"""""" صفحة رقم 269 """"""
3 ( ( فصل : في الطلاق ) ) 3
وهو مصدر طلق بالتخفيف واسم مصدر لطلق بتشديد اللام ومصدره التطليق . وذكره عقب الخلع لأن كلاًّ منهما فرقة وهو لفظ جاهلي جاء الشرع بتقريره فليس من خصائص هذه الأمة ، يعني أن الجاهلية كانوا يستعملونه في حل العصمة أيضاً لكن لا يحصرونه في الثلاث . ففي تفسير ابن عادل روى عروة بن الزبير قال : كان الناس في الابتداء يطلقون من غير حصر ولا عدد وكان الرجل يطلق امرأته فإذا قاربت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها كذلك ثم راجعها بقصد مضارتها ، فنزلت هذه الآية : ) الطلاق مرتان } ) البقرة : 229 ) . وروي : ( أن الرجل كان في الجاهلية يطلق امرأته ثم يراجعها قبل أن تنقضي عدتها ولو طلقها ألف مرة كانت القدرة على المراجعة ثابتة له ، فجاءت امرأة إلى عائشة رضي الله عنها فشكت أن زوجها يطلقها ويراجعها يضاررها بذلك ، فذكرت عائشة ذلك لرسول الله فنزل قوله تعالى : ) الطلاق مرتان } ^ يعني الطلاق الذي تملك الرجعة عقبه مرتان اه م د . وتعتريه الأحكام الخمسة فيكون واجباً كطلاق المولى أو الحكمين كما مرّ ، ويكون حراماً كطلاق البدعة ، ويكون مندوباً كطلاق العاجز عن القيام بحقوق الزوجية أو لا يميل إليها بالكلية وبأمر أحد الأبوين لغير تعنت . ومنه طلاق سيئة الخلق بحيث لا يصبر على عشرتها لا مطلقاً لأن سوء الخلق غالب في النساء ، أشار إليه بقوله : ( الصَّالحَةُ في النِّسَاءِ كالغُرَابِ الأَعْصَمِ ) كناية عن ندرة وجودها ، إذ الأعصم وهو أبيض الجناحين أو الرجلين أو أحدهما كذلك ق ل على الجلال .
قوله : ( هو لغة حل القيد ) الظاهر أن المراد بالقيد أعم من الحسي والمعنوي ليكون بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي علاقة كما هو الغالب وإن كان المعنوي خلاف ظاهر التعبير بالحل ، والمراد بالحل المعنوي إزالة العلقة التي بين الزوجين . قوله : ( تصرف ) سماه تصرفاً لأنه أزال ملك الانتفاع به ، أي بالطلاق .
قوله : ( بلا سبب ) أي بلا سبب خاص ، وقيد بذلك لإخراج الفسخ فإن له أسباباً خاصة كالجذام والبرص .
قوله : ( والأصل فيه ) أي في وقوعه اه ع ش على م ر . قوله : ) الطلاق مرتان } ^ أي عدد الطلاق الذي تملك الرجعة عقبه مرتان ، فلا بد من تقدير المضاف قبل المبتدأ ليكون المبتدأ عين الخبر . قوله : ) فإمساك بمعروف } ^ أي بالرجعة .(4/269)
"""""" صفحة رقم 270 """"""
قوله : ( ليس شيء من الحلال ) المقصود منه التنفير عن الطلاق لا حقيقة البغض وهو الانتقام ، أو إرادته من فاعل ذلك لأنه إنما يكون في الحرام لا في الحلال اه . وفي رواية صحيحة : ( أَبْغَضُ الحَلال إلى الله الطَّلاقُ ) لما فيه من قطع النسل الذي هو المقصود الأعظم من النكاح ، ولما فيه من إيذاء الزوجة وأهلها وأولادها إن كان لها أولاد ، قاله ح ل . وما المانع من كون البغض معناه الكراهة وعدم الرضا وهذا صادق بالمكروه كالحرام ولا ينافي ذلك وصفه بالحل لأنه يطلق ويراد به الجائز اه ع ش على م ر .
قوله : ( وولاية وقصد ) فيه أن كلاًّ منهما وصف للمطلق ، فالمناسب جعلهما من شروطه كما ذكره ح ل . قوله : ( وقصد ) أي قصد اللفظ لمعناه أي استعماله في معناه ، ومحله عند وجود الصارف كالمدرس والذي يحكي كلام غيره أما إذا لم يكن صارف فلا يشترط قصد . قوله : ( ومطلق ) لم يقل زوج لأن المطلق قد يكون غير الزوج كالقاضي في طلاقه عن المولى . قوله : ( ولو بالتعليق ) أي بشرط أن يكون مكلفاً حال التعليق وإن جنّ حال الوقوع ، أخرج به ما لو قال المراهق إذا بلغت فأنت طالق ثم بلغ وكذا المجنون لو قال إذا أفقت فأنت طالق فأفاق ، ؛ لأنا إذا أوقعنا الطلاق بعد البلوغ أو الإفاقة أوقعناه بقولهما السابق وقولهما لا يصح في الحال فكذا لا يصح عند وجود الشرط زي .
قوله : ( فلا يصح من غير مكلف ) شمل النائم وظاهره وإن عصى بالنوم ، وهو ظاهر إن كانت المعصية لأمر خارج كأن نام بعد دخول وقت الصلاة ولم يغلب على ظنه استيقاظه قبل خروج الوقت ، أما لو استعمل ما يجلب النوم بحيث تقضي العادة أن مثله يوجب النوم ففيه نظر . وقد يقال : يفرق بين هذا وبين استعمال الدواء المزيل للعقل بأن العقل من الكليات التي يجب حفظها في سائر الملل ، بخلاف النوم فإنه قد يطلب استعمال ما يحصله لما فيه من راحة البدن في الجملة اه ع ش على م ر .
قوله : ( رفع القلم عن ثلاث ) تتمته : ( عَن الصَّبيّ حتى يَبْلُغَ وعن المجنُونِ حتى يفيقَ وعَن النَّائم حتى يَسْتَيْقِظَ ) صححه أبو داود وغيره . وحيث رفع عنهم القلم بطل تصرفهم ، والمراد قلم خطاب التكليف وأما قلم خطاب الوضع فهو ثابت في حقهم بدليل ضمان ما أتلفوه ؛ ولكن(4/270)
"""""" صفحة رقم 271 """"""
يرد على ذلك أن الطلاق من باب خطاب الوضع وهو ربط الأحكام بالأسباب فكان مقتضاه وقوعه عليهم . ويجاب بأن خطاب الوضع يلزمه حكم تكليفي كحرمة الزوجة عليهم وخطاب التكليف مرفوع فيلزم من رفع اللازم وهو خطاب التكليف رفع الملزوم في خصوص مسألة الطلاق ، وأما خطاب الوضع في غيرها فثابت كالإتلاف لأنهم يضمنون ما أتلفوه . قوله : ( إلا السكران ) أي المتعدي ؛ لأنه المراد عند الإطلاق . وهو مستثنى من غير المكلف كما يفهم من كلامه فيكون متصلاً فيقع منه ، أي ولو بكناية إن نوى بها الطلاق ، خلافاً لابن الرفعة حيث لا يقع بكناية وإن نوى . ولو ادعى بعد إفاقته عدم التعدي صدق بيمينه أي إذا لم تقم قرينة على كذبه ، فإن قامت قرينة على كذبه كأن كان مدمن خمر فلا يصدق أصلاً كما هو معتمد م ر في درسه . وعبارة م ر : وما بحثه ابن الرفعة وأقره جمع من عدم نفوذ طلاق السكران بالكناية لتوقفها على النية وهي مستحيلة منه ، فمحل نفوذ تصرفه السابق إنما هو بالصريح فقط مردود كما اقتضاه إطلاقهم بأن الصريح يعتبر فيه قصد لفظه لمعناه كما تقرر ، والسكران يستحيل عليه ذلك أيضاً فكما أوقعوه به ولم ينظروا لذلك فكذلك هي للتغليظ عليه اه . والتحقيق أنه ليس في المسألة خلاف معنوي ، فإن من قال إنه ليس بمكلف عنى أنه ليس مخاطباً خطاب تكليف حال عدم فهمه لاستحالته ومن قال إنه مكلف عنى أنه مكلف حكماً أي تجري عليه أحكام المكلفين اه . قوله : ( كما نقله في الروضة ) أي أنه غير مكلف . قوله : ( تغليظاً عليه ) راجع لقوله فيصح منه . قوله : ( من مكره ) أي بغير حق فخرج ما كان بحق كطلاق المولى واحدة بإكراه القاضي له بعد مضي المدة . وهذا ظاهر إذا كان القاضي يأمره أوّلاً بالوطء ، فإن امتنع طالبه بالطلاق ، فإن امتنع أكرهه عليه ، فإن قلنا إن القاضي يخيره بينهما أي بين الوطء والطلاق وهو المعتمد فلا يتصوّر فيه الإكراه لأن الإكراه يكون على شيء واحد اه م د ملخصاً . وقوله ( وإن لم يورّ ) كأن يقصد غير زوجته أو يقصد بالطلاق الحل من الوثاق أو بطلقت الإخبار كاذباً كما في شرح المنهج والغاية للرد على الخلاف ، وعند أبي حنيفة : يقع طلاق المكره ومن الإكراه ما لو حلف ليطأنها قبل نومه فغلبه النوم ولو قبل وقته المعتاد بحيث لم يتمكن من دفعه ويشترط أن لا يتمكن منه قبل غلبته بوجه ، أي فإن تمكن ولم يفعل حتى غلبه النوم حنث . وظاهر التعبير بالتمكن أنه لا يمنع من الحنث النوم بوجود من يستحي من الوطء بحضورهم عادة عنده كمحرمه وزوجة له ، ولو قيل بعدم الحنث وجعل ذلك عذراً ؛ ويراد بالتمكن التمكن المعتاد في مثله لم يبعد ويبرّ من حلف على فعل ذلك بإدخال الحشفة فقط ما لم يرد بالوطء قضاء الوطر اه . وما لو حلف ليطأنها في هذه الليلة فوجدها حائضاً ، ومثل ذلك ما لو وجدها مريضة مرضاً لا تطيق معه الوطء ، فلا حنث وتصدق في ذلك لأنه لا يعلم إلا منها ، وما لو(4/271)
"""""" صفحة رقم 272 """"""
حلفت لتصومنّ غداً فحاضت وما لو حلف ليقضينه غداً فأعسر .
قوله : ( في إغلاق ) بكسر الهمزة ثم معجمة ، سمي بذلك لأن المكره أغلق عليه باباً لا يخرج منه إلا بالطلاق . قوله : ( وشرط الإكراه ) أي مطلقاً لا بقيد كونه على الطلاق . قوله : ( قدرة مكره ) ذكر الشارح للإكراه شروطاً ثلاثة ، وبقي أن لا تظهر منه قرينة اختيار بأن عدل عن اللفظ المكره عليه إلى غيره ، فإن أكره على ثلاث من الطلقات أو على صريح أو تعليق أو على أن يقول طلقت أو على طلاق مبهمة فخالف بأن وحد أو ثنى أو كنى أو نجز أو سرّح أو طلق معينة وقع بل لو وافق المكره ونوى الطلاق وقع لاختياره شرح المنهج ؛ لأن صريح الطلاق في حق المكره كناية لا يقع إلا بالنية . قوله : ( بولاية ) متعلق بقدرة . قوله : ( عاجلاً ظلماً ) حالان من ( ما ) ويؤخذ منه جواب حادثة وقع السؤال عنها : وهي أن شخصاً يعتاد الحراثة لشخص فتشاجر معه فحلف بالطلاق الثلاث إنه لا يحرث له في هذه السنة فشكاه لشادّ البلد فأكرهه على الحراثة له تلك السنة وهدده بالضرب ونحوه إن لم يحرث له وهو أنه لا حنث ؛ لأن هذا إكراه بغير حق ، ولا يشترط تجدد الإكراه من الشاد المذكور بل يكفي ما وجد منه أوّلاً حيث أكرهه على الفعل جميع السنة على العادة ، بل لو قال له احرث جميع السنين وكان حلف إنه لا يحرث له أصلاً لا في تلك السنة ولا في غيرها لم يحنث ما دام الشاد متولياً ، فإن عزل وتولى غيره ولم يكرهه على الحرث حنث بالحرث ، بخلاف ما لو استأجره لعمل فحلف إنه لا يفعله فأكره عليه حنث لأن هذا إكراه بحق اه ع ش على م ر . قوله : ( وعجز مكره بفتح الراء عن دفعه ) لا يقال هو عند قدرة المكره على الهرب مثلاً لا يصير المكره قادراً على ما هدد به ، فلا حاجة لهذا القيد للاستغناء عنه بالأوّل ؛ لأنا نقول قدرة المكره بالفتح على الهرب لا تنافي قدرة المكره على ما هدد به كما في ح ل . قوله : ( وظنه ) فلو بان خلاف ظنه فينبغي عدم الوقوع أيضاً . قوله : ( بتخويف ) الضابط أن كل ما يسهل ارتكابه على المكره بفتح الراء ليس إكراهاً وعكسه إكراه ق ل على الجلال . قوله : ( كضرب شديد ) ويختلف الضرب وغيره باختلاف طبقات الناس وأحوالهم ، حتى قال الدارمي : إن الضرب اليسير بحضرة الملأ إكراه في حق ذوي المروءات . وقال الشاشي : إن الاستخفاف في حق الوجيه إكراه . وقال ابن الصباغ : إن الشتم في حق أهل المروءة إكراه كما قاله البرماوي . وهل من ذلك الزنا بزوجته أو قتل ولده أو(4/272)
"""""" صفحة رقم 273 """"""
الفجور به ؟ وهل ولو كان ممن اعتاد القيادة عليها ؟ وفي الروض أن التخويف بقتل الولد إكراه في الطلاق ، وفي كلام شيخنا أن من الإكراه التهديد بقتل بعض معصوم وإن علا أو سفل وكذا رحم ونحو جرحه جرحاً شديداً أو فجور به وليس من الإكراه قول من ذكر طلق زوجتك وإلا قتلت نفسي ما لم يكن نحو فرع أو أصل ح ل بزيادة من ق ل .
قوله : ( كحبس ) أي طويل عرفاً اه برماوي . ومنه حبس دوابه حبساً يؤدي إلى التلف كما في ع ش على م ر . ومن الإكراه قول المرأة لزوجها : طلقني وإلا أطعمتك سماً مثلاً وغلب على ظنه ذلك ق ل وبرماوي . قوله : ( الثاني ) الأولى أن يقول الأول لأنها أول الأركان . قوله : ( صريح الخ ) والعبرة في الكفار في الصريح بما يعتقدون صراحته وإن خالف ما عندنا ؛ لأنا نعتبر اعتقادهم في عقودهم فكذا في طلاقهم . ومحله ما لم يترافعوا إلينا أي إلى حاكمنا وأما المفتي فيجيب بأن العبرة بما يعتقدون أنه صريح أو كناية ق ل مع زيادة من ع ش على م ر . قوله : ( لإيقاع الطلاق ) أي إرادته ، فلا ينافيه ما يأتي من اعتبار قصد لفظ الطلاق لمعناه شرح المنهج ؛ أي عند وجود الصارف اه وشرط وقوعه بصريح أو كناية رفع صوته بحيث يسمع نفسه لو كان صحيح السمع ولا عارض ، ولا يقع بغير لفظ عند أكثر العلماء قاله م ر في شرحه . وقوله : ( ولا يقع بغير لفظ ) أي ولا بصوت خفي بحيث لا يسمع نفسه ، وقوله : ( عند أكثر العلماء ) أشار به إلى خلاف سيدنا مالك فإنه قال : يقع بنيته اه حج بالمعنى . قوله : ( لم يقبل ) المناسب لم يفد إذ هو المناسب لقوله فلا يحتاج إلى نية . وأيضاً هو لو قال ذلك قبل منه ولكن قبوله لا يفيد شيئاً إذ عدم النية لا يعتدّ به في الصريح شيخنا . وعبارة م د : قوله لم يقبل صوابه لا يمنع الوقوع لأنه المراد وإن قبلناه اه ؛ أي لأن قوله السابق فلا يحتاج لنية إيقاع لا يلائمه . قوله : ( فيه ) أي في عدم الاحتياج إلى نية الإيقاع ، أو عدم الاعتداد المفهوم من قوله لم يقبل . قوله : ( وكناية ) وهي التكلم بكلام يريد غيره معناه ، ولعل هذا بحسب اللغة وأما عند أهل الشرع فهي لفظ يحتمل المراد وغيره فيحتاج في الاعتداد به لنية المراد لخفائه فهي نية أحد محتملات اللفظ لا نية معنى مغاير لمدلوله اه ع ش . قوله : ( وهو ما يحتمل الطلاق وغيره ) وضابط ذلك أن يكون للفظ إشعار قريب بالفرقة ولم يشع استعماله فيه شرعاً ولا عرفاً اه برماوي . قوله : ( فيحتاج إلى نية لإيقاعه ) لو قال لإرادته لكان مستقيماً كما يعلم مما يأتي . قوله : ( إلى نية ) ولو أنكر نيته صدق بيمينه وكذا وارثه أنه لا يعلمه نوى ، فإن نكل حلفت هي(4/273)
"""""" صفحة رقم 274 """"""
أو وارثها أنه نوى لأن الاطلاع على النية يمكن بالقرائن اه شرح م ر . قوله : ( والصحيح في الروضة الخ ) ضعيف والمعتمد أنه يتبين بطلان النكاح من أصله فلا طلاق ولا فسخ وإن حصل وطء ويكون وطء شبهة إن لم يعلما بالحال وإلا كان زنا وكان الأوجه أن يقول إنه لم يوجد النكاح من أصله .
قوله : ( أفهم كلام المصنف ) أي قوله صريح وكناية لأنهما لفظان . قوله : ( لا يقع طلاق بنية ) خرج بالطلاق العدد فيقع بالنية . فإذا قال أنت طالق واحدة ونوى ثلاثاً أو اثنتين وقع ، أو قال أنت طالق واحدة ونوى ثلاثاً أو اثنتين ، أو أنت طالق ونوى ما ذكره وقع . فإن قلت : كيف يقع الثلاث مع قوله أنت طالق واحدة ؟ أجيب بأن قوله واحدة حال أي حال كونك متوحدة عن الزوج أي منفردة عنه وهذا يتحقق مع وقوع الثلاث ، وليس واحدة صفة لموصوف محذوف على هذا التقدير بأن يكون المراد طلقة واحدة .
قوله : ( ثلاثة ألفاظ ) وكذا ما اشتق من الخلع والمفاداة إن ذكر المال أو نواه كما مر . قوله : ( أي ما اشتق منه ) أي أو هو نفسه في نحو أوقعت عليك الطلاق أو يلزمني الطلاق أو الطلاق لازم لي أو عليّ الطلاق . فالحاصل أن المصدر يكون صريحاً إذا وقع فاعلاً أو مفعولاً أو مبتدأ . قوله : ( كطلقتك ) أتى بالكاف إشارة إلى أنه إذا حذف المفعول لا يقع إلا إذا دلت عليه قرينة ولاحظه كما إذا قال شخص : طلقت زوجتك ؟ فقال : طلقت المعنى طلقتها ، فإذا لاحظ ذلك وقع وإلا فلا ، أو قالت : طلقني ، فقال : طلقت ونوى المفعول ، أي طلقتك . وكذا المبتدأ أو الخبر إذا حذف أحدهما لا يقع إلا إذا دل عليه دليل ولاحظه ، كما إذا قال له شخص : أزوجتك طالق ؟ فقال : طالق ، التقدير : زوجتي طالق ، أو هي طالق ، فإذا لاحظ ذلك(4/274)
"""""" صفحة رقم 275 """"""
وقع وإلا فلا . ومثال الخبر ما إذا قال : نساء المسلمين طوالق وأنت يا زوجتي أو وزوجتي ، التقدير : طالق ؛ ولاحظ ذلك وقع ، وإلا فلا بخلاف ما لو قال : طلقت نساء المسلمين وزوجتي فإنها تطلق وإن لم يقدر شيئاً ؛ لأن العامل مسلط على الكل فهو من عطف المفردات اه .
فرع : وقع السؤال عمن تشاجر مع زوجته فقال لها أنت طالق ثم سكت سكتة طويلة تزيد على سكتة التنفس أو العيّ فقال زوّدتك ألف طلقة ولم يقصد طلاقاً ، فهل يقع عليه طلاق رجعي فقط أم ثلاث ؟ وأجاب شيخنا ع ش : بأنه حيث لم يقصد بقوله الثاني زوّدتك الخ الطلاق لا يقع عليه إلا طلقة واحدة بقوله الأوّل أنت طالق وله مراجعتها ما دامت العدة باقية ولم يكن سبقها طلقتان برماوي .
قوله : ( ويا مطلقة ) بفتح اللام مشددة أما بكسرها فكناية طلاق من النحوي وغيره لأن الزوج محل التطليق وقد أضافه إلى غير محله وهو الزوجة فلا بد في وقوعه من صرفه بالنية إلى محله وهو الزوج بأن ينوي أنه هو المطلق ، فصار كقوله : أنا منك طالق شوبري . قوله : ( والطلاق ) الواو بمعنى : ( أو ) وهو معطوف على قوله : ( طلاق ) . قوله : ( في الأعيان ) أي في حالة الإخبار كما هو صورته ، أما إذا كان المصدر مستعملاً في غير الأخبار كأن قال أوقعت عليك الطلاق فإنه صريح كما قرره شيخنا ح ف . وذكره الرشيدي على م ر . قوله : ( توسعاً ) لكون المصدر معنى من المعاني فلما كان لا يحمل على الأعيان إلا توسعاً كان كناية . قوله : ( ويا مفارقة ) أي بصيغة اسم المفعول ، أما بصيغة اسم الفاعل فكناية كما قرره شيخنا . قوله : ( كنايات ) وكذا أنت فرقة أو سرحة أو طلقة سم ومن الكناية فارقيني . لا يقال إنه مشتق من الفراق وهو صريح ؛ لأنا نقول قد أسنده إليها والفراق إنما يكون منه .
قوله : ( فروع ) أي أربعة . وحاصله تقييد الصريح بما إذا لم يتبعه بما يخرجه عن الصراحة . قوله : ( كان كناية ) في كونه كناية نظر لأن أنت طالق صريح باتفاق ، وهذه الزيادة لا تخرجها عن الصراحة ؛ غاية الأمر أنها تصير كالاستثناء في الطلاق فالأولى أن يقول كان كالاستثناء كما قال م ر . والذي في م ر . ما حاصله أنه صريح ، وما ألحق به من نحو من وثاق ملحق بالاستثناء فيجري فيه تفصيله من النية قبل تمام الصيغة فيقع وإلا فلا وهو ظاهر . وما قاله الشارح غير ظاهر ، إذ مقتضاه أنه إذا قصد أن يأتي بهذه الزيادة وقصد به الطلاق وقع وفيه(4/275)
"""""" صفحة رقم 276 """"""
تأمل ، إذ هذه الزيادة كالاستثناء وهو يقتضي عدم الوقوع ، وفيه أنه وجد في بعض نسخ شرح م ر ، أنه كناية أي عند قصد هذه الزيادة كما يدل عليه عبارته وبما في هذه النسخة صرح في الفتاوى . وذكر الرشيدي على م ر . ما حاصله نقلاً عن الشهاب : أنه إن قصد هذه الزيادة قبل الفراغ من صيغة الطلاق كانت صيغة الطلاق كناية إن نوى بها طلاق زوجته وقع وإلا فلا ؛ شيخنا . قوله : ( إن قصد أن يأتي بهذه الزيادة ) أي وتلفظ بذلك وأسمع نفسه ونواه قبل الفراغ من الحلف كما في الاستثناء ، وإلا وقع عليه الطلاق . قوله : ( ويجري ذلك فيمن حلف بالطلاق من ذراعه الخ ) فهو كالاستثناء على المعتمد فيشترط شروطه والعامي والعالم في ذلك سواء . قوله : ( سواء أكانت لغته الخ ) وهذا هو المعتمد بل كان ينبغي أن لا يقع به شيء وإن نوى لاختلاف المادة ؛ لأنه من التلاقي بمعنى الاجتماع والطلاق معناه الفراق . وفصل البلقيني فقال : إن كانت لغته وقع الطلاق وإن لم ينوه وإلا لم يقع إلا بالنية ، واعتمد هذا التفصيل ابن حجر في شرح الإرشاد والطبلاوي ؛ لكن المعوّل عليه الأوّل وهو أنه كناية مطلقاً سواء كانت لغته أم لا . قوله : ( لم تطلق منه زوجته ) فلو قال : وأنت يا زوجتي ، لم تطلق أيضاً لعطفه على ما ليس محلاًّ لطلاقه مع حذف أحد ركني الإسناد وهو طالق .
قوله : ( على الأصح ) أي عند الفقهاء وإن كان عند الأصوليين ضعيفاً ، والمعتمد عندهم أنه يدخل في عموم كلامه لكن الحكم هنا مسلم . قال ع ش : ويؤخذ من قولهم إن المتكلم لا يدخل في عموم كلامه جواب حادثة وقع السؤال عنها ، وهي أن شخصاً أغلق على زوجته الباب ثم حلف بالطلاق أنه لا يفتح لها أحد ثم غاب عنها ثم رجع وفتح لها هل يقع الطلاق أم لا وهو عدم وقوع الطلاق لما ذكر اه . ولو قال لها : أنت طالق على سائر المذاهب ، إن قصد طلقة مجمعاً عليها وقع واحدة وإن قصد تعدد الطلاق بتعدد المذاهب وقع ثلاثاً . قوله : ( وترجمة لفظ الطلاق بالعجمية صريح ) وترجمة الطلاق بالعجمية : سن بوش فسن أنت وبوش طالق ؛ أفاده البابلي .
قوله : ( إلى النية ) أي نية إيقاعه هذا هو المنفي ، أما نية قصد الطلاق لمعناه فلا بدّ منها(4/276)
"""""" صفحة رقم 277 """"""
إن كان هناك صارف في كل من الصريح والكناية . قوله : ( إلا في المكره الخ ) فإنه يحتاج إلى قصد الإيقاع وقصد اللفظ لمعناه فصريحه كناية . قوله : ( إن نواه وقع على الأصح ) وليس لنا صريح يحتاج لنية إلا هذا . قوله : ( وكذا الوكيل ) فيه نظر ؛ لأن المعتبر فيه نية الزوجة لا نية الطلاق كما يعلم من كلامه ق ل . وصورة ذلك : أن الموكل له زوجتان وعين له واحدة وكله في طلاقها فيشترط في الوكيل قصدها بالطلاق ولو كان لفظه صريحاً . قوله : ( النية ) أي نية الزوجة . قوله : ( لتردده ) أي الطلاق . قوله : ( ففي اشتراط النية ) أي نية الزوجة . قوله : ( من أهله ) أي أهل الطلاق ، أي الأهل للطلاق وهو الوكيل . قوله : ( والظاهر أنه لا يشترط ) معتمد . قوله : ( مع أنه يشترط قصد لفظ الطلاق لمعناه ) دخل فيه الهازل واللاعب ومن ظن مخاطبته لأجنبية فإذا هي زوجته ، بخلاف من سبق لسانه والحاكي فإنهما لم يقصدا اللفظ لمعناه . قوله : ( من غير قصد معناه ) كالعتق فلو قلت لمن يضرب عبدك عبد ما هو لك حر مثلك لم يعتق . قوله : ( يشترط فيه قصد اللفظ لمعناه ) فخرج الأعجمي الذي لا يعرف معنى الطلاق ، وخرج أيضاً ما لو قال شخص لقوم تضجر منهم طلقتكم وفيهم زوجته وإن علم أنها فيهم على المعتمد لأن المعنى المقصود له هو الفراق اللغوي لا الخاص الذي هو حل العصمة وكذا إذا قال لمن اسمها طالق يا طالق ولم يقصد طلاقاً فلا يقع كما في شرح المنهج .
قوله : ( لازم لي ) أو يلزمني ومثله طلاقك لازم لي كما نقله الشيخان وأقراه ، وقيل إنه كناية ، وجزم به في الأنوار ، وقيل لغو سم . قوله : ( للعرف ) أي بل هو كناية ؛ لأن الفرض لا يستعمل في مثل ذلك عرفاً بخلاف الواجب زي . قوله : ( أنه كناية ) لاحتماله أن الطلاق واجب عليه فيقع به واحتماله الطلاق فرض عليّ فلا يقع به . قوله : ( وقال الصيمري إنه صريح )(4/277)
"""""" صفحة رقم 278 """"""
معتمد ، ولو قال عليّ الطلاق بالثلاث إن رحت دار أبيك فأنت طالق فراحت وقع الثلاث اعتباراً بأوله كما أفتى به م ر ، وقال ولده يقع طلقة فالأول قسم لا يقع به شيء . قوله : ( لاشتهاره في معنى التطليق ) قد يؤخذ منه عدم صراحة على الفراق أو السراح سم . قوله : ( إذ لا يطلق الله ) المعنى أن الله لا يحكم بالطلاق أو العتق أو الإبراء إِلا بعد صدور طلاق من الزوج وصدور عتق وإبراء ، هذا هو المراد . قوله : ( لأن الصيغ هنا ) أي في نحو طلقك الله قوية لاستقلالها بالمقصود لعدم توقفها على شيء آخر ، بخلاف صيغتي البيع والإقالة فإنهما غير مستقلين بالمقصود لتوقفهما على القبول . والقاعدة أن كل ما لا يستقل به الشخص إذا أضافه إلى الله كان صريحاً وكل ما يستقل به إذا أضافه إلى الله كان كناية ؛ وقد نظم بعضهم هذه القاعدة بقوله :
ما فيه الاستقلال بالإنشاء
وكان مسنداً لذي الآلاء
فهو صريح ضده كنايه
فكن لذا الضابط ذا درايه قوله : ( ولا يخالف هذا قول البغوي ) أي في تعريف الكناية . قوله : ( ينبىء عن الفرقة ) أي إنباء غير ظاهر وغير قويّ ، وإِلا فالصريح ينبىء عن الفرقة لكن دلالة ظاهرة قوية . قوله : ( وإن دق ) أي وإن خفي معناه . قوله : ( وهي في بعض المعاني أظهر ) ولو كان غير الطلاق . قوله : ( ويفتقر الخ ) صنيع الشارح يقتضي أنه مبني للمفعول ، ولو حذف في من قوله في وقوع وجعل يفتقر مبنياً للفاعل كان أولى كما قرره شيخنا . قوله : ( خلية ) بفتح الخاء أي من الزوج وهو خال منها فعيلة بمعنى فاعلة ، أي خالية ؛ والأصل في الخلية الناقة تطلق من عقالها ويخلى عنها .(4/278)
"""""" صفحة رقم 279 """"""
مسألة : فيمن قال لزوجته تكوني طالقاً هل تطلق أم لا لاحتمال هذا اللفظ الحال والاستقبال ؟ وهل هو صريح أو كناية ؟ وإن قلتم بعدم وقوعه في الحال فمتى يقع أبمضيّ لحظة أم لا يقع أصلاً لأن الوقت مبهم ؟ الجواب الظاهر أن هذا اللفظ كناية ، فإن أراد به وقوع الطلاق في الحال طلقت أو التعليق احتاج إلى ذكر المعلق عليه وإِلا فهو وعد لا يقع به شيء سم على حج ع ش على م ر . فإن نوى بذلك الأمر على حذف اللام أي لتكوني فهو إنشاء فتطلق في الحال بلا شك سم . وعلم منه أن قوله كوني طالقاً يقع به الطلاق في الحال لأنه إنشاء اه م د . وقوله ( الظاهر الخ ) محله إن لم يكن في ضمن تعليق كقوله إن دخلت الدار تكوني طالقاً ، وإِلا وقع عند وجود المعلق عليه .
قوله : ( يقدر الجار والمجرور ) أي جنسه لا شخصه لأنه في قوله وأنت حرام يقدر عليّ لا مني كما قرره شيخنا ، أي فيقدر في كل محل ما يناسبه من عني أو عليّ أو الباء أو المفعول . قوله : ( والأصح الخ ) فيه نظر إذ التي يجب تعريفها ما كانت بمعنى قطعاً أو لا محالة أو لا بد فراجعه ق ل . وهي هنا بمعنى مقطوعة الوصلة التي بينها وبين الزوج وعبارة الصحاح : لا أفعله بتة ولا أفعله ألبتة لكل أمر لا رجعة فيه ونصبه على المصدر اه . وبهذا يعلم اندفاع اعتراض ق ل . وعبارة شرح م ر : تنكيرها لغة اه . قال ع ش عليه : قضيته أنه ورد عن العرب كذلك لكنه لغة قليلة اه .
قوله : ( بائن ) وإن زاد على ذلك بينونة لا تحلين بعدها اه ق ل .
قوله : ( وأنت حرام ) وكذا عليّ الحرام فكناية إن قصد به الطلاق وقع وإِلا فلا ، ومع عدم النية يلزمه كفارة يمين بالله من قوله أنت حرام أي عليّ ومثله حلال الله علي حرام ، وإن قال ذلك أبداً ومثل عليّ الحرام الحرام يلزمني اه ز ي . وقوله ( عليّ الحلال ) كناية إن نوى به الطلاق وقع وإلا فلا قال ع ش : وخرج بأنت علي حرام ما لو حذف أنت واقتصر على قوله علي الحرام وقوة كلامه تعطي أنه لا كفارة عليه ، وذلك موافق لما أفتى به والده كالشرف المناوي ؛ لكن في فتاوى الشارح أن علي الحرام أو الحرام يلزمني كناية وعليه كفارة حيث كان له زوجة إذا لم ينو به الطلاق .
فرع : يقع كثيراً أن يقول الإنسان علي الحرام على مذهب مالك ، والذي يظهر فيه أنه إن(4/279)
"""""" صفحة رقم 280 """"""
كان يعرف أن الحرام عند مالك معناه الطلاق الثلاث كان حلفاً بالثلاث لتضمن ذلك نية العدد وإن كان لا يعرف ذلك فله تقليد الشافعي في عدم العدد فلا يقع عليه إِلا طلقة واحدة ؛ هكذا ظهر فلينظر فيه اه ، كذا بخط الرشيدي . ومن الكناية أيضاً ما لو زاد على قوله أنت عليّ حرام ألفاظاً تؤكد بعده عنها كأنت حرام كالخنزير أو كالميتة وغيرهما ، ومن ذلك ما اشتهر على ألسنة العامة من قوله أنت حرام كما حرم لبن أمي أو إن أتيتك أتيتك مثل أمي وأختي أو مثل الزاني فلا يخرج به عن كونه كناية ، وليس من الكناية ما لو قالت له أنا ذاهبة بيت أبي مثلاً فقال لها الباب مفتوح كما في ع ش على م ر .
قوله : ( فذكره المصنف بمعناه ) وهو قوله ابعدي واذهبي فإنهما بمعنى اعزبي . قوله : ( أي لأني طلقتك ) أتى الشارح في جميع هذه الكنايات بالمعنى الموقع للطلاق وترك الاحتمال الآخر . قوله : ( وغيرها ) لأنها محل للعدة في الجملة فاندفع ما يقال إن غيرها لا عدة عليها . قوله : ( وابعدي ) بضم العين كشرف يشرف . قوله : ( وهما بمعنى اعزبي ) ويحتمل أن معناه صيري عزباً ، وهو بضم الزاي وكسرها من باب دخل وجلس كما في المختار . قوله : ( بكسر الهمزة ) أي عند الابتداء بها لأنها همزة وصل متى كانت مكسورة ، بخلاف ما إذا كانت مفتوحة مع كسر الحاء ، فإن الهمزة للقطع تثبت في الحالين وذلك ظاهر . وقوله ( فتح الحاء ) أي من الحقي . قوله : ( وجعله المطرزي خطأ ) وظاهر أنه لا يكون خطأ إِلا إن قصد به معنى الأول أما لو قدر له مفعول كلفظ نفسك ، فلا خفاء أنه لا يكون خطأ اه رشيدي على م ر . وقوله ( وجعله المطرزي خطأ ) وجهه أن الثلاثي تكسر همزة الأمر فيه عند الأمر به نحو اعلمي ، ولعل وجه القيل المذكور أنه من الحق الرباعي فإنه يطلق بمعنى الثلاثي وهو الحق كما يؤخذ من المصباح . قوله : ( أي لأني طلقتك ) هل مراد المتكلم الإخبار بالطلاق فيما مضى أو الانشاء ، وكذا يقال في نظائره اه . قوله : ( وما أشبه الخ ) من ذلك اذهبي يا مسخمة يا ملطمة . ومنه أيضاً ما لو حلف شخص بالطلاق على شيء فقال شخص آخر وأنا من داخل يمينك فيكون كناية في حق الثاني كما في ع ش على م ر . ومنها أنت بارزة مني ومثله نزلت عنك .(4/280)
"""""" صفحة رقم 281 """"""
فرع : حرر ابن حجر أنه لو قال لزوجته أنت طالق ثم قال ثلاثاً أنه إن لم يفصل ثلاثاً بأكثر من سكتة التنفس والعيّ أنه يؤثر مطلقاً وإن فصل بذلك ولم تنقطع نسبته عنه عرفاً كان كالكناية ، فإن نوى أنه من تتمة الأوّل وبيان له أثر وإِلا فلا وإن انقطعت نسبته عنه عرفاً لم يؤثر مطلقاً اه كذا بخط الرشيدي .
قوله : ( أي خليت سبيلك ) أي طلقتك وصرت مستقلة بنفسك . قوله : ( لا أهتم بشأنك ) هذا تفسير مراد والمعنى الأصلي لا أزجر جماعتك التي أنت معهم ، أي ليس لي تسلط عليهم . قوله : ( وما يرعى من المال ) أي غير الظباء والبقر والوحش بدليل ما بعده ح ل ، والأولى من الحيوان . قوله : ( من الظباء ) وكذا القطا والوحوش فيكون الأول أعم ؛ قال الشاعر :
أسرب القطا هل من يعير جناحه
لعلي إلى من قد هويت أطير قوله : ( بقيد شبه ما ذكر ) أي في قوله وما أشبهه من ألفاظ الكنايات . قوله : ( نحو بارك الله فيك ) أي لأنه لا يحتمل الطلاق بوجه ، بخلاف بارك الله لك فكناية سم . قوله : ( ونحو ذلك ) منه عليّ السخام لا أفعل كذا فليس صريحاً ولا كناية ؛ لأن لفظ السخام لا يحتمل الطلاق غايته أن من يذكرها يريد التباعد عن لفظ الطلاق كما ذكره ع ش على م ر . وكلي واشربي كناية على المعتمد لأنه يحتمل كلي ألم الفراق واشربي شرابه أو كلي واشربي من كيسك لأني طلقتك ؛ شرح التنبيه . قال ابن قاسم : ولو أتى بكناية ثم بعد انقضاء العدّة طلقها ثلاثاً ثم ادعى أنه نوى الطلاق بالكناية ليدفع وقوع الثلاث لمصادفته البينونة لم يقبل لاتهامه حينئذ اه . وذكر الماوردي أن كل ما كان عند المشركين صريحاً في الطلاق أجري عليه حكم الصريح وإن كان كناية عندنا ، وأن كل ما كان كناية عندهم يعطى حكمها وإن كان صريحاً عندنا ؛ لأن عقودهم تلحق بمعتقدهم فكذا طلاقهم . قال م ر : ومحله إن لم يترافعوا إلينا وأما أحللتك للأزواج فكناية وكذا أنت حرة أو لا حاجة لي فيك أو لا سبيل لي عليك . قوله : ( فإن نوى بجميع ذلك ) أي ألفاظ الكناية . قوله : ( فيه ) لا حاجة(4/281)
"""""" صفحة رقم 282 """"""
إليه ، وعلى ذكره يكون قوله بكل اللفظ بدلاً منه بجعل الباء بمعنى في وهو أعني قوله فيه متعلق بنوى والضمير راجع للجميع ، وقوله بكل اللفظ بدل من فيه كما علمت ومعنى العبارة : فإن نوى بكل لفظ من ألفاظ الطلاق الكناية وكانت نيته مقترنة بكل اللفظ وقع وهذا القول ضعيف ، وكذا القول الثاني والمعتمد الثالث . قوله : ( بكل اللفظ ) متعلق بمحذوف أي نية مقترنة بكل اللفظ . قوله : ( وينسحب ) أي ينعطف ويعطي حكمه . والظاهر أن في العبارة قلباً ، والتقدير : وينسحب الأوّل على ما بعده لأنه الذي فيه النية . قوله : ( والذي رجحه ابن المقري ) هو المعتمد . قال الرملي : فالحاصل الاكتفاء بها قبل فراغ لفظها وهو المعتمد . والأوجه مجيء هذا الخلاف في الكناية التي ليست لفظاً كالكتابة . قوله : ( إذ اليمين ) علة لصحة اقترانها بآخره .
قوله : ( يعتبر قرن النية به ) أي كلاًّ أو بعضاً ، على الخلاف المتقدم من اشتراط اقترانها بجميع اللفظ أو ببعضه . قوله : ( هو لفظ الكناية ) كبائن من أنت بائن . قوله : ( لم يقع طلاق لعدم قصده ) فلو ادعت زوجته أنه نوى وأنكر صدق بيمينه ، فإن نكل حلفت وحكم بالطلاق فربما اعتمدت على قرائن منه تجوّز الحلف سم . ولو قال لزوجته أنت طالق كلما حللت حرمت وقعت عليه طلقة ، فلو راجعها في العدة وقعت عليه الثانية ، فلو راجعها وقعت عليه الثالثة وبانت منه البينونة الكبرى اه ع ش على م ر . والمخلص له الصبر من غير مراجعة إلى انقضاء العدة ثم يعقد عليها . قوله : ( وإشارة ) مبتدأ خبره قوله لغو أي في الطلاق أما العدد فلا يلغى ، فلو قال : أنت طالق وأشار بأصبعين أو ثلاث وقع العدد بالإشارة مع نيته حين التلفظ بطالق أو مع قوله هكذا ، ويصدق في العدد . قال في التنبيه : وإن قال أنت طالق هكذا وأشار(4/282)
"""""" صفحة رقم 283 """"""
بأصابعه الثلاث وقع الثلاث تنزيلاً للإشارة منزلة النية وإن قال أردت بعدد الأصبعين المقبوضين قبل منه . قوله : ( فهي لا تقصد للافهام ) أي من الناطق ق ل ؛ وهو بكسر الهمزة . قوله : ( إِلا نادراً ) أي بقرينة عرفية اه ق ل . قوله : ( ويعتد بإشارة أخرس ) ذكراً أو أنثى أصليّ أو طارىء ومنه من اعتقل لسانه ولم يرج برؤه بخلاف من رجي برؤه بعد ثلاثة أيام فأكثر فلا يلحق به وإن ألحقوه به في اللعان لأنه قد يضطر إلى اللعان في الحال بخلاف غيره ح ل . قوله : ( ولو قدر على الكتابة ) بمثناة فوقية أي الخط ، وهو صريح في أن كتابته كناية كالناطق . قوله : ( واستثنى في الدقائق شهادته الخ ) فلا تقبل شهادته بالإشارة أي لأنها يحتاط لها ولا تبطل صلاته بإشارته ، أي لأنها إنما تبطل بحرفين أو بحرف مفهم ، أي بالنطق بذلك ؛ فلو باع في صلاته بالإشارة انعقد البيع ولا تبطل الصلاة . وبه يلغز ويقال : لنا إنسان يبيع ويشتري في الصلاة عامداً عالماً ولا تبطل صلاته . ونظم بعضهم هذه المستثنيات الثلاثة بقوله :
إشارة الأخرس مثل نطقه
فيما عدا ثلاثة لصدقه
في الحنث والصلاة والشهادة
تلك ثلاثة بلا زيادة قوله ( والشهادة ) أي أدائها ، وأما تحملها فيصح منه ح ل .
