"""""" صفحة رقم 257 """"""
الصلاة والسلام أو بمثال أسماء أكابر الأولياء رضي الله عنهم زيادة على تعظيم غيره ، ممن لم يسمّ بما ذكر وقال لي سيدي محمد بن عنان : أحب للناس أن يسموا أولادهم أحمد دون محمد فقلت له : ولم ذلك ؟ قال للحن العامة في اسم محمد فإن أهل الأرياف يقولونها بكسر الميم والحاء وأهل الحاضرة يقولونها بفتح الميم الأولى وكلاهما لحن فاعلم ذلك .
قوله : ( ويحرم التكني بأبي القاسم ) ولو لغير من اسمه محمد ولو بعد موته ق ل وظاهره الحرمة ولو كان له ولد سماه قاسماً وظاهره أنه لا يحرم بأبي قاسم والأقرب الحرمة مطلقاً أي في حياة النبي وبعده لمن اسمه محمد ولغيره سواء كان لمن له ولد اسمه قاسم أو لا ، ولا بأس بالتكني بأبي الحسن . قال ابن لقيمة في حاشيته علي البيضاوي : ولا بأس بكنية الصغير ؛ ويسن أن يكنى من له أولاد بأكبر أولاده ويسنّ لولد الشخص وتلميذه وغلامه أن لا يسميه باسمه ، والأدب أن لا يكنى الشخص نفسه في كتاب أو غيره إلا إن كان لا يعرف بغيرها أو كانت أشهر من الاسم . قوله : ( ولا يكنى كافر ) ظاهره ولو كانت الكنية تشعر بالذم ، كما يدل عليه قوله الآتي : كما قيل به الخ ولا ينافيه قوله : لأن الكنية للتكرمة لأن المراد أن شأنها ذلك تأمل . قوله : ( وليسوا من أهلها ) وقد قال : ( إذا مدح الكافر غضب الرب واهتز لذلك العرش ) . قوله : ( من ذكره باسمه ) أي خاف الضرر إذا ذكره باسمه لعظمه عندهم فيذكره بكنيته وإن كان فيها تكريم له . قوله : ( أو تعريف ) أي تعريف المكنى وهو معطوف على خوف ، أي إذا كان الكافر لا يعرف إلا بالكنية فيجوز ذكرها ، لأجل أن يعرف . قوله : ( كما قيل به ) أي بالتعريف . قوله : ( في قوله تعالى : ) تبت يدا أبي لهب } ^ ) ( المسد : 1 ) أي هلكتا أو خسرتا بيضاوي قال في المواهب قال مقاتل إنما كنوه بأبي لهب لحسنه وإشراق وجهه مع حمرته . قوله : ( ويكون ذلك ) أي الحلق بعد ذبح العقيقة هذا ينافي قوله : أوّلاً عند حلق شعر رأسه الخ ويجاب بأن هذا محمول على الأكمل .(5/257)
"""""" صفحة رقم 258 """"""
فائدة : تندب التهنئة في الولد للوالد ونحوه بنحو بارك الله لك فيه وبلغه ، ورشده ورزقك بره ، والرد بنحو جزاك الله خيراً ق ل . وقوله : ونحوه كالأخ . قوله : ( وأن يتصدق بزنة الشعر الخ ) لخبر ( أنه أمر فاطمة أن تزن شعر الحسين ، وتتصدق بوزنه فضة ، ففعلت ذلك فوجدته عادل درهماً أو درهماً إلا شيئاً وتصدقت بزنته ) اه قرره ح ف . قوله : ( ويذبح عن الغلام شاتان ) ( فقد عقّ عن ولده إبراهيم بكبشين يوم سابعه وحلق رأسه وتصدق بزنة شعره فضة على المساكين وأمر بشعره فدفن في الأرض ) ح ل في السيرة ويلحق به الخنثى احتياطاً م ر خلافاً لحج وأفضل من الشاتين ثلاث . وما زاد إلى سبع ثم بعير ثم بقرة وكالشاتين سبعان من نحو بدنة فأكثر ويجوز مشاركة جماعة سبعة ، فأقل في بدنة أو بقرة سواء كان كلهم عن عقيقة أو بعضهم عن ضحية أو لا ولا اه ق ل قال الشوبري : وإذا ذبحهما فيحتمل أن لا يجب التصدق من كل منهما بل يكفي من أحدهما لأنه لو اقتصر على ذبحه أجزأه ويحتمل أنه لا بد من التصدق ، من كل كما لو ضحى تطوّعاً بعده فإن ظاهر كلامهم في هذه أنه يجب التصدق من كل وقد سوّوا كما علمت بين الأضحية والعقيقة في سائر أحكامهما ، إلا في صورة ليس هذا منها وهذا هو الأوجه بل الوجه اه إيعاب . أقول : بل الوجه هو الأوّل وهو الاقتصار على الواجب في واحدة للفرق الواضح إذ مسمى الشاتين هنا هو العقيقة بخلاف الأضحية مسماه كل واحدة شوبري . قوله : ( وهو من تلزمه نفقته ) أي بفرض إعساره سم فلا ينافي ما يأتي من قوله : أما من مال المولود فلا الخ فسقط ما يقال : إذا كان للمولود مال نافي قوله : من تلزمه نفقته . قوله : ( متساويتان ) ليس بقيد بل المدار على ما يجزىء في الأضحية .
قوله : ( أن تعق ) بكسر العين وضمها وفي اللغة الاقتصار على الضم من باب قتل . قوله : ( أما من مال المولود ) مفهوم قوله : وهو من تلزمه نفقته .(5/258)
"""""" صفحة رقم 259 """"""
قوله : ( لم يؤمر بها ) أي أمراً مؤكداً . قوله : ( ترجيح مخاطبته ) لبقاء أثر الولادة . قوله : ( والتصدق ) أي بما ينطلق عليه الاسم إذا كانت مندوبة لكن لا يجب هنا إعطاء النيء بل يسنّ طبخها بحلو أي بأن يجعل على الهيئة المشهورة الآن من اليخني القرمزي اه ع ش . والقرمزي هو ما فيه جوز ولوز ونحوه . قوله : ( كالأضحية ) مكرر مع قوله : قبل فهي كالأضحية . قوله : ( بحلو ) وطبخها بحامض خلاف الأولى وحمل لحمها مطبوخاً مع مرقه إلى الفقراء والمساكين أفضل من دعائهم إليها وللأغنياء التصرف فيما يهدى إليهم منها بغير الأكل بخلاف الأضحية ، كما في شرح م ر . قوله : ( تفاؤلاً بحلاوة الخ ) ولا يقال : بمثله في وليمة العرس تفاؤلاً أخلاف العروس لأنها طبعت فاستقر طبعها وهو لا يغير شوبري . قوله : ( الحلواء ) بالمدّ وقوله : والعسل عطف مغاير إن أريد بالحلواء ما دخلته النار ، لأن عسل النحل لا يدخله نار وإن أريد بالحلواء أعم من أنها ما تركبت من شيئين أم لا كان من عطف الخاص على العام . قوله : ( رجل الشاة ) أي إلى أصل الفخذ فيما يظهر والأفضل اليمين تفاؤلاً بأنه يعيش ويمشي برجله وتكفي رجل واحدة وإن تعددت الشياه والقوابل ع ش . قوله : ( لم يكره ) بل خلاف الأولى . قوله : ( يسنّ أن يؤذن في أذن المولود ) ولو من امرأة لأن هذا ليس الأذان الذي هو من وظيفة(5/259)
"""""" صفحة رقم 260 """"""
الرجال بل المراد به مجرد الذكر للتبرك ، وظاهر إطلاق المصنف فعل الأذان وإن كان المولود كافراً وهو قريب لأن المقصود أن أوّل ما يقرع سمعه ذكر الله ودفع الشيطان وربما كان دفعه مؤدياً لبقائه على الفطرة فيكون ذلك سبباً لهدايته اه ع ش على م ر . قوله : ( ويقام في اليسرى ) والحكمة في ذلك أن الشيطان ينخسه حينئذ فشرع الأذان والإقامة لأنه يدبر عند سماعهما ولم يسلم منه إلا مريم وابنها كما في الأخبار اه ق ل . قوله : ( فيمضغ ) أي يمضغه رجل أو امرأة من أهل الصلاح ويقدم الرطب على التمر وبعدهما حلو لم تمسه النار اه ق ل . قوله : ( وفي معنى التمر ) فأن فقد فحلو لم تمسه النار ، والأوجه تقديم الرطب على التمر كما في الصوم شرح م ر . قوله : ( أن يدهن غباً ) أي جميع البدن وهو ظاهر لأنه يرطب البدن . قوله : ( البراجم ) جمع برجمة بضم الباء والجيم شرح الروض ، وأما التراجم فإن كان في تراجم المصفين فتكسر فيه الجيم وإن كان في الرمي بالحجارة مثلاً فتضم فيه الجيم اه مصري . قوله : ( وأن يسرح اللحية ) ونقل عن ابن العماد أن تسريحها بالليل مكروه وكذا بعد العصر وبعد المغرب ، وفي تسريح للحية إطالة العمر وفي تسريح الحاجبين في زمن الطاعون الأمن من الطاعون وتسريح اللحية مبلولة أمان من الفقر وقراءة الفاتحة عند تسريح الجهة اليمنى و ) ألم نشرح لك صدرك } ) الشرح : 1 ) عند الجهة اليسرى لتكفير الذنوب اه أ ج . قوله : ( بعض الرأس ) ومنه الشوشة المشهورة وما يفعله الحلاق عند ختان الأولاد ق ل .
فائدة : من قال بعد العطاس عقب حمد الله : اللهم ارزقني مالاً يكفيني وبيتاً يأويني واحفظ عليّ عقلي وديني واكفني شرّ من يؤذيني ، أعطاه الله سؤله . قوله : ( وأما حلق جميعها ) الأولى تذكير ضمير الرأس كما مرّ لأنه عضو غير متعدد والأفصح في العضو الغير المتعدد إفراد(5/260)
"""""" صفحة رقم 261 """"""
ضميره . قال ابن القيم رحمه الله تعالى : لم يحلق رأسه الشريف إلا أربع مرات ، وقد روي في صفته أنه كان رجل الشعر ، ولم يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره أي جعله وفرة . وحاصل الأحاديث : أن شعره وصف بأنه جمة ووصف بأنه وفرة ووصف بأنه لمة وفسرت اللمة بالشعر الذي ينزل على شحمة الأذن والجمة بالذي ينزل على المنكبين قال بعضهم : كان شعره يقصر ويطول بحسب الأوقات . فإذا غفل عن تقصيره وصل إلى منكبه وإذا قصره تارة ينزل على شحمة أذنه وتارة لا ينزل عنها . وقد جاء في وصف شعره ليس بجعد قطط أي بالغ في الجعودة ولا رجل سبط أي بالغ في السبوطة ، وكان له أربع غدائر أي ضفائر يخرج أذنه اليمنى من بين اثنين وأذنه اليسرى كذلك اه . ح ل . قوله : ( إذا أريد أن يتصدق ) ليس بقيد ولو أسقطه لكان أولى ق ل . قوله : ( ويكره نتف اللحية ) وكذا يكره الزيادة فيها والنقص منها بالزيادة في شعر العذارين ويحرم خضابها بالسواد ما لم يكن في الغزو على الصحيح لقوله : ( إن الله يبغض الشيخ الغربيب ) وهو الذي يسوّد شيبه بالخضاب ، وفي الإحياء كل أهل الجنة مرد ، والمشهور أن الغربيب هو الذب بلغ أوان الشيب ولم يشب . قوله : ( أوّل طلوعها ) ليس قيداً وكذا الكبير أيضاً أي إن حلق اللحية مكروه حتى من الرجل وليس حراماً ولعله قيد به لقوله : إيثاراً للمرودة وأخذ ما على الحلقوم قيل مكروه وقيل مباح ولا بأس بإبقاء السبالين وهما طرفا الشارب وإحفاء الشارب بالحلق أو القص مكروه والسنة أن يحلق منه شيئاً حتى تظهر الشفة وأن يقصّ منه شيئاً ويبقى منه شيئاً .
خاتمة : حاصل ما في الختان أن يقال : إن الختان واجب في حق الرجال والنساء على الصحيح وختان الرجل قطع الجلدة التي تغطي الحشفة حتى ينكشف جميع الحشفة . وأما المرأة فقطع اللحمة التي في أعلى الفرج فوق مخرج البول وتشبه تلك اللحمة عرف الديك فإذا قطعت بقي أصلها كالنواة ويكفي أن يقطع ما يقع عليه الاسم قال الأصحاب : وإنما يجب الختان بعد البلوغ ، ويستحب أن يختن في السبع من ولادته إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله فيؤخر حتى يحتمله وأما الخنثى فلا يختن في صغره . فإذا بلغ فوجهان أصحهما في زوائد الروضة لا يجوز ختانه لأن الجرح لا يجوز بالشك وبه قطع النووي . ثم قال : ولو كان لرجل ذكران إن كانا عاملين ختنا وإن كان أحدهما ختن وحده . وهل يعرف العمل بالجماع أو البول وجهان اه . قال في المهمات وقد ذكر في باب الغسل من الجنابة من زوائده أيضاً ما حاصله الجزم باعتبار البول اه . ومؤنة الختان في مال المختون وإذا بلغ غير مختون أمره به الإمام فإن امتنع أجبره . فإن ختن الإمام الممتنع فمات فلا ضمان لأنه مات من واجب إلا أن يختنه في(5/261)
"""""" صفحة رقم 262 """"""
حر أو برد شديدين . فيضمن على المذهب اه . شرح المنوفي . قال ابن الحاج في المدخل والسنة في ختان الذكر الإظهار . وفي ختان النساء الإسرار ، ولو ولد الشخص مختوناً فلا ختان عليه ، قال بعضهم لكن يستحب إمرار الموسى عليه ونظر فيه الزركشي لعدم الفائدة أي بخلاف المحرم فإن التشبه بالحالقين أمر يظهر اه سم على المنهج قال الزيادي والأوجه أن ثقب أذن الصغيرة لتعليق الحلق حرام لأنه جرح لم تدع إليه حاجة وغرض الزينة لا يجوز بمثل هذا التعذيب هذا ما قاله الغزالي في الإحياء وأفتى به شيخنا م ر . ورجح في موضع آخر الجواز وهو المتعمد ، ويجب أيضاً قطع سرة المولود إذ لا يتأتى ثبوت الطعام بدونه ، وأول من ختن من النساء هاجر ، وولد من الأنبياء مختوناً خمسة عشر نبياً : آدم ، وشيث ، ونوح ، وهود ، وصالح ولوط ، وشعيب ويوسف وموسى وسليمان وزكريا ، ويحيى وعيسى وحنظلة بن صفوان نبي أصحاب الرس ونبينا محمد ونظمها بعضهم فقال :
وفي الرسل مختون لعمرك خلقة
ثمان وتسع طيبون أكارم
وهم زكريا وشيث إدريس يوسف
وحنظلة موسى وعيسى وآدم
ونوح شعيب سام لوط وصالح
سليمان يحيى هود يس خاتم
لكن روى ابن عساكر عن أبي بكرة مرفوعاً أن جبريل ختن النبي حين طهر قلبه وروى أبو عمر في الاستيعاب عن عكرمة عن ابن عباس أن عبد المطلب ختن النبي يوم سابعه وجعل له مائدة وسماه محمداً اه . حاشية م ر على شرح الروض . والقول بأنه ولد مختوناً ضعيف . قوله : ( واستعجال الشيب ) نعم إن دعت ضرورة إليه جاز اه . ق ل . وقوله بالكبريت أي بالتبخر به .(5/262)
"""""" صفحة رقم 263 """"""
كتاب السبق والرمي
كان المناسب تقديمه على الجهاد لأنه آلة له إلا أن يقال : إنه لما كان قد يقع الجهاد بغتة من غير تعلم للمسابقة قدم الجهاد وأخر السبق . قوله : ( من مبتكرات إمامنا ) أي أنه أول من دوّنه وأدخله في كتب الفقه . وليس المراد أن كتب الأئمة خلت عنه وكان رضي الله عنه يضرب به المثل في الرمي ، واتفق له أنه رأى رجلاً حاذقاً في الرمي فأعطاه ثلاثمائة دينار وقال له : لا تؤاخذنا لو كان معنا أكثر من ذلك لأعطيناه لك .
قوله : ( والمسابقة الشاملة للمناضلة ) أي المراماة قال في شرح المنهج فالمسابقة تعلّم المناضلة والرهان . وإن اقتضى كلام الأصل تغاير المسابقة والمناضلة قال الأزهري النضال في الرمي والرهان في الخيل والسباق يعمهما اه ويشير بقوله الشاملة للمناضلة إلى أنه من عطف الخاص على العام في الترجمة . والحاصل أن السبق تعتريه الأحكام الخمسة ثلاثة في الشارح وقد يجب إذا تعين طريقاً لقتال الكفار وقد يكره إذا كان سبباً في قتال قريب كافر لم يسبّ الله ورسوله . وكذا يقال في المناضلة قوله : ( سنة ) ينبغي أن تكون فرض كفاية لأنه وسيلة للجهاد وهو فرض كفاية كما بحثه الزركشي ويجاب بأن الجهاد لا يتوقف عليه سم . قوله : ( للرجال ) أي غير ذوي الأعذار اه . ع ن .
والأوجه جوازها للذميين كبيع السلاح لهم ، ولأنه يجوز لنا الاستعانة بهم في الحرب بشرطه السابق كذا قاله حج في بعض شروحه وفي شرحه على المنهاج خلافه . وعبارة ق ل هي سنة للذكور المسلمين ويحرمان على النساء والخناثى بعوض ويكرهان بدونه . وأما الكفار فقيل بجوازها لهم لصحة بيع السلاح لهم . وبه قال العلامة البساطي : وينبغي أن يجري فيهم ما في المسلمين من حيث تكليفهم بفروع الشريعة ، والسباق خاص بالخيل والإبل والبغال والحمير والفيلة لا غيرها من الحيوانات ، نعم تجوز المسابقة على البقر بلا عوض اه . قوله : ( بقصد الجهاد ) أي بقصد التأهب للجهاد فإن قصد غيره فهي مباحة لأن الأعمال بالنيات وإن قصد محرّماً كقطع الطريق حرمت س ل . قوله : ( بالرمي ) ولو بأحجار ومحل جواز الرمي بها إذا كان لغير جهة الرمي أما لو رمى كل إلى صاحبه فحرام قطعاً لأنه يؤذي كثيراً ومنه ما جرت به العادة(5/263)
"""""" صفحة رقم 264 """"""
في زماننا من الرمي بالجريد للخيالة فيحرم نعم لو كان عندهما حذق بحيث يغلب على ظنهما سلامتهما منه لم يحرم حيث لا مال شرح م ر .
قوله : ( كانت العضباء ) في المختار ناقة عضباء مشقوقة الأذن وهو أيضاً لقب لناقة رسول الله ولم تكن مشقوقة الأذن ويقال : إن هذه العضباء لم تأكل بعد وفاة رسول الله ولم تشرب . وإبل النبي التي كان يركبها ناقة يقال لها القصواء وناقة يقال لها الجدعاء . وناقة يقال لها العضباء وقيل : إن هذه الثلاثة اسم لناقة واحدة وهو موافق لابن الجوزي حيث قال : إن القصواء هي العضباء وهي الجدعاء وقيل : القصواء واحدة والعضباء والجدعاء واحدة اه . ح ل . قوله : ( فسبقها ) أي وكان المسابق غير النبي .
قوله : ( إن حقاً على الله الخ ) أي من عادته مع خلقه سبحانه أن لا يرفع شيئاً أي يظهر له عزة وشأناً إلا وضعه أ ج . قوله : ( غير الجهاد ) أي من المباحات بدليل قوله : وإن قصد به محرماً الخ . قوله : ( أما النساء ) أي ولو مع الرجال وهذا محترز قوله سنة للرجال . قوله : ( سابقت النبي ) أي على الأقدام وعبارة ح ل . في السيرة وتسابق مع عائشة فتحزمت بثيابها وفعل كذلك رسول الله ثم استبقا فسبقها رسول الله وقال لها : ( هذه بتلك السبقة التي كنت سبقتيني بها ) وقوله بتلك السبقة أي بدلها يشير إلى أنه جاء إلى بيت أبي بكر فوجد مع عائشة شيئاً فطلبه منها ، فأبت وسعت فسعى خلفها فسبقته . قوله : ( لا سبق ) أي لا مال والسبق بفتح الباء العوض ويروى بالسكون مصدراً . قوله : ( إلا في خف ) أي ذي خف دخل الإبل والفيلة ، ودخل في الحافر الخيل والبغال والحمير ، وفي رواية أو نصل وهي السهام وانظر وجه دلالته على السنية سم . قوله : ( فلا تجوز ) أي المسابقة الشاملة للمغالبة بدليل قوله : ومهارشة الديكة .(5/264)
"""""" صفحة رقم 265 """"""
قوله : ( ولا بغيره ) راجع لغير الكلاب أم هي فتجوز المسابقة عليها بغير عوض كما صرح به شيخنا ق ل .
قوله : ( ومن فعل قوم لوط ) ومن فعلهم أيضاً الضراط في المجالس قال السيوطي أو من أتى الرجال قوم لوط ، أما في الإسلام فحين كثر الغزو ، وطالت الغيبة وسبيت الذرية ، استخدموهم وطالت الخلوة بهم وأجروهم مجرى النساء وطلبوا منهم فأطاعوهم لشدة الانقياد ، وأوّل ذلك كان بخراسان ولا وجود له في جاهلية العرب والعجم اه ، من حاشية ابن لقيمة علي البيضاوي بسورة الأعراف . قوله : ( الذين أهلكهم الله ) بقوله تعالى : ) فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها } ) الحجر : 74 ) الخ . والإمطار كان على الخارجين من قراهم ليكون له فائدة والحجارة أصلها طين عجن وطبخ بالنار مع الكبريت ثم جعل حجارة صغيرة ينزل الواحد منها على رأس الواحد منهم ويسري في بدنه حتى يقتله . قوله : ( وصراع ) بكسر أوّله وقد يضم شرح م ر وهو المسمى بالمخابطة عند العوامّ . والأكثر على حرمته بمال . قوله : ( بعوض ) أي لأجل أخذه فيصدق بما إذا لم يكن عوض أصلاً أو كان وليس القصد أخذه كما وقع للنبي مع ركانة . قوله : ( بدليل الخ ) في الاستدلال به شيء لجواز أنه ردها إحساناً وتأليفاً وفي الخصائص في أكثر الروايات أنه ردها إليه قبل إسلامه عناني . قوله : ( كالشباك ) أي تشبيك الأصابع بعضها مع بعض . قوله : ( فكالسباحة ) أي العوم المعلوم وتعمله سنة عن رسول الله وعبارة شرح م ر وسباحة وغطس بما اعتيد الاستعانة به في الحرب . وإنما قيد الأخير بما ذكر لتولد الضرر منه إلى الموت بخلاف السباحة ونحوها . قوله : ( وهي النبل ) هي النشاب المشتمل على الحديد في طرفه والنشاب هو الخالي عن الحديد اه م د .
قوله : ( ورمى بمنجنيق ) عطف خاص على عام لأن الرمي باليد شامل له ، وأول من صنع(5/265)
"""""" صفحة رقم 266 """"""
المنجنيق إبليس فإن النمروذ لما أراد أن يلقي إبراهيم في النار بني إلى جنب الجبل جداراً طوله ستون ذراعاً ولما ألقوا الحطب وجعلوا فيه النار وصلت النار إلى رأس ذلك الجدار ولم يدروا كيف يلقون إبراهيم فتمثل لهم إبليس في صورة نجار فصنع لهم المنجنيق ونصبوه على رأس الجبل ووضعوه فيه وألقوه في تلك النار اه ح ل في السيرة . قوله : ( بالمسلات ) المراد بالمسلات ما يحشى بها البراذع وبالإبر الكبار ما يخاط بها البراذع أ ج . قوله : ( والتردد بالسيوف ) كالذي يفعل في الزفاف . قوله : ( بأن يرمي كل واحد الخ ) فهي حرام لأنها تؤذي قطعاً نعم لو كان عندهما حذق بحيث يغلب على ظنهما سلامتهما منه لم يحرم اه . قوله : ( وتقوله العامة بالدال ) وتقول باللام وهو الذي يوجد أمام الفرح . قوله : ( في حال المسابقة ) عبارة م ر في حال الحرب اه .
تنبيه : يحل اصطياد الحية لحاذق في صنعته غلب على ظنه سلامته منها ، وقصد ترغيب الناس في اعتماد معرفته كما يؤخذ من كلام النووي في فتاويه ، ويؤخذ من كلامه أيضاً حل أنواع اللعب الخطيرة من الحاذق بها أي كالبهلوان حيث غلب على ظنه سلامته . وإذا مات يموت شهيداً ويجوز التفرج عليه حيث جازت وإلا فلا . ومثله سماع الأعاجيب والغرائب مما لا يتيقن كذبه بقصد الفرجة . بل ولو تيقن كذبه لكن قصد به ضرب الأمثال والمواعظ وتعليم نحو الشجاعة على ألسنة آدميين أو حيوانات ع ش على م ر . قوله : ( كاللكام ) وهو لعب الحكم وهو جلد كبير مربع محشّو قطناً أو صوفاً ، أو غيرهما يحشى به ويجعل كل من الحكمين واحدة في يده ويضرب كل واحدة من الحكمين الجلدة التي في يد الآخر . قوله : ( على رمي بندق ) قال الزيادي نقلاً عن الرملي : والمراد به ما يؤكل ويلعب به في العيد ، أما بندق الرصاص والطين فتصح المسابقة عليه لأن له نكاية في الحرب أشد من السهام اه . وصورة رمي البندق أن يدفعه برأس أصبعه على وجه النقرة حتى ينزل للحفيرة من غير تجاوز لها اه م د .
قوله : ( ولا على خاتم ) أي هل هو في اليمين أو في اليسار . وقيل صورته أن يمد ظهر يده ثم يعلو به ، ثم يقول : ألبسه في أي أصبع وهو في الهواء . قوله : ( والزوارق ) جمع زورق(5/266)
"""""" صفحة رقم 267 """"""
وهو القارب الصغير . قوله : ( وشروط المسابقة ) والحاصل أن المصنف ذكر شرطاً في المسابقة بخصوصها بقوله : إذا كانت المسافة معلومة وشرطاً في المناضلة بخصوصها بقوله وصفة المناضلة معلومة وشرطاً يعمهما . وهو أنهما إذا أخرجا عوضين فلا بد من محلل فكان الأولى ، إسقاط التعبير الذي ذكره ويمكن وهو الأولى أن قول المصنف إذا كانت المسافة معلومة جاياً في المسابقة والمناضلة جميعاً . وقوله : معلومة أي بالمشاهدة اه . قوله : ( أي مسافة ما بين الخ ) وكذا مسافة ابتداء السبق وانتهائه وكان الأولى للشارح أن يذكر هذا أيضاً لأن كلام المتن بقوله : إذا كانت المسافة شامل للمسافة التي في المناضلة والتي في المسابقة . قوله : ( المحلل ) أي إذا أخرجا عوضين وسمى محللاً لأنه أحل العوضين اللذين أخرجهما المتسابقان . قوله : ( ويتعينان بالتعين ) أي إذا عينا بالإشارة وقت العقد فلا يجوز إبدال واحد أي إذا عين المركوبان بالعين وأما إذا عينا بالوصف فيجوز الإبدال . كما قاله العناني وعبارة ق ل ولو مات أحد المركوبين أو عجز مثلاً جاز إبداله في الوصف دون العين وكذا أحد الراكبين حيث لا فسخ ويقوم وارثه مقامه ، اه . وفي شرح م ر ما نصه ويتعينان أي الراكبان والراميان فيمتنع إبدال أحدهما ، فإن مات أو عمي أو قطعت يده مثلاً أبدل الموصوف ، وانفسخ في المعين نعم في موت الراكب أي دون موت الرامي يقوم وارثه ولو بنائبه مقامه فإن أبى استأجر عليه الحاكم ومعلوم أن محله حيث كان مورّثه لا يجوز له الفسخ لكونه ملتزماً ويفرق بين الراكب والرامي بأن القصد جودة هذا فلم يقم غيره مقامه ولو مرض أحدهما ورجى انتظر وإلا جاز الفسخ إلا في الراكب فيتجه إبداله اه . وقوله : يقوم وارثه أي فإن لم يكن وارث انفسخت وليس من الوراث بيت المال اه . ع ش . قوله : ( أو فارها ) أي جيداً .(5/267)
"""""" صفحة رقم 268 """"""
قوله : ( أن يقطع المركوبان ) أي أن يمكن قطعهما المسافة . قوله : ( في حق ملتزم العوض ) خرج ما إذا كانت من غير عوض أو كان الفاسخ غير الملتزم فإنه جائز . قوله : ( كالإجارة ) أي بجامع اشتراط العلم بالمعقود عليه من الجانبين وقيل : بل جائزة كالجعالة بجامع أن العوض مبذول في مقابلة ما لا يوثق به فكان كرد الآبق . قوله : ( وإلا فله ترك حقه ) المعنى وإلا فله الفسخ وتركه لأن له ترك حقه ، فجواب الشرط محذوف وما ذكر علة له . وهذا لا يظهر إلا إذا كان الملتزم أحد المتسابقين ، لا غيرهم لأنه ليس له حق . قوله : ( وصفة المناضلة ) معطوف على اسم كان .
قوله : ( زيادة على ما مر ) أي وهو أن تكون المناضلة على نافع في الحرب كالرماح والمزاريق ونحوها من الشروط المارة التي تأتي هنا . قوله : ( من نحو خشب ) بيان لما . قوله : ( وسمكاً ) أي ثخناً . قوله : ( وبيان ارتفاعه ) كأن يكون بينه وبين الأرض ذراع مثلاً ويكون معلقاً على شيء . قوله : ( إن ذكر الغرض ) فإن لم يذكر كقولهما : تناضلنا على أن العوض للأبعد رمياً لم يحتج لبيان غرض ولا بيان ارتفاعه أو اضطرد عرف فيهما فيحمل المطلق عليه . قوله : ( ولم يغلب عرف ) هو محل التقييد أي إن ذكر الغرض في هذه الحالة . قوله : ( فيهما ) أي في قدر الغرض وبيان ارتفاعه .(5/268)
"""""" صفحة رقم 269 """"""
قوله : ( بيان شيء منهما ) أي من الشرطين الأخيرين . قوله : ( بأن يبدر ) بضم الدال مضارع بدر من باب قتل عبارة العباب وهي أي المبادرة أن يجعل المال للسابق إلى إصابة خمسة مثلاً من عشرين مع تساويهما في عدد الرميات فإن تساويا في الإصابات فلا ناضل . وإن لم يستويا في الرميات كأن أصاب أحدهما خمسة من عشرين والآخر بأربعة من تسعة عشر وجب إتمام العشرين فقد يصيب الباقي فلا يكون منضولاً وإن كانت إصابة الآخر لثلاثة منها فقد صار منضولاً .
قوله : ( العدد المشروط ) أي المشروط إصابته كخمسة . قوله : ( كعشرين ) قال في شرح المنهج : عقب ذلك ولا بيان عدد نوب للرمي كسهم سهم واثنين اثنين ويحمل المطلق الخ . ففي كلام الشارح سقط كما يدل عليه قوله وعلى أقل نوبه سم فلو شرط أن من سبق إلى خمسة من عشرين فله كذا ، فرمى كل عشرين أو عشرة فأصاب أحدهما خمسة والآخر دونها ، فالأوّل ناضل وإن أصاب كل خمسة فلا ناضل وكذا لو أصاب أحدهما خمسة من عشرين والآخر أربعة من تسعة عشر بل يتم العشرين لجواز أن يصيب في الباقي وإن أصاب الآخر من التسعة عشر ثلاثة لم يتم العشرين وصار منضولاً ليأسه من الاستواء في الإصابة شرح المنهج . قوله : ( في عدد المرمى ) أي الذي رماه صاحبه لا العدد المشروط رميه بدليل قوله الآتي أو عشرة سم . قوله : ( بأن تزيد الخ ) كأن يقول تناضلت معك على أن كلاً منا يرمي عشرين ومن زادت إصابته على الآخر فيها بكذا فهو الناضل وسميت محاطة من الحط وهو إسقاط لأن كل واحد يحط سهماً أي يسقطه في مقابلة حط الآخر سهماً آخر ويزيدا على ذلك قولهما ، ومن زادت إصابته منا على الآخر بكذا ، فهو الناضل شيخنا . قوله : ( ويحمل المطلق الخ ) وصورته في الإطلاق أن يقول ترامينا على أن كلاً منا يرمي عشرين ومن أصاب في خمسة فهو الناضل ، فهذا من قسيم المطلق لأن الخمسة المشروطة إصابتها لم تقيد بكونها قبل إصابة الآخر ، أو بعدها فإن قيدها بكونها قبل إصابة الآخر بأن قال : ومن أصاب منا في خمسة قبل الآخر فهو الناضل فهي حقيقة المبادرة كما قرره شيخنا اه . قوله : ( عن التقييد ) كذا في غالب النسخ وفي بعض النسخ(5/269)
"""""" صفحة رقم 270 """"""
على وهي بمعنى عن . وقوله : نوبه أي الرمي ، قوله : ( أو خزق ) بالخاء والزاي المعجمتين ، وهذا واللذان بعده مصادر لأفعال كلها من باب ضرب كما في المصباح . قوله : ( بأن يثبت فيه ) لم يقل أن يثقبه ويثبت لأنه لو وقع في ثقبة قديمة وثبت فيها كفى وكذا لو كان هناك صلابة ولولاها لثبت سم على المنهج قال الشيخ س ل في حاشيته وما ذكره من المغايرة بين الخرق والخسق خلاف ما يقتضيه كلام الأزهري والجوهري حيث جعلا الخازق بالزاي لغة في الخاسق بالسين فهما شيء واحد فلعل ما ذكره الفقهاء هو عرف الرماة اه خ ط .
قوله : ( أحد المتسابقين ) أي أو المتراميين اه ق ل . قوله : ( حتى إذا سبق الخ ) وسبق ذي خف بكتف ، وذلك لأن الإبل ترفع أعناقها عند السير والفيل لا عنق له . وأما ذو الحافر فالسبق بالعنق فمتى برز عنق أحدهما عن عنق الآخر كان سابقاً إن لم ترفع أعناقها ، وإلا فالعبرة بالكنف فإن زاد عنق أحدهما على الآخر فلا عبرة بالسبق بالزيادة بل لا بد من سبق شيء مما توافقا فيه ، كأن كان طول عنق أحدهما شبراً والآخر شبرين فالسبق بزيادة شبر من طويل العنق غير معتبر لأنه قدر الزائد فلا بد من السبق بأكثر من الشبر في المثال حتى يعدّ سابقاً شيخنا . وهذا في سبق الزائد وسبق الناقص بمجاوزته لشيء مما زاد به الآخر عليه لا مجاوزته كله والعبرة بالسبق عند الغاية لا قبلها ، لأنه قد يسبقه الآخر . قوله : ( استرده ممن الخ ) أي إن كان دفعه له فإن كان معه بقي على حاله . وعبارة ق ل قوله : استرده أي لم يلزمه شيء وتعبير الشارح بقوله : ممن هو معه ليس قيداً وإنما هو لمراعاة قول المصنف استرده .
قوله : ( محللاً ) سمي بذلك لأن بسببه حل العقد وأخذ المال له ولغيره ، ويكفي واحد ولو لأكثر من اثنين ق ل على الجلال . قوله : ( كفؤاً ) بتثليث الكاف أي مساوياً . قوله : ( عن صورة القمار ) بكسر القاف كما يؤخذ من القاموس وهو ما فيه تردد بين الغنم والغرم وعبارة المصباح قامرته قماراً من باب قتل فقمرته قمراً غلبته . قوله : ( فإن المحلل ) علة للعلة وعبارة(5/270)
"""""" صفحة رقم 271 """"""
المنهج ويعتبر لصحتها عند شرطه منهما محلل كفء ، هو لهما في الركوب وغيره وكفء مركوبه المعين لمركوبيهما يغنم إن سبق ولم يغرم أي إن لم يسبق اه . وقوله : يغنم ولم يغرم لا بد من شرط ذلك في صلب العقد كما في ح ل وق ل . قوله : ( فمال هذا ) أي الذي جاء مع المحلل . قوله : ( ثمانية ) وحكم الأولين يأخذ المحلل الجميع . والثالثة لا شيء والرابعة للأولى والخامسة كذلك والسادسة للأوّل وللمحلل والسابعة للأوّل والثامنة لا شيء له اه عميرة زي . قوله : ( فله في بيت المال ) ويكون من سهم المصالح قاله البلقيني اه . قوله : ( على اختبار قوّتهما ) أي وكان بعوض أخذاً من قوله : من أكل أموال الناس بالباطل . قوله : ( أو أكل كذا ) عبارة غيره أو أكل كذا بكذا وهو راجح للجميع ثم رأيته في نسخة .(5/271)
"""""" صفحة رقم 272 """"""
قوله : ( والفخر عليه ) تفسير . قوله : ( ولكل منهما ) أي المتسابقين . قوله : ( لا جلب ) أي لا صياح وقال بعضهم قوله : لا جلب ولا جنب كل منهما بالجيم أوّله والموحدة آخره ووسط الأوّل لام مفتوحة ووسط الثاني نون كذلك وتفسيرهما في كلامه اه ق ل . قوله : ( يجنبون ) أي يأخذونها جنيبة معهم تقاد بلا ركوب قال ا ج أي لا يجوز لأحد المتسابقين أن يجلب على مركوبه ولا أن يأخذ معه جنيبة أي فرساً أخرى ليربح الأولى بها وقوله : الأمد أي الغاية وقوله : كدّه بالدال المهملة أي أتعبه وفي نسخة كرّه بالراء فتأمل اه . شيخناً . قوله : ( الذي كره ) أي كل منهما أي أقبل به على مطلوبه فالكر مقابل الفر .(5/272)
"""""" صفحة رقم 273 """"""
( كتاب الأيمان والنذور
قدمهما على القضاء لأن القاضي قد يحتاج إلى اليمين من الخصوم وجمع النذور معها لأن كلاً منهما عقد يعقده المرء على نفسه . ولأن بعض أقسام النذر فيه كفارة يمين وهو نذر اللجاج . ولا يقال : كان المناسب ذكر الأيمان عقب القضاء لأنها لا توجد إلا بعد حصول الدعوى . لأنا نقول : ذكر ها هنا لتكون معلومة الثبوت فيصح الحكم بها على من هي واجبة عليه . قوله : ( الأيمان بفتح الهمزة ) ومن الحكم إيمان المرء يعرف بأيمانه ، وأمره الله تعالى بالحلف على تصديق ما أمر به في ثلاثة مواضع من القرآن ، في يونس في قوله تعالى : ) قل إي وربي إنه لحق } ) يونس : 53 ) وفي سبأ في قوله تعالى : ) وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم } ) سبأ : 3 ) وفي التغابن في قوله تعالى : ) زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثنّ } ) التغابن : 7 ) . قوله : ( جمع يمين ) وأركان اليمين ثلاثة : حالف ومحلوف عليه ومحلوف به . فيشترط في الحالف التكليف والاختيار والقصد وفي المحلوف عليه أن يكون غير واجب بأن كان محتملاً أو مستحيلاً ، وفي المحلوف به أن يكون اسماً من أسماء الله تعالى الخ . قوله : ( وأطلقت على الحلف ) أي فيكون مجازاً مرسلاً علاقته المجاورة أو أنه مجاز بالاستعارة المصرحة بأن شبه اليمين بالعضو المعروف بجامع أن كلاً يحفظ الشيء فاليمين تحفظ الشيء المحلوف به على الحالف واليد تحفظ الشيء على صاحبها ثم صار حقيقةً شرعيةً فيما ذكر . قوله : ( يأخذ ) عبارة المصباح كانوا إذا تحالفوا ضرب كل منهم يمينه على يمين صاحبه فسمي الحلف يميناً مجازاً قال سم : وسمي العضو يميناً لوفور قوته . ومنه : ) لأخذنا منه باليمين } ) الحاقة : 45 ) أي بالقّوة .
قوله : ( تحقيق أمر الخ ) فيه أن اليمين الشرعية وهي اللفظ المخصوص ، لا التحقيق المذكور لأنه يتسبب عنه إلا أن يقال : إن هذا اصطلاح والمراد جعله محققاً أي التزام تحقيقه ، وإن كان تحقيقه مستحيلاً فيشمل المستحيل كما في سم . وقوله : تحقيق أمر أي أو توكيده كما في الروضة ويدل عليه قوله الآتي ويكون اليمين أيضاً للتأكيد . وقوله : تحقيق أمر أي باسم مخصوص . قوله : ( ماضياً ) كقوله والله ما دخلت الدار قوله : ( نفياً ) تمييز من قوله : ماضياً أو مستقبلاً . قوله : ( ممكنا ) حال من أمر . قوله : ( ليقتلنّ الميت ) أو ليصعدنّ السماء فإنه يمين تلزم(5/273)
"""""" صفحة رقم 274 """"""
به الكفارة حالاً وإن صعد السماء . لأن ذلك يخلّ بتعظيم الاسم وحرمته ، شوبري والمعتمد أنه لا يحنث إذا صعد السماء كما قاله ع ش .
والحاصل أن المحلوف عليه منحصر في شيئين المحتمل كوالله لأضربنّ زيداً والمستحيل كوالله لأقتلنّ الميت . أما الواجب فلا يكون محلوفاً عليه كوالله لأموتنّ لأنه لا يتصوّر فيه إلا البر وهو لا يخل بتعظيم الله تعالى بخلاف المستحيل ، فإنه لا يتصوّر فيه إلا الحنث وهو يخل بتعظيم الله تعالى ، فإن أحيا الله الميت وقتله أو صعد السماء . سقطت الكفارة فيستردها إن كان دفعها . قوله : ( وفارق ) أي عدم انعقادها في الواجب . قوله : ( وضابط الحالف ) سكت عن اشتراط النطق فقيل : يشترط والمعتمد عدم اشتراطه فينعقد اليمين بإشارة الأخرس بأن حلف بالإشارة أنه لا يدخل الدار أو لا يلبس الثوب مثلاً بدليل قولهم إشارة الأخرس معتدّ بها في جميع الأبواب إلا ثلاثة لا يعتد بإشارته فيها وليس الحلف على ما ذكر منها . نعم إن حلف بالإشارة على عدم الكلام فتكلم بالإشارة لا يحنث وإن كان يمينه منعقدة سواء حلف وهو ناطق ثم خرس أو حلف بعد الخرس . قوله : ( ولا تنعقد اليمن ) قال في شرح المنهج وينعقد اليمين بأربعة أنواع أي بواحد منها وهو ما اختص بالله أو ما هو فيه أغلب إن أراده أو أطلق أو ما يطلق عليه . وعلى غيره سواء وقصد هو به وقوله : هو أي الله وقوله به أي باليمين أو صفاته الذاتية .
قوله : ( إلا بذات الله ) في نسخة سم العبادي إلا بالله قال : أي بهذا الاسم الشريف الدالّ على الذات العلية . وقوله : أو باسم الخ قال كالرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن أو الحي الذي لا يموت والإله وقوله : و ) مالك يوم الدين } ^ اه . والحاصل أن قوله : ولا تنعقد اليمين إلا بذات الله يحتمل معنيين الأوّل أنه حلف بعنوان الذات . بأن قال : بذات الله لأفعلن كذا وعلى هذا يكون العطف بعده من عطف المغاير ويحتمل أن يكون المراد بذات الله ما يفهم من الذات مجردة عن الصفات(5/274)
"""""" صفحة رقم 275 """"""
وهو لفظ الله ويكون المتن كأنه قال : لا تنعقد اليمين إلا بهذا الاسم الكريم ويكون عطف ما بعده عليه من عطف العام على الخاص . قوله : ( أي بما يفهم ) أي باسم ولو من غير أسمائه الحسنى كصانع الموجودات قال شيخنا م ر . ومنه الجناب الرفيع والاسم الأعظم ، ومقسم الأديان ، وفي شرحه عدم الانعقاد بالجناب الرفيع وأنه ليس كناية ق ل . ونصه : وكثيراً ما يقع الحلف من العوامّ بالجناب الرفيع ويريدون به الباري جلّ وعلا من استحالة ذلك عليه ، إذ جناب الإنسان فناء داره فلا ينعقد به اليمين كما قاله أبو زرعة لأن النية لا تؤثر مع الاستحالة اه . قال ع ش : ويحرم إطلاقه عليه تعالى سواء قصده أو أطلق وإن كان عامياً لكنه إذا صدر منه يعرّف فإن عاد إليها عزر ، ومثله في امتناع الإطلاق عليه تعالى ما يقع كثيراً من قول العوام اتكلت على جانب الله أو الحملة على الله اه . قوله : ( المراد بها الحقيقة ) صفة للذات . قوله : ( ولو مشتقاً ) يتأمل هذا مع أن سائر أسمائه مشتقة وتأملناه فوجدنا لفظ الجلالة غير مشتق .
قوله : ( رب العالمين ) ولو قال : ورب العالم وقال أردت بالعالم كذا من المال وبربه مالكه قبل لأن ما قاله غير مستحيل ع ش على م ر . قوله : ( أو لم يكن ) مراده به الموصول أو الموصوف كما مثل وإن كان كل منهما مفرداً اه . ومقتضاه أن الذي أعبده من أسمائه مع أنه ليس منها لا الموصول وحده ولا مع الصلة ، ومقتضاه أن الحيّ غير مشتق مع أنه مشتق من الحياة تأمل . قوله : ( إلا أن يريد به ) أي بهذا القسم في جميع هذه الأسماء قال ق ل وهذه الإرادة تجري في جميع الأقسام فلو أخره كان أولى . قوله : ( غير اليمين ) كأن جعله مبتدأ أو أضمر له خبراً كأن يريد بقوله : والذي أعبده لأفعلن والذي أعبده أستعين به ثم يستأنف بقوله لأفعلن . وكأن قال : بالله لأضربن زيداً ثم قال : لم أرد به اليمين بل أردت استعنت بالله مثلاً ولأضربن مستأنف قال الأجهوري : وهذا ما لم يكن عند حاكم لأن العبرة بقصد الحاكم لا بقصد الحالف وفي الرحماني ولا تنفع التورية في اليمين عند القاضي إلا إذا حلفه بالطلاق اه .
فائدة : التورية في الأيمان نافعة والعبرة فيها بنية الحالف إلا إذا استحلف القاضي بغير الطلاق والعتاق لما سيأتي في الدعاوى وهي وإن كان لا يحنث بها لا يجوز فعلها حيث يبطل بها حق المستحق بالإجماع فمن التورية ، أن ينوي باللباس الليل وبالفراش والبساط الأرض وبالأوتاد الجبال وبالسقف والبناء السماء ، وبالأخوّة أخوة الإسلام اه دميري . وعبارة ق ل قوله : إلا أن يريد به غيره ظاهره ولو معه فليس يميناً وهو محتمل .(5/275)
"""""" صفحة رقم 276 """"""
قوله : ( ولا يقبل منه ذلك ) أي إرادة غير اليمين في الطلاق أي فيما لو قال : إن حلفت بالله فأنت طالق أو فعندي حر أو لا أطؤك فوق أربعة أشهر ، فأتى بصيغة مما تقدم كأن قال : بعد قوله : السابق بالله لأضربنّ زيداً ثم قال لم أرد به اليمين ، بل أردت استعنت بالله مثلاً فإنه لا يقبل منه فيقع ما علقه على الحلف من الطلاق والعتق والإيلاء فإرادة غير اليمين تارة تقبل وتارة لا تقبل اه . ح ل لكن في الروض ما هو صريح في أن صورته : أن يحلف بالطلاق ثم يقول لم أرد به الطلاق بل أردت به حلّ الوثاق مثلاً أو يقول لعبده أنت حر ثم يقول : لم أرد به العتق بل أردت به أنت كالحر في الخصال الحميدة مثلاً أو آلى من زوجته وقال : لم أرد به الإيلاء أي فإنه لا يقبل منه ذلك وعبارة الروض ولو أتى بصيغة طلاق أو عتق أو إيلاء وقال : لم أرد بها الطلاق والعتق والإيلاء لم يقبل ذلك اه . والظاهر أنه يصح كل من التصويرين لكن ما في الروض أقرب لما فيه من حمل الكلام على ظاهره اه شيخنا . قوله : ( لتعلق حق غيره به ) وهو الزوجة في الأوّل والثالث والعبد في الثاني وقوله : وغيره أن غير الله به .
قوله : ( أما إذا أراد بذلك غير الله تعالى ) تفصيل آخر غير الذي قبله ، وحاصل ذلك : أن الاسم إما مختص أو غالب أو مستو وعلى كل إما أن يريد به الله أو غيره . أو يطلق فتضرب ثلاثة في مثلها تبلغ تسعة ثم تضرب أحوال قصد اليمين أو عدمه أو الإطلاق في التسعة تبلغ سبعة وعشرين في الاسم المختص تسعة وفي الغالب كذلك وفي المساوي كذلك ، وأحكامها أنه في القسم الأول تنعقد اليمين في ستة دون ثلاثة لأنه إن أراد اليمين أو أطلق انعقدت سواء أراد بالاسم الله أو غيره أو أطلق وإن أراد غير اليمين لم تنعقد سواء أراد بالاسم الله أو غيره أو أطلق . قوله : ( بذلك ) أي بإرادة غير اليمين وقوله : مؤوّل بذلك أي بإرادة غير الله به . قوله : ( أو باسم من أسمائه ) عطف على باسم الأول عطف مغاير لأن الأول خاص وهذا غالب وفيه تسعة كما مر . وبيان حكمها تنعقد اليمين في أربعة دون خمسة لأنه إن أراد اليمين أو أطلق وأراد بالاسم الله ، أو أطلق انعقدت ، وإن أراد غير اليمين لم تنعقد سواء أراد بالاسم الله أو أراد غيره أو أطلق وإن أراد باسم غير الله وأراد اليمين أو أطلق لم تنعقد . ووقع السؤال عما يقع من قول العوامّ والاسم الأعظم هل هو يمين أم لا ونقل بالدرس عن م ر انعقاد اليمين به اه ع ش على م ر وصرح به الزيادي ونصه . وإذا قال : والاسم الأعظم أو القسم الأعظم لا أفعل كذا أو لأفعلنه انعقدت يمينه ؛ لأن الاسم الأعظم إما الله تعالى أو الحي القيوم وكل منهما ينعقد به اليمين اه . قوله : ( الغالب إطلاقه عليه سبحانه وتعالى وعلى غيره ) مشاركة الغير له سبحانه وتعالى ، إنما هي في(5/276)
"""""" صفحة رقم 277 """"""
الإطلاق المجرد عن الأغلبية خلافاً لما يوهمه صنيعه ، وصوابه أن يقال : ويطلق على غيره لا غالباً ، وأجاب بعضهم بأن قوله على غيره متعلق بمحذوف تقديره ويقلّ إطلاقه على غيره . وعبارة المنهج وبما هو فيه تعالى عند الإطلاق أغلب كالرحيم الخ . وعبارة المرحومي قوله وعلى غيره كذا في خط المؤلف ، وفيه نظر لأن التقدير حينئذ يصير معناه الغالب إطلاقه عليه والغالب إطلاقه على غيره اه . وقال بعضهم قوله وعلى غيره . المناسب دون غيره بدليل ما يأتي .
قوله : ( والرب ) فيه نظر لأنه من الخاص بالله . وعبارة ز ي : واستشكل الرب بأل بأنه لا يستعمل في غير الله تعالى فينبغي إلحاقه بالأول ، ويمكن أن يردّ ذلك بأن أصل معناه يستعمل في غيره فصح قصده وأل قرينة ضعيفة لا قوة لها على إلغاء ذلك القصد وصرح في المصباح بأن الرب تستعمل في غيره تعالى ، وأنشد على ذلك شاهداً من كلام العرب فعليه يكون مستعملاً في الله وفي غيره لغة وإن كان شرعاً لا يطلق إلا على الله وحده فلا حاجة لما قيل هنا من التكلف . قوله : ( انعقدت يمينه ) الأولى إسقاطه لعلمه مما قبله . قوله : ( الذاتية ) بخلاف الفعلية كخلقه ورزقه فإنها ليست بيمين وظاهره لا صريح ولا كناية س ل . وأخرج السلبية ككونه ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ، لكن بحث الزركشي الانعقاد بهذه لأنها قديمة متعلقة به تعالى رشيدي على م ر . وعبارة ق ل تنبيه هذا الذي تقدم في صفات الذات الثبوتية القائمة به في الأزل أما صفاته السلبية ، وهي القائمة به كعدم جسميته وعرضيته وصفاته الفعلية كرزقه وخلقه ورحمته وهي الثابتة له فيما لا يزال فتردد شيخنا في الأولى . وقال القاضي تنعقد اليمين بها وجرى عليه العبادي وجزم بعدم انعقاد اليمين بالثانية تبعاً للإمام الرافعي والجمهور خلافاً للخفاف فراجعه . والفرق بين صفتي الذات والفعل أن الأولى ما استحقه في الأزل والثانية ما استحقه فيما يزال دون الأزل يقال : علم في الأزل ولا يقال رزق في الأزل إلا توسعاً اه . شرح الروض قال سم : ولا ينعقد اليمين بصفات الأفعال كالخلق والرزق وإن نوى خلافاً للحنفية وفي حاشية الشبراملسي للغزي الانعقاد بها .
فرع : لو قال : إن فعلت كذا فأيمان البيعة لازمة لي أو فأيمان المسلمين لازمة لي فإن أراد اليمين بالله أو أطلق لم تنعقد وإن أراد بيعة الحجاج انعقدت لأن البيعة كانت في عهد رسول الله بالمصافحة فلما تولى الحجاج رتبها أيماناً تشتمل على ذكر اسم الله تعالى وعلى الطلاق والحج والإعتاق وصدقة المال وانظر ماذا يلزمه منها . ولو شرّك في يمينه بين ما ينعقد(5/277)
"""""" صفحة رقم 278 """"""
به وما لا ينعقد به كوالله والكعبة فقال العبادي : المتجه عندي الانعقاد ، سواء قصد الحلف بكل منهما أو أطلق أو بالمجموع فراجعه . ونص سم على حج : شرّك في حلفه بين ما يصح الحلف به وغيره كوالله والكعبة فالوجه انعقاد اليمين وهو واضح إن قصد الحلف بكل ، أو أطلق فإن قصد الحلف بالمجموع ، ففيه تأمل والوجه الانعقاد لأن جزء هذا المجموع يصح الحلف به . والمجموع الذي جزؤه كذلك يصح الحلف به وإن حلف رجل بالله تعالى فقال آخر يميني في يمينك أو يلزمني مثل ما يلزمك لم يلزمه شيء وإن كان ذلك في الطلاق ونوى لزمه ما لزم الحالف اه سم . قوله : ( كوعظمته ) ما جزم به من أن عظمة الله تعالى صفة هو المعروف وبنى عليه بعضهم منع قولهم : سبحان من تواضع كل شيء لعظمته . قال : لأن التواضع للصفة عبادة لها ، ولا يعبد إلا الذات ومنع القرافي ذلك . وقال : الصحيح أن عظمة الله المجموع من الذات والصفات فالمعبود مجموعها اه س ل قال م ر : فإن أريد به هذا فصحيح أو مجرد الصفة فممتنع ، ولم يبينوا حكم الإطلاق أي في قوله سبحان من تواضع كل شيء لعظمته والأوجه أنه لا منع منه اه . وعبارة ق ل على الجلال العظمة صفة مختصة به تعالى بحسب الوضع فقول بعضهم إنها لمجموع الذات والصفة فيه نظر بل هو فاسد إذ لو كان كما قال لم تصح إضافتها إلى الله تعالى كما لا يقال : خالق الله ولا رازق الله فتأمل .
قوله : ( وحقه ) أي استحقاقه للعبادة والألوهية فهو صفة له تعالى . وعبارة الشيخ س ل قوله : وحقه أي مطلقاً نوى به اليمين أو أطلق في الأصح قال الماوردي : ومعناه حقيقة الألوهية لأن الحق هو مالا يمكن جحوده فهل في الحقيقة اسم من أسمائه تعالى . وقال غيره : حق الله هو القرآن قال تعالى : ) وإنه لحق اليقين } ) الحاقة : 51 ) والحلف بالقرآن يمين في صورة الإطلاق وكذا ما نحن فيه هذا إن جر الحق فإن رفعه أو نصبه فكناية لتردده بين استحقاق الطاعة والألوهية ، فليس بيمين إلا بنيته اه . قوله : ( ظهور آثارها ) أي آثارها الظاهرة فآثار العظمة والعزة والكبرياء الذلة والتواضع وأثر الكلام الألفاظ الدالة عليه وأثر المشيئة ، التخصيص أي تخصيص الممكنات ، بما يعرض لها وأثر العظمة إهلاك الجبابرة وأثر العزة عدم إيصال مكروه إليه تعالى . قوله : ( وكتاب الله ) بأن قصد الصفة القديمة أو أطلق بخلاف ما إذا قصد الألفاظ . قوله : ( الخطبة ) لقوله تعالى : ) وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له } ) لأعراف : 204 ) . وقوله والصلاة الواو بمعنى أو لقوله : ) وقرآن الفجر } ) الإسراء : 78 ) فإن المراد به صلاته وقال ع ش قوله : إلا أن يريد بالقرآن الخطبة أي أو الألفاظ أو الحروف . قوله : ( الورق ) أي أو اللفظ كما ذكره حج(5/278)
"""""" صفحة رقم 279 """"""
فإن أراد لفظ القرآن لا المعنى النفسي لم يكن يميناً وقال ع ش : لأنه عند الإطلاق لا ينصرف عرفاً إلا لما فيه القرآن ويؤخذ منه عدم الفرق بين قوله : والمصحف وحق المصحف اه ولعله أن حق المصحف ينصرف عرفاً إلى ثمنه الذي يصرف فيه ، ولا كذلك المصحف فإنه إنما ينصرف لما فيه من القرآن اه . ولو أقسم بآية منسوخة التلاوة دون الحكم انعقدت اليمين على المعتمد قياساً أولوياً على انعقادها بالتوراة والإنجيل مع نسخ الأمرين معاً ولا يخرج على تحريم المس والحمل لما تقدم من القياس الأولوي اه . وأما الآية المنسوخة التلاوة والحكم معاً فكان مقتضى قياسه أن تقاس أيضاً على التوراة بقياس المساواة . فإن قال : إنها لا يطلق عليها كتاب الله . قلنا له : يلزمك في منسوخ التلاوة دون الحكم اه .
قوله : ( المشهورة ) وغير المشهورة كالألف وها التنبيه اه شوبري . قوله : ( بالتاء ) الباء داخلة على المقصور قوله : ( فهي الأصل ) علل ذلك بأن التاء الفوقية مبدلة من الواو والواو من الباء الموحدة قال النحاة : أبدلوا من الباء واواً لقرب المخرج ثم من الواو تاء لقرب المخرج كما في تراث . وإنما اختصت التاء بلفظ الله لأنها بدل من بدل فضاق التصرف فيها وهي وإن ضاق تصرفها قد بورك فيها للاختصاص بأشرف الأسماء وأجلها اه ز ي . وخرج بهذه الثلاثة الفاء والألف الممدودة والتحتية نحو فالله وآلله ويالله . قال م ر : فهي كناية وكذا بله بتشديد اللام وحذف الألف يمين إن نواها على الراجح خلافاً لجمع ذهبوا إلى أنها لغو ، وبقي ما لو قال : والله بحذف الألف بعد اللام هل يتوقف الانعقاد على نيتها أو لا ؟ ويظهر الآن الثاني لعدم الاشتراك في هذا اللفظ بين الاسم الكريم وغيره بخلاف البله ، فإنها مشتركة بين الحلف بالله وبلة الرطوبة وبقي أيضاً ما لو حذف الهاء من لفظ الجلالة وقال بالا أو ولا هل هي يمين أو لا فيه نظر والأقرب الثاني لأنها بدون الهاء ليست من أسمائه ولا صفاته . ويحتمل الانعقاد عند نية اليمين ويحمل على أنه حذف الهاء ترخيماً والترخيم جائز في غير المنادي على قلة اه شرح م ر وع ش عليه . قوله : ( لأفعلنّ كذا ) راجع للجميع فلو تركه لا يكون صريحاً ولا كناية ومثل تالله ما في معناه ز ي . قوله : ( لعمر الله ) المراد منه البقاء والحياة وإنما لم يكن صريحاً لأنه يطلق مع ذلك على العبادات والمفروضات . شرح الروض وهذا عند الفقهاء أما عند النحاة فلعمر الله صريح في القسم . قوله : ( عهد الله ) والمراد بعهد الله إذا نوى به اليمين استحقاقه(5/279)
"""""" صفحة رقم 280 """"""
لإيجاب ما أوجبه علينا وتعبدنا به وإذا نوي به غيرها فالمراد العبادات التي أمرنا بها وقد فسر بها أي العبادات الأمانة في قوله تعالى : ) إنا عرضنا الأمانة } ) الأحزاب : 72 ) شرح الروض . قوله : ( وذمته ) مرادف لما قبله . قوله : ( أو حلفت ) وسمي القسم حلفاً لأنه يكون عند انقسام الناس إلى مصدق ومكذب اه أبو حيان . قوله : ( إلا إن نوى خيراً ) أي فهو يمين عند الإطلاق شوبري . واعلم أنه قد جرى لنا وجه أيضاً لأن ذلك ليس بيمين مطلقاً قال الإمام : جعلتم قوله بالله لأفعلنّ يميناً صريحاً وفيه إضمار معنى أقسم فكيف تنحطّ رتبته إذا صرح بالمضمر . والجواب : أن التصريح به يزيل الصراحة لاحتماله الماضي والمستقبل ، فكم من مضمر يقدره النحوي واللفظ بدونه أوقع في النفس ألا ترى إلى أن معنى التعجب فيما أحسن زيداً يزول إذا قلت شيء حسن زيداً مع أنه مقدر به سم . قوله : ( وقوله لغيره أقسم عليك بالله ) وكذا لو قال : بالله لتفعلنّ كذا من غير ذكر المتعلق ع ش على م ر . قوله : ( أقسم عليك ) أما بدون عليك فيمين لا يجري فيها تفصيل برماوي وق ل .
قوله : ( أو أسألك بالله ) مفهومه أنه لو قال : والله تفعل كذا ، أو لا تفعل كذا ، وأطلق كان يميناً وهو ظاهر لأن هذه الصيغة لا تستعمل لطلب الشفاعة ، بخلاف أسألك بالله ع ش على م ر . قوله : ( إن أراد به يمين نفسه ) أي فقط بأن أراد تحقيق هذا الأمر المحتمل فإذا حلف شخص على آخر أنه يأكل ، فالأكل أمر محتمل فإذا أراد تحقيقه وأنه لا بد من الأكل كان يميناً وإن أراد أتشفع عندك بالله أنك تأكل أو أراد يمين المخاطب كأن قصد جعله حالفاً بالله فلا يكون يميناً لأنه لم يحلف هو ، ولا المخاطب قرره شيخنا . قوله : ( بخلاف ما إذا لم يردها ) بأن أراد يمين المخاطب كأن قصد جعلتك حالفاً بالله أو الشفاعة أو أطلق ز ي وشرح م ر . قوله : ( ويحمل ) أي عند الإطلاق على الشفاعة ، أي جعلت الله شفيعاً عندك في فعل كذا ع ش ويكره ردّ السائل بالله أو بوجهه سبحانه تعالى كأسألك : بوجه الله في غير المكروه والسؤال بذلك شرح م ر . وقوله : ويكره ظاهره وإن كان غير محتاج إليه ويوجه بأن الغرض من إعطائه تعظيم ما سأل به اه ع ش . قوله : ( عدم انعقاد اليمين بمخلوق ) أي فلا كفارة بالحنث فيه خلافاً(5/280)
"""""" صفحة رقم 281 """"""
لأحمد في الحلف بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) خاصة لأنه قال : تنعقد لأنه أحد ركني الشهادة كاسم الله اه دميري . وقال ع ش : ينبغي للحالف أن لا يتساهل في الحلف بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) لكونه غير موجب للكفارة لا سيما إذا حلف على نية أن لا يفعل فإن ذلك قد يجر إلى الكفر لعدم تعظيمه لرسول الله والاستخفاف به . قوله : ( ولا يكفر ) ويحرم عليه ذلك حتى في حال الإطلاق روض ، ويعزر على ذلك مطلقاً ولا ينعقد يمينه مطلقاً . وإن قصد اليمين والتفصيل إنما هو في الكفر ولو مات ولم يعرف له قصد حكم بكفره حيث لا قرينة تحمله على غيره على ما اعتمده الأسنوي ، لأن اللفظ بوضعه يقتضيه وقضية كلام الأذكار خلافه وهو الصواب المعتمد .
تنبيه : ما يفعله بعض العوام من طلب الخصم ليحلف عند قبر وليّ لا أصل له ولا يعد بامتناعه ناكلاً بل الظاهر حرمة ذلك رحماني قال في فتح الباري : وأما ما ورد في القرآن من القسم بغير الّله فعنه جوابان : أحدهما أن فيه حذفاً والتقدير ورب الشمس ونحوه ، والثاني أن ذلك يختص بالله فإذا أراد تعظيم شيء من مخلوقاته أقسم به وليس لغيره ذلك . اه م د على التحرير . قوله : ( وليقل ) أي ندباً كما صرح به النووي في نكته وأوجب صاحب الاستقصاء ذلك اه ز ي . قوله : ( لا إله إلا الله ) والأولى الإتيان بأشهد بل يتعين إن كان كفر ق ل وعبارة شرح م ر . وإذا لم يكفر ندب له الاستغفار ويقول كذلك : ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) وحذفهم أشهد هنا لا يدل على عدم وجوبه في الإسلام الحقيقي لأنه يغتفر فيما هو للاحتياط ما لا يغتفر في غيره أو هو محمول على الإتيان بأشهد كما في رواية ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) . قوله : ( ويستغفر الله ) أي كأن يقول : ( أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا الله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ) وهي أكمل من غيرها اه ع ش على م ر قوله : ( وتكره ) أي اليمين أي في الحرام والمكروه صادقاً كان أو كاذباً ماضياً كان أو مستقبلاً فعلاً أو تركاً وعلى هذا فقولهم : اليمين الغموس كبيرة هو من حيث اقتطاع المال بها لا من حيث ذاتها فراجع ذلك ، وإنما كرهت اليمين لأنه ربما يعجز عن الوفاء بها ولكثرة تولع الشيطان به الموقع له في الندم كما في حديث ( الحلف حنث أو ندم ) قال الإمام الشافعي رضي الله عنه ما حلفت(5/281)
"""""" صفحة رقم 282 """"""
بالله صادقاً ولا كاذباً قط أي لا قبل البلوغ ولا بعده ق ل وع ش . قوله : ( وله تقديم كفارة ) أفهم قوله : وله أن الأولى التأخير خروجاً من خلاف أبي حنيفة ، سم أما تقديمها على اليمين فيمتنع بلا خلاف وكذا مقارنتها لليمين كما لو وكل من يعتق عنها مع شروعه في اليمين وإذا قدمها على الحنث ولم يحنث استرجع كالزكاة أي إن شرطه ، أو علم القابض أنها معجلة ، وإلا فلا ولو أعتق ثم مات مثلاً قبل حنثه وقع تطوعاً كما قاله البغوي : لتعذر الاسترجاع فيه م ر وع ن . وكان الأولى ذكر ذلك فيما يأتي في الكفارة إذ التقديم وصف من أوصافها كما لا يخفى .
قوله : ( على أحد سببها ) أي إن كان لها سببان فإن كان لها سبب واحد ككفارة الجماع لم يجز تقديمها عليه سم . قوله : ( كمنذور ماليّ ) فالنذر سبب أول والشفاء سبب ثان اه . قوله : ( ومن حلف بصدقة ) المراد به النذر الذي له حكم الحلف وهو نذر اللجاج كما يدل عليه كلام الشارح ، فكان المناسب أن يذكر هذا في فصل النذر . قوله : ( ويسمى نذر اللجاج والغضب ) وضابطه أن يعلق القربة بحث أو منع أو تحقيق خبر كقوله : في الحث إن لم أفعل كذا فعليّ عتق رقبة وفي المنع إن فعلته فعليّ ذلك وفي تحقيق الخبر : إن لم يكن الأمر كما قلته فعلي عتق بخلاف نذر التبرر . فإنه التزام قربة بلا تعليق أو معلقة على تجديد نعمة أو اندفاع نقمة كقوله : إن شفى الله مريضي فعلي عتق رقبة أو لله علي عتق رقبة ، فالمعلق عليه في نذر التبرر محبوب والمعلق عليه في نذر اللجاج مبغوض اه م د . قوله : ( لزمته الكفارة ) أي كفارة اليمين في الصورتين . قوله : ( قال ابن الصلاح ) ضعيف .(5/282)
"""""" صفحة رقم 283 """"""
قوله : ( والثانية منعقدة ) والمعتمد عدم الانعقاد مطلقاً . قوله : ( ولو حلف ) أي أراد أن يحلف على شيء فسبق الخ كأن أراد أن يحلف أنه لا يكلم زيداً فسبق لسانه إلى عمرو ، ويصدق مدعي عدم قصدها حيث لا قرينة بكذبه وإلا لم يصدق ظاهراً كما لا يصدق ظاهراً في الطلاق والعتاق والإيلاء مطلقاً لتعلق حق الغير به ابن حجر سم . قوله : ( وجعل صاحب الكافي ) ضعفه م ر ثم قال : نعم إن أراد به غير اليمين قبل منه ذلك وعبارته وما ذكره صاحب الكافي من أن من ذلك أي من لغو اليمين ما لو دخل على صاحبه فأراد أن يقوم له فقال : والله لا تقوم لي فقام غير ظاهر لأنه إن قصد به اليمين فواضح حنثه ، وإن لم يقصد اليمين فعلى ما مر في قوله : لم أرد به اليمين بل الشفاعة . قوله : ( ومن حلف أن لا يفعل شيئاً ) انظر حكمة التنبيه على هذه مع أنها معلومة لا تحتاج إلى بيان . وقد يقال : ذكرها توطئة لمفهومها فإن حكمه فيه تفصيل بين الفعل عامداً أو ناسياً فيحتاج إلى البيان . قوله : ( بولاية أو وكالة ) المراد أنه باع مال موليه أو موكله أو اشترى به . قوله : ( لم يحنث ) وحكم اليمين باق حتى لو أتى به بعد ذلك عامداً حنث وإن قال لا أفارق غريمي أي حتى يوفيني فهرب منه أي قبل الوفاء لم يحنث لأنه لم يفارقه وسواء أمكنه اتباعه أو إمساكه فلم يفعل أم لا في الأصح وكذا لو فارقه بإذنه على الأصح خلافاً لابن كج ، وعليه يدل كلام الشيخ والماوردي حيث قيد المسألة بالهرب . وقد يجاب بأن الشافعي رحمه الله إنما صوّرها بالفرار بناء على الغالب والمراد بالمفارقة هنا ما يقطع خيار المجلس اه شرح التنبيه لابن الملقن .
فرع : حلف بالله لا يأكل كذا فابتلعه حنث سواء مضغه أم لا وهذا بخلاف الطلاق فإنه لا يقطع بالبلع من غير مضغ والفرق أن الأيمان مبنية على العرف والعرف يعد البالع آكلاً ولهذا يقال فلان يأكل الحشيشة والبرش مع أنه يبلعهما ابتداء والطلاق مبني على اتباع اللفظ اه ز ي ولو حلف لا يسافر بحراً شمل ذلك النهر العظيم . كما أفتى به الوالد فقد صرح الجوهري في صحاحه بأنه يسمى بحراً فإن حلف ليسافرنّ برّ بقصير السفر والأقرب الاكتفاء بوصوله محلاً(5/283)
"""""" صفحة رقم 284 """"""
يترخص منه المسافر ، وإنما قيدوا ذلك بما يتنقل فيه المسافر على الدابة بأن ذلك رخصة تجوّزها الحاجة ولا حاجة فيما دون ذلك اه م ر . قوله : ( هذه القاعدة ) وهي أن مطلق العقود ينزل على الصحيح وإن لم يذكرها الشارح بعنوان القاعدة شيخنا . قوله : ( إلا في المسألة ) فيه أن هذا ليس من الحلف الذي الكلام فيه وقال ق ل قوله : إلا في مسألة الخ فيه ، نظر فإن هذا ليس من الحلف والمهر وجب بالوطء وإن لم يكن أذن من السيد اه فهي دخيلة هنا . قوله : ( أوجب فيها المهر ) أي في كسبه . قوله : ( العبادات ) بأن قال : والله لا أصلي أو لا أحج . قوله : ( الفاسد ) أي ابتداء أو دواماً م ر . قوله : ( لم يحنث ) ضعيف في الأولى وهي ما إذا حلف أن لا يزوّج موليته الخ لأن التوكيل يمنع من الحنث إلا التوكيل في الزواج . قوله : ( لم يحنث ) اعتمد م ر الحنث واعتمد فيما قبلها عدم الحنث ولعل وجهه أن الإذن في قوله : لا تخرج إلا بإذنه معناه الإذن في المستقبل فصار مانعاً لها من الخروج بدون إذن جديد كما أنه في مسألة لا يبيع ولا يوكل لا يحنث ببيع وكيله بوكالة سابقة لعدم وكالة جديدة لأنها المحلوف عليها دون السابقة م د . قوله : ( فكاتبه ) أي أو دبره أو علق عتقه بصفة . قوله : ( ولو حلف لا ينكح ) هذا مستثنى من قول المتن : ومن حلف أن لا يفعل شيئاً فأمر غيره ففعله لم يحنث فكأنه قال : فعل الغير لا يحنث به إلا في النكاح والرجعة على المعتمد فيهما .(5/284)
"""""" صفحة رقم 285 """"""
قوله : ( حنث بعقد وكيله ) أي ما لم يقصد أنه يتعاطى العقد بنفسه فإن قصد ذلك لم يحنث بفعل وكيله نعم إن نوى بالنكاح الوطء لم يحنث بعقد وكيله لما مر من أن المجاز يتقوّى بالنية شرح م ر أ ج .
فرع : حلف لا يطأ فلانة فوطئها بعد الموت ، لم يحنث على الأوجه لابن الملقن .
فرع : حلف لا يكتب بهذا القلم فكسره ثم براه وكتب به لم يحنث قاله أصحاب أبي حنيفة وادّعى الرافعي أن أصولنا تخالفه وردّ عليه في الروضة لأن القلم اسم للمبري دون القصبة وإنما سميت القصبة قبل البري قلماً مجازاً لا حقيقة .
فرع : قال الدميري : في رجل له على آخر دين فقال : إن لم أقبض منك اليوم فامرأتي طالق ، فقال صاحبه : إن أعطيتك اليوم فامرأتي طالق . طريقه أن يأخذ منه صاحبه جبراً عليه فلا يحنثان اه خ ض . قوله : ( سفير ) أي واسطة وقوله : محض أي خالص لا يقع العقد له أصلاً . قوله : ( لمقتضى نصوص الشافعي ) أي من حمله على نفسه فلا يحنث بعقد وكيله أخذا بعموم كون الحلف لا يشمل فعل الغير . وقوله : ولقاعدته أي التي في المتن وقوله : وللدليل هو قول الشارح لأنه حلف على فعل نفسه ولم يفعل . قوله : ( فوكل من يراجعها ) أي سواء قلنا الرجعة ابتداء نكاح أم استدامة . فالمعتمد أنه يحنث . قوله : ( فروع ) أي أحد عشر وغالبها من قبيل منطوق كلام المتن . قوله : ( فعلى قولي المكره ) أي فالحنث وعدمه مبنيان على قولي المكره ، والمعتمد أنه لا يحنث ومحل الخلاف في المكره إذا أكره ، على الحنث أما إذا أكره على الحلف ثم فعل لا يحنث قولاً واحداً لعدم انعقاد اليمين ، وهذا هو الفرع الأوّل وقوله : ولو حلف الأمير هو الثاني وقوله : ولو حلف لا يبني هو الثالث وقوله : أو لا يحلق رأسه هو الرابع . وقوله : أو لا يبيع هو الخامس . وقوله : ولو حلف لا يبيع مال زيد هو السادس . وقوله : ووقت الغداء سابع . ووقت العشاء ثامن . وقدرهما أن لا يأكل تاسع . وقوله : ووقت السحور عاشر . وقوله : ولو حلف الخ الحادي عشر .(5/285)
"""""" صفحة رقم 286 """"""
قوله : ( كما لو أذن الزوج ) أي فيحنث . قوله : ( فأمرالبناء ببنائه الخ ) كل هذا داخل في كلام المصنف . قوله : ( لي ) صفة لمالاً أي لا يبيع زيد مالاً كائناً لي . قوله : ( إنما يعتبر في المباشر الخ ) أي في الحالف المباشر الخ وفيه : أنهما اعتبرا في الذي يبالي بتعليقه كما ذكره في الطلاق ، ثم رأيت في شرح الروض . قال : ومحل ذلك إن لم يقصد منع زيد فإن قصد منعه فيأتي فيه التفصيل المار في الطلاق اه . أي من كون زيد يبالي بحنثه وكونه قصد إعلامه أو لا . قوله : ( ووقت الغداء الخ ) أي فيما لو حلف أنه لا يتغدى بالدال المهملة فلا يحنث إلا إذا شبع قبل الزوال . قوله : ( لا أحصي ثناء عليك ) أي لا أقدر على إحصائه . وقوله أنت توكيد للكاف فيكون في محل جر قال ابن مالك :
ومضمر الرفع الذي قد انفصل
أكد به كل ضمير اتصل
فقوله : كما أثنيت الكاف بمعنى مثل وهي صفة لثناء وما مصدرية مؤولة مع مدخولها بمصدر أي مثل ثنائك على نفسك وإذا كان لا يقدر على إحصائه فلا يطيقه وكتب بعضهم . لا أحصي ثناء عليك أي لا أطيق ثناء ولا أضبط ثناء عليك بمعنى لا أقدر على ثناء عليك ، والتنوين في ثناء للتنويع أي نوعاً مخصوصاً من الثناء وهو الذي يليق بك وما في كما مصدرية أي لثنائك على نفسك أو موصولة أي ثناء بمعنى المثنى به أي كالذي أثنيت به على نفسك في كونه قطعياً تفصيلياً غير متناه أو موصوفة أي مثل ثناء أثنيت به اه . قوله : ( فليقل ) رُوي ( أن جبريل علمه لآدم وقال علمتك مجامع الحمد ) قوله : ( حمداً ) معمول لمحذوف أي حمدت(5/286)
"""""" صفحة رقم 287 """"""
حمداً وليس معمولاً للحمد لأن المصدر لا يخبر عنه قبل معموله . وقوله : يوافي نعمه أي يقابلها بحيث يكون بقدرها فلا تقع نعمة إلا مقابلة لهذا الحمد بحيث يكون الحمد بإزاء جميع النعم . وهذا على سبيل المبالغة ، بحسب ما ترجاه وإلا فكل نعمة تحتاج إلى حمد مستقل أو يجعل التنوين في حمداً للتكثر وقوله : ويكافىء مزيده أي يساوي النعم الزائدة من الله . والمزيد مصدر ميمي من زاده الله النعم والضمير لله أي مزيد الله للنعم ؛ والمعنى أنه يترجى أن يكون الحمد الذي أتى به موفياً بحق النعم الحاصلة بالفعل ومساوياً لما يزيد منها في المستقبل لأن المكافأة المساواة اه ولو حلف ليصلينّ عليه أفضل الصلاة برّ بالصيغة التي في الصلاة الإبراهيمية . واستشكل بعدم اشتمالها على السلام ، وأجيب بأنه إنما التزم الصلاة م د .
فرع : من صلى في فضاء من الأرض بأذان وإقامة وكان منفرداً وحلف أنه صلى بالجماعة لا كفارة عليه لأنه رُوي أنه عليه الصلاة والسلام قال : ( من أذن وأقام في فضاء من الأرض وصلى وحده صلت الملائكة خلفه صفوفاً ) فإذا حلف على هذا المعنى لا يحنث .
فرع : حلف لا يصلي لا يحنث بالجنازة لأنها غير معهودة قاله القفال : في فتاويه شرح التنبيه .
فرع : ولو حلف على فعل شيء مثلاً كأن حلف أن لا يدخل الدار فسأل بعض الفقهاء فقال له : إذا طلعت من الحائط لا تحنث ، لجهل المسؤول فتسوّر من الحائط لم يحنث بما فعله قبل العلم لاعتماده على قول المخبر اه عبد البر وفي المنهج ومن حلف لا يدخل الدار حنث بدخوله داخل بابها حتى دهليزها . ولو برجله معتمداً عليها فقط لا بصعود سطح من خارج الدار ولو محوّطاً لم يسقف اه وصورة السطح أن يكون له درج يصعد عليها له خارج الدار اه م د على التحرير . قوله : ( وكفارة اليمين ) من الكفر بفتح الكاف وسكون الفاء وهو الستر وأصله في اللغة لا يطلق إلا على ستر جسم بجسم آخر فما هنا مجاز أو حقيقة شرعية وتقدم أنها جابرة في حق المسلم وزاجرة في حق غيره وسميت بذلك للأغلب . إذ لا إثم في نحو المباح المندوب ، ثم إن كان عقد اليمين طاعة فحلها معصية كأن لا يزني ثم زنى . قوله : ( الحر ) أي كله لأن المبعض يخير بين الخصلتين الأخيرتين فقط . قوله : ( مخير فيها ابتداء ) قال العلامة خالد في شرح الأزهرية : ولا يجوز الجمع بين الجميع على اعتقاد أن الجميع هو الواجب في الكفارة اه . وكتب عليه الشنواني قوله : ولا يجوز الجمع فيه نظر وما المانع من جواز الجمع وغاية الأمر أنه إذا جمع بينهما مع الإعتقاد المذكور أو عدمه وقع واحدة منها(5/287)
"""""" صفحة رقم 288 """"""
كفارة فقط قال الأسنوي في التمهيد لو أتى بخصال الكفارة كلها أثيب على كل واحد منها لكن ثواب الواجب أكثر من ثواب التطوع . ولا يحصل ثواب الواجب إلا على أعلاها ، إن تفاوتت لأنه لو اقتصر عليه يحصل له ذلك . فإضافة غيره إليه لا تنقصه ، وإن تساوت فعلى أحدها وإن ترك الجميع عوقب على أقلها ، لأنه لو اقتصر عليه لأجزأ ذكره ابن التلمساني في شرح المعالم وهو حسن اه . أقول : وما ذكره من وقوع واحد منها كفارة هو مسلم . وليس هو محل الكلام فيما لو أخرجها مع اعتقاد أن الجميع كفارة واجبة . وهو حرام لاعتقاد ما ليس واجباً واجباً كما لو صلى زيادة على الرواتب مع اعتقاد أنها مطلوبة للشارع اه ع ش على م ر .
قوله : ( فعل واحد ) الأولى حذفه وإبقاء المتن على حاله لأن بين لا تضاف إلا إلى متعدد . قوله : ( عتق رقبة ) وهو أفضلها ولو في زمن الغلاء وبحث ابن عبد السلام أن الإطعام في زمن الغلاء أفضل . ز ي وشرح م ر . وكأن الأولى : أن يعبر بإعتاق بدل عتق كما عبر به شيخ الإسلام في المنهج قال الشوبري : ولم يقل عتق لأنه لو ورث من يعتق عليه فنواه عن الكفارة لم يجز اه . قوله : ( كل مسكين ) أي نصيب كل مسكين مدّ فهو على حذف مضاف . قوله : ( من جنس الفطرة ) أي ويكون من غالب قوت بلد الحالف وإن كان المكفر غيره في غير بلده . والمراد غالب قوت السنة ز ي . وقوله : وإن كان المكفر غيره في غير بلده أي لأن العبرة بقوت بلد المؤدى عنه حج . فإن لم يكن مستوطناً ببلد فأيّ بلد أخرج من قوتها أجزأ ز ي وعبارة م ر من غالب قوت بلده أي المكفر فلو أذن لأجنبي في أن يكفر عنه اعتبر بلد المأذون له لا الآذن فيما يظهر ولا ينافيه أن قياس ما في الفطرة اعتبار بلد المكفر عنه لأن تلك طهرة للبدن فاعتبر بلده ولا كذلك هذا والأوجه اعتبار بلد الآذن كالفطرة . قوله : ( بما يسمى كسوة ) ولو متنجساً أو من جلد أو لبد أو فروة حيث اعتيد لبسه بأن يعطيهم ذلك على وجه التمليك وإن فاوت بينهم في الكسوة شرح م ر . وأوجب الإمام مالك وأحمد ساتر العورة ق ل ، وقوله : ولو متنجساً لكن يلزمه إعلامهم به لئلا يصلوا فيه . وقضيته أن كل من أعطى غيره ملكاً أو عارية مثلاً ثوباً مثلاً به نجاسة خفية غير معفوّ عنها بالنسبة لاعتقاد الآخذ عليه إعلامه بها حذراً من أن يوقعه في صلاة فاسدة ويؤيده قولهم : من رأى مصلياً به نجس غير معفوّ عنه أي عنده لزمه إعلامه به .
قوله : ( أو طيلساناً ) والحاصل أن ما يغطى به الرأس مع أكثر الوجه إن كان معه تحنيك أي إدارة على العنق قيل له طيلسان وربما قيل له رداء مجازاً وإن لم يكن معه تحنيك قيل له :(5/288)
"""""" صفحة رقم 289 """"""
رداء وقناع وربما قيل له : مجازاً طيلسان وهو ما كان شعاراً في القديم لقاضي القضاة الشافعي خاصة قال بعضهم : بل صار شعاراً للعلماء ومن ثم صار لبسه يتوقف على الإجازة من المشايخ كالإفتاء والتدريس فكان الشيخ يكتب في إجازته وقد أذنت له في لبس الطيلسان لأنه شهادة بالأهلية وما يجعل على الأكتاف دون الرأس يقال له : رداء فقط وربما قيل له : طيلسان أيضاً مجازاً وصح عن ابن مسعود وله حكم المرفوع ( التقنع من أخلاق الأنبياء ) . وقد ذكر بعضهم أن الطيلسان الخلوة الصغرى وفي حديث ( لا يقنع إلا من استكمل الحكمة في قوله وفعله ) وكان ذلك من عادة فرسان العرب في المواسم والجموع كالأسواق . وأول من لبس الطيلسان بالمدينة جبير بن مطعم وعن الكفاية لابن الرفعة أن ترك الطيلسان للفقيه مخل بالمروءة أي وهو بحسب ما كان في زمنه اه من السيرة الحلبية وفي المناوي على الخصائص روى الترمذي بسند ضعيف عن ابن عمر مرفوعاً ( ليس منا ) أي من العاملين بهدينا . والجارين على المنهاج سنتنا ( من تشبه بغيرنا ) أي من أهل الكتاب في نحو ملبس وهيئة ومأكل ومشرب وكلام وسلام وتكهن وتبتل ونحو ذلك . ( لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى ، فإن تسليم اليهود إشارة بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالأكف ) . ولا منافاة بين هذا الخبر وبين خبر ( لتتبعنّ سنن من كان قبلكم ) وخبر ( ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ) لأن المراد هنا أن جنس مخالفتهم وتجنب مشابهتهم أمر مشروع . وأن الإنسان كلما بعد عن مشابهتهم فيما لم يشرع لنا . كان أبعد عن الوقوع في نفس المشابهة المنهيّ عنها قال السمهودي : واستدل بهذا الخبر على كراهة لبس الطيلسان لأنه من ملابس اليهود والنصارى وفي مسلم ( إن الدجال يتبعه اليهود عليهم الطيالسة ) وعورض بما خرجه ابن سعد ( أنه سئل عن الطيلسان فقال هذا ثوب لا يؤدى شكره ) وبأن الطيالسة الآن ليست من شعارهم بل ارتفع في زماننا وصار داخلاً في عموم المباح وقد ذكره ابن عبد السلام في البدع المباحة . قال ابن حجر : وقد يصير من شعار قوم فيصير تركه مخلاً بالمروءة اه .
قوله : ( أو منديلاً ) انظر وجه إجزائه مع أنه لا يسمى كسوة . وعبارة ح ل قوله : أو منديلاً أي منديل الفقيه ، وهو شدّه الذي يوضع على الكتف أو ما يجعل في اليد وهو المنشفة الكبيرة اه . فقول الشارح : أو كسوتهم أي ولو لبعض البدن شيخنا العشماوي . قوله : ( أو ملبوساً ) ولا(5/289)
"""""" صفحة رقم 290 """"""
بد أن يكون غير متخرق اه س ل ، قوله : ( التبان ) بضم المثناة الفوقية وتشديد الموحدة سروال قصير يستر العورة المغلظة يلبسه الملاحون ونحوهم اه . قسطلاني وعبارة المختار والتبان بالضم والتشديد سروال صغير مقدار شبر يستر العورة المغلظة . أي السوأتين فقط فيكون للملاحين اه .
قوله : ( سراويل ) هو مفرد بدليل وصفه بقصير قال ابن مالك :
ولسراويل بهذا الجمع
شبه اقتضى عموم المنع
قوله : ( وإن كان بعيداً ) أي لأن الواجب كسوة المساكين كما يدل عليه قوله : أو كسوتهم لا كسوة دوابهم اه . ولا تكفي عرقية الرأس وانظر ما الفرق بينها وبين المنديل مع أنها تسمى كسوة رأس تأمل شيخنا . قوله : ( كالطعام العتيق ) فإنه يجزىء في الكفارة وزكاة الفطر ، ونسخه كالخام العتيق وعلى الثاني يكون مما نحن فيه لأن الكلام في الكسوة وعلى الأوّل لا يناسب إلا أن نجعل الكاف للتنظير . قوله : ( وكونه يرد ) أي إذا اشترى قمحاً فوجده عتيقاً مسوّساً فله رده لأن ذلك يخلّ بالمالية . ومع ذلك يجزىء في الكفارة وفي زكاة الفطرة إذا كان هو غالب قوت البلد ولم يخرج بذلك عن كونه مأكولاً . قوله : ( ثوباً ) أي كالمقطع القماش لأنه كله يسمى شيئاً واحداً ، بخلاف ما لو دفع الأمداد لهم دفعة واحدة . قوله : ( أو لم يجد ) أي شيئاً كاملاً فاضلاً عن كفاية العمر الغالب . بأن لم يجد شيئاً أصلاً أو وجد بعضاً من الثلاثة أو وجد كاملاً منها لكن لم يكن فاضلاً عن كفايته فيكفر بالصوم .
فرع : لو قال : كل ما أملكه حرام عليّ وله زوجات ، وإماء كفاه كفارة عن الجميع على(5/290)
"""""" صفحة رقم 291 """"""
الأصح شرح ابن الملقن . قوله : ( برق ) متعلق بعجز وقوله : بغير غيبة ماله متعلق بمحذوف أي حالة كون العجز كائناً بغير غيبة ماله . قوله : ( فصيام ثلاثة أيام ) أي فالواجب صيام ثلاثة ، ولو متفرقة كما في المنهج . فالغاية للرد على القائل بوجوب التتابع لقراءة ابن مسعود وأبي بن كعب متتابعات والقراءة الشاذة كخبر الآحاد في وجوب العمل بها . وأجيب بأنها نسخت حكماً وتلاوة كما يأتي في الشرح . قوله : ( بغير صوم ) وأما الصوم فواضح عدم إجزائه لأنه عبادة بدنية وهي لا تقبل النيابة اه . سم ولا يخفى ما فيه وإنما نص على غير الصوم لأنه محل توهم ، وكذلك يمتنع عليه الإعتاق عنه لأنه ليس من أهل الولاء . قوله : ( بالإطعام والكسوة ) أي لا بالإعتاق لأنه يستعقب الولاء لمن عتق عن كفارته وليس هو من أهله م ر . قال سم : هلا جاز أيضاً لزوال الرق بالموت وأي فائدة في الإعتاق عنه بعد موته مع أنه لا وارث له فولاؤه يكون لمن ؟ تأمل وحرر . قوله : ( بغيبة ماله ) ولو فوق مسافة القصر فلم يفرقوا بين مسافة القصر وغيرها على المعتمد . وبحث البلقيني تقييدها بدون مسافة القصر قياساً على الإعسار في الزكاة وفسخ الزوجة والبائع مردود ح ل .
