوم به إلخ انظر لو كان النقد الذي يقوم به غالب نقد البلد وغلب نقدان وقلنا يتخير فهل إذا رد في أثناء الحول إلى أحدهما وهو دون النصاب فيقطع مطلقا أو بشرط أن يكون قد غرم على التقويم به آخر الحول أو كيف الحال وانظر إذا كان الغالب غير متعدد ورده إليه في أثناء الحول وهو دون النصاب ثم صار في آخر الحول مغلوبا وصار الغالب غيره هل يتبين عدم الانقطاع بالرد إليه لأنه تبين أنه خلاف الذي يقوم به أو كيف الحال وقد وقع كل ذلك في درس م ر ومال في الأول إلى أن العبرة بما اختاره وفي الثاني إلى تبين عدم الانقطاع فليحرر ا ه سم قوله وهو دون نصاب أي ولم يكن بملكه نقد من جنسه يكمل به أخذا مما يأتي في قوله ولو تم الحول وقيمته دون نصاب إلخ إلا أن يفرق ا ه حج والأقرب عدم الفرق كما استقر به سم ا ه ع ش قوله عرض بسكون الراء كفلس اسم للمتاع وفي كل شيء عرض إلا الدراهم والدنانير فإنها عين وقال أبو عبيد العرض الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن ولا تكون حيوانا ولا عقارا والعرض بفتحتين ما يعرض للإنسان من مرض ونحوه وعرض الدنيا أيضا ما كان من مال قل أو كثر ا ه برماوي قوله من حين شرائه أي لا من حين النضوض لأن التجارة إنما يبتدأ حولها عند الملك بالمعاوضة وعنده تعتبر النية ا ه برماوي قوله والحال يقتضي التقويم بدنانير أي إما لكونه اشتراه بها أو لكونها غالب نقد البلد ا ه ع ش على م ر قوله وهو نصاب أي أو دون نصاب وعنده ما يكمل به نصابا ا ه برماوي قوله فحوله باق وكذا يبقى حوله إذا رد بعضه إلى النقد المذكور ولو كان البعض الباقي بلا رد قليلا جدا كمائة رد منها تسعة وتسعين وبقي واحد بلا رد ا ه شيخنا قوله ابتدئ حول أي ويبطل الحول الأول ا ه شرح م ر وقضيته أنه لو اشترى ببعض مال القنية عرضا للتجارة أول المحرم ثم بباقيه عرضا آخر أول صفر أنه لا زكاة في واحد منهما إذا لم تبلغ قيمة كل واحد نصابا لأنه(4/211)
بأول المحرم من السنة الثانية ينقطع حول ما اشتراه أولا لنقصه عن النصاب ويبتدئ له حول من ذلك الوقت ويقوم الثاني أول صفر من السنة الثانية وهكذا فلا تجب في واحد منهما زكاة إلا إذا بلغ نصابا وليس مرادا بل يزكي الجميع آخر حول الثاني لوجود الجميع في ملكه أول صفر ا ه(4/212)
ع ش عليه قوله ثم ملك خمسين أي وبلغت قيمة العرض مائة وخمسين كالذمي قبله ا ه رشيدي على م ر قوله زكى الجميع أي إذا تم حول الخمسين كذا عبر م ر في شرحه وكتب عليه ع ش قوله إذا تم حول الخمسين قال الشيخ عميرة قال في شرح الروض والظاهر أن مال التجارة يزكى عند تمام حوله ا ه سم على المنهج أقول يتأمل معنى هذا الكلام فإن المتبادر من قوله زكى الجميع إذا تم حول الخمسين أنه يقوم مال التجارة عند تمام حول الخمسين فإن بلغ معها نصابا زكى الجميع وإلا فلا ثم رأيته صرح بهذا المتبادر على حج ثم قال وبه يندفع ما بهامش شرح المنهج من قوله والظاهر أن مال التجارة إلخ ا ه كلام ع ش وعبارة حج بخلاف ما لو اشترى بالمائة وملك خمسين بعد فإن الخمسين إنما تضم في النصاب دون الحول فإذا تم حول الخمسين زكى المائتين كالصريح في أنه لا يفرد كل بحول وأصرح منه في ذلك قول الروض وشرحه ما نصه فإن نقص عن النصاب بتقويمه آخر الحول وقد وهب له من جنس نقده ما يتم به نصابا زكى الجميع لحول الموهوب من يوم وهب له لا من يوم الشراء لانقطاع حول تجارته بالنقص ا ه فتأمل قوله لانقطاع إلخ وبه يندفع ما في هامش شرح المنهج لشيخنا من قوله والظاهر أن مال التجارة يزكى عند تمام حوله ا ه وسيأتي ما في هامش الصفحة الآتية عن الروض وشرحه في نظيره من الأصل والربح خلافه وأن كلا يزكى لحوله لكن الفرق بين الربح وغيره لائح فليتأمل ا ه وقوله وسيأتي في هامش الصفحة إلخ عبارة الروض وشرحه هناك ما نصه وإذا اشترى عرضا بعشرة من الدنانير وباع في أثناء الحول بعشرين منها ولم يشتر بها عرضا زكى كلا من العشرتين لحوله بحكم الخلطة ا ه فإنه دل على أنه لا ضم هنا فليراجع ا ه قوله وإذا ملكه بعين نقد إلخ مراده بهذا أن حول التجارة لا يجب أن يكون من حينها بل قد يكون مبنيا على حول رأس ماله ا ه شيخنا والمراد بمال التجارة هنا خصوص العرض بخلاف ما لو اشترى نقدا بنقد فإنه ينقطع حول الذي(4/213)
اشترى به وإن كان الشراء للتجارة وقصد به الفرار من الزكاة ا ه شرح م ر قوله بعين نقد أي مما تجب فيه الزكاة سواء كان مضروبا أم لا كتبر وسبيكة بخلاف الحلي المباح إذا اشترى به فإن الحول من الشراء ا ه برماوي قوله أو دونه وفي ملكه باقيه الفرق بين هذه وبين قوله فيما مر فإن كان معه ما يكمل به إلى آخر المسألة الأولى مما مر أن المملوك هنا الزائد على عرض التجارة يكمل النصاب وهناك الزائد لا يكمله كما رأيت ا ه شيخنا والمراد من هذه العبارة أن الذي يملكه كان في ابتداء الأمر نصابا اشترى ببعضه وأبقى بعضه وهذا فيما هنا وأما فيما تقدم فكان الذي يملكه عند ابتداء الحول أقل من نصاب اشترى ببعضه وأبقى بعضه ا ه قوله كأن اشتراه بعين عشرين مثقالا أي أو بعشرين في الذمة ونقدها في المجلس كما ذكره الشهاب حج أي وكان ما أقبضه في المجلس من جنس ما اشترى به بخلاف ما لو أقبضه عن الفضة ذهبا أو عكسه فإنه ينقطع الحول كما ذكره الشهاب عميرة البرلسي ا ه رشيدي قوله بنى على حوله أي حول النقد لاشتراك النقد والتجارة في قدر الواجب وجنسه فإن كان النقد مما لا تجب فيه الزكاة كالحلي المباح فإنه إذا اشترى به كان حوله من الشراء ا ه ح ل قوله أيضا بنى على حوله أي لاشتراكهما في قدر الواجب وفي جنسه ولا النقدين إنما خصا بإيجاب الزكاة دون باقي الجواهر لإرصادهما للنماء والنماء يحصل بالتجارة فلم يجز أن يكون السبب في الواجب سببا في الإسقاط ا ه شرح م ر وقوله سببا في الإسقاط أي فلو جعل حولهما من وقت الشراء الذي هو سبب للنماء مسقطا لما مضى من حول النقد لزم ما ذكر ا ه ع ش عليه قوله بأن اشتراه بنقد في الذمة إلخ محله ما لم يعينه في المجلس فإن عينه فهو كالشراء بالعين ا ه شوبري قوله وإن نقده أي دفعه في الثمن أي عنه والمراد دفعه بعد تمام المجلس أما لو دفعه في المجلس فكما لو اشترى بالعين ا ه شيخنا قوله أيضا وإن نقده أي نقد الذي في ملكه في الثمن(4/214)
كما تدل عليه عبارة حج وصورته كأن اشترى أمتعة للتجارة بعشرين مثقالا في ذمته والحال أن عنده عشرين مثقالا لها ستة أشهر مثلا فدفعها عن الذي في ذمته فلا يبنى حول الأمتعة على الستة أشهر بل يستأنف حولا للأمتعة من حين ملكها وفارقت(4/215)
ما لو اشتراه بعين العشرين مثقالا بأن النقد في هذه الصورة لا يتعين دفعه في الثمن بخلافه في تلك ا ه شيخنا وفي المصباح ونقدت الرجل الدراهم بمعنى أعطيته فيتعدى إلى مفعولين ونقدتها له على الزيادة أيضا فانتقدها أي قبضها وبابه ضرب ا ه قوله أو بعرض قنية كالثياب والحلي المباح ا ه شرح م ر واحترز به عن عرض التجارة فإنه يبنى عليها ا ه برماوي قوله ولو سائمة الغاية للرد وعبارة أصله مع شرح م ر وقيل إن ملكه بنصاب سائمة بنى على حولها لأنه مال تجب فيه الزكاة في عينه وله حول فاعتبر والصحيح المنع لاختلاف الزكاتين قدرا ومتعلقا انتهت قوله وفارقت الأولى أي مما بعد إلا لكن هذا الفرق لا يظهر بينها وبين ما لو اشترى في الذمة ونقد في المجلس ا ه شيخنا وعبارة ع ش على م ر قوله أما لو اشتراه بنقد في الذمة ونقده أي بعد مفارقة المجلس ا ه سم على حج نقلا عن شرح الإرشاد وإن نافاه التعليل بقوله إذ صرفه إلى هذه الجهة لم يتعين لكنه لما كان المجلس من حريم العقد نزل الواقع فيه منزلة الواقع في العقد فكأنه عين فيه انتهت قوله بأن النقد لا يتعين صرفه للشراء أي فالعرض قد تجدد ملكه حقيقة وظاهرا وقوله بخلافه في تلك أي فيتعين صرفه لوقوع الشراء بعينه فكأنه بدل عن النقد فكان النقد باق بحاله فيبقى حوله بخلاف ما إذا دفعه عما في الذمة فإنه لما كان غير واجب الدفع عنه لم يعتبر حوله السابق لزوال الملك عنه من غير مقابل فإن المدفوع عن الثمن الذي في الذمة ليس في مقابلة المبيع بل هو تعويض عما في الذمة والمبيع مقابل لما في الذمة لا لهذا المدفوع عنه بخصوصه ا ه شيخنا قوله ويضم ربح لأصل إلخ أي قياسا على النتاج مع الأمهات ولعسر المحافظة على حول كل زيادة مع اضطراب الأسواق في كل لحظة ارتفاعا وانخفاضا ا ه شرح حج قوله ولو من عين العرض الغاية للرد وعبارة أصله مع شرح م ر والأصح أن ولد العرض من الحيوان من نعم وخيل وإماء وثمرة من الأشجار كمشمش أو(4/216)
تفاح مال تجارة لأنهما جزءان من الأم والشجر والثاني لا لأنهما لم يحصلا بالتجارة ومحل الخلاف ما لم تنقص قيمة الأم بالولادة فإن نقصت بها كأن كانت قيمة الأم تساوي ألفا فصارت بالولادة تساوي ثمانمائة وقيمة الولد مائتان جبر نقص الأم بقيمة الولد جزما انتهت قوله أيضا ولو من عين العرض عبارة شرح م ر وسواء أحصل الربح بزيادة في نفس العرض كسمن الحيوان أم بارتفاع الأسواق ولو باع العرض بدون قيمة زكى القيمة أو بأكثر منها ففي زكاة الزائد معها وجهان أوجههما الوجوب انتهت وقوله زكى القيمة أي لا ما باع به فقط لأنه فوت الزيادة باختياره فضمنها ويصدق في قدر ما فوته ا ه ع ش عليه قوله إن لم ينض بما يقوم به شامل لصورتين إحداهما لم ينض أصلا ومثل لها بالمثال الأول والثانية أن ينض بما لا يقوم به ومثل لها بالمثال الثاني ا ه شيخنا قوله أما إذا نض إلخ توجيه ذلك أنه إذا نض من الجنس فقد رجع رأس المال إلى أصله فيصير الربح مستقلا وأما إذا لم ينض أو نض من غير الجنس فلم يرجع رأس المال إلى أصله فلا يصير الربح مستقلا لارتباطه في هذه الحالة برأس المال ارتباط التابع بالمتبوع ا ه شوبري قوله دراهم أو دنانير بدل من ناضا بدل كل ففي المختار ما نصه أهل الحجاز يسمون الدراهم والدنانير النض والناض إذا تحول عينا بعد أن كان متاعا ويقال خذ ما نض لك من دين أي ما تيسر وهو يستنض حقه من فلان أي يستنجزه ويأخذ منه الشيء بعد الشيء ا ه قوله وأمسكه إلى آخر الحول ليس بقيد كما يعلم من قوله بعد أو اشترى بها عرضا يساوي إلخ ا ه شيخنا قوله ولو في ذمته أي ذمة المشتري بأن أنشأ التزامه وقت الشراء وكذا لو ملكه بنقد في ذمة البائع بأن كان دينا عليه فاستقرض عنه عرض تجارة ا ه من شرح م ر قوله أو دون نصاب هذا من مدخول الغاية وهي بالنسبة إليه للرد وعبارة أصله مع شرح م ر وكذا إن ملكه بنقد دونه أي النصاب فإنه يقوم به في الأصح لأنه أصله والثاني يقوم بغالب(4/217)
نقد البلد كما لو اشترى بعرض ومحل الخلاف ما إذا لم يملك بقية النصاب من ذلك النقد فإن ملكه قوم به قطعا لأنه اشترى ببعض ما انعقد عليه الحول وابتداء الحول من وقت ملك الدراهم كما قاله الرافعي انتهت قوله قوم به أي ولو أبطل السلطان(4/218)
ذلك النقد وإن ملكه بنصابين من النقدين قوم أحدهما بالآخر يوم الملك فإن كانت قيمة المائتين عشرين قوم بهما نصفين أو عشرة قوم ثلثه بالدراهم وثلثاه بالدنانير وكذا لو كان أحدهما أو كلاهما دون النصاب ا ه برماوي قال ابن الأستاذ وينبغي للتاجر أن يبادر إلى تقويم ماله بعدلين ويمتنع واحد كجزاء الصيد ولا يجوز تصرفه قبل ذلك إذ قد يحصل نقص فلا يدري ما يخرجه قيل ويتجه من تردد له أنه لا يجوز أن يكون هو أحد العدلين وإن قلنا بجوازه في جزاء الصيد ويفرق بأن الفقهاء أشاروا ثم إلى ما يضبط المثلية فيبعد اتهامه فيها ولا كذلك هنا إذ القيم لا ضابط لها ا ه ثم المعتبر في تقويم العدلين النظر إلى ما يرغب أي في الأخذ به ا ه سم على البهجة لكن عبارة حج ويظهر الاكتفاء بتقويم المالك الثقة العارف وللساعي تصديقه نظير ما مر في عد الماشية أقول وقد يفرق بأن متعلق العد معين يبعد الخطأ فيه بخلاف التقويم فإنه يرجع لاجتهاد المقوم وهو مظنة للخطأ فالتهمة فيه أقوى ومن ثم لم يكتف بخرصه للثمر بل لو لم يوجد خارص من جهة الإمام حكم عدلين يخرصان له كما مر وقوله ثم المعتبر في تقويم العدلين النظر إلى ما يرغب أي في الأخذ به في مثل ذلك العرض حالا فإذا فرض أنها ألف وكان التاجر إذا باعه على ما جرت به عادته مفرقا في أوقات كثيرة بلغ ألفين مثلا اعتبر ما يرغب به فيه في الحال لا ما يبيع به التاجر على الوجه السابق لأن الزيادة المفروضة إنما حصلت من تصرفه بالتفريق لا من حيث كون الألفين قيمته ا ه ع ش على ر م قوله فبغالب نقد البلد أي البلد الذي كان فيه المال وقت حولان الحول كما قاله الماوردي وهو الأصح جريا على قاعدة التقويم إذا تعذر التقويم بالأصل ا ه شرح م ر وقد أشار الشارح إلى هذا بقوله فلو حال الحول بمحل لا نقد فيه إلخ قوله أعم من قوله بعرض عبارة الأصل أو بعرض وانظر لم حذف الشارح في حكايتها العاطف وهو لفظ أو تأمل قوله قوم ما قابل النقد به(4/219)
والباقي بالغالب وذلك ظاهر إن اشترى كلا في عقد أو اشتراهما في عقد واحد وفضل الثمن والأقوم ما قابل النقد به والباقي بالغالب بنسبة التقسيط قال سم على البهجة فلو جهلت النسبة فلا يبعد أن يحكم باستوائهما ولو علم أن أحدهما أكثر وجهل عينه فلا يبعد أن يتعين في براءة ذمته أن يفرض الأكثر من كل منهما وهل له التأخير إلى التذكر إن رجي أقول لا يبعد أن له ذلك بل قياس ما تقدم عن الدميري أنه يكفي غلبة الظن ا ه ع ش على م ر قوله أيضا قوم ما قابل النقد به والباقي بالغالب أي إذا كان النقد غير جنس الغالب وبلغا نصابين زكيا أو لم يبلغه واحد منهما فلا زكاة وإن بلغهما المجموع لو قوم بأحدهما لأنه لا يضم أحدهما إلى الآخر وإن بلغ أحدهما فقط نصابا زكي وحده هكذا ينبغي أن يفهم ولا يغفل عنه وهو معلوم من كلامهم ا ه سم قوله فإن غلب نقدان إلخ هذا راجع إلى المسألتين قبله ا ه شيخنا قوله وبلغ نصابا أي في جميع الموازين وبهذا اندفع ما يرد على العلة ا ه شيخنا قوله في الثانية وهي ما لو ملكه بغيره والثالثة وهي ما لو ملكه بهما ا ه ز ا ه ع ش قوله وبهذا فارق أي بقوله لتحقق تمام إلخ قوله أو بنقد لا يقوم به إلخ هذه تقدمت قريبا في قوله فلو لم يبلغ به نصابا لم تجب الزكاة وإن بلغ بغيره ا ه شيخنا قوله وبه الفتوى الظاهر أن قوله وبه الفتوى أظهر من قوله وعليه الفتوى كما يقع له في بعض العبارات ا ه برماوي قوله كما في المهمات هو المعتمد وعليه يجاب عن قياس الثاني عن الحقاق وبنات اللبون فيما لو اتفق فرضان بأن الزكاة في الإبل متعلقة بالعين وفي مال التجارة بالذمة فتعلق المستحقين بالإبل فوق تعلقهم بمال التجارة ا ه برماوي قوله وتجب فطرة رقيق تجارة مع زكاتها لو كان في مال التجارة جارية جاز للمالك وطؤها قبل الحول وبعده وإن قلنا تعلق الزكاة تعلق شركة ويشكل بما يأتي في القراض من أنه يحرم على كل من المالك والعامل وطء جارية القراض سواء كان في(4/220)
المال ربح أم لا والفرق أن تعلق العامل بنفس العين وإن قدر المالك على إسقاطه بتعويضه عنه بخلاف التجارة فإن الحق فيها متعلق بالقيمة ولا تعلق له بالرقبة وإن قلنا تعلق شركة قاله في الحواشي في باب القراض ا ه م ر ا ه شوبري قوله لاختلاف سببيهما عبارة(4/221)
شرح م ر لأنهما يجبان بسببين مختلفين فلا يتداخلان كالقيمة والكفارة في العبد المقتول والقيمة والجزاء في الصيد المملوك إذا قتله المحرم انتهت وعبارة حج لاختلاف السبب وهو المال والبدن فلا يتداخلان كالقيمة والجزاء في الصيد انتهت قوله ولو كان أي مال التجارة أي كله أما لو كان بعضه تجب الزكاة في عينه وبعضه ليس كذلك فسيأتي في قول الشارح فلو كان مع ما فيه زكاة عين إلخ ا ه شيخنا قوله وجبت زكاة ما كمل نصابه أي لوجود سببها من غير معارض ا ه شرح م ر ولا وقص في زكاة العين في هذه الصور فلو كان مال التجارة خمسين شاة أخرج واحدة عن أربعين وزكى العشرة زكاة التجارة كما في حواشي التحرير قوله فزكاة العين تقدم قال في الروض وشرحه فلو حدث في أثناء الحول نقص في نصاب السائمة حيث غلبناه انتقل الحكم إلى زكاة التجارة واستؤنف الحول كما لو ملك نصاب سائمة لا للتجارة ثم اشترى به عرض تجارة فإنه يستأنف حولا كما مر فلو حدث نتاج من السائمة بعد استئناف حول التجارة لم ينتقل الحكم إلى زكاة العين لأن الحول انعقد للتجارة فلا يتغير ا ه سم قوله للاتفاق عليها أي لأنها وجبت بالنص والإجماع ولهذا يكفر جاحدها وقوله بخلاف زكاة التجارة أي فإنها مختلف فيها ووجبت بالاجتهاد ولهذا لا يكفر جاحدها ولأن زكاة العين تتعلق بالرقبة وتلك بالقيمة فقدم ما يتعلق بالرقبة كالمرهون إذا جنى ا ه شرح م ر قوله بخلاف زكاة التجارة أي فالقديم أنها لا تجب وكذا قول عند مالك ا ه شيخنا قوله لا تجتمع الزكاتان أي من جهة واحدة وإلا فقد يجتمعان من جهتين مختلفتين كما سيأتي قريبا وكما تقدم من وجوب فطرة رقيق التجارة مع زكاتها ا ه إطفيحي قوله فلو كان مع ما فيه إلخ هو قسيم قوله أولا ولو كان مما تجب الزكاة في عينه إلخ ا ه برماوي قوله فبدا قبل حوله صلاح ثمره خرج به ما لو تم حول التجارة قبل بدو الصلاح فيخرج كما هو ظاهر زكاة الجميع للتجارة وحينئذ فإذا بدا الصلاح بعد(4/222)
الإخراج ولو بيوم وجبت حينئذ كما هو ظاهر زكاة العين في الثمر فليتأمل ا ه سم على حج وعليه فقد يقال وجوب الزكاة في الثمر على هذا الوجه يلزمه اجتماع زكاتين في مال واحد لأنه زكى الثمرة عند تمام الحول زكاة التجارة لدخولها في التقويم وزكى عنها بعد بدو الصلاح زكاة العين فقد تكررت زكاتها اللهم إلا أن يقال لما اختلف الوقت والجهة نزل منزلة مالين ا ه ع ش على م ر قوله وجب مع تقديم زكاة العين عن الثمر إلخ قال في الروض وشرحه وينعقد الحول للتجارة على الثمر من الوقت الذي يخرج زكاته فيه بعد الجذاذ لا من وقت الإدراك وتجب زكاة التجارة فيه أبدا أي في الأحوال الآتية ا ه والظاهر أن ابتداء الحول الثاني على الشجر من وقت التمكن من الإخراج عقب تمام الحول الأول وذلك قد يتأخر عن وقت إخراج زكاة الثمر فيختلف حولاهما ا ه سم على حج قوله زكاة الشجر عند تمام حوله قال في الروض وشرحه وكذا الحكم إن اشتراها أي الثمرة بشرط القطع فبدا صلاحها في ملكه قبل قطعها ثم قال ومتى زكى الثمرة للعين زكى الأرض وكذا الجذوع والتبن للتجارة إذ ليس فيها زكاة عين فلا تسقط عنها زكاة التجارة فإن نقصت قيمتها عن النصاب لم يكمله بقيمة الثمرة وينعقد الحول للتجارة على الثمرة من الوقت الذي يخرج زكاته فيه بعد الجذاذ لا من وقت الإدراك وإن وجبت الزكاة به لأن عليه بعده تربية الثمرة للمستحقين فلا يحسب عليه زمنها وتجب زكاة التجارة فيه أبدا فإن زرع زرعا للقنية في أرض التجارة فلكل منهما حكمه فتجب زكاة العين في الزرع وزكاة التجارة في الأرض ا ه وهنا أمور أحدها ينبغي أن يكون الحب كالثمرة فيقال فيه ينعقد الحول للتجارة عليه من الوقت الذي تخرج زكاته فيه بعد الحصاد وما يتعلق به لا من وقت الإدراك باشتداد الحب للعلة المذكورة في الثمرة بعينها الثاني الظاهر أن ابتداء الحول الثاني على الجذوع ينبغي أن يكون من التمكن من الإخراج عقب تمام الحول الأول وذلك قد(4/223)
يتأخر عن وقت إخراج زكاة الثمرة فيختلف حولاهما الثالث خرج بقوله فبدا قبل حوله صلاح ثمره ما إذا تم حول التجارة قبل بدو الصلاح فيخرج زكاة الجميع للتجارة كما هو ظاهر وحينئذ فإن بدا الصلاح بعد الإخراج ولو بيوم وجبت(4/224)
زكاة العين كما هو ظاهر ا ه سم وقوله لم يكمله بقيمة الثمرة أي فلا تضم الجذوع للثمرة في التقويم بل تقوم وحدها وهذا في العام الأول كما قاله المناوي على التحرير وأما بقية الأعوام فتضم الجذوع والتبن وغيرها للثمر والحب في التقويم فإن بلغ المجموع نصابا زكاه وإلا فلا كما في ق ل على التحرير قوله فلو سبق حول التجارة إلخ تقييد لقوله أو نصابهما لزكاة العين أي ما لم يسبق حول التجارة لكن التقييد بالنظر للعام الأول فقط تأمل قوله ولئلا يبطل بعض حولها عبارة م ر كهذه العبارة وكتب عليها الرشيدي ما نصه قوله ولئلا يبطل بعض حولها إثبات الواو هنا يفيد أن اللام في قوله لتمام حولها للعلة وهو فاسد كما لا يخفى بل هي بمعنى عند فالصواب حذف الواو كما في التحفة ولعلها زائدة من النساخ ا ه قوله وافتتح حولا إلخ أي وما مضى من السوم في بقية الحول الأول غير معتبر ا ه حج أي فحول السوم لا يدخل إلا بعد تمام حول التجارة ا ه ح ل قوله على مالكه أي هو المطالب بها وحده أعم من أن يخرجها من مال القراض أو من غيره بدليل كلامه بعد وليس المراد بكونها عليه أنه يجب إخراجها من غير مال القراض وأنها لا تحسب عليهما إذا أخرجها منه ا ه شرح م ر قوله إذ العامل إنما يملك إلخ عبارة أصله مع شرح م ر وإذا قلنا العامل يملك حصته من الربح بالقسمة وهو الأظهر فعلى المالك زكاة الجميع فإن أخرجها من مال آخر فذاك ظاهر أو من عين مال القراض حسبت من الربح ثم قال وإن قلنا يملك العامل حصته بالظهور لزم المالك زكاة رأس المال وحصته من الربح لأنه مالك لهما ويلزم العامل زكاة حصته من الربح لأنه متمكن من التوصل إليها بالقسمة متى شاء وعلى هذا فابتداء حول من وقت الظهور ولا يجب عليه الإخراج قبل القسمة وله أن يستبد بالإخراج عنها من مال القراض انتهت قوله فإن أخرجها من غيره فذاك أي ولا رجوع له على العامل ا ه ع ش قوله حسبت من الربح أي لأنها بمنزلة الخسرات قوله(4/225)
كالمؤن التي تلزم المال عبارة شرح م ر ولا يجعل إخراجها كاسترداد المالك جزءا من المال تنزيلا لها منزلة المؤن إلخ انتهت خاتمة لو باع عرض التجارة قبل إخراج زكاتها وإن كان بعد وجوبها أو باعه بعرض قنية صح إذ متعلق زكاته القيمة وهي لا تفوت بالبيع ولو أعتق عبد التجارة أو وهبه فكبيع الماشية بعد وجوب الزكاة فيها لأنهما يبطلان متعلق زكاة التجارة كما أن البيع يبطل متعلق العين وكذا لو جعله صداقا أو صلحا عن دم أو نحوهما لأن مقابله ليس مالا فإن باعه محاباة فقدرها كالموهوب فيبطل فيما قيمته قدر الزكاة من ذلك القدر ويصح في الباقي تفريقا للصفقة ا ه شرح م ر وفي البرماوي ما نصه تنبيه قال شيخنا الذي يظهر أنه لا يمنع المالك من استعمال عروض التجارة كركوب حيوانها وسكنى عقارها ولا من الأكل من حيوانها أو ثمارها أو لبنها ولا من اللبس من نحو صوفها ولا من وطء إمائها ولا من هبة شيء من ذلك ولا من التصدق به ولا من إعارته ولا إجارته وأن كل ما خرج عن ملكه بنحو الصدقة أو استهلك بنحو الأكل بطلت فيه التجارة ولا يلزمه بدله لها لأن ذلك كنية القنية أو أقوى وأنه لا يلزمه أجرة في الاستعمال وأن أجرة ما أجر به تكون له لا مال تجارة وأن كسب رقيق التجارة ومهر إمائها ليس مال تجارة لذلك وأنه لو ولدت منه الأمة خرجت كولدها عن مال التجارة بالأولى مما مر لامتناع بيعهما وأن ما تلف من أموالها بشيء من ذلك أو بغيره خرج عن مال التجارة إلا إن أتلفه أجنبي ضامن فبدله مال تجارة كما مر هذا ما ظهر فليراجع من محاله ويعمل بما وافق المنقول منه والله الموفق للصواب والله أعلم ا ه
باب زكاة الفطر
بكسر الفاء لفظ إسلامي ونسبت لأحد سببها لأنها تجب بإدراك جزء من رمضان وجزء من شوال لا بإدراك أحدهما فقط كما يأتي ويقال لها زكاة الفطرة بكسر الفاء أيضا والفطرة اسم مولد لا عربي ولا معرب بل اصطلاح للفقهاء فتكون حقيقة شرعية كالصلاة والزكاة وتقال للخلقة(4/226)
ومنه قوله تعالى فطرة الله التي فطر الناس عليها أي خلقهم وهي قبولهم للحق وتمكنهم من إدراكه وفي الحديث ما من مولود إلا يولد على(4/227)
الفطرة الإسلامية إلا أن أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة عجماء هل تحسبون فيها من جدعاء وقيل الفطرة الإسلام وقيل البداءة التي ابتداهم لها من الحياة والموت والسعادة والشقاوة وقيل الفقر والفاقة وقيل العهد المأخوذ على آدم وذريته والمعنى أنها وجبت على الخلق تزكية للنفس أي تطهيرا لها وتنمية لعملها وتقال للمخرج أيضا وقول ابن الرفعة إنها بضم الفاء اسم للمخرج مردود وهي من خصائص هذه الأمة والمشهور أنها فرضت كرمضان في السنة الثانية من الهجرة قبل العيد بيومين قال وكيع زكاة الفطر لرمضان كسجود السهو للصلاة تجبر نقصان الصوم كما يجبر السجود نقصان الصلاة وأخرج ابن شاهين في ترغيبه والضياء عن جرير شهر رمضان معلق بين السماء والأرض لا يرفع إلى الله تعالى إلا بزكاة الفطر والظاهر أن ذلك كناية عن عدم ترتب فائدة عليه إذا لم تخرج زكاة الفطر لكن بمعنى توقف ترتب ثوابه العظيم على إخراجها بالنسبة للقادر عليها المخاطب بها عن نفسه فحينئذ لا يتم له جميع ما رتب على صوم رمضان من الثواب وغيره إلا بإخراج زكاة الفطر ويتردد النظر في توقف الثواب على إخراجه زكاة ممونه وظاهر الحديث التوقف على إخراجها لأنها طهرة للصائم فلا يتم تطهيره وتأهله لذلك الثواب العظيم إلا بإخراجها ووجوبها على الصغير ونحوه إنما هو بطريق التبع على أنه لا يبعد أن فيه تطهيرا له أيضا بقي أن صوم الممون هل يعلق بالمعنى المذكور إن لم تؤد عنه الفطرة أم لا الثاني أوجه إذ لا تقصير منه وقد ذكر المصنف في هذا الباب وقت الوجوب ثم صفة المؤدي بكسر الدال ثم وقت الأداء ثم صفة المؤدى عنه ثم قدر المؤدى ثم جنسه ا ه برماوي وقوله اسم مولد لا عربي ولا معرب بمعنى أن وضعه على هذه الحقيقة مولد من حملة الشرع بدليل قوله فيكون حقيقة شرعية وإلا فالمولد هو اللفظ الذي ولده الناس بمعنى اخترعوه ولم تعرفه العرب وظاهر أن الفطرة ليست كذلك قال الله تعالى(4/228)
فطرة الله التي فطر الناس عليها ا ه رشيدي على م ر وقوله فتكون حقيقة شرعية أي في القدر المخرج والأنسب في التفريع أن يقول فتكون حقيقة عرفية أو اصطلاحية لأن الحقيقة الشرعية عند الأصوليين ما أخذت التسمية به من كلام الشارع أما ما اصطلح عليه الفقهاء واستعملوه فلا يسمى بذلك بل يسمى حقيقة عرفية أو اصطلاحية ثم رأيت سم على شرح البهجة قال ما نصه قوله حقيقة شرعية فإن قلت كان الواجب أن يقول فتكون حقيقة عرفية لأن الشرعية ما كانت بوضع الشارع قلت هذه التسمية لغوية وهي صحيحة فالمراد حقيقة منسوبة لجهة الشرع وهم الفقهاء والنسبة بهذا المعنى لا شبهة في صحتها وإن كان المتبادر من النسبة في شرعية باعتبار الاصطلاح الأصولي هي ما كان بوضع الشرع فليتأمل ا ه وقوله ويقال للخلقة إلخ ظاهر هذا الصنيع يقتضي أن لفظ الفطرة سواء أريد به الخلقة أو القدر المخرج مولد ولعله غير مراد لأن اصطلاحات الفقهاء حادثة وإطلاق الفطرة على الخلقة ليس من اصطلاحاتهم كما هو ظاهر فلعلها مولدة بالنظر للمعنى الثاني ا ه ع ش على م ر قوله الأصل في وجوبها إلخ قدم الدليل على المدعى إشارة إلى أن وجوبها معلوم لا يحتاج للتنبيه عليه وأما ما تجب به فغير معلوم وذكره المصنف بقوله تجب بأول ليلة إلخ ا ه ع ش ولا ينافي حكاية الإجماع قول ابن اللبان بعدم وجوبها لأنه غلط صريح كما في الروضة لكن صريح كلام ابن عبد البر أن فيها خلافا لغير ابن اللبان ويجاب عنه بأنه شاذ منكر فلا ينخرق به الإجماع أو يراد بالإجماع الواقع في عبارة غير واحد ما عليه الأكثر ويؤيده قول ابن حج لا يكفر جاحدها ا ه شرح م ر قوله فرض رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أي أظهر فرضيتها أو قدرها أو أوجبها ا ه برماوي وقوله على الناس أي ولو كفارا إذ هذا في المخرج بكسر الراء وقوله صاعا من تمر بدل من زكاة الفطر أو حال وقوله على كل حر على هنا بمعنى عن إذ هذا في المخرج عنه فلذلك قيده بقوله من المسلمين ولم يقيد ما قبله(4/229)
وهذا أولى من جعله بدلا لما يلزم عليه من القصور إذ لا يفيد وجوبها على الكافر وقوله وخبر أبي سعيد إلخ أتى به مع أنه لا دلالة فيه على الفرض لما فيه من زيادة الأنواع وقوله من طعام أي بر وقوله ما عشت ظرف لأخرجه الأول ا ه شيخنا قوله على كل حر وعبد على هنا بمعنى عن كقول الشاعر إذا رضيت علي بنو قشير أي عني(4/230)
ويؤيده قوله {صلى الله عليه وسلم} ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر فأثبت صدقة الفطر على سيده ا ه وعدم تأويل على أولى ليفيد أنها تجب أولا على المخرج عنه وإن تحملها عنه غيره ا ه م ر على شرح الروض وعبارة سم على أبي شجاع وأما قوله في الحديث السابق على كل حر فهو بمعنى عن كل حر لأن العبد لا يطالب بأدائها ولئلا يتكرر مع قوله على الناس كذا قال القاضي أبو الطيب ا ه ع ش وعبارة حج وعلى في الحديث على بابها خلافا لمن أولها بعن لأن الأصح أن الوجوب يلاقي المؤدى عنه أولا حتى القن كما يأتي انتهت قوله صاعا من تمر أو صاعا من شعير إنما اقتصر عليهما لكونهما اللذان كانا موجودين إذ ذاك ومثله يقال فيما بعده ا ه ع ش على م ر قوله إذ كان فينا أي وقت كان فينا ا ه ع ش على م ر قوله من طعام أي بر لأن الطعام هو البر في عرف أهل الحجاز ا ه برماوي والظاهر أنه لا يصح نصبه على البدلية لأنها تقتضي أن أبا سعيد أخرج الأنواع الخمسة المذكورة وهو بعيد لأنها كما سيأتي تجب من غالب قوت البلد في كل سنة فحينئذ يتعين نصبه على الحال ويكون الكلام موزعا على كل قوم بحسب غالب قوتهم فكأنه قال حالة كونها في ذاتها بقطع النظر عن خصوص المخرج صاعا من طعام إلخ قوله أو صاعا من أقط اعترض بأن الأقط موزون لا مكيل وأجيب بأن الحديث محمول على ما إذا جمد الأقط وصار قطعا صغارا كالحمص مثلا فإنه حينئذ مكيل ا ه شيخنا ح ف قوله تجب بأول ليلة إلخ أي يستقر وجوبها فلا ينافي قولهم يجوز تعجيلها من أول رمضان ا ه برماوي وهذا شروع في بيان وقت الوجوب وقوله على حر إلخ شروع في بيان من تجب عليه أي ولو كافرا لكن لا يخرج إلا عن مسلم من نفسه أو غيره كما ذكره المصنف فالكافر تجب عليه الزكاة ويجب عليه إخراجها لكن لا يجزئه وإن كانت النية في الزكاة للتمييز لأنها طهرة والكافر ليس أهلها فأشبهت العبادة كالصلاة تجب عليه ولا تصح منه ا ه ح ل قوله أيضا تجب بأول ليلة إلخ أي(4/231)
على الأظهر والثاني تجب بطلوع الفجر يوم العيد لأنها قربة متعلقة بالعيد فلا تتقدم وقتها كالأضحية كذا علله الرافعي واعترض عليه بأن وقت الأضحية إذا طلعت الشمس ومضى قدر ركعتين وخطبتين خفيفات لا الفجر ا ه من شرح م ر قوله وآخر ما قبله هذا بيان لأقل ما يتحقق به السبب الأول وإلا فسيأتي في باب تعجيل الزكاة أن السبب الأول رمضان الصادق بكله وببعضه ا ه ع ش على م ر قوله وهو من زيادتي في كونه من زيادته نظر إذ يعلم من الأصل من قوله يخرج عمن مات بعد الغروب ومن قوله وله تعجيل الفطرة من أول رمضان فكان حقه أن يقول والتصريح من زيادتي ا ه س ل قوله وأول جزء من شوال فتخرج عمن مات بعد الغروب بأن كان فيه حياة مستقرة عنده وهو ممن يؤدى عنه ا ه شرح م ر وقوله بأن كان فيه حياة مستقرة مفهومه أنه لو لم يكن كذلك بأن وصل إلى حركة مذبوح لا يخرج عنه وهو واضح إن كان ذلك بجناية وإلا ففيه نظر لأنه ما دام حيا حكمه كالصحيح حتى يقتل قاتله ا ه ع ش عليه قوله لإضافتها إلى الفطر إلخ دليل لقول المتن تجب بأول ليلته ولا يكاد يتحقق إدراك الجزء الثاني إلا بإدراك الجزء الأول فلا يقال ليس في الخبر ما يقتضي توقف الوجوب على إدراك الأخير من رمضان ا ه ع ش قوله على حر ومبعض هذا بيان للمخرج بكسر الراء فتجب عليه ولو كان كافرا كما يأتي في كلامه وقوله بقسطه فيه قصور إذ ذاك بالنظر لنفسه وأما فطرة ممونه فتجب بكمالها وقوله لا مهايأة أي مناوبة ا ه وعبارة ع ش على م ر قوله ومبعض بقسطه وهل تجب على المبعض فطرة كاملة عن زوجته وولده ورقيقه أو بقسطه من الحرية قضية كلام المصنف القسط ذكره الخطيب في شرحه على الأصل و المعتمد وجوب فطرة كاملة عن زوجته وولده ورقيقه كما أفتى به شيخنا م ر رحمه الله تعالى ا ه زيادي انتهت وعبارة البرماوي قوله بقسطه أي إذا أخرج عن نفسه فإن أخرج عن ممونه فيخرج فطرة كاملة على المعتمد عند مشايخنا وإن أخذ العلامة الخطيب بظاهر(4/232)
كلام المصنف كأصله أنه تجب عليه بالقسط مطلقا ويؤيد الأول ما في النفقات أنه يجب عليه لقريبه نفقة كاملة انتهت هذا وكان الأولى تأخير قوله بقسطه إلى قوله عن مسلم إلخ إذ كلامه هنا في المخرج بكسر الراء وكونها بالقسط يتعلق بالمخرج عنه تأمل قوله فإن كانت(4/233)
مهايأة إلخ فلو وقعت النوبتان في وقت الوجوب بأن كان آخر جزء من رمضان آخر نوبة أحدهما وأول جزء من شوال أول نوبة الآخر فينبغي تقسيط الواجب عليهما ا ه سم على البهجة ا ه ع ش على م ر وعبارة البرماوي قوله بمن وقع الوجوب في نوبته وهو جزء من آخر يوم من رمضان وجزء من أول ليلة من شوال فلو كانت المهايأة يوما ويوما أو شهرا وشهرا فكعدمها فتجب بالقسط انتهت قوله الرقيق المشترك قال شيخنا ع ش بقي ما لو مات المبعض أو ماتا معا وشككنا في المهايأة وعدمها فهل يجب على السيد فطرة كاملة أو القسط فقط فيه نظر والأقرب الثاني لأنا تحققنا الوجوب وشككنا في مسقطه وهو الانتقال من سيده إليه أو عكسه هذا كله إن علم قدر الرق والحرية فإن جهل ذلك فالأقرب المناصفة لأنها المحققة ا ه برماوي قوله الرقيق أي ولو مستولدة وقوله ولا على سيده عنه لكن يستحب لسيده أن يؤدي عنه فطرته ولو كان لسيده عليه دين لا تلزمه زكاته وإن مضت عليه أحوال ا ه برماوي قوله منزلة الأجنبي هذا إذا كانت الكتابة صحيحة كما يؤخذ من التعليل أما في الكتابة الفاسدة فيجب على سيده فطرته فيها جزما ونفقته على نفسه نظرا إلى أنه كالمستقل في الجملة ا ه برماوي قوله عن مسلم يمونه حينئذ ولو مات المؤدى عنه بعد الوجوب وقبل التمكن لم تسقط فطرته على الأصح في المجموع بخلاف تلف المال وفرق بأن الزكاة تتعلق بالعين والفطرة بالذمة ولو ادعى بعد وقت الوجوب أنه أعتق القن قبله عتق ولزمه فطرته وإنما قبلت دعواه بعد الحول بيع المال الزكوي أو وقفه قبله لأنه فيها لا ينقل الزكاة لغيره بل يسقطها والأصل عدم وجوبها بخلاف الأولى فإنه يريد نقلها إلى غيره ا ه شرح م ر وقوله والفطرة بالذمة هذا ظاهر بالنسبة للمال الزكوي لكنه مشكل بما يأتي من أن الموسر وقت الوجوب لو تلف ماله قبل التمكين سقط عنه الوجوب كزكاة المال إلا أن يقال إن المؤدي لما كان المال ثابتا في ذمته وهو إنما يخرج مما يملكه كان(4/234)
المال الذي في يده بمنزلة ما تتعلق به للزكاة والمؤدى عنه فيما نحن فيه لما لم يكن المال مستقرا عليه بل كان متعلقا بذمة غيره لم ينظر للتمكن من الإخراج قبل موته ولا عدمه لأنه منزل من حيث عدم المطالبة بالمال منزلة العدم فلم ينظر للتمكن في حياته ولا لعدمه لكن هذا لا يتم فيما إذا مات من وجبت عليه ولم يتحملها عنه غيره لكونه حرا موسرا ومات قبل التمكن من الإخراج ا ه ع ش عليه قوله أيضا عن مسلم يمونه حينئذ هذا إشارة إلى قاعدة صرح بها الأصل وعبارته ومن لزمه فطرته أي فطرة نفسه لزمه فطرة من تلزمه نفقته انتهت قال م ر في شرحه ودخل في عبارته ما لو أخدم زوجته التي تخدم عادة أمتها لا أجنبية وأنفق عليها أي الأمة فإنه يجب عليه فطرتها كنفقتها بخلاف الأجنبية المؤجرة لخدمتها كما لا يجب عليه نفقتها وكذا التي صحبتها لتخدمها بنفقتها بإذنه لأنها في معنى المؤجرة كما جزم به في المجموع وقال الرافعي في النفقات تجب فطرتها وهو القياس وبه جزم المتولي والأوجه حمل الأول على ما إذا كان لها مقدر من النفقة لا تتعداه والثاني على ما إذا لم يكن لها مقدر تأكل كفايتها كالإماء انتهت وقوله المؤجرة لخدمتها أي ولو إجارة فاسدة ومثل هذا ما يكثر وقوعه في مصرنا وقراها من استئجار شخص لرعي دوابه مثلا بشيء معين فإنه لا فطرة له لكونه مؤجرا إجارة إما صحيحة أو فاسدة بخلاف ما لو استخدمه بالنفقة أو الكسوة فتجب فطرته كخادم الزوجة ا ه وقوله والأوجه حمل الأول أي وهو عدم الوجوب المفهوم من قوله وكذا التي صحبتها إلخ والثاني هو قوله وقال الرافعي في النفقات تجب فطرتها إلخ ا ه ع ش عليه قوله يمونه الضمير المستتر عائد على المذكور من الحر والمبعض والبارز عائد على المسلم فالصفة جرت على غير من هي له فكان عليه الإبراز بأن يقول يمونانه تأمل قوله ومن غيره لم يقل وغيره كما تقدم له في التيمم لأجل قوله بعد من زوجة إلخ ا ه شوبري وهل يثاب المؤدى عنه أو لا(4/235)
فيه نظر والأقرب الثاني فليراجع كما قيل به في الأضحية من أن ثواب الأضحية للمضحي ويسقط بفعله الطلب عن أهل البيت ا ه ع ش على م ر ولو أخرج المؤدى عنه أجزأ وسقط الوجوب عن المؤدي وليس للزوجة مطالبة زوجها بإخراج فطرتها كما في المجموع فإن كان غائبا فلها الاقتراض عليه لنفقتها دون فطرتها لتضررها بانقطاع النفقة دون الفطرة ولأن الزوج هو(4/236)
المخاطب بإخراجها قاله في البحر وكذا الحكم في الأب العاجز ا ه شرح م ر وقوله وليس للزوجة مطالبة زوجها إلخ قال سم على المنهج بعد مثل ما ذكر وبينه في الكفاية بأنها إن كانت حوالة فالمحيل لا يطالب وإن كانت ضمانا فالمضمون عنه لا يطالب ا ه وقال الإسنوي إن أريد منع المطالبة بالمبادرة أو الدفع إليها فمسلم وإن أريد المطالبة بأصل الدفع عند الامتناع فممنوع لأن أقل مراتبه أمر بمعروف أو نهي عن منكر ا ه أقول ليس الكلام في ذلك ولا يختص بها هذا ولو قبل بأن لها المطالبة لرفع صومها إذا ثبت أنه معلق حتى تخرج الزكاة لم يبعد ا ه ع ش عليه فرع نقل في المجموع أنه لو كانت الزوجة شافعية والزوج حنفيا لا زكاة على واحد منهما بخلاف ما لو كانت الزوجة حنفية تعتقد وجوب الفطرة على نفسها والزوج شافعيا يعتقد أنها عليه فوجوبها على الزوجة ابتداء ووجوبها على الزوج من باب التحمل عنها لكن لو أخرجت الزوجة ابتداء سقطت عن الزوج إذ المؤدى عنه لو أدى عن نفسه فإنها تسقط عن المؤدي أقره شيخنا سلطان ا ه برماوي قوله أيضا من زوجة أي غير ناشزة فإن النشوز يسقط الفطرة كما يسقط النفقة وعبارة شرح م ر أما من لا تجب عليه نفقته كزوجته الناشزة فلا تجب عليه فطرته إلا المكاتب كتابة فاسدة كما مر وإلا الزوجة التي حيل بينها وبين زوجها فتجب عليه فطرتها دون نفقتها انتهت قال سم على شرح البهجة لو علق طلاق زوجته على غروب شمس آخر يوم من رمضان فظاهر أنها تسقط فطرتها عنه لأنها لم تدرك الجزأين في عصمته ويلزمها فطرة نفسها لأن الوجوب يلاقيها ولم يوجد سبب التحمل عنها ا ه م ر ولو علق طلاقها بأول جزء من شوال فالظاهر أن الحكم كذلك لأن الطلاق يقع مقارنا للجزء الثاني من جزأي الوجوب وهو أول جزء من شوال فلم تكن عنده زوجة ا ه ع ش على م ر قوله وقريب المراد به الأصل وإن علا والفرع وإن سفل ا ه شيخنا ف فرع الولد القادر على الكسب ولو صغيرا لا يجب على الأب فطرته(4/237)
وعبارة الروض وشرحه ولا تجب فطرة ولد ملك قوت يوم العيد وليلته أو قدر على كسبه ولو صغيرا لسقوط نفقته عنه بذلك وتسقط عن الولد أيضا لإعساره ا ه انتهى سم قوله ورقيق فلو بيع مع الغروب فلا زكاة عنه على أحد ولو وقع الجزءان في زمن خيارهما فعلى من تم له الملك أو في خيار أحدهما فعليه وإن لم يتم له الملك ا ه برماوي قوله وإن طرأ مسقط للنفقة راجع للزوجة وقوله أو غيبة راجع للقريب وقوله أو غصب راجع للرقيق ا ه شوبري وقال ح ل أو غيبة للمال ا ه وهو لا يناسب ما نحن فيه وقوله سواء كان المخرج عن غيره إلخ الأولى تقديم هذا عند قوله على حر ومبعض إذ هذا تعميم في المخرج والكلام هنا في المخرج عنه تأمل قوله أيضا وإن طرأ مسقط للنفقة كنشوز الزوجة وطلاقها أو كموت القريب واستغنائه وكعتق العبد وقوله أو غيبة أي للقريب أو المال وقوله أو غصب أي للرقيق أو المال فهذه الأمور كلها إذا طرأت بعد الوجوب لا تسقط الفطرة بل يجب إخراجها ا ه شيخنا وفي شرح م ر ما نصه ولو انقطع خبر العبد أي الرقيق الغائب فلم تعلم حياته مع تواصل الرفاق ولم تنته غيبته إلى مدة يحكم فيها بموته فالمذهب وجوب إخراج فطرته في الحال أي يوم العيد وليلته إذ الأصل بقاء حياته وإن لم يجز إعتاقه عن الكفارة احتياطا فيهما وقيل إنما يجب إخراجها إذا عاد كزكاة ماله الغائب وأجاب الأول بأن التأخير إنما جوز هناك للنماء وهو غير معتبر في زكاة الفطر وفي قول لا شيء أصلا عملا بأصل براءة الذمة ومحل هذا إذا استمر انقطاع خبره فلو بانت حياته بعد ذلك وعاد لسيده وجب الإخراج وإن لم يعد إلى يده فعلى الخلاف في الضال أما لو انتهت غيبته إلى ما ذكر لم تجب الفطرة جزما كما صرح به الرافعي في الفرائض وما استشكل به هذا من أن الأصح في جنس الفطرة اعتبار بلد العبد وإذا لم يعرف موضعه فكيف يخرج من جنس بلده رد بأن هذه الصورة مستثناة من القاعدة للضرورة أو يخرج من قوت آخر بلدة علم وصوله إليها(4/238)
وهي مستثناة أيضا أو يدفع فطرته للقاضي الذي له ولاية ذلك ليخرجها لأن له نقل الزكاة وهي مستثناة فيها وفيما قبلها أيضا لاحتمال اختلاف أجناس الأقوات نعم إن دفع للقاضي البر خرج عن الواجب بيقين لأنه أعلى(4/239)
الأقوات ا ه وقوله كما صرح به الرافعي إلخ قضيته أنه لا يحتاج مع ذلك إلى الحكم بموته وقال ز ي وهل يحتاج إلى حكم حاكم بموته أو يكفي مضي المدة المذكورة في الفرائض الذي جزم به حج أن مضي المدة كاف وخالفه شيخنا م ر فقال لا بد من الحكم بموته وفي تصوير الحكم نظر إذ لا بد من تقدم دعوى والحكم بموته ويمكن تصويرها بما لو ادعى عليه بعض المستحقين بفطرة عبد فادعى موته وأنكره المستحق فحكم القاضي بموته لدفع المطالبة عن السيد ا ه ع ش عليه وفي المصباح والرفقة الجماعة ترافقهم في سفرك فإذا تفرقتم زال اسم الرفقة وهي بضم الراء لغة تميم والجمع رفاق مثل برمة وبرام وبكسرها في لغة قيس والجمع رفق مثل سدرة وسدر ا ه قوله أم كافرا أي فيخرج وينوي هو لا المخرج عنه وذلك لأن نية الزكاة للتمييز والنية التي لا تصح منه نية العبادة ا ه شرح م ر قوله وهو متخلف أي ما لم يستمر على كفره إلى انقضاء العدة وإلا فتتبين فرقتها من حين الإسلام فلا زوجية ولا وجوب ويظهر أن الفطرة عليها ا ه شوبري قوله فهي واجبة عليه عنها أي الزوجة وفي نسخة المؤلف عنه أي الغير ا ه ح ل قوله لأنها تجب ابتداء استثنى في شرح الروض القاصر قال فهي واجبة على المؤدي ابتداء قطعا ا ه قال م ر وهو ممنوع بل الكلام على عمومه كما أطلقوه وإنما يمتنع خطاب القاصر إذا كان الخطاب مستقرا بخلاف ما إذا كان ينتقل عنه فليتأمل فإنه قد يقال شرط أصل الخطاب الفهم وغير المميز لجنون أو صغر لا فهم له فلا يعقل خطابه مطلقا والمتجه أن يقال إن القاصر يخاطب بها خطاب إلزام لزمته لا خطاب تكليف كما سيأتي ا ه سم ا ه شوبري قوله ثم يتحملها عنه المؤدي هذا هو المعتمد وفي التحمل قولان قيل تحمل ضمان وقيل تحمل حوالة وينبني عليه ما يأتي من أن الزوج لو أعسر وزوجته موسرة فإن قلنا بالأول وجبت عليها وإن قلنا بالثاني لم تجب عليها وهو المعتمد كما سيأتي ا ه شيخنا قوله أيضا ثم يتحملها عنه المؤدي و لا(4/240)
بد من نية الكافر وهي للتمييز لا للتقرب كما صرح به الأصحاب في كتاب الكفارة والمنفي في كلام إمام الحرمين كونها للتقرب وعلى التحمل فهو كالحوالة ومن ثم لو أعسر زوج الحرة الموسرة لم يلزمها الإخراج كما يأتي وإنما أجزأ إخراج المتحمل عنه بغير إذن المتحمل نظرا لكونها طهرة له فلا تأييد في هذا للضمان خلافا لمن زعمه وأما الجواب بكونه نوى ففيه نظر ظاهر لأن إجزاء نيته هو محل النزاع ا ه برماوي قوله لعدم وجوده وقت الوجوب يؤخذ من كلامه كغيره أنه لو خرج بعض الجنين قبل الغروب وباقيه بعده لم تجب لأنه جنين ما لم يتم انفصاله ا ه م ر قال سم وينبغي أن مثل البعدية المعية لأنه يدرك الجزء الأول انتهى قوله وأن الكافر لا تجب عليه فطرة نفسه أي إخراجها أي لا يطالب بها ولا يجزئه إخراجها لما تقدم فكان المناسب أن يقول بالمعنى المتقدم في الصلاة كما قال ذلك في زكاة المال ا ه ح ل وعبارة شرح م ر والمراد به عدم مطالبته بها في الدنيا وإلا فهو معاقب عليها في الآخرة فلو خالف وأخرجها هل يعاقب عليها في الآخرة لأنه مخاطب بالفروع وكان متمكنا من صحة إخراجه بأن يأتي بكلمة الإسلام أم لا فيه نظر والأقرب الأول للعلة المذكورة ونقل بالدرس عن حج في شرح الأربعين الثاني وفيه وقفة ولو أسلم ثم أراد إخراجها عما مضى له في الكفر فقياس ما قدمه الشارح عن عدم صحة قضائه لما فاته من الصلاة في زمن الكفر عدم صحة أدائه هنا فلا يقع ما أداه فرضا ولا نفلا وقد يقال يقع تطوعا ويفرق بينه وبين الصلاة بأن الكافر ليس من أهل الصلاة لا فرضها ولا نفلها فلم يصح ما فعله بعد الإسلام عما فاته في زمن الكفر بخلاف الصدقة فإنه من أهلها في زمن الكفر في الجملة إذ يعتد بصدقة التطوع منه فإذا أدى الزكاة بعد الإسلام لغي ما يختص بها وهو وقوعها فرضا ووقعت تطوعا لأنه كان من أهلها قبل الإسلام في الجملة ا ه ع ش عليه قوله نعم وجوب فطرة المرتد أي من حر أو رقيق أو زوجة ومن(4/241)
عليه مؤنته وهو غير مرتد موقوف أي وجوب الإخراج عليه موقوف لا الوجوب فالكافر الأصلي تجب عليه ولا يطالب بالإخراج وفاء بذمته وأما المرتد فيطالب بالإخراج لأنه يطالب بالإسلام ا ه ح ل قوله موقوف إلخ أي وقف تبين لا وقف وجوب ا ه(4/242)
ع ش قوله أيضا موقوف على عوده إلى الإسلام وكذا العبد المرتد تكون فطرته موقوفة لأنه صار كافرا خلافا للماوردي القائل بوجوبها على السيد لأن سيده موسر بخلاف الحر فإن ماله موقوف ا ه برماوي قوله أيضا موقوف على عوده إلى الإسلام أي ويجزئه الإخراج في هذه الحالة كما يأتي أول الباب الآتي ا ه ع ش على م ر وفي ق ل على الجلال قوله موقوف فإن عاد إلى الإسلام تبين بقاء ملكه وإسلامه فتجب عليه وعنه وإلا فلا وهو المعتمد عند شيخنا وفيه بحث مما مر فيمن أسلم ولو أخرجها حال ردته ثم أسلم تبين إجزاؤها وإلا تبين عدم إجزائها ا ه قوله لا عن حليلة أبيه هذا استثناء من طرد قاعدة فهمت مما مر وهي كل من وجبت نفقته وجبت فطرته ويستثنى من عكسه المكاتب كتابة فاسدة فتجب على السيد فطرته دون نفقته ا ه شيخنا قوله أعم من قوله ولا الابن إلخ أي لشموله المستولدة وشمول الفرع للبنت وابن الابن ا ه ع ش قوله قبل صلاة عيد لو تعارض عليه الإخراج وصلاة العيد في جماعة فهل يقدم الأول والثاني فيه نظر ولا يبعد الثاني ما لم تشتد حاجة الفقراء فيقدم الأول ا ه ع ش قوله بأن تخرج قبلها في يومه أحوجه إلى هذا التأويل إيهام المتن أنه يسن إخراجها مع الغروب مع أنه خلاف السنة وكان القياس سن إخراجها من الغروب لأن الأصل في كل عبادة سن المبادرة بها في أول وقتها إلا أن هذه خالفت نظائرها نظرا لحكمتها وهو الاستغناء بها يوم العيد ا ه شيخنا بابلي ا ه إطفيحي وفي سم ما نصه وفي الناشري تنبيه اعلم أن في العبادات ما يستحب تأخير فعله عن أول وقت وجوبه وزكاة الفطر من ذلك ا ه وفي ع ش على م ر ما نصه قال حج وألحق الخوارزمي كشيخه البغوي ليلة العيد بيومه ووجهه بأن الفقراء يهيئونها لغدائهم فلا يتأخر أكلهم عن غيرهم ا ه قوله في يومه وهو أفضل من إخراجها ليلا لكن لو شهدوا بعد الغروب برؤية الليلة الماضية فقد سلف أن العيد تصلى من الغد أداء فهل يقال باستحباب تأخير الفطرة أو(4/243)
المبادرة أولى الظاهر الثاني ا ه برماوي قوله مع أنه غير مراد أي لأنه خلاف الأولى وبعد الصلاة مكروه ا ه ح ل وبالكراهة بعد الصلاة صرح م ر وقيد بما إذا لم يكن التأخير بعدها لانتظار نحو قريب أو جار أو أفضل وإلا فلا كراهة في التأخير عن الصلاة والفرض أنه لم يؤخرها عن يومه فعلم أن لزكاة الفطر خمسة أوقات وقت وجوب وهو ما ذكره بقوله سابقا تجب بأول ليلته إلخ ووقت جواز وهو جميع رمضان وقد ذكره في باب تعجيلها ووقت فضيلة وقد ذكره بقوله ويسن إخراجها قبل صلاة عيد ووقت كراهة وهو ما فهم من هذه العبارة وهو إخراجها بعد صلاة العيد ووقت حرمة وقد ذكره بقوله وحرم تأخيره عن يومه ا ه شيخنا قوله وحرم تأخيره أي الإخراج عن يومه ويجب القضاء على الفور إن عصى بتأخيره بخلاف ما لو أخره ناسيا ا ه ح ل قوله كغيبة ماله أي في دون مسافة القصر لأن غيبته في مسافة القصر تمنع وجوب الزكاة وقوله أو المستحقين ينبغي أن يكون المراد أنهم في محل يحرم نقل الزكاة إليه ا ه ح ل وعبارة ع ش على م ر قوله كغيبة ماله أي سواء كان لمرحلتين أو دونهما وعبارة حج تنبيه ظاهر قوله هنا كغيبة ماله أن غيبته مطلقا لا تمنع وجوبها وفيه نظر كإفتاء بعضهم أنها تمنعه مطلقا أخذا مما إذا عجز عنها وقت الوجوب لا تثبت في الذمة إذ ادعاء أن الغيبة من جملة العجز هو محل النزاع والذي يتجه في ذلك تفصيل يجتمع به أطراف كلامهم وهو أن الغيبة إن كانت لدون مرحلتين لزمته لأنه حينئذ كالحاضر لكن لا يلزمه الاقتراض بل له التأخير إلى حضور المال وعلى هذا يحمل قولهم كغيبة ماله أو لمرحلتين فإن قلنا بما رجحه جمع متأخرون أنه يمنع أخذ الزكاة لأنه غني كان كالقسم الأول أو بما عليه الشيخان أنه كالمعدوم فيأخذها لم تلزمه الفطرة لأنه وقت الوجوب فقير معدم ولا نظر لقدرته على الاقتراض لمشقته كما صرحوا به ا ه وقضية اقتصار الشارح على كون الغيبة عذرا في جواز التأخير أن المعتمد عنده الوجوب(4/244)
مطلقا وإنما اغتفر له التأخير لعذره بالغيبة ا ه قوله لأن القصد إغناؤهم إلخ أي لكونه يوم سرور فمن أخرها عنه أثم وقضى وجوبا فورا إن أخرها بلا عذر وخلافا للزركشي كالأذرعي حيث اعتمدا وجوب الفورية مطلقا نظرا إلى(4/245)
تعلق الآدمي بها وفارقت زكاة المال فإنها وإن أخرت عن وقت التمكن تكون أداء كما في المجموع عن ظاهر كلامهم بأن هذه مؤقتة بزمن محدود كالصلاة ا ه شرح م ر قوله ولا فطرة على معسر لو تكلف باقتراض أو نحوه وأخرجها هل يصح الإخراج وتقع زكاة كما لو تكلف من لم يجب عليه وحج فإنه يصح عن فرضه فيه نظر ويحتمل أنه كذلك فليراجع ثم رأيت في العباب ما نصه ويعتبر أن يجد ما يخرجه عما فصلوه وقت الوجوب فوجودها بعد لا يوجبها لكن يندب إخراجها ا ه ففيه تصريح بصحة الإخراج وبندبه لكن لا ينافي وقوعه واجبا لأن ندب الإقدام لا ينافي الوقوع واجبا كما يشهد له نظائره فليحرر ا ه سم على المنهج وفيه على حج ما نصه قول المصنف ولا فطرة على معسر وقت الوجوب ينبغي أن يعد منه من استحق معلوم وظيفة لكن لم يتيسر أخذه وقت الوجوب لمماطلة الناظر ونحوه لأنه حينئذ غير قادر وإن كان مالكا لقدر المعلوم من ريع الوقف قبل قبضه حيث أتى بما عليه ومن له دين حال على معسر تعذر استيفاؤه منه وقت الوجوب وإن قدر عليه بعده ومن غصب أو سرق ماله أو ضل عنه ويفارق زكاة المال حيث وجبت في الدين وإن لم يتيسر أخذه في الحال وفي المال المغصوب والمسروق ونحوهما ولكن لا يجب الإخراج في الحال لتعلقها بالعين بخلاف الفطرة لا تتعلق إلا بالذمة ا ه ع ش على م ر قوله وإن أيسر بعده أي ولو بلحظة لكن يسن له إذا أيسر قبل فوات يوم العيد الإخراج ا ه شرح م ر قوله وهو من لم يفضل بضم الضاد وفتحها ا ه شرح م ر وفي المختار وفضل منه شيء من باب نصر وفيه لغة ثانية من باب فهم وفيه لغة ثالثة مركبة منهما فضل بالكسر يفضل بالضم وهو شاذ لا نظير له ا ه وقضية كلامهم أن قدرته على الكسب لا تخرجه من الإعسار وهو كذلك كما صرح به الرافعي في كتاب الحج وأنه لا يشترط كون المؤدى فاضلا عن رأس ماله وضيعته ولو تمكن بدونهما ويفارق المسكن والخادم بالحاجة الناجزة ولا ينافيه إيجابهم الاكتساب لنفقة القريب(4/246)
لأنه لما وجب عليه ذلك لنفسه لإحيائها وجب عليه لإحياء أصله أو فرعه على ما يأتي ا ه شرح م ر قوله عن قوته بضم القاف وهو ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام ا ه برماوي قوله وقوت ممونه أي آدمي أو حيوان آخر شرح م ر قوله يومه وليلته ظرف لقوته وقوت ممونه وقوله يحتاجها صفة للملبس وما بعده وقوله ابتداء متعلق بالنفي أي لم يفضل لكن من حيث تعلقه بالمسكن وما بعده والمعنى انتفى الفضل في الابتداء وفي مفهومه تفصيل يأتي وأما من حيث تعلقه بالقوت فلا يتقيد بالابتداء بل يبقى له قوت اليوم والليلة مطلقا والمراد بالابتداء أول الوجوب فيخرج به دوام الوجوب ا ه شيخنا وليس من الفاضل ما جرت به العادة من تهيئة ما اعتيد للعيد من الكعك والنقل ونحوهما فوجود ما زاد منه على يوم العيد لا يقتضي وجوبها عليه فإنه بعد وقت الغروب غير واجد لزكاة الفطر وإنما قلنا بذلك لما قيل في كتاب النفقات من أنه يجب على الزوج تهيئة ما يليق بحاله من ذلك لزوجته ا ه ع ش على م ر وفي ق ل على الجلال وكالقوت ما اعتيد من نحو سمك وكعك ونقل وغيرها ولا يتقيد ذلك بيوم وليلة ا ه قوله وما يليق بهما إلخ أورد هنا إشكال بناء على أنها مقدمة على الدين حاصله أنها مقدمة على الدين والدين مقدم على المسكن والخادم فيجب أن تقدم عليهما لأن المقدم على المقدم مقدم أي وقد قلتم إنهما مقدمان عليها هذا خلف ويجاب بأن التقديم له معنيان الأول بمعنى تأخر أحد الأمرين عن الآخر مع بقائه والثاني بمعنى ترك أحد الأمرين بالكلية وتقديمها على الدين بالمعنى الأول وتقديم الدين عليهما بالمعنى الثاني فلا يلزم من اعتبار أحدهما اعتبار الآخر ا ه سم ا ه ع ش أي فلا يلزم من تقديمها على الدين باعتبار تقديمها عليهما لأن تقديم الدين عليهما باعتبار آخر وقاعدة أن المقدم على المقدم مقدم مقيدة باتحاد الاعتبار تأمل وفي ق ل على الجلال ويرد الإشكال بأن بيعهما في الدين لتفريغ ذمة مشغولة إذ الدين(4/247)
ثابت قبل وفي بيعهما هنا شغل ذمة فارغة فهو كإلزامه بالكسب لوجوبها وهو باطل إذ تحصيل سبب الوجوب لا يجب كما هو معلوم فتأمل وافهم قوله ومسكن أي ولو مستأجرا له مدة طويلة ثم الأجرة إن كان دفعها للمؤجر أو استأجر بعينها فلا حق له فيها وهو(4/248)
معسر وإن كانت في ذمته فهي دين عليه وهو لا يمنع الوجوب والمنفعة وإن كانت مستحقة له بقية المدة لا يكلف نقلها عن ملكه بعوض لاحتياجه لها ا ه ع ش على م ر قوله أيضا ومسكن بفتح الكاف وكسرها ا ه برماوي وفي المختار والمسكن بكسر الكاف المنزل والبيت وأهل الحجاز يفتحون الكاف ا ه قوله وخادم وتجب فطرته إذا كان يستخدمه بالمؤنة فقط أو بالمؤنة وشيء من الدراهم بخلاف ما إذا كان يستخدمه بدراهم فقط أي من غير مؤنة فلا تجب فطرته على المخدوم لأن نفقته غير واجبة بل تجب عليه نفسه إن أيسر ا ه شيخنا قوله يحتاجها أي مطلقا لا في خصوص اليوم والليلة كالقوت بدليل أنه قيد بذلك في القوت وأطلق فيما بعده ا ه ح ل وهو الذي انحط عليه كلام ع ش على م ر قوله أيضا يحتاجها هلا قال يحتاجانها وقد يقال راعى الاختصار ا ه شوبري قوله وإن رضي صاحبه بالتأخير هذه غاية ثانية في أصل المدعى وهي تناسب الدين الحال أي ولو رضي صاحب الدين الحال بتأخير قبضه فكان عليه أن يعبر بلو لأن تعبيره بأن يوهم أنها غاية في الغاية وليس كذلك كما لا يخفى تأمل قوله ما يخرجه فاعل يفضل قوله بخلاف من فضل عنه ذلك أي فإنه موسر قوله كما ذكره الرافعي إلخ معتمد قوله لا ملبسه أي الذي يترك للمفلس وهو دست ثوب يليق به ا ه ع ش أي ففي مفهوم قوله ابتداء تفصيل تأمل قوله وقد بسطت الكلام على مسألة الدين في شرح الروض عبارته هناك لا عن دين ولو لآدمي على ما رجحه في الشرح الصغير واقتضاه قول الشافعي والأصحاب لو مات بعد أن هل شوال فالفطرة في ماله مقدمة على الديون وقد يحتج له أيضا بأن الدين لا يمنع الزكاة كما مر وبأنه لا يمنع إيجاب نفقة الزوجة والقريب فلا يمنع إيجاب الفطرة التابعة لها لكن قال الإمام كما نقله الأصل دين الآدمي يمنع وجوب الفطرة بالاتفاق كما أن الحاجة إلى صرفه في نفقة القريب تمنعه وهو ما رجحه الحاوي الصغير وجزم به النووي في نكته ونقله عن الأصحاب وهو المعتمد(4/249)
ويجاب عما ذكر بأن كلام الشافعي والأصحاب محمول على ما إذا لم يتقدم وجوب الدين على وجوب الفطرة وبأن زكاة المال متعلقة بعينه والنفقة ضرورية بخلاف الفطرة فيهما وسيأتي عن البحر ما يؤيد ذلك انتهت وعبارة شرح م ر ولا يشترط كونها فاضلة عن دينه ولو لآدمي كما رجحه في الشرح الصغير وقال في الأنوار إنه القياس واقتضاه كلام الشافعي والأصحاب لأن الدين لا يمنع الزكاة كما سيأتي ولا يمنع إيجاب نفقة الزوجة والقريب فلا يمنع إيجاب الفطرة التابعة لها وإنما لم يمنع الدين وجوبها لأن ماله لا يتعين صرفه له وإنما بيع المسكن والخادم فيه تقديما لبراءة ذمته على الانتفاع بهما لأن تحصيلهما بالكراء أسهل فسقط ما قيل إنه مشكل لتقديم المسكن والخادم عليها والمقدم على المقدم مقدم انتهت قوله والمراد بحاجة الخادم إلخ قال في المجموع ويقاس به حاجة المسكن ا ه شرح م ر أي فيقال هي أن يحتاجه لسكنه أو سكن من تلزمه مؤنته لا لحبس دوابه أو لخزن تبن مثلا لها فيه ا ه ع ش عليه وفي ق ل على الجلال والمراد بحاجة المسكن أن لا يستغنى عنه ولو بنحو رباط ولا عبرة بالألفة هنا ا ه قوله أن يحتاجه لخدمته أي إما لمنصبه أو ضعفه ا ه شرح م ر قوله لا الحرة أي لا يلزمها فطرتها لكن يسن لها إذا كانت موسرة إخراج فطرتها عن نفسها كما في المجموع خروجا من الخلاف ولتطهيرها ا ه شرح م ر وقوله ولتطهيرها هذا كله حيث كانت موافقة للزوج في مذهبه فإن كانت مخالفة له في ذلك راعت مذهبها ا ه ع ش عليه قوله لاستخدام السيد لها أي لتمكنه من الاستخدام وإلا فالفرض أنها مسلمة للزوج ليلا ونهارا إذ لو لم تكن كذلك كانت نفقتها على السيد وكذا فطرتها وعبارة شرح م ر والفرق كمال تسليم الحرة نفسها بخلاف الأمة المزوجة لأن لسيدها أن يسافر بها ويستخدمها ولأنه اجتمع فيها شيئان الملك والزوجية ولا ينتقض ذلك بما لو سلمها سيدها ليلا ونهارا والزوج موسر حيث تجب الفطرة على الزوج قولا واحدا(4/250)
لأنها عند اليسار غير ساقطة عن السيد بل يحملها الزوج عنه انتهت قوله وقيل تجب على الحرة هذا مبني على أن التحمل تحمل ضمان وأما على المعتمد من أنه تحمل حوالة فلا تجب وهو المعتمد ا ه شيخنا تنبيه لو أخرجت بغير إذنه جاز وكذا كل مؤدى(4/251)
عنه بل لو قال الشخص لغيره أد عني فطرتي جاز كوفاء الدين كما سيأتي ا ه عميرة ا ه سم قوله لزمها فطرة نفسها وتجب فطرة خادم الزوجة إذا كان مملوكا له أو لها دون المؤجر ولو إجارة فاسدة قال شيخنا ع ش ومثل ذلك ما يكثر وقوعه في مصرنا وقراها من استئجار شخص لرعي دوابه أو خدمة زرعه بشيء معين فإنه لا فطرة له لكونه مؤجرا إجارة صحيحة أو فاسدة بخلاف ما لو استخدمه بالنفقة والكسوة فإنه تجب فطرته وأما التي صحبتها فلا تجب فطرتها على ما في المجموع لأنها في معنى المستأجرة أي إذا كانت نفقتها مقدرة وهذا هو المعتمد وإن اقتضى كلام الروضة وأصلها الوجوب أي إذا كانت نفقتها غير مقدرة لأنها تتبع النفقة وبه صرح جماعة ولو كانت الخادمة متزوجة بزوج غني فالقياس الوجوب على زوج الخادمة نظرا للأصل فإن أعسر وجب على زوج المخدومة كذا بحث ا ه برماوي قوله ولأن لها بدلا الأولى الاقتصار على هذه العلة فإن الأولى قد يقال إنها من التعليل بصورة المسألة لأن الحاصل يرجع إلى أن يقال تبعضت الفطرة ولم تتبعض الكفارة لأنها لا تتبعض ا ه ع ش والمراد بالكفارة في كلامه الكفارة المخيرة ا ه ح ل وقوله ولأن لها بدلا أي وهو الصوم ويجاب عما قاله ع ش بأن المراد أن الفطرة عهد تبعيضها في بعض الصور كفطرة الرقيق المشترك الغير المهايئ فإنه يجب على كل من سيديه بعض فطرة وكما في فطرة المبعض كما تقدم ا ه قوله فتصدق عليها أي عنها ا ه ح ل قوله فزوجته الظاهر أنه لو كان الزوج موسرا فأخرجت عن نفسها بغير إذنه لا رجوع لها لأنها متبرعة فليتأمل ولأنها على الزوج كالحوالة على الصحيح والمحيل لو أدى بغير إذن المحال عليه لم يرجع عليه فليتأمل فرع خادم الزوجة حيث وجبت فطرتها يكون في أي مرتبة ينبغي أن يكون بعد الزوجة وقيل سائر من عداها حتى ولده الصغير وما بعده لأنها وجبت بسبب الزوجية المقدمة على سائر من عداها وفاقا في ذلك لمر ا ه سم على المنهج ا ه ع ش على م ر تنبيه(4/252)
يجب على الزوج الإخراج عن زوجته الرجعية والبائن الحامل دون الحائل ا ه م ر على البهجة وقوله والبائن الحامل دون الحائل أي لأن النفقة واجبة لها دونها إذ وجود الحمل اقتضى وجوب النفقة فيقتضي وجوب الفطرة أيضا وقد يفرق بأن النفقة لها مدخل في نمو الحمل وزيادته ولا كذلك الفطرة إلا أن يقال على بعد لو لم يجب إخراج فطرة الحامل على الغير لوجبت عليها وقد تخرج ما تحتاج إليه في اليوم الذي يلي يوم الفطرة ولا تجد ما تقتات به في ذلك اليوم فيحصل لها وهن في بدنها فيتعدى لحملها فأوجبنا الفطرة على الغير خلوصا من ذلك ا ه ع ش ولعل فائدة هذا الترتيب أنه لو دفع عمن لم تجب عنه مع وجود من تجب عنه حرم ولم تجزه كما إذا وجد صاعا واحدا ودفعه عن زوجته وترك نفسه وأما لو وجد صاعين فقدم زوجته على نفسه ثم الثاني عن نفسه أجزأه فلو تلف هل يتبين فساد القبض أو يستمر في ذمته ا ه ح ل وفي ع ش على م ر ما نصه ولو وجد بعض الصيعان وخالف الترتيب فإن المتجه عدم الاعتداد مع الإثم ويتجه الاسترداد وإن لم يشرطه ولو علم القابض لفساد القبض من أصله ا ه م ر ا ه سم على حج ويعلم ذلك منه فيقبل قوله في ذلك وبقي ما لو وجد كل الصيعان هل يجب الترتيب أم لا فيه نظر والأقرب عدم الوجوب كما نقله أي ابن قاسم على حج عن الشرح استدراكا على حج ا ه قوله عكس ما في النفقات أي حيث تقدم الأم على الأب قوله لأن النفقة للحاجة إلخ اعترض بتقديم الولد الصغير عليهما مع أنهما أشرف منه ففيه دلالة على اعتبار الحاجة في البابين قال حج ويجاب بأن النظر للشرف إنما يظهر وجهه عند اتحاد الجنس كالأصالة وحينئذ فلا يرد ذلك فتأمل ا ه س ل وعبارة شرح م ر وأبطل الإسنوي الفرق بالولد الصغير فإنه يقدم على الأبوين هنا وهما أشرف منه فدل على اعتبارهم الحاجة في البابين ورده الوالد رحمه الله تعالى بأنهم إنما قدموا الولد الصغير عليهما لأنه كبعض والده ونفسه مقدمة عليهما ويمكن الجواب أيضا(4/253)
بأن النظر للشرف إنما يظهر وجهه عند اتحاد الجنس كالأصالة وحينئذ فلا يرد ما ذكره انتهت قوله وفيه كلام ذكرته في شرح الروض عبارته فإن اجتمعوا بدأ بفطرة نفسه ثم زوجته ثم ولده الصغير ثم الأب ثم الأم عكس ما في النفقات(4/254)
قال في المجموع لأن النفقة للحاجة والأم أحوج وأما الفطرة فللتطهير والشرف والأب أولى بذلك فإنه منسوب إليه ويشرف بشرفه قال ومرادهم بأنها كالنفقة أصل الترتيب لا كيفيته وأبطل الإسنوي الفرق بالولد الصغير فإنه يقدم هنا على الأبوين وهما أشرف منه فدل على اعتبارهم الحاجة في البابين انتهت قوله فولده الكبير أي الذي لا كسب له وهو زمن أو مجنون فإن لم يكن كذلك لم تجب نفقته كما سيأتي في بابه ا ه شرح م ر أي فلم تجب فطرته على القاعدة قوله ثم الرقيق أي ثم الأرقاء وينبغي كما أفاده الشيخ أن يبدأ منهم بأم الولد ثم بالمدبر ثم بالمعلق عتقه بصفة ا ه شرح م ر قوله فإن استوى جماعة في درجة تخير وهلا أقرع هنا كالنفقات ويمكن الفرق بشدة الحاجة إليها فيقوى فيها النزاع فكانت القرعة لقطعه بخلافه هنا فليتأمل لكاتبه ا ه شوبري وعبارة شرح م ر فلو استوى اثنان في درجة كابنين وزوجتين تخير لاستوائهما في الوجوب وإن تميز بعضهم بفضائل فيما يظهر لأن الأصل فيها التطهير وهم مستوون فيه بل الناقص أحوج إليه وإنما لم يقرع بينهما لنقص المخرج عن الواجب في حق كل منهما بلا ضرورة بخلاف ما إذا لم يجد إلا بعض الواجب انتهت قوله أي فطرة الواحد بالحاء المهملة وقيل بالجيم ا ه برماوي قال القفال حكمة الصاع هنا أن الفقير في يوم العيد وثلاثة أيام بعده لا يجد من يستعمله للكسب غالبا والصاع مع ما يضاف إليه من الماء يحصل منه ثمانية أرطال وذلك كفايته في أربعة أيام لكل يوم رطلان ا ه قال سم انظر هذه الحكمة كيف تأتي على مذهب الشافعي من وجوب دفع الفطرة لسبعة أصناف ولا تأتي في صاع الأقط والجبن واللبن اللهم إلا أن يجاب عن الأول بأنه بالنظر لما كان من شأن النبي {صلى الله عليه وسلم} والصدر الأول من جمع الزكوات وتفرقتها وفيه أن الإمام وإن جمعها لا يلزمه أن يدفع لكل فقير صاعا وعن الثاني بأنه بالنظر لغالب الواجب وهو الحب ا ه من حاشية التحفة وقوله وفيه أن الإمام وإن جمعها(4/255)
إلخ أقول هو وإن لم يكن يلزمه لكن الظاهر أنه لا ينقصه عن حاجته وحاجته لا تنقص عما ذكر فذلك هو أقل ما يلزم الإمام فليتأمل ا ه ع ش قوله وهو ستمائة درهم إلخ تقدم أن هذا المقدار رطل دمشقي وسبع وهذا على طريقة النووي في رطل بغداد كما ذكره الشارح وأما على طريقة الرافعي فيه فالصاع ستمائة درهم وثلاثة وتسعون درهما وثلث درهم كما في عبارة م ر ا ه قوله والعبرة فيه بالكيل ويجب تقييد هذا بما من شأنه الكيل أما ما لا يكال أصلا كالأقط والجبن إذا كان قطعا كبارا فمعياره الوزن لا غير كما في الربا قيل ومن ذلك اللبن وفيه نظر بل الكيل له دخل فيه كما قالوه في الربا ا ه شرح م ر قوله وإنما قدر بالوزن استظهارا انظره مع قوله الآتي وعلى هذا فالتقدير بالوزن تقريب إلا أن يكون الغرض منه حكاية كلام الدارمي ا ه شوبري قوله وسيأتي مقداره أي المد ولا حاجة لهذا مع علمه مما هنا وعبارته هناك والمد مائة وأحد وسبعون درهما وثلاثة أسباع درهم انتهت قوله وبالكيل المصري قدحان ويزادان إن ندبا شيئا يسيرا لاحتمال اشتمالهما على تبن أو طين ا ه شرح م ر وع ش عليه والقدح بالدراهم المصرية مائتا درهم واثنان وثلاثون درهما ويكفي عن الكيل بالقدح أربع حفان بكفين منضمتين معتدلتين كذلك ا ه ق ل على الجلال قوله وقضيته أي قضية صنيع المتن حيث قدرها بالصاع الذي هو كيل وبالوزن لكن هذه المناقشة من الشارح ليست عادته لأن عادته أن لا يناقش المتن لأنه له وقد شرحه فيما سبق وبين أن تقديرها بالوزن استظهارا وهذا على ما في هذه النسخة المصلحة وفي نسخ هكذا وقضية اعتبار الوزن مع الكيل أنه تحديد ا ه وهي ظاهرة لا غبار عليها تأمل قوله بالصاع النبوي أي الذي أخرج به في زمن النبي {صلى الله عليه وسلم} ا ه شرح الروض وعبارته في شرح البهجة والصواب ما قاله الدارمي أن الاعتماد على الكيل بصاع معاير بالصاع الذي كان يخرج به في عصر النبي {صلى الله عليه وسلم} ومن لم يجده لزمه إخراج قدر يتيقن أنه لا ينقص عنه(4/256)
انتهت قوله انتهى أي كلام الروضة قوله سليم أي من عيب ينافي صلاحية الاقتيات والادخار كما يعلم من قواعد الباب وسيعلم مما يأتي أن العيب في كل باب معتبر بما ينافي(4/257)
مقصود ذلك الباب فلا يجزئ معيب ومنه مسوس ومبلول إلا إن جف وعاد لصلاحية الادخار والاقتيات وقديم تغير طعمه أو لونه أو ريحه وإن كان هو قوت البلد ا ه شرح حج وعبارة البرماوي فلو لم يكن قوتهم إلا الحب المسوس فإنه يجزئ ويعتبر بلوغ لبه صاعا ويجزئ أيضا قديم قليل القيمة إن لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه انتهت قوله بفتح الهمزة وكسر القاف على الأشهر راجع للاثنين ومقابله أقط إقط أقط وعبارة حج ويجوز سكون القاف مع تثليث الهمزة انتهت ففيه أربع لغات قوله من لبن ولا يجزئ من اللبن إلا القدر الذي يتأتى منه صاع من الأقط لأنه فرع الأقط فلا يجوز أن ينقص عن أصله قاله العمراني في البيان وهو ظاهر وقد علل ابن الرفعة إجزاء الأقط بأنه مقتات متولد مما تجب فيه الزكاة ويكال فكان كالحب وهو يقتضي أن المتخذ من لبن الظبية والضبع والآدمية إذا جوزنا شربه لا يجزئ قطعا ويتجه بناؤه على أن الصورة النادرة هل تدخل في العموم أو لا والأصح الدخول ثم محل إجزاء ما ذكر لمن هو قوته سواء كان من أهل الحاضرة أو البادية ا ه شرح م ر ومعيار الجبن كالأقط ا ه برماوي قوله أيضا من لبن وجبن وهل يجزئ اللبن المخلوط بالماء أو لا فيه نظر و الأقرب أن يقال إن كان يحصل منه القدر الواجب أجزأ وإلا فلا ومعلوم أن ذلك محله فيمن كان يقتاته ا ه ع ش قوله من قوت محل المؤدى عنه فلو كان في بلدة لا يقتاتون فيها ما يجزئ أخرج من غالب قوت أقرب البلاد إليه مما يجزئ فيها فإن استوى بلدان في القرب إليه واختلف الغالب من أقواتهما تخير ا ه شرح م ر قوله أيضا من قوت محل المؤدى عنه أي من غالب قوت محل إلخ كما يدل عليه قوله فإن كان به أقوات لا غالب فيها تخير قوله أيضا من قوت محل المؤدى عنه أي من غالب قوت محله وقت الوجوب وهو غروب شمس رمضان كما مر لا كل السنة قاله الغزالي قال الرافعي ولم أره لغيره قال في المجموع وهو غريب والصواب العكس أي كل السنة لا وقت الوجوب وهذا هو(4/258)
المعتمد وجزم به الشارح بعد ا ه برماوي قوله كثمن المبيع أي فإنه اعتبر من غالب نقد بلد البيع والجامع بينهما أي بين الزكاة وثمن المبيع أن كلا مال واجب في مقابله شيء لأن الثمن في مقابلة المبيع والزكاة في مقابلة تطهير البدن أو الجامع أن كلا مال واجب من الغالب ا ه شيخنا لكن فيه أنه قاس اعتبار قوت محل المؤدى عنه على اعتبار نقد بلد البيع وليس بينهما جامع من هذه الحيثية والجامع المذكور إنما هو من جهة القوت تأمل قوله اعتبر بقوت محل المؤدى عنه أي ويدفع لفقراء ذلك المحل وإن بعد وهل يجب عليه التوكيل في زمن بحيث يصل الخبر إلى الوكيل فيه قبل مجيء وقت الوجوب أم لا فيه نظر والأقرب الثاني أخذا مما قالوه فيما لو حلف ليقضين حقه وقت كذا وتوقف تسليمه له في ذلك الوقت على السفر قبل مجيء الوقت فإنه لا يكلف ذلك ا ه ع ش على م ر قوله فإن لم يعرف محله إلخ هذا مفهوم قوله محل المؤدى عنه وقوله استثناء هذه أي فيجب من قوت محل المؤدي بكسر الدال وقوله أو يخرج للحاكم أو بمعنى الواو وهو قيد في المسألتين قبله جوابا عما يقال إنها تدفع لفقراء محل المؤدى عنه ولم يعرف فليس صورة ثالثة كما قد يتوهم ا ه شيخنا هذا ويؤخذ من كلام ز ي أنه على الاستثناء تجب من أشرف الأقوات ا ه شيخنا نقلا عن الشيخ عبد ربه قوله كعبد آبق أي لا يدري محله ويلزم في إخراج الزكاة عنه إشكال من وجهين الأول الإخراج من قوت محله والثاني إعطاؤه لغير أهل محله ا ه ح ل والشارح أجاب عن الثاني حيث قال أو يخرج للحاكم بجعل أو بمعنى الواو وفي المختار أبق العبد يأبق ويأبق بكسر الباء وضمها أي هرب ا ه وفي المصباح أبق العبد أبقا من بابي تعب وقتل في لغة والأكثر من باب ضرب إذا هرب من سيده من غير خوف ولا عمل هكذا قيده في العين قال الأزهري الأبق هرب العبد من سيده والإباق بالكسر اسم منه فهو آبق والجمع أباق مثل كافر وكفار قوله أو يخرج فطرته من قوت آخر محل إلخ منه يستفاد(4/259)
أنه لا يتوقف وجوب الإخراج على رجوعه إذا كان آبقا أو مغصوبا أو نحو ذلك وهو كذلك بخلاف نظيره في زكاة المال وفرق بينهما في شرح الروض بأن التأخير شرع في المال للنماء وهو غير معتبر هنا هذا وصريح سياق الشارح أن هذه الاحتمالات بالنسبة للمخرج من قوت أي(4/260)
المحال فالأول يستثنى هذا من اعتبار قوت محل المؤدى عنه وهذا الثاني يعتبر قوت آخر محل عهد وصوله إليه وحينئذ يشكل الثالث الآتي لأن الحاكم إنما يؤثر الدفع إليه جواز النقل لا عدم اعتبار قوت محل المؤدى عنه فيحتمل على هذا أن يدفع للحاكم أعلى الأقوات مطلقا وهو البر أو يدفع إليه قوت آخر محل عهد وصوله إليه ثم أنه على الاحتمال الأول ينظر كيف إخراجها مع امتناع النقل إلا إن أريد دفعها للحاكم وعلى الثاني يحتاج لدفعها للحاكم أيضا والتقدير لا يخلو عن خلل فليحرر ثم رأيته في شرح البهجة ذكر هذه الاحتمالات الثلاث التي ذكرها هنا ثم قال كذا ذكره الشارح يعني العراقي وظاهر أنها مستثناة على الاحتمال الثاني أيضا وإن قيدت ببلد وأن الحاكم إنما ينقل زكاة الفطر إذا أخذها من غالب قوت محل المؤدى عنه والكلام فيه وقد ذكر الإسنوي الاحتمال الثاني وقال إنه الأقرب ا ه سم قوله أو يخرج للحاكم إلخ أي مع إخراجه من أشرف الأقوات أو مع إخراجه من قوت آخر محل عهد وصوله إليه إذ لا يجزئ النقل إلا إذا أخرج كذلك وإن كان ظاهر العبارة خلاف ذلك ا ه برماوي قوله ويجزئ أعلى رسمه بالياء هو الصواب لأنه مما يمال ا ه ع ش على م ر وفارق عدم إجزاء الذهب عن الفضة بتعلق الزكاة ثم بالعين فتعينت المواساة منها والفطرة طهرة للبدن فنظر لما به غذاؤه وقوامه والأقوات متساوية في هذا الغرض وتعيين بعضها إنما هو رفق فإذا عدل إلى الأعلى كان أولى في غرض هذه الزكاة ا ه شرح حج قوله لأنه زيد فيه خير أي فأشبه ما لو دفع بنت لبون عن بنت مخاض ا ه شرح م ر قوله والعبرة بزيادة الاقتيات أي بزيادة نفع الاقتيات بدليل قوله الآتي لكونه أنفع إلخ تنبيه علم من كلامه أن الأعلى البر ثم الشعير ثم الأرز ثم التمر ثم الزبيب ويتردد النظر في بقية الحبوب كالذرة والدخن والفول والحمص والعدس والماش ويظهر أن الذرة بقسميها في مرتبة الشعير وأن بقية الحبوب الحمص فالماش فالعدس فالفول(4/261)
فالبقية بعد الأرز وأن الأقط فاللبن فالجبن بعد الحبوب كلها ا ه شرح حج ومراده بالقسم الثاني من الذرة الدخن كما في سم قال شيخنا ح ف وترتيبها في الأعلى كترتيبها الواقع في البيت المشهور على المعتمد قال سم قوله ويظهر أن الذرة بقسميها في مرتبة الشعير إلخ الوجه تقديم الشعير على الذرة والدخن وتقديم الأرز على التمر والزبيب خلافا للشارح وتقديم الذرة والدخن على الأرز وقضية كون الدخن قسما من الذرة أنها لا تقدم عليه كما لا يقدم بعض أنواع البر مثلا على بعض نعم إن ثبت أنها أنفع منه في الاقتيات فينبغي تقديمها والقياس التزام ذلك في أنواع نحو البر إذا تفاوتت في الاقتيات لكن قضية إطلاقهم خلافه ا ه بحروفه قوله بزيادة الاقتيات أي من حيث هو من غير نظر إلى بلد معين ا ه برماوي قوله والتمر خير من الزبيب ويليه الأقط فاللبن فجملة مراتب الأقوات أربعة عشر مرتبة مرموز إليها بحروف أوائل كلمات البيت الأول من هذين البيتين في قول القائل نظما لضبطها بالله سل شيخ ذي رمز حكى مثلا عن فور ترك زكاة الفطر لو جهلا حروف أولها جاءت مرتبة أسماء قوت زكاة الفطر إن عقلا فالباء للبر والسين للسلت والشين للشعير والذال للذرة ومنها الدخن والراء للأرز والحاء للحمص والميم للماش والعين للعدس والفاء للفول والتاء للتمر والزاي للزبيب والألف للأقط واللام للبن والجيم للجبن وهذا هو المعتمد لكن في كلام ابن وحشية مخالفة لبعض ذلك فراجعه ا ه برماوي قوله ولا يبعض الصاع من جنسين إلخ فلو كانوا يقتاتون البر المختلط بالشعير فإن استويا تخير بينهما فيخرج صاعا من البر أو من الشعير وإن غلب أحدهما أخرج الأغلب ولا يخرج المختلط لأن فيه تبعيض الصاع من جنسين ا ه ح ل قوله فيجوز أن يخرج نصف صاع إلخ أي ويجب على الشريك الثاني إخراج نصف من جنس ما أخرجه صاحبه بأن كان الرقيق بمحل له قوت يصلح للإخراج فإن لم يكن في محله قوت فأقرب محل إليه يخرج من قوته فلو كان(4/262)
الأقرب بلدي السيدين وتفاوت قوت بلدهما هل يجاب من قوته أعلى فيخرج الجميع منه أو يخرج الجميع ممن قوته دونه يظهر الثاني(4/263)
لأن الأصل براءته مما زاد وأيضا إعراض الثاني عن الأدنى إلى الأعلى مجرد تعنت إذ هو مخير بينهما فتأمل والله أعلم ا ه شوبري قوله ولأصل أن يخرج من ماله إلخ أي لأن له ولاية عليه ويستقل بتمليكه فيقدر كأنه ملكه ذلك ثم نوى الأداء عنه ويرجع به عليه إن أدى بنية الرجوع أما الوصي والقيم فلا يخرجان عنه من مالهما إلا بإذن الحاكم نقله في المجموع عن الماوردي والبغوي وأقره ويخالف ما لو قضيا دينه من مالهما بغير إذن القاضي فإنه يبرأ لأن رب الدين متعين بخلاف مستحقي الزكاة قاله القاضي ا ه شرح م ر وقوله لأن رب الدين متعين لا دخل له في الفرق كما قاله الشهاب حج وفرق بوجوب النية في الزكاة بخلاف أداء الدين انتهى رشيدي عليه وقوله لأنها عبادة تفتقر إلى نية منه يؤخذ جواب ما وقع السؤال عنه في الدرس من أنه لو امتنع أهل الزكاة من دفعها فظفر بها المستحق هل يجوز له أخذها وتقع زكاة أم لا وهو عدم جواز الأخذ ظفرا وعدم الإجزاء لما علل به الشرح ا ه قوله أيضا ولأصل أن يخرج إلخ وله أيضا أن يخرج من مال المولى والمراد بالغني من يملك ما يخرج زائدا على ما مر ا ه شيخنا وخرج بالأصل غيره فلا يخرج من مال نفسه كوصي وقيم ا ه سلطان وخرج موليه الفقير فتجب على الأصل إخراج زكاته كما تقدم لأنه تجب عليه نفقته قوله زكاة موليه الغني قال العلامة سم ظاهرة إجزاء نية الولي عن السفيه وهو كذلك ا ه برماوي قوله لا يجوز إخراجها عنه إلا بإذنه فإن لم يأذن لم يجزه وإن كان المخرج عنه ممن ينفق عليه المخرج مروءة وحيث لم تجز لا تسقط عمن أخرج عنه وله استردادها من الآخذ وإن لم يعلم بأنه أخرج عن غيره ا ه ع ش على م ر قوله أو موسر ومعسر إلخ محله حيث لا مهايأة بينهما وإلا فجميعها على الموسر إن وقع زمن الوجوب في نوبته أخذا مما مر أو في نوبة المعسر فلا شيء عليه كالمبعض المعسر ا ه شرح م ر وفي القليوبي فلا شيء على واحد منهما ا ه قوله كما وقع له في الأصل(4/264)
وغيره عبارة شرح م ر وما ذكره المصنف رحمه الله تعالى محمول على ما إذا أهل شوال على العبد وهو في برية نسبتها في القرب إلى بلدتي السيدين على السواء ففي هذه الحالة المعتبر قوت بلدتي السيدين وكذلك لو كان العبد في بلد لا قوت فيها وإنما يحمل إليها من بلدتي السيدين من الأقوات ما لا يجزئ في الفطرة كالدقيق والخبز وحيث أمكن تنزيل كلام المصنفين على تصوير صحيح لا يعدل إلى تغليطهم وقد علم أنه لا منافاة بين ما صححه هنا وما صححه أولا من كون الأصح اعتبار قوت بلد العبد فسقط ما قيل أن ما ذكره مفرع على أنها تجب على السيد ابتداء وإن جرى عليه الشارح تبعا لكثير من الشراح انتهت
باب من تلزمه زكاة المال وما تجب فيه أي وما يتبع ذلك من قوله ولا يمنع دين وجوبها إلى آخر الباب والمراد بمن تلزمه من تجب عليه وقيد بالمال لأن زكاة الفطر تجب على الكافر في قريبه المسلم ونحوه ا ه برماوي قوله وما تجب فيه لما ورد عليه أن هذا مكرر مع ما مر لأنه تقدم بيان الأنواع التي تجب فيها أجاب عنه الشارح بقوله مما اتصف بوصف أي فالكلام هنا فيما تجب فيه من حيث اتصافه بوصف يتوهم منه سقوط الوجوب وما تقدم من حيث ذاته فلا تكرار ا ه شيخنا وفي شرح م ر ما نصه أي باب بيان شروط من تجب عليه وبيان أحوال المال الزكوي التي يعلم بها أنه قد يتصف بما يؤثر في السقوط وما لا يؤثر فيه كالغصب والجحود والضلال أو بمعارضته بما قد يسقطه كالدين وعدم استقرار الملك فليس المراد بما تجب فيه بيان الأعيان من ماشية ونقد وغيرهما فإن ذلك قد علم من الأبواب السابقة وحاصل الترجمة باب شروط الزكاة وموانعها ا ه ببعض تصرف قوله مما اتصف بوصف الأظهر أن يقول من حيث اتصافه بوصف يتوهم منه عدم الوجوب قوله تلزم مسلما حرا إلخ هذا شروع في شروط من تلزمه زكاة المال وهي خمسة ذكر منها صريحا الإسلام والحرية وذكر منها تلويحا ثلاثة شروط أخر قوة الملك وتيقن وجود المالك وتعين المالك(4/265)
فذكر الأول تلويحا في مسألة المكاتب حيث قال أو يملك ملكا ضعيفا وذكر الثاني تلويحا في مسألة الجنين حيث قال إذ لا وثوق بوجوده وحياته وذكر الثالث(4/266)
تلويحا في مسألة الغنيمة بقوله لأنه لغير معين وقد لوح م ر في شرحه أيضا للأول من هذه الثلاثة بعد قول المتن ولا يمنع الدين وجوبها بقوله ولو تأخر القبول في الوصية حتى حال الحول بعد الموت لم يلزم أحدا زكاتها لخروجها عن ملك الموصي وضعف ملك الوارث والموصى له لعدم استقرار ملكه وإنما لزمت المشتري إذا تم الحول في زمن الخيار وأجيز العقد لأن وضع البيع على اللزوم وتمام الصيغة وجد فيه من ابتداء الملك بخلاف ما هنا وذكر الأخيرين منها صريحا بقوله وشرط وجوبها أيضا أن يكون المالك معينا فلا تلزم في الموقوف على جهة عامة وتجب في الموقوف على معين وأن يكون المالك متيقن الوجود فلا زكاة في مال الحمل الموقوف له بإرث أو وصية لعدم الثقة بحياته ا ه وقوله وتجب في الموقوف على معين أي وإن لم يخص واحدا من المعينين نصاب للشركة وصورته أن يقف بستانا ويحصل من ثمرته ما تجب فيه الزكاة ا ه ع ش عليه قوله تلزم زكاة المال أي بأنواعه السابقة من حيوان ونبات ونقد ومعدن وركاز ا ه شرح م ر قوله مسلما يستثنى منه الأنبياء قال تاج الدين في كتابه التنوير ما نصه ومن خصائص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين عدم وجوب الزكاة عليهم وأما قوله تعالى وأوصاني بالصلاة والزكاة أي زكاة البدن لا المال كما حمله عليه بعض المفسرين أو أوصاني بالزكاة أي بتبليغها ا ه من خصائص السيوطي وقوله أي زكاة البدن المراد بها زكاة النفس عن الرذائل التي لا تليق بمقامات الأنبياء ويدل له ما حمل بعضهم عليه الآية من أن المراد بالزكاة فيها الإكثار من الخير كما حكاه عنه الواحدي في وسيطه لا زكاة الفطر لأن مقتضى جعله عدم الزكاة من خصوصياتهم أنه لا فرق بين زكاة المال والبدن ا ه ع ش على م ر وقال في شرح الأعلام تجب زكاة الفطر على النبي {صلى الله عليه وسلم} بخلاف زكاة المال ا ه أجهوري على التحرير والذي ذكره المناوي في شرح الخصائص للسيوطي أن مذهب الشافعي كمالك وجوب الزكاة على(4/267)
الأنبياء انتهى قوله لقوله في الخبر السابق إلخ هذه حكاية للخبر السابق بالمعنى ولفظه فيما سبق لخبر أبي بكر رضي الله عنه بذلك في كتابه لأنس بالصدقة التي فرضها رسول الله {صلى الله عليه وسلم} على المسلمين رواه البخاري ا ه قوله بالمعنى السابق في الصلاة أي في وجوب مطالبة بها في الدنيا لكن تجب عليه وجوب عقاب عليها في الآخرة بناء على الأصح في الأصول أنه مخاطب بفروع الشريعة أي المجمع عليها دون المختلف فيها لأن المدار في التكليف بها على تقليد القائل بها قاله في الإيعاب بحثا وقضيته أنه لا يعاقب في الآخرة على الحكم المختلف فيه إذا قلد قائليه وإن كان الحق عند الله غيره وهو محتمل فليتأمل ا ه شوبري هذا وقياس ما قدمه في الصلاة من أنه لو قضاها لا تصح منه أنه هنا لو أخرجها لا تصح منه لا قبل الإسلام ولا بعده ويستردها ممن أخذها وقد يقال إذا أخرج بعد الإسلام بل يحتمل أو قبله تقع له تطوعا ويفرق بينه وبين الصلاة بما قدمناه ا ه ع ش على م ر قوله ولو مكاتبا ولا تجب على السيد في مال مكاتبه لأنه غير مالك له فإن زالت الكتابة بعجز أو عتق أو غيره انعقد حوله من حين زوالها ا ه شرح م ر وقوله انعقد حوله أي في حق السيد بالنسبة لزوالها بالعجز وفي حق العبد نفسه بالنسبة لزوالها بالعتق قوله أيضا ولو مكاتبا أي كتابة صحيحة أما المكاتب كتابة فاسدة فتجب الزكاة على سيده لأن ماله لم يخرج عن ملكه ا ه ع ش على م ر قوله لأنه لا يملك شيئا هذا بالنسبة للرقيق غير المكاتب وقوله أو يملك ملكا ضعيفا هذا بالنسبة للرقيق المكاتب قلت ويجوز أنه إشارة إلى القولين في ملك الرقيق فالأول بالنسبة للأظهر والثاني لمقابله لا يقال هو لا يتعرض للضعيف لأنا نقول يأتي قريبا في قوله لعدم الملك أو ضعفه أنه على التوزيع بالنسبة للراجح ومقابله فتأمل ا ه شوبري قوله وتوقف في مرتد أي يوقف لزوم أدائها كما يعلم مما بعده ا ه شيخنا قوله لزمته في ردته أي بأن وجبت حال الردة بأن(4/268)
حال عليه الحول وهو مرتد أما إذا وجبت عليه في الإسلام ثم ارتد فإنها تؤخذ من ماله على المشهور سواء أسلم أم قتل كما في المجموع ويجزيه الإخراج في هذه في حال الردة وتصح نيته لأنها للتمييز ويجزيه أيضا في الأولى إن عاد إلى الإسلام ا ه شرح م ر وقوله بأن حال عليه الحول وهو مرتد صادق(4/269)
بما إذا مضى عليه جميع الحول وهو مرتد أو ارتد في أثنائه واستمر إلى تمامه ولم يقتل وبالصورتين صرح الأذرعي ا ه رشيدي وقوله إن عاد للإسلام أي فإن لم يعد إلى الإسلام لم يعتد بما دفعه ويسترد من القابض وظاهره سواء علم القابض بأنها زكاة أم لا قال حج ويفرق بينه وبين المعجلة بأن المخرج هنا ليس له ولاية الإخراج بخلافه في المعجلة فإن له ولاية الإخراج في الجملة فحيث لم يعلم القابض بأنها معجلة لا تسترد منه ا ه بالمعنى والأولى أن يقال في الفرق إنه حيث مات على الردة تبين أن المال خرج عن ملكه من وقت الردة فإخراجه منه تصرف فيما لا يملكه فضمنه أخذه من حين القبض فيجب عليه رده إن بقي وبدله إن تلف كالمقبوض بالشراء الفاسد وأما في المعجلة فالمخرج من أهل الملك فتصرفه في ملكه والظاهر منه حيث لم يذكر التعجيل أنه صدقة تطوع أو زكاة غير معجلة وعلى التقديرين فتصرفه نافذ وبقي ما لو ادعى القابض أنه إنما أخذ المال منه قبل الردة فهل يقبل قوله في ذلك أو لا بد من بينة فيه نظر والأقرب الثاني لأن الأصل عدم الدفع قبل الردة والحادث يقدر بأقرب زمن ا ه ع ش عليه قوله كملكه أي كما يوقف ملكه وعبارته في باب الردة وملكه موقوف إن مات مرتدا بان زواله بالردة ويقضى عنه دين لزمه قبلها وما أتلفه فيها وتصرفه إن لم يحتمل الوقف باطل وإلا فموقوف إن أسلم نفذ انتهت قوله وتجب في مال محجور أي يتعلق به الوجوب وإن كان الإخراج بالفعل يتوقف على التمكن كما يأتي وكذا يقال فيما بعده ا ه شيخنا وهذا إنما يحتاج إليه في المحجور بالنسبة لحجر الفلس لأنه هو الذي يتوقف وجوب الأداء فورا على زواله فهو مانع من وجوب الأداء في زمانه وأما غيره من حجر الصغير والمجنون والسفيه فلا يتوقف وجوب الأداء فورا على زواله كما سيظهر قريبا تأمل قوله والمخاطب بالإخراج منه وليه أي فعليه إخراجها عنه وإن نهاه الإمام ويأثم بتركه فإن خاف أخرجها سرا فإن تعسر أو لم يخرجها(4/270)
أخرجها المحجور إذا كمل ا ه سم قوله أيضا والمخاطب بالإخراج منه وليه أي حيث كان يرى الوجوب كشافعي وإن كان المحجور عليه حنفيا لا يرى الوجوب إذ العبرة باعتقاد الولي فإن كان الولي لا يرى وجوب ذلك كحنفي أي ولم يلزمه حاكم بالإخراج فالاحتياط له أن لا يخرج الزكاة وأن يحبسها إلى أن يكمل المحجور عليه فإذا كمل أخبره بها ومثل الحنفي في ذلك ما لو كان عاميا لم يتمذهب بمذهب كذا في كلام غير واحد وفيه نظر إذ الذي ينبغي أن يكون محل الاحتياط من يرى الوجوب كالشافعي ا ه ح ل ومثله شرح م ر وفي ع ش عليه نقلا عن سم على المنهج ما نصه وانظر لو اختلفت عقيدة المحجور والولي بأن كان الصبي شافعيا والولي حنفيا أو بالعكس وقد يقال العبرة في اللزوم وعدمه بعقيدة الولي وفي وجوب الإخراج وعدمه بعقيدة المولى لكن حيث لزم الصبي إما صبي حنفي فلا ينبغي للولي الشافعي أن يخرج زكاته إذ لا زكاة عليه فليتأمل ا ه وقال الشيخ حج ولو أخر المعتقد للوجوب أثم ولزم المولى ولو حنفيا فيما يظهر إخراجها إذا كمل ا ه قال الشيخ قد يقال قواعد التقليد أن الشافعي مثلا إذا لزمه حق كالزكاة عند الشافعي دون أبي حنيفة فقلد أبا حنيفة في تلك الصورة ليسقط عنه ذلك الحق فإن كان الأمر كذلك أشكل قوله ولو حنفيا إذ غايته بعد كماله أنه كشافعي لزمه زكاة عند الشافعي فقلد أبا حنيفة ا ه وكتب في محل آخر قوله ولزم المولى ولو حنفيا فيما يظهر فيه نظر بل يتجه بعد كمال المولى أن المدار على اعتقاده في إخراج ما مضى قبل الكمال فإن كان حنفيا لم يلزمه إخراج وإن كان معتقد الولي الوجوب أو شافعيا لزمه وإن كان معتقد الولي عدم الوجوب لأنه بالكمال انقطع ارتباطه باعتقاد الولي ونظر لاعتقاد نفسه ا ه م ر ا ه فإن أخر الولي إخراج زكاة الصبي والمجنون عصى قاله في التحرير قال الشيخ ويتجه أنه إذا أخر فتلف المال بغير تقصير أنه يضمن حصة المستحقين لأنه بتأخير حقهم حتى تلف المال صار مقصرا(4/271)
بالنسبة لحقهم ولا يضمن الباقي إذ لا تقصير منه يوجب ضمانه تأمل ا ه شوبري وأما زكاة الحسن فقال الفخر الرازي إنها تجب عليه وأنشد طلبت من المليح زكاة حسن على صغر من السن البهي(4/272)
فقال وهل على مثلي زكاة على رأي العراقي الكاملي فقلت الشافعي لنا إمام يرى أن الزكاة على الصبي فقال اذهب إذا واقبض زكاتي بقول الشافعي من الولي وتممه التقي السبكي فقال فقلت له فديتك من فقيه أيطلب بالوفاء سوى الملي نصاب الحسن عندك ذو امتناع بخدك والقوام السمهري فإن أعطيتها طوعا وإلا أخذناها بقول الشافعي وكتب بعده بعض الطلبة الظرفاء انظر نصاب الحسن ما هو وما الزكاة الواجبة فيه ومن يأخذها فأجاب بعضهم بقوله تبدى بالسؤال لنا ظريف فقال وما النصاب على الصبي وما قدر الزكاة لأعرفنه فأوضحنيه في قول جلي ركاز الحسن جاز وفيه خمس بأخبار صحيحة للنبي فيؤخذ خمسه في كل يوم بضم ثم لثم للبهي وإني عامل في الأخذ حالا وأصرفه مصاريف الزكي قوله ولا تجب في مال وقف لجنين أي لأجل جنين فاللام للتعليل فيشمل التركة كلها أو بعضها فإن تبين أن لا حمل وجبت على الورثة زكاة مدة الوقف وإن انفصل ميتا فلا زكاة على الورثة مدة الوقف لضعف ملكهم وإن انفصل حيا فلا زكاة عليه ولا عليهم فله ثلاثة أحوال ثم إن هذا ليس في كلام المصنف ما يخرجه وفي كلام م ر تفريعه على شرط ذكره بقوله ولا بد من تحقق المالك ا ه شيخنا وفي ع ش على م ر ما نصه قوله ولا تجب في مال وقف لجنين أي وإن انفصل حيا وعبارة العباب لا فيما وقف لجنين إذا انفصل حيا ا ه سم على البهجة وبقي ما لو انفصل الخنثى ووقف له مال هل تجب فيه الزكاة عليه إذا اتضح بما يقتضي استحقاقه أو على غيره إذا تبين عدم استحقاق الخنثى وثبوته للغير كما لو كان الخنثى ابن أخ فبتقدير أنوثته لا يرث وبتقدير ذكورته يرث فيه نظر والظاهر عدم الوجوب لعدم تحقق خصوص المستحقين مدة التوقف ويؤيده ما لو عين القاضي لكل من غرماء المفلس قدرا من ماله ومضى الحول قبل قبضهم له فإنه لا زكاة عليهم بتقدير حصوله لهم بعد ولا على المفلس لو انفك الحجر ورجع المال إليه وعللوه بعدم تعين المستحق مدة التوقف ا ه قوله وقف لجنين(4/273)
أي وإن انفصل حيا أو أخبر بحياته معصوم إذ لا يزيد على انفصاله حيا وقد صرحوا فيها بعدم الوجوب بعد الانفصال ا ه ع ش وكذا لو انفصل ميتا كما لا تجب على الورثة كما قاله م ر و ز ي ا ه شيخنا قوله إذ لا وثوق بحياته أي وشرط الوجوب تحقق وجود المالك كما صرح به م ر في شرحه قوله أيضا إذ لا وثوق بحياته أي ما دام حملا وإن حصلت حركة في البطن جاز أن تكون لغير حمل كالريح ا ه ع ش على م ر قوله لشموله السفيه ويشمل المفلس أيضا فإنه سيأتي أنه يجب عليه أداؤها بزوال الحجر عنه ا ه شيخنا قوله ومغصوب لعل صورته أن يأذن المالك للغاصب في إسامتها وإلا فالذي مر له أنه لو أسامها الغاصب لا زكاة فيها وعبارته ثم في فصل إن اتحد نوع الماشية ولو سامت الماشية بنفسها أو أسامها غاصب أو مشتر شراء فاسدا فلا زكاة كما يأتي لعدم إسامة المالك ا ه ع ش على م ر والمسروق كالمغصوب وتركه لدخوله في المغصوب أو الضال وفي معناه الواقع في بحر والمدفون في موضع ونسيه ولو كان قادرا على انتزاع المغصوب فينبغي وجوب الإخراج حالا ا ه برماوي قوله من عين أو دين هذا تعميم في الجحود فقط إذ لا يقال في المغصوب والضال من عين أو دين لأنهما لا يكونان دينا وقوله وإن تعذر أخذه غاية في الأربعة وقوله بعقد الظاهر أنه ليس بقيد فيشمل ما ملك بإرث قبل قبضه وقوله لأنها ملكت إلخ علة للخمسة وقوله وفي دين عطف عام(4/274)
على خاص لتقدم الدين المجحود وهذا أعم من المجحود وغيره ا ه شيخنا قوله وغائب عبارة أصله مع شرح م ر وتجب في الحال عن الغائب إن قدر عليه لأنه كالمال الذي في صندوقه وجب الإخراج في بلد المال إن استقر فيه وظاهر قوله في الحال وجوب المبادرة قال الأذرعي ولا شك أنه إذا بعد بلد المال عن المالك ومنعنا النقل كما هو الأصح فلا بد من وصول المالك أو نائبه إليه اللهم إلا أن يكون ثم ساع أو حاكم يأخذ زكاته في الحال وإلا أي وإن لم يقدر عليه لخوف طريق أو انقطاع خبره أو شك في سلامته فكمغصوب فيأتي فيه ما مر لعدم القدرة في الموضعين والأوجه أخذا من اقتضاء كلامهم أن العبرة فيه وفي نحو الغائب بمستحقي محل الوجوب لا التمكن انتهت قوله ومملوك بعقد قبل قبضه فتجب في المشترى قبل قبضه قطعا حيث مضى عليه حول من وقت دخوله في ملكه بانقضاء الخيار لا من الشراء فيجب الإخراج في الحال إن لم يمنع من القبض مانع كالدين الحال على مليء مقر ا ه شرح م ر قوله لأنها ملكت ملكا تاما أي والتمام لا ينافي الضعف المعلل به عدم صحة بيعه ا ه ح ل قوله وفي دين لازم قال شيخنا وقضية كلامهم في مواضع أن الآيل إلى اللزوم حكمه حكم اللازم ا ه ح ل كثمن المبيع في زمن الخيار لغير البائع ا ه ع ش على م ر قال سم وهل يعتبر بلد رب الدين أو المدين المتجه الثاني ا ه ثم رأيت م ر اعتمد في باب قسم الصدقات أن العبرة ببلد رب الدين وأنه لا يتعين صرفه في بلده بل له صرفه في أي بلد أراده معللا ذلك بأن المتعلق بالذمة ليس محسوسا حتى يكون له محل معتبر تأمل ا ه شوبري قوله أيضا وفي دين لازم لكنه إن كان مؤجلا فهو كالمغصوب وإن كان حالا بأن تيسر أخذه بأن كان على مليء باذل أو جاحد وبه بينة وجبت زكاته في الحال لقدرته على قبضه ويخرجها حالا وإن لم يقبضه بالفعل وإن تعذر أخذه لإعسار أو غيره فكمغصوب فيأتي فيه ما مر فلو كان يقدر على الأخذ من مال الجاحد بالظفر من غير خوف ولا ضرر(4/275)
فالأوجه أنه كما لو تيسر أخذه بالبينة خلافا لبعض المتأخرين ولو كان الدين حالا غير أنه نذر أن لا يطالبه به إلا بعد سنة أو أوصى أن لا يطالب إلا بعد سنتين من موته وهو على مليء باذل فالأوجه أنه كالمؤجل لتعذر القبض خلافا للجلال البلقيني وأفاد السبكي أنا حيث أوجبنا الزكاة في الدين وقلنا إنها تتعلق بالمال تعلق شركة اقتضى أن يملك أرباب الأصناف ربع عشر الدين في ذمة المدين وذلك يجر إلى أمور كثيرة واقع فيها كثير من الناس كالدعوى بالصداق والديون لأن المدعي غير مالك للجميع فكيف يدعي به إلا أن له القبض لأجل أداء الزكاة فيحتاج إلى الاحتراز عن ذلك في الدعوى وإذا حلف على عدم المسقط فينبغي أن يحلف على أن ذلك باق في ذمته إلى حين حلفه لم يسقط وأنه يستحق قبضه حين حلفه ولا يقول إنه باق له ومن ذلك ما عمت به البلوى وهو تعليق طلاقها على إبرائها من صداقها وهو نصاب ومضى عليه حول فأكثر فأبرأته منه فلا يقع الطلاق لعدم ملكها الإبراء من جميعه وسيأتي مبسوطا في بابه إن شاء الله تعالى ا ه شرح م ر فرع استحق نقدا قدر نصاب مثلا في معلوم وظيفة باشرها ومضى حول من حين استحقاقه من غير قبض فهل ذلك من قبيل الدين على جهة الوقف وله حكم الديون حتى تلزمه الزكاة ولا يلزمه الإخراج إلا إن قبضه أو لا بل هو شريك في أعيان ريع الوقف بقدر ما شرطه الواقف فإن كانت الأعيان زكوية لزمته الزكاة وإلا فلا فيه نظر ا ه سم على البهجة واعتمد م ر الأول ا ه ع ش عليه قوله وعرض تجارة كأن قال أسلمت إليك في ثلاثين مقطع قماش أتجر فيها ونوى بها التجارة وكأن أقرض العروض لآخر فإنها تصير دينا في ذمة المقترض فإذا مضى حول وجبت الزكاة في الصورتين على المالك ا ه شيخنا قوله كمال كتابة ومثله دين معاملة للسيد على المكاتب أيضا على المعتمد عند م ر كوالده خلافا للدميري وكتب عليه لو أحال المكاتب السيد بالنجوم لزم السيد أن يزكيها لأنها صارت لازمة له وإن عجز(4/276)
المكاتب نفسه لا تسقط غاية الأمر أنه سقط وصف كونها نجوم كتابة ا ه م ر ا ه سم ا ه شوبري قوله وبخلاف اللازم من ماشية إلخ كأن أقرض إليه أربعين شاة أو أسلم إليه فيها ومضى عليه حول قبل قبضها ا ه ح ل قوله الزهو هو بضم الزاي المعجمة وهو اشتداد الحب وبدو الصلاح وفي النهاية نهى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} عن بيع الثمر حتى يزهي(4/277)
وفي رواية حتى يزهو يقال زها النخل يزهو إذا ظهرت ثمرته وأزهى يزهي إذا احمر أو اصفر وقيل هما بمعنى الاحمرار والاصفرار ومنهم من أنكر يزهو ومنهم من أنكر يزهي ا ه برماوي وفي المصباح بعد مثل هذه العبارة وزهى النبت يزهو زهوا بلغ ا ه قوله أو بلغه نصيب كل عطف على قوله قبل قسمة ويصير المعنى أو بعد القسمة لكن بلغه نصيب كل هكذا يتعين وإلا لم يظهر له فائدة بعد قوله وبلغ بدون الخمس نصابا ا ه عبد ربه ووجه عدم الفائدة أنه يكون مفهوما بالأولى لأنها إذا وجبت فيما إذا بلغ المجموع نصابا فوجوبها فيما إذا بلغه نصيب كل على حدته أولى وأظهر هذا وقول الشيخ وإلا لم يظهر له فائدة أي وإن لم يعطف على الظرف المذكور بل عطف على ما قبله لم يظهر له فائدة كما علمت يقتضي أن عطفه على ما قبله صحيح وليس كذلك بل هو فاسد بمقتضى التركيب العربي إذ يصير المعنى أو لم يبلغ نصابا بدون الخمس لكنه بلغه نصيب كل وهذا محال عقلا إذ لا يصح أن يكون القسم أكبر من مقسمه ولا أن يكون الجزء أكبر من كله وعبارة المنهاج نصها والغنيمة قبل القسمة إن اختار الغانمون تملكها ومضى بعده حول والجميع نصاب زكوي وبلغ نصيب كل شخص نصابا أو بلغه المجموع في موضع ثبوت الخلطة وجبت زكاتها وإلا فلا انتهت بالحرف وهي في غاية الظهور فتلخص من هذا كله أن عبارة المنهج غير ظاهرة وعبارة البرماوي ما نصه قوله أو بلغه نصيب كل هذه العبارة فيها نوع مسامحة من جهة سياق العطف ولذلك قال بعضهم انظر عطفه على ماذا ا ه وفي ع ش ما نصه قوله أو بلغه نصيب كل لا يقال هذا العطف غير صحيح لأنه يقتضي أن التقدير أو لم يبلغ نصابا بدون الخمس ولكن بلغ نصيب كل واحد نصابا وهذا ظاهر الفساد لأنا نقول مثل هذا لا يعترض به لوضوح عدم إرادة مثله في كلامهم لأن الاستحالة مانعة من إرادة ما ذكره المعترض وإنما المعنى أو بلغه نصيب كل واحد منهم من غير ملاحظة الخمس وجودا ولا عدما أو التقدير أو بلغه مع(4/278)
الخمس نصيب كل واحد ا ه قوله فإن لم يتملكها الغانمون إلخ سيأتي في الغنيمة أنها تملك باختيار التملك على المعتمد و قيل تملك بحيازة المال فقوله في التعليل بعدم الملك أي على المعتمد من اشتراط التملك وقوله أو ضعفه أي على الضعيف القائل بأنها تملك بمجرد الحيازة فهو موزع على القولين ا ه شيخنا قوله أو مضى والغنيمة أصناف هل المراد أجناس قلت الظاهر نعم وظاهر كلامه أنه لا فرق بين أن تكون تلك الأصناف كلها زكوية وكل واحد نصاب وينبغي أن تكون صورة المسألة أن فيها صنفا غير زكوي ا ه ح ل قوله ماذا يصيبه أي من ا لأنواع وقوله وكم نصيبه أي من العدد ا ه شيخنا قوله في الثالثة ظاهر كلامهم فيها عدم الفرق بين أن يعلم كل زيادة نصيبه على نصاب أم لا وليس ببعيد وإن استبعده الأذرعي ا ه شرح م ر قوله لأنه لغير معين أي وشرط وجوب الزكاة كون المالك معينا كما في شرح م ر قوله ولا يمنع دين وجوبها أي سواء كان حالا أو مؤجلا من جنس المال أم لا لله تعالى كزكاة وكفارة ونذر أم لغيره وإن استغرق دينه النصاب في أظهر الأقوال لإطلاق الأدلة ولأن ماله لا يتعين صرفه إلى الدين والثاني يمنع كما يمنع وجوب الحج والثالث يمنع في المال الباطن وهو النقد أي الذهب والفضة وإن لم يكن مضروبا والركاز والعرض وزكاة الفطر دون الظاهر وهو الزروع والثمار والماشية والمعدن والفرق أن الظاهر ينمو بنفسه والباطن إنما ينمو بالتصرف فيه والدين يمنع من ذلك ويحوج إلى صرفه في قضائه ومحل الخلاف ما لم يزد المال على الدين فإن زاد وكان الزائد نصابا وجبت زكاته قطعا وأما إذا لم يكن له من غير المال الزكوي ما يقتضي به الدين فإن كان لم يمنع قطعا عند الجمهور والأوجه إلحاق دين الضمان بالإذن بباقي الديون فعلى الأول الأظهر لو حجر عليه لدين فحال الحول في الحجر فكمغصوب فتجب زكاته ولا يجب الإخراج إلا عند التمكن لأنه حيل بينه وبين ماله لأن الحجر مانع من التصرف نعم لو عين(4/279)
القاضي لكل غريم من غرمائه شيئا قدر دينه من جنسه أو ما يخصه بالتقسيط ومكنه من أخذه وحال عليه الحول ولم يأخذه فلا زكاة فيه عليهم لعدم ملكهم ولا على المالك لضعف ملكه وكونهم أحق به والأوجه عدم الفرق بين أخذهم له بعد الحول وتركهم ذلك خلافا لبعض المتأخرين ولو فرق القاضي ماله بين غرمائه فلا زكاة عليه قطعا لزوال ملكه ا ه من(4/280)
أصله مع شرح م ر قوله ولو حجر به هذه الغاية للتعميم لا للرد كما يعلم من عبارة أصله مع شرح م ر قوله نعم لو عين الحاكم لكل من غرماء المفلس إلخ قال في شرح الروض قال السبكي إنه أي عدم اللزوم ظاهر إن كان ماله من جنس دينهم وإلا فكيف يمكنهم أخذه بلا بيع أو تعويض قال وقد صورها بذلك الشيخ أبو محمد في السلسلة وكلام الرافعي في باب الحجر يقتضيه ا ه ومشى م ر على تصويرها بذلك وقوله فلا زكاة عليه لضعف ملكه أي وإن تركوه له كما اعتمده م ر خلافا لما اختاره في شرح الروض وقد يشكل عليه أنه لو باعه النصاب بشرط الخيار وحكمنا أن الملك في زمنه للبائع بأن كان الخيار له أو موقوف بأن كان لهما وفسخ العقد فيهما لم ينقطع الحول لعدم تجدد الملك وإن تم الحول في مدة الخيار في الأولى مطلقا وفي الثانية وفسخ العقد زكى المبيع فيحتاج للفرق بين ما اعتمده وبين هذا وقد يفرق بأن الغرماء غير معينين لاحتمال أن يظهر غريم آخر فكان التسلط على الآخذ أتم بخلاف المشتري فإنه معين ولا بد فتعلقه دون التعلق هناك وفيه نظر فليتأمل وقد يفرق بأن البائع لما كان الخيار له أو كان ملكه مع تمكنه من الفسخ فيرجع المبيع له فإن قلت ما صورة تمام الحول في مدة الخيار قلت يمكن تصويره بأن يكون المبيع ثمرة فيبدو صلاحها في زمن الخيار ا ه سم قوله فلا زكاة عليه قيده السبكي والإسنوي بما إذا كان ما عينه لكل من جنس دينه وإلا فكيف يمكنه من غير جنسه من غير بيع أو تعويض وهو متجه وإن اعترضه الأذرعي ا ه شرح حج ومثله شرح الروض و ر م قوله أيضا فلا زكاة عليه أي ولا عليهم لعدم ملكهم ا ه م ر أي ولو تركوه له بعد الحول ولا نظر لتبين استقرار ملكه ا ه ح ل وفيه أنه تقدم أن الدين تجب فيه الزكاة وهذا منه فكيف لا تجب عليهم وأجيب بأن المعنى لا تجب عليهم زكاة عين الذي عينه الحاكم لكل إذا كان نصابا فلا ينافي أنها تجب عليهم الزكاة من حيث كونه دينا فيتوقف الإخراج على قبضه(4/281)
بخلاف ما إذا قلنا تجب عليهم الزكاة في العين فتجب عليهم حالا وإن لم يقبضوا تأمل ا ه شيخنا قوله ولو اجتمع زكاة أي للمال أو البدن سواء حدث الدين قبل وجوب الزكاة أو بعده كما يشعر به إطلاقه كغيره ا ه ز ي وقوله قدمت أي الزكاة ولو زكاة فطر على الدين ولو كان متعلقا بالعين ولو لمستحق الزكاة ا ه ح ل وانظر هذا مع قوله الآتي في الفرائض يبدأ بالزكاة ثم بالدين هل فيه تكرار تأمل قوله قدمت أي ولو كان الدين لمحجور عليه ا ه ع ش على م ر ولا يشكل عليه قولهم حقوق الله مبنية على المسامحة لأنه في الحدود ونحوها أو يقال الزكاة فيها جهتان حق الله وحق الآدمي ا ه ع ش عليه قوله كحج وكفارة انظر إذا كانت التركة لا تفي بأجرة الحاج هل يصرف إلى الورثة ولهم التصرف فيه أو يؤخر لاحتمال أن يوجد من يرضى به ويتبرع بالأعمال أو كيف الحال وانظر لو كانت حصة كل لا تفي به هل يضم إلى الآخر ويخير الوارث في ذلك أو بقرعة ا ه شوبري قوله مستويان ليس المراد التخيير في البداءة بأيهما بل المراد أنهما مستويان في التقسيط فيوزع الموجود عليهما وإنما كانت مساوية لأن المغلب فيها معنى الأجرة فكأنها دين آدمي ا ه شيخنا قوله وإلا فيستويان أي بالتقسيط فيقسط الموجود عليهما ا ه شيخنا وعبارة شرح م ر أو معدوما واستويا في التعليق بالذمة قسم بينهما عند الإمكان أما إذا لم يمكن التوزيع كأن كان ما يخص الحج قليلا بحيث لا يفي فإنه يصرف للممكن منهما فلو كان عليه زكاة وحج ولم يوجد أجير يرضى بما يخص الحج صرف كله للزكاة أما لو اجتمعت الزكاة مع غير الحج من حقوق الله تعالى كالنذر والكفارة وجزاء الصيد فيوزع الحاصل بينها ولا تتأتى التفرقة بينها لإمكان التجزئة دائما بخلاف الحج وكاجتماع الزكاة مع الحج اجتماع الحج مع بقية الحقوق فيوزع الواجب إن أمكن على الحج وغيره وإلا صرف لغير الحج ثم ما يخص الكفارة عند التوزيع إذا كانت إعتاقا ولم يف ما يخصها برقبة هل يشترى(4/282)
به بعضها وإن قل ويعتقه أو لا لأن إعتاق البعض لا يقع كفارة فيه نظر فيحتمل وجوب ذلك لأن الميسور لا يسقط بالمعسور ويحتمل وهو الظاهر الثاني وينتقل إلى الصوم فيخرج عن كل يوم مدا ا ه ع ش عليه قوله فإنه إن كان محجورا عليه إلخ ويجب(4/283)
تقييد هذا التفصيل بما إذا لم تتعلق الزكاة بالعين بأن لم يكن النصاب ولا بعضه موجودا وإلا بأن تعلقت بالعين بأن كان النصاب أو بعضه موجودا قدمت مطلقا أي لا فرق بين أن يكون محجورا عليه أم لا ا ه من شرح م ر قوله قدم حق الآدمي أي بخلاف ما لو اجتمع على حي مع حق الآدمي حرية فإنه يسوى بينهما كما نص عليه في الأم نقله في حواشي شرح الروض في باب الجزية قبيل الباب الثالث من كتاب الأيمان ا ه شوبري قوله وإلا قدمت جزما أي على دين الآدمي ولو اجتمعت الزكاة وحقوق الله وضاق المال عنها قسطت إن أمكن كما فعل به فيما لو اجتمعت في التركة كما تقدم ا ه ع ش على م ر وفي الشوبري ولو اجتمع عليه زكاة وحج فوري فيظهر تقديمه على الغرماء كما صرحوا به فيمن مات ولم يف ماله بالحقين نقله في حواشي شرح الروض في باب الفلس ا ه باب أداء زكاة المال أي باب حكم الأداء من كونه فوريا أو لا ومن كونه بنفسه أو بوكيله للمستحقين أو للحاكم ومن وجوب النية فيه ا ه شيخنا قوله أي أداؤها المراد بالأداء الدفع لا الأداء بالمعنى المصطلح عليه لأن الزكاة لا وقت لها محدود حتى تصير قضاء بخروجه ا ه ع ش على م ر قوله بحضور مال أي وإن عسر الوصول إليه مع كونه حاضرا لاتساع البلد أو ضياع المفتاح ا ه من شرح م ر و ع ش عليه وهذا تعميم في المال الحاضر بالفعل وأما قول الشارح غائب سائرا وقارا إلخ فهو بيان لحال المال قبل حضوره وبيان لمحل اشتراط حضوره أي إنما يشترط حضوره إذا كان في حال غيبته في وقت الوجوب سائرا في السفن أو القوافل أو قارا ماكثا في محل غيبته كما لو كان المالك وقت الوجوب بمصر والمال مستقر بمكة مثلا وقوله عسر الوصول له محترزه سيأتي في قوله وبقدرة على غائب قار أي إن المال إذا كان وقت الوجوب قارا وسهل الوصول إليه لا يشترط في التمكن حضوره بالفعل بل سهولة الوصول إليه كافية في التمكن فيجب على الفور إخراج زكاته مع أنه غائب تأمل ا ه شيخنا وفي ق ل(4/284)
على الجلال قوله بحضور مال أي بحضور المال إليه أو بحضوره عند المال ولو تقديرا ا ه قوله سائرا أي ما لم يكن المالك أو وكيله مسافرا معه وإلا وجب الإخراج في الحال وعلى هذا يحمل قولهم في قسم الصدقات إن كان ببادية صرف إلى فقراء أقرب البلاد إليه ا ه سلطان قوله أو حال تعذر أخذه بأن كان على معسر أو مليء ولم تقم عليه حجة بخلاف ما إذا لم يتعذر أخذه بأن كان على مليء باذل حاضر أو على جاحد وبه حجة فإنها تجب فيه الزكاة فورا وإن لم يأخذه لأنه قادر على أخذه كما سيأتي في قوله أو على استيفاء دين حال فهو محترز ما هنا ا ه شيخنا قوله أو مستحق ولا يكفي حضور المستحقين وحدهم حيث وجب الصرف إلى الإمام بأن طلبها عن الأموال الظاهرة كما سيأتي فلا يحصل التمكن بذلك فلو حضر بعض مستحقيها فلكل حكمه حتى لو تلف المال ضمن حصتهم ا ه شرح م ر قوله أيضا أو مستحق ظاهره وإن لم يطلبوه ولعل الفرق بين هذا وبين دين الآدمي حيث لا يجب دفعه إلا بالطلب أن الدين لزم ذمة المدين باختياره ورضاه فتوقف وجوب دفعه على طلبه بخلاف ما هنا فإنه وجب له بحكم الشرع ودلت القرينة على احتياجه إذ الفرض أنه فقير فلم يتوقف وجوب دفعه على طلب ا ه ع ش على م ر قوله بأن سهل الوصل إليه تصوير للقدرة على الغائب قوله أو على استيفاء دين حال وسيأتي تعلق الزكاة بعين المال فعليه يملك المستحقون من الدين ما وجب لهم ومع ذلك يدعي المالك بالكل ويحلف عليه لأن له ولاية القبض ومن ثم لا يحلف أنه له مثلا بل أنه يستحق قبضه قاله السبكي ولا يجوز جعل دينه على معسر من زكاته إلا إن قبضه منه ثم نواها قبل الأداء إليه أو معه أو يعطيه من زكاته ثم يردها إليه عن دينه من غير شرط ا ه حج قوله بأن كان على مليء إلخ تصوير للقدرة على استيفاء الدين الحال قوله وبزوال حجر فلس بخلاف حجر السفه لا يشترط زواله بل يخرج الولي كما مر ا ه شيخنا قوله أيضا وبزوال حجر فلس أي والزكاة متعلقة بالذمة(4/285)
وإلا قدمت على الغرماء ولا يحتاج إلى زوال الحجر ا ه(4/286)
شوبري قوله وتقررت أجرة عطف على قوله إذا تمكن كما أشار إليه الشارح بقوله فالأداء إنما يجب إلخ ا ه شوبري قوله قبضت أي أو لم تقبض وكانت على مقر مليء باذل أو بها حجة فقبضها ليس بقيد لما مر أنها تجب في الدين ا ه شيخنا فقول بعضهم إنما قيد بالقبض لأجل وجوب الإخراج ليس بظاهر قوله لم يلزمه كل سنة إلخ عبارة المحرر فيخرج عند تمام الأولى زكاة خمسة وعشرين لسنة وعند تمام الثانية زكاة خمسة وعشرين لسنة وخمسة وعشرين لسنتين وعند تمام السنة الثالثة زكاة خمسين لسنة وخمسة وعشرين لثلاث سنين وعند تمام الرابعة زكاة خمسة وسبعين لسنة وخمسة وعشرين لأربع سنين ا ه بحروفه فالواجب في السنة الأولى نصف دينار وثمن دينار وفي الثانية ثلاثة أنصاف دينار وثلاثة أثمان دينار وفي الثالثة خمسة أنصاف وخمسة أثمان وفي الرابعة سبعة أنصاف وسبعة أثمان فإذا جمعت الأنصاف صارت ستة عشر نصفا بثمانية دنانير وإذا جمعت الأثمان صارت ستة عشر ثمنا بدينارين تأمل ا ه من خط شيخنا ح ف وقوله وعند تمام السنة الثانية زكاة خمسة وعشرين لسنة وهي التي زكاها أولا لأن الفرض أنها باقية عنده وقوله وخمسة وعشرين لسنتين وهي التي تقررت بتمام السنة الثانية فيزكيها زكاة سنتين لأن الفرض أنه مالك لها من حين القبض وأن الزكاة واجبة فيها من حينئذ لكن وجوب الإخراج مقيد بالتقرر وقوله زكاة خمسين لسنة وهي ما تقرر بتمام السنتين الأوليين وقوله وخمسة وعشرين لثلاث سنين وهي المتقررة بتمام السنة الثالثة لأنه مالك لها من حين القبض ولم يزكها قبل تأمل قوله لتعرضه للزوال بتلف العين المؤجرة فلو انهدمت الدار في أثناء المدة انفسخت الإجارة فيما بقي وتبين استقرار ملكه على قسط الماضي والحكم في الزكاة كما مر وعن الماوردي والأصحاب كما في المجموع أنه لو كان أخرج زكاة جميع الأجرة قبل الانهدام لم يرجع بما أخرجه منها عند استرجاع قسط ما بقي لأن ذلك حق لزمه في ملكه فلم يكن له الرجوع(4/287)
به على غيره ا ه شرح م ر ولو أسلم نصاب نقد في زكوي وأقبضه وتم حول قبل قبض المسلم فيه فعلى المسلم إليه زكاة رأس المال لاستقرار ملكه بقبضه ا ه عباب وعبارة شرح الروض عن المجموع لم يرجع بما أخرجه منها عند استرجاع قسط ما بقي لأن ذلك حق لزمه في ملكه فلم يكن له الرجوع به على غيره ا ه وكأن المراد أنه إذا رجع عليه المستأجر بقسط ما بقي من المدة لا يرجع عليه بقسط ما يسترجعه من الزكاة بأن يحسبه عليه فليتأمل ا ه سم قوله فعلم أنه يحرم عليه التأخير إلخ أي علم من قوله يجب فورا وكان الأولى ذكر هذه العبارة عند قول المتن فإن أخر وتلف المال ضمن كما لا يخفى وقوله نعم له التأخير أي من وقت الفضيلة وقوله لكن لو تلف المال حينئذ أي حين التأخير لهذه الأغراض ضمن أي لحصول الإمكان وإنما أخر لغرض نفسه فيتقيد جوازه بشرط سلامة العاقبة ا ه شرح م ر قوله لانتظار نحو قريب أي لا تلزمه نفقته ومحل ذلك إذا كان المستحقون غير محصورين فإن كانوا محصورين فلا تأخير لأنهم يملكون ذلك بتمام الحول ا ه برماوي قوله إن لم يشتد ضرر الحاضرين أي وإلا حرم التأخير لأن دفع ضررهم فرض فلا يجوز تركه لحيازة الفضيلة انتهى ح ل ويصدق الفقراء في دعواهم ما لم تدل قرينة على كذبهم ا ه ع ش على م ر قوله لا صداق عبارة أصله مع شرح م ر ولو أصدقها نصاب سائمة معينا لزمها زكاته إذا تم حول من الإصداق وخرج بالمعين ما في الذمة فلا زكاة لأن السوم لا يثبت في الذمة كما مر بخلاف إصداق النقدين تجب فيهما الزكاة وإن كانا في الذمة فإذا طلقها قبل الدخول بها وبعد الحول رجع في نصف الجميع شائعا إن أخذ الساعي الزكاة من غير العين المصدقة أو لم يأخذ شيئا فإن طالبه الساعي بعد الرجوع وأخذها منه أو كان قد أخذها منها قبل الرجوع في بقيتها رجع أيضا بنصف قيمة المخرج وإن طلقها قبل الدخول وقبل تمام الحول عاد إليه نصفها ولزم كلا منهما نصف شاة عند تمام حوله إن دامت الخلطة وإلا(4/288)
فلا زكاة على واحد منهما لعدم تمام النصاب واعلم أن محل الوجوب عليها حيث علمت بالسوم كما علم مما مر أن قصد السوم شرط ولو طالبته المرأة فامتنع كان كالمغصوب قاله المتولي وعوض الخلع والصلح عن دم العمد كالصداق ولا(4/289)
يلحق بذلك مال الجعالة خلافا لابن الرفعة إلا أن يحمل كلامه على ما بعد فراغ العمل انتهت قوله بتشطير متعلق بتقرره وانظر ما معنى هذا الكلام مع أن التشطير ضد التقرر لأن التقرر هو الأمن من سقوط بعضه بالفراق قبل الدخول ا ه شيخنا قوله كما مرت الإشارة إليه أي في قوله لتعرضه للزوال بتلف العين إلخ ا ه شوبري قوله بخلاف الصداق أي فإنه مستحق في مقابلة إباحة الانتفاع فقط وذلك حاصل بنفس العقد وأيضا فيه معنى النحلة أي العطية لأنها تتمتع به كما يتمتع هو بها تأمل وقال بعضهم قوله بخلاف الصداق أي فإنه ليس مستحقا في مقابلة المنافع بدليل تقرره بموت الزوجة قبل الدخول ا ه شيخنا قوله وإن لم تسلم المنافع أي بل فاتت بموتها والواو للحال ا ه شيخنا قوله وتشطيره إلخ جواب عما يقال إنه قبل الدخول غير متقرر ولاحتمال تشطيره بطلاق أو فسخ لكن الجواب ناقص وعبارة شرح م ر وتشطيره إنما يثبت بتصرف الزوج بطلاق ونحوه وليس من مقتضى عقد النكاح انتهت قوله أما زكاة الفطر إلخ هذا محترز التقييد بزكاة المال في الترجمة ا ه شيخنا قوله فإن أخر إلخ مرتب على قوله يجب فورا ا ه شيخنا وعبارة شرح م ر فلو تلف قبل التمكن من غير تقصير فلا ضمان سواء أكان تلفه بعد الحول أم قبله لانتفاء تقصيره فإن قصر كأن وضعه في غير حرز مثله كان ضامنا في صورة ما إذا كان التلف بعد الحول ولو تلف بعضه بعد الحول وقبل التمكن وبقي بعضه ولا تفريط فالأظهر أنه يغرم قسط ما يفي بعد إسقاط الوقص فلو تلف واحد من خمس من الإبل قبل التمكن ففي الباقي أربعة أخماس شاة أو ملك تسعة منها حولا فهلك قبل التمكن خمسة وجب أربعة أخماس شاة بناء على أن التمكن شرط في الضمان وأن الأوقاص عفو وهو الأظهر فيهما أو أربعة وجب شاة انتهت قوله ضمن أي ولو كان التأخير جائزا كما سبق في قوله نعم له التأخير إلخ تأمل قوله بأن يؤدي ما كان إلخ أشار بهذا إلى أنه ليس المراد بالضمان هنا ضمان قيمة المتلف(4/290)
كضمان قيمة الشاة من أربعين مثلا وإنما المراد به إخراج ما كان يخرجه قبل التلف ا ه ز ي وسم قوله بخلاف ما لو أتلفه أي أو تمكن من دفع المتلفات عنه ولم يفعل ا ه شوبري قوله وله ولو بوكيله أداؤها إلخ أي وله مع الأداء بنفسه في المالين التوكيل فيه لأنه حق مالي فجاز أن يوكل في أدائه كديون الآدميين وشمل إطلاقه ما لو كان الوكيل كافرا أو رقيقا أو سفيها أو صبيا مميزا نعم يشترط في الكافر والصبي تعيين المدفوع له كما في المحرر وذكر البغوي مثله في الصبي وسكت عن الكافر ا ه شرح م ر وعبارته مع المتن في محل آخر وتكفي نية الموكل عند الصرف إلى الوكيل في الأصح وعليه لو نوى الوكيل وحده لم يكف إن لم يفوض إليه الموكل النية وهو من أهلها لا كافر وصبي أو مجنون ولو نوى الموكل وحده عند تفرقة الوكيل جاز قطعا انتهت وكتب عليه ع ش قوله لا كافر وصبي أي غير مميز ومفهومه الجواز من المميز لكن قال سم على حج قضية كلام شرح البهجة والروض والعباب خلافه وأقره حيث لم يتعقبه لكنه لم يقل فيه إنه الأوجه ولا نقل فيه عن الرملي شيئا على عادته والأقرب ما أفهمه كلام حج من الجواز لأن المميز من أهل النية فحيث اعتد بدفعه فينبغي الاعتداد بنيته لكن عبارة ز ي قيدها الأذرعي بمن هو أهل لها بأن يكون مسلما بالغا عاقلا لا صبيا ولو مميزا وكافرا كما اعتمده شيخنا م ر ولا رقيقا ا ه أقول يتأمل هذا مع قوله السابق فلا فرق في الوكيل بين كونه من أهل الزكاة أو لا وقد يجاب بأن ما سبق في صحة التوكيل في الدفع ولا يلزم منه التفويض في النية وعليه فينوي المالك الزكاة عند الدفع للصبي أو الكافر ا ه ما كتبه ع ش ورأيت في خط شيخنا الأشبولي بهامش م ر قوله لا كافر انظر هذا مع تصريحهم بأن النية هنا للتمييز وتقدم في زكاة الفطر أن الكافر المخرج عن غيره تصح نيته لأنها للتمييز ولعلهم اغتفروا ذلك هناك للضرورة ولا ضرورة هنا لنية الشخص عن غيره ا ه قوله فيجب أداؤها له(4/291)
أي وإن قال أي الإمام للمالك أنا آخذها منك وأصرفها في الفسق ولو علم من حاله ذلك فيجب الدفع له ويبرأ به لنفاذ حكمه وعدم انعزاله بالجور وله أن يقاتل الملاك إن امتنعوا من تسليمها له وقالوا نسلمها للمستحقين لافتياتهم على الإمام ا ه من شرح م ر بنوع تصرف في اللفظ قوله وليس له طلبها(4/292)
عن الباطن أي يحرم عليه وإذا دفعها المالك له حينئذ برئ وكذا إذا خالف أمره وصرفها بنفسه للمستحقين فإنه يبرأ ا ه من ع ش على م ر قوله وألحقوا بزكاة المال الباطن إلخ أي في أن الأفضل دفعها للإمام إن طلبها ا ه شوبري وهذا ليس بظاهر والصواب أن يقال في أنه ليس له طلبها إلا إذا علم أن المالك لا يزكي إلخ ا ه شيخنا ووجه الإلحاق أن واجبها اليسار وهو مما يخفى غالبا كالمال الباطن ا ه شوبري قوله وهو أفضل أي سواء في ذلك زكاة الظاهر والباطن ا ه ع ش على م ر وقوله بنفسه أو وكيله أي العدل العارف كما مر فيما يظهر ا ه إيعاب وكتب عليه انظر لو شك في نية الزكاة بعد دفعها هل يضر أو لا والذي يظهر الثاني ولا يشكل بالصلاة لأنها عبادة بدنية بخلاف هذه وأيضا هذه توسع في نيتها لجواز تقديمها وتعويضها إلى غير المزكي ونحو ذلك فليتأمل ا ه شوبري قوله إن كان عادلا ظاهره رجوعه لزكاة المالين وهو غير مراد بل هو قيد في الباطن فقط لما تقدم من أن الأفضل في الظاهر إعطاؤها للإمام ولو جائزا ا ه ع ش ولعل الفارق بينهما أن الزكاة في المال الظاهر يطلع غالبا على دفعها للمستحقين فإذا لم يدفعها الجائر يمكن مطالبته بها بخلاف زكاة المال الباطن قد لا يطلع على دفعها للمستحقين فاشترط فيها كونه عادلا ا ه ا ط ف قوله أيضا إن كان عادلا فيها أي وإن كان جائرا في غيرها ا ه ح ل قوله وتجب نية والاعتبار فيها بالقلب كغيرها ا ه شرح م ر قوله وبه فارق أي بكونها لا تقع إلا فرضا فارق إلخ لأن الظهر يقع على الفرض والنفل فالمراد بصلاة الظهر صاحبة الوقت المعلوم فرضا كانت أو سنة فلا بد من التعرض للفرضية قوله ما لو نوى صلاة الظهر هذا التعليل بناء على أن المعادة لا تجب فيها نية الفرضية وقد قدم م ر أن المعتمد خلافه اللهم إلا أن يقال إن الفرضية في المعادة وإن وجبت فالمراد بها إعادة ما كان فرضا بالأصالة أو نحوه على ما تقرر في محله والفرض المميز للأصلية عن(4/293)
المعادة هو الحقيقي فلا تعارض فليتأمل ا ه ع ش قوله ولا يكفي فرض مالي قيل هذا أي عدم كفاية فرض مالي إن كان عليه شيء من ذلك غير الزكاة ا ه ويرد بأن القرائن الخارجية لا تخصص النية فلا عبرة بكون ذلك عليه أو لا نظرا لصدق منوية بالمراد وغيره ا ه شرح حج وم ر قوله فإن نوى مع ذلك أي مع تعيين المخرج عن الغائب ا ه شيخنا قوله والمراد الغائب عن مجلسه أي والمراد بالمال الغائب في تمثيله المذكور الغائب عن مجلسه أي مجلس المخرج وغرضه بهذا دفع ما يقال كيف يصح الإخراج عن الغائب مع أنه يشترط الدفع لفقراء محل المال ولو كان غائبا فكيف يخرج المالك عنه لغير أهل محله تأمل قوله لا عن البلد أي أو عنها في محل لا مستحق فيه وبلد المالك أقرب البلاد إليه ا ه ح ل قوله لم تقع الموقع ظاهره وإن نوى السفيه لكن قال سم وينبغي كما وافق عليه م ر أنه يكفي نية السفيه وإن لم يفوضها إليه الولي ا ه ع ش قوله أن يفوض النية إليه أي السفيه بخلاف الصبي ولو مميزا على ما أفهمه تعبيره بالسفيه لكن مقتضى إطلاقه فيما تقدم عند قول المصنف وله التوكيل خلافه وسيأتي ما فيه وكتب عليه سم على المنهج بل ينبغي كما وافق عليه الرملي على البديهة أنه يكفي فيه السفيه وإن لم يفوض إليه الولي فليتأمل وأقول قد يتوقف فيه ويقال بعدم الاكتفاء لأن السفيه ليس له الاستقلال بأخذ المال إلا أن يصور ما قاله بما إذا عزل قدر الزكاة أو عينه له وقال له ادفعه للفقراء فدفعه واتفق له أنه نوى الزكاة ا ه ع ش على م ر وعبارة ح ل قوله وظاهر أن لولي السفيه إلخ ظاهر كلامه أنه لا يكفيه الاستقلال بالنية وفيه نظر لأنه الذي كان من حقه أن ينوي ونقل عن شيخنا اعتماد أن له أن ينوي بخلاف الصبي وظاهره ولو مميزا انتهت قوله وتعبيري بالمحجور إلخ قال الإسنوي والمغمى عليه يولى عليه كما هو مذكور في الحجر وحينئذ فينوي عنه الولي أيضا وتبعه على ذلك الزركشي وغيره ا ه إيعاب(4/294)
ا ه شوبري قوله وتكفي عند عزلها فلو عزل مقدار الزكاة ونوى عند العزل جاز ولا يضر تقديمها على التفرقة كالصوم لعسر الاقتران بإعطاء كل مستحق ولأن القصد من الزكاة سد حاجة مستحقها ولو نوى بعد العزل وقبل التفرقة أجزأه أيضا وإن لم تقارن النية أخذها كما في المجموع وفيه عن العبادي أنه لو دفع مالا إلى وكيله ليفرقه تطوعا ثم نوى به الفرض ثم فرقه الوكيل وقع عن الفرض إن كان القابض مستحقا أما تقديمها على العزل أو إعطاء الوكيل فلا يجزئ كأداء الزكاة بعد الحول من غير نية ولو نوى الزكاة مع الإفراز فأخذها صبي أو كافر ودفعها لمستحقها أو أخذها المستحق بنفسه ثم علم المالك بذلك أجزأه وبرئت ذمته منها لوجود النية من المخاطب بالزكاة مقارنة لفعله ويملكها المستحق لكن إذا لم يعلم المالك بذلك وجب عليه إخراجها ولو أفرز قدرها ونواها لم يتعين ذلك القدر المفرز للزكاة إلا بقبض المستحق له سواء كانت زكاة مال أم بدن والفرق بين ذلك والشاة المعينة للتضحية أن المستحقين للزكاة شركاء للمالك بقدرها فلا تنقطع شركتهم إلا بقبض معتبر أفتى بجميع ذلك الوالد رحمه الله تعالى ا ه شرح م ر قوله وبعده صادق بوقوع النية بين العزل والإخراج ومقتضاه أن النية تكفي عند العزل أو الإخراج أو بينهما فلها ثلاث مواضع وبالنية صرح م ر في شرحه فقال ولو نوى بعد العزل وقبل التفرقة أجزأ أيضا وإن لم تقارن النية أخذها ا ه قوله وعند دفعها لإمام أي وإن لم ينو الإمام عند الدفع للمستحقين لأنه نائبهم فالدفع إليه كالدفع لهم بدليل أنها لو تلفت عنده الزكاة لم يجب على المالك شيء والساعي في ذلك كالإمام ا ه شرح م ر قوله أيضا وعند دفعها لإمام أو وكيل ولا يحتاجان إلى النية عند صرفها للمستحقين في الأصح لحصول النية ممن خوطب بها وهو المالك مقارنة لفعله وهو الدفع للإمام أو الوكيل فلذلك قال والأفضل إلخ ومقابل الأصح أن نية المالك وحده لا تكفي بل لا بد من نية الوكيل أو(4/295)
الإمام كما لا تكفي نية المستنيب في الحج وفرق الأول بأن العبادة في الحج فعل النائب فوجبت النية منه وهي هنا بمال الموكل فكفت نيته ا ه من شرح م ر بنوع تصرف فرع لو نوى الدافع الزكاة والآخذ غيرها كصدقة تطوع أو هدية أو غيرهما فالعبرة بقصد الدافع ولا يضر صرف الآخذ لها عن الزكاة إن كان من المستحقين فإن كان الإمام أو نائبه ضر صرفهما عنها ولم تقع زكاة ومنه ما يؤخذ من المكوس والرمايا والعشور وغيرها فلا ينفع المالك نية الزكاة فيها وهو المعتمد ويؤيده إفتاء ابن الرداد ا ه شوبري أي ولأن ما يأخذونه من ذلك لا يصرفونه مصرف الزكاة ا ه شيخنا ح ف قوله وله أن يوكل فيها أي أهلا لها أي لنية الزكاة لا للنية مطلقا بأن يكون مسلما بالغا عاقلا لا صبيا ولو مميزا وكافرا ورقيقا ا ه حلبي قوله أيضا وله أن يوكل فيها أي يوكل شخصا وكله في التفرقة فلا يصح التوكيل في النية وحدها فلو وكل في النية وحدها ونوى الوكيل عند صرف الموكل لم تكف هذه النية لأنه إنما اغتفرت النية من الوكيل إذا أذن له في تفرقة الزكاة لأنها وقعت تبعا كما صرح به ابن حجر في شرح الأربعين عند قوله وإنما لكل امرئ ما نوى لكنه صرح في باب الوكالة بخلافه وعبارته بعد قول المصنف وأن يكون قابلا للنيابة فلا تصح في عبادة إلا الحج وتفرقة الأضحية سواء أوكل الذابح المسلم المميز في النية أم وكل فيها مسلما مميزا غيره ليأتي بها عند ذبحه كما لو نوى الموكل عند ذبح وكيله وقول بعضهم لا يجوز أن يوكل فيها آخر مردود ا ه فقوله ليأتي بها عند ذبحه صريح في أن التوكيل في النية وحدها صحيح ا ه ع ش على م ر وفي سم فرع له أن يوكل واحدا في النية وآخر في الدفع ا ه م ر ا ه قوله وتلزمه أي عند الأخذ منه كما قاله البغوي والمتولي وبحث ابن الأستاذ أنها تكفي عند الدفع للمستحق وهو القياس فالمعتمد أن السلطان كالمالك كما أشار إليه الشارح بقوله إقامة لها مقام نية المزكي ا ه برماوي قوله أيضا(4/296)
وتلزمه أي تلزم النية الإمام وتكفي منه عند الأخذ أو التفرقة كما قاله جمع وهو المعتمد والأصح أن نيته تكفي في الإجزاء ظاهرا وباطنا لقيامه مقامه في النية كما في التفرقة ومحل لزوم النية للإمام ما لم ينو الممتنع عند الأخذ منه قهرا فإن نوى كفى وبرئ ظاهرا وباطنا وتسميته حينئذ ممتنعا باعتبار ما سبق له من الامتناع وإلا فقد صار بنيته(4/297)
غير ممتنع فلو لم ينو الإمام ولا المأخوذ منه لم يبرأ منها لا ظاهرا ولا باطنا ويجب رد المأخوذ إن كان باقيا وبدله إن كان تالفا ا ه شرح م ر وقوله فإن نوى كفى أي نوى عند الأخذ منه وكذا لو نوى بعد أخذ السلطان وقبل صرفه للمستحقين أو بعد أخذهم حيث مضى بعد نيته ما يمكن فيه القبض وقوله ويجب رد المأخوذ أي على من المال في يده من إمام أو مستحق لكن للإمام طريق إلى إسقاط الوجوب بأن ينوي قبل التفرقة قاله حج تنبيه أفتى شارح الإرشاد الكمال الرداد فيمن يعطي الإمام أو نائبه المكس بنية الزكاة فقال لا يجزئ ذلك أبدا ولا يبرأ عن الزكاة بل هي واجبة بحالها لأن الإمام إنما يأخذ ذلك منهم في مقابلة قيامه بسد الثغور وقمع القطاع والمتلصصين عنهم وعن أموالهم وقد أوقع جمع ممن ينسب إلى الفقه وهو باسم الجهل أحق أهل الزكوات ورخصوا لهم في ذلك فضلوا وأضلوا ا ه ومر ذلك بزيادة وأطال في ذلك فراجعه فإنه نفيس ونقل عن إفتاء الشهاب الرملي الإجزاء إذا كان الآخذ مسلما ونقل مثله أيضا بالدرس عن الزيادي لبعض الهوامش ا ه ع ش
باب تعجيل الزكاة وما يذكر معه
أي باب بيان جوازه وعدمه وقد منع الإمام مالك رضي الله عنه صحة التعجيل وتبعه ابن المنذر وابن خزيمة من أئمتنا ودليلنا أنه {صلى الله عليه وسلم} أرخص للعباس رضي الله عنه في تعجيل صدقته قبل أن تحل حين سأله في ذلك ولأنه حق مالي عجل رفقا فجاز تقديمه على أجله كالدين وأيضا لأنه حق مالي وجب بسببين فجاز تقديمه على أحدهما كتقديم الكفارة على الحنث وقد وافق المخالف عليها ا ه برماوي قوله وما يذكر معه أي من قوله والزكاة تتعلق بالمال تعلق شركة إلخ قوله صح تعجيلها لعام إلخ محله في غير الولي أما هو فلا يجوز له التعجيل عن موليه سواء الفطرة وغيرها نعم إن عجل من ماله جاز فيما يظهر ا ه شرح م ر ا ه شوبري قال ع ش ولا يرجع الولي على المولى عليه وإن نوى الرجوع لأنه إنما يرجع بما يصرفه عنه عند الاحتياج ولا حاجة له في هذا(4/298)
التعجيل ا ه قوله لعام أي عن عام أي عن زكاة عام فلا بد من هذا التأويل ا ه شيخنا قوله فعجل زكاتهما أي المائتين وهذا ليس بقيد بل لو عجل زكاة أربعمائة جاز ا ه ع ش وقياسه أن يقال في قوله فعجل زكاة أربعمائة أنه ليس بقيد بل لو عجل زكاة أكثر منها جاز ا ه شيخنا قوله وهو يساويهما أي ولو بالقدر المخرج لأنه كالباقي في ملكه ا ه برماوي قوله فيجزئه المعجل وإن لم يساو إلخ وكأنهم اغتفروا له تردد النية إذ الأصل عدم الزيادة لضرورة التعجيل وإلا لم يجز تعجيل أصلا لأنه لا يدري ما حاله عند آخر الحول وبهذا يندفع ما للسبكي هنا ا ه شرح م ر قوله وإن لم يساو المال إلخ هذا الغاية علمت من قوله أو لا ولو بدون نصاب إلا أن يقال ذكرها توطئة لقوله بناء على ما مر إلخ ولقوله وكلام الأصل إلخ تأمل ا ه إطفيحي قوله يقتضي المنع في هذه الصورة أي حيث قال ولا يجوز تعجيل الزكاة على ملك النصاب وقوله وليس مرادا أي لأن كلام الأصل مفروض في الزكاة العينية لا في زكاة التجارة لما قدمه من أن العبرة فيها بآخر الحول ا ه شيخنا قوله كالتعجيل قبل كمال النصاب إلخ تنظير لقوله وخرج بالعام إلخ ا ه شيخنا ومثاله ما لو ملك مائة درهم فعجل خمسة دراهم لتكون زكاة إذا تم النصاب وحال الحول عليه واتفق ذلك فلا يجزيه إذ لم يوجد سبب وجوبها لعدم المال الزكوي فأشبه أداء الثمن قبل البيع والدية قبل القتل والكفارة على اليمين ولو ملك خمسا من الإبل فعجل شاتين فبلغت بالتوالد عشرا لم يجزه ما عجله عن النصاب الذي كمل الآن لما فيه من تقديم زكاة العين على النصاب فهو شبيه بما لو أخرج زكاة أربعمائة درهم ولا يملك إلا مائتين ولو عجل شاة عن أربعين شاة ثم ولدت أربعين ثم ماتت الأمهات لم يجزه المعجل عن السخال لأنه عجل الزكاة عن غيرها فلم يجزه عنها ولو ملك مائة وعشرين شاة فعجل عنها شاتين فحدثت سخلة قبل الحول لم يجزه ما عجله عن النصاب الذي كمل الآن كما نقله في الشرح(4/299)
الصغير عن تصريح الأكثرين واقتضاه كلام الكبير خلافا لما في الحاوي الصغير ا ه شرح م ر قوله يجزئ للأول فقط أي وإن لم يميز حصة كل عام على المعتمد خلافا لما وقع في البحر من أنه لو أخرج من عليه خمسة دراهم(4/300)
عشرة مثلا ونوى بها الزكاة والتطوع وقع الكل تطوعا والفرق أن مسألة البحر قد شرك فيها بين الفرض والنفل وهو مضر ولا كذلك هنا ا ه برماوي وعبارة الشوبري قوله يجزئ للأول فقط قال شيخنا مطلقا سواء كان في ذلك ميز حصة كل عام أم لا كما اقتضاه كلام الأصحاب خلافا للسبكي والإسنوي ومن تبعهما والفرق بين هذا وبين ما ذكره في البحر من أنه لو أخرج من عليه خمسة دراهم عشرة ونوى بها الزكاة والتطوع وقع الكل تطوعا ظاهر ا ه شرح م ر انتهت وقوله ظاهر وهو أنه في مسألة البحر جمع بين فرض ونفل وفي هذه نوى ما يجزئ وما لا يجزئ مما ليس عبادة أصلا فلا يصلح معارضا لما نواه ا ه ع ش عليه قوله يجزئ للأول فقط أي يجزئ منه ما يخص الأول والباقي يسترده فلا بد من هذا التأويل لصدق ظاهر العبارة بخلاف المراد ا ه شيخنا قوله صدقة عامين يجوز تنوين صدقة وإضافتها والأول أقرب للجواب المذكور ا ه برماوي قوله وخرج بانعقاد الحول ما لو لم ينعقد وهذا بخلاف ما لو عجل واحدة من أربعين لعام فإنه يصح وإن لم يبق بعد إخراجها نصاب لانعقاد الحول قبل إخراجها تأمل ا ه شوبري قوله ولفطرة أي عن فطرة أي زكاة فطر ا ه شيخنا وتأخيرها أفضل خروجا من خلاف من منعه ا ه ع ش على م ر قوله لأنها تجب بالفطر من رمضان إلخ عبارة شرح م ر لانعقاد السبب الأول إذ هي وجبت بسببين رمضان والفطر منه وقد وجد أحدهما فجاز تقديمها على الآخر ولأن التقديم بيوم أو يومين جائز باتفاق الأصحاب فألحق الباقي به قياسا بجامع إخراجها في جزء منه انتهت قوله فهو أي رمضان سبب آخر لكن المراد ما يشمل كله أو بعضه فإذا عجلها فيه يقال إنه عجلها عن أحد السببين وهو الفطر وأما السبب الآخر فقد عجلها فيه لا عنه وما تقدم من أن أحد السببين آخر جزء من رمضان فهو بيان لأقل ما يتحقق به السبب الأول ا ه شيخنا وعبارة البرماوي قوله فهو سبب آخر لها الضمير راجع لرمضان فالسبب الثاني الفطر منه والسبب الأول دخوله(4/301)
انتهت قوله إذ لا يعرف قدره تحقيقا ولا تخمينا أي ولأن وجوبها بسبب واحد وهو إدراك الثمار والحبوب فيمتنع التقديم عليه ا ه شرح م ر قوله أما بعده فيصح أي حيث كان الإخراج من غير الثمر والحب اللذين أراد الإخراج عنهما لما تقدم أنه لو أخرج من الرطب أو العنب قبل جفافه لا يجزئ وإن جف وتحقق أن المخرج يساوي الواجب أو يزيد عليه ا ه ع ش على م ر قوله قبل الجفاف والتصفية أي بأن يخرج من شيء آخر عنده جافا مصفى فالإخراج لازم بعد الجفاف والتصفية لأنه وقته ولو غاب الآخذ ولم تعلم حياته أو لاحتياجه لم يضر كما قاله الحناطي وفي البحر نحوه لأن الأصل بقاء الاستحقاق فقوله قبل وقت وجوبها أي يقينا أو استصحابا بدليل ما لو غاب المدفوع إليه ويقاس على ذلك غيبة المال حتى لو عجل عنه في محل ثم سافر به إلى محل آخر أجزأه المعجل كما اعتمده العلامة الرملي ا ه برماوي قوله وشرط لإجزاء المعجل إلخ الذي اعتمده م ر أنه يكفي في المستحق كونه بصفة الاستحقاق وقت الأخذ ووقت الوجوب وإن خرج عن ذلك بينهما كأن ارتد بعد الأخذ ثم أسلم قبل تمام الحول وكذا لو غاب عند الحول أو قبله ولم تعلم حياته أو احتياجه أجزأ المعجل كما في فتاوى الحناطي وهو أقرب الوجهين في البحر وأما المالك فلا بد أن يكون بصفة الوجوب جميع الحول ا ه خضري وأجهوري على التحرير ولا بد من العلم بكون الآخذ مستحقا في آخر الحول أي ولو بالاستصحاب فلو غاب عند الحول أو قبله ولم تعلم حياته أو احتياجه أجزأ المعجل كما في فتاوى الحناطي وهو أقرب الوجهين في البحر ومثل ذلك ما لو حصل المال عند الحول ببلد غير بلد القابض فإن المدفوع يجزئ عن الزكاة كما اعتمده الوالد رحمه الله تعالى إذ لا فرق بين غيبة القابض عن بلد المال وخروج المال عن بلد القابض خلافا لبعض المتأخرين ا ه شرح م ر وهل يجري ذلك في البدن في الفطرة حتى لو عجل الفطرة ثم كان عند الوجوب في بلد آخر أجزأ أو لا ولا بد من الإخراج(4/302)
ثانيا إذا كان عند الوجوب ببلد آخر فيه نظر ا ه سم على حج والأقرب الأول للعلة المذكورة في كلام الشارح فإن قضيتها أنه لا فرق بين زكاة المال والبدن ا ه ع ش عليه فرع لو شك في تقدم الموت أي على(4/303)
الحول أو غاب الفقير وشك في موته أو غناه بمال آخر أو عرض مانع فيه ثم زال قبل الحول أو استغنى بالمعجل ولو مع غيره كالاتجار فيه لم يضر كذا في العباب وظاهره الإجزاء في غيبة الفقير وإن كانت غيبته تمنع نقل الزكاة وهو ما اعتمده شيخنا الرملي وأن مثل ذلك ما لو عجل في بلد وسافر إلى أخرى حال عليه الحول بها فيجزئ وإن كان من عجل عليه ليس من مستحقي البلد الذي حال الحول به ثم رأيت م ر جزم باعتماد الإجزاء فيما لو غاب الفقير غيبة تمنع النقل وفيما عجل عن مال التجارة ثم انتقل المال لموضع آخر ا ه سم قوله هو أعم من تعبيره بآخر الحول أي لأنه لا يشمل مسألة النابت إذ ليس فيها حول ا ه سم أي فيما لو عجل فيها بعد الوجوب وقبل التصفية أو الجفاف ولا يشمل أيضا زكاة الفطر إذ لا حول فيها قوله فلو كان أحدهما ميتا إلخ ولو مات المعجل لزكاته لم يقع ما عجله عن زكاة وارثه ا ه شرح م ر وقوله لم يقع ما عجله عن زكاة وارثه أي بل يسترد إن علم القابض التعجيل ومحله ما لم يكن بيد القابض ويعلم بها الوارث وينوي بها الزكاة ويمضي زمن يمكن فيه القبض قياسا على ما سيأتي عن سم في قوله تنبيه إلخ ا ه ع ش عليه قوله أو المستحق مرتدا بخلاف المالك إذا ارتد لا يخرج عن أهلية الوجوب قال الشارح في غير هذا الكتاب وأما ردته يعني المالك فلا تؤثر في سقوط الزكاة وإن لم يرجع عنها إلا بعد الحول كما مر ا ه سم قوله ولا يرد ما لو عجل إلخ أي لا يرد على المتن في قوله وشرط إلخ أي لا يقدح في كون ما قاله شرطا تخلف المشروط عنه وقوله مع وجود الشرط المذكور وهو أهليتهما والظرف متعلق بلم يجز وجواب الإيراد قوله لأنه لا يلزم إلخ ا ه شيخنا أي لإمكان تخلف المشروط لفقد سبب أو شرط آخر أو وجود مانع وهنا قد فقد شرط آخر صرح به حج فقال نعم يشترط مع بقاء ذلك أن لا يتغير الواجب وإلا كان عجل بنت مخاض إلى أن قال وهذه الصورة تغير فيها الواجب فلم ترد ا ه قوله وبلغت ستا(4/304)
وثلاثين أي بالتي أخرجها ا ه رشيدي قوله بل يستردها ويعيدها إلخ فلو تلفت لم يلزم إخراج لبنت اللبون لأنا إنما نجعل المخرج كالباقي إذا وقع محسوبا عن الزكاة وإلا فلا بل هو كتلف بعض المال قبل الحول ولا تجديد لبنت المخاض لوقوعها موقعها ا ه شرح م ر وقوله لم يلزم إخراج لبنت لبون أي لنقص الذي يخرج عنه بتلف المخرجة عن ست وثلاثين ا ه رشيدي عليه أي لما تقدم أن الفرض أن النصاب إنما تم بها فإذا ماتت لم يكمل النصاب فلا يلزمه بنت لبون قوله أيضا بل يستردها ويعيدها إلخ محل ذلك ما لم يجدد لها نية بأن ينوي أنها عن الستة والثلاثين وإلا فلا يلزمه استردادها ولا إخراج غيرها ا ه شيخنا وفي ع ش على م ر ما نصه تنبيه يتجه أن محل ما ذكره من عدم الإجزاء باعتبار الدفع السابق والنية السابقة فلو نوى بعد أن صارت بنت لبون ومضى زمن يمكن فيه القبض وهي بيد المستحق فينبغي أن تقع حينئذ عن الزكاة ا ه سم على حج ا ه قوله لا يلزم من وجود الشرط وهو هنا كونه الآن بصفة الإجزاء وجود المشروط وهو الإجزاء أي لقيام المانع ا ه رشيدي والأولى أن يقول لتخلف الشرط كما تقدم عن حج قوله ولا يضر غناه بها أي الزكاة المعجلة لكثرتها أو توالدها أو تجارته فيها أو غير ذلك ا ه شرح م ر قوله ولو مع غيرها فلو تلفت وكان الرجوع ببدلها يؤدي إلى خروجه عن الغنى كان كالعدم بحثه الأذرعي رحمه الله تعالى ا ه عميرة ا ه سم قوله لأنه إنما أعطي ليستغني أي ولأنا لو أخذنا بعد غناه بها لافتقر واحتجنا إلى ردها له فإثبات الاسترجاع يؤدي إلى نفيه ا ه شرح م ر قوله أخذها بعد أخرى نعت لكل من الواجبة والمعجلة وأفرد الضمير لأن العطف بأو وقوله بعد أخرى أي بعد أخرى معجلة وقوله وقد استغنى بها أي بالواجبة التي أخذها بعد أخرى معجلة أو بالمعجلة التي أخذها بعد أخرى معجلة فمعنى العبارة أنه إذا أخذ زكاة معجلة ثم إنه في آخر الحول أخذ زكاة واجبة وقد استغنى بتلك الواجبة أو أخذ(4/305)
زكاة معجلة وقد استغنى بتلك المعجلة الثانية ففي الصورتين يتبين عدم إجزاء الأولى لأنه قد استغنى بغيرها عند تمام الحول وعبارة شرح م ر ولو استغنى بزكاة أخرى معجلة أو غير معجلة فكاستغنائه بغير الزكاة كما صرح به الفارقي وقال الأذرعي إن عبارة الأم تشهد له وتصور هذه المسألة بما إذا تلفت المعجلة ثم(4/306)
حصل غناه من زكاة أخرى وتمت في يده بقدر ما يوفي منها بدل التالف ويبقى غناه وبما إذا بقيت وكان حالة قبضها محتاجا إليهما ثم تغير حاله فصار في آخر الحول يكتفي بإحداهما وهما في يده والأوجه أنه لو أخذ معجلتين معا وكل منهما تغنيه تخير في دفع أيهما شاء فإن أخذهما مرتبا استردت الأولى على ما اقتضاه كلام الفارقي والمعتمد كما جرى عليه السبكي أن الثانية أولى بالاسترجاع ويؤيده قول البندنيجي وغيره لو كان المدفوع إليه المعجلة غنيا عند الأخذ فقيرا عند الوجوب لم يجزه قطعا لفساد القبض ولو كانت الثانية غير معجلة فالأولى هي المستردة وعكسه بعكسه إذ لا مبالاة بعروض المانع بعد قبض الزكاة الواجبة ولو استغنى بالزكاة وغيرها لم يضر أيضا كما اقتضاه كلام المصنف وجزم به في الروضة لأنه بدونها ليس بغني خلافا لإمام الحرمين في شامله انتهت قوله وإذا لم يجز المعجل إلخ وليس له الاسترداد قبل عروض المانع لتبرعه بالتعجيل فامتنع عليه الرجوع فيه كمن عجل دينا مؤجلا حتى لو شرط الاسترداد بدون مانع لم يسترد والقبض حينئذ صحيح فيما يظهر إلا إذا كان عالما بفساد الشرط لتبرعه حينئذ بالدفع ا ه شرح م ر فرع لو أخرج المرتد حال ردته زكاة معجلة أو واجبة ثم مات مرتدا فالوجه الذي لا يصح غيره وفاقا للطبلاوي وم ر أنها تسترد وتكون فيئا وإن لم يشترط الاسترداد في المعجلة لأنه تبين زوال ملكه وأنه تصرف في ملك غيره وشرط الاسترداد وعدمه إنما يؤثر بالنسبة للمالك وهذا غير مالك بخلاف ما لو أخرج المسلم ثم مات مرتدا فإنه لا يسترد لأنه حين تصرفه كان مالكا كما وافق عليه م ر نعم إن كان شرط الاسترداد فالوجه أن الإمام يسترد ويكون فيئا فليتأمل ا ه سم قوله استرده إلخ ولا شيء عليه للقابض في مقابلة النفقة لأنه أنفق على نية أن لا يرجع قياسا على الغاصب إذا جهل كونه مغصوبا وعلى المشتري شراء فاسدا ا ه ع ش على م ر قوله أيضا استرده أو بدله أي ويجب تجديد الزكاة(4/307)