قوله : ( ولا يحنث بها في الحلف ) سواء كان الحلف بالعبارة أم بالإشارة على الراجح ، خلافاً للزركشي حيث خص عدم الحنث بالحلف بعد الخرس اه بابلي . وعبارة ح ل : ولا في حنث كأن حلف لا يتكلم ثم خرس أو أشار بالحلف على عدم الكلام ثم أشار به لا حنث اه . وقال شيخنا العزيزي : إنه لو حلف الأخرس بالإشارة ثم تكلم بها فإنه يحنث بها ، وذلك لأنه حينئذ يعدّه العرف تكلماً ، بخلاف ما لو حلف على عدم الكلام وهو ناطق ثم إنه تكلم بالإشارة فإن العرف لا يعدّه تكلماً اه . ولعل ما قاله شيخنا هو الظاهر فحرر ذلك . وتقدم أن إشارته إلى القرآن مع الجنابة فيها خلاف ، ومال شيخنا كالخطيب إلى الحرمة وفيه نظر ؛ ولذلك لم يوجبوها عليه للعاجز عن قراءة الفاتحة اه كما في ق ل . قوله : ( فصريحة ) كأن يقال عند المخاصمة طلقها فيشير بثلاث أصابع إليها شيخنا . قوله : ( وإن اختص بطلاقه ) أي بفهم طلاقه فطنون أي أو فطن ، فإن لم يفهم إشارته بالطلاق أحد فلا يكون صريحاً ولا كناية فيتولى أمره وليه لعدم اعتبار إشارته . قوله : ( فكناية تحتاج إلى النية ) وإن انضم إليها قرائن وتعرف نيته فيما(4/283)
"""""" صفحة رقم 284 """"""
إذا أتى بإشارة أو كتابة بإشارة أو كتابة أخرى وكأنهم اغتفروا تعريفه بها مع أنها كناية ولا إطلاع لنا بها على نية ذلك للضرورة ، فقول المتولي ويعتبر في الأخرس أن يكتب مع لفظ الطلاق إني قصدت الطلاق ليس بقيد اه ؛ أي بل مثل الكتابة الإشارة اه . ومن الكناية كتابة من ناطق أو أخرس ، فإن نوى بها الطلاق وقع لأنها طريق في إفهام المراد كالعبارة وقد اقترنت بالنية ؛ فلو كتب الزوج إذا بلغك كتابي فأنت طالق طلقت ببلوغه لها رعاية للشرط أو كتب إذا قرأت كتابي فأنت طالق فقرأته أو فهمته مطالعة وإن لم تتلفظ بشيء منه طلقت رعاية للشرط في الأولى ولحصول المقصود في الثانية وكذا إن قرىء عليها وهي أمية وعلم الزوج حالها لأن القراءة في حق الأمي محمولة على الاطلاع على ما في الكتابة وقد وجد بخلاف ما إذا كانت غير أمية لانتفاء الشرط المقدور عليه ، بخلاف ما إذا لم يعلم حالها على الأقرب في الروضة وأصلها اه شرح المنهج . وقوله ( كتابة ) وضابط المكتوب عليه كل ما ثبت عليه الخط كرقّ وثوب سواء كتب بحبر أو نحوه أو نقر صور الأحرف في حجر أو خشب أو خطها على الأرض ، فلو رسم صورتها في هواء أو ماء فليس كتابة في المذهب كما قاله الزيادي . وقوله ( فإن نوى بها الطلاق ) فلو تلفظ الناطق بما كتبه وقع به الطلاق إلا أن يقصد قراءة ما كتبه فيقبل ظاهراً في الأصح ، أي فيقع إذا قصد الإنشاء أو أطلق اه . وقوله ( فلو كتب ) خرج به ما لو أمر غيره بكتابة طلاق زوجته ولو بقوله اكتب زوجة فلان طالق فكتب هو ، فإنه لا يقع شيء كما في الحلبي وغيره ؛ قال ع ش : لأنه يشترط أن تكون الكتابة والنية من واحد اه . قلت : ويؤخذ من التعليل أعني قوله لأنه يشترط أن تكون الكتابة الخ ، أنه لو أمر غيره بالكتابة والنية أنه يكفي ويقع به الطلاق وهو كذلك ، وبه صرح البرماوي . وقوله ( ببلوغه ) أي وقوعه في يدها حقيقة أو حكماً كرميه في حجرها أو أمامها ، ولا يكفي إخبارها به فإن انمحى كله قبل وصوله لم تطلق كما لو ضاع ولو بقي أثره بعد المحو وأمكن قراءته طلقت ، ولو ذهب سوابقه ولواحقه كالبسملة والحمدلة وبقيت مقاصده وقع بخلاف ما لو ذهب موضع الطلاق أو انمحق لأنه لم يبلغها جميع الكتاب ولا ما هو المقصود الأصلي منه . ولو كتب إذا بلغك نصف كتابي هذا فأنت طالق فبلغها كله طلقت ، وكذا لو كتب أما بعد فأنت طالق فإنها تطلق في الحال . ولو ادعت وصول كتابه بالطلاق فأنكر صدق بيمينه ، فإن أقامت بينة أنه بخطه لم تسمع إِلا برؤية الشاهد الكتابة وحفظه عنده لوقت الشهادة . وقوله ( إذا قرأت كتابي ) أي المقصود منه ، وخرج بقوله ( أنت طالق ) نحو أنت خلية أو بتة من كنايات الطلاق فلا يقع به وإن نوى لأنه لا يكون للكناية كناية ؛ كذا قيل . وردّ بأن الذي في الرافعي الجزم بالوقوع لأنا إذا اعتبرنا الكتابة قدرنا أنه تلفظ بالمكتوب كما قاله الحلبي . وقوله فقرأته وإن لم تفهمه وإن كانت عند التعليق أمية ، وعلم بذلك وتعلمت(4/284)
"""""" صفحة رقم 285 """"""
القراءة بعد ذلك لقدرتها على مقتضى التعليق وهو قراءتها بنفسها ، ونحن لا نكتفي بالمعنى المجازي إِلا حيث لا نقدر على المعنى الحقيقي . ولو قال الزوج إنما أردت القراءة باللفظ قبل قوله فلا تطلق إِلا بها . والفرق بين إطلاق قراءتها إياه على مطالعتها إياه وإن لم تتلفظ به وبين إجراء ذي الحدث الأكبر القرآن على قلبه ونظره في المصحف ظاهر ، وهو أن المراد هنا علمها بما في الكتاب والقراءة المحرمة لا تكون إِلا بالتلفظ بحروفه . ولو قال إذا بلغك أو جاءك خطي فأنت طالق فذهب بعضه وبقي البعض وقع الطلاق وإن لم يكن فيما بقي ذكر الطلاق اه . وقوله ( وكذا إن قرىء عليها ) قال الأذرعي : مقتضاه اشتراط قراءته عليها فلو طالعه وفهمه أو قرأه خالياً ثم أخبرها بذلك لم تطلق ، ولم أر فيه نصاً ، ويحتمل أنه يكتفي بذلك إذ الغرض الاطلاع عليه شرح م ر اه . والمعتمد أنها متى كانت قارئة وعلم بها الزوج لم تطلق إِلا بقراءتها .
قوله : ( بخلاف ما لو قال الخ ) لأن المبرىء لم يجعل البراءة في مقابلة الطلاق إذ لا يظهر له فيه عوض وبفرضه فهو نادر لا ينظر إليه فجعل من باب التعليق المحض ، وإذا قال لها : إن أبرأتيني من صداقك فأنت طالق فأبرأته شرط في وقوع الطلاق علم الزوجين بقدر المبرأ منه فإن جهلاه أو أحدهما لم يقع . وظاهر أن العبرة بالجهل به حالاً وإن أمكن العلم به بعد البراءة وكونها رشيدة وأن تجيبه فوراً في مجلس التواجب وأن لا يتعلق بالمال المبرأ منه زكاة ، فإن تعلقت به زكاة لم يقع لأن المستحقين ملكوا بعضه فلم يبرأ من كله ، ولو أبرأته ثم ادعت جهلها بقدره فإن زوّجت صغيرة صدقت بيمينها أو بالغة ودل الحال على جهلها لكونها مجبرة لم تستأذن فكذلك .
فرع : يقع كثيراً أن تحصل مشاجرة بين الرجل وزوجته فتقول له : أبرأتك ، فيقول لها : إن صحت براءتك فأنت طالق . والذي يظهر أنها إن أبرأته من معلوم وهي رشيدة وقع الطلاق رجعياً لتعليقه على مجرد صحة البراءة ، وقد وجدت لا بائناً لأنه لم يأخذ عوضاً في مقابلة الطلاق لصحة البراءة قبل وقوعه ، وإن كان المبرأ منه مجهولاً فلا براءة ولا وقوع اه ع ش على م ر . وقوله لتعليقه على مجرد صحة البراءة الخ ، نعم لو قالت أردت الإبراء عوضاً عن الطلاق وصدقها الزوج على ذلك وقع بائناً اه حج . قوله : ( لأنه تعليق محض ) أي لأن الأجنبية لا غرض لها في طلاق زوجته فكان تعليقاً محضاً ، وعلى فرض غرض لها فهو نادر كما علمت ، بخلاف زوجته فإن لها غرضاً في طلاق نفسها وملك بضعها فكان تعليقاً على البراءة فكان بائناً . قوله : ( هوناً ) ضبطه بعضهم ( هاؤناً ) بهاء بعدها ألف وبعد الألف همزة(4/285)
"""""" صفحة رقم 286 """"""
مضمومة ، والذي في المصباح أن أصله هاوون بواوين لجمعه على هواوين فخفف بحذف الواو الثانية ثم خفف بفتح الواو فصار هاوناً ، إذ ليس في الكلام فاعل بالضم ولامه واو ففقد النظير مع ثقل الضمة على الواو . وبهذا يعلم أنه يتعين قراءته بفتح الواو بعد الألف لا بالهمزة ، فما وقع في كلام بعضهم غير صحيح ؛ لكن المشهور قراءته بواو ساكنة بعد الهاء بدون ألف . وهو فارسي معرّب كأنه من الهون . وقال في المختار : الهاون بفتح الواو الذي يدق فيه اه . والهاون مثال ، فمثله كل ما يتعذر كسره على رأسها . وقال بعضهم : يمكن برد الهون بمبرد حتى يرق جداً ويكسره في رأسها فلا وقوع حينئذ ورده بعضهم لأن مراد الحالف الكسر على الحالة التي هو عليها في وقت الحلف . قوله : ( لم تطلق ) ضعيف والمعتمد وقوع الطلاق حالاً كما قاله م ر في شرحه ، كالتعليق بالمحال كإن لم تصعدي السماء فأنت طالق فإنه يقع حالاً لاستحالته اه م ر . ومحل كون التعليق بإن في النفي للتراخي إذا كان المنفي ممكناً ، فإن كان مستحيلاً كما هنا وقع حالاً .
فرع : كتابة الكناية لا تؤثر لانضمام ضعيف إلى ضعيف خلافاً للقاضي اه ابن الملقن . فالمعتمد أنه يقع بكتابة الكناية مع النية كما قاله م ر وتقدم الكلام فيه .
قوله : ( للاستحالة ) أي استحالة كسره .
3 ( ( فصل ) ) 3
ذكره بعد الطلاق لأنه أقسام خاصة منه أي من الطلاق . قوله : ( وغيره ) الغير هو البدعي فقط ، بناء على أن القسمة ثنائية أو تحته البدعي والذي لا ولا على أن القسمة ثلاثية ، ويكون الذي لا ولا على هذه الطريقة داخلاً في السني على الطريقة الأولى . قوله : ( وفيه ) أي المذكور من السني وغيره . قوله : ( أحدهما ) وهو الذي مشى عليه النووي في المنهاج . قوله : ( أضبط )(4/286)
"""""" صفحة رقم 287 """"""
لأنه أقل أفراداً ، أي لأنه لا يخلو إما أن يحرم أو لا اه م د . قوله : ( إلى سني وبدعي ) وفسر قائله السني بالجائز والبدعي بالحرام فيكون القسم الثالث على الاصطلاح الثاني داخلاً في السني . قوله : ( وبدعي ) أي فيحرم . قوله : ( وسيعلم ذلك ) أي الاصطلاح الثاني من كلام المصنف حيث قال : وضرب ليس في طلاقهنّ سنة ولا بدعة الخ . قوله : ( إلى الأحكام ) أي إلى ذي الأحكام ، والمعنى أن الطلاق يتصف بهذه الصفات . وفيه أنها لا تخرج عن السني والبدعي مثلاً طلاق غير العفيفة إذا وقع زمن البدعة حرام من جهة البدعة مندوب من جهة عدم العفة وقس الباقي ، نعم يستثنى الواجب إذا وقع زمن البدعة فإنه لا يحرم من حيث البدعة .
قوله : ( واجب ) المراد به المطلوب طلباً شديداً أي أعم من أن يكون إذا تركه يعاقب أو إذا تركه يلام وإن لم يعاقب ، فيشمل الأقسام التي ذكرها م د وهي : طلاق الحكم في الشقاق إذا رأى ذلك مصلحة ، وطلاق المولى ومثل ذلك عاجز عن القيام بحقوق الزوجية أو بأمر أحد أبويه به لغير تعنت ، وكذا طلاق سيئة الأخلاق بحيث لا يصبر على عشرتها لا مطلقاً لأن عدم سوء خلقها محال كما أشار إليه بقوله : ( الصَّالحةُ من النّساء كالغُرَابِ الأعْصَمِ ) أي الأبيض الجناحين أو الرجلين أو أحدهما اه . قوله : ( كطلاق الحكم ) لأنه وكيل ، والوكيل يجب عليه فعل ما فيه المصلحة فيكون الطلاق واجباً حيث ظهرت المصلحة فيه . وعبارة غيره : الحكمين . ولعل عبارة الشارح أولى إذ الطلاق إنما هو من حكم الزوج فقط ، نعم الطلاق إذا كان خلعاً يتوقف على قبول حكمها فمن عبر بالحكمين نظر لذلك ، إِلا أن عبارته لا تشمل الطلاق مجاناً فتأمل . وعبارة ع ش على م ر : وانظر ما معنى الوجوب على الحكمين مع أنهما وكيلان والوكيل لا يجب عليه التصرف فيما وكل فيه اللهم إِلا أن يقال إنه حيث دام على الوكالة وجب عليه ذلك اه ، أي أو يقال لتعلق وكالتهما بنظر الحاكم ، ولذلك اشترط فيهما الإسلام وإن كان الزوجان كافرين اه . قوله : ( غير عفيفة ) أي أو غير مصلية وطلاق من خاف أن لا يقيم حدود الله في الزوجية ومن رأى ريبة يخاف معها على الفراش أي الزوجة شوبري . قوله : ( وحرام كالطلاق البدعي ) أي وكطلاق من قسم لغيرها ولم يوفها حقها من القسم ولم يسترضها شوبري . قوله : ( كطلاق مستقيمة الحال ) أي وهو يهواها ويحبها . قوله : ( أبغض(4/287)
"""""" صفحة رقم 288 """"""
الحلال ) أفعل تفضيل ليس على بابه ؛ لأنه لو كان كذلك اقتضى أن الحلال مبغوض والطلاق أبغض شيء منه ، وليس كذلك وإنما المراد منه التنفير لأن الحلال لا يبغض بل يجب اه عبد البر . وقوله ( وإنما المراد منه التنفير ) أي فليس المراد البغض الحقيقي ، وحينئذ لا يرد أن الطلاق تعتريه الأحكام الخمسة . قوله : ( وأشار الإمام إلى المباح ) عبر بأشار لأنه قال في هذه طلاقها غير مكروه وليس نصاً في الإباحة لأنه يحتمل خلاف الأولى . قوله : ( من لا يهواها ) أي وهي مستقيمة الحال .
قوله : ( أي في حكم الطلاق ) أي الجواز وغيره . قوله : ( سنة ) أي خالية من الثواب . قوله : ( أي لا تحريم فيه الخ ) فيه نظر لأنه يصدق بالقسم الذي لا ولا ، فإنه لا تحريم فيه ، فكان الأولى أن يقول بأن يوقع الطلاق في طهر الخ ، أو يقال لا تحريم مع إمكان ذلك فيه فيخرج الذي لا ولا ؛ لأنه لا يمكن فيه التحريم . وعبارة بعضهم : قوله ( أي لا تحريم فيه ) هذا المعنى موجود في الذي لا ولا فهو أيضاً لا تحريم فيه ، ولا يخلو عن واحد من الأحكام الأربعة ، فهذا التقسيم مجرد اصطلاح خال عن المعنى وإِلا فالسني والذي لا ولا لا تحريم فيهما على ما ذكر . وعبارة سم : قوله ( لا تحريم فيه ) أي مع كونه قابلاً للتحريم ليخرج عن هذا الضرب نحو الصغيرة ممن في القسم الثالث ، فإنه وإن كان لا تحريم في طلاقهنّ إِلا أنه ليس في محله قبول للتحريم فإنهنّ لا يحضن فافترقا اه . وفيه أن المختلعة بعوض منها طلاقها قابل للتحريم في ذاته بالنظر إليها في ذاتها فما تمّ الفرق إِلا أن التفرقة محض اصطلاح ، وأشار الشارح بقوله أي لا تحريم فيه إلى أن المراد بالسنة ما قابل البدعة وهو الجواز لا حقيقتها وهي ما يثاب على فعله .
قوله : ( أي حرام ) أي من جهة البدعة ، وإن ندب أو أبيح أو كره من جهة أخرى . قوله : ( وهن ) أي الضرب ، وأنثه باعتبار خبره وهو ذوات الحيض . قوله : ( فالسنة أن يوقع الخ ) من المعلوم أن السنة صفة محذوف هو المبتدأ أي فالطلاق . وقوله ( أن توقع ) خبر أي المصدر المأخوذ منه وهو الإيقاع ، ولا يصح هذا الإخبار لأن الخبر يكون عين المبتدأ في المعنى والإيقاع غير الطلاق لأن الطلاق لفظي والإيقاع فعل نفساني . ويجاب بتقدير المضاف أي ذو إيقاع ، وقوله ( أي يوقع ) قيد وعلى مدخول بها قيد ، وكان عليه أن يزيد ولا مختلعة والمال من عندها كما قرره شيخنا . قوله : ( أي السني ) الياء ليست للنسب بل هي تسمية اصطلاحية ، إذ لو(4/288)
"""""" صفحة رقم 289 """"""
كانت للنسب لاقتضى أن هذا القسم لا يكون إِلا سنة مع أنه تدخل فيه الأحكام التي في الفائدة ما عدا الحرام فيكون المراد به الجائز . ويصح أن تكون الياء للنسبة والسنة المنسوب إليها بمعنى الطريقة فيصدق بما تقدم من الأحكام . والياء في البدعي ليست للنسب وإِلا لكان خاصاً بالحرام مع أنه يدخل فيه المندوب والمكروه والمباح بل والواجب أي فيكون التقسيم إلى سني أو بدعي وإلى واجب وغيره تقسيماً اعتبارياً تجتمع فيه الأقسام بعضها مع بعض لا حقيقياً . ، وقوله ( أي السني ) لما كان قول المصنف السنة يوهم أن المراد بالسنة ما يثاب على فعله فسره الشارح بما يدفع ذلك فقال : أي السني ، يعني الإيقاع المنسوب للسنة بمعنى الجائز لا ما يثاب على فعله . قوله : ( ليست بحامل الخ ) لما سيأتي أن طلاق هؤلاء لا يتصف بسنة ولا ببدعة . ووجهه أن مدته لا تختلف وهذا بناء على تقسيمه إلى ثلاثة أقسام ، فإن قسم قسمين فهذه الثلاثة من السني .
قوله : ( في طهر ) متعلق بيوقع أي لا مع آخره وإِلا وقع بدعياً ، فقد قال ابن الملقن في شرح التنبيه : ولو قال أنت طالق في آخر طهرك فالأصح أنه بدعي .
قوله : ( غير مجامع فيه ) أي وقد استوفت حقها من القسم . أما لو لم تستوفه وطلقت فبدعي كما سيذكره الشارح في التنبيه الثاني .
قوله : ( ولا في حيض قبله ) أي ولا مجامع في حيض قبله أي قبل الطهر غير المجامع فيه ، وإِلا فهو من البدعي كما سيشير إليه بقوله : أو في طهر جامعها فيه وهي ممن تحبل أو في حيض قبله .
قوله : ( وذلك ) أي سبب كونه سنياً لاستعقابه ، وهو مضاف لمفعوله والشروع فاعله ، والتقدير : أن يعقب الطلاق الشروع . ويصح أن يكون من إضافة المصدر لفاعله ونصب الشروع ، والتقدير : أن يطلب الطلاق الشروع في العدة عقبه ؛ والمشهور الأول ، فالسني ما استعقبت فيه المطلقة العدة مع عدم احتمال الندم ح ل .
قوله : ( وقد قال تعالى الخ ) كذا لفظه في شرح المنهج ، وإنما أخره عن العلة قبله ولم يقل ولقوله تعالى لأنه ليس مساوياً للمستدل عليه إذ يدخل في الآية القسم الذي ليس في طلاقهنّ سنة ولا بدعة ، وتخرج عنه المختلعة إذا طلقت في الحيض لأنها لا تشرع في العدة بالطلاق ، فلما كان يؤخذ من الآية الحكم في بعض قال : وقد قال تعالى الخ . قوله : ( أي في الوقت الذي يشرعن الخ ) أي وفي وقت لا يؤدي الطلاق فيه إلى الندم ، فلا بد من زيادة هذا(4/289)
"""""" صفحة رقم 290 """"""
المعنى على الآية لأنها بدونه تصدق بأن يطلقها في طهر جامع فيه مع أن هذا حرام . وقال البيضاوي : أي وقتها وهو الطهر ، فإن اللام في الأزمان وما يشبهها للتأقيت ، وظاهره يدل على أن العدة بالأطهار وأن طلاق المعتدة بالأقراء ينبغي أن يكون في الطهر وأنه يحرم في الحيض من حيث إن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده ولا يدل على عدم وقوعه أي الضد المنهي عنه ، كيف وقد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه لما طلق امرأته حائضاً فذكر ذلك عمر للنبي فقال : ( مُرْهُ فليُرَاجِعْها ) . فإن قلت : إن الأمر للمخاطب بالأمر لغيره بالشيء ليس أمراً له . قلت : محل ذلك ما لم تقم قرينة على أن غير المخاطب مأمور به ، وقد يقال أمر غير المخاطب مأخوذ من قوله فليراجعها .
قوله : ( والبدعة أن يوقع الطلاق ) أي سواء كان الطلاق رجعياً أم بائناً . واعلم أن قول المصنف أن يوقع قيد يخرج التعليق والطلاق قيد يخرج الفسخ والحيض ، والطهر الموصوف بالجماع فيه قيد يخرج إيقاع الطلاق في طهر لم يجامعها فيه فهو سني ، وكله في كلام الشارح ؛ وسيأتي أيضاً في ثالث التنبيهات أنه يستثنى من الحكم على إيقاع الطلاق في الحيض بأنه بدعي سبع صور لا يكون فيها بدعياً اه م د .
قوله : ( مدخول بها ) أي ليست بحامل إلى آخر ما سبق ، ففي كلامه اكتفاء ، أي وليست مختلعة أي وعوض الخلع من مالها . وكان الأولى للشارح أن يذكر القيود السابقة هنا أيضاً أو يذكرها في القسم ويستغني عن ذكرها في كلّ من القسمين ، فكان يقول عقب قول المتن وهنّ ذوات الحيض المدخول بهنّ الغير الآيسات الخ ؛ على أن هذا كله مستغنى عنه لما سيأتي في المتن في قوله : وضرب الخ .
قوله : ( في الحيض ) أي في أثناء الحيض لا في آخره وإِلا كان سنياً . قوله : ( أو في طهر جامعها فيه ) وهذا الطهر يحسب لها من العدة ، وإنما حرم الطلاق فيه لأدائه إلى الندم كما قاله الشارح فليس كلما استعقب الطلاق العدة تنتفي عنه الحرمة . قوله : ( وهي ممن تحبل ) قيد في قوله أو في طهر جامعها فيه فقط ، فإنها إذا كانت ممن لا تحبل لكونها صغيرة أو آيسة وجامعها في طهر طلقها فيه لم يكن سنياً ولا بدعياً كما سيذكره . قوله : ( وذلك ) أي سبب كونه بدعياً . والحاصل أن مدار كونه بدعياً على أحد أمرين : إما تأخر الشروع في العدة عن الطلاق أو الندم(4/290)
"""""" صفحة رقم 291 """"""
عند ظهور الحمل وإن شرعت في العدة . قوله : ( ولأدائه ) عطف على قوله لمخالفته . قوله : ( وزمن الحيض ) من تمام العلة . قوله : ( قد لا يمكنه التدارك ) لكونه استوفى عدد الطلاق ، أو لعدم الرضا به ، أي بالتدارك ، أي عدم الرضا منها بردّها له بنكاح إذا كان الطلاق بائناً بينونة صغرى . قوله : ( فخرج ) الأوْلى وخرج بالواو . قوله : ( ويترتب عليه أحكام البدعي ) أي من ندب الرجعة وغيره . قوله : ( في كل الطرق ) أي طرق نقل المسائل عن الإمام ، فإن كل مسألة لها طريق في النقل . قوله : ( إن أوقع الصفة الخ ) أي كأن علق بدخوله نفسه دار زيد ثم إنه دخل زمن الحيض . قوله : ( فإنها ) أي الفسوخ . وقوله ( لدفع مضارّ ) أي يتضرر بها الزوج أو الزوجة . وقوله ( زائدة ) أي عن مضار طول العدة والندم . وقوله ( فلا يليق بها ) أي بالمضار المذكورة أو فلا يليق بالفسوخ . وقوله ( تكليف المراقبة ) أي تكليفه المراقبة إن كان الخيار له أو تكليفها إن كان الخيار لها . قوله : ( فهل يكون الخ ) المناسب ففيه تردد قيل سني وقيل بدعي . وقوله ( سنياً ) أي نظراً لقوله أنت . وقوله ( أو بدعياً ) أي نظراً لقوله طالق . وهذا هو المعتمد خلافاً للشارح . قوله : ( في غير مظنتها ) أي موضعها وقوله في باب الكفارات بدل من غير . قوله : ( يحسب لها الخ ) المعتمد أنه لا يحسب لها قرءاً لأن الطلاق لا يتم إِلا بقوله طالق وإن الطلاق بدعي لا إثم فيه لأنه يظن دوام طهرها . قوله : ( وإنما يقع بمجموع الخ ) أي فتبين بآخره الوقوع بأوّله كما يتبين بآخر تكبيرة الإحرام الدخول في الصلاة بأوّلها ، وهذا مسلم في المقيس عليه لا في المقيس لأنه لا يقع إِلا بآخر الصيغة في الطلاق . وقوله ( بمجموع الخ ) هذا يرد على القائل بأنه(4/291)
"""""" صفحة رقم 292 """"""
سني وأن زمن أنت يحسب قرءاً فكيف يكون قرءاً مع أن الطلاق إنما يقع بعده فيكون بعض العدّة متقدماً على الطلاق ؟ فالحكم بأنه سني من أعجب العجائب . قوله : ( كان الحكم كذلك ) لأن العلة خوف الحمل ، أي حيث كان عالماً باستدخالها له وإِلا لم يحرم زي . وظاهره أنه لا فرق بين استدخالها في القبل أو في الدبر . قوله : ( وكذا لو وطىء في الدبر ) هو من أفراد الجماع ، ولعله ذكره للخلاف فيه ق ل . قوله : ( لثبوت النسب ) الذي اعتمده م ر في باب الاستبراء أن الوطء في الدبر لا يثبت به النسب ولا الاستيلاد ، أي وإن وجبت بين العدّة ، ولا فرق بين الحرة والأمة فهذه مناقشة في العلة بالنسبة لثبوت النسب ، وأما الحكم وهو أنه بدعي فمسلم لأنه تجب به العدّة . قوله : ( في حق من له زوجتان ) لا يخفى أن الحرمة فيه لمعنى غير المراد هنا الذي هو عدم الشروع في العدّة ؛ قاله ق ل . وقوله ( فإنه بدعي ) لعدم شروعها في عدّة الطلاق لأنها تقدم عدّة وطء الشبهة حينئذ ؛ قاله شيخنا م د . قيل : ومنه ما لو طلقها حال مرضه طلاقاً بائناً قاصداً حرمانها من الإرث ، والصحيح أنه مكروه كالزكاة إذا أزال ملكه عن النصاب في أثناء الحول قاصداً الفرار من الزكاة فهما على حد سواء . قوله : ( ولو نكح حاملاً من زنا ) أي وهي ممن تحيض . ويلغز بها ويقال : لنا امرأة تزوّجت وهي حامل وصح ذلك . وصورته ما أشار إليه الشارح بقوله : ولو نكح حاملاً الخ ، ثم فرضهم ذلك فيمن نكحها حاملاً من الزنا قد يؤخذ منه أنها لو زنت وهي في نكاحه فحملت جاز له طلاقها وإن طالت عدّتها لعدم صبر النفس على عشرتها حينئذ ، وهو متجه غير أن كلامهم يخالفه اه . قال سم : قوله لأنها لا تشرع في العدّة إِلا بعد الوضع أي لأن الرحم معلوم الشغل ، فلا معنى للشروع في العدّة مع ذلك إِذ لا دلالة لمضي الزمن مع ذلك على البراءة ، وإنما شرعت فيها معه إذا حاضت لمعارضة الحيض الذي من شأنه الدلالة على البراءة لحمل الزنا فلم ينظر إليه مع وجود الحيض . قوله : ( ثم دخل بها ) هذا القيد لأجل وجوب العدّة عليها لأن المطلقة قبل الدخول بها لا عدّة عليها . قوله : ( نظر إن لم تحض ) أي في حالة الحمل فلو كانت لا تحيض أبداً وطلقها في هذه الحالة فلا يكون الطلاق بدعياً ؛ لأن عدّتها بالأشهر وتنقضي عدّتها بذلك مع وجود الحمل في هذه الصورة . قوله : ( لأنها لا تشرع في العدّة ) هذا ما ذكره في الروضة هنا ، والذي(4/292)
"""""" صفحة رقم 293 """"""
ذكره فيها في العدد أن زمن الطهر يحسب قرءاً إذا تقدم على الحمل حيض ، فكان الأولى أن يسقط قوله إِلا بعد الوضع والنفاس لما علمت ، ويصح حمل كلام الشارح على صورة ما إذا لم يسبق لها حيض لأن هذا الطهر الذي طلقها فيه لا يسمى قرءاً لأن القرء طهر بين دمين . وذكر الحلبي على المنهج ما يؤيده ، لكن كلام م ر في شرحه يوافق ما هنا مع الإشكال . قوله : ( إِلا بعد الوضع ) أي إن كانت العدّة بالأقراء وإن كانت بالأشهر فمن حين الطلاق . قوله : ( وإِلا ) بأن كانت تحيض فإن طلقها في الطهر ظاهره وإن وطىء فيه فراجعه اه م د . وقد راجعته فوجدته كذلك فقد صرح بعضهم به فقال : قوله فإن طلقها في طهر أي وإن جامعها فيه . قوله : ( وأما الموطوءة بشبهة الخ ) لا يخفى أن فيها المعنى السابق من تطويل العدّة عليها ، يعني إذا وطئت الزوجة بشبهة فحملت من وطء الشبهة وطلقها الزوج طاهراً فهو بدعي لأنها لا تشرع في العدة لأن عدة الحمل مقدمة مطلقاً . ويلغز بذلك ويقال : لنا رجل طلق زوجته في طهر لم يجامعها فيه ولا في حيض قبله وهو بدعي . قوله : ( إذا حبلت منه ) أي من وطء الشبهة . قوله : ( ثم طلقها ) أي زوجها طاهراً أي ولو جامعها فيه وفي الحيض بالأولى ، وسواء كانت تحيض أو لا لتقدم عدة الشبهة مطلقاً ؛ وبذلك فارقت التي قبلها .
قوله : ( يستثنى من الطلاق الخ ) أي من الحكم عليه بأنه بدعي وحرام ، فهذه الأقسام لا يقام لها بدعي ولا تحرم بل يقال لها لا سني ولا بدعي ويجري فيها الندب والإباحة والكراهة والوجوب كما تقدم . قوله : ( إذا حاضت ) أي في حال الحمل . قوله : ( لأن عدّتها بالوضع ) فلا أثر للحيض لأن العدّة بالوضع . قوله : ( ومنها ما لو كانت الزوجة أمة الخ ) ويلغز بذلك ويقال : لنا رجل طلق زوجته في الحيض ولا يحرم عليه بل يثاب على ذلك . قوله : ( فسألت الزوج الخ ) ليس قيداً بل المدار على علم الزوج بالتعليق المذكور ، أي وكانت حائضاً كما هو الفرض . قوله : ( بعد ذلك ) أي بعد هذا التعليق المذكور . قوله : ( طلاق المتحيرة ) يتأمل فيه ، إذ ليس هنا حيض محقق وإن كان المراد المتحيرة التي ردت لعادتها قدراً ووقتاً ففيه نظر ؛ لأن طلاقها في زمن عادة الحيض بدعي ، اللهم إِلا أن يكون مراده زمن البدعة ولو احتمالاً . وعبارة م د : محله إذا وقع طلاقها أول الشهر أو في أثنائه وبقي منه ما يسع حيضاً وطهراً كما سيأتي(4/293)
"""""" صفحة رقم 294 """"""
في العدد وإِلا فبدعي . قوله : ( طلاق الحكمين ) أي حيث رأياه مصلحة والمراد أحد الحكمين ، بدليل ما ذكره فيما سبق بصيغة الإفراد . قوله : ( طلاق المولي ) أي المولي الذي لم يرد الوطء . قوله : ( وإن توقف فيه ) أي في استثنائه ، الرافعي وجه التوقف أن سببه إيلاؤه فكان يقال بدعي للتغليظ عليه . قوله : ( ثم طلقها في الحيض ثانية ) وإنما لم يكن هذا بدعياً لأنها لا تستأنف للطلاق الثاني عدة لعدم لزومها به مرحومي .
قوله : ( ما لو خالعها ) أي وكانت مدخولاً بها لأن التي لم يدخل بها ستأتي في كلام المصنف على ما فيه . قوله : ( على عوض ) أي منها وكانت رشيدة أي سواء باشرت الخلع أو أذنت لأجنبي ، بخلاف ما إذا كان الأجنبي يخالع من ماله فبدعي ولو بإذنها . قوله : ( لإطلاق ) أي فهو شامل لزمن الحيض . قوله : ( وهذا ) أي طلاق الحكمين وما بعده ، أي ما ذكر في التنبيه الثالث من الأقسام السبع . قوله : ( وهو وارد الخ ) فإن مقتضاه انحصار هذا الضرب في الأربعة المذكورة ، والضمير راجع لما في التنبيه الثالث أو راجع للأخير فقط ، وإنما كان الأخير وارداً مع أن المتن ذكره لأنه قيده بالتي لم يدخل بها وهذا أعم .
قوله : ( ليس في طلاقهن سنة الخ ) أي لا يوصف بكونه سنياً ولا بدعياً وإن كان جائزاً . قوله : ( وهن ) أي هذا الضرب وأنثه وجمعه باعتبار الخبر . قوله : ( الصغيرة التي لم تحض ) سواء طلقها في طهر جامعها فيه أم لا بأن استدخلت ماءه المحترم لتكون عليها العدة ، وكذا يقال في الآيسة والحامل اه ب ش . قوله : ( التي لم تحض ) كأنه تفسير مراد للصغيرة فإن الحكم في هذا التعميم مسلم . قوله : ( التي ظهر حملها ) أي منه لا من شبهة ولا من زنا . وقيده بذلك لأن طلاق الحامل التي لم يظهر حملها بدعي لما فيه من الندم ، قال ق ل : وهو تصوير لقوله ولا ندم وإلا فلا يتقيد بذلك فراجعه .(4/294)
"""""" صفحة رقم 295 """"""
قوله : ( المختلعة ) هي محل القسم الرابع ولا حاجة لتقييدها بعدم الدخول لأن غير المدخول بها من هذا القسم مطلقاً بخلع أو لا ، قال سم : ولعل العدد كان خمساً بدل قوله أربع وكان قوله : التي الخ مقروناً بالواو لإتمام الخمس فغيره النساخ . والحاصل أنه كان الأولى أن يقول التي دخل بها أو يقول والتي الخ بزيادة الواو ويقول خمس بدل أربع . قوله : ( تتمة من طلق بدعياً ) أي بسبب الحيض سنّ له الرجعة وكره تركها ما دام زمن البدعة فينتهي سنّ الرجعة بزوال زمن البدعة وهو في طهر وطىء فيه أو في حيض قبله بفراغه مع زمن الحيض بعده وفي حيض خال عن الوطء بفراغه وبالرجعة سقط الإثم لأنه لحقها وقد وفاه ، وإنما لم تجب وإن كانت توبة خلافاً لمالك وأبي حنيفة نظراً لما ذكر وهو انتهاء زمن البدعة ولأن التوبة لا تنحصر في الرجعة لحصولها بمسامحتها مثلاً . وقوله : ( أي بسبب الحيض ) ليس قيداً بل كل من طلق طلاقاً بدعياً أعم من أن يكون بسبب حيض أو كان طلقها في طهر جامعها فيه وهي ممن تحبل كما ذكره المصنف والشارح ؛ لكن كون الرجعة سنة في حق من طلق زوجته وهي حائض هو الوارد في السنة في خبر ابن عمر ، وأما السنة في غيره فهي بطريق القياس عليه كما في شرح المنهج ، فلعل المحشي قيد بذلك لكونه الوارد في الحديث : وقوله : وهو في طهر أي وزوال زمن البدعة في طهر وطىء فيه الخ ، وقوله : ( مع زمن الحيض ) أي مع فراغ زمن الحيض أيضاً والشروع في الطهر .
قوله : ( سنّ له الرجعة ) أو تجديد النكاح إن كان الطلاق بائناً اه إمداد . قوله : ( بعد تمام طهر ) الأولى حذف تمام لأن المدار على الشروع فيه ، فبأوّله يجوز الطلاق . قوله : ( لخبر الصحيحين الخ ) فيه أن ابن عمر لم يؤمر بالمراجعة ، وإنما أبوه أمر والأمر بالأمر بالشيء ليس أمراً بذلك الشيء كما في الأصول ، أي فلا يدل على ندب الرجعة ، فاستفادة الندب منه حينئذ إنما هي من القرينة والقرينة هنا اللام في قوله فليراجعها ، فإن اللام فيه لام الأمر . قال : ع ش : والظاهر من عدالة ابن عمر أنه حيث طلقها لم يكن عالماً بحيضها ولم يكن بلغه حرمة الطلاق(4/295)
"""""" صفحة رقم 296 """"""
في الحيض . قوله : ( ولو قال لحائض ممسوسة ) أي مدخول بها فإن لم تكن مدخولاً بها لم يكن طلاقها سنياً ولا بدعياً فيقع في الحال كما قاله المدابغي ، أي مطلقاً ، سواء قال للبدعة أو للسنة فالتقييد بالنظر لقوله الآتي أو أنت طالق للسنة الخ . هذا كله إذا قاله لمن يكون طلاقها سنياً وبدعياً ، فلو قاله لمن لا يتصف طلاقها بذلك وقع في الحال مطلقاً ويلغو ذكر السنة والبدعة . قوله : ( أو نفساء ) أي ممسوسة أيضاً . قوله : ( للبدعة ) اللام للتوقيت أي في وقت البدعة أو عندها ، وكذا يقال فيما بعده . واعلم أن اللام إن دخلت على ما يتكرر كانت للتوقيت كأنت طالق لرمضان المعنى إذا جاء وقت رمضان طلقت وإن دخلت على ما لا يتكرر كانت للتعليل فتطلق في الحال كقوله أنت طالق لرضا زيد فتطلق وإن سخط . قوله : ( فكالسنة ) أي فإن كانت في حال سنة وقع في الحال وإلا فبوجود الصفة ، وكذا ما بعده . وعبارة المنهاج : فكالسنة ، أي فكقوله أنت طالق للسنة ، فالمراد بقوله فكالسنة أي فيما مرّ فلا يقع في حال بدعة لأن الأولى بالمدح ما وافق الشرع كما في م ر . قوله : ( فكالبدعة ) قال م ر : أي فيما مرّ ، لأن الأولى بالذم ما خالف الشرع . قوله : ( يقع الطلاق في الحال ) خلافاً لمن قال إن قصد التشبيه بالثلج في البياض وبالنار في الإضاءة طلقت في زمن السنة ، أو التشبيه بالثلج في البرودة وبالنار في الحرارة والإحراق طلقت في البدعة شرح الروض .
3 ( ( فصل : فيما يملكه الزوج حراً كان أو رقيقاً من الطلقات ) ) 3
وهي ثلاث للحرّ وثنتان للرقيق ، وفي الاستثناء هل ينفع أم لا والتعليق هل يتوقف على المعلق عليه أم لا ؟ والمحل القابل للطلاق أن يكون زوجة ولو رجعية لا مملوكة له وفي شروط المطلق وهي التكليف وعدم الإكراه والنوم ، فهذا الفصل معقود لخمس مسائل .
قوله : ( ويملك الحر ) أي كامل الحرية ثلاث طلقات أي في حق غيره ، أما هو فلا(4/296)
"""""" صفحة رقم 297 """"""
ينحصر طلاقه في أحد الوجهين كما لا ينحصر عدد زوجاته . والوجه الثاني أنه في الطلاق كغيره وهو الصحيح وعلى الحصر قيل : يحل له أن يعيدها من غير محلل ، وادعى المؤلف أنه الأصح وقيل لا تحل له أبداً لعدم إمكان التحليل لما خص به من حرمة نسائه المدخول بهن بنكاح أو ملك على غيره لقوله تعالى : ) وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا تنكحوا أزواجه من بعده أبداً } ) الأحزاب : 53 ) قيل نزلت في طلحة لما قال إن مات لأتزوّجنّ بعائشة ولأنهن أمهات المؤمنين قال الله تعالى : ) وأزواجه أمهاتهم } ) الأحزاب : 6 ) ولأنهنّ أزواجه في الجنة ، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها كما قال القشيري . وقيس بزوجته أمته كما جزم به الطاوسي والبارزي وغيرهما ، وهو أحد وجهين في الروضة وأصلها بلا ترجيح . وظاهر الآية يقتضي أنها لا تحرم على غيره لأنها ليست بزوجة ولا أم المؤمنين ، لكن المنع أقوى معنى وخرج بالمدخولة غير المدخول بها فإن كانت أمته لم تحرم على غيره أو زوجته حرمت إن مات عنها . وفيمن فارقها في حياته أوجه أصحها التحريم مطلقاً كما هو ظاهر الأدلة ، وحكي عن نص الشافعي في أحكام القرآن ورجحه النووي . هذا إذا لم تختر المخيرة فراقه ، فإن اختارت فراقه فمنهم من طرد فيها الخلاف ؛ والأظهر في الشرح الصغير القطع بالحل وإلا فلا معنى للتخيير ، وجزم به الإمام ، وحكوا فيه الاتفاق ، والأصح التحريم ذكره المناوي في شرح الخصائص .
قوله : ( سواء كانت حرة أو أمة ) وخالف أبو حنيفة ، فجعل الاعتبار بحال النساء كالعدّة ؛ واختاره ابن سريج اه سم .
قوله : ( سئل عن قوله تعالى الطلاق مرّتان ) فإن قيل : الطلاق ليس مرتين بل ثلاث ؟ أجيب بأنه على تقدير صفة محذوفة أي عدد الطلاق الذي تحلّ بعده الرجعة مرّتان أي طلقتان ، ولم يقل ثنتان أو طلقتان لأن المراد إن يطلقها طلقة مرّة ثم أخرى مرّة اه ابن عرفة في تفسيره ، قال : والحكم عندنا في إيقاع الثنتين في مرّة الكراهة وقوله عن قوله تعالى الخ عن بمعنى بعد ، كقوله تعالى : ) لتركبنّ طبقاً عن طبق } ) الانشقاق : 19 ) أي سئل بعد قوله تعالى : ) الطلاق مرتان } ) البقرة : 229 ) لأن السؤال بعده لا عنه .