قوله : ( فينتظر حضور ماله ) ولو فوق مسافة القصر وإنما عدّ معسراً في الزكاة وفسخ الزوجة والبائع للضرورة ولا ضرورة بل ولا حاجة هنا إلى التعجيل لأنها واجبة على التراخي أي أصالة حيث لم يأثم بالحلف وإلا لزمه الحنث والكفارة فوراً س ل . قوله : ( ومكان الكفارة مطلق ) أي لا يتوقف على فقراء محل الحنث ح ل . قوله : ( فاعتبر ) أي اليسار وعدمه وقوله : مطلقاً أي بأيّ محل كان . قوله : ( فإن كان هناك رقيق غائب الخ ) هذا استثناء من قوله : فينتظر حضور ماله وقوله : يعلم حياته أي حالاً أو مآلاً كما لو بانت حياته بأن أعتقه على ظن موته فبان حياً فيجزىء اعتباراً بما في نفس الأمر وقياسه أنه لو دفع في الكفارة ما لا يظن أنه ملك غيره فبان ملكه أو دفع لطائفة يظنها غير مستحقة للكفارة فبان خلافه أجزأة ذلك كما نص عليه ع ش على م ر .(5/291)
"""""" صفحة رقم 292 """"""
قوله : ( ولا يجد ما يفضل عن ذلك ) أي عن كفاية بقية العمر الغالب على المعتمد ولو كان يملك نصاباً أو أكثر . قوله : ( وله أخذها ) أي ويكفر بالصوم . قوله : ( والفرق بين البابين ) أي باب الزكاة حيث قلتم بإيجاب الزكاة في النصاب الذي عنده وباب الكفارة حيث قلتم يكفر بالصوم لا بالمال ومقتضى وجوب الزكاة عليه أنه يكفر المال . قوله : ( نسخت ) أي نسخ منها متتابعات فالعائد محذوف . قوله : ( من أمة لا تحل ) بأن كانت محرماً أو مشتركة . والحاصل : أن الأمة إن كانت تحل لا يجوز الصوم مطلقاً إلا بإذن السيد وإن كانت لا تحل أو كان من يلزمه الصوم ذكراً ، توقف الصوم على الإذن بشرطين أن يضر السيد في الخدمة وأن يكون الحنث من غير إذن السيد . وأخذ الشارح محترز القيدين على اللف والنشر المشوّش . قوله : ( والصوم ) أي والحال وعبارة شرح المنهج : والصوم يضره أي غيرها في الخدمة فأشار إلى أن الضمير راجع للغير . ففي عبارة الشارح إيهام . قوله : ( وإن لم يؤذن له ) غاية . قوله : ( للولاية ) أي ولاية التزويج .(5/292)
"""""" صفحة رقم 293 """"""
3 ( ( فصل : في النذور ) ) 3
جمعها لاختلاف أنواعها . قوله : ( وحكي فتحها ) ويكون مصدراً سماعياً بخلاف السكون يكون مصدراً قياسياً وهو من نذر ينذر بضم عين المضارع وكسرها من باب نصر وضرب ز ي . قوله : ( الوعد بخير أو شر ) واستعمال الوعد في الشر لعله من باب المشاكلة فلا ينافيه أن الوعد في الخير والإيعاد في الشر كما في قوله :
وإني وإن أوعدته أو وعدته
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي وصرح أئمة اللغة بأن الوعد يستعمل في الخير والشر مقيداً فيقال : وعده خيراً ووعده شراً وأما عند الإطلاق فيستعمل الوعد في الخير والإيعاد في الشر . وكلام الشارح يحمل على الأوّل فليس من باب المشاكلة . قوله : ( وشرعاً ) أي فيكون للنذر معنيان شرعيان . والثاني أولى لأن الأوّل يشمل ما كان معه التزام أو لا قوله : ( التزام قربة ) وقد فرق شيخ الإسلام زكريا بين القربة والطاعة والعبادة بما حاصله أن الطاعة امتثال الأمر والنهي ، والقربة ما يتقرب به بشرط معرفة المتقرب إليه والعبادة ما تعبد به بشرط النية ومعرفة المعبود فالطاعة توجد بدونهما في النظر المؤدي إلى معرفة الله تعالى ، إذ معرفته إنما تحصل بتمام النظر ، والقربة توجد بدون العبادة في القرب التي لا تحتاج إلى نية كالعتق ، والوقف . قوله : ( تأكيداً ) أي تحقيقاً وقوله : لما التزمه فيه نظر لأنه يقتضي أن الالتزام سابق على اليمين والنذر . ولكن يتأكد بهما وليس كذلك بل ما حصل الالتزام إلا بهما فكان الأولى أن يقول : لأن بعض أفراد النذر فيه كفارة يمين أو يقال إن المعنى تأكيداً لما أراد أن يلتزمه ، وعبارة ع ش قوله : تأكيداً لما التزمه لعل الأولى تأكيداً لما وعد به إذ الالتزام لم يأت إلا من النذر إذ الوجوب إنما جاء من جهته . قوله : ( ومن نذر أن يعصي الله ) وتسمية هذا نذراً على سبيل المشاكلة وهي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته على حد قوله تعالى : ) تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } ) المائدة : 116 ) وقيل : إن هذه الآية ليست من باب المشاكلة ويؤيد ذلك قوله تعالى : ) كتب ربكم على نفسه الرحمة } ) الأنعام : 54 ) والمراد بالنفس الذات أو على قول : من يقول : إن الأسماء الشرعية تعم الصحيحة والفاسدة .(5/293)
"""""" صفحة رقم 294 """"""
قوله : ( وفي كونه قربة أو مكروهاً خلاف ) فقال الرافعي : قربة وجزم به القاضي حسين والمتولي واقتضاه كلام النووي في المجموع في باب ما يفسد الصلاة والنهي عنه محمول على من علم من نفسه عدم القيام بما التزمه جمعاً بين الأدلة وقيل مكروه وجزم به في المجموع وحكاه السنجي عن النص هذا والذي قاله ابن الرفعة : هو المعتمد م ر وعبارة س ل والأصح أنه في نذر اللجاج مكروه وعليه يحمل خبر إنما يستخرج به من البخيل وفي نذر التبرر مندوب اه . قوله : ( ونفوذ تصرف الخ ) وزيد إمكان الفعل فلا يصح نذره صوماً لا يطيقه ولا نذر بعيد عن مكة حج هذه السنة س ل ، وكان الوقت لا يسع السير إلى مكة . قوله : ( ينذره ) بضم الذال وكسرها مع فتح الياء فيهما فبابه ضرب ونصر كما في المختار . قوله : ( فلا يصح النذر من كافر ) لا يخفى أن عبارة المصنف النذر يلزم في المجازاة فهي مبتدأ وخبره جملة وفاعل يلزم ضمير عائد على النذر والشارح جعل لفظ النذر فاعلاً بفعل محذوف منفي وجعل جملة يلزم مستأنفة وجعل فاعل الفعل محذوفاً وجعل الظرف متعلقاً به ولا يخفى ما في ذلك من التشتيت ومخالفة الوضع العربي فراجعه ق ل . والمراد بقوله فلا يصح الخ أي نذر التبرر دون نذر اللجاج فإنه يصح وكان قياسه صحة نذر التبرر منه أيضاً إلا أنه لما كان فيه مناجاة أشبه العبادة ومن ثم لم يبطل الصلاة بخلاف نذر اللجاج خلافاً للشارح حيث سوّى بينهما في عدم الإبطال . والفرق بين النذر والوقف حيث صح من الكافر مع أنه قربة أن الوقف وإن كان قربة ليست متمحضة لأن فيه نقل الحق إلى الموقوف عليهم بخلاف النذر فإنه قربة محضة اه . أ ج وعبارة شرح الروض وإنما صح وقفه وعتقه ووصيته وصدقته من حيث إنها عقود مالية لا قربة أي لا من حيث كونها قربة وإن كانت حاصلة فلا ينظر لها .
قوله : ( لعدم أهليته للقربة ) يرد عليه صحة عتقه وصدقته قال ح ل : لما كان نذر التبرر فيه مناجاة أشبه العبادة ومن ثم لم يبطل الصلاة بخلاف نذر اللجاج خلافاً لشيخ الإسلام حيث سوّى بينهما في عدم الإبطال فلا ينافي صحة نحو عتقه من كل ما لا يتوقف على نية . قوله : ( في القرب ) متعلق بيصح المقدر أي ولا يصح ممن الخ . قوله : ( المالية ) كهذا الثوب خرج البدنية وقوله : العينية خرج المتعلقة بالذمة أي ففيه تفصيل فيصح من المفلس دون السفيه لأن السفيه ، لا ذمة له ح ل وبحث بعضهم أن نذر العبد مالاً في ذمته كضمانه وسبق في كتاب الضمان أنه لا يصح ضمانه بغير إذن سيده وهذا هو المعتمد كما قاله ز ي : ومثله في شرح م ر(5/294)
"""""" صفحة رقم 295 """"""
ويصح بإذنه ويؤيده من كسبه الحاصل بعد النذر اه ع ش وعبارته على م ر . وقوله : العينية خرج التي في الذمة فيصح نذر المحجور لها كما اعتمده سم وظاهره أنه لا فرق بين حجر الفلس والسفه ثم انظر بعد الصحة من أين يؤدي السفيه هل بعد رشده أو يؤدي الولي من مال السفيه ما التزمه ثم رأيت في شرح الروض أن السفيه يؤدي بعد رشده فلو مات ولم يؤد أخرج من تركته قياساً على تنفيذ وصيته اه . قوله : ( يشعر بالتزام ) فنحو مالي صدقة ليس بنذر لعدم الالتزام وكذا نذرت لله لأفعلنّ كذا لذلك . فإن نوى به اليمين كان يميناً ونذرت لزيد كذا كذلك لكن لو نوى به الإقرار لزم به ح ل . قوله : ( ما مر في الضمان ) من إشارة الأخرس وكتابة ولو من ناطق . قوله : ( ويلزم ذلك ) أي كذا المذكور في الصيغة السابقة . قوله : ( بناء الخ ) يقتضي أنا لو لم نبن على ما ذكر لا يلزمه ذلك بالنذر وليس كذلك لأنه يلزمه ما التزمه مطلقاً سواء بنينا على ما ذكر أو لا ولا يصلح قوله : بناء الخ تعليلاً إلا فيما لو نذر أن يصلي أو يصوم فيجب أن يصلي من قيام ويجب عليه تبييت النية بناء على أنه يسلك به الخ فاشتبه على الشارح الأمر ويمكن أن يكون قوله : بناء علة لمحذوف . أي ويتبع فيه الواجب بالشرع بناء الخ تأمل .
قوله : ( كأكل وشرب ) كلامه صريح في أن المباح هو المنذور بأن قال : إن شفى الله مريضي فعليّ أكل كذا أو شرب كذا الخ . فلذلك عقبه بقوله : إنه سهو والتصوير بذلك يرده قول المتن الآتي . لا يلزم النذر على ترك أو فعل مباح كقوله : لا آكل لحماً الخ قال ق ل : إنه اشتبه على الشارح الملتزم بالمعلق عليه والذي يشترط كونه قربة هو الملتزم لا المعلق عليه فلو قال : إن قام زيد أو قعد فلله عليّ كذا صح كما يدل عليه لفظ المجازاة فالمجاوزة واقعة بمطلوب على فعل مباح فكان ينبغي للشارح أن يسقط لفظة نذر في قوله على نذر فعل الخ . والحاصل : أنه إن كان المنذور معصية أو مباحاً لم ينعقد وإن كان المعلق عليه معصية أو مباحاً فإن تعلق به حثّ أو منع أو تحقيق خبر أو كان فيه إضافة إلى الله تعالى كان يميناً لا نذراً فتجب فيه بالحنث كفارة فتأمل . قوله : ( على فعل مباح ) يقتضي أن النذر المعلق على مباح لا ينعقد مع أنه ينعقد وأيضاً هذا يخالف قوله أو لا على نذر فعل مباح لأنه يقتضي أن المنذور هو المباح نفسه لأنه معلق عليه . والحاصل : أن محل كون المباح لا ينعقد يميناً إذا لم يكن معلقاً ولا مضافاً لله أما إذا كان معلقاً فإن كان نذر لجاج بأن قصد به حث أو منع أو تحقيق خبر ففيه بالمخالفة كفارة يمين لانعقاده يميناً وإن كان مضافاً لله فإن قصد به اليمين كأن قصد به الحث(5/295)
"""""" صفحة رقم 296 """"""
على الفعل لزمه عند المخالفة ذلك أيضاً وإن لم يكن في المعلق نذر لجاج بل تبرر فإن لم يقصد الحث في المضاف إلى الله فلا شيء في المخالفة اه شيخنا .
قوله : ( اللزوم ) أي لزوم الكفارة قوله : ( لأنه نذر ) المناسب لأنه يمين . قوله : ( وهو المعتمد ) أي إن خلا عن الحث والمنع وتحقيق الخبر والإضافة إلى الله وإلا انعقد نذره فيكون فيه كفارة يمين وبهذا يجمع بين من قال : ينعقد وبين من قال : لا ينعقد م ر واعتمد ق ل أنه لا كفارة ثم قال وقول شيخنا م ر : يحمل عدم الكفارة إذا خلا عن حثّ أو منع أو تحقيق خبر وإضافته إلى الله وإلا ففيه الكفارة وهذا جمع بين الكلامين اه غير مستقيم إذ لا يتصور وجود صورة خالية عما ذكر فيلزم إحالة مالاً كفارة فيه فيبطل الجمع المذكور مع أن في صحة النذر مع الحث ونحوه نظراً وأيضاً في جعل ما ذكر من نذر المباح نظر لأنه التزام قربة على ترك مباح أو فعله فهو من نذر اللجاج وإنما نذر المباح أن يقول : لله عليّ أن أقوم مثلاً أو إن شفى الله مريضي فلله عليّ أن أقوم . وهذا لا كفارة فيه وكذا يقال في المعصية والواجب فتأمل ذلك وحرره فإنه مما لا وجه للعدول عنه اه . ولو جمع في نذرين ما يصح وما لا يصح كقوله : إن سلم مالي وهلك مال زيد أعتقت عبدي وطلقت زوجتي فلكل حكمه ويلزمه الجزاء في عتق العبد لا طلاق الزوجة ق ل .
قوله : ( أو لله الخ ) هذه صيغة مستقلة وليس معلقاً على ما قبله كما يؤخذ من الروض ويدل له إفرادها بجواب مستقل . قوله : ( من حيث اليمين ) أي لأن قوله : لله عليّ أن أدخل الدار ، فيه حثّ على دخول الدار ؛ والقاعدة : أن ما تعلق به حثّ أو منع أو تحقيق خبر كان يميناً . والحاصل : أن نذر المباح تارة يكون حثاً كإرادته إلزام نفسه بالفعل فقط . فهذا لا ينعقد نذراً لكن تلزم فيه الكفارة لأنه يمين لتعلق الحث به وتارة لا يتعلق به شيء من الثلاثة المتقدمة . كأن يطلق في الصيغة فهذا لا ينعقد ولا يلزم فيه كفارة اه م د . قوله : ( على فعل طاعة الخ ) هذا من الشارح سهو لأن كلام المصنف في المعلق عليه والشروط المذكورة مع(5/296)
"""""" صفحة رقم 297 """"""
الأمثلة إنما هي في المنذور نفسه كما في متن المنهج لا في المعلق عليه فإنه إذا علق النذر على فرض عيني مثلاً صح كقوله : إن صليت الظهر فلله عليّ أن أتصدق أو أعتق فيجب عليه ما التزمه وعلى كلام الشارح يحتاج إلى تقدير يناسب كلمة على أي المشتمل على فعل طاعة الخ اه شيخنا . قوله : ( وطول قراءة صلاته ) أي من غير إمام لقوم لا يرضون بالتطويل وإلا بأن كان إماماً لقوم يرضون بالتطويل كان مكروهاً لا ينعقد نذره لأن العبرة في الطلب وعدمه بحال الناذر اه م د . والأوجه ضبط التطويل الملتزم هنا بأدنى زيادة على ما يندب لإمام غير محصورين الاقتصار عليه م ر س ل .
قوله : ( وصلاة جماعة ) ويخرج من عهدة ذلك بالاقتداء في جزء من صلاته لانسحاب حكم الجماعة على جميعها اه ع ش على م ر . قوله : ( بأن صحتها ) أي الثلاثة . قوله : ( ولو معينة ) والمعتمد أنه إن عين أعلاها صح نذره أو أدناها فلا كما أفتى به م ر اه ز ي . قوله : ( وهو نوع من التبرر ) نذر التبرر بأن يلتزم قربة بلا تعليق كعليّ كذا أو بتعليق بحدوث نعمة أو ذهاب نقمة ولو قال : إن شفى الله مريضي فعليّ أن أتصدق بدينار فشفي جاز دفعه إليه إذا كان لا يلزمه نفقته وكان فقيراً ع ش على م ر . قوله : ( ولا يتقدر الخ ) يعني أنه لا يقال : كما حملنا(5/297)
"""""" صفحة رقم 298 """"""
الصلاة على أقل ما يجب وهو ركعتان كذلك نحمل الصدقة على أقل ما وجبت وهو إما خمسة دراهم أو نصف دينار . لأنه أقل الواجب في الزكاة لأن النظر لأقل ما يجب لا ينحصر فيما ذكر بل قد يكون أقل متموّل . قوله : ( لأن ذلك ) أي أقل متموّل قد يلزمه في الشركة كما إذا كان نصاباً مشتركاً بين مائتين مثلاً ووجب فيه ربع العشر فالواجب على كل منهم أقل متموّل . قوله : ( فشفي ) ويحصل الشفاء بأن يذهب أصل المرض ويوجد في المريض بعض قوّة وعبارة س ل ويظهر أن المراد بالشفاء زوال العلة من أصلها وأنه لا بد فيه من قول عدلي طبّ أخذ مما مرّ في المرض المخوف أو معرفة المريض ولو بالتجربة وأنه لا يضر بقاء أثره من ضعف الحركة ونحوه . اه وفي ق ل ما نصه ويعلم الشفاء بقول عدل رواية وفي التجرية ما مرّ في التيمم ولا يصح إن علق بمشيئة الله اه . ولو قال : إن شفي الله مريضي عمرت مسجد كذا أو دار زيد أو فعليّ ألف دينار فلغو ، وكذا لو قال : العتق يلزمني ما فعلت كذا أو فعلته أو لا أفعله أو لا فعلته إذ لا تعليق ولا التزام والعتق لا يحلف به لكن قال شيخنا م ر : إن نوى الالتزام تخير كنذر اللجاج . ولو قال : مالي صدقة فلغو وإن دخلت الدار فمالي صدقة فكنذر اللجاج أو إن شفى الله مريضي فمالي صدقة فتبرر فيلزمه صرف جميع ماله للفقراء ولو قال : مالي طالق فإن نوى النذر فكاللجاج وإلا فلغو ولو قال : جعلت هذا للنبي صح وصرف في مصالح الحجرة الشريفة من بناء وترميم وإن قال : إن حصل لي كذا جئت له بكذا فلغو ق ل اه وقوله : عمرت مسجد كذا الخ خرج به . ما لو قال : عليّ عمارة مسجد كذا فتلزمه عمارته . ويخرج من عهدة ذلك بما يسمى عمارة لمثل ذلك المسجد عرفاً اه ع ش على م ر . قوله : ( كقوله ) أي لا على وجه اللجاج والغضب .
قوله : ( لعدم الجزم الخ ) فيه أن جميع النذور المشتملة على التعليق ليس فيه جزم بالمعلق عليه . وقوله : اللائق بالقرب صفة للجزم وهو غير ظاهر لأن القرب المعلقة على شيء ليس(5/298)
"""""" صفحة رقم 299 """"""
فيها جزم . قوله : ( نعمة مقصودة ) الظاهر أنه مفعول لقوله : مشيئة أي قصد أن يشاء زيد نعمة مقصودة كأن يشاء العفو عنه أو إكرامه مثلاً كان شاء زيد فعليّ كذا وقصد التعليق على وقوع حدوث مشيئة زيد نعمة له . قوله : ( كقدوم زيد ) تنظير . قوله : ( ولا يصح نذر الخ ) فيه تغيير إعراب المتن لأن نذر مبني على الفتح في محل نصب اسم لا النافية للجنس فجعله الشارح فاعلاً لفعل محذوف . فلو قال كما قال ابن سم العبادي : ولا نذر ينعقد في فعل معصية الخ لسلم من ذلك . قوله : ( إن قتلت فلاناً ) ما لم يكن قتله قربة فإن كان كالحربي فإنه يلزمه ما التزم وهذا ظاهر . قوله : ( أورد في التوشيح ) أي على قولهم لا نذر في معصية الله وعبارة م ر ولا يستثنى من ذلك صحة إعتاق الراهن الموسر لأنه جائز اه . وعليه فينعقد نذره . قوله : ( في الحال ) بأن كان موسراً عند النذر وقوله : أو عند أداء المال أي إن كان معسراً عند النذر وهذا ضعيف والمعتمد أنه يلغو النذر حينئذ وأما الموسر فاعتاقه . جائز فينعقد نذره فلا إيراد .
قوله : ( لا يجوز ) أي في المعسر أما الموسر فيجوز له العتق ويكون قيمة العبد رهناً مكانه فلم يتم الكلامان لعدم تواردهما على شيء واحد لأن انعقاد النذر محمول على الموسر وعدم جوازه محمول على المعسر قوله : ( وإن تمّ ) أي سلم الكلامان أي قوله : إن نذره منعقد الخ وقوله : وذكروا الخ وقد علمت أنهما لم يتما باعتبار أن إعتاق الراهن الموسر جائز وينعقد نذره فقوله : وذكروا في الرهن أن الإقدام على عتق المرهون لا يجوز غير تام فبطل أن يكون النذر في المعصية منعقداً اه م د . قوله : ( منعقداً ) بالنصب في صحاح النسخ ولا وجه للرفع(5/299)
"""""" صفحة رقم 300 """"""
الموجود في نسخ إلا على جعله خبر مبتدأ محذوف . قوله : ( واستثنى غيره ) أي على قول : ضعيف والمعتمد عدم استثنائه كما سيذكره . قوله : ( وهذا هو الظاهر ) معتمد . قوله : ( ويتأيد ) أي ويتقوّى . قوله : ( أبو إسرائيل ) واسمه قيصر العامري قاله الحافظ عبد العظيم وقال البغوي : اسمه قشير وقيل بشير اه دميري . قوله : ( وسواء أقصد بالنوم الخ ) يؤخذ منه أن كل ما وصفه الإباحة لا يكفي في صحة نذره عروض الطلب له . قوله : ( وزاد الخ ) فيه أن قوله : لم يرد فيه الخ يغني عن هذه الزيادة عشماوي . قوله : ( في القسم الأوّل ) هو قصد العبادة بالمباح نحو النشاط على التهجد بالنوم . قوله : ( وإنما لم يصح ) أي النذر . قوله : ( كما اختاره ) راجع للمنفي . قوله : ( بنفي الانعقاد ) لاقتضاء نفى اللزوم الذي عبر به التخيير بين ما التزمه وكفارة اليمين وليس مراداً . قوله : ( المعلوم منه بالأولى ما ذكر ) أي ما ذكره المصنف من نفي اللزوم وفي نسخ ما ذكره . قوله : ( ولا يلزم عقد النكاح بالنذر ) أي لما تقدم أن ما وضعه الإباحة لا ينعقد نذره إذا عرض طلبه . قوله : ( وإن خالف فيه بعض المتأخرين ) هو شيخ الإسلام في شرح الروض حيث قال : ينعقد نذره عند التوقان ووجوه الأهبة اه أ ج . قوله : ( وإن كان مندوباً ) بأن(5/300)
"""""" صفحة رقم 301 """"""
كان تائقاً ووجد أهبته . قوله : ( لغو ) ضعيف والمعتمد الصحة . قوله : ( لأن المباح ) كالهبة هنا . قوله : ( والأوجه ) هو المعتمد وهو من نذر اللجاج وقيل : من نذر التبرر . قوله : ( نذر المرأة ) كنذرت لزوجي ما وجب لي عليه من الحقوق وكأنها أبرأته من ذلك فيبرأ الزوج ويكون ذلك حيلة في صحة البراءة مع عدم العلم بالمبرأ ويغتفر ذلك ولو كان معدوماً ومجهولاً ووجه ذكر هذه المسألة أنه يباح للمرأة أن تترك لزوجها حقها فكان القياس أن لا يصح نذره أي الترك لإباحته في حقها اه م د . قوله : ( فإنه أعم من أن يكون الموقوف ) أي وإذا كان معيناً فهو نظير مسألتنا أي فيكون الموقوف عليه المعين الذي لم ير الموقوف نظير الزوج الذي لم ير المبرأ منه . قوله : ( خاتمة ) جملتها ست عشرة مسألة .
قوله : ( لزمه ) أي لزمه إتمامه إذا شرع فيه أما نفس النفل فلا يلزمه بل هو باق على نفليته وفائدة نذر إتمامه حرمة إبطاله فيثاب عليه ثواب النفل . قوله : ( أو شيء منه ) أي من الحرم وكذا من غيره من أجزاء مكة كدار العباس اه ق ل قال في الكفاية : لأن مطلق كلام الناذرين يحمل على ما ثبت له أصل في الشرع كمن نذر أن يصلي يحمل على الصلاة الشرعية لا الدعاء ، والمعهود في الشرع قصد الكعبة بحج أو عمرة فحمل النذر عليه سم . وقال الزيادي : لأن ذكر بيت الله الحرام أو جزء من الحرم صار موضوعاً شرعاً على التزام حج أو عمرة اه . والمراد أنه لزمه نسك وإن نفى ذلك في نذره كما في شرح م ر بأن قال : بلا حج ولا عمرة كما في شرح الروض ويلغو النفي قال ع ش على م ر وقوله : وإن نفى ذلك في نذره بخلاف من نذر التضحية بشاة معينة على أن لا يفرق لحمها فإن النذر يلغو ويفرق بينهما بأن النذر والشرط هنا تضاداً في معين واحد من كل وجه لاقتضاء الأول خروجها عن ملكه بمجرد النذر والثاني بقاءها في ملكه بعد النذر بخلافهما ثم فأنهما لم يتواردا على شيء كذلك لأن الإتيان غير النسك فلم(5/301)
"""""" صفحة رقم 302 """"""
يضادّ نفيه الإتيان اه حج بحروفه ومثله . وفي ق ل قال ز ي : ومن نذر إتيان المسجد الحرام وهو داخل الحرم لا يلزمه شيء كما بحثه البلقيني وله احتمال باللزوم وهو المتجه لأن ذكر البيت الحرام أو جزء من الحرم في النذر صار موضوعاً شرعاً على التزام حج أو عمرة . ومن بالحرم يصح نذره لهما فيلزمه هنا أحدهما وأن نذر ذلك وهو في الكعبة أو المسجد حولها اه . ولو نذر المشي مثلاً إلى عرفات فإن نوى الحج مثلاً لزمه وإلا فلا اه ق ل . لأن عرفات : ليست من الحرم .
قوله : ( لزمه مع نسك مشي ) والثاني له الركوب كما لو نذر الصلاة قاعداً فله القيام . وفرق بأن ما هنا يمكن تداركه بالمال وبأن المنذور هنا وصف وذاك جزء فهو كاجزائه عن شاة منذورة ق ل . قوله : ( من مسكنه ) متعلق بالمشي لا بالنسك . قوله : ( أو نذر أن يحج أو يعتمر ) كذا في خط الشارح وسقط منه لفظ ماشياً سهواً وقوله : أو عكسه أي نذر أن يمشي حاجاً أو معتمراً كذا في المنهج وشرحه . قوله : ( فإن ركب ) أي حيث لزمه المشي والمراد به في غير وقت نزوله أو ذهابه لنحو استقاء أو غيره ولو كان الركوب يسيراً والمراد لم يمش ولو كان في سفينة لأنه وإن لم يقل له إنه راكب لكنه غير ماش وهو مراده بالركوب فكأنه قال : فإن لم يمش فلو عبر به لكان أولى ح ل بزيادة في ق ل فرع هل من الركوب السفينة تردد فيه شيخنا . ومال إلى إنه ليس منه لأنه لا يسمى ركوباً عرفاً إذ لا يحنث به من حلف لا يركب وفيه نظر أما أوّلاً فلأن المنذور هنا المشي وهذا لا يسمى مشياً اتفاقاً وأما ثانياً فإن المراد بالركوب هنا ما يقابل المشي وهذا مما يقابله قطعاً مع أن كون ركوب السفينة لا يسمى ركوباً عرفاً فيه منع ظاهر لقوله تعالى : ) وقال اركبوا فيها } ) هود : 41 ) فإن قيل : لا يتبادر إلى الفهم ، قلنا : يشاركه في ذلك ركوب نحو غزال وقرد فتأمل . قوله : ( ولزم دم ) وينبغي أن يتكرر الدم بتكرر الركوب قياساً على اللبس بأن يتخلل بين الركوبين مشي قاله ع ش على م ر وفي ق ل ما نصه : ولا يتعدد الدم بتعدد الركوب . إلا إن تخلله مشي لا في نحو حطّ وترحال ونزول لقضاء حاجة وهكذا ومتى فسد نسكه سقط عنه وجوب المشي وإنما يلزمه المشي في القضاء لأنه المجزىء عن النذر قال الدميري : وإنما يلزمه المشي في القضاء في محل ركب فيه في الأصل وإلا فلا وفيه نظر فراجعه . قوله : ( وإن ركب بعذر ) غاية ومحل لزوم الدم إن عرض العجز بعد النذر وإلا كأن نذره وهو عاجز فإنه وإن صح نذره لكن لا يلزمه المشي ولا الدم إذا ركب وفائدة انعقاد نذره احتمال أن يقدر على المشي بعد ذلك اه س ل مع زيادة قوله : ( صلاة أو صوماً ) أي أو غيرهما .(5/302)
"""""" صفحة رقم 303 """"""
فرع : النذر للكعبة إن نوى الناذر شيئاً اتبع كستر وطيب وإلا صرف لمصالحها ، من كسوة ونحوها . حتى نحو الشمع والزيت فيصرف لمصالحها إن لم يحتج للإسراج به . قوله : ( أو شمعاً ) بفتح الميم ويجوز إسكانها .
قوله : ( ما ) أي شيئاً كعقار وقوله : يشتريان أي الزيت والشمع به أي بذلك الشيء أي بغلته فهو على حذف مضاف كما أشار إليه بقوله : من غلته ولو قال الشارح : بغلته ليكون بدلاً من الضمير في به لكان أولى إلا أن تكون من بمعنى الباء والجار والمجرور بدل من الجار والمجرور قبله .
قوله : ( إن كان يدخل المسجد الخ ) وإن قصد به وهو الغالب من العامة تعظيم البقعة والقبر والتقرب إلى من دفن فيها أو نسب إليه فهذا نذر باطل غير منعقد فإنهم يعتقدون أن لهذه الأماكن خصوصيات لأنفسهم ويرون أن النذر لها مما يندفع به البلاء اه شرح الروض . قوله : ( وإلا لم يصح ) فهو باق على ملك مالكه لا يتصرف فيه من دفعه له فإن مات دفع لوارثه إن علم وإلا صار للمصالح العامة إن لم يتوقع معرفته وإلا وجب حفظه حتى يدفع له . قوله : ( فقياس ) مبتدأ وقوله : ليلة القدر خبر أي فيصلي في ليالي العشر كلها حتى يبرأ بيقين . وصورة الطلاق أنت طالق في أفضل الأوقات فتطلق بمضيّ رمضان ، ولو نذر صوم يوم الجمعة منفرداً قال م ر : صح نذره لأن صومه عبادة وإنما الكراهة في إفراده ويؤيده ما لو نذر صوم يوم من أسبوع ثم نسيه صام آخر يوم وهو : الجمعة فإن كان هو المنذور وقع أداء وإلا فقضاء والكراهة خاصة بالنفل وهذا فرض اه ز ي .(5/303)
"""""" صفحة رقم 304 """"""
قوله : ( وقيل يتولى الإمامة العظمى ) أي لأن الإمام لا يكون إلا واحداً فإذا قام به واحد فقد انفرد بعبادة هي أعظم العبادات وعليه قول سليمان : ) رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي } ) ص : 35 ) فإنه انفرد بهذه العبادة وهي : القيام بمصالح الإنس والجنّ وغيرهما اه تجريد اه خ ض .
فائدة : قد اختلف من أدركناه من العلماء في نذر من اقترض شيئاً لمقرضه كل يوم كذا ما دام دينه أو شيء منه في ذمته فذهب بعضهم لعدم صحته لأنه على هذا الوجه الخاص غير قربة بل يتوصل به إلى ربا النسيئة . وهو تأخير أحد العوضين وذهب بعضهم وأفتى به الوالد ، إلى صحته لأنه في مقابلة نعمة ربح المقرض أو اندفاع نقمة المطالبة إن احتاج لبقائه في ذمته لارتفاق ونحوه ولأنه يسن للمقترض ردّ زيادة مما اقترضه فإذا التزمها : ابتداء بالنذر لزمته فهو حينئذ مكافأة إحسان لا وصلة للربا ، إذ هو لا يكون إلا في عقد كبيع ومن ثم لو شرط عليه النذر في عقد القرض كان ربا وذهب بعضهم إلى الفرق بين مال اليتيم وغيره ولا وجه له شرح م ر . قال ع ش : عليه محل الصحة حيث نذر لمن ينعقد نذره له بخلاف ما لو نذر لأحد بني هاشم والمطلب فلا ينعقد لحرمة الصدقة الواجبة كالزكاة والنذر والكفارة عليهم اه . ولو اقتصر على قوله : ما دام مبلغ القرض في ذمته ثم دفع المقترض شيئاً منه بطل حكم النذر لانقطاع الديمومة شرح م ر . ومرّ أنه لو نذر شيئاً لذمي أو مبتدع ومثله مرتكب كبيرة جاز . صرفه لمسلم أو سني وعليه فلو اقترض من ذمي ونذر له شيئاً ما دام دينه في ذمته انعقد نذره لكن يجوز دفعه لغيره من المسلمين فتفطن له فإنه دقيق وهذا بخلاف ما لو اقترض الذمي من مسلم ونذر له شيئاً ما دام الدين عليه . فإنه لا يصح نذره لما مر من أن الشرط الناذر الإسلام اه . قال الشيخ س ل : فإذا دفع الناذر مدة ثم ادعى أن الذمي دفعه من أصل المال المقرض صدّق بيمينه وبقي النذر بذمته اه . وعبارة ع ش على م ر ولو دفع للمقرض مالاً مدة ولم يذكر له حال الإعطاء أنه عن القرض ولا عن النذر ثم بعد مدة ادعى أنه نوى دفعه عن القرض قبل منه فإن كان المدفوع يستغرق القرض سقط حكم النذر من حينئذ وله مطالبته بمقتضى النذر إلى براءة ذمته بخلاف ما لو ذكر حال الدفع أنه عن النذر فلا يقبل دعواه بعد أنه قصد غيره وكاعترافه بأنه عن نذر القرض ما جرت به العادة من كتابة الوصولات المشتملة على أن المأخوذ عن نذر القرض حيث اعترف حال كتابتها أو بعدها بما فيها فافهم اه .(5/304)
"""""" صفحة رقم 305 """"""
( كتاب الأقضية والشهادات
أخرها المصنف إلى هنا لأنها تجري في جميع ما قبلها من معاملات وغيرها وقدم الأيمان عليها لأن القاضي قد يحتاج إلى اليمين . قوله : ( جمع قضاء ) وأصله قضاي وقعت الياء متطرفة إثر ألف زائدة . فقلبت الهمزة والدليل على ذلك جمعه على أقضية لأن الجمع يردّ الأشياء إلى أصولها ولذا تقول : قضيت بكذا . قوله : ( إمضاء الشيء وإحكامه ) عطف مغاير لأن الإمضاء التنفيذ والإحكام الإتقان والمراد إحكام الشيء أي بحكم شرعي أو عرفي فيكون أعم من الشرعي الآتي على القاعدة والمراد بقوله : إمضاء الشيء أي هذا من جملة معانيه ويطلق على الوحي وليس مراداً هنا . قوله : ( فصل الخصومة ) عبارة البرماوي على المنهج وشرعاً الولاية الآتية والحكم المترتب عليها أو إلزام من له الإلزام بحكم الشرع ويحتاج القضاء إلى مول ومتولّ ومولى عليه ومحل ولاية وصيغة وتسمى أركاناً اه . قوله : ( بلفظ خاص ) هذا التعريف بالأعم لأنه يشمل الدعوى والإقرار فكان الأولى أن يزيد لغيره على غيره قوله : ( بالقسط ) أي العدل ، ويطلق على الجور وليس مراداً . قوله : ( فله عشرة أجور ) لا ينافي ما قبله لأن الإخبار بالقليل لا ينافي الكثير ، ولجواز أنه أعلم أوّلاً بالأجرين فأخبر بهما ثم بالعشرة فأخبر بها أو أن الأجرين يساويان العشرة . فإن قلت : العشرة يصح أن تجعل أجراً واحداً واثنين فما باله جعلها عشرة . قلت : يجوز أن تكون أنواعاً من الثواب مختلفة يبلغ عددها هذا المقدار(5/305)
"""""" صفحة رقم 306 """"""
فنبه بذكر هذا العدد على ذلك قاله الشيخ : في شرح الورقات اه شوبري . قوله : ( وقد روى الأربعة ) وهم النسائي والترمذي وابن ماجه وأبو دواد ، ونظمها بعضهم فقال :
أعني أبا داود ثم الترمذي
والنسائي وابن ماجه فاحتذى
وإذا قيل أصحاب الكتب الستة زيد البخاري ومسلم اه أ ج . قوله : ( ثلاثة ) وجه الحصر أنه إما أن يكون عارفاً أو لا والعارف إما أن يحكم بالحق أو يعدل عنه ، فإن عرف الحق وعمل به فهو في الجنة ، وإن عرفه وحكم بالباطل أو لم يعرف الحق من الباطل فقضي على جهل فهما في النار ، وفي هذا الحديث بيان فضيلة من دخل في القضاء عارفاً بالحق فقضى به . والحث على ترك الدخول فيه لعظم دخوله والله تعالى أني ما اخترته ولا استحسنته بل امتنعت من الدخول فيه في زمن سبعة عشر يوماً مع الطلب الحثيث ومع قول السلطان : والله والله والله إن قبلته ركبت معك إلى بيتك فأعانني الله على تركه ثم طلبت في زمن آخر فغلب اختيار ربي على اختياري فدخلت فيه إلى أن قدر الله عليّ بما يتضمن خيراً إن شاء الله فله الحمد والمنة . ذكره شيخ الإسلام في شرح الأعلام . وكان القضاة في بني إسرائيل ثلاثة فمات أحدهم فولي مكانه غيره ثم قضوا ما شاء الله أن يقضوا ثم بعث الله تعالى لهم ملكاً يمتحنهم فوجد رجلاً يسقي بقرة على ماء وخلفها عجلة فدعاها الملك وهو راكب فرساً فتبعتها العجلة فتخاصما فقالا بيننا القاضي فجاءا إلى القاضي الأول فدفع إليه الملك درة كانت معه وقال له : احكم بأن العجلة لي قال : بماذا ؟ قال : أرسل الفرس والبقرة والعجلة فإن تبعت الفرس فهي لي فأرسلها فتبعت الفرس فحكم له بها وأتيا إلى القاضي الثاني فحكم له كذلك وأخذ درة وأما القاضي الثالث فدفع له الملك درة وقال له : احكم لي بها فقال : إني حائض فقال الملك : سبحان الله أيحيض الذكر فقال له القاضي : سبحان الله أتلد الفرس بقرة وحكم بها لصاحبها ذكره الشبرخيتي على الأربعين وعن أبي هريرة أن رسول الله قال : ( من ولي قضاء المسلمين ثم غلب عدله جوره فله الجنة وإن غلب جوره عدله فله النار ) أخرجه أبو داود وقال عليه السلام : ( عج حجر إلى الله تعالى وقال : إلهي وسيدي عبدتك كذا وكذا سنة ثم جعلتني في أس كنيف فقال : أما ترضى أن عدلت بك عن مجالس القضاة ) رواه ابن عساكر .
قوله : ( وتولي القضاء فرض كفاية ) بل هو أفضل فروض الكفايات حتى ذهب الغزالي(5/306)
"""""" صفحة رقم 307 """"""
إلى تفضيله على الجهاد للإجماع مع الاضطرار إليه لأن طباع البشر مجبولة على النظام وقلّ من ينصف من نفسه والإمام الأعظم مشتغل بما هو أهمّ منه فوجب من يقوم به شرح م ر . واعلم أن تولية القضاء تعتريه الأحكام إلا الإباحة فيجب إذا تعين في الناحية ويندب إن لم يتعين وكان أفضل من غيره فيسنّ له حيئنذ طلبه وقبوله ويكره إن كان مفضولاً ولم يمتنع الأفضل ويحرم بعزل صالح ولو مفضولاً وتبطل عدالة الطالب وعبارة الروض وشرحه وحرم على الصالح للقضاء طلب له وبذل مال لعزل قاضٍ صالح له ولو كان دونه وبطلت بذلك عدالته فلا تصح توليته والمعزول به على قضائه ، حيث لا ضرورة لأن العزل بالرشوة حرام وتولية المرتشي للراشي حرام اه بحروفه . وروى البيهقي والحاكم ( من استعمل عاملاً على المسلمين وهو يعلم أن غيره أفضل منه ) وفي رواية ( رجلاً على عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ) اه .
ودخل فيه كل من تولى أمراً من أمور المسلمين ، وإن لم يكن ذلك شرعياً كنصب مشايخ الأسواق والبلدان ونحوها اه قوله : ( في حق الصالحين ) المراد بالجمع ما فوق الواحد لأنه في حق الواحد فرض عين . قوله : ( في ناحية ) أي مسافة عدوى دون ما زاد فلا يلزمه قبوله ولا طلبه فيه لأن عمل القضاء لا آخر له ففيه تعذيب لما فيه من ترك الوطن بالكلية نعم إن عينه الإمام لذلك المحل البعيد ولم يكن به ولا بقربه من يصلح لزمه قبوله ، امتثالاً لأمر الإمام . قوله : ( لزمه طلبه ) ولو ببذل مال وإن حرم أخذه منه فالإعطاء جائز والأخذ حرام والمراد بذل مال زائد على ما يكفيه يومه وليلته فيما يظهر حج وم ر قال ع ش على م ر : وظاهره وإن كثر المال ولعل الفرق بين هذا وبين المواضع التي صرحوا بسقوط الوجوب حيث طلب منه مال وإن قلّ أن القضاء يترتب عليه مصلحة عامة للمسلمين فوجب بذله للقيام بتلك المصلحة ولا كذلك غيره اه . قوله : ( خصلتين على ضعيف ) هما الكتابة واليقظة وسكت عن خصلتين هما كونه ناطقاً وكفايته في القيام بأمر القضاء . قوله : ( فلا تصح ولاية كافر ) وما اعتيد من نصب حاكم للذميين منهم أي ولو من قاضينا عليهم فهو تقليد رياسة لا حكم فهو كالمحكم لا(5/307)
"""""" صفحة رقم 308 """"""
الحاكم اه ز ي . ومن ثم لا يلزمهم حكمه إلا إن رضوا كما في شرح م ر . قوله : ( وزعامة ) مرادف وقال في المختار : الزعامة السيادة وزعيم القوم سيدهم . قوله : ( في البحر ) هو للروياني قوله : ( ولو بما له فيه شبهة ) أي ولو كان الفسق بفعل ماله فيه شبهة كوطء أمته المشتركة أو أمة فرعه اه شيخنا . قوله : ( المتعلقات ) بتاء فوقية بلفظ الجمع والذي بخط المؤلف المتعلقان بلفظ المثنى أي القسمان الآيات قسم والأحاديث قسم اه أ ج وهو على لغة من يلزم المثنى الألف في جميع الأحوال وقوله : بها أي الأحكام .
قوله : ( خمسمائة آية ) مرادهم ما هو مقصود الأحكام بدلالة المطابقة أما بدلالة الالتزام فغالب القرآن بل كله لا يخلو شيء منه عن حكم يستنبط منه شرح م ر . قوله : ( والمراد أن يعرف الخ ) هذا المراد بعيد من كلامه وخروج عن ظاهره والذي ينبغي أن يكون هذا زيادة على كلام المصنف وعبارة المنهج وهو أي المجتهد أن يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام ومجمله ومبينه وعامة وخاصه وناسخه الخ . قوله : ( أنواع الأحكام ) أي أنواع محالّ الأحكام بدليل قوله : فمن أنواع الكتاب ، والسنة العام ، الخ لأن العام ليس حكماً وإنما هو محل الحكم شيخنا . قوله : ( فمن أنواع الكتاب الخ ) هذه الجملة لا ارتباط لها بما قبلها وهي منقولة من المنهج مع بعض تغيير أوجب الخلل فيها ، ونص عبارته شرط القاضي أن يكون مجتهداً وهو العارف بأحكام الكتاب والسنة وبالقياس وأنواعها فمن أنواع الكتاب والسنة الخ والضمير في أنواعها راجع للكتاب والسنة والقياس ويكون قوله : فمن أنواع الكتاب الخ تفصيلاً لقوله : وأنواعها وهذا كلام مرتبط منسبك وبعضهم أجاب عن الشارح وجعله مرتبطاً بأن يقدر مضاف في قوله : أنواع أحكام أي أنواع محالّ الأحكام والعام وما عطف عليه يقال له : محال الأحكام فيستقيم قوله فمن أنواع الكتاب أي من أنواع محالّ أحكامه الخ . قوله : ( العام ) وهو لفظ(5/308)
"""""" صفحة رقم 309 """"""
يستغرق الصالح له من غير حصر كقوله تعالى : ) ولا تبطلوا أعمالكم } ) محمد : 33 ) والخاص بخلافه كقوله عليه السلام ( الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر ) وقوله : والمجمل وهو ما لم تتضح دلالته مثل قوله تعالى : ) وآتوا الزكاة } ) البقرة : 83 وغيرها ) و ) خذ من أموالهم صدقة } ) التوبة : 103 ) لأنه لم يعلم منهما قدر الواجب ونوع المأخوذ منه . والمبين ما اتضحت دلالته مثل قوله : ( وفي عشرين نصف دينار ) والمطلق ما دل على الماهية بلا قيد كرقبة والمقيد ما دل عليها بقيد كرقبة مؤمنة في آية القتل والمطلق في غيرها قوله : ( والنص ) وهو ما دل دلالة قطعية كأسماء العدد . والظاهر ما دل دلالة ظنية قال في جمع الجوامع : المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق وهو نص إن أفاد معنى لا يحتمل غيره كزبد وظاهر إن احتمل غيره مرجوحاً كأسد . قوله : ( والمتصل ) باتصال رواته إلى الصحابي فقط ويسمى الموقوف أو إليه ويسمى المرفوع اه م ر . قوله : ( والمتواتر ) ما ترويه جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب عن جماعة كذلك في جميع الطبقات . والآحاد ما يرويه واحد عن واحد أو أكثر ولم يبلغوا عدد التواتر . قوله : ( وهو غير المتصل ) هو مبني على اصطلاح الفقهاء والأصوليين من أن المرسل ما سقط من سنده راو أو أكثر سواء كان من أوله أو من آخره أم بينهما وأما على اصطلاح المحدثين فهو أي المرسل ما سقط منه الصحابي وعبارة ق ل في حاشية شرح الورقات وأما اصطلاح المحدثين فالمرسل ما سقط منه الصحابي وما وقف على الصحابي موقوف وما وقف على التابعي مقطوع . وما سقط منه راو منقطع أو راويان فمنقطع من موضعين إن كان بغير اتصال ، وإلا فمعضل وما سقط أوله معلق وما أسند إلى النبي مرفوع . قوله : ( معرفة الإجماع ) بمعنى المجمع عليه وقوله : والاختلاف فيه بمعنى المختلف فيه . قوله : ( والاختلاف فيه ) أي في الحكم الذي يريده والهاء راجعة لأل الموصولة . قوله : ( معرفة جميع ذلك ) أي جميع ما أجمع عليه واختلف فيه أي بناء على الظاهر من جعل الألف واللام للاستغراق . قوله : ( بموافقة )(5/309)
"""""" صفحة رقم 310 """"""
متعلق بعلمه فالباء صلة العلم أي علم أنه وافق بعض المتقدمين . قوله : ( أو يغلب ) منصوب بأن مضمرة مؤوّل بمصدر معطوف على قوله علم في قوله : أما بعلمه أي أما بعلمه أو بغلبة على ظنه الخ على حد
ولبس عباءة وتقرّ عيني
وقوله تعالى : ) أو يرسل رسولاً } ) الشورى : 51 ) قوله : ( وعلى هذا ) أي قوله : بل يكفي الخ . قوله : ( قياس معرفة الناسخ ) أي لا يشترط معرفة جميعها بل يكفي أن يعرف أن ما حكم به ليس له ناسخ من كتاب أو سنة ، وعبارة شرح م ر ولا يشترط نهايته في كل ما ذكر بل يكفي الدرجة الوسطى في ذلك مع الإعتقاد الجازم وإن لم يتيقن قوانين علم الكلام المدوّنة واجتماع ذلك كله إنما هو شرط للمجتهد المطلق الذي يفتي في جميع أبواب الفقه أما مقلد لا يعدو أي لا يجاوز مذهب إمام خاص فليس عليه غير معرفة قواعد إمامه وليراع فيها ما يراعيه المطلق في قوانين الشرع فإنه مع المجتهد كالمجتهد مع نصوص الشرع ومن ثم لم يجز له العدول عن نص إمامه اه . قوله : ( إلى مدارك ) أي محل إدراكها جمع مدرك بضم الميم مصدر ميمي بمعنى إدراك والمراد ما يدرك منه الحكم من نحو دليل . قوله : ( ما تقدم ) وهو قوله : فمن أنواع الكتاب الخ ومن قوله : ويقدم الخاص على العام الخ والذي سيذكر هو قوله : معرفة طرف من لسان العرب والتفسير لأن هذه كلها طرق للاجتهاد الذي هو بذل الوسع لتحصيل ظنّ بحكم . قوله : ( لأن به يعرف عموم اللفظ ) هذا يستفاد من اللغة واسم إن ضمير الشأن وقوله : وصيغ الأمر إن كان المراد هيئة صيغته فتؤخذ من علم التصريف ، وإن كان المراد معرفة معناه ولفظه فهو مستفاد من النحو وكذا معرفة الأسماء وما(5/310)
"""""" صفحة رقم 311 """"""
بعدها . قوله : ( لا يشترط أن يكون متبحراً ) هذا فهم من قوله : طرف فكان الأولى فلا يشترط الخ . قوله : ( ولا يشترط حفظ جميع القرآن ) هذا علم وأتى به توطئة لما بعده .
قوله : ( كالأخذ ) أي كالتمسك بأقل ما قيل كدية الذمي فأن بعضهم : وهو أبو حنيفة قال إنها كدية المسلم وبعضهم إنها نصفها وبعضهم قال إنها ثلثها فأخذ الشافعي بأقل هذه الأقوال وهو القول : بأنها ثلثها فالمراد بقوله : كالأخذ بأقل ما قيل : أي من أقوال العلماء : حيث لا دليل سواه عندنا فإنه مختلف فيه فأثبته الشافعي لأنه محقق ولأنه مجمع عليه لأنه في ضمن الأكثر ومنعه غيره فأخذ بأكثر ما قيل : احتياطاً . قوله : ( ومعرفة أصول الإعتقاد ) لعل الأولى أن يقدم هذا والمراد بأصول الإعتقاد عقائد التوحيد وهي ما يجب لله وما يستحيل عليه وما يجوز في حقه وكذا الرسل . قوله : ( في المجتهد المطلق ) أي وقد فقد من بعد الخمسمائة بحسب ما يظهر لنا فلا ينافي أنه في نفس الأمر يوجد ، وأقله قطب الغوث فإنه لا يكون إلا مجتهداً . قوله : ( ولا يخلو العصر ) أي كل عصر أخذاً من قوله : بعد إذ كيف يمكن القضاء على الأعصار . قوله : ( إلا إذا تداعى الزمان ) في المصباح تداعى البنيان تصدع من جوانبه ، وآذن بالانهدام والسقوط ، اه . ففي كلام الشارح استعارة بالكناية حيث شبه الزمان ببنيان تشبيهاً مضمراً في النفس وأثبت شيئاً من لوازمه وهو التداعي أو استعارة تبعية حيث شبه التقارب بالتداعي واستعار التداعي للتقارب واشتق من التداعي تداعى بمعنى تقارب . قوله : ( وقربت الساعة ) تفسير لما قبله .(5/311)
"""""" صفحة رقم 312 """"""
قوله : ( وامتنع منه الشافعي ) أي لما فيه من الخطر وامتناعه منه حين استدعاه المأمون لقضاء الشرق والغرب ، وأما أبو حنيفة فاستدعاه المنصور فحبسه وضربه اه دميري . قوله : ( إذ كيف يمكن القضاء ) أي الحكم على أهل العصر أي كيف نحكم عليهم بخلوّ العصر عن مجتهد الخ . وهو للرد على القفال والغزالي وكيف للاستفهام الإنكاري . قوله : ( كانوا يقولون ) هذا لا ينتج المدّعي ولا يردّ على المخالف القائل بأنه يجوز الخلوّ عن المجتهد ، لأن كون هؤلاء مجتهدين لا يثبت أن العصر لا يخلو عن مجتهد لجواز خلوّه عنه بعدهم . قوله : ( في باب ) أي كالفرائض قوله : ( الطالب ) أي المدّعي والمطلوب أي المدعى عليه .
قوله : ( وأن يكون سميعاً ) ولو بالصياح اه ز ي . قوله : ( بصيراً ) ولو في النهار فقط . قوله : ( وكذا من يبصر نهاراً ) وينفذ حكمه وقت إبصاره وأما في وقت عدم الإبصار فإن احتاج إلى إشارة لم ينفذ حكمه وإن لم يحتج بل كان يكفيه حكمت عليه لكونه غائباً أو ميتاً صح . قوله : ( دون من يبصر ليلاً ) ضعيف ز ي قال حج : ويجوز كون القاضي أعور بخلاف الإمام اه . والفرق أن ولاية الإمام عامة والأعور لا يهاب اه ز ي . يؤخذ منه أنه ينبغي أن يكون الإمام تام الخلقة معظماً عند الناس محبوباً لهم لأجل أن يسمع كلامه . وحينئذ فيطاع فيستقيم نظام الرعية . قوله : ( ثم عمي قضى ) عبارة م ر نعم لو عمي بعد ثبوت قضية عنده ولم يبق إلا قوله حكمت بكذا ولم يحتج معه إلى إشارة نفذ حكمه فيها .(5/312)
"""""" صفحة رقم 313 """"""
قوله : ( واستثنى أيضاً ) هو استثناء صوري لأنه ليس من القضاء بل فيه حكم بينهم . قوله : ( لو نزل أهل قلعة ) أي اتفقوا ورضوا على أن يحكم بينهم فلان الأعمى اه أ ج . والمراد أهل القلعة من الكفار كما وقع لبني قريظة حيث قالوا للإمام : لا نفتح لك القلعة إلا إن وليت علينا قاضياً أعمى فيجوز له حينئذ توليته للضرورة اه شيخنا . قوله : ( عدم اشتراط كونه كاتباً ) معتمد قوله : ( لا يقرأ ) تفسير أي لا يقرأ الخط أي لا يستخرجه . وقوله : ولا يكتب أي ولا يحسب . قوله : ( متيقظاً ) قال الغزي : فلا يصح تولية مغفل بأن اختلّ نظره وفكره إما لكبر أو مرض أو غيره قال ق ل : هذا تصحيح لكلام المصنف وأما تفسير المتيقظ بقويّ الفطنة والحذق والضبط فهو مندوب كما قاله الشارح : لا شرط على الراجح وعبارة م ر بعد قول المنهاج : كاف أي ناهض للقيام بأمر القضاء بأن يكون ذا يقظة تامة وقوة على تنفيذ الحق ، فلا يولى مغفل ولا مختل النظر . قوله : ( لا يؤتى ) أي لا يصاب في الحكم بأن يحكم بخلاف الحق من غفلة أي من أجل غفلة . قوله : ( من غرة ) أي بسبب غرور بأن يغره شخص بنقل مخالف لما حكم به ولم يأته به فيمسك عليه إلى أن يأتي به فإن لم يفعل فهو غير المتيقظ فيجب على السلطان الاختيار حينئذ لكل من طلب أن يتولى القضاء بمثل هذه الواقعة بأن يرسل إليه شخصاً بعد حكمه في قضية بنقل يمتحنه به فإن أمسك عليه أي على الحكم الذي حكم به أي استمر عليه وامتنع من إبطاله أبقاه وإلا فلا . قوله : ( استحباب ذلك الخ ) في م ر خلافه وهو الاشتراط .(5/313)
"""""" صفحة رقم 314 """"""
وكتب أ ج على قوله : استحباب ذلك ضعيف على تفسير المتيقظ بما ذكره فإن فسر بشديد الحذق والضبط فهو مستحب . قوله : ( فإن تعذر في شخص ) ليس بقيد م ر وع ش وقول ع ش ليس بقيد ينافيه قول الشارح قبل ولو ولي من لا يصلح للقضاء الخ . قوله : ( فولي سلطان ) خرج بالسلطان غيره كقاضي العسكر فإنه لا يصح توليته غير الأهل ولا ينفذ قضاء ما ولاه اه س ل . قوله : ( شوكة ) عبارة م ر أو من له شوكة اه . فتولية السلطان مطلقاً صحيحة أي سواء كان ذا شوكة أم لا وعبارة م ر وحج : فولي سلطان أو من له شوكة غيره بأن يكون بناحية انقطع غوث السلطان عنها ولم يرجعوا إلا إليه وظاهر كلامه عدم : استلزام السلطنة للشوكة . قوله : ( للضرورة ) قال البلقيني : يستفاد من ذلك أنه لو زالت شوكة من ولاه بموت أو نحوه انعزل لزوال الضرورة وأنه لو أخذ شيئاً من بيت المال على ولاية القضاء أو جوامك في نظر الأوقاف استرد منه لأن قضاءه إنما نفذ للضرورة ولا كذلك المال .
قوله : ( طرف من الأحكام ) مثله في شرح م ر فتضعيف المحشي له غير ظاهر وعبارته المعتمد أنه لا يشترط وينفذ حكمه للضرورة ولذا قال م ر ولو جاهلاً . قوله : ( لمن استقضاه زياد ) أي ولاه القضاء زياد وكان أخاً الحجاج وكان أميراً باغياً وكان الذي استقضاه عادلاً . قوله : ( إن لم يقض لهم خيارهم ) أي إن لم يرضوا بأن يقضي لهم خيارهم وهو الذي ولاه زياد قضى لهم شرارهم وهو زياد . قوله : ( فروع ) أي نحو العشرين . قوله : ( فإن أطلق التولية ) أي عن الاستخلاف وعدمه م د . قوله : ( استخلف ) ولو بعضه أي أباه وابنه حيث ثبتت عدالته عند(5/314)
"""""" صفحة رقم 315 """"""
غيره ح ل . قوله : ( فإن أطلق الإذن الخ ) وكإطلاق الإذن تعميمه بأن قال له : استخلف في كل أحوالك ولو فوّض الإمام لشخص أن يختار قاضياً لم يختر نفسه ولا أصله ولا فرعه ح ل . قوله : ( مطلقاً ) أي فيما عجز عنه وغيره والمعتمد أنه لا يستخلف إلا عند العجز اه م ر ع ش . قوله : ( فإن خصصه بشيء لم يتعدّه الخ ) ولو ولاه في بلدتين متباعدتين كبغداد والبصرة اختار المباشرة في إحداهما كما قاله الماوردي : وإن اعترضه البلقيني فلو اختار إحداهما هل يكون مقتضياً لانعزاله عن الأخرى ، أو يباشر كلاً مدة ؟ ، وجهان أوجههما نعم وهو الانعزال ورجح الزركشي وجمع أن التدريس بمدرستين في بلدتين متباعدتين ليس كذلك ، لأن غيبته عن إحداهما لمباشرة الأخرى لا يكون عزلاً ويستنيب وفعله الفخر ابن عساكر بالشام والقدس وكالمدرس الخطيب إذا ولي الخطبة في مسجدين والإمام إذا ولي إمامة مسجدين وكذا كل وظيفتين في وقت معين يتعارضان فيه شرح م ر وع ش .
قوله : ( كشرط القاضي ) أي فإن كان الخليفة مجتهداً شرط فيه ما شرط في القاضي المجتهد وإن كان مقلداً شرط فيه ما في المقلد . قوله : ( إن لم يشرط اجتماعهم على الحكم ) عبارة م ر لأن اجتهادهما مختلف غالباً فلا تنفصل الخصومات . قوله : ( تحكيم اثنين فأكثر أهلاً ) قال القاضي في شرح الحاوي : يشترط العلم بتلك المسألة فقط ويجوز التحكيم في ثبوت هلال رمضان كما بحثه الزركشي وينفذ على من رضي بحكمه فيجب عليه الصوم دون غيره م ر ع ن . قوله : ( في غير عقوبة الله ) أما هي فلا يجوز التحكيم فيها إذ لا طالب لها معين وأخذ منه أن حق الله المالي الذي لا طالب له معين لا يجوز التحكيم فيه اه م د . وقوله : أن حق الله المالي أي كالزكاة أي إذا كان المستحقون غير محصورين اه . قوله : ( ولو مع وجود قاض ) أي إذا كان المحكْم مجتهداً أما إذا لم يكن كذلك فلا يجوز ولو مع وجود قاضي ضرورة فيمتنع التحكيم لوجود القضاة ولو قضاة ضرورة كما نقله ز ي عن م ر . إلا إذا كان القاضي يأخذ مالاً له وقع فيجوز التحكيم حينئذ ، كما قاله ح ل قال ز ي : وهل يشترط كون المتحاكمين ممن يجوز الحكم لكل منهما حتى يمتنع فيما لو كان أحدهما بعضه وجهان في الروضة وأصلها والقياس الاشتراط لأنه لا يزيد على القاضي اه ع ن .(5/315)
"""""" صفحة رقم 316 """"""
قوله : ( حكمه ) أي المحكم ولا بد من الرضا لفظاً فلا يكفي السكوت . قوله : ( فلا يشترط رضاهما ) بناء على أن ذلك تولية منه وردّ في الكفاية هذا البناء بأن ابن الصباغ وغيره قالوا : ليس التحكيم تولية فلا يحسن البناء . وقد يجاب بأن محل هذا إذا صدر التحكيم من غير قاض اه . شرح البهجة فلو حكما اثنين لم ينفذ حكم أحدهما حتى يجتمعا بخلاف تولية قاضيين ليجتمعا على الحكم لظهور الفرق أي لأن القاضيين يقع بينهما الخلاف في محل الاجتهاد بخلاف الحكمين وفيه أن الحكمين قد يكونان مجتهدين إلا أن يقال : هذا نادر وعبارة ع ش ولو حكم اثنين أي كل من خصمين اشترط اجتماعهما بخلاف ما ذكر في القاضيين لظهور الفرق وهو أنّ التولية للمحكم إنما هي من الخصمين ورضاهما معتبر . فالحكم من أحدهما دون الآخر حكم بغير رضا الخصم . قوله : ( ولا يكفي رضا جان ) بأن ادعى شخص على آخر أنه يستحق عليه دماً فتنازعا في إثباته ، فحكّما شخصاً يحكم بينهما فحكم بأن القتل خطأ فلا ينفذ حكمه إلا برضا عاقلة الجاني وهذا في قوة قوله : يشترط زيادة على رضا المحكمين رضا العاقلة في هذه الصورة فظهر ارتباطه ، بما قبله والمراد بقوله : ولا يكفي رضا جان أي بالإقرار بأن ادعى عليه المجني فأقر بالجناية وكانت خطأ أو شبه عمد ، فلا يسري هذا الإقرار على العاقلة فلا يكفي رضاه بسبب الإقرار بل لا بد من رضاهم أيضاً أو الثبوت ، كما في شرح المنهج وعبارته : بل لا بد من رضاهم أيضاً به ولو كانوا فقراء لأنهم لا يؤاخذون بإقراره ، فكيف يؤاخذون برضاه .
قوله : ( ولو رجع أحد الخصمين ) بأن قال المدعى عليه : للمحكم عزلتك فليس له أن يحكم . قوله : ( امتنع ) أي الحكم وليس للمحكم أن يحبس بل غايته الإثبات والحكم وإذا حكم بشيء من العقوبات كالقود وحدّ القذف لم يستوفه ، لأن ذلك يخرم أبهة الولاة ، أي فخرهم وشرفهم وعظمتهم ومنصبهم . قوله : ( بنحو جنون كإغماء ) كان الأولى الاقتصار على الإغماء فيقول : بنحو إغماء . قوله : ( كإغماء ) وإن قلّ الزمن م ر . ولو لحظة خلافاً لشيخ الإسلام وإنما استثنى في نحو الشريك مقدار ما بين الصلاتين لأنه يحتاط هنا ما لا يحتاط ثم وينعزل بمرض لا يرجى زواله . وقد عجز معه عن الحكم س ل . وعبارة المنهج ولو زالت أهليته : بنحو جنون وإغماء كغفلة وصمم ونسيان يخل بالضبط . وفسق انعزل لوجود المنافي ، ولأن القضاء عقد جائز ولو كان قاضي ضرورة وولي مع فسقه وزاد فسقه فإن كان بحيث لو عرض على من ولاه لرضي به وولاه لم ينعزل وإلا انعزل اه م ر ز ي . قوله : ( ولو عادت ) ظاهره ولو عمىً وصمماً . ونقل عن شيخنا : أن الأعمى إذا عاد بصيراً عادت ولايته وينبغي أن يكون مثله الصمم(5/316)
"""""" صفحة رقم 317 """"""
ح ل . ونقل سم على م ر واعتمده في العمى وعليه فيكون مانعاً لا سالباً كما هو ظاهر . قوله : ( لم تعد ولايته ) كالوكالة والثاني تعود كالأب والجد إذا جن ثم أفاق أو فسق ثم تاب ، ومثل الأب في هذا الحكم الجد والحاضنة والناظر بشرط الواقف شرح م ر وع ش عليه . والقاعدة : أن كل من له الولاية إذا انعزل لم تعد ولايته إلا بتولية ثانياً إلا أربعة الأب والجد والناظر بشرط الواقف ومن له الحضانة اه م د مع زيادة . قوله : ( بخلل ) ككثرة الشكاوى منه أو ظن أنه ضعف أو زالت هيبته في القلوب اه . وذلك لما فيه من الاحتياط شرح م ر وعبارة الزيادي قوله : بخلل أي لا يقتضي انعزاله أما ظهور ما يقتضيه فلا يحتاج معه إلى عزل لانعزاله به . قوله : ( وبأفضل ) أي أو لم يظهر منه خلل وهناك أفضل منه فله عزله رعاية للأصلح للمسلمين ولا يجب وإن قلنا إن ولاية المفضول غير منعقدة مع وجود الفاضل ، لأن الغرض حدوث الأفضل بعد الولاية فلم يقدح فيها اه . وهذا في الأمر العام أما الخاص كإمامة وتدريس وأذان وتصوّف ونظر ونحوها فلا تنعزل أربابها بالعزل من غير سبب كما أفتى به جمع كثير من المتأخرين وهو المعتمد شرح م ر . والعبرة في السبب الذي يقتضي العزل بعقيدة الحاكم ع ش على م ر . قوله : ( فإن لم يكن شيء من ذلك حرم ) أي بخلاف القاضي فإن له عزل نوابه من غير سبب شرح م ر . قوله : ( ولا ينعزل قبل بلوغه عزله ) مضاف لمفعوله كما في ز ي وعبارة ح ل قوله : ولا ينعزل قبل بلوغه عزله برفع عزل على أنه فاعل والمضاف إليه هو المفعول اه . فله الحكم قبل بلوغه ونائبه مثله فلا ينعزل أحدهما قبل بلوغه العزل وإن بلغ الآخر ق ل . قال العناني : ويثبت عزله بعدلي شهادة أو استفاضة لا بإخبار واحد ولا يكفي كتاب مجرد وإن حفت قرائن تبعد تزوير مثله .
قوله : ( فإن علق عزله الخ ) ولو كتب إليه عزلتك أو أنت معزول من غير تعليق على القراءة لم ينعزل ما لم يأته الكتاب كما قاله البغوي وغيره : ولو جاءه بعض الكتاب وانمحى موضع العزل لم ينعزل وإلا انعزل كما بحثه بعضهم ز ي . قوله : ( انعزل بها ) وبقراءته عليه لأن المعنى إذا بلغك العزل ويكفي قراءة محل العزل فقط شرح م ر . قوله : ( وينعزل بانعزاله نائبه ) الراجح أن نائبه لا ينعزل إلا إذا بلغه العزل ز ي وإن لم يبلغ الأصل فينعزل حينئذ النائب لا الأصل وكذا لو بلغ العزل الأصل دون النائب فإنه ينعزل الأصل دون النائب ، خلافاً للبلقيني ح ل . قوله : ( لا قيم يتيم ووقف ) المراد بقيم الوقف ناظره نعم لو كان للقاضي نظر وقف بشرط(5/317)
"""""" صفحة رقم 318 """"""
الواقف . فأقام شخصاً عليه انعزل لأنه في الحقيقة نائبه اه سم . قوله : ( ولا ينعزل قاض ) ولو قاضي ضرورة إذا لم يوجد مجتهد صالح أما مع وجوده فإن رجى توليه انعزل وإلا فلا فائدة في انعزاله اه ع ن . قوله : ( ووال ) كالأمير والمحتسب وناظر الجيش ووكيل بيت المال وما أشبه ذلك . قوله : ( بانعزال الإمام ) بموت أو غيره لشدة الضرر في تعطيل الحوادث ومن ثم لو ولاه للحكم بينه وبين خصمه انعزل بفراغه منه ، ولأن الإمام إنما تولى القضاء نيابة عن المسلمين بخلاف تولية القاضي لنوابه فإنه عن نفسه ومن ثم كان له عزلهم بغير سبب كما مرّ ، بخلاف الإمام يحرم عليه إلا بسبب اه شرح م ر . قوله : ( ولا يقبل قول متولّ ) أي إلا ببينة لأنه حينئذ لم يقدر على الإنشاء شرح الروض .
قوله : ( في غير محل ولايته ) ولو على أهل محل ولايته وهو متعلق بقول وقوله : حكمت مقول القول سواء قالها : على وجه الإقرار أو الإنشاء وقوله : ولا شهادة كل أي من المعزول والمتولي في غير محل ولايته لأنه شهادة على فعل نفسه . وقيل : تقبل لأنه لم يجرّ لنفسه نفعاً ولم يدفع عنها ضرراً . قوله : ( ولا معزول ) خرج بالمعزول ما لو قال : قبل عزله ، كنت حكمت بكذا فإنه يقبل وإن لم تكن بينة حتى لو قال : حكمت على أهل هذه البلدة بطلاق نسائهم ، وعتق عبيدهم أي وهنّ محصورات وكذلك العبيد كما بحثه الأذرعي عمل به كما في الروضة وأصلها اه ز ي . قوله : ( ولا شهادة كل بحكمه ) خرج بحكمه ما لو شهد أن فلاناً أقر في مجلس حكمه ، بكذا فيقبل كما جزم به في الروضة وأصلها والمراد بمحل ولايته نفس بلد قضائه المحوط بالسور والبناء المتصل بها سم . قوله : ( ولم يعلم القاضي ) أي الذي أقيمت الدعوة عنده وقوله : أنه حكمه أي المذكور من المعزول والمتولي في غير محل ولايته وعبارة المنهج وشرحه . ولا شهادة كل منهما بحكمه لأنه شهد على فعل نفسه إلا إن شهد بحكم حاكم ولم يعلم القاضي أنه حكمه فتقبل شهادته كما تقبل شهادة المرضعة . كذلك فإن علم القاضي أنه حكمه لم تقبل شهادته به اه . وقوله : كما تقبل شهادة المرضعة وإن شهدت على فعل نفسها حيث لم تطلب أجرة بخلاف القاضي إذا شهد على فعل نفسه . والفرق الاحتياط لأمر الحكم اه س ل . وعبارة شرح م ر وتفارق المرضعة بأن فعلها ، غير مقصود بالإثبات مع أن شهادتها لا تتضمن تزكية نفسها بخلاف الحاكم فيهما اه . وقوله : ويفارق المرضعة حيث قبل شهادتها على فعل نفسها بأن فعلها غير مقصود بل المقصود ما يترتب عليه من التحريم وقوله : مع أن شهادتها الخ وجهه أن المقصود من الإرضاع حصول اللبن في جوف الطفل فيترتب عليه التحريم وهذا المعنى يحصل بإرضاع الفاسقة اه ع ش .(5/318)
"""""" صفحة رقم 319 """"""
قوله : ( لا يتعلق بحكمه ) كدين عليه قوله : ( بشاهدين ) كذا قالوا : وقالوا : ليس هذا على قواعد الشهادات إذ ليس هناك قاض تؤدى عنه الشهادة اه ز ي . قوله : ( يخبران ) أي أهله بها فليس المراد الشهادة المعتبرة بل مجرد الإخبار ولا حاجة للإتيان بلفظ الشهادة قال ح ل : ومحله إن لم يكن في البلد قاض وإلا ادعى عنده وأثبت ذلك بلفظ الشهادة كما في شرح م ر . قوله : ( أو باستفاضة ) أي في محل التولية س ل ولا تثبت بكتاب لإمكان تحريفه أي تزويره قال تعالى : ) ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً } ) النساء : 82 ) . قال شيخنا العزيزي من هذا مأخذ الشافعية في أن الحجج لا يثبت بها حكم ولا شهادة وإنما هي للتذكر فقط فلا تثبت حقاً ولا تمنعه فافهمه ، اه . ولا يكفي مجرد إخبار القاضي لهم ولا خلاف فيه إن لم يصدقوه فإن صدقوه ففي لزوم طاعتهم له وجهان في الحاوي قال بعضهم : وقياس ما سبق في الولاية أنه لا يلزمهم طاعته وهذا هو المعتمد كما في ز ي وح ل . قوله : ( ويسنّ أن يكتب موليه ) ويستحق القاضي رزقه من حين العمل لا من وقت التولية صرح به الماوردي وهذا مشعر بجواز أخذ الرزق على القضاء وهو كذلك ففي التهذيب يجوز للإمام والقاضي المعسر أن يأخذ من بيت المال ما يكفيه وما يحتاج إليه من نفقة وكسوة لائقة به أما أخذه الأجرة على القضاء ففي الروضة عن الهروي أن له : أخذها إن كانت أجرة مثل عمله ، إن لم يكن رزق من بيت المال اه ز ي والرزق بالفتح المصدر وبالكسر اسم لما ينتفع به اه ع ش .
قوله : ( قبل دخوله ) إن تيسر وإلا فحين يدخل هذا إن لم يمكن عارفاً بهم وأن يدخل وعليه عمامة سوداء اه . شرح المنهج وقوله : وعليه عمامة سوداء فيه إشارة إلى أن هذا الدين لا يتغير لأن سائر الألوان يكمن تغيرها بخلاف السواد ع ش . قوله : ( وأن يدخل يوم الاثنين ) أي صبيحته ، شرح المنهج ويؤخذ من هذا أن يوم الاثنين أفضل من يوم الخميس وصومه أفضل من صومه وهو كذلك اه ز ي . ويجمع الاثنين على أثانين بإثبات النون لأنه جمع تكسير فلا تحذف نونه للإضافة اه خ ض . قوله : ( في وسط ) بفتح السين على الأشهر وعبارة بعضهم على الأفصح ويجوز إسكان السين بخلاف نحو وسط القوم فهو بسكون السين أكثر من فتحها لأن ما كان متصل الأجزاء الأفصح فيه الفتح وما كان متفرقها الأفصح فيه السكون . قوله : ( ليتساوى أهله ) كان المراد بهذا تساوى كل مع نظيره فأهل الأطراف يتساوون وكذا من يليهم وهكذا سم . أي لأن الساكن بالقرب من وسط البلد ليس مساوياً لمن مسكنه في أطرافها فأشار(5/319)
"""""" صفحة رقم 320 """"""
إلى أن التساوي لمن في طرف بالنسبة لمن في الطرف المقابل له لا مطلقاً اه . قوله : ( خطته ) قال في المصباح : الخطة المكان المحيط للعمارة والجمع خطط مثل سدرة وسدر . وإنما كسرت الخاء لأنها خرجت على مصدر افتعل مثل اختطب خطبة وارتدّ ردّة وافترى فرية ثم قال : والخطة بالضم الحالة والخصلة اه ع ش على م ر . قوله : ( وأن ينظر أوّلاً ) أي ندباً بعد أن ينادي في البلد متكرراً إن القاضي يريد النظر في المحبوسين يوم كذا فمن له محبوس فليحضر شرح م ر . قوله : ( فعلى خصمه حجة ) قيل هذا مشكل لأن وضعه في الحبس حكم من القاضي الأول بحبسه فكيف يكلف الخصم حجة سم ويمكن أن يحبسه ظلماً من غير حجة شرعية خصوصاً في هذا الزمان . قوله : ( كتب إليه ليحضر ) أي أو إلى قاضي بلده ليأمره بالحضور وهو أولى من ذلك ح ل . قوله : ( قوياً فيها ) أي في الوصية بمعنى الإيصاء عضده أي قوّاه .
قوله : ( ثم يتخذ كاتباً ) أي ندباً وقد كان له كتاب فوق الأربعين منهم زيد بن ثابت وعليّ ومعاوية رضي الله عنهم برماوي . قوله : ( محاضر ) المحضر بفتح الميم ما يكتب فيه ما جرى للمتحاكمين في المجلس . فإن زاد عليه الحكم أو تنفيذه سمي سجلاً . شرح المنهج وعبارة ق ل محاضر جمع محضر وهو ما يكتب فيه صورة الواقعة بين الخصمين والسجلات جمع سجل وهو ما يكتب فيه الواقعة لكن يحفظ عند الحاكم ، والكتب الحكمية هي ما فيها الواقعة أيضاً لكن يكتب القاضي خطه عليها وتعطى للخصم وهي المعروفة بالحجج وثمن ورق المحاضر والسجلات ، ونحوهما من بيت المال فإن لم يكن فيه شيء فعلى من أراد الكتابة فإن لم يرد لم يجبر . وعبارة الروض وشرحه ، وأجرة الكاتب ولو كان الكاتب القاضي وثمن الورق الذي يكتب فيه المحاضر والسجلات ونحوهما من بيت المال فإن لم يكن في بيت المال شيء أو احتيج إليه لما هو أهم فعلى من له العمل : المدّعي والمدّعى عليه ، ذلك إن شاء كتابة ما جرى في خصومته . وإلا فلا يجبر على ذلك لكن يعلمه القاضي ، أنه إذا لم يكتب ما جرى فقد ينسى شهادة الشهود وحكم نفسه اه . قال بعضهم : وأجرة كاتب الصكوك أي الأوراق تكون على عدد رؤوس المستحقين وإن تفاوتت حصصهم قاله الرافعي قال في المهمات : وهي مسألة حسنة ينبغي معرفتها .(5/320)
"""""" صفحة رقم 321 """"""
قوله : ( شرطاً فيها ) أي حالة كون كل واحد من العدل وما بعده شرطاً فيها أي في كتابة محاضر وسجلات هكذا يفهم شوبري . وقيل : هو معمول لمحذوف أي شرط ذلك شرطاً . قوله : ( وأن يتخذ مترجمين ) لأن في تبليغهما القاضي كلام الخصمين شهادة فلذلك شرط تعددهما بخلاف إبلاغهما كلام القاضي للخصم لا يشترط فيه التعدد . والحاصل أن المترجم إن كان يترجم كلام الخصوم للقاضي اشترط التعدد وإن كان يترجم كلام القاضي للخصوم لا يشترط فيه التعدد وأما المسمع فلا يشترط فيه التعدد مطلقاً قال ز ي : واستشكل اتخاذ المترجم بأن اللغات لا تنحصر ويبعد حفظ شخص لكلها ويبعد أن يتخذ القاضي في كل لغة مترجماً للمشقة فالأقرب أن يتخذ من يعرف اللغات التي يغلب وجودها في عمله مع أن فيه عسراً أيضاً اه . قوله : ( وأن يتخذ قاض أصم ) أي صمماً لا يبطل سمعه ، شرح م ر وإلا فالأصم لا يصح كونه قاضياً كما مر اه . قوله : ( مسمعين ) وقد يغني عنهما المترجمان قاله سم : ولا يعتبر كون المسمعين غير المترجمين بل إن حصل الغرضان باثنين بأن عرفا لغات القاضي والخصوم كفيا في الغرضين وإلا فلا بد لكل غرض من يقوم به . قوله : ( درة ) بكسر الدال المهملة وفتح الراء المشدّدة وهي سوط متخذ من جلود ، وأما الكرباج المعروف الآن فالضرب به حرام وأوّل من اتخذها الإمام عمر رضي الله تعالى عنه . قال الشعبي : ودرة عمر كانت أهيب من سيف الحجاج اه ، ويقال كانت من نعل رسول الله وما ضرب بها أحداً على ذنب وعاد إليه بعدها ، اه ق ل . وفي المصباح الدرة السوط والجمع درر كسدرة وسدر قوله : ( وسجناً ) وأجرة السجن على المسجون لأنها أجرة المكان الذي شغله وأجرة السجان على صاحب الحق إذا لم يتهيأ صرف ذلك من بيت المال اه س ل . وقوله : على المسجون أي ولو سجن بغير حق لأنها أجرة المحل الذي شغله اه ح ل . ونقله الشيخ خضر عن تقرير شيخه الزيادي : وفيه نظر لأنه مقهور ومحبوس ظلماً وكان ينبغي أن تكون على الحابس اه . قوله : ( ويكره للقاضي أن يتخذ حاجباً ) أي حيث لم يعلم القاضي من الحاجب أنه لا يمكن من الدخول عليه عامة الناس وإنما يمكن عظماءهم أو من يدفع له رشوة للتمكين وإلا فيحرم اه ع ش على م ر . قوله : ( دونهم ) أي عنهم أي يحول بينهم وبين القاضي .(5/321)
"""""" صفحة رقم 322 """"""
قوله : ( وعليهم ) أي وسهل عليهم المطالبة لحقوقهم وفي نسخة بدل المطالبة المخاطبة . قوله : ( ووسادة ) ليكون أهيب وإن كان من أهل الزهد والتواضع للحاجة إلى قوة الرهبة والهيبة ، ومن ثم كره جلوسه على غير هذه الهيئة شرح م ر . قوله : ( أضل أو أضل ) ببناء الأول للمعلوم والثاني للمجهول وكذا ما بعده وهي ألفاظ متقاربة وقوله : أزل بالزاي لا بالذال . وقوله : أو أجهل أي أسفه وأجترىء على الناس أو يفعل بي ذلك وقال بعضهم قوله : أو أجهل أي أفعل فعل الجهلة ، أو يجهل عليّ أي يفعل الناس بي أفعال الجهالة من إيصال الضرر إليّ . قوله : ( ويزيد فيه ) أي الحديث المتقدم .
قوله : ( وأن يشاور الفقهاء ) الأمناء ولو أدون منه . وفي الخصائص وشرحها للمناوي :(5/322)
"""""" صفحة رقم 323 """"""
واختص بوجوب المشاورة عليه لذوي الأحلام العقلاء في الأمر عند الجمهور لقوله تعالى : ) وشاورهم في الأمر } ) آل عمران : 159 ) أي الذي ليس فيه وحي بما يصح أن يشاور فيه ليصير سنة ولتطييب قلوبهم ووجوب المشاورة هو ما صححه الرافعي والنووي وقيل إنها غير واجبة لما نقله الحافظ البيهقي في كتاب المعرفة وصرف الشافعي الأمر إلى الندب وعبارته في الأم بعد ذكره الآية وقال الحسن : إن كان النبي عليه الصلاة والسلام لغنياً عن ذلك ولكنه أراد أن يسنّ بذلك للحكام بعده إذا نزل بالحاكم أمر يحتمل وجوهاً أو يشكل ينبغي له أن يشاور ولا ينبغي له أن يشاور جاهلاً لأنه لا معنى لمشاورته ولا عالماً غير أمين ولكنه يشاور من جمع العلم والأمانة وفي المشاورة رضا الخصم والحجة عليه وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ( ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله ) وعن ابن عباس لما نزلت هذه الآية : ) وشاورهم في الأمر } ) آل عمران : 159 ) قال النبي : ( إن الله ورسوله غنيان عنها ولكن جعلها الله رحمة في أمتي فمن شاور منهم لم يعدم رشداً ومن ترك المشورة منهم لم يعدم عناء ) وقد قيل : الاستشارة حصن من الندامة اه . قوله : ( عند اختلاف وجوه النظر ) أي طرقه وقوله : وتعارض عطف سبب .
قوله : ( مستغنياً عنها ) أي عن المشاورة . قوله : ( أو قياس جليّ ) أي فلا يشاورهم فيه كقياس الضرب على التأفيف فالفارق بين الضرب والتأفيف وهو أن الضرب إيذاء بالفعل والتأفيف إيذاء بالقول مثلاً مقطوع بأنه لا يؤثر في الحكم وهو حرمة الضرب ، أي لا ينفيها فلو حكم بعدم تعزير من ضرب أباه لكون الضرب ليس حراماً بطل حكمه اه . قوله : ( صوناً له عن ارتفاع الأصوات ) ولأنه قد يحتاج إلى إحضار المجانين والصغار والحيض والكفار . شرح م ر وما يقع في بلاد كثير من الأرياف أن الذمي قابض المال يجلس في المسجد ويجتمع عنده من يشرب الدخان وفي ذلك . فلا يتوقف في تحريمه ويجب إنكاره وإخراجه على كل قادر ويحرم على الملتزم إذا علم بذلك اه رحماني . قوله : ( ولو اتفقت قضية ) محترز قوله : أن يتخذ أي(5/323)
"""""" صفحة رقم 324 """"""
يعدّه ويهيئه لذلك . قوله : ( وجوباً على الصحيح ) مقابلة الندب . قوله : ( كما ستعرفه ) أي ما ذكر من السبعة . قوله : ( والجلوس بين يديه ) وكون الجلوس على الركب أولى م ر . قوله : ( ولا يرتفع الموكل على الوكيل ) يعني أن الشخص إذا وكل في خصومة وحضر مع الوكيل والخصم فلا يرفع الموكل على الوكيل والخصم لأن الدعوى متعلقة به . بدليل تحليفه إذا آل الأمر إلى التحليف وعبارة شرح م ر ومثلهما وكيلاهما في الخصومة : وما جرت به العادة كثيراً من التوكيل للتخلص من ورطة التسوية بينه وبين خصمه جهل قبيح اه . قوله : ( به ) أي بالموكل في الدعوى . قوله : ( الزبيلي ) بالزاي أو بالدال المهملة وهو الصواب أي مع كسر الباء نسبة إلى زبيل قرية بالرملة أو بالدال مهملة مفتوحة فتحتية ساكنة فموحدة مضمومة نسبة إلى دبيل مدينة قريبة من السند ذكره السيوطي في اللب وقال في القاموس : دبيل كأمير موضع بالسند ولم يذكر في اللب ولا في القاموس الزبيلي بالزاي المعجمة أصلاً وإن كان مشهوراً ولا ذكراً أن زبيل اسم بلد أو مكان ينسب إليه فعلم أنه لا خلاف في إهمال الدال وإنما الخلاف في النسبة إلى ديبل أو دبيل بتقديم الموحدة على المثناة الساكنة التحتية . قوله : ( وهو ) أي عدم ارتفاع الموكل على الوكيل والخصم .
قوله : ( جواز ) هذا جواز بعد امتناع فيصدق بالوجوب فالمراد به هنا الوجوب كما في شرح م ر . قوله : ( قال : خرج عليّ ) أي وكان إذ ذاك أمير المؤمنين وكان شريح من تحت يده وقوله فقال شريح ما تقول : يا نصراني أي بعد تقدم دعوى من سيدنا عليّ بأن الدرع له ليظهر قول شريح ما تقول : يا نصراني وكان شريح من كبار التابعين وكان من أعلم الناس بالقضاء وكان أحد السادات الطلس وهم عبد الله بن الزبير ، وقيس بن سعد بن عبادة ، والأحنف بن(5/324)
"""""" صفحة رقم 325 """"""
قيس ، الذي يضرب بحلمه المثل والرابع شريح هذا ، والأطلس الذي لا شعر في وجهه . قوله : ( بيني وبينك ) أي يفصل بيني وبينك الخ . قوله : ( صدق شريح ) أتى بهذا وإن كان غير مناسب في الجواب لأجل أن يسمعه خصمه الذي هو النصراني فيعرف أن قضاة المسلمين على الحق . قوله : ( فأعطاه عليّ الدرع ) لعل المعنى تركه له مع قدرته على أخذه بالبينة وإلا فعلي لم ينزعه منه ولا أثبته له أي لا بالبينة ولا باليمين أي المردودة اه م د . قوله : ( عتيق ) أي جيد وهو ما أبواه عربيان شيخنا . قوله : ( ولأن الإسلام ) عطف على لما روى البيهقي . قوله : ( ذلك ) أي الرفع الصادق بالرفع المعنوي . قوله : ( لكثرة ضرر المسلمين ) أي لكثرة الضرر الحاصل للذميين بتقديم المسلمين وهو من إضافة المصدر لفاعله والمفعول محذوف أي الكفار ولو قال : لكثرة ضرر التأخير لكان أولى . وعبارة الروض : لكثرة ضرر التأخير وإذا ازدحم مدعوين قدم وجوباً من علم سبقه فإن لم يعلم سبق بأن جهل أو جاءا معاً قدم بقرعة والتقديم فيهما بدعوى واحدة لئلا يطول الزمن فيتضرر الباقون ولكن يسن تقديم مسافرين مستوفزين ونسوة إن قلوا والازدحام على المفتي والمدرس كالازدحام على القاضي إن كان العلم فرضاً وإلا فالخيرة إلى المفتي والمدرس وينبغي أن يأتي مثل هذا التفصيل في التاجر ونحوه من السوقة . كذا نقل عن شيخنا ز ي . أقول : وهو ظاهر إن لم يكن ثم غيره وتعين عليه البيع لإضرار المشتري وإلا فينبغي أن الخيرة له لأن البيع من أصله ليس واجباً بل له أن يمتنع من بيع بعض المشترى ويبيع بعضاً ، ويجري ما ذكر من تقديم الأسبق ثم القرعة من المزدحمين على مباح ومنه ما جرت به العادة من الازدحام على الطواحين بالريف التي أباح أهلها الطحن بها لمن أراده وهذا في غير المالكين لها أما هم فيقدمون على غيرهم لأن غايته أن غيرهم مستعير منهم فلا يقدم عليهم أما المالكون إذا اجتمعوا وتنازعوا فيمن يقدم فينبغي أن يقرع بينهم ع ش على م ر .(5/325)
"""""" صفحة رقم 326 """"""
قوله : ( فيتجه تخريجه ) أي تفريعه وهذا ضعيف والمعتمد أن الذمي يرفع على المرتد . قوله : ( والصحيح الخ ) أي فيرفع الذمي على المرتد هذا إذا تداعيا ومنازعة البلقيني تفيد أنه لا جامع بين المكافأة في القصاص ووجوه الإكرام في الدعوى بدليل أنه لا يرفع الوالد على الولد ولا الحر على العبد مع عدم المكافأة بينهما م د . قوله : ( ليس مما الخ ) لعل الأولى ليس مما له مناسبة بطريق من الطرق شيخنا . قوله : ( وهو النظر بمؤخر العين ) ليس قيداً . قوله : ( في القيام ) أي لخصمه حتى لو كان أحدهما يستحق القيام فقط فيترك القيام له محافظة على التسوية ز ي . قوله : ( فإما أن يعتذر ) بأنه لم يعلم أنه جاء في خصومة أو يقول : قصدت القيام لكما إن أمكن ق ل . قوله : ( منه ) أي من القيام أي من تركه له . قوله : ( وإما أن يقوم له ) ظاهره وإن لم يكن أهلاً للقيام لضرورة التسوية م ر . قوله : ( ليس له ) أي مع خصمه بل لخصمه فقط لكونه هو الذي يقام له . قوله : ( في جواب سلامهما ) ولو قرب أحدهما من القاضي وبعد الآخر عنه وطلب الأول مجيء الآخر إليه وعكس الثاني فالذي يتجه الرجوع للقاضي من غير نظر لشرف أحدهما أو خسته . فإن قلت أمره بنزول الشريف إلى الخسيس تحقير له بخلاف عكسه فليتعين . قلت : ممنوع لأن قصد التسوية ينفي النظر لذلك نعم لو قيل : الأولى ذلك لم يبعد كذا في التحفة ويتجه الرجوع للقاضي أيضاً فيما لو قام أحدهما وجلس الآخر وطلب كل منهما موافقة الآخر مع امتناعه منها شوبري . قوله : ( فلا يردّ على أحدهما ) أي فلا يقصد الرد على أحدهما . قوله : ( فإن سلم عليه أحدهما انتظر الآخر ) استشكل بأن القياس عدم انتظاره حملاً على أن السلام سنة كفاية فحصوله من أحدهما كأنه منهما . وجوابه بأنه وإن كان سنة كفاية لكن الأفضل تعدّده ودفعاً لاحتمال أن يرى الآتي به لنفسه مزية على الآخر . قوله : ( أو قال له : سلم ) فيه أن هذا ينافي ما في شرح م ر . من أن شرط رد السلام اتصاله به كاتصال الإيجاب(5/326)
"""""" صفحة رقم 327 """"""
بالقبول . إلا إن يقال : اغتفر هذا هنا للتسوية بينهما قال ع ش عليه ، وبقي ما لو علم عدم السلام بالمرة هل يجب عليه أن يقول له : سلم لأجيبكما أم لا ، فيه نظر والأقرب الأول .
قوله : ( في طلاقة الوجه ) أي أو عبوسته م ر . قوله : ( تنبيه ) لو قدم هذا التنبيه أو أخره عن المتن الآتي لكان أولى لأنه من قبيل الهدية ومعناه أنه يسن ترك البيع والشراء بنفسه أو بوكيله المعروف ، فإن اشترى بلا محاباة كان الشراء مكروهاً وإن كان بمحاباة فما حوبي به يحرم قبوله لأنه هدية وهي محرمة . قوله : ( رشوة ) أي إن كان لأجل الحكم بالباطل أو ترك الحكم بالحق ، وقوله : أو هدية أي إن كان لأجل الإكرام . قوله : ( وهي ) أي الإحدى المذكورة . قوله : ( ولا يجوز للقاضي أن يقبل الهدية ) شروع في بعض الآداب المطلوبة من القاضي على سبيل الوجوب ، وهو عدم قبول الهدية ولا يخفى ما فيه من الإجمال لأن ظاهره تحريم قبول الهدية مطلقاً لكنه فصله بقوله : فإن أهدي الخ وعبارة شرح المنهج وحرم قبوله هدية من لا عادة له بها قبل ولايته أو له عادة ، وزاد عليها قدراً أو صفة بقيد زدته فيهما في محلها أي ولايته وقبوله ولو في غير محلها هدية من له خصومة عنده وإن اعتادها قبل ولايته اه . والحاصل أنه إن كان للمهدي خصومه في الحال أو غلب على الظن وقوعها ، على قرب امتنع قبول الهدية مطلقاً سواء كان المهدي من أهل عمله أم لا كان له عادة بالهدية ، أم لا وإن كان ليس للمهدي خصومة ولم يكن له عادة بالهدية امتنع قبولها أيضاً سواء كان من أهل عمله أم لا . وإن كان له عادة بالهدية وزاد عليها قدراً أو جنساً أو صفةً ، حرم قبولها أيضاً على تفصيل في هذه يأتي في الشرح وإن كان له عادة ولم يزد لا جنساً ولا قدراً ولا صفةً جاز قبولها ولا فرق في هذا التفصيل بين الأجانب وأبعاض القاضي على المعتمد . وما في الشرح من الاستثناء ضعيف . قال في الخصائص وشرحها : واختص بإباحة قبول الهدية مطلقاً ولو من أهل الكتاب ، لأنه معصوم فهي حلال روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها : ( كان يقبل الهدية ويثيب عليها ) بخلاف غيره من الحكام وولاة الأمور فإنه رشوة فتحرم عليهم خوفاً من الزيغ عن الشرع والميل مع الهوى لخبر الشيخين وغيرهما عن أبي حميد الساعدي مرفوعاً ( ما بال العامل نستعمله فيأتينا فيقول هذا من عملكم وهذا أهدى إليّ أفلا قعد في بيت أبيه أو أمه(5/327)
"""""" صفحة رقم 328 """"""
فنظر هل يهدى له أم لا ؟ فوالدي نفس محمد بيده لا يغلّ أحدكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه إن كان بعيراً جاء به له رغاء وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار وإن كانت شاة جاء بها تيعر فقد بلغت ) أي حكم الله الذي أرسلت به في هذا إليكم .