ثانيا كما مر نعم لو عجل شاة من أربعين فتلفت في يد القابض لم يجب التجديد لأن الواجب القيمة ولا يكمل بها نصاب السائمة ا ه شرح م ر وقوله لم يجب التجديد أي والصورة أنه عرض مانع من وقوعها زكاة ا ه رشيدي قوله أيضا استرده أو بدله قال في العباب والإيعاب وحينئذ لا يحتاج إلى نقض الملك بلفظ يدل عليه كرجعت بل ينتقض بنفسه كما في المجموع عن الإمام وبه يعلم أن ملك المعجل ينتقل للدافع بمجرد وجود سبب الرجوع من غير لفظ وهو كذلك كما يصرح به قوله أيضا ليس هذا كالرجوع في الهبة لأن القابض هنا لا يملك إلا بسبب الزكاة فإذا لم يقع زكاة زال الملك ا ه شوبري قوله من مثل كأن عجل زكاة الثمار بعد صلاحها أو الحبوب بعد اشتدادها كأن أخرج تمرا أو حبا مما عنده قبل جفاف الثمار وتصفية الحبوب ا ه برماوي قوله إن تلف وفي معنى التلف البيع ونحوه ا ه شرح م ر وبقي ما لو وجده مرهونا و الأقرب فيه أخذ قيمته للحيلولة أو يصبر إلى فكاكه أخذا مما في البيع ا ه ع ش عليه قوله لأن ما زاد حصل في ملك القابض فلا يضمنه تنبيه هل يجري هذا التفصيل في غير الزكاة مما هو نظيرها بأن كان له سببان فعجل عن أحدهما كأن ذبح متمتع عقب فراغ عمرته ثم دفعه للمستحق فبان أنه ممن لا يلزمه دم فيقال إن شرط أو قال دمي المعجل أو علم القابض بالتعجيل رجع وإلا فلا أو يختص هذا بالزكاة ويفرق بأنها في أصلها مواساة فرفق بمخرجها معجلا لها بتوسيع طرق الرجوع له بخلاف نحو الدم والكفارة فإنه في أصله بدل جناية فضيق عليه بعدم رجوعه في تعجيله مطلقا كل محتمل وفرضهم ذلك في الزكاة ولم يتعرضوا لغيرها يميل للثاني والمدرك يميل للأول ا ه حج ا ه شوبري قوله حصل في ملك القابض يشعر بأن القابض لو كان غير مستحق حال القبض لزمه قيمته وقت التلف لعدم ملكه للزيادة وهو نظير ما يأتي من استرداد الزيادة المنفصلة وما معها في هذه الحالة تأمل قوله بلا زيادة منفصلة قال في شرح الروض حقيقة كالولد(4/308)
والكسب أو حكما كاللبن بضرع الدابة والصوف بظهرها كما في الموهوب للولد والمبيع للمفلس بجامع حدوث الزيادة في ملك الآخذ ا ه وقوله والصوف بظهرها أي إذا بلغ أو إن جذه كما قيده الشهاب ابن حج في شرح العباب وأما إذا لم يبلغ أوان الجذ عادة فهو من الزيادة المتصلة فتنبه له ولا يشكل اللبن بالضرع والصوف بالظهر بالحمل خصوصا ما بلغ(4/309)
أوان الوضع لأن كلا منهما لما كان مقدورا على فصله كان كالمنفصل بخلاف الحمل فليتأمل ا ه شوبري قوله وولد قال شيخنا بخلاف الحمل فإنه من المتصلة كما اعتمده شيخنا الرملي ونوزع فيه بأنهم لم يجعلوه كالمتصلة إلا في المفلس وعللوه بتقصير المفلس فليراجع ا ه قليوبي على التحرير أي فلما جاء السبب من جهة المفلس مكنا البائع من الرجوع في الولد ا ه عناني وعبارة الشوبري قوله بخلاف المتصلة كسمن وكبر وحمل على ما بحثه شيخنا م ر نقل عنه في الحواشي وهو نظير الفلس ويخالف الرد بالعيب انتهت قوله ولا أرش نقص صفة المراد بالصفة هنا ما لا يفرد بعقد فيشمل قطع الأطراف وليس المراد بها ما قابل العين ا ه شيخنا قوله إن حدثا أي الزيادة ونقص الصفة ا ه شيخنا قوله فإنه يستردهما ظاهره وإن حصل النقص بلا تقصير كآفة سماوية وهو ظاهر لأن العين في ضمانه حتى يسلمها لمالكها لأنه قبضها لغرض نفسه فليراجع ا ه رشيدي على م ر قوله إن علم قابض التعجيل شرط في قوله استرده كما أشار له الشارح أي علم مع القبض أو بعده على المعتمد ا ه ز ي ورحماني على التحرير ومثلهما شرح م ر والمراد بالبعدية ما قبل التصرف فيه كما في حج قوله كهذه زكاتي المعجلة وكما لو علم القابض أنها معجلة بطريق آخر وقت القبض أو بعده وقبل التصرف في المعجل وخرج بقوله المعجلة ما لو أعلمه بأنها زكاة فلا يكفي عن علم التعجيل فلا يستردها لتفريطه بترك ذلك ا ه شرح م ر قوله فإن لم يوجد شيء من ذلك أي من الشرط والقول المذكور وكان الأخصر والأظهر أن يقول فإن لم يعلم إلخ قوله بل يقع نفلا هل مثل المعجل في ذلك ما لو دفع عن المال في وقت الوجوب فتبين كونه تالفا فيقع نفلا انظره ا ه ح ل قوله وحلف قابض إلخ عبارة أصله مع شرح م ر والأصح أنهما لو اختلفا في مثبت استرداد صدق القابض أو وارثه بيمينه لأن الأصل عدمه ولأنهما اتفقا على انتقال الملك والأصل استمراره ولأن الغالب هو الأداء في الوقت ويحلف(4/310)
القابض على البت ووارثه على نفي العلم وعبارته شاملة لما لو اختلفا في نقص المال عن النصاب أو تلفه قبل الحول أو غير ذلك وهو كذلك وإن قال الأذرعي فيه وقفة ولم أر فيه نصا والثاني يصدق المالك بيمينه لأنه أعرف بقصده ولهذا لو أعطى ثوبا لغيره وتنازعا في أنه عارية أو هبة صدق الدافع ومحل الخلاف في غير علم القابض بالتعجيل أما فيه فيصدق القابض بلا خلاف لأنه لا يعرف إلا من جهته ولا بد من حلفه على نفي العلم بالتعجيل على الأصح في المجموع لأنه لو اعترف بما قاله الدافع لضمن انتهت قوله في مثبت استرداد بأن ادعى المالك وجوده والقابض عدمه ا ه قوله وهو واحد مما ذكر أي من الشرط ودونه وما إذا تلف المال وما إذا كان المالك والآخذ غير أهل للوجوب والاستحقاق وغير ذلك ا ه شيخنا وعبارة شرح م ر ولو اختلفا في مثبت الاسترداد كعلم القابض بالتعجيل أو تصريح المالك به أو باشتراط الرجوع عند عروض المانع انتهت قوله تعلق شركة أي لا تعلق رهن وهي شركة غير محضة كما أشار له الشارح بقوله وإنما جاز إلخ وعبارة أصله مع شرحها للمحلي وهي أي الزكاة تتعلق بالمال الذي يجب في عينه تعلق الشركة بقدرها وفي قول تعلق الرهن بقدرها منه وقيل بجميعه وفي قول تتعلق بالذمة كزكاة الفطرة ويدل للأول أنه لو امتنع من إخراجها أخذها الإمام من ماله قهرا كما يقسم المال المشترك قهرا إذا امتنع الشركاء من قسمته وللثاني أنه لو امتنع من أدائها ولم يوجد السن الواجب في ماله كان للإمام أن يبيع بعضه ويشتري السن الواجب كما يباع المرهون لقضاء الدين وللثالث أنه يجوز إخراجها من غير المال واعتذروا للأول عن هذا بأن أمر الزكاة مبني على المساهلة والإرفاق فيحتمل فيه ما لا يحتمل في سائر الأموال المشتركة ولو كان الواجب من غير جنس المال كالشاة الواجبة في الإبل فقيل لا يجري فيه قول الشركة والأصح جريانه وتكون الشركة بقدر قيمة الشاة وهل الواجب على قول الشركة في أربعين شاة(4/311)
مثلا شاة مبهمة أو جزء من كل شاة وجهان يأتيان على قول تعلق الرهن أيضا بالبعض وفي الروضة وأصلها أن الجمهور جعلوا تعلق الرهن والذمة قولا واحدا فقالوا يتعلق بالذمة والمال مرتهن بها وحكاية قول رابع أنها تتعلق به تعلق الأرش برقبة العبد الجاني لسقوطها بتلف المال والتعلق بقدرها منه وقيل(4/312)
بجميعه وعلى الأول يأتي الوجهان في مسألة الشاة السابقة فلو باعه أي المال بعد وجوب الزكاة قبل إخراجها فالأظهر بطلانه أي البيع في قدرها وصحته في الباقي والثاني بطلانه في الجميع والثالث صحته في الجميع والأولان قولا تفريق الصفقة ويأتيان على تعلق الشركة وتعلق الرهن أو الأرش بقدر الزكاة ويأتي الثالث على ذلك أيضا ففي قول يصح البيع على قدر الزكاة على تعلق الشركة لأن ملك المستحقين غير مستقر فيه إذ للمالك إخراج الزكاة من غير مالها وعلى تعلق الرهن لأنه يثبت من غير اختيار المالك ولغير معين فسومح فيه ما لا يسامح في سائر المرهون وعلى تعلق الأرش ويكون بالبيع مختارا للإخراج من مال آخر وإذا صح في قدرها فما سواه أولى وعلى تعلق الذمة يصح بيع الجميع قطعا ولو باع بعض المال ولم يبق قدر الزكاة فهو كما لو باع الجميع وإذا أبقى قدرها بنية الصرف فيها أو بلا نية فعلى تعلق الشركة في صحة البيع وجهان قال ابن الصباغ أقيسهما البطلان لأن حق المستحقين شائع فأي قدر باعه كان حقه وحقهم والأول قال ما باعه حقه وعلى تعلق الرهن أو الأرش بقدر الزكاة يصح البيع انتهت قوله وإنما جاز إخراجها إلخ وارد على قوله تعلق شركة إذ كان مقتضاه أنه لا يجوز إخراجها من غير المال قوله لبناء أمرها على المساهلة يعتذر بذلك أيضا عن عدم المشاركة فيما يحصل من أمر الفوائد كالنسل والدر ا ه برماوي قوله بقدر قيمتها من الإبل ولو باع النصاب في هذه الحالة بطل في الكل قال الإسنوي ولو أصدق زوجته نصابا فمكث عنده حولا ثم قالت له طلقني فقال لها إن أبرأتني فأنت طالق فأبرأته فإنه لا يقع الطلاق ومحل ذلك ما لم تعط زكاة النصاب فإن أعطت الزكاة وأبرأته طلقت ا ه برماوي قوله فلو باعه أو بعضه قبل إخراجها إلخ سئل شيخنا حج عمن باع النصاب وقلنا بالراجح وهو بطلان البيع في قدر الزكاة فقط فإذا رد المشتري على البائع قدر الزكاة فهل ينقطع تعلق الساعي على ما بيده أو لا(4/313)
فأجاب بقوله الذي يظهر أنه إن ميز ذلك بإذن البائع لم يكن للساعي مطالبته لأن للمالك أن يعين قدر الزكاة من النصاب في واحدة وليس للساعي طلب غيرها ولا شك أن تمييزه أو تمييز المشتري بإذنه بمثابة تعيينه فيه فينحصر حق الساعي فيما عينه فليس له مطالبة المشتري بشيء وإن ميزه بغير إذن البائع فالتمييز فاسد فلا ينقطع فيه حق الساعي وإن قبضه البائع إذ رضاه به بعد وقوعه فاسدا لا يقلبه صحيحا إلى آخر ما ذكره مما يجب الوقوف عليه واستفادته وسئل شيخنا المذكور أيضا عمن باع النصاب قبل الحول فتم في زمن الخيار وهو في ملكه أو في ملك المشتري أو موقوف ما حكمه فأجاب بأنه إن كان الخيار للبائع فملك المبيع له فتجب زكاته فإن تم البيع فهو كبيعه بعد الحول وإن كان للمشتري فلا زكاة على أحد وكذا إن قلنا موقوف ما لم يفسخ العقد فالزكاة على البائع ولو لزم البيع فامتنع البائع من إخراج الزكاة إلا من المبيع قال الماوردي فإن كان معسرا لم يمكن أو موسرا فإن كان نصاب تجارة فهذا يجب أن تؤخذ زكاته من مال بائعه لتعلق حق المشتري بالعين والزكاة بالقيمة وما تعلق بالعين أقوى وإن كان مما تجب الزكاة في عينه فإن قلنا بالشركة أخذت من المبيع ا ه وفيه نظر والأوجه عندي أنه لا فرق بين الموسر والمعسر لأنه إن راعى حق المشتري فمراعاة حق المستحقين أولى ولا نظر لتجدد وجوب الزكاة عليه بعد البيع لأن أحدهما كان متمكنا من الفسخ عند وجوبها وما ذكره في مسألة التجارة محتمل ا ه فرع قال في العباب وأنه لو نذر التصدق بعين النصاب أو بعضه معينا أو قال جعلته صدقة أو هديا أو أضحية فتم الحول قبل صرفه بجهة النذر فلا زكاة لزوال ملكه عنه أو غير معين كنذره التصدق بشاة وجبت ولو لزمه حج أو كفارة فكدين النذر ولو نذر التصدق بخمس معشراته تصدق به وزكى الباقي إن كان نصابا أو التصدق بخمس ماله أخرج الزكاة ثم تصدق بخمس الباقي ا ه وقوله تصدق به وزكى الباقي إن كان نصابا(4/314)
يدل على أن النذر قبل تمام الحول لظهور أنه إذا كان بعد تمامه زكى الجميع لوجوب زكاة الجميع بمجرد تمام الحول فلا يؤثر فيه النذر فليراجع وقوله أخرج الزكاة ثم تصدق بخمس الباقي لعل ذلك مصور بما إذا كان النذر بعد تمام الحول وإلا كان القياس وجوب التصدق بخمس الجميع لا بخمس الباقي لوجوب التصدق(4/315)
بخمس الجميع قبل تعلق وجوب الزكاة ويحتمل خلافه فليحرر وليراجع ا ه سم قوله بطل في قدرها هو جزء من كل شاة في مسألة الشياه مثلا كما هو قضية ما قدمه من أن الأصح أن الواجب شائع لا مبهم ونقله في شرح العباب عن القمولي ا ه سم على حج قوله أيضا بطل في قدرها أي إن كان من الجنس فإن كان من غيره كشاة في خمسة أبعرة بطل في الجميع لا في قدر القيمة فقط على المعتمد ا ه عناني وفي ع ش على م ر ما نصه قوله بطل في قدرها ظاهره سواء كان الواجب من الجنس أو من غيره كشاة في خمسة من الإبل لكن قال حج في هذه إن الأوجه البطلان في الجميع للجهل بقيمة الشاة ا ه قوله وإن أبقى في الثانية قدرها أي ولم ينو الزكاة وهو معين بأن قال إلا هذه الشاة للزكاة ا ه ح ل قوله نعم لو استثنى قدر الزكاة أي في غير الماشية كبعتك هذا التمر أو الزرع أو النقود وأما في الماشية فلا يصح إذا قال ذلك بل لا بد أن يقول إلا هذه الشاة ا ه ح ل وزيادي أي لأن استثناء الشاة التي هي قدر الزكاة دل على أنه عينها لها وأنه إنما باع ما عداها ا ه شرح م ر فإن لم يعينها كأن قال بعتك هذه الشياه إلا قدر الزكاة بطل في الجميع لأن قدر الزكاة الذي استثناه شاة مبهمة وإبهامها يؤدي إلى الجهل بالمبيع ا ه ع ش قوله صح البيع أي قطعا كما قاله حج وهو يشير إلى أن ما بعد الاستدراك مقطوع به وما قبله مختلف فيه فاندفع ما يقال لا فرق بين المستدرك والمستدرك عليه لأنه في الحالين يصح فيما عدا قدر الزكاة وحينئذ فلا موقع لذلك في كلام من لم يحك الخلاف كالشارح ولعله تبع المحلي تأمل والأحسن في الجواب أنهما يفترقان من حيث إنه عند عدم الاستثناء يكون البيع قد ورد على قدر الزكاة أيضا ثم بطل وعند الاستثناء لم يتعلق البيع بقدر الزكاة أصلا كما في سم و ع ش فعلى الأول القدر الذي فات على المشتري يرجع على البائع بحصته من الثمن إن قبضه كما في حج وعلى الثاني يستقر الثمن بجميعه ولا يسقط منه شيء(4/316)
قوله لا إن باع مال تجارة ومثل مال التجارة التمر المخروص بعد التضمين فيصح بيع جميعه كما في شرح م ر قوله أيضا لا إن باع مال تجارة خرج بالبيع ما لو وهبه فهو كبيع ما وجبت في عينه ا ه شرح م ر ومثل الهبة كل مزيل للملك بلا عوض كالعتق ونحوه ولكن ينبغي سراية العتق للباقي كما لو أعتق جزءا له من مشترك فإنه يسري إلى حصة شريكه ا ه ع ش عليه قوله بلا محاباة أي إعطاء بلا مقابل أما بها فيبطل في زكاة ما حابى فيه كما لو باع عرضا يساوي أربعين مثقالا بعشرين فيبطل فيما يساوي نصف مثقال الذي يخص العشرين التي حابى فيها ا ه شيخنا قوله أيضا بلا محاباة قال في المختار حبى الصبي على استه زحف وبابه عدا وحباه يحبوه حبوة بالفتح أعطاه والحبا العطاء وحابا في البيع محاباة ا ه بحروفه والله أعلم بالصواب ا ه ع ش
كتاب الصوم
هو مصدر صام يصوم صوما أو صام يصوم صياما وأركانه ثلاثة صائم ونية وإمساك عن المفطر وستأتي وفرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة وشهره أفضل الشهور حتى من عشر ذي الحجة لقوله {صلى الله عليه وسلم} رمضان سيد الشهور نعم يوم عرفة أفضل أيام السنة كما صرحوا به فبفرض شموله لأيام رمضان كما هو الظاهر يجاب بأن سيادة رمضان مخصوصة بغير يوم عرفة لما صح فيه مما يقتضي ذلك وبفرض عدم شموله له يجاب بأن سيدة رمضان من حيث الشهور وسيدة عرفة من حيث الأيام فلا تنافي بينهما وذكر الطالقاني أن لرمضان ستين اسما وهو من خصائص هذه الأمة بخلاف مطلق الصوم وقيل إنه المفروض على سائر الأمم إلا أن غير هذه الأمة أضلته فالخصوصية في تعيينه واختلف هل كان قبل فرضه صوم واجب أو لا وعلى الأول قيل كان عاشوراء وقيل الأيام البيض وقد صام {صلى الله عليه وسلم} تسع رمضانات ولم يكمل له رمضان إلا سنة واحدة وقيل سنتان والباقي نواقص وحكمة ذلك تطمين نفوس أمته على مساواة الناقصة للكاملة في الفضل المترتب على رمضان من غير نظر إلى أيامه أما ما يترتب على يوم الثلاثين من ثواب واجبه ومندوبه(4/317)
عند سحوره وفطوره فهو زيادة يفوق بها على الناقص وهو معلوم من الدين بالضرورة ويكفر جاحده ولوجوب صومه سبع حكم إحداها(4/318)
قال الحسن البصري جوعوا أنفسكم لوليمة الفردوس ثانيها ألزمهم الجوع ليرحموا الجائعين ثالثها إن الأشياء المعوجة كالقسي والرماح تقوم بالنار كذلك تقوم النفوس المعوجة عن الطاعة بنار الجوع لا بنار العذاب فضلا منه ورحمة رابعها أن الملائكة شكوا معاصي كثيرة من المؤمنين فإذا صاموا رمضان قال الله تعالى يا ملائكتي إن عصوني خارج رمضان ففيه تحملوا مشقته لأجلي فرجعت الملائكة من الشكاية إلى الشفاعة كما في قوله تعالى فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك خامسها أن الصوم يحصل به الزهد الواجب والمسنون وهو الزهد عن الحرام سادسها أن الطبيب الناصح يأمر بالحمية في الأمراض فأمر الله تعالى من مرض بالمعاصي بالحمية رفقا به ورحمة سابعها أن الشيطان عدو للمؤمن وقد خاصمه وخرج عليه فسبيل المؤمن أن يضيق عليه الطريق بمنع الطعام والشراب وهو معنى قوله {صلى الله عليه وسلم} إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجراه بالجوع والعطش ا ه برماوي قوله هو لغة الإمساك أي ولو عن نحو الكلام ومنه قوله تعالى حكاية عن مريم إني نذرت للرحمن صوما أي إمساكا وسكوتا وقول النابغة خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج والأخرى تعلك اللجما فقوله صائمة أي ممسكة عن الحركة والجولان ا ه برماوي قوله وشرعا إمساك عن المفطر أي جميع النهار وفي بعض العبارات وشرعا الإمساك عن شهوتي البطن والفرج والفم لطاعة المولى بنية قبل الفجر إلى غروب الشمس ا ه برماوي قوله إمساك عن المفطر لو أبدله بقوله عن عين لكان أوضح لأنا لم نعلم حقيقة المفطر لكنه لو عبر بالعين لورد عليه ما لو جامع أو تقايأ أو ارتد فما ذكره أولى غايته أنه مجمل يعلم تفصيله مما يأتي ا ه ع ش على م ر قوله على وجه مخصوص عبارة شرح م ر وشرعا إمساك مسلم مميز عن المفطرات سالما من الحيض والولادة في جميعه ومن الإغماء والسكر في بعضه انتهت قوله كتب عليكم الصيام والأيام المعدودات أيام شهر رمضان وجمعها جمع قلة ليهونها وقوله(4/319)
كما كتب على الذين من قبلكم قيل ما من أمة إلا وقد فرض عليهم رمضان إلا أنهم ضلوا عنه أو التشبيه في أصل الصوم دون وقته وفرض في شعبان في السنة الثانية من الهجرة ا ه شرح م ر وفي ع ش على المواهب ما نصه وفرض الصوم في أول شعبان في السنة الثانية من الهجرة وقيل في النصف الثاني منه وقيل في النصف الثاني من رمضان قال شيخنا الحلبي وكان {صلى الله عليه وسلم} يصوم هو وأصحابه قبل فرض رمضان ثلاثة أيام من كل شهر أي وهي الأيام البيض وهي الثالث عشر وتالياه قيل وجوبا فعن ابن عباس كان النبي {صلى الله عليه وسلم} لا يفطر الأيام البيض في حضر ولا سفر وكان يحث على صيامها وقيل كان الواجب عليه قبل فرض رمضان صوم عاشوراء ثم نسخ ذلك بوجوب رمضان ا ه وفي حج وينقص ويكمل وثوابهما واحد كما لا يخفى ومحله كما هو ظاهر في الفضل المترتب على رمضان من غير نظر لأيامه أما ما يترتب على يوم الثلاثين من ثواب واجبه ومندوبه عند سحوره وفطوره فهو زيادة وكأن حكمة أنه {صلى الله عليه وسلم} لم يكمل رمضان إلا سنة واحدة والبقية ناقصة تطمين نفوسهم على مساواة الناقص للكامل فيما قدمناه ا ه وقوله من غير نظر لأيامه قد يقال الفضل المترتب على رمضان ليس إلا مجموع الفضل المترتب على أيامه فليتأمل جدا ا ه سم عليه أقول قد يقال بمنع الحصر فإن لرمضان فضلا من حيث هو بقطع النظر عن مجموع أيامه كما في مغفرة الذنوب لمن صامه إيمانا واحتسابا والدخول من باب الجنة المعد لصوامه وغير ذلك مما ورد أنه يكرم به صوام رمضان وهذا لا فرق فيه بين كونه تاما أو ناقصا وأما الثواب المترتب على كل يوم بخصوصه فأمر آخر فلا مانع أن يثبت للكامل بسببه ما لا يثبت للناقص وقوله وكأن حكمة إلخ قال شيخنا الشوبري كذا وقع لابن حجر هنا ووقع له في محلين آخرين أنه قال لم يصم شهرا كاملا إلا سنتين وجرى عليه المنذري في سننه وقال فما وقع له هنا غلط سببه اعتماده على حفظه ا ه أقول لا يلزم أن ما هنا غلط بل يحتمل أن ما قاله المنذري مقالة لم يعرج عليها(4/320)
الشارح لشيء ظهر له ثم رأيت العلامة الأجهوري المالكي استوعب ما ذكر ثم قال نظما(4/321)
وفرض الصيام ثاني الهجرة فصامه تسعا نبي الرحمة أربعة تسعا وعشرين وما زاد على ذا بالكمال ابتسما كذا لبعضهم وقال الهيتمي ما صام كاملا سوى شهرا علم وللدميري أنه شهران وناقص سواه خذ بياني ا ه ع ش على م ر قوله يجب صوم رمضان سمي رمضان من الرمض وهو شدة الحر لأن العرب لما أرادت وضع أسماء الشهور وافق الشهر المذكور شدة الحر فسمي بذلك كما سمي الربيعان لموافقتهما زمن الربيع وهو معلوم من الدين بالضرورة من جحد وجوبه كفر ما لم يكن قريب عهد بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء ومن ترك صومه غير جاحد من غير عذر كمرض وسفر كأن قال الصوم واجب علي ولكن لا أصوم حبس ومنع الطعام والشراب نهارا ليحصل له صورة الصوم بذلك ا ه شرح م ر وقوله وسمي رمضان من الرمض إلخ عبارة المصباح في مادة ج م ر يحكى أن العرب حين وضعت الشهور وافق الوضع الأزمنة فاشتق لها معان من تلك الأزمنة ثم كثر حتى استعملوها في الأهلة وإن لم يوافق ذلك الزمان فقالوا رمضان لما أرمضت الأرض من شدة الحر وشوال لما شالت الإبل بأذنابها للطروق وذو القعدة لما ذللوا القعدان للركوب وذو الحجة لما حجوا والمحرم لما حرموا القتال أو التجارة وصفر لما غزوا وتركوا ديار القوم صفرا وشهرا ربيع لما أربعت الأرض وأمرعت وجمادى لما جمد الماء ورجب لما أرجبوا الشجر وشعبان لما أشبعوا العود ا ه وقال حج بعد مثلما ذكره الشارح كذا قالوه وهو إنما يأتي على الضعيف أن اللغات اصطلاحية أما على أنها توقيفية أي وهو المعتمد وأن الواضع لها هو الله تعالى وعلمها جميعها لآدم عند قول الملائكة لا علم لنا فلا يأتي ذلك ا ه ع ش عليه وعبارة البرماوي قوله رمضان من الرمض وهو شدة الحر لأن العرب لما أرادت وضع أسماء الشهور واتفق أن الشهر المذكور كان شديد الحر فسموه بذلك كما سمي الربيعان لموافقتهما زمن الربيع وقال بعضهم سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها لما يقع فيه من العبادات يقال رمض الصائم إذا(4/322)
احترق جوفه من شدة العطش والرمضاء شدة الحر ورمضت قدمه احترقت من الرمضاء ورمضت الفصال إذا وجدت حر الرمضاء فاحترقت أخفافها ورمض الرجل أحرقت الرمضاء قدميه وخرج يترمض الظباء أي يسوقها في الرمضاء حتى تنفسخ أظلافها فيأخذها وإفراد المصنف كغيره رمضان عن لفظ الشهر يشعر بأنه لا كراهة في ذلك وهو ما صححه النووي في مجموعه وشرح مسلم خلافا لمن قال ذلك معللا له بأنه من أسماء الله تعالى ولم يثبت ذلك انتهت قوله بكمال شعبان جمعه شعبانات يقال شعبت الشيء جمعته وشعبته أيضا فرقته فهو من الأضداد سمي بذلك لأن العرب كانت تجتمع فيه للقتال بعد انقضاء رجب لكونه من الأشهر الحرم وتفرق فيه النهب والأموال وتتفرق فيه لأخذ الثأر ا ه برماوي قوله أيضا بكمال شعبان ثلاثين إلخ فهم من كلامه عدم وجوبه بقول المنجم بل لا يجوز نعم له أن يعمل بحسابه ويجزئه عن فرضه على المعتمد وإن وقع في المجموع عدم إجزائه عنه والحاسب وهو من يعتمد منازل القمر وتقدير سيره في معنى المنجم وهو من يرى أن أول الشهر طلوع النجم الفلاني ا ه شرح م ر وقوله نعم له أن يعمل بحسابه قال سم على حج سئل الشهاب الرملي عن المرجح من جواز عمل الحاسب بحسابه في الصوم هل محله إذا قطع بوجوده ورؤيته أو بوجوده وإن لم يجوز رؤيته فإن أئمتهم قد ذكروا للهلال ثلاث حالات حالة يقطع فيها بوجوده وبامتناع رؤيته وحالة يقطع فيها بوجوده ورؤيته وحالة يقطع فيها بوجوده ويجوزون رؤيته فأجاب بأن عمل الحاسب شامل للمسائل الثلاث ا ه ا ه ع ش عليه وفي الرشيدي ما نصه قوله نعم له أن يعمل بحسابه أي الدال على وجود الشهر وإن دل على عدم إمكان الرؤية كما هو مصرح به في كلام والده وهو في غاية الإشكال لأن الشارع إنما أوجب علينا الصوم بالرؤية لا بوجود الشهر ويلزم عليه أنه إذا دخل الشهر في أثناء النهار أنه يجب الإمساك من(4/323)
وقت دخوله ولا أظن الأصحاب يوافقون على ذلك وقد بسطت القول على ذلك في غير هذا المحل ا ه قوله أو رؤية الهلال أي لا بواسطة نحو مرآة ولا عبرة برؤية نائم له {صلى الله عليه وسلم} قائلا له إن غدا من رمضان أو نحوه من سائر المرائي لأن النائم لا يضبط وإن كانت الرؤيا حقا ويثبت أيضا بالاجتهاد في حق الأسير ونحوه لا مطلقا ولا يجوز اعتماد قول منجم وهو من يرى أن أول الشهر طلوع النجم الفلاني ولا حاسب وهو من يعتمد منازل القمر وتقدير سيره نعم لهما أن يعملا بحسابهما ويجزئهما عن فرضهما على المعتمد ولا ينافي ذلك من عبر بالجواز لأن ما جاز بعد الامتناع يصدق بالواجب ويجب على غيرهما إذا اعتقد صدقهما ويجوز اعتماد ما اعتيد من إبقاء القناديل بالمنابر أول ليلة من رمضان وليلة أول شوال إذ المدار على حصول الاعتقاد الجازم فلو نوى اعتمادا على رؤية القناديل ثم أطفئت في أثناء الليل ثم بان نهارا دخول رمضان فإن لم يعلم بإطفائها إلا بالنهار فنيته صحيحة وصومه صحيح وإن علم بذلك ليلا فإن علم أن إطفاءها ليس للشك في دخول رمضان أو تبين دخوله لم يضره إطفاؤها وإن علم أنه لذلك أو شك بطلت نيته ومثل ذلك سماع طبل أو دف جرت العادة بضربهما أول ليلة من شوال ولو دل الحساب القطعي على عدم إمكان الرؤية ففيه اضطراب للمتأخرين والراجح العمل بشهادة البينة ولو شهدا أثناء رمضان برؤية متقدمة قبلا خلافا للزركشي ولو رجع الشاهد بعد شهادته عن شهادته وبعد صوم الناس لم يؤثر ذلك وكذا لو رجع الحاكم عن حكمه فإنه لا يؤثر ا ه برماوي وهل الأمارة الظاهرة الدلالة في حكم الرؤية مثل أن يرى أهل القرية القريبة من البلد القناديل قد علقت ليلة الثلاثين من شعبان بمنابر مصر كما هو العادة الظاهر نعم وإن اقتضى كلامهم المنع ومثل ذلك العلامات المعتادة لدخول شوال من إيقاد النار على الجبال أو سماع ضرب الطبول ونحوهما مما يعتادون فعله لذلك فمن حصل له الاعتقاد الجازم وجب عليه الفطر كما(4/324)
يجب عليه الصوم في أوله به عملا بالاعتقاد الجازم فيهما كذا أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وإن أفتى الشيخ بعدم جواز الفطر بذلك متمسكا بأن الأصل بقاء رمضان وشغل الذمة بالصوم حتى يثبت خلافه شرعا ويمكن حمله على من لم يحصل له بذلك الاعتقاد الجازم وممن أفتى بالأول ابن قاضي عجلون والشمس الجوجري ويسن عند رؤية الهلال أن يقول الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحب وترضى ربنا وربك الله الله أكبر لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم إني أسألك خير هذا الشهر وأعوذ بك من شر القدر وشر المحشر ويقول مرتين هلال خير ورشد وثلاث مرات آمنت بالذي خلقك ثم الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وجاء بشهر كذا للاتباع في كل ذلك ا ه شرح م ر وهذا ظاهر إذا رآه في أول ليلة أما لو رآه بعدها فالظاهر عدم سنه وإن سمي هلالا فيها بأن لم تمض عليه ثلاث ليال وإن كان عدم رؤيته لضعف في بصره وينبغي أن المراد برؤيته العلم به كالأعمى إذا أخبر به والبصير الذي لم يره لمانع ا ه ع ش عليه ووجدت بخط شيخنا الأشبولي بهامش م ر ومحل ذلك إن رآه في الليلة الأولى أو الثانية أو الثالثة لأنه لا يسمى هلالا إلا حينئذ وإلا فلا يسن أن يقول ذلك ا ه وكتب ع ش عليه أيضا قوله ثم الحمد لله إلخ ويسن أن يقرأ بعد ذلك تبارك الملك لأثر فيها ولأنها المنجية الواقية انتهى فائدة قال في الصحاح المحشر بكسر الشين المعجمة موضع الحشر قال شيخنا الشبراملسي والقياس جواز الفتح أيضا لأن فعله جاء من باب ضرب ونصر والفتح قياس الثاني ثم رأيت الشمس الشامي ذكر في معراجه أن صاحب المعين قال المحشر بالكسر والفتح الموضع الذي يحشر إليه الناس ا ه برماوي فرع لو رأى الهلال حديد البصر دون غيره فالظاهر أنه لا يثبت به على العموم وهل يثبت في حق نفسه ا ه م ر وقد يقال إن كفى العلم بوجوده بلا رؤية ثبتت رؤية حديد البصر بلا توقف ويفرق بينه وبين الجمعة حيث لا تلزم(4/325)
بسماع حديد السمع أحدا حتى السامع كما هو ظاهر كلامهم بأن لها بدلا ا ه سم على حج أقول والأولى أن يفرق بأن الجمعة تسقط بالعذر ووجوب السعي إليها إذا سمع النداء حديد السمع فيه مشقة لبعد المكان الذي يسمع منه ففرق فيه بين حديد السمع ومعتدله لوجود المشقة في السعي عند سماع حديد السمع(4/326)
ولا كذلك هنا فإن المدار فيه على رؤية الهلال وقد رئي فلا فرق بين حديد البصر وغيره عند رؤيته وعلى هذا فالقياس على ما لو أخبره شخص بوجوده ووثق به من لزوم الصوم ثبوته هنا على العموم لأنه يحصل الظن بوجوده فليراجع ا ه ع ش على م ر قوله أو ثبوتها بعدل شهادة شمل كلامه ما لو دل الحساب على عدم إمكان الرؤية وانضم إلى ذلك أن القمر غاب الليلة الثالثة على مقتضى تلك الرؤية قبل دخول وقت العشاء لأن الشارع لم يعتمد الحساب بل ألغاه بالكلية وهو كذلك كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى خلافا للسبكي ومن تبعه ولو علم فسق الشهود أو كذبهم فالظاهر عدم لزوم الصوم له إذ لا يتصور جزمه بالنية والظاهر أنه يحرم عليه الصوم حيث يحرم صوم يوم الشك ولو علم فسق القاضي المشهود عنده وجهل حال العدول فالأقرب أنه كما لو لم يشهدوا بناء على أنه ينعزل بالفسق ولو لم يكن القاضي أهلا لكنه عدل فالأقرب لزوم الصوم تنفيذا لحكمه حيث كان ممن ينفذ حكمه شرعا ولو شهد الشاهد بالرؤية فصام الناس ثم رجع لزمهم الصوم على أوجه الوجهين لأن الشروع فيه بمنزلة الحكم بالشهادة وقال الأذرعي إنه الأقرب ويفطرون بإتمام العدة وإن لم ير الهلال ا ه شرح م ر وقوله لأن الشروع فيه بمنزلة الحكم إلخ يؤخذ له من العلة أنه لو حكم بشهادته وجب الصوم وإن لم يشرعوا فيه وهو ظاهر عبارة سم على المنهج فرع لو رجع العدل عن الشهادة فإن كان بعد الحكم لم يؤثر وكذا قبله وبعد الشروع وإن كان قبل الحكم والشروع جميعا امتنع العمل بشهادته ا ه م ر ا ه ع ش عليه ويثبت الشهر أيضا بالشهادة على الشهادة ا ه شرح م ر ويشترط كونه اثنين كما ذكره حج لأنه يثبت شهادة الأصل لا ما شهد به الأصل ا ه ع ش عليه قوله صوموا لرؤيته إلخ فيه أمور يحتملها اللفظ بحسب ذاته أحدها أنه إن حمل ضمير صوموا ورؤيته على الكلية فيهما كان المعنى يصوم كل واحد إذا رأى دون غيره أو حمل عليها في الأول دون الثاني كان المعنى(4/327)
يصوم كل واحد لرؤية واحد وعكسه كان المعنى يصوم واحد لرؤية كل واحد ثانيها أنه إن حملت الرؤية على ما هو بالبصر كان المعنى من أبصره يصوم دون غيره كالأعمى ثالثها أنه إن حملت الرؤية على العلم دخل التواتر وخرج خبر العدل رابعها أنه إن حملت على ما يشمل الظن دخل خبر المنجم خامسها أنه إن حملت على إمكانها دخل طلب الصوم إذا غم وكان بحيث يرى سادسها أنه إن حملت على وجوده لزم طلب الصوم وإن لم تمكن رؤيته بأن أخبر المنجم أن له قوسا لا يرى سابعها أنه إن جعل ضمير صوموا لجميع الأمة ورؤيته لبعضهم لزم صوم كلهم لرؤية بعضهم ولو واحدا على نظير ما مر ثامنها أن هذه الاحتمالات تأتي في الفطر بقوله وأفطروا لرؤيته تاسعها أن ضمير رؤيته عائد لهلال رمضان فيهما وهو غير ممكن في الثاني عاشرها أن معنى غم استتر بالغمام فيخرج ما لو استتر بغيره ويأتي في ضمير عليكم ما في ضمير صوموا وغير ذلك من الاحتمالات قال شيخنا وانظر ما المراد منها أو من غيرها والوجه الذي لا يجوز غيره أن تحمل الرؤية على إمكانها في الصوم والفطر وما وقع في شرح العلامة م ر وغيره مما يفهم خلاف ذلك غير مستقيم فلا يعول عليه فليتأمل ا ه برماوي قوله فإن غم عليكم تفريع على الشق الأول وهو مبني للمفعول ونائب الفاعل إما ضمير يعود للهلال أي استتر بالغيم وأما للظرف أي كنتم مغموما عليكم ا ه شيخنا وفي المختار غم عليه الخبر على ما لم يسم فاعله أي استعجم مثل أغمى ويقال أيضا غم الهلال على الناس إذا ستره غيم أو غيره فلم ير ا ه وفي البرماوي ما نصه قوله فإن غم عليكم يقال غم وأغمي وغمي وغمي بتشديد الميم وتخفيفها والغين مضمومة فيهما ويقال غبي بفتح الغين وكسر الباء وكلها صحيحة وقد غامت السماء وغيمت وأغامت وتغيمت وأغمت ا ه قوله ولما روى الترمذي إلخ ساقه مع ما قبله ليبين به أن المراد بالإخبار الشهادة إذ الإخبار لا يجب به الصوم على العموم كما هو ظاهر ا ه شوبري قوله والمعنى(4/328)
في ثبوته بالواحد أي والحكمة أو السبب في ثبوته إلخ لأن هذا ليس أمرا معنويا ا ه ع ش وقوله ليس أمرا معنويا ممنوع فيصح أن يقال والمعنى أي والعلة ومقتضى صنيعه أن الحكمة لا يجب أن تكون أمرا معنويا بخلاف العلة وليس كذلك بل كل منهما أمر معنوي والفرق بينهما(4/329)
إنما هو بالاعتبار فلتراجع كتب الأصول تأمل قوله الاحتياط للصوم أي لأنه عبادة بدنية فيكفي فيها الإخبار بدخول وقتها ويصح كالصلاة حتى لو نذر صوم شهر معين ولو ذا الحجة فشهد برؤية هلاله عدل كفى ويكفي قول واحد في طلوع الفجر وغروب الشمس قياسا على ما قالوه في القبلة والوقت والأذان ويكفي أيضا شهادة واحد بموت من كان كافرا مسلما بالنسبة لتجهيزه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين وإن لم يكف بالنسبة لنحو إرث مسلم منه ومنع إرث كافر له ا ه برماوي قوله أنه لا تشترط العدالة الباطنة أي بل يكتفى بالعدالة الظاهرة وهو المراد بالمستور ا ه شرح م ر وفسره في النكاح بأنه الذي لم يعرف له مفسق وإن لم تعلم له تقوى ظاهرا وفسره حج هنا بأنه من عرف تقواه ظاهرا ا ه ع ش عليه قوله أنها شهادة أي ولهذا يشترط صيغتها وقوله كما اغتفر فيه أي في الثبوت فيهما ا ه برماوي قوله وهي شهادة حسبة أي فلا تتوقف على سبق دعوى وإن اختصت بأن تكون عند قاض ينفذ حكمه ولو ضرورة ا ه برماوي قوله ويجب الصوم أيضا أي كما وجب بالطرق الثلاثة المتقدمة ا ه شيخنا قوله موثوق به أي عند المخبر بفتح الباء ا ه شيخنا قوله إذا اعتقد صدقه مفهومه أنه إذا لم يعتقده لا يجب عليه الصوم ولعله غير مراد بل حيث عرف عدالته وجب الأخذ بقوله لأن خبر العدل في العبادات منزل منزلة اليقين كما لو أخبره بطهارة الماء أو نجاسته فإنه يجب اعتماد قوله فيهما وإن لم يعتقد صدقه فيما أخبره به ثم رأيت في سم على حج بعد كلام ذكره ما نصه بل الظاهر أن جميع ذلك ممنوع وأن من أخبره عدل أو سمع شهادته بين يدي الحاكم وإن لم يقل الحاكم ثبت عندي ولا نحو ذلك وجب عليه الصوم كما هو قياس نظائره ما لم يعتقد خطأه بموجب قام عنده كضعف بصره أو العلم بفسقه ا ه ع ش على م ر وحاصل المسألة على المعتمد أنه إن صدق المخبر وجب عليه الصوم ولو كان المخبر فاسقا أو امرأة أو عبدا وكذا إذا صدق المنجم وأما إذا لم(4/330)
يصدق المخبر بالهلال فإن كان فاسقا لا يجب الصوم وإن كان عدلا وجب الصوم على المخبر بفتح الباء ا ه شيخنا قوله خلافا لابن أبي الدم أي فإنه يقول لا بد أن يقول أشهد أن غدا من رمضان أو أن الشهر هل ا ه دميري أي لأن قوله أشهد أني رأيت الهلال شهادة على فعل نفسه وهي لا تصح ا ه شيخنا ومع ذلك هو ضعيف والمعتمد ما قاله الشارح قوله ومحل ثبوت رمضان بعدل إلخ مثل رمضان غيره من بقية الشهور لكن بالنسبة للعبادات ا ه شيخنا قوله كصلاة التراويح أي والاعتكاف والإحرام بالعمرة المعلقين بدخول رمضان ا ه شرح م ر قوله في غيرها كدين إلخ لا يقال هلا ثبت ضمنا كما ثبت شوال بثبوت رمضان بواحد والنسب والإرث بثبوت الولادة بالنساء لأنا نقول الضمني في هذه الأمور لازم للمشهود به بخلاف الطلاق ونحوه ولأن الشيء إنما يثبت ضمنا إذا كان التابع من جنس المتبوع كالصوم والفطر فإنهما من العبادات وكالولادة والنسب والإرث فإنها من المال والآيل إليه بخلاف ما هنا فإن التابع من المال أو الآيل إليه والمتبوع من العبادات ا ه شرح م ر قوله أيضا لا في غيرها كدين إلخ أي وقد تقدم التعليق وكان بلفظ المجيء ونحوه كالدخول لا بلفظ الثبوت فإن كان به اكتفي بالواحد ا ه شيخنا قوله ووقوع طلاق أي فلا يثبت بواحد قال سم على البهجة فلو انتقل الرائي إلى بلد مخالف في المطلع لم ير فيه فهل يستمر وقوع طلاقه المعلق عليه مثلا الوجه الاستمرار خصوصا والمقرر في باب الطلاق أن العبرة في وقوع الطلاق المعلق على رؤية الهلال ببلد التعليق ا ه ع ش على م ر قوله إلا أن يتعلق بالشاهد هذا هو المعتمد وكذا إن تعلق بغيره وتأخر التعليق أو تقدم وكانت الصيغة إن ثبت ا ه ع ش وعبارة ح ل قوله معلقين به وقد سبق التعليق الشهادة فإن لم يسبقها بأن ثبت بقول عدل ثم حصل التعليق به وقع الطلاق ونفذ العتق هذا إذا كان المعلق عليه الثبوت في الصورتين وأما لو علق على المجيء أو الدخول فلا يلتفت إليه(4/331)
سبق التعليق أو تأخر ا ه قوله وما صححوه من ثبوته بعدل إلخ محل الخلاف ما لم يحكم به حاكم فإن حكم بشهادة الواحد حاكم يراه فنقل في المجموع الإجماع على وجوب الصوم وأنه لا ينقض الحكم ا ه شرح(4/332)
م ر ويتأمل ما صورة الحكم بشهادة الواحد فإن صورة الثبوت به كما قاله حج أن يقول الحاكم ثبت عندي أو حكمت بشهادته لكن ليس المراد هنا حقيقة الحكم لأنه إنما يكون على عين مقصودة ومن ثم لو ترتب عليه حق آدمي ادعاه كان حكما حقيقيا لكنه إذا ترتب على معين لا يكفي الواحد فيه والكلام في أنه إذا حكم الحاكم بشهادة الواحد ثبت الصوم قطعا ثم رأيت في سم على حج ما نصه قوله لكن ليس المراد إلخ الذي حرره في غير هذا الكتاب كالإتحاف خلافه وعبارة الإتحاف ومحل الخلاف في قبول الواحد إذا لم يحكم به حاكم فإن حكم به حاكم يراه وجب الصوم على الكافة ولم ينقض الحكم إجماعا قاله النووي في مجموعه إلى أن قال وهو صريح في أن للقاضي أن يحكم بكون الليلة من رمضان وحينئذ فيؤخذ منه رد قول الزركشي ولا يحكم القاضي بكون الليلة من رمضان مثلا لأن الحكم لا مدخل له في ذلك لأنه إلزام لمعين إلى أن قال ومما يرده أيضا أن قولهم في تعريف الحكم أنه إلزام لمعين مرادهم به غالبا فقد ذكر العلائي صورا فيها حكم ولا يتصور فيها إلزام لمعين إلا على نوع من التعسف ا ه المقصود نقله وأطال فيه جدا بنفائس لا يستغنى عنها فعلم أنه هنا تبع الزركشي فيما قاله والوجه ما حرره هناك خصوصا وكلام المجموع دال عليه كما تقرر فليتأمل ا ه ع ش عليه قوله فإنه رجع عنه في الأم قال الإسنوي كذا رأيته في الأم فإنه جزم بقول الواحد واستدل عليه ثم قال قال الشافعي لا يجوز على رمضان إلا شاهدان والمستدرك كذلك هو الربيع فإن الأم رواها البويطي عن الشافعي ومات البويطي قبل ترتيبها فرتبها الربيع واستدرك فيها أشياء ا ه عميرة ا ه سم قوله وأجيب بأن رجوعه إلخ كان الأظهر أن يقول ورد لأن الجواب إنما يكون في مقابلة الإشكال ا ه شيخنا قوله بالقياس أي على بقية أنواع الشهادات قوله كما يدل له أي لثبوت الخبر في الاكتفاء بالواحد فهو متعلق بالمنفي لا بالنفي ا ه شيخنا قوله كلامه في مختصر المزني(4/333)
حيث قال فيه ولو شهد برؤيته عدل رأيت أن أقبله للأثر فيه ا ه ح ل قوله وإذا صمنا بها ثلاثين أفطرنا أي وجوبا ولو رأى شخص هلال شوال وحده لزمه الفطر ويندب أن يكون سرا لقوله {صلى الله عليه وسلم} وأفطروا لرؤيته لكن إن اطلع عليه الإمام عزره واستشكل باحتمال صدقه والعقوبة تدفع بأقل من هذا على أنه لو فرق بين من علم دينه وغيره لكان وجيها فإن شهد بعد الأكل لم تقبل شهادته للتهمة وإن شهد قبله فردت شهادته ثم أكل لم يعزر لانتفاء التهمة حال الشهادة ا ه برماوي قوله ولا يرد لزوم الإفطار بواحد أي لا يرد على قوله أفطرنا وقوله لزوم الإفطار بواحد أي وليس من العبادات ولا يثبت بواحد إلا العبادات ا ه شيخنا قوله وإن رئي بمحل أي ثبت عند القاضي رؤيته وحكم بها لزم حكمه محلا قريبا فلو رئي بمصر مثلا لزم أهل قليوب وطندتا والمحلا الصوم هكذا وإن لم يروه هم ا ه شيخنا ولم يعلل الشارح هذا الحكم الذي هو منطوق المتن وعلله م ر وعبارته لزم حكمه البلد القريب منه قطعا كبغداد والكوفة لأنهما كبلدة واحدة كما في حاضري المسجد الحرام انتهت قوله وهو باتحاد المطلع عبارة المنهاج المطالع قال القليوبي على المحلي قوله باختلاف المطالع أي بالمعنى الشامل للمغارب والمعنى أن يكون طلوع الشمس أو الفجر أو الكواكب أو غروب ذلك في محل متقدما على مثله في محل آخر أو متأخرا عنه فتتأخر رؤيته في بلد عن رؤيته في بلد آخر أو تتقدم عليه وذلك مسبب عن اختلاف غروب البلاد أي بعدها عن خط الاستواء وأطوالها أي بعدها عن ساحل البحر المحيط الغربي فمتى تساوى طول البلدين لزم من رؤيته في أحدهما رؤيته في الآخر وإن اختلف عرضهما أو كان بينهما مسافة شهور أو كان أحدهما في أقصى الجنوب والآخر في أقصى الشمال ومتى اختلف طولهما بما سيأتي امتنع تساويهما في الرؤية ولزم من رؤيته في البلد الشرقي رؤيته في البلد الغربي دون العكس كما في مكة المشرفة ومصر المحروسة فيلزم من رؤيته في مكة رؤيته في مصر(4/334)
لا عكسه لأن رؤية الهلال من أفراد الغروب لأنه من جهة المغرب وما ذكر عن شيخنا م ر وعن السبكي وغيره مما يخالف هذا لا يعول عليه ولا يجوز الاعتماد عليه فقول بعضهم أقل(4/335)
ما يحصل به اختلاف المطالع في مسافة قصر ونصفها وذلك أربعة وعشرون فرسخا باطل ا ه وعبارة شرح م ر وقد نبه التاج التبريزي على أن اختلاف المطالع لا يمكن في أقل من أربعة وعشرين فرسخا وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى والأوجه أنها تحديدية كما أفتى به أيضا ونبه السبكي أيضا على أنها إذا اختلفت لزم من رؤيته بالشرقي رؤيته بالبلد الغربي من غير عكس وأطال في بيان ذلك وتبعه عليه الإسنوي وغيره أي حيث اتحدت الجهة والعرض ومن ثم لو مات متوارثان وأحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب كل وقت زوال بلده ورث الغربي الشرقي لتأخر زوال بلده انتهت وهذا الضبط إنما هو في حق من هو أقرب إلى المطلع فإذا رآه من هو في جهة المغرب كأهل الإسكندرية فصل فيه هذا التفصيل بالنظر لأهل مصر مثلا ممن هو أبعد من المطلع وأما إذا كان بالعكس كأن رآه أهل مصر فإنه يقضى به على من هو أقرب إلى المطلع كأهل الإسكندرية ومن دونها في جهة الغرب ولو كانت المسافة ألف فرسخ لأنه يلزم من رؤية الأبعد رؤية الأقرب فلا يتأتى التفصيل كذا بخط شيخنا الأشبولي وقرره مثله شيخنا ح ف حفظه الله تعالى وفي ع ش على م ر ما نصه فرع ما حكم تعلم اختلاف المطالع يتجه أن يكون كتعلم أدلة القبلة حتى يكون فرض عين في السفر وفرض كفاية في الحضر وفاقا ل م ر ا ه سم على المنهج والتعبير بالسفر والحضر جرى على الغالب وإلا فالمدار على محل تكثر فيه العارفون أو تقل كما قدمه في استقبال القبلة ا ه قوله وهو يحصل باختلاف المطلع المراد باختلافه أن يتباعد المحلان بحيث لو رئي في أحدهما لم ير في الآخر غالبا قاله في الأنوار ا ه ز ي قوله أو بالشك فيه محله إن لم يبن آخر اتفاقهما وإلا وجب القضاء قاله الأذرعي ا ه ز ي قوله قياسا على طلوع الفجر راجع لقوله لزم حكمه محلا قريبا وقوله ولأن أمر الهلال إلخ راجع لقوله وهو باتحاد المطلع لا بمسافة القصر وقوله وغروبهما غروب الشمس ظاهر وغروب الفجر بانمحاق أثره(4/336)
وطلوع الشمس لكن هذا يتكرر مع قوله وطلوع الشمس وفي نسخة وغروبها وهي ظاهرة لا تكرار فيها ا ه شيخنا لكن في شرح م ر ما يقتضي أن كلا من التعليلين راجع لصورة المفهوم أعني قوله بخلاف البعيد عنه وهو يحصل باختلاف المطالع وعبارته مع المتن وقيل باختلاف المطالع قلت هذا أصح والله أعلم إذ أمر الهلال لا تعلق له بمسافة القصر وقياسا على طلوع الفجر والشمس وغروبهما ولما روى مسلم عن كريب قال رأيت الهلال بالشام ثم قدمت المدينة فقال ابن عباس متى رأيتم الهلال قلت ليلة الجمعة قال أنت رأيته قلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى تكمل العدة فقلت أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه قال لا هكذا أمرنا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} انتهت قوله وتحكيم المنجمين أي الأخذ بقولهم ا ه شيخنا قوله والأمر كما قال أي من الإشكال وإن كان الحكم كما قال المتن وقد أجيب عن الإشكال بأن محل عدم الأخذ بقول المنجمين في الأمور المستقلة أما في التابعة فيؤخذ بقولهم فيها وثبوت حكم الهلال في حق أهل البعيد بالتبعية لحكمه في محل الرؤية ا ه شيخنا قوله فلو سافر إلى بعيد إلخ تفريع على المفهوم ا ه شيخنا وعبارة أصله مع شرح م ر و إذا لم نوجب على أهل البلد الآخر وهو البعيد فسافر إليه من بلد الرؤية من صام به فالأصح أنه يوافقهم انتهت فتفيد أن قوله من محل رؤيته متعلق بسافر وقال شيخنا ح ف هذا تقييد للمفهوم المشار إليه بقول الشارح بخلاف البعيد عنه أي فلا يلزم أهله حكم الهلال في محل الرؤية فإن كانوا كذلك لزمهم حكم الهلال ا ه قوله أيضا فلو سافر إلى بعيد إلخ لا يختص هذا بالصوم بل يجري في غيره أيضا على المعتمد حتى لو صلى المغرب بمحل وسافر إلى بلدة فوجدها لم تغرب وجبت الإعادة ا ه ز ي قوله من صام به فاعل سافر قوله وافق أهله في الصوم آخرا أفهم قوله آخرا أنه لو وصل تلك البلد في اليوم الأول فوجدهم مفطرين لم يفطر وهو وجه ا ه حج(4/337)
ا ه شوبري وقوله أفهم قوله آخرا إلخ كان الأولى أن يقول أفهم قوله في الصوم لأن الحكم المذكور في كلامه خرج بقوله في الصوم لا بقوله آخرا كما لا يخفى وعبارة(4/338)
ح ل قوله آخرا أي فينوي الصوم إذا وصل إليهم قبل الفجر فلو انتقل في اليوم الأول إليهم لا يوافقهم عند حج ويوافقهم عند شيخنا وقال لأنه صار منهم ولو كان هو الرائي للهلال وعليه يلغز ويقال إنسان رأى الهلال بالليل وأصبح مفطرا بلا عذر ا ه بحروفه أي لأنه يوافقهم في الفطر قوله أمسك معهم أي ولزمه قضاء ذلك اليوم وفي البرماوي ما نصه قوله أمسك معهم قال العلامة ز ي ولا يلزمه كفارة لو أفسده بجماع لأنه غير أصلي سواء سافر قبل أن عيد أو بعده وخالفه العلامة سم وهو واضح ويصرح به قولهم لأنه صار منهم ومقتضاه أيضا أنه يلزمه قضاؤه لو أفسده أو لم يبيت النية فيه لو وصل إليهم ليلا وكذا بقية الأحكام ا ه قال سم على المنهج فلو أفسد صوم اليوم الآخر الذي وافقهم فيه لكونه وصلهم قبله بحيث بيت النية فهل يلزمه قضاؤه والكفارة إذا كان الإفساد بجماع أو لا فيه نظر ولعل الأقرب عدم اللزوم لأنه لا يجب صومه إلا بطريق الموافقة لا بطريق الأصالة عن واجبه ويحتمل أن يفرق بين أن يكون هذا اليوم هو الحادي والثلاثين من صومه فلا يلزمه ما ذكر أو يكون يوم الثلاثين فيلزمه فليحرر وقد يقال الأوجه اللزوم لأنه صار منهم ا ه ثم رأيت حج في أول باب المواقيت قال بعد قول المصنف وعشر ليال من ذي الحجة ما نصه ما بين منتهى غروب آخر رمضان وفجر النحر بالنسبة للبلد الذي هو فيه فيصح إحرامه به فيه وإن انتقل بعده إلى بلد آخر مخالف لمطلع ذلك ووجدهم صياما على الأوجه لأن وجوب موافقته لهم في الصور لا يقتضي بطلان حجه الذي انعقد لشدة تثبت الحج ولزومه بل قال في الخادم نقلا عن غيره لا تلزمه الكفارة لو جامع في الثانية وإن لزمه الإمساك قال وقياسه أنه لا تجب فطرة على من تلزمه فطرته بغروب الشمس وعلى هذا يصح الإحرام فيه إعطاء له حكم شوال ا ه وما ذكره في الكفارة قريب لأنها تسقط بالشبهة وفي الفطرة يتعين فرضه فيما إذا حدث المؤدى عنه في الأول قبل غروب اليوم الثاني(4/339)
وإلا فالوجه لزومها لأن العبرة فيها بمحل المؤدي وأما الإحرام فالذي يتجه عدم صحته لأنه بعد أن انتقل إليها صار مثلهم في الصوم فكذا الحج لأنه لا فارق بينهما ولا ترد الكفارة لما علمت ا ه ع ش على م ر قوله أو بعكسه قيل وتصور هذه المسألة بأن يكون ذلك يوم الثلاثين من صوم البلدين لكن المنتقل إليهم لم يروه وبأن يكون التاسع والعشرين من صومهم لتأخر ابتدائه بيوم ا ه شرح م ر قوله بأن سافر من البعيد أي الذي لا رؤية فيه إذ الفرض أنه رئي بمحل دون آخر فصح كون هذا عكسا فلو سافر من دمياط ولم ير فيها إلى مصر وقد رئي فيها وأدركهم معيدين عيد معهم ا ه شيخنا قوله تاسع عشرين من صومه أي المتأخر ابتداؤه عن ابتداء صومهم بيوم ا ه شيخنا قوله بأن كان رمضان تاما عندهم أي وقد تأخر ابتداء صومه ا ه شيخنا قوله ولا أثر لرؤيته نهارا أي ولو قبيل الغروب فلا يكون لليلة الماضية وإن كان الغيم موجودا مانعا من رؤيته وكان ذلك يوم تسعة وعشرين مع أنه يمكن أن يكون الشهر تسعة وعشرين ا ه ح ل وعبارة البرماوي قوله ولا أثر لرؤيته نهارا أي فلا يكون لليلة الماضية فيفطر ولا للمستقبلة فيثبت رمضان ومن اعتبر أنه للمستقبلة صحيح في رؤيته يوم الثلاثين لكن لا أثر له لكمال العدد بخلافه يوم التاسع والعشرين فلا يغني عن رؤيته بعد الغروب للمستقبل كما توهمه بعضهم انتهت فصل في أركان الصوم أي وما يذكر معها من قوله وحل إفطار بتحر إلخ ومن قوله وشرط الصوم الإسلام إلى آخر الفصل قوله أركانه ثلاثة نية وصائم وإمساك وزاد في الأنوار رابعا وهو قابلية الوقت للصوم ا ه شيخنا قوله كنظائره الآتية مقتضى هذا أن تسمية الأمور الواجبة في كل باب أركانا من هنا إلى آخر الكتاب من زيادته فيقتضي أنه ليس للأصل التسمية بالأركان في باب من الأبواب غير الحج أو العمرة ا ه شيخنا وعبارة ح ل قوله فتسميتي لها أركانا من زيادتي فيه نظر لأن هذا من الإبدال لا من الزيادة فكان الأحسن أن(4/340)
يقول وتعبيري بالأركان أولى من تعبيره بالشروط انتهت قوله نية ومحلها القلب فلا تكفي باللسان قطعا كما لا يشترط التلفظ بها قطعا كما في الروضة ولو تسحر ليصوم أو شرب لدفع العطش عنه نهارا أو امتنع من الأكل أو الشرب أو الجماع(4/341)
خوف طلوع الفجر كان نية إن خطر الصوم بباله بصفاته الشرعية التي يجب التعرض لها في النية لتضمن كل منها قصد الصوم ا ه شرح م ر فرع تصح نية الصوم بالقلب ولو في الصلاة كما في المجموع وبه يعلم أنه يصح نية الاعتكاف في الصلاة وأن التوقف فيها إنما هو بعدم الاطلاع على ما ذكر ا ه إيعاب وكتب أيضا تنبيه حكوا خلافا في أن النية ركن في الصلاة أو شرط ولم يحكوا مثله هنا بل تطابقوا على أنها ركن وسببه أن الصوم عدم فلا مقوم له إلا هي لأنها أمر وجودي بخلاف الصلاة ا ه شوبري قوله أيضا نية بأن يستحضر حقيقة الصوم وهي الإمساك عن المفطرات وما يجب التعرض له ويقصد الإتيان بذلك فلا بد من الاستحضار وقصد الإتيان بالمستحضر كما في الصلاة ا ه شيخنا وفي شرح م ر ما نصه قال في الأنوار ويشترط أن يحضر في ذهنه صفات الصوم مع ذاته ثم يضم القصد إلى ذلك المعلوم فلو أخطر بباله الكلمات مع جهله معناها لم يصح ا ه وقوله صفات الصوم ككونه من رمضان أو غيره كالكفارة والنذر وذاته الإمساك جميع النهار ا ه من هامش نسخة شرح م ر لشيخنا الأشبولي ومن صفاته كون الشهر رمضان وإلا لم يحصل له اليوم الأول ولا غيره ا ه ع ش عليه قوله أيضا نية أي قبل الفجر فلو قارنها الفجر لم يصح وكذا لو شك حال النية هل طلع الفجر أو لا بخلاف ما لو شك بعدها هل طلع الفجر أو لا فتصح ولو شك بعد الغروب في نية اليوم قبله لم يؤثر ولو شك هل كانت قبل الفجر أو لا أو شك نهارا هل نوى ليلا أو لا فإن تذكر فيهما ولو بعد زمن طويل أنها وقعت ليلا أجزأ وإلا فلا ا ه ق ل على المحلي قوله لكل يوم أي عندنا كالحنابلة والحنفية وإن اكتفى الحنفية بالنية نهارا وهو وإن كان تركا لكنه كف قصد لقمع الشهوة فالتحق بالفعل فلو نوى ليلة أول رمضان صوم جميعه لم يكف لغير اليوم الأول لكن ينبغي له ذلك ليحصل له صوم اليوم الذي نسي النية فيه عند الإمام مالك رضي الله عنه كما يسن له أن ينوي أول اليوم الذي(4/342)
نسيها فيه ليحصل له صومه عند الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه وواضح أن محله إذا قلد وإلا كان متلبسا بعبادة فاسدة في اعتقاده وهو حرام ا ه برماوي قوله أيضا لكل يوم أي لأن كل يوم عبادة مستقلة لتخلل اليومين بما يناقض الصوم كالصلاتين يتخللهما السلام ولو شك عند النية في أنها متقدمة على الفجر أو لا لم يصح صومه كما صرح به في المجموع لأن الأصل عدم تقدمها ولو نوى ثم شك هل طلع الفجر أو لا صح إذ الأصل بقاء الليل ولو شك نهارا هل نوى ليلا ثم تذكر ولو بعد الغروب كما قاله الأذرعي صح أيضا إذ هو مما لا ينبغي التردد فيه لأن نية الخروج لا تؤثر فكيف يؤثر الشك في النية بل متى تذكرها قبل قضاء ذلك اليوم لم يجب قضاؤه والتعبير بما ذكر للإشارة إلى أنه يشترط تذكرها على الفور فإن لم يتذكرها أصلا وجب القضاء لأن الأصل عدم النية ولو شك بعد الغروب هل نوى أو لا ولم يتذكر لم يؤثر أخذا من قولهم في الكفارة لو صام ثم شك بعد الغروب هل نوى أو لا أجزأه بل صرح به في الروضة في باب الحيض في مسألة المتحيرة والفرق بينه وبين الصلاة فيما لو شك في النية بعد الفراغ منها ولم يتذكر حيث تلزمه الإعادة التضييق في نية الصلاة بدليل أنه لو نوى الخروج منها بطلت في الحال ا ه شرح م ر قوله ويجب لفرضه تبييتها أي إيقاعها ليلا فإن لم يبيت لم يقع عن رمضان بلا خلاف وهل يقع نفلا وجهان أوجههما عدمه ولو من جاهل ويفرق بينه وبين نظائره بأن رمضان لا يقبل غيره ومن ثم كان الأوجه من وجهين فيما لو نوى في غير رمضان صوم نحو قضاء أو نذر قبل الزوال انعقاده نفلا إن كان جاهلا ا ه شرح م ر قوله تبييتها يقال بات يفعل كذا يبيت ويبات بيتوتة إذا فعله ليلا وأما قوله تعالى والله يكتب ما يبيتون إذ يبيتون ما لا يرضى من القول فمعناه يدبرون ا ه برماوي قوله ولو من أول الليل رد على الضعيف القائل بأنه يشترط إيقاعها في النصف الأخير كما صرح به الأصل وعلله بأنه قريب من(4/343)
العبادة قوله وتعيينه كرمضان أو نذر أو قضاء أو كفارة ويستثنى من وجوب التعيين ما قاله القفال أنه لو كان عليه قضاء رمضانين أو صوم نذر أو كفارة من جهات مختلفة فنوى صوم غد عن قضاء رمضان أو صوم نذر أو كفارة جاز وإن لم يعين عن قضاء أيهما في الأول ولا نوعه في الباقي لأنه كله جنس واحد ولو نوى صوم غد وهو يعتقد أنه الاثنين فكان الثلاثاء أو صوم رمضان هذه السنة(4/344)
وهو يعتقدها سنة ثلاث فكانت سنة أربع صح صومه ولا عبرة بالظن البين خطؤه بخلاف ما لو نوى صوم الثلاثاء ليلة الاثنين ولم يخطر بباله صوم غد أو رمضان سنة أربع وكانت سنة ثلاث ولم يخطر بباله السنة الحاضرة لأنه لم يعين الوقت الذي نوى في ليلته ولو نوى صوم غد يوم الأحد مثلا وهو غيره فوجهان أوجههما كما قال الأذرعي الصحة من الغالط لا العامد لتلاعبه ويحمل عليه إطلاق ابن الصباغ الإجزاء ولا يشكل عليه قول المتولي لو كان عليه يوم من رمضان من سنة معينة فنوى يوما من سنة أخرى غلطا لم يجزه كمن عليه كفارة قتل فأعتق بنية كفارة ظهار لأن ذكر الغد هنا أو نيته معين فلم يؤثر معه الغلط بخلافه فيما ذكر فإن الصوم واقع عما في ذمته ولم يحصل تعيينه ولم يقع الصوم عنه ولو كان عليه صوم لم يدر سببه كفاه نية الصوم الواجب وإن لم يكن معينا للضرورة كمن نسي صلاة من الخمس لا يعرف عينها فإنه يصلي الخمس وتجزئه عما عليه لا يقال قياس الصلاة لزوم صوم ثلاثة أيام ينوي واحدا عن القضاء وآخر عن النذر وآخر عن الكفارة لأنا نقول لم تشتغل هنا ذمته بالثلاث والأصل بعد الإتيان بصوم يوم بنية الصوم الواجب براءة ذمته مما زاد بخلاف من نسي صلاة من الخمس فإن ذمته اشتغلت بجميعها والأصل بقاء كل منها فإن فرض أن ذمته اشتغلت بصوم الثلاث وأتى باثنين منها ونسي الثالث فقيل يلتزم ذلك والأوجه إبقاء كلامهم على عمومه ويوجه بالتوسع المذكور وإنما لم يكتفوا ثم بنية الصلاة الواجبة كنظيرها هنا لأنهم توسعوا هنا ما لم يتوسعوا ثم بدليل عدم اشتراط المقارنة في نية الصوم ونحو ذلك بخلاف الصلاة ا ه شرح م ر وفي ق ل على الجلال قوله وتعيينه أي من حيث الجنس لا من حيث النوع ولا الزمن فيكفي نية الكفارة لمن عليه كفارات ا ه قوله قال في المجموع إلخ غرضه بهذا بيان مفهوم الضمير في قوله وتعيينه أي الفرض فكأنه قال أما النفل ففيه تفصيل فإن كان غير راتب فلا يشترط فيه التعيين(4/345)
اتفاقا وإن كان راتبا ففيه خلاف تأمل قوله في الصوم الراتب وهو ما له وقت أو سبب ا ه ح ل فذو السبب هو صوم الاستسقاء إذا لم يأمر به الإمام ا ه ع ش على م ر وذو الوقت ما ذكره الشارح بقوله كعرفة إلخ قوله وأجيب بأن الصوم إلخ هذا الجواب هو المعتمد وجمع بعضهم بأن التعيين شرط في حصول الثواب لا في الصحة مثلا إذا نوى يوم عرفة الصوم وأطلق أي لم يلاحظ فيه كونه يوم عرفة فإن صومه صحيح ويسقط عنه طلب صوم يوم عرفة ويثاب عليه ثواب النفل المطلق وأما الثواب المترتب على صوم عرفة الذي وعد به الشارع فلا يحصل إلا بالتعيين أي بنية كون صومه ليوم عرفة والحاصل أن صوم الفرض لا يجب فيه إلا شيئان التبييت والتعيين لا الفرضية على المعتمد وأن صوم النفل الراتب يجب فيه التعيين لحصول الثواب لا للصحة وكان المناسب للشارح أن يقول ورد أي بهذا الاشتراط كما فعل م ر لأنه لم يتقدم له إشكال حتى يجيب عنه ا ه شيخنا اللهم إلا أن يقال إن مراده الجواب عن القياس في قوله كرواتب الصلاة تأمل قوله وإن أتى بمناف أو نام أو انقطع نحو حيض إلخ الغايات الثلاث للرد على الضعيف لكنه في الثالث في خصوص تمام قدر العادة لا فيه وفي تمام الأكثر كما يعلم بمراجعة أصله وحكى المحلي الضعيف في الصور الثلاث فقال في الأول وقيل يضر المنافي بعدها فيحتاج إلى تجديدها تحرزا عن تخلل المناقض بينها وبين العبادة وقال في الثاني وقيل يجب تجديدها إذا نام بعدها تقريبا للنية من العبادة بقدر الوسع وقال في الثالث والثاني يقول قد يتخلف قدر العادة فلا تكون النية جازمة ا ه قوله بمناف للصوم بخلاف المنافي للنية فإنه يضر فقد قال الزركشي لو نوى رفض النية قبل الفجر وجب تجديدها بلا خلاف لأن رفض النية ينافيها وأثر فيها قبل الفجر لضعفها حينئذ بخلاف رفضها نهارا فلا يضر لقوتها والردة منافية للنية فكانت كرفضها وإن كانت نهارا ا ه ح ل قوله أو انقطع نحو حيض إلخ وصورة ذلك أن تنوي الصوم(4/346)
حالة الحيض وقوله وتم فيه أكثره أي وقد علمت ذلك ا ه ح ل أي لأجل أن تكون جازمة بالنية ا ه شيخنا قوله ولم تبن على أصل عطف سبب على مسبب أو علة على معلول ا ه شيخنا قوله وتصح النية لنفل قبل زوال مقابل قوله ويجب لفرضه تبييتها إلخ ا ه شيخنا والظاهر أن ما قارن الزوال كبعده وتكفيه(4/347)
هذه النية ولو نذر إتمامه وحينئذ يقال لنا صوم واجب لا يجب فيه تبييت النية ا ه ح ل قوله قبل زوال أي وكذا بعده في قول ضعيف قياسا على ما قبله تسوية بين أجزاء النهار كالليل وقوله إن لم يسبقها مناف هذا الاشتراط على الصحيح ومقابله لا يشترط هذا الشرط ا ه من أصله وشرح م ر وعبارة المحلي مع المتن والصحيح اشتراط حصول شرط الصوم في النية قبل الزوال أو بعده من أول النهار سواء قلنا إنه صائم من أوله ثوابا وهو الصحيح أو قلنا إنه صائم من حين النية وإلا يبطل مقصود الصوم وقيل على الثاني لا يشترط ما ذكر انتهت ومراده بالثاني قوله أم قلنا إنه صائم من حين النية ا ه قوله ذات يوم صفة لمحذوف أي ساعة ذات يوم أي منه والمراد أنه دخل قبل الزوال يدل لذلك الرواية الآتية حيث ذكر فيها الغداء وهو اسم لما يؤكل قبل الزوال فلذلك أتى بها الشارح ا ه شيخنا قوله قال إذا أفطر لم يؤكد فيه كالذي قبله لعدم الاهتمام بالفطر واكتفى بداعية الطبع إليه بخلاف الصوم فليتأمل ا ه شوبري قوله وإن كنت فرضت الصوم أي أكدته على نفسي وليس المراد به الفرض الشرعي ا ه شيخنا ح ف وقال ع ش أي قدرته ا ه أي نويته قوله وفي رواية للأول إلخ أتى بهذه الرواية لأنها نص في المدعى وذلك لأن الأولى أعم ا ه ع ش قوله وهو بفتح الغين أي وبالدال المهملة وأما بكسر الغين والذال المعجمة فاسم لما يؤكل مطلقا سواء كان قبل الزوال أو بعده ا ه شيخنا وقوله اسم لما يؤكل قبل الزوال قال شيخنا ع ش ظاهره وإن قل جدا لكن في الأيمان التقييد بما يسمى غداء في العرف فلا يحنث بأكل لقم يسيرة من حلف لا يتغذى ومنه ما اعتيد بما يسمى فطورا كشرب القهوة وأكل الشريك ا ه برماوي قوله اسم لما يؤكل بعده أي الزوال ويقال العشاء بفتح أوله ما يؤكل عند العشاء بكسره قوله إن لم يسبقها مناف فلو أصبح ولم ينو صوما ثم تمضمض ولم يبالغ فسبق ماء المضمضة إلى جوفه ثم نوى صوم تطوع صح ا ه شرح م ر وقوله ولم(4/348)
يبالغ أي فإن بالغ ووصل الماء إلى جوفه لم تصح نيته بعد وقد يتوقف فيه بأنه إنما أفطر به في الصوم لتولده من مكروه بخلافه هنا فإن المبالغة في حقه مندوبة لكونه ليس في صوم فليتأمل ا ه ع ش عليه قوله وكمالها أن ينوي إلخ كون هذه المذكورات مكملات بالنظر لمجموعها وإلا ففيها واحد واجب وهو رمضان لحصول التعيين به وقال شيخنا فيها اثنان واجبان وزاد على ذلك الغد قال لحصول التعيين به وفيه نظر لما علمت أنه لا يجب التعرض للغد تأمل قوله أيضا وكمالها أن ينوي صوم غد أي اليوم الذي يلي الليلة التي نوى فيها أي يكون الغد محمولا على ذلك ما لم يرد غيره لا أنه يجب عليه ملاحظة ذلك في النية ا ه ح ل قوله عن أداء فرض رمضان إلخ واحتيج لذكر السنة مع الأداء وإن اتحد محترزهما إذ فرض غير هذه السنة لا يكون إلا قضاء لأن لفظ الأداء يطلق ويراد به الفعل وقياسه أن نية الأداء في الصلاة لا تغني عن ذكر اليوم وأنه يسن الجمع بينهما وقول الرافعي ذكر الغد يغني عن ذكر السنة رده الإسنوي بأن اليوم الذي يصومه غير اليوم الذي يصوم عنه فالتعرض للغد يفيد الأول وللسنة يفيد الثاني إذ يصح أن يقال لمن نوى صوم الغد من هذه السنة عن فرض رمضان صيامك اليوم المذكور هل هو عن فرض هذه السنة أو عن فرض سنة أخرى فالحاصل أن هذه السنة إنما ذكروها آخرا لتعود إلى المؤدى به أي ومن ثم كان رمضان مضافا لما بعده وما بحثه الأذرعي من تعين التعرض لها أو للأداء إذا كان عليه قضاء رمضان قبله يرد بأن الأصل هنا القياس على الصلاة ونظير ذلك لا يتعين ثم فلا يتعين هنا وسببه أن الأداء والقضاء جنسهما واحد وهو فرض رمضان فلا نظر لاختلاف نوعهما قياسا على ما مر عن القفال ا ه شرح م ر قوله بإضافة رمضان أي لما بعده فنونه مكسورة لأنه مخفوض وإنما احتيج لإضافته إلى ما بعده لأن قطعه عنها يصير هذه السنة محتملا لكونه ظرفا لقوله أن ينوي ولا معنى له لأن النية زمنها يسير وقال بعضهم إن(4/349)
جررت رمضان بالكسر جررت السنة وإن جررته بالفتح نصبت السنة وحينئذ فنصبها على القطع وعليه ففي إضافة رمضان إلى ما بعده نظر لأن العلم لا يضاف فليتأمل ا ه برماوي قوله ولفظ الغد اشتهر إلخ جواب سؤال وارد على المتن تقديره أن يقال إن(4/350)
ذكر لفظ الغد في كمال النية يقتضي أنه مندوب مع أنه اشتهر في كلامهم في تفسير التعيين فيقتضي أن ذكره واجب لأن التعيين واجب ا ه شيخنا ح ف قوله اشتهر في كلامهم أي الأصحاب في تفسير التعيين أي في تصويره فقالوا صورته أن يقول نويت صوم غد عن رمضان وهذا التصوير في الحقيقة تصوير للتبييت فللتبييت صورتان أن يقول نويت صوم رمضان أو نويت صوم غد عن رمضان فانتقل نظرهم لإحدى صورتي التبييت فجعلوها صورة للتعيين ومراده بهذا الجواب عما أورد على ما اقتضاه كلام المتن من أن التعرض للغد مندوب حيث ذكره في الكمال واقتصر في الواجب على التبييت والتعيين مع أن القوم ذكروه في تفسير التعيين فيقتضي أنه واجب ا ه شيخنا قوله وإنما وقع ذلك من نظرهم إلى التبييت أي فلا يجب التعرض له بخصوصه بل يكفي دخوله في صوم الشهر المنوي لحصول التعيين كما في نية الشهر جميعه فإنه يحصل له به أول يوم مع أنه لم يعينه فالغد مثال للتبييت ورمضان مثال للتعيين ا ه ح ل قوله وبما تقرر أي من الاقتصار في بيان واجب النية على التعيين والتبييت ا ه شيخنا قوله بخلاف الصلاة أي فاحتيج لنية الفرضية فيها لتتميز عن المعادة وهذا الفرق على القول الضعيف القائل بعدم وجوب نية الفرضية في المعادة أما على الصحيح فلا يتأتى ا ه شيخنا ح ف قوله وفيه كلام ذكرته مع جوابه في شرح الروض عبارته هناك وقضية كلام المصنف كأصله اشتراط نية الفرضية كما في الصلاة لكن صحح في المجموع تبعا للأكثرين عدم اشتراطها هنا بخلافه في الصلاة لأن صوم رمضان من البالغ لا يقع إلا فرضا بخلاف الصلاة فإن المعادة نفل ورد باشتراط نيتها في المعادة على الأصح وأجيب بأنه صحح فيه أيضا عدم اشتراطها في المعادة فإن قلت الجمعة لا تقع من البالغ إلا فرضا مع أنه يشترط فيها نية الفرضية قلت ممنوع فإنه لو صلاها بمكان ثم أدرك جماعة في آخر يصلونها فإنها لا تقع منه فرضا انتهت قوله ولو نوى ليلة الثلاثين أي من رمضان أو(4/351)
من شعبان كما يدل له كلامه بعد ا ه ز ي قوله سواء قال إن كان منه أم لا بل وإن قال فإن لم يكن منه فهو تطوع كما اعتمده م ر ا ه سم قوله صح في آخره فإن قلت ما الفرق بين هذا حيث صح مع تردده في قبول المنوي للصوم وبين عدم الصحة فيما لو شك حال النية هل طلع الفجر أو لا قلت يمكن الفرق بأنه في الأول لما كانت النية في محلها يقينا مع الاستصحاب كانت أقوى بخلاف الثاني فإنها ليست في محلها يقينا وإن وجد الاستصحاب ا ه برماوي قوله ولا أثر لتردد يبقى إلخ هذه العبارة محلها بعد قوله أو ثبوتها بعدل شهادة كما فعل حج فلا محل لها هنا ا ه شيخنا ويمكن توجيه صنيع الشارح بأنه اعتذار عن التردد الحاصل للناوي خصوصا في صورة التعليق التي ذكرها بقوله سواء قال إن كان منه أو لا وقوله بعد حكم القاضي أي بثبوت رمضان أوله فحكم القاضي في أول الشهر مستصحب إلى تمام الثلاثين فلا أثر لتردد الناوي في ليلة الثلاثين لأن الأصل أنه من بقية رمضان وقوله للاستناد إلى ظن معتمد وهو استصحاب بقاء الشهر الذي حكم به القاضي أولا تأمل قوله فيصح أي صومه ولا يجب لما تقدم أن الوجوب مخصوص بما إذا اعتقد صدق من ذكر فصحة النية لا تتوقف على وجوب الصوم ا ه ح ل قوله لجزمه بالنية انظر كيف يكون جازما بالنية مع أن الفرض أنه ظن أنه منه ولم يتيقن ذلك تأمل ويمكن أن يراد بالجزم الظن القوي قوله قال في المجموع فلو نوى إلخ كأنه تقييد آخر لقوله لا في أوله بعد تقييده بقوله إلا إن ظن إلخ فكأنه قال وإلا إن علق على هذا التفصيل فيصح نفلا قوله ولو اشتبه رمضان عليه كأن كان محبوسا بموضع مظلم مثلا أو أسيرا وقوله صام بتحر أي بعلامة كحر أو برد بأن يعلم أن رمضان تلك السنة يكون في البرد مثلا وتدخل أيام البرد ولم يعلم عين رمضان ا ه ق ل على المحلي قوله صام بتحر فلو صام من غير تحر فوافق رمضان لم يجزه لتردده في النية فلو اجتهد وتحير فلم يظهر له شيء لم يلزمه الصوم كما في(4/352)
المجموع وإنما لم يلزمه ويقضي كالمتحير في القبلة لعدم تحقق الوجوب أو ظنه بخلاف القبلة فقد تحقق دخول وقت الصلاة وعجز عن شرطها فأمر بالصلاة على حسب الإمكان لحرمة وقتها ولو لم يعرف الليل من النهار واستمرت الظلمة لم يلزمه التحري والصوم كما في المجموع ولا قضاء عليه فلو ظهر له أنه كان يصوم الليل ويفطر(4/353)
النهار وجب القضاء كما في الكفاية عن الأصحاب ا ه شرح م ر قوله فإن وقع فيه فأداء إلخ فإن لم يتبين له الحال أجزأه ما صامه ولا يلزمه شيء غيره ا ه شرح م ر قوله أو بعده فقضاء أي على الصحيح لوقوعه بعد الوقت والثاني يكون أداء لأن العذر قد يجعل غير الوقت وقتا كما في الجمع بين الصلاتين ا ه شرح م ر قوله فيتم عدده إلخ أي إن كان رمضان في تلك السنة كاملا وعبارة أصله مع شرح م ر فلو نقص الشهر الذي صامه بالاجتهاد ولم يكن شوالا ولا ذا الحجة وكان رمضان تاما لزمه يوم آخر لأنه يثبت في ذمته كاملا فلو انعكس الحال فكان ما صامه كاملا ورمضان ناقصا وقلنا إنه قضاء فله إفطار اليوم الأخير إذا عرف الحال وإن كان الذي صامه ورمضان تامين أو ناقصين أجزأه بلا خلاف وإن وافق صومه شوالا فالصحيح منه تسعة وعشرون إن كان كاملا وثمانية وعشرون إن كان ناقصا وإن وافق ذا الحجة فالصحيح منه ستة وعشرون إن كان كاملا وخمسة وعشرون إن كان ناقصا انتهت قوله أو قبله وأدركه صامه أي ويقع ما فعله أولا نفلا مطلقا إذا لم يكن عليه صوم فرض أخذا مما قدمه م ر عن البارزي في الصلاة فإن كان عليه فرض وقع عنه ومحل ذلك ما لم يقيده بكونه عن هذه السنة وإلا فلا يقع عن الفرض الآخر قياسا على ما تقدم لمر في الصلاة أيضا ا ه ع ش قوله وإلا قضاه أي على الجديد لإتيانه بالعبادة قبل وقتها فلا تجزئه كما في الصلاة والقديم لا يجب القضاء للعذر ا ه شرح م ر قوله وقع عنها أي عن السنة القابلة وقوله لا عن القضاء أي لو علم أو ظن أن عليه صوم رمضان وفات وقته وأراد قضاءه فاتفق وقوع قضائه في رمضان آخر أجزأه الأول عن الأداء لا عن القضاء ومحل إجزائه عن الأداء ما لم ينو بالصوم القضاء لأنه لا يلزم من فعل القضاء أن ينوي القضاء ا ه ح ل وعبارة ع ش قوله لا عن القضاء لعل صورته أنه نوى صوم غد عن رمضان أما لو نواه عن قضاء السنة السابقة فالموافق للقواعد أنه لا يجزئ لا عن القضاء لأن(4/354)
رمضان لا يقبل غيره ولو قضاء ولا عن الأداء لأنه صرفه عنه وفي العباب ولو تحرى لشهر نذره فوافق رمضان أو لزمه قضاء رمضان فوافق رمضان المقبل لم يصح أي لا عن القضاء ولا عن الحاضر وقال قبل ذلك وإن ظن فوت رمضان فصام قضاء فوافق رمضان آخر أجزأه والمراد أنه نوى قضاء رمضان الذي وافقه لظنه فواته لا قضاء غيره فتأمل ا ه سم انتهت قوله وترك جماع إلخ من إضافة المصدر إلى مفعوله والجماع والاستقاء يجوز فيهما الإضافة إلى غير إضافة للفاعل ويجوز فيهما التنوين ورفع غير على الفاعلية وحاصل ما ذكره في هذا الركن أربع تروك هذان وترك وصول عين وترك استمنائه ويجمع الأربعة الإمساك عن المفطر كما عبر به بعضهم ا ه شيخنا والمراد بالجماع إدخال الحشفة أو قدرها من فاقدها في فرج ولو دبرا من آدمي أو غيره أنزل أم لا ا ه خطيب على الغاية وقوله ولو دبرا من آدمي إلخ فيفطر الآدمي الواطئ وإن كان الموطوء ليس آدميا وعكسه وتفطر المرأة بإدخالها ذكرا مبانا وعكسه ولا شيء على صاحب الفرج المبان من ذكر أو أنثى خلافا لما توهمه الأغبياء من طلاب العلم ا ه ق ل عليه ومقتضى هذا أن يكون إضافة الجماع إلى غير صادقة بالإضافة للفاعل والمفعول لما علمت أن الجماع يفطر به الفاعل والمفعول قوله واستقاءة غير جاهل إلخ ينبغي أن من الاستقاءة ما لو أخرج ذبابة دخلت إلى جوفه وأنه لو تضرر ببقائها أخرجها وأفطر كما لو أكل لمرض أو جوع مضر ا ه م ر ا ه سم على شرح البهجة وينبغي أنه لو شك هل وصلت في دخولها إلى الجوف أم لا فأخرجها عامدا عالما لم يضر بل قد يقال بوجوب الإخراج في هذه إذا خشي نزولها للباطن كالنخامة الآتية فرع لو شرب خمرا بالليل وأصبح صائما فرضا فقد تعارض واجبان الإمساك والتقايؤ والذي يظهر عن م ر أنه يراعى حرمة الصوم للاتفاق على وجوب الإمساك فيه والاختلاف في وجوب التقايؤ على غير الصائم ا ه شرح العباب وهذا ظاهر في صوم الفرض وأما في النفل فلا يبعد عدم(4/355)
وجوب التقايؤ وإن جاز محافظة على حرمة العبادة ا ه م ر ا ه سم على حج فرع أكل أو شرب ليلا كثيرا وعلم من عادته أنه إذا أصبح حصل له جشا يخرج بسببه ما في جوفه هل يمتنع عليه كثرة ما ذكر أم لا وهل إذا خالف وخرج منه يفطر أم لا فيه نظر ويجاب عنه بأنه(4/356)
لا يمنع من كثرة ذلك ليلا وإذا أصبح وحصل له الجشاء المذكور يلفظه ويغسل فاه ولا يفطر وإن تكرر ذلك منه مرارا كمن ذرعه القيء ا ه ع ش على م ر قوله أيضا واستقاءة غير جاهل إلخ في المصباح قاء الرجل ما أكله قيئا من باب باع ثم أطلق المصدر على الطعام المقذوف واستقاء استقاءة وتقيأ تكلفه ويتعدى بالتضعيف فيقال قيأه غيره ا ه قوله مختارا انظر لو استدخلت ذكرا مبانا أو أولج في فرج مبان أي ولم يحصل إنزال هل يفطر بذلك وتجب الكفارة أو يفطر فقط وقياس ما قيل من وجوب الغسل عليه لا كفارة بل ولا فطر كما هو ظاهر هذا والذي يتجه أخذا بعموم كلامهم وتصريحهم بوطء الميتة أنه تفسد به العبادات وتجب به الكفارة هنا وفي الحج وإن لم يجب بها حد لخروجها عن مظنة الشهوة ولا مهر كما لا يجب بقطع يدها شيء أن يقال هنا كذلك وهو ظاهر في الفطر وفي الكفارة نظرا لسقوطها بالشبهة فليتأمل ا ه شوبري قوله فصوم من جامع أي ولو لم ينزل ا ه شرح م ر ويشترط في الفطر بالجماع كون المجامع واضحا فلا يفطر به خنثى إلا إن وجب عليه الغسل بأن تيقن كونه واطئا أو موطوءا ا ه ع ش على م ر وخرج بقوله جامع ما لو أنزلت عليه ولم ينزل فلا يفسد صومه ولا تلزمه كفارة فإن أنزل فإنه يفسد صومه كالإنزال بالمباشرة فيما دون الفرج ولم أر من تعرض لذلك ا ه زيادي وتفطر هي بدخول الذكر لأنه عين ا ه برماوي قوله أو جاهلا غير معذور وليس من لازم ذلك عدم صحة نيته للصوم نظرا إلى أن الجهل بحرمة الأكل يستلزم الجهل بحقيقة الصوم وما تجهل حقيقته لا تصح نيته لأن الكلام فيمن جهل حرمة شيء خاص من المفطرات النادرة ومن علم تحريم شيء وجهل كونه مفطرا لا يعذر لأنه كان من حقه إذا علم الحرمة أن يمتنع وإيهام الروضة وأصلها عذره غير مراد ا ه زيادي قوله باطل أي خلافا للإمام أبي حنيفة رضي الله عنه القائل بعدم الفطر باللواط وإتيان البهائم ا ه برماوي قوله من ذرعه القيء في المختار وذرع الثوب وغيره(4/357)
من باب قطع و منه أيضا ذرعه القيء أي سبقه وغلبه ا ه قوله ولا مكرها انظر لو كان الإكراه بحق كأن أكره زوجته على المفطر من صوم نفل أو أمته أو عبده كذلك أو نحو كفارة بشرطها والظاهر في ذلك الفطر ويدل له أنه لو أكره من ذكر على التحلل فتحلل فإنه ينفذ تحلله وانظر أيضا لو اضطر إلى الفطر لدفع نحو مرض تعين عليه الفطر لدفعه فأكره على الفطر كذلك وينبغي أن يفطر أيضا ويحتمل خلافه والحال أنه لا غرض له فيه فليحرر كاتبه وكتب عليه قد تعرض في حواشي شرح الروض لهذه المسألة نقلا عن الأذرعي وأنه يبطل الصوم مطلقا فليتأمل ا ه شوبري قوله أيضا ولا مكرها لو أكره على الزنا فينبغي أن يفطر به تنفيرا عنه قال سم وفي شرح الروض ما يدل عليه كذا رأيته بهامش بخط بعض الفضلاء أي لأن الإكراه على الزنا لا يبيحه بخلافه على الأكل ونحوه ثم رأيته في الشيخ عميرة ا ه ع ش على م ر فتلخص أن كون المكره على الجماع لا يفطر مقيدا بقيدين كون الإكراه بغير حق وكونه على غير الزنا وإلا فيفطر كما تقدم ا ه قوله بأن قرب عهده بالإسلام هذا القيد معتبر في كل ما يأتي من الصور المغتفرة للجاهل وقوله عن العلماء أي العالمين بهذه الأحكام خاصة وإن لم يحسنوا غيرها ا ه ع ش على م ر قوله وإن علم أنه لم يرجع إلخ كأن تقايأ منكوسا والغاية للرد وعبارة أصله مع شرح م ر والصحيح أنه لو تيقن أنه لم يرجع شيء إلى جوفه بالاستقاء كأن تقايأ منكوسا بطل صومه بناء على أنها مفطرة بعينها لا لعود شيء ووجه مقابله البناء على أن المفطر رجوع شيء مما خرج وإن قل انتهت قوله لا ترك قلع نخامة هذا مستثنى من ترك الاستقاءة ا ه ح ل والنخامة بالميم ويقال لها النخاعة بالعين وهي الفضلة الغليظة تنزل من الدماغ أو تصعد من الباطن يلفظها الشخص من فيه ولو نجسة ا ه برماوي والقلع إخراجها من محلها الأصلي والمج إخراجها من الفم وقوله فلا يجب أي تركهما سواء نزلت من الرأس أو خرجت من الصدر وأما(4/358)
حكمهما فأشار له بقوله فلا يفطر بهما ويمكن استفادة حكم المج من قوله ولو نزلت إلخ إذ يستفاد منه أنه مع وجود القيود المذكورة يجب المج ومع عدمها لا يجب وقوله من دماغه ليس بقيد كما علمت أي أو صعدت من صدره وقوله حصلت أي استقرت ووقفت قيد معتبر فلو لم تقف بل استمرت سائلة إلى الجوف لم يضر وقوله في(4/359)
حد ظاهر فم أي في حده الأخير وأول الظاهر من الشفتين وآخره مخرج الخاء أو الحاء فالمراد الحد الأخير فإن كانت الإضافة حقيقية كان حصولها في الخارج عن هذا الحد مفهوما بالأولى وإن كانت بيانية كما عليه حج فالأمر ظاهر وقوله بنفسها ليس بقيد وإنما قيد به لأنه محل الخلاف فلو أجراها هو أفطر بالأولى ا ه شيخنا وقوله قيد معتبر الظاهر أنه غير صحيح وما احترز به عنه من قوله فلو لم تقف إلخ غير صحيح أيضا لأن الفرض أنه قدر على مجها وتركه وعلة الفطر التقصير كما في الشارح وحينئذ لا فرق بين استقرارها وعدمه فيفطر مطلقا بالقيد المذكور في المتن وهو قوله وقدر على مجها هو عبارة أصله مع شرح م ر وكذا لو اختلع نخامة ولفظها أي رماها فلا بأس بذلك في الأصح سواء أقلعها من دماغه أم من باطنه لتكرر الحاجة إليه فرخص فيه واحترز بقوله اقتلع عما لو لفظها مع نزولها بنفسها أو بغلبة سعال فلا بأس به جزما وبلفظها عما لو بقيت في محلها فلا يفطر جزما وعما لو ابتلعها بعد خروجها للظاهر فيفطر جزما انتهت قوله في حد ظاهر فم وهل يلزمه تطهير ما وصلت إليه من حد الظاهر حيث حكمنا بنجاستها أو يعفى عنه فيه نظر ولا يبعد العفو ا ه م ر ا ه سم على حج وعليه لو كان في الصلاة وحصل له ذلك لم تبطل به صلاته ولا صومه إذا ابتلع ريقه ولو قيل بعدم العفو في هذه الحالة لم يكن بعيدا لأن هذه حصولها نادر وهي شبيهة بالقيء وهو لا يعفى عن شيء منه اللهم إلا أن يقال إن كلامه مفروض فيما لو ابتلي بذلك كدم اللثة إذا ابتلي به ا ه ع ش على م ر قوله أيضا في حد ظاهر فم بأن انصبت من دماغه في الثقبة النافذة منه إلى أقصى الحلق فوق الحلقوم فلو لم تصل إلى حد الظاهر من الفم وهو مخرج الخاء المعجمة وكذا المهملة عند المصنف بأن كانت في حد الباطن وهو مخرج الهاء والهمزة أو وصلت حد الظاهر ولم يقدر على قطعها ومجها لم يضر ثم داخل الفم إلى ما وراء مخرج الحاء والأنف إلى منتهى الخيشوم(4/360)
له حكم الظاهر في الإفطار باستخراج القيء إليه وابتلاع النخامة منه وعدمه بدخول شيء فيه وإن أمسكه وإذا تنجس وجب غسله وله حكم الباطن في عدم الإفطار بابتلاع الريق معه وفي سقوط غسله من نحو الجنب وفارق وجوب غسل النجاسة عنه بأن تنجس البدن أندر من الجنابة فضيق فيه ندبا ا ه شرح م ر قوله أيضا في حد ظاهر فم وهو مخرج الحاء على المعتمد وقيل مخرج الخاء والباطن ما بعد ذلك وهو مخرج الهمزة والهاء ا ه ز ي وعبارة ح ل قوله في حد ظاهر فم وهو أدنى الحلق ووسطه دون أقصاه الذي هو مخرج الهمزة أو الهاء أو الغين والخاء عند شيخنا وكتب أيضا وهو مخرج الخاء المعجمة وكذا المهملة وحينئذ يكون من الظاهر مخرج الغين المعجمة والخاء والحاء دون العين المهملة لأن لأقصى الحلق الهمزة والهاء ولوسطه العين والحاء و لأدناه الغين والخاء وكتب أيضا وهو وسط الحلق وأدناه لا أقصاه ولا مخرج الغين من الوسط لأن الوسط مخرج الحاء والعين المهملتين والحاء مقدمة على العين من جهة أدناه انتهت فرع وصلت النخامة إلى حد الظاهر والصائم متلبس بالصلاة ودار الأمر بين أن يبتلعها فيبطل صومه وصلاته وبين قلعها ولا يمكن إلا بظهور حرفين فأكثر فالوجه أنه يقلعها وإن ظهر ما ذكر ولا تبطل صلاته ويغتفر ذلك للضرورة وفاقا في ذلك لجمع من شيوخنا ثم رأيت عميرة اعتمد ذلك أيضا وظاهر أنه يشترط أن لا تكثر الحروف عرفا بحيث لا يغتفر مثلها للعذر وأظن م ر قيد بذلك ا ه سم ومثله شرح م ر ووصول عين أي وإن قلت كسمسمة خلافا للإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه ولم تؤكل كحصاة ا ه برماوي ومن العين الدخان لكن على تفصيل فإن كان الذي يشرب الآن من الدواة المعروفة أفطر وإن كان غيره كدخان الطبيخ لم يفطر هذا هو المعتمد ا ه شيخنا فائدة قال شيخنا الشوبري إن محل الإفطار بوصول العين إذا كانت من غير ثمار الجنة جعلنا الله من أهلها فإن كانت العين من ثمارها لم يفطر بها ثم رأيته في الإتحاف قال(4/361)
ما نصه واختلفوا في معنى قوله {صلى الله عليه وسلم} يطعمني ربي ويسقيني قيل هو على حقيقته وأنه {صلى الله عليه وسلم} كان يؤتى بطعام وشراب من عند الله كرامة في ليالي صيامه إلى أن قال وليس حمل الطعام والشراب على المجاز بأولى من حمل لفظ أظل على المجاز وعلى التنزل فلا يضر شيء من ذلك لأن ما يؤتى به(4/362)
صلى الله عليه وسلم على سبيل الكرامة من طعام الجنة وشرابها لا تجري عليه أحكام المكلفين فيه كما في غسل صدره الشريف في طست من ذهب مع أن استعمال أواني الذهب الدنيوي حرام ومن ثم قال ابن المنير أي من المالكية الذي يفطر شرعا إنما هو الطعام المعتاد وأما الخارق للعادة كالمحضر من الجنة فعلى غير هذا المعنى وليس تعاطيه من جنس الأعمال وإنما هو من جنس الثواب كأكل أهل الجنة في الجنة والكرامة لا تبطل العادة ا ه بحروفه ع ش على م ر فرع ينبغي الاحتراز حالة الاستنجاء لأنه متى أدخل طرف أصبعه دبره أفطر ومثله فرج الأنثى ولو طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه فوصل السكين جوفه أو أدخل في أذنه أو في إحليله عودا أو نحوه فوصل إلى الباطن أفطر ا ه شرح م ر وقوله دبره أي بأن جاوز به ما يجب غسله من الدبر وقبل المرأة ا ه ع ش عليه وقوله بإذنه أما بغير إذنه فلا يفطر وإن تمكن من دفع من طعنه ا ه برماوي قوله لا ريح أي ولو من نجس وهو غير بعيد وصل بالشم إلى دماغه ولو ريح البخور لأنه ليس عينا ويؤخذ من هذا أن وصول الدخان الذي فيه رائحة البخور أو غيره إلى جوفه لا يضر وإن تعمد ذلك قال شيخنا وهو ظاهر وبه أفتى الشمس البرماوي لما تقرر أن الرائحة ليست عينا أي عرفا إذ المدار هنا عليه وإن كانت ملحقة بالعين في باب الإحرام ألا ترى أن ظهور الريح والطعم ملحق بالعين فيه لا هنا وقد علم من ذلك أن صورة المسألة أنه لم يعلم انفصال عين هنا أي بواسطة الدخان ا ه حلبي قوله من ظاهر متعلق بوصول ويخرج به وصولها من الباطن كما سيذكره بقوله أو ريق طاهر فعد من الباطن وإن جعل في النجاسة من الظاهر فلما ذكر المتن الخارج احتاج الشارح لذكر القيد الذي يخرج به ا ه شيخنا أو يقال خرج به ما لو وصل إلى جوفه عين من باطنه كما في النخامة فإن فيه التفصيل الذي ذكره الشارح فيما مر فتأمل وهذا أحسن من جعله احترازا عن الريق وذلك لأن الريق من الحنك وقد جعلوه من قسم(4/363)
الظاهر فالأحسن أن الريق مستثنى تأمل والمراد بالظاهر ظاهر البدن فيشمل الثقب في دماغه أو في صدره مثلا واحترز به عن الريق من معدته كما سيأتي فإنه يصل من الباطن فإن الفم يقال له باطن هذا وإن كان يقال له ظاهر في باب النجاسة لغلظ أمرها بدليل أنه يجب غسله إذا تنجس ا ه شيخنا قوله في منفذ أي من منفذ ا ه شيخنا ومقتضاه أنها لو وصلت من غير منفذ لم يضر لكن يرد عليه ما لو طعن برمح في بطنه حيث يفطر كما تقدم عن م ر فإن الرمح في هذه الصورة لم يصل من منفذ تأمل والمنفذ بفتح الفاء كما ضبطه المصنف كالمدخل والمخرج ا ه شرح م ر قوله جوف من مر خرج بالجوف ما لو داوى جرحه على لحم الساق أو الفخذ فوصل الدواء إلى داخل المخ أو اللحم أو غرز فيه حديدة فإنه لا يفطر لانتفاء الجوف ا ه شرح م ر قوله وإن لم يكن في الجوف قوة رد على الضعيف وعبارة أصله مع شرح م ر وقيل يشترط أن يكون في الجوف قوة تحيل الغذاء بكسر الغين وبالذال المعجمتين أو الدواء بالمد إذ ما لا يحيله لا تتغذى النفس به ولا ينتفع به البدن فأشبه الواصل إلى غير الجوف فعلى الوجهين باطن الدماغ والبطن والأمعاء أي المصارين والمثانة مفطر وقوله بالإسعاط رجع للدماغ وقوله أو الأكل راجع للبطن وقوله أو الحقنة أي الاحتقان راجع للأمعاء والمثانة والتقطير في باطن الأذن وإن لم يصل إلى الدماغ وباطن الإحليل وهو مخرج البول من الذكر واللبن من الثدي وإن لم يصل إلى المثانة ولم يجاوز الحلمة أو الحشفة مفطر في الأصح لما مر من أن المدار على مسمى الجوف والثاني لا يفطر اعتبارا بالإحالة والحلق ملحق بالجوف على الأصح انتهت فيعلم منها أن أمثلة الشارح الستة ثلاثة منها للمحيل وثلاثة لغيره فالدماغ والبطن والمثانة محيلة والحلق وباطن الأذن والإحليل غير محيلة تأمل قوله وباطن أذن قال في شرح البهجة لأنه نافذ إلى داخل قحف الرأس ا ه ثم قال والقحف بالكسر العظم فوق الدماغ وما انفلق من الجمجمة(4/364)
فبان ولا يدعى قحفا حتى يبين وينكسر منه شيء ا ه ع ش على م ر قوله وإحليل وهو مخرج البول من الذكر واللبن من الثدي وإن لم يصل إلى المثانة ولم يجاوز الحلمة أو الحشفة ا ه شرح م ر كشرح الروض ا ه شوبري وعبارة المختار والإحليل مخرج البول ومخرج اللبن من الضرع والثدي ا ه(4/365)
ع ش على م ر قوله وفي قولي من مر زيادة على الأصل صواب التعبير وقولي من مر من زيادتي على عادته لأن تعبيره هذا يوهم أن الأصل ذكر بعض معنى لفظة من مر وليس كذلك وقد علمت أن معناها العامد العالم المختار والأصل لم يذكر شيئا من الثلاثة تأمل قوله أو كحل أي وإن وجد لونه في نحو نخامته وطعمه بحلقه إذ لا منفذ من عينه لحلقه فهو واصل من المسام ا ه شرح المحلي ومنه يعلم أن قول المتن بتشرب مسام متعلق بكل من وصول الدهن والكحل ا ه ولا يكره الاكتحال للصائم ا ه شرح م ر لكنه خلاف الأولى كما في الحلية وقد يحمل عليه كلام المجموع لقوة خلاف مالك فيه ا ه حج أقول قوة الخلاف لا تناسب كونه خلاف الأولى بل تؤيد الكراهة اللهم إلا أن يقال المراد بالكراهة في عدم الخروج من الخلاف أن عدم المراعاة خلاف الأولى ا ه ع ش على م ر قوله أيضا أو كحل بضم الكاف قال في المصباح كحلت الرجل كحلا من باب قتل جعلت الكحل في عينه والفاعل كاحل وكحال والمفعول مكحول وبه سمي الرجل المشهور والأصل كحلت عينه فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه لفهم المعنى ولهذا يقال عين كحيل فعيل بمعنى مفعول ا ه برماوي قوله أو ريق طاهر إلخ ولو بقي طعام بين أسنانه فجرى به ريقه من غير قصد لم يفطر إن عجز عن تمييزه ومجه لعذره بخلاف ما إذا لم يعجز ووصل إلى جوفه فيفطر لتقصيره وهل يجب عليه الخلال ليلا إذا علم بقايا بين أسنانه يجري بها ريقه نهارا ولا يمكنه التمييز والمج الأوجه كما هو الظاهر من كلامهم عدم الوجوب ويوجه بأنه إنما يخاطب بوجوب التمييز والمج عند القدرة عليهما في حال الصوم فلا يلزمه تقديم ذلك عليه لكن ينبغي أن يتأكد ذلك له ليلا ا ه شرح م ر فائدة لا يضر بلع ريقه إثر المضمضة وإن أمكن مجه لعسر التحرز عنه ا ه ابن عبد الحق ا ه ع ش عليه قوله من معدته أي الموضع الذي فيه قراره ومنه ينبع وهو الحنك الأسفل تحت اللسان أنبعه الله تعالى من ذلك الموضع لمعان كثيرة(4/366)
منها إرادة تليين المأكول اليابس ليتأتى ابتلاعه ومنها تليين اللسان ليتأتى إدارته للف الطعام عند إرادة مضغه وازدراده وليتأتى النطق به ا ه برماوي قوله ولو بعد جمعه إلخ الغاية الأولى للرد والثانية للتعميم كما يعلم من عبارة أصله وشرح م ر قوله أو إخراج لسانه وعليه ريق أي على جرمه فلو حال بينه وبينه حائل كنصف فضة مثلا أفطر على المعتمد ا ه شيخنا ح ف وفي ع ش على م ر ما نصه بقي ما لو أخرج لسانه وعليه نصف فضة وعلى النصف من أعلاه ريق ثم رده إلى فمه فهل يفطر أم لا لأنه لم يفارق معدته فيه نظر ونقل بالدرس عن شيخنا ز ي ما يوافق ما قلناه فلله الحمد لكن قول الشارح على اللسان قد يقتضي خلافه لأن ما على ظاهر النصف ليس على اللسان في الحقيقة ا ه قوله أيضا أو إخراج لسانه وعليه ريق عبارة شرح م ر ولو أخرج اللسان وعليه الريق ثم رده وابتلع ما عليه لم يفطر لأن اللسان كيف تقلب معدود من داخل الفم فلم يفارق ما عليه معدنه ولو عمت بلوى شخص بدم لثته بحيث يجري دائما غالبا سومح بما يشق الاحتراز عنه ويكفي بصقه ويعفى عن أثره ولا سبيل إلى تكليفه غسله جميع نهاره إذ الفرض أنه يلقى دائما أو يترشح وربما إذا غسله زاد جريانه كذا قاله الأذرعي وهو فقه ظاهر انتهت قوله بخلاف وصوله متنجسا فلو دميت لثته فبصق حتى صفى ريقه ثم ابتلعه أفطر لأن الريق لما تنجس حرم ابتلاعه وصار بمنزلة العين الأجنبية ا ه ح ل قوله أو مختلطا بغيره مثله ما لو بل خيطا بريقه ورده إلى فمه كما يعتاد عند الفتل وعليه رطوبة تنفصل وابتلعها أو ابتلع ريقه مخلوطا بغيره الطاهر كمن فتل خيطا مصبوغا تغير ريقه به أي ولو بلون أو ريح فيما يظهر من إطلاقهم إن انفصلت عين منه لسهولة التحرز عن ذلك ومثله كما في الأنوار ما لو استاك وقد غسل السواك وبقيت فيه رطوبة تنفصل وابتلعها وخرج بذلك ما لو لم يكن على الخيط ما ينفصل بفتله أو عصره أو لجفافه فإنه لا يضر ا ه شرح م ر قوله أو(4/367)
بعد إخراجه لا على لسانه أي ولو إلى ظاهر الشفة ا ه شرح م ر ا ه شوبري قوله أو وصل ذباب بخلاف الإيصال بأن بلعه من حد الظاهر فليس المراد بالوصول هنا ما يشمل الإيصال ا ه ح ل وهذه الأربعة خارجة بقوله ووصول عين إذ هو بمعنى الإيصال وفي هذه الأربعة لا إيصال بل(4/368)
وصول ا ه شيخنا ويرد عليه أنه لو تعمد إيصال الغبار لم يضر كما في الشرح ويرد عليه أيضا جعل قوله لا سبق إلخ مستثنى من وصول العين مع أنه لا إيصال فيه فأي فرق بين هذا حتى جعل محترزا وبين ذلك حتى جعل مستثنى فالأحسن ما قاله بعضهم من أن هذه الأربعة مستثناة وكذا قوله لا سبق إلخ وعبارة أصله وشرط الواصل كونه بقصد فلو وصل جوفه ذباب إلخ قوله أو ذباب في المختار والذبانة بالضم وتشديد الباء ونون قبل الهاء واحدة الذباب ولا تقل ذبانة بالكسر وجمع الذباب في القلة أذبة كغراب وأغربة وفي الكثرة ذبان كغراب وغربان ا ه قوله أو غبار طريق لا فرق فيه بين كونه طاهرا أو نجسا وهو المعتمد ا ه سم خلافا لحج وز ي حيث قيداه بالطاهر هذا حكم عدم الإفطار وأما حكم وجوب غسل الفم منه والعفو عنه فمحصله أنه إن تعمد فتح فيه وجب الغسل وإلا عفي عنه فلا تلازم بين عدم الإفطار وبين العفو ا ه من ع ش على م ر قوله أو غربلة دقيق أي ولو لغير معتادها ولو كثرت وإن لم يكن هو الذي يغربل وهي أصالة إدارة نحو الحب في نحو غربال لإخراج طيبه من خبيثه ا ه برماوي وهو معطوف على طريق أي ولو غبار غربلة دقيق ا ه شيخنا قوله لعسر التحرز عنه أي في الأخيرين أي شأنه ذلك وقوله أو لعدم تعمده أي في الأولين فلو تعمد فتح فيه حتى دخل الذباب أو البعوض جوفه ضر تأمل ا ه شيخنا والذي في ق ل على التحرير وقبله المدابغي هناك أن الذباب والبعوض كالغبار في أنه لا يضر ولو تعمد فتح فيه ليدخل فالكل على حد سواء تأمل قوله أو مكرها وكذا نائم ومغمى عليه نعم إذا تناول المكره لا لأجل الإكراه بل لغرض نفسه أفطر وكذا لو أكره على أحد إناءين معين فأكل من الآخر وكذا الأكل من واحد من إناءين أكره على الأكل من أحدهما مبهما فيفطر كما في الجنايات ودخل في الإكراه ما لو أكره على الزنا وما لو خاف المكره بكسر الراء على المكره بفتحها تلف عضو أو منفعة أو مشقة لا تحتمل عادة فأكرهه على الأكل(4/369)
أو الشرب فلا يفطر ا ه برماوي فشرط عدم الفطر بالإكراه أن لا يتناول المكره ما أكره عليه لشهوة نفسه بل لداعي الإكراه لا غير أخذا مما يأتي في الطلاق ا ه حج قوله حتى دخل الغبار أي بقسميه ولو كثر لأنه يعفى عن جنسه كما في دم البراغيث ا ه ز ي ا ه ع ش وقوله لم يفطر أي وإن كان الفتح لأجل دخول الغبار كما أفتى به شيخنا الرملي واعتمد م ر في العباب الفطر إذا فتح لأجل أن يدخل الغبار واعتمده الطبلاوي ا ه رحمه الله وقد يقال عبارة الشارح ظاهرة في الأول حتى في كلامه تعليلية فليتأمل ا ه شوبري قوله وأعادها أي ولو بإدخال أصبعها معها إلى الباطن إن اضطر إلى ذلك وإلا أفطر لوصول الإصبع إلى ذلك ا ه ح ل وهل يجب غسل ما عليها من القذر لأنه بخروجه معها صار أجنبيا فيضر عوده معها للباطن أو لا كما لو أخرج لسانه وعليه ريق لأن ما عليها لم يفارق معدنه كل محتمل والثاني أقرب والكلام كما هو ظاهر حيث لم يضره غسلها وإلا تعين الثاني ا ه شرح حج قوله لا سبق ماء إليه إلخ مستثنى من وصول العين ا ه ح ل والأحسن أنه مستثنى من المفهوم الذي ذكره بقوله أو عاجزا عن ردها وجعله مستثنى من وصول العين يرد عليه أن ذاك مفطر وهذا مفطر فلا معنى للاستثناء تأمل قوله أيضا لا سبق ماء إليه بمكروه بخلاف ما لو وضع شيئا في فيه لغرض وابتلعه ناسيا لم يفطر ويؤيده قول الدارمي لو كان بفيه أو أنفه ماء فحصل له نحو عطاس فنزل به الماء جوفه أو صعد لدماغه لم يفطر ا ه شرح م ر وقوله لغرض صوره سم على حج بما لو وضعه لنحو الحفظ وكان مما جرت العادة بوضعه في الفم ا ه وينبغي أن من الغرض ما لو وضع الخبز في الفم لمضغه لنحو الطفل حيث احتاج إليه وما لو وضع شيئا في فمه لمداواة أسنانه به حيث لم يتحلل منه شيء أو لدفع غثيان يخاف منه القيء ا ه ع ش عليه وفي ق ل على المحلي ما نصه ولو وضع في فمه ماء مثلا بلا غرض ثم ابتلعه ناسيا لم يضر أو سبقه ضر أو وضعه لغرض كتبرد أو عطش(4/370)
فنزل جوفه أو صعد إلى دماغه بغير فعله أو ابتلعه ناسيا لم يفطر كما قاله شيخنا الرملي في شرحه نعم لو فتح فمه في الماء فدخل جوفه أفطر ا ه قوله بمكروه بخلاف سبق ماء الغسل الواجب والمسنون حتى لو غسل أذنيه فسبق الماء إلى الجوف منهما لم يفطر ولا نظر لإمكان إمالة الرأس بحيث لا يدخل شيء لعسره قال الأذرعي لو عرف من عادته أنه يصل(4/371)
الماء إلى جوفه من ذلك لو انغمس ولا يمكنه التحرز عن ذلك حرم عليه الانغماس وأفطر بذلك وهو واضح إن أمكن غسله بغير هذه الكيفية ا ه حلبي قوله أيضا بمكروه الأولى بغير مأمور به ليشمل المباح كغسل التبرد والتنظيف فإن المتولد منهما مفطر على المعتمد ا ه شيخنا قوله كمبالغة مضمضة أو استنشاق قال حج ويظهر ضبطها بأن يملأ أنفه أو فمه ماء بحيث يسبق غالبا إلى الجوف ا ه وكتب عليه سم قد يقال ظاهر كلامهم ضرر السبق بالمبالغة المعروفة وإن لم يملأ فمه أو أنفه كما ذكر ا ه ع ش على م ر قوله ومرة رابعة أي يقينا بخلاف ما لو شك هل أتى باثنين أو ثلاث فزاد أخرى فالمتجه أنه لا يضر دخول مائها ا ه سم على البهجة ا ه ع ش على م ر قوله وترك استمنائه حاصل هذه المسألة أن الصائم متى أخرج المني بقصد إخراجه كما هو معنى الاستمناء إذ هو طلب خروج المني فيفهم القصد بطل صومه سواء كان جائزا أو لا كإخراجه بيده بحائل أو لا وإنما التفصيل بين الحائل وعدمه فيما إذا لم يقصد إخراجه كأن وجد مجرد لذة فخرج منيه فإن كان بحائل ولو رقيقا لم يضر وإلا ضر ا ه شيخنا ح ف وقال هذا هو المعول عليه ولا التفات لما يوهم خلاف ذلك من العبارات كعبارة المصنف وقرر في قراءة التحرير فقال حاصله أن الإنزال إن كان بالاستمناء أي بطلب خروج المني سواء كان بيده أو يد زوجته أو بغيرهما بحائل أو لا أفطر مطلقا وأما إذا كان الإنزال باللمس فتارة يكون الملموس مما تشتهيه الطباع السليمة أو لا فإن كان لا تشتهيه الطباع السليمة كالأمرد الجميل والعضو المبان فلا يفطر بالإنزال مطلقا أي سواء كان بشهوة أم لا بحائل أم لا وأما إذا كان الإنزال بلمس ما يشتهى طبعا فتارة يكون محرما وتارة لا فإن كان محرما ولمسه بشهوة وبلا حائل أفطر بالإنزال وإلا فلا يفطر به وأما إذا كان غير محرم فيفطر بالإنزال بلمسه مطلقا أي بشهوة أم لا بشرط أن يكون اللمس من غير حائل وأما إذا كان بحائل فلا يفطر وإن(4/372)
كان بشهوة ا ه وعبارة شرح م ر وشرط الصوم الإمساك عن الاستمناء وهو استخراج المني بغير الجماع محرما كإخراجه بيده أو غير محرم كإخراجه بيد زوجته أو جاريته فيفطر به سواء كان بحائل أو لا لأنه إذا أفطر بالجماع بلا إنزال فبالإنزال بمباشرة فيها نوع شهوة أولى ومحله حيث كان عامدا عالما مختارا وكذا خروج المني بلمس وقبلة ومضاجعة بلا حائل يفطر به بخلاف ما لو كان بحائل وإن رق كما هو قضية إطلاقهم ومثله لمس ما لا ينقض لمسه كأمرد ومحرم كما هو ظاهر فلا يفطر بلمسه وإن أنزل كما اقتضاه كلام المجموع كلمس العضو المبان أي وإن اتصل بحرارة الدم حيث لم يخف من قطعه محذور يتمم وإلا أفطر وفي المجموع أنه لو حك ذكره لعارض سوداء أو حكة فأنزل لم يفطر على الأصح لأنه تولد من مباشرة مباحة قاله الأذرعي فلو علم من نفسه أنه إذا حك أنزل فالقياس الفطر وأنه لو قبلها وفارقها ساعة ثم أنزل فإن كانت الشهوة مستصحبة والذكر قائما حتى أنزل أفطر وإلا فلا قاله في البحر وهذا كله في الواضح فلا يضر إمناء المشكل بأحد فرجيه وإن حصل من وطء لاحتمال زيادته نعم لو أمنى من فرج الرجال عن مباشرة ورأى الدم ذلك اليوم من فرج النساء واستمر إلى أقل مدة الحيض بطل صومه لأنه أفطر يقينا بالإنزال أو الحيض وما مر من أن خروج المني من غير طريقه المعتاد كخروجه من طريقه المعتاد محله إذا انسد الأصلي ولو قبل أو باشر فيما دون الفرج فأمذى ولم يمن لم يفطر قطعا كالبول وعلم من قياس ما مر من البناء على لمس ما لا ينقض أنه لو لمس الفرج بعد انفصاله وأنزل إن بقي اسمه أفطر وإلا فلا وبه أفتى الوالد رحمه الله تعالى انتهت وفي ق ل على الجلال ومحل الفطر بخروج المني خروج المني في لمس ينقض الوضوء ولو لفرج مبان وإلا كأمرد ومحرم وعضو مبان فلا فطر ولو بشهوة كما اعتمده شيخنا آخرا ولم يوافق على قول شيخنا الرملي بتقييد لمس المحرم بكونه على وجه الكرامة ا ه قوله بلا حائل قيد فيما(4/373)
بعد لو لا فيما قبلها ا ه ز ي وانظر ما قبل لو أي شيء هو وقرر شيخنا أن المراد به حك ذكره لأن المراد باللمس لمس الغير وقال أيضا يجوز أن يكون ما قبل لو هو النظر والفكر إن كان من عادته أن يفطر بهما ا ه قوله بخلاف ما لو كان ذلك أي اللمس أو القبلة بحائل وإن رق وهذا(4/374)
صريح في أنه إذا طلب إخراج المني بواسطة لمس أو مس بحائل وظاهره ولو بتكرر ذلك لا يفطر ونقل شيخنا الزيادي عن شيخنا الرملي أنه بحث أن الاستمناء أي بيده أو بيد زوجته يفطر ولو مع وجود حائل لأنه يشبه الجماع وعلى هذا ينبغي أن يكون مثل الاستمناء باليد الاستمناء بإدامة القبلة أو المس بحائل وهذا خلاف صريح كلام المصنف ولم أجد ما نقل عن شيخنا في شرحه ولا في كلام والده الذي كتبه على شرح الروض والحق أن عبارة المنهاج أولى من عبارة المصنف لأنها تفيد أن الاستمناء يبطل الصوم مطلقا وبالإنزال إن كان بلمس لأن اللمس لا يكون إلا حيث لا حائل فحق العبارة أن يقال وترك استمناء وترك إنزال بلمس ا ه ح ل قوله لا بنظر وفكر قال الأذرعي ينبغي أنه لو أحس بانتقال المني وتهيئه للخروج بسبب استدامة النظر فاستدامه أنه يفطر قطعا وكذا لو علم ذلك من عادته وإنما يظهر التردد إذا بدره الإنزال ولم يعلمه من نفسه ا ه شرح م ر وينبغي أن يجري ذلك في الضم بحائل ا ه سم على حج ا ه ع ش على م ر قوله لأنه أنزل بغير مباشرة أي فلا فطر به وإن كرره وعلم أنه ينزل به وهذا ما مشى عليه العلامة حج كالخطيب تبعا لظاهر ما في المجموع وقال الأذرعي إنه يفطر إذا علم الإنزال به وإن لم يكرره واعتمده العلامة ز ي كالرملي والفكر كالنظر في ذلك ا ه برماوي قوله وحرم نحو لمس إلخ أي إن كان الصوم فرضا إذ النفل يجوز قطعه بما شاء وقوله كقبلة وكالقبلة في التفصيل المذكور النظر والفكر ا ه من شرح م ر قوله أيضا وحرم نحو لمس أي بلا حائل في صوم فرض فإن اتفق أنه أنزل عند اللمس المحرم وهو المحرك للشهوة أفطر كما يدل عليه قوله خوف الإنزال إذ خوف الإنزال غير المفطر لا نظر إليه وهذا كما لا يخفى غير الاستمناء كما أشرنا إليه بقولنا فإن اتفق إلخ وقوله خوف الإنزال قال شيخنا الزيادي إن هذا فيه إشارة إلى أن تحريك الشهوة أن يخاف الإنزال ا ه ح ل قوله كقبلة أي في فم أو غيره من(4/375)
امرأة أو رجل وكذا عكسه ففي الحديث من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ا ه برماوي قوله إن حرك شهوة معنى تحريكها أن يخاف منها الإنزال كما أشار له الشارح قوله ولو بشك إلخ لو ترجح عنده طلوع الفجر فيحتمل التحريم ا ه عميرة ا ه ابن قاسم قوله أيضا ولو بشك إلخ ولا تصح النية في هذه الحالة لعدم الجزم فيها ا ه برماوي فتصور الصحة بما إذا سبقت النية على التسحر قوله بذلك أي بالشك والباء متعلقة بالأكل بمعنى مع ا ه شيخنا قوله إن لم يبن غلط وهل يجب عليه السؤال عما يبين غلطه أو عدمه أم لا فيه نظر والأقرب الثاني لأن الأصل صحة صومه ا ه ع ش على م ر قوله أو بلا تحر بأن هجم وهو جائز في التسحر دون الإفطار ا ه شرح م ر قوله صح صومهما والفرق بينه وبين القبلة إذا أصابها عند ترك الاجتهاد أن الشك هناك في شرط انعقاد العبادة وهنا في فسادها بعد انعقادها ا ه برماوي قوله وإن سبق إلى جوفه إلخ أي ولو بعد التمكن من طرحه ا ه برماوي وقوله في الأولى أما في الثانية فيفطر بسبق شيء إلى جوفه لتقصيره بإمساكه بفيه ا ه حج قوله أما إذا بلع بكسر اللام من باب تعب وبفتحها من باب نفع ا ه مصباح قوله أو كان مجامعا عطف على طلع أو على قوله وفي فيه طعام فليتأمل ا ه شوبري وهذا من فروع يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام وهي عكس القاعدة المشهورة ومنها ما لو أحرم بالحج مجامعا على أحد أوجه ثلاثة لكن الأصح في الروضة أنه لا ينعقد أصلا والفرق بينه وبين الصوم أن طلوع الفجر ليس من فعله بخلاف إفساد الإحرام ومنها الفطرة لا يباع فيها المسكن والخادم في الابتداء فلو بقيت بيع فيها ما ذكر ومنها الوصية بملك الغير الراجح صحتها حتى إذا ملكه بعد أخذه الموصى له ولو أوصى بملكه ثم زال الملك فيه بطلت على ما جزموا به ومنها إن حلف بالطلاق لا يجامع زوجته لم يمنع من إيلاج الحشفة على الصحيح ويمنع من الاستمرار لأنها صارت أجنبية كذا في الأشباه للسيوطي مع(4/376)
اختصار ا ه شوبري قوله فنزع حالا أي بقصد ترك الجماع فالإطلاق مضر كما يضر قصد التلذذ ا ه ح ل قوله لتولده من مباشرة مباحة يفيد أنه متى حرمت المباشرة واتفق الإنزال معها أفطر ومعلوم أن مثل المباشرة اللمس أو المس بغير حائل ا ه ح ل قوله فإن(4/377)
مكث لم يصح صومه أي لم ينعقد لوجود المنافي كما لو أحرم مجامعا لكن لم ينزلوا منع الانعقاد منزلة الإفساد بخلافه هنا ويفرق بأن النية هنا متقدمة على طلوع الفجر فكأن الصوم انعقد ثم فسد بخلافها ثم ولهذا تلزمه الكفارة باستدامته بعد علمه به كالمجامع بعد طلوع الفجر بجامع منع الصحة بجماع أثم به بسبب الصوم بخلاف استمرار معلق الطلاق بالوطء لا يجب فيه المهر والفرق أن ابتداء فعله هنا لا كفارة فيه فتعلقت بآخره لئلا يخلو جماع نهار رمضان عنها والوطء ثم غير خال عن مقابلة المهر إذ المهر في النكاح يقابل جمع الوطآت ومن الجميع ابتداء الفعل نعم إن استدام لظن أن صومه بطل وإن نزع فلا كفارة عليه لأنه لم يقصد هتك الحرمة كما اقتضاه كلامهم وصرح به الماوردي والروياني أما إذا لم يعلم بطلوعه حتى طلع بأن علم بعد الاستدامة فمكث أو نزع حالا فإنه وإن أفطر لأن بعض النهار مضى وهو يجامع فأشبه الغالط بالأكل لكن لا كفارة عليه وقد أجاب الشيخ أبو حامد عما قيل كيف نعلم الفجر بطلوعه وطلوعه الحقيقي يتقدم على علمنا به بجوابين أحدهما أنها مسألة وضعت على التقدير ولا يلزم وقوعها والثاني أننا تعبدنا بما نطلع عليه ولا معنى للصبح إلا ظهور الضوء للناظر وما قبله لا حكم له فالعارف بالأوقات ومنازل القمر يدري أول الصبح المعتبر زاد في الروضة قلت هذا الثاني هو الصحيح ا ه شرح م ر قوله لم يصح صومه أي وتلزمه الكفارة وإن لم ينعقد صومه لأنه انعقد بالقوة فكأنه انعقد ثم فسد وسيوجه بهذا الشارح في بحث كفارة الجماع ومحل لزومها إن علم بطلوع الفجر وأما الإفطار فلا يتقيد بالعلم ا ه شيخنا قوله وإن لم يعلم بطلوعه غاية للبطلان ا ه برماوي قوله ولو لم يبق من الليل إلا ما يسع إلخ هذا إذا ظن عند ابتداء الجماع أنه بقي ما يسعه أي الجماع وهو الإدخال والإخراج لا قضاء الوطر وهو الإنزال عادة وإلا لم يصح صومه وإن نزع مع الفجر لتقصيره ولا يخفى أن هذا نظير كلام(4/378)
ابن خيران الذي ذكره الشارح ا ه ح ل قوله فعن ابن خيران هو أبو الحسن علي بن أحمد بن خيران البغدادي صاحب اللطيفاء روى عن أبي علي بن خيران الكبير وعنه أحمد بن رامس ونقل عنه الرافعي في كتبه وقوله منع الإيلاج هو المعتمد ويوجه بأن للوسائل حكم المقاصد وقوله وعن غيره إلخ مرجوح ا ه برماوي قوله وعقل أي تمييز فلا يصح صوم غير المميز كمن زال عقله ا ه شرح م ر والحاصل أن الجنون والكفر يضران ولو في لحظة ما من النهار وأن السكر والإغماء لا يضران إلا إن استغرقا النهار وأن النوم لا يضر ولو استغرقه ا ه شيخنا قوله عن نحو حيض وكذا نحو ولادة من إلقاء علقة أو مضغة ولو بلا بلل على المعتمد ا ه ق ل على الجلال ومثله شرح م ر قوله فلا يصح صوم من اتصف إلخ ويحرم كما في الأنوار على حائض ونفساء الإمساك بنية الصوم ولا يجب عليها تعاطي مفطر وكذا في نحو العيد اكتفاء بعدم النية ا ه برماوي قوله ولا يضر نومه ومع ذلك يحصل له ثواب الصوم ا ه ع ش على م ر قوله ولا إغماء أو سكر بعضه عبارة أصله مع شرح م ر والأظهر أن الإغماء لا يضر إذا أفاق لحظة من نهاره أي لحظة كانت اكتفاء بالنية مع الإفاقة في جزء لأنه في الاستيلاء على العقل فوق النوم ودون الجنون فلو قلنا إن المستغرق منه لا يضر كالنوم لألحقنا الأقوى بالأضعف ولو قلنا إن اللحظة منه تضر كالجنون لألحقنا الأضعف بالأقوى فتوسطنا وقلنا إن الإفاقة في لحظة كافية والثاني يضر مطلقا والثالث لا يضر إذا أفاق أول النهار ولو مات في أثناء النهار بطل صومه كما لو مات في أثناء صلاته وقيل لا يبطل كما لو مات في أثناء نسكه انتهت وقوله بطل صومه أي فلا يعامل معاملة الصائمين في الغسل والتكفين بل يستعمل الطيب ونحوه في كفنه مما يكره استعماله للصائم وقوله كما لو مات في أثناء صلاته أي فلا يثاب على ما فعله منها ثواب الصلاة ولكن يثاب على مجرد الذكر فقط ولا حرمة عليه حيث أحرم وقد بقي من الوقت ما يسعها ا ه(4/379)
ع ش عليه قوله بخلاف إغماء أو سكر كله ظاهره سواء تعدى بالإغماء والسكر أو لا وبه صرح ابن قاسم على البهجة ا ه ع ش على م ر خلافا للشهاب حج ا ه رشيدي وعبارة سم هنا واعتمد م ر أنه لا فرق في كل من السكر والإغماء بين ما تعدى به وما لا في أنه إن أفاق لحظة صح وإلا فلا وأنه لا فرق في الجنون بين المتعدى به وغيره في أنه حيث وجد(4/380)
لحظة في اليوم لا يصح الصوم ا ه انتهت قوله يخرجان الشخص عن أهلية الخطاب إن أراد بالخطاب خطاب التكليف فالنائم كذلك فأي مخالفة وإن أراد به خطاب الوضع فهما مخاطبان به كالنائم فليتأمل ا ه عميرة وقد يقال المراد الأول لكن التعلق بهما تنجيزي أي بعد زوال عذرهما وبالنائم معنوي فحصلت المخالفة فتأمل ا ه شوبري وانظر هذه المنافاة بين قوله تنجيزي وبين قوله بعد زوال إلخ فإن كان الخطاب تنجيزيا فما معنى البعدية وإن كان بعد زوال عذرهما فما معنى التنجيزي فالأولى في فهم كلام الشارح أن مراده بالخطاب خطاب الوضع ويكون قوله يخرجان الشخص أي في الجملة أي عند عدم التعدي في بعض الصوم لأن كلا من السكران والمغمى عليه قد ينتفي عنهما خطاب الوضع بالنسبة للعبادات عند عدم التعدي فقوله بخلاف النوم أي فإنه لا يخرج صاحبه عن خطاب الوضع في صورة ما ويدل لهذا التأويل قول الشارح في الجملة وعلى فهم المحشي من أن المراد خطاب التكليف يضيع قوله في الجملة تأمل قوله في الجملة أي عند عدم التعدي ا ه شيخنا قوله الأيام أي لا الليالي فهي محل الاشتراط فلذا قال أي وقوعه فيها ا ه شيخنا قوله ولو كان صومها لمتمتع أي عادم الهدي وهذا على الجديد وفي القديم له صيامها عن الثلاثة الواجبة في الحج لخبر البخاري فيها ا ه شرح م ر قوله وهي ثلاثة أي خلافا للإمام مالك رضي الله تعالى عنه القائل بأنها اثنان ا ه برماوي قوله لقول عمار بن ياسر هو أبو اليقظان بفتح القاف عمار بفتح العين المهملة وتشديد الميم ابن ياسر بالياء والسين المهملة العنسي بالنون الصحابي ابن الصحابي ابن الصحابية واسمها سمية بضم السين المهملة وفتح الميم وتشديد الياء أسلم هو وأبوه وأمه بعد بضعة وثلاثين رجلا حين كان النبي {صلى الله عليه وسلم} بدار الأرقم وكان هو وأبوه وأمه يعذبون على الإسلام وكان النبي {صلى الله عليه وسلم} يمر عليهم وهم يعذبون فيقول صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة وقتل أبو جهل أمه وهي أول من قتل في الإسلام(4/381)
وفيه أنزل قوله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان وهاجر إلى المدينة مع النبي {صلى الله عليه وسلم} ولم يهاجر إلى الحبشة وشهد معه {صلى الله عليه وسلم} بدرا وأحدا والمشاهد كلها روي له عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} اثنان وستون حديثا وروى عنه علي بن أبي طالب وابن عباس وغيرهما من الصحابة ومن التابعين ابن المسيب وأبو وائل وغيرهما وهو أول من بنى لله مسجدا في الإسلام بنى مسجد قباء شهد قتال اليمامة في زمن أبي بكر رضي الله تعالى عنه فقطعت أذناه واستعمله عمر رضي الله تعالى عنه على الكوفة وكان آدم طويلا يغير شيبه المتوفى قتيلا بصفين مع علي رضي الله تعالى عنه في ربيع الأول وقيل الآخر وعمره أربع وتسعون سنة وأوصى أن يدفن بثيابه فدفن بها ولم يغسل وقال قبل أن يقتل ائتوني بشربة لبن فإني سمعت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقول آخر شربة أشربها في الدنيا شربة لبن ا ه برماوي قوله كقضاء شمل قضاء المستحب وهو نظير قولهم يجوز قضاء الفائتة في الأوقات المكروهة وإن كانت نافلة وصورة قضاء المستحب هنا أن يشرع في صوم نفل ثم يفسد فإنه يسن قضاؤه كما في الروضة ولا يصح نذر يوم الشك كنذر أيام التشريق والعيدين لأنه معصية ا ه شرح م ر والمراد بيوم الشك ما صدق عليه أنه شك وإن لم يعلم ذلك وقت النذر وعليه فلو نذر صوم يوم بعينه كالخميس الآتي مثلا ثم طرأ شك في ذلك اليوم تبين عدم انعقاد نذره فلا يصح صومه ا ه ع ش عليه لكن في شرح حج على المنهاج ما نصه وله من غير كراهة صومه أي يوم الشك عن القضاء ولو لنفل كأن شرع في نفل فأفسده والنذر كأن نذر صوم يوم كذا فوافق يوم الشك أما نذر صوم يوم الشك فلا ينعقد والكفارة مسارعة لبراءة ذمته ولأن له سببا فجاز كنظيره من الصلاة كما في الوقت المكروه ومن ثم يأتي في التحري هنا ما مر ثم ا ه بحروفه قوله وورد أي وإن لم يسبق له فعله إلا مرة واحدة ا ه ح ل قوله فيصح صومه أي من غير كراهة ا ه شرح م ر ومحل الصحة ما لم يتحر تأخير الصوم إلى الشك وإلا فلا يصح وعبارة شرح م(4/382)
ر قال الإسنوي فلو أخر صوما ولو واجبا ليوقعه يوم الشك فقياس كلامهم في الأوقات المنهي عنها تحريمه انتهت وقياس ذلك أيضا أنه لو تحرى تأخيره ليوقعه في النصف الثاني(4/383)
من شعبان حرم عليه أيضا ولم ينعقد ا ه ع ش عليه قوله إلا رجل كان يصوم إلخ رجل بالرفع بدل من الضمير وبالنصب استثناء منه كما قرئ بهما قوله تعالى ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك وفي قوله ما فعلوه إلا قليل منهم ا ه شوبري قوله كأن اعتاد صوم الدهر وتثبت العادة بمرة ا ه شرح م ر وعليه فلو صام في أول شعبان يومين متفرقين ثم أفطر باقيه فوافق يوم الشك يوما لو دام حاله الأول من صوم يوم وفطر يوم لوقع يوم الشك موافقا ليوم الصوم صح صومه ومثله ما لو صام يوما قبل الانتصاف علم أنه يوافق آخر شعبان واتفق أن آخر شعبان حصل فيه شك فلا يحرم صومه لأنه صار عادة له وقوله بمرة ظاهره أنه لا فرق في ذلك بين السنة الماضية وما قبلها إلى آخر عمره وهو ظاهر وفي فتاوى والد الشارح ما يخالفه ونصها سئل الشيخ الرملي هل العبرة بعادته القديمة أو الماضية فأجاب بأن العبرة بعادته في السنة الماضية لا القديمة وكتب سم على شرح البهجة قوله بأن اعتاد إلخ قد يشكل تصوير العادة ابتداء لأن ابتداء الصوم بعد النصف بلا سبب ممتنع فيحتاج لعادة وينقل الكلام إليها فيتسلسل ويجاب بأن يتصور ذلك بما إذا صام الاثنين مثلا قبل النصف فالظاهر أن له صومه بعده لأنه صار عادة له ولو اختلفت عادته كأن اعتاد الاثنين في عام والخميس في عام آخر فهل يعتبر الأخير أو نقول كل صار عادة له وفيه نظر ولا يبعد الثاني نعم إن عزم على هجر أحدهما والإعراض عنه فيحتمل أن لا يعتبر ا ه وهو ظاهر ويمكن حمل ما نقل عن إفتاء والد الشارح المتقدم عليه ا ه ع ش عليه قوله وهو يوم الثلاثين من شعبان إلخ عبارة شرح م ر وقد عمت البلوى كثيرا بثبوت هلال الحجة يوم الجمعة مثلا ثم يتحدث الناس بثبوته ليلة الخميس ويظن صدقهم ولم يثبت فهل يندب صوم السبت لكونه يوم عرفة على تقدير كمال ذي القعدة أم يحرم لاحتمال كونه يوم العيد وقد أفتى الوالد رحمه الله تعالى بالثاني لأن دفع مفسدة الحرام مقدمة على تحصيل(4/384)
مصلحة المندوب انتهت ويؤخذ من تعليله حرمة صوم اليوم المذكور ولو وصله بما قبله أو وافق عادة له فليس هذا كيوم الشك من كل وجه لأن الزمان في يوم الشك قابل للصوم على كل تقدير بخلافه هنا وقد عرضت ذلك على شيخنا الحفني فقال هذا هو الذي يتعين الإفتاء به قوله أو شهد بها عدد يرد أي وإن أطبق الغيم لاحتمال الرؤية بانفراج السحاب ثم التئامه بسرعة انتهى م ر ا ه سم قوله أيضا وشهد بها عدد أي أخبر إذ لا يشترط ذكر ذلك عند حاكم وقوله عدد يرد وأقله اثنان وقوله أو فسقة ومنهم الكفار ا ه برماوي قوله وظن صدقهم هذا القيد وقع في الروضة ومرادهم أن لا يكون خبرهم مقطوعا بكذبه وأما إذا قطع بكذبه فلا شك ا ه ح ل وكتب أيضا قوله وظن صدقهم أي احتمل صدقهم أي لم يقطع ببطلان خبرهم أي كان خبرهم محتملا للصدق والكذب على السواء بخلاف ما إذا كان مقطوعا بكذبه أو مظنون الصدق فإنه يكون يوم شك كما أشار إلى ذلك في الروضة والشارح فهم أن المراد به وجود الظن بصدق خبرهم وتقدم أنه إذا ظن صدق خبر العبد أو المرأة صح صومه ويجزيه إن تبين كونه منه والذي ينبغي أنه إذا تحدث برؤيته ولم يشهد بها أحد كان يوم شك بالنسبة لجميع الناس فيحرم الصوم ولا يجزئ وإن تبين كونه من رمضان لعدم الجزم بالنية وإن شهد به من لا تقبل شهادته كان يوم شك في حق من لم يظن صدق من شهد فيحرم صومه ولا يجزئه وغير يوم شك في حق من ظن صدقه فله أن ينوي الصوم ويجزئه إن تبين كونه من رمضان ا ه قوله وإنما لم يصح صومه أي لمن ظن الصدق مع أنه تقدم صحة ذلك وهو رمضان في حق من شهده كما علم فليس يوم شك بالنسبة إليه وقوله لأنه لم يتبين كونه منه أي حال النية أي وصحة النية وإجزاؤه مخصوص بما إذا تبين كونه من رمضان وتقدم صحة صوم من ظن صدق من أخبره ويجزئه إذا لم يتبين خلافه لأنه لا بد أن يتبين كونه منه ا ه ح ل وحاصله أنكم أوجبتم الصوم تارة كما تقدم في قوله ويجب الصوم على من أخبره موثوق به(4/385)
إلخ وقلتم بجوازه ووقوعه عن رمضان تارة وذلك فيما تقدم في قوله إلا إن ظن أنه منه بقول من يثق به وقلتم بحرمته وعدم إجزائه تارة وهو فيما أشار له هنا بقوله وإنما لم يصح صومه إلخ فهذه مواضع ثلاثة بينها تناف أي الوجوب والجواز مع الإجزاء والحرمة مع عدم الإجزاء فأشار(4/386)
الشارح إلى دفع التنافي بقوله وإنما لم يصح إلخ وحاصله أن الوجوب مخصوص بما إذا اعتقد صدق المخبر وجوازه وإجزاؤه بما إذا ظن وتبين كونه من رمضان والحرمة وعدم الإجزاء إذا لم يتبين حال النية كونه من رمضان تأمل ا ه شيخنا عشماوي قوله إذا تبين كونه منه أي ليلا أو نهارا وإذا تبين كونه منه ليلا لا يجب تجديد النية بل الشرط أن لا يتبين خلافه فلا تنافي بين هذه المحال الثلاثة أي الوجوب والجواز مع الإجزاء والحرمة مع عدم الإجزاء وحاصل جواب الشارح أن الوجوب مخصوص بما إذا اعتقد صدق المخبر وجوازه وإجزاؤه بما إذا ظن وتبين كونه من رمضان وعدم إجزائه بما إذا لم يتبين احتياطا للعبادة فيهما فأوجبوا بإخبار واحد وحرموا بإخبار واحد وكتب أيضا فعلم من كلام المصنف أنه إذا اعتقد صدق المخبر وجب عليه الصوم وصح وأجزأه حيث لم يتبين كونه من غير رمضان وإن ظن صدق المخبر لم يجب عليه الصوم لكن يصح ويجزئه إن تبين كونه من رمضان ولا يجزئه إن تبين كونه من غير رمضان وحينئذ كان الأولى الاقتصار في يوم الشك على الصورة الأولى وهي ما إذا تحدث الناس برؤيته ولم يشهد بها أحد فإنه هو يوم الشك بالنسبة لكل أحد وأما إذا شهد بها غير مقبول الشهادة فهو في حق من لم يظن صدق خبره يوم شك وفي حق من ظن صدق خبره ليس شكا تأمل ا ه ح ل وعبارة سم قوله إذا تبين كونه منه من يعول على اعتقاد صدق المخبر لا يعتبر هذا القيد بل المدار عنده على اعتقاد صدق المخبر وعدمه فحيث اعتقد صدقه وجب عليه الصوم وصح تبييت النية اعتمادا على ذلك الاعتقاد وأجزأ عن رمضان سواء تبين كونه من رمضان أو لم يتبين الحال وهذا هو الظاهر واعتمده م ر فإن قلت كيف يصح التعويل على الاعتقاد مع تقييد الرافعي كون يوم الثلاثين يوم شك بإخبار الصبيان بما إذا ظن صدقهم قلت لا إشكال والحاصل أنه إذا لم يظن صدقهم فلا اعتبار بهم وإن ظن فاليوم شك لمن لم يظن بخلاف من ظن بل يجب عليه الصوم ويعتمد على(4/387)
ذلك في التبييت ويجزئه الصوم ا ه قوله أيضا إذا تبين كونه منه أي وما نحن فيه لم يتبين فيه شيء يبنى عليه فعملنا بالأصل من بقاء شعبان وبهذا يظهر الفرق بينهما ا ه ع ش قوله احتياطا للعبادة فيهما انظر أين الاحتياط هنا فإن هنا احتياطا للتحريم لا للعبادة وعبارة غيره احتياطا للعبادة وتحريمها وهي ظاهرة ا ه شيخنا وفي بعض الهوامش المراد بالعبادة الواجبة والمندوبة فاحتيط للمندوبة حيث صحت عند إخبار واحد ولم تمتنع إلا بعدد وهذا أحسن قوله فليس اليوم يوم شك وقيل هو يوم شك ا ه شرح م ر وانظر ما فائدة الخلاف مع أنه يحرم صومه على كل تقدير إذ بفرض أنه ليس شكا هو يوم من النصف الثاني من شعبان وصومه حرام ثم رأيت سم على شرح البهجة قال ما نصه قوله وإذا انتصف شعبان حرم الصوم إلخ وهذا قد يوجب أنه لا خصوصية ليوم الشك لأنه مع الوصل بما قبله يجوز صوم يوم الشك وغيره ومع عدم الوصل يحرم الصوم من جهتين بخلاف غيره فليتأمل ا ه وقد يقال فائدة الخلاف تظهر في التعاليق كما لو قال إن كان اليوم الفلاني يوم شك فعبدي حر أو نحوه فيؤاخذ بذلك حيث قلنا إنه شك ا ه ع ش عليه قوله بل هو من شعبان أي فيحرم صومه لكونه بعد النصف لا لكونه يوم شك سلطان قوله حرم الصوم بلا سبب أما بسبب فيجوز كقضاء ونذر وورد فإن قلت لم يبق ليوم الشك أثر لأنه إن وصله بما قبل النصف أو صامه بسبب جاز وإلا لم يجز لعدم الوصل وعدم السبب لا لكونه شكا لعدم الحاجة قلت بل عدم الجواز حينئذ للأمرين عدم الوصل والسبب ولكونه شكا فهو منهي عنه من الجهتين وما حرم لجهتين أبلغ إثما مما حرم لجهة واحدة فليتأمل ثم رأيت م ر قال ذلك ثم جزم بحرمة يوم الشك وإن وصله حتى لو صام الخامس عشر واستمر وجب عليه إذا وصل إلى يوم الشك أن يفطر ثم جزم بالجواز إن وصله وبه جزم في الفتاوى ا ه سم قوله إن لم يصله بما قبله أي بأن يصوم الخامس عشر وتاليه إلى آخر الشهر فمتى أفطر يوما من النصف الثاني(4/388)
حرم عليه الصوم ولم ينعقد وفهم منه أنه لو صام الخامس عشر وتاليه ثم أفطر السابع عشر حرم عليه صوم الثامن عشر وهو ظاهر لأنه صوم بعد النصف لم يصله بما قبله ا ه ع ش ومثله شرح م ر قوله وسن تسحر وسن كونه بتمر لحديث فيه ويدخل وقته بنصف الليل ا ه ح ل(4/389)
وهو من خصائص هذه الأمة بدليل أن الأمم السابقة كانوا يأكلون قبل أن يناموا وكان يحرم عليهم الأكل والشرب من وقت العشاء ويدخل وقته بنصف الليل ويحصل بقليل المطعوم وكثيره لخبر تسحروا ولو بجرعة ماء ا ه برماوي ومحل استحبابه إذا رجي به منفعة ولم يخش به ضررا كما قاله المحاملي ولهذا قال الحليمي إذا كان شبعان فينبغي أن لا يتسحر لأنه فوق الشبع ا ه ومراده إكثار الأكل ا ه شرح م ر قوله وتعجيل فطر ويكره تأخيره إن قصد ذلك ورأى أن فيه فضيلة وإلا فلا بأس به كما في المجموع عن نص الأم ا ه شرح م ر وينبغي سن التعجيل ولو كان مارا بالطريق ولا تنخرم به مروءته أخذا مما ذكروه من طلب الأكل يوم عيد الفطر به قبل الصلاة ولو مارا بالطريق ا ه ع ش عليه ويكره للصائم بعد الغروب وقبل الفطر أن يتمضمض بماء ويمجه أو يشربه ويتقايأه ا ه من شرح م ر وع ش عليه وانظر هل يحصل التعجيل بما يزول به الوصال من كل مفطر ولو جماعا أو نبش أذن ويكون المعنى بتعجيله قطع آثار الصوم في غير زمنه أو لا يحصل إلا بما يحصل به التقوي أي ما من شأنه ولعل الأول أولى فليحرر وانظر حكمته ولعله التباعد عن التلبس بالصوم في غير زمنه ا ه شوبري وعبارة ق ل على الجلال قوله تعجيل الفطر أي بغير جماع ولو على الماء وإن رجي غيره ا ه وعبارة شرح م ر ويسن تعجيل الفطر بتناول شيء كما في الجواهر وقضيته عدم حصول سنة التعجيل بالجماع وهو محتمل لما فيه من إضعاف القوة والضرر انتهت وقوله عدم حصول سنة التعجيل بالجماع أي ولا بالاستقاءة أو إدخال نحو عود في أذنه أو إحليله أو نحو ذلك ا ه رشيدي وقوله وهو محتمل معتمد ا ه ع ش عليه فائدة يجب أن يفطر بين الصومين نفلا أو فرضا إذ الوصال حرام وهو أن يصوم يومين فأكثر ولا يتناول بالليل مطعوما عمدا بلا عذر كما في المجموع وقضيته أن الجماع ونحوه لا يمنع الوصال قال في المهمات وهو ظاهر المعنى لأن تحريم الوصال للضعف أي عن الصيام ونحوه من(4/390)
الطاعات وترك الجماع ونحوه لا يضعف بل يقوي لكن قال في البحر هو أن يستديم جميع أوصاف الصائمين وذكر الجرجاني وابن الصلاح نحوه قال وتعبير الرافعي أي وغيره بأن يصوم يومين يقتضي أن المأمور بالإمساك كتارك النية لا يكون امتناعه ليلا من تعاطي المفطر وصالا لأنه ليس بين صومين إلا أن الظاهر أنه جرى على الغالب ا ه شرح م ر أي فلا فرق في حرمة الوصال بين كونه بين صومين أو لا ا ه ع ش عليه وقوله لكن قال في البحر إلخ هذا هو المعتمد ا ه ع ش أيضا فمقتضاه أنه إذا زال عنه وصف الصائمين بغير الأكل كجماع واستقاءة وإدخال عود في أذنه ونحو ذلك انتفت عنه حرمة الوصال فتلخص من هذا مع ما تقدم أن الأمور المفطرة غير الأكل والشرب لا تحصل بها سنة تعجيل الفطر ويحصل بها قطع الوصال بين الصومين تأمل قوله لخبر الصحيحين إلخ أي ولما في تأخير السحور من مخالفة اليهود والنصارى ولأن تأخير السحور أقرب للتقوى على العبادة وصح تسحرنا مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثم قمنا إلى الصلاة وكان قدر ما بينهما خمسين آية وفيه ضبط لقدر ما يحصل به سنة التأخير ا ه شرح م ر قوله فإن في السحور بركة قيل المراد بها الأجر والثواب فالمناسب أن يقرأ السحور بالضم لأنه مصدر بمعنى التسحر وقيل البركة فيه ما يقوى على الصوم وينشط له وقيل ما يتضمنه من الاستيقاظ والذكر والدعاء في ذلك الوقت ا ه كرماني على البخاري تنبيه من خصائص هذه الأمة صوم رمضان ونظر الله إليهم أوله وتزين الجنة فيه وخلوف أفواههم واستغفار الملائكة لهم حين يفطرون وعموم المغفرة لهم آخر ليلة من رمضان واستغفار الحيتان لهم حين يفطرون والسحور وتأخيره وتعجيل الفطر وإباحة الطعام والجماع إلى الفجر والاسترجاع عند المصيبة ا ه شوبري وعبارة حج على الهمزية من خصوصيات هذه الأمة أن أحدا لا يدخل الجنة قبلهم ومنها الوضوء على الكيفية المخصوصة والتيمم وإباحة الغنائم وأن كل الأرض تصح الصلاة فيها ويجوز جعلها مسجدا ومجموع(4/391)
الصلوات الخمس والتأمين خلف الفاتحة والركوع وأن صفوفهم في صلاتهم كصفوف الملائكة والجمعة وساعة الإجابة في يومها ورمضان ونظر الله لهم أوله وتزيين الجنة فيه وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك(4/392)
واستغفار الملائكة لهم حين يفطرون وعموم المغفرة لهم آخر ليلة منه واستغفار الحيتان لهم حين يفطرون والسحور وتأخيره وتعجيل الفطر وإباحة الطعام والجماع إلى الفجر والاسترجاع عند المصيبة ورفع أثقال التكليفات التي كانت على من قبلهم كتحتم القصاص حتى في الخطأ وقطع الأعضاء الخاطئة وموضع النجاسة وقتل النفس في التوبة والمؤاخذة بالخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وأن الله لم يجعل عليهم في الدين من حرج وأن الإسلام وصف خاص بهم على قول وإن كان الراجح خلافه وأن شريعتهم أكمل من سائر الشرائع وأنها لينة معتدلة في جميع جزيئاتها ومن ثم وهب الله لهم من علمه وحلمه وجعلهم خير أمة أخرجت للناس وأعطاهم مرتبة الشهادة على من سبقهم من الأمم في القيامة فأقامهم مقام الأنبياء في الشهادة عليهم وكمل لهم من المحاسن ما فرقه في الأمم ولنبيهم ما فرقه في الأنبياء ولكتابهم ما فرقه في الكتب وأنهم لا يجتمعون على ضلالة وأن إجماعهم حجة واختلافهم رحمة وأن الطاعون شهادة لهم وعذاب على غيرهم وأنهم حفظوا آثار رسولهم على قوانين علم الحديث وأن فيهم أقطابا وأوتادا ونقباء ونجباء وأبدالا وأنهم يخرجون من قبورهم بلا ذنوب لاستغفار المؤمنين لهم وأنهم أول من تنشق الأرض عنهم وأنهم يميزون يوم القيامة بالغرة والتحجيل من آثار الوضوء ويكونون مع نبيهم على كوم مشرف في الموقف يغبطهم فيه جميع الأمم ويميزون بسيماء السجود في وجوههم وأنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم وأنهم يسعى نورهم بين أيديهم وأنه يصل لهم ما سعي لهم من صوم وحج وصدقة ودعاء وقراءة بل وكل عبادة وأنه يدخل الجنة منهم سبعون ألفا بغير حساب وأنه مع كل واحد منهم سبعون ألفا انتهت قوله أيضا فإن في السحور بركة بضم السين المهملة وهو الأكل عند السحر وبفتحها المأكول وقد نظم بعضهم معنى هذا الحديث فقال يا معشر الصوام في الحرور ومبتغي الثواب والأجور تنزهوا عن رفث وزور وإن أردتم غرف القصور تسحروا فإن في(4/393)
السحور بركة في الخبر المأثور ا ه برماوي قوله وسن فطر بتمر مثله العجوة ا ه ع ش على م ر وأصل السنة يحصل بواحدة وأقل الكمال ثلاثة ثم خمسة وهكذا من مراتب الأوتار وقوله فماء وهو أفضل من بقية أنواع الحلوى كالعسل وغيره لورود الخبر فيه ا ه شيخنا وعبارة البرماوي قوله بتمر أي وإن كان بمكة والأفضل كونه وترا وكونه بثلاث فأكثر والحكمة فيه كونه غير مدخول النار وقيل تفاؤلا بالحلاوة وقيل لأنه أنفع للبصر انتهت وعبارة الشوبري قوله بتمر فماء ويسن أن يثلث الفطر به كأن يأتي بثلاث جرعات منه ويسن أن يفطر غيره ولو دفع له تمرا ليفطر عليه تعين له على ما يظهر فلا يجوز استعماله في غيره نظرا لغرض الدافع وانظر هل يتعين ذلك في الليلة التي دفع فيها ذلك لما يخشى من تأخيره الفوات أو لا يظهر عدم تعين تلك الليلة والظاهر أنه إذا فات الفطر عليه لا يجب رده لأنه مما يتسامح به إلا أن يظن عدم رضاه به فيجب عليه رده له فليتأمل انتهت قوله أيضا وسن فطر بتمر أي ولو لمن بمكة خلافا للمحب الطبري ا ه شرح م ر أي في قوله أن من بمكة يقدم ماء زمزم على التمر ا ه ع ش عليه قوله فماء قال سم على حج وفي حصول فضيلة التعجيل بنحو ملح وماء ملح نظر وكذا بنحو تراب وحجر لا يضر والحصول محتمل ا ه أقول أشار بقوله محتمل إلى أنه قد يقال أيضا بعدم الحصول ويوجه بأن الغرض المطلوب من تعجيل الفطر إزالة حرارة الصوم بما يصلح البدن وهو منتف مع ذلك مع أن تناول التراب والمدر مع انتفاء الضرر مكروه فلا ينبغي حصول السنة به ا ه ع ش على م ر قوله فإن لم يجد التمر أي عند إرادة الفطر ومنه يؤخذ أن تعجيله بالماء أفضل من انتظار نحو التمر ووجهه ابن حجر بأن في التعجيل مصلحة تعود على الناس كما في الحديث ا ه شوبري قوله قدم على التمر أي وبعده البسر ثم العجوة ثم التمر وبعده ماء زمزم ثم غيره ثم الحلواء بالمد خلافا للروياني فائدة من أحب أن تصرف عنه مرارة الموقف فليطعم أخا(4/394)
له في الله تعالى شيئا(4/395)
من الحلواء قاله أبو السعود بن أبي العشائر ويقدم اللبن على العسل لأنه أفضل منه ا ه برماوي قوله وسن من حيث الصوم أي وأما من حيث كونه معصية فواجب ا ه شيخنا وعبارة الشوبري قوله من حيث الصوم أي لحفظ ثوابه وإن كان واجبا مطلقا انتهت قوله وغيبة قال في الخادم وإذا اغتاب الصائم أو سب أو فعل شيئا مما نهي عنه ثم تاب فهل يعود بعض أجره قيل نعم والأقرب أنه لا يعود لأن أثر التوبة إنما هو في سقوط الإثم لا في تحصيل ثواب صفة الكمال إلخ ا ه شوبري قوله والعمل به لعل المراد به كل غير مطلوب في الصوم وإن لم يحرم قال الحليمي وينبغي للصائم أن يصوم بجميع جوارحه فلا يمشي برجله إلى باطل ولا يبطش بيده في غير طاعة ولا يداهن ولا يقطع الزمن بالأشعار والحكايات التي لا طائل تحتها ونحو ذلك خصوصا ما يحرم مطالعته مما سيأتي في الاعتكاف ولو تاب من ارتكب في الصوم ما لا يليق ارتفع عن صومه النقص بناء على أن التوبة تجب بالجيم بمعنى تجبر أي تزيل ما وقع قبلها ولو فطر صائما قد فعل ما لا يليق ولو مما يحبط أجره لم يفت الأجر على من فطره على الوجه الوجيه ا ه برماوي قوله فليس لله حاجة إلخ قال في شرح المشكاة كناية أو مجاز عن عدم نظره تعالى له نظر العناية والرحمة والقبول والتفضيل بالثواب فهو من باب نفي الملزوم أو السبب وإرادة نفي اللازم أو المسبب ويصح كونه من باب الاستعارة التمثيلية وكتب أيضا قوله فليس لله حاجة إلخ إن قلت هلا قال فليس لله حاجة في صيامه قلت لما كان قول الزور ونحوه مبطلا لثواب الصوم فكأنه لم يكن في صوم فأشار إلى ذلك في الحديث ا ه شوبري وقوله كناية أو مجاز إلخ إنما جعله كناية أو مجازا لأن مفهومه أنه إن ترك قول الزور فلله حاجة إلخ وهو باطل فلذا أولوه ا ه شيخنا ح ف قوله وشهوة الشهوة اشتياف النفس إلى الشيء والجمع شهوات واشتهيته فهو مشتهى ا ه مصباح والمراد ترك تعاطي ما اشتهته النفس وترك الشروع في أسباب الشهوة وإلا(4/396)
فالشهوة نفسها التي هي ميل النفس إلى المطلوب لا يمكن التحرز عنها ا ه ع ش قوله أيضا وشهوة أي من المسموعات والمبصرات والمشمومات والملابس إذ ذاك سر الصوم ومقصوده الأعظم لتنكسر نفسه عن الهوى ويقوى على التقوي بكف جوارحه عن تعاطي ما يشتهيه قال في الأنوار ويكره أن يقول بحق الختم الذي على فمي ا ه شرح م ر ومثله الخاتم الذي على فم العباد ووجه الكراهة أنه حلف بغير الله تعالى وصفاته ا ه ع ش عليه قوله كشم الرياحين أي ولمسها وسماع الملاهي وكذا الملابس التي فيها ترفه وقوله لما فيها أي الرياحين كما يدل عليه كلام شرح الروض ا ه ح ل والرياحين ما لها ريح طيب كالمسك والطيب والورد والنرجس والريحان والفاغية والياسمين ونحو ذلك فيسن للصائم تركها ولو في يوم الجمعة وسواء الأعمى والبصير ومحل ذلك في النهار وأما لو استعمله ليلا وأصبح مستديما له لم يكره كما في المحرم وفي شرح العلامة ابن حجر ما يخالفه ويوافقه التعليل المذكور ا ه برماوي قوله وترك نحو حجم أي من حاجم ومحجوم ا ه برماوي قوله خوف وصوله حلقه نعم إن احتاج إلى مضغ نحو خبز لطفل لم يكره ا ه شرح م ر قوله وترك علك أي لا يتحلل منه جرم ومنه اللبان وقوله بفتح العين وهو الفعل أي المضغ وقوله في وجه أي ضعيف والصحيح خلافه وإن تروح ذلك الريق بريحه أو وجد فيه طعمه ا ه ح ل وأما بكسرها فهو المعلوك ا ه شرح م ر قوله وهو مكروه وكذا الذوق مكروه أيضا ا ه رشيدي وهذا إذا كان لغير حاجة أما لها فلا يكره كأن يذوق الطعام متعاطيه لغرض إصلاحه فلا يكره وإن كان عنده مفطرا آخر لأنه قد لا يعرف إصلاحه مثل الصائم ا ه ع ش على م ر قوله وسن أن يغتسل إلخ هذا مصدر مؤول معطوف على مصدر صريح فإن قلت ما السر في العدول وهلا أتى به وبما بعده مصادر صريحة قلت حكمة العدول دفع توهم أنه من مدخول الترك والغرض أنه وما بعده مطلوب الفعل لا يقال التوهم موجود إذ يجوز أن يراد وسن ترك أن يغتسل لأنا نقول(4/397)
هذا بعيد جدا فالعدول دفع توهم البعيد فليتأمل كاتبه والله أعلم ا ه شوبري قوله ليكون على طهر إلخ أي وخشية من وصول الماء إلى باطن الأذن أو الدبر أو غيرهما ا ه شرح م ر قال حج وقضيته أن وصوله لذلك مفطر وليس(4/398)
عمومه مرادا كما هو ظاهر أخذا مما مر إن سبق ماء نحو المضمضة المشروعة أو غسل الفم النجس لا يفطر لعذره فيحمل هذا على مبالغة منهي عنها أو نحوها ا ه قوله عقب فطره أي عقب ما يحصل به الفطر وإن لم يندب كجماع وإدخال نحو عود في أذنه بل نقل أيضا أنه يكفي دخول وقت الإفطار لكن ربما ينافيه وعلى رزقك أفطرت ا ه برماوي قوله هو أولى من قوله عند لأن العندية تصدق بالقبلية فتأمل قوله اللهم لك صمت أي لا لغرض ولا لأحد غيرك وقدم لكمال الإخلاص وقوله وعلى رزقك أي الذي أوصلته إلي من فضلك لا بحولي وقوتي أفطرت وفي رواية زيادة وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت ا ه برماوي قوله كان يقول ذلك وورد أيضا أنه كان يقول اللهم ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى فيسن الجمع بينهما لكن هذا ربما يفهم منه أنه في خصوص من أفطر على الماء فليراجع ويسن أيضا أن يقول يا واسع الفضل اغفر لي الحمد لله الذي أعانني فصمت ورزقني فأفطرت اللهم وفقنا للصيام وبلغنا فيه القيام وأعنا عليه والناس نيام وأدخلنا الجنة بسلام ا ه برماوي قوله صدقة أي لأن الفقراء يضعفون فيه عن الكسب ومنها زيادة التوسعة على العيال والإحسان إلى الأقارب والجيران لأن الحسنات فيه تضاعف وتفطير الصائمين بعشاء أو ما قدر عليه من نحو شربة ماء ليحصل له أجر فطر الصائمين والمعنى فيه أن هذه الأمور مطلوبة شرعا دائما ويتأكد طلبها في رمضان ا ه برماوي قوله وتلاوة لقرآن أي في كل مكان غير النجس حتى الحمام والطريق إن لم يتله عنها بأن أمكنه تدبرها لخبر أن جبريل كان يلقى النبي {صلى الله عليه وسلم} في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن وهي أن يقرأ على غيره ويقرأ غيره عليه والتلاوة في المصحف أفضل ويسن استقبال القبلة والجهر إن أمن الرياء ولم يشوش على نحو مصل أو نائم ا ه شرح م ر وقوله ويقرأ غيره عليه أي ولو غير ما قرأ الأول فمنه ما يسمى بالمدارسة الآن وهي المعبر عنها في كلامهم بالإدارة وقوله(4/399)
والتلاوة في المصحف أفضل أي وإن قوي حفظه لأنه يجمع فيه بين النظر في المصحف وبين القراءة وينبغي أن محله ما لم يذهب خشوعه وتدبره بقراءته في المصحف وإلا فلا يكون أفضل ا ه ع ش عليه قوله لا سيما في العشر الأخير هل هذا راجع للاعتكاف فقط أو له ولما قبله قلت الظاهر العموم كما يقتضيه الدليل ا ه ح ل ولا سيما بالتشديد والتخفيف وهي تدل على أن ما بعدها أولى بالحكم مما قبلها لا مستثنى بها والسي بالكسر المثل وما موصولة أو زائدة ويجوز رفع ما بعدها على أنه خبر مبتدأ محذوف ونصبه وجره على الإضافة وهو الأرجح ا ه شرح م ر وقوله وجره أي بناء على أن ما زائدة واعلم أن جميع ذلك في غير ما في عبارة المصنف أما فيها فظاهر أنه يتعين كون ما موصولة والجار والمجرور صلتها فلا محل له من الإعراب والتقدير لا مثل الاعتكاف الذي في العشر الأخير أي موجود أي لا مثل له في الفضيلة موجود ا ه رشيدي ببعض زيادة قوله أيضا لا سيما في العشر الأخير أي لرجاء ليلة القدر إذ هي منحصرة فيه عندنا كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة ومن ثم لو قال لزوجته أنت طالق ليلة القدر فإن كان قاله أول ليلة إحدى وعشرين أو قبلها طلقت في الليلة الأخيرة من رمضان أو في يوم إحدى وعشرين مثلا لم تطلق إلا في ليلة إحدى وعشرين السنة الآتية نعم لو رآها في ليلة ثلاث وعشرين من سنة التعليق فهل يحنث لأن كلامهم طافح بأنها تدرك وتعلم فهو نظير ما مر فيمن انفرد برؤية الهلال بل قياس ذلك أنه لو أخبره من يعتقد صدقه بأنه رآها هل يحنث أو لا لأن علاماتها خفية جدا ومتعارضة فرؤية بعضها أو كلها لا تقتضي الحنث لأنه لا حنث بالشك كل محتمل والأول أقرب إن حصل عنده من العلامات ما يغلب على الظن وجودها وقد أوقعوا الطلاق بنظير ذلك في مسائل تعرف من كلامهم في أبوابها ويسن أن يمكث معتكفا إلى صلاة العيد ا ه برماوي قوله للاتباع في ذلك أي لفعل النبي {صلى الله عليه وسلم} ذلك الشيء على سبيل المواظبة كما سيذكره في(4/400)
باب الاعتكاف ا ه شيخنا
خاتمة قال المحاملي والجرجاني يكره للصائم دخول الحمام يعني من غير حاجة لجواز أن يضره فيفطر قال الأذرعي وهذا لمن يتأذى به دون من اعتاده وهو ظاهر من حيث انتفاء الضرر أما من حيث إنه ترفه فمكروه(4/401)
لا يناسب الصائم ا ه شرح م ر والله أعلم فصل في شروط وجوب صوم رمضان إلخ أي وما يتبع ذلك من قوله ويجب قضاء ما فات ولو بعذر إلى آخر الفصل وتقدمت شروط الصحة في قوله وشرطه إسلام إلخ قوله ولو فيما مضى أي فيدخل المرتد وفيه أن إطلاق الإسلام عليه مجاز يحتاج إلى قرينة ويمكن أن تكون القرينة قوله فيما بعد لا بكفر أصلي فيكون لفظ إسلام في كلامه مستعملا في حقيقته ومجازه ا ه شيخنا وكأنه انتقل نظره من عبارته في الصلاة إلى ما هنا وفرق بينهما إذ هناك عبر بالمشتق وهنا بالمصدر وهو حقيقة في الأزمنة الثلاثة فكان عليه أن يقول وقرينة التعميم إلخ ولا يقول وقرينة المجاز تأمل قوله وتكليف أي بلوغ وعقل وقوله كما في الصلاة أي قياسا على اشتراطهما أي الإسلام والتكليف في الصلاة قوله وصحة قد يقال يغني عن الصحة الإطاقة لأن المراد الإطاقة حسا وشرعا كما يفهم من كلامه بعد وذلك لا يكون إلا إذا لم تلحقه مشقة تبيح التيمم ثم رأيت بهامش قوله وإطاقة أي ولو في المستقبل فدخل المريض الذي يرجى برؤه لأنه مطيق في المستقبل فأخرجه بقوله وصحة كما يدل عليه كلامه في المحترزات الآتية ا ه ويمكن أن يجاب أيضا بأن المراد الإطاقة بالفعل تدبر والأحسن أن يقال في هذا المقام إن بين محترزي الإطاقة والصحة عموما وخصوصا من وجه يجتمعان في مرض لا يرجى برؤه وينفرد الأول في الكبر والحيض ونحوهما وينفرد الثاني في مرض يرجى برؤه فقول الشارح ولا على مريض أي أعم من أن يرجى برؤه أم لا وإذا عرفت أن بين المحترزين النسبة المذكورة فاعلم أنه لا يغني أحد قيديهما عن الآخر قوله بالمعنى السابق في الصلاة أي وجوب مطالبة في الدنيا قوله ولا على صبي لكن يؤمر به لسبع إذا أطاق وميز ويضرب على تركه لعشر ليتمرن عليه والصبية كالصبي والأمر والضرب واجبان على الولي كما مر في الصلاة خلافا للمحب الطبري حيث فرق بينهما ا ه شرح م ر فالصبا والجنون والحيض والنفاس مانعة من الوجوب بل(4/402)
ما عدا الصبا مانع من الصحة إن تقدم على طلوع الفجر ومبطل للصوم إن طرأ عليه لا يقال لا يتصور بطلان الصوم بطروء النفاس لأنه مسبوق بالولادة وهي مبطلة فالنفاس إنما حصل بعد بطلانه لأنه الدم الخارج بعد فراغ الرحم من الحمل لأنا نقول يمكن تصويره بما لو ألقت ولدا جافا فبطل به صومها ثم رأت الدم نهارا وهي صائمة قبل مضي خمسة عشر يوما فإنه نفاس والأحكام مترتبة عليه من وقت رؤية الدم ومدة النفاس محسوبة من الولادة ففي هذه الصورة إذا نوت الصوم بعد الولادة حكم بصحته ويبطل برؤيتها الدم نهارا ويعتد بما فعلته من العبادة من صوم وغيره قبل رؤيته أو يصور أيضا بما لو ولدت ولدا جافا ليلا ثم نوت الصوم وطرقها الدم نهارا فإن أحكام النفاس إنما تترتب على رؤية الدم كما ذكره وإن حسبت المدة من الولادة ا ه ع ش عليه قوله ومجنون ومغمى عليه وسكران سواء كان كل من الثلاثة متعديا أم لا إذ الكلام هنا في نفي وجوب الأداء وهو لا يجب على كل من الثلاثة مطلقا وأما وجوب القضاء فسيأتي ا ه شيخنا فحينئذ تقييد الشوبري هنا عن مشايخه بغير المتعدي لا يناسب إذ التفصيل إنما هو في وجوب القضاء تأمل قوله لكبر أو مرض راجعان للحسي وقوله أو حيض أو نحوه راجعان للشرعي قوله بقيد يعلم مما يأتي وهو أن المريض لا بد أن يخاف محذور تيمم والمسافر لا بد أن يكون سفره سفر قصر ا ه ح ل قوله وعلى السكران أي بقيد التعدي عند حج ومطلقا عند م ر وقوله ومغمى عليه أي مطلقا عندهما ومثلهما المجنون بشرط التعدي باتفاقهما على ما سيأتي إيضاحه ا ه قوله وجوب انعقاد سبب معنى وجوب انعقاد السبب الاعتداد به شرعا وترتيب وجوب القضاء عليه والسبب في الصوم واحد من الأمور الثلاثة المذكورة في أول الكتاب في قوله يجب صوم رمضان بكمال شعبان إلخ تأمل قوله لوجوب القضاء عليهم لا يظهر هذا التعليل لأن وجوب القضاء متحقق فيمن تعدى بإفطاره مع وجوب الأداء عليه فإن كان المراد أن يضم للعلة(4/403)
ووجوب القضاء فرع وجوب الأداء كان اعترافا بوجوب الأداء عليهم والغرض الفرار منه فليتأمل قوله ومن ألحق بهم المرتد إلخ تعريض(4/404)