قوله : ( أو تسريح بإحسان ) أي طلاق لا إثم فيه . قوله : ( الطلاق بالرجال ) أي معتبر بهم أي أصالة فلا يرد ما لو فوّض إليها الطلاق أو توكلت في طلاق بنتها مثلاً وطلقت نفسها أو غيرها لأن هذا أمر عرضي ، قال ق ل : والمراد بالرجال ولو احتمالاً فيدخل الخنثى لأنه(4/297)
"""""" صفحة رقم 298 """"""
مشكوك في الوقوع عليه ، وذلك فيما لو عقد الخنثى على أنثى ثم طلقها ثم اتضح بالذكورة فإنه يتبين صحة العقد فيقع الطلاق لتبين صحة النكاح اه . وقوله : فإنه الخ غير صحيح لأن الخنثى لا يكون زوجاً في حال إشكاله وحينئذ فنكاحه باطل . قوله : ( ولا يحرم جمع الطلقات ) ولو مع أكثر منها نحو سبعين . قوله : ( لأن عميراً العجلاني ) صوابه عويمر كما في شرح الروض . والعجلاني بفتح العين وسكون الجيم نسبة إلى عجلان اسم قبيلة ، منقول من قولهم هو عجلان بمعنى مستعجل كما في المغرب .
قوله : ( فلو كان إيقاع الثلاث حراماً الخ ) بيان لوجه الدلالة . وقد يقال عدم نهيه عن ذلك لعدم فائدة الطلاق ؛ لأن البينونة حصلت قبله باللعان ، فلا دلالة فيه على جواز الجمع . وأجيب بأن الطلاق ثلاثاً وقع منه جاهلاً بأن اللعان يحرم . قال الرملي بعد سوق عبارة طويلة : ولا اعتبار بما قاله طائفة من الشيعة والظاهرية من وقوع واحدة أي فيما إذا جمع الثلاث طلقات فقط وإن اختاره من المتأخرين من لا يعبأ به واقتدى به من أضله الله ، قال السبكي : وابتدع بعض أهل زماننا أي ابن تيمية ، ومن ثم قال العز بن جماعة : إنه ضال مضل أي إن ثبت عنه .
قوله : ( ويملك العبد ) أي من فيه رق كما ذكره ، وبهذا يلغز ويقال : لنا عبد يملك وإن لم يملكه سيده . قوله : ( لما مرّ ) أي وهو قوله : ( الطّلاق بالرّجال ) وهو شامل للحر والعبد . قوله : ( قد يملك العبد ثالثة ) فيه تجوّز لا يخفى لكونه كان حرًّا في أول الأمر .
فرع : لو طلق أحدهما دون ماله ثم راجع أو جدّد رجعت إليه بما بقي وإذا استوفى ماله ثم عادت إليه عادت بماله اه ق ل . وعبارة المنهج وشرحه : ولحر ثلاث ولغيره ثنتان سواء أكانت الزوجة في كل منهما حرة أم لا ، فمن طلق دون ماله وراجع أو جدّد ولو بعد زوج(4/298)
"""""" صفحة رقم 299 """"""
عادت له ببقيته أي ببقية ماله دخل بها الزوج أم لا ؛ لأن ما وقع من الطلاق لم يحوج إلى زوج آخر ، فالنكاح الثاني والدخول فيه لا يهدمانه كوطء السيد أمته المطلقة ، أما من طلق ماله فتعود إليه بماله لأن دخول الثاني بها أفاد حلها للأوّل ولا يمكن بناء العقد الثاني على الأوّل لاستغراقه فكان نكاحاً مفتتحاً بأحكامه اه . ( ولغيره ) أي حال تطليقه وإن طرأ عتقه بعد ، فإن عتق بعد واحدة عادت له ببقية الثلاث لأنه صار حراً قبل استيفائها ، ولو تقارنا كأن علق سيده عتقه بصفة وعلق العبد طلاق زوجته بها فوجدت ملك الثلاث فلا تحرم عليه . وقوله : ( حرة أم لا ) خلافاً لأبي حنيفة في اعتباره الزوجة كالعدة ، وبه قال ابن سريج من أئمتنا .
قوله : ( كذمي ) أي حر . قوله : ( واسترق ) أي بعد نقضه العهد . قوله : ( ثم أراد نكاحها ) أي بإذن سيده لأن النكاح ينقطع برق أحد الزوجين بعد أن كان حراً كما صرح به المنهج في كتاب الجهاد . قوله : ( لأنها لم تحرم عليه الخ ) هذه العلة موجودة في قوله ، بخلاف ما لو طلقها طلقة الخ مع أن الحكم بالخلاف ، وانظر ما الحكمة في ذلك مع أنها لا تحرم عليه في كل منهما ، بل قد يقال الثاني أولى بملك الثالثة . قوله : ( وطريان الرق لا يمنع الحل السابق ) ظاهره بقاء النكاح السابق وليس مراداً فمراده الحل بالنكاح أي بعقد جديد لأنه حل في الجملة .
قوله : ( ويصح الاستثناء ) مشتق من الثني أي الرجوع والصرف ؛ لأن المتكلم رجع عن مقتضى كلامه وصرفه عن ظاهره بالاستثناء ؛ وقد يقال : كيف هذا مع أن الاستثناء معيار العموم ولا عموم في قوله أنت طالق ثلاثاً ؟ ويجاب بأن اصطلاح الفقهاء أعم من ذلك . قوله : ( في الطلاق ) وكذا في سائر العقود والحلول ، ولعل تقييده بالطلاق لدفع تكراره مع ذكره له في باب الإقرار ، وأيضاً الكلام في الطلاق . قوله : ( خمسة ) أي بجعل التلفظ مع الاسماع شرطاً وإن كانا شرطين ، بدليل أخذ محترز كل منهما . وزاد بعضهم على الخمسة معرفة معناه ، وردّ بأنه يغني عنها قصده رفع حكم اليمين لأنه يلزم من ذلك معرفة معناه ، وزاد بعضهم عدم جمع المفرق كما تقدّم في الإقرار . قوله : ( إذا وصله ) أي المستثنى . قوله : ( به أي باليمين ) قال(4/299)
"""""" صفحة رقم 300 """"""
بعضهم : فيه نظر ؛ لأن صيغة المطلق قد لا تكون على وجه اليمين بأن قال أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة لأن اليمين والحلف ما تعلق به حث أو منع أو تحقيق خبر ، والمثال المذكور ليس كذلك . وعبارة ق ل : قوله : به أي باليمين ، لو قال أي بالمستثنى منه هنا وفيما بعده لكان أنسب وأعم وأولى اه ؛ أي لأن اليمين ما تعلق به حث أو منع أو تحقيق خبركما علمت ، والمشهور أن هذا تعريف الحلف لا لليمين واليمين أعم من ذلك اه . قوله : ( ونواه قبل فراغه ) أي قبل الفراغ من المستثنى منه ، أي فيكفي اقتران النية بأي جزء من ذلك هذا إن أخره ، فإن قدّمه كانت إلا واحدة طالق ثلاثاً نواه قبل التلفظ به أي يقصد حال الإتيان به إخراجه مما بعده ليرتبط به اه . قوله : ( وتلفظ به الخ ) فلو اختلف الزوج والزوجة في الإتيان بالاستثناء أو المشيئة الآتية صدقت ؛ لأن الأصل العدم ، بخلاف ما لو أنكرت سماعها له فيصدق لأنه لا يلزم من عدم سماعها عدم إتيانه به ، فلو قال أنا أتيت بالاستثناء في قلبي ولم أتلفظ به لم يقبل لا ظاهراً ولا باطناً ، بخلاف ما لو قال أنا نويت التعليق على دخول الدار مثلاً وأنكرت فلا يصدق ظاهراً ويفرّق بينهما ويدين باطلاً فيعمل بذلك فيما بينه وبين الله ، ولا يشترط أن يسمعه غيره فلو قال : قلت أنت طالق إن كلمت زيداً وأنكرت الشرط صدّق بيمينه سم على حج . ثم ذكر فرقاً بين الاستثناء والتعليق بالمشيئة وبين التعليق بصفة غيرهما فقال والفرق بين الاستثناء والتعليق بالمشيئة حيث يشترط فيهما إسماع الغير وبين التعليق بصفة غيرهما حيث لا يشترط فيه إسماع الغير ، أن التعليق بالصفة ليس رافعاً للطلاق ولا لبعضه بل مخصص له ببعض الأحوال ، بخلاف الاستثناء والتعليق بالمشيئة فإن ما ادعاه فيهما رافع للطلاق من أصله جميعه أي في التعليق بالمشيئة أو بعضه كما في الاستثناء . قوله : ( فلو انفصل ) شروع في المحترزات على اللف والنشر المرتب . قوله : ( بخلاف ما إذا نواه قبلها ) أي قبل فراغها فلو قال قبله لكان أولى اه ق ل .
فرع : لو شك هل قصد الاستثناء أو لا طلقت لأن الأصل عدم القصد وكذا لو شك في أصل الإتيان به ، وسئل م ر عما لو حلف بالطلاق وأنشأ له غيره هل ينفعه أو لا ؟ أجاب : إن اعتقد الحالف أنه ينفعه نفعه وإلا فلا ، ويتعين حمله على ما إذا كان قبل علمه أن مشيئة الغير لا تنفعه ؛ أما إذا علم بعد ذلك فيقع الطلاق . وخالف ابن حجر فقال لا تنفعه لأنه لا يعذر في جهله بهذا الحكم . وعبارة ق ل : ولو أنشأ له غيره لم يكف إلا إن اعتقد نفعه لجهله مثلاً ؛ قاله شيخنا م ر اه .(4/300)
"""""" صفحة رقم 301 """"""
قوله : ( أو لم يقصد به ) عطف على قوله فلو انفصل . وقال م د : إنه معطوف على أو نواه بعد فراغ اليمين . قوله : ( والمستغرق الخ ) في مقام التعليل أي ما لم يتبعه بغيره وإلا فصحيح كما في ق ل ، فلو قال : أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً إلا ثنتين وقع عليه ثنتان لأن الاستثناء من النفي إثبات وعكسه ، والمعنى هنا إلا ثلاثاً لا تقع إلا ثنتين تقعان . ومن المستغرق ما لو قال كل امرأة لي طالق السابقة وينوي عند قوله أنت . قوله : ( كملت ) أي لأن الطلقة لا تتبعض وغلب جانب البقاء لاعتضاده بالاستمرار ق ل .
قوله : ( يطلق الاستثناء شرعاً الخ ) وسميت كلمة المشيئة استثناء لصرفها الكلام عن الجزم والثبوت حالاً من حيث التعليق بما لا يعلمه إلا الله . قوله : ( بمشيئة الله ) أي إثباتاً أو نفياً بدليل تمثيله ، وجميع شروط الاستثناء معتبرة في الإنشاء سوى الاستغراق . قوله : ( إن شاء الله ) أو إذا أو متى أو مهما ، وكذا في النفي . ومثل مشيئة الله مشيئة الملائكة بخلاف مشيئة الآدميين فيتوقف على وقوع المشيئة منهم ، أوّ عدمها فيقع الطلاق حينئذ . قوله : ( لم يحنث ) ليس في الكلام أداة شرط يكون هذا جواباً له ، وعبارة غيره : فإن قصد التعليق بالمشيئة الخ . قوله : ( فإن لم يقصد ) شروع في مسائل ستة لا تمنع الوقوع . قوله : ( وكذا إن أطلق ) بخلاف العبادة . وهذا معلوم من اشتراط قصد رفع حكم اليمين ، وقد قالوا إن الإطلاق يبطل النيات لا غيرها وقد أشار إليه بقوله : وكذا الخ . والضابط أن التعليق بالمشيئة يرفع كل عقد وحل ويبطل كل عبادة ، فإن أطلق وكان في العبادة منع الانعقاد ، وإن كان في غيرها فلا يمنعه اه م د . وقد علمت أن(4/301)
"""""" صفحة رقم 302 """"""
صور الحنث ستة ، وعبارة العناني : وألحق الإطلاق هنا بالتبرك وفي الوضوء بالتعليق لأن النية جزم فتبطل بصيغة التعليق بخلاف ما هنا ، وأيضاً فقد أتى بصريح الطلاق ولم يأت بما ينافيه بل بما يلائمه اه . ولو شك هل قصد التعليق أو لا وهل ذكر المشيئة أو لا فهو مثل التبرك . قوله : ( عند قصد التعليق ) أي وكذا عند الإطلاق ، فلو قال : عند عدم قصد التبرك لكان مستقيماً ؛ لأن الإطلاق مانع في هذه المذكورات كما مرت الإشارة إليه ق ل . قوله : ( وانعقاد تعليق ) نحو إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله ، وكذا يمنع انعقاد الخ لكن مع قصد التعليق في هذه المذكورات لا مع الإطلاق ولا مع قصد التبرك ونحوه ، فكان الأولى للشارح أن يذكر القيد المتقدم في هذه المذكورات دون المتقدمة . والفرق بين هذا وبين الطلاق الاحتياط في كل من العبادات والإيضاح . والحاصل أن التعليق اللفظي بالمشيئة عند قصد التعليق يضر مطلقاً فيمنع انعقاد العبادة وانعقاد سائر العقود ويمنع من وقوع الطلاق وعند قصد التبرك لا يضر مطلقاً فيقع الطلاق وتصح العبادة وتنعقد العقود ، وأما عند الإطلاق فتبطل العبادة فقط ولا يمنع من وقوع طلاق ولا يمنع انعقاد تصرف من عقد أو حل . قوله : ( ولو قال يا طالق الخ ) تقييد لكون التعليق بالمشيئة يمنع من الوقوع عند قصد التعليق ، فكأنه قال إلا في حالة النداء . والفرق ما قاله الشارح من أن النداء يشعر بحصول الطلاق والحاصل لا يعلق ، بخلاف أنت طالق فقد يستعمل عند القرب فيصح التعليق . قوله : ( والحاصل ) وهو الطلاق الذي وصفها به لا يعلق بالمشيئة . قوله : ( بخلاف أنت طالق ) أي إن شاء الله . قوله : ( عند القرب منه ) أي من الطلاق . قوله : ( فينتظم ) أي يصح التعليق بالمشيئة ؛ لأن الاستثناء يطلق على المشيئة كما تقدم . قوله : ( ويصح تعليقه الخ ) واعلم أن التعليق إما بالشرط كالأدوات الآتية ، وإما بالصفة نحو طلاقاً حسناً أو قبيحاً أو أحسن الطلاق أو أقبحه ، وإما بالأوقات نحو إلى شهر كذا ؛ وبهذا يعلم ما يأتي في كلام الشارح من التخليط فليتأمل ق ل ، أي حيث ذكر الأوقات أمثلة للصفة . وعبارة سم : ويصح تعليقه بالصفة كأنت طالق طلاقاً سنياً أو بدعياً وليست في حال سنة في الأوّل ول(4/302)
"""""" صفحة رقم 303 """"""
ا في حال بدعة في الثاني ، فتطلق إذا وجدت الصفة ، بخلاف ما إذا كانت في ذلك الحال وقال سنياً أو بدعياً فتطلق في الحال . قوله : ( قياساً على العتق ) لما ورد في العتق ولم يرد في الطلاق قيس عليه . قوله : ( فإذا قال الخ ) فيه أن هذا من التعليق بالوقت لا بالصفة التي الكلام فيها ، فكان على المتن أن يقول ويصح تعليقه بالصفة والزمان والشرط وجملة ما ذكره الشارح من صور التعليق بالأوقات ثلاثة عشر . قوله : ( أو في غرته ) الغرة ثلاثة أيام بلياليها من أوّل الشهر شيخنا . قوله : ( وقع الطلاق ) أي في المسائل الأربعة السابقة . قوله : ( مع أوّل جزء من الليلة الأولى ) وذلك بغيبوبة الشمس ، ولو رؤي الهلال قبلها ؛ لأن الظرفية تتحقق بأوّل جزء منه . قوله : ( أو أوّل يوم منه ) معطوف على نهار . قوله : ( بأوّل فجر يوم ) عبارة المنهاج بفجر أوّل يوم منه ، ففي عبارة الشارح قلب . قوله : ( بأوّل اليوم الأخير منه ) سواء كان يوم الثلاثين أو التاسع والعشرين بأن كان ناقصاً . قوله : ( لأنه آخر أوله ) أي من الأيام التي هي المقصودة ، فلا يرد أن أوله الليل وآخره طلوع الفجر . قوله : ( ونصف ) أي من ليلة . وقوله : بعد ( ونصف ) أي من يوم . قوله : ( فيقابل نصف ليلة الخ ) الأولى أن يقول نصف يوم بنصف ليلة ، فالعبارة مقلوبة . والمراد بالليلة الثامنة والمراد باليوم الثامن أيضاً والمراد بنصف الليلة نصفها الثاني والمراد بنصف اليوم نصفه الأوّل . وإيضاح ذلك أنه إذا مضى من الشهر سبعة أيام كان معها ثمان ليال والليلة الثامنة نصفها من النصف الأوّل ونصفها من الثاني واليوم الثامن نصفه من النصف الأوّل ونصفه من النصف الثاني ، وهذا معنى قوله لأن نصف نصفه سبع ليال ونصف وسبعة أيام ونصف ومعنى قوله ، فيقابل نصف ليلة أي النصف الثاني منها الذي يستحقه النصف الثاني من نصف شهر . وقوله بنصف يوم أي نصفه الأوّل الذي يستحقه النصف الأوّل ، بمعنى أننا نعطي النصف الأوّل من اليوم الثامن للنصف الثاني من النصف الأوّل من الشهر ونأخذ بدله النصف الثاني من الليلة فيصير النصف الأوّل ثمان ليال وسبعة أيام والنصف الثاني ثمانية أيام وسبع ليال .(4/303)
"""""" صفحة رقم 304 """"""
قوله : ( عبارة عن مجموع جزء ) فيه شيء لأن زمن الغروب والفجر من النهار قطعاً ، وهذه مناقشة في العلة والحكم مسلم .
فرع : لو قال أنت طالق لا قليل ولا كثير وقع الثلاث ؛ لأن قوله : ( لا قليل ) يقتضي وقوع الكثير وهو الثلاث وقوله ولا كثير يقتضي رفعه بعد ثبوته والواقع لا يرتفع ، بخلاف ما لو قال لها أنت طالق لا كثير ولا قليل فإنه يقتضي وقوع طلقة واحدة لأن قوله لا كثيراً يقتضي وقوع القليل وهو طلقة ، وقوله ولا قليل يقتضي رفعه بعد ثبوته والواقع لا يرتفع اه زيادي .
قوله : ( إذ لا فاصل بين الزمانين ) كيف هذا مع قوله ولو علق بما بين الليل والنهار الخ ، فإنه يقتضي أن بينهما فاصلاً . قوله : ( والشرط ) معطوف على الصفة عطف مغاير لأن المراد به الأدوات ، أي بشروط الاستثناء السابقة ما عدا الاستغراق لعدم تصوره هنا . قوله : ( وقد استؤنس الخ ) جعله استئناساً ولم يجعله دليلاً لأن معنى الحديث أن المؤمن إذا شرط شرطاً فإنه يوفي به اه شيخنا . قوله : ( وأدوات التعليق بالشرط الخ ) التعليق عبارة عن الربط الحاصل المتكلم والشرط هنا هو الفعل الذي دخلت عليه الأداة ، وأما الشرط في كلام المتن فالمراد به الأدوات ويصح أن يكون الشرط في كلام المتن بمعنى الأوّل وهو الفعل وعطف الصفات على الشرط في كلام الشارح مرادف ، وأما الصفة التي ذكرت في كلام المتن فليس فيها أداة شرط كقوله أنت طالق للسنة أو البدعة ، وليست في زمن ذلك فإنها تطلق إذا وجد زمان ما علق به . وجملة وذكره الشارح من الأدوات سبعة عشر ، وقد نظم ابن الوردي ضابط أدوات التعليق بقوله بعد أن سئل بقول القائل :
أدوات التعليق تخفى علينا
هل لكم ضابط لكشف غطاها
فأجاب بقوله :
كلما للتكرار وهي ومهما
إن إذا أي من متى معناها
للتراخي مع الثبوت إذا لم
يك معها إن شئت أو أعطاها
أو ضمان والكل في جانب النفي
لفور لا إن فذاك في سواها
وقول الناظم : ( مع الثبوت ) أي كأن قال إذا دخلت الدار أو أيّ وقت أو غيرهما من بقية(4/304)
"""""" صفحة رقم 305 """"""
الأدوات فأنت طالق ، وقوله : ( في جانب النفي ) كأن قال إذا لم تفعلي كذا مثلاً فأنت طالق اه ع ش على م ر . وقال بعضهم :
أدوات التعليق في النفي للفو
ر سوى إن وفي الثبوت رأوها
للتراخي إلا إذا إذن مع الما
ل وشئتي وكلما كرروها
قوله : ( بالشرط والصفات ) صريح هذا أن الصفة والشرط واحد وهو عطف مرادف ، وليس كذلك كما عرفت ، إذ لا تسمى الشروط أوصافاً فتأمل . قوله : ( نحو إن دخلت الدار الخ ) أو أنت طالق إن دخلت الدار شرح م ر .
مسألة : إذا قال الزوج لزوجته : إن دخلت الدار فأنت طالق فانسقطت من الحائط أو من السقف واعتقدت أن هذا ليس دخولاً فإنه لا يقع الطلاق إن كانت ممن يخفى عليها ذلك كما قرره العلامة قايتباي .
فرع : رجل تشاجر مع زوجته فقال لها إن ذهبت إلى بيت أمك فأنت طالق فذهبت بعد يوم مثلاً ، فلا حنث إذ القرينة دلت على أن المراد ذهابها وقت الحلف ، بخلاف ما لو لم يكن هناك مشاجرة بينهما فيحنث بذهابها ولو بعد ذلك اه م ر . ولو حلف ليشكينّ فلاناً برّ بتعيينه عليه رسول القاضي ع ش . ولو حلف الزوج بالطلاق أنها ما تخرج إلا بإذن أبيها فخرجت فقال الأب لم آذن في ذلك وقال الزوج أذنت صدق الزوج بيمينه ، وفيه نظر إذ الأصل عدم الإذن . ولو حلف بالطلاق أنها لا تخرج من بيته إلا بإذنه فاستأذنته فأذن لها ثم خرجت مرة أخرى بغير إذنه لم يقع الطلاق لأنه برّ بالإذن الأوّل س ل .
قوله : ( فأنت طالق ) ولو حذف الفاء على المعتمد ، فإنه تعليق . وقيل : لا يكون تعليقاً لعدم الرابط بل يتخير . قوله : ( وكلما دخلت الدار ) راجع للجميع . قوله : ( ومن الأدوات الخ ) دفع به ما يتوهم من الحصر في عبارته السابقة . قوله : ( على رأي سيبويه ) فيه أن الخلاف الذي فيها إنما هو في الحرفية والاسمية فتكون ظرف زمان كما قال المبرد وابن السراج والفارسي ، لا في كونها من أدوات التعليق أو لا فيما يظهر ؛ فليراجع اه . قوله : ( وما الشرطية ) فيه نظر لأنها لغير العاقل والأدوات هنا مستعملة في الزوجة ، إلا إن يقال إنها قد تستعمل في العاقل مجازاً لتشبيه الزوجة بغير العاقل لنقص عقلها . قوله : ( وإذ ما وأياما ) مبتدأ وقوله كلمة خبر ، وفيه نظر بالنسبة لأيًّاما لأن أيًّا كلمة وما الزائدة كلمة كما قرره شيخنا وقوله وأيان عطف على إذما .(4/305)
"""""" صفحة رقم 306 """"""
قوله : ( بلا ) أي بمعنى إن ، وكذا لو ق ل . وقوله : ( عمّ العرف فيها ) أي في تلك البلد أنّ لا للتعليق . قوله : ( بالوضع ) فإن قصد الفور في حالة التراخي عمل به أو قصد التراخي في حالة التراخي عمل به أو قصد التكرار عند عدم إفادتها له عمل به أو قصد عدم التكرار عند إفادتها له عمل به ، فهذا محترز قوله بالوضع . واحترز أيضاً به عن القرينة الدالة على الفور نحو إن دخلت الدار الآن فأنت طالق فهي للفور ، أو قال إذا لم تدخلي بعد سنة فأنت طالق فهي للتراخي بالقرينة ؛ وقرر شيخنا الحفني ما نصه : أما إذا أراد فورية أو تراخياً فيما لا يقتضي ذلك بوضع فإنه يعمل بإرادته كما أفهمه قوله بالوضع . قوله : ( في بعض صيغه ) أي التعليق . قوله : ( كإن وإذا ) أي ولو فقط شيخنا وح ل . قوله : ( وكذا تفيد الفور في التعليق ) أي في بعض صيغه أيضاً وهو إن وإذا ولو فقط كما قرره شيخنا . قوله : ( ولا تقتضي هذه الأدوات تكراراً الخ ) ولو قيد بالأبد كإن خرجت أبداً إلا بإذني فأنت طالق ، فهو على معناه من عدم التكرار زي . قوله : ( عتق عشرة ) أي مبهمة وعليه تعيينهم . قوله : ( فخمسة عشر ) لأن فيها صفة الواحدة أربع مرات وصفة الاثنين مرتين وصفة الثلاثة مرة واحدة وصفة الأربعة كذلك ، وخرج بقوله في مثبت المنفي وكل الأدوات فيه للفور إلا إن فقط ق ل وفي شرح المنوفي الصغير وكلها تقتضي الفور في طرف النفي إلا لفظة إن فقط فإنها للتراخي فإذا قال إذا لم أفعل أو تفعلي كذا فأنت طالق فمضى زمن يمكن فيه الفعل المعلق عليه ولم يفعل طلقت ، وكذا إذا قال متى لم أطلقك أو مهما أو كلما أو أيّ حين أو زمان لم أفعل أو تفعلي كذا فأنت طالق فمضى زمن يسع الفعل(4/306)
"""""" صفحة رقم 307 """"""
ولم يفعل طلقت على المذهب كلفظ إذا لم أفعل ، فإن علق بإن كقوله إن لم أفعل أو تفعلي كذا فأنت طالق فلا يقع الطلاق حتى يحصل اليأس من الفعل فإنها للتراخي كما تقدّم هذا ملخص ما في الروضة . ويتعين التفطن لما يقع كثيراً من العوامّ من قولهم إذا لم أفعل أو تفعلي كذا فأنت طالق بصيغة إذا ، ويمضي على ذلك زمان يمكن فيه الفعل من غير فعل مع التمادي على المعاشرة ، بقي الحنث ظانين عدمه اه م د ، أي فيقع الطلاق بمضي لحظة من غير فعل .
قوله : ( فيعتق واحد بطلاق الأولى ) والحاصل أنك تجمع الأعداد وهي واحد واثنتان وثلاثة وأربعة ثم تزيد ثلاثة لتكرار الواحد ثلاث مرات واثنين لتكررهما مرة فالجملة خمسة عشر : وضابط هذا وغيره أن جملة مجموع الآحاد هو الجواب في غير كلما ويزاد عليه مجموع ما تكرر منها فيها ، مثاله في الأربع أن يقال : مجموع الآحاد واحد واثنان وثلاثة وأربعة وجملتها عشرة وتكرر فيها الواحد ثلاث مرات بعد الأوّل والاثنان مرة فقط وجملتها خمسة تزاد على العشرة . وهذا ضابط سهل قريب ق ل على المحلي . قوله : ( لأنه صدق به ) أي بالطلاق . قوله : ( وطلاق ثنتين ) أي بانضمامهما للأولى . قوله : ( طلاق واحدة ) أي في ضمن الأربعة . قوله : ( وطلاق ثلاث ) أي بانضمامها إلى ما قبلها ، وكذا ما بعده لا طلاق ثنتين ؛ لأن صفة الثنتين لا تصدق إلا في الثانية والرابعة . قوله : ( غير الأوليين ) أي غير اللذين وقعا بطلاق الثانية لأنهما وقعا به فلا يقعان بعد .
قوله : ( ولا يقع الطلاق ) كما لو قال لأجنبية إن تزوّجتك فأنت طالق وإن تزوجت فلانة فهي طالق أو كل امرأة تزوجتها فهي طالق ثم تزوّج المعينة أو غيرها لم يقع الطلاق عليه . ولو حكم حاكم بوقوعه فللشافعي نقضه كما قاله الولي العراقي وغيره وإن خالف فيه العلامة ابن قاسم ق ل . قال ابن حجر : ولو حكم بصحة تعليق ذلك قبل وقوعه حاكم نقض لأنه إفتاء لا حكم إذ شرطه وقوع دعوى ملزمة وقبل الوقوع لا يتصور ذلك ، نعم نقل عن الحنابلة وبعض المالكية عدم اشتراط دعوى كذلك فعليه لا ينقض حكم بذلك صدر ممن يرى ذلك كما هو واضح ؛ وتعليق العتق بالملك باطل كذلك اه بحروفه . والذي اعتمده زي جواز النقض مطلقاً اه خضر الشوبري . قوله : ( المعلق ) لو أبقى كلام المصنف على ظاهره من عدم صحة طلاق الأجنبية لكان أولى كما قاله ق ل . والحاصل أن كلام المصنف صادق بما إذا نجز الطلاق قبل النكاح وبما إذا علقه تم نكحها والشارح قصره على الثاني والأول يعلم منه بالأولى ، وقال(4/307)
"""""" صفحة رقم 308 """"""
شيخنا العشماوي : وإنما قيد بذلك ولم يبقه على إطلاقه ليشمل نحو قوله لأجنبية أنت طالق بالتنجيز لأن المعلق هو محل النزاع فافهم .
قوله : ( لا طلاق إلا بعد نكاح ) هذا يدل للإمام مالك بأن يقول لا طلاق يقع إلا بعد النكاح وإن كان موجوداً قبله ونحو نقول لا طلاق يصح إلا بعد النكاح .
قوله : ( وأربع ) بحذف التاء لحذف المعدود . قوله : ( ولا تعليق ) وإن وجد المعلق عليه بعد الكمال . قوله : ( الصبي ) خلافاً للحنابلة اه م د . قوله : ( والمجنون ) غير المتعدي . قوله : ( رفع القلم ) أي قلم التكليف فلا إثم عليهم بشيء وإن كانت إتلافاتهم معتبرة ؛ لأنه من ربط الأحكام بالأسباب اه م د . قوله : ( صح تصرفه ) الأولى أن يقول وقع طلاقه لأنه المقصود وكان يجعل صحة التصرف دليلاً له . قوله : ( لأنه لو الخ ) الأولى أن يقول : فلو طلق الخ ، بقاء التفريع . وقوله في هذا الجنون أي الواقع في السكر . قوله : ( والمبرسم ) هو من أصابه البرسام بفتح الباء ، وهو مرض يعتري الدماغ يخلط العقل . وقال بعضهم : البرسام داء معروف ، وفي بعض كتب الطب : أنه ورم حارّ يعرض للحجاب الذي بين الكبد والأمعاء ثم يتصل بالدماغ ، قال ابن دريد : البرسام معرّب وبرسم الرجل بالبناء للمفعول . وقوله : ( والمعتوه ) اسم مفعول من عته عتهاً من باب تعب نقص عقله من غير جنون أو دهشة وفي التهذيب المعتوه المدهوش من غير مس أو جنون اه مصباح . قوله : ( وهو الناقص العقل ) أي عن خبل لا عن عدم معرفة(4/308)
"""""" صفحة رقم 309 """"""
تصرف ق ل . قوله : ( رفع عن أمتي الخطأ ) أي المؤاخذة به ، وإلا فهو واقع منهم والإتلاف مضمون . قوله : ( فطلق واحدة ) وإن لم يملك غيرها ، فالضابط أنه متى خالف وقع الطلاق أو وافقه ونوى ما أكره عليه فإنه يقع . قوله : ( فكنى ) بالتخفيف والتشديد . قوله : ( فخرج بعاجلاً ما لو قال الخ ) يستثنى ما إذا ذكر زمناً قريباً جداً أو جرت العادة بأنه لا يتخلف اه فتح الباري على البخاري ؛ لكن ضعفه م ر . ولو علق بفعله ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً ففعله كذلك وقع لأنه فعله وقد ضيق على نفسه بخلاف ما لو حلف لا ينسى فنسي لا يقع لأنه لم ينسى بل أنسي ، فلو فعله عامداً عالماً مختاراً مثلاً لم يقع فيما يظهر لعدم وجود الصفة إذ المقصود حينئذ مجرد التعليق اه سم ، ثم قال : ولو قال إن لم تدخلي الدار اليوم فأنت طالق فنسيت الحلف ودخلت في ذلك اليوم فهل يتخلص بذلك الدخول ، قال الزركشي ، فيه احتمال والأقرب الانحلال اه . فإن صح ما رجحه استفدنا منه أن فعل الناسي يوجب الانحلال إذا كان المعلق عليه انتفاء الفعل ، وقياسه أن فعل المكره كذلك وعلى هذا فقولهم إنه لا أثر لفعل الناسي في بر ولا حنث محله إذا كان المعلق عليه الفعل .
قوله : ( تتمة ) هي في الدور وهو أنه يلزم من وقوع المعلق عدم وقوعه هل يصح أم لا(4/309)
"""""" صفحة رقم 310 """"""
وفيما يتبع ذلك م د . قوله : ( وقع المنجز فقط الخ ) قال الرافعي : لأن الجمع بين المنجز والمعلق ممتنع ووقوع أحدهما غير ممتنع والمنجز أولى لأنه أقوى من حيث افتقار المعلق إليه ؛ ولأنه جعل الجزاء سابقاً على الشرط بقوله قبله والجزاء لا يتقدم فيلغو اه عميرة . قال م ر في شرحه : وقع المنجز دون المعلق وقيل في مسألة التطليق لا يقع شيء لا من المنجز ولا من المعلق للدور ، ونقل عن النص والأكثرين ؛ واشتهرت المسألة بابن سريج لأنه الذي أظهرها ، لكن الظاهر أنه رجع عنها لتصريحه في كتابه الزيادات بوقوع المنجز . وقال ابن الصباغ : أخطأ من لم يوقع الطلاق خطأ فاحشاً ؛ وابن الصلاح وددت لو محيت هذه المسألة وابن سريج بريء مما نسب إليه فيها اه بحروفه . قوله : ( لزيادته على المملوك ) كان الأولى أن يقول للدور كما في الذي بعده ومفهوم قوله لزيادته أنه لو لم يزد وقعاً أي المنجز والمعلق . قوله : ( لأنه وقع الخ ) حاصله أن في وقوع المنجز دوراً لأنه لو وقع المنجز الخ ، وحينئذ فلا يقع المنجز للدور ، وإذا لم يقع المنجز لم يقع المعلق بحكم التعليق وحينئذ فلا يقع هذا ولا هذا كما قرره شيخنا . قوله : ( لم يقع المنجز ) لأن المعلق استوفى عدد الطلاق . قوله : ( لم يقع المعلق ) أي بمقتضى التعليق . قوله : ( وهو المعتمد ) نعم يجوز للإنسان أن يعمل بها في حق نفسه ق ل .
فرع : سئل ع ش عمن قال عليّ الطلاق لا أشتكي فلاناً إلا للكاشف هل يحنث إذا لم يشتكه للكاشف ؟ فأجاب بما نصه إن اشتكى لغير الكاشف حنث وإن لم يشتكه لا للكاشف ولا لغيره فلا يحنث ، لأن المعنى إن حصل مني شكوى لا تكون إلا للكاشف ، فإذا ترك الشكوى مطلقاً فلا حنث اه أج .
قوله : ( مما نسب إليه فيها ) أي من الدور المقتضي عدم وقوع شيء . قوله : ( ولو علق الطلاق ) أي في الثبوت وأما في النفي فإنه يقع حالاً كما في شرح م ر وحواشيه ، وما نقله زي في حاشيته عن عميرة من عدم الوقوع حالاً ضعيف . قوله : ( كصعود السماء ) أي كقوله إن(4/310)
"""""" صفحة رقم 311 """"""
صعدت السماء ، أما لو قال إن لم تصعدي السماء فأنت طالق فإنها تطلق حالاً لتحقق الحنث بمضي لحظة ، والذي قاله ز ي أنها لا تطلق في الثانية إلا باليأس فيراجع ؛ قاله م د . وهو مقتضى قاعدة الأدوات السابقة لأنها في النفي للفور سوى إن والأول يخصها بغير المستحيل . قوله : ( لم تطلق ) وهذا إذا علق إثباتاً كما علمت ، فإن علق نفياً كإن لم تصعدي السماء فأنت طالق أو نحوه وقع حالاً لليأس ، ويكون قولهم إنّ إن في النفي للتراخي أي في الممكن أما المستحيل فلا فرق بين إن وغيرها .
فرع : لو قال عليّ الطلاق الثلاث لا أفعل كذا ثم فعله وله زوجات فعند م ر له أن يحصر الطلاق في واحدة قبل الحنث لا بعده وليس له توزيع الطلاق عليهنّ ، وعند ابن حجر له أن يحصر قبل الحنث وبعده ولو بعد الموت أو البينونة للذي عينها له بشرط أن تكون زوجة وقت الحلف ؛ وهذا إن لم يقل من زوجاتي وإلا وقع على الكل .
فرع : فعلت ناسية فظنت انحلال اليمين فدخلت ثانية عامدة لم يحنث لعذرها ، وكذا لو حلف لا تخرج إلا بإذنه فإخبرها شخص أنه أذن لها فخرجت لم يحنث وإن تبين كذب المخبر لعذرها وكذا لو حلف وأفتاه مفت بعدم الحنث ففعل فتبين بطلان الإفتاء لعذره ؛ لأن المدار على غلبة الظن .
قوله : ( واليمين فيما ذكر منعقدة الخ ) أي فعدم وقوع الطلاق بذلك لا يمنع انعقاد اليمين حتى يترتب عليه الكفارة ، أي فلو قال والله لا أحلف ثم قال إن صعدت السماء فأنت طالق ؛ يحنث ويلزمه الكفارة اه . قوله : ( حتى يحنث بها المعلق على الحلف ) كأن قال إن حلفت فزوجتي طالق فقال ما ذكر أي إن صعدت السماء فزوجتي طالق ونحوه مما بعده ، فإن زوجته تطلق بهذا التعليق لأنه يقال له حلف أفاده شيخنا . قوله : ( فكلمت حائطاً مثلاً ) أو بهيمة أو شخصاً غيره ولو بقصد زيد اه م د ، أي بقصد سماعه . قوله : ( لم يحنث في أصح الوجهين ) وهو المعتمد كما في اليمين بالله .
تنبيه : المكره بفتح الراء بحق كالمختار كما في المولى ولو ادّعى وقوع الطلاق منه حال صباه أو جنونه أو نومه أو إكراهه وأمكن نحو الصبا وعهد الجنون ووجد نحو الإكراه صدّق بيمينه وإلا فلا ق ل .
قوله : ( أو أحداً من محارمها ) أي أو زوجها .(4/311)
"""""" صفحة رقم 312 """"""
قوله : ( قبل منه ) مثله في شرح م ر .
فرع : لو علق الطلاق بنحو دخوله فحمل ساكتاً قادراً على الامتناع وأدخل لم يحنث ، وكذا إذا علق بجماعه فعلت عليه ولم يتحرك ولا أثر لاستدامتهما لأنها ليست كالابتداء اه شرح م ر .
3 ( ( فصل : في الرجعة ) ) 3
ذكرها عقب الطلاق لأنه سببها والمسبب يؤخر عن السبب . وعبارة ز ي : وذكر المصنف الرجعة عقب الطلاق إشعاراً بأنها في حكم ابتداء النكاح كما سيظهر في بعض فروعها وإن ظهر في بعض آخر أنها في حكم استدامة النكاح ، أي لأنها لا تكون إلا بعده ؛ ولذلك لا يطلق الترجيح فيها بشيء من أنها ابتداء نكاح أو استدامة ؛ وسكت كالأصحاب عن سنّ الرجعة وعدمه لاختلاف ذلك بحسب الحال اه . وأصلها الإباحة وتعتريها أحكام النكاح ، فتجب على من طلق إحدى زوجتيه قبل أن يوفي لها ليلتها ، وتحرم فيما إذا ترتب عليها عدم قسم أو عجز عن الانفاق أو المعاشرة بالمعروف ، وتكره حيث سنّ الطلاق ، وتندب حيث طلقت بدعياً .
قوله : ( وهي ) أي الرجعة بفتح الراء وكسرها المرة الخ . ولا يعارضه ما ذكره النحويون أن فعلة للمرة وفعلة بالكسر للهيئة ؛ لأن ذلك اصطلاح نحويّ وما هنا أمر لغوي باعتبار ما نقل عن العرب . قوله : ( من الرجوع ) أي من طلاق أو غيره . قوله : ( رد المرأة ) من إضافة المصدر إلى المفعول بعد حذف الفاعل ، أي رد الزوج أو من قام مقامه من وكيل إلى النكاح ، أي الكامل ؛ وإلا فهي في حكم المنكوحة بدليل لحوق الظهار والإيلاء والطلاق واللعان والتوارث ، أو يقال إلى النكاح أي موجبه وهو الحل . قوله : ( من طلاق ) خرج وطء الشبهة والظهار وكذا الإيلاء . قوله : ( في العدة ) متعلق برد وهو إيضاح لأنه بعدها صار بائناً ق ل . قوله : ( على وجه مخصوص ) أشار إلى شروط الرجعة أي من كونها قابلة للحل معينة لم يستوف عدد طلاقها . قوله : ( والأصل فيها ) أي الرجعة . قوله : ( وبعولتهنّ ) أي أزواجهنّ جمع بعل والتاء لتأنيث(4/312)
"""""" صفحة رقم 313 """"""
الجمع كالعمومة على أنها جمع عم ، أو البعولة مصدر على تقدير وأهل بعولتهنّ اه م د . قوله : ( أحق بردهنّ ) أفعل التفضيل ليس على بابه إذ لا حق لغيرهم . قوله : ( أي في العدّة ) وعبارة الخطيب : أي في التربص المفهوم من يتربصن والمعنى واحد . قوله : ( وقوله أتاني جبريل فقال راجع حفصة الخ ) هي بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، وكانت قبل النبي تحت خنيس بن حذافة رضي الله عنه فتوفى عنها بجراحات أصابته ببدر ، وكانت ولادتها قبل النبوّة بخمس سنين ومات بالمدينة في شعبان سنة خمس وأربعين وقد بلغت ثلاثاً وستين سنة ، وطلقها . وسبب ذلك أنه كان في بيتها فاستأذنته في زيارة أبيها فأذن لها فأرسل إلى مارية وأدخلها في بيت حفصة وواقعها فرجعت حفصة فأبصرت مارية في بيتها مع النبي فلم تدخل حتى خرجت مارية ثم دخلت وقالت له : إني رأيت من كان معك في البيت ، وغضبت وبكت وقالت : يا رسول الله لقد جئت إليّ شيئاً ما جئت به إلى أحد من نسائك في يومي وفي بيتي وعلى فراشي . فلما رأى في وجهها الغيرة قال : ( اسكتي فهي عليّ حَرَامٌ أبتغي بذلك رِضَاكِ ) وفي رواية : ( أما تَرْضَيْن أن أحرِّمها على نفسي ولا أقربها أبداً ) قالت : بلى . وحلف أن لا يقربها . وفي رواية : ( قَدْ حَرَّمتها عليّ ومع هذا أُخْبِرُك أن أباكِ الخليفة مِنْ بَعْدِ أبي بَكْرٍ فاكْتُمي هذا عليّ ) فأخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها فقالت لها : قد أراحنا الله من مارية فإن رسول الله قد حرّمها على نفسه ، وقصت عليها القصة وكانتا متصادقتين ؛ فأطلع الله رسوله على أن حفصة قد نبأت عائشة بما أسره إليها من أمر مارية وأمر الخلافة فطلقها فلما أخبر عائشة ببعض ما أسرته لها حفصة وهو أمر مارية وأعرض عن بعضه وهو أمر الخلافة خوفاً أن ينتشر ذلك في الناس ، قالت عائشة : من أنبأك هذا ؟ قال : ( نبّأَني العليم الخبير ) وأنزل الله تعالى في تحريم مارية قوله تعالى : ) يا أيها النبي لم تحرم ما أحلّ الله لك } ) التحريم : 1 ) إلى قوله : ) قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } ) التحريم : 2 ) فلما أفشت حفصة سره طلقها فجاءه جبريل يأمره بمراجعتها لأنها صوّامة قوّامة وإنها إحدى زوجاته في الجنة اه ملخصاً من سيرة ح ل .