تتمة : يندب قبول الهدية لغير الحاكم حيث لا شبهة قوية فيها وحيث لم يظن المهدى إليه ، أن المهدي أهداه حياء أو في مقابل وإلا لم يجز القبول مطلقاً في الأولى وإلا إذا أثابه بقدر ما في ظنه بالقرائن في الثاني وينبغي للمهدى إليه التصرف في الهدية عقب وصولها بما أهديت لأجله إظهاراً لكون الهدية في حيز القبول وأنها وقعت الموقع ووصلت وقت الحاجة إليها وإشارة إلى تواصل المحبة بينه وبين المهدى إليه حتى إن ما أهداه إليه له مزية على غيره مما هو عنده وإن كان أعلى وأغلى ولا ينحصر ذلك في التألف ونحوه . فالأولى فعل ذلك مع من يعتقد صلاحه أو علمه أو يقصد جبر خاطره أو دفع شره أو نفوذ شفاعته عنده في مهمات الناس وأشباه ذلك . ولا يشترط في ذلك صيغة بل يكفي البعث والأخذ اه . وأما غيره من الحكام فيحرم عليه قبول الهدية ممن له خصومة وكذا ممن لا خصومة له . إن لم يعهد منه وإذا قبلها لا يملكها عند الشافعي رضي الله عنه وذلك لما رواه أحمد والبيهقي عن أبي حميد الساعدي والطبراني عن أبي هريرة وابن عباس وجابر مرفوعاً ( هدايا العمال ، وفي رواية : الأمراء غلول ) بضم الغين واللام أصله الخيانة لكنه شاع في الغلول في الغنيمة ، والمراد أنه إذا أهدى العامل للإمام أو نائبه شيئاً فقبله فهو خيانة منه للمسلمين فلا يختص به دونهم وروى أبو يعلى ( هدايا العمال حرام كلها ) قال ابن بطال فيه أن هدايا العمال تجعل في بيت المال وأن العامل لا يملكها إلا إن طلبها له الإمام واستنبط منه في المهذب رد هدية من كان ماله حراماً أو عرف بالظلم وأخرج أبو نعيم وغيره أن عمر بن عبد العزيز اشتهى تفاحاً ولم يكن معه ما يشتري به فركب فتلقاه غلمان الدير بأطباق تفاح فتناول واحدة فشمها ثم ردها فقيل له ألم يكن المصطفى وخليفته يقبلون الهدية فقال : إنها لأولئك هدية وهي للعمال بعدهم رشوة اه . وسائر العمال مثله في نحو الهدية كمشايخ البلدان لكنه أغلظ م ر وع ش والضيافة والهبة كالهدية وكذا الصدقة على الأوجه ز ي ولا يجوز لغير القاضي ممن حضر ضيافة الأكل منها إلا إن قامت قرينة على رضا الملك ومثله سائر العمال ومنه ما جرت العادة به من إحضار طعام لشادّ البلد أو نحوه من الملتزم أو الكاتب ع ش على م ر ملخصاً .
قوله : ( من له خصومة ) أو من غلب على ظنه أنه سيخاصم ولو بعضه فيما يظهر لئلا يمتنع من الحكم عليه م ر خلافاً للأذرعي لأنه استثنى هدية أبعاضه إذ لا ينفذ حكمه لهم ونقله عنه ز ي وأقره . وحاصل ما في الهدية أن القاضي والمهدي إما أن يكونا في محل الولاية أو خارجها أو القاضي داخلاً والمهدي خارجاً أو بالعكس فهذه أربع صور وعلى كل إما أن يزيد(5/328)
"""""" صفحة رقم 329 """"""
على عادته إن كان له عادة أو لا وعلى كل إما أن يكون له خصومة أو لا فهذه ست عشرة صورة وكلها حرام ، إلا إذا كان في غير محل ولايته أو فيها ، ولم يزد المهدي ولم يكن له خصومة فيهما فقد صرح سم : بأن الزيادة في غير محل ولايته لا تحرم قرره : شيخنا العزيزي . قوله : ( سواء أكان من أهل عمله أم لا ) أشار بذلك إلى أن قول المصنف من أهل عمله ليس قيداً كما في هذه الحالة . قوله : ( ثم أهدي إليه ) أي سواء كان من أهل عمله أو لا ولكن يقيد الثاني بما إذا أهدي للقاضي في محل ولايته وإلا بأن ذهب للقاضي إليه وليس من أهل عمله فأهدى له جاز قبولها وهذا أي قوله : ثم أهدي إليه لا حاجة له لأنه فرض الكلام .
قوله : ( حرم عليه قبولها ) جواب إن ومحل الحرمة إذا كان في محل ولايته كما في شرح المنهج وإن كان ظاهر كلامه الإطلاق وقوله : فلخبر هدايا الخ . فيه أنه يمكن أن يدل الحديث على الأمرين أي من لا عادة له وأوله عادة وزاد عليها . قوله : ( سحت ) بضمتين وإسكان الثاني تخفيف وهو كل مال حرام لا يحل كسبه ولا أكله اه مصباح . وسمي سحتاً لأن يسحت أي يذهب البركة . قوله : ( السلطان ) المراد به ما يشمل نوابه كالقاضي قال م ر في شرحه : وإنما أحلت الهدايا له لعصمته وفي خبر أنها أحلت لمعاذ فإن صح فهو من خصوصياته أيضاً . قوله : ( إليه ) أي إلى المهدي . قوله : ( فإن تعذر ) أي الردّ . قوله : ( وقضية كلامهم أنه لو أرسلها ) أي من ليس من أهل عمل القاضي وإنما أفرد ذلك بالذكر ، للخلاف فيه وإلا فلو أتى بها بنفسه للقاضي حرم قبولها أيضاً لكن من غير خلاف ، بخلاف الذي في الشرح .
قوله : ( يستثنى ) في م ر والأوجه عدم الاستثناء لأنه ربما امتنع بسبب الهدية من الحكم عليهم . قوله : ( هدية أبعاضه ) مصدر مضاف لفاعله والمفعول محذوف أي للقاضي كأبيه وابنه .(5/329)
"""""" صفحة رقم 330 """"""
قوله : ( وكان يهدى إليه ) أي ولو مرة . قوله : ( والأولى إذا قبلها أن يردها ) الأولى أن يقول : والأولى أن يردها أو يثيب عليها إذا قبلها لأن القبول قيد في الإثابة فقط لا في الردّ لأنه إذا ردها لا يكون قابلاً لها . قوله : ( لكن قال الروياني : الخ ) قول : ثان وكلام الذخائر ثالث وما قبلهما أول فهي ثلاثة أقوال . المعتمد كلام الذخائر . قوله : ( عن المهذب ) كذا في خطه وصوابه كما في شرح الروض عن المذهب لأن الروياني أقدم من الشيخ أبي إسحاق صاحب المهذب . وحاصل : ما أشار إليه أن المهدي إن زاد على العادة بعد المنصب ففيه احتمالات ثلاث : الأوّل تحريم الجميع مطلقاً سواء كانت الزيادة من الجنس أو لا . والثاني إن كانت الزيادة من الجنس جاز قبول الجميع . والثالث : التفصيل بين أن تتميز الزيادة جنساً أو قدراً فتحرم وحدها أو لا تتميز فيحرم الجميع وهو المعتمد فإن كانت الزيادة بسبب تغيير جنس الهدية بأن كانت عادته أن يهادي بالقطن فهاداه بعد المنصب بالحرير فهل يحرم الجميع أو مقابل ما زاد على قيمة القطن من الحرير احتمالان رجح الأسنوي منهما بعد الأوّل وقيده بما إذا كان للزيادة وقع وإلا فلا يحرم .
قوله : ( في المألوف ) أي في الهدية وقوله : وفي الذخائر ردّ لكلام الروياني . قوله : ( أي بجنس ) ومثال تميز الزيادة بالجنس أن يهدى له أردب قمح وأردب أرز من كان يهدى له أردب قمح فقط ومثال تميزها بالقدر أن يهدى إليه أردبي قمح من كان يهدى له أردباً فقط قال ق ل وحاصله : إنه إن كانت الهدية بقدر ما كان يهدى إليه قبل القضاء جنساً وقدراً وصفة جاز قبولها وإلا فيحرم . قوله : ( أو قدر ) بأن كانت متميزة بصفة بأن كانت عادته أردب قمح رديئاً فأهدي له أعلى . قوله : ( في المعنى ) أي لا في الجنس وهذا هو الأوّل في كلام الذخائر وإنما أعاده لأجل الخلاف . قوله : ( كالهدية ) فيفصل بين من عادته ذلك قبل القضاء ومن لا .(5/330)
"""""" صفحة رقم 331 """"""
قوله : ( والعارية إن كانت مما يقابل بأجرة ) كسكنى دار وركوب دابة . قوله : ( الرشوة ) بتثليث الراء م ر . قوله : ( ليحكم بغير الحق ) أفهم أنه لو رشى ليحكم بالحق جاز الدفع وإن كان يحرم على القاضي الأخذ على الحكم مطلقاً أي سواء أعطي من بيت المال أم لا وفي حاشية ابن لقيمة علي البيضاوي ما حاصله يجوز للقاضي أخذ الأجرة على القضاء أم لا ذهب الجمهور من أهل العلم من الصحابة وغيرهم إلى جواز أخذ القاضي الأجرة على الحكم لأنه شغله الحكم عن القيام بمصالحه ، وكرهه طائفة كراهة تنزيه منهم مسروق ورخص فيه الشافعي وأكثر أهل العلم . وقال صاحب الهداية : من الحنفية وإذا كان القاضي فقيراً فالأفضل بل الواجب أخذ كفايته وإذا كان غنياً فالأفضل الامتناع عن أخذ الرزق من بيت المال رفقاً ببيت المال . وقيل : الأخذ هو الأصح صيانة للقضاء عن الهوان ، ونظراً لمن يأتي بعده من المحتاجين ويأخذ بقية الكفاية له ولعياله وعن الإمام أحمد : لا يعجبني وإن كان بقدر عمله مثل وليّ اليتيم واتفق أهل العلم على أن القاضي إذا قضى بجور أو بخلاف ما عليه أهل العلم فحكمه مردود فإن كان على وجه الاجتهاد وأخطأ فالإثم ساقط ، والضمان لازم فإن كان الحكم في قتل فالدية في بيت المال عند أبي حنيفة وأحمد وعلى عاقلته عند الشافعي وأبي يوسف ومحمد اه قسطلاني ملخصاً . قوله : ( تخصيص إجابة من اعتاد الخ ) أي ويفصل فيها كما يفصل في الهدية فإن لم تتميز الضيافة بشيء على العادة السابقة حل ذلك وإلا حرام . قوله : ( ولا يلتحق فيما ذكر الخ ) العبارة فيها حذف أي لا يلتحق بالقاضي فيما ذكر المفتي الخ .
قوله : ( ومعلمي القرآن ) كذا في بعض النسخ وهو تحريف وفي بعضها ومعلمو القرآن وهي ظاهرة . قوله : ( أن يشفع لأحد الخصمين ) أي عند خصمه بالصبر مدة مثلاً فالمراد بالأحد(5/331)
"""""" صفحة رقم 332 """"""
المدعى عليه بأن يقول للمدعي سامحه من بعض الحق ، أو كله لوجه الله مثلاً وقوله ويزن أي يدفع عنه ما عليه سواء كان موزوناً أو مكيلاً . قوله : ( لأنه ينفعهما ) أي الخصمين وهو ظاهر الثانية دون الأولى فالنفع فيها للمدعى عليه فقط . ويجاب بأن في الأولى ينتفع بالثواب . قوله : ( ولا بين أن يكون لله تعالى أو لا ) ردّ على البلقيني حيث قال : إن كان الغضب لا كراهة ، وفي الخصائص ولا يكره له الفتوى والقضاء في حال الغضب لأنه لا يخاف عليه من الغضب ما يخاف على غيره لأن غضبه لله لا لحظ نفسه ذكره النووي في شرح مسلم وقضيته جواز الحكم له في حال الغضب وتعليله : بأنه معصوم أنه يجوز له أن يشهد وتقبل ويحكم على عدوّه لعموم عصمته ولو قال : لفلان على فلان كذا جاز لسامعه أن يشهد بذلك على فلان وإن لم يسمع الإقرار منه لعصمة المصطفى ذكره في شرح الروياني في روضة الحكام وتبعوه وكان له قتل من اتهمه بالزنا من غير بينة ولا يجوز ذلك لغيره ذكره ابن دحية . قوله : ( لأن المقصود ) الأولى لأن السبب وقوله : ومدافعة الأخبثين لو قال : ومدافعة الحدث لكان أخصر . قوله : ( كما قيد به ) أي بهذا القيد أو المذكور .(5/332)
"""""" صفحة رقم 333 """"""
قوله : ( وعند الملال ) أي السآمة والتعب قوله : ( لقصة زبير ) وفي بعض النسخ الزبير أي حيث قال : خصمه للنبي ( أن كان ابن عمتك ) أي أمرت بسقي أرضه أوّلاً لكونه ابن عمتك فتغير النبي فأن بالفتح علة لمحذوف .
قوله : ( لأنه من خصائصه ) عبارة الخصائص وشرحها ويقضي لنفسه ولولده بضم الواو وسكون اللام أي فروعه وينفذ حكمه بذلك لأن المنع في حق الأمة للريبة وهي منتفية عنه قطعاً وإن شهد لنفسه ولولده أي فروعه . قوله : ( أو سأل الحكم الخ ) وخرج بتقييد السؤال بالحكم ما لو سأله أن يكتب له في قرطاس ما جرى من غير حكم ويسمى محضراً وأن يكتب سجلاً بما جرى مع الحكم به فإنه لا تلزم إجابته ، بل يسنّ لأن في ذلك تقوية لحجته وإنما لم تجب كالإشهاد لأنّ الكتابة لا تثبت حقاً بخلاف الإشهاد اه م د . وقوله : والإشهاد به أي بالحكم . قوله : ( ستة شروط ) نظمها بعضهم بقوله :
لكل دعوى شروط ستة جمعت
تفصيلها مع إلزام وتعيين
أن لا يناقضها دعوى تغايرها
تكليف كل ونفي الحرب للدين
قوله : ( غالباً ) ومن غير الغالب أن لا تكون معلومة كالدعوى بالمتعة والنفقة والكسوة والإقرار بمجهول والرضخ في الغنيمة .(5/333)
"""""" صفحة رقم 334 """"""
قوله : ( يسنّ للقاضي استفصاله ) أي ولا يجب عليه ذلك وهل له رده أم لا قرر شيخنا الخليفي أن له رده أخذاً من التعبير بسن وإن عاد وفصل الدعوى سمعت اه م د . قوله : ( وقبضته ) أي في صورة الهبة وقوله : ويلزم البائع أي في صورة البيع والإقرار بخلاف ما إذا لم يلزمهما التسليم إليه بأن كان للبائع حق حبس المبيع لكون الثمن أو بعضه مؤجلاً وكون المفر أقر بدين مؤجل بأجل معلوم . قوله : ( مكلفاً ) خبر ثان ليكون . قوله : ( ولا دعوى عليهم ) أي إذا لم يكن مع المدعي بينة وإلا سمعت الدعوى على الصبي والمجنون ومثلهما الغائب والميت ويحلف مع البينة يمين الاستظهار . قوله : ( وتسمع الدعوى عليه ) لا فائدة لاستماع الدعوى عليه بعد مؤاخذته بإقراره لأن الحق ثبت بالإقرار فالأولى حذف قوله : وتسمع الخ . قوله : ( إلا بعد سؤال المدعي تحليفه ) لأن الحق في اليمين له . فاحتيج لإذنه فإن حلفه قبل سؤاله لم يعتدّ به على الأصح ، وله بعد تحليفه إقامة البينة والشاهد مع اليمين ولو قال : لا بينة لي وأطلق أو أراد لا حاضرة ولا غائبة . أو كل بينة أقيمها باطلة أو كاذبة أو زور ثم أتى ببينة قبلت لأنه ربما لم يعرف أو نسي ثم عرف أو تذكر . ولو قال : شهودي فسقة وعبيد ، ثم جاء بعدول . فإن مضت مدة استبراء أو عتق قبلت شهادتهم وإلا فلا سم .
قوله : ( ولو حلف الخ ) هذا إشارة إلى أمر آخر وهو اشتراط تحليف القاضي أيضاً . قوله : ( وقبل إحلاف القاضي ) في المصباح أحلفته إحلافاً وحلفته تحليفاً اه . فاندفع ما يقال : إن إحلاف لم يرد .(5/334)
"""""" صفحة رقم 335 """"""
قوله : ( قد علم مما ذكره المصنف ) أي بطريق القياس على كونه لا يحلفه إلا بعد سؤال المدعي . قوله : ( والحكم على المدعى عليه ) أي بالنكول إذا امتنع عن اليمين . قوله : ( ولا يلقن ) بأن يقول له قل : كذا وكذا ، وهذا لا يغني عن قوله الآتي : ولا يفهمه كلاماً لأن ذلك معناه أن يقول له : كيفية الدعوى كذا وكذا . وكيفية الجواب كذا من غير أن يلقنه عند الدعوى فالإفهام سابق على الدعوى كما قرره شيخنا العشماوي . قوله : ( يستظهر ) أي يغلب ويتعالى بها على خصمه أو يستعين . قوله : ( لما مرّ ) أي لإضراره بخصمه . قوله : ( كيفية أداء الشهادة ) بأن يقول له : كيفية الشهادة أن تأتي بلفظ الشهادة وتأتي بالمشهود عليه مجروراً بعلى وبالمشهود له مجروراً باللام بخلاف التلقين . فإنه يقوله له : قل أشهد أن لفلان على فلان كذا شيخنا . قوله : ( لم شهدتم ) أي لأجرة أو حسبة . فيه أن هذا ليس تعنتاً بل التعنت أن يقول : في أي زمان في أي مكان مثلاً وأن يقول : في شهادة القتل قتله بسيف أو سكين أو سهم وفي أي مكان وفي أيّ زمان وقوله : وما وكيف تحملتم وقوله : يؤدي أي التعنت .(5/335)
"""""" صفحة رقم 336 """"""
قوله : ( ولا تقبل شهادة عدوّ ) ومن ذلك أن يشهدا على ميت بحق فيقيم الوارث بينة بأنهما عدوّان له ، فلا يقبلان عليه في أوجه الوجهين لأنه الخصم لانتقال التركة لملكه ، خلافاً لما بحثه التاج الفزاري وأفتى به الشيخ محتجاً بأن المشهود عليه في الحقيقة الميت شرح م ر . ولا تتقيد العداوة بزمن فلو بالغ في مخاصمة شخص عند إرادة الشهادة عليه مثلاً فرد عليه ولم تقبل شهادته عليه ، وإن لم يردّ عليه قبلت ، ولا تتقيد بشخص أيضاً فقاطع الطريق عدوّ لكل أحد ق ل . قوله : ( على عدوّه ) أما له فتقبل ما لم تفض العداوة إلى الفسق فإن أدته إلى أن يسرق ، أو يقذفه اقتضت منع الشهادة له وعليه . واعلم أنه إن كانت العداوة من الجانبين منعت شهادة كل على الآخر . وإن كانت من جانب اختص منع الشهادة بالعدوّ ، وأما الآخر فتجوز الشهادة منه للآخر وعليه ، وكان المناسب ذكر هذا والذي بعده في الشهادات . وكذا قوله : ولا يتعنت بالشهداء . قوله : ( ذي غمر ) أي ذي حقد . قوله : ( بكسر الغين الغل ) وبالفتح المال الكثير الذي يغمرك أي يسترك وبالضم الرجل الجافي .
قوله : ( الظاهرة ) ويكتفي بما يدل عليها كالمخاصمة ، اكتفاء بالمظنة لما فيه من الاحتياط . وفرق بين العداوة والبغضاء بأن العداوة : هي التي تفضي إلى التعدي بالأفعال والبغضاء هي العداوة الكامنة في القلب اه شوبري . قوله : ( وفي معجم الطبراني ) غرضه الاستدلال على أن العداوة الباطنة لا يعلمها إلا الله ، ووجهه أنهم حيث كانوا إخوان العلانية لم يكن هناك قرينة على العداوة الباطنة وحينئذ لا يعلمها إلا الله عشماوي . قوله : ( إخوان العلانية ) الإضافة على معنى في وكذا ما بعده . قوله : ( والفضل ) هذا عجز بيت وأوّله :
ومليحة شهدت لها ضراتها قوله : ( وقد تكون الخ ) وقد تفضي العداوة إلى الفسق فتردّ شهادته مطلقاً ولا تقبل شهادته(5/336)
"""""" صفحة رقم 337 """"""
على قاذفه ، ولو قبل طلب الحدّ لظهور العداوة ، ولو شهد عليه فقذفه المشهود عليه ، لم يؤثر فيحكم بها الحاكم ولو عادى من يشهد عليه وبالغ في خصامه ولم يجبه ثم شهد عليه قبلت شهادته ، لئلا يتخذ ذلك ذريعة إلى ردها سم . وإيضاح ذلك أن شخصاً علم أن شخصاً يشهد عليه فعاداه وخاصمه ، والحال أن ذلك لم يتأثر ولم يوجد منه ما يدل على كراهة للمخاصم له . ثم شهد عليه قبلت شهادته . قوله : ( ولا يشترط ظهورها ) هذا ينافي قوله : الظاهرة إلا أن يراد بهذا غير ذلك بأن يراد ظهور آثارها كفرحه بحزنه وعكسه . فالمراد بها فيما تقدم الظهور ولو باعتبار أماراتها كالمخاصمة والمراد هنا ظهورها في نفسها لأنها خفية لا يعلمها إلا الله .
قوله : ( وتقبل من مبتدع ) فيه أنه فاسق ببدعته ، إلا أن يقال : شبهته فيها وهو تأويله تمنع فسقه . وعبارة الشارح بعد قول المتن وللعدالة : خمس شرائط والمراد بها أي بالكبائر غير الكبائر الاعتقادية التي هي البدع ، فإن الراجح قبول شهادة أهلها ما لم نكفرهم اه . والمراد بقوله : وتقبل من مبتدع أي إن لم يدع الناس لبدعته أخذاً من كلامه بعد . وإن كان المعتمد أنها تقبل مطلقاً . قوله : ( صفات الله ) أي المعاني لأنّ نافي المعنوية يكفر للاتفاق عليها والمراد بإنكار المعاني إنكار زيادتها على الذات كأن يقول : الله قادر بذاتها لا بصفة زائدة . كما تقول المعتزلة : وكيف يكفر منكر المعنوية ، مع أنها من الأحوال ، والحق أن لا حال كما قاله كثير من العلماء وأجيب : بأنه يلزم من إنكارها ثبوت أضدادها وهو كفر ولا يلزم من نفي الحال نفي الصفات لأن الأحوال المنفية الأكوان أي كونه قادراً وكونه مريداً إلى آخرها ، وأما الصفات : وهو قادر ، مريد ، سميع ، إلى آخرها فلم ينكرها نافي الأحوال . قوله : ( وجواز رؤيته يوم القيامة ) فإن قلت : قوله تعالى : ) وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } ) القيامة : 23 ) يدل على رؤيته تعالى في الآخرة فكيف يكون منكرها غير كافر . فأجاب عنه في شرح الكبرى عن الزمخشري : بأن إلى مفرد آلاء وهي النعم ، فإلى ربها بمعنى نعمة ربها وهي مفعول مقدّم لقوله : ناظرة أي ناظرة نعمة ربها . قوله : ( والبعث ) أي الإحياء قال المفسرون في قوله تعالى : ) واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب } ) ق : 41 ) قيل ينادي إسرافيل عليه السلام بعد خروج الأرواح من الصور فقيول : يا أيتها العظام النخرة والجلود المتمزقة(5/337)
"""""" صفحة رقم 338 """"""
والشعور المتقطعة ، إن الله يأمركم أن تجتمعوا لفصل الخطاب وفي الحديث أنه يقول فيه : ( أيها الأعضاء المتهشمة ، والعظام البالية ، والأجسام المتفرقة ، والجلود المتمزقة ، والأوصال المتقطعة ، والشعور المتطايرة ، قوموا إلى العرض على الله عز وجل ، فتخرج أرواحهم حينئذ من ثقب الصور ولها دويّ كدوي النحل ورب العزة يقول : وعزتي وجلالي لأعيدنكم كما خلقتكم أوّل مرة فلا تخطىء روح صاحبها فيعيدهم كما بدأهم قال تعالى : ) كما بدأنا أوّل خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين } ) الأنبياء : 104 ) والصور فيه ثقب على عدد الخلائق وقد سماه الله في المدثر الناقور فقال سبحانه : ) فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير } ) المدثر : 8 ) . وهو على وزن فاعول من النقر بمعنى التصويت اه شبرخيتي على العشماوية . قوله : ( ولا شهادة من يدعو الناس ) ضعيف والمعتمد القبول من الداعية فإذا قبلت شهادته قبلت روايته خلافاً للشارح ولمن تبعه ز ي .
قوله : ( ولا شهادة خطابي مثله ) والخطابية طائفة من الروافض منسوبون إلى أبي الخطاب محمد بن وهب الأجدع . يتدينون بشهادة الزور لموافقيهم في العقيدة إذا حلف على صدق دعواه . اه مصباح وعبارة أ ج قوله خطابي : أي أصحاب أبي الخطاب الكوفي كان يقول : بألوهية جعفر الصادق ثم ادعاها بعد موته اه . ولعل أصحابه لا يقولون : بما ذكر وإلا كانوا كفاراً . قوله : ( أو شهد لمخالفه ) أي لغير خطابي . قوله : ( ولا تقبل شهادة والد لولده ) يستثنى من ذلك ما لو ادعى القاضي أو الإمام بمال لبيت المال فشهد له به أصله أو فرعه فتقبل لعموم المدعي به . قوله : ( لبعضه ) ولو على بعض آخر بأن شهد لابنه على أبيه أو لأمه على أبيه . قوله : ( عقد ) أي عقد النكاح فإنه يزول بالطلاق بخلاف النسب فإنه لا يزول .(5/338)
"""""" صفحة رقم 339 """"""
قوله : ( نعم لو شهد لزوجته الخ ) والفرق بين هذا وما ولو شهد لعبده بأن فلاناً قذفه أن شهادته هنا محصلها نسبة القاذف إلى خيانة في حق الزوج لأنه يتغير بنسبة زوجته إلى فساد بخلاف السيد بالنسبة لقنه اه ع ش على م ر .
قوله : ( لم تصح شهادته ) أي لأنه متهم بدفع العار عن فراشه ولأنه إذا حدّ قاذفها بشهادته أفاد ذلك عفتها وانتفى العار عن فراشه اه . قوله : ( لأنه يدعي خيانتها فراشه ) أي والأصل عدم الخيانة . قوله : ( وإن خالف ابن عبد السلام ) أي فقال : تقبل الشهادة المذكورة وهو راجع لقوله : ولا تقبل شهادة الشخص لأحد أصليه أو فرعيه على الآخر وإن كان ظاهر كلام الشارح أنه راجع لقوله : ويؤيده منع الحكم بين أبيه وابنه . قوله : ( بأن الوازع الطبيعي ) أي بأن الميل الطبيعي الذي في المشهود له المقتضي للتهمة ظاهراً كشهادته لأمه بدين على أبيه قد تعارض أي عارضه الميل الطبيعي الذي في المشهود عليه الذي لم يقتض التهمة بسبب شهادته عليه فتساقطا فكأنه لا ميل فلا يقال : إن شهادته لأحدهما للميل الطبيعي فلا تقبل ، قال س ل فالوازع الطبيعي ما يحمل الإنسان على الشيء بطبعه فالمراد بالوازع الداعي والباعث . قوله : ( قال ابن القاسم ) هو مالكي وسافر إلى الإمام مالك ليأخذ عنه العلم اثنتي عشرة مرة ، وكل مرة ينفق فيها اثني عشر ألف دينار اه شيخنا . قوله : ( وقليل ذلك ) وما أحسن ما قاله الغزالي :
لا تجزعنّ لوحدة وتفرد
ومن التفرد في زمانك فازدد
ذهب الإخاء فليس ثم أخوّة
إلا التملق باللسان وباليد
وإذا كشفت ضمير ما بصدورهم
ألفيت ثم نقيع سم أسود قوله : ( ولا يقبل القاضي ) أي المنهي إليه . قوله : ( كتب به ) كذا في خط المؤلف وفي(5/339)
"""""" صفحة رقم 340 """"""
بعض النسخ له . اه أ ج . قوله : ( إلى قاض ) فيه إظهار في مقام الإضمار بالنظر لكلام الشارح مع المتن . قوله : ( ولو غير معين ) كما إذا كان في بلد الغائب قضاة فكتب إلى واحد منهم غير معين . قوله : ( فيه ) أي الكتاب . قوله : ( كأن حكم فيه ) أي في الكتاب ذكر الحكم فيه . قوله : ( وأشهدت ) في بعض النسخ وشهد أي المدعي . وهي غير مناسبة لما بعدها لأن الإشهاد إنما هو من القاضي وعبارة شرح الروض مثل عبارة الشارح . قوله : ( شاهدين ) والمراد بهما شاهدان غير شاهدي الحق أما هما : فلا يذهبان إلى القاضي المكتوب إليه وإنما اللذان يذهبان شاهدا الحكم . قوله : ( ويسميهما ) أي شاهدي الحكم لا الحق وهذا إذا كان المراد إنهاء الحكم أما إذا كان يسمع البينة وقبلها ، ولم يحكم وأراد إنهاء البينة أي أنه سمعها وقبلها فيكون المراد ويسميهما أي شاهدي الحق إن لم يعدّلهما وقوله : ويسميهما ظاهره أن الكلام في شاهدي الحكم لا شاهدي الحق لأن الإنهاء إن كان بالحكم فلا حاجة لذكر الحجة أي البينة التي أوجبت الحكم . وإن كان الإنهاء بسماع الشهادة من غير حكم احتاج الأمر إلى ذكر الشاهدين إن لم يعدّلهما والشارح لم يتعرض لسماع البينة فقط أي من غير حكم ، فلا يحمل كلام الشارح على شاهدي الحق لكن قوله : إن لم يعدّلهما يقتضي أن الكلام في شاهدي الحق لأن شاهدي الحكم عدلهما قبل الحكم وكان الأولى أن يقدر بعد قوله في الأحكام : أو في سماع بينة . والحاصل : أنه ينهي إليه الحكم إن حكم ولا يكون ، إلا بعد سماع البينة وتعديلها أو ينهي إليه ثبوت الحق إن لم يحكم وقد عدلت عنده البينة . أو ينهي إليه سماع البينة بالحق فقط ، إن لم تعدل عنده البينة . وكلامه : يقتضي الاكتفاء بتعديله ، فيخالف ما في الروض من قوله : ولا يكفي تعديل الكاتب إياهما . لأنه تعديل قبل أداء الشهادة اه م د . وفيه نظر لأن التعديل إنما يكون قبل أداء الشهادة وقال بعضهم : قوله : ويسمعها الخ . هذا إنما هو في إنهاء سماع الحجة ، كما في المنهج . ولم يذكره الشارح ، إلا في إنهاء الحكم الذي اقتصر عليه ولعله انتقل نظره . ولو زاد قبل هذا قوله : أو شهد بالحق عندي شاهدان لسلم من الاعتراض تأمل .
قوله : ( ويسن ختمه ) أي حفظاً له وإكراماً للمكتوب إليه ، وختم الكتاب من حيث هو سنة متبعة ، وظاهر أن المراد بختمه جعل نحو شمع عليه ويختم عليه بخاتمه لأنه يتحفظ بذلك اه(5/340)
"""""" صفحة رقم 341 """"""
حج وعبارة ح ل . وسن ختمه أي على نحو شمع يضعه على الكتاب بعد طيه ليصونه ، ويحتمل أن يضع الختم لا على شمع ونحوه اه وفي شرح الروض : ويستحب للقاضي ختم الكتاب حفظاً لما فيه وإكراماً للمكتوب إليه . ( وكان يرسل كتبه غير مختومة فامتنع بعضهم من قبولها ، إلا مختمومة فاتخذ خاتماً ونقش عليه محمد رسول الله ) فصار ختم الكتاب سنة متبعة وإنما كانوا لا يقرأون إلا كتاباً مختوماً خوفاً من كشف أسرارهم وإضاعة تدبيرهم . قوله : ( ويدفع للشاهدين ) أي ندباً ع ش . قوله : ( من ثبوت أو حكم ) بمعنى الواو لأنه ينهي ثبوت الحق ، مع الحكم ولفظ الثبوت سرى له من عبارة المنهج . لأنه أوّلاً ذكر إنهاء الحكم وذكر بعده إنهاء الثبوت . ثم قال : من ثبوت أو حكم فهو صحيح هناك وأما هنا فلم يذكر إلا إنهاء الحكم فقط . قوله : ( بل يحكم عليه ) أي ينفذ الحكم إن كان الإنهاء بالحكم وينشىء الحكم إن كان الإنهاء بسماع البينة . قوله : ( فإن مات ) جواب إن الأولى محذوف تقديره ففيه تفصيل بينه بقوله : فإن مات الخ . قوله : ( زيادة تمييز ) أي ولا بد من حكم ثان من قاضي بلد الحاضر ولا يشترط إعادة الدعوى والتحليف . قوله : ( إمكان المعاملة ) فلو كان عمره خمس سنين وعمر المدعي عشرين سنة فهذا لم يمكن معاملته . قوله : ( ولو حضر قاضي بلد الغائب ) وهو المنهي إليه وقوله : ببلد الحاكم وهو المنهي . قوله : ( للمدعي ) أي الذي حكم للمدعي . فأل اسم موصول وقوله : الحاضر صفة للمدعي . قوله : ( فشافهه ) أي خاطبه من غير واسطة . أي شافه الحاكم للمدعي قاضي بلد الغائب والمراد به القاضي بالمعنى اللغوي فيشمل الشادّ إن انحصر الأمر في الإنهاء إليه كما في شرح م ر وحج .(5/341)
"""""" صفحة رقم 342 """"""
قوله : ( أمضاه ) أي المخبر بفتح الباء . قوله : ( وهو ) أي الإمضاء وقوله : وحينئذ أي حين إذ شافهه . قوله : ( قضاء بعلمه ) أي بمنزلة القضاء بعلمه . قوله : ( بخلاف ما لو شافهه ) مفهوم قوله : ببلد الحاكم لأن معناه في محل ولايته . قوله : ( في غير عمله ) أي المخبر بكسر الباء وإن كان الثاني في محل ولايته وإن كان قول الشارح : إذا عاد يقتضي خلاف ذلك سواء كان المخبر بفتحها في محل ولايته أم في غيرها فلا ينفذ المخبر بفتح الباء في الصورتين لأن المخبر بكسر الباء في غير عمله كالمعزول أي فلا يقبل خبره .
قوله : ( فليس له إمضاؤه ) أي ليس للمخبر بفتح الباء إمضاؤه أي لعدم قدرته أي المخبر بالكسر على الإنشاء فهو كالإخبار بعد العزل فلا يفيد وعبارة شرح الروض فإن شافه قاض قاضياً بالحكم والمنهي له في غير محل ولايته ، لم يحكم الثاني وإن كان في محل ولايته لأن إخباره في غير محل ولايته كإخباره بعد عزله اه بالحرف . قوله : ( والإنهاء ) أي المنهي والعبارة فيها قلب أي الحكم المنهي .
قوله : ( يمضي مطلقاً ) أي ينفذ . قوله : ( والإنهاء بسماع حجة ) بأن أنهى له أنه سمع حجة تشهد على فلان الذمي عنده . قوله : ( ما يرجع الخ ) أي هي التي لو خرج منها بكرة لبلد الحاكم لرجع إليها يومه بعد فراغ زمن المخاصمة المعتدلة من دعوى وجواب وإقامة بينة حاضرة وتعديلها والعبرة بسير الأثقال لأنه منضبط اه س ل . قوله : ( مبكر ) بالرفع صفة لمحذوف أي شخص مبكر أي خرج من طلوع الفجر أو من قبل طلوع الشمس . وقوله : يومه منصوب على الظرفية والمعنى أن يذهب إليها ويرجع في يوم . قوله : ( يعدي ) من الإعداد أي يعين من الإعانة فهو بضم الياء وكسر العين . قوله : ( على إحضاره ) متعلق بيعين . قوله : ( من تعليلهم السابق ) هو قوله : إذ يسهل إحضارها مع القرب .(5/342)
"""""" صفحة رقم 343 """"""
3 ( ( فصل : في القسمة ) ) 3
قوله : ( وهي تمييز ) أي لغة وشرعاً ، فهو معنى لغوي وشرعي ويجوز أن يكون معناها الاصطلاحي وأما اللغوي فمطلق التمييز وأدرجت في القضايا لاحتياج القاضي إليها ولأن القاسم كالقاضي في وجوب امتثال قسمته . واعلم أن قسمة الإفراز ضابطها أن تكون في مستوى الأجزاء صورة وقيمة مثلياً أو متقوماً . وضابط قسمة التعديل أن تكون فيما اختلف أجزاؤه في الصورة والقيمة ، أو أحدهما وقسمة الرد وهي ما يحتاج في قسمته إلى رد مال أجنبي ، ولبعض الفضلاء :
يا نفس لا تطلبي ما لا سبيل له
قد قسم الرزق بين القوم قسام
ألا ترين فواكه الأسواق قد وضعت
للتين قوم وللجميز أقوام وقال آخر :
تموت الأسد في الغابات جوعاً
ولحم الضأن مأكول الكلاب
قوله : ( وإذا حضر القسمة ) أي قسمة المواريث . قوله : ( والحاجة الداعية ) أشار إلى أن لها دليلاً عقلياً . قوله : ( المساحة ) بكسر الميم وهو علم يعرف به طرق استعلام المجهولات العددية العارضة للمقادير أي كطريق معرفة القلتين . بخلاف العددية فقط فإن علمها يكون كالجبر والمقابلة اه ح ل . وهي قسم من الحساب فعطفه عليها من عطف العام . قوله : ( لاستدعائها ) أي القسمة أي في بعض الصور ويغني عن هذا التعليل قوله الآتي : وإنما شرط علمهما لأنهما آلة القسمة ومن ثم لم يذكره م ر . قوله : ( من غير عكس ) يعني أن المساحة لا(5/343)
"""""" صفحة رقم 344 """"""
تستلزم القسمة . قوله : ( وإنما شرط علمهما ) لا حاجة لذلك لأنه يغني عنه قوله : لاستدعائها للمساحة . قوله : ( مع ذلك ) أي الشروط . قوله : ( أن يكون عفيفاً عن الطمع ) لم يشترط هذا في القاضي اه ح ل . قوله : ( معرفة التقويم ) أي تقدير قيم الأشياء . قوله : ( باستحبابه ) أي ما ذكر من معرفة التقويم . قوله : ( تقبل ) الأولى وأن تقبل ليصح عطفه على ما قبله . قوله : ( السمع والبصر ) لأن غير السميع لا تصح شهادته فيما يتعلق بالسمع وغيرالبصير ، لا تصح شهادته فيما يتعلق بالبصر ح ل . قوله : ( والنطق ) أي وعدم تهمة بأن لا يكون هناك عداوة لا أصلية ، ولا فرعية ، ولا سيدية . لما تقدم في القضاء اه ع ش على م ر . قوله : ( إذ لا بد ) يتأمل هذا التعليل فإنه لا يصح أن يكون تعليلاً للاشتراط لما يلزم عليه من تعليل الشيء بنفسه . وأجيب : بأنه علة لقوله : لأستفيد منه الخ . قوله : ( ويستغني عن ذكر ذلك ) ترقّ في الاعتراض على المتن وغرضه به أن ذكر الإسلام والبلوغ والعقل مستغنى عنه على كل حال إما بالعدالة التي عبر بها أو بقبول الشهادة المتقدم لكن الاعتراض : بالمتأخر ليس متوجهاً لأن الأول وقع في مركزه .
قوله : ( وإذا لم يكن القاسم منصوباً من جهة القاضي ) أشار بذلك إلى أن قول المتن : فإن تراضيا الشريكان مقابل لمحذوف تقديره : محل اشتراط ما تقدم في منصوب الحاكم أما من تراضى الشريكان عليه فلا يشترط فيه إلا التكليف . والأولى ليناسب قوله : سابقاً أي الذي ينصبه الإمام أو القاضي أن يقول هنا : وإذا لم يكن القاسم منصوباً من جهة الإمام أو القاضي الخ . قوله : ( فإن تراضى ) هي أولى من فأن تراضيا كما في نسخة لسلامتها من التخريج على لغة أكلوني البراغيث . قوله : ( الشريكان ) أو الشركاء . قوله : ( المال المشترك ) مفعول يقسم . قوله : ( أي الشروط السابقة ) لو قال : أي المذكور من الشروط لكان مستقيماً ق ل . لأن اسم الإشارة مفرد ويناسب تفسيره بالمفرد . قوله : ( لأنه وكيل عنهما ) فيجوز كونه رقيقاً وامرأة(5/344)
"""""" صفحة رقم 345 """"""
وفاسقاً إلا أن يكون فيهم محجور عليه فيفتقر إلى ما ذكر اه سم . قوله : ( فقاسم عنه وليه ) أي تولى أمر القسمة له وليه بأن رضي مع الشريك الآخر بمن يقسم . قوله : ( اشترط مع التكليف العدالة ) أي وغيرهما مما تقدم كمعرفة : المساحة ، والحساب ، وكونه عفيفاً . قوله : ( أما محكمهما ) والفرق : بين من حكماه ومن تراضيا به من غير تحكيم أنهما لما حكماه جعلاه بمنزلة الحاكم يلزمهما الرضا بما فعله بخلاف من تراضيا عليه لا يلزمهما الرضا بحكمه .
قوله : ( فيه ) أي في التقويم باعتبار المقوّم اه سم . وقال شيخنا : الضمير راجع للقاسم ويدل عليه قوله الآتي : فإن لم يكن فيها تقويم فيكفي قاسم واحد ويدل على الأوّل قوله : لاشتراط العدد في المقوّم ويمكن حمل الأوّل على ما إذا كان المقوّم ، غير القاسم والثاني على ما إذا كان المقوّم هو القاسم . والحاصل : أن القاسم إن كان هو المقوّم اشترط تعدده . وإن كان القاسم غير مقوم لم يشترط فيه التعدد . قوله : ( وإن كان فيها خرص ) أي تخمين كرطب وهذا غاية في عدم التعدد . قوله : ( لأن الخارص الخ ) أي والمقوّم يخبر بقيمة الشيء فهو كالشاهد فهذا هو الفرق سم . قوله : ( وللإمام جعل القاسم ) غرضه به التقييد أي محل اشتراط التعدد في القاسم إذا كان هناك تقويم ما لم يجعل الإمام القاسم ، حاكماً في التقويم . أي ينفذه أي ينفذ التقويم . الحاصل : من غيره ويعمل به ويقسم بنفسه فحينئذ يسأل عن القيمة عدلين ، ويقسم بنفسه . وكذلك لو لم يجعله الإمام حاكماً فيه ، ولكن لم يقوم فيسأل عدلين ، عن القيمة ويقسم بنفسه ، قوله : ( بعدلين ) أي بقول : عدلين . قوله : ( وللقاضي ) تقييد لقوله : وإن كان في القسمة تقويم لم يقتصر على أقل من اثنين أي ما لم يكن القاسم القاضي بنفسه . وهو عالم بالتقويم فله أن يحكم فيه بعلمه إن كان مجتهداً ويقسم بنفسه من غير تعدد اه وعبارة الروض وللقاضي العمل فيه بعلمه إن كان مجتهداً اه . قوله : ( إن لم يتبرع به ) أي بالعمل . قوله : ( فإن استأجروه ) بأن وكلوا واحداً يستأجر لهم شخصاً وعين كل منهم على نفسه قدراً وأذن للوكيل أن يسميه للأجير فيلزم كلاً ما سماه قليلاً أو كثيراً وكذا لو استأجروه مرتباً وعين كل قدراً ، وكذا لو(5/345)
"""""" صفحة رقم 346 """"""
عقدوا معاً وعين كل قدراً . قوله : ( أجرة مطلقة ) أي لم يعين كل منهم قدراً بأن قالوا استأجرناك لتقسم لنا بكذا . قوله : ( المأخوذة ) عبارة شرح التحرير . وخرج بزيادتي المأخوذة الحصص الأصلية في قسمة التعديل فأن الأجرة ليست على قدرها بل على قدر الحصص المأخوذة قلة وكثرة . لأن العمل في الكثير أكثر منه في القليل اه بحروفه . هذا إذا كانت الإجارة صحيحة وإلا فالموزع أجرة المثل على قدر الحصص مطلقاً أي عين كل قدر أو لا شرح المنهج فإن كانت الشركة في أرض نصفين وعدل ثلثها بثلثها فالصائر إليه الثلثان يعطي من أجرة القسام ثلثيها والآخر يعطي ثلثها ورجح البلقيني أن كلاً منهما يعطى النصف اه . بكري ولو استأجروه لكتابة الصك فالأجرة أيضاً على الحصص كما جزم به الرافعي آخر الشفعة اه ع ش على م ر .
قوله : ( ثم ما عظم ضرر قسمته الخ ) تكميل للأقسام لأن المتن تكلم على قسمة ما لا ضرر فيه وسواء كان الضرر لكل الشركاء أو بعضهم كما في مسألة العشر المذكورة . وقوله : منعهم أي كلهم إن كان الضرر للجميع أو منع من لحقه الضرر كصاحب العشر في الصورة الآتية . قوله : ( إن بطل نفعه ) المقصود منه أي على حالته التي هو عليها لا ما يطرأ قصده ح ل . قوله : ( منعهم الحاكم منها ) أي وجوباً ولو تنازع الشركاء فيما لا يقسم انتفعوا به مهايأة ولكل الرجوع متى شاء أو أجروه لبعضهم أو لغيرهم . فإن لم يرضوا بذلك أجبرهم الحاكم على إجارته إن أمكن وإلا فعلى الانتفاع به مهايأة اه برماوي . قوله : ( لم يمنعهم ) لأن الحق لهم ولم يجبهم لما فيه من الضرر وعبارة شرح م ر . لم يمنعهم لإمكان الانتفاع بما صار إليه منه على حاله أو باتخاذه محلاً صغيراً ، كدكان ولا يجبهم إلى ذلك لما فيه من إضاعة المال وكان مقتضى ذلك منعه لهم غير أنه رخص لهم فعل ما ذكر بأنفسهم تخلصاً من سوء المشاركة ، نعم بحث جمع أخذاً مما مر من بطلان بيع جزء معين من نفيس أن ما هنا في سيف خسيس وإلا منعهم اه . قال ع ش : عليه وإطلاقهم يخالفه . ويفرق بين ما هنا وثم بأن ذاك التزام فيه ما يؤدي إلى النقص بعقد . وقد منعه الشرع من التسليم فقلنا بفساده . ولا كذلك هنا فإن كسر السيف بمجرد التراضي أشبه ما لو قطع ذراعاً من ثوب نفيس . لغرض البيع وهو جائز كما مر اه . قوله : ( كحمام ) هو محل الاستحمام لا مع نحو مستوقد . وقوله : وطاحونة هو محل دوران الدوابّ ، حول الحجر لا مع نحو دار الدواب . اه ق ل على الجلال وأول من صنع الحمام والطاحون والزجاج والصابون والنورة الجن . ونظم ذلك بعضهم بقوله :
حمام طاحون زجاج نورة
صابون صنع الجن هذي الخمسة(5/346)
"""""" صفحة رقم 347 """"""
ولا يجوز قسمة الوقف : بين أربابه لأن فيها تغيير شرط الواقف من أن كل جزء مشترك بين أربابه اه م ر . وقيل : يجوز إفرازاً إن قلنا : الملك في الوقف للموقوف عليه ليرغبوا في العمارة ولا يتواكلوا .
قوله : ( صغيرين ) فيه تغليب المذكر الذي هو الحمام لأنه مذكر والطاحونة مؤنثة اه م د . أي بحيث لا يمكن جعل الأول حمامين والثاني طاحونين وإن لم يريدا ذلك بل أرادا غيره مما يكن . والحاصل : أنه متى أمكن جعل حصة الطالب للقسمة حماماً أو طاحوناً أجيب : وإن كانت حصة الثاني لا يتأتى منها ذلك أخذاً من المسألة الآتية في قوله : ولو كان له عشر دار الخ . ح ل وعبارة متن المنهاج : وما يبطل نفعه المقصود كحمام وطاحونة صغيرين بحيث لو قسم كل لم ينتفع به بعد القسمة من الوجه المقصود قبلها ولو بإحداث مرافق لا يجاب طالب قسمته إجباراً في الأصح لم فيه من إضرار الآخر ولا يمنعهم منها فإن أمكن جعله حمامين أو طاحونين أجيب الممتنع لانتفاء الضرر وإن احتاج إلى إحداث بئر ومستوقد لعسر التدارك ، والثاني يجاب إن انتفع به بعد القسمة بوجه ما وإنما بطل بيع ما لا ممر له وإن أمكن تحصيله بعد لأن شرط المبيع الانتفاع به حالاً اه م ر . قوله : ( ولو كان له عشر دار ) أو حمام أو أرض م ر . قوله : ( لا يصلح للسكنى ) أو لكونه حماماً أو لما يقصد من تلك الأرض وقوله : مثلاً كحمام أو طاحونة لا يصلح للسكنى والباقي يصلح فما عظم ضرر قسمته إما عليهما معاً وإما على أحدهما وقوله : يصلح لها ولو بضم ما يملكه بجواره .
قوله : ( أجبر صاحب العشر على القسمة ) ظاهر كلامهم وإن كان محجوراً عليه ح ل . قوله : ( لا عكسه ) أي لا يجاب صاحب العشر ، أي لأنه تعنت إذ لا يمكن الانتفاع بالعشر إذا قسم ويؤخذ منه أنه لو كان ينتفع بعشره بعد القسمة كأن كان ملاصقاً لملكه وغرضه من القسمة أن يجعل حصته سعة في ملكه فإنه يجاب أ ج . وعبارة المنهج : ولو كان له عشر دار مثلاً لا يصلح للسكنى والباقي لآخر يصلح لها ولو بضم ما يملكه بجواره أجبر صاحب العشر على القسمة بطلب الآخر لا عكسه أي لا يجبر الآخر بطلب صاحب العشر لأن صاحب العشر متعنت والآخر معذور . أما إذا صلح العشر ولو بالضم فيجبر بطلب صاحبه الآخر لعدم التعنت حينئذ اه . وقوله : يطلب الآخر لانتفاعه وضرر صاحب العشر إنما ينشأ من قلة نصيبه لا من مجرد القسمة ، شرح م ر وحج . وقوله : ولو بالضم أي ضم ما يملكه بجواره فيأخذ ما هو مجاور لملكه ويجبر شريكه على ذلك لأن الغرض أن الأجزاء متساوية ولا ضرر عليه ، وعبارة م ر لو ملك أو أحيا ما لو ضم لعشره صلح للسكنى أجيب اه وقال ع ش : وإذا أجيب وكان(5/347)
"""""" صفحة رقم 348 """"""
الموات أو الملك في أحد جوانب الدار دون باقيها فهل يتعين إعطاؤه لما يلي ملكه بلا قرعة ، وتكون هذه الصورة مستثناة من كون القسمة إنما تكون بالقرعة أو لا بد من القرعة حتى لو خرجت حصته ، من غير جهة ملكه لا تتم القسمة أو يصوّر ذلك . بما إذا كان الموات أو المملوك محيطاً بجميع جوانب الدار فيه نظر ولا يبعد الأول للحاجة مع عدم ضرر الشريك ، حيث كانت الأجزاء مستوية اه . وصرح به م ر فيما بعد . قوله : ( صورة وقيمة ) سواء كان مثلياً أو متقوماً فمثال المثلي الدراهم ، والحبوب ، والأدهان ، ومثال المتقوم : أرض متفقة الأجزاء ودار متفقة الأبنية . قوله : ( فهو الأول ) وهو قسمة الإفراز وقوله : فالثاني أي قسمة التعديل وقوله : فالثالث أي الرد . قوله : ( القسمة بالأجزاء ) ويصح قسمة الإفراز فيما تعلقت الزكاة به قبل إخراجها ثم يخرج كل زكاة ما آل إليه ولا تتوقف صحة تصرفه على إخراج الزكاة س ل . قوله : ( وإلى هذا النوع والنوع الثاني ) وأما النوع الثالث فلم يدخل في كلامه لأنه لا إجبار فيه كما يأتي وقد قال : هنا لزم الآخر إجابته . والحاصل أن قوله : وإلى هذا النوع والنوع الثاني يقتضي أن القسمين داخلان في المتن ، مع أن الشارح سيذكر القسم الثاني بقوله : النوع الثاني الخ . والجواب : أن ذكر الشارح له زيادة إيضاح وبيان لأمثلته وفروعه . قوله : ( متفقة الأبنية ) قال في شرح العباب : بأن كان في جانب منها بيت وصفة . وفي الجانب الآخر كذلك والعرصة مستوية الأجزاء اه سم . قوله : ( وأرض مستوية الأجزاء ) أي متساوية في القوّة والضعف ، وليس فيها نحو زرع فتقسم وحدها ولو إجباراً فإن كان فيها زرع لم تصح قسمته وحده ولا قسمتهما معاً ، نعم إن كان لم يبد صلاحه جازت قسمتهما معاً بالتراضي ويجوز قسمة الكتان بعد نفض رؤوسه ومعياره الوزن . قال شيخنا : ويصح قسمة الثمر على الشجر من نخل وعنب خرصاً ولا يصح قسمة غيرهما ، وشملت الأرض شركة الوقف ولو مسجداً فتجوز قسمتها معه في هذا النوع دون غيره على المعتمد ق ل ، وانظره . مع ما تقدم قريباً من أنه لا تصح قسمة الوقف إلا أن يحمل كلامه على غير قسمة الإفراز .
قوله : ( مثلاً ) راجع للكتابة لأن القرعة لها طرق كثيرة عند العوام . قوله : ( أو جزء ) عطف على(5/348)
"""""" صفحة رقم 349 """"""
اسم أو شريك والأوّل أقرب لما بعده اه ق ل . قوله : ( مميز عن البقية ) بأن يكتب الجزء الشرقي في رقعة وفي الأخرى الجزء الغربي وفي الأخرى القبلي . قوله : ( من نحو طين ) أي مجفف كشمع والشمع بالتحريك الذي يستصبح به قال الفراء : هذا كلام العرب والمولدون يقولون : شمع بالتسكين والشمعة أيضاً منه . اه صحاح الجوهري . قوله : ( من لم يحضر الكتابة ) والأولى كونه صبياً لبعد التهمة وله كغيره البداءة بأي نصيب أو شريك شاء ق ل ، وفي ع ش ، على م ر ومن لم يحضرها وذلك لبعده عن التهمة إذ القصد سترها عن المخرج حتى لا يتوجه إليه تهمة ومن ثم يستحب كونه قليل الفطنة لتبعد الحيلة . قوله : ( على أقلها ) وهو في المثال السدس فتكون ستة أجزاء وأفرع كما مر .
قوله : ( بأن لا يبدأ الخ ) لأنه إذا بدأ به حينئذ ربما خرج له الجزء الثاني أو الخامس . فيتفرق ملك من له النصف أو الثلث فيبدأ بمن له النصف مثلاً فإن خرج على اسمه الجزء الأول أو الثاني أعطيهما والثالث ويثنى بمن له الثلث ، فإن خرج على اسمه الجزء الرابع أعطية . والخامس : ويتعين السادس لمن له السدس فالأولى كتابة الأسماء في ثلاث رقاع أو ست . والإخراج على الأجزاء لأنه لا يحتاج فيها إلى اجتناب ما ذكر شرح المنهج أي فيخرج رقعة منها على الجزء الأول فإن صادف اسم صاحب السدس أخذه أو الثلث أخذه والذي يليه أو النصف أخذه واللذين بعده . قال سم : لك أن تقول : إذا كتبت الأسماء ثم بدىء بالإخراج على الجزء الثاني مثلاً فربما يخرج اسم صاحب السدس . فيلزم تفريق حصة غيره . فيحتاج إلى اجتناب البداءة بالإخراج على الجزء الثاني مثلاً ففي قوله : لأنه لا يحتاج الخ تأمل فتأمل وقوله : أعطيهما والثالث قال الأسنوي : وإعطاؤه ما قبله وما بعده تحكم فلم لا أعطي السهمان مما بعده ويتعين الأول لصاحب السدس والباقي لصاحب الثلث وقد يقال : لا يتعين هذا بل يتبع نظراً لقاسم كما قاله الرافعي في نظائره شرح الروض وعبارة ق ل على الجلال . قوله : أعطيهما والثالث ويقرع بين الآخرين وإن خرج على اسمه الثالث ، أعطيه واللذين قبله أيضاً وأقرع بين الآخرين وكذا إن خرج باسمه الرابع أعطيه واللذين قبله وتعين الأول لصاحب السدس والأخيران لصاحب الثلث ، وإن خرج على اسمه الخامس أعطيه واللذين قبله أيضاً وتعين الأخير لصاحب السدس وللأخير ، الأوّلان كذا في شرح الروض واعترضه الأسنوي واعتبر كغيره نظر القاسم فيما يضم في الصورتين ولو بدأ بصاحب السدس على خلاف ما منع منه فخرج على اسمه الثاني أو الخامس . لم يعطه وتعاد القسمة أو غيرهما . أعطيه وعمل في(5/349)
"""""" صفحة رقم 350 """"""
الأخيرين بقياس ما مر . وقوله : أعطيه أي الرابع وأعطى معه الخامس ، ولا يعطى معه الثالث للزوم التفريق ، وإن خرج على اسمه الخامس فعلى قياس كلام الشيخين مراعاة القبلية أعطي معه الرابع ، وعلى كلام غيرهما يرجع لنظر القاسم فإن ظهر له إعطاء السادس معه أعطيه وأقرع بين الباقين ، وهكذا ق ل على الجلال . وفي شرح م ر قوله : أعطيه والخامس وأخذ من ذلك أنه لو كان بينهما أرض مستوية الأجزاء ولأحدهما أرض تليها . فطلب قسمتها وأن يكون نصيبه إلى جهة أرضه ؟ أجيب حيث لا ضرر كما قد يدل على ذلك قولهم : أجبر على قسمة عرصة ولو طولاً ليختص كل بما يليه اه . وقوله : أو ست وهي أولى ليكون لصاحب السدس رقعة ولصاحب الثلث رقعتان ولصاحب النصف ثلاث رقاع . وفائدة ذلك سرعة إخراج نصيبهما ح ل . قال في شرح الروض ويجوز كتب الأسماء في ست رقاع اسم صاحب النصف في ثلاثة وثاحب الثلث في ثنتين وصاحب السدس في واحدة وتخرج على ما ذكر ولا فائدة فيه زائدة على الطريق الأوّل إلا سرعة خروج اسم صاحب الأكثر وذلك لا يوجب حيفاً لتساوي السهام فجاز ذلك بل قال الزركشي : إنه المختار المنصوص ، لأن لصاحبي النصف والثلث مزية بكثرة الملك فكان لهما مزية بكثرة الرقاع فإن كتبت الأجزاء فلا بد من إثباتها في ست رقاع اه بحروفه . وانظر ما فائدة الست رقاع أيضاً إذا كتبت الأجزاء مع أنه إذا خرج لصاحب النصف الجزء الأوّل مثلاً أخذه واللذين بعده فلم يبق فائدة لكتابة الجزأين المكملين لحصته وكذا يقال : فيمن له الثلث تأمل .
قوله : ( ويجتنب ) أي وجوباً إذا كتبت الأجزاء تفريق حصة واحد مبتدئاً بصاحب الثلث أي إذا لزم على التفريق ضرر كالأجزاء من أرض بخلاف الحبوب ونحوها وأما في الأسماء فلا يتأتى فيها تفريق . قوله : ( بأن لا يبدأ الخ ) لو قال : بأن يؤخر صاحب الثلث لكان أولى . قوله : ( النوع الثاني القسمة بالتعديل ) اعلم أن مدار قسمة التعديل على الاختلاف أما في القيمة كعبيد من جنس قيمها مختلفة أو لاختلاف في الصورة كما في عبيد من جنس مع استواء القيمة أو مع اختلاف القيمة والجنس كعبيد من أجناس مع اختلاف القيمة . قوله : ( بأن تعدل ) أي تقوّم . قوله : ( الخاليين ) لا يناسب الصورة الثانية لأن الأرض بعضها نخل وبعضها عنب . قوله :(5/350)
"""""" صفحة رقم 351 """"""
( كأرضين ) الأقعد كأرض واسعة فيها جيد ورديء ويمكن قسمة الجيد وحده والرديء وحده هذا هو المراد ويكون استدراكاً على قوله : لزم شريكه الآخر إجابته أي ما لم يمكن قسمة كل على حدة وإلا فلا إجبار . قوله : ( ويجبر على قسمة التعديل ) أشار به إلى أنها تجري في العقار والمنقول ، وقد اشتملت هذه المسألة : على قيود خمسة قوله منقولات وقوله : نوع وقوله : لم يختلف . وقوله : متقوّمة . وقوله : إن زالت الشركة . مثال ذلك ما قاله الشارح : وإنما كان ذلك من قسمة التعديل مع كون الجنس واحداً والقيمة مستوية ، نظراً لاختلاف الصورة فخرج بمنقولات العقارات . ففيها تفصيل إن كانت متفقة الأجزاء والقيمة فهي إفراز وإلا فتعديل . وخرج بنوع منقولات أنواع كعبيد تركي وهندي وحبشي فلا إجبار في ذلك وخرج بقوله : لم يختلف ما لو اختلف كضائنتين مصرية وشامية فلا إجبار في ذلك وخرج بمتقوّمة المثلية فإنها إفراز لا تعديل وإن كان فيها إجبار . قال ق ل على الجلال : ولا يمنع من الإجبار الاشتراك في نحو الممر ولا في نحو سطح بين سفل وعلو اه . قوله : ( في منقولات نوع ) المراد بالنوع الصنف بدليل ما ذكره في المحترز لأن الذي ذكره فيه صنف واحد لا نوع . قوله : ( لم يختلف ) فاعله ضمير يعود على النوع وقوله : متقوّمة بالجر صفة لمنقولات بخلاف منقولات نوع اختلف كضائنتين شامية ومصرية أو منقولات أنواع كعبيد تركي وهندي وزنجي وثياب إبريسم وكتان وقطن أو لم تزل الشركة كعبدين قيمة ثلثي أحدهما تعدل قيمة ثلثه مع الآخر . فلا إجبار فيها لشدّة اختلاف الأغراض فيها ولعدم زوال الشركة بالكلية في الأخيرة اه . قوله : ( متقوّمة ) أي واختلفت الصفة وإلا فتكون قسمة إفراز . قوله : ( إن زالت الشركة ) بأن يأخذ كل واحد من الشركاء واحداً على انفراده . قوله : ( متساوية القيمة ) ومعنى كونها قسمة تعديل أن كلاً من الثلاثة أعبد يعادل كلاً من الآخرين أي يساوي قيمة كل واحد منهما .
قوله : ( وعلى قسمة التعديل أيضاً ) لو حذفه وقال : في نحو الخ لكان أخصر . قوله : ( مما لا يختلف في كل منها ) معناه أن الأغراض لا تختلف في قسمتها لأنها متلاصقة ومستوية القيمة ، وعبارة شرح المنهج مما لا يحتمل كل منها القسمة أعياناً أي لا يقبل كل دكان أن يصير دكانين وهي أوضح من عبارة الشارح . قوله : ( أعياناً ) صفة لموصوف محذوف أي قسمة أعياناً بأن طلب الشركاء جعل حصصهم دكاكين صحاحاً فخرج به ما لو كانت غير أعيان بأن طلبوا قسمة كل دكان نصفين قرره شيخنا العزيزي والظاهر : أنه حال من دكاكين وقال شيخنا ح ف :(5/351)
"""""" صفحة رقم 352 """"""
بأن أراد كل منهم الاستقلال بأعيان أي بأفراد منها وهو بمعناه اه . قال ح ل : وهل يعتبر أن تكون مختلفة الأبنية لأن متفقة الأبنية من قسمة المتشابهات . قوله : ( إن زالت الشركة ) لازم لقوله : أعياناً . قوله : ( لشدّة اختلاف الأغراض باختلاف المحالّ ) هذا ظاهر في الدكاكين المتباعدة دون المتلاصقة لعدم اختلاف المحال التي هي فيها إلا أن يقال : اختلاف الغرض فيها باختلاف أبنيتها . كما أشار إليه بقوله : والأبنية وقد يقال : هذا يأتي في الصغار . قوله : ( النوع الثالث القسمة بالردّ ) تقدم أن الشارح لم يجعل كلام المتن شاملاً لها وإنما جعله شاملاً للأوّلين لأن المتن قال : لزم الآخر إجابته ومعناه أنه يجبر الآخر ، عليها إذا امتنع والثالث لا إجبار فيه فلذلك لم يكن داخلاً فيه . قوله : ( أجنبي ) أي غير المقسوم . قوله : ( قسط قيمة ) أي حصته من القيمة . قوله : ( فإن كان ألفاً ) صوابه فإن كانت أي قيمة نحو البئر ق ل . قوله : ( لما لا شركة فيه ) وهو المال المدفوع لشريكه اه م د . لكن ينافيه قوله : فكان كغير المشترك لأنه غير مشترك أصلاً فالأولى حذف الكاف من قوله غير المشترك . قوله : ( وشرط لقسمة ما قسم بتراض من قسمة ردّ وغيرها ) أي مما لا إجبار فيه كقسمة عبيد أو ثياب مختلفي النوع كتركي وهندي وضائنتين مصرية وشامية استوت القيمة ، أو اختلفت لشدّة تعلق الغرض بكل نوع وعبارة متن المنهاج : ويشترط في قسمة الردّ الرضا باللفظ بعد خروج القرعة ولو تراضيا بقسمة ما لا إجبار فيه اشترط الرضا بعد القرعة كقولهما رضينا بهذه القسمة لا بهذا أو بما أخرجته القرعة . قال م ر في شرحه : أما ما قسم إجباراً فلا يعتبر فيه الرضا لا قبل القرعة ولا بعدها اه . قلت : وقد علم أن قسمة الإفراز والتعديل فيهما الإجبار اه .
قوله : ( في قسمة إجبار ) وهي إفراز أو تعديل . قوله : ( أو قسمة تراض ) بأن نصبا لهما قاسماً أو اقتسما بأنفسهما ورضيا بعد القسمة شرح المنهج . قوله : ( وإن لم يثبت ذلك ) أي الغلط أو الحيف . وهذا محترز قوله : ولو ثبت . قوله : ( فله تحليف شريكه ) أما تحليف(5/352)
"""""" صفحة رقم 353 """"""
القاسم ، إذا كانت منصوباً للحاكم أو محكماً لهما فلا يجوز . قوله : ( ولو استحق بعض مقسوم ) ولو بان فساد القسمة وقد أنفق أو زرع ، أو بنى مثلاً أحدهما أو كلاهما جرى هنا ما مر فيما إذا بان فساد البيع وقد فعل ذلك ، ولكن الأقرب هنا عدم لزوم كل شريك زائد على ما يخص حصته من أرض نحو القلع شرح م ر . وقوله : جرى هنا ما مر أي من عدم الرجوع بالنفقة والقلع مجاناً . قوله : ( وليس سواء ) أي وليس البعض المستحق مقسوماً بينهما بالسوية بأن اختص به أحدهما أو أصابه منه أكثر . قوله : ( شائعاً ) بأن ادعى على الورثة بأن أباهم أوصى له بثلث غنمه وكانوا قسموها . قوله : ( بلا بينة ) فإن كان هناك بينة أجابهم وهي رجلان أو رجل وامرأتان لا شاهد ويمين وقيل يكفي وهو المعتمد . لأن القسمة تتضمن الحكم لهم بالملك ، وهو علة لقوله لم يجبهم . وعبارة ز ي : أما إذا أقاموا بينة ولو رجلاً وامرأتين فيجيبهم . واعترض ابن سريج بأن البينة إنما تقام وتسمع على خصم ولا خصم هنا . وأجاب ابن أبي هريرة : بأن القسمة تتضمن الحكم لهم بالملك . وقد يكون لهم خصم غائب فتسمع البينة لتحكم لهم عليه . قال ابن الرفعة : وفي الجواب نظر . قالا في الروضة : كأصلها . قال ابن كج : ولا يكفي شاهد ويمين لأن اليمين إنما تشرع حيث يكون خصم يرد عليه ، لو حصل نكول وقال ابن هريرة : يكفي . قال الأذرعي : وبه جزم الدارمي واقتضاه كلام غيره وهو الأشبه اه شرح البهجة . قوله : ( لم يجبهم ) أي لم تجب إجابتهم شوبري لأنه قد يكون في أيديهم بإجارة أو إعارة . فإذا قسمه بينهم فقد يدعون الملك محتجين بقسمة القاضي وقال الماوردي : لأن قسمة القاضي إثبات لملكهما ، واليد توجب إثبات التصرف لا إثبات الملك ع ن ، وسمعت البينة هنا مع عدم سبق دعوى للحاجة شرح م ر .
فروع : يصح قسمة المنافع المملوكة ولو بوصية مهايأة ، ولا إجبار فيها ولا تصح بغير المهايأة فإن اتفقوا عليها وتنازعوا في البداءة ، أقرع بينهم ولكل منهم الرجوع متى شاء . ومن استوفى زائداً على حقه لزمه أجرة ما زاد على قدر حصته من الزائد وإن امتنعوا من المهايأة أجر الحاكم العين ، وقسم الأجرة بينهم ولا تصح قسمة الديون في الذمم ولو بالتراضي . وكل من أخذ منها شيئاً لا يختص به ، كذا قالوا هنا : فانظره مع قولهم : إن محل عدم الاختصاص في ثلاث مسائل فيما يأخذه أحد الورثة من الدين الموروث . وفيما يأخذه أحد سيدي المكاتب من نجوم الكتابة ، وفيما يأخذه أحد الموقوف عليهم من ريع الوقف عليهم فراجع وحرر اه ق ل على الجلال .(5/353)
"""""" صفحة رقم 354 """"""
3 ( ( فصل : في الدعوى والبينات ) ) 3
ذكرها في باب القضاء لأنها لا تكون إلا عند قاض أو محكم ، والدعوى تجمع على دعاوي بكسر الواو وفتحها كفتاوى وفتاوي قال في الخلاصة :
وبالفعالى والفعالى جمعا
صحراء والعذراء والقيس اتبعا
وألفها للتأنيث كألف حبلى وقد تؤنث بالتاء فيقال دعوة وتجمع على دعوات كسجدة وسجدات ، لكن المشهور أن الدعوة بالتاء تكون للدعوة إلى الطعام وأفردت الدعوى لأن حقيقتها واحدة ولأنها الإخبار بحق له على غيره ولأنها مصدر والمصدر لا يثنى ولا يجمع أصالة فلا ينافي أنه قد يجمع إذا اختلفت أنواعه ، كما في قوله : كتاب البيوع . وجمعت البينات لاختلاف أنواعها وذكر البينات غير مناسب لأنه سيذكر للشهود فصلاً بعد ذلك فكان الأولى حذف قوله : والبينات أو كان يعبر هنا بكتاب أو باب ويندرج فيه الفصل الآتي بعده . قال الرحماني : وأول دعوى وقعت في الأرض دعوى قابيل على هابيل ، أنه أحق بنكاح توأمته . فترافعا لأبيهما آدم عليه السلام فقال له : لا تحل لك فقال له : هذا باجتهادك لا من ربي ، فأمرهما أن يقرّبا قرباناً كما قص في سورة المائدة . وتوأمة هابيل اسمها لبودا تزوّجها شيث عليه السلام وتوأمة قابيل اسمها إقليما وقيل قليما ، بالتصغير اه بحروفه . قوله : ( ما يدعون ) أي يتمنون . قوله : ( عن وجوب ) أي ثبوت . قوله : ( على غيره ) هذا يشمل الشهادة فالأولى أن يزيد له قبل على غيره . قوله : ( عند حاكم ) أو محكم أو سيد أو ذي شوكة إذا تصدّى لفصل الأمور بين أهل محلته فضابطه من يرجى الخلاص على يده كما في ق ل . قوله : ( لأن بهم يتبين الحق ) أي يظهر واسم أن ضمير الشأن . قوله : ( والأصل في ذلك ) أي الدعوى والبينات أي على اللف والنشر المرتب فقوله : وإذا دعوا الخ دليل للدعوى وما بعده دليل للبينات .
قوله : ( لو يعطى الناس بدعواهم ) لو حرف امتناع لامتناع أي امتناع الشيء لامتناع غيره ، أي تقتضي امتناع الجواب لامتناع الشرط ، كما عليه جمهور النحاة . أو لما كان سيقع لوقوع غيره ، كما عليه إمامهم سيبويه وعليه فلا إشكال لأن دعوى رجال أموال قوم كان سيقع لوقوع إعطاء الناس بدعاويهم . وكذا لا إشكال على الأوّل أيضاً لأن المراد بدعوى الرجال أموال قوم(5/354)
"""""" صفحة رقم 355 """"""
إعطاؤهم إياها ودفعهم إليهم أي لو يعطى الناس بدعواهم لأخذ رجال أموال قوم وسفكوا دماءهم فوضع الدعوى موضع الأخذ لأنها سببه . ولا شك أن أخذ مال المدعى عليه ممتنع ، لامتناع إعطاء المدعي بمجرد دعواه ، وكذلك أخذه لما سيقع لو وقع لوقع إعطاء الناس بدعواهم فصح معنى لو هنا على القوانين والمفعول الثاني محذوف تقديره مدعاهم أي لو كان كل من ادعى شيئاً عند الحاكم يعطاه بمجرد دعواه بلا بينة لادعى الخ ، رواية ابن ماجه ادعى بحذف اللام وقوله : رجال ذكرهم لا لإخراج النساء بل لأن الدعوى غالباً إنما تصدر منهم أو من باب الاكتفاء بأحد القبيلين ، ك ) سرابيل تقيكم الحر } ^ أي والبرد ويؤيده رواية لادعى ناس وأتى بصيغة الجمع للإشارة إلى إقدام غير واحد على ذلك .
قوله : ( دماء رجال وأموالهم ) قدم الدماء على الأموال لشرفها وعظم خطرها لأن المراد بها الناس فأطلق الجزء على الكل ، وفي رواية تقديم الأموال على الدماء ، لأن الخصومات في الأموال أكثر وأغلب إذ أخذها أيسر . وامتداد الأيدي إليها أسهل ومن ثم ترى القضاة بالتعدي عليها أضعاف القضاة بالقتل اه شبرخيتي . قوله : ( وروى البيهقيّ ) ذكره بعد ما تقدم لأن فيه زيادة فائدة وهي أن البينة على المدعى . قوله : ( ولكن الخ ) هي هنا وإن لم تأت لفظاً على قانونها من وقوعها بين نفي وإثبات ، نحو ما قام زيد لكن عمرو وهي هنا بعد إثبات ولا نفي قبلها حتى يصح معنى الاستدراك الذي هو مؤداها لكنها جارية عليه تقديراً لأن لو تفيد النفي إذ المعنى لا يعطى الناس بدعواهم المجردة . لكن بالبينة وهي على المدعي ، لأن جانب المدعي ضعيف لدعواه خلاف الأصل ، ولو كان فاضلاً شريفاً ، والمدعي كما قال ابن عرفة : من عريت دعواه عن مرجح غير شهادة ، والمدعى عليه من اقترنت دعواه به . والمرجح إما معهود كدعوى شخص على آخر وديعة ، فيدعي ردها فمدعي الرد هو المدعى عليه لما عهد في الشرع أن الرادّ لا يحتاج لإقامة بينة ، وأما أصل كمدعي رقّ شخص فيجيب الآخر بالحرية فمدعي الحرية هو المدعى عليه لأنها الأصل في الناس وإنما عرض لهم الرقّ بسبب السبي بشرط الكفر . ومعنى كون البينة على المدعي أنه يستحق بها لا أنها واجبة عليه .
قوله : ( واليمين على من أنكر ) لأن جانب المنكر قويّ لموافقته للأصل في البراءة والبينة حجة قوية لبعدها عن التهمة ، واليمين حجة ضعيفة لقربها منها أي من التهمة فجعل القوي في جانب الضعيف ، والضعيف في جانب القوي ، وهو توجيه حسن ، زاد الدارقطني إلا في القسامة ، أي لأن اليمين فيها على المدعي وكذا اليمين مع الشاهد الواحد في جانب المدعي وكذا يمين(5/355)
"""""" صفحة رقم 356 """"""
المدعي إذا ردها عليه المنكر وعبر بقوله على من أنكر هنا دون الأوّل وهو قوله على المدعي ، ولم يقل من ادعى مع أنه كان يمكن أن يؤتى باسم الفاعل فيهما أو بمن فيهما لأن المدعى يذكر أمراً خفياً لعروّ دعواه عن المرجح ، ولكون دعواه تخالف الظاهر فكانت خفية والمدعي عليه يذكر أمراً ظاهراً وهو براءته من المدعي به بمعنى عدم ثبوته عليه ، ولا شك أن الموصول لاشتراط كون صلته معهودة ، أظهر من المعرّف وهو المدعي فأعطى الخفي للخفي والظاهر للظاهر ، ويحتمل أن يقال : إن في المدعي ضرباً من التعريف المعنوي لظهوره وإقدامه على الدعوى فأتى فيه بلام التعريف والمنكر فيه ضرب من الإبهام ، والتنكير لاستخفائه وتأخيره ، وكونه إذا سكت لا يترك ، فأتى فيه بمن إذ فيها إبهام شبيه بحاله ، تأمل . وقوله : أظهر من المعرّف وهو المدعي وفيه أن أل الداخلة على اسم الفاعل موصولة فيكون كمن الموصولة لا أنه أخفى منها . وقد يجاب بأننا قصدنا : باسم الفاعل الدوام والثبات فيكون صفة مشبهة وأل الداخلة عليها معرّفة ولا شك أن المعرّف بأل رتبته بعد الموصول في التعريف . وقد يقال : كيف يقصد بالمدعي الدوام والثبات مع أن دعواه لا تدوم ، ويجاب بأنه لما صمم على الدعوى كان ذلك دواماً له .
قوله : ( والذي يتعلق بهذا الفصل ) أي يذكر فيه ولو قال : والذي يتعلق بالخصومة خمسة أشياء لكان أولى وهذه الخمسة : اثنان منها في جانب المدعي ، وهما الدعوى والبينة والثلاثة الباقية : في جانب المدعى عليه وهي اليمين والنكول ، وجواب الدعوى أي وهو الإقرار أو الإنكار . قوله : ( وأن لها ) أي لصحة الدعوى . قوله : ( وأما الأربعة ) أي التي بعد الدعوى . قوله : ( فمدمجة ) أي داخلة ضمناً وقال في المصباح : اندمج فيه دخل فيه وتستر به ودمج الرجل كلامه أبهمه اه . فكان الأولى أن يقول : مندمجة أي داخلة لا مدمجة لأنها بمعنى مبهمة وليس مراداً تأمل . قوله : ( والمدعي ) هذه الواو بقلم الحمرة أصلها داخلة على كلام المتن ، فأدخلها الشارح على المدعي وأدخل على المتن الفاء وجعله تفريعاً على تعريف المدعي والمدعى عليه لأن معرفتهما مهمة نافعة أ ج . قوله : ( من خالف قوله : الظاهر ) وقيل : هو من لو ترك ترك ، والمدعى عليه من لو ترك لم يترك اه م د . واستشكل تعريف المدّعي الأوّل بأن الوديع إذا ادّعى الرد أو التلف يخالف قوله : الظاهر مع أن القول قوله بيمينه . وردّ بأنه يدعي أمراً ظاهراً وهو بقاؤه على الأمانة ويؤيده ما في الروضة وغيرها ، أن الأمناء الذين يصدّقون في الردّ بيمينهم مدّعون ، لأنهم يدعون الرد مثلاً وهو خلاف الظاهر لكن اكتفى باليمين لأنها أثبتوا أيديهم لغرض المالك اه ، حج اه س ل . قوله : ( من وافقه ) لكون الأصل عدم ما يدعيه المدّعي ومن ثم اكتفى منه باليمين لقوّته وكلف المدعي بينة لضعف جانبه .(5/356)
"""""" صفحة رقم 357 """"""
قوله : ( فلا نكاح ) ضعيف والمعتمد أن النكاح باق والمصدّق الزوج فيدوم النكاح اه م د . قوله : ( فهو مدع ) لأن وقوع الإسلامين معاً خلاف الظاهر ومقتضاه أنه حيث لا بينة معه تصدق هي بيمينها وليس كذلك ، فالقول قوله : لأن الأصل بقاء النكاح قال ق ل : وهو المعتمد ويكون مستثنى من قولهم : المدعي في جانبه البينة أي إلا هذه ومسألة : القسامة ، واللعان . وزاد بعضم : على ذلك الوديع إذا ادعى الرد أو التلف فإن اليمين في جانبه فيكون أيضاً مستثنى وإنما استثنيت تلك الصورة ، أي التي في الشرح لاعتضادها بالأصل وهو أن الأصل بقاء النكاح . قوله : ( سمعها الحاكم ) أشار بذلك إلى أنه إذا لم يسمعها لم تفده شيئاً . قوله : ( فيشترط ) المناسب ويشترط لأنه لا يظهر تفريعه على ما قبله وقد يقال : هو مفرع على سمعها الحاكم الخ . وحاصل ما فرعه ثلاثة : العين والدين وغيرهما . وبين أن العين والدين فيهما تفصيل ، تارة يحتاجان إلى الرفع وتارة لا ، وأن غيرهما لا بد فيه من الرفع . قوله : ( في غير عين ودين ) أي في جواز استيفائه يدل لذلك ، قوله : فلا يستقلّ والمراد به ما ليس عقوبة لله تعالى أما ما هو عقوبة له تعالى ، فهو وإن توقف على القاضي أيضاً لكن لا تسمع فيه الدعوى لاستيفاء حق المدعي فيه فالطريق في إثباته شهادة الحسبة اه . قوله : ( ونكاح ) أي فيما إذا ادعى زوجية امرأة أو رجعتها فأنكرت فلا بد في ثبوت ذلك من الرفع إلى الحاكم ز ي . قوله : ( ورجعة ) أي ادعى بها بعد انقضاء العدة أي ادعى بعد انقضاء العدة ، أنه كان راجعها قبل انقضاء العدة وإلا بأن ادعى بها قبل انقضاء العدة فلا حاجة للدعوى والرفع للحاكم لأنه قادر على إنشائها . قوله : ( عند حاكم ) مثله أمير أو نحوه ممن يرجى الخلاص على يده والمقصود عدم الاستقلال عميرة سم . قوله : ( ولو محكماً ) مثله السيد الشوبري . قوله : ( فلا يستقل صاحبه باستيفائه ) أي فليس لها أن تضرب مدّة الإيلاء لتفسخ به وليس له بعد قذفها أن يستقل بملاعنتها كما قاله ح ل قال م ر : فإن استقل كل منهما باستيفائه لم يقع الموقع ويشير له قول الشارح : نعم الخ ، ولعله في غير العقوبة كالنكاح والرجعة باعتبار الظاهر فقط ، حتى لو عامل من ادعى زوجيتها أو رجعتها معاملة الزوجة . جاز له ذلك فيما بينه وبين الله إذا كان صادقاً فليراجع سم على حج ع ش على م ر . قوله : ( وإن حرم ) أي للافتيات على الإمام .
قوله : ( إن استحق شخص عينا ) ومثلها المنفعة المتعلقة بالعين بأن كانت إجارة واردة ،(5/357)
"""""" صفحة رقم 358 """"""
على عين من ماله وعبارة شرح م ر ، وإن استحق عيناً عند آخر أي بملك أو إجارة أو وقف أو وصية بمنفعة كما بحثه جمع أو وصاية كأن غصبت عين لموليه وقدر على أخذها . قوله : ( إن خشي بأخذها ضرراً ) أي مفسدة تفضي إلى محرّم كأخذ ماله لو اطلع عليه شرح م ر . والمراد بأن غلب على ظنه ذلك أو استوى الأمران . كما قاله ع ش : وإن كان ظاهر كلام الشارح ، الاكتفاء بالخشية فتأمل . قوله : ( وإلا ) أي وإن لم يخش ضرراً فله أخذها استقلالاً سواء كانت يده عادية أم لا ، كأن اشترى مغصوباً جاهلاً بحاله نعم من ائتمنه المالك كمودع يمتنع عليه أي المستحق أخذ ما تحت يده من غير علمه أي الوديع لأن فيه إرعاباً بظن ضياعها ، شرح م ر وفيه أن هذا موجود في غير من ائتمنه ، كالمستعير بل أولى لأنه ضامن فالوجه أنه كالوديع سم . قوله : ( للضرورة ) انظر وجه الضرورة والأولى حذفه لأنه يصلح تعليلاً للأول لا لهذا . نعم إن لم يكن معه بينة اتجهت الضرورة حينئذ . وعبارة ح ل قوله : للضرورة أي المؤنة ومشقة الرفع للقاضي . قوله : ( على ممتنع من أدائه ) وإن لم يكن امتناعه عند الحاكم ومثله الصبي والمجنون ح ل . فإذا كان له عليهما مال ولا يسهل أخذه أخذه من مالهما كما في شرح م ر .
قوله : ( طالبه به ) أي استمر على مطالبته لأن الامتناع يدل على تقدم المطالبة ، والمراد طالبه جوازاً وإلا فله الأخذ من ماله من غير طلب بعد الطلب المتقدم . قوله : ( فإن لم يكن الخ ) جعل الشارح هذا متعلقاً بالدين ، فقط . مع أنه عام في العين والدين والتفصيل إنما هو في الاستقلال وعدمه ، فليس هذا أعني قوله : فإن لم يكن معه بينة مرتبطاً بقول الشارح : وإن استحق ديناً الخ وإن كان ظاهره أنه مرتبط به بل هو مرتبط بقوله : وإذا كان مع المدعي بينة وكان الأولى ذكره عقبه وتأخير الكلام ، على العين والدين ، أو كان يتمم الكلام على مسألة الدين ، ثم يذكر ذلك . قوله : ( بيمينه ) أي بعد طلب خصمه وتحليف القاضي فيلغو ، أي اليمين قبل طلب الخصم أو تحليف القاضي ويكون اليمين على حسب جوابه حتى لو ادعى عليه مال مضاف إلى سبب كأقرضتك كذا . فإن أجاب بنفي السبب حلف كذلك أو بلا تستحق عليّ شيئاً أو لا يلزمني تسليم شيء حلف كذلك . ولا يلزمه التعرض لنفي السبب . فإن تعرض له ، جاز ومحل تحليف المدعي عليه ما لم يبرئه المدعي من اليمين ، وإلا لم يحلفه إلا بتجديد دعوى لسقوط حقه منها في الدعوى الأولى سم . قوله : ( وله حينئذ ) أي حين إذ كان ممتنعاً من أدائه المتقدم في أول مسألة سواء كان مقراً بالحق أم لا للمدعي حجة أم لا اه م د . فهو راجع لقوله : وإن استحق ديناً على ممتنع من أدائه طالبه به وليس راجعاً للمتن . قوله : ( بغير مطالبة )(5/358)
"""""" صفحة رقم 359 """"""
أي بغير إدامة مطالبة . قوله : ( وإذا أخذه ملكه ) أي إن قصد بأخذه استيفاء حقه به فإن أخذه ليكون رهناً بحقه لم يجز ، الأخذ كما في شرح م ر . ووقع السؤال في الدرس عما يقع كثيراً في قرى مصر من إكراه الشادّ مثلاً أهل قرية على عمل للملتزم المستولي على القرية هل الضمان على الشاد أو على الملتزم أو عليهما ؟ والجواب عنه أن الظاهر أنه على الشاد لأن الملتزم لم يكرهه على إكراههم فإن فرض من الملتزم إكراه للشاد فكل من الشاد ، والملتزم طريق في الضمان وقراره على الملتزم ع ش على م ر .
قوله : ( إن كان بصفته ) وإلا بأن كان أجود في الصفة فكغير الجنس فيبيعه أي بنقد البلد وإن كان غير جنس حقه ثم يشتري به الجنس ، إن خالفه ثم يتملك الجنس ، وما ذكر محله في دين آدمي أما دين الله تعالى ، كزكاة امتنع المالك من أدائها وظفر المستحق بجنسها من ماله فليس له الأخذ لتوقفها على النية بخلاف دين الآدمي . وأما المنفعة فالظاهر كما قيل : إنها كالعين إن وردت على عين فله استيفاؤها منها بنفسه إن لم يخش ضرراً وكالدين إن وردت على ذمة فإن قدر على تحصيلها بأخذ شيء من ماله فله ذلك . بشرطه شرح المنهج وقوله فيبيعه مستقلاً كأنّ وجه صحة البيع هنا بغير حضور المالك ظلمه بامتناعه وللضرورة بخلاف نظيره من الرهن برماوي وقوله : بنقد البلد انظر هل المراد بلد البيع أو بلد صاحب المبيع . وقوله : ثم يشتري به الجنس هل وإن لم يكن بصفة حقه شوبري . وقوله : ثم يتملك الجنس فينبغي على قياس ما سبق أن يملك بمجرد الأخذ كما في أخذ الجنس ابتداء شوبري وعبارة ق ل على الجلال : ثم يشتري به صفة حقه ويتملكه بلفظ وإن كان بصفة حقه وعن شيخنا م ر . أن الذي بصفة حقه يملكه بلا لفظ بل بمجرد أخذه كما تقدم وفيه نظر ولا يصح قياسه على ما تقدم قال البلقيني : ولو كان مدينه محجوراً عليه بفلس لم يجز له أن يأخذ إلا قدر ما يخصه بالمضاربة . وقوله : وما ذكر أي قوله : أخذ جنس حقه وقوله : لتوقفه على النية . قضيته أنهم لو علموا أنه عزل قدرها ونوى جاز لهم أخذها والوجه خلافه إذ لا يتعين ما عزله للإخراج س ل وشرح م ر . وقال ع ش قوله : لتوقفه على النية أي فلا يجوز للمستحق الأخذ وإن عزل المالك مقدار الزكاة ونوى به الزكاة لأن له أن يخرج غير هذا لكن إن أخذه المستحق وقع الموقع ، وإن حرم عليه ولا يطالب المالك ببدله إن علم بذلك ، وإلا أخذ منه بدله . ولو مات من لزمته الزكاة لم يجز الأخذ ، من تركته لقيام وارثه مقامه خاصاً كان أو عاماً اه . وقوله : بخلاف دين الآدمي حتى لو امتنع الزوج من نفقة زوجته ، فلها الاستقلال بأخذها من غير قاض على الأصح ز ي . وقوله : إن وردت على ذمة عبارة شرح م ر . وفي الذمة يأخذ قيمة المنفعة التي استحقها من ماله والأوجه أخذاً من شراء غير الجنس بالنقد ، أنه يستأجر بها ويتجه لزوم اقتصاره على ما يتيقن أنه قيمة لتلك المنفعة وسؤال عدلين يعرفانها والعمل بقولهما .(5/359)
"""""" صفحة رقم 360 """"""
فرع : لو كان لكل من اثنين على الآخر دين وجحد أحدهما فللآخر أن يجحد قدر دينه ، ليقع التقاصّ وإن لم يكونا من النقود واختلف الجنس ق ل . قوله : ( هذا ) أي محل الاستقلال ببيعه . قوله : ( ولمن جاز له الأخذ ) لا لوكيله في ذلك أخذاً من الحصر المستفاد من تقديم الخبر فإن فعل ضمن أي الوكيل لأن المباشر مقدم على السبب . فلو وكله في مناولته له من غير كسر ولا نقب فلا ضمان عليه اه ع ش على م ر . قوله : ( ككسر باب ونقب جدار ) أي في غير صبي ومجنون وغائب ، فلا يأخذ من مالهم إن ترتب عليه كسر أو نقب لعذرهم خصوصاً الغائب وإن لم يترتب على الأخذ كسر ولا نقب أخذ من مالهم كغيرهم على المعتمد . وبعضهم منع الأخذ من مالهم مطلقاً وعبارة شرح م ر . وإذا جاز الأخذ ظفراً فله كسر باب ونقب جدار لغريمه لا يصل للمال إلا به لأن من استحق شيئاً استحق الوصول إليه ولا ضمان عليه كدفع الصائل ولو وكل بذلك أجنبياً لم يجز فإن فعل ضمن ويمتنع النقب ونحوه في غير متعدّ لنحو صغر قال الأذرعي : وفي غائب معذور وإن جاز الأخذ وشمل كلام المصنف ما لو كان الذي له تافه القيمة ولو أقل متموّل أو اختصاصاً كما بحثه الأذرعي وقوله : استحق الوصول ومن لازمه جواز السبب ، فيما يوصل إليه وهذا ظاهر ، حيث وجد ما يأخذه فإن لم يجد شيئاً فهل يضمن ما أتلفه لبنائه له ، على ظن تبين خطؤه أو لا لأنه مأذون له في أصل الفعل فيه نظر ، والأقرب الأوّل لأنه إنما جوّز له ذلك للتوصل به إلى استيفاء حقه وحيث لم يحصل له ذلك تبين خطؤه في فعله وعدم العلم بحقيقة الحال لا ينافي الضمان . قوله : ( إذا كان ملكاً للمدين ) أي كل من الباب والجدار فخرج ما إذا كان موقوفاً أو مؤجراً وقوله : ولم يتعلق به أي الجدار ونحوه . قوله : ( إن تلف قبل تملكه ) أي تملك بدله فالمراد غير الجنس ، أو الجنس بغير الصفة وعبارة سم . يؤخذ منه أنه مقيد بغير الجنس إذ لو كان من جنس حقه ملكه ، بمجرد أخذه اه .