بالجلال المحلي ا ه رشيدي وقوله فقد سها يمكن أن يجاب بأن وجوب انعقاد السبب في حقه لا ينافي القول بكون الخطاب له خطاب تكليف ا ه شرح م ر قوله كما مرت الإشارة إليه أي في قوله ولو فيما مضى ا ه ع ش قوله ويباح تركه أي الصوم عبارة شرح الإرشاد لشيخنا ولصائم رمضان أو غيره من نذر وكفارة وقضاء موسع لا مضيق كما يأتي فطر في سفر قصر إلخ وأشار بقوله كما يأتي إلى قوله بعد ذلك ما نصه نعم قد يجب لا من حيث كونه تتابعا بل من حيث ضيق الوقت بأن لم يبق من شعبان إلا قدر الأيام المقضية أو من حيث وجوب الفور في القضاء للتعدي بالترك بأن تعمد الفطر بغير عذر ووجوب الفور يستلزم وجوب الولاء وفي هذه الحالة يلزم القضاء ولو في السفر أو نحوه تداركا لما ارتكبه من الإثم ولأن التخفيف بجواز التأخير لا يليق بحال المتعدي إلخ ا ه وفي العباب أو تعديا أي أو أفطر تعديا ففورا أي فيجب القضاء فورا ولو في سفر قال في شرح الروض أو نحوه أي السفر واعتمد م ر جواز الفطر في السفر ولو في قضاء مضيق وإن لم يبق قبل رمضان الثاني إلا ما يسع القضاء أو في نذر يوم معين وغير ذلك ا ه سم قوله أيضا ويباح تركه أي الصوم الواجب غير ما أمر به الإمام لأنه لا بدل له قلت كلامهم شامل له أيضا ا ه ح ل وشمل الواجب رمضان ولو نذر إتمامه لأن إيجاب الشرع أقوى منه أو كان قضاء أو كفارة أو نذرا ا ه شرح م ر وينبغي قياسا على ما تقدم في التيمم أنه لا يجوز له ذلك إلا بإخبار طبيب عدل مسلم وإلا فلا يباح له الترك كما في التيمم وقد يفرق بقيام المرض وتأثيره في البدن فيدرك الألم الحاصل بالصوم المقتضي للفطر هنا بخلافه ثم فإن ألم الغسل الحاصل من الوضوء إنما يحصل بعده فاحتيج فيه للسؤال ا ه ع ش على م ر قوله أيضا ويباح تركه أي يجب لأنه جواز بعد امتناع فيصدق بالوجوب ا ه حج وتبعه الزيادي فقال المرض الذي يبيح التيمم يوجب الفطر وما دونه حيث لا يحتمل عادة يجوزه ا ه والمعتمد أن(4/405)
المرض الذي يبيح التيمم يجوز الفطر ولا يوجبه عند م ر ونقله ق ل على الخطيب وعزاه لشيخه م ر نعم إن خاف الهلاك أو فوات منفعة عضو وجب الفطر كما في م ر واستوجه ق ل على المحلى كلام ز ي وقال أيضا ومثل المرض غلبة جوع أو عطش ا ه ويباح تركه أيضا لنحو حصاد أو بناء لنفسه أو لغيره تبرعا أو بأجرة وإن لم ينحصر الأمر فيه وقد خاف على المال إن صام وتعذر العمل ليلا أو لم يكفه فيؤدي لتلفه أو نقصه نقصا لا يتغابن بمثله هذا هو الظاهر من كلامهم وسيأتي في إنقاذ المحترم ما يؤيده خلافا لمن أطلق في نحو الحصاد المنع ولمن أطلق الجواز ولو توقف كسبه لنحو قوته المضطر إليه هو أو ممونه على فطره فظاهر أن له الفطر لكن بقدر الضرورة ا ه حج ومثله شرح م ر و ع ش عليه قوله بنية الترخص المراد بها اعتقاد أن الإفطار جائز له حينئذ وأن الشرع يسهل له هذا الأمر بتجويزه له وهذا قيد في جواز فطر المريض والمسافر كما في شرح البهجة فإن أفطر كل منهما بدون هذه النية أثم ا ه شيخنا وأصله في ع ش على م ر وهذا السياق يقتضي أن محل إيجاب نية الترخص إذا شرع في الصوم ثم أفطر للمرض أو السفر بخلاف ما لو كان مريضا أو مسافرا وطلع عليه الفجر لا يجب عليه أن ينوي الترخص عنده وعبارة الشوبري قوله بنية الترخص ظاهره أن المرض إذا أطبق لا يجوز للمريض أن يأكل إلا بنية الترخص وفيه وقفة والظاهر أنه إذا قلنا بوجوب نية الترخص فأفطر بدونها أنه لا يلزمه الإمساك ويحتمل وجوبه واستظهره بعضهم فليحرر انتهت قوله أيضا بنية الترخص أي قياسا على المحصر يريد التحلل وليتميز الفطر المباح من غيره ا ه برماوي قوله لمرض أي سواء كان يرجى برؤه أم لا ا ه شيخنا أي وإن تعدى بسببه بأن تعاطى ليلا ما يمرضه نهارا قصدا وفارق من شرب مجننا فإنه يلزمه قضاء الصلاة لأن ذلك فيه تسبب بما يؤدي للإسقاط وهذا ليس فيه تسبب إلا بما يؤدي إلى التأخير وهو أخف فلم يضيق فيه كذا قيل ونظر فيه بأن كلا(4/406)
منهما يلزمه القضاء في الحقيقة ا ه شرح م ر قوله يبيح التيمم أي وإن تعدى بسببه وقصد إسقاط الصوم ومنه زيادة المرض وبطء البرء فلا يجوز الفطر إذا لم يخش ذلك بأن خشي ضررا لا يحتمل عادة ولم يبح التيمم وفي كلام حج أنه إذا خشي محذورا تيمم(4/407)
وجب الفطر وإن خشي ضررا لا يحتمل عادة جاز قلت كلامه في التحفة لا يظهر منه إلا الأول ا ه ح ل وفي شرح م ر ما نصه ضررا يبيح التيمم فلا أثر للمرض اليسير كصداع ووجع الأذن والسن إلا أن يخاف الزيادة بالصوم فيفطر ومتى خاف الهلاك بترك الأكل حرم الصوم قاله الغزالي في المستصفى والجرجاني في التحرير فإن صام ففي انعقاده احتمالان أوجههما انعقاده مع الإثم ولمن غلبه الجوع أو العطش حكم المرض ا ه وقوله حرم الصوم مفهومه أنه لو لم يخف الهلاك ولكن خاف بطء البرء أو الشين الفاحش أو زيادة المرض لم يحرم لكن تقدم حرمة استعمال الماء مع ذلك وعليه فقد يفرق بينهما بأن للماء بدلا تفعل به الصلاة في وقتها فمنع من استعماله المؤدي للضرر مع إمكان العدول عنه بخلاف الصوم فإن الإفطار يؤدي إلى تأخير العبادة عن وقتها وإن أمكن القضاء لكن في حاشية شيخنا زي أنه متى خاف مرضا يبيح التيمم وجب الفطر ويصرح به قول حج بعد قول المصنف ويباح تركه للمريض أي يجب عليه إذا وجد به ضررا شديدا بحيث يبيح التيمم وينبغي أن مثل خوف المرض أو زيادته ما لو قدم الكفار بلدة من بلاد المسلمين مثلا واحتاجوا في دفعهم إلى الفطر ولم يقدروا على القتال إلا به جاز لهم بل قد يجب إن تحققوا تسلط الكفار على المسلمين حيث لم يقاتلوهم ا ه ع ش عليه قوله وقت الشروع أي وقت صحة النية ا ه ق ل بأن كان قبيل الفجر ا ه شيخنا قوله وإلا فلا أي فليس له تركها وإن علم من عادته عود المرض أثناء النهار ولو عن قرب ا ه شرح م ر قوله وسفر قصر بحث السبكي وغيره تقييد الفطر به بمن يرجو إقامة يقضي فيها بخلاف مديم السفر أبدا لأن في تجويز الفطر له تغييرا لحقيقة الوجوب بخلاف القصر وهو ظاهر وإن نازع فيه الزركشي ومثله فيما يظهر كما بحثه الأذرعي ما لو كان المسافر يطيق الصوم وغلب على ظنه أنه لا يعيش إلى أن يقضيه لمرض مخوف أو نحوه ا ه شرح م ر فرع لو نذر صوم الدهر لم يكن له الفطر في سفر(4/408)
النزهة وله في غيره ويفدي لتعذر القضاء قال الشيخ وقد يستشكل ذلك على ما تقدم عن السبكي وكان القياس إما أن يقولوا بالفطر فيهما أو عدمه فيهما وقد يفرق بأنه في الثانية عاجز شرعا عن القضاء فجاز فطره ويفدي بخلاف الأول لأنه ممنوع من الفدية لتمكنه من الصوم فمنع من الفطر فتأمل ا ه شوبري ويأتي هنا جميع ما مر في القصر فحيث جاز القصر جاز الفطر وحيث لا فلا نعم سيعلم من كلامه أن شرط الفطر في أول أيام سفره أن يفارق ما تشترط مجاوزته للقصر قبل الفجر يقينا فلو نوى ليلا ثم سافر وشك أسافر قبل الفجر أو بعده لم يفطر ذلك اليوم للشك في مبيحه ا ه حج ومحل جواز فطره إن لم يكن مديم السفر وإلا لم يجز له الفطر لأنه لم يرج زمنا يقضي فيه ا ه سم وزيادي قوله فالفطر أفضل وحينئذ لا ينفعه نذر الصوم في السفر وقوله وإلا فالصوم أفضل وحينئذ ينعقد نذره في السفر وفي ع ش على م ر ما نصه وبقي ما لو نذر المسافر في السفر صوم تطوع هل ينعقد نذره أو لا فيه نظر وينبغي أنه إن كان صومه أفضل بأن لم يحصل له فيه مشقة أصلا انعقد نذره وإلا فلا ا ه قوله تغليبا لحكم الحضر إلخ عبارة شرح م ر لأنها عبادة اجتمع فيها الحضر والسفر فغلبنا جانب الحضر لأنه الأصل انتهت وقوله وزوال العذر معطوف على الحضر أي وتغليبا لحكم زوال العذر إلخ ا ه قوله ويجب قضاء ما فات إلخ ولا يجب التتابع في قضاء رمضان لكنه يستحب كغيره تعجيلا لبراءة الذمة قال في المهمات وقد يجب بطريق العرض وذلك في صورتين ضيق الوقت وتعمد الترك ورد بمنع تسميته تتابعا إذ لو وجب لزم كونه شرطا في صحة الصوم كصوم الكفارة وإنما يسمى هذا واجبا مضيقا وقد يمنع الأول الملازمة ويسند المنع بأنه قد يجب ولا يكون شرطا كما في صوم رمضان ولا يمنع من تسمية ذلك تتابعا كونه واجبا مضيقا ا ه شرح م ر قوله ولو بعذر كمرض أي يرجى برؤه إذ الذي لا يرجى برؤه موجب للفدية فقط كما سيأتي في قوله في الفصل ويجب المد بلا قضاء(4/409)
على من أفطر لعذر لا يرجى زواله قوله إذ تقديرها إلخ هذا يسمى عند الأصوليين دلالة الاقتضاء وهي ما يتوقف عليه صحة الكلام ا ه برماوي قوله وسكر أي بتعد ودونه عند سم وبتعد فقط عند حج وقوله وإغماء أي بتعد ودونه وكان عليه أن يذكر الجنون أيضا فيقول وجنون بتعد بخلافه بدونه فلا يوجب(4/410)
القضاء فتلخص أن الجنون يفصل فيه وأن الإغماء لا يفصل فيه وأن السكر يفصل فيه عند حج ولا يفصل فيه عند سم وهذا كله بالنسبة للصوم كما هو موضوع المسألة أما بالنسبة للصلاة فتقدم في بابها أنه يفصل في كل من الثلاثة بين التعدي وعدمه تأمل قوله أيضا وسكر وإغماء أي ولو من غير تعد فيهما ا ه ح ل والمجنون إذا تعدى يجب عليه القضاء وإلا فلا ا ه ع ش والحاصل أن كلا من الإغماء والسكر بتعد أو دونه إن استغرق النهار وجب القضاء وإلا بأن لم يستغرق وقد نوى ليلا أجزأه كما علم مما تقدم ا ه سم على حج قوله وترك نية ولو نسيانا أي فهو بغير عذر وفي شرح المهذب إن قضاء تارك النية ولو عمدا على التراخي بلا خلاف والراجح أنه على الفور في العمد وفي غيره على التراخي ولم ينظروا إلى أن ترك النية يشعر بترك الاهتمام بالعبادة ا ه ح ل ومحل وجوب القضاء عند ترك النية ليلا إذا لم ينو نهارا مقلدا لأبي حنيفة أو يكون قد نوى جملة الشهر في أوله ويقلد مالكا في اليوم الذي نسي فيه النية فإن قلد واحدا منهما على ما ذكر لم يجب عليه القضاء قوله بخلاف ما فات من الصلاة بالإغماء هذا راجع لقوله وإغماء أي فيجب قضاء الصوم على المغمى عليه دون قضاء الصلاة وهذا الفرق لا يظهر إلا في غير المتعدي وأما المتعدي بالإغماء فيقضي في البابين وعبارة شرح م ر كعبارة الشارح سواء بسواء وقوله بخلاف الأكل راجع لقوله وترك النية ولو نسيانا وقوله إنما يؤثر أي إنما يكون عذرا في الثاني وهو المنهيات دون الأول وهو المأمورات ا ه شيخنا قوله وبخلاف الأكل ناسيا أي لعدم إفطاره فالغرض الفرق بين ترك النية ناسيا والأكل ناسيا ا ه ح ل وهو أن الأول مبطل للصوم دون الثاني قوله إنما يؤثر في الثاني معنى تأثيره فيه أن يجعل فعله مع النسيان كلا فعل بمعنى أن المنهي عنه مع النسيان لا يعتد به من حيث الإثم بخلاف المأمور به مع النسيان فإنه معتد به في جميع ما يترتب عليه قوله أي لا يجب قضاء(4/411)
ما فات إلخ أي ولا يسن ولا ينعقد كما أفتى به والد شيخنا ا ه ح ل وفي ع ش على م ر ما نصه فلو خالف وقضاه لم ينعقد قياسا على ما قدمه الشارح في الصلاة من أنه لو قضاها لا تنعقد ثم رأيت في سم على حج في أثناء كلام طويل ما نصه ثم نقل شيخنا الشهاب الرملي إفتاء بأن الصلوات الفائتة في الكفر لا يجب قضاؤها ولا يستحب انتهى وقياسه عدم صحة قضاء ما فات من الصوم في الكفر وقدمنا في فصل إنما تجب الصلاة عن إفتاء السيوطي صحة قضاء الكافر الصلاة وقياسه صحة قضاء الصوم انتهى قوله أيضا أي لا يجب أي ولا يسن أيضا كما أفتى به شيخنا الرملي للعلة المذكورة فارقا بينه وبين أسباب إمساك اليوم الذي أسلم فيه فإنه يسن كما يفيده كلام الروض وشرحه وفرق م ر بما حاصله أن الإمساك أخف وكلام الروض يفيد أيضا استحباب القضاء ليوم الإسلام ا ه سم قوله ولا صبا أي فلا يجب ولا يسن وقد يشكل على ما تقدم من ندب قضاء الصلاة الفائتة في زمن الصبا إلا إن يفرق بأن الصوم من شأنه المشقة بخلاف الصلاة فتأمل ا ه شوبري قوله ولا جنون أي بغير تعد أما المتعدي بالجنون فيجب عليه القضاء وقوله في غير ردة نعت للجنون الذي بغير تعد أي فهل كونه لا يوجب القضاء إذا وقع في غير ردة ووقع في غير سكر أعم من أن يكون بتعد أولا فقول الشارح أما ما فات به في زمن الردة أو السكر أي أعم من أن يكون السكر بتعد أولا فيقضيه أي من حيث وقوعه في الردة وفي السكر لا من حيث كونه مجنونا وهذا مبني على أن السكران يقضي الصوم مطلقا أي سواء تعدى أو لا وهو مقتضى إطلاق الشارح وأفتى به سم وأما على ما أفتى به حج من أن السكران هنا كهو في الصلاة لا يقضي إلا إن تعدى فيخص السكر المنفي في كلام المتن في قوله بغير ردة وسكر بالذي بتعد وكذا قول الشارح أما ما فات في زمن الردة أو السكر أي الذي بتعد فيفيد أن الجنون إذا وقع في سكر بلا تعد لا يقضي ما فات فيه تأمل ا ه شيخنا قوله لعدم موجب القضاء أي(4/412)
مقتضيه وهو البلوغ والعقل قوله أما ما فات به في زمن الردة أو السكر لعل المراد المتعدى به ثم رأيت شيخنا في شرح الإرشاد صرح بالتقييد بالتعدي وعلله بأن سقوط القضاء بعذر الجنون تخفيف لا يناسب حال المتعدي بالسكر كالمرتد ا ه فعلى هذا لا يقضي زمن الجنون الواقع في سكر لم(4/413)
يتعد به ا ه وهو ظاهر ا ه سم ا ه شوبري وهذا مبني على إحدى الطريقتين وهو التفصيل في السكران وأما على الأخرى من أنه يقضي مطلقا فلا يتقيد ما هنا بالتعدي لأن زمن السكر إذا كان يقضيه مطلقا فإذا وقع فيه جنون بلا تعد قضى زمنه من حيث إنه زمن السكر لا من حيث إنه زمن جنون فتأمل وقوله فيقضيه أي بأن تناول مسكرا يستغرق إسكار مثله النهار مع علمه بحاله ثم جن في أثناء اليوم فيلزمه قضاء ما انتهى إليه السكر من زمن الجنون دون ما زاد عليه أخذا من تشبيه ذلك بالصلاة ا ه ز ي وقوله يستغرق إسكار مثله النهار إلخ كلام غير ظاهر فكان الأولى أن يقول كأن شرب مسكرا يدوم أياما كعشرة ثم جن في أثنائها كأن جن بعد الخمسة الأولى منها فيقضي الخمسة الثانية لأنها من جملة مدة السكر وما زاد على العشرة من الجنون لا يقضيه وكذا يقال في مدة الردة فلو انقطعت بإسلام أحد أبويه فلا يقضي مدة الجنون بعد انقطاعها وإنما يقضي الواقع فيها فقط نظير ما مر في الصلاة قوله كما لو بلغ صائما بأن نوى ليلا ا ه شرح م ر قوله لأنه صار من أهل الوجوب حتى لو جامع لزمته الكفارة بالشروط الآتية وانظر هلا جعل هذا من الشبهة ا ه ح ل وعبارة الشوبري قال حج في شرح الإرشاد فإن أفطر الصبي بعد بلوغه صائما لزمه الإمساك والقضاء مع الكفارة لو جامع لأنه صار من أهل الوجوب ا ه بحروفه انتهت وهل يثاب على جميعه ثواب الواجب أو يثاب على ما فعله زمن الصبا ثواب المندوب وما فعله بعد البلوغ ثواب الواجب فيه نظر والأقرب الثاني لأن الصوم وإن كان خصلة واحدة لا يتبعض لكن الثواب المترتب عليها يمكن تبعيضه ونظيره ما مر في الجماعة من أنه إذا قارن في بعض الأفعال فاتت الفضيلة فيه دون غيره ا ه ع ش على م ر قوله فإنه لا قضاء عليهم أي من بلغ مفطرا أو أسلم أو أفاق بل يندب ا ه ق ل على الجلال قوله لأن ما أدركوه منه إلخ عبارة شرح م ر لعدم التمكن من زمن يسع الأداء والتكميل عليه غير ممكن(4/414)
فأشبه ما لو أدرك من أول الوقت ركعة ثم جن انتهت وقوله لا يمكنهم صومه أي صوما شرعيا بحيث يكون قائما مقام جميع النهار بتمامه قوله وسن لهم إلخ أي الثلاثة من بلغ مفطرا ومن أفاق ومن أسلم ا ه شيخنا وعلم من ندب الإمساك في الصور الخمس أنه لا جناح عليهم في جماع مفطرة كصغيرة ومجنونة وكافرة وحائض اغتسلت ا ه شرح م ر قوله أيضا وسن لهم وكذا يقال في الحائض والنفساء إذا زال عذرهما فيستحب لهما الإمساك ا ه ز ي ويسن لمن زال عذره إخفاء الفطر عند من يجهل لئلا يتعرض للتهمة وعقوبة السلطان ا ه شرح م ر قوله كأن تركا النية ليلا أي وكان تعاطيا مفطرا بعد انعقاد الصوم ا ه شيخنا وأشار الشارح بذلك إلى أن تارك النية يقال له مفطر شرعا وإن لم يتناول مفطرا ا ه شوبري قوله من أخطأ بفطره بخلاف من لم يخطئ به فلو طهرت نحو حائض في أثناء النهار لم يلزمها الإمساك ا ه شرح م ر قوله إن نسي النية هذا قد يشعر بأنه ليس مفطرا لأنه قضية العطف إلا أن يقال المراد بالمعطوف عليه الإفطار بالفعل بأن تعاطى المفطر فلا يخالف ما تقدم ا ه شوبري وفي شرح م ر المراد بالفطر الفطر الشرعي فيشمل المرتد ا ه قوله أو أفطر يوم الشك مراده بيوم الشك هنا يوم الثلاثين من شعبان سواء تحدث برؤيته أو لا بخلاف يوم الشك الذي يحرم صومه ا ه شرح م ر قوله وبان أنه من رمضان أي سواء بان ما ذكر قبل تعاطي شيء من المفطرات أو بعده فيجب الإمساك في الصورتين ليتميز عمن أمسك غافلا بخلاف المسافر إذا قدم بعد الإفطار لأنه يباح له الأكل مع العلم بأنه من رمضان ا ه شرح م ر قوله إلا أنه جهله أي جهل كونه من رمضان و قوله وبه فارق إلخ الظاهر أن الضمير في به راجع لكون الصوم واجبا عليه وأما رجوعه للجهل فكان مقتضاه عكس الفرق قوله أيضا إلا أنه جهله ومع ذلك فالمعتمد وجوب قضائه فورا عقب يوم العيد فليس الجهل عذرا مقتضيا للوجوب على التراخي وفي كلام بعضهم لنا عبادة فاتت بعذر ويجب قضاؤها(4/415)
على الفور وذلك يوم الشك إذا تبين كونه من رمضان فإن وجوب الفور فيه مبني على وجوب الإمساك نقله النووي في شرح المهذب عن المتولي والصحيح وجوب الإمساك فيكون الصحيح هنا وجوب قضائه(4/416)
فورا فليراجع شرح المهذب ا ه ح ل قوله وخرج برمضان أي المذكور صريحا في قوله إمساك في رمضان المتعلق بالمسائل الخمسة والمذكور ضمنا في الضمير في قوله ويلزم من أخطأ بفطره فالضمير في يلزم راجع على الإمساك بقيد كونه في رمضان كما صنع الشرح في حله فقوله فلا إمساك فيه أي لا واجب ولا مندوب لكن نفي الإمساك في غير رمضان في صور الندب في رمضان لا يتأتى في جميعها إذ لا يتأتى في إسلام الكافر ولا إفاقة المجنون لأن الكافر لا يتصور أن يسلم وهو صائم في غير رمضان والمجنون لا يفيق وهو صائم أيضا تأمل قوله ليس في صوم شرعي بخلاف فاقد الطهورين فإنه في صلاة شرعية والفرق أن المفقود هنا ركن وهناك شرط ا ه شرح م ر ا ه شوبري ومع ذلك فالظاهر أنه تثبت له أحكام الصائمين فيكره له شم الرياحين ونحوها ويؤيده كراهة السواك في حقه بعد الزوال على المعتمد فيه ا ه ع ش على م ر فصل في فدية فوت الصوم الواجب أي وجودا وعدما أي في بيان ما يوجبها وما لا يوجبها وينبغي أن يزاد في الترجمة وما يذكر معها من قوله لا من مات وعليه صلاة أو اعتكاف كما زاده ع ش على م ر ومن الكلام على الكفارة بقوله ويجب مع قضاء كفارة إلخ الفصل كما زاده ع ش هنا وذلك لأن الفدية لا تشمل الكفارة بل هي غيرها كما يعلم من التحرير حيث قال باب الكفارة وعد منها كفارة الجماع في رمضان ثم قال باب الفدية هي ثلاثة أنواع الأول مد لإفطار في رمضان لحمل أو رضاع أو كبر ولتأخير قضاء رمضان بلا عذر إلى رمضان آخر الثاني مدان لإزالة شعرتين في الإحرام الثالث لقتل صيد ووطء ا ه باختصار وقوله والواجب لبيان الواقع لا للاحتراز ا ه ع ش قوله من الأحرار ليس قيدا وإنما قيد به لأجل قوله أخرج من تركته لكل يوم مد وحينئذ لا فرق بين الحر والرقيق فللقريب أن يصوم عنه أو يطعم لأنهم صرحوا بأن الرقيق إذا مات وعليه كفارة للسيد أن يطعم عنه لأنه لا تركة له وقياسه أن القريب فيه مخير بين الصوم وبين(4/417)
الإطعام ا ه برماوي قوله أيضا من الأحرار أي كلا أو بعضا أخذا من تعليل الاحتراز عن الرقيق بأنه لا تركة له فيخرج عن المبعض فإنه يورث عنه ما ملكه ببعضه الحر وتخرج منه ديونه ومنها الفدية فيخرج عن كل يوم فاته مد وإن كان بينه وبين سيده مهايأة ا ه ع ش قوله أو كفارة أي عن يمين أو تمتع أو قتل أو ظهار وهذا هو المعتمد ا ه برماوي قوله فمات قبل تمكنه المراد بالتمكن أن يدرك زمنا قابلا للصوم قبل موته بقدر ما عليه ولو قبيل رمضان الثاني خلافا لابن أبي هريرة وخرج ما لو عجز في حياته بمرض أو غيره فإنه لا يصام عنه ما دام حيا وهل يتصدق عنه أو يعتق راجعه ا ه برماوي قوله فلا تدارك للفائت أي لا بفدية ولا قضاء ا ه شرح م ر قال شيخنا هذا قد يخالف ما يأتي من أن من أفطر لهرم أو عجز عن صوم لزمانة أو مرض لا يرجى برؤه وجب عليه مد لكل يوم وقد يجاب بأن ما يأتي فيمن لا يرجو البرء وما هنا في خلافه ثم رأيت في سم ما نصه لا يشكل على ما تقرر الشيخ الهرم إذا مات قبل التمكن لأن واجبه أصالة الفدية بخلاف هذا ذكر الفرق القاضي انتهى ا ه ع ش قوله ولا إثم أي ما دام عذره باقيا إن استمر سنين لأن ذلك جائز في الأداء بعذر ففي القضاء به أولى ا ه شرح م ر قوله إن فات بعذر قيد في كل من قوله فلا تدارك ولا إثم ا ه ح ل ويدل عليه صنيع الشرح قوله كمرض استمر إلى الموت إلخ أي وكأن استمر مسافرا أو المرأة حاملا أو مرضعا إلى الموت ا ه شرح م ر قوله سواء فات بعذر أو غيره أي ويأثم في الصورتين كما في ع ش على م ر وعبارته قوله وإن مات بعد التمكن أي وقد فات بعذر أو غيره أثم كما أفهمه المتن وصرح به جمع متأخرون وأجروا ذلك في كل عبادة وجب قضاؤها وأخرها مع التمكن إلى أن مات قبل الفعل وإن ظن السلامة فيعصي من أخر زمن الإمكان كالحج لأنه لما لم يعلم الآخر كان التأخير له مشروطا بسلامة العاقبة بخلاف الموقت المعلوم الطرفين لا إثم فيه بالتأخير عن زمن إمكان(4/418)
أدائه ا ه حج انتهت فعلم من هذا ومن قول الشرح فإن فات بلا عذر إلخ أنه يأثم ويجب التدارك في ثلاث صور وأنه لا إثم ولا تدارك في صورة وهي قول المتن فمات قبل تمكنه من قضائه تأمل قوله أخرج من تركته أي وجوبا والإخراج أفضل من الصوم(4/419)
لأن في إجزاء الصوم خلافا بخلاف الإطعام فإنه يجزئ باتفاق ا ه من ع ش على م ر أما إذا لم يخلف تركة فلا يلزم الوارث إطعام ولا صوم بل يسن له ذلك وينبغي ندبه لمن عدا الورثة من بقية الأقارب إذا لم يخلف تركة أو خلفها وتعدى الوارث بترك ذلك ا ه شرح م ر وقوله ولا صوم وإنما لم يجب عليه الصوم في هذه الحالة لكون الميت لم يخلف تركة يتعلق بها الواجب ا ه ع ش عليه ولو قال بعض الورثة أنا أصوم وآخذ الأجرة جاز أو قال بعضهم نطعم وبعضهم نصوم أجيب الأولون بالنسبة لقدر حصتهم فقط كما رجحه الزركشي وابن العماد لأن إجزاء الطعام مجمع عليه ولو تعدد الوارث ولم يصم عنه قريب وزعت عليهم الأمداد على قدر إرثهم ثم من خصه شيء له إخراجه والصوم عنه ويجبر الكسر في الصوم نعم لو كان الواجب يوما لم يجز تبعيض واجبه صوما وإطعاما لأنه بمنزلة كفارة واحدة ا ه شرح م ر وقوله لم يجز تبعيض واجبه أي فالطريق أن يتفقوا على صوم واحد أو يخرجوا مد طعام فإن لم يفعلوا شيئا من ذلك وجب على الحاكم إجبارهم على الفدية أو أخذ مد من تركته وإخراجه ا ه ع ش عليه ولعل المانع من وقوع الصوم الذي صامه من خصه الصوم عن الميت كونه نواه عن خصوص حصته ا ه رشيدي قوله فليطعم عنه بالبناء للمفعول ونائب الفاعل هو قوله عنه ومسكينا مفعول به منصوب وكان القياس إنابته هو لقوله في الخلاصة ولا ينوب بعض النطروني إن وجد في اللفظ مفعول به وقد يرد فما هنا على حد قوله وقد يرد ا ه شيخنا وعبارة ع ش قوله فليطعم عنه الرواية بالفتح وتقييده في الحديث بالشهر لعله لكونه كان جواب سائل وإلا فذلك لا يتقيد بالشهر وكتب عليه العلامة الشوبري قوله مسكينا قال العراقي الرواية بالنصب وكان وجهه إقامة الظرف مقام المفعول كما يقام الجار والمجرور مقامه وقد قرئ ليجزي قوما بما كانوا يكسبون وفي رواية ابن ماجه وابن عدي مسكين بالرفع على الصواب ا ه سيوطي وقوله على الصواب مراده به المشهور لا أنه خطأ(4/420)
لما قدمه من توجيه النصب انتهت قوله من جنس فطرة عبارة شرح م ر من غالب قوت بلده انتهت قال حج ويؤخذ مما مر في الفطرة أن المراد هنا بالبلد التي يعتبر غالب قوتها المحل الذي هو فيه عند أول مخاطبته بالقضاء ا ه ا ه ع ش على م ر قوله أيضا من جنس فطرة قال القفال ويعتبر فضلها عما يعتبر ثم ا ه حج أقول يتأمل مع كون الفرض أنه مات وأن الواجب تعلق بالتركة وبعد التعلق بالتركة فأي شيء عليه بعد موته يحتاج في إخراج الكفارة إلى زيادة ما يخرجه عنه بل القياس أن يقال يعتبر لوجوب الإخراج فضل ما يخرجه على مؤنة تجهيزه ويقدم ذلك على دين الآدمي إن فرض أن على الميت دينا ا ه ع ش على م ر ولو عجز عن ذلك في حياته لم تثبت في ذمته كالفطرة كذا قيل والمعتمد ثبوت ذلك في ذمته لأن حق الله تعالى المالي إذا عجز عنه العبد وقت الوجوب استمر في ذمته وإن لم يكن على جهة البدل إذا كان بسبب منه وهو هنا كذلك إذ سببه فطره بخلاف زكاة الفطر ا ه ح ل والظاهر أن هذا الكلام لا يعقل لأن فرض المسألة أن الشخص الذي عليه الصوم مات وخلف تركة وإذا كان كذلك فكيف يتعقل قوله ولو عجز عن ذلك إلخ تأمل قوله حملا على الغالب يعني أن الفطرة هي الغالبة والفدية نادرة فقيس النادر على الغالب بجامع إلخ هذا ما ظهر بعد التوقف فيه والسؤال عنه ا ه ز ي ع ش قوله أو صام عنه قريبه إلخ لا يقال هذا التخيير لا يتأتى في الكفارة المرتبة لأنه لا يجوز الانتقال إلى خصلة حتى يعجز عما قبلها وفي الكفارة الإعتاق مقدم ثم الصوم ثم الإطعام لأنا نقول فرض المسألة أنه مات وهو عاجز عن الإعتاق لأنه لا يجب عليه الصوم إلا حينئذ والطعام الذي يخرجه وليه فدية عن الصوم لا أنه أحد خصال الكفارة التي على الميت لأنه لو كان كذلك لاعتبر تقدم الصوم عليه ولما صح التخيير وصرف أمداد لواحد ا ه شيخنا ويشترط في القريب أن يعرف نسبه منه ويعد في العادة قريبا له ا ه برلسي ا ه سم على البهجة ا ه ع ش على م(4/421)
ر وفي الشوبري ما نصه وانظر لو صام السيد هل هو كالقريب أو الأجنبي توقف فيه شيخنا الزيادي ومال إلى(4/422)
الأول لما بينهما من العلقة فليحرر ا ه ويشترط في القريب إذا صام أو أذن البلوغ لا الحرية وكذا يشترط في الأجنبي إذا صام بالإذن البلوغ لا الحرية والفرق بين البلوغ حيث اشترط فيهما والرق حيث لم يشترط أن الرقيق من أهل فرض الصوم بخلاف الصبي ا ه من شرح م ر وح ل قوله أو أجنبي بإذن قضية كلام الرافعي استواء القريب ومأذون الميت فلا يقدم أحدهما على الآخر لأن القريب قائم مقام الميت وكأنه مأذون له أيضا وعليه فلو صاما عن الميت قدر ما عليه فإن وقع ذلك مرتبا وقع الأول عنه والثاني نفلا للصائم ولو وقعا معا احتمل أن يقال وقع واحد منهما عن الميت لا بعينه والأخر عن الصائم ولا يصح للأجنبي المأذون له من الميت أو القريب أن يأذن لغيره فإذا أذن والحالة هذه لا يعتد بإذنه ا ه ع ش على م ر ولو صام عنه ثلاثون بالإذن في يوم واحد أجزأ سواء كان قد وجب فيه التتابع أم لا لأن التتابع إنما وجب في حق الميت لمعنى لا يوجد في حق القريب ولأنه التزام صفة زائدة على أصل الصوم فسقطت بموته ا ه شرح م ر قوله أو من قريبه لو قام بالقريب ما يمنع الإذن كصبا وجنون أو امتنع من الإذن والصوم أو لم يكن قريب أذن الحاكم فيما يظهر ا ه شرح م ر وقوله أذن الحاكم أي وجوبا لأن فيه مصلحة للميت والحاكم يجب عليه رعايتها والكلام فيما لو استأذنه من يصوم أو يطعم عن الميت ا ه ع ش عليه قوله بأجرة أو دونها راجع للمسألتين كما يؤخذ من الرشيدي على م ر والأجرة عند استئجار الوارث من رأس المال كما في شرح م ر وقوله من رأس المال محل ذلك حيث كان جائزا أو غيره واستأجر بإذن باقي الورثة وإلا كان ما زاد على ما يخصه تبرعا منه فلا تعلق لشيء منه بالتركة ا ه ع ش عليه وأما عند استئجار غيره فعلى المستأجر نفسه كما في الرشيدي تأمل قوله كالحج أي قياسا على الحج في مطلق الصحة لأن الحج الواجب لا يتوقف فعله عن الغير على إذن كما قال في الروضة ولغيره أن يحج عنه فرضا بغير إذنه(4/423)
أو يقال كالحج أي المندوب من حيث التوقف على الإذن لأن الحج المندوب يتوقف عليه ا ه شيخنا قوله ولخبر الصحيحين إلخ ما ذكره من الخبرين يثبت صحة صوم القريب وأما صحة صوم الأجنبي بالإذن فلم يذكر له دليلا لكن يؤخذ من كلامه بعد أن دليله القياس على القريب لأنه إذا صام بالإذن كان في معنى صوم القريب وأشار إلى هذا بقوله لأنه ليس في معنى ما ورد به الخبر ومقتضاه أنه إذا كان بالإذن يكون في معنى ما ورد به الخبر فيلحق به تأمل وقوله لم يذكر له دليلا ممنوع بل ذكر له القياس على الحج إذ هو شامل لصوم القريب والأجنبي قوله بخلافه بلا إذن أي فلا يجوز أن يستقل بالصوم وفارق نظيره في الحج حيث يصح من الأجنبي بلا إذن من الميت ولا من القريب بأن له أي الصوم بدلا وهو الإطعام وبأنه لا يقبل النيابة في الحياة فضيق فيه بخلاف الحج فإنه يقبل النيابة حيث كان المنيب معضوبا وهل له أي الأجنبي أن يستقل بالإطعام لأنه محض مال كالدين أو يفرق بأنه هنا بدل عما لا يستقل به الأقرب لكلامهم وجزم به الزركشي الثاني ا ه شرح م ر مع زيادة ل ع ش عليه قوله لم يصم عنه أي لأنه ليس من أهل العبادات الآن ا ه ع ش على م ر أي بل يجب إخراج المد من تركته لأنه بمثابة قضاء دين لزمه فلا ينافي كون ماله من موته فياء فكان المناسب عدم إخراج ذلك ا ه ح ل قوله لا من مات وعليه صلاة أو اعتكاف وفي الاعتكاف قول أنه يفعل عنه كالصوم وفي الصلاة قول أيضا أنها تفعل عنه سواء أوصى بها أو لا حكاه العبادي عن الشافعي وغيره عن إسحاق وعطاء لخبر فيه لكنه معلول بل نقل ابن برهان عن القديم أنه يلزم الولي إن خلف تركة أن يصلي عنه كالصوم وفي الصلاة أيضا وجه عليه كثيرون من أصحابنا أنه يطعم عن كل صلاة مدا واختار جمع من محققي المتأخرين الأول وفعل به السبكي عن بعض أقاربه وبما تقرر يعلم أن نقل جمع شافعية وغيرهم الإجماع على المنع المراد به إجماع الأكثر وقد تفعل هي والاعتكاف عن ميت(4/424)
كركعتي الطواف فإنهما يفعلان عنه تبعا للحج وكما لو نذر أن يعتكف صائما فمات فيعتكف الولي أو مأذونه عنه صائما ا ه حج قوله لعدم ورودهما وهل تسن الصلاة أو لا الأقرب الأول خروجا من خلاف من أوجبه في الصلاة(4/425)
المنقول عن حج ا ه ع ش على م ر قوله نعم لو نذر أن يعتكف صائما أي أو يصوم معتكفا بالأولى إذ الفرض إفادة قضاء الاعتكاف تبعا للصوم لأن الاعتكاف لا يقضى ا ه ح ل قوله اعتكف عنه وليه صائما أي جاز أن يعتكف صائما فإن لم يفعل الولي ذلك بقي الاعتكاف في ذمة الميت ا ه ع ش على م ر ويجوز أن يعتكف الأجنبي صائما بالإذن ا ه شوبري قوله ويجب المد أي ابتداء لا بد لا حتى لو زال عذره قبل إخراج الفدية لم يجب عليه الصوم بل يخرج الفدية ولو تكلف الصوم فلا فدية عليه كما نقله في الكفاية عن البندنيجي كما لو تكلف من سقطت عنه الجمعة فعلها حيث أجزأته عن واجبه فلا يرد عليه قول الإسنوي قياس ما صححوه من أنه مخاطب بالفدية ابتداء عدم الاكتفاء بالصوم وقضية كلامهما أن من ذكر إذا عجز عن الفدية ثبتت في ذمته كالكفارة وهو كذلك وما بحثه في المجموع من أنه ينبغي هنا عكسه وهو عدم ثبوتها في ذمته كالفطرة لأنه عاجز حال التكليف بالفدية وليست في مقابلة جناية ونحوها رد بأن حق الله تعالى المالي إذا عجز عنه العبد وقت الوجوب استقر في ذمته وإن لم يكن على جهة البدل إذا كان بسبب منه وهو هنا كذلك إذ سببه فطره بخلاف زكاة الفطر ا ه شرح م ر وفي الحلبي ما نصه فالمعذور مخاطب بالمد ابتداء فلو تكلف وصام لم يجب عليه المد واعترض بأنه حيث كان مخاطبا بالمد ابتداء كان القياس أن لا يجزيه الصوم وأجيب بأنه مخاطب بالمد ابتداء حيث لم يرد الصوم وإلا كان هو المخاطب به ولو أخرج المد ثم قدر بعد الفطر على الصوم لم يلزمه القضاء فإن قيل فما الفرق بينه وبين المعضوب حيث يلزمه الحج بالقدرة عليه بعد الإتيان به أجيب بأن المعذور هنا مخاطب بالمد ابتداء كما علمت فأجزأ عنه والمعضوب مخاطب بالحج وإنما جازت له الإنابة للضرورة وقد بان عدمها ا ه قوله لكل يوم أي ولو فقيرا وله إخراجه من أول ليلته وليس له الإخراج عن المستقبل ا ه برماوي وعبارة شرح م ر ولو أخرج نحو الهرم(4/426)
الفدية عن السنة الأولى لم يلزمه شيء عن التأخير وليس له ولا للحامل والمرضع الآتيين تعجيل فدية يومين فأكثر ولهم تعجيل فدية يوم فيه أو في ليلته انتهت قوله على من أفطر فيه الضمير عائد على رمضان كما صرح به م ر في شرحه وإن لم يسبق له ذكر بخصوصه ولعل المسوغ كونه معلوما من لواحق الكلام وعبارة شرح م ر والأظهر وجوب المد على من أفطر في رمضان للكبر كأن صار شيخا هرما لا يطيق الصوم في زمن من الأزمان وإلا لزمه إيقاعه فيما يطيقه فيه ومثله كل عاجز عن صوم واجب سواء رمضان وغيره لزمانة أو مرض لا يرجى برؤه أو مشقة شديدة تلحقه ولم يتكلفه انتهت وعبارة حج والأظهر وجوب المد ولا قضاء عن كل يوم من رمضان أو نذر أو قضاء أو كفارة على من أفطر للكبر أو المرض الذي لا يرجى برؤه بأن يلحقه بالصوم مشقة شديدة لا تطاق عادة لأن ذلك جاء عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم ولا مخالف لهم وفارق المريض المرجو البرء ش والمسافر بأنهما يتوقعان زوال عذرهما أما من يقدر على الصوم في زمن لنحو برده أو قصره فهو كمرجو البرء انتهت فقول الشارح ككبر أو مرض إلخ الكاف فيه استقصائية إذ لم يبق فرد آخر يجب عليه المد دون القضاء ا ه وعلى ما قاله حج يكون الضمير عائدا على الصوم الواجب من حيث هو لا بقيد رمضان ثم ظهر فرد آخر يجب فيه المد بلا قضاء وذلك فيمن نذر صوم الدهر أي العمر وصح نذره بأن لم يخف ضررا أو فوت حق فإنه إذا أفطر يوما وجب عليه المد بلا قضاء لعدم وقت يقضي فيه كما في شرح التحرير للمؤلف فعليه تكون الكاف للتمثيل قوله المراد لا يطيقونه فإن قلت أي قرينة على أن المراد ذلك قلت يمكن أن تكون قد وجدت عند النزول قرينة حالية فهم منها ذلك ولا يضر عدم بقائها فليتأمل ا ه سم على البهجة ا ه ع ش على م ر قوله ثم يعجزون بكسر الجيم وفتحها ا ه برماوي قوله لإنقاذ آدمي الآدمي ليس بقيد بل مثله كل حيوان محترم ا ه شيخنا ويشير له صنيع الشارح حيث اقتصر في(4/427)
المفهوم على المال وأصله في شرح م ر وقوله مشرف على هلاك ليس بقيد أيضا بل المدار أن يخاف عليه من حصول مبيح للتيمم كتلف عضو أو بطلان منفعة انتهى شيخنا ح ف وعبارة البرماوي قوله مشرف على هلاك أي تلف شيء من نفسه أو عضوه أو منفعة ذلك انتهت قوله(4/428)
أيضا لإنقاذ آدمي إلخ محله في منقذ لا يباح له الفطر لولا الإنقاذ أما من يباح له الفطر لعذر كسفر أو غيره فأفطر فيه عند الإنقاذ ولو بلا نية الترخص قال الأذرعي فالظاهر أنه لا فدية ويتجه تقييده بما مر آنفا في الحامل والمرضع ا ه شرح م ر أي بأن أفطر لنحو السفر أو أطلق لا للإنقاذ وقال قبل ذلك في الحامل والمرضع ما نصه أو على الولد وحده ولو من غيرها بأن خافت الحامل من إسقاطه وخافت المرضع من أن يقل اللبن فيهلك الولد لزمتهما مع القضاء الفدية في الأظهر في مالهما وإن كانتا مسافرتين أو مريضتين نعم إن أفطرتا لأجل السفر أو المرض فلا فدية عليهما وكذا إن أطلقتا في الأصح ا ه أي بأن لم يريدا بالفطر خصوص الولد ولا السفر أو المرض ا ه ع ش قوله أو لخوف ذات ولد عليه أي ما لم تكن إحداهما مريضة أو مسافرة وتفطر بسبب المرض أو السفر أو تطلق أما لو أفطرت بسبب الحمل والرضاع فإنها تجب ا ه برماوي قوله أيضا أو لخوف ذات ولد عليه ويجب عليها الفطر وإذا امتنعت ولم ترضعه ومات الولد فلا ضمان عليها لأنها لم تحدث فيه صنعا ا ه برماوي قوله أو مرضع شمل كلامه المستأجرة للإرضاع وإنما لزمها الفدية ولم يلزم الأجير دم التمتع لأن الدم ثم من تتمة الحج الواجب على المستأجر وهنا الفطر من تتمة المنافع اللازمة للمرضع وما بحثه الشيخ من أن محل ما ذكر في المستأجرة والمتطوعة إذا لم توجد مرضعة مفطرة أو صائمة لم يضرها الإرضاع محمول في المستأجرة على ما إذا غلب على ظنها احتياجها إلى الإفطار قبل الإجارة وإلا فالإجارة للإرضاع لا تكون إلا إجارة عين ولا يجوز إبدال المستوفى منه فيها ا ه شرح م ر وقوله محمول في المستأجرة على ما إذا غلب على ظنها إلخ أي وحينئذ فلا تصح الإجارة لعدم قدرتها على تسليم المنفعة شرعا وخرج بذلك ما إذا لم يغلب على ظنها ما ذكر فتصح الإجارة ويجوز لها الفطر بل يجب ويمتنع عليها دفع الطفل لغيرها وهذا موضوع كلام الأصحاب وهو حاصل(4/429)
قوله وإلا فالإجارة إلخ ا ه رشيدي قوله ولو كان في المرضع من غيرها ولو كان غير آدمي ولو كانت مستأجرة أو متبرعة بل ولو كان الحمل في الحامل من زنا ولا يتعدد المد بتعدد المنقذ أو المخوف عليه لأنه بدل عن الصوم بخلاف العقيقة لأنها فداء عن كل مولود ا ه ح ل قوله ارتفق أي انتفع به شخصان وهما الغريق والمفطر وارتفاق المفطر تابع لارتفاق الغريق كما في المرضع وتستقر في ذمة الحامل أو المرضع أو المتعذر لإعسار أو رق إلى اليسار بعد العتق ا ه برماوي قوله أيضا ارتفق به شخصان أي حصل به رفق وانتفاع لشخصين وهما المنقذ والمشرف على الهلاك فلما انتفع بالفطر شخصان وجب الأمران القضاء والفدية ا ه شيخنا ح ف قوله وأخذا في الثانية بقسميها من الآية السابقة وهي قوله وعلى الذين يطيقونه فدية فأولها بعضهم على تقدير لا وقال ابن عباس إنها منسوخة في حق غير الحامل والمرضع أي ولم تنسخ في حقهما إلا أنه زيد عليهما القضاء عما كان في صدر الإسلام لأن الإنسان القادر على الصوم كان في صدر الإسلام مخيرا بين الصوم وبين الفطر بلا قضاء وعليه الفدية والتقدير في الآية وعلى الذين يطيقونه فدية أو صوم كما قال بعض المفسرين ا ه شيخنا قوله قال ابن عباس إلخ هذا دليل لوجه الأخذ ا ه شيخنا قوله لم تنسخ في حقهما أي ونسخت في حق غيرهما بقوله تعالى فمن تطوع خيرا فإن ذلك يدل على عدم الوجوب على من سواهما فإن قلت لم لا كان ذلك تخصيصا لأنه إخراج بعض أفراد العام فالجواب أن الأفراد مرادة وإذا كانت الأفراد مرادة كان الإخراج نسخا للعام لا تخصيصا ولأنه يشترط في التخصيص بقاء جمع يقرب من مدلول العام وهو هنا ليس كذلك ا ه شوبري قوله أو مع ولديهما إن قلت هو في معنى فطر ارتفق به شخصان قلت نعم ولكن وجد مانع من وجوب الفدية وهو خوفها على نفسها ومقتض لوجوبها وهو خوفها على الولد فغلب المانع كما هو القاعدة ا ه حج قوله وبخلاف من أفطر متعديا أي فلا فدية عليه وفارق(4/430)
لزومها للحامل و المرضع بأن الفدية غير متقيدة بالإثم بل إنما هي حكمة استأثر الله بها ألا ترى أن الردة في شهر رمضان أفحش من الوطء مع أنه لا كفارة فيها وفارق أيضا لزوم الكفارة في اليمين الغموس وفي القتل عمدا عدوانا بأن الصوم عبادة بدنية والكفارة فيها على خلاف(4/431)
الأصل فيقتصر فيها على ما ورد فيه نص أو كان في معناه بخلافه في تينك نعم يلزمه التعزير ا ه شرح م ر قوله أو لإنقاذ نحو مال سواء كان له أو لغيره ولو كان الإنقاذ ببلعه ا ه ح ل قوله وبخلاف المتحيرة إذا أفطرت إلخ محل ما ذكر إذا أفطرت ستة عشر يوما فأقل فإن أفطرت أزيد من ذلك وجبت الفدية لما زاد على الستة عشر لأنها أكثر ما يحتمل فساده بالحيض حتى لو أفطرت كل رمضان لزمها مع القضاء فدية أربعة عشر يوما نبه عليه الجلال البلقيني ا ه شرح م ر قوله كمن أخر قضاء رمضان وقوله فإن عليه مع القضاء المد أي إذا كان عامدا عالما بحرمة التأخير وإن كان مخالطا للعلماء لا إن جهل التكرر فلا يعذر فيه كما لو علم حرمة الكلام في الصلاة وجهل البطلان به ا ه ح ل ولا فرق في لزوم الفدية بالتأخير بين من فاته الصوم بعذر ومن فاته بلا عذر ولكن سيأتي في صوم التطوع تبعا لما نقله في الروضة عن التهذيب وأقره أن التأخير للسفر حرام وقضيته لزومها ويمكن أن يقال لا يلزم من الحرمة الفدية وقضية كلامهما أنه لو شفي أو أقام مدة تمكن فيها من القضاء ثم سافر في شعبان مثلا ولم يقض فيه لزوم الفدية وهو ظاهر وإن نظر فيه الإسنوي ا ه شرح م ر قوله أيضا كمن أخر قضاء رمضان إلخ خرج من وجبت عليه الفدية ابتداء المذكور في قول المتن سابقا ويجب المد بلا قضاء إلخ وأخر إخراجها حتى دخل رمضان آخر فإنه لا يجب عليه فدية للتأخير ا ه من شرح م ر و ع ش عليه ونبه عليه الشارح بقوله فيما يأتي بخلافه في الكبر ونحوه وهذا في الأحرار وأما الرقيق فلا تلزمه الفدية قبل العتق بتأخير القضاء كما أخذه بعض المتأخرين من كلام الرافعي في نظيره لأن هذه فدية مالية لا مدخل للصوم فيها والعبد ليس من أهلها لكن هل تجب عليه بعد عتقه الأوجه عدم الوجوب وقيل نعم أخذا من قولهم ولزمت ذمة عاجز وما فرق به البغوي من أنه لم يكن من أهل الفدية وقت الفطر بخلاف الحر صحيح وإن زعم بعضهم أنه يمكن(4/432)
الجواب عنه بأن العبرة في الكفارة بوقت الأداء لا بوقت الوجوب لظهور الفرق وهو أن المكفر ثم أهل للوجوب في حالتيه وإنما اختلف وصفه بخلاف ما هنا فإنه غير أهل لالتزام الفدية وقت الوجوب ا ه شرح م ر قوله قضاء رمضان أي أو شيئا منه لا غيره ولو واجبا وإن أثم وقوله مع تمكنه بأن خلى عن المرض والسفر قدر ما عليه بعد يوم عيد الفطر في غير النحر وأيام التشريق أما إذا لم يخل كذلك فلا فدية لأن تأخير الأداء بذلك جائز فالقضاء أولى ا ه برماوي قوله مع تمكنه خرج به ما لو أخره بعذر كأن استمر مسافرا أو مريضا أو المرأة حاملا أو مرضعا إلى قابل فلا شيء عليه بالتأخير ما دام العذر باقيا وإن استمر سنين لأن ذلك جائز في الأداء بالعذر ففي القضاء به أولى وأخذ الأذرعي من كلامهم أن التأخير جهلا أو نسيانا عذر فلا فدية به وسبقه إلى ذلك الروياني لكن يخصه بمن أفطر لعذر والأوجه عدم الفرق وبحث بعضهم سقوط الإثم به دون الفدية ومثلهما الإكراه كما في نظائر ذلك وموته أثناء يوم يمنع تمكنه منه ا ه شرح م ر أي فلا يكون سببا في ترك الفدية ا ه ع ش عليه قوله المتن حتى دخل رمضان آخر هذا مفروض في الحي وقول الشارح بعده حتى دخل رمضان آخر مفروض في حق الميت فصنيعه يقتضي أن كلا من المسألتين يتوقف وجوب الفدية فيه على دخول رمضان القابل وإن تحقق الفوات قبله ويئس من إدراك القضاء قبله وكلام م ر في هذا المحل متناقض كل التناقض كما نبه عليه الرشيدي وكلام الروض وشرحه يقتضي أن المسألتين على حد سواء في أن الوجوب لا يتوقف على دخول رمضان القابل بل المدار على تحقق الفوات فعلى هذا يكون التقييد بدخول رمضان ليس قيدا في المسألتين ونص عبارته أي الروض مع شرحه وتجب فدية التأخير بتحقق الفوات ولو لم يدخل رمضان فلو كان عليه عشرة أيام فمات لبواقي خمس من شعبان لزمه خمسة عشر مدا عشرة للأصل أي أصل الصوم وخمسة للتأخير لأنه لو عاش لم يمكنه إلا قضاء خمسة قال في(4/433)
الأصل بعد هذا وإذا لم يبق بينه وبين رمضان السنة الثانية ما يسع قضاء جميع الفائت فهل يلزمه في الحال الفدية عما لا يسعه أم حتى يدخل رمضان وجهان كالوجهين فيمن حلف ليأكلن هذا الرغيف غدا فتلف أي بإتلافه قبل الغد هل يحنث في الحال أم(4/434)
بعد مجيء الغد ا ه وقضيته تصحيح عدم اللزوم قبل دخول رمضان لكن ما ذكره قبله فيما لو كان عليه عشرة أيام صريح في خلافه ذكره السبكي والإسنوي ورده ابن العماد بأنه لا مخالفة فإن الأزمنة المستقبلة يقدر حضورها بالموت كما يحل الأجل به وهذا مفقود في الحي إذ لا ضرورة إلى تعجيل الزمان المستقبل في حقه والزركشي بأن الصواب هو الأول أي لزوم الفدية في الحال قال ولا يلزم من التشبيه بمسألة الرغيف خلافه ثم فرق بين صورتي الصوم وصورة اليمين بأنه مات هنا عاصيا بالتأخير فلزمته الفدية في الحال بخلاف صورة اليمين وبأنه هنا قد تحقق اليأس بفوات البعض فلزمه بدله بخلافه في اليمين لجواز موته قبل الغد فلا يحنث وكلام المصنف موافق لهذا ا ه بحروفه قوله فإن عليه مع القضاء الكفارة أي والإثم ا ه جلال وهذا صريح في أنه أخره عامدا عالما بالتحريم فلا فدية على ناس أو جاهل ولو لما فات بغير عذر خلافا للخطيب ولا بد من كونه موسرا أيضا قال الخطيب وغيره بما في الفطرة وقال بعضهم المعتبر يساره بذلك زيادة على كفاية مئونة العمر الغالب لأنه كفارة وهل المعتبر يساره بذلك في يوم من السنة أو في جميعها كما مر أو في قدر ما عليه وهل إذا أعسر تسقط عنه أو تستقر عليه حرر ذلك ا ه ق ل عليه قوله فإن عليه مع القضاء المد أي وعليه الإثم أيضا وإنما جاز تأخير قضاء الصلاة إلى ما بعد صلاة أخرى مثلها بل إلى سنين لأن تأخير الصوم إلى رمضان آخر تأخير إلى زمن لا يقبله ولا يصح فيه فهو كتأخيره عن الوقت بخلاف قضاء الصلاة فإنه يصح في كل الأوقات ولا يرد عليه أنه يقتضي مجيء الحكم فيما هو قبيل عيد النحر إذ التأخير إليه تأخير لزمن لا يقبله لأن المراد تأخيره إلى زمن هو نظيره لا يقبله فانتفى العبد على أن إيراد ذلك غفلة عن قولهم في الإشكال مثلها ا ه شرح م ر نعم إن كان فطره موجبا للكفارة العظمى كالجماع لم يلزمه فدية بالتأخير قاله شيخنا م ر تبعا لوالده واعتمده(4/435)
وخالف شيخنا الزيادي نظرا إلى اختلاف الموجب مع أن التأخير طارئ بعد لزوم الكفارة وهو الوجه فحرره ا ه ق ل على الجلال قوله ولا مخالف لهم أي فصار إجماعا سكوتيا ا ه ع ش قوله ويتكرر بتكرر السنين وهل يعتبر التمكن في كل عام أو يكفي لتكرر الفدية وجود التمكن في العام الأول الظاهر الأول كما يرشد إليه قول البغوي إن المتعدي بالفطر لا يعذر بالسفر في القضاء ا ه سم على المنهج والذي تحرر في مجلس م ر معه بحضرة العلامة الطبلاوي الأول ا ه ع ش على م ر قوله بخلافه في الكبر إلخ عبارة شرح م ر ولا شيء على الهرم والزمن ومن اشتدت مشقة الصوم عليه لتأخير الفدية إذا أخرها عن السنة الأولى انتهت وقوله ونحوه وهو المريض الذي لا يرجى برؤه وقوله لعدم التقصير أخذ منه أنه لو أخر ذلك لنسيان أو جهل بحرمة التأخير لم يتكرر بخلاف ما لو علم حرمة التأخير وجهل وجوب الفدية ا ه ح ل قوله فقير ومسكين أي دون غيرهما من مستحقي الزكاة ا ه شرح م ر و قوله ودون من لا تحل له الزكاة كبني هاشم والمطلب ومواليهما وعبارة شرح م ر في باب قسم الصدقات عند قول المتن وشرط آخذ الزكاة أن لا يكون هاشميا ولا مطلبيا ولا مولى لهما نصها وكالزكاة كل واجب كنذر وكفارة بناء على أنه يسلك بالنذر مسلك واجب الشرع انتهت قوله ولا يجب الجمع بينهما ولا يجب أيضا الإعطاء لفقراء ومساكين بلد المخرج بل يجوز نقل الأمداد لفقراء بلد أخرى لأن حرمة النقل خاصة بالزكاة بخلاف الكفارات ا ه ع ش على م ر قوله وله صرف أمداد لواحد هذا التعبير يشعر بأن صرفها لأشخاص أولى وهو كذلك ويؤيده ما نقل عن ابن عبد السلام من أن سد جوعة عشر مساكين أفضل من سد جوعة واحد عشرة أيام وعبارة المناوي على منظومة الأكل لابن العماد قبل قوله وإن دعوت صوفيا إلخ ما نصه فائدة لو سد جوعة مسكين عشرة أيام هل أجره كأجر من سد جوعة عشرة مساكين قال ابن عبد السلام لا فقد يكون في الجمع ولي وقد حث الله تعالى على(4/436)
الإحسان للصالحين وهذا لا يتحقق في واحد ولأنه يرجى من دعاء الجمع ما لا يرجى من دعاء الواحد ومن ثم أوجب الشافعي دفع الزكاة إلى الأصناف الثمانية لما فيه من دفع أنواع من المفاسد وجلب أنواع من المصالح إذ دفع الفقر والمسكنة نوع مخالف لرفع الرق عن المكاتب والغرم(4/437)
عن الغارم والغربة والانقطاع عن ابن السبيل ا ه ع ش على م ر قوله لأن كل يوم عبادة مستقلة عبارة ق ل على الجلال وذلك لأن الأمداد بدل عن أيام الصوم وهو يصح فيه أن يصوم الواحد أياما متعددة عن المكفر بعد موته على القديم الراجح وفي حياته لو قيل به وبذلك فارق الزكاة وليست الأمداد في الحي في الكفارة بدلا عن الأيام لأنها خصلة مستقلة فلم يجر فيها ما ذكر فتأمل هذا فإنه يغنيك عما أطالوا به هنا في الجواب مما لا يجدي نفعا ا ه قوله بخلاف صرف مد لاثنين وكذا لا يجوز صرف ثلاثة أمداد لشخصين لأن كل مد بدل صوم يوم وهو لا يتبعض ا ه برماوي قوله ويجب مع قضاء أي ومع تعزير فهذا مستثنى من عكس القاعدة المشهورة وهي كل معصية لا حد فيها ولا كفارة فيها التعزير ا ه شيخنا قوله على واطئ إلخ حاصل ما ذكره عشرة قيود وكلها في المتن وفيه مفاهيم الكل بل أحد عشر بجعل قوله يوما قيدا ليخرج ما لو أفسد بعض يوم ومفهوم هذا القيد ذكره الشارح بقوله ولا على من وطئ بلا عذر ثم مات أو جن إلخ كما أشار له في التعليل ا ه شيخنا وقضية التعبير بالواطئ أنها لو نزلت عليه ولم ينزل لا كفارة عليه لأنه لم يجامع بخلافه إذا أنزل فإنه يفطر كالإنزال بالمباشرة ومع ذلك لا كفارة أيضا لعدم الفعل ا ه برماوي قوله بإفساد صومه أي حقيقة أو حكما بدليل قوله إلا فيمن أدرك الفجر مجامعا فاستدام تلزمه الكفارة فإن هذا لم يفسد صوما حقيقة إلا أنه في حكم إفساد الصوم تنزيلا لمنع الانعقاد منزلة الإفساد كما قاله م ر وحج قوله يوما من رمضان أي يقينا فلو وطئ أوله إذا صامه بالاجتهاد ولم يتحقق أنه منه أي وقد اشتبه رمضان بغيره فلا كفارة وحينئذ فقولنا أوله ليس بقيد بل مثله جميع رمضان ا ه ح ل وعلى هذا تكون القيود اثني عشر وعبارة شرح م ر من رمضان يقينا خرج به الوطء في أوله إذا صامه بالاجتهاد ولم يتحقق أنه منه أو في يوم الشك حيث جاز بأن صامه عن قضاء أو نذر ثم أفسده نهارا(4/438)
بجماع ثم تبين بعد الإفساد بالبينة أنه من رمضان فإنه يصدق أن يقال إنه أفسد صوم يوم من رمضان بوطء أثم به لأجل الصوم ومع ذلك فلا تجب عليه الكفارة لأنه لم ينوه عن رمضان انتهت قوله وإن انفرد بالرؤية عبارة أصله مع شرح م ر وتلزم من انفرد برؤية الهلال وجامع في يومه بعد شروعه في الصوم وإن ردت شهادته كما مر لأنه هتك حرمة يوم من رمضان عنده بإفساد صومه بالجماع فأشبه سائر الأيام وظاهر أن مثله في ذلك من صدقة لما مر من وجوب الصوم عليه حينئذ انتهت وقوله وتلزم من انفرد برؤية الهلال خرج به الحاسب والمنجم إذا دل الحساب عندهما على دخول رمضان فلا كفارة عليهما ويوجه بأنهما لم يتيقنا بذلك دخول الشهر فأشبها ما لو اجتهد من اشتبه عليه رمضان فأداه اجتهاده إلى شهر فصامه وجامع فإنه لا كفارة عليه قوله لما مر من وجوب الصوم عليه حينئذ يرد عليه أن من ظن بالاجتهاد دخول رمضان يلزمه الصوم مع أنه لا كفارة عليه كما تقدم ا ه سم اللهم إلا أن يقال إن تصديق الرائي أقوى من الاجتهاد لأنه بتصديقه نزل منزلة الرائي والرائي متيقن فمن صدقه مثله حكما ولا كذلك المجتهد ا ه ع ش عليه قوله بوطء أي ولو في الدبر لأنثى أو لذكر بل أو لبهيمة أو ميت وإن لم ينزل ا ه ح ل أي أو فرج مبان حيث بقي اسمه ا ه ق ل على الجلال والذي في ع ش أن الوطء فيه لا يفسد الصوم ولا كفارة وقرره شيخنا ح ف قوله أيضا بوطء أي وحده ليخرج ما لو قارنه مفطر آخر كأكل فلا تجب الكفارة وهو متجه لأن الأصل براءة الذمة ولم يتمحض الجماع للهتك ا ه سم على البهجة ا ه ع ش على م ر قوله ولا شبهة الشبهة عدم تحقق الموجب ومن الشبهة ما لو شك في النهار هل نوى ليلا أو لا ثم جامع في حال الشك ثم تذكر أنه نوى فإنه يبطل صومه ولا كفارة عليه ا ه شرح م ر وقوله عدم تحقق الموجب أي عند الوطء والموجب هو الإفساد وهو في جميع صور الشبهة لم يتحقق عند الوطء وإن تحقق بعده قوله جاء رجل واسمه سلمة بن(4/439)
صخر البياضي ا ه ع ش على م ر قوله هلكت أي وقعت في سبب الهلاك ا ه قوله فهل تجد ما تعتق ما موصول حرفي وتجد بمعنى تستطيع أي هل تستطيع إعتاق رقبة إلخ وكذا يقال في قوله الآتي فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا وجعل ما موصولا اسميا يلزم عليه حذف العائد المجرور وبدون شرطه وجعلها(4/440)
بعضهم نكرة موصوفة والعائد محذوف أي هل تجد شيئا تعتق به إلخ قوله فهل تستطيع أن تصوم إلخ قال م ر ولو شرع في الصوم ثم وجد الرقبة ندب له عتقها ولو شرع في الإطعام ثم قدر على الصوم ندب له ا ه قوله ثم جلس يفهم منه أنه سأل وهو واقف ا ه شيخنا قوله فأتي النبي {صلى الله عليه وسلم} إلخ يحتمل أنه أتى له هدية اتفاقا أو أنه أمر به واحدا ا ه شيخنا قوله ما بين لابتيها وهما الحرتان أي الجبلان المحيطان بالمدينة وفي رواية ذكرها البخاري في الأدب من رواية الأوزاعي والذي نفسي بيده ما بين طنبي المدينة وهو تثنية طنب بضم الطاء المهملة والنون أحد أطناب الخيمة واستعاره للطرف وقوله أهل هو مبتدأ خبره أحوج وبين لابتيها حال ويجوز كونه ما حجازية أو تميمية فعلى الأول أحوج منصوب وعلى الثاني مرفوع ويجوز أن يكون بين خبرا مقدما وأهل مبتدأ وأحوج صفة لأهل ويتعين على هذا رفع أحوج على أنه صفة ويجوز نصبه على أنه حال ويستوي على هذا الحجازية والتميمية لسبق الخبر ا ه ع ش على م ر قوله فضحك أي تبسم وقوله حتى بدت أنيابه أي نواجذه وهذا مبالغة في فتح فمه {صلى الله عليه وسلم} في التبسم أو أنه لا مانع من أن يكون حصل منه قهقهة لكن ليس مثل غيره لأنه أمر نادر ا ه برماوي قوله ثم قال اذهب فأطعمه أهلك والأصح أنه لا يجوز للفقير صرف كفارته إلى عياله الذين تلزمه مؤنتهم كالزكوات وسائر الكفارات وأما قوله {صلى الله عليه وسلم} فأطعمه أهلك ففي الأم يحتمل أنه لما أخبره بفقره صرفه له صدقة أو أنه ملكه إياه وأمره بالتصدق به فلما أخبره بفقره أذن له في صرفها لهم للإعلام بأنها إنما تجب بعد الكفاية أو أنه تطوع بالتكفير عنه وسوغ له صرفها لأهله إعلاما بأن لغير المكفر التطوع بالتكفير عنه بإذنه وأن له صرفها لأهل المكفر عنه أي وله فيأكل هو وهم منها كما نقله القاضي وغيره عن الأصحاب وحاصل الاحتمالين الأولين أنه صرف له ذلك تطوعا قال ابن دقيق العيد وهو الأقرب نعم يبقى الكلام على ما تقرر في العدد المصروف إليه(4/441)
فيجوز كون عدد الأهل ستين مسكينا ا ه شرح م ر قوله وفي رواية للبخاري إلخ أتى بها لأن فيها صريح الأمر الدال على الوجوب المدعى في المتن وقوله فأعتق رقبة إلخ أي قال ذلك بدل قوله فيما مر هل تجد ما تعتق رقبة فعلى هذه أول خطاب النبي له فأعتق رقبة إلخ وأتى برواية أبي داود لأجل تقدير التمر ا ه شيخنا قوله فصم شهرين أي فإن لم تستطع إعتاق رقبة فصم وقوله فأطعم أي فإن لم تستطع صوم شهرين فأطعم وأتى بهذه الرواية لأن فيها الأمر وانظر هل كان السائل يجيبه في كل مرة كما في الرواية السابقة كأن يقول له لا أستطيع أم لا راجع قوله بفتح العين والراء هو المشهور والصواب في الرواية واللغة وحكاه القاضي عن رواية الجمهور ثم قال ورواه كثير من شيوخنا وغيرهم بإسكان الراء قال والصواب الفتح ويقال للعرق الزبيل بفتح الزاي من غير نون والزنبيل بكسر الزاي وزيادة نون ويقال له القفة والمكتل بكسر الميم وفتح التاء المثناة فوق والسفيفة بفتح السين المهملة وبالفاءين قال القاضي ابن دريد ويسمى أيضا زنبيلا لأنه يحمل فيه الزبل والعرق عند الفقهاء ما يسع خمسة عشر صاعا وهي ستون مدا لستين مسكينا لكل مسكين مد ا ه شرح مسلم للنووي وأما الفرق بالفاء والراء المفتوحتين فهو كما في المصباح مكيال يقال إنه يسع ستة عشر رطلا ا ه ع ش على م ر قوله مكتل أي ضخم وهو بكسر الميم وسكون الكاف وفتح التاء ويقال له مكيل بفتح الميم وكسر الكاف وبالياء التحتية الساكنة ا ه برماوي قوله وتعبيري بالواطئ أعم أي لشموله الزاني والواطئ بالشبهة والسيد في حق الأمة ا ه شيخنا قوله فمن أدرك الفجر مجامعا إلخ كان الأولى أن يقول وإنما وجبت الكفارة فيمن أدرك الفجر مجامعا فاستدام إلخ أو يدخله في عموم قول المتن بعد قوله بإفساد صومه بأن يقول حقيقة أو حكما وإلا فالتفريع بقوله فمن أدرك إلخ مشكل لعدم انعقاده أما على ما اختاره السبكي فلا إشكال ا ه من ع ش على م ر وعبارة شرح م ر(4/442)
أورد على عكس هذا الضابط ما إذا طلع الفجر وهو مجامع فاستدام فإن الأصح في المجموع عدم انعقاد صومه وتجب عليه الكفارة مع أنه لم يفسد صوما ويجاب بعدم وروده إن فسر الإفساد بما يمنع الانعقاد تجوزا بخلاف تفسيره بما يرفعه على أنه وإن لم يفسده(4/443)
فهو في معنى ما يفسده وكأنه انعقد ثم فسد انتهت ومراده بالضابط منطوق المتن المذكور بقوله وتجب مع قضاء إلخ قوله فكأنه انعقد ثم فسد أي تنزيلا لمنع الانعقاد منزلة الإفساد ا ه حج قوله على أن السبكي اختار إلخ انظر هذا الاختيار مع قيام المانع وكأنه يضطر إلى التأويل الذي قاله الشارح قوله فلا تجب على موطوء أي في قبل أو دبر رجل أو امرأة ا ه شرح م ر قوله لأن المخاطب بها في الخبر المذكور هو الفاعل أي مع الحاجة إلى البيان ولنقص صومها لتعرضه للفساد بنحو الحيض فلم تكمل حرمته حتى تتعلق به الكفارة ومن ثم لو أكرهته على وطئها لم تلزمها أيضا ولأنها غرم مالي يتعلق بالجماع فيختص بالرجل كالمهر ا ه شوبري قوله وجاهل أي جاهل تحريم الوطء إذا قرب عهده بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء بخلاف من علم تحريمه وجهل وجوب الكفارة فتجب عليه قطعا ا ه شرح م ر و ع ش عليه قوله ثم جن هل بغير تعد أو مطلقا ا ه ح ل ويؤخذ من كلام سم أنه بغير تعد وعبارة ع ش على م ر وبقي ما لو شرب دواء ليلا يعلم أنه يجننه في النهار ثم أصبح صائما ثم جامع ثم حصل الجنون من ذلك الدواء فهل تسقط الكفارة لما ذكره الشيخ أو لا فيه نظر والأقرب الأول لأنه لم يكن مخاطبا بالصوم حين التعاطي وبقي ما لو تعدى بالجنون نهارا بعد الجماع بأن ألقى نفسه من شاهق جبل فجن بسببه هل تسقط الكفارة أو لا فيه نظر والأقرب فيه أيضا سقوط الكفارة لأنه وإن تعدى به لم يصدق عليه أنه أفسد صوم يوم لأنه بجنونه خرج عن أهلية الصوم وإن أثم بالسبب الذي صار به مجنونا انتهت قوله لأنه بان أنه لم يفسد صوم يوم أي بل صوم بعض يوم فيؤخذ منه أن الصوم يتبعض لأنا لم نعد الموت من المفطرات فلو صام نصف يوم ثم مات لم يفسد ما صامه وهذا إنما يظهر في صورة الموت أما في صورة الجنون فلا يظهر لأنه معدود من المفطرات قوله كأن وطئ مسافر أو نحوه كمريض وكان كل من المسافر ونحوه مفطرا قبل الوطء حتى يقال إنه أفسد(4/444)
صوم غيره لا صوم نفسه ا ه شيخنا قوله لا يشركه بضم الياء من أشرك وفي بعض النسخ لا يشاركه فيها غيره ا ه برماوي وفي المختار وشركه في البيع والميراث يشركه مثل علمه يعلمه شركه ا ه قوله وقت الوطء الظاهر أن هذا هو المفعول الثاني وليلا هو الأول ويصح الإخبار بواسطة المضاف الذي أشار إليه ولا يصح أن يكون ليلا هو الثاني لأنه لا يصح الإخبار كما لا يخفى ا ه شيخنا وهذا بملاحظة المضاف الذي قدره الشارح أما بدونها فيصح أن يكون وقت الوطء مفعولا أو لا إذ يصح الإخبار بأن يقال وقت الوطء ليل ا ه قوله أو شك فيه أي في الليل دخولا أو بقاء فهاتان صورتان مع ما قبلهما وقوله أو أكل ناسيا أي فالصور خمس وزاد الشارح سادسة بقوله أو كان صبيا وكلها محترز قوله ولا شبهة وأيضا منها أربعة محترز قوله أثم أشار إليها بقوله ولعدم الإثم فيما عدا أي في غير والغير هو ظن البقاء والشك في البقاء ومن أكل ناسيا إلخ ومن كان صبيا وقول الشارح أو الشك فيه أي في الدخول بخلاف الشك في البقاء فيدخل فيما عدا ظن دخول الليل وعبارة الروض وقولنا أثم به احترازا ممن ظن غالطا بقاء الليل أو دخوله على ما يأتي فجامع ومن جماع الصبي وجماع المسافر والمريض بنية الترخص فلا كفارة عليهم لعدم إثمهم ا ه بحروفه ولو جامع معتقدا صباه ثم بان بالغا عند الجماع فلا كفارة لعدم إثمه ويؤيده مسألة ظن بقاء الليل كما مال إليه سم وإن نظر فيه الشوبري قوله أو أكل ناسيا وظن أنه أفطر به ثم وطئ الأصح بطلان صومه بهذا الوطء كما لو وطئ على ظن بقاء الليل فبان خلافه ومقابل الأصح لا يبطل كما لو سلم من ركعتين من الظهر ناسيا ثم تكلم عامدا لا تبطل صلاته والفرق على الأول أنه هنا صائم وقت الجماع وهناك غير مصل في حالة الكلام ا ه شرح م ر وقوله وهناك غير مصل إلخ أي لخروجه بالسلام من الصلاة طاهرا فلا يقال إن سلامه لغو لكونه ناسيا فهو باق في صلاته كما أن المجامع صائم بعد أكله ا ه ع ش(4/445)
عليه وفي ق ل على الجلال قوله الأصح بطلان صومه هو المعتمد وفارق عدم بطلان صلاة من تكلم ناسيا فظن بطلان صلاته فتكلم عامدا بأن جنس الكلام مغتفر في الصلاة بخلاف جنس الجماع والأكل في الصوم ا ه قوله وظن أنه أفطر به أما إذا علم أنه لا يفطر به ثم جامع في يومه فيفطر وتجب الكفارة(4/446)
جزما واعلم أن هذا الذي ظن الفطر في مسألتنا فجامع إن علم وجوب الإمساك عن الجماع وغيره فإثمه لا بسبب الصوم فيخرج بالقيد الأخير وإن ظن الإباحة خرج بقوله أثم ا ه شرح م ر قوله بالشبهة في الجميع أي في غير مسألة الصبي إذ السقوط فيها لعدم الإثم تأمل قوله ولا على مسافر إلخ والمريض في ذلك كالمسافر ا ه شرح م ر قوله وطئ زنا أي مع نية الترخص وقوله أو لم ينو ترخصا أي مع زنا أو غيره وقوله بل للزنا أي فقط وقوله مع عدم نية الترخص أي مع زنا أو لا وكتب أيضا وأما لو زنى مع عدم نية الترخص فكذلك فهي داخلة في كلامه وهي في الأصل ا ه ح ل قوله أيضا وطئ زنا هذا محترز قوله للصوم كما أشار إليه بقوله لأنه لم يأثم به للصوم وقوله أو لم ينو ترخصا محترز قيد ملاحظ في قوله للصوم أي للصوم وحده وهو في هذه الصورة أثم به لسببين الصوم وعدم نية الترخص هذا مقتضى عبارته وفيه أنه في الثانية لم يأثم به إلا لعدم نية الترخص فقط لا للصوم أيضا إذ الفطر من حيث هو جائز للمسافر فلم يأثم في الصورتين إلا لغير الصوم وهو الزنا في الأولى وعدم النية في الثانية تأمل قوله أو لم ينو ترخصا وبالأولى ما لو نواه وعبارة أصله مع شرح م ر ولا على صائم مسافر جامع بنية الترخص لأنه لم يأثم لوجود القصد مع الإباحة انتهت قوله وحدوث سفر أو مرض إلخ بخلاف حدوث الجنون والموت لأنه يتبين بهما زوال أهلية الوجوب من أول اليوم فلم يكن من أهل الوجوب حالة الجماع ا ه شرح م ر وحج وقال العلامة السنباطي لا يسقطها قتله نفسه فراجعه ا ه ق ل على الجلال قوله لا يسقطها أي ما لم يصل إلى بلد وجد أهلها معيدين ومطلعها مخالف لمطلع بلده وإلا فلا كفارة لأنه صار منهم كما تقدم وفي عكسه لا كفارة أيضا لعدم الإثم ا ه ح ل ولا تعود بعوده لبلده على المعتمد وإن كان التعليل المذكور يخالفه ا ه ق ل على الجلال وفي ع ش على م ر ما نصه فلو عاد لمحله في بقية اليوم فهل يتعين وجوب الكفارة لأنها(4/447)
إنما كانت سقطت لصيرورته من أهل المحل المنتقل إليه بوصوله إليه وقد لغا ذلك بعوده إلى محله في يومه إذ قد تبين بعوده إليه أنه لم يخرج عن حكمه ومجرد الوصول إلى المنتقل إليه مع عدم استكماله ذلك اليوم فيه لا يصلح شبهة لسقوط الكفارة مع تعديه بالإفساد أو لا فيه نظر ولعل الأقرب الأول ولو بيت النية ليلة الثلاثين لعدم ثبوت هلال شوال وأصبح صائما فثبت شوال نهارا ثم انتقل لمحل آخر مخالفا للأول في المطلع أهله صيام من غير تناول مفطر قبل وصوله إليه فهل يحسب له صوم هذا اليوم لأنه بانتقاله إليه صار واجبه الصوم وقد شرع فيه بنية معتبرة وثبوت شوال قبل انتقاله لا يفسد نيته وصومه لزوال أثر الثبوت في حقه بانتقاله أولا فيه نظر ولا يبعد الأول ا ه سم على شرح البهجة ا ه قوله لأنه هتك حرمة الصوم إلخ أي مع بقاء أهلية التكليف بخلاف ما مر فيمن مات أو جن لخروجه عن أهلية التكليف فالعلة ناقصة ا ه شيخنا
باب صوم التطوع
التطوع التقرب إلى الله تعالى بما ليس بفرض من العبادات ا ه شرح م ر وفي الحديث كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به واختلفوا في معنى تخصيصه بكونه له على أقوال تزيد على خمسين منها كما قال م ر كونه أبعد من الرياء عن غيره ومنها ما نقل عن سفيان بن عيينة أن يوم القيامة تتعلق خصماء المرء بجميع أعماله إلا الصوم فإنه لا سبيل لهم عليه فإنه إذا لم يبق إلا الصوم يتحمل الله تعالى ما بقي من المظالم ويدخله بالصوم الجنة قال م ر وهذا مردود والصحيح تعلق الغرماء به كسائر الأعمال لخبر الصحيحين ا ه قوله من صام يوما في سبيل الله أي الجهاد باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا والخريف السنة قال النووي رحمه الله تعالى فيه فضيلة الصيام في سبيل الله وهو محمول على من لا يتضرر به ولا يفوت به حق ولا يخل قتاله ولا غيره من مهمات غزوه ا ه ز ي وأقول يمكن حمل سبيل الله على الطريق الموصل إليه بأن يخلص في صومه وإن لم يكن(4/448)
في جهاد وهذا المعنى يطلق عليه سبيل الله كثيرا وإن كان خلاف الغالب ا ه ع ش قوله سبعين خريفا أي سنة(4/449)
فهو من التعبير عن الكل باسم الجزء لأن الخريف أحد فصول السنة الأربعة والمراد أنه يبعد عن النار مسافة زمن لو قسم كان سبعين سنة ا ه شيخنا قوله سن صوم عرفة إلخ ولو وقع زفاف في أيام صومه المعتاد ندب فطره ا ه برماوي وفي سم ما نصه فرع قال الماوردي لو وقع في أيام الزفاف صوم تطوع معتاد استحب له الفطر لأنها أيام يقال كأيام التشريق ا ه قوله فإنه يسن له فطره أي إن أجهده الصوم فلا يخالف ما قرروه من أن الصوم للمسافر أفضل إن لم يتضرر به ا ه سم على حج وقضية كلام الشارح أنه لا فرق بين طويل السفر وقصيره وهو محتمل ويحتمل التقييد بالطويل كنظائره والأوجه الأول إقامة للمظنة مقام المئنة أي إقامة لمحل الظن مقام محل اليقين ا ه ع ش وظاهر كلامهم حيث خصوا هذا الحكم بصوم عرفة أن باقي ما يطلب صومه لا فرق فيه بين المسافر وغيره وانظر ما وجهه وما المعنى الذي اقتضى تخصيص عرفة بهذا التفصيل وأجاب بعضهم بأن هذا التفصيل يجري في غير عرفة بالأولى لأنه دونها في التأكد ا ه شيخنا قوله وبخلاف الحاج إلخ عبارة شرح م ر وأما الحاج فلا يسن له صوم يوم عرفة بل يستحب له فطره ولو كان قويا للاتباع رواه الشيخان وليقوى على الدعاء ويؤخذ منه استحباب صومه لحاج لا يصل عرفة إلا ليلا وبه صرح في المجموع وغيره ونقله في شرح مسلم عن جمهور العلماء وأن صومه لمن وصلها نهارا خلاف الأولى بل في نكت التنبيه للمصنف أنه مكروه وظاهر كلامهم عدم انتفاء خلاف الأولى والكراهة بصوم ما قبله لكن ينافيه ما يأتي في صوم الجمعة مع اتحاد العلة فيهما بل هذا أولى لأنه يغتفر في خلاف الأولى ما لا يغتفر في المكروه وقد يفرق بأن القوة الحاصلة بالفطر هنا من مكملات المغفرة الحاصلة بالحج لجميع ما مضى من العمر وليس في ضم صوم ما قبله إليه جابر بخلاف الفطر ثم فإنه من مكملات مغفرة تلك الجمعة فقط وفي ضم صوم يوم له جابر فإن قيل قضية ذلك أن هذا أولى بالكراهة من صوم يوم الجمعة(4/450)
قلنا صد عن ذلك ورود النهي المتفق على صحته ثم بخلافه هنا انتهت قوله أنه يصل عرفة ليلا المعنى أنه إن كان مقيما بمكة أو غيرها وقصد أن يحضر عرفة ليلا أي ليلة العيد فقوله والأسن فطره صادق بما إذا كان مقيما وقصد حضور عرفة بالنهار يوم التاسع فيسن له الفطر ا ه ع ش على م ر وعبارة حج نعم يسن صومه لمن أخر وقوفه إلى الليل ولم يكن مسافرا لنص الإملاء على أنه يسن فطره للمسافر ا ه قوله والأحوط صوم الثامن من عرفة عبارة شرح م ر ويسن صوم الثمانية أيام قبل يوم عرفة كما صرح به في الروضة سواء في ذلك الحاج وغيره انتهت قوله ويوم عاشوراء مشتق من العشر بفتح العين المهملة وهو اسم للعدد المعين وقيل من العشر بكسر العين وفيه لغات المد والقصر مع الألف بعد العين وعشوراء بالمد مع حذف الألف سمي بذلك لأن عشرة من الأنبياء أكرموا فيه بعشر كرامات وفي بعض كتب الوعظ أنه {صلى الله عليه وسلم} قال لعمر رضي الله عنه إن الله تعالى خلق السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والعرش والكرسي والجنة في يوم عاشوراء وخلق آدم فيه وأدخله الجنة وتاب عليه فيه وولد إبراهيم فيه ونجاه من النار وهداه فيه ونجى موسى وأغرق فرعون عدوه فيه وأنزل عليه التوراة فيه وولد عيسى ورفع إلى السماء فيه ورفع إدريس مكانا عليا فيه واستوت سفينة نوح على الجودي فيه وأخرج يوسف من السجن فيه وتيب على قوم يونس فيه وأعطي سليمان الملك فيه وأخرج يونس من بطن الحوت فيه ورد بصر يعقوب فيه وكشف ضر أيوب فيه وغفر لنبيه داود فيه وأول مطر نزل من السماء فيه وقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فيه وفيه تكسى الكعبة كل سنة وكان {صلى الله عليه وسلم} يدعو مراضعه ومراضع ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها في يوم عاشوراء فينفث في أفواههم ويقول لمن يرضعهم لا تسقينهم شيئا إلى الليل وورد أن الطير والوحش تصوم يوم عاشوراء وأول طير صامه الصرد وحكي عن فتح الأسمر أنه قال كنت أفتت خبزا للنمل كل يوم فلما كان يوم عاشوراء لم يأكله(4/451)
إلا بعد الغروب ويستحب فيه التوسعة على العيال والأقارب والتصدق على الفقراء والمساكين من غير تكلف فإن لم يجد شيئا فليوسع خلقه ويكف عن ظلمه ولبعضهم(4/452)
في يوم عاشوراء عشر يتصل بها اثنتان فلها فضل نقل صم صل زر عالما عد واكتحل رأس اليتيم امسح تصدق واغتسل وسع على العيال قلم ظفرا وسورة الإخلاص قل ألفا تصل وقال الحافظ ابن حجر في يوم عاشوراء سبع تهترس أرز وبر ثم ماش وعدس وحمص ولوبيا والفول هذا هو الصحيح والمنقول ونقل عن بعض الصوفية أن من قرأ هذا الدعاء في يوم عاشوراء لم يمت في سنته ومن فرغ أجله لم يلهمه الله تعالى قراءته وهو من المجربات التي لا شك فيها وهو بسم الله الرحمن الرحيم سبحان الله ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وعدد النعم وزنة العرش والحمد لله ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وعدد النعم وزنة العرش لا إله إلا الله ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وعدد النعم وزنة العرش الله أكبر ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وعدد النعم وزنة العرش لا حول ولا قوة إلا بالله ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وعدد النعم وزنة العرش لا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه سبحان الله عدد الشفع والوتر وعدد كلمات الله التامات الحمد لله عدد الشفع والوتر وعدد كلمات الله التامات لا إله إلا الله عدد الشفع والوتر وعدد كلمات الله التامات الله أكبر عدد الشفع والوتر وعدد كلمات الله التامات لا حول ولا قوة إلا بالله عدد الشفع والوتر وعدد كلمات الله التامات حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ا ه برماوي قوله وتاسوعاء بالمد كعاشوراء وحكي قصره وهو شاذ قال الجوهري وأظنه مولدا وقال الصغاني إنه مولد ا ه برماوي والحكمة في صومه مع عاشوراء الاحتياط له لاحتمال الغلط في أول الشهر ولمخالفة اليهود فإنهم يصومون العاشر وحده وللاحتراز من إفراده كما في يوم الجمعة ولذلك يسن أن يصوم معه الحادي عشر إن لم يصم التاسع بل في الأم وغيرها أنه يندب صوم الثلاثة لحصول الاحتياط به وإن صام التاسع إذ(4/453)
الغلط قد يكون بالتقديم وبالتأخير وإنما لم يسن هنا صوم الثامن احتياطا لحصوله بالتاسع ولكون التاسع كالوسيلة للعاشر فلم يتأكد أمره حتى يطلب له احتياط بخصوصه نعم يسن صوم الثمانية قبله نظير ما في الحجة ذكره الغزالي وظاهر ما ذكره من تشبيهه بيوم الجمعة أنه يكره إفراده لكن في الأم لا بأس بإفراده ا ه شرح م ر قوله صيام يوم عرفة أحتسب على الله إلخ إنما كان عرفة بسنتين وعاشوراء بسنة لأن الأول يوم محمدي والثاني يوم موسوي ونبينا {صلى الله عليه وسلم} أفضل الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فكان يومه بسنتين ا ه شرح م ر وفي الشوبري إن تاسوعاء يكفر سنة أيضا كعاشوراء ا ه ويوم عرفة أفضل الأيام لأن صومه كفارة سنتين كما مر بخلاف غيره ولأن الدعاء فيه أفضل من غيره ولخبر مسلم ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه من النار من يوم عرفة وأما خبر خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فمحمول على غير يوم عرفة بقرينة ما ذكر وأفتى الوالد رحمه الله تعالى بأن عشر رمضان الأخير أفضل من عشر ذي الحجة لأن رمضان سيد الشهور ا ه شرح م ر وورد في بعض الأحاديث أن الوحوش في البادية تصومه حتى أن بعضهم أخذ لحما وذهب إلى البادية ورماه لنحو الوحوش فأقبلت عليه ولم تأكله وصارت تنظر إلى الشمس وتنظر إلى اللحم حتى غربت الشمس أقبلت إليه من كل ناحية ا ه بهامش صحيح ا ه ع ش عليه واعلم أن أفضل الشهور للصوم بعد رمضان الأشهر الحرم وأفضلها المحرم ثم رجب خروجا من خلاف من فضله على الأشهر الحرم ثم باقيها وظاهره الاستواء ثم شعبان لخبر كان {صلى الله عليه وسلم} يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلا قال العلماء اللفظ الثاني مفسر للأول فالمراد بكله غالبه وقيل كان يصومه تارة من أوله وتارة من وسطه وتارة من آخره ولا يترك منه شيئا بلا صيام لكن في أكثر من سنة وإنما أكثر {صلى الله عليه وسلم} من صيام شعبان مع كون المحرم أفضل منه لأنها كانت تعرض له فيه أعذار تمنعه من إكثار الصوم فيه أو لعله لم يعلم فضل(4/454)
المحرم إلا في آخر حياته قبل التمكن من صومه وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها ما رأيت رسول(4/455)
الله {صلى الله عليه وسلم} استكمل صيام شهر قط إلا رمضان قال العلماء وإنما لم يستكمل ذلك لئلا يظن وجوبه ا ه شرح م ر قوله أحتسب على الله عبارة المصباح احتسب الأجر على الله ادخره عنده لا يرجو ثواب الدنيا ا ه ع ش والمناسب لما تقدم من أن الذخر بالمعجمة لما في الآخرة وبالمهملة لما في الدنيا أن تكون العبارة أذخر بالمعجمة هذا ويمكن أيضا أن يكون أحتسب بمعنى أرجو وعلى بمعنى من ا ه شيخنا قوله أن يكفر السنة التي قبله إلخ المراد بالسنة التي قبل يوم عرفة السنة التي تتم بفراغ شهره وبالسنة التي بعده السنة التي أولها المحرم الذي يلي الشهر المذكور إذ الخطاب الشرعي محمول على عرف الشرع وعرفه فيها ما ذكرناه ولكون السنة التي قبله لم تتم إذ بعضها مستقبل كالسنة التي بعده أتى مع المضارع بأن المصدرية التي تخلصه للاستقبال وإلا فلو تمت الأولى كان المناسب التعبير فيها بلفظ الماضي بأن يقول احتسبت قال الإمام والمكفر الصغائر دون الكبائر قال صاحب الذخائر وهذا منه تحكم يحتاج إلى دليل والحديث عام وفضل الله واسع لا يحجر قال ابن المنذر في قوله {صلى الله عليه وسلم} من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه هذا قول عام يرجى به أن يغفر له جميع ذنوبه صغيرها وكبيرها قال الماوردي وللتكفير تأويلان أحدهما الغفران والثاني العصمة حتى لا يعصي فيحمل الأول على السنة الماضية والثاني على السنة المستقبلة ثم ما ذكر من التكفير فيمن له صغائر وإلا زيد في حسناته ا ه شرح م ر وقوله ولكون السنة التي قبله لم تتم إلخ يعارض هذا أنه {صلى الله عليه وسلم} عبر بمثل هذا التعبير في خبر يوم عاشوراء مع أن السنة فيه قد مضى جميعها بل وزيادة والوجه أن حكمة التعبير بذلك فيها كون التكفير مطلقا مستقبلا بالنسبة لوقت ترغيبه {صلى الله عليه وسلم} في صومهما لأنه مرتب على الصوم الذي سيفعل بترغيبه {صلى الله عليه وسلم} على أن الماضي هنا غير صحيح كما لا يخفى فالمضارع هو المتعين لأداء المعنى المراد فتأمل ا ه رشيدي فائدة قال النووي قد يقال إذا(4/456)
كفر الوضوء الذنوب فماذا تكفر الصلاة والجماعات ورمضان وصوم عرفة وعاشوراء وموافقة تأمين الملائكة فقد ورد في كل أنه يكفر قال والجواب ما أجاب به العلماء أن كل واحد من المذكورات صالح للتكفير فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفره وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتب به حسنات ورفعت به درجات وإن صادف كبيرة أو كبائر رجونا أن يحتت منها ا ه من حاشية العلقمي على الجامع ا ه ع ش ثم رأيت بهامش القسطلاني على البخاري بخط أبي العز العجمي ما نصه التحقيق في الجواب أن الناس أقسام من لا صغائر له ولا كبائر فترفع درجاته ومن له صغائر فقط من غير إصرار فتكفيرها الأعمال الصالحة كالصلاة والصوم ومن له كبائر مع صغائر فالمكفر عنه بالأعمال الصغائر فقط ومن له كبائر فقط فيكفر منها على قدر ما كان يكفر من الصغائر نقله السيوطي عن البلقيني انتهى قوله إلى قابل هو مصروف و وقع لبعضهم خلافه فاحذره فإنه سبق قلم ا ه ع ش على م ر قوله لأصومن التاسع استشكل على حديث أنه {صلى الله عليه وسلم} لما قدم المدينة وجد اليهود صائمين يوم عاشوراء ويقولون إن سبب ذلك ظهور موسى وغرق فرعون فقال نحن أحق بموسى منكم فصامه وأمر الناس بصيامه وكان دخوله في ربيع وعاشوراء في المحرم وأجيب بأن المراد وجدهم بعد استمراره إلى وقته أو أنه أخبر بذلك أو أنه قدم المدينة من سفرة كان سافرها بعد الهجرة وكان دخوله قبل الزوال ولم يتعاط مفطرا والنفل تجوز نيته بهذين الشرطين كما تقدم قال السبكي والأصح أنه لم يجب ا ه برماوي قوله واثنين مجرور بالياء لإلحاقه في الإعراب بالمثنى فليس منونا ا ه شيخنا وسمي الاثنين لأنه ثاني أيام إيجاد المخلوقات غير الأرض والخميس خامسها وما قيل لأنه ثاني الأسبوع مبني على أن أوله الأحد وهو مرجوح والراجح أن أوله السبت كما في باب النذر وهو أفضل من الخميس لأن أطواره {صلى الله عليه وسلم} كلها كانت فيه وأفضل أيام الأسبوع الجمعة ثم الاثنين ثم الخميس ثم بقية الأيام ويسن صوم يوم الأربعاء(4/457)
مطلقا شكرا لله تعالى على عدم هلاك هذه الأمة كما أهلك فيه من قبلها ويسن أيضا صوم يوم المعراج ويوم لا يجد فيه ما يأكله ا ه برماوي قوله تعرض الأعمال أي تعرض على الله تعالى وكذا تعرض في(4/458)
ليلة نصف شعبان وفي ليلة القدر فالأول عرض إجمالي باعتبار الأسبوع والثاني باعتبار السنة وكذا الثالث وفائدة تكرير ذلك إظهار شرف العاملين بين الملائكة وأما عرضها تفصيلا فهو برفع الملائكة لها بالليل مرة وبالنهار مرة ا ه شرح حج وعبارة شرح م ر و المراد عرضها على الله وأما رفع الملائكة لها فهو بالليل مرة وبالنهار مرة ورفعها في شعبان الثابت بخبر أحمد أنه {صلى الله عليه وسلم} سئل عن إكثاره الصوم في شعبان فقال إنه شهر ترفع فيه الأعمال فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم محمول على رفع الأعمال جملة انتهت قوله أيضا تعرض الأعمال أي لإظهار العدل وإقامة الحجة إذ لا يخفى على الله شيء ا ه ق ل على المحلى قوله يوم الاثنين والخميس أي في النهار لا بعد الغروب وهو الراجح خلافا لمن قال العرض إنما هو بعد الغروب وأول قوله وأنا صائم أي على أثر الصوم ا ه شيخنا قوله وأيام بيض أي لأن صومها بصوم شهر لأن الحسنة بعشرة أمثالها ا ه ح ل وبيض صفة لموصوف محذوف كما قدره الشارح ا ه شيخنا والحاصل كما أفاده السبكي وغيره أنه يسن صوم ثلاثة من كل شهر وأن تكون أيام البيض فإن صامها أتى بالسنتين فما في شرح مسلم من أن هذه الثلاثة هي المأمور بصيامها من كل شهر فيه نظر وإن تبعه الإسنوي والأوجه أنه يصوم من الحجة السادس عشر لأن صوم الثالث عشر من ذلك حرام والأحوط أن يصوم مع الثلاثة الثاني عشر للخروج من خلاف من قال إنه أول الثلاثة ا ه شرح م ر وفي ق ل على الجلال قوله وهي الثالث عشر إلخ أي في غير ذي الحجة لأنه من أيام التشريق فيبدل بالسادس عشر ا ه قوله لأنها تبيض بطلوع القمر إلخ أي فحكمة صومها شكر الله تعالى على هذا النور العظيم وقيل سميت بذلك لأن آدم عليه الصلاة والسلام لما أهبط من الجنة إلى الأرض اسود جسده من حر الشمس فجاءه جبريل وأمره بصومها فابيض في اليوم الأول ثلث بدنه وفي الثاني ثلثاه وفي الثالث جميعه ا ه برماوي قوله أيام السود سميت بذلك لأنها تسود(4/459)
بالظلمة من عدم القمر من أول الليل إلى آخره فحكمة صومها طلب كشف تلك الظلمة المستمرة وتزويد الشهر الذي عزم على الرحيل بعد كونه كان ضيفا وقيل لطلب كشف سواد القلب ا ه برماوي قوله وهي الثامن والعشرون إلخ عبارة حج وهي السابع أو الثامن والعشرون وتالياه فإن بدأ بالثامن ونقص الشهر صام أول تاليه لاستغراق الظلمة لليلته أيضا وحينئذ يقع صومه عن كونه أول الشهر أيضا فإنه يسن صوم ثلاثة أول كل شهر انتهت قوله وستة من شوال بإثبات التاء مع حذف المعدود لغة والأفصح حذفها كما ورد في الحديث ا ه شرح م ر وسئلت عن قول الدميري بعد قول النووي وستة من شوال يبقى النظر في من أفطر جميع رمضان أو بعضه وقضاه هل يتأتى له تدارك ذلك أم لا وما المعتمد فأجيب بأنه يستحب له بعد قضاء ما فاته من رمضان أن يصوم ستة أيام لأنه يستحب قضاء الصوم الراتب ا ه رملي كبير وفي حج أيضا التصريح بأن الصوم الراتب يسن قضاؤه ا ه شوبري قوله لخبر من صام رمضان إلخ ظاهر الخبر أن الثواب المذكور خاص بمن صام رمضان ولا يقتضي عدم استحباب صومها لمن لم يصم رمضان بعذر وليس كذلك بل هو مستحب فإن لم يصمه تعديا حرم عليه صومها عن غير رمضان لوجوب القضاء عليه فورا ا ه ح ل وعبارة شرح م ر قضية كلام التنبيه وكثيرين أن من لم يصم رمضان لعذر أو سفر أو صبا أو جنون أو كفر لا يسن له صوم ستة من شوال قال أبو زرعة وليس كذلك أي بل يحصل أصل سنة الصوم وإن لم يحصل الثواب المذكور لترتبه في الخبر على صيام رمضان وإن أفطر رمضان تعديا حرم عليه صومها وقضية قول المحاملي تبعا لشيخه الجرجاني يكره لمن عليه قضاء رمضان أن يتطوع بالصوم كراهة صومها لمن أفطره بعذر ينافي ما مر إلا أن يجمع بأنه ذو وجهين أو يحمل ذاك على من لا قضاء عليه كصبي بلغ وكافر أسلم وهذا على من عليه قضاء وإذا تركها في شوال لذلك أو غير مسن قضاؤها مما بعده وتحصل السنة بصومها متفرقة ولو صام في شوال أو في نحو عاشوراء(4/460)
قضاء أو نذرا أو غيرهما فحصل له ثواب تطوعهما كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى تبعا للبارزي والإسنوي والناشري والفقيه علي بن صالح الحضرمي وغيرهم لكن لا يحصل له الثواب(4/461)
الكامل المرتب على المطلوب لا سيما من فاته رمضان وصام عنه شوالا لأنه لم يصدق عليه المعنى المتقدم وما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى أيضا من أنه يستحب لمن فاته رمضان وصام عنه شوالا أن يصوم ستا من ذي القعدة لأنه يستحب قضاء الصوم الراتب محمول على من قصد فعلها بعد صوم شوال فيكون صارفا عن حصولها عن الستة فيسقط القول بأنه لا يتأتى إلا على القول بأن صومها لا يحصل بغيرها أما إذا قلنا بحصوله وهو الظاهر فلا يستحب قضاؤها ويسن صوم آخر كل شهر كما مر في صوم أيام السود فإن صامها أتى بالسنتين ولا يرد على ذلك صوم يوم الشك فإنه آخر شهر لتقدم الكلام عليه انتهت قوله ثم أتبعه أي حقيقة إن صامه وحكما إن أفطره لأن قضاءه يقع عنه فكأنه مقدم ومن هنا يعلم أن من عجز عن صوم رمضان وأطعم عنه ثم شفي يوم العيد مثلا ثم صام ستة أيام من شوال حصل له الثواب المذكور في الحديث ولا مانع من ذلك ونظيره ما قال العز بن عبد السلام فيمن فطر ستا وثلاثين شخصا كان كمن صام الدهر ا ه برماوي قوله وخبر النسائي إلخ أتى به لأنه مبين للأول ا ه شيخنا قوله أي كصيامها فرضا عبارة حج والمراد ثواب الفرض وإلا لم يكن لخصوصية ستة شوال معنى إذ من صام مع رمضان ستة غيرها يحصل له ثواب الدهر لما تقرر فلا تتميز تلك إلا بذلك انتهت قوله وإلا فلا يختص ذلك أي الفضل المذكور بما ذكر أي بصيام رمضان وست من شوال لأن كل ست وثلاثين يوما بسنة بواسطة ما قاله الشارح تأمل قوله لشموله أي التعبير بالاتصال قوله وسن صوم دهر المراد به هنا العمر بخلافه في الحديث في قوله كان كصيام الدهر فإن المراد به السنة ا ه شيخنا وفي ع ش أن المراد به العمر أيضا حيث قال قوله من صام رمضان أي في كل سنة وأتبعه ستا من شوال كذلك أما لو صام ستا من شوال في بعض السنين دون بعض فالسنة التي صام الست فيها يكون صومها كسنة والتي لم يصم فيها يكون كعشرة أشهر ا ه ومع ندبه فصوم يوم وفطر يوم أفضل منه(4/462)
كما صرح به المتولي وغيره واختاره السبكي والأذرعي وغيرهما خلافا لابن عبد السلام كالغزالي لخبر الصحيحين أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ا ه شرح م ر وقوله فصوم يوم وفطر يوم أفضل وظاهر كلامهم أن من فعله فوافق فطره يوما سن صومه كالاثنين والخميس والبيض يكون فطره فيه أفضل ليتم له صوم يوم وفطر يوم لكن بحث بعضهم أن صومه له أفضل ا ه حج وقضية إطلاق الشارح موافقة الأول ا ه ع ش عليه ولو نذر صوم الدهر انعقد النذر ما لم يكن الصوم مكروها كما قاله السبكي ا ه شرح م ر وحيث انعقد نذره لو طرأ عليه ما يشق معه الصوم أو ترتب عليه خوف فوت حق أو نحوه مما يمنع انعقاد النذر هل يؤثر أو لا فيجب عليه الصوم مع المشقة فيه نظر والأقرب الأول لعجزه عنه فعل ما التزمه وليس له وقت يمكن قضاؤه فيه كما يصرح به قول الشارح السابق بعد قول المصنف والأظهر وجوب المد على من أفطر لكبر ومن ثم لو نذر صوما لم يصح نذره ولو قدر عليه بعد الفطر لم يلزمه قضاؤه ا ه ع ش عليه وفي القسطلاني على البخاري بعد قوله عليه الصلاة والسلام أفضل الصيام صيام داود ما نصه وهذا يقتضي ثبوت الأفضلية مطلقا فهو أفضل من صوم الدهر كما قاله المتولي وغيره ويترجح من حيث المعنى بأن صوم الدهر قد يفوت بعض الحقوق وبأن من اعتاده فإنه لا يكاد يشق عليه بل تضعف شهوته عن الأكل وتقل حاجته إلى الطعام والشراب نهارا ويألف تناوله في الليل بحيث يتجدد له طبع زائد بخلاف من يصوم يوما ويفطر يوما فإنه ينتقل من فطر إلى صوم ومن صوم إلى فطر وقد نقل الترمذي عن بعض أهل العلم أنه أشق الصوم ويأمن مع ذلك من تفويت الحقوق وعن سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن ابن مسعود أنه قيل له إنك لتقل الصيام فقال إني أخاف أن يضعفني عن القراءة والقراءة أحب إلي من الصيام لكن في فتاوى ابن عبد السلام أن صوم الدهر أفضل لأنه أكثر عملا فيكون أكثر أجرا وما كان أكثر أجرا كان أكثر ثوابا وبذلك جزم(4/463)
الغزالي أولا وقيده بشرط أن لا يصوم الأيام المنهي عنها وأن لا يرغب عن السنة بأن يجعل الصوم حجرا على نفسه فإذا أمن من ذلك فالصوم أفضل من الأعمال فالاستكثار منه زيادة في الفضل وقوله في الحديث لا أفضل من ذلك أي لك وذلك لما علم من حاله ومنتهى قوته(4/464)
وأن ما هو أكثر من ذلك يضعفه عن الفرائض ويتعطل به عن الحقوق والمصالح ويلحق به من في معناه لكن تعقبه ابن دقيق العيد بأن الأفعال متعارضة المصالح والمفاسد وليس كل ذلك معلوما لنا ولا مستحضرا وإذا تعارضت المصالح والمفاسد فمقدار تأثير كل واحدة منها في الحث والمنع غير محقق لنا فالطريق حينئذ أن نفوض الأمر إلى صاحب الشرع ونجري على ما دل عليه ظاهر الشرع مع قوة الظاهر ههنا وأما زيادة العمل واقتضاء العادة لزيادة الأجر بسببه فيعارضه اقتضاء العادة والجبلة للتقصير في حقوق يعارضها الصوم الفائت ومقادير ذلك الفائت مع أن مقادير الحاصل من الصوم غير معلوم لنا ا ه قوله أو فوت حق قال م ر في شرحه كحج ولو مندوبا ومقتضاه الكراهة مع فوات الحق الواجب والذي يتجه في هذه حرمته تقديما للواجب على المندوب إلا أن يحمل على مجرد الخوف وأما عند العلم أو الظن فيحرم راجعه انتهى قليوبي على الجلال وفي القسطلاني على البخاري ما نصه قال السبكي ويتجه أن يقال إنه إن علم أنه يفوت حقا واجبا حرم وإن علم أنه يفوت حقا مندوبا أولى من الصيام كره وإن كان يقوم مقامه فلا ا ه قوله وعقد تسعين وهو أن يرفع الإبهام ويجعل السبابة داخلة تحته مطبوقة جدا ا ه ح ل و ع ش والتسعين كناية عن الثلاثة أصابع المبسوطة لأن كل أصبع فيه ثلاث عقد وكل عقدة بعشرة فتضرب في تسعة بتسعين وهذا اصطلاح للحساب ا ه شيخنا ح ف وقيل إن التسعين كناية عن عقد السبابة لأن كل عقدة بثلاثين وهو ظاهر قوله وعقد تأمل قوله وإلا بأن خاف ذلك كره ظاهره ولو كان الضرر مبيحا للتيمم وفيه نظر لأنه يحرم صوم رمضان مع ذلك كما مر فلعل المراد بالضرر هنا ما دون ذلك فراجعه ا ه ق ل على الجلال قوله كإفراد جمعة إلخ خرج نفس الصوم فإنه مندوب ا ه برماوي ولا فرق في كراهة إفراده بين من يريد اعتكافه وغيره كما أفتى بذلك الوالد رحمه الله تعالى ولا يراعى خلاف من منع الاعتكاف مع الفطر لأن شرط رعاية(4/465)
الخلاف أن لا يقع في مخالفة سنة صحيحة وليتقوى بفطره على الوظائف المطلوبة فيه ومن هنا خصصه جمع متقدمون نقلا عن المذهب بمن يضعف به عن الوظائف لكن يرده ما مر من ندب فطر عرفة ولو لم يضعف به ويوجه بأن من شأن الصوم الضعف ويؤخذ من ذلك أيضا أن كراهة صومه ليست ذاتية بل لأمر عارض ويؤيده انعقاد نذره كما يعلم مما يأتي في النذر ويقاس به اليومان الآخران إذ لا تختص كراهة الإفراد بالجمعة ا ه شرح م ر وفي الشوبري ما نصه وعبارة الشهاب الرملي في حواشي شرح الروض في باب النذر ويؤخذ منه صحة نذر صوم يوم الجمعة منفردا وهو كذلك لأنه إنما يكره إفراده بصوم النفل دون الفرض ا ه قال شيخنا ممن صرح بأن الكراهة خاصة بالنفل دون الفرض ابن قاضي شهبة في باب صوم التطوع وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ا ه انتهى قوله إلا فيما افترض عليكم أي من قضاء أو نذر أو كفارة فلا يكره الإفراد فيها ا ه ق ل قوله وخبر لا تصوموا يوم السبت إلخ هذا ربما يقتضي أنه لا يخلص من الكراهة بضم صوم إليه ا ه ح ل قوله ولأن اليهود إلخ هذا العطف يشعر بأن هذا ليس علة ا ه وحينئذ يتوقف في قياس يوم الأحد على السبت مع عدم ورود نهي عنه ا ه ح ل قوله فلو جمعها إلخ هذه العبارة تصدق بما إذا جمع بين الجمعة والأحد لأنه جمع بين اثنين منها بالصوم وقد يمنع كونه جمعا ا ه ح ل وبقي ما لو عزم على صوم الجمعة والسبت معا أو السبت والأحد معا ثم صام الأول وعن له ترك اليوم الثاني فهل تنتفي الكراهة أو لا فيه نظر والأقرب الثاني لأنه لا يشترط لكراهة الإفراد قصده بل الصوم وإنما المعنى أنه إذا صام السبت كره الاقتصار عليه سواء قصده أو لا ا ه ع ش على م ر قوله لأن المجموع لم يعظمه أحد يرد على ما زعمه الإسنوي من أنه لا وجه لانتفاء الكراهة إذ غاية الجمع أنه ضم مكروه لمكروه ا ه ح ل قيل ولا نظير لهذا في أنه إذا ضم مكروه لمكروه آخر تزول الكراهة ا ه حج قوله أما إذا صامه بسبب إلخ(4/466)
عبارة شرح م ر ومحل ما تقرر إذا لم يوافق إفراد كل يوم من الثلاثة عادة له وإلا بأن كان يصوم يوما ويفطر يوما أو يصوم عرفة أو عاشوراء فوافق يوم صومه فلا كراهة كما في صوم يوم الشك ذكره في المجموع وهو ظاهر وإن أفتى(4/467)
ابن عبد السلام بخلافه ويؤخذ من التشبيه أنه لا يكره إفرادها بنذر وقضاء وكفارة انتهت قوله فإنه يكره أي ما لم ينذر إتمامه وإلا فيحرم قطعه ا ه شرح م ر قوله أمير نفسه هو بالراء وروي بالنون أيضا ا ه ع ش على م ر قوله وإن شاء أفطر وإذا أفطر لم يثب على ما مضى إن أفطر بغير عذر وإلا أثيب وعلى ذلك يحمل قول المتولي إنه لا يثاب على عبادة لم تتم وقول الشافعي إنه يثاب ا ه شرح م ر قوله أما نفل النسك فيحرم قطعه فيه أن الشروع فيه شروع في فرض الكفاية إلا أن يقال يتصور الشروع في نفل النسك بما إذا كان الفاعل صبيا أو عبدا أذن له وليه أو سيده راجع باب الإحصار ا ه ح ل قوله وقيس بالصوم غيره كاعتكاف ووضوء وطواف وقراءة سورة الكهف ليلة الجمعة أو يومها والتسبيحات عقب الصلوات ا ه شرح م ر والقطع ظاهر في الصوم والصلاة لارتباط بعض أجزائهما ببعض وأما قراءة سورة الكهف والتسبيحات ونحوهما فهل المراد بالخروج منه الإعراض عنه والاشتغال بغيره وترك إتمامه أو المراد ما يشمل قطعه بكلام وإن لم يطل ثم العود إليه فيه نظر والأقرب الثاني ما لم يكن الكلام مطلوبا كرد السلام وإجابة المؤذن ا ه ع ش عليه قوله ولا يجب قضاؤه أي خلافا للأئمة الثلاثة رضي الله عنهم لكنه يستحب خروجا من الخلاف وأفتى العلامة الرملي بندب قضاء المؤقت منها كما مر ا ه برماوي قوله أم هانئ بكسر النون وبالهمز آخره ويسهل واسمها فاختة وقيل فاطمة وقيل عاتكة وقيل هند بنت عمه {صلى الله عليه وسلم} أبي طالب شقيقة علي رضي الله تعالى عنه أسلمت يوم الفتح وكانت تحت هبيرة بن عمر وخطبها النبي {صلى الله عليه وسلم} ولم يتزوج بها لأنها قالت له لما خطبها إني امرأة مصبية أي ذات صبية واعتذرت فعذرها روي لها عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ستة وأربعون حديثا ا ه برماوي قوله وحرم قطع فرض عيني وهو من الكبائر كما ذكره أئمة الأصول ا ه برماوي قوله ولو غير فوري عبارة أصله مع شرح م ر ومن تلبس بقضاء صوم فات عن واجب حرم عليه قطعه جزما إن كان(4/468)
قضاؤه على الفور وهو صوم من تعدى بفطره تداركا لما ارتكبه من الإثم ولأن التخفيف بجواز التأخير لا يليق بحال المتعدي وشمل ذلك قضاء يوم الشك لوجوب قضائه فورا إذ هو منسوب بعدم البحث عن الهلال إلى تقصير في الجملة ويستفاد منه وجوب القضاء على من نسي النية ليلا على الفور والمصرح به في شرح المهذب أنه على التراخي بلا خلاف وكذا إن لم يكن على الفور يحرم قطعه في الأصح بأن لم يكن تعدى بالفطر لتلبسه بالفرض ولا عذر له في الخروج فلزمه إتمامه كما لو شرع في الصلاة في أول الوقت والثاني لا يحرم لأنه متبرع بالشروع فيه فأشبه المسافر يشرع في الصوم ثم يريد الخروج منه ولا تتقيد الفورية بما ذكره إذ منه ما لو ضاق وقته فلم يبق من شعبان إلا ما يسع القضاء فقط وإن فات بعذر ويأتي انقسام القضاء إلى ما يكون بالتعدي وإلى غيره أيضا في الصلاة وفي الاعتكاف المنذور في زمن معين والحج والعمرة انتهت فقول الشارح كأن لم يتعد بتركه المراد منه هو ما ذكره م ر بقوله بأن لم يكن تعدى بالفطر إلخ قوله وصلاة الجنازة قال في الإمداد لما في الإعراض عنها من هتك حرمة الميت ويؤخذ من ذلك أن غير الصلاة مما يتعلق به كحمله ودفنه يجب بالشروع وهو ظاهر فيمتنع الإعراض عن ذلك بعد الشروع نعم يتجه أن محل المنع من الإعراض إذا كان لغير عذر بخلاف ما إذا تعب الحامل فترك الحمل لغيره أو الحافر فترك الحفر لغيره أو ترك الحامل الحمل لمن قصد التبرك بحمله أو إكرامه بالحمل أو نحو ذلك من المقاصد المخرجة للترك عن أن يكون فيه هتك الحرمة ا ه شوبري قوله وإنما لم يحرم قطع إلخ وارد على القيل وكذا قوله ولا قطع صلاة الجماعة وقوله لأن كل مسألة إلخ محصل الجواب أنه لا قطع فيه لأن القطع إنما يكون في شيء متصل بعضه ببعض ا ه شيخنا لكن إيراد الأول بالنظر للتعلم الكفائي وبالنظر للعيني منه يرد على المتن فالأحسن جعل الإيراد متعلقا بالقيل وبالمتن تأمل قوله على من آنس بالمد أي(4/469)
علم قال تعالى فإن آنستم منهم رشدا أي علمتم ا ه شيخنا قوله بعد هذا القول أي القائل بحرمة قطع فرض الكفاية(4/470)
ا ه ح ل قوله التاج السبكي هو أبو نصر تاج الدين عبد الوهاب بن الشيخ تقي الدين السبكي ولد بمصر سنة تسع وعشرين وسبعمائة وتفقه على أبيه وغيره وبرع في العلوم وهو شاب وصنف كتاب التوشيح وغيره المتوفى يوم الثلاثاء سابع ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ا ه برماوي قوله بحث للإمام هذا البحث هو الصحيح إذ يلزم على القول المذكور تعين الحرف والصنائع بالشروع فيها ولا وجه له ا ه ح ل قوله أولى من تعبيره بقضاء عبارة أصله ومن تلبس بقضاء إلخ لأنه يوهم أن الأداء لا يحرم قطعه قوله تطوعا أي مما يتكرر كصوم الاثنين والخميس أما ما لا يتكرر كعرفة وعاشوراء فلها صومها إلا إن منعها وكالتطوع القضاء الموسع ا ه برماوي وخرج بالتطوع الفرض فلا يحرم وليس للزوج قطعه وظاهره ولو بنذر مطلق لم يأذن فيه ا ه ع ش على م ر قوله وزوجها حاضر أي ولو جرت عادته بأن يغيب عنها من أول النهار إلى آخره لاحتمال أن يطرأ له قضاء وطره في بعض الأوقات على خلاف عادته ا ه ع ش على م ر قوله إلا بإذنه فلو صامت بغير إذنه صح وإن كان حراما كالصلاة في دار مغصوبة وعلمها برضاه كإذنه وسيأتي في النفقات عدم حرمة صوم نحو عاشوراء عليها بغير إذنه أما صومها في غيبة زوجها عن بلدها فجائز قطعا وإنما لم يجز صومها بغير إذنه مع حضوره نظرا لجواز إفساده عليها لأن الصوم يهاب عادة فيمنعه التمتع بها ولا يلحق بالصوم صلاة التطوع كما بحثه الشيخ لقصر زمنها والأمة المباحة للسيد كالزوجة وغير المباحة كأخته والعبد إن تضررا بصوم التطوع لضعف أو غيره لم يجز إلا بإذن السيد وإلا جاز ذكره المجموع وغيره ا ه شرح م ر وقوله والأمة المباحة للسيد أي التي أعدها للتمتع بأن تسرى بها أما أمة الخدمة التي لم يسبق للسيد تمتع بها ولم يغلب على ظنها إرادته عنها فلا ينبغي منعها من الصوم ا ه ع ش عليه
كتاب الاعتكاف
قوله هو لغة إلخ عبارة شرح م ر هو لغة اللبث والحبس والملازمة على الشيء ولو شرا(4/471)
يقال اعتكف وعكف يعكف بضم الكاف وكسرها عكفا وعكوفا وعكفته أعكفه بكسر الكاف عكفا لا غير يستعمل لازما ومتعديا كرجع ورجعته ونقص ونقصته وشرعا لبث في مسجد بقصد القربة من مسلم مميز عاقل طاهر من الجناية والحيض والنفاس صاح كاف نفسه عن شهوة الفرج مع الذكر والعلم بالتحريم انتهت وفي المختار عكفه حبسه ووقفه وبابه ضرب ونصر ومنه قوله تعالى والهدي معكوفا أن يبلغ محله ومنه الاعتكاف في المسجد وهو الاحتباس وعكف على الشيء أقبل عليه مواظبا وبابه دخل وجلس قال الله تعالى يعكفون على أصنام لهم ا ه وعبارة البرماوي قوله هو لغة اللبث أي والحبس والملازمة على الشيء ولو شرا قال تعالى فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ويسمى جوارا ومنه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وهو مجاور في المسجد أي معتكف فيه وهو مجمع عليه ويجب بالنذر وروحه عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه والفكر في تحصيل مرضاته وما يقرب إليه حتى لا يصير أنسه إلا بالله تعالى ليشاهد آثار ذلك الأنس العظيم في مضايق الدنيا والآخرة سيما في القبر والخروج منه إلى المحشر وعند العقبات التي تقاسيها الناس في ذلك اليوم قاله في الإتحاف انتهت قوله من شخص مخصوص وهو المتصف بالصفات المذكورة في عبارة م ر كما علمت قوله آية ولا تباشروهن إلخ هذه الآية وما بعدها لا يدلان إلا على جواز الاعتكاف لا على ندبه قوله أيضا آية ولا تباشروهن إلخ دليل على اشتراط المسجدية للاعتكاف لأنه لا جائز أن يكون شرطا في منع مباشرة المعتكف لأنها ممنوعة عليه خارجه لنحو قضاء الحاجة كما سيأتي وغير المعتكف ممنوع من المباشرة فيه فليس ذكرها إلا لاشتراط صحة الاعتكاف وهو من الشرائع القديمة ويدل لذلك قوله تعالى وعهدنا إلخ وظاهر كلامه أن هذا دليل لجواز الاعتكاف وهو إنما يأتي على القول بأن شرع من قبلنا شرع لنا إذا ورد في شرعنا ما يقرره فقد اعتكف {صلى الله عليه وسلم} العشر الأول من رمضان ثم الأوسط ثم الأخير ولازمه حتى(4/472)
توفاه الله تعالى ثم اعتكف(4/473)
أزواجه من بعده واعتكف {صلى الله عليه وسلم} عشرا من شوال وهي العشر الأول كما في بعض الروايات ا ه ح ل قوله أيضا ولا تباشروهن أي نساءكم وأنتم عاكفون مقيمون بنية الاعتكاف في المساجد متعلق بعاكفون نهي لمن كان يخرج وهو معتكف فيجامع امرأته ويعود ا ه جلال وعبارة شرح م ر وهو من الشرائع القديمة لقوله تعالى وعهدنا إلخ انتهت وفي البرماوي ما نصه قوله للطائفين والعاكفين قالوا وهو من الشرائع القديمة لهذه الآية أقول ولعل ذلك باعتبار معناه اللغوي بدليل قوله تعالى لن نبرح عليه أي على عبادة العجل عاكفين حتى يرجع إلينا موسى وأما باعتبار الهيئة المخصوصة من الأركان والشروط فهو من خصائص هذه الأمة ا ه قوله سن كل وقت أي على سبيل التأكد ا ه شرح م ر وقوله كل وقت أي حتى أوقات الكراهة وإن تحراها ا ه ع ش على م ر قوله كل وقت أي ولو بلا صوم أو الليل وحده خلافا للإمام مالك وأبي حنيفة رضي الله عنهما لما ثبت أنه {صلى الله عليه وسلم} اعتكف العشر الأول من شوال وفيه يوم العيد قطعا وهو لا يقبل الصوم اتفاقا ا ه برماوي قوله وفي عشر رمضان الأخير إلخ ليس هذا مكررا مع ما مر في الباب السابق أي في قوله لا سيما العشر الأخير إذ ذاك في استحبابه في رمضان وما هنا في الحكم عليه بكونه أفضل فيه من غيره ا ه شرح م ر مع زيادة قوله كما مر في خبر الشيخين أي قبيل قول المصنف فصل شرط وجوبه إسلام ا ه ع ش وعبارته هناك للاتباع في ذلك رواه الشيخان و انظر لم أحال المحشي على عبارته هناك ولم يحل على ما مر هنا قريبا من قول الشارح في مقام الاستدلال والاتباع رواه الشيخان مع أن العبارة في كل من المقامين كالأخرى وعلى كل يقال على الشارح ليس في كل من المقامين ذكر المواظبة المدعاة هنا تأمل قوله وقالوا في حكمته إلخ وجه التبري أنه يقتضي أنه إذا رآها في أول ليلة من العشر لا يسن له قيام بقيته وليس كذلك بل يسن قيام الليالي المذكورات مطلقا وإن رآها أول ليلة شكرا لله تعالى ا ه عبد ربه ووجه(4/474)
التبري أن هذه الحكمة إنما تتأتى على مختار الإمام أن ليلة القدر منحصرة في العشر الأواخر وهو قول من جملة ثلاثين قولا للعلماء كما في شرح م ر وعبارة البرماوي قوله وقالوا أي الأصحاب فليس مراده التبري أو يقال هو مراده لعدم تعين هذه الحكمة لأنه يحتمل أنه {صلى الله عليه وسلم} إنما واظب على ذلك لأجل مزية الوقت على غيره ويحتمل أنه إنما واظب عليه لأنه أفضل ولطلب ليلة القدر وهذا أولى انتهت قوله لليلة القدر سميت بذلك لأنها ليلة الحكم وليلة الفصل وقيل لعظم قدرها ا ه شرح م ر أي وأما ما يقع ليلة نصف شعبان إن صح فمحمول على أن ابتداء الكتابة فيها وتمام الكتابة وتسليم الصحف لأربابها إنما هو في ليلة القدر ا ه ع ش عليه وفي البرماوي ما نصه قوله لليلة القدر وهي من خصائص هذه الأمة سميت بذلك لشرفها وعلو قدرها أو لتقدير الأمور فيها لقوله تعالى فيها يفرق كل أمر حكيم وقيل لأن الأرض تضيق بالملائكة فيها وذهب عكرمة إلى أن التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة النصف من شعبان والجمهور على أنها ليلة القدر وهي أفضل ليالي السنة وباقية إلى يوم القيامة وترى حقيقة ويسن لمن رآها كتمها لأن رؤيتها كرامة والكرامة يسن إخفاؤها وقد رأيناها مرة واحدة ولله الحمد و يندب إحياؤها بالصلاة والقراءة وكثرة الدعاء كما في العيد ويتأكد فيها اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا ويحصل فضلها لمن أحياها وإن لم يشعر بها ونفيه محمول على نفي الكمال كما حمل رفعها على رفع عينها ومن صلى العشاء في جماعة فقد أخذ حظه منها ومن علاماتها عدم الحر والبرد فيها ويندب صوم يومها وكثرة العبادة فيه انتهت و عبارة شرح م ر وهي من خصائص هذه الأمة والتي فيها يفرق كل أمر حكيم وباقية إلى يوم القيامة إجماعا وترى حقيقة فيتأكد طلبها والاجتهاد في إدراكها كل عام وإحياء ليلها كله بالعبادة والدعاء و المراد برفعها في خبر فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم رفع علم عينها وإلا لم يأمر فيه(4/475)
بالتماسها ومعنى عسى أن يكون خيرا لكم أي لترغبوا في طلبها والاجتهاد في كل الليالي وليكثر فيها وفي يومها من العبادة بالإخلاص وصحة يقين ومن قوله اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا ويسن لمن رآها أن يكتمها وما نقل في شرح مسلم(4/476)
من أنه لا ينال فضلها إلا من اطلع عليها فمن قامها ولم يشعر بها لم ينل فضلها رده جمع بتصريح المتولي بخلافه وبأن في مسلم من قام ليلة القدر فوافقها وتفسير الموافقة بالعلم غير مساعد عليه من اللغة وفيه عن ابن مسعود من يقم الحول يصيبها وبقول أصحابنا يسن التعبد في كل ليالي العشر ليحوز الفضيلة بيقين نعم يحمل قول من قال لم ينل فضلها على الكامل فلا ينافيه ما ذكر انتهت ونقل في المواهب القسطلانية عن بعضهم إن ليلة مولده {صلى الله عليه وسلم} أفضل من ليلة القدر وأيد ذلك بأمور فليحرر ا ه شوبري قوله التي هي كما قال تعالى إلخ الظاهر أن غرضه الاستدلال على علية قوله لليلة القدر إذ ربما يقال إنها مساوية لغيرها فلا تنتج هذه العلة أفضلية الاعتكاف في العشر الأخير وقوله قال {صلى الله عليه وسلم} إلخ كان الأنسب العطف لأنه مسوق لما سيقت له الآية ا ه قوله أي العمل فيها خير إلخ وهل العمل في يومها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها يوم قدر قياسا على الليل ظاهر التشبيه أنه كذلك إلا أنه يتوقف على نقل صريح فليراجع ا ه ع ش على م ر قوله في ألف شهر وهي ثلاث وثمانون سنة وثلث ا ه برماوي وقوله ليس فيها ليلة القدر أي وإلا لزم تفضيل الشيء على نفسه بمراتب قال القليوبي ظاهر كلامهم أن الألف شهر كاملة وأنه تبدل ليلة القدر بليلة غيرها ويحتمل نقصانها ولعل المراد بالأشهر العربية لأنه المنصرف إليها الاسم شرعا ا ه قوله من قام ليلة القدر إلخ فإن قلت لفظ قام ليلة القدر هل يقتضي قيام تمام الليلة أو يكفي أقل ما ينطلق عليه اسم القيام فيها قلت يكفي الأقل وعليه بعض الأئمة حتى قيل بكفاية أداء فرض العشاء في جماعة عن القيام فيها لكن الظاهر منه عرفا أنه لا يقال قام الليلة إلا إذا قام كلها أو أكثرها فإن قلت ما معنى القيام فيها إذ ظاهره غير مراد قطعا قلت القيام الطاعة فإنه معهود من قوله تعالى وقوموا لله قانتين وهو حقيقة شرعية فيه ا ه كرماني على البخاري في كتاب الإيمان ا ه(4/477)
شوبري قوله إيمانا أي تصديقا بأنها حق وطاعة واحتسابا أي طلبا لرضى الله وثوابه لا رياء وسمعة ونصبهما على المفعول له أو التمييز أو الحال بتأويل المصدر باسم الفاعل وعليه فهما حالان متداخلان أو مترادفان والنكتة في وقوع الجزاء ماضيا مع أنه في المستقبل أنه متيقن الوقوع فضلا من الله سبحانه وتعالى على عباده ا ه ز ي ا ه ع ش على م ر فإن قلت كل من اللفظين يغني عن الآخر لأن المؤمن لا يكون إلا محتسبا والمحتسب لا يكون إلا مؤمنا فهل فيه فائدة غير التأكيد أم لا قلت المصدق بالشيء ربما لا يفعله مخلصا بل لرياء ونحوه والمخلص في الفعل ربما لا يكون مصدقا بثوابه ولكنه يفعله طاعة مأمورا بها سببا للمغفرة ونحوه أو الفائدة هي التأكيد ونعم الفائدة ا ه كرماني على البخاري ا ه شوبري قوله ما تقدم من ذنبه أي من صغار ذنبه كما في نظائره من غفران الذنوب بقرينة التقييد في بعض الأحاديث بما اجتنبت الكبائر ا ه برماوي قوله وميل الشافعي إلخ مبتدأ وقوله إلى أنها ليلة حاد إلخ خبره وحاصله أنهما قولان للإمام أي نقل عنه أنه قال إنها ليلة حاد ونقل عنه أنه قال إنها ليلة ثالث وهذا ما في مختصر المزني والأكثرون على أن ميله إلى أنها ليلة حاد وعشرين لا غير ا ه برماوي وشرح م ر ثم يحتمل أنها تكون عند كل قوم بحسب ليلهم فإذا كانت ليلة القدر عندنا نهارا لغيرنا تأخرت الإجابة والثواب إلى أن يدخل الليل عندهم ويحتمل لزومها لوقت وإن كان نهارا بالنسبة لقوم وليلا بالنسبة لآخرين والظاهر الأول لينطبق عليه مسمى الليل عند كل منهما أخذا مما قيل في ساعة الإجابة في يوم الجمعة أنها تختلف باختلاف أوقات الخطباء ا ه ع ش على م ر قوله فكل ليلة منه أي من العشر فهي محصورة عند الشافعي في العشر لا تكون في غيره وقوله إنها تلزم ليلة بعينها معناه أنها إذا كانت في الواقع ليلة حاد وعشرين مثلا تكون كل عام كذلك لا تنتقل عن هذه الليلة وقوله إنها تنتقل كل سنة أي(4/478)
في ليال العشر بمعنى أنها تارة ليلة حاد وعشرين وتارة غيرها من بقية العشر فهي محصورة في العشر على هذا القول أيضا وإنما المخالفة بينه وبين الأول في اللزوم وعدمه ا ه شيخنا قوله فمذهبه إلخ لا وجه لهذا التفريع فكان الأولى أن يقول ومذهبه إلخ قوله إنها تنتقل كل سنة لو ترك هذا القيد لكان أولى ليدخل توافق سنتين(4/479)
أو أكثر في ليلة واحدة مع أن التوافق فيها محقق لكثرة الأعوام إما مع التوالي أو التفرق وقوله إلى ليلة أي من ليالي العشر المذكور مطلقا أو من أوتاره كما اختاره الغزالي وغيره وقالوا إنها تعلم فيه باليوم الأول من الشهر فإن كان أوله يوم الأحد أو الأربعاء فهي ليلة تسع وعشرين أو يوم الاثنين فهي ليلة إحدى وعشرين أو يوم الثلاثاء أو الجمعة فهي ليلة سبع وعشرين أو يوم الخميس فهي ليلة خمس وعشرين أو يوم السبت فهي ليلة ثلاث وعشرين قال الشيخ أبو الحسن البكري ومنذ بلغت سن الرجال ما فاتتني ليلة القدر بهذه القاعدة المذكورة وقد نظمها شيخنا بقوله يا سائلي عن ليلة القدر التي في عشر رمضان الأخير حلت فإنها في مفردات العشر تعرف من يوم ابتداء الشهر فبالأحد والأربعاء في التاسعة وجمعة مع الثلاث السابعة وإن بدا الخميس فالخامسة وإن بدا السبت فالثالثة وإن بدا الاثنين فهي الحادي هذا عن الصوفية الزهاد ا ه برماوي قوله وعلاماتها طلوع الشمس صبيحتها بيضاء أي ويستمر ذلك إلى أن ترتفع كرمح في رأي العين ذكره المناوي في شرحه الصغير على الجامع الصغير عند قوله {صلى الله عليه وسلم} صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها كأنها طست حتى ترتفع ا ه وقوله كأنها طست أي من نحاس أبيض ا ه ع ش على م ر وحكمة كون ذلك علامة لها كثرة اختلاف الملائكة ونزولها وصعودها فيها فسترت بأجنحتها وأجسامها اللطيفة ضوء الشمس وشعاعها وفائدة معرفة صفتها بعد فوتها بعد طلوع الفجر أنه يسن اجتهاده في يومها كاجتهاده فيها وليجتهد في مثلها من قابل بناء على عدم انتقالها ا ه شرح م ر وقوله ونزولها وصعودها فيها لا يقال الليلة تنقضي بطلوع الفجر فكيف تستر بصعودها ونزولها في الليل ضوء الشمس لأنا نقول يجوز أن ذلك لا ينتهي بطلوع الفجر بل كما يكون في ليلتها يكون في يومها وبتقدير أنه ينتهي نزولها بطلوع الفجر فيجوز أن الصعود متأخر وبتقدير كونه ليلا فيجوز أنها إذا صعدت تكون محاذاتها(4/480)
للشمس وقت مرورها في مقابلتها نهارا ا ه ع ش عليه قوله وتجب نية فرضية في نذره ولا يشترط تعيين سبب وجوبه وهو النذر بخلاف الصوم والصلاة لأن وجوبه لا يكون إلا بالنذر بخلافهما والأشبه كما قاله الزركشي والاكتفاء بذكر النذر عن ذكر الفرض لأن الوفاء به واجب فكأنه نوى الاعتكاف الواجب عليه ولا يجب تعيين الأداء والقضاء ولو نوى الخروج من الاعتكاف بعد الدخول فيه لم يبطل كالصوم ا ه شرح م ر قوله وإن أطلقه إلخ هذا شامل للفرض والنفل فقوله كفته نيته أي عند تجديدها كل يوم مثلا فلا يجب وهذا بدليل قوله لكن لو خرج إلخ فلا ينافي أنه يجب التعرض للفرضية في المنذور زيادة على أصل النية ا ه شيخنا قوله بلا عزم عود أي للاعتكاف فإن عزم على العود للاعتكاف فلا يحتاج عند دخوله إلى تجديد نية وإن جامع بعد خروجه لأن ذلك غير مناف للنية وإن كان منافيا للاعتكاف وهو في زمن الخروج غير معتكف مطلقا أي لا حقيقة ولا حكما ا ه ح ل قوله جددها لزوما أي سواء كان منذورا أو لا والمراد باللزوم اللزوم لأجل الصحة إن أراد اعتكافا ثانيا لا أنه إن تركها يأثم فهو على حد قولهم تجب النية في صلاة الصبي مثلا ا ه شيخنا قوله فإن عزم على العود أي للاعتكاف بخلاف ما إذا عزم عليه من غير ملاحظة الاعتكاف كما يقع للمجاورين يخرجون من غير ملاحظة الاعتكاف فيكون هذا من قبيل قول المتن بلا عزم عود ا ه شيخنا وهذا التقييد صرح به م ر في شرحه وفي البرماوي ما نصه قوله فإن عزم على العود أي لأجل الاعتكاف وإذا جامع بعد خروجه لم يجب تجديد النية إذا عاد لأنه غير مناف للنية قياسا على الصائم إذا نوى ليلا ثم جامع ليلا فإنه لا يجب عليه تجديد النية بخلاف من خرج لعذر لا يقطع التتابع فإنه إذا جامع خارج المسجد بطل اعتكافه لأنه معتكف حقيقة بخلاف من(4/481)
خرج عازما على العود فإن زمن الخروج لا اعتكاف فيه أصلا ا ه قوله كانت هذه العزيمة قائمة مقام النية أي لأنه يصير كنية المدتين أي المدة التي قبل الخروج والمدة التي بعد العود كما في زيادة عدد ركعات النافلة وبه يعلم الجواب عن تنظير الروضة وأصلها فيه بأن اقتران النية بأول العبادة شرط فكيف يكتفي بعزيمة سابقة ولا نظر لكون الصلاة لم يتخلل فيها بين المزيد والمزيد عليه ما ينافيها وهنا تخلل الخروج المنافي لمطلق الاعتكاف لأن تخلل المنافي هنا مغتفر حيث استثنى زمنه في النية ونية العود فيما نحن فيه صيرت ما بعد الخروج مع ما قبله كاعتكاف استثني زمن المنافي فيه وهو الخروج ا ه شرح م ر قوله ولو قيد بمدة إلخ هذا مقابل الإطلاق وهو شامل للفرض والنفل والمتتابع وغيره فالصور أربعة أخرج منها واحدة بقوله لا إن نذر مدة إلخ وقوله لغير تبرز التبرز هو قضاء الحاجة من البول والغائط والحاصل أن التفصيل في هذه باعتبار التبرز وغيره ولا نظر للعزم على العود وعدمه عكس التي قبلها ا ه شيخنا قوله أيضا ولو قيده بمدة إلخ صورة المسألة أن المدة ليست معينة كما يعلم من الإسنوي وغيره وما وقع في عبارة المحلى في تعليل الضعيف من لفظ التعيين يحمل على التعيين بالمقدار وعبارة الإرشاد وشرحه لشيخنا لا خروج لخلاء تقضى فيه الحاجة فلا يقطع الاعتكاف إن قدر اعتكافه في نيته بمدة مطلقة كيوم وشهر ولا فرق في ذلك بين الاعتكاف المتطوع به والواجب كما إذا نذر أياما غير معينة ولم يشترط تتابعا ا ه وعبارة الروض وشرحه ولو خرج من نوى اعتكاف مدة ما مطلقة كيوم وشهر إلخ ثم قال أما خروج من نوى اعتكاف مدة متوالية فسيأتي حكمه آخر الباب ا ه وكان مراده بالمدة المتوالية ما يشمل المعينة كهذه العشرة الأيام والمشروط تتابعها كنويت عشرة أيام متوالية وكأنه يشير بما سيأتي آخر الباب إلى قول الروض وشرحه بعد ذكر ما يقطع التتابع وما لا يقطع وما يقضي زمنه وما لا يقضي(4/482)
زمنه ما نصه ولا يلزمه أي من خرج كما ذكر تجديد النية بعد عوده إن خرج لما لا بد منه وإن طال زمنه كقضاء الحاجة والغسل الواجب والأذان إذا جوزنا الخروج له وكذا لو خرج لما لا يقطع التتابع وكان عنه بد وألحق به الخروج لغرض استثني ولو عين مدة ولم يتعرض للتتابع فجامع أو خرج بلا عذر ثم عاد ليتم الباقي جدد النية وقوله ولم يتعرض للتتابع يفهم أن ما قبله تعرض فيه للتتابع والظاهر أن مراده بالعذر كل ما يسوغ الخروج ا ه سم قوله جدد النية أي ولو عزم على العود وهذا الإطلاق منقول من م ر وحج وع ش وإن قيد ابن عبد الحق بما إذا لم يعزم على العود فإن عزم لا يجب في هذه بالأولى مما قبلها لكن قد علمت أن المنقول الإطلاق ا ه شيخنا وفي ق ل على الجلال قوله لزمه الاستئناف أي ما لم يعزم على العود كالتي قبلها بالأولى إذ هنا قول بعدم الاحتياج مطلقا وشيخنا لم يوافق على ذلك في هذه وفي كلام العلامة ابن عبد الحق ما يوافقه إذا عاد إلى مسجد غير الأول وهو أكثر مسافة منه ومحل ذلك إذا عاد قبل فراغ المدة التي عينها وإلا فقد خرج عن الاعتكاف مطلقا فلا بد من تجديد نية ا ه قوله بخلاف خروجه للتبرز إلخ بقي ما لو شرك مع التبرز غيره هل يلزمه الاستئناف أو لا فيه نظر والأقرب الثاني قياسا على ما لو قصد الجنب بالقراءة الذكر والإعلام ا ه ع ش على م ر قوله فهو كالمستثنى أي لفظا وإلا فهو مستثنى شرعا قوله لعذر لا يقطع التتابع كالتبرز والمرض والحيض وحينئذ يقال لنا معتكف في غير مسجد بخلاف ما لو خرج لما يقطع التتابع كعيادة المرضى وصلاة الجمعة فيجب تجديد النية ا ه ح ل قوله فلا يلزمه تجديد أي ويلزمه مبادرة العود عند زوال عذره فإن أخر عامدا عالما انقطع التتابع وتعذر البناء ا ه شرح م ر قوله لشمول النية جميع المدة ومن ثم لو جامع حال خروجه بطل اعتكافه لأنه معتكف حقيقة ا ه ح ل قوله أيضا لشمول النية جميع المدة أي مع كونه معتكفا حكما فلا بد من هذه(4/483)
الزيادة لتخالف الصورة التي قبلها إذا خرج لغير تبرز كما لو نذر اعتكاف عشرة أيام ولم يقيد بتتابع فإن النية تشمل الكل لكنه في خروجه غير معتكف حكما أما لو خرج للتبرز فهو معتكف حكما والضابط أنه متى بقيت النية ولم يجب تجديد ما كان معتكفا حكما في خروجه وذلك في ثلاث صور في الإطلاق إذا عزم على العود وفي التقييد بالمدة(4/484)
من غير نذر تتابع إذا خرج للتبرز وفي التقييد بها متتابعة إذا خرج لما لا يقطع التتابع وأنه إذا لم تبق النية بأن وجب تجديدها لا يكون معتكفا حكما وذلك في ثلاث صور الإطلاق بلا عزم العود والتقييد وقد خرج لغير تبرز والتقييد مع التتابع وقد خرج لعذر يقطع التتابع ا ه شيخنا قوله لا يجوز اعتكاف المرأة إلخ استشكل ذكرهما هنا لأن الكلام في النية والأنسب ذكرهما في الركن الرابع وهو المعتكف وقد يجاب بأن ذكرهما هنا لبيان أن صحة النية لا تتوقف على كونه طاعة بل تصح ولو عصى به كالمرأة بغير الإذن والرقيق كذلك فله تعلق بالنية وبأنه تخصيص لاستحبابه في كل وقت فكأنه قال تستحب نيته في كل وقت إلا المرأة والعبد فبعد الإذن لهما فتأمل ا ه شوبري وعبارة الروض وشرحه ويصح من المميز والعبد والمرأة كصيامهم لكن يكره لذوات الهيئة كما في خروجهن للجماعة ويحرم اعتكاف العبد والمرأة بغير إذن السيد والزوج لأن منفعة العبد مستحقة لسيده والتمتع مستحق للزوج ولأن حقهما على الفور بخلاف الاعتكاف نعم إن لم يفوتا عليهما منفعة كأن حضر المسجد بإذنهما فنويا الاعتكاف فلا ريب في جوازه كما نبه عليه الزركشي ولو نذر العبد اعتكاف زمن معين بإذن سيده ثم انتقل عنه إلى غيره ببيع أو وصية أو إرث فله الاعتكاف بغير إذن المنتقل إليه لأنه صار مستحقا قبل تملكه ومثله الزوجة وإذا اعتكفا فلهما إخراجهما من التطوع وإن اعتكفا بإذنهما لما مر ولأنه لا يلزم بالشروع وكذا لهما إخراجهما من النذر إلا إن أذنا فيه وفي الشروع فيه وإن لم يكن زمن الاعتكاف معينا ولا متتابعا أو في أحدهما وهو أي زمن الاعتكاف معين وكذا إن أذنا في الشروع فيه فقط وهو متتابع وإن لم يكن زمنه معينا فلا يجوز لهما إخراجهما في الجميع لإذنهما في الشروع مباشرة أو بواسطة لأن الإذن في النذر المعين إذن في الشروع فيه والمعين لا يجوز تأخيره والمتتابع لا يجوز الخروج منه لما فيه من إبطال العبادة(4/485)
الواجبة بلا عذر ولو اعتكف المكاتب بلا إذن جاز إذ لا حق لسيده في منفعته كالحر ونقله القاضي عن النص قال وصوره أصحابنا بما لا يخل بكسبه لقلة زمنه أو لإمكان كسبه في المسجد كالخياطة ومن بعضه حر كالقن إن لم تكن مهايأة وإلا فهو في نوبته كالحر وفي نوبة سيده كالقن انتهت قوله ومسجد أي سواء سطحه وجداره وروشنه وإن كان كله في هواء الشارع ورحبته القديمة وما ينسب إليه عرفا من نحو ساباط ويصح على غصن شجرة خارج عنه وأصلها فيه كعكسه وليس منه ما أرضه مملوكة أو محتكرة خلافا للزركشي إذ المسجد ما فيها من البناء دونها نعم إن بنى فيها نحو دكة أو مسطبة ووقفها مسجدا صح فيها لقولهم يصح وقف السفل دون العلو وعكسه وهذا منه وكذا منقول أثبته ووقفه مسجدا ثم نزعه ولو شك في المسجدية اجتهد ا ه برماوي وقوله نحو دكة أو مصطبة أي أو سمر فيها دكة أو نحو سجادة ا ه م ر ا ه سم على حج ومثله ما لو فعل ذلك في ملكه ومن هنا يعلم صحة وقف العلو ومنه الخلاوي والبيوت التي توجد في بعض المساجد وهي مشروطة للإمام ونحوه ويسكنون فيها بزوجاتهم فإن علم أن الواقف وقف ما عداها مسجدا جاز المكث فيها مع الحيض والجنابة والجماع فيها وإلا حرم لأن الأصل المسجدية ا ه ع ش على م ر قوله أيضا ومسجد أفهم كلامه عدم صحته فيما وقف جزؤه شائعا مسجدا أو في مسجد أرضه مستأجرة وهو كذلك ا ه شرح م ر ولعل الفرق بين الاعتكاف وتحية المسجد حيث صحت فيما وقف جزؤه شائعا أن الغرض منها التعظيم وهو حاصل بذلك وأيضا صحة الصلاة لا تتوقف على المسجدية بخلافه قال ابن عبد السلام لو اعتكف فيما ظنه مسجدا فإن كان كذلك في الباطن فله أجر قصده واعتكافه وإلا فأجر قصده فقط ا ه شرح م ر قوله ولو هيئ للصلاة الغاية للرد على القول القديم القائل إن للمرأة أن تعتكف في المحل الذي هيأته في بيتها للصلاة بخلاف الرجل والخنثى لأن المرأة عورة بخلافهما ا ه شيخنا وعبارة أصله مع شرح م ر والجديد أنه(4/486)
لا يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها وهو المعتزل المهيأ للصلاة لانتفاء المسجدية بدليل جواز تغييره ومكث الجنب فيه ولأن نساءه {صلى الله عليه وسلم} (4/487)
كن يعتكفن في المسجد ولو كفي بيوتهن لكانت أستر لهن والقديم يصح لأنه مكان صلاتها كما أن المسجد مكان صلاة الرجل وأجاب الأول بأن الصلاة غير مختصة بمحل بخلاف الاعتكاف والخنثى كالرجل وعلى القول بصحة اعتكافها في بيتها يكون المسجد لها أفضل خروجا من الخلاف انتهت قوله والجامع أي والمسجد الجامع الذي تقام فيه الجمعة أولى أي ولو كان غيره أكثر جماعة منه أو كان زمن الاعتكاف دون أسبوع أو كان المعتكف ممن لا تلزمه الجمعة وهذا هو المعتمد ويستثنى من أولوية الجامع ما لو عين غيره فالمعين أولى إن لم يحتج لخروجه للجمعة ا ه شرح م ر قوله ولئلا يحتاج إلى الخروج للجمعة وإذا خرج إليها من غير الجامع فينبغي أن يغتفر له بعد فعلها ما ورد الحث على طلبه من الفاتحة والإخلاص والمعوذتين دون ما زاد على ذلك كالسنة البعدية والتسبيحات وصلاة الظهر وما زاد على ذلك فإنه يقطع التتابع وينبغي أن يكون خروجه من محل اعتكافه للجمعة في الوقت الذي يمكن إدراك الجمعة فيه دون ما زاد عليه وإن فوت التبكير لأن في الاعتكاف جابرا له ا ه ع ش على م ر قوله مسجد مكة المراد بمسجد مكة الكعبة والمسجد حولها كما جزم به في المجموع في استقبال القبلة وهو المعتمد فعليه لا يتعين جزء من المسجد بالتعيين وإن كان أفضل من بقية الأجزاء فلو نذر اعتكافا في الكعبة أجزأه في أطراف المسجد قياسا على ما لو نذر صلاة فيها فقول الإسنوي الظاهر تعينها ضعيف ا ه شرح م ر وقال الزركشي في أحكام المساجد يتحصل في المراد بالمسجد الحرام الذي تضاعف فيه الصلاة سبعة أقوال الأول أنه المكان الذي يحرم على الجنب الإقامة فيه الثاني أنه مكة الثالث أنه الحرم كله الرابع أنه الكعبة الخامس أنه الكعبة وما في الحجر من البيت السادس أنه الكعبة والمسجد حولها السابع أنه جميع الحرم وعرفة ا ه شوبري قوله أو المدينة المراد بمسجد المدينة ما كان في زمنه {صلى الله عليه وسلم} فالتفضيل والتضعيف مختص به دون القدر الذي زيد(4/488)
كما رآه المصنف للإشارة إليه بقوله مسجدي هذا ورأى جماعة عدم الاختصاص وأنه لو وسع مهما وسع فهو مسجده كما في مسجد مكة إذا وسع فتلك الفضيلة ثابتة له ا ه شرح م ر وقوله المراد بمسجد المدينة ما كان إلخ هو المعتمد بقي هل محل تعين مسجده {صلى الله عليه وسلم} ما إذا عينه كأن قال لله علي أن أعتكف في مسجده {صلى الله عليه وسلم} الذي كان في زمنه أو أراد بمسجد المدينة ذلك بخلاف ما لو أطلق مسجد المدينة لفظا ونية فلا يتعين لصدقه بالزيادة التي حكمها كسائر المساجد لعدم المضاعفة فيها فيه نظر ا ه سم على حج والأقرب حمله على ما كان في زمنه {صلى الله عليه وسلم} لأنه هو الذي يترتب عليه الفضل المذكور فيحمل عليه لفظ الناذر إذ الظاهر من تخصيصه مسجد المدينة بالذكر إنما هو لإرادة زيادة الثواب ا ه ع ش عليه قوله فلا يقوم غيرها مقامها بل ينتظر إمكان الذهاب إليها فمتى أمكنه فعله ثم إن لم يكن عين في نذره زمنا فظاهر وإن كان عين ولم يمكنه الاعتكاف فيه صار قضاء ويجب فعله متى أمكن ا ه ع ش على م ر قوله لا تشد الرحال أي لا يجوز كذا قال القفال ونقل أيضا عن الجويني وقال العلامة حج المراد بالنهي في الحديث الكراهة فقط ونقله عن العباب في باب الجنائز وصرح به العلامة م ر في باب النذر ونقل عن العلامة ح ل عدم الكراهة وعبارة بعضهم لا تشد الرحال أي للصلاة فيها فلا ينافي شد الرحال لغيرها وقال البهنسي هو خبر بمعنى النهي وقيل لمجرد الإخبار لا نهي قال النووي ومعناه لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غير هذه الثلاثة ونقله عن جمهور العلماء وقال العراقي من أحسن محامل الحديث أن المراد منه حكم المساجد فقط فإنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد غير هذه الثلاثة وأما قصد غير المساجد من الرحلة لطلب العلم وزيارة الصالحين والإخوان والتجارة والتنزه ونحو ذلك فليس داخلا فيه وقد ورد ذلك مصرحا به في رواية الإمام أحمد رضي الله عنه وابن أبي شيبة بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا لا ينبغي(4/489)
للمصلي أن يشد رحاله إلى مسجد يبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا وفي رواية لا ينبغي للمطي أن تشد رحالها إلخ قال السبكي وليس في الأرض بقعة فيها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها لذلك الفضل غير البلاد(4/490)
الثلاثة قال ومرادي بالفضل ما شهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكما شرعيا وأما غيرها من البلاد فلا تشد إليها لذاتها بل لزيارة أو علم أو نحو ذلك من المندوبات أو المباحات وقد التبس ذلك على بعضهم فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لمن في غير الثلاثة كسيدي أحمد البدوي ونحوه داخل في المنع وهو خطأ لأن الاستثناء إنما يكون من جنس المستثنى منه فمعنى الحديث لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد أو إلى مكان من الأمكنة لأجل ذلك المكان إلا إلى الثلاثة المذكورة وشد الرحال لزيارة أو طلب علم ليس إلى المكان بل لمن في المكان فليفهم ا ه برماوي قوله لمزيد فضله عليهما عبارة حج لزيادة فضله والمضاعفة فيه إذ الصلاة فيه بمائة ألف ألف ألف ثلاثا فيما سوى المسجدين الآتيين كما أخذته من الأحاديث وبسطته في حاشية الإيضاح وستأتي الإشارة إليه انتهت وظاهره اختصاص المضاعفة بالصلاة فقط وبذلك صرح شيخنا ح ل في سيرته وفي كلام غيره عدم اختصاص المضاعفة بها بل تشمل جميع الطاعات فليراجع ا ه ع ش على م ر وعبارة البرماوي والذي دلت عليه الأحاديث المذكورة أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجد المدينة ومن مائتين في المسجد الأقصى ومن مائة ألف في غيرهما وإنها في مسجد المدينة أفضل من صلاتين في مسجد الأقصى ومن ألف صلاة في غيرها وأنها في المسجد الأقصى أفضل من خمسمائة في غيرها وذكر العلامة حج ما يخالف ذلك أخذا من الأحاديث غير المذكورة ا ه برماوي قوله إلا المسجد الحرام أي وإلا الأقصى أيضا لأن الصلاة فيه بخمسمائة فيما سواه غير المسجد الحرام ومسجد المدينة ا ه حلبي فائدة قال البغوي في تفسيره قوله تعالى فيه آيات بينات قرأ ابن عباس رضي الله عنهما آية بينة على الوحدان وأراد مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام وحده وقرأ الآخرون آيات بينات بالجمع فذكر منها مقام إبراهيم وهو الحجر الذي قام عليه عند بناء الكعبة وكان أثر قدميه فيه فاندرس من(4/491)
كثرة المسح عليه بالأيدي ومن تلك الآيات الحجر الأسود والحطيم وزمزم والمشاعر كلها وقيل مقام إبراهيم جميع الحرم ومن الآيات في البيت أن الطائر يطير ولا يعلو فوقه وأن الجارحة تقصد صيدا فإذا دخل الحرم كفت عنه وأنه بلد صدر إليه الأنبياء والمرسلون والأولياء والصالحون وأن الصدقة والطاعة تضاعف فيه بمائة ألف ا ه فظهر أن المضاعفة بالعدد المذكور لا تختص بالصلاة ا ه برماوي وقوله فاندرس من كثرة المسح عليه بالأيدي هذا خلاف الواقع المشاهد فقد رأيته عيانا وغوص القدمين فيه بقدر عرض أربعة أصابع وبين القدمين نحو نصف شبر ولعل الشيخ لم يره وإنما سمع ما قاله من بعض الناس فقلده ا ه قوله وأنه لو عين مسجدا غير الثلاثة أي ولو مسجد قباء على المعتمد وهذا علم من ذكر الثلاثة وإن كان مفهوم لقب وقوله ولو عين زمن الاعتكاف إلخ هذا مفهوم المكان المشار إليه بقوله ولو عين مسجد مكة إلخ ا ه شيخنا قوله لم يتعين وإلحاق البغوي بمسجد المدينة سائر مساجده {صلى الله عليه وسلم} مردود بأن الخبر وكلام غيره يأبيانه وبه يعلم رد إلحاق بعضهم مسجد قباء بالثلاثة وإن صح خبر صلاة فيه كعمرة ولو خص نذره بواحد من المساجد التي ألحقت بمسجد المدينة على القول به فالأوجه قيام غيره منها مقامه لتساويها في فضيلة نسبتها له {صلى الله عليه وسلم} ا ه شرح م ر قوله ولو عين زمن الاعتكاف في نذره تعين فلو قدمه لم يصح أو أخره فضاه وأثم بتعمده ا ه شرح م ر ولو فاته بعذر لا يأثم ويجب القضاء ا ه ع ش عليه قوله ولبث قدر إلخ في المختار لبث أي مكث وبابه فهم ولباثا أيضا بالفتح فهو لابث ولبث أيضا بكسر الباء ا ه وفي المصباح لبث بالمكان لبثا من باب تعب وجاء في المصدر السكون للتخفيف واللبثة بالفتح المرة وبالكسر الهيئة والنوع والاسم اللبث بالضم واللباث بالفتح وتلبثت بمعناه يتعدى بالهمزة والتضعيف فيقال ألبثته ولبثته ا ه قوله أيضا ولبث قدرا يسمى عكوفا وعليه فلو دخل المسجد قاصدا الجلوس في محل منه اشترط(4/492)
لصحة الاعتكاف تأخير النية إلى موضع جلوسه أو مكثه عقب دخوله قدرا يسمى عكوفا لتكون النية مقارنة للاعتكاف بخلاف ما لو نوى حال دخوله وهو سائر لعدم مقارنة النية للاعتكاف كذا بحث فليراجع أقول وينبغي الصحة مطلقا لتحريمهم ذلك على الجنب حيث جعلوه مكثا(4/493)
أو بمنزلته وتنعطف النية على ما مضى فيثاب عليه من أوله ا ه ع ش على م ر قوله فيكفي التردد أي وتصح النية حينئذ فلا يشترط وقوعها حال المكث وهذا التفريع يقتضي أن التردد من أفراد المكث وليس كذلك لأن اللبث هو الاستقرار فكان الأولى عطفه كما صنع المحلي فقال لبث أو تردد لكن المصنف أراد باللبث ما يشمل التردد حيث قال ولو بلا سكون ا ه شيخنا قوله لا المرور بلا لبث أي خلافا للضعيف القائل بأنه يكفي المرور بلا لبث كالوقوف بعرفة ا ه شرح م ر قوله كفاه لحظة أي وما زاد عليها يقع واجبا ا ه ح ل وقاعدة أن ما يمكن تجزؤه يقع بعضه واجبا وبعضه مندوبا مخصوصة بما بين الفقهاء له أقل وأكمل كالركوع بخلاف ما لم يبينوا له ذلك كما هنا ا ه شيخنا قوله أيضا كفاه لحظة ويندب يوم لأنه لم يرد أنه {صلى الله عليه وسلم} ولا أحدا من أصحابه اعتكف دونه ا ه برماوي قوله ومن لا عقل له كالمجنون والمغمى عليه والسكران ومحل عدم الصحة في المغمى عليه في الابتداء فإن طرأ على الاعتكاف لم يبطل ويحسب زمنه من الاعتكاف كما سيأتي في كلامه ا ه شرح م ر قوله وحرمة مكث إلخ قضيته أنه لو جاز له المكث لضرورة اقتضت أنه يصح الاعتكاف ولو قيل بعدم الصحة لم يكن بعيدا لعدم أهليته لذلك ا ه ع ش ويمكن حمل كلام الشارح على أن شأنه والغالب فيه ذلك تأمل ا ه شيخنا وعبارة شرح م ر وقضية ما تقرر عدم صحة اعتكاف كل من حرم عليه المكث في المسجد كذي جرح وقروح واستحاضة ونحوها حيث لم يمكن حفظ المسجد من ذلك وهو كذلك وإن قال الأذرعي أنه موضع نظر نعم لو اعتكف في مسجد وقف على غيره دونه صح اعتكافه فيه وإن حرم عليه لبثه فيه كما لو تيمم بتراب مغصوب ويقاس عليه ما يشبهه ولا يرد ذلك على من قيد بالحل لأن مكثه إنما حرم لأمر خارج أعني استيفاء حق الغير وهو حرام ولو بغير مكث فالمكث في هذا لم يحرم لذاته انتهت قوله وينقطع الاعتكاف إلخ معنى كون هذه الأمور قاطعة للاعتكاف أن زمنها لا يحسب من المدة فلو نذر(4/494)
اعتكاف عشرة أيام ولم يقيد بتتابع فاعتكف يومين ثم ارتد يوما ثم أسلم فإنه يبني على اليومين وقوله كتتابعه ويلزم منه قطع أصل الاعتكاف كما لو كانت العشرة في المثال متتابعة فإنه يستأنف العشرة بعد إسلامه فيلزم من قطع التتابع قطع الاعتكاف ولا عكس ا ه شيخنا لكن تفسير القطع بما ترى فيه قصور إذ لا يشمل المطلق فالأولى تفسير القطع بقطع استمراره سواء كان مقيدا أو مطلقا تأمل قوله وسكر أي بتعد ومثله الجنون بتعد أما كل منهما بلا تعد فلا يقطع ا ه شيخنا وعبارة شرح م ر وسكر بتعد أما غير المتعدي به فيشبه كما قال الأذرعي أنه كالمغمى عليه انتهت وانظر هل يأتي هذا التفصيل في الإغماء أو يقال إنه لا يقطع مطلقا وما الفرق تأمل وفي ق ل على الجلال ما يقتضي جريان التفصيل المذكور فيه قوله بخلاف ما لا تخلو عنه الظاهر أن هذه الصورة تضم لقول المتن لا غير مفطرة إلخ في أن كلا يقطع الاعتكاف دون التتابع تأمل وضبط جمع المدة التي لا تخلو عنه غالبا بأكثر من خمسة عشر يوما وتبعهم المصنف ونظر فيه آخرون بأن العشرين والثلاثة والعشرين تخلو عنه غالبا إذ هي غالب الطهر فكان ينبغي أن يقطعها وما دونها الحيض ولا يقطع ما فوقها ويجاب عنه بأن المراد بالغالب هنا أن لا يسع زمن أقل الطهر الاعتكاف لا الغالب المفهوم مما مر في باب الحيض ويوجه بأنه متى زاد من الاعتكاف على أقل الطهر كانت معرضة لطروق الحيض فعذرت لأجل ذلك وإن كانت تحيض وتطهر غالب الحيض والطهر لأن ذلك الغالب قد ينخرم ألا ترى أن من تحيض أقل الحيض لا ينقطع اعتكافها به إذا زادت مدة اعتكافها على أربعة وعشرين يوما مع أنه يمكن إيقاعه في زمن طهرها فكذلك هذه لا يلزمها إيقاعه في زمن طهرها وإن وسعه ولا نظر للفرق بينهما بأن طهر تلك على خلاف الغالب بخلاف هذه لأنهم توسعوا هنا في الأعذار بما يقتضي أن مجرد إمكان طروء الحيض عذر في عدم الانقطاع فتبني على ما سبق إذا طهرت لأنه بغير اختيارها ا(4/495)
ه شرح م ر قوله وجنابة مفطرة إلخ عبارة أصله مع شرح م ر ويبطل الاعتكاف بالجماع من عامد عالم بتحريمه واضح مختار سواء جامع في المسجد أم لا لمنافاته له وللآية السابقة ويحرم ذلك في الاعتكاف الواجب(4/496)
مطلقا وفي المستحب في المسجد كما يحرم فيه على غيره لا خارجه لجواز قطعه كما نبه عليه الإسنوي أما الماضي فيبطل حكمه إن كان متتابعا ويستأنفه وإلا فلا سواء كان فرضا أم نفلا ولا يبطل اعتكافه بغيبة أو شتم أو أكل حرام نعم يبطل ثوابه كما في الأنوار ولو أولج في دبر خنثى بطل اعتكافه أو أولج في قبله أو أولج الخنثى في رجل أو امرأة أو خنثى ففي بطلان اعتكافه الخلاف المذكور في قوله وأظهر الأقوال أن المباشرة بشهوة فيما دون الفرج كلمس وقبلة تبطله أي الاعتكاف إن أنزل وإلا فلا تبطله لما مر في الصوم والثاني تبطله مطلقا والثالث لا مطلقا وعلى كل قول هي حرام في المسجد واحترز بالمباشرة عما إذا تفكر أو نظر فأنزل فإنه لا يبطل وبالشهوة عما إذا قبل بقصد الإكرام ونحوه أو بلا قصد فلا يبطل إذا أنزل جزما والاستمناء كالمباشرة وقد علم من التفصيل استثناؤه الخنثى من بطلان الاعتكاف بالجماع ولكن يشترط الإنزال من فرجيه انتهت وقوله نعم يبطل ثوابه ظاهره بطلان ثواب الجميع لا ثواب زمن الغيبة خاصة وهو ظاهر وقضية إطلاقه أنه ينتفي أصل الثواب بذلك لإكماله وعبارة سم على حج يتأمل ما في الأنوار فإنه قد يعتكف شهرا متواليا مثلا ثم يقع في شيء مما ذكره في آخر يوم مثلا فهل يبطل ثواب جميع المدة أو آخر يوم أو الوقت الذي وقع فيه ذلك أقول ينبغي أن يبطل ثواب ما وقع فيه ذلك قياسا على ما لو قارن في الأفعال في صلاة الجماعة ويحتمل أن المراد نفي كمال الثواب ولا ينافيه قوله يبطل ثوابه لإمكان أن الأصل كمال ثوابه أو ثوابه الكامل ويكون حينئذ كالصلاة في الحمام أو الدار المغصوبة على ما اعتمده الشارح من أن الفائت فيها كمال الثواب لا أصله وقوله هي حرام في المسجد أما خارجه فإن كان في اعتكاف واجب أو مندوب وقصد المحافظة على الاعتكاف فكذلك وإلا فلا يحرم لجواز قطع النفل ا ه ع ش عليه قوله ولم يبادر بطهره محترز قوله الآتي إن بادر وقدمه إشارة إلى أنهم(4/497)
قد يذكرون ما يعلم من القيود الآتية ولا يعد تركه في المتن خللا ا ه ع ش قوله لمنافاة كل منها العبادة البدنية علة لكون المذكورات تقطعه وفيه أن هذه العلة موجودة في الثلاثة التي لا تقطع فالعلة ناقصة والمراد لمنافاة كل منها العبادة أي من غير عذر كما أشار إلى ذلك في تعليل الثلاثة بقوله للعذر ا ه شيخنا قوله لا غير مفطرة كالاحتلام فهذا والجنون لا يحسب زمنهما من المدة فيكون قاطعا لأنكم فسرتم القطع بعدم الحسبان والجواب أن المراد أنهما لا يقطعان مجموع الاعتكاف والتتابع وإن كانا يقطعان الاعتكاف على حدته فلو نذر عشرة أيام متتابعة فاعتكف يومين ثم جن بلا تعد ثم أفاق فزمن الجنون لا يحسب وهذا معنى قطع الاعتكاف ويكمل على اليومين فالتتابع لم ينقطع ا ه شيخنا قوله ولا جنون أي لم يتعد بسببه فلا يقطع الاعتكاف ف ولا تتابعه أي مجموع ذلك فلا ينافي أنه يقع الاعتكاف المعلوم ذلك من قول المتن ويحسب زمن إغماء فقط ا ه ح ل قوله وإلا فلا يجب خروجه كأن غطس ببركة فيه وهو ماش أو عائم أو عجز عن الخروج ا ه زيادي وفي المصباح غطس في الماء غطسا من باب ضرب ويتعدى بالتشديد قوله كيلا يبطل تتابع اعتكافه هذه العلة خاصة بما إذا كان الحدث الأكبر المذكور لا يقطع التتابع أما الحدث الذي يقطعه فلا خفاء في وجوب المبادرة فيه أيضا ولكن للتخلص من المكث المحرم ا ه عميرة ا ه سم قوله وإن لم يقطع الاعتكاف الواو للحال لأن الغرض أن ما عدا الإغماء من الثلاثة يقطع لكن في الكلام مضاف أي وإن لم يقطع تتابع الاعتكاف وإلا فقد علمت أنه يقطع الاعتكاف نفسه وقوله كجنون بقي للكاف بقية أنواع الحدث الأكبر ولا يقال هي داخلة في نحو الحيض لأنا نقول مراده بنحو الحيض النفاس ا ه شيخنا قوله ولا يضر تزين إلخ لما كان في الاعتكاف كف للنفس عن الشهوات كالصوم كما سيأتي فربما يتوهم أنه يضر الترفه فدفعه بقوله ولا يضر تزين إلخ ا ه شيخنا وعبارة شرح م ر ولا يضر في(4/498)
الاعتكاف التطيب والتزين باغتسال وقص نحو شارب وتسريح شعر ولبس ثياب حسنة ونحو ذلك من دواعي الجماع لعدم ورود تركه عنه {صلى الله عليه وسلم} ولا الأمر به والأصل بقاء الإباحة وله التزوج والتزويج بخلاف المحرم ولا يكره للمعتكف الصنعة في المسجد كخياطة إلا إن كثرت ولم تكن كتابة علم ولو لغيره وله الأمر(4/499)
بإصلاح معاشه وتعهد ضياعه والأكل والشرب وغسل اليد والأولى الأكل في نحو سفرة والغسل في إناء حيث يبعد عن نظر الناس ومحل ذلك حيث لم يزر به ذلك وإلا حرم كالحرفة فيه حينئذ وتكره المعاوضة فيه بلا حاجة وإن قلت ويحرم نضحه بماء مستعمل بخلاف الوضوء فيه و إسقاط مائه في أرضه فقد فرق الزركشي وغيره بأن التوضؤ وغسل اليد يحتاج إليهما ومن ثم نقل ابن المنذر الإجماع على جواز الوضوء فيه بخلاف النضح فإنه يفعل قصدا من غير حاجة والشيء يغتفر فيه ضمنا ما لا يغتفر قصدا وبأن ماء الوضوء بعضه غير مستعمل وماء غسل اليد غير مستعمل بخلاف ماء النضح وما تقرر في النضح من الحرمة هو ما جرى عليه البغوي واختار في المجموع الجواز وجزم به ابن المقري وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ويمكن حمل الأول على ما لو أدى إلى استقذاره بذلك والثاني على خلافه ويجوز أن يحتجم أو يفتصد فيه في إناء مع الكراهة كما في المجموع وفي الروضة أنه خلاف الأولى وملحق بهما سائر الدماء الخارجة من الآدمي كالاستحاضة للحاجة فإن لوثه أو بال أو تغوط ولو في إناء حرم ولو على نحو سلس لأن البول أفحش من الدم إذ لا يعفى عن شيء منه بحال ويحرم أيضا إدخال نجاسة فيه من غير حاجة فإن كانت فلا بدليل جواز إدخال النعل المتنجسة فيه مع أمن التلويث والأولى بالمعتكف الاشتغال بالعبادة كعلم ومجالسة أهله وقراءة وسماع نحو الأحاديث والرقائق أي حكايات الصالحين والمغازي التي هي غير موضوعة ويحتملها أفهام العامة أما قصص الأنبياء وحكاياتهم الموضوعة وفتوح الشام ونحوها المنسوب للواقدي فتحرم قراءتها والاستماع لها وإن لم تكن في المسجد انتهت وقوله حيث يبعد عن نظر الناس قضيته أن هذا قيد لما قبله ويصرح به عبارة الروض وشرحه حيث قال والأولى أن يأكل في سفرة أو نحوها وأن يغسل يده في طست ونحوه ليكون أنظف للمسجد وأصون قال الماوردي وأن يغسلها حيث يبعد عن نظر الناس وقوله بلا حاجة وإن قلت وليس(4/500)
منها ما جرت به العادة من أن من بينهم تشاجر أو معاملة ويريدون الحساب فيدخلون المسجد لفصل الأمر فيه فإن ذلك مكروه ومحل ذلك إذا لم يترتب عليه تشويش على من في المسجد ككونه وقت صلاة وإلا فيحرم وقوله فإن كانت فلا بدليل إلخ ومنها قرب الطريق لمن بيته بجوار المسجد فلا يحرم عليه دخوله حاملا للنجس بقصد المرور من المسجد حيث أمن التلويث وكذا لو احتاج لإدخال الجمرة المتخذة من النجاسة عند الاحتياج إليه ا ه ع ش عليه قوله وترجيل شعر أي تسريحه وحينئذ فهل يجوز طرح الشعر في المسجد كما يجوز إدخال الميت فيه أو لا تردد فيه الزركشي والذي يتجه أنه حيث كان فيه تقدير له حرم وإلا فلا لكن ينبغي كراهته خروجا من الخلاف في نجاسته وسيأتي عن ابن كج أنه لو كان برأسه وسخ وأراد حلقه خرج إلى منزله وإن بعد لأنه نهي عن حلق الرأس في المسجد ولعله محمول على ما إذا فعله بغير حائل ا ه إيعاب ا ه شوبري قوله هو فيه صائم بأن قال أن أعتكف يوما وأنا فيه صائم أو أنا فيه صائم بلا واو ا ه حج ثم فرق بين الحال إذا كانت جملة وبينها إذا كانت مفردة بكلام حسن وعبارته تنبيه ما ذكر في وأنا صائم هو ما جرى عليه غير واحد ولا يشكل عليه ما مر في صائما وإن كان الحال مفادها واحد مفردة أو جملة لما بينته في شرح الإرشاد أن المفردة غير مستقلة فدلت على التزام إنشاء صوم بخلاف الجملة وأيضا فتلك قيد للاعتكاف فدلت على إنشاء صوم بقيده وهذه قيد لليوم الظرف لا للاعتكاف المظروف فيه وتقييد اليوم يصدق بإيقاع اعتكاف فيه وهو مصوم عن رمضان ا ه بحروفه ا ه ع ش على م ر قوله لزمه الاعتكاف يوم صومه أي دون الصوم بدليل صحة الاعتكاف إذا كان الصوم عن رمضان قوله أم غيره أي ولو نفلا لكن يشترط أن ينوي قبل الفجر أو معه ا ه حلبي وعبارة البرماوي ويلزمه اعتكاف يوم كامل وهو صائم من أوله فلو اعتكف من أوله ونوى الصوم في أثنائه لم يكف انتهت قوله وليس له إفراد أحدهما المراد(4/501)