قوله : ( محل ) هو الزوجة . وقوله : ( ومرتجع ) وهو الزوج . قوله : ( وشروط صحة الرجعة ) عبارة المنهج : وشرط في المحل كونه زوجة موطوءة معينة قابلة لحل مطلقته مجاناً لم(4/313)
"""""" صفحة رقم 314 """"""
يستوف عدد طلاقها . قوله : ( أن يكون الطلاق ) ولو بتطليق القاضي على المولي ، ويكفي في تخليصها منه أصل الطلاق فلا يقال ما فائدة طلاق القاضي حيث جازت الرجعة من المولى ع ش على م ر . قوله : ( ولو قال ) أي بدل الشرط الأوّل . قوله : ( بعد الدخول ) ولو في الدبر ، ولو لم تزل بكارتها كأن كانت غوراء إذ لا ينقص عن الوطء في الدبر كما قاله ع ش . قوله : ( استدخال المني ) ولو في الدبر . قوله : ( قبل انقضاء العدة ) صادق بالمقارنة وفي التحفة منع الرجعة في هذه الحالة فليراجع شوبري . وعبارة بعضهم : قبل انقضاء العدّة ، أي بأن كانت في أثنائها أو كانت لم تشرع فيها بأن طلقت في الحيض فله الرجعة فيه وإن لم تشرع في العدّة إلا بمجيء الطهر .
فرع : لو شك في الطلاق فراجع احتياطاً ثم إنه اتضح له الحال صحت لأن العبرة في العقود بما في نفس الأمر ، بخلاف العبادة لأن العبرة فيها بهما أي بما في نفس الأمر وظن المكلف . وإنما كان نكاح الخنثى المشكل امرأة باطلاً إذا تبين رَجُلاً لأنه يحتاط في المعقود له وعليه خلافاً للقليوبي ح ف .
قوله : ( مع أن هذا الفصل ) أي الذي نحن فيه بتمامه لا الفصل الآتي كما فهم المحشي ؛ لأنه فهم أن المراد بالفصل الترجمة فقط ، فظن أن الإشارة لقوله في الفصل بعده كما قرره شيخنا . ومراد الشارح بقوله : ( مع أن هذا الفصل الخ ) أي فلا يقال إن هذا مغن عما يأتي ، والظاهر أن مع بمعنى على فهما فصل واحد ذكر في أوله المنطوق وفي أثنائه المفهوم . قوله : ( فلو أسلمت الكافرة الخ ) بخلاف ما لو أسلم هو فقط وكانت تحل له أو أسلما معاً مطلقاً ، فإن النكاح يدوم فيهما سواء كان قبل الدخول أو بعده . قوله : ( لأن مقصود الرجعة الحل والردة تنافيه ) وصحة رجعة المحرم لإفادتها نوعاً من الحل كالنظر والخلوة شوبري .(4/314)
"""""" صفحة رقم 315 """"""
قوله : ( وضابط ذلك ) أي عدم صحة الرجعة . قوله : ( فلو طلق إحدى زوجتيه الخ ) عبارة م ر في شرحه : واستفيد من كلامه عدم صحة رجعة مبهمة كما لو طلق إحدى زوجتيه ثم قال راجعت المطلقة ؛ لأن ما لا يقبل التعليق لا يقبل الإبهام اه بحروفه . قوله : ( ثم راجع إحداهما ) أي مبهمة . قوله : ( لشبهها ) أي الرجعة بالنكاح أي فهي كابتداء النكاح في هذا الحكم ، وقوله وهو أي النكاح . قوله : ( لو تعينت ونسيت الخ ) عبارة م د : ولو تعينت ونسيت لم تصح رجعتها أي إذا قصد رجعة المطلقة إما إذا راجع معينة فتبين أنها التي نسيت فيصح اعتباراً بما في نفس الأمر ؛ كذا بهامش فليراجع .
قوله : ( وشك في حصوله ) أي الشيء كما لو علق طلاقها على فعلها الشيء وشك هل فعلته أو لا فراجع احتياطاً ثم ظهر له أنها فعلته . قوله : ( الكمال سلار ) بفتح السين المهملة وتشديد اللام : لفظ أعجمي ، فهو ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة ومعناه رئيس الجيش .
3 ( ( فصل : في بيان ما يتوقف عليه حلّ المطلقة ) ) 3
وهو الرجعة في الرجعية وتجديد العقد في البائن بدون الثلاث والمحلل في المطلقة ثلاثاً . والترجمة بالفصل ساقطة في بعض النسخ وفي بعضها ثابتة ، وهذا على ثبوت الفصل السابق وأما على سقوطه فما هنا ثابت ولا بد .
قوله : ( وإذا طلق ) خرج الفسخ فلا رجعة فيه لأنه شرع لدفع الضرر . قوله : ( الحر ) قيد به لقوله بعد واحدة أو ثنتين ، وإلا فالعبد مثله إذا طلق طلقة . قوله : ( بغير عوض منها ) أو من غيرها . قوله : ( طلقة واحدة أو ثنتين فله مراجعتها ما لم تنقض عدتها ) تصريح بمفهوم قوله(4/315)
"""""" صفحة رقم 316 """"""
السابق أن يكون الطلاق دون ثلاث وأن يكون قبل انقضاء العدة اه م د . وهو غير ظاهر ، بل هو عين ما تقدم لا مفهومه بل المفهوم قوله الآتي : ( فإذا انقضت عدتها ) ، وقوله : ( فإن طلقها ثلاثاً ) إلا أن يجاب عنه بأن مراده أن هذا توطئة للمفهوم . قوله : ( لو استدخلت ماءه ) ولو في الدبر بشرط أن تكون زوجة حالتي الإنزل والاستدخال وتصدّق في نفي الوطء ونفي استدخال المني اه برماوي . قوله : ( لقوله تعالى ) هذا إنما يظهر استدلالاً على المفهوم ، فكان الأنسب للشارح تأخيره عند قوله فإذا انقضت عدتها كان له إعادة نكاحها بعقد جديد ، يشير لذلك قول الشارح ، ولو كان حق الرجعة باقياً الخ فقوله : لقوله تعالى أي لمفهومه . قوله : ( أجلهن ) أي العدة . قوله : ( فلا تعضلوهن ) أي فلا تمنعوهن أي من أن ينكحن أزواجهن المطلقين لهن ؛ لأن سبب نزولها أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها أبو الدحداح ثم ندم فخطبها بعد عدتها فرضيت ومنعها أخوها أن تتزوجه أي لا تحبسوهن ولا تمنعوهن من أن ينكحن أزواجهن الذين يرغبون ويصلحون لهنّ إذا تراضوا أي النساء والمريدون نكاحهنّ . قوله : ( يرد عليه ) أي على قوله فله مراجعتها ما لم تنقض عدتها ، فإن المعاشرة لا تنقضي عدتها بمضيّ الأقراء أو الأشهر ومع ذلك لا رجعة فيما زاد على الثلاث منهما ؛ قال ق ل : قد يقال لا إيراد لأن انقضاء عدتها بالنسبة لغير لحوق الطلاق متفق عليه سم . وبخط بعض الفضلاء قوله : فإن العدة لا تنقضي أي بالنسبة إلى غيره ، أي فلا يجوز لغيره أن يتزوّجها لأنها بالنسبة للغير في حكم الزوجة وبالنسبة للزوج في حكم الأجنبية ، فيمتنع عليه مراجعتها إلا بعقد جديد ؛ ذكره م د . وابتداء العدة التي يحل النكاح بعدها من حين التفريق فقد تبعضت الأحكام فإنه يلحقها الطلاق فقط لا الإيلاء ولا الظهار ، ولا نفقة لها ولا كسوة ولا ترثه ، ويجب لها السكنى ولا يحدّ بوطئها كما قاله م ر .
قوله : ( الرجعية ) خرج البائن . قوله : ( مخالطة الأزواج ) المراد أنه متمكن منها ولو في بعض الأزمان كالليل دون النهار ، كما أفاده شيخنا . قوله : ( بلا وطء ) أي أو بوطء بلا حمل فقوله بلا وطء ، ليس بقيد كما صرح به في المنهج وغيره . وهذا التعميم في الرجعية كما ذكره الشارح ، وأما البائن فإن عاشرها بلا وطء فإن العدة تنقضي فإن كان يطؤها فهي كالرجعية فلا تنقضي عدتها ، فإذا أرادت التزويج فرّق بينهما الحاكم ثم تعتدّ بعد ذلك ؛ وهو مشكل فإنّ وطأها زنا ووطء الزنا لا يؤثر فمقتضاه انقضاء العدة مع الوطء تدبر . قوله : ( ولا رجعة له بعد الأقراء الخ ) أي احتياطاً فيهما أو تغليظاً عليه وهذا هو المفتى به وحينئذ فهي كالبائن بعد مضي عدتها الأصلية إلا في لحوق الطلاق خاصة فلا توارث بينهما ، ولا يصح منها إيلاء ولا(4/316)
"""""" صفحة رقم 317 """"""
ظهار ولا لعان ولا نفقة لها ولا كسوة وتجب لها السكنى ، ولا يحد بوطئها كما رجحه البلقيني في النفقة وأفتى بجميعها الوالد رحمه الله تعالى شرح م ر . واعتمد الطوخي أنه يجوز له أن ينكح نحو أختها وأربعاً سواها ، واعتمد الشيخ سلطان خلافه . قوله : ( وإن خالف في ذلك ) أي في عدم الرجعة ، أي فقال له الرجعة بعد ما ذكر . قوله : ( ودخل في كلامه ) أي قوله ما لم تنقض عدتها . قوله : ( فحملت ) فإن لم تحمل فتقدم عدة الطلاق فتكون في عدته . قوله : ( مع أنها ليست في عدته ) لأن عدة وطء الشبهة مقدمة حينئذ . قوله : ( وشرط في المرتجع الخ ) هذا في المعنى معطوف على قوله : بدأ بشروط المحل وكان الأولى ذكر ذلك في الفصل السابق ليكون الكلام على الأركان كلها في محل واحد . قوله : ( وإن توقف ) أي النكاح على إذن أي فلا تتوقف الرجعة من العبد والسفيه عليه ؛ لأنها استدامة فيغتفر فيها ذلك وإن توقف ابتداء نكاحهما على إذن مالك أمرهما . قوله : ( فتصح رجعة سكران ) أي إذا كان متعدياً ع ش . قوله : ( وسفيه ) أي وعبد ولو بغير إذن الولي والسيد اه م ر . قوله : ( ومحرم ) ومثله من طلق أمة وتحته حرة وأمة لأنها دوام كما مر وهما أهل للنكاح في الجملة . ووجه إدخال المحرم أنه أهل للنكاح وإنما الإحرام مانع أي فهو أهل للنكاح في الجملة . لا يقال هذا يصدق بالمرتد فيقال إنه أهل للنكاح في الجملة لولا الردة ؛ لأنا نقول بين الإحرام والردة فرق واضح لأن الردة تزيل أثر النكاح كما سيصرح به بخلاف الإحرام فإنه مانع كلا مانع قاله ح ل ، وصحت رجعة المحرم لإفادتها نوعاً من الحل كالنظر والخلوة اه . قوله : ( لا مجنون ) بأن طلق في حال إفاقته أو علق الطلاق بصفة ووجدت حال جنونه اه س ل . قوله : ( ومكره ) ونائم ومبرسم ومعتوه . قوله : ( ولوليّ من جن ) أي يجب عليه ذلك لأنه جواز بعد امتناع ، قال ابن قاسم : وانظر إذا طلق الصبي وحكم الحنبلي بصحة طلاقه هل لوليه الرجعة حيث يزوّجه كما هو ظاهر قياس المجنون اه . أقول : الظاهر أن له الرجعة قياساً على ابتداء النكاح وإن كان بائناً عند الحنبلي ؛ لأن الحكم بالصحة لا يستلزم التعدّي إلى ما يترتب عليها وهو عدم الرجعة ، فإن كان حكم بصحته وبموجبه وكان من موجبه عنده امتناع الرجعة احتاج في ردها إلى عقد جديد اه ع ش على م ر . قوله : ( بأن يحتاج إليه ) اقتضى هذا وجوب الرجعة له كابتداء النكاح ، وقال بعضهم :(4/317)
"""""" صفحة رقم 318 """"""
لا تجب لإمكان أن يزوجه غيرها ، ونظر فيه بأن فيه غرامة لصداق آخر من غير حاجة إليه والوليّ ممنوع من مثله فتأمل ق ل على الجلال . قوله : ( وفي معناه ما مر ) الذي مرّ الكتابة وإشارة الأخرس . قوله : ( إليّ ) هو شرط في رددتك فقط فإن الفعل بدونها مجمل يحتمل أنه ردّها على أهلها فلم يقبلها فيحتاج للمتعلق ، بخلاف باقي الصيغ ومثل إليّ إلى نكاحي . وعلم مما ذكره أنه لا بد من الإضافة إليها باسم ظاهر كزينب أو ضمير أو اسم إشارة كهذه . وعبارة شرح المنهج وم ر : ويسن في ذلك الإضافة كأن يقول إليّ أو إلى نكاحي إلا رددتك ، فإنه يشترط فيه ذلك لأن الرد وحده المتبادر منه إلى الفهم ضد القبول فقد يفهم منه الرد إلى أهلها بسبب الفراق فاشترط ذلك في صراحته خلافاً لجمع اه . قوله : ( ورجعتك ) بتخفيف الجيم قال تعالى : ) فإن رجعك الله إلى طائفة } ) التوبة : 83 ) ومثله راجعت زوجتي إلى عقد نكاحي . قال ز ي : واستشكل قول المرتجع راجعت زوجتي إلى نكاحي مع أن المرتجعة لم تخرج عن نكاحه بل هي زوجة حكماً في النفقة وغيرها . وأجيب بأن المراد راجعتها إلى نكاح كامل غير صائر لبينونة بانقضاء عدة . قال ح ل : فلو أسقط الضمير نحو راجعت كان لغواً اه . قال ع ش على م ر : وينبغي أن يستثنى منه ما لو وقع جواباً لقول شخص له أراجعت امرأتك التماساً كما تقدم نظيره في الطلاق اه . واعلم أنه لا يشترط تحقق وقوع الطلاق على المعتمد ، فلو شك فيه فراجع احتياطاً ثم اتضح له الحال صح لأن العبرة في العقود بما في نفس الأمر ، وإنما لم يكتف بالوضوء فيمن شك ثم بان حدثه لأنه لم يكن ثم جازماً بالنية والعبادات يعتبر لصحتها ما في نفس الأمر مع ظن المكلف لئلا يكون متردداً في النية اه . قوله : ( وأمسكتك ) وإن لم يقل إليّ أو إلى نكاحي على المعتمد ق ل . ونبه الزركشي على أن الرد أشهر في معنى الرجعة من الإمساك وإن كان الإمساك متكرراً في القرآن بخلاف الرد ، ويجوز مسكتك في لغة ولو قال اخترت رجعتك فليس بصريح ؛ قاله النووي . وينبغي أن لا يقول ما يقوله بعض الناس اشهدوا عليّ أني راجعت زوجتي اه سم . قوله : ( وورودها ) أي ورود مجموعها وهو الرد في قوله تعالى : ) أحق بردهن } ) البقرة : 228 ) والامساك في قوله : ) فإمساك بمعروف } ) البقرة : 229 ) والرجعة في قوله : ) فلا جناح عليهما أن يتراجعا } ) البقرة : 230 ) . قوله : ( سائر ما اشتق من مصادرها ) أي مما هو مناسب له أو لها ، لو قال أنت مراجعة بكسر الجيم أو أنا مراجع بفتحها كان لغواً اه ح ل ، وأما المصادر فكناية . قوله : ( كأنت مراجعة ) أو مرتجعة ويقوم مقام الضمير هذه أو فلانة ولو(4/318)
"""""" صفحة رقم 319 """"""
حاضرة فلا يكفي راجعت فقط ؛ وهل يكفي الإضافة إلى جزئها ؟ راجعه ق ل على الجلال . وأقول : راجعته فوجدت ع ش صرح بما نصه : ولو أضاف الرجعة إلى بعضها كأن قال راجعت يدك أو رجلك أو نحو ذلك لا يصح لأن ما لا يصح توقيته ولا تعليقه لا يصح إضافته إلى الجزء اه . قوله : ( وما كان بالعجمية وإن أحسن العربية ) وعلى هذا إذا أتى بغير العربية هل ما كان صريحاً بالعربية إذا أتى به بالعجمية يكون صريحاً أو يكون كناية وتكون الكناية كناية باقية على حالها ، سئل عن ذلك شيخنا في درسه وتحرر أن الصريح بالعربية إذا أتى به بالعجمية يكون صريحاً والكناية كناية اه خ ض . قوله : ( كتزوّجتك ) أي سواء جرى ذلك في عقد أم لا ، فإنه يكون كناية ، فإذا جرى بينه وبين الولي عقد النكاح بإيجاب وقبول فهو كناية في الرجعة لأن ما كان صريحاً في شيء لا يكون صريحاً في غيره كالطلاق والظهار ، فإن نوى فيما إذا عقد على الرجعية بإيجاب وقبول الرجعة حصلت وإلا فلا ولا يلزم المال الذي عقد به اه م د . قوله : ( ونكحتك ) أي أو رفعت التحريم واخترت رجعتك أو أعدت حلك سم . قوله : ( ويشترط فيها ) أي الصيغة . قوله : ( إن شئت ) أي بكسر التاء وكسر الهمزة ، أما إذا ضم التاء من شئت فيصح أو فتح الهمزة من إن أو أبدلها بإذ صحت الرجعة لا فرق بين النحوي وغيره ، وقيل يفرق بين النحوي وغيره وهو المعتمد كما ذكره ز ي . قوله : ( شهراً ) هل مثله ما لو أتى بما يبعد بقاء الدنيا إليه ، وكذا في ح ل ، وفي ع ش على م ر : قوله وعدم توقيت شمل ما لو قال راجعتك بقية عمرك فلا تصح الرجعة ، وقد يقال بصحتها لأن قوله ذلك معناه أنه راجعها بقية حياتها . قوله : ( وسن إشهاد عليها ) سواء بلفظ صريح وهو واضح أو كناية على اللفظ المنطوق به كما قاله الزركشي ، ويسنّ على الإقرار بها أيضاً ويثاب على ذلك وإن كان فيه إرشاد لأنه ليس لمحض الإرشاد ق ل ، فلو علمنا بالطلاق وانقضت العدة وعاشرها وادعى أنه راجعها فلا يصدق ولا يقر على ذلك إلا بالبينة ، وهذا هو فائدة سنية الإشهاد . قوله : ( خروجاً من خلاف من أوجبه ) وهو الإمام مالك وقول قديم في الأم ، وعن الإمام أحمد روايتان وجوب الاشتراط واستحبابه كما في شرح الدميري . قوله : ( لأنها في حكم استدامة النكاح ) أي في غالب الأحكام ، ولذلك لا يحنث بها من حلف لا يتزوّج على المعتمد ، ولو حلف لا يراجع حنث برجعته بنفسه أو وكيله ق ل . وانظر معنى هذه الظرفية وما معنى كونها في حكم الاستدامة مع أنها استدامة ، وكان الصواب أن يقال : لأنها استدامة الخ . قوله : ( لإثبات الفراش ) المراد به الزوجية كما(4/319)
"""""" صفحة رقم 320 """"""
يصرح به الشارح في باب اللعان ، فإن لم يشهد استحب الإشهاد عند إقرارها بالرجعة خوف جحودها . ولو انقضت العدة وادعى الزوج أنه راجعها قبل انقضائها وأنكرت الزوجة الرجعة قبل انقضائها فلا يصدق الزوج إلا ببينة ، فلو صدقته الزوجة في ذلك فلا يشترط البينة اه ع ش .
قوله : ( قد علم مما تقرر ) أي من أن الصيغة لا بد أن تكون لفظاً أو ما في معناه ح ل . قوله : ( غير الكتابة وإشارة الأخرس ) أي لأنهما ملحقان بالقول في كونهما كنايتين شرح م ر . قوله : ( المفهمة ) فإن فهمها كل أحد فهي صريحة وإلا فكناية ، ومع ذلك يحصل بها الرجعة برماوي . قوله : ( كوطء ) مثال لما لا تحصل به ، خلافاً لأبي حنيفة فإنها تحصل به عنده ، فلو كانت شافعية فوطئها وهو حنفي فله الطلب وعليها الهرب وعليه به مهر المثل وإن راجع بعده لأنها في تحريم الوطء كالبائن ، فكذا في المهر ، بخلاف ما لو وطىء زوجته في ردتها أو ردته ثم أسلمت أو أسلم لأن الإسلام يزيل أثر الردة والرجعة لا تزيل أثر الطلاق ، قاله في شرح المنهج . وقوله : ( مهر المثل ) أي مهر بكر إن كانت بكراً ومهر ثيب إن كانت ثيباً ، وظاهره وإن علمت بالتحريم قال شيخنا وفيه أنه يلزم عليه أن يكون عقد واحد أوجب مهرين . وأجيب بأن الموجب مختلف لأن الموجب للأوّل نفس العقد والموجب للثاني وطء الشبهة . قال ح ل : ولا يتكرر بتكرره لاتحاد الشبهة ما لم يدفع مهر الأوّل قبل الوطء الثاني اه .
تنبيه : الرجعية زوجة في خمس آيات : الأولى في قوله تعالى : ) ولهنّ الربع مما تركتم } ) النساء : 12 ) الثانية قوله تعالى : ) وللمطلقات متاع بالمعروف } ) البقرة : 241 ) الثالثة : ) والذين يظاهرون من نسائهم } ) المجادلة : 2 ) الرابعة : ) للذين يؤلون من نسائهم } ) البقرة : 226 ) الخامسة : ) والذين يرمون أزواجهم } ) النور : 6 ) .
قوله : ( وإن نوى به الرجعة ) نعم لو صدر ذلك من كافر واعتقده رجعة ثم أسلموا وترافعوا إلينا أقررناهم كما نقرهم على الأنكحة الفاسدة بل أولى لأنه دوام فيتوسع فيه ، بخلاف ما لو ترافع حنفيان فلا نقرهم إِلا إن حكم لهما حاكم بصحته برماوي مع زيادة . قوله : ( في انقضاء العدة ) قيد أول وقوله بغير أشهر قيد ثان ، وقوله إن أمكن قيد ثالث ، وكذا تصدق في بقاء العدة ، وإن وصلت إلى سن اليأس ولها النفقة . قوله : ( من أقراء ) ولو باستعجالها . قوله : ( أو وضع ) وإن استعجلته بدواء ويحرم إن نفخت فيه الروح ، وإِلا فيكره ، وهذا مما يجب كتمه عن النساء اه م د . قوله : ( إذا أنكره الزوج ) خرج ما لو مات فتعتد لوفاة ولا تصدق(4/320)
"""""" صفحة رقم 321 """"""
في انقضاء عدتها قبل موته ولا ترثه ، وقال الأذرعي : فإن كان الطلاق بائناً صدقت ولو ماتت فادعى وارثها الانقضاء قبل موتها صدق الوارث في عدة أشهر ق ل وبرماوي . قوله : ( فتصدّق ) أي بيمينها كما في المنهاج ، ولا يجوز لها النكاح ولها النفقة عملاً بإنكاره فيهما . قوله : ( وإن خالفت عادتها ) أي في الحيض بأن كانت عادتها في كل شهرين حيضة فادعت أنها حاضت في شهر حيضة ح ف . قوله : ( مؤتمنات على أرحامهنّ ) حيضاً وحملاً ، والمؤتمن على الشيء يصدّق فيه بيمينه . قوله : ( كنسب ) صورته أن تأتي بولد فيقول الزوج هو مستعار ولم تلديه فيصدق الزوج ولا يقبل قولها إِلا ببينة على ولادتها ، وأما إذا وافقها على أنها ولدته وأنكر كونه منه فإنها تصدّق ولا ينتفي عنه إِلا باللعان بعد النفي ، وقوله إِلا ببينة . فإن قلت : النساء مؤتمنات على ذلك . فالجواب أن هذا لما تعلق بالغير لم يقبلن فيه إِلا ببينة . وعبارة سم : قوله كنسب أي فلا يقبل قولها . لا يقال هذا يخالف ما تقرر من أنه إذا أتت الزوجة بولد للإمكان لحقه ولا ينتفي عنه إِلا بنفيه بشرطه وهو اللعان ؛ لأنا نقول لا مخالفة لأن ذلك فيما إذا أسلم أنها أتت به وما هنا فيما إذا أنكر إتيانها به اه . قوله : ( واستيلاد ) ذكره هنا استطرادي لأن الكلام في الرجعة لا في الاستيلاد . وصورة ذلك أن تدّعي الأمة أن السيد وطئها وأن هذا الولد منه وينكر السيد الوطء ، فالقول قول السيد ولا يقبل قولها إِلا ببينة على إقرار السيد بأنه وطىء لأن الملك محقق فلا يزول إِلا بيقين . قوله : ( إِلا ببينة ) أي على الولادة بعد مضي مدة من إمكان الوطء يمكن فيها ذلك في النسب وبعد إقراره بالوطء بالنسبة للاستيلاد . قوله : ( وبغير الأشهر انقضاؤها بالأشهر ) فيصدّق بيمينه ، ولو انعكست الصورة فادعى الانقضاء وقال طلقتك في رمضان فقالت بل في شوّال صدقت بيمينها لأنها غلظت على نفسها ؛ كذا قالاه ، وهو بالنسبة لتطويل العدة خاصة وأما النفقة في المدّة الزائدة على ما يقوله الزوج فإنها لا تستحقها كما ذكروه في العدة وصرح به هنا صاحب الشامل والكافي وحكاه صاحب البحر عن نص الإملاء ق ل . وله أن يتزوّج أختها ، وحكى في الحاوي في النفقة وجهين اه خ ض .
قوله : ( أو غيره ) أي كقرب الزمن من الطلاق كما قاله شيخنا . قوله : ( فيصدّق بيمينه ) واضح في الآيسة ، وأما الصغيرة فكان ينبغي تصديقه بلا يمين . وجعل الآيسة لا يمكن حيضها محل نظر فقد تقدم في التعليق على حيضها قبول قولها وإن خالفت العادة فكيف ينتفي الإمكان لا سيما مع قولهم إن استقراء حد اليأس ناقص ؟ وما دامت المرأة حية فحيضها ممكن إِلا أن يقال اليأس يقوّي جانب الزوج فيصدق . قوله : ( ويمكن انقضاؤها بوضع التمام الخ ) ولا بد من(4/321)
"""""" صفحة رقم 322 """"""
انفصال جميع الحمل حتى لو خرج بعضه فراجعها صحت الرجعة ولو ولدت ثم راجعها ثم ولدت لدون ستة أشهر صحت وإِلا فلا اه شرح م ر . قوله : ( بستة أشهر ) أي عددية لا هلالية ، أخداً مما يأتي في المائة والعشرين . قوله : ( ولحظتين ) أي لحظة للوطء ولحظة للوضع ، فلو أتت به تاماً لدون ذلك لا يلتفت إليها ولا تنقضي عدتها به لأنا نحكم بأنه من غيره . قال م ر في شرحه : وكان أقله ذلك لما استنبطه العلماء اتباعاً لعلي كرم الله وجهه من قوله تعالى : ) وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } ) الأحقاف : 15 ) مع قوله : ) وفصاله في عامين } ) لقمان : 14 ) اه . قال شيخنا ، أي فإذا كان فصاله في عامين وهما مدة الرضاع كان الباقي وهو ستة أشهر مدة الحمل . قوله : ( من حين إمكان اجتماعهما ) أي عادة ولا نظر لإمكانه خرقاً للعادة من نحو وليّ اه ق ل . قوله : ( ولمصوّر ) أي ولد مصوّر أي فيه صورة ظاهرة أو خفية بقول القوابل ، وهذه يثبت بها الاستيلاد ويجب فيها الغرة ق ل . قوله : ( بمائة وعشرين يوماً ) عبروا بها دون أربعة أشهر لأن العبرة هنا بالعدد دون الأهلة شرح م ر . قال سم في حاشية المنهج بعد قوله ( بمائة وعشرين يوماً ) : ذكر الرافعي في باب العدد أنه يتصور في ثمانين ، وكذا نقله في الشامل والحاوي ، ونقل عن العراقيين . قال الزركشي : ويشهد له رواية مسلم اه برلسي . وقال م ر : في شرحه بعد قوله ولمصوّر بمائة وعشرين لخبر الصحيحين : ( إِنّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أمّه أربعين يوماً نُطْفَةً ثم يكون عَلَقَةً مثل ذلك ثم يكون مُضْغَةً مثل ذلك ثم يُرْسَلُ إليه المَلَكُ فينفخُ فيه الرُّوحَ ) اه وقوله إن أحدكم أي كل واحد منكم يا بني آدم يجمع خلقه أي مادة خلقه وهو المنيّ أربعين يوماً ، ففي رواية : ( إِنَّ النُّطْفَةَ إِذا وَقَعَتْ في الرَّحمِ وأراد الله أن يَخْلُقَ منها بَشَراً طارتْ تحت كل ظفْرٍ وَشَعرٍ وعِرْقٍ وعُضْوٍ ، فإذا كان يوم السابع جَمَعَهُ الله تعالى ) وفي رواية : ( إنها تمْكُثُ كذلك أربعين ليلة ثم تَصِيرُ دماً في الرحم فذلك جمعها ، ثم يكون عقب تلك الأربعين في ذلك المحل علقة أي قطعة دم تجمد شيئاً فشيئاً مثل ذلك أي أربعين يوماً ، ثم عقب هذه الأربعين الثانية تكون أيضاً في هذا المحل مضغة أي قطعة لحم قدر ما يمضغ وتقوى شيئاً فشيئاً مثل ذلك أي أربعين يوماً ، ثم عقب هذه الأربعين الثالثة يرسل الله الملك الموكل بالرحم من الابتداء يقول أي رب نطفة أي رب علقة أي رب مضغة فينفخ فيه بعد تشكله على هيئة الإنسان الروح وهو ما يعيش به بأمر الله تعالى ) . وفي هذه الرواية أن إرسال الملك في أوّل الأربعين الرابعة ، وفي أخرى في الثانية ، وفي أخرى في الثالثة ، وفي أخرى في الأولى . وقد انتشرت أقوال العلماء في ذلك وقد وقع الجمع بينها بأقوال مختلفة : منها أنه بعد الأولى لتصويره الخفي ، والثانية : لتصويره الظاهر ، والثالثة : لتشكله ، والرابعة : لنفخ الروح فيه . ومنها أنه بعد الأولى لمبادي تخطيطه الخفي ، وبعد الثانية لمبادي تخطيطه الظاهر ،(4/322)
"""""" صفحة رقم 323 """"""
وبعد الثالثة لمبادي تشكله ، وهكذا وإنما ذكرنا ذلك لمسيس الحاجة إليه واضطراب الأقوال فيه ، فإنه زبدة ما يحتاج في ذلك ، وتعبير الأحاديث بثم المقتضية التراخي مؤوّل فراجعه ق ل على الجلال .
قوله : ( ولمضغة ) أي ولا بد من شهادة القوابل أنها أصل آدمي وإِلا لم تنقض بها العدّة كالعلقة ، ويثبت بها حينئذ أي حين إذ شهدن بأنها أصل آدمي من الأحكام وجوب الغسل وثبوت النفاس وفطر الصائمة ق ل . قوله : ( بثمانين يوماً ) ويشترط هنا شهادة القوابل أنها أصل آدمي وإِلا لم تنقض بها العدة شرح م ر . وقوله : ( شهادة القوابل ) أي أربع منهن وينبغي الاكتفاء بواحدة أخذاً من قولهم لمن غاب زوجها وأخبرها عدل أن تتزوّج باطناً ؛ ويمكن حمل ما هنا من اشتراط الأربع على الظاهر كما لو وقع ذلك عند حاكم دون الباطن فيكتفي بواحدة حينئذ اه ع ش على م ر . قوله : ( سبق بحيض ) أي ليحسب قرءاً لأنه طهر محتوش بين دمين ، فإن لم يسبق بحيض فأقل إمكان انقضاء الأقراء للحرة ثمانية وأربعون يوماً ولحظة ؛ لأن الطهر الذي طلقت فيه ليس بقرء لكونه غير محتوش بين دمين ولغيرها اثنان وثلاثون يوماً ولحظة شرح المنهج . وقوله ( لكونه غير محتوش بين دمين ) في المصباح : واحتوش القوم بالصيد أحاطوا به ، وقد يتعدى بنفسه فيقال احتوشوه والمفعول محتوش بالفتح ، ومنه احتوش الدم الطهر كأنّ الدماء أحاطت بالطهر واكتنفته من طرفيه ، فالطهر محتوش بين دمين . قوله : ( باثنين وثلاثين يوماً ولحظتين ) لحظة للقرء الأوّل ولحظة للطعن في حيضة ثالثة ، وذلك بأن يطلقها وقد بقي من الطهر لحظة ثم تحيض أقل الحيض ثم تطهر أقل الطهر ثم تحيض وتطهر كذلك ثم تطعن في الحيض لحظة ؛ شرح المنهج . واللحظة الأخيرة في جميع صور انقضاء العدة بالأقراء ليتبين تمام القرء الأخير لا من العدة فلا رجعة فيها اه شرح المنهج . وقوله ( ثم تطعن ) بضم العين ويجوز فتحها ، فالأوّل من باب قتل والثاني من باب نفع كما يؤخذ من المصباح . قوله : ( بسبعة وأربعين يوماً ولحظة ) أي من الحيضة الرابعة بأن يطلقها آخر جزء من الحيض . وقوله ( ولحظة ) لم يقل ولحظتين لأن اللحظة الأولى هي آخر الحيض الذي طلق فيه وهو غير محسوب من المدة . قوله : ( طلقت في طهر الخ ) فإن جهلت المطلقة أنها طلقت في طهر أو في حيض حمل أمرها على الحيض للشك في انقضاء العدة والأصل بقاؤها .
تنبيه : قال في المنهج وشرحه : وحرم عليه تمتع بها أي بالرجعية بوطء وغيره كالنظر بشهوة أو بغيرها لأنها مفارقة كالبائن ، وعزر معتقد تحريمه لإقدامه على معصية عنده فلا حدّ(4/323)
"""""" صفحة رقم 324 """"""
عليه بوطء لشبهة اختلاف العلماء في حصول الرجعة به وعليه بوطء مهر مثل . وقوله ( وعزر معتقد تحريمه ) أي إذا رفع إلى معتقد تحريمه أيضاً فحينئذ الحنفي لا يعزر الشافعي وإن اعتقد تحريمه ؛ لأن الحنفي يرى حله والشافعي يعزر الحنفي إذا رفع إليه وإن اعتقد حله عملاً بالقاعدة أن العبرة بعقيدة الحاكم لا الخصم اه . ز ي وقوله ( والشافعي يعزر الحنفي إذا رفع إليه الخ ) هذا في غاية الإشكال ، ويلزم عليه تعزير من وطىء في نكاح بلا وليّ ولا شهود من أتباع أبي حنيفة وتعزير حنفي صلى بوضوء لا نية فيه أو قد مس فرجه ومالكي توضأ بماء قليل وقعت فيه نجاسة لم تغيره أو بمستعمل أو ترك قراءة الفاتحة خلف الإمام ، وكل ذلك في غاية الإشكال لا سبيل إليه وما أظن أحداً يقوله . وأما القاعدة التي ذكرها فعلى تسليم أن الأصحاب صرحوا بها فيتعين فرضها في غير ذلك وأمثاله . وبالجملة فالأوجه الأخذ بما أفادته عبارته هنا من مقتضى الحل ، فالحنفي لا يعزر فليحرر سم . وقوله ( فلا حد عليه ) أي ولا عليها وإن تكرر وعلماا بالحرمة .
قوله : ( ثم جدد نكاحها تكون معه الخ ) قد يقال هي تكون معه على ما بقي ولو راجعها في الطلاق الرجعي فلا يتقيد بتجديد نكاحها فلعل التقييد بذلك لأنه محل التوهم . وعبارة سم : وإذا راجعها أو نكحها بعقد جديد . قوله : ( أفتى بذلك ) أي الكون ، أي كونها معه على ما بقي من عدد الطلاق .
قوله : ( ولم يظهر لهم مخالف ) فهو إجماع سكوتي . قوله : ( لم تحل ) أي المطلقة له أي لا بنكاح ولا بملك يمين . وصورة التحليل الشرعي أن يعقد في الملفقة وليّ صغير له على المطلقة ثلاثاً ويدخل بها ويوجد منه وطء مع انتشار آلته بعد حكم حاكم شرعي شافعي بصحة ذلك النكاح ثم يطلق الصبي عند حاكم حنبلي ويحكم بصحة طلاقه وأنه لا عدة على مطلقته بعد تقدم دعوى ليكون حكمه رافعاً للخلاف إذ يشترط للحكم الرافع للخلاف دعوى ، ويشترط عند الحنبلي أن لا يبلغ المطلق عشر سنين وإِلا فلا بد للمطلقة من عدّة ، أو أن يطلق ولي الصغير المذكور إذا رأى في ذلك مصلحة ويحكم حاكم مالكي بالشرط السابق ، فإذا توفرت الشروط المذكورة جاز لزوجها الأوّل نكاحها اه شبشيري وقرره العلامة الحفني .
فائدة : في مذهب الإمام أحمد أن الولد إذا كان دون عشر سنين يصح نكاحه بنفسه ويصح طلاقه ولا عدّة عليه ، فإن بلغ عشراً وجبت العدّة . وهذه العمل بها أحسن من العمل بالملفقة ، فإن بعض العلماء دعا على من يعمل بها ومحله ما لم يعلم أنه محلل ، فإن علم أنه محلل فلا يكفي عندهم كما أخبرنا بذلك بعض علماء الحنابلة .(4/324)
"""""" صفحة رقم 325 """"""
قوله : ( وعلى وجود ) الأولى أن يقول وبعد وجود الخ ، ويمكن أن تكون على بمعنى مع . قوله : ( ولو عبداً ) أي بالغاً عاقلاً ، وقوله ( أو مجنوناً ) أي بالغاً . قوله : ( وإصابتها ) عطف تفسير . قوله : ( بدخول حشفة ) وإن لم ينزل . قوله : ( أو قدرها ) أي وتعترف بذلك عليه ، فلو عقد لها على آخر ثم طلقها ولم تعترف بإصابة ولا عدمها وأذنت في تزويجها من الأوّل ثم ادّعت عدم إصابة الثاني فالظاهر تصديقها سواء كان قبل عقد زواجها الأوّل أو بعده ، ولا يشكل عليه ما يأتي عن القمولي من التفرقة بين كون الإنكار قبل العقد أو بعده لأنه مفروض فيمن أخبرت أو لا بالتحليل ثم أنكرته ، وما هنا فيمن لم يسبق إقرار وإذنها في التزويج من الأوّل يجوز أنها بنته على ظنها أن العقد بمجرده مبيح حلها للأول وإن كانت ممن لا يخفى عليها ذلك ؛ لأنه بفرض علمها يحتمل نسيانها اه ع ش على م ر . قوله : ( فإنه يكفي تغييبها ) وإن انتفى قصد الزوجين كنوم وجنون منهما كما ذكره الشارح . قوله : ( كما لا يحصل به التحصين ) وقد نظم بعضهم صور الفرق بقوله :
الدبر مثل القبل في الإتيان
لا الحلّ والتحليل والإحصان
وفيئة الإيلاء ونفي العنه
والإذن نطقاً وافتراش القنه
ومدة الزفاف واختيار
ردّ بعيب بعد وطء الشاري
تصدّق في الحيض نفي الرحم
إذا زنى المفعول فاحفظ نظمي
وقوله في النظم ( والإذن نطقاً ) أي أن الموطوءة في الدبر لا يشترط إذنها في صحة نكاحها ولا تصير الأمة به فراشاً . وقوله ( ومدة الزفاف ) يعني أنها لا تصير كالموطوءة في القبل في مدة الزفاف بأن يبيت عندها ثلاثاً بل يبيت عندها سبعاً . وقوله ( بعد وطء الشاري ) أي إذا وطىء المشتري الأمة في الدبر ثم ظهر بها عيب فله اختيار الرد ، ولا يكون الوطء في الدبر مانعاً من الرد بخلاف الوطء في القبل إذا كانت بكراً يكون عيباً حادثاً يسقط به الرد القهري . وقال بعضهم : الظاهر أن هذا يصوّر بما إذا وطئها في الطريق التي يسير فيها للردّ فإن كان(4/325)
"""""" صفحة رقم 326 """"""
الوطء في القبل فلا رد لأنه إجازة وإن كان في الدبر رد . وقوله ( إذا زنى المفعول ) أي المرأة الموطوءة في الدبر حال الحيض لا يسنّ في حقه التصدق بدينار ولا بنصفه ، وقوله ( إذا زنى المفعول ) أي المرأة الموطوءة في الدبر .