قوله : ( كالمستام ) أي من حيث أصل الضمان فلا ينافي ، أن هذا يضمن بأقصى قيمه والمستام قيمته وقت التلف اه م د . وإنما ضمن مع جواز الأخذ ، لأنه لما وضع يده عليه من غير تملك ، صار غاصباً له لأنه كان عليه أن يتملكه عقب بيعه ومثل م د . ز ي نقلاً عن العباب وفيه نظر لأنه مأذون له في أخذه فكلام الشارح ظاهر في أنه يضمن بقيمته يوم التلف كالمستام . قوله : ( وإن كان الدين ) هذا قسيم قوله السابق : وإن استحق ديناً على ممتنع من أدائه . قوله :(5/360)
"""""" صفحة رقم 361 """"""
( لم يملكه ) أي ما لم يوجد شرط التقاصّ حج . قوله : ( ويضمنه ) أي ضمان الغصوب . قوله : ( فإن نكل عن اليمين ردت على المدعي ) أي ردها القاضي فلو حلف قبل ردها من القاضي لغت . ومحل ذلك ما لم يحكم القاضي بنكول الخصم فإن حكم بأن قال : حكمت بنكولك أو جعلتك ناكلاً فلا يتوقف على رد القاضي فإذا حلف بعد ذلك اعتدّ بها ويكون كرد القاضي اليمين على المدعي وقوله : له احلف بمنزلة الحكم بنكوله . وكذا إقبال القاضي على المدعي ليحلفه . وإن لم يقل له احلف نازل منزلة الحكم بنكوله أيضاً وللمدعى عليه أن يعود إلى اليمين قبل نكوله حقيقة أو تنزيلاً وللمدعي أن يعود إلى طلب اليمين منه مطلقاً وإذا طلبها منه وامتنع لم يكن له العود إلي يمين الرد لأنه أبطل حقه . من يمين الرد الذي ردها عليه قبل ذلك برضاه لخصمه ولو هرب المدعى عليه قبل الحكم بنكوله ، امتنع الحلف على المدعي اه ق ل . قوله : ( لا لدهشة ) قال في المصباح : دهش دهشاً فهو دهش من باب تعب ذهب عقله حياءً أو خوفاً وقوله : وغباوة فإن كان سكوته لنحو دهش أو غباوة ، شرح له القاضي الحال ثم حكم عليه . أو قال للمدعي : احلف شرح المنهج الغباوة أن لا يفهم ما يقاله له وقال في المختار : الغباوة عدم المعرفة وفي المصباح الغبيّ على وزن فعيل القليل الفطنة يقال غبي غبي من باب تعب وغباوة . وقوله : شرح له القاضي أي وجوباً بأن يقول : له إذا أطلت السكوت . حكمت بنكولك وقضيت عليك وسكوت الأصمّ قبل علمه بالحل ليس نكولاً بخلاف عدم الإشارة من الأخرس بعد سماعه ق ل . وقوله : ثم حكم عليه أي بالنكول وقوله أو قال للمدعي : احلف أي بعد عرض اليمين على المدعى عليه . قوله : ( ردت أي اليمين ) أي ردها القاضي . قوله : ( وكذا فعل عمر الخ ) ذكر فعل عمر عقب فعله إشارة إلى أن ردها على المدعي ثبت بالنص وبالإجماع السكوتي اه م د .
قوله : ( فيحلف المدعي ويستحق ) أي بفراغ اليمين من غير توقف على حكم لأنها كالإقرار وهو لا يتوقف على حكم وقوله : فيحلف ويستحق أي غالباً وقد لا يحلف كما إذا ادعى الولي لموليه حقاً فأنكر المدعى عليه ونكل عن اليمين فلا يحلف المدعي بل يمهل ، حتى يبلغ الصبي ثم يحلف وكذا لو ادعى على شخص بمال لميت لا وارث له وندب الإمام والإمام شخصاً وادعى ونكل المدعى عليه فلا يحلف المدعي بل يحبس المدعى عليه إلى أن يحلف(5/361)
"""""" صفحة رقم 362 """"""
المدعي أو يقر . وكذا ناظر الوقف والمسجد إذا ادعيا شيئاً لا يحلفان بل يحبس المدعى عليه إلى أن يحلف أو يقر وكذا الوصي إذا ادعى على الورثة أنّ مورّثهم أوصى للفقراء مثلاً بكذا فأنكروا ونكروا فلا يخلف الوصي بل تحبس الورثة إلى أن يحلفوا أو يقروا . قوله : ( وقول القاضي للمدعي احلف ) فيه إشارة إلى أن قول المصنف نكل أي حقيقة أو حكماً وقوله : وقول القاضي أي في الصورة الأخيرة . وهي قوله : أو يسكت الخ . قوله : ( وإن لم يكن حكم ) كذا في خط الشارح بالرفع ، فاعل بيكن على أنها تامة أي وإن لم يوجد حكم بنكوله ، حقيقة بل ضمناً وفي شرح المنهج ، حكماً بالنصب على أنها ناقصة وتخطئة المرحومي للشارح ليست في محلها اه م د ، والنصب هو الظاهر لأن اسم كان ضمير يعود على قول القاضي : فيكون الرفع من تحريف الناسخ . قوله : ( وبالجملة ) أي وعلى كل حال أي سواء قلنا حقيقة أو نازل منزلته ز ي . قوله : ( حقيقة ) بأن حكم بنكوله أو تنزيلاً كقول القاضي المتقدم . قوله : ( إلا برضا المدعي ) وإذا نكل المدعى عليه فلا تردّ اليمين على المدعي لأن اليمين المردودة لا ترد إلا في القسامة ولأنه سقط حقه برضاه بحلف خصمه .
تنبيه : يقع كثيراً أن المدعى عليه يجيب بقوله : يثبت ما يدعيه فيطالب القاضي المدعي بالإثبات لفهمهم ، أن ذلك جواب صحيح وفيه نظر إذ طلب الإثبات لا يستلزم اعترافاً ولا إنكاراً فتعين أن لا يكتفي منه بذلك بل يلزم بالتصريح بالإقرار ، أو الإنكار ، حج ز ي ويقع أن المدعى عليه بعد الدعوى عليه يقول ما بقيت أتحاكم أو ما بقيت أدّعى عندك والوجه أن يجعل بذلك منكراً ناكلاً فيحلف المدعي ويستحق اه طبلاوي . قوله : ( ويبين القاضي ) أي وجوباً ع ش وشوبري وقال ح ل : ندباً وهو المعتمد .
لطيفة : من المسائل الدقيقة التي ربما أفتى المفتي بخلافها ، ويقضي بخلافها أيضاً ما لو ادعى على شخص مالاً فأنكر وطلب منه اليمين . فقال : لا أحلف وأعطي المال لم يلزمه قبوله ، من غير إقرار وله تحليفه أي للمدعي تحليف المدعى عليه ، لأنه لا يأمن أن يدعي عليه بما دفعه بعد ، وكذا لو نكل عن اليمين وأراد المدعي أن يحلف يمين الرد . فقال الخصم : أنا أبذل لك المال بلا يمين ، فيلزمه الحاكم ، بأن يقر وإلا حلف المدعي شرح م ر أ ج . قوله : ( نفذ ) أي وإن أثم بعدم تعليمه ، كما في ع ش على م ر . قوله : ( لتقصيره ) أي المدعى عليه .(5/362)
"""""" صفحة رقم 363 """"""
قوله : ( لا كالبينة ) أي من المدعي . قوله : ( لأنه يتوصل باليمين الخ ) فيه أنه لا ينتج المدعي إذ مثله فيما ذكر البينة . ويجاب : بأن الكلام حذفاً أي لأنه يتوصل الخ أي من غير افتقار إلى حكم اه . قوله : ( فيجب الحق الخ ) هذا هو الفارق بين كون اليمين كإقرار المدعى عليه أو كالبينة وعبارة م د . ويترتب على ذلك أن الحق يثبت بمجردها إن جعلت كالإقرار ولا يفتقر إلى حكم بخلاف ما لو جعلت ، كالبينة فتحتاج إلى الحكم ويترتب عليه أيضاً عدم سماع حجة من المدعى عليه بمسقط كالأداء والإبراء . بخلاف ما لو جعلت كالبينة فإنها تسمع دعواه بالمسقط . قوله : ( من غير افتقار إلى حكم ) اقتضى هذا أن البينة إذا عدّلت لا يثبت الحق بها حتى يحكم القاضي وقد سلف تصريح الزركشي ، بذلك في القضاء على الغائب سم . قوله : ( كأداء أو إبراء ) قال الدميري : وأشار المصنف بقوله : بأداء أو إبراء إلى أن التصوير في الدين فإن كان المدعي به عيناً فرد المدعى عليه اليمين على المدعي فحلف ثم أقام بينة بالملك ، سمعت أفتى به علماء عصره اه . والراجح : خلافه م ر والشوبري . قوله : ( من اليمين ) فليس له العود إليها في هذا المجلس ولا غيره وإن لم يحكم القاضي بنكول خصمه كما في س ل وق ل على الجلال .
قوله : ( والمطالبة ) أي فليس له مطالبة الخصم ، إلا أن يقيم بينة س ل . وعبارة ق ل وليس له مطالبة الخصم ، ولو في مجلس آخر أيضاً ، ولا ينفعه إلا إقامة البينة ولو شاهداً ويميناً .
قوله : ( ولكن تسمع حجته ) وليس له ردّ اليمين على المدعى عليه لأن اليمين المردودة لا تردّ سم ولو ادّعى ديناً على معسر . وقصد إثباته ليطالبه به إذا أيسر فظاهر كلامهم : أنها لا تسمع مطلقاً واعتمده الغزي وهو المعتمد وأفتى به الوالد رحمه الله وإن اقتضي ما قررناه عن الماوردي سماعها ، لأن القصد إثباته مع كونه مستحقاً قبضه حالاً بتقدير يساره القريب عادة الشرح م ر . وقوله : فظاهر كلامهم أنها لا تسمع مطلقاً ، من هذا يؤخذ جواب حادثة وقع السؤال عنها وهي : أن شخصاً تقرر في نظارة على وقف من أوقاف المسلمين ، فوجده خرباً ثم إنه عمره على الوجه اللائق به ثم سأل القاضي ، بعد العمارة في نزول كشف على المحل ، وتحديد العمارة وكتابة حجة بذلك فأجابه لذلك وعين له كشافاً وشهوداً ومهندسين فقطعوا قيمة العمارة المذكورة اثني عشر ألف نصف وأخبر القاضي بذلك فكتب له بذلك حجة ليقطع على(5/363)
"""""" صفحة رقم 364 """"""
المستحقين معاليمهم ويمنع من يريد أخذ الوقف ، إلى المقدار المذكور من غلة الوقف وهو أنه لا يعمل بالحجة ولا يجيبه لذلك لأنه لم يطالب بشيء إذ ذاك ولا وقعت عليه دعوى والكتابة إنما تكون لدفع ما طلب منه وادعى به عليه وليس ذلك موجوداً هنا . وطريقه في إثبات العمارة المذكورة أن يقيم بينة تشهد له بما صرفه يوماً فيوماً مثلاً ويكون ذلك جواباً لدعوى ملزمة ثم إن لم يكن بينة يصدّق فيما صرفه بيمينه حيث ادعى قدر لائقاً وساغ له صرفه بأن كان فيه مصلحة وأذن له القاضي فيما يتوقف على الإذن كالقرض على الوقف ، من مال غيره أو من ماله . أو كان في شرط الواقف أن للناظر اقتراض ما يحتاج إليه الحال في العمارة من غير استئذان اه ع ش .
قوله : ( فإن أبدى ) أي المدعي عذراً . قوله : ( وسؤال فقيه ) أي هل يلزمه الحلف أو لا ؟ قوله : ( ومراجعة حساب ) أي دفتر . قوله : ( أمهل ) أي وجوباً ثلاثة أيام قال سم : وهذا مع قوله : ويفارق جواز تأخير الحجة أبداً يعرفك أنه إذا ردت اليمين عليه فاستمهل ولو لإقامة الحجة لا يزاد على الثلاثة أي بالنسبة لليمين ، حتى يسقط حقه منها بعد الثلاثة فلا تنفعه ، بعدها إلا الحجة بخلاف ما لو استمهل قبل رد اليمين عليه لإقامة الحجة فيمهل أبداً وفي الروضة كأصلها أنه إذا أنكر المدعى عليه فإن استمهل المدعي أبداً حينئذ لإقامة البينة أمهل أبداً ، وإن طلب يمين الخصم فنكل وردت اليمين على المدعي فطلب الإمهال ولو لإقامة البينة أمهل ثلاثة فقط فيبطل حقه بعدها من اليمين المردودة دون الحجة ، فمتى أقامها سمعت اه . قوله : ( ثلاثة أيام ) المراد ثلاثة أيام صحاح غير يومي الإمهال والإيتاء وبعد ذلك لا يمكن من الحلف ولو أقام شاهداً وطلب الإمهال لإتمام البينة أمهل ثلاثة أيضاً ق ل على الجلال . قوله : ( لئلا تطول مدافعته ) أي بسبب طلب الحق أي لئلا تطول مدافعة المدعى عليه للمدعي بطلب الحق منه . قوله : ( واليمين إليه ) أي موكولة إليه ونافعة له ولا بد بخلاف البينة . قوله : ( وهل هذا الإمهال الخ ) المعتمد الوجوب كما في م ر وح ل . وقال حج : وسقط حقه من اليمين بعد مضي الثلاثة من غير عذر . قوله : ( حين يستحلف ) أي يطلب منه الحلف ع ش . وقال ح ل : أي يلزم بالحلف وهذا لا يستحلف إلا حيث لا بينة له بالدفع والإبراء ، وإلا أمهل ثلاثة أيام . وقوله : إلا برضا المدعي شامل لطلب إقامة البينة ، والذي في المنهاج الاقتصار على مراجعة الحساب . وأما إذا طلب إقامة البينة فإنه يمهل وإن لم يرض الخصم . قوله : ( وإن استمهل الخصم ) السين والتاء للطلب أي طلب الإمهال . قوله : ( أمهل ) أي إن لم يضر الإمهال بالمدعي(5/364)
"""""" صفحة رقم 365 """"""
كأن كان يريد سفراً وإلا لم يمهل اه س ل . قوله : ( إلى آخر المجلس ) أي مجلس الخصومة المتعلقة بالخصمين . بأن لم يشرع في غيرها وما ذكره م د . بقوله : أي آخر النهار لأنه جميعه مجلس القاضي غير ظاهر وقال م ر : أي مجلس القاضي وما زاد على المجلس لا بد فيه من رضا المدعي كما في ح ل . قوله : ( إن شاء القاضي ) معتمد وعبارة سم اعتمده م ر فقال المعتمد : أن المراد إن شاء القاضي لأن المراد أن للقاضي أن يمهل إلى آخر المجلس قهراً على المدعي وإلا فالمدعي إن شاء أمهله أبداً لأن الحق له فلا وجه لتقييده بآخر المجلس .
قوله : ( لأن المدعي لا يتقيد ) أي لا يتقيد إمهاله بآخر المجلس بل له أن يؤخر الدعوى متى شاء . قوله : ( ومن طولب ) ولو مات من لا وارث له وله دين على شخص ، فطالبه القاضي ووجه عليه اليمين ، فنكل فهل يقضى عليه بالنكول ويؤخذ منه أو يحبس أو يحلف أو يترك أوجه أصحها الثاني سم . قوله : ( كإسلامه ) جعل الإسلام مسقطاً مبني على وجوب الجزية بإنقضاء الحول وهو طريقة والمعتمد أنها تجب بالعقد ، وعليه فالإسلام في أثناء الحول يقسطها لا يسقطها إلا أن يقال ادعاء المسقط يصدق بدعوى سقوط بعضها . قوله : ( أو وافقه ) عبارة شرح المنهج أو وافقته أي وافقت دعواه الظاهر . قوله : ( طولب بها ) أي الجزية وكذا يقال في قوله : لأنها وجبت . قوله : ( وليس ذلك قضاء بالنكول ) المعنى ليس المطالبة بالجزية ولزومها له بسبب النكول بل لأنها وجبت واشتغلت ذمته بها ، ولم يأت بدافع فلا ينافي ما قدمه في الدعوى الخاصة بخصم معين لأنه لا يثبت الحق إلا بيمين الردّ ، فلا يثبت بالنكول قبلها . والفرق أن الحق هنا ثابت وهو يدعي مسقطاً ، والأصل عدمه فليس فيه قضاء بمجرد النكول . قوله : ( حقاً له ) أي للصبي أو المجنون . قوله : ( لم يحلف ) أي على استحقاق الحق ويحلف على مباشرة العقد ويثبت الحق تبعاً ق ل وعبارة سم ، لم يحلف الولي ما لم يرد ثبوت العقد الذي باشره بيده فيحلف ويثبت الحق ضمناً ومثله : يجري في الوصي والوكيل اه .
قوله : ( وإن ادّعى ) غاية في عدم حلف الولي . قوله : ( بسبب مباشرته ) عبارة شرح المنهج(5/365)
"""""" صفحة رقم 366 """"""
بمباشرة سببه اه . كأن قال : أنا أقرضته لك بسبب النهب الذي كان حصل في البلد مثلاً اه . قوله : ( وإذا تداعيا ) التعبير بذلك إما على سبيل التغليب ، أو باعتبار صورة الدعوة الظاهرية ، وإلا فمن بيده العين يقال له مدعى عليه لأنه موافق للظاهر في دعواه أنه ملكه والآخر يقاله له : مدّعٍ لأن دعواه مخالفة للظاهر . قوله : ( في يد أحدهما ) المراد اليد المتأصله ، ليخرج ما لو أخذ شخص شيئاً من إنسان ثم ادّعاه لنفسه وادّعى من كانت اليد له قبل ذلك أنه له فالقول قوله : وإن لم تكن له اليد الآن ، وكذا لو أخذ من إنسان ألفاً وقال : أقرّ لي بها أو كانت عنده أمانة وأنكر الآخر وادّعى ملكه لها . فالقول قوله : وإن لم تكن العين بيده . وكذا : لو كان له دار فأكرها فادّعى المكتري شيئاً ثابتاً فيها أنه له وقال المكري : هو ملكي فالقول قول المكري : وإن لم تكن العين بيده لأن اليد في الأصل له بخلاف المنقول إذا تداعياه فالقول قول المكتري وفي شرح م ر . ولو أخذ ثوباً من دار وادّعى ملكه فقال ربها : بل هو ثوبي أمر الآخذ بردّ الثوب ، حيث لا بينة لأن اليد لصاحب الدار كما لو قال : قبضت منه ألفاً لي عليه أو عنده فأنكر فإنه يؤمر بردّه له . ولو قال : أسكنته داري ثم أخرجته منها فاليد للساكن لإقرار الأوّل له بها فيحلف أنها له وليس قوله : زرع لي تبرعاً أو بإجارة إقراراً له بيد ولو تنازع مكتر ومكر في متصل بالدار كرفّ أو سلم مسمر . حلف الثاني أو منفصل كمتاع فالأوّل للعرف ، وما اضطرب فيه يكون بينهما إن تحالفا لانتفاء المرجح شرح م ر . قوله : ( ولا بينة لهما ) وكذا إن كان لهما بينة كما يأتي ويجاب بأنه قيد بذلك لأجل قوله : تحالفا أما إذا كان لهما بينة فهو لهما أي من غير تحالف . قوله : ( تحالفا ) أي حلف كل منهما يميناً بدليل قوله : على النفي فليس المراد بالتحالف أن يحلف كل يميناً تجمع نفياً وإثباتاً اه شيخنا وعبارة م د . قوله : على النفي فقط ، أي يكفيه ذلك وهو أن يحلف على نفي استحقاق صاحبه للنصف ولا يكلف الجمع بين النفي والإثبات بأن يحلف أن الجميع له ولا حق للآخر فيه أو يقول : لا حق له في النصف الذي يدعيه والنصف الآخر لي قال ق ل : فالتحالف ليس على حقيقته أي لأن حقيقته أن يحلف كل يميناً تجمع نفياً وإثباتاً .
فرع : اختلف الزوجان في أمتعة البيت ولو بعد الفرقة ولا بينة ، ولا اختصاص لأحدهما بيد فلكل تحليف الآخر ، فإذا حلفا جعل بينهما وإن صلح لأحدهما فقط أو حلف أحدهما فقط قضى له به . كما لو اختص باليد وحلف ، وكذا وارثهما ووارث أحدهما والآخر اه س ل . ونقله أ ج عن شرح م ر ثم قال : وعبارة الشيخ عميرة في حواشي شرح البهجة . قال الشافعي(5/366)
"""""" صفحة رقم 367 """"""
رضي الله عنه : إذا اختلف الزوجان في متاع البيت ، فمن أقام البينة على شيء من ذلك فهو له ، ومن لم يقم بينة فالقياس الذي لا يعذر أحد عندي بالغفلة عنه ، أنّ هذا المتاع إن كان في أيديهما معاً فيحلف كل منهما لصاحبه على دعواه فإن حلفا جميعاً فهو بينهما نصفين ، وإن حلف أحدهما فقط قضى له به سواء اختلفا في دوام النكاح أم بعده . واختلاف وارثهما كهما وسواء ما يصلح للزوج ، كالسيف والمنطقة ، وللزوج كالخلخال والغزل أو غيرهما كالدراهم أو لا يصلح لهما كالمصحف ، وهما أميان وتاج الملوك وهما عاميان ، وقال أبو حنيفة : إن كان في يدهما حساً فهو لهما وإن كان في يدهما حكماً فما يصلح للرجل فللزوج ، وما يصلح للأنثى فللزوجة والذي يصلح لهما يكون لهما وعند أحمد ومالك ، قريب من ذلك واحتج الشافعي رضي الله عنه . بأنا لو استعملنا الظنون لحكم في دباغ وعطار تداعيا عطراً ودباغاً في أيديهما ، أن يكون لكل ما يصلح له وفيما لو تنازع موسر ومعسر ، في لؤلؤ أن نجعله للموسر ولا يجوز الحكم بالظنون اه بحروفه . وكذلك لا يجوز الإفتاء بالأقوال الضعيفة إلا في حق الشخص المستفتي فيجوز له أن يقلد الأقوال الضعيفة في مذهبه ولو أفتى الإنسان بالأقوال الضعيفة حرم عليه ولا يستحق أجرة ، ويجب عليه ردها لمالكها لو أخذ شيئاً اه شيخنا .
قوله : ( سقطتا ) محل ذلك إذا تساوت البينتان تاريخاً بدليل قوله : فيما يأتي . ويرجح بتاريخ سابق وعبارة شرح الروض سقطتا سواء كانتا مطلقتي التاريخ ، أو متفقتيه أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرّخة . قوله : ( لتناقض موجبهما ) بفتح الجيم أي ما يوجبانه فإن بينة كل توجب تسليم الشيء المتنازع فيه له وملكه له وعبارة م ر . لتعارضهما ولا مرجح فأشبها الدليلين إذا تعارضا بلا ترجيح . قوله : ( وإن أقرّ به لأحدهما ) فلو أقرّ بأنها لهما نجعل بينهما نصفين اه ابن شوبري . قوله : ( أو بيدهما أو لا بيد أحد ) أي وثم بينة لكل منهما كما هو فرض المسألة . وقوله : أو لا بيد أحد وصوّرها بعضهم بعقار أو متاع ملقى في طريق وليس المدعيان عنده سم ز ي . قوله : ( فهو لهما ) أي بالبينة القائمة لا باليد السابقة على قيام البينتين . قوله : ( أو بيد أحدهما ويسمى الداخل رجحت بينته ) منه يؤخذ جواب حادثة وقع السؤال عنها وهي أن جماعة بأيديهم أماكن يذكرون أنها موقوفة عليهم وبأيديهم تمسكات تشهد لهم بذلك : فنازعهم آخرون ، وادعوا أن هذه الأماكن موقوفة على زاوية وأظهروا لذلك تمسكاً وهو أنه يقدم ذوا اليد حيث لم يثبت انتقال عمن وقف على من بيده الأماكن إلى غيره وإن كان تاريخ غير واضع اليد متقدماً ع ش على م ر . قوله : ( وإن تأخر تاريخها ) غاية ومحله إذا لم يسندا انتقال(5/367)
"""""" صفحة رقم 368 """"""
الملك عن شخص واحد وإلا قدمت بينة الخارج إن كانت أسبق تاريخاً كما ذكره في القوت عن فتاوى البغوي وغيرهما واعتمده الشهاب م ر شوبري . قوله : ( بيده ) ودخل في إطلاقه اليد الحكمية كالتصرف والحسية كالإمساك شرح م ر شوبري . قوله : ( ولو قبل تعديلها ) بخلاف ما لو أقامها قبلها لأنها أي بينة الداخل الخ فهو علة لمحذوف . قوله : ( لأن الأصل في جانبه اليمين ) أي لأنه مدعى عليه . قوله : ( عنها ) أي اليمين . قوله : ( ما دامت كافية ) أي وهي كافية ما دام الخارج لم يقم بينة عبد البر .
قوله : ( ولو أزيلت يده ) غابة لقوله : رجحت بينته . وقوله : فإنها ترجح تفريع عليها أي أزيلت للخارج بسبب البينة التي أقامها فقوله : ببينة أي ببينة الخارج أي ولو كان الخارج أخذها من الداخل ببينته التي أقامها قبل بينة الداخل اه شيخنا . وعبارة شرح م ر ولو أزيلت يده ببينة حسابان سلم المال لخصمه أو حكماً بأن حكم عليه به فقط فلا يعدل عنها ما دامت كافية نعم يتجه ، كما بحثه البلقيني ، سماعها لدفع تهمة سرقة ، ومع ذلك لا بد من إعادتها بعد بينة الخارج اه شوبري . قوله : ( وأسندت ) بخلاف ما إذا لم تسند بينته إلى ذلك فلا ترجيح لأنه الآن مدّع خارج شرح المنهج . قوله : ( واعتذر بغيبتها ) أي البينة أي اعتذر عن إقامتها حال الدعوى بغيبتها أو حبسها ولذا قال : مثلاً وهذا أعني قوله واعتذر بغيبتها ليس قيداً على المعتمد . قوله : ( فإنها ترجح ) لا حاجة إليه لأنه معلوم من أول الكلام إلا أن يجعل قوله : ولو أزيلت مستأنفاً وقوله : فإنها ترجح جوابه . قوله : ( لكن لو قال الخارج ) : استدراك على قوله رجحت بينته أي الداخل فكأنه قال ما لم يكن مع بينة الخارج زيادة علم ولو قامت بينة بالرق وبينة بالحرية ، قدمت بينة الرق لأن معها زيادة علم لأنها ناقلة وبينة الحرية مستصحبة اه ز ي . قوله : ( اشتريته منك ) أو غصبته أو استعرته أو اكتريته مني ، شرح المنهج .
فرع : لو باع داراً ثم ادعى أنها وقف لم تسمع بينته . كذا ذكره الشيخان ، آخر الدعاوى وخالف في ذلك العراقيون فقالوا : تسمع إذا لم يكن صرح أنها ملكه بل اقتصر على البيع وهذا هو المعتمد ز ي . قوله : ( فلو أزيلت يده بإقرار ) أي حقيقة أو حكماً وهو اليمين المردودة من الداخل على الخارج وهذا مقابل قوله : ولو أزيلت يده ببينة .(5/368)
"""""" صفحة رقم 369 """"""
قوله : ( لم تسمح دعواه به ) أي بملك ما أقر به قوله : ( نعم لو قال ) أي الداخل في إقراره وهذا استدراك على قوله لم تسمع الخ . قوله : ( وهبته له ) أي للخارج قوله : ( لم يكن إقراراً بلزوم الهبة ) وحينئذ تسمع دعواه بالملك بعد هذا القول : وإن لم يذكر انتقالاً كما في م ر . وكتب بعضهم قوله : لم يكن إقراراً بلزوم الهبة الخ . وينبني على ذلك أنه تسمع دعواه بغير ذكر انتقال لكن محل ذلك إذا كان ممن يجهل لزوم الهبة وعدمه بالعقد ، أما إذا كان عالماً وأقرّ بما ذكر ثم عاد وادعى أنه ملكه لم تسمع بغير ذكر انتقال وكذا يقيد بما إذا لم تنقل العين من يد المقر بالهبة إلى المقر له وإلا فلا تسمع دعوى المقر بعد ذلك إلا بذكر الانتقال . قوله : ( لجواز اعتقاده لزوم الهبة بالعقد ) يؤخذ منه أن المسألة مقيدة بالقيدين السابقين وعبارة شرح م ر لجواز اعتقاده فيقبل دعواه بعد ذلك . وإن لم يذكر انتقالاً نعم يظهر تقييده أخذاً من التعليل بما إذا كان ممن اشتبه عليه الحال اه . وفي ح ل هذا لا يتأتى في فقيه لا يجهل مثله ذلك . قوله : ( ويرجح بشاهدين ) كلام مستأنف ليس مرتبطاً بما قبله بل مرتبط بقوله : فيم سبق والعين بيدهما أو لا بيد أحد أو بيد ثالث أما إذا كانت العين بيد أحدهما فلا يتأتى هذا بل تقدم بينة الداخل مطلقاً كما تقدم . فالحاصل أن قوله : والعين بيدهما راجع لقوله : ويرجح برجلين الخ . ولقوله : لا بزيادة شهود ولقوله : ويرجح بتاريخ سابق . قوله : ( مع يمين للآخر ) أي في غير بينة الداخل .
قوله : ( ولا يرجح بزيادة شهود ) بل يتعارضان لكمال الحجة من الطرفين ولأن ما قدره للشرع لا يختلف بالزيادة والنقص ، كدية الحر والقديم نعم كالرواية وفرق الأول بما مرّ وبأن مدار الشهادة على أقوى الظنين . ومنه يؤخذ أنه لو بلغت تلك الزيادة عدد التواتر رجحت وهو واضح لإفادتها . حينئذ العلم الضروري وهو لا يعارض شرح م ر شوبري . قوله : ( لكمال الحجة في الطرفين ) ولا ترجح بينة وقف على بينة ملك ولا بينة انضم إليها حكم بالملك على بينة بلا حكم ولا فرق بين الحكم بالصحة والحكم بالموجب فإن تعارض حكمان كأن أثبت كل أن معه حكماً لكن أحدهما بالصحة والآخر بالموجب اتجه تقديم الأول لاستلزامه ثبوت الملك بخلاف الثاني شرح م ر باختصار . قوله : ( ويرجح بتاريخ سابق ) كأن شهدت بينة لواحد(5/369)
"""""" صفحة رقم 370 """"""
بملك من سنة إلى الآن وبينة أخرى لآخر بملك بأكثر من سنة إلى الآن والعين بيدهما أو بيد غيرهما أو لا بيد أحد رجحت بينة ذي الأكثر كسنتين شرح المنهج بزيادة . قوله : ( والعين بيدها ) حال فإن كانت بيد أحدهما رجحت بينته وإن تأخر تاريخها برماوي . قوله : ( ورجحت ) أي وإنما رجحت بينة ذي الأكثر أي أكثر المدتين وهي الأسبق تاريخاً . قال م د : كذا في بعض النسخ بالواو وفي بعضها بحذفها وهو الصواب اه . وقوله : وهو الصواب محل تأمل بل ثبوتها هو الصواب لأن الجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً واقعاً في جواب سؤال اقتضته الجملة الأولى تقديره : لأي شيء وقع الترجيح بتاريخ السابق وقول المحشي الصواب حذفها إنما يناسب عبارة المنهج . قوله : ( ذي الأكثر ) أي أكثر المدتين وهي الأسبق تاريخاً لعدم المعارضة في الزائد على الأخرى فهو توجيه لقوله : ويرجح بتاريخ سابق .
قوله : ( لأن الأخرى لا تعارضها فيه ) أي في الأكثر وهو السنة السابقة بل تعارضها في السنة المتأخرة وإذا تعارضا فيها تساقطا بالنسبة لها فيستصحب الملك السابق شرح م ر . قوله : ( من يوم ملكه بالشهادة ) أي بسبب الشهادة ح ل وقال ع ش : وهو الوقت الذي أرخت به البينة ، لا من وقت الحكم اه . قوله : ( بيد البائع ) أي أو بيد الزوج اه م ر . وصورتها في البيع أن يدعي أحد شخصين على رجل بأنه باعه العين الفلانية من مدة سنتين وادعى الآخر أنه باعها له من مدة ثلاث سنين مثلاً ولم يقبضه البائع لا لهذا ولا لهذا وأقام كل بينة فتثبت لذي الأكثر تاريخاً ولا أجرة له على البائع شيخنا . وصورتها في الصداق : أن تدعي عليه إحدى زوجتيه أنه أصدقها هذه العين التي عنده من سنة وتدعي الأخرى أنه أصدقها إياها من سنتين وتقيم كل بينة بدعواها فيحكم بها للثانية ولا أجرة لها على الزوج شيخنا وعبارة م د . قوله : بيد البائع أي لأنها مضمونة عليه ضمان عقد فهو أي الصداق معرّض للبطلان بالتلف قبل القبض فلا تضمن فيه المنفعة .
قوله : ( فلا أجرة عليه للمشتري ) لأنه لا أجرة على البائع في استعمال المبيع قبل القبض بناء على أن إتلافه كالآفة ولهذا لو أزال البكارة لا يلزمه غرم اه شرح الروض . ولأن ملك المشتري بالمبيع قبل القبض ضعيف ، لأنه معرض للانفساخ بتلفه عند البائع . ولو شهدت بينة بملكه أمس ولم يتعرض للحال لم تسمع كما لا تسمع دعواه ، بذلك ولأنها شهدت له بما لم يدعه . نعم لو ادعى رق شخص فادعى آخر أنه كان له أمس ، وأنه أعتقه وأقام بذلك بينة قبلت لأن المقصود منها إثبات العتق وذكر الملك السابق وقع تبعاً بخلافه . فيما ذكر لا تسمع البينة(5/370)
"""""" صفحة رقم 371 """"""
فيه حتى تقول : ولم يزل ملكه أو لا نعلم مزيلاً له أو تبين سببه كأن تقول اشتراه من خصمه أو أقر له به أمس . ومثل بيان السبب ما لو شهدت أنها أرضه زرعها أو دابته نتجت في ملكه أو أثمرت شجرته في ملكه . أو هذا الغزل من قطنه أو الطير من بيضه أمس ولو أقام حجة مطلقة بملك دابة أو شجرة لم يستحق ولداً وثمرة ظاهرة يعني مؤبرة عند إقامتها المسبوقة بالملك ، إذ يكفي لصدق الحجة سبقه بلحظة لطيفة ، وخرج بمطلقة المؤرخة للملك بما قبل حدوث ذلك . فإنه يستحقه وبالولد الحمل وبالظاهرة غيرهما فيستحقهما تبعاً لأصلهما ، كما في البيع ونحوه وإن احتمل انفصالهما عنه أي الأصل بوصية ولو اشترى شخص شيئاً فأخذ منه بحجة غير إقرار . ولو مطلقة عن تقييد الاستحقاق بوقت الشراء أو غيره رجع على بائعه بالثمن ، وإن احتمل انتقاله منه إلى المدعي أو لم يدّع ملكاً سابقاً على الشراء لمسيس الحاجة ، إلى ذلك في عهدة العقود ، ولأن الأصل عدم انتقاله منه إليه فيستند الملك المشهود به إلى ما قبل الشراء وخرج بغير إقرار أي من المشتري الإقرار منه حقيقة أو حكماً فلا يرجع المشتري بشيء قاله في شرح المنهج وقوله : رجع على بائعه بالثمن هذا كالمستثني من مسألة الشجرة حيث اكتفى فيها بتقدير الملك قبيل البينة ولو راعينا ذلك هنا امتنع الرجوع . والحكمة في عدم اعتباره ، مسيس الحاجة إلى ذلك في عهدة العقود وأيضاً فالأصل عدم المعاملة بين المشتري والمدعي فيستند الملك المشهود به إلى ما قبل الشراء .
قال الغزالي : العجب كيف يترك في يده نتاج حصل قبل البينة وبعد الشراء ثم هو يرجع على البائع بالثمن . وأجيب بأنه يحتمل انتقال النتاج ونحوه إلى المشتري مع كونه ليس جزءاً من الأصل . وقوله : رجع على بائعه ولا يرجع من أخذها منه على شيء من الزوائد الحاصلة في يده لأنه استحقها بالملك ظاهراً وأخذه الثمن من البائع مع احتمال أنها انتقلت منه للمدعي بعد شرائه من البائع إنما هو لمسيس الخ ومحل الرجوع ما لم يكن يعلم عند البيع أنه لا يملكه ، كأن تحقق أنه سارقه أو غاصبه وإلا لم يرجع عليه بما دفعه له لأنه في مقابلة تسليمه إياه وقد حصل وأيضاً فلما علم أنه لا يملكه كان كأنه متبرع بما أعطاه له ومحل الرجوع أيضاً إذا لم يعلم أنه ملك البائع قطعاً وأن مدعيه كاذب في دعواه إياه وإقامته تلك الشهود وإلا لم يرجع به على البائع لأنه مظلوم فلا يرجع به على غير ظالمه ومن ذلك دراهم الشكية فلا يرجع بها على الشاكي وإنما يرجع بها على من أخذها منه خلافاً للأئمة الثلاثة ، وأخبرني بعض أكابر علماء المالكية أن محل الرجوع على الشاكي إن تعذر أخذ الشكوى من آخذها .
قوله : ( ومن حلف ) أي أراد الحلف بدليل قوله : حلف على البت وهذه جملة واقعة في جواب سؤال مقدر نشأ من الكلام السابق في قوله : فإن لم يكن معه بينة الخ . ومن قوله : فإن نكل ردت الخ فكأنّ سائلاً قال : ما كيفية الحلف فقال : ومن حلف الخ ، ولا فرق في هذا(5/371)
"""""" صفحة رقم 372 """"""
التفصيل بين المدعي والمدعى عليه ، وتقدم أن محل وجوب اليمين على المدعى عليه إذا لم يبرئه المدعي على اليمين . قوله : ( كأن يعتمد على خطه أو خط مورثه ) هذا لا يناسب قوله : ومن حلف على فعل نفسه لأن خط المورث ليس فعل نفسه . ويجاب : بأن صورته أن الولد رأى بخط مورثه كأبيه أن ابني فعل كذا وكذا كأداء دين أو طلاق وكان الولد ناسياً له فله أن يحلف على البت على هذا الفعل اعتماداً عليه أو أنه مثال للظن المؤكد بقطع النظر عن كونه فعل نفسه . وعبارة شرح المنهج ويجوز البت في الحلف بظن مؤكد كأن يعتمد إلى آخر ما قاله الشارح : فاندفع ما يقال : إن هذا لا يناسب ما قبله . وهو قول المصنف : ومن حلف على فعل نفسه . قوله : ( إثباتاً ) كبيع وإتلاف وغصب شرح م ر . قوله : ( نفياً ) أي أريد نفيه وإلا فالفعل نفسه ليس نفياً . قوله : ( مطلقاً ) أي غير مقيد بزمان ولا مكان وعبارة م د . أي لا محصوراً فليس المراد بالإطلاق التعميم وإنما المراد بالإطلاق مقابل الحصر . فالمطلق مثل ما إذا ادعى ديناً لمورثه على آخر فقال الآخر أبرأني مورثك فإذا رد اليمين عليه قال : والله أبرأك مورثي أو قال : والله لا أعلم أن مورثي أبرأك أما لو قال : أبرأني مورثك من كذا يوم كذا وقت الزوال تعين الحلف على البت فيقول والله لم يبرئك من كذا الخ لأنه حينئذ نفي محصور تأمل . قوله : ( تنبيه الخ ) غرضه اعتراض على المتن . قوله : ( وقد يكون الخ ) تعليل لمحذوف أي وليس كذلك لأنه الخ . قوله : ( لا إلى فعل ) أي لا مستندة إلى فعل ينسب الخ وفي بعض النسخ لا(5/372)
"""""" صفحة رقم 373 """"""
على فعل ينسب الخ . قوله : ( ولو ادعى ديناً الخ ) هذه من أفراد قوله : وإن كان نفياً مطلقاً حلف الخ فلو ذكره بجنبه قبل التنبيه لكان أولى .
قوله : ( ولو قال : جنى عبدك ) هذا من أفراد قوله : ومن حلف على فعل نفسه الخ . لأن المراد على فعل نفسه ولو تنزيلاً فغرضه به التعميم في قوله : ومن حلف على فعل نفسه الخ أي سواء كان فعله حقيقة أو حكماً كفعل عبده ودابته . قوله : ( الدعوى عليه ) أي على السيد أن عبدك فعل كذا . وعبارة المنهج : ويحلف الشخص على البت لا في نفي مطلق بفعل لا ينسب له فيحلف عليه أو على نفي العلم اه . وحاصل الصور : اثنتا عشرة صورة لأن المحلوف عليه إما فعله ، أو فعل مملوكه أو فعل غيرهما ، على كل إما إثباتاً أو نفياً وعلى كل إما مطلقاً أو مقيداً فيحلف على البت في أحد عشر . أشار إليها بقوله : في فعله أو فعل مملوكه ، هذه ثمانية لأنه يحلف إما على الإثبات أو النفي وعلى كل إما أن يكونا مطلقين أو مقيدين . وبقوله : وفي فعل غيرهما إثباتاً في هذه صورتان : لأنه إما مطلق أو مقيد . وقوله : أو نفياً محصوراً هذه واحدة ، ويتخير في واحدة أشار إليها بقوله : لا في نفي مطلق . قوله : ( وتعتبر نية القاضي ) أي في الحلف بالله ولأنه المراد عند الإطلاق وعبارة م ر . وتعتبر في اليمين موالاتها وطلب الخصم لها من الحاكم وطلب الحاكم لها ممن توجهت عليه ونية القاضي أو نائبه أو المحكم أو المنصوب للمظالم ، وغيرهم من كل من له ولاية التحليف اه . قال ع ش : عليه ويظهر أن المراد عرفهم فيما بين الإيجاب والقبول ، كما في البيع اه حج . والمراد بالموالاة أن لا يفصل بين قوله : والله وقوله : ما فعلت كذا مثلاً اه . وقوله : من كل من له ولاية أي أما من لا ولاية له : كبعض العظماء أو الظلمة فتنفع التورية عنده فلا كفارة عليه وإن أثم الحالف إن لزم منها تفويت حق ومنه المشدّ . وشيوخ البلدان ، والأسواق فتنفعه التورية عندهم سواء كان الحلف بالطلاق أو بالله اه . قوله : ( بأن نوى خلاف ظاهر اللفظ ) بأن ادعى عليه ثوباً وأنكر فخلفه القاضي فقال : والله لا يستحق عليّ ثوباً وأراد بالثوب الرجوع لأنه من ثاب إذا رجع وهذا مجاز مهجور كما قرره شيخنا . قوله : ( بأن اعتقد الخ ) بأن ادعى عليه ديناراً قيمة متلف فأنكر فقال له(5/373)
"""""" صفحة رقم 374 """"""
القاضي قل : والله لا يستحق عليّ ديناراً فقاله : ونوى ثمن مبيع ونوى القاضي قيمة المتلف أو قصد بالدينار اسم رجل . قوله : ( فلو صح تأويله ) أي أو توريته . قوله : ( يسنّ تغليظ يمين الخ ) محله إذا لم يكن الحالف الذي تغلظ عليه اليمين حلف بالطلاق أنه لا يحلف يميناً مغلظة ولا تغلظ أيضاً على مريض وزمن وحائض اه ز ي وقد يقتضي الحال التغليظ من أحد الطرفين . وذكر له أمثلة : منها دعوى العبد على سيده عتقاً أو كتابة فأنكره السيد ، فإن بلغت قيمته نصاباً غلظ عليه ، فإن نكل غلظ على العبد مطلقاً اه ز ي .
قوله : ( وطلاق ) وكذا في خلع إن بلغ عوضه نصاباً مطلقاً وإلا فعلى الحالف منهما إن كان المدعي الزوجة فإن كان المدعي الزوج فلا تغليظ عليها ق ل . قوله : ( عشرين مثقالاً ) بدل فليس المراد أي نصاب كان حتى من الإبل مثلاً برماوي ، ويفهم من كلامه أن نصاب غير النقد إن بلغت قيمته نصاب النقد سن التغليظ وإلا فلا . قوله : ( وبزيادة أسماء ) ومن ذلك أن يحلفه على المصحف فيضع المصحف في حجره ويفتحه ويقول له : ضع يدك على صورة براءة ويقرأ عليه : ) إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً } ) آل عمران : 77 ) . والآية فإن هذا مرعب أي مخوّف قال بعضهم : ويندب تحليفه قائماً ق ل . قوله : ( ولا يجوز لقاض ) خرج الخصم فله تحليف بذلك ومثل القاضي غيره من المحكم ونحوه فليس له التحليف بذلك ع ش على منهج قوله : ( أن يحلف أحداً بطلاق ) فلو خالف وفعل انعقدت يمينه حيث لا إكراه منه ع ش على م ر . قوله : ( عزله ) أي وجوباً إن كان شافعياً وإلا بأن كان حنفياً فلا يعزله . لأن مذهبه يرى ذلك في اعتقاد مقلده اه برماوي على منهج ومثل الحنفي القاضي المالكي فإنه(5/374)
"""""" صفحة رقم 375 """"""
يرى التحليف بالطلاق . قوله : ( لسقوط القتل ) أي بناء على أن الإنبات علامة البلوغ ، شرح التحرير . وعبارة العناني عليه قوله : بناء الخ . هذا هو المعتمد وقيل : إنه بلوغ حقيقة فلا يقبل قوله .
3 ( ( فصل : في الشهادات ) ) 3
ذكرها بعد الدعوى لأنها تكون بعدها ومن قدم الشهادة نظر للتحمل لأنه يكون قبل الدعوى . قوله : ( بلفظ خاص ) وهو أشهد فلا يكفي إبداله بغيره ولو كان أبلغ لأن فيها نوع تعبد ، وهذا التعريف لشموله لنحو هلال رمضان أولى من التعريف بأنها إخبار بحق للغير على الغير . وظاهر كلامه أن التعريف المذكور هو معناها لغة وشرعاً على خلاف القاعدة من كون المعنى الشرعي أخص . وقال بعضهم : الشهادة لغة الرؤية أو الحضور . وفي المصباح إنها الإطلاع والمعاينة وشرعاً ما ذكره المصنف . قوله : ( ليس لك ) أي ليس لك في إثبات الحق على خصمك إلا شاهداك ، وليس على خصمك عند عدم البينة إلا يمينه ، فالحديث يحتاج إلى هذا التأويل وإلا فاليمين في جانب الخصم ليست للمدعي وإنما هي عليه من حيث إنها تفصل الخصومة أي لا تفصل الخصومة إلا بأحد الأمرين ، قال شيخنا العزيزي : وأورد على الحصر حكم القاضي بعلمه . وأجيب : بأنه ثبت بالقياس الأولوي لأن العلم أقوى من الحجة اه .(5/375)
"""""" صفحة رقم 376 """"""
قوله : ( ترى ) على تقدير همزة الاستفهام أي أترى أي تبصر الشمس . وقوله : على مثلها أي على شيء محقق مثلها . قوله : ( أودع ) أي إن كان هناك غيره ، وإلا تعينت عليه ويحتمل أن معنى قوله : أودع أي إن لم يكن على مثلها وهو الظاهر . قوله : ( وأركانها خمسة ) أي في غير هلال رمضان ونحوه مما الغرض منه تحقيق الفرض إذ لا مشهود عليه ولا له فيه وكلها تؤخذ من كلامه فمن هنا يؤخذ الشاهد ومن قوله فيما يأتي : والحقوق ضربان : المشهود به . ومن قوله : حق الله ، وحق الآدمي المشهود له ويتضمن ذلك المشهود عليه ، والصيغة . قوله : ( عند الأداء ) أي وإن كانت هذه الخصال مفقودة عند التحمل ، إلا في النكاح كما يأتي ، وفيما لو وكل شخصاً في بيع شيء بشرط الإشهاد وهذا مقدم من تأخير وحقه أن يذكر عقب قوله : إلا ممن اجتمعت فيه . قوله : ( بل عشرة ) الأولى حذف التاء لأن المعدود مؤنث . ونظمها بعضهم فقال :
بلوغ وعقل ثم الإسلام نطقه
وعدل كذا حرية ومروءة
وذو يقظة لا حجر ليس بمتهم
فهذي لشهاد شرائط عشرة قوله : ( فلا تقبل شهادة الكافر ) وشهادة الكافر كانت جائزة ثم نسخت بقوله تعالى : ) واستشهدوا شهيدين من رجالكم } ) البقرة : 282 ) . أي المسلمين وأما قوله تعالى : ) أو آخران من غيركم } ) المائدة : 106 ) فأجيب عنه بأن معناه من غير عشيرتكم أو هو منسوخ بقوله : ) وأشهدوا ذوي عدل منكم } ) الطلاق : 2 ) وفي الحديث : ( لا ترث ملة ملة ) ولا تجوز شهادة ملة على ملة إلا أمة محمد فإن شهادتهم تجوز على سواهم من اليهود والنصارى وغيرهم . قوله : ( في الوصية ) أي فيما إذا شهد كافر . قال ز ي : ولو جهل الحاكم إسلام الشاهد بحث عنه ويرجع لقوله : بخلاف جهل الحرية فإنه يبحث عنها ولا يرجع لقوله : إن فلاناً أوصى لفلان بكذا حرر وعبارة م د قوله في الوصية : أي في السفر لا في غيره للآية أي قوله : ) أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض } ) المائدة : 106 ) فلمن أراد السفر أن يوصي ويشهد ولو كافرين فليحرر مذهبه أي أنه إذا أراد السفر فأوصى بعين عنده وديعة أو(5/376)
"""""" صفحة رقم 377 """"""
أوصى بردها إلى صاحبها وأشهد بذلك كافرين سواء كان المشهود عليه مسلماً أو كافراً . قوله : ( ولو بالدار ) بأن كان لقيطاً بدار الإسلام . قوله : ( وهو مسلوب منها ) الأولى وهي مسلوبة منه .
فرع : من ترك سنة الفجر والوتر أسبوعاً لم تقبل شهادته ، ومن ترك تسبيح الركوع والسجود مدة طويلة ردت شهادته ، ومن ترك سنة الفجر والوتر وصلى مكانها الفوائت لم ترد شهادته كما قاله ابن العماد : على غوامض الأحكام . واعترض : بأن ترك ما ذكر ليس مفسقاً فكيف لا تقبل شهادته ولو كان الفاسق يعلم الفسق من نفسه . وصدّق في شهادته فهل يحل له أن يشهد أو لا فيه خلاف . واعتمد م ر : أنه يحل له ذلك وينبغي أن لا يتقدم على أهل الفضل . وعبارة سم نقلاً عن م ر : ولو كان الشاهد يعلم فسق نفسه والناس يعتقدون عدالته جاز له أن يشهد اه . وفي ق ل ما نصه قال الأذرعي : في تحريم الأداء مع الفسق الخفي نظر لأنه شهادة بحق وإعانة عليه في نفس الأمر ولا إثم على القاضي إذا لم يقصر ، بل يتجه الوجوب عليه إذا كان في الأداء إنقاذ نفس أو عضو أو بضع قال : وبه صرح الماوردي اه . قوله : ( فلا تقبل شهادة فاسق ) لو رتب إمام ذو شوكة شهوداً فسقة مثلاً فهل تقبل شهادتهم للضرورة كالقضاة قال الزركشي : المختار لا سم . قوله : ( والسادس أن تكون له مروءة ) بضم الميم وفتحها وزيادتها على العدالة مبني على أن المراد بالعدالة عدم الفسق فإن أراد بها ما يشمل المروءة وغيرها . فلا حاجة للزيادة ؛ والمروءة لغة الاستقامة ، وشرعاً ما ذكره المؤلف فيما يأتي قال الشاعر :
مررت على المروءة وهي تبكي
فقلت علام تنتحب الفتاة
فقالت كيف لا أبكي وأهلي
جميعاً دون خلق الله ماتوا
قوله : ( لأن من لا مروءة له الخ ) إشارة لقياس . قوله : ( إذا لم تستحي ) أصله تستحيي بياءين حذفت الثانية للجزم فهو بياء مكسورة فرسمه هكذا تستحي . وهذا هو الرواية كما نص(5/377)
"""""" صفحة رقم 378 """"""
عليه علي قاري في شرح الأربعين النووية ، والرواية المشهورة بحاء مكسورة فحذفت منها الياء الأولى تخفيفاً بعد نقل حركتها للحاء . قوله : ( ذلكم ) إشارة إلى ( أن تكتبوه ) وقوله : ) أقسط عند الله } ) البقرة : 282 ) . أي أكثر قسطاً أي عدلاً ) وأقوم للشهادة } ) البقرة : 282 ) وأثبت لها وأعون على إقامتها ) وأدنى أن لا ترتابوا } ) البقرة : 282 ) ، وأقرب في أن لا تشكوا في جنس الدين وقدره وأجله والشهود بيضاوي ، أي أقرب من عدم الريبة فدل أنه متى كانت هناك ريبة امتنعت الشهادة . قوله : ( وإن فهمت إشارته ) أي وإن فهم إشارته كل أحد إذ لا تخلو عن احتمال شرح م ر . قوله : ( مغفل ) أي لا يضبط فلا بد أن يكون الشاهد متيقظاً ومن التيقظ ضبط ألفاظ المشهود عليه بحروفها من غير زيادة ، ولا نقص هذا ظاهر إذا كان المشهود عليه قولاً كإقرار وطلاق وقذف ومن ثم كان المتجه عدم جواز الشهادة بالمعنى ولا تقاس بالرواية لضيقها . نعم يقرب القول : بجواز التعبير بأحد المترادفين عن الآخر عند عدم الإبهام اه خ ض . ولا يقدح الغلط اليسير لأن أحداً من الناس لا يسلم منه عناني اه . قوله : ( والعاشرة الخ ) لا حاجة لزيادة ذلك لأن سبب السفه معصية فالعدالة تغني عن ذكره إلا أن يقال : قد يكون سببه غير معصية كأن يضيع المال باحتمال غبن فاحش مع عدم العمل بذلك ، فزاد هذا لأجل ذلك . قوله : ( إنه لو شهد ) أي تحمل وقوله : ثم أعادها أي أداها ويصح أن يكون المراد ما هو أعم من ذلك ، بأن يكون شهد أي أدى بصفته المذكورة فردت شهادته ، فإذا تحمل وأعاد شهادته قبلت .
قوله : ( أو صبي ) أي أو رقيق بخلاف ما لو شهد وهو سيد أو عدوّ أو خارم المروءة أو فاسق فردت ، ثم أعادها بعد زوال هذه الأسباب فإنها لا تقبل هذه الشهادة المعادة وإنما يقبل غيرها منه بعد استبراء سنة ، بأن تمضي مدة يظن فيها صدق توبة الفاسق ، وانصلاح حال خارم المروءة وأما السيد أو العدوّ متى زال المانع وشهد قبلت ولا يتقيد بزمان .(5/378)
"""""" صفحة رقم 379 """"""
قوله : ( غير مصرّ ) أي أو مصرّ أو غلبت طاعاته على معاصية ، كما يأتي والإصرار على الصغيرة بأن يرتكبها ثلاث مرات من غير توبة منها . وقال الشيخ عميرة : الإصرار قيل هو الدوام على نوع واحد منها والأرجح أنه الإكثار من نوع أو أنواع قاله الرافعي : لكنه في باب العضل . قال : إن المداومة على النوع الواحد كبيرة ، وبه صرح الغزالي في الإحياء . قوله : ( وعيد شديد ) حذف بعضهم تقييد الوعيد بكونه شديداً وكأنه نظر إلى أن كل وعيد من الله لا يكون إلا شديداً فهو من الوصف اللازم اه ابن حجر في الزواجر . قوله : ( تؤذن ) أي تعلم والاكتراث المبالاة والاعتناء قال في المختار يقال : ما أكثرت به أي ما أبالي به اه . وهذا التعريف بأنه غير مانع لشموله صغائر الخسة . قوله : ( فإن الراجح قبول شهادة أهلها ) لاعتقادهم أنهم مصيبون فيها . قوله : ( ما لم نكفرهم ) ظاهره : وإن فسقناهم وينافيه قوله الآتي بعد قول المتن : سليم السريرة بأن لا يكون مبتدعاً لا يكفر ولا يفسق ببدعته فإن مفهومه أنه إذا فسق ببدعته لا تقبل شهادته . ويمكن حمل ما يأتي على ما إذا كان ليس له شبهة ، وما هنا على ما إذا كان له شبهة أي تأويل قوله : ( أصناف أنواعها ) لعل المراد بها الأفراد أي كالربا فأنه نوع تحته أصناف ربا الفضل ، واليد والنساء والقرض ، والزنا نوع وتحته أصناف زنا محصن وغيره وحر وعبد . قوله : ( والنهي عن المنكر ) أي بشرط أن يكون مجمعاً عليه أو يكون منكراً عند الفاعل وإن لم يكن منكراً عند الناهي ولا بد أن يأمن الضرر على نفسه أو ماله وأن لا يخاف الوقوع في مفسدة أعظم من المنهيّ عنه وسواء كان الناهي ممتثلاً للنهي أو لا وسواء كان من الولاة أو لا . قوله : ( ونسيان القرآن ) أي كلاً أو بعضاً إذا كان حافظاً له بعد البلوغ قوله : ( وأمن مكره )(5/379)
"""""" صفحة رقم 380 """"""
أي خوفه من مجازاة الله له . قال المحلي : في شرح جمع الجوامع أمن مكر الله يحصل بالاسترسال في المعاصي ، والاتكال على العفو اه . وقوله : بالاسترسال الخ هذا تقييد باعتبار الغالب وإلا فلو وجد الأمن مع الطاعة كان كبيرة أيضاً .
قوله : ( وعقوق الوالدين ) ولو كافرين وهو الظاهر وإن وقع في بعض الأحاديث التقييد بالمسلمين لأن الظاهر أنه جرى على الغالب بأن يؤذيهما أذى ليس بالهين ومنه التأفيف قال رسول الله : ( من عق والديه فقد عصى الله ورسوله ) وأنه إذا وضع في قبره ضمه القبر ضمة حتى تختلف أضلاعه وأشد الناس عذاباً في جهنم عاقّ لوالديه والزاني والمشرك بالله سبحانه وتعالى وروي ( أن رجلاً شكا إلى رسول الله أباه وأنه يأخذ ماله فدعاه فإذا هو شيخ يتوكأ على عصا فسأله فقال إنه كان ضعيفاً وأنا قويّ ، وفقيراً وأنا غني فكنت لا أمنعه شيئاً من مالي واليوم أنا ضعيف وهو قوي وأنا فقير وهو غني ويبخل عليّ بماله فبكى رسول الله وقال : ( ما من حجر ولا مدر يسمع بهذا إلا بكى ثم قال للولد : أنت ومالك لأبيك ) . وشكا إليه آخر سوء خلق أمه . فقال : لم لم تكن سيئة الخلق حين حملتك تسعة أشهر ؟ قال : إنها سيئة الخلق قال : لم لم تكن كذلك حين أرضعتك حولين ؟ قال : إنها سيئة الخلق . قال : لم لم تكن كذلك حين سهرت لك ليلها وأظمأت لك نهارها ؟ قال : لقد جازيتها قال : ما فعلت . قال : حججت بها على عنقي قال : ما جازيتها ) ذكره الشارح في تفسيره وفيه أيضاً قال : ( إياكم وعقوق الوالدين فإن الجنة يوجد ريحها من مسيرة ألف عام ولا يجد ريحها عاقّ ولا قاطع رحم ولا شيخ زان ولا حارّ إزاره خيلاء إن الكبرياء لله رب العالمين ) .
قوله : ( وشهادة الزور ) ولا تثبت شهادة الزور إلا ببينة نعم يستفاد بها جرح الشاهد فتندفع شهادته لأنه جرح منهم فوجب التوقف لأجله ويثبت بإقراره أو علم القاضي وبظهور كذبه كأن شهد أنه رآه يزني يوم كذا وثبت أنه ذلك اليوم كان بمصر مثلاً اه س ل . قوله : ( وضرب المسلم بغير حق ) قال : ( صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات ) شرح المحلي على جمع الجوامع وقوله : كاسيات عاريات أي تستر كل منهن بعض بدنها وتبدي بعضه إظهاراً لجمالها ، ونحوه . وقيل تلبس ثوباً رقيقاً يصف لون بدنها كما في حاشية شيخ الإسلام عليه وفي الحاشية المذكورة أيضاً ما نصه قال الزركشي : خص المسلم لأنه أفحش أنواعه وإلا فالذمي كذلك اه . قال العراقي : إن أراد في التحريم فمسلم أو في كونه كبيرة فممنوع اه . قال سم : في الآيات البينات وعندي أن الأوجه كونه كبيرة كما هو صريح كلام الزركشي وشمل الضرب اليسير وذكر الأذرعي أن الضربة والخدشة إذا عظم ألمهما أو كان أحدهما الوالد أو وليّ ينبغي أن يلحقا بالكبائر اه(5/380)
"""""" صفحة رقم 381 """"""
بحروفه . قوله : ( والنميمة ) هي نقل الكلام على وجه الإفساد سواء قصد الإفساد أم لا وسواء نقله لمن تكلم به فيه أو نقله إلى غيره كأبيه وابنه مثلاً وحصل الإفساد والمراد بالإفساد ضرر لا يحتمل ونقل الكلام ليس قيداً بل نقل الإشارة ، والفعل كذلك وسواء نقله بكلام أو إشارة أو كتابة . قوله : ( الغيبة ) وهي ذكرك أخاك بما يكره ولو كان فيه سواء كان بحضرته أو في غيبته . قال : ( من قفا مؤمناً بما ليس فيه حبسه الله تعالى في ردغة الخبال ) رواه الطبراني وغيره وردغة بسكون الدال وفتحها عصارة أهل النار اه . يقال : قفوت أثر فلان أقفوه إذا اتبعت أثره وسمي القفا قفا لأنه مؤخر بدن الإنسان فإن مشى يتبعه ويقفوه اه .
فرع : لو اغتاب إنسان إنساناً فإن لم تبلغه كفاه أن يستغفر له ، فإن استغفر ثم بلغته فهل يكفيه الاستغفار أو لا الظاهر أنه يكفي سم . قوله : ( ومن الصغائر النظر المحرم ) ومن الصغائر اللعب بالنرد وهو المعروف عند الناس بالطاولة . وفي مسلم : ( من لعب بالنرد فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه ) . وأول من عمله الفرس في زمن الملك نصير بن البرهاني الأكبر ولعب به وجعله مثل المكاسب وأنها لا تنال إلا بالكسب والحيل وإنما تنال بالمقادير ذكره الخرشي وفارق الشطرنج حيث يكره إن خلا عن المال بأن معتمده الحساب الدقيق والفكر الصحيح ففيه تصحيح الفكر ونوع من التدبير ومعتمد النرد : الحزر والتخمين المؤدي إلى غاية من السفاهة والحمق فكل ما معتمده الحساب والفكر كالمنقلة وهي خطوط ينقل منها وإليها لا يحرم ومحله في المنقلة إن لم يكن حسابها تابعاً لما يخرجه الطاب وإلا حرمت ، وكل ما معتمده : التخمين يحرم ومنه الطاب عصىّ صغار ترمي وينظر للونها ليرتب عليه مقتضاه الذي اصطلحوا عليه س ل . وقوله : وفارق الشطرنج أي لعبه مع من يعتقد حله وإلا حرم لاعانته على محرم لا يمكن الانفراد به وبذلك فارق عدم حرمة الكلام مع المالكي في وقت خطبة الجمعة قاله ق ل . قوله : ( والنياحة وشق الجيب ) عدهما ابن حجر من الكبائر .
قوله : ( إلا أن تغلب ) ويتجه ضبط الغلبة بالعدد من جانبي الطاعة والمعصية من غير نظر لكثرة ثواب في الأولى وعقاب في الثانية ، لأن ذلك أمر أخروي لا تعلق له بما نحن فيه أي فتقابل حسنة بسيئة لا بعشر سيئات . والمراد الغلبة باعتبار العمر بأن تحسب الحسنات التي فعلها في عمره والسيئات أيضاً . وينظر الغالب وليس المراد الغلبة باعتبار يوم بيوم لأن الأوّل(5/381)
"""""" صفحة رقم 382 """"""
فيه فسحة ، كما قرره شيخنا وعبارة ق ل على الجلال . ومعنى غلبتها مقابلة الفرد بالفرد من غير نظر إلى المضاعفة قاله شيخنا : وفيه بحث لقول ابن مسعود وروي مرفوعاً أيضاً ( ويل لمن غلبت وحداته ) . أي سيئاته لأن السيئة واحدة لا تضاعف ( على عشراته ) أي حسناته فتأمل ، وفي ع ش على م ر . إنه يقابل كل طاعة بمعصية في جميع الأيام حتى لو غلبت الطاعات على المعاصي في بعض الأيام وغلبت المعاصي في باقيها بحيث لو قوبلت جملة المعاصي بجملة الطاعات كانت المعاصي أكثر لم يكن عدلاً اه . وقال م ر : ومعلوم أن كل صغيرة تاب منها مرتكبها لا تدخل في العدّ لإذهاب التوبة الصحيحة أثرها رأساً اه . قوله : ( لم يصر بذلك فاسقاً ) يقتضي أنه صغيرة ويحرم عليه ذلك وتجب التوبة منه ومحله إذا عزم على الفعل قال الشاعر :
مراتب القصد خمس هاجس ذكروا
فخاطر فحديث النفس فاستمعا
يليه همّ فعزل كلها رفعت
سوى الأخير ففيه الأخذ قد وقعا
قوله : ( سليم السريرة ) لا حاجة لهذا ولا لما بعده لإغناء الشرطين الأوّلين عنهما . قوله : ( بأن لا يكون مبتدعاً لا يكفر ولا يفسق ببدعته ) كذا في خط المؤلف رحمه الله ولا يخفى أن في فهم الحكم من هذه العبارة صعوبة فحق العبارة أن يقول : بأن لا يكون مبتدعاً يكفر أو يفسق ببدعته ، بأن لا يكون مبتدعاً أصلاً أو مبتدعاً لا يكفر . ولا يفسق ببدعته لأن الكلام في بيان العدل الذي تقبل شهادته وعبارته تصدق بغيره . كذا قاله المرحومي وعبارة م د . قوله : لا يكفره ولا يفسق ببدعته ليس واقعاً صفة لمبتدعاً وإن كان هو المتبادر لفساد المعنى عليه . بل هو بدل بعض من كل أي بأن لا يكفر ولا يفسق فاستقام جعله بياناً للذي تقبل شهادته بخلاف ما لو جعل وصفاً لمبتدع . بأن ينحلّ إلى قولنا : شرطه أن لا يكون مبتدعاً لا يكفر ولا يفسق أي بأن يكون مبتدعاً يكفر ، أو يفسق وهو غير مراد لأن ذلك هو الذي لا تقبل شهادته . وليس الكلام فيه بل في الذي تقبل شهادته اه . وقال شيخنا قوله : لا يكفر أي أو مبتدعاً لا يكفر ففيه حذف . وحاصل ذلك أن هذه العبارة غير صحيحة المعنى لأن نفي النفي إثبات فكأنه قال : شرطه أن يكون مبتدعاً بكفر أو يفسق . وهذا لا يصح فكان الأولى حذف لا الثانية ويكون معناه غير مبتدع أصلاً أو مبتدعاً لا يكفر ولا يفسق ، وهذا المعنى صحيح أو كان يحذف لا الأولى ويقول : بأن يكون مبتدعاً لا يكفر ولا يفسق ويكون سكت عن غير المبتدع لأنه ظاهر . قوله : ( كسابّ الصحابة ) لعل المراد بغير قذف ونحوه وإلا كان كبيرة أو كفراً كقذف عائشة . قوله :(5/382)
"""""" صفحة رقم 383 """"""
( ويستثنى ) الاستثناء من حيث جريان التفصيل فيهم أي الخطابية وذكر م ر هذا الاستثناء بعد قوله : سابقاً فإن الراجح قبول شهادة أهلها فيقتضي أن في قبول شهادتهم خلافاً والخطابية لا خلاف في عدم قبول شهادتهم إذا شهدوا لموافقيهم ولم يبينوا السبب فيكون الاستثناء ظاهراً . قوله : ( كأن قالوا الخ ) مثال للمنفي . قوله : ( مروءة مثله ) بفتح الميم وضمها وبالهمز وتركه مع إبدالها واو مشدّدة تلمساني ، وفي المصباح : والمروءة آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات اه . قوله : ( يأكل أو يشرب ) ولا بد من الكثرة في كل من الأكل والشرب ، والمشي .
قوله : ( وغير من لم ) معطوف على قوله : وهو غير سوقي وقوله : أو يمشي معطوف على قوله كمن يأكل الخ . نعم لو أكل داخل حانوت ، بحيث لا ينظره غيره ، وهو ممن يليق به . أو كان صائماً وقصد المبادرة لسنة الفطر اتجه عذره حينئذ كما في شرح م ر . وقوله : بحيث لا ينظره غيره أي من المارين أما لو نظره من دخل ليأكل أيضاً فينبغي أن لا يخلّ بالمروءة ع ش على م ر . ومما يخل بالمروءة بيعه لصديقه كما يبيع لغيره لأن عدم محاباة الصديق مخل بالمروءة عبد البر . قوله : ( ممن لا يليق ) مرتبط بقوله : مكشوف الرأس وقوله : ولغير محرم الخ مرتبط بقوله : ممن لا يليق بمثله وقوله : أو يقبل معطوف على الأوّل وهو قوله كمن يأكل الخ . قوله : ( أو يقبل زوجته ) أي ولو مرة والألف واللام في الناس للجنس فيصدق بالواحد والمراد من يستحي منهم لا نحو صغار ومجانين ولا جواريه وزوجاته . وكذا وطء إحدى زوجتيه(5/383)
"""""" صفحة رقم 384 """"""
بحضرة الأخرى إذا خلا عن كشف العورة . وقصد الإيذاء فإنه لا يخرم المروءة والمراد بقوله : أو تقبيل زوجته أي في نحو فمها لا رأسها ولا وضع يده على نحو صدرها . والوجه أن يقال : إن ابن عمر فعل ذلك لأجل التشريع لأنه قصد به إجماع الصحابة عليه . ولذلك صار جائزاً أو يقال غرضه إغاظة الكفار وإظهار ذلهم . قوله : ( بحضرة الناس ) ولو محارم له أولها ع ش . قال س ل : والأوجه أن تقبيلها ليلة جلائها بحضرة الناس والأجنبيات يسقطها لدلالته على الدناءة وإن توقف فيه البلقيني اه م ر . وعدّ في الروضة من ذلك الحكاية ما يتفق له مع زوجته في الخلوة وجزم في النكاح بكراهة هذا وفي شرح مسلم بتحريمه ز ي وح ل . قوله : ( استحسان ) بمعنى أنه استحسن ذلك إغاظة للكفار .
قوله : ( ومدّ الرجل عند الناس ) أي الذين يحتشمهم لا نحو إخوانه وتلامذته سم . قوله : ( إكثار حكايات ) أي وكانت صدقاً وقصد إضحاكهم لخبر ( من تكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوي بها في النار سبعين خريفاً ) أي عاماً من إطلاق الجزء على الكل فإنه يفيد أنه حرام بل كبيرة لكن يتعين حمله على كلمة في الغير بباطل يضحك بها أعداءه لأن في الإيذاء ما يعادل ما في كبائر كثيرة منه ابن حجر . وقوله : يضحك أي يقصد ذلك سواء فعل ذلك لجلب دنيا تحصل له من الحاضرين أو مجرد المباسطة ع ش على م ر وما أحسن ما قاله بعضهم :
قد رمينا من الزمان بسهم
قدّم النذل والكريم تأخر
مات من عاش بالفضيلة جوعا
وحظى من يقود أو يتمسخر
وتقييد الإكثار بهذا يفهم عدم اعتباره فيما قبله والأوجه كما قاله الأذرعي : اعتبار ذلك في الكل إلا في نحو قبلة حليلته بحضرة الناس في طريق فلا يعتبر تكرره اه . وانظره مع ما تقدم من أن تقبيل المرة الواحدة لا يضر . قوله : ( طبعاً ) محترز قوله : عادة . قوله : ( ولبس فقيه الخ ) الأوضح ولبس الإنسان ما لم تجر عادة أمثاله به كلبس العالم لبس حمار وبالعكس ولبس خواجة لبس حمار . قوله : ( قباء ) هو المفتوح من أمامه وخلفه سمي بذلك لاجتماع طرفيه ، وأما البقاء المشهور الآن المفتوح من أمامه فقط ، فقد صار شعاراً للفقهاء ونحوهم اه ق ل على الجلال . قوله : ( أو قلنسوة ) وهي غطاء مبطن يلبس على الرأس وحده ز ي كالكوفية(5/384)
"""""" صفحة رقم 385 """"""
وأهل اليمن وجمعها قلانس عبد البر قال م ر : وهل تعاطي خارم المروءة حرام مطلقاً أو مكروه مطلقاً أو يفصل أقوال والراجح أنه إن تعلقت به شهادة حرم كأن كان محتملاً لشهادة وإلا فلا اه . بابلي وينبغي الكراهية وعبارة شرح م ر : اعلم أنه قد اختلف في تعاطي خارم المروءة على أوجه أوجهها حرمته إن ترتب عليها رد شهادة تعلقت به وقصد ذلك لأنه يحرم عليه السبب في إسقاط ما تحمله وصار أمانة عنده لغيره وإلا فلا اه بحروفه . ضابط : ليس لنا فاسق تقبل شهادته إلا شارب النبيذ الحنفي اه رحماني . قوله : ( وإكباب على لعب الشطرنج ) الإكباب ليس بقيد والكلام إذا خلا عن المال . وإلا فحرام ز ي والإكباب الملازمة وقول ز ي وإلا فحرام لأن المال إن كان من الجانبين يكون قماراً وإن كان من أحدهما يكون مسابقة على غير آلة القتال فلعب الشطرنج له ثلاث حالات عند الشارح يكون مكروهاً ، إن خلا عن المال ، وكان قليلاً ويكون حراماً إن اشتمل على مال ، ويكون خارم المروءة إن أكثر منه . وهذا معنى قوله وإكباب الخ . وإن قلنا : الإكباب ليس بقيد يكون له حالتان : الكراهة ، والحرمة ، مع خرم المروءة فيهما ومثل الشطرنج المنقلة والسيجة السبعاوية والخمساوية إذا كانت من غير طاب أو مال . أما مع ذلك فحرام وكذا الطاب وحده حرام .
قوله : ( أو على غناء ) بكسر الغين والمد هو رفع الصوت بالشعر . ويحرم استماع غناء أجنبية وأمرد إن خيف منه فتنة ، أو نحو نظر محرم وإلا كره ز ي أي لما صح عن ابن مسعود ( إنه ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ) اه . أي يكون سبباً لحصول النفاق في قلب من يفعله بل أو يستمعه لأن فعله واستماعه يورث منكراً واشتغالاً بما يفهم منه كمحاسن النساء ، وغير ذلك وهذا قد يورث في فاعله ارتكاب أمور تحمل فاعله على أن يظهر خلاف ما يبطن ذكره ع ش على م ر . وقال الغزالي : الغناء إن قصد به ترويح القلب ، ليقوى على طاعة فهو طاعة أو على المعصية فهو معصية ، أو لم يقصد شيئاً فهو لهو معفوّ عنه والغنى بالقصر ضد الفقر وبالفتح مع المد النفع قال الشيخ سلطان : وليس تحسين الصوت بقراءة قرآن من هذا القبيل . فإن لحن فيه بفتح الحاء المشددة حتى أخرجه إلى حدّ لا يقول به أحد من القراء حرم وإلا فلا . وعلى القول : بالحرمة ينبغي أن يكون كبيرة كما في ع ش على م ر . وقال الماوردي : يفسق القارىء بذلك ويأثم المستمع لأنه عدل به عن نهجه القويم . ويحرم سماع الآلة كالعود والرباب والسنطير ، فقوله : على غناء أي إن خلا عن الآلة وإلا فحرام ، والحرام في الحقيقة هو استماع الآلة قال م ر : ومتى اقترن بالغناء آلة محرمة فالقياس كما قاله الزركشي : تحريم الآلة فقط وبقاء الغناء على الكراهة وقال الشيخ سلطان : لو أخبر طبيبان عدلان بأن المريض لا ينفعه لمرضه إلا العود ، عمل بخبرهما وحل له استماعه كالتداوي(5/385)
"""""" صفحة رقم 386 """"""
بنجس فيه الخمر اه . وما قيل عن بعض الصوفية من جواز استماع الآلات المطربة لما فيها من النشاط على الذكر أو غير ذلك فهو من تهوّرهم وضلالهم . فلا يعوّل عليه وليس من الغناء المحرم ما اعتيد عند محاولة عمل وحمل ثقيل كحداء الأعراب لإبلهم وغناء النساء لتسكين صغارهم فلا شك في جوازه .
قاعدة : كل طبل حلال إلا الدربكة ، وكل زمارة حرام إلا زمارة النفير للحاج . قال سم : انظر ولو من برسيم ، كما يقع كثيراً قال الطبلاوي : ولا مانع من التعميم وصرح به ح ل . فقال : ومزمار من خشب أو بوص أو برسيم ومثلها القربة . ودخل في المستثى منه ما يضرب فيه الفقراء ويسمونه طبل الباز ، ومثله طبلة المسحر ، فهما جائزان كما في ع ش على م ر . وكل محرم حرم التفرج عليه لأنه إعانة على معصية ويحرم عود وصنج بفتح أوله ويسمى الصفاقتين ، وهما من صفر أي نحاس تضرب إحداهما بالأخرى كالنحاستين اللتين يضرب إحداهما على الأخرى ، يوم خروج المحمل ونحوه ، وهو الذي تستعمله الفقراء المسمى بالكاسات ومثلها قطعتان من صيني تضرب إحداهما على الأخرى ومثلهما خشبتان يضرب بإحداهما والتصفيق مكروه كراهة تنزية كما في ح ل . قوله : ( وإكثار رقص ) أي ما لم يكن معه تكسر وإلا فيحرم وسواء كان الرقص من ذكر أو امرأة ويحرم ترقيص القرود ، والتفرج عليهم أيضاً ويلحق بذلك ما في معناه من مناطحة الكباش ومهارشة الديكة ز ي وأ ج قال ح ل : وهل من الحرام لعب البهلوان واللعب بالحيات ، الراجح الحل حيث غلبت السلامة ويجوز التفرج على ذلك . وكذا يحلّ اللعب بالخاتم وبالحمام حيث لا مال اه .
قوله : ( وحرفة دنيئة ) قيد ذلك في الإرشاد بإدامتها . قال في شرحه : وخرج بإدامتها ما لو كان يحسنها ولا يفعلها أو يفعلها أحياناً في بيته . وهي لا تزرى فلا تنخرم بها مروءته اه . سميت بذلك لانحراف الشخص إليها للتكسب وهي أعم من الصناعة لاعتبار الآلة في الصناعة ، دونها ق ل . قال ز ي واعترض قولهم : الحرفة الدنيئة مما تخرم المروءة . مع قولهم إنها من فروض الكفاية . وأجيب : بحمل ذلك على من اختارها لنفسه مع حصول فرض الكفاية بغيره . قوله : ( أما الحرفة الخ ) على تقدير مضاف أي أهلها ليصح التمثيل والإخبار . فإن قلت : إذا كان حكم الحرفة غير المباحة . مثل حكم المباحة فلا يفصلها عنها فكان الأولى أن يقول : ومثل الحرفة المباحة غيرها بالأولى . قوله : ( كالمنجم ) أي الذي يعتمد منازل النجوم بأن يقول : إذا جاء النجم الفلاني في المحل الفلاني حصل كذا ، والكاهن الذي يخبر بالغيب بأن يقول غداً(5/386)
"""""" صفحة رقم 387 """"""
يحصل موت أو قتل . قوله : ( والعرّاف ) كشيوخ البلاد وآخذي المكوس أ ج وكون مشيخة البلدان حرفة فيه نظر . وإن كان مشايخ البلدان يعرّفون الحاكم ما على الناس من الأموال . وقال في المصباح : العرّاف بالتشديد من يخبر عن الماضي والكاهن من يخبر عن الماضي والمستقبل . وقال المناوي : العراف والعريف القيم بأمر قبيلة أو محلة . يلي أمرهم ويتعرف منه الحاكم حالهم اه . قوله : ( التلبيس ) أي التدليس . قوله : ( إنما هو شرط في قبول الشهادة ) كما صنعه سابقاً في الشرط السادس من شروط العدالة . قوله : ( ومن شروط القبول الخ ) هذا مكرر مع قوله السابق السابع : أن يكون غير متهمّ في شهادته . غايته أن هذا تفصيل له فلو قال : وما تقدم من كونه غير متهم أن لا تجر إليه شهادته نفعاً الخ كان أولى اه م د . قوله : ( قبلت الشهادتان ) وإن احتملت المواطأة لأن الأصل عدمها وأخذ من ذلك أنه لو كانت بيد اثنين عين وادعاها ثالث فشهد كل للآخر أنه اشتراها من المدعي قبل إذ لا يد لكل على ما ادعى به على غيره ، حتى تدفع شهادته الضمان عن نفسه من ادعى عليه بشي فشهد به لآخر شرح م ر . قوله : ( وتقبل شهادة الحسبة ) من الاحتساب وهو طلب الأجر سواء سبقها دعوى أم لا كانت في غيبة المشهود عليه أم لا برماوي على المنهج . وحكم شهادة الحسبة الوجوب لأن فيها إزالة محرّم وخبر ( شر الشهود الذي يشهد قبل أن يستشهد ) محمول على غير شهادة الحسبة وورد فيها ( خير الشهود الذي يشهد قبل أن يستشهد ) .
قوله : ( كالصلاة والصوم ) أي بأن يشهدوا بأن فلاناً ترك ذلك وصوّر في شرح المنهج شهادة الحسبة بقوله : وصورتها أن يقول : الشهود ابتداء للقاضي نشهد على فلان بكذا فأحضره نشهد عليه فإن ابتدأوا وقالوا : فلان زنى ، فهم قذفة وإنما تسمع عند الحاجة إليها فلو شهد اثنان أن فلاناً أعتق عبده أو أنه أخو فلانة من الرضاع لم يكف حتى يقولا إنه يسترقه . أو إنه يريد نكاحها أما حق الآدمي كقود وحدّ قذف فلا تقبل فيه شهادة الحسبة اه . وقوله : فهم قذفة ما لم يتبعوه بقولهم ونشهد بذلك لأنه لا تقبل دعوى الحسبة في حدود الله تعالى وقوله : وإنما تسمع عند الحاجة إليها ، انظر أيّ حاجة تتوقف الشهادة عليها في النسب وقد يتصوّر بما إذا(5/387)
"""""" صفحة رقم 388 """"""
وقف شيئاً على أولاده فشهد بأن فلاناً ولده حتى يستحق من الوقف على أولاده أو كان بيده ولد صغير ويريد بيعه ، فشهد اثنان بأن فلاناً ولد فلان ويزعم أنه عبده ويريد بيعه الآن فأحضره لنشهد عليه فإن هذه حاجة وأي حاجة لتخليصه له من الرقّ وتداول الأيدي عليه وإجراء حكم الأرقاء عليه اه خ ض . قوله : ( حق مؤكد ) هو صيانة الأبضاع عن اختلاط الأنساب وقوله : وهو ما لا يتأثر أي لا يتغير الحكم بوقوعه بالنسبة للطلاق أي بأن يقال : لا يقع برضى الزوج بل يقع بمقتضى الشهادة .
قوله : ( كطلاق ) بأن شهدوا أن فلاناً طلق زوجته ثلاثاً وهو يعاشرها وقوله : وعتق بأن شهدوا بأن فلاناً عتق عبده ، وهو يستخدمه أو يريد بيعه والمراد بقوله : وعتق أي غير ضمني أما الضمني كمن شهد لشخص بشراء قريبه الذي يعتق عليه بمجرد الشراء فلا تصح في الأصح . لأن الشهادة بشراء بعضه تتضمن عتقه عليه : بالشراء ومثل العتق الاستيلاد دون التدبير ، وتعليق العتق والكتابة وشراء بعضه وأن تضمن العتق لكونها على الملك والعتق تبع اه ز ي . وقوله : وعفو عن قصاص بأن شهدوا أن فلاناً عفا عن قاتل أبيه ويريد أن يقتص منه . وقوله : وبقاء عدّة بأن شهدوا أن فلانة في العدّة وتريد أن تتزوّج . وقوله : وانقضائها أي العدّة بأن شهدوا أن فلاناً مراده يراجع زوجته بعد انقضاء عدّتها .
قوله : ( أو فاسق ) عطف على الضمير المستتر في أعادها ، والمعنى شهد فاسق فردت شهادته ، ثم تاب وأعادها فإنها لا تقبل وأما إذا شهد في دعوة أخرى ، فإن مضت مدة يغلب على الظن صدق توبته قبلت وكذا يقال : في خارم المروءة . قوله : ( بسنة ) والأصح أنها تقريبية لا تحديدية فيغتفر مثل خمسة أيام لا ما زاد ويعتبر أيضاً في خارم المروءة إذا أقلع عنه كما في التنبيه ، وكذا من العداوة كما رجحه ابن الرفعة ، خلافاً للبلقيني شرح م ر . قوله : ( ويشترط في توبة معصية قولية القول ) اشتراط القول في القولية والاستبراء في الفعلية وما ألحق بهما مما ذكر هو في التوبة التي تعود بها الولايات وقبول الشهادة ، أما التوبة المسقطة للإثم فلا يشترط فيها ذلك ، كما يفيد ذلك كلام الروض وشرحه اه سم ، قال الشوبري : وانظر هذا القول يكون في أي زمن ويقال : لمن وفي عبارة الزواجر . أنه يقول : بين يدي المستحل منه كالمقذوف اه . قوله : ( فيقول قذفي باطل ) قيل المراد : بهذا أن القذف من حيث هو باطل ، لا خصوص قوله :(5/388)
"""""" صفحة رقم 389 """"""
إذ قد يكون صادقاً ولذا ردّ الجمهور على الاصطخري اشتراطه ، أن يقول : كذبت فيما قذفته اه سم وليس كالقذف قوله : لغيره يا ملعون أو يا خنزير حتى يشترط في التوبة منه قول : لأن هذا لا يتصوّر إيهام أنه محقّ فيه حتى يبطله بخلاف القذف س ل .
قوله : ( إقلاع ) الإقلاع يتعلق بالحال ، والندم الماضي ، والعزم والمستقبل . ز ي وهذه تشترط في القولية أيضاً .
قوله : ( وندم ) وهو معظم أركانها لأنه الذي يطرد في كل توبة ولا يغني عنه غيره ، بخلاف الثلاثة الباقية . قوله : ( وعزم أن لا يعود لها ) ما عاش إن تصوّر منه وإلا كمجبوب تعذر زناه لم يشترط فيه العزم على عدم العود له اتفاقاً ويشترط أيضاً أن لا يغرغر لأن من وصل إلى تلك الحالة أيس من الحياة ، فتوبته إنما هي لعلمه باستحالة عوده إلى ما فعل ، وأن لا تطلع الشمس من مغربها قيل : وإن يتأهل للعبادة فلا تصح توبة سكران في سكره ، وإن صح إسلامه س ل ، مع زيادة من ع ش على م ر . ونقل عن ابن العربي في شرح المصابيح أنه قال : اختلف أهل السنة في أن عدم قبول التوبة المذنب وإيمان الكافر هل هو عام حتى لا يقبل إيمان أحد ولا توبته ، بعد طلوع الشمس من مغربها ، إلى يوم القيامة أو هو مختص بمن شاهد طلوعها من المغرب وهو مميز ، فأما من يولد بعد طلوعها من المغرب أو ولد قبله ولم يكن مميزاً فصار مميزاً ولم يشاهد الطلوع فيقبل إيمانه وتوبته ، وهذا هو الأصح ، فليراجع .
قوله : ( وردّ ظلامة آدمي ) عبارة المنهج وخروج عن ظلامة اه . وإذا بلغت الغيبة المغتاب اشترط استحلاله فإن تعذر لموته أو تعسر لغيبته الطويلة استغفر له أي طلب له المغفرة كأن يقول : اللهم اغفر لفلان ، ولا أثر لتحليل وارث ولا مع جهل المغتاب ، بما حلل منه أما إذا لم تبلغه فيكفي فيها الندم ، والاستغفار له وكذا يكفي الندم والإقلاع عن الحسد ومن مات وله دين لم يستوفه وارثه . كان المطالب به في الآخرة هو دون الوارث على الأصح شرح م ر . وفي الروض وشرحه فإن لم يكن المستحق موجوداً أو انقطع خبره سلمه إلى قاض أمين فإن تعذر تصدّق به على الفقراء ، ونوى الغرم له إن وجده أو يتركه عنده . قال الأسنوي : ولا يتعين التصدّق به بل هو مخير بين وجوه المصالح كلها ، والمعسر ينوي الغرم إذا قدر بل يلزمه التكسب . لإيفاء ما عليه إن عصى به لتصح توبته ، فإن مات معسراً طولب به في الآخرة إن عصى بالاستدانة وإلا فالظاهر ، أنه لا مطالبة فيها والرجاء في الله تعويض الخصم اه سم . ولو علم أنه لو أعلم مستحق القذف بالقذف ترتب على ذلك فتنة ، فالوجه أنه لا يجب عليه إعلامه ويكفيه الندم ، والعزم على عدم العود والإقلاع اه سم . قوله : ( إن تعلقت به ) أي بالتائب وإلا سقط هذا الشرط .(5/389)
"""""" صفحة رقم 390 """"""
( فصل
قوله : ( كما في بعض النسخ ) متعلق بمحذوف أي أثبت في نسختي إثباتاً مشابهاً للإثبات الذي في بعض النسخ فتكون الكاف للتشبيه وما موصولة قوله : ( يذكر فيه العدد ) وضدّه والذكورة وضدّها والمعنى يذكر فيه ما يعتبر فيه تعدد الشهود . وما لا يعتبر فيه التعدد وما يعتبر فيه الذكورة ، وما لا يعتبر . قوله : ( والأسباب المانعة ) كالتهمة قوله : ( وأسقط ذكر فصل في بعضها ) هو مقابل قوله السابق : كما في بعض النسخ ، وهو مفهوم منه فذكره تصريح بما علم . قوله : ( عدداً ) أي وضدّه وقوله : أو وصفاً أي من الذكورة والأنوثة ، والأولى حذف ذلك هنا لأن كون الحقوق ضربين أمر بالعقل لا دخل لما ذكر فيه فكان المناسب تأخير ذلك . وذكره عند قوله : حق الآدمي ثلاثة فكان يقول : بالنسبة إلى ما يعتبر فيه عدداً أو وصفاً وكذا . كأن يقول : ذلك عند قوله : حقوق الله تعالى ثلاثة أي بالنسبة لما يعتبر عدداً أو وصفاً . قوله : ( لأنه الأغلب ) علة لبدأ وكان المناسب ذكره عقبه . قوله : ( أي رجلان ) لما كان قوله : ذكران يشمل الصغيرين بين أن المراد بهما الرجلان . قوله : ( كعقوبة لله ) فيه أن الكلام في حقوق الآدمي . وأجاب المرحومي بأن الكاف للتنظير بالنسبة للمثال الأوّل وللتمثيل بالنسبة للثاني . قوله : ( أو لآدمي ) كقصاص قوله : ( وما يطلع ) المناسب إسقاط ما كما في نسخ كثيرة لأن ما يقصد منه المال وما يطلع عليه الرجال ، قسم واحد وشيء واحد وإعادة ما توهم أنهما قسمان وأمران مختلفان . وقد يقال : زاد الشارح ما إشارة إلى أن يطلع معطوف على النفي وهو قوله : لا يقصد لا على المنفي وهو يقصد وحده . قوله : ( غالباً ) المراد ما يكثر اطلاع الرجال عليه وإن كان اطلاع النساء أغلب . فليس المراد الغلبة بالنسبة لهنّ . قوله : ( كطلاق ) أي بعوض أو غيره إن ادّعته الزوجة وإن ادعاه الزوج بعوض ثبت بشاهد ويمين . ويلغز به فيقال : لنا طلاق يثبت بشاهد ويمين ز ي وفيه أن الطلاق ثبت بإقراره والثابت بالرجل واليمين إنما هو العوض .
قوله : ( ونكاح ) فإن فيه حقاً للآدمي من حيث التمتع بالزوجة فصح ، التمثيل به وكذا يقال(5/390)
"""""" صفحة رقم 391 """"""
في الرجعة : وأما الطلاق ففيه حق للآدمي من حيث إن له حقاً في العدّة لصيانة مائه ، وأما الإقرار بنحو الزنا فيصوّر بأن يقرّ رجل عند رجلين بأنه زنى ثم ينكر ذلك فيشهدان على إقراره بالزنا . والمراد بقوله : ونكاح أي لأجل إثبات العصمة ، فإن ادعته المرأة لإثبات المهر أو شطره أو للإرث فيثبت بشاهد ويمين . ويجب على شهود النكاح ضبط التاريخ بالساعات واللحظات وهذا مما يغفل عنه في الشهادة بالنكاح ولا يكفي الضبط بيوم العقد فلا يكفي أن النكاح عقد يوم الجمعة مثلاً بل لا بد أن يزيدوا على ذلك بعد الشمس بلحظة أو لحظتين أو قبل العصر أو المغرب كذلك لأن النكاح يتعلق به لحلق الولد لستة أشهر ولحظتين من حين العقد ، فعليه ضبط التاريخ كذلك لحق النسب سم على حج ويؤخذ من قوله : لأن النكاح يتعلق به لحاق الولد الخ . أن ذلك لا يجري في غيره من التصرفات فلا يشترط لقبول الشهادة بها ذكر التاريخ ، ويدل له قولهم في تعارض البينتين : إذا أطلقت إحداهما وأرّخت الأخرى أو أطلقتا تساقطتا لاحتمال أن ما شهدا به في تاريخ واحد ، ولم يقولوا بقبول المؤرخة ، وبطلان المطلقة اه ع ش على م ر . قال الرحماني : أفتى الزيادي تبعاً لشيخه م ر : أن الحق إذا مضى عليه خمس عشرة سنة لا تسمع به الدعوى لمنع ولي الأمر القضاة من ذلك فلم يجد صاحبه قاضياً يدعيه عنده م د على التحرير . وفيه أن منع السلطان القضاة أن يقضوا بعد مضي هذه المدة لا يفيد ، عدم سماع الدعوى لأن السلطان ليس مشرّعاً ولو سلم ذلك . فلا يكون إلا في مدة حياته ، نعم إن كان له مستند في الشرع بعدم سماع الدعوى بعد هذه المدة المذكورة كان منعه ظاهراً .