بالأحد الاعتكاف فقط فكان الأولى أن يقول وليس له إفراد الاعتكاف عن الصوم وعبارة الرشيدي قوله وليس له إفراد أحدهما الأنسب وليس له إفراد أي الاعتكاف عن الصوم لأنه هو الملتزم انتهت قوله أو أن يصوم معتكفا أي أو باعتكاف ا ه(4/502)
برماوي قوله أي الاعتكاف والصوم أي إذا كان الصوم نفلا ولا يكفي عنه الواجب وبهذا فارقت هذه بقسميها التي قبلها ا ه ع ش وعبارة شرح م ر وبحث الإسنوي الاكتفاء باعتكاف لحظة من اليوم فيما ذكر ونحوه ولا يجب استيعابه وهو كما قال وإن كان كلامهم قد يوهم خلافه لأن اللفظ يصدق على القليل والكثير نعم يسن استيعابه خروجا من خلاف من جعل الصوم شرطا لصحة الاعتكاف انتهت قوله لأن الحال إلخ أي مع أن الصوم من نوع المأمور به ا ه ح ل وهذا التعليل لا ينتج لزومهما وإنما ينتج وجوب جمعهما كما لا يخفى فلذلك قال الرشيدي الأولى تأخير هذا عن قوله وجمعهما ولا يغني قوله وجمعهما عن قوله لزماه لأنه لا يفيد لزومهما ا ه شيخنا قوله أيضا لأن الحال قيد في عاملها إلخ غرضه الفرق بين الصورة الأولى وهي قوله ولو نذر إلخ كأن يقول لله علي اعتكاف يوم أنا فيه صائم وبين الصورة الثانية وهي قوله أو أن يعتكف إلخ كأن يقول لله علي اعتكاف يوم صائما من حيث إنه في الأولى يلزمه الاعتكاف في يوم هو فيه صائم دون الصوم فلا يلزمه وفي الثانية يلزمه معا ففرق الشارح بينهما بقوله لأن الحال قيد في عاملها أي في الصورة الثانية وقوله بخلاف الصفة إلخ أي في الصورة الأولى ولو كانت الصفة مقترنة بحرف العطف على قول بعض النحاة ولكن يتأمل قوله ومبينة لهيئة صاحبها فإن الصفة كذلك مبينة لهيئة موصوفها ا ه شيخنا إلا أن يقال العلة مجموع الأمرين أو القصد منها التخصيص والضابط أنه إذا نذر عبادة وجعل عبادة أخرى وصفا لها فإن كان بينهما مناسبة كالاعتكاف والصوم فإن كلا منهما كف وجب جمعهما وإلا كالاعتكاف والصلاة فإن الصلاة فعل والاعتكاف كف فلا يجب جمعهما ا ه شوبري قوله أن يعتكف مصليا أي أو بصلاة أخذا مما مر فقولهم أو محرما تمثيل ومثله ما لو نذر أن يصوم مصليا أو عكسه ولو نذر اعتكاف أيام مصليا لزمه لكل يوم ركعتان سلوكا بالنذر مسلك واجب الشرع إذ الصلاة لا تستوعب الأيام ا(4/503)
ه برماوي قوله أو عكسه أي حيث لا يلزم جمعهما أي وإن كان يلزم كل واحد على حدته ا ه شيخنا وينبغي الاكتفاء هنا باعتكاف لحظة على قياس ما سبق ا ه سم قوله ولو نذر القران إلخ لما كان الحج والعمرة متناسبين وقد قلتم إن المتناسبين إذا نذر القران بينهما وجب كان يتوهم وجوب القران هنا فدفعه بقوله ولو نذر القران إلخ ا ه شيخنا وعبارة ع ش قوله ولو نذر القران إلخ ذكر هذا دفعا لما يتوهم من وجوب الجمع بين الاعتكاف والصوم أنه يجب الجمع بين الحج والعمرة إذا نذر القران بينهما لاشتراكهما في أن كلا منهما نسك انتهت قوله فله تفريقهما أي ولا يلزمه دم ا ه ع ش فصل في الاعتكاف المنذور قوله وقضاء في المعينة إنما قيد به لأن غيرها يستحيل تصور قضائه ا ه شوبري وعبارة أصله مع شرح م ر والأصح أنه لو عين مدة كأسبوع عينه كهذا الأسبوع أو هذه السنة وتعرض للتتابع فيها لفظا وفاتته لزمه التتابع في القضاء لالتزامه إياه والثاني لا يلزمه لوقوع التتابع ضرورة فلا أثر لتصريحه به فإن لم يعين الأسبوع لم يتصور فيه فوات لأنه على التراخي فإن لم يتعرض له أي التتابع لم يلزمه في القضاء قطعا لوقوع التتابع فيه غير مقصود وإنما هو من ضرورة تعيين الوقت فأشبه التتابع في شهر رمضان انتهت قوله إلا في أداء المعينة كقوله لله علي أن أعتكف شهر رجب ولم يتعرض للتتابع ومقتضى قولهم إنه يلزمه التتابع حينئذ أنه لو خرج بلا عذر يوما منه مثلا لزمه استئناف شهر آخر وانظر هل الحكم كذلك أم لا حرر ا ه شيخنا قوله وإن نواه لا يلزمه إلخ هذا محترز التقييد بقوله لفظا الذي ذكره في التعليل هذا ولو ذكره في المدعي لكان أولى بأن يقول وشرط تتابعها لفظا كما صنع م ر في شرحه قوله أيضا وإن نواه لا يلزمه أي لأن مطلق الزمن كأسبوع أو عشرة أيام صادق بالمتفرق أيضا وإنما تعين التوالي في لا أكلمه شهرا لأن القصد من اليمين الهجر ولا يتحقق بدون التتابع ا ه حج قوله أيضا وإن نواه لا(4/504)
يلزمه وفارق ما لو نذر اعتكاف أيام كثلاثة مثلا حيث تدخل الليالي إن نواها وكذا العكس بأن نذر اعتكاف ثلاث ليال مثلا حيث تدخل الأيام إن نواها بأن(4/505)
المنوي من جنس المنذور بخلاف ما نحن فيه فإن التتابع ليس من جنس المدة ا ه شيخنا ح ف وزي قوله خرج عن العهدة بالتتابع لأنه أفضل وفارق ما لو نذر صوما متفرقا حيث لا يخرج عن العهدة بالمتوالي كعكسه بأن الشارع اعتبر في الصوم التفريق مرة والتتابع أخرى بخلاف الاعتكاف لم يطلب فيه التفريق أصلا ا ه شرح م ر وعبارة البرماوي وفارق عدم إجزاء التتابع فيما لو نذر صوم عشرة أيام متفرقة فصامها متوالية حيث يحسب له منها خمسة فقط لوجوب وجود الفطر في خلالها بخلافه هنا وفارق أيضا عدم إجزاء المتوالية في العشرة أيام للمتمتع في الحج بالنص على تفريقها وبأنه في أدائها تخللها فطر وجوبا في أيام التشريق أيضا انتهت قوله أو يوما لم يجز تفريقه أي بل يلزمه الدخول قبل الفجر بحيث تقارن النية أول الفجر ويخرج منه بعد الغروب أي عقبه وقوله لأن المفهوم من لفظ اليوم المتصل فقد قال الخليل إن اليوم اسم لما بين طلوع الفجر وغروب الشمس ا ه شرح م ر وقوله نعم لو دخل إلخ أي دخل في الاعتكاف بالنية بأن نوى وقت الزوال مثلا وصنيعه يقتضي التعويل على وقت النية والظاهر أن التعويل على وقت النذر فكان عليه أن يقول ولو نذر اعتكاف يوم في أثناء النهار إلخ وقوله واستمر إلخ ظاهره أنه لو مكث للغروب ثم خرج الليل ثم عاد وقت الفجر وكمل من اليوم الثاني ما فاته من الأول لم يجزه وهو كذلك وصرح به حج حيث قال ولم يخرج ليلا ا ه وقوله فعن الأكثرين الإجزاء هذا هو المعتمد وعبارة شرح م ر ولو دخل المسجد في أثنائه ومكث إلى مثله من الغد مع الليلة المتخللة أجزأ عند الأكثرين لحصول التتابع بالبيتوتة في المسجد وهذا هو المعتمد وإن ذهب أبو إسحاق إلى عدم إجزائه وقال الشيخان إنه الوجه لأنه لم يأت بيوم متواصل الساعات والليلة ليست من اليوم ولو نذر يوما أوله من الزوال مثلا امتنع عليه الخروج ليلا باتفاق الأصحاب انتهت قوله لأن المفهوم إلخ يشعر بأن الكلام حيث أطلق أما لو(4/506)
أراد قدر اليوم فإنه يكفيه قدره ولو من أيام لأن غايته أنه استعمل اليوم في ساعات متساوية مجازا أو قدر مضافا في الكلام وكلاهما لا مانع منه ا ه ع ش على م ر ملخصا قوله واستمر إلى مثله أي فلا بد من اعتكاف الليل وقوله فعن الأكثرين الإجزاء معتمد ووجوب اعتكاف الليل للضرورة وينبغي أن يثاب على ذلك ثواب اليوم ا ه ح ل قوله وعن أبي إسحاق أي المروزي لا الشيرازي وهو أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي الإمام الجليل أخذ عن ابن سريج وغيره المتوفى بمصر لتسع خلون من رجب سنة أربعين وثلثمائة ودفن قريبا من الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه ا ه برماوي قوله ولو شرط مع تتابع خروجا إلخ الظاهر أن شرط الخروج بالنية من غير لفظ يتخرج على نية التتابع من غير لفظ ا ه سم وتقدم أنها لا تؤثر قوله خروجا لعارض خرج ما لو شرط قطع الاعتكاف للعارض فإنه وإن صح لا يجب عليه العود عند زوال العارض بخلاف ما لو شرط الخروج للعارض فيجب عوده ا ه شرح م ر قوله لعارض أي ديني أو دنيوي ولو نذر نحو صلاة أو صوم أو حج وشرط الخروج لعارض فكما تقرر قاله بعض مشايخنا ا ه برماوي وفي ع ش على م ر ما نصه ولو نذر نحو صلاة أو صوم أو حج وشرط الخروج لعارض فكما تقرر كذا بهامش وعليه فلو نوى الصلاة بعد النذر جاز أن يقول في نيته وأخرج منها إن عرض لي كذا لأنه وإن لم يصرح به نيته محمولة عليه فمتى عرض له ما استثناه جاز له الخروج وإن كان في تشهد الصلاة وجاز له الخروج من الصوم وإن كان قريب الغروب فليراجع ا ه وفي ق ل على الجلال تنبيه يصح شرط هذا العارض في الصلاة والصوم والصدقة ونحوها نحو لله علي صوم كذا إلا إن حصل شغل كذا أو عطش أو جوع ومنه نذر التصدق بماله إلا إن احتاج إليه في عمره وإذا مات لزم الوارث التصدق بجميعه على المعتمد قوله مباح أي جائز ولو عبر به كان أولى إذ لا يصح التمثيل للمباح بالعبادة لأنه ضد المندوب والواجب المرادين هنا بخلاف الجائز فإنه جنس(4/507)
لهما كما هو مقرر في محله ويظهر أن شرط الخروج للمكروه صحيح لأنهم لم يحترزوا إلا عن المحرم وعللوه بأن شرطه يخالف مقتضاه فأفهم أن المكروه ليس مثله ا ه إيعاب ا ه شوبري قوله كلقاء سلطان(4/508)
أي لحاجة اقتضت خروجه للقائد لا مجرد التفرج عليه ا ه ع ش وعبارة ق ل على الجلال لا لنحو تفرج عليه بل لنحو سلام أو منصب ا ه قوله فيجب بحسب ما التزم فلو عين نوعا من العارض أو فردا كعيادة المرضى أو زيد خرج له دون غيره فلو أطلق العارض أو الشغل خرج لكل مهم ديني كالجمعة أو دنيوي مباح كلقاء الأمير ا ه شرح م ر قوله كتنزه يوجه بأنه لا يسمى غرضا مقصودا عرفا في مثل ذلك فلا ينافي ما مر في السفر أنه غرض مقصود ا ه شرح حج أي غرض للعدول عن أقصر الطريقين إلى أطولهما ا ه شيخنا قال الجوهري التنزه لغة التباعد عن نحو المياه كالأوساخ والأدناس قال ابن السكيت ثم غلب في عرف العامة على الذهاب إلى ما يحصل للنفس منه انبساط كالذهاب إلى الرياض للتفرج على البساتين ونحوها ا ه برماوي قوله بل لا ينعقد نذره أي في الصور الأربع وهذا ما اعتمده م ر في شرحه فلا يعول على ما نقله الشوبري عنه في بعض الصور وعبارته قوله بل لا ينعقد نذره يجب حمله على الأخير وربما يلحق به الأول كما يؤخذ من شرح السبكي وأخرج منه م ر بحثا مسألة غير المقصود فينعقد ا ه سم ثم رأيت في الروض وشرحه التصريح بعدم الانعقاد في الجماع والسرقة ونحو شرب الخمر والغسل وأنه ينعقد في الأولى وفي شرح الخطيب نحوه فليحرر ذلك مع النقل ا ه وقرر شيخنا ح ف عدم الانعقاد في الجميع قوله نعم إن كان المنافي إلخ استدراك على قوله فإنه لا يصح الشرط من حيث رجوعه للمنافي قوله وتكون فائدة الشرط إلخ جواب عما يقال إنه يلزمه التدارك حينئذ فيكون الشرط لاغيا ومحصل الجواب أنه لولا الشرط لوجب عليه الاستئناف ومع الشرط لا يجب قوله فإن لم يعينها إلخ الفرق بينهما أن التتابع لما كان من ضروريات التعيين لم يجز صرف الاستثناء إلى إفادته فما يصرف إلى إخراج زمن المستثنى الملتزم إن لم يعين الزمن لم يكن التتابع من ضروراته فيحمل الاستثناء على إفادة نفي قطع التتابع دون نقص الزمن عميرة ا ه سم قوله(4/509)
فإن عين زمنا وفاته كفى أي إن كان ما أتى به قدره أو أزيد وإلا فلا ا ه ز ي وهذا إن كان ما أتى به من غير الجنس كليلة عن يوم وعكسه فإن كان من الجنس كيوم عن يوم أو ليلة عن ليلة كفى مطلقا كالصوم ا ه زيادي وعبارة ح ل قوله كفى أي إن كان ما أتى به قدره أو أزيد وإلا فلا بخلاف النهار فلا يجزيه القصير عن الطويل انتهت وعبارة شرح م ر ولو نذر اعتكاف يوم معين ففاته فقضاه ليلا أجزأه بخلاف اليوم المطلق لتمكنه من الوفاء بنذره على صفته الملتزمة ولا كذلك المعين كنظيره في الصلاة في القسمين حكاه في المجموع عن المتولي وأقره ويؤخذ من تعليله فيه أن محل ذلك إذا ساوت الليلة اليوم وإلا لم يكفه انتهت وقوله وإلا لم يكفه أي بأن كانت الليلة أقصر أي فيكمل عليها من النهار كما في حاشية الشيخ وانظر لو كانت أطول هل يكتفي بمقدار اليوم منها أو لا بد من استيعابها ا ه رشيدي ولو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد فقدم ليلا لم يلزمه لعدم وجود الصفة ويسن كما في نظيره من الصوم قضاء اعتكاف يوم شكرا كما أفاده الشيخ فإن قدم نهارا أجزأه ما بقي منه ولا يلزمه قضاء ما مضى منه إذ الواجب إنما ثبت من وقت قدومه وفارق الصوم بصحة تبعيض ما هنا بخلاف ما ذكر نعم يسن قضاء يوم كامل كما جزم به ابن المقري تبعا للمجموع عن المزني في موضع وهو المعتمد وإن صحح في موضع آخر منه لزوم قضائه وهو مقتضى كلام أصل الروضة في باب النذر ومحل ما ذكر إن قدم حيا مختارا فلو قدم به ميتا أو مكروها لم يلزمه شيء كما قاله الصيمري لأنه علق الحكم على القدوم وفعل المكره غير معتبر هنا شرعا ولو نذر اعتكاف العشر الأخير دخلت لياليه حتى أول ليلة منه ويجزيه وإن نقص الشهر لوقوع الاسم على ما بعد العشرين إلى انتهاء الشهر بخلاف ما لو نذر عشرة أيام من آخره وكان ناقصا لا يجزيه لتجريد قصده لها فعليه اعتكاف يوم بعده ويسن له في هذه اعتكاف يوم قبل العشر لاحتمال نقصان الشهر فيكون ذلك اليوم(4/510)
داخلا في نذره إذ هو أول العشرة من آخره فلو فعل ذلك ثم بان النقص أجزأه عن قضاء يوم كما قطع به البغوي وقال في المجموع يحتمل أن يكون فيه الخلاف فيمن تيقن طهرا وشك في ضده فتوضأ محتاطا فبان محدثا أي فلا يجزيه ا ه شرح م ر قوله وينقطع التتابع إلخ(4/511)
ويلزم من قطعه قطع الاعتكاف المشروط هو فيه وأما الخالي عن شرطه فيه فقد انقضى بخروجه ا ه شيخنا والأولى أن يقال يجيء فيه ما تقدم من التفصيل بين المطلق والمقيد بمدة وبين عزم العود وعدمه قوله زيادة على ما مر أي في قوله وينقطع الاعتكاف كتتابعه بردة إلخ ا ه برماوي قوله بخروجه من المسجد أي حيث كان عامدا عالما بالتحريم مختارا ا ه برماوي قوله لم يعتمد عليها أي فقط فإن اعتمد عليها ضر وإن اعتمد عليهما لم يضر لعدم صدق الخروج عليه وقياسا على ما لو حلف لا يدخل هذه الدار فأدخل إحدى رجليه واعتمد عليهما من أنه لا يحنث وكذا لو دخل المسجد بإحدى رجليه واعتمد عليهما ونوى الاعتكاف لم يجز عملا بالأصل فيهما ا ه شرح م ر قوله لا لتبرز أي قضاء حاجة ولا يشترط شدتها ا ه حج ومثل التبرز الريح فيما يظهر إذ لا بد منه وإن كثر خروجه لذلك العارض نظرا إلى جنسه ولا يشترط أن يصل إلى حد الضرورة ا ه شرح م ر ا ه شوبري وهذا أي قوله لا لتبرز بيان لمفهوم النفي فكأنه قال أما بعذر فلا ينقطع كتبرز إلخ تأمل قوله ولو بدار له أي سواء كان بدار له أم غيرها كسقاية المسجد وفضاء قوله كسقاية المسجد أي المكان المعد لقضاء الحاجة ا ه شوبري قوله ودار صديقه يحتمل أن يكون مثلها دار أصوله وفروعه وزوجته وعتقائه ويحتمل خلافه ويحتمل التفصيل ا ه برماوي قوله للمشقة في الأول المشقة من حيث عدم اللياقة به الذي هو فرض المسألة كما نبه عليه المتن بقوله ولم يجد بطريقة لائقا قوله أيضا للمشقة في الأول أي وخرم المروءة ويؤخذ منه أن كل من لا تختل مروءته بالسقاية ولا يشق عليه يكلفها إن كانت أقرب من داره وبه صرح القاضي والمتولي ا ه شرح م ر قوله لاغتنائه بالأقرب بالغين المعجمة ا ه شوبري أي استغنائه قوله على سجيته المعهودة فإن تأتى أكثر من ذلك بطل تتابعه كما في زيادة الروضة ا ه شرح م ر قوله فله أن يتوضأ أي ولو مندوبا لأنه يقع تابعا ا ه شرح م ر ا ه شوبري(4/512)
قوله بخلاف ما لو خرج له أي الوضوء قوله مع إمكانه في المسجد فإن لم يمكن فيه فله الخروج قطعا والكلام في الوضوء الواجب وأما المندوب فلا يجوز له الخروج قطعا وإن لم يتمكن منه في المسجد وفي شرح الروض جواز الخروج لوضوء غسل نحو الاحتلام ا ه برماوي قوله بأن يذهب أكثر الوقت أي أزيد من نصفه وهذا الضابط هو المعتمد ا ه شيخنا والمراد الوقت المنذور لكن مع اعتبار كل يوم على حدته ا ه ح ل أي يعتبر أكثر كل يوم بيومه كأن يمضي ثلثاه والذي قاله حج وع ش وزي واج واعتمده شيخنا ح ف أن المعتبر أكثر الوقت المنذور من غير نظر لكل يوم بيومه وذلك لا يعرف إلا بمعنى المدة بتمامها فإذا كانت المدة المنذورة شهرا وكان يخرج كل يوم للتبرز في داره فلما مضت المدة وجمعت الأزمنة التي كان يخرج فيها كل يوم للتبرز فوجدت ستة عشر فأكثر كان هذا فاحشا وإن كانت خمسة عشر فأقل كان هذا غير فاحش فلا يضر ا ه شيخنا ح ف قوله أو عاد مريضا عطف على مدخول الغاية في قوله ولو بدار له أي ولو عاد مريضا قرره شيخنا عن مشايخه ا ه شوبري ويشير له قول الشارح بطريقة للتبرز وصنيعه يقتضي أن الخروج ابتداء لعيادة المريض يقطع التتابع ومثله الخروج لصلاة الجنازة قاله ابن شرف على التحرير ولو صلى في طريقه على جنازة فإن لم ينتظرها ولم يعدل عن طريقه جاز وإلا فلا ا ه شرح م ر وهل له تكرير هذه كالعيادة على موصي موتى أو مرضى مر بهم في طريقه بالشرطين المذكورين أخذا من جعلهم قدر صلاة الجنازة معفوا عنه لكل غرض فيمن خرج لقضاء الحاجة أو لا يفعل إلا واحدا لأنهم عللوا فعله لنحو صلاة الجنازة بأنه يسير ووقع تابعا لا مقصودا كل محتمل وكذا يقال في الجمع بين نحو العيادة وصلاة الجنازة وزيارة القادم والذي يتجه أن له ذلك ومعنى التعليل المذكور أن كلا على حدته تابع وزمنه يسير فلا نظر لضمه إلى غيره لطول الزمن ا ه شرح حج بالحرف وقرره شيخنا ح ف قوله أيضا أو عاد مريضا وهل عيادة(4/513)
المريض له أفضل أو تركها أو هما سواء وجوه أرجحها أولها ا ه شرح م ر قوله ولم يطل وقوفه بأن لم يقف أصلا أو وقف يسيرا كأن اقتصر على السلام والسؤال ا ه شرح م ر(4/514)
قوله فإن طال أي وقوفه بأن زاد على أقل مجز في صلاة الجنازة لأن أقل مجز فيها محتمل لجميع الأغراض ا ه ح ل قوله أو عدل بأن يدخل منعطفا غير نافذ لاحتياجه إلى العود منه إلى طريقه فإن كان نافذا لم يضر ا ه برماوي قوله ولا لمرض معطوف على قوله لا لتبرز وكذا ما بعده فحاصل الأمثلة التي ذكرها للعذر أربعة ثم أجمل أعذارا أخر فقال أو لنحوها قوله ولو جنونا فيه تصريح بأن الجنون من المرض ولينظر مع قولهم يجوز الإغماء على الأنبياء لأنه من المرض بخلاف الجنون قوله كإسهال في كلام شيخنا أنه لا يصح اعتكاف من به إسهال أو إدرار بول وعليه فيتعين أن تكون الكاف للتنظير ا ه ح ل لكن كلامه أي م ر في الشرح كالشارح حرفا بحرف قوله وإدرار بول أي تتابعه قوله أو لنسيان لاعتكافه وكذا لتتابعه ا ه برماوي قوله أو لأذان راتب العلية المفهومة من اللام قيد فالقيود خمسة ومفهومها لا يكون الخروج فيها عذرا إلا مفهوم الرابع فيكون عذرا بالأولى كما يأتي في كلامه تأمل وبعبارة أخرى القيود الخمسة الأول اللام والثاني قوله راتب والثالث قوله للمسجد والرابع قوله منفصلة والخامس قوله قريبة فذكر مفهوم الثاني بقوله بخلاف خروج غير الراتب له ومفهوم الأول بقوله وخروج الراتب لغيره ومفهوم الثالث بقوله أوله لكن إلخ ومفهوم الخامس بقوله أوله لكن بعيدة عنه ومفهوم الرابع بقوله أما المتصلة به إلخ هذا هو اللائق بصنيع الشارح تأمل قوله أيضا أو لأذان مؤذن أي ولا بخروجه أي المعتكف لأذان مؤذن مع أن المعتكف هو المؤذن فلا معنى لخروج المعتكف الذي هو المؤذن أي الذي يريد الأذان لأذان المؤذن فلعل الأولى أن يقول ولا لأذانه راتبا تأمل وعبارة المنهاج ولا بخروج المؤذن الراتب إلى منارة إلخ انتهت فكلام الشارح يقتضي أن يقرأ المتن بالإضافة وقد علمت ما فيه فكان الأولى للشارح أن لا يقدر ذلك ويقرأ المتن بالتنوين ا ه قوله أيضا أو لأذان راتب أي ولو كان الراتب متبرعا(4/515)
بالأذان ويلحق بالأذان ما اعتيد الآن من التسبيح أواخر الليل ومن طلوع الأولى والثانية يوم الجمعة لأنه لما اعتيد ذلك خصوصا مع الفهم صوته نزل منزلة الأذان ومثل الراتب نائبه للأذان ولو لغير عذر خلافا ل سم إذ النائب كالأصل فيما طلب منه ا ه ع ش قوله إلى منارة في المختار المنارة التي يؤذن عليها والمنارة أيضا ما يوضع فوقها السراج وهي مفعلة من الاستنارة بفتح الميم والجمع المناور بالواو لأنه من النور ومن قال منائر بالهمزة فقد شبه الأصلي بالزائد كما قالوا مصائب وأصله مصاوب ا ه وقوله للمسجد إضافة المنارة للمسجد للاختصاص وإن لم تبن له كأن خرب مسجد وبقيت منارته فجدد مسجد قريب منها واعتيد الأذان عليها فحكمها حكم المبنية له فمن صورها بكونها له جرى على الغالب فلا مفهوم له ا ه شرح م ر فيكون قول الشارح في التعليل لأنها مبينة له جريا على الغالب تأمل قوله منفصلة عنه ليس بقيد في الحكم بدليل قول الشارح أما المتصلة إلخ ا ه شيخنا وضابط المنفصلة أن لا يكون بابها فيه ولا في رحبته المتصلة به ا ه شرح م ر قوله وقد ألف الواو للحال وهذا بيان لحاله في الواقع بحسب الشأن والغالب فليس للاحتراز حتى لو لم يؤلف صعودها أو لم يؤلف صوته كان الخروج عذرا ا ه شيخنا قوله أوله لكن بعيدة عنه والمراد بالبعيدة والقريبة عرفا كما جرى عليه شيخنا م ر في شرحه ا ه شوبري قوله بأن يكون بابها فيه قال حج وبما تقرر في المنارة فارقت الخلوة الخارجة عن المسجد التي بابها فيه فينقطع بدخولها قطعا ا ه ع ش على م ر قوله أو لنحوها أي نحو الأربعة المذكورة قوله كأكل أي لأنه يستحيي منه في المسجد وإن أمكنه الأكل فيه بخلاف الشرب كما مر إذا وجد الماء فيه ويؤخذ من العلة كما أفاده الأذرعي أن الكلام في مسجد مطروق بخلاف المختص والمهجور الذي يندر طارقوه فلو خرج للشرب مع تمكنه منه فيه انقطع تتابعه ا ه شرح م ر قوله وشهادة تعينت أي تحملا وأداء وعبارة الروض(4/516)
وشرحه ولو خرج لأداء شهادة تعين تحملها وأداؤها لم ينقطع لاضطراره إلى الخروج وإلى سببه بخلاف ما إذا لم يتعين عليه أحدهما أو تعين أحدهما دون الآخر لأنه إذا لم يتعين عليه الأداء فهو مستغن عن الخروج وإلا فتحمله لها إنما يكون للأداء فهو(4/517)
باختياره وظاهر أن محل هذا إذا تحمل بعد الشروع في الاعتكاف وإلا فلا ينقطع التتابع كما لو نذر صوم الدهر ففوته لصوم كفارة لزمته قبل النذر لا يلزمه القضاء انتهت ومثلها عبارة شرح م ر قوله وإكراه بغير حق ومثل ذلك الجاهل الذي يخفى عليه ما ذكر ا ه شرح م ر وظاهره أنه لا فرق فيه بين كونه قريب عهد بالإسلام أم لا نشأ ببادية بعيدة عن العلماء أم لا وهو ظاهر ا ه ع ش عليه وكالإكراه ما لو حمل وأخرج بغير أمره وإن أمكنه التخلص على ما اقتضاه إطلاقهم ويحتمل تقييده بما إذا لم يمكنه ذلك ولعله الأقرب فإن أخرج مكرها بحق كالزوجة والعبد يعتكفان بلا إذن أو أخرجه الحاكم لحق لزمه أو خرج خوف غريم له وهو غني مماطل أو معسر وله بينة أي وثم حاكم يقبلها كما هو ظاهر انقطع تتابعه لتقصيره ا ه شرح م ر قوله و حد ثبت ببينة فإن ثبت بإقراره انقطع التتابع ومحل ما تقرر إذا أتى بموجب الحد قبل الاعتكاف فإن أتى به حال الاعتكاف كما لو قذف مثلا فإنه ينقطع التتابع ولا يقطعه خروج امرأة لأجل قضاء عدة حياة أو وفاة وإن كانت مختارة للنكاح لأنه لا يقصد للعدة بخلاف التحمل كما مر ما لم يكن بسببها كأن طلقت نفسها بتفويض ذلك لها أو علق الطلاق بمشيئتها فشاءت وهي معتكفة فإنه ينقطع لاختيارها الخروج فإن أذن لها الزوج في الاعتكاف مدة متتابعة ثم طلقها فيها أو مات قبل انقضائها فيه فقطع التتابع بخروجها قبل مضي المدة التي قدرها لها زوجها إذ لا يجب عليها الخروج قبل انقضائها في هذه الصورة وكذا لو اعتكفت بغير إذنه ثم طلقها وأذن لها في إتمام اعتكافها فينقطع التتابع بخروجها ا ه شرح م ر قوله وهذا أي قوله أو لنحوها من زيادتي واعتمد مقتضاها العلامة م ر ومما يقطع التتابع الخروج لمباشرة وظيفة أو صلاة جمعة وإن وجب وظاهر كلامهم عدم كراهة إفراد نحو جمعة به واختصاص ليلتها به ا ه برماوي قوله بشرطها السابق وهو المبادرة بالطهر ا ه ع ش قوله وغسل جنابة انظره مع(4/518)
قوله فيما قبله وجنابة فليتأمل ا ه شوبري والظاهر أن بينهما فرقا إذ ذاك في زمن الجنابة قبل اشتغاله بالغسل وهذا في زمن الاشتغال به وفرق بينهما قوله ولأنه معتكف فيه أي حكما بمعنى أنه يضر فيه ما يضر في الاعتكاف أي يبطله ما يبطل الاعتكاف وإلا فهو لا ثواب له ا ه ح ل قوله وتقدم أن الزمن المصروف إلخ مراده أن هذا يضم إلى المستثنى في عدم وجوب القضاء
كتاب الحج
أي بيان أحكامه وهو بفتح الحاء وكسرها لغتان قرئ بهما في السبع المشهور الأول وكذا الحجة لكن المسموع فيها الكسر والقياس الفتح وهما مصدران وقيل الأول مصدر والثاني اسم وفي شرح مسلم أنه بالفتح المصدر وبالفتح والكسر الاسم منه قال بعضهم وفي كونه بالفتح اسم مصدر نظر قال ابن العماد في كشف الأسرار وحكمة تركبه من الحاء والجيم الإشارة إلى أن الحاء من الحلم والجيم من الجرم فكأن العبد يقول يا رب جئتك بجرمي أي ذنبي لتغفره بحلمك وهو من الشرائع القديمة إلا بهذه الكيفية فهو من خصائص هذه الأمة بل ورد أن ما من نبي إلا وحج البيت حتى عيسى فقد أخرج ابن عساكر عن أنس قال كنت أطوف مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إذ رأيته صافح شيئا ولا نراه فقلت له يا رسول الله رأيناك صافحت شيئا ولا نراه فقال ذاك أخي عيسى ابن مريم انتظرته حتى فرغ من طوافه فسلمت عليه واستثنى بعضهم هودا وصالحا لاشتغالهما بأمر قومهما ورد بما جاء في أحاديث كثيرة أن جميع الأنبياء والرسل حجوا البيت وروى الحسن البصري أنه {صلى الله عليه وسلم} قال إن قبر نوح وهود وشعيب وصالح فيما بين الركن والمقام وزمزم وقال بعضهم قبر فيه تسعة وتسعون نبيا منهم إسماعيل لكن أخذ بعضهم من ذاك كراهة الصلاة بين الركن والمقام وزمزم لأنه مقبرة ورد بأن مقبرة الأنبياء لا تكره الصلاة فيها لأنهم أحياء في قبورهم يصلون ويتعبدون فإن قلت الكراهة أو الحرمة لازمة من جهة أخرى وهي أن المصلي ثم يستعمل قبر نبي قلت شرط الحرمة أو الكراهة تحقق ذلك وهذا غير محقق هنا(4/519)
وروي أن آدم عليه الصلاة والسلام حج أربعين سنة من الهند ماشيا وأن جبريل قال له إن الملائكة كانوا يطوفون بهذا البيت قبلك سبعة آلاف سنة ولما فرغ إبراهيم عليه الصلاة والسلام من بنائه البيت أوحى الله تعالى إليه أن أذن في الناس بالحج فقال يا رب وما يبلغ صوتي فقال أذن وعلي البلاغ فنادى إبراهيم على المقام بأعلى صوته يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا فسمعه من في السماء ومن في الأرض حتى من في الأصلاب والأرحام فمن أجاب مرة حج مرة ومن أجاب مرتين حج مرتين ومن أجاب ثلاثا حج ثلاثا ومن أجاب أكثر من ذلك حج بعدده وفرض في السنة السادسة من الهجرة على الراجح وقيل في السنة الخامسة وجمع بينهما بأن الفرض وقع في السنة الخامسة والطلب إنما توجه في السادسة وقيل فرض في السنة الثامنة وقيل التاسعة وقيل قبل الهجرة وبعث {صلى الله عليه وسلم} أبا بكر رضي الله عنه أميرا على الحج سنة تسع فحج بالناس وتأخر معه مياسير الصحابة كعثمان وعبد الرحمن بن عوف من غير شغل بحرب ولا عدو حتى حجوا معه {صلى الله عليه وسلم} سنة عشر وهي حجة الوداع وحج واعتمر {صلى الله عليه وسلم} قبل النبوة وبعدها قبل الهجرة حججا وعمرا لا يعرف عددها لكن صح أنه حج قبل الهجرة حجتين وهو معلوم من الدين بالضرورة ويكفر جاحده إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة عن العلماء وهو أفضل العبادات لاشتماله على المال والبدن إلا الصلاة فهي أفضل منه خلافا للقاضي حسين واعلم أن الحج الصحيح أي المبرور والذي لم يخالطه ذنب من حين إحرامه إلى تحلله يكفر الصغائر اتفاقا والكبائر على الراجح حتى التبعات لكن إذا مات في أثنائه أو بعده وقبل التمكن من أدائها ويكفر الرفث والفسوق أما إذا عاش بعد ذلك فلا تسقط عنه فيجب عليه قضاء الصلوات وأداء الدين الذي عليه ونحو ذلك ا ه برماوي وفي حج ما نصه وحج {صلى الله عليه وسلم} قبل النبوة وبعدها وقبل الهجرة حججا لا يدرى عددها وتسميته هذه حججا إنما هو باعتبار الصورة إذ لم تكن على قوانين الحج(4/520)
الشرعي باعتبار ما كانوا يفعلونه من النسيء وغيره بل قيل في حجة أبي بكر في التاسعة ذلك لكن الوجه خلافه لأنه {صلى الله عليه وسلم} لا يأمر إلا بحج شرعي وكذا يقال في الثامنة التي أمر فيها عتاب بن أسيد أمير مكة وبعدها حجة الوداع لا غير ا ه وكتب عليه سم قوله وحج {صلى الله عليه وسلم} إلخ قضية صنيعه أن حجه عليه الصلاة والسلام بعد النبوة وقبل الهجرة لم يكن حجا شرعيا وهو مشكل جدا ا ه أقول وقد يقال لا إشكال فيه لأن فعله {صلى الله عليه وسلم} بعد النبوة قبل فرضه لم يكن شرعيا بهذا الوجه الذي استقر عليه الأمر فيحمل قول حج إذ لم يكن على قوانين الشرع إلخ على أنه لم يكن على قوانين الشرع بهذه الكيفية وأما فعله قبل المبعث فلا إشكال فيه لأنه لم يكن بوحي بل بإلهام من الله تعالى فلم يكن شرعيا بهذا المعنى لعدم وجود شرع إذ ذاك ولكنه كان مصونا كسائر أفعاله عن أفعال الجاهلية الباطلة وقوله في السنة السادسة يشكل عليه أيضا أن مكة إنما فتحت في السنة الثامنة فبعث {صلى الله عليه وسلم} أبا بكر ليحج بالناس في التاسعة وحج عليه الصلاة والسلام في العاشرة وقبل فتح مكة لم يكن المسلمون متمكنين من الحج إلا أن يجاب عنه بما أجاب به الشارح عن كلام الرافعي من أن الفريضة قد تنزل ويتأخر الإيجاب لكن في كلام ز ي ما يخالف هذا الجواب حيث قال جمعا بين الأقوال بأن الفرض وقع سنة خمس والطلب إنما توجه سنة ست وبعث {صلى الله عليه وسلم} أبا بكر سنة تسع فحج بالناس ا ه ويمكن الجواب أيضا عن كلام ز ي بأنه يشترط لوجوب المباشرة الاستطاعة كما يأتي وهي لم تحصل قبل فتح مكة فعدم فعلهم لعدم استطاعتهم لا لعدم الطلب ا ه ع ش على م ر قوله هو لغة القصد وقيل كثرته إلى ما يعظم مأخوذ من قولك حججته إذا آتيته مرة بعد أخرى لكن الأشهر الأول ا ه برماوي قوله أيضا هو لغة القصد أي والزيارة وقوله وهي لغة الزيارة أي والقصد فكل منهما لغة القصد والزيارة ا ه ق ل على التحرير وفي المختار في باب الجيم الحج في الأصل القصد وفي العرف قصد مكة للنسك وبابه رد فهو(4/521)
حاج وجمعه حج بالضم كباذل وبذل والحج بالكسر الاسم والحجة أيضا بالكسر المرة الواحدة وهي من الشواذ لأن القياس الفتح والحجة أيضا السنة والجمع والحجج بوزن العنب وذو الحجة بالكسر شهر الحج وجمعه ذوات(4/522)
الحجة ولم يقولوا ذوو الحجة على واحدة والحجيج الحجاج جمع حاج مثل غاز وغزاة وعاد وعداة من العدو بالقدم وامرأة حاجة ونسوة حواج بيت الله بالإضافة إن كن قد حججن فإن لم يكن حججن قلت حواج بيت الله بنصب البيت لأنك تريد التنوين في حواج إلا أنه لا ينصرف كما تقول هذا ضارب زيد أمس وضارب زيدا غدا فيدل بحذف التنوين من ضارب على أنه قد ضرب وبإثباته على أنه لم يضرب والحجة البرهان وحاجه فحجه من باب رد أي غلبه بالحجة وفي المثل لج فحج فهو رجل محجاج بالكسر أي جدل والتحاج التخاصم والمحجة بفتحتين جادة الطريق ا ه وفيه أيضا في باب الراء واعتمر زار واعتمر في الحج ا ه قوله وشرعا قصد الكعبة أي مع فعل أعمال الحج ا ه ع ش فاندفع ما يقال إن كلامه يقتضي أن الحج الشرعي قصد الكعبة للنسك الآتي وإن لم يأت القاصد بالنسك أي بالأركان فإذا قصدها أي الكعبة للنسك يقال له حج وإن كان ماكثا في بيته مع أنه ليس كذلك وفي شرح م ر وهذا التعريف ذكره في المجموع واعترضه ابن الرفعة بأنه نفس الأفعال الآتية واستدل بخبر الحج عرفة ومعلوم أن الموافق للغالب الأول من أن المعنى الشرعي يكون مشتملا على المعنى اللغوي بزيادة ولا دلالة له في الخبر لأن معناه معظم المقصود منه عرفة لكن يؤيده قولهم أركان الحج خمسة أو ستة ويجاب بأن هذه أركان للمقصود لا للقصد الذي هو الحج فتسميتها أركان الحج على سبيل المجاز ا ه فرع وقع السؤال عما يقع كثيرا في مخاطبات الناس بعضهم مع بعض من قولهم لمن لم يحج يا حاج فلان تعظيما له هل هو حرام أو لا والجواب عنه أن الظاهر الحرمة لأنه كذب لأن معنى يا حاج فلان يا من أتى بالنسك على الوجه المخصوص نعم إن أراد بيا حاج فلان المعنى اللغوي وقصد به معنى صحيحا كأن أراد بيا حاج يا قاصد التوجه إلى كذا كالجماعة أو غيرها فلا حرمة ا ه ع ش عليه قوله أيضا وشرعا قصد الكعبة إلخ أقول الموافق لغيره من العبادات كالصلاة ولقولهم أركان الحج(4/523)
وسنن الحج ونحو ذلك أن يكون الحج شرعا عبارة عن الأعمال المخصوصة ثم رأيت ابن الرفعة قال إنه نفس الأعمال مخالفا لقول الإسنوي أنه القصد المذكور فليتأمل ثم رأيت شيخنا في شرح الإرشاد أجاب عن قولهم أركان الحج بأن المراد أركان المقصود منه ولا يخفى أنه تكلف بعيد ا ه سم قوله للنسك الآتي بيانه قيد مخرج للعمرة لأنه غير الأتي فيها فما وعد بإتيانه في كل قيد مخرج للآخر فسقط ما يتوهم من اتحادهما ا ه شوبري قوله والعمرة بضم العين المهملة وسكون الميم وحكي ضمها وبفتح فسكون سميت بذلك لأنها تفعل في العمر كله واعتمر {صلى الله عليه وسلم} ثلاث عمر وقيل أربعا عمرة الحديبية وعمرة القضاء من العام المقبل وعمرة غزوة حنين حين قسم الغنائم وعمرة حجته وميقات الجميع الجعرانة ا ه برماوي وقوله وميقات الجميع الجعرانة الظاهر أنه لا يصح لما ثبت أن عمرة الحديبية كان قد أحرم بها من ذي الحليفة وكذلك عمرة القضاء لأنها ميقات أهل المدينة وأما عمرة الحج فيتوقف بيان ميقاتها على أنه {صلى الله عليه وسلم} حج قارنا أو مفردا فإن كان قارنا فيكون قد أحرم بها مع الحج من ذي الحليفة وبسط ذلك يعلم مما سيأتي في المواقيت وأركان الحج نعم كلامه مسلم في عمرة الجعرانة وكانت في سابع عشر ذي الحجة حين رجوعه من غزوة الطائف وحنين تأمل ثم رأيت في أركان الحج في شرح م ر ما نصه والصواب الذي نعتقده أنه {صلى الله عليه وسلم} أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة وخص بجوازه في تلك السنة للحاجة ويؤيد ذلك أنه {صلى الله عليه وسلم} لم يعتمر في تلك السنة عمرة مفردة ا ه ونقل هذه العبارة عن المجموع فمقتضى هذا أن تكون عمره {صلى الله عليه وسلم} ثلاثا تأمل قوله هي لغة الزيادة وقيل القصد إلى مكان عامر ا ه برماوي قوله يجب كل منهما أي لأنهما أصلان فلا يغني الحج عن العمرة وإن اشتمل عليها وإنما أغنى الغسل عن الوضوء لأن الوضوء بدل عنه لأن الغسل كان واجبا لكل صلاة فسقط بالنسبة للحدث الأصغر تخفيفا فصار الوضوء لكل صلاة بدلا عنه ثم جعل التيمم بدلا عن الوضوء عند تعذره(4/524)
ثم سقط الوضوء لكل صلاة وبقي التيمم لكل صلاة على الأصل ا ه ح ل قوله من استطاع إليه سبيلا فسره النبي {صلى الله عليه وسلم} بالزاد والراحلة وأخذ بعضهم من ذلك أن الحج يجب على الجن لأن لفظ الناس هل هو من التأنس أو من الأنس فليتأمل ا ه برماوي(4/525)
قوله أي ائتوا بهما تامين إنما قال ذلك ليتم بها الاستدلال فإن ظاهرها وجوب الإتمام إذا شرع وذلك لا يستلزم وجوب الشروع فإن المعنى يصير عليه إن شرعتم فأتموا ا ه ع ش على م ر قوله مرة واحدة بأصل الشرع وقد يجب أكثر من ذلك لعارض كنذر وقضاء ا ه شيخنا قوله خطبنا أي خطب لنا وعداه بنفسه لأنه ضمنه معنى وعظ ا ه شيخنا قوله فقال رجل هو الأقرع بن حابس التميمي كذا رأيته بهامش صحيح ثم رأيته في المواهب اللدنية في النوع السادس في حجه عليه السلام إذ يقتضي أنه كان عالما بالحكم تأمل قوله حتى قالها أي هذه المقالة ا ه سم على البهجة ا ه ع ش على م ر قوله فسكت النبي ووجهوا سكوته بأنه كان ينتظر الوحي أو كان مشتغلا بأمر أهم لكن الأول لا يحسن مع قوله لو قلت نعم إلخ أي فهو {صلى الله عليه وسلم} كان مفوضا له الفرض كل عام وعدمه فهو مخير فيه أي أن الله خيره في ذلك وانظر هل كان ذلك التخيير عند السؤال أو قبله حرر ا ه وفي ع ش وفي م ر ما نصه قوله لو قلت نعم لوجبت أي الخصلة أو الفريضة ثم قوله لو قلت نعم لوجبت يجوز أن يكون الوجوب معلقا على قوله ذلك فلا يقال هو {صلى الله عليه وسلم} مشرع لا موجب ثم رأيت سم على شرح البهجة قال ما نصه قوله لو قلت نعم لوجبت أي هذه الكلمة أي مقتضاها وهو الوجوب على كل كل عام ولعل الوجوب على كل كل عام كان معلقا على قوله نعم ا ه بالحرف قوله ولما استطعتم فيه أن عدم الاستطاعة يسقط الوجوب من أصله إلا أن يقال المراد بعدم الاستطاعة المشقة أي ولشق عليكم وانظر وجه ترتب قوله ولما استطعتم على الشرط أعني قوله لو قلت نعم ا ه شيخنا قوله بل للأبد فيه إشارة إلى وجوبها إذ لو كانت مندوبة لم تكن للأبد لأنها مطلوبة كل عام من المستطيعين كما دل على ذلك الأدلة الشرعية فيها ا ه برماوي قوله بتراخ إما حال من كل على أن الباء للملابسة وحينئذ فالأمر ظاهر وإما متعلق بيجب وحينئذ فيحتاج لتقدير أي يجب بتراخ في متعلقه أي الوجوب والمتعلق هو كل منهما وأما الوجوب(4/526)
فلا تراخي فيه بل هو حالي تأمل وإنما كان الحج على التراخي لأنه فرض سنة ست ولم يحج {صلى الله عليه وسلم} إلا سنة عشر ومعه مياسير لا عذر لهم وقيس به العمرة ثم النسك إما فرض عين على من لم يحج بشرطه أو كفاية للأحياء أو تطوع ويتصور في الأرقاء والصبيان إذ فرض الكفاية لا يتوجه إليهم نعم لو تطوع منهم من تحصل به الكفاية احتمل أن يسقط بفعلهم الحرج عن المكلفين كما في صلاة الجنازة ا ه شرح م ر قوله أيضا بتراخ فلمن لزماه بنفسه أو نائبه أن يؤخرهما بعد سنة الإمكان وقال المزني من أئمتنا كالإمام مالك وأحمد رضي الله تعالى عنهم أنهما على الفور وليس لأبي حنيفة رضي الله عنه نص في المسألة لكن اختلف صاحباه فقال محمد كقولنا وقال أبو يوسف إنهما على الفور ا ه برماوي وفي الإيضاح ما نصه فرع إذا وجدت شرائط وجوب الحج وجب على التراخي فله التأخير ما لم يخش العضب فإن خشيه حرم عليه التأخير على الأصح هذا مذهبنا وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد والمزني يجب على الفور ثم عندنا إذا أخر فمات تبينا أنه مات عاصيا على الأصح لتفريطه ومن فوائد موته عاصيا أنه لو شهد بشهادة ولم يحكم بها حتى مات لم يحكم بها كما لو بان فسقه ويحكم بعصيانه من السنة الأخيرة من سني الإمكان ا ه قوله على الفعل بعد أي الآن إن علق بيعزم أو بعد الزمان الذي هو فيه إن علق بالفعل ا ه شيخنا والحاصل أن الاستطاعة هنا بمنزلة دخول الوقت للصلاة فمتى استطاع وجب عليه إما المباشرة بالفعل وإما العزم على الفعل وإن كان بينهما فرق من حيث إن المؤخر للصلاة إذا مات قبل فعلها في الوقت مع ظن السلامة لا يعصي وأن المؤخر للحج مع ظنها يعصي لأنه تبين أنه أخرجه عن وقته وهو العمر تأمل قوله وأن لا يتضيق بنذر كأن كان عليه حجة الإسلام ثم نذر الحج في سنة معينة فيصح ويحمل منه على التعجيل فقد ضيقه على نفسه بتعيين السنة المذكورة في نذره أما إذا لم يعين سنة فيجب عليه أن يحج عن النذر بعد حجة الإسلام ا ه ع ش(4/527)
وعبارة الإيضاح فرع من وجب عليه حجة الإسلام لا يصح منه غيرها قبلها فلو اجتمع عليه حجة الإسلام وقضاء أو نذر قدمت حجة الإسلام ثم القضاء ثم النذر ولو أحرم بغيرها وقع عنها لا عن ما نوى ومن عليه قضاء أو نذر لا يحج عن غيره فلو أحرم عن غيره(4/528)
وقع عن نفسه عما عليه انتهت ولمن حج حجة الإسلام ولم يعتمر أن يقدم حجة التطوع على العمرة ولمن اعتمر عمرة الإسلام ولم يحج أن يقدم عمرة التطوع على الحج ا ه شرح الروض قوله أو خوف عضب أي بقول عدلين كما صرح به في العباب نقلا عن المجموع في نظيره من لحوق المشقة على الراكب أو معرفة نفسه وفرق بينه وبين التيمم حيث يكفي عدل واحد بعظم أمر الحج بخلاف التيمم ا ه برماوي قوله أو قضاء نسك كأن حج حجة الإسلام وأفسدها ا ه ح ل ولو أفسد الحج في الصغر لزمه القضاء فإذا بلغ وتعلقت به حجة الإسلام كان فوريا لأن القضاء فوري وهو لا يتقدم عليها ا ه برماوي قوله وشرط بضم الشين المعجمة وكسر الراء ا ه برماوي قوله إسلام فقط لصحة اعترض بأنه يشترط أيضا الوقت والنية والعلم بالكيفية حتى لو جرت أفعال النسك منه اتفاقا لم يعتد بها لكن يرد ذكر النية بأنها ركن ويرد ذكر الوقت بأنه معلوم من صريح كلامه الآتي في المواقيت وذكر العلم بأنه لو حصل بعد الإحرام وقبل تعاطي الأفعال كفى فليس شرطا لانعقاد الإحرام الذي الكلام فيه بل يكفي لانعقاده تصوره بوجه ا ه حج قوله أيضا وشرط إسلام أي فيمن يقع له كل منهما سواء كان هو المباشر بنفسه أو يباشر له غيره فلا يقع كل منهما صحيحا لشخص إلا إذا كان مسلما ا ه شرح م ر قوله لصحة مطلقة أي عن التقييد بكونها صحة مباشرة وبالوقوع عن فرض الإسلام قوله فلا يصح من كافر أصلي أي ولا من غيره عنه فإن اعتقد صبي الكفر فإن قارن اعتقاده الإحرام لم يصح لأن اعتقاد الكفر ينافي النية وإن طرأ اعتقاده بعد الإحرام لم يؤثر لأن اعتقاده الكفر لا يوجب كفره وأما لو نوى عنه وليه مع اعتقاد الصبي الكفر فلا يؤثر لأن نيته لا تعتبر مع إحرام الولي عنه ا ه برماوي قوله ولا يشترط فيه أي في صحة كل منهما وإنما ذكر الضمير لأن صحة اكتسب التذكير بإضافته إلى كل ا ه ز ي بالمعنى كما في قوله تعالى إن رحمة الله قريب من المحسنين ويصح عوده(4/529)
للمسلم المعلوم من الإسلام أو لكل فتأمل ا ه شوبري قوله فلو لي مال أي يجوز له ذلك بل هو مندوب لأن فيه معونة على حصول الثواب للصبي وما كان كذلك فهو مندوب ومعلوم أن إحرامه عنه إنما يكون بعد تجريده من الثياب ا ه ع ش على م ر ويكتب للصبي ثواب ما عمله من الطاعات ولا يكتب عليه معصية إجماعا ا ه شرح م ر وقوله ثواب ما عمله أي أو عمله عنه وليه ا ه حج ا ه ع ش على م ر وولي المال هو الأب فالجد فالوصي فالحاكم أو قيمه كما سيأتي في كلامه في الحجر واحترز به عن ولي النكاح إذ ذاك يشمل الحواشي وفي شرح م ر وأفهم كلامه عدم صحة إحرام غير الولي كالجد مع وجود الأب الذي لم يقم به مانع وهو كذلك وأما ما أوهمه ظاهر الخبر المار من جواز إحرام الأم عنه فأجابوا عنه باحتمال كونها وصية أو أن الأجر الحاصل لها باعتبار أجر الحمل والنفقة لعدم التصريح في الخبر بأنها أحرمت عنه أو أن الولي أذن لها في الإحرام عن الصبي كما علم مما مر وصرح به في الروضة وإذا صار غير المكلف محرما غرم وليه دونه زيادة نفقة احتاج إليها بسبب النسك في السفر وغيره على نفقة الحضر إذ هو الموقع له في ذلك كما يغرم ما يجب بسببه كدم قران أو تمتع أو فوات وكفدية شيء من محظوراته كفدية جماعه وحلقه وقلمه ولبسه وتطيبه سواء أفعله بنفسه أم فعله به الولي ولو لحاجة الصبي لما مر مع استغنائه عنه بخلاف ما لو قبل له نكاحا حيث كانت مؤنته في مال الصبي دون الولي لأن المنكوحة قد تفوت والنسك يمكن تأخيره إلى البلوغ وما تقرر من لزوم جميع ذلك للولي إذا كان مميزا هو المعتمد كما صرحا به كغيرهما خلافا لما في الإسعاد تبعا للإسنوي وما في المجموع من أن فدية الحلق والقلم على المميز لعله فرعه على مرجوح وهو صحة إحرامه بغير إذن وليه ليوافق كلامهم ولا ينافي ما قررناه قولهم يضمن الصبي المميز الصيد لأن محله في غير محرم بأن أتلفه في الحرم بغير تقصير من الولي والحاصل أنه متى فعل محظورا(4/530)
وهو غير مميز فلا فدية على أحد أو مميز بأن تطيب أو لبس ناسيا فكذلك ومثله الجاهل المعذور كما لا يخفى وإن تعمد أو حلق أو قلم أو قتل صيدا ولو سهوا فالفدية في مال الولي وفارق الوجوب هنا في مال الولي أجرة تعليمه ما ليس بواجب حيث وجبت في مال الصبي بأن مصلحة التعليم(4/531)
كالضرورية وإذا لم يفعلها الولي في الصغر احتاج إلى استدراكها بعد البلوغ بخلاف الحج ولو فعل به أجنبي ولو لحاجة لزمته الفدية كالولي ويفسد حج الصبي بجماعه الذي يفسد به حج الكبير انتهت وقوله وإذا صار غير المكلف محرما غرم وليه إلخ هذا يجزئ في المميز الذي أحرم بإذن وليه ويوافقه التعليل الذي ذكره إذ لولا إذنه ما صح إحرامه ا ه سم على حج وفيه أيضا ما نصه وفي الروضة فرع لو جامع الصبي ناسيا أو عامدا وقلنا عمده خطأ ففي فساد حجه قولان كالبالغ إذا جامع ناسيا أظهرهما لا يفسد وإن قلنا عمد فسد حجه وإذا فسد فهل عليه القضاء قولان أظهرهما نعم لأنه إحرام صحيح فوجب بإفساده القضاء كحج التطوع فعلى هذا هل يجزيه القضاء في حال الصبا قولان أظهرهما نعم اعتبارا بالأداء إلى أن قال وإذا جوزنا القضاء في حال الصبا فشرع فيه وبلغ قبل الوقوف انصرف إلى حجة الإسلام وعليه القضاء ا ه وفي الروض وشرحه وإذا جامع الصبي في حجه فسد وقضى ولو في الصبا فإن بلغ في القضاء قبل فوات الوقوف أجزأه قضاؤه عن حجة الإسلام أو بعده انصرف القضاء إليها أيضا وبقي القضاء في هذه نعم لو أفسده في حال كماله وقعت الحجة الواحدة عن فرضه وقضائه ونذره إن كان ا ه وقوله أو بعده انصرف القضاء إليها أيضا قد يشكل بما تقدم عن الروضة أنه لو بلغ بعد الوقوف ولم يعد لم يجزه عن حجة الإسلام إلا أن يفرق بأنه وقف هنا بنية الفرض بخلافه فيما تقدم ا ه بالحرف قوله عن صغير ومجنون وليس للسيد أن يحرم عن عبده البالغ العاقل وقضيته أنه يحرم عن الصغير والمجنون وهو الأوجه وولي الصبي يأذن لقنه أي الصبي أو يحرم عنه حيث جاز إحجاجه ا ه شرح م ر وقوله وليس للسيد أن يحرم عن عبده إلخ وعليه فلو أحرم البالغ العاقل بلا إذن من السيد هل يصح إحرامه وللسيد تحليله أم لا لكونه ممنوعا من الفعل بلا إذن جزم بالصحة في شرح الغاية حيث قال يصح مباشرة العبد وإن لم يأذن له سيده وسيأتي ذلك في باب(4/532)
الإحصار في كلام المصنف ويتردد النظر في المبعض الصغير فيحتمل أنه نظير ما يأتي في النكاح وحينئذ فيحرم عنه وليه وسيده معا لا أحدهما وإن كانت مهايأة إذ لا دخل لها في الاكتساب وما يتبعه كزكاة الفطر لإناطتها بمن تلزمه النفقة ويحتمل صحة إحرام أحدهما عنه وللسيد إذا كان المحرم الولي تحليله والأول أقرب ا ه حج وكتب عليه سم قوله والأول أقرب قد يشكل الأول بأن كلا منهما لا يتأتى إحرامه عنه لأنه لا جائز أن يراد به جعل جملته محرما إذ ليس له ذلك إذ ولايته على بعض الجملة لا على كلها ولا جعل بعضه محرما إذ إحرام بعض الشخص دون بعضه الآخر غير متصور فينبغي أن يتعين إذن أحدهما للآخر في الإحرام عنه ليكون إحرامه عنه بولايته وولاية موكله ا ه أقول أو يتفقا على أن يتقارنا في الصيغة بأن يوقعاها معا ا ه وقوله حيث جاز إحجاجه أي بأن لم يفوت مصلحة على الصبي وإلا لزم عليه غرم زيادة على نفقة الحضر ا ه ع ش عليه قوله ولو مميزا أقول يراجع وجه ذلك إذ قضية قولهم ما أمكنه أن يأتي به لا يقوم به غيره عنه ولو الولي أنه هنا لا ينوي عنه إذ هو قادر على ذلك فتأمل ا ه شوبري لكن الحكم مسلم كما في شرح م ر قوله وإن قيد الأصل بغيره يجاب عنه بأنه إنما قيد بغيره دفعا لما عساه أن يتوهم من عدم صحة الإحرام عنه لمنافاة حاله العبادات ا ه شرح م ر وعبارة حج وخرج بالذي لا يميز المميز فلا يجوز له الإحرام عنه على ما نقله الأذرعي عن النص والجمهور واعتمده لكن المصحح في أصل الروضة الجواز فإن شاء أحرم عنه وإن شاء أذن له أن يحرم عن نفسه انتهت قوله بالروحاء بفتح الحاء المهملة والمد اسم واد مشهور على نحو أربعين ميلا من المدينة وقيل خمس وثلاثين وقيل ست وثلاثين ا ه برماوي ومر به {صلى الله عليه وسلم} وقال هذا من أودية الجنة وصلى فيه سبعون نبيا ومر به موسى بن عمران حاجا أو معتمرا ا ه قسطلاني على البخاري قوله ففزعت بكسر الزاي المعجمة أي أسرعت وقوله امرأة لم أقف على(4/533)
اسمها في شيء من كتب الحديث وقوله بعضد صبي أي ذكر لأنه الواقع ولا يتقيد الحكم به إذ مثله الصبية وقوله من محفتها بكسر الميم وفتح الحاء المهملة مركب من مراكب النساء كالهودج إلا أنها لا تقتب كما تقتب الهوادج ا ه برماوي قوله ولك أجر أي في الإحرام عنه(4/534)
لكونها وصية أو مأذونة من الولي فدل على أن للولي الإحرام عن الصغير وأما الجواب بأن المراد ولك أجر في التربية فلا يناسب سياق الشرح إذ لا يدل على أن للولي الإحرام ا ه قوله أن ينوي جعله محرما بأن يقول نويت الإحرام عن هذا أو فلان أو جعلته محرما بكذا أو أحرمت عنه كذلك ولا يصير الولي محرما بذلك ا ه برماوي قوله من أحرم عنه بضم الهمزة وكسر الراء أي الذي هو المولى عليه ا ه برماوي فمن عبارة عن الصغير والمجنون وعنه نائب فاعل على هذا الإعراب وإن قرئ بالبناء للفاعل يكون في أحرم ضمير عائد للولي لكن على هذا كان عليه الإبراز لجريانها على غير من هي له وخرج بمن أحرم عنه نفس الولي فلا يصير محرما بهذه النية ما لم ينو إحراما لنفسه فلا يجب عليه التجرد ويجب عليه أن يجرد من أحرم عنه ا ه شيخنا قوله محرما بذلك أي المذكور من نية الجعل المذكور قوله ولا يشترط حضوره أي ولو بعدت المسافة ثم بعد ذلك على وليه إحضاره لأعمال الحج فإن لم يحضره ترتب عليه ما يترتب على من فاته الحج أو منع من الوصول ا ه ع ش على م ر وفيه أيضا قوله ولا يشترط حضوره أي ما ذكره من الصغير والمجنون لكن يكره الإحرام عنهما في غيبتهما لاحتمال أن يرتكبا شيئا من محظورات الإحرام لعدم علمهما وتمكن الولي من منعهما ا ه سم في شرح الغاية ا ه قوله و مواجهته أي مواجهته الولي للصبي حال النية ا ه شيخنا ح ف قوله ويطوف الولي بغير المميز أي بشرط طهارتهما أي الولي والصبي وهل يشترط فيهما شروط الطواف كجعل البيت عن يسار الصبي قلت الظاهر نعم ا ه حلبي وهل يشترط في الطواف نية الولي لأنه غير محرم حتى يقال نية النسك شملت الطواف فلا حاجة للنية أولا لأن إحرامه عنه شمل ما يفعله به فيه نظر والثاني غير بعيد والظاهر أن المميز لو أحرم عنه وليه لا يحتاج في طوافه عن نفسه إلى نية لأن دخوله في النسك ولو بإحرام الولي شمل أعماله كالطواف فعلم أنه لو بلغ ثم طاف أو أعاد الطواف لم(4/535)
يحتج فيه لنية فليتأمل ا ه سم على حج قوله أيضا ويطوف الولي بغير المميز إلخ عبارة شرح م ر ويشترط للطواف طهارته من الخبث وستر عورته أيضا وكذا وضوءه وإن لم يكن مميزا كما اعتمده الوالد رحمه الله تعالى ويغتفر صحة وضوئه هنا للضرورة كما اغتفر صحة طهر مجنونة انقطع حيضها لتحل لحليلها ويؤخذ من التشبيه أن الولي ينوي عنه وهو الأوجه ولا بد من طهارة الولي وستر عورته أيضا ا ه وقوله وكذا وضوءه إلخ وإذا وضأه الولي والحالة ما ذكر ثم بلغ على خلاف العادة وهو بطهارة الولي أو كان مجنونا فأفاق ولم يحصل منهما ناقض للوضوء هل يجوز لهما أن يصليا بها لأنها طهارة معتد بها أو لا يصح أن يصليا بها تردد فيه سم على حج ثم قال يحتمل الأول ويحتمل الثاني وهو غير بعيد ا ه أقول والأقرب الأول لأن الشارع نزل فعل وليه منزلة فعله فاعتد به فصار كأنه فعله بنفسه فتصح صلاته به وقوله ولا بد من طهارة الولي إلخ انظر ما الحكمة في اشتراطها من الولي مع أنه آلة للطواف بغيره فهو كالدابة وقد يقال يحتمل أنه لما اشترطت مصاحبته له نزلت منزلة المباشرة ا ه ع ش عليه قوله أيضا ويطوف الولي بغير المميز أي يطوف به بنفسه ويصح أن يعطيه لغيره ليطوف به ويباشر بقية الأعمال ا ه شرح م ر قوله ويصلي عنه ركعتي الطواف أي والإحرام ا ه شوبري قوله ويسعى به أي إن كان سعى عن نفسه وكذا الطواف لا بد أن يكون كذلك ا ه ح ل وعبارة شرح م ر وإنما يفعلهما به بعد فعلهما عن نفسه نظير ما يأتي في الرمي انتهت قوله ويحضره المواقف أي وجوبا في الواجب وندبا في المندوب ا ه ح ل ومفهومه أنه إذا أحضره الأجنبي لا يعتد به وبه صرح حج ا ه ع ش على م ر قوله ولا يكفي حضوره أي الولي بدونه أي الصبي والمجنون ا ه ع ش على م ر قوله ويناوله أي غير المميز الأحجار فيرميها وظاهر كلامهم أنه لا يشترط في مناولة الولي الأحجار أن يكون رمى عن نفسه وبحث حج أنه لا بد أن يكون رمى عن نفسه لأن مناولة(4/536)
الأحجار من مقدمات الرمي فتعطى حكمه وظاهره أنه لا بد من المناولة وأنه لا يجوز أخذه الأحجار من الأرض ا ه ح ل واعتمده شيخنا ح ف واعتمد أيضا ما بحثه حج تأمل قوله فيرميها إن قدر أي ويكون هذا مستثنى من أن شرط صحة المباشرة التمييز ا ه ا ط ف قوله من لا رمي عليه أي ولي أو مأذون له لا رمي عليه(4/537)
ويقال مثل هذا القيد في الطواف والسعي وكان عليه التقييد فيهما كما فعل حج ا ه شيخنا قوله والمميز يطوف أي بنفسه وجوبا ويشترط فيه شروط الطواف لا في الولي ا ه برماوي قوله أيضا والمميز أي الذي أحرم عنه وليه وقوله بنفسه راجع للأفعال الخمسة قبله قوله وبرؤه مرجو يؤخذ منه أنه لو أيس من إفاقته أو زادت على ثلاثة أيام كان كالمجنون فيحرم الولي عنه وهو كذلك على المعتمد ا ه شيخنا وعبارة ع ش ينبغي تخصيصه بما إذا رجي زواله عن قرب والأصح إحرامه عنه كالمجنون على ما يفيده التعليل بأنه ليس لأحد التصرف في ماله فإن محله حيث رجي زواله عن قرب ا ه قوله ومع تمييز لمباشرة الظاهر أن المراد الاستقلال بها وإلا فقد تقدم أن الصبي والمجنون فيما إذا أحرم عنهما الولي يباشران لكن مع الولي لا استقلالا حتى في صورة الرمي إذ لا بد من مناولته لهما الأحجار تأمل قوله أيضا ومع تمييز لمباشرة لم يقل ومع إذن لأن الإذن شرط في الإحرام فقط لا مطلقا ا ه شوبري قوله أيضا ومع تمييز لمباشرة أي لا تصح مباشرة كل منهما إلا من المسلم المميز سواء كان يباشر لنفسه أو غيره قوله فلمميز إحرام بإذن وليه شمل كلام الشيخين ما لو أذن له أن يحرم عن الغير بتطوع ويجوز فعله عنه وعليه فهل ينعقد بأجرة المثل على الولي لأنه ليس أهلا للتبرع كما لو أذن له في عمل شيء له يقابل بأجرة أو بلا أجرة كل محتمل والأقرب الأول ويجري ذلك فيما لو أحرم عن الولي بتطوع فيما يظهر حيث جاز ذلك ويظهر أيضا أن للولي أن يؤجره لحج التطوع لا الفرض لأنه ليس من أهله وينبغي كما قال الزركشي فساد إذنه إذا كان مخالفا للغبطة وكذا إذا كان لا يقدر على السفر أو يلحقه مشقة عظيمة ا ه إيعاب ا ه شوبري قوله إحرام بإذن وليه إنما احتاج إلى إذنه في هذا لاحتياجه إلى المال فليس عبادة بدنية محضة بل فيها شائبة مال بخلاف الصلاة وغيرها فلا تتوقف على الإذن لكونها بدنية محضة ا ه شيخنا قوله بإذن وليه(4/538)
إضافته للعهد والمعهود ولي المال كما بينه الشارح ا ه شيخنا قوله وشرط إسلام وتمييز مع بلوغ وحرية إلخ أي شرطت هذه الأمور الأربعة في المباشر عن نفسه أو عن معضوب أو عن ميت لوقوع ما باشره عن فرضه أو عن فرض من ناب عنه فإذا كان المستنيب عليه فرض الإسلام لا ينيب فيه إلا من اتصف بهذه الشروط الأربعة ا ه من شرح م ر وحج قوله فيجزئ من فقير ولو تكلف الفقير الحج وأفسده ثم قضاه كفاه عن حجة الإسلام ولو تكلف وأحرم بنفل وقع عن فرضه أيضا فلو أفسده ثم قضاه كان الحكم كذلك ا ه شرح م ر أي يقع قضاؤه عن فرض الإسلام قوله فإن كملا قبل الوقوف إلخ عبارة شرح م ر فإن كملا قبل خروج وقت الوقوف بالبلوغ والعتق وهما في الموقف وأدركا زمنا يعتد به في الوقوف أو بعده ثم عادا له قبل خروج وقته أجزأهما لخبر الحج عرفة لأنه أدرك معظم الحج فصار كما لو أدرك الركوع بخلاف ما إذا لم يدرك الوقوف ويعيد من ذكر السعي إن كان قد سعى بعد القدوم لوقوعه في حالة النقصان ويخالف الإحرام فإنه مستدام بعد الكمال ويؤخذ من ذلك إجزاؤه عن فرضه أيضا إذا تقدم الطواف أو الحلق على الكمال وأعاده بعد إعادة الوقوف وظاهر أنه تجب إعادته لتبين وقوعه في غير محله فلو لم يعد استقرت حجة الإسلام في ذمته لتفويته لها مع إمكان الفعل ولو كمل من ذكر في أثناء الطواف أي في العمرة فكما لو كمل قبله كما في المجموع أي ويعيد ما مضى قبل كماله بل لو كمل بعده ثم أعاده كفى فيما يظهر كما لو أعاد الوقوف بعد الكمال كما يؤخذ من قول الروض والطواف في العمرة كالوقوف في الحج ا ه ووقوع الكمال في أثناء العمرة على التفصيل المار والطواف فيها كالوقوف في الحج ولا دم عليه بإتيانه بالإحرام في حال النقص وإن لم يعد إلي الميقات كاملا لأنه أتى بما في وسعه ولا إساءة وفارق الكافر الآتي إذا لم يعد إلى الميقات بأنه كان قادرا على إزالة نقصه حين مر به وحيث أجزأه ما أتى به عن فرض الإسلام وقع إحرامه(4/539)
أولا تطوعا وانقلب عقب الكمال فرضا على الأصح في المجموع وفيه عن الدارمي لو فات الصبي الحج فإن بلغ قبل الفوات فعليه حجة واحدة تجزيه عن حجة الإسلام والقضاء أو بعده لزمه حجتان حجة للإسلام وأخرى للفوات ويبدأ بحجة الإسلام ولو أفسد الحر البالغ قبل الوقوف حجه ثم فاته أجزأته واحدة عن(4/540)
حجة الإسلام والقضاء وعليه فدية للإفساد وأخرى للفوات وما اقتضاه كلام جمع من الأصحاب من عدم وجوب دم على الرقيق قيده الزركشي بحثا بما إذا لم يكن قضاء عن واجب نذر أو قضاء أفسده وإلا وجب قال بل ينبغي وجوبه به إذا قدر على الحرية لقدرته على الصفة المعلقة هي عليها تنزيلا للمتوقع منزلة الواقع واستظهر الشيخ بحثه الثاني دون الأول وقد يستبعد الثاني أيضا إذ لا دليل على هذا التنزيل نعم يؤيده الفرق المتقدم بين الكافر وغيره إلا أن يفرق بفحش الكفر ومنافاته للعبادة بذاته فلا يقاس غيره به قال وسكت الرافعي عن إفاقة المجنون بعد الإحرام عنه وقال ابن أبي الدم ينبغي أن يكون كالصبي في حكمه أي تفصيله السابق ا ه وهو كما قال ولا ينافيه قولهم لو خرج به وليه بعد استقرار الفرض عليه فإن أفاق وأحرم وأتى بالأركان مفيقا أجزأه عن حجة الإسلام وسقط عن الولي زيادة النفقة لأنه أدى ما عليه وإلا لم يجزه عنها ولا يسقط عن الولي ذلك قال في المجموع عن المتولي إذ ليس له السفر به لأن اشتراط الإفاقة عند الإحرام في الشق الأول لسقوط الزيادة عن الولي لا للوقوع عن حجة الإسلام كنظيره في الصبي وفي المجموع عن الأصحاب إن كانت مدة إقامة من يجن ويفيق يتمكن فيها من الحج ووجدت فيها الشروط الباقية لزمه الحج وإلا فلا هذا والذي في الشرح والروضة أنه لا بد من كونه مفيقا وقت الإحرام والطواف والوقوف والسعي ولو أحرم كافر من الميقات إحراما باطلا أو جاوزه مريدا للنسك ثم أسلم وأحرم بعد ذلك في الصورتين لزمه دم إن حج من سنته وإلا فلا ومثله فيما ذكر الصبي والعبد كما نقل عن النص أي إذا جاوزا مع الإرادة بإذن الولي فلا ينافي ما مر لأنه فيما إذا كان بدون إذنه انتهت مع بعض تقييدات من حواشيه قوله أو في أثنائه أي المذكور من الوقوف والطواف وقوله أجزأهما لكن تجب إعادة ما مضى من الطواف وأما الوقوف فيكفي فيه لحظة وقوله وأعادا السعي أي إن كان فعل بعد طواف(4/541)
القدوم وهذا لا يكون إلا في الحاج فهذه الجملة راجعة للحاج تأمل قوله أجزأهما أي ويعيدان ما مضى قبل الكمال ا ه م ر وظاهر عبارة الشارح عدم الإعادة وبه صرح حج في شرح الإرشاد على ما نقله عنه سم ا ه ع ش قوله باستطاعته في الردة فيلزمه فعله إذا أسلم ويقضى من تركته إن مات بعد إسلامه وإلا فلا يقضى ا ه برماوي قوله لأن منافعه مستحقة إلخ هذا لا يأتي في المبعض إذا كانت نوبته تسع الحج ا ه ح ل وأقول يأتي فيه أيضا لأن للسيد أن يفسخ المهايأة ويستحق منافعه لأن عقد المهايأة جائز لا واجب كما قاله ع ش على م ر وعبارته أورد عليه أنه يدخل فيه المبعض وقد يكون بينه وبين سيده مهايأة ونوبة المبعض فيها تسع الحج فلا يتم قوله لأن منافعه مستحقة إلخ لأن السيد لا يستحق منافعه في نوبة الحرية كذا بهامش عن شيخنا ح ل أقول وقد يجاب بأن المهايأة لا تلزم بل لأحد المتهايئين الرجوع ولو بعد استيفاء الآخر ويغرم له حصة ما استوفاه من المنفعة وعليه فمجرد المهايأة لا يفوت استحقاق المنفعة بل يجوز رجوع السيد بعد استيفاء حصته ويمنع المبعض من استقلاله بالكسب في حصته انتهت قوله فالمراتب المذكورة أربع زاد في الروضة مرتبة خامسة وهي صحة النذر وشرطها الإسلام والبلوغ والعقل فيلزم ذمة الرقيق ا ه ح ل قوله استطاعة بنفسه أي استطاعة مباشرة الحج أو العمرة بنفسه ا ه شرح م ر قوله وشروطها أي الأمور التي تتحقق الاستطاعة بها ففي العبارة مسامحة إذ تقتضي أن الاستطاعة تتعقل بل توجد خارجا بدون السبعة لأن المشروط يتعقل ويتحقق بدون الشروط والاستطاعة لا تتحقق إلا بهذه الأمور تأمل وظاهر كلامه بل صريحه كسائر كلامهم أنه لا عبرة بقدرة ولي على الوصول إلى مكة وعرفة في لحظة كرامة وإنما العبرة بالأمر الظاهر العادي فلا يخاطب بالوجوب إلا أن يقدر كالعادة ثم رأيت ما يصرح بذلك وهو ما سأذكره أواخر الرهن أنه لا بد في قبضه من الإمكان العادي نص عليه قال القاضي أبو(4/542)
الطيب وهذا يدل على أنه لا يحكم بما يمكن من كرامات الأولياء ا ه حج وعبارة سم على المنهج قوله ولا فرض على غير المستطيع لو كان هذا من أرباب الخطوة فاختار شيخنا الطبلاوي وجوب الحج عليه ا ه والأقرب ما قاله حج ا ه ع ش على م ر وبقي شرط ثامن صرح به البلقيني وهو أن يوجد المعتبر في الإيجاب في الوقت أي وقت خروج أهل بلده فلو(4/543)
استطاع في رمضان ثم افتقر قبل شوال فلا استطاعة وكذا لو افتقر بعد حجهم وقبل الرجوع لمن يعتبر في حقه الذهاب والإياب كما سيأتي ا ه شرح الروض وكتب على قوله ثم افتقر قبل شوال أي فيمن ابتداء سفرهم فيه كما هو ظاهر ا ه شوبري قال في الإحياء من استطاع الحج ولم يحج حتى أفلس فعليه الخروج إلى الحج وإن عجز للإفلاس عليه أن يكتسب قدر الزاد فإن عجز فعليه أن يسأل الزكاة والصدقة ويحج فإن لم يفعل ومات مات عاصيا ا ه ومعلوم أن النسك باق على أصله إذ لا يتضيق إلا بوجود مسوغ ذلك فمرادهم بما ذكر استقرار الوجوب أخذا مما يأتي وحينئذ فالأوفق بكلامهم في الدين عدم وجوب سؤال الصدقة ونحوها وعدم وجوب الكسب عليه لأجله ما لم يتضيق أي بخوف العضب أو الموت ا ه شرح م ر قوله وجود مؤنته أي ولو كان من أهل الحرم ا ه برماوي قوله وأوعيته ومنه السفرة إذا احتاج إليها ا ه برماوي قوله وأجرة خفارة قال في المصباح خفرت الرجل حميته وأجرته من طالبه فأنا خفير والاسم الخفارة بضم الخاء وكسرها والخفارة مثلثة الخاء جعل الخفير ا ه بحروفه ا ه ع ش قوله ذهابا وإيابا أي وإقامة ولو بمكة ا ه برماوي قوله وإن لم يكن له ببلده أهل وعشيرة الغاية للرد وعبارة أصله مع شرح م ر وقيل إن لم يكن له ببلده أهل أي من تلزمه مؤنتهم كزوجة وقريب وعشيرة أي أقارب ولو من جهة الأم أي لم يكن له واحدة منهما لم يشترط في حقه نفقة الإياب المذكورة من الزاد وغيره إذ المحال في حقه سواء والأصح الأول لما في الغربة من الوحشة والوجهان جاريان أيضا في الراحلة للرجوع انتهت ومحل اشتراط مؤنة الإياب عند عدم الأهل والعشيرة على المعتمد إذا كان له وطن ونوى الرجوع إليه أو لم ينو شيئا فمن لا وطن له وله بالحجاز ما يقيته لا يعتبر في حقه مؤنة الإياب قطعا لاستواء سائر البلاد إليه وكذا من نوى الاستيطان بمكة أو قربها ا ه من شرح حج ولم يتعرضوا للمعارف والأصدقاء لتيسر استبدالهم قاله الرافعي ا(4/544)
ه شرح م ر قوله إلا إن قصر سفره أي بأن كان بمكة أو على دون مرحلتين ا ه شرح م ر قوله وكان يكسب أي بحسب عادته أو ظنه ا ه برماوي قوله أيضا وكان يكسب في يوم المراد به أول أيام الحج أي يوم السابع أي كان يقدر في اليوم السابع على كسب تفي أجرته بمؤنة أيام الحج كلها ولا بد مع قدرته على الكسب المذكور أن يتيسر له في اليوم المذكور بالفعل فلو كان يقدر عليه لكن لم يتيسر له لم يلزمه النسك وهذا بخلاف ما لو كان يقدر في بعض أيام الحضر أي الأيام التي قبل يوم السابع على كسب تفي أجرته بمؤنة أيام الحج ولا يقدر عليه في السفر فإنه لا يلزمه وإن تيسر له الكسب بالفعل لأن هذا فيه تحصيل سبب الوجوب وهو لا يجب فلا يكلف الكسب في الحضر مطلقا ويفرق بينه وبين من يقدر على الكسب في أول أيام السفر بأن ذلك يعد مستطيعا في السفر قبل الشروع فيه ولو قبل تحصيل الكسب وهذا لا يعد مستطيعا له إلا بعد حصول الكسب لأن الفرض أنه لا يقدر على الكسب في السفر بل يقدر عليه في الحضر فقط كما علمت ا ه من شرح م ر بنوع تصرف والمراد الكسب اللائق به لأن في تعاطيه غير اللائق به عارا أو ذلا شديدا أخذا مما قالوه في النفقات من أنه لو كان يكتسب بغير لائق به كان لزوجته الفسخ ا ه ع ش عليه قوله بخلاف ما إذا طال سفره قال العلامة سم لو كان يقدر على الأجرة إلى حد يصيره قريبا من مكة ثم يقدر على المشي بعد ذلك فالوجه الوجوب وقال العلامة حج لا يجب لأن تحصيل سبب الوجوب لا يجب قال شيخنا ع ش وقد يمنع ذلك ا ه برماوي قوله وقدر في المجموع إلخ وجه اعتبار ما بعد زوال السابع أنه حينئذ يأخذ في أسباب توجهه من الغد إلى منى والثالث عشر أنه قد يريد الأفضل وهو إقامته بمنى ويعتبر في العمرة القدرة على مؤنة ما يسعها غالبا وهو ثلثا يوم وقيل نصفه مع مؤنة سفره ا ه برماوي قوله ما بين زوال سابع ذي الحجة وثالث عشرة أي فتكون ستة كاملة وقول المجموع أنها سبعة مع تحديده لها بما(4/545)
ذكر فيه اعتبار الطرفين أي اعتبار كل يوم من الطرفين يوما بتمامه أي اعتبار جبر المنكسر وقوله وهذا في حق من لم ينفر إلخ أي ينتقل من منى إلى مكة فالنفر هو الانتقال أما من نفر فهي في حقه خمسة كاملة أو ستة باعتبار جبر المنكسر في الطرفين ا ه من شرح م ر(4/546)
قوله ووجود من بينه وبين مكة إلخ بشراء أو استئجار بثمن أو أجرة مثل لا بزيادة وإن قلت وقدر عليها أو ركوب موقوف عليه إن قبله أو لم يقبله وصححناه أو موصى بمنفعته إلى الحمل إلى مكة والأوجه الوجوب على من حمله الإمام من بيت المال كأهل وظائف الركب من القضاة وغيرهم ا ه شرح م ر وقوله أو ركوب موقوف عليه إن قبله وهل يجب القبول فيأثم بتركه أو لا لما في قبول الوقف من المنة وكذا يقال فيما لو أوصى له بمال ومات الموصي هل يجب قبول الوصية أو لا لما تقدم فيه نظر ولا يبعد فيهما عدم الوجوب لما ذكر ويحتمل الفرق بين الوقف والوصية لأن الوقف يصير ملكا لله تعالى وينتقل عن الموقوف عليه بموته واختلال شرط فيه ولا يجوز له التصرف فيه ببيع ولا غيره مما في معناه فتضعف المنة فيه بخلاف الوصية فإنه يملك الموصى به ملكا مطلقا فأشبه الهبة وقوله الوجوب على من حمله الإمام وكما يجب عليه ذلك إذا حمله الإمام ينبغي وجوب السؤال إذا ظن الإجابة ا ه ع ش عليه قوله من بينه وبين مكة أي نفسها لا الحرم وفارق اعتبارها في حاضري الحرم منه نظرا للتخفيف فيهما ا ه برماوي قوله بأن يعجز عنه في المختار العجز الضعف وبابه ضرب ومعجزا بفتح الجيم وكسرها وعجزت المرأة صارت عجوزا وبابه دخل وكذا عجزت تعجيزا وعجزت من باب طرب وعجزا بوزن قفل عظمت عجيزتها وامرأة عجزاء بوزن حمراء عظيمة العجز أو عجزه الشيء فاته وعجزه تعجيزا ثبطه أو نسبه إلى العجز والمعجزة واحدة معجزات الأنبياء والعجوز المرأة الكبيرة ولا تقل عجوزة والعامة تقوله والجمع عجائز وعجز ا ه وفي المصباح عجز عن الشيء عجزا من باب ضرب وعجز عجزا من باب تعب لغة لبعض قيس غيلان ذكرها ابن أبي زيد وهذه اللغة غير معروفة ا ه قوله مشقة شديدة أي لا تحتمل عادة عند العلامة حج وقال العلامة م ر تبيح التيمم ا ه برماوي قوله راحلة هي في الأصل الناقة والمراد هنا مطلق المركوب فحينئذ هي مساوية للمركوب في المعنى(4/547)
فالعموم الذي ادعاه فيما يأتي ممنوع هذا والراحلة من جملة المؤنة كما سيأتي في عبارته فلعله إنما أفردها لأجل هذا التفصيل فيها الذي لا يجري في بقية المؤن تأمل وعبارة شرح م ر أصل الراحلة الناقة الصالحة للحمل وتطلق على ما يركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى وهو مرادهم هنا وألحق الطبري بها كل دابة اعتيد الحمل عليها من نحو بغل أو حمار انتهت وقوله من نحو بغل أو حمار أي وإن لم يلق به ا ه ز ي أقول وقد يتوقف فيه إلا أن يقال الحج لا بدل له بخلاف الجمعة ويفرق بين ذلك وبين المعادل الآتي حيث اشترطت فيه اللياقة بأنه يترتب عليه الضرر بمجالسته بخلاف الدابة ا ه ع ش عليه قوله مع شق محمل الشق بالكسر نصف الشيء ا ه مختار قوله في حق رجل اشتد ضرره بالراحلة بأن حصل له مشقة تبيح التيمم ا ه شرح م ر قوله اشتد ضرره بالراحلة أي بركوبها من غير محمل وكذا يقال في قوله لا في رجل لم يشتد ضرره بها تأمل قوله وإن لم يتضررا بها كنساء الأعراب والأكراد والتركمان عند شيخنا كحج ا ه ح ل قوله ومع عديل يجلس إلخ حتى إذا لم يرض إلا بأجرة لزمته واعتبرت القدرة عليها ا ه شيخنا ويشترط في العديل أن لا يكون فاسقا ولا مشهورا بنحو مجون أو خلاعة ولا شديد العداوة له أخذا مما سيأتي في الوليمة بل أولى لأن المشقة هنا أعظم بطول مصاحبته ومن ثم اشترط أيضا أن لا يكون به نحو برص أو جذام وأن يوافقه على الركوب بين المحملين إذا نزل لقضاء حاجة ا ه برماوي فإن لم يجده فلا وجوب وإن وجد مؤنة المحمل بتمامه إذ قدر الزائد خسران لا مقابل له كما قاله في الوسيط ا ه شرح م ر قوله واستطاع ذلك أي بحيث لم يخش ميلا ورأى من يمسكه له لو مال عند نزوله لنحو قضاء حاجة ا ه شرح م ر قوله في ركوب المحمل هو خشب ونحوه يجعل في جانب البعير للركوب فيه ا ه شرح م ر كالمسطح والشقدف قوله الكنيسة مأخوذة من الكنس وهو الستر فإن عجز فالمحفة فإن عجز فسرير يحمله الرجال على الأوجه فيهما ا(4/548)
ه برماوي وفي المختار الكانس الظبي يدخل في كناسه وهو موضعه من الشجر يكنس فيه ويستتر وقد كنس الظبي من باب جلس وتكنس مثله ا ه وفيه أيضا والمحفة مركب من مراكب النساء كالهودج إلا أنها لا تقتب كما تقتب الهوادج ا ه قوله عليها ستر بكسر السين المهملة اسم للشيء الذي يستر به(4/549)
وتسمى الآن بالمحارة ا ه برماوي وتسمى في عرف العامة بالجعفة ا ه قوله أما من قصر سفره إلخ قضية كلامه كغيره أنه لو كان بينه وبين مكة دون مسافة القصر وبينه وبين عرفات أكثر لزمه المشي إذا قدر عليه وقد يوجه بأن المشقة في ذلك يسيرة إذ ما بين مكة وعرفة سهل مشقته محتملة ولا يخشى من الانقطاع فيه ما يخشى من الانقطاع في غيره غالبا ا ه شوبري قوله وقوي على المشي أشعر تعبيره بالمشي أنه لا يلزمه الحبو ولا الزحف وإن أطاقهما وهو كذلك ا ه شرح م ر قوله وما يتعلق بها أي من الشق والعديل قوله وأما القادر عليه أي المشي في سفر القصر أي السفر الطويل فيسن له ذلك أي المشي ولا فرق في استحباب المشي بين الرجل والمرأة والركوب لمن قدر عليه أفضل من المشي للاتباع والأفضل أيضا لمن قدر أن يركب على القتب والرحل فعل ذلك ا ه شرح م ر وعبارة الإيضاح ويستحب أن يحصل مركوبا قويا وطيا والركوب في الحج أفضل من المشي على المذهب الصحيح وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حج راكبا وكانت راحلته زاملة ويستحب الحج على الرحل والقتب دون المحامل والهوادج لما ذكرناه من فعل النبي ولأنه أشبه بالتواضع ولا يليق بالحاج غير التواضع في جميع هيئاته وأحواله في جميع سفره وسواء فيما ذكرنا المركوب والذي يستتر به أو يستأجره وينبغي إذا اكترى أن يظهر للجمال جميع ما يريد حمله من قليل وكثير ويسترضيه عليه وإن كان يشق عليه ركوب الرحل والقتب لرئاسته أو ارتفاع منزلته بنسبه أو علمه أو شرفه أو جاهه أو ثروته أو مروءته أو نحو ذلك من مقاصد أهل الدنيا لم يكن عذرا في تركه السنة في اختيار الرحل والقتب فإن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} خير من هذا الجاهل مقدار نفسه والله أعلم انتهت وقوله أفضل من المشي ومع كون المشي مفضولا لو نذره ينعقد نذره لأن فيه كسرا للنفس وهو مطلوب ويلزمه المشي من حين الإحرام إذا لم ينذره من دويرة أهله وإلا فيلزمه منها وانتهاؤه بانتهاء التحلل الثاني(4/550)
وتمام العمرة وله الركوب في خلال النسك لتجارة أو غيرها فإن أفسده وجب المشي في قضائه لا في مضيه في الفاسد ولا في تحلل من فاته الحج بفعل عمرة فإذا خالف مقتضى النذر وركب فإن كان بعذر لم يأثم وعليه دم وإن كان لغير عذر أثم وعليه دم والدم في الصورتين كدم التمتع الآتي بيانه وكما أن المشي يلزم بالنذر كذلك الركوب يلزم بالنذر وهو ظاهر لأنه أفضل من المشي فانعقاد نذره لا شبهة فيه وإذا أخلف نذره فمشى ففيه التفصيل السابق في إخلاف نذر المشي ا ه من شرح ابن الجمال المكي على نظم ابن المقري لدماء الحج قوله فيسن له ذلك أي خروجا من الخلاف ا ه برماوي قوله من مؤنة وغيرها أي غير المؤنة وهو الراحلة وما يتعلق بها تأمل قوله فاضلا عن مؤنة عياله عبر بمؤنة دون نفقة التي عبر بها غيره ليشمل أيضا إعفاف الأب وأجرة الطبيب وثمن الأدوية لحاجة ممونه من نفسه وقريبه ومملوكه ولحاجة غيره إذا تعين الصرف إليه ا ه إيعاب ا ه شوبري قوله أيضا عن مؤنة عياله أي وكسوتهم قال في الصحاح المؤنة الكلفة تقول مأنته أمأنه كسألته أسأله ومنت أمون كقلت أقول ويدخل فيها إعفاف الأب وأجرة الطبيب وثمن الأدوية ونحو ذلك إن احتيج إليها لئلا يضيعوا فقد قال {صلى الله عليه وسلم} كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول ويحرم الحج على من لا يقدر على ذلك ا ه برماوي قوله أيضا عن مؤنة عياله فإن لم يجد الفاضل عنها لا يجوز له السفر بل يحرم عليه وعبارة شرح م ر وما أوهمه كلامهما من جواز الحج عند فقد مؤنة من عليه نفقته لجعلهما ذلك شرطا للوجوب ليس بمراد كما قاله الإسنوي إذ لا يجوز له حتى يترك لهم نفقة الذهاب والإياب وإلا فيكون مضيعا لهم كما في الاستذكار وغيره انتهت وقوله حتى يترك لهم إلخ هذا يخالف ما ذكره في الجهاد من أن المتجه أنه إذا ترك لهم نفقة يوم الخروج جاز سفره وعبارته ثم بعد قول المصنف وكذا كفاية في الأصح ما نصه ولو لزمته كفاية أصله احتاج إلى إذنه إن لم ينب من يمونه من مال(4/551)
حاضر وأخذ منه البلقيني أن الفرع لو لزمت أصله مؤنته امتنع سفره إلا بإذن فرعه إن لم ينب كما مر ثم بحث أنه لو أدى نفقة يوم حل له السفر فيه كالدين المؤجل وهو متجه وإن نظر فيه بعضهم ا ه وفي كلام الزيادي أن(4/552)
عدم الجواز فيما بينه وبين الله تعالى أما في ظاهر الشرع فلا يكلف بدفعها لأنها تجب يوما بيوم أو فصلا بفصل وعليه فما هنا محمول على عدم الجواز باطنا وما في السير عن البلقيني محمول على الجواز ظاهرا ا ه ع ش عليه قوله من دين أي ولو مؤجلا أو أمهل به ربه سواء كان لآدمي أم لله تعالى كنذر وكفارة ولو كان له مال في ذمة غيره وأمكن تحصيله في الحال فكالحاصل عنده وإلا فكالمعدوم ا ه شرح م ر وقوله ولو مؤجلا قال المحاملي لأنه إذا صرف ما معه في الحج فقد يحل الأجل ولا يجد ما يقضي به الدين وقد تخترمه المنية فتبقى ذمته مرهونة ا ه أقول يؤخذ من قوله لأنه إذا صرف إلخ أنه لو كان له جهة يرجو الوفاء منها عند حلوله وجب عليه الحج وهو ظاهر ا ه ع ش عليه قوله من ملبس ومسكن إلخ عبارة أصله مع شرح م ر والأصح اشتراط كونه أي جميع ما مر فاضلا عن مسكنة اللائق به المستغرق لحاجته وعن عبد يليق به ويحتاج إليه لخدمته لمنصب أو عجز كما يبقيان في الكفارة والثاني لا يشترط بل يباعان قياسا على الدين قال الأذرعي ويأتي هنا ما إذا تضيق عليه الحج لخوف عضب أو قضاء على الفور هل يبقيان كالحج المتراخي أو لا كالدين ولم أر في ذلك شيئا ومحل الخلاف إذا كانت الدار مستغرقة لحاجته وكانت سكن مثله والعبد يليق به فلو كانا نفيسين لا يليقان به لزمه إبدالهما بلائق إن وفى الزائد بمؤنة نسكه ومثلهما الثوب النفيس وشمل كلامهم المألوفين وفارق نظيره في الكفارة بأن لها بدلا في الجملة فلا ينتقض بالمرتبة الأخيرة بخلاف الحج ولو أمكن بيع بعض الدار بأن كان الباقي منها يكفيه ولو غير نفيسة ووفى ثمنه بمؤنة نسكه لزمه أيضا وألحق الإسنوي بحثا الأمة النفيسة التي للخدمة بالعبد فإن لم تكن للخدمة بأن كانت للاستمتاع فكالعبد أيضا كما قاله ابن العماد خلافا لما بحثه الإسنوي لأن العلقة فيها كالعلقة فيه وأيده الشيخ بما يأتي في حاجة النكاح انتهت قوله أيضا من ملبس إلى قوله(4/553)
وسلاحه والاحتياج إلى ثمن شيء مما ذكر كالاحتياج إليه فله صرفه فيه ولا يجب عليه النسك حينئذ ا ه شرح م ر قوله يحتاجها أي الثلاثة وقوله لزمانته ومنصبه راجعان للخادم فقط كما في شرح م ر فعبارة الشارح فيها إجمال ربما أخل بالفهم قوله أيضا يحتاجها أي في الحال خرج ما لو كان غير محتاج إليها في الحال كامرأة لها مسكن أو خادم وهي مكفية بإسكان الزوج وإخدامه وكالساكن بالمدارس والربط إذا كان له مسكن يملكه فيكلف بيع المسكن والخادم للنسك لأنه غير محتاج إليه في الحال وهذا هو المعتمد ا ه من شرح م ر قوله والنسك على التراخي أي أصالة فلا يعتبر الحكم لو تضيق فيما يظهر من كلامهم وقول الأذرعي يحتمل تغيره كاجتماع الدين والزكاة والحج في التركة يجاب عنه بأن التركة صارت مرهونة العين بالموت فقدم منها الأقوى تعلقا وهذا لا يأتي فيما نحن فيه ا ه إيعاب ا ه شوبري قوله المحتاج إليهما وآلة الحرفة للمحترف وبهائم الزراع ومحراثه كذلك ا ه برماوي ويمكن الفرق بينهما وبين ما يأتي في مال التجارة بأن المحترف يحتاج إلى الآلة حالا ومال التجارة ليس محتاجا إليه في الحال ا ه من ع ش على م ر قوله وما زدته ثم أي من الأمور الخمسة المذكورة في عبارته هناك ونصها وقولي ما يليق بهما مع ذكر الملبس والتقييد بالحاجة في المسكن وذكر الابتداء والدين من زيادتي انتهت فأنت تراها قد اشتملت على خمسة أمور مزيدة ومن جملتها الدين لكن الأصل ذكره هنا فهو وإن كان مزيدا في باب الفطرة ليس مزيدا هنا فلذلك أخرجه بقوله غير الدين أي حالة كون الذي زدته ثم غير الدين والغير أربعة أمور كما علمت فهي مزيدة على الأصل هنا كما أنها مزيدة عليه في باب الفطرة وإنما اختلف الحال في الدين فهو مزيد على الأصل في باب الفطرة أيضا لا هنا تأمل واشتراط الفضل عنه هنا لا خلاف فيه وفي الفطرة فيه خلاف وتقدم أن الراجح عدم الاشتراط وفي سم على حج ما نصه ظاهر كلامهم هنا اعتبار الفضل عن(4/554)
الدين وإن لم يعتبر الفضل عنه بالنسبة للفطرة لأنهم أطلقوا اعتبار الفضل هنا ولم يحكوا فيه خلافا مع حكايتهم الخلاف هناك والفرق ممكن بحقارة الفطرة غالبا بالنسبة للدين فسومح بوجوبها مع الدين على أحد الرأيين بخلاف مؤن الحج فليتأمل ا ه قوله لا عن مال تجارة تنبيه قياس ما أفتى به شيخنا الشهاب م ر من أنه يجب(4/555)
على المدين النزول عن وظائفه بعوض إذا أمكنه ذلك وإن لم يكن له إلا هي وجوب الحج على من بيده وظائف أمكنه النزول عنها بما يكفيه للحج وإن لم يكن له إلا هي وفي فتاوى الجلال السيوطي رجل لا مال له وله وظائف فهل يلزمه النزول عنها بمال للحج الجواب لا يلزمه ذلك وليس هو مثل بيع الضيعة المعدة للنفقة لأن ذلك معاوضة مالية والنزول عن الوظائف إن صححناه مثل التبرعات ا ه سم على حج والأقرب ما قاله م ر ومثل الوظائف الجوامك والمحلات الموقوفة عليه إذا انحصر الوقف فيه وكان له ولاية الإيجار فيكلف إيجاره مدة تفي بمؤن الحج حيث لم يكن في شرط الواقف ما يمنع من صحة الإجارة وظاهره في النزول عن الوظائف ولو تعطلت الشعائر بنزوله عنها وهو ظاهر لأنه لا يلزمه تصحيح عبادة غيره ا ه ع ش على م ر قوله بل يلزمه صرفه إلخ أي وإن لم يكن له كسب وإن قال الإسنوي فيه بعد ا ه شرح م ر قوله وهو إنما يتخذ ذخيرة الذخيرة بالمعجمة واحدة الذخائر وفعله ذخر يذخر بالفتح فيهما ذخرا بالضم ا ه مختار ا ه ع ش على م ر قوله أيضا وهو إنما يتخذ ذخيرة المستقبل أي والحج لا ينظر فيه للمستقبلات وبه يرد على من نظر لها فقال لا يلزمه صرفه لهما إذا لم يكن له كسب بحال لا سيما والحج على التراخي ا ه شرح حج قوله تقديم النكاح فلو قدمه ولم يحج ومات استقر الحج عليه فيقضى من تركته ولا إثم عليه خلافا لحج ا ه ح ل وقوله تقديم النسك وعليه لو مات قبله كان عاصيا ا ه برماوي قوله بحسب ما يليق به أي بالسفر ا ه ح ل وعبارة الإمداد ومع أمن لائق بالسفر ومثله في التحفة ا ه رشيدي قوله ومالا ولو يسيرا نعم ينبغي كما قاله الأذرعي بحثا تقييده بما لا بد منه للنفقة والمؤن فلو أراد استصحاب مال خطير للتجارة وكان الخوف لأجله لم يكن عذرا وهو ظاهر إن أمن عليه لو تركه في بلده ا ه شرح م ر وهل مثل ذلك ما لو خاف على بضع حليلته في البلد لو سافر والظاهر أنه لا يمنع الوجوب بخلاف المال(4/556)
ويفرق بأنها تستغيث فتستنقذ بخلاف المال ا ه ح ل قوله فلو خاف إلخ لا فرق بين الخوف العام والخاص خلافا للبلقيني ا ه برماوي قوله وهو من يرصد إلخ في المختار الراصد للشيء الراقب له وبابه نصر و رصد أيضا بفتحتين والترصد الترقب والرصد أيضا بفتحتين القوم يرصدون كالحرص يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث وربما قالوا إرصاد والمرصد بوزن المذهب موضع الرصد وأرصده لكذا أعده له ا ه قوله ولا طريق له غيره أما إذا كان له طريق آخر آمن فيلزمه سلوكه ولو أبعد من الأول ا ه شرح م ر قوله لم يلزمه نسك حتى لو اندفع الرصدي بمال طلبه لم يجب النسك وإن قل المال الذي يطلبه نعم إن كان الباذل له الإمام أو نائبه وجب وكذا إذا كان أحد الرعية كما قاله بعض المتأخرين واعتمده م ر لضعف المنة ببذله عن الجميع ولأن المنة إنما تكون بأخذ المال وهو منتف نعم إن دفعه عن هذا الشخص بخصوصه لم يجب قاله م ر هذا واعتمد شيخنا في شرح الإرشاد عدم الوجوب إذا كان الباذل أحد الرعية مطلقا ا ه سم قوله ويكره بذل المال لهم أي قبل الإحرام إذ لا حاجة لارتكاب الذل حينئذ بخلافه بعده لا يكره لأنه أسهل من قتال المسلمين أو التحلل فعلم أن إطلاق الرافعي والمصنف الكراهة هنا لا ينافي تخصيصهما لهما بالكافر في باب الإحصار لأن ذلك محله بعد الإحرام وهذا قبله كما تقرر ا ه شرح م ر قوله لكن إن كانوا كفارا وأطاق الخائفون إلخ اعلم أن هذا الحكم إنما هو فيما إذا لم يعبروا بلادنا أما إذا عبروها فتجب مقاتلتهم مطلقا كما سيأتي في محله لا جرم علل حج بقوله لأن الغالب في الحجاج عدم اجتماع كلمتهم وضعف جانبهم فلو كلفوا الوقوف لهم كانوا طعمة لهم وذلك يبعد وجوبه ا ه رشيدي على م ر قوله سن لهم أن يخرجوا للنسك أي والحال أن الفرض تام بغيرهم أو السنة من حيث الجمع بين النسك والجهاد كما أشار إليه الشارح ا ه شوبري قوله ويلزم ركوب بحر بسكون الحاء ويجوز فتحها أي يلزم الرجل ولو جبانا(4/557)
والمرأة إن وجدت لها محلا تنعزل فيه عن الرجال وخرج بالبحر أي الملح إذ هو المراد عند الإطلاق الأنهار العظيمة كسيحون وجيحون والدجلة فيجب ركوبها مطلقا لأن المقام فيها لا يطول وخطرها لا يعظم ولا فرق(4/558)
بين قطعها طولا أو عرضا ولأن جانبها قريب يمكن الخروج إليه سريعا بخلافه في البحر نعم يظهر إلحاقهما بالبحر في زمن زيادتها وشدة هيجانها وغلبة الهلاك فيها إذا ركبها طولا ا ه شرح م ر قوله تعين طريقا أي ولو لنحو جدب البر وعطشه خلافا لقول الجوهري ينتظر زوال عارض البر قال العلامة سم وهل من التعين ما لو كانت النفقة التي معه توفي بسفر البحر دون البر لا يبعد نعم ثم رأيت ذلك منقولا عن العلامة الرملي ا ه برماوي قوله وغلبت سلامة فإن غلب الهلاك لخصوص ذلك البحر أو لهيجان الأمواج في بعض الأحوال أو استويا حرم الركوب للحج وغيره إلا أن يكون للغزو على أحد وجهين بشرط عدم عظم الخطر فيه بحيث تندر النجاة وإلا حرم حتى للغزو فإن ركب للحج في غير الحالة الأخيرة فيما يظهر وما بين يديه أكثر مما قطعه فله الرجوع أو أقل أو استويا ووجد بعد الحج طريقا آخر في البر فيما إذا كان له وطن يريد الرجوع إليه لزمه التمادي لقربه من مقصده في الأول واستواء الجهتين في حقه في الثاني قال الأذرعي وما ذكره من الكثرة والتساوي المتبادر منه النظر إلى المسافة وهو صحيح عند الاستواء في الخوف في جميع المسافة أما لو اختلف فينبغي أن ينظر إلى الموضع المخوف وغيره حتى لو كان أمامه أقل مسافة لكنه أخوف أو هو المخوف لا يلزمه التمادي وإن كان أطول مسافة ولكنه سليم وخلف المخوف وراءه لمعصية لزمه ذلك ا ه وهو ظاهر لا يقال الخروج من المعصية واجب لأنا نقول عارضه ما هو أهم منه وهو قصد النسك مع تضييقه كما يأتي على أنا نمنع دوام المعصية إذ هي في ابتداء الركوب فقط بدليل قولهم في الأول له الرجوع وفارق ما هنا جواز تحلل محصر أحاط به العدو مطلقا بأن المحصر محبوس وعليه في مصابرة الإحرام مشقة بخلاف راكب البحر ولو محرما فلا يكون كالمحصر خلافا لبعض المتأخرين حيث قال نعم إن كان محرما كان كالمحصر وإنما منع من الرجوع مع أن الحج على التراخي لأن الفرض فيمن خشي العضب(4/559)
أو أحرم بالحج وضاق وقته أو نذر أن يحج في ذلك العام أو أن مرادهم بما ذكر استقرار الوجوب نعم لو ندرت السلامة منه فالأوجه وجوب الرجوع في حالة جوازه في غيرها ا ه شرح م ر قوله ووجود ماء وزاد إلخ ويجب حمل الماء والزاد على الوجه المعتاد لحمل الزاد من الكوفة إلى مكة وحمل الماء مرحلتين أو ثلاثا قال الأذرعي وغيره وكان هذا عادة أهل العراق وإلا فعادة الشام حمله غالبا بمفازة تبوك وهي ضعف ذلك ا ه والضابط في مثل ذلك العرف ويختلف باختلاف النواحي فيما يظهر وإلا فقد جرت عادة كثير من أهل مصر بحمله إلى العقبة وبحث في المجموع اعتبار العادة في العلف أيضا كالماء وسبقه إليه سليم وغيره واعتمده السبكي وغيره وهو ظاهر فإن عدم شيئا مما ذكر في أثناء الطريق جاز له الرجوع ولو جهل مانع الوجوب من نحو وجود عدو أو عدم زاد استصحب الأصل وعمل به إن وجد وإلا وجب الخروج إذ الأصل عدم المانع ويتبين وجوب الخروج بتبين عدم المانع فلو ظنه فترك الخروج من أجله ثم بان عدمه لزمه النسك ا ه شرح م ر قوله يعتاد حملها منها وذلك لأن القدرة عليهما معتبرة في الوجوب ولم يرد عن الشارع بيان كيفية القدرة فيرجع في ذلك إلى العرف كالحوز والقبض ا ه برماوي قوله وهو القدر اللائق به أي بما ذكر من الماء والزاد قوله فإن كانا لا يوجدان إلخ انظر هذا مع قوله فيما سبق وجود مؤنته سفرا ا ه ح ل أي مع أن ما تقدم ثم يغني عنه إلا أن يقال ما تقدم يوهم أنه متى وجد المؤنة لزمه وإن عدمت في المحال التي يعتاد حملها منها فهذا كالتقييد لما تقدم حرره ا ه شيخنا ح ف قوله بأكثر من ثمن المثل ظاهره ولو يسيرا وعبارة م ر هنا نعم تغتفر الزيادة اليسيرة إلخ وقدم في الراحلة عدم اغتفار الزيادة وإن قلت قلت ولعل الفرق بينهما أن الماء والزاد لكونهما لا تقوم البنية بدونهما ولا يستغنى عنهما سفرا ولا حضرا لم تعد الزيادة اليسيرة خسرانا بخلاف الراحلة ا ه ع ش قوله لعظم تحمل المؤنة(4/560)
عبارة حج لأنه إن لم يحمل ذلك معه خاف على نفسه وإن حمله عظمت المؤنة انتهت قوله وعلف دابة بفتح العين المهملة واللام وقوله كل مرحلة مرجوح وقوله اعتبار العادة هو المعتمد حتى لو جرت العادة بأن يحمل من أماكن مخصوصة كفى وجوده فيها لا في كل مرحلة وإلا لم يلزم أفاقيا حج أصلا ا ه(4/561)
برماوي قوله نحو زوج امرأة أي ولو فاسقا لأنه مع فسقه يغار عليها من مواقع الريب وبه يعلم أن من علم منه أنه لا غيرة له لا يكتفى به ا ه شرح حج ومثلها الخنثى أي المرأة والأمرد الجميل كالمرأة ا ه برماوي ولو امتنع محرمها من الخروج بالأجرة لم يجبر كما قاله الرافعي في باب حد الزنا ومثله الزوج في ذلك نعم لو كان قد أفسد حجها ووجب عليه الإحجاج بها لزمه ذلك من غير أجرة كما قاله الرافعي ا ه شرح م ر قوله كمحرمها أي بنسب أو رضاع وقوله وعبدها أي الثقة إن كانت ثقة أيضا لأنه إنما يحل له نظره والخلوة بها حينئذ كما يأتي في النكاح ومثله في ذلك الممسوح ا ه شرح م ر قوله أيضا كمحرمها أي ولو مراهقا ويشترط كونه بصيرا إذ الأعمى كالمعدوم قال العلامة م ر إلا إذا كان فطنا حاذقا فينبغي الاكتفاء به لكن اشتراطهم مصاحبة نحو المحرم بها ليمنع عنها أعين الناظرين إليها ينافي ذلك ولا يشترط كونه ثقة كالزوج ا ه برماوي وعبارة شرح م ر ولو كان أحدهم مراهقا أو أعمى له وجاهة وفطنة بحيث تأمن على نفسها معه كفى فيما يظهر واشتراط العبادي البصر فيه محمول على من لا فطنة معه وإلا فكثير من العميان أعرف بالأمور وأدفع للتهم والريب من كثير من البصراء انتهت ولو مات المحرم أو نحوه بعد إحرامها لزمها الإتمام إن أمنت على نفسها وحرم عليها التحلل حينئذ وإلا جاز أو قبل إحرامها لزمها الرجوع إن أمنت ا ه برماوي قوله أو نسوة بضم النون وكسرها جمع امرأة من غير لفظها ا ه برماوي ويعكر على هذا قول الشارح ثنتين فأكثر إذ الجمع عند الفقهاء والأصوليين مدلوله ثلاثة فأكثر تأمل قوله ثقات أي ولو إماء أو غير بالغات حيث كان لهن حذق ا ه برماوي قوله أيضا ثقات أي في غير المحارم أما فيهن فلا يشترط قياسا على الذكور نعم إن غلب على الظن حملهن لها على ما هن عليه اعتبر فيهن الثقة ا ه شرح م ر قوله ولو بلا محرم لإحداهن الغاية للرد وعبارة أصله مع شرح م ر والأصح أنه لا(4/562)
يشترط وجود محرم أو نحوه لإحداهن لانقطاع الأطماع باجتماعهن والثاني يشترط لأنه قد ينوبهن أمر فيستعن به انتهت قوله معها ينبغي أن المراد بالمعية كونه بحيث يحصل أمنها على نفسها بسببه وإن لم يكن مخالطا لها ا ه برماوي وعبارة شرح م ر والأوجه اشتراط مصاحبة من يخرج معها لها بحيث يمنع تطلع الفجرة إليها وإن بعد عنها قليلا في بعض الأحيان انتهت قوله وفي رواية لهما إلخ إنما ذكرها بعد الأولى لينبه على أن الأولى ليست متفقا عليها وأخرها لقلتها وعدم شمولها للزوج ا ه ع ش وقوله إنما ذكرها بعد الأولى إلخ يتأمل هذا الكلام مع كلام الشارح الصريح في أن كلا من الروايتين في الصحيحين تأمل قوله إلا مع ذي محرم أي محرمية أي قرابة قوله ويكفي في الجواز لفرضها إلخ أما لنفلها فلا يكفي امرأة واحدة ولا أكثر من واحدة بل لا بد من خروج زوج أو محرم معها وخرج بالجواز الوجوب وتقدم أنه يكفي ثنتان أما بدون خروجه معها فلا يجوز وإن أذن لها في الخروج ولو في نسوة كثرن ا ه شيخنا وعبارة ح ل أما لغير فرضها فلا يجوز مع محض النساء وإن كثرن وقوله لأنها من أهبة نسكها أي فالكلام في النسك الواجب ولو نذرا أو قضاء أما النفل فلا يجوز لها الخروج له مع النسوة وإن كثرن حتى يحرم على المكية التطوع بالعمرة من التنعيم مع النساء انتهت وعبارة شرح م ر ثم اعتبار العدد بالنسبة للوجوب الذي كلامنا فيه أما بالنسبة لجواز خروجها فلها ذلك مع واحدة لفرض الحج كما في شرح المهذب ومسلم ومثله العمرة وكذا وحدها إذا أمنت وعليه حمل ما دل من الأخبار على جواز سفرها وحدها أما سفرها وإن قصر لغير فرض فحرام مع النسوة مطلقا وعليه حمل الشافعي الخبر السابق وفارق الواجب غيره بأن مصلحة تحصيله اقتضت الاكتفاء بأدنى مراتب مظنة الأمن بخلاف ما ليس بواجب فاحتيط معه في تحصيل الأمن انتهت قوله إذا أمنت المراد بالأمن هنا أمنها من الخديعة والاستمالة إلى الفواحش ا ه إيعاب ا ه شوبري(4/563)
قوله ولو بأجرة أي فاضلة عما يعتبر في الفطرة على ما مر في قوله وشرط كونه فاضلا عن مؤنة عياله وغيرها مما ذكر في الفطرة ا ه ع ش وفائدة الوجوب تعجيل دفع الأجرة في الحياة إن تضيق بنذر أو خوف عضب أو الاستقرار إن قدرت عليها حتى يحج عنها(4/564)
من تركتها ا ه برماوي قوله كقائد أعمى أي ولو كان الأعمى مكيا و أحسن المشي بالعصي ولا يأتي فيه ما مر في الجمعة عن القاضي حسين لبعد المسافة عن مكان الجمعة غالبا ا ه شرح م ر قوله بضرر شديد أي لا يحتمل في العادة ا ه شرح م ر قوله لا يلزمه نسك بنفسه نعم يغتفر مشقة تحتمل عادة ا ه برماوي قوله أعم من تعبيره بالراحلة ليس المراد بها هنا خصوص الناقة بل كل ما يركب عليه بالنسبة لطريقه الذي يسلكه ولو نحو بغل وحمار وبقر بناء على ما صرحوا به من حل ركوبه قال العلامة حج وإن لم يلق به ركوبه لأنه وظيفة العمر وبه فارق الجمعة وقال العلامة م ر لا بد أن يليق به ركوبه ويؤيده بل يكاد يصرح به اشتراطهم في العديل الذي يجلس معه أن يكون تليق به مجالسته إذ لا يظهر بينهما فرق ا ه برماوي قوله وزمن يسع سيرا معهودا عبارة شرح م ر ويشترط لوجوب النسك أيضا كما نقله الرافعي عن الأئمة وصوبه المصنف وهو المعتمد تمكنه من السير إليه على الوجه المعتاد بأن يبقى من الزمن عند وجود الزاد ونحوه مقدار يفي بذلك فلو احتاج إلى قطع أكثر من مرحلة في يوم أو في بعض الأيام لم يلزمه ذلك فلو مات لم يقض من تركته وذهب ابن الصلاح إلى أنه يشترط لاستقراره في ذمته لا لوجوبه بل متى وجدت استطاعته وهو من أهل وجوبه لزمه في الحال كالصلاة تجب بأول الوقت قبل مضي زمن يسعها وتستقر في الذمة بمضي زمن يمكن فعلها فيه وأجاب الأول بإمكان تتميمها بعده بخلاف الحج ولا بد من وجود رفقة تخرج معه ذلك الوقت المعتاد فإن تقدموا بحيث زادت أيام السفر أو تأخروا بحيث احتاج أن يقطع معهم في يوم أكثر من مرحلة فلا وجوب لزيادة المؤنة في الأول وتضرره في الثاني ومحل اعتبار الرفقة عند خوف الطريق فإن كانت آمنة بحيث لا يخاف فيها الواحد لزمه وإن استوحش وتعتبر الاستطاعة المارة في الوقت فلو استطاع في رمضان ثم افتقر في شوال فلا استطاعة وكذا لو افتقر بعد حجهم وقبل الرجوع لمن يعتبر في(4/565)
حقه الإياب انتهت قوله وإن اعترضه ابن الصلاح إلخ فعليه بوصف الإيجاب ويجوز الاستئجار عنه بعد موته قطعا وعلى الأول لا يوصف بالإيجاب ويجوز الاستئجار عنه على الأصح لأنه نفل ا ه ح ل يعني أنه لم يدرك زمنا يسع السير للنسك بعد وجود الاستطاعة بأن لم يستطع إلا بعد خروج الحجاج من بلده فابن الصلاح يقول في هذه الحالة إنه وجب عليه لكن لم يستقر أي لم يستقر وجوبه عليه بمعنى أنه إذا مات في هذه السنة لا يجب قضاؤه من تركته وإن كان يوصف بالإيجار ويجوز الاستئجار عنه قطعا وعلى كلام غير ابن الصلاح في هذه الحالة لم يجب الحج من أصله ا ه شيخنا وفي سم ما نصه قوله وإن اعترضه ابن الصلاح إلخ قال البلقيني وفائدة الخلاف أنه يوصف على الثاني بالوجوب فيصح الاستئجار عنه بعد موته اتفاقا بخلافه على الأول يعني فإنه يجري في صحة الاستئجار عنه بعد موته الخلاف في صحة الاستئجار عمن مات ولم يجب عليه لعدم الاستطاعة وقد قال في الروضة وأصلها ولو لم يكن الميت حج ولا وجب لعدم استطاعته ففي جواز الإحجاج عنه طريقان أحدهما طرد القولين لأنه لا ضرورة إليه والثاني القطع بالجواز لوقوعه عن حجة الإسلام ا ه وقوله طرد القولين إشارة إلى القولين في قوله قبل ذلك إن في استنابة الوارث عن الميت قولين أظهرهما الجواز ا ه قوله و قال السبكي إن نص الشافعي أيضا يشهد له زاد السبكي والعجب من ابن الصلاح في منازعته في ذلك وفرق النووي بأن الصلاة إنما وجبت أول الوقت لإمكان تتميمها بخلاف الحج غير محتاج إليه فإن الحكم فيهما واحد إذا مات في أثناء وقت الصلاة قبل إمكان فعلها تبينا عدم الوجوب صرح بذلك القاضي أبو الطيب ولا ينافي الوجوب بأول الوقت لأنه باعتبار الظاهر وهكذا الحج إذا استطاع والوقت متسع حكمنا بالوجوب ظاهرا فإذا مات قبل الإمكان تبينا عدم الوجوب وليست الصلاة والحج كالزكاة التي تجب بتمام الحول والتمكن شرط للأداء فإذا أتلف المال سقط الوجوب قال ثم إن(4/566)
الظاهر إيراد ابن الصلاح في غاية الإشكال لأنه يوهم أنه إذا استطاع قبل عرفة بيوم وبينه وبينها شهر فمات في تلك السنة أن الحج وجب عليه وسقط وهذا لا يقوله أحد ولا يظن بابن الصلاح وإنما أراد إذا بقيت مدة تسع ومات في أثنائها وقد بينا أن الحكم فيها أن يتبين عدم الوجوب وإن كنا حكمنا بالوجوب ظاهرا ا ه تنبيه نقل عن(4/567)
أبي علي السنجي أنه لو استطاع والوقت ضيق ثم مات في تلك السنة فيقضى من تركته وخالفه الأصحاب ونقل العراقي عن البلقيني في النكت ما يشبه مذهب أبي علي ولكن عبارته توهم أنه شرح لكلام ابن الصلاح فليحذر ا ه قوله لا لوجوبه فيه أن المصنف لم يجعله شرطا لوجوبه بل جعله شرطا للاستطاعة وأجيب بأن الاستطاعة شرط للوجوب وشرط الشرط شرط ا ه شيخنا قوله ولا يدفع مال لمحجور بسفه عبارة أصله مع شرح م ر والمحجور عليه بسفه كغيره في وجوب النسك عليه ولو بنحو نذر قبل الحجر وإن أحرم به بعده أو نفل شرع فيه قبل الحجر لأن زيادة النفقة حينئذ بسبب السفر تكون في ماله لأنه مكلف فيصح إحرامه وينفق عليه من ماله لكن لا يدفع المال إليه لئلا يضيعه بل يخرج معه الولي بنفسه إن شاء لينفق عليه بالمعروف أو ينصب شخصا له ثقة ينوب عن الولي ولو بأجرة مثله إن لم يجد متبرعا كافيا لينفق عليه في الطريق بالمعروف والأوجه أن أجرته كأجرة من يخرج مع المرأة وشمل ذلك ما لو قصرت مدة السفر ولا يرد على ذلك قولهم للولي أن يسلمه نفقة أسبوع فأسبوع إذا كان لا يتلفها لأن الولي في الحضر يراقبه فإن أتلفها أتفق عليه بخلاف السفر فربما أتلفها ولا يجد ما ينفق عليه فيضيع ومحل ذلك كما قاله الأذرعي إذا أنفق عليه من مال نفسه فإن تبرع الولي بالإنفاق عليه وأعطاه السفيه من غير تمليك فلا يمنع منه انتهت وقوله والمحجور عليه بسفه إلخ مفهومه أن المحجور عليه بسفه ليس كذلك فيمنع منه لتعلق حق الغرماء بأمواله وظاهره ولو كان الحج فوريا بأن أفسد الحج قبل الحجر عليه بالفلس فليراجع ا ه ع ش عليه قوله واستطاعة بغيره ولا يشترط فيمن يحج عن غيره مساواته للمحجوج عنه في الذكورة والأنوثة فيكفي حج المرأة عن الرجل كعكسه أخذا من الحديث ا ه ع ش على م ر قوله فتجب إنابة أي فورا أي تجب على الموصي فإن لم يكن فالوارث فإن لم يكن فالحاكم إن لم يرد كل منهم فعل ذلك بنفسه ا ه حج وسيأتي هذا(4/568)
الكلام مفروضا فيمن مات بعد الاستطاعة كما هو ظاهر أما من مات قبلها كغالب الناس فلكل من الوارث والأجنبي الحج والإحجاج عنه وعبارة حج ولكل الحج والإحجاج عن ميت لم يستطع في حياته على المعتمد نظرا إلى وقوع حجة الإسلام عنه وإن لم يكن مخاطبا بها في حياته انتهت ولو تمكن من النسك سنين ولم يفعله حتى مات أو عضب عصى من آخر سني الإمكان فيتبين بعد موته أو عضبه فسقه في الأخيرة بل وفيما بعدها في المعضوب إلى أن يفعل عنه فلا يحكم بشهادته بعد ذلك وينقض ما يشهد به في الأخيرة بل وفيما بعدها في المعضوب إلى ما ذكر كما في نقض الحكم بشهود بان فسقهم وعلى كل من الوارث أو المعضوب الاستنابة فورا للتقصير نعم لو بلغ معضوبا جاز له الاستنابة كما في الروضة ا ه شرح م ر قوله عن ميت بأن مات بعد انتصاف ليلة النحر ومضى إمكان الرمي والطواف والسعي وإن دخل الحاج مكة بعد الوقوف ويأثم في هذه الحالة بالتأخير إلى هذا الوقت ولو كان شابا وإن لم ترجع القافلة ا ه شرح م ر وعبارة حج أما إذا لم يتمكن بعد الوجوب بأن أخر فمات أو جن قبل تمام حج الناس أي قبل مضي زمن بعد نصف ليلة النحر تسع بالنسبة لعادة حج بلده فيما يظهر ما لم يمكنهم فيه تقديمه على نصف الليل من الأركان ورمى جمرة العقبة أو تلف ماله أو عضب قبل إيابهم لم يقض من تركته انتهت قوله غير مرتد أما المرتد فلا تصح الإنابة عنه وهو معلوم من تعبيره بتركته إذ المرتد لا تركة له لتبين زوال ملكه بالردة لأنه عبادة بدنية يلزم من صحتها وقوعها للمستناب عنه وهو مستحيل وبه فارق إخراج الزكاة من تركته ا ه شرح م ر قوله عليه نسك أي حج أو عمرة سواء كان فرض الإسلام أو قضاء أو نذرا ومعنى كونه عليه أنه لزم ذمته واستقر في الحياة بأن تمكن بعد قدرته على فعله بنفسه أو غيره ا ه شرح م ر وخرج نسك النفل كأن مات بعد فعل حجة الإسلام فلا يجوز للوارث ولا لغيره أن يفعله عنه إلا إن أوصى به ا ه برماوي وحج قال(4/569)
في شرح العباب ولا تصح النيابة أيضا في تطوع عن حي غير معضوب ولا عن ميت لم يوص به إلا عن ميت أوصى به وإلا من معضوب أناب من يحج عنه مرة أو أكثر ا ه باختصار فتحصل جواز إنابة المعضوب في الفرض والنفل بل يجب في الفرض وجواز الحج عن الميت في الفرض مطلقا وفي النفل إن أوصى به ويمتنع إنابة القادر(4/570)
مطلقا ا ه سم على حج قوله سن لوارثه أن يفعله عنه أي بنفسه أو نائبه ا ه شرح م ر وانظر ما حكم القريب غير الوارث وقد تقدم في الصوم أنه كالوارث ا ه ح ل فرع لو اكترى من يحج عن أبيه مثلا فقال الأجير حججت قبل قوله بلا يمين ولا بينة لأن تصحيح ذلك بالبينة لا يمكن فرجع إلى قوله كما لو قالت المرأة بعد أن طلقها زوجها ثلاثا تزوجت بزوج ودخل بي وطلقني واعتددت منه قاله الشارح في آداب القضاء ا ه برماوي قوله فلو فعله أجنبي جاز أي ويبرأ به الميت وعبارة حج وخرج بتركته ما إذا لم يخلف تركة فلا يلزم أحدا الحج ولا الإحجاج عنه لكنه يسن للوارث وللأجنبي وإن لم يأذن له الوارث ويفرق بينه وبين توقف الصوم على إذن القريب بأن هذا أشبه بالديون فأعطي حكمها بخلاف الصوم انتهت قوله وعن معضوب أي وتجب إنابة عن معضوب أي يجب عليه أن ينيب عن نفسه إذا كان عليه نسك فلو أخر قوله السابق عليه نسك إلى هنا لكل من الميت والمعضوب لكان أولى وعبارة حج والمعضوب يلزمه الإحجاج عن نفسه فورا إن عضب بعد الوجوب والتمكن وعلى التراخي إن عضب قبل الوجوب أو معه أو بعده ولم يمكنه الأداء وذلك لأنه مستطيع إذ الاستطاعة بالمال كهي بالنفس انتهت وقوله فورا إن عضب بعد الوجوب إلخ بهذا التفصيل في الفورية مع إطلاقها في قوله الآتي ويجب الإذن فورا إلخ يعلم الفرق بين المسألتين أي مسألتي الاستئجار والاستنابة في الفورية وأنها تجب مطلقا في الإنابة وفي الاستئجار على هذا التفصيل ا ه سم عليه ويجوز للمعضوب الاستنابة في حج التطوع وعبارة شرح م ر وتجوز للمعضوب النيابة في نسك التطوع كما في النيابة عن الميت إذا أوصى به ولو كان النائب فيه أي في نسك التطوع صبيا مميزا أو عبدا لأنهما من أهل التطوع بالنسك لأنفسهما بخلاف الفرض فلا ينوبان فيه لأنهما ليسا من أهله لأنفسهما انتهت فلو شفي المعضوب بعد فعل الأجير للنسك تبين أنه لم يقع للمعضوب بل يقع للأجير ولا أجرة له في هذه(4/571)
الحالة وأما إذا لم يشف المعضوب بل تحمل المشقة وفعل النسك مقارنا لفعل الأجير فإن نسك الأجير يقع له أي الأجير أيضا لكن له الأجرة في هذه ا ه من شرح م ر وحج والفرق بين الصورتين أن المعضوب في الأولى لا تقصير منه إذ الشفاء ليس باختياره وفي الثانية مقصر بحضوره ومباشرته للنسك بعد أن ورط الأجير ا ه سم على حج قوله بضاد معجمة من العضب وهو القطع كأنه قطع عن كمال الحركة ويقال بصاد مهملة كأنه قطع عصبه ا ه شرح م ر قوله أي عاجز عن النسك بنفسه أي حالا ومآلا ا ه شرح م ر وهذا في الكبر ظاهر وفي المرض بأن لا يرجى برؤه كما ذكره حج وهل يكفي في العجز علمه من نفسه بذلك أو يتوقف ذلك على إخبار طبيب عدل فيه نظر وقياس نظائره من التيمم ونحوه الثاني وقد يقال بل الأول أقرب ويفرق بينهما بأنه إنما احتيج لإخبار الطبيب ثم لما يترتب عليه من ترك ما وجب عليه فعله كالوضوء بخلاف ما هنا فإنه عمل بمقتضى الوجوب أو خوطب به عند وجود شروطه وقد وجدت والتضييق لم يترتب عليه ترك واجب بل ولا مطلوب وإنما ترتب عليه تعجيل ما طلب منه ا ه ع ش على م ر قوله بينه وبين مكة مرحلتان فإن كان بينه وبينها أقل منهما لم تجزه الإنابة مطلقا بل تكلفه بنفسه فإن عجز حج عنه بعد موته من تركته هذا ما اقتضاه إطلاقهم وله وجه وجيه نظرا إلى أن عجز القريب بكل وجه نادر جدا فلم يعتبر وإن اعتبره جمع متأخرون فجوزوا له الإنابة أخذا من التعليل بخفة المشقة وتبعتهم في شرح الإرشاد ا ه حج وعبارة شرح م ر نعم لو كان بينه وبين مكة أقل من مسافة القصر أو كان بمكة لزمه الحج بنفسه لقلة المشقة عليه كما نقله في المجموع عن المتولي وأقره فإن انتهى حاله لشدة الضناء أي حاله لا يحتمل معها الحركة بحال فينبغي أن تجوز له الاستنابة في ذلك كما بحثه السبكي وهو ظاهر انتهت وعلى هذا يكون في مفهوم تقييد المتن تفصيل قوله بأجرة مثل متعلق بإنابة من حيث رجوعها لكل من الميت والمعضوب لكن(4/572)
قوله فضلت عما مر إنما يظهر بالنسبة للمعضوب ولا يصح رجوعه لمسألة الميت كما لا يخفى تأمل قوله أيضا بأجرة مثل أي مثل الأجير الذي يباشر فما دونها حتى لو وجد المعضوب دون الأجرة ورضي الأجير به لزمه الاستئجار لاستطاعته في هذه الحالة والمنة هنا من الأجير دون المنة في التطوع بالمال ا ه شرح م ر بالمعنى ولا يكلف(4/573)
الزيادة على أجرة المثل وإن قلت قياسا على أجرة الراحلة ا ه ع ش عليه وفي سم على حج في باب المواقيت الآتي ما نصه تنبيه قال في المجموع لا يشترط في صحة الاستئجار ذكر الميقات ويحمل على ميقات تلك البلدة في العادة الغالبة ا ه قال الشارح في شرح العباب وكأنه قصد بهذا رد طريقة ضعيفة حكاها بعد وهي إن كان للبلد طريقان مختلفا الميقات أو طريق تفضي إلى ميقاتين كالعقيق وذات عرق لأهل العراق وكالجحفة والحليفة لأهل الشام فإنهم تارة يمرون بهذا وتارة يمرون بهذا اشترط بيانه وإلا فلا ا ه والراجح لا يشترط مطلقا ويحمل على ميقات بلد المحجوج عنه في العادة الغالبة ا ه ويبقى الكلام في حال الاستواء ويحتمل أن يتخير وأن يعتبر ما سلكه بالفعل ومن هنا يعلم حكم أجير أهل الروم الذين يمرون تارة على مصر وتارة على الشام ا ه قوله فضلت عما مر في النوع الأول أي عن الحاجات المذكورة فيمن يحج بنفسه كالمسكن والملبس والخادم وخيل الجندي وسلاحه وكتب الفقيه فيشترط هنا فضل الأجرة عن هذه الأمور كما اشترط فيما سبق وقوله غير مؤنة عياله سفرا أي وغير مؤنته هو أيضا سفرا فلا يشترط الفضل عنها أيضا وقوله وخرج بسفر مؤنة يوم الاستئجار أي مؤنة عياله يوم الاستئجار وكذا مؤنته هو أيضا يومه فيعتبر فضل الأجرة عنها أيضا هكذا يستفاد من صنيع م ر وحج قوله يمكنه تحصيل مؤنتهم أي باقتراض أو صدقة فاندفع قول السبكي في إلزام من لا كسب له ويصير كلا على الناس إذا أخرج ما في يده بعد على أنه لا نظر هنا للمستقبلات كما مر ا ه حج قوله فلو امتنع من الإنابة أي الآتية في قوله أو بمطيع بنسك ا ه ح ل وقوله أو الاستئجار أي المذكور هنا بقوله بأجرة مثل إلخ إذا علمت هذا علمت أنه كان الأولى للشارح تأخير هذه العبارة عن قوله أو بمطيع بنسك كما يشير له صنيع حج قوله لم يجبره الحاكم عليه معتمد يقال أجبره على الأمر أكرهه ا ه مختار ا ه ع ش قوله فيعتبر كونها أي مؤنة يوم(4/574)
الاستئجار فاضلة عما مر أي من أجرة الأجير والظاهر أن العبارة مقلوبة وحقها هكذا فيعتبر كون الأجرة فاضلة عنها وعبارة شرح م ر نعم يشترط كون الأجرة فاضلة عن مؤنته ومؤنتهم يوم الاستئجار ا ه قوله أي ولو أجرة ماش عبارة شرح م ر ولو لم يجد المعضوب سوى أجرة ماش والسفر طويل لزمه استئجار وإن لم يكن مكلفا بالمشي لو فعله بنفسه إذ لا مشقة عليه في مشي ما لم يكن أصلا أو فرعا فلا يلزمه كما يؤخذ مما يأتي في المطيع انتهت قوله أو مطيع بنسك معطوف على بأجرة مثل والظاهر أن الباء هنا بمعنى اللام أي تجب الإنابة للمطيع بالنسك أي المتطوع به وتجب إنابته فورا من غير تفصيل وعبارة حج ويجب الإذن هنا فورا وإن لزمه الحج على التراخي أي لئلا يرجع الباذل إذ لا وازع بحمله على الاستمرار على الطاعة والرجوع جائز له قبل الإحرام وبه يتبين عدم الوجوب على المعضوب إذا كان قبل إمكان الحج عنه وإلا استقر عليه لا على المطيع وإن أوهمه المجموع وقد يؤخذ من قولهم والرجوع جائز له أنه لو لم يجز له بأن نذر إطاعته نذرا منعقدا لم يلزمه الفور ويحتمل الأخذ بإطلاقهم نظرا للأصل وبما ذكر فارق هذا عدم وجوب المباشرة على المستطيع فورا لأن له وازعا يحمله على الفعل وهو وجوبه عليه انتهت قوله أيضا أو مطيع بنسك ومن أجابه المعضوب وأذن له لم يرجع وكذا المطيع إن أحرم ولو مات المطيع أو المطاع أو رجع المطيع فإن كان بعد إمكان الحج سواء أذن له المطاع أم لا كما أفاده كلام المجموع خلافا لما يوهمه كلام الروضة استقر الوجوب في ذمة المطاع وإلا فلا ووجوب قبول المطيع خاص بالمعضوب خلافا لما يوهمه كلام الحاوي فلو تطوع آخر عن ميت بفعل حجة الإسلام لم يجب على الوارث قبوله لأن له الاستقلال بذلك من غير إذن كما مر ولو كان له مال ولم يعلم به أو من يطيعه ولم يعلم بطاعته وجب عليه الحج اعتبارا بما في نفس الأمر وما استشكله الشيخان من أنه معلق بالاستطاعة ولا استطاعة مع عدم(4/575)
العلم بالمال والطاعة يمكن الجواب عنه بأن الاستطاعة إما الاستطاعة بالنسبة للمباشرة وهذه منتفية مع الجهل وإما بالنسبة للاستقرار وهي غير منتفية ومع ذلك فلا إثم عليه لعذره ا ه شرح م ر وقوله لم يرجع أي لم يجز له الرجوع حتى لو رجع وترتب على رجوعه امتناع المطيع من الفعل تبين(4/576)
عصيانه واستقرار الحج في ذمته ا ه ع ش عليه قوله بدأه بذلك أي بدأ المتطوع المعضوب بذلك أي بأن يؤدي عنه النسك أم لا وقوله فيجب عليه سؤاله تفريع على قوله أم لا وإذا كان المسئول الولد لا يجب عليه الإجابة وعبارة شرح م ر ولا يلزم الولد طاعته بخلاف إعفافه لعدم الضرر على الوالد هنا بامتناع ولده من الحج عنه إذ هو حق الشرع فإذا عجز عنه لم يأثم ولم يكلف به بخلافه ثم فإنه لحق الوالد وضرره عليه فأشبه النفقة قاله في المجموع انتهت قوله إذا توسم أي ظن أو توهم وفي الحديث لا تقوم الساعة حتى يكون الحج للملوك تنزها وللأغنياء متجرا وللفقراء مسألة ا ه برماوي قوله بشرطه الظاهر رجوعه لكل من مسألة الإجارة والمطيع فإن من تأمل أحكام الباب علم أن الشروط المندرجة تحت هذه العبارة لا تختص بالمطيع ولم أر من الحواشي من نبه على هذا تأمل قوله موثوقا به بأن يكون عدلا وإلا لم تصح الاستنابة ولو مع المشاهدة لأن نيته لا يطلع عليها وبهذا يعلم أن هذا شرط في كل من يحج عن غيره بإجارة أو جعالة كذا في حاشية الإيضاح للشارح ا ه سم على حج قوله أيضا موثوقا به أي عدلا وانظر هل المراد في نفس الأمر حتى لو حج بالاستنابة وتبين أنه عدل تبينت الصحة الظاهر نعم لكن عموم قوله فلو استناب غير موثوق به لا يصح يقتضي عدم الصحة مطلقا إلا أن يؤول بظاهر وانظر عكسه أيضا بأن استناب مستورا فبان فاسقا ا ه شوبري قوله أدى فرضه أي ولو نذرا ا ه شوبري قوله وكون بعضه غير ماش يشترط هذا الشرط أيضا في المطيع إذا كان امرأة كما صرح به حج فقال نعم لا يلزمه الإذن لفرع أو أصل أو امرأة ماش ا ه وقوله ولا معولا على الكسب أو السؤال هذان الشرطان يجريان في الأجنبي أيضا خلافا لصنيع الشارح وعبارة حج ولا يلزمه الإذن لقريب أو أجنبي معول على كسب أو سؤال انتهت وفي سم ما نصه قوله ولا معولا على الكسب أو السؤال خصه بالبعض كما هو قضية صنيعه لكن قال شيخ الإسلام الشارح إن(4/577)
المتجه وهو ظاهر كلام الروضة أن الأجنبي كذلك واعتمده م ر قوله غير ماش وكذا موليته وإن لم تكن بعضا كما اقتضاه نص الأم على أن المرأة القادرة على المشي لو أرادت الحج ماشية كان لوليها منعها من المشي فيما لا يلزمها وأفهم كلامه أن البعض إذا كان ماشيا وإن لم يكن معولا على الكسب أو السؤال أو كان معولا على الكسب والسؤال وإن لم يكن ماشيا لا يجب قبوله لكن الشيخان إنما ذكراه في انضمام المشي إليه وهو ليس للتقييد بل الواو فيه بمعنى أو ا ه برماوي وقوله وكذا موليته عبارة حج نعم لا يلزم الإذن لأصل أو فرع أو امرأة ماش إلى أن قال مع أن لولي المرأة منعها من المشي فلم يعتد بطاعتها انتهت وفي سم ما نصه فرع لو أراد شخص الحج عن غير أبيه ماشيا فلأبيه منعه وإن قربت المسافة كما يؤخذ مما مر أول الباب وقول ابن العماد وابن المقري ليس له المنع ينبغي حمله على ما إذا كان أجيرا ولولي المرأة وزوجها منعها من الحج ماشية وإن قدرت كما مر فلا يجب القبول ببذلها الطاعة ولو لوليها أو زوجها كذا في حاشية الإيضاح لشيخنا وفي شرح الإرشاد له ويستثنى أيضا موليته وإن لم تكن بعضا كما اقتضاه نص الأم على أن المرأة القادرة على المشي لو أرادت الحج ماشية كان لوليها منعها فيما لا يلزمها ا ه انتهت قوله ولا معولا على الكسب أو السؤال عبارة شرح م ر ومتى كان الأصل وإن علا أو الفرع وإن سفل ماشيا أو معولا على الكسب أو السؤال ولو راكبا أو كان كل منهما ومن الأجنبي مغررا بنفسه بأن يركب مفازة لا كسب بها ولا سؤال لم يلزمه قبول في ذلك لمشقة مشي من ذكر بخلاف مشي الأجنبي والكسب وقد ينقطع والسائل قد يمنع والتغرير بنفسه حرام انتهت قوله إلا أن يكسب في يوم إلخ راجع لقوله ولا معولا على الكسب فكان عليه ذكره بجنبه كما صنع حج قوله لا بوجود مطيع بمال عبارة أصله مع شرح حج ولو بذل ولده أي فرعه وإن سفل ذكرا كان أو أنثى أو والده وإن علا كذلك أو أجنبي مالا له(4/578)
للأجرة لمن يحج عنه لم يجب قبوله في الأصح لما في قبوله المال من المنة ومن ثم لو أراد الأصل أو الفرع العاجز أو القادر استئجار من يحج عنه أو قال له أحدهما استأجر وأنا أدفع عنك لزمه الإذن له في الأولى والاستئجار في الثانية كما بينته في الحاشية لأنه ليس عليه مع كون البذل من أصله أو فرعه كبير منة فيه بخلاف(4/579)
بذله له ليستأجر هو به عن نفسه أخذا من قولهم إن الإنسان يستنكف الاستعانة بمال الغير وإن قل دون بدنه ولا شك أن أجيره كبدنه انتهت وقوله ومن ثم لو أراد الأصل إلخ خرج ما لو أراد الأجنبي أن يستأجر من يحج عنه أو قال له استأجر وأنا أدفع عنك فلا تلزمه إجابته في الصورتين لأن في ضمنه تقليده منة المال ا ه من شرح م ر والرشيدي عليه والله أعلم وفي المصباح نكفت من الشيء نكفا من باب تعب ومن باب قتل لغة واستنكفت ذا امتنعت أنفة واستكبارا خاتمة فيها مسائل كثيرة تنفع في هذا المبحث قال في الروض وشرحه ما نصه فصل يجوز أن يحج عنه بالنفقة وهي قدر الكفاية كما يجوز بالإجارة والجعالة وذلك بأن يقول حج عني وأعطيك النفقة أو وأنا أنفق عليك واغتفر فيها جهالتها لأنه ليس إجارة ولا جعالة وإنما هو إرزاق على ذلك كما يرزق الإمام وغيره على الأذان ونحوه من القرب فهو تبرع من الجانبين ذاك بالعمل وهذا بالرزق بخلاف الإجارة والجعالة فإن استأجره بالنفقة كأن قال استأجرتك للحج بنفقتك أو حج عني بها لم يصح لجهالة العوض والاستئجار فيما ذكر ضربان استئجار عين واستئجار ذمة فالأول كاستأجرتك لتحج عني أو عن ميتي هذه السنة ولو قال لتحج بنفسك كان تأكيدا فإن عين غير السنة الأولى لم يصح العقد كاستئجار الدار للشهر القابل وإن أطلق العقد عن تقييده بالسنة الأولى صح وحمل على السنة الحاضرة فهي المعتبرة للتعيين والحمل إذا كان يصل إلى مكة فيها فإن كان لا يصل مكة إلا لسنتين فأكثر فالأولى من سني إمكان الوصول هي المعتبرة لذلك ويشترط لصحته قدرة الأجير على الشروع في العمل فلا يصح استئجار من لم يمكنه الخروج لمرض أو خوف أو نحوهما للعجز عن المنفعة ويشترط للصحة أيضا اتساع المدة للعمل فلا يصح الاستئجار إذا بقي من المدة ما لا يسع إدراك الحج لذلك ولو انتظروا خروج القافلة التي يخرجون معها من بلد الإجارة بعد الاستئجار حال الخروج المعتاد لم يضر لضرورة السفر(4/580)
معها والمكي ونحوه ممن يمكنه إدراك الحج في سنة إذا أحرم في أشهره يستأجر في أشهر الحج ولو في أول شوال لتمكنه من الإحرام في الحال بخلافه قبلها إذ لا حاجة به إلى ذلك فيكون في معنى شرط تأخير التسليم والثاني كقوله ألزمت ذمتك تحصيل حجة ويجوز الاستئجار في الذمة على المستقبل من الأعوام كسائر إجارات الذمة فلو عجله عن السنة المعينة زاد خيرا بتعجيله براءة ذمة المحجوج عنه وإن أطلق الاستئجار حمل على السنة الحاضرة كما في إجارة العين فيبطل إن ضاق الوقت ولا تشترط قدرته على السفر فلا يقدح عجزه لمرض أو خوف لإمكان الاستنابة في إجارة الذمة وإن قال ألزمت ذمتك لتحج بنفسك ففي صحة الإجارة تردد والمعتمد ما في الأصل هنا عن البغوي وغيره أنها تصح وأنه لا يستنيب فتكون إجارة عين وقال الإمام ببطلانها وتبعه الأصل في باب الإجارة لأن الدينية مع الربط بعين يتناقضان كمن أسلم في ثمرة بستان بعينه وأجيب بأن الحج قربة وأغراض الناس في عين من يحصلها متفاوتة لأنه قد يستأجر فاسقا ويخرج به عن العهدة شرعا والسلم إذا أطلق حمل على الجيد وفي الجواب نظر فرع تشترط معرفة العاقدين أعمال الحج فلو جهلها أحدهما لم يصح العقد كسائر الإجارات وأعماله أركانه وواجباته وسننه فيشترط معرفة الجميع لأنه معقود عليه حتى يحط التفاوت من المسمى لما فوته من السنن كما صرح به الماوردي وغيره ولا يجب في العقد ذكر الميقات الذي يحرم منه الأجير فيحمل عند الإطلاق على الميقات الشرعي للمحجوج عنه لأن الإجارة تقع على حج شرعي والحج الشرعي له ميقات معهود شرعا وعرفا فانصرف الإطلاق إليه فعلم أنه لا يشترط تعيين الميقات وإن كان في الطريق ميقاتان وبه صرح الأصل وسيأتي أنه إذا عدل عن الميقات المتعين إلى غيره جاز إن كان مثله أو أطول منه وليبين وجوبا في الإجارة للنسك أنه إفراد أو تمتع أو قران لاختلاف الغرض بها فرع لو قال المنوب من حج عني أو أول من يحج عني فله مائة(4/581)
درهم فمن حج عنه ممن سمعه أو سمع من أخبره عنه استحقها لأنها جعالة لا إجارة والجعالة تجوز على العمل المجهول فعلى المعلوم أولى فإن أحرم عنه اثنان مرتبا استحق الأول المائة فإن أحرما معا أو جهل السابق منهما مع جهل سبقه أو بدونه وقع حجهما عنهما ولا شيء لهما على القائل إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر فصار كمن عقد نكاح أختين بعقد واحد وسكتوا عما لو علم سبق(4/582)
أحدهما ثم نسي قال الزركشي فيحتمل الوقف حتى يتذكر ويحتمل أن تكون كاللتين قبلها انتهت وقياس نظائره ترجيح الأول ولو كان العوض مجهولا كأن قال من حج عني فله عبد أو ثوب أو دراهم وقع الحج عنه بأجرة المثل فرع يشترط في إجارة العين أن توجد حال الخروج لأن عليه الاشتغال بعمل الحج عقب العقد والاشتغال بشراء الزاد ونحوه ينزل منزلة الخروج فإن لم يشرع الأجير في الحج من عامه لعذر أو غيره انفسخت الإجارة لفوات المقصود فلو حج عنه في العام الثاني قال القاضي مرة لا يقع عنه وقال أخرى يقع عنه لأنه أمره أن يحج عنه وقد حج عنه أي ولكنه أساء وذكر نحو الثاني الشيخ أبو حامد والدارمي ومتى أخر أجير ذمة الشروع في الحج عن العام الذي تعين له أثم لارتكابه محرما وثبت الخيار في الفسخ على التراخي للمعضوب وللمتطوع بالاستئجار عن الميت لتأخر المقصود فإن شاء فسخا الإجارة وإن شاء أخرا ليحج الأجير في العام الثاني أو غيره أما من استؤجر بمال الميت فأخر الأجير الحج عن العام فيعمل في الفسخ وعدمه بالمصلحة فإن كانت المصلحة في الفسخ لخوف إفلاس الأجير أو هربه فلم يفعل ضمن ولو استأجر المعضوب من يحج عنه ومات أو أوصى الميت باستئجار رجل واستؤجر عنه الرجل في الذمة فأخر الأجير فيهما الحج عن عامه لم ينفسخ عقد الإجارة إذ لا ميراث للوارث في الأجرة في الأولى وبه فارق ثبوت الرد بالعيب ونحوه له والوصية مستحقة الصرف إلى الأجير في الثانية وقد تقدم أنه إذا أخر أجير الذمة يأثم وهو المعتمد وهو قول الجمهور كما أفاده كلام الأصل وصرح به غيره فرع إذا انتهى الأجير للحج إلى الميقات المعين وأحرم عن نفسه بعمرة وأتمها ثم أحرم للمستأجر بالحج ولم يعد إلى الميقات صح حجه عنه للإذن ولزمه دم لإساءته بترك الإحرام به من الميقات ولا ينجبر الحط لما فوته بالدم بل عليه أن يحط تفاوت ما بين حجتين أنشئتا من بلد الإجارة أحرم بإحداهما من الميقات والأخرى من مكة لأن(4/583)
الدم حق الله تعالى فلا ينجبر به الحط الذي هو حق الآدمي كما في التعرض للصيد المأكول فلو كانت أجرة الحجة الأولى مائة والثانية تسعين يحط عشر المسمى لأن التفاوت بالعشر وما ذكر في ذلك من وقوع الحج عن المستأجر فيه إشكال سأذكره مع جوابه بما فيه في فرع وإن استأجر للإفراد فقرن ومتى عاد إلى الميقات محرما أو حلالا وأحرم منه لم يحط من الأجرة شيء إذ لا يلزمه دم لقطعه المسافة من الميقات محرما وأدائه المناسك بعده فرع لو جاوز الأجير الميقات المتعين غير محرم ثم أحرم للمستأجر ولم يعد إليه لزمه دم ويحط التفاوت كما سبق في الفرع قبله وإن عاد إليه لم يلزمه دم ولم يحط شيء كما سبق أيضا ثم ويعتبر في قدر التفاوت مع الفراسخ وأعمال النسك المعلومين مما يأتي ومما مر في قوله أنشئتا من بلد الإجارة تفاوت الفراسخ في الحزونة أي الخشونة والسهولة لتفاوت السير بهما فالأجرة في مقابلة الجميع ولا يمنع اعتبار الفراسخ صرف العمل فيهما لفرضه كأن جاوز الميقات بعمرة له كما مر لأنه يريد تحصيل نسك المستأجر إلا إذا أراد بحج عمرة في أثناء سفره ولو عدل عن الميقات المتعين إلى ميقات مثله في المسافة أو أبعد منه فيها كما فهم بالأولى جاز فلا يلزمه دم ولا يحط بخلاف ما إذا كان أقرب منه كما أفهمه كلامه كأصله وصرح به البغوي والغزالي لكن في المهذب والتتمة والشامل والبيان وغيرها القطع بالجواز وعدم لزوم شيء لأن الشرع أقام بعض المواقيت مقام بعض قال في المهمات وما ذكره هؤلاء مناف للتعيين الذي نحن نفرع عليه ثم فرع على ذلك كلاما نقله عن الطبري شارح التنبيه وإن استأجر شخص الأفاقي منسوب إلى الآفاق وهي النواحي ويقال له الأفقي بضم الهمزة و فتحها وهو من مسكنه فوق الميقات الشرعي أو فيه ليحرم من مكة أو من مكان أقرب إليها من الميقات الشرعي لم يصح العقد لحرمة مجاوزة الميقات بلا إحرام على مريد النسك لكن لو أحرم عنه من ذلك صح بأجرة المثل وتخصيصه(4/584)
الأجير بالآفاقي من تصرفه وقضيته أنه لا يجري في المكي وليس كذلك بناء على ما مر أن العبرة بميقات المستأجر ولهذا لو استأجر آفاقي مكيا للتمتع لزمه دم ولا نظر إلى كون الآتي به مكيا نقله في المهمات عن المحب الطبري أو استأجره ليحرم من دويرة أهله أو من شوال أو ماشيا فأحرم من الميقات في الأولى أو في ذي الحجة في الثانية أو أحرم راكبا في الثالثة أو استأجره ليأتي عنه بنسك فأتى به لكن ترك مأمورا(4/585)
يوجب دما كترك الرمي أو المبيت أو طواف الوداع لزمه دم وحط التفاوت لتركه ما أمر به وما ذكره كأصله في مسألة المشي صحح في المجموع خلافه وهو المعتمد ولو ترك مأمورا لا يوجب دما كترك طواف القدوم حط بقسطه من الأجرة نقله الماوردي عن أصحابنا ولا يحط الأجير تفاوتا إن ارتكب محظورا كلبس وقلم لأنه لم ينقض شيئا من العمل قال الدارمي فلو قال له حج عني وتطيب والبس ففعل فالدم على الأجير وإن شرطه على المستأجر ولا تفسد به الإجارة وقياس ما مر أنه إن شرط ذلك فيها فسدت ويحتمل خلافه فرع لو استأجره للقران فامتثل فالدم الواجب به على المستأجر كما لو حج بنفسه لأنه الذي شرط القران فلو شرطه على الأجير بطلت الإجارة لأنه جمع بين إجارة وبيع مجهول لأن الدم مجهول الصفة ولو كان المستأجر للقران معسرا فالصوم الذي هو بدل الدم على الأجير لأن بعضه وهو الأيام الثلاثة في الحج والذي في الحج منهما هو الأجير قال في الأصل كذا في التهذيب وفي التتمة هو كالعاجز عن الصوم والهدي فيبقى الواجب في ذمته ولا يحط شيء من الأجرة لأنه لم ينقض شيئا من عمله فإن خالف من استأجره للقران فأفرد وهي إجارة عين انفسخت في العمارة إذ لا يجوز تأخيره العمل فيها عن الوقت المعين فيحط ما يخص العمرة من الأجرة أو وهي إجارة ذمة فلا تنفسخ في شيء ولا شيء عليه لأنه زاد خيرا ولا على مستأجره لأنه لم يقرن لكن إن لم يعد للعمرة إلى الميقات لزمه دم والحط كما سبق وإن تمتع بدل القران وهي إجارة عين انفسخ العقد في الحج لوقوعه في غير الوقت المعين فيحط ما يخصه من الأجرة ولو كانت في الذمة ولم يعد للحج إلى الميقات فالدم الواجب بترك الإحرام بالحج من الميقات والحط كما سبق فيجبان عليه وأما دم التمتع فعلى المستأجر لتضمن أمره بالقران للدم نقله الأصل عن أصحاب الشيخ أبي حامد ثم قال واستبعده ابن الصباغ وغيره ا ه ويجاب عن الاستبعاد بأن سبب وجوب الدم الثاني غير سبب وجوب الدم(4/586)
الأول كما عرف أما إذا عاد فلا يجب شيء من ذلك وما ذكره في إجارة العين من انفساخها في الحج هو ما نقله الأصل عن إشارة المتولي وقال إنه قياس ما تقدم ومنع الزركشي القياس وفرق بأنه ثم لما أفرد انقضى وقت العمرة بخلاف ما إذا تمتع فإن وقت الحج باق وإن مضى بعضه وسبقه إلى نحو ذلك الأذرعي ونقل عن ابن كج والماوردي والروياني عدم الانفساخ وأنه زاد خيرا لأنه أفرد العملين لكن عليه دم المجاوزة وعلى المستأجر دم التمتع بدل دم القران كما لو قرن قال وهذا هو الوجه فرع لو استأجره للتمتع فامتثل فالدم الواجب بالتمتع على المستأجر لما مر في استئجاره للقران ويأتي فيه ما مر ثم وإن أفرد بدل التمتع والإجارة إجارة عين انفسخت في العمرة لفوات وقتها المعين أو وهي إجارة ذمة فكما سبق أي فلا تنفسخ الإجارة لكن إن لم يعد للعمرة إلى الميقات لزمه الدم والحط وإن قرن وعدد أفعال النسكين فقد زاد خيرا لأنه أحرم بالنسكين من الميقات وكان مأمورا بأن يحرم بالحج من مكة فلا شيء عليه ولو اقتصر على أفعال الحج حط التفاوت وعليه دم لنقصان الأفعال وقيل لا حط ولا دم عليه وظاهر كلام المصنف كأصله أن المراد بتعدد الأفعال أن يأتي بطوافين وسعيين وهو ما نص عليه الشافعي وغيره كما قاله الأذرعي وغيره فما زعمه الإسنوي من أن ذلك ليس مرادا بل المراد تجديد العود إلى الميقات لأنه لا يسقط الدم عن القارن على الصحيح مردود لذلك ولأن في سقوط الدم بعود القارن خلافا والمذهب سقوطه عنه وما هنا لا خلاف في سقوطه عن الأجير فالوجه ما تقدم لكن إن لم يعد إلى الميقات لزم المستأجر دم لأن ما شرطه يقتضيه فرع وإن استأجره للإفراد فقرن وهي إجارة عين وقعا أي الحج والعمرة للأجير وانفسخت فيهما معا لأنهما لا يفترقان لاتحاد الإحرام ولا يمكن صرف ما لم يأمر به المستأجر إليه قال في المجموع ومحل وقوعهما للأجير ما إذا كان المحجوج عنه حيا فإن كان ميتا وقع له بلا خلاف نص عليه(4/587)
الشافعي والأصحاب قالوا لأنه يجوز أن يحج عنه الأجنبي ويعتمر من غير وصية ولا إذن وارث بلا خلاف كما يقضي دينه ولو كانت الإجارة في الذمة فيقعان للمستأجر لبقاء الإجارة والدم والحط كما سبق فيجبان على الأجير إلا أن يعدد الأفعال فلا يجب عليه شيء منهما وإن تمتع بدل الإفراد في إجارة العين وقد أمر بتأخير العمرة انفسخت الإجارة في العمرة لوقوعها في غير وقتها(4/588)
فيحط ما يخصها من الأجرة نعم إن أتى بها عنه بعد فراغ الحج فلا انفساخ فليحمل الانفساخ فيها على الانفساخ ظاهرا وعلى الانفساخ في العمرة التي قدمها وما قاله قيده في المجموع بما قيد به مسألة القران السابقة من كون المحجوج عنه حيا إلخ وإن أمر بتقديمها أو كانت الإجارة في الذمة لم تنفسخ ولكن إن لم يعد إلى الميقات فالدم والحط كما سبق فيجبان عليه وتسمحوا في قولهم وأمر بتقديمها لأن تقديمها لا يأتي في الإفراد وقد نبه عليه الزركشي ثم قال فليؤول أمره بتقديمها تقديمها على أشهر الحج ليكون ذلك إفرادا على وجه وتكون صورتها أن يأتي بها الأجير في أشهر الحج ليتصور لزوم الدم وبما تقرر هنا وفيما مر علم أن العدول عن الجهة المأمور بها إلى غيرها لا يقدح في وقوع النسك عن المستأجر على ما مر وأورد أنه يجوز أن يقال إذا خالف لم يقع المأتي به عن المستأجر لعدم تناول الإذن له كما في مخالفة الوكيل موكله وأجاب الإمام بأن مخالفة المستأجر في ذلك كمخالفة الشرع فيما لا يفسد بها لأنه لا يحصل النسك لنفسه بل لله تعالى قال الرافعي ولك أن تقول لا نسلم أنه لا يحصله لنفسه بل يحصله ليخرج نفسه عن عهدة الواجب وللفعل المخرج كيفيات مخصوصة بعضها أفضل من بعض فليراع غرضه فيه ثم الفرق أن مخالفة الشرع فيما لا يفسد بها يستحيل وقوعه معها لغير المباشر وقد أتى به لنفسه بخلاف مخالفة المستأجر إذ لا ضرورة فيها إلى وقوعه عنه معها بل يمكن صرفه للمباشر على المعهود في نظائره وأجيب بأن تحصله لغرض أن يخرج نفسه عن العهدة إنما يعد من الانتفاعات الأخروية وإن كان فيه امتثال أمر الشارع عاجلا بدليل أن الله تعالى جعل مثل هذه الانتفاعات قسمة للانتفاعات العاجلة في نحو قوله إن هؤلاء يحبون العاجلة وبأن الرافعي نفسه قدم أنه لو عين الكوفة لإحرام الأجير فجاوزها غير محرم لزمه دم إلحاقا للميقات الشرطي الشرعي فرع جماع الأجير قبل التحليل الأول مفسد للحج وتنفسخ(4/589)
به إجارة العين لا إجارة الذمة لأنها لا تختص بزمان بخلاف إجارة العين كما مر لكن ينقلب الحج فيها للأجير لأن الحج المطلوب لا يحصل بالحج الفاسد فانقلب له كما لو أمره بشراء شيء بصفة فاشتراه بغيرها يقع للمأمور بخلاف من ارتكب محظورا غير مفسد كمطيع المعضوب إذا جامع فسد حجه وانقلب له وكذا قضاؤه أي الحج الذي أفسده يلزمه ويقع له كحجه الفاسد وعليه أن يمضي في فاسده وعليه الكفارة وعليه في إجارة الذمة أن يأتي بعد القضاء عن نفسه بحج آخر للمستأجر في عام آخر أو يستنيب من يحج عنه في ذلك العام أو غيره لتبرأ ذمته عن حج المستأجر وللمستأجر فيها الخيار في الفسخ على التراخي لتأخر المقصود هذا إذا كانت الإجارة من معضوب أو متطوع بالاستئجار عن ميت فإن كانت من مستأجر عن ميت من ماله روعيت المصلحة في الفسخ وعدمه كما سبق نظيره فرع إذا صرف الأجير بعد الإحرام عن المستأجر الحج إلى نفسه وظن أنه انصرف إليه لم ينصرف لأن الإحرام من العقود اللازمة فإذا انعقد على وجه لا يجوز صرفه إلى غيره ويستحق المسمى لبقاء العقد وإذا مات الحاج عن نفسه أو غيره أو تحلل لإحصار في أثناء الأركان فيهما لم يبطل ثوابه إذ لا تقصير منه بخلاف ما لو أفسده بجماع لكن لا يبني عليه كالصوم والصلاة بل يجب الإحجاج من مال المحجوج عنه إن كان قد استقر في ذمته فإن كان الحاج عن غيره أجير عين انفسخت الإجارة أو أجير ذمة فلا تنفسخ بل لورثة الأجير الميت وللأجير المحصور أن يستأجروا من يستأنف الحج من عامهم عن المستأجر له إن أمكن في ذلك العام لبقاء الوقت وإلا ثبت الخيار للمستأجر كما مر ومتى انفسخت الإجارة بموته أو إحصاره فإن كان ذلك بعد الإحرام لا قبله استحق القسط من المسمى من ابتداء السير لأنه عمل بعض ما استؤجر عليه مع تحصيله بعض المقصود بخلاف ما قبل الإحرام لأنه لم يحصل شيئا من المقصود فأشبه ما لو قرب الأجير على البناء الآلات من موضع البناء ولم يبين ووقع ما(4/590)
أتى به الأجير للمستأجر إذ لا تقصير منه وإن مات بعد الفراغ من الأركان وقبل تمام الأعمال لم تبطل الإجارة بل يحط الأجير قسط بقية الأعمال كما لو أحصر بعد تمام الأركان وقبل تمام الأعمال وتعذر عليه الإتيان به كما علم ذلك مما مر وتجبر البقية بدم على الأجير كما نقله الأصل عن التتمة والذي قاله البغوي أنه على المستأجر ونقله عنه الزركشي وصوبه وهو المعتمد والموافق لما ذكر المصنف كأصله في قوله ودم التحلل من الإحصار الواقع(4/591)
قبل تمام الأركان على المستأجر لوقوع النسك له مع عدم إساءة الأجير وإن حصل الفوات للحج مع الإحصار أو بلا إحصار كأن تأخر عن القافلة انقلب الحج للأجير كما في الإفساد بجامع أنه مقصر ولا شيء له على المستأجر لأنه لم ينتفع بما فعله فرع يصح استئجار من لم يحج في الذمة فيحج عن نفسه ثم عن المستأجر في سنة أخرى لا في إجارة العين لأنها تتعين للسنة الأولى فمن عليه فرض الحج لا يجوز أن يحج عن غيره كما صرح به الأصل والعمرة كالحج فيما ذكر وإن استؤجر للحج من عليه عمرة أو بالعكس أي استؤجر للعمرة من عليه حج جاز إذ لا مانع فإن قرن هذا الأجير في الصورتين للمستأجر وقع للأجير لأن نسكي القران لا يفترقان لاتحاد الإحرام ولا يمكن صرف ما لم يأمر به المستأجر إليه وقيده في المجموع بما قيد به ما مر فيما لو استأجره للإفراد فقرن أو تمتع فإن قرن للمستأجر ولنفسه بأن أحرم بما استؤجر له للمستأجر وبالآخر لنفسه أو أحرم بما استؤجر له عن المستأجر وعن نفسه وقعا أي ما أتى به في الأولى وما أتى به في الثانية جميعا عن نفسه لما مر آنفا ولأن الإحرام لا ينعقد عن اثنين وهو أولى من غيره فانعقد لنفسه ولا أجرة له على المستأجر لأنه لم ينتفع بما فعله وكذا من أحرم بالنسكين أو بأحدهما عن اثنين استأجراه لذلك أو أمراه به يقع له ذلك ولا أجرة له ولو استأجره اثنان في الذمة ليحج عنهما أو أمراه به بلا أجرة أو أحرم عن أحدهما مبهما صرفه لمن شاء منهما قبل التلبس بشيء من أفعال الحج ذكره ذلك في المجموع ولو استأجر المعضوب لفرضه أداء أو قضاء ونذره رجلين بأن استأجرهما ليحجا عنه في سنة واحدة أحدهما حجة الإسلام أو حجة القضاء والآخر حجة نذر أو أحدهما حجة إسلام والآخر حجة قضاء جاز لما فيه من تعجيل الحج ولأن غير حجة الإسلام لم تتقدمها وحجة النذر لم تتقدم حجة القضاء فرع لو أحرم شخص بحج تطوع أو أحرم الأجير عن المستأجر بحج فرض أو تطوع ثم نذر حجا قبل(4/592)
الوقوف لا بعده انصرف الحج إلى النذر لتقدم الفرض على النفل وفرض الشخص على غيره بخلاف نذره له بعد الوقوف لإتيانه بمعظم أركان ما نواه نعم إن أمكنه العود إليه أي الوقوف وعاد فالظاهر انصرافه إلى النذر كما ينصرف إلى الفرض فيما لو كمل المحرم بعد الوقوف والوقت باق فعاد إليه ولو أحرم عن نفسه أجير العين أو أجير الذمة بتطوع لم ينصرف إلى المستأجر لأنا إنما نقدم واجب الحج على نفله لوجوبه وأما استحقاقه على الأجير فليس لوجوبه فرع قال في المجموع قال الماوردي لو استأجره لزيارة قبر النبي {صلى الله عليه وسلم} لم يصح وأما الجعالة عليها فإن كانت على مجرد الوقوف عند قبره ومشاهدته لم تصح لأنه لم تدخله النيابة أو على الدعاء عنده صحت لأن الدعاء تدخله النيابة ولا تضر الجهالة به انتهت عبارة الروض وشرحه بالحرف وفي التحفة لحج ما نصه وسيأتي في الإجارة أنها لا تصح على زيارته {صلى الله عليه وسلم} سواء أريد بها الوقوف عند القبر المكرم أو الدعاء ثم لعدم انضباطه وقضيته أنه لو انضبط كأن كتبه له بورقة صحت وهو متجه وأما الجعالة فلا تصح على الأول لأنه لا يقبل النيابة بل على الثاني وعليه لو جاعله جماعة على الدعاء ثم صح فإذا ادعى لكل منهم استحق جعل الجميع لتعدد المجاعل عليه وإن اتحد السير إليه كما لو استجعل على رد آبقين لملاك من وضع واحد ويشهد لذلك نص الشافعي رضي الله تعالى عنه على أن من مر بمتناضلين فقال لذي النوبة إن أصبت بهذا السهم فلك دينار فأصاب استحقه وحسبت له الإصابة وما كان له عليها مع اتحاد عمله ولا ينافيه ما لو كان ميتان بقبر فاستجعله على أن يقرأ على كل ختمة لزمه ختمتان لأن لفظ القرآن مقصود فإذا شرط تعدده وجب بخلاف لفظ الدعاء ولتفاوت ثواب القراءة ونفعها للميت بتفاوت الخشوع والتدبر فلم يمكن التداخل فيها فتأمله ا ه بالحروف والله أعلم بالصواب
باب المواقيت
جمع ميقات وهو لغة الحد وشرعا هنا زمن العبادة ومكانها فإطلاقه عليه حقيقي إلا عند من يخص(4/593)
التوقيت بالحد بالوقت فتوسع ا ه حج وفي المختار الوقت معروف والميقات الوقت المضروب للفعل والميقات أيضا الموضع يقال هذا ميقات أهل الشام للموضع الذي يحرمون منه وتقول وقته بالتخفيف من باب وعد فهو موقوت إذا بين له(4/594)
وقتا انتهى ومنه يعلم أن إطلاق الميقات على الزمان والمكان لغوي أيضا قوله زمانا ومكانا منصوبان على التمييز لكن كون الأول تمييزا للمواقيت حقيقة وأما الثاني فمجاز أو حقيقة عرفية تأمل قوله أي للإحرام به الأولى بقاء المتن على ظاهره لأن الأصل عبر فقال وقت إحرام الحج شوال إلخ فاعترضه حج فقال فإن قلت إذا كان غير الإحرام من بقية الأعمال مثله في التوقيت بذلك بالنسبة لمنع تقدمه فلم اقتصر عليه قلت لأنه المختلف فيه كما علمت بخلاف غيره ولأنه يفهم من منع تقدم الإحرام منع تقديم غيره بالأولى لأنه تبع له وبهذا يظهر اندفاع الاعتراض عليه بأن الاقتصار على الإحرام موهم ا ه لكن سيأتي أن الطواف والسعي والحلق لا آخر لوقتها فحينئذ تأويل الشارح متعين لأن الذي يوقت بالوقت المذكور إنما هو الإحرام وأما الأعمال ففيها تفصيل وهذا بالنسبة للتأخير عن الوقت المذكور وأما بالنسبة للتقديم عليه فالإحرام وسائر الأعمال على حد سواء كما هو ملحظ حج تأمل قوله من أول شوال أي من غروب شمس أول ليلة منه ولا ينقلب لو سافر إلى بلد مطلعه مخالف لم ير الهلال فيه على الوجه الوجيه وسمي شوالا لأن قبائل العرب فيه كانت تشول فيه أي تبرح عن مواضعها وقيل لأن السباع كانت تشول فيه ا ه برماوي قوله في غيره أما إذا أحرم به فيه فينعقد حجا وإن لم يتمكن من إيقاع بعض الأعمال في الوقت كمن أحرم به ليلة النحر وهو بمصر فإنه ينعقد حجا وبطلوع الفجر يفوته وحينئذ فيتحلل بعمل عمرة وهذا على معتمد م ر الآتي في باب الإحرام بخلاف ما له هنا من أنه ينعقد عمرة في هذه الحالة ا ه شيخنا ح ف وحج هنا جرى على ما جرى عليه م ر فيما سيأتي فقال ويصح الإحرام بالحج ليلة النحر وإن علم أنه لا يدرك عرفة قبل الفجر فإذا فاته تحلل بما يأتي ا ه أي بعمل عمرة قوله لأن الإحرام شديد التعلق واللزوم جواب عما يقال كان القياس البطلان لأن العبادة لا تنعقد في غير وقتها قوله شديد التعلق(4/595)
واللزوم بدليل أن المحرم لا يقدر على الخروج منه حتى لو أفسده لا يخرج منه بالفساد بخلاف بقية العبادات إذا أفسدها الشخص خرج منها فلم تكن شديدة التعلق فلذلك لو نواها في غير وقتها لم تنعقد أصلا ا ه شيخنا وبدليل انعقاده مع الجماع المفسد أي على وجه ضعيف والصحيح عدم انعقاده كما سيأتي في باب الإحرام ا ه ح ل قوله وهو العمرة تفسير لما فالصلة جارية على غير من هي له لأن القابل هو الوقت والمقبول هو العمرة فكان عليه الإبراز والمعنى انصرف إلى نسك يقبله الوقت وذلك النسك هو العمرة قوله وسواء العالم بالحال والجاهل به ويظهر أنه لا حرمة على العالم في ذلك لأنه ليس فيه تلبس بعبادة فاسدة بوجه ثم رأيت في المسألة قولين الحرمة والكراهة وقد علمت أن الثاني هو الراجح ا ه حج وقوله لأنه ليس فيه تلبس بعبادة فاسدة قد يقال تعمد قصد عبادة لا تحصل لا يتجه إلا أن يكون ممتنعا لأنه إن لم يكن تلاعبا بالعبادة كان شبيها به ا ه سم عليه وفيه نظر ا ه شوبري قوله محرم بعمرة في غيره أما لو كان محرما بالعمرة فيه أي في وقت الحج ثم أحرم بالحج فإن كان بعد الشروع في أعمال العمرة لم ينعقد الإحرام الثاني وإن كان قبله انعقد الحج فيكون هذا في صورة القرآن كما سيأتي في فصل الأركان قوله ولها الأبد قيل إنه أولى من قول أصله وجميع السنة وقت الإحرام بالعمرة لأن تقييده بالسنة يوهم امتناع إيقاع أعمالها أو بعضها في سنة غير سنة إحرامها قال شيخنا الزيادي وما أفهمه الأصل هو المعتمد عند الشيخين والراجح عند مشايخنا إذ يمتنع على من أحرم بالعمرة في سنة ثمان إيقاع شيء من أعمالها في سنة تسع مثلا وإن صح وأجزأ من عمرة الإسلام قال ويكون بعد مضي سنة إحرامها كمن فاته الوقوف فتحلل بما بقي عليه من أعمالها ا ه ما قرره في أن هذا يوهمه كلام الأصل نظرا لأنه إنما خص السنة بالإحرام لا بإيقاع الأعمال فليحرر ا ه شوبري وعبارة البرماوي قوله وزمانها الأبد قضية هذه(4/596)
العبارة أنه لو أحرم بها في عام ثم أخر أعمالها إلى عام آخر جاز وهي طريقة الشارح والمعتمد أنه يمتنع عليه إذا أحرم في عام أن يؤخر أعمالها للعام الذي بعده انتهت قوله لوروده في أوقات مختلفة إلخ عبارة شرح م ر لخبر الصحيحين أنه {صلى الله عليه وسلم} اعتمر ثلاث مرات متفرقات في ذي القعدة أي في ثلاثة أعوام وأنه اعتمر عمرة(4/597)