قوله : ( بينونتها ) المراد بالبينونة مطلق الفرقة ليشمل ما إذا طلقها طلاقاً رجعياً وانقضت عدّتها . قوله : ( لاحتمال علوقها من إنزال ) أي إن كان بالغاً وإِلا بأن كان مراهقاً فالعدّة للتعبد . قوله : ( تنبيه ) اشتمل هذا التنبيه على أربعة شروط غير الخمسة ، وهي : انتشار الآلة بالفعل وصحة النكاح وكون الزوج ممن يمكن جماعه وكونه غير رقيق صبي . وسيذكر في التتمة شرطاً عاشراً وهو الافتضاض في البكر . قوله : ( وإن ضعف الانتشار ) بأن يكون بحيث يقوى على الدخول ولو بإعانة بنحو أصبع ، وليس لنا وطء يتوقف تأثيره على الانتشار سوى هذا ح ل . قوله : ( أو عنة أو غيره ) كطفل لا يمكن وطؤه . قوله : ( بلا انتشار لم يحلل ) وإن انتشر داخل الفرج . قوله : ( ممنوع ) بل هو المعوّل عليه . قوله : ( من صحة النكاح ) منه يعلم أنه لا يحصل التحليل به إلا إن كان المزوّج له أباً أو جدّاً وكان عدلاً وفي تزويجه مصلحة للصبي وكان المزوّج للمرأة وليها العدل بحضرة عدلين ، فمتى اختلّ شرط من ذلك لم يحصل به التحليل لفساد النكاح . ومنه يعلم أن ما يقع في زماننا من تعاطي ذلك والاكتفاء به غير صحيح ؛ لأن الغالب أو المحقق أن الذين يزوجون أولادهم لإرادة ذلك إنما هم السفلة المواظبون على ترك الصلوات وارتكاب المحرمات وأن تزويجهم أولادهم لذلك الغرض لا مصلحة للطفل فيه ، بل فيه مفسدة أيّ مفسدة ، وكثيراً ما يقع فيه أن المزوج للمرأة من غير أوليائها بأن توكل رجلاً أجنبياً في عقد نكاحها ع ش على م ر . قوله : ( ولا ملك اليمين ) أي فلو وطىء السيد المطلقة ثلاثاً لم تحل لمطلقها ، كما أنه لو ملكها لم يحلّ له وطؤها أيضاً . قوله : ( ولا وطء الشبهة ) بالرفع عطفاً على الوطء .(4/326)
"""""" صفحة رقم 327 """"""
قوله : ( لا يحنث بما ذكر ) أي بالعقد الفاسد وإنما يحنث بالعقد الصحيح ، وهذا حيث أطلق لأن النكاح حقيقة في العقد الصحيح فلا ينصرف عند الإطلاق إلا له أما لو قصد به الوطء فلا يحنث إلا بالوطء لا بالعقد وإن صح لأنه صرفه بالنية عن حقيقة . قوله : ( ممن يمكن جماعه ) أي بأن يكون متشوّفاً للجماع بأن يكون مراهقاً ، فلا يكفي غير المراهق وإن انتشر ذكره . فالمراد أنه يتصوّر منه ذوق اللذة بأن يشتهي طبعاً بحيث ينقض لمسه فيما يظهر فتح الجواد ، وظاهره إن كانت الزوجة ممن لا يمكن وطؤها عادة وهو الراجح شوبري . وعبارة شرح م ر وع ش : وكونه ممن يمكن جماعه أي يتشوّف إليه منه وقوله إليه أي الوطء ، وقوله ( منه ) أي من الصبي عادة أي من ذوي الطباع السليمة فلا يصح من غيره لانتفاء أهليته لذوق العسيلة . وقد يؤخذ منه ما ذكرته في شرح الإرشاد أن من اشتهى طبعاً حلل كما ينقض الوضوء بمسه ومن لا فلا . قوله : ( لا طفلاً ) المراد به غير المراهق لأن المراهق يحصل به التحليل كما قرره شيخنا . قوله : ( لا يتأتى منه ) أي لا يتشوّف إليه منه ، وفارق الطفلة حيث يحصل التحليل بوطئها بأن القصد من المحلل التنفير أي التنفير عن استيفاء عدد الطلاق وهو حاصل بوطئها وليس حاصلاً بتغييب حشفة الطفل . وصورة تحليل الطفلة أي غير المراهقة بأن استدخلت ماءه المحترم وطلقها ثلاثاً ثم أراد أن يجدد عليها العقد بعد التحليل ، وهذا ليس بلازم بل ولو طلقها ثلاثاً قبل الدخول واستدخال المني وأراد أن يعقد عليها ثانياً فلا تحل له إلا بعد محلل وإن كان لا عدة عليها اه . قوله : ( وقد مرّ أنه ) أي الإجبار ممتنع أي في العبد بخلاف الأمة مطلقاً . والفرق أن السيد يملك في الأمة الرقبة ومنفعة بضعها فله أن ينقل المنفعة لغيره وهو في العبد لا يملك منفعة بضعه فليس له إجباره على ما يتعلق به ، وفي إخراج هذا بالشرط المذكور نظر والصواب إخراجه بقوله : ولا بد من صحة النكاح الخ ؛ وفي كلامه نظر من جهة أن الحكم الذي ذكره لم يمر وهو تابع في التعبير بذلك لغيره فكان الأولى أن يقول : وهو ممتنع . قوله : ( ممتنع ) أي لا يجبر السيد عبده على النكاح . قوله : ( لينفسخ النكاح ) أي صورة ولو قيل بصحته ، وهذا باطل عند الشافعي وعند الحنفية صحيح ؛ فإن قلدهم في ذلك صح وإلا فلا . قوله : ( تنفيراً من الطلاق الثلاث ) إيضاحه قول الإمام القفال ؛ وذلك لأن الله تعالى شرع النكاح للاستدامة وشرع الطلاق الذي يملك فيه الرجعة لأجل الرجعة فكان من لم يقبل هذه الرخصة وقطعه مستحقاً(4/327)
"""""" صفحة رقم 328 """"""
للعقوبة ونكاح الثاني فيه غضاضة على الأوّل . وقوله : ( غضاضة ) أي مرارة ، والمراد لازمها وهو الصعوبة ؛ ولهذا المعنى حرمت أزواجه عليه الصلاة والسلام على غيره إكراماً له اه سم . قوله : ( أي الثالثة ) أي الطلقة الثالثة ، فالهاء في قوله طلقها مفعول مطلق . وعبارة بعضهم : قوله : ( أي الثالثة ) ليس تفسيراً للضمير بل الضمير راجع للمنكوحة ، والمعنى : فإن طلق الزوج المنكوحة الطلقة الثالثة ، فقوله : ( أي الثالثة ) صفة لمحذوف معمول لطلق .
قوله : ( وقعت ) أي الشبهة في نكاح المحلل بأن نكحها المحلل فوطئت بشبهة من غيره قبل أن يطأها المحلل ثم وطئها في عدّة الشبهة حلت للزوج الأوّل تأمل . قوله : ( في تحليل البكر ) أي ولو غوراء ح ف وم ر . قوله : ( نقرهم عليه ) أي بأن كان في غير المحارم كأخت ح ف . قوله : ( بشرط أن لا يطأها ) هذا عام في المحلل وغيره .
قوله : ( كره ) قال داود لا بعد أن يكون مريد النكاح للمطلقة ليحللها للزوج مأجوراً إذا لم يشرطه في العقد ؛ لأنه قصد إرفاق أخيه المسلم وإدخال السرور عليه إن كان نادماً ، حكاه في التمهيد اه سم . قوله : ( لم يصح النكاح ) وعليه حمل الحديث : ( لَعَنَ الله المحلّل والمحلل له ) وهذا عندنا ، وأما عند المالكية فعلى ظاهره فلا يصح التحليل مطلقاً بهذا الشرط سواء وقع في صلب العقد أو قبله . ومحل عدم الصحة إن لم يكن بها مانع كالرتق وإلا فلا يضر هذا الشرط في العقد لأنه من مصالحه اه . وإن كان لا يحصل التحليل إلا بالوطء لأنه زوج غير محلل . قال الدميري : ولم تذكر المرأة في اللعن لأن الغالب جهلها ذلك فإن علمت لعنت . قلت : وانظر ما المانع من دخولها في الحديث ويكون المراد بالمحلل له ما هو أعم فيشمل الرجل والمرأة إذ التحليل يحصل بما ذكر لكل منهما فتأمل . قوله : ( من جهتها ) كأن كان من وليها أو منها .(4/328)
"""""" صفحة رقم 329 """"""
قوله : ( ويقبل قول المطلقة ) أي فتصدق في أنها زوّجت وأنه أدخل حشفته وأن العدة انقضت كما قرره شيخنا .
قوله : ( بيمينها ) ولا يحتاج إليه إلا إذا أنكر المحلل بعد طلاقه الوطء أو قال ذلك وليها ، أما إذا لم يعارض أحد وصدقها الزوج الأوّل فلا يحتاج إلى يمينها كما أفاده شيخنا الحفناوي . وعبارة ح ل : ويقبل قولها بيمينها أن المحلل وطىء بالنظر لحلها للأوّل لا لوجوب المهر بتمامه وإن أنكر الوطء ، وللأوّل نكاحها وإن ظن كذبها بحيث لم يصرح به ، فإن صرح به فلا بد أن يقول تبينت صدقها لأن العبرة في العقود بقول أربابها وأنه لا عبرة بالظن إذا لم يكن له مستند شرعي ، ولو أنكرت الوطء لم تحل للأوّل اه . وفي ق ل على الجلال ما نصه : وتصدق في عدم الإصابة وإن اعترف بها المحلل ، فليس للأوّل تزويجها وتصدق في دعوى الوطء إذا أنكره المحلل أو الزوج كما تصدق إذا ادّعت التحليل وإن كذبها الولي أو الشهود أو الزوج أو اثنان من هؤلاء الثلاثة ، لا إن كذبها الجميع ؛ ويكره نكاح من ظن كذبها فيه . ولو رجع الزوج عن التكذيب قبل أو رجعت هي عن الإخبار بالتحليل قبلت قبل عقد الزوج لا بعده اه .
فرع : رجع من غيبته وادّعى موت زوجته حل له نكاح نحو أختها أو رجعت إحدى الأختين وادعت موت الأخرى لم تحل لزوج أختها التي ادّعت موتها ، والفرق أن الزوج قادر على حل نحو الأخت بنفسه بطلاق مثلاً بخلافها .
قوله : ( عند الإمكان ) أي بأن مضى زمن يمكن فيه التزوّج وانقضاء العدّة . قوله : ( وللأوّل تزويجها ) الأولى تزوجها فيه وفيما بعده .
قوله : ( فإن قال هي كاذبة الخ ) ولو كذبها الغير والولي والشهود لم تحل على الأصح كما نقله في الروضة عن المروزي ؛ لكن صحح البلقيني الحل ، ونقله عن الرازي . ولو أنكرت النكاح ثم كذبت نفسها وادعت نكاحاً بشروطه فللأوّل تزوّجها إن صدّقها اه سم .
قوله : ( لظاهر القرآن ) وهو قوله تعالى : ) فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره } ) البقرة : 230 ) فتصدق بهذه الصورة .(4/329)
"""""" صفحة رقم 330 """"""
3 ( ( فصل : في الإيلاء ) ) 3
وأخره عن الرجعة لصحته من الرجعية وكذا يقال : في ذكر الظهار واللعان عقبها ، وكان طلاقاً بائناً في الجاهلية ، لا رجعة بعده أبداً فغير الشرع حكمه إلى ما يأتي من ضربها أربعة أشهر ، ثم بعدها تطالبه بالفيئة أو الطلاق ، فإن امتنع منهما طلق عليه القاضي . قوله : ( لغة الحلف ) أي بدليل قراءة ابن عباس : للذين يقسمون من نسائهم قوله : ( وأكذب ما يكون الخ ) أي أكذب أحواله إذا حلف بالطلاق ع ش . قوله : ( أبو المثنى ) هو شاعر كان يكثر الحلف بالطلاق . قوله : ( حلف زوج ) أي غير مجبوب وغير مشلول ، بخلاف ما لو طرأ الشلل أو الجبّ بعد الإيلاء ، فلا يمنع من ترتب الأحكام وهو من إضافة المصدر لفاعله ، ودخل في الزوج المسلم والكافر والحرّ والعبد ، وقد اشتمل التعريف على جميع الأركان قوله : ( زوجته ) أي غير الرتقاء والقرناء ، سواء كانت مسلمة أو كافرة ، حرّة أو أمة قوله : ( مطلقاً ) أي امتناعاً مطلقاً قوله : ( أو فوق أربعة أشهر ) لأن المرأة يعظم ضررها إذا زاد على ذلك ، لأنها تصبر عن الزوج أربعة أشهر ، وبعد ذلك يفنى صبرها أو يقلّ . رَوَى البيهقي عن عمر ، أنه خرج مرة في الليل في شوارع المدينة ، فسمع امرأة تقول :
تطاول هذا الليل واسودّ جانبه
وأرّقني أن لا خليل ألاعبه
فواللَّه لولا الّله تخشى عواقبه
لحرّك من هذا السرير جوانبه
مخافة ربي والحياء يصدّني
وأخشى لبعلي أن تنال مراتبه
فقال عمر لابنته حفصة : كم أكثر ما تصبر المرأة عن الزوج ؟ ورُوي أنه سأل النساء ، فقلن له تصبر شهرين وفي الثالث يقلّ صبرها ، وفي آخر الرابع يفقد صبرها ، فكتب إلى أمراء الأجناد أن لا تحبسوا رجلاً عن امرأته ، أكثر من أربعة أشهر ، وقولها من هذا السرير أرادت نفسها ، لأنها فراش الرجل فهي كالسرير الذي يجلس عليه اه . شرح المنهاج للدميري فقولها : لولا الخ البيت . المراد منه : لولا أخشى الّله لزنيت .
قوله : ( يؤلون ) أي يحلفون قوله : ( وإنما عدّى الخ ) جواب عن سؤال حاصله : أن الإيلاء(4/330)
"""""" صفحة رقم 331 """"""
بمعنى الحلف ، والحلف يتعدى بعلى لا بمن . وحاصل الجواب أن الآية فيها تضمين بياني ، وضابطه أن يكون هناك فعل مذكور لا يناسب الحرف المذكور ، فيؤتى باسم فاعل من فعل محذوف يناسب الحرف المذكور ، ويجعل اسم الفاعل حالاً من فاعل الفعل المذكور ، كما قدره الشارح بقوله : مبعدين الخ أو تضمين نحوي وهو إشراب كلمة معنى كلمة أخرى لتؤدي معناها وتتعدى تعديتها كما أشار له الشارح بقوله ، لأنه ضمن معنى البعد فعلى هذا يؤلون معناه : يبعدون . قال ابن عرفة في تفسيره : وفائدة التضمين أن تدل كلمة واحدة على معنى كلمتين . قوله : ( وهو حرام ) أي من الكبائر على ما في الزواجر ، قال : سم على ابن حجر عدّ في الزواجر الإيلاء من الكبائر قال : وعدّي لهذا من الكبائر غير بعيد ، وإن لم أر من ذكره ، لكن نقل عن م ر أنه صغيرة وهو الأقرب ع ش على م ر . قوله : ( ومدة ) أي حقيقة وهو ظاهر أو حكماً بأن يطلق أو يؤبد . قوله : ( وزوجان ) الأولى وزوجة لأن الزوج هو الحالف وقد تقدّم أو كان يحذف الحالف فيما تقدّم لينتفي التكرار ، والجواب : أنه أشار بذلك إلى أن الحالف ، لا بد أن يكون زوجاً ، لكن هذا يقتضي أن يكون الزوج شرطاً في الحالف لا ركناً وقد نظمها بعضهم فقال :
أركان الإيلاء من يحطها لديه
حالف ومحلوف ومحلوف عليه
وزوجة وصيغة ومده
فافهم مقالي لا لقيت شدّه
وقول الناظم : ومحلوف أي به وإنما حذفه لضرورة النظم . قوله : ( ذكر بعضها ) أي الأركان وهو ما عدا المحلوف به فإنه لم يذكره قوله : ( أو بالتزام ما يلزم بنذر ) كإن وطئتك ، فعليّ عتق رقبة ، أو فللّه عليّ صدقة ، أو صوم أو صلاة . ولو قال أو التزام عطفاً على حلف لكان أولى ، فإن صنيعه يقتضي أنه من الحلف وليس كذلك ومثله يجري في قوله : أو تعليق طلاق اه م د . وقد يؤوّل كلامه أي أو أتى بالتزام الخ ، لكن عبارة المنهج تقتضي أنه حلف كعبارة الشارح وهو كذلك لأنه داخل في تعريف الحلف لقول المنهج في الطلاق والحلف ، ما تعلق به حثّ أو منع أو تحقيق خبر ثم مثل ذلك ، وفهم القليوبي أن المراد بالحلف ما فيه كفارة ، فاعترض على الشارح ، وقد علمت رده بتعريفه المذكور . قوله : ( فهو مول ) جعله(4/331)
"""""" صفحة رقم 332 """"""
جواب إذا فيكون قول الماتن الآتي فهو مول ضائعاً مع أنه كان جواب إذاً فكان الأولى للشارح عدم ذكره . قوله : ( فلا إيلاء ) لكنه حالف فيحنث إذا خالف يمينه ، وتلزم الكفارة وإن لم يترتب عليه أحكام الإيلاء ، وكذا يقال في كل الصور ، التي ينتفي فيها الإيلاء . قوله : ( مطلقاً ) نعت لمصدر محذوف ، أي امتناعاً مطلقاً غير مقيد بمدة ومثل المطلق المؤبد اه . ز ي .
قوله : ( بأن يطلق ) فيه تفسير الشيء بنفسه ، فلو قال : بأن لا يقيد بمدّة لكان أولى . قوله : ( أو مدة تزيد الخ ) أي بيمين واحدة ، ليخرج ما إذا زادت على أربعة أشهر بيمينين ، كالمثال الآتي كما في شرح المنهج . قوله : ( على أربعة أشهر ) أي ولو قدراً لا يسع الرفع للحاكم على المعتمد ، ق ل وفائدته : حينئذ الإثم ، لايذائها وقطع طمعها من الوطء في تلك المدة سم . وأما الإيلاء الذي يترتب عليه الرفع للقاضي وضرب المدة فيشترط أن يكون زائداً على الأربعة بزمن يسع ذلك ، وعبارة ح ل ونقل عن والد شيخنا أن الإيلاء الذي يترتب عليه الأحكام ، ما زاد على أربعة أشهر بمدّة يمكن فيها المطالبة والرفع للحاكم والإيلاء الذي يحصل به الإثم ، هو أن تزيد على أربعة أشهر ، ولو لحظة لا تسع اه . وبه يجمع بين كلام م ر وز ي قال البلقيني وهذه الأشهر هلالية ، فلو حلف أنه لا يطؤها مائة وعشرين يوماً لم يحكم بأنه مول في الحال فإذا مضت أربعة أشهر هلالية ، ولم يتم ذلك العدد لنقص الأهلة أو بعضها ، تبين حينئذ كونه مولياً اه برماوي . قوله : ( أو قيد ) عطف على مطلقاً أي أو مقيداً بمستبعدٍ الحصول أي فنزول عيسى بعيد ، وكذا الموت بعيد في ظنّ ابن آدم لما جبل عليه من حب الحياة وطول الأمل ، وإن كان الموت أقرب من كل شيء ، قال ق ل : ومثله لا أطؤك إلا في الدبر ، بخلاف إلا في النفاس وإلا في نهار رمضان ، وإلا في الحيض أو نحو ذلك ، لأن المنع فيها لعارضٍ بخلاف الدبر فإن المنع لذاته .
قوله : ( حتى ينزل السيد عيسى ) في مسلم وأنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق ، وأنه يقتل الدجال ، وأنه يصلي وراء إمام منا ، تكرمة من الله تعالى لهذه الأمة . وجاء أنه يتزوّج بعد نزوله ، ويولد له ولدان ، ذكر وأنثى ، يسمى الذكر محمداً والأنثى تسمى فاطمة ، ويدفن عند رسول الله اه دميري . وقد نقل ابن سيد الناس في ترجمة سلمان الفارسي رواية الطبراني والطبري ( أن عيسى عليه السلام لما نزل إلى الأرض بعد الرفع في حياة أمه وخالته فوجد أمه تبكي عند الجذع فأخبرها بحاله ، فسكن ما بها ووجه الحواريين ، في بعض الحوائج ) قال الطبري : فإذا جاز نزوله بعد رفعه مرة ، قبل نزوله آخر الزمان فلا بدع أن ينزل مرات ونقل(4/332)
"""""" صفحة رقم 333 """"""
عن سلمان الفارسي أنه اجتمع به أيام سياحته في طلب عمن يرشده إلى الدين الحق قبل بعثة رسول الله ، وذلك أنه مر على غيضة فرأى قوماً من أرباب البلايا ، يجلسون تجاه الغيضة في وقت يعرفونه فيخرج لهم المسيح عليه السلام ، فيمسح يده على عاهاتهم فيبرؤون منها كلها ، فاجتمع به سلمان وأعلمه بقرب ظهور محمد اه . ذكره الشعراني في المنن . قوله : ( لضررها الخ ) علة للحكم عليه ، بأنه مول . والمعنى أنه يحكم عليه بأنه مول ويترتب عليه أحكامه ، من ضرب المدة وإلزامه بعدها ، بالتخيير بين الفيئة والطلاق ، والحكم عليه بالإثم لضررها الخ . فهو علة للحكم لا لإيلائه نفسه فليس المعنى أن علة إيلائه وحلفه تضررها إذ لا يصح المعنى . فإن قلت : إن الوطء حق للزوج فَلمَ حكم بالإيلاء في مدة الزيادة ، على الأربعة أشهر . قلت : أجيب عن ذلك بأن الزوج لما حلف قطع رجاءَها من العفة في المدة ، فربما لم تطق ذلك بخلاف ما إذا لم يحلف فلا ينقطع الرجاء .
قوله : ( فإذا قال الخ ) محترز قيد مقدّر في المتن أي تزيد على أربعة أشهر ، بيمين واحدة وما هنا يمينان . قوله : ( فليس بمول ) بل حالف يلزمه بالمخالفة كفارة ، وإن كان لا يترتب عليه الأحكام الآتية ، ومدار كونه ليس مولياً على إعادة اليمين الثاني سواء . قال : فإذا مضت أم لا ؟ فإن لم يعد اليمين الثاني كان مولياً . قوله : ( لانتفاء فائدة الإيلاء ) وهي الرفع للقاضي ، وطلب الفيئة منه بعد مدة الإيلاء أو الطلاق فإن امتنع طلق عليه الحاكم . وكيفية طلاق القاضي عن المولى إذا امتنع أن يقول : أوقعت على فلان من فلانة طلقة عليه في زوجته ، أو حكمت عليه في زوجته بطلقة . فإن قال : أنت طالق ولم يقل عن فلان لم يقع . وكيفية الدعوى عند القاضي أن تدعي عليه الإيلاء وأن مدته قد انقضت من غير وطء ، وتطلب منه دفع الضرر بالخروج عن موجبة بالفيئة ، كما سيأتي في الشرح . قوله : ( لكن إثم الإيذاء ) ضعيف وقوله : ويجوز أن يكون الخ معتمد وقوله : هذا أي قوله فليس بمول قوله : ( لا رفع له ) أي للضرر قوله :(4/333)
"""""" صفحة رقم 334 """"""
( فإيلاءان ) أي إن أعاد اليمين الثاني ، وأعاد قوله : فإذا مضت وإن حذف اليمين الثاني ، فإيلاء واحد وكذا إن أعاد اليمين الثاني لكن حذف قوله : فإذا مضت تكون يميناً واحدةً قوله : ( لفظ ) أي ولو بالعجمية حيث عرف معناها ، وكاللفظ الكتابة ، وإشارة الأخرس . قوله : ( كتغييب حشفة ) على حذف مضاف أي كمشتق تغييب ، كما أشار له الشارح ، بعد والتعبير بتغييب الحشفة أولى من تعبير المنهاج ، بتغييب الذكر ، لأن الحشفة هي المرادة هنا ، وأما الذكر فليس مراداً هنا حتى لو قال : لا أغيب ذكري ، فإنه لا يكون بذلك مولياً ، لحصول مرادها بتغييب حشفته فقط . قوله : ( ووطء وجماع ) ونيك والمراد به اللفظ المشتق من مادة ن ي ك فعلاً كان أو مصدراً أو اسم فاعل أو مفعول كلاً أنيك أو لا يقع مني لك نيك ، أو لست بنائك ، وإن لم يقل في فرجك خلافاً للتهذيب أو لا تكوني منيوكة مني ، أو بذكري ، شوبري . قوله : ( وبالجماع الاجتماع ) لكنه إذا أراد هذا ووطىء حنث لأنه يلزم من الجماع الاجتماع ولم يكن مولياً لأن الحلف ليس على الوطء وإن لزمه ح ف .
قوله : ( لم يقبل في الظاهر ) أي فتجري عليه أحكام الإيلاء ، ظاهراً وأما باطناً فلا يحنث ، إذا وطىء في الأولى ولا يلزمه كفارة ولا غيرها مما علق به . لأن نيته عدم الوطء بالقدم ولم يخالف ذلك بخلافه في الثانية ، إذا وطىء حنث ظاهراً وباطناً لأنه يلزم من الجماع الاجتماع ، وهو حلف على عدم الاجتماع وقد حصل الاجتماع في ضمن الوطء لكن لا يأثم إثم الإيلاء ، لأنه لم يحلف على الامتناع من الوطء ، وكذا في الأولى لأنه لا إيلاء في نيته ، وقوله في الظاهر : أي إلا لقرينة اه برماوي . قوله : ( ويدين ) وكذا لو قال : أردت حشفة تمر مثلاً قال الأذرعي : والظاهر أنه يدين أيضاً ، فيما لو قال : أردت بالفرج الدبر ، ولا تديين في النيك ، كما لو قال : أردت النيك بالأصبع ، أو في الأذن ونحوه . قوله : ( ومباضعة ) وفي نسخة ومضاجعة ، ولا مانع من كون كل كناية خلافاً للمرحومي . قوله : ( ومباشرة ) وإتيان وغشيان كقوله : لا أغشاك أي لا أطؤك ، بدليل قوله : ) فلما تغشاها حملت حملاً خفيفا } ) الأعراف : 189 ) قوله : ( لا أمسك ) المناسب لا ألمسك ، كما عبر به في شرح المنهج قوله : ( فيفتقر إلى نية الوطء ) أي فإن نوى ، جرت أحكام الإيلاء ، وإن لم ينو لم تجر لكن اليمين ، منعقدة فيحنث فيها إن خالفها ، باللمس أو المباضعة ، أو نحو ذلك . قوله : ( فزال ملكه ) أي قبل الوطء ع ش .(4/334)
"""""" صفحة رقم 335 """"""
قوله : ( عنه ) أو عن بعضه ح ل . وعبارة البرماوي فزال ملكه أي كله ، زوالاً حقيقياً لا بعضه خلافاً لبعضهم . قوله : ( بموت ) أي أو عتق اه برماوي . قوله : ( أو بغيره ) كبيع لازم من جهته ، أو بشرط الخيار للمشتري وحده ، ولا يعود الإيلاء بفسخة لتجدد الملك والهبة المقبوضة ، كالبيع بخلاف الاستيلاد والتدبير ونحوهما اه برماوي . قوله : ( لأنه لا يلزمه الخ ) أي وإن ملكه بعد ذلك . قوله : ( فمول من المخاطبة ) أي لأنه يمتنع من الوطء ، لئلا تطلق الضرة .
قوله : ( بوطئها بعد ) أي لانحلال اليمين بالوطء الذي حصل . قوله : ( إلا مرة ) فإن لم يطأ ، حتى مضت السنة ، انحلّ الإيلاء ولا كفارة عليه . ولا نظر لاقتضاء اللفظ وطأه مرة لأن القصد منع الزيادة عليها لا إيجادها ش م ر . قوله : ( فمول إن وطىء ) أما قبل الوطء فليس مولياً لأنه لو مضت السنة ، وهو ممتنع لا يحنث لأن معنى كلامه ، أنه إن حصل مني وطء لا يكون إلا مرة فيبرّ بأحد الأمرين بالوطء مرة ، أو الامتناع من الوطء ، حتى تفرغ السنة . قوله : ( بل حالف ) فإن وطىء ثانياً حنث ولزمته ، الكفارة بالوطء الثاني . قوله : ( بمعنى يمهل ) هذا يقتضي أن قوله أربعة أشهر : منصوب على الظرفية مع أن الذي يفهم من المتن ، أنه نائب فاعل يؤجل إلا أن يقال هذا حل معنى . قوله : ( إن سألت ) ليس بقيد كما يأتي . وقوله : ذلك أي التأجيل . قوله : ( أربعة أشهر ) يحتمل أن يكون مفعولاً لقوله : يؤجل ونائب الفاعل قوله له ، ويحتمل أن يكون بالرفع نائب فاعل وله متعلق بيؤجل وإن كان ظاهر الشرح ، يقتضي أنه مفعول ، ونائب الفاعل ضمير يعود على المولى حيث قال يمهل المولى كما علمت وهي أي الأربعة أشهر حق للزوج ، كالأجل في الدين . وخالف أبو حنيفة فاقتصر على شهرين في الزوجة الرقيقة ، ومالك فاقتصر على شهرين في الزوج الرقيق ، كمذهبهما في الطلاق اه برماوي . قوله : ( من حين الإيلاء ) أي من تلفظه به ، ولو في مبهمة عينها لا من وقت الرفع إلى القاضي اه برماوي . قوله : ( وابتداؤه ) أي التأجيل قوله : ( ويقطع المدّة ) أي الأربعة أشهر ردّة الخ . قوله : ( بعد دخول ) وأما قبله فإن النكاح ينقطع لا محالة فلا إيلاء ، ومثل الدخول استدخال منيّ الزوج(4/335)
"""""" صفحة رقم 336 """"""
المحترم . قوله : ( وبعد المدّة ) من جملة الغاية أي ولو كانت الردّة بعد المدّة كما قاله ق ل . وحينئذ فالمراد بقطعها ما يشمل عدم حسبانها وبعد مضي الأربعة يضرب له أربعة أخرى إن بقي من زمن الإيلاء أكثر منها وإلا فلا . قوله : ( لارتفاع النكاح ) أي إن أصرّ إلى انقضاء العدّة وقوله : أو اختلاله بها أي إن عاد إلى الإسلام قبل مضي العدّة زيادي . قوله : ( فلا يحسب زمنها الخ ) أي وإن أسلم في العدّة ، وهذا لا حاجة إليه مع قوله . وتستأنف بل ربما يوهم أن معنى القطع عدم الحسبان مع البناء على ما مضى ، مع أنها لا تبنى كما يأتي .
قوله : ( ومانع وطء ) أي ويقطع المدّة مانع الخ قوله : ( كمرض ) مثال للمانع الحسي ، لأن الإنسان لا يقدر على وطء من ذكر عادة ح ل قوله : ( نحو صوم ) إلا إن كان الصوم موسعاً كقضاء ونذر وكفارة ، فإنه لا يمنع على ما بحثه الزركشي ، لأنه يجوز له أن يطأها الآن ، واعتمد الزركشي : أنه مانع أي لأنه يهاب وطأها ، وإن كان جائزاً له ح ل . وعبارة البرماوي قوله : نحو صوم أي ولو نذراً أو كفارةً أو قضاءً فورياً وكذا قضاءً موسعاً على المعتمد ، خلافاً للعلامة ابن حجر ولا يكلف في نحو الصوم الوطء ليلاً قوله : ( وإحرام ) صرحوا بأن للزوج أن يحللها ، إذا أحرمت بالفرض ، إلا أن يحمل هذا على واجب مضيق كأن أفسدت الحج ، أخذاً مما ذكروه في الصوم حرر . قوله : ( فرضين ) فيه أن الإحرام يمتنع الخروج منه وإن لم يكن فرضاً . وجوابه أنه وإن كان كذلك ، فإنه لا يقطع المدّة تأمل ، لكن يشكل معه العلة المذكورة اه . وقال : خضر انظر أيّ حاجة لقوله : فرضين بعد قوله : وتلبس بفرض نحو صوم اه . قوله : ( لامتناع الوطء معه ) أي المانع قوله : ( وتستأنف المدة ) أي في الردة والمانع قوله : ( ولا تبنى ) أي لانتفاء التوالي المعتبر في حصول الإضرار ، أما غير المانع كصوم نفل ، أو المانع القائم به ، مطلقاً حساً أو شرعاً أو بها ، وكان نحو حيض فلا يقطع المدة ، لأن الزوج متمكن من تحليلها ووطئها في الأول والمانع من قبله في الثانية ، ولعدم خلوّ المدة عن الحيض غالباً في الثالثة وألحق به النفاس ، لمشاركته له في أكثر الأحكام اه شرح المنهج . وقوله : لانتفاء التوالي هذا التعليل لا يوجد فيما إذا طرأ المانع بعد المدة ، وقوله : أما غير المانع كصوم نفل لعل مثله كل ما يجوز له أن يطأ فيه وقوله : متمكن من تحليلها أي إخراجها من الصوم ، بسبب إبطاله بنحو الوطء . فقوله : ووطئها من عطف السبب على المسبب وعبارة م ر ولأنه متمكن من وطئها مع صوم النفل . قوله : ( فهو مخالف ) أي لأنه مخالف الخ .(4/336)
"""""" صفحة رقم 337 """"""
قوله : ( لا يقرب امرأته ) بفتح الراء قال تعالى : ) ولا تقربوهن } ) البقرة : 222 ) قوله : ( لأن اليمين ساقطة عنه ) أي مرفوعة عنه أي لمضيّ الزمن المحلوف عليه قوله : ( بضرب المدة بنفسها ) المراد بضربها بنفسها حسبانها من غير توقف على طلب ولا ضرب القاضي . قوله : ( ولا تحتاج إلى ضرب القاضي ) بخلاف العنة لأنها مجتهد فيها قوله : ( حسبت المدة ) أي عليه وإن لم تشعر بحلفه . قوله : ( من غير مانع بالزوجة ) أما إذا كان بها مانع فلا تطالبه قوله : ( يخير ) أي يخيره القاضي بطلبها أو تخيره هي بإذن القاضي لها في ذلك .
قوله : ( بين الفيئة ) بفتح الفاء وكسرها مع المد م ر قوله : ( بأن يولج المولي حشفته أو قدرها من مقطوعها بقبل المرأة ) أي مع زوال بكارة بكر ، ولو غوراء وإن حرم الوطء ، أو كان بفعلها فقط بخلافه في دبر فلا تحصل به فيئة ، لكن تنحلّ به اليمين ، وتسقط المطالبة لحنثه به فإن أريد عدم حصول الفيئة به مع بقاء المطالبة تعين تصويره ، بما إذا حلف لا يطؤها في قبلها ، أو بما إذا حلف ولم يقيد ، لكنه فعله ناسياً لليمين أو مكرها فلا تنحلّ به اه . ع ش م ر قوله : ( بقبل ) خرج الفيئة في الدبر . وحاصله أنه إن حلف لا يطأ في القبل ، فوطىء في الدبر فلا يقال : له فيئة ولا يحنث ولا تنحل اليمين ، ولا تسقط المطالبة ، وإن حلف لا يطؤها وأطلق فوطىء في الدبر حنث ولزمته الكفارة ، وسقطت المطالبة ، وانحلت اليمين ، لكن لم تحصل الفيئة ويترتب على عدم حصولها ، الأيمان والتعاليق وأما إذا وطىء في القبل عامداً عالماً مختاراً حنث وانحلت اليمين ، وسقطت المطالبة ، وحصلت الفيئة ، فإن كان ناسياً لليمين لم تنحل اليمين ولم يحنث ولا يلزمه كفارة وسقطت المطالبة وحصلت الفيئة . قوله : ( لأنه من فاء إذا رجع ) فقد رجع للوطء بعد أن حرّمه على نفسه قوله : ( والتكفير ) أي مع التكفير ، فهو بالنصب مفعول معه لأن جرّه يوهم أنه من المخير فيه . قوله : ( أو الطلاق ) كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها ، والطلاق بغير إثبات ألف قبل الواو ، وهي الأولى بل الصواب لأن بين إنما تضاف(4/337)
"""""" صفحة رقم 338 """"""
لمتعدد . قوله : ( للمحلوف عليه ) الأولى أن يقول عليها وقد يقال إن الضمير راجع ، لأل في قوله : للمحلوف فالتذكير باعتبار لفظ أل ، وفي نسخة عليها . قوله : ( كيفية المطالبة ) ظاهره أنه بيان لكيفية المطالبة على طريقة المتن وليس كذلك ، لأن الذي في المتن التخيير لا الترتيب إلا أن يقال هذا بيان للمطالبة على الضعيف القائل بالترتيب المقابل للمتن . والمعتمد ما اقتضاه المتن ، من أنها تردد الطلب بينهما ، والآية المذكورة ليست نصاً في الترتيب ومن ثم قال الشارح : بعد تبعاً لظاهر النص . قوله : ( لتجدد الضرر ) أي كالإعسار بالنفقة وهذا بخلافه في العنة والعيب والإعسار بالمهر لأنه خصلة واحدة . قوله : ( وما ذكرته من الترتيب الخ ) المعتمد الترديد ويترتب على القولين : أنها إذا رتبت فطالبته بالفيئة وحدها ثم طالبته بالطلاق وحده فامتنع ، فطلق عليه الحاكم فإنه لا يقع عليه الطلاق على المعتمد ، لأنه لا يلزم من امتناعه من الطلاق امتناعه من الفيئة ، بخلاف ما إذا رددت بينهما فامتنع ، فإنه ينفذ طلاق القاضي عليه لامتناعه حينئذ منهما كما قرره شيخنا الحفني قوله : ( تبعاً لظاهر النص ) أجيب بأن ما في الآية إنما هو التعبير بالواو وهي لا تفيد ترتيباً فالمعتمد أنها تردد الطلب . قوله : ( تردد الطلب ) قال : بعضهم وما أدري ما يترتب على الخلاف إلا أن يقال إذا قلنا : بالتردد فطلق الحاكم لا يقع أي حيث لم يمتنع منهما تأمل ق ل لأنه الآن غير ممتنع من الفيئة ، قوله : ( فإن كان المانع الخ ) محترز قوله : من غير مانع بالزوجة فكأنه قال : أما المانع بالزوج فلا يمنع من التخيير . قوله : ( طبعي ) إن كان نسبة إلى الطبع فبفتح الطاء وسكون الباء وإن كان إلى الطبيعة فالقياس فتح الطاء والباء شوبري لأن القياس في النسبة إلى فعيلة فعلى قال ابن مالك :
وفعليّ في فعيلة التزم قوله : ( بأن يقول الخ ) تصوير للفيئة باللسان لا للمطالبة والوعد المذكور في ذلك كاف ويسن أن يزيد الزوج على ذلك وندمت على ما فعلت اه ح ف . ويعجبني هنا هذا البيت :
فقد صرت عندك كمونا بمزرعة
إن فاته السقي أغنته المواعيد قوله : ( ثم إن لم يف ) هذا على طريقته اه ق ل والقياس رسمه بالياء لأنه من فاء يفيء(4/338)
"""""" صفحة رقم 339 """"""
فآخره همزة ويمكن تصحيحه بأن سكن أو لا قبل دخول الجازم تخفيفاً ثم حذفت الياء وصار يفيء بهمزة ساكنة ، أبدلت ياء لكونها بعد كسرة ثم أدخل الجازم ونزلت الياء العارضة منزلة الأصلية فحذفت للجازم اه . ع ش على م ر . قوله : ( طالبته بطلاق ) أي وإن أسقطت حقها باللفظ على المعتمد ، ما لم تنقض المدة ولو اعترفت بالوطء سقط حقها ولا ترجع إلى المطالبة . وعبارة م ر فلها المطالبة ما لم تنته مدة اليمين لتجدد الضرر هنا كالإعسار بالنفقة ، بخلافه في العنة والعيب والإعسار بالمهر ، لأنه خصلة واحدة اه . بحروفه قوله : ( فإن عصى بوطء ) بأن كان عامداً عالماً مختاراً وتلزمه الكفارة لحنثه وإلا بأن استدخلت ذكره أو كان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً أو مجنوناً سقطت مطالبتها ، ولا كفارة عليه لعدم حنثه ولا ينحلّ يمينه ق ل ، وقوله ولا ينحل يمينه : أي وإن سقط حقها من المطالبة وارتفع الإيلاء لوصولها إلى حقها واندفاع ضررها سم . قوله : ( طلق عليه الحاكم ) أي ولو طلاقاً رجعياً ولو طلق عليه القاضي ثم راجع عاد الإيلاء إن بقي مدة واستأنفت المدة من الرجعة لأن حكم الإيلاء لا يرتفع إلا بالطلاق البائن ، كما سيأتي ذكره في الروضة ، وغيرها اه . م ر قال : العناني وإذا طلق القاضي في مدة الإمهال وبان أن المولي وطىء قبل تطليقه لم يقع طلاقه ، ولو وقع طلاق القاضي والمولي معاً نفذ طلاق المولي جزماً وكذا القاضي في الأصح بخلاف ما لو باع الحاكم مالاً لغائب واتفق أن الغائب باعه في ذلك الوقت ، فإنه يقدم على بيع الحاكم لأن بيع المالك أقوى ولم نقل بوقوع بيع الحاكم أيضاً كما هنا ، لأنه لا يمكن وقوع البيعين من اثنين بخلاف الطلاق . قوله : ( طلقة ) أي وإن بانت منه لعدم دخول أو استيفاء ثلاث زيادي وإذا أكرهه الحاكم على الطلاق فطلق مكرهاً وقع لأنه مكره بحق اه . ح ف . وعبارة ق ل على الجلال قوله : طلقة أي رجعية أو بائنة فإن زاد عليها لغاً الزائد ، ولو طلق المولي ولو جاهلاً بطلاق القاضي معه أو بعده وقع ما أوقعه أيضاً المولي بخلاف عكسه ، بأن طلق القاضي بعد طلاق المولي ، ولو بالتبين لم يقع طلاق القاضي وكذا ولو طلق بعد وطئه ، ولو طلق الحاكم مع وطئه فقياس ما مر من وقوع طلاقهما معاً أن يقع هنا . والوجه عدم الوقوع تبعاً للخطيب لئلا يلزم خروج الوطء عن الحل إلى الحرمة ، على أن في وقوع طلاقهما إذا طلقا معاً نظر إذ طلاق القاضي إنما يقع مع الامتناع ومع طلاق المولى لا امتناع اه .(4/339)
"""""" صفحة رقم 340 """"""
قوله : ( إلا إن تعذر ) أي حضوره وعبارة م د قوله : إلا إن تعذر أي بغيبة أو توار أو تمرّد أي تكبر فإن الكبر هو الذي أخرج إبليس من الجنة ، فإنها دار التواضع والتذلل والخضوع ودار البقاء ، وليس العصيان سبباً في خروجه منها فإنه لو تاب لتيب عليه قال تعالى : ) فما يكون لك أن تتكبر فيها } ) الأعراف : 13 ) بيضاوي .
قوله : ( ولا يشترط للطلاق حضوره ) أي بعد ثبوت امتناعه أو تعذر حضوره وعبارة الشوبري ويشترط في تطليقه عنه حضوره ليثبت امتناعه إلا إن تعذر بنحو : غيبة أو توار . قوله : ( في مدة إمهاله ) لأنه يمهل إذا استمهل يوماً فأقل ليفيء فيه كما في شرح المنهج . قوله : ( إن كان طلاق القاضي رجعياً ) بخلاف ما إذا كان بائناً لكونه قبل الدخول أو بعد طلقتين ، فاندفع ما يقال إن القاضي لا يطلق إلا طلقة فكيف يكون طلاقه بائناً . قوله : ( صدق بيمينه ) ولم تصدق وهي ثيب أو بكر غوراء ، وهذا مستثنى من قاعدة أن القول : قول نافي الوطء ، وقد نظم بعضهم هذه القاعدة وما استثني منها فقال :
القول قول واطىء في ستة
مضبوطة بالحفظ عند الثقة
الحلف في التحليل والثيوبة
والوطء مع فرع أتى وعنة
ومثل ذا الإيلاء والتعليق
بطلقة لسنة تحقيق
اه .
فمدّعي الوطء في التحليل منها أو من المحلل مصدق وفي العنة والإيلاء ، يصدق إذا ادعى الوطء ، وأنكرت ولو قال : لطاهر أنت طالق للسنة فقال وطئت في هذا الطهر ، فلا طلاق حالاً فقالت : لم تطأ فوقع حالاً صدّق لأصل بقاء العصمة ، ولو شرطت بكارتها فوجدت ثيباً فقالت افتضني وأنكر صدقت لدفع الفسخ وهو لدفع كمال المهر ، وعبارة الروض لو شرطت البكارة في الزوجة فوجدت ثيباً وادعت ذهابها عنده فأنكرت صدقت بيمينها لدفع الفسخ ، أو ادعت افتضاضه لها فأنكر فالقول : قوله بيمينه لتشطير المهر إن كان شطره أكثر من مهر ثيب ، والقول : قولها بيمينها لدفع الفسخ ، وعبارة ق ل قوله : صدق بيمينه على خلاف قاعدة تصديق مدّعي النفي نظراً لبقاء العقد اه . قوله : ( لأن الأصل عدمه ) هذا ظاهر في اختلافهما في الإيلاء لا في انقضائه إذ(4/340)
"""""" صفحة رقم 341 """"""
هما متفقان على الإيلاء وحينئذ فليس الأصل عدمه وإنما علة تصديقه ، أن الأصل عدم استحقاق الزوجة الطلب بما ذكر ، ويمكن حمل قول الشارح مدته على المدة المضروبة وهي أربعة أشهر ، أي فإنها لا تطالبه إلا بعد انقضائها ، وعبارة بعضهم قوله ، لأن الأصل عدمه أي المذكور من الإيلاء في الأوّل والانقضاء في الثاني فسقط ما قيل هذا ظاهر في الأولى أما في الثانية فهما متفقان على الإيلاء فليس الأصل عدمه قوله : ( بعد المدة ) أي مدة الإمهال . قوله : ( وبين تنجيز الطلاق ) أي فيما إذا تعدّد المجلس ، فإنه لا يقبل فيه التأكيد . قوله : ( إن اتحد المجلس ) ظاهره وإن طال ، وهو كذلك اه ح ف . قوله : ( وإلا تعدّدت ) ويكفيه لانحلالها وطأة واحدة ويتخلص بالطلاق عن الأيمان كلها ، وكذا يكفيه كفارة واحدة شرح الروض .