قوله : ( وموت ) معطوف على الطلاق ، يتأمل في كونه من حقوق الآدمي ، فإن أريد من حيث ثبوت الإرث كان مما قصد منه المال فلا يلائم الممثل له وحينئذ فالظاهر أنه من حق الآدمي من حيث إن الآدمي له حق العدة اه شيخنا . بأن كان غائباً وشهدا بموته لأجل أن تعتدّ زوجته عدة الوفاة . قوله : ( ووصاية ) بفتح الواو وكسرها كما في المختار والمراد بها الإيصاء . قوله : ( وشركة ) أي وعقد الشركة لا كون مال مشتركاً بينهما ع ش . قوله : ( وكفالة ) أي ووديعة وصورته : أن يدعي مالكها غصب ذي اليد لها . وذو اليد يدعي أنها وديعة فلا بد من شاهدين ، لأن المقصود بالذات إثبات ولاية الحفظ له . وعدم الضمان يترتب على ذلك اه س ل . فلو غاب المكفول ببدنه وعلم محله فطلب من الكفيل إحضاره وأداء المال لامتناعه من الإحضار فأنكر الكفالة فأقام المكفول له رجلاً وامرأتين ، فهل يقبل ذلك لطلب المال أو لا ؟ فيه نظر ولا يبعد الاكتفاء بذلك أخذاً من قوله : وألحق به قبول شاهد ويمين ينسب إلى ميت فيثبت الإرث لا النسب اه . قوله : ( مضت ) أي ثبتت وتقررت السنة أي الطريقة الشرعية .(5/391)
"""""" صفحة رقم 392 """"""
قوله : ( في المعنى المذكور ) وهو ما لا يقصد منه المال ويطلع عليه الرجال غالباً . قوله : ( والثلاثة بعدها ) أي الوصية والشركة والقراض وقوله : لكن لما ذكر ابن الرفعة الخ ما قاله ابن الرفعة : معتمد ح ل . قوله : ( اختلافهم في الشركة والقراض ) أي هل يقبل فيهما رجل وامرأتان أو لا يقبل إلا رجلان . قوله : ( إن رام ) أي قصد وقوله : فهو كالوكيل أي فلا بد من رجلين . قوله : ( ويقرب منه ) أي من ادعاء إثبات حصته من الربح . قوله : ( فيثبت برجل وامرأتين ) أو رجل ويمين هذا ما أفتى به الغزالي اه ز ي . قوله : ( في غير هذه الصورة ) بأن أريد إثبات العصمة ومراده بها الجنس فيشمل الثلاثة . قوله : ( أو شاهد ويمين ) هل القضاء بالشاهد واليمين معاً أو بالشاهد فقط ، واليمين مؤكدة أو بالعكس أقوال أظهرها أولها وتظهر فائدة الخلاف فيما لو رجع الشاهد فعلى الأوّل يغرم النصف وعلى الثاني الكل وعلى الثالث لا شيء م د .
قوله : ( صدق شاهده ) أي قبيل ذكره الاستحقاق أو بعده نحو : والله إن شاهدي لصادق فيما شهد به لي لي وإني أستحقه أو إني أستحقه وإن شاهدي لصادق فيما شهد به لي فإن ترك اليمين وطلب يمين خصمه . فله ذلك فإن حلف خصمه سقطت الدعوى ومنع هو من العود لليمين مع شاهد ولو في مجلس آخر سم لأن بمجرد طلب يمين خصمه يبطل حقه من الحلف فلا يعود إليه فلو أقام شاهداً آخر سمعت كما في ح ل . قوله : ( حجتان ) أي في غير هذه الصورة وإلا فكل منهما هنا نصف حجة لأن الحجة مجموعهما . قوله : ( ارتباط ) والارتباط يكون بذكر صدق شاهده في حلفه . قوله : ( كالنوع الواحد ) الأولى كالجنس الواحد ليناسب ما قبله . قوله : ( في كل ) أي متحقق في كل الخ . قوله : ( من عقد مالي ) أي ما عدا الشركة والقراض والكفالة أما هي فلا بد فيها من رجلين إلا أن يريد في الأولين إثبات حصته من الربح(5/392)
"""""" صفحة رقم 393 """"""
كما بحثه ابن الرفعة أ ج . قوله : ( وإقالة ) الأصح أنها فسخ فهي تمثيل له لا بيع بالثمن الأوّل شرح م ر . قوله : ( وضمان ) هو مثال للعقد المالي فكان المناسب ذكره عقبه . وعبارة ق ل وضمان ، وإبراء ، وقرض ، ووقف ، وصلح ، وشفعة ، وردّ بعيب ، ومسابقة ، وغصب ، ووصية بمال ، وإقرار ، ومهر ، في نكاح أو وطء شبهة ، أو خلع وقتل خطأ وقتل صبي ومجنون ، وقتل حرّ عبداً ومسلم ذمياً ووالد ولداً وسرقة لا قطع فيها . قوله : ( وأجل ) أي وكذا جناية توجب مالاً .
قوله : ( فإن لم يكونا رجلين ) أي إن لم يرد إقامتهما فلا يقال : إن الآية تقتضي أن كفاية الرجل والمرأتين إنما هي عند فقد الرجلين اه م د على التحرير أو التقدير . فإن لم يكونا رجلين مرغوباً فيهما . قوله : ( من هذا الضرب الوقف ) لأن المقصود منه فوائده أو أجرته وهي مال . وصورة المسألة : أن شخصاً ادعى ملكاً تضمن وقفية كأن قال : هذه الدار كانت لأبي ووقفها عليّ وأنت غاضب لها وأقام شاهداً وحلف معه حكم له بالملك . ثم تصير وقفاً بإقراره وإن كان الوقف لا يثبت بشاهد ، ويمين قاله : في البحر م ر . قوله : ( في المعنى ) وهو الذي يقصد منه المال . قوله : ( أو رجل وامرأتان ) أي لا رجل ويمين كما يأتي . قوله : ( كبكارة ) كأن زوّجت بشرط أنها بكر . فأنكر الزوج بعد ذلك ، فأقامت عليه بينة بالبكارة أي بوجودها عنده وأنه أزالها وبهذا الاعتبار كان في ذلك حق آدمي فصح التمثيل به ، وأما إذا اختلفا في إزالة البكارة والحالة هذه فقالت : أزالها وأنكر ولا بينة فتصدق هي بالنظر لعدم فسخه ، ويصدق هو بالنظر لعدم وجوب كمال المهر ، وعبارة ز ي . وقوله : كبكارة وثيوبة وحمل كما ذكره الرافعي في النفقات . قوله : ( وولادة ) أي من حيث ثبوت النسب . ففيها حق آدمي ، وكذا الحيض لأن له حقاً في العدة وقوله : ورضاع ، يتأمل في كونه فيه حق آدمي ويمكن أن يصوّر بما إذا شهدا(5/393)
"""""" صفحة رقم 394 """"""
على شخص بأنه ارتضع على أم زوجته ليكون النكاح باطلاً وقوله : وعيب امرأة الخ ، أي لترد في البيع وفي النكاح . وإذا ثبتت الولادة بالنساء ثبت النسب والإرث تبعاً لأن كلاً منهما لازم شرعاً للمشهود به . لا يفك عنه ويؤخذ من ثبوت الإرث ثبوت حياة المولود ، وإن لم يتعرض لها في شهادتهنّ بالولادة لتوقف الإرث عليها ، فلا يمكن ثبوته قبل ثبوتها أما لو لم يشهدن بالولادة بل بحياة المولود ، فلا يقبلن لأن الحياة من حيث هي مما يطلع عليه الرجال غالباً حج س ل ، مع زيادة وقوله : وولادة . وإن قال الشاهد : إن تعمدنا النظر للفرج لا لأجل الشهادة بالولادة كما في ح ل .
قوله : ( وحيض ) صريح في إمكان إقامة البينة عليه وبه صرح النووي في أصل الروضة ونقله في فتاويه عن ابن الصباغ وصوبه بعضهم خلافاً لما في الروضة كأصلها في كتاب الطلاق من تعذر إقامة البينة عليه ورجح بعضهم ما هنا كما يأتي . قوله : ( وعيب امرأة ) كرتق وقرن وجرح على فرج ، كما صوبه النووي هذا إذا كان الشاهد بها عالماً بالطب كما نقله الرافعي ، في أصل الروضة عن التهذيب . ولا فرق بين حرة وأمة اه ز ي . قوله : ( تحت ثوبها ) والمراد بتحت ثوبها ما لا يظهر منها غالباً م ر ويدل عليه قوله الآتي : وخرج بعيب امرأة الخ . وعبارة م ر وخرج بتحت الثوب والمراد منها مالاً يظهر منها ، غالباً عيب الوجه والكفين من الحرة فلا بد في ثبوته إن لم يقصد به مال من رجلين وكذا فيما يبدو عند مهنة الأمة إذ قصد به فسخ النكاح ، مثلاً أما إذا قصد به الرد بالعيب فيثبت برجل وامرأتين ورجل ويمين . إذ القصد منه حينئذ المال شرح م ر ولا يقبل فيه محض النساء اه ح ل . قوله : ( واستهلال ) أي نزول الجنين من فرج أمه صارخاً حتى يرث ويورث عنه . قوله : ( العيب في وجه الحرة ) بدل من ماء قوله : ( لأن المقصود منه ) أي من العيب المذكور أي من إثباته المال ، لأن غرضه من إثباته ردّ الأمة لبائعها .(5/394)
"""""" صفحة رقم 395 """"""
قوله : ( هذا ) أي كون العيب في وجه الأمة وما يبدو عند المهنة يثبت برجل وامرأتين إنما يأتيان الخ . قوله : ( وما قبله ) أي وهو العيب في وجه الحرة قوله : ( أجيب ) هذا جواب بمنع أنهما إنما يأتيان على القول بحل النظر إلى ذلك أي بل يأتيان على قول : حرمة النظر أيضاً . قوله : ( لأن ذلك ) أي النظر .
قوله : ( وقد قال الخ ) تأييد للجواب فغرضه به تقوية الجواب بأن الحرة يشترط فيها رجلان والأمة رجلان أو رجل وامرأتان . قوله : ( لما مر ) أي من أن المقصود منه المال . قوله : ( لعدم ورود ذلك ) أي ثبوت شيء بامرأتين ويمين . قوله : ( لوروده ) أي القيام قوله : ( أقل من أربعة ) اعتبار الأربعة هو بالنظر للحد فلو شهد بجرح الشاهد اثنان وفسراه بالزنا ثبت فسقه وليسا قاذفين اه ز ي أ ج . قوله : ( أمهله ) أي أأمهله . قوله : ( حتى آتى ) بالمد .(5/395)
"""""" صفحة رقم 396 """"""
قوله : ( ولأنه ) أي بالزنا من أغلظ أي أغلظها بعد الكفر والقتل ولذا عبر بمن . قوله : ( حانت ) أي حصلت في حين ، وفي نسخة كانت منا التفاتة قال في المختار الحين الوقت والمدة . ومنه قوله تعالى : ) هل أتى على الإنسان حين من الدهر } ) الإنسان : 1 ) . وحان له أن يفعل كذا أي آن . قوله : ( إذا أطلقوا الشهادة ) أي لم يقوموا حانت منا التفاتة أو تعمدنا النظر لإقامة الشهادة ، أو لغير إقامتها وقوله : ( أن يستفسروا ) أي يقال لهم : هل حانت منكم التفاتة أو تعمدتم النظر لإقامة الشهادة أو لغير إقامتها اه ز ي . قوله : ( ولا بد أن يقولوا الخ ) ولا بد أن يقولوا : على وجه الزنا كما في م ر وعبارته . والأوجه عدم اشتراط ذكر مكان الزنا وزمانه حيث لم يذكره أحدهم . وإلا وجب سؤال باقيهم لاحتمال وقوع تناقض يسقط شهادتهم ولا يشترط قولهم : كميل في مكحلة نعم يندب اه . قال في الروض وشرحه ويشترط : أن يذكروا أي شهود الزنا المرأة المزنى بها فقد يظنون وطء المشتركة وأمة ابنه الزنا . قوله : ( أو كالمرود ) بكسر الميم أي الميل وجمعه مراود . قوله : ( في المكحلة ) بضم الميم من النوادر التي جاءت بالضم وقياسها الكسر لأنها آلة اه مصباح . قوله : ( إتيان البهيمة ) وإنما ألحق إتيان البهيمة بالزنا لأن الكل جماع ونقص العقوبة لا يمنع اعتبار العدد ، كما في زنا الأمة وبقي للكاف اللواط اه . قوله : ( لا يمنع من العدد ) أي عدد شهود الزنا . قوله : ( كما في زنا الأمة ) فإن حدّها على النصف من الحرة ومع ذلك لا يثبت زناها إلا بأربعة . قوله : ( إلا بأربعة ) أي لأجل تعزير الفاعل .
قوله : ( فلا تحتاج إلى أربعة ) بل الأوّل بقيده ، الأوّل يثبت بما يثبت به المال ، ولا يحتاج(5/396)
"""""" صفحة رقم 397 """"""
فيه إلى ذكر ما يعتبر في شهادة الزنا . من قول الشهود : رأيناه أدخل حشفته في فرجها والباقي لا يثبت برجلين اه شرح المنهج . قوله : ( وما ألحق به ) كاللواط وإتيان البهائم . قوله : ( من الحدود ) أي من أسباب الحدود وقوله : سواء أكان أي الحد المفهوم من الحدود . قوله : ( بشرطه ) وهو أن يقتل مكافئاً له وأما الشوكة فهي داخلة في مفهومه لا شرط فيه كما قيل : لأنه لا بد أن يقاوم من يبرز هو له . قوله : ( أم لقطع ) المناسب أم قطعاً وكذا قوله : أم جلداً قوله : ( وهو هلال شهر رمضان ) ومثل رمضان الحجة بالنسبة للوقوف وكذلك شوّال بالنسبة للإحرام بالحج كما قاله أبو ثور : وكذا الشهر المنذور صومه ، إذا شهد برؤية هلاله واحد ، فيثبت بواحد على المعتمد خلافاً لشيخ الإسلام ز ي . قوله : ( بالنسبة للصوم ) أي وما ألحق به من العبادة . قوله : ( ومقتضاه الخ ) معتمد وهو محل الشاهد قوله : ( المسمع للخصم كلام القاضي ) لأنه مخبر لا شاهد بخلاف الذي يترجم للقاضي كلام الخصم فلا بد من كونه اثنين . فقوله : أو للقاضي كلام الخصم مصوّر بالقاضي الأصم لا المترجم له . لما تقدم : أنه يشترط فيه اثنان اه م د . وقوله : الأصم أي فيه بعض صمم ، وإلا فالأصم لا يصح توليته القضاء . قوله : ( أو للقاضي كلام الخصم ) ضعيف .
قوله : ( ولا تقبل الشهادة على فعل ) هذه متعلقة بالأعمى في المتن فجعلها في الشارح ،(5/397)
"""""" صفحة رقم 398 """"""
متعلقة لهذا المقدر وهو قوله : على فعل وقدر عند الدخول على المتن على قوله : ولا تقبل شهادة الأعمى الخ . فلو أبقي المتن على ظاهره وقدر السوادة هنا وجعلها من عنده كان أحسن . وحاصله : أن الشهود به إن كان فعلاً اشترط في الشاهد به الإبصار فقط فيكفي الأصم وإن كان قولاً اشترط فيه أمران الإبصار والسمع . قوله : ( وكون اليد على مال ) سيأتي أنه يثبت بالاستفاضة وكل ما يثبت بالاستفاضة يكفي فيه الأعمى كما يأتي فكلام الشارح ضعيف . وقال بعضهم قوله : وكون اليد على مال الخ ، يعني أنه لا تكفي الشهادة بمجرد اليد لأنها قد تكون عن إجارة أو إعارة فلا يكون من قسم الاستفاضة ، إلا إذا شهد بيد مع تصرف الملاك مدّة طويلة ، كما في شرح المنهج وحينئذ كلام الشارح لا ضعف فيه خلافاً للمحشي . قوله : ( إلا أن في الحقوق الخ ) قال في شرح الروض : من رأى رجلاً يتصرف في شيء في يده متميزاً على أمثاله كالدار والعبد واستفاض بين الناس ، أنه ملكه جاز له أن يشهد له وإن لم يعرف سببه ، ولم تطل المدّة وكذا يجوز ذلك لو انضم إلى اليد تصرف ، ومدّة طويلة ولو بغير الاستفاضة اه . قوله : ( وتدعو الحاجة ) المناسب يقول : ودعاء الحاجة إلى إثباته وهو منصوب بأن مضمرة في تأويل مصدر عطفاً على تعذر على حد :
ولبس عباءة وتقرعيني
قوله : ( ويجوز تعمد النظر ) صرح م ر بأنه صغيرة بعد قول المنهاج : ويشترط للزنا أربعة رجال . وعبارة ق ل ويجوز النظر لفرج الزانيين لتحمل الشهادة ، ولا تبطل شهادتهم ولو تعمدوا النظر لغير الشهادة لأنه صغيرة اه . قوله : ( سمعها ) أي السمع ولو بأذن أو به ثقل أي فيكفي السمع بأذن واحدة وكذا ضعيف السمع وقوله : وإبصار أي ولو بعين أو به ضعف أي فيكفي الأعور وضعيف البصر . كما في م د على التحرير وقوله : أي السمع أوّله بذلك ، لأن الشرط هو السمع لا سمعها وإن كان يلزم من سمعها السمع . قوله : ( لم يكف ) قال م ر : وإن علم(5/398)
"""""" صفحة رقم 399 """"""
صوته لأن ما كان إدراكه ممكناً بإحدى الحواس يمتنع العمل فيه بغلبة الظن اه . قوله : ( زيفه ) أي ضعفه . قوله : ( الأعمى ) العمي يكتب بالياء وهو فقد البصر عما من شأنه أن يكون بصيراً ليخرج الجماد . قال الغنيمي في حاشية المطلع وكون العمي عدمياً رأى الفلاسفة ورأى المتكلمين أنه معنى وجودي يضادّ الإدراك وهو ليس بضارّ في الدين بل المضرّ إنما هو عمي البصيرة . وهو الجهل بدليل ) فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } ) الحج : 46 ) وضمير فإنها للقصة ، ويعجبني هنا قول أبي العباس المرسي :
يقولون الضرير فقلت كلا
بلى والله أبصر من بصير
سواد العين زار بياض قلبي
ليجتمعا على فهم الأمور
ولما عمي عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أنشد :
إن يأخذ الله من عينيّ نورهما
فإن قلبي مضيء ما به ضرر
أرى بقلبي دنياي وآخرتي
والقلب يدرك ما لا يدرك البصر
قوله : ( فيما يتعلق ) لا يصح الاستثناء بالنظر لهذا القيد إلا أن يكون منقطعاً . قوله : ( لأن أسبابه ) أي الموت . قوله : ( أن يعتمد ) أي الأعمى .
قوله : ( من أب ) بيان للمنسوب إليه . قوله : ( فيشهد أن هذا ابن فلان ) عبارة الروض وشرحه ولو شهد الأعمى بالاستفاضة جاز إن لم يحتج إلى تعيين ، وإشارة بأن شهد على معروف باسمه ونسبه أو شهد له بنسب وصوروه بأن يصف الشخص فيقول : الرجل الذي اسمه كذا وكنيته كذا ومصلاه كذا ومسكنه كذا هو فلان ابن فلان ثم يقيم المدعي بينة أخرى أنه الذي اسمه كذا وكنيته كذا إلى آخر الصفات أو يشهد له بملك دار معروفة أو أرض معروفة اه . ببعض اختصار وبه تعلم ما في قول قول الشارح : فيشهد أن هذا ابن فلان . قوله : ( من قبيلة كذا ) فائدة هذه الشهادة استحقاقه مثلاً من وقف عليها .(5/399)
"""""" صفحة رقم 400 """"""
قوله : ( المتوفين ) أي الذين ماتوا ، والمتوفين جمع متوفى حذفت ألفه عند الجمع قال ابن مالك :
واحذف من المقصور في جمع على
حد المثنى ما به تكملا وهو بفتح الفاء كالمصطفين وأصله المتوفيين تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً فحذفت لالتقاء الساكنين . قوله : ( وإن كان النسب ) يتأمل في هذه الغاية ، لأنه لا فائدة لها لعلمها . قوله : ( من غير إضافة لمالك ) عبارة سم بأن لم يضف لسبب وهي أولى بأن يقول : هذا ملك فلان ولم يقل ملكه بشراء أو هبة أو غير ذلك لم يقبل قوله : لأن هذا مما يتوقف على رؤية اه . ويمكن أن يقدر مضافان في كلام الشارح أي لسبب ملك مالك معين قوله : ( إذا لم يكن منازع ) راجع للثلاثة قبله أعني الموت وما بعده وانظر ما فائدة الشهادة عند عدم التنازع . وعبارة المنهج بدله بلا معارض قال في شرحه : وخرج بزيادتي بلا معارض ما لو عورض كأن أنكر المنسوب إليه النسب أو طعن بعض الناس فيه فتمتنع الشهادة به لاختلال الظن حينئذ اه . وهذا الشرط جار في كل ما يثبت بالتسامع اه . وجملة ما ذكره الشارح مما يثبت بالاستفاضة هنا وما يأتي بعده أربعة عشر ، وبقي منها عزل القاضي ، وتضرر الزوجة ، والإسلام ، والكفر ، والسفه ، والحمل ، والولادة ، والوصاية ، والحرية ، والقسامة ، والغصب ، ذكر ذلك الإمام المناوي في شرحه على شرح التحرير . وقال في شرحه على عماد الرضى لشيخ الإسلام وقد نظمت ذلك في خمسة أبيات فقلت :
ففي الست والعشرين تكفي استفاضة
وتثبت سمعا دون علم بأصله
ففي الكفر والتجريح مع عزل حاكم
وفي سفه أو ضد ذلك كله
وفي العتق والأوقاف والزكوات مع
نكاح وإرث والرضاع وعسره
وإيصائه مع نسبة وولادة
وموت وحمل والمضرّ بأهله
وأشربة ثم القسامة والولا
وحرية والملك مع طول فعله وقوله في المنهج : أو طعن بعض الناس فيه ، زاد في شرح الزبد أو منازع له في ملك(5/400)
"""""" صفحة رقم 401 """"""
المشهود له به . قوله : ( شيخه ) أي النووي وهو بدل من ابن الصلاح أو عطف بيان عليه ولعله بواسطة فإن النووي لم ير ابن الصلاح اه م د . قوله : ( حاصله ) أي المشهود به . قوله : ( والإرث ) أي إن هذا وارث فلان أو لا وارث له غيره ، كما عبر به م ر ولا يثبت الدين بالتسامع . كما قاله ابن المقري : في الروض اه ز ي . قوله : ( لا يثبت الصداق ) أي المدعي به ويثبت مهر المثل ، تبعاً للنكاح اه م د . قوله : ( مبنية عليها ) أي على الاستفاضة وقوله : ولو صرح بذلك أي بقوله : سمعت الناس الخ وكتب بعضهم قوله : ولو صرح بذلك ، أي بمستند شهادته من تسامع أو رؤية أو تصرّف شرح الروض اه مرحومي . ومستند شهادة الأعمى السماع . قوله : ( وليس له ) أي للأعمى قوله : ( بحيث يقع العلم ) ولا يشترط فيهم حرية ، ولا ذكورة ولا عدالة ، وقضية تشبيههم هذا بالمتواتر عدم اشتراط إسلامهم ، لكن أفتى الوالد باشتراطه فيهم . شرح م ر قال ع ش : ومثله التكليف ويفرق بين ما هنا وبين عدد التواتر بأن(5/401)
"""""" صفحة رقم 402 """"""
التواتر يفيد العلم الضروري فلا يشترط إسلامهم بخلافه هنا فإنه ضعيف لإفادته الظن القوي فقط شرح م ر . قوله : ( أو الظن ) هذا يدل على أنه ليس المراد بالجمع عدم التواتر لأن ذاك يفيد العلم قطعاً شوبري . قوله : ( مترجماً ) أي مترجماً له كلام الخصوم ، أو مترجماً عنه للخصوم ، كلام القاضي وفي الأولى لا بد من اثنين ، وفي الثانية يكفي واحد . قوله : ( من مفهوم الشرط ) وهو قوله إن كان المشهود له وعليه معروفي الاسم والنسب . قوله : ( ويدهما الخ ) والحاصل أن المسألة لها أربعة أحوال لأنه إما تكون يداهما جميعاً في يده أو لا يكون شيء منهما في يده ، أو تكون يد المقرّ في يده فقط ، أو يد المقر له فقط ، ففي الأولى تقبل شهادته مطلقاً وفي الثانية تقبل إن كانا معروفي الاسم والنسب عنده ، وهذه من قبيل ما شهد به قيل العمى . وفي الثالثة إن كان المقر له معروف الاسم والنسب . وفي الرابعة إن كان المقر معروف الاسم والنسب عنده ، ولا بد في جميع ذلك من رؤية فم اللافظ حال لفظه قبل العمى كما تقدم في الشهادة على الأقوال اه م ر .
قوله : ( في يده ) أي الأعمى وتصح شهادة الأعمى ، فما لو أمسك ذكر من يزني ، أو يلوط وهو داخل الفرج أو الدبر وأمسكه أي الشخص المذكور حتى شهد عليه عند القاضي اه شيخنا . وعبارة ق ل على الجلال قوله : بإبصار صريحه ، أنه لا يصح شهادة الأعمى وإن مسّ الذكر بيده في الفرج . والمعتمد جوازها إن أمسكهما إلى أن حضروا بين يدي القاضي وإن لم يستمر الذكر في الفرج اه . أي فيشهد مع ثلاثة ولا يكفي علم القاضي في حدود الله . قوله : ( مطلقاً ) أي سواء عرف اسمه ونسبه أم لا . قوله : ( مع تمييزه ) أي بكونه مقراً أو مقراً له أو بائعاً أو مشترياً . قوله : ( وفي الثانية ) أي فيما إذا كانت يد المشهود عليه في يد الأعمى .(5/402)
"""""" صفحة رقم 403 """"""
قوله : ( ما تحمله ) أي الأعمى قوله : ( في أذنه ) أي مثلاً . قوله : ( به ) لا حاجة لقوله به ولعله متعلق بمحذوف تقديره يقضي به أي بما سمعه . قوله : ( فتقبل الخ ) إن وضع يده على فمه حال التعلق وإلا فلا تقبل لاحتمال أن غير المضبوط تكلم في أذنه بما سمعه اه م د . قوله : ( للضرورة ) ولذا لا تقبل شهادته عليها اعتماداً عليه ، أي ولو حال الوطء ، كما في ز ي وح ل . قوله : ( ولأن الوطء يجوز بالظن ) أي ومبني الشهادة على العلم ما أمكن شرح الروض ، وبهذا حصل الفرق بين الوطء والشهادة . قوله : ( ولا يجوز ) معتمد قوله : ( ولا تقبل شهادة جارّ ) بتشديد الراء من الجر أي التحصيل أي المحصل الخ . قوله : ( جارّ لنفسه نفعاً ) أي أن يظهر حالة الشهادة أن فيها جر نفع له فشهادته لأخ له ابن حالة الشهادة مقبولة وإن مات الابن بعدها ق ل على الجلال . قوله : ( ولغريم ) عطف على لعبده وقوله : ميت نعت غريم . بأن ادّعى وارث الميت المدين بدين له على آخر وأقام صاحب الدين يشهد له فلا تصح للتهمة ، لأنه إذا أثبت للغريم شيئاً أثبت لنفسه المطالبة به اه . قوله : ( تركته ) مفعول والديون فاعل .
قوله : ( أو عليه حجر فلس ) معطوف على ميت وكل منهما صفة لغريم وخرج بحجر الفلس حجر السفه والغريم الحي وهو موسر أو معسر ولم يحجر عليه فتقبل شهادة الغريم . قوله : ( بما هو وليّ ) بأن ادّعى سفيه ، على شخص بشيء وأقام وليه شاهداً فلا تقبل . قوله : ( أو وصي ) أي بأن كان اثنان وصيين على صبي فادّعى أحدهما بمال للصبي ، وأقام الوصي الثاني شاهداً فلا تقبل . قوله : ( أو وكيل ) كأن وكل زيد في بيع شيء فادّعى شخص أن هذا الشيء ملك له فأراد الوكيل وهو زيد أن يشهد بأنه ملك للموكل وتثبت الوكالة بأصول الوكيل ، وفروعه وبأصوله الموكل وفروعه ، بخلاف الوصاية لا تثبت بذلك لأن الوصاية أقوى من الوكالة ، ومثل ذلك الإمام والقاضي ونظر الوقف والمسجد إن ادعوا شيئاً ثم أقاموا أصولهم أو فروعهم شهوداً فإنها تقبل .(5/403)
"""""" صفحة رقم 404 """"""
قوله : ( لأنه يثبت الخ ) ولو باع الوكيل شيئاً فأنكر المشتري الثمن أو اشتري شيئاً فادّعى أجنبي المبيع ولم تعرف وكالته ، فله أن يشهد لموكله بأن له عليه كذا أو بأن هذا ملكه ، حيث لم يتعرض لكونه وكيلاً ويحل له ذلك باطناً لأنه فيه توصلاً للحق بطريق مباح م ر س ل . قوله : ( وببراءة ) الأولى ذكر هذا بعد قول المتن : ولا دافع عنها ضرراً وكتب بعضهم قوله : وببراءة من ضمنه هو بأداء أو أبراء أي أو أصله أو فرعه . ويضر حدوث التهمة قبل الحكم لا بعده ، فلو شهد لأخيه بمال وكان هو وارثه فإن كان قبل الحكم لم يأخذ المال أو بعده أخذه اه سم . قال س ل : وكذا لو شهد بقتل فلان لأخيه الذي له ابن ثم مات وورثه فإن صار وارثه بعد الحكم لم ينقض أو قبله امتنع الحكم اه ولو شهد لبعضه أو على عدوّه أو الفاسق بما يعلمه من الحق والحاكم يجهل ذلك ابن عبد السلام المختار جوازه لأنهم لم يحملوا الحاكم على باطل بل على إيصال الحق لمستحقه . فلم يأثم الحاكم لعذره ولا الخصم لأخذه حقه ولا الشاهد لإعانته . ويتجه حمله على تعيينه طريقاً لوصول الحق لمستحقه اه م ر . ويجوز إثبات الوكالة بشهادة بعض الموكل أو الوكيل ، إذا لم يكن بجعل لأن التهمة ضعيفة . ويفرق بين ما هنا وبين امتناع إثبات الوصاية بشهادة بعضه ، بأن سلطنة الوصي أقوى وأتم وأوسع من سلطنة الوكيل . وكذا لا تقبل بشهادة بعض الوكيل بدين للموكل وإن كان فيه تصديق فرعه مثلاً كما تقبل شهادة الأب وابنه في واقعة واحدة ولو ادّعى الإمام شيئاً لبيت المال قبلت شهادة بعضه به لأن الملك ليس للإمام . ومثله ناظر وقف أو وصي ادّعى شيئاً لجهة الوقف أو للمولى عليه ، فشهد به بعض المدّعي لانتفاء التهمة بخلافها ، بنفس النظر والوصاية اه س ل .
قوله : ( قبل اندمالها ) أما بعد الاندمال فتقبل لانتفاء التهمة شرح الروض . قوله : ( كان الأرش له ) المراد به الدية . قوله : ( وأدنى أن لا ترتابوا ) أي أبعد من عدم الريبة فدل على أنه متى كان هناك ريبة امتنعت الشهادة . قوله : ( والظنين المتهم ) قال تعالى : ) وما هو على الغيب بضنين } ) التكوير : 24 ) أي بمتهم .
فرع : لو كان لشخص على آخر دين ، جاحد له فله أن يحيل به شخصاً ويدعي المحتال على المحال عليه بالدين ، ويقيم المحيل شاهداً له عليه فإنه تقبل شهادته له . ولا يقال : إن هذه شهادة جرّت نفعاً فلا تصح لأن الدين انتقل للمحتال اه خ ض .(5/404)
"""""" صفحة رقم 405 """"""
قوله : ( يحملونه ) أي بدله . قوله : ( والضبط ) مرادف قوله : ( ومن تعادل غلطه ) أي غفلته . قوله : ( ولا شهادة مبادر ) ولو في مال يتيم أو زكاة أو كفارة أو وقف أو غائب ، أو غير ذلك بل ينصب القاضي من يدّعي ثم يطلب البينة ولا تحتاج إلى حضور خصم ولا يشترط في الشاهد معرفته بفروض الصلاة والوضوء مثلاً إذا لم يقصر في التعلم بأن أسلم قريباً أو كان في شاهق جبل ولا يضر توقفه فيها ، إذا أعادها جازماً بها اه ق ل على الجلال . وقوله فيها : أي في الشهادة المعادة أي لم يرض بإعادتها خوفاً من ردّه كما ردّ أو لا . قوله : ( خير القرون ) أي أهل القرون قال في المصباح : القرن بوزن فلس الجيل من الناس قيل : ثمانون سنة وقبل سبعون . وقال الزجاج : الذي عندي والله أعلم أن القرن أهل كل مدة كان فيها نبي أو طبقة من أهل العلم سواء كثرت السنون أو قلت قال : والدليل عليه قوله : ( خير القرون قرني ) يعني أصحابه ( ثم الذين يلونهم ) يعني التابعين . ( ثم الذين يلونهم ) أي الذين يأخذون عن التابعين . قوله : ( في حقوق الله ) متعلق بتقبل . قوله : ( وإحصان ) أي ليرجم وتعديل وقد ردّت شهادته وبلوغ أي والولي يمنعه من تسلم المال وكفر أي وقد أريد الصلاة عليه وإسلام أي وقد أريد(5/405)
"""""" صفحة رقم 406 """"""
إرثه من قريبه الكافر وإنما احتيج لذلك لأنها لا تقبل إلا عند الحاجة . قوله : ( وكفر ) أي لمن أراد أن يتزوّج مسلمة أو أراد أن يرث مسلماً . قوله : ( وتحريم مصاهرة ) لعل الأولى حذف تحريم قوله : ( جهتهما ) أي الوصية والوقف . قوله : ( به ) أي بما ذكر . قوله : ( نحن نشهد ) أي نريد أن نشهد قوله : ( فهم قذفة ) إلا أن يصلوه بقولهم ونشهد على ذلك اه حج . قوله : ( هل تسمع فيه دعواها ) أي الحسبة كأن قال أدعي أن فلاناً زنى وحينئذ يكون قاذفاً وخرج بدعوى الحسبة غيرها كأن ادّعت أن فلاناً وطئها بشبهة لإثبات النسب أو المهر فتسمع أن هذه ليست لطلب الأجر . قوله : ( أوجههما ) ضعيف وقوله : لا تسمع أي اكتفاء بشهادتها ولأنه لا حق له أي للشاهد شرح الروض . قوله : ( في المشهود به ) المناسب أن يقول : في المدّعي به قوله : ( ومن له الحق ) وهو الله بدليل ما بعده وهو من تمام العلة . قوله : ( والوجه الثاني الخ ) فالمعتمد سماعها إلا في محض حدود الله شرح الروض قوله : ( ورجحه البلقيني ) معتمد قوله : ( على غير حدود الله ) أي موجبها كالزنا كأن يدّعي أن فلاناً طلق زوجته وهو يعاشرها .
فرع : قال الشاهد : لست بشاهد في هذا الشيء ثم جاء فشهد نظر إن قاله : حين تصدى لإقامة الشهادة لم تقبل شهادته وإن قاله : قبل ذلك بشهر أو يوم قبلت كما قاله الرافعي اه .(5/406)
"""""" صفحة رقم 407 """"""
( كتاب العتق
ختم المصنف كتابه بالعتق ، رجاء أن الله يعتقه من النار ، وأخر عنه كتاب أمهات الأولاد لأن العتق به يستعقب الموت الذي هو خاتمة أمر العبد في الدنيا ويترتب العتق فيه على عمل عمله العبد في حياته ، والعتق فيه قهري مشوب بقضاء أوطار وهو قربة في حق من قصد به حصول ولد وما يترتب عليه من عتق وغيره ، والأصح أن العتق باللفظ أقوى من الاستيلاد لترتب سببه عليه في الحال وتأخره في الاستيلاد ولحصول المسبب بالقول قطعاً بخلاف الاستيلاد لجواز موت المستولدة أوّلاً ، شرح م ر وع ش . والعتق بالقول : من الشرائع القديمة ، بدليل عتق ذي الكراع الحميري ثمانية آلاف وكان ذلك في الجاهلية وبدليل عتق أبي لهب ثويبة لما بشرته بولادة النبي ، وأما العتق بالاستيلاد فهو من خصوصيات هذه الأمة . واعلم أن العتق بالقول : من المسلم قربة سواء المنجز والمعلق وأما صيغته فإن تعلق بها حث أو منع أو تحقيق خبر فليست قربة وإلا كانت قربة كإن طلعت الشمس : فأنت حر مثلاً ، وأما العتق بالفعل وهو الاستيلاد فليس قربة لأنه متعلق بقضاء أوطار إلا إن قصد به حصول عتق أو ولد فيكون قربة والمعتمد أنه قربة حتى من الكافر فيخفف به عنه عذاب غير الكفر كما في م د على التحرير . والعتق اسم مصدر لأعتق والمصدر الإعتاق والمراد بالعتق ما يشمل : ما كان بصيغة وهو ظاهر وما كان بغير صيغة كشراء القريب وقد ذكر المتن الأمرين . فقول الشارح : بمعنى الإعتاق فيه قصور على ما كان بصيغة فكان الأولى التعميم . كذا قيل وقال العناني : وإنما قال : بمعنى الإعتاق ليرتب عليه التعريف . وهو قوله : إزالة الملك إذ العتق زوال الملك ، وهو أثر الإعتاق والرق عجز حكمي سببه ذلة الكفر . وعبارة ع ش على م ر قوله : بمعنى الإعتاق أشار به إلى أن العتق مجاز من باب إطلاق المسبب ، وإرادة السبب وهذا مبني على أن العتق لازم مطاوع لأعتق إذ يقال : أعتق العبد فعتق وجوّز بعضهم استعماله : متعدياً فيقال : عتقت العبد .
قوله : ( مأخوذ من قولهم الخ ) أي فهو لغة الاستقلال والإطلاق كما عبر به غيره وكان المناسب أن يزيد السبق أيضاً . قوله : ( واستقل ) تفسير قوله : ( تخلص ) أخذه من قوله : إذا سبق لأن الفرس إذا سبق غيره فكأنه تخلص منه . قوله : ( إزالة ملك ) المراد بالإزالة ما تشمل الزوال ليدخل فيه شراء من يعتق عليه وإرثه له وقوله : لا إلى ملك أي خاص فخرج الوقف فإن الملك في الموقوف لله تعالى على المعتمد . ومن قال : إزالة الرق عن آدمي لا يحتاج إلى ذلك . وقال شيخنا قوله : لا إلى مالك دخل فيه الوقف . والجواب أن يقال : إزالة الملك ذاتاً ومنفعة فالمنافع في الوقف ملك(5/407)
"""""" صفحة رقم 408 """"""
للموقوف عليه . قوله : ( تقرباً ) هو لبيان الواقع كما هو شأن القيود ، لا للاحتراز . قوله : ( فلا يصح عتقهما ) وهو حرام نعم إن أرسل مأكولاً بقصد إباحته لمن يأخذه جاز ولآخذه أكله فقط ق ل على الجلال . قوله : ( في معنى السوائب ) جمع سائبة وهي الناقة التي كانت تسيب في الجاهلية فتسرح لا تمنع من ماء ولا مرعى ولا ينتفع بها . قوله : ( فك رقبة ) أي من الرق بأن أعتقها فيقرأ بلفظ الفعل ومثله : أطعم وفي قراءة أخرى فالأولى بلفظ المصدر فيهما مرفوعين لكن بإضافة الأول وتنوين الثاني ، فعلى القراءة وهي قراءته بلفظ الفعل بدل من قوله : اقتحم أو بيان له كأنه قيل : فلا فك رقبة ولا أطعم وأما على القراءة الثانية ، وهي قراءته بلفظ المصدر . ففك خبر مبتدأ محذوف أي هو فك رقبة أو إطعام وتكون أو للإباحة ويكون المبتدأ المقدر وهو لفط هو عائداً على مضاف مقدر في قوله : ) وما أدراك ما العقبة } ) البلد : 13 ) أي ما اقتحامها هو أي اقتحامها فك الخ ، واحتيج إلى تقدير هذا المضاف لأجل أن يفسر المصدر وهو الاقتحام بالمصدر اه ملخصاً من إعراب السمين . وقوله تعالى : أي في حق زيد بن حارثة ، لما أعتقه النبي . قوله : ( وفي غير موضع ) أي وقوله تعالى : في غير موضع فهو معطوف على قوله تعالى : ) فك رقبة } ) البلد : 13 ) . قوله : ( وفي الصحيحين ) عبارة م ر في شرحه وخبر الصحيحين ( أيما رجل أعتق امرأ مسلماً استنقذ الله بكل عضو منه عضواً منه من النار حتى الفرج بالفرج ) اه ولعل الرواية مختلفة اه . أ ج وحتى يحتمل أن تكون الغابة هنا الأعلى والأدنى ، فإن الغاية تستعمل في كل منهما فتحتمل الأدنى لشرف أعضاء العبادة عليه ، كالجمعة والعيدين ونحو ذلك ، ويحتمل أن يراد الأعلى فإن حفظه أشدّ على النفس قاله الحافظ العراقي : اه شوبري والفرج يشمل الدبر والقبل ، وسمي فرجاً لانفراجه أي انفتاحه . وظاهر الحديث أن العتق يكفر الكبائر لأن معصية الفرج الزنا وهو من أكبر الكبائر وذلك لأن للعتق مزية على كثير من العبادات لأنه أشق على النفس من الوضوء والصلاة ، والصوم لما فيه من بذل المال الكثير ولذلك كان الحج أيضاً يكفر الكبائر اه عناني على التحرير .(5/408)
"""""" صفحة رقم 409 """"""
قَوْلُهُ : ( مُؤْمِنَةً ) لِلْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ . قَوْلُهُ : ( كَالْغُلِّ ) بِضَمِّ الْغَيْنِ أَيْ الْحَبْلِ وَأَمَّا بِكَسْرِهَا فَهُوَ الْحِقْدُ فِي الصَّدْرِ ، شَبَّهَ التَّخَلُّصَ مِنْ الرِّقِّ بِفَكِّ الْحَبْلِ مِنْ الرَّقَبَةِ وَاسْتَعَارَ الْفَكَّ لِلتَّخَلُّصِ فَتَكُونُ اسْتِعَارَةً تَصْرِيحِيَّةً أَصْلِيَّةً . قَوْلُهُ : ( فَهُوَ مُحْتَبَسٌ ) أَيْ مَحْبُوسٌ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالْمِلْكِ قَوْلُهُ : ( قَدْ يَخْتَلِفُ ) كَعِتْقِ الْأَمَةِ مِنْ الرَّجُلِ وَعِتْقِ الْعَبْدِ مِنْ الْمَرْأَةِ . وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْعَتِيقُ وَاضِحًا وَالْمُعْتِقُ خُنْثَى هَلْ يُعْتَقُ الْعُضْوُ الزَّائِدُ مِنْهُ تَبَعًا أَمْ لَا رَاجِعْهُ . وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ : بِأَنَّهُ يُعْتَقُ لِأَنَّ الْخُنْثَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ ، الَّتِي ذَكَرَهَا عَنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُد ، ثُمَّ إنَّ الْجَوَابَ الثَّانِيَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَحْسَنُ مِنْ الْأَوَّلِ لِنَقْضِ الْأَوَّلِ بِاللِّسَانِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْكُفْرُ الَّذِي هُوَ أَفْحَشُ الْكَبَائِرِ حَتَّى مِنْ الزِّنَا م د . وَأُجِيبَ : بِأَنَّ ذَنْبَ الْفَرْجِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ بِخِلَافِ اللِّسَانِ فَإِنَّهُ إذَا كَفَرَ بِهِ وَتَابَ بِأَنْ أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهُ الْقَتْلُ . قَوْلُهُ : ( نَسَمَةً ) أَيْ إنْسَانًا . جَوْهَرِيٌّ . قَوْلُهُ : ( وَعَاشَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً ) لَوْ قَالَ : وَعَاشَ كَذَلِكَ لَكَانَ أَخْصَرَ كَمَا قَالَ بَعْدُ . قَوْلُهُ : ( حَكِيمٌ ) بِوَزْنِ أَمِيرٍ وَحِزَامٌ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ بِوَزْنِ كِتَابٍ مِصْبَاحٌ . قَوْلُهُ : ( ذُو الْكُرَاعِ ) بِضَمِّ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَقَوْلُهُ الْحِمْيَرِيُّ ، نِسْبَةٌ إلَى حِمْيَرَ بِوَزْنِ دِرْهَمٍ اسْمُ قَبِيلَةٍ وَهُوَ أَيْ الْكُرَاعُ اسْمٌ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْخَيْلِ أَيْ صَاحِبُ الْخَيْلِ . 0 قَوْلُهُ : ( وَيَصِحُّ الْعِتْقُ ) أَيْ الْإِعْتَاقُ . قَوْلُهُ : ( جَائِزُ التَّصَرُّفِ ) أَيْ نَافِذُ التَّصَرُّفِ . قَوْلُهُ : ( أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ ) هُوَ بِمَعْنَى ، الْمَتْنِ لَكِنَّهُ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَخْرُجُ لِمُكَاتَبٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ مَعَ كَوْنِهِ جَائِزَ التَّصَرُّفِ . قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ : نَعَمْ لَوْ أَوْصَى بِهِ السَّفِيهُ أَوْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ . أَوْ الْإِمَامُ قِنَّ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مَا يَأْتِي ، أَوْ الْوَلِيُّ عَنْ الصَّبِيِّ فِي كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ رَاهِنٌ مُوسِرٌ لِمَرْهُونٍ أَوْ وَارِثٌ مُوسِرٌ لِقِنِّ التَّرِكَةِ صَحَّ . قَوْلُهُ : ( أَوْ مِنْ وَكِيلٍ ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ : مِنْ كُلِّ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ : لَزِمَتْ مُوَلِّيَهُ أَيْ بِسَبَبِ قَتْلٍ فَقَطْ . قَوْلُهُ : ( فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ )(5/409)
"""""" صفحة رقم 410 """"""
هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ : وَأَهْلِيَّةُ تَبَرُّعٍ وَقَوْلُهُ : وَلَا مِنْ مُبَعَّضٍ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ : وَالْوَلَاءُ . قَوْلُهُ : ( وَمَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ ) أَيْ بِالْقَوْلِ الْمُنْجَزِ أَمَّا بِالْفِعْلِ فَيَنْفُذُ مَالُهُ ، وَأَمَّا الْمُعَلَّقُ كَالتَّدْبِيرِ فَكَذَلِكَ يَنْفُذُ مِنْهُ ، وَأَمَّا الْمُفْلِسُ ، فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ بِالْفِعْلِ وَلَا بِالْقَوْلِ الْمُنْجَزِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ كَالتَّدْبِيرِ فَيَصِحُّ مِنْهُ . قَوْلُهُ : ( وَلَا مِنْ مُبَعَّضٍ ) : أَيْ بِالْقَوْلِ الْمُنْجَزِ أَمَّا بِالْفِعْلِ فَيَنْفُذُ وَكَذَا الْمُعَلَّقُ كَالتَّدْبِيرِ ، لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ يَزُولُ عَنْهُ الرِّقُّ ، فَيَصِيرُ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ . قَوْلُهُ : ( وَمُكَاتَبٌ ) أَيْ لَا بِالْقَوْلِ وَلَا بِالْفِعْلِ وَلَا مُعَلَّقًا وَلَا مُنْجَزًا . قَوْلُهُ : ( وَيُتَصَوَّرُ الْإِكْرَاهُ ) مُرْتَبِطٌ بِمَحْذُوفٍ ، أَيْ أَمَّا الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ فَيَصِحُّ وَيُتَصَوَّرُ إلَخْ وَكَذَا يُتَصَوَّرُ فِي كَفَّارَةٍ لَزِمَتْ الصَّبِيَّ ، فَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ الْعِتْقِ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ وَأَعْتَقَ فَيَصِحُّ ؛ أَيْ عِتْقُ الْوَلِيِّ عَنْ كَفَّارَةِ الصَّبِيِّ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ ا ه . قَوْلُهُ : ( وَبِشَرْطِ الْعِتْقِ ) أَيْ الْإِعْتَاقِ : قَوْلُهُ : ( وَيَثْبُتُ وَلَاؤُهُ ) : وَفَائِدَةُ ثُبُوتِهِ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَسْلَمَ . وَرِثَهُ بِالْوَلَاءِ . قَوْلُهُ : ( مُسْلِمًا ) حَالٌ مِنْ الْمَفْعُولِ . قَوْلُهُ : ( وَلَا يَصِحُّ عِتْقُ مَوْقُوفٍ ) : كَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهَا عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الْعَتِيقُ . إلَّا أَنْ يُقَالَ : إنَّهَا مُنَاسِبَةٌ لِلْمَحَلَّيْنِ . قَوْلُهُ : ( وَلِأَنَّ ذَلِكَ ) أَيْ الْعِتْقَ قَوْلُهُ : ( يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ إلَخْ ) أَيْ إنْ كَانَ وَقْفَ تَرْتِيبٍ ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ : لِأَنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّ الْمَوْقُوفِ فِيهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَرْتِيبٌ أَوْ لَا . قَوْلُهُ : ( وَيَصِحُّ مُعَلَّقًا بِصِفَةٍ ) وَهُوَ أَيْ التَّعْلِيقُ غَيْرُ قُرْبَةٍ إنْ قُصِدَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ وَإِلَّا فَقُرْبَةٌ حَيْثُ كَانَ مِنْ مُسْلِمٍ وَيَجْرِي فِي التَّعْلِيلِ هُنَا مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ كَوْنِ الْمُعَلَّقِ بِفِعْلِهِ مُبَالِيًا أَوْ لَا . وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ . أَيْ التَّعْلِيقِ مِنْ نَحْوِ رَاهِنٍ مُعْسِرٍ وَمُفْلِسٍ وَمُرْتَدٍّ شَرْحُ م ر . لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي التَّعْلِيقِ بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ . وَقَوْلُهُ : وَهُوَ أَيْ التَّعْلِيقُ غَيْرُ قُرْبَةٍ مَفْهُومُهُ أَنَّ الْعِتْقَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ يَكُونُ قُرْبَةً وَيَقْتَضِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ : وَهُوَ قُرْبَةٌ إجْمَاعًا . ا ه . ع ش عَلَى م ر . قَوْلُهُ : ( كَالتَّدْبِيرِ ) مِثَالُ الْمُحَقَّقَةِ الْوُقُوعِ وَمِثَالُ غَيْرِهَا كَدُخُولِ الدَّارِ . قَوْلُهُ : ( لِمَا فِيهِ ) : أَيْ فِي التَّعْلِيقِ أَيْ فِي صِحَّتِهِ . قَوْلُهُ : ( عَلَى صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ ) كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ ، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَأَنْتَ حُرٌّ ، وَكَسْبُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ لِلْوَارِثِ ، وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعِتْقِ بِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْمَالِكُ ، فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ نَافِذٌ وَالشَّارِعُ(5/410)
"""""" صفحة رقم 411 """"""
مَكَّنَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا كَذَلِكَ الْوَارِثُ . ا ه . . وَسَيَأْتِي فِي التَّدْبِيرِ لِلشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِمَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ : وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إلَخْ أَيْ إنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِعْلَهُ وَامْتَنَعَ مِنْهُ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَيْهِ ا ه شَرْحُ م ر وأ ج . قَوْلُهُ : ( لَمْ تَبْطُلْ الصِّفَةُ ) هَذَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَهُ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ لِأَنَّهُ كَمَا قَيَّدَ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ ، بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ صَارَتْ وَصِيَّةً وَهِيَ لَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر . قَوْلُهُ : ( وَيَصِحُّ مُؤَقَّتًا ) كَأُعْتِقُكَ شَهْرًا مَثَلًا . وَقَوْلُهُ : وَيَلْغُو التَّأْقِيتُ أَيْ وَيَعْتِقُ حَالًا . ا ه . م ر . قَوْلُهُ : ( أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ إلَخْ ) هَذَا النَّفْيُ صَادِقٌ بِأَرْبَعِ صُوَرٍ بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ أَصْلًا أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ جَائِزٌ كَالْعَارِيَّةِ ، أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ هُوَ الْعِتْقُ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ غَيْرُ عِتْقٍ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ كَالْإِجَارَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْطُوقُ ، وَأَمَّا الْمَفْهُومُ فَصُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ غَيْرُ عِتْقٍ يَمْنَعُ بَيْعَهُ وَذَلِكَ كَالرَّهْنِ ا ه . قَوْلُهُ : ( يَمْنَعُ بَيْعَهُ ) صِفَةٌ لِحَقٍّ . قَوْلُهُ : ( كَمُسْتَوْلَدَةٍ ) مِثَالٌ لِمَا يَصِحُّ عِتْقُهُ وَقَوْلُهُ : وَمُؤَجَّرٌ مِثَالٌ لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ ع ش . قَوْلُهُ : ( عَلَى تَفْصِيلٍ ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا صَحَّ عِتْقُهُ كَاسْتِيلَادِهِ . قَالَ فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ : وَلَا يَنْفُذُ إلَّا إعْتَاقُ مُوسِرٍ ، وَإِيلَادُهُ أَيْ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ وَتَكُونُ قِيمَتُهُمَا رَهْنًا مَكَانَهُمَا .
0 0 قَوْلُهُ : ( وَالتَّحْرِيرُ ) أَيْ وَفَكُّ الرَّقَبَةِ . قَوْلُهُ : ( وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِقَوْلِهِ : بِصَرِيحِ الْعِتْقِ وَالتَّحْرِيرِ وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ : أَيْ مَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا . وَعِبَارَةُ سم ، وَهُوَ مَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا كَأَنْتَ عَتِيقٌ ا ه . وَأَمَّا نَفْسُ الْعِتْقِ وَالتَّحْرِيرِ كَأَنْتَ إعْتَاقٌ أَوْ تَحْرِيرٌ . فَكِنَايَةٌ كَمَا فِي أَنْتِ طَلَاقٌ . قَوْلُهُ : ( لِوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِتْقِ فَلْيُنْظَرْ فِي أَيِّ آيَةٍ وَرَدَ فِيهَا . ا ه . ق ل . وَأُجِيبَ : بِأَنَّ الْمُرَادَ وُرُودُ مَجْمُوعِهِمَا فِيهِمَا فَالتَّحْرِيرُ وَرَدَ فِيهِمَا ، وَالْعِتْقُ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ فَقَطْ . قَوْلُهُ : ( وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ .(5/411)
"""""" صفحة رقم 412 """"""
قَوْلُهُ : ( كَمَفْكُوكِ الرَّقَبَةِ ) أَوْ فَكَكْت رَقَبَتَك . ا ه . سم . قَوْلُهُ : ( فُرُوعٌ ) : أَيْ سَبْعَةٌ وَقِيلَ : ثَمَانِيَةٌ . قَوْلُهُ : ( لَوْ كَانَ اسْمُ أَمَتِهِ إلَخْ ) هَذَا خَارِجٌ بِاشْتِرَاطِ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ . قَوْلُهُ : ( إنْ لَمْ يَقْصِدْ النِّدَاءَ ) بِأَنْ قَصَدَ الْعِتْقَ أَوْ أَطْلَقَ وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَتْ مَشْهُورَةً بِهَذَا الِاسْمِ حَالَةَ النِّدَاءِ . فَإِنْ كَانَ قَدْ هُجِرَ وَتُرِكَ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا قَالَهُ سم : قَوْلُهُ : ( لَمْ تَعْتِقْ ) سَوَاءٌ قَصَدَ النِّدَاءَ أَوْ أَطْلَقَ قَوْلُهُ : ( وَقَصَدَ الْإِخْبَارَ ) أَيْ كَاذِبًا . ا ه . مَرْحُومِيٌّ . فَإِنْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ أَوْ أَطْلَقَ عَتَقَ مَرْحُومِيٌّ . وَقَوْلُهُ : لَمْ يَعْتِقْ بَاطِنًا ، أَمَّا ظَاهِرًا فَيَعْتِقُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر . فَإِنْ اطَّلَعَ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَيَمْنَعُهُ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ وَفِي س ل . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَكَذَا لَا يَعْتِقُ ظَاهِرًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ ، فِي أَنْتِ طَالِقٌ لِمَنْ أَرَادَ حَلَّهَا مِنْ وَثَاقٍ بِجَامِعِ وُجُودِ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ فِيهِمَا . قَوْلُهُ : ( فَبَانَتْ أَمَتَهُ ) بِنَصْبِ أَمَتِهِ إلْحَاقًا لِبَانَتْ ب كَانَتْ وَقَوْلُهُ : لَمْ تَعْتِقْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هُنَا مُعَارِضًا قَوِيًّا وَهُوَ غَلَبَةُ اسْتِعْمَالِ حُرَّةٍ فِي نَحْوِ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْعَفِيفَةِ عَنْ الزِّنَا ، وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ وَلَوْ قِيلَ لَهُ أَمَتُك زَانِيَةٌ فَقَالَ : بَلْ حُرَّةٌ وَأَرَادَ عَفِيفَةً قُبِلَ ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ لِلْقَرِينَةِ الْقَوِيَّةِ هُنَا ا ه أ ج . قَوْلُهُ : ( فَكَذَلِكَ ) فَهُوَ صَرِيحٌ فِيهِمَا ، كَطَلَّقَك اللَّهُ وَيُفَارِقُ نَحْوُ بَاعَك اللَّهُ ، حَيْثُ كَانَ كِنَايَةً لِضَعْفِهَا بِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا بِالْمَقْصُودِ بِخِلَافِ دِينِك . ا ه . شَرْحُ م ر . وَقَوْلُهُ : بِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا . أَيْ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ الْقَبُولِ فَهُوَ عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ كُلَّ مَا اسْتَقَلَّ بِهِ الْإِنْسَانُ إذَا أَسْنَدَهُ لِلَّهِ كَانَ صَرِيحًا وَمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْإِنْسَانُ كَالْبَيْعِ إذَا أَسْنَدَهُ لِلَّهِ كَانَ كِنَايَةً . وَقَدْ نَظَمَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ : مَا فِيهِ الِاسْتِقْلَالُ بِالْإِنْشَاءِ وَكَانَ مُسْنَدًا لِذِي الْآلَاءِ فَهْوَ صَرِيحٌ ضِدُّهُ كِنَايَهْ فَكُنْ لِذَا الضَّابِطِ ذَا دِرَايَهْ قَوْلُهُ : ( ذَلِكَ الْعَبْدُ ) أَيْ الْمُشَارُ إلَيْهِ . قَوْلُهُ : ( إنَّمَا يَعْتِقُ أَوَّلُ فَقَطْ ) ضَعِيفٌ .(5/412)
"""""" صفحة رقم 413 """"""
قَوْلُهُ : ( لَا إنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ تَظُنُّ أَوْ تَرَى ) أَيْ إنَّ عَبْدِي حُرٌّ . فَلَا يَعْتِقُ وَيُفَارِقُ الْأُولَى بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حُرًّا فِيهَا لَمْ يَكُنْ الْمُخَاطَبُ عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهِ وَقَدْ اعْتَرَفَ بِعِلْمِهِ وَالظَّنُّ وَنَحْوُهُ ، بِخِلَافِهِ . قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيَنْبَغِي اسْتِفْسَارُهُ فِي صُورَتَيْ تَظُنُّ وَتَرَى وَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ مَرْحُومِيٌّ . فَإِنْ قَالَ مُرَادُهُ بِالظَّنِّ وَالرُّؤْيَةِ الْعِلْمُ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا . قَوْلُهُ : ( وَالصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِإِيقَاعِهِ ) لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ . قَوْلُهُ : ( أَمَّا قَصْدُ الصَّرِيحِ ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ : لِإِيقَاعِهِ . قَوْلُهُ : ( وَهُوَ مَا احْتَمَلَ إلَخْ ) وَعِبَارَةُ ق ل : وَأَمَّا أَنْتَ ابْنِي أَوْ بِنْتِي أَوْ أَبِي أَوْ أُمِّي وَهَذَا ابْنِي أَوْ أَبِي وَهَذِهِ أُمِّي أَوْ بِنْتِي فَتَعْتِقُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَوْ فِي خَوْفٍ مِنْ مَكْسٍ بِشَرْطِ إمْكَانِهِ حِسًّا وَإِنْ عُرِفَ نَسَبُهُ . وَقَالَ شَيْخُنَا : إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُلَاطَفَةَ فَلَا عِتْقَ صَرِيحًا بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ ا ه . قَوْلُهُ : ( لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك ) أَيْ لِكَوْنِي أَعْتَقْتُك وَيَحْتَمِلُ لِكَوْنِي بِعْتُك وَمِنْهُ ، مَا إذَا قَالَ لَهُ : وَهَبْتُك نَفْسَك نَاوِيًا الْعِتْقَ . فَيَعْتِقُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ أَوْ نَاوِيًا التَّمْلِيكَ ، فَيَعْتِقُ إنْ قَبِلَ فَوْرًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر . وَلَوْ قَالَ : وَهَبْتُك نَفْسَك وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ وَلَمْ يَحْتَجْ لِقَبُولٍ أَوْ التَّمْلِيكِ عَتَقَ ، إنْ قَبِلَ فَوْرًا كَمَا فِي مَلَّكْتُك نَفْسَك قَالَ سم : وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ . قَوْلُهُ : ( مَعَ احْتِمَالِ غَيْرِهِ ) أَيْ كَالْبَيْعِ وَالْوَقْفِ مَثَلًا . قَوْلُهُ : ( وَإِنْ اخْتَلَفَتْ ) أَيْ وُجِدَتْ بِهَا قَرِينَةٌ بِأَنْ قَالَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ أَعْتِقْنِي . فَقَالَ : لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك مَثَلًا . شَيْخُنَا . قَوْلُهُ : ( كَالْإِمْسَاكِ فِي الصَّوْمِ ) . فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْعَادَةَ وَالْعِبَادَةَ وَلَا يُمَيَّزُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِنِيَّةٍ . قَوْلُهُ : ( يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِالنِّيَّةِ ) : أَيْ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّفْظِ . قَوْلُهُ : ( وَهُوَ الظَّاهِرُ ) : مُعْتَمَدٌ . قَوْلِهِ : ( مِنْ السُّؤْدُدِ ) :(5/413)
"""""" صفحة رقم 414 """"""
أَيْ لَا مِنْ السِّيَادَةِ بِمَعْنَى الشَّرَفِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْحُرِّيَّةِ ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ السِّيَادَةِ يَعْتِقُ لِأَنَّ السِّيَادَةَ الْكَامِلَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِلْحُرِّ . وَفِيهِ أَنَّ التَّعْلِيلَ لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعَى إلَّا إذَا كَانَ الِاشْتِقَاقُ خَاصًّا بِكَوْنِهِ مِنْ السُّؤْدُدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ السِّيَادَةِ ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ مِنْ السُّؤْدُدِ أَوْ مِنْ السِّيَادَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً . وَالسُّؤْدُدُ بِالْهَمْزِ مِثْلُ قُنْفُذٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ فَهُوَ بِضَمِّ السِّينِ لَا غَيْرُ وَيَجُوزُ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ فِيهِ وَاوًا وَالدَّالُ الْأُولَى يَجُوزُ ضَمُّهَا وَفَتْحُهَا ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ شَارِحُ لَامِيَّةِ ابْنِ مَالِكٍ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ ا ه . قَوْلُهُ : ( وَتَدْبِيرُ الْمَنْزِلِ ) ، عَطْفُ تَفْسِيرٍ فَمَعْنَى يَا سَيِّدِي يَا مُدَبِّرَ مَنْزِلِي بِمَعْنَى أَنَّهُ قَائِمٌ بِمَصَالِحِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي الرَّقَبَةَ . وَقَوْلُهُ : وَتَدْبِيرُ الْمَنْزِلِ أَيْ مِنْ كَوْنِ الْإِنْسَانِ يُدَبِّرُ أَحْوَالَ مَنْزِلِهِ فِيمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ كَوْنِهِ يَكْفِيهِ فِي مَعَاشِهِ كَذَا وَكَذَا وَمَلْبَسِهِ كَذَا وَكَذَا وَيُغْنِي عَنْ الضَّأْنِ اللَّحْمَ الْخَشِنَ مَثَلًا أَوْ غَيْرَهُ ، مِنْ طَبِيخِ لَحْمٍ فِيهِ مَثَلًا ، فَالتَّدْبِيرُ نِصْفُ الْمَعِيشَةِ . قَوْلُهُ : ( أَيْ فِيمَا هُوَ صَالِحٌ فِيهِ ) : أَيْ فِي الْعِتْقِ . قَوْلُهُ : ( أَنَا مِنْك حُرٌّ ) : كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَاعْتَرَضَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ وَهُوَ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مِنْهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صِيغَةِ الطَّلَاقِ ، وَأَنَا مِنْك حُرٌّ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ ، لَا فِي الطَّلَاقِ وَلَا هُنَا أَيْ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ : أَنَا مِنْك طَالِقٌ الْكِنَايَةُ فِي الْعِتْقِ إنْ كَانَ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ . وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ الَّذِي يَنْحَلُّ بِالطَّلَاقِ يَقُومُ بِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ خَامِسَةً ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّ الرِّقَّ لَا يَقُومُ بِالسَّيِّدِ كَمَا يَقُومُ بِالْعَبْدِ تَأَمَّلْ ع ش . نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ غَيْرَ كِنَايَةٍ هُنَا مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ إزَالَةَ الْعَلَاقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَقِيقِهِ وَهِيَ عَدَمُ النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا ، بِحَيْثُ صَارَ مِنْهُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَإِلَّا كَانَ كِنَايَةً ع ش . قَوْلُهُ : ( فَلَا يَنْفُذُ بِهِ الْعِتْقُ ) أَيْ فَيَكُونُ لَغْوًا . 0 0 قَوْلُهُ : ( فَإِذَا أَعْتَقَ الْمَالِكُ ) : لَعَلَّ الْأَوْلَى الْوَاوُ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ غَيْرُ ظَاهِرٍ . قَوْلُهُ : ( مُعَيَّنٌ ) : الْأَوْلَى مُعَيَّنًا لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِبَعْضِ ، فَكَانَ الصَّوَابُ نَصْبَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ : إنَّهُ نَعْتٌ مَقْطُوعٌ . أَيْ هُوَ مُعَيَّنٌ أَوْ أَنَّهُ مَجْرُورٌ لِلْمُجَاوَرَةِ أَوْ أَنَّهُ عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ ، الَّذِينَ يَرْسُمُونَ الْمَنْصُوبَ بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ وَالْمَجْرُورِ . قَوْلُهُ : ( عَتَقَ جَمِيعُهُ ) : أَيْ إنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ لِعِتْقِهِ الْمَالِكَ أَوْ شَرِيكَهُ بِإِذْنِهِ فَإِنْ كَانَ وَكِيلًا أَجْنَبِيًّا فَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا شَائِعًا مُعَيَّنًا كَنِصْفٍ عَتَقَ ، وَإِلَّا فَلَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ ق ل . وَعِبَارَةُ أ ج فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ شَرِيكًا عَتَقَ مَا أَعْتَقَهُ وَسَرَى . وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَمْلِكُ الْإِعْتَاقَ عَنْ نَفْسِهِ ، نَزَلَ فِعْلُهُ مَنْزِلَةَ شَرِيكِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ فَيَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى مَا أَعْتَقَهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ فِي(5/414)
"""""" صفحة رقم 415 """"""
الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ ا ه م د . قَوْلُهُ : ( لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَذَ عَتَقَ الشِّقْصُ الَّذِي أَعْتَقَهُ فَقَطْ ، كَانَ هَذَا الشِّقْصُ الْمُعْتَقُ لِلَّهِ تَعَالَى وَالشِّقْصُ الْبَاقِي مِلْكًا لَهُ فَكَانَ شَرِيكًا لِلَّهِ فِي مِلْكِ هَذَا الْعَبْدِ . قَوْلُهُ : ( مُشْتَرَكًا ) الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ النَّصِيبَ لَيْسَ مُشْتَرَكًا وَإِنَّمَا الْمُشْتَرَكُ الْعَبْدُ بِتَمَامِهِ . قَوْلُهُ : ( وَيُصْرَفُ فِي الدُّيُونِ ) : لِأَنَّ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ تَصِيرُ كَالدَّيْنِ لِتَنَزُّلِ الْإِعْتَاقِ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ شَرْحُ الرَّوْضِ . قَوْلُهُ : ( يَوْمَ الْإِعْتَاقِ ) : أَيْ وَقْتَهُ وَهُوَ ظَرْفٌ لِلْقِيمَةِ . وَظَرْفٌ لِقَوْلِهِ : مُوسِرٌ وَلَوْ كَانَ يَسَارُهُ بِمَالٍ غَائِبٍ ، لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْعِتْقِ دَفْعُ الْقِيمَةِ بِالْفِعْلِ . قَوْلُهُ : ( سَرَى إلَى مَا أَيْسَرَ بِهِ إلَخْ ) : وَلِلشَّرِيكِ مُطَالَبَةُ الْمُعْتِقِ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ وَإِجْبَارُهُ عَلَيْهَا فَلَوْ مَاتَ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ طَالَبَهُ الْقَاضِي وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا أَوْ قَرُبَ الْعَهْدُ رُوجِعَ أَهْلُ التَّقْوِيمِ ، أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ ، أَوْ طَالَ الْعَهْدُ ، صُدِّقَ الْمُعْتِقُ فِي الْأَظْهَرِ ، لِأَنَّهُ غَارِمٌ . ا ه . سم ز ي . قَوْلُهُ : ( شِرْكًا ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ أَيْ جُزْءًا مَمْلُوكًا لَهُ . قَوْلُهُ ( وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ ) . فِيهِ أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِجَمِيعِ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَعَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ مُوسِرًا بِنَصِيبِ شَرِيكِهِ فَقَطْ . أُجِيبَ : بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ يَبْلُغُ ثَمَنَ بَاقِي الْعَبْدِ . شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر . قَوْلُهُ : ( يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ ) أَيْ ثَمَنَ مَا يَخُصُّ شَرِيكَهُ مِنْ الْعَبْدِ وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ هُنَا الْقِيمَةُ وَإِطْلَاقُ الثَّمَنِ عَلَى الْقِيمَةِ فِيهِ تَسَامُحٌ . قَوْلُهُ : ( قِيمَةَ عَدْلٍ ) : مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَالْعَدْلُ بِمَعْنَى الِاسْتِوَاءِ أَيْ لَا زِيَادَةَ وَلَا نَقْصَ فِيهَا وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ شَخْصٌ عَادِلٌ لَا جَوْرَ عِنْدَهُ وَلَا ظُلْمَ عِنْدَهُ ، وَقَالَ ع ش : أَيْ بِتَقْوِيمِ عَدْلٍ . قَوْلُهُ : ( فَأَعْطَى ) : وَلَيْسَ الْإِعْطَاءُ قَيْدًا فِي الْعِتْقِ بَلْ يَعْتِقُ حَالًا وَإِنْ تَأَخَّرَ الْإِعْطَاءُ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ الْآتِيَةُ . وَقَوْلُهُ : ( حِصَصُهُمْ ) أَيْ قِيمَةُ حِصَصِهِمْ . قَوْلُهُ : ( وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ )(5/415)
"""""" صفحة رقم 416 """"""
يَقْتَضِي أَنَّ الْعِتْقَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ التَّقْوِيمِ وَإِعْطَاءُ الشُّرَكَاءِ وَلَيْسَ مُرَادًا . وَأُجِيبَ : بِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا وَلَا تَعْقِيبًا . قَوْلُهُ : ( وَإِلَّا ) : أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ . قَوْلُهُ : ( فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ مَا عَتَقَ ) : قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَوْلُهُ : عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ : هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي الْأَوَّلِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ فِي الثَّانِي وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ : بِأَنَّهُ انْتَقَدَهُ غَيْرُهُ . وَإِنَّمَا يُقَالُ : عَتَقَ بِالْفَتْحِ وَأُعْتِقَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَلَا يُعْرَفُ عُتِقَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ . ا ه . م د . قَوْلُهُ : ( قِيمَةُ الْعَبْدِ ) أَيْ بَاقِيهِ . قَوْلُهُ : ( فَهُوَ عَتِيقٌ ) : أَيْ مُعْتَقٌ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ اسْمُ مَفْعُولٍ . قَوْلُهُ : ( وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ التَّقْوِيمِ ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ . وَقَوْلُهُ : شُمُولُهُ أَيْ التَّقْوِيمِ . وَقَوْلُهُ : لِمَا أَيْ النَّصِيبِ وَقَوْلُهُ : عَلَيْهِ أَيْ الشَّرِيكِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ لَوْ كَانَ وَقَوْلُهُ : بِقَدْرِهِ أَيْ الْمُقَوَّمِ الْمَفْهُومِ مِنْ التَّقْوِيمِ . قَوْلُهُ : ( وَهُوَ كَذَلِكَ ) : أَيْ فَلَا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ . قَوْلُهُ : ( وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ ) : أَيْ بِمَا فِي يَدِهِ عَبْدًا إلَخْ . قَوْلُهُ : ( وَيُسْتَثْنَى مِنْ السِّرَايَةِ ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ . قَوْلُهُ : ( بِأَنْ اسْتَوْلَدَهَا ) أَيْ الشَّرِيكُ . أَيْ ثُمَّ أَعْتَقَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ . قَوْلُهُ : ( فَلَا سِرَايَةَ ) أَيْ عَلَى الْعِتْقِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْمُسْتَوْلَدِ . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّ السِّرَايَةَ تَتَضَمَّنُ النَّقْلَ ) : أَيْ نَقْلَ الْمِلْكِ ، أَيْ : وَالْمُسْتَوْلَدَةِ لَا تَقْبَلُهُ . قَوْلُهُ : ( وَيَجْرِي الْخِلَافُ إلَخْ ) وَالْأَصَحُّ عَدَمُ السِّرَايَةِ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ . قَوْلُهُ : ( ثُمَّ أَعْتَقَهَا ) أَيْ نَجَّزَ عِتْقَهَا . وَقَوْلُهُ : أَحَدُهُمَا أَيْ أَحَدُ الْمُسْتَوْلَدَيْنِ ، وَإِنَّمَا يَعْتِقُ نَصِيبُ الْآخَرِ ، بِالتَّنْجِيزِ أَوْ بِالْمَوْتِ . قَوْلُهُ : ( وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ ) : أَيْ تَنْزِيلًا لِإِعْتَاقِهِ ، مَنْزِلَةَ رُجُوعِهِ ، فِي الْهِبَةِ لِأَنَّ السِّرَايَةَ ، تَتَضَمَّنُ نَقْلَ مَا سَرَى إلَيْهِ .(5/416)
"""""" صفحة رقم 417 """"""
قَوْلُهُ : ( ثُمَّ حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي ) . أَيْ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ . قَوْلُهُ : ( فَأَعْتَقَ الْبَائِعُ نَصِيبَهُ ) : أَيْ الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ . قَوْلُهُ : ( بِشَرْطِ الْيَسَارِ ) : هُوَ قَيْدٌ لِلسِّرَايَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمٌ لِتَوَقُّفِ السِّرَايَةِ عَلَى الْيَسَارِ ، وَإِنْ تَخَلَّفَ الْغُرْمُ لِعَارِضٍ ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ لِبَاقِيهِ فِيهِمَا فَسَقَطَ . تَوَقَّفَ الْمَرْحُومِيُّ فِي ذَلِكَ . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّ عِتْقَهُ ) : رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ ، فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ لُزُومِ الْقِيمَةِ فِيهِمَا أَيْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَصْلِ وَبَائِعِ الْفَلْسِ الرُّجُوعُ ، وَنَزَلَ عِتْقُهُ مَنْزِلَةَ رُجُوعِهِ فَكَأَنَّهُ مَا أَعْتَقَ إلَّا مِلْكَهُ فَلَمْ تَلْزَمْهُ الْقِيمَةُ . 0 0 قَوْلُهُ : ( وَأَحَدُهُمَا مُعْسِرٌ ) : فَإِنْ أَيْسَرَا ، قُوِّمَ عَلَيْهِمَا حِصَّةُ الشَّرِيكِ عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ لَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ ، لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا مِنْ فَوَائِدِ الْمِلْكِ ، وَسَبِيلُ السِّرَايَةِ سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ . ا ه . مَرْحُومِيٌّ وَعِبَارَةُ س ل . وَقَوْلُهُ : لَا بِقَدْرِ الْمِلْكِ لِأَنَّ ضَمَانَ الْمُتْلَفِ يَسْتَوِي فِيهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ ، كَمَا لَوْ مَاتَ مِنْ جِرَاحَاتِهِمَا الْمُخْتَلِفَةِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ مِنْ فَوَائِدِ الْمِلْكِ وَثَمَرَتِهِ ، فَوُزِّعَ بِحَسَبِهِ ا ه . قَوْلُهُ : ( وَالْمَرِيضُ مُعْسِرٌ إلَّا فِي ثُلُثِ مَالِهِ إلَخْ ) : غَرَضُهُ بِذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى التَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ : وَهُوَ مُعْسِرٌ أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ مُوسِرٌ : إمَّا بِكُلِّ مَالِهِ أَوْ بِثُلُثِهِ وَذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ . قَوْلُهُ : ( وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ ) أَيْ بِسَفَهٍ أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فَلَا يَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ شَرْحُ م ر . قَوْلُهُ : ( فَلَا يَسْرِي اسْتِيلَادُهُ ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ الْمَهْرِ وَمِنْ أَرْشِ الْبَكَارَةِ وَمِنْ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقَّ حِصَّتِهِ مِنْهُ عَلَيْهِ . قَوْلُهُ : ( نَعَمْ ) : اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ : فَلَا يَسْرِي أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ الْمُعْسِرِ لَا يَسْرِي اسْتِيلَادُهُ مَا لَمْ يَكُنْ أَصْلًا اسْتَوْلَدَ أَمَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَيَسْرِي كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ الَّتِي كُلَّهَا مِلْكٌ لِوَلَدِهِ .(5/417)
"""""" صفحة رقم 418 """"""
قَوْلُهُ : ( كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ ) : أَيْ وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا . قَوْلُهُ : ( الَّتِي كُلُّهَا لَهُ ) : أَيْ لِفَرْعِهِ قَوْلُهُ : ( وَعَلَيْهِ قِيمَةُ إلَخْ ) : رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ : يَسْرِي إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَالْعِتْقِ بَلْ أَوْلَى . قَوْلُهُ : ( حِصَّتُهُ مِنْ مَهْرِ ) أَيْ مَهْرِ ثَيِّبٍ . وَقَوْلُهُ : مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ أَيْ مَعَ حِصَّتِهِ مِنْ أَرْشِ الْبَكَارَةِ . قَوْلُهُ : ( مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ ) : بِخِلَافِ قِيمَةِ حِصَّةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ أُمَّهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ حَالًا فَيَكُونُ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِ الْمُوَلِّدِ فَلَا تَجِبُ الْقِيمَةُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ . قَوْلُهُ : ( وَهَذَا ) : أَيْ لُزُومُ الْحِصَّةِ مِنْ الْمَهْرِ وَأَرْشِ الْبَكَارَةِ . قَوْلُهُ : ( إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ ) : وَلَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ . قَوْلُهُ : ( وَإِلَّا ) : بِأَنْ تَقَدَّمَ الْإِنْزَالُ أَوْ قَارَنَ ، فَلَا يَلْزَمُهُ حِصَّةُ الْمَهْرِ . وَيَلْزَمُهُ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ الْقِيمَةِ . وَقَوْلُهُ : وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ حِصَّةُ مَهْرٍ . هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ حِصَّةُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ مُطْلَقًا وَالْوَجْهُ أَنَّهُ كَالْمَهْرِ مِنْ حَيْثُ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ . فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ : هَذَا إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَعَنْ إزَالَةِ الْبَكَارَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ ، لَكَانَ أَنْسَبَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ع ش عَلَى م ر . وَفِيهِ : أَيْضًا وَلَوْ تَنَازَعَا فَزَعَمَ الْوَاطِئُ تَقَدُّمَ الْإِنْزَالِ وَالشَّرِيكُ تَأَخُّرَهُ صُدِّقَ الْوَاطِئُ فِيمَا يَظْهَرُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ . وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ تَأَخُّرَ الْإِنْزَالِ وَيَحْتَمِلُ تَصْدِيقَ الشَّرِيكِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ تَعَدَّى عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ : الضَّمَانُ . حَتَّى يُوجَدَ مُسْقِطٌ وَلَمْ نَتَحَقَّقْهُ وَهَذَا أَقْرَبُ . وَالْحَاصِلُ : أَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي أَحْبَلَ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ إنْ كَانَ مُوسِرًا غَرِمَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْهُمَا مُطْلَقًا ، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ مُطْلَقًا ، وَأَمَّا حِصَّتُهُ مِنْ الْمَهْرِ وَأَرْشِ الْبَكَارَةِ فَيَلْزَمُهُ ، إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَإِلَّا فَلَا ا ه . قَوْلُهُ : ( إعْتَاقُ الْمَالِكِ ) : الْمُرَادُ بِالْإِعْتَاقِ مَا يَشْمَلُ الْعِتْقَ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ الْمَذْكُورِ . قَوْلُهُ : ( بِاخْتِيَارِهِ ) : الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ مِلْكَهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ اخْتِيَارِيٌّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْعِتْقَ بِاخْتِيَارِهِ لِيَخْرُجَ بِذَلِكَ الْمُكْرَهُ ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي عِتْقِ الْحُرِّ مَعَ السِّرَايَةِ لِلْبَاقِي وَالْمُكْرَهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَصْلًا لَا جُزْءٌ وَلَا غَيْرُهُ ، حَتَّى يُحْتَرَزَ عَنْهُ بِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ فَيَكُونَ قَوْلُهُ : بِالِاخْتِيَارِ مُتَعَلِّقًا بِمَالِكٍ أَيْ كَانَ مِلْكُهُ بِالِاخْتِيَارِ كَالشِّرَاءِ لَا بِالْقَهْرِ كَالْإِرْثِ . قَوْلُهُ : ( السَّبَبُ ) : أَيْ التَّسَبُّبُ . قَوْلُهُ : ( مَا لَوْ وَرِثَ بَعْضَ فَرْعِهِ ) صُورَتُهُ أَنَّ زَوْجَتَهُ مَالِكَةٌ لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ مِنْ غَيْرِهَا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجِهَا وَأَخِيهَا فَيَرِثُ(5/418)
"""""" صفحة رقم 419 """"""
زَوْجُهَا النِّصْفَ مِنْ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا يَسْرِي ، وَمِثْلُ الْإِرْثِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ . مِثَالُ ذَلِكَ : مَا لَوْ بَاعَ بَعْضَ ابْنِ أَخِيهِ ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَ أَخُوهُ الَّذِي هُوَ أَبُو الْوَلَدِ الْمَبِيعِ ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ فَرَدَّهُ وَاسْتَرْجَعَ بَعْضَ ابْنِهِ الْمَبِيعِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَسْرِي إنْ كَانَ مُوسِرًا كَمَا ذَكَرَهُ ع ش و س ل . قَوْلُهُ : ( فَإِنَّهُ لَمْ يَسْرِ ) : الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَا يَسْرِي . قَوْلُهُ : ( الشَّرْطُ الثَّالِثُ إلَخْ ) : تَقَدَّمَ هَذَا أَيْضًا وَهُوَ الصُّورَةُ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا مِنْ السِّرَايَةِ قَوْلُهُ : ( أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهَا ) أَيْ السِّرَايَةِ . 0 0 قَوْلُهُ : ( وَمَنْ مَلَكَ وَاحِدًا إلَخْ ) هَذَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَالِكُ حُرًّا كَامِلًا فَيَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ حَتَّى لَوْ مَلَكَ الْمُبَعَّضُ بِنْتَه ، أَوْ أُمَّهُ ، لَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ بَلْ تُورَثُ عَنْهُ . لَا يُقَالُ : إنَّهَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ لَا رِقَّ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ لِلْوَارِثِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ ، وَلَا مِلْكَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ حَتَّى يُقَالَ : تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ ا ه دَيْرَبِيٌّ م د . وَقَوْلُهُ : مِنْ وَالِدِيهِ أَيْ أَحَدِ أُصُولِهِ وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ . قَوْلُهُ : ( مِنْ النَّسَبِ ) : فِيهِمَا وَلَوْ حَمْلًا أَوْ اخْتَلَفَا دِينًا أَوْ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ ، بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ فَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ عَتَقَ حَمْلُهَا . وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ : وَلَوْ قَالَ : لِمَنْ يَمْلِكُ بَعْضَهُ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ ، فَفَعَلَ لَمْ يَعْتِقْ فَرَاجِعْهُ . ا ه . ق ل وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَحْمَدُ إلَى تَعَدِّي ذَلِكَ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ . ا ه . سم . وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ كُلَّ عَاصِبٍ يُجْبِرُ الْقَاصِرَ عَلَى النِّكَاحِ وَلَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ الْبُلُوغِ ، وَالْبَالِغُ الْبِكْرُ عِنْدَهُ لَا تُزَوَّجَ إلَّا بَعْدَ اسْتِئْذَانِهَا . قَوْلُهُ : ( كَالْإِرْثِ ) : بِأَنْ وَرِثَ أُمَّهُ مِنْ أَخِيهِ لِأَبِيهِ ، أَوْ وَرِثَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ مِنْ عَمِّهِ . قَوْلُهُ : ( لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ(5/419)
"""""" صفحة رقم 420 """"""
أَيْ يُكَافِئَ ح ل وَقَالَ تَعَالَى : ) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ( . قَوْلُهُ : ( فَيُعْتِقَهُ أَيْ الشِّرَاءُ ) . قَالَ م ر فِي حَوَاشِيهِ : ظَنَّ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِنَصَبِ فَيَعْتِقَهُ عَطْفٌ عَلَى فَيَشْتَرِيَهُ . فَيَكُونُ الْوَلَدُ هُوَ الْمُعْتِقَ وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ رَفْعُهُ ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَصْدَرِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ تَقْدِيرُهُ : فَيُعْتِقُهُ الشِّرَاءُ لِأَنَّ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ حَصَلَ الْعِتْقُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى لَفْظٍ وَعَلَى النَّصْبِ يَنْعَكِسُ الْمَعْنَى وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ عَتَقَ عَلَيْهِ ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى : فَهُوَ حُرٌّ . وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا : مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِعْتَاقِ التَّسَبُّبُ إلَيْهِ بِالشِّرَاءِ لَا نَفْسُ التَّلَفُّظِ بِهِ . وَالْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ فِيهِ وَجْهَانِ ، وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ ا ه . وَفِي سم مَا يُوَافِقُهُ ا ه ع ش عَلَى الْمَنْهَجِ . قَوْلُهُ : ) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ( أَيْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي خُزَاعَةَ اسْمِ قَبِيلَةٍ ، حَيْثُ قَالُوا : الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ ، وَأَضَافُوا إلَى ذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى صَاهَرَ الْجِنَّ عَلَى مَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُمْ فَقَالَ : ) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا ( . ثُمَّ إنَّهُ تَعَالَى نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : سُبْحَانَهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ شَبِيهًا بِالْوَالِدِ وَلَوْ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَدٌ لَأَشْبَهَهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ ، وَلَا بُدَّ وَأَنْ يُخَالِفَهُ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَمَا بِهِ الْمُشَارَكَةُ غَيْرُ مَا بِهِ الْمُمَايَزَةُ ، فَيَقَعُ التَّرْكِيبُ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَكُلُّ مُرَكَّبٍ مُمْكِنٌ ، فَاِتِّخَاذُهُ لِلْوَلَدِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مُمْكِنًا غَيْرَ وَاجِبِ الْوُجُودِ ، وَذَلِكَ يُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْإِلَهِيَّةِ وَيُدْخِلُهُ فِي حَدِّ الْعُبُودِيَّةِ ، وَلِذَلِكَ نَزَّهَ تَعَالَى نَفْسَهُ عَنْهُ فَلَمَّا نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَلَدِ ، أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ عِبَادُهُ وَالْعُبُودِيَّةُ تُنَافِي الْوِلَادَةَ ا ه مُلَخَّصًا مِنْ تَفْسِيرِ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ وَالْعُبُودِيَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْعِبَادَةِ ، لِأَنَّهَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الْعُبُودِيَّةِ فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ حَتَّى بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ فِي غَايَةِ الذُّلِّ وَالْعَجْزِ وَالْخُضُوعِ ، حَتَّى فِي الْآخِرَةِ إلَى الْمَوْلَى الْكَرِيمِ وَذَلِكَ عَيْنُ الْعُبُودِيَّةِ . قَوْلُهُ : ( بِالْقَرَابَةِ ) أَيْ الْخَاصَّةِ . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ ) أَيْ فِي عِتْقِهِمْ بِالْمِلْكِ(5/420)
"""""" صفحة رقم 421 """"""
. قَوْلُهُ : ( بَلْ قَالَ النَّسَائِيُّ إلَخْ ) أَيْ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَبِفَرْضِ دَلَالَتِهِ يُرَادُ بِذِي الرَّحِمِ ، الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ ، حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ ق ل . قَوْلُهُ : ( لَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْوَلِيِّ ) أَيْ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ ح ل . قَوْلُهُ : ( إنَّمَا يَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ ) الْأَوْلَى لَهُ . قَوْلُهُ : ( وَلَوْ وَهَبَ ) أَيْ الْقَرِيبُ الْمَذْكُورُ لِمَنْ ذُكِرَ أَيْ لِلطِّفْلِ ، أَوْ الْمَجْنُونِ ، أَوْ السَّفِيهِ . قَوْلُهُ : ( بِهِ ) أَيْ بِقَرِيبِهِ ، أَيْ بِجَمِيعِهِ فَإِنْ كَانَ لِجُزْءٍ مِنْهُ لَمْ يَقْبَلْهُ مُطْلَقًا لِضَرَرِهِ بِالسِّرَايَةِ وَلُزُومِ الْقِيمَةِ ق ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر . وَلَوْ وَهَبَ لَهُ أَيْ جَمِيعَهُ فَلَوْ وَهَبَ لَهُ بَعْضَهُ ، وَالْمَوْهُوبُ لَهُ مُوسِرٌ لَمْ يَجُزْ لِلْوَلِيِّ قَبُولُهُ ، وَإِنْ كَانَ كَاسِبًا لِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَهُ لَمَلَكَهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَسَرَى فَتَجِبُ قِيمَةُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ . وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَبُولِ الْعَبْدِ بَعْضَ قَرِيبِ سَيِّدِهِ وَإِنْ سَرَى بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ سَيِّدِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَصَحَّ قَبُولُهُ . إذَا لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ الْمُؤْنَةُ وَإِنْ سَرَى لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ وَالْوَلِيُّ تَلْزَمُهُ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّسَبُّبُ فِي سِرَايَةٍ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا ا ه . وَفِيهِ : أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ عَدَمُ السِّرَايَةِ لِكَوْنِهِ دَخَلَ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ قَهْرًا وَعَلَيْهِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُقَالَ : بِوُجُوبِ الْقَبُولِ عَلَى الْوَلِيِّ وَعَدَمِ السِّرَايَةِ عَلَى الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ بِاخْتِيَارِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ : فَعَلَى الْوَلِيِّ لَمَّا كَانَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الصَّبِيِّ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ فِعْلِ الصَّبِيِّ فَكَأَنَّهُ مَلَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْعَبْدُ ع ش عَلَى م ر . قَوْلُهُ : ( كَأَنْ كَانَ هُوَ ) أَيْ الْمَوْلَى الْمَوْهُوبَ لَهُ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ لَكِنْ قَرْضًا كَمَا قَالَاهُ : فِي مَوْضِعٍ وَذَكَرَا فِي آخَرَ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ شَرْحُ م ر . قَوْلُهُ : ( أَوْ فَرْعُهُ كَسُوبًا ) أَيْ أَوْ كَانَ فَرْعُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ كَسُوبًا أَيْ فِي صُورَةِ الْمَجْنُونِ أَيْ إذَا وُهِبَ لِلْمَجْنُونِ فَرْعُهُ الْكَسُوبُ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ : أَوْ فَرْعُهُ كَسُوبًا الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ : أَوْ قَرِيبُهُ ، أَيْ وَهُوَ الْمَوْهُوبُ .