في رجب كما رواه ابن عمر وإن أنكرته عليه عائشة وأنه قال عمرة في رمضان تعدل حجة وفي رواية لهما حجة معي وروي أنه اعتمر في رمضان وفي شوال فدلت السنة على عدم التأقيت ا ه وهذه العبارة كعبارة حج تقتضي أنه اعتمر ست مرات والصحيح أنه اعتمر أربعا فقط بل الرابعة وهي عمرة الحديبية إنما عدوها في الأربعة باعتبار إحرامها وإلا فقد تحلل منها ولم يفعل شيئا من أعمالها وفي سم ما نصه فائدة روى مسلم أنه {صلى الله عليه وسلم} اعتمر أربعا كلهن في ذي القعدة إلا التي في حجته قال في الكفاية عمرة في الحديبية وعمرة من العام المقبل وعمرة من الجعرانة حين قسم غنائم حنين ورجع إلى مكة وعمرة مع حجته ا ه انتهى وهذا مبني على أن حجه كان إفرادا أو تمتعا والراجح خلافه وأنه كان قرانا بأن أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة خصوصية له في ذلك العام فعلى هذا تكون عمرته التي اعتمرها بالفعل مستقلة ثلاثة فقط بل ثنتين بإسقاط الحديبية على ما مر قوله لا لحاج قبل نفر ويجوز بعد النفر الأول إذا تحلل التحللين لأن مبيت الليلة الثالثة ورمي يومها يسقط به ا ه ح ل وعبارة الإيضاح وأما الحاج فلا يصح إحرامه بالعمرة ما دام محرما بالحج وكذا لا يصح إحرامه بها بعد التحللين ما دام مقيما بمنى للرمي فإذا نفر من النفر الثاني أو الأول جاز أن يعتمر فيما بقي من أيام التشريق لكن الأفضل أن لا يعتمر حتى تنقضي أيام التشريق انتهت قوله قبل نفر أي ولو بعد التحللين وفي المختار نفر الحاج من منى من باب ضرب ا ه أي سار منها متوجها إلى مكة قوله لأن بقاء حكم الإحرام إلخ يؤخذ منه عدم الفرق بين من وجب عليه الرمي والمبيت ومن سقطا عنه أي ولو بنفر فتعبير كثير بمنى إنما هو باعتبار الأصل والغالب وأنه يمتنع حجتان في عام واحد وهو ما في الأم وجزم به الأصحاب وحكي فيه الإجماع وتصوير الزركشي وقوعهما في عام واحد مردود أما إحرامه بها بعد نفره الأول والثاني فصحيح مطلقا كما في المجموع وإن بقي وقت(4/598)
الرمي في الأول لأن به يخرج الحج وصار كما لو مضى وقت الرمي ولا يكره تكريرها لا يسن الإكثار منها لأنه {صلى الله عليه وسلم} اعتمر في عام مرتين وكذلك عائشة وابن عمر و يتأكد في رمضان وفي أشهر الحج وهي في يوم عرفة والعيد وأيام التشريق ليست كفضلها في غيرها لأن الأفضل فعل الحج فيها وشغل الزمان بالاعتمار أفضل من صرف قدره في الطواف على الأصح ا ه شرح م ر وقوله وتصوير الزركشي إلخ أي بأن يأتي مكة نصف الليل ويطوف ويسعى بعد الوقوف ثم يرجع إلى منى لحصول التحللين بما فعله ووجه رده بقاء أثر الإحرام المانع من حجة الحجة الثانية من المبيت بمنى ورمي أيام التشريق ا ه ع ش عليه وقوله ثم يرجع إلى منى كأن في العبارة سقطا وحقها أن يقول ثم يرجع إلى عرفة فيحرم بحج آخر قبل طلوع الفجر ثم يأتي مكة للطواف والسعي ثم يعود إلى منى إلخ قوله أيضا لأن بقاء حكم الإحرام أي إن كان بعد التحللين والمراد بحكمه أثره في الرمي والمبيت وقوله ولعجزه إلخ هذه العلة ينبغي ضمها للعلة الأولى لأنه ليس علة مستقلة بل هو من تمام الأولى فهو في المعنى تعليل لها كأنه قال وإنما كان بقاء أثر الإحرام كبقائه للعجز الشرعي عن التشاغل بعملها تأمل قوله أيضا لأن بقاء أثر الإحرام إلخ يؤخذ منه أنه لو لم يحصل رمي جمرة العقبة يوم النحر وفاتت أيام التشريق امتنع الإحرام بالعمرة قبل الإتيان ببدله بناء على ما يأتي من توقف التحلل الثاني على الإتيان بالبدل ولو صوما وذلك لبقاء نفس الإحرام حينئذ ا ه سم على حج قوله إن كان قبل تحلله أي ولو الثاني تأمل قوله لمن يحرم أي سواء كان مكيا أو غيره وسواء كان بمكة أو غيرها من بقاع الحرم ا ه حج قوله فيخرج إليه أي يقينا أو ظنا بأن يجتهد ويعمل بما يغلب على ظنه بالنسبة لما لم يتعرضوا لتحديد الحرم فيه وكذا في سائر الأحكام كما بينته في الحاشية فإن لم يظهر له شيء أو لم يجد علامة للاجتهاد تعين عليه الاحتياط بأن يصل إلى أبعد حد عن يمينه أو(4/599)
يساره ويكفي في الخروج للحل نقل القدم من الحرم إلى ملاصقه من الحل وأوضح من نظائر ذلك أنه إذا أخرج رجلا فقط إلى الحل اشترط اعتماده عليها وحدها ا ه حج قوله أرسل عائشة أي مع أخيها عبد الرحمن رضي الله عنهما ا ه حج قوله بعد قضاء الحج أي بعد فعله وأدائه ا ه شيخنا قوله أي الحل بيان لمرجع الضمير وقوله أي بقاعه بيان لصحة إضافة أفعل التفضيل(4/600)
إذ لا يضاف إلا إلى متعدد ا ه شيخنا قوله على الأفصح وحكي كسر العين وتثقيل الراء وعليه أكثر المحدثين سميت باسم امرأة كانت تسكنها ونصفها من الحل ونصفها من الحرم وحكي عن يوسف بن ماهك أنه اعتمر منها ثلاثمائة نبي ا ه برماوي قوله ونصفها من الحل إلخ غير صحيح بل كلها من الحل بل بينها وبين الحرم نحو تسعة أميال قوله للاتباع عبارة حج لأنه {صلى الله عليه وسلم} اعتمر منها ليلا ثم أصبح كبائت أي تحلل ولبس ليلا ثم أصبح كبائت بمكة وذلك في رجوعه من غزوة حنين سنة ثمان بعد الفتح انتهت بتصرف لكن قد يقال إن الكلام في بيان ميقات من هو بالحرم وهو {صلى الله عليه وسلم} حين اعتمر من الجعرانة كان آتيا من حنين وهي خارج الحرم فليتأمل ولم أر من نبه على هذا ويقال مثله في استدلاله على الحديبية تأمل قوله على ستة فراسخ من مكة وسيأتي في حدود الحرم أنها على تسعة أميال وإنما أمر {صلى الله عليه وسلم} عائشة رضي الله تعالى عنها بالاعتمار من التنعيم مع أن الجعرانة أفضل منه لضيق الوقت برحيل الحاج كما قال الشارح أو لبيان الجواز ا ه برماوي وقوله سيأتي في حدود الحرم إلخ الذي سيأتي هو الصحيح بالنسبة لحد الحرم من تلك الجهة والذي قاله الشارح صحيح بالنسبة لمسافة الجعرانة إلى مكة فالحاصل أن بين الجعرانة ومكة ستة فراسخ كما هو في المشاهد وحد الحرم من تلك الجهة تسعة أميال وعبارة الإيضاح في حدود الحرم نصها فحد الحرم من طريق المدينة إلى أن قال ومن طريق الجعرانة شعب آل عبد الله بن خالد على تسعة أميال من مكة ا ه قوله لمساجد عائشة أي زوجته {صلى الله عليه وسلم} ونسب إليها لإحرامها منه بالعمرة بأمره {صلى الله عليه وسلم} كما قاله الشارح ا ه برماوي قوله بينه وبين مكة فرسخ وهو خارج الحرم وسيأتي أن مسافته ثلاثة أميال سمي بذلك لأن عن يمينه جبلا يقال له ناعم وعن يساره جبل يقال له نعيم وهو في واد يقال له نعمان ا ه برماوي والمعتبر في حقه الطريق المعتاد لا أعلى الجبال ا ه حج قوله على الأفصح ويجوز تشديدها ا ه برماوي قوله بئر بين طريقي(4/601)
إلخ أي مكان مشتمل على بئر سمي المكان بها وهي المعروفة بعين شمس وقيل سميت باسم شجرة حدباء كانت بيعة الرضوان تحتها فصغرت ا ه برماوي قوله حدة بكسر الحاء المهملة وقيل بالجيم المضمومة ا ه برماوي وكل صحيح لأن حدة بالحاء المهملة في طريق جدة بالجيم وعبارة حج قريب حدة بالحاء المهملة ا ه قوله على ستة فراسخ في شرح العلامة الرملي أنها على ثلاثة فراسخ وهو المعروف المشاهد ا ه برماوي قوله لأنه {صلى الله عليه وسلم} بعد إحرامه إلخ عبارة حج لأنه {صلى الله عليه وسلم} صلى بها وأراد الدخول لعمرته منها انتهت قوله عام الحديبية هو عام خمس من الهجرة وفيه أيضا بنو قريظة ا ه شوبري وهذا إما سهو أو على مرجوح وإلا فالمشهور أن الحديبية كانت سنة ست وفيها خيبر وأما سنة خمس فكان فيها الأحزاب وبنو قريظة تأمل وقوله وفيها خيبر فيه تسمح لأن خيبر كانت في المحرم أول السابعة قوله هم بالدخول إلى مكة إلخ لك أن تقول مجرد ذلك لا يدل على طلب الإحرام ولا تخصيصها بذلك فإن الدخول منها ليس فيه إلا المرور عليها والأمكنة التي قبلها قد مر عليها أيضا والأمكنة التي بعدها قد هم بالمرور عليها فتأمل اللهم إلا أن يقال قد نزل بها نزولا خاصا على وجه الاستعداد للدخول والتهيؤ له مع إمكان ذلك بغيرها فدل على مزية لها ومزية خاصة بالنسك فليتأمل ا ه سم أقول قوله اللهم إلخ لا يخلص إذ لا يلزم مما ذكره من المزية الخاصة أن ذلك للإحرام به بل قد يكون ذلك لا لخصوص الإحرام إذ لو كان كذلك لأخر الإحرام إليها ففضلها على غيرها لا يقتضي جعلها ميقاتا فليتأمل وجه ذلك ا ه شوبري قوله تقدم الشافعي إلخ فليس التفضيل لبعد المسافة فإن الجعرانة والحديبية مسافتهما إلى مكة واحدة ا ه برماوي وهذا على ما سلكه الشارح وإلا فقد تقدم أن الحديبية على ثلاثة فراسخ فتأمل فإن قلت ينافي ذلك قاعدة الشافعي في الأصول في تعارض القول والفعل وعلم التاريخ أن السابق منسوخ إلا لدليل وتقديمهم ما هم به وهو التنكيس في(4/602)
الاستسقاء قلت أمره بالاعتمار من التنعيم وإن كان متأخرا عن فعله إلا أنه يصور بضيق الوقت فلم يكن معارضا لفعله حتى يقال إنه ناسخ له وهمه بالتنكيس لم يعارضه فعل سابق حتى(4/603)
يقدم عليه بخلافه هنا ا ه شوبري قوله أجزأته عن عمرته عبارة حج أجزأته عن عمرة الإسلام وغيرها انتهت قوله وعليه دم أي مرتب مقدم كما سيأتي ا ه شوبري قوله وعليه الإثم أيضا اتفاقا كما قاله حج في التحفة وأشار له قول الشارح لإساءته قوله فإن خرج إليه أي الحل أي ولو لغرض آخر كاحتطاب أو لا لغرض أصلا قياسا على الوقوف حيث لا يضر فيه الصارف إذ القصد قطع المسافة محرما وهذا بالنسبة لسقوط الدم وأما بالنسبة لسقوط الإثم فلا بد من أن يقصد بالعود التدارك لأجل الواجب بخلاف ما لو نواه لغرض آخر كشغل أو تنزه فلا يسقط الإثم ا ه من شرح ابن الجمال المكي على نظم ابن المقري لدماء الحج قوله فلا دم عليه أي وأما الإثم فالوجه أنه إن أحرم بها قبل الخروج عازما على الخروج بعد الإحرام فلا إثم وإلا أثم وظني أن النفل كذلك ا ه سم ا ه ع ش وفيه على م ر ما نصه قوله سقط الدم على المذهب قضيته وإن لم ينو الخروج إلى الحل حالة الإحرام وعليه فيمكن الفرق بين هذا وما يأتي من اشتراط ذلك أنه هنا بنفس الإحرام لم يتحقق الإساءة حتى يحتاج لمسقط الإثم بها وفيما سيأتي يقال مجاوزته للميقات بلا إحرام ممنوعة فاحتاج لنية العود لتمنع من ترتب الإثم عليها ا ه أي على المجاوزة قوله لإيهام أنه وجب ثم سقط أي وليس كذلك ويفرق بينه وبين ما يأتي فيمن جاوز الميقات بلا إحرام ثم عاد إليه حيث سقط الدم بعد وجوبه بأن ذاك انتهى إلى الميقات على قصد النسك ثم جاوزه فكان مسيئا حقيقة وهذا المعنى غير موجود هنا بل ما هنا شبيه بمن أحرم قبل الميقات ا ه شرح م ر قوله ولو بقران أي تغليبا للحج ا ه حج أي فلا ينظر لجانب العمرة حتى يكون مقتضاه الإحرام من الحل والغاية للرد وعبارة الإيضاح وسواء أراد المقيم بمكة الإحرام بالحج مفردا أم أراد القران وقيل إن أراد القران لزمه إنشاء الإحرام من أدنى الحل كما لو أراد العمرة وحدها والصحيح ما قدمناه انتهت قوله لمن بمكة هي فلو أحرم(4/604)
خارج بنيانها أي في محل يجوز قصر الصلاة فيه لمن سافر منها ولم يعد إليها قبل الوقوف أساء ولزمه دم ا ه حج وكتب عليه سم ما نصه قوله أساء ولزمه دم قال في الروض وشرحه فإن فارق بنيانها وأحرم خارجها ولم يعد إليها قبل الوقوف أساء ولزمه دم كمجاوزة سائر المواقيت نعم إن أحرم من محاذاتها فالظاهر أنه لا إساءة ولا دم كما لو أحرم من محاذاة سائر المواقيت ثم رأيت المحب الطبري نبه عليه بحثا ا ه وجرى عليه م ر في شرحه ولقائل أن يقول قياس الاكتفاء بمحاذاتها كسائر المواقيت في عدم الإساءة وعدم الدم الاكتفاء بمحاذاتها يمينا أو شمالا وإن بلغ مسافة القصر في بعده عنها لوجود المحاذاة الكافية في سائر المواقيت مع ذلك وبالإحرام خارجها من جهة طريق المدينة قبل الوصول إليها أو إلى محاذاتها لأنه مع ذلك يمر بها أو بمحاذيها وذلك كاف في سائر المواقيت ا ه ثم قال حج بخلاف ما إذا عاد لكن قبل وصوله لمسافة القصر وإلا تعين الوصول إلى ميقات الآفاقي كذا قالوه وهو صريح في أنه لا يكفيه مسافة القصر وظاهر أن محله ما إذا كان ميقات الجهة التي خرج إليها أبعد من مرحلتين فيتعين هنا الوصول للميقات أو محاذاته ا ه وكتب عليه سم قوله وإلا تعين الوصول إلى ميقات الآفاقي أي تعين في السقوط بمعنى أنه لا يسقط الدم إلا إذا وصل الميقات الآفاقي وفي عدم الإساءة كما في شرح الروض قال البلقيني ومحل الإساءة فيما ذكر أي من مفارقة بنيانها بغير إحرام إذا لم يصل إلى ميقات وإلا فلا إساءة صرح به القاضي أبو الطيب كما في شرح المهذب إلخ ا ه ما في شرح الروض ولعل محل عدم الإساءة بوصول ميقات إن قصد ابتداء الوصول إليها أو العود إليها للإحرام منها أو محرما بخلاف ما إذا فارقها بقصد الإحرام خارجها من غير قصد الوصول لميقات ولا قصد العود إليها فينبغي تحريمه وإن وصل بعد ذلك لميقات أو عاد إليها فليتأمل وقد يقال ينبغي عدم التحريم عند الإطلاق لاحتمال حالة الجواز واعلم(4/605)
أن المتجه أن قولهم تعين الوصول إلى ميقات الآفاقي لم يريدوا فيه اعتبار الوصول لعين الميقات بل يكفي الوصول لمحاذاته يمينا أو شمالا وإن بعد عنه كما يصرح بذلك قول الشارح الآتي فيتعين الوصول للميقات أو محاذاته ا ه ثم قال حج وإنما سقط دم التمتع بالمرحلتين مطلقا لأن هذا فيه إساءة بترك الإحرام من مكة فشدد عليه أكثر ولأنه ببعده عنها مرحلتين انقطعت نسبته إليها فصار كالآفاقي فتعين ميقات(4/606)
جهته أو محاذيه تنبيه علم مما تقرر أن الآفاقي المتمتع لو دخل مكة وفرغ من أعمال عمرته ثم خرج إلى محل بينه وبينها مرحلتان لزمه الإحرام بالحج من ميقات جهته على ما تقرر أو دون مرحلتين ثم أراد الإحرام بالحج جاز له تأخيره إلى أن يدخلها بل لو أحرم من محله لزمه دخولها قبل الوقوف أو الوصول إلى الميقات أو مثله وفي الروضة إن كان ميقات الآفاقي في المتمتع مكة فأحرم خارجها لزمه دم الإساءة أيضا ما لم يعد لمكة أو للميقات أو مثل مسافته وهو صريح فيما ذكرته ا ه وكتب عليه سم قوله فأحرم خارجها لعل محل هذا إذا كان بينه وبينها دون مرحلتين إذ لو كان بينه وبينها مرحلتان لم يتأت التخيير الذي ذكره في قوله ما لم يعد لمكة أو للميقات إلخ بل تعين الإحرام من ميقاته كما ذكره بقوله لزمه الإحرام بالحج من ميقاته على ما تقرر فليتأمل ا ه وعبارة الروض وشرحه والمتمتع الآفاقي إن أحرم بالحج خارج مكة ولم يعد إلى الميقات أو إلى مثله مسافة أو إلى مكة لزمه دمان دم الإساءة ودم التمتع وخرج بالآفاقي المكي فلا يلزمه إلا دم الإساءة انتهت قوله لمن بمكة هي وله أن يحرم من جميع بقاع مكة وفي الأفضل قولان للشافعي الصحيح منهما أنه يحرم من باب داره والثاني من المسجد قريبا من البيت ا ه إيضاح وعبارة الروض وشرحه وإحرام المكي من باب داره أفضل منه من غيره لعموم قوله في الخبر الآتي ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ فيدخل المسجد الحرام غير محرم وإحرامه من بابه يكون بعد مجيئه من صلاة ركعتي الإحرام في المسجد الحرام إذ الإحرام لا يسن عقب الصلاة بل عند الخروج إلى عرفات ثم يأتي المسجد محرما لطواف الوداع لا للصلاة فاندفع ما قيل إنه إذا استحب له فعل الركعتين في المسجد أشكل ذلك بتصحيح أنه يحرم من باب داره ثم يأتي المسجد الحرام لأن الركعتين قبل الإحرام قيل وقياس ما يأتي من أن المستحب لمن ميقاته قريته أو حلته أن يحرم من الطرف الأبعد من مكة ليقطع الباقي(4/607)
محرما أن المكي يحرم من طرفها الأبعد من مقصده وأجيب بأن ذاك قاصد لمكان أشرف مما هو فيه وهذا بعكسه انتهت قوله لمتوجه من المدينة إلخ عبر بالمتوجه ليوافق الخبر الآتي وهو قوله هن لهن إلخ ا ه حج قوله ذو الحليفة قال حج تصغير الحلفة بفتح أوله واحدة الحلف نبات معروف ا ه وقال في المختار كقصبة وطرفة وقال الأصمعي حلفة بكسر اللام ا ه ع ش على م ر قوله على نحو عشر مراحل من مكة هذا غير مسلم كما يشهد له العيان فإن من رابغ إلى مكة ستة مراحل وزيادة كما سيذكره ومن رابغ إلى بدر قريب من تلك المسافة وكذلك من بدر إلى المدينة وأيضا فالحاج يقطع هذا في سيره في عشرة دور وهي مقدرة عند العارفين بربع الطريق إلى مصر وتقدم أن جملة المسافة من مصر إلى مكة اثنان وسبعون مرحلة وإن كان الحاج يقطعها في خمسة وثلاثين دارا فكأن كل دار من دور الحج مرحلتان طويلة على قصيرة فهذه المسافة من مكة إلى المدينة ربما كانت نحو ثمانية عشر مرحلة فلعل الشارح أراد بالمرحلة الدار من دور الحج تأمل وقوله من ستة أميال من المدينة عبارة شرح م ر وهي على نحو ثلاثة أميال من المدينة وتصحيح المجموع وغيره أنها على ستة أميال لعله باعتبار أقصى عمران المدينة وحدائقها من جهة تبوك أو خيبر والرافعي أنها على ميل لعله باعتبار عمرانها الذي كان من جهة الخليفة وهي أبعد المواقيت من مكة انتهت في الإيضاح وأعيان هذه المواقيت الخمسة لا تشترط بل مثلها ما يحاذيها ا ه قوله بأبيار علي أي لزعم العامة أنه قاتل الجن فيها ا ه برماوي قوله ومن الشام أي باعتبار ما كان في الزمن السابق وأما الآن فميقاتهم ذو الحليفة لأنهم يسلكون طريق تبوك وهو بالهمز وتركه والمد مع فتح الشين ضعيف وأوله نابلس مدينة مشهورة بين الرقة وحلب وآخره العريش والمشهور أن حده طولا من العريش إلى الفرات وعرضا من جبل طيئ من نحو القبلة إلى بحر الروم وما سامته من البلدان وهو مذكر على المشهور سمي بذلك لأنه(4/608)
على مشاءمة القبلة أي لأن قوما من بني كنعان شاموا إليه أي تياسروا أو بشام بن نوح فإنه بالشين المعجمة باللغة السريانية لأنه الذي أنشأه أو لأن أرضه ذات شامات بيض وحمر وسود ولذلك فضله العلامة ابن حجر على مصر والراجح عكسه ا ه برماوي قوله ومصر هي المدينة المعروفة ولذلك تذكر(4/609)
وتؤنث وتصرف ولا تصرف وحد إقليمها طولا من برقة التي في جنوب البحر الرومي إلى أيلة التي على ساحل بحر القلزم ومسافة ذلك قريبة من نحو أربعين يوما وعرضه من مدينة أسوان بضم أوله وما سامتها من الصعيد الأعلى إلى مدينة رشيد وما حاذاها من مساقط النيل في البحر الرومي ومسافة ذلك قريبة من نحو ثلاثين يوما سميت بذلك لتمصرها وقيل باسم أول من سكنها وهو مصر بن بيصر بن سام بن نوح وقيل لأنها حد بين المشرق والمغرب والمصر لغة الحد ولها ولمكة والمدينة فضل كفضل المشرق على المغرب ويكتنفها من العرض جبلان جبل المقطم من شرقيها وجبل الوفاء من غربيها وقال العارف بالله تعالى البسطامي شأنها عجيب وسرها غريب خلقها أكثر من رزقها وعيشها أغزر من خلقها من خرج منها لم يشبع وقال بعض الحكماء نيلها عجب وترابها ذهب ونساؤها لعب وصبيانها طرب وأمراؤها جلب وهي لمن غلب والداخل فيها مفقود والخارج منها مولود قال تعالى أصلها ثابت وفرعها في السماء وحكي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل إلى عمرو بن العاص وهو خليفة بمصر عرفني عن مصر وأحوالها وما تشتمل عليه وأوجز لي في العبارة فأرسل إليه شعرا وما مصر مصر ولكنها جنة فردوس لمن كان يبصر فأولادها الولدان والحور غيدها وروضتها الفردوس والنهر كوثر وقال غيره إن مصر أحسن الأرض طرا ليس في حسنها المليح التباس كل من قاسها بأرض سواها كان بيني وبينه المقياس وفي الحديث مصر يساق إليها أقصر الناس أعمارا فاتخذوا خيرها ولا تتخذوها دارا وروي عن الخطيب البغدادي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى كعب الأحبار أن اختبر لي المنازل كلها فأخبره بأنه قد بلغنا أن الأشياء كلها اجتمعت فقال السخاء أريد اليمن فقال له حسن الخلق وأنا معك وقال الجفاء أريد الحجاز فقال له الفقر وأنا معك وقال البأس أريد الشام فقال له السيف وأنا معك وقال العلم أريد العراق فقال له العقل وأنا معك وقال الغنى أريد مصر فقال له الذل(4/610)
وأنا معك فاختر لنفسك ما شئت وأخرج الطبراني مرفوعا عن ابن عمر رضي الله عنهما أن إبليس دخل العراق فقضى حاجته منها ثم دخل الشام فطرد منها حتى بلغ تلمسان ثم دخل مصر فباض فيها وفرخ وبسط عبقريه فيها وقد اشتهر على الألسنة في قوله تعالى سأريكم دار الفاسقين أنها مصر قال ابن الصلاح وهو غلط فاحش نشأ عن تصحيف وإنما قال بعض المفسرين دار الفاسقين أي مصيرهم فصحف مصر فائدة ضبط بعضهم ما بين مصر ومكة فوجدت مسافته مائة وأربعون بريدا وضبط مقدار الدرجة من نحو قولهم عرض البلد الفلانية كذا درجة وطولها كذا درجة فوجد مقدار الدرجة مائة وستة وأربعين ميلا ا ه برماوي قوله والمغرب سمي بذلك لكونه عند مغرب الشمس وأعظمه إقليم الأندلس ودوره نحو ثلاثة أشهر وأقصاه جزائر الخالدات الستة ومسيرها نحو مائتي فرسخ ا ه برماوي قوله الجحفة بضم الجيم ويقال لها مهيعة على وزن علقمة ويقال فيها مهيعة بكسر الهاء على وزن لطيفة سميت بذلك لأن السيل نزل عليها فأجحفها أي أزالها وأذهبها وكانت قرية كبيرة كما قال الشارح ا ه برماوي فإن قلت كيف جعلت ميقاتا مع نقل حمى المدينة إليها أوائل الهجرة لكونها مسكن اليهود بدعائه {صلى الله عليه وسلم} حتى لو مر بها طائر حم قلت قد علم من قواعد الشرع أنه {صلى الله عليه وسلم} لا يأمر بما فيه ضرر يوجب مثل ذلك على أنها انتقلت إليها مدة مقام اليهود بها ثم زالت بزوالهم من الحجاز أو قبله حين التوقيت ا ه شرح التحفة لحج قوله على خمسين فرسخا فتكون ستة مراحل وربع مرحلة لأن كل مرحلة ثمانية فراسخ ا ه برماوي قوله والآن خراب وقد أبدلت برابغ لأنها قبلها بيسير والإحرام الذي اعتيد من رابغ ليس مفضولا لكونه قبل الميقات لأنه لضرورة انبهام الجحفة على أكثر الحجاج ولعدم مائها وهي أوسط المواقيت ا ه برماوي وفي شرح م ر ما نصه وقول البارزي إحرام الحاج المصري من رابغ المحاذية للجحفة مشكل وكان ينبغي إحرامهم من بدر لأنهم يمرون عليه وهو ميقات(4/611)
لأهله كما أن الشامي يحرم من الحليفة ولا يصبر للجحفة مردود لمخالفته النص ولأن أهل الشام يمرون على ميقات منصوص عليه بخلاف أهل مصر ولا أثر للمحاذات مع تعين ميقات لهم على أن بدرا ليس ميقاتا لأهله بل ميقاتهم الجحفة كما يأتي والعبرة في هذه المواقيت بالبقعة لا بما بني ولو قريبا منها بنقضها وإن سمي باسمها ا ه قوله ومن تهامة اليمن بكسر التاء وهو إقليم معروف ومسافته طولا فيما بين المشرق والمغرب نحو عشرة آلاف ميل وعرضه فيما بين الجنوب والشمال أربعمائة ميل ومنه الصين والهند ا ه برماوي قوله ويقال له ألملم بالصرف وعدمه وهو أصله قلبت الهمزة ياء ويقال له أرمرم ويرمرم براءين بدل اللامين ويقال له الألملم واليرمرم ا ه برماوي قوله على ليلتين من مكة المراد مرحلتين ا ه برماوي قوله ومن نجد اليمن والحجاز نجد في الأصل اسم للمكان المرتفع وتهامة اسم للمكان المنخفض ويقال له الغور بالغين المعجمة والحجاز واليمن مشتملان على نجد وتهامة وحيث أطلق نجد فالمراد به نجد الحجاز وسمي بالحجاز لأنه حاجز بين اليمن والشام قال شيخنا وفيه نظر أو بين تهامة ونجد أو لاحتجازه بالجبال والصخور وهو من اليمن كما في الحديث وقيل المدينة نجد وقيل تهامة وقيل نصفها نجد ونصفها تهامة وهو يقابل أرض الحبشة من غربيه وبينهما عرض البحر فقط ومسيرته نحو شهر وأوله مدينة أيلة المعروفة الآن بالعقبة من منازل الحاج المصري ومنتهاه من شامة مدينة سدوم من قرى قوم لوط ومن غربيه جبل السراة وهو قطعة من جزيرة العرب التي هي طولا من أقصى عدن إلى ريف العراق وعرضا من جدة على ساحل البحر إلى أطراف الشام وسميت جزيرة لأنها أحاط بها أربعة أبحر دجلة والفرات وبحر الحبشة وبحر فارس ا ه برماوي قوله قرن ويقال لها قرن المنازل وقرن الثعالب وهو في الأصل الجبل الصغير المنقطع عن الجبل الكبير ا ه برماوي قوله بإسكان الراء ووهم الجوهري في تحريكها في قوله إن أويسا القرني(4/612)
منسوب إليه وإنما هو منسوب إلى قرن بن رومان قبيلة مزاد أحد أجداده ا ه برماوي قوله العراق بكسر العين المهملة سمي بذلك لسهولة أرضه واستوائها بعدم الجبال والأحجار وهو مذكر على المشهور وطوله مائتا فرسخ وعرضه مائة وخمسة وعشرون فرسخا ا ه برماوي قوله ذات عرق بكسر العين المهملة وسكون الراء قرية في جهة المشرق مشرفة على وادي العقيق وهي الآن خراب وأنشد بعضهم عرق العراق يلملم اليمن وبذي الحليفة يحرم المدني والشام جحفة إن مررت بها ولأهل نجد قرن فاستبن ا ه برماوي قوله أيضا ذات عرق وفوقها واد يقال له العقيق والأولى لهؤلاء الإحرام منه للاحتياط ولما حسنه الترمذي أنه {صلى الله عليه وسلم} وقت لأهل المشرق العقيق لكنه رده في المجموع ففيه ضعف ا ه شرح م ر قوله وقت رسول الله أي جعلها مواقيت وذلك في حجة الوداع كما قال الإمام أحمد رضي الله عنه ا ه برماوي وكان في السنة العاشرة ا ه ع ش على م ر قوله وقال هن أي هذه المواقيت لهن أي لهذه النواحي يعني لأهلهن على تقدير حذف المضاف المدلول عليه بقوله وقت لأهل المدينة ا ه برماوي وهلا قال هن لهم ولم أعاد الضمير على النواحي دون الأهل ا ه شوبري وأجاب عنه السيوطي في شرح البخاري بأن المسوغ لذلك مزاوجة الضمير الأول أي مشاكلته مع ظهور المعنى وهو أنه على تقدير المضاف أي لأهلهن ا ه من هامش شرح الروض قوله ميقات منيبه أي أو مكان آخر مثله مسافة ومحل اعتبار ميقات المنيب إن كان أبعد من ميقات النائب في هذه الحالة فأحرم من ميقات أقرب من ميقات المنيب كما لو كان المنيب مدنيا والنائب مصريا فأحرم من رابغ فوجهان أحدهما عليه دم الإساءة والحط من الأجرة بالقسط ورجحه البغوي وآخرون والثاني لا شيء عليه وعليه كثيرون ونقل عن النص وأنه علله بأن الشرع سوى بين المواقيت ورجحه الأذرعي لكن المعتمد هو الأول وينبني عليه ما فرعه المحب الطبري وهو مكي استؤجر عن آفاقي لحج أو عمرة فأحرم من مكة وترك ميقات المستأجر فعليه(4/613)
دم الإساءة والحط على الراجح ا ه حج بنوع(4/614)
تصرف ومفهوم قوله إن كان أبعد من ميقات النائب إلخ أنه أي ميقات المنيب لو كان أقرب من ميقات النائب لا يعتبر بل يعتبر ميقات النائب فعلى هذا لو كان المنيب مصريا والنائب مدنيا فإنه يجب على النائب المدني الإحرام من ذي الحليفة ولا يجوز له مجاوزتها ليحرم من رابغ ميقات المنيب إذ لا يجوز له انتهاك حرمة الميقات الشرعي بالمرور عليه من غير إحرام ليحرم من غيره مراعاة لجانب المنيب والفرض أن المدني مر من طريق المدينة على ذي الحليفة أما لو مر من طريق مصر كأن جاء منها وسلك طريقها فيحرم من رابغ من غير شبهة لأنها كما هي ميقات المنيب هي ميقات النائب أيضا في هذه الحالة لأنه من قبيل قوله في الحديث ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ومن صور المفهوم أيضا ما لو استؤجر مصري بمصر عن مكي مات بمكة أو عضب بها وهو مقيم بها فيمتنع على المصري النائب مجاوزة الجحفة ليحرم من مكة التي هي ميقات المحجوج عنه لما سبق ا ه ملخصا من سم عليه نقلا عن حاشية الإيضاح له أي لابن حجر قوله أو ما قيد به من أبعد وإذا جاوز هذا الأبعد بلا إحرام فهل يلزم دم بمجاوزته أم لا فيه نظر والأقرب عدم اللزوم لكن يحط قسط من المسمى باعتبار أجرة المثل فإن كانت أجرة مثل المدة بتمامها من ذلك الأبعد مثلا عشرة ومن الموضع الذي أحرم منه تسعة حط من المسمى عشرة ا ه ع ش على م ر وقوله والأقرب عدم اللزوم إلخ أي إذا أحرم من ميقات المنيب الشرعي كما هو ظاهر وبقي ما لو قيد به بأقرب من الميقات وحكمه أن الإجارة تفسد وعبارة الروض وشرحه وإن استأجر شخص آخر ليحرم من مكة أو من مكان أقرب إليها من الميقات الشرعي لم يصح العقد لحرمة مجاوزة الميقات بلا إحرام على مريد النسك لكن لو أحرم عنه من الذي قيد به صح بأجرة المثل انتهت قوله والأفضل لمن فوق ميقات إحرام منه وقيل الأفضل من دويرة أهله لأنه أكثر عملا وقد فعله جماعة من الصحابة والتابعين والأظهر الأول فإنه {صلى الله عليه وسلم} أخر إحرامه من(4/615)
المدينة إلى الحليفة إجماعا في حجة الوداع وكذا في عمرة الحديبية رواه البخاري ولأنه أقل تغريرا بالعبادة لما في المحافظة على واجبات الإحرام من المشقة وقد يجب قبل الميقات كأن نذره من دويرة أهله كما يجب المشي بالنذر وإن كان مفضولا وكما مر في أجرة ميقات المحجوج عنه أبعد من ميقاته وقد يسن كما لو خشيت طرو حيض أو نفاس عند الميقات وكما لو قصده من المسجد الأقصى للخبر الضعيف من أهل بحج أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أو وجبت له الجنة شك الراوي ا ه حج في التحفة قوله إحرام منه قال ابن الرفعة قد علمت مما ذكره أن تقديم الإحرام على الميقات المكاني سائغ ولا كذلك الزماني والفرق أن المكاني مبني على الاختلاف في حق الناس ولا كذلك الزماني قال العلامة البرلسي ولأن تعلق العبادة بالزمان أشد من تعلقها بالمكان لدليل بطلان الصلاة في الأوقات المكروهة دون الأماكن المكروهة ا ه برماوي قوله فالأفضل كما قال السبكي إلخ قال الشارح في الحاشية وكأنه أي السبكي اعتمد في إحرامه منه أي المسجد المذكور رواية ابن عباس الآتية في آداب الإحرام وسيأتي عنه نفسه أن الأحاديث الكثيرة الشهيرة تدل على أنه إنما أحرم عند انبعاث راحلته أي ومنها حديث أنس في البخاري ثم ركب {صلى الله عليه وسلم} حتى استوت به راحلته على البيداء ثم حمد الله عز وجل وسبح ثم أهل بالحج والعمرة على أن رواية ابن عباس ضعيفة كما يأتي وحينئذ ففي استثناء ذي الحليفة نظر بل الأقرب عدم الاستثناء نعم ينبغي استثناؤها من وجه آخر وهو الإحرام من البيداء أفضل من بقيتها وإن فرض أنه ليس الأبعد من مكة اتباعا له {صلى الله عليه وسلم} ثم قال ويلحق به بناء على استثنائه كل مسجد بميقات غيره بناء على المرجوح أنه يسن الإحرام عقب ركعتيه وهو جالس أما على الصحيح وهو ندبه إذا توجه فالأولى أن يصلي ركعتيه بالمسجد ثم إن قرب طرف الميقات الأبعد من مكة توجه إليه وأحرم منه وإن بعد(4/616)
بحيث يطول الفصل بين الإحرام وركعتيه حتى لم ينسبا إليه عرفا توجه إلى ما دونه وأحرم ا ه سم على حج وقوله على البيداء في المختار البيداء بوزن البيضاء المفازة والجمع بيد بوزن بيض وباد هلك وبابه باع وجلس وأباده الله أهلكه وبيد كغير وزنا ومعنى(4/617)
يقال هو كثير المال بيد أنه بخيل ا ه قوله الذي أحرم منه النبي {صلى الله عليه وسلم} قال الأذرعي وهو حق إن علم أن ذلك المسجد هو الموجود آثاره اليوم والظاهر أنه هو ولا يختص ذلك بذي الحليفة بل كل ميقات فيه مسجد الأفضل أن يحرم منه وإن كان آخر الميقات ا ه برماوي قوله بيمينه أو يساره أي لا بظهره ولا بوجهه لأن الأول وراءه والثاني أمامه ا ه شرح م ر قوله في بر كان أو بحر فعلى هذا ميقات المصري الذي سافر في البحر الجحفة لأنه يحاذيها قوله فإن أشكل عليه ذلك تحرى عبارة شرح م ر فإن أشكل عليه الميقات أو موضع محاذاته تحرى إن لم يجد من يخبره عن علم ولا يقلد غيره في التحري إلا أن يعجز عنه كالأعمى ويسن له أن يستظهر حتى يتيقن أنه حاذاه أو أنه فوقه نعم بحث الأذرعي أنه إن تحير في اجتهاده لزمه الاستظهار إن خاف فوت الحج أو كان قد تضيق عليه انتهت قوله أو حاذى ميقاتين أي على الترتيب ليظهر للتقييد بالقرب معنى فالمراد أنه حاذاهما بحسب المال فسقط ما هنا من الإشكال ا ه شيخنا قوله محاذاة أقربهما إليه أي وإن لاقى الآخر أولا ا ه برماوي قوله أقربهما إليه أي بأن كان بين طريقه وبينه ميل وبينه وبين الآخر ميلان ا ه حج قوله فإن استويا في القرب إليه بأن كان إذا مر على كل تكون المسافة منه إليه واحدة ا ه حج قوله وإن حاذى الأقرب إليها أولا كأن كان منحرفا أو وعرا فلو جاوزهما مريدا للنسك ولم يعرف موضع المحاذاة ثم رجع إلى الأبعد أو إلى مثل مسافته سقط الدم أو إلى الآخر لم يسقط ا ه شرح م ر وقوله فلو جاوزهما مريدا للنسك إلخ هذا هو ثمرة كونه يحرم من أبعدهما من مكة وإلا فالصورة أن المحل الذي يحرم منه فيه محاذاة الميقاتين معا فلا وجه لنسبة الإحرام لأحدهما دون الآخر وعبارة الروض فإن قيل فإن استويا في القرب فكلاهما ميقاته قلنا لا بل ميقاته الأبعد إلى مكة وتظهر فائدته فيما لو جاوزهما مريدا للنسك ولم يعرف موضع المحاذاة إلخ انتهت ا ه رشيدي عليه وفي(4/618)
الشوبري ما نصه قوله وإن حاذى الأقرب إليها أولا هذا كلام لم أر له وجهان إذ كيف يحاذي ميقاتا أولا فيسوغ له ترك الإحرام من محاذاته حتى يصل إلى ميقات آخر لأجل بعده من مكة هذا شيء لا يسمح به أحد من الأصحاب فيما أظن على أن فيه إشكالا وذلك أن المقسم محاذاة الميقاتين فكيف يكون من أقسامه محاذاة أحدهما أولا لكن يعتذر عن هذا الأخير بأن المراد محاذاتهما ولو فيما يئول إليه الحال وأما الاعتذار بأنه يحاذي بصدره فلا يجوز لأن المراد هنا يمنة ويسرة كما صرح به هو فيما مر والله أعلم ا ه سم وانظر هل يمكن حمل قوله وإن حاذى الأقرب إليها أولا على ما إذا جاوز ذلك غير مريد للنسك ا ه قوله وإن لم يحاذ ميقاتا إلخ لا يقال المواقيت مستغرقة لجهات مكة فكيف يتصور عدم محاذاته لميقات فينبغي أن المراد عدم المحاذاة في ظنه دون نفس الأمر لأنا نقول يتصور بالجائي من سواكن إلى جدة من غير أن يمر برابغ ولا بيلملم لأنهما حينئذ أمامه فيصل جدة قبل محاذاتهما وهي على مرحلتين من مكة فتكون هي ميقاته ا ه حج في التحفة وقوله لأنهما حينئذ أمامه أي وقد تقدم أن كون الميقات أمامه لا يعتبر وإنما المعتبر كونه على يمينه أو يساره قوله إذ لا ميقات أقل مسافة من هذا القدر بهذا يندفع ما قيل قياس ما يأتي في حاضري الحرم أن المسافة منه لا من مكة أن تكون هنا كذلك ووجه اندفاعه أن الإحرام من المرحلتين هنا بدل عن أقرب ميقات إلى مكة وأقرب ميقات إليها على مرحلتين منها لا من الحرم فاعتبرت المسافة من مكة لذلك ا ه حج في التحفة قوله ثم أراده عطف على النفي بالنظر لإحدى صورتيه وهي الثانية من كلام الشارح وكأنه قال ولمن دون ميقات جاوزه غير مريد للنسك ثم أراده وقوله محله أي محل سكنه في الصورة الأولى ومحل إرادته في الثانية ومحترز القيد وهو قوله لم يجاوزه مريد نسك أما إذا جاوزه مريدا للنسك أي فميقاته هو الذي جاوزه في حلبة الإرادة ويعلم تفصيل حكمه من قوله ومن(4/619)
جاوز ميقاته إلخ فهو في المعنى بيان لمحترز القيد الذي قبله تأمل قوله محله أي إن لم يكن بينه وبين مكة ميقات آخر وإلا كأهل بدر والصفراء فإنهم بعد ذي الحليفة وقبل الجحفة فميقاتهم الثاني وهو الجحفة ا ه برماوي وهذا ما انحط عليه كلام حج في التحفة وجرى عليه م ر في شرحه قوله أيضا محله فلو جاوزه إلى جهة(4/620)
مكة بأن أحرم من محل تقصر فيه الصلاة أساء ولزمه دم نظير ما مر وإن كان على دون مرحلتين من مكة أو الحرم لأن هذا دم إساءة فلا يسقط عن حاضر ولا غيره بخلاف دم التمتع أو القران ا ه حج في التحفة قوله ومن جاوز ميقاته إلخ جواب الشرط وهو قوله لزمه عود ناقص وكان عليه أن يقول أثم ولزمه عود ولكنه اتكل في فهم هذا المحذوف على ما سيأتي لعلمه منه فحينئذ قول الشارح لزمه مع الإثم للمجاوزة فيه قصور بل يأثم في الصورة الأولى وهي عدم العود لجهتين للمجاوزة وعدم العود بل وفي الثانية كذلك لأن قوله لزمه عود مراده به العود قبل الشروع في النسك فإذا عاد بعده لم يأت بالعود الواجب على ما سيأتي تأمل وعبارة أصله مع شرح حج وإن بلغه مريدا للنسك وإن أراد إقامة طويلة ببلد قبل مكة لم تجز مجاوزته إلى جهة الحرم غير ناو العود إليه أو إلى مثله بغير إحرام أما إذا جاوزه مريدا العود إليه أو إلى مثل مسافته قبل التلبس في تلك السنة فإنه لا يأثم بالمجاوزة إن عاد لأن حكم الإساءة ارتفع بعوده وتوبته بخلاف ما إذا لم يعد وبهذا جمع الأذرعي بين قول جمع لا تحرم المجاوزة بنية العود وإطلاق الأصحاب حرمتها أي فيحمل الأول على ما إذا عاد بالفعل بعد أن جاوز بنية العود ويحمل الثاني على ما إذا لم يعد وإن جاوز ناويا للعود وخرج بقولنا إلى جهة الحرم ما لو جاوزه يمنة أو يسرة فله أن يؤخر إحرامه لكن بشرط أن يحرم من محل مسافته إلى مكة مثل مسافة ذلك الميقات سواء كان ميقاتا أو لا وبه يعلم أن الجائي من اليمن في البحر له أن يؤخر إحرامه من محاذاة يلملم إلى جدة لأن مسافتها إلى مكة كمسافة يلملم كما صرحوا بخلاف الجائي فيه أي البحر من مصر ليس له أن يؤخر إحرامه عن محاذاة الجحفة لأن كل محل من البحر بعد الجحفة أقرب إلى مكة منها فتنبه لذلك فإنه مهم انتهت بنوع تصرف وقوله وإن أراد إقامة طويلة إلخ يوضح هذا ما ذكره ابن الجمال في شرح نظم ابن المقري للدماء حيث قال(4/621)
ما نصه ثم رأيت في فتاوى الشهاب م ر ما نصه سئل عن رجل خرج من بلده مريدا للنسك مع نية الإقامة ببندر جدة مثلا شهرا أو نحوه للبيع والشراء فهل يباح له مجاوزة الميقات من غير إحرام أم لا تباح له المجاوزة فأجاب بأن من بلغ ميقاتا مريدا نسكا لم تجز مجاوزته بغير إحرام وإن قصد الإقامة ببندر بعد الميقات شهرا مثلا للبيع ونحوه إلا أن يقصد الإقامة بالبندر المذكور قبل الإحرام ا ه ما نقله ابن الجمال وقوله إلا أن يقصد الإقامة إلخ مراده بالإقامة الاستيطان أي إلا إن قصد قبل الميقات قبل أن يستوطن بالبندر المذكور فيكون قد غير نيته حيث كان أولا عازما على النسك فترك هذا العزم ونوى الاستيطان بجدة مثلا فهذه النية قبل وصوله إلى الميقات تقطع إرادة النسك تأمل قوله أيضا ومن جاوز ميقاته إلخ أي فلم تجز له المجاوزة للميقات بغير إحرام بالنسك الذي أراده على الوجه الذي أراده كذا قال حج وغيره وبيان هذه العبارة أنه إذا أراد قرانا فأحرم من الميقات بالعمرة ثم بعده بالحج ترتب الدم لتأدي نسكه بإحرام ناقص لأنه لم يأت بما أراده على الوجه المراد بخلاف ما إذا أراد الحج في العام القابل أو في هذا العام لكن في غير أشهره فأحرم بالعمرة من الميقات لعدم إمكانه ولو أراد أحدهما فأحرم بالثاني فهل يلزمه الدم أو لا جرى في التحفة على اللزوم وتلميذه العلامة عبد الرءوف في شرح المختصر على خلافه قال لقيام المأتي به مقام المنوي على خلاف المذكور في شرح المنهاج وهو الأوجه إذ المحذور مجاوزة حريم الحرم وهو الميقات بغير إحرام ولم يوجد ا ه ابن الجمال قوله سواء كان ممن دون ميقات أو من غيره الغير هو من فوق الميقات والدون يشمل من هو ساكن في الحرم ومن هو خارجه ودون الميقات ومعلوم مما مر أن ميقات كل من هذين محله فإذا جاوزه مريدا للنسك بلا إحرام لزمه الدم وإنما لزم الدم من كان ساكنا في الحرم أو خارجه ودون مرحلتين منه مع أنه من حاضري الحرم ولم يلزمه(4/622)
دم التمتع لأن الأول دم إساءة ومخالفة وقد وجد بخلاف نحو دم التمتع فإنه لربح الميقات ا ه من ابن الجمال المكي قوله مريد نسك سيأتي محترزه قبيل فصل واجبات الطواف بقوله ومن قصد الحرم لا لنسك سن إحرام به قوله لزمه عود ولو قدر على العود ماشيا بلا مشقة أو بها لكنها تحتمل عادة لزمه ولو فوق مرحلتين على الأوجه وفارق ما مر بتعديه هنا ا ه حج وعبارة شرح م ر والأوجه كما قاله الأذرعي تحريم عوده ولو علم أنه لو عاد لفات الحج ولو كان ماشيا(4/623)
ولم يتضرر بالمشي فهل يلزمه العود أو لا قضية كلامهم لزومه ونظر فيه الإسنوي وقال المتجه أنه إن كان على دون مسافة القصر لزمه وإلا فلا كما قلناه في الحج ماشيا ا ه قال ابن العماد بل المتجه لزوم العود مطلقا لأنه قضاء لما تعدى فيه فأشبه وجوب قضاء الحج الفاسد وإن بعدت المسافة ا ه وهو ظاهر إن كان قد تعدى بمجاوزة الميقات أخذا من تعليله وإلا فالمتجه ما قاله الإسنوي انتهت قوله أو إلى ميقات مثله مسافة قال حج أي أو إلى محل آخر غير ميقات مثل الميقات الذي جاوزه مسافة فيجزي العود إلى مثل مسافة الميقات وإن لم يكن ميقاتا لكن عبر جمع متقدمون بمثل مسافته من ميقات آخر وأخذ بمقتضاه غير واحد والذي يتجه هو ما تقدم بدليل تعبير بعض الأصحاب بقوله من محل آخر ولم يعبر بميقات ا ه بنوع تصرف بخلاف ما لو عاد إلى ميقات دونه مسافة فلا يسقط به الدم عنه قال في شرح الروض على ما هو ظاهر كلامهم وإن سقط به دم التمتع لأنه قضاء لما فوته بإساءته لأنه دم إساءة بخلاف دم التمتع قاله في شرح الروض أيضا ا ه شوبري قوله أو خوف طريق بأن خاف على نفسه أو ماله ودخل في المال ما لو كان القدر الذي خاف عليه في رجوعه بقدر قيمة الدم الذي يلزمه حيث لم يعد أو دونها وقياس ما في التيمم من أنه لو خاف على مال يساوي ثمن ماء الطهارة لا يعتبر أنه هنا كذلك فيجب العود وإن خاف وقد يفرق بأن ما هنا إسقاط لما ارتكبه وما في التيمم طريق للطهارة التي هي شرط لصحة الصلاة وهي أضيق مما هنا فلا يجب العود ولا إثم بعدمه ا ه ع ش على م ر قوله أو انقطاع عن رفقة والأصح أن مجرد الوحشة هنا لا يعتبر ا ه حج قوله أو مرض شاق أي لا يحتمل عادة وإن لم يبح التيمم ا ه ع ش على م ر قوله أعم من قوله إلخ أي أعم من جهات ثلاثة فقوله ليحرم منه ليس قيدا بل مثله العود محرما وقوله منه ليس قيدا بل مثله العود إلى ميقات آخر مثله مسافة وقوله إلا إذا ضاق الوقت إلخ ليس قيدا أيضا بل مثلهما(4/624)
المرض الشاق وخوف الانقطاع عن الرفقة قوله وقد أحرم بعمرة مطلقا إلخ علم منه أنه إذا لم يحرم بما ذكر لا دم عليه وإن أثم بالمجاوزة لأن لزوم الدم إنما هو لنقص النسك كما أشار إليه الشارح بقوله ولتأدي النسك إلخ وبه يتضح أن المجاوزة وحدها غير موجبة للدم وإنما الموجب له النقص ا ه شوبري قوله أيضا وقد أحرم بعمرة مطلقا أي في تلك السنة أو في سنة أخرى بعدها فإن لم يحرم أصلا فلا دم إذ لزومه لنقصان النسك ولم يفعل وقوله أو بحج في تلك السنة أما لو أحرم بحج في سنة أخرى غير سنة المجاوزة فلا يلزم الدم أيضا إذ إحرام سنة لا يصلح لإحرام غيرها ا ه شرح م ر بتصرف وجرى حج على عدم التفصيل في الحج فجعله كالعمرة حيث قال لزمه دم إن اعتمر مطلقا أو حج في تلك السنة أو في القابلة ا ه وقال ابن الجمال ما نصه ولو أحرم بالعمرة بعد أن حج في غير سنة المجاوزة فهل يلزمه الدم لأنه صدق عليه أنه أحرم بعمرة بعد مجاوزته أو لا لأن دم المجاوزة انحل بإحرامه بالحج لم أر فيه شيئا والأول أقرب وأوجه لأن الحج المفعول حينئذ لا تشمله إرادته السابقة عام المجاوزة فلا يحصل به انحلال قاله العلامة عبد الرءوف أيضا في حاشيته على الشرح ا ه قوله لزمه مع الإثم دم اقتضى كلامه مساواة الكافر للمسلم فيما لو جاوزه مريدا للنسك ثم أسلم وأحرم به دونه ولم يعد وهو كذلك ا ه شرح م ر وعبارة حج في التحفة ولو جاوزه كافر مريدا للنسك ثم أسلم وأحرم ولم يعد لزمه دم لأنه مكلف بالفروع أو قن كذلك ثم عتق وأحرم لا دم عليه لأنه عند المجاوزة غير أهل للإرادة لأنه محجور عليه لحق غيره ومجاوزة الولي بموليه مريدا النسك به فيها الدم على الأوجه بالتفصيل المذكور انتهت وقوله أو قن كذلك أي بغير إذن سيده وإلا فعليه الدم وهذا التفصيل يجري في الصبي فيفصل فيه بين من أذن له الولي وغيره وعلى هذا التفصيل يحمل كلام المختلف في المسألة ا ه م ر وفي حاشية الإيضاح للسيد السمهودي عند قول(4/625)
الإيضاح فإن جاوزه غير محرم عصى إلخ ما نصه قلت وقياسه أن تكون الزوجة كذلك فلو جاوزت الميقات مريدة للنسك بغير إذن الزوج فلا دم عليها وإن طلقت قبل الوقوف بناء على أنه لا يجوز لها أن تحرم بغير إذن الزوج ولو نوى الولي أن يعقد الإحرام للصبي فجاوز الميقات ولم يعقده له ثم عقده له ففي الدم وجهان أحدهما(4/626)
يلزمه ويكون في مال الولي والثاني لا يجب على واحد منهما ا ه وذكر الشارح في حاشيته نحوه ورجح الأول من هذين الوجهين وهذا الكلام كالصريح في تصوير عدم وجوب الدم فيما إذا جاوز الصبي مريدا النسك ثم أحرم وإن بلغ قبل الوقوف أو العبد كذلك وإن عتق قبل الوقوف بما إذا لم يأذن الولي أو السيد وقضية هذا التصوير وجوب الدم إذا أذن السيد ا ه سم عليه قوله مع الإثم للمجاوزة أي ولو في صورة العذر لأن العذر إنما يسقط وجوب العود لا إثم المجاوزة كما أشار له الشارح بقوله للمجاوزة قوله لإساءته في الأولى إلخ أي ولتأدي النسك بإحرام ناقص وقوله ولتأدي النسك إلخ أي ولإساءته ففيه احتباك وقال العلامة عبد الرءوف في الحاشية ويؤخذ من قولهم لتأدي النسك بإحرام ناقص أنه لو تكررت منه المجاوزة المحرمة ولم يحرم إلا من آخرها لم يلزمه إلا دم واحد وإن أثم في كل مرة لأن نسكه الذي تأدى بإحرام ناقص وهو الموجب للدم لم يتكرر ا ه ابن الجمال المكي قوله ولا فرق في لزوم الدم إلخ أي لأن المأمور به يستوي في وجوب تداركه المعذور وغيره ا ه حج قوله وكونه ناسيا استشكل ما ذكر في الناسي للإحرام بأنه يستحيل أن يكون حينئذ مريدا للنسك وأجيب بأنه يستمر قصده إلى حين المجاوزة فيسهو حينئذ وفيه نظر لأن العبرة في لزوم الدم وعدمه بحاله عند آخر جزء من الميقات وحينئذ فالسهو إذا طرأ عند ذلك الجزء فلا دم أو بعده فالدم ا ه حج وبقي ما لو جاوزه مغمى عليه ويتجه أنه لا دم عليه لخروجه بالإغماء عن أهلية العبادة فسقط أثر الإرادة السابقة رأسا ا ه سم عليه قوله فلا دم عليه عبارة أصله سقط الدم قال حج قضيته أن الدم وجب ثم سقط بالعود وهو وجه والذي صححه الشيخ أبو علي والبندنيجي أنه موقوف فإن عاد بان أنه لم يجب عليه وإلا بان أنه وجب عليه والماوردي أنه لا يجب أصلا وتظهر فائدة الخلاف فيما لو دفع الدم للفقير وشرط الرجوع إن لم يجب عليه ا ه وهل يشترط في سقوط دم المجاوزة(4/627)
بالعود أن لا يصرفه لفرض آخر أو لا يضر الصارف فيكفي العود إليه أي محل المجاوزة ولو لفرض آخر أو لا لفرض أفتى الشهاب حج رحمه الله بعدم الضرر كالوقوف ا ه ابن الجمال المكي قوله مطلقا أي نوى العود أو لا وقوله إن نوى العود أي نوى عند المجاوزة العود إلى الميقات ليتدارك الواجب الذي هو العود للميقات بخلاف ما لو نوى العود للتنزه مثلا أو أطلق وهو ظاهر ا ه ابن الجمال
باب الإحرام
قوله أي الدخول في النسك بنيته ومعنى الدخول التلبس بالنسك سمي هذا المعنى إحراما لأنه يتعلق به دخول الحرم وهذا المعنى يتعلق به الفساد بالجماع والبطلان بالردة فإذا قالوا فسد وبطل الإحرام كان مرادهم هذا المعنى وله إطلاق ثان وهو النية وهو بهذا المعنى من أركان الحج كما يأتي في قول المصنف أركان الحج إحرام أي نية فله إطلاقان انتهى شيخنا وعبارة شرح الرملي الإحرام وهو نية الدخول في النسك وهو كما يطلق شرعا على هذه النية يطلق أيضا على الدخول في حج أو عمرة أو فيهما أو فيما يصلح لهما أو لأحدهما وهو المطلق الأول هو المراد بقولهم الإحرام ركن والمراد هنا الثاني وهو المعني بقولهم ينعقد الإحرام بالنية سمي بذلك إما لاقتضائه دخول الحرم أخذا من قولهم أحرم إذا دخل الحرم كأنجد إذا دخل نجدا أو لاقتضائه تحريم الأنواع الآتية انتهت قوله ولو بلا تلبية رد على من اشترط التلبية في انعقاد الإحرام وعبارة أصله مع شرح م ر وحج وإن نوى ولم يلب انعقد إحرامه على الصحيح كما أن نحو الطهارة والصوم لا يشترط فيه لفظ مع النية والثاني لا ينعقد بدونها لإطباق الأمة عليها عند الإحرام كالصلاة لا تنعقد إلا بالنية والتكبير ورد بأن وجوب التكبير مع النية للنص عليهما في الحديث انتهت قوله الأفضل تعيين أي فلا يجب التعيين في نية الحج كما لا يجب فيها التعرض للفرضية اتفاقا ا ه شرح م ر بخلاف الصلاة حيث يجب التعرض فيها للفرضية ولعل الفرق أن الحج لا يقع من البالغ الحر إلا(4/628)
فرضا بخلاف الصلاة ا ه ع ش عليه وفيه فصل في أركان الحج نقلا عن سم على حج ما نصه فرع هل يأتي في من لم يميز الفروض من السنن ما تقرر في نحو الصلاة حتى لو اعتقد بفرض معين نفلا لم يصح أو يفرق بأن النسك(4/629)
شديد التعلق ولهذا لو نوى به النفل وقع عن نسك الإسلام قد يتجه الفرق فيصح مطلقا وإن لم يميز ولا اعتقد بفرض معين نفلا فليتأمل ا ه أقول الأقرب عدم الفرق ويؤيده قول حج أول الحج بعد قول المصنف وشرط صحته الإسلام إلخ على أنه اعترض بأنه يشترط أيضا الوقت والنية والعلم بالكيفية حتى ولو جرت منه أفعال النسك اتفاقا لم يعتد بها لكن يرد ذكر النية بأنها ركن ويرد ذكر الوقت بأنه معلوم من صريح كلامه الآتي في المواقيت وذكر العلم بأنه لو حصل بعد الإحرام وقبل تعاطي الأفعال كفى فليس شرطا لانعقاد الإحرام الذي الكلام فيه بل يكفي لانعقاده تصوره بوجه انتهى ووجه التأييد أن قوله بأنه لو حصل بعد الإحرام وقبل تعاطي الأفعال كفى صريح في أنه إن لم يحصل له العلم بالكيفية لا قبل الإحرام ولا بعده لم يكف وعليه فيكون المعتبر فيه عين ما يعتبر في الصلاة بلا فرق غاية الأمر أنه يعتبر في الصلاة حال النية وفي الحج لا يعتبر ذلك ا ه بالحرف قوله ليعرف ما يدخل عليه قال الإسنوي رحمه الله ولأن الأحاديث دلت على أن النبي {صلى الله عليه وسلم} أحرم مفردا واعلم أنه جاز عدم التعيين هنا بخلاف الصلاة لأنه ينصرف هنا إلى الفرض وإن قصد التطوع أو النذر بخلاف الصلاة انتهى ا ه سم قوله بأن ينوي حجا إلخ أي ينوي ما لم يكن مجامعا ولو لبهيمة ولو معذورا بأن كان ناسيا أو جاهلا معذورا وإلا لم ينعقد نسكه لأن ما أفسد في الدوام يمنع الانعقاد وإنما كان المعذور هنا كغيره بخلافه في الأثناء لضعف الابتداء ا ه ح ل قوله أو كليهما صوره بعضهم بأن يقدم العمرة في نيته على الحج إذ لو العكس لكان مدخلا للعمرة على الحج وذلك لا يجوز وينبغي أن يقال أو ينويهما دفعة واحدة والظاهر أنه لا فرق ويغتفر مثل هذا لأن قصدهما على التعاقب بمنزلة قصدهما معا ويحتمل أن يشترط في الجواز أن يقصد قبل فراغ نية الحج أن يأتي بقصد العمرة عقبه وهذا قريب جدا قاله الطبلاوي ا ه سم قوله فلو أحرم بحجتين إلخ في(4/630)
هذا التفريع نظر لأن هذا لا يتفرع على المتن ا ه شيخنا وقد ذكره م ر لا على صورة التفريع فقال ولو نوى حجتين أو نصف حجة انعقد حجة أو عمرتين أو نصف عمرة انعقد عمرة قياسا على الطلاق في مسألتي النصف وإلغاء للإضافة إلى الثنتين في مسألتي الحجتين والعمرتين لتعذر الجمع بينهما بإحرام واحد فصح في واحدة كما لو تيمم لفرضين لا يبيح إلا واحدا كما مر ا ه قوله انعقدت واحدة أي انعقد له واحدة إلخ ا ه ع ش وعبارة الإيضاح لو نوى حجتين أو عمرتين انعقدت إحداهما ولا تلزمه الأخرى انتهت قوله أيضا انعقدت واحدة هل محله إذا جمعهما كما هو ظاهر هذه العبارة كنويت حجتين وأما لو عطف إحداهما على الأخرى كنويت حجة أو حجة أخرى فينعقد قوله وحجة أخرى عمرة كما لو قال نويت الحج والعمرة فإنه يصير قارنا كما هو ظاهر كلامهم لأن قوله وحجة أخرى كقوله والعمرة من حيث إنه منع من انعقاده حجا مانع وهو تقديم نية الحج فهو كنية الحج في غير وقته فيه نظر فليتأمل فإن الانعقاد عمرة مستبعد ثم رأيت قول الشرح وإنما لم تنعقد الثانية إلخ وهو يدل على عدم الانعقاد ا ه سم على حج قوله فعلم أنه ينعقد مطلقا أي فلو أفسده قبل التعيين فأيهما عينه كان فاسدا ا ه شرح م ر أي فيقضيه دون الآخر ويجب المضي في فاسده ا ه ع ش عليه قوله ينعقد مطلقا بخلاف الصلاة فإنه لا يجوز أن يحرم بها مطلقا ويفرق بأن التعيين ليس شرطا في انعقاد النسك ولهذا لو أحرم بنسك النفل وعليه نسك فرض انصرف إلى الفرض ولو قيد الإحرام بزمن كيوم أو أكثر انعقد مطلقا كالطلاق وهذا هو المعتمد وإن بحث في المجموع في هذا وفي مسألتي النصف عدم الانعقاد لأنه من باب العبادات والنية الجازمة شرط فيها بخلاف الطلاق فإنه مبني على الغلبة والسراية ويقبل الأخطار ويدخله التعليق ا ه شرح م ر قوله بأن لا يزيد في النية على الإحرام فإن زاد كونه تطوعا أو نذر أو قيده بزمن كيوم أو غير ذلك لغا وانصرف إلى ما عليه ولا(4/631)
يحتاج لنية فرض أيضا ا ه برماوي قوله خرجنا أي في حجة الوداع ا ه برماوي قوله أن يهل بحج أي يحرم وهذا تفسير مراد وإلا سيأتي أن الإهلال رفع الصوت بالتلبية ثم إن هذا الدليل دل على التعيين بصوره الثلاثة والثاني على الإطلاق وأما إن التعيين أفضل فلا يؤخذ من الدليلين(4/632)
ا ه شيخنا قوله فأمر من لا هدي معه إلخ هذا يدل على أن إحرامهم كان مطلقا ثم إن تخصيص الأول بالعمرة والثاني بالحج من إعطاء الأكمل للأكمل وإلا فيجوز العكس بأن يصرفه من معه هدي للعمرة ومن لا للحج ا ه شيخنا وعبارة شرح م ر ومناسبة ذلك ظاهرة وهو أن الحج أكمل النسكين ومن ساق الهدي تقربا أكمل حالا ممن لم يسقه فناسب أن يكون له أكمل النسكين وأما كون ظاهر الخبر أن الإهداء يمنع الاعتمار فغير مراد شرعا انتهت قوله أيضا فأمر من لا هدي معه إلخ هذا يقتضي أنهم أحرموا مطلقين لكن سيأتي في أركان الحج أنه {صلى الله عليه وسلم} أمر من لا هدي معه وإن كان محرما بالحج أن يجعل حجه عمرة وذكر أن ذلك من خصائص أصحابه {صلى الله عليه وسلم} ا ه ع ش على م ر وسيأتي في كلام الشارح أن الهدي ما يسوقه الحاج أو المعتمر تقربا بخلاف دم الجبران فإنه ما يجبر الخلل الواقع من المحرم وعبارة البرماوي في فصل المبيت بمزدلفة الهدي بفتح الهاء وكسرها وسكون الدال وكسرها مع تخفيف الياء في الأولى وتشديدها في الثانية قال الروياني وهو اسم لما يهدى لمكة وحرمها تقربا إلى الله تعالى من نعم وغيرها من الأموال لكنه عند الإطلاق اسم للإبل والبقر والغنم فائدة قال جابر رضي الله عنه نحر رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في ذلك اليوم مائة بدنة ذبح بيده منها ثلاثا وستين وعلي رضي الله عنه باقيها قال بعضهم وفي ذلك إشارة إلى مدة عمره الشريف انتهت قوله صرفه بنيته لما شاء أي وجوبا بمعنى أنه لا يجوز له إبطال الإحرام ا ه ح ل وهل له بعد الصرف إلى أحدهما وقبل التلبس بشيء من أعماله الرجوع عنه إلى الآخر أو لا قلت قال الشهاب حج في باب النذر فيما لو خير بين ما التزمه وكفارة اليمين أن له الرجوع بعد اختيار أحدهما إلى الآخر أخذا مما لو رأى شيئا وتردد بين كونه منيا أو مذيا وقد نظرنا في أخذه المذكور فليراجع ا ه شوبري قوله فلا يجزئ العمل قبل النية أي نية الصرف لكن لو طاف ثم صرفه للحج وقع طوافه عند القدوم وإن كان من سنن الحج(4/633)
ولو سعى بعده فالأوجه عدم الإجزاء لأنه ركن فيحتاط له وإن وقع تبعا ا ه شرح م ر وقوله فيحتاط له أي فلا يعتد به إلا إذا وقع بعد طواف علم أنه من أعمال الحج فرضا أو سنة ا ه ع ش عليه قوله فإن لم يصلح الوقت لهما أي حين الصرف والفرض أنه نوى في أشهر الحج وقوله قال في المهمات إلخ غرضه منه التعميم في قول المتن فإن أطلق في أشهر الحج إلخ أي سواء كان الوقت واسعا أو ضيقا قوله صرفه للعمرة أي وجوبا ولا ينقلب عمرة بنفسه ولا يجوز صرفه للحج خلافا للقاضي وإن تبعه حج وعلى الجواز لو صرفه للحج تحلل بفعل عمرة ولا يجزئه عن عمرة الإسلام ا ه ح ل قوله كمن أحرم بالحج حينئذ أي في أنه ينعقد ويفوت بطلوع الفجر فيتحلل بفعل عمرة ويقضيه من قابل ا ه ع ش قوله فينعقد عمرة كما مر أي على الصحيح والثاني ينعقد مبهما فله صرفه إلى عمرة وبعد دخول أشهر الحج إلى النسكين أو أحدهما فإن صرفه إلى الحج قبل أشهره كان كإحرامه قبلها فينعقد عمرة على الصحيح ا ه شرح م ر قوله وله أي لمريد الإحرام أن يحرم ا ه ع ش قوله وله أن يحرم كإحرام زيد إلخ هو يشبه التعليق لكن بشيء حاصل لا بشيء مستقبل والمراد أنه كما يصح مطلقا يصح بهذا التعليق أيضا ولو قال إن كان زيد محرما فأنا محرم تبعه في الإحرام وعدمه فإن كان حلالا فهو حلال أما لو قال إن أحرم زيد فأنا محرم فإن ذلك لا يصح لأنه تعلق بمستقبل خلافا لإشكال الرافعي الذي حاول به الجواز هذا حاصل ما في شرح الإرشاد للكمال المقدسي نقلا عن ابن المقري ا ه عميرة ا ه سم وقال في الروض وإن أحرم كإحرام زيد وعمرو صار مثلهما إن اتفقا وإلا صار قارنا قال في شرحه نعم إن كان إحرامهما فاسدا انعقد إحرامه مطلقا كما علم مما مر أو إحرام أحدهما فقط فالقياس أن إحرامه ينعقد صحيحا في الصحيح ومطلقا في الفاسد ا ه ويؤخذ من قوله ومطلقا في الفاسد أن له صرفه إلى ما شاء فإن صرفه لحج وكان إحرام الصحيح حجا أو لعمرة وكان إحرام الآخر(4/634)
الصحيح عمرة صار كما لو أحرم ابتداء بحجتين أو عمرتين فعليه حجة أو عمرة واحدة وإن صرفه لأحدهما وكان إحرام الآخر الصحيح بالآخر صار قارنا ومن ذلك أن يكون إحرام الآخر الصحيح بحج فيصرف هذا المطلق لعمرة ولا يقال يلزم إدخال العمرة على الحج كما توهمه(4/635)
بعض الطلبة لأن الصرف ليس ابتداء إحرام فإن الإحرام ينعقد في أول الأمر والصرف تفسير له وهل يجزئه العمل قبل الصرف نظرا للإحرام الآخر المعين فيه نظر والوجه عدم الإجزاء لأنه إحرام واحد ولم يتعين بتمامه ا ه سم على حج قوله إنه {صلى الله عليه وسلم} قال له إلخ ووقع لعلي كما وقع لأبي موسى وهو أيضا في الصحيحين ا ه شرح م ر قوله طف بالبيت هذا ظاهر بناء على أنه {صلى الله عليه وسلم} أحرم مطلقا لأن إحرام أبي موسى كإحرامه ينعقد مطلقا فيصرفه لما شاء فيجوز أنه {صلى الله عليه وسلم} رأى أن الأنسب لأبي موسى العمرة فأمره بها وأما على ما يأتي للشارح عن المجموع في أركان الحج بعد قول المصنف وفي قول التمتع أفضل من أن الصواب أنه {صلى الله عليه وسلم} أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة وخص بجوازه في تلك السنة فمشكل لأنه حيث أحرم كإحرامه انعقد إحرامه حجا إلا أن يجاب بأن إحرامه وإن انعقد حجا لكن أصحاب النبي {صلى الله عليه وسلم} خصوا بجواز فسخ الحج إلى العمرة كما قاله الشارح ثم وعليه فأمره له بالعمرة أمر بفسخ الحج إليها وهو جائز لأصحابه خصوصية ا ه ع ش على م ر وعبارة شرح م ر هناك وللمصنف في مجموعه كلام في حجته عليه السلام وحج أصحابه لم يسبق إليه لنفاسته ولا اعتبار للمنازعة فيه حيث قال الصواب الذي نعتقده أنه {صلى الله عليه وسلم} أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة وخص بجوازه في تلك السنة للحاجة وبهذا يسهل الجمع بين الروايات فعمدة رواة الإفراد وهم الأكثر أول الإحرام ورواة القران آخره ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع وقد انتفع بالاكتفاء بعمل واحد ويؤيد ذلك أنه {صلى الله عليه وسلم} لم يعتمر في تلك السنة عمرة مفردة ولو جعلت حجته مفردة لكان غير معتمر في تلك السنة ولم يقل أحد أن الحج وحده أفضل من القران فانتظمت الروايات في حجته في نفسه وأما الصحابة رضي الله عنهم وكانوا ثلاثة أقسام قسم أحرموا بحج وعمرة أو بحج ومعهم هدي وقسم بعمرة وفرغوا منها ثم أحرموا بحج وقسم بحج من غير هدي معهم وأمرهم رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أن يقلبوه عمرة وهو معنى فسخ الحج إلى(4/636)
العمرة وهو خاص بالصحابة أمرهم به {صلى الله عليه وسلم} لبيان مخالفة ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج واعتقادهم أن إيقاعها فيه من أفجر الفجور كما أنه {صلى الله عليه وسلم} أدخل الحج على العمرة لذلك ودليل التخصيص خبر أبي داود وعن الحارث بن بلال عن أبيه قلت يا رسول الله أرأيت فسخ الحج في العمرة لنا خاصة أم للناس عامة فقال بل لكم خاصة فانتظمت في إحرامهم أيضا فمن روى أنهم كانوا قارنين أو متمتعين أو مفردين أراد بعضهم وهم الذين علم منهم ذلك وظن أن البقية مثلهم وكره جمع تسمية حجه {صلى الله عليه وسلم} حجة الوداع ورده المصنف بأنه غلط فاحش منابذ للأخبار الصحيحة في تسميتها بذلك وقد يجاب عنه بنحو ما مر في تسمية الطواف شوطا انتهت قوله بأن لم يكن محرما إلخ عبارة شرح م ر بأن لم يكن زيدا محرما أصلا أو أتى بصورة إحرام فاسد لكفره أو جماعه انتهت فأنت تراه صور الإحرام الفاسد بما ذكر وذكر أنه صورة إحرام وهذا أنسب بالمقام والسياق من تصوير بعض المشايخ له بما إذا أحرم بالعمرة صحيحا ثم أفسدها ثم أدخل عليها الحج حيث ينعقد فاسدا وهذا إن كان صحيحا في نفسه بل يتعين في تصوير انعقاد الإحرام الفاسد لكنه لا يناسب للسياق كما لا يخفى لأن أصل إحرام زيد في هذه الصورة صحيح فإذا أشبه غيره إحرامه به في الابتداء انعقد إحرام الغير عمرة كإحرام زيد في الابتداء تأمل قوله وإن علم عدم إحرامه غاية في قوله فينعقد وهي للرد على من قال لا ينعقد في هذه الحالة وتمسك بالقياس على ما لو علق فقال إن كان زيد محرما فقد أحرمت فقال الشارح بخلاف ما لو قال إلخ شروع في إبداء فارق في القياس الذي تمسك به الضعيف وعبارة أصله مع شرح م ر وقيل إن علم عدم إحرام زيد لم ينعقد إحرامه كما لو علق فقال إن كان محرما فقد أحرمت فلم يكن محرما وفرق الأول بأن في المقيس عليه تعليق أصل الإحرام فليس جازما به بخلاف المقيس فإنه جازم بالإحرام فيه انتهت قوله لا ينعقد لما فيه إلخ أي إذا لم يكن زيد محرما(4/637)
في الواقع وإلا فيصح الإحرام المعلق وإن كان هذا خلاف المتبادر في الشارح وهذا(4/638)
التفصيل بالنسبة ل إن أما غيرها من بقية الأدوات فلا ينعقد مطلقا وإن كان زيد محرما في الواقع ا ه زيادي وهذا كله فيما لو علق على الماضي كما يفهم من قول الشارح إن كان إلخ أما لو علق على مستقبل فلا ينعقد مطلقا سواء علق بأن أو غيرها وعبارة شرح م ر ولو علق إحرامه على إحرام زيد في المستقبل كإذا أو متى أو إن أحرم زيد فأنا محرم لم ينعقد إحرامه مطلقا كما إذا جاء رأس الشهر فأنا محرم لأن العبادة لا تتعلق بالأخطار وإن كان زيد محرما فأنا محرم أو فقد أحرمت وكان زيد محرما انعقد إحرامه وإلا فلا لأن المعلق بحاضر أقل غررا لوجوده في الواقع فكان قريبا من أحرمت كإحرام زيد في الجملة بخلاف المعلق بمستقبل انتهت قوله معينا ومطلقا أي فيتبعه في تفصيل أتى به ابتداء لا في تفصيل أحدثه بعد إحرامه كأن أحرم مطلقا وصرفه لحج ثم أحرم كإحرامه ولا فيما لو أحرم بعمرة ثم أدخل عليه الحج ثم أحرم كإحرامه فلا يلزمه في الأولى أن ينصرف لما صرف له زيد ولا في الثانية إدخال الحج على العمرة إلا أن يقصد التشبه به في الحال في الصورتين فيكون في الأولى حاجا وفي الثانية قارنا ولو أحرم كإحرامه قبل صرفه في الأولى وقبل إدخال الحج في الثانية وقصد التشبيه في حال تلبسه بإحرامه الحاضر والآتي صح كما اقتضاه في الروضة عن البغوي ويلزمه أن يتبع زيدا فيما يفعله بعد وليس فيه معنى التعليق بمستقبل لأنه جازم في الحال ولأن ذلك يغتفر في الكيفية لا في الأصل ولو أحرم بعمرة بنية التمتع كان هذا محرما بعمرة ولا يلزمه التمتع كما في الروضة ومتى أخبره زيد بكيفية إحرامه لزمه الأخذ بقوله ولو فاسقا فيما يظهر وإن ظن خلافه إذ لا يعلم إلا من جهته فإن أخبره بعمرة فبان محرما بحج كان إحرامه هذا بحج تبعا له وعند فوت الحج يتحلل بالفوات ويريق دما ولا يرجع به على زيد وإن غره لأن الحج له ولو أخبره بنسك ثم ذكر خلافه فإن تعمد لم يعمل بخبره الثاني لعدم الثقة بقوله أي مع(4/639)
سبق ما يناقضه وإلا فيعمل به كما قاله ابن العماد وغيره ا ه شرح م ر قوله فإن تعذر معرفة إحرامه إلخ محل هذا إذا طرأ التعذر قبل الشروع في شيء من الأعمال وإلا فإن كان بعد الوقوف وقبل الطواف فإن بقي وقت الوقوف فقرن أو نوى الحج ووقف ثانيا وأتى ببقية أعمال الحج حصل له الحج فقط ولا دم لما مر وإن فات الوقوف أو تركه أو فعله ولم يقرن ولا أفرد لم يحصل له شيء لاحتمال إحرامه بها أو بعد الطواف وقبل الوقوف أو بعده ففيه تفصيل ليس هذا محل بسطه ا ه حج قوله بموت أو جنون أو غيره أي غير المذكور من الأمرين كغيبة زيد الغيبة الطويلة وكنسيانه ما أحرم به ا ه شرح م ر قوله نوى قرانا المراد أنه لا يصح الاقتصار على نية العمرة فقط بدليل قول الشارح ويغني عن نية القران نية الحج وقوله ثم أتى بعمله المراد أنه لا يأتي بعمل العمرة وحدها وإلا فعمل القران هو عمل الحج وقوله ليتحقق إلخ يصح أن يكون تعليلا للمسألتين أي قوله نوى قرانا وقوله ثم أتى بعمله تأمل ولا يجتهد في إحرام زيد لتلبسه بالإحرام يقينا فلا يتحلل إلا بيقين الإتيان بالمشروع فيه كما لو شك في عدد الركعات لا يتحرى وإنما تحرى في الأواني والقبلة كما مر لأن أداء العبادة ثم لا يحصل بيقين إلا بعد فعل محظور وهو صلاته لغير القبلة أو استعماله نجسا وهنا يحصل الأداء بيقين من غير فعل محظور ا ه شرح م ر قوله ليتحقق الخروج إلخ حاصله أنه إذا أتى بعمل العمرة لا يحل من إحرامه سواء نوى العمرة أو الحج أو هما أو أطلق ولا تحسب له العمرة مطلقا في هذه الأربعة ومتى أتى بأعمال الحج لا يخلص من العمرة في الصور الأربع ويخلص من إحرامه فيما عدا نية العمرة وهو ثلاثة صور ويحسب له الحج في نية الحج والقران ولا يحسب في الإطلاق ا ه زي بالمعنى قوله ولا يبرأ من العمرة أي ويجزئه ما فعله عن الحج ولو حجة الإسلام ا ه حج وعبارة شرح م ر ولا يبرأ من العمرة وتبرأ ذمته من الحج بعد إتيانه بأعماله إذ هو(4/640)
إما محرم به أو مدخل له على العمرة ولا دم عليه إذ الحاصل له الحج وحده واحتمال حصول العمرة في صورة القران لا يوجبه إذ لا وجوب بالشك نعم يسن لاحتمال كونه أحرم بعمرة فيكون قارنا ذكره المتولي أما لو لم يقرن ولا أفرد بأن اقتصر على أعمال الحج من غير نية فيحصل له التحلل لا البراءة من شيء منهما وإن تيقن أنه أتى بواحد منهما لكن لما لم يتعين الساقط منهما وجب الإتيان بهما كمن نسي صلاة(4/641)
من الخمس لا يعلم عينها أو على عمل العمرة لم يحصل التحلل أيضا وإن نواها لاحتمال أنه أحرم بحج ولم يتم أعماله مع أن وقته باق ا ه شرح م ر قوله فتلبية معطوف على نطق أي فسن تلبية ومعلوم أنها من وظائف اللسان وقوله فيقول بقلبه ولسانه هذا معنى قول غيره فيجمع في النية بين قلبه ولسانه وإن كانت النية بالقلب ركنا وباللسان سنة وقوله نويت الحج أي والعمرة أو كليهما أو نويت الإحرام وهي حالة الإطلاق وقوله وأحرمت به تأكيد لقوله نويت الحج لأنه لو قال أحرمت بالحج لكفى كما سبق في كلامه وقوله لبيك اللهم إلخ معطوف على قوله بقلبه ولسانه أي ويقول لبيك اللهم إلخ وقوله لخبر مسلم إلخ الظاهر أنه غير مناسب هنا لأنه يفيد طلب رفع الصوت بالتلبية وهو غير مطلوب هنا أي في المرة الأولى بل المطلوب فيها السر كما سيأتي في كلام الشارح وقوله في غير التلبية الأولى أي أما فيها فيسن ذكر ما أحرم به كما نبه عليه م ر وهذا أي قوله فيقول بقلبه إلخ يسن قبله كما في شرح م ر وأن يستقبل القبلة ويقول اللهم أحرم إليك شعري وبشري ولحمي ودمي ثم يقول وهو مستقبل نويت الحج إلخ وعبارة الإيضاح وصفة الإحرام أن ينوي بقلبه الدخول في الحج والتلبس به وإن كان معتمرا نوى الدخول في العمرة وإن كان قارنا نوى الدخول في الحج والعمرة والواجب أن ينوي هذا بقلبه ولا يجب التلفظ به ولا التلبية ولكن الأفضل أن يتلفظ به بلسانه وأن يلبي لأن بعض العلماء قال لا يصح الإحرام حتى يلبي وبه قال بعض أصحاب الشافعي رحمهم الله فالاحتياط أن ينوي بقلبه ويقول بلسانه وهو مستحضر نية القلب نويت الحج وأحرمت به لله تعالى لبيك اللهم لبيك إلخ التلبية وإن كان حجه من غيره فليقل نويت الحج عن فلان وأحرمت به عنه لبيك اللهم عن فلان إلخ التلبية قال الشيخ أبو محمد الجويني ويستحب أن يسمي في هذه التلبية ما أحرم به من حج أو عمرة فيقول لبيك اللهم بحجة لبيك إلى آخرها أو لبيك اللهم بعمرة أو(4/642)
بحجة وعمرة قال ولا يجهر بهذه التلبية بل يسمعها نفسه بخلاف ما بعدها فإنه يجهر بها وأما ما بعد هذه التلبية فهل الأفضل أن يذكر ما أحرم به في تلبيته أم لا فيه خلاف والأصح أنه لا يذكره وقد ورد الأمران في الحديث الصحيح فأحدهما محمول على الأفضل والآخر لبيان الجواز فرع ولو نوى الحج ولبى بعمرة أو نوى العمرة ولبى بحج أو نواهما ولبى بأحدهما أو عكسه فالاعتبار بما نواه دون ما لبى به انتهت قوله لأن إخفاء العبادة أفضل وهذا لا ينافي ما يأتي من سن رفع الصوت بالتلبية في دوام إحرامه لأن المراد بالعبادة النية ورفع الصوت بالتلبية في دوام الإحرام كالهيئات وإن لزمه منه إظهار العبادة ا ه ع ش قوله لذكره الخلاف فيه وكما أن الخلاف جار فيه هو جار أيضا في السعي بعده وفي الطواف الذي يتطوع به في أثناء إحرامه وعبارة أصله مع شرح م ر ولا يستحب التلبية في طواف القدوم أو غيره كإفاضة وتطوع وسعي بعده لأن فيها أذكارا خاصة وإنما خص طواف القدوم بالذكر لذكره الخلاف فيه وفي القديم تستحب فيه وفي السعي بعده وفي المتطوع به في أثناء الإحرام لكن بلا جهر في ذلك لإطلاق الأدلة وأما طواف الإفاضة والوداع فلا تستحب فيهما قطعا انتهت قوله وسن طهر لإحرام إلخ ويكره تركه أخذا بقاعدة كل مندوب صح الأمر به قصدا كره تركه واغتسل الإمام الشافعي رضي الله عنه للإحرام وهو مريض يخاف الماء وقال ابن الصلاح ينبغي أن لا يترك الغسل في كل موطن ندب فيه فإن له تأثيرا في جلاء القلوب وإذهاب درن الغفلة يدرك ذلك أرباب القلوب الصاحية ا ه برماوي وإذا فاتت هذه الأغسال لا تقضى على المعتمد لأنها متعلقة بسبب وقد زال ا ه شرح م ر وقوله لإحرام أي عند إحرام بحج أو عمرة أو بهما أو مطلقا ولو صبيا أو امرأة أو حائضا أو نفساء وإنما لم يجب لأنه غسل لمستقبل كغسل الجمعة والعيد ويكره إحرامه جنبا ويغسل الولي غير المميز لأن حكمة هذا الغسل التنظيف ولهذا سن للحائض والنفساء(4/643)
وإذا اغتسلتا نوتا والأولى لهما تأخير الإحرام إلى طهرهما إن أمكنهما المقام بالميقات ليقع إحرامهما في أكمل أحوالهما ا ه شرح م ر وفي التحفة لحج وتنوي الحائض والنفساء هنا وفي سائر الأغسال الغسل المسنون كغيرهما ا ه قوله للاتباع وذلك أنه {صلى الله عليه وسلم} في حجة الوداع خرج من المدينة يوم السبت بين الظهر والعصر لخمس(4/644)
بقين من ذي القعدة فنزل بذي الحليفة فصلى بها العصر ركعتين ثم بات بها وصلى بها المغرب والعشاء والصبح والظهر وكان نساؤه كلهن معه فطاف عليهن كلهن تلك الليلة ثم اغتسل غسلا ثانيا لإحرامه غير غسل الجماع الأول ا ه من شرح المواهب للزرقاني قوله ولدخول مكة أي ولدخول البيت أيضا ا ه شرح م ر قوله ولو حلالا قال السبكي وحينئذ لا يكون هذا من أغسال الحج إلا من جهة أنه يقع فيه أي الحج أي في زمنه ا ه شرح م ر و ع ش عليه قوله أيضا ولو حلالا قال الإسنوي التعرض له عزيز وقد رأيته في الأم منقولا عن فعل النبي {صلى الله عليه وسلم} عام الفتح لدخولها وهو حلال انتهى سم قوله وبذي طوى عبارة شرح م ر وهي بالقصر وتثليث الطاء والفتح أجود واد بمكة بين الثنيتين سمي بذلك لاشتماله على بئر مطوية بالحجارة يعني مبنية بها إذ الطي البناء ويجوز فيها الصرف وعدمه على إرادة المكان والبقعة انتهت وعبارة التحفة وبذي طوى بتثليث أوله والفتح أفصح أي بماء البئر التي فيه عندها بعد المبيت وصلاة الصبح به وهو محل بين المحلين المسميين الآن بالحجون به بئر مطوية أي مبنية بالحجارة فنسب الوادي إليها وفي البخاري رواية تقتضي أن اسمه طوى وردت بأن المعروف أنه ذو طوى لا طوى وثم الآن آبار متعددة والأقرب أنها التي إلى باب شبيكة أقرب انتهت وقول م ر ويجوز فيه الصرف وعدمه قال العلامة البرلسي هذا إن جعل طوى علما أما إذا جعل صفة وجعل مع المضاف وهو ذو اسما كان بالصرف لا غير ا ه برماوي قوله سن طهره من مثل مسافتها هو المعتمد ا ه برماوي فلا يسن له التفريج عليها ا ه ع ش قوله واستثنى الماوردي إلخ وظاهر أن محل ذلك حيث لم يقع تغير لريحه عند الدخول وإلا سن الغسل عنده ا ه شرح م ر قوله فلا يسن له الغسل لقرب عهده انظر لو اغتسل للعيد يوم الجمعة كأن اغتسل له قبل الفجر والظاهر طلب الغسل لها أيضا ولا يكتفي بغسل العيد نظرا للقول بوجوبه فلا يكتفي بما تقدم ولوقوعه قبل وقته بخلاف ما هنا(4/645)
لا وقت له تأمل ا ه شوبري قوله ويظهر مثله في الحج أي فيما لو جاوز الميقات غير مريد للنسك ثم أراده في مكان قريب أو كان مسكنه قريبا من الحرم ا ه ح ل ويستثنى أيضا من اغتسل لدخول الحرم من محل قريب من مكة أخذا مما تقدم ا ه رشيدي قوله ولوقوف بعرفة عبارة شرح م ر ويسن بعد الزوال للوقوف بعرفة والأفضل كونه بنمرة ويحصل أصل السنة في غيرها وقبل الزوال بعد الفجر ولهذا قال في التنبيه فإذا طلعت الشمس على بئر سار إلى الوقوف واغتسل للوقوف وأقام بنمرة فإذا زالت الشمس خطب الإمام وقول ابن الوردي في بهجته وللوقوف في عشى عرفة لا يخالف هذا لأن قوله في عشى عرفة متعلق بقوله للوقوف ولكن تقريبه من وقوفه أفضل كتقريبه من ذهابه في غسل الجمعة وسميت عرفة لأن آدم وحواء تعارفا ثم وقيل لأن جبريل عرف فيها إبراهيم عليه الصلاة والسلام مناسكه وقيل غير ذلك انتهت قوله وبمزدلفة غداة نحر ويدخل وقت هذا الغسل بنصف الليل كغسل العيد فينويه به أيضا ا ه حج وقوله فينويه به أيضا هذا يدل على أن كلا من غسل العيد وغسل الوقوف بمزدلفة مطلوب غاية الأمر حصولهما بغسل واحد إذا نواهما لاتحاد وقتهما وقد يقال إذا اقتصر على غسل واحد ناويا به أحدهما فقط فهلا اكتفى به عن الآخر كما اكتفى به قبل دخول مزدلفة ورمي النحر عن غسله بل قد يقال الاكتفاء هنا أولى لاتحاد الوقت بل تقرر في الغسل أنه لو نوى أحد الأغسال المسنونة حصل باقيها فلا حاجة مع غسل العيد إلى نية غسله أعني الوقوف بمزدلفة إلا أن يجاب بأن المراد أن الأفضل أن ينويه أيضا مع هذا الغسل وإن كفى غسل واحد وحصل هو معه بدون نية فتأمل ا ه سم عليه قوله ولرمي أيام تشريق ويدخل وقته لكل يوم بفجره كالجمعة ويحصل أصل السنة بتقديمه على الزوال خلافا للزركشي والأفضل تأخيره لما بعده ويخرج غسل كل يوم بغروبه أو برميه ا ه برماوي قوله وللقربة عطف على قوله قطعا للروائح الكريهة وعبارة شرح م ر لأن الغسل يراد(4/646)
للقربة والنظافة فإذا تعذر أحدهما بقي الآخر ولأنه ينوب عن الغسل الواجب فعن المندوب أولى ولو وجد ماء لا يكفي غسله وهو كاف لوضوئه توضأ به وتيمم عن الغسل كما قاله ابن المقري(4/647)
ولو كان غير كاف لوضوئه أيضا استعمله في أعضاء الوضوء ويكفيه تيمم واحد عن الغسل وبقية الأعضاء إن نوى بما استعمله من الماء الغسل وإلا بأن لم ينو ذلك فيتيمم عن بقية الأعضاء وآخر عن الغسل كما بحثه الشيخ رحمه الله تعالى انتهت قوله فلا يسن الطهر له أي ولا للمبيت بمزدلفة لقربه من غسل عرفة ولا لطواف القدوم لقربه من غسل الدخول ولا للحلق وطواف الإفاضة وطواف الوداع على الأصح عند الرافعي والمصنف في أكثر كتبه وإن جزم في مناسكه الكبرى باستحباب هذه الثلاثة ا ه شرح م ر قوله اكتفاء بطهر العيد ظاهره وإن حصل له تغير في بدنه وقياس ما مر في استحبابه لدخول مكة في حق من اغتسل لدخول الحرم من قرب مكة حيث تغير ريحه استحبابه هنا وقد يفرق بأن غسل العيد يدخل بنصف الليل كغسل جمرة العقبة فغسل العيد محصل لغسل الرمي كفعلهما بعد دخول الوقت ا ه ع ش على م ر فإن لم يطهر للعيد فلا بأس بالطهر حينئذ وتفوت هذه الأغسال بالأعراض أو بطول الفصل ولا تقضى ا ه برماوي قوله أن يتأهب للإحرام في المختار تأهب استعد ا ه قوله بحلق عانة أي في غير عشر ذي الحجة لمريد التضحية وكذا بحلق رأس لمن يتزين به وإلا ندب أن يلبده بنحو صمغ دفعا لنحو القمل ويندب السواك أيضا ا ه برماوي وفي شرح م ر بحلق عانة وإزالة أوساخ وبغسل رأس بسدر أو نحوه ويندب له تلبيد شعره بصمغ أو نحوه لئلا يتولد فيه القمل ولا يتنشف في مدة إحرامه ا ه وقوله ويندب له تلبيد شعره أي شعر رأسه ظاهره وإن خشي عروض جنابة باحتلام أو خشيت المرأة حصول حيض وينبغي عدم استحبابه فيهما لأن عروض ما ذكر يحوج إلى الغسل وإيصال الماء إلى ما تحت الشعر وإزالة نحو الصمغ وهو قد يؤدي إلى إزالة بعض الشعر ا ه ع ش عليه قوله وينبغي تقديمها على الطهر أي ما لم يكن جنبا وإلا سن تأخيرهما عنه ا ه ح ل قوله كما في الميت على القول به وهو الجديد والقديم الكراهة كما تقدم في الجنائز ا ه زي وعبارة المتن في الجنائز(4/648)
وكره أخذ شعر غير محرم وظفره انتهت وعبارة الشوبري قوله كما في الميت أي على القول به وهو المرجوح ويجوز أن يكون المراد أن المريض يتعهد نفسه بما ذكر ليكون طهره على الوجه الأكمل فلا يكون على المرجوح انتهت فعلى هذا فيه مجاز الأول لأن المراد بالميت المريض مرض الموت ا ه شيخنا قوله وسن تطييب بدن أي لغير صائم وغير محدة في العدة ويحصل بأي طيب كان وأولاه بالمسك المخلوط بماء الورد أو نحوه قال الأذرعي ويندب الجماع أيضا لأن الطيب من دواعيه ولم يخالفوه ا ه برماوي قوله أيضا وتطييب بدن قال في حاشية الإيضاح محله في غير الصائم فيما يظهر لأنه يسن له ترك التطيب وكذا يقال في الصائم إذا أراد صلاة الجمعة إلى أن قال ثم رأيت شيخنا شيخ الإسلام زكريا أفتى بأنه يسن للصائم تركه يوم الجمعة إلى أن قال ومحله أيضا في غير المحدة لحرمة الطيب وفي غير البائن لأنه يندب لها ترك التطيب ا ه وفي شرح الروض في باب العدد في بحث الإحداد ما نصه وهي في تحريم الطيب وأكله والدهن كالمحرم في تحريمها عليه فيحرم عليها ما يحرم عليه لكن يلزمها إزالة الطيب الكائن معها حال الشروع في العدة إلخ ا ه وهو شامل للطيب الذي فعلته للإحرام بأن أرادت الإحرام فتطيبت ثم أحرمت ثم لزمتها العدة ا ه سم قوله ولو امرأة أي ولو شابة خلية كانت أم لا ويفارق ما مر في غسل الجمعة من عدم سن التطيب في ذهاب الأنثى لها بأن زمان الجمعة ومكانها ضيق ولا يمكنها تجنب الرجال بخلاف الإحرام ا ه شرح م ر قوله ولحله أي تحلله الثاني لأن الأول يحل به جميع المحرمات إلا النساء والمراد عقبه ا ه برماوي قوله وحل في ثوب إلخ عبارة أصله مع شرح م ر وكذا ثوبه من إزار الإحرام وردائه يسن تطيبه في الأصح كالبدن والثاني المنع وتبع المصنف في استحباب تطيب الثوب المحرر لكن صحح في المجموع كونه مباحا وقال لا يندب جزما وصحح في الروضة كأصلها الجواز أي الإباحة وهو المعتمد انتهت قوله واستدامته(4/649)
وينبغي كما قاله الأذرعي أن يستثنى من جواز الاستدامة ما إذا لزمها الإحداد بعد الإحرام فتلزمها إزالته كما عبر عنه الشارح بقوله لزمتها إزالته في وجه ا ه شرح م ر قوله لما روى الشيخان إلخ هذا دليل على جواز الاستدامة وانظر ما وجه دلالته(4/650)
على الإباحة دون الندب الذي ادعاه فكان يمكن الإباحة في كل أو الندب في كل تأمل قوله كأني أنظر كأن هنا للتحقيق أي أتحقق النظر وهي تأتي للتحقيق كما تأتي للشك والمراد هنا الأول ا ه شيخنا قوله إلى وبيص الطيب بالباء الموحدة بعد الواو وآخره صاد مهملة وقوله أي بريقه وهو لمعانه وقوله مفرق بفتح الميم وسكون الفاء وفتح الراء وحكي كسرها ما بين العارضين وقال في المصباح المفرق المكان الذي وسط الرأس يفرق به بين الشعر ا ه برماوي في المصباح الوبيص مثل البريق وزنا ومعنى وهو اللمعان يقال وبص وبيصا والفاعل وابص ووابصة وبه سمي ا ه قوله من أنه أخذ الطيب إلخ ولو مسه عمدا بيده لزمته الفدية ويكون مستعملا للطيب ابتداء جزم به في المجموع ولا عبرة بانتقال الطيب بإسالة العرق ولو تعطر ثوبه من بدنه لم يضر جزما ا ه شرح م ر وقوله لو مسه عمدا بيده إلخ ظاهره وإن لم يعلق بيده منه شيء لكن عبارته في باب محرمات الإحرام بعد قول المصنف في ثوبه أو بدنه إلخ نصها وعلم أنه لا أثر لعبق الريح فقط بنحو مسه وهو يابس أو جلوسه في دكان عطار أو عند مبخرة لأنه ليس تطيبا ا ه ع ش عليه قوله لزمته فدية أي وإن ظهرت رائحته بالفعل أو بالقوة فقوله فلو لم تكن إلخ مقابل لهذا المحذوف ا ه شيخنا قوله وسن خضب يدي امرأة أي غير محدة وقوله وخرج بالمرأة الرجل شامل للأمرد الجميل وقوله بل يحرم أي لغير عذر ويسن الخضب لغير المحرمة إذا كانت حليلة وإلا كره ولا يسن للحليلة نقش ولا تسويد ولا تظريف ولا تحمير وجنة ويحرم ذلك عليها بغير إذن حليلها كما يحرم على الخلية ا ه ح ل قوله يدي امرأة أي ولو خلية شابة لقول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما إن ذلك من السنة ا ه شرح م ر قوله بالحناء محل استحباب الخضب بالحناء إذا كان تعميما دون التظريف والنقش والتسويد ا ه شرح م ر قال ابن الرفعة والمراد بالتظريف المحرم تظريف الأصابع بالحناء مع السواد أما الحناء وحده فلا شك في(4/651)
جوازه ا ه كذا في شرح العباب وكذا ينبغي أن يقال في النقش ا ه سم على حج قوله فلتستر لون البشرة إلخ وإذا فعلت ذلك لا يجوز النظر إلى يديها مخضوبتين والحرمة باقية وإنما أفاد الخضب نوع ستر في الجملة ا ه سم قوله فإن فعلته فلا فدية أي لأنه ليس بطيب ا ه شرح م ر قوله بل يحرم أي لغير عذر كما نص عليه الإمام الشافعي رضي الله عنه والأصحاب ولا يحرم في غير اليدين ولو في غير الإحرام وتجوز الحناء للصبي كالحرير انتهى برماوي وفي فتاوى السيوطي في باب اللباس خضاب الشعر من الرأس واللحية بالحناء جائز للرجل بل سنة صرح به النووي في شرح المهذب نقلا عن اتفاق أصحابنا قال السيوطي وأما خضاب اليدين والرجلين بالحناء فمستحب للمرأة المتزوجة وحرام على الرجل ا ه قضية التقييد باليدين والرجلين عدم حرمة خضاب غيرهما لكن ينبغي استثناء ما في معنى اليدين والرجلين كالعنق والوجه فليراجع ا ه سم على حج قوله ويجب تجرد رجل له أي ولو صبيا ومجنونا ولو غير مميز فالمراد بالرجل ما قابل المرأة وقوله وبه صرح النووي في مجموعه معتمد كما في شرح م ر وقوله لا يعصي بالنزع بعد الإحرام أي لأنه آت بواجب ا ه ح ل ويسن أن يكون التجرد بعد التطيب ا ه شرح م ر قوله ذكرتهما في شرح الروض إلخ عبارته هناك بعد أن نقل عن المجموع الوجوب قال الإسنوي والمتجه استحبابه كما اقتضاه كلام المنهاج كالمحرر لأن سبب وجوبه وهو الإحرام لم يوجد ولهذا لو قال إن وطئتك فأنت طالق لم يمتنع عليه وطؤها وإنما يجب النزع عقبه ثم إن الشيخين ذكرا في الصيد عدم وجوب إزالة ملكه عنه قبل الإحرام مع أن المدرك فيهما واحد وأجيب بأن الوطء يقع في النكاح فلا يحرم وإنما يجب النزع عقبه لأنه خروج عن المعصية ولأن موجبه ليس الوطء بل الطلاق المعلق عليه فلا يصح إلحاق الإحرام بالوطء وأما الصيد فيزول ملكه عنه بالإحرام كما سيأتي بخلاف نزع الثوب لا يحصل به فيجب قبله كما يجب السعي إلى الجمعة قبل(4/652)
وقتها على بعيد الدار نعم قد يقال بعدم وجوبه أخذا مما لو حلف لا يلبس ثوبا وهو لابسه فنزع في الحال لم يحنث ومما لو وطئ أو أكل ليلا من أراد الصوم لم يلزمه(4/653)
تركهما قبل طلوع الفجر ويجاب بأن الإحرام عبادة طلب فيها أن يكون المحرم أشعث أغبر ولا يكون كذلك إلا إذا نزع قبله بخلاف الحلف وترك المفطر بطلوع الفجر فاحتيط له ما لم يحتط لهما انتهت قوله ولا يتم إلا بالتجرد قبله هذا الحصر لا يسلمه الخصم إذ يقول يتم بالنزع بعده أيضا فلا يلاقي هذا الجواب المدعى فقوله فوجب كالسعي للمقابل إبداء فرق لأن السعي تعين طريقا والتجرد قبل لم يتعين طريقا له تأمل قوله وسن لبسه إزارا إلخ أي قبل الإحرام ا ه شرح م ر ويمكن استفادة هذا من صنيع المتن بأن يجعل قوله لإحرام راجعا لكل من اللبس والصلاة لكن الشارح لم ينبه عليه تأمل قوله إزارا الإزار والمئزر ما يستر العورة ويسن أن يكون صفيقا سابغا من فوق السرة إلى أسفل الركبة وفوق الكعبين ا ه برماوي قوله ورداء بالمد ما يرتدي به وهو مذكر قال ابن الأنباري ولا يجوز تأنيثه ا ه برماوي قوله وإلا فمغسولين قال الأذرعي والأحوط أن يغسل الجديد المقصور لنشر القصارين له على الأرض وقد استحب الشافعي غسل حصى الجمار احتياطا وهذا أولى به وقضية تعليله أن غير المقصور كذلك أي إذا توهمت نجاسته لا مطلقا لأنه بدعة كما في المجموع ويكره كراهة تنزيه المصبوغ ولو بنيلة سواء في ذلك كله أم بعضه وإن قل فيما ظهر إلا المزعفر فيحرم على الرجل كما مر وإنما كره المصبوغ هنا خلاف ما قالوه ثم لأن المحرم أشعث أغبر فلا يناسبه المصبوغ مطلقا ومنه يؤخذ أنه لا فرق بين المصبوغ قبل النسج وبعده خلافا للماوردي في تقييده بما صبغ بعد النسج وإن تبعه الروياني ا ه شرح م ر قوله ونعلين أي حيث لم يكونا محيطين بأن ظهرت منهما الأصابع بخلاف الزرموزة فإنه يحرم لبسها فلا ينافي ما تقدم من وجوب التجرد عن المحيط تأمل والأولى كونهما جديدين ا ه شوبري قوله أبو عوانة بفتح العين المهملة واسمه الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي كان ثبتا صحيح الكتاب روى عن الأعمش وغيره وعنه شعبة وغيره(4/654)
المتوفى سنة سبعين ومائة ا ه برماوي قوله وسن صلاة ركعتين فرع لو صلى ركعتي الإحرام وتباطأ إحرامه عرفا قال بعضهم فاتت وانظر ما معنى فواتها حينئذ هل حصل المراد ولا تطلب إعادتها أو عدم حصول ذلك ويسن إعادتها للإحرام ليقع أثر صلاة للاتباع يظهر الثاني وفاقا لبعض مشايخنا وقد يرد بتأخير الصلاة عن إقامتها هل يطلب إعادة الإقامة والظاهر أنه يسن إعادتها إذا طال وفي حفظي أنه منقول وعليه فيسن إعادة الركعتين ا ه شوبري قوله في غير وقت الكراهة أي في غير حرم مكة وإلا فيجوز مطلقا وقوله لإحرام أي قبل الإتيان بالإحرام بحيث لا يطول الفصل بينهما عرفا وقوله ونافلة أخرى أي كسنة الوضوء وقوله وسن أن يقرأ أي سرا ولو ليلا وهل هذا وإن أحرم بالفريضة أم خاص بما إذا أحرم بركعتين للإحرام حرر قلت كلامهم يقتضي الثاني ا ه ح ل وعبارة الشوبري في غير وقت الكراهة ويسر فيهما مطلقا للاتباع وانظر وجه مخالفتهما نظائرهما من ركعتي الطواف فإنه يجهر فيهما ليلا وما ألحق به ويسر فيهما نهارا ا ه شوبري قوله أيضا في غير وقت الكراهة أي في غير الحرم ا ه حج أما وقت الكراهة في الحرم فلا يحرمان فيه لكن هل يستحبان حينئذ أم لا لأن النافلة المطلقة في وقت الكراهة في الحرم خلاف الأولى فيه نظر لكن يتجه الاستحباب لأن هذه ذات سبب وإن كان متأخرا فلها مزية على النافلة المطلقة وقد وقع السؤال عمن نذر ركعتين في وقت الكراهة في الحرم هل ينعقد نذره أو لا لأن النافلة في ذلك خلاف الأولى وأفتى بعضهم بالانعقاد لأن النافلة قربة في نفسها وكونها خلاف الأولى أمر عارض فلا يمنع الانعقاد فليتأمل ا ه سم على حج وتعقبه ع ش على م ر فقال أقول الأقرب عدم الانعقاد لأن شرط صحة النذر كون المنذور قربة وخلاف الأولى منهي عنه في حد ذاته وهو كالمكروه غايته أن الكراهة فيه خفيفة فالقائل بانعقاد النذر فيه يلزمه القول بانعقاد نذر الصلاة في الحمام وأعطان الإبل ونحوهما والظاهر(4/655)
أنه لا يقول به فليتأمل ولا يرد انعقاد نذر صوم الجمعة مع كراهته لأنا نقول المكروه إفراده لا صومه ا ه قوله لإحرام أي قبله فلو أحرم بلا صلاة فاتت لأنها ذات سبب وذات السبب إذا فاتت لا تقضى ا ه ع ش قوله إذا توجه لطريقه أي إذا أراد التوجه ا ه ع ش قوله إنه إذا توجه أي من الميقات فإذا أتى إلى(4/656)
الميقات ومكث فيه سن الإحرام عند توجهه منه لا عند وصوله إليه ولا حال مكثه فيه فلا ينافي في هذا ما تقدم أن الأفضل الإحرام من الميقات لا مما قبله ا ه وعبارة حج والأفضل للمكي أن يصلي ركعتي الإحرام في المسجد الحرام ثم يأتي إلى باب محله الساكن له إن كان له سكن فيحرم منه عند ابتداء سيره ثم يأتي المسجد لطواف الوداع المسنون ومن لا مسكن له ينبغي أن الأفضل له أن يحرم من المسجد الحرام فإن قلت ندب إحرامه عند ابتداء سيره لجهة مقصده ينافيه إذا كان مقصده لغير القبلة كعرفة ما مر أنه يسن الاستقبال عند النية قلت لا ينافيه فيسن له عند ابتدائه في السير لجهة عرفة أن يكون ملتفتا إلى القبلة انتهت قوله للاتباع أي لأنه {صلى الله عليه وسلم} أحرم لما انبعثت به راحلته وقوله لما أهللن أي وإن كان بعضنا مشاة وبعضنا ركبانا وقوله فيه أي في الأول وهو الراكب وقوله في الثاني أي وهو الماشي ا ه ح ل قوله نعم لو خطب إمام مكة إلخ عبارة شرح م ر ولا فرق في ذلك بين من يحرم من مكة أو غيرها نعم يستحب للإمام إلخ انتهت قوله وسن إكثار تلبية أي للمحرم ولو حائضا وجنبا للاتباع ولأنها شعار النسك ويسن للملبي إدخال أصبعيه في أذنيه حال التلبية كما في صحيح ابن حبان ا ه شرح م ر قوله ورفع رجل صوته بها استثنى بعضهم المسجد الحرام ونحوه إذا حصل تشويش على المصلين ا ه وفي حاشية الإيضاح لشيخنا محله إذا لم يشوش على نحو قارئ أو ذاكر أو مصل أو طائف أو نائم فإن شوش على أحد من هؤلاء لا يرفع صوته أو بفوق ما يسمع نفسه حرم عليه إن كثر التشويش وإلا كره وما في المجموع وغيره مما يصرح بالكراهة ينبغي حمله على الشق الثاني ا ه عميرة ا ه سم قوله أيضا ورفع رجل بها صوته أي حتى في المساجد على الأصح ا ه أيضا و شرح م ر قوله بحيث لا يضر بنفسه بضم أوله من أضر لتعديه بالباء ا ه ع ش على م ر قوله وذلك أي الإكثار عند تغاير الأحوال آكد يقال قد يفيد أن غير الإكثار عند التغاير ليس آكد(4/657)
منه عند غيره لأنا نقول هذا علم من الأفضلية من الإكثار بالأولى ا ه شوبري قوله وصعود وهبوط بفتح أولهما اسم مكان الفعل منهما وبضمه مصدر وكل منهما صحيح هنا ذكره في المجموع ا ه شرح م ر قوله وفراغ صلاة أي ولو نفلا وهل يقدمها على أذكار الصلاة المندوبة عقبها ظاهر كلامهم هنا وعند فراغ الصلاة نعم وهو محتمل لما تقرر أنها شعار النسك فهي كالتكبير المقيد في أيام النحر والتشريق ا ه إيعاب وقضية التشبيه بتكبير العيد أنه يقتصر على مرة ثم يأتي بالأذكار فليتأمل وكتب أيضا قوله وفراغ صلاة أي عقبها وقبل الإتيان بأذكارها قرره الزيادي كحج ا ه شوبري وعبارة ع ش على م ر وينبغي تقديم الأذكار على التلبية لاتساع وقت التلبية وعدم فواتها ويقدم إجابة المؤذن وما يقال عقب الأذان عليها انتهت قوله ووقت سحر أي وعند نوم أو يقظة وهبوب ريح وزوال شمس ا ه شرح م ر قوله عن الجويني هو عبد الله ابن يوسف نقل النووي في الطبقات عن الشيخ أبي سعيد عبد الواحد بن القشيري صاحب الرسالة أن المحققين من أصحابنا يعتقدون فيه من الكمال أنه لو جاز أن يبعث نبي في عصره لما كان إلا هو صنف تفسيرا كبيرا مشتملا على عشرة أنواع من العلوم في كل آية وله الفروق والسلسة والتبصرة وغير ذلك وجوين ناحية كبيرة من نواحي نيسابور تشتمل على قرى كثيرة توفي رحمه الله بنيسابور في ذي القعدة سنة أربعمائة وثمانية وثلاثين ا ه من شرح منظومة ابن العماد في النجاسات المعفو عنها قوله بأن يسمعا غيرهما أي بأن كانتا بحضرة الأجانب فإن كانتا بحضرة المحرم أو خليتين فلا كراهة ا ه ع ش على م ر قوله بالإصغاء إلى الأذان أي بالأمر بالإصغاء إلى الأذان ا ه شرح م ر قوله في مواضع النجاسة ينبغي أن المراد بها النجاسة المحققة وأن محل الكراهة حيث تلفظ بها بلسانه فإن أجراها على قلبه لم يكره أخذا مما قالوه في الخلاء أنه لو عطس حمد الله بقلبه ولا يحرك لسانه ا ه ع ش قوله لا شريك لك أراد بنفي(4/658)
الشريك مخالفة المشركين فإنهم يقولون لا شريك لك إلا شريكا تملكه وما ملك ا ه شرح م ر قوله إن الحمد بكسر الهمزة على الاستئناف وهو كما قال المصنف أصح وأشهر(4/659)
ويجوز فتحها على التعليل أي لأن الحمد والنعمة لك بنصب النعمة في الأشهر ويجوز رفعها على الابتداء وحينئذ فخبر إن محذوف ولذا قال الأبياري وإن شئت جعلت خبر إن محذوفا أي إن الحمد لك والنعمة مستقرة لك ويسن أن لا يزيد على هذه الكلمات ولا ينقص عنها فإن زاد لم يكره فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يزيد كما في مسلم لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل ويسن وقفة لطيفة على والملك ثم يبتدئ بلا شريك لك ا ه شرح م ر وفي البرماوي ما نصه ويسن أن لا يزيد على هذه الكلمات ولا ينقص عنها فإن زاد لم يكره نحو لبيك وسعديك والخير كله بيديك والرغباء والعمل إليك ومعنى وسعديك الإسعاد وهو الإعانة أي نطلب منك إسعادا بعد إسعاد ومعنى الخير كله في يديك أي في قدرتك ولم يذكر الشر لأن الأدب عدم نسبته إليه صريحا واستحب في الأم لبيك إله الحق بعد لا شريك لك لصحتها عنه {صلى الله عليه وسلم} ويكره الكلام في أثناء التلبية والسلام عليه ويندب له رده وتأخيره إلى فراغها أحب وقد يجب الكلام في أثنائها لعارض كإنقاذ نحو أعمى يقع في مهلك وتجوز بالعجمية ولو للقادر على العربية انتهى قوله والملك قال الحافظ حج هو بالنصب على المشهور ويجوز فيه الرفع تقديره والملك كذلك فإن قلت لم قرن الحمد والنعمة وأفرد الملك قلت لأن الحمد متعلق النعمة ولهذا يقال الحمد لله على نعمه فجمع بينهما كأنه قال لا حمد إلا لك ولا نعمة إلا لك وأما الملك فهو معنى مستقل بنفسه ذكر لتحقيق أن النعمة كلها لله تعالى لأنه صاحب الملك ويسن وقفة يسيرة بعد والملك لئلا يوصل بالنفي بعده فيوهم ا ه برماوي قوله وإجابة بعد إجابة قال الشافعي في الأم سمعت بعض من أرضى من أهل العلم يذكر أن الله سبحانه وتعالى لما أمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام بما تضمنته الآية الشريفة وأذن في الناس بالحج يأتوك وقف على المقام فصاح عباد الله أجيبوا داعي الله فاستجاب له حتى من في الأصلاب والأرحام ا ه وعن ابن عباس(4/660)
رضي الله عنه لما فرغ إبراهيم من الكعبة قيل له أذن في الناس بالحج قال يا رب ما يبلغ صوتي قال أذن وعلي البلاغ فنادى أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فسمعه من بين السماء والأرض أفلا ترى الناس يجيئون من أقطار الأرض يلبون ا ه ابن القاسم قوله وهو مثنى أي ملحق بالمثنى لأنه ليس له مفرد من لفظه ا ه شيخنا ح ف وفي المختار في باب المقصور لبى بالحج تلبية وربما قالوا لبأ بالحج بالهمزة وأصله غير مهموز وقد سبق في لبأه ولباه قال له لبيك قال يونس النجومي ليس لبيك مثنى إنما هو مثل عليك وإليك وقال الخليل هو مثنى وقد سبق في لبب وحكى أبو زيد عن الخليل أن أصل التلبية الإقامة بالمكان يقال لبب بالمكان ولب به إذا أقام به قال ثم قلبوا الباء الثانية إلى الياء استثقالا كما قالوا تظني وأصله تظنن قلت وهذا التخريج عن الخليل يخالف التخريج المنقول في لبب فإن أمكن الجمع بينهما فلا منافاة ا ه وقال في باب الهمز ولبأ بالحج تلبية وأصله غير مهموز قال الفراء ربما خرجت بهم فصاحتهم إلى همز ما ليس بمهموز قالوا لبأ بالحج وحلأ السويق ورثأ الميت ا ه وقال في باب الباء ألب بالمكان إلبابا أقام به ولزمه ولب لغة فيه قال الفراء ومنه قولهم لبيك أي أنا مقيم على طاعتك ونصب على المصدر كقولك حمدا لله وشكرا وكان حقه أن يقال لبا لك وثني على معنى التأكيد أي إلبابا لك بعد إلباب وإقامة بعد إقامة قال الخليل هو من قولهم دار فلان تلب داري بوزن ترد أي تحاذيها أي أنا مواجهك بما تحب إجابة لك والياء للتثنية وفيها دليل على النصب للمصدر انتهى قوله وسقطت نونه للإضافة أي واللام للتخفيف وهو منصوب بفعل مضمر وجوبا وأصله ألبي لبين لك أي أجبت إجابتين بك حيث دعوتنا للحج على حد قوله تعالى ثم ارجع البصر كرتين فحذفت النون من المثنى للإضافة واللام للتخفيف والفعل مضمر وجوبا ا ه برماوي قوله ولمن رأى ما يعجبه إلخ ينبغي إناطة هذا الحكم بمطلق العلم(4/661)
وإن حصل بغير الرؤية وأنه لا فرق فيما يعجبه بين الأمور المحسوسة والمعقولة ا ه سم على حج قوله ورأى جمع المسلمين وكانوا ثمانين ألفا ورد في خبر إن الله تعالى وعد هذا البيت بأن يحجه كل سنة ستمائة ألف من الإنس فإن نقصوا كملهم الله تعالى من الملائكة وإن الكعبة تحشر كالعروس المزفوفة فكل من حجها(4/662)
تعلق بأستارها يسعون خلفها حتى تدخل الجنة فيدخلون معها ا ه ح ف نقلا عن الأجهوري وقوله وكانوا ثمانين ألفا فيه قصور والذي في المواهب اللدنية أن الذين خرجوا معه من المدينة في حجة الوداع كانوا مائة ألف وأربعة عشر ألفا وقيل أكثر من ذلك وقال شارحه وهذا غير من اجتمع عليه في عرفة من أهل مكة وقبائل العرب ووفود أهل اليمن وغيرهم فهذا عدد كثير تأمل قوله عن مجاهد هو أبو الحجاج مجاهد بن خير المخزومي التابعي سمع ابن عمر وغيره وروى عنه طاوس وغيره المتوفى سنة مائة أو إحدى أو اثنتين أو ثلاث ومائة وهو ابن ثلاث وثمانين سنة ا ه برماوي قوله في حفر الخندق ظاهره أنه قال لبيك إن العيش إلخ وعبارة زي قوله لبيك إلخ ويظهر تأييد الإتيان بلبيك بالمحرم وأما غيره فيقول اللهم إن العيش إلخ كما جاء عنه {صلى الله عليه وسلم} في الخندق ا ه حج انتهت ا ه ع ش على م ر وعبارة أصله مع شرح م ر كعبارته هنا متنا وشرحا وعبارة البرماوي قوله لبيك أي إن كان محرما وإلا قال اللهم إن العيش إلخ كما جاء عنه {صلى الله عليه وسلم} يوم الخندق كما يأتي في الشارح ولا يقول لبيك فإن قالها هل يكره أو لا حرره ولا بأس بالجواب بلبيك بل هو مندوب وقد ضمن بعضهم معنى ذلك لغير المحرم في قوله لا ترغبن إلى الثياب الفاخره واذكر عظامك حين تمسي ناخره وإذا رأيت زخارف الدنيا فقل اللهم إن العيش عيش الآخره انتهت قوله ثم يصلي عطف على المصدر قبله فهو على حد قوله ولبس عباءة وتقر عيني فيفيد سن المذكورات ا ه شيخنا تنبيه ظاهر المتن أن المراد بتلبيته التي أرادها فلو أرادها مرات كثيرة لم تسن الصلاة ثم الدعاء إلا بعد فراغ الكل وهو ظاهر بالنسبة لأصل السنة وأما كمالها فينبغي أن لا يحصل إلا بأن يصلي ثم يدعو عقب كل صلاة ثلاث مرات فيأتي بالتلبية ثلاثا ثم الدعاء ثم الصلاة ثلاثا وهكذا ثم رأيت عبارة إيضاح المصنف وغيره وظاهره فيما ذكرناه ا ه حج ا ه ع ش على م ر قوله على النبي أي وآله وصحبه كذلك ويكررها ثلاثا(4/663)
وتحصل بأي صيغة كانت لكن الإبراهيمية أفضل ا ه برماوي قوله ويسأل الله الجنة بأن يقول اللهم إني أسألك رضاك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار ويسن أن يدعو بما شاء دينا ودنيا ومنه اللهم اجعلني من الذين استجابوا لك ولرسولك وآمنوا بك ووثقوا بوعدك ووفوا بعهدك واتبعوا أمرك اللهم اجعلني من وفدك الذين رضيت وارتضيت اللهم يسر لي أداء ما نويت وتقبل مني ما أديت يا كريم ا ه برماوي قوله ويستعيذ من النار أي بأن يقول اللهم إني أسألك رضاك والجنة وأعوذ بك من النار ا ه ع ش على م ر ثم يدعو بما أحب لنفسه ومن أحبه ا ه إيضاح قوله وضعفه الجمهور أي من حيث دليله وإلا فالحكم متفق عليه ا ه شيخنا وعبارة البرماوي قوله وضعفه أي هذا الحديث الذي فيه السؤال وليس التضعيف راجعا للصلاة على النبي {صلى الله عليه وسلم} خلافا لما يوهمه كلام الشارح انتهت باب صفة النسك أي الكيفية المطلوبة فيه من حين الإحرام به ا ه برماوي أي إلى حين التحلل بل وبعد التحلل ليدخل الكلام على طواف الوداع وهذا الباب ينتهي إلى باب محرمات الإحرام وقد ذكر فيه خمسة فصول فصل واجبات الطواف فصل سن للإمام أن يخطب بمكة فصل في المبيت بمزدلفة فصل في المبيت بمنى فصل في أركان الحج تأمل قوله الأفضل لمحرم إلخ التقييد به محتاج إليه بالنسبة للسنة الأولى وهي قوله قبل الوقوف إذ الوقوف لا يكون إلا لمحرم بالحج وحده أو قرانا وغير محتاج إليه بل لا ينبغي بالنظر للسنن الآتية وهي قوله ومن ثنية كذا وقوله وأن يقول إلخ وقوله ويدخل المسجد إلخ وقوله ويبدأ بطواف قدوم إلخ فهذه السنن الأربع لا تتقيد بالمحرم فضلا عن كونه بحج كما يعلم من صنيع الشارح فيما يأتي قوله الأفضل دخول مكة بالميم ويقال بكة بالباء الموحدة بدل الميم لغتان مشهورتان وهما اسمان للبلد وقيل مكة اسم للحرم وبكة اسم للمسجد وقيل مكة للبلد(4/664)
وبكة للبيت والمطاف وقيل كالأخير بإسقاط المطاف سميت مكة من المك وهو المص يقال امتك الفصيل ضرع أمه إذا امتصه لقلة مائها وبكة من البك وهو الإخراج والتدافع لإخراجها الجبابرة منها ولتدافع الناس بعضهم بعضا في المطاف لكثرة الزحام ولها أسماء كثيرة نحو الثلاثين اسما وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى غالبا ولذلك قال النووي لا أعلم بلدا أكثر اسما من مكة والمدينة لكونهما أفضل الأرض ومكة أفضل من المدينة خلافا للإمام مالك رضي الله عنه وجعل ابن حزم ذلك التفضيل ثابتا للحرم وعرفات وإن كانت من الحل وأفضل بقاعها الكعبة ثم المسجد الحرام ثم بيت خديجة المشهور الآن بزقاق الحجر المستفيض بين أهل مكة خلفا عن سلف أن ذلك الحجر البارز فيه هو المراد بقوله {صلى الله عليه وسلم} إني لأعرف حجرا كان يسلم علي بمكة نعم التربة التي ضمت أعضاءه {صلى الله عليه وسلم} أفضل حتى من العرش والكرسي قال الحافظ ابن حجر ومن خواص اسم مكة أنه إذا كتب على جبين المرعوف بدم رعافه مكة وسط البلاد والله رءوف بالعباد انقطع دمه وأول من بنى البيت الملائكة قبل خلق آدم عليه الصلاة والسلام بألفي عام بأمر الله تعالى لهم وطافوا به ثم آدم ثم ولده شيث ثم إبراهيم وهذه الأربعة ثابتة بالنص ثم العمالقة ثم جرهم ثم قصي وهذه الثلاثة ليس فيها نص ثم قريش ثم عبد الله بن الزبير على قواعد إبراهيم ثم الحجاج لجهة الحجر فقط بعد أن هدمها بأمر عبد الملك بن مروان وأخرج من بناء عبد الله بن الزبير ستة أذرع وشبرا في الحجر وأبقاه على الارتفاع الذي صنعه عبد الله بن الزبير وهو سبعة وعشرون ذراعا وكانت في بناء قريش ثمانية عشر ذراعا ثم انهدمت جهة الحجر في السيل سنة تسع وثلاثين وألف في زمن السلطان مراد فأمر ببنائها فبنيت ومن أراد كيفية ذلك وأصله وما ورد فيه فليراجعه من محله ومنه ما ألفه شيخنا فيما يتعلق بالحرمين وتندب المجاوزة بمكة إلا لخوف انحطاط رتبة أو محذور من نحو معصية ا ه برماوي فتلخص من كلامه أن(4/665)
البيت بني عشر مرات وقد نظمها بعضهم فقال بنى بيت رب العرش عشر فخذهم ملائكة الله الكرام وآدم وشيث وإبراهيم ثم عمالق قصي قريش قبل هذين جرهم وعبد الإله بن الزبير بنى كذا بناء الحجاج وهذا متمم ا ه شيخنا مدابغي في قراءته للبخاري في الإيضاح ما نصه قال أبو الوليد الأزرقي لما بنى إبراهيم الكعبة جعل طولها في الأرض ثلاثين ذراعا وعرضها في الأرض اثنين وعشرين ذراعا وأما الظاهر منها على وجه الأرض فجعل طولها في السماء تسعة أذرع وأما عرضها فبين ركن الحجر والركن العراقي المقابل للمنبر خمس وعشرون ذراعا بين العراقي والشامي وهو الذي جهة باب العمرة أحد وعشرون ذراعا وبين الشامي واليماني خمس وعشرون ذراعا وبين اليمانيين عشرون ذراعا وكانت غير مسقفة فبنتها قريش في الجاهلية فزادت في طولها في السماء تسعة أذرع فصار طولها ثمانية عشر ذراعا ونقصوا من طولها في الأرض ستة أذرع وشبرا تركوها في الحجر فلم تزل على ذلك حتى كان زمان عبد الله بن الزبير فهدمها وبناها على قواعد إبراهيم وزاد في طولها في السماء تسعة أذرع أخرى فصار طولها في السماء سبعا وعشرين ثم بناها الحجاج فلم يغير طولها في السماء قال العلماء وكانت الكعبة بعد إبراهيم مع العمالقة وجرهم إلى أن انقرضوا وخلفهم فيها قريش بعد استيلائهم على الحرم لكثرتهم بعد القلة وعزهم بعد الذلة فكان أول من جدد بناءها بعد إبراهيم قصي بن كلاب وسقفها بخشب الدوم وجريد النخل وكان بابها لاصقا بالأرض ثم بنتها قريش بعده ورسول الله ابن خمس وعشرين سنة فقال لهم أبو حذيفة بن المغيرة يا قوم ارفعوا باب الكعبة حتى لا تدخل إلا بسلم فإنه لا يدخلها حينئذ إلا من أردتم فإن جاء أحد مما تكرهونه رميتم به فسقط وصار نكالا لمن رآه ففعلت قريش ما قال انتهى قوله دخوله مكة إلخ ويستحب أن يقول عند دخولها ما رواه جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن النبي {صلى الله عليه وسلم} كان يقول عند دخوله اللهم البلد بلدك والبيت بيتك جئت(4/666)
أطلب رحمتك وأؤم طاعتك متبعا لأمرك راضيا بقدرك(4/667)
مسلما لأمرك أسألك مسألة المضطر إليك المشفق من عذابك أن تستقبلني بعفوك وأن تتجاوز عني برحمتك وأن تدخلني جنتك قال الزعفراني ويقول آيبون تائبون لربنا حامدون الحمد لله الذي أقدمنيها سالما معافى فالحمد لله رب العالمين كثيرا على تيسيره وحسن بلاغه اللهم هذا حرمك وأمنك فحرم لحمي ودمي وشعري وبشري على النار وأمني من عذابك يوم تبعث عبادك واجعلني من أوليائك وأحبابك وأهل طاعتك اللهم أنت ربي وأنا عبدك والبلد بلدك والحرم حرمك والأمن أمنك جئت هاربا وعن الذنوب مقلعا ولفضلك راجيا ولرحمتك طالبا ولفرائضك مؤديا ولرضاك مبتغيا ولعفوك سائلا فلا تردني خائبا وأدخلني في رحمتك الواسعة وأعذني من الشيطان وجنده وشر أوليائه وحزبه وصلى الله على سيدنا محمد وآله ا ه شرح الروض وفي الإيضاح ما نصه قال الماوردي لم تكن مكة ذات منازل وكانت قريش بعد جرهم والعمالقة ينتجعون جبالها وأوديتها ولا يخرجون من حرمها انتسابا للكعبة لاستيلائهم عليها وتخصصا بالحرم لحلولهم فيها ويرون أنهم سيكون لهم بذلك شأن وكلما كثر فيهم العدد ونشأت فيهم الرياسة قوي أملهم وعلموا أنهم سيقدمون على العرب وكانت فضلاؤهم يتخيلون أن ذلك رياسة في الدين وتأسيس لنبوة ستكون فيهم فأول من ألهم ذلك منهم كعب بن لؤي بن غالب وكانت قريش تجتمع إليه في كل جمعة وكان يخطب لهم فيه ويذكر لهم أمر نبينا محمد {صلى الله عليه وسلم} ثم انتقلت الرياسة إلى قصي بن كلاب فبنى بمكة دار الندوة ليحكم فيها بين قريش ثم صارت لتشاورهم وعقد ألوية حروبهم قال الكلبي وكانت أول دار بنيت بمكة ثم تتابع الناس فبنوا الدور وكلما قربوا من الإسلام ازدادوا قوة وكثرة عدد حتى دانت لهم العرب إلى أن قال السادسة والثلاثون أي من المسائل في كسوة الكعبة قال الأزرقي قال ابن جريج كان تبع أول من كسا البيت كسوة كاملة أري في المنام أن يكسوها فكساها الأنطاع ثم أري أن يكسوها الوصائل وهي ثياب حبرة من عصيب اليمن ثم كساها الناس بعده(4/668)
في الجاهلية ثم روى الأزرقي في روايات متفرقة حاصلها أن النبي {صلى الله عليه وسلم} كسا الكعبة ثم كسا أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابن الزبير ومن بعدهم وأن عمر رضي الله عنه كان يكسوها من بيت المال فكساها القباطي وكساها ابن الزبير ومعاوية الديباج وكانت تكسى يوم عاشوراء ثم صار معاوية يكسوها مرتين ثم كان المأمون يكسوها ثلاث مرات فيكسوها الديباج الأحمر يوم التروية والقباطي يوم هلال رجب والديباج الأبيض يوم سبع وعشرين من رمضان وهذا الأبيض ابتدأه المأمون سنة ست ومائتين حين قالوا له الديباج الأحمر يتخرق قبل الكسوة الثانية فسأل عن أحسن ما تكون فيه الكعبة فقيل الديباج الأبيض ففعله السابعة والثلاثون في تزيين الكعبة بالذهب وكيف كان ابتداؤه نقل الأزرقي أن عبد الله بن الزبير حين أراد هدم الكعبة وبناءها استشار الناس في ذلك فأشار جابر بن عبد الله وعبيد بن عمير وآخرون بهدمها وبنائها لأنها كانت قد انهدمت وأشار ابن عباس وآخرون بتركها بحالها فعزم ابن الزبير على هدمها فخرج أهل مكة إلى منى فأقاموا بها ثلاثة أيام خوفا من أن ينزل عليهم عذاب لهدمها فأمر ابن الزبير بهدمها فما اجترأ على ذلك أحد فلما رأى ذلك علاها بنفسه وأخذ المعول وجعل يهدمها ويرمي أحجارها فلما رأوا أنه لا يصيبه شيء اجترءوا فصعدوا وهدموا فلما فرغ ابن الزبير من بناء الكعبة خلقها من داخلها وخارجها من أعلاها إلى أسفلها وكساها القباطي وقال من كانت لي عليه طاعة فليخرج فليعتمر من التنعيم ومن قدر أن ينحر بدنة فليفعل ومن لم يقدر فليذبح شاة ومن لم يقدر عليها فليتصدق بوسعه وخرج ابن الزبير ماشيا والناس معه مشاة حتى اعتمروا من التنعيم شكرا لله تعالى ولم ير يوم أكثر عتقا وبدنة منحورة وشياها مذبوحة وصدقة من ذلك اليوم ونحر ابن الزبير مائة بدنة وأما تذهيب الكعبة فإن الوليد بن عبد الملك بعث إلى واليه على مكة خالد بن عبد الله السري بستة وثلاثين ألف دينار فضرب منها على باب(4/669)
الكعبة صفائح الذهب وعلى ميزاب الكعبة وعلى الأساطين التي في بطنها وعلى الأركان في جوفها وكل ما على الأركان والميزاب من الذهب فهو من عمل الوليد وهو أول من ذهب البيت في الإسلام فأما ما كان على الباب(4/670)
من الذهب من عمل الوليد فرق فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين محمد بن الرشيد في خلافته فأرسل إلى سالم بن الجراح عامله على ضواحي مكة بثمانية عشر ألف دينار ليضرب بها صفائح الذهب على باب الكعبة فقلع ما كان على الباب من الصفائح وزاد عليها ثمانية عشر ألف دينار فضرب عليها الصفائح التي هي عليه اليوم والمسامير وحلقتي الباب والعتبة فالذي على الباب من الذهب ثلاثة وثلاثون ألف مثقال وعمل الوليد بن عبد الملك الرخام الأحمر والأخضر والأبيض في بطنها موزر به جدرانها وفرشها بالرخام فجميع ما في الكعبة من الرخام هو من عمل الوليد بن عبد الملك وهو أول من فرشها بالرخام وأزر به جدرانها وهو أول من زخرف المساجد الثامنة والثلاثون في تطييب الكعبة روى الأزرقي أن عبد الله بن الزبير كان يجمر الكعبة كل يوم برطل ويوم الجمعة يجمرها برطلين وأن ابن الزبير خلق جوف الكعبة كله وعن عائشة قالت طيبوا البيت فإن ذلك من تطهيره تعني قوله تعالى وطهر بيتي وأن عائشة قالت لطيب الكعبة أحب إلي من أن أهدي لها ذهبا أو فضة وأن معاوية رضي الله عنه أجرى للكعبة الطيب لكل صلاة قال ابن جريج كان معاوية أول من طيب الكعبة بالخلوق والمجمر وأجرى الزيت لقناديل المسجد في بيت المال انتهى وفي المصباح الخلوق مثل رسول ما يتخلق به من الطيب قال بعض الفقهاء وهو مائع فيه صفرة والخلاق مثل كتاب مثله وخلقت المرأة بالخلوق تخليقا فتخلقت هي به ا ه قوله ولكثرة ما يحصل له إلخ وأما ما يفعله حجيج العراق في هذا الزمان من عدولهم إلى عرفات قبل دخول مكة لضيق وقتهم ففيه تفويت سنن كثيرة منها دخول مكة وطواف القدوم وتعجيل السعي وزيارة البيت وكثرة الصلاة بالمسجد الحرام وحضور خطبة الإمام يوم السابع بمكة والمبيت بمنى ليلة عرفة والصلاة بها وحضور تلك المشاهد وغير ذلك ا ه إيضاح قوله من ثنية كداء والأفضل أن يكون الدخول نهارا وبعد الفجر ويندب أن يكون ماشيا وحافيا إلا لعذر وأن(4/671)
يكون داعيا متضرعا خاشعا متذللا بخضوع قلب وجوارح ظاهرا وباطنا متذكرا جلالة الحرم ومزيته على غيره متجنبا للمزاحمة والإيذاء متلطفا بمن يزاحمه ا ه برماوي وفارق المشي هنا المشي في بقية الطريق بأنه هنا أشبه بالتواضع والأدب وليس فيه فوات مهم ولأن الراكب يتعرض في الدخول بالإيذاء بدابته في الزحمة والأفضل للمرأة ومثلها الخنثى دخولها في هودجها ونحوه ا ه شرح م ر قوله وإن لم تكن بطريقه وفارق ما مر في الغسل بذي طوى بأن حكمة الدخول من كداء غير حاصلة بسلوك غيرها وحكمة الغسل النظافة وهي حاصلة في كل موضع ا ه شرح م ر قوله بالفتح والمد وداله مهملة خلافا لمن أعجمها لاتفاق أهل اللغة على الإهمال ويجوز فيها وفي كدى الصرف وعدمه باعتبار إرادة المكان يعني الجبل والبقعة وبمكة موضع ثالث يقال له كدي بتشديد الياء على طريق اليمن ا ه برماوي قوله أيضا بالفتح والمد عبارة حج بفتح الكاف والمد والتنوين وعدمه وتسمى على نزاع فيه الحجون الثاني المشرف على المقبرة المسماة بالمعلاة وزعم أن دخوله من العلياء اتفاقي لأنها بطريقه ترده المشاهدة القاضية بأنه ترك طريقه الواصلة إلى الشبيكة وعرج عنها إلى تلك التي ليست بطريقه قصدا مع صعوبتها وسهولة تلك ولا ينافي طلب التعريج إليها السابق أنه لم يحفظ عنه {صلى الله عليه وسلم} عند مجيئه من الجعرانة محرما بالعمرة ولا من منى عند نفره لأنه لا يلزم من عدم النفل عدم الوقوع فهو مشكوك فيه وتعريجه إليها قصدا أو لا معلوم فقدم وما قيس به انتهت قوله قعيقعان بضم القاف الأولى وفتح العين وكسر القاف الثانية كما أشار إليه بالتضبيب ا ه ح ل وهو على يسار الداخل من باب شبيكة قوله واختصت العلياء إلخ عبارة شرح م ر والمعنى فيه وفي الدخول مما مر الذهاب من طريق والخروج من أخرى كما في العيد وغيره واختصت العلياء بالدخول لقصد الداخل مكانا عالي المقدار والخارج عكسه ولأن العلياء محل دعاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام بقوله اجعل(4/672)
أفئدة من الناس تهوي إليهم كما روي عن ابن عباس فكان الدخول منها أبلغ من تحقيق استجابة دعاء إبراهيم ولأن الداخل منها يكون مواجها لباب الكعبة وجهته أفضل الجهات انتهت قوله والسفلى بالخروج عبارة حج ويخرج(4/673)
إن لم يكن على طريقه ولو إلى عرفات على ما فيه من ثنية كدى بالضم والقصر والتنوين وعدمه وهو المشهور الآن بباب الشبيكة انتهت قوله وقضية التسوية في ذلك إلخ وهو كذلك كما في شرح م ر قوله وأن يقول عند لقاء الكعبة إلخ أي ولو حلالا ا ه حج وهل المقيم بمكة كذلك حتى يستحب له ذلك القول كلما أبصر البيت لا يبعد أنه كذلك ا ه م ر ا ه سم على حج قال في الإيضاح الرابعة من المسائل يستحب لمن جلس في المسجد الحرام أن يكون وجهه إلى الكعبة ويقرب منها وينطر إليها إيمانا واحتسابا فإن النظر إليها عبادة وقد جاءت آثار كثيرة في فضل النظر إليها الخامسة يستحب دخول البيت حافيا وأن يصلي فيه والأفضل أن يقصد مصلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فإذا دخل من الباب حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريب من ثلاثة أذرع فيصلي ثبت ذلك في صحيح البخاري ويدعو في جوانبه بحيث لا يؤذي أحدا ولا يتأذى هو فإن تأذى أو آذى لم يدخل وهذا مما يغلط فيه كثير من الناس فيتزاحمون زحمة شديدة بحيث يؤذي بعضهم بعضا وربما انكشفت عورة بعضهم أو كثير منهم وربما زاحم الرجل المرأة وهي مكشوفة الوجه واليد وهذا كله خطأ يفعله جهلة الناس ويغتر بعضهم ببعض وكيف ينبغي لعاقل أن يرتكب الأذى المحرم لتحصيل أمر ولو سلم من الأذى لكان سنة وأما مع الأذى فليس بسنة بل حرام والله المستعان السادسة إذا دخل البيت فليكن شأنه الدعاء والتضرع بحضور قلب وخشوع وليكثر من الدعوات المهمة ولا يتعمد الاشتغال بالنظر لما يلهيه بل يلزم الأدب وليعلم أنه في أفضل الأرض وقد روينا عن عائشة رضي الله عنها قالت عجبا للمرء المسلم إذا دخل الكعبة كيف يرفع بصره قبل السقف ليدع ذلك إجلالا لله تعالى وإعظاما دخل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها إلى أن قال الثامنة يستحب صلاة النافلة في البيت وأما الفريضة فإن كان يرجو جماعة كثيرة فهي خارج البيت أفضل وإن كان لا يرجوها فداخل البيت أفضل إلى أن(4/674)
قال التاسعة يستحب الإكثار من دخول الحجر فإنه من البيت ودخوله سهل وقد سبق أن الدعاء فيه تحت الميزاب مستجاب إلى أن قال الثانية عشر يستحب لمن دخل مكة حاجا أو معتمرا أن يختم القرآن فيها قبل رجوعه واختلف العلماء هل الأفضل في المسجد الحرام الاشتغال بالطواف أو الصلاة فابن عباس وابن جبير وعطاء ومجاهد ذهبوا إلى أن الاشتغال بالصلاة لأهل مكة أفضل وأن الغرباء الأفضل لهم الاشتغال بالطواف إلى أن قال الرابعة عشر يستحب زيارة المواضع المشهورة بالفضل في مكة والحرم وقد قيل إنها ثمانية عشر موضعا منها البيت الذي ولد فيه رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وهو اليوم في مسجد في زقاق يقال له زقاق المولد وذكر الأزرقي أنه لا خلاف فيه ومنه بيت خديجة الذي كان يسكنه {صلى الله عليه وسلم} وخديجة رضي الله تعالى عنها فيه ولدت أولادها من رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وفيه توفيت خديجة رضوان الله عليها ولم يزل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مقيما به حتى هاجر قاله الأزرقي قال ثم اشتراه معاوية وهو خليفة من عقيل بن أبي طالب فجعله مسجدا ومنها مسجد في دار الأرقم وهي التي يقال لها دار الخيزران كان النبي {صلى الله عليه وسلم} مستترا يتعبد فيه في أول الإسلام قال الأزرقي هو عند الصفا قال وفيه أسلم عمر بن الخطاب ومنها الغار الذي بجبل حراء كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يتعبد فيه والغار الذي بجبل ثور وهو المذكور في القرآن قال الله عز وجل إذ هما في الغار الآية إلى أن قال الحادية والعشرون لا يجوز أخذ شيء من طيب الكعبة لا للتبرك ولا لغيره من أخذ شيئا من ذلك لزمه رده إليها فإن أراد التبرك أتى بطيب من عنده فمسحها به ثم أخذه الثانية والعشرون قال الإمام أبو الفضل بن عبدان من أصحابنا لا يجوز قطع شيء من سترة الكعبة ولا نقله ولا بيعه ولا شراؤه ولا وضعه بين أوراق المصحف ومن حمل من ذلك شيئا لزمه رده خلاف ما يتوهمه العامة يشترونه من بني شيبة هذا كلام ابن عبدان وحكاه الإمام أبو القاسم الرافعي ولم يعترض عليه فكأنه وافقه عليه وكذا قال الإمام أبو(4/675)
عبد الله الحليمي لا ينبغي أن يؤخذ من كسوة الكعبة شيء وقال أبو العباس بن القاضي من أصحابنا لا يجوز بيع كسوة الكعبة قال الشيخ(4/676)
أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله الأمر فيها للإمام يصرفها في بعض مصارف بيت المال بيعا وعطاء واحتج بما رواه الأزرقي في كتاب مكة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ينتزع كل سنة كسوة البيت فيقسمها على الحاج وهذا الذي قاله الشيخ حسن وقد روى الأزرقي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنهما قالا تباع كسوتها ويجعل ثمنها في سبيل الله والمساكين وابن السبيل قال ابن عباس وعائشة وأم سلمة ولا بأس أن يلبس كسوتها من صارت إليه من حائض وجنب وغيرهما إلى أن قال السادسة والعشرون مذهبنا أنه يجوز بيع دور مكة وشراؤها وإجارتها كما يجوز ذلك في غيرها ودلائل المسألة في كتب الفقه والخلاف مشهور إلى أن قال الثانية والثلاثون يكره حمل السلاح بمكة من غير حاجة ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال لا يحل لأحدكم أن يحمل السلاح بمكة ا ه قوله تشريفا أي ترفعا وعلوا وقوله وتعظيما أي تبجيلا وقوله وتكريما أي تفضيلا وقوله مهابة أي توقيرا وإجلالا ا ه شرح م ر وكان حكمة تقديم التعظيم على التكريم في البيت وعكسه في قاصده أن المقصود بالذات في البيت إظهار عظمته في النفوس حتى تخضع لشرفه وتقوم بحقوقه ثم كرامته بإكرام زائره بإعطائهم ما طلبوه وإنجازهم ما أملوه وفي زائره وجود كرامته عند الله تعالى بإسباغ رضاه عليه وعفوه عما جناه واقترفه ثم عظمته بين أبناء جنسه بظهور تقواه وهدايته ويرشد إلى هذا ختم دعاء البيت بالمهابة الناشئة عن تلك العظمة إذ هي التوقير والإجلال ودعاء الزائر بالبر الناشئ عن ذلك التكريم إذ هو الاتساع في الإحسان فتأمله ا ه حج ا ه ع ش عليه قوله ومنك السلام أي ابتداؤه منك ومن أكرمته بالسلام فقد سلم ا ه شرح م ر قوله فحينا ربنا بالسلام ويسن أن يدعو بعد ذلك بما أحب من المهمات وأهمها المغفرة ا ه برماوي قوله ومعنى السلام الأول إلخ عبارة حج أنت السلام أي السالم من كل ما لا يليق بجلال الربوبية وكمال الألوهية أو(4/677)
المسلم لعبدك من الآفات انتهت قوله فيدخل المسجد بالنصب عطف على دخول فيفيد سنتين فورية الدخول وكونه من باب بني شيبة والفورية صرح بها حج وفي الإيضاح ما نصه العاشرة أي من المسائل يستحب أن لا يعرج أول دخوله على استئجار منزل وحط قماش وتغيير ثياب ولا شيء آخر غير الطواف ويقف بعض الرفقة عند متاعهم ورواحلهم حتى يطوفوا ثم يرجعوا إلى رواحلهم ومتاعهم ويستأجرون المنزل بل إذا فرغ من الدعاء عند رأس الردم قصد المسجد ودخله من باب بني شيبة والدخول من باب بني شيبة مستحب لكل قادم من أي جهة كان بلا خلاف ا ه قوله أيضا فيدخل المسجد إلخ ويقدم رجله اليمنى في الدخول ويقول أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم بسم الله والحمد لله اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج قدم رجله اليسرى وقال هذا إلا أنه يقول وافتح لي أبواب فضلك وهذا الذكر والدعاء مستحب في كل مسجد وقد وردت فيه أحاديث في الصحيح وغيره يلفق منها ما ذكرته وقد أوضحتها في كتاب الأذكار الذي لا يستغني طالب الآخرة عن مثله إلى أن قال الثلاثون في أمور تتعلق بالمسجد الحرام قال أبو الوليد الأزرقي والإمام أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري في كتابه الأحكام السلطانية وغيرهما من الأئمة المعتمدين وفي كلام بعضهم زيادة على بعض أما المسجد الحرام فكان فناء حول الكعبة وفضاء للطائفين ولم يكن له على عهد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وأبي بكر رضي الله عنه جدار يحيط به وكانت الدور محدقة به وبين الدور أبواب تدخله الناس من كل ناحية فلما استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكثر الناس وسع المسجد واشترى الدور وهدمها وزادها فيه واتخذ للمسجد جدارا قصيرا دون القامة وكانت المصابيح توضع عليه وكان عمر رضي الله عنه أول من اتخذ الجدار للمسجد الحرام فلما استخلف عثمان ابتاع منازل ووسعه بها أيضا وهي المسجد والأروقة فكان(4/678)
عثمان أول من اتخذ للمسجد الأروقة ثم ابن الزبير زاد في المسجد زيادة كثيرة واشترى دورا من جملتها بعض دار الأزرقي اشترى ذلك البعض ببضعة عشر ألف دينار ثم(4/679)
عمره عبد الملك بن مروان ولم يزد فيه لكن رفع جداره وسقفه بالساج وعمره عمارة حسنة ثم إن الوليد بن عبد الملك وسع المسجد وحمل إليه أعمدة الحجارة والرخام ثم إن المنصور زاد في المسجد وبناه وجعل فيه عمد الرخام وزاد فيه المهدي بعده مرتين إحداهما بعد سنة ستين ومائة والثانية بعد سنة سبع وستين ومائة إلى سنة تسع وستين وفيها توفي المهدي واستقر على ذلك بناؤه إلى وقتنا والله أعلم وقد قدمنا أنه يجوز الطواف في جميع أروقته ولو وسع جاز الطواف في جميعه والله أعلم انتهى قوله من باب بني شيبة وهو بفتح فسكون ابن عثمان بن طلحة الحجبي سادن الكعبة أي خادمها ولم يزل مفتاحها في يد ولده إلى الآن والبيوت تؤتى من أبوابها وهو المسمى الآن بباب السلام وهو ثلاث طاقات ا ه برماوي قوله للاتباع عبارة حج لما صح أنه {صلى الله عليه وسلم} دخل منه في عمرة القضاء والظاهر أنه لم يكن على طريقه وإنما الذي كان عليها باب إبراهيم كذا قاله الرافعي واعترض بأنه عرج للدخول من الثنية العليا فيلزم أنه على طريقه ويرد بإمكان الجمع بأن التعريج إنما كان في حجة الوداع فلا ينافي ما في عمرة القضاء ولأن الدوران إليه لا يشق ومن ثم لم يجز هنا خلاف بخلاف نظيره في التعريج للثنية العليا ولأنه جهة باب الكعبة والبيوت تؤتى من أبوابها ومن ثم جهة باب الكعبة أشرف جهاتها الأربع وصح الحجر الأسود يمين الله في الأرض أي يمنه وبركته أو من باب الاستعارة التمثيلية إذ من قصد ملكا أم بابه وقبل يمينه ليعمه معروفه ويزول روعه وخوفه انتهت وقوله وأن يخرج من باب بني سهم محله إذا لم يتيسر له الخروج من باب الحزورة وإلا فيقدم الخروج منه على الخروج من باب العمرة وباب الحزورة هو المعروف الآن بباب الوداع ا ه حج وسهم بفتح فسكون ابن عمرو بن صهيب بن كعب بن لؤي ا ه برماوي قوله بباب العمرة وهو طاق واحدة ا ه برماوي قوله وأن يبدأ بطواف قدوم وهو سنة وقيل واجب ومن ثم كره تركه ا ه حج قال في العباب(4/680)
ولا يبدأ بتحية المسجد إذ تحصل بركعتيه قال في شرحه غالبا قال وقضيته أن من لم يصل ركعتي الطواف لا تحصل له التحية وهو كذلك بالنسبة لتحية المسجد أما تحية البيت فهي الطواف ثم قال في عبارة عن بعضهم وتقوم ركعتا الطواف مقامها أي التحية صرح به القاضي أبو الطيب وابن الرفعة قال في المهمات ومقتضاه أنه لو أخرهما فقد فوت هذه التحية ولو اشتغل قبل الطواف بصلاة لنحو خوف فوت لم يخاطب بتحية المسجد لاندراجها فيه ا ه سم على حج قوله تحية المسجد قال المحلي أي البقعة واعترض عليه فتنبه له قال حج في حاشية الإيضاح أي الكعبة كما صرحوا به وأما تحية المسجد فتندرج في ركعتيه بمعنى أنه إذا نوى بهما مع الطواف التحية أثيب عليها وإلا سقط عنه الطلب بفعلهما فإن تركهما وخرج أو جلس لم يسقط طلب التحية أو بدأ بالصلاة لنحو ضيق وقت اندرجت التحية فيها ا ه ثم ذكر ما يتعين استفادته فليراجع ا ه سم ا ه شوبري ومنه يؤخذ أن محل طلب الطواف من الداخل إذا أراده فإن لم يرده فالمطلوب منه صلاة ركعتين كسائر المسجد وقد أشار لهذا في التحفة بقوله ولو منعه الناس صلى التحية كما لو دخل ولم يرده ا ه قوله كإقامة جماعة أي ولو في جنازة أو نافلة تسن فيها الجماعة على الظاهر في شرح العباب ا ه سم على حج قوله أيضا كإقامة جماعة أي وككون الداخل امرأة ذات جمال أو شرف وهي التي لا تبرز للرجال فيسن لها أن تؤخره إلى الليل وهو مقيد كما بحثه بعضهم بما إذا أمنت حيضا بطول زمنه ا ه شرح م ر قوله وتذكر فائتة أي يجب قضاؤها فورا لكن في كلام شيخنا حج موافقة ظاهر كلام الشرح في تقديم الفائتة وإن فاتت بعذر ا ه ح ل قوله فيقدم على الطواف أي ثم يطوف ا ه إيضاح قوله لأنه أي المذكور من الأعذار لكن هذا التعليل لا يظهر في الفائتة لأنها لا تفوت بتقديم الطواف ا ه شيخنا قوله ولا يفوت بالجلوس ولو جلس عمدا بعد الطواف ثم صلى ركعتيه فاتت تحية المسجد لأنها تفوت بالجلوس عمدا وإن(4/681)
قصر وقياس ذلك أنه لو تعمد عند دخوله المسجد تأخير الطواف حتى طال الفصل وإن لم يجلس فاتت تحية المسجد لأنها تفوت بطول الفصل ولو مع القيام غير أنه اغتفر اشتغاله عنها بالطواف فإذا أخر الاشتغال به حتى(4/682)
طال الفصل فاتت ا ه م ر وكذا تفوت تحية المسجد فلا يثاب عليها إذا صرف ركعتي الطواف عنها بأن نوى بهما ركعتي الطواف دون التحية بخلاف ما إذا نواها أيضا أو أطلق فظاهر إطلاقهم هنا حصول ثواب التحية بركعتي الطواف إذا أطلق وإن قلنا بخلاف ذلك إذا أطلق فصلى فرضا أو نفلا آخر غير ذلك ا ه م ر ا ه سم على حج قوله وطواف التحية ويسمى أيضا طواف الصدر وطواف الصادر ا ه برماوي وفي المصباح صدر القول صدورا من باب قعد وأصدرته بالألف وأصله الانصراف يقال صدر القوم وأصدرناهم إذا صرفتهم وصدرت عن الموضع صدرا من باب قتل رجعت والصدر بفتحتين ا ه فيدور على معنيين الانصراف والرجوع وطاف الركن انصرف من عرفة ومنى إلى مكة للطواف ورجع إليه قوله فلا يطلب من الداخل بعده أي لا يطلب مستقلا فلا ينافي كونه يحصل بطواف الركن ا ه شوبري وعبارة حج وبطواف الفرض يثاب على طواف القدوم وإن قصده كتحية المسجد انتهت وقوله إن قصده ظاهره وإن لم يقصد طواف الفرض فإنه لا يشترط قصده لشمول نية النسك له ولا يضر الاقتصار على قصد طواف القدوم في حصول طواف الفرض بل قالوا لو كان عليه طواف إفاضة مثلا فصرفه لغيره لم ينصرف ويقع عن الإفاضة إلا أن ما نحن فيه يزيد بحصول ما قصده أيضا لأنه مطلوب في ضمن ذلك الفرض فليتأمل ثم رأيته في شرح العباب أطال هنا بما منه ما نصه ويؤيده قول القمولي إذا نوى بطواف العمرة طواف القدوم وقع عن التحية أي تحية الكعبة حتى يثاب عليها فهو على التفصيل السابق في تحية المسجد من أن معنى حصولها بغيرها أنها إن نويت معه حصل ثوابها وإلا سقط طلبها ولا يتوهم من كلام القمولي خلافا لمن ظنه أن الطواف انصرف بهذه النية عن طواف العمرة لأن هذا معلوم مما يأتي أن طواف الفرض لا ينصرف بطواف غيره وحينئذ فمعنى كلامه أنه وقع عن التحية مع وقوعه عن الفرض أيضا وعبارته ظاهرة في ذلك فليتأمل وهذا كله يدل على أن للعمرة طواف قدوم إلا أنه مندرج في طوافها(4/683)
وقياس التشبيه بتحية المسجد أنه يثاب عليه وإن لم يقصده عند من يقول بذلك في تحية المسجد إذا صلى فرضا أو نفلا كما هو ظاهر البهجة واعتمده الرملي وولده ا ه سم عليه قوله الدخول وقت الطواف المفروض عليهما ومن ثم لو دخل بعد الوقت وقبل انتصاف الليل سن له طواف القدوم أي للدخول الثاني لأنه لم يدخل وقت طوافه لا للأول لأنه يفوت بالوقت وقول بعضهم والذي ينبغي أن يكون لهما لأن الأول لا يفوت إلا إن دخل وقت طواف الفرض ولا يدخل إلا بنصف الليل فيه نظر ا ه ح ل قوله قياسا على أصل النسك قد يفرق بأن التطوع في أصل النسك يفوت الواجب بالكلية بخلافه هنا لا يحصل به الفوات تأمل ا ه شوبري قوله ومن قصد الحرم أي ولو مكيا أو عبدا أو أنثى لم يأذن لهما سيد أو زوج في دخول الحرم إذ الحرمة من جهته لا تنافي الندب من جهة أخرى ا ه شرح م ر قال في الإيضاح المسألة الثانية إذا بلغ الحرم فقد استحب بعض أصحابنا أن يقول اللهم هذا حرمك وأمنك فحرمني على النار وآمني من عذابك يوم تبعث عبادك واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك ويستحضر في نفسه من الخضوع والخشوع في قلبه وجسده ما أمكنه ا ه قوله سن إحرام به هل يستحب للولي أن يحرم عن الصبي الذي دخل به ا ه سم على حج قوله ويكره تركه أي للخلاف في وجوبه قال في الإيضاح الثامنة من المسائل ينبغي لمن يأتي من غير الحرم أن لا يدخل مكة إلا محرما بحج أو عمرة وهل يلزمه ذلك أو هو مستحب فيه خلاف منتشر يجمعه ثلاثة أقوال أصحها أنه مستحب والثاني أنه واجب والثالث إن كان ممن يتكرر دخوله كالحطابين والسقايين والصيادين ونحوهم لم يجب وإن كان ممن لا يتكرر كالتاجر والزائر والرسول والمكي إذا رجع من سفره وجب فإن قلنا يجب فله شروط أحدهما أن يكون حرا فإن كان عبدا لم يجب بلا خلاف ولو أذن له سيده في الدخول محرما لم يلزمه والثاني أن يجيء من خارج الحرم أما أهل الحرم فلا إحرام عليهم بلا خلاف والثالث أن يكون آمنا في دخوله(4/684)
وأن لا يدخل لقتال فأما إن دخلها خائفا من ظالم أو غريم يحبسه وهو محرم أو نحوهما ولا يمكنه الظهور لأداء النسك أو دخلها لقتال باغ أو قاطع طريق فلا(4/685)
يلزمه الإحرام بلا خلاف وإذا قلنا يجب الدخول محرما فدخل غير محرم عصى ولا قضاء عليه لفواته كما لا يقضي تحية المسجد إذا جلس قبل أن يصليها ولا فدية عليه والأصح أن حكم دخول الحرم حكم دخول مكة فيما ذكرناه لاشتراكهما في الحرمة ا ه فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن أي وفيما يذكر معه من قوله ولو حمل شخص محرما إلى آخر الفصل ا ه شيخنا قوله واجبات الطواف أي الأمور التي تتوقف صحة الطواف عليها فهذه العبارة على القاعدة من أن الواجب والفرض بمعنى وقولهم في تخصيصها إلا في الحج مرادهم بقولهم إلا في الحج خصوص إضافة الواجبات للحج كما لو قالوا واجبات الحج كذا فيكون الواجب فيها ما يجبر بالدم ولا تتوقف الصحة عليه وعلى هذا المراد تعبير م ر وحج هنا بقولهما واللفظ الأول للطواف واجبات لا يصح إلا بها سواء كانت أركانا أم شروطا ا ه لكن لم يبيناهما ولا حواشيهما البعض من هذه الواجبات الذي هو ركن والذي هو شرط تأمل قال ابن عبد السلام الطواف أفضل أركان الحج حتى الوقوف ا ه وهو المعتمد وإن نظر فيه الزركشي بأن أفضلها الوقوف لخبر الحج عرفة ولهذا لا يفوت الحج إلا بفواته ولم يرد غفران في شيء ما ورد في الوقوف فالصواب القطع بأنه أفضل الأركان وقد يقال إن الطواف أفضل من حيث ذاته لأنه مشبه بالصلاة وقربة مستقلة والوقوف أفضل من حيث كونه ركنا للحج لفواته به وتوقف صحته عليه واختصاصه به ويحمل كلام ابن عبد السلام على الأول والزركشي على الثاني ا ه شرح م ر في مبحث السعي قوله بأنواعه أي الستة من قدوم وركن وودائع وما يتحلل به في الفوات وطواف نذر وتطوع ا ه شرح م ر قوله أيضا بأنواعه شمل طواف التطوع وقضيته مع قوله الآتي وكونه سبعا أنه لا تطوع فيه بشوط أو أكثر أي أقل من السبع وهو الذي يظهر ونقل عن الخادم أن له التطوع بذلك فليحرر ثم رأيت في الإيعاب وفي حديث غريب من طاف بالبيت خمسين مرة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه والمراد بالمرة(4/686)
الأسبوع وإلا لاقتضى جواز التطوع بطوفة واحدة والصحيح خلافه إلى آخر ما أطال به وقال الزركشي إنه ضعيف ا ه شوبري قوله أحدها وثانيها إلخ جمعهما لأن دليلهما واحد ولأجل التفريع بقوله فلو زالا إلخ ولا يشترطان في شيء من أعمال الحج إلا في الطواف ا ه شيخنا قوله كما في الصلاة راجع للستر والطهر وعند الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه يصح طواف المحدث ويجب مع الجنابة والحيض بدنة ومع الحدث شاة ا ه برماوي قوله فلو زالا فيه إلخ هذا لا يصلح تفريعا على ما قبله وإنما هو في جواب شرط مقدر أي إذا علمت أن من واجبات الطواف الستر والطهر فإذا زالا فحكمه التجديد ا ه برماوي وانظر لو تعمد زوالهما هل يحرم عليه إن قلنا يبني أو لا يحرم عليه لتمكنه من البناء وبه يفارق غيره من العبادات التي تبطل بعروض المانع كل محتمل ولعل الوجه هو الثاني فليحرر ا ه شوبري قوله بأن عري يقال عري من ثيابه بالكسر عريا بالضم فهو عار وعريان والمرأة عريانة ا ه مختار ا ه ع ش قوله أيضا بأن عري أي انكشف شيء من عورته كأن بدا شيء من شعر رأس الحرة أو ظفر من يدها أو رجلها ا ه شرح م ر مسألة قال الشيخ منصور الطبلاوي سئل شيخنا سم عن امرأة شافعية المذهب طافت للإفاضة بغير سترة معتبرة جاهلة بذلك أو ناسية ثم توجهت إلى بلاد اليمن فنكحت شخصا ثم تبين لها فساد الطواف فأرادت أن تقلد أبا حنيفة في صحته لتصير به حلالا وتتبين صحة النكاح وحينئذ فهل يصح ذلك وتتضمن صحة التقليد بعد العمل فأفتى بالصحة وأنه لا محذور من ذلك ولما سمعت عنه ذلك اجتمعت به فإني كنت أحفظ عنه خلافه في العام قبله فقال هذا هو الذي اعتقده من الصحة وأفتى به بعض الأفاضل أيضا تبعا له وهي مسألة مهمة كثيرة الوقوع وأشباهها كثيرة ومراده بأشباهها كل ما كان مخالفا لمذهب الشافعي مثلا وهو صحيح على بعض المذاهب المعتبرة فإذا فعله على وجه فاسد عند الشافعي وصحيح عند غيره ثم علم بالحال جاز أن يقلد القائل(4/687)
بصحته فيما مضى وفيما يأتي فيرتب عليه أحكامه فتنبه له فإنه مهم جدا وينبغي أن إثم الإقدام باق حيث فعله عالما ا ه(4/688)
ع ش على م ر فيما يأتي في مبحث طواف الوداع ولو انكشفت عورته بنحو ريح فسترها في الحال لكنه قطع جزءا من الطواف حال انكشافها فهل يحسب له لأن ذلك مغتفر بدليل أنه لا يبطل الصلاة فيه نظر ويتجه أنه كذلك ا ه سم على حج قوله أو مطافه قال في المجموع وغلبتها مما عمت به البلوى في المطاف وقد اختار جماعة من أصحابنا المتأخرين المحققين العفو عنها وينبغي أن يقال يعفى عما يشق الاحتراز عنه من ذلك أي بشرط أن لا تكون رطبة ولا يتعمد المشي عليها كما مر وقد عد ابن عبد السلام من البدع غسل بعض الناس المطاف ا ه شرح م ر وعبارة شرح التحفة لحج نعم يعفى أيام الموسم عما يشق الاحتراز عنه في المطاف من نجاسة الطيور وغيرها إن لم يتعمد المشي عليها ولم تكن رطوبة فيها أو في مماسها كما مر قبيل صفة الصلاة ومن ثم عد ابن عبد السلام غسل المطاف من البدع تنبيه لا ينافي ما ذكر من التسوية بين ذرق الطيور وغيره قول جمع متأخرين الغرض غلبة النجاسة بذرق الطير مطلقا وبغيره في أيام الموسم ا ه لأن هذا الغرض مجرد تصوير لا غير وإنما المدار على النظر لما أصابه فإن غلب عفي عنه مطلقا وإلا فلا مطلقا انتهت قوله جدد وبنى محل البناء في زوال الطهر إذا زال بغير الإغماء والجنون والسكر فإن زال بواحد منها فإنه يستأنف سواء تعدى أو لا وسواء طال الفصل أو قصد بخروج الثلاثة عن أهلية العبادة بالكلية وبقي ما لو ارتد هل ينقطع طوافه أم لا فيه نظر وقضية كلامه عدم بطلان ما مضى منه سواء طال أو قصر لأن الولاء فيه ليس بشرط وهو باق على تكليفه وإن لم يكن أهلا للعبادة في زمن الردة فإذا أسلم بنى على ما فعله قبل الردة بنية جديدة لبطلان النية الأولى بالردة لكن سيأتي كلام الشارح في محرمات الإحرام بعد قول المصنف وكذا يفسد الحج قبل التحلل الأول إلخ يبطل بالردة كغيره من العبادات وفرق ثم بينه وبين ما لو ارتد في أثناء وضوئه ثم أسلم فإنه يبني على ما مضى بأن النية في(4/689)
الوضوء يمكن توزيعها على أعضائه فلم يلزم من بطلان بعضها بطلان كلها بخلافها في الحج فإنه لا يمكن توزيعها على أجزائه ا ه ومقتضاه أن الطواف يبطل بالردة لشمول قوله كغيره لم يصح من العبادات له ولأن نيته لا يمكن توزيعها على أجزائه لأن الأسبوع كالركعة وهو لو نوى بعض ركعة لم يصح فكذا الطواف فليراجع ا ه ع ش على م ر قوله وبنى الظاهر أن البناء كأصل الطواف فلا يشترط له نية حيث لم تشترط لأصله ا ه سم على حج قوله وإن تعمد ذلك المراد بالتعمد الاختيار هذه الغاية للرد على قول إنه يستأنف حينئذ كالصلاة فإن لم يكن باختياره بأن سبقه الحدث فخلاف مرتب على التعمد أي إن قلنا في التعمد يبني وهو المعتمد هنا أولى وإن قلنا لا يبني وهو الضعيف فقولان أرجحهما البناء عبارة أصله مع شرحها للمحلي وفي قول يستأنف كما في الصلاة وفرق الأول بأن الطواف يحتمل فيه ما لا يحتمل في الصلاة كالفعل الكثير والكلام ولو سبقه الحدث فإن قلنا في التعمد يبني فهنا أولى وإلا فقولان أرجحهما البناء وسواء على البناء طال الفصل أو لا بناء على ما سيأتي من أن من سنن الطواف موالاته وفي قول إنها واجبة فيستأنف في الطواف بلا عذر على هذا وحيث لا نوجب الاستئناف نستحبه انتهت قوله بخلاف الصلاة إلخ غرضه الرد على الضعيف وعبارة أصله مع شرح م ر وفي قول يستأنف كما في الصلاة وفرق الأول بأنه يحتمل فيه ما لا يحتمل في الصلاة انتهت قوله لعدم اشتراط الولاء فيه كالوضوء أخذ منه أن صاحب الضرورة يجب أن يوالي نفسه وفيه نظر بل ينبغي ندبه لتوسعهم فيه ا ه ح ل قوله لكن يسن الاستئناف إلخ راجع لقوله وبنى ويصح رجوعه أيضا للتعميم في قوله سواء طال الفصل أم قصر بالنسبة لشقه الأول لما علمت من عبارة المحلي أن فيه خلافا وأنه يسن فيه الاستئناف أيضا خروجا من ذلك الخلاف تأمل قوله مع القدرة فلو عجز عن الستر طاف عريانا ولو للركن ولا إعادة عليه أو عن الطهارة حسا أو شرعا ففيه اضطراب(4/690)
حررته في الحاشية وحاصل المعتمد منه أنه يجوز لمن عزم على الرحيل أن يطوف ولو للركن وإن اتسع وقته لمشقة مصابرة الإحرام بالتيمم ويتحلل به وإذا جاء مكة لزمه إعادته ولا يلزمه عند فعله تجرد ولا غيره فإذا مات وجب الإحجاج عنه بشرطه(4/691)
ولا يجوز طواف الركن ولا غيره لفاقد الطهورين بل الأوجه أن يسقط عنه طواف الوداع ولو طرأ حيضها قبل طواف الركن ولم يمكنها التخلف لنحو فقد نفقة أو رفقة أو خوف على نفسها رحلت إن شاءت ثم إذا وصلت لمحل يتعذر الرجوع عليها منه إلى مكة تتحلل كالمحصر ويبقى الطواف في ذمتها فيأتي فيه ما تقرر وفي هذه المسألة مزيد بسط بينته في الحاشية وأن الأحوط لها أن تقلد ما يرى براءة ذمتها بطوافها قبل رحيلها ا ه حج وقوله تتحلل كالمحصر قضية هذا التشبيه أنه بالتحلل تخرج من النسك ويبقى بتمامه في ذمتها لكن قوله ويبقى الطواف في ذمتها إلخ مصرح بخلافه وأن الباقي في ذمتها مجرد الطواف فيكون التشبيه في قوله كالمحصر بالنسبة لمجرد ما تتحلل به لكن الأوجه هو الأول وأنه لا بد من الإحرام والإتيان بتمام النسك لأن التحلل يقطع النسك ويخرج منه ا ه سم عليه قوله أما مع العجز ففي المهمات إلخ حاصل المعتمد في هذه المسألة أن العاري يصح طوافه مطلقا في أنواع الطواف الستة ولا إعادة عليه في شيء منها وأن المتنجس وفاقد الطهورين لا يصح طوافهما مطلقا وأن المتيمم يصح طوافه مطلقا وإنما التفصيل في وجوب الإعادة عليه أي المتيمم فإن كان غير الركن لا يعيده وإن كان الركن أعاده إن غلب وجود الماء ا ه شيخنا للشيخ عبد ربه حاصل آخر قال فيه وحاصل المعتمد في هذه المسألة أن طواف الركن يفعله بالتيمم حيث ضاق الوقت عن رحيله سواء كان المحل يغلب فيه وجود الماء أو لا ثم إذا عاد إلى مكة يجب عليه إعادته إن كان المحل يغلب فيه وجود الماء بخلاف ما إذا غلب الفقد أو استوى الأمران فلا تجب الإعادة لكن ظاهر عبارة م ر وجوبها مطلقا وإذا عاد لا يحتاج إلى تجديد الإحرام لأنه بعد انصرافه من مكة يصير حلالا بالنسبة لمحرمات الإحرام ومحرما بالنسبة لبقاء طواف في ذمته وأما غير طواف الركن فيفعله بالتيمم لكن بشرط أن يكون المحل لا يغلب فيه وجود الماء ا ه م ر بالمعنى وأما ذو النجاسة(4/692)