3 ( ( فصل : في الظهار ) ) 3
مصدر ظاهر من امرأته كقاتل قتالاً . واعلم : أن فيه شبهاً بالطلاق من حيث ما يوجبه من التحريم ، وشبهاً بالأيمان من حيث إيجاب الكفارة والمغلب فيه معنى اليمين وقيل معنى الطلاق . وذكره المصنف ، عقب الإيلاء لمناسبته له في أن كلاً حرام وكلاً منهما كان طلاقاً في الجاهلية وكلاً منهما يصح من الرجعية . قوله : ( من الظهر ) أي المقابل للبطن ويطلق الظهر على العلوّ لقوله تعالى ) فما استطاعوا أن يظهروه } ) الكهف : 97 ) أي يعلوه كأنه يقول : علوّي على ظهرك كعلوّي على ظهر أمي قوله : ( لأن صورته الخ ) يصح أن يكون تعليلاً للأخذ من الظهر . والأولى جعله تعليلاً للمعنى الشرعي الآتي أي لتسميته ظهاراً أي وسُمي ظهاراً لأن الخ وقوله : لأن صورته أي صيغته وقوله : الأصلية أي المتعارفة عند الجاهلية . قوله : ( وخصوا ) أي المظاهرون وهذا يصح أن يكون تعليلاً ثانياً للأخذ من الظهر ، فكأنه قال ،(4/341)
"""""" صفحة رقم 342 """"""
وإنما أخذ من الظهر ، لأن صورته الخ ولأن الظهر موضع الركوب أي والمرأة مركوب الزوج أي وقت الجماع ، ففي قول المظاهر أنت عليّ كظهر أمي كناية تلويحية لأنه ينتقل من الظهر إلى المركوب ومن المركوب إلى المرأة لأنها مركوب الزوج فكأن المظاهر يقول : أنت عليّ محرمة لا تركبين كما لا تركب الأمّ شهاب . قوله : ( موضع الركوب ) أي في الجملة كركوب الدوابّ لأن موضع الركوب من المرأة بطنها ، لا ظهرها وقد تركب المرأة من ظهرها ، ويأتيها في المحل المعهود وهو القبل ، لكنهم لم ينظروا للصورة النادرة ، وعبارة م د : لأنه موضع الركوب أي في حدّ ذاته بقطع النظر عن خصوص الآدمية . وذكر الظهر كناية عن البطن الذي هو عموده فإن ذكره يقارب ذكر الفرج اه بيضاوي . وتسمية الظهر عمود البطن لأن به قوامها وعليه اعتمادها ، كما تعتمد الخيمة على عمودها وقوله : الذي صفة البطن وضمير هو للظهر ، وضمير عموده للبطن . وقوله : فإن ذكره الخ تعليل للكناية ، وتوجيه لاختيارها بأنهم يستقبحون ذكر الفرج وما يقرب منه في الأم وما يشبه بها اه .
قوله : ( وكان طلاقاً في الجاهلية ) بل وفي أول الإسلام أيضاً والمراد أنه كان طلاقاً بائناً لا رجعة فيه أبداً فكان يقع به طلقة ، وتصير المرأة بها حراماً مؤبداً لا تحلّ له ولا بعقد نكاح لأن القصة التي هي سبب في نزول قوله تعالى : ) قد سمع الله } ) المجادلة : 1 ) تقتضي أنه كان طلاقاً لا حلّ بعده لا برجعة ولا بعقد لأن المرأة لما جاءت له وأخبرته بأن زوجها ظاهر منها فقال : ( حرمت عليه ) فأظهرت ضرورتها بأنّ معها من زوجها أولاداً صغاراً إن ضمتهم إلى نفسها جاعوا ، وإن ردتهم إلى أبيهم ضاعوا ، لأنه كان قد عمي وكبر وليس عنده من يقوم بأمرهم ، وجاء زوجها إلى النبي ، وهو يقاد فلم يرشدهم إلى ما يكون سبباً في عودها إلى زوجها بل قال لها : حرمت عليه فقالت ما طلقني فقال : ( حرمت عليه ) فاغتمت ، لصغر أولادها وشكت إلى الله فنزلت هذه الأربع آيات فلو كان رجعياً لأرشده إلى الرجعة أو بائناً تحل له بعقد لأمره بتجديد نكاحه . فتوقفه وانتظاره للوحي دليل على أنه كان طلاقاً لا حلّ بعده ، لا برجعة ولا بعقد . ع ش على م ر . واسم المرأة المذكورة خولة بنت ثعلبة ، ويقال لها : خويلة بالتصغير ويقال اسمها جميلة ، وزوجها أوس بن الصامت الأنصاري الخزرجي البدري شهد المشاهد مات أيام عثمان رضي الله عنه وله خمس وثمانون سنة . زرقاني على المواهب ، وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرّ بها في خلافته وهو على حمار والناس معه فاستوقفته زمناً طويلاً ووعظته ، وقالت : يا عمر قد كنت تدعى عميراً ثم قيل لك عمر ، ثم قيل لك أمير المؤمنين . فاتق الله يا عمر فإنه من أيقن بالموت ، خاف الفوت ، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب ، وهو واقف يسمع كلامها فقيل له : يا أمير المؤمنين أتقف لهذه العجوز هذا الموقف ؟ فقال : والله لو حبستني من أول النهار إلى(4/342)
"""""" صفحة رقم 343 """"""
آخره لا زلت إلا للصلاة المكتوبة أتدرون من هذه العجوز ؟ هي خولة بنت ثعلبة ، سمع الله تعالى قولها من فوق سبع سموات أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر . فإن قلت : ما الفرق بينه حيث كان كبيرة وبين أنت عليّ حرام فإنه مكروه وليس بحرام . قلت : قال : في شرح الروض ، لأن الظهار علق به الكفارة العظمى وإنما علق بقوله : أنت عليّ حرام كفارة اليمين واليمين والحنث ليسا بمحرمين ، ولأن التحريم مع الزوجية قد يجتمعان ، والتحريم الذي هو كتحريم الأم مع الزوجة لا يجتمعان كما في م د على التحرير .
قوله : ( وحقيقته الشرعية ) أي وأما اللغوية فتقدم تعريفها في قوله : لأن صورته الخ . قوله : ( بمحرمه ) أي التي لم تكن حلاً له قبل ولادته . قوله : ( والذين يظهرون ) أصله يتظهرون . قوله : ( وزوراً ) أي منحرفاً عن الحق فإن الزوجه لا تشبه الأم اه . بيضاوي فهذا يقتضي أنه من الكبائر . قوله : ( سورة المجادلة ) بكسر الدال أي المرأة المجادلة وإن كان المعروف الجاري على الألسنة بفتح الدال فالصواب كسرها كذا في حاشية ملا علي قاري على الجلالين وضبطه أيضاً في الكشف بكسر الدال . قوله : ( وهي نصف القرآن ) فمن أم القرآن إليها سبع وخمسون سورة ومنها إلى الآخر سبع وخمسون . قوله : ( باعتبار الأجزاء ) لأن منها إلى الآخر ثلاثة أجزاء وقد أشار لهذا بعضهم بقوله :
ما قول من فاق جميع الورى
ودوّن العلم بأفكاره
في أي شيء نصفه عشره
ونصفه تسعة أعشاره(4/343)
"""""" صفحة رقم 344 """"""
وهو القرآن لأن نصفه الأخير عدداً عشره ونصفه الأعلى تسعة أعشاره . قوله : ( أي مركبي ) أي محل ركوبي على أنه بمعنى المكان أو نفس ركوبي على أنه بمعنى المصدر . قوله : ( كأنت أو رأسك أو يدك ) أو شعرك أو ظفرك ونحو ذلك ، من الأعضاء الظاهرة بخلاف الباطنة كالكبد والقلب ، فلا يكون ذلك ظهاراً ح ل . ونقل عن م ر أنه كناية وعبارة البرماوي على المنهج فلا يكون ذكرها ظهاراً في المشبه والمشبه به لأنه لا يمكن التمتع بها حتى توصف بالحرمة وهذا هو المعتمد فشمل كلامه تشبيه الباطن بالباطن وبالظاهر وتشبيه الظاهر بالباطن فلا يكون ظهاراً في الصور الثلاث وخرج بالأعضاء الفضلات فلا ظهار بها مطلقاً كاللبن والمني اه بالحرف . قوله : ( أو يدك ) وإن لم يكن لها يد فهو من التعبير بالبعض عن الكل سم وبرماوي . قوله : ( أو كناية ) أي تحتاج إلى نية ونية الظهار كما قال صاحب الشامل أن ينوي أنها كظهر أمه في التحريم قوله : ( ولو عبداً ) وإن لم يتصور منه التكفير بالإعتاق لإمكان تكفيره بالصوم ، وجملة التعميمات خمس . قوله : ( أو كافراً ) أي خلافاً للحنفية برماوي . قوله : ( أو مجبوباً ) ومثله الممسوح والفرق بينه وبين الإيلاء حيث لا يصح منه أن المقصود ثم الجماع لاهنا لأن المراد هنا ما يشمل التمتع ح ل . قوله : ( أو سكراناً ) أي متعدياً لأنه المراد عند الإطلاق وهو في كلامه مصروف لغة أسدية وقيس عليها ما وقع للشارح في غير هذا الموضع أيضاً قال ابن مالك في الكافية :
وباب سكران لذي بني أسد
مصروف إذ بالتاء عنهم اطرد
ووجد في بعض النسخ بمنعه من الصرف . قوله : ( فلا يصح من غير زوج ) ولا من الزوجة في قولها لزوجها أنت عليّ كظهر أي وأنا عليك كظهر أمك أو قال السيد لأمته أنت عليّ كظهر أمي فلا يصح ظهارهم ، شَرح الروض . قوله : ( ومجنون ) إلا إن علق بصفة ووجدت في حال جنونه ح ل .(4/344)
"""""" صفحة رقم 345 """"""
قوله : ( كونها زوجة ) قد يقال هو معلوم مما قبله وهو زوج ، وقد يقال أتى به ليرتب عليه قوله ولو أمة ح ل . قوله : ( أو صغيرة ) وإن لم تطلق . قوله : ( لا أجنبية ) عطف على قوله : زوجة قوله : ( ولو مختلعة ) غاية وقوله : أو أمة أي ملكاً له قوله : ( كالطلاق ) أي في عدم صحته من الأجنبية والمختلعة وأمته قوله : ( لم تكن حلاً للزوج ) أي لم يسبق لها قبل صيرورتها محرماً حالة حلّ أي حالة تحلّ له فيها بعد ولادتها . قوله : ( ومرضعة أبيه ) خرج مرضعة المظاهر فإنه طرأ تحريمها بعد ولادته فلا يكون التشبيه بها ظهاراً . قوله : ( قبل ولادته ) قيد به ليلائم قوله : لم تكن حلاً للزوج . قوله : ( من ذكر ) بأن كان أخاه قوله : ( كزوجة ابنه ) أي وأم زوجته وبنتها لأن تحريم من ذكر طارىء ، وعبارة م د على التحرير ، وزوجة ابنه بالنون بعد الموحدة وكذا زوجة أبيه التي نكحها بعد ولادته كما علم فلو قال لها : أنت عليّ كظهر امرأة أبي فإن كان أبوه تزوّجها قبل وجوده أو معه صار مظاهراً أو بعده لم يصر مظاهراً ووطء الشبهة كالنكاح فموطوءة أبيه بشبهة كزوجته وكذا الوطء بالملك ومثله يجري في زوجة الابن أيضاً . قوله : ( وبخلاف أزواج النبي ) محترز قوله : محرم وبقية الأنبياء كذلك . قوله : ( فلا يصح التشبيه بها ) لأنها كانت حلاً له قبل إرضاعه أي فلا يكون ظهاراً . قوله : ( وإن كانت بعده ) أي الرضاع .
قوله : ( وكذا إن كانت معه ) بأن انفصلت مع آخر رضعته الخامسة تغليباً لجانب التحريم ، لأنها لم تكن حلاً له أصلاً . قوله : ( تغليباً لليمين ) أي على الطلاق ، لأنه يشبه كلاً من اليمين والطلاق كما سننبه عليه ومثل الزمان المكان كما قال : شيخنا في شرحه كأنت عليّ كظهر أمي في البيت فيحرم التمتع بها ، في ذلك البيت دون غيره ح ل . قال شيخنا : وحاصله : أن الظهار يشبه باليمين من حيث الكفارة ، والطلاق من حيث التحريم فاحتماله التأقيت بناء على تغليب(4/345)
"""""" صفحة رقم 346 """"""
شبهه باليمين لا بالطلاق إذ لا يصح تأقيته فلا يقال : أنت طالق شهراً مثلاً . قوله : ( كان ظهاراً مؤقتاً وإيلاءً ) أي فتجرى عليه أحكامهما فتصبر المرأة عليه أربعة أشهر ثم تطالبه بالفيئة أو الطلاق فإن وطىء انحلّ حكم الإيلاء وصار عائداً في الظاهر فلا يحل له ، وطؤها ثانياً حتى يكفر أو تفرغ المدة وهل يلزمه كفارة للإيلاء أو لا ؟ وحاصله : أنه إن حلف بالله كأن قال : والله أنت عليّ كظهر أمي خمسة أشهر لزمه كفارة أخرى للإيلاء ، وإن قال : أنت كظهر أمي خمسة أشهر لم تلزمه للإيلاء كفارة ، وإن جرت عليه أحكام الإيلاء من ضرب المدة الخ . قوله : ( ولم يتبعه بالطلاق ) أي مثلاً إذ مثل الطلاق فرقة بغير ذلك . قوله : ( بأن يمسكها ) أي من غير طلاق قوله : ( زمن إمكان فرقة ) أي شرعاً فلا عود في نحو حائض إلا بعد انقطاع دمها لأن الإكراه الشرعي كالحسي شرح م ر . قوله : ( ولم يفعل ) ليس بقيد لأنه متى أمسكها زمناً يسع الفرقة صار عائداً سواء فعل بعد ذلك أو لا ؟ فكان الأولى حذفه وعبارة بعضهم قوله : ولم يفعل أي في زمن الإمساك ويكون عطف تفسير لأنه معنى الإمساك ، أما الفعل بعد الإمساك فلا يفيد شيئاً .
قوله : ( صار عائداً ) وإن طلقها بعد ذلك قال الدمياطي في شرحه والعود هو أن يمسكها في النكاح زمناً يمكنه أن يطلقها فيه ، فحينئذ تجب الكفارة ، لكن لو كانت زوجته أمة فظاهر منها ثم اشتراها ثم جامع فإنه لا كفارة عليه ، على الصحيح وقوله : ثم اشتراها الخ . الذي في تحرير شيخ الإسلام خلافه ، وعبارته ولو طلق زوجته ثلاثاً أو ظاهر منها أو لاعنها ثم ملكها بأن كانت أمة لم يطأها حتى تحلل في الأولى ويكفر في الثانية وأما الثالثة فلا يطؤها أصلاً لأنها حرمت عليه أبداً اه . وصوّر في الوسيط الطلاق الواقع عقب الظهار ، بأن يقول : أنت عليّ كظهر أمي أنت طالق شرح م ر . وقال : م د فالعود أن يسكت عن طلاقها ، بقدر نطقه بأنت طالق ولو جاهلاً وناسياً وهل المراد بإمكان فراقها منه ، باعتبار نطقه ويختلف باختلاف حاله بسرعة النطق وبطئه . أي كان عنده ثقل في الكلام أو المراد بالإمكان اعتبار غالب الناس . الظاهر الأوّل بدليل أنه لو حصل له عارض منعه من النطق كإكراه لم يكن عائداً اه .(4/346)
"""""" صفحة رقم 347 """"""
قوله : ( هذا في الظهار المؤبد أو المطلق ) احتراز عن المؤقت ، لما يأتي أن العود فيه بالوطء في المدة لا بإمساكها بعد الظهار زمن إمكان الفرقة . قوله : ( بالوطء ) لكن تجب المبادرة إلى النزع لحرمة الوطء قبل التكفير أو انقضاء المدة كما يأتي واستمراره الوطء وطء اه . سم وقوله : واستمرار الوطء وطء يفيد أن المراد بوجوب النزع عدم الاستمرار واستشكل هذا بما صرحوا به في الأيمان من أن استمرار الوطء لا يحنث به كمن حلف لا يطأ وهو مجامع ، واستمر وقالوا : استمرار الوطء لا يسمى وطئاً وبما مرّ بقوله : إن وطئتك وطئاً مباحاً حيث لم يحرموا عليه الاستدامة ، وقالوا : إنها لا تسمى وطئاً وقد يقال : بسقوط هذا الإشكال من أصله إذ من الواضح ، أن يفرق بين ما يسمى وطئاً وما له حكم الوطء والاستدامة من الثاني ، بدليل تعبيرهم بأنها لا تسمى وطئاً وقولهم : استدامة الوطء وطء . أي حكماً بدليل أنهم لم يقولوا : يسمى وطئاً ولما كان المذكور في لفظ الحالف أو المعلق لفظ الوطء حمل على ما يسماه فلا يشمل الاستدامة ولما لم يذكره المظاهر . حمل على الأعم وأيضاً يقال : هنا إن المظاهر ممنوع من المباشرة بعد العود . وبتغييب الحشفة حصل العود ، والاستدامة لا تنقص عن المباشرة إن لم تكن أغلظ منها فتأمل ذلك وعضّ عليه فإنه من أسرار ينبوع الكلام ومما عثرت عليه الأفهام اه . ق ل على الجلال . قوله : ( واستثنى من كلامه ) أي من كونه يصير عائداً ، بالإمساك وقد يقال : عند قصد التأكيد تصير الكلمات ككلمة واحدة ثم رأيت نحوه في م ر . قوله : ( وقصد به التأكيد ) أي وكذا لو أطلق ، فإن قصد الاستئناف تعدد الظهار فتتعدد الكفارة بتعدّده وصار عائداً بالمستأنف شرح المنهج بالمعنى . قوله : ( بالإتيان ) المناسب من الإتيان قوله : ( وما تقدم الخ ) ظاهره أنه تقييد للمتن فيقتضي أنه غيره مع أنه عينه لأن قوله إذا لم يتصل بالظهار فرقة هو عين قول المتن ولم يتبعه بالطلاق . ويجاب بأن هذا أعم من كلام المتن لأن الفرقة أعم من الطلاق وكان الأولى من ذلك أن يقول : عقب المتن ومثل فرقة الطلاق غيرها . قوله : ( بما ذكر ) أي بعدم إتباعه بالطلاق . قوله : ( محله الخ ) فيه أنه لا إمساك في صورة الفرقة بأنواعها وكذا في صورة تعذر الفرقة كأن حصل جنون اه شيخنا . قوله : ( فلو اتصلت بالظهار فرقة الخ ) هو مفهوم قوله : قبل ما لم يتصل بالظهار فرقة ومفهوم قول المتن ما لم يتبعه بالطلاق لكنه أعم من مفهوم المتن . قوله : ( أو فسخ نكاح ) فيه أن الفسخ لا بد فيه من الرفع للقاضي وزمن الرفع(4/347)
"""""" صفحة رقم 348 """"""
يحصل به الإمساك وصوّره بعضهم بما إذا كانا بين يدى القاضي ، أو بما إذا فقد القاضي ، والمحكم واستقلا بالفسخ اه شيخنا .
قوله : ( بسبب طلاق الخ ) هذه هي مفهوم المتن في الحقيقة وصرح بها زيادة إيضاح أو ليبين كون الطلاق شاملاً للبائن والرجعي هذا وفيه أن الفرض أنه لم يتبعه بالطلاق فالأولى عدم ذكر الطلاق هنا لأنه معلوم من كلام المصنف أنه إذا أتبعه بالطلاق لا يصير عائداً وعبارة المنهج فلو اتصل به أي بظهاره جنونه أو فرقة فلا عود اه . وجعل الشارح الفرقة شاملة لما ذكر هنا ، لكن لم يعبر كالشارح بقوله : وما تقدم الخ فلعل ذكر الطلاق سرى له من عبارة شرح المنهج . واعترض بعضهم قوله : أو فرقة بأنه مكرر مع المتن ، ويمكن حمله على ما إذا علق الطلاق البائن أو غيره على شيء كدخولها الدار أو دخوله ثم ظاهر فوجد الدخول عقب الظهار فهذا يكون مغايراً لما سبق . قوله : ( أو جن الزوج ) كان الأولى ، أو جنون الزوج عطفاً على فرقة أو يقول : فلو جنّ الخ . قوله : ( متصلاً ) أي ارتدّ متصلاً بالظهار وكانت الردّة قبل الدخول . قوله : ( في العدّة ) متعلق بأسلم . قوله : ( صار عائداً بالرجعة ) ولا يقال قد انحلّ الظهار بالطلاق ، لأنّا نقول : محل انحلاله به إذا دام عليه فإن خالفه بالرجعة صار عائداً .
قوله : ( والفرق ) أي بين الرجعة والإسلام . قوله : ( الاستباحة ) أي استباحة الاستمتاع . قوله : ( الرجوع إلى الدين ) أي والحل تابع له . قوله : ( وإنما يحصل بعد ) أي فالحل تابع له فيحصل عقبه ولا يحصل به . قوله : ( والأوّل هو ظاهر الآية ) فإن قلت هل لهذا الخلاف فائدة ؟ قلت : نعم فقد قال ابن الرفعة ينبغي أن لا يجزىء التكفير قبل العود إن قلنا الظهار شرط والعود سبب ، وعلى القول : بأنهما سببان لا يجوز تقديمها على الظهار ، ويجوز على العود شوبري ، وذكروا في الأيمان أن تقديمها على الحنث بالصوم لا يصح فيقال مثله هنا فتأمل . قوله : ( لاستقرارها بالإمساك ) أي أو نحوه وهو الوطء في المؤقت .(4/348)
"""""" صفحة رقم 349 """"""
قوله : ( فإن أمسكهنّ ) هل يتعين في دفع الإمساك طلاقهنّ بكلمة واحدة أو يحصل بالشروع في طلاقهنّ ولو مع الترتيب ولا يكون بطلاق كل واحدة ممسكاً لغيرها ، حرر شوبري ، الظاهر الأوّل . قوله : ( والكفارة ) عدل عن الضمير الذي هو الظاهر إيضاحاً وإشعاراً بعدم اختصاص الكفارة بما ذكره هنا ليدخل نحو اليمين ق ل . قوله : ( مأخوذة من الكفر ) هذا معناها لغةً وأما معناها شرعاً فهي مال أو صوم وجب بسبب ، كحلف أو قتل أو ظهار قاله : الرحماني وقد يقال : هذا التعريف شامل للفدية فالأولى أن يقيد السبب بأن يقال هي مال أو صوم وجب بسبب من حلف أو قتل أو ظهار أو جماع نهار رمضان عمداً وحينئذ تخرج الفدية وعرفها عبد البر فقال : هي حق واجب على الحالف أو القاتل أو المظاهر بعد حنثه أو عوده اه . وهذا التعريف كالذي قبله لا اعتراض عليه فتأمل . وسميت القرية الصغيرة كفراً لأن بها يكفر الحق أي يستتر لغلبة الجهل والضلال فيها اه ح ف . قوله : ( لسترها الذنب ) فيه أن هذا ظاهر فيما فيه ذنب وأما كفارة الخطأ فأين الذنب الذي تستره إلا أن يقال شأنها ذلك ، أو الغالب فيها ذلك والمراد بقوله : لسترها الذنب أي محوه بناء على أنها جابرة كسجود السهو ، ويجبر الخلل الواقع في الصلاة فكأنه لم يوجد ، وهو ما رجحه ابن عبد السلام ، أو تخففه بناء على أنها زاجرة كالحدود لأن بسببها ينزجر الإنسان عن ارتكاب الموجب لها . قوله : ( ومرتبة في آخرها ) بمعنى أنه لا ينتقل للصوم إلا إذا عجز عن الخصال الثلاث زيادي . قال العلامة الشوبري : ومما ينسب للكمال بن أبي شريف رحمه الله تعالى :
ظهارا وقتلا رتبوا وتمتعا
وصوما كما التخيير في الصيد والأذى
وفي حالف بالله رتب وخيرن
فذلك سبع إن حفظت فحبذا فقوله : في النظم وصوماً المراد به كفارة الجماع في نهار رمضان ، وقوله : رتب وخيرن لو قال خير فرتبن لكان أولى لأنها مخيرة ابتداء مرتبة انتهاء فتأمل . قوله : ( القتل ) قدمه عليه لكثرة وقوعه ولأن في دليله تقييد الرقبة بالمؤمنة ، وكفارة الظهار مقيسة عليه في التقييد والمقيس عليه مقدم على المقيس .
قوله : ( وخصالها ثلاثة ) هذا كله في الحر الرشيد ، ومنه الذمي فيكفر بالإعتاق والإطعام(4/349)
"""""" صفحة رقم 350 """"""
لصحتهما منه . وأما الصوم فلا يصح منه ، لأنه ليس من أهل النية ولا يتأتى إطعامه مع قدرته على الصوم لأنه يمكنه أن يسلم ويصوم فإما أن يترك الوطء ، وإما أن يسلم ويصوم ثم يطأ ، أما الرقيق : فلا يكفر إلا بالصوم ، لإعساره ، وليس للسيد منعه منه إذا أضعفه ، عن الخدمة لتضرره بدوام التحريم والمبعض كالحر إلا في الإعتاق لأنه ليس من أهل الولاء ، وأما السفيه فبحث الأسنوي أنه إنما يكفر بالصوم أخذاً من قولهم ، إنه كالمعسر حتى لو حنث في يمينه كفر بالصوم لكن رده البلقيني وقال المعتمد أنه يكفر هنا بالمال . كما في القتل ، لكن المخرج له وهو وليه والناوي هو السفيه ، وفرق بين هذا والأيمان بفروق ، منها تكرار الأيمان عادة فلم يلزم من جعله فيها كالمعسر ، جعله في الظهار كالمعسر لأنه محرم والمكلف يمتنع منه عادة ، سم مع تصرف . وقوله ومنه الذمي فيكفر بالإعتاق الخ ويمكن ملكه رقبة مؤمنة ، كأن يسلم عبده أو عبد مورثه فيملكه أو يقول لمسلم : أعتق عبدك عن كفارتي فيجيبه وهذه إحدى الصور التي يدخل فيها المسلم في ملك الكافر . وقد جمعها بعضهم فقال :
ومسلم يدخل ملك كافر
في الإرث والرد بعيب ظاهر
إقالة وفلس وما وهب
أصل وما استعقب عتقاً بسبب
وقوله : وما استعقب الخ يدخل فيه ثلاث صور ، ملك الأصل والفرع ومن أقر بحريته والبيع بشرط الإعتاق . قوله : ( عتق رقبة ) بمعنى إعتاق رقبة ولو مغصوبة وآبقة ومرهونة والراهن موسر وجانية ومتحتماً قتلها في حرابة وإن كان الإعتاق في دفعتين كأن ملك معسر نصف عبد فأعتقه عن كفارته ثم ملك نصفه الآخر فأعتقه فإن لم ينوها عند إعتاق باقية لم يجزه عنها اه سم . وكذا لو كانت الرقبة ملفقة من شخصين ، بأن ملك نصفي رقيقين وباقيهما أو باقي أحدهما فقط حرّ سواء كان موسراً أو معسراً أما إذا كان باقيهما رقيقاً فيفصل فإن كان موسراً صح العتق عن الكفارة لأنه يسري إلى الباقي وإلا فلا .
قوله : ( مؤمنة ) أي فلا تجزىء الكافرة ، وينبغي أخذاً مما ذكر في المريض إذا شفي من الإجزاء أنه لو أعتق كافراً فتبين إسلامه الإجزاء ، ومثله أيضاً ما لو أعتق عبد مورثه ظاناً حياته فبان ميتاً كما في ع ش على م ر . والمراد بقوله مؤمنة : أي قبل العتق فلو قارن العتق الإسلام لم يجز وإطلاق الرقبة على الرقيق مجاز مرسل من إطلاق الجزء وإرادة الكل والرقبة شامل للذكر والأنثى اتفاقاً والخنثى على المعتمد ، ومقابله عدم إجزاء الخنثى لأن الخنوثة عيب في المبيع اه . قوله : ( أو الدار ) صورته : أن يجد لقيطاً في بلد فيها مسلمون فيحكم عليه بالحرية(4/350)
"""""" صفحة رقم 351 """"""
ثم إذا ادعى شخص ، أنه رقيق وأقام بينة على رقه من غير تعرّض لأبويه بإسلام أو كفر ، فإنه يصح أن يعتقه عن كفارته لأنه مسلم تبعاً للدار وإذا اشتراه أحد يصح أن يعتقه عن كفارته ، فإن وصف الكفر بعد بلوغه تبين أنه كافر أصليّ فلا يجزىء إذ ذاك أفاده شيخنا . واعلم : أن الشروط المعتبرة في الرقبة ستة الإيمان ، وعدم العيب ، وعدم العوض ، وكمال الرقّ في الإعتاق ، عن الكفارة وعدم استحقاق العتق ، والحرية في المعتق . وقد جمعها بعضهم نظماً من الرجز فقال :
لصحة الإعتاق عن كفاره
ست شروط بأوجز العباره
حرية المعتق إيمان العتيق
وفقده للعيب كي كسبا يطيق
كمال رقّ عدم استحقاق
للعتق فافهمه بلا شقاق
وعدم العوض تمام السته
لا شرط منها ناقص ألبته قوله : ( قياساً عليها ) أي بجامع حرمة سببيهما . واستشكل ذلك بأن التقييد بالإيمان وارد في كفارة قتل الخطأ وهو لا يوصف بتحريم فكيف يقال بجامع الخ . ويجاب عن ذلك : بأن مرادنا ، حرمة القتل من حيث هو من غير نظر إلى كونه قتل خطأ . أو لا وكذا قرره ز ي عن ابن قاسم . ثم راجعت شرح الشيخ المذكور على الورقات ، فرأيته أشار إلى ذلك وجوابه بقوله : والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق كالرقبة قيدت بالإيمان في بعض المواضع كما في آية كفارة القتل وأطلقت عن التقييد به في بعض المواضع كما في آية كفارة الظهار فإنه تعالى قال فيها : ) فتحرير رقبة } ) النساء : 92 ) والسبب في الموضعين مختلف فإنه في الأوّل القتل وفي الثاني الظهار والحكم فيهما واحد وهو وجوب التحرير ، أي الإعتاق والجامع حرمة سببيهما أي في ذاته فلا ينافي أن آية القتل واردة في الخطأ ولا حرمة فيه على المخطىء شوبري : وقال ابن حجر : بجامع عدم الإذن في السبب . قوله : ( أو حملاً الخ ) أي من غير قياس وإلا فالحمل صادق بالقياس والفرق اعتبار الجامع فيه دون الحمل قوله : ( لإطلاق آية الظهار ) الأنسب أو حملاً للمطلق في آية الخ بدليل ما بعده والمراد بحمل المطلق على المقيد ، اعتبار ذلك القيد في المطلق قرره شيخنا فمعنى حمل المطلق على المقيد الحكم بأن المراد من المطلق ذلك المقيد . قوله : ( ليتفرغ لوظائف الأحرار ) من العبادات وغيرها أي غالباً وإلا فمن جملة وظائف الأحرار الإمامة العظمى ولا يكون الإمام الأعظم غير بالغ ولا يجوز أن يكون(4/351)
"""""" صفحة رقم 352 """"""
أصم أو أخرس مع إجزاء كل عن الكفارة اه خضر . قوله : ( إذا استقل بكفاية نفسه ) يرد عليه الصغير . وأجيب بأن قوله : ليتفرغ الخ : أي حالاً أو مآلاً وانظر لو أعتق أحد الملتصقين الذي لا يمكن فصله فهل يصح أو لا لأنه غير قادر على الاستقلال لأن الملتصق به قد لا يطاوعه على ذلك . فيه نظر والأقرب الأوّل ، لأن له قدرة على الكسب في حدّ ذاته مثل ذلك ما لو أعتقهما وهو ظاهر أي لأن الكسب قد يحصل بلا عمل كالبيع والشراء اه . ع ش على م ر .
قوله : ( كلاً ) أي ثقيلاً أي عاجزاً على نفسه إن لم يكن له منفق أو غيره ، إن كان له منفق وقال شيخ الإسلام : الكلّ من لا يستقل بأمر نفسه .
قوله : ( ولو ابن يوم ) وتكون نفقته حينئذ في بيت المال فإن لم ينتظم فعلى مياسير المسلمين وخالف الغرّة حيث لا يجزىء فيها غير المميز لأنها حق آدمي ، وغرّة الشيء خياره . واستشكل الإجزاء فيه بأنه لا يعرف بطش يديه ، ومشي رجليه وإبصار عينيه وسماع أذنيه . وأجيب : بأن الحكم بالإجزاء فيه بناء على السلامة فإن بان خلافها نقض الحكم ز ي بخلاف ما لو مات عقب الإعتاق فإنه يجزىء لظاهر السلامة . قوله : ( لإطلاق الآية ) فيه أن الآية لم تقيد بعدم العوضية وبعدم عيب يخل بالعمل(4/352)
"""""" صفحة رقم 353 """"""
فهلا تمسكتم بالإطلاق بالنسبة إليهما أيضاً وقلتم بإجزائه مع العوض والعيب . ويجاب بأن التقييد بهما علم من السنة . قوله : ( وأقرع وأعرج ) عبارة متن المنهج وأقرع أعرج بإسقاط حرف العطف ، ليعلم أنه إذا كان فيه أحدهما يجزي بالأولى اه ز ي . قوله : ( يمكنه تتابع المشي ) أي من غير مشقة لا تحتمل عادة ح ل . قوله : ( وأعور لم يضعف عوره الخ ) وقرر شيخنا إجزاء من يبصر نهاراً ولا يبصر ليلاً اكتفاء بإبصاره وقت العمل ، وهو يفيد أنه لو كان وقت عمله الليل لا يجزىء بناء على أن المنظور إليه في ذلك ما هو وقت العمل بالفعل حرر ثم رأيت ابن حجر ذكر أن من يبصر وقتاً دون وقت يأتي فيه ما يأتي في المجنون وذكر عن بحث الأذرعي : أن المجنون الذي يفيق ويجنّ لا بدّ أن يكون إفاقته نهاراً وإلا لم يجز لأن غالب الكسب إنما يتيسر نهاراً قال : ويؤخذ منه أنه لو تيسر له ليلاً أجزأه حرر ح ل . قوله : ( لم يضعف عوره ) أي ضعفاً يخل بالعمل .
قوله : ( وأصم وأخرس ) فإن اجتمعا أجزأ لأن من لازم الخرس الأصلي الصمم ح ل وهذا هو المعتمد ، كما في الإسعاد لابن أبي شريف وعبارته ولو اجتمع الصمم والخرس أجزأ كما اقتضاه كلام العزيز والروضة اه .
وبذلك تعلم ضعف ما في الدميري من عدم الإجزاء ومن ولد أخرس يشترط إسلامه تبعاً أو بإشارته المفهمة وإن لم يصلّ خلافاً لمن اشترط صلاته ح ل . قوله : ( إذا فهمت إشارته ويفهم بالإشارة ) قال ابن المقري : الظاهر تلازم المعنيين ، فمن فهم الإشارة أفهم بها والمتجه أن هذا باعتبار الغالب اه شوبري . قوله : ( وفاقد أصابع رجليه ) لأن فقد ذلك لا يخل بالعمل بخلاف فاقد أصابع يده . قوله : ( أو خنصر وبنصر ) أي أو أنملتين من كل منهما متن المنهج أي بخلاف أنملتين من أحدهما كما لو فقد أحدهما فقط . قوله : ( أو فاقد أنملتين من غيرهما ) وعبارة الدمياطي ويجزىء مقطوع الخنصر من يد والبنصر من أخرى والمجبوب والأمة الرتقاء والقرناء اه بحروفه . قوله : ( ولا فاقد أنملة إبهام ) أي لكونه ذا أنملتين فقط فلو كان ذا ثلاثة فينبغي أن لا يضر فقد أنملة قياساً على السبابة والوسطى ، ولو كانت السبابة أو الوسطى ذات أربع ، هل يغتفر فقد أنملتين ؟ محل نظر وظاهر كلامهم أنه لا يغتفر . قوله : ( ولا يجزىء هرم ) الهرم بكسر الراء مشتق من الهرم بفتحها ، وسيأتي أنه مرض طبيعي ز ي وفي المختار الهرم كبر السنّ وقد هرم من باب طرب . قوله : ( عاجز ) يحتمل أنه وصف غير كاشف للاحتراز ، عما إذا كان هرماً يقدر على صنعة يكتفي بها .
قوله : ( فإن برىء ) أي كل من الهرم والمريض ، بخلاف ما لو أعتق أعمى فأبصر ، فإنه لا يجزىء والفرق تحقق اليأس في العمى ، وعود البصر نعمة جديدة بخلاف المرض شرح المنهج . وقوله : والفرق . قال : في شرح الروض . قد يشكل بقولهم لو ذهب بصره بجناية فأخذ ديته ثم عاد استردت لأن العمى المحقق لا يزول اه . ولكن لك أن تحمل ما في الجناية على ما إذا لم يتحقق زواله وما هنا على ما إذا تحقق فليتأمل . ثم رأيت م ر اعتمد هذا الفرق وصوّر تحقق الزوال بما إذا أخبره معصوم كالسيد عيسى عليه وعلى نبينا والمرسلين أفضل الصلاة والسلام اه سم . أقول : وينبغي أن يلحق بالمعصوم ما لو دلت القرائن القطعية على عدم زواله اه ع ش . وقوله : تحقق اليأس أخذ من الفرق أنه لو لم يتحقق اليأس فيه فإنه يجزىء ، وهو كذلك فلا فرق بين الخلقي والحادث اه . ز ي قال ع ش على م ر . ولو أبصر وتبين أنّ ما كان بعينه غشاوة وأنه ليس بأعمى لم يجز لفساد النية ، وعليه فلعل الفرق بينه وبين(4/353)
"""""" صفحة رقم 354 """"""
المريض الذي لا يرجى برؤه ، حيث أجزأ إذا برىء أن المرض ليس فيه صورة ظاهرة تنافي الإجزاء فضعف تأثيره في النية ولا كذلك الأعمى . وينبغي أن مثل ذلك زوال الجنون والزمانة فلا يكفي عن الكفارة أخذاً من الفرق الذي ذكره ، إلا أن يقال العمى المحقق أيس معه من عود البصر بخلاف الجنون والزمانة المحققين فإن كلاً منهما يمكن زواله بل عهد وشوهد وقوعه كثيراً اه . قوله : ( كمال الرقّ ) المراد بكمال الرقّ ، أن لا يستحق العتق بجهة أخرى غير الكفارة ، كالكتابة والاستيلاد والقرابة فلو عبر بذلك لكان أولى وقال بعضهم قوله كمال الرقّ : أي الرقّ الكامل فخرج من سيذكره ممن يعتق بمجرد الشراء لأن رقه كالناقص أو لأنه لا يتمكن من إعتاقه إذ بمجرد دخوله في ملكه يعتق عليه . قوله : ( فلا يجزىء شراء قريب الخ ) في تفريعه على اشتراط كمال الرقّ ، نظر ظاهر لأن القريب كامل الرقّ اه شيخنا . وأجاب م د بقوله : كمال الرقّ أي الرقّ الكامل فخرج من يعتق بمجرد الشراء فأنه كأنّ رقه ناقص اه . فيكون المراد كمال الرقّ بالنسبة للمكفر اه . قوله : ( ولا عتق أم ولد ) ولا المشتراة بشرط العتق ولا يجزىء الموصي بمنفعته أبداً أو مدة معينة ، ولا المستأجر لعجزهما ، عن الكسب لنفسهما وللحيلولة بينهما وبين منافعهما وبهذا فارق المريض الذي يرجى برؤه والصغير ، نعم لو لم يبق من مدة الوصية أو الإجارة إلا ما لا يقابل بأجرة فبحث بعضهم الإجزاء حينئذ اه سم . قوله : ( صحيحة ) أي بخلاف الفاسدة سم وعبارة ق ل ولا صحيح كتابة أي لم يسبقها تعليق عتق عن الكفارة كما لو قال : إن دخلت الدار فأنت حر عن كفارتي ، ثم كاتبه فإذا دخلها ولو بغير اختيار سيده عتق عن الكفارة اه . قوله : ( ومعلق عتقه بصفة ) أشار به إلى أنه لا يشترط في عتق الكفارة ، التنجيز اه ز ي . ويجزىء مغصوب وإن عجز عن تخليصه ، وحامل ويتبعها ولدها وإن استثناه اه . برماوي قوله : ( عن شوب العوض ) الأولى حذف شوب لعدم ظهور معنى له والمعنى يستقيم بدونه . قوله : ( من الرقيق ) كان الظاهر منه قوله : ( أو على أجنبي ) بمعنى من معطوف على من الرقيق أي بأخذه من الرقيق أو من أجنبي أو متعلق بقوله عوض : أي بعوض كائن على أجنبي فكان الأولى أن يقول : من أجنبي قوله : ( لم يجز ذلك الإعتاق عن كفارته ) أي ويعتق بالعوض .(4/354)
"""""" صفحة رقم 355 """"""
فرع لو قال : أعتق عبدك عني عن كفارتي ولم يذكر عوضاً عتق ولزم الطالب القيمة وعتق عن الكفارة فإن لم يقل : عن كفارتي عتق ولا يلزمه قيمة اه . ولو قال : أطعم عن كفارتي ستين مسكيناً كل مسكين مدّ من جنس كذا صح ، وكذا الكسوة إن نوى عند الإخراج الكفارة فيهما ، فله بدل ما أخرجه ما لم يقصد التبرع اه . برماوي قوله : ( فاضلاً ) أي الرقيق أو ثمنه ومثله الإطعام والكسوة فلا بد أن تكون الثلاثة فاضلة عن كفاية العمر الغالب في كفارة الظهار كما قرره شيخنا العزيزي . قوله : ( عن كفاية نفسه ) أي وعن كتب فقيه وخيل جنديّ وآلة محترف ، وغير ذلك كما في الفلس ، والمراد كفاية العمر الغالب على المعتمد أي إن لم يبلغه ، فإن بلغه فالمعتبر كفاية سنة وهذا جمع بين من قال كفاية العمر الغالب وبين من قال كفاية سنة وكذا كل كفارة ، وتقييد بعضهم بالمرتبة لكونها محل الكلام اه . قوله : ( وأثاثاً ) هو متاع البيت الواحدة أثاثة وقيل لا واحد له من لفظ اه . مصباح . قوله : ( لزمه العتق ) هذا لا حاجة إليه لأنه علم ولعله سرى له من عبارة غيره هكذا قيل وقد يقال : إن قوله : لزمه العتق خبر عن قوله : كل والجملة من المبتدأ والخبر خبر عن قوله : وضابط فاندفع القول بأنه لا حاجة إليه بعد ما تقدم فافهم والاعتراض أقوى . قوله : ( بالعمر الغالب ) أي ببقيته فلو كان عنده مال لا يزيد عن كفاية العمر الغالب ولكنه يكتسب ما يكفيه ويكفي من عليه كفايته لا يلزمه العتق والتعويل على الكسب لا يكفي لأنه ربما عجز عن الكسب وهذا ظاهر فإن كان قد بلغ العمر الغالب قدرت كفايته سنة سنة كما قرره شيخنا ح ف .