قوْلُهُ : ( فَعَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُ ) : فَإِنْ أَبَى قَبِلَ لَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ أَبَى قَبِلَ هُوَ الْوَصِيَّةَ إذَا بَلَغَ دُونَ الْهِبَةِ لِبُطْلَانِهَا ، بِتَرَاخِي الْقَبُولِ سم . قَوْلُهُ : ( لَمْ يَجُزْ ) : أَيْ وَلَا يَصِحُّ ح ل . قَوْلُهُ : ( عَتَقَ عَلَيْهِ ) وَيَرِثُهُ ع ش . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّ الشَّرْعَ أَخْرَجَهُ ) أَيْ فَلَا ضَرَرَ عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْ عَلَيْهِمْ شَيْئًا(5/421)
"""""" صفحة رقم 422 """"""
قَوْلُهُ : ( بِلَا مُحَابَاةٍ ) بِأَنْ كَانَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ حَبَوْت الرَّجُلَ حِبَاءً بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ أَعْطَيْته الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ ثُمَّ قَالَ وَحَابَاهُ مُحَابَاةً سَامَحَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ حَبَوْته إذَا أَعْطَيْته ع ش عَلَى م ر . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّهُ ) أَيْ الْمَالِكَ . قَوْلُهُ : ( وَلَا يَرِثُهُ ) : أَيْ لَوْ خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَوَهَّمُ إرْثُهُ فِيهِ بِخِلَافِ مَنْ عَتَقَ ، مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، إذْ لَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى إجَارَتِهِ . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَهُ ) إشَارَةٌ إلَى قِيَاسٍ اسْتِثْنَائِيٍّ اسْتَثْنَى فِيهِ نَقِيضَ التَّالِي كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ : فَيَبْطُلُ فَيُنْتِجُ نَقِيضَ الْمُقَدَّمِ . كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ : فَيَمْتَنِعُ إرْثُهُ وَالنَّتِيجَةُ هِيَ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ : وَلَا يَرِثُهُ . قَوْلُهُ : ( لَكَانَ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَى الْوَرَثَةِ ) : الْأَوْلَى عَلَى الْوَارِثِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَمْلُوكُ بِالْعِوَضِ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَارِثٌ فَيَكُونُ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَيْهِ نَفْسِهِ ، وَالتَّبَرُّعُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لِوَارِثٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ لَهُ ، أَيْ لَا يَنْفُذُ إلَّا بِرِضَا الْوَرَثَةِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُتَبَرِّعِ عَلَيْهِ . مَعَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إجَازَةُ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ : لَكَانَ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَى الْوَارِثِ ا ه . وَهِيَ أَوْلَى وَيُمْكِنُ أَنَّ أَلْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِلْجِنْسِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْوَارِثِ : أَيْ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِثَمَنِهِ عَلَى وَارِثٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ : إجَازَةُ الْوَارِثِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْوَارِثُ وَقْتَ الشِّرَاءِ حُرًّا حَتَّى يَصِحَّ إجَازَتُهُ فَالْمُرَادُ بِالْوَارِثِ مَنْ سَيَصِيرُ وَارِثًا وَهُوَ الْعَتِيقُ . قَوْلُهُ : ( لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ ) : أَيْ هَذَا الْوَارِثِ الَّذِي مَلَكَ بِعِوَضٍ ، أَيْ إجَازَةِ نَفْسِ الْعَتِيقِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ هُنَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ نَفْسِهِ . أَيْ إجَازَةِ الْمُوصَى لَهُ كَبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ مَعَ أَنَّ عِبَارَتَهُمْ هُنَاكَ وَهِيَ وَتَصِحُّ لِوَارِثٍ إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ صَرِيحَةٌ ، فِي خِلَافِ ذَلِكَ . اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَيَقْرُبُ مَا ذَكَرَهُ . قَوْلُهُ : ( الْمُتَوَقِّفُ ) أَيْ الْإِرْثُ وَقَوْلُهُ : الْمُتَوَقِّفُ أَيْ الْعِتْقُ وَقَوْلُهُ : عَلَيْهَا أَيْ الْإِجَازَةِ لَكِنَّ الْإِجَازَةَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْإِرْثِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهَا بِوَاسِطَةِ الْعِتْقِ . قَوْلُهُ : ( فَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ مَدِينًا ) : تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ : وَإِنْ مَلَكَهُ بِعِوَضٍ بِلَا مُحَابَاةٍ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَدِينًا بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ . وَقَوْلُ م د : إنَّهُ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ : عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ . قَوْلُهُ : ( بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ ) : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا ، أَوْ سَقَطَ بِإِبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ إنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِي الْأُولَى أَوْ ثُلُثِ الْمَالِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ إجَازَةِ الْوُرَّاثِ فِيهِمَا وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ ثُلُثِ ذَلِكَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ . وَقَوْلُهُ : وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِي الْأُولَى(5/422)
"""""" صفحة رقم 423 """"""
وَلَا مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ : بِقَدْرِ ثُلُثِ ذَلِكَ ، أَيْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ ثُلُثِ الْمَالِ . قَوْلُهُ : ( بِمُحَابَاةٍ ) أَيْ بِنَقْصٍ عَنْ قِيمَتِهِ كَأَنْ اشْتَرَى بِخَمْسِينَ مَا يُسَاوِي مِائَةً . ا ه . سم . قَوْلُهُ : ( فَقَدْرُهَا ) : وَهُوَ الْخَمْسُونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ فَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْهُ ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الِاعْتِبَارِ ، بَلْ يُعْتَبَرُ مَا دَفَعَهُ فَقَطْ هُوَ الْخَمْسُونَ ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ مِائَةٌ أُخْرَى ، عَتَقَ الْعَبْدُ كُلُّهُ ، لِأَنَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي دَفَعَهَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَالْخَمْسُونَ الْمُحَابَى بِهَا قَطَعْنَا النَّظَرَ عَنْهَا فَلَوْ لَمْ نَقْطَعْ النَّظَرَ عَنْ الْمُحَابَى بِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ إلَّا إذَا كَانَ عِنْدَهُ مِائَتَانِ أُخْرَيَانِ ، غَيْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا الْخَمْسُونَ ، الَّتِي دَفَعَهَا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ ثُلُثِهَا مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي . قَوْلُهُ : ( لِرَقِيقٍ ) يَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ ، أَمَّا الْمُكَاتَبُ فَيَقْبَلُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ ، وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ فَفِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ وَفِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ كَالْقِنِّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ فَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قِنٌّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِسَيِّدِهِ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ا ه أ ج وَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شُرُوطِ السِّرَايَةِ . قَوْلُهُ : ( جُزْءُ بَعْضِ سَيِّدِهِ ) أَيْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ . قَوْلُهُ : ( وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ ) مُعْتَمَدٌ كَمَا فِي م ر وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ ضَعِيفٌ أ ج .
0 0
فَصْلٌ فِي الْوَلَاء
ِ قِيلَ : كَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهُ عَنْ أَبْوَابِ الْعِتْقِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِهِ . كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ : سَوَاءٌ كَانَ مُنْجَزًا إلَخْ . إلَّا أَنْ يُقَالَ : إنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِالْقَوْلِ : لِثُبُوتِهِ لِلْمُعْتِقِ وَلِعَصَبَتِهِ ، بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِيهِمَا لِلْعَصَبَةِ فَقَطْ . قَوْلُهُ : ( الْمُعَاوَنَةُ وَالْمُقَارَبَةُ ) مُتَغَايِرَانِ وَالْمُقَارَبَةُ لِلشَّيْءِ الْقُرْبُ مِنْهُ أَيْ فَكَأَنَّهُ أَحَدُ أَقَارِبِهِ . قَوْلُهُ : ( بِالْحُرِّيَّةِ ) الْأَوْلَى بِالْعِتْقِ . قَوْلُهُ : ( مُتَرَاخِيَةٌ ) أَيْ أَحْكَامُهَا الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَيْهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ . قَوْلُهُ : ( وَالصَّلَاةُ ) أَيْ عَلَيْهِ .(5/423)
"""""" صفحة رقم 424 """"""
قَوْلُهُ : ( لُحْمَةٌ ) أَيْ تَشَابُهٌ وَاخْتِلَاطٌ كَمَا تُخَالِطُ اللُّحْمَةُ سَدَى الثَّوْبِ حَتَّى يَصِيرَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُدَاخَلَةِ الشَّدِيدَةِ وَالسَّدَى بِفَتْحِ السِّينِ مَعَ الْقَصْرِ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ النَّاسِ بِالْقِيَامِ وَيُسَمُّونَهُ أَيْضًا بِالْمُسْدِيَةِ ا ه . وَفِي الْمُخْتَارِ اللُّحْمَةُ بِالضَّمِّ الْقَرَابَةُ . وَلُحْمَةُ الثَّوْبِ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ وَفِي الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ : حَكَى الْأَزْهَرِيُّ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ ، لَحْمَةُ الْقَرَابَةِ وَلَحْمَةُ النَّسَبِ اللَّامُ مَفْتُوحَةٌ فِيهِمَا . ثُمَّ قَالَ : وَالْعَامَّةُ يَقُولُونَ : بِضَمِّ اللَّامِ فِي الْحَرْفَيْنِ . وَاَلَّذِي أَعْرِفُهُ لُحْمَةُ النَّسَبِ بِضَمِّ اللَّامِ مَعَ جَوَازِ الْفَتْحِ وَلَحْمَةُ الثَّوْبِ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ ا ه وَقَالَ ق ل قَوْلُهُ : لُحْمَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا بِمَعْنَى الِاخْتِلَاطِ أَوْ بِمَعْنَى الْمُلَاصَقَةِ وَتَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ لَهُ : وَبِالْقَرَابَةِ بَعِيدٌ ا ه . قَوْلُهُ : ( أَيْ اخْتِلَاطٌ ) فَسَّرَ اللُّحْمَةَ هُنَا بِالِاخْتِلَاطِ وَفَسَّرَهَا فِيمَا يَأْتِي بِالْقَرَابَةِ وَيُمْكِنُ أَنَّ التَّفْسِيرَ الْأَوَّلَ لُغَوِيٌّ وَالثَّانِيَ شَرْعِيٌّ كَذَا قِيلَ : وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ الْعَكْسُ . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّهُ لَوْ وُرِثَ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَكَانَ حَقُّ التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ : لِأَنَّهُ لَوْ وُرِثَ لَمْ يَثْبُتْ لِلْعَصَبَةِ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ ا ه م د . قَوْلُهُ : ( مِنْ حُقُوقِ الْعِتْقِ ) أَيْ مِنْ آثَارِهِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ عَلَى الْعَتِيقِ وَلَوْ كَافِرًا وَلَا يَثْبُتُ مَعَهُ الْإِرْثُ مَا دَامَا عَلَى اخْتِلَافِ الدِّينِ وَهُوَ قِسْمَانِ : وَلَاءُ مُبَاشَرَةٍ ، وَهُوَ الَّذِي يَثْبُتُ عَلَى مَنْ مَسَّهُ رِقٌّ لِمَنْ وَقَعَ مِنْهُ الْعِتْقُ . وَوَلَاءُ سِرَايَةٍ وَهُوَ الَّذِي يَثْبُتُ عَلَى مَنْ لَمْ يَمَسَّهُ رِقٌّ ، مِنْ جِهَةِ أُصُولِهِ لِأَنَّ النِّعْمَةَ عَلَى الْأَصْلِ نِعْمَةٌ عَلَى فَرْعِهِ . ا ه . رَحْمَانِيٌّ . قَوْلُهُ : ( فَلَا يَنْتَفِي ) أَيْ الْوَلَاءُ بِنَفْيِهِ أَيْ بِإِنْكَارِهِ وَجَحْدِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُفَرَّعُ هُوَ الثَّانِيَ . ا ه . شَيْخُنَا . وَلَيْسَ لَنَا شَرْطٌ يَصِحُّ مَشْرُوطُهُ مَعَ فَسَادِ شَرْطِهِ ، إلَّا هَذَا وَالْعُمْرَى وَالرُّقْبَى . قَوْلُهُ : ( قَضَاءُ اللَّهِ ) أَيْ حُكْمُهُ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ . وَبِشَرْطِهِ أَيْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْثَقُ أَيْ أَقْوَى . قَوْلُهُ : ( إنَّمَا الْوَلَاءُ إلَخْ ) بَيَانٌ لِلشَّرْطِ . قَوْلُهُ : ( أَمْ بِصِفَةٍ ) أَيْ أَمْ حَصَلَ بِصِفَةٍ أَمْ بِكِتَابَةٍ بِأَدَاءٍ أَيْ مَعَ أَدَاءً إلَخْ ، إذْ الْعِتْقُ بِهِ لَا بِالْكِتَابَةِ كَمَا قَالَهُ ع ش : قَوْلُهُ : ( أَمْ بِقَرَابَةٍ ) فَإِنْ قُلْت : إنَّ الْغَرِيبَ مُتَّصِفٌ بِوَصْفِ الْقَرَابَةِ فَمَا فَائِدَةُ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ مَعَهَا . أُجِيبَ : بِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لِثُبُوتِ الْوَلَاءِ فَائِدَةٌ : فِي بِنْتٍ أَعْتَقَتْ أَبَاهَا وَلَمْ يَكُنْ غَيْرُهَا ، فَإِنَّهَا تَأْخُذُ النِّصْفَ بِالنَّسَبِ ، وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بِالْوَلَاءِ فَتُقَدَّمُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ، وَأَيْضًا الْأَيْمَانُ وَالتَّعَالِيقُ . قَوْلُهُ : ( أَوْ بِشِرَاءِ الرَّقِيقِ ) أَيْ أَمْ حَصَلَ بِشِرَاءِ الرَّقِيقِ وَانْظُرْ : لَوْ(5/424)
"""""" صفحة رقم 425 """"""
عَجَزَ عَنْ الثَّمَنِ هَلْ يَعُودُ رَقِيقًا . أَوْ يَسْتَمِرُّ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْيَسَارِ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ ، يَظْهَرُ الثَّانِي . قَوْلُهُ : ( أَمْ ضَمَانٌ ) قَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ : مُنَجَّزًا . وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الضِّمْنِيَّ مُنَجَّزٌ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ اسْتِقْلَالًا أَمْ ضِمْنًا . قَوْلُهُ : ( عَقْدُ عَتَاقَةٍ ) فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ فَيَكُونُ بَيْعُهُ لَهُ عِتْقًا لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْفَصْلِ . قَوْلُهُ : ( كَقَوْلِهِ : إلَخْ ) فِي كَوْنِ الْعِتْقِ ضِمْنِيًّا فِيمَا ذُكِرَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ وَالضِّمْنِيُّ إنَّمَا هُوَ الْبَيْعُ إنْ قَالَ : أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا أَوْ الْهِبَةُ إنْ لَمْ يَقُلْ . قَوْلُهُ : ( أَمَّا إذَا أَعْتَقَ غَيْرَهُ ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ : لِغَيْرِهِ إلَخْ . وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ : أَمَّا إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ . وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ : أَمَّا إذَا أَعْتَقَ غَيْرُهُ عَبْدَهُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيْ بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ : أَعْتَقْتُك عَنْ فُلَانٍ ، وَلَمْ يَكُنْ فُلَانٌ أَذِنَ لَهُ فِي إعْتَاقِهِ عَنْهُ ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُبَاشِرِ لِلْعِتْقِ خِلَافًا لِمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ عَتَقَ عَنْهُ لَا لِلْمَالِكِ . قَوْلُهُ : ( لَا يَثْبُتُ لَهُ ) أَيْ لِلَّذِي أَعْتَقَ عَنْهُ وَقَوْلُهُ : وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمَالِكِ مُعْتَمَدٌ . وَقَوْلُهُ : فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ضَعِيفٌ . قَوْلُهُ : ( وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ ) أَيْ مِنْ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ : وَالْوَلَاءُ مِنْ حُقُوقِ الْعِتْقِ . وَالثَّانِي أَظْهَرُ ، لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِيمَا ذَكَرَهُ عِتْقٌ لَا إعْتَاقٌ ، وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ ، لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إعْتَاقٌ وَإِنَّمَا الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِالْحُرِّيَّةِ فَقَطْ ، وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ صُورِيٌّ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَاصِلٌ بِإِقْرَارِهِ بِالْحُرِّيَّةِ لَا بِغَيْرِهِ . قَوْلُهُ : ( مَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ) أَيْ أَوْ أَمَةٍ بِيَدِ غَيْرِهِ . قَوْلُهُ : ( وَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ ) أَيْ لِلْمُقِرِّ وَهُوَ الْمُشْتَرِي قَوْلُهُ : ( مَوْقُوفٌ ) أَيْ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَالُ . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّ الْمِلْكَ بِزَعْمِهِ ) لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ حُرٌّ بِسَبَبِ إقْرَارِهِ بِالْحُرِّيَّةِ وَشِرَاؤُهُ افْتِدَاءٌ لَهُ مِمَّنْ يَسْتَخْدِمُهُ ، وَإِنَّمَا قَالَ : بِزَعْمِهِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ . قَوْلُهُ : ( وَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْإِمَامُ عَبْدًا ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ إعْتَاقِ الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ م ر . وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ عَدَمَ الصِّحَّةِ ، لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ بُطْلَانَ أَوْقَافِ الْجَرَاكِسَةِ ، لِأَنَّهُمْ أَرِقَّاءُ لَمْ يَقَعْ عِتْقُهُمْ ، بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ فَتَصَرُّفَاتُهُمْ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ بَاطِلَةٌ ، لِعَدَمِ صِحَّةِ مِلْكِهِمْ فَمَنْ اسْتَحَقَّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا أَيْ مِنْ الْأَوْقَافِ وَمَنْ لَا فَلَا . وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ الْعِتْقِ فَيَمْلِكُ الْإِنْسَانُ مَا أَعْطَوْهُ لَهُ . ا ه . م د .(5/425)
"""""" صفحة رقم 426 """"""
قَوْلُهُ : ( بَيْنَهُمَا ) أَيْ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ إذَا كَانَ لِلْمُسْلِمِ قَرِيبٌ كَافِرٌ . قَوْلُهُ : ( بِمَحْيَاهُ ) أَيْ بِأَحْكَامِ حَيَاتِهِ مِنْ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْعَقْلِ عَنْهُ ، وَمَمَاتِهِ أَيْ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَيَرِثُهُ . قَوْلُهُ : ( اخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهِ ) أَيْ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ . قَوْلُهُ : ( وَحَدِيثُ تَحُوزُ ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ . قَوْلُهُ : ( عَتِيقُهَا ) أَيْ مَوْرُوثُ عَتِيقِهَا . وَقَوْلُهُ : وَلَقِيطُهَا فِيهِ الشَّاهِدُ ، فَهُوَ وَجْهُ تَضْعِيفِهِ لِأَنَّ تَرِكَةَ اللَّقِيطِ لِبَيْتِ الْمَالِ لَا حَقَّ لَهَا : فِيهِ . وَأَمَّا وَلَدُهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ أَيْ لِأَجْلِهِ فَيُمْكِنُ أَنْ تَحُوزَ مَالَهُ بِأَنْ انْفَرَدَتْ ، وَلَمْ يَنْتَظِمْ بَيْتُ الْمَالِ ، فَتَحُوزُ مَالَهُ فَرْضًا وَرَدًّا ا ه .
0 0 قَوْلُهُ : ( وَحُكْمُهُ أَيْ الْإِرْثِ إلَخْ ) فِي تَفْسِيرِ الشَّارِحِ الضَّمِيرَ بِالْإِرْثِ قُصُورٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ : حُكْمُ التَّعْصِيبِ بِالنَّسَبِ فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ . فَالصَّوَابُ حَذْفُ الْإِرْثِ . وَجَعْلُ الضَّمِيرِ رَاجِعًا لِلْوَلَاءِ . وَحَاصِلُ ذَلِكَ : أَنَّ قَوْلَهُ : أَيْ الْإِرْثُ فِيهِ مُسَامَحَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ : الْأَوَّلُ أَنَّ الْإِرْثَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ وَالثَّانِي أَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَ الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ حُكْمَ التَّعَصُّبِ بِالنَّسَبِ فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ مِنْهَا الْإِرْثُ فَتَئُولُ : الْعِبَارَةُ إلَى أَنَّ حُكْمَ الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ حُكْمُ التَّعْصِيبِ بِالنَّسَبِ فِي الْإِرْثِ مَعَ زِيَادَةٍ وَفِي تِلْكَ رَكَاكَةٌ فَكَانَ الْأَوْلَى إبْقَاءَ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَيُقْتَصَرُ عَلَى قَوْلِهِ : فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ عَقِبَ النَّسَبِ . قَوْلُهُ : ( فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ ) وَجَمِيعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ . قَوْلُهُ : ( وَيَنْتَقِلُ ) الْوَلَاءُ أَيْ فَائِدَتُهُ كَالْإِرْثِ بِهِ وَإِلَّا فَالْوَلَاءُ نَفْسُهُ لَا يَنْتَقِلُ كَمَا أَنَّ نَسَبَ الْإِنْسَانِ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ . قَوْلُهُ : ( دُونَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ ) كَالْأُمِّ وَالْأَخِ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ . وَقَوْلُهُ : وَمَنْ يَعْصِبُهُمْ كَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ ، وَهُوَ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ . قَوْلُهُ : ( ظَاهِرُ كَلَامِهِ ) أَيْ حَيْثُ قَالَ : وَيَنْتَقِلُ . وَيُجَابُ : بِأَنَّ الْمَتْنَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ ، أَيْ فَوَائِدُ الْوَلَاءِ ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ كَانَ ثَابِتًا لَهُ مِنْ قَبْلُ .(5/426)
"""""" صفحة رقم 427 """"""
قَوْلُهُ : ( فِي حَيَاتِهِ ) وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ فَاسِقًا انْتَقَلَتْ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ عَصَبَتِهِ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ كَافِرًا وَالْعَتِيقُ وَالْعَاصِبُ مُسْلِمَيْنِ وَمَاتَ الْعَتِيقُ ، فَإِنَّهُ يَرِثُهُ الْعَاصِبُ الْمُسْلِمُ ، مَعَ حَيَاةِ الْمُعْتِقِ الْكَافِرِ . قَوْلُهُ : ( إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ إلَّا عَتِيقُهَا بِإِسْقَاطِ مِنْ . قَوْلُهُ : ( أَوْ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ ) صَوَابُهُ : أَوْ مُنْتَمٍ لِأَنَّهُ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مِنْ عَتِيقِهَا إلَّا أَنَّهَا سَرَتْ لَهُ مِنْ الْمَنْهَجِ ، وَهِيَ فِيهِ نَصْبُهَا صَحِيحٌ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا مَنْصُوبٌ وَعِبَارَتُهُ : إلَّا عَتِيقَهَا ، وَمُنْتَمِيًا إلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ : مِنْ فُرُوعِهِ أَوْ مِنْ عُتَقَائِهِ ، وَعِبَارَةُ الشِّنْشَوْرِيُّ : وَكَمَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ عَلَى الْعَتِيقِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى يَثْبُتُ عَلَى أَوْلَادِهِ ، وَأَحْفَادِهِ ، وَعَلَى عَتِيقِهِ ، وَعَتِيقِ عَتِيقِهِ إلَخْ . قَوْلُهُ : ( بِنَسَبٍ ) أَيْ كَابْنِهِ ، وَبِنْتِهِ ، وَابْنِ ابْنِهِ ، وَبِنْتِ ابْنِهِ ، وَإِنْ سَفَلُوا لَا نَحْوِ إخْوَتِهِ ، وَأَعْمَامِهِ ، وَأُصُولِهِ . قَوْلُهُ : ( لِمَا مَرَّ أَنَّهَا لَا تَرِثُ ) أَيْ لِتَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى الْعُصُوبَةِ بِالنَّفْسِ وَهُوَ لَا يُوجَدُ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الْبُنُوَّةُ ، بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مُعْتِقَةَ مُعْتِقٍ . قَوْلُهُ : ( وَمَحَلُّ مِيرَاثِهَا إلَخْ ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ : بِلَا وَارِثٍ إلَخْ قَوْلُهُ : ( فَمِيرَاثُ الْعَتِيقِ لَهُ ) أَيْ لِلْعَاصِبِ وَقَوْلُهُ : ( لِأَنَّ مُعْتِقَ الْمُعْتِقِ ) ، وَهُوَ الْبِنْتُ هُنَا . قَوْلُهُ : ( مُتَأَخِّرٌ عَنْ عُصُوبَةٍ ) كَالْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ . قَوْلُهُ : ( فَقَالُوا : إنَّ الْمِيرَاثَ لِلْبِنْتِ ) لَا لِلْأَخِ وَلَا لِابْنِ الْعَمِّ الْمُتَقَدِّمِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ مِنْهُمَا . وَغَفَلُوا عَنْ أَنَّ جِهَةَ الْقُرْبِ شَرْطُ الْإِرْثِ بِهَا وُجُودُ الْعُصُوبَةِ فِيهَا وَهِيَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا بِنْتًا لَا عُصُوبَةَ لَهَا ، وَإِنَّمَا عُصُوبَتُهَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا مُعْتِقَةَ الْمُعْتِقِ وَهِيَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ مُتَأَخِّرَةُ الرُّتْبَةِ عَنْ الْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ . ا ه . م د . قَوْلُهُ : ( عَصَبَةٌ لَهُ ) أَيْ لِلْأَبِ ، فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهَا مُعْتِقَتُهُ لَا عَصَبَتُهُ . قَوْلُهُ : ( ثُمَّ مُعْتِقُهُ ) أَيْ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ . قَوْلُهُ : ( وَوَارِثُ الْعَبْدِ هَهُنَا عَصَبَتُهُ ) أَيْ الْمُعْتِقِ وَهُوَ أَخُوهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ . قَوْلُهُ : ( فَكَانَ ) أَيْ الْعَاصِبُ مُقَدَّمًا عَلَى مُعْتِقِ مُعْتِقِهِ ، وَهِيَ بِنْتُهُ وَقَوْلُهُ : مَعَ وُجُودِهِ أَيْ الْعَاصِبِ . قَوْلُهُ : ( وَنِسْبَةُ غَلَطِ الْقُضَاةِ إلَخْ ) الْعِبَارَةُ فِيهَا قَلْبٌ أَيْ نِسْبَةُ الْقُضَاةِ لِلْغَلَطِ . قَوْلُهُ : ( أَخٌ وَأُخْتٌ ) وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ(5/427)
"""""" صفحة رقم 428 """"""
أَيْضًا بِمَا إذَا اشْتَرَتْ الْأُخْتُ فَقَطْ أَبَاهَا . ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ ، ثُمَّ الْعَتِيقُ عَنْهَا ، وَعَنْ أَخِيهَا فَيَكُونُ : مِيرَاثُهُ لِلْأَخِ فَقَطْ ، وَعَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ جَرَى السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ نَظْمًا فَقَالَ : إذَا مَا اشْتَرَتْ بِنْتٌ مَعَ ابْنٍ أَبَاهُمَا وَصَارَا لَهُ بَعْدَ الْعَتَاقِ مَوَالِي وَأَعْتَقَهُمْ ثُمَّ الْمَنِيَّةُ عَجَّلَتْ عَلَيْهِ وَمَاتُوا بَعْدَهُ بِلَيَالِي وَقَدْ خَلَّفُوا مَالًا فَمَا حُكْمُ مَالِهِمْ هَلْ الِابْنُ يَحْوِيهِ وَلَيْسَ يُبَالِي أَمْ الْأُخْتُ تَبْقَى مَعَ أَخِيهَا شَرِيكَةً وَهَذَا مِنْ الْمَسْئُولِ جُلُّ سُؤَالِي فَأَجَابَ : لِلِابْنِ جَمِيعُ الْمَالِ إذْ هُوَ عَاصِبٌ وَلَيْسَ لِفَرْضِ الْبِنْتِ إرْثُ مَوَالِي وَإِعْتَاقُهَا تُدْلِي بِهِ بَعْدَ عَاصِبٍ لِذَا حُجِبَتْ فَافْهَمْ حَدِيثَ سُؤَالِي وَقَدْ غَلِطَتْ فِيهِ طَوَائِفُ أَرْبَعٌ مِئِينَ قُضَاةٌ مَا وَعَوْهُ بِبَالِي ا ه مَا فِي فَتَاوَى السُّبْكِيّ . قَوْلُهُ : ( لِلْأَخِ وَحْدَهُ ) أَيْ لِأَخِ الْبِنْتِ : وَهُوَ ابْنُ الْمَيِّتِ وَإِنَّمَا كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ لِأَنَّهُ عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ بِخِلَافِ الْبِنْتِ فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا الْوَلَاءُ عَلَى الْعَبْدِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّ أَخَاهَا عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ مِنْ النَّسَبِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ . قَوْلُهُ : ( وَالْوَلَاءُ لِأَعْلَى الْعَصَبَاتِ ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ وَفِي نُسْخَةٍ وَالْوَلَاءُ عَلَى الْعَصَبَاتِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَالْمَعْنَى عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ ا ه أ ج . وَهَذَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ . قَوْلُهُ : ( مِثَالُهُ ) : أَيْ الْأَعْلَى . قَوْلُهُ : ( فَلَوْ مَاتَ الْآخَرُ ) أَيْ ابْنُ الْمُعْتِقِ وَهُوَ عَمُّ الْوَلَدِ الْمَوْجُودِ . قَوْلُهُ : ( فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا ) أَيْ الْعَتِيقِ وَأَبِي مُعْتِقِهِ ، أَمَّا الْعَتِيقُ فَلِأَنَّهُ مُعْتَقٌ لَهُ وَأَمَّا أَبُو الْمُعْتِقِ فَلِأَنَّهُ عَصَبَةُ مُعْتِقِهِ . قَوْلُهُ : ( فَلَا وَلَاءَ لِوَاحِدَةٍ ) أَيْ لَا وَلَاءَ مِنْ أَبِيهَا إلَيْهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي شِرَاءِ الْأَبِ . أَيْ فَلَا يُقَالُ : كُلٌّ مِنْهُمَا تَقُولُ لِلْأُخْرَى أَنْتِ بِنْتُ عَتِيقِي فَأَرِثُك لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ : لَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا أَوْ مِنْ مُنْتَمٍ إلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ وَعِبَارَةُ م د . وَقَوْلُهُ : فَلَا وَلَاءَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَيْ لِأَنَّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَاءُ مُبَاشَرَةٍ فَإِذَا مَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَلِلْأُخْرَى نِصْفُ مَالِهَا ، بِالْأُخُوَّةِ وَالْبَاقِي لَمُعْتَقِهَا بِالْوَلَاءِ . وَالْحَاصِلُ : أَنَّ هَذِهِ لَا تُقَاسُ(5/428)
"""""" صفحة رقم 429 """"""
عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا وَهُمْ مَا إذَا أَعْتَقَ أَبَا مُعْتِقِهِ ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَسْرِي مِنْ الِابْنِ ، فَلِذَلِكَ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْوَلَاءُ عَلَى الْآخَرِ بِخِلَافِ هَذِهِ فَلَا وَلَاءَ مِنْ أَبِيهِمَا إلَيْهِمَا حَتَّى يَصِيرَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْوَلَاءُ عَلَى الْأُخْرَى . أَيْ فَلَا يُقَالُ : كُلٌّ مِنْهُمَا تَقُولُ لِلْأُخْرَى أَنْتِ بِنْتُ عَتِيقِي فَإِرْثُك لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ : لَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا أَوْ مِنْ مُنْتَمٍ إلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ . وَجَوَابُهُ : أَنَّ مَا مَرَّ فِي عِتْقِ الْكُلِّ لَا الْبَعْضِ ، أَيْ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ لَمْ تُعْتِقْ إلَّا الْبَعْضَ ا ه . وَفِي الْجَوَابِ وَقْفَةٌ فَحَرِّرْهُ . ا ه . م د . قَوْلُهُ : ( وَلَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ مُسْلِمًا ) وَعَكْسُهُ لَوْ أَعْتَقَ مُسْلِمٌ عَبْدًا كَافِرًا وَمَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ فَمِيرَاثُهُ : لِلِابْنِ الْكَافِرِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَرِثُ الْمُعْتَقَ بِصِفَةِ الْكُفْرِ . ا ه . شَنْشُورِيٌّ . قَوْلُهُ : ( بَعْدَ مَوْتِ مُعْتِقِهِ ) لَيْسَ بِقَيْدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ ثَابِتٌ لِعَصَبَتِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ . قَوْلُهُ : ( لِبَيْتِ الْمَالِ ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ مِيرَاثَهُ لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ ، وَلَا يَكُونُ أَبُوهُ مَانِعًا لَهُ لِأَنَّ مَنْ قَامَ بِهِ وَصْفٌ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ يَصِيرُ بِهِ كَالْمَعْدُومِ وَيَنْتَقِلُ الْإِرْثُ لِمَنْ بَعْدَهُ . 0 0 قَوْلُهُ : ( لَوْ نَكَحَ عَبْدٌ ) خَرَجَ بِهِ الْحُرُّ فَلَا وَلَاءَ عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْهَا ح ل . قَوْلُهُ ( مُعْتَقَةً ) اسْمُ مَفْعُولٍ بِالنَّصْبِ وَالتَّنْوِينِ وَهُوَ مَفْعُولٌ لِنَكَحَ . قَوْلُهُ : ( لِمَوَالِي الْأُمِّ ) فِي النُّسَخِ الصِّحَاحِ لِمَوْلَى الْأُمِّ . وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ : لِأَنَّهُ لَكِنْ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ : مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ إلَخْ الْجَمْعُ . وَأُجِيبَ : عَنْ إفْرَادِ الضَّمِيرِ ، بِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَوْلَى الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَوَالِي . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّهُ الْمُنْعِمُ ) أَيْ الْمَوْلَى الْمَفْهُومَ مِنْ الْمَوَالِي . قَوْلُهُ : ( إنَّمَا ثَبَتَ لِمَوَالِي الْأُمِّ ) أَيْ ابْتِدَاءً لِعَدَمِهِ أَيْ الْوَلَاءِ . قَوْلُهُ : ( وَمَعْنَى الِانْجِرَارِ ) أَشَارَ بِهِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى الِانْجِرَارِ أَنَّهُ يَنْعَطِفُ : عَلَى مَا قِبَلَ الْمُنْجَرِّ إلَيْهِ . حَتَّى يَسْتَرِدَّ بِهِ مِيرَاثَهُ مِمَّنْ انْجَرَّ عَنْهُ زي . قَوْلُهُ : ( فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ ) أَيْ مِنْ مَوَالِي الْأَبِ . قَوْلُهُ : ( بَلْ يَكُونُ الْمِيرَاثُ لِبَيْتِ الْمَالِ ) أَيْ لِعَدَمِ الْعَصَبَةِ ، بِالْوَلَاءِ الْآنَ .(5/429)
"""""" صفحة رقم 430 """"""
قَوْلُهُ : ( فَإِنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ : فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ إلَخْ . قَوْلُهُ : ( فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ ) أَيْ بِفَرْضِ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا وَإِلَّا فَفَرْضُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، أَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا ا ه أ ج . قَوْلُهُ : ( جَرَّ وَلَاءَ إخْوَتِهِ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي الْإِخْوَةِ كَوْنُهُمْ أَشِقَّاءَ ، بَلْ مَتَى كَانَ عَلَى إخْوَتِهِ وَلَاءٌ انْجَرَّ مِنْ مَوَالِيهِمْ إلَيْهِ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ . قَوْلُهُ : انْجَرَّ وَلَاءُ إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ فَإِنَّ الْأُخُوَّةَ لِلْأَبِ تَصْدُقُ بِالْأُخُوَّةِ لِلْأَبِ وَلِلْأُمِّ ، وَبِالْأُخُوَّةِ لِلْأَبِ وَحْدَهُ . ا ه . ع ش عَلَى م ر . وَانْظُرْ أَيَّ فَائِدَةٍ فِي جَرِّ وَلَاءِ إخْوَتِهِ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَرِثُهُمْ بِالنَّسَبِ وَقَدْ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ الْمُعْتَقُ أُنْثَى . فَإِنَّ إرْثَهُ لَهُمْ بِالنَّسَبِ فَقَطْ النِّصْفُ فَرْضًا وَبِالْوَلَاءِ النِّصْفُ فَرْضًا بِالنَّسَبِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِالْوَلَاءِ تَعْصِيبًا . قَوْلُهُ : ( إلَيْهِ ) أَيْ إلَى هَذَا الْوَلَدِ . قَوْلُهُ : ( وَلَا يَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهِ إلَخْ ) أَيْ وَإِذَا تَعَذَّرَ جَرُّهُ بَقِيَ مَوْضِعُهُ شَرْحُ الْبَهْجَةِ أَيْ فَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِي الْأُمِّ عَلَى الصَّحِيحِ . وَقِيلَ : إنَّهُ يَصِيرُ كَحُرِّ الْأَصْلِ ، وَلَا وَجْهَ لَهُ . ا ه . شَيْخُنَا . قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ : وَعَلَيْهِ لَوْ مَاتَتْ إخْوَتُهُ وَرِثَهُمْ مَوَالِي أُمِّهِ لِأَنَّ لَهُمْ الْوَلَاءَ عَلَى هَذَا الْوَلَدِ الَّذِي لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى إخْوَتِهِ بِعِتْقِ أَبِيهِ . 0 0
فَصْلٌ : فِي التَّدْبِير
ِ أَيْ فِي الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ . قَوْلُهُ : ( وَهُوَ لُغَةً النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ ) وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ) التَّدْبِيرُ نِصْفُ الْمَعِيشَةِ ( وَالتَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِ وَأَمَّا فِي حَقِّ الْبَارِي فَمَعْنَاهُ إبْرَامُ الْأَمْرِ وَتَنْفِيذُهُ وَقَضَاؤُهُ ا ه . مِنْ كِفَايَةِ الطَّالِبِ لِأَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيِّ . قَوْلُهُ : ( تَعَلُّقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ ) أَيْ مَوْتِ السَّيِّدِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ صِفَةٍ قَبْلَهُ ، لَا مَعَهُ وَلَا بَعْدَهُ . وَالْمُرَادُ : تَعْلِيقُ عِتْقٍ مِنْ مَالِكٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ فَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالتَّعَالِيقُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهَا ، كَمَا لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَالشَّوْبَرِيُّ . فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَزِيدَ لَفْظَ مِنْ مَالِكٍ . قَوْلُهُ : ( فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ ) أَيْ فَلَا(5/430)
"""""" صفحة رقم 431 """"""
يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِالْقَوْلِ : كَمَا تَقَدَّمَ . قَوْلُهُ : ( وَلِهَذَا ) أَيْ لِكَوْنِهِ تَعْلِيقَ عِتْقٍ قَوْلُهُ : لَا يَفْتَقِرُ إلَى إعْتَاقٍ أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ . قَوْلُهُ : ( دُبُرُ ) بِضَمَّتَيْنِ . وَتُسَكَّنُ الْبَاءُ تَخْفِيفًا أَيْ عَقِبَ الْحَيَاةِ . قَوْلُهُ : ( دَبَّرَ غُلَامًا ) اسْمُ الْغُلَامِ يَعْقُوبُ وَالسَّيِّدِ أَبُو مَذْكُورٍ الْأَنْصَارِيُّ ا ه . أ ج . قَوْلُهُ : ( فَبَاعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَيْ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى الرَّجُلِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالنَّظَرِ فِي مَصَالِحِهِمْ بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَرْسَلَ ثَمَنَهُ إلَيْهِ . وَقَالَ : اقْضِ دَيْنَك ، ا ه ابْنُ شَرَفٍ . وَفِي م د عَلَى التَّحْرِيرِ فَبَاعَهُ أَيْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَقِيلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إذْ الدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّدْبِيرِ فَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا ا ه . قَوْلُهُ : ( فَتَقْرِيرُهُ ) أَيْ لِلتَّدْبِيرِ الْمَفْهُومِ مِنْ دَبَّرَ . ققَوْلُهُ : ( أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ ) أَيْ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِهِ ا ه . قَوْلُهُ : ( بَعْدَ مَوْتِي ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ . قَوْلُهُ : ( أَوْ دَبَّرْتُكَ إلَخْ ) وَلَوْ دَبَّرَ جُزْءًا فَإِنْ كَانَ شَائِعًا كَدَبَّرْتُ ثُلُثَك أَوْ نِصْفَك كَانَ تَدْبِيرًا لِذَلِكَ الْجُزْءِ فَقَطْ وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ ذَلِكَ الْجُزْءُ فَقَطْ ، وَلَا سِرَايَةَ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مُعْسِرٌ أَوْ غَيْرُ شَائِعٍ كَدَبَّرْتُ يَدَك فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي تَدْبِيرِ الْكُلِّ لِأَنَّ مَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ يَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّهِ كَالطَّلَاقِ . وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْجُزْءِ الشَّائِعِ حَيْثُ لَا يَسْرِي بِأَنَّ التَّشْقِيصَ مَعْهُودٌ فِي الشَّائِعِ دُونَ الْيَدِ وَنَحْوِهَا ا ه . شَرْحُ م ر . قَوْلُهُ : ( أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ ) : وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي أَيْ فَلَا تَحْتَاجُ مَادَّةُ التَّدْبِيرِ إلَى أَنْ يَقُولَ : بَعْدَ مَوْتِي بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ صَنِيعِهِ . قَوْلُهُ : ( أَوْ حَبَسْتُك ) أَيْ مَنَعْت عَنْك التَّصَرُّفَاتِ بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ . وَأَنْتَ خَبِيرٌ لِأَنَّهُ مِنْ صِيَغِ الْوَقْفِ . فَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِوَقْفِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَكُونُ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ وَمَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ . فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كِنَايَةً فِي التَّدْبِيرِ . وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَالْوَصِيَّةَ مُتَقَارِبَانِ لِصِحَّةِ نِيَّةِ التَّدْبِيرِ بِصَرَائِحِ الْوَقْفِ الْقَرِيبَةِ لِذَلِكَ . ا ه . حَجّ . قَوْلُهُ : ( بَعْدَ مَوْتِي ) رَاجِعٌ لِلِاثْنَيْنِ . قَوْلُهُ : ( مِنْ ثُلُثِهِ ) أَيْ(5/431)
"""""" صفحة رقم 432 """"""
ثُلُثِ مَالِهِ أَيْ إنْ خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ إنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ا ه . عَزِيزِيٌّ . قَوْلُهُ : ( بَعْدَ الدَّيْنِ ) أَيْ وَبَعْدَ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنْجَزَةِ . قَوْلُهُ : ( وَعَتَقَ ثُلُثُ الْبَاقِي ) وَهُوَ سُدُسُهُ . قَوْلُهُ : ( فَإِذَا مَاتَ ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ : فَإِذَا مَرِضَ أَوْ مَاتَ قَالَ الْمَرْحُومِيُّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي صُورَةِ مَوْتِ الْفَجْأَةِ دُونَ صُورَةِ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ نَزَلَ بِهِ الْمَرَضُ قَبْلَ مُضِيِّ يَوْمٍ مِنْ التَّعْلِيقِ وَاسْتَمَرَّ الْمَرَضُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ ثُمَّ مَاتَ . فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ يَوْمٍ قَبْلَ الْمَرَضِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْعِبَارَةَ فِيهَا تَجَوُّزٌ ، بِأَنْ نَزَلَ ابْتِدَاءُ الْمَرَضِ مَنْزِلَةَ الْمَوْتِ ، فَسَمَّاهُ مَوْتًا تَسْمِيَةً لِلسَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبَّبِ . وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ م د . قَوْلُهُ : ( فِي ذَا الشَّهْرِ ) وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ : فِي ذَا الشَّهْرِ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إمْكَانِ حَيَاتِهِ الْمُدَّةَ الْمُعَيَّنَةَ عَادَةً فَنَحْوُ إنْ مِتّ بَعْدَ أَلْفِ سَنَةٍ فَأَنْتَ حُرٌّ بَاطِلٌ . ا ه . س ل . قَوْلُهُ : ( فَإِنْ وُجِدَتْ ) أَيْ قَبْلَ الْمَوْتِ . قَوْلُهُ : ( وَشُرِطَ لِحُصُولِ الْعِتْقِ ) الْأَوْلَى لِحُصُولِ التَّدْبِيرِ لِأَنَّ هَذَا تَدْبِيرٌ وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ مِنْهُ الْعِتْقُ . قَوْلُهُ : ( إنْ مِتّ ثُمَّ دَخَلْت الدَّارَ ) وَلَوْ قَالَ : إنْ مِتّ وَدَخَلْت فَأَنْتَ حُرٌّ اُشْتُرِطَ الدُّخُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الدُّخُولَ قَبْلَهُ . نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيِّ هُنَا . وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ . قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ . فَقَدْ ذَكَرَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّ هَذَا وَجْهٌ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ ا ه زي . قَوْلُهُ : ( وَلِلْوَارِثِ كَسْبُهُ ) هَلْ لَهُ وَطْؤُهَا . مَالَ الطَّبَلَاوِيُّ لِلْمَنْعِ فَلْيُحَرَّرْ وَلَوْ نَجَّزَ عِتْقَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ هَلْ يَنْفُذُ احْتِمَالَانِ فِي الزَّرْكَشِيّ عَنْ ابْنِ أَبِي الدَّمِ . وَصَوَّبَ الدَّمِيرِيُّ النُّفُوذَ قَالَ : وَكَمْ مِنْ رَقِيقَةٍ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا وَيَجُوزُ عِتْقُهَا كَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ . ا ه . سم وَفِيهِ أَيْضًا عَلَى ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَصِيرَ مُسْتَوْلَدَةً مِنْ الْوَارِثِ فَيَتَأَخَّرُ إعْتَاقُهَا وَفِي مَعْنَى كَسْبِهِ اسْتِخْدَامُهُ وَإِجَارَتُهُ ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ .(5/432)
"""""" صفحة رقم 433 """"""
قَوْلُهُ : ( وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَخْ ) وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَالِكِ حَيْثُ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ ، فَإِنَّهُ مُفَوِّتٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَارِثُ فَإِنَّهُ مُفَوِّتٌ عَلَى غَيْرِهِ فَمَنَعَ مِنْهُ لِذَلِكَ ا ه . وَنَظِيرُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ الزِّيَادِيُّ لِلْمُوصِي الرُّجُوعُ فِي وَصِيَّتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي الرُّجُوعُ أ ج . قَوْلُهُ : ( وَهَذَا لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ ) وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ التَّدْبِيرِ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ عَرَّفَ التَّدْبِيرَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ : فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ ، فَيَقْتَضِي أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ فِي الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ : إنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا مُطْلَقًا فَكُلُّ تَدْبِيرٍ تَعْلِيقٌ وَلَا عَكْسَ . فَإِذَا عَلَّقَ الْعِتْقَ عَلَى الْمَوْتِ أَوْ مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ فَهُوَ تَدْبِيرٌ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ وَيُقَالُ لَهُ تَعْلِيقٌ أَيْضًا وَإِنْ عَلَّقَهُ بِغَيْرِ الْمَوْتِ أَوْ بِالْمَوْتِ وَشَيْءٍ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ مَحْسُوبٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يُقَالُ لَهُ تَدْبِيرٌ . قَوْلُهُ : ( لَيْسَ هُوَ الْمَوْتَ فَقَطْ ) بَلْ مَعَ الدُّخُولِ أَوْ مُضِيِّ شَهْرٍ بَعْدَهُ ع ش . وَقَوْلُهُ : ( وَلَا مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ عُلِّقَ عَلَى الْمَوْتِ مَعَ شَيْءٍ قَبْلَهُ كَانَ تَدْبِيرًا ا ه . سم عَلَى الْمَنْهَجِ . 0 0 قَوْلُهُ : ( وَلَوْ قَالَ إنْ شِئْت ) أَيْ إنْ شِئْت الْحُرِّيَّةَ . قَوْلُهُ : ( اُشْتُرِطَ وُقُوعُ الْمَشِيئَةِ قَبْلَ الْمَوْتِ إلَخْ ) : وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ : إنْ مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْت فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ إرَادَةَ الْمَشِيئَةِ فِي الْحَيَاةِ وَيَحْتَمِلُ الْمَشِيئَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُرَاجَعُ وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى إرَادَتِهِ ، فَإِنْ قَالَ : أَطْلَقْت وَلَمْ أَنْوِ شَيْئًا فَالْأَصَحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمَشِيئَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ . وَبِهِ أَجَابَ الْأَكْثَرُونَ : مِنْهُمْ الْعِرَاقِيُّونَ وَشَرَطُوا أَنْ تَكُونَ الْمَشِيئَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى الْفَوْرِ ا ه . زي . قَوْلُهُ : ( قَبْلَ الْمَوْتِ ) لِتَقَدُّمِهَا فِي الصِّيغَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ : إذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْت فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْمَشِيئَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِتَأَخُّرِهَا . كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ . قَوْلُهُ : ( فَوْرًا ) أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْمَشِيئَةِ فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَالْمُرَادُ بِالتَّوَاجُبِ أَيْ التَّخَاطُبِ فَإِنَّ الْخِطَابَ إلْقَاءُ الْكَلَامِ إلَى الْغَيْرِ بِقَصْدِ الْإِفْهَامِ . قَوْلُهُ : ( وَلَوْ قَالَا ) أَيْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا ع ش . قَوْلُهُ : ( بِمَوْتِ الشَّرِيكِ ) أَيْ الَّذِي يَمُوتُ آخِرًا . قَوْلُهُ : ( وَلَهُ ) أَيْ لِلْوَارِثِ كَسْبُهُ . أَيْ كَسْبُ نَصِيبِهِ وَقَوْلُهُ : ثُمَّ عِتْقُهُ . قَالَ شَيْخُنَا : وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمَا إذَا قَالَا ذَلِكَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نَصِيبُ كُلٍّ بِمَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا : إنَّهُ مُدَبَّرٌ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا مَا خَرَجَ مِنْ(5/433)
"""""" صفحة رقم 434 """"""
الثُّلُثِ ا ه . قَوْلُهُ : ( الْمُتَأَخِّرُ مَوْتًا ) مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ وَإِنَّمَا كَانَ مُدَبَّرًا لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَشَيْءٍ سَبَقَهُ وَهُوَ مَوْتُ الشَّرِيكِ الْمُتَقَدِّمِ . وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ جَوَازُ بَيْعِ الْمُتَأَخِّرِ مَوْتًا لِنَصِيبِهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ التَّدْبِيرِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا صَرِيحًا فَلْيُرَاجَعْ ، ثُمَّ رَأَيْت سم صَرَّحَ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ وَأَمَّا نَصِيبُ الْمَيِّتِ فَبَاقٍ عَلَى تَعْلِيقِهِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا . قَوْلُهُ : ( دُونَ نَصِيبِ الْمُتَقَدِّمِ ) لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ وَغَيْرِهِ ح ل . قَوْلُهُ : ( وَعَدَمُ صِبًا إلَخْ ) : لَمْ يَقُلْ مُكَلَّفًا مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِيَشْمَلَ كَلَامُهُ السَّكْرَانَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بَلْ فِي حُكْمِهِ . قَوْلُهُ : ( وَمِنْ مُبَعَّضٍ ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كَذَلِكَ ا ه . شَوْبَرِيٌّ . قَوْلُهُ : ( وَلِحَرْبِيٍّ حَمْلُ مُدَبَّرِهِ ) إنْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ فَلَوْ دَخَلَهَا بِغَيْرِ أَمَانٍ فَلَيْسَ لَهُ حَمْلُهُ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا ظَفِرْنَا بِهِ مِنْ مَالِهِ صَارَ مِلْكًا لَنَا . وَقَوْلُهُ : حَمْلُ مُدَبَّرِهِ أَيْ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ . وَمَنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ شَوْبَرِيٌّ عِبَارَةُ م ر . وَكَذَا لَهُ حَمْلُ أُمِّ وَلَدِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ كَافِرًا أَصْلِيًّا . أَمَّا لَوْ كَانَا مُرْتَدَّيْنِ فَيُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهَا مَعَهُ كَمَا قَالَهُ م ر ا ه . قَوْلُهُ : ( نُزِعَ مِنْهُ ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا حَيْثُ قُلْتُمْ : بِيعَ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُولُوا : يُنْزَعُ مِنْهُ وَيُجْعَلُ عِنْدَ عَدْلٍ كَمَا هُنَا أَنَّهُ فِي الْأُولَى مُسْلِمٌ ابْتِدَاءً وَهُوَ مَأْمُورٌ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ ابْتِدَاءً وَالتَّدْبِيرُ لَيْسَ فِيهِ زَوَالُ مِلْكٍ . وَفِي الثَّانِيَةِ وَقَعَ التَّدْبِيرُ وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا يُقَالُ : يُبَاعُ عَلَيْهِ وَيَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي دَوَامِ الْإِسْلَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي ابْتِدَائِهِ . قَوْلُهُ : ( أَنْ يَبِيعَهُ ) فَإِنْ بَاعَ فَالْبَاقِي مُدَبَّرٌ شَوْبَرِيٌّ . قَوْلُهُ : ( وَنَحْوُ ذَلِكَ ) مِنْ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ كَالْوَقْفِ إلَّا رَهْنَهُ فَلَا يَصِحُّ وَلَوْ عَلَى حَالٍ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ سَيِّدِهِ فَجْأَةً فَيَفُوتُ الرَّهْنُ بِعِتْقِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ . قَوْلُهُ : ( وَإِنْ مَلَكَهُ بِنَاءً إلَخْ ) : وَإِنْ بَنَيْنَا عَلَى عَوْدِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ عَادَ التَّدْبِيرُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ : كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ . قَوْلُهُ ( بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ خَالَعَهَا ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا آخَرَ ثُمَّ دَخَلَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ الثَّانِي أَوْ فِي مُدَّةِ الْبَيْنُونَةِ . فَإِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْحِنْثَ لَا يَعُودُ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ .(5/434)
"""""" صفحة رقم 435 """"""
قَوْلُهُ : ( وَيَبْطُلُ ) أَيْ التَّدْبِيرُ أَيْضًا بِإِيلَادٍ إلَخْ . لِأَنَّهُ أَيْ الْإِيلَادَ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ أَيْ الْإِيلَادَ . قَوْلُهُ : ( كَمَا يَرْفَعُ مِلْكَ الْيَمِينِ النِّكَاحُ ) أَيْ فِيمَا إذَا مَلَكَ زَوْجَتَهُ . قَوْلُهُ : ( صِيَانَةً لِحَقِّ الْمُدَبَّرِ عَنْ الضَّيَاعِ ) ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُؤَثِّرُ فِي الْعُقُودِ الْمُسْتَقْبَلَةِ دُونَ الْمَاضِيَةِ شَرْحُ م ر . قَوْلُهُ : ( فَيَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ ) أَيْ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ فَيْئًا لَا إرْثًا لِأَنَّ الشَّرْطَ تَمَامُ الثُّلُثَيْنِ لِمُسْتَحِقِّهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا وَرَثَةً س ل . قَوْلُهُ : ( وَإِنْ كَانَا مُرْتَدَّيْنِ ) لِأَنَّ هَذَا دَوَامٌ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ تَدْبِيرَ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفٌ . قَوْلُهُ : ( وَلَا إنْكَارَ التَّدْبِيرِ ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ : وَلَا بِإِنْكَارِ . قَوْلُهُ : ( فَيَحْلِفُ إلَخْ ) تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْكَارَ لَيْسَ رُجُوعًا أَيْ فَيَتَوَقَّفُ بُطْلَانُهُ عَلَى حَلِفِهِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا . قَوْلُهُ : ( وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ الْمُكَاتَبِ ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ . قَوْلُهُ : ( تَعْلِيقُ كُلٍّ مِنْهُمَا ) أَيْ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ فَيَقُولُ لِلْمُدَبَّرِ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَأَنْتَ حُرٌّ ، وَلِلْمُكَاتَبِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ فِي الْأُولَى قَبْلَ رَمَضَانَ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وَإِذَا أَدَّى النُّجُومَ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ رَمَضَانَ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ ، قَوْلُهُ : ( حَمْلُ مَنْ دُبِّرَتْ ) خَرَجَ بِالْحَامِلِ مَنْ دُبِّرَتْ حَائِلًا ثُمَّ حَمَلَتْ فَإِذَا انْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَغَيْرُ مُدَبَّرٍ وَإِلَّا عَتَقَ تَبَعًا لِأُمِّهِ فَالشَّرْطُ وُجُودُ الْحَمْلِ عِنْدَ التَّدْبِيرِ . أَوْ عِنْدَ الْمَوْتِ . وَعِبَارَةُ الَأُجْهُورِيُّ : وَيُعْرَفُ وُجُودُهُ عِنْدَ التَّدْبِيرِ بِوَضْعِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ . فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ لَمْ يَتْبَعْهَا . وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ يَفْتَرِشُهَا فَلَا يَتْبَعُهَا . وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ كَذَلِكَ تَبِعَهَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ حَمْلُ مَنْ دُبِّرَتْ أَيْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أ ج وَيُعْرَفُ وُجُودُهُ إلَخْ كَمَا أَفَادَهُ ع ش عَلَى م ر . قَوْلُهُ : ( مُدَبَّرٌ تَبَعًا لَهَا ) : أَيْ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ فَإِنْ اسْتَثْنَاهُ لَمْ يَتْبَعْهَا فِي التَّدْبِيرِ إلَّا إنْ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ حَامِلًا بِهِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا ح ل وَعِبَارَةُ . ع ش عَلَى الْمَنْهَجِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا وَإِنْ اسْتَثْنَاهُ كَمَا مَرَّ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَضَعْفِ التَّدْبِيرِ . قَوْلُهُ : ( بِلَا مَوْتِهَا ) فَإِذَا مَاتَتْ وَانْفَصَلَ مِنْهَا حَيًّا بَعْدَ مَوْتِهَا بَقِيَ مُدَبَّرًا مَعَ بُطْلَانِ تَدْبِيرِهَا فَقَدْ ثَبَتَ الْحُكْمُ لِلتَّابِعِ مَعَ انْتِفَائِهِ لِلْمَتْبُوعِ . قَوْلُهُ : ( وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ حَمْلٍ ) أَيْ اسْتِقْلَالًا فَغَايَرَ مَا قَبْلَهُ . وَقِيَاسُهُ عَلَى عِتْقِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ(5/435)
"""""" صفحة رقم 436 """"""
مِنْ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ حَمْلَهَا وَهُوَ مُضْغَةٌ أَوْ عَلَقَةٌ لَمْ يَصِحَّ ق ل . قَوْلُهُ : ( فَرُجُوعٌ عَنْهُ ) أَيْ التَّدْبِيرِ لِتَبَعِيَّةِ الْحَمْلِ لَهَا فِي الْبَيْعِ . فَلِذَا بَطَلَ تَدْبِيرُهُ . قَوْلُهُ : ( وَلَا يَتْبَعُ مُدَبَّرًا وَلَدُهُ ) هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ : حَمْلُ مَنْ دُبِّرَتْ حَامِلًا مُدَبَّرًا ا ه . وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر عَبْدًا مُدَبَّرًا فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فَلْيُحَرَّرْ ا ه . قَوْلُهُ : ( وَإِنَّمَا يَتْبَعُ أُمَّهُ ) أَيْ مُطْلَقُ الْوَلَدِ بِمَعْنَى الْحَمْلِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ وَلَدَ الْمُدَبَّرَةِ . مَرْحُومِيٌّ وَأُطْلِقَ الْوَلَدُ عَلَى الْحَمْلِ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى كَوْنِهِ وَلَدًا بَعْدَ انْفِصَالِهِ . 0 0 0 قَوْلُهُ : ( وَمُقَدِّمَاتُهُ ) تَفْسِيرٌ . قَوْلُهُ : ( سَوَاءٌ أَكَانَ ) أَيْ الْمُدَبَّرُ قَوْلُهُ : ( مَالٌ أَوْ نَحْوُهُ ) كَاخْتِصَاصٍ . قَوْلُهُ : ( إذَا قَالَتْ وَلَدْته بَعْدَ مَوْتِ إلَخْ ) وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا اخْتَلَفَا فِي وَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ هَلْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَهُ . أَوْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ أَوْ بَعْدَهُ أ ج . قَوْلُهُ : ( بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِي ) أَيْ إذَا مَضَى بَعْدَ الْمَوْتِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ كَسْبُ مِثْلِهِ زي . قَوْلُهُ : ( بَلْ قَبْلَهُ ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حَالَ التَّدْبِيرِ وَإِلَّا فَهُوَ مُدَبَّرٌ . قَوْلُهُ : ( وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُدَبَّرِ ) رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ . قَوْلُهُ : ( عَلَى مَا قَالَاهُ ) أَيْ مِنْ الْمَالِ وَالْوَلَدِ ، لَكِنَّ قَوْلَهُ لِاعْتِضَادِهَا بِالْيَدِ إنَّمَا يُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ . قَوْلُهُ : ( وَنِصْفُ مَهْرِهَا ) أَيْ إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِهَا لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُغَيِّبْهَا إلَّا فِي مِلْكِهِ ، وَانْظُرْ مَا إذَا كَانَ مُقَارِنًا وَلَا يَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ . قَوْلُهُ : ( عَلَى أَخْذِهَا ) الضَّمِيرُ لِلنِّصْفِ لِأَنَّهُ اكْتَسَبَ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ .(5/436)
"""""" صفحة رقم 437 """"""
قَوْلُهُ : ( وَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا ) أَيْ الْمُنْفَصِلُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهَا فَقَطْ فَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِالْوَلَدِ الْحَمْلُ . وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ التَّعْلِيقِ تَبِعَهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ انْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ ، أَوْ بَعْدَهُ . وَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَوَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ لَا يَتْبَعُهَا ، بَلْ لَا يَعْتِقُ أَصْلًا وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ . تَبِعَهَا وَكَذَا إنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ . قَوْلُهُ : ( فِي حُكْمِ الصِّفَةِ ) وَهِيَ مَوْتُ السَّيِّدِ مَعَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَحُكْمُهَا الْعِتْقُ . قَوْلُهُ : ( فَيَعْتِقُ ) الْأَوْلَى وَيَعْتِقُ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا أُمُّهُ فَمِنْ الثُّلُثِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ تَجَدَّدَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَكَانَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَكِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيقٌ لَا تَدْبِيرٌ . قَوْلُهُ : ( أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهَا ) الْمُنَاسِبُ إرْقَاقُهُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْوَلَدِ وَهَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ لِأَنَّ وَلَدَ الْمُسْتَوْلَدَةِ كَأُمِّهِ فِي أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَالضَّمِيرُ فِي إرْقَاقِهِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ . قَوْلُهُ : ( إذَا عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ ) أَيْ حَتَّى لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهُ . قَوْلُهُ : ( إذَا قَرَأْتَ ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَمُتّ بِضَمِّهَا وَقَوْلُهُ : إذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ أَيْ سَوَاءٌ هَمَزَهُ أَوْ لَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِحَرْفِ التَّعْرِيفِ بِأَنْ قَالَ الْقُرْآنَ سَوَاءٌ أَكَانَ مَهْمُوزًا أَوْ لَا اُشْتُرِطَ فِي عِتْقِهِ أَنْ يَقْرَأَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ فَإِنْ قَالَ : إنْ قَرَأْت قُرْآنًا فَإِنَّهُ مَتَى قَرَأَ شَيْئًا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فَصَّلَهُ الشَّارِحُ طَرِيقَةٌ لَهُ . قَوْلُهُ : ( وَالْفَرْقُ التَّعْرِيفُ وَالتَّنْكِيرُ ) عَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ . وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا بَعْدَهُ ضَعِيفٌ مَرْحُومِيٌّ . فَإِذَا عَلَّقَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِقِرَاءَةِ جَمِيعِهِ . وَإِذَا عَلَّقَ بِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ بِدُونِ الْعِتْقِ بِقِرَاءَةِ بَعْضِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَهْمُوزًا أَمْ لَا . قَوْلُهُ : ( عَنْ النَّصِّ ) أَيْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَلُغَةُ الشَّافِعِيِّ بِغَيْرِ هَمْزٍ كَمَا يَأْتِي وَهِيَ قِرَاءَةٌ سَبُعِيَّةٌ . قَوْلُهُ : ( يُطْلَقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ) أَيْ فَقِرَاءَةُ الْبَعْضِ كَقِرَاءَةِ الْكُلِّ .(5/437)
"""""" صفحة رقم 438 """"""
قَوْلُهُ : ( وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ : كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ النَّصِّ وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ جَمَعَ بَيْنَ مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ النَّصِّ وَبَيْنَ مَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ : بِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ النَّصِّ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الْمَهْمُوزِ وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى الْكُلِّ فَقَطْ وَاَلَّذِي قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمَهْمُوزِ وَهُوَ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ . قَوْلُهُ : ( عِنْدَهُ اسْمُ جَمْعٍ ) أَيْ فَيُطْلَقُ عَلَى الْكُلِّ فَقَطْ . قَوْلُهُ ( وَالْوَاقِفُ ) كَالدَّمِيرِيِّ وَقَوْلُهُ : يَظُنُّهُ مَهْمُوزًا أَيْ فَاعْتُرِضَ النَّصُّ . أَيْ وَلَيْسَ ظَنُّهُ حَقًّا لِأَنَّهُ إنَّمَا نَطَقَ فِي ذَلِكَ بِلُغَتِهِ . قَوْلُهُ : ( فِي ذَلِكَ ) أَيْ الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ : بِلُغَتِهِ الْمَأْلُوفَةِ وَهِيَ بِغَيْرِ الْهَمْزِ . قَوْلُهُ : ( وَبِهَذَا ) أَيْ بِهَذَا الْجَمْعِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ : وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ إلَخْ . اتَّضَحَ أَيْ زَالَ الْإِشْكَالُ وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ النَّصِّ . وَبَيْنَ مَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ . قَوْلُهُ : ( وَأُجِيبَ عَنْ السُّؤَالِ ) أَيْ بِأَنَّ الْكَلَامَيْنِ أَيْ كَلَامَ الْبَغَوِيِّ وَالدَّمِيرِيِّ لَمْ يَتَوَارَدَا فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى الْمَهْمُوزِ فَقَطْ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ . فَقَطْ لِأَنَّ النَّصَّ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ الْبَغَوِيّ فِي غَيْرِ الْمَهْمُوزِ وَاَلَّذِي قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَهْمُوزِ . بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ النَّصِّ . قَوْلُهُ : ( عَنْ السُّؤَالِ ) أَيْ الْإِشْكَالِ أَيْ أُجِيبَ بِأَنَّ نَاقِلَ النَّصِّ حَرَّفَهُ . فَإِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَى الْجَمِيعِ إنَّمَا هُوَ الْقُرْآنُ بِلَا هَمْزٍ لِكَوْنِهِ عِنْدَهُ اسْمُ جَمْعٍ بِخِلَافِ الْمَهْمُوزِ فَيُطْلَقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَالنَّكِرَةِ ا ه . م د 0 0
فَصْلٌ : فِي الْكِتَابَةِ
ذَكَرَهَا بَعْدَ التَّدْبِيرِ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي كُلٍّ مُعَلَّقٌ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مُعَلَّقًا بِالْمَوْتِ وَهُنَا مُعَلَّقًا بِأَدَاءِ النُّجُومِ . قِيلَ : أَوَّلُ مَنْ كُوتِبَ عَبْدٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَيَّةَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ س ل . وَلَفْظُهَا إسْلَامِيٌّ لَا يُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ جَاهِلِيٌّ وَأَقَرَّهُ الشَّرْعُ . قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَبَعْضُهُ فِي ق ل . وَرَأَيْت بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا بِدَلِيلِ مُكَاتَبَةِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ا ه . وَالْكِتَابَةُ خَارِجَةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْمُعَامَلَاتِ لِدَوَرَانِهَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ وَلِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ وَهُوَ رَقَبَةُ عَبْدِهِ بِمَالِهِ ، وَهُوَ الْكَسْبُ أَيْ الْمَكْسُوبُ وَهُوَ النُّجُومُ وَأَيْضًا فِيهَا ثُبُوتُ مَالٍ فِي ذِمَّةِ قِنٍّ لِمَالِكِهِ ابْتِدَاءً وَثُبُوتُ مِلْكٍ لِلْقِنِّ ا ه . عَبْدُ الْبَرِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ(5/438)
"""""" صفحة رقم 439 """"""
وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ إلَّا السَّلَمُ وَالنِّكَاحُ وَالْكِتَابَةُ ا ه فَالْمُرَادُ بِالصِّيغَةِ الْمَخْصُوصَةِ الْجِنْسُ وَهِيَ فِي النِّكَاحِ زَوَّجْتُك وَأَنْكَحْتُك فَقَطْ . وَفِي السَّلَمِ لَفْظُ السَّلَمِ وَالسَّلَفِ لَا غَيْرُ وَالْبَيْعُ وَنَحْوُهُ لَهُمَا صِيَغٌ كَثِيرَةٌ . قَوْلُهُ : ( عَلَى الْأَشْهَرِ ) مُقَابِلُهُ أَنَّهَا بِفَتْحِهَا كَالْعَتَاقَةِ . قَوْلُهُ : ( لُغَةً الضَّمُّ وَالْجَمْعُ ) فَتَكُونُ مُرَادِفَةً لِلْكِتَابِ لُغَةً ا ه . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّ فِيهَا ضَمَّ نَجْمٍ إلَخْ ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ . وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَوْجِيهًا لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ الْآتِي فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ إلَى هُنَاكَ وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا التَّعْلِيلَ م ر فِي شَرْحِهِ عِلَّةً لِلتَّسْمِيَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ . وَشَرْعًا عَقْدُ إلَخْ وَعِبَارَتُهُ وَشَرْعًا عَقْدُ عِتْقٍ بِلَفْظِهَا بِعِوَضٍ مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَسُمِّيَ كِتَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمِّ نَجْمٍ إلَى آخَرَ وَقِيلَ : لِأَنَّهُ يُوَثَّقُ بِهَا غَالِبًا ا ه . بِالْحَرْفِ وَمِثْلُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ يُوَثَّقُ بِهَا أَيْ يُكْتَبُ لَهَا وَثِيقَةٌ فَقَوْلُهُ : وَسُمِّيَتْ إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَوْ سُمِّيَتْ لِيَكُونَ عِلَّةً أُخْرَى لِلتَّسْمِيَةِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ ، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ تَأْخِيرَ قَوْلِهِ : وَسُمِّيَتْ عَنْ ذِكْرِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لِأَنَّهُ تَوْجِيهٌ لَهُ فَيَكُونُ لَهُ تَوْجِيهَانِ . قَوْلُهُ : ( لِلْعُرْفِ الْجَارِي إلَخْ ) تَقَدَّمَ قَوْلُهُ لِمَا فِيهَا مِنْ ضَمِّ إلَخْ فَلِلتَّسْمِيَةِ عِلَّتَانِ . قَوْلُهُ : ( بِكِتَابَةِ ذَلِكَ ) أَيْ مَضْمُونِ ذَلِكَ الْعَقْدِ فِي كِتَابٍ يُوَافِقُهُ أَيْ يُوَافِقُ ذَلِكَ أَيْ مَضْمُونَهُ . قَوْلُهُ : ( يُوَافِقُهُ ) أَيْ يُطَابِقُ ذَلِكَ مِنْ مُطَابَقَةِ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى . قَوْلُهُ : ( عَقْدُ عِتْقٍ ) أَيْ عَقْدٌ يُفْضِي إلَى الْعِتْقِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ السَّبَبِ لِلْمُسَبِّبِ . قَوْلُهُ : مُنَجَّمٌ أَيْ مُؤَقَّتٌ بِنَجْمَيْنِ أَيْ وَقْتَيْنِ وَيُطْلَقُ النَّجْمُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يُؤَدَّى فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ قَوْلُهُ : ) وَاَلَّذِينَ يَبْتَغُونَ ( أَيْ يَطْلُبُونَ الْكِتَابَ أَيْ الْكِتَابَةَ . قَوْلُهُ : ( خَيْرًا ) أَيْ أَمَانَةً وَاكْتِسَابًا أَيْ عَلِمْتُمْ أَمَانَتَهُمْ وَقُدْرَتَهُمْ عَلَى الِاكْتِسَابِ ا ه . قَوْلُهُ : ( وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا ) أَيْ لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِالْعِتْقِ مَجَّانًا وَالْعَبْدُ لَا يَتَشَمَّرُ لِلْكَسْبِ تَشْمِيرَهُ إذَا عُلِّقَ عِتْقُهُ بِالتَّحْصِيلِ وَالْأَدَاءِ فَاحْتُمِلَ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهَا كَمَا اُحْتُمِلَتْ الْجَهَالَةُ فِي رِبْحِ الْقِرَاضِ وَعَمَلِ الْجِعَالَةِ لِلْحَاجَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا إلَى أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهَا الْقِيَاسُ أَيْضًا . قَوْلُهُ : ( لَا وَاجِبَةٌ ) ذَكَرَهُ مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِمَّا قَبْلَهُ ، تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ :(5/439)
"""""" صفحة رقم 440 """"""
وَلِئَلَّا يَتَعَطَّلَ أَثَرُ الْمِلْكِ . لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِنَفْيِ الْوُجُوبِ وَتَوْطِئَةً لِلْغَايَةِ أَيْضًا أَوْ لِلرَّدِّ صَرِيحًا عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْأَمْرَ فِي الْآيَةِ لِلْوُجُوبِ ا ه . ع ش مُلَخَّصًا . قَوْلُهُ : ( وَإِنْ طَلَبَهَا ) غَايَةٌ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ لَا فِي الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّ طَلَبَهَا شَرْطٌ فِيهِ وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا إذَا طَلَبَهَا الرَّقِيقُ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ : ) وَاَلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ ( إلَخْ فَحَمَلَ الْأَمْرَ عَلَى الْوُجُوبِ . قَوْلُهُ : ( قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ ) أَيْ فِي عَدَمِ وُجُوبِهِ لَا فِي اسْتِحْبَابِهِ فَلَيْسَ مَقِيسَةً عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّ اسْتِحْبَابَهَا بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ) فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ( وَالتَّدْبِيرُ لَيْسَ سُنَّةً كَمَا قَالَهُ زي لَكِنْ بِخَطِّ الْمَيْدَانِيِّ فَإِنَّ التَّدْبِيرَ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ ا ه م د . قَوْلُهُ : ( وَتَتَحَكَّمُ الْمَمَالِيكُ ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ . قَوْلُهُ : ( إذَا سَأَلَهَا ) قَيَّدَ لِيُؤَكِّدَهَا فَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهَا فَهِيَ مَسْنُونَةٌ عَنْ غَيْرِ تَأَكُّدٍ بِخِلَافِ الشَّرْطَيْنِ بَعْدَهُ فَهُمَا لِلِاسْتِحْبَابِ . فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُهُمَا كَانَتْ مُبَاحَةً . قَوْلُهُ : ( الْعَبْدُ ) أَيْ الرَّقِيقُ وَلَوْ أُنْثَى . قَوْلُهُ : ( بِحَيْثُ لَا يُضَيِّعُهُ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمِينِ مَنْ لَا يُضَيِّعُ الْمَالَ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا كَتَرْكِهِ نَحْوَ صَلَاةٍ شَوْبَرِيٌّ . قَوْلُهُ : ( مُكْتَسِبًا ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ : الرِّقُّ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ سَائِرُ صِفَاتِ الْكَمَالِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَلِيقَ بِهِ الْكَسْبُ أ ح ا ه . قَوْلُهُ : ( أَيْ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ ) أَيْ الَّذِي يَفِي بِمُؤْنَتِهِ وَنُجُومِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ شَرْحٌ م ر . قَوْلُهُ : ( وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ ) أَيْ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَعَمَّتْ وَالْمُرَادُ بِمَا تَضَمَّنَتَاهُ مِنْ الْأَمَانَةِ وَالْكَسْبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ . قَوْلُهُ : ( الْخَيْرَ فِي الْآيَةِ ) وَيُطْلَقُ الْخَيْرُ أَيْضًا عَلَى الْمَالِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : ) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ( وَعَلَى الْعَمَلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ( ا ه بِرْمَاوِيٌّ . قَوْلُهُ : ( وَاعْتُبِرَ الْأَمَانَةُ ) لَمَّا كَانَتْ عِلَّةُ الْأَمَانَةِ وَاحِدَةً قَدَّمَهَا عَلَى عِلَّةِ الطَّلَبِ ، وَالْكَسْبِ لِاشْتِرَاكِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا فَكَانَ الْأَوَّلُ كَالْمُفْرَدِ وَالثَّانِي كَالْمُرَكَّبِ ع ش . قَوْلُهُ : ( وَتُفَارِقُ ) أَيْ الْكِتَابَةُ حَيْثُ أُجْرِيَ الْأَمْرُ فِيهَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى فَكَاتِبُوهُمْ إلَخْ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ : فَكَاتِبُوهُمْ وَقَوْلِهِ : وَآتُوهُمْ حَيْثُ حَمَلُوا الْأَوَّلَ عَلَى النَّدْبِ وَالثَّانِي عَلَى الْوُجُوبِ . فَهَلَّا كَانَا لِلْوُجُوبِ أَوْ لِلنَّدَبِ أَجَابَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ : وَتُفَارِقُ إلَخْ ا ه أ ج . قَوْلُهُ : ( وَأَحْوَالُ الشَّرْعِ ) أَيْ قَوَاعِدُهُ .(5/440)
"""""" صفحة رقم 441 """"""
قَوْلُهُ : ( أَيَّ كَسْبٍ ) بِنَصْبِ أَيَّ خَبَرَ كَانَ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ أَنَّ أَيْ وَلَوْ كَانَ كَسْبًا قَلِيلًا لَا يَفِي ا ه . قَوْلُهُ : ( قَادِرًا عَلَى كَسْبٍ إلَخْ ) : هَلْ وَلَوْ لَمْ يَلْقَ بِهِ الْكَسْبَ كَأَنْ كَانَ مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ وَسَأَلَ الْكِتَابَةَ وَعَلِمَ السَّيِّدُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْكَسْبُ إلَّا مِنْ جِهَةٍ لَا تَلِيقُ بِهِ كَزِبَالَةٍ مَثَلًا أَوْ كَحِجَامَةٍ ، قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ : إنَّ الرِّقَّ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ سَائِرُ صِفَاتِ الْكَمَالِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كِتَابَتُهُ كَذَلِكَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا ا ه أج . قَوْلُهُ : ( فَمُبَاحَةٌ ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى قَيْدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ مُبَاحَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ إذْ الصَّحِيحُ أَنَّهَا سُنَّةٌ إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا الْعَبْدُ لَا مُبَاحَةٌ وَمُتَأَكِّدَةٌ إذَا طَلَبَهَا ح ل وَجَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ بِكَرَاهَةِ كِتَابَةِ عَبْدٍ يُضَيِّعُ كَسْبَهُ فِي الْفِسْقِ وَاسْتِيلَاءِ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ يَمْنَعُهُ قَالَ : وَقَدْ يَنْتَهِي الْحَالُ إلَى التَّحْرِيمِ حَيْثُ تُفْضِي كِتَابَتُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ كَسَرِقَةِ النُّجُومِ وَالتَّمْكِينِ مِنْ نَفْسِهِ . وَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ . ا ه زي . قَوْلُهُ : ( وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ ) فَهِيَ مُبَاحَةٌ أَيْ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا وَإِلَّا فَقَدْ تُكْرَهُ لِعَارِضٍ كَأَنْ ظَنَّ كَسْبَهُ بِمُحَرَّمٍ وَتَحْرُمُ إنْ عَلِمَ ذَلِكَ كَفُجُورٍ . وَقَدْ تَجِبُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ إذَا تَوَقَّفَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى كِتَابَتِهِ ، مَثَلًا فَرَاجِعْهُ . فَتَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ . ق ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر . وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ نَعَمْ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ فَاسِقًا بِسَرِقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَعَلِمَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَهُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَسْبِ لَاكْتَسَبَ بِطَرِيقِ الْفِسْقِ . قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا لِتَضَمُّنِهَا التَّمْكِينَ مِنْ الْفَسَادِ وَهُوَ قِيَاسُ حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ وَالْقَرْضِ إذَا عُلِمَ مِنْ أَحَدِهِمَا صَرْفُهُمَا فِي مُحَرَّمٍ وَإِنْ امْتَنَعَ الْعَبْدُ مِنْهَا وَقَدْ طَلَبَهَا سَيِّدُهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا كَعَكْسِهِ ا ه وَقَوْلُهُ : فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ السَّيِّدِ أَنَّ مَا يَكْتَسِبُهُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ يَصْرِفُهُ فِي الْمَعْصِيَةِ فَتَحْرُمُ الْكِتَابَةُ لِتَأَدِّيهَا إلَى تَمْكِينِهِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ بِمَا اكْتَسَبَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهَا أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنْ مَلَكَ مَا يَكْسِبُهُ كَأَنْ حَصَّلَهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْحُرْمَةِ وَصَرَفَ مَا كَسَبَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ فِي مُؤْنَتِهِ مَثَلًا ثُمَّ أَدَّى مَا مَلَكَهُ عَنْ النُّجُومِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا ا ه . ع ش عَلَى م ر . قَوْلُهُ : ( تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ قَدْ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ . قَوْلُهُ : ( كُرِهَتْ ) وَإِنَّمَا لَمْ تَحْرُمْ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ فَالْعِلْمُ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الظَّنِّ أَوْ تُؤَوَّلُ الْكَرَاهَةُ بِكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ كَمَا قَالَهُ زي فَإِنْ تَوَهَّمَهُ كُرِهَتْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَإِذَا نَذَرَهَا وَجَبَتْ فَتَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ . 0 0 قَوْلُهُ : ( وَأَرْكَانُهَا إلَخْ ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا كَعَادَتِهِ عَقِبَ الْفَصْلِ .(5/441)
"""""" صفحة رقم 442 """"""
قَوْلُهُ : ( وَعِوَضٌ ) لَوْ قَالَ : وَنُجُومٌ لِيَشْمَلَ الْوَقْتَ وَالْمَالَ لَكَانَ أَوْلَى ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ . قَوْلُهُ : ( لَا مِنْ مُكْرَهٍ ) مَا لَمْ يَكُنْ بِحَقٍّ بِأَنْ نَذَرَ كِتَابَتَهُ فَأُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ كَالْفِعْلِ مَعَ الِاخْتِيَارِ . ثُمَّ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ النَّذْرُ مُقَيَّدًا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ كَرَمَضَانَ مَثَلًا وَأَخَّرَ الْكِتَابَةَ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْهُ زَمَانٌ قَلِيلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَأَنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ إكْرَاهُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ وَقْتًا بِعَيْنِهِ حَتَّى يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ عَنْهُ . فَلَوْ كَرِهَهُ عَلَى ذَلِكَ فَفَعَلَ ، لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ لِلْعَبْدِ عَصَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَ الْكِتَابَةَ فِيهِ . وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ آخِرِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ ع ش عَلَى م ر . قَوْلُهُ : ( وَلَا مِنْ مُرْتَدٍّ ) أَمَّا لَوْ كَاتَبَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَلَا تَبْطُلُ كِتَابَتُهُ كَبَيْعِهِ لَكِنْ يَمْتَنِعُ دَفْعُ النُّجُومِ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ . بَلْ يُدْفَعُ لِلْحَاكِمِ فَلَوْ دَفَعَهَا لَلْمُرْتَدُّ لَمْ يَعْتِقْ وَيَسْتَرِدُّهَا وَيَدْفَعُهَا إلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ تَلِفَتْ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَفِي وَدَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَهُ تَعْجِيزُهُ ثُمَّ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ عَلَى الرِّدَّةِ بَعْدَ التَّعْجِيزِ فَهُوَ رَقِيقٌ وَإِنْ أَسْلَمَ أَلْغَى التَّعْجِيزَ لِأَنَّ مَنْعَ التَّعْجِيزِ كَانَ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ صَارَ لَهُ وَهُوَ الْعَبْدُ وَالنُّجُومُ لِأَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ لَهُمْ . وَقَوْلُهُ : وَقَدْ صَارَ أَيْ الْحَقُّ لَهُ أَيْ : لِلسَّيِّدِ فَيَعْتَدُّ بِقَبْضِهِ . وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهَا لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَأَتْلَفَهَا وَعَجَّزَهُ الْوَلِيُّ ثُمَّ فُكَّ الْحَجْرُ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي تَعْجِيزُهُ لِأَنَّ حَجْرَ السَّفَهِ أَقْوَى وَلِهَذَا لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ قَطْعًا وَلِأَنَّ حَجْرَهُ لِحِفْظِ مَالِهِ فَلَوْ حُسِبَ عَلَيْهِ مَا أَتْلَفَهُ لَمْ يَحْصُلْ حِفْظٌ ، وَحَجْرُ الْمُرْتَدِّ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَدْ عَادَ لَهُ ا ه . شَرْحُ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ا ه . س ل . قَوْلُهُ : ( وَالْعُقُودُ ) أَيْ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا اتِّصَالُ الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ بِخِلَافِ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَالتَّدْبِيرِ ، وَالْوَصِيَّةِ ، فَإِنَّهَا تُوقَفُ ح ل . قَوْلُهُ : ( وَلَا مِنْ مُبَعَّضٍ ) بِخِلَافِ الْإِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ . لِأَنَّ الْوَلَاءَ فِيهِمَا يَحْصُلُ بِالْمَوْتِ الَّذِي يَزُولُ بِهِ الرِّقُّ . قَوْلُهُ : ( وَكِتَابَةُ مَرِيضٍ ) الْمُرَادُ بِالْكِتَابَةِ الْمُكَاتَبُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ لِأَجَلِ قَوْلِهِ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْمَحْسُوبَ إنَّمَا هُوَ الْمُكَاتَبُ لَا الْعَقْدُ . أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ وَمُتَعَلِّقُ الْكِتَابَةِ أَوْ يُقَدَّرُ فِي قَوْلِهِ مَحْسُوبَةٌ أَيْ مَحْسُوبٌ مُتَعَلِّقُهَا وَهُوَ : الْمُكَاتَبُ بِالنَّظَرِ لِقِيمَتِهِ . قَوْلُهُ : ( فَفِي ثُلُثَيْهِ ) كَأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ وَمَا يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ وَلَوْ بِالنُّجُومِ ثَلَاثُونَ فَيُقَابِلُ ثُلُثَيْهِ عِشْرُونَ وَهِيَ ثُلُثُ الْجَمِيعِ . قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثُلُثُهُ مَعَ مِثْلِ قِيمَتِهِ ، وَهُمَا مِثْلَا ثُلُثَيْهِ .(5/442)
"""""" صفحة رقم 443 """"""
قَوْلُهُ : ( وَعَدَمُ صِبًا وَجُنُونٍ ) هَلَّا قَالَ : وَتَكْلِيفٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ الْأَخْصَرُ مِنْهُ وَالْأَفْصَحُ فِي الشَّرْطِيَّةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ عَدَمِيَّةً . وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِذَلِكَ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَدَمِيٌّ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ رَاعَى ذَلِكَ لَقَالَ وَلَا عَدَمُ إكْرَاهٍ . وَأُجِيبَ : بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِذَلِكَ لِإِدْخَالِ السَّكْرَانِ . قَوْلُهُ : ( كَكَاتَبْتُك ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ إضَافَتِهِ إلَى الْجُمْلَةِ فَلَوْ قَالَ : كَاتَبْت يَدَك مَثَلًا لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ لِأَنَّهَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا ع ش وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ لِلْبَعْضِ . قَوْلُهُ : ( مَعَ قَوْلِهِ إذَا أَدَّيْته ) لِأَنَّ لَفْظَهَا يَصْلُحُ لِلْمُخَارَجَةِ فَاحْتِيجَ لِتَمْيِيزِهَا بِقَوْلِهِ : إذَا أَدَّيْته إلَخْ . وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ مِثْلُهُ فَإِذَا بَرِئْت مِنْهُ أَوْ فَرَغَتْ ذِمَّتُكَ مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ . وَيَشْمَلُ بَرِئْت مِنْهُ حُصُولَ ذَلِكَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ وَالْبَرَاءَةِ الْمَلْفُوظِ بِهَا ، وَفَرَاغُ الذِّمَّةِ شَامِلٌ لِلِاسْتِيفَاءِ ، وَالْبَرَاءَةِ بِاللَّفْظِ . شَرْحُ م ر . قَوْلُهُ : ( أَوْ نِيَّةٌ ) أَيْ عِنْدَ جُزْءٍ مِنْ الصِّيغَةِ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ . فَإِذَا أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ . كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ س ل . لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا التَّعْلِيقُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالنِّيَّةِ سم . قَوْلُهُ : ( وَقَبُولًا ) أَيْ فَوْرًا . قَوْلُهُ : ( وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ ) قَدْ ذَكَرَ الرَّقِيقَ أَيْضًا فِيمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ : إذَا سَأَلَهَا الْعَبْدُ إلَخْ . إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَذْكُرْ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِمَّا ذُكِرَ لُزُومًا بَعْضُهُ كَانَ كَعَدَمِ ذِكْرِهِ ا ه . قَوْلُهُ : ( فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلَيْسَ فِي الذِّمَّةِ . قَوْلُهُ : ( مَوْصُوفًا بِصِفَاتِ السَّلَمِ ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ الْآتِي مَعْلُومٌ عِنْدَهُمَا إلَخْ . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّ الْأَعْيَانَ إلَخْ ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ إنَّمَا لَمْ تَصِحَّ عَلَى عَيْنٍ لِتَوَقُّفِ إيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا عَلَى مِلْكِهَا وَالرَّقِيقُ لَا مِلْكَ لَهُ هَذَا ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ إذَا كُوتِبَ بَعْضُهُ الرَّقِيقُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ . قَوْلُهُ : ( لَا يَمْلِكُهَا ) أَيْ الْعَبْدُ . قَوْلُهُ : ( إلَى أَجَلٍ ) أَيْ وَقْتٍ . قَوْلُهُ : ( وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ مُبَعَّضًا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ مَا يُؤَدِّيهِ . قَوْلُهُ : ( خَالَفَ الْقِيَاسَ ) لِأَنَّهُ يَبِيعُ مَالَهُ بِمَالِهِ(5/443)
"""""" صفحة رقم 444 """"""
قَوْلُهُ : ( وَالْمَأْثُورُ ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ إنَّمَا هُوَ التَّأْجِيلُ . قَوْلُهُ : ( مَعَ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ ) أَيْ فِي الْمُلَّاكِ مِنْ الصَّبْرِ وَعَدَمِهِ . قَوْلُهُ : ( تَنْبِيهٌ لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةً إلَخْ ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةً فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ ، فَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ عَلَيْهَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَعْيَانَ حَتَّى يُكَاتَبَ عَلَيْهَا . وَأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُلْتَزَمَةَ فِي الذِّمَّةِ تَتَأَجَّلُ كَإِلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ كَخِدْمَتِهِ شَهْرًا فَيَتَعَيَّنُ جَعْلُهَا مِنْ الْآنِ لِاشْتِرَاطِ اتِّصَالِ الْخِدْمَةِ وَالْمَنَافِعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ بِالْعَقْدِ . قَوْلُهُ : وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتًا مَعْلُومًا إلَخْ ) لَك أَنْ تَقُولَ فِيهِ جَمَعَ بَيْنَ التَّقْدِيرِ بِالْعَمَلِ وَهُوَ بِنَاءُ الدَّارَيْنِ وَالزَّمَانُ . وَهُوَ الْوَقْتَانِ الْمَعْلُومَانِ وَقَدْ مَنَعُوا ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتَيْنِ وَقْتُ ابْتِدَاءِ الشُّرُوعِ فِي كُلِّ وَقْتٍ لَا جَمِيعُ وَقْتِ الْعَمَلِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِتْقِ يُتَسَامَحُ فِيهِ . سم عَلَى الْمَنْهَجِ . وَقَوْلُهُ : وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَقْتًا كَقَوْلِهِ : كَاتَبْتُك عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ فِي ذِمَّتِك فِي شَهْرِ كَذَا وَفِي شَهْرِ كَذَا ا ه . وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ : وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَقْتًا مَعْلُومًا وَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ هَذَا مُفْسِدٌ لِلْإِجَارَةِ لِأَنَّ فِيهِ الْجَمْعَ بَيْنِ الْعَمَلِ وَالْمُدَّةِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمُدَّةَ لِبَيَانِ أَوَّلِ الْعَمَلِ ا ه . قَوْلُهُ : ( ثَمَنًا ) كَبِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِسُكْنَى دَارِك مَثَلًا وَقَوْلُهُ : وَأُجْرَةٌ كَأَجَّرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً بِخِدْمَةِ عَبْدِك هَذَا شَهْرًا . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّ الْأَعْيَانَ ) الْأَوْلَى لِأَنَّ الْعَيْنَ لِأَنَّهَا الْمُكَاتَبَةُ وَعِبَارَةُ ح ل . قَوْلُهُ : بِالْأَعْيَانِ أَيْ عَيْنِ الْمُكَاتَبِ أَوْ عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ بِأَنْ كَانَ مُبَعَّضًا وَمَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ أَعْيَانًا ا ه . فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ : إنَّ الْأَوْلَى الْعَيْنُ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُ . قَوْلُهُ : ( ثُمَّ إنْ كَانَ الْعِوَضُ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ ) أَيْ عَيْنِ الْمُكَاتَبِ فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهَا أَيْ بِأَنْ أَخَّرَهَا عَنْ وَقْتِ الْعَقْدِ كَقَوْلِهِ : عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا بَعْدَ هَذَا الشَّهْرِ فَلَا يَصِحُّ . بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّصَلَتْ بِالْعَقْدِ ، وَضَمَّ إلَيْهَا مَالًا آخَرَ مُؤَجَّلًا فَيَصِحُّ ، كَمَا ذَكَرَهُ وَخَرَجَ بِعَيْنِ الْمُكَاتَبِ عَيْنُ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى مَنْفَعَتِهَا كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ . كَأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى مَنْفَعَةِ دَابَّتَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ لِزَيْدٍ يَدْفَعُهُمَا لَهُ فِي شَهْرَيْنِ فَلَا يَصِحُّ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَشْتَرِيَهُمَا مِنْ زَيْدٍ وَيَدْفَعَهُمَا لِلسَّيِّدِ . ا ه . شَيْخُنَا . هَذَا وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ : فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ إلَخْ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ كَاتَبَ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ صَحَّتْ .(5/444)