فلا يطوف أصلا لا ركنا ولا غيره وأما فاقد الستر فإنه يطوف مطلقا ولا إعادة عليه ا ه وعبارة شرح م ر وبحث الإسنوي أن القياس منع المتيمم والمتنجس والعاجز عن الماء من طواف الركن لوجوب الإعادة فلا فائدة في فعله ولأن وقته ليس محدودا كالصلاة وقطع في طواف النفل والوداع بأن له فعلهما مع ذلك وحاصل ما في المقام أن الأوجه الذي يصرح به كلام الإمام وغيره أن له فعل طواف الركن بالتيمم لفقد ماء أو لجرح عليه جبيرة في أعضاء التيمم ونحو ذلك مما يجب معه الإعادة حيث لم يرج البرء أو الماء قبل تمكنه من فعله على وجه مجز عن الإعادة لشدة المشقة في بقائه محرما مع عوده إلى وطنه وتجب إعادته إذا تمكن بأن عاد إلى مكة ولو بعد مدة طويلة لزوال الضرورة حينئذ لأنه وإن كان حلالا بالنسبة لإباحة المحظورات له قبل العود للضرورة إلا أنه محرم بالنسبة لبقاء الطواف في ذمته ويؤخذ من ذلك أنه يعيد بعد تمكنه من الطواف فقط من غير إحرام ولم أر تصريحا بذلك ومع ذلك فهو المعتمد وما قاله الإسنوي في طواف النفل صحيح أما طواف الوداع فالأقرب فيه جوازه بالتيمم أيضا نعم يمتنعان على فاقد الطهورين كطواف الركن كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لوجوب الإعادة عليه مع الندرة فلا فائدة في فعله وإنما فعل الصلاة المكتوبة مع فقد الطهورين لحرمة وقتها والطواف لا آخر لوقته ويؤيده أنه إذا صلى ثم قدر على التيمم بعد الوقت لا يعيد الصلاة في الحضر لعدم الفائدة مع أن حرمة الصلاة أعظم من حرمته ويسقط عنه طواف الوداع بذلك أي بفقد الطهورين وبالنجاسة التي لا يقدر على طهرها ولا دم عليه كالحائض وسيأتي أيضا أن من حاضت قبل طواف الركن ولم يمكنها الإقامة حتى تطهر لها أن ترحل فإذا وصلت إلى محل يتعذر عليها الرجوع منه إلى مكة جاز لها حينئذ أن تتحلل كالمحصر وتحل حينئذ من إحرامها ويبقى الطواف في ذمتها إلى أن تعود والأقرب أنه أي العود على التراخي وأنها تحتاج عند فعله(4/693)
إلى إحرام لخروجها من نسكها بالتحلل بخلاف من طاف بتيمم تجب معه الإعادة أي إعادة الطواف لعدم تحلله حقيقة وقول الرافعي ليس لها أن تسافر حتى تطوف قال غيره إنه غلط منه انتهت وقوله لبقاء الطواف في ذمته أي فإذا مات وجب الإحجاج عنه بشرطه ا ه حج أي(4/694)
وهو التمكن من العود ولم يعد وأن يوجد في تركته ما يفي بأجرة من يحج عنه ا ه ع ش عليه قوله فالقياس أي على الصلاة الفائتة التي عليه وأراد فعلها بالتيمم بجامع عدم الوقت ا ه شوبري وقوله منعه للمتيمم فيه أن المتيمم متطهر مع أن الفرض عدم الطهر والستر إلا أن يراد الطهارة الكاملة تأمل قوله والمتنجس وحينئذ فيحتمل أنه كالحائض فيخرج مع رفقته إلى حيث يتعذر عليه العود فيتحلل كالمحصر فإذا عاد إلى مكة أحرم وطاف ا ه ع ش على م ر قوله وإنما فعلت الصلاة إلخ قد يؤخذ منه الجواز في طواف الوداع لحرمة مفارقته مكة بدونه حرر ا ه سم قوله لأن الطواف لا آخر لوقته إشارة إلى جامع القياس قوله وفي جواز فعله إلخ مراده بهذا الاعتراض على الإسنوي حيث أطلق ما عدا الركن فمقتضى إطلاقه جوازه بفاقد الطهورين والمتنجس وقد علمت أنه ليس كذلك أي لا يجوز لواحد منهما شيء من أنواع الطواف فعلى الإسنوي اعتراضان أحدهما في المستثنى حيث قال فالقياس منعه للمتيمم وقد علمت أنه لا يمتنع له وإنما التفصيل في وجوب الإعادة وهذا ليس في الشارح والآخر في المستثنى منه وهو ما أشار إليه الشارح بقوله فيما ذكر أي في حالة العجز وقوله مطلقا أي في أقسام ما عدا الركن فيكون معمولا للجواز أي بل الحق التفصيل كما علمته والأحسن أن يجعل مطلقا صفة للدون أي دونا مطلقا من غير تفصيل بين كونه تنجسا أو فقد طهورين أو تيمما بل الحق التفصيل وهذا الوجه في تفسير الإطلاق أنسب بالتفصيل وأما الوجه السابق فلا يقابل التفصيل إذ التفصيل في الفاعل والإطلاق في المفعول تأمل قوله مطلقا أي سواء كان طواف قدوم أو وداع أو غيرهما ما عدا طواف الركن لأنه تقدم استثناؤه وهكذا ظهر ويحتمل أن معنى الإطلاق سواء كان بطهارة حدث أو خبث أو غيرهما وفيه نظر لأن المقسم أنه عاجز عن الطهر فليتأمل ا ه شوبري وقال ح ل قوله فيما ذكر أي طواف غير الركن ا ه قوله وجعله البيت عن يساره أي بحيث لا يستقبل(4/695)
شيئا مما بعد الحجر من جهة الباب ا ه سم قضية كلام المصنف كغيره أنه متى كان البيت عن يساره صح وإن لم يطف على الوجه المعهود كأن جعل رأسه لأسفل ورجليه لأعلى أو وجهه للأرض وظهره للسماء وبحث الإسنوي أن المتجه عدم الجواز لأنه منابذ للشرع وقيده الجوجري تبعا لابن النقيب بما إذا قدر على الهيئة المشروعة ولو قيل بالجواز مطلقا لم يبعد كما لو طاف زحفا أو حبوا مع قدرته على المشي ولوجود جعل البيت عن يساره مع وجود أصل الهيئة الواردة ا ه ع ش على م ر قوله أيضا وجعله البيت عن يساره شمل ذلك ما لو طاف بصغير حامل له فيجعل البيت عن يسار الطفل ويدور به وفي حج أن المريض إذا لم يتأت حمله إلا ووجهه أو ظهره للبيت صح طوافه للضرورة ويؤخذ منه أن من لم يمكنه إلا التقلب على جنبيه يجوز طوافه كذلك سواء كان رأسه للبيت أو رجلاه وهو كذلك للضرورة هنا ومحله إن لم يجد من يحمله ويجعل يساره للبيت وإلا لزمه ولو بأجرة مثل فاضلة عما مر في نحو قائد الأعمى كما هو ظاهر ا ه ويأتي مثله في الطفل المحمول ا ه ع ش على م ر وفي فتاوى السيوطي مسألة الطواف يمين أو يسار الجواب يسري إلى ذهن كثير من الناس من اشتراطنا جعل البيت عن يسار الطائف أن الطواف يسار وليس كذلك بل هو يمين وبيان ذلك من وجهين أحدهما أن الطائف عن يمين البيت لأن كل ما كان عن يسار شيء فذلك الشيء عن يمينه الثاني أن من استقبل شيئا ثم أراد المشي بجهة يمينه فإنه يجعل ذلك الشيء عن يساره قطعا وقد ثبت في حديث مسلم عن جابر أنه {صلى الله عليه وسلم} أتى البيت فاستقبل الحجر ثم مشى عن يمينه ا ه سم على حج قوله حتى من شاذروانه وحجره الشاذروان بفتح الذال المعجمة وهو الخارج عن عرض جدار البيت قدر ثلثي ذراع تركته قريش لضيق النفقة وهو كما في المناسك وغيرها من الأصحاب ظاهر في جوانب البيت لكن لا يظهر عند الحجر الأسود وكأنهم تركوا رفعه لتهوين الاستلام وقد أحدث في هذه الأزمان عنده شاذروان وفي الصحيحين أن(4/696)
عائشة سألت النبي {صلى الله عليه وسلم} عن الجدار وفي رواية مسلم عن الحجر أمن البيت هو قال نعم قالت فما بالهم لم يدخلوه من البيت قال إن قومك قصرت بهم النفقة قالت فما شأن بابه مرتفعا قال فعل(4/697)
ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا ولولا أن قومك حديثو عهد في الجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدار في البيت وأن ألصق بابه في الأرض لفعلت وظاهره أن جميع الحجر من البيت قال في أصل الروضة وهو قضية كلام كثير من أصحابنا وظاهر نص المختصر لكن الصحيح أن الذي فيه من البيت قدر ستة أذرع تتصل بالبيت وقيل ستة أو سبعة ولفظ المختصر محمول على هذا ومع ذلك يجب الطواف خارجه لأنه {صلى الله عليه وسلم} إنما طاف خارج الحجر ا ه شرح م ر وقوله في جوانب البيت معتمد وظاهره أن في جميع جوانب البيت وبذلك صرح حج وعبارته وهو من الجهة الغربية واليمانية وكذا من جهة الباب كما حررته في الحاشية ففي موازاته الآتية بيان للواقع واستثناء ما عند الركن اليماني منه لأنه على القواعد يرد بأن كونه كذلك لا يمنع النقص من عرضه عند ارتفاع البناء وهذا هو المراد بالشاذروان في الجميع فهو عام في كلها عند الحجر الأسود عند اليماني انتهت ا ه ع ش عليه قوله أيضا حتى عن شاذروانه هو بعض جدار البيت نقصه ابن الزبير رضي الله عنهما من عرض الأساس لما وصل أرض المطاف لمصلحة البناء ثم سنم بالرخام لأن أكثر العامة كان يطوف عليه ا ه حج قوله والحجر بكسر الحاء أي لا غير وكذا حجر الثوب وأما الحجر الذي هو بمعنى المنع فمثلث الحاء كما سيأتي في باب الحجر وتقدم فيه كلام في باب النجاسة فراجعه ا ه برماوي وللحجر بكسر الحاء سبع معان نظمها بعضهم فقال ركبت حجرا وطفت البيت خلف الحجر وحزت حجرا عظيما ما دخلت الحجر لله حجر منعني من دخول الحجر ما قلت حجرا ولو أعطيت ملء الحجر فقوله ركبت حجرا أي فرسا وقوله خلف الحجر أي حجر إسماعيل وقوله وحزت حجرا أي عقلا وقوله ما دخلت الحجر أي حجر ثمود وقوله لله حجر أي منع وقوله من دخول الحجر أي حجر ثمود وقوله ما قلت حجرا أي كذبا وقوله ملء الحجر أي حجر الثوب ا ه ش خ قوله ويسمى حطيما وكان زريبة لغنم إسماعيل {صلى الله عليه وسلم} وروي أنه دفن فيه لكن الأشهر(4/698)
أن الحطيم ما بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم وهو كما يأتي في اللعان أفضل محل بالمسجد بعد الكعبة ا ه حج وقوله وكان زريبة لغنم إسماعيل قد يشكل على أن بعضه من البيت لأن البيت مسجد ويمتنع إيواء الدواب فيه المستلزم لتنجيسه إلا أن يقال لعل هذا الحكم فيه ثابت في شرع إسماعيل عليه الصلاة والسلام أو لعل الإيواء كان في بعضه ا ه سم عليه ويجاب بما هو أحسن من هذا كله وهو أن جعل إسماعيل هذا الموضع زريبة إنما كان قبل بناء البيت وأما بعد بنائه فكان داخلا فيه وجزءا منه فلا يتصور جعله زريبة كما هو ظاهر ومعلوم أنه قبل البناء كان المحل فضاء كسائر البقاع لا يعلم أنه بيت الله تأمل تنبيه الظاهر في وضع الحجر الموجود الآن أنه على الوضع القديم فتجب مراعاته ولا نظر لاحتمال زيادة أو نقص نعم في كل من فتحتيه فجوة نحو ثلاثة أرباع ذراع بالحديد خارجة عن سمت ركن البيت بشاذروانه وداخلة في سمت حائط الحجر فهل تغلب الأولى فيجوز الطواف فيها أو الثانية فلا كل محتمل والاحتياط الثاني ويتردد النظر في الرفرف الذي بحائط الحجر هل هو منه أو لا ثم رأيت ابن جماعة حرر عرض جدار الحجر بما لا يطابق الخارج الآن إلا بدخول ذلك الرفرف فلا يصح طواف من جعل أصبعه عليه ولا من مس جدار الحجر الذي تحت ذلك الرفرف وقد أطلق في المجموع وغيره وجوب الخروج عن جدار الحجر وهو يؤيد ذلك ورأيته يخالف ابن جماعة والأزرقي وغيرهما في أمور أخرى تتعلق بالحجر لا حاجة بنا الآن إلى تحريرها لأنها لا ارتباط لها بصحة الطواف بعد تمهيد وجوب الخروج عن كل الحجر وحائطه ا ه حج قوله وبدؤه بالحجر الأسود وارتفاعه عن أرض المسجد في المطاف ذرعان ونصف تقريبا وهو ياقوتة بيضاء من يواقيت الجنة وكان أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم وروي أن آدم عليه الصلاة والسلام لما أهبط من الجنة هبط الحجر الأسود كان أشد بياضا من الثلج فوضعه على جبل أبي قبيس فكان يضيء بالليل كأنه القمر(4/699)
فحيث بلغ(4/700)
ضوءه كان من الحرم ا ه برماوي قوله محاذيا له أو لجزئه عبارة شرح م ر محاذيا له أو لبعضه في مروره عليه ابتداء بجميع بدنه أي بجميع الشق الأيسر كما قاله الإمام والغزالي بأن لا يقدم جزءا من بدنه على جزء من الحجر واكتفى بمحاذاته بعضه كما يكتفي بتوجهه بجميع بدنه لجزء من الكعبة في الصلاة وصفة المحاذاة كما في المجموع وغيره أن يستقبل البيت ويقف بجانب الحجر من جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ومنكبه الأيمن عند طرفه ثم ينوي الطواف ثم يمشي مستقبل الحجر مارا إلى جهة يمينه حتى يجاوزه فإذا جاوزه انفتل وجعل يساره إلى البيت ولو فعل هذا من الأول وترك استقبال الحجر جاز لكن فاتته الفضيلة قال وليس شيء من الطواف يجوز مع استقبال البيت إلا ما ذكرناه من مروره في الابتداء وذلك سنة في الطوفة الأولى لا غير بل هو ممنوع في غيرها وهذا غير الاستقبال المستحب عند لقاء الحجر قبل أن يبدأ بالطواف فإن ذلك مستحب قطعا وسنة مستقلة وإذا استقل لنحو دعاء فليحترز عن أن يمر منه أدنى جزء قبل عوده إلى جعل البيت عن يساره ويقاس بالحجر فيما تقرر من يستلم اليماني ولو أزيل الحجر والعياذ بالله تعالى وجب لمحله ما وجب له قاله القاضي أبو الطيب وقال غيره المراد الركن بدليل صحة طواف الراكب ومن في السطح ولا بد من مقارنة النية حيث وجبت لما تجب محاذاته من الحجر ثم ما اقتضاه كلام المجموع من إجزاء الانفتال بعد مفارقة جميع الحجر هو المعتمد الموافق لكلام أبي الطيب والروياني وغيرهما وإن بحث الزركشي وابن الرفعة خلافه وأنه لا بد منه قبل مفارقة جميعه لأنهم توسعوا في ابتداء الطواف ما لو يتوسعوا في دوامه ولو حاذى بجميع البدن بعض الحجر دون بعض أجزأه ولو حاذاه ببعض بدنه وبعضه مجاوز إلى جانب الباب لم يعتد بطوفته كما في الروضة فيهما عن العراقيين وفي المجموع في الأول إن أمكن ذلك وظاهر كما أفاد الشارح أن المراد بمحاذاة الحجر في(4/701)
المسألتين استقباله وإن عدم الصحة في الثانية لعدم المرور بجميع البدن على الحجر فلا بد من استقباله المقيد به مما تقدم وهو أنه لا يقدم جزءا من بدنه على جزء من الحجر المذكور ا ه شرح م ر وفي حج ما نصه وينبغي لمقبل الحجر أن يقر قدميه حتى يعتدل قائما لأنه حال التقبيل في هواء البيت بناء على الأصح إن ثم شاذرونا فمتى زالت قدمه عن محلها قبل اعتداله كان قد قطع جزءا من البيت وهو في هوائه فلا يحسب له وكذا يقال في مستلم اليماني ا ه قوله أيضا محاذيا له قال في شرح الروض قال في المجموع وصفة المحاذاة أن يستقبل البيت ويقف بجانب الحجر الذي إلى جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ومنكبه الأيمن عند طرفه ثم ينوي الطواف ثم يمشي مستقبل الحجر مارا إلى جهة يمينه حتى يجاوزه فإذا جاوزه انفتل وجعل يساره إلى البيت ولو فعل هذا من الأول وترك استقبال الحجر جاز لكن فاتته الفضيلة قال في مناسكه وليس شيء من الطواف يجوز مع استقبال البيت إلا ما ذكرناه من مروره في ابتداء الطواف على الحجر الأسود إلخ انتهت فقوله إذا جاوزه انفتل إلخ يدل على أن الانفتال بعد المجاوزة وأنه لا يجب عند الانفتال أن يحاذي يساره جزءا من الحجر الأسود بل يكفي محاذاته حينئذ لأول ما يجاوز الحجر من جهة الباب وقد فهم ابن الرفعة أن هذا مراده حيث نظر فيه بأن فيه تخلف جعل البيت عن يساره في بعض الطواف انتهى وهذا هو الموافق لقوله في مناسكه وليس شيء من الطواف إلى آخر ما تقدم في عبارة شرح الروض وأما جوابه في شرح العباب عن نظر ابن الرفعة بأن حقيقة الطواف إنما توجد عند الانحراف عن محاذاة طرف الحجر وهو حينئذ قد حاذاه يساره فاندفع ما قاله من التخلف ا ه فهو لا يوافق ما ذكر عن المناسك المصرح كما لا يخفى بأن ما قبل الانحراف محسوب من الطواف والظاهر جدا في أن الانفتال بعد مجاوزة الحجر نعم قد يؤيده ما تقدم من قول المجموع ولو فعل هذا من الأول إلخ إذ لو(4/702)
كان المراد أن الانفتال بعد المجاوزة بحيث لا يصير اليسار محاذيا لشيء من الحجر لم يصح هذا إذ لا يصح ابتداؤه أولا بجعل المجاوزة للحجر فقط عن يساره إلا أن يجاب بأن المراد بقوله ولو فعل هذا إلخ أنه لو جعل البيت عن يساره أي بشرطه والحاصل أن مراده من ذلك أنه لو ترك الاستقبال واقتصر على جعل البيت عن يساره بشرطه فليست الإشارة إلى جميع ما في قوله فإذا جاوزه انفتل إلخ ومما يصرح بأن مراده ذلك تعبير ابن النقيب عنه في(4/703)
مختصر الكفاية بقوله ولو جعله عن يساره أولا وترك الاستقبال جاز ا ه وبالجملة فلا يخفى على منصف متأمل أن عبارة المجموع ظاهرة جدا إن لم تكن صريحة في أن الانفتال بعد المجاوزة وأن عبارة المناسك صريحة في أن ما قبل الانفتال محسوب من الطواف على وفق ما فهم ابن الرفعة عنه وأن قول المجموع ولو فعل هذا إلخ لا يدل دلالة معتدا بها على ما يعارض ذلك لاحتماله وقرب حمله على ما ذكره فليتأمل ثم لا يخفى عليك مخالفة ما في هذا الشرح لما تقرر عن شرح العباب من أن أول الطواف إنما هو الانحراف دون ما قبله فإن قوله هنا ولا يجوز شيء من الطواف إلخ صريح في الاعتداد بما قبل الانحراف أيضا ا ه سم على حج قوله أيضا محاذيا له أي إن كان منكبه الأيسر عريضا وقوله أو لجزئه أي إن كان منكبه هزيلا جدا ا ه شيخنا وعبارة الزيادي قوله أو لجزئه أي بأن كان نحيفا وحاذى بجميع بدنه بعض الحجر انتهت قوله أيضا محاذيا له أي حقيقة أو حكما فيشمل الزاحف والراكب ا ه قليوبي على التحرير قوله ببدنه أي بجميع الشق الأيسر كما قاله الإمام والغزالي بأن لا يقدم جزءا من بدنه على جزء من الحجر ا ه شرح م ر وخالفه حج فقال تنبيه يظهر أن المراد بالشق الأيسر أعلاه المحاذي للصدر وهو المنكب فلو انحرف عنه بهذا وحاذاه بما تحته من الشق الأيسر لم يكف ا ه ع ش على م ر قوله انفتل أي انصرف وانحرف جاعلا البيت عن يساره ا ه شيخنا قوله فإذا انتهى إليه أي وهو مستحضر للنية حيث وجبت حج قوله والعياذ بالله تعالى أي من إدراك ذلك الزمن وإنما قلنا ذلك لأنه سيزول قطعا بحسب ما دلت عليه النصوص فيكون واجبا فلا معنى للاستعاذة منه ا ه شيخنا قوله وكونه سبعا أي يقينا فلو شك في العدد بنى على الأقل كعدد الصلاة فإذا اعتقد أنه طاف سبعا فأخبره عدل بأنه ست سن له العمل بقوله كما في الأنوار وجزم به السبكي ويفارق عدد ركعات الصلاة بأن زيادة الركعات مبطل بخلاف الطواف ولا بد أيضا من محاذاته(4/704)
شيئا من الحجر بعد الطوفة السابقة مما حاذاه أولا ا ه شرح م ر وقوله فلو شك أي قبل الفراغ في العدد أخذ بالأقل عبارة العباب وشرحه ولو شك في العدد قبل تمامه أخذ بالأقل إجماعا وإن ظن خلافه أو شك في ذلك بعده أي بعد فراغه لم يؤثر نظير ما مر فيما لو شك في الفاتحة من أنه إن كان قبل تمامها أثر أو بعده وقبل الركوع لم يؤثر ا ه وقوله سن له العمل بقوله عبارة العباب وشرحه ولو أخبره عدلان بالإتمام وعنده أنه لم يتم لم يجز أن يلتفت إلى إخبارهما بل ولا إلى إخبار ما زاد عليهما وإن كثروا ونظير ما مر في الصلاة أو أخبراه أو عدل واحد كما هو ظاهر ثم رأيته في المجموع جزم به وتبعوه بالنقص عن السبع وعنده أنه أتمها ندب كما في المجموع عن الشافعي والأصحاب قبولهما بخلافه في الصلاة فإنه لا يجوز الرجوع إليهما لأن الزيادة هنا غير مبطلة فلا محذور في الأخذ بقولهما مطلقا بخلافه في الصلاة انتهى ومنه يظهر تصوير المسألة بالإخبار بعد الفراغ فإن كان قبله وحصل به شك دخل في قوله السابق فلو شك إلخ لكن هذا لا يناسب قول الشارح إلا إن أورثه إلخ لأن الشك بعد الفراغ لا يؤثر فليتأمل انتهى ابن قاسم على ابن حجر قوله ولو في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها كذا عبر م ر وهذه الغاية للتعميم لكن لا موقع لها هنا إذ لا علاقة بينهما وبين العدد حتى يعمم بها فيه كما هو ظاهر للمتأمل وابن حجر ذكر هذا الحكم مستقلا لا على سبيل الغاية فقال ولا يكره في الأوقات المنهي عنها إلخ لكن عليه المؤاخذة من حيث ذكر هذا الحكم هنا أي في مقام بيان اشتراط العدد المذكور فتأمل وقوله بعذر أو غيره تعميم في الراكب والزاحف قوله وفي المسجد أل في كلامه للعهد الذهني أي في المسجد الموجود الآن أو حال الطواف لا ما كان في زمنه {صلى الله عليه وسلم} فقط ا ه شرح م ر قوله وإن وسع ولا بد أن يكون بالحرم فلو وسع المسجد حتى بلغ الحل وصارت حاشيته في الحل وطاف بها لم يصح فلا بد من الحرم مع المسجد ا ه(4/705)
ح ل وفي البرماوي ما نصه قال شيخنا في معراجه ولم نعلم ابتداء بناء المسجد حول الكعبة ولا واقفه ولا مسجديته إلا بإخباره {صلى الله عليه وسلم} من القرآن وغيره وكان مقداره في الجاهلية وأول الإسلام بقدر المطاف الآن ثم وسع وأول من وسعه النبي {صلى الله عليه وسلم} واتخذ له جدارا ثم أبو بكر رضي الله عنه(4/706)
عنه ثم عمر سنة سبع عشرة اشترى دورا وزادها فيه واتخذ له جدارا قصيرا دون القامة ثم عثمان سنة ست وعشرين واتخذ له الأروقة ثم عبد الله بن الزبير ثم عبد الملك بن مروان ثم الوليد بن عبد الملك ثم المنصور سنة ست وثلاثين ومائة ثم المهدي سنة ثمان وخمسين ومائة ولم يتمه فتممه بعده ولده الهادي وزاد في بعض جهاته بحيث جعله مربعا بين جداره وجدار الكعبة تسعون ذراعا من كل جانب ثم زاد فيه المأمون سنة اثنين ومائتين بعد المهدي باثنين وأربعين سنة وأتقن بنيانه واستقر الأمر على ذلك إلى الآن وبناء السلاطين بعده إما تجديد من غير زيادة فيه أو إصلاح وأول من أحدث فيه المنبر موسى بن عيسى عامل هارون الرشيد وأول من كسا الكعبة من داخلها قصي جد النبي {صلى الله عليه وسلم} حين بناها ثم كساها عبد الله بن الزبير بالقباطي من خارجها ثم أبدلها السلطان فرج بن برقوق في خلافته بالكسوة السوداء من خارجها واستمرت إلى الآن قوله أو كان الطواف على السطح عبارة شرح م ر أو كان على سطح المسجد وإن ارتفع عن البيت كالصلاة على جبل أبي قبيس مع ارتفاعه عن البيت وهذا هو المعتمد وإن فرق بأن المقصود في الصلاة جهة بنائها فإذا علا كان مستقبلا والمقصود في الطواف نفس بنائها فإذا علا لم يكن طائفا به انتهت قوله كالسقاية والسواري لكن يكره الطواف حينئذ بل يكره خارج المطاف ولو بدون حائل لأن بعض المذاهب يرى بطلانه وأنه لا يصح إلا في المطاف ه حج بتصرف قوله وسابعها نيته إلخ يظهر أنه لو نوى أسابيع بنية واحدة أجزأه أي في التطوع وأنه لو نوى قدرا وأراد الاقتصار على أقل منه أو الزيادة عليه بالنية فإنه يجوز ذلك كالنفل المطلق فليحرر وفي فتاوى الشهاب م ر ما نصه هل له أن يطوف أسبوعين أو أكثر بنية واحدة في النفل الجواب أن مطلق النية إنما يكفي لأسبوع واحد ا ه شوبري قوله ونيته إن استقل النية التي يفصل فيها بين الاستقلال وعدمه معناها قصد الفعل عن الطواف أما مطلق قصد أصل الفعل(4/707)
فلا بد منه حتى في طواف النسك ا ه حج فتلخص من هذا أن كل طواف يشترط فيه قصد أصل الفعل الذي هو الدوران وأن الطواف الذي لم يشمله نسك يشترط فيه قصد الفعل عنه أي من الطواف فلا يكفي مطلق الدوران مع الغفلة عن كونه طوافا أو غيره وإن كان قاصدا للفعل من أصله ولا مع الغفلة عن أصل الفعل تأمل وكتب عليه سم فقال قوله قصد الفعل عن الطواف قضية ذلك أنه لا يجب زيادة على ذلك كالنذر أو الفرضية في النذر وككونه وداعا في الوداع وعلى هذا يفرق بين الطواف ونظائره كالاعتكاف بأن الطواف أوسع بدليل أنه قد ينوي غير ما عليه ويقع عما عليه ويحتمل خلافه فليراجع ا ه قوله بأن لم يشمله نسك وهو ما عدا الركن والقدوم من جملته الوداع فلا بد من نيته كما قاله ابن الرفعة لوقوعه بعد التحلل ولأنه ليس من المناسك عند الشيخين بخلاف ما شمله نسك وهو طواف الركن والقدوم فلا يحتاج إلى نية لشمول نية النسك له ا ه شرح م ر قوله وعدم صرفه لغيره يدخل فيه ما إذا قصد عدم الطواف وما إذا قصد إدراك غريم بخلاف ما إذا قصد الطواف لمحموله فإن كان عليه طواف دخل وقته لم ينصرف ووقع عن نفسه وإلا انصرف ووقع عن الغير فالحاصل أن الدوران حول البيت ينصرف عن الطواف مطلقا فيما إذا قصد عدم الطواف أو قصد غير الطواف مطلقا كإدراك غريم وعن طواف نفسه لمحموله إذا قصد الطواف لمحموله فقط وإن كان عليه طواف دخل وقته وكذا إن أطلق إن لم يكن عليه طواف أو لم يكن دخل وقته كما يعلم مما يأتي ا ه م ر ولو قصد الطواف والغريم ينبغي الصحة كما لو قصد بالركوع مثلا الركوع وشيئا آخر فإن الذي دل عليه كلامهم الصحة كما حررناه في كتاب الصلاة ا ه سم فقوله لغيره أي فقط ا ه ح ل قوله على هيئة لا تنقض الوضوء كأن كان راكبا متمكنا أو قعد في أثنائه ونام ا ه شيخنا قوله وسننه إلخ أي سننه ثمانية كما عبر بذلك في شرح الروض وكذا عبر م ر في شرحه وعدها فقال إحداها أن يمشي في كله والثانية أن يستلم إلخ(4/708)
والثالثة أن يقول أول طوافه إلخ والرابعة أن يرمل ذكر إلخ والخامسة أن يضطبع إلخ والسادسة أن يقرب من البيت إلخ والسابعة أن يوالي بين أشواطه والثامنة أن يصلي ركعتين خلف المقام ا ه فجعل الأدعية المذكورة هنا سنة واحدة مع أنه(4/709)
يمكن عد كل دعاء سنة بل وعد الاستلام سنة والتقبيل سنة والسجود سنة واستلام اليماني سنة لكن الأمر في ذلك سهل تأمل قوله لكنه خلاف الأولى في شرح م ر ما نصه فالركوب بلا عذر ولو على أكتاف الرجال خلاف الأولى كما في المجموع وهو المعتمد فمنازعة الإسنوي فيه وغيره مردودة لا مكروه كما نقلاه عن الجمهور نعم إن كان به عذر كمرض أو احتاج إلى ظهوره ليستفتى فلا بأس به لما في الصحيحين أنه {صلى الله عليه وسلم} قال لأم سلمة وكانت مريضة طوفي وراء الناس وأنت راكبة وأنه طاف راكبا في حجة الوداع ليظهر فيستفتى ثم محل جواز إدخال البهيمة المسجد عند أمن تلويثها وإلا كان حراما على المعتمد وقول الإمام وفي القلب من إدخال البهيمة التي لا يؤمن تلويثها المسجد شيء فإن أمكن الاستيثاق فذاك أي خلاف الأولى وإلا فإدخالها مكروه ومحمول على كراهة التحريم لما سيأتي في الشهادات أن إدخال البهائم التي لا يؤمن تلويثها المسجد حرام وما فرق به من أن إدخال البهيمة إنما هو لحاجة إقامة السنة كما فعله {صلى الله عليه وسلم} إطلاقه ممنوع لأن ذلك إذا لم يخف تلويثها ولا يقاس إدخال الصبيان المحرمين المسجد مع الأمن على البهائم مع ذلك لإمكان الفرق لأن ذلك ضروري وأيضا فالاحتراز فيهم بالتحفظ ونحوه أكثر ولا كذلك البهيمة هذا والأوجه حمل الكراهة مع أمن التلويث على الإدخال فيها بدون حاجة وعدمها على الحاجة إليه وطواف المعذور محمولا أولى منه راكبا صيانة للمسجد من الدابة وركوب الإبل أيسر حالا من ركوب البغال والحمير ويكره الزحف لقادر على المشي وقول الأذرعي ينبغي عدم الإجزاء في الفرض للاتباع وكأداء المكتوبة لأن الطواف صلاة يرد بأن حقيقة الطواف قطع المسافة بالسير فلا يقاس بالصلاة في ذلك وقد ثبت جواز الركوب بلا حاجة فالزحف مثله إن لم يكن أولى لأنه أقرب إلى الغرض منه فنسيت في التعظيم ويستحب الحفاء في الطواف ما لم يتأذ به كما هو ظاهر وأن يقصر في المشي لتكثير خطاه رجاء كثرة الأجر له ا ه وفي(4/710)
القسطلاني على البخاري أن البعير الذي طاف عليه النبي {صلى الله عليه وسلم} كان مذللا أي مروضا ومعلما على عدم البول ونحوه بدون إشارة راكبه قال ولعل بعير أم سلمة كان كذلك ا ه قوله وأن يستلم أي يلمس من الاستلام وهو افتعال من السلام وهي التحية ا ه برماوي وفي المختار استلم الحجر لمسه إما بالقبلة أو باليد ولا يهمز و بعضهم يهمزه ا ه وفي رسالة ابن علان الاستلام افتعال من السلمة بفتح فكسر وهي الحجارة لوضع اليد على الحجر وقيل من السلام بفتح السين وهو التحية لأن هذا الفعل سلام على الحجر وتحية له وأهل اليمن يسمون الحجر الأسود المحيا ا ه قوله أيضا وأن يستلم الحجر أي بعد استقباله ا ه شرح م ر وقوله بيده ولا يقبلها مع القدرة على تقبيل الحجر كما أفهمه كلامهما كالأصحاب لكن الذي نص عليه وصرح به ابن الصلاح وتبعه جمع لأنه الذي دلت عليه الأخبار أنه يقبلها مطلقا فإن شق فبنحو خشبة أي في اليمنى ثم اليسرى نظير ما يأتي ا ه حج والذي في شرح م ر نقلا عن المجموع نقلا عن الأصحاب أنه لا يقبل يده إلا إن تعذر تقبيل الحجر ا ه قوله ويسجد عليه أي يضع جبهته عليه بلا حائل كما في سجود الصلاة أي الأكمل ذلك فرع لو تعارض التقبيل ووضع الجبهة بأن أمكن أحدهما دون الجمع بينهما كأن خاف هلاكا بالجمع بينهما دون أحدهما فهل يؤثر التقبيل لسبقه أو وضع الجبهة لأنه أبلغ في الخضوع فيه نظر وينبغي أن يكفي وضع الجبهة ولو بحائل لكن الأكمل الوضع بلا حائل ا ه سم على حج ا ه ع ش على م ر قوله وفي الثالث البيهقي وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قبله وسجد عليه وقال رأيت عمر رضي الله عنه قبله وسجد عليه وقال رأيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يفعل هكذا ففعلت وروي أيضا أن عمر رضي الله عنه لما قبله قال إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا رأيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يقبلك ما قبلتك فسمعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال بلى يا أمير المؤمنين إنه يضر وينفع بكتاب الله تعالى فقال وأين ذلك من(4/711)
كتاب الله تعالى فقال في قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا وذلك أنه لما خلق الله تعالى آدم مسح على ظهره وأخرج منه ذريته وقررهم بأنه الرب وأنهم العبيد وأخذ عليهم عهودهم(4/712)
ومواثيقهم وكتب ذلك في رق وقال للحجر افتح فاك ففتحه فألقمه ذلك الرق وقال له اشهد يوم القيامة لمن وافاك بالوفاء وأنه يأتي يوم القيامة وله لسان ذلق يشهد للمؤمنين بالوفاء وعلى الكافرين بالجحود وأنه يشهد لمن استلمه أو قبله بحق فقال له عمر نعم ما قلت وخاب من لم تكن جليسه يا أبا الحسن وقيل إن استخراج الذرية كان بعد نفخ الروح فيه وعليه اختلف في الموضع الذي أخذ فيه الميثاق على أربعة أقوال فقيل بعطف نعمان واد بجنب عرفة وقيل بأرض الهند حين أهبط آدم فيها وقيل بين مكة والطائف وقيل في سماء الدنيا حين أخرج من الجنة ا ه برماوي وفي ع ش على م ر ما نصه قوله استخرج من صلبه ذريته ظاهره أن جملة الذرية خرجت من نفس صلب آدم وهو مخالف لظاهر قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وفي تفسير الخطيب ما نصه أي بأن أخرج بعضهم من صلب بعض نسلا بعد نسل كنحو ما يتوالدون كالذر ونصب لهم دلائل على ربوبيته وركب فيهم عقولا عرفوه بها كما جعل للجبال عقولا حتى خوطبوا بقوله تعالى يا جبال أوبي معه والطير وكما جعل للبعير عقلا حتى سجد للنبي {صلى الله عليه وسلم} ثم قال وروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ثم جعل بين عيني كل إنسان وبيصا من نور وعرضهم على آدم قال أي رب من هؤلاء قال ذريتك فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه فقال يا رب من هذا قال داود قال كم جعلت عمره قال ستين سنة قال يا رب زده من عمري أربعين سنة قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فلما انقضى عمر آدم إلا أربعين سنة جاءه ملك الموت فقال آدم أو لم يبق من عمري أربعون سنة قال أو لم تعطها ابنك داود فجحد آدم فجحدت ذريته ونسي آدم فأكل من الشجرة فنسيت ذريته وخطئ فخطئت ذريته أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ا ه قوله إذا خلا المطاف ويظهر أنه يكفي خلوه من جهة الحجر فقط بأن تأمن مجيء ونظر رجل(4/713)
غير محرم حالة فعلها ذلك ا ه حج قوله فإن عجز استلم بيده إلخ ليس هذا مغاير لما قبله حتى يجعله تقييدا له إلا بما أشار إليه بقوله بلا تقبيل كأنه قال السنة فعل الثلاثة فإن عجز عن مجموعها فعل ما أمكنه منه ا ه شيخنا وقوله عن الأخيرين أخذه من قوله استلم بيده ا ه شيخنا ويظهر ضبط العجز هنا بما يخل بالخشوع من أصله له أو لغيره وأن ذلك مرادهم بقولهم لا يسن استلام ولا ما بعده في مرة من مرات الطواف إن كان بحيث يؤذي أو يتأذى وروى الشافعي وأحمد رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال له يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف إن وجدت خلوة وإلا فهلل وكبر ومنه يؤخذ أنه يندب لمن لم يتيسر له الاستلام خصوص التهليل والتكبير وهو واضح وإن لم يصرحوا به بل هذا أولى من كثير من أذكار استحبوها مع عدم ورودها عنه {صلى الله عليه وسلم} ا ه حج قوله أشار إليه بيده اليمنى عبارة حج أشار إليه بيده اليمنى فاليسرى فما في اليمنى فما في اليسرى للاتباع رواه البخاري ثم قبل ما أشار به انتهت قوله فيما فيها قد يقال الإشارة بما في اليد تستتبع الإشارة باليد فلا حاجة إلى اعتبار الإشارة بما فيها قلت قد يتصور الانفكاك بينهما بما لو كان باليد آفة تمنع رفعها نحو الحجر ولا تمنع تحريك ما فيها ورفعه نحو الحجر ا ه سم ا ه شوبري قوله ولا يشير بالفم إلى التقبيل عبارة حج وخرج بيده فمه فتكره الإشارة به للتقبيل لقبحه ويظهر في الإشارة بالرأس أنه خلاف الأولى ما لم يعجز عن الإشارة بيده وما فيها فيسن به ثم الطرف كالإيماء في الصلاة وينبغي كراهتها بالرجل بل صرح الزركشي بحرمة مد الرجل للمصحف فقد يقال إن الكعبة مثله لكن الفرق أوجه انتهت قوله أيضا ولا يشير بالفم إلى التقبيل أي ولا بالجبهة إلى السجود لأنه لا تتأتى الإشارة بها بدون الرأس وقد قال حج إن الإشارة بالرأس خلاف الأولى ا ه ع ش قوله ويسن تثليث ما ذكر بأن يستلمه ثم يقبله ثم يسجد عليه(4/714)
وهكذا ثانيا وثالثا أو يستلمه ثلاثا ثم يقبله ثلاثا ثم يسجد عليه ثلاثا فتحصل السنة بكل من هذين لكن الثاني أقرب إلى كلامهم فهو أولى ا ه برماوي وفي حج ما نصه ويسن تكرير كل من الثلاثة ثلاثا والأفضل أن يستلم ثلاثا متوالية(4/715)
ثم يقبل كذلك ثم يسجد كذلك ا ه قوله ويسن تثليث ما ذكر أي من الاستلام والتقبيل والسجود والإشارة باليد وبما فيها وتقبيل المشار به وظاهر صنيعه حيث ذكر هذا قبل ما يأتي من الأدعية ومن استلام اليماني وتقبيل ما استلم به والإشارة إليه وتقبيل ما أشار به له لا يسن فيه تثليث وعبارة حج تقتضي سن جميع ما ذكر ونصها ويراعى ذلك المذكور كله مع تكريره ثلاثا وكذا ما يأتي في اليماني وكذا الدعاء الآتي ا ه فعلى مقتضاها كان على الشارح تأخير قوله ويسن تثليث ما ذكر إلى قول المتن ويراعي ذلك كل طوفة ليعود لجميع ما تقدم قوله وتخفيف القبلة أي للحجر وينبغي أن مثله في ذلك ما طلب تقبيله من يد عالم وولي ووالد وأضرحة ا ه ع ش على م ر وفيه أيضا تنبيه قد تقرر أنه يسن تقبيل يد الصالح بل ورجله فلو عجز عن ذلك فهل يأتي فيه ما يمكن من نظيره هنا حتى يستلم اليد أو الرجل عند العجز عن تقبيلها ثم يقبل ما استلم به وحتى يشير إليها عند العجز عن استلامها أيضا ثم يقبل ما أشار به فيه نظر ا ه سم على حج أقول الأقرب عدم سن ذلك والفرق أن أعمال الحج يغلب فيها الاتباع في طلب ما ورد فعله عن الشارع وإن كان مخالفا لغيره من العبادات ولا كذلك يد الصالح فإن تقبيلها شرع تعظيما له وتبركا بها فلا يتعداها إلى غيرها ا ه قال بعضهم يؤخذ من هنا أي من سن تقبيل الحجر الأسود سن تقبيل المصحف والمنبر الشريف والقبر الشريف أيضا ومثله قبور بقية الأنبياء والصالحين وأجزاء الحديث أفتى بذلك ابن أبي الصيف من الشافعية ا ه توشيح على الجامع الصحيح هكذا وجدته بهامش حاشية الزيادي قوله بحيث لا يظهر لها صوت عبارة حج ويكره إظهار صوت لقبلته انتهت قوله اليماني نسبة إلى اليمن وتخفيف يائه لكون الألف بدلا من إحدى ياءي النسب أكثر من تشديدها المبني على زيادة الألف ا ه برماوي قوله أشار إليه أي بيده فبنحو عود ثم قبل ما أشار به وعبارة حج ويستلم اليماني بيده اليمنى فاليسرى فما(4/716)
في اليمنى فما في اليسرى ثم يقبل ما استلم به فإن عجز أشار إليه بما ذكر بترتيبه ثم قبل ما أشار به على الأوجه انتهت ومثله شرح م ر قوله ولا تقبيل غير الحجر من الأركان وخص ركن الحجر بالتقبيل ونحوه لأن فيه فضيلتي كون الحجر فيه وكونه على قواعد إبراهيم {صلى الله عليه وسلم} على نبينا وعليه وسلم واليماني ليس فيه إلا الثانية أي باعتبار رأسه فلا ينافي أن عنده شاذروان كما مر وأما الشاميان فليس لهما شيء من الفضيلتين لأن أسهما ليس على القواعد فلم يسن تقبيلهما ولا استلامهما ا ه حج قوله بل نص الشافعي إلخ أي بقوله وأي أجزاء البيت قبل فحسن غير أنا نؤمر بالاتباع والمراد بالحسن فيه المباح فلا ينافيه قوله غير أنا نؤمر بالاتباع ا ه شرح م ر قوله عند استلامه أي يبتدئ القول المذكور عند استلامه أي مقارنا له بحاله ثم يختمه وهو ماش بحيث يكون آخره عند محاذاة الباب فحينئذ يشرع في الدعاء الآتي ويمشي بحيث يكون آخره عند محاذاة المقام ا ه حج بتصرف وفي شرح الروض ما نصه وعند الانتهاء إلى الركن العراقي يقول اللهم إني أعوذ بك من الشك والشرك والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق وسوء المنظر في الأهل والمال والولد وعند الانتهاء إلى تحت الميزاب اللهم أظلني في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك واسقني بكأس محمد {صلى الله عليه وسلم} شرابا هنيئا لا أظمأ بعده أبدا يا ذا الجلال والإكرام وبين الركن الشامي واليماني اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا وعملا مقبولا وتجارة لن تبور أي واجعل ذنبي ذنبا مغفورا وقيس به الباقي والمناسب للمعتمر أن يقول عمرة مبرورة ويحتمل استحباب التعبير بالحج مراعاة للخبر ويقصد المعنى اللغوي وهو القصد نبه عليه الإسنوي في الدعاء الآتي في الرمل ومحل الدعاء بهذا إذا كان الطواف في ضمن حج أو عمرة وبين اليمانيين ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وليدع بما شاء من الخير في جميع طوافه فهو سنة مأثورا كان أو غيره وإن كان المأثور(4/717)
أفضل ومن المأثور ما رواه الحاكم وصحح إسناده أنه {صلى الله عليه وسلم} كان يقول بين الركنين اليمانيين اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف علي كل غائبة لي بخير وما رواه الأزرقي عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول عند الركن اليماني بسم الله والله أكبر اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر والذل ومواقف الخزي في الدنيا(4/718)
والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ا ه قوله والله أكبر أي من كل من هو بصورة معبود من حجر أو غيره ومن ثم ناسب ما بعده وهو اللهم إيمانا بك إلخ ا ه حج قوله إيمانا بك حال من فاعل أطوف بتأويله باسم الفاعل أي أطوف حال كوني مؤمنا بك ا ه شيخنا قوله اتباعا للسلف والخلف لم يقل للاتباع لأنه لم يثبت عنده قول النبي {صلى الله عليه وسلم} لهذا الذكر وعبارة حج نصها وروي ذلك حديثا ورد بأنه لا يعرف لكن جاء في خبر منقطع يا رسول الله كيف نقول إذا استلمنا قال قولوا باسم الله والله أكبر إيمانا بالله وتصديقا بما جاء به محمد {صلى الله عليه وسلم} ولما رواه الشافعي في الأم قال هكذا أحب أن يقول الرجل عند ابتداء الطواف وفي الرونق يسن رفع يديه حذو منكبيه في الابتداء كالصلاة وهو ضعيف وإن وافقه بحث المحب الطبري أنه يجب افتتاح الطواف بالتكبير كالصلاة لأنه ضعيف أيضا بل شاذ وإن تبعه بعضهم انتهت قوله قبالة الباب أي تلقاء الباب والمراد أنه يبتدئ هذا الدعاء من تلقاء الباب ويكمله بعده وإلا فهو لا يقف حتى يكمل الدعاء قبالة الباب لأن الوقوف في المطاف يضر بالناس ا ه شيخنا ومثله حج وقبالة بضم القاف أي الجهة التي تقابله وارتفاع الباب فوق خمسة أذرع وعرض عتبته ثلاثة أرباع ذراع ا ه برماوي قوله البيت أي الكامل الواصل لغاية الكمال اللائق به من بين البيوت هو بيتك هذا لا غير وكذا ما بعده ا ه حج قوله أيضا اللهم البيت وفي بعض النسخ اللهم إن البيت بزيادة إن ا ه برماوي قوله وهذا مقام العائذ بك من النار أي مقام إبراهيم كما قاله الجويني وقول ابن الصلاح إنه غلط فاحش بل يعني به الطائف نفسه ليس في محله لأن الأول أنسب وأليق إذ من استحضر أن الخليل استعاذ من النار أي بنحو ولا تخزني يوم يبعثون أوجب له ذلك من الخوف والخشوع والتضرع ما لا يوجب له الثاني بعض معشاره على أنه لو لم يرد الأول لكان ذكره في هذا المحل بخصوصه عريا عن الحكمة ا ه حج ا ه(4/719)
شوبري قوله ويشير أي بكلمة هذا بقلبه لا بيده وقوله إلى مقام إبراهيم أي الحجر الذي نزل من الجنة كالحجر الأسود سمي بذلك لأنه قام عليه حين نادي بالحج أو لأنه كان يقوم عليه عند بناء البيت فيرتفع به حتى يضع الحجر ثم يهبط به حتى يأخذ ما يبني به وهكذا ا ه برماوي قوله ربنا آتنا في الدنيا حسنة هي كل خير يقصد تحصيله فيها وما أعان عليه وقوله وفي الآخرة حسنة هي كل ما فيها من الراحة والنعيم المقيم والشهود ا ه شوبري قوله للاتباع ظاهر صنيعه كما هو عادته من الاستدلال على كل مسألة من مسائل المتن أن هذا دليل للدعاءين قبله أي الدعاء الذي قبالة الباب والذي بين اليمانيين لكن قال حج في الذي قبالة الباب قيل لا يعرف هذا خبرا ولا أثرا ا ه قوله ووقع في المنهاج إلخ عبارته مع شرح حج وبين اليمانيين اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار سنده صحيح لكن بلفظ ربنا وبه عبر في المجموع وفي رواية اللهم ربنا وهي أفضل ومن ثم عبر بها الشافعي رضي الله عنه قيل ولفظ اللهم وحده كما وقع في المتن أي والروضة خلافا لمن زعم أن عبارتها كعبارة الشافعي لم يرد انتهت فغرض الشارح بقوله ووقع في المنهاج التعريض بالاعتراض على الأصل قوله بما شاء أي له ولغيره من كل دعاء جائز والأفضل الاقتصار على الأخروي ا ه حج وقد جاء عن الحسن البصري أنه قال إن الدعاء مستجاب هناك في خمسة عشر موضعا في المطاف وعند الملتزم وتحت الميزاب وفي البيت وعند زمزم وعلى الصفا والمروة وفي المسعى وخلف المقام وفي عرفات وفي المزدلفة وفي منى وعند الجمرات الثلاث ا ه إيضاح قوله ومأثوره أي الدعاء فيه أي الشامل للذكر لأن كلا منهما قد يطلق ويراد به ما يعم الآخر وقوله أي منقوله أي عن النبي أو أحد من الصحابة ا ه حج ومنه الباقيات الصالحات ا ه قوله أفضل أي من القراءة أي الاشتغال به أفضل من الاشتغال بها ولو بنحو قل هو الله أحد على ما اقتضاه إطلاقهم خلافا لمن(4/720)
فصل ويوجه بأنها لم تحفظ عنه {صلى الله عليه وسلم} وحفظ عنه غيرها فدل على أنه ليس محلها بطريق الأصالة بل منعها فيه بعضهم فمن ثم اكتفى في تفضيل الاشتغال بغيرها عليها بالنسبة لهذا المحل بخصوصه بأدنى مرجح كوروده عن صحابي ولو من طريق ضعيف على ما اقتضاه إطلاقهم وقوله(4/721)
فقراءة أي هي أفضل من غير مأثوره لأنها أفضل الذكر وجاء بسند حسن من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله تعالى على سائر خلقه ا ه حج قوله ويسن له الإسرار بذلك أي بجميع ما تقدم من أدعية الطواف المأثورة وغيرها والقراءة فيه وعبارة حج عند قوله وأن يقول أول طوافه بسم الله والله أكبر إلخ ويسر بذلك وبما يأتي لأنه أجمع للخشوع نعم يسن الجهر لتعليم الغير حيث لا يتأذى به أحد انتهت قوله لكنه في الأول آكد عبارة حج وهو في الأوتار آكد وآكدها الأولى والأخيرة انتهت قوله وشمول ذلك أي لفظ ذلك وقوله وما بعده أي من قوله ويقول أول طوافه إلخ وقوله من زيادتي أي حيث أوقع اسم الإشارة بعد جميع ما تقدم والأصل إنما ذكره بعد استلام الحجر وتقبيله والإشارة إليه تأمل قوله وأن يرمل ذكر في المختار الرمل بفتحتين الهرولة ورمل بين الصفا والمروة ويرمل رملا ورملانا بفتح الراء والميم منهما ا ه قوله في الطوفات الثلاث إلخ والصحيح من القولين أنه يستوعب البيت بالرمل وفي قول ضعيف لا يرمل بين الركنين اليمانيين ا ه إيضاح وعدل عن تعبير أصله بالأشواط إلى الطوفات لأن الشافعي رضي الله عنه نص على كراهة تسمية الطواف شوطا أو دورا وتبعه الأصحاب واختار النووي في شرح المهذب وغيره عدم الكراهة وشدد النكير على من قال بالكراهة ا ه برماوي وعبارة أصله مع شرح حج وأن يرمل في جميع الأشواط الثلاثة الأول لا ينافيه كراهة الشافعي والأصحاب تسمية المرة شوطا لأنه كراهة أدبية إذ الشوط الهلاك كما كره تسمية ما يذبح عن المولود عقيقة لإشعارها بالعقوق فليست شرعية لصحة ذكر العقيقة في الأحاديث والشوط في كلام ابن عباس وغيره وحينئذ لا يحتاج إلى اختيار المجموع عدم الكراهة على أنه يوهم أن المذهب الكراهة ولكنها خلاف المختار وليس كذلك لما علمت أنها كراهة أدبية لا غير فإن قلت يؤيده كراهة تسمية العشاء عتمة(4/722)
شرعا قلت يفرق بأن ذاك فيه تغيير للفظ الشارع هذا ا ه وانحط كلام م ر في شرحه على الكراهة الشرعية ا ه قوله فلو سعى بعده إلخ عبارة حج ولو أراد السعي عقب طواف القدوم ثم سعى ولم يرمل لم يقضه في طواف الإفاضة وإن لم يسع رمل فيه وإن كان قد رمل في القدوم انتهت قوله بأن يسرع مشيه إلخ أي وبأن لا يكون فيه وثب ولا عدو مع هز كتفيه ا ه حج ويكره ترك الرمل كما نقل عن النص والمبالغة في الإسراع كما نقله في المجموع عن المتولي وسبب مشروعيته قول المشركين لما دخل {صلى الله عليه وسلم} بأصحابه معتمرا سنة سبع قبل فتح مكة بسنة وهنتهم حمى يثرب أي فلم يبق لهم طاقة بقتالنا فأمرهم {صلى الله عليه وسلم} به ليري المشركين بقاء قوتهم وجلدهم فلما رآهم المشركون قالوا هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم هؤلاء أجلد من كذا ومن كذا فقال ابن عباس ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الشفقة عليهم وشرع من زوال سببه ليتذكر به ما كان المسلمون فيه من الضعف بمكة ثم نعمة ظهور الإسلام وإعزازه وتطهير مكة من المشركين على ممر الأعوام والسنين ا ه حج وشرح الروض قوله مقاربا خطاه بضم الخاء جمع خطوة بضمها اسم لما بين القدمين وأما بالفتح فاسم لنقل القدم وجمعه خطاء بكسر الخاء والمد كركوة وركاء ا ه شيخنا قوله ولو ترك الرمل في الثلاث إلخ ولو تركه في بعض الثلاث أتى به في باقيها أي باقي الثلاث ا ه شرح م ر قوله وأن يقول فيه اللهم اجعله إلخ أي يقول ذلك في المحال التي لم يرد لها ذكر مخصوص على كلام فيه في الحاشية ا ه حج واعترضه ح ل بما حاصله أن كل محل من الطواف ورد فيه ذكر مخصوص على ما تقدم بيانه وتقدم أيضا أن هذا الذكر وهو قوله اللهم اجعله حجا مبرورا إلخ يطلب في كل طواف بين الركن الشامي واليماني وحينئذ فلم يبق في المطاف محل ليس فيه ذكر مخصوص حتى يأتي في حالة الرمل بهذا الذكر ولعل هذا الإشكال هو الذي أشار له حج بقوله على كلام فيه في الحاشية وأجاب أي الحلبي على سبيل(4/723)
الاسترواح بما حاصله أن الأذكار المتقدم بيانها إنما هي في حق من لم يرمل أما هو فيقول هذا الذكر في جميع طوافه ا ه وأنت ترى جوابه مناقضا لعبارة حج المذكورة حيث قال أي في المحال التي لم يرد لها ذكر(4/724)
مخصوص أن هذا يقتضي أن من لم يرمل كغيره في الأذكار المخصوصة وأنه يقول هذا الذكر في بعض المحال التي لم يرد لها ذكر مخصوص وفي سم على حج ما يشعر بأن المسألة خلافية وأن ما ذكره حج أحد قولين والآخر وهو المعتمد أن من يرمل يقول هذا الذكر في جميع رمله فيكون الذي استروحه الحلبي مبنيا على القول الثاني وعبارة سم قوله اللهم اجعله إلخ عبارة العباب وأن يقول في رمله بعد تكبيره محاذيا للحجر الأسود اللهم اجعله إلخ قال في شرحه عقب قوله محاذيا للحجر الأسود إلخ ما نصه كما في الإسنوي وغيره لكن ظاهر كلام الشيخين والمجموع أنه يندب في جميع رمله وعبارته يستحب أن يدعو في رمله بما أحب من أمر الدين والدنيا والآخرة وآكد اللهم اجعله حجا مبرورا إلخ نص عليه واتفقوا عليه انتهت وما ذكره من النص ظاهر فيما قاله ا ه انتهت قوله حجا مبرورا الحج المبرور قال ابن خالويه المقبول وقال غيره هو الذي لا يخالطه شيء من الإثم ورجحه النووي وقال القرطبي الأقوال في تفسيره متقاربة المعنى وحاصله أن الحج الذي وفيت أحكامه ووقع موقعا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل ا ه وقال حج في الزواجر المبرور هو الذي لا معصية فيه ولا صغيرة من حين الإحرام إلى التحلل الثاني ا ه وعبارته في الإيعاب وهو الذي لم يخالطه معصية ولو صغيرة وإن تاب منها فورا من حين الإحرام إلى التحلل كما بينته مع فوائد تتعلق به أول الحاشية انتهت ا ه شوبري قوله وذنبا مغفورا أي واجعل ذنبي ذنبا مغفورا قال في شرح العباب قال العلماء تقديره اجعل ذنبي مغفورا وسعيي سعيا مشكورا أي عملا متقبلا يزكو لصاحبه ومساعي الرجل أعماله واحده مسعاة ا ه سم على حج قوله ويقول في الأربع الباقية إلخ أي ويقول ذلك في الحال التي لم يرد لها ذكر مخصوص ا ه حج والظاهر أنه يأتي فيه ما تقدم من الإشكال والجواب لكن لم أر من نبه عليه قوله وأن يضطبع إلخ ويكره ترك الاضطباع ولو تركه في بعضه أتى به في باقيه ويسن(4/725)
حتى في حق من لم يتجرد لعذر أو غيره فيسن له حسر ثيابه عن منكبه الأيمن فتعبيرهم بجعل وسط الرداء تحت المنكب الأيمن جرى على الغالب من كون المحرم متجردا ا ه من حج والشوبري قوله أي الذكر ولو صبيا فيسن للولي فعله ا ه حج قوله في طواف فيه رمل أي في السبع طوفات لا في الثلاثة الأول فقط فهو يخالف الرمل من هذه الجهة والمراد فيه رمل مشروع وإن لم يرمل فيه بالفعل كما ذكره حج ا ه شيخنا قوله وسط ردائه بفتح السين على الأفصح ا ه شرح م ر قوله أهل الشطارة الشاطر في اللغة هو الذي أعيا أهله خبثا أي أتعبهم من خبثه لكن المراد هنا من عنده نشاط وفي المختار شطر يشطر بضم الطاء شطارة وشطر أيضا من باب ظرف انتهى قوله بل يكره أي فيزيله عند إرادتهما ويعيده عند إرادة السعي ا ه شرح م ر قوله وأن يقرب من البيت بضم الراء من قرب من كذا وبفتحها من قربه كعلم متعديا ا ه ع ش على م ر والمناسب هنا في الأول قوله أيضا وأن يقرب من البيت لكن قال الزعفراني الأفضل أن يبعد منه ثلاث خطوات ليأمن من الطواف على الشاذروان ولعله باعتبار زمنه لما كان الشاذروان مسطحا يطوف عليه العوام وكان عرضه دون ذراع وأما الآن فلا يتأتى ذلك لأن الإمام المحب الطبري جزاه الله خيرا اجتهد في تسنيمه وتتميمه ذراعا وبقي إلى الآن عملا بقول الأزرقي وصنف في ذلك جزءا حسنا رأيته بخطه وفي آخره أنه استنتج من خبر عائشة لولا قومك حديثو عهد بكفر لهدمت البيت الحديث أنه يجوز التغيير فيه لمصلحة ضرورية أو حاجية أو مستحسنة وقد ألفت في ذلك كتابا حافلا سميته المناهل العذبة في إصلاح ما وهى من الكعبة دعى إليه خبط جمع جم فيه لما وردت المراسيم بعمارة سقفها سنة تسع وخمسين لما أنهاه سدنتها من خرابه ا ه حج قوله وأمن لمس نساء أي في بعده ليرمل ا ه شيخنا قوله بعد الرمل أي بحيث لا يخرج عن المطاف لما تقدم من أن بعض الأئمة يقول ببطلانه إذا كان خارج المطاف ا ه حج فالبعد الموجب للطواف(4/726)
من وراء زمزم والمقام مكروه فترك الرمل أولى من ارتكابه قوله ولو خاف مع القرب أيضا(4/727)
معطوف على فإن خاف السابق فهو من جملة المفهوم فمتى خاف اللمس في البعد فالقرب أولى من اللمس فيه أو خافه قوله فلا يسن لهما شيء إلخ أي بل يكره لهما الرمل والاضطباع بل يحرمان إن قصد التشبه بالرجال على الأوجه خلافا لمن أطلق الحرمة ولمن أطلق عدمها ا ه حج قوله ويوالي كل طوافه ويسن الموالاة بين الطواف وصلاة ركعتيه وبينهما وبين الاستلام بعدهما وبينه وبين السعي بعده ا ه حج قوله وأن يصلي بعده ركعتين والأفضل لمن طاف أسابيع فعل الصلاة عقب كل ويليه ما لو أخرها إلى بعد الكل ثم صلى لكل ركعتين ويليه ما لو اقتصر على ركعتين للكل فرع من سنن الطواف السكينة والوقار وعدم الكلام إلا في خير كتعلم جاهل برفق إن قل وسجدة التلاوة لا الشكر على الأوجه لأنه صلاة وهي تحرم فيها فلا تطلب فيما يشبهها ورفع اليدين في الدعاء كما في الخصال ومنه مع تشبههم الطواف بالصلاة في كثير من واجباته وسننه الظاهر في أنه يسن ويكره فيه كل ما يتصور من سنن الصلاة ومكروهاتها يؤخذ أن السنة في يدي الطائف إن دعا رفعهما وإلا فجعلهما تحت صدره بكيفيتهما ثم وأفتى بعضهم بأن الطواف بعد الصبح أفضل من الجلوس ذاكرا إلى طلوع الشمس وصلاة ركعتين وفيه نظر ظاهر بل الصواب أن هذا الثاني أفضل لأنه صح في الأخبار أن لفاعله ثواب حجة وعمرة تامتين ولم يرد في الطواف في الأحاديث الصحيحة ما يقارب ذلك ولأن بعض الأئمة كره الطواف بعد الصبح ولم يكره أحد تلك الجلسة بل أجمعوا على ندبها وعظيم فضلها والاشتغال بالعمرة أفضل منه بالطواف على المعتمد إذا استوى زمانهما كما مر والوقوف أفضل منه على الأوجه لخبر الحج عرفة أي معظمه كما قالوه ولتوقف صحة الحج عليه ولأنه جاء فيه من حقائق القرب وعموم المغفرة وسعة الإحسان ما لم يرد في الطواف واغتفار الصارف فيه مما يدل على أفضليته لكونه لعظيم العناية بحصوله رفقا بالناس لصعوبة قضاء الحج لا لكونه قربة مستقلة بل عدم استقلاله مما يدل(4/728)
لذلك أيضا لأنه لعزته لا يوجد إلا مقوما للحج الذي هو من أفضل العبادات بل أفضلها عند جماعة فاندفع ادعاء أفضلية الطواف مطلقا أو من حيث توقفه على شروط الصلاة ومن حيث شروع التطوع به فتأمل حج وفي الإيضاح ما نصه ويجب عليه في حال الطواف أن يصون نظره عما لا يحل النظر إليه من امرأة وأمرد حسن الصورة فإنه يحرم النظر إلى الأمرد الحسن بكل حال لا لحاجة شرعية كحال المعاملة ونحوها مما ينظر فيها إلى المرأة للحاجة فليحذر ذلك لا سيما في هذا الموطن الشريف ويصون نظره وقلبه عن احتقار من يراه من ضعفاء المسلمين أو غيرهم كمن في بدنه نقص أو جهل شيئا من المناسك أو غلط فيه فينبغي أن يعلمه ذلك برفق وقد جاءت أشياء كثيرة في تعجيل عقوبة كثيرين أساءوا الأدب في الطواف كمن نظر امرأة في الطواف ونحوه وهذا الأمر مما يتأكد الاعتناء به فإنه من أشد القبائح في أشرف الأماكن وبالله تعالى التوفيق والعصمة ا ه وفي شرح م ر ما نصه ويكره البصق في الطواف بلا عذر وجعل يديه خلف ظهره متكتفا ووضع يديه على فيه إلا في حالة تثاؤبه فيستحب وتشبيك أصابعه أو تفرقعها وكونه حاقبا أو حاقنا أو بحضرة طعام تتوق نفسه له وكون المرأة متنقبة وليست محرمة ويظهر حمله على تنقب بلا حاجة بخلافه لها كوجود من يحرم نظره إليها والأكل والشرب فيه وكراهة الشرب أخف وتطوعه في المسجد بالصلاة أفضل من مثل ذلك من الطواف ا ه قوله ويكره البصق في الطواف وإذا فعله فليكن بطرف ثوبه أما إلقاؤه في أرض المطاف فحرام وقوله وجعل يديه خلف ظهره إلخ وهل يكره ذلك في غيره أم لا فيه نظر والأقرب الأول لأن فيه منافاة لما كان عليه هيئة المتقدمين وقوله والأكل والشرب أي ما لم تدع إليه الضرورة ا ه ع ش عليه قوله أيضا وأن يصلي بعده ركعتين ويندب قبل الصلاة أن يأتي الملتزم بفتح الزاي المعجمة سمي بذلك لأنه {صلى الله عليه وسلم} التزمه وأخبر أن هناك ملكا مؤمن على الدعاء وهو ما بين الحجر الأسود ومحاذاة الباب من(4/729)
أسفله وعرضه أربعة أذرع ويلصق صدره ووجهه بجدار البيت ويضع خده الأيمن عليه ويبسط يده اليمنى إلى الباب واليسرى إلى الركن ويتعلق بأستار الكعبة ويقول اللهم رب هذا البيت العتيق أعتق رقبتي من النار وأعذني من الشيطان الرجيم ووساوسه ويدعو(4/730)
بما شاء ثم ينصرف إلى الصلاة ولا بد من النية فيها إن استقلت بخلاف الطواف لأنها ليست من أفعال الحج ويندب إذا والى بين أكثر من طواف أن يصلي لكل طواف ركعتين والأفضل أن تكون صلاة كل طواف عقبه ولو قصد كون الركعتين عن الكل كفى بلا كراهة وقياس سجود التلاوة أن يكون الإطلاق كذلك وانظر هل يجوز إحرامه بأربع أو أكثر على أنها سنة الطواف كما في التحية ظاهر كلامهم الجواز ا ه برماوي قوله وخلف المقام المراد به كون المقام بينه وبين الكعبة لأن وجهه كان من جهتها فغير ا ه برماوي وفي حج ما نصه وخلف المقام أي الحجر الذي أنزل من الجنة ليقوم عليه إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وسلم عند بناء الكعبة لما أمر به وأري محلها بسحابة على قدرها فكان الحجر يقصر به إلى أن يتناول الآلة من إسماعيل {صلى الله عليه وسلم} ثم يطول إلى أن يضعها ثم بقي مع طول الزمن وكثرة الأعداد بجنب باب الكعبة حتى وضعه {صلى الله عليه وسلم} بمحله الآن على الأصح من اضطراب في ذلك ولما صلى خلفه ركعتي الطواف قرأ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى كما قرأ ما يتعلق بالصفا والمشعر الحرام عند الوصول إليهما إعلاما للأمة بشرفها وإحياء لذكر إبراهيم كما أحيا ذكره بكما صليت على إبراهيم في كل صلاة لأنه الأب الرحيم الداعي ببعثة نبينا {صلى الله عليه وسلم} محمد في هذه الأمة لهدايتهم وتكميلهم والمراد بخلفه كلما يصدق عليه ذلك عرفا وحدث الآن في المسقف خلفه زينة عظيمة بذهب وغيره فينبغي عدم الصلاة تحتها ويليها في الفضل داخل الكعبة فتحت الميزاب فبقية الحرم فالحطيم فوجه الكعبة فبين اليمانيين فبقية المسجد الحرام فدار خديجة رضي الله عنها فمكة فالحرم كما بينته في الحاشية وغيرها وتوقف الإسنوي في داخل الكعبة ردوه بأن فعلهما خلفه هو الثابت عنه {صلى الله عليه وسلم} وأنه لا خلاف بين الأمة في أفضلية ذلك بل قال الثوري لا يجوز فعلهما لا خلفه ومالك إن أداءهما يختص به ويرد أيضا بتصريحهم بأن النافلة في البيت أفضل منها بالكعبة للاتباع ا ه قوله ولا(4/731)
يفوتان إلا بموته هل المراد ما لم يأت بعد الطواف بفريضة أو نافلة أخرى بدليل قوله الآتي ويجزي عن الركعتين إلخ أو أعم فيكون قوله الآتي ويجزي عن الركعتين إلخ المراد به أن ذلك يسقط أصل الطلب فلا ينافي خصوص ركعتي الطواف ا ه سم وعبارة ع ش على م ر قوله ولا يفوتان إلا بموته فإن قلت كيف هذا مع أنه يغني عنهما فريضة ونافلة قلت لا يضر هذا الاحتمال أنه لو لم يصل بعد الطواف أصلا أو صلى لكنه نفى سنة الطواف انتهت قوله أيضا ولا يفوتان إلا بموته ويسن لمن أخرهما إراقة دم وإن صلاهما في الحرم بعد ذلك كما اقتضاه كلام الروضة وأصلها يظهر أنه كدم التمتع ويصليهما الولي عن غير المميز والأجير عن المستأجر ولو مغصوبا وفارق صلاة المميز لهما وإن أحرم عنه وليه بأنه محرم حقيقة بخلاف المغصوب ا ه شرح م ر وقوله ويظهر أنه كدم التمتع أي فيكون في حق القادر بشاة وفي حق غيره بصيام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع ا ه ع ش على م ر قوله إلا بموته وتمتاز هذه الصلاة عن غيرها بدخول النيابة فيها فإن الأجير في الحج يصليهما وتقع عن المستأجر ا ه برماوي قوله بسورتي الكافرون والإخلاص ويسن أن يقول بعدهما اللهم أنا عبدك وابن عبديك أتيتك بذنوب كثيرة وأعمال سيئة وهذا مقام العائذ بك من النار فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم ا ه من هامش الإيضاح قوله ويجهر بهما ليلا أي ولو بحضرة الناس وبعد الفجر إلى طلوع الشمس ولا يعارضه خلافا لما ظنه قولهم يسن التوسط في نافلة الليل بين الجهر والإسرار ولأن محله في النافلة المطلقة ولو نواها مع ما سن الإسرار فيه كراتبة العشاء احتمل ندب الجهر مراعاة لها لتميزها بالخلاف الشهير في وجوبها والسر مراعاة للراتبة لأنها أفضل منها كما صرحوا به وهذا أقرب ثم رأيت بعضهم بحث أنه يتوسط بين الإسرار والجهر مراعاة للصلاتين وفيه نظر لأن التوسط بينهما بفرض تصوره وأنه واسطة بينهما ليس فيه مراعاة لواحد منهما على أنهم لم(4/732)
يقولوا به إلا في النافلة المطلقة كما تقرر ا ه حج قوله ليلا بخلاف ركعتي الإحرام فإن السنة فيهما الإسرار ولو ليلا خلافا لمن زعم الجهر ليلا وكأن الفرق الاتباع لأن الباب باب اتباع ا ه برماوي قوله ويجزي عن الركعتين إلخ أي يجزي في سقوط الطلب مطلقا(4/733)
وفي حصول الثواب أن ينوي سنة الطواف وعبارة حج ثم إن نويت أثيب عليهما وإلا سقط الطلب فقط نظير ما مر في تحية المسجد ونحوها انتهت قوله ولو حمل شخص إلخ كان الأولى ذكر هذا المبحث في الكلام على النية كما صنع في الروض وقد أشار م ر في شرحه إلى ربطه بما قبله بقوله ولا يتعين على المحرم أن يطوف بنفسه ولهذا لو حمل شخص محرما إلخ ا ه ومع هذا صنيع الروض أحسن كما لا يخفى قوله أيضا ولو حمل شخص محرما إلخ أي سواء كان المحمول به عذر من صغر أو مرض أو لا وسواء في الصغير أحمله وليه الذي أحرم عنه أم غيره لكن ينبغي كما أفاده الشيخ في حمل غير الولي أن يكون بإذن الولي لأن الصغير إذا طاف راكبا لا بد أن يكون وليه أو نائبه سائقا أو قائدا ا ه شرح م ر قوله أو لم يطف أي سواء دخل وقت طوافه أو لم يدخل وفي نسخة لكن لم يدخل وقت طوافه ثم ضرب عليها وقوله ودخل وقت طوافه أي المحمول وقوله بقيد زدته في الأولين بقولي إلخ وهما قوله حلال أو محرم طاف عن نفسه أي وأما الثالثة فهذا القيد مذكور فيها في الأصل وقوله بأن نواه للمحمول في نسخة فقط وقوله وإنما لم يقع إلخ هذا ربما يعين الضرب على تلك النسخة وقوله فإن طاف المحمول عن نفسه إلخ هذا محترز قوله لم يطف عن نفسه وقوله لم يقع له أي للمحمول أي لأنه تطوع ولا بد له من النية وقوله إن لم ينوه أي المحمول لنفسه ولو مع الحامل بأن أطلق النية وقوله وإلا بأن نواه لنفسه ولو مع الحامل فكما لو لم يطف إلخ فإنه يقع له وقوله وإن نواه الحامل إلخ محترز قوله ولم ينوه لنفسه أو لهما ا ه ح ل وحاصل صور هذه المسألة بالاختصار ستة عشر لأن أحوال الحامل أربعة أشار إليها بقوله حلال أو محرم إلخ وأحوال نيته أربعة أشار إليها بقوله ولم ينوه لنفسه أو لهما تضرب في الأربعة السابقة بستة عشر فيقع الطواف للمحمول في ثمانية أشار إليها بقوله بأن نواه للمحمول أو أطلق هاتان صورتان في أحوال الحامل الأربع أخرج منها واحدة(4/734)
بقوله إلا إن أطلق إلخ تضم إلى الثمانية التي أشار إليها بقوله وإن نواه الحامل لنفسه أو لهما هاتان صورتان في أحوال الحامل الأربع بثمانية فالحاصل أنه يقع للمحمول في سبعة وللحامل في تسعة هذا وإن اعتبرت للمحمول أحوالا أربعة كالحامل بلغت أربعا وستين وإن اعتبرت أحوال النية الأربع في المحمول بلغت مائتين وستة وخمسين ا ه شيخنا وقرره شيخنا الحفني على وجه آخر فقال الحاصل أن الحامل والمحمول إما أن يكون حلالين أو محرمين أو الأول حلال والثاني محرم أو بالعكس فهذه أربعة وعلى كل إما أن يكون الحامل طاف على نفسه أو لم يطف دخل وقت طوافه أو لا ومثله المحمول والحاصل من ضرب أربعة الحامل في أربعة المحمول ستة عشر تضرب في الأربعة الأولى بأربعة وستين وعلى كل إما أن ينوي الحامل الطواف عن نفسه فقط أو عن المحمول أو عنهما أو يطلق ومثلها في المحمول فتضرب أربعة في أربعة بستة عشر وهي صور النية تضرب في الأربعة والستين تبلغ ألفا وأربعة وعشرين صورة ا ه ويجري هذا التفصيل في السعي بناء على المعتمد أنه يشترط فيه قصد الصارف كالطواف وقوله محرما أي ولو صغيرا لم يميز لكن إن كان حامله الولي أو مأذونه لتوقف صحة طوافه على مباشرة الولي أو مأذونه وخرج بقوله حمل ما لو جذب ما هو عليه كخشبة أو سفينة فإنه لا تعلق لكل بطواف الآخر لكن بحث جريان تلك الأحكام هنا أيضا وله وجه نعم إن قصد الجاذب المشي لأجل الجذب بطل طوافه لأنه صرفه وخرج أيضا حامل محدث أو نحوه كالبهيمة فلا أثر لنيته ا ه حج قوله وقع للمحمول استشكل وقوع الطواف عن المحمول بشرطه بقولهم فيما لو قالوا عليه طواف إفاضة أو منذور معين الوقت أولا فنوى غيره عن نفسه أو عن غيره وقع للإفاضة أو المنذور في وقته لا عن غيره وأجاب ابن المقري فقال لعل الشرط في الصرف أن يصرفه عن نفسه أو إلى غير طواف أما إذا صرفه إلى طواف آخر فلا ينصرف سواء قصد به نفسه أم غيره قال شيخ الإسلام وتحقيقه أن(4/735)
الحامل جعل نفسه آلة لمحموله فانصرف فعله عن الطواف والواقع لمحموله طوافه لا طواف الحامل كما في راكب الدابة بخلاف الناوي في تلك المسائل فإنه أتى بطواف لكنه صرفه لطواف آخر فلم ينصرف وحاصل الجواب أن الأول خاص بالمحمول والثاني بغيره مع الفرق بينهما وقوله والواقع لمحموله طوافه(4/736)
أي بنية الحامل إذ لا فعل إلا بالنية ولم يصدر منه ما ينافي الآلية فلا ينافي ما بحثناه فيما سيأتي من أنه إذا قصد الحامل غير الطواف ينبغي أن لا يحصل للمحمول وإن نوى لأن قصد غير الطواف ينافي آلية فعله للمحمول فليتأمل وليراجع ا ه سم قوله لأنه كراكب دابة بهذا يندفع الإشكال المذكور هنا وعبارة سم على حج قوله وقع للمحمول قد يشكل بما لو استناب العاجز عن الرمي من لم يرم عن نفسه حين يقع رمي النائب عن نفسه وإن قصد به المستنيب ويمكن أن يجاب بأن الرمي محض فعل النائب فلم ينصرف عنه مع كونه عليه بخلاف مسألة الطواف لأن الواقع للمحمول طواف والحامل كالدابة كما قرروه انتهت قوله فإن طاف المحمول عن نفسه محترز قوله لم يطف وقوله أو لم يدخل محترز قوله ودخل فالمراد أو لم يدخل أي لم يطف ولم يدخل وقوله لم يقع له انظر هل يقع للحامل أو لا ومقتضى قول بعضهم إن الغرض أن الحامل نواه للمحمول أو أطلق أنه لم يقع له فيكون غير واقع لهما وقوله وإلا فكما إلخ أي فيقع للمحمول فتكون نية المحمول في الطواف لنفسه قائمة مقام دخول وقت طوافه ا ه شيخنا ملخصا قوله إن لم ينوه لنفسه إلخ قد اعتبر الشرح في المحمول أحوال النية وقد علمت أنها أربعة وأشار المتن إلى اعتبار أحواله الأربعة الأخرى بقوله محرما لم يطف إلخ فيجب أن يعتبر أحوال المحمول الستة عشر كما اعتبرت أحوال الحامل كذلك ومن اقتصر على أحوال الحامل لم يوف بكلام المتن مع الشرح إذ على اعتبار أحوال الحامل الستة عشر والسكوت عن أحوال المحمول يكون القائل بذلك ساكتا عن قول الشرح فإن طاف المحمول عن نفسه إلى قوله وإن نواه الحامل إلخ مع أن هذا يجري فيه صور كثيرة لم يعلم حكمها تأمل قوله وإلا أي وإن نواه لنفسه فكما لو لم يطف إلخ أي فإنه يقع للمحمول أي وفرض المسألة أن الحامل نوى المحمول أو أطلق تأمل قوله وإن نواه محموله لنفسه أي سواء نواه أو لا فعلم أنه لا أثر لنية المحمول إذا نواه(4/737)
الحامل لنفسه أو لهما ويبقى ما إذا قصد الحامل عدم الطواف أو إدراك غريم ونوى المحمول الطواف لنفسه فهل يحصل الطواف للمحمول أو لا لأن الحامل هو الدائر وقد صرف الدوران عن الطواف فلا أثر لنية المحمول مع ذلك إذ لو أثرت لأثرت فيما إذا نواه الحامل لنفسه بجامع صرفه عن المحمول ويوضحه أن الطواف فعل ولم يحصل من المحمول فعل إلا بواسطة فعل الحامل فإذا صرفه عن الطواف لم يمكن أن يحصل الطواف للمحمول إذ لا فعل منه بنفسه ولعل الثاني أقرب ويفارق حينئذ الدابة بأن فعلها غير مصروف فأمكن كونها آلة ولا تمكن الآلية هنا مع الصرف عن الطواف فليتأمل ا ه سم قوله ولأنه الطائف إلخ تعليل خاص بهذه الصورة بعد دخولها في ضمن التعليل العام وانظر لم أفردها بالتعليل تأمل قوله أن يستلم الحجر اقتصاره على استلام الحجر يقتضي أنه لا يسن التقبيل ولا السجود وعبارة الروض وشرحه فصل ثم يعود ندبا بعد فراغ ركعتي الطواف فيستلم الحجر الأسود للاتباع رواه مسلم وليكون آخر عهده ما ابتدأ به ومنه يؤخذ أنه لا يسن حينئذ تقبيل الحجر ولا السجود عليه قال الإسنوي فإن كان كذلك فلعل سببه المبادرة للسعي ا ه والظاهر سن ذلك قال الزركشي وعبارة الشافعي تشير إليه ورواه الحاكم في صحيحه من فعله {صلى الله عليه وسلم} وصرح به القاضي أبو الطيب في التقبيل قال في المجموع وما قاله الماوردي من أنه يأتي الملتزم والميزاب بعد استلامه ويدعو شاذ انتهت قوله بشرطه في الأنثى والخنثى الشرط خلو المطاف ا ه رشيدي قوله ثم يخرج أي عقب ذلك من غير أن يأتي الميزاب والملتزم مبادرة للسعي ا ه برماوي فما تقدم من سن إتيان الملتزم عقب الطواف وقبل الصلاة إنما هو في طواف لم يكن بعده سعي ا ه ح ل وعبارة حج وأفهم كلامه أنه لا يأتي الملتزم ولا الميزاب قبل صلاة الركعتين ولا بعدهما وهو كذلك مبادرة للسعي لعدم وروده ومخالفة الماوردي وغيره في ذلك شاذة كما في المجموع قال لمخالفته للأحاديث الصحيحة ثم صوب ما هو(4/738)
المذهب أنه لا يشتغل عقب الركعتين لا بالاستلام ثم الخروج إلى الصفا انتهت قوله الذي بين الركنين اليمانيين أي المحاذي لما بين الركنين اليمانيين والمراد به الطاق الأوسط من الطاقات الخمس التي تحاذي ما بين الركنين اليمانيين وهو معروف عند(4/739)
أهل مكة مشهور ا ه تأمل قوله وشرطه أي شرط وقوعه عن الركن ا ه حج قوله أن يبدأ بالصفا أي في الأولى وما بعدها من الأوتار ويبدأ بالمروة في الثانية وما بعدها من الأشفاع ا ه حج فالأولى لا تحسب أولى إلا إذا كانت مبدوءة من الصفا وكذا الثالثة والخامسة والسابعة وكذا الثانية لا تحسب إلا إذا كانت مبدوءة من المروة وكذا الرابعة والسادسة فلذلك فرع حج على ما تقدم فقال لو ترك خامسة مثلا جعل السابعة خامسة وأتى بسادسة وسابعة ا ه وكتب عليه سم ما نصه قوله فلو ترك خامسة إلخ أقول صورة ذلك أن يذهب بعد الرابعة التي انتهاؤها بالصفا من غير المسعى إلى المروة ثم يعود من المروة في المسعى إلى الصفا ثم يعود في المسعى من الصفا إلى المروة فقد ترك الخامسة لأنه بعد الرابعة لم يذهب في المسعى إلى المروة بل ذهب في غيرها فلا يحسب له ذلك خامسة ويلزم من عدم حسبانه خامسة إلغاء السادسة التي هي عوده بعد هذا الذهاب من المروة إلى الصفا لأنها مشروطة بتقدم الخامسة عليها ولم يوجد وأما السابعة التي هي ذهابه بعد هذه السادسة من الصفا إلى المروة فقد وقعت خامسة إذ لم يتقدمها مما يعتد به إلا أربع لأن الخامسة متروكة والسادسة لغو كما تقرر فصارت السابعة خامسة واحتاج لعدها إلى سادسة وسابعة ا ه قوله بالقصر وأصله الحجارة الملس واحدتها صفاة كحصاة أو الحجر الأملس فهو يستعمل في الجمع والمفرد فإذا استعمل في الجمع فهو الحجارة أو في المفرد فالحجر ا ه برماوي قوله جبل أبي قبيس في كتاب محاضرات الأبرار ولابن عربي ما لفظه قلت أذكر الجبل الأمين هو أبو قبيس وكان اسمه أولا الأمين فإنه أودعه الله الحجر الأسود إلى زمن إبراهيم عليه السلام لما بني البيت فناداه الجبل لك عندي وديعة مخبوءة من زمن الطوفان فأعطاه الحجر الأسود وإنما حدث له اسم أبي قبيس برجل بنى دارا يسمى أبا قبيس وكان اسمه الأمين فغلب عليه اسم أبي قبيس ا ه من رسالة ابن علان قوله ويختم(4/740)
بالمروة بفتح الميم وسكون الراء وفتح الواو وهي طرف جبل قينقاع ا ه برماوي والآن عليها عقد واسع علامة على أولها ا ه حج وقدر المسافة بين الصفا والمروة بذراع الآدمي سبعمائة وسبعة وسبعون ذراعا وكان عرض المسعى خمسة وثلاثين ذراعا فأدخلوا بعضه في المسجد ا ه برماوي قوله أيضا ويختم بالمروة وهي أفضل من الصفا كما قاله ابن عبد السلام لأن في الوصول إليها مرور الساعي في سعيه أربع مرات والصفا مروره فيه ثلاثا فإنه أول ما يبدأ باستقبال المروة ثم يختم به وما أمر الله بمباشرته في القربة أكثر هو أفضل وبداءته بالصفا وسيلة استقبال المروة والبداءة بالصفا لبيان الترتيب وضرورته فلا إشعار في تقديمها بأفضليتها والبداءة بالشيء لا تستلزم أفضلية المبدأ على الآخر كصوم رمضان آخره أفضل من أوله ا ه شرح م ر قوله أبدأ بلفظ المضارع وضميره عائد إلى النبي {صلى الله عليه وسلم} لأنه جواب لقولهم يا رسول الله بماذا تبدأ إذا طفت وقوله فابدءوا بلفظ الأمر وضميره عائد للجماعة لأنه جواب لقولهم بماذا نبدأ إذا طفنا قال شيخنا ولعل السؤال تعدد ا ه برماوي قوله أو قدوم وهو أي السعي بعد القدوم أفضل منه بعد الركن كما صرح به حج فقال وإذا أراد السعي بعد طواف القدوم كما هو الأفضل لأنه الذي صح عنه {صلى الله عليه وسلم} لم يلزمه الموالاة بينهما إلخ ا ه وعبارة مناسك النووي الوسطى والأفضل تقديم السعي بعد طواف القدوم انتهت وأشار له الشارح بقوله للاتباع وهو تعليل للنفي وفي شرح م ر ما نصه ولو دخل حلال مكة فطاف للقدوم ثم أحرم بالحج فهل له السعي حينئذ كما اقتضاه إطلاقهم أو لا ويحمل كلامهم على ما إذا صدر طواف القدوم حال الإحرام لشمول نية الحج لهما حينئذ فكانت التبعية صحيحة لوجود المجانسة بخلافه في تلك فالمجانسة منتفية بينهما كل محتمل وظاهر كلامه الآتي في طواف الوداع يؤيد الثاني وهو الظاهر ولو طاف للقدوم فهل له أن يسعى بعده بعض السعي ويكمله بعد الوقوف وطواف الركن فيه نظر أيضا(4/741)
والأقرب لكلامهم المنع ا ه قوله فيمتنع أن يسعى إلخ هذه الجملة في المعنى تعليل لقوله امتنع السعي إلخ وعبارة حج فلا يجوز بعد طواف نفل كأن أحرم من مكة بحج منها ثم تنفل بطواف وأراد السعي بعده كما في المجموع وقول جمع بجوازه(4/742)
حينئذ ضعيف كقول الأذرعي في توسطه الذي تبين لي بعد التوقف أن الراجح مذهبا صحته بعد كل طواف صحيح بأي وصف كان ولا يجوز أيضا بعد طواف وداع بل لا يتصور وقوعه بعده كما قالاه لأنه لا يسمى طواف وداع إلا إن كان بعد الإتيان بجميع المناسك ومن ثم لو بقي عليه شيء منها جاز له الخروج من مكة بلا وداع لعدم تصوره في حقه حينئذ وتصوره فيمن أحرم بحج من مكة ثم أراد خروجا قبل الوقوف فإنه يسن له طواف الوداع لا نظر إليه لأن كلا منهما كما قاله الأذرعي في طواف الوداع المشروع بعد فراغ المناسك لا في كل وداع وقول جمع في هذه الصورة أن له السعي بعده إذا عاد ضعيف كما في المجموع تنبيه أحرم بالحج من مكة ثم خرج ثم عاد لها قبل الوقوف فهل يسن له طواف القدوم نظرا لدخوله أو لا نظرا لعدم انقطاع نسبته عنها أو يفرق بين أن ينوي العود إليها قبل الوقوف أو لا كل محتمل ولو قيل بالثالث لم يبعد إلا أن إطلاقهم ندبه للحلال الشامل لما إذا فارق عازما على العود ثم عاد يؤيد الأول ثم رأيت في كلام الطبري ما يصرح بالأول ويفرق بينه وبين عدم وجوب طواف الوداع على الخارج المذكور بأن طواف الوداع إنما يكون بعد فراغ المناسك كلها ولا كذلك طواف القدوم وعليه فيجزي السعي بعده ويفرق بينه وبين من عاد لمكة بعد الوقف وقبل نصف الليل فإنه يسن له القدوم ولا يجزيه السعي حينئذ بأن السعي متى أخر عن الوقوف وجب وقوعه بعد طواف الإفاضة انتهت وكتب عليه سم قوله ثم أراد خروجا قبل الوقوف أي ولو إلى منى يوم الثامن للمبيت بها ليلة التاسع ثم الذهاب للوقوف وظاهره أنه لا فرق في الخروج لغير منى بين الخروج لمسافة القصر وما دونها فليراجع وقوله تنبيه أحرم بالحج من مكة إلخ الذي في شرح العباب ما نصه وقد يدخل في قولهم أو قدوم ما لو أحرم المكي مثلا بالحج من مكة ثم خرج لحاجة ثم عاد قبل الوقوف فإنه الآن يسن له طواف القدوم فينبغي إجزاء السعي بعده كما شمله كلامهم ا ه فجزم بسن(4/743)
طواف القدوم واقتصر على أنه ينبغي إجزاء السعي بعده ا ه قوله أيضا فيمتنع أن يسعى بعد طواف نفل وذلك فيما لو دخل مكة بعد الوقوف وقبل نصف الليل فتنفل بطواف فليس له أن يسعى بعد ذلك الطواف بل عليه أن يؤخره حتى يوقعه بعد طواف الركن الذي يدخل فيه بنصف الليل هذا مراده فتأمل قوله ولا تسن إعادة سعي بل تكره فإن أعاده لم يحرم ويستثنى القارن فيسن له أن يطوف طوافين ويسعى سعيين خلافا للإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ولو سعى صبي أو عبد بعد طواف قدوم ثم بلغ أو عتق بعرفة أو قبل الوقوف ثم عاد لعرفة في الوقت وجب عليه إعادة السعي على الصحيح ا ه برماوي قوله أولى مما ذكره أي حيث قال ومن سعى بعد طواف قدوم لم يعده ا ه فقيد عدم الإعادة بكونه سعى بعد طواف القدوم مع أن المقصود إن سعى لا تسن إعادته مطلقا أي سواء فعل بعد طواف القدوم أو الركن وعبارة الروض وشرحه وإذا سعى ولو بعد طواف القدوم لم يعده ولو بعد طواف الإفاضة لأنها بدعة وانتهت والمراد أن الإعادة مكروهة كما صرح به م ر وحج قوله أن يرقى يقال رقي بكسر القاف يرقى بفتحها ا ه برماوي والرقي الآن بالمروة متعذر لكن بآخر دكة فينبغي رقيها عملا بالوارد ما أمكن ا ه حج وفي المصباح ورقيت في السلم وغيره أرقى من باب تعب رقيا على فعول ورقيا مثل فلس أيضا وارتقيت وترقيت مثله ورقيت السطح والجبل علوته يتعدى بنفسه والمرقى والمرتقى موضع الرقي والمرقاة مثله ويجوز فيها فتح الميم على أنه موضع الارتقاء ويجوز الكسر تشبيها باسم الآلة ورقيته أرقيه من باب رمى رقيا عوذته بالله والاسم الرقيا على فعلى والمرة رقية والجمع رقى مثل مدية ومدى ا ه وبقي معنى ثالث وهو الرقي في المعاني أي التنقل في صفات الكمال ويقال فيه رقى بالفتح يرقى فالفارق بينه وبين الرقي في السلم فتح القاف في الأولى وكسرها في الثانية ومضارعهما واحد وهو يرقى كيرضى تأمل قوله إلا إن خلى المحل إلخ خالفه حج فقال أما المرأة(4/744)
والخنثى فلا يسن لهما رقي ولو في خلوة على الأوجه الذي اقتضاه إطلاقهم خلافا للإسنوي ومن تبعه اللهم إلا إذا كان يقعان في شك لولا الرقي فيسن لهما حينئذ على الأوجه احتياطا ا ه لكن الذي في شرح م ر كالشارح حرفا بحرف فتأمل قوله والواجب على من لم يرق إلخ عبارة حج ويجب استيعاب المسافة في كل بأن يلصق عقبه أو عقب(4/745)
حافر مركوبه بأصل ما يذهب منه ورأس أصبع رجليه أو رجل أو حافر مركوبه بما يذهب إليه وبعض درج الصفا محدث فليحتط فيه بالرقي حتى يتيقن وصوله للدرج القديم كذا قاله المصنف أي النووي وغيره ويحمل على أن هذا باعتبار زمنهم وأما الآن فليس فيه شيء محدث لعلو الأرض حتى غطت درجات كثيرة انتهت وقوله ويحمل على أن هذا باعتبار زمنهم وأما الآن إلخ عبارة شرح العباب وما ذكروه فيهما باعتبار ما كان وأما الآن فمن أصلها درج مدفون فيكفي إلصاق العقب أو الأصابع بآخر درجهما وأما المروة فهم متفقون على أن من دخل تحت العقد المشرف ثم يكون قد وصلها وقد بينت ذلك كله بأدلة في الحاشية ا ه سم عليه قوله أن يلصق عقبه بضم الياء ا ه شرح الروض قوله وأن يقول كل أي حالة كونه واقفا على كل من الصفا والمروة مستقبل الكعبة ا ه حج قوله الله أكبر أي أثني عليه تعالى لهدايته إيانا فالتكبير هنا كالحمد فلا وقفة ا ه شوبري قوله أيضا الله أكبر أي من كل شيء ولله الحمد أي على كل حال لا لغيره كما يشعر به تقديم الظرف وقوله على ما هدانا أي على هدايتنا فهو مصدر والمراد دلنا على طاعته وأوصلنا بالإسلام وغيره وقوله على ما أولانا أي من نعمه التي لا تحصى ولا تحصر وقوله له الملك أي ملك السموات والأرض لا لغيره وقوله بيده أي قدرته وقوته وقوله الخير زاد في رواية وإليه المصير وقوله وهو على كل شيء قدير أي ممكن ويسن أن يقول لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ا ه برماوي قوله بما شاء ومنه كما قال الأصحاب اللهم إنك قلت ادعوني أستجب لكم وأنت لا تخلف الميعاد وإني أسألك كما هديتني إلى الإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم ا ه برماوي قوله وأن يمشي على هينته أول المسعى إلخ عبارة حج ويسن أن يكون ماشيا وحافيا إن أمن تنجس رجليه وسهل عليه ومتطهرا ومستورا والأولى تحري(4/746)
خلو المسعى إلا إن فاتت الموالاة بينه وبين الطواف كما هو ظاهر للخلاف في وجوبها وقياسه ندب تحري خلو المطاف حيث لم يؤمر بالمبادرة به ولا يكره الركوب اتفاقا على ما في المجموع لكن روى الترمذي عن الشافعي كراهته إلا لعذر ويؤيده أن جمعا مجتهدين قائلون بامتناعه لغير عذر إلا أن يجاب بأنهم خالفوا ما صح أنه {صلى الله عليه وسلم} ركب فيه وأن يوالي بين مراته بل يكره الوقوف فيه لحديث أو غيره وبينه وبين الطواف ومر أنه يضر صرفه كالطواف لكن لا يشترط له كيفية مثله لأن القصد هنا قطع المسافة وأن يمشي أول المسعى وآخره انتهت قال في العباب ويجب أن يسعى في بطن الوادي ولو التوى فيه يسيرا لم يضر ا ه قال في شرحه بخلافه كثيرا بحيث يخرج عنه وضبطت ذلك في الحاشية بأن يخرج عن سمت العقد المشرف على المروة إذ هو مقارن لعرض المسعى مما بين الميلين الذي ذكر الفارسي أنه عرضه ثم ما ذكر هو ما في المجموع حيث قال قال الشافعي والأصحاب لا يجوز السعي في غير موضع السعي فلو مر وراء موضعه في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه لأن السعي مختص به فلا يجوز فعله في غيره كالطواف إلى أن قال وكذا قال الدارمي إن التوى في سعيه يسيرا جاز وإن دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا ا ه وبه تعلم أن قول العباب ولو التوى فيه يسيرا المراد باليسير فيه ما لا يخرج به عنه فتأمله ا ه سم عليه قوله وأن يعدو الذكر إلخ ويلاحظ بقلبه عند ذلك إقامة السنة والحذر أن يفعله على عادة العوام من المسابقة فيه فيصير لعبا والعياذ بالله تعالى ا ه سم قوله في الوسط المراد بالوسط هنا الأمر التقريبي إذ محل العدو أقرب إلى الصفة منه إلى المروة بكثير ا ه حج قوله قدر ستة أذرع أي لأن هذا الموضع كان محل ذلك الميل فلما رماه السيل ألصقوه بجدار المسجد فتقدم عن محاذاة محله بذلك القدر ا ه برماوي قوله اللذين أحدهما في ركن المسجد هذا التعبير فيه مسامحة لأن الذي يسعى لا يمر إلا على ركن واحد من أركان المسجد(4/747)
قبل أن يصل باب السلام كما يعرف ذلك من رآه وهو الذي ذكره أولا بقوله المعلق بركن المسجد وأما الثاني المقابل لرباط العباس فليس في ركن المسجد ولذلك عبر حج فقال أحدهما بجدار المسجد وكذلك عبر الشارح في شرح الروض قوله بجدار العباس(4/748)
المشهور الآن برباطه وعلى كل منهما قنديل معلق ا ه برماوي قوله إنك أنت الأعز الأكرم ثم يقول بعده اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور ا ه برماوي ولو قرأ القرآن كان أفضل ا ه إيضاح قوله ولا ستر بل يندب فيه كل ما طلب في الطواف من شرط أو مندوب ا ه برماوي قوله ويجوز فعله راكبا أي لكنه خلاف الأولى لما تقدم أن الأولى المشي فيه ا ه ع ش على م ر قوله ويكره للساعي إلخ ويكره له أيضا أن يصلي بعده ركعتين ا ه شرح م ر وفي الإيضاح ما نصه السابعة أي من سنن السعي قال الشيخ أبو محمد الجويني رحمه الله تعالى رأيت الناس إذا فرغوا من السعي صلوا ركعتين على المروة وذلك حسن وزيادة طاعة لكن لم يثبت ذلك عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح ينبغي أن يكره ذلك لأنه ابتداع شعار وقد قال الشافعي رحمه الله ليس في السعي صلاة ا ه والله أعلم خاتمة في مسائل تتعلق بالحجر الأسود ذكرها الإمام الفاضل محمد بن علان الصديقي البكري سبط الحسن خادم الحديث النبوي والتفسير بالحرم الشريف المكي في رسالة ألفها في الحجر الأسود وما جاء فيه من الفضائل والأخبار وما نابه من حوادث الزمان وذكر فيها أنه انفرد بهذا التأليف ولم ير أحدا قبله سبقه إلى التأليف في الحجر الأسود فقال روينا بالسند عن الجد الشيخ محمد علان عن ابن عباس رضي الله عنه قال أنزل الركن أي الحجر الأسود والمقام أي الحجر الذي قام عليه إبراهيم عند بناء البيت مع آدم عليه السلام ليلة نزل فلما أصبح رأى الركن والمقام فعرفهما فضمهما إليه وأنس بهما وعنه أي ابن عباس قال نزل آدم عليه السلام من الجنة معه الحجر الأسود متأبطه وهو ياقوتة من يواقيت الجنة لولا أن طمس الله نوره ما استطاع أحد أن ينظر إليه ونزل بنخل العجوة وبآلات الصناعة وروينا عن ابن عباس قال كان البيت الذي بوأه الله ل آدم يوم أنزل إلى الأرض ياقوتة من يواقيت الجنة حمراء(4/749)
تلتهب لها بابان أحدهما شرقي والآخر غربي وكان فيها قناديل من نور الجنة أساسها من ذهب وهو منظوم بنجوم من ياقوت أبيض والحجر نجم من نجومه وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أكثروا من استلام هذا الحجر فإنكم يوشك أن تفقدوه بينما الناس ذات ليلة يطوفون به إذا صبحوا وقد فقدوه إن الله لا يترك شيئا من الجنة في الأرض إلا أعاده إليها قبل يوم القيامة وروى الأزرقي أن الحجر سيعود إلى ما كان عليه يوم القيامة مثل جبل أبي قبيس في العظم له عينان ولسان وشفتان يشهد لمن استلمه بحق ويشهد على من استلمه بغير حق وفي مثير شوق الأنام قيل لما انتهى بنيان الكعبة إلى موضع الركن الأسود قال إبراهيم لإسماعيل ابغ لي حجرا فرجع وقد جاء جبريل بالحجر الأسود وكان الله استودع الركن أبا قبيس حين غرقت الأرض زمن نوح عليه السلام وقد قال الله تعالى لأبي قبيس إذا رأيت خليلي يبني بيتي فأخرجه له قال إسماعيل يا أبت من أين لك هذا قال جاء به من لم يكلني إلى حجرك جاء به جبريل وفي كتاب بهجة الأنوار أن الحجر الأسود كان في الابتداء ملكا صالحا ولما خلق الله تعالى آدم وأسكنه الجنة وأباح له الجنة كلها إلا الشجرة التي نهاه عنها وشرط ذلك معه وأشهد على ذلك ملكا وذلك قوله تعالى ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ثم جعل ذلك الملك موكلا على آدم حتى لا ينسى عهد ربه كلما خطر بباله أن يأكل من الشجرة نهاه الملك فلما قدر الله أن يأكل منها آدم غاب هذا الملك فأكل منها فطارت عنه الحلل فأخرج من الجنة فلما رجع الملك وجده قد نقض عهد ربه فنظر الله إلى ذلك الملك بالهيبة فصار جوهرا وذلك أن الله لم يرض عن الملك غيبته وقال له أنت هتكت سر آدم وعزتي وجلالي لأجعلنك للبشر ألا ترى أنه جاء في الحديث أن الحجر الأسود يأتي يوم القيامة وله يد ولسان وأذن وعين لأنه كان في الابتداء ملكا صالحا ا ه وفي مثير شوق الأنام عن أنس قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} (4/750)
الحجر يمين الله في أرضه فمن مسحه فقد بايع الله رواه الديلمي الأزرقي عن عكرمة مرفوعا بلفظ أن الحجر يمين الله في الأرض فمن لم يدرك بيعة رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فمسح الركن فقد بايع الله ورسوله وبهذا اللفظ رواه أبو طاهر المخلص في فوائده(4/751)
وأخرجه الحسن البصري في رسالته بلفظ الحجر الأسود يمين الله في الأرض يصافح بها عباده كما يصافح أحدكم أخاه ومن لم يدرك بيعة رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ثم أدرك الحجر ومسحه فقد بايع الله رواه ابن جرير الطبري في تهذيب الأمان بلفظ الحجر يد الله في أرضه فمن مسه فإنما يبايع الله وعنه قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} الحجر يمين الله فمن مسح يده على الحجر فقد بايع الله أن لا يعصيه رواه الديلمي وعن جابر قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده رواه الخطيب في التاريخ وابن عساكر قال الخطيب معنى أنه يمين الله في الأرض أن من صافحه في الأرض كان له عند الله عهد وجرت العادة بأن العقد يعقده الملك بالمصافحة لمن يريد موالاته والاختصاص به فخاطبهم بما يعهدونه قال الطبري معناه أن كل ملك إذا قدم عليه الوافد قبل يمينه فلما كان الحاج أول ما يقدم يسن له تقبيله نزل منزلة يمين الملك ولله المثل الأعلى وقال ابن حجر الهيتمي في الإيعاب قوله {صلى الله عليه وسلم} الحجر الأسود يمين الله في أرضه هو من مجاز التمثيل المقرر في علم البيان شبه إنعامه على عباده عند امتثالهم أمره باستلامهم ما أمرهم باستلامه تبركا به وخضوعا لأوامره بإنعام ملك أقبل على رعيته ومد لهم يده ليقبلوها ليعمهم معروفه ففعلوا فعمهم ذلك ا ه قال السيد الإيجي في منسكه الكبير تسمية الحجر الأسود بيمن الله تعالى إنما هو من باب التمثيل ترغيبا للناس وتقريبا إلى أذهانهم ولله المثل الأعلى وبيان ذلك أنها تشبيه لحال من يستلم الحجر الأسود بحال من يبايع ملكا مطاعا على السمع والطاعة والاستسلام والانقياد بحسب الاستطاعة فإن العادة جارية في مثل هذه المبايعة بالمصافحة باليمين ولما كان الملك الحق جل جلاله منزها عن اليد الجارحة واليمن المعهودة نزل الحجر الأسود منزلة يمين الملك المبايع وأضافها إلى ذاته الأشرف تشريفا له وتعريفا لها بجلالة منزلته لديه سبحانه ونزل المستلم له منزلة المصافح للملك في(4/752)
مبايعته ليعلم بذلك تأكيد هذه المبايعة وتشديد هذه المعاهدة وأن كل من استلمه إيمانا واحتسابا كان له عند الله سبحانه عهد بحسن القبول وحصول المأمول وإجزال الثواب بأنواع الفضائل في المآب قال الإمام جمال الدين الطبري في كتاب التشويق ليلحظ في الحجر عند تقبيله معاني الأول ما روي عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال الحجر الأسود يمين الله في الأرض يصافح بها عباده كما يصافح أحدكم أخاه ثم نقل في معناه ما تقدم في كلام الحافظ ابن حجر عن الطبري وقال بعد تمامه فلينظر العبد كيف يقبله وعلى أي حال يكون عند استلامه الثاني كونه ياقوتة من يواقيت الجنة على ما نطقت به شواهد صحيح السنة فليقم مستلمه بما يجب له من حق التعظيم والاحترام ويقابل نعمة الله بهذا الإنعام بشكر أدب التقبيل والوفاء بحق الاستلام الثالث مقبله ومستلمه يضع شفتيه على موضع وضع عليه رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وغيره من الأنبياء والرسل والملائكة المقربين شفاههم ويباشر محلا باشروه بأكفهم وهذا أمر قطعي لا شك فيه وربما كان أيضا في حاله ذلك مخالطا لزمر من الملائكة الذين لا تكاد تخلو من ورودهم تلك البقعة ولا تفقد من ترددهم تلك الحضرة فيتصور لاستحضار ذلك هيبتهم وأحوالهم ويجمع في الاقتداء بهم في التقبيل بين الصورة والمعنى ويطهر ذلك المحل المقدس من أن يقبله من غير إخلاص وحضور قلب حذرا من مقت الله وملائكته وخوفا من أن يحرم مثوبة ذلك ويفوته عميم بركته الرابع يروى أن الله تعالى لما أخذ ميثاق بني آدم حين استخرجهم من ظهر آدم كتبه في رق وألقمه هذا الحجر من أجل ذلك يقول العبد عند موافاته إيمانا بك ووفاء بعهدك فليطابق قوله هذا معناه وليستحضر بمحض الإيمان في ذهنه ذلك المشهد حتى كأنه يشاهده ويراه ليعلم أن من رجع عن الإقرار ونكث بعد العهد فقد استحق المقت على ذلك بالصد والطرد الخامس روي عن ابن عباس أنه قال من لم يدرك بيعة رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله فليعلم عند استلامه(4/753)
أنه مبايع لله على طاعته فيصمم على الوفاء بمبايعته السادس ورد عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم ومصافحة أهل الشرك وفي هذا من العبرة والعظة ما لا يخفى ولذلك أبقاه الله تعالى على صفة السواد أبدا وإلا فقد مسه بعد ذلك من أيدي الأنبياء والمرسلين(4/754)
والملائكة المقربين ما يوجب تبييضه لكن أراد الله تعالى أن يجعل ذلك عبرة لأولي الأبصار ووعظا لكل من وافاه من ذوي الأفكار وإرادة للتنبيه على أن الخطايا إذا كانت تؤثر في الحجر هذا الأثر فما ظنكم بتأثيرها في القلب فيكون ذلك سببا باعثا على مباينة الزلات ومجانبة الذنوب فلا يغفلن مستلمه عن الفكرة في هذا المعنى ولا يهملن حظه من الانتفاع بهذه الموعظة العظمى السابع أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قبل الحجر ووضع شفتيه عليه طويلا يبكي ثم التفت فإذا عمر خلفه فقال يا عمر هنا تسكب العبرات ليبعثن الله هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق فليجتهد مستلمه في الإخلاص وليخلص في الطاعة ويجتهد في أن يثبت له هذا الوصف بحسب الاستطاعة ا ه كلامه وفي كتاب الدياربكري وفي الخبر الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة أنزلا فوضعا على الصفا فأضاء نورهما لأهل الأرض جانبي المشرق والمغرب كما يضيء المصباح في الليل المظلم يؤمن الروعة ويستأنس به ويبعثان يوم القيامة وهما في العظم مثل أبي قبيس يشهدان لمن وافاهما بالوفاء ورفع النور عنهما وغير وصفهما وحسنهما حيث هما فيه ا ه قال ابن الجوزي بعد ذكر حديث ابن عباس المرفوع نزل الحجر الأسود من الجنة أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم ما لفظه قد اعترض الملحدون على هذا الحديث فقالوا ما سودته خطايا المشركين فينبغي أن يبيضه توحيد المؤمنين والذي أراه من الجواب أن بقاء أثر الخطايا فيه وهو السواد أبلغ من باب العبرة والعظة من تغير ذلك ليعلم أن الخطايا إذا أثرت في الحجر فتأثيرها في القلوب أعظم فوجب لذلك أن تجتنب ا ه والحكمة في أن الذنوب سودته دون غيره من أحجار البيت أن فيه صك العهد الذي هو بالفطرة التي فطر الناس عليها من توحيد الله فكل مولود يولد على الفطرة لولا أن أبويه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه حتى يسود قلبه بالشرك لما حال عن العهد فصار قلب المؤمن محلا(4/755)
لذلك العهد والميثاق وصار الحجر محلا لما كتب فيه من العهد والميثاق فتناسبا فاسود القلب من خطايا بني آدم بعدما كان ولد عليه من ذلك العهد واسود الحجر الأسود بعد ابيضاضه وكانت الخطايا سببا في ذلك حكمة من الله تعالى قال السهيلي قال ابن جماعة رأيت الحجر سنة ثمان وسبعمائة وبه نقطة بيضاء ظاهرة لكل أحد ثم رأيت البياض بعد ذلك نقص نقصا بينا بحيث لم نرها إلا بعد جهد ا ه وقال الإمام أبو الربيع سليمان بن خليل المكي الشافعي شيخ الشيخ محب الدين الطبري في مناسكه الكبرى ولقد أدركت في الحجر ثلاث مواضع بيضاء نقية من ناحية باب الكعبة أكبرهن في قدر حبة الذرة الكبيرة والثانية دونها والثالثة إلى جنب الثانية وهي أصغر من الثانية قدر حبة الدخن قال ثم إني أتلمح تلك النقطة فإذا هي في كل وقت في نقص ا ه وذكر التقي الفاسي أنه ذاكر بهذا الأمر بعض مشايخه بعد نحو خمسة عشر سنة فذكر له أن في الحجر الأسود نقطة بيضاء خفية جدا ا ه ولم يذكر له موضعها من الحجر قال ولعلها النقطة الموجودة فيه الآن فإن في جانبه مما يلي باب الكعبة من أعلاه نقطة بيضاء قدر حبة سمسمة على ما أخبرني به ثلاثة نفر يعتمد عليهم من أصحابنا المكيين في يوم الجمعة خامس عشر جمادى الأولى سنة ثماني عشرة وثمانمائة ا ه قال المحب بن فهد وشاهدت بخط والدي العز مما نقله من خط جده التقي قال أنا رأيت هذه النقطة بعد الستين وثمانمائة بسنين ثم انطمست من نحو سنة سبعين وثمانمائة ا ه ثم نقل المحب عن أشياخه أنه رآها في حدود السبعين ولا يتفطن لها إلا حاد النظر مع الإشارة إليها وأنه قد رآها بإشارة التقي بن فهد ومعهم محدث اليمن الشيخ يحيى العامري صاحب كتاب بهجة المحافل وإنهم لم يروها بعد ا ه ملخصا وقوله في الحديث الشريف أن الحجر ألقم الصك الذي كتب فيه إقرار بني آدم بالتوحيد وأسماؤهم قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني في القواعد الكشفية الموضحة لمعاني الصفات الإلهية فإن قال(4/756)
قائل هذا غير متصور في العقل فالجواب أن كل ما عسر على العقل تصوره يكفينا فيه الإيمان به ورد معناه إلى الله تعالى وقد ذكر الشيخ محيي الدين في أول الباب الخامس عشر من الثلاثمائة ما يؤيد الإيمان بمثل ذلك وهو ما رواه الترمذي وغيره أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} خرج يوما على أصحابه وفي(4/757)
يده كتابان مطويان وهو قابض يده على كتاب فقال لأصحابه أتدرون ما هذان الكتابان فأخبرهم أن في الكتاب الذي في يده اليمنى أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم إلى يوم القيامة وأن الذي في يده اليسرى فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم إلى يوم القيامة ا ه فلو أن الإنسان أراد أن يكتب هذه الأسماء على ما هي عليه في هذين الكتابين لما قام بذلك ورق الدنيا ومن هنا نفرق كتابة الله من كتابة المخلوقات قال الشيخ محيي الدين وهذا علم غريب عجيب وقد ذقناه وشاهدناه وحكى أن فقيرا كان طائفا بالبيت فقال له إنسان هل نزلت لك ورقة من السماء بعتقك من النار فقال لا وهل ينزل للناس أوراق فقال الحاضرون نعم وهم يمزحون معه فلا زال يطوف ويسأل الله أن ينزل له براءة من النار فنزلت عليه ورقة من ناحية المنبر الشريف مكتوب فيها عتقه من النار ففرح بها وأطلع الناس عليها وكان من شأن ذلك الكتاب أن يقرأ من كل ناحية على السواء لا يتغير كلما قلبت الورقة انقلبت الكتابة بانقلابها فعلم الناس أن ذلك من عند الله بلا شك قال الشيخ محيي الدين واتفق في زماننا أن امرأة رأت في المنام كأن القيامة قد قامت فأعطاها الله ورقة من شجرة مكتوب فيها عتقها من النار فمسكتها في يدها ثم استيقظت والورقة قد انقبضت عليها يدها فلم يقدروا على فتح يدها بحيلة فأرسلوها إلي فألهمني الله عز وجل أن قلت لها انو بقلبك مع الله أنك تبلعين الورقة إذا فتح كفك فقربت يدها إلى فمها ونوت ذلك فابتلعتها وذلك أن الله تعالى أراد منها أن لا يطلع عليها أحد فاعلم ذلك يا أخي وآمن بأن الله على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين ا ه ومن آيات الحجر وخواصه حفظ الله له من الضياع منذ أهبط إلى آدم وقد وقع له أمور تقتضي ذهابه كالطوفان ودفن أبي إياد وذكر ابن جماعة أن الحجر أزيل من موضعه غير مرة ثم رده الله إليه قال وقع ذلك من جرهم وإياد والعمالقة والقرامطة(4/758)
قال التقي الفاسي وما ذكره عن العماليق لم أره لغيره ا ه وفي سنة بضع وثلاثين وألف سقط من البيت الحرام الجدار الشامي وبعض من الشرقي والغربي وبقي الجدار اليماني صحيحا فاقتضى رأي المعلم بالبلد علي بن شمس الدين هدم ذلك كله فمنعته من هدم الجدار اليماني وألفت فيه مؤلفا سميته إيضاح تلخيص بديع المعاني في بيان منع هدم جدار الكعبة اليماني وأعانه عليه قوم آخرون فشرعوا في بناء البيت وكان الناظر على العمارة من قبل مولانا السلطان مرادخان نصره الله وقد كان الحجر الذي فوق الحجر الأسود قد اختل وبرز إلى خارج فأخرجوه وأخذ المهندس يزيل ما على الحجر الأسود من الجبس والفضة فبينما هو كذلك إذ قرص بالمعول من غير تأن فإذا بالحجر الأسود قد تشطأ منه أربع شطيات من وجهه وكادت أن تسقط عنه إلا أنها بقيت في مكانها فعظم هذا الأمر على المسلمين وشرع بعض الحاضرين يقول لا يتم إصلاح الحجر الأسود إلا إن رفع من مكانه ليصلح الذي تحته فلم يسلم له الحاضرون هذا الرأي وأبقوه بمحله ثم شرعوا في طبخ آلات يلصق بها ما كان تشطر منه ففعلوا وألصقوها فتم إحكامها ثم أعادوا الحجر الذي كان فوقه فوضعوه مكانه وأحكموا اللحام بينهما بالجبس والفضة المذابة وقد رأيت الحجر يومئذ وطوله نصف ذراع بذراع العمل وعرضه من جهة الباب إلى جهة اليماني ثمان قراريط وسمكه أربع قراريط وذكر المؤرخون أن أبا طاهر القرمطي نسبة إلى قرمط إحدى قرى واسط وهو كافر كما في شرح المشكاة لحج جاء مكة سابع ذي الحجة سنة ثلاثمائة وسبع عشرة فسفك الدماء بمكة حتى ملأ المسجد الحرام وبئر زمزم من القتلى وقلع الحجر الأسود وذهب بها إلى بلاد هجر وعلقه في مسجد الكوفة على الأسطوانة السابعة لزعمه الفاسد أن الحج ينقل إليه وبقي موضعه خاليا يضع الناس فيه أيديهم للتبرك إلى حين رده إلى موضعه وذلك عام تسعة وثلاثين وثلاثمائة فمدة إقامته عند القرامطة اثنان وعشرون سنة فافتداه أي اشتراه منهم(4/759)
الخليفة العباسي بثلاثين ألف دينار وأرسل إليهم عبد الله بن عكيم بالعين المهملة فالكاف بوزن عليم المحدث ومعه جماعة ليتعرفه ويأتي به فذهب هو ومن معه إلى القرامطة فأحضروا لهم حجرا فقال عبد الله لنا في حجرنا علامتان لا يسخن بالنار ولا يغوص في الماء فأحضروا نارا وماء فألقي في الماء فغاص ثم في النار فحمي وكاد يتشقق فقال(4/760)
عبد الله ليس هذا بحجرنا ثم أتي بحجر مضمخ بالطيب ففعل به عبد الله كذلك فجرى له ما جرى لذلك فأحضر إليهم الحجر الأسود فوضع في الماء فطفى ولم يغص وفي النار فلم يحم فعجب أبو طاهر وسأله عن معرفة ذلك فأسند عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال الحجر الأسود يمين الله في أرضه خلقه الله من درة بيضاء من الجنة وإنما اسود من ذنوب الناس يحشر يوم القيامة وله عينان يبصر بهما ولسان يتكلم به يشهد لكل من استلمه وقبله بالإيمان وأنه حجر يطفو على الماء ولا يسخن بالنار إذا أوقدت عليه قال أبو طاهر هذا دين مضبوط بالنقل ومن آيته أن تفسخ تحته وهم ذاهبون به قيل أربعون جملا وقيل ثلاثمائة وقيل خمسمائة ولما أعيد لمكة أعيد على جمل أعجف هزيل فسمن والله أعلم واعلم أن الأحكام الفقهية المتعلقة به من التقبيل وغيره في مذهبنا معلومة وأما عند الحنفية فيسن أن يستقبل الحجر بوجهه رافعا يديه إلى منكبيه ثم يرسلها ثم يستلمه فيضع كفه على الحجر الأسود ويقبله ويسجد عليه إن أمكن من غير إيذاء وإن لم يمكن وضع يديه عليه وقبلهما فإن لم يستطع وضع عليه نحو عصا فإن لم يتمكن رفع يديه إلى منكبيه وجعل باطنهما نحو الحجر مشيرا إليه كأنه واضع يديه عليه وظاهرهما نحو وجهه ويقبلهما وجزم جماعة منهم أن التقبيل مسنون في أول الطواف وآخره وفيما بينهما أدب وعند المالكية من سنن الطواف استلام الحجر بالفم تقبيلا أول كل طوفة فإن زوحم لمس بيده أو بعود ثم وضعه على فيه من غير تقبيل فإن لم يصل إليه كبر إذا حاذاه ومضى ولا يشير بيده وقال ابن وضاح يكون تقبيل الحجر بغير صوت قال مالك ويزاحم على الحجر ما لم يؤذ أحدا وأنكر مالك وضع الخدين والجبهة عليه وقال إنه بدعة قال ابن المنذر ولا نعلم أحدا أنكر ذلك غير مالك وعند الحنابلة يستلم الحجر فيمسحه بيده ويقبله إن أمكن كل طوفة وإلا استلمه وقبل يده فإن عجز استلمه بشيء معه وقبله فإن عجز عن ذلك أشار إليه بيده كما قاله أحمد ولم يقل يقبل(4/761)
يده وحسن السجود عليه في ابتداء الطواف وكذا يقبل عندهم الركن اليماني ولا يستحب رفع اليدين عند نية الطواف قبل استقبال الحجر عند الأربعة ولا عند استقباله إلا على مذهب الإمام أبي حنيفة قال العز بن جماعة وإنما نبهت على هذا لأن كثيرا من العوام يرفعون أيديهم عند نية الطواف والحجر عن يمينهم بكثير ا ه حاصل وملخص ما ذكره الشيخ الفاضل ابن علان في رسالته المذكورة نقلته مع طوله لما فيه من الفوائد المستغربة التي لم تذكر إلا في هذه الرسالة والله أعلم بالصواب فصل في الوقوف بعرفة إلخ جعل الوقوف مقصودا بالترجمة لكونه ركنا وأخره في الذكر لتقدم غيره عليه في الفعل ا ه ع ش قوله أن يخطب بمكة إلخ وكون الخطبة عند الكعبة أو ببابها حيث لا منبر أفضل ا ه حج ولو توجهوا للوقوف قبل دخول مكة استحب لإمامهم أن يفعل كما يفعل إمام مكة قاله المحب الطبري قال الأذرعي ولم أره لغيره ا ه شرح م ر قوله لتزيينهم فيه هوادجهم أي للسير في غد ا ه برماوي وعبارة حج لأنهم كانوا يزينون فيه هوادجهم انتهت وظاهره أن هذا الأمر قد انقطع وهو كذلك فإنه غير موجود الآن قوله أو جمعة ولا يكفي عنها خطبة الجمعة وإن تعرض لها فيها لأنه لم يدخل وقتها ا ه برماوي لأن وقتها بعد صلاة الجمعة قوله خطبة فردة انظر هل يجب عليه أن يتعرض لأركان خطبتي الجمعة أو لا توقف شيخنا في ذلك ومال إلى أنه لا يجب التعرض لكل الأركان بل يكفي أركان الخطبة الأولى فليحرر ثم استظهر بعد ذلك أنه يأتي بالأركان المشتركة لا غير وهي حمد الله تعالى والصلاة على رسول الله والوصية بالتقوى وأما قراءة الآية والدعاء للمؤمنين فلا يشترط ا ه بخط الشيخ خضر الشوبري وعبارة البرماوي قوله فردة ويفتتحها المحرم بالتلبية والحلال بالتكبير ويستحب له إن كان فقيها أن يقول هل من سائل ويجب أن يأتي فيها بالأركان الخمسة وهذه أول خطب الحج الأربع وثانيها يوم عرفة بمسجد إبراهيم وثالثها يوم العيد والرابعة(4/762)
ثاني أيام التشريق وكلها فرادى وبعد الصلاة إلا الثانية فثنتان وقبل صلاة الظهر وكلها بعد الزوال انتهت قوله يأمرهم فيها بالغدو أي السير قبل الزوال لأن العرب تقول غدا يومه أي ذهب قبل الزوال وراح إذا ذهب بعده ا ه برماوي تنبيه مر وجوب(4/763)
صوم الاستسقاء بأمر الإمام أو منصوبه وقياسه وجوب ما يأمر به أحدهما بجامع أنه مسنون أمر به فيهما وقد يفرق بأن في الصوم ثم عود مصلحة عامة على المسلمين لأنه قد يكون السبب في الغيث بخلافه هنا نعم مر ثم ما يعلم منه أن ما فيه مصلحة عامة يصير بأمره واجبا باطنا أيضا بخلاف ما ليس فيه تلك المصلحة لا يجب إلا ظاهرا فقط فكذا يقال هنا لا يجب إلا ظاهرا ومر ثم أيضا ما يعلم منه أن ولاية القضاء تشمل ذلك وحينئذ فهل الخطيب الذي ولاه الإمام الخطابة لا غير كذلك أو يفرق بأن من شأن القضاء النظر في المصالح العامة بخلاف الخطابة ا ه ابن حجر وقوله وقياسه وجوب ما يأمر به أحدهما إلخ يحتمل أن مرادهم بالأمر في هذا المقام الإخبار بأنهم مأمورون بذلك من جهة الشرع فإن فرض أنه أمر فيتجه أنه إن كان لمصلحة عامة وجب الامتثال كما في الاستسقاء وإلا فلا فليتأمل ا ه سم عليه قوله لأنهم يتروون فيه الماء أي يحملونه معهم من مكة ليستعملوه في عرفات وغيرها شربا وغيره لقلته إذ ذاك بتلك الأماكن وقيل لرؤيا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ذبح ولده في ليلته وقيل لأنه تروى أي تفكر في رؤياه التي رآها وقيل غير ذلك ا ه برماوي قوله إلى منى بكسر الميم وتخفيف النون على الأفصح ويجوز تشديدها وضم الميم خطأ لأنه جمع منية أي ما يتمنى وهي بالقصر وتذكيرها أغلب وقد تؤنث ويجوز فيها الصرف وعدمه على إرادة المكان أو البقعة سميت بذلك لكثرة ما يمنى أي يراق فيها من الدماء وهي ما بين وادي محسر وأسفل جمرة العقبة لأن الجمرة ليست منها وذلك سبعة آلاف ذراع ومائتا ذراع بذراع اليد وبينها وبين مكة فرسخ وكذا منها إلى مزدلفة ومن مزدلفة إلى عرفات كذلك ا ه برماوي فائدة في منى أربع آيات ما يقبل من أحجارها رفع وما لم يقبل ترك ولولا ذلك لسد ما بين الجبلين وأن الحدأة تحوم بمنى حول اللحم ولا تأخذ منه شيئا وأن الذباب لا يرى فيها في أيام التشريق وأنها تتسع بأهلها كاتساع بطن(4/764)
المرأة الحامل وكل ذلك مشاهد ا ه من هوامش بعض نسخ شرح م ر قوله ويسمى التاسع يوم عرفة قال {صلى الله عليه وسلم} أفضل الأيام يوم عرفة وإذا وافق يوم جمعة فهو أفضل من سبعين حجة في غير يوم جمعة أخرجه رزين وعن النبي {صلى الله عليه وسلم} إذا كان يوم جمعة غفر الله لجميع أهل الموقف قال الشيخ عز الدين بن جماعة سئل والدي عن وقفة الجمعة هل لها مزية على غيرها فأجاب بأن لها مزية على غيرها من خمسة أوجه الأول والثاني ما ذكرناه من الحديثين والثالث العمل يشرف بشرف الأزمنة كما يشرف بشرف الأمكنة ويوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع فوجب أن يكون العمل فيه أفضل الرابع في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه وليست في غير يوم الجمعة الخامس موافقة النبي {صلى الله عليه وسلم} فإن وقفته في حجة الوداع كانت يوم الجمعة وإنما يختار الله له الأفضل قال والدي أما من حيث إسقاط الفرض فلا مزية لها على غيرها وسأله بعض الطلبة فقال قد جاء أن الله تعالى يغفر لجميع أهل الموقف فما وجه تخصيصه ذلك بيوم الجمعة في الحديث يعني المتقدم فأجاب بأنه يحتمل أن الله تعالى يغفر في يوم الجمعة بغير واسطة وفي غير يوم الجمعة يهب قوما لقوم ا ه ز ي قوله إلى الخطبة الآتية هذا بيان لأصل السنة والأكمل والأفضل أن يعلمهم في كل خطبة جميع ما أمامهم من المناسك إلى آخرها لأنه أرسخ في أذهانهم وربما لم يحضر بعضهم بعض الخطب فيستفيد المناسك كلها مما حضره ا ه شيخنا قوله المتمتعين بخلاف المفرد والقارن الآفاقيين لا يؤمران بطواف وداع لأنهما لم يتحللا من مناسكهما وليست مكة محل إقامتهما ا ه م ر وعبارة حج يأمر فيها المتمتعين والمكيين بطواف الوداع بعد إحرامهم وقبل خروجهم لأنه مندوب لهم لتوجههم لابتداء النسك دون المفردين والقارنين لتوجههم لإتمامه انتهت قوله أي صلاته والأولى عند الضحى كما فعله النبي {صلى الله عليه وسلم} ا ه برماوي قوله خرج بهم قبل الفجر أي ندبا ا ه شرح م ر فإن لم يفعل هذا المندوب وتخلف إلى ما(4/765)
بعد الفجر وجب عليه المكث إلى صلاة الجمعة إن لم تتأت له بعد خروجه فلا منافاة بين ندب الخروج قبل الفجر وبين حرمة السفر بعده كما لا يخفى ا ه رشيدي قوله أيضا خرج بهم قبل الفجر أي ما لم تتعطل الجمعة بمكة ا ه حج وقوله ما لم تتعطل الجمعة بمكة فيه أمران الأول أن التعطيل إنما يكون بذهاب من تنعقد به بخلاف ذهاب من تلزمه ولا تنعقد به كالمقيم غير المستوطن(4/766)
فقوله ما لم تتعطل بمكة أي بأن كان تمام من تنعقد به أو جميع من تنعقد به الثاني أنه قدم في باب الجمعة قوله بل يحرم عليهم أي أهل القرية تعطيل محلهم من إقامتها والذهاب إليها في بلد آخر ثم قوله وقيده أي جواز سفر من لزمته إذا أمكنته في طريقه أو مقصده صاحب التعجيز بحثا بما إذا لم تبطل جمعة بلده بأن كان تمام الأربعين وكأنه أخذه مما مر آنفا من حرمة تعطيل بلدهم عنها لكن الفرق واضح فإن هؤلاء معطلون لغير حاجة بخلاف المسافر فإن فرض أن سفره لغير حاجة اتجه ما قاله وإن تمكن منها في طريقه ا ه وقضية فرقه أنهم لو عطلوا لحاجة جاز وحينئذ فالحاصل جواز كل من التعطيل والسفر لحاجة إذا تضرر بتخلفه عن الرفقة فيما يظهر أو أمكنته في محل آخر وإن خرج بعد الفجر وقياس ذلك جواز التعطيل فيما نحن فيه إذا أمكنتهم في منى مثلا وإن خرجوا بعد الفجر لأنه خروج لحاجة بل قد يتجه هناك وهنا جواز الخروج قبل الفجر وإن لزم التعطيل وعدم إدراكها في محل لعدم التكليف حينئذ فيتأمل بخلافه بعد الفجر فمن لزم من خروجه التعطيل امتنع وإن أدركها بمحل آخر ومن لا فإن لزمته امتنع أيضا إلا إن أدركها بآخر وعبارة شرح العباب عقب قوله فإن كان الثامن جمعة خرج من تلزمه قبل الفجر فإن خرجوا بعد الفجر وأمكن فعلها بمنى جاز وظاهره أنه لا فرق بين أن يتخلف بمكة من يقيم الجمعة وإن لا وليس مرادا بل الظاهر كما قاله الأذرعي والزركشي في الحالة الثانية المنع لأنهم مسيئون بتعطيل الجمعة بمكة ا ه ولا يخفى أن المتبادر منه تعلق بحث الأذرعي والزركشي بالخروج بعد الفجر لا قبله كما هنا ولم يذكر في حاشية الإيضاح بحث الأذرعي والزركشي إلا في قول الإيضاح قال الشافعي فإن بنى بها أي بمنى قرية واستوطنها أربعون من أهل الكمال أقاموا الجمعة هم والناس معهم ا ه ولم يتعرض له في قول الإيضاح قبل ما ذكر ما نصه فإن كان اليوم الثامن يوم جمعة خرجوا قبل طلوع الفجر ا ه سم عليه قوله إن(4/767)
لزمتهم الجمعة أي كالمكيين والمقيمين إقامة مؤثرة فإن لم يقيموا كذلك فلهم الخروج بعد الفجر ا ه برماوي قوله ولم يمكنهم إقامتها فإن أمكنهم بأن أحدث ثم قرية واستوطنها أربعون كاملون جاز خروجه بعد الفجر ليصلي معهم وإن حرم البناء ثم ا ه شرح م ر وقوله وإن حرم البناء ثم يؤخذ من هذا صحة صلاة الجمعة في السنينية الكائنة ببولاق وإن كانت بحريم البحر لأنه لا تلازم بين الحرمة وصحة صلاة الجمعة وهو ظاهر ا ه ع ش عليه قوله وأن يبيتوا بها عطف على يخطب وكذا يقال فيما سيأتي لكن يكون حينئذ في العبارة قلاقة لأن المعطوف عليه مقيد بالإمام أو نائبه فيصير التقدير يسن للإمام أن يخطب وأن يبيتوا ويقصدوا ويقيموا إلخ ما سيأتي وتركيب أصله كتركيبه فلذلك قال حج ما نصه قيل في تركيبه نظر إذ تقديره يستحب للإمام أن يبيتوا إلخ فلو قطع هذا وما بعده عن العطف فقال ويسن أن يبيتوا إلخ لكان أولى ويجاب بأنه خص الإمام بما يختص به من نحو يخطب ويخرج بهم ثم عممه وغيره بما لا يختص به بنحو يبيتوا إلخ مراعاة للمعنى ا ه بنوع تصرف قوله أيضا وأن يبيتوا بها أي للاستراحة لأجل المسير من الغد إلى عرفات من غير تعب ومن البدع المنكرة ما اعتاده الناس من إيقاد الشموع وغيرها في تلك الليلة وهو مشتمل على منكرات قال الزعفراني يسن المشي من مكة إلى المناسك كلها إلى انقضاء الحج لمن قدر عليه وأن يقصد مسجد الخيف فيصلي فيه ركعين ويكثر التلبية قبلهما وبعدهما ويصلي فيه مكتوبات يومه وصبح غده ا ه م ر وعبارة حج ويستحب للحجاج كلهم حتى من كان مقيما بمنى ومن لم يكن بمكة أن يبيتوا بها وأن يصلوا بها العصرين والعشاءين والصبح للاتباع رواه مسلم والأولى صلاتها بمسجد الخيف والنزول بمنزله {صلى الله عليه وسلم} أو قريب منه وهو بين منحره وقبلة مسجد الخيف وهو إليها أقرب انتهت قوله وأن يقصدوا عرفة أي مكثرين في سيرهم التلبية والدعاء ومنه اللهم إليك توجهت وإلى وجهك الكريم أردت فاجعل ذنبي(4/768)
مغفورا وحجي مبرورا وارحمني ولا تخيبني إنك على كل شيء قدير وسمي الموقف عرفة لأنه نعت لإبراهيم فلما رآه عرفه وقيل لأن جبريل عرفه المناسك فيه وقيل لأنه كان يدور في المشاعر فلما رآه قال عرفت وقيل لأن آدم وحواء لما نزلا من الجنة متفرقين آدم بالهند بجبل سرنديب وحواء(4/769)
بجدة التقيا فيه فتعارفا وقيل لأن الناس يتعارفون فيه وقيل غير ذلك وعلامتها من جهة مكة العلمان المشهوران وما يزعمه العوام فيهما من نزول حواء عليهما ومن فضيلة الدخول بينهما فمن خرافاتهم ومسافتهما من باب السلام ثلاثمائة ألف ذراع وأربعون ألف ذراع واثنان وثمانون ذراعا بذراع اليد ا ه برماوي قوله هو أولى من قوله إذا طلعت وجه الأولوية أن الإشراق هو الإضاءة وهو لا يحصل بمجرد الطلوع ا ه ع ش قوله جبل كبير بمزدلفة كذا عبر م ر في شرحه وكأنه سبق قلم لأن ثبيرا بمنى كما هو ضروري عند أهل الحجاز وعبارة حج وهو المطل على مسجد الخيف قاله المصنف وغيره وإن اعترضه المحب الطبري وقال بل هو مقابله الذي على يسار الذاهب لعرفة وجمع بأن كلا يسمى بذلك ومع تسليمه فالمراد الأول أيضا انتهت قوله بطريق ضب بضاد معجمة وهو جبل مطل على مزدلفة ويسن أن يعودوا من طريق المأزمين وهما جبلان بين عرفة ومزدلفة بينهما طريق ضيق وهي المأزم ا ه برماوي وفي المختار المأزم الطريق الضيق بين الجبلين ا ه قال حج في حاشية الإيضاح وإطلاقه على الجبل نفسه مجاز علاقته المجاورة فسمي الجبل باسم الطريق الذي بجواره فقول المحشي ويسن أن يعود من طريق المأزمين من قبيل المجاز إذ مراده بالمأزمين الجبلان المكتنفان للملازم الذي هو الطريق الضيق بينهما ا ه قوله أيضا بطريق ضب وكأنه الذي ينعطف على اليمين قرب المشعر الحرام وما حدث الآن من مبيت أكثر الناس هذه الليلة بعرفة بدعة قبيحة اللهم إلا من خاف زحمة أو على محترم لو بات بمنى أو وقع شك في الهلال يقتضي فوت الحج بفرض الحج بفرض المبيت فلا بدعة في حقه ومن أطلق ندب المبيت بها عند الشك فقد تساهل إذ كيف يترك السنة وحجه مجزئ بتقدير الغلط إجماعا فالوجه التقييد بما ذكرته ا ه حج قوله بقربها الضمير فيه راجع لعرفة ا ه برماوي قوله بنمرة بفتح النون وكسر الميم ويجوز إسكان الميم مع فتح النون وكسرها موضع يندب فيه الغسل(4/770)
للوقوف كما مر ا ه برماوي قوله إلى مسجد إبراهيم أي الخليل بدليل قوله {صلى الله عليه وسلم} وعبارة حج بعد قوله خلافا لمن نازع في هذه النسبة وزعم أنه منسوب لإبراهيم أحد أمراء بني العباس المنسوب إليه باب إبراهيم بالمسجد الحرام انتهت قوله وصدره من عرفة قال البغوي وصدره محل الخطبة والصلاة ا ه شرح م ر وهو المحل الذي سقف الآن بالعقد وهو أربع بوائك وبقية المسجد فضاء يدور به حائط مرتفع نحو ثلاث قامات وكذلك وضع مسجد الخيف بمنى ا ه قوله من عرنة بضم العين المهملة وفتح الراء وليست نمرة ولا عرفة من عرفات ولا من الحرم ا ه برماوي وبين الحرم وعرفة نحو ألف ذراع ا ه حج وقوله وآخره من عرفة عبارة الإيضاح واعلم أنه ليس من عرفات وادي عرنة ولا نمرة ولا المسجد الذي يصلي فيه الإمام المسمى مسجد إبراهيم {صلى الله عليه وسلم} ويقال له أيضا مسجد عرنة بل هذه المواضع خارج عرفات على طرفها الغربي مما يلي مزدلفة ومنى ومكة وهذا الذي ذكرنا من كون المسجد ليس من عرفات هو نص الشافعي رحمه الله تعالى وقال الشيخ أبو محمد الجويني مقدم هذا المسجد في طرف وادي عرنة لا في عرفات وآخره في عرفات فمن وقف في مقدم المسجد لم يصح وقوفه ومن وقف في آخره صح وبهذا جزم الإمام أبو القاسم الرافعي مع شدة تحقيقه واطلاعه فلعله زيد فيه بعد الشافعي من أرض عرفات هذا المقدار المذكور في آخره انتهت قوله ويميز بينهما أي بين صدره وآخره وقوله فرشت هناك أي في المسجد ا ه من الإيضاح لكنها ليست ظاهرة الآن بل أخفاها التراب لما حدث في المسجد من العمارات المتكررة قوله ما أمامهم من المناسك ككيفية الوقوف وشرطه والدفع إلى مزدلفة والمبيت بها والدفع إلى منى والرمي وجميع ما يتعلق بذلك ا ه شرح م ر وأفهم قوله ما أمامهم أنه لا يتعرض لما قبل الخطبة التي هو فيها ولو قيل ينبغي التعرض له أيضا ليعرفه أو يتذكره من أخل به لم يبعد ا ه حج قوله إلى خطبة يوم النحر قد عرفت ما فيه قوله ويأخذ المؤذن في الأذان أي(4/771)
حقيقة لا الإقامة فعليه يؤخر الأذان عن الزوال إلى الفراغ من الخطبة الأولى ا ه ح ل وعبارة حج فإذا قام إلى(4/772)
الخطبة الثانية أخذ المؤذن في الأذان لا الإقامة على المعتمد ويخففها بحيث يفرغ منها مع فراغ الأذان ثم يقيم ويصلي بهم انتهت وعبارة الإيضاح ويكون جمعه بأذان وإقامتين انتهت ولما كان القصد من الثانية إنما هو مجرد الذكر والدعاء والتعليم إنما هو في الأولى شرعت مع الأذان وإن منع سماعها قصدا للمبادرة بالصلاة ا ه شرح م ر قوله من الأذان أي أذان الظهر ا ه ع ش قوله العصرين أي الظهر والعصر ويسر فيهما خلافا للإمام أبي حنيفة ا ه برماوي قوله والجمع للسفر لا للنسك عبارة شرح م ر والجمع والقصر هنا وفيما يأتي بالمزدلفة للسفر لا للنسك فيختصان بسفر القصر فالمكيون ومن سفره قصير يقول له الإمام بعد سلامه أتموا ولا تجمعوا معنا فإنا قوم سفر وفي المجموع عن الشافعي والأصحاب أن الحجاج إذا دخلوا مكة ونووا أن يقيموا بها أربعا لزمهم الإتمام فإذا خرجوا يوم التروية إلى منى ونووا الذهاب إلى أوطانهم عند فراغ نسكهم كان لهم القصر من حين خرجوا لأنهم أنشئوا سفرا تقصر فيه الصلاة ا ه وظاهر أن محل ذلك فيما كان معهودا في الزمن القديم من سفرهم من بعد نفرهم من منى بيوم ونحوه وأما الآن فاطردت عادة أكثرهم بإقامة أميرهم بعد النفر فوق أربع كوامل فلا يجوز لأحد ممن عزم على السفر منهم قصر ولا جمع لأنهم لم ينشئوا حينئذ سفرا تقصر فيه الصلاة انتهت وقوله وظاهر أن محل ذلك فيما كان معهودا إلخ وظاهر أنهم في هذه الأزمان يقصرون ويجمعون في مكة إذا دخلوها وبعد خروجهم منها إلى عرفات حتى يرجعوا إليها بعد أيام منى لأن بدخولهم إلى مكة قبل الوقوف لا ينقطع سفرهم لأنهم لم ينووا الإقامة بها في هذا الدخول أربعة أيام صحاح لأن دخولهم إليها الآن في الغالب إما في الخامس أو الرابع أو نحو ذلك ثم يخرجوا إلى عرفات في الثامن ا ه رشيدي وعبارة البرماوي فرع يقع لكثير من الحجاج أنهم يدخلون مكة قبل الوقوف بنحو يومين ناوين الإقامة بمكة بعد رجوعهم من منى أربعة(4/773)
أيام فأكثر فهل ينقطع سفرهم بمجرد وصولهم مكة نظرا لنية الإقامة بها ولو في الأثناء أو يستمر سفرهم إلى عودهم إليها من منى لأنها من جملة مقصدهم فلم تؤثر نيتهم الإقامة القصيرة قبله ولا الطويلة إلا عند الشروع فيها وهي إنما تكون بعد رجوعهم من منى للنظر في ذلك مجال وكلامهم محتمل والثاني أقرب انتهت قوله لا للنسك أي خلافا لما صححه النووي في مناسكه من كونه للنسك ا ه برماوي قوله وأن يقفوا بعرفة الظاهر أن أصل الوقوف واجب مع أنه بالنصب في كلامه لعطفه له على يخطب المقتضي لاستحبابه وهو صحيح من حيث طلب استمراره إلى الغروب إذ هو مستحب حينئذ ا ه شرح م ر فلذلك صحح الشارح العطف بقوله إلى الغروب أخذا له من كلام المتن إذ قوله إلى الغروب راجع إلى المسألتين قبله وعبارة حج وإذا فرغوا من الصلاة سن لهم أن يبادروا إلى عرفة إلخ انتهت وعبارة الإيضاح وإذا فرغوا من الصلاة ساروا إلى الموقف وعرفات كلها موقف ففي أي موضع منها وقف أجزأه لكن أفضلها موقف رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وهو عند الصخرات الكبار المفروشة في أسفل جبل الرحمة وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفات ويقال له إلال على وزن هلال وذكره الجوهري في صحاحه بفتح الهمزة والمعروف كسرها ا ه وقوله المفروشة إلخ أي المجعولة والمخلوقة لا أنها مفروشة بوضع الخلق كما هو مشاهد وهي في هذا الزمان قد حوط عليها بحائط صغير علوه نصف قامة وفيه محراب على هيئة المساجد ثم قال في الإيضاح وأما حدود عرفة فقال الشافعي رحمه الله تعالى هي ما جاوز وادي عرنة بضم العين وفتح الراء وبعدها نون إلى الجبال المقابلة مما يلي بساتين ابن عامر ونقل الأزرقي عن ابن عباس قال حد عرفات من الجبل المشرف على بطن عرنة إلى جبال عرفة إلى وضيق إلى ملتقى وضيق ووادي عرنة وقال بعض أصحابنا لعرفات أربع حدود أحدها ينتهي إلى جادة طريق المشرق والثاني إلى حافات الجبل الذي وراء أرض عرفات والثالث إلى البساتين التي تلي قرية عرفات والرابع(4/774)
ينتهي إلى وادي عرنة قال إمام الحرمين ويطيف بمنعرجات عرفات جبال وجوهها المقبلة من عرفات ا ه وفي المصباح ومتعرج الوادي اسم فاعل حيث يميل يمنة ويسرة ا ه ثم قال في الخامسة أي من(4/775)
سنن الوقوف أن يحرص على الوقوف بموقف رسول الله {صلى الله عليه وسلم} كما سبق بيانه وأما ما اشتهر عند العوام من الاعتناء بالوقوف على جبل الرحمة الذي بوسط عرفات كما سبق بيانه حتى ربما توهم كثير من جهلتهم أنه لا يصح الوقوف إلا به فخطأ مخالف للسنة ولم يذكر أحد في صعود هذا الجبل فضيلة إلا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري فإنه قال يستحب الوقوف عليه ولذا قال صاحب الحاوي يستحب أن يقصد هذا الجبل الذي يقال له جبل الدعاء وهو موقف الأنبياء ا ه وهذا الذي قالاه لا أصل له ولم يرد فيه حديث صحيح ولا ضعيف فالصواب هو الاعتناء بموقف رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وفيه حديث صحيح وقد قال إمام الحرمين في وسط عرفات جبل يسمى جبل الرحمة لا نسك في صعوده وإن كان يعتاده الناس إذا عرفت ما ذكرنا من كان راكبا فليخالط بدابته الصخرات المذكورة وليداخلها كما فعل رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ومن كان راجلا قام على الصخرات أو عندها على حسب الإمكان بحيث لا يؤذي أحدا وإن لم يمكنه ذلك الموقف فليقرب مما يقرب منه ا ه ويتجنب كل موضع يؤذي فيه أو يتأذى السادسة إذا كان يشق عليه الوقوف ماشيا أو كان يضعف به عن الدعاء أو كان مما يقتدى به ويستفتى فالسنة أن يقف راكبا وإن كان لا يضعف بالمشي عن الدعاء ولا هو ممن يقتدى به ففيه أقوال للشافعي أصحها الركوب أفضل والثاني المشي أفضل والثالث هما سواء هذا في حق الرجل وأما المرأة فالأفضل أن تكون قاعدة لأنه أستر لها إلا أن يكون لها نحو هودج فالأولى لها الركوب فيه وأن تكون في حاشية الموقف لا عند الصخرات والزحمة السابعة الأفضل أن يكون مستقبل القبلة متطهرا مستور العورة فلو وقف محدثا أو جنبا أو حائضا أو عليه نجاسة أو مكشوف العورة صح وفاتته الفضيلة إلى أن قال التاسعة أن يكون حاضر القلب فارغا من الأمور الشاغلة عن الدعاء فيقدم قضاء اشتغاله قبل الزوال ويتفرغ بظاهره وباطنه عن جميع العلائق وينبغي أن لا يقف في طرق القوافل وغيرها لئلا ينزعج بهم إلى أن قال(4/776)
الحادية عشر الأفضل للواقف أن لا يستظل بل يبرز للشمس إلا لعذر بأن يتضرر أو ينقص دعاؤه أو اجتهاده إلى أن قال الثالثة عشر ليحذر كل الحذر من المخاصمة والمشاتمة والكلام القبيح بل ينبغي أن يحترز عن الكلام المباح ما أمكنه فإنه تضييع للوقف المبهم فيما لا يعني وينبغي أن يحترز غاية الاحتراز عن احتقار من يراه رث الهيئة أو مقصرا في شيء ويحترز عن انتهار السائل ونحوه وإن خاطب ضيفا تلطف في مخاطبته فإن رأى منكرا محققا أنكره بلطف ا ه قوله قال في الروضة إلخ الظاهر أن الأولى ذكر هذه العبارة عقب قوله إلى مسجد إبراهيم ولعله ذكرها هنا إشارة إلى أن الأفضل الوقوف بموقف النبي {صلى الله عليه وسلم} وقد تقدم بيانه في عبارة الإيضاح تأمل قوله أفضل الدعاء إلخ وإذا كان هو الأفضل فيتعين الإكثار منه ففيه دليل للمدعى وأما دليل إكثار الذكر فلم يذكره وقد ذكره حج بقوله وروى المستغفري خبر من قرأ قل هو الله أحد يوم عرفة ألف مرة أعطي ما سأل ا ه قوله دعاء يوم عرفة قال الطيبي الإضافة يجوز أن تكون بمعنى اللام أي دعاء خص بذلك اليوم وقوله أفضل ما قلت إلخ أي أفضل ما دعوت به إلخ بيان للدعاء الذي خص بذلك اليوم فالدعاء هو قوله لا إله إلا الله ويجوز أن تكون بمعنى في فعلى هذا يعم الدعاء بأي شيء دعا ويكون قوله أفضل ما قلت إلخ عطفا على قوله أفضل الدعاء إلخ ا ه شوبري بتصرف قوله وأفضل ما قلت إلخ أي عشية عرفة كما في روايات ا ه رشيدي قوله روى الترمذي إلخ وروى المستغفري خبر من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة يوم عرفة أعطي ما سأل وسن أن يقرأ سورة الحشر ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات لما صح اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج ويستفرغ جهده فيما يمكنه من ذلك ومن الخضوع والذلة وتفريغ الباطن والظاهر من كل مذموم فإنه موقف تسكب فيه العبرات وتقال العثرات وروى البيهقي عن ابن عباس رأيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يدعو بعرفة يداه إلى صدره كاستطعام المسكين كيف وهو أعظم مجامع الدنيا(4/777)
وفيه من الأولياء والخواص ما لا يحصى وصح أن الله تعالى يباهي بالواقفين الملائكة ويسن للذكر كامرأة في هودج أن يقف راكبا ومتطهرا ومستقبل القبلة وبموقف رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أو قريب منه وهو معروف(4/778)
وأن يكثر الصدقة وأفضلها العتق وأن يحسن ظنه بربه تعالى ومن ثم لما رأى الفضيل رضي الله عنه بكاء الناس بعرفة ضرب لهم مثلا ليرشدهم إلى ذلك بأنهم مع كثرتهم لو ذهبوا لرجل فسألوه دانقا ما خيبهم فكيف بأكرم الكرماء والمغفرة عنده دون دانق عندنا وصح خبر ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة وليحذر من صعود جبل الرحمة بوسط عرفة فإنه بدعة خلافا لجمع ذهبوا إلى أنه سنة وأنه موقف الأنبياء ا ه حج قوله وله الحمد زاد في رواية يحيي ويميت وهو الحي الذي لا يموت بيده الخير إلخ ومن مأثوره اللهم لك الحمد كالذي نقول وخيرا مما نقول اللهم إنك تسمع كلامي وترى مكاني وتعلم سري وعلانيتي ولا يخفى عليك شيء من أمري أسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال الذليل وأدعوك دعاء الخائف المضطر دعاء من خضعت لك رقبته وفاضت عبرته وذل جسده ورغم لك أنفه اللهم لا تجعلني بدعائك شقيا وكن بي رءوفا رحيما يا خير المسئولين ويا خير المعطين ويندب أن يكرر كل ذكر ودعاء ثلاثا وأن يفتتحه ويختتمه بالتسبيح والتحميد والتمجيد والتهليل والصلاة والسلام على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وأن يكثر من التلبية وقراءة القرآن خصوصا سورة الحشر لأثر ورد فيها وأن يرفع يديه ولا يجاوز بهما رأسه وأن لا يفرط في الجهر بالدعاء وغيره وأن لا يستظل بل يبرز للشمس إلا لعذر وأن يكون في جملة لك مستقبلا متطهرا مستورا راكبا خاشعا باكيا متباكيا فهناك تسكب العبرات وتقال العثرات ويحرص في هذا اليوم وما بعده على أكل الحلال الصرف إن تيسر وإلا فما قلت شبهته ويفرغ قلبه من الشواغل قبل الزوال ودخول عرفة قبله بدعة وإن وقع شك في الهلال لأن وقوف اليوم العاشر بشرطه مجزئ إجماعا وأن يحذر المشاتمة والمخاصمة وانتهار السائل واحتقار أحد وكثرة الكلام والتعريف بغير عرفة وهو جمع الناس بعد صلاة العصر للدعاء والذكر إلى غروب الشمس كما يفعل أهل عرفة فيه خلاف قال الإمام أحمد رضي الله(4/779)
عنه لا بأس به إن خلى عن نحو اختلاط رجال ونساء وقد فعله الحسن وجماعة وكرهه مالك رضي الله عنه وجماعة وفي البخاري أول من عرف بالبصرة ابن عباس رضي الله عنهما قال النووي ومن جعله بدعة لم يلحقه بفاحش البدع بل خفف أمره ا ه برماوي قوله وفي بصري نورا أي يقول ذلك ولو كان أعمى ا ه ع ش على م ر قوله بعد الغروب إلخ ظاهر التعبير بثم أنه يطلب التراخي بعد الغروب وهو كذلك ونص عبارة م ر والأفضل بقاؤهم بعده حتى تزول الصفرة قليلا انتهت وقوله يقصدوا مزدلفة أي مارين على طريق المأزمين ومزدلفة كلها من الحرم وحدها ما بين مأزمي عرفة ووادي محسر مشتقة من الازدلاف وهو التقرب لأن الحجاج يتقربون منها إلى منى والازدلاف التقريب وتسمى أيضا جمعا بفتح الجيم وسكون الميم سميت بذلك لاجتماع الناس بها ا ه شرح م ر قوله ويجمعوا بها المغرب والعشاء تأخيرا قال في المجموع والسنة أن يصلوا قبل حط رحالهم بأن ينيخ كل جمله ويعقله ثم يصلون للاتباع رواه الشيخان ويصلي كل منهم رواتب الصلاتين كما مر في الجمعة ولا يتنفل نفلا مطلقا ويتأكد إحياء هذه الليلة لهم كغيرهم بالذكر والفكر والدعاء والحرص على صلاة الصبح بمزدلفة ا ه شرح م ر قوله أيضا يجمعوا بها المغرب والعشاء إلخ والجمع بينهما يكون على الأصح بأذان للأولى وبإقامتين لهما ا ه إيضاح قوله تأخيرا فائدة التنصيص على ندب التأخير هنا مع ما مر في القصر من أنه أفضل في حق السائر في وقت الأولى بيان أنه هنا أفضل وإن لم يكن سائرا في وقت الأولى ولو قلنا إن عدم الجمع أفضل ولو صلى كلا في وقتها أو جمع في وقت الغروب أو صلى وحده أو صلى إحداهما مع الإمام والأخرى وحده جامعا أو لا أو صلى بعرفة أو الطريق فاتته الفضيلة ا ه برماوي قوله أسرع أي ندبا وعبارة الإيضاح استحب أن يسرع ويحرك دابته اقتداء برسول الله {صلى الله عليه وسلم} انتهت قوله أو مارا في طلب آبق أو نحوه فهو لا ينصرف بالصرف إلى غيره بخلاف الطواف فإنه كما تقدم(4/780)
ينصرف بالصرف إلى غيره ومثله السعي والرمي ا ه ح ل وكذا الحلق انتهى شيخنا قوله أي بجزء منها أي ولو على دابة قال العلامة الزيادي أو على قطعة نقلت منها إلى غيرها وقال شيخنا ع ش(4/781)
لا يجزئ وأما هواها كنحو سحاب أو غصن شجرة أصلها خارج عنها أو عكسه فلا يكفي ولو كان وليا ومر عليها في الهواء فإن وقف على غصن في هوائها وأصله في أرضها كفى لأن الاعتبار هنا بالأرض وبذلك فارق ما في الاعتكاف من الاكتفاء بذلك كله ا ه برماوي قوله بين زوال وفجر نحر قال ابن الصباغ يحرم تأخير الوقوف إلى الليل مع التمكن منه نهارا والراجح خلافه وعلى هذا هل يشترط للجواز العزم على الفعل كما في الصلاة إذا دخل وقتها لا يبعد عدم الاشتراط لأن تلبسه بالإحرام كاف إذ هو شامل لجميع الأركان وبهذا فارق نحو الصلاة وأيضا هو جزء عبادة فليتأمل ا ه شوبري وإنما لم يعتبر هنا مضي قدر الخطبتين والصلاة بعد الزوال للإجماع على اعتبار الزوال بل جوزه أحمد قبله فالوجه القائل باشتراط ذلك كما في الأضحية شاذ ولعل الفرق التسهيل على الحاج لكثرة أعماله فوسع له الوقت ولم يضيق عليه باشتراط توقفه على شيء آخر بعد الزوال بخلاف المضحي ا ه شرح م ر قوله وفي خبره وعرفة كلها موقف عبارة شرح م ر لخبر وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف رواه مسلم انتهت قوله من جاء ليلة جمع أي من جاء عرفة كما يدل له أول الحديث ا ه قوله هي ليلة المزدلفة سميت بذلك لاجتماع الحجاج بها أو للجمع فيها بين الصلاتين أو لاجتماع آدم وحواء بها وفي تسميتها ليلة جمع رد لما قيل إنها تسمى ليلة عرفة وأن هذا مستثنى من كون الليل يسبق النهار وكأن قائله توهمه من إعطائها حكم يوم عرفة في إدراك الوقوف وهو فاسد كما هو ظاهر ا ه حج قوله لكن يقع حجهم نفلا المعتمد أن المجنون يقع حجه نفلا بخلاف المغمى عليه والسكران فإن حجهما لا يقع نفلا ولا فرضا ويفرق بأن المجنون له ولي يحرم عنه ولا كذلك المغمى عليه والسكران فإنه لا ولي لهما فهما وإن أحرما عن أنفسهما قبل الإغماء والسكر ليس لهما من يأتي عنهما بأعمال الحج ا ه ز ي ا ه ع ش واعتمد ح ل في السكران تفصيلا فقال إن زال عقله فهو كالمجنون وإن لم(4/782)
يزل انتظرت إفاقته ويقع حجه فرضا وسبقه إلى ذلك الشيخ سلطان ا ه شيخنا وفي شرح م ر ما يقتضي هذا التفصيل وعبارة البرماوي والمعتمد أن المغمى عليه جميع الوقت لا يقع حجة لا فرضا ولا نفلا لعدم أهليته بخلاف المجنون والسكران إذا زال عقله فيقع حجهما نفلا بخلاف السكران إذا لم يزل عقله فيقع حجه فرضا وسواء تعدى السكران والمجنون والمغمى عليه بما فعلوه أو لا انتهت وفي الرشيدي ما نصه وصورته في المجنون أن يبني له وليه على إحرامه السابق فلا يكفي حضور المجنون بنفسه ا ه قوله أيضا لكن يقع حجهم نفلا هذا يوجب أن يكون المراد بقوله وهو أهل للعبادة في الفرض لا مطلقا ا ه سم قوله سن دم أي كدم التمتع ا ه شرح م ر وهو دم ترتيب وتقدير ا ه حج قوله خروجا من خلاف من أوجبه وهو الإمام مالك رضي الله عنه ا ه برماوي قوله ولو ليلا غاية للرد على من قال عوده في الليل لا يسقط وجوب الدم لأن النسك الوارد الجمع بين آخر النهار وأول الليل وقد فوته ا ه شرح م ر قوله ولو وقفوا العاشر إلخ مقتضى ذلك أنه لا يصح الوقوف ليلة الحادي عشر وهو ما مشى عليه القاضي حسين وخالفه ابن المقري في إرشاده فصرح بصحة الوقوف ليلة الحادي عشر حيث قال بين زوال يوم أو ثانيه لغلط الجمع وفجر غده وعليه فلا يجزئ قبل الزوال ويكون أداء ولا يصح نحو رمي إلا بعد نصف الليل وتقدم الوقوف ولا ذبح إلا بعد طلوع شمس الحادي عشر ومضي قدر ركعتين خفيفتين وتمتد أيام التشريق على حساب وقوفهم وهذا هو المعتمد وأعرب بعضهم غلطا مفعولا له ليشمل مسألة الرافعي وهي ما لو تبين لهم الحال قبل الزوال فوقفوا عالمين بذلك فإنه يجزيهم إذ لو أعرب مصدرا في موضع الحال بمعنى غالطين خرجت هذه الصورة ودخل غلط الحاسب الذي يعتمد منازل القمر وتقدير سيره مع أنه لا يجزيه ويتعين حمل عبارة الأصل على الحال لتخرج هذه المسألة فإن فيها خلافا كما أشار إليه الجلال المحلي إذ لو دخلت في عبارته لزم القطع فيها(4/783)
بالإجزاء مع أن فيها خلافا ا ه برماوي وفي سم على حج ما نصه فرع الوجه أنه إذا حصل الغلط صار العاشر هو يوم عرفة شرعا والحادي عشر هو العيد شرعا في حق كل من كان محرما بالحج أو أحرم به في ذلك فلا تجزئ تضحيته في اليوم التاسع ولا العاشر وقضية ذلك صحة صومه العاشر(4/784)
ا ه م ر ثم قال أعني سم وهل يثبت كون الحادي عشر هو العيد والثلاثة بعده هي التشريق في حق غير الحجيج أيضا بالنسبة لصلاة العيد وذبح الأضحية ونحو ذلك فيه نظر والذي يظهر لي في غيرهم أن من سلم من الغلط وثبتت الرؤية في حقه كأن كان هو الرائي أو لا لم يثبت ما ذكر في حقه بل يعمل بمقتضى تلك الرؤية ومما يعين ذلك أن بعض الحجيج لو انفرد بالرؤية لزمه العمل بالرؤية ولم يجز له موافقة الغالطين وإن كثروا وإذا كان هذا في بعض الحجيج ففي غيرهم أولى وعبارة العباب ومن رأى الهلال وحده أو مع مردود الشهادة وقف في التاسع عنده وإن وقف الناس بعده ا ه ومن لم يسلم من الغلط بأن لم يره هو ولا من يلزمه العمل برؤيته فيحتمل ثبوت ما ذكر في حقه تبعا للحجيج ويحتمل خلافه لأن هذا من خصائص الحج ألا ترى أنهم لو تركوا الحج ووقفوا في هذا الغلط لم يثبت في حقهم هذا الحكم كما هو ظاهر بل العبرة في حقهم بما تبين وهذا كله بالنسبة لأهل مكة ومن وافقهم في المطلع أما من خالفهم فيه فلا توقف في عدم ثبوت ما ذكر في حقهم مطلقا كما هو ظاهر فليتأمل ا ه قوله أجزأهم وقوفهم ويكون أداء لا قضاء لأنه لا يدخله القضاء أصلا وقد قالوا ليس يوم الفطر أول شوال مطلقا بل يوم يفطر الناس وكذا يوم النحر يوم يضحي الناس ويوم عرفة الذي يظهر لهم أنه يوم عرفة سواء التاسع والعاشر لخبر الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس رواه الترمذي وصححه وفي رواية للشافعي وعرفة يوم يعرف الناس ومن رأى الهلال وحده أو مع غيره وشهد به فردت شهادته يقف قبلهم لا معهم ويجزيه إذ العبرة في دخول وقت عرفة وخروجه باعتقاده وهذا كمن شهد برؤية هلال رمضان فردت شهادته وقياسه وجوب الوقوف على من أخبره بذلك ووقع في قلبه صدقه ا ه شرح م ر وقوله لأنه لا يدخله القضاء أصلا بمعنى أنه لا يصح في غير يومه المخصوص في غير الغلط المار وإلا فهو يقضي بالإفساد كما يأتي وقوله فردت شهادته ليس بقيد(4/785)
فالمدار على أنه رآه وقوله وقياسه وجوب الوقوف على من أخبره وانظر هل يجزئ هنا ما مر في الصوم من العمل بالحساب ا ه رشيدي ولا فرق في إجزاء الوقوف غلطا في العاشر بين وقوفهم فيه معا أو مرتبين واحدا واحدا مثلا كما هو ظاهر وإن توهم بعض الطلبة خلافه ا ه سم على حج قوله ما إذا وقع ذلك بسبب حساب أي فلا يجزيهم ووجهه نسبتهم إلى التقصير في الحساب ا ه رشيدي قوله وخرج بالعاشر إلخ عبارة أصله مع شرح م ر وإن وقفوا في اليوم الثامن غلطا بأن شهد شاهدان برؤية هلال ذي الحجة ليلة الثلاثين من ذي القعدة ثم بانا كافرين أو فاسقين وعلموا قبل فوات الوقوف وجب الوقوف في الوقت تداركا له وإن علموا بعده أي بعد فوات وقت الوقوف وجب القضاء لهذه الحجة في عام آخر في الأصح لندرة الغلط وفارق العاشر بأن تأخير العبادة عن وقتها أقرب إلى الاحتساب من تقديمها عليه وبأن الغلط بالتقديم يمكن الاحتراز عنه لأنه إنما يقع لغلط في الحساب أو خلل في الشهود الذين شهدوا بتقديم الهلال والغلط بالتأخير قد يكون بالغيم الذي لا حيلة في دفعه والثاني لا يجب القضاء عليهم قياسا على ما إذا غلطوا بالتأخير وفرق الأول بما مر ولو غلطوا بيومين فأكثر أو في المكان لم يصح جزما لندرة ذلك انتهت قوله فلا يجزيهم وقال الإمام مالك وأحمد رضي الله عنهما بإجزائه لهم ونقله صاحب البيان عن أكثر الأصحاب ا ه برماوي فصل في المبيت بمزدلفة وينقضي بقوله لزمه دم والذي يذكر معه هو قوله وسن أن يأخذوا منها إلى قوله إلى أسفار وقوله والدفع منها هو المذكور بقوله ثم يسيروا فيدخلوا منى بعد طلوع شمس والذي يذكر معه هو قوله فيرمي كل إلخ الفصل قوله يجب مبيت لحظة إلخ وقيل المبيت سنة ورجحه الرافعي وقيل ركن وعليه كثيرون واختاره السبكي وعلى كل يكفي فيه لحظة من النصف الثاني ا ه حج قوله أي مكث لحظة عبارة حج ويحصل بلحظة من النصف الثاني ولو بالمرور كما صرح به جمع أخذا من الأم والإملاء وعليه(4/786)
يحمل تعبير الشارح وغيره بمكث لحظة انتهت وعبارته في الحاشية بل قال السبكي يجزئ المرور كما في عرفات وعليه يدل كلام المصنف وغيره انتهت وقضية قوله كما في عرفات أنه لا ينصرف بالصرف وأنه يجزئ وإن قصد آبقا ولم يعلم أنها مزدلفة(4/787)
وينبغي أن يجزئ ذلك في منى فيحصل المبيت بها وإن لم يعلم أنها منى وقصد غير الواجب ا ه م ر وهل يشترط أن لا يكون مغمى عليه جميع النصف الثاني كما في وقوف عرفة وعليه فلو بقي مغمى عليه جميع النصف الثاني هل يسقط الدم لأن الإغماء عذر والمبيت يسقط بالعذر بخلاف وقوفه بعرفة وهل يشترط أن لا يكون مجنونا وعليه فلو بقي مجنونا في جميع النصف الثاني فهل يسقط الدم ويجعل الجنون عذرا والمبيت يسقط بالعذر ولا يبعد أن يجعل عذرا لعدم تمكينه منه نعم إن كان له ولي أحرم عنه وجب عليه إحضاره وإلا فعلى الولي الدم ه سم على حج وقوله أحرم عنه وليه إلخ يخرج ما لو أحرم بنفسه ثم طرأ عليه الجنون أو الإغماء وقضيته أنه لا دم على الولي إذا لم يحضره وعليه فيفرق بين ما لو أحرم عنه ولم يحضره وبين هذه بأنه إذا أحرم عنه عرضه لموجب الدم فيلزمه إن قصر فيه بخلاف ما لو طرأ عليه الجنون فليراجع ا ه ع ش على م ر وعبارة البرماوي ولو جن أو أغمي عليه جميع النصف الثاني لم يضر في حجه وليس هو كعرفة كما لا يخفى انتهت قوله لا لكونه يسمى مبيتا عبارة حج وقيل يشترط معظم الليل ورجحه الرافعي في موضع ثم استشكله بأنهم لا يصلونها إلا قريبا من ربع الليل مع جواز الدفع منها عقب نصفه وعلى الأول فارق هذا ما يأتي في مبيت منى بأنه ورد ثم لفظ المبيت وهو إنما ينصرف للمعظم ولم يرد هنا مع أن تعجيله {صلى الله عليه وسلم} للضعفة بعد النصف صريح في عدم وجوب المعظم على أنهم ثم مستقرون وهنا عليهم أعمال كثيرة شاقة فخفف عليهم لأجلها انتهت قوله إذ الأمر بالمبيت أي بلفظه لم يرد هنا حتى يعتبر مسماه وهو مكث غالب الليل ا ه ح ل قوله كثيرة شاقة أي ويدخل وقتها بنصف الليل هكذا زاد م ر هذه الزيادة في التعليل فيما سيأتي قوله نعم إن تركه لعذر إلخ عبارة شرح م ر ويسقط المبيت بها فلا إثم بتركه ولا دم لعذر مما يأتي في المبيت بمنى قياسا عليه ومن العذر هنا الاشتغال بالوقوف إلخ انتهت وعبارة ابن(4/788)
الجمال في شرح نظم ابن المقري للدماء نصها وإنما يجب هذا الدم على من ترك الحصول بمزدلفة في لحظة من النصف الثاني بغير عذر من أعذار المبيت بمنى ويريد هذا بأنه يسقط عمن اشتغل بتحصيل الوقوف وعمن أفاض إلى مكة ليطوف للركن انتهت وقال في بحث المبيت بمنى أما أصحاب الأعذار فلهم ترك المبيت ولا دم عليهم كرعاء الإبل وغيرها ولو غير دواب الحاج أو أجراء أو متبرعين وكأهل السقاية سواء كانت السقاية قديمة كسقاية العباس أو محدثة بمكة أو بطريقها ولو للبيع فيما يظهر قياسا على ما إذا كان الرعاء أجراء وكمن خاف على نحو نفس أو مال أو ضياع مريض أو غير ذلك من أعذار الجماعة مما يمكن مجيئه هنا كما استظهره في متن مختصر الإيضاح كخوف حبس غريم وعقوبة من يرجو بغيبته العفو إلخ ا ه بتصرف وسيأتي نقل العبارة بتمامها في المبيت بمنى فتلخص أن أعذار المبيت بمنى كلها تأتي هنا ويزيد ما هنا بعذرين آخرين اللذين ذكرهما الشارح بقوله أو انتهى إلى عرفة إلخ تأمل وعبارة شرح م ر ومن العذر هنا الاشتغال بالوقوف بأن انتهى إلى عرفة ليلة النحر واشتغل بالوقوف بها لاشتغاله بالأهم وقيده الزركشي بما إذا لم يمكنه الدفع إلى مزدلفة ليلا والأوجب جمعا بين الواجبين وهو ظاهر ولو أفاض من عرفة إلى مكة لطواف الركن بعد نصف الليل وفات المبيت لأجل ذلك لم يلزمه شيء لاشتغاله بالطواف كاشتغاله بالوقوف ونظر فيه الإمام بأنه غير مضطر إليه بخلاف الوقوف ويأتي فيه ما مر عن الزركشي وإن رد ذلك بأن كثرة الأعمال عليه في تلك الليلة ويومها اقتضت مسامحته بذلك قال الزركشي وظاهر ذلك أنه لا فرق بين أن يمر بطريقه بمزدلفة أو لا أي قبل النصف وإلا فمروره بها بعده يحصل المبيت وبحث أن الأعذار هنا تحصل ثواب الحضور كما مر في صلاة الجماعة والذي مر أن المذهب عدم الحصول والمختار الحصول على أن الفرق أن فرض الكفاية أو السنة يسامح فيه ما لا يسامح في فرض العين فلا قياس ومن ثم كثرت(4/789)