قوله : ( وقضية ذلك ) أي التصويب وعبارة شرح المنهج وقضية ذلك أنه لا نقل فيها مع أن منقول الجمهور الأول وجزم البغوي في فتاويه بالثاني على قياس ما صنع في الزكاة ، أما من لا يملك ذلك كمن ملك رقيقاً هو محتاج إلى خدمته لمرض أو كبر أو ضخامة مانعة من خدمة نفسه أو منصب يأبى أن يخدم نفسه فهو في حقه كالمعدوم اه . والمعتمد منقول الجمهور ، لا ما جزم به البغوي جارياً على رأيه في الزكاة أي من أن الفقير يعطى فيها كفاية سنة وهو ضعيف وقوله أو ضخامة انظر ما المراد بالضخامة هل هي العظمة أو كبر الجثة ، ويظهر أن المراد بها هنا الثاني وهو ما جزم به شيخنا أوّلاً ثم استقر الأمر على أن المراد بها هنا الأول واعتمده وهي التفاخر والتعاظم ولا يرد عليه قوله بعد ذلك أو منصب لأن تلك ضخامة خاصة بالولاية وهذه ليست سببها ولاية ولا منصب كما أفاده خضر وقوله : مانعة من خدمة نفسه أي بحيث تحصل(4/355)
"""""" صفحة رقم 356 """"""
له مشقة لا تحتمل عادة ، كعظم جسمه أو لوجود رتبة له ، وعليه يكون عطف منصب من عطف الخاص على العام وعلى الأوّل من عطف المغاير وقوله : أو منصب ظاهره أنه لا فرق بين الديني والدنيوي ويبعد فيمن اعتاد ممن ذكر خدمة نفسه وصار ذلك خلقاً له اعتبار أن يفضل عن خادم يخدمه . قوله : ( ولا يجب على المكفر بيع ضيعته ) أي بل يعدل إلى الصوم فإن فضل دخلهما عن ذلك لزمه بيعهما شرح المنهج . قوله : ( العقار ) كذا قال الجوهري وليس مراداً بل المراد ما يستغله الإنسان من بناء أو شجر أو أرض أو غيرها ، سميت بذلك لأن الإنسان يضيع بتركها اه برماوي .
قوله : ( بحيث لا يفضل دخلهما ) بخلاف ما إذا كان يزيد دخلهما على الكفاية المذكورة ، فإنه يبيعهما جميعهما لكفايته بغيرهما إن كان له غيرهما يكفيه ، فإن لم يكن له غيرهما وكان يزيد دخلهما عن كفايته قال م ر يبيع الفاضل إن وجد من يشتريه ، وإلا فلا يكلف بيع الجميع ، إلا إن كان الفاضل من ثمنها يكفيه العمر الغالب اه . برماوي وقول م ر يبيع الفاضل أي ما يقابل الفاضل عن كفايته وهو بعض الضيعة وبعض عروض التجارة قوله : ( ألفهما ) معنى ألفهما أن يكونا بحيث يشقّ عليه مفارقتهما مشقة لا تحتمل عادة ، فلو اتسع المسكن المألوف بحيث يكفيه بعضه وباقيه يحصل رقبة لزمه تحصيلها ح ل قال م ر في شرحه ويفارق ما هنا ما مر في الحج من لزوم بيع المألوف بأن الحج لا بدل له وللإعتاق بدل . وما مرّ في الفلس من عدم تبقية خادم ومسكن له بأن للكفارة بدلاً ، كما مرّ وبأن حقوقه تعالى مبنية على المسامحة بحذف حق الآدمي ومن له أجرة تزيد على قدر كفايته لا يلزمه التأخير لجمع الزيادة لتحصيل العتق فله الصوم وإن أمكنه جمع الزيادة في نحو ثلاثة أيام فإن اجتمعت قبل الصوم وجب العتق اعتباراً بوقت الأداء اه قوله : ( ولا يجب شراء بغبن ) كأن وجد رقيقاً لا يبيعه مالكه إلا بأكثر من ثمن مثله ، ولا يعدل إلى الصوم بل عليه الصبر إلى أن يجده بثمن المثل اه . شرح المنهج وقوله : إلا بأكثر من ثمن مثله أي غير اللائق به وإلا فبديعة الجمال ثمنها كثير لكنه لائق بها فيجب شراؤها ولا يجب قبول هبة الرقيق أو ثمنه ولا قبول إعتاقه عنه .
قوله : ( بوقت الأداء ) أي وقت إرادة الأداء أي الإخراج أي إخراجها ولو بعد وجوبها عليه بمدة طويلة لأن وقت الوجوب هو وقت القتل ووقت الجماع ووقت عوده في الظهار والمعتمد أن المعتبر عجزه وقت الأداء فلا يعتبر ما قبله وإن كان موسراً قبل فيكفر بالصوم ، ومن شرع في الصوم ثم أيسر فلا ينتقل لأنه لا يعتبر ما بعد وقت الأداء أيضاً كما قرره شيخنا ح ف .(4/356)
"""""" صفحة رقم 357 """"""
قوله : ( ولا بأي وقت كان ) أي ولا بالأغلظ منهما فالأقوال أربعة كما قاله شيخنا . قوله : ( بأن عجز عنها ) أي عند الشروع في التكفير وهو المراد بوقت الأداء . قوله : ( أو شرعاً ) بأن لم يجد ثمنها أو وجده واحتاج إليه للمؤنة أو وجدها واحتاجها للخدمة وليس من العجز الشرعي وجودها بأكثر من ثمن مثلها كما في التيمم بل يصبر إلى أن يجدها بثمن مثلها ولا ينتقل للصوم . قوله : ( فصيام شهرين ) أي بالهلال وإن نقصاً لأنه المعتبر شرعاً كما في البرماوي فلو صامهما ثم تبين بعد صومهما أن له مالاً ورثه ولم يكن عالماً به ، لم يعتدّ بصومه على الأوجه اعتباراً بما في نفس الأمر اه . حج وم ر فيقع صومه نفلاً مطلقاً .
تنبيه : قال الشيخ خضر : سئل شيخنا الزيادي عن حكمة وجوب شهرين متتابعين في كفارة القتل والظهار ووقاع نهار رمضان عمداً إذا عجز عن العتق وعن حكمة عدم وجوب شهرين متتابعين إذا عجز عن الرقبة في كفارة الحلف بالله تعالى . فأجاب بأن القتل من حيث هو لما كان من الكبائر ، وكذلك الظهار والوقاع في نهار رمضان من الكبائر أيضاً غلظ عليه بصوم شهرين متتابعين ولا كذلك الحلف بالله تعالى فإنه في الجملة ليس من الكبائر وأيضاً لما كان الحلف بالله تعالى أكثر وقوعاً من القتل ونحوه خفف فيه ما لم يخفف في غيره . قوله : ( فلو تكلف الإعتاق ) المناسب لكن لو تكلف الخ قوله : ( أو غيره ) كالاتهاب . قوله : ( بنية الكفارة ) وكذا تجب النية في الإعتاق أو الإطعام ولا يشترط تعيين كونها ظهاراً مثلاً قال م ر في شرحه فلو أعتق من عليه كفارتان لقتل وظهار رقبتين بنية كفارة ، ولم يعين أجزأ عنهما أو رقبة كذلك أجزأته عن إحداهما مبهمة وله صرفه إلى إحداهما وتتعين فلا يتمكن من صرفه إلى الأخرى كما لو أدى من عليه ديون بعضها مبهماً فإن له تعيين بعضها للأداء نعم لو نوى غير ما عليه غلطاً لم يجزه وإنما صح في نظيره في الحدث لأنه نوى رفع المانع الشامل ، لما عليه ولا كذلك هنا اه . بحروفه ولو صام أربعة أشهر بنية الكفارة وعليه كفارتان كفاه . فلو عين الشهر الأوّل عن كفارة والثاني عن الأخرى وهكذا لم يكفه عن واحدة منهما لعدم التتابع وعلم أنه لا تصح النية قبل تحقق العجز اه . برماوي قوله : ( في صوم الفرض ) أي الأصلي قوله : ( ويجب تبييت النية ) وأن تكون النية واقعة بعد فقد الرقبة لا قبلها م ر .
قوله : ( فإن بدأ بالصوم ) محترز قوله : ويعتبر الشهران بالهلال أي إن بدأ بالصوم في أوّل(4/357)
"""""" صفحة رقم 358 """"""
الشهر قوله : ( بفوات يوم الخ ) ووقع السؤال في الدرس عما لو مات المكفر بالصوم وبقي عليه منه شيء هل يبني وارثه أو يستأنف . والجواب عنه أن الظاهر الثاني لانتفاء التتابع وعليه فيخرج من تركته جميع الكفارة لبطلان ما مضى ، ومن صومه وعجزه عن الصوم بموته ، ولا يجوز لوارثه البناء على ما مضى اه . ع ش على م ر محل هذا إن لم يصم وارثه عنه قوله : ( بلا عذر ) ويحرم قطعه بلا عذر لأن الشهرين كيوم واحد ويحرم الوطء فيهما ولو ليلاً لأنه لا يجوز له الوطء في الظهار إلا بعد تمام الكفارة لكنه فيه لا يقطع التتابع خلافاً للإمام مالك وأبي حنيفة رضي الله عنهما اه . قوله : ( كجنون ) أي من نحو حيض ونفاس وإغماء مستغرق اه مرحومي . فإن قيل الكلام في كفارة الظهار وهي خاصة بالرجل ولا يتصوّر فيه حيض . أجاب عنه م ر بقوله : لا بفواته بنحو حيض أي في كفارة القتل إذ كلامه يفيد أن غير كفارة الظهار مثلها فيما ذكر ، ويتصوّر أيضاً في كفارة الظهار بأن تصوم امرأة عن مظاهر ميت قريب لها أو بإذن قريبه أو بوصيته اه بالحرف . واعترض ع ش هذا التصوير بأنها حينئذ لا يجب عليها التتابع ، لأنه إنما وجب في حق الميت لمعنى لا يوجد في حق النائب عنه في الصوم أي وهو التغليظ اه . وعبارة البرماوي قوله : بنحو حيض أي في كفارة المرأة عن القتل لأنه الذي يتصور منها بخلاف كفارة الظهار وجماع رمضان فإنه لا كفارة عليها فيهما وأما كفارة اليمين فالواجب فيها عند العجز عن الخصال الثلاث ثلاثة أيام ولا يشترط فيها الولاء اه . وقال شيخنا العزيزي قوله : بنحو حيض محله إذا لم تخل مدة الصوم عن الحيض فإن كانت تخلو كأن كانت عادتها أن تطهر شهرين وتحيض في الثالث ، فيجب عليها أن تتحرى شهري الطهر وتصوم فيهما فإن لم تتحرّ ذلك وطرأ الحيض قبل تمام المدة فإنه يقطع الولاء اه . قال ع ش على م ر ولو أمرهم الإمام بالصوم للاستسقاء فصادف ذلك صوماً عن كفارة متتابعة ، فينبغي أن يصوم عن الكفارة ويحصل به المقصود من شغل الأيام بالصوم المأمور به وإن قلنا يجب الصوم بأمر الإمام . قوله : ( أو لمرض ) أي أو سفر أي وإن جاز بهما الفطر وحيث بطل التتابع فإن كان بعذر انقلب ما مضى نفلاً ، وإلا فلا اه سم . قوله : ( يدوم شهرين ) أشار به إلى أنه لا يشترط دوام المرض أبداً في الانتقال إلى الإطعام فإن لم يدم شهرين بل بعضهما انتظر زواله ولا ينتقل للإطعام بل يصوم بعد زوال المرض اه شيخنا . قال : س ل لك أن تقول يشكل عليه انتظار المال الغائب في القدرة على العتق ولو زاد على ذلك . ويجاب بأنه يمكنه الأخذ في أسباب إحضاره ولا كذلك المرض اه . قوله : ( المستفاد ) بالنصب بدل من ظناً ولا يصح أن يكون نعتاً لظناً لأنه(4/358)
"""""" صفحة رقم 359 """"""
معرفة وظناً نكرة وقد يقال المستفاد اسم مفعول وأل الداخلة عليه موصولة لا معرفة وحينئذ فهو نكرة كما قال ابن مالك :
وإن يشابه المضاف يفعل
وصفاً فعن تنكيره لا يعزل ومثل المضاف المقرون بأل قوله : ( من العادة ) أي من عادة الشخص فإن أخلف الظن أو زال المرض الذي لا يرجى برؤه لم يجز الإطعام اه ح ل . قوله : ( أو من قول الأطباء ) أي عدلين منهم وقال : م ر الأوجه الاكتفاء بقول : عدل منهم اه برماوي . قوله : ( أو لمشقة شديدة ) أي لا تحتمل عادة وإن لم تبح التيمم ، بدليل التمثيل بالشبق اه ح ل . قوله : ( الغلمة ) بضم الغين المعجمة وسكون اللام وفتح الميم . قوله : ( شهوة الوطء ) أي شدة الحاجة إليه برماوي . قوله : ( فإطعام ستين مسكيناً ) أي من أهل الزكاة بأن يكونوا أحراراً مسلمين من الآدميين ، فلا يجزي دفعها لجني أخذاً من قوله في الحديث ( فتردّ على فقرائهم ) إذ الظاهر منه فقراء بني آدم ، وإن احتمل فقراء المسلمين الصادق بالجنّ وقد يؤيد عدم الإجزاء أنه جعل لمؤمنيهم طعام خاص وهو العظم ولم يجعل لهم شيء ، مما يتناوله الآدميون على أنا لا نميز بين فقرائهم حتى نعلم المستحق من غيره ولا نظر لإمكان معرفة ذلك لبعض الخواص . لأنا لا نعوّل على الأمور النادرة وآثر التعبير بالمسكين مع أن المراد منه ما يعم الفقير ، كعكسه تأسياً بالكتاب العزيز ولأن شموله للفقير أظهر من شمول الفقير له ، وخرج بأهل الزكاة غيرهم فلا يجزىء دفعها لكافر عندنا معاشر الشافعية ، خلافاً للحنفية إذ الإسلام عندهم ليس بشرط في أخذ غير الزكاة فإنه يجوز عندهم أن تدفع إلى الذمي سواء كان واجباً أو تطوعاً كصدقة الفطر والكفارة والنذر ، وكذا لا يجزىء دفعها لهاشمي ومطلبي ومواليهم ، ولا لمن تلزمه مؤنته ولا لرقيق لأنها حق الله تعالى فاعتبر فيها صفات الزكاة ، وأما خبر ( فأطعمه أهلك ) فمؤوّل أي بأن الكفارة إنما تجب على من قدر عليها وهذا الرجل لم يقدر عليها . فلما أعطاه النبي ذلك وملكه إياه ، قال : ما أحد أفقر إليه منا فقال له النبي خذه الخ لأن الكفارة إنما تكون عن الفاضل عن القوت ومن كان على هذه الحالة يجوز له ( أكل ذلك ) وتبقى الكفارة ديناً عليه ، ولا يكفي أقل من ستين وإن دفع لهم أكثر من الستين مداً ولا يشترط الإعطاء في وقت واحد ولو دفع الأمداد للإمام فتلفت قبل دفعها للمساكين لم يجزه ، إذ لا يد للإمام على الكفارات ولو دفع المكفر لواحد منهم مدّاً ثم اشتراه ودفعه لآخر وهكذا إلى تمام الستين ، كفى وإن كان مكروهاً وذكر بعضهم حكمة لكونهم ستين مسكيناً وهي ما قيل إن الله تعالى : خلق آدم من ستين نوعاً من أنواع الأرض المختلفة كالأحمر ، والأصفر ، والأسود ، والسهل ، والوعر ، والحلو ، والعذب ، وغير ذلك ، واختلفت أنواع أولاده كذلك فكأنّ المكفر عم جميع الأنواع بصدقته ولا يبعد أن تكون حكمة كون الصوم ستين يوماً كذلك كما في ق ل .(4/359)
"""""" صفحة رقم 360 """"""
قوله : ( لأنه أسوأ ) وإنما اختار المصنف التعبير بالمسكين تأسياً بالكتاب العزيز . قوله : ( والمراد تمليكهم ) أي بالدفع إليهم وإن لم يوجد لفظ تمليك كما في ح ل والبرماوي قال : الشيخ س ل أي ولو كان ذلك على جهة الشيوع بينهم لكن إنما يجزيه إذا علم أنه وصل لكل واحد منهم مدّ حتى لو ملكهم الجملة بالسوية وأقبضهم ثم اقتسموها بالتفاوت بحيث لم يحصل لبعضهم مدّ لم يجزه إلا من علم أنه حصل له مدّ فيكمل لغيرهم ، خلافاً لما في شرح الروض م ر اه . وأشار الشارح بقوله تبع فيه لفظ القرآن للجواب عما يقال إنه كان الأولى للمصنف التعبير بالتمليك ، بأن يقول : فإن لم يستطع ملك ستين مسكيناً الخ وعبارة المنهج فإن عجز ملك في ظهار وجماع ستين مسكيناً أهل الزكاة مداً مداً قال : في شرحه وتعبيري بملك أولى من قوله : كفر بإطعام لإخراج ما لو غداهم أو عشاهم بذلك ، فإنه لا يكفي اه . وعبارة ق ل على الجلال وله أن يجمع الأمداد والمساكين ويملكها لهم ، ولو بوضعها بين أيديهم ولهم بعد ملكها قسمتها ولو متفاضلاً كما قاله شيخنا . وفيه بحث لأنه إن كان من أخذ زيادة عن المد شريكاً بقدر ما أخذه لزم نقص غيره عنه فلا يجزىء أو شريكاً بقدر المد فليس له أخذ الزائد لأنه ليس من حقه ولهذا قال الخطيب : إلا أن يقال : إنه من حيث مسامحة غيره له بشيء من حصته ، فتأمله . ومنه يعلم جواز ترك بعضهم حصته لغيره منهم أو من غيرهم وأنه لو قال : لهم خذوه ولم يقبضوه لم تجز قسمته متفاضلاً لعدم ملكهم له قبل القبض وصح قبضهم بلا تقدير ، لأنه ليس في معاملة وإنما لم يجز دفع ثوب واحد لعشرة مساكين في كفارة اليمين لأنه لا يسمى ثياباً ولا لكل واحد ثوب اه .
قوله : ( فلا يكفي التغذية ) بالدال المهملة بدليل ما بعده وهي ما يؤكل قبل الزوال والتعشية ما يؤكل بعده وأما التغذية بالذال المعجمة فإنها تعم الاثنين اه شيخنا . قوله : ( ولا التعشية ) أي ولا إطعام أقل من ستين ولا إطعام ستين مدّاً لواحد في ستين يوماً اه سم . قوله : ( أي فلا يشترط لفظ ) معتمد . قوله : ( ولا يكفي تمليكه ) أي تمليك المظاهر . قوله : ( ولا إلى مكفي ) عطف على التوهم كأنه توهم أنه قال ولا يكفي دفعه إلى كافر قوله : ( صفات الزكاة ) أي الفقر والمسكنة ولا يكفي صرفها لمن لم يتصف بهما .(4/360)
"""""" صفحة رقم 361 """"""
قوله : ( ويصرف للستين المذكورين ستين مداً ) فلو دفع ستين مداً إلى ثلاثين مسكيناً أجزأه إطعام ثلاثين إن لم ينقص كل واحد عن مد ولزمه صرف ثلاثين مداً إلى ثلاثين غيرهم ، وله استرداد الباقي منهم إن أعلمهم بكونها كفارة بخلاف ما لو تفاوتوا في الأمداد الستين أي فلا يكفي نعم لو أخذوا الجملة على الاشتراك ثم اقتسموا لم يضر التفاوت في المأخوذ بعد الاقتسام في الأجزاء لملكهم قبله وبخلاف ما لو كان المدفوع إلى كل واحد ، أقل من مد سم . قوله : ( كل مسكين ) أي نصيب كل مسكين الخ وفي نسخة مداً بالنصب وهي ظاهرة أي يعطي مداً وقرر شيخنا ح ف . أن قوله كل مسكين إما بالجر بدل من ستين أو منصوب بفعل محذوف ، أو بدل من ستين على المحل أو مرفوع نائب فاعل لمحذوف أي يطعم دل عليه إطعام المتقدم ومداً على الثلاثة منصوب مفعول ثان وفي نسخة برفع مد فيكون كل مسكين مرفوعاً أي كل مسكين له مد . قوله : ( أو يطلق ) معطوف على قوله بالسوية وهو منصوب على حد :
ولبس عباءة وتقر عيني قال في الخلاصة :
وإن على اسم خالص فعل عطف
تنصبه إن ثابتاً أو منحذف
سواء كان العطف بأو أو بالواو أو بالفاء أو بثم . قوله : ( فإذا قبلوا ) لعل المراد بالقبول عدم الرد ، ولو تفاوتوا بعد القبول لوجود التساوي حال الملك إذ بالقبول حصل الملك بخلاف ما سيأتي ، فيما إذا قال : خذوه ونوى الكفارة فأخذوا متفاوتين فإنه لا يجزىء لعدم التساوي حال التمليك ، إذ الفرض أنه لم يوجد قبول حال التساوي ولا الأخذ القائم مقام التساوي بخلاف المسألة الأولى ، فإن فيها القبول المحصل للملك حال التساوي كما أفاده شيخنا . قوله : ( على الصحيح ) يرجع لصورتي الوضع بين أيديهم وإنما آثر التمثيل المذكور لما فيه من الخلاف فذكر المختلف فيه وترك المتفق عليه . وهو تمليك كل واحد مداً على انفراده اه شيخنا . قوله : ( لم يجزه ) أي لم يخرج من العهدة بهذا الفعل . فلا ينافي أنه إذا كمل المد لمن أخذ بعضه فإنه يجزي اه شيخنا . قوله : ( ولو قال خذوه الخ ) الفرق بين هذه المسألة الإطلاق أنه هنا ناو التسوية وهناك لا نية له وأيضاً هنا لم يوجد قبول وإنما وجد فعل قائم مقام القبول ، بخلاف الأولى فإنه يوجد فيها قبول بالفعل لفظاً وعبارة م ر بخلاف ما لو قال خذوه : ونوى الكفارة فإنه إنما يجزيه إن أخذوه بالسوية ، وإلا لم يجز من أخذ مداً لا دونه اه . وهي أوضح من عبارة الشارح وأولى منها . قوله : ( ونوى ) أي الكفارة قوله : ( فإن تفاوتوا ) أي قبل(4/361)
"""""" صفحة رقم 362 """"""
الأخذ بالسوية لم يجزه للتفاوت قبل الملك ، إذ الملك هنا بالأخذ القائم مقام القبول اه شيخنا . قوله : ( لم يجزه إلا مدّ واحد ) اقتصر عليه عملاً بالأسوءِ وللاحتياط لأنه يمكن أن كل واحد أخذ دون مد إلا واحداً فإنه أخذ الباقي بتمامه . فكل من أخذ دون مدُّ لم يجز ما أخذه إلا إن تمم ، ومن أخذ الباقي بتمامه لم يجز مما أخذه إلا مدّ واحد ويسترد منه ما زاد عليه اه شيخنا . قوله : ( ما لم يتبين ) كأن علم أن هناك آخر أخذ مداً كاملاً قوله : ( معه ) أي مع هذا المد أو مع التفاوت ، أي فيجزىء المكفر جميع الأمداد التي علم أنها كاملة واحداً واحداً مع كل من أخذ منها واحداً أو أكثر وإن كانت الزيادة لا تحسب فالحاصل أنه إذا لم يظهر الحال في أخذهم الأمداد مع التفاوت أي عدم العلم في أخذها بالسوية فإنه لا يحسب له إلا مد واحد ما لم يعلم بمد آخر كاملاً مع واحد آخر فيحسب هذا الثاني أيضاً فإذا ظهر ثالث مع آخر حسب وهكذا هذا معنى كلامه فتأمله ح ف . قوله : ( والخبز ) واختار الروياني جوازه فيعطى كل أحد رطلين وبه قال ابن أبي هريرة والصيرفي وأحمد وأبو حنيفة رضي الله عنهما ولا بأس بقليل أدم اه برماوي . قوله : ( واللبن ) مرجوح والمعتمد إجزاؤه كما في الفطرة ق ل . وصرح به شيخ الإسلام في المنهج . قوله : ( ظهاراً مطلقاً ) إنما قيد به لقول المتن حتى يكفر لأن الظهار المؤقت يجوز له الوطء فيه إما بعد التكفير أو بعد انقضاء المدة ولو قبل التكفير وتبقى الكفارة في ذمته إن كان وطىء في المدة فأن لم يطأ حتى انقضت فلا كفارة عليه كما هو قضية كلام المنهج وبه صرح ح ل . قوله : ( حتى يكفر ) أي إن لم يخف الزنا وعبارة المنهج وحرم قبل تكفير أو مضي مدة ظهار مؤقت تمتع حرم بحيض فيحرم التمتع بوطء وغيره بما بين السرة والركبة فقط اه . وانظر لو اضطر إلى الوطء مع العجز عن الكفارة وقد يتجه الجواز حيث تعين لدفع الزنا وقد يشعر به قوله حرم بحيض لأن الوطء مع العجز عن الكفارة وقد يتجه الجواز حيث تعين لدفع الزنا وقد يشعر به قوله : حرم بحيض لأن الوطء حينئذ أي حين إذ تعين لدفع الزنا لا يحرم في الحيض ، كما قاله الشوبري قال : ع ش على م ر . لكن يجب الاقتصار على ما يدفع به خوف العنت .(4/362)
"""""" صفحة رقم 363 """"""
قوله : ( حملاً للمطلق على المقيد ) معنى حمل المطلق على المقيد الحكم ، بأن المراد من المطلق ذلك المقيد اه شنواني . قوله : ( فيحرم ) أي سواء بشهوة أو لا . قوله : ( ويقع مؤقتاً ) هذا هو المقصود بالذكر هنا ، وما قبله ذكر توطئة له فلا تكرار وقيل يقع المؤقت مؤبداً كما قرره شيخنا . قوله : ( إنما يحصل العود الخ ) ويجب عليه النزع حالاً ولا يجوز له الوطء بعد ذلك حتى يكفر أو تفرغ المدة ق ل . قوله : ( لأن الحل الخ ) تعليل لمحذوف أي فلا يحصل بالإمساك عود ، ولا تلزمه الكفارة لأن الخ . قوله : ( فالإمساك ) أي إمساك الزوجة المظاهر منها أي عدم طلاقها عقب الظهار ويحتمل أن يكون لانتظار الحل أي بعد انقضاء المدة فيحل الظهار ولا كفارة وقوله : أي الوطء في المدة أي وتلزمه الكفارة ، أي فيحل الظهار بأحد أمرين مضيّ المدة أو الوطء فيها لكن إن وطىء بعد انقضاء المدة لم يلزمه شيء كما هو ظاهر . قوله : ( يحتمل إلى قوله والأصل الخ ) قضية هذه العبارة أنه لو أمسكها للوطء خاصة يجب عليه الكفارة ، وليس كذلك ما لم يطأ بالفعل ولذا وجد في كثير من النسخ الضرب على قوله لأن الحل إلى قوله تتمة أفاده شيخنا . قوله : ( لانتهائه ) أي الظهار وقوله بها أي بالوقت وأنث الضمير لتأويله بالمدة فالأولى أن يقول به أي الوقت المؤقت به قوله : ( إذا عجز من لزمته الكفارة ) ويحصل العجز عن الإطعام بعدم ما يفضل عن كفاية العمر الغالب نظير ما مر في الإعتاق زيادي . قوله : ( بقيت في ذمته ) أي لأن حقوق الله المالية ، إذا عجز عنها وقت وجوبها ، فإن كانت لا بسبب من العبد كزكاة الفطر لم تستقرّ في ذمته وإن كانت بسبب منه استقرت في ذمته ، سواء كانت على وجه البدل كجزاء الصيد وفدية الحلق أو لا ، ككفارة الظهار والقتل ومعنى كونها تستقر في ذمته أنها تستقر مرتبة ، كما كانت إلى أن يقدر على خصلة ، فإن قدر على أكثر رتب ، والثابت في ذمته الكفارة مرتبة على المعتمد خلافاً لما في التنبيه من أن الثابت في ذمته الخصلة الأخيرة ولما قاله القاضي أبو الطيب : من أنه إحدى الخصال الثلاثة وأنها مخيرة ولو ترك الجميع مع القدرة ، عوقب على أدناها أو فعل الجميع أثيب على أعلاها فرضاً ، والباقي يقع له نفلاً إن لم يعتقد أن جميعها واجب عليه مع علمه وإلا فلا تجزئه ، لأنه استدراك على الشارع بل لا يبعد تكفيره بذلك وهذا كله في كفارة اليمين . وقال الشيخ خالد في شرح الأزهرية لا يجوز الجمع بين الجميع على اعتقاد أن الجميع هو(4/363)
"""""" صفحة رقم 364 """"""
الواجب في الكفارة ويباح إذا لم يعتقد ذلك . قلت : وهل مثل ذلك من يجمع بين الوضوء والتيمم . قلت : وفيه نظر لما مرّ أنه إذا اعتقد أن جميع أفعال الوضوء أو الصلاة فرض لا يضره إلا إن قيد بالجاهل ، وإلا فيستوي ما هنا بذاك والأقرب أنه كالمعادة فإن نوى بها الفرض عليه لا تنعقد فكذا هنا اه رحماني .
قوله : ( فلا يطأ المظاهر حتى يكفر ) هذا هو المعتمد ، نعم إن خاف العنت جاز له الوطء فيما يظهر ، لكن بقدر ما يدفع عنه خوف العنت اه . ع ش . بالمعنى وما في حاشية ق ل ضعيف فليحذر . قوله : ( ويبقى الباقي ) من جنسه في ذمته فيلزمه بقية الأمداد ولا يلزمه الصوم لو قدر عليه بعد . قوله : ( ولا نظر ) أي ولا نظر إلى توهم السقوط بكونه فعل شيئاً ، وهو إخراج ما قدر عليه أي فلا يتوهم أنه أسقط ما بقي قياساً على الفطرة وهذا مرتبط بقوله ويبقى الباقي في ذمته الخ . فقوله : كونه فعل شيئاً أي بكونه فعل شيئاً وهو بعض الكفارة ، وهو بعض الأمداد فقوله : ولا نظر ردّ على الوجه الآخر وفيه إشارة إلى أن صاحب هذا متوهم وغالط هذا ، وكان المظاهر أن يقول : ولا نظر إلى توهم سقوط باقي الكفارة ، لكونه فعل شيئاً منها أو لكونه فعل بعضها لأن فعله بعض الكفارة محقق لا متوهم ، وإنما المتوهم سقوط باقيها بفعل بعضها ، كما قرره شيخنا ح ف . وعبارة م د ولا نظر إلى توهم ، كونه فعل شيئاً أي وهو إخراج ما قدر عليه من الطعام أي فلا يتوهم أنه سقط عنه ما بقي ، لما تقدم أن الميسور لا يسقط بالمعسور ولكن قد يتبادر من عبارته أنه إذا قدر ، على العتق أو الصوم وجب لأن ما أخرجه لا ينظر إليه ولعله ليس مراداً ، ولو شرع المكفر في خصلة فقدر على أعلى منها ، لم يلزمه الانتقال لشروعه في المقصود وإن كان الأولى له ذلك اه . ق ل على المحلى ولو قدر على بعض خصلة وهي الإطعام فقط أتى به لأن كلاً من العتق والصوم لا يتبعض لأنه لا أثر للقدرة على بعض عتق ولا صوم ويبقى الباقي بذمته يخرجه إذا أيسر فلو بعد إخراج ذلك البعض على غير الإطعام . كالرقبة أو الصوم ، لم يجب الإتيان بذلك لشروعه في الإطعام وقوله ويبقى الباقي معطوف على قوله أتى به ، وعلم من استقرار الكفارة في ذمته أنه في صورة الظهار لا يطأ حتى يكفر وهو المعتمد .(4/364)
"""""" صفحة رقم 365 """"""
3 ( ( فصل : في اللعان ) ) 3
ذكره عقب الظهار ، لأن اللعان قد يكون حراماً في بعض الأحيان كما يأتي . وكل من اللعان والظهار يصح من الرجعية واللعان مصدر للاعن كما قال في الخلاصة .
لفاعل الفعال والمفاعله
ويصح أن يكون جمعاً للعن كصعب وصعاب .
قوله : ( وسمى بذلك ) أي سمى معنى اللعان بلفظ اللعان والضمير راجع للمعنى الشرعي الآتي وكان الأولى ذكره عقبه ، كذا في بعض الحواشي وهو غير متعين ، إذ يصح أن يكون الضمير راجعاً للعان المترجم به . قوله : ( لبعد الزوجين من الرحمة ) أي لبعد الكاذب منهما ويصح أن يراد بعدهما معاً فيما إذا كان يمكن الصادق منهما الستر ولم يضطر للعان ، فإنه يسنّ له الستر فإن لم يستر كان بعيداً من الرحمة الكاملة كما قرره شيخنا ح ف . واقتصر شيخنا م د في الحاشية على الأول . قوله : ( فلا يجتمعان أبداً ) أي لا في الدنيا ولا في الآخرة كما أفتى به شيخنا م ر ز ي . قوله : ( كلمات ) أي خمسة ، وجعلت في جانب المدعي مع أنها أيمان على الأصح رخصة لعسر إقامة البينة ) بزناها وصيانة للأنساب عن الاختلاط شرح م ر والمناسب للمصدر قول كلمات وأطلق عليها كلمات مع أنها جمل مجازاً من إطلاق الجزء على الكل قوله : ( حجة للمضطر ) بمعنى أنها سبب دافع للحد عن المضطر أي الأصل فيه ذلك وإلا فيجوز مع القدرة على البينة كما يأتي وكان عليه أن يزيد أو إلى نفي ولد وذكر المضطر للغالب لأنه إذا لم يكن ينفيه فلا اضطرار والأولى له الستر ، والطلاق وعبارة خ ض قوله : للمضطر ليس بقيد ، حتى لو قدر على إقامة البينة بزناها له أن يلاعن لأن اللعان كالبينة حجة وصدّنا عن الأخذ بظاهر قوله ) ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم } ) النور : 6 ) من اشتراط تعذر البينة الإجماع . قوله : ( إلى قذف من ) أي زوجة وذكر ضمير لطخ نظراً للفظ من والمراد بالفراش الزوجة أي إلى قذف زوجة لطخت نفسها .
قوله : ( لطخ فراشه وألحق ) مبنيان للفاعل وضميرهما عائد على من الواقع على الزوجة ، أي إلى قذف امرأة لطخت فراشه ، أي : المضطر وفي المصباح أن كلاً من الزوجين يسمي فراش الآخر كما يسمي لباسه ، فيكون المراد بالفراش الزوجة فهو من الإظهار في محل(4/365)
"""""" صفحة رقم 366 """"""
الإضمار ، ويحتمل أن المراد بمن الزاني أي إلى قذف رجل لطخ زوجة المضطر . وقوله : وألحق العار به عطف تفسير على كل تقدير ، والأولى كونه عطف مسبب على سبب . فإن قلت : هو غير مضطر للقذف إذا لم يكن هناك ولد . أجيب : بأن كلامه على تقدير مضافين أي إلى دفع موجب القذف الخ والموجب بفتح الجيم هو الحدّ ، والمراد بالتلطيخ التلويث ونسبتها للزنا ، والقذف جائز حينئذ ، وزاد شيخ الإسلام في المنهج والتحرير قوله : أو إلى نفي ولد اه . المراد بنفي الولد أن يأتي إلى الحاكم فيقول : هذا الولد أو الحمل ليس مني ثم يلاعن بعد ذلك إذا أمره الحاكم أي إن علم أو ظن ظناً مؤكداً أنه ليس منه ظاهراً كأن لم يطأها أو ولدته له لدون ستة أشهر من الوطء وأو مانعة خلوّ والقذف لنفي الولد واجب حينئذ اه . قوله : ( وسميت هذه الكلمات الخ ) قد وجه التسمية فيما سبق بقوله : وسمى الخ . وحاصله : أن بعض الشراح وجه بالأوّل وبعضهم بالثاني والشارح جمع بينهما وكان الأولى الاقتصار على أحدهما لكفايته كما قرره شيخنا . قال البرماوي : وكانت في جانب المدعي ابتداء كالقسامة مع أنها أيمان مؤكدة بلفظ الشهادة على الأصح رخصة لتعسر إقامة البينة على الزنا وصيانة للأنساب عن الاختلاط ، ولا بد من بيان سبب نفي الولد اه .
قوله : ( لقول الرجل الخ ) أي فهو مجاز مرسل من إطلاق اسم الجزء على الكل ، ثم صار حقيقة شرعية في الكلمات الخمس ثم توسع فيه ، فأريد به ما يعم الواقع من الرجل والمرأة تغليباً كما قال : الشارح . قوله : ( والأصل فيه ) أي الدليل عليه في الإجماع قوله تعالى في أوائل سورة النور ) والذين يرمون أزواجهم } ) النور : 6 ) أي يقذفونهنّ بالزنا قوله : ( الآيات ) أي إلى قوله : ) من الصادقين } ) الأعراف : 70 و 106 ) وفي نسخة الآية والمراد به جنسها لأن المذكور آيات قوله : ( وسبب نزولها ذكرته ) أي مفصلاً فلا ينافي أنه سيأتي ملخصاً بقوله : لأن النبي قال : لهلال بن أمية الخ . قال : شيخ الإسلام في شرح الروض : وسبب نزولها أن هلال بن أمية قذف زوجته عند رسول الله بشريك ابن سحماء فقال له : ( البينة أو حدّ في ظهرك ) فقال : ( إذا رأى أحدنا رجلاً على امرأته ينطلق يلتمس البينة فجعل النبي يكرر ذلك فقال : ( والذي بعثك بالحق نبياً إني لصادق ولينزلنّ الله ما يبرىء ظهري من الجلد ) فنزلت الآيات . ورُوي ( أن عويمراً العجلاني قال : يا رسول الله أرأيت إن وجد أحدنا مع امرأته رجلاً ماذا يصنع إن قتله قتلتموه فكيف يفعل ؟ فقال رسول الله : ( قد أنزل الله فيك(4/366)
"""""" صفحة رقم 367 """"""
وفي صاحبتك قرآناً فاذهب فأت بها ) فتلاعنا عند رسول الله كل ذلك في الصحيح . ولهذا جعل بعضهم هذا هو سبب نزول الآية ، ومن قال : بالأول حمل هذا على أن المراد حكم واقعتك تبين مما أنزل في هلال إذ الحكم على الواحد حكم على الجماعة اه وعبارة ع ش على م ر . واختلف العلماء في سبب نزول آية اللعان هل بسبب عويمر العجلاني أم بسبب هلال بن أمية ؟ فقال بعضهم : بسبب عويمر واستدل بقوله لعويمر ( قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك قرآناً ) وقال جمهور العلماء : سبب نزولها قصة هلال بن أمية واستدلوا بحديث مسلم . قلت : ويحتمل أنها نزلت فيهما جميعاً فلعلهما سألا في وقعتين متقاربتين ، فنزلت الآية فيهما ولو سبق هلال باللعان فيصدق أنها نزلت في ذا وذاك ، وأن هلالاً أوّل من لاعن قالوا : وكان قضيته في شعبان سنة تسع من الهجرة اه . والعجلاني بالفتح والسكون نسبة إلى بني العجلان ، بطن من الأنصار ، كما في لب السيوطي .
قوله : ( وهي يمين ) أي أيمان أربعة حتى إنه إن كان كاذباً لزمه أربع كفارات لأن كل كلمة بمنزلة اليمين ولا يزاد خامسة لقوله : وعليّ لعنة الله إن كنت من الكاذبين . لأنه مؤكد لما قبله لا أنه يمين خامسة وهذا هو الذي عوّل عليه الزيادي ، وخالف ابن حجر . فقال : والأوجه أنها أي الكفارة لا تتعدد بتعددها لأن المحلوف عليه واحد والمقصود من تكريرها محض التأكيد لا غير اه . قوله : ( بلفظ الشهادة ) متعلق بيمين وقيل : شهادات ويترتب على ذلك أنه إذا كذب فيها فإن قلنا : أيمان يلزمه أربع كفارات وإن قلنا : شهادات لا يلزمه عند الكذب شيء وليس الأيمان ما يتعدد إلا في اللعان والقسامة وليس منها ما يكون في جانب المدعي إلا فيهما وذلك رخصة على خلاف القياس للحاجة إليه قوله : ( فلا يصح لعان صبيّ ) مفرّع على قوله : وهي يمين ، لأن اليمين منهما غير منعقدة . قوله : ( ولا يقتضي قذفهما ) مصدر مضاف لفاعله ومفعوله محذوف تقديره زوجتيهما وقوله : لعاناً معمول لقوله : يقتضي المنفي . قوله : ( ولا عقوبة ) أي لهما من حدّ أو تعزير وقال بعضهم : ولا عقوبة أي جداً وأما التعزير فيجب بقذفهما فإن عزرا قبل الكمال فظاهر وإلا عزرا بعد الكمال . قوله : ( وإذا رمى ) أي سبها وخاض في عرضها بما ذكره ، فشبه ذلك برمي السهم الحسي بجامع الإيلام بكل ، واستعير الرمي الحسي للسبّ والخوض في عرضها على سبيل الاستعارة المصرحة الأصلية ، ثم اشتق من الرمي الحسي رمي بمعنى سب وخاض استعارة تبعية . قوله : ( أي قذف ) من القذف ومعناه لغة الرمي وشرعاً الرمي بالزنا في معرض التعيير أي في مقام إظهاره ومعرض كمسجد ، فخرج الرمي بغير الزنا كالسرقة(4/367)
"""""" صفحة رقم 368 """"""
وبمقام التعيير إذا شهد أربع بالزنا فليس قذفاً بل شهادة ، وكذا قذف صغيرة لا توطأ ، فليس قذفاً شرعاً وإن عزر عليه للتأديب ، وخرج جرح الشاهد لتردّ شهادته . قوله : ( زوجته المحصنة ) وهي البالغة العاقلة الحرة المسلمة العفيفة عن وطء ، تحدّ به حال تكليفها ، واختيارها وعلمها بالتحريم ، والإحصان لغةً المنع وشرعاً جاء بمعنى الإسلام والبلوغ والعقل فقط ، كما في قوله تعالى : ) فإذا أحصنّ } ) النساء : 25 ) وجاء بمعنى الحرية كما في قوله عقب ذلك ) فعليهنّ نصف ما على المحصنات } ) النساء : 25 ) الخ وجاء بمعنى التزويج كما في قوله : ) والمحصنات من النساء } ) النساء : 25 ) الخ وجاء بمعنى إصابة الحر المكلف في نكاح صحيح كما في قوله تعالى : ) محصنين غير مسافحين } ) المائدة : 5 ) ولا يشترط في المحض هنا الوطء في نكاح صحيح وقيد بالمحصنة نظراً لقول المتن فعليه حدّ القذف لا أنه شرط في اللعان فله أن يلاعن غير المحصنة لإسقاط التعزير هذا ، وكان الأولى إسقاطه أو التعميم ويزيد بعد قول المصنف فعليه حدّ القذف أو التعزير .
قوله : ( صريحاً كزنيت الخ ) والأوجه عدم احتياج نحو زنا ولواط لوصفه بتحريم ، ولا اختيار ولا عدم شبهة ، لأن موضوعه يفهم ذلك ويؤيده ما يأتي في زنيت بك ، وفي الوطء بخلاف نحو إيلاج الحشفة في الفرج لا بد فيه من الثلاثة . أما الرمي بإيلاجها في دبر امرأة خلية فهو كالذكر أو مزوّجة فينبغي اشتراط وصفه بنحو اللياطة ليخرج وطء الزوج فيه ، فإن الظاهر أن الرمي به غير قذف ، بل فيه التعزير لعدم تسميته زنا ولياطة كما هو ظاهر وعلى هذا التفصيل يحمل إطلاق من قال لا فرق في قوله : أو دبر بين أن يخاطب به رجلاً أو امرأة كأولجت في دبر أو أولج في دبرك والأوجه قبول قوله : بيمينه أردت إيلاجه في الدبر إيلاجه في دبر زوجته ، كما علم مما تقرر فيعزر . وأنّ يا لوطي كناية لاحتمال إرادة كونه على دين قوم لوط بخلاف يا لائط فإنه صريح . ولو قالت راودني عن نفسي ، أو نزل إلى بيتي وكذبها عزرت لإيذائها له ، بذلك اه . شرح م ر ببعض تغيير . قوله : ( أو يا زانية ) إلا أن يكون هذا اللفظ علماً لها ، فلا يكون قذفاً إلا بنية اه ز ي . قوله : ( أو يا قحبة ) كما أفتى به ابن عبد السلام وعند ابن عبد السلام أن قوله : يا مخنث صريح أو يا لوطي أو يا علق ، أو يا عرص أو يا مستحسن أو يا قطيم أو يا كخن والمعتمد صراحة قحبة للمرأة وكناية للرجل ، وعاهر وسوس ومأبون ، وطنجير كما ذكره ح ل على المنهج . والمعتمد أنّ يا علق كناية لأن العلق في اللغة الشيء النفيس واللفظ عند الإطلاق يحمل على معناه اللغوي ، ومن الكناية : يا قوّاد وقيل صريح .