"""""" صفحة رقم 445 """"""
قَوْلُهُ : ( بِنَفْسِك ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ : عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ بِنَفْسِهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ : بِنَفْسِك تَأْكِيدًا . قَوْلُهُ : ( مِنْ ضَمِيمَةِ مَالٍ ) الْمَالُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَكْفِي مَنْفَعَةٌ أُخْرَى كَأَنْ يَقُولَ وَتَبْنِي دَارِي . ا ه . زي . أَيْ فِي وَقْتِ كَذَا أَيْ وَقْتِ الشُّرُوعِ فِي الْبِنَاءِ . قَوْلُهُ : ( بَعْدَ انْقِضَائِهِ ) أَيْ الشَّهْرِ أَيْ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ كَاتَبَ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهِ صَحَّتْ . قَالَ فِي شَرْحِهِ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ : عِنْدَ انْقِضَائِهِ ا ه وَالْحَاصِلُ : أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَتَأَخَّرَ إعْطَاءُ الدِّينَارِ عَنْ الْخِدْمَةِ فَلَوْ قَدَّمَ زَمَنَ إعْطَاءِ الدِّينَارِ ، عَلَى زَمَنِ الْخِدْمَةِ لَمْ يَصِحَّ لِمَا عُلِمَ مِنْ شَرْطِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ بِالْعَقْدِ ا ه . قَوْلُهُ : ( شَرْطٌ ) أَيْ فِي الْكِتَابَةِ لِيَتَأَتَّى النَّجْمَانِ وَقَوْلُهُ : بِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ نَجْمٌ أَيْ مَنْفَعَةُ كُلِّ شَهْرٍ نَجْمٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ فَالْمُرَادُ بِالنَّجْمِ الْعِوَضُ . قَوْلُهُ : ( مَنْفَعَةٌ فَقَطْ ) أَيْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مِنْ جِنْسَيْنِ كَالْخِدْمَةِ وَالْبِنَاءِ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا صَحَّتْ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ فِي ذِمَّتِهِ يَبْنِيهِمَا فِي شَهْرَيْنِ . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّهُمَا نَجْمٌ وَاحِدٌ ) أَيْ وَهُوَ الْخِدْمَةُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ ح ل . قَوْلُهُ : ( أَوْ الْمَنَافِعُ ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِأَنَّهُ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ . قَوْلُهُ : ( الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ ) يُتَصَوَّرُ هَذَا فِي الْمُبَعَّضِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ الْمَمْلُوكَةِ عِوَضًا ا ه . مَرْحُومِيٌّ وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ : الرَّقِيقُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فَكَيْفَ يُورَدُ الْعَقْدُ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِعَيْنٍ وَتَتَّصِلُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ بِالْعَقْدِ أَمَّا الْمَنَافِعُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالذِّمَّةِ فَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مُتَّصِلَةً بِالْعَقْدِ . وَأَنْ تَكُونَ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ . 0 0 قَوْلُهُ : ( وَأَقَلُّهُ ) أَيْ الْأَجَلِ إلَخْ نَجْمَانِ أَيْ وَقْتَانِ بِأَنْ يُؤَجَّلَ بَعْضُهُ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَبَعْضُهُ إلَى آخَرَ . كَذَلِكَ تَسَاوَى الْبَعْضَانِ أَوْ تَفَاوُتًا كَكَاتَبْتُكَ عَلَى مِائَةٍ تُؤَدِّي نِصْفَهَا فِي وَقْتِ كَذَا وَنِصْفَهَا الْآخَرَ فِي وَقْتِ كَذَا سم . قَوْلُهُ : ( وَلِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ ) عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ وَلِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْكَتْبِ ، بِمَعْنَى ضَمِّ النُّجُومِ إلَخْ .(5/445)
"""""" صفحة رقم 446 """"""
قَوْلُهُ : ( ثُمَّ سَمَّى الْمُؤَدِّي إلَخْ ) مِنْ تَسْمِيَةِ الْحَالِّ بِاسْمِ الْمَحَلِّ قَالَ : أ ج وَسُكُوتُهُمْ عَنْ بَيَانِ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ لِعِوَضِ الْكِتَابَةِ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ . لَكِنْ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ أَنَّ فِيهِ الْخِلَافَ فِي السَّلَامِ ا ه . زي . قَوْلُهُ ( فَمَنْ أَدَّى حِصَّتَهُ ) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ مِائَةً وَالثَّانِي مِائَتَيْنِ وَالثَّالِثِ ثَلَاثَمِائَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ الْعِوَضِ . وَعَلَى الثَّانِي ثُلُثُهُ وَعَلَى الثَّالِثِ نِصْفُهُ . شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ : فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ الْعِوَضِ أَيْ مُوَزَّعًا عَلَى النَّجْمَيْنِ مَثَلًا فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ نَجْمٍ سُدُسُ مَا عَلَيْهِ تَسَاوِيًا وَتَفَاوُتًا وَكَذَا يُقَالُ : فِي الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ ا ه . بِرْمَاوِيٌّ . قَوْلُهُ : ( نَعَمْ لَوْ كَاتَبَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَخْ ) : ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِكِتَابَةٍ إلَخْ مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ : وَعَنْ النَّصِّ . . . إلَخْ ضَعِيفٌ وَجْهُ الضَّعْفِ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ أَنَّ التَّبْعِيضَ فِيهِمَا ابْتِدَاءٌ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ التَّبْعِيضَ فِيهَا عَارِضٌ كَمَا قَالَهُ زي . قَوْلُهُ : ( إنْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ ) الْمُرَادُ بِالنُّجُومِ مَا يَشْمَلُ الْمَالَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : جِنْسًا وَصِفَةً وَمَا يَشْمَلُ الْأَوْقَاتَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : وَعَدَدًا وَأَجَلًا وَالْمُرَادُ بِالِاتِّفَاقِ فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ عِوَضُ أَحَدِهِمَا بِجِنْسٍ أَوْ صِفَةٍ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَيْهَا عِوَضُ الْآخَرِ . فَيَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ بِأَنْ كَانَ كُلُّهُ مُتَّحِدًا جِنْسًا وَصِفَةً أَوْ اشْتَمَلَ عَلَى أَجْنَاسٍ أَوْ صِفَاتٍ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ فِي كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ : إنْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ هَلَّا صَحَّ مَعَ اخْتِلَافِ النُّجُومِ أَيْضًا وَقُسِّمَ كُلُّ نَجْمٍ عَلَى نِسْبَةِ الْمِلْكِ وَأَيُّ مَحْذُورٍ فِيمَا لَوْ مَلَكَاهُ بِالسَّوِيَّةِ وَكَاتَبَاهُ عَلَى نَجْمَيْنِ أَحَدُهُمَا دِينَارٌ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَالْآخَرُ دِرْهَمٌ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي مَثَلًا وَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكَيْنِ نِصْفُ كُلٍّ مِنْ(5/446)
"""""" صفحة رقم 447 """"""
الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ . فَإِنَّ الْعِوَضَ مَعْلُومٌ وَحِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ مَعْلُومَةٌ . ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاتِّفَاقِ النُّجُومِ جِنْسًا أَنْ لَا تَكُونَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِهِمَا دَنَانِيرَ وَلِلْآخَرِ دَرَاهِمَ لَا أَنْ لَا يَكُونَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا جَمِيعًا كَمَا فِي الْمِثَالِ الَّذِي فَرَضْنَاهُ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ ا ه . قَوْلُهُ : ( وَعَدَدًا ) أَيْ عَدَدَ الْأَوْقَاتِ وَكَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ جَعَلَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا شَهْرَيْنِ وَالْآخَرِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ سم عَلَى حَجّ . فَقَوْلُهُ : وَعَدَدًا أَيْ عَدَدَ النُّجُومِ لَا عَدَدَ الْقَدْرِ الْمُؤَدَّى فِي كُلِّ نَجْمٍ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي النُّجُومِ كَأَنْ كَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى قَدْرٍ وَنَجَّمَهُ بِنَجْمَيْنِ وَالْآخَرُ عَلَى قَدْرٍ وَنَجَّمَهُ بِثَلَاثَةِ نُجُومٍ لَمْ يَصِحَّ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْقَدْرِ الْمُكَاتَبِ بِهِ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ جِنْسًا إلَخْ فَالْجِنْسُ وَالصِّفَةُ لِلْمَالِ وَالْأَجَلُ وَالْعَدَدُ لِلزَّمَنِ فَإِنْ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ، أَوْ فِضَّةٍ صِحَاحٍ ، وَمُكَسَّرَةٍ أَوْ فِضَّةٍ صِحَاحٍ فِي نَجْمٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي نَجْمَيْنِ وَأَحَدُ النَّجْمَيْنِ لِأَحَدِهِمَا شَهْرٌ وَلِلْآخِرِ شَهْرَانِ أَوْ أَنَّ لِهَذَا نَجْمَيْنِ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةً . قَوْلُهُ ( وَأَجَلًا ) أَيْ لَا قَدْرًا ح ل . قَوْلُهُ : ( وَجُعِلَتْ النُّجُومُ ) بِمَعْنَى الْمَالِ عَلَى نِسْبَةِ مِلْكَيْهِمَا أَيْ صَرَّحَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ كَأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا ، ثُلُثَاهُ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهُ ، وَيُكَاتِبَاهُ عَلَى سِتَّةِ دَنَانِيرَ يُؤَدِّيهَا فِي شَهْرَيْنِ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةً لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ اثْنَانِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَاحِدٌ وَيَدْفَعُ لَهُمَا مَعًا وَلَيْسَ لَهُ تَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا بِقَبْضِهِ أَوَّلًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى دَنَانِيرَ وَالْآخَرِ عَلَى دَرَاهِمَ . وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ : وَجُعِلَتْ مَعْطُوفٌ عَلَى اُتُّفِقَتْ فَيُفِيدُ أَنَّهُ شَرْطٌ لَكِنْ قَالَ م ر إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى صَرَّحَ . وَمُقْتَضَى قَوْلِ م ر بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ كَأَنْ جَعَلَاهُ عَلَى غَيْرِ نِسْبَةِ الْمِلْكَيْنِ إلَخْ . أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى اتَّفَقَتْ لَكِنْ قَوْلُهُمْ : صَرَّحَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى صَحَّ . قَوْلُهُ : ( وَفَسْخُ الْكِتَابَةِ ) ظَاهِرُهُ أَنَّ تَعْجِيزَ السَّيِّدِ لَيْسَ فَسْخًا وَقَضِيَّةَ قَوْلِهِ الْآتِي وَعَادَ الرِّقُّ بِأَنْ عَجَزَ فَعَجَّزَهُ الْآخَرُ أَنَّهُ فَسْخٌ ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضِ . قَوْلُهُ : ( لَمْ يَصِحَّ ) أَيْ الْإِبْقَاءُ أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الْآخَرِ إبْقَاءُ الْكِتَابَةِ ، فِي نَصِيبِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَعْجِيزُ الْعَبْدِ وَفَسْخُهَا لِيَعُودَ نَصِيبُهُ إلَى الرِّقِّ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى الرِّقِّ بِمُجَرَّدِ فَسْخِ شَرِيكِهِ ا ه ب ر وَقَوْلُهُ : وَلَوْ أَبْرَأَهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ : فَلَوْ عَجَزَ إلَخْ وَقَوْلُهُ : لَمْ يَصِحَّ أَيْ الْإِبْقَاءُ هَذَا عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي فِيهَا يَصِحُّ بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ وَأَمَّا الَّتِي فِيهَا لَمْ تَصِحَّ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ فَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلْكِتَابَةِ أَيْ لَمْ تَصِحَّ الْكِتَابَةُ أَيْ إبْقَاؤُهَا . قَوْلُهُ : ( وَعَادَ الرِّقُّ ) بِأَنْ عَجَزَ فَعَجَّزَهُ الْآخَرُ أَمَّا إذَا لَمْ يَعُدْ الرِّقُّ وَأَدَّى حِصَّةَ الشَّرِيكِ مِنْ النُّجُومِ فَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ عَنْ الْكِتَابَةِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُمَا شَرْحُ م ر قَوْلُهُ : ( إذْ لَيْسَ لَهُ تَخْصِيصٌ ) أَيْ فَمَا قَبَضَهُ أَحَدُهُمَا يَكُونُ(5/447)
"""""" صفحة رقم 448 """"""
مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا قَهْرًا عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ مَا قَبَضَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مُشْتَرَكٌ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَكَذَلِكَ رِيعُ الْوَقْفِ إذَا قَبَضَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ مَا عَدَا هَذِهِ الثَّلَاثَةَ إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ دَرَاهِمُ وَقَبَضَ أَحَدُهُمْ مِنْهَا شَيْئًا اخْتَصَّ بِهِ شَيْخُنَا . 0 0 قَوْلُهُ : ( مِنْ جِهَةٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِلَازِمَةٍ . ا ه . سم . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّهَا ) أَيْ دَوَامُهَا . قَوْلُهُ : ( عِنْدَ ذَلِكَ ) أَيْ عِنْدَ الْمَحَلِّ . قَوْلُهُ : ( أَوْ غَابَ ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ . قَوْلُهُ : ( أَوْ كَانَتْ غَيْبَةُ الْمُكَاتَبِ ) أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْمَالِ . قَوْلُهُ : ( دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ) أَيْ وَفَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى . قَوْلُهُ : ( عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الْمَطْلَبِ ) قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ فِي السَّفَرِ وَيُنْظِرُهُ إلَى حُضُورِهِ إلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ . ا ه . ز ي . وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ حَلَّ النَّجْمُ ثُمَّ غَابَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ أَوْ حَلَّ هُوَ أَيْ الْمُكَاتَبُ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ بِخِلَافِ غَيْبَتِهِ فِيمَا دُونَهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ قِيَاسًا عَلَى غَيْبَةِ مَالِهِ . وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ غَيْبَتَهُ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ ا ه . قَوْلُهُ : ( كَانَ لَهُ ) أَيْ لِلسَّيِّدِ . قَوْلُهُ : ( الْغَائِبُ ) صِفَةٌ لِلْمُكَاتَبِ لَا لِلْمَالِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ . قَوْلُهُ : ( وَمِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ ) مُتَعَلِّقٌ بِجَائِزَةٍ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ أَيْضًا عَمِيرَةُ سم . قَوْلُهُ : ( وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ ) فَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ فَلِلسَّيِّدِ الصَّبْرُ ، وَالْفَسْخُ بِنَفْسِهِ ، وَإِنْ شَاءَ بِالْحَاكِمِ قَالَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِمُجَرَّدِ التَّعْجِيزِ سم . قَوْلُهُ : ( وَلَهُ فَسْخُهَا مَتَى شَاءَ ) وَإِنْ لَمْ يُعَجِّزْ نَفْسَهُ . ا ه . سم . أَيْ لَهُ فَسْخُهَا بِنَفْسِهِ كَمَا فِي إفْلَاسِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَإِنَّ لِلْبَائِعِ الْفَسْخَ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ مِنْ الْفَسْخِ . وَلَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ التَّعْجِيزِ ا ه قَالَ : ع ش وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْفَسْخَ بَعْدَ حُضُورِ الْعَبْدِ وَإِرَادَةِ دَفْعِهِ الْمَالَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ ، بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ الْفَسْخَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ حَيْثُ صُدِّقَ النَّافِي لِلْفَسْخِ .(5/448)
"""""" صفحة رقم 449 """"""
قَوْلُهُ : ( فَلَا فَسْخَ فِيهَا ) أَيْ لَا يَصِحُّ وَلَا يَنْفُذُ . قَوْلُهُ : ( وَلَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ ) أَيْ وَلَوْ فَاسِدَةً م ر وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ فِي الْفَاسِدَةِ . قَوْلُهُ : ( مِنْ السَّيِّدِ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ : بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْهُ . قَوْلُهُ : ( بِجُنُونٍ ) أَيْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَهَذَا فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَتَنْفَسِخُ بِحَنُونِ السَّيِّدِ وَإِغْمَائِهِ دُونَ الْمُكَاتَبِ ا ه . عَبْدُ الْبَرِّ . قَوْلُهُ : ( لَا إغْمَاءَ ) عِبَارَةُ : ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا تَنْفَسِخُ بِإِغْمَاءِ السَّيِّدِ . وَانْظُرْ عَلَى هَذَا هَلْ يَنْتَظِرُ إفَاقَتَهُ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ أَوْ يَقْبِضُ عَنْهُ الْحَاكِمُ أَوْ غَيْرُهُ رَاجِعْهُ ، وَحَرِّرْهُ . قَوْلُهُ : ( وَلَا لِحَجْرِ سَفَهٍ ) وَكَذَا حَجْرُ الْفَلَسِ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى حَجْرِ السَّفَهِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تُفَارِقُ فِيهِ الصَّحِيحَةُ الْفَاسِدَةَ بِخِلَافِ حَجْرِ الْفَلَسِ فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُهُمَا . قَوْلُهُ : ( وَيَقُومُ الْحَاكِمُ مَقَامَ الْمُكَاتَبِ ) لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ : بِحَذْفِ غَائِبٌ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ شَرْحُ م ر . قَوْلُهُ : ( إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا ) جُمْلَةُ الشُّرُوطِ سِتَّةٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ : فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا مُكِّنَ السَّيِّدُ مِنْ الْفَسْخِ فَإِذَا فَسَخَ عَادَ الْمُكَاتَبُ قِنًّا لَهُ وَعَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ ، فَإِنْ أَفَاقَ وَظَهَرَ لَهُ مَالٌ كَانَ حَصَّلَهُ قَبْلَ الْفَسْخِ دَفَعَهُ الْحَاكِمُ إلَى السَّيِّدِ وَحَكَمَ بِعِتْقِهِ وَنَقَضَ الْحَاكِمُ تَعْجِيزَهُ وَيُقَاسُ بِالْإِفَاقَةِ فِي ذَلِكَ ارْتِفَاعُ الْحَجْرِ . قَوْلُهُ : ( وَهَذَا حَسَنٌ ) لَكِنَّهُ قَلِيلُ النَّفْعِ مَعَ قَوْلِنَا إنْ لِلسَّيِّدِ إذَا وَجَدَ مَالَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِهِ . إلَّا أَنْ يُقَالَ : الْحَاكِمُ يَمْنَعُهُ مِنْ الْأَخْذِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَيْ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِهِ وَنَقَلَ فِي الْخَادِمِ عَنْ الْوَسِيطِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَابُ : بِأَنَّ دَفْعَ الْقَاضِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ تَصَرُّفِهِ . وَأَمَّا السَّيِّدُ فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ : كَمَا يَسْتَقِلُّ بِالْعِتْقِ وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ زي وَقَرَّرَ شَيْخُنَا . قَوْلُهُ : وَهَذَا حَسَنٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ أَخَذَ السَّيِّدُ الْمَالَ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَضِيعُ إذَا أَفَاقَ صَحَّ وَعَتَقَ الْعَبْدُ . 0 قَوْلُهُ : ( وَلَوْ جَنَى الْمُكَاتَبُ ) شَامِلٌ لِلْقَتْلِ وَغَيْرِهِ . قَوْلُهُ : ( لَزِمَهُ قَوَدٌ ) أَيْ نَفْسًا أَوْ طَرَفًا أَيْ عِنْدَ الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ : أَوْ أَرْشٌ أَيْ عِنْدَ الْعَمْدِ ا ه . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّ وَاجِبَ إلَخْ ) عِلَّةٌ لِلُزُومِ الْأَرْشِ فَقَطْ . لَا لِلُزُومِ(5/449)
"""""" صفحة رقم 450 """"""
الْقَوَدِ لِأَنَّهُ لَا يُنْتِجُهُ وَقَوْلُهُ : لَا تَعَلُّقَ لَهُ أَيْ لِلْوَاجِبِ الْمَذْكُورِ بِرَقَبَتِهِ لِوُجُودِ الْمَانِعِ وَهُوَ مِلْكُ السَّيِّدِ لَهَا لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ . وَبِهَذَا فَارَقَ الْأَجْنَبِيَّ فِيمَا إذَا وَجَبَتْ الْجِنَايَةُ مَالًا وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ : لِمَ لَمْ يَجِبْ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشُ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ ، وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ فَلَزِمَهُ الْأَرْشُ مِمَّا فِي يَدِهِ كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ . بِخِلَافِ جِنَايَتِهِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ حَقَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ كَمَا ذَكَرَهُ م ر . قَوْلُهُ : ( لَا تَعَلُّقَ ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ خَبَرُ إنَّ وَقَوْلُهُ : مِمَّا مَعَهُ مُتَعَلِّقٌ يَلْزَمُهُ بِالنَّظَرِ لِلْأَرْشِ أَيْ لَزِمَهُ الْأَرْشُ مِمَّا مَعَهُ إلَخْ وَعِبَارَةُ : شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَيَكُونُ الْأَرْشُ مِمَّا مَعَهُ إلَخْ وَجَعَلَهُ خَبَرَ إنَّ وَقَوْلُهُ : لَا تَعَلُّقَ إلَخْ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ اسْمِ إنَّ وَخَبَرِهَا بَعِيدٌ تَأَمَّلْ . قَوْلُهُ : ( دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ غَرَامَتَانِ فَإِذَا عَجَّزَهُ تَخَلَّصَ مِنْهُمَا وَعَادَ الرِّقُّ ا ه . قَوْلُهُ : ( أَوْ الْأَقَلُّ ) : أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْعَمْدِ . قَوْلُهُ : ( فَلَا مُتَعَلِّقَ إلَّا الرَّقَبَةُ ) أَيْ فَلَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا وَالْأَرْشِ زي . قَوْلُهُ : ( يَعْنِي بِالْوَاجِبِ ) أَيْ فِي الْجِنَايَةِ ا ه . قَوْلُهُ : ( عَجَّزَهُ ) وَإِنَّمَا يُعَجِّزُهُ فِيمَا يَحْتَاجُ لِبَيْعِهِ فِي الْأَرْشِ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : وَبَقِيَتْ الْكِتَابَةُ فِيمَا بَقِيَ إلَّا أَنْ لَا يَتَأَتَّى بَيْعُ بَعْضِهِ عَلَى الْأَوْجُهِ شَرْحُ حَجّ و م ر مَعَ زِيَادَةٍ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ . قَوْلُهُ : عَجَّزَهُ أَيْ عَجَّزَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْأَرْشِ إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهُ وَلَا يَبِيعُ قَبْلَ التَّعْجِيزِ . وَفَارَقَ الْمَرْهُونَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ هُنَا شَيْخُنَا وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ ا ه . قَوْلُهُ : ( وَبِيعَ بِقَدْرِ الْأَرْشِ ) لَوْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْبَعْضِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِيعَ الْكُلُّ وَمَا فَضَلَ يَأْخُذُهُ الْوَارِثُ . كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَفِيهِ نَظَرٌ سم . قَوْلُهُ : ( وَبَقِيَتْ الْكِتَابَةُ ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ : وَقَضِيَّةُ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ فِي الْبَاقِي أَنَّهُ لَا يُعَجِّزُ الْجَمِيعَ فِيمَا إذَا اُحْتِيجَ لِبَيْعِ بَعْضِهِ خَاصَّةً وَقَضِيَّةُ صَدْرِ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ الْجَمِيعَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ تَعْجِيزٌ مُرَاعًى حَتَّى لَوْ عَجَّزَهُ ثُمَّ بَرِئَ مِنْ الْأَرْشِ بَقِيَ كُلُّهُ مُكَاتَبًا سم . قَوْلُهُ : ( أَوْ أَبْرَأَهُ ) أَيْ مِنْ النُّجُومِ . قَوْلُهُ : ( عَتَقَ ) أَيْ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا فِي مَسْأَلَةِ الْإِعْتَاقِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ إعْتَاقِ الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ زي . قَوْلُهُ : ( وَلَزِمَهُ الْفِدَاءُ ) أَيْ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ . قَوْلُهُ : ( الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ) وَهُوَ(5/450)
"""""" صفحة رقم 451 """"""
الرَّقَبَةُ . قَوْلُهُ : ( وَمَاتَ رَقِيقًا ) أَيْ مَاتَ فِي حَالِ رِقِّهِ فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ إنَّ الرِّقَّ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ خِلَافًا لِمَنْ نَظَرَ فِيهِ أَيْ فَهُوَ بِالْمَوْتِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ وَإِنْ كَانَ رِقُّهُ قَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ : وَمَاتَ رَقِيقًا أَيْ مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِالرِّقِّ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ قَوْلِهِ : وَلِسَيِّدِهِ قَوَدٌ عَلَى قَاتِلِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ الرِّقُّ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ وَلِلسَّيِّدِ مَا يَتْرُكُهُ بِحُكْمِ الْمَوْتِ لَا الْإِرْثِ وَيَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهُ وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً شَرْحُ حَجّ وَهَذَا فَائِدَةُ ذِكْرِ . قَوْلُهُ : وَمَاتَ رَقِيقًا وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُومٌ وَأَيْضًا فَائِدَةُ قَوْلِهِ بَعْدُ : وَلِسَيِّدِهِ قَوَدٌ عَلَى قَاتِلِهِ إلَخْ . قَوْلُهُ : ( وَلِسَيِّدِهِ قَوَدٌ عَلَى قَاتِلِهِ ) أَيْ إنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قَوَدًا كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ فَلَعَلَّهَا سَقَطَتْ مِنْ الْكَتَبَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ : وَلِسَيِّدِهِ قَوَدٌ عَلَى قَاتِلِهِ إنْ كَافَأَهُ وَكَانَ عَمْدًا وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ ا ه . وَلَوْ قَتَلَهُ السَّيِّدُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ . وَيُلْغَزُ وَيُقَالُ : لَنَا شَخْصٌ إذَا قَتَلَ لَا يُضْمَنُ وَإِذَا قَطَعَ ضُمِنَ بِالْأَرْشِ أ ج مَعَ زِيَادَةٍ . وَيُلْغَزُ أَيْضًا وَيُقَالُ : لَنَا شَخْصٌ يَضْمَنُ بَعْضَهُ وَلَا يَضْمَنُ كُلَّهُ وَلَيْسَ لَنَا مَنْ لَا يُضْمَنُ كُلُّهُ بِالْقَتْلِ فَيُضْمَنُ بَعْضُهُ بِالْقَتْلِ إلَّا هَذَا ق ل . 0 0 قَوْلُهُ : ( بِمَا لَا تَبَرُّعَ فِيهِ وَلَا خَطَرَ ) قَيْدَانِ فِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَالْخَطَرِ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْخَوْفُ . قَوْلُهُ : ( وَإِنْ اسْتَوْثَقَ بِرَهْنٍ ) أَيْ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الرَّهْنِ وَهَرَبِ الْكَفِيلِ فَيَفُوتُ الْمَالُ . قَوْلُهُ : ( لَهُ إهْدَاؤُهُ ) ظَاهِرُهُ : وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ ظَاهِرَةٌ . وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِهْدَاءِ مِثْلِهِ لِلْأَكْلِ بَلْ لَوْ قِيلَ بِامْتِنَاعِ أَخْذِ عِوَضٍ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا . قَوْلُهُ : ( كَغَيْرِهِ ) أَيْ كَالْحُرِّ وَفِي نُسْخَةٍ لِغَيْرِهِ . قَوْلُهُ : ( مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ) أَيْ لَوْ كَانَ حُرًّا شَرْحُ م ر . قَوْلُهُ : ( بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ) وَاحْتِيجَ لِلْإِذْنِ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ بَيْعِهِ فَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى السَّيِّدِ قَالَ س ل : أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَيْهِ فِي أَدَاءِ النُّجُومِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ : وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ يَرَى عِتْقَهُ عَلَيْهِ . قَوْلُهُ : ( وَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ ) أَيْ لِقِنِّهِ سَوَاءٌ كَانَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَكَذَا قَوْلُهُ : كِتَابَتُهُ عَنْ نَفْسِهِ خَرَجَ إعْتَاقُهُ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ا ه . ع ن وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ : فَإِنْ أَعْتَقَ عَنْ سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ وَقَعَ الْعِتْقُ عَنْهُ . قَوْلُهُ : ( وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ ق ل وَيُجِيبَانِ عَنْ قَوْله تَعَالَى وَآتُوهُمْ إلَخْ بِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ(5/451)
"""""" صفحة رقم 452 """"""
لِلنَّدْبِ . قَوْلُهُ : ( السَّيِّدِ ) : وَكَذَا وَارِثُهُ مُقَدَّمًا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ وَلَوْ تَعَدَّدَ السَّيِّدُ وَاتَّحَدَ الْمُكَاتَبُ وَجَبَ قِسْطٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَوْ تَعَدَّدَ الرَّقِيقُ وَجَبَ الْحَطُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَيَقُومُ مَقَامَهُ أَيْ الْمَقْبُوضُ غَيْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ إنْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِهِ وَالدَّفْعُ بَدَلٌ عَنْ الْحَطِّ وَالْآيَةُ شَامِلَةٌ لَهُمَا لِأَنَّ الْحَطَّ إيتَاءٌ وَزِيَادَةٌ لِأَنَّهُ مُحَقَّقٌ ق ل . وَشَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ : مُقَدَّمًا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ أَيْ تَجْهِيزِ السَّيِّدِ لَوْ مَاتَ وَقْتَ وُجُودِ الْأَدَاءِ أَوْ الْحَطِّ وَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَجِبُ فِي الْإِيتَاءِ أَمَّا لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَجَبَ تَجْهِيزُهُ مُقَدَّمًا عَلَى مَا يَجِبُ فِي الْإِيتَاءِ . ا ه . ع ش عَلَى م ر . قَوْلُهُ : ( أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ ) صَادِقٌ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ كَشَيْءٍ مِنْ جِنْسِ النُّجُومِ قِيمَتُهُ دِرْهَمُ نُحَاسٍ وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ مُتَعَدِّدًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْمُصَرَّاةِ مِنْ أَنَّ الصَّاعَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّرَ اللَّبَنَ لِكَوْنِهِ مَجْهُولًا بِالصَّاعِ لِئَلَّا يَحْصُلُ النِّزَاعُ فِيمَا يُقَابِلُ اللَّبَنَ الْمَحْلُوبَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَيَشْمَلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ اللَّبَنُ تَافِهًا جِدًّا فَاعْتُبِرَ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ بِالصَّاعِ لِعَدَمِ تَفْرِقَةِ الشَّارِعِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُتَمَوَّلُ هُوَ الْوَاجِبَ فِي النَّجْمَيْنِ لَمْ يَسْقُطْ الْحَطُّ بَلْ يُحَطُّ بَعْضُ ذَلِكَ الْقَدْرِ ا ه . ع ش عَلَى م ر وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ : لَا يَجِبُ الْإِيتَاءُ لِتَعَذُّرِهِ وَانْظُرْ لَوْ عُقِدَ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ فَمَاذَا عَلَيْهِ وَفِي ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ . قَوْلُهُ : ( مِنْ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ ) وَيَجِبُ الْقَبُولُ حِينَئِذٍ سم . قَوْلُهُ : ( جَازَ ) أَيْ إنْ رَضِيَ بِهِ الْمُكَاتَبُ م ر و ح ل . قَوْلُهُ : ( قَبْلَ الْعِتْقِ ) فَإِنْ أُخِّرَ عَنْهُ أَثِمَ وَكَانَ قَضَاءً سم وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْعِتْقِ مُوَسَّعٌ فَيَتَعَيَّنُ عَقْدُ الْعِتْقِ ا ه زي عِبَارَةُ م ر وَيَتَضَيَّقُ إذَا بَقِيَ مِنْ النَّجْمِ الْأَخِيرِ قَدْرُ مَا يَفِي بِهِ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ قَبْلَهُ ، أَدَّى بَعْدَهُ وَكَانَ قَضَاءً وَلَيْسَ لَنَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَجِبُ الْحَطُّ مِنْهُ إلَّا هَذَا ا ه سم . قَوْلُهُ : ( وَاسْتَثْنَى ) لَعَلَّ وَجْهَهُ فِي الْأُولَى أَنَّ عِتْقَهُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالْمَوْتِ لِاعْتِبَارِ الثُّلُثِ وَقْتَهُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْإِيتَاءُ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْإِيتَاءُ وَيُضَافُ إلَيْهِمَا مَا لَوْ كَانَ كُلُّ نَجْمٍ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ فَلَا حَطَّ . ا ه . م د . قَوْلُهُ : ( مَا لَوْ كَاتَبَهُ ) أَيْ وَمَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ النُّجُومِ أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ سم . قَوْلُهُ : ( وَالْحَطُّ أَوْلَى مِنْ الدَّفْعِ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَلَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يُعْطِيَهُ وَأَرَادَ الْعَبْدُ الْحَطَّ أُجِيبَ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ يَرُومُ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ أَيْ يُرِيدُهُ سم وَفِي هَذَا تَقْدِيمُ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ إذْ الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ) وَآتُوهُمْ مِنْ(5/452)
"""""" صفحة رقم 453 """"""
مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } م د . قَوْلُهُ : ( وَكَوْنُهُ ) أَيْ الْحَطِّ أَوْ الدَّفْعِ بِمَعْنَى الْمَحْطُوطِ أَوْ الْمَدْفُوعِ وَقَوْلُهُ : رُبْعُ النُّجُومِ وَأَوْجَبَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَفْضَلُ مِنْهُ ثُلُثٌ وَأَقَلُّ مِنْهُ خُمُسٌ فَسُدُسٌ . وَهَذَا فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ عَنْ نَفْسِهِ أَمَّا الْمَوْلَى فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مُرَاعَاةً لِلْمَصْلَحَةِ ق ل . وَعِبَارَةُ ع ش وَكَوْنُهُ رُبْعًا فَسُبْعًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : بَقِيَ بَيْنَهُمَا السُّدُسُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أَسَدٍ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَالَ : فَأَتَيْته بِمُكَاتَبَتِي فَرَدَّ عَلَيَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ . ا ه . ز ي أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ سِنُّ السُّدُسِ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فَوْقَ السُّبُعِ وَأَفْضَلَ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ سِنُّهُ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ ا ه وَفِيهِ أَنَّ بَيْنَهُمَا الْخُمُسَ أَيْضًا فَانْظُرْ هَلْ رُوِيَ أَوْ لَا . قَوْلُهُ : ( أَوْلَى ) أَيْ مِمَّا هُوَ دُونَهُ وَقَوْلُهُ : فَسُبُعُهُ أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ النُّجُومِ . 0 قَوْلُهُ : ( وَيَحْرُمُ عَلَى السَّيِّدِ التَّمَتُّعُ ) أَيْ مُطْلَقًا وَلَوْ بِالنَّظَرِ لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ . ا ه . م د وَعِبَارَةُ زي دَخَلَ فِيهِ النَّظَرُ وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ حِلُّهُ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ا ه قَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَقَدْ يُقَالُ : التَّمَتُّعُ بِالنَّظَرِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرُوهُ هُنَاكَ لِأَنَّ ذَاكَ فِي النَّظَرِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ . قَوْلُهُ : ( مَهْرُهَا ) وَإِنْ طَاوَعَتْهُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ إلَّا إذَا وَطِئَ بَعْدَ أَدَاءِ الْمَهْرِ ح ل وَلَوْ عَجَزَتْ قَبْلَ أَخْذِهِ سَقَطَ أَوْ حَلَّ نَجْمٌ قَبْلَهُ وَقَعَ التَّقَاصُّ بِشَرْطِهِ . ا ه . ق ل وَقَوْلُهُ : لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ دَفْعٌ لِمَا قَدْ يُقَالُ : إذَا طَاوَعَتْهُ كَانَتْ زَانِيَةً فَكَيْفَ يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ . وَحَاصِلُهُ : أَنَّ لَهَا شُبْهَةً دَافِعَةً لَهُ أَيْ لِلزِّنَا وَهِيَ الْمِلْكُ . قَوْلُهُ : ( وَلَا حَدَّ ) إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَاعْتَقَدَهُ لَكِنْ يُعَزَّرُ مَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ مِنْهُمَا زي . قَوْلُهُ : ( وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ ) أَيْ لِأُمِّهِ . قَوْلُهُ : ( وَصَارَتْ بِالْوَلَدِ مُسْتَوْلَدَةً مُكَاتَبَةً ) أَيْ مُسْتَمِرَّةَ الْكِتَابَةِ وَإِلَّا فَالْكِتَابَةُ ثَابِتَةٌ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ كَالْمُحَرَّرِ وَهِيَ مُسْتَوْلَدَةٌ مُكَاتَبَةٌ كَانَ أَظْهَرَ سم زي فَإِنْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ عَنْ الِاسْتِيلَادِ وَإِنْ سَبَقَ أَدَاءُ النُّجُومِ عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ التَّعْجِيزِ وَأَدَاءِ النُّجُومِ عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ بَعْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ كَمَا قَالَ : م ر . قَوْلُهُ : ( وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ ) أَيْ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا . قَوْلُهُ : ( الْحَادِثُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ ) أَيْ الْمُنْفَصِلُ وَلَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ . قَوْلُهُ : ( بَعْدَ الْكِتَابَةِ ) أَيْ بِأَنْ تَضَعَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْكِتَابَةِ زي . قَوْلُهُ : ( رِقًّا ) أَيْ إنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ عِتْقِهَا وَعَتَقَا فَقَطْ إنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ .(5/453)
"""""" صفحة رقم 454 """"""
قَوْلُهُ : ( وَيُمَوِّنُهُ مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ ) اُنْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَسْبِ وَمَا بَعْدَهُ هَلْ يُمَوِّنُهُ السَّيِّدُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ يَمَانُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ . قَوْلُهُ : ( وَمَهْرُهُ ) أَيْ إذَا كَانَ أُنْثَى وَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ ا ه . قَوْلُهُ : ( صُدِّقَ ) أَيْ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْيَدِ م ر فَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ . قَوْلُهُ : ( خُذْهُ ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ حَرَامٌ بِاعْتِرَافِهِ فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِأَخْذِهِ وَأُجِيبَ : بِأَنَّا نُخَيِّرُهُ فَإِذَا اخْتَارَ أَخْذَهُ عَامَلْنَاهُ بِنَقِيضِهِ أَيْ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لِمَالِكٍ مُعَيَّنٍ أُلْزِمَ بِدَفْعِهِ لَهُ وَإِلَّا فَقِيلَ : يَنْزِعُهُ الْحَاكِمُ وَيَحْفَظُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ : أَمْسِكْهُ حَتَّى يَظْهَرَ مَالِكُهُ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَإِنْ عَادَ وَكَذَّبَ نَفْسَهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ لِلْمُكَاتَبِ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ . قَوْلُهُ : ( أَوْ تُبْرِئُهُ ) الْمُنَاسِبُ أَوْ أَبْرِئْهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ : نَعَمْ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى لَحْمٍ فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ : هَذَا حَرَامٌ فَالظَّاهِرُ اسْتِفْصَالُهُ فِي قَوْلِهِ : حَرَامٌ فَإِنْ قَالَ : لِأَنَّهُ مَسْرُوقٌ أَوْ نَحْوُهُ فَكَذَلِكَ أَيْ يُصَدَّقُ الْمُكَاتَبُ بِيَمِينِهِ أَوْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُذَكًّى حَلَفَ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ . قَوْلُهُ : ( وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ ) يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا دُونَ الْوَطْءِ أَيْضًا حَجّ لِأَنَّهُ رُبَّمَا جَرَّهُ إلَى الْوَطْءِ خَوْفًا مِنْ هَلَاكِ الْأَمَةِ بِالطَّلْقِ . قَوْلُهُ : ( لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ . قَوْلُهُ : ( وَالْوَلَدُ نَسِيبٌ ) أَيْ لَيْسَ مِنْ زِنًا . قَوْلُهُ : ( تَبِعَهُ رِقًّا وَعِتْقًا ) أَيْ إنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ عِتْقِ أَبِيهِ وَعَتَقَا فَقَطْ إنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ فَإِنْ يَعْتِقُ أَبُوهُ رُقَّ وَصَارَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ وَقَوْلُهُ : يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَهَلْ يَمْتَنِعُ اسْتِخْدَامُهُ أَيْضًا رَاجِعْهُ ق ل . قَوْلُهُ : ( وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِأَبِيهِ ) أَيْ مَا دَامَ مُكَاتَبًا . قَوْلُهُ : ( وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ) أَيْ بَعْدَ الْعِتْقِ أَيْ غَيْرَ لَحْظَةِ الْوَضْعِ وَإِلَّا نَقَصَتْ الْمُدَّةُ عَنْ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ ا ه ع ش . قَوْلُهُ : ( مُطْلَقًا ) أَيْ فِي صُورَةِ السِّتَّةِ وَالْأَكْثَرِ . قَوْلُهُ : ( أَوْ بَعْدَهُ فِي صُورَةِ الْأَكْثَرِ ) أَيْ أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ فِي صُورَةِ مَا إذَا وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ . وَالْحَاصِلُ : إنْ حَمَلَتْ بِالْوَلَدِ قَبْلَ الْعِتْقِ يَقِينًا فَهُوَ مَمْلُوكٌ وَلَا تَصِيرُ أَمَّ وَلَدٍ وَإِلَّا فَهُوَ حُرٌّ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ . ا ه . ق ل . قَوْلُهُ : ( فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ ) لِظُهُورِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ الْعُلُوقِ قَبْلَهَا تَغْلِيبًا لَهَا وَالْوَلَدُ حِينَئِذٍ حُرٌّ فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا مَعَ الْعِتْقِ وَلَا بَعْدَهُ أَوْ وَلَدَتْهُ(5/454)
"""""" صفحة رقم 455 """"""
لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ شَرْحُ الْمَنْهَجِ . 0 قَوْلُهُ : ( كَمُؤْنَةِ حِفْظِهِ ) وَخَوْفٍ عَلَيْهِ كَأَنْ عَجَّلَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ وَإِنْ أَنْشَأَ الْكِتَابَةَ فِي زَمَنِ النَّهْبِ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَزُولُ عِنْدَ الْمَحِلِّ وَلِمَا فِي قَبُولِهِ : مِنْ الضَّرَرِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ : فَإِنْ كَانَ هَذَا الْخَوْفُ مَعْهُودًا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ لَزِمَهُ الْقَبُولُ وَجْهًا وَاحِدًا شَرْحُ الرَّوْضِ وَانْظُرْ لَوْ تَحَمَّلَ الْمُكَاتَبُ الْمُؤْنَةَ هَلْ يُجْبَرُ السَّيِّدُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ تَحَمُّلِ الْمُقْتَرِضِ أَوْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِمُؤْنَةِ النَّقْلِ سم . قَوْلُهُ : ( وَإِلَّا ) بِأَنْ امْتَنَعَ لَا لِغَرَضٍ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبْضِ أَوْ عَلَى الْإِبْرَاءِ لِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ غَرَضًا ظَاهِرًا فِيهِ وَهُوَ تَنْجِيزُ الْعِتْقِ أَوْ تَقْرِيبُهُ وَلَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ ا ه وَقَوْلُهُ : وَهُوَ تَنْجِيزُ الْعِتْقِ أَيْ إذَا أَرَادَ دَفْعَ الْكُلِّ وَقَوْلُهُ : أَوْ تَقْرِيبُهُ أَيْ إذَا أَرَادَ دَفْعَ الْبَعْضِ . ا ه . عَبْدُ الْبَرِّ أَوْ تَنْجِيزُهُ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ وَتَقْرِيبُهُ فِي غَيْرِهِ . قَوْلُهُ : ( وَلَوْ عَجَّلَ بَعْضَ النُّجُومِ ) وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ دَيْنٍ عُجِّلَ بِهَذَا الشَّرْطِ شَرْحُ م ر . قَوْلُهُ : ( لِيُبْرِئَهُ مِنْ الْبَاقِي ) أَيْ شَرْطُ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَوَافَقَهُ الْآخَرُ . ا ه . م ر . قَوْلُهُ : ( فَقَبَضَ وَأَبْرَأَهُ ) أَيْ مَعَ اعْتِقَادِ صِحَّةِ الْقَبْضِ . قَوْلُهُ : ( بَطَلَا ) أَيْ الْقَبْضُ وَالْإِبْرَاءُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ إذَا حَلَّ دَيْنُهُ يَقُولُ لِمَدِينِهِ اقْضِ أَوْ زِدْ فَإِنْ قَضَاهُ وَإِلَّا زَادَهُ فِي الدَّيْنِ وَفِي الْأَجَلِ وَعَلَى السَّيِّدِ رَدُّ الْمَقْبُوضِ وَلَا عِتْقَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ : بَطَلَا أَيْ إنْ كَانَ السَّيِّدُ جَاهِلًا بِالْفَسَادِ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ صَحَّ وَعَتَقَ كَمَا فِي م ر لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ وَقَوْلُهُ : يُشْبِهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ مِنْ حَيْثُ جَلْبُ النَّفْعِ لِلْمُكَاتَبِ كَجَلْبِهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ . ا ه . ح ل . أَوْ مِنْ حَيْثُ جَعْلُ التَّعْجِيلِ مُقَابَلًا بِالْإِبْرَاءِ مِنْ الْبَاقِي فَهُوَ كَجَعْلِهِمْ زِيَادَةَ الْأَجَلِ مُقَابَلَةً بِمَالٍ وَقَوْلُ الْحَلَبِيِّ : أَيْ مِنْ حَيْثُ جَلْبُ النَّفْعِ إلَخْ . وَإِلَّا فَمَا هُنَا فِي مُقَابَلَةِ النَّقْصِ مِنْ الْوَاجِبِ وَمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي مُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ ا ه . قَوْلُهُ : ( بَيْعُ النُّجُومِ ) لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا وَلِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَمَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَسْلِيمِهِ إذْ الْعَبْدُ يَسْتَقِلُّ بِإِسْقَاطِهِ وَقَوْلُهُ : عَلَى تَسْلِيمِهِ كَانَ الْأَوْلَى بَلْ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ : عَلَى تَسَلُّمِهِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ قَادِرٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَالسَّيِّدُ عَاجِزٌ عَنْ تَسَلُّمِهِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ قَادِرٌ عَلَى فَسْخِهَا . قَوْلُهُ : ( وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر . قَوْلُهُ : ( وَإِنْ جَرَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ) هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ شَيْخُ الْخَطِيبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ . قَوْلُهُ ( وَلَوْ بَاعَ ) أَيْ أَتَى بِصُورَةِ بَيْعٍ وَالْأَوْلَى التَّفْرِيعُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ . قَوْلُهُ : ( إلَى الْمُشْتَرِي ) : أَيْ مُشْتَرِيهَا أَوْ مُشْتَرِيهِ وَالْمُرَادُ الْمُشْتَرِي صُورَةً لِأَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ . قَوْلُهُ : ( لَمْ يَعْتِقْ ) فَإِنْ قُلْت إذَا وَكَّلَ السَّيِّدُ فِي قَبْضِ النُّجُومِ صَحَّ قَبْضُ الْوَكِيلِ وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ فَهَلَّا جَعَلَا(5/455)
"""""" صفحة رقم 456 """"""
الْمُشْتَرِيَ كَالْوَكِيلِ لِتَضَمُّنِ الْبَيْعِ الْإِذْنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ قُلْت : فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقْبِضُ النُّجُومَ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ : نَعَمْ لَوْ بَاعَهَا وَأَذِنَ لِلْمُشْتَرِي فِي قَبْضِهَا مَعَ عِلْمِهِمَا بِفَسَادِ الْبَيْعِ عَتَقَ بِقَبْضِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَالْوَكِيلِ . قَوْلُهُ : ( وَهِبَتُهُ كَبَيْعِهِ ) فَلَا تَصِحُّ إلَّا بِرِضَاهُ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ كَمَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ ا ه م د . قَوْلُهُ : ( عَتَقَ ) أَيْ عَنْ السَّيِّدِ . قَوْلُهُ : ( لَمْ يَعْتِقْ عَنْ السَّائِلِ ) لِأَنَّ عِتْقَهُ عَنْهُ يَتَضَمَّنُ بَيْعَهُ لَهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ بَيْعِهِ اسْتِقْلَالًا أَوْ ضِمْنًا وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ : لَا يَعْتِقُ لِأَنَّ لَمْ لِلْمَاضِي . 0 قَوْلُهُ : ( فَلَوْ لَمْ يَضَعْ سَيِّدُهُ ) الْمُنَاسِبُ الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ لِأَنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى . قَوْلُهُ : ( بِهِ ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ النُّجُومِ بِأَنَّ حَالَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ عَلَى آخَرَ فَيَعْتِقُ بِالْحَوَالَةِ وَقَوْلُهُ : وَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ أَيْ الْمُكَاتَبِ وَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَالَ الْحَوَالَةِ شَرْطُهُ اللُّزُومُ وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ وَقَوْلُهُ : الْمُكَاتَبُ قِنٌّ أَيْ كَقِنٍّ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقِنَّ هُوَ الرَّقِيقُ الَّذِي لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعِتْقِ . ا ه . م د . قَوْلُهُ : ( فَكَالْبَيْعِ ) فِي نُسْخَةٍ فَكَالْمَبِيعِ 0 0 قَوْلُهُ : ( فِيهِ ) أَيْ فِي عِتْقِهِ .(5/456)
"""""" صفحة رقم 457 """"""
قَوْلُهُ : ( بِاخْتِلَالِ رُكْنٍ ) أَيْ شَرْطِ رُكْنٍ مِنْ الْأَرْكَانِ أَيْ بِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ لَكِنْ اخْتِلَالُ شَرْطِ الْعَاقِدِ ، يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ مُطْلَقًا وَاخْتِلَالُ شَرْطِ الْعِوَضِ تَارَةً يَكُونُ مُقْتَضِيًا لِلْبُطْلَانِ إنْ عَقَدَهَا بِفَاسِدٍ غَيْرِ مَقْصُودٍ كَدَمٍ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا مَقْصُودًا كَخَمْرٍ أَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَجْهُولًا أَوْ مُنَجَّمًا بِوَقْتٍ وَاحِدٍ فَهِيَ فَاسِدَةٌ . قَوْلُهُ : ( إلَّا فِي تَعْلِيقٍ مُعْتَبَرٍ ) كَأَنْ يَقُولَ : إنْ أَعْطَيْتنِي دَمًا أَوْ مَيْتَةً فَأَنْتَ حُرٌّ وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ : إلَّا فِي تَعْلِيقِ اسْتِثْنَاءٍ مُنْقَطِعٍ لِأَنَّ عِتْقَهُ بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ لَا بِحُكْمِ الْكِتَابَةِ . قَوْلُهُ : ( بِأَنْ يَقَعَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ ) أَيْ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ بِقَوْلِهِ : كَقَوْلِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ كَاتَبْتُك عَلَى زِقَّيْ دَمٍ فَإِذَا أَدَّيْتَهُمَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِذَا أَدَّاهُمَا عَتَقَ . قَوْلُهُ : ( فِي اسْتِقْلَالِ الْمُكَاتَبِ بِكَسْبِهِ ) ظَاهِرُهُ حَتَّى فِي كِتَابَةِ الْبَعْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ إلَّا بِبَعْضِ الْكَسْبِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا . وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ كَالصَّحِيحَةِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ وَكَالتَّعْلِيقِ فِي ثَمَانِيَةٍ . قَوْلُهُ : ( وَفِي أَخْذِ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ ) وَكَذَا الْمَهْرُ مَنْهَجٌ أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ السَّيِّدِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا فِي الْفَاسِدَةِ دُونَ الصَّحِيحَةِ سم أَيْ فَلَوْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ السَّيِّدُ طَرَفَهُ فِي الصَّحِيحَةِ لَزِمَ كُلًّا الْأَرْشُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ السَّيِّدُ طَرَفَهُ فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ فِي الصَّحِيحَةِ . ا ه . ع ش عَلَى م ر . قَوْلُهُ : ( بِغَيْرِ أَدَاءِ الْمُكَاتَبِ ) : فِيهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ فِي الصَّحِيحَةِ لِكَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِيهَا الْمُعَاوَضَةَ فَالْأَدَاءُ وَالْإِبْرَاءُ فِيهَا وَاحِدٌ شَرْحُ م ر أَيْ وَالْمُغَلَّبُ فِي الْفَاسِدَةِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَاخْتَصَّتْ بِأَدَاءِ الْمُسَمَّى لِلسَّيِّدِ كَيْ تَتَحَقَّقَ الصِّفَةُ . ا ه . سم . قَوْلُهُ : ( وَأَدَاءُ غَيْرِهِ عَنْهُ ) أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَدَاءُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ : مُتَبَرِّعًا لَيْسَ بِقَيْدٍ . قَوْلُهُ : ( تَبْطُلُ ) اسْتَشْكَلَهُ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ فَكَيْفَ يُقَالُ : بَطَلَ قَالَ : فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بُطْلَانُ الصِّفَةِ ا ه . سم قَالَ الْحَلَبِيُّ : وَإِنَّمَا بَطَلَتْ الْفَاسِدَةُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَقَوْلُهُ : بِمَوْتِ سَيِّدِهِ أَيْ قَبْلَ الْأَدَاءِ إنْ لَمْ يَقُلْ : إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَوْ إلَى وَارِثِي كَمَا فِي الرَّوْضِ . قَوْلُهُ : ( وَفِي أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْعَجْزِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ فِيهَا إلَّا إنْ قَيَّدَ الْعَجْزَ سم .(5/457)
"""""" صفحة رقم 458 """"""
قَوْلُهُ : ( وَتَمْلِيكُهُ ) أَيْ تَمْلِيكُهُ لِلْغَيْرِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ بِأَنْ يُمَلِّكَهُ سَيِّدُهُ لِلْغَيْرِ أَوْ يُمَلِّكَهُ سَيِّدُهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ : ا ه عَبْدُ الْبَرِّ فَهُوَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ ا ه وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَتَمْلِيكُهُ أَيْ تَمْلِيكُ السَّيِّدِ إيَّاهُ الْأَجْنَبِيَّ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ . قَوْلُهُ : ( وَمَنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ ) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِلَا إذْنٍ مَا لَمْ يَحِلَّ النَّجْمُ ا ه شَرْحُ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ : وَجَوَازُ وَطْءِ الْأَمَةِ أَيْ وَطْءِ السَّيِّدِ الْأَمَةَ الْمُكَاتَبَةَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَطْءَ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً أَمَتَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ حَتَّى فِي الصَّحِيحَةِ . كَمَا تَقَدَّمَ . ا ه . سم وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ : وَجَوَازُ وَطْءِ الْأَمَةِ أَيْ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَنْعُهُ مِنْ وَطْئِهَا . وَأَجَابَ الْحَلَبِيُّ بِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى السَّفَرِ أَيْ وَمَنَعَهُ مِنْ جَوَازِ الْوَطْءِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْمَنْعِ مِنْ الْجَوَازِ وَأُجِيبَ : بِأَنَّهُ إضَافَةُ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ وَمَنَعَهُ مِنْ الْوَطْءِ الْجَائِزِ لَوْلَا الْكِتَابَةُ وَعَلَى هَذَا فَلَا تَكُونُ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ كَالتَّعْلِيقِ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا مِثْلُهُ فَالْأَنْسَبُ الْقَوْلُ : بِالتَّضْعِيفِ وَكَلَامُ الْحَلَبِيِّ ضَعِيفٌ ا ه لَكِنَّ الْمَدَابِغِيَّ لَمْ يُضَعِّفْ كَلَامَ الشَّارِحِ بَلْ أَقَرَّهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَعَلَّلَ مَنْعَهُ مِنْ السَّفَرِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ . وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْفَاسِدَةَ فِيهَا شَبَهَانِ شَبَهٌ بِالصَّحِيحَةِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ : اسْتِقْلَالِ الْمَكَاتِبِ بِكَسْبِهِ وَاسْتِقْلَالِهِ بِأَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ وَعِتْقِهِ بِالْأَدَاءِ وَتَبَعِيَّةِ كَسْبِهِ لَهُ ، وَشَبَهٌ بِالتَّعْلِيقِ فِي ثَمَانِيَةِ أَشْيَاءَ : فِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ وَلَا بِأَدَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ تَغْلِيبًا لِمَعْنَى التَّعْلِيقِ بِإِعْطَائِهِ وَلَوْ غَلَّبْنَا جَانِبَ الْمُعَاوَضَةِ لَعَتَقَ بِذَلِكَ وَفِي بُطْلَانِهَا بِمَوْتِ السَّيِّدِ قَبْلَ الْأَدَاءِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ يَنْقَطِعُ حُكْمُ التَّعْلِيقِ بِانْتِقَالِهِ لِمِلْكِ غَيْرِهِ وَفِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِهِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَفِي أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ لَهُ مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالصَّحِيحَةِ وَفِي إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ يَصِحُّ إعْتَاقُهُ عَنْهَا وَفِي جَوَازِ تَمْلِيكِهِ بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ وَفِي مَنْعِهِ مِنْ السَّفَرِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهَا لَا تَزُولُ وِلَايَةُ السَّيِّدِ عَنْهُ وَفِي جَوَازِ وَطْءِ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ يَجُوزُ وَطْؤُهَا . ا ه . م د . قَوْلُهُ : ( مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ ) بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى لِغَيْرِ السَّيِّدِ كَالْوَارِثِ يَعْتِقُ وَقَوْلُهُ : مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِدَلِيلِ أَنْ لَوْ أَدَّى لِلْوَارِثِ يَعْتِقُ . قَوْلُهُ : ( الْحَجُّ ) : فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ وَيَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ فَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِي الْفَاسِدِ دُونَ الْبَاطِلِ وَأَمَّا الْعَارِيَّةُ فَتَصَوُّرُهُ بِإِعَارَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِغَيْرِ الزِّينَةِ فَعِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ فَاسِدَةٌ فَتُضْمَنُ وَعِنْدَ الْمَرَاوِزَةِ بَاطِلَةٌ فَلَا تُضْمَنُ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ بِخِلَافِ بَاطِلِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَصَحِيحِهِ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ . قَوْلُهُ : ( وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ ) فَإِنَّ الْبَاطِلَ فِيهِمَا مَا كَانَ عَلَى عِوَضٍ غَيْرِ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ أَوْ رَجَعَ إلَى خَلَلٍ فِي الْعَاقِدِ كَالصِّغَرِ وَالسَّفَهِ ، وَالْفَاسِدُ مِنْهُمَا خِلَافُهُ وَحُكْمُ(5/458)
"""""" صفحة رقم 459 """"""
الْبَاطِلِ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي وَالْفَاسِدُ كَأَنْ كَانَ عَلَى خَمْرٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ بِالْقِيمَةِ وَالزَّوْجُ بِالْمَهْرِ . أَيْ عَلَى الزَّوْجَةِ ا ه ل ح وَمَعْنَى كَوْنِهِمَا فَاسِدَيْنِ أَنَّ عِوَضَهُمَا فَاسِدٌ وَإِنْ كَانَا نَافِذَيْنِ بِدَلِيلِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَحُصُولِ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا أَتَى الشَّارِحُ بِمَنْ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ أَيْضًا الْفَرْقُ فِي كُلِّ عَقْدٍ صَحِيحٍ غَيْرِ مُضَمَّنٍ كَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّهُ لَوْ صَدَرَ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ صَبِيٍّ وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُتَّهِبِ وَجَبَ الضَّمَانُ لِبُطْلَانِهِمَا وَلَوْ كَانَا فَاسِدَيْنِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُمَا لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ كَمَا نَقَلَهُ الزِّيَادِيُّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ . قَوْلُهُ : ( بِنَحْوِ إغْمَاءِ السَّيِّدِ وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ ) لِأَنَّ الْحَظَّ فِي الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ لَا لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّعْلِيلُ لَا يَبْطُلَانِ بِذَلِكَ . وَخَرَجَ بِالسَّيِّدِ الْمُكَاتَبُ فَلَا تَبْطُلُ الْفَاسِدَةُ بِنَحْوِ إغْمَائِهِ وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ وَحَجْرِ الْفَلَسِ . فَلَا تَبْطُلُ بِهَا فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ بَطَلَتْ ا ه شَرْحُ الْمَنْهَجِ . وَقَوْلُهُ : لَا لِلسَّيِّدِ فَهِيَ تَبَرُّعٌ مِنْ السَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَكُلٌّ مِنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّفِيهِ لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ كَذَا فِي ح ل و ز ي و ع ش وَفِيهِ أَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالسَّفَهَ طَرَآ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَقَوْلُهُ : فَلَا تَبْطُلُ الْفَاسِدَةُ بِنَحْوِ إغْمَائِهِ فَإِذَا أَفَاقَ وَأَدَّى الْمُسَمَّى عَتَقَ شَرْحُ م ر وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ مَالِهِ إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا وَتَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ يُؤَدِّي بِشُرُوطِهِ . قَوْلُهُ : ( وَفِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ ) : قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُهُ وَقْتَ أَخْذِهِ وَعِنْدِي لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ يَمْلِكُهُ فَإِذَا عَتَقَ ارْتَفَعَ ذَلِكَ الْمِلْكُ وَاسْتَشْهَدَ بِمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى إعْطَاءِ دَرَاهِمَ فَأَعْطَتْهُ غَيْرَ الْغَالِبِ مِلْكُهُ ، وَلَهُ رَدُّهُ وَطَلَبُ الْغَالِبِ غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْكِتَابَةِ يَرْتَفِعُ الْمِلْكُ قَهْرًا وَهُنَا بِالِاخْتِيَارِ سم . قَوْلُهُ : ( إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ ) خَرَجَ الْخَمْرُ أَيْ غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَخَمْرٍ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا كَجِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ فَيَرْجِعُ بِهِ لَا بِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ ا ه وَقَوْلُهُ : كَخَمْرٍ أَيْ غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ : إلَّا أَنْ يَكُونَ أَيْ الْمُؤَدَّى مُحْتَرَمًا كَمَا قَالَهُ : الشَّوْبَرِيُّ . وَقَوْلُهُ : كَجِلْدِ مَيْتَةٍ كَأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى جُلُودِ مَيْتَةٍ فَهِيَ فَاسِدَةٌ . وَقَوْلُهُ : لَمْ يُدْبَغْ قَيَّدَ بِهِ لِعَدَمِ ضَمَانِهِ بِالْبَدَلِ إنْ تَلِفَ كَمَا ذَكَرَهُ : إلَّا فَالْمَدْبُوغُ يَرْجِعُ بِهِ وَبِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ . ا ه . شَيْخُنَا قَالَ : ع ش وَهَلْ الْعِبْرَةُ بِالْقِيمَةِ بِوَقْتِ التَّلَفِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ أَقْصَى الْقِيَمِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِأَقْصَى الْقِيَمِ ا ه . قَوْلُهُ : ( بِقِيمَتِهِ وَقْتَ الْعِتْقِ ) إذْ لَا يُمْكِنُ رَدُّ الْعِتْقِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي . ا ه . شَرْحُ الْمَنْهَجِ : وَقَوْلُهُ : إذْ لَا يُمْكِنُ عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَقَدْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ لِعَدَمِ إمْكَانِ رَدِّهِ . فَهُوَ كَتَلَفِ مَبِيعٍ فَاسِدٍ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَدَّى وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا الْقِيمَةُ .(5/459)
"""""" صفحة رقم 460 """"""
قَوْلُهُ : ( فَإِنْ اتَّحَدَ وَاجِبُ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ ) فِي الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ كَأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى دِينَارَيْنِ مَثَلًا فِي نَجْمٍ وَدَفَعَهُمَا لِلسَّيِّدِ وَقِيمَةُ الْمُكَاتَبِ دِينَارَيْنِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ التَّقَاصُّ كَمَا ذُكِرَ فَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ رَجَعَ الْعَبْدُ بِثَمَانِيَةٍ وَحُكْمُ عَكْسِهِ عَكْسُ حُكْمِهِ أ ج . قَوْلُهُ : ( تَقَاصَّا ) أَيْ سَقَطَ دَيْنُ أَحَدِهِمَا فِي نَظِيرِ دَيْنِ الْآخَرِ . قَوْلُهُ : ( هَذَا ) أَيْ مَحَلُّ التَّقَاصِّ . قَوْلُهُ : ( فَإِنْ كَانَا مُتَقَوِّمَيْنِ ) : حَاصِلُ مَا قَالَهُ م ر أَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَرَيَانُ التَّقَاصِّ فِي الْمِثْلِيَّاتِ فَقَطْ فِي الْكِتَابَةِ دُونَ غَيْرِهَا سم . قَوْلُهُ : ( فَلَا تَقَاصَّ ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مَعْلُومَيْنِ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ قَالَ سم : فَإِنْ قُلْتَ : مَا صُورَةُ التَّقَاصِّ فِي الْمِثْلِيَّيْنِ فِي الْكِتَابَةِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ . قُلْت : مِنْ صُوَرِهِ أَنْ تَكُونَ النُّجُومُ بُرًّا مَثَلًا وَتَكُونُ الْمُعَامَلَةُ فِي ذَلِكَ بِالْبُرِّ فَهُوَ نَقْدُ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَتَكُونُ الْقِيمَةُ مِنْهُ ا ه . وَانْظُرْ أَيْضًا مَا صُورَةُ التَّقَاصِّ فِي الْمُتَقَوِّمَيْنِ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ تَكُونَ النُّجُومُ غَنَمًا وَتَكُونَ الْمُعَامَلَةُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بِهَا فَتَكُونُ الْقِيمَةُ مِنْهَا قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ التَّقَاصَّ فِي الْمُتَقَوِّمَيْنِ لَا يَأْتِي هُنَا حَتَّى يَنْفِيَهُ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَبَدَلِ الْمُتْلَفِ إنْ كَانَ قِيمَةً فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَثَلًا فَمُقَابِلُهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ . قَوْلُهُ : ( فَفِيهِمَا تَفْصِيلٌ ) : حَاصِلُهُ وُجُودُ التَّقَاصِّ فِي الْمِثْلِيَّيْنِ فِي الْكِتَابَةِ دُونَ غَيْرِهَا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ كَأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو إرْدَبُّ قَمْحٍ سَلَمًا وَلِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ مِثْلُهُ فَلَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ فِي ذَلِكَ . ا ه . وَعِبَارَةُ م ر أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا جِنْسًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا مَرَّ فَلَا تَقَاصَّ كَمَا لَوْ كَانَا غَيْرَ نَقْدَيْنِ وَهُمَا مُتَقَوِّمَانِ مُطْلَقًا أَوْ مِثْلِيَّانِ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ عِتْقٌ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ جَازَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ . 0 قَوْلُهُ : ( حَلَفَ الْمُنْكِرُ ) فَيُصَدَّقُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَلَوْ عُكِسَ بِأَنْ ادَّعَاهَا السَّيِّدُ وَأَنْكَرَهَا الْعَبْدُ صَارَ قِنًّا وَجُعِلَ إنْكَارُهُ تَعْجِيزًا مِنْهُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ قَالَ : كَاتَبْتُك وَأَدَّيْت الْمَالَ وَعَتَقْت عَتَقَ بِإِقْرَارِهِ وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّ السَّيِّدَ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَالْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ : وَجُعِلَ إنْكَارُهُ تَعْجِيزًا مَحَلُّهُ إنْ تَعَمَّدَ وَلَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَقَوْلُهُ وَعَتَقْت لَيْسَ بِقَيْدٍ وَمِنْ ثَمَّ أَسْقَطَهُ حَجّ وم ر ا ه . قَوْلُهُ : ( وَلَوْ اخْتَلَفَ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ فِي قَدْرِ النُّجُومِ ) أَيْ فِي مِقْدَارِ مَا يُؤَدَّى فِي كُلِّ نَجْمٍ . ا ه . ز ي وَعِبَارَةُ م ر فِي قَدْرِ النُّجُومِ أَيْ الْأَوْقَاتِ أَوْ مَا يُؤَدِّي كُلَّ نَجْمٍ ا ه وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ(5/460)
"""""" صفحة رقم 461 """"""
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ النُّجُومِ أَيْ الْمَالِ أَوْ صِفَتِهَا كَجِنْسِهَا أَوْ عَدَدِهَا أَوْ قَدْرِ أَجَلِهَا وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا ا ه وَقَوْلُهُ : فِي قَدْرِ أَيْ مِقْدَارِ مَا يُؤَدَّى فِي كُلِّ نَجْمٍ ز ي وَعِبَارَةُ م ر فِي قَدْرِ النُّجُومِ أَيْ الْأَوْقَاتِ أَوْ مَا يُؤَدِّي كُلُّ نَجْمٍ ا ه وَلَوْ جَعَلَ هَذَا تَفْسِيرًا لِعَدَدِهَا الْآتِي وَفَسَّرَ الْقَدْرَ بِقَدْرِهَا كُلِّهَا لَكَانَ مُنَاسِبًا وَعَلَى كَلَامِ زي فَيُفَسِّرُ قَوْلَهُ : أَوْ عَدَدِهَا بِعَدَدِ جُمْلَتِهَا بِأَنْ اخْتَلَفَا فِي جُمْلَةِ الْعَدَدِ . وَقَوْلُهُ : كَجِنْسِهَا عِبَارَةُ م ر أَرَادَ بِالصِّفَةِ مَا يَشْمَلُ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَالصِّفَةَ وَقَدْرَ الْأَجَلِ . وَقَوْلُهُ : أَوْ عَدَدِهَا كَأَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ كَاتَبْتنِي عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فِي كُلِّ شَهْرٍ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ فَقَالَ السَّيِّدُ : كَاتَبْتُك عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ مُؤَجَّلَةٍ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةٌ . قَوْلُهُ : ( تَحَالَفَا ) وَيُبْدَأُ بِالسَّيِّدِ هُنَا نَدْبًا لِقُوَّةِ جَانِبِهِ وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ هُنَا . قَوْلُهُ : ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ إنْ عُرِفَ سَبْقُ مَا ادَّعَاهُ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِذَلِكَ لِكَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَهُ وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ وَمِنْ ثَمَّ صَدَّقْنَاهُ مَعَ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا لِلْفَسَادِ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ ا ه . م ر وحج وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ قَالَ : كَاتَبْتُك وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيَّ فَأَنْكَرَ الْمُكَاتَبُ الْجُنُونَ أَوْ الْحَجْرَ حَلَفَ السَّيِّدُ فَيُصَدَّقُ إنْ عُرِفَ لَهُ ذَلِكَ أَيْ مَا ادَّعَاهُ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَالْمُكَاتَبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ السَّيِّدُ وَلَا قَرِينَةَ وَالْحُكْمُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ ثُمَّ قَالَ : كُنْت مَحْجُورًا عَلَيَّ أَوْ مَجْنُونًا يَوْمَ زَوَّجْتهَا لَمْ يُصَدَّقْ وَإِنْ عُهِدَ لَهُ ذَلِكَ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ تَعَلَّقَ بِثَالِثٍ بِخِلَافِهِ هُنَا ا ه . وَقَوْلُهُ فِي النِّكَاحِ وَمِثْلُ النِّكَاحِ الْبَيْعُ فَلَوْ قَالَ : كُنْت وَقْتَ الْبَيْعِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ أَمْكَنَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ وَالْإِقْدَامُ عَلَيْهَا يَقْتَضِي اسْتِجْمَاعَ شَرَائِطِهَا بِخِلَافِ الضَّمَانِ وَالطَّلَاقِ ا ه زي . وَقَوْلُهُ : بِثَالِثٍ وَهُوَ الزَّوْجُ إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجَةِ أَوْ الزَّوْجَةُ إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا . وَالظَّاهِرُ الثَّانِي . قَوْلُهُ : ( وَالْمُكَاتَبُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى الْوَارِثِ ) كَأَنْ يَكُونَ ابْنَ أَخٍ لِلسَّيِّدِ وَكَانَ الْأَخُ وَارِثًا . قَوْلُهُ : ( زَوْجَتُهُ ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي زَوْجُهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ بَعْضُهُ . قَوْلُهُ : ( أَوْ بَعْضُهُ ) مَعْطُوفٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ : لَا فَرْقَ بَيْنَ مِلْكِ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ وَالْكِتَابَةُ بَاقِيَةٌ إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ دَخِيلٌ هُنَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَنْهَجِ هُنَا . 0 0 0 0 0(5/461)
"""""" صفحة رقم 462 """"""
فَصْلٌ : فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ
أَيْ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ كَحُرْمَةِ بَيْعِهَا وَهِبَتِهَا وَجَوَازِ وَطْئِهَا وَاسْتِخْدَامِهَا وَلَمْ يَقُلْ الْمُسْتَوْلَدَاتِ تَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْحَدِيثِ الْآتِي وَالْأُمَّهَاتُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا كَمَا قُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْعِ وَعَبَّرَ فِي الْمَنْهَجِ بِكِتَابِ لِأَنَّهُ عِتْقٌ بِالْفِعْلِ وَمَا قَبْلَهُ بِالْقَبُولِ وَأَيْضًا الْعِتْقُ فِيهِ قَهْرِيٌّ فَلَمْ يَنْدَرِجْ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِتْقَ بِاللَّفْظِ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِيلَادِ لِتَرَتُّبِ مُسَبَّبِهِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَتَأَخُّرِهِ فِي الِاسْتِيلَادِ وَلِحُصُولِ الْمُسَبَّبِ بِالْقَوْلِ قَطْعًا بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ لِجَوَازِ مَوْتِهَا قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ م ر وَقَالَ حَجّ الِاسْتِيلَادُ أَقْوَى لِنُفُوذِهِ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَالْعِتْقُ اللَّفْظُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اهْتِمَامِ الشَّرْعِ بِالِاسْتِيلَادِ فَيَكُونُ أَقْوَى وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ اللَّفْظِ أَقْوَى أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى عِتْقِ الْمُسْتَوْلَدَةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِعْتَاقِ الْمُنَجَّزِ بِاللَّفْظِ وَمِنْهُ ) إنَّ اللَّهَ يَعْتِقُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْ الْعَتِيقِ عُضْوًا مِنْ الْمُعْتِقِ ( ا ه . وَالْحُكْمُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الِاسْتِيلَادِ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ ا ه ع ش عَلَى م ر بِزِيَادَةٍ . وَقِيلَ : هُمَا سَوَاءٌ وَهَذَا الْقِيلُ حَكَاهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَلَمْ يُعَلِّلْهُ بِشَيْءٍ . ا ه . قَوْلُهُ : ( خَتَمَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ : كِتَابُ الْعِتْقِ ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَتَى بِهِ هَهُنَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ : وَأَخَّرَ إلَخْ . قَوْلُهُ : ( بِالْعِتْقِ ) أَيْ بِكِتَابِ الْعِتْقِ . قَوْلُهُ : ( وَشَارِحَهُ ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ ، فَيَعُمُّ . قَوْلُهُ : ( وَمَشَايِخَنَا ) بِالْيَاءِ لَا بِالْهَمْزِ كَمَعَايِشَ لِأَنَّ الْيَاءَ لَا تُقْلَبُ هَمْزَةً إلَّا إذَا كَانَتْ زَائِدَةً وَهِيَ هُنَا أَصْلِيَّةٌ . قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : وَالْمَدُّ زِيدَ ثَالِثًا فِي الْوَاحِدِ هَمْزًا يُرَى فِي مِثْلِ كَالْقَلَائِدِ قَوْلُهُ : ( مِنْهَا ) أَيْ مِنْ النَّارِ وَخَتَمَهُ أَيْضًا بِمَا ذُكِرَ لِيُنَاسَبَ الْخِتَامُ الِافْتِتَاحَ فَالِافْتِتَاحُ بِالْعِبَادَاتِ وَالْخِتَامُ بِالْعِتْقِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْقُرُبَاتِ وَبَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَةِ تَنَاسُبٌ وَاضِحٌ ا ه . شَيْخُنَا . قَوْلُهُ : ( مَشُوبٌ بِقَضَاءِ أَوْطَارٍ ) أَيْ مَخْلُوطٌ يُقَالُ : شَابَهُ يَشُوبُهُ خَلَطَهُ يَخْلِطُهُ وَقَوْلُهُ : أَوْطَارٍ أَيْ أَغْرَاضٍ ع ش وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّحْرِيرِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَوْطَارٌ جَمْعُ وَطَرٍ وَهُوَ الْحَاجَةُ وَالشَّهْوَةُ وَمِنْهُ ) فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا ( الْآيَةَ . أَيْ فَيَكُونُ أَدْوَنَ رُتْبَةً مِنْ الْعِتْقِ الِاخْتِيَارِيِّ وَالْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الِاسْتِيلَادِ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ . قَوْلُهُ : ( وَأَصْلُهَا إلَخْ ) هُنَا سَقْطٌ وَالْأَصْلُ جَمْعُ أُمٍّ وَأَصْلُهَا إلَخْ فَدَخَلَهَا الْحَذْفُ لَا لِعِلَّةٍ كَيَدٍ بَلْ لِلْخِفَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي هَائِهَا فَقِيلَ زَائِدَةٌ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْأُشْمُونِيُّ عِنْدَ قَوْلِ الْأَلْفِيَّةِ : وَالْهَاءُ وَقْفًا كَلِمَهْ . فوَزْنُهَا(5/462)
"""""" صفحة رقم 463 """"""
فَعْلَهَةٌ وَقِيلَ أَصْلِيَّةٌ وَيَدُلُّ لَهُ جَمْعُهَا عَلَى أُمَّهَاتٍ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ جَمْعُهَا عَلَى أُمَّاتٍ . وَيُجِيبُ عَنْ أُمَّهَاتٍ بِأَنَّهُ جَمْعُ أُمَّهَةٍ وَالْهَاءُ زَائِدَةٌ فِيهِمَا وَوَزْنُ أُمَّهَةٍ عَلَى كَوْنِ الْهَاءِ أَصْلِيَّةً ، فُعَّلَةٌ بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ فَالْهَاءُ لَامُ الْكَلِمَةِ وَالْعَيْنُ وَهِيَ الْمِيمُ مُضَعَّفَةٌ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ : وَإِنْ يَكُ الزَّائِدُ ضِعْفَ أَصْلٍ فَاجْعَلْ لَهُ فِي الْوَزْنِ مَا لِلْأَصْلِ وَوَزْنُ أُمٍّ عَلَى هَذَا فُعٌّ وَعَلَى زِيَادَةِ الْهَاءِ فُعْلٌ ا ه وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ : وَأَصْلُهَا أُمَّهَةٌ جَوَابٌ عَمَّا يَقُولُ مِنْ شَرْطِ الْجَمْعِ أَنْ يُنَاسِبَ مُفْرَدَهُ وَالْمُفْرَدُ لَا هَاءَ فِيهِ وَالْجَوَابُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ أَصْلَ أُمٍّ أُمَّهَةٌ فَفِي الْمُفْرَدِ بِحَسَبِ الْأَصْلِ مَا فِي الْجَمْعِ مِنْ الْحُرُوفِ الْأَصْلِيَّةِ قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ . وَقَوْلُهُ : بِدَلِيلِ جَمْعِهَا لِأَنَّ الْجَمْعَ يَرُدُّ الْأَشْيَاءَ إلَى أُصُولِهَا . قَوْلُهُ : ( قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ ) أَيْ فِي صِحَاحِهِ وَحِينَئِذٍ فَأُمَّهَاتٌ جَمْعٌ لِلْفَرْعِ دُونَ الْأَصْلِ وَمَنْ نَقَلَ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ وَهُوَ الْمَحَلِّيُّ أَنَّهُ قَالَ : أُمَّهَاتٌ جَمْعُ أُمَّهَةٍ أَصْلِ أُمٍّ فَهُوَ أَيْ الْجَمْعُ لِلْأَصْلِ دُونَ الْفَرْعِ خِلَافُ مَا قَرَّرْته فَقَدْ تَسَمَّحَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ عَنْهُ حَيْثُ نَسَبَ لِلصِّحَاحِ غَيْرَ لَفْظِهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَا يَثْبُتُ لِلْفَرْعِ يَثْبُتُ لِأَصْلِهِ غَالِبًا سَاغَ لَهُ أَنْ يَنْقُلَ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّ أُمَّهَاتٍ جَمْعُ أُمَّهَةٍ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : الْمَحَلِّيُّ لَمْ يَنْقُلْ مَا ذَكَرَهُ عَنْ صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ بَلْ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ وَالْجَوْهَرِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي الصِّحَاحِ . ا ه . طَبَلَاوِيٌّ . قَوْلُهُ : ( وَيُقَالُ فِي جَمْعِهَا أُمَّاتٌ ) يَحْتَمِلُ أَنَّ مُفْرَدَهُ عَلَى هَذَا أُمٌّ الَّتِي لَيْسَ أَصْلُهَا أُمَّهَةً بَلْ هِيَ أَصْلٌ بِرَأْسِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُفْرَدَهُ أُمٌّ الَّتِي أَصْلُهَا أُمَّهَةٌ إلَّا أَنَّ الْهَاءَ زَائِدَةٌ بِدَلِيلِ عَدَمِ رَدِّهَا فِي الْجَمْعِ حَرِّرْ . قَوْلُهُ : ( وَقَالَ بَعْضُهُمْ ) هُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ فِيمَا يَأْتِي بِالْأَوَّلِ . قَوْلُهُ : ( وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَوَّلِ إلَى هَذَا ) كَأَنْ يُقَالَ : قَوْلُهُ الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ أَيْ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِيهِمَا وَالْأُمَّاتُ لِلْبَهَائِمِ أَيْ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهَا . ا ه . شَيْخُنَا . وَيُقَالُ يَا أُمَّاهْ بِهَاءِ السَّكْتِ بَعْدَ الْأَلْفِ وَيَا أُمَّهْ بِإِسْقَاطِ الْأَلْفِ وَتُشَبَّهُ بِهَاءِ السَّكْتِ تَاءُ التَّأْنِيثِ كَمَا لَوْ قَالُوا : يَا أَبَتْ وَجَعَلَهَا الْجَوْهَرِيُّ عَلَامَةَ تَأْنِيثٍ عِوَضًا عَنْ يَاءِ الْإِضَافَةِ . فَائِدَةٌ : ذَكَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْأُمَّ تُطْلَقُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى خَمْسَةِ مَعَانٍ الْأَصْلِ وَمِنْهُ : ) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ( وَالْوَالِدَةِ وَمِنْهُ ) فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ( وَالْمُرْضِعَةِ وَمِنْهُ ) وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ( وَالْمُضَاهِيَةِ لِلْأُمِّ فِي الْحُرْمَةِ وَمِنْهُ ) وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ( وَالْمَرْجِعِ وَالْمَصِيرِ ) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ( . وَقِيلَ الْمُرَادُ أُمُّ رَأْسِهِ وَقِيلَ النَّارُ لِأَنَّهُ يَأْوِي إلَيْهَا ا ه . قَوْلُهُ : ( فِي ذَلِكَ ) أَيْ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَيْ فِي أَحْكَامِهَا وَقَدَّمَ الدَّلِيلَ عَلَى الْمَدْلُولِ لِأَنَّهُ رُتْبَةُ الدَّلِيلِ الْعَامِّ التَّقْدِيمُ لِيُفَرِّعُوا عَلَيْهِ الْمَسَائِلَ كَمَا قَالَهُ م ر . قَوْلُهُ : ( أَيُّمَا أَمَةٍ ) إمَّا بِالْجَرِّ عَلَى زِيَادَةِ مَا ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِتَأْوِيلِ أَمَةٍ بِرَقِيقَةٍ(5/463)
"""""" صفحة رقم 464 """"""
لِيَكُونَ الْوَصْفُ فِي مَعْنَى الْمُشْتَقِّ عَمَلًا بِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ : وَانْعَتْ بِمُشْتَقٍّ كَصَعْبٍ وَذَرَبٍ إلَخْ أَوْ نَكِرَةٍ تَامَّةٍ وَأَمَةٌ بَدَلٌ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ مَا اسْمُ مَوْصُولٍ وَأَمَةٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ وَالْمَعْنَى أَيْ الَّذِي هُوَ أَمَةٌ لَكِنْ فِيهِ حَذْفُ صَدْرِ الصِّلَةِ فِي غَيْرِ أَيٍّ وَهُوَ قَلِيلٌ فَالْأَوْلَى تَخْرِيجُ الرَّفْعِ عَلَى أَنَّ مَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِجُمْلَةٍ مَحْذُوفٌ صَدْرُهَا وَالتَّقْدِيرُ : أَيُّ شَيْءٍ هُوَ أَمَةٌ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَا زَائِدَةٌ لِتَوْكِيدِ مَعْنَى الشَّرْطِ فَيَكُونُ أَمَةٌ مَرْفُوعًا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ أَيِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَيُّ أَمَةٌ أَوْ بِالنَّصْبِ تَمْيِيزٌ لِلنَّكِرَةِ التَّامَّةِ أَوْ حَالٌ مِنْ أَيٍّ الْمُخَصَّصَةِ بِالْإِضَافَةِ وَأَيُّ شَرْطِيَّةٌ وَوَلَدَتْ فِعْلُ الشَّرْطِ وَهُوَ خَبَرٌ وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَمْ تَحْصُلْ الْفَائِدَةُ بِهِ بَلْ بِقَوْلِهِ : فَهِيَ حُرَّةٌ لِأَنَّ الْخَبَرَ قِسْمَانِ مُفِيدٌ بِنَفْسِهِ وَمُفِيدٌ بِانْضِمَامِ غَيْرِهِ إلَيْهِ وَمَا هُنَا مِنْ الثَّانِي . فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي إعْرَابِ أَمَةٍ ثَمَانِيَةَ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٌ فِي الْجَرِّ وَثَلَاثَةٌ فِي الرَّفْعِ وَاثْنَانِ فِي النَّصْبِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ وَلَدَتْ صِفَةٌ لِأَمَةٍ أَغْنَى عَنْ فِعْلِ الشَّرْطِ ا ه وَقَوْلُهُ : عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ أَيٍّ لَكِنَّهُ قَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّهُ إذَا أُبْدِلَ اسْمٌ مِنْ اسْمٍ مُضَمَّنٍ مَعْنَى شَرْطٍ إبْدَالًا تَفْصِيلًا أُعِيدَ الشَّرْطُ نَحْوُ : مَنْ يَقُمْ إنْ زَيْدٌ وَإِنْ عَمْرٌو أَقُمْ مَعَهُ . وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ أَغْلَبِيٌّ فَقَدْ قَالَ فِي التَّصْرِيحِ : وَقَدْ يَتَخَلَّفُ كُلٌّ مِنْ التَّفْصِيلِيِّ وَإِعَادَةِ الشَّرْطِ ، فَفِي الْكَشَّافِ أَنَّ يَوْمَئِذٍ بَدَلٌ مِنْ إذَا فِي قَوْله تَعَالَى ) إذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ( وَكَذَا قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ : وَلِهَذَا اقْتَصَرَ ابْنُ مَالِكٍ فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ . فَقَالَ : وَبَدَلُ الْمُضَمَّنِ الْهَمْزُ يَلِي هَمْزًا ، وَكَذَا فَعَلَ فِي التَّسْهِيلِ مَعَ كَثْرَةِ جَمْعِهِ فِيهِ . قَوْلُهُ : ( فَهِيَ حُرَّةٌ ) أَيْ آيِلَةٌ إلَى الْحُرِّيَّةِ . فَإِنْ قِيلَ : إنْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ مُوجِبَةً لِلْحُرِّيَّةِ فَلِمَ تَوَقَّفَتْ عَلَى مَوْتِ السَّيِّدِ . قِيلَ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا بِالْوِلَادَةِ وَلِلسَّيِّدِ حَقًّا بِالْمِلْكِ وَفِي تَعْجِيلِ عِتْقِهَا بِالْوِلَادَةِ إبْطَالٌ لِحَقِّهِ مِنْ الْكَسْبِ وَالِاسْتِمْتَاعِ فَفِي تَعْلِيقُهُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ حِفْظٌ لِلْحَقَّيْنِ فَكَانَ أَوْلَى ا ه شَوْبَرِيُّ . قَوْلُهُ : ( عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ ) بِضَمِّ الدَّالِ وَالْبَاءِ أَيْ بَعْدَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ فَعَنْ بِمَعْنَى بَعْدَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ( قَالَ فِي الْمِصْبَاح : الدُّبُرُ بِضَمَّتَيْنِ وَسُكُونِ الْبَاءِ خِلَافُ الْقُبُلِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَصْلُهُ لِمَا أَدْبَرَ عَنْهُ الْإِنْسَانُ ا ه ع ش . فَقَوْلُهُ : عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا حُرِّيَّةَ وَأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهَا إنْسَانٌ كَانَ لِسَيِّدِهَا قِيمَتُهَا فَلَوْ مَاتَا مَعًا أَوْ شَكَّ فِي السَّبْقِ وَالْمَعِيَّةِ مَا الْحُكْمُ . ا ه . عَمِيرَةُ . قَالَ سم : يَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِالْعِتْقِ فِي الْأُولَى نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ تُقَارِنُ الْمَعْلُولَ دُونَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ بَقَاءَ الرِّقِّ مُحَقَّقٌ فَلَا يَزُولُ إلَّا بِثُبُوتِ خِلَافِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ ا ه أ ج . قَوْلُهُ : ( ابْنُ مَاجَهْ ) اسْمُ أُمِّهِ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَصْلًا وَوَقْفًا مَجْرُورٌ بِفَتْحَةٍ مَقْدِرَةٍ نِيَابَةً عَنْ الْكَسْرَةِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لَا يَنْصَرِفُ وَالْمَانِعُ لَهُ مِنْ الصَّرْفِ الْعِلْمِيَّةُ وَالْعُجْمَةُ وَمَنَعَ مِنْ ظُهُورِ الْحَرَكَةِ سُكُونُ الْحِكَايَةِ بِلَفْظِهِ وَمِثْلُهُ سِيدَهْ وَبَرْدِزْبَهْ وَمَنْدَهْ . قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي مُوسَى ) الَّذِي فِي شَرْحِ م ر عَنْ أَبِي سَعِيدٍ . قَوْلُهُ : ( إنَّا نَأْتِي السَّبَايَا )(5/464)
"""""" صفحة رقم 465 """"""
جَمْعُ سَبِيَّةٍ كَهَدَايَا جَمْعُ هَدِيَّةٍ وَالْمُرَادُ مَسْبِيَّةٌ وَالْيَاءُ الْأُولَى زَائِدَةٌ فَتُقْلَبُ هَمْزَةً فِي الْجَمْعِ فَيُقَالُ سَبَائِي بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ كَصَحَائِفَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْأَلْفِيَّةِ وَالْمَدُّ زِيدَ ثَالِثًا فِي الْوَاحِدِ هَمْزًا يُرَى فِي مِثْلِ كَالْقَلَائِدِ ثُمَّ تُفْتَحُ الْهَمْزَةُ فَيُقَالُ سَبَاءَى أَخْذًا مِنْ قَوْلِهَا بَعْدُ وَافْتَحْ وَرُدَّ الْهَمْزَ يَا وَبَعْدَ الْفَتْحِ يُقَالُ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلْفًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهَا مِنْ يَاءٍ وَوَاوٍ بِتَحْرِيكِ أَصْلِ أَلِفًا ابْدَلْ بَعْدَ فَتْحٍ مُتَّصِلِ ثُمَّ قُلِبَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهَا الْمَارِّ وَرُدَّ الْهَمْزُ يَا فَصَارَ سَبَايَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَعْمَالٍ سَبَائِي وَسَبَاءَى وَسَبَبَا أَوْ سَبَايَا وَإِذَا كَانَ الْمُفْرَدُ مَهْمُوزًا زِيدَ فِيهِ عَمَلٌ خَامِسٌ بَعْدَ الْعَمَلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَلْبُ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ يَاءً كَخَطِيئَةٍ جَمْعُهَا خَطَائِي بِهَمْزَتَيْنِ أُولَاهُمَا مَكْسُورَةٌ ثُمَّ قُلِبَتْ الثَّانِيَةُ يَاءً فَيُقَالُ خَطَائِي ثُمَّ تَأْتِي بِالْأَعْمَالِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْأَلْفِيَّةِ وَافْتَحْ وَرُدَّ الْهَمْزَ يَا فِيمَا أُعِلَّ لَامًا وَفِي الْمُخْتَارِ السَّبِيَّةُ الْمَرْأَةُ الْمَسْبِيَّةُ ، قَوْلُهُ : ( أَنْ لَا تَفْعَلُوا ) قِيلَ إنَّ لَا زَائِدَةٌ لِيُطَابِقَ السُّؤَالَ لِأَنَّ السُّؤَالَ عَنْ الْعَزْلِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى زِيَادَتِهَا مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي الْفِعْلِ وَهُوَ الْعَزْلُ لَكِنْ قَوْلُهُ : مَا نَسَمَةٌ إلَخْ يَقْتَضِي أَنْ لَا أَصْلِيَّةٌ وَيَكُونُ الْمَعْنَى مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي عَدَمِ الْفِعْلِ أَيْ الْعَزْلِ لِأَنَّ مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلَخْ . فَالسُّؤَالُ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَتِهَا وَقَوْلُهُ : مَا مِنْ نَسَمَةٍ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَصَالَتِهَا وَاخْتَارَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَوَازَهُ وَعَنْ الْأَمَةِ مُطْلَقًا وَعَنْ الْحُرَّةِ بِإِذْنِهَا نَعَمْ هُوَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ وَعِبَارَةُ م ر . وَالْعَزْلُ حَذَرًا مِنْ الْوَلَدِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ الْمَعْزُولُ عَنْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ . ا ه أَيْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَقَوْلُهُ : فِي الْحَدِيثِ مَا مِنْ نَسَمَةٍ إلَخْ أَيْ مُقَدَّرَةٍ عِنْدَ اللَّهِ ا ه . وَنَقَلَ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ قَرَّرَ أَنَّ الْعَزْلَ خِلَافُ الْأَوْلَى ا ه وَفِي شَرْحِ السَّيِّدِ النَّسَّابَةِ لِمَنْظُومَةِ ابْنِ الْعِمَادِ فِي الْأَنْكِحَةِ مَا نَصُّهُ : فَرْعٌ : الْعَزْلُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ، وَهُوَ أَنْ يُجَامِعَ فَإِذَا قَارَبَ الْإِنْزَالَ نَزَعَ فَأَنْزَلَ خَارِجَ الْفَرْجِ وَالْأُولَى تُكْرَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ . وَأَطْلَقَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ كَرَاهِيَتَهُ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ فِي السُّرِّيَّةِ صِيَانَةً لِلْمِلْكِ وَلَا يَحْرُمُ فِي الزَّوْجَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ بِالْإِذْنِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ : يَحْرُمُ بِغَيْرِ إذْنٍ ، وَقِيلَ يَحْرُمُ فِي الْحُرَّةِ وَأَمَّا الْمُسْتَوْلَدَةُ فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِأَنَّهَا غَيْرُ رَاسِخَةٍ فِي الْفِرَاشِ وَلِهَذَا لَا يُقْسَمُ لَهَا . قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَحَيْثُ حَرَّمْنَا الْعَزْلَ فَذَلِكَ إذَا نَزَعَ بِقَصْدِ أَنْ يَقَعَ الْإِنْزَالُ خَارِجًا تَحَرُّزًا عَنْ الْوَلَدِ . فَأَمَّا إذَا عَزَمَ أَنْ يَنْزِعَ لَا عَلَى هَذَا الْقَصْدِ فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنْ لَا يَحْرُمَ فَصَارَ الصَّحِيحُ عَدَمَ التَّحْرِيمِ لِمَا تَقَدَّمَ ا ه . قَوْلُهُ : ( كَائِنَةٌ ) أَيْ مُقَدَّرَةٌ . قَوْلُهُ : ( إلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ ) أَيْ مَوْجُودَةٌ أَيْ فِي الْخَارِجِ سَوَاءٌ عَزَلَ أَوْ لَمْ يَعْزِلْ فَهُوَ كَوْنٌ(5/465)