الأعذار ثم لا هنا انتهت وقوله ويأتي فيه ما مر إلخ أي فيقيد ما هنا من عدم لزوم الدم بما إذا لم يمكنه العود لمزدلفة بعد الطواف ا ه ع ش عليه وعبارة حج ومن العذر هنا اشتغاله بالوقوف أو بطواف الإفاضة بأن وقف ثم ذهب إليه قبل النصف أو بعده ولم يمر بمزدلفة وإن لم يضطر إليه ويوجه بأن قصده تحصيل الركن ينفي تقصيره(4/790)
نظير ما مر في تعمد المأموم ترك الجلوس مع الإمام للتشهد الأول نعم ينبغي له أنه لو فرغ منه وأمكنه العود لمزدلفة قبل العجز لزمه ذلك انتهت قوله وسن أن يأخذوا منها إلخ أي لأن بها جبلا في أحجاره رخاوة ولأن السنة أن لا يعرج عند دخوله منى على غير الرمي فأمر بذلك لئلا يشتغل عنه ا ه م ر وأخذها من غير المزدلفة من بقية الحرم خلاف السنة وأخذها من المسجد حيث لم تكن من أجزائه مكروه ويكره أخذها من المرمى والحل ا ه ح ل ويكره أخذها من محل نجس كالمرحاض ما لم يغسلها وإنما لم تزل كراهة الأكل في إناء بول والرمي بحجر خشن غسلا لبقاء استقذارهما بعد غسلهما ويسن غسل الحصى حيث قرب احتمال تنجسه ا ه حج قال في شرح الروض قال الإسنوي ومقتضى إطلاقهم بقاء الكراهة ولو غسل المأخوذ من الموضع النجس قاله في شرح العباب نعم المتنجس الذي لم يؤخذ من محل متنجس تزول كراهته بالغسل وإلا لم يكن لندبه فائدة بخلاف المأخوذ من محل نجس فإنه وإن زالت كراهته من حيث النجاسة لكنها تبقى من حيث الاستقذار كما يكره الأكل في إناء البول بعد غسله ا ه سم على حج قوله حصى رمي نحر سكت الجمهور عن موضع أخذ حصى الجمار لأيام التشريق إذا قلنا بالأصح إنها لا تؤخذ من مزدلفة فقال ابن كج تؤخذ من بطن محسر وارتضاه الأذرعي وقال السبكي لا يؤخذ لأيام التشريق إلا من منى نص عليه في الإملاء ا ه والأوجه حصول السنة بالأخذ من كل منهما ا ه شرح م ر قوله قال الجمهور ليلا اعتمده م ر وحج ووجهاه بأنه الذي يطرد في حق كل الناس حتى النساء والضعفة الذين يسيرون منها ليلا انتهى وعبارة الإيضاح والمختار الأول لئلا يشتغل به عن وظائفه بعد الصبح انتهت قوله مثل حصى الخذف أي لا أكبر منه ولا أصغر وهو دون أنملة ودون حبة الباقلا وقيل نحو النواة ويكره أن يكون أكبر من ذلك ويكره كسر الحجارة له إلا لعذر بل يلتقطهما صغارا وقد ورد النهي عن كسرها هنا وهو أيضا يفضي إلى الأذى ا ه إيضاح قوله(4/791)
فالمأخوذ سبع حصيات والاحتياط كما في المجموع أن يزيد على السبع فربما سقط منها شيء ا ه شرح م ر قوله وأن يقدم نساء إلخ ويسن لهم التقدم أيضا وإن لم يؤمروا على الأرجح ا ه حج قوله ليرموا قبل الزحمة أي إن أرادوا تعجيل الرمي وإلا فالسنة لهم تأخيره إلى طلوع الشمس كغيرهم ا ه حج أي أو أن المراد قبل زحمة الناس في سيرهم من مزدلفة إلى منى أو أن المراد أنهم إذا فعلوا ذلك كانوا متمكنين من الرمي عند طلوع الشمس قبل مجيء غيرهم وازدحامهم معه ا ه ع ش على م ر قوله ولما في الصحيحين عن عائشة إلخ عبارة شرح م ر لخبر الصحيحين عن عائشة أن سودة وأم سلمة رضي الله عنهن أفاضتا في النصف الأخير بإذنه {صلى الله عليه وسلم} ولم يأمرهما ولا من كان معهما بدم انتهت قوله إن سودة هي أم عبد الله سودة بنت زمعة بن قيس أسلمت قديما وبايعت وكانت تحت ابن عمها السكران بن عمرو فلما مات تزوجها النبي {صلى الله عليه وسلم} المتوفاة بالمدينة في شوال سنة أربع وخمسين ا ه برماوي قوله ولا النفر الذين كانوا معها النفر بفتحتين عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة ا ه مختار والظاهر أن الذين كانوا مع سودة يزيدون على هذا فإطلاق النفر عليهم مجاز ا ه ع ش قوله حتى يصلوا الصبح بغلس قيل وتتأكد صلاة الصبح بمزدلفة مع الإمام لجريان قول بتوقف صحة الحج على ذلك ا ه حج قوله بغلس هو بالغين المعجمة اسم لشدة الظلام والباء بمعنى في أي في أول الوقت وقوله بها متعلق بيصلون أي يصلون بها أي بمزدلفة قوله أيضا بغلس بأن يصلوا عقب ظهور الفجر فورا ا ه ع ش على م ر قوله مع التكبير أي الذي يقول الرامي من قوله الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ا ه م ر وبه تعلم أن ما ببعض الهوامش عن ح ل نقلا عن ز ي أن قول الشارح مع التكبير ضعيف لأن وقت التكبير من الزوال اشتباه من الكاتب لأن التكبير الذي يدخل وقته بالزوال هو التكبير الذي خلف الصلوات لا هذا التكبير ا ه ع ش وعبارة البرماوي قوله مع(4/792)
التكبير أي تأسيا به {صلى الله عليه وسلم} ونقل العلامة ز ي تضعيفه وأنه لا يكبر لأن وقت التكبير من الزوال قال شيخنا الشبراملسي وهذا(4/793)
اشتباه لأن التكبير الذي يتوقف على الزوال هو الذي يطلب عقب الصلاة بخلاف هذا التكبير فإنه يطلب مع الرمي وهو لا يتوقف على ذلك انتهت قوله فإذا بلغوا المشعر الحرام بفتح الميم على المشهور وحكي كسرها وهو شاذ مأخوذ من الشعيرة وهي العلامة سمي بذلك لما فيه من الشعائر وهي معالم الدين والحرام هو الذي يحرم فيه الصيد وغيره فإنه من الحرم ويجوز أن يكون معناه ذا الحرمة ا ه برماوي قوله وهو جبل إلخ أي عند الفقهاء وأما عند المحدثين والمفسرين فهو جميع مزدلفة ا ه برماوي قوله أيضا وهو جبل في آخر مزدلفة وهو الذي عليه الآن البناء والمنارة خلافا لمن أنكره ا ه حج قوله يقال له قزح بضم القاف وفتح الزاي المعجمة وآخره حاء مهملة بوزن عمر ممنوع من الصرف للعلمية والعدل كجشم ا ه شيخنا قوله ووقفوا عنده والأولى أن يكون الوقوف عليه حيث لا تأذي ولا إيذاء للزحمة وإلا فتحته ا ه حج قوله كأن يقولوا الله أكبر إلخ عبارة شرح م ر ويكثرون من قولهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ويكون من جملة دعائهم اللهم كما أوقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام إلى قوله واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ومن جملة ذكره الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد انتهت وروى الإمام أحمد رضي الله عنه عن محمد بن عبد الله الثقفي قال سمعت عبد الله بن الزبير رضي الله عنه يخطب فذكر حديثا طويلا ثم قال كان الناس في الجاهلية إذا وقفوا في المشعر الحرام يبتهل أحدهم اللهم ارزقني إبلا اللهم ارزقني غنما فأنزل الله تعالى فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول إلى آخر الآية اللهم رب المشرق بلغ روح رسولك محمد {صلى الله عليه وسلم} أزكى تحية وأفضل سلام واجمع بيننا وبينه في دار السلام(4/794)
برحمتك يا ذا الجلال والإكرام اللهم احفظ علي ديني واجعل خشيتك نصب عيني وأصلح لي شأني يا حي يا قيوم يا خير مقصود يا خير مرجو يا خير مسئول يا خير معط اللهم ذلل نفسي حتى تنقاد لطاعتك ويسر عليها العمل بما يقربها إلى رضاك واجعلها من أهل ولايتك وسكان جنتك ثم يصلي على النبي {صلى الله عليه وسلم} ا ه برماوي قوله ثم يسيروا أي قبل طلوع الشمس ويكره التأخير إلى طلوعها ا ه برماوي قوله وإذا بلغوا وادي محسر إلخ عبارة حج وإذا بلغوا بطن محسر وهو أعني محسرا ما بين مزدلفة ومنى وبطنه مسيل فيه أسرع الماشي جهده وحرك الراكب دابته كذلك حيث لا ضرر حتى يقطع عرض ذلك المسيل وهو قدر رمية حجر للاتباع وحكمته أن أصحاب الفيل أهلكوا ثم على قول الأصح خلافه وأنهم لم يدخلوا الحرم وإنما أهلكوا قرب أوله أو أن رجلا اصطاد فنزلت نار حرقته ومن ثم تسميه أهل مكة وادي النار فهو لكونه محل نزول العذاب كديار ثمود التي صح أمره {صلى الله عليه وسلم} للمارين بها أن يسرعوا لئلا يصيبهم ما أصاب أهلها ومن ثم ينبغي الإسراع فيه لغير الحاج أيضا أو أن النصارى كانت تقف ثم فأمرنا بالمبالغة في مخالفتهم انتهت قوله رمية حجر بكسر الراء المهملة ا ه برماوي أي هيئة رميه من انتهاء بعده والفتح لا يناسب هنا كما لا يخفى قوله حتى يقطعوا عرض الوادي فإذا قطعوه ساروا بسكينة ا ه شرح م ر ويدخلوا منى وحدها طولا من وادي محسر إلى جمرة العقبة وهي شعب طوله نحو ميلين وعرضه يسير والجبال المحيطة به ما أقبل منها عليه فهو من منى وما أدبر منها فليس من منى ومسجد الخيف على أقل من ميل مما يلي مكة وجمرة العقبة في آخر منى مما يلي مكة وليست العقبة التي تنسب إليها الجمرة من منى وهي التي بايع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} الأنصار عندها قبل الهجرة ا ه إيضاح لكن المشاهد الآن خلافه وهو أن مسجد العقبة الذي وضع في مكان المبايعة بينه وبين جمرة العقبة نحو نصف ميل قوله بعد طلوع الشمس أي وارتفاعها كرمح وهذا وقت فضيلة إلى الزوال ويندب(4/795)
لداخلها أن يقول اللهم هذه منى قد أتيتها وأنا عبدك وابن عبدك أسألك أن تمن علي بما مننت به على أوليائك اللهم إني أعوذ بك من الحرمان والمصيبة في ديني يا أرحم الراحمين ا ه(4/796)
برماوي ومن وصل قبل ارتفاع الشمس هل يغلب كون الرمي تحته فيرمي أو يراعي الوقت الفاضل فيؤخر إليه كل محتمل وقضية ما مر في الضعفة الثاني ا ه حج قوله فيرمي كل إلخ السنة المستفادة من العطف على المنصوبات إنما هي من حيث الفورية المستفادة من الفاء وإلا فالرمي في حد ذاته واجب كما نبه عليه الشارح فيما يأتي قوله إلى جمرة العقبة ويجب أن يكون الرمي في بطن الوادي وإن كان الرامي في غيره ولا يجوز أن يقع في أعلى الجبل وكثير من العامة يفعلونه فيرجعون بلا رمي ما لم يقلدوا القائل به ويسن أن يجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه ويستقبلها حالة الرمي للاتباع ويختص هذا بيوم النحر لتميزها فيه بخلاف بقية أيام التشريق فإن السنة استقباله للقبلة في رمي الكل تنبيه هذه الجمرة ليست من منى بل ولا عقبتها كما قاله الشافعي والأصحاب خلافا لجمع كما بينته في الحاشية ا ه حج ومثله شرح م ر ثم قال ولا يقف الرامي للدعاء عند هذه الجمرة ثم بعد الرمي ينصرفون فينزلون موضعا بمنى والأفضل منها منزل النبي {صلى الله عليه وسلم} وما قاربه قال الأزرقي ومنزله عليه الصلاة والسلام بمنى عن يسار مصلى الإمام ا ه شرح م ر قوله أيضا إلى جمرة العقبة وتسمى الجمرة الكبرى أيضا ا ه برماوي قوله ويقطع التلبية أي لأنها شرعت لإجابة الداعي إلى أداء المناسك وقد شرع في الخروج منها ا ه سم قوله مما له دخل في التحلل أي من الطواف والرمي والحلق فإن التحلل الأول يحصل باثنين منها ا ه ع ش فإذا قدم الطواف أو الحلق على الرمي قطع التلبية عنده ا ه برماوي قوله ويكبر مع كل رمية أي بعد التسمية فيقول بسم الله والله أكبر الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور ا ه(4/797)
برماوي وما ذكره من تكرير التكبير ثلاثا تبع فيه م ر في شرحه وعبارة حج وقضية الأحاديث وكلامهم أنه يقتصر على تكبيرة واحدة قاله المصنف رادا به نقل الماوردي عن الشافعي تكريرة ثنتين أو ثلاثا مع توالي كلمات بينها انتهت قوله مع كل رمية ويرمي باليمين ويرفع الرجل يده حتى يرى بياض إبطه مع كل حصاة وأما المرأة ومثلها الخنثى فلا يرفعان ا ه شرح م ر قوله ومع حلق وعقبه وعن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه قال أخطأت في حلق رأسي في خمسة أحكام علمنيها حجام وذلك أني أتيت إلى حجام بمنى فقلت له بكم تحلق رأسي فقال أعراقي أنت قلت نعم قال النسك لا يشارط عليه قال فجلست منحرفا عن القبلة فقال لي حول وجهك إلى القبلة فحولته وأدرته أن يحلق من الجانب الأيسر فقال فأدر اليمين فأدرته فجعل يحلق وأنا ساكت فقال كبر فكبرت فلما فرغت قمت لأذهب فقال صل ركعتين ثم امض فقلت له من أين ما أمرتني به قال رأيت عطاء بن أبي رباح يفعله ا ه شرح الروض ا ه ع ش على م ر قوله من معه هدي أي نذرا كان أو تطوعا ا ه حج و م ر وهو بفتح الهاء وكسرها وسكون الدال وكسرها مع تخفيف الياء في الأولى وتشديدها في الثانية قال الروياني وهو اسم لما يهدى لمكة وحرمها تقربا إلى الله تعالى من نعم وغيرها من الأموال لكنه عند الإطلاق اسم للإبل والبقر والغنم فائدة قال جابر رضي الله تعالى عنه نحر رسول الله {صلى الله عليه وسلم} في ذلك اليوم مائة بدنة ذبح بيده منها ثلاثا وستين وعلي رضي الله تعالى عنه باقيها قال بعضهم وفي ذلك إشارة إلى مدة عمره الشريف ا ه برماوي وفي الإيضاح ما نصه وسوق الهدي لمن قصد مكة حاجا أو معتمرا سنة مؤكدة أعرض أكثر الناس أو كلهم عنها في هذه الأزمان والأفضل أن يكون هديه معه من الميقات مشعرا مقلدا ولا يجب ذلك إلا بالنذر وإذا ساق هديا تطوعا أو منذورا فإن كان بدنة أو بقرة استحب أن يقلدها نعلين وليكن لهما قيمة ليتصدق بهما وأن يشعرها أيضا والإشعار الإعلام والمراد به هنا(4/798)
أن يضرب صفحة سنامها اليمنى بحديدة فيها دم ويلطخها بالدم ليعلم من رآها أنها هدي فلا يتعرض لها وإن ساق غنما استحب أن يقلدها عرى القرب وآذانها ولا يقلدها ولا(4/799)
يشعرها لأنها ضعيفة ويكون تقليد الجميع والإشعار وهي مستقبلة القبلة والبدنة باركة وهل الأفضل أن يقدم الإشعار على التقليد فيه وجهان أحدهما يقدم الإشعار فقد ثبت ذلك في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} والثاني وهو نص الشافعي رحمه الله يقدم التقليد وقد صح ذلك عن ابن عمر من فعله والأمر في هذا قريب وإذا قلد النعم وأشعرها لم تصر هديا واجبا على المذهب الصحيح المشهور كما لو كتب الوقف على باب داره واعلم أن الأفضل سوق الهدي من بلده فإن لم يكن فمن طريقه من الميقات أو غيره أو مكة أو منى وصفات الهدي المطلق كصفات الأضحية المطلقة ولا يجزئ فيهما جميعا إلا الجذع من الضأن أو الثني من المعز أو الإبل أو البقر فرع ويستحب للرجل أن يتولى ذبح هديه وأضحيته بنفسه ويستحب للمرأة أن تستنيب رجلا ليذبح عنها وينوي عند ذبح الأضحية أو الهدي المنذورين أنها ذبيحة عن هديه المنذور أو أضحيته المنذورة وإن كانت تطوعا نوى التقرب بها ولو استناب في ذبح هديه أو أضحيته جاز ويستحب أن يحضرها صاحبها عند الذبح والأفضل أن يكون النائب مسلما ذكرا فإن استناب كافرا كتابيا أو امرأة صح لأنهما من أهل الزكاة والمرأة الحائض والنفساء أولى من الكافر وينوي صاحب الهدي والأضحية عند الدفع إلى الوكيل أو عند ذبحه فإن فوض إلى الوكيل النية أيضا جاز إن كان مسلما فإن كان كافرا لم يصح لأنه ليس من أهل النية في العبادات بل ينوي صاحبها عند دفعها إليه أو عند ذبحه فرع ولا يجوز بيع شيء من الأضحية ولا الهدي سواء كان واجبا أو تطوعا فيحرم بيع شيء من لحمها وجلدها وشحمها وغير ذلك من أجزائها وإن كانت تطوعا جاز الانتفاع بجلدها والادخار من شحمها وبعض لحمها للأكل والهدية فرع في وقت ذبح الأضحية والهدي المتطوع بهما والمنذورين فيدخل وقتها إذا مضى قدر صلاة العيد وخطبتين معتدلتين بعد طلوع الشمس يوم النحر سواء صلى الإمام أم لم يصل وسواء أصلى المضحي(4/800)
أم لم يصل ويبقى إلى غروب الشمس من آخر أيام التشريق ويجوز في الليل لكنه مكروه والأفضل أن يذبح عقيب رمي جمرة العقبة قبل الحلق فإن فات الوقت المذكور فإن كانت الأضحية أو الهدي منذورين لزمه ذبحهما وإن كانا تطوعا فقد فات الهدي والأضحية في هذه السنة وأما الدماء الواجبة في الحج بسبب التمتع والقران أو اللبس أو غير ذلك من فعل محظور أو ترك مأمور فوقتها من حين وجوبها بوجود سببها ولا يختص بيوم النحر ولا غيره لكن الأفضل فيما يجب منها في الحج أن يذبحه يوم النحر بمنى في وقت الأضحية فرع لو عطب الهدي في الطريق فإن كان تطوعا فعل به ما شاء من بيع وأكل وغيرهما وإن كان واجبا لزمه ذبحه فإن تركه فمات ضمنه وإذا ذبحه غمس النعل التي قلده في دمه وضرب بها سنامه وتركه ليعلم من مر به أنه هدي فيأكل منه ولا تتوقف إباحة الأكل منه على قوله أبحته على الأصح ولا يجوز للمهدي ولا لأحد من رفقته الأغنياء ولا الفقراء الأكل منه ا ه قوله ويحلق أو يقصر وإذا تعذر عليه الحلق صبر إلى إمكانه ولا يسقط عنه ولا تكفيه الفدية ا ه برماوي قوله أفضل للذكر وينعقد نذره له ويكفيه عن النذر حلق ثلاث شعرات فأكثر إلا إن صرح باستيعاب رأسه فيلزمه استيعابه ولا يكفي عن النذر ما لا يسمى حلقا كقص ونتف وإحراق فإن فعل ذلك لزمه دم كنذر المشي وقوله من أنثى وخنثى وينعقد نذرهما له ا ه برماوي وظاهر كلامهم هنا أن الرجل لا يصح نذره التقصير وعليه فهو مشكل لأن الدعاء للمقصرين يقتضي أنه مطلوب منه فهو كنذر المشي ا ه حج وقد يجاب بأنه انضم لكونه مفضولا كونه شعار النساء عرفا بخلاف نحو المشي ا ه حج قال في الروض فإن نذره وجب أي ولم يجز القص أي ونحوه مما لا يسمى حلقا قال في شرحه وإذا استأصله بما لا يسمى حلقا هل يبقى الحلق في ذمته حتى يتعلق بالشعر المستخلف تداركا التزمه أولا لأن النسك أنما هو إزالة شعر اشتمل عليه الإحرام المتجه الثاني لكن لزمه لفوات الوصف دم إلخ(5/1)
ا ه بقي ما لو نذر نحو الإحراق أو النتف هل ينعقد نذره لكونه مطلوبا من حيث عمومه ويجزيه نحو الحلق وما لو نذر حلق بعض الرأس وقد يتجه عدم الانعقاد لأنه مكروه وقد يقال كراهته(5/2)
لخارج فلا تمنع الانعقاد فليراجع ا ه سم عليه قوله والتقصير لغيره فسره في القاموس بأنه كف الشعر والقص الأخذ من الشعر بالمقص أي المقراض فعطفه عليه من عطف الأخص تأكيدا وبهذا يعلم أن التقصير حيث أطلق في كلامهم أريد به المعنى الأول وهو الأخذ من الشعر بمقص أو غيره والأولى كون التقصير بقدر أنملة من جميع الرأس ا ه برماوي قوله من أنثى أي ولو صغيرة واستثناء الإسنوي لها غلطه فيه الأذرعي إذ لا يشرع الحلق لأنثى مطلقا إلا يوم سابع ولادتها للتصدق بوزنه وإلا لتداو أو استخفاء من فاسق يريد سوء بها ومثلها الخنثى ويكره لهما الحلق بل بحث الأذرعي الجزم بحرمته على زوجة أو أمة بغير إذن زوج أو سيد ويندب لها أن تعم الرأس بالتقصير وأن يكون بقدر أنملة قاله الماوردي إلا الذوائب لأن قطع بعضها يشينها ا ه حج وقوله واستثناء الإسنوي لها غلطه فيه الأذرعي إلخ فلو منع السيد الأمة منه أي من الحلق حرم وكذا لو لم يمنع ولم يأذن كما بحث أيضا قيل وهو متجه إن لزم منه فوات تمتع أو نقص قيمة وإلا فالإذن لها في النسك إذن في فعل ما يتوقف عليه التحلل وإن كان مفضولا ويرد بأن الإذن المطلق ينزل على حالة نفي النهي والحلق في حقها منهي عنه ويحرم على الحرة المزوجة إن منعها الزوج وكان فيه فوات استمتاع أيضا فيما يظهر بل ينبغي الحرمة أيضا إذا لم يمنع وكان فيه فوات استمتاع ا ه ر وبحث أيضا أنه يمتنع بمنع الوالد لها وفيه وقفه بل الأوجه خلافه إلا أن يقتضي نهيه مصلحتها ا ه سم عليه قوله إذ العرب تبدأ بالأهم أي والقرآن نزل على لغتهم وبدئ فيه بالحلق ا ه ع ش قوله قال في الرابعة أي بعد قوله في الثالثة اللهم ارحم المحلقين ا ه ع ش على م ر قوله وروى أبو داود إلخ دليل لقوله والتقصير أفضل لغيره ا ه شيخنا قوله ا نما على النساء التقصير لم يقل إنما عليهن التقصير لأن محل الإضمار إذا كان الضمير ومرجعه في جملة واحدة كما صرح به بعضهم بخلاف ما هنا فإن(5/3)
الضمير ومرجعه في جملتين ا ه ع ش قوله في وقته نعت للشعر والضمير للإحرام أي إزالة الشعر الكائن في وقت الإحرام وعبارة حج أي إزالة الشعر المشتمل عليه الإحرام بأن وجد قبل دخول وقت التحلل انتهت وقوله بأن وجد قبل دخول وقت التحلل خرج ما وجد بعد دخوله فلا أثر له قال في الروض ولا أثر لما نبت بعد قال في شرحه أي بعد دخول وقت الحلق فلا يؤمر بحلقه لعدم اشتمال الإحرام عليه ا ه وعبارة العباب ولا يلزمه أي من لا شعر برأسه انتظار إنباته بل لا يجب عليه حلق ما نبت إذ لم يتناوله الإحرام ا ه وقوله بل لا يجب إلخ قد يفهم الاستحباب وهو متجه إذ لا ينقص عمن لا شعر برأسه حيث يستحب إمرار الموسى عليه والفرق بينهما بعيد جدا فليتأمل ا ه سم عليه قوله وهي نسك إلخ عبارة أصله مع شرح م ر والحلق نسك على المشهور فيثاب عليه إذ هو للذكر أفضل من التقصير والتفضيل إنما يقع في العبادات دون المباحات وعلى هذا فهو ركن كما سيأتي وقيل واجب والثاني هو استباحة محظور فلا يثاب عليه لأنه محرم في الإحرام فلم يكن نسكا كلبس المخيط انتهت وينبني على الخلاف ما سيأتي آخر الفصل من أنه إن قلنا إنها نسك كان لها دخل في التحلل ويحصل التحلل الأول بفعل اثنين من ثلاثة وهي رمي يوم النحر وطواف الركن وإزالة الشعر وإن قلنا إنها استباحة محظور لم يكن لها دخل في التحلل ويحصل بواحد من اثنين وهما الرمي والطواف كما ذكره المحلي هناك ا ه وعبارته وإذا قلنا الحلق ليس بنسك حصل التحلل الأول بواحد من الرمي والطواف والتحلل الثاني بالآخر انتهت قوله كما علم من الأفضلية هنا أي لأن الأفضلية لا تكون إلا في العبادات لا في استباحة المحظورات قوله فيثاب عليه أي على ما ذكر من الإزالة وهذا تفريع على قوله وهي نسك ا ه شيخنا قوله تنبيه يستثنى إلخ عبارة حج والحلق أفضل غالبا وخرج بغالبا المتمتع فيسن له أن يقصر في العمرة ويحلق في الحج لأنه الأكمل ومحله كما في الإملاء إن لم(5/4)
يسود رأسه أي لم يكن به شعر يزال وإلا فالحلق وكذا لو قدم الحج وأخر العمرة فإن كان لا يسود رأسه عندها قصر في الحج ليحصل له ثواب ركن التقصير فيه والحلق فيها إذ لو عكس فاته الركن فيها من أصله وإن كان يسود فيها حلق فيهما ولم يحلق بعض الرأس الواحد في أحدهما وباقيه في الآخر لأنه من القزع المكروه انتهت قوله ثلاث شعرات أي إن كان برأسه ثلاث فأكثر وعبارة شرح م ر والذي يظهر أنه لو كان برأسه شعرة أو شعرتان فقط كان الركن في حقه إزالة ذلك وقد صرح به بعضهم ا ه وأفهم كلامه أنه لا يجزئ(5/5)
أخذ شعرة على ثلاث مرات وهو كذلك فقد نقل في المجموع عن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه والأصحاب أنه لا يجزئ أقل من ثلاث شعرات من شعر الرأس ا ه برماوي قوله أيضا ثلاث شعرات أي أو ثلاثة أجزاء من كل من ثلاث شعرات ا ه ابن حجر قوله أي إزالتها بين به أنه يحتاج إلى هذا الإضمار لصحة اللفظ لأن الحلق فعل وليس هو الثلاث فالمراد الإزالة ا ه برماوي قوله من شعر رأس فلا يجزئ شعر غيره وإن وجبت فيه الفدية أيضا لورود لفظ الحلق أو التقصير فيه واختصاص كل منهما عادة بشعر الرأس ا ه شرح م ر قوله ولو مسترسلة إلخ عبارة شرح م ر وشمل ذلك المسترسل عنه وما لو أخذها متفرقة كما في المجموع والمناسك وإن اقتضى كلام الروضة خلافه حيث بناه على الأصح من عدم تكميل الدم بإزالتها المحرمة إذ لا يلزم من البناء الاتحاد في التصحيح نعم يزول بالتفريق الفضيلة والأحوط تواليها انتهت قوله بمسمى الجمع أي المقدر كما ذكره بعد وتسميته جمعا نظرا للمعنى وإلا فهو اصطلاحا اسم جنس جمعي يفرق بينه وبين واحده بالتاء وعبارة شرح م ر ولخبر الصحيحين أنه {صلى الله عليه وسلم} أمر أصحابه أن يحلقوا أو يقصروا وإطلاقه يقتضي الاكتفاء بحصول أقل مسمى اسم الجنس الجمعي المقدر في محلقين رءوسكم أي شعر رءوسكم إذ هي لا تحلق وأقل مسماه ثلاثا انتهت قوله وسن لمن لا شعر برأسه إلخ عبارة شرح م ر ومن لا شعر برأسه لا شيء عليه نعم يستحب له إمرار إلخ انتهت فعلم منه أن عدهم أركان الحج فيما سيأتي ستة مخصوص بمن برأسه شعر إما غيره فهي في حقه خمسة تأمل قوله أيضا وسن لمن لا شعر برأسه أي أو ببعضه بأن حلق كذلك أو كان قد حلق واعتمر من ساعته كما مثله العمراني ا ه شرح م ر وعبارة حج وبحث الإسنوي أنه لو كان ببعض رأسه شعر سن إمرار الموسى على الباقي أي سواء حلق ذلك البعض أم قصره على الأوجه للتشبيه المذكور أي إذ هو كما يكون في الكل يكون في البعض وليس فيه جمع بين أصل وبدل خلافا لمن زعمه لاختلاف(5/6)
محلهما على أن هذا الإمرار ليس بدلا وإلا لوجب في البعض حيث لا شعر بالكلية ولا يلزمه خلافا لمن زعم أيضا أنه لو اقتصر على التقصير أنه يمر الموسى على بقية رأسه انتهت قال الشافعي رضي الله تعالى عنه ولو أخذ من لحيته أو شاربه شيئا كان أحب إلي لئلا يخلو عن أخذ الشعر وصرح القاضي أيضا بأنه يندب للمقصر ما ذكر قال ابن المنذر وصح أنه {صلى الله عليه وسلم} لما حلق رأسه قص أظفاره أي فيسن للحالق أيضا وإنما وجب مسح الرأس في الوضوء عند فقد شعره لأن الغرض ثم تعلق بالرأس وهنا بشعره ويسن للحالق البداءة بشقه الأيمن فيستوعبه بالحلق ثم الأيسر وأن يستقبل المحلوق القبلة وأن يكبر بعد فراغه وأن يدفن شعره لا سيما الحسن لئلا يؤخذ للوصل وأن يستوعب الحلق أو التقصير وأن يكون بعد كمال الرمي وغير المحرم مثله فيما ذكر غير التكبير والرمي وأن يبلغ بالحلق إلى العظمين من الأصداغ لأنهما منبت شعر الرأس وأن لا يشارط عليه وأن يأخذ شيئا من ظفره عند فراغه وأن يقول بعد فراغه اللهم آتني بكل شعرة حسنة وامح عني بها سيئة وارفع لي بها درجة واغفر لي وللمحلقين والمقصرين ولجميع المسلمين ا ه شرح م ر وقوله وأن لا يشارط عليه أي أن لا يشارط عليه للحالق أجرة معلومة وعبارة حج كذا أطلقوه وينبغي حمله على أن مرادهم أنه يعطيه ابتداء ما تطيب به نفسه فإن رضي وإلا زاده لا أنه يسكت إلى فراغه لأن ذلك ربما تولد منه نزاع إذا لم يرض الحلاق بما يعطيه له ا ه ع ش على م ر فائدة صح أنه {صلى الله عليه وسلم} حلق رأسه المقدس وقسم شعره فأعطى نصفه الناس الشعرة والشعرتين وأعطى نصفه الباقي أبا طلحة الأنصاري وإنما خصه بذلك لأنه ستر النبي {صلى الله عليه وسلم} برأسه يوم أحد من النبل وكان يتطاول بصدره ليقيه ويقول نحري دون نحرك ونفسي دون نفسك والذي حلق رأسه {صلى الله عليه وسلم} يوم الحديبية خراش بن أمية الخزاعي والذي حلق رأسه في حجة الوداع معمر بن عبد الله العدوي وصح أنه دعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة ا ه من هوامش بعض نسخ م ر وينبغي(5/7)
استحباب إمرار آلة القص فيمن يستحب في حقه التقصير تشبيها بالمقصرين قاله الشيخ ا ه شوبري قوله إمرار موسى عليه موسى بالتنوين(5/8)
كفتى إذا كان من الحديد بخلاف العلم فإنه بالألف ويمنع من الصرف ا ه شيخنا وفي المختار يقال أوسى رأسه حلقه والموسى ما يحلق به قال الفاء وهي مؤنثة وقال الأموي هو مذكر لا غير وقال أبو عبيد لم يسمع التذكير فيه إلا من الأموي وموسى اسم قال أبو عمرو بن العلاء وهو مفعل بدليل انصرافه في النكرة وفعلى لا ينصرف على كل حال ولأن مفعلا أكثر من فعلى لأنه يبنى من كل أفعلت وقال الكسائي هو فعلى والنسبة إليه موسوي وموسى وأوساه لغة ضعيفة في أأساه انتهى قوله وطواف الزيارة أي لأنهم يأتون من منى لزيارة البيت ويرجعون حالا ا ه برماوي قوله فيعود إلى منى أي وجوبا فهو بالرفع ا ه شيخنا والظاهر أنه يصح فيه النصب ويكون معطوفا على قوله ويحلق أو يقصر وهذا لا ينافي كونه في ذاته واجبا كالمعطوف عليه وتكون السنية من حيث فورية العود إلى منى المأخوذة من الفاء وعبارة حج ثم يعود إلى منى بحيث يدرك أول وقت الظهر حيث يصليها بها للاتباع رواه الشيخان فهي بها أفضل منها بالمسجد الحرام وإن فاتته مضاعفته على الأصح لأن في فضيلة الاتباع ما يزيد على المضاعفة ورواية مسلم أنه {صلى الله عليه وسلم} صلى الظهر بمكة محمولة على ما في المجموع وفيه إشكال بينته في الحاشية على أنه صلاها بها أول وقتها ثم ثانيا بمنى إماما لأصحابه كما صلى بهم في بطن نخل مرتين ورواية أبي داود والترمذي أنه أخر طواف يوم النحر إلى الليل محمولة على أنه أخر طواف نسائه وذهب معهن انتهت قوله ولا يجب ذكره وإن كان معلوما مما قبله توطئة للاستدلال الذي ساقه فإنه إنما ينتج عدم الوجوب لا الندب الذي هو مدعى المتن ا ه برماوي بالمعنى قوله ويدخل وقتها إلخ ويسن تأخيرها إلى بعد طلوع الشمس ا ه شرح م ر قوله بنصف ليلة نحر أي حقيقة أو حكما كما في الغلط ا ه برماوي قوله لمن وقف أي بعرفة ولا عبرة بالوقوف بمزدلفة وإن كان ما ذكر يتأخر عن اللحظة التي لها لأنه لضرورة الزمن لا أنه شرط ا ه برماوي قوله قبله أي(5/9)
قبل النصف فلو فعل شيئا من هذه الأمور قبل الوقوف ولو بعد نصف الليل وجبت إعادته بعد ولو فات الوقوف فاتت ولذلك قال الرافعي ينبغي أن يعد الترتيب هنا ركنا كما في الوضوء والصلاة بأن يقدم الإحرام على غيره ثم الوقوف ثم الطواف وإزالة الشعر ثم الطواف على السعي ا ه برماوي قوله روى أبو داود بإسناد صحيح إلخ وجه الدلالة من الخبر أنه {صلى الله عليه وسلم} علق الرمي بما قبل الفجر وهو صالح لجميع الليل ولا ضابط له فجعل النصف ضابطا لأنه أقرب إلى الحقيقة مما قبله ولأنه وقت للدفع من مزدلفة ولأذان الصبح فكان وقتا للرمي كما بعد الفجر ا ه شرح م ر قوله فرمت قبل الفجر أي بأمر منه {صلى الله عليه وسلم} ا ه ع ش على م ر قوله ينتهي بالزوال وتقدم أن أوله من بعد طلوع الشمس حيث قال م ر والأفضل تأخيرها إلى بعد طلوع الشمس وقال الشوبري وانظر ما قبله إلى نصف الليل هل هو من وقت الفضيلة أو لا حرر ا ه قوله ولا آخر لوقت الحلق والطواف إلخ وحينئذ يبقى محرما حتى يأتي به ولو آخر عمره فضلا عن السنة القابلة قال ابن الرفعة وهو محمول على من تحلل التحلل الأول أما غيره فليس له تأخيره إلى السنة القابلة لأنه يصير محرما بالحج في غير أشهره ورده السبكي بأن الوقوف معظم الحج وما بعده تبع له مع تمكنه منه كل وقت فكأنه غير محرم بخلاف من فاته الوقوف فإنه يجب عليه مصابرة الإحرام فإن معظم حجه فات ومن ثم لو أحصر بعد الوقوف لم يلزمه التحلل ا ه ح ل قوله أيضا ولا آخر لوقت الحلق والطواف المتبوع بالسعي وحينئذ يبقى من عليه ذلك محرما حتى يأتي بها كما في المجموع نعم الأفضل فعلها في يوم النحر ويكره تأخيرها عن يومه وعن أيام التشريق أشد كراهة وعن خروجه من مكة أشد وهو صريح في جواز تأخيرها عن أيام التشريق لا يقال بقاؤه على إحرامه مشكل بقولهم ليس لصاحب الفوات مصابرة الإحرام إلى قابل إذ استدامة الإحرام كابتدائه وابتداؤه غير جائز لأنا نقول هو غير مستفيد في تلك ببقائه على إحرامه شيئا سوى محض(5/10)
تعذيب نفسه لخروج وقت الوقوف فحرم بقاؤه على إحرامه وأمر بالتحلل وأما هنا فوقت ما أخره باق فلا يحرم بقاؤه على إحرامه ولا يؤمر بالتحلل وهو بمثابة من أحرم بالصلاة في وقتها ثم مدها(5/11)
بالقراءة إلى خروج وقتها فإن كان طاف للوداع وخرج وقع عن طواف الفرض وإن لم يطف لوداع ولا غيره لم يستبح النساء وإن طال الزمان لبقائه محرما ا ه شرح م ر وقوله لبقائه محرما وهل له إذا تعذر عوده إلى مكة التحلل كالمحصر أو لا لتقصيره بترك الطواف مع تمكنه منه فيه نظر ولا يبعد الأول قياسا على ما مر في الحائض وإن كانت معذورة وتقصيره بترك الطواف مع القدرة لا يمنع لقيام العذر به الآن كمن كسر رجليه عمدا فعجز عن القيام حيث يصلي جالسا ولا قضاء عليه لو شفي بعد ذلك ا ه ع ش عليه قوله لأن الأصل عدم التوقيت أي الأصل فيما أمرنا به الشارع أن يكون غير مؤقت فما كان موقتا فهو على خلاف الأصل أي الكثير ا ه شيخنا والمراد من كونه غير مؤقت أي بوقت محدود الطرفين وإلا فهذه يدخل وقتها بنصف ليلة النحر لكن لا آخر له تأمل قوله وحل باثنين إلخ وأما الذبح فإنه وإن كان من أعمال يوم النحر كالثلاثة المذكورة لكن لا دخل له في التحلل وإنما هو سنة ا ه عميرة ا ه سم قوله أيضا وحل باثنين إلخ أي إن كان برأسه شعر فإن لم يكن بها شعر فالتحلل الأول يحصل بواحد من اثنين الرمي والطواف ا ه حج قوله من لبس وحلق إلخ بيان للغير وتنحل عبارته إلى هكذا وحل الحلق بالحلق وهذا نظير ما سبق له في باب الحيض من قوله وإذا انقطع لم يحل قبل طهر غير صوم وطلاق وطهر وقد أشار م ر إلى إصلاح العبارة بقوله وحل به اللبس والحلق إن لم يفعل ا ه أي لم يفعل الحلق يعني أن حل الحلق وجوازه مترتب على غيره من الثلاثة يعني إذا فعل الرمي والطواف حلت له المحظورات حتى الحلق وأما لو فعل الرمي والحلق أو الطواف والحلق فلا يقال حل له ما يشمل الحلق بل يقال حل له ما عدا الحلق إذ الشيء لا يحل بنفسه ثم رأيت في الشوبري ما نصه قوله وحلق أو تقصير أي في باقي البدن غير الرأس وإلا فحلقها وتقصيرها لا يتوقف حله على تحلل أول لأنه يحل بانتصاف الليل ا ه قوله إلا النساء أي أمرهن عقدا(5/12)
وتمتعا ا ه سم على حج قوله لا ينكح المحرم بفتح الياء وكسر الكاف أي لا يتزوج فيشمل الذكر والأنثى وقوله ولا ينكح بضم الياء وكسر الكاف أي لا يزوج غيره ا ه ح ل قوله أعم من قوله وحل به إلخ الضمير في كلام الأصل راجع للتحلل الأول وعبارته وإذا قلنا الحلق نسك ففعل اثنين من الرمي لجمرة العقبة والحلق والطواف حصل التحلل الأول وحل به اللبس إلخ انتهت وأما لو قلنا إنه استباحة محظور فيحصل التحلل الأول بواحد من اثنين الرمي والطواف ا ه محلي ولا دخل للحلق على هذا في التحلل قوله وحل بالثالث الباقي وحينئذ يجب عليه الإتيان بما بقي من أعمال الحج وهو الرمي والمبيت مع أنه غير محرم كما يخرج المصلي من صلاته بالتسليمة الأولى ويطلب منه الثانية وإن كان المطلوب هنا واجبا وثم مندوبا ويسن تأخير الوطء عن باقي أيام التشريق ليزول عنه أثر الإحرام ولا يعارضه خبر أيام منى أيام أكل وشرب وبعال أي جماع لجواز ذلك فيها وإنما استحب للحاج ترك الجماع لما ذكر ا ه شرح م ر قوله ومن فاته الرمي إلخ عبارة شرح م ر ومن فاته رمي يوم النحر بأن أخره عن أيام التشريق ولزمه بدله توقف التحلل على البدل ولو صوما لقيامه مقامه ويفارق المحصر العادم للهدي حيث لم يتوقف تحلله على بدله وهو الصوم بأن المحصر ليس له إلا تحلل واحد فلو توقف تحلله على البدل لشق عليه المقام على سائر محرمات الحج إلى الإتيان بالبدل والذي يفوته الرمي يمكنه الشروع في التحلل الأول فإذا أتى به حل له ما عدا النكاح ومقدماته وعقده فلا مشقة عليه في الإقامة على إحرامه حتى يأتي بالبدل انتهت قوله هذا أي قول المتن وحل باثنين إلخ أي جعله التحلل قسمين أولا وثانيا في الحج أما العمرة فليس لها إلا تحلل واحد تأمل قوله والحكمة في ذلك إلخ ونظير ذلك الحيض والجنابة لما طال زمن الحيض جعل لارتفاع محظوراته محلان انقطاع الدم والاغتسال والجنابة لما قصر زمنها جعل لارتفاع محظوراتها محل واحد ا ه(5/13)
شرح م ر فصل في المبيت بمنى قوله أيام التشريق الثلاثة إلخ سميت بذلك لإشراق نهارها بنور الشمس ولياليها بنور القمر وحكمة التسمية لا يلزم اطرادها ا ه حج أو لأن الناس يشرقون فيها لحوم الهدايا والضحايا أي(5/14)
ينشرونها في الشمس ويقددونها ا ه إيضاح وهذه الأيام الثلاثة هي المعدودات في قوله تعالى واذكروا الله في أيام معدودات وأما المعلومات المذكورة في سورة الحج في قوله ويذكروا اسم الله في أيام معلومات فهي العشر الأول من ذي الحجة ا ه شرح م ر فيوم النحر منها وهو آخرها وقد اختلف العلماء في يوم الحج الأكبر والصحيح أنه هو أي يوم النحر لأن معظم أعمال النسك يقع فيه وقيل هو يوم عرفة والصواب الأول وإنما قيل الحج الأكبر من أجل قول الناس في العمرة هي الحج الأصغر ا ه إيضاح قوله وفيما يذكر معه أي من قوله ورمى كل يوم بعد زوال إلى آخر الفصل وعبارة حج في المبيت بمنى وسقوطه ورميها وشروط الرمي وتوابع ذلك انتهت قوله يجب مبيت إلخ أي على الأصح وكذا قوله معظم ليل وعبارة الإيضاح وهل المبيت واجب أم سنة فيه قولان للشافعي أظهرهما أنه واجب والثاني أنه سنة فإن تركه جبره بدم فإن قلنا المبيت واجب كان الدم واجبا وإن قلنا سنة كان سنة وفي قدر الواجب من هذا المبيت قولان أصحهما معظم الليل والثاني المعتبر أن يكون حاضرا بها عند طلوع الفجر انتهت قوله ليالي أيام التشريق في تقدير الإيام إشارة إلى أن الليالي لا تسمى ليالي التشريق إلا توسعا وهو المناسب لما في الإيضاح من أن وجه تسميتها بذلك تقديد اللحم فيها بالشرقة أي الشمس إذ ذاك خاص بالنهار كما لا يخفى ا ه شيخنا قوله معظم ليل هذا يتحقق بما زاد على النصف ولو بلحظة ويحتمل أن المراد ما يسمى معظما عرفا فلا يكفي ذلك ا ه ع ش والأول هو المعتمد ا ه شيخنا قوله أيضا معظم ليل بدل بعض من كل ا ه شيخنا قوله لا يبيت بمكان أي وأطلق أما لو قال لا أبيت الليلة فإنما يحنث بجميعها لا بمعظمها كما قرره شيخنا ز ي فليراجع ا ه بشوبري قوله لما تقدم أي من قوله إذ الأمر بالمبيت لم يرد هنا بل لأنهم لا يصلونها حتى يمضي نحو ربع الليل إلخ أي وقد ورد الأمر بلفظ المبيت هنا فالفارق الأمر بلفظه هنا وعدمه(5/15)
هناك تأمل قوله والتصريح بمبيت الليلة الثالثة إلخ فيه نظر لأن مبيت الليلة الثالثة مصرح به في الأصل حيث قال إن لم ينفر حتى غربت الشمس وجب مبيتها أي الثالثة ومن ثم أسقط هذا في بعض النسخ وقوله وبالوجوب أي في عموم ليالي التشريق لأن الأصل صرح بالوجوب في الثالثة ا ه ح ل قوله ورمي كل يوم الأحسن أن يقرأ رمي بالتنوين ليكون فيه الإخبار بأصل الرمي وبوقته وأما على الإضافة فيفيد الإخبار بوقته ويشعر بأن الرمي سبق له علم وإنما الكلام في وقته مع أنه ليس كذلك ا ه شيخنا قوله بعد زوال إلخ عبارة أصله مع شرح م ر ويدخل رمي كل يوم من أيام التشريق بزوال الشمس من ذلك اليوم للاتباع ويسن كما في المجموع تقديمه على صلاة الظهر إن لم يضق الوقت وإلا قدم الصلاة ما لم يكن مسافرا فيؤخرها بنية الجمع ويخرج أي وقته الاختياري بغروبها من كل يوم أما وقت الجواز فيبقى إلى غروب آخر أيام التشريق انتهت قوله إلى الجمرات حقيقة الجمرة مجمع الحصى المقدر بثلاثة أذرع من كل جانب إلا جمرة العقبة فإنه ليس لها إلا جانب واحد وهو أسفل الوادي فرمي كثير من أعلاها باطل ا ه أجهوري على التحرير ومثله حج ويؤخذ من المختار والمصباح أن جمرات بفتحتين جمع جمرة بإسكان الميم وأن الجمرة التي هي المفرد تطلق على كل من الحصاة ومكان الرمي وتجمع أيضا على جمار قوله وإن كان الرامي فيها عبارة أصله ولا يشترط كون الرامي خارجا عن الجمرة فلو وقف في بعضها ورمى إلى الجانب الآخر منها صح لما مر من حصول اسم الرمي انتهت قوله مسجد الخيف نسبة إلى محله لأن الخيف اسم لمكان ارتفع عن السيل وانحط عن غلظ الجبل وقيل غير ذلك ا ه برماوي قوله وهي الكبرى وتقدم أن جمرة العقبة تسمى الكبرى فلفظ الكبرى مشترك بين التي تلي مسجد الخيف وجمرة العقبة ا ه ع ش على م ر قوله فإن نفر أي سار بعد التحميل فصح قوله ولو انفصل من منى بعد الغروب ا ه ح ل وعبارة شرح م ر ولو غربت الشمس وهو في شغل(5/16)
الارتحال فله النفر لأن في تكليفه حل الرحل والمتاع مشقة عليه كذا جزم به ابن المقري تبعا لأصل الروضة ونقله في المجموع عن الرافعي وهو غلط كما قال الأذرعي وغيره سببه سقوط شيء من نسخ(5/17)
العزيز والمصحح فيه وفي الشرح الصغير ومناسك المصنف امتناع النفر عليه بخلاف ما لو ارتحل وغربت الشمس قبل انفصاله من منى فإن له النفر انتهت وعبارة حج وإذا نفر أي تحرك للذهاب إذ حقيقة النفر الانزعاج فيشمل من أخذ في شغل الارتحال ويوافق الأصح في أصل الروضة أن غروبها وهو في شغل الارتحال لا يلزمه المبيت وإن اعترضه كثيرون انتهت قوله أيضا فإن نفر في الثاني إلخ يقال في مضارعه ينفر بكسر الفاء وضمها ا ه من شرح م ر وفي المختار نفرت الدابة تنفر بالكسر نفارا وتنفر بالضم نفورا ونفر الحاج من منى من باب ضرب ا ه وبه يعلم ما في كلام الشارح كحج إلا أن يقال ما ذكراه طريقة أخرى فليراجع ا ه ع ش عليه قوله أيضا فإن نفر في الثاني إلخ أما لو نفر في الثالث قبل رميه كأن نفر ضحوة النهار فلا يجوز وتلزمه الفدية بترك رميه والحيلة في الجواز وسقوط الفدية أن يخرج في اليوم الثاني بعد رميه وقبل الغروب من منى ثم يرجع إليها فإذا فعل ذلك كان متبرعا بمبيت الليلة الثالثة والمتبرع به لا يلزمه رمي يومها فيجوز له النفر في يومها قبل الرمي ولا فدية عليه ا ه من شرح م ر والرشيدي عليه قوله أيضا فإن نفر في الثاني إلخ عبارة أصله وإذا رمى اليوم الثاني فأراد النفر قبل غروب الشمس جاز قال حج يؤخذ من قوله أراد أنه لا بد من نية النفر مقارنة له وإلا لم يعتد بخروجه فيلزمه العود لأن الأصل وجوب مبيت ورمي الكل ما لم يتعجل ثم رأيت الزركشي قال لا بد من نية النفر ا ه ويوجه بما ذكرته ا ه حج ثم قال أي حج في محل آخر ما محصله إن شرط جواز النفر أن لا يعزم على العود فإن عزم عليه عند النفر لم يجز النفر ويلزمه العود ولا تنفعه نية النفر لأنه مع نية العود لا يسمى نفرا ا ه قوله أو عاد لشغل عبارة شرح م ر ولو نفر قبل الغروب ثم عاد إلى منى لحاجة كزيارة فغربت الشمس أو غربت فعاد كما فهم بالأولى فله النفر ويسقط عنه المبيت والرمي بل لو بات هذا متبرعا سقط عنه(5/18)
الرمي وإن بقي للزوال لحصول الرخصة له بالرمي ولو عاد للمبيت والرمي فوجهان أحدهما يلزمه لأنا جعلنا عوده لذلك بمنزلة من لم يخرج من منى والثاني لا يلزم لأنا نجعله كالمستديم للفراق ونجعل عوده كعدمه فلا يجب عليه الرمي ولا المبيت انتهت وهذا الثاني هو المعتمد ا ه ع ش على م ر ومن هذا يعلم أن قول الشارح لشغل ليس بقيد ا ه شيخنا قوله بعد رميه فإن نفر فيه قبل رميه لم يجز وبه صرح العمراني عن الشريف العثماني قال لأن هذا النفر غير جائز قال المحب الطبري وهو صحيح متجه واستظهره الزركشي وقوله وبات الليلتين قبله جملة حالية فإن ترك مبيتهما بلا عذر لم يجز النفر في الثاني ولا يسقط عنه مبيت الثالثة ولا رمي يومها ا ه من شرح م ر وعبارة حج أما إذا لم يبتهما ولا عذر له أو نفر قبل الزوال أو بعده وقبل الرمي فلا يجوز له النفر ولا يسقط عنه مبيت الثالثة ولا رمي يومها على المعتمد نعم ينفعه في غير الأولى العود قبل الغروب فيرمي وينفر حينئذ وبحث الإسنوي طرد ما ذكر في الأولى في الرمي فمن تركه لا لعذر امتنع عليه النفر أو لعذر يمكن معه تداركه ولو بالنائب فكذلك أو لا يمكن جاز انتهت وقوله أما إذا لم يبتهما إلخ صادق بما إذا بات إحداهما فقط وهو ظاهر ثم رأيت السيد صرح به فقال عقب عبارة ساقها عن المصنف قلت وهو مقتض لامتناع التعجيل فيمن لا عذر له إذا ترك مبيت الليلتين أو إحداهما لأنه حينئذ لم يبت المعظم وهو الليلتان ا ه سم عليه قوله أو ترك مبيتهما لعذر أي بخلاف ما إذا كان الترك لغير عذر فإنه يجب عليه مبيت الليلة الثالثة قاله في شرح المهذب قال الإسنوي ويتجه أيضا أن يكون ترك الرمي في الماضي كترك المبيت ثم قال نعم إذا كان المتعدى بتركه أحدهما فهل يجب عليه مبيت الثالثة ورميها أم يجب نظير ما تعدى به فقط أم يفصل فيقال إن كان الاختلال بترك المبيت لم يلزمه الرمي لأن المبيت إنما وجب لأجل الرمي فيكون تابعا والتابع لا يوجب المتبوع(5/19)
وإن حصل الإخلال بترك الرمي وجب المبيت في كل ذلك نظر ا ه أقول ولك أن تمنع أولا إلحاق ترك الرمي بترك المبيت من حيث إن المبيت واجب ووقت الرمي فيما مضى اختياري فمتى تدارك ذلك اليوم الثاني قبل الغروب ساغ له النفر بخلاف ترك المبيت في الماضي لا سبيل إلى تداركه ا ه عميرة ا ه سم قوله فمن تعجل في يومين أي في ثاني أيام التشريق بعد رميه ا ه جلالين ويشير بهذا(5/20)
إلى أن الكلام على حذف المضاف دفعا لما يوهمه ظاهر النظم من أن النفر واقع في كل من اليومين وليس مرادا ا ه وقد صرحت الآية بنفي الحرج ردا على الجاهلية فإنهم كانوا فئتين فئة تعتقد أن في التأخير إثما وفئة أخرى تعتقد أن في التقديم إثما ا ه شرح المشكاة وفيه أيضا ولعل وجه نفي الأثم عمن تأخر تطييب قلب من تعجل حيث سوى بينه وبين من تأخر في نفي الأثم فدل على تساويهما في موافقة فعل كل منهما للسنة ا ه شوبري على التحرير ا ه م ر قوله ويخطب الإمام بمنى إلخ حاصل ما قرره المصنف أن خطب الحج أربع الأولى يوم السابع من ذي الحجة وتقدمت في قوله سن للإمام إن يخطب بمكة سابع ذي الحجة والثانية يوم التاسع بمسجد إبراهيم وتقدمت في قوله ثم يذهب بهم إلى مسجد إبراهيم فيخطب خطبتين والثالثة يوم النحر بمنى والرابعة في ثاني أيام التشريق بمنى وكلها فرادى وبعد صلاة الظهر إلا التي يوم التاسع فإنها ثنتان وقبل الصلاة ا ه ز ي قوله ويودعهم أي يعلمهم طواف الوداع ا ه شيخنا لكن عبارة شرح م ر يعلمهم فيها جواز النفر فيه وفيما بعده من طواف الوداع وغيره ويودعهم ويأمرهم بختم الحج بطاعة الله تعالى ا ه فقد جمع فيها بين تعليمهم طواف الوداع وبين توديعهم فلينظر ما معنى التوديع قوله وشرط للرمي إلخ الأوجه أن الرمي كالطواف فيقبل الصرف وأن السعي كالوقوف فلا يقبل الصرف كذا في شرح م ر وقرره في درسه ونازع سم شيخنا الزيادي في عدم قبول السعي للصرف وقرر عن الشيخ حج أنه يقبل كالطواف ولم يستثن إلا الوقوف فقط ا ه شوبري وحاصل الشروط ستة الأول منها مختص برمي أيام التشريق والخمسة بعده تجري فيه وفي رمي يوم النحر كما سيذكره الشارح ا ه وبقي سابع وهو فقد الصارف وعبارة شرح م ر وصرف الرمي بالنية لغير الحج كأن رمى إلى شخص أو دابة في الجمرة كصرف الطواف بها إلى غيره وإن بحث في المهمات إلحاق الرمي بالوقوف لأنه مما يتقرب به وحده كرمي العدو فأشبه الطواف بخلاف(5/21)
الوقوف وأما السعي فالظاهر كما أفاده الشيخ آخذا من ذلك أنه كالوقوف انتهت وفي سم على حج ما نصه واعلم أن من عليه طواف دخل وقته إذا طاف ناويا طوافا آخر عن نفسه أو عن غيره وقع عن نفسه إلا أن يطوف حاملا محرما وينويه عن ذلك المحمول فيقع لذلك المحمول أو ناويا غير الطواف كلحوق غريم انصرف عن الطواف والحاصل أنه إذا صرف الطواف إلى طواف آخر له أو لغيره لم ينصرف إلا في مسألة المحمول فيصرف له أو إلى غير طواف انصرف فالرمي كالطواف في هذا التفصيل فإن صرفه إلى رمي آخر لم ينصرف كأن قصد به مستنيبه أو إلى غير الرمي كأن قصد إصابة الدابة في الرمي انصرف ولا يظهر في الرمي نظير المحمول في الطواف ليتأتى استثناؤه من الشق الأول فليتأمل ا ه قوله ترتيب للجمرات جمع جمرة سميت بذلك لرمي الجمرات أي الحصيات فيها ومسافة بعد الأولى عن مسجد الخيف ألف ذراع ومائتا ذراع وأربعة وخمسون ذراعا وعن الوسطى مائتا ذراع وخمسة وسبعون ذراعا وبين الوسطى وجمرة العقبة مائتا ذراع وثمانية أذرع وبين هذه وباب السلام أحد عشر ألف ذراع ومائتا ذراع وأحد وأربعون ذراعا كل ذلك بذراع اليد ا ه برماوي قوله بأن يرمي أولا إلخ أي فلا يعتد برمي الثاني قبل تمام الأولى ولا بالثالثة قبل تمام الأوليين ولو ترك حصاة وشك في محلها من الثلاث جعلها من الأولى احتياطا فيرمي بها إليها ويعيد رمي الجمرتين الأخيرتين إذ الموالاة بين الرمي في الجمرات غير واجبة وإنما تسن فقط كما في الطواف ولو ترك حصاتين ولم يعلم محلهما جعل واحدة من يوم النحر وواحدة من ثالثة وهو يوم النفر الأولى من أي جمرة كانت أخذا بالأسوأ وحصل رمي يوم النحر وأحد أيام التشريق ا ه شرح م ر قوله من المرات أي مرات الرمي أي لا من الحصيات فلا يشترط كونها سبعا كما سيذكره بقوله ولو رمى حصاة واحدة إلخ وقوله فلو رمى سبع حصيات إلخ محترز قوله من المرات ا ه قوله أو حصاتين كذلك أي مرة واحدة أي دفعة واحدة وقوله(5/22)
لم يحسب إلا واحدة أي وإن ترتب الحصاتان في الوقوع أما لو رماهما مترتبتين فيحسب له ثنتان سواء وقعتا معا أو مرتبتين كما رمى أو الثانية قبل الأولى ا ه من شرح م ر(5/23)
قوله ولا يكفي وضع الحصاة في المرمي عبارة أصله مع شرح م ر وشرط أن يسمي رميا فلا يكفي الوضع في المرمي لأن المأمور به الرمي فلا بد من صدق الاسم عليه ويفارق ما مر في الوضوء من الاكتفاء بوضع اليد مبلولة على الرأس بأن مبنى الحج على التعبد وبأن الواضع هنا لم يأت بشيء من أجزاء الرمي بخلاف ما هناك فيهما انتهت وعبارة حج ويفرق بينه وبين إجزاء وضع اليد على الرأس مع أنه يسمى مسحا بأن القصد ثم وصول البلل وهو حاصل بذلك وهنا مجاهدة الشيطان بالإشارة إليه بالرمي على الذي يجاهد به العدو كما يدل عليه قوله {صلى الله عليه وسلم} كما أخرجه سعيد بن منصور لما سئل عن الجمار الله ربكم تكبرون وملة أبيكم إبراهيم تتبعون ووجه الشيطان ترمون انتهت قوله وبيد فلو عجز عنه بيده قدم القوس ثم الرجل ثم الفم وإلا استناب ا ه حج شوبري قوله فلا يكفي الرمي بغيرها كقوس ورجل ومقلاع إلخ هذا كله إذا كان قادرا على اليد أما إذا كان عاجزا عنها فإنه يجزئ ولو مع القدرة على الاستنابة كما ذكره حج ا ه ع ش قوله فيجزئ بأنواعه منه الكذان بفتح ثم معجمة مشددة حجارة رخوة لأنها مدر نقله الزركشي عن الجوهري ا ه شوبري قوله ولو مما يتخذ منه الفصوص وهذا بالنسبة للإجزاء أما بالنسبة للجواز فإن ترتب على الرمي بالياقوت ونحوه كسر أو إضاعة مال حرم وإن أجزأ ا ه رملي ا ه زيادي ولا يقال هذا الغرض صحيح فلا يحرم لأنا نقول هذا له عنه مندوحة لأنه لما كان غيره يقوم مقامه كان عدوله إليه حراما من حيث إضاعة المال أو كسره ويؤخذ منه أنه إذا تعين طريقا لا يحرم ولم أر من صرح به ويشكل عليه ما قالوه من أنه يكره رش القبر بماء الورد ولا يحرم لأنه لغرض شرعي ولم يفرقوا بين التعين وعدمه وأجيب عن عدم التحريم وإن كان فيه إضاعة مال بأنه خلفنا شيء آخر وهو إكرام الميت وحصول الرائحة الطيبة للحاضرين وحضور الملائكة بسبب ذلك ومن ثم قيل لا يكره القليل منه ا ه ع ش قوله وجص أي بعد الطبخ لأنه لا يسمى(5/24)
حينئذ حجرا بل نورة أما قبله فيجزئ ا ه شرح م ر قوله وجوهر منطبع أشار به دون تعبير المحلي بينطبع إلي أنه لا بد من انطباعه بالفعل لأنه لا يخرج عن الحجرية إلا بذلك بخلاف المشمس لوجود العلة ثم مطلقا تأمل ا ه شوبري وعبارة البرماوي قوله منطبع أي بالفعل وإلا كفى لأن فيه الحجر كامنا ومنه يعلم صحة رمي خاتم فضة فيه فص من حجر كياقوت مثلا خلافا لبعضهم انتهت قوله وقصد المرمي أي أن لا يقصد غير الرمي فيه وهو مجتمع الحصاة المقدر بثلاثة أذرع حول الشاخص المشهور من سائر جهاته إلا في جمرة العقبة لأن لها وجها واحدا فلو قصد الشاخص ورمى لم يكف وإن وقع في المرمي وإن قصد المرمي ورمى إلى الشاخص فوقع بعد إصابته في المرمي كفى وبهذا يجمع بين التناقض في كلامهم ولو أصابت الحصاة شيئا كمحمل فعادت إلى المرمي فإن كان عودها بحركة ما أصابته لم يكف وإلا كفى كما لو ردته الريح وقد خرج إلى المرمي من الأرض لا من نحو ظهر بعير لاحتمالها بحركته فإن تحقق عدم الحركة كفى ا ه برماوي قوله أيضا وقصد المرمي أي وإن لم ينو النسك ا ه حج قوله فلو رمى إلى غيره إلخ قضية كلامهم أنه لو رمى إلى العلم المنصوب في الجمرة أو الحائط التي بجمرة العقبة كما يفعله كثير من الناس فأصابه ثم وقع في المرمي لا يجزئ قال المحب الطبري وهو الأظهر عندي ويحتمل أنه يجزيه لأنه حصل فيه بفعله مع قصد الرمي الواجب عليه ا ه والثاني من احتماليه أقرب كما قاله الزركشي وهو المعتمد وإن نظر فيه بعضهم مدعيا أنه يلزم على تعليل الإجزاء فيه كما ذكر أنه لو رمى إلى غير المرمي فوقع فيه يجزئ وقد صرحوا بخلافه فالأوجه عدم الإجزاء قال المحب الطبري ولم يذكروا في المرمي حدا معلوما غير أن كل جمرة عليها علم فينبغي أن يرمي تحته على الأرض ولا يبعد عنه احتياطا وقد قال الشافعي الجمرة مجتمع الحصى لا ما سال من الحصى فمن أصاب مجتمعه أجزأه ومن أصاب سائله لم يجزه وما حدد به بعض المتأخرين من(5/25)
أن موضع الرمي ثلاثة أذرع من سائر الجوانب إلا في جمرة العقبة فليس لها إلا وجه واحد ورمي كثير من أعلاها باطل قريب من هذا ا ه شرح م ر وفي كلام حج أن الشاخص ليس من المرمي فلو أزيل لا يجوز أن يرمي في محله ا ه ح ل والوجه الوجيه خلافه للقطع بحدوث الشاخص وأنه لم(5/26)
يكن في زمنه عليه الصلاة والسلام ومن المعلوم أن الظاهر ظهورا تاما أنه عليه الصلاة والسلام والناس في زمنه لم يكونوا يرمون إلى غير محله ويتركون محله ولو وقع ذلك لنقل فإنه غريب ا ه سم على حج قوله فلو شك في إصابته لم يحسب أي وإن غلب على الظن إصابته لأن الأصل عدم الوقوع فيه وبقاء الرمي عليه كذا في الإيعاب ا ه شوبري قوله وسن أن يرمي بقدر حصى الخذف ويكره بأكبر وبأصغر منه وبهيئة الخذف للنهي الصحيح عنها الشامل للحج وغيره ا ه حج ا ه رشيدي على م ر وهيئة الخذف كما في شرح م ر أن يضع الحصى على بطن إبهامه ويرميه برأس السبابة ا ه وفي الإيضاح ما نصه ويتعلق بأيام التشريق مسائل إلى أن قال الثانية السنة أن يأتي الجمرة الأولى من أسفل ويصعد إليها ويعلوها حتى يكون ما عن يساره أقل مما عن يمينه ويستقبل الكعبة ثم يرميها بسبع حصيات واحدة واحدة يكبر عقب كل حصاة كما سبق في رمي جمرة العقبة يوم النحر ثم يتقدم عنها وينحرف قليلا ويجعلها في قفاه ويقف في موضع لا يصيبه المتطاير من الحصى الذي يرمى ويستقبل القبلة ويحمد الله تعالى ويكبر ويهلل ويسبح ويدعو مع حضور القلب وخشوع الجوارح ويمكث كذلك قدر سورة البقرة ثم يأتي الجمرة الثانية وهي الوسطى ويصنع فيها كما صنع في الأولى ويقف للدعاء كما وقف في الأولى إلا أنه لا يتقدم عن يسارها كما فعل في الأولى لأنه لا يمكنه ذلك فيها بل يتركها بيمين ويقف في بطن المسيل منقطعا عن أن يصيبه الحصى ثم يأتي الجمرة الثالثة وهي جمرة العقبة التي رماها يوم النحر فيرميها من بطن الوادي ولا يقف عندها للدعاء إلى أن قال الثامنة الموالاة بين رمي الجمرات ورميات الجمرة الواحدة سنة على الأصح وقيل واجبة إلى أن قال الحادية عشر يستحب أن يرمي في اليومين الأولين من أيام التشريق ماشيا وفي اليوم الثالث راكبا لأنه ينفر في الثالث عقب رميه فيستمر على ركوبه الثانية عشر يستحب له الإكثار من الصلاة في مسجد الخيف(5/27)
وأن يصلي أمام المنارة عند الأحجار التي أمامها فقد روى الأزرقي أنه مصلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ويستحب أن يحافظ على حضور الجماعة فيه مع الإمام في الفرائض فقد روى الأزرقي في فضل مسجد الخيف والصلاة فيه آثارا إلى أن قال الخامسة عشر في حكمة الرمي اعلم أن أصل العبادة الطاعة والعبادة كلها لها معان قطعا فإن الشرع لا يأمر بالعبث ثم إن معنى العبادة قد يفهمه المكلف وقد لا يفهمه فالحكمة في الصلاة التواضع والخضوع وإظهار الافتقار إلى الله تعالى والحكمة في الصوم كسر النفس وفي الزكاة مواساة المحتاج وفي الحج إقبال العبد أشعث أغبر من مسافة بعيدة إلى بيت فضله الله تعالى وشرفه كإقبال العبد إلى مولاه ذليلا ومن العبادات التي لا تفهم معانيها السعي والرمي فكلف العبد بهما ليتم انقياده فهذا النوع لا حظ للنفس فيه ولا أنس للعقل به فلا يحمله عليه إلا مجرد امتثال الأمر وكمال الانقياد فهذه إشارة مختصرة تعرف فيها الحكمة في جميع العبادات والله أعلم السادسة عشر إذا نفر من منى في اليوم الثاني أو الثالث انصرف من جمرة العقبة راكبا كما هو يكبر ويهلل ولا يصلي الظهر بمنى بل يصليها بالمنزل المحصب أو غيره ولو صلاها بمنى جاز وكان تاركا للأفضل وليس على الحاج بعد نفره من منى على الوجه المذكور إلا طواف الوداع السابعة عشر صح أن النبي {صلى الله عليه وسلم} أتى المحصب فصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء وهجع هجعة ثم دخل مكة وطاف وهذا التحصيب مستحب اقتداء برسول الله {صلى الله عليه وسلم} وليس هو من سنن الحج ومناسكه وهذا معنى ما صح عن ابن عباس قال ليس التحصيب سنة إنما هو منزل نزله رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وهذا المحصب بالأبطح وهو ما بين الجبل الذي عنده مقابر مكة والجبل الذي يقابل مصعدا في الشق الأيسر وأنت ذاهب إلى منى مرتفعا عن بطن الوادي وليست المقبرة منه والله أعلم ا ه قوله الباقلاء بالتشديد مع القصر وبالتخفيف مع المد والأول أشهر ا ه شيخنا قوله ومن عجز أي ولو كان أجير عين على الأوجه(5/28)
وقوله أناب أي وجوبا في وقت الرمي وجوازا قبله ا ه حج و سم عليه قوله لعلة لا يرجى زوالها إلخ عبارة حج لنحو مرض ويتجه ضبطه بما مر في إسقاطه للقيام في الفرض أو جنون أو إغماء بأن أيس من القدرة عليه وقته ولو ظنا ولا(5/29)
ينعزل النائب بطرو إغماء المنيب أو جنونه بعد إذنه لمن يرمي عنه وهو عاجز آيس ا ه قوله أيضا لا يرجى زوالها أي يقينا أو ظنا فيما يظهر وليس المراد العجز الذي ينتهي إلى اليأس كما في استنابة الحج ا ه شرح م ر قوله قبل فوات ظرف للزوال لا لقوله لا يرجى ا ه شيخنا والمراد بوقت الرمي وقت جوازه وهو أيام التشريق الثلاث ا ه شرح م ر قوله أناب أي وجوبا ولو بأجرة فاضلة عما يعتبر في الفطرة ا ه برماوي وإذا استناب عنه من رمى أو حلالا سن له أن يناوله الحصى ويكبر كذلك إن أمكنه وإلا تناولها النائب وكبر بنفسه ولو عجز الأجير على عينه عن الرمي هل يستنيب هنا للضرورة أو لا كسائر الأعمال والأقرب الأول كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وإن قال بعضهم إن الأقرب الثاني ويريق دما ا ه شرح م ر قوله ولا يمنع زوالها بعده إلخ أي فلا تلزمه إعادته لكن تسن ويفارق نظيره في الحج بأن الرمي تابع ويجبر بدم ا ه سم على حج وعبارة شرح م ر ولو برئ من عذره في الوقت بعد الرمي لم تلزمه إعادته لكنها تسن ويفارق نظيره في الحج بأن الرمي تابع ويجبر تركه بدم بخلاف الحج فيهما وبأن الرمي على الفور وقد ظن العجز حتى يخرج الوقت والحج على التراخي انتهت قوله ولا يصح رميه أي النائب عنه أي المنيب إلا بعد رميه أي النائب عن نفسه بأن يكون قد رمى الجمرات الثلاث عن نفسه بخلاف ما لو رمى الجمرة الأولى مثلا عن نفسه ثم أراد أن يرميها عن المستنيب فإنه يمتنع لأن أيام التشريق كاليوم الواحد ا ه ح ل قوله إلا بعد رميه عن نفسه حتى لو رمى النائب الذي لم يرم عن نفسه وقصد المستنيب فإنه يقع له هو لكن يخالفه ما مر في الطواف عن الغير إذا كان محرما فإنه يقع عن الغير إذا نواه ويفرق بأن الطواف لما كان مثل الصلاة أثرت فيه نية الصرف إلى غيره بخلاف الرمي فإنه ليس شبيها بالصلاة ا ه شرح م ر قوله أيضا إلا بعد رميه عن نفسه أي للجمرات الثلاث ويعتبر كل يوم على حدته فإذا رمى(5/30)
عن نفسه الجمرات الثلاث أول يوم رمى عن المستنيب وأما لو كان النائب رمى بعض الجمرات وبقي عليه البعض ولو حصاة واحدة لا يصح أن يرمي عن المنيب لذلك اليوم ا ه من شرح م ر وحج ثم قال حج فرع لو أنابه جماعة في الرمي عنهم جاز كما هو ظاهر لكن هل يلزمه الترتيب بأن لا يرمي عن الثاني مثلا إلا بعد استكمال رمي الأول أو لا يلزمه ذلك فله أن يرمي إلى الأولى عن الكل ثم الوسطى كذلك ثم الأخيرة كذلك كل محتمل والأول أقرب قياسا على ما لو استنيب عن آخر وعليه رمي سلا يجوز أن يرمي عن مستنيبه إلا بعد كمال رميه عن نفسه كما تقرر فإن قلت ما عليه لازم له فوجب الترتيب فيه بخلاف ما على الأول في مسألتنا قلت قصده الرمي له صيره كأنه ملزوم به فلزمه الترتيب رعاية لذلك ا ه قوله بالنص في الرعاء بالكسر والمد لا غير جمع راع وتجويز الشوبري الضم خطأ إذ الضم إنما هو في الرعاة بالتاء وإن كان كل منهما جمعا لراع ا ه من ابن شرف و ق ل قوله لما دخله التدارك كالوقوف بعد فوته لأن أعمال الحج إذا فاتت لا تتدارك أي واللازم باطل لأن الفرض إن تداركه واجب هذا مراده ومع ذلك في الملازمة شيء ا ه شيخنا قوله ويجب الترتيب بينه أي بين المتروك أي بأن لا ينوي بالرمي غير ما تقدم ما لم يفعله ا ه ع ش وقوله فإن خالف إلخ أي بأن قصد أن يرمي في اليوم الثاني عنه والحال أن عليه رمي اليوم الأول ا ه شيخنا قوله وإلا أي وإن لم يتداركه لزمه دم أي ولو بعذر خلافا لحج حيث قاسه على المبيت في أنه يسقط بالأعذار وهو تابع في ذلك للأذرعي ا ه ح ل قوله ولو في الأيام الأربعة الغاية راجعة لقوله فأكثر في بعض أفراده كترك واحدة من اليوم الثاني وما بعده أو من اليوم الأول وما بعده أو من يوم العيد وما بعده إذ لا يتصور ترك عشرين رمية فأقل في أكثر من يوم فتأمل ا ه برماوي قوله أيضا ولو في الأيام الأربعة قد يقتضي هذا أنه يمكن تصور ترك أربع رميات من الأيام الأربع بأن يترك في كل(5/31)
يوم واحدة فيعتد له بما رماه ويكون الدم في مقابلة المتروكة لكنه غير مراد لما تقرر من وجوب الترتيب حتى لو ترك رمية في اليوم الأول من الأولى مثلا لم يحسب له ما بعدها وتجبر بواحدة من الأولى في اليوم الثاني وهكذا فلعل المراد أن الدم يتحقق وجوبه بترك ثلاثة وإن لزم من تركها ترك كثير من الرمي فلا تجب(5/32)
زيادة على الدم بل يكون في جميع المتروك سواء ما تركه بالفعل وما فعله ولم يحسب له وذلك لأنه لو ترك جميع الرمي ليس عليه إلا دم واحد ا ه ع ش قوله لأن الرمي فيها كالشيء الواحد أي فلا يقال يجب أربعة دماء في ترك الرمي رأسا كل دم عن رمي يوم قوله وفي الرمية الأخيرة إلخ قيد بها لأنه لا يتصور ترك غيرها لأنه لو ترك غير الأخير وقع رمي ما بعدها عنها وإن لم يقصده لوجوب الترتيب ا ه ق ل وعبارة ابن الجمال وفي ترك رمية مد طعام وفي اثنين مدان ويتصور ذلك بتركهما من جمرة العقبة آخر أيام التشريق أو مما قبله إن صح نفره فيه وذلك لعسر تبعيض الدم وبحث العلامة عبد الرءوف إجزاء الدم الكامل عن المد والمدين أخذا من التعليل إذ هو يقتضي أن الواجب أصالة إنما هو الدم ا ه ومقتضاه أيضا إجزاء ثلث الدم في الواحدة وثلثيه في اثنتين واعلم أن وجوب المد في الحصاة والمدين في الحصاتين يشكل على قولهم إن دم ترك الرمي دم ترتيب وتقدير وما كان كذلك لا إطعام فيه وجوابه يؤخذ من قول العلامة عبد الرءوف في شرح مختصر الإيضاح كان القياس عدم إجزاء المد للقادر على ثلث الدم لكن لما عسر تبعيض الدم وكذا الصوم إذ يلزم من وجوبه تكميل المنكسر عدل إلى جنس آخر أخف منهما قصدا إلى السهولة ونزل المعدول إليه منزلة أصل المعدول عنه حتى إنه ليس للقادر عليه بدله وهو صوم ثلث العشرة بخلاف العاجز ا ه وتوضيحه أن يقال لا شبهة أن الواجب أصالة ثلث الدم في الحصاة وثلثاه في الحصاتين فإن عجز عن ذلك فمقتضى القياس أن يكون واجبه صوم ثلث العشرة في الأول وثلثيها في الثاني لكن أقيم المد أو المدان مقام ثلث الدم أو ثلثيه لعسر تبعيض الدم لا أنه جعل بعده في الرتبة ليخالف دم الترتيب والتعديل الآتي إن شاء الله تعالى فإذا عجز عن نحو المد الذي هو منزل منزلة الدم فهو عاجز عن الدم فيجب عليه الصوم حينئذ ولا يخرجه هذا عن كونه دم ترتيب وتقدير إذ ليس الصوم بدلا عن المد والمدين(5/33)
بل عن الدم القائم هو مقامه للتخفيف وأما ما اقتضاه قوله وكذا الصوم إذ يلزم إلخ من أن المد منزل منزلة الصوم أيضا وأنه عند العجز يرجع إليه فليس بمراد بل إنما هو منزل منزلة الدم فقط كما اقتضاه كلامهم وقضيته أنه لو أخرج ثلث الدم في الحصاة أو ثلثيه في الحصاتين أجزأ وهو الظاهر كما تقدم وعليه فلا يقال ينبغي الصوم إذا عجز عنه ولا يشترط العجز عن المد والمدين لما تقدم أن المد إنما هو قائم مقامه سواء في حق مريد إخراج نحو ثلث الدم أو غيره فلا يجوز الصوم إلا بعد العجز عن المد وأجزأ نحو ثلث الدم لأنه الواجب أصالة فتأمله انتهت قوله مد طعام فلو عجز عن المد مثلا لزمه الصوم الذي هو بدل عن المد وذلك ثلاثة أيام وثلث ثم اختلف المتأخرون فقيل تكمل أربعة جبرا للكسر ثم تفرق الأربعة بنسبة الثلاثة والسبعة للعشرة فيصوم ثلاثة أعشارها ثم سبعة أعشارها وذلك مع الجبر خمسة يومان ثم ثلاثة وذلك لأن الأربعة تبسط أعشارا بأربعين وثلاثة أعشارها اثني عشر عشرا فتكمل عشرين عشرا بيومين وسبعة أعشارها ثمانية وعشرون عشرا فتكمل ثلاثين عشرا بثلاثة وإنما جبر الكسر بتكميله أربعة قبل القسمة لأنه لم يعهد إيجاب بعض الصوم فيلزمه أربعة بجبر الثلث ثم قسمتها وجبر كل من الثلاثة أعشار والسبعة فهنا جبران وقيل لا يجبر الثلث قبل القسمة بل يبسط من جنس كسره وهو ثلث فتكون عشرة بالنسبة المذكورة مع جبر المنكسر فيصوم يوما لأن ثلاثة أعشار العشرة ثلاثة أثلاث بواحد ثم ثلاثة إذا رجع لأن سبعة أعشارها سبعة أثلاث بثلثين حتى تكون ثلاثة فعلى هذا القول جبر واحد في أحد الشقين وفي الذي قبله جبران في الشقين معا ا ه سم على الغاية بإيضاح قوله إن لم ينفر قبل الثالثة الضمير في ينفر راجع لمن تركها وترك الليلتين قبلها وقوله وإلا أي بأن نفر قبل مبيت الثالثة والفرض أنه ترك ما قبلها فيكون تاركا للثلاثة فيكون هذا الشق مكررا وأيضا التقييد من أصله مستدرك وعبارة ابن(5/34)
الجمال وفي ترك ليلة مد وليلتين مدان إن لم ينفر النفر الأول بل بات الثالثة ورمى يومها أو ترك مبيتها لعذر لأن المتروك لعذر كالمأتي به فإن نفر مع تركهما بلا عذر في اليوم الثاني من أيام التشريق وإن رمى بعد الزوال فنفره غير صحيح فيجب عليه العود لمبيت الثالثة حيث لا عذر ورمى يومها وكذا الحكم فيمن نفر في اليوم الأول فإن لم يعد في الصورتين فدم لتركه جنس المبيت(5/35)
بلا عذر ووقع في متن مختصر الإيضاح وشرح الشارح وغيرهما أن في ترك مبيت ليلتي التشريق إذا نفر النفر الأول دما وانتقده العلامة عبد الرءوف رحمه الله تعالى بأنه متى فوت مبيتهما بلا عذر فإن فوت مبيت الثالثة أيضا كذلك لزمه الدم لكن لترك الثلاث لا لتفويته مبيت ليلتين فقط وإن لم يفوت مبيت الثالثة فالواجب مدان لا دم قال فتلخص أنه لا يتصور وجوب الدم فيهما ا ه وهو واضح متجه لا غبار عليه وإن صنف في رده فتأمله واعلم أن الإشكال المار في وجوب الإطعام في ترك الرمية والرميتين مع كون هذا الدم لا يدخله الإطعام وجوابه يأتي هنا أيضا وإن لم يذكروه إلا هناك فإن عجز صام في ترك الليلة خمسة أيام وفي ترك الليلتين ثمانية بتفصيلهما السابق على ما تقدم انتهت قوله هذا أي قوله يجب مبيت بمنى ليالي تشريق في غير المعذورين إلخ أما هم فكان الأولى ذكره هناك كما صنع شراح المنهاج وعبارة الإيضاح في بحث المبيت نصها هذا فيمن لا عذر له أما من ترك مبيت مزدلفة أو منى لعذر فلا شيء عليه والعذر أقسام أحدها أهل سقاية العباس يجوز لهم ترك المبيت بمنى ويسيرون إلى مكة لاشتغالهم بالسقاية وسواء تولى السقاية بنو العباس أو غيرهم ولو أحدثت سقاية للحاج فللمقيم بشأنها ترك المبيت كسقاية العباس الثاني رعاء الإبل يجوز لهم ترك المبيت لعذر المرعى فإذا رمى الرعاء وأهل السقاية يوم النحر جمرة العقبة فلهم الخروج إلى الرعي والسقاية وترك المبيت في ليالي منى جميعا ولهم ترك الرمي في اليوم الأول من التشريق وعليهم أن يأتوا في اليوم الثاني من أيام التشريق فيرموا عن اليوم الأول ثم عن الثاني ثم ينفروا فيسقط عنهم رمي اليوم الثالث كما يسقط عن غيرهم ممن ينفر ومتى أقام الرعاء بمنى حتى غربت الشمس لزمهم المبيت بها تلك الليلة ولو أقام أهل السقاية حتى غربت الشمس فلهم الذهاب إلى السقاية بعد الغروب لأن شغلهم يكون ليلا ونهارا الثالث من له عذر بسبب آخر كمن له مال(5/36)
يخاف ضياعه لو اشتغل بالمبيت أو يخاف على نفسه أو مال معه أو له مريض يحتاج إلى تعهده أو يطلب عبدا آبقا أو يكون به مرض يشق معه المبيت أو نحو ذلك فالصحيح أنه يجوز لهم ترك المبيت ولهم أن ينفروا بعد الغروب ولا شيء عليم انتهت وعبارة ابن الجمال في شرح نظم ابن المقري وإنما يجب هذا أي دم ترك المبيت بمنى على حاج ترك المبيت لغير عذر أما أصحاب الأعذار فلهم ترك المبيت ولا دم عليهم كرعاء الإبل وغيرها ولو لغير دواب الحاج وأجراء ومتبرعين قياسا على فطر المرضعة المتبرعة بالإرضاع في رمضان بشرطه وإنما يجوز لهم ذلك ويسقط عنهم الدم إن عسر عليهم الإتيان بها إلى منى ليلا وخشوا من تركها ضياعا أو جوعا لا صبر عليه عادة كما استظهره حج في متن مختصر الإيضاح وخرجوا قبل الغروب لأن الرعي لا يكون ليلا بخلاف السقاية قال شيخنا ومولانا السيد رضي الله تعالى عنه أي من شأن كل منهما ذلك فلو فرض الاحتياج ليلا إلى الرعي انعكس الحكم كما يؤخذ من كلامه يعني الشهاب حج في الحاشية أي وصرح به العلامة عبد الرءوف في شرح مختصر الإيضاح وقد يصور الاحتياج إلى الخروج ليلا ببعد المرعى ا ه وكأهل السقاية وإن خرجوا ليلا وخالفوا الرعاء بأن عملهم في النهار فقط وفيه نحو ما تقدم وسواء كانت السقاية قديمة أو محدثة بمكة وبطريقها كما هو قضية كلامهم ولو للبيع فيما يظهر قياسا على ما إذا كان الرعاء أجراء وكمن خاف ولو بعد الغروب على نحو نفس أو مال أو ضياع مريض ولو أجنبيا لا متعهد له أو له متعهد مشغول بتحصيل نحو الأدوية أو لم يضع لكنه يأنس به لنحو صداقة أو إشراف على موت وإن تعهده غيره أو غير ذلك من أعذار الجماعة مما يمكن مجيئه هنا كما استظهره في متن مختصر الإيضاح كخوف حبس غريم ولا بينة تشهد بإعساره أو ثم قاض لا يسمعها إلا بعد الحبس وكعقوبة من يرجو بغيبته العفو ومن الأعذار غلبة النوم لمن نزل لطواف الركن وأمكنه إدراكه وإدراك المعظم بمنى أفتى به(5/37)
الشهاب حج رحمه الله تعالى انتهت قوله فلهم ترك المبيت وأما الرمي فواجب عليهم لما تقدم من قوله بالنص في الرعاء وأهل السقاية ا ه ح ل فالحاصل أن المعذورين يسقط عنهم المبيت ويجب عليهم تدارك الرمي تأمل ا ه شيخنا أي بالطريق التي تقدمت في عبارة الإيضاح قوله ويجب على غير نحو حائض إلخ أي على الراجح وقيل إنه سنة وجبر(5/38)
تركه بالدم سنة أيضا ا ه إيضاح وإنما يجب على من أتى بنسك إذا فرغ من جميع أعمال نسكه فمتى بقي عليه شيء منها وأراد الخروج من مكة لا يجب عليه طواف الوداع ا ه شرح م ر فائدة قال مولانا وشيخنا السيد المرحوم عمر رضي الله عنه وعنا به يتردد النظر في الصغير هل يلزم وليه أن يطوف به طواف الوداع أم لا والذي يظهر إن قلنا إنه من المناسك أو ليس منها ولكنه خرج به إثر نسك وجب أما الأول فواضح وأما الثاني فلأنه وإن لم يكن منها فهو من توابعها كالتسليمة الثانية ويحتمل في الثانية أنه لا يجب نظرا لكونه ليس منها وإن لم يخرج به إثر نسك فلا وجوب هذا ما ظهر الآن ولم أر في ذلك نصا والله أعلم ثم رأيت الفاضل المحشي يعني سم رحمه الله تعالى ذكر في شرحه على الغاية ما نصه قال العز بن جماعة لم نر فيه نقلا وعندي يجب إن قلنا إن طواف الوداع من المناسك وإلا فلا ا ه ابن الجمال قوله كنفساء أي وكمستحاضة نفرت في نوبة حيضها وذي جرح نضاح يخشى منه تلويث المسجد ا ه حج وقوله نفرت في نوبة حيضها بخلاف في نوبة طهرها قال في شرح العباب وفي الجواهر وغيرها كالمجموع ونص عليه في الأم وجرى عليه الأئمة إذا نفرت المستحاضة فإن كان يوم حيضها فلا طواف عليها أو طهرها لزمها ولو رأت امرأة دما فانصرفت بلا وداع ثم جاوز خمسة عشر نظر إلى مردها السابق في الحيض فإن بان أنها تركته في طهرها وجب الدم أو في حيضها فلا دم ا ه سم عليه قوله طواف وداع ولا يدخل تحت غيره من الأطوفة بل لا بد من طواف يخصه حتى لو أخر طواف الإفاضة وفعله بعد أيام وأراد الخروج عقبه لم يكف كما ذكره الرافعي في أثناء التعليل ا ه شرح م ر قوله أيضا طواف وداع وإذا فرغ منه صلى ركعتي الطواف خلف المقام ثم أتى الملتزم فيلصق بطنه وصدره بحائط البيت ويبسط يديه على الجدار فيجعل اليمنى مما يلي الباب واليسرى مما يلي الحجر الأسود ثم قال اللهم البيت بيتك والعبد عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على(5/39)
ما سخرت لي من خلقك حتى سيرتني في بلادك وبلغتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضى وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري ويبعد عنه مزاري وهذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك اللهم فاصحبني العافية في بدني والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني واجمع لي خير الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير ويأتي بآداب الدعاء التي سبق ذكرها في آداب عرفات ويتعلق بأستار الكعبة في تضرعه فإذا فرغ من الدعاء أتى إلى زمزم فشرب منها متزودا ثم عاد إلى الحجر الأسود فاستلمه وقبله ومضى وإن كانت امرأة حائضا استحب لها أن تأتي بهذا الدعاء على باب المسجد وتمضي ا ه إيضاح وفي حج أن المكث لما ذكر بل وللإطالة في الدعاء بغير الوارد لا يوجب إعادة الطواف ا ه وإذا فارق البيت مودعا فقد قال أبو عبد الله الزبيري وغيره من أصحابنا يخرج وبصره إلى البيت ليكون آخر عهده بالبيت وقيل يلتفت إليه في انصرافه كالمتحزن على مفارقته والمذهب الصحيح الذي جزم به جماعة من أئمة أصحابنا منهم أبو عبد الله الحليمي وأبو الحسن الماوردي وآخرون أنه يخرج ويولي ظهره إلى الكعبة ولا يمشي القهقرى كما يفعله كثير من الناس قالوا بل المشي قهقرى مكروه فإنه ليس فيه سنة مروية ولا أثر محكي وما لا أصل له لا يعرج عليه وقد جاء عن ابن عباس ومجاهد كراهة قيام الرجل على باب المسجد ناظرا إلى الكعبة إذا أراد الانصراف إلى وطنه بل يكون آخر عهده الطواف وهذا هو الصواب والله أعلم ا ه إيضاح وعبارة شرح م ر وإذا فرغ من طواف الوداع المتبوع بركعتيه استحب له أن يدخل البيت ما لم يؤذ أو يتأذ بزحام أو غيره وأن يكون حافيا وأن لا يرفع بصره إلى سقفه ولا ينظر إلى أرضه تعظيما لله تعالى وحياء منه وأن يصلي فيه ولو ركعتين والأفضل أن يقصد مصلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بأن يمشي بعد دخوله الباب حتى يكون بينه وبين(5/40)
الجدار الذي قبل وجهه قريب من ثلاثة أذرع وأن يدعو في جوانبه قال القاضي أبو الطيب قال الشافعي يسن لمن فرغ من طواف الوداع أن يأتي الملتزم إلخ إلى أن قال قال الأذرعي ولم أر لأصحابنا كلاما في أن المودع من أي أبواب المسجد يخرج وقال بعض العصريين يستحب أن يخرج من باب بني(5/41)
سهم ويسن الإكثار من الاعتمار والطواف تطوعا وأن يزور الأماكن المشهورة بالفضل بمكة وهي ثمانية عشر موضعا وأن يكثر النظر إلى البيت إيمانا واحتسابا لما رواه البيهقي في شعب الإيمان أن لله تعالى في كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة تنزل على هذا البيت ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين وحكمة ذلك كما أفاده السراج البلقيني ظاهرة إذ الطائفون جمعوا بين ثلاث طواف وصلاة ونظر فصار لهم بذلك ستون والمصلون فاتهم الطواف فصار لهم أربعون والناظرون فاتهم الطواف والصلاة فصار لهم عشرون ويستحب أن يكثر من الصدقة وأنواع البر والقربات فإن الحسنة هناك بمائة ألف حسنة ونقل عن الحسن البصري رضي الله تعالى عنه أنه يستجاب الدعاء في خمسة عشر موضعا بمكة في الطواف والملتزم وتحت الميزاب وفي البيت وعند زمزم وعلى الصفا والمروة وفي المسعى وخلف المقام وفي عرفات ومزدلفة ومنى وعند الجمرات وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون الداعي في نسك أو لا انتهت قوله ويسمى بالصدر أيضا أي كما يسمى به أي بالصدر طواف الركن ا ه ح ل وذلك لأنهم ينصرفون عنه إلى مكة ويرجعون إلى أوطانهم قوله بفراق مكة أي بإرادة فراق مكة وعبارة أصله وإذا أراد الخروج من مكة طاف للوداع قال حج وأفهم المتن أنه لو خرج من عمران مكة لحاجة فطرأ له السفر لم يلزمه دخولها لأجل طواف الوداع لأنه لم يخاطب به حال خروجه وهو محتمل ا ه وإذا طاف للوداع وفارقها إلى محل تقصر فيه الصلاة ثم عاد إليها لشيء من حوائج السفر أو لغيره ثم خرج فهل يحتاج هذا الخروج لوداع لأنه خروج جديد أو لبطلان الوداع السابق بعوده إلى مكة أو يفصل بين أن يكون عوده لما يتعلق بالسفر كأخذ حاجة للسفر فلا يحتاج لإعادته لأنه في معنى الماكث لحاجة السفر أو لغيره فيحتاج فيه نظر فليراجع وأطلق م ر في تقريره جواب سائل وجوب الإعادة ا ه سم عليه فائدة هل وجب طواف الوداع بمجرد الإحرام كما أن سائر الواجبات(5/42)
كالمبيت والرمي تجب بالإحرام وإن كان لكل منها وقت مخصوص وإن قلنا إنه ليس من المناسك لأنه تبع فوجوبه تابع لوجوبها أو وجب وجوبا مبتدأ بفراق مكة لا بالإحرام أو يفصل فيقال وجب بالإحرام مع فراق مكة إن كان من المناسك وبفراقها فقط إن لم يكن منها جزم في مختصر الإيضاح بالأول قال وقولهم بعد فراغ أعماله يتعين أن يكون قيدا للصحة وقال شارحه إن ظاهر كلامهم الثاني قال ولا يبعد التفصيل أي القول الثالث ولا ينافي هذا ما مر أن دليل الوجوب الخبر لأن المراد أنه موجبه عند الفراق سواء أسبق بالإحرام أم لا ا ه ومحل ما ذكر كما قال فيمن دخل مكة محرما أما إذا دخلها غير محرم وأراد السفر منها أو أراده مكي فيتعين فيه الثاني لأن وجوبه حينئذ غير تابع بل مبتدأ بفراق مكة للخبر وتعظيما للبيت والله أعلم ا ه ابن الجمال قوله أو فارقها لسفر قصير أي سواء فارقها لسفر طويل أو قصير لكن سيأتي في كلامه تقييد القصير بما إذا لم ينو الرجوع منه وعبارة حج وإذا أراد الخروج من مكة إلى مسافة القصر مطلقا أو دونها وهو وطنه أو ليتوطنه وإلا فلا طواف عليه ولا فرق في القسمين أي مسافة القصر والدون بين من نوى العود وغيره خلافا لما يوهمه بعض العبارات انتهت قوله للاتباع إلخ عبارة حج لثبوته عنه {صلى الله عليه وسلم} قولا وفعلا وليكون آخر عهده بيت ربه كما أنه أول مقصود له عند قدومه عليه انتهت قوله آخر عهده بضم الراء وفتحها وقوله أي الطواف بيان لمتعلق الجار وهو إما اسم كان أو خبرها ا ه برماوي قوله بناء على أنه ليس من المناسك ومن قال إنه منها أراد أنه من توابعها كالتسليمة الثانية من توابع الصلاة وليست منها ومن ثم لزم الأجير فعله واتجه أنه حيث وقع إثر نسك لم تجب له نية نظرا للتبعية وإلا وجبت لانتفائها ولا يلزم من طلبه في النسك عدم طلبه في غيره ألا ترى أن السواك سنة في محو الوضوء وهو سنة مطلقا ا ه حج قوله والمعتمد ما بينته في شرح الروض إلخ هذا المعتمد ضعيف عند م(5/43)
ر وحج ونص عبارة شرح الروض وليس طواف الوداع من المناسك أي مناسك الحج والعمرة بل هو عبادة مستقلة فمن أراد الخروج من مكة إلى مسافة القصر قال في المجموع أو دونها على الصحيح ودع مكيا كان أو آفاقيا تعظيما للحرم وتشبيها لاقتضاء(5/44)
خروجه الوداع باقتضاء دخوله الإحرام ولاتفاقهم على أن قاصد الإقامة بمكة لا يؤمر به ولو كان من المناسك لأمر به هذا ما صححه الشيخان ونقلاه عن صاحب التتمة والتهذيب وغيرهما ونقلا عن الإمام والغزالي أنه منها ويختص بمن يريد الخروج من ذوي النسك وهذا هو الذي تظاهرت عليه نصوص الشافعي والأصحاب ولم أر من قال إنه ليس منها إلا المتولي فجعله تحية للبقعة مع أنه يمكن تأويل كلامه بأنه ليس منها ركنا كما قال غيره إنه ليس بركن ولا شرط قال وأما استدلال الشيخين بأنه لو كان منها لأمر به قاصد الإقامة بمكة فممنوع لأنه إنما شرع للمفارقة ولم تحصل كما أن طواف القدوم لا يشرع للمحرم من مكة ويلزمهما القول بأنه لا يجبر بدم ولا قائل به وذكر زيادة على ذلك ذكرتها في شرح البهجة وذكر نحوه الإسنوي وغيره وهو ما جرى عليه النووي في مناسكه وفي مجموعه في كلامه على أعمال الحج واقتضاه كلام الأصل آخر الباب وهو المعتمد وما نقل عن التهذيب من أنه ليس منها لم أر التصريح به فيه بل فيه أنه نسك حيث قال والفرق بينه وبين طواف القدوم حيث لا يجب أن طواف القدوم تحية البيت وهو يسقط بطواف العمرة وطواف الوداع نسك لا يسقط بطواف آخر واجب ا ه وتظهر فائدة الخلاف في أنه يفتقر إلى نية أولا وفي أنه يلزم الأجير فعله أو لا وفي أنه يحط شيء من أجرة الأجير عند تركه أو لا ا ه بحروفه قال ابن الجمال وتظهر فائدة الخلاف في أنه هل يلزم الأجير فعله أو لا وأنه هل يحتاج لنية أو لا لكن الذي استوجهه في التحفة في هذا المبحث أنه يلزم الأجير فعله وأنه حيث وقع إثر نسك لم يحتج لنية وإلا وجبت لأنه وإن لم يكن منها فهو من توابعها كالتسليمة الثانية من توابع الصلاة وليست منها وجرى عليه في الفتح وزاد أنه يحط عند تركه من الأجرة ما يقابله قال مولانا رحمه الله تعالى وفي مبحث الطواف من التحفة ما يقتضي اشتراط النية إذا وقع إثر نسك بناء على أنه ليس من المناسك وجرى في(5/45)
الحاشية على اشتراطها وإن قلنا إنه من المناسك وعلله بوقوعه بعد التحلل التام فتحرر أن له أي لحج ثلاثة آراء ا ه وجزم بما في الحاشية في متن مختصر الإيضاح في مبحث الطواف واستوجهه العلامة عبد الرءوف قال وليس كالتسليمة الثانية لأنه على صورة العبادة المستقلة وإن فعل إثر المناسك فاحتاج إلى نية لضعف التبعية بخلاف التسليمة الثانية والظاهر أن طواف الوداع المسنون من طواف النفل فتجب نيته ويحتمل خلافه ا ه أي نظرا لشمول نية الحج له إذ هو من سننه لمن سن في حقه كما أن سائر السنن سنت بمجرد الإحرام فكذلك هذا وهذا هو الذي ينقدح فتأمل ا ه بحروفه قوله واعلم أنه لا وداع إلخ أي لا وداع واجب وإلا فهو يسن لكل من خرج لسفر قصير ناويا العود ا ه شيخنا وفي ع ش ما نصه قوله وكان سفره قصيرا قضيته أنه لا وداع على من خرج من مكة للوقوف بعرفة لأنه خرج إلى مسافة قصيرة بنية العود لكن ذكر م ر في شرحه في باب المواقيت عند قول المصنف والميقات المكاني إلخ ما نصه والأفضل للمكي أن يصلي بالمسجد سنة الإحرام ثم يأتي إلى باب داره ويحرم منه لأن الإحرام غير مستحب عقب الصلاة بل عند الخروج إلى عرفات ثم يأتي المسجد لطواف الوداع فاندفع استشكال الصلاة في المسجد بالإحرام من باب داره وتقدم لك التنبيه على استحبابه في قوله بعد قول المتن ويعلمهم المناسك إلخ ويأمر فيها أيضا المتمتعين والمكيين بطواف الوداع ثم قال وهذا الطواف مسنون ويمكن حمل قوله هنا لا وداع على من خرج إلى عرفة إلخ على عدم الوجوب فلا ينافي ما مر له من استحبابه ا ه بحروفه والحاصل أن من فارق مكة لمسافة قصر لزمه طواف الوداع مطلقا سواء قصد الإقامة أو لا بخلاف من فارقها لدون مسافة القصر فإن قصد الإقامة فيما خرج له لزمه طواف الوداع وإلا فلا وهذا مستفاد من كلام الشارح حيث أطلق في مسافة القصر وفصل فيما دونها حيث قال واعلم أنه لا وداع على من خرج لغير منزله بقصد الرجوع وكان سفره(5/46)
قصرا ا ه برماوي قوله إذا أراد الانصراف من منى أي أراد أن ينصرف إلى بلده من منى ولا يرجع إلى مكة فعليه الوداع أي وإن كان طاف للوداع عقب طواف الإفاضة عند عوده إليها كما صححه في المجموع ونقله عن مقتضى كلام الأصحاب ومن أفتى بخلافه فقد وهم إذ لا يعتد به ولا يسمى طواف وداع إلا بعد فراغ جميع المناسك(5/47)
ا ه شرح حج وقوله إلا بعد فراغ جميع المناسك لو فرغ من جميع المناسك لكن فاته الرمي ولزمه الصوم بدله فصام ثلاثة أيام عقب أيام التشريق وأراد السفر إلى بلده وأن يصوم السبعة فيها ينبغي أن يلزمه طواف الوداع ولا يضر بقاء السبعة التي هي جملة البدل عليه لأن محلها بلده ولو توقف لزوم الوداع عليها لزم سقوطه عنه وهو بعيد فلو أراد السفر قبل صوم الثلاثة وأن يصومها أيضا ببلده أو في سفره فهل يصح طواف الوداع ويلزمه ولا يضر بقاء الصوم لأنه ليس من أعمال الحج وإن كان بدلا أو لا فيه نظر والأول غير بعيد فليراجع وهل مثل الفراغ تفويت المبيت والرمي مع مكثه بمكة أو منى حتى مضت أيام التشريق ولا يبعد أن الأمر كذلك ا ه سم عليه قوله أما نحو الحائض إلخ مثل الحائض المعذور لخوف ظالم أو فوت رفقة على المعتمد فلا يجب عليه طواف الوداع ولا تلزمه الفدية ا ه من شرح م ر قوله فلا طواف عليها أي ولا دم أيضا ا ه ع ش وهذا بالنسبة لطواف الوداع أما بالنسبة لطواف الركن فلو حاضت قبله فإنها تستمر محرمة حتى ترجع لمكة فتطوف ولو طال ذلك سنين وبحث السراج البلقيني أنها إذا وصلت بلدها وهي محرمة عادمة للنفقة ولم يمكنها الوصول للبيت الحرام يكون حكمها كالمحصر فتتحلل بذبح شاة وحلق ونية تحلل وأيد ذلك بكلام في المجموع وهو المعتمد والكلام مفروض حيث لم تعلم بالحكم حتى وصلت بلدها فلو فرض أنها وصلت لمحل وعجزت عن الوصول لمكة وهي عارفة بالحكم فتحلل الآن بذبح وتقصير مع نية فيهما وبحث بعضهم أيضا أنها إذا كانت شافعية تقلد الإمام أبا حنيفة رضي الله عنه أو الإمام أحمد رضي الله عنه على إحدى الروايتين عنه في أنها تهجم وتطوف بالبيت ويلزمها بدنة وتأثم بدخولها المسجد حائضا ويجزيها هذا الطواف عن الفرض لما في بقائها على الإحرام من المشقة ا ه برماوي قوله أمر الناس بضم الهمزة والسين هكذا ضبطه بالقلم ا ه شوبري قوله قبل مفارقة مكة أي قبل مفارقة ما لا يجوز(5/48)
قصر الصلاة فيه ا ه حج قوله ويجبر تركه بدم وفي طوفة منه أو بعضها دم كامل وغلط من قال مد كترك مبيت ليلة أو حصاة وعلى الأول يفرق بأن الطواف لما أشبه الصلاة في أكثر أحكامه كان كالخصلة الواحدة فألحق ترك بعضه بترك كله ولا كذلك ذلك ه برماوي قوله لتركه نسكا واجبا أي عبادة واجبة وهذا جار على كل من القولين أي القول بأنه من المناسك والقول بأنه ليس منها لأن القولين متفقان على أنه في ذاته نسك أي عبادة وكونه نسكا في ذاته لا ينافي القول بأنه ليس من المناسك أي ليس من أعمال الحج والعمرة فسقط ما للحلبي هنا قوله واستثنى منه أي من جبر تركه بدم وعبارة حج نعم المتحيرة لا دم عليها للشك في وجوبه عليها باحتمال كل زمن يمر عليها للحيض انتهت قوله البلقيني هو أبو حفص سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني نسبة إلى بلقينة بضم الباء وسكون اللام وكسر القاف قرية من قرى مصر قرب المحلة الكبرى الإمام المجتهد عالم عصره ولد ثاني عشر شهر رمضان سنة أربع وعشرين وسبعمائة وتفقه على التقي السبكي وغيره المتوفى عاشر ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة ا ه برماوي قوله فإن عاد قبل مسافة قصر إلخ والعود واجب في هذه الحالة إن أمكنه أما إذا عاد بعد بلوغه مسافة القصر سواء عاد منها أو بعدها وإن فعله أي الطواف فلا يسقط الدم على الصحيح لاستقراره بما ذكر والعود غير واجب في هذه الحال ا ه حج وكذا إن عاد بعد بلوغه وطنه ولو دون مسافة القصر أو ما يريد توطنه فيه لا يسقط الدم وفي شرح العباب ويظهر فيمن خرج تاركا له عامدا عالما وقد لزمه أنه إن كان عازما على العود له قبل مرحلتين أي قبل وصول وطنه لم يأثم وإلا أثم وإن عاد فالعود مسقط للدم لا للإثم ا ه سم على حج ويظهر أيضا أنه يأتي هنا في العامد العالم ما بحثه العلامة عبد الرءوف في ترك الميقات من أنه يجب أن يكون قصده بالعود التدارك لأجل الواجب بخلاف ما إذا عاد لشغل آخر أولا بقصد شيء بخلاف الناسي والجاهل ا(5/49)
ه ابن الجمال قوله بعد فراقه بلا طواف أي سواء كان وقت المفارقة عامدا أو ناسيا أو جاهلا بوجوب الطواف ا ه شرح م ر قوله قبل مسافة قصر أي فيما إذا كان مراده السفر الطويل وقبل بلوغ نحو وطنه فيما إذا كان وطنه أو الذي يريد توطنه دون مسافة القصر من(5/50)
مكة وتعتبر مسافة القصر من مكة لا من آخر الحرم لأن الوداع للبيت فناسب اعتبار مكة لأنها أقرب نسبة إليه من الحرم وقيل من الحرم نظير ما يأتي ويرده ما تقرر من الفرق ا ه حج قوله وطاف أما لو عاد للطواف فمات قبل الطواف لم يسقط الدم عنه ا ه شرح م ر قوله لأنه في حكم المقيم لا ينافي التعليل بكونه في حكم المقيم تسويتهم بين السفر الطويل والقصير في وجوب الوداع لأن سفره هنا لم يتم لعوده بخلاف هناك ا ه شرح م ر قوله وإن مكث بعده أي في محل لا تقصر فيه الصلاة ا ه برماوي قوله ولو ناسيا أي لوجوب الخروج عقب الطواف وقوله أو جاهلا أي بما ذكر ومثلها المكره على المكث وعبارة شرح م ر ولو مكث مكرها بأن ضبط وهدد بما يكون إكراها فهل الحكم كما لو مكث مختارا فيبطل الوداع أو نقول الإكراه يسقط أثر هذا اللبث فإذا أطلق وانصرف في الحال جاز ولا يلزمه الإعادة ومثله لو أغمي عليه عقب الوداع أو جن من غير تعد والأوجه لزوم الإعادة في جميع ذلك إن تمكن منها وإلا فلا انتهت قوله لا لصلاة أقيمت أي صلاة جماعة كما في شرح حج وكما يفهم من قول المتن أقيمت قوله أيضا لا لصلاة أقيمت إلخ أي لغير صلاة أقيمت وغير شغل سفر وذلك الغير كعبادة وإن قلت وقضاء دين وصلاة جنازة على ما اقتضاه إطلاقهم لكن الأوجه بل المنصوص اغتفار ما بقدر صلاة الجنازة أي أقل ممكن منها فيما يظهر من سائر الأغراض إذا لم يعرج لها أي الأغراض ا ه حج قوله وسن شرب ماء زمزم أي في سائر الأحوال لأنها مباركة وتقوي القلب وهي اسم للبئر المشهورة قريبا من البيت وأصلها من ضرب جبريل الأرض بجناحه حين عطشت هاجر وولدها إسماعيل لما وضعها إبراهيم عليه الصلاة والسلام هناك بأمر الله تعالى ولما فاض منها الماء على وجه الأرض قالت له هاجر زم زم أي اجتمع يا مبارك فاجتمع فسميت زمزم ويقال لها زمازم وقيل لأن الماء حين خرج منها ساح يمينا وشمالا فزم أي منع بجمع التراب حوله وروي لولا أمكم هاجر(5/51)
حوطت عليها لملأت أودية مكة وقيل لأنه سمع منها حينئذ صوت يشبه صوت الفرس عند شربها المسمى بذلك ولها أسماء كثيرة زمزم وهزمة جبريل وسقيا الله إسماعيل وبركة وسيدة ونافعة ومصونة وعونة وبشرى وصاحبة وبرة وعصمة وسالمة وميمومة ومعذبة وكافية وطاهرة وحرمية ومرورية ومؤنسة وطيبة وشباعة العيال وطعام طعم وشفاء سقم والمعنى أنه يغني عن المطعومات من حيث إنه يشبع وشفاء سقم أي شرب مائها يشفي من السقام وهو من ماء الجنة وأفضل المياه بعدما نبع من بين أصابعه {صلى الله عليه وسلم} كما تقدم في أول كتاب الطهارة ا ه برماوي وعبارة حج وسن لكل أحد شرب ماء زمزم لما في خبر مسلم أنها مباركة وأنها طعام طعم أي فيها قوة الاغتذاء الأيام الكثيرة لكن مع الصدق كما وقع لأبي ذر رضي الله تعالى عنه بل نما لحمه وزاد سمنه زاد أبو داود الطيالسي وشفاء سقم أي حسي أو معنوي ومن ثم سن لكل أحد شربه وأن يقصد به نيل مطلوباته الدنيوية والأخروية لخبر ماء زمزم لما شرب له سنده حسن بل صحيح كما قاله أئمة وبه يرد على من طعن فيه بما لا يجدي ويسن عند إرادة شربه الاستقبال والجلوس وقيامه {صلى الله عليه وسلم} لبيان الجواز ثم اللهم إنه بلغني أن رسولك محمدا {صلى الله عليه وسلم} قال ماء زمزم لما شرب له اللهم إني أشربه لكذا اللهم فافعل بي ذلك بفضلك ثم يسمي الله تعالى ويسر به ويتنفس ثلاثا وأن يتضلع أي يمتلئ ويكره تنفسه عليه لخبر ابن ماجه آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من ماء زمزم وأن ينقله إلى وطنه استشفاء وتبركا له ولغيره انتهت وقوله لما شرب له هو شامل لما لو شربه بغير محله وظاهر أن ذلك خاص بالشارب نفسه فلا يتعداه إلى غيره ويحتمل تعدي ذلك إلى الغير فإذا شربه إنسان بقصد ولده وأخيه مثلا حصل له ذلك المطلوب ولا مانع منه إذا شرب بنية صادقة ونقل عن شيخنا العلامة الشوبري ما يخالف ما ذكرناه فليراجع وعبارته في هوامش فتاوى حج الفقهية الكبرى نصها قوله ماء زمزم لما شرب له إلخ هل ولو كان طلب التحصيل(5/52)
به لغير شاربه بأن شرب ليحصل لولده العلم أو الشفاء أو يفرق بين من يكون له ولاية أو وكالة بأن وكل في ذلك وبين غير من ذكر وليس موافقا لما نقل عنه ا ه ع ش على م ر وعبارة البرماوي ويسن أن ينوي حال(5/53)
شربه ما شاء من جلب نفع أو زوال مرض وأن يقول اللهم إنه قد بلغني عن نبيك محمد {صلى الله عليه وسلم} أنه قال ماء زمزم لما شرب له وأنا أشربه لكذا ويذكر ما يريد من أمور الدنيا والآخرة اللهم فافعل ثم يسمي الله تعالى ويشرب ويتنفس ثلاثا كلما شرب وكان ابن عباس رضي الله عنهما إذا شربه يقول اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء وقد شربه جماعة من العلماء فنالوا مطلوبهم ويسن الدخول إلى البئر والنظر فيها وأن ينزع بالدلو الذي عليها ويشرب وأن ينضح منه على رأسه ووجهه وصدره وأن يتزود من مائها ويستصحب منه ما أمكنه بل يندب ذلك وما قيل إنه يبدل فمن خرافات العوام ويسن أن يشرب من نبيذ سقاية العباس ما لم يسكر و أن يختم القرآن بمكة وأن ينصرف تلقاء وجهه مستدبر البيت ويكثر الالتفات إلى أن يغيب عنه كالمتحزن المتأسف على فراقه ويقول عند خروجه من مكة الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون عابدون سائحون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده انتهت قوله وزيارة قبر النبي {صلى الله عليه وسلم} أي لأنها من أعظم القربات بل قال العبدري المالكي إن قصد زيارته {صلى الله عليه وسلم} أفضل من قصد الكعبة ومن بيت المقدس ا ه برماوي ويسن أن يأتي سائر المشاهد بالمدينة وهي نحو ثلاثين موضعا يعرفها أهل المدينة ويسن زيارة البقيع وقباء وأن يأتي بئر أريس فيشرب منها ويتوضأ وكذلك بقية الآبار السبعة وقد نظمها بعضهم فقال أريس وغرس رومة وبضاعة كذا بضه قل بئر جامع العهن وينبغي المحافظة على الصلاة في مسجده الذي كان في زمنه فالصلاة فيه بألف صلاة وليحذر من الطواف بقبره عليه الصلاة والسلام ومن الصلاة داخل الحجرة بقصد تعظيمه ويكره إلصاق الظهر والبطن بجدار القبر كراهة شديدة ومسحه باليد وتقبيله بل الأدب أن يبعد عنه كما لو كان بحضرته {صلى الله عليه وسلم} في حياته ويسن أن يصوم بالمدينة ما أمكنه وأن يتصدق على جيران رسول الله(5/54)
{صلى الله عليه وسلم} المقيمين والغرباء بما أمكنه ا ه شرح م ر وقوله وتقبيله ظاهره وإن قصد به التعظيم لكن مر في الجنائز بعد نقل كراهة تقبيل التابوت ما نصه نعم إن قصد بتقبيل أضرحتهم التبرك لم يكره كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى فيحتمل مجيء ذلك هنا ويحتمل الفرق بأنهم حافظوا على التباعد عن التشبه بالنصارى هنا حيث بالغوا في تعظيم عيسى عليه السلام حتى ادعوا فيه ما ادعوا ومن ثم حذروا كل التحذير من الصلاة داخل الحجرة بقصد التعظيم ا ه ع ش عليه قوله وإن أوهم كلام الأصل فيه أي في غير الحاج والمعتمر وفيما قبله أي قبل الغير المذكور والذي قبله هو الحاج والمعتمر وكونهما قبله بمقتضى الفهم من الغاية إذ تقدير الكلام للحاج والمعتمر وغيرهما والذي أوهمه كلام الأصل في الغير عدم سنها له وفي المعتمر عدم سنها له أيضا وأوهم في الحاج أنها لا تسن له قبل فراغ حجه لأنه قيد فقال وزيارة قبر النبي {صلى الله عليه وسلم} بعد فراغ الحج فيفهم منه أنها لا تسن قبل فراغه مع أنها تسن في كل الأوقات ويفهم منه أنها لا تسن للمعتمر ولا لغير الحاج والمعتمر من أنها تسن لهما أيضا وعبارة الأصل وسن شرب ماء زمزم وزيارة قبر رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بعد فراغ الحج انتهت وأجاب عنه حج بقوله وما أوهمته عبارته من قصر ندب الزيارة والشرب على الحاج غير مراد وإنما المراد أنها للحجيج آكد لأن تركهم لها وقد أتوا من أقطار بعيدة وقربوا من المدينة قبيح جدا كما يدل له خبر من حج ولم يزرني فقد جفاني وإن كان في سنده مقال ا ه بحروفه قوله ما بين قبري ومنبري إلخ في دلالة هذا وما بعده على المدعى نوع خفاء وقد استدل م ر بقوله {صلى الله عليه وسلم} من زار قبري وجبت له شفاعتي ا ه شيخنا والمراد من تسمية تلك البقعة روضة أن تلك البقعة تنقل إلى الجنة فتكون من رياضها أو أنه على المجاز لكون العبادة فيه تؤول إلى دخول العابد روضة الجنة وهذا فيه نظر إذ لا اختصاص لذلك بتلك البقعة والخبر مسوق لمزيد شرفها على غيرها وقيل فيه تشبيه(5/55)
بحذف الأداة أي كروضة لأن من يقعد فيها من الملائكة ومؤمني الإنس والجن يكثرون الذكر وسائر أنواع العبادة ا ه فتح الباري ا ه شوبري(5/56)
وعبارة البرماوي قوله من رياض الجنة أي قطعة من أرض الجنة أو العمل فيها كالعمل في رياض الجنة أو موصل إلى رياض الجنة أو أنها ستكون من رياض الجنة أو الجالس فيها يرى من الراحة ما يراه الجالس في رياض الجنة وعلى كل حال يحنث من جلس فيها وحلف أنه جالس في الجنة انتهت وهذا المبين أربع أسطوانات من عند الحجرة الشريفة وينتهي إلى المنبر فيكون قدر أسطوانة وشيء يسير فالروضة قريبة من شكل المثلث كما ذكره السيد السمهودي في تاريخ المدينة قوله على حوضي يحتمل أنه عليه الآن ويحتمل أنه ينقل إليه في الآخرة والمراد به الكوثر ا ه برماوي قوله فإذا رأى حرم المدينة إلخ وحد حرم المدينة ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن علي بن أبي طالب عن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال المدينة حرم ما بين عير إلى ثور قال أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره من أهل العلم عير جبل بالمدينة وأما ثور فلا يعلم أهل المدينة بها جبلا يقال له ثور وإنما ثور بمكة قال فيرى أن أصل الحديث ما بين عير إلى أحد وقال الحافظ أبو بكر الحازمي في كتابه المؤلف في أسماء الأماكن في الحديث حرم رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ما بين عير إلى أحد قال هذه الرواية الصحيحة وقيل إلى ثور قال وليس له معنى وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما دعوتها قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ما بين لابتيها حرام وكذا رواه جماعة من الصحابة في الصحيح واللابتان الحرتان ا ه إيضاح وقال الدميري في شرح المنهاج وحد حرمها عرضا ما بين حرتيها السود وطولا ما بين عير وثور وهو جبل صغير من وراء أحد يعرفه أهلها ا ه بحروفه قوله ويغتسل قبل دخوله والذي يتجه أن هذا الغسل لا يفوت بالدخول بل يندب له تداركه بعده ا ه شوبري قوله ويلبس أنظف ثيابه وهل الأولى هنا الأعلى قيمة كالعيد أو الأبيض كل محتمل والأقرب الثاني إذ هو أليق بالتواضع المطلوب ثم رأيت التصريح بأنه يندب البياض للذهاب إلى أي مسجد كان وهو صريح فيما ذكرته(5/57)
لأن هذا اللبس إنما طلب ليكون دخوله المسجد الشريف ووقوفه بين يديه {صلى الله عليه وسلم} على أكمل الأحوال ا ه حج في الجوهر المنظم ا ه شوبري قوله ثم وقف إلخ أي ثم ذهب إلى محل المواجهة ووقف إلخ قوله ويبعد منه نحو أربعة أذرع ويكره إلصاق الظهر والبطن بجدران القبر قاله الحليمي وغيره قالوا ويكره مسحه باليد وتقبيله بل الأدب أن يبعد عنه كما يبعد منه لو حضر في حياته {صلى الله عليه وسلم} هذا هو الصواب وهو الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه وينبغي أن لا يغتر بكثير من العوام في مخالفتهم ذلك فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بأقوال العلماء ولا يلتفت إلى محدثات العوام وجهالاتهم ولقد أحسن السيد الجليل أبو علي الفضيل بن عياض في قوله ما معناه اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين ومن خطر بباله أن المسح باليد ونحوه أبلغ في البركة فهو من جهالته وغفلته لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع وأقوال العلماء وكيف ينبغي الفضل في مخالفة الصواب ا ه إيضاح قوله ويسلم أي عليه {صلى الله عليه وسلم} لخبر ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ولخبر من صلى علي عند قبري وكل الله بي ملكا يبلغني وكفي أمر دنياه وآخرته وكنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة ا ه شرح م ر وقوله وكل الله بي ملكا إلخ قضية هذا أنه لا يسمعه بلا واسطة الملك وقد قدمنا في باب صلاة الجمعة أنه يسمع الصلاة عليه عند القبر بلا واسطة سواء في ذلك ليلة الجمعة أو غيرها فيمكن حمل ما هنا على أنه يبلغ ذلك مع السماع ثم رأيت في حج في كتابه المسمى بالجوهر المنظم في زيارة القبر المعظم ما نصه تنبيه يجمع بين هذه الأحاديث الظاهرة التعارض ببادئ الرأي وأحاديث أخر وردت بمعناها أو قريب منه بأنه {صلى الله عليه وسلم} يبلغ الصلاة والسلام إذا صدرا من بعد ويسمعهما إذا كانا عند قبره الشريف بلا واسطة وإن ورد أنه يبلغهما هنا أيضا كما مر إذ لا مانع أن من عند قبره يخص بأن الملك يبلغ صلاته وسلامه مع(5/58)
سماعه لهما إشعارا بمزيد خصوصيته والاعتناء بشأنه والاستمداد له بذلك سواء في ذلك كله ليلة الجمعة وغيرها إذ المقيد يقضى به على المطلق والجمع بين الأدلة التي ظاهرها التعارض واجب حيث أمكن وأفتى النووي فيمن حلف بالطلاق الثلاث أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} (5/59)
يسمع الصلاة عليه هل يحنث أو لا بأنه لا يحكم عليه بالحنث للشك في ذلك والورع أنه يلتزم ا ه وهو صريح فيما ذكرناه ا ه ع ش عليه قوله وأقله السلام عليك يا رسول الله وأكمله السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا حبيب الله أشهد أنك رسول الله حقا بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وكشفت الغمة وجلوت الظلمة وجاهدت في الله حق جهاده جزاك الله عنا أفضل ما جوزي نبي عن أمته وعلى آلك وأصحابك وأزواجك وأهل بيتك أجمعين ويزيد على ذلك السلام عليك من فلان بن فلان إن كان قد حمله السلام عليه ا ه برماوي ولو قال له إنسان سلم لي على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} هل يجب عليه أن يسلم عليه كما يجب أن يسلم على من قال له سلم لي على فلان أو يفرق والفرق أقرب ويوجه بأن المراد بالسلام ما بين الناس التودد والمحبة والمراد بالسلام عليه {صلى الله عليه وسلم} الشفاعة ولا يجب على المريد أن يشفع له عنده ا ه كذا بهامش عن حج في كتبه وعبارته في كتابه المسمى بالدر المنظم في زيارة القبر المعظم نصها وأما إرسال السلام إليه {صلى الله عليه وسلم} فالقصد منه الاستمداد منه وعود البركة على المسلم فتركه ليس فيه إلا عدم اكتساب فضيلة للغير فلم يكن لتحريمه سبب يقتضيه فاتجه أن ذلك التبليغ سنة لا واجب فإن قلت صرحوا بأن تفويت الفضائل على الغير حرام كإزالة دم الشهيد قلت هذا اشتباه إذ فرق واضح بين عدم اكتساب الفضيلة للغير وتفويت الفضيلة الحاصلة على الغير فمن ثم جاز هذا التفويت ولم يحرم بترك ذلك الاكتساب فافهم ا ه وفيما علل به وقفة لأن المأمور ليس شافعا بل مأمور بالتبليغ لمن يشفع فحيث التزم ذلك ولم يرده فالقياس وجوب التبليغ لأنه أمانة التزم إيصالها له {صلى الله عليه وسلم} ا ه ع ش على م ر قوله فيسلم على أبي بكر أي فيقول السلام عليك يا أبا بكر جزاك الله عن أمة محمد {صلى الله عليه وسلم} خيرا ورأسه عند منكبه {صلى الله عليه وسلم} في مقابلته من وراء ظهره ا ه برماوي قوله على عمر أي فيقول مثل ما تقدم ورأسه عند منكب أبي بكر رضي(5/60)
الله عنه على مثل ما ذكر ا ه برماوي قوله ويستشفع به إلى ربه ومن أحسن ما يقول ما حكاه أصحابنا عن العتبي مستحسنين له قال كنت جالسا عند قبر النبي {صلى الله عليه وسلم} فجاء أعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت قول الله تعالى ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم أنشأ يقول يا خير من دفنت في القاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم قال ثم انصرف فحملتني عيناي فرأيت النبي {صلى الله عليه وسلم} في النوم فقال يا عتبي الحق الأعرابي فبشره بأن الله تعالى قد غفر له ا ه إيضاح قوله ثم يستقبل القبلة أي بحيث لا يصير مستدبرا للقبر الشريف بأن يبعد عن المقصورة نحو الروضة مراعاة للأدب أخذا مما قيل في الإمام إذا صلى في محرابه لا يجعل يساره للمحراب لئلا يكون مستدبرا له {صلى الله عليه وسلم} ا ه برماوي قوله وأعاد نحو السلام الأول أي ثم يقول اللهم لا تجعله آخر العهد من حرم رسولك ويسر لنا للعود إلى الحرمين سبيلا سهلا ارزقنا العفو والعافية في الدنيا والآخرة وردنا إلى أهلنا سالمين غانمين وينصرف تلقاء وجهه ولا يمشي القهقرى كما يفعله العوام ولا يجوز لأحد استصحاب شيء من الأكر المعمولة من تراب الحرمين ولا من الأباريق والكيزان المعمولة منه وأما القلل الطباشيري والدوارق فقال شيخنا سألت عنها بمكة فقيل لي إن طينها يؤخذ من خارج الحرم ومن البدع تقرب العوام بأكل التمر الصيحاني في الروضة الشريفة ا ه برماوي خاتمة في الإيضاح ما نصه الباب السادس في زيارة قبره {صلى الله عليه وسلم} وما يتعلق بذلك اعلم أن لمدينة النبي {صلى الله عليه وسلم} أسماء المدينة وطابة وطيبة والدار ويثرب قال الله تعالى ما كان لأهل المدينة الآية وثبت في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال إن الله تعالى سمى المدينة طابة قيل سميت طابة وطيبة لخلوصها عن الشرك وطهارتها منه وقيل لطيبها(5/61)
لساكنها لأمنهم(5/62)
ودعتهم وقيل لطيب العيش بها وأما تسميتها الدار فللاستقرار بها لأمنها وأما المدينة فقال كثيرون من أهل اللغة وغيرهم منهم قطرب وابن فارس هي من دان أي أطاع والدين الطاعة سميت بذلك لأنه يطاع الله تعالى فيها وقيل غير ذلك والله أعلم وفي الباب مسائل إلى أن قال الثانية يستحب للزائر أن ينوي مع زيارته {صلى الله عليه وسلم} التقرب بالمسافر إلى مسجده {صلى الله عليه وسلم} والصلاة فيه إلى أن قال الخامسة ليستحضر في قلبه حينئذ شرف المدينة وأنها أفضل الدنيا بعد مكة عند بعض العلماء وعند بعضهم أفضلها على الإطلاق وأن الذي شرفت به {صلى الله عليه وسلم} خير الخلائق أجمعين وليكن من أول قدومه إلى أن يرجع مستشعر التعظيمة ممتلئ القلب من هيبته كأنه يراه السادسة إذا وصل باب مسجده {صلى الله عليه وسلم} فليقل ما قدمناه في دخول المسجد الحرام ويقدم رجله اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج وكذلك يفعل في جميع المساجد فيقصد الروضة الكريمة وهي ما بين المنبر والقبر فيصلي تحية المسجد تحت المنبر وفي إحياء علوم الدين أنه يجعل عمود المنبر حذاء منكبه الأيمن ويستقبل السارية التي إلى جانبها الصندوق وتكون الدائرة التي في قبلة المسجد بين عينيه فكذلك موقف رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وقد وسع المسجد بعده {صلى الله عليه وسلم} وفي كتاب المدينة أن ذرع ما بين المنبر ومقام النبي {صلى الله عليه وسلم} الذي كان يصلي فيه حتى توفي أربعة عشر ذراعا وشبر وأن ذرع ما بين المنبر والقبر ثلاث وخمسون ذراعا وشبر وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان سعة المسجد وكيفية حاله في آخر هذا الكتاب إن شاء الله تعالى والله أعلم إلى أن قال العاشرة يستحب أن يخرج كل يوم إلى البقيع خصوصا يوم الجمعة ويكون ذلك بعد السلام على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فإذا انتهى إليه قال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الفرقد اللهم اغفر لنا ولهم ويزور القبور الظاهرة فيه كقبر إبراهيم بن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وعثمان والعباس والحسن بن علي وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وغيرهم ويختم بقبر(5/63)
صفية رضي الله عنها عمة رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وقد ثبت في الصحيح في فضل قبور البقيع وزيارتها أحاديث كثيرة وفي المختار الفرقد مقبرة بالمدينة الحادية عشر يستحب أن يأتي قبور الشهداء بأحد وأفضله يوم الخميس ويبدأ بحمزة عم رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ويكبر بعد صلاة الصبح بمسجد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حتى يعود ويدرك جماعة الظهر فيه الثانية عشر يستحب استحبابا مؤكدا أن يأتي مسجد قباء وهو في يوم السبت أولى ناويا التقرب بزيارته والصلاة فيه للحديث الصحيح في كتاب الترمذي وغيره عن أسيد بن ظهير رضي الله عنه أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال صلاة في مسجد قباء كعمرة وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يأتي مسجد قباء راكبا وماشيا فيصلي فيه ركعتين وفي رواية صحيحة كان يأتيه كل سبت ويستحب أن يأتي بئر أريس التي روي أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} تفل فيها وهي عند مسجد قباء فيشرب من مائها ويتوضأ منه إلى أن قال السادسة عشر ينبغي له أن يلاحظ بقلبه في مدة مقامه بالمدينة جلالتها وأنها البلدة التي اختارها الله سبحانه وتعالى لهجرة نبيه {صلى الله عليه وسلم} واستيطانه ومدفنه وليستحضر تردده {صلى الله عليه وسلم} فيها ومشيه في بقاعها السابعة عشر تستحب المجاورة بالمدينة بالشرط المتقدم في المجاورة بمكة فقد ثبت في صحيح مسلم عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم عن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال من صبر على لأواء المدينة وشدتها كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة إلى أن قال الثانية والعشرون في أشياء مهمة تتعلق بمسجد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} روينا في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان المسجد على عهد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مبنيا باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل فلم يزد فيه أبو بكر رضي الله تعالى عنه شيئا وزاد فيه عمر رضي الله عنه وبناه على بنيانه في عهد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} باللبن والجريد وأعاد عمده خشبا ثم غيره عثمان رضي الله تعالى عنه فزاد فيه زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج هذا لفظ(5/64)
رواية البخاري وقوله القصة هي بفتح القاف(5/65)
وتشديد الصاد المهملة وهي الجص وعن خارجة بن زيد أحد فقهاء المدينة السبعة قال بنى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} مسجده سبعين ذراعا في ستين ذراعا أو يزيد قال أهل السير جعل عثمان طول المسجد مائة وستين ذراعا وعرضه مائة وخمسين ذراعا وجعل أبوابه ستة كما كانت في زمن عمر ثم زاد فيه الوليد بن عبد الملك فجعل طوله مائتي ذراع وعرضه في مقدمه مائتين وفي مؤخره مائة وثمانين ثم زاد فيه المهدي مائة ذراع من جهة الشام فقط دون الجهات الثلاث فإذا عرفت حال المسجد فينبغي أن يعتني بالمحافظة على الصلاة فيما كان على عهد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فإن الحديث الصحيح الذي سبق ذكره صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إنما يتناول ما كان في زمنه {صلى الله عليه وسلم} لكن إذا صلى في جماعة فليتقدم إلى الصف الأول ثم ما يليه أفضل فليتفطن لما نبهت عليه إلى أن قال الثالثة والعشرون من العامة من يزعم أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد ضمنت له على الله الجنة وهذا باطل ليس هو عن النبي {صلى الله عليه وسلم} ولا يعرف في كتاب بل وضعه بعض الفجرة وزيارة الخليل {صلى الله عليه وسلم} غير منكرة وإنما المنكر ما رووه ولا تعلق لزيارة الخليل بالحج بل تلك قربة مستقلة ومثل ذلك قول بعض العامة إذا حج أقدس حجتي ويذهب فيزور بيت المقدس ويرى ذلك من تمام الحج وهذا باطل أيضا وزيارة القدس مستحبة لكنها غير متعلقة بالحج والله أعلم الرابعة والعشرون لو نذر الذهاب إلى مسجد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أو إلى المسجد الأقصى ففيه القولان أصحهما أنه يستحب له الذهاب ولا يجب والثاني يجب فعلى هذا إذا أتاه وجب عليه فعل عبادة فيه إما صلاة وإما اعتكاف هذا هو الأصح وقيل تتعين الصلاة وقيل يتعين الاعتكاف والمراد اعتكاف ساعة والمراد بالصلاة ركعتان وقيل ركعة والمراد نافلة وقيل تكفي الفريضة ا ه ثم قال في الباب الثامن فصل في آداب رجوعه من سفر حجه أحدها السنة أن يقول ما ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله(5/66)
{صلى الله عليه وسلم} كان إذا قفل من حج أو عمرة كبر على كل شرف ثلاث تكبيرات ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون سائحون لربنا حامدون لربنا صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما وفي صحيح مسلم عن أنس قال أقبلنا مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} حتى إذا كنا بظهر المدينة قال آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة الثاني يستحب إذا قرب من وطنه أن يبعث قدامه من يخبر أهله كي لا يقدم عليهم بغتة فهذا هو السنة الثالث إذا أشرف على بلدة فيحسن أن يقول اللهم إني أسألك خيرها وخير أهلها وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها واستحب بعضهم أن يقول اللهم اجعل لنا بها قرارا ورزقا حسنا اللهم ارزقنا حباها وأعذنا من وباها وحببنا إلى أهلها وحبب صالحي أهلها إلينا فقد روينا هذا كله في الحديث الصحيح وقد أوضحته في كتاب الأذكار الرابع إذا قدم فلا يطرق أهله بالليل بل يدخل البلد غدوة وإلا ففي آخر النهار الخامس إذا وصل منزله فالسنة أن يبدأ بالمسجد فيصلي فيه ركعتين وإذا دخل منزله صلى فيه أيضا ركعتين ودعا وشكر الله تعالى السادس يستحب لمن يسلم على القادم من الحج أن يقول قبل الله حجك وغفر ذنبك وأخلف نفقتك روينا ذلك عن ابن عمر عن النبي {صلى الله عليه وسلم} وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج قال الحاكم هو صحيح على شرط مسلم السابع يستحب أن يقول إذا دخل بيته ما رويناه في كتاب الأذكار عن ابن عباس قال كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إذا رجع من سفره فدخل على أهله قال توبا توبا لربنا أوبا لا يغادر حوبا قلت توبا توبا سؤال التوبة أي نسألك توبة كاملة ولا يغادر حوبا أي لا يترك إثما الثامن أن يكون بعد رجوعه خيرا مما كان فهذا من علامات قبول الحج وأن يكون خيره مستمرا في ازدياد ا ه بحروفه فصل في أركان الحج قوله(5/67)
مع ما يتعلق بذلك أي بيان أوجه أدائهما من قوله وعلى المتمتع والقارن دم(5/68)
إلخ الفصل وانظر لم أخر الأركان إلى هنا مع أنه كان الأنسب تقديمها أول الباب تأمل قوله أركان الحج ستة وأفضلها الطواف ثم الوقوف ثم السعي ثم الحلق وأما النية فهي وسيلة للجميع وهلا قدم الطواف على الوقوف لأنه أفضل ويجاب بأنه راعى الترتيب الخارجي ا ه شيخنا قوله أي نية الدخول فيه وتقدم أنه يطلق أيضا على الدخول في النسك بنية وليس مرادا هنا ا ه ح ل قوله وحلق فإن قلت لم جعل ركنا وكان له دخل في التحلل الأول قلت أما الأول فلأن فيه وضع زينة لله تعالى فأشبه الطواف من حيث إنه أعمال النفس في المشي لله تعالى وأما الثاني فلأن التحلل من العبادة إما بالإعلام بغايتها كالسلام من الصلاة المعلم بحصوله أمن الآفات للمصلي وإما بتعاطي ضدها كتعاطي المفطر في الصوم أو دخول وقته والحلق من جهة ما فيه من الترفه ضد الإحرام الموجب لكون المحرم أشعث أغبر فكان له دخل في تحلله ا ه حج في محرمات الإحرام قوله مع عدم جبره بدم أخرج بهذا القيد رمي جمرة العقبة فإن التحلل متوقف عليه لكنه يجبر بدم فليس ركنا فالعلة مركبة ا ه شيخنا قوله وترتيب المعظم عد الترتيب ركنا بمعنى أنه لا يعتد بما قدمه في غير محله وقوله بأن يقدم إلخ مقتضاه أنه لو قدم الحلق على الوقوف لا يكتفى بذلك ا ه ح ل أقول لي هنا شبهة وهي أن شأن ركن الشيء أن يكون بحيث لو انعدم انعدم ذلك الشيء ولا شبهة في أنه إذا حلق قبل الوقوف ثم وقف وأتى ببقية الأعمال حصل الحج وكان الحلق ساقطا لعدم إمكانه وإن أثم بفعله في غير محله وتفويته فقد حصل له الحج مع انتفاء الترتيب فليتأمل ا ه سم على المنهج أقول ويمكن اندفاع هذه الشبهة بأن يقال الحلق إنما سقط لعدم شعر برأسه لا لتقديمه على الوقوف لأن حلقه قبله لم يقع ركنا والإثم إنما هو لترفهه بإزالة الشعر قبل الوقوف وهذا كما لو اعتمر وحلق ثم أحرم بالحج عقبه فلم يكن برأسه شعر بعد دخول وقت الحلق فإن الحلق ساقط عنه وليس ذلك اكتفاء بحلق(5/69)
العمرة بل لعدم شعر يزيله ا ه ع ش على م ر قوله بأن يقدم الإحرام إلخ استفيد من كلامه أن الحلق لا ترتيب بينه وبين السعي ولا بينه وبين الطواف وهذا هو الذي خرج بالمعظم فالمراد بالمعظم ما عدا الحلق بل وما عدا السعي مع الطواف كما يعلم من كلامه ا ه شيخنا قوله أي لا دخل للجبر فيها أي لانعدام الماهية بانعدامها ا ه حج أي ولو جبرت بالدم مع عدم فعلها للزم عليه وجود الماهية بدون أجزائها وأركانها وهو محال تأمل قوله وتقدم ما يجبر بدم وهو ترك الإحرام من الميقات وترك المبيت بمنى وتركه بمزدلفة وترك رمي الجمار وترك طواف الوداع ا ه ح ل وعبارة شرح م ر وأما واجباته فخمسة أيضا الإحرام من الميقات والرمي في يوم النحر وأيام التشريق والمبيت بمزدلفة والمبيت ليالي منى واجتناب محرمات الإحرام وأما طواف الوداع فقد مر أنه ليس من المناسك فعلى هذا لا يعد من الواجبات فهذه تجبر بدم وتسمى بعضا وغيرها يسمى هيئة انتهت قوله وغيرهما يسمى هيئة عبارة الإيضاح وأما السنن فجميع ما سبق مما يؤمر به الحاج والمعتمر سوى الأركان والواجبات وذلك كطواف القدوم والأذكار والأدعية واستلام الحجر والرمل والاضطباع وسائر ما ندب إليه من الهيئات السابقة وقد تقدم إيضاح هذا كله انتهت قوله لشمول الأدلة أي الدالة على وجوب النية والطواف والسعي والحلق وقوله لها أي للعمرة أي لوجوبها فيها ا ه شيخنا قوله فالترتيب فيها أي في العمرة مطلق أي في جميع أركانها لا في معظمها كالحج بأن يقدم الإحرام ثم الطواف ثم السعي ثم الحلق وعبارة شرح م ر نعم الترتيب معتبر في جميع أركانها انتهت قوله ويؤديان إلخ احترز بالتثنية عن أداء أحدهما فقط وله صورتان فقط لأنه إما حج أو عمرة هكذا أشار إليه حج واحترز بالتثنية أيضا عن أداء النسك من حيث هو أي الأعم من التثنية والإفراد فأداؤه على خمسة أوجه وعبارة شرح م ر وعلم من هذا أنه لو أتى بنسك على حدته لم يكن شيئا من هذه الأوجه كما(5/70)
يشير إليه قوله النسكان بالتثنية أما أداء النسك من حيث هو فعلى خمسة أوجه الثلاثة المذكورة وأن يحرم بحج فقط أو عمرة فقط انتهت وقوله وعلم من هذا أنه لو أتى بنسك على حدته لم يكن شيئا إلخ أي حقيقة وإلا فهو إفراد مجازي كما صرح به الشهاب حج كغيره وسيعلم من قول الشارح(5/71)
أما غير الأفضل إلخ وقوله وأن يحرم بحج فقط أو عمرة فقط أي ولا يأتي بالآخر من عامه ا ه رشيدي عليه قوله لأنه إما أن يحرم بهما معا إلخ فإن قلت يرد على الحصر ما لو أحرم مطلقا قلت هو غير خارج عن الأمور الثلاثة لأنه لا بد لصرفه لواحد منها فالإحرام مطلقا مع الصرف إلى واحد منها في معنى الإحرام ابتداء بذلك الواحد وكذا يقال فيما لو أحرم بالحج في غير أشهره حيث ينعقد عمرة من غير حاجة إلى صرف فليتأمل ا ه سم قوله قالت عائشة إلخ استدلال على الأوجه الثلاثة التي ذكرها في الحصر وكان المناسب تأخير هذا الدليل عن كلام المتن على عادته تأمل قوله بإفراد الباء للملابسة أي حال كونهما ملابسين لواحد من الوجوه الثلاثة أو بمعنى مع ا ه شيخنا وعبارة أصله مع شرح م ر أحدها لإفراد الأفضل ويحصل بأن يحج أي يحرم بالحج من ميقاته ويفرغ منه ثم يحرم بالعمرة من عامه كإحرام المكي بأن يخرج إلى أدنى الحل فيحرم بها ويأتي بعملها أما غير الأفضل فله صورتان إحداهما أن يأتي بالحج وحده في سنة الثانية أن يعتمر قبل أشهر الحج ثم يحج من الميقات على ما يأتي ثم قال عند قوله وأفضلها إفراد شمل كلامه ما لو اعتمر قبل أشهر الحج ثم حج من عامه فيسمى إفرادا أيضا وهو ما صرح به ابن الرفعة والسبكي وكان مرادهما بأنه يسمى بذلك أنه أفضل من التمتع الموجب للدم وإلا فمطلق التمتع يشمل ذلك كما يصرح به كلام الشيخين بل صرح الرافعي بأن ذلك يسمى تمتعا انتهت وعبارة حج وقد يطلق الإفراد على الإتيان بالحج وحده وعلى ما إذا اعتمر قبل أشهر الحج ثم حج فحصره فيما في المتن باعتبار الأشهر أو الأصل وواضح أن تسمية الأول إفراد المراد به مجرد التسمية المجازية لا غير إذ لا دخل له في الأفضلية وأما الثاني فتسميته إفرادا حقيقة شرعية فهو من صور الإفراد الأفضل قال جمع متقدمون بلا خلاف وأقرهم محققو المتأخرين ولا ينافيه تقييد المجموع وغيره أفضليته بأن يحج ثم يعتمر لأن ذلك إنما(5/72)
هو لبيان أنه الأفضل على الإطلاق ولا ينافي ذلك أيضا ما يأتي أن الشروط الآتية إنما هي شروط لوجوب الدم لا لتسميته تمتعا ومن ثم أطلق غير واحد كالشيخين على ذلك أنه تمتع لأن المراد أنه يسمى تمتعا لغويا أو شرعيا لكن مجازا لا حقيقة لاستحالة اجتماع الإفراد الحقيقي والتمتع الحقيقي على شيء واحد فتأمل ومع ذلك لا ينبغي لمن بمكة يريد الإفراد الأفضل على الإطلاق ترك الاعتمار في رمضان مثلا لئلا يفوته لأن الفضل الحاضر لا يترك لمترقب ونظيره ما يأتي أنه ليس مرادهم بندب تحري مكان أو زمان فاضل للصدقة تأخيرها إليه لأنه لا يدري أيدركه أو لا بل الإكثار منها إذا أدركه انتهت قوله أم من ميقات أقرب منه أي أقرب إلى مكة منه أي من الميقات الذي أحرم بالعمرة منه والتقييد بالأقربية ليس بشرط في حقيقة التمتع الذي الكلام فيه الآن ولا في وجوب الدم عليه الآتي ذكره فإنه إذا أحرم بالحج من الميقات الأقرب إلى مكة من ميقات عمرته لا يجب عليه الدم كما سيأتي في قوله ولم يعد لإحرام الحج إلى ميقات ولو أقرب لمكة من ميقات عمرته فكان عليه ترك التقييد بالأقربية تأمل قوله اشتراط كونه أي الإحرام بالحج من مكة إيهام هذا ظاهر وأما قوله أو من ميقات عمرته فإيهام عبارة الأصل له غير ظاهر بل ليس فيها تعرض له أصلا ونصها بأن يحرم بالعمرة من ميقات بلده ويفرغ منها ثم ينشئ حجا من مكة انتهت فأنت ترى عبارة الأصل فيها تقييد إحرام الحج بكونه من مكة وليس فيها تعرض لكونه من ميقات عمرته فأين الإيهام المذكور فليتأمل ولعل الشيخ وقع له نسخة من نسخ المنهاج نصها ثم ينشئ حجا من مكة أو من ميقات عمرته لكن التي شرح عليها م ر والمحلى بل وحج النسخة التي سمعتها وفي حاشية الشوبري ما نصه فإن قلت كيف يوهم كلام الأصل هذا مع قوله ثم ينشئ حجا من مكة فإنه صريح في الإحرام من مكة لا يحتمل الإحرام من ميقات العمرة بوجه قلت قوله في شروط الدم وأن لا يعود لإحرام الحج إلى(5/73)
الميقات يفيد أن المسألة أعم من كون الإحرام من مكة أو من الميقات فأوهم أن أحد الأمرين شرط فليتأمل ا ه سم قوله بمحظورات الإحرام فيه أن هذا موجود في الإفراد لكن علة التسمية لا تقتضي التسمية ا ه سم على حج وقوله أو لتمتعه بسقوط العود إلخ هذا لا ينافي وجوب الدم عليه ا ه شيخنا وفي سم ما نصه قال الطبلاوي الصحيح أن علة وجوب الدم على المتمتع كونه ربح ميقاتا ولهذا إذا عاد(5/74)
إلى الميقات يسقط الدم لا تمتعه بين الحج والعمرة ا ه قوله وبقران ويجوز القران للمكي بأن يحرم بهما من مكة تغليبا لحكم الحج لا العمرة فلا يلزم الخروج لأدنى الحل ا ه حج و م ر قوله أو بعمرة ثم بحج قد شمل المتن ما لو أفسد العمرة ثم أدخل عليها الحج فينعقد إحرامه به فاسد أو يلزمه المضي وقضاء النسكين ا ه حج وقال العلامة عبد الرءوف وينبغي حرمة إدخاله عليها حينئذ لجعله فاسدا مع تيسر جعله صحيحا ولا يلزم من تساوي فاسد الحج وصحيحه في كثير من الأحكام جواز جعله فاسدا ويكفي في منعه أنه لا يجوز التلبس بعبادة فاسدة ا ه ابن الجمال قوله قبل شروع في طواف أي ولو احتمالا وعبارة شرح م ر ونقل الماوردي عن الأصحاب أنه لو شك هل أحرم بالحج قبل الشروع فيه أو بعده صح إحرامه لأن الأصل جواز إدخال الحج على العمرة حتى يتيقن المنع فصار كمن أحرم وتزوج ولم يدر أكان إحرامه قبل تزوجه أو بعده فإنه يصح تزوجه انتهت قوله فيحصلان أي ويدخل عمل العمرة في عمل الحج فيكفيه طواف واحد وسعي واحد ا ه شرح م ر وهل هما أي الطواف والسعي للحج والعمرة معا أو للحج فقط والعمرة لا حكم لها أي لانغمارها أي في الحج لم يصرح الأصحاب بذلك لكن الأقرب كما قال بعضهم الثاني ا ه سم ا ه ع ش على م ر وفي العباب يندب للقارن أن يطوف طوافين ويسعى سعيين خروجا من خلاف أبي حنيفة وقد تقدم ا ه ح ل قوله أيضا فيحصلان أي ويكفيانه عن حجة الإسلام وعمرته ا ه برماوي قوله ما شأنك أي أي شيء شأنك فهو مبتدأ وخبر ا ه ع ش قوله ولم أحلل بضم اللام الأولى وحكي كسرها لأن الفعل ثلاثي ا ه برماوي قوله ولم أطف بالبيت عطف علة على معلول وهذا أحسن من جعله عطف تفسير قوله وعمرتك أي التي أحرمت بها أولا لصيرورتها قارنة وعليه فالعمرة التي أتت بها بعد من التنعيم تطوع ا ه ع ش والذي تلخص من البخاري وشرحه أن إحرامها كان أولا بحج ثم فسخته إلى العمرة بأمره {صلى الله عليه وسلم} لأنه كان يحثهم على العمرة في ذلك(5/75)
الوقت للرد على المشركين الذين كانوا يعتقدون امتناع العمرة في أشهر الحج ويرون أن فعلها فيها من أفجر الفجور ثم لما استمر عليها الحيض ولم تتمكن من أعمال العمرة إلى ليلة عرفة أمرها رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بأن تحرم بالحج إدخالا له على العمرة لتكون قارنة أو إبطالا للعمرة وخروجا منها من غير الإتيان بأعمالها ليكون حجها إفرادا فلما أتمت الحج أمرها بعده بالعمرة فاعتمرت من التنعيم وقالت هذا مكان عمرتي التي اعتمرتها قبل ويحمل قولها هذا على أن هذا الموضع موضع فسخ إحرام الحج إلى العمرة وإلا فإحرامها الأول كان قبل التنعيم فعلى هذا عمرتها الثانية نفل على الاحتمال الأول من كون إحرامها الأخير بالحج كان قرانا وأما على كونه إفرادا وأنها خرجت من العمرة التي فسخت الحج إليها من غير أعمال فتكون عمرتها الأخيرة واجبة هذا ما تحرر هناك وفيه خصوصيات لعائشة من جهات تأمل قوله ما إذا شرع في الطواف أي ولو بنحو خطوة ولا يؤثر نحو استلامه الحجر بنية الطواف لأنه مقدمته وليس منه ذكره في المجموع ا ه حج قوله لاتصال إحرام العمرة إلخ أي ولأنه أخذ في التحلل المقتضي لنقصان الإحرام فلا يليق به إدخال الإحرام المقتضي لفوته ا ه شرح م ر وقوله وهو أعظم أفعالها لعل المراد بالأعظم الأفضل ا ه قوله اقتصارا على الأفضل أي من صور القران أي فالصورتان اللتان ذكرهما الأصل للقران أفضل من اللتين لم يذكرهما وهما إحرامه بهما من دون الميقات وإحرامه بالعمرة قبل أشهر الحج ثم بالحج في أشهره والصورة الأولى من الصورتين المفضولتين فيها دم لترك الميقات غير دم القران هذا ظاهر عبارته والذي يفهم من شروح المنهاج أن الأفضلية إنما هي في إحدى الصورتين وأن الصورة الأخرى فيها خلاف وعبارة شرح م ر وغير الأكمل يحرم بهما من دون الميقات وإن لزمه دم فتقييده بالميقات لكونه الأكمل لا لكون الثاني لا يسمى قرانا انتهت وعبارة المحلي ولو أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج ثم أدخله(5/76)
عليها في أشهره فقيل لا يصح هذا الإدخال لأنه يؤدي إلى صحة الإحرام بالحد قبل أشهره وقيل يصح لأنه إنما يصير محرما بالحج وقت إدخاله قال في الروضة الثاني أصح أي فيكون قارنا انتهت قوله ولو في(5/77)
أشهره كان الأولى إسقاط الغاية لأن الإحرام بالحج في غير أشهره ينعقد عمرة كما تقدم ا ه ح ل وجوابه أن الواو للحال كما ذكره البرماوي لا للغاية كما فهم ا ه شيخنا قوله لأنه لا يستفيد به شيئا غرضه بهذا الرد على القديم القائل بجواز العكس ويكون قرانا وعبارة أصله من شرح المحلي ولا يجوز عكسه في الجديد وهو أن يحرم بالحج في أشهره ثم بعمرة قبل الطواف للقدوم وجوزه القديم قياسا على العكس فيكون قرانا أيضا وفرق الأول بأن إدخال الحج على العمرة يفيد زيادة على أعمالها بالوقوف والرمي والمبيت بخلاف العكس انتهت قوله وأفضلها إفراد وبحث الإسنوي تبعا للبارزي أن القارن الذي اعتمر قبل قرانه أو بعده يكون قرانه أفضل من الإفراد لاشتماله على مقصوده مع زيادة عمرة أخرى كمتيمم يرجو الماء آخر الوقت صلى بالتيمم أوله ثم بالوضوء آخره ورد بأنه لا يلاقي ما نحن فيه إذ الكلام في المفاضلة بين كيفيات أداء النسكين المسقط لطلبهما لا بين أداء النسكين فقط أو أدائهما مع زيادة نسك متطوع به ويرد أيضا بأنا لو سلمنا أنه كلام فيما نحن فيه نقول الإفراد أفضل حتى من القران مع العمرة المذكورة لأن في فضيلة الاتباع ما يربو على زيادة العمل كما لا يخفى من فروع ذكرها وبما تقرر يعلم أن من استناب واحدا للحج وآخر للعمرة لا تحصل له كيفية الإفراد الفاضل لأن كيفية الإفراد لم تحصل له ا ه شرح م ر قوله إن اعتمر عامه أي وهو آخر ذي الحجة ا ه ح ل وهو العشرون يوما الباقية منه فلو اعتمر في المحرم كان مفضولا ا ه شيخنا ثم رأيت في شرح م ر ما نصه والمراد بالعام ما بقي من الحجة الذي هو شهر حجه كما يفيده كلام السبكي ا ه ولو حج ثم أحرم بالعمرة في آخر جزء من ذي الحجة وأتى ببقية أعمالها في المحرم فإنه يكون آتيا بالإفراد الأفضل صرح به العلامة سم ومعلوم أن ثوابه دون ثواب من أتى بها كاملة في ذي الحجة ا ه ابن الجمال قوله كان الإفراد مفضولا أي عن التمتع والقران(5/78)
فهما الأفضل منه في هذه الحالة للتعليل الذي ذكره المحلي بقوله لأن تأخير العمرة عن سنة الحج مكروه ا ه وقد ذكره الشارح أيضا بقوله لأن تأخيرها عنه مكروه قوله على خلاف إلخ متعلق بقوله وأفضلها إفراد ثم تمتع فقوله ما ذكر أي من الإفراد والتمتع يعني أن أفضلية الإفراد على الإطلاق فيها خلاف والأصح ما ذكره وأفضلية التمتع على القران فيها خلاف والأصح ما ذكره وبقي خلاف آخر لم يذكره وهو أفضلية القران على الإفراد والتمتع وعبارة أصله مع شرح حج وأفضلها الإفراد وبعده التمتع وفي قول التمتع أفضل وهو مذهب الحنابلة وأطالوا في الانتصار له وفي قول القران أفضل وهو مذهب الحنفية واختاره جمع من أكابر الصحابة انتهت قوله روى الشيخان إلخ أتى بدليلين الأول يفيد أفضلية الإفراد والثاني يفيد أفضلية التمتع ولم يذكر دليلا للقول الثالث الذي علمته من عبارة حج وقد ذكره المحلي بقوله روى الشيخان عن أنس أنه قال سمعت النبي {صلى الله عليه وسلم} يقول لبيك عمرة وحجا ا ه قوله ورويا أنه أحرم متمتعا وعن أنس رضي الله عنه أنه قرن ويمكن الجمع بينهما وإن كان الإفراد هو الأرجح بأن يقال إنه {صلى الله عليه وسلم} أحرم أولا مطلقا ثم صرفه للعمرة ثم أدخل عليها الحج فمن قال إنه مطلق نظر إلى أول إحرامه ومن قال إنه متمتع نظر إلى أول صرفه ومن قال إنه قارن نظر إلى ما بعد إدخال الحج ومن قال إنه مفرد نظر إلى أنه أتى بأعمال الحج وما ذكره في المجموع في الجمع غير متجه ا ه برماوي قوله بأن رواته بفتح التاء لأن ألفه أصلية لانقلابها عن أصل كقضاة ا ه شيخنا قوله بضبط المناسك أي من لدن خروجه {صلى الله عليه وسلم} من المدينة إلى أن تحلل ا ه برماوي قوله اختاره أي الإفراد أولا أي أحرم بالحج أولا ثم أدخل عليه العمرة وهذا وإن لم يجز لغيره لكنه فعله خصوصية له للحاجة إلى بيان جوازها في هذا المجمع العظيم وإن سبق بيانها منه قبل متعددا ا ه حج وإنما احتاج إلى بيان جوازها في هذا المجمع العظيم لأن الجاهلية كانوا يرون(5/79)
أنها لا تجوز في أشهر الحج فلا يزاحمون بها الحج في وقت إمكانه ا ه من ع ش على م ر قوله كما بينته مع فوائد في شرح الروض عبارته هناك قال في المجموع والصواب الذي نعتقده أنه {صلى الله عليه وسلم} أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة وخص بجوازه في(5/80)
تلك السنة للحاجة وأمر في قوله عمرة لبيك وحجا وبهذا يسهل الجمع بين الروايات فعمدة رواة الإفراد وهو الأكثر أول الإحرام وعمدة رواة القران آخره من روى التمتع أراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع وقد انتفع بالاكتفاء بفعل واحد ويؤيد ذلك أنه {صلى الله عليه وسلم} لم يعتمر في تلك السنة عمرة مفردة ولو جعلت حجة مفردة لكان غير معتمر في تلك السنة ولم يقل أحد إن الحج وحده أفضل من القران فانتظمت الروايات في حجته في نفسه وأما الصحابة فكانوا ثلاثة أقسام قسم أحرم بحج وعمرة ومعهم هدي وقسم بعمرة ففرغوا منها ثم أحرموا بحج وقسم بحج ولا هدي معهم فأمرهم {صلى الله عليه وسلم} أن يقلبوه عمرة وهو معنى فسخ الحج إلى العمرة وهو خاص بالصحابة أمرهم به {صلى الله عليه وسلم} لبيان مخالفة ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج واعتقادهم أن إيقاعها فيه من أفجر الفجور كما أنه {صلى الله عليه وسلم} أدخل العمرة على الحج لذلك ودليل التخصيص خبر أبي داود عن الحارث بن بلال عن أبيه قال قلت يا رسول الله أرأيت فسخ الحج إلى العمرة لنا خاصة أم للناس عامة فقال بل لكم خاصة فانتظمت الروايات في إحرامهم أيضا فمن روى أنهم كانوا قارنين أو متمتعين أو مفردين أراد بعضهم وهم الذين علم ذلك منهم وظن أن البقية مثلهم وأما تفضيل التمتع على القران فلأنه أكثر عملا انتهت قوله وأما ترجيح التمتع إلخ لعله مقابل لمحذوف تقديره ما تقدم في ترجيح أحدهما أي الإفراد والتمتع على الآخر وأما ترجيح إلخ قوله أكمل منها في القران أي لأن المتمتع يأتي بعملين كاملين غير أنه لا ينشئ لهما ميقاتين وأما القارن فإنه يأتي بعمل واحد من ميقات واحد ا ه شرح م ر قوله وعلى كل من المتمتع إلخ المعنى في إيجاب الدم على المتمتع كونه ربح ميقاتا إذ لو كان أحرم أولا بالحج من ميقات بلده لكان يحتاج بعد فراغه من الحج إلى خروجه لأدنى الحل ليحرم بالعمرة وإذا تمتع استغنى عن الخروج لكونه يحرم بالحج من جوف مكة ا ه شرح م ر ومثله حج ثم قال حج وبهذا يعلم أن(5/81)
الوجه فيمن كرر العمرة في أشهر الحج أنه لا يتكرر عليه وإن أخرج الدم قبل التكرر لأن ربحه الميقات بالمعنى الذي تقرر لم يتكرر ولو تمتع ثم قرن من عامه لزمه دمان على المنقول المعتمد خلافا لجمع لاختلاف موجبي الدمين فلم يمكن التداخل ا ه وأما وجوبه على القارن فلوجوبه على المتمتع بالنص وفعل المتمتع أكثر من فعل القارن فإذا لزمه الدم فالقارن أولى ويلزم الدم آفاقيا تمتع ناويا الاستيطان بمكة ولو بعد العمرة لأن الاستيطان لا يحصل بمجرد النية وعلله في الذخائر بأنه التزم بمجاوزته الميقات أما العود أو الدم في إحرام سنته فلا يسقط بنية الإقامة ا ه شرح م ر قوله أيضا وعلى المتمتع والقارن دم إلخ وهذا الدم دم ترتيب وتقدير كما سيأتي وسيأتي في المتن ما نصه ودم ترك مأمور كدم تمتع وكذا دم فوات ا ه ومعلوم أن المأمور أي الواجب في الحج خمسة الإحرام من الميقات وطواف الوداع والرمي والمبيت بمزدلفة والمبيت بمنى ومثلها المشي المنذور إذا أخلفه فهذه ستة تضم للفوات تكون سبعة تضم للتمتع والقران تكون تسعة وقد نظمها ابن المقري في قوله تمتع فوت وحج قرنا وترك رمي والمبيت بمنى وتركه الميقات والمزدلفه أو لم يودع أو كمشي أخلفه ناذره تأمل قوله فمن تمتع أي بمحظورات الإحرام بالعمرة أي سبب العمرة أي بسبب الفراغ منها فالباء سببية وفي الكلام حذف كما علمت وقوله إلى الحج أي واستمر تمتعه بالمحظورات إلى الحج وقوله فما استيسر السين زائدة أي فما تيسر وما اسم موصول مبتدأ واستيسر صلته والخبر محذوف تقديره عليه أي فالذي تيسر كائن عليه وقوله من الهدي بيان لما ا ه من الجلالين بتصرف قوله إن لم يكونا من حاضري الحرم أفهم كلامه أنه لا يشترط لوجوب الدم نية التمتع ولا وقوع النسكين عن شخص واحد ولا بقاؤه حيا وهو كذلك ولو استأجر اثنان آخران أحدهما لحج والآخر لعمرة فتمتع عنهما أو اعتمر أجير حج عن نفسه ثم حج عن المستأجر فإن كان قد تمتع بالإذن من(5/82)
المستأجرين أو أحدهما في الأولى أو من المستأجر في الثانية فعلى كل واحد من الآذنين أو الآذن والأجير(5/83)
نصف الدم إن أيسر وإن أعسرا أو أحدهما فيما يظهر فالصوم على الأجير أو تمتع بلا إذن ممن ذكر لزمه دمان دم للتمتع ودم لأجل الإساءة لمجاوزته الميقات ا ه شرح م ر وقد يجب الدم على غير محرم كمستأجر أمر أجيره بتمتعه كالولي بسبب تمتع موليه أو قرانه أو إحصاره وارتكاب المميز المحرم محظورا بخلافه إذا كان غير مميز فلا فدية على واحد منهما وإن كان إتلافا بخلاف إتلافه مال الآدمي وكالأجنبي إذا طيب غير مميز بخلاف ما إذا كان مميزا ففيه تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى ا ه ابن الجمال قوله ذلك أي الهدي والصوم لمن لم يكن أي على من لم يكن ا ه برماوي قوله وهم من مساكنهم إلخ عبارة حج وحاضروه من استوطنوا بالفعل لا بالنية حالة الإحرام بالعمرة محلا دون مرحلتين إلى أن قال ومن له مسكنان قريب من الحرم وبعيد منه اعتبر ما مقامه به أكثر ثم ما به أهله وماله دائما أكثر ثم ما به أهله كذلك ثم ما به ماله كذلك ثم ما قصد الرجوع إليه ثم ما خرج منه ثم ما أحرم منه وأهله حليلته ومحاجيره دون نحو أب وأخ انتهت وقوله ما مقامه به أكثر فإن كان مقامه بالقريب أكثر فلا دم عليه أي وإن أحرم من البعيد كما هو صريح هذا الكلام ووافق م ر على أن جميع ما ذكرته قضية عبارتهم فإنه أخر اعتبار رتبة الإحرام عن هذه الرتبة وما بعدها كما صرحت به العبارة وبالأولى لا دم إذا كان له مسكن واحد قريب وأحرم من مكان بعيد ذهب إليه لحاجة وعلى هذا فالمكي إذا ذهب إلى المدينة لحاجة ثم أحرم بالعمرة من ذي الحليفة لا يلزمه دم التمتع فسقوط الدم عن الحاضر يكفي فيه استيطانه مكانا حاضرا ولا يقدح فيه خروجه عن الحضور والإحرام من مكان بعيد فليتأمل ا ه سم عليه ومن لوطنه طريقان أحدهما على دون مرحلتين من الحرم والأخرى على مرحلتين منه فهو حاضر كما استوجهه بعض مشايخنا رحمه الله تعالى قال فعليه أهل السلامة من الحاضرين ا ه وكلامهم يقتضيه لكن في التحفة في باب صلاة المسافر ما هو(5/84)
صريح في أن من كان بينه وبين الحرم أو مكة على خلاف المرجح مرحلتان ولو من إحدى الطرق لا يعد من الحاضرين جوابا عن عدم المنافاة بين قولهم في نحو قرن المنازل أنها على مرحلتين من مكة مع أن لها طريقين طويلا وقصيرا وبين ما قالوه فيما له طريقان طويل وقصير تعتبر المسلوكة فليتأمل فإن الأوجه هو الأول إذ الأصل براءة الذمة من الدم ولا نظر لكونه يصدق عليه أن منزله على أكثر من ذلك باعتبار ذلك الطريق لما علمت أن الأصل يرجح الأول ثم رأيت عن بعضهم تفصيلا وهو أنه يعتبر ما يكون سلوكه به أكثر أخذا مما إذا كان له مسكنان وكانت إقامته بأحدهما أكثر ا ه وهذا هو الذي أخذه من اعتبارهم فيمن له مسكنان في الحاشية ثم قال ويحتمل أنه حاضر مطلقا لأن منزله يصدق عليه أنه على دون مرحلتين ولا نظر لكونه يصدق عليه أنه أكثر من ذلك لأن الأصل براءة الذمة من الدم ا ه وهو الذي ذكرته أولا ثم رأيت عبارة التحفة في باب صلاة المسافر وهي أن ابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم نصا على أن كلا من جدة والطائف وعسفان على مرحلتين من مكة ثم قال نعم قد يعارض ذكر الطائف قولهم في قرن المنازل أنه على مرحلتين أيضا مع كونه أقرب إلى مكة بنحو ثلاثة أميال أو أربعة وقد يجاب بأن المراد بالطائف هو وما قرب إليه فيشمل قرنا ا ه وإذا تأملت أنتج لك أن أهل السلامة من الحاضرين قطعا بنص كلام ابن عباس وابن عمر ولو مع النظر لقولهم إن قرنا على مرحلتين إذ حد الحرم من أي طريق كان للسلامة على أكثر من أربعة أميال وحينئذ فالبحث فيمن عدا المذكورين من أهل الطائف وجدة وعسفان والله أعلم ا ه ابن الجمال قوله لقربهم منه تعليل لكون من دون المرحلتين من الحرم يسمى حاضرا قوله واسألهم عن القرية وهي أيلة التي عند عقبة الحاج المصري لأن بينها وبين البحر دون مرحلتين ا ه برماوي قوله لم يربحوا ميقاتا أي لم يستفيدوا ترك ميقات أي لم يسقط عنهم ميقات عام كان يلزمهم الإحرام منه(5/85)
بخلاف الآفاقي فإنه ربح ميقاتا أي اكتسب راحة بسقوط الإحرام من الميقات واكتفى منه بالإحرام من مكة فمتى ربح الميقات ربح الراحة بترك الإحرام منه والاكتفاء بالإحرام من مكة ا ه عزيزي قوله كما أوضحته في شرح الروض عبارته هناك والمعنى في ذلك أنهم لم يربحوا ميقاتا أي عاما لأهله ولمن مر به فلا يشكل(5/86)