فرع : قال م ر ما يقال : بين الجهلة بلاع الزب . فينبغي أن لا يكون صريحاً في الرمي بالزنا لاحتمال البلع بالفم اه . ومن الصريح قولهم يا فرخ زنا . وقوله لولد غيره : لست ابن(4/368)
"""""" صفحة رقم 369 """"""
فلان ، فهو صريح أيضاً بخلاف قوله لولده : لست ابني فإنه كناية اه م د على التحرير . قوله : ( في الجبل ) ليس قيداً فمثله الاقتصار على زنأت بالهمز . قوله : ( لأن الزنء هو الصعود ) إنما كان كناية لاحتمال أنه قلب الياء همزة فيكون قذفاً . وأن تكون الهمزة أصلية فلا يكون قذفاً قال في المصباح زنأ في الجبل مهموزاً من باب تعب وزنوءاً أيضاً صعد فهو زانىء قوله : ( هو الصعود ) أي من جملة معناه الصعود ويستعمل أيضاً في الزنا وإلا فظاهر الشرح قصره على ذلك قوله : ( فصريح قطعاً ) أي وإن كان له درج فكناية والمعتمد أنه صريح مطلقاً ز ي قوله : ( أو لم أجدك بكراً ) هذا في امرأة لم يعلم لها تقدم افتضاض مباح ، فإن علم لها ذلك فلا صريح ولا كناية اه مرحومي . قوله : ( والمحصن الذي يحد قاذفه ) احترازاً عن المحصن الذي يلزمه الرجم ، وتقدم الكلام على المحصن قريباً قوله : ( مكلف الخ ) فإن فقد قيد من هذه القيود فالواجب التعزير للإيذاء . قال : في المنهج ومن قذف محصناً حدّ أو غيره عزر . قوله : ( حر مسلم ) وإنما جعل الكافر محصناً في حد الزنا لأنه إهانة له ولا يرد قذف مرتد ومجنون وقنّ بزنا ، أضافه إلى حال إسلامه أو إفاقته أو حريته بأن أسلم ثم اختار الإمام رقه لأن سبب حده إضافته الزنا إلى حالة الكمال شرح م ر . قوله : ( عفيف عن الوطء ) عبارة المنهج ، عفيف عن زنا ، ووطء محرم مملوكة له ، ووطء في دبر حليلته . قوله : ( عن وطء يحد به ) أي بأن لم يسبق له وطء أصلاً أو سبق له وطء ، لا يحد به كوطء الشبهة أو البهيمة ، ومثل الوطء الذي يحد به وطء حليلته ، أو محرمه المملوكة في دبرهما ، فلا يكون محصناً وإن كان لا يحد بما ذكر ، ومثل دبر محرمه المملوكة قبلها كما يعلم من المنهج ، ولا يشترط عفته عن وطء حليلته في الحيض . قوله : ( فلا يحد بقذف زوجته ) أي بل يعزر لئلا يتجارأ على سبها وهذا خارج بالمكلف . قوله : ( التي لا تحتمل الوطء ) الأولى إسقاطه لأن الصغيرة مطلقاً خارجة من المكلف فقوله : التي لا تحتمل ليس قيداً لأن الصغيرة خارجة بالمكلف سواء احتملت الوطء أو لا ، إلا أن يقال قيد بذلك ، لأنه لا يلاعن الزوج حينئذ لدفع التعزير الذي لزمه بخلاف ما إذا احتملت الوطء ، فيلاعن لإسقاط التعزير .(4/369)
"""""" صفحة رقم 370 """"""
قوله : ( ولا البكر قبل دخوله بها ) يتأمل هذا ويحرر قاله المرحومي أي لأنه ليس في كلامه ما يخرجها ، فالظاهر أنه يحدّ بقذفها وسيأتي في كلامه ما يدل عليه قال المدابغي : لعل وجهه أن يقال بكارتها تكذب دعواه فصار كقذف صغيرة لا تحتمل الوطء ، لكن قد يعكر على هذا ما سيأتي في كلامه أنه لو قذف بكراً وطلقها ثم تزوّجها آخر وقذفها ثيباً ولم تلاعن ، وجب عليها بلعان القاذفين الجلد والرجم ، فهذا يدل على أن قذف البكر يؤثر هذا هو الظاهر فتأمل . اللهم إلا أن يصور ما هنا بغير الغوراء وما يأتي بالغوراء . قوله : ( أو التعزير ) أي في قذف غير المحصنة فيلاحظ هذا في كلامه سابقاً قوله : ( ابن سمحاء ) كذا في خط المؤلف وصوابه كما قاله : النووي في تهذيب الأسماء واللغات ابن سمحاء ، بسين مفتوحة وحاء ساكنة مهملتين وبالمد اه . مرحومي على وزن حمراء مؤنث أسحم بمعنى أسود وهي أم شريك وأبوه عبدة . بفتح العين والباء الموحدة ، والمحدّثون يسكنونها . قوله : ( البينة ) أي تلزمك البينة أو حدّ الخ قوله : ( وله الامتناع ) أي من اللعان وهذا معلوم من قول المصنف فعليه حد القذف قوله : ( ويشترط لصحة اللعان ) جملة شروط اللعان أربعة : سبق القذف أو ما يقوم مقامه من نفي الولد وولاء الكلمات وتلقين القاضي ، وأن لا يبدل لفظاً بآخر ؛ وكون سبق القذف شرطاً في اللعان فيه نظر بل هو سبب له . قوله : ( لأن اللعان ) علة لقوله : ويشترط لصحة اللعان الخ وقوله : لأن الزوج الخ علة لشرع قوله : ( فله قذفها ) أي يجوز له إذا لم يكن هناك ولد فإن كان هناك ولد يعلم أنه ليس منه وجب القذف واللعان وهذان القسمان فيما إذا علم زناها أو ظنه فإن لم يعلم ولم يظن حرم القذف واللعان ولو كان هناك ولد لأنه يلحق بالفراش قوله : ( بأن رآها تزني ) الباء ليست للحصر بل بمعنى الكاف لأن مثل الرؤية أخبار عدد التواتر ، لأنه يفيد العلم أيضاً كما قرره شيخنا قوله : ( أورثه العلم ) أي قريباً منه .(4/370)
"""""" صفحة رقم 371 """"""
قوله : ( أو يرى رجلاً معها الخ ) هذا من جملة القرائن لكن في هذه الصورة يكون الشياع بالزنا مطلقاً لا بزيد فقوله : فيما سبق بزيد أي مثلاً قوله : ( تحت شعار ) أي ستر وغطاء قال في المصباح : الشعار بالكسر ما ولى الجسد من الثياب . قوله : ( والأولى له ) هذا راجع لحالة جواز القذف ، ولعدم جوازه ، قال الحلبي : فيه تصريح بأن له إمساكها مع علمه بأنها تأتي الفاحشة . قوله : ( وإقالة العثرة ) أي العفو عنها وعدم إفشائها والعثرة الزلة قوله : ( كما يحرم نفي من هو منه ) وليس من النفي المحرم بل ولا من النفي مطلقاً ما يقع كثيراً من العامة أن الإنسان يكتب بينه وبين ولده حجة ويريد بكتابتها أنه ليس منه ولا علاقة له به ولا يرثه ، لأن المقصود من هذه الحجة أن الولد ليس مطيعاً لأبيه فلا ينسب لأبيه من أفعاله شيء ، فلا يطالب بشيء لزم الولد من دين أو إتلاف أو غيرهما ، لما يترتب عليه دعوى ويحتاج إلى جواب لأنه إنما ينتفي عنه باللعان ع ش على م ر . ولو كان يطأ فيما دون الفرج بحيث لا يمكن وصول الماء إليه لم يلحقه أو في الدبر ، فالراجح أنه لا يلحقه أيضاً وليس من الظن علمه من نفسه أنه عقيم على الأوجه خلافاً لقول الروياني ، يلزمه نفيه باللعان أي بعد قذفها وذلك لأنا نجد كثيرين يكاد أن يجزم بعقمهم ثم يحبلون اه حج . وم ر ويؤخذ منه أنه لو أخبره معصوم بأنه عقيم وجب النفي بل ينبغي وجوب النفي أيضاً فيما لو لم يكن عقيماً وأخبره معصوم بأنه ليس منه اه . قوله : ( فلو علم ) كان الأولى أن يأتي بالواو ويجعله فرعاً مستقلاً لأنه لم يتقدّم ما يتفرع عليه قوله : ( وإن لم يستبرئها ) أي بحيضة والواو فيه للحال بخلاف ما إذا استبرأها فإن الولد ليس منه فيكون للعلم بأنه ليس منه أربع صور ، وإنما كان الحكم ما ذكر في الصورة الأخيرة وإن كانت الحامل قد تحيض على المعتمد لما أن ذلك بعيد جداً ، فأورثه استبراؤها أنه ليس منه . قوله : ( بعد وطئه ) أي القاذف .(4/371)
"""""" صفحة رقم 372 """"""
قوله : ( لدفع النسب ) أي لولد يعلم أنه ليس منه والنسب في هذه الحالة ثابت أي وإذا امتنع المسبب وهو الولد امتنع السبب وهو القذف .
قوله : ( أو قطع النكاح حيث لا ولد ) أي خشية حدوثه من ذلك التلطيخ . وقوله : حيث لا ولد على الفراش كذا في خط المؤلف رحمه اا ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; تعالى ، وهي عبارة شرح الروض لكن سقط منها ما سيظهر لك ولعل المؤلف لم يقصد إسقاطه ، وعبارة شرح الروض لأن اللعان حجة ضرورية إنما يصار إليها لدفع النسب أو قطع النكاح حيث لا ولد خوفاً من أن يحدث ولد على الفراش الملطخ . وقد حصل الولد هنا فلم يبق له فائدة . ولأن في إثبات زناها تعييراً للولد وإطلاق الألسنة فيه فلا يحتمل ذلك لغرض الانتقام مع إمكان الفرقة بالطلاق اه . مرحومي . قوله : ( وقد حصل الولد ) أي مع عدم العلم بأنه ليس منه فلا يتأتى له نفيه للحوقه له واللعان لأجل الزنا الذي لم يكن الولد منه ممتنع مع لحوقه به لتضرر الولد بنسبة أمه للزنا فلذا قال والفراق ممكن بالطلاق . قوله : ( فلم يبق له فائدة ) هي ما أشار إليه بقوله لدفع النسب . قوله : ( فيقول ) أي بعد تلقين القاضي وإلا فلا يعتدّ به . قوله : ( أما إذا كان هناك ولد ) أي بنفيه لعلمه أنه ليس منه فلا بد من رضاه بالتحكيم ولا يكفي برضا أبيه وأمه . قوله : ( إلا أن يكون ) أي الولد مكلفاً قوله : ( إذا زوّجها منه ) أي له . قوله : ( أن يتولى ) أي بتلقينه كلمات اللعان قوله : ( رقيقه ) الإضافة للجنس لأنهما رقيقان وعبارة شرح الروض لعان رقيقيه . قال الأجهوري قلت : وهذا صريح في جواز ذلك وإن كان أحد الزوجين حراً ولينظر ما لو كان العبد لواحد والأمة الزوجة لواحد ، فمن يتولى اللعان هل سيد العبد أو سيد الأمة أو هما يرفعان الأمر للحاكم ؟ حرره والظاهر أنه يتولاه سيد العبد . قوله : ( في غير المساجد الثلاثة ) فيه أن مسجد المدينة اللعان فيه على المنبر أيضاً . قوله : ( في الجامع ) احترز به عن المدارس . قوله : ( والمنبر أولى )(4/372)
"""""" صفحة رقم 373 """"""
لكونه محل الوعظ والزجر لا لكونه أشرف بقاع المسجد ، لأن بقاعه لا تتفاوت في الفضيلة ز ي ملخصاً . قوله : ( الحجر الأسود ) وسواده طارىء عليه لما في الحديث ( إنه نزل من الجنة أشد بياضاً من اللبن فسوّدته خطايا بني آدم ) .
قوله : ( مقام إبراهيم ) وهو الحجر نزل له من الجنة وكان يقوم عليه عند بناء البيت فيرتفع به ، حتى يضع آلة البناء فوق الجدار ثم يهبط به اه ق ل على الجلال . قوله : ( بالحطيم ) لحطم الذنوب أي إذهابها فيه وقيل لأنه حطم ، أي مات فيه ألوف من الأنبياء وغيرهم ولم يكن بالحجر بكسر الحاء مع أنه أفضل من المسجد حوله لأن غالبه من البيت صوناً له عن ذلك ، وإن خالف فيه عمر رضي اا ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; عنه ، ولذلك قدم الحطيم وقيل : إن في الحجر قبر إسماعيل وأمه هاجر ق ل وقوله : وإن خالف فيه عمر لعله رأى أن فيه تخويفاً للحالف أكثر من غيره اه ع ش على م ر . قوله : ( على منبري ) فيه أن الموجود الآن ليس منبره بل غيره إذ منبره حرق . قوله : ( حائض أو نفساء ) أي أو كانت المرأة جنباً أو الرجل جنباً سم . قوله : ( ويغلظ على الكافر ) ودخول الحاكم إلى أماكنهم غير معصية لأنه لحاجة ، وغير الحاكم مثله لكن بإذن بالغ عاقل منهم ، ومحله إن خلت عن صور وإلا فحرام مطلقاً ودخولهم مساجدنا كعكسه ومن ذلك يؤخذ جواز تلاعن الكفار في مساجدنا ، غير المسجد الحرام ق ل وقوله : ومن ذلك يؤخذ الخ عبارة سم ويجوز تلاعن الذميين في المسجد غير المسجد الحرام ولو مع حدث أكبر وحيض لا يلوّث المسجد . قال ابن الصباغ : برضاهما فإن رضيت دونه فلها ذلك أو هو دونها لم يكف اه . ولو كان الزوج مسلماً والزوجة ذميةً لاعن في الجامع ولاعنت فيما تعظمه من بيعة أو غيرها . فإن رضي بلعانها في المسجد وقد طلبته ، جاز بخلاف ما إذا لم تطلبه لأن الحق في اللعان لها أو لم يرض هو لأن التغليظ عليها حقه لكن لو امتنعت مع رضاه فهل تخير ؟ فيه نظر وما ذكره من أن التغليظ عليها حقه ، قد يشكل على ما تقدم ، عن ابن الصباغ ويقتضي عكس ما ذكره إذ لا تغليظ في الجامع في اعتقادها ففي رضاها دونه تفويت حقه من التغليظ بخلاف رضاه دونها ، لأن غايته أن يتضمن إسقاط حقه ، وهو جائز له ، ولا يقال : إنه يتضمن أيضاً(4/373)
"""""" صفحة رقم 374 """"""
حملها على ما تعتقده من تعظيم المسجد لوجود نظير ذلك بعد تسليمه في العكس أعني رضاها دونه مع زيادته بتفويت حقه اه . قوله : ( في بيعة ) متعلق بمحذوف أي باللعان في بيعة وقد انعكس العرف الآن بعكس ما ذكره الشارح ق ل . قوله : ( وفي بيت نار مجوسّي ) ورُوعي اعتقاده لأن له شبهة كتاب بخلاف الوثني اه شيخنا . قوله : ( بالزمان ) عبارة ع ش ولو في حق الكافر كما قاله البندنيجي وغيره وخالف الماوردي فاعتبر الوقت الذي يعظمونه اه . سم بحروفه قوله : ( كل يوم ) المراد أيّ يوم لأنه لا يتكرر فالكلية غير مرادة بدليل قوله الآتي : فإن لم يكن الطلب حثيثاً ففي عصر الجمعة لأنه أشرف من غيره . قوله : ( إن كان طلبه ) أي اللعان قوله : ( وعدّ منهم رجلاً حلف على يمين الخ ) على زائدة والثاني رجل حلف على سلعة لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب ، والثالث رجل منع فضل مائه فيقول اا ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; اليوم ( أمنعك فضلي ، كما منعت فضل ما لم تعمل يداك ) رواه الشيخان عن أبي هريرة كما في الجامع الصغير . قوله : ( لأن ساعة الإجابة فيه ) أي في يوم الجمعة وعبارة م ر لأن يومها أشرف الأسبوع وساعة الإجابة فيها بعد عصرها كما في رواية صحيحة . وإن كان الأشهر أنها فيما بين جلوس الخطيب وفراغ الصلاة على ما مر في الجمعة ، ومقابله أحد وأربعون قولاً والراجح منها أنها فيما بين جلوس الخطيب على المنبر إلى فراغ الصلاة ، ق ل . وقوله : فيما بين جلوس الخطيب قبل الشروع في الخطبة لا الجلوس بين الخطبتين وألحق بعضهم بعصر الجمعة الأوقات الشريفة ، كشهري رجب ورمضان ويومي العيد وعرفة وعاشوراء اه . قوله : ( من مجلس الإمام ) أي الأول قوله : ( وإن كان قضية كلام المصنف ) فيه أن المصنف لم يتعرض(4/374)
"""""" صفحة رقم 375 """"""
للتغليظ بالزمان اه وفي الوسيط وإطلاق الشيخين وغيرهما . التغليظ بالزمان وكونه بعد العصر ، يقتضي أنه لا فرق فيه بين المسلم والكافر ، ونقل ابن الرفعة عن البندنيجي وغيره أنا نغلظ على الكفار بالزمان عندنا لا عندهم كما هو قضية الإطلاق المذكور ، لكن قال الماوردي إن اليمين تغلظ عليهم في وقت أشرف صلواتهم عندهم . وأما المجوس فليس لهم صلاة مؤقتة وإنما لهم زمزمة يرونها قربة ، فإن كانت مؤقتة عندهم حلفوا في أعظم أوقاتها عندهم ، وإن لم تكن مؤقتة سقط تغليظ أيمانهم بالزمان إلا أنهم يرون النهار أشرف من الليل ويحلفون نهاراً لا ليلاً وما ذكره الماوردي أوجه وإلا لما حلفناهم في البيع والكنائس ونحوها . قوله : ( من لا ينتحل ) أي لا يختار . قوله : ( كالدهري ) بضم الدال المهملة كما ضبطه ابن قاسم وبفتحها كما ضبطه ابن شهبة وهو المعطل . وقال بعضهم الدهري بالضم المسنّ وبالفتح الملحد وهو من ينسب الأفعال للدهر قال تعالى : ) وما يهلكنا إلا الدهر } ) الجاثية : 24 ) أي إلا مرور الزمان وهو في الأصل مدة بقاء العالم . قال ثعلب وهما جميعاً منسوبان إلى الدهر وهم ربما غيروا في النسب ، كما يقال سهيلي للمنسوب إلى الأرض السهلة وعبارة ح ل الدهري بالضم والفتح وهو الظاهر هو المعطل أي للصانع .
قوله : ( والزنديق ) بكسر الزاي بوزن قنديل كما في المصباح . كقوله : ( وعابد الوثن ) أي الصنم سواء كان من خشب أو حجر أو غيره والجمع وثن كأسد وأسد وأوثان اه مصباح . قوله : ( وإن غلا ) أي تجاوز الحد في كفره قال تعالى : ) قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم } ) المائدة : 77 ) أي لا تتجاوزوا الحدّ في دينكم بأن تصفوا عيسى وترفعوه فوق حقه اه . جلالين أي بأن تجعلوه إلهاً قوله : ( فيقول ) أي : بعد التلقين . قوله : ( لمرض ) ليس بقيد على المعتمد بل مثله ما إذا كانت غائبة ولو بلا عذر كما في م ر .(4/375)
"""""" صفحة رقم 376 """"""
قوله : ( في كل كلمات اللعان الخمسة ) ظاهره أنه يأتي في الخامسة بهذا اللفظ أي قوله : وإن هذا الولد من الزنا ولا يخفى ما فيه فلعل المراد أنه يأتي فيها بما يناسب ، كأن يقول وإن لعنة اا ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; عليّ إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا وفي أن الولد من الزنا ، وليس مني اه . رشيدي على م ر . قوله : ( وإن هذا الولد ) أو حملها إن كانت حاملاً وهذا معطوف على قوله فيما رميت كما في ابن قاسم فيقرأ بفتح الهمزة وهو من مدخول الصدق ويصح أيضاً أن يكون معطوفاً على قوله : إنني لمن الصادقين معمولاً لأشهد فهو بفتح الهمزة على كل من الوجهين قوله : ( وليس هو مني ) أبرز الضمير إيضاحاً قوله : ( لأن كل مرة الخ ) لعله علة لقوله : ذكره في كلمات اللعان قال : شيخنا والتعليل ظاهر في المرات الأربع الأول أما الخامسة فمؤكدة لمفادها لا أنها قائمة مقام شاهد ، وهو تعليل لكون ذلك في كل مرة . وقوله : فيما مرّ لينتفي عنه علة لأصل الذكر .
قوله : ( احتاج إلى إعادة اللعان ) ظاهره أنه يعيد اللعان جميعه ولو كان إغفال ذكر الولد في المرة الرابعة ولعل وجهه أن الولاء بين كلمات اللعان شرط كما يأتي . فإذا أغفل ذكره في الرابعة ما أتى به أجنبي فاصل بين الثالثة والرابعة التي يأتي بها بدل الرابعة التي أغفل فيها ذكر الوالد ، اه ع ش . قوله : ( وبه أجاب ) لعل بعض العلماء سئل بقوله : هل يكفي الاقتصار على الأوّل أو لا فقال : لا يكفي وقال شيخنا أتى بصيغة الجواب لعله لذكره ما ذكر بصورة سؤال .
قوله : ( والشبهة ) الظاهر أنه عطف تفسير على ما قبله إذ الشبهة هنا لا تكون إلا بالنكاح الفاسد لما علم ، أنه يشترط في الملاعن أن يكون زوجاً كما قرره شيخنا . قوله : ( وقضيته أيضاً ) أي قضية كلام المصنف ، قوله : ( أن يسنده ) أي قوله : ليس مني وقوله مع ذلك أي مع قوله : ليس مني والأولى حذف قوله مع ذلك ، لأنه معلوم من كلامه وقضيته اشتراط الجمع وليس كذلك كما مر . وقوله : إلى سبب أي كالزنا .(4/376)
"""""" صفحة رقم 377 """"""
قوله : ( للآيات السابقة ) اعترض بأن المتقدم آية واحدة . وأجيب بأن المراد بالآيات الشاملة للعانه ولعانها ، قوله : ( لأنها أقيمت ) الأولى ولأنها الخ تعليل ثان وعبارة م ر . ولأنها قوله : ( لمفاد الأربع ) أي للأحكام المترتبة عليها وهي الخمسة الآتية في قوله ويتعلق بلعانه الخ . قوله : ( فإن عذاب الدنيا الخ ) ويقرأ عليه ) إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً } ) الأعراف : 77 ) الآية ويذكر قوله عليه الصلاة والسلام للمتلاعنين ( حسابكما على الله أحدكما كاذب هل من تائب ) سم . قوله : ( فأن أبى ) أي امتنع من كل شيء إلا من المضيّ في تمام اللعان في الخامسة فلم يمتنع منه بل استمر عليه قوله : ( فيؤثر الفصل الطويل ) وهو الزائد على سكتة التنفس والعيّ قوله : ( والأصح اشتراطها ) وأما الولاء بين لعاني الزوجين فلا يشترط شرح المنهج ، قوله : ( وهذا كله ) الإشارة لقوله السابق فيما رميتها به من الزنا قوله : ( في الأول ) أي في(4/377)
"""""" صفحة رقم 378 """"""
الكلمات الخمس قوله : ( من غير توقف على لعانها ) أي كما يقول به مالك . وقيل : بالتوقف على لعانها وهو لا يظهر إلا في الثالث والخامس ولا يعقل في غيرهما .
قوله : ( ولا قضاء القاضي ) أي كما يقول به أبو حنيفة قوله : ( مع غيرها ) أي مع غير هذه الزيادة قوله : ( حدّ قذف الزاني ) أي إن كان محصناً أو تعزيره إن كان غير محصن وقوله : عنه أي عن الملاعن قوله : ( إلا إن ذكره الخ ) وإذا لم يذكره وأراد إعادة اللعان لسقوط الحدّ عنه بقذفه ، فله الإعادة لذكره ويسقط عنه الحدّ ، كما يأتي في الشرح .
قوله : ( ووجوب الحدّ ) اعلم أن الواجب عليها باللعان الحدّ وهو إما الجلد إن لم تكن محصنة أو الرجم إن كانت محصنة ، ولا يتأتى وجوب تعزير عليها باللعان . وأما الواجب على الزوج إن لم يلاعن فهو الحدّ إن كانت محصنة أو التعزير إن لم تكن محصنة ، فلا تلازم بين حدها وحدّه فقد يجب عليها الحدّ ، ويجب عليه هو التعزير ، بأن كانت غير محصنة والمراد بالتعزير الذي يلاعن لنفيه هو تعزير التكذيب كقذف أمة ، أو صغيرة توطأ أو كافرة ، وأما تعزير التأديب فلا يلاعن لنفيه كقذف صغيرة لا توطأ وقذف من ثبت زناها بإقرار أو بينة أو لعان مع امتناعها منه ، أي من اللعان . أما في الأولى فلأنه كاذب فلا يمكن من الحلف على أنه صادق . وأما في الثانية فلأنه صادق فلا حاجة لإظهار الصدق وقد لا يجب عليها شيء باللعان ، بأن كان اللعان لنفي ولد الشبهة قوله : ( أي حدّ الزنا ) أي الذي ثبت بالأيمان الأربعة .
قوله : ( وهي فرقة فسخ ) لا فائدة تترتب على كونها فرقة فسخ أو فرقة طلاق إلا الأيمان والتعاليق لأنها لا تعود له . وكان الأولى أن يقول وهي فرقة انفساخ لأن هذا انفساخ لا فسخ .(4/378)
"""""" صفحة رقم 379 """"""
قوله : ( بغير لفظ ) هذا هو الجامع بين فرقة الرضاع وفرقة اللعان أي بغير لفظ ، دالّ على الفرقة فلا يرد ما يقال . إن اللعان لفظ فكيف يقول لحصولها بغير لفظ . وحاصله : أن المقصود من اللعان إثبات زناها ونفي الولد والفرقة مرتبة عليه شيخنا . قوله : ( المتلاعنان ) هذا التفاعل ليس بشرط بل متى لاعن وتم لعانه حصلت الفرقة سواء لاعنت أو لا . قوله : ( لا يجتمعان أبداً ) حتى في الجنة قال الزيادي على المنهج فلا يحل له نكاح الملاعنة أبداً ولا وطؤها بملك يمين لو كانت أمة واستبرأها بعد شرائها ، وإن كذب نفسه فلا يفيده إكذابها عود النكاح ولا رفع تأبد الحرمة ، لأنهما حق له وقد بطلا باللعان بخلاف الحدّ ولحوق النسب فإنهما يعودان لأنهما حق عليه وأما حدّها فهل يسقط ؟ قال : في الكفاية لم أره لكن في كلام الإمام ما يفهم السقوط وجزم به في المطلب فلا تحدّ ولا تحتاج إلى اللعان . قوله : ( الزوجية ) كذا في نسخ وفي بعضها الزوجة . قوله : ( ونفي الولد ) المراد بالنفي الانتفاء ولو لاعن لنفي الحمل فبان أن لا حمل ، أو لاعن ولا ولد فبان فساد نكاحه ، بان فساد لعانه فلا يثبت شيء من أحكامه كتأبيد الحرمة وسقوط الحدّ عنه سم . قوله : ( وإنما يحتاج الخ ) هذا مرتبط بقوله : فيما سبق وإن كان ثم ولد ينفيه عنه ذكره . قوله : ( يمكن كونه منه ) أي شرعاً ، والفرض أنه علم أنه ليس منه بدليل ما تقدم ، فلا منافاة بين علم كونه ليس منه وإمكان كونه منه شرعاً . قوله : ( فإن تعذر ) أي استحال شرعاً مع إمكان كونه منه عقلاً قوله : ( وهي بالمغرب ) أي ولو كان ولياً يقطع بإمكان وصوله إليها ، لأنا لا نعوّل على الأمور الخارقة للعادة . نعم إن وصل إليها ودخل بها حرم عليه باطناً النفي اه ع ش . قوله : ( أو كان الزوج صغيراً ) أي لا يولد لمثله عادة بأن كان عمره دون تسع سنين وفيه أن الصغير لا يصح طلاقه ، والملاعن يشترط فيه أن يكون زوجاً يصح طلاقه ولذا لم يذكره في المنهج فكان الصواب حذفه . وقال : شيخنا أي ثم بلغ ليصح لعانه . قوله : ( الاستحالة كونه منه ) أي شرعاً مع إمكان كونه منه عقلاً قوله : ( والنفي فوري ) أي الحضور عند القاضي بطلب النفي بأن يقول هذا الولد ليس مني كما في الحلبي وعبارة م ر . والنفي فوري(4/379)
"""""" صفحة رقم 380 """"""
لأنه شرع لدفع الضرر فأشبه الردّ بالعيب والأخذ بالشفعة ، فيأتي الحاكم ويعلمه بانتفائه عنه اه . فالمراد بالنفي المشروط فيه الفور الرفع إلى الحاكم وإعلامه بأن الولد ليس منه وليس المراد النفي الذي يترتب عليه الأحكام لأنه لا يكون إلا باللعان رشيدي على م ر وعبارة م ر . وخرج بالنفي اللعان فلا يعتبر فيه فور .
قوله : ( إلا لعذر ) عبارة شرح م ر ويعذر لعذر مما مر في أعذار الجمعة نعم يلزمه إرسال من يعلم الحاكم فإن عجز فالإشهاد ، وإلا بطل حقه كغائب أخر السير لغير عذر أو تأخر لعذر ولم يشهد والتعبير بأعذار الجمعة هو ما قاله بعض الشراح ، ومقتضى تشبيههم لما هنا بالرد بالعيب والشفعة أن المعتبر أعذارهما وهو متجه إن كانت أضيق ، لكنا وجدنا من أعذارهما إرادة دخول الحمام ولو للتنظيف كما شمله إطلاقهم . والأوجه أن هذا ليس عذراً للجمعة ومن أعذارهما أكل ذي ريح كريه ويبعد كونه عذر هنا ولا ينافي كونه عذراً في الشهادة على الشهادة كما يأتي ، لأن الوجه اعتبار الأضيق من تلك الأعذار اه . بحروفه وانتظار قاضٍ خير من المتولي بحيث لا يأخذ مالاً أصلاً أو دون الأوّل مجرد توهم لا نظر إليه ، أما لو خاف من إعلامه جوراً يحمله على أخذ كل ماله أو قدراً لم تجر العادة بأخذ مثله فلا يبعد أنه عذر ع ش على م ر . قوله : ( فيه ) أي التأخير قوله : ( وله نفي حمل الخ ) هذا مستثنى من كون النفي فورياً ، وإذا لاعن لنفي الحمل فبان عدمه فسد لعانه وحدّ اه . قوله : ( فأكفي اللعان ) كفى يتعدى إلى مفعولين يقال كفاه مؤنته كما يعلم من المختار فنائب الفاعل هو المفعول الأوّل واللعان هو المفعول الثاني والهمزة همزة المتكلم .
قوله : ( صدّق بيمينه ) ولو قال : لم أصدق المخبر لم يقبل إن كان عدلاً ولو في الرواية أو لم أعلم جواز اللعان صدق إن كان عامياً وإن نشأ مسلماً بين المسلمين اه سم . قوله : ( بأن يجمع ) عبارة شرح المنهج يجتمع اه . مرحومي . قوله : ( من ماء آخر ) بالإضافة وعدمها والأول أنسب بما بعده ، وهو قوله مني آخر ، لكن كتب بعضهم على قوله مني آخر الأولى أن(4/380)
"""""" صفحة رقم 381 """"""
يقول منياً آخر ليشمل منيه فعلى هذا يكون عدم الإضافة أولى . قوله : ( ولو هنىء بولد الخ ) وقد استشكل تصوير هذه المسألة بما تقدم قريباً من وجوب النفي فوراً ، وأجيب بتصويرها فيمن قال : القول المتقدم في توجهه للقاضي أو قاله في حالة يعذر فيها بالتأخير كليل ونحوه ز ي . قوله : ( جزاك الله خيراً ) أو قال : له سمعت ما يسرك ، وهذا أي قوله : جزاك الله خيراً أفضل دعاء يدعوه الإنسان لأخيه ، مقابلة معروف صنعه معه فيجازيه به كما جاء به الحديث ( من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تقدروا على مكافأته فادعوا له ) قوله : ( والخامس التحريم ) هذا يغني عن الثالث دون العكس لكن الأول وقع في محله فلا يكفي عن هذا .
قوله : ( بقي على المصنف الخ ) جملة ما ذكره الشارح خمسة ، والمتن خمسة فتكون عشرة متعلقة ومترتبة على لعان الزوج ، فإذا لاعنت الزوجة تعلق بلعانها سقوط الحد عنها قوله : ( بها ) متعلق بالزاني . قوله : ( فإن لم يلاعن ولا بينة وحدّ ) أي والحال أنه قد حد وقوله : فطالبه ، الرجل معطوف على قوله : فإن لم يلاعن ولا بينة وجواب الشرط هو قوله : فله اللعان فافهم . ولا تغترّ بتحريف بعض النسخ . قوله : ( المقذوف به ) أي بالزنا وقوله : بالحد متعلق بطالبه قوله : ( لأجل الرجل ) أي الرجل الزاني المقذوف بالزنا وهو متعلق بقوله : باللعان . قوله : ( وتأبدت حرمة الزوجة ) في قذفه لها فلم يجر بينهما ما يقتضي تأبيد الحرمة فإذا طالبه الرجل المقذوف بها ، وقلنا : بعدم تداخل الحدين وهو الراجح ، فله اللعان لدفع الحد وصار تأبد تحريمها عليه من جهة لعانه فقط لعدم سبق لعانها اه م د . قوله : ( لإسقاط الحد ) الظاهر أن المراد الحدّ للزوجة وللأجنبي فيسقطان بهذا اللعان فليراجع .(4/381)
"""""" صفحة رقم 382 """"""
قوله : ( وإن عفا أحدهما ) أي الزوجة والرجل المقذوف . قوله : ( للمقذوف به ) وهو الزاني . قوله : ( زنا المقذوف به ) فيه الإظهار في مقام الإضمار بأن يقول زناه وكذا يقال : في قوله : ولا يلاعن المقذوف به كما قرره شيخنا . لكن قد يقال : ما الفرق بين اللعان لأجل الزوجة ، حيث ثبت به زناها ، واللعان لأجل المقذوف حيث لم يثبت به زناها . قال م د : والفرق بين الزوجة والأجنبي حيث ثبت عليها الزنا بلعانه ، ولم يثبت على الأجنبي ولو كان اللعان لأجله فقط ، أن الرجل يبتلى عادة بقذف زوجته لدفع العار والنسب الفاسد ، بخلافه في الأجنبي ، وأن اللعان أقيم مقام البينة بالنسبة للزوجة ولا كذلك بالنسبة للأجنبي .
قوله : ( في حق الزوج ) أما في حق غيره فهي محصنة . قوله : ( إن امتنعت من اللعان ) فإن لاعنت لم تسقط حصانتها في حقه إن قذفها بغير ذلك بالزنا ، كأن قال : أنت زنيت بعد اللعان ، لا إن قذفها به أو أطلق اه م د . قوله : ( ومنها تشطير الصداق ) لأن الفرقة من جهته . قوله : ( ولا يتوقف ذلك ) أي جميع ما تقدم من الأحكام إلا أن هذا مكرر مع ما سبق وعذره في ذلك نقله لعبارة الروض برمتها كما قرره شيخنا . قوله : ( ثم لاعنا ) أي الزوجان ، الزوجة وهذا يفيد أنه لا يشترط في الملاعن أن يكون زوجاً وقت اللعان بل وقت القذف ونحوه . وكذا له اللعان إذا أبانها ثم لاعنها لنفي ولد أو حمل وقوله : ولم تلاعن ، أما إذا لاعنت سقط عنها الحدان قوله : ( جلدت ) أي للأول ورجمت أي للثاني ولا يقدم الرجم على الجلد لئلا تموت فيفوت حق الأول . قوله : ( جزم به ) لا حاجة لقوله به ويمكن أنه بدل من قوله باشتراط الخ . قوله : ( ويدرأ عنها العذاب ) أي العذاب بلعانه .(4/382)
"""""" صفحة رقم 383 """"""
قوله : ( أو بعد أن يأمرها ) أي يلقنها كلمات اللعان قوله : ( في جمع من الناس ) أي ندباً قوله : ( عن ذكر الولد ) كأن تقول وإن هذا الولد منك قوله : ( لم يصح ) جواب لو قوله : ( وإنزال العقوبة الخ ) أي فالغضب لا بد فيه من عقاب بخلاف اللعن فمعناه الإبعاد عن الرحمة أعم من أن يكون معه عذاب أو لا . قوله : ( أغلظ العقوبة ) أي جنس العقوبة فأل للجنس وعبارة شرح المنهج ، بأغلظ العقوبتين وهي واضحة . قوله : ( ثم استلحقه ) ليس قيداً والمعتمد عدم وجوب القصاص ، وإن لم يستلحقه كما سيأتي في الجنايات قوله : ( بحدوث عتق ) أي فإن من شرط المحصن الإسلام والحرية ، وقذف غير المحصن ، الواجب فيه التعزير فحدوث شيء من الشروط أو زواله بعد القذف لا يغير حكمه السابق ومراد الشارح بقوله : بحدوث عتق أي في كل من القاذف والمقذوف وكذا قوله رقّ ، وأما قوله إسلام أي في المقذوف لأنه الذي يترتب عليه فائدة ، لأن القاذف لا يختلف حدة بالإسلام والكفر فقول الشارح في القاذف والمقذوف راجع للأوّلين .(4/383)
"""""" صفحة رقم 384 """"""
3 ( ( فصل : في العدد ) ) 3
أخرها إلى هنا لأنها تثبت بعد اللعان ، والطلاق ووسط الإيلاء والظهار بينهما لأنهما كانا طلاقاً في الجاهلية . والعدة اسم مصدر لاعتدّ والمصدر الاعتداد . والأصل فيها الكتاب والسنة ، والإجماع ، وهي من حيث الجملة معلومة من الدين بالضرورة كما هو واضح وقولهم لا يكفر جاحدها ، لأنها غير ضرورية يظهر حمله على بعض تفاصيلها وشرعت أصالة ، صوناً للنسب عن الاختلاط وكررت الأقراء الملحق بها الأشهر ، مع حصول البراءة بواحد استظهاراً أي طلباً لظهور ما شرعت لأجله وهو براءة الرحم واكتفى بها مع أنها لا تفيد يقين البراءة ، لأن الحامل قد تحيض لكونه نادراً وهي من الشرائع القديمة . وقوله : لأن الحامل تعليل للنفي وقوله : لكونه أي حيض الحامل والخيانة أي الكذب في انقضائها من الكبائر كما في الزواجر . قوله : ( مأخوذة من العدد ) أي لغة وهو المتبادر من قوله : وهي في الشرع . قوله : ( غالباً ) لا يظهر التقييد بالغلبة مع التقييد بقوله مع الأقراء أو الأشهر ويمكن أن يكون احترز به عن اعتداد الأمة بشهر ونصف ، كما أفاده شيخنا . ثم رأيت المدابغي ذكر ما نصه قوله : غالباً يرجع على عدد احترز به عن وضع الحمل فإنه لا عدد في صورته وعن عدة الأمة بشهر ونصف مثلاً اه ومثله ع ش . قوله : ( تتربص ) التربص الانتظار كما في المختار والمراد به هنا التمهل والصبر وما المانع من جعله بمعنى الانتظار أي انتظار براءة رحمها فيمن تحبل وقوله : المرأة الخ . خرج بها الرجل فلا عدّة عليه ، قالوا إلا في حالتين الحالة الأولى : إذا كان معه امرأة وطلقها طلاقاً رجعياً وأراد أن يتزوج بمن لا يجوز له الجمع بينها وبينها كأختها وعمتها وخالتها . الحالة الثانية : إذا كان معه أربع زوجات ، وطلق واحدة منهنّ طلاقاً رجعياً وأراد التزوج بخامسة ، فلا يجوز له ذلك في الحالتين المذكورتين إلا بعد انقضاء العدّة اه . وفي كون العدة واجبة على الرجل في الحالتين المذكورتين نظر ظاهر فتأمل . وغايته أن العدة واجبة على الزوجة وأن الزوج يمتنع عليه التزوج حتى تنقضي عدتها اه . م د على التحرير مع زيادة . قوله : ( لمعرفة براءة رحمها ) أي فيمن يولد له وقوله أو لتفجعها الخ أي : في فرقة الموت . وهذه أمثلة انفراد كل قسم عن الآخر ، وقد يجتمع التعبد مع التفجع في فرقة الموت عمن لا يولد له أو كانت قبل الدخول وقد تجتمع براءة الرحم مع التفجع فيمن يولد له في فرقة الموت . وقد تجتمع الثلاثة كما في هذا المثال لأن العدة فيها نوع من التعبد أبداً واجتماع الأقسام بعضها مع بعض مأخوذ ، من ذكر أو لأنها مانعة خلوّ فتجوز الجمع ، والتعبد هو ما لا يعقل معناه عبادة كان أو(4/384)
"""""" صفحة رقم 385 """"""
غيرها . فقول الزركشي لا يقال : فيها تعبد لأنها ليست من العبادة المحضة . غير ظاهر كما في شرح م ر . قال شيخنا : والمراد بالمعرفة ما يشمل الظن إذ ما عدا وضع الحمل يدل عليها ظناً قوله : ( أو لتفجعها ) أي فيمن مات عنها قبل الدخول ومثله الممسوح أو بعده وكان صبياً أو كانت صغيرة كما يعلم من كلام الشارح ، فيما يأتي والمراد بالتفجع التحزن .
قوله : ( وشرعت الخ ) لا يشمل نحو الصغيرة وغير المدخول بها في عدة الوفاة ح ل . وأجيب بأنها حكمة لا يلزم اطرادها قوله : ( وتحصيناً لها ) أي الأنساب وهو عطف تفسير على ما قبله وقوله : من الاختلاط أي الاشتباه لأنه قد تقدم أن الرحم إذا دخله منيّ الرجل انسدّ فمه فلا يقبل منياً آخر فلا يتصوّر اختلاط ماءين . قوله : ( رعاية لحق الزوجين ) فحق الزوجة النفقة والسكنى في العدة ، وحق الزوج عدم اشتباه مائه بماء الغير ، وقال بعضهم : أما الزوج فظاهر وأما الزوجة فباعتبار أنه يعلم بالعدة من أي الزوجين الولد وحينئذ فلا إشكال ، وأما الولد فلأجل أن يتميز أبوه وقوله : والناكح الثاني أي لأجل أن يعلم هل الولد منه أو لا ؟ قوله : ( من النساء ) بيان للواقع قوله : ( متوفى عنها وغير متوفى عنها ) لفظ متوفى في الموضعين على صيغة المفعول ونائب الفاعل عنها سم وتختص فرقة الوفاة بالنكاح الصحيح كما قاله : حج . أما الفاسد فإن لم يقع فيه وطء فلا شيء فيه وإن وقع فهو وطء شبهة وفيه ما في فرقة الحي اه م ر . قوله : ( انفصال كله ) حتى شعره المتصل به م ر . ولو ماتت عقبه . وعبارة م د قوله