"""""" صفحة رقم 466 """"""
خَاصٌّ فَلِذَا ذُكِرَ . لِأَنَّ وَاجِبَ الْحَذْفِ هُوَ الْكَوْنُ الْعَامُّ . قَوْلُهُ : ( لِذَلِكَ ) أَيْ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا . قَوْلُهُ : ( قَالَ ) أَيْ الْبَيْهَقِيُّ وَقَوْلُهُ : فِيهِ أَيْ قَوْلُ عَائِشَةَ . قَوْلُهُ : ( وَإِذَا ) هِيَ لِلْمُتَيَقَّنِ وَالْمَظْنُونِ الْغَالِبِ وُجُودُهُ كَالْوَطْءِ هُنَا فَلِذَلِكَ آثَرَهَا عَلَى إنْ لِأَنَّهَا لِلْمُتَوَهَّمِ وُجُودُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ . قَوْلُهُ : ( أَيْ وَطِئَ ) مِنْ تَفْسِيرِ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ لِأَنَّ الْإِصَابَةَ تَكُونُ بِجَمِيعِ الْحَشَفَةِ أَوْ بَعْضِهَا بِخِلَافِ الْوَطْءِ . وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ شَبَّهَ الْوَطْءَ بِإِصَابَةِ السَّهْمِ لِلْغَرَضِ وَاسْتَعَارَ الْإِصَابَةَ لِلْوَطْءِ وَاشْتَقَّ مِنْ الْإِصَابَةِ أَصَابَ بِمَعْنَى وَطِئَ وَالْجَامِعُ حُصُولُ الْمَقْصُودِ فِي كُلٍّ . قَوْلُهُ : ( الرَّجُلُ ) قَيَّدَ بِالرَّجُلِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي وَخَرَجَ الْخُنْثَى فَقَوْلُهُ : الرَّجُلُ أَيْ الْمُحَقَّقُ الذُّكُورَةُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ اشْتَرَى الْخُنْثَى أَمَةً خُنْثَى فَحَبِلَتْ مِنْ الْمَالِكِ الْخُنْثَى ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ حَبِلَ أَيْضًا فَلَا يَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ بِحَبَلِ السَّيِّدِ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ وَهِيَ لَا يُحْكَمُ لَهَا بِاسْتِيلَادِ مَنْ ذُكِرَ وَحَبَلُهَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا وَلَا تُحَدُّ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ وَهُوَ يُدْرَأُ بِالشُّبَهِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَوَهُّمِهِ فِي ذَلِكَ وَبَقِيَ مَا لَوْ وَطِئَ السَّيِّدُ أَمَةً فَأَلْقَتْ عَلَقَةً فَأَخَذَتْهَا أَمَتُهُ الْأُخْرَى فَتَحَمَّلَتْ بِهَا فَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ . ثُمَّ وَلَدَتْ فَهَلْ يُحْكَمُ لِلثَّانِيَةِ بِالِاسْتِيلَادِ قَالَ الشَّيْخُ حَمْدَانُ فِيهِ نَظَرٌ وَاسْتَقْرَبَ ع ش أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ا ه . قَوْلُهُ : ( الْحُرُّ ) أَيْ الَّذِي يُمْكِنُ إحْبَالُهُ بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ . قَالَ شَيْخُنَا الدَّيْرَبِيُّ : وَشُرِطَ فِي السَّيِّدِ كَوْنُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِهِ فَخَرَجَ الصَّبِيُّ فَلَوْ وَطِئَ الصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ أَمَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ لَمْ يَثْبُتْ إيلَادُهُ . وَلَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَوْ بَلَغَهَا وَوَطِئَهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ لَحِقَهُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ : وَلَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ النَّسَبِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهِ قَالَهُ حَجّ . قَالَ الشَّمْسُ م ر . لِأَنَّ النَّسَبَ يَكْفِي فِيهِ الْإِمْكَانُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ صِغَرِهِ وَعَدَمُ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ مِنْ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الْأَمَةِ . ا ه كَلَامُهُ فَتَأَمَّلْ . وَقَوْلُهُ : فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ وَطِئَ صَبِيٌّ يَسْتَكْمِلُ تِسْعَ سِنِينَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ع ش : عَلَيْهِ صَوَابُهُ اُسْتُشْكِلَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَكْفِي فِيهِ الْإِمْكَانُ وَدُونَ التِّسْعِ لَا يَكْفِي وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُلْغِزُ بِالصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ . وَيُقَالُ فِيهِ لَنَا أَبٌ غَيْرُ بَالِغٍ . ا ه . دَيْرَبِيٌّ فِي خَتْمِهِ عَلَى سم . قَوْلُهُ : ( أَوْ كَافِرًا أَصْلِيًّا ) وَأَمَّا إيلَادُ الْمُرْتَدِّ فَمَوْقُوفٌ م ر . قَوْلُهُ : ( أَمَتُهُ ) أَيْ مَنْ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ وَإِنْ قَلَّ س ل . بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ مَلَكَهَا فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : أَمَتُهُ وَلَوْ(5/466)
"""""" صفحة رقم 467 """"""
تَقْدِيرًا كَأَنْ وَطِئَ الْأَصْلُ أَمَةَ فَرْعِهِ أَيْ الَّتِي لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا الْفَرْعُ وَلَوْ مُزَوَّجَةً فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ دُخُولُهَا فِي مِلْكِ الْأَصْلِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ . وَمِثْلُهَا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْخَاتِمَةِ أَوْ مُكَاتَبَةُ وَلَدِهِ وَلِلْأَمَةِ شَرْطَانِ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً لِلسَّيِّدِ حَالَ عُلُوقِهَا مِنْهُ . الثَّانِي أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ غَيْرُ الْكِتَابَةِ حَالَ الْعُلُوقِ وَالسَّيِّدُ مُعْسِرٌ وَلَمْ يَزُلْ عَنْهَا بَلْ بِيعَتْ فِيهِ وَلَمْ يَمْلِكْهَا السَّيِّدُ بَعْدُ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ أَصْلًا أَوْ تَعَلَّقَ بِهَا وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ أَوْ لَازِمٌ وَهُوَ كِتَابَةٌ أَوْ غَيْرُ كِتَابَةٍ لَكِنَّهُ زَائِلٌ عِنْدَ الْعُلُوقِ أَوْ مُسْتَمِرٌّ وَالسَّيِّدُ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ وَقَدْ زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْهَا بِنَحْوِ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ لَمْ يَزُلْ وَبِيعَتْ فِيهِ لَكِنَّهُ مَلَكَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ . أَمَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهَا ذَلِكَ فَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ وَالْحَقُّ اللَّازِمُ مِثْلُ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَمِثْلُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ ا ه . اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَةً يَثْبُتُ فِيهَا الْإِيلَادُ وَهِيَ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ لِحُصُولِ الْإِجَازَةِ قَالَ ع ش قَدْ يُمْنَعُ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ لِأَنَّهُ بِالْوَطْءِ مَعَ الْإِجَازَةِ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يُحْبِلْ إلَّا أَمَتَهُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَمَتُهُ أَيْ الَّتِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَخَرَجَتْ الْمَرْهُونَةُ إذَا أَوْلَدَهَا الرَّاهِنُ الْمُعْسِرُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ فَرْعَهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ . فَإِنْ انْفَكَّ الرَّاهِنُ نَفَذَ فِي الْأَصَحِّ وَخَرَجَتْ الْجَانِيَةُ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ إذَا أَوْلَدَهَا مَالِكُهَا الْمُعْسِرُ فَلَا يَنْفُذُ إيلَادُهُ إلَّا إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَرْعَ مَالِكِهَا وَخَرَجَتْ أَمَةُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فَلَا يَنْفُذُ إيلَادُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ا ه . قَوْلُهُ : ( أَيْ بِأَنْ عَلِقَتْ مِنْهُ ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَطْءٌ فَيَكُونُ أَطْلَقَ السَّبَبَ وَهُوَ الْوَطْءُ وَأَرَادَ الْمُسَبَّبَ وَهُوَ الْعُلُوقُ بِوَطْءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ . قَوْلُهُ : ( وَلَوْ سَفِيهًا ) لَيْسَ السَّفِيهُ مَحَلَّ الْخِلَافِ بَلْ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ . قَوْلُهُ : ( حَالَ إسْلَامِهَا ) لَيْسَ قَيْدًا م د . قَوْلُهُ : ( بِوَطْءٍ مُبَاحٍ ) أَيْ فِي قُبُلٍ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ ب عَلِقَتْ . قَوْلُهُ : ( أَوْ مُحَرَّمٌ ) أَيْ لِذَاتِهِ أَوْ لِعَارِضٍ . قَوْلُهُ : ( أَوْ بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِوَطْءٍ . قَوْلُهُ : ( فِي حَالِ حَيَاتِهِ ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِدْخَالِ وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْ إذَا انْفَصَلَ مَنِيُّ السَّيِّدِ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ عُصِرَ مِنْ ذَكَرِهِ وَاسْتَدْخَلَتْهُ امْرَأَةٌ هَلْ يُقَالُ هُوَ مُحْتَرَمٌ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْدُقَ عَلَيْهِ حَدُّ الْمُحْتَرَمِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ . وَعَلَيْهِ فَلَا يَرِثُ لِانْتِقَالِ التَّرِكَةِ لِغَيْرِهِ قَبْلَ خُرُوجِ النُّطْفَةِ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا خَرَجَ فِي حَيَاتِهِ لَكِنْ جَزَمَ ق ل . بِاشْتِرَاطِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ فِي الْحَيَاةِ لِلُّحُوقِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يُنْسَبُ لِخُرُوجِهِ مِنْ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ . فَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثَةٌ أَنْ يَنْفَصِلَ فِي حَيَاتِهِ وَتَسْتَدْخِلَهُ فِي حَيَاتِهِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَالِاسْتِيلَادُ . الثَّانِيَةُ أَنْ يَنْفَصِلَ فِي حَيَاتِهِ وَتَسْتَدْخِلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَثْبُتَ النَّسَبُ دُونَ الِاسْتِيلَادِ . الثَّالِثَةُ أَنْ يَنْفَصِلَ بَعْدَ مَوْتِهِ . وَتَسْتَدْخِلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ(5/467)
"""""" صفحة رقم 468 """"""
وَاسْتَظْهَرَ الْخَطِيبُ ثُبُوتَ النَّسَبِ . و ق ل . عَدَمُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَانْظُرْ لَوْ قَارَنَ خُرُوجَ الْمَنِيُّ الْمَوْتَ هَلْ يَثْبُتُ الْعِتْقُ وَالْإِرْثُ أَوْ لَا الظَّاهِرُ لَا لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُ وُجُودِ الْوَارِثِ فِي حَيَاةِ الْمُورِثِ . قَوْلُهُ : ( فَوَضَعَتْ ) أَنَّثَ قَوْلَهُ : وَضَعَتْ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَأْنِيثُ الْفِعْلِ بِتَاءٍ سَاكِنَةٍ فِي آخِرِ الْمَاضِي وَبِتَاءِ الْمُضَارَعَةِ فِي أَوَّلِ الْمُضَارِعِ إذَا كَانَ فَاعِلُهُ مُؤَنَّثًا فِي مَسْأَلَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ ضَمِيرًا مُتَّصِلًا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُؤَنَّثِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ فَتَقُولُ هِنْدُ قَامَتْ وَالشَّمْسُ طَلَعَتْ وَلَا تَقُولُ قَامَ وَطَلَعَ ، فَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ مُنْفَصِلًا لَمْ يُؤْتَ بِالتَّاءِ نَحْوُ هِنْدُ مَا قَامَ إلَّا هِيَ . ثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا مُتَّصِلًا حَقِيقِيَّ التَّأْنِيثِ وَالْمُرَادُ وَضَعَتْ كُلَّ الْوَلَدِ وَلَوْ تَوْأَمَيْنِ فَلَا تَعْتِقُ بِخُرُوجِ بَعْضِهِ حَتَّى يَتِمَّ خُرُوجُهُ كَمَا قَالَهُ م ر . وَالْوَضْعُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بِالنَّظَرِ لِحُرْمَةِ الْبَيْعِ وَمَا بَعْدَهُ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْحَمْلِ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ فَوَلَدَتْ بِتَمَامِ انْفِصَالِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ لَا بِخُرُوجِ بَعْضِهِ وَيَثْبُتُ بِإِلْقَاءِ بَعْضِهِ الِاسْتِيلَادُ لَا الْعِتْقُ فَإِنْ أَلْقَتْ بَعْضَهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ تَبَيَّنَ عِتْقُهَا وَلَهَا كَسْبُهَا وَتَرْتِيبُ الْحُرْمَةِ أَيْ حُرْمَةُ بَيْعِهَا عَلَى الْوَضْعِ لَا يُنَافِي الْحُرْمَةَ قَبْلَ الْوَضْعِ أَيْضًا فَالْمَدَارُ عَلَى الْعُلُوقِ وَقَوْلُهُ : فَوَضَعَتْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ كَمَا قَالَهُ : ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُ الشَّوْبَرِيُّ فِي مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ مَنُوطَةٌ بِالْوِلَادَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهَا الْمُعْتَادِ وَالْمُرَادُ وَضَعَتْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمُدَّةٍ يُحْكَمُ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فَتَمْلِكُ كَسْبَهَا بَعْدَهُ حَجّ زي و س ل . قَوْلُهُ : ( أَوْ مَا ) أَيْ حَمْلٌ تَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ فَمَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْمًا مَوْصُولًا بِمَعْنَى الَّذِي أَيْ الْحَمْلُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُعَبِّرَ بِمَنْ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِيمَنْ يَعْقِلُ وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْجَنِينَ لَمَّا كَانَ أَمْرُهُ مُبْهَمًا عَبَّرَ عَنْهُ بِمَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ) رَبِّ إنِّي نَذَرْت لَك مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ( قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَلْقَتْ جَمِيعَ مَا تَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ لَا بَعْضُهُ لِأَنَّهَا إذَا أَلْقَتْ بَعْضَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ مَاتَتْ حَالًا وَجَبَتْ الْغُرَّةُ إلَّا وَجَبَ نِصْفُهَا كَمَا قَالَهُ زي . وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَالَةِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ حُرْمَةَ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ . فَمَا قِيلَ : إنَّهُ ضَعِيفٌ لَا وَجْهَ لَهُ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ كَالشَّارِحِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ وَلَمْ يُضَعِّفْهَا م ر . وَلَا غَيْرُهُ فَمَا ذَكَرَهُ الْحَوَاشِي هُنَا لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي تَأَمَّلْ . قَوْلُهُ : ( أَيْ لَحْمٌ ) فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ الْمَحَلِّيِّ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ . قَوْلُهُ : ( مِنْ الْقَوَابِلِ ) أَيْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَالْقَوَابِلُ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَهِيَ جَمْعُ قَابِلَةٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمُقَابَلَتِهَا الْمَوْلُودَ عِنْدَ خُرُوجِهِ . قَوْلُهُ : ( كَمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ ) ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ وَيُعْتَبَرُ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ أَوْ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ(5/468)
"""""" صفحة رقم 469 """"""
بِخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ وَإِنْ قُلْنَ لَوْ بَقِيَتْ لَتَخَطَّطَتْ وَإِنَّمَا انْقَضَتْ بِهَا الْعِدَّةُ لِأَنَّ الْغَرَضَ ثَمَّ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَهُنَا مَا يُسَمَّى وَلَدًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ : أَوْ مَا فِيهِ غُرَّةٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ : حَيًّا وَحِينَئِذٍ فَهَذَا الْعَطْفُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَسِيمٌ لِمَا قَبْلَهُ فَيُفِيدُ كَمَا قَالَهُ النَّجْمُ الْغَيْطِيُّ أَنَّ الْمُضْغَةَ لَا تُوصَفُ بِحَيَاةٍ وَلَا مَوْتٍ بَلْ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ كَمَا قَالَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ . قَوْلُهُ : ( صُورَةُ آدَمِيٍّ ) وَيَكْفِي بَعْضُ الْمُتَصَوَّرِ وَلَوْ لَأُصْبُعٍ كَمَا يُفْهِمُهُ الْمَتْنُ . قَوْلُهُ : ( حَرُمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا ) وَفَرْضُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ فِيمَا بَعْدَ الْوَضْعِ لَا يُنَافِي فِي جَرَيَانِهَا حَالَ الْحَمْلِ أَيْضًا سم وَقَوْلُهُ : بَيْعُهَا أَيْ إلَّا لِنَفْسِهَا . قَوْلُهُ : ( وَلَوْ مِمَّنْ ) أَيْ لِمَنْ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ مِمَّنْ أَقَرَّ أَيْ لِمَنْ أَقَرَّ . قَوْلُهُ : ( وَرَهْنُهَا ) لَمْ يُسْتَفَدْ هَذَا مِنْ الْحَدِيثِ أَعْنِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَلَعَلَّهُ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ . أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ . قَوْلُهُ : ( وَهِبَتُهَا ) أَيْ لِغَيْرِهَا أَمَّا هِبَتُهَا لِنَفْسِهَا فَصَحِيحَةٌ قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ : وَمِثْلُ ذَلِكَ قَرْضُهَا لِنَفْسِهَا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَرُدَّ لِلْمُقْرِضِ أَمَةً مِثْلَهَا لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْمُقْتَرَضِ وَهُوَ نَفْسُهَا لِعِتْقِهَا بِذَلِكَ . وَعِبَارَتُهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى سم الْغَزِّيِّ وَمِثْلُ بَيْعِهَا قَرْضُهَا لِنَفْسِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ مِثْلِهَا لِأَنَّ مَحِلَّ رُجُوعِهِ فِي عَيْنِ الْمُقْرَضِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ وَقَدْ صَارَتْ عَتِيقَةً لِأَنَّ بِقَرْضِهَا نَفْسَهَا مَلَكَتْهَا . فَعَتَقَتْ وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهَا أَيْ وَلَا تَدْبِيرُهَا ، وَهِبَةُ الْبَعْضِ كَهِبَةِ الْكُلِّ فِي حُكْمِهِ وَعِبَارَةُ السَّمْهُودِيِّ قَوْلُهُ وَهِبَتُهَا وَرَهْنُهَا أَمَّا الْهِبَةُ فَلِأَنَّهَا نَقْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَتَسْلِيطٌ عَلَى ذَلِكَ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ . وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ مَعَ فَهْمِهِ مِنْ تَحْرِيمِ بَيْعِهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا الْمَقْصُودُ وَكَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ وَالدَّمِيرِيُّ . وَكَذَا تَحْرُمُ الْوَصِيَّةُ بِهَا وَفِي صِحَّةِ وَقْفِهَا خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا لِأَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِلْعِتْقِ بِالْمَوْتِ بِالْجِهَةِ الْقَوِيَّةِ فَعِتْقُهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُتَصَوَّرُ تَدْبِيرُهَا إذَا قَالَ لَهَا السَّيِّدُ إذَا مِتُّ فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَقُلْنَا : إنَّ هَذَا تَدْبِيرٌ كَمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَتَصِيرُ مُدَبَّرَةً وَفَائِدَتُهُ : أَنَّ كَسْبَهَا يَكُونُ لَهَا مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أَثْبَتَ ابْتِدَاءَ الْحُرِّيَّةِ مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَلَيْسَ تَدْبِيرًا فَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّدْبِيرِ وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ أُمِّ الْوَلَدِ وَظَاهِرُ قَرْنِ الْمُصَنِّفِ الْبَيْعَ بِالْهِبَةِ فِي الْمَنْعِ تَلَازُمُهُمَا فِيهِ قَالَهُ الْوَلِيُّ أَبُو زُرْعَةَ الْعِرَاقِيُّ . قَوْلُهُ : ( مَعَ بُطْلَانِ ذَلِكَ أَيْضًا ) أَيْ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ قَدْ تُجَامِعُ الصِّحَّةَ كَالْبَيْعِ بَعْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ . قَوْلُهُ : ( لِخَبَرِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ ) اُنْظُرْ هَلْ عُلِمَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِلُغَةٍ مِنْ اللُّغَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي كَلَامِهِ أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ هَلْ يَجُوزُ قِرَاءَتُهَا بِلُغَةٍ مِنْ اللُّغَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ يَتَعَيَّنُ الْأَفْصَحُ(5/469)
"""""" صفحة رقم 470 """"""
وَالْأَوْلَادُ جَمْعُ وَلَدٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ كُلُّ مَا وَلَدَهُ شَيْءٌ وَيُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْوُلْدُ بِوَزْنِ الْقُفْلِ لُغَةٌ فِيهِ . وَقَدْ يَكُونُ جَمْعًا لَهُ كَأُسْدٍ وَأَسَدٍ وَجَمْعُ وَلَدٍ عَلَى وُلْدٍ سَمَاعِيٌّ لَا قِيَاسِيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ وَغَيْرُهُ . فَإِنْ قُلْت : جَمَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَارَةً وَأَفْرَدَ أُخْرَى فَهَلْ لِهَذَا مِنْ حِكْمَةٍ . قُلْت : نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةَ إلَى جَوَازِ الْإِفْرَادِ وَالْمُطَابِقَةِ فِي ضَمِيرِ جَمْعِ الْمُؤَنَّثِ لَكِنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْكَثْرَةَ فَالْإِفْرَادُ أَوْلَى وَإِلَّا فَالْمُطَابَقَةُ وَقَدْ اشْتَمَلَ عَلَى الِاسْتِعْمَالَيْنِ قَوْله تَعَالَى ) إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ ( الْآيَةَ حَيْثُ أَفْرَدَ فِي قَوْله تَعَالَى مِنْهَا لِرُجُوعِهِ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ وَطَابَقَ فِي قَوْله تَعَالَى ) فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ( لِرُجُوعِهِ لِلْأَرْبَعَةِ كَذَا قَالَهُ ع ش وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ سم الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ ثَابِتٌ لِكُلِّ فَرْدٍ وَلَا لِلْمَجْمُوعِ . وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ امْتِنَاعُ التَّمْلِيكِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ . فَإِنَّهُ إمَّا اخْتِيَارِيٌّ أَوْ قَهْرِيٌّ وَالِاخْتِيَارِيُّ إمَّا بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا فَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى التَّمْلِيكِ الِاخْتِيَارِيِّ بِمُعَاوَضَةٍ بِقَوْلِهِ : لَا يُبَعْنَ وَبَدَأَ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الْغَالِبُ فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ وَإِلَى التَّمْلِيكِ الِاخْتِيَارِيِّ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ بِقَوْلِهِ : وَلَا يُوهَبْنَ وَذَكَرَهَا عَقِبَ الْبَيْعِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّمْلِيكِ الْمُطْلَقِ وَأَشَارَ إلَى الْقَهْرِيِّ بِقَوْلِهِ : وَلَا يُورَثْنَ وَأَخَّرَهُ عَنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ وَهُمَا بِالْحَيَاةِ السَّابِقَةِ عَلَيْهِ وَقَدْ اشْتَمَلَ صَدْرُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى مَنْعِ كُلِّ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَاشْتَمَلَ عَجْزُهُ عَلَى مَا لِلسَّيِّدِ مِنْ الْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَادَامَ حَيًّا وَبِالْجُمْلَةِ فَاشْتَمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مَا يَمْتَنِعُ عَلَى السَّيِّدِ وَمَا يَجُوزُ لَهُ وَاشْتَمَلَ أَيْضًا عَلَى بَيَانِ مَا حَصَلَ لِأُمِّ الْوَلَدِ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ مِنْ فَكِّ قَيْدِ الرِّقِّ عَنْهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ ا ه . وَإِعْرَابُ الْحَدِيثِ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ مُبْتَدَأٌ وَمُضَافُ إلَيْهِ لَا يُبَعْنَ لَا نَافِيَةٌ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَصَوَابُهُ نَاهِيَةٌ وَيُبَعْنَ فِعْلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لِاتِّصَالِهِ بَنُونَ النِّسْوَةِ وَهِيَ نَائِبُ فَاعِلٍ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ وَهُوَ خَبَرٌ عَنْ أُمَّهَاتُ وَقَوْلُهُ : وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَإِعْرَابُهُ كَإِعْرَابِهِ وَقَوْلُهُ : يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَابِ . قَوْلُهُ : ( لَا يُبَعْنَ ) أَيْ لِغَيْرِ أَنْفُسِهِنَّ وَكَذَا الْهِبَةُ . قَوْلُهُ : ( يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ مَاذَا تَصْنَعُ بِهَا . فَإِنْ قُلْت هَلْ يَصِحُّ جَعْلُهُ خَبَرًا عَنْ قَوْلِهِ : أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ إلَخْ . قُلْت : نَعَمْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُطَابَقَةَ مَوْجُودَةٌ لِأَنَّ أُمَّهَاتُ وَإِنْ كَانَ جَمْعًا لَكِنْ إضَافَتُهُ إلَى مَا فِيهِ أَلْ الْجِنْسِيَّةُ أَبْطَلَتْ مِنْهُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ . وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ : الْخَبَرُ قِسْمَانِ وَنَحْوُهُ . وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَّهُمْ جَمْعَ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ مِنْ جُمُوعِ الْقِلَّةِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِأَلْ أَوْ يُضَفْ وَإِلَّا كَانَ مِنْ جُمُوعِ الْكَثْرَةِ وَلَعَلَّ النُّكْتَةَ فِي إفْرَادِ قَوْلِهِ : يَسْتَمْتِعُ وَالْجَمْعِ فِيمَا قَبْلَهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ حُكْمَ مَنْعِ الْبَيْعِ وَالْإِرْثِ وَالْهِبَةِ عَامٌّ لِكُلِّ أَحَدٍ وَأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ مُفَوَّضٌ لِأَمْرِ السَّيِّدِ أَيْ لِلسَّيِّدِ الِاسْتِمْتَاعُ إنْ أَرَادَ لَا أَنَّ(5/470)
"""""" صفحة رقم 471 """"""
ذَلِكَ مُتَعَيِّنٌ عَلَى كُلِّ سَيِّدٍ إذْ قَدْ يَبِيعُهَا لِلْخِدْمَةِ وَنَحْوِهَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ . وَقَالَ ح ل : إنَّمَا أَفْرَدَ فِيهِ وَجَمَعَ فِيمَا قَبْلَهُ . لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ ا ه كَلَامُهُ . وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الِاسْتِمْتَاعُ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الْوَطْءُ . وَإِلَّا فَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِغَيْرِهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَقِيلَ : إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إفْرَادُ ضَمِيرِ الْجَمْعِ الْمُؤَنَّثِ وَجَمْعُهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ) إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ ( الْآيَةَ لَكِنَّ الْأَفْصَحَ فِي جَمْعِ الْكَثْرَةِ الْإِفْرَادُ وَفِي جَمْعِ الْقِلَّةِ الْجَمْعُ وَشَاهِدُهُ قَوْله تَعَالَى ) مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ( فَمِنْهَا رَاجِعٌ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا وَهُوَ جَمْعُ كَثْرَةٍ فِي الْمَعْنَى وَفِيهِنَّ رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعَةِ وَهُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ فِي الْمَعْنَى وَأُمَّهَاتُ هُنَا جَمْعُ قِلَّةٍ لِأَنَّ جَمْعَ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ مِنْ جُمُوعِ الْقِلَّةِ . قَوْلُهُ : ( مَا دَامَ حَيًّا ) فَإِنْ قُلْت : مَا فَائِدَةُ هَذَا مَعَ أَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ خَاصٌّ بِالْحَيَاةِ . قُلْت : أُجِيبَ بِأَنَّهُ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ : فَإِذَا مَاتَ وَبِأَنَّ الْفِعْلَ لَمَّا كَانَ نَكِرَةً مَعْنًى لَا عُمُومَ لَهُ قَيَّدَهُ بِمَا ذَكَرَهُ لِإِفَادَةِ التَّعْمِيمِ . قَوْلُهُ : ( رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ) نِسْبَةٌ إلَى دَارَ قُطْنَ اسْمُ مَحَلَّةٍ بِبَغْدَادَ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ إذْ الْقِيَاسُ الدَّارِيُّ أَوْ الْقُطْنِيُّ . وَأَمَّا النِّسْبَةُ إلَى الْكَلِمَتَيْنِ مَعًا فَهِيَ شَاذَّةٌ كَمَا بَيَّنَهُ النُّحَاةُ قَالَ الشِّهَابُ الْخَفَاجِيُّ وَرَاؤُهُ مَفْتُوحَةٌ وَبَعْضُهُمْ يُسَكِّنُهَا وَالْأُولَى أَوْلَى . قَوْلُهُ : ( ابْنُ الْقَطَّانِ ) نِسْبَةٌ لِدَارِ الْقُطْنِ بِبَغْدَادَ . قَوْلُهُ : ( عَلَى الْمِنْبَرِ ) أَيْ مِنْبَرِ الْكُوفَةِ . قَوْلُهُ : ( عَبِيدَةُ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَقَوْلُهُ : السَّلْمَانِيُّ بِسُكُونِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا نِسْبَةٌ إلَى سَلْمَانَ حَيٌّ مِنْ الْعَرَبِ وَالْمُحَدِّثُونَ عَلَى التَّحْرِيكِ ا ه . مُغْرِبٌ . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ التَّابِعِينَ . قَوْلُهُ : ( اقْضُوا ) بِكَسْرِ هَمْزَةِ الْوَصْلِ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ مِثْلُ امْشُوا لِأَنَّ عَيْنَهُمَا فِي الْأَصْلِ مَكْسُورَةٌ . وَإِنَّمَا ضُمَّتْ لِمُنَاسِبَةِ الْوَاوِ وَالْأَصْلُ اقْضِيُوا وَامْشِيُوا سُكِّنَتْ الْيَاءُ لِلِاسْتِثْقَالِ . ثُمَّ حُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَضُمَّتْ الْعَيْنُ لِمُجَانَسَةِ الْوَاوِ ، وَلِتَسْلَمَ مِنْ الْقَلْبِ يَاءً وَإِنْ شِئْت قُلْت اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْيَاءِ فَنُقِلَتْ مِنْهَا إلَى مَا قَبْلَهَا بَعْدَ سَلْبِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا وَحُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَالضَّمَّةُ عَلَى الْإِعْلَالِ الْأَوَّلِ مُجْتَلَبَةٌ لِلْمُنَاسَبَةِ ، وَعَلَى الثَّانِي مَنْقُولَةٌ شَرْحُ التَّوْضِيحِ . فَأَنْتَ قُلْت : كَيْفَ سَاغَ لِعَلِيٍّ أَنْ يُخَالِفَ الْإِجْمَاعَ الْمُنْعَقِدَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بَعْدَ مُوَافَقَتِهِ عَلَيْهِ وَاتِّفَاقُهُمْ مَعْصُومٌ مِنْ الْخَطَأِ لِأَنَّ الْأُمَّةَ الَّذِينَ مِنْهُمْ الْمُجْتَهِدُونَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ مِمَّا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيثُ . وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ يَرَى اشْتِرَاطَ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ فِي عَدَمِ جَوَازِ(5/471)
"""""" صفحة رقم 472 """"""
مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ أَيْ وَقَدْ خَالَفَهُ قَبْلَهُ . وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِانْقِرَاضُ . وَأَجَابَ عَمِيرَةُ : بِأَنَّ هَذَا إجْمَاعٌ سُكُوتِيٌّ وَهُوَ ظَنِّيٌّ يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ . قَوْلُهُ : ( فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُخَالِفَ الْجَمَاعَةَ ) لَعَلَّ لَهُ مُسْتَنَدًا آخَرَ غَيْرَ هَذَا . فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ . قَوْلُهُ : ( سَرَارِينَا ) التَّسَرِّي لُغَةً وَشَرْعًا أَنْ يَطَأَهَا وَيُنْزِلَ فِيهَا وَيَمْنَعَهَا الْخُرُوجَ وَهُوَ جَمْعُ سُرِّيَّةٍ نِسْبَةٌ إلَى السِّرِّ وَهُوَ الْجِمَاعُ وَالْإِخْفَاءُ لِأَنَّ الْمَرْءَ كَثِيرًا مَا يَسْتُرُهَا عَنْ زَوْجَاتِهِ وَضُمَّتْ السِّينُ لِأَنَّ الْأَبْنِيَةَ قَدْ تُغَيَّرُ فِي النِّسْبَةِ كَمَا قَالُوا فِي النِّسْبَةِ إلَى الدَّهْرِ دُهْرِيٌّ وَجَعَلَهَا الْأَخْفَشُ مِنْ السُّرُورِ لِأَنَّهُ يُسَرُّ بِهَا ا ه . مِنْ الْمُنَاوِيِّ الْكَبِيرِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ . فَإِنْ قُلْت : لِمَ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بَلْ ذَكَرَ مَعَهُ سَرَارِيُّنَا . قُلْت لِأَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ قَدْ يُطْلَقْنَ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِلِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ . قَوْلُهُ : ( وَالنَّبِيُّ ) حَالٌ . قَوْلُهُ : ( وَبِأَنَّهُ ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ قَوْلُهُ : ( اسْتِدْلَالًا ) أَيْ اسْتِدْلَالًا مِنْ جَابِرٍ لِنِسْبَتِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَوْلُهُ وَاجْتِهَادًا أَيْ اجْتِهَادًا مِنْهُ فِي نِسْبَتِهِ لَهُ . قَوْلُهُ : ( وَاجْتِهَادًا ) أَيْ أَنَّهُمْ اجْتَهَدُوا فِي أَنَّهُ أَقَرَّهُمْ لِكَوْنِهِ فِي زَمَنِهِ أَيْ ظَنُّوا ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ . قَوْلُهُ : ( وَنَصًّا ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ لِأَنَّ الْقَوْلَ يَكُونُ نَصًّا وَظَاهِرًا أَيْ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ مَنْسُوبٌ لِلنَّبِيِّ يَقِينًا فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ اجْتِهَادًا وَمَحَلُّ الِاحْتِيَاجِ إلَى ذَلِكَ الْجَوَابُ إنْ قُرِئَ يَرَى بِالْيَاءِ وَضَمِيرُهُ لِلنَّبِيِّ أَمَّا إذَا قُرِئَ بِالنُّونِ رَاجِعٌ لِلْأَحَدِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ . قَوْلُهُ : ( وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ بَيْعِهَا إلَخْ ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَيَحْرُمُ بَيْعُهَا أَيْ وَلَا يَصِحُّ وَلَوْ لِمَنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ صِحَّةُ كِتَابَتِهَا نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا . كَمَا مَرَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا بَعْضَهَا صَحَّ وَسَرَى إلَى بَاقِيهَا وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا مِنْ سَيِّدِهَا الْمُبَعَّضِ ا ه ق ل . عَلَى الْجَلَالِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ وَجُمْلَةُ مَا اسْتَثْنَاهُ عَشْرُ مَسَائِلَ لَكِنْ عَبَّرَ فِي بَعْضِهَا بِالِاسْتِثْنَاءِ وَبَعْضِهَا بِصُورَةِ الِاسْتِئْنَافِ تَسَمُّحًا وَآخِرُ الْعَشَرَةِ مَسْأَلَةُ الْمُفْلِسِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَمْنُوعِ الْوَصِيَّةُ بِهَا سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا لِنَفْسِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْمَوْتِ وَهِيَ تَعْتِقُ بِالْمَوْتِ فَلَا يَتَأَتَّى تَمَلُّكُهَا الْوَصِيَّةَ وَكَذَا لِغَيْرِهَا أَيْضًا وَمِنْ الْمَمْنُوعِ وَقْفُهَا أَيْضًا . قَوْلُهُ : ( بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا ) أَيْ لِنَفْسِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْهِبَةُ ثُمَّ إنْ أَرَادَ : الْعِتْقَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ وَإِنْ نَوَى التَّمْلِيكَ احْتَاجَ إلَى الْقَبُولِ فَوْرًا . قَوْلُهُ : ( عَقْدُ عَتَاقَةٍ ) أَيْ عَقْدٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ فِي الْحَالِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلِذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ وَكَذَا لَا(5/472)
"""""" صفحة رقم 473 """"""
يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا لِلْبَائِعِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ فَرَاجِعْهُ وَكَذَلِكَ لَا رُجُوعَ لَهَا عَلَى سَيِّدِهَا أَيْضًا فِيهِ بِالْأَرْشِ إذَا اطَّلَعَتْ عَلَى عَيْبٍ فِيهَا ا ه شَيْخُنَا . قَوْلُهُ : ( وَيَسْرِي إلَى بَاقِيهَا ) أَيْ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا يَلْزَمُهَا قِيمَةُ مَا سَرَى بَلْ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا مَا أَلْزَمَتْهُ . ا ه . بِرْمَاوِيٌّ . قَوْلُهُ : ( وَمَحَلُّ الْمَنْعِ ) أَيْ مَنْعُ بَيْعِهَا وَرَهْنِهَا وَهِبَتِهَا . قَوْلُهُ : ( إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ ) أَيْ يَزُلْ . قَوْلُهُ : ( وَكَذَا يَصِحُّ بَيْعُهَا فِي صُوَرٍ ) هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ فَلَوْ قَالَ : وَمِنْهَا مُسْتَوْلَدَةُ الرَّاهِنِ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى وَالْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْ وَطْئِهِ حُرٌّ وَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَكَذَا يُقَالُ : فِيمَا بَعْدَهَا إلَى آخِرِ الْأَرْبَعِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَمَحَلُّهُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ غَيْرَ فَرْعِهِ . أَمَّا فَرْعُهُ فَلَا يَمْنَعُ رَهْنَهَا عِنْدَهُ نُفُوذُ الِاسْتِيلَادِ وَلَا تُبَاعُ لِدَيْنِ الْوَلَدِ وَكَذَا يُقَالُ : فِي مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ . قَوْلُهُ : ( تُبَاعُ ) مَا لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ فَرْعَهُ وَإِلَّا فَلَا تُبَاعُ . قَوْلُهُ : ( وَهُوَ مُعْسِرٌ ) أَيْ السَّيِّدُ وَمِنْ لَازِمِ إعْسَارِهِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي يَدِ مَأْذُونِهِ وَفَاءٌ وَقَوْلُهُ : تُبَاعُ فِي دَيْنٍ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَرْعَهُ . قَوْلُهُ : ( أَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى ) اُنْظُرْ وَجْهَ تَسْمِيَتِهَا أُولَى مَعَ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَلَعَلَّهَا أُولَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَرْبَعَةِ فَهِيَ أَوَّلِيَّةٌ نِسْبِيَّةٌ . قَوْلُهُ : ( مَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثَمَنِهَا ) وَمِثْلُهُ : مَا إذَا نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهَا قَالَ م ر : وَيُجَابُ بِمَنْعِ اسْتِثْنَائِهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ نَذْرِهِ التَّصَدُّقَ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا أَيْ وَشَرْطُ الْمُسْتَوْلَدَةِ أَنْ تَكُونَ مِلْكًا لِلْمُسْتَوْلَدِ وَقْتَ الِاسْتِيلَادِ أَيْ فَلَا يُقَالُ لَهَا : إنَّهَا أَمَتُهُ عِنْدَ الْوَطْءِ . قَوْلُهُ : ( فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيْعُهَا ) أَيْ بَعْدَ وَطْئِهَا لِأَنَّ الْحَامِلَ بِحُرٍّ لَا تُبَاعُ .(5/473)
"""""" صفحة رقم 474 """"""
قَوْلُهُ : ( وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا ) أَيْ الْوَارِثُ . قَوْلُهُ : ( وَلَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ ) مُعْتَمَدٌ . قَوْلُهُ : ( أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ اسْتِيلَادُهُ ) مُعْتَمَدٌ . وَقَوْلُهُ : وَاَلَّذِي صَوَّبْنَاهُ ضَعِيفٌ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيُّ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الِاسْتِثْنَاءُ ، فَإِنَّ فِيهِ قَلَاقَةً م د . وَقَوْلُهُ : فَرَجَّحَ نُفُوذَهُ ضَعِيفٌ . قَوْلُهُ : ( تُسْتَثْنَى هَذِهِ ) أَيْ مِنْ نُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ . قَوْلُهُ : ( وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ ) مُعْتَمَدٌ . قَوْلُهُ : ( أَشْبَهَ ) يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الشَّبَهِ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُبَعْ فِي دَيْنِ الْمُفْلِسِ بِأَنْ اكْتَسَبَ مَالًا وَوَفَّى الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِهَا . أَوْ بِيعَتْ وَمَلَكَهَا نَفَذَ الْإِيلَادُ وَهُوَ كَذَلِكَ ا ه م د . قَوْلُهُ : ( يُشْبِهُهُ بِالرَّاهِنِ ) أَيْ فِي أَنَّ جَمِيعَ مَالِهِ كَأَنَّهُ مَرْهُونٌ عَلَى الدُّيُونِ . قَوْلُهُ : ( ثُمَّ مَاتَ رَقِيقًا ) لَيْسَ بِقَيْدٍ . قَوْلُهُ : ( الْمُحْتَرَمِ ) أَيْ حَالَ خُرُوجِهِ بِأَنْ لَا يَخْرُجُ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فَإِنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ ثَبَتَ النَّسَبُ وَلَا تَعْتِقُ بِهِ لِانْتِقَالِهَا إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَهُوَ الْوُرَّاثُ حَالَ عُلُوقِهَا . ح ل . وَقَوْلُهُ : ثَبَتَ النَّسَبُ أَيْ وَالْإِرْثُ لِكَوْنِ مَنِيِّهِ مُحْتَرَمًا حَالَ خُرُوجِهِ . وَلَا يُقَالُ : يَلْزَمُ عَلَيْهِ إرْثُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَوْتِ . لِأَنَّا نَقُولُ : وُجُودُ أَصْلِهِ كَوُجُودِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مُحْتَرَمًا أَيْضًا حَالَ دُخُولِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ أَنْزَلَ فِي زَوْجَتِهِ فَسَاحَقَتْ بِنْتَهُ فَحَبِلَتْ مِنْهُ لَحِقَ الْوَلَدُ بِهِ . وَكَذَا لَوْ مَسَحَ ذَكَرَهُ بِحَجَرٍ بَعْدَ إنْزَالِهِ فِيهَا فَاسْتَنْجَتْ بِهِ امْرَأَةٌ فَحَبِلَتْ مِنْهُ . ا ه . زي وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ لَهَا حَالَ عُلُوقِهَا فَتَكُونُ هَذِهِ الصُّورَةُ خَارِجَةً بِقَوْلِ الْمَتْنِ أَمَتُهُ . وَذَلِكَ لِأَنَّهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَقْتَ عُلُوقِهَا لَيْسَتْ أَمَةً لِلسَّيِّدِ وَانْظُرْ لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً وَخَرَجَ مَنِيُّهُ هَلْ هُوَ مُحْتَرَمٌ اعْتِبَارًا بِالْوَاقِعِ أَوْ لَا نَظَرًا لِظَنِّهِ الْمَذْكُورِ ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ حَيْثُ قَالَ وَالْعِبْرَةُ فِي الِاحْتِرَامِ بِحَالِ خُرُوجِهِ فَقَطْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْوَاقِعِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا لَوْ خَرَجَ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَاسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ اعْتِبَارًا بِالْوَاقِعِ دُونَ اعْتِقَادِهِ وَلَوْ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ مَنْ يَرَى حُرْمَتَهُ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ احْتِرَامِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر . فَلَا عِدَّةَ بِهِ وَلَا نَسَبَ يَلْحَقُ بِهِ كَمَا قَالَهُ سم وَمِنْ الْمُحْتَرَمِ كَمَا شَمَلَهُ حَدُّهُ مَا خَرَجَ بِسَبَبِ(5/474)
"""""" صفحة رقم 475 """"""
تَرَدُّدِ الذَّكَرِ عَلَى حَلْقَةِ دُبُرِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ مِنْ غَيْرِ إيلَاجٍ فِيهِ لِجَوَازِهِ . أَمَّا الْخَارِجُ بِسَبَبِ إيلَاجٍ فِيهِ فَلَيْسَ مُحْتَرَمًا لِأَنَّهُ حَرَامٌ لِذَاتِهِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ مَعَ أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ كَمَا لَوْ وَطِئَ أُخْتَهُ الرَّقِيقَةَ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر . فِي بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ . وَلَوْ خَرَجَ مِنْ رَجُلٍ مَنِيٌّ مُحْتَرَمٌ مَرَّةً وَمَنِيٌّ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ مَرَّةً أُخْرَى وَمَزَجَهُمَا حَتَّى صَارَا شَيْئًا وَاحِدًا وَاسْتَدْخَلَتْهُ أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ وَحَبِلَتْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ ، فَإِنَّهُ يُنْسَبُ لَهُ تَغْلِيبًا لِلْمُحْتَرَمِ . كَمَا قَالَهُ الطَّبَلَاوِيُّ وسم . لَا يُقَالُ : اجْتَمَعَ مُقْتَضٍ وَمَانِعٌ فَيُغَلَّبُ الْمَانِعُ . لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ غَيْرُ مُقْتَضٍ لَا مَانِعٍ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَاسْتَدْخَلَتْهُ أَمَةُ أَحَدِهِمَا ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ هَلْ يُنْسَبُ لِصَاحِبِ الْمُحْتَرَمِ تَغْلِيبًا لَهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الطَّبَلَاوِيِّ وسم . قَوْلُهُ : ( فَلَا يَثْبُتُ بِهِ أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ ) وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَاسْتَدْخَلَتْهُ فَاسْتَظْهَرَ ق ل . عَدَمَ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَاسْتَظْهَرَ الشَّارِحُ ثُبُوتَهُ وَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ . قَوْلُهُ : ( وَيَدْخُلُ فِي عِبَارَتِهِ ) أَيْ قَوْلِهِ : أَمَتُهُ فِي قَوْلِهِ : وَإِذَا أَصَابَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ . قَوْلُهُ : ( وَقَدْ تُوهِمُ عِبَارَتُهُ ) أَيْ قَوْلُهُ : وَإِذَا أَصَابَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّ الْمُرَادَ أَمَتُهُ الْمَمْلُوكَةُ كُلُّهَا لَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا . فَيَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا . قَوْلُهُ : ( فِي نَصِيبِهِ فَقَطْ ) إنْ كَانَ مُعْسِرًا بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ وَالْوَلَدُ الْحَاصِلُ حِينَئِذٍ مُبَعَّضٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ : حُرٌّ كُلُّهُ . ( وَجَازَ لَهُ ) أَيْ السَّيِّدِ ( التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالِاسْتِخْدَامِ ) وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا فَإِنْ قِيلَ : قَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْأُضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إلْحَاقًا لِلْمَنَافِعِ بِالْأَعْيَانِ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ ، كَمَا قَالَ بِهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ . أُجِيبَ : بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ خَرَجَ مِلْكُهُ عَنْهَا . تَنْبِيهٌ : مَحَلُّ صِحَّةِ إجَارَتِهَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهَا أَمَّا إذَا أَجَّرَهَا نَفْسَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ وَهَلْ لَهَا أَنْ تَسْتَعِيرَ نَفْسَهَا مِنْ سَيِّدِهَا قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْحُرِّ : إنَّهُ لَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ وَسَلَّمَهَا ثُمَّ اسْتَعَارَهَا ، جَازَ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ ، وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ أَنْ أَجَّرَهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ . فَإِنْ قِيلَ : لَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ الْمُؤَجَّرَ لَمْ تَنْفَسِخْ فِيهِ الْإِجَارَةُ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ . أُجِيبَ : بِأَنَّ السَّيِّدَ فِي الْعَبْدِ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْإِجَارَةِ فَإِعْتَاقُهُ يَنْزِلُ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ وَأَمُّ الْوَلَدِ مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ . وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَهَا ثُمَّ أَحْبَلَهَا ثُمَّ مَاتَ ، لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ . وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنَافِعِهَا . قَوْلُهُ : ( وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالِاسْتِخْدَامِ ) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ مُكَاتَبَةً وَإِلَّا امْتَنَعَ الِاسْتِخْدَامُ وَغَيْرُهُ . مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ . قَوْلُهُ : ( لِبَقَاءِ مِلْكِهِ ) وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا لِاسْتِحْقَاقِهَا الْعِتْقَ . قَوْلُهُ : ( إلْحَاقًا لِلْمَنَافِعِ ) أَيْ بَيْعِ الْمَنَافِعِ وَقَوْلُهُ بِالْأَعْيَانِ أَيْ بَيْعِهَا . قَوْلُهُ : ( خَرَجَ مِلْكُهُ ) أَيْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا وَالْمُنَاسِبُ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ . قَوْلُهُ : ( أَمَّا إذَا أَجَّرَهَا نَفْسَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ ) وَفَارَقَ الْبَيْعَ بِأَدَائِهِ الْعِتْقَ لِنَفْسِهَا . قَالَ شَيْخُنَا م ر : إعَارَتُهَا كَإِجَارَتِهَا وَقَالَ الْخَطِيبُ : يَجُوزُ إعَارَتُهَا وَهُوَ وَجِيهٌ جِدًّا لِأَنَّهُ كَاسْتِعَارَةِ الْحُرِّ نَفْسَهُ مِمَّنْ اسْتَأْجَرَهُ(5/475)
"""""" صفحة رقم 476 """"""
وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ سَابِقَةً عَلَى الِاسْتِيلَادِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ . قَوْلُهُ : ( لَا يَمْلِكُ ) أَيْ بِعَقْدٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِغَيْرِ عَقْدٍ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ . قَوْلُهُ : ( قِيَاسٌ ) مُبْتَدَأُ خَبَرُهُ قَوْلُهُ : أَنَّ هُنَا كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ : أَنَّهُ الْأَوْلَى بَدَلٌ مِنْ مَا وَقَوْلُهُ : كَذَلِكَ أَيْ تَصِحُّ إعَارَتُهَا لِنَفْسِهَا وَخَالَفَ شَيْخُنَا م ر . قَوْلُهُ : ( لَوْ مَاتَ إلَخْ ) عِبَارَةُ م ر وَلَوْ أَجَّرَهَا ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَتَقَتْ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَمِثْلُهَا الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَالْمُدَبَّرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أُعْتِقَ فَإِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَالْفَرْقُ تَقَدُّمُ سَبَبِ الْعِتْقِ عَلَى الْمَوْتِ أَوْ الصِّفَةِ عَلَى الْإِجَارَةِ فِيهِنَّ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ . وَهَذَا أَوْلَى مِنْ فَرْقِ الشَّارِحِ . وَلِهَذَا لَوْ سَبَقَ الْإِيجَارُ الِاسْتِيلَادَ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ لَمْ تَنْفَسِخْ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ ا ه . بِحُرُوفِهِ . قَوْلُهُ : ( انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ ) وَرَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ الْمُسَمَّى عَلَى التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِهِ ع ش . قَوْلُهُ : ( لَا يَمْلِكُ ) أَيْ حِينَ الْإِعْتَاقِ بَلْ يَمْلِكُهَا الْمُسْتَأْجِرُ . قَوْلُهُ : ( مَا يَمْلِكُهُ ) : وَهُوَ الرَّقَبَةُ . قَوْلُهُ : ( نَفْسُهَا ) أَيْ بِمَنَافِعِهَا . قَوْلُهُ : ( لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ ) لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ . 0 0 قَوْلُهُ : ( وَلَهُ الْوَطْءُ ) الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ الْوَطْءُ مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِخْدَامِ الْمَجْرُورِ فَغَيَّرَ الشَّارِحُ إعْرَابَهُ الظَّاهِرَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِالرَّفْعِ مَعْطُوفًا عَلَى التَّصَرُّفِ أَيْ وَجَازَ لَهُ الْوَطْءُ . قَوْلُهُ : ( لِأُمِّ وَلَدِهِ ) خَرَجَ بِأُمِّ الْوَلَدِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا فَيَمْتَنِعُ وَطْؤُهُمَا لِقَوْلِهِمْ فِي النِّكَاحِ : وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً حَرُمَ عَلَيْهِ بِنْتُهَا وَأُمُّهَا . قَوْلُهُ : ( أَوْ أَحْبَلَ الشَّخْصُ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ ) فِيهِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ مُمْتَنِعٌ مُطْلَقًا قَبْلَ الْإِيلَادِ وَبَعْدَهُ . قَوْلُهُ : ( وَمَا لَوْ أَوْلَدَ الْمُبَعَّضُ أَمَتَهُ ) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّسَرِّي لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ وَلِذَا صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ لَا يُكَفِّرُ بِالْإِعْتَاقِ لِلُزُومِ الْوَلَاءِ لَهُ وَهُوَ لَيْسَ لَهُ أَهْلًا . قَوْلُهُ : ( وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ ) وَاسْتِرْقَاقُهُ كَمَوْتِهِ وَتَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ لَوْ كَانَتْ مُؤَجَّرَةً لِاسْتِحْقَاقِهَا(5/476)
"""""" صفحة رقم 477 """"""
الْعِتْقَ قَبْلَ مَوْتِهِ . وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ أَعْتَقَهُ ا ه . ق ل عَلَى الْجَلَالِ . قَوْلُهُ : ( وَلَوْ بِقَتْلِهَا ) قَدْ اُسْتُشْكِلَ الْعِتْقُ بِالْقَتْلِ وَالْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ مَنْ اسْتَعْجَلَ شَيْئًا قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ . وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُورِضَ بِنَقِيضِ الْمَقْصُودِ كَحِرْمَانِ قَاتِلِ الْمُورِثِ مِنْ الْإِرْثِ . فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَعْتِقَ بِقَتْلِهِ مُعَاقَبَةً لَهَا بِالْحِرْمَانِ وَمُعَامَلَةً لَهَا بِنَقِيضِ قَصْدِهَا كَمَا فُعِلَ ذَلِكَ بِقَاتِلِ مُورِثِهِ حَيْثُ مُنِعَ الْإِرْثَ لِذَلِكَ . وَأَشَارَ الرَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَى الْجَوَابِ عَنْ الِاسْتِشْكَالِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ : إنَّ الْإِيلَادَ كَالْإِعْتَاقِ بِدَلِيلِ سَرَايَتِهِ إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَكَمَا أَنَّ الْإِعْتَاقَ لَا يَضُرُّ فِيهِ قَتْلُ الْعَتِيقِ لِمُعْتَقِهِ . كَذَلِكَ الْإِيلَادُ لَا يَرْفَعُ أَثَرَهُ قَتْلُ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِسَيِّدِهَا وَبَحَثَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي جَوَابِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ حَيْثُ قَالَ : قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ حُصُولِ نَفْسِ الْعِتْقِ وَحُصُولِ سَبَبِهِ فَقَطْ . وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا بِأَنَّ فِي الْعِتْقِ حَظًّا لِلْمَقْتُولِ أَيْ وَهُوَ حُصُولُ ثَوَابِ الْعِتْقِ بِسَبَبِ إحْبَالِهِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ لَا حَظَّ فِيهِ لِلْمَقْتُولِ لِأَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى مَا أَخَذَهُ وَرَثَتُهُ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَخَذُوا ذَلِكَ قَهْرًا عَلَيْهِ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ جَمَعَهُ بِقَصْدِهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطِهِمْ كَذَا قَالَهُ ح ل فِي خَتْمِهِ عَلَى الْبَهْجَةِ وَخَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ صُوَرٌ أُخَرُ قَدْ ذَكَرَهَا الدَّيْرَبِيُّ فِي خَتْمِهِ . قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْقَاعِدَةُ الْمَذْكُورَةُ مُشْكِلَةٌ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ . وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَتِيلَ إنَّمَا مَاتَ بِانْقِضَاءِ أَجَلِهِ ، لَا أَنَّ الْقَاتِلَ قَطَعَ أَجَلَهُ بِقَتْلِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ : قَبْلَ أَوَانِهِ . وَإِنَّمَا شُرِعَ الْقِصَاصُ لِلزَّجْرِ وَلِئَلَّا يُقْدِمَ النَّاسُ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ الْفَظِيعِ . وَقَدْ يُجَابُ : بِأَنَّ مَا ذُكِرَ اسْتِعْجَالٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ . ا ه . دَيْرَبِيٌّ . فَإِنْ قُلْت : كَانَ الْأَنْسَبُ بِالتَّرْجَمَةِ أَنْ يَقُولَ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ بَدَلَ قَوْلِهِ : عَتَقَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ . قُلْت : قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ مَا قَالَهُ هُوَ الْأَنْسَبُ لِأَنَّهُ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْوَصْفَ بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ مُطْلَقُ دَلَالَةِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ حَيْثُ أُطْلِقَ . وَلِأَنَّ الَّذِي عَقَدَ لَهُ الْفَصْلَ إنَّمَا هُوَ أَحْكَامُهَا لَا وَصْفُهَا بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ . وَإِنَّمَا خُصَّ الْجَوَابُ بِهَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّهُ أَصْلُ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَأَيْضًا تُسَمَّى مُسْتَوْلَدَةً قَبْلَ مَوْتِهِ . قَوْلُهُ : ( عَتَقَتْ ) أَيْ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوَضْعُ كَمَا رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ . أَيْ يَتَبَيَّنُ بِالْوَضْعِ عِتْقُهَا مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فَيَكُونُ كَسْبُهَا مِنْ حِينِ الْمَوْتِ لَهَا وَمِثْلُ الْمَوْتِ مَسْخُهُ أَيْ السَّيِّدِ حَجَرًا أَوْ نِصْفَهُ الْأَعْلَى وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا إذَا صَارَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ نُطْقٌ وَلَا إبْصَارٌ وَلَا حَرَكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ . قَوْلُهُ : ( أُمُّ الْوَلَدِ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَسَبَبُ عِتْقِهَا بِمَوْتِهِ انْعِقَادُ الْوَلَدِ حُرًّا . ا ه أَيْ وَالْوَلَدُ جُزْءٌ مِنْهَا فَسَرَى الْعِتْقُ مِنْهُ إلَيْهَا ا ه شَيْخُنَا . قَوْلُهُ : ( وَلَوْ كَانَ سِقْطًا ) مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ . قَوْلُهُ : ( وَهَذَا ) أَيْ الْحُكْمُ بِعِتْقِهَا مَعَ قَتْلِهَا السَّيِّدَ . قَوْلُهُ : ( قَبْلَ أَوَانِهِ ) أَيْ ظَاهِرًا فَلَا يُنَافِي قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ إنَّ الْقَتِيلَ مَاتَ عِنْدَ انْتِهَاءِ أَجَلِهِ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ :(5/477)
"""""" صفحة رقم 478 """"""
وَمَيِّتٌ بِعُمْرِهِ مَنْ يُقْتَلُ وَغَيْرُ هَذَا بَاطِلٌ لَا يُقْبَلُ وَقِيلَ : إنَّ الْعَجَلَةَ مِنْ الشَّيْطَانِ إلَّا فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ فَإِنَّهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ إطْعَامُ الضَّيْفِ ، وَتَجْهِيزُ الْمَيِّتِ ، وَتَزْوِيجُ الْبِكْرِ ، وَقَضَاءُ الدُّيُونِ ، وَالتَّوْبَةُ مِنْ الذَّنْبِ ، وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ . لَقَدْ طُلِبَ التَّعَجُّلُ فِي أُمُورٍ قَضَاءِ الدَّيْنِ مَعَ تَزْوِيجِ بِكْرٍ وَتَجْهِيزٍ لِمَيْتٍ ثُمَّ طُعْمٍ لِضَيْفٍ تَوْبَةٍ مِنْ فِعْلِ نُكْرٍ . وَالطُّعْمُ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الطَّعَامُ وَالنُّكْرُ بِضَمِّ النُّونِ قَالَ تَعَالَى : ) لَقَدْ جِئْت شَيْئًا نُكْرًا ( . قَوْلُهُ ( وَعِتْقُهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ) الْمُرَادُ أَنَّ عِتْقَهَا مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّيْنِ وَالْوَصَايَا لِظَاهِرِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ سَوَاءٌ اسْتَوْلَدَهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ نَجَّزَ عِتْقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا فَوَّتَهُ مِنْ مَنَافِعِهَا الَّتِي كَانَ يَسْتَحِقُّهَا إلَى مَوْتِهِ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ كَالْإِتْلَافِ بِالْأَكْلِ وَاللُّبْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اللَّذَّاتِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ أَرْمَلَةً بِمَهْرِ مِثْلِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ . قَوْلُهُ : ( لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي نُسْخَةٍ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ إلَخْ . وَهِيَ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعَى وَهُوَ عِتْقُهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ . قَوْلُهُ : ( فِي الْمَرَضِ ) رَاجِعٌ لِلِاثْنَيْنِ أَيْ سَوَاءٌ أَحْبَلَهَا فِي الْمَرَضِ أَوْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ إحْبَالِهَا فِي الْمَرَضِ أ ج . قَوْلُهُ : ( بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ ) أَيْ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ . قَوْلُهُ : ( تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ ) فَإِنْ لَمْ يُوَفِّ بِهَا الثُّلُثُ كُمِّلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَفَائِدَةُ الْوَصِيَّةِ أَنَّ أُجْرَةَ الْحَجَّةِ تُزَاحِمُ الْوَصَايَا إنْ كَانَ أَوْصَى فَيَكُونُ فِيهِ رِفْقٌ بِالْوَرَثَةِ . قَوْلُهُ : ( وَيُبْدَأُ بِعِتْقِهَا قَبْلَ إلَخْ ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعْتَاقِ الْوَارِثِ لَهَا وَلَيْسَ مُرَادًا وَيُوهِمُ أَيْضًا أَنَّهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَعْتِقُ إنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ أَصْلًا . وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا كُلِّهِ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ : مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنْ لَا تُحْسَبَ قِيَمُهَا مِنْ التَّرِكَةِ . قَوْلُهُ : ( قَبْلَ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا ) هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنْ لَا تُحْسَبُ قِيمَتُهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَلِذَا قَالَ ق ل . إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ . ا ه . م د . قَوْلُهُ : ( لَا يَعْتِقُونَ ) صَوَابُهُ لَا يَعْتِقُ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ جَمَعَ نَظَرًا لِلْمَعْنَى لِأَنَّ وَلَدُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ ثُمَّ إدْخَالُ هَذَا الْقِسْمِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَلْزَمُهُ أَنَّ ضَمِيرَ وَلَدِهَا عَائِدٌ إلَى الْأَمَةِ لَا بِقَيْدِ(5/478)
"""""" صفحة رقم 479 """"""
كَوْنِهَا مُسْتَوْلَدَةً وَضَمِيرُ بِمَنْزِلَتِهَا عَائِدٌ لِلْمُسْتَوْلَدَةِ خَاصَّةً وَلَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُبْتَدَأٌ وَبِمَنْزِلَتِهَا خَبَرٌ وَمِنْ غَيْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِوَلَدٍ عَلَى حَذْفِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْهُ وَيَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ خَبَرَ الْوَلَدِ مَحْذُوفٌ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : لَا يَعْتِقُونَ وَأَنَّ بِمَنْزِلَتِهَا خَبَرٌ لِأَنَّ الْمَحْذُوفَةِ وَأَنَّ مِنْ غَيْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ ق ل . قَوْلُهُ : ( الْحَاصِلُ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ ) أَيْ النَّافِذُ فَلَا تُرَدُّ أُمُّ الْوَلَدِ إذَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ وَبِيعَتْ فِيهِ ثُمَّ مَلَكَهَا وَأَوْلَادَهَا فَلَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ ، حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ لِأَنَّهَا جَاءَتْ بِهِمْ فِي حَالٍ هِيَ فِيهِ غَيْرُ ثَابِتٍ لَهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ . ا ه خ ض عَلَى التَّحْرِيرِ . قَوْلُهُ : ( بِمَا ) أَيْ بِتَصَرُّفٍ وَقَوْلُهُ : يَمْتَنِعُ أَيْ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ التَّصَرُّفُ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ مَعْلُومِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ وَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ . قَوْلُهُ : ( وَعِتْقِهِ ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَنْعِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا دَخَلَ فِي مَنْزِلَتِهَا ق ل . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ رِقًّا وَحُرِّيَّةً ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ مُبَعَّضٌ وَقِيلَ : حُرٌّ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ خ ض وَغَيْرُهُ وَعِبَارَةُ أَصْلِ التَّحْرِيرِ وَوَلَدُ الْمُبَعَّضَةِ حُرٌّ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ . وَاخْتَلَفَ فِيهِ رَأْيُ الرَّافِعِيِّ ا ه أ ج . عَلَى التَّحْرِيرِ . قَوْلُهُ : ( فِي سَبَبِهِ اللَّازِمِ ) أَيْ فِي أَحْكَامِ سَبَبِهِ لِأَنَّ السَّبَبَ الِاسْتِيلَادُ وَلَيْسَ مَوْجُودًا فِي الْوَلَدِ . وَاعْتَرَضَ ق ل قَوْلَهُ : فِي سَبَبِهِ اللَّازِمِ فَقَالَ : لَا يَخْفَى أَنَّ السَّبَبَ مَلْزُومٌ لَا لَازِمٌ وَعِبَارَةُ م ر . فِي سَبَبِهَا أَيْ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ الِاسْتِيلَادُ فَلَعَلَّهُ ذَكَرَ ضَمِيرَ الْحُرِّيَّةِ عَلَى مَعْنَى الْعِتْقِ . قَوْلُهُ : ( وَلِأَنَّهُ حَقٌّ ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ فَالْأَوْلَى رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلِاسْتِيلَادِ . قَوْلُهُ : ( وَلَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ إلَخْ ) هَذَا كَاَلَّذِي بَعْدَهُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ بِمَنْزِلَتِهَا فَلَوْ قَالَ لَكِنْ أَوْ نَعَمْ لَوْ أَعْتَقَ إلَخْ لَكَانَ أَظْهَرَ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ بِمَنْزِلَتِهَا . قَوْلُهُ : ( لَمْ يَعْتِقْ وَلَدُهَا ) أَيْ بِعِتْقِهَا الْمَذْكُورِ بَلْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَهَذَا بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِعِتْقِهَا الْمُنْجَزِ . وَالْفَرْقُ : أَنَّ إعْتَاقَ الْمُكَاتَبَةِ جَاءَ عَنْ جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ تَارَةً بِالْأَدَاءِ وَتَارَةً بِالْإِبْرَاءِ وَإِعْتَاقُهَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِبْرَاءُ ضِمْنًا وَإِعْتَاقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ أَمَّا وَلَدُهَا مِنْ سَيِّدِهَا فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ سَوَاءٌ الَّذِي بِهِ الِاسْتِيلَادُ أَمْ لَا . قَوْلُهُ : ( وَهُوَ ) أَيْ التَّعْلِيلُ بِالْوَطْءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ . قَوْلُهُ : ( وَفَائِدَتُهُ إلَخْ ) أَيْ مَعَ أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِأُمِّهَا . قَوْلُهُ : ( سَكَتَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ(5/479)
"""""" صفحة رقم 480 """"""
إعْمَالَ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ إمَّا عَلَى إعْمَالِهِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازُهُ فَلَا سُكُوتَ لَكِنَّ الْأُولَى أَوْلَى لِمَا فِي أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ : إنْ كَانُوا مِنْ الْإِنَاثِ تَبِعُوهَا وَإِلَّا فَلَا . قَوْلُهُ : ( وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُمْ ) أَيْ مِنْ الْأَصْحَابِ صَرِيحًا . قَوْلُهُ : ( فَلَا ) أَيْ فَلَا يَكُونُ حُكْمُهُمْ حُكْمَ أَوْلَادِهَا ، بَلْ يَتْبَعُونَ أُمَّهُمْ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ : لِأَنَّ الْوَلَدَ إلَخْ . 0 0 قَوْلُهُ : ( وَمَنْ أَصَابَ ) عَبَّرَ بِمَنْ لِتَشْمَلَ الْحُرَّ وَالرَّقِيقَ . قَوْلُهُ : ( فَوَلَدُهُ ) هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الْحَاصِلِ بِزِنًا لِأَنَّ لَا أَبَ لَهُ إلَّا أَنْ تَجْعَلَ الْإِضَافَةَ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِكَوْنِهِ نَاشِئًا مِنْهُ . قَوْلُهُ : ( لِسَيِّدِهَا ) هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ اتِّحَادِ مَالِكِ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ : الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ : مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِلْكًا لِغَيْرِ سَيِّدِهَا بِوَصِيَّةٍ . قَوْلُهُ : ( فَالْوَلَدُ حُرٌّ ) وَهُوَ حُرٌّ بَيْنَ رَقِيقِينَ إنْ كَانَ الزَّوْجُ رَقِيقًا وَصُورَةُ عَكْسِهِ وَهُوَ رَقِيقٌ بَيْنَ حُرَّيْنِ مَا لَوْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ لِشَخْصٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ وَأَعْتَقَ الْوَارِثُ الْأَمَةَ ، وَتَزَوَّجَ بِهَا حُرٌّ بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا فَهُوَ رَقِيقٌ لِلْمُوصَى لَهُ . قَوْلُهُ : ( وَكَذَا إذَا نَكَحَهَا بِشَرْطِ أَنَّ أَوْلَادَهَا إلَخْ ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ الشَّرْطِ م ر . وَتَنْعَقِدُ الْأَوْلَادُ أَرِقَّاءَ وَعِبَارَةُ م د فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَ تَأْثِيرَ الشَّرْطِ انْعَقَدُوا أَحْرَارًا نَظَرًا لِظَنِّهِ ا ه . قَوْلُهُ : ( ابْنُهُ ) لَوْ قَالَ : فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ فَرْعُهُ لَكَانَ أَعَمَّ . قَوْلُهُ : ( فَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا الْأَبُ ) وَهُوَ الْحُرُّ فِي الْأُولَى وَالْعَبْدُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَبٌ . وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ : وَلَوْ أَحْبَلَ الْأَبُ . . . إلَخْ لِأَنَّ تَعْبِيرَهُ يُوهِمُ أَنَّهَا يُقَالُ لَهَا مُسْتَوْلَدَةٌ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا لَهُ وَوَطْؤُهُ لَهَا إنَّمَا هُوَ فِي النِّكَاحِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَحَرُمَ عَلَى أَصْلٍ وَطْءُ فَرْعِهِ وَثْبُتُ بِهِ(5/480)
"""""" صفحة رقم 481 """"""
مَهْرٌ لِفَرْعِهِ ، وَإِنْ وَطِئَ بِمُطَاوَعَتِهَا إنْ لَمْ تَصِرْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ صَارَتْ وَتَأَخَّرَ إنْزَالٌ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ لِتَقَدُّمِ الْإِنْزَالِ عَلَى مُوجِبِهِ أَوْ اقْتِرَانِهِ بِهِ وَلَا حَدَّ لِأَنَّ لَهُ فِي مَالِ فَرْعِهِ شُبْهَةَ الْإِعْفَافِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلَهُ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَانْتَفَى عَنْهُ الْحَدُّ . وَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ لِلْفَرْعِ وَيَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ وَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ نَسِيبٌ لِلشُّبْهَةِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَوْ مُعْسِرًا إنْ كَانَ حُرًّا وَلَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ لِفَرْعِهِ بِذَلِكَ وَيُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ وَجُمْلَةُ مَا فِي الْخَاتِمَةِ خَمْسُ فُرُوعٍ وَهِيَ فِي كَلَامِهِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذِهِ خَاتِمَةٌ فِيهَا قُبَيْلَ الْمُعْلُوقِ إلَيْهِ . فَإِنْ كَانَ غَيْرَ حُرٍّ أَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِفَرْعِهِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّ غَيْرَ الْحُرِّ لَا يَمْلِكُ أَوْ لَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ لِأَمَتِهِ فَلِأَمَةِ فَرْعِهِ أَوْلَى وَأَمُّ الْوَلَدِ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ وَعَلَيْهِ مَعَ الْمَهْرِ قِيمَتُهَا لِفَرْعِهِ لِصَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لَا قِيمَةَ وَلَدِهَا لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ لَهُ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ . قَوْلُهُ : ( لَمْ يَنْفُذْ اسْتِيلَادُهَا ) أَيْ فَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ : مَنْ أَوْلَدَ أَمَةَ فَرْعِهِ صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً إذَا لَمْ يَكُنْ بِنِكَاحٍ . قَوْلُهُ : ( انْفَسَخَ نِكَاحُهُ ) كَمَا لَوْ مَلَكَهَا سَيِّدُهُ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ فَكَانَ الْمِلْكُ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ الزَّوْجُ فَلِذَلِكَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ وَتَصِيرُ بِوَطْئِهِ بَعْدَ ذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْخَاتِمَةِ ا ه . م د ، بِخِلَافِهِ : فِي مَسْأَلَةِ الْفَرْعِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ السَّيِّدِ بِمَالِ مُكَاتَبِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَصْلِ بِمَالِ فَرْعِهِ . قَوْلُهُ : ( أَوْ زَوْجَتُهُ ) خَرَجَ الزَّانِي فَظَنُّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ . قَوْلُهُ : ( فَمَا بَلَغَتْ ) أَيْ فَالْقَدْرُ الَّذِي بَلَغَتْهُ قِيمَتُهُ . قَوْلُهُ : ( عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ ) بَيْنَ أَنْ يَظُنَّ الْأَمَةَ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ ، وَبَيْنَ أَنْ يَظُنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ . قَوْلُهُ : بِشَرْطِهِ ) وَهُوَ سَبَبُ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَأَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ فَاقِدًا لِمَهْرِ الْحُرَّةِ . وَخَائِفًا الْعَنَتَ . قَوْلُهُ : ( وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ ) عِبَارَةُ م ر . وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ إرَادَةُ شُبْهَةِ الْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ بِالتَّعْلِيلِ قَوْلُهُ لِتَفْوِيتِهِ رِقِّهِ . . . إلَخْ . قَوْلُهُ : ( يَرَى بِصِحَّتِهِ ) أَيْ يَقُولُ بِصِحَّتِهِ . قَوْلُهُ : ( وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَمَةِ الْغَيْرِ ) أَيْ عَلَى وَطْءِ أَمَةِ الْغَيْرِ أَيْ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ رَقِيقًا لِأَنَّ الزِّنَا لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ . 0(5/481)
"""""" صفحة رقم 482 """"""
قَوْلُهُ : ( كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ) أَيْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ . قَوْلُهُ : ( أَوْ دُونَ أَكْثَرِهِ ) الضَّمِيرُ لِمُدَّةِ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا اكْتَسَبَتْ التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ . قَوْلُهُ : ( مِنْ حِينِ وَطْءٍ ) صَوَابُهُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ أَوْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ إنْ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الْمِلْكِ . قَوْلُهُ : ( لِدُونِ أَقَلِّهِ ) صَوَابُهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْمِلْكِ فَإِنَّ دُونَ الْأَقَلِّ هُوَ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ا ه م د . وَكَوْنُ هَذِهِ هِيَ الْأُولَى غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْأُولَى دُونَ الْأَقَلِّ مِنْ الْمِلْكِ وَهَذِهِ دُونَ الْأَقَلِّ مِنْ الْوَطْءِ . قَوْلُهُ : ( فَيُحْكَمُ بِحُصُولِ عُلُوقِهِ ) : فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ قَوْلُهُ : ( وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ ) صُورَةُ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَانْعَقَدَ الْوَلَدُ حُرًّا ثُمَّ مَلَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ تَصِيرُ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ مُسْتَوْلَدَةً أَوْ لَا ؟ وَصُورَةُ الَّتِي قَبْلَهُمَا أَنْ يَطَأَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ بِزِنًا . وَانْعَقَدَ الْوَلَدُ رَقِيقًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فِي حَالِ النِّكَاحِ ، فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ فَيَكُونُ قَوْلُ الْمَتْنِ . وَإِنْ مَلَكَ الْأَمَةَ مُطَلَّقَةً إلَخْ رَاجِعًا لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ وَقَوْلُهُ : وَصَارَتْ بِمَعْنَى تَصِيرُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ وَهُوَ لَمْ تَصِرْ لَكِنْ يَصِيرُ الضَّمِيرُ فِي صَارَتْ عَائِدًا عَلَى الْأَمَةِ الْمُطَلَّقَةِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْأَمَةِ بِدُونِ قَيْدِهَا . قَوْلُهُ : ( سَبَبٌ لِلْحُرِّيَّةِ ) فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ سَبَبًا لَهَا إذَا كَانَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ . 0 0(5/482)
"""""" صفحة رقم 483 """"""
قَوْلُهُ : ( خَاتِمَةٌ ) تَشْتَمِلُ عَلَى ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ مَعَ كَوْنِ الْمُسْتَوْلَدَةِ لَيْسَتْ مِلْكًا لِلْوَاطِئِ بَلْ لَهُ فِيهَا نَوْعُ عُلْقَةٍ تُفْضِي إلَى مِلْكِهِ لَكِنْ ذَكَرَ م ر . أَنَّهُ يُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ فِيهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ وَجُمْلَةُ مَا فِي الْخَاتِمَةِ خَمْسُ فُرُوعٍ وَهِيَ فِي كَلَامِهِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذِهِ خَاتِمَةٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مُبْتَدَأً وَالْخَبَرُ مَحْذُوفًا وَالتَّقْدِيرُ خَاتِمَةٌ هَذَا مَوْضِعُهَا لِعَدَمِ الْمُسَوِّغِ لِلِابْتِدَاءِ بِهَا لِأَنَّهَا نَكِرَةٌ لَا يُقَالُ الْوَصْفُ الْمُقَدَّرُ بِنَحْوِ قَوْلِك حَسَنَةٌ مَثَلًا كَافٍ إذْ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسَوِّغَاتِ الْوَصْفُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَذْكُورًا كَنَحْوِ رَجُلٍ مِنْ الْكِرَامِ عِنْدَنَا أَوْ مُقَدَّرًا كَنَحْوِ شَرٌّ أَهَرَّ ذَا نَابٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ أَيْ شَرٌّ عَظِيمٌ لِأَنَّا نَقُولُ لَا بُدَّ فِي الْكَلَامِ مِنْ قَرِينَةٍ تُشْعِرُ بِالْوَصْفِ الْمُقَدَّرِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا ا ه وَانْظُرْ تَعْرِيفَهَا لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ أَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ دَالَّةٌ عَلَى مَعَانٍ مَخْصُوصَةٍ جِيءَ بِهَا لِاخْتِتَامِ كِتَابٍ مَثَلًا وَظَاهِرُ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْخَاتِمَةِ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ جَمِيعَ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا لَمْ تُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَسَائِلُ السِّتُّ الْمَذْكُورَةُ فِي أَوَّلِهَا تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ : أَصَابَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ لَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ تَقْدِيرًا أَوْ مَآلًا غَيْرَ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ . وَبِهَذِهِ الْإِرَادَةِ يَشْمَلُ كَلَامُهُ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ وَأَمَةَ وَلَدِهِ الَّتِي لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا وَلَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً وَالْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَفَرْعِهِ . وَحِينَئِذٍ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْ الْمَسَائِلِ السِّتِّ بِالتَّنْبِيهِ وَعَمَّا بَعْدَهَا بِالْخَاتِمَةِ فَتَأَمَّلْ . قَوْلُهُ : ( ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً ) وَالْوَلَدُ مُبَعَّضٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ حُرٌّ كُلُّهُ . قَوْلُهُ : ( إذَا كَانَ الْأَصْلُ مُوسِرًا ) أَيْ بِنَصِيبِ الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ لَا بِنَصِيبِ ابْنِهِ أَيْضًا . قَوْلُهُ : ( تَقْبَلُ الْفَسْخَ ) لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ فَسْخٌ لَهَا . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِتَابَةِ الْمُكَاتَبَةُ دَلِيلُ قَوْلِهِ : لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ أَيْ لِأَنَّا(5/483)
"""""" صفحة رقم 484 """"""
لَوْ قُلْنَا بِنُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ لَكَانَ يُقَدَّرُ دُخُولُهَا فِي مِلْكِ الْأَبِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ وَالْأَوَّلُ يُجِيبُ بِأَنَّ الْمُقَدَّرَ لَيْسَ كَالْمُحَقِّقِ فَاغْتُفِرَ . قَوْلُهُ : ( نَفَذَ إيلَادُهُ ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا . قَوْلُهُ : ( وَحُرِّمَتْ عَلَى الزَّوْجِ ) وَلَا نَفَقَةَ لَهَا مُدَّةَ الْحَمْلِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِ الزَّوْجِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ وَحَرُمَتْ عَلَى الِابْنِ أَبَدًا لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةُ أَبِيهِ . قَوْلُهُ : ( فَيُحَدُّ وَاطِئُهَا ) نَعَمْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ حُرْمَةُ ذَلِكَ فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ إنْ لَمْ تُطَاوِعْهُ . قَوْلُهُ : ( لِأَنَّ الْإِعْفَافَ ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ : فَيُحَدُّ وَاطِئُهَا وَمَا بَعْدَهُ . قَوْلُهُ ( وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ ) عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِيلَادِ وَالرُّجُوعِ عَنْهَا . وَكَذَا الشَّهَادَةُ بِالتَّعْلِيقِ وَالرُّجُوعِ عَنْهَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَالَتَانِ ، الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَا يَغْرَمُونَ الْآنَ وَيَغْرَمُونَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ الْمَوْتِ غَرِمُوا فِي الْحَالِ . وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ وَأَمَّا التَّعْلِيقُ فَذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا رَجَعُوا بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ فَيَغْرَمُونَ فِي الْحَالِ ، وَإِنْ رَجَعُوا قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ فَلَا يَغْرَمُونَ فِي الْحَالَ وَيَغْرَمُونَ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَهَذِهِ لَمْ يَذْكُرْهَا الشَّارِحُ . قَوْلُهُ : ( لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا ) أَيْ لِلسَّيِّدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِوَارِثِهِ كَمَا يَأْتِي . قَوْلُهُ : ( وَلَيْسَ ) أَيْ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ كَإِبَاقٍ إلَخْ . قَوْلُهُ : ( حَتَّى يَعُودَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ ) بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ . قَوْلُهُ : ( غَرِمَا ) أَيْ الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ السَّيِّدِ بِإِيلَادِ أَمَتِهِ أَيْ غَرِمَا قِيمَةَ الْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقْتَ مَوْتِ سَيِّدِهَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ ؛ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَى الْوَارِثِ رِقَّهَا بِشَهَادَتِهِمَا . قَوْلُهُ : ( أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ ) أَيْ لِسَيِّدِهَا وَإِنَّمَا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقَّهُ عَلَى السَّيِّدِ بِظَنِّهِ وَالْمُرَادُ قِيمَتُهُ وَقْتَ وِلَادَتِهِ قَوْلُهُ : ( فَالْوَلَدُ ) أَيْ وَلَدُهُ مِنْهَا . قَوْلُهُ : ( وَتُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهَا ) أَيْ مِنْهُ ثُمَّ إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ مُؤْنَةِ نَفْسِهَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَيْهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِلسَّيِّدِ . ا ه . سم . قَوْلُهُ : ( أَوْ عَلَى إيجَارِهَا ) لِتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ أُجْرَتِهَا .(5/484)
"""""" صفحة رقم 485 """"""
قَوْلُهُ : ( كَمَا لَا يُرْفَعُ إلَخْ ) هَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ يَجِبُ بِالْمِلْكِ دُونَ الِاسْتِمْتَاعِ وَأَيْضًا الْإِنْفَاقُ لَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَرْحُومِيُّ اُنْظُرْ مَا الْجَامِعُ أَيْ مَا الْجَامِعُ بَيْنَ الْإِنْفَاقِ وَالِاسْتِمْتَاعِ فَإِنَّ الْإِنْفَاقَ يَجِبُ بِالْمِلْكِ دُونَ الِاسْتِمْتَاعِ فَيَنْبَغِي التَّعْلِيلُ بِأَنَّ طَرِيقَ تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي الْعِتْقِ وَالتَّزْوِيجِ حَتَّى يُجْبَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا بَلْ يَكْفِي تَخْلِيَتُهَا لِلْكَسْبِ أَوْ إيجَارُهَا لِأَجْلِهِ أَيْ لِأَجْلِ الْإِنْفَاقِ قَالَ بَعْضُهُمْ : وَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ كَمَا لَا يَرْفَعُ مِلْكُ الْيَمِينِ إلَخْ . كَمَا أَسْقَطَهُ م ر لَكَانَ أَوْلَى لِمَا لَا يَخْفَى وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا . قَوْلُهُ : ( فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ الْكَسْبِ ) أَيْ الْجَائِزِ اللَّائِقِ بِهَا . قَوْلُهُ : ( فِي بَيْتِ الْمَالِ ) أَيْ فَرْضًا بِالْفَاءِ لَا قَرْضًا بِالْقَافِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ ق ل . قَوْلُهُ : ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ ) اُنْظُرْ هَلْ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ عَلَى بَابِهِ أَوْ لَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : إنْ نُظِرَ لِعِلْمِ الْأَئِمَّةِ وَغَيْرِهِمْ بِالْأَحْكَامِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي الظَّاهِرِ فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ هُنَا عَلَى بَابِهِ . وَإِنْ نُظِرَ لِمَا ذُكِرَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ إذْ لَا يَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ . وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ : كَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّبَرِّي مِنْ دَعْوَى الْأَعْلَمِيَّةِ ا ه . قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ : أَيْ مِنْ كُلِّ عَالِمٍ . وَزَعَمَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ . قِيلَ مُطْلَقًا وَقِيلَ لِلْإِعْلَامِ بِخَتْمِ الدَّرْسِ . وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا إيهَامَ فِيهِ بَلْ فِيهِ غَايَةُ التَّفْوِيضِ الْمَطْلُوبِ بَلْ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْعِلْمِ فِي قِصَّةِ مُوسَى مَعَ الْخَضِرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا مَا يَدُلُّ لَهُ . ا ه . . كَلَامُهُ وَقَوْلُهُ بِالصَّوَابِ أَيْ إصَابَةِ الْحَقِّ لِمَا يُوَافِقُ الْوَاقِعَ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَهُوَ ضِدُّ الْخَطَأِ . ا ه . دَيْرَبِيٌّ فِي خَتْمِ سم .
قوله : ( من الإقناع ) أي الرضا من قنع كرضى وزنا ومعنى والأولى أن يقول أي الإرضاء لأن الإقناع مصدر أقنع أي جعل غيره قانعا لأن الهمزة صيرته متعديا بعد أن كان لازما . قوله : ( في حل ألفاظ ) أي ومعناه وإنما آثر التعبير بالألفاظ تواضعا منه وفي تسميته بذلك الإشارة إلى أن من قنع به كفاه عن غيره . قوله : ( فدونك ) اسم فعل بمعنى خذ وقوله : مؤلفا هو أخص من المصنف لأنه يعتبر فيه حصول الألفة بين الأجزاء دون المصنف وظاهر ما يأتي في كلامه أن التعبير به هنا من التفنن في العبارة .
قوله : ( موضح المسائل ) يجوز فيه بناؤه للفاعل وبناؤه للمفعول أي وقع عليه التوضيح والمسائل جمع مسألة وهي إثبات المحمول للموضوع وله اعتبارات كثيرة منها أن يسأل عنه . وبهذا الاعتبار يقال له مسألة باعتبار أنه يطلب لدليل يقال له : مطلوب إلى غير ذلك اه . وقال شيخ الإسلام في شرحه لرسالة آداب : البحث ويسمى من حيث إنه يسأل عنه مسألة ومن حيث إنه يقع فيه البحث مبحثا ومن حيث إنه يستخرج بالحجة نتيجة ، ومن حيث إنه يطلب بالدليل(5/485)
"""""" صفحة رقم 486 """"""
مطلوبا ومن حيث إنه يدعي مدعي اه . قوله : ( محرر ) أي مهذب الدلائل جمع دليل وجمعه على دلائل غير مقيس كما قاله الشوبري . قوله : ( فلو كان له ) أي للمؤلف المذكور وقوله : نفس أي ذات . قوله : ( منطلقة ) أنثه بتأويل الجارجة ولمراعاة السجع قال ابن مالك اللسان يذكر ويؤنث فلا حاجة لتأويله بالجارحة . قوله : ( الرائق ) أي الصافي من الكدرات . قوله : ( لله در الخ ) تعجب من الدر أي اللبن الذي شربه مؤلف هذا التأليف من ثدي أمه حيث نشأ عنه هذا العالم الكامل . وإنما نسبه لله سبحانه وتعالى للإشارة إلى أن هذا اللبن الذي شربه خالص لله لا يشوبه رياء ولا غيره . قوله : ( الرئيس ) أي الكامل الخصال الحميدة وقال في المختار الرئيس بالهمز بوزن فعيل من الرياسة ويقال فيه ريس بياء مشددة بوزن قيم . قوله : ( ولا شلت ) الشلل بطلان العمل وهي جملة دعائية أي لا بطل عملهما . قوله : ( فيما عسى ) عسى للاستبعاد لا للترجي ، لأنه غير مناسب هنا وعسى هنا مستعملة في المستقبل فيكون مجازا عن الماضي وقوله : يجده الظاهر أن أن مقدرة وأن والفعل أغنى عن خبر عسى كما قال ابن مالك : بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد
غنى بأن يفعل عن ثان فقد
فتكون عسى هنا تامة . قوله : ( من العثار ) بكسر العين جمع عثرة أي زلة قال ابن مالك :
فعل وفعلة فعال لهما
قوله : ( بوعوعته ) هي صياح كصياح الكلاب . قوله : ( لا يعبأ بموافقته ) كيف هذا مع قولهم :
والفضل ما شهدت به الأعداء
لكن لما كان جاهلا ولم تعتبر موافقته وشهادته كان كالمعدوم . قوله : ( إذا رضيت الخ ) ولبعضهم في المعنى :
دعهم يقولون فينا ما يليق بهم
دعهم بياء وعين ثم واوين
من قال قولا فذاك القول سيمته
وصف الكلام لقائله بلامين(5/486)
"""""" صفحة رقم 487 """"""
قوله : ( غضبانا ) أفرده للوزن وإلا فالمناسب غضبانين أو يؤول لئامها بكل لئيم بجعل الإضافة للاستغراق ، فما زال كل لئيم غضبانا واللئيم شحيح النفس دنيء النسب اه . قوله : ( بعثرة فلم ) أضاف العثرة للقلم للإيماء إلى أنها إذا وقعت ليست عن قصد . قوله : ( من شيم ) أي طباع وعادات . قوله : ( قالصا ) أي زائلا أي لا وجود له وقال م د : قوله قالصا أي معدوما والمراد ظل غير العرش . فلا يرد عليه ما في الصحيحين وغيرهما من السبعة الذين يظلهم الله في ظله أي ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ويجاب أيضا بأن المنفي هو الظل المكتسب للمخلوقات ، وأما الظل الموجود للسبعة وغيرهم فهو بمحض فضل الله تعالى وأما قوله تعالى : ) وظل ممدود ( [ الواقعة : 3 ] فهو في الجنة وكلامنا فيما قبل دخولها . قوله : ( قبول القبول ) أثبت للقبول قبولا مبالغا إرادة أعظم أنواع القبول . اه م د . قوله : ( مسؤول ) أي من يسأل وقوله : وأعز مأمول . أي أعلى من يؤمن .
قوله : ( أن تعتق ) بضم أوله . وقوله رقبانا أي أبداننا وهو من إطلاق الجزء على الكل فالإضافة بيانية وقوله مآبنا أي مثوانا ومصيرا اه . قوله : ( وإلى رضوانك ) أي محل رضوانك . قوله : ( ولا تخيب دعاءنا ) أي برده بل تقبله بفضلك . قال في المصباح خاب يخيب خيبة لم يظفر بما طلب ؛ وفي المثل : الهيبة خيبة ، والمراد بالهيبة عدم الإقدام على الأمور العظام ، بأن يهاب الإقدام عليها وخيبه الله بالتشديد جعله خائبا . والدعاء بضم الدال ممدود قال في المختار : دعوت الله له وعليه أدعوه دعاء فهو بالضم سواء كان في الخير أو الشر . وقد سمع بعضهم في فقهاء الأرياف يفرقون بين الدعاء بالضم والدعاء بالفتح فيجعلون الأول للخير والثاني للشر فهو فرق باطل لم يقله أحد من أهل اللغة وإنما فتح الدال في الدعاء لحن بلا خلاف اه . قال الشارح رحمه الله : وكان الفراغ من ذلك يوم الاثنين المبارك ثاني شهر شعبان من شهور سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسلم اه .(5/487)
"""""" صفحة رقم 488 """"""
وهذا آخر ما أرد الله جمعه مع ضيق الوقت وكثرة الاشتغال وتوالي الهموم على الاتصال وترادف القواطع وتتابع الموانع ، وعدم الكتب التي ينبغي أن تراجع في مثل هذا الشأن ، فرحم الله أمرأ رأى عيبا فستره وزللا فغفره ، أو وهما فحلم عن صاحبه وعذره ، فإنه قل أن يخلص مصنف من الهفوات أو ينجو مؤلف من العثرات مع عدم تأهلي لذلك وقصوري عن الوصول إلى ما هنالك وإني أبرأ إلى الله مما زل به البنان أو أخل به البيان . اللهم إنما نمد إليك أكف الفاقة والافتقار ، أن تمحو من صحائفنا ما سطرته يد الأوزار ، فإنا في كثير مما تقدم واقعون ، ولنواهيك مرتكبون ، ونحن إليك تائبون وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وكان الفراغ من جمعه ليلة الخميس المبارك لتسع وعشرين ليلة خلت من شهر شوال من شهور سنة ثمانين ومائتين وألف على يد جامعه تراب الأقدام ، كثير الذنوب والآثام ، منكسر الخاطر ، لقلة العمل والتقوى ، الراجي من الله العفو عن السيئات والرفع في أعلى الدرجات ، عثمان ابن العلامة الشيخ سليمان بن حجازي بن عثمان السويفي الشافعي ، تلميذ مولانا وأستاذنا شيخنا العلامة الشيخ سليمان البجيرمي غفر الله لهم ( ثم فرغت ) من تبييضه يوم الثلاثاء سادس شهر شوال من شهور سنة إحدى عشرة ومائتين وألف وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ، والحمد لله رب العالمين ، اللهم اختم لنا بخاتمة السعادة يا كريم .(5/488)