بمن بينه وبين مكة والحرم دون مسافة القصر إذا عن له النسك ثم فاته وإن ربح ميقاتا بتمتعه لكن ليس ميقاتا عاما ولا يشكل أيضا بأنهم جعلوا ما دون مسافة القصر كالموضع الواحد في هذا ولم يجعلوه في مسألة الإساءة وهو إذا كان مسكنه دون مسافة القصر من الحرم وجاوزه وأحرم كالموضع الواحد حتى لا يلزمه الدم كالمكي إذا أحرم من سائر بقاع مكة بل ألزموه الدم وجعلوه مسيئا كالآفاقي لأن ما خرج عن مكة مما ذكر تابع لها والتابع لا يعطى حكم المتبوع من كل وجه ولأنهم عملوا بمقتضى الدليل في الموضعين فهنا لا يلزمه دم لعدم إساءته بعدم عوده لأنه من الحاضرين بمقتضى الآية وهناك يلزمه دم لإساءته بمجاوزته ما عين له بقوله في الخبر ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة على أن المسكن المذكور كالقرية بمنزلة مكة في جواز الإحرام من سائر بقاعه وعدم جواز مجاوزته بلا إحرام لمريد النسك انتهت وذكر سم الإشكال بعبارة أوضح من هذه العبارة فقال قال النووي رحمه الله تعالى في نكت التنبيه جعلوا مكة وما جاورها من الأمكنة معدودة من حاضري المسجد الحرام كالشيء الواحد حتى لا يجب على المتمتع الدم عند عدم عوده إلى الميقات ولم يجعلوا ذلك كالشيء الواحد فيما إذا جاوزه المريد للنسك غير محرم بل أوجبوا عليه الدم إذا لم يعد ولو جعلوه شيئا واحدا لكان يحرم من أيها شاء كما يحرم من أي بقاع مكة شاء مع أن الدم وجب في كل من المسألتين بسبب ترك الإحرام من الميقات ا ه كلام النووي وأجاب عن هذا الإشكال في شرح الروض ا ه بحروفه قوله فمن جاوز الميقات إلخ تفريع على النفي في قوله إن لم يكونا من حاضري الحرم الذي هو منطوق الشرط ا ه شيخنا قوله لزمه دم التمتع أي ويلزمه دم المجاوزة أيضا إذا جاوزه مريدا للنسك ا ه ح ل قوله وقول الروضة إلخ وارد على الصورة المطوية في الغاية التي ذكرها بقوله ولو غير مريد للنسك إلخ أي سواء كان مريدا للنسك أو غير مريد له وقوله(5/87)
ولا يضر التقييد بالمريد إلخ أي لا يضر في كلام الروضة التقييد بالمريد مع أنه فيمن استوطن في دون المرحلتين وهو لا فرق فيه عند مجاوزة الميقات قبل الاستيطان بين أن يكون مريدا للنسك أو لا يكون وحاصل دفع هذا الضرر أن غير المريد يفهم مما فيها بالأولى وذلك لأنه إذا انتفى الوجوب عن مريد النسك عند المجاوزة فعن غيره أولى تأمل قوله كأصلها وهو العزيز شرح الوجيز للإمام الرافعي ا ه من الروض وشرحه قوله في دون مرحلتين أي في شأن من دون مرحلتين أي في شأن من أحرم من دون المرحلتين بعد مجاوزة الميقات تأمل قوله محمول على من استوطن أي بعد مجاوزته وقبل إحرامه كما يعلم من عبارة التحفة وبه يعلم ما للفهامة في الحاشية ا ه شوبري وعبارته في الحاشية قوله محمول على من استوطن هذا الحمل فاسد لأنه إن أراد الحمل على آفاقي دخل مكة على قصد الاستيطان فقد صرح الرافعي في صورة التمتع الأصلية بأنه لا عبرة بهذا القصد ويلزمه دم التمتع وإن أراد من كان مستوطنا بها فعن الرافعي وغيره ما يخالفه حيث فرض هذه المسألة التي حكم فيها بعدم اللزوم في الآفاقي وعبارته رحمه الله تعالى تعالى تبعا للغزالي الثالث وهو أن يحرم بالعمرة من ميقات بلده إلخ ثم قال وإنما يجب الدم بشروط الأول أن لا يكون من حاضري المسجد وساق الباقي إلى أن تكلم على الشرط السابع فذكر مسألة من جاوز مريدا للنسك وحكم فيها بعدم وجوب دم التمتع بقوله وهو أن يحرم بالعمرة من ميقات بلده تعلم منه قطعا أنه غير مستوطن بمكة قبل الآن وذكر له شروطا إلى أن ذكر المسألة في الشرط السابع فكيف يقول الشارح إنها محمولة على من استوطن بمعنى كان مستوطنا بها على أن من كان مستوطنا بمكة وأحرم بالعمرة من ميقات بلد قدم منها ثم أحرم بالحج من مكة لا دم عليه لأنها وطنه فلا يصح الحمل من هذا الوجه أيضا قال السبكي لو خرج المكي إلى بعض الآفاق لحاجة ثم رجع وأحرم بالعمرة في أشهر الحج في عامه لم يلزمه دم(5/88)
قال النووي بلا خلاف انتهت ا ه ع ش قوله بالموافقة أي المفهوم الأولى قوله ومن إطلاق المسجد الحرام إلخ وكذا جميع ما في القرآن من ذكر المسجد الحرام المراد به جميع الحرم إلا قوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام فالمراد به الكعبة فقط كذا أطلقوه والوجه أنه يستثنى منه أيضا آية ليلة الإسراء لأن المراد به حقيقة(5/89)
المسجد فقط ا ه برماوي قوله في دون المرحلتين أي في شأن من دون المرحلتين أي والمتبادر من عبارتهم أنه من الآفاقيين حتى يناقض ما قبله وقول الشارح على من استوطن أي اتخذ له وطنا في دون المرحلتين فيكون من الحاضرين والمراد التوطن أي بعد المجاوزة وقبل الإحرام بالعمرة كما تقدم فسقط ما للحواشي هنا ا ه شيخنا قوله قال الإسنوي والفتوى على ما فيه ضعيف ا ه ح ل قوله يؤدي إلى إدخال البعيد عن مكة أي إدخاله في حاضري الحرم والمراد البعيد عن مكة القريب من الحرم كأن كان بينه وبين الحرم ستة وأربعون ميلا وبين طرف الحرم الذي يليه وبين مكة عشرة أميال فهذا من حاضري الحرم مع أن بينه وبين مكة ستة وخمسون ميلا وقوله وإخراج القريب أي من مكة أي إخراجه عن كونه من حاضري الحرم كأن يكون بينه وبين الحرم ثمانية وأربعون ميلا وبين طرف الحرم الذي يليه وبين مكة ثلاثة أميال فجملة ما بينه وبين مكة واحد وخمسون ميلا فهو قريب من مكة بالنسبة للذي بينه وبينها ستة وخمسون ميلا كما علمت ا ه سلطان وقوله لاختلاف المواقيت كان عليه أن يقول لاختلاف جهات الحرم إذ لا علاقة لخصوص المواقيت ولذلك قال في شرح الروض لاختلاف حدود الحرم ا ه قوله أيضا يؤدي إلى إدخال البعيد إلخ زاد في شرح الروض ويؤدي أيضا إلى أن من بذات عرق من الحاضرين لأنها على دون مسافة القصر من الحرم ولم يستثنها أحد من حكم المواقيت ا ه سم قوله وعطف على مدخول إن أي لا على مدخول لم وهو المنفي لعدم صحة المعنى عليه قوله في أشهر حج عامه لأن الجاهلية كانوا يعدونها فيها من أفجر الفجور فرخص الشارع وقوعها فيها دفعا للمشقة عن نحو غريب قدم قبل عرفة بزمن طويل بعدم استدامته إحرامه بل يتحلل بعمل عمرة من الدم ومن ثم لو نوى الإحرام بالعمرة مع آخر جزء من رمضان وأتى بأعمالها كلها في شوال لم يلزمه دم مع أنه متمتع كمن أتى بها كلها قبل أشهر الحج على المشهور كما قاله الرافعي ا ه حج قوله فلو(5/90)
وقعت العمرة إلخ هذا محترز قوله في أشهر حج وقوله أو فيها إلخ محترز الإضافة في قوله حج عامه وأما قوله وكذا لو أحرم إلخ فيبعد كونه محترز المتن ولذا والله أعلم فصله بكذا ويمكن أن يكون محترزا بجعل المراد بقوله واعتمر إلخ أن المراد منه أحرم بها وأتى بأعمالها في أشهر حج عامه فيخرج ما لو أحرم بها قبل أشهره وأتى بأعمالها في أشهره تأمل قوله ولم يعد لإحرام الحج إلخ هذا الشرط جار في كل من المتمتع والقارن كما صرح به م ر في شرحه وصرح به الشارح في شرح التحرير وقدمه فيه على الشرط الذي قبله فكان الأولى هنا تقديمه أيضا وقوله لإحرام الحج فيه قصور إذ لا يتأتى العود لإحرامه إلا للمتمتع والقارن الذي أحرم بالعمرة ثم بالحج وأما القارن الذي أحرم بهما معا فلا يتأتى عوده بالإحرام بالحج لأنه محرم به من قبل مع أنه لو عاد إلى الميقات قبل الاشتغال بالأعمال لم يجب عليه الدم كما ذكره بقوله بعد أو دخلها القارن إلخ فيعلم من كلامه في الشارح حيث قال أو أحرم به من مكة أو دخلها القارن أن قوله لإحرام الحج ليس بقيد بل المدار في عدم وجوب الدم على العود إلى الميقات سواء كان محرما بالحج أو ليحرم به منه فقوله فلو عاد إليه أي المتمتع والقارن الذي أحرم بها أولا وأراد أن يدخل عليها الحج وكذا في قوله أو أحرم به من مكة أي المتمتع والقارن المذكور فقوله أو دخلها القارن إلخ أي الذي أحرم بهما معا وإنما قيد بقوله قبل الوقوف ليكون العود للميقات قبل الشروع في الأعمال حتى لا يجب الدم تأمل ثم رأيت في حواشي التحرير للقليوبي ما نصه قوله لإحرام الحج من الميقات الأولى إسقاط هذا ويقول ولم يعد إلى ميقات ليشمل من أحرم بهما معا ثم عاد ومن أحرم بالحج بعد العمرة ثم عاد أو أدخله عليها ثم عاد ا ه وللشيخ عبد البر أيضا ما نصه قوله ولم يعد إلخ وصورته في القارن أن يحرم أولا بالعمرة ثم يدخل عليها الحج فهذا هو الذي الكلام فيه وأما لو أحرم بهما معا(5/91)
فلا يتصور في حقه العود لكن له أن يعود وإن لم يحرم بشيء لسقوط الدم عنه فقوله هنا لإحرام الحج ليس بقيد فالدار على قطع المسافة فقط انتهى وعبارة العباب الرابع أن لا يعود للحج إلى ميقات عمرته أو مثل مسافته أو إلى ميقات على دونها كمن ميقاته الجحفة فعاد لذات عرق أو إلى مرحلتين قال(5/92)
في شرحه من مكة وزعم أن هذا إنما يأتي على الضعيف السابق ليس في محله لأن الملحظ هنا غيره وهو عدم ربح ميقات ومن عاد لمثل مسافة أدنى المواقيت لم يربح ميقاتا إلخ ا ه ا ه سم على حج قوله ولو أقرب إلى مكة من ميقات عمرته أي الذي اعتمر منه وفيه أنه متمتع الآن بما زاد على ذلك في المسافة إلا أن يقال هو الآن لم يربح ميقاتا وقوله ثم عاد كل منهما إلى ميقات أي من مواقيت الحج كيلملم ا ه ح ل قال في شرح الروض واكتفى هنا بالميقات الأقرب بخلافه فيما مر في عوده إلى الميقات بعد مجاوزته على ما هو ظاهر كلامهم ثم لأنه هناك قضاء لما فوته بإساءته لأنه دم إساءة بخلافه هنا ا ه سم قوله فلو عاد إليه أي المذكور من قوله إلى الميقات وقوله أو إلى مثل مسافة ميقاتها قوله ثم عاد كل منهما إلى ميقات أي قبل تلبسه بنسك فخرج ما إذا عاد بعد تلبسه به فإنه لا ينفعه العود سواء كان ذلك النسك وقوفا وهو ظاهر وطواف قدوم كأن خرج المتمتع إلى محل دون مسافة القصر من مكة ويحرم منه بالحج ثم يدخلها ويطوف للقدوم أو كان طواف وداع مسنونا بأن يحرم منها بالحج ثم يطوف للوداع عند خروجه لعرفة واعلم أنه عبر في التحفة بدل التعبير بنسك بقبل الوقوف فكتب عليه مولانا وسيدنا وشيخنا محقق عصره عمر رضي الله عنه مقتضاه نفع العود قبله أي الوقوف ولو بعد طواف القدوم فيما لو أحرم بالحج خارج مكة أو بعد طواف الوداع المسنون عند الذهاب إلى عرفة وقد جزم في فتح الجواد بأن العود حينئذ لا ينفع المتمتع ولا القارن وهو مقتضى ما في شرح الروض وخص في الحاشية تعميم النسك الذي يمنع التلبس به نفع العود بالمتمتع وأما القارن فيجزيه العود قبل الوقف وإن سبقه نحو طواف قدوم وفرق بينهما بما لا يخلو عن تكلف وهو مقتضى متن الروض فإنه عبر في المتمتع بقبل النسك وفي القارن بقبل الوقوف لكن زاد شارحه في هذا المحل قوله أو نسك آخر كما أشرت إليه آنفا وأما صاحب المغني والنهاية فلم يتعرضا(5/93)
لهذا القيد في المتمتع وقيداه في القارن بقبل الوقوف تبعا لمتن الروض ا ه وحاصل الفرق الذي ذكره في الحاشية أن المتمتع فرع من تحلل بعض النسكين فأثر فعله لشبه ما يقع به التحلل وهو الطوافان المذكوران وأما القارن فلا يأخذ في أسباب التحلل إلا بالوقوف قال شيخ مشايخنا العلامة عبد الرءوف في شرح المختصر وقد يقال مثل الطوافين المذكورين بالنسبة للمتمتع المبيت بمنى ليلة التاسع فلا ينفعه العود بعده حينئذ إلا أن يقال ليس المبيت المذكور على صورة ركن بل على صورة واجب ولا دخل له في التحلل فينفعه العود حينئذ وهو الظاهر كما بينته في حاشيتي على شرح أبيات الدماء ا ه ابن الجمال قوله عليه أي المتمتع انظر ما وقت وجوبه على القارن بصورتيه فإني لم أر فيه نصا تأمل قوله إحرامه بالحج أي فلا يستقر قبله فلو مات قبل الإحرام بالحج فلا دم عليه ع ش على م ر قوله للاتباع وخروجا إلخ ولولا هذان لكان القياس لا يجوز تأخيره عن وقت الوجوب والإمكان كالزكاة ا ه شرح م ر قوله من أوجبه فيه وهو الأئمة الثلاثة رضي الله عنهم ا ه برماوي رحمه الله تعالى قوله فإن عجز إلخ معطوف على قوله وعلى كل من المتمتع والقارن دم إلخ تأمل ا ه شيخنا قوله أيضا فإن عجز بحرم إلخ أي وقت الأداء لا وقت الوجوب ا ه حج فالعبرة في مكان العجز بالحرم وفي زمانه بوقت الأداء أي الوقت الذي يريد أداء الدم فيه تأمل قوله أيضا فإن عجز بحرم إلخ أي سواء قدر عليه ببلده أو بغيره أم لا بخلاف كفارة اليمين لأن الهدي يختص ذبحه بالحرم دون الكفارة فلو عدم الهدي في الحال وعلم وجوده قبل فراغ الصوم فله الصوم في الأظهر مع أنه لم يعجز في موضعه ولو رجي وجوده جاز له الصوم وفي استحباب انتظاره ما مر في التيمم ولو وجد المتمتع الفاقد للهدي الهدي بين الإحرام بالحج والصوم لزمه الهدي لا إن وجده بعد شروعه في الصوم فلا يلزمه وإنما يستحب خروجا من الخلاف ا ه شرح م ر وقوله لا إن وجده بعد شروعه(5/94)
في الصوم وإذا فعله بعد شروعه في الصوم فهل تسقط بقيته لفعله ما هو الأصل ويقع ما فعل له نفلا مطلقا أم لا فيه نظر والأقرب الأول قياسا على ما لو عجز عن الإعتاق في كفارة الوقاع والظهار وشرع في الصوم ثم قدر على الإعتاق ففعله فإن ما صامه يقع نفلا مطلقا ا ه ع ش عليه قوله حسا بأن لم يجده(5/95)
أو شرعا بأن وجده بأكثر من ثمن المثل ولو بما يتغابن به أو بثمن المثل لكن احتاج إليه لمؤن سفره الجائز أو لدينه ولو مؤجلا كما استظهره في الإمداد في الأولى وجزم به فيها في متن المختصر وقياسا على أصل النسك في الثانية أو غاب ماله قال العلامة عبد الرءوف ولو دون مسافة القصر لأن المدار على الفقد حال الأداء بخلاف نظيره في قسم الصدقات حيث كان فقيرا بغيبته مرحلتين وغنيا بدونهما لأنه لا يصدق عليه اسم الغني والفقير عرفا إلا كذلك ا ه واستوجه ذلك في حاشيته على الشرح لكن قال ينبغي تقييد ما دونهما بما إذا كان في إحضاره مشقة لا تحتمل عادة انتهى أو ومحتاج إلى ثمنه واستظهر في التحفة أنه يأتي هنا ما ذكروه في الكفارة من ضابط الحاجة ومن اعتبار سنه أو العمر الغالب أي وهو المرجح عند عامة المتأخرين ومنقول الجمهور وبه جزم البغوي في فتاويه ومن اعتبار وقت الأداء الوجوب قال وقياس ما تقرر أن من على دون مرحلتين من محل يسمى حاضرا فيه وما يأتي في الديات أنه يجب نقلها من دون مسافة القصر أن يلحق بموضعه هنا كل ما كان على دون مرحلتين منه ولم أر من تعرض له ولو أمكنه الاقتراض قبل حضور ماله الغائب يأتي هنا ما يأتي في قسم الصدقات فيما يظهر قاله في التحفة قال مولانا رحمه الله تعالى وهذا يقتضي وجوب الاقتراض لكن في فتح الجواد أي وأصله وإن وجد من يقرضه فيما يظهر كالتيمم ا ه ويظهر أن هذا أوجه مما في التحفة ويؤيده تصريحهم هنا بأنه يقدم الدين ولو مؤجلا على الدم ا ه وبه جزم العلامة عبد الرءوف في حاشيته على شرح الشارح رحمهما الله تعالى ا ه ابن الجمال قوله صام بدله وجوبا قبل يوم نحر هذان كان الصوم متعلقا بالحج كما هو سياق الكلام فإن تعلق بالعمرة كأن جاوز ميقاتها بلا إحرام فإن الثلاثة تكون أداء قبل التحلل منها وعقبه ويفرق بينها وبين السبعة بيوم إن كان مكيا وبمدة السير إن كان آفاقيا ا ه ابن الجمال قوله أيضا صام بدله وجوبا قبل(5/96)
يوم نحر هذا لا يتأتى إلا في الصوم الذي سببه متقدم على يوم النحر وذلك خمسة أسباب التمتع والقران وترك الإحرام من الميقات وترك المشي المنذور وفوات الحج لأن وقت الصوم فيه من حين الإحرام بالقضاء فيوقع الثلاثة قبل يوم النحر وأما في الصوم الذي سببه متأخر فلا يتأتى فيه صوم الثلاثة قبل يوم النحر وإنما وقت أدائها عقب أيام التشريق هكذا أشار حج لهذا التفصيل وعبارة ابن الجمال بعد قول النظم يصوم إن دما فقد أي يصوم بعد الإحرام بالنسبة للتمتع والقران والفوات ومجاوزة الميقات في الحج والمشي والركوب المنذورين وعقب أيام التشريق بالنسبة للرمي والمبيتين وبعد استقرار الدم عليه في طواف الوداع إما بوصوله لمسافة القصر أو لنحو وطنه كما مر وبعد الإحرام بالعمرة بالنسبة لمجاوزة الميقات فيها والمشي والركوب المنذورين فيها انتهت ومحل وجوب الصوم إن قدر عليه وإن علم أنه يقدر على الهدي قبل فراغ الصوم فإن عجز عنه جاء فيه ما في صوم رمضان من وجوب المد عن كل يوم فإن عجز عن الإمداد بقي الواجب في ذمته فإذا قدر على أي واحد فعله ولا ينافي هذا قولهم إن هذا الدم مرتب مقدر لأن الإطعام إنما هو بدل عن الصوم الذي عجز عنه فالترتيب واقع بين الدم وبدله الذي هو الصوم ولو مات المتمتع قبل فراغ أعمال الحج أي أركانه لم يسقط عنه الدم ويخرج من تركته قاله العلامة عبد الرءوف فإن قلت كيف لم يسقط عنه الدم مع أنه لم يحصل له حج قلت لأنه بالشروع فيه التزم جميع ما يترتب عليه مع أنه أثيب على ما فعله فاحتاج لجبر نقصه ا ه أو بعد فراغه قطعا أو قبل التمكن من الصوم سقط بخلافه بعده فيصام عنه أو يطعم من تركته لكل يوم مد ولا يتعين صرفه إلى مساكين الحرم لأن ذلك بدل الصوم وهو لا يجب إيقاعه في الحرم بخلاف طعام نحو الصيد نعم يستحب صرفه فيه قال الشارح رحمه الله تعالى قلت والظاهر جريان ذلك في بقية الدماء الملحقة بدم التمتع ا ه وإذا أطعم عنه الولي عن كل(5/97)
يوم مدا تعين لكل مسكين مد لأن كل مد بدل عن يوم قال في التحفة وحينئذ يتعين عن التمتع مما يتعين في طعامه المد لكل مسكين ا ه ا ه ابن الجمال فرع وجد الهدي بين الإحرام بالحج والصوم لزمه لا بعد الشروع في الصوم بل يستحب وإذا مات المتمتع قبل فراغ الحج والواجب هدي لم يسقط أي بل يخرج من تركته(5/98)
أو صوم سقط إن لم يتمكن وإلا فكرمضان فيصام عنه أو يطعم ا ه روض ا ه سم على حج قوله ثلاثة أيام تسن إلخ ويجب في هذا الصوم تبييت النية وهل يجب تعيين الصوم كأن ينوي صوم التمتع إن تمتع أو القران إن قرن صرح المتولي وغيره بالأول وجرى عليه الشارح قال العلامة عبد الرءوف لكن ينافيه عدم وجوب التعيين في الكفارات بل تكفيه نية الواجب بلا تعيين فقياسه هنا كذلك وبه صرح القفال واستظهار شيخنا الأول محمول على الأولوية ا ه ابن الجمال قوله تسن قبل عرفة أي فالأولى أن يحرم قبل سادس الحجة ويصومه وتالييه وإذا أحرم في زمن يسع الثلاثة وجب عليه تقديمها قبل يوم النحر فإن لم يسع إلا بعضها وجب فإن أخرها أو بعضها عن أيام التشريق عصى وصارت قضاء وإن أخر الطواف والحلق وصدق عليه أنه في الحج لأن تأخيرهما عن أيام التشريق نادر فلا يكون مرادا من الآية ويلزمه القضاء فورا كما هو قياس نظائره لتعديه بالتأخير وليس السفر عذرا في تأخير صومها لأن صومها يتعين إيقاعه في الحج بالنص وإن كان مسافرا فلا يكون السفر عذرا بخلاف رمضان ولا يجب عليه تقديم الإحرام بزمن يتمكن من صوم الثلاثة فيه قبل يوم النحر إذ لا يجب تحصيل سبب الوجوب ويجوز أن لا يحج في هذا العام ويسن للموسر الإحرام بالحج يوم التروية وهو ثامن ذي الحجة للاتباع ا ه شرح م ر وحج وعبارة ابن الجمال فائدة لا فرق في وجوب صوم الثلاثة أداء بين السفر وغيره بخلاف قضاء رمضان وفرق في المجموع بين أدائها وأداء رمضان الذي هو عذر فيه بأن صوم الثلاثة تعين إيقاعه في الحج بالنص قال العلامة عبد الرءوف أقول وكان حكمه النص على إيقاعها في الحج أن السفر شرط أو شطر لحج التمتع بل مطلق السفر لا بد منه في مطلق الحج كما هو واضح بخلاف رمضان فالسفر فيه غير غالب فكان عذرا فيه تحقيقا مع أن النص ورد بأنه عذر فيه وهو قوله تعالى أو على سفر فعدة من أيام أخر ا ه انتهت قوله لأنها عبادة بدنية أي بخلاف الدم(5/99)
فيجوز تقديمه على الإحرام بالحج بعد الفراغ من العمرة لأنه حق مالي وهو يجوز تقديمه على ثاني سببيه لكن لو بان في هذه الحالة أنه ممن لا يلزمه الدم فهل يجري فيه تفصيل الزكاة المعجلة فيقال إن شرط أو قال هذا دمي المعجل أو علم المستحق القابض بالتعجيل له الرجوع وإلا فلا أو يختص ما ذكروه بالزكاة قال في التحفة في فصل تعجيل الزكاة كل محتمل وفرضهم ذلك في الزكاة ولم يتعرضوا لغيرها يميل للثاني والمدرك يميل للأول فتأمل ا ه وفرق قبل بأن الزكاة مواساة فرفق بمخرجها بتوسيع طرف الرجوع له بخلاف نحو الدم والكفارة فإنه في أصله بدل جناية فضيق عليه بعدم رجوعه في تعجيله مطلقا ا ه أما قبل فراغ العمرة فلا يصح التقديم ولا يجوز لامتناع تقديم العبادة المالية على سببها ا ه ابن الجمال قوله وسبعة في وطنه أي أو ما يريد توطنه ولو مكة إن لم يكن له وطن أو أعرض عن وطنه ومحل الاعتداد بصومها في وطنه إذا لم يكن عليه طواف إفاضة أو سعي أو حلق لأنه إلى الآن لم يفرغ من الحج نعم لو وصل لوطنه قبل الحلق ثم حلق فيه جاز له كما هو ظاهر صومها عقب الحلق ولم يحتج لاستئناف مدة الرجوع ا ه حج ولا أثر لترك الواجبات والفرق أن الركن لتوقف صحة الحج عليه آكد منها ا ه ابن الجمال والوجه كما هو ظاهر أنه يكفي تفريق واحد لدماء متعددة كما لو لزمه دم تمتع ودم إساءة فصام ستة متوالية في الحج وأربعة عشر متوالية إذا رجع إلى وطنه فيجزيه ولو لم يصم شيئا حتى رجع مثلا فقضى ستا متوالية ثم بعد مضي أربعة أيام وقدر مدة السير صام أربعة عشر أجزأ أيضا والظاهر أنه يصح صوم السبعة بوصوله وطنه وإن أعرض عن استيطانه قبل صومها وأراد استيطان محل آخر وترك الاستيطان مطلقا ولو أراد استيطان محل آخر فهل يصح صومها بمجرد وصوله وإن أعرض عن استيطانه قبل صومها فيه نظر ولا يبعد الصحة ا ه سم على حج قوله أيضا وسبعة في وطنه قال في العباب متى شاء فلا تفوت قال في شرحه وقول(5/100)
الماوردي ينبغي أن يفعلها عقب دخوله فإن أخرها أساء وأجزأ ينبغي حمل أساء فيه على الكراهة ا ه وفي حاشية الإيضاح أما السبعة فوقتها موسع إلى آخر العمر فلا تصير قضاء بالتأخير ولا يأثم بتركها خلافا للماوردي ا ه سم على حج قوله أيضا وسبعة في وطنه قضيته أنه لا يكفي الإقامة(5/101)
وفي شرح العباب فلو لم يتوطن محلا لم يلزمه صومها بمحل أقام فيه مدة كما أفتى به القفال وظاهر كلامهم أنه لا يجوز له أيضا فيصبر إلى أن يتوطن محلا فإن مات قبل ذلك احتمل أن يطعم أو يصام عنه لأنه كان متمكنا من التوطن والصوم واحتمل أن لا يلزم ذلك وإن خلف تركة لأنه لم يتمكن حقيقة ولعل الأول هو الوجه ا ه لكن قضية شرح الروض الاكتفاء بالإقامة لأنه لما قال الروض فإن توطن مكة صام بها قال قوله توطن أي أقام ا ه وليس بمسلم ا ه سم على حج قوله فصيام ثلاثة أيام في الحج أي بعد الإحرام به ا ه شرح م ر قوله فإن توطن مكة خرج ما إذا لم يتوطنها وإن أقام بها ا ه سم قوله ولو بعد فراغه الحج أي من الحج كما في بعض النسخ فهو منصوب بنزع الخافض قوله صام بها أي صام السبعة بمكة ويجوز له الشروع فيها عقب أيام التشريق حيث صام الثلاثة قبل يوم النحر وإلا صام الثلاثة ثم السبعة وفرق بينهما بأربعة أيام ا ه ع ش على م ر قوله أيضا صام بها ويلزمه التفريق إذا لم يصم الثلاثة في الحج بأربعة أيام ووقع في التحفة بخمسة وكتب عليه مولانا وسيدنا المرحوم السيد عمر رحمه الله تعالى وهو محل تأمل والموجود في سائر كتبه بأربعة وهو واضح وعلم مما ذكر أن المكي في مجاوزة الميقات يصوم ثلاثة في الحج بتفصيله المار في غيره والسبعة بمكة وأنه لو فاتت الثلاثة لا يشترط أن يفرق بينهما وبين السبعة بالقضاء إلا بأربعة أيام فقط إذ لا سير حتى تعتبر مدته وأنه أعني المكي التارك للوداع يصوم الثلاثة عند استقرار الدم ببلوغه ما مر والسبعة متى أراد ويفرق بين الصومين بيوم على ما أفتى به البلقيني وبمدة السير كالآفاقي كما جزم به بعضهم وهو واضح والفرق بينه أعني طواف الوداع بالنسبة للمكي حيث اعتبر فيه مدة السير وبين غيره من نحو مجاوزة الميقات حيث اعتبر فيه يوم فقط ضرورة التفريق ولا يمكن بأقل من يوم بخلاف طواف الوداع فإن فيه مدة سير فإمكان التفريق حاصل باعتبارها(5/102)
وظاهره أعني قولهم حاصل باعتبارها اعتبار جميعها لكن في حاشية الإيضاح للعلامة حج ما هو ظاهر في أنه إنما تعتبر مدة السير من محل تقرر الدم وهو مسافة القصر إلى مكة فقط دون ما زاد حتى لو خرج المكي بلا وداع إلى مصر مثلا فالمعتبر في حقه إذا رجع إلى مكة التفريق بمدة السفر من عسفان لأنها على مسافة القصر قال العلامة سم وذلك محل نظر فليحرر ا ه والقياس يقتضي الأول وأفتى البلقيني أيضا بأن الآفاقي التارك لطواف الوداع وغيره مما لا يمكن فيه وقوع الثلاثة في الحج توصف ثلاثته بالأداء إذا فعلت على نظير ما تقدم في المكي التارك له وبأن حكم غيره أي طواف الوداع من المبيت والرمي كذلك أي كحكم طوافه في أن وقته المقدر يدخل بما يتقرر به الدم إلا ما تقدم في تقرر الدم أي فإنهما مختلفان لأن ما يتقرر به الوداع غير ما يتقرر به نحو الرمي قال العلامة عبد الرءوف هكذا أفهم ولا عليك من عبارته الموهمة ا ه فإذا جاء وطنه ولم يصمها فرق بين الثلاثة والسبعة بقدر مدة السير إلى وطنه كذا قالوه قال مولانا و شيخنا السيد رحمه الله تعالى وقد يقال لم لا يستثنى منها ثلاثة أيام لأنه لا يتعين عليه فعل الثلاثة عقب أيام التشريق بمكة قبل سفره بل له أن يفعلها أول سفره كما هو ظاهر والقضاء لا يزيد على الأداء فليحرر ا ه قلت وقد نبه على ما قاله رحمه الله تعالى العلامة سم في حاشيته على حاشية الإيضاح فقال اعلم أن ما تقدم عن البارزي والبلقيني في ترك المبيت والرمي ونحوهما يفيد أن وقت أداء الثلاثة عقب أيام التشريق وتقدم أنه لا يجوز تأخيرها عن وقت أدائها ولو مع السفر وليس عذرا في تأخيرها والمفهوم من الكلام أنه يجب التفريق في القضاء بقدر سيره إلى وطنه بعد أدائها وقد يتبادر من ذلك أنه لو سافر عقب أيام التشريق وصام الثلاثة في أول سفره جاز له صوم السبعة بمجرد وصوله لوطنه ولا يجب التأخير بقدر الثلاثة التي صامها من أول سفره وقضية ذلك أنه لو أخر(5/103)
الثلاثة إلى وطنه كفى التفريق بينها وبين السبعة بقدر مدة السير إلا ثلاثة أيام على خلاف إطلاق قوله بقدر مدة السير ا ه وقوله وقضية ذلك إلخ غير ما بحثه مولانا رحمه الله تعالى فلو وقع صوم الثلاثة في آخر سفره بحيث وافق آخرها آخر سفره فرق بمدة السير بعد وصوله لوطنه على مقتضى كلامهم وبها إلا ثلاثة أيام على ما بحثه مولانا وابن قاسم رحمهما الله تعالى والمكي(5/104)
التارك للمبيت والرمي يدخل صوم ثلاثته بانقضاء أيام التشريق موسعا ويفرق بينها وبين السبعة بيوم ا ه ابن الجمال قوله لزمه أن يفرق في قضائها إلخ قال في الروض فلو صام عشرة ولاء حصلت الثلاثة أي ولا يعتد بالبقية لعدم التفريق ا ه فلو توطن مكة صام العشرة ولاء فينبغي في نحو المتمتع أن تحصل الثلاثة وتلغو أربعة بعدها لأنها قدر مدة التفريق اللازم له وتحسب له الثلاثة الباقية من العشرة من السبعة لوقوعها بعد مدة التفريق فيكمل عليها سبعة وفي نحو ترك الرمي أن تحصل الثلاثة ويلغو يوم لأنه الواجب في التفريق هنا ونحسب له الستة الباقية فيبقى عليه يوم فليتأمل ا ه سم على حج قوله أن يفرق في قضائها أي ولا يحتاج لنيته التفريق ونبه العلامة عبد الرءوف رحمه الله على أنه لا يجب تعاطي المفطر أول أيام التفريق بل له أن يصوم واستظهر أن المراد بقولهم أن لا يصوم أي عن السبعة أما لو صام عن نفل مثلا فإنه يحسب ذلك الزمن عن مدة التفريق ا ه ابن الجمال قوله في قضائها قال في حاشية الإيضاح أي على الفور إن فاتت بغير عذر وإلا فلا كما بحثه الزركشي وكلامهم في باب الصيام مصرح به وظاهر أن السفر عذر في التأخير وإن وجب عليه الفور كرمضان بل أولى ويدل عليه قول الشيخين يجب صوم الثلاثة في الحج وإن كان مسافرا على من أحرم أي مع بقاء زمن يسعها لتعين إيقاعه في الحج بالنص وإن كان مسافرا فلا يكون السفر عذرا فيه بخلاف رمضان ا ه فأفهم أن سبب كون السفر ليس عذرا هنا تعين إيقاعها في الحج بالنص وذلك منتف في القضاء فكان السفر عذرا ا ه وقد تقرر في باب صوم التطوع اختلاف ترجيح في القضاء الفوري هل يجب في السفر أو لا فراجعه من محله ا ه سم على حج قوله بقدر تفريق الأداء فإذا صام الثلاثة بمكة بعد أيام التشريق فإن مكث بعد الصوم أربعة أيام ثم سافر فله صوم السبعة عقب وصوله وإلا صامها أو ما بقي منها عقب مضي أربعة أيام من وصوله فإن صام الثلاثة في الطريق(5/105)
صبر أربعة أيام بعد وصوله وقدر ما بقي من أيام الطريق كذا وقع في شرح مختصر الإيضاح للعلامة عبد الرءوف ولعل المراد به وقدر ما صامه من أيام الطريق إذ ما بقي من أيام الطريق حصل به التفريق بالفعل وبقي قدر أيام الصوم مع أربعة أيام النحر والتشريق فتأمل فلو صامها آخر سفره بحيث وافق آخرها آخر يوم من سفره فرق بأربعة أيام ومدة السير إذ ما مضى من زمن السير ليس بين صومين فلم يحصل به تفريق لتقدمه على صوم الثلاثة وصومها قد انقضى آخر السفر فاحتاج إلى التفريق بالمدة المذكورة ا ه ابن الجمال قوله وعلى العادة الغالبة يفيد اعتبار إقامة مكة وأثناء الطريق مما جرت به العادة وهو كذلك ا ه برماوي قوله إن رجع إليه فلو لم يرجع إليه فرق بأربعة أيام فقط ا ه ع ش قوله وذلك لأنه تفريق واجب قال في التحفة وإنما لم يلزمه التفريق في قضاء الصلوات لأن تفريقها لمجرد الوقت وقد فات وهذا يتعلق بفعل هو الحج والرجوع فلم يفوتا فوجبت حكايتهما في القضاء ا ه ويؤخذ من كلامه قاعدة حسنة وهي أن كل عبادة تعلقت بوقت فات لا يجب في قضائها أن يحكي أداءها كالصلوات الفائتة فإنه يجوز قضاؤها متفرقا كأدائها ومتواليا وكالصوم الفائت بعذر ونحوهما وإن كل عبادة تعلقت بفعل ولم يفت ذلك الفعل يجب في قضائها أن يحكي أداءها كالثلاثة الفائتة هنا مع السبعة فإنها تعلقت بفعل هو الحج والرجوع وقد فعلا فوجبت حكايتها في القضاء وكقراءة السورة في الأوليين إذا لم يدركها فإنه يسن قراءتها في الأخيرتين لئلا تخلو صلاته عن السورة ويجب في قضائها في الأخيرتين أن يحكي الأداء بأن تفعل عقب الفاتحة لأنها تعلقت بفعل هو قراءة الفاتحة فوجبت حكايتها في القضاء وإن كل عبادة تعلقت بفعل وزمان كالرواتب البعدية والوتر والتراويح فإنها متعلقة بفعل هو المكتوبة لدخولها بفعلها وزمان هو الوقت لخروجها بخروجه والمغلب فيها الوقت فلا يجب في قضائها أن يحكي أداءها فتأمله ا ه ابن الجمال قوله(5/106)
وسن تتابع كل نعم لو أحرم بالحج من سادس الحجة لزمه أن يتابع في الثلاثة لضيق الوقت لا للتتابع نفسه ا ه شرح م ر قوله أداء وقضاء هذا بالنسبة للمجموع إذ لا يتصور قضاء السبعة لأن وقتها العمر وقد يتصور فيها القضاء بأن يموت قبل فعلها فقد خرج(5/107)
وقتها فإذا أراد الولي فعلها عنه على القديم ندب في حقه التتابع ا ه برماوي قوله مبادرة للعبادة أي وخروجا من خلاف من أوجبه ا ه شرح م ر
باب ما حرم بالإحرام
أي ما حرم بسببه ولو مطلقا والمراد بالإحرام هنا نية الدخول في النسك ونفس الدخول فيه بالنية كما مر وحكمة تحريم الأمور الآتية على المحرم أن فيها ترفها وهو أشعث أغبر كما في الحديث فلم يناسبه الترفه وأيضا فالقصد تذكيره بذهابه إلى الموقف متجردا متشعثا ليقبل على الله بكليته ولا يشتغل بغيره والحاصل أن القصد من الحج تجرد الظاهر ليتوصل به لتجرد الباطن ومن الصوم العكس كما هو واضح فتأمله ا ه ابن حجر وقد عد بعضهم المحرمات على المحرم خمسة وبعضهم سبعة وبعضهم ثمانية وبعضهم عشرة وبعضهم عشرين وهو اختلاف لفظي ا ه برماوي وعبارة شرح م ر وقد عد في الرونق واللباب المحرمات عشرين شيئا وجرى على ذلك البلقيني في تدريبه وقال في الكفاية إنها عشرة أي والباقية متداخلة قال الأذرعي واعلم أن المصنف بالغ في اختصار أحكام الحج لا سيما هذا الباب وأتى فيه بصيغة تدل على الحصر فيما ذكره والمحرر سالم من ذلك فإنه قال حرم في الإحرام أصور منها كذا وكذا انتهت وفي سم على حج ما نصه فائدة محصل ما في حاشية الإيضاح للشارح أن كلا من إتلاف الحيوان المحترم ومن الجماع في الحج كبيرة وأن بقية المحرمات صغائر ا ه وقوله ومن الجماع في الحج ظاهره ولو بين التحللين ولعله غير مراد وقوله في الحج قد تخرج العمرة ولعله غير مراد أيضا ا ه ع ش على م ر قوله عما يلبس المحرم في المختار لبس الثوب بالكسر يلبسه بالفتح لبسا بالضم ولبس عليه الأمر خلطه وبابه ضرب ومنه قوله تعالى وللبسنا عليهم ما يلبسون ا ه قوله فقال لا يلبس المحرم إلخ وإنما وقع الجواب عما لا يلبس لأنه محصور بخلاف ما يلبس وإن كان هو المسئول عنه إذ الأصل الإباحة وتنبيها على أنه كان ينبغي السؤال عما لا يلبس وأن المعتبر في الجواب ما يحصل(5/108)
المقصود وإن لم يطابق السؤال صريحا ا ه شرح م ر قوله القمص بضم الميم جمع قميص ا ه برماوي قوله ولا السراويلات السراويل بالسين المهملة والشين المعجمة ا ه شوبري قوله ولا البرانس هو مفرد على صيغة الجمع ا ه برماوي والظاهر أن هذا منه سبق قلم وإنما هو جمع برنس كقنافذ جمع قنفذ وفي المختار البرنس قلنسوة طويلة وكان النساك يلبسونها في صدر الإسلام ا ه قوله فليلبس الخفين وليقطعهما لا يقتضي أن القطع متأخر عن اللبس لأن الواو لا تفيد ترتيبا ونظيره إني متوفيك ورافعك إلي إذ الرفع قبل التوفي فمن ثم وجب تقديم القطع على اللبس ا ه إيعاب ا ه شوبري قوله أو ورس نبت أصفر يصبغ به باليمن ا ه شيخنا وفي المصباح الورس نبت أصفر يزرع باليمن ويصبغ به قيل هو صنف من الكركم وقيل يشبهه قوله إلا أحدا لا يجد نعلين إلخ بخلاف ما إذا وجدهما فإنه لا بد من قطع ما تحصل به الإحاطة حتى ما على الأصابع ا ه شيخنا قوله ولا تنتقب المرأة أي لا تغطي وجهها بالنقاب وهو اسم لما يستر به الوجه ا ه شيخنا قوله وكخبر البيهقي إلخ أدنى به بعد الأول لزيادته عليه بالأقبية وللتنبيه على أن الجمع في القمص ليس بقيد فأل في المجموع هناك جنسية ولذكر النهي عنه والأصل في النهي التحريم ا ه شيخنا قوله على رجل ذكر للرجل من المحرمات شيئين وللمرأة شيئين ولهما ستة أو سبعة تأتي ا ه شيخنا والمراد بالرجل الذكر ولو صبيا فيخرج الخنثى لأنه كالمرأة ا ه برماوي ومحل الحرمة على الرجل والمرأة إذا كان كل منهما مميزا عامدا عالما بالتحريم والإحرام مختارا فخرج بالمميز غيره إلا السكران المتعدي وبالعامد الناسي وهل هو مقيد بغير المقصر بنسيانه أما هو فتجب عليه الفدية كما يجب عليه قضاء الصلوات فورا في هذه الحالة أولا ويفرق وبالعالم المذكور الجاهل المعذور بجهله وهو من قرب عهده بالإسلام أو من نشأ ببادية بعيدة عن العلماء قال مولانا وسيدنا محقق العصر السيد عمر رضي الله عنه(5/109)
والأنسب ضبطه بمسافة القصر أو بمحل يكثر قصد أهله لمحل عالمي ذلك ا ه وكانت المسألة من الفروع(5/110)
الظاهرة التي لا يخفى مثلها غالبا وبالمختار المكره وهو يشمل من أكره على استدامة اللبس بأن أحرم لابسا لضرورة ثم عند زوالها أكره على استدامته أو بأن ألبسه المكره وأكرهه على استدامته أو على ابتدائه فقط لا استمراره فيجب عليه عند زوال إكراهه النزع وهل تجب الفدية على المكره في الأولى والثانية إذا نزع المكره فيها عقب الإكراه أو لا يجب عليه شيء ويفرق بينه وبين الإكراه على نحو الحلق بأن الثاني إتلاف وهو لا يفترق الحال فيه بين السهو والعمد فيه نظر أما إذا استدام اللبس بعد زوال الإكراه فالفدية عليه ا ه ابن الجمال وسيذكر الشارح هذه الشروط بقوله ويعتبر مع ما ذكر عقل إلخ فهو راجع للملبوس أيضا كما سيأتي تقريره هناك قوله ستر بعض رأسه أي وإن قل كبياض خلف أذنه فيجب كشف جميعه مع كشف جزء مما يحاذيه من الجوانب إذ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وليست الأذن من الرأس خلافا لمن وهم فيها ا ه شرح م ر قال ابن الجمال والمراد بالبياض المذكور هنا أعلى الجمجمة المحاذي لأعلى الأذن لا البياض وراءها النازل عن الجمجمة المتصل بآخر اللحى المحاذي لشحمة الأذن ا ه واستفيد منه جواز ستر وجهه وهو كذلك لوروده عن عثمان رضي الله تعالى عنه ومنعه مالك وأبو حنيفة مستدلين بما ورد في مسلم في قيمة المحرم الموقوص ولا تخمروا رأسه ولا وجهه قال البيهقي ذكر الوجه غريب وهو وهم من بعض الرواة ا ه وأجيب أيضا بأن ذكره احتياطا للرأس ا ه وقوله جواز ستر وجهه أي بغير مخيط لما بالمخيط فقضية قولهم يحرم لبس المخيط في باقي بدنه تحريمه لأنه من الباقي وهو محتمل وإن كان ظاهر إطلاقهم على ما قال الجوهري جوازه فليتأمل ا ه سم قوله بعض رأسه أي بشرا أو شعرا في حده بخلاف ما استرسل منه ا ه برماوي وعبارة حج ويظهر في شعر خرج عن حد الرأس أنه لا يحرم ستر الخارج منه كما لا يجزئ مسحه في الوضوء بجامع أن البشرة في كل هي المقصودة بالحكم وإنما أجزأ تقصيره لأنه(5/111)
منوط بالشعر لا البشرة فلم يشبه ما نحن فيه انتهت قال ابن الجمال وقيده السيد عمر بما إذا كان ستره لا على وجه الإحاطة وإلا فهو حينئذ ككيس اللحية ا ه فرع إذا لبس المحرم ثوبا فوق آخر مع اختلاف الزمان فإن ستر الثاني ما لم يستره الأول تعددت الفدية وإلا فلا وكذا لو ستر رأسه بساتر فوق ساتر فإن ستر الثاني ما لم يستره الأول تعددت الفدية وإلا فلا هذا هو المعتمد فيهما خلافا لمن فرق بينهما ا ه م ر ا ه سم وفي الإيضاح ما نصه فصل فيما إذا فعل المحرم محظورين أو أكثر هل تتداخل هذا الباب واسع لكن مختصره أن المحظور قسمان استهلاك كالحلق واستمتاع كالطيب فإن اختلف النوع كالحلق واللبس تعددت الفدية وكذا إتلاف الصيود تتعدد الفدية به وكذا الصيد مع الحلق أو اللبس لكن لو لبس ثوبا مطيبا تعددت الفدية على الأصح ولو حلق جميع رأسه وشعر بدنه متواصلا فعليه فدية واحدة على الصحيح وقيل فديتان ولو حلق رأسه في مكانين أو في مكان في زمانين متفرقين فعليه فديتان ولو تطيب بأنواع الطيب أو لبس أنواعا كالقميص والعمامة والسراويل والخف أو نوعا واحدا مرة بعد أخرى فإن كان ذلك في مكان واحد على التوالي فعليه فدية واحدة وإن كان في مكانين أو في مكان وتخلل زمن فعليه فديتان سواء تخلل بينهما تكفير عن الأول أم لا هذا هو الأصح وفي قول إذا لم يتخلل بينهما تكفير كفاه فدية واحدة ا ه وفي شرح ابن الجمال ما نصه فائدة تتكرر الفدية بتكرر اللبس والستر مع اختلاف الزمان والمكان عرفا كما استظهر ضبطه به في الإمداد فلو ستر رأسه لضرورة واحتاج لكشفه عند غسله من الجنابة أو بعضه عند مسحه في الوضوء فالظاهر أنه لا تعدد لأن الأصل في مباشرة الجائز عدم الضمان ولأن إيجاب الكشف لتحصيل الواجب المتوقف عليه صحة عبادته صيره مكرها عليه شرعا والإكراه الشرعي كالإكراه الحسي وهذا لا تعدد فيه فكذا الشرعي وإنما وجب الدم لأصل اللبس لضرورة لأن فيه ترفها وحظا للنفس بخلاف(5/112)
هذا فهو لتحصيل الواجب كما ذكر قاله العلامة حج في حاشية الإيضاح ا ه ملخصا وقال الشارح بعد نقله عن قضية قولهم تتكرر إلخ تكريرها نقلا عن السيد السمهودي رحمه الله تعالى وما أظن السلف مع عدم خلو زمانهم عن مثل هذه الصورة يوجبون ذلك ولم أر من نبه(5/113)
عليه والمشقة تجلب التيسير ا ه ونظر العلامة عبد الرءوف في كلام شيخه في الحاشية بأن الإكراه الشرعي كالحسي إلخ بأن اللبس الثاني والثالث وما بعدهما أيضا للترفه وحظ النفس لأن الواجب إنما هو الكشف لنحو الغسل فهو المكره عليه شرعا لا اللبس بعده بل الذي اقتضاه هو دوام الضرورة وهو كابتدائها وذلك لحظها لا غير فهو قياس ما لو كرر إزالة شعره لدوام الإيذاء بجامع الترفه في كل منهما وإن كان في الإزالة إتلاف وأما عدم الدم في لبس السراويل عند فقد الإزار فخارج عن القياس يشبه التعبدي فلا يقاس عليه وأما عدمه في إزالة الشعر من العين فلأنه كالصائل المهدر إذ لا صبر عليه فدوامه كابتدائه وهو لا شيء فيه هكذا ظهر للذهن السقيم وفوق كل ذي علم عليم ا ه وقد يجاب عنه وإن كان المكره عليه شرعا وهو الكشف والذي اقتضى اللبس بعده هو دوام الضرورة بأن الكشف المكره عليه شرعا صير اللبس بعده كاستدامة اللبس الأول فهو وإن كان لبسا ثانيا صورة مستدام حكما والاستدامة ليس فيها شيء فكذا ما هو في حكمها وللفرق بينه وبين ما لو كرر إزالة شعره لدوام الإيذاء أنه يمكن زوال الإيذاء بغير نحو الحلق كالغسل والتفلي بخلاف ما نحن فيه سيما في حق من يكثر منه الاحتلام مع النظر لقاعدة أن المشقة تجلب التيسير والأمر إذا ضاق اتسع فتأمله ونازع هو أعني العلامة عبد الرءوف السيد السمهودي في قوله المار بأنه يمكن إدخال يده أعني في المسح أو أصبعه من تحت ساتره فإن احتاج إليه يعني الكشف فهو نادر وإنما تجلب المشقة التيسير حيث لا مندوحة كوطء حر أدعم الطريق انتهى وهو واضح بالنسبة للمسح كما فرضه لا في الغسل بقي ما لو أراد الإتيان بسنة مسح جميع الرأس فهل يكشفه ويأتي بها ولا تتكرر الفدية إذا سترها بعد أو يجب الاقتصار على كشف مقدار الواجب منه إذا لم يمكنه إدخال نحو يده لمسحه ويكمل بالمسح على العمامة تحصيلا للسنة الظاهر الثاني لأنه لا ضرورة إلى النزع حينئذ ا ه(5/114)
وقال في مبحث الجماع غير المفسد ما نصه وتتكرر الفدية بتكرر الجماع وإن اتحد المكان أو لم يكفر قبل الثاني بخلاف سائر الاستمتاعات فيشترط اتحاد الزمان والمكان وعدم تخلل التكفير كما مر والفرق أن الجماع أغلظ ا ه قوله بما يعد ساترا أي عرفا وإن لم يمنع إدراك لون البشرة كالزجاج ومهلهل النسج ا ه برماوي قوله كقلنسوة وهي شيء يلبسه أهل اليمن على شكل العرقية غير أنهم يجعلونها من جهة الخلف مستطيلة بحيث تغطي الأذنين والرقبة فهي من الأذن إلى الأذن من جهة الخلف نازلة عن حد الرأس ومن الأذن إلى الأذن من جهة الأمام بقدر حد الرأس والغالب عليهم حشوها بقطن لأنهم يتخذونها للبرد غالبا قوله كاستظلاله بمحمل إلخ وكتوسده وسادة أو عمامة وكستره بما لا يلاقيه كأن رفعه بنحو عود بيده أو يد غيره وإن قصد الستر فيما يظهر ا ه شرح م ر وقال مالك وأحمد لا يجوز الاستظلال بالمحمل إلا إذا كان يسيرا وكذا لا يجوز الاستظلال بيده عندهما بخلاف الخيمة ونحوها لنا ما روت أم الحصين أنها رأت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة رسول الله {صلى الله عليه وسلم} والآخر رافع ثوبه يقيه حر الشمس وهو يرمي جمرة العقبة {صلى الله عليه وسلم} ا ه عميرة ا ه سم قوله وإن مسه أي وإن قصد الستر به وفارق نحو الفقه بأن تلك يقصد الستر بها عرفا بخلاف هذا ا ه شرح م ر قوله وحمله قفة أو عدلا لكن الحمل مكروه ا ه إيضاح قوله أو عدلا بكسر العين المهملة وإسكان الدال وهو الغرارة أو الحمل ا ه شيخنا وفي المختار العدل بالكسر المثل تقول عندي عدل غلامك وعدل شاتك إذا كان غلاما يعادل غلاما أو شاة تعادل شاة والعدل بالكسر أيضا واحد الأعدال ا ه والمراد هنا أحد شقي الحمل لأنه يعادل الآخر قوله وانغماسه في ماء أي ولو كدرا وإنما عد نحو الماء الكدر ساترا في الصلاة لأن المدار ثم على ما يمنع إدراك لون البشرة وهنا على الساتر العرفي وإن لم يمنع إدراكها ومن ثم كان الستر بالزجاج هنا كغيره فاندفع ما توهمه بعضهم من(5/115)
اتحاد البابين وما بناه عليه من أن الساتر الرقيق الذي يحكي لون البشرة لا يضر هنا فقد صرح الإمام هنا بأنه يضر ولا اعتبار بما في نكت النسائي مما يقتضي ضعفه ا ه شرح م ر قوله بكفه أو كف غيره أي ما لم يقصد بها الستر فتجب الفدية إن قصده عند العلامة(5/116)
حج وعند غيره يحرم ولا فدية وقال الإمام مالك وأحمد رضي الله عنهما لا يجوز الاستظلال باليد ا ه برماوي قوله نعم إن قصد إلى قوله حرم أي ولزمته الفدية قال م ر في شرحه بعد مثل ما ذكر ومعلوم أن نحو القفة لو استرخى على رأسه بحيث صار كالقلنسوة ولم يكن فيه شيء يحمل حرم ووجبت الفدية وإن لم يقصد الستر فإن لم يكن فيها شيء يحمل أو لم تسترخ على رأسه فلا حرمة ا ه شرح م ر أي ولا فدية ا ه ابن الجمال قوله ونحوها أي كعدل مثلا فحمل مسلط عليه فيفيد أن الاستظلال بالمحمل لا يحرم وإن قصد به الستر قال العلامة م ر ولعل الفرق أن القفة ونحوها يعد ساترا في الجملة ولا كذلك المحمل ا ه برماوي قوله أيضا ونحوها كالعدل بخلاف الاستظلال بالمحمل ووضع يده أو يد غيره على رأسه وإن قصد الستر بذلك وفارق نحو القفة بأن تلك يقصد الستر بها عرفا بخلاف هذه ونحوها كما قاله م ر في شرحه والذي في شرح حج أن وضع اليد كحمل القفة فمتى قصد الستر بوضعها حرم مع الفدية واستوجهه ع ش ا ه شيخنا ح ف وعبارة الحلبي قوله ونحوها كالعدل مما يحمل وليس المراد بنحوها كل ما ذكر معها من الاستظلال بالمحمل وتغطية رأسه بكفه أو كف غيره والانغماس في الماء الكدر والطين ونحوه غير السخين انتهت قوله كما اقتضاه كلام الفوراني أي حيث صرح بوجوب الفدية حينئذ فإن قضية وجوبها التحريم ا ه برماوي قوله ولبس مخيط يستثنى منه تقليد السيف وشد المنطقة والهميان قال الشهاب حج رحمه الله تعالى في حاشية الإيضاح والمراد بشدهما أي المنطقة والهميان ما يشمل العقد وغيره سواء كان فوق ثوب الإحرام أو تحته ويؤخذ منه أنه لا يضر الاحتباء بحبوة أو غيرها بل أولى ولا ينافيه أن له أن يلف على وسطه عمامة ولا يعقدها كما هو ظاهر ا ه وانظر لو كانت الحبوة عريضة جدا كما إذا أخذت ربع الظهر مثلا وظاهر كلامهم أن له ذلك وإن أحاطت بذلك أو بأكثر حيث كانت تسمى حبوة عرفا وظاهر كلامهم جواز تقليد الحبوة ثم(5/117)
رأيت العلامة عبد الرءوف صرح به ا ه ابن الجمال قوله أي لبسه على ما يعتاد فيه أي المعتبر في اللبس العادة في كل ملبوس إذ به يحصل الترفه فلو ارتدى بالقميص أو القباء أو التحف بهما أو اتزر بالسراويل فلا فدية كما لو اتزر بإزار لفه من رقاع أو أدخل رجليه في ساق الخف ويلحق به لبس السراويل في إحدى رجليه أو ألقى قباء أو فرجية عليه وهو مضطجع وكان بحيث لو قام أو قعد لم يستمسك عليه إلا بمزيد أمر ولو زر الإزار أو خاطه حرام ا ه شرح م ر قوله بخياطة أو نسج أو عقد أي أو ضفر ا ه حج وفي المصباح الضفيرة من الشعر الخصلة والجمع ضفائر وضفر بضمتين وضفرت الشعر ضفرا من باب ضرب جعلته ضفائر كل ضفيرة على حدة ثلاث طاقات فما فوقها والضفيرة الذؤابة ا ه قوله ونحوه أي نحو بدنه ومثل له بقوله كلحيته إذ هي ليست من بدنه ا ه شيخنا والظاهر أن الكاف استقصائية قوله بخلاف غير المخيط المذكور أي الذي سبب إحاطته أحد الثلاثة المذكورة وقوله كإزار ورداء الأول ما يستر أسفل البدن والثاني ما يستر أعلاه ا ه شيخنا قوله ويجوز أن يعقد إزاره أي ولو كان عريضا وعقده على ثدييه أو على عنقه كما في حاشية الإيضاح لحج واستظهر في شيء طويل كالحرام جعل بعضه للعورة وعقد باقيه ثم على الكتفين أن للأول حكم الإزار وللثاني حكم الرداء ا ه ابن الجمال قوله أن يعقد إزاره أي خلافا للإمام مالك وأحمد رضي الله عنهما ا ه برماوي قوله وأن يجعله مثل الحجزة وهذا الجعل مكروه وقوله وأن يغرز طرف ردائه إلخ وهذا الغرز مكروه أيضا ا ه شرح م ر ووجه الكراهة في الثانية قول الإمام مالك وأحمد بالحرمة حينئذ كذا في حاشية البرماوي وأما وجه الكراهة في المسألة الأولى فلم يعلم قوله مثل الحجزة بأن يثني طرفه ويخيطه بحيث يصير كباكية اللباس وهذه الخياطة لا تضر لأنه ليس مخيطا بسببها بالبدن بل هي في نفس الإزار والإزار باق بحاله على عدم الإحاطة ا ه شيخنا وفي المختار وحجزة الإزار معقده(5/118)
بوزن حجرة وحجزة السراويل أيضا التي فيها التكة ا ه قوله لا خل ردائه بفتح الخاء المعجمة بنحو مسلة بكسر الميم وفتح السين المهملة بعدها لام مشددة خلافا للإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه ا ه برماوي أي بأن يجعل المسلة جامعة لطرفيه بأن يخيط بينهما(5/119)
فلا يجوز لأنه حينئذ يشبه المخيط من حيث استمساكه بنفسه ا ه شرح م ر قوله ولا ربط طرف بآخر أي من الرداء أما من الإزار فتقدم في كلامه أنه يجوز وفي سم على حج ما نصه قال في حاشية الإيضاح وأفهم إطلاق حرمة عقده أنه لا فرق بين أن يعقده في طرفه الآخر أو في طرف إزاره وقضية ما مر عن المتولي من قوله يكره عقده أي الإزار وشد طرفه بطرف الرداء ا ه جواز الثاني وجزم الأستاذ في الكنز بجواز الثاني لأن الرداء لا فرق فيه بين الشد والعقد وقد جوز شده بطرف الإزار فقياسه جواز عقده به ا ه ما في الحاشية وقد يفرق بين الشد والعقد وكأن المراد بشد طرف أحدهما بطرف الآخر جمع الطرفين وربطهما بنحو خيط وجزم الأستاذ في كنزه بجواز عقد طرف ردائه بطرف إزاره ا ه قوله ولا ربط شرج بعرى عبارة الروض وشرحه إلا إن عقده أي الإزار بشرج أي أزرار في عرى أو شقه نصفين ولف كل نصف على ساق وعقده أو عقد طرفي ردائه بخيط أو بدونه أو خلهما بخلال كمسلة فليس له شيء منها لشبه الثاني بالسراويل وما عداه بالمخيط من حيث إنه يستمسك بنفسه وقيد الغزالي والقاضي محل الأول بما إذا تقاربت الشرج بحيث أشبهت الخياطة وإلا فلا فدية قال الإسنوي ولا يتقيد الرداء بذلك لأن الشرج المتباعد يشبه العقد وهو فيه ممتنع لعدم احتياجه إليه بخلاف الإزار ا ه سم قوله شرج بفتح الشين والراء كما ضبطه حج ونقله في شرح الروض والعرى هي العيون التي توضع فيه الأزرار ا ه شيخنا وفي المصباح الشرج بفتحتين عرى العيبة والجمع أشراج مثل سبب وأسباب وأشرجتها بالألف داخلت بين أشراجها ا ه قوله بعرى أي في الرداء مطلقا وفي الإزار إن تقاربت أي العرى وفارق الإزار الرداء فيما ذكر بأن الإزار المتباعدة تشبه العقد وهو فيه ممتنع لعدم احتياجه إليه غالبا بخلاف الإزار فإن العقد يجوز فيه لاحتياجه إليه في ستر العورة ا ه شرح م ر قوله وعلى امرأة ستر بعض وجهها وحكمة ذلك أنها تستره غالبا فأمرت بكشفه نقضا(5/120)
للعادة لتتذكر نظير ما مر في تجرد الرجل ا ه حج قوله وعلى الحرة أن تستر أي في الصلاة بخلاف الأمة لأن رأسها ليس بعورة في الصلاة فقوله ما لا يتأتى ستر جميع رأسها إلا به أي إذا وجب عليها ستر ذلك وذلك في الصلاة ا ه ح ل قوله ما لا يتأتى ستر رأسها إلا به قد يتوهم أن محل هذا في غير الخلوة أما فيها كشف جميع الوجه وليس كذلك بل ستر القدر الذي لا يتأتى ستر جميع الرأس إلا به جائز بل مندوب في الخلوة لأن ستر العورة الصغرى مطلوب حتى في الخلوة وإن لم يكن على وجه الوجوب بخلاف الكبرى فإن سترها واجب في الخلوة أيضا إلا لحاجة كما تقرر في محله ا ه م ر ا ه سم على حج قوله لأنا نقول الستر أحوط من الكشف عبارة شرح م ر والمحافظة على ستر الرأس بكماله لكونه عورة أولى من المحافظة على كشف ذلك القدر من الوجه انتهت قوله ولبس قفاز منه تعلم أن لها أن تسدل كمها على يديها وغير ذلك من أنواع الستر بغير القفاز كما أشار إليه الشارح ا ه برماوي قوله وهو ما يعمل لليد أي للكف والأصابع ا ه ح ل وانظر لو لبست شيئا بقدر أصابع يديها أو بعضها ا ه سم على حج قوله ويحشى بقطن هذا بيان لحقيقته في الأصل والمراد هنا ما يلبس في اليدين مطلقا ا ه شيخنا وعبارة شرح م ر إذ هو شيء يعمل لليدين يحشى بقطن ويكون له ما يزر به على الساعدين من البرد وتلبسه المرأة في يديها ومراد الفقهاء ما يشمل المحشو والمزرور وغيرهما وبكونه ملبوس عضو غير عورة في الصلاة فارق خفها وألحقت الأمة بالحرة احتياطا وخرج به ستر يد المرأة بغيره ككم وخرقة لفتها عليها بشد أو غيره كما صححاه فيجوز لها جميع ذلك وإن لم تحتج لخضاب ونحوه ولأن علة تحريم القفاز عليها ما مر وهي غير موجودة هنا والرجل مثلها في مجرد لف الخرقة انتهت وفي حج أنه يسن للمرأة كشف كفيها ا ه قوله وأن تسدل في المختار سدل ثوبه أرخاه وبابه نصر ا ه قوله فإن وقعت إلخ انظر لو أوقعها الغير هل يفصل بين المكلف وغيره يحرر(5/121)
ا ه شوبري قوله فلا فدية قال سيدي أبو الحسن البكري رضي الله تعالى عنه وواضح أنها لو قصرت في رفع الخشبة بأن لم تحكم وضعها بحيث يمكن معها عادة سقوط الثوب على وجهها فسقطت كانت مقصرة فتأثم وتفدي وإن رفعته(5/122)
حالا كما يؤخذ من نظيره في الجماعة ا ه ا ه ابن الجمال قوله وليس للخنثى إلخ محصل هذا مع قوله الآتي ولا كشفهما أنه يجب عليه ستر رأسه وكشف وجهه ومشى عليه م ر ووجهه أن فيه معاملته معاملة الأنثى في الستر لأنه أحوط وفي كشف الوجه ففيه جمع بين واجبين ولو عومل معاملة الذكر لجاز كشفهما ففيه إخلال بأحد الواجبين وهو ستر الرأس ولم يحرم عليه المخيط للشك في سببه لاحتمال أنوثته ا ه سم وحاصل ما حرر في مسألة الخنثى أنه بالنسبة للإحرام لا يجب عليه إلا كشف وجهه وإن استحب له مع ذلك ترك لبس المخيط فلو ستر وجهه لزمته الفدية إن ستر معه الرأس وإلا فلا وإن لبس المخيط وبالنسبة للأجانب يجب عليه ستر رأسه وستر بدنه ولو بمخيط ومن ثم لو لم يكن هناك أجنبي جاز له كشفه في الخلوة ا ه ابن عبد الحق على المحلي قوله ولا كشفهما أي إن كان حرا وأراد الصلاة فهذا لا تعلق له بالإحرام ا ه س ل أي ويجوز له ستر الرأس وكشف الوجه فالصور أربعة تمتنع عليه الثلاثة التي في الشارح ويجوز له هذه وهذا كله بالنسبة للحرمة أما بالنسبة للفدية فلا تلزم إلا في سترهما فقط وقول الشارح لا أن ستر الوجه أو كشفهما أي ولا أن كشف الوجه وستر الرأس التي هي الخصلة الجائزة فاقتصاره على هذين لأجل قوله وإن أثم فيهما ا ه شيخنا قوله أيضا ولا كشفهما أي في الصلاة أو بحضرة الأجانب لأن فيه تركا للواجب وله كشف الوجه وله كشف الوجه وقياسه لبسه المخيط وفي بعض النسخ وللخنثى ستر الوجه أو الرأس لا سترهما ولا كشفهما ا ه برماوي قوله فلو سترها لزمته الفدية عبارة الإمداد والمراد بسترهما معا أن يحصل في إحرام واحد وأما ما بحثه بعضهم من أنه لو ستر واحدا في إحرام والآخر في إحرام لزمته الفدية لتحقق سببها وإن جهل عينه ففيه نظر كما بينته في الحاشية انتهت ا ه ابن الجمال قوله وقد بسطت الكلام على ذلك في شرح الروض عبارته مع المتن وللخنثى المشكل ستر أحدهما أي الوجه والرأس ولا فدية(5/123)
لأنا لا نوجب شيئا بالشك فقط أي لا سترهما فلو سترهما لزمته الفدية لتيقن ستر ما ليس له ستره قال في المجموع ويستحب أن لا يستتر بالمخيط لجواز كونه رجلا ويمكنه ستره بغيره هكذا ذكره جمهور الأصحاب وقال القاضي أبو الطيب لا خلاف أنا نأمره بالستر وليس المخيط كما نأمره أن يستتر في صلاته كالمرأة ا ه وقال السبكي عقب ذلك قلت أما ستر رأسه فواجب احتياطا ولا يستر وجهه لأنه إن كان أنثى فكشفه واجب أو رجلا لم يلزمه ستره وأما ستر بدنه فيجب لأنه إن كان أنثى فواضح أو رجلا فجائز والستر مع التردد واجب وبهذا أمرت سودة أن تحتجب من ابن وليدة زمعة وأمر الخنثى بالاحتجاب قال وتجويز القاضي لبس المخيط فيه نظر وعندي أنه لا يجوز لأنه إن كان ذكرا حرم عليه أو أنثى جاز فقد تردد بين الحظر والإباحة والحظر أولى ومقصود الستر يحصل بغير المخيط فلا معنى لتجويز المخيط مع جواز الحظر وعدم الحاجة وإنما أوجبنا ستر الرأس وإن تردد بين الحظر والإباحة لأن ستر رأس المرأة واجب أصلي لحق الله تعالى وتحريم ستر الرأس في حق المحرم عارض لحرمة العبادة وقد قدمنا أن المغلب في حق الخنثى حكم الأنوثة ا ه ونقله عنه الأذرعي واستحسنه وأنت خبير بأن حاصل كلام القاضي وجوب ستر رأسه وستر بدنه ولو بغير مخيط بقرينة تنظيره المذكور فلا ينافي كلام السبكي إلا في لبس المخيط فالقاضي يجوزه وهو يحرمه ثم كلام الجمهور إنما هو بالنسبة للإحرام وكلامهما بالنسبة له ولوجوب الستر عن الأجانب فلا منافاة إلا في لبس المخيط فالجمهور والقاضي يجوزونه و السبكي يحرمه فنظره في كلام القاضي لا يخصه بل يأتي على كلام الجمهور أيضا وبما تقرر علم أن الخنثى ليس له ستر وجهه مع كشف رأسه خلاف ما اقتضاه كلام المصنف وينبغي أنه لو أحرم الخنثى بغير حضرة الأجانب جاز له كشف رأسه كما لو لم يكن محرما انتهت قوله وعلى الولي منع الصبي إلخ محله إذا كان الصبي مميزا أما غيره فلا فدية عليه مطلقا ا ه(5/124)
شوبري فيكون تقييده بالمميز بالنسبة لوجوب الفدية فقط وأما المنع فهو عام للمميز وغيره كما قرره شيخنا ح ف وقوله نعم إن طيبه أجنبي إلخ أي أو ألبسه أو دهنه أو غير ذلك وعبارة حج والصبي كالبالغ في جميع ما ذكر ويأتي لكن الإثم على الولي والفدية في ماله أي الولي لأنه المورط له نعم إن فعل به ذلك أجنبي كأن طيبه فالفدية على(5/125)
الأجنبي فقط انتهت قوله من محرمات الإحرام أي التي هي اللبس والطيب وإزالة الشعر والظفر والوطء ومقدماته والتعرض للصيد والشجر ا ه ح ل قوله فهي على الولي أي فإذا وطئ الصبي المميز فسد حجه ووجبت الفدية على الولي وقياسه أنه يلزمه القضاء من مال نفسه لأنه الذي ورطه في الإحرام ا ه ع ش قوله إلا لحاجة ومن الحاجة ما لو تعين ستر وجه المرأة طريقا في دفع النظر المحرم إليها فيجوز حينئذ وتجب الفدية ا ه شرح م ر ومن الحاجة أيضا شد خرقة على نحو الرأس لنحو جرح قال الشهاب حج رحمه الله تعالى والمراد بالشد هنا اللف لا العقد المراد في شد الهميان والخيط على الإزار ا ه قال تلميذه العلامة عبد الرءوف رحمه الله تعالى فلو كانت الخرقة لا تستمسك إلا بالعقد كان مرادا من لفظ الشد كما هو واضح ا ه ابن الجمال قوله على من ذكر وهو الرجل والمرأة فلا يحرم على الرجل ستر رأسه ولا لبس المخيط ولا على المرأة ستر وجهها ولا لبس القفازين ا ه شيخنا قوله لعدم وجدان غيره إلخ عبارة حج إلا إذا لم يجد غيره أي المخيط حسا بأن لم يملكه ولا قدر على تحصيله ولو بنحو استعارة بخلاف الهبة لعظم المنة أو شرعا كأن وجده بأكثر من ثمن أو أجرة مثله وإن قل فله حينئذ ستر العورة بالمخيط بلا فدية ولبسه في بقية بدنه لحاجة نحو حر وبرد بفدية انتهت قوله أو لمداواة إلخ وهل يجوز ستر رأسه أو لبس بقية البدن قبل وجود الضرر إذا ظن وجوده إن لم يستر أو يلبس أو لا يجوز ذلك إلا بعد وجود الضرر سئل السيوطي عن ذلك نظما وأجاب كذلك ومن لفظ السؤال ما قولكم في محرم يلبي فهل له اللبس قبيل العذر بغالب الظن بدون الوزر أم بعد أن يحصل عذر ظاهر يجوز لبس وغطاء ساتر ولو طرا عذر وزال عنه هل يجب النزع ببرء منه ومن لفظ الجواب ومحرم قبل طرو العذر أجز له اللبس بغير وزر بغالب الظن ولا توقف على حصوله فهذا الأرأف نظيره من ظن من غسل بما حصول سقم جوزوا التيمما ومن تزل أعذاره فليقطع(5/126)
مبادرا ويعص إن لم ينزع ا ه سم على حج قوله نعم لا تجب فيما إذا لبس إلخ واستدامة لبسه بعد قدرته على الفعل والإزار موجبة للدم وخرج بمن لم يجد الواجد فيحرم عليه لبس ذلك للخبر المار ولا فرق بين أن يتأتى من السراويل إزار أو لا لإطلاق الخبر وإضاعة المال بجعله إزارا في بعض صوره ولتتأتي المنفعة المقصودة من النعل بعد قطعه من غير عمل بخلاف الخف ولورود الأمر بقطعه وجريان العادة بسهولة أمره والمسامحة فيه بخلاف السراويل فسقط القول بإشكاله وبحث بعضهم عدم جواز قطعه إذا وجد المكعب لأنه إضاعة مال وهو متجه ولو قدر على أن يستبدل به إزارا مثله قيمة وجب إن لم يمض زمن تبدو فيه عورته وإلا فلا كما في المجموع ولو بيع منه إزار أو نعل نسيئة أو وهبا له ولو من أصل أو فرع لم يلزمه قبوله أو أعيرا له لزمه وبحث الأذرعي أنه يجيء في الشراء نسيئة وفي قرض الثمن ما مر في التيمم وظاهر كلامهم أنه يجوز له لبس الخف المقطوع وإن لم يحتج إليه وهو بعيد بل الأوجه عدمه إلا لحاجة كخشية تنجس رجله أو نحو برد أو حر أو كون الخف غير لائق به ا ه شرح م ر وقوله وفي قرض الثمن ما مر في التيمم أي فيجب حيث كان لأجل مع زيادة تليق بالأجل وكان موسرا وقت حلوله ا ه ع ش عليه قوله أيضا نعم لا تجب إلخ عبارته قاصرة على نفي وجوب الفدية في خصوص لبس السراويل والخفين عند عدم وجدان غير المخيط وقد علمت من عبارة حج أنه متى فقد المخيط ولبس غيره لا فدية سواء كان الغير سراويل أو خفين أو غيرهما تأمل ثم ظهر عند قراءة شرح م ر أن تعبير حج معترض وأن الحق ما اقتضته عبارة المنهج من أن الفدية إنما ينتفي وجوبها عند لبس المخيط لفقد غيره إلا إذا كان المخيط سراويل أو خفا قطع أو مكعبا وما عدا هذه(5/127)
الثلاثة أن تصور ستر العورة به على وجه الإحاطة المعتادة تجب فيه الفدية كما هو نص عبارة شرح الروض تأمل قوله أو خفين قطعا من أسفل الكعبين أي فله لبسهما من غير فدية لفقد النعل والمراد بالنعل الذي يجوز فقده لبس الخفين المقطوعين ما يجوز لبسه للمحرم مما لا إحاطة فيه لكل القدم أو الأصابع كالمداس المعروف اليوم وهو ما يكون استمساكه بسيور على الأصابع وكالتاسومة والقبقاب بشرط أن لا يسترا جميع أصابع الرجل وإلا حرما كما علم بالأولى مما مر من تحريمهم كيس الأصابع بخلاف نحو السرموزة فإنها محيطة بالرجل جميعها والزربول المصري وإن لم يكن له كعب واليماني لإحاطتهما بالأصابع فامتنع لبسهما أي السرموزة والزربول مع وجود ما لا إحاطة فيه ومن ثم قال الشارح وحكم المداس وهو السرموزة حكم الخف المقطوع ولا يجوز لبسهما مع وجود النعلين على الصحيح المنصوص ا ه حج والسرموزة هي السرموجة والزربول الوطا والبابوج الذي لا كعب له وقوله بشرط أن لا يسترا جميع أصابع الرجل يفيد الحل إذا سترا بعض الأصابع فقط وهل يشكل تحريم كيس الأصبع ويفرق بأن كيس الأصبع مختص به بخلاف ما هنا فإنه محيط بالجميع فلا يعد ساترا لها الستر الممتنع إلا إن ستر جميعها والظاهر أن المراد بستر جميعها أن لا يزيد شيء من الأصابع على سير القبقاب أو التاسومة فلا يضر إمكان رؤية رءوس الأصابع من قدام فليتأمل ا ه سم عليه قوله قطعا من أسفل الكعبين أي وإن نقصت به قيمته للأمر بقطعه كذلك في حديث الشيخين وبه فارق عدم وجوب قطع ما زاد من السراويل على العورة قالوا لما فيه من إضاعة المال وكأن وجه ذلك تفاهة نقص الخف غالبا بخلاف غيره ا ه حج قوله أيضا قطعا من أسفل الكعبين وظاهر إطلاق الاكتفاء بقطعه الخف أسفل من الكعبين أنه لا يحرم وإن بقي منه ما يحيط بالعقب والأصابع وظهر القدمين وعليه فلا ينافي تحريمهم السرموزة لأنه مع وجود غيرها ومع ذلك لو قيل إنه لا بد من قطع ما يحيط(5/128)
بالعقبين والأصابع ولا يضر استتار ظهر القدمين لأن الاستمساك يتوقف على الإحاطة بذلك دون الآخرين لكان متجها ثم رأيت المصنف كالأصحاب صرحوا بأنه لا يلزمه قطع شيء مما يستر ظهر القدمين وعللوه بأنه لحاجة الاستمساك فهو كاستتاره بشراك النعل ورأيت ابن العماد قال لا يجوز لبس الزربول المقور الذي لا يحيط بعقب الرجل إلا عند فقد النعلين لأنه ساتر لظهر القدم ومحيط بها من الجوانب بخلاف القبقاب لأن سيره كشراك النعل ا ه وصريحه وجوب قطع ما ستر العقبين بالأولى ويفرق بين ما يستر ظهر القدمين وما يستر العقب بتوقف الاستمساك في الخفاف غالبا على الأول دون الثاني كما علم مما مر وبما تقرر يعلم ما في قول الزركشي كابن العماد والمراد بقطعه أسفل من الكعب أن يصير كالنعلين لا التقوير بأن يصير كالزربول من الإيهام بل والمخالفة لصريح قول الروضة وغيرها لو وجد لابس الخف المقطوع نعلين لزمه نزعه فورا وإلا لزمه الدم إذ لو كان المقطوع كالنعل لم يصح هذا اللزوم بخلاف ما لو كان يستر عقبه أو أصابعه فإن فيه سترا أكثر مما في النعلين فوجب نزعه عند وجودهما فالحاصل أن ما ظهر منه العقب ورءوس الأصابع يحل مطلقا لأنه كالنعلين سواء وما ستر الأصابع فقط أو العقب فقط لا يحل إلا مع فقد الأولين ا ه حج قوله وحرم على كل أي من الرجل والمرأة ولو عند طهرها من الحيض فليس لها استعمال قسط أو أظفار لإزالة الريح الكريه على المعتمد وإن بحث الإسنوي أن لها ذلك لأنه لإزالة الريح لا للتطيب ا ه شرح م ر قوله من الرجل وغيره أي وإن كان كل منهما أخشم ا ه شرح م ر قوله تطييب لبدنه واستعمال الطيب المؤثر هنا هو أن يلصقه ببدنه أو نحو ثوبه على الوجه المعتاد فيه وأن يحتوي على مجمرة أو يقرب منها ويعلق ببدنه أو ثوبه عين البخور لا أثره لأن التبخر يلصق بعين الطيب إذ بخاره ودخانه عين أجزائه وإنما لم يؤثر في الماء كما مر لأنه لا يعد ثم عينا مغيرة وإنما الحاصل منه تروح(5/129)
محض لا حمل نحو مسك في نحو خرقة مشدودة بخلاف حمل فارة مسك مشقوقة الرأس أو قارورة مفتوحة الرأس ويفرق بأن الشد صارف عن قصد التطيب به والفتح مع الحمل يصيره بمنزلة الملصق ببدنه ولا أثر لعبق ريح من غير عين وفارق ما مر في أكل ما ظهر ريحه فقط بأن ذاك فيه استعمال عين الطيب ولو(5/130)
خفيت رائحته كالكاذي والفاغية وهي نور الحناء فإن كان بحيث لو أصابته الماء فاحت حرم وإلا فلا وشرط ابن كج في الرياحين أن يأخذها بيده ويشمها أو يضع أنفه عليها للشم ا ه حج قوله لبدنه أو ملبوسه أي أو فراشه ا ه شرح م ر وخرج بهذه الثلاثة ما لو أوطأ دابته طيبا وإن علق بها سواء كان ماسكا للجامها أو لا خلافا للزركشي حيث أجري فيها تفصيل الصلاة ووجه وجوب الفدية في النعل أنه من ملبوسه ومن ثم لو كان به نجاسة لم تصح صلاته فيه وأخذ منه في الحاشية أن المراد بملبوسه ما لا يصح السجود عليه ا ه ابن الجمال قوله بما تقصد رائحته إلخ عبارة الإيضاح والطيب الذي يحرم على المحرم ما يظهر فيه قصد التطيب وإن كان فيه مقصود آخر وذلك كالمسك والكافور والعود والعنبر والصندل والزعفران والورس والورد والياسمين والنيلوفر والبنفسج والنرجس والخيري والريحان والنسرين والمرزنجوش والريحان الفارسي وهو الصميران وما أشبهها ولا يحرم ما لا يظهر فيه قصد الرائحة وإن كان له رائحة طيبة كالفواكه الطيبة الرائحة كالسفرجل والتفاح والأترج والنارنج لأن المقصود الأصلي منها الأكل وكذا الأدوية كالدارصيني والقرنفل والسنبل وسائر الأبازير الطيبة لأن المقصود منها غالبا التداوي وكذا الشيح والقيصوم والشقائق وسائر أزهار البراري الطيبة التي لا تستنبت قصدا وكذا نور التفاح والكمثرى وغيرهما وكذا العصفر والحناء لأن مقصودها اللون فلا يحرم شيء من هذا ولا فدية فيه ويحرم استعمال الكحل الذي فيه طيب ودواء العرف الذي فيه طيب ويحرم أكل طعام فيه طيب ظاهر الطعم أو الرائحة وإن لم يدرك الطرف الطيب فإن كان مستهلكا فلا بأس وإن بقي اللون دون الرائحة والطعم لم يحرم على الأصح ولو انغمر طيب في غيره كماء ورد قيل أمحق في ماء لم يحرم استعماله على الأصح وإن بقي طعمه أو ريحه حرم وإن بقي اللون لم يحرم على الأصح واعلم أن استعمال المحرم للطيب هو أن يلصق الطيب ببدنه أو ثوبه(5/131)
على الوجه المعتاد في ذلك الطيب فلو طيب جزءا من بدنه بغالية أو مسك مسحوق ونحوهما لزمه الفدية سواء ألصقه بظاهر البدن أو باطنه بأن أكله أو احتقن به أو استعطه ولو ربط مسكا أو كافورا أو عنبرا في طرف إزاره لزمه الفدية ولو ربط العود فلا بأس لأنه لا يعد تطيبا ولا يحرم أن يجلس في حانوت عطار وفي موضع يبخر أو عند الكعبة وهي تبخر أو في بيت يتبخر ساكنوه وإذا أعبق به الرائحة في هذا دون العين لم يحرم ولا فدية ثم إن لم يقصد الموضع لاشتمام الرائحة لم يكره وإن قصده لاشتمامها كره على الأصح وفي قول لا يكره ولو احتوى على مجمرة فتبخر بالعود بدنه أو ثوبه عصى ولزمه الفدية ولو استروح إلى رائحة طيب موضوع بين يديه كره ولا يحرم لأنه لا يعد تطيبا ولو مس طيبا فلم يعلق به شيء من عينه لكن عبقت به الرائحة فلا فدية على الأصح وفي قول يحرم وتجب به الفدية ولو شم الورد مع اتصاله بأنفه فقد تطيب ولو شم ماء الورد فليس متطيبا وإنما استعماله أن يصبه على بدنه أو ثوبه ولو حمل مسكا أو طيب غيره في كيس أو خرقة مشدودة أو قارورة مصمتة الرأس أو حمل الورد في ظرف فلا إثم عليه ولا فدية وإن كان يجد رائحته ولو حمل مسكا في فارة غير مشقوقة الرأس فلا فدية على الأصح فإن كانت مشقوقة الرأس لزمه الفدية ولو جلس على فراش مطيب وأرض مطيبة أو نام عليها مفضيا ببدنه أو ملبوسه إليها أثم ولزمه الفدية فلو فرش فوقه ثوبا ثم جلس عليه أو نام عليه فلا فدية لكن إن كان الثوب رقيقا كره ولو داس بنعله طيبا لزمه الفدية بشرط أن يعلق بالنعل شيء فرع إنما يحرم الطيب وتجب فيه الفدية إذا كان استعماله عن قصد فإن تطيب ناسيا لإحرامه أو جاهلا بتحريم الطيب أو مكرها عليه فلا إثم ولا فدية ولو علم تحريم الطيب وجهل وجوب الفدية لزمه الفدية ولو علم تحريم الطيب وجهل كون المستعمل طيبا فلا إثم ولا فدية على الصحيح ولو مس طيبا يظنه يابسا لا يعلق منه شيء فكان رطبا ففي وجوب(5/132)
الفدية قولان للشافعي رحمه الله ورجحت كل طائفة من أصحابه قولا والأظهر ترجيح عدم الوجوب ومتى لصق الطيب ببدنه أو ثوبه على وجه يقتضي التحريم عصى ولزمته الفدية ووجبت عليه المبادرة إلى إزالته فإن أخر عصى بالتأخير عصيانا آخر ولا تتكرر الفدية ومتى لصق به على وجه لا يحرم ولا يوجب الفدية بأن كان ناسيا أو جاهلا أو مكرها أو(5/133)
ألقته الريح عليه لزمه المبادرة إلى إزالته فإن أخر مع الإمكان عصى ولزمته الفدية وإزالته تكون بنفضه إن كان يابسا فإن كان رطبا فيغسله أو يعالجه بما يقطع ريحه والأولى أن يأمر غيره بإزالته فإن باشر إزالته بنفسه لم يضر فإن كان أقطع أو زمنا لا يقدر على الإزالة فلا إثم ولا فدية كمن أكره على التطيب فإنه معذور انتهت قوله أيضا بما تقصد رائحته ولو خفيت رائحة الطيب لنحو غبار فإن كان بحيث لو أصابه ماء فاحت حرم استعماله وإلا فلا وإنما عفي عن رائحة النجاسة بعد غسلها لأن القصد إزالة العين وقد حصلت والقصد من الطيب الرائحة وهي موجودة وبه يعلم أن ما لا يدركه الطرف من الطيب كغيره إذا ظهر له ريح وإلا فلا ا ه شرح م ر فائدة هل يأتي في حمل الطيب في أمتعة التفصيل في حمل المصحف معها أو يفرق بأن الملحظ ثم غيره هنا من الإناطة بالعرف كل محتمل والثاني أقرب قاله في فتح الجواد ا ه ابن الجمال قوله لما مر أول الباب أي من قوله {صلى الله عليه وسلم} ولا يلبس من الثياب شيئا مسه زعفران أو ورس ا ه ح ل قوله وخرج بتطييبه أي الذي أشار إليه بقوله منه وإلا فكلامه في المتن لا يخرج ذلك ا ه ح ل قوله وقدرته على دفعه معطوف على قوله إذنه أي وبغير قدرته كما يعلم ذلك من قوله الآتي لكن تلزمه المبادرة عند زوال عذره ا ه برماوي قوله ولا شم ماء الورد أي لأن التطيب به إنما يكون بصبه على بدنه أو ثوبه وقوله ولا حمل الطيب في كيس مربوط أي ولا حمل الورد في نحو المنديل ولا حمل المسك في فارة لم تشق عنه وإن شم الريح من ذلك كله أو قصد التطيب إذ لا يعد بذلك متطيبا فإن فتحت الخرقة أو شقت الفارة وجبت كما قالوه وهو المعتمد ا ه شرح م ر قوله كقرنفل أي فإن المقصود منه غالبا الدواء ا ه شرح البهجة قوله لكن تلزمه المبادرة انظر هل المراد أنه يجب على الفور مع التمكن أو يغتفر هنا التأخير بما ذكر في نحو الشفعة ظاهر كلامهم الأول وجرى عليه شيخنا ز ي ا ه شوبري قوله ويعتبر مع(5/134)
ما ذكر إلخ هذا راجع للبس أيضا كما تقدم عن ابن الجمال والذي ذكر في اللبس هو اشتراط عدم الحاجة وفي التطيب هو كونه من المحرم نفسه وكون الطيب مما تقصد رائحته ا ه شيخنا قوله إلا السكران أي فلا يعتبر فيه العقل بل تجب عليه الفدية وظاهر أنه لا فرق بين المتعدي وغيره لكن قيده حج بالمتعدي واقتصاره كالرملي على استثناء السكران يقتضي أن المجنون والمغمى عليه لا تجب عليهما الفدية وسيأتي للشارح التصريح به في الإزالة وظاهر أنه لا فرق في كل منهما بين المتعدي وغيره حرر قوله كما تعتبر الثلاثة إلخ لا يقال هذا يرد عليه الحلق والقلم والصيد والنبات لأنا نقول كلامه في التحريم لا في الفدية ا ه ع ش على م ر قوله أيضا كما تعتبر الثلاثة أي بالنسبة للإثم وأما بالنسبة لوجوب الفدية فتجب فيما كان من باب الإتلاف كقتل الصيد ولو مع انتفاء الثلاثة والحاصل أن ما كان من باب الإتلاف من هذه المحرمات كقتل الصيد أو أخذ طرفا من الإتلاف وطرفا من الترفه كإزالة الشعر والظفر فإنه يضمن مطلقا لا فرق فيه بين الناسي والجاهل وغيرهما وما كان من باب الترفه المحض كالتطيب فإنه يعتبر في ضمانه العقل والاختيار والعلم كما في شرح الروض ا ه شيخنا ح ف قوله في سائر محرمات الإحرام اعتبار العلم من هذه الثلاثة في الإزالة التي هي من سائر المحرمات غير ظاهر ففي م ر في مبحث الإزالة ما نصه وسواء في ذلك الناسي للإحرام والجاهل بالحرمة لعموم الآية لسائر الإتلافات هذا بخلاف الناسي والجاهل في التمتع باللبس والطيب والدهن والجماع ومقدماته لاعتبار العلم والقصد منه وهو منتف فيهما نعم لو أزالها مجنون أو مغمى عليه أو صبي غير مميز لم تلزمه الفدية والفرق بين هؤلاء وبين الجاهل والناسي أنهما يعقلان فعلهما فنسبا إلى تقصير بخلاف هؤلاء على أن الجاري على قاعدة الإتلاف وجوبها عليهم أيضا ومثلهم في ذلك النائم قال القاضي أبو الطيب ولو ادعى في زمننا الجهل بتحريم الطيب(5/135)
واللبس ففي قبوله وجهان ا ه والأوجه عدمه إن كان مخالطا للعلماء بحيث لا يخفى عليه ذلك عادة وإلا قبل ا ه شرح م ر قوله العلم بأن الممسوس إلخ وإن جهل الفدية في كل من أنواعه أو جهل الحرمة في بعضها ا ه شرح م ر قوله يعلق ماضيه علق بكسر اللام ففي المختار وعلق به بالكسر علوقا أي تعلق ا ه وفي المصباح وعلق الشوك بالثوب علقا(5/136)
من باب تعب وتعلق به إذا نشب به واستمسك وعلقت المرأة بالولد وكل أنثى تعلق من باب تعب أيضا حملت والمصدر العلوق ا ه قوله ولا يكره غسله إلخ الأنسب في المقابلة لا يحرم فلذلك أصلحه الشارح بقوله فلا يحرم فالمقابلة في كلامه بحسب اللازم قال في الروض وله خضب لحيته بالحناء ا ه وقوله لحيته قال في شرحه وغيرها من الشعور ا ه وعبارة العباب خضب شعره بنحو الحناء ا ه وقوله لا شعره قال في شرحه أي المحرم الذكر والأنثى ا ه سم على حج قوله أيضا ولا يكره غسله قال في الروض وشرحه وله خضب لحيته وغيرها من الشعور بالحناء ونحوه لأنه لا ينمي الشعر وليس طيبا نعم إن كان الحناء ثخينا والمحل يحرم ستره حرم لا للخضب بل لستر ما يحرم ستره كما علم مما مر ا ه باختصار وبه يعلم أنه لا يحرم الحناء على الرجل إلا في غير الشعر فليحرر ا ه سم قوله بنحو خطمي في المختار الخطمي بالكسر الذي يغسل به الرأس قلت ذكر في الديوان أن في الخطمي لغتين فتح الخاء وكسرها ا ه قوله أيضا وإنما يسن تركه أي فهو خلاف الأولى كما في شرح م ر قوله ودهن شعر رأسه ولو شعرة أو بعضها وعبارة حج وظاهر قولهم شعر أنه لا بد من ثلاثة ويتجه الاكتفاء بدونها إن كان مما يقصد به التزين لأن هذا هو مناط التحريم كما يعلم مما تقرر انتهت والحاصل أن تحريم الدهن يجري في الشعرة وبعضها وكذلك الإزالة وإنما التفصيل في الفدية ففي الإزالة لا تجب إلا في ثلاثة وفي الدهن تجب في دهن واحدة أو بعضها ا ه شيخنا وعبارة الشوبري قوله ودهن شعر رأسه المراد به الجنس فالشعرة الواحدة إذا حصل بدهنها التزين كذلك على المعتمد وظاهره وجوب الدم فيما دون الثلاث حيث حرم ووجهه ما تقدم وبه فارق الإزالة ثم رأيت حج بعد قول العباب الثالث الإدهان في شعر الرأس قال بل أو في شعرة واحدة كما قاله المحب الطبري وغيره وكان المصنف تبع ابن عجيل في اشتراطه دهن ثلاث شعرات كما لا يكمل دم الحلق إلا بها فعلى الأول يجب(5/137)
بدهن الشعرة أو بعضها الفدية الكاملة ويفرق بينه وبين ما يأتي في نحو الحلق بأن تمام الترفه هنا يحصل بذلك لأن بريق الدهن يرى ولو في نحو شعرة واحدة بخلافه ويلزم ابن عجيل أن في دهن الشعرة مدا والشعرتين مدين لأنه قضية قياس ما هنا بالإزالة ولا قائل بذلك فيما علمت ا ه بحروفه انتهت والدهن بفتح الدال المهملة مصدر بمعنى التدهين وبضمها اسم لما يدهن به ا ه برماوي والمراد هنا الأول قوله أو لحيته شمل لحية المرأة لأنها وإن كانت مثلة في حقها إلا أنها تتزين بدهنها ا ه م ر ا ه سم على حج قوله كزيت أي ولو حارا ا ه برماوي قوله وزبد بخلاف اللبن وإن كان يستخرج منه السمن ا ه شرح م ر قوله ودهن لوز وكذا شحم وشمع ذائبين ا ه برماوي قوله في بقية شعور الوجه أي الأشعر الخد والجبهة إذ لا يقصد تنميتهما بحال وحينئذ فليتنبه لما يغفل عنه كثيرا وهو تلويث الشارب والعنفقة بالدهن عند أكل اللحم فإنه مع العلم والتعمد حرام فيه الفدية كما علم مما تقرر فليحترز عن ذلك ما أمكن ا ه حج وقضيته حرمة أكل دهن يعلم منه تلويث شاربه مثلا وصرح به في حاشية الإيضاح مقيدا له بما إذا لم تشتد حاجته إليه قال وإلا جاز ووجبت الفدية ا ه ابن الجمال قوله وأصلع ولو كان بعض الرأس أصلع جاز دهنه هو فقط دون الباقي ا ه شرح م ر قوله وذقن أمرد أي سواء حرم النظر إليه أو لا ا ه حج في حاشية الإيضاح ا ه ابن الجمال قوله أيضا وذقن أمرد ينبغي إلا في أوان نباتها لأنها حينئذ كرأس المحلوق ا ه سم على حج قوله فلا يحرم دهنها إلخ وإنما حرم تطييب الأخشم ولزمته الفدية كما مر لأن المعنى هنا منتف بالكلية بخلافه ثم فإن المعنى فيه الترفه بالطيب وإن كان المتطيب أخشم على أن لطيفة الشم قد تبقى منها بقية وإن قلت لأنها لم تزل وإنما عرض مانع في طريقها فحصل الانتفاع بالشم في الجملة وإن قل ا ه شرح م ر قوله وإزالة شعره أو ظفره أي استقلالا أما لو كشط جلده فزال الشعر تبعا أو قطع(5/138)
أنملة فزال الظفر تبعا فلا فدية ا ه شيخنا ح ف وعبارة شرح م ر وحرم إزالة شعر أي إلا إن أزاله مع جلده وإن حرمت إزالة الجلد من حيثية أخرى لأنه تابع نعم تسن الفدية ومثله في ذلك الظفر انتهت وقياس ما ذكر عدم التحلل به فليراجع ا ه ع ش عليه وعبارة الإيضاح فتحرم إزالة(5/139)
الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو غير ذلك سواء فيه شعر الرأس والإبط والعانة والشارب وغيرها من سائر شعور البدن حتى يحرم بعض شعرة واحدة من أي موضع كان من بدنه وإزالة الظفر كإزالة الشعر فيحرم قلمه وكسره وقطع جزء منه فإن فعل شيئا من ذلك عصى ولزمه الفدية ويحرم عليه مشط لحيته ورأسه إن أدى ذلك إلى نتف شيء من الشعر فإن لم يؤد إليه لم يحرم لكن يكره فإن مشط فانتتف لزمه الفدية فإن سقط شعر فشك هل انتتف بالمشط أم كان متنسلا فلا فدية عليه على الأصح ولو كشط جلد رأسه أو قطع يده أو بعض أصابعه وعليه شعر وظفر فلا فدية عليه لأنهما تابعان غير مقصودين ويجوز للمحرم حلق شعر الحلال ويحرم على الحلال حلق شعر المحرم فإن حلق حلال أو محرم شعر محرم آخر ثم فإن كان حلق بإذنه فالفدية على المحلوق وإن حلق بغير إذنه بأن كان نائما أو مكرها أو مغمى عليه أو سكت فالأصح أن الفدية على الحالق وقيل على المحلوق فعلى الأصح لو امتنع الحالق من إخراجها فللمحلوق مطالبته بإخراجها على الأصح ولو أخرجها المحلوق عن الحالق بإذنه جاز أو بغير إذنه لا يجوز على الأصح ولو أمر حلال حلالا بحلق شعر محرم نائم فالفدية على الآمر إن لم يعرف الحالق الحال فإن عرف فعليه على الأصح فرع هذا الذي ذكرناه في الحلق والقلم بغير عذر فأما إذا كان بعذر فلا إثم وأما الفدية ففيها صور منها الناسي والجاهل فعليهما الفدية على الأصح لأن هذا إتلاف فلا يسقط ضمان بالعذر كإتلاف المال ومنها لو كثر القمل في رأسه أو كان به جراحة أحوجه أذاهما إلى الحلق أو تأذى بالحلق لكثرة شعره فله الحلق وعليه الفدية ومنها لو نبتت شعرة أو شعرات داخل جفنه وتأذى بها قلعها ولا فدية وكذا لو طال شعر حاجبه أو رأسه وغطى عينيه قطع المغطي ولا فدية وكذا لو انكسر بعض ظفره وتأذى به قطع المنكسر ولا يقطع معه من الصحيح شيئا انتهت قوله بجامع الترفه يشكل تعليلهم وجوب الفدية في الحلق بالترفه بأنهم(5/140)
جعلوه من أنواع التغزير وجعلوا في إزالته من الغير بغير إذنه التعزير وذلك مستلزم لكونه مزريا ومناف لكونه ترفها إذ هو الملائم للنفس ويلزم من ملاءمته لها عدم إزرائه لها وقد يجاب بمنع إطلاق كونه ترفها بل فيه ترفه من حيث إنه يوفر كلفة الشعر وتعهده وجناية من حيث إن الشعر جمال وزينة في عرف العرب المقدم على غيره ولكونه جناية ساوى نحو الناسي غيره وكون بقائه جمالا لم يحلق {صلى الله عليه وسلم} إلا في نسك فإن قلت لم جعل ركنا وكان له دخل في التحلل الأول قلت أما الأول فلأن فيه وضع زينة لله تعالى فأشبه الطواف من حيث إنه إعمال النفس في المشي لله تعالى وأما الثاني فلأن التحلل من العبادة إما بالإعلام بغايتها كالسلام من الصلاة المعلم بحصوله أمن الآفات للمصلي وإما بتعاطي ضدها كتعاطي المفطر في الصوم أو دخول وقته والحلق من حيث ما فيه من الترفه ضد الإحرام الموجب لكون المحرم أشعث أغبر فكان له دخل في تحلله ا ه حج قوله والمراد من ذلك أي من الشعر الكائن في المتن أو في الآية من حيث تقديره ا ه شيخنا قوله كأن تأذى بشعر إلخ أي ولو أدنى تأذ فيما يظهر ا ه حج و ع ش على م ر والفرق بينه وبين اللبس لحاجة غير خفي إذ من شأن هذا عدم الصبر عليه بخلاف اللبس ا ه ابن الجمال قوله نبت بعينه ومما جرب لإزالته دهنه بعد نتفه بالزباد أو بدم الضفدع ا ه برماوي ومن خواص اليربوع كما قاله الدميري أنه إذا نتف الشعر الذي ينبت في العين ودهن مكانه بدم اليربوع فإنه لا ينبت بعد ذلك واليربوع حيوان صغير يشبه الفأر أبيض البطن أغبر الظهر ا ه من شيخنا الحفناوي في قراءة الشنشوري قوله فلا تحرم الإزالة قال في شرح مختصر الإيضاح وظاهر أنه لو قطع منه أي من الشعر المؤذي أو الظفر ما لا يتأتى قطع المنكسر إلا به جاز له ذلك لاحتياجه إليه لأنه لو أبقى شيئا من المؤذي لضره والموقوف على حدة قد يتعذر أو يتعسر ا ه فهو نص في الجواز كما بحثه أولا ولم يتعرض للدم والظاهر وجوبه(5/141)
كما استقربته وتفهمه عبارة النهاية ا ه ابن الجمال قوله بل ولا تلزمه الفدية في التأذي بما ذكر بخلافه فيما قبله والحاصل أن ما كان لضرورة لا فدية فيه وما كان لحاجة ففيه الفدية وإن جاز الفعل فيهما ا ه ح ل وعبارة شرح م ر قال الإسنوي وكذا(5/142)
تلزمه الفدية في كل محرم أبيح للحاجة إلا للبس السراويل والخفين المقطوعين كما مر لأن ستر العورة ووقاية الرجل عن النجاسة مأمور بهما فخفف فيهما والحصر فيما قاله كما أفاده الشيخ ممنوع فقد استثني صور لا فدية فيها كإزالة شعر نبت في باطن عين وتضرر به وكقتل صيد صائل وحيوان مؤذ وكقطع ما انكسر من ظفره وتأذى به فقطع المؤذي منه فقط وإنما لزمت في حلق الشعر لكثرة القمل لأن الأذى حصل من غير المزال بخلافه هنا ومن ثم لو طال شعر حاجبه أو رأسه وغطى عينيه جاز له قطع المغطي فقط ولا فدية انتهت قوله أيضا بل ولا تلزمه الفدية فيه أن هذا ينافي ما يأتي قريبا من قوله وفي ثلاثة ولاء ولو بعذر فدية ويخالف أيضا قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية ويمكن دفع التنافي والمخالفة بأن يحمل الأذى في الآية على الذي ليس لضرورة كالتأذي بكثرة القمل لأن الآية نزلت فيه كما روي أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال لكعب بن عجرة أيؤذيك هوام رأسك إلخ وكالتداوي وكذا العذر الآتي يحمل على ما ذكر وأما حالة الضرورة كالتأذي بالشعر المذكور وبكسر الظفر فلا فدية فيه لأنه غير محمل الآية كما يؤخذ جميع ذلك من صريح عبارة م ر ومن ثم قال ح ا والحاصل أن ما كان لضرورة فلا فدية فيه وما كان لحاجة ففيه الفدية وإن جاز الفعل فيهما ا ه أفاده شيخنا قوله كما لا تلزم المغمى عليه إلخ وذلك لأن إحرامهم ناقص فلا يرد أن هذا من خطاب الوضع ولا فرق فيه بين المميز وغيره وأيضا التعميم بالنسبة لحق الآدمي أما في حق الله تعالى فيختص خطاب الوضع بالمميز وما هنا من هذا القبيل هذا ولا يشكل عدم اللزوم لهؤلاء بلزومهما للجاهل والناسي كما سيأتي إذ الفرق أنهما يعقلان فعلهما فينسبان إلى نوع تقصير بخلاف هؤلاء ا ه شيخنا قوله ففي إزالة شعرة أو ظفر إلخ أي على الأظهر من أقوال ثلاثة وعبارة أصله مع شرح المحلي والأظهر أن في الشعرة مد طعام وفي الشعرتين مدين والثاني في الشعرة درهما(5/143)
وفي الشعرتين درهمين والثالث ثلث دم وثلثان على قياس وجوب الدم في الثلاث عند اختياره والأولان قالا تبعيض الدم عسير فعدل الأول منهما إلى الطعام لأن الشرع عدل الحيوان به في جزاء الصيد وغيره والشعرة الواحدة هي النهاية في القلة والمد أقل ما وجب في الكفارة فقوبلت به وعدل الثاني إلى القيمة وكانت قيمة الشاة في عهده {صلى الله عليه وسلم} ثلاثة دراهم تقريبا فاعتبرت عند الحاجة إلى التوزيع وتجري الأقوال في الظفر والظفرين انتهت ولو أزال ما ذكر من محرم ميت لم يدخل وقت تحلله فمقتضى كلام الشارح رحمه الله تعالى أنه ليس عليه الفدية وبه جزم العلامة عبد الرءوف في حاشيته عليه وجزم شيخه الشهاب حج رحمه الله تعالى في متن مختصر الإيضاح بلزومها وعلله شارحه المذكور بأنه بمنزلة الحي النائم ويؤيد ما فيه عموم قولهم لو كان المحلوق غير مكلف فالفدية على الحالق فليتأمل ولو لبد هذا المحرم المذكور شعره في حياته ولم يمكن غسله إلا بحلقه موجب وهل تجب الفدية حينئذ أو لا استوجه الأستاذ أبو الحسن البكري رضي الله عنه عدم الوجوب قال لأن الميت لا تقصير منه وغيره معذور واستظهره الشهاب حج في متن مختصر الإيضاح قال كما بينته في الحاشية ا ه وفرق فيها بين عدم وجوبها في تركته وبين وجوبها في مال المغمى عليه إذا طيبه الولي أو حلقه لحاجة بأن المنفعة تعود عليه وحده بخلافها في الميت فإنها تعود على المسلمين إذ لا يسقط الفرض عنهم إلا بغسل الرأس ولا نظر لكون التلبيد حصل بفعله لأنه محسن به لكونه سنة ا ه قال العلامة عبد الرءوف وحاصله أنه لا يجب على المباشر لأن المصلحة عامة بسقوط الواجب عن المسلمين ولا في تركته لأنه محسن بما ذكر وقد يمنع الثاني بأنه وإن كان محسنا فإن إحسانه لا يمنع تأثير سببيته فيما هو إتلاف إذ النسيان لا يؤثر فيه مع رفع القلم عنه وأيضا فالوديع إذا نصب في الحرم شبكة مودعة لمصلحة مالكها في نصبها وإلا تلفت ثم بعد موته تعلق بها صيد وتلف(5/144)
فالظاهر أنه يضمن مع أنه محسن بنصبها فكذلك ما هنا إلا أن يفرق بأن نصب الشبكة أقرب إلى تلف الصيد وينجر إليه عادة بخلاف التلبيد فإنه لا يجر إلى حلق الشعر عادة ا ه ويؤخذ من تعليل قوله إنها تجب في مال المغمى عليه إذا طيبه الولي أن من لبد رأسه ووجب عليه الغسل من نحو(5/145)
الجنابة ولم يمكنه إيصال الماء إلى بشرته إلا بحلقه أنه يجب عليه ذلك مع لزوم الفدية وهو ظاهر ثم رأيته رحمه الله تعالى استقر به في الحاشية بعد أن أبدى احتمالا بأنه يتيمم قال لأن العذر الشرعي وهو حرمة الحلق كالحسي وهو مرض الرأس ثم قال بعد ذلك لكن في لزوم الفدية نظر ظاهر إلا أنه ظاهر كلامهم أو صريحه ألا ترى أنه لو تحقق الضرر ببقاء شعر رأسه لزمته إزالته مع الفدية إلا أن يفرق بما يأتي فيما لو احتاج إلى النزع لأجل الوضوء ا ه وقد علمت من توجيه الأول أنه الظاهر ويؤيده ما قاله العلامة عبد الرءوف رحمه الله تعالى من الاعتراض على فرق الحاشية المذكور بأنه وإن كان محسنا إلخ بل هذا أولى بوجوب الفدية مما إذا لبد المحرم رأسه ثم مات إذ لم يقع منه إلا سبب الحلق بخلاف هذا فقد وقع منه سببه معه وإن كان مكرها عليه شرعا إذ الإكراه ليس له مدخل في رفع الفدية فتأمل تنبيه شمل قولهم لم يتحلل ما لو حلق المحرم رأسه في وقته ثم أزال شيئا من بقية شعور البدن لكن قال البلقيني بحل حلق البدن بعد حلق الركن أو بعد سقوطه لمن لا شعر برأسه قال وعلى هذا فللحج ثلاث تحللات ولم يتعرضوا لذلك وقياسه جواز التقليم إذ هو يشبهه ا ه ومال إليه الشهاب حج في حاشية الإيضاح وأيده مولانا رضي الله تعالى عنه ورحمه ما عدا القياس بأن إطلاقهم أنه يسن له أن يأخذ من شاربه بعد الحلق مع قولهم إن له تقديم الحلق على بقية الأسباب صادق بما قاله فتأمله ا ه وهو واضح ونظر هو أعني البلقيني في القياس ووجهه أن الظفر ليس من جنس الرأس بل هو مغاير له واعترض الزركشي كلامه بأن إباحة حلق غير الرأس ليست مستفادة من حلقه وإنما هي لدخول وقت حلقه مع حلق الرأس جملة واحدة كما حرم بالإحرام كذلك ورده الشهاب حج بأنه يلزم عليه إباحة حلقه قبل حلق الرأس لدخول وقته وليس كذلك ا ه قال تلميذه العلامة عبد الرءوف رحمه الله تعالى وأقول صرح الزركشي في اعتراضه على البلقيني بما(5/146)
تقرر ومن عبارته إذ لم يقل أحد بأنه لا يجوز حلق شعر البدن قبل حلق الرأس ا ه فهو صريح في جواز حلق البدن قبل حلق الرأس فقوله يعني الشهاب حج لأنه يلزم عليه إلخ مبني على أنه إنما اطلع على كلام الزركشي الذي ذكره عنه لا على هذا الصريح مع أنهما وقعا في سياق واحد وحاصل رده بقوله وليس كذلك المنع ومن عبارة الزركشي في الاعتراض قال الأصحاب في الكلام على تحريم الحلق إن حلق الشعر قبل أو إن التحلل محظور وأنه لا فرق بين حلق الرأس والبدن واقتصر في شرح العباب على نقل هذا عنه في الاعتراض وقال بعده وهو صريح كما ترى في حرمة إزالة شعر البدن بعد الحلق لأنه إلى الآن لم يتحلل إلخ ما قاله مما حاصله عدم ارتضاء كلام البلقيني وأن بقية الشعور كغيرها لا تحل إلا بفعل اثنين من ثلاثة بعكس ما قاله هنا مما ارتضاه وأيده وكلام الزركشي أوسع منه والحلق أن كلام الأصحاب المذكور آنفا ليس صريحا بل ولا ظاهرا في حرمة إزالة شعر البدن بعد الحلق التي يردها قوله هنا يعني في متن المختصر ولا معنى لحل أحدهما دون الآخر بل مفهوم كلامهم ما قاله الزركشي من أن حلق الرأس والبدن يدخل وقتهما جملة واحدة قال في خادمه أعني الزركشي بعد كلامه السابق ويدل على أنهما في حكم الشيء الواحد أنه لو حلق رأسه وشعر بدنه لزمه فدية واحدة والأوجه عندي ما قاله الزركشي وفوق كل ذي علم عليم وحينئذ فليس للحج إلا تحللان كما قاله الأصحاب أحد الثلاثة يعني التي يحصل بها التحللان إزالة الشعر من رأسه ويدخل وقت إزالة شعر غيره بدخول وقته فتجوز إزالته قبل الرأس وبعده ومعه ا ه وهو وجيه جدا ثم بعد عام رأيت سيدي المرحوم السيد عمر رضي الله تعالى عنه استوجهه أيضا ا ه ابن الجمال قوله عدل الحيوان به أي بالطعام أي جعله عدله بكسر العين أي مثله في سقوط الطلب بكل منهما كما قال تعالى ومن قتله منكم متعمدا إلى أن قال أو كفارة طعام مساكين وقوله وغيره وهو الثابت الحرمي وبعضهم فسر(5/147)
قول الشارح عدل الحيوان به فقال أي قوم الحيوان بالطعام تأمل قوله إن اختار دما أي بفرض أنه أزال الثلاثة بأن قال أنا لو أزلت الثلاثة كنت أكفر بدم فإن قال كنت أكفر بالإطعام أو الصوم ففيه ما قاله الشارح وذلك لأن هذا دم تخيير هذا والمعتمد أنه يلزمه المد أو المدان سواء اختار الدم أو غيره فتقييده ضعيف(5/148)
ا ه شيخنا فلو عجز عن المد أو المدين استقر ذلك في ذمته كالكفارة ولا يصوم عن ذلك ا ه ح ل ومثله شرح م ر وفي المدابغي على التحرير ما نصه وتوضيح ما قاله الشارح أنه إذا اختار الطعام وهو ثلاثة آصع في كمال الفدية وجب شيء من جنسه في الأقل منه وهو صاع في الواحدة وصاعان في الاثنين وإذا اختار الصوم أي صوم ثلاثة أيام وجب شيء من جنسه وهو الأيام وإذا اختار الدم فليس له شيء من جنسه يرجع إليه فيتعين رجوعه إلى الأمداد لأنها قد عهد التقدير بها في الإحرام وهذه مقالة ضعيفة تبع فيها جماعة هنا وفي شرح المنهج والمعتمد كما جرى عليه الرملي تبعا لإفتاء والده إيجاب ذلك مطلقا سواء اختار دما أو لا فلا يجزئ غير مد في الواحدة ومدين في اثنين مطلقا فإن خالف وفعل على هذه الطريقة لم يكف الصوم وأما الصاع بدل المد والصاعان بدل المدين فيجزئ بالأولى بل يقع المد والمدان فرضا والباقي تطوعا ا ه وفي حاشية عبد البر عليه ما نصه قوله إن اختار الدم هذا ضعيف هكذا قرره صاحب البيان وهو يئول إلى التخيير بين الصوم والصاع والمد فإن قيل كيف يتخير بين الشيء وبعضه فإن المد بعض الصاع فالجواب أن ذلك معهود كالتخيير بين القصر والإتمام وبين الجمعة والظهر أي في حق من لا تلزمه الجمعة وإنما قال إن اختار الدم لأنه إذا أزال ثلاث شعرات أو ثلاثة أظفار خير بين ذبح شاة أو التصدق بثلاثة آصع أو صوم ثلاثة أيام فإن اختار الدم وجب مد أو مدان لعسر تبعيض الدم والمعتمد أن التخيير إنما يكون في الدم الكامل وهو ما لو أزال ثلاث شعرات وأما الشعرة والشعرتان فالواجب فيهما ما قدره الفقهاء خلافا للعمراني ا ه قوله وفي إزالة ثلاثة إلخ ولو أزال شعرة واحدة في ثلاث دفعات فإن اختلف الزمان أو المكان وجب ثلاثة أمداد وإن اتحد فمد واحد لا دم لأنه تعلق بثلاث شعرات ولم يوجد هكذا يظهر في المسألتين ثم رأيت م ر قرر ما يوافقه قاله سم في حواشيه ا ه شوبري ا ه ع ش قوله بأن يتحد(5/149)
الزمان والمكان فإن اختلف محل الإزالة أو زمنها عرفا وجب في كل شعرة أو بعضها أو ظفر أو بعضه مد والمراد باتحاد الزمان وقوع الفعل على التوالي المعتاد وإلا فالاتحاد المحقق مع التعدد في الفعل مما لا يتصور ا ه ح ل وقوله والمكان أي مكان الإزالة أي المكان الذي أزال فيه وليس المراد به محل الإزالة كالعضو ا ه شيخنا هذا هو المعتمد لا يقال يلزم من تعدد المكان تعدد الزمان فهلا اكتفى به لأنا نقول التعدد هنا عرفي وقد يتعدد المكان عرفا ولا يتعدد الزمان عرفا ا ه عزيزي أي لعدم طول الفصل فالمراد باتحاد الزمان عدم طول الفصل عرفا وباتحاد المكان أن لا يتعدد المكان الذي أزال فيه تأمل قوله أي فحلق إلخ لعل تقدير خصوص الحلق توقيفي ا ه ح ل وعبارة البرماوي قوله أي فحلق لا يتعين ما سلكه الشارح بل مثله ما لو أزال وإنما عبر بالحلق جريا على الغالب انتهت قوله والشعر يصدق أي في الآية بالثلاث أي لا بدونها وهذا بحسب ما قام عند المجتهد حيث حمل الشعر في جانب التحريم على الجنس الصادق بالواحدة وفي جانب الفدية على الجمع الغير الصادق بالواحدة ا ه شيخنا قوله أيضا والشعر يصدق بثلاث اعترض بأنه في الآية مضاف فيعم وأجيب بأن الإجماع صد عن الاستيعاب ا ه ح ل وقد أشار له الشارح بقوله ولا يعتبر جميعه بالإجماع قوله ولو حلق من باب ضرب ا ه مختار ا ه ع ش على م ر قوله والفدية على المحلوق عبارة شرح م ر ولو حلق محرم أو حلال رأس محرم بغير اختياره قبل دخول وقته فالدم على الحالق كما لو فعل ذلك بنائم أو مجنون أو غير مميز أو مغمى عليه إذ هو المقصر ولأن الشعر في يد المحرم كالوديعة لا العارية وضمان الأولى مختص بالمتلف وللمحلوق المطالبة به وإن قلنا إن المودع لا يخاصم لأن نسكه يتم بأدائه ولوجوبه بسببه وإنما لم يجز للزوجة مطالبة زوجها بإخراج فطرتها لأن الفدية في مقابلة إتلاف جزء منه فساغ له المطالبة بخلاف الفطرة إلى أن قال ولو طارت نار إلى(5/150)
شعره فأحرقته وأطاق الدفع لزمته الفدية وإلا فلا ولو أزال المحرم ذلك من الحلال لم تجب فدية على المحرم ولو بغير إذنه إذ لا حرمة لشعره من حيث الإحرام واستثنى من إطلاق وجوب الفدية على الحالق ما لو أمر حلال حلالا بحلق محرم نائم أو نحوه فالفدية على الآمر إن جهل الحالق أو أكره أو كان أعجميا يعتقد وجوب طاعة(5/151)
آمره وإلا فعلى الحالق ومثله لو أمر محرم محرما أو حلال محرما أو عكسه كما نبه عليه الأذرعي وصريح ما تقرر أنهما لو كانا معذورين فالفدية على الحالق وقياسه أنهما لو كانا غير معذورين أن تكون على الحالق أيضا وهو ظاهر انتهت وانظر هل يجري هذا التفصيل في التطييب والدهن فيما طيب أو دهن محرم أو حلال محرما أو هو خاص بالإزالة يحرر قوله لتفريطه فيما عليه حفظه عبارة حج لأن الشعر في يد المحرم كالوديعة فيلزمه دفع متلفاته انتهت قوله بدليل الحنث به أي بالمذكور من الإذن في الحلق والسكوت عليه هذا والمعتمد أنه لا يحنث بهما كما قال هو في الأيمان فصل حلف لا يفعل كذا حنث بفعله لا بفعل وكيله ا ه بحروفه قوله قصابا أي جزارا قوله لم يضمنها إلا الغاصب أي لا يستقر الضمان إلا عليه وإلا فالقصار طريق في الضمان فيطالب سواء كان عالما أو جاهلا وفي صورة العلم يكون قرار الضمان عليه فقوله إلا الغاصب أي إن كان جاهلا فإن كان عالما فالقرار عليه وإن كان يطالب مطلقا ا ه شيخنا قوله وحرم به وطء أي في قبل أو دبر ذكر أو أنثى زوجة أو مملوكة أو أجنبية على جهة الزنا أو اللواط أو كان الجماع في بهيمة أو في ميتة ولو مع لف خرقة على ذكره ا ه برماوي وسواء كان بذكر متصل أو منفصل أو بمقطوع ولو من بهيمة أو من قدر الحشفة من فاقدها ا ه شرح م ر وقوله أو بمقطوع أي بالنسبة للمرأة بأن استدخلت ذكرا مقطوعا فيحرم عليها ويفسد حجها وإن كانت لا تجب عليها الفدية كما يأتي ا ه رشيدي عليه قوله أيضا ووطء ومقدماته بشهوة محل حرمتهما قبل التحللين أو بينهما كما هو سياق الكلام أما بعد التحللين فلا حرمة ولا فدية وإن بقي الرمي والمبيت فائدة قال في شرح الروض يستحب تأخير الوطء عن رمي أيام التشريق ليزول عنه أثر الإحرام كذا جزم الشيخان ونقله ابن الرفعة عن الجمهور قال المحب الطبري ولا معنى له ويشكل عليه خبر أيام منى أيام أكل وشرب وبعال وخبر أنه {صلى الله عليه وسلم} بعث أم سلمة رضي(5/152)
الله عنها لتطوف قبل الفجر وكان يومها فأحب أن توافيه ليواقعها فيه وعليه بوب سعيد بن منصور في سننه باب الرجل يزور البيت ثم يواقع أهله قبل أن يرجع إلى منى وذكره ا ه قال الشارح رحمه الله تعالى ويؤيده استحباب الطيب بين التحللين لفعله {صلى الله عليه وسلم} ا ه أي لأن الطيب من دواعيه وأجاب العلامة الشربيني في المعنى والجمال الرملي في النهاية والشهاب ابن حجر في حاشية الإيضاح والعلامة عبد الرءوف في شرح مختصر الإيضاح بأنه لبيان الجواز زاد الأخير وأن الناس من شأنهم ذلك ا ه قال سيدنا ومولانا السيد عمر رضي الله تعالى عنه وأنت خبير ببعد هذا التأويل جدا مع ذكر الأكل والشرب معه فذكرهما معه قرينة واضحة على أن المراد مشروعيته كهما لامتناع الصوم فيها ا ه وعن قوله في الحديث الثاني فأحب أن توافيه إلخ قال الشهاب ابن حجر في الحاشية وتبعه تلميذه العلامة عبد الرءوف بأنه تعبير من الراوي بحسب ما فهمه قال وبتسليم أنه ليس كذلك فهو لبيان الجواز لأنه مما يخفى ويحتاج إلى ظهوره في هذا المجمع العظيم بدلالة الفعل التي هي أقوى من دلالة القول ا ه زاد الأخير رد التأييد الشرح المذكور وندب الطيب بين التحللين لا يقتضي ندب الجماع بعدهما وإلا لما ندب لأنه يؤدي إلى الجماع بينهما أيضا وهو محرم وسبب ندب الطيب بعد التحلل الأول أن يخالف قبله كالأكل يوم عيد الفطر فإن كلا منهما سنة وقبل ذلك حرام ا ه وفي حاشية الإيضاح والمناسب التعبير بلا يسن بدل قولهم يسن أن لا يطأ إلخ أنه يعني إثبات سنة نفي الوطء عن أيام التشريق يحتاج لدليل ا ه بخلاف التعبير بلا يسن فإنه يقتضي أن الوطء في أيام التشريق مباح بخلاف تعبيرهم بلا يسن فيقتضي أن الوطء فيها خلاف السنة وأن عدمه سنة فيحتاج إلى دليل وهذا الاعتراض يتوجه على عبارته في متن مختصر الإيضاح قاله شارحه العلامة عبد الرءوف ا ه ابن الجمال قوله التي أشرت إليها في ما مر وهي العقل والاختيار والعلم بالتحريم والإحرام(5/153)
ا ه ع ش قوله فلا رفث الآية قال بعضهم حكمة ذكر الله تعالى هذه الألفاظ الثلاثة لا أزيد ولا أنقص أنه تعالى أثبت في العلوم العقلية أن للإنسان أربع قوى قوى شهوانية بهيمية وقوى غضبية سبعيه وقوى وهمية شيطانية وقوى عقلية ملكية والمقصود من جميع العبادات قهر القوى الثلاث أعني(5/154)
الشهوانية والغضبية والوهمية فقوله تعالى فلا رفث إشارة إلى قهر القوى الشهوانية وقوله ولا فسوق إشارة إلى قهر القوى الغضبية التي توجب المعصية والتمرد وقوله ولا جدال في الحج إشارة إلى قهر القوى الوهمية التي تحمل الإنسان على الجدال في ذات الله تعالى وصفاته وأحكامه وأسمائه وهي الباعثة على منازعة الناس ومماراتهم والمخاصمة معهم فلما كان سبب الشر محصورا في هذه الأمور الثلاثة لا جرم قال فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ا ه برماوي قوله فلا ترفثوا ولا تفسقوا أي فهو خبر بمعنى النهي ولو كان خبرا على بابه لاستحال تخلفه لأن خبر الله تعالى لا يتخلف ا ه برماوي قوله مفسر بالجماع أي والفسوق بالمعاصي والجدال بالخصام ا ه أجهوري قوله ومقدماته كقبلة ونظر ولمس ومعانقة وقوله بشهوة أي ولو مع عدم إنزال أو مع حائل ولا دم في النظر بشهوة والقبلة بحائل وإن أنزل بل وإن تعمد وعلم الإنزال بذلك بخلاف ما سوى ذلك من المقدمات فإن فيها الدم وأن ينزل إن باشر عمدا بشهوة وفي الأنوار أنها تجب في تقبيل الغلام بشهوة وكأنه أخذه من تصوير المصنف فيمن قبل زوجته لوداع أنه إن قيل بقصد الإكرام أو أطلق فلا فدية أو للشهوة أثم وفدى ا ه شرح م ر وعبارة العباب وأما المقدمات بشهوة حتى النظر فتحرم ولو بين التحللين ولا تفسد أي المقدمات النسك وإن أنزل ويجب بتعمدها الدم وإن لم ينزل وكذا بالاستمناء أي إذا أنزل لا بالنظر بشهوة والقبلة بحائل وإن أنزل ا ه وفي شرحه ما نصه وفيه أي وفي المجموع أن الأصح القطع بالوجوب في مباشرة الغلام كالمرأة وقيده في موضع بالحسن فقول الماوردي وغيره لا فدية في تقبيله ولا مباشرته بشهوة وإن أنزل كما لو فكر فأنزل ضعيف أو يحمل على غير الحسن بناء على أنه قيد وفيه نظر وإن تقيدت به حرمة نظره كما يأتي في النكاح لوضوح الفرق ا ه وفي شرحه أيضا ما نصه ولو كرر نحو القبلة فالذي يظهر أنه إن اتحد المكان والزمان لم تجب إلا شاة(5/155)
وإلا تعددت ثم رأيت المجموع صرح بذلك وسأذكره عنه قبيل آخر الباب ا ه سم على حج ويحرم على المرأة تمكين الزوج من المباشرة لأن فيه إعانة على معصية كما يحرم على الزوج الحلال مباشرة محرمة يمتنع عليه تحليلها ا ه ابن الجمال قوله بشهوة لكن لو نظر بشهوة أو قبل بحائل فلا فدية وإن أنزل وكذا يحرم عقد النكاح ولا فدية ا ه برماوي قوله وعليه دم أي ولو كانت المباشرة بين التحللين ا ه إيضاح وهذا الدم دم تخيير وتقدير كما قال الناظم وقدرن وخيرن في الرابع إن شئت فاذبح أو فجد بآصع للشخص نصف أو فصم ثلاثا إلى أن قال وتقبيل ووطء ثنى أو بين تحللي ذوي إحرام بخلاف دم الجماع المفسد فإنه دم ترتيب وتعديل كما قال الناظم والثاني ترتيب وتعديل ورد في محصر ووطء حج إن فسد قوله إن جامع عقبه ليس بقيد بل مثله التراخي عنه وعبارة حج نعم إن جامع بعدها وإن طال الفصل دخلت في واجب الجماع انتهت ومثله في م ر وقيد ح ل بحيث يعد مقدمة للوطء ولو أتى بالمقدمات بعد الفراغ من الوطء فلا شيء عليه ا ه ح ل بحروفه فواجب المقدمات يندرج في واجب الجماع مطلقا سواء كانت قبله أو بعده ا ه شيخنا وعبارة الشوبري قوله إن جامع عقبه ليس بقيد بل المراد أن يكون الجماع ناشئا عن تلك المقدمات وإن طال الزمن ولا فرق في المقدمات بين القبلية والبعدية انتهت ومثله في ع ش على م ر والضمير في قول الشارح عقبه راجع للمقدمات في المتن ولعل التذكير باعتبار كونها فعلا أو نحو ذلك ا ه قوله لدخوله في فدية الجماع عبارة شرح م ر ويندرج دم المباشرة في بدنة الجماع الواقع بعدها أو بدلها وكذا في شأنه كالواقع بعد الجماع المفسد أو بين التحللين فيما يظهر سواء أطال الفصل بين المقدمات والجماع أم قصر انتهت قوله استمناؤه ظاهره ولو بحائل ا ه ح ل وتقدم في الصوم أن الاستمناء طلب خروج المني أي قصد إخراجه وأنه يفسد الصوم سواء كان بحائل أو لا بخلاف ما إذا لم يكن عن قصد إخراجه فيفصل بين(5/156)
كونه بلا حائل فيفسد الصوم أو به فلا يفسده وانظر هل يأتي نظير هذا هنا بأن يقال في صورة القصد يأثم وتلزمه الفدية(5/157)
مطلقا وفي صورة عدمه يفصل بين الحائل وعدمه لم أر من نبه على هذا وقوله بعضو كيد انظر هل العضو قيد فيخرج به ما لو حك ذكره في حائط مثلا فلا حرمة ولا فدية أو فالحرمة دون الفدية لم أر من نبه عليه قوله ويفسد به إلخ أفهم قوله يفسد أنه لا ينعقد إحرامه مجامعا وهو كذلك ولو أحرم حال نزعه انعقد صحيحا على أوجه الأوجه لأن النزع ليس بجماع أي حيث قصد بالنزع الترك ا ه شرح م ر قوله أي بالوطء المذكور أي المعتبرة فيه الشروط المذكورة وهي العقل والاختيار والعلم وعبارة شرح م ر وأما الناسي والمجنون والمغمى عليه والنائمة والمكره والجاهل لقرب عهده بالإسلام أو نشأته ببادية بعيدة عن العلماء فلا يفسد بجماعهم ولو جامع بعد الإفساد لزمه شاة انتهت قوله ويفسد به حج أي ولو من صبي مميز دون غير المميز كالمجنون فإنه كالساهي والجاهل حلبي قوله أيضا ويفسد به حج إلخ أي سواء الفاعل والمفعول وإنما التفصيل في الفدية ا ه شيخنا قوله من غير الخنثى عبارة حج ويفسد به حج وهما أي الواطئ والموطوء واضحان انتهت قوله قبل التحللين أي ولا ثواب له على ما فعله وإنما وجب عليه المضي فيه تغليظا عليه ا ه ع ش قوله أيضا قبل التحللين سواء كان قبل الوقوف وهو إجماع أم بعده خلافا لأبي حنيفة سواء أفاته الحج أم لا كما في الأم ولو كان المجامع في النسك رقيقا أو صبيا مميزا إذ عمد الصبي عمد والرقيق مكلف وسواء كان النسك متطوعا به أم مفروضا بنذر أو غيره لنفسه أو غيره كالأجير ا ه شرح م ر قوله لا بينهما كسائر المحرمات أي فإنها لا تفسده وإذا تكرر الجماع حينئذ وجب فيما عدا الأول في كل جماع شاة ا ه ح ل قوله وعمرة مفردة أي ما دام عليه شيء من أعمالها ولو شعرة من الثلاث التي يتحلل بها منها ا ه حج قوله تابعة للحج صحة وفسادا أي وميقاتا فالتبعية في الصحة كأن وقف القارن بعرفة ثم رمى يوم النحر ثم طاف للإفاضة ثم سعى ثم وطئ فيصح حجه لوقوع وطئه بعد التحلل الأول وكذا(5/158)
العمرة تبعا ولو انفردت فسدت لوطئه قبل الحلق الذي هو من أركانها وكذا لو وقف القارن ثم رمى ثم حلق ثم جامع فلا تفسد عمرته وإن بقي منها الطواف والسعي بل تكون صحيحة تبعا للحج في الصحة والتبعية في الفساد كأن طاف القارن طواف القدوم ثم سعى ثم حلق ثم وطئ قبل التحلل الأول فيفسد حجه بالوطء وكذا العمرة تبعا ولو انفردت لم تفسد لوقوع الوطء بعد تمام أعمالها والتبعية في الميقات كما لو أحرم بهما من جوف مكة فإنه لولا القران لما كان ميقاته جوف مكة ا ه مدابغي على التحرير قوله وتجب به بدنة أي على الفور ككل فدية تعدى بسببها ا ه حج قوله أيضا وتجب به بدنة فإن عجز فبقرة إلخ هذا محترز التقييد بغير المفسد في قوله الآتي وفي فدية ما يحرم غير مفسد وصيد ونابت ذبح إلخ كما سينبه الشارح عليه هناك ففي هذا الصنيع بيان المفهوم قبل ذكر المنطوق بمسألة طويلة كما لا يخفى قوله أي بالوطء المفسد خرج بالمفسد الوطء بين التحللين والجماع الثاني بعد الجماع المفسد فيجب بكل منهما شاة لأنه تمتع غير مفسد فكان كاللبس ومنه يؤخذان الأوجه تكررها بتكرر أحد هذين كما تتكرر بتكرر اللبس ونحوه ا ه حج ولو انعقد نسكه فاسدا بأن أحرم بالحج بعد فساد العمرة بالجماع ثم جامع فهل يحكم بفساد آخر بالجماع حتى تجب الفدية أم لا لأنه لا معنى للحكم بفساد الفاسد فتجب شاة كما لو جامع بعد إفساد الصحيح بالجماع فيه نظر ولا يبعد الثاني ولا يقال فائدة الحكم بالفساد وجوب القضاء لما تقدم في شرح قول المصنف ولو أحرم بعمرة في أشهر الحج إلخ من وجوب القضاء بالإفساد الأول ا ه سم عليه قوله وإن كان نسكه نفلا كما في حج الصبي والرقيق وإن كانت البدنة في الصبي على وليه ا ه شيخنا قوله أيضا وإن كان نسكه نفلا وكذا قوله الآتي وإن كان نسكه نفلا كل من الغايتين للتعميم كما يعلم من عبارة أصله وشراحها قوله والبدنة المرادة إلخ أي لا الأنثى وفي كلام بعضهم لا ما يشمل البقرة ا ه ح ل(5/159)
وعبارة شرح م ر واعلم أن البدنة حيث أطلقت في كتب الحديث أو الفقه فالمراد بها كما قاله المصنف البعير ذكرا كان أو أنثى وشرطها سن يجزئ في الأضحية وقال كثير من أئمة اللغة تطلق على البعير والبقرة والمراد هنا ما مر فإن البقرة لا تجزئ إلا عند العجز عن البدنة فإن عجز عن(5/160)
البقرة أيضا فسبع شياه إلخ انتهت قوله ثم يقوم البدنة وتعتبر قيمتها بسعر مكة في غالب الأحوال ا ه شرح م ر ولم يعتبر بقية الحرم لأنها ليست محل سكنى فانتفت الرغبات ا ه ابن الجمال قوله أيضا ثم يقوم البدنة أي ثم إن عجز يقوم إلخ وهلا قال فإن عجز قوم إلخ فإن عجز صام إلخ تأمل والأقرب في قيمة الطعام الذي يصوم بدله اعتبار سعر مكة في غالب الأحوال كما اعتبر في قيمة البدنة ا ه ع ش وهو ما في شرح م ر وقال حج المعتبر حال الأداء قياسا على الكفارة قال ولهذا لو أعتق العبد بعد الإفساد كفر بالبدنة أو بدلها لا بالصوم ا ه ابن الجمال قوله ويتصدق بقيمتها طعاما أي على مساكين الحرم وفقرائه الموجودين فيه حال الإعطاء ثلاثة فأكثر إن قدر عليهم وإلا كفى اثنان وواحد قاله العلامة عبد الرءوف نقلا عن البلقيني وهو مفهوم قول صاحب البحر أقل ما يجزئ أن يدفع الواجب إلى ثلاثة من مساكين الحرم إن قدر متساويا أو متفاوتا فإذا دفع لاثنين مع قدرته على الثالث ضمن له أقل ما يصدق عليه الاسم ولو غرباء والمتوطن أولى ما لم يكن الغريب أحوج ويجوز الدفع لصغير ومجنون وسفيه ويقبضه أولياؤهم لهم ا ه ابن الجمال قوله أيضا ويتصدق بقيمتها طعاما قال الشارح أي النشيلي فإن قدر على بعضه أخرجه وصام عما بقي ا ه وانظر هل يأتي ذلك في الدم فيقال إن قدر على بعضه كأن قدر على شاة مثلا من السبع في دم الفساد أخرجه وقوم ستة أسباع البدنة وأخرج بقيمتها طعاما ويأتي فيه ما مر ويقاس على ذلك شاة الإحصار أيضا أو يفرق قضية تعبيرهم بالعجز الأول لأنه لا يكون عاجزا إلا إذا عجز عن الجميع أما إذا قدر على شيء منه فلا يعد عاجزا إلا عن بعضه ويؤيده ما قاله العلامة عبد الرءوف رحمه الله تعالى من الفرق بين من قدر على بعض الإطعام حيث يخرجه ويصوم عن الباقي وبين عدم إجزاء إطعام خمسة وكسوة خمسة في كفارة اليمين أن التخيير بين أشياء معينة يمنع الاكتفاء ببعض كل منها لمخالفته(5/161)
لظاهر النص وأما المرتبة فقضية الترتيب فيها أن لا يعدل عن واحد إلا بعد العجز عنه ومن قدر على بعضه فليس بعاجز عنه فلا يجوز له العدول إلى غيره إذ الميسور لا يسقط بالمعسور ا ه بل هو نص فيه فيؤخذ به ما لم يوجد نقل واضح بخلافه والله أعلم ا ه ابن الجمال قوله ثم يصوم عن كل مد يوما أي ثم يكمل المنكسر ا ه حج قوله وخرج بزيادتي على الرجل إلخ عبارة شرح م ر والوجوب في الجميع على الرجل دونها وإن فسد نسكها بأن كانت محرمة مميزة مختارة عامدة عالمة بالتحريم كما في كفارة الصوم فهي عنه فقط سواء أكان الواطئ زوجا أم سيدا أم واطئا بشبهة أم زانيا وما ذكره في المجموع من حكاية الاتفاق على لزوم البدنة لها طريقة مرجوحة والمعول عليه ما مر ولو خرجت المرأة لقضاء نسكها الذي أفسده الزوج بالوطء لزم الزوج زيادة نفقة السفر من زاد و راحلة ذهابا وإيابا لأنها غرامة تتعلق بالجماع فلزمته كالكفارة ولو عضبت لزم زوجها الإنابة عنها من ماله ومؤنة الموطوءة بزنا أو شبهة عليها وأما نفقة الحصر فلا تلزم الزوج إلا أن يكون مسافرا معها ويسن افتراقهما من حين الإحرام إلى أن يفرغ التحللان وافتراقهما في مكان الجماع آكد للاختلاف في وجوبه ا ه شرح م ر وقوله لأنها غرامة تتعلق إلخ يؤخذ من هذا جواب ما توقف فيه ثم فيما تقدم مما حاصله أنها إن كانت مختارة فهي مقصرة فلا شيء على الزوج وإن كانت مكرهة لم يفسد حجها وحاصل الجواب أنا نختار الأول ونقول هذه الغرامة لما نشأت من الجماع الذي هو فعله لزمته وهذا قريب من لزوم الزوج ماء غسلها من الجنابة حيث حصلت بفعله ا ه ع ش عليه قوله المرأة فلا شيء عليها أي ولو محرمة وهو حلال على المعتمد ا ه شوبري أي على معتمد م ر خلافا لحج حيث قال بوجوبها عليها في هذه الحالة قوله ويجب به مضي أي على الرجل والمرأة في فاسدهما أي لا في باطلها ويبطلان بالردة فهذا مما يفرق فيه بين الفاسد والباطل فإن الردة إذا وجدت أثناء(5/162)
العمرة أو الحج ولو بعد التحلل الأول تبطله وإن قصر زمنها لمنافاتها له كغيره من العبادات ا ه شيخنا ولا يشكل هذا بما مر من أنه لو ارتد في أثناء وضوئه لم يبطل ما مضى بدليل أنه لو أسلم كمل بنية جديدة غير الأولى مع أنه لا يكمل هنا لأن النية في الوضوء يمكن توزيعها على أعضائه فلا يلزم من بطلان(5/163)
بعضها بطلان كلها بخلافها في الحج فإنه لا يمكن توزيعها على أجزائه فكان المنافي لها مبطلا لها من أصلها فناسب فساده بها مطلقا ا ه شرح م ر قوله أيضا ويجب به مضي في فاسدهما ظاهره أن وجوب المضي بسبب الوطء مع أنه ليس كذلك بل هو من حيث الإحرام بالنسك وعبارة ابن الجمال ويجب المضي في فاسد النسك لإفتاء جمع من الصحابة رضي الله تعالى عنهم بذلك ولا يعرف لهم مخالف فيعمل ما كان يعمله قبل الفساد ويجتنب ما كان يجتنبه قبله ومنه الجماع ثانيا فلو فعل فيه محظورا وجبت الفدية قال العلامة عبد الرءوف وفي قولهم فيعمل إلخ إشارة إلى أن المضي يجب بالشروع في النسك لا أنه طرأ وجوبه بسبب الإفساد بخلاف القضاء والكفارة ا ه انتهت قوله لقوله تعالى وأتموا الحج إلخ عبارة شرح م ر لعموم قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله إذ هو يشمل الفاسد أيضا انتهت قوله وغير النسك من العبادات إلخ استثنى الصوم فإنه يجب فيه الإمساك وقد يجاب بأن ذاك خرج من الصوم لأنه ليس في صوم بخلاف النسك ا ه ح ل قوله ويجب عليه إعادته فورا أي من فسد حجه من رجل أو امرأة ولو أفسد الزوج حجها كان عليه القيام بذلك ولو ماتت وجب عليه أن يحج عنها بنفسه أو نائبه ذكره في شرح المهذب قال بعضهم وقياس ذلك أن الصبي إذا أحرم بإذن وليه وأفسد نسكه بالجماع وقلنا بوجوب الإعادة عليه كان على الولي القيام بذلك حتى إذا مات كان عليه أن يحج عنه بنفسه أو نائبه فليحرر ا ه ح ل قوله وإن كان نسكه نفلا عبارة شرح م ر ولو كان نسكه تطوعا من صبي أو قن لأن إحرام الصبي صحيح وتطوعه كتطوع البالغ يجب بالشروع قال ابن الصلاح وإيجابه أي القضاء عليه أي الصبي ليس إيجاب تكليف بل معناه ترتبه في ذمته كغرامة ما أتلفه انتهت قوله أيضا وإن كان نسكه نفلا وفي هذه الحالة يقع القضاء نفلا وعبارته في شرح الروض ويقع القضاء مثل الفاسد فإن كان فرضا وقع القضاء فرضا أو تطوعا وقع القضاء تطوعا انتهت وهذا صريح في(5/164)
أن القضاء يقع تطوعا إذا كان الأداء كذلك لكن كيف هذا مع أن القضاء واجب مطلقا حتى فيما لو كان الأصل تطوعا فمقتضى ما تقدم أن القضاء يكون واجبا ومع ذلك يقع تطوعا ولا أعرف لهذا نظيرا الآن فليتأمل قوله لأنه وإن كان وقته موسعا غرضه بهذا الرد على الضعيف القائل بأن الإعادة على التراخي كالأداء ا ه من شروح الأصل قوله فإن كان الفاسد عمرة إلخ عبارة شرح م ر والأصح أنه على الفور كأن يأتي بالعمرة عقب التحلل وتوابعه وبالحج في سنته إن أمكنه بأن يحصره العدو إلخ انتهت قوله بأن يحصر بعد الجماع إلخ ويتصور أيضا بأن يشرط في إحرامه التحلل بالمرض ثم يجامع ثم يمرض فيتحلل ثم يشفى والوقت باق ويتصور أيضا بأن يقلد ابن حنبل ويفسخ الحج إلى العمرة أي ينوي بقلبه عمرة فينعقد عمرة فاسدة ثم يتحلل بأعمالها ثم يحرم بحج القضاء في سنته ويقع عن الحجة التي كان نواها أولا كما هو شأن القضاء هكذا أخبرني بعض الثقات بأن مذهب ابن حنبل كما ذكر و بأن بعض المكيين العارفين أفتى بعض الحجاج الذي وقع له الجماع ففسد حجه وحصل له ضيق لفقره وعدم قدرته على العود السنة القابلة فأفتاه بتقليد ابن حنبل كما ذكر ا ه قوله فيتحلل أي بذبح في مكان حصر فحلق بنية التحلل كما يأتي قوله والوقت باق بأن كان يمكنه إدراك الوقوف بعرفة فيحرم ثانيا ويأتي بالأعمال ا ه شيخنا قوله وهو محمول على معناه اللغوي وهو فعل العبادة ثانيا ولو في وقتها وهو يرجع إلى أن معناها لغة الأداء يقال قضيت الدين أي أديته ا ه شيخنا قوله وتقع الإعادة على الفاسد حتى لو أفسده عشر مرات وجبت إعادة واحدة وعشر بدنات ا ه شيخنا قوله ويتأدى بها إلخ منه يؤخذ أن الصبي لو أفسد حجه بجماع وأعاده ولو بعد بلوغه تقع الإعادة نفلا فلا تجزيه عن حجة الإسلام ويلزمه أن يؤخر الإعادة بعد بلوغه عن حجة الإسلام وإن قدمها وقعت عن حجة الإسلام وهو مصرح به في غير هذا الكتاب ا ه شوبري وعبارة ابن الجمال ولو جامع(5/165)
مميز أو قن أجزأه القضاء في الصبا والرق اعتبارا بالأداء ولا يلزم السيد الآذن في الأداء إذن في القضاء لأنه لم يأذن في إفساد الأداء ولو أحرم أحدهما بالقضاء فبلغ أو عتق في الوقوف في الحج أو في وقته وأدركه أو في طواف العمرة انصراف إحرام القضاء إلى حجة الإسلام أو عمرته ولزمه القضاء من قابل ومثل النسك في الفورية كل كفارة وجبت بتعد انتهت قوله أيضا ويتأدى بها(5/166)
ما كان يتأدى إلخ وهذا في غير حج الأجير أما هو فإذا أفسده فإنه ينقلب له ويكفر ويقضي عن نفسه وتنفسخ العينية لا الذمية فيحج مثلا بعد سنة القضاء أو يستأجر من يحج ا ه ابن الجمال قوله ولو أفسدها أي حجة الإعادة أو عمرتها وقوله لا إعادة عنها أي عن الإعادة بل عن الأصل أي فلا يلزمه إلا إعادة واحدة ولو قلنا إنه تلزمه الإعادة عن الإعادة لكان يلزمه حجتان إعادة الأصل وإعادة الإعادة ا ه شيخنا قوله لزمه بدنة أيضا أي كما يلزمه البدنة بإفساد الأداء فتتعدد الكفارة بتعدد الإفساد دون القضاء فلا يتعدد وإنما يجب مرة واحدة والفرق بين وجوب الفدية في إفساد قضاء النسك وعدم وجوبها في إفساد قضاء رمضان أن قضاء رمضان لا يتصور وقوعه وقت أدائه بخلاف قضاء الحج لا يكون إلا في وقته فساوى قضاؤه أداء رمضان في حرمة الوقت فوجبت الكفارة وهذا سر تكرارها دون القضاء ا ه ابن الجمال قوله ويلزمه أن يحرم في الإعادة إلخ ولو أفسد مفرد نسكه فتمتع في القضاء أو قرن جاز وكذا عكسه ولو أفسد القارن نسكه لزمه بدنة واحدة لانغمار العمرة في الحج ولزمه دم للقران الذي أفسده لأنه لزم بالشروع فلا يسقط بالإفساد ولزمه دم آخر للقران الذي التزمه بالإفساد في القضاء ولو أفرده لأنه متبرع بالإفراد ولو فات القارن الحج لفوات الوقوف فاتت العمرة تبعا له ولزمه دمان دم للفوات ودم لأجل القران وفي القضاء دم ثالث ا ه شرح م ر قوله أو قبله انظر لو لم يحرم من القبل بل أخر الإحرام إلى الميقات هل يحرم عليه مع الدم أو بدونه لم أر من نبه عليه ثم رأيت في شرح الروض ما يقتضي أنه يحرم عليه ويلزمه دم وعبارته مع المتن وليكن الإحرام بالقضاء من مكان الإحرام بالأداء من قبل الميقات أو من الميقات لأنه التزمه بإحرامه بالأداء فلو أحرم دونه لزمه دم انتهت قوله ولو غير مريد للنسك الغاية للرد وفي الروضة ما نصه ولو جاوزه غير مسيء فأحرم ثم أفسد فوجهان أصحهما وبه قطع صاحب التهذيب(5/167)
وغيره أن عليه أن يحرم في القضاء من الميقات الشرعي والثاني أنه يحرم من ذلك الموضع ا ه ابن الجمال قوله نعم إن سلك فيها إلخ الحاصل أنه متى جاوز الميقات في الإحرام الأول لا يحرم في الثاني من مكان الأول ولا من قدر مسافته وإن أحرم في الأول من الميقات أو قبله وجب أن يحرم في الثاني من مكان الأول أو من قدر مسافته ا ه شيخنا قوله وإلا أحرم من قدر مسافة الميقات أي ما لم يكن أمامه ميقات وإلا أحرم منه وإن كان أبعد من الأول ا ه ح ل أي الذي جاوزه أو لا بلا إحرام كما لو كان أولا سلك طريق مصر ثم جاوز الجحفة من غير إحرام ثم أحرم من بعدها وفي الإعادة سلك طريق المدينة فيجب عليه أن يحرم من ذي الحليفة ولا يصبر حتى يحاذي الجحفة تأمل قوله ولا يلزمه أن يحرم في مثل الزمن إلخ عبارة حج ولا يلزمه رعاية زمن الأداء قيل وكان الفرق بينه وبين قول القاضي يلزم الأجير رعاية زمن الأداء أن هذا حق آدمي ورد بأن هذا مبني على وقوع القضاء للميت والمعتمد أنه للأجير لانفساخ العينية بالإفساد وبقاء الذمة في الذمة وإذا كان القضاء عن نفسه لم يلزمه رعاية زمن الأداء كما في الروضة خلافا لجمع لكن في المجموع ما يوافقهم انتهت قوله في مثل الزمن الذي أحرم فيه إلخ حتى لو أحرم في الأداء في شوال جاز في القضاء تقديمه على شوال وتأخيره عنه وفرق الرافعي بين الزمان والمكان بأن اعتناء الشارع بالميقات المكاني أكثر بدليل تعين مكان الإحرام بالنذر دون زمانه ثم قال ولا يخلو من نزاع وتعجب منه الإسنوي فإنه صحح في النذر تعين الزمان كالمكان بالنذر وحاول الإسنوي الفرق بأن المكان هنا ينضبط بخلاف الزمان ا ه برماوي قوله لكل صيد مأكول إلخ أي طيرا كان أو غيره كبقر وحش وجراد وكذا أوز لكن قال الماوردي والبط الذي لا يطير من الإوز لا جزاء فيه لأنه ليس بصيد ا ه شرح م ر وعبارة التحرير متنا وشرحا وصيد البر أنواع أربعة أحدها يحل له أي للمحرم قتله ويضمنه وهو ما(5/168)
يراد قتله لضرورة جوع الثاني يحل قتله بلا ضمان وهو ذو سم وحدأة وغراب وكلب لا نفع فيه وكل سبع عاد وصيد صائل أو مانع من الطريق ويسن للمحرم وغيره قتل المؤذيات الثالث لا يحل قتله ولا يضمن به وهو ما لا يؤكل ولا هو مما مر إلا ما تولد من مأكول وحشي وغير مأكول فيحرم قتله ويضمن احتياطا الرابع لا يحل قتله وهو مأكول وحشي أو في أصله وحشي فيضمن أي يضمنه قاتله محرما أو في الحرم إلخ قوله وحشي(5/169)
وهو المتوحش بطبعه الذي لا يمكن أخذه إلا بحيلة ا ه برماوي قوله أي أخذه دفعا لما قيل إن الاستدلال إنما يتم إذا أريد بالصيد في الآية المصدر والذي يقتضيه السياق أنه المصاد فيكون المراد تحريم أكله إذ لا بد من إضمار وإضمار أكله وأخذه معا يمتنع لأن مثل هذا لا عموم له فتعين البعض وهو الأكل والإضمار يلزم منه تحريم الاصطياد ا ه برماوي وعبارة حج أي التعرض له ولجميع أجزائه انتهت قوله بخلاف غير المأكول أي وبخلاف ما شك في توحشه أو أكله أو في توحش أو أكل أحد أصوله نعم يندب فداؤه ا ه شرح م ر أي بمثله إن كان له مثل وإلا فبقيمته على ما يأتي ا ه ع ش عليه قوله وإن كان بريا وحشيا وحرم أبو حنيفة التعرض للوحشي غير المأكول ا ه برماوي قوله بل منه ما فيه أذى إلخ عبارة شرح م ر وغير المأكول منه ما هو مؤذ طبعا يندب قتله كالفواسق الخمس فقد صح أمر رسول الله {صلى الله عليه وسلم} بقتل خمس فواسق في الحل والحرم الغراب الذي لا يؤكل والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور وألحق بها الأسد والنمر والذئب والدب والنسر والعقاب والبرغوث والبق والزنبور وكل مؤذ ومنه القمل فيندب قتله ولا يكره تنحية قمل على بدن محرم أو ثيابه بل بحث بعضهم سن قتله كالبرغوث نعم قمل رأسه أو لحيته يكره التعرض له لئلا ينتتف الشعر فإن قتله فدى الواحدة ولو بلقمة ندبا وقولهم لا يكره تنحيته صريح في جواز رميه حيا إن لم يكن في مسجد وهو كذلك وكالقمل الصبيان وهو بيضه ومنه ما ينفع ويضر كصقر وباز فلا يسن قتله ولا يكره ومنه ما لا يظهر فيه نفع ولا ضر كخنافس جعلان وسرطان ورخمة فيكره قتله ويحرم قتل النمل السليماني والنحل والخطاف المسمى بعصفور الجنة والضفدع والقرد والهدهد أما غير السليماني وهو الصغير المسمى بالذر فيجوز قتله بغير الإحراق كما في المهمات عن البغوي والخطابي وكذا بالإحراق إن تعين طريقا لدفعه انتهت وقوله فيكره قتله قضيته جواز قتل الكلب الذي لا نفع فيه ولا ضرر(5/170)
والمعتمد عند الشارح حرمة قتله وعبارته في باب التيمم نصها وخرج بالمحترم الحربي والمرتد والزاني المحصن وتارك الصلاة والكلب العقور وأما غير العقور فمحترم لا يجوز قتله على المعتمد ومثل غير العقور الهرة فيحرم قتلها ا ه ع ش عليه قوله كنمر في المختار النمر بوزن الكتف سبع وجمعه نمور بالضم وجاء في الشعر نمر بضمتين وهو شاذ والأنثى نمرة والنمرة أيضا بردة من صوف يلبسها الأعراب ا ه وقوله ونسر في المختار بفتح النون طائر وجمع القلة أنسر والكثرة نسور ويقال النسر لا مخلب له وإنما له ظفر كظفر الدجاجة والغراب ا ه قوله وضر في المختار الضر بالفتح ضد النفع وبابه رد ا ه ثم قال والضر بالضم الهزال وسوء الحال ا ه ومعلوم أن المناسب هنا هو الأول لأن الشارح قابله بالنفع قوله فلا يسن قتله أي فيكون مباحا ا ه ع ش على م ر وقوله لنفعه علة لنفي السن وقوله لضره مقتضى ما قبله أن يكون تعليلا لنفي الكراهة لكنه لا يصح كما هو ظاهر فالأولى أن يكون تعليلا للمنفي ويكون النفي خاليا عن التعليل هذا هو الذي يصح وإن كان خلاف ظاهر العبارة تأمل قوله وهو ما لا يعيش إلا في البحر وكالبحر الغدير والبئر والعين إذ المراد به الماء ا ه شرح م ر قوله وما يعيش فيه وفي البر كالبري ينبغي أن المراد ما يعيش فيهما مما هو مأكول أو في أصله مأكول وذلك لأنه إن لم ينقص عن البري المحض الذي لا يعيش إلا في محض البر ما زاد عليه مع أن شرط حرمة التعرض له أن يكون مأكولا أو في أصله مأكول فعلم أن ما يعيش فيهما قد يكون مأكولا وقد لا وقد يوصف أيضا بالتوحش وغيره فيحتاج لتقييده بالوحش أو لا يكون إلا وحشيا فلا حاجة لتقييده فيه نظر تنبيه قوله وما يعيش فيه وفي البر كالبري يفيد أن ما يعيش فيهما قد يكون مأكولا وإلا فلا يحرم التعرض له وقد يشكل ذلك على قوله في الأطعمة وما يعيش في بر وبحر كضفدع وحية وسرطان حرام إلا أن يجعل تمثيله المذكور للتقييد بما لا يؤكل مثله(5/171)
في البر ويلتزم حل ما يؤكل مثله في البر مما يعيش فيهما وفيه نظر ومخالفة لكلامهم ثم رأيت السيد السمهودي في حاشية الإيضاح جزم بالإشكال وبسطه ولم يجب عنه وتبعه الشارح في حاشيته لكن حاول التخلص مع التزام كونه غير مأكول بما هو في غاية التعسف(5/172)
ا ه سم على حج قوله وبخلاف الإنسي ومنه الجواميس ومنه أيضا الدجاج المعروف وهو إنسي بخلاف دجاج الحبش فإنه وحشي ا ه ع ش قوله ومتولد منه أي بأن يكون هو أحد أصوله وإن بعد كما هو ظاهر كلامهم ا ه شرح م ر قوله احتياطا عبارة شرح م ر تغليبا للمأكول هنا ولغيره في حكم الأكل لأنه الاحتياط ومن ثم غلب حكم البر فيما لو كان يعيش فيه وفي البحر كما تقدم وإنما لم تجب الزكاة في المتولد بين الزكوي وغيره لأنها من باب المواساة انتهت أي وما هنا من باب ضمان المتلفات ا ه ع ش عليه قوله عقلا قيد به لأن بعض الصور المذكورة لا وجود له في الخارج كالضبع مع الضفدع أو مع الحوت وذكر خمسة أمثلة راجعة لقوله من بحري إلخ على اللف والنشر المرتب ا ه برماوي بزيادة قوله كمتولد من ضبع هذا تمثيل للمأكول البري والوحشي المذكور في قوله كمتولد منه وقوله وضفدع إلخ الصور الخمسة تمثيل للغير المذكور بقوله ومن غيره ا ه شيخنا فرع قالوا لو أرسل سهما من الحل إلى الحل فقتل صيدا به لكنه مر في الحرم ضمن فاستشكله بعض الفضلاء بما لو بصق في المسجد فقطع البصاق هواء المسجد إلى خارجه فإنه لا يحرم فما الفرق وأقول لا إشكال بوجه والفرق ظاهر لأن وجه حرمة التعرض للصيد بالحرم أن فيه انتهاكا لحرمة الحرم المقتضية لأمن من به ونحوه ووجه حرمة البصاق في المسجد أن فيه انتهاكا له بتقذيره ولا شك أنه إذا ترتب على الفعل الصادر في الحرم كمرور السهم فيه قتل الصيد كان فيه انتهاكا حيث كان ظرفا للفعل القاتل بخلاف ما إذا ترتب على الفعل الصادر في المسجد كمرور البصاق فيه ووقوعه خارجه فإنه لا انتهاك فيه لتعظيمه لأن حاصله أنه وقع فيه فعل ترتب عليه إبعاد المستقذر عنه فتأمله فإنه حسن جدا ا ه سم قوله كحلال بحرم ويضمن الحلال فرخا حبس أمه حتى تلف والفرخ في الحرم دون أمه لأن حبسها جناية عليه ولا يضمنها لأنه أخذها من الحل أو وهي في الحرم دونه ضمنها أما هو فكما لو رماه من(5/173)
الحرم إلى الحل وأما هي فلكونها في الحرم والفرخ مثال إذ كل صيد وولده كذلك إذا كان يتلف بانقطاع متعهده وخرج بالحلال المحرم فيضمن مطلقا ا ه شرح م ر أي سواء أخذ أمه من الحل أو الحرم وسواء كانت أمه في الحرم أم لا ا ه ع ش على م ر قوله ولو كافرا أي ملتزما للأحكام ا ه شرح الروض ا ه سم على حج قوله وهما أي الحلال والصيد المشار إليه بقوله لذلك وقوله كلا أو بعضا تعميم في الآلة وصورته أن يكون الصيد والصائد بغير الحرم وتمر الآلة أو بعضها في سيرها بالحرم ا ه شيخنا والظاهر أنه تعميم في الثلاثة أي الصائد والصيد والآلة فيشمل ما لو كان بعض الصائد في الحرم وبعضه في الحل أو كان الصيد كذلك وعبارة شرح م ر ولو نفر محرم صيدا ولو في الحل أو نفره حلال في الحرم فهلك بسبب التنفير بنحو صدمة أو أخذ سبع أو قتل حلال له في الحل ضمنه ويستمر في ضمانه حتى يسكن ولو تلف به في نفاره صيد آخر ضمنه أيضا ويضمن حلال أيضا بإرساله وهو في الحل إلى صيد في الحل أيضا سهما مر في الحرم فأصابه وقتله أو بإرساله وهما في الحل أيضا كلبا معلما تعين الحرم عند إرساله لطريقه وإن لم تكن هي الطريق المألوفة لأنه ألجأه إلى الدخول بخلاف ما إذا لم يتعين لأن له اختيار أولا كذلك السهم ولو دخل صيد رمى إليه أو إلى غيره وهو في الحل الحرم فقتله السهم فيه ضمنه وكذا لو أصاب صيدا فيه كان موجودا فيه قبل رميه إلى صيد في الحل ولا يضمن مرسل الكلب بذلك إلا إن عدم الصيد ملجأ غير الحرم عند هربه ونقل الأذرعي أنه لو أرسل كلبا أو سهما من الحل إلى صيد فيه فوصل إليه في الحل وتحامل الصيد بنفسه أو بنقل الكلب له إلى الحرم فمات فيه لم يضمنه ولم يحل أكله احتياطا لحصول قتله في الحرم ولو رمى في الحل صيدا كله أو قوائمه في الحرم واعتمد عليها أو عكسه ضمنه تغليبا للحرمة وإنما لم يضمن من سعى من الحرم إلى الحل أو من الحل إلى الحرم لكن سلك في أثناء سعيه الحرم فقتل الصيد من(5/174)
الحل لأن ابتداء الصيد من حين الرمي أو نحوه لا من حين السعي فإن أخرج يده منه ونصب شبكة لم يضمن ما يتعقل بها وقياسه أنه لو أخرج يده من الحرم ورمى الصيد فقتله لم يضمنه ولا أثر لكون غير قوائمه في الحرم كرأسه إن أصاب ما في الحل وإلا ضمنه كما ذكره الأذرعي والزركشي هذا في القائم(5/175)
وغيره العبرة فيه بمستقره ولو كان نصفه في الحل ونصفه في الحرم حرم كما جزم به بعضهم تغليبا لحرمة الحرم انتهت قوله أو بعضا والعبرة بالقوائم ولو واحدة دون الرأس نعم إن لم يعتمد على قائمته التي في الحرم فقياس نظائره أن لا ضمان ولو اعتمد عليهما فهل يضمن أو لا محل نظر والمعتمد الضمان تغليبا للحرم وعلى هذا اعتبار الرأس ونحوه شرطه أن يصيب الرامي الجزء الذي من الصيد في الحل فلو أصاب رأسه مثلا في الحرم ضمنه وإن كانت قوائمه كلها في الحل وهذا متعين قال الأذرعي وكلام القاضي يقتضيه وتبعه الزركشي ا ه برماوي قوله بحرمة الله تعالى أي بحكمه القديم الأزلي المتعلق ذلك الحكم بها يوم خلق السموات والأرض وهذا التعلق مراد من عبر بتحريمها يومئذ وبه يجاب عن إشكال شيخ مشايخنا فراجعه في الورقة الآتية ا ه شوبري وعبارته هناك تنبيه قد يشكل هذا المقام لأن الأحكام كالحرمة إما أن تكون عبارة عن مجرد الخطاب أي الكلام النفسي أو مع قيد التعلق التنجيزي فإن كان الأول لزم أن تكون كل من حرمة مكة والمدينة يوم خلق السموات والأرض بل قبل ذلك لأن الخطاب المذكور قديم وإن كان الثاني لزم أن لا يتحقق واحدة منهما إلا عند وجود المكلفين بشروط التكليف إذ التعليق التنجيزي لا يتحقق إلا حينئذ فليتأمل ثم قلت ليس المراد واحدا منهما فقد أجابوا عن الحديث بأن معناه أن الله كتب في اللوح المحفوظ أو غيره يوم خلق السموات والأرض أن إبراهيم يحرم مكة بأمر الله تعالى انتهت قوله لا يعضد شجره أي لا يقطع ولا ينفر صيده تتمة الحديث ولا يختلى خلاه وكان ينبغي له أن يذكر الحديث بتمامه كما فعل غيره ا ه برماوي وفي المختار عضد الشجر من باب ضرب قطعه وعضده من باب نصر أعانه ا ه وفيه أيضا والخلا مقصور الرطب من الحشيش الواحدة خلاة وخليت الخلا قطعته وبابه رمى واختليته أيضا ا ه قوله نعم لا يحرم عليه أي الحلال فيه أي الحرم التعرض لصيد مملوك بأن صاده حلال في الحل(5/176)
فاشتراه منه حلال آخر في الحرم فلا يحرم شراؤه ولا غيره من سائر التملكات ويجوز له ذبحه وأكله تأمل قوله الشامل للتعرض لجزئه إلخ عبارة شرح م ر فيحرم التعرض لشيء من أجزائه من لبن وبيض وشعر ويضمنها بالقيمة وإنما لم يجب في ورق شجر الحرم جزاء لأنه لا يضر الشجر وجز الشعر يضر الحيوان في الحر والبرد ولو حصل مع تعرضه لنحو اللبن نقص الصيد ضمنه أيضا فقد سئل الإمام الشافعي عمن حلب عنزا من الظباء وهو محرم فقال تقوم العنز بلبن وبلا لبن وينظر نقص ما بينهما فيتصدق به وهذا النص لا يقتضي اختصاص الضمان بحالة النقص كما فهمه الإسنوي بل هو لبيان كيفية التقويم ومعرفة المغروم انتهت وقوله ويضمنهما بالقيمة هذا واضح فيما له قيمة فلو لم يكن له قيمة هل تسقط أو لا الظاهر الأول وينبغي أن المراد قيمته من محل الإتلاف وزمانه وقوله ومعرفة المغروم أي فلو لم تنقص الأم قوم اللبن مستقلا وغرم قيمته ا ه ع ش عليه قوله كشعره أي أو وبره أو ريشه أو صوفه وكذا لبنه ولو قلع ريشة فنبت مكانها غيرها فظاهر كلامهم اللزوم لكن يشكل عليه سن المثغور فراجعه ا ه برماوي فائدة قيد مولانا وشيخنا المرحوم السيد عمر رضي الله عنه الجزء بالمتصل أخذا من المنتقى للنسائي ويفهمه تعليلهم له بوقايته له من الحر والبرد وفرقهم بينه وبين ورق الشجر لحرمته وانظر هل يجزئ هذا التقييد في اللبن فلا يحرم التعرض إلا للمتصل بأن كان في الضرع دون المنفصل والظاهر نعم ثم رأيتهم حكوا القطع بالضمان فيما إذا حلبه هو وحكوا الخلاف فيه إذا حلب وصححوا الضمان وبه يتقيد ما ذكرته في المنفصل لكن ينبغي تقييده بما إذا حلب له بأمره ثم رأيتهم صرحوا به وأما البيض فلا يكون إلا منفصلا فيحرم التعرض له إذ يتأذى به الصيد فيكون مستثنى من أجزاء الصيد المنفصلة وينبغي أن تكون فارة المسك معه كالريش أيضا فيجزئ فيها التفصيل بين المتصل وغيره ا ه ابن الجمال قوله ولو بإعانة غيره عليه أي بدلالة(5/177)
أو إشارة أو إعارة آلة أو غير ذلك ا ه برماوي قوله أما المذر أي الذي فسد بحيث لا يفرخ ا ه شيخنا قوله إلا أن يكون بيض نعام راجع للحكمين قبله أي فإن كان بيض نعام حرم التعرض له وضمنه ا ه شيخنا وعبارة البرماوي قوله إلا أن يكون بيض نعام(5/178)
قال العلامة سم ينبغي أن يرجع للحكمين قبله أعني عدم حرمة التعرض وعدم الضمان إذ قياس ضمانه حرمة التعرض له وجواز التعرض له مع وجوب الضمان بعيد فليراجع ا ه انتهت قوله فإن تلف ضمنه عبارة شرح م ر ثم ضمان الصيد هنا إما بمباشرة أو سبب والمراد به ما يشمل الشرط أو وضع يد فالأول كالقتل ونحوه والثاني هو ما أثر في التلف ولم يحصله فيضمن ما تلف من الصيد بنحو صياحه أو وقوع حيوان أصابه سهم عليه أي الصيد أو وقوعه بشبكة نصبها في الحرم أو وهو محرم وإن نصبها بملكه أو وقع الصيد فيها بعد موته أو بعد التحلل كما أفتى به البغوي قال لتعديه حال نصبها وأخذ منه الأذرعي لو نصبها بغير الحرم وهو حلال لم يضمن ما تلف بها وإن أحرم ولو أرسل محرم كلبا معلما أو حل رباطه والصيد حاضر ثم أو غائب ثم ظهر فقتله ضمن كحلال فعل ذلك في الحرم وكذا يضمن لو انحل رباطه بتقصيره في الربط فقتل صيدا حاضرا أو غائبا ثم ظهر وفارق ما ذكر عدم الضمان بإرسال الكلب لقتل آدمي بأن الكلب معلم للاصطياد فاصطياده بإرساله كاصطياده بنفسه وليس معلما لقتل الآدمي فلم يكن القتل منسوبا إلى المرسل بل إلى اختيار الكلب ولهذا لو أرسل كلبا غير معلم على صيد فقتله لم يضمنه كما جزم به الماوردي والجرجاني والقاضي أبو الطيب وعزاه إلى نصه في الإملاء وحكاه في المجموع عن الماوردي فقط ثم قال وفيه نظر وينبغي أن يضمنه لأنه سبب ا ه قال في الخادم قضية إطلاق غيرهم التسوية بين المعلم وغيره وظاهر أن محل كلام هؤلاء إذا لم يكن الكلب ضاريا وقضية الفرق السابق أنه لو كان الكلب معلما لقتل الآدمي فأرسله عليه فقتله ضمن كالضاري وهو ظاهر ولو استرسل كلب بنفسه فزاد عدوه بإغراء محرم لم يضمنه لأن حكم الاسترسال لا ينقطع بالإغراء ويضمن ما تلف منه بحفر بئر حفرها وهو محرم بالحل أو بالحرم وهو متعد بالحفر كأن حفر في ملك غيره بغير إذنه أو وهو حلال في الحرم وإن لم يكن متعديا به كأن حفرها(5/179)
بملكه أو موات لأن حرمة الحرم لا تختلف فصار كنصب شبكة فيه في ملكه بخلاف حرمة المحرم فلا يضمن ما تلف من ذلك بما حفره خارج الحرم بغير عدوان كما لو تلف به بهيمة أو آدمي ولو دل المحرم آخر على صيد ليس في يده فقتله أو أعانه بآلة أو نحوها أثم ولا ضمان أي على الدال والمعين فإن كان محرما ضمن وإلا فلا أو وهو بيده أي المحرم والقاتل حلال ضمن المحرم لأن حفظه واجب عليه ولا يرجع على القاتل ولو رماه قبل إحرامه فأصابه بعده أو عكس ضمن تغليبا الإحرام فيهما وإنما هدر مسلم رماه فارتد لتقصيره ولو رمى صيدا فنفذ منه إلى صيد آخر ضمنهما والثالث التعدي بوضع اليد عليه فيضمن المحرم صيدا وضع يده عليه بتلف حصل له وهو في يده ولو بنحو وديعة كالغاصب أو بما في يده كأن تلف بنحو رفس مركوبه كما لو هلك به آدمي أو بهيمة ولو كان مع الراكب سائق وقائد فالأوجه اختصاص الضمان بالأول لأن اليد له ولا يضمن ما تلف بإتلاف غيره وإن فرط أخذا مما في المجموع عن الماوردي وأقره أنه لو حمل ما يصاد به فانفلت بنفسه وقتل لم يضمن وإن فرط وفارق انحلال رباط الكلب بتقصيره بأن الغرض من الربط غالبا دفع الأذى فإذا انحل بتقصيره فات الغرض بخلاف حمله ولو رماه بسهم فأخطأه أو أرسل عليه كلبا فلم يقتله أثم ولا جزاء ولو كان المتلف لما في يد المحرم محرما ضمن وكان ذو اليد طريقا على الأصح بخلاف ما لو كان حلالا فإن الضامن هو ذو اليد ولا رجوع له على المتلف بشيء لأنه ليس من أهل ضمان الصيد ولو أكره محرم على قتله ضمنه ورجع بما غرمه على مكرهه انتهت ثم قال ومذبوح المحرم من الصيد ميتة فلا يحل له وإن تحلل ولا لغيره وإن كان حلالا كصيد حرمي ذبحه حلال فيكون ميتة لأن كلا منهما ممنوع من الذبح لمعنى فيه كالمجوسي فإن كان المذبوح مملوكا لزمه أيضا القيمة لمالكه وللمحرم أكل صيد غير حرمي إن لم يدل أو يعن عليه فإن دل أو صيد له ولو بغير أمره وعلمه حرم عليه الأكل منه وأثم(5/180)
بالدلالة وبالأكل وإنما حرمت دلالته للحلال عليه مع أنها دلالة على مباح للحلال لأنها تعرض منه للصيد وإيذاء له وجناية عليه فدخلت في عموم التعرض الذي مر تحريمه بسائر أنواعه لكن لا جزاء عليه بدلالته ولا بإعانته ولا بأكله فيما صيد له ولو أمسكه محرم حتى قتله حلال لزمه الجزاء ولا رجوع له به على القاتل أو محرم رجع كما مر ا ه وقوله فلا يحل له ظاهره وإن اضطر وعبارة(5/181)
حج ومذبوح المحرم ومن بالحرم لصيد لم يضطر أحدهما لذبحه ميتة ثم قال ومفهوم لم يضطر المذكور أنه لو ذبحه للاضطرار حل له ولغيره ا ه ع ش عليه قوله أيضا فإن تلف ضمنه أي كلا أو بعضا فيفدي نقص ماله مثل بجزء من مثله بحسب القيمة فإن قتله قبل برئه فعليه جزاء كامل أو بعده فعليه مثل ناقص كما لو قتله غيره مطلقا ولو لم يبق فيه نقص بعد البرء فرض القاضي أرشا باجتهاده كما في الحكومة ا ه برماوي قال في الروض فلو أزمن صيدا لزمه جزاؤه قال في شرحه كاملا كما لو أزمن عبدا لزمه كل قيمته لأن الإزمان كالإتلاف ا ه ثم قال في الروض فإن قتله محرم آخر أي مطلقا أو هو بعد الاندمال فعليه جزاؤه زمنا ا ه سم على حج قوله أيضا فإن تلف ضمنه فإن كان الصيد مملوكا لزمه مع الضمان لحق الله تعالى الضمان للآدمي وإن أخذه منه برضاه كعارية لكن المغروم لحق الله تعالى ما يأتي من المثل ثم القيمة مطلقا وقد ألغز ابن الوردي بذلك فقال عندي سؤال حسن مستظرف فرع على أصلين قد تفرعا قابض شيء برضا مالكه ويضمن القيمة والمثل معا ا ه شرح م ر والأصلان ضمان المتقوم بقيمته والمثلي بمثله والفرع الذي تفرع عليهما هو الصيد المملوك إذا أتلفه المحرم ا ه شيخنا قوله في غير ما استثني فيه أي في كل من المحرم والحلال بالحرم والاستثناء يأتي قريبا بقوله نعم لو صال عليه إلخ أي على كل منهما ا ه شيخنا ومن الاستثناء في الحلال ما ذكره الشارح سابقا بقوله نعم لا يحرم عليه فيه التعرض إلخ قوله ولو أحرم من في ملكه صيد إلخ عبارة حج في التحفة وإذا أحرم وبملكه صيد أي أو نحو بيضة فيما يظهر إعطاء للتابع حكم المتبوع لم يتعلق به حق لازم زال ملكه عنه ولزمه إرساله ولو بعد التحلل إذ لا يعود به الملك انتهت واستوجه في الإمداد وفتح الجواد أن الراهن للصيد لو أحرم زال ملكه عنه إن أيسر ولزمه قيمته رهنا مكانه وإلا لم يزل رعاية لحق المرتهن ا ه ابن الجمال وعبارة شرح م ر ويزول ملك(5/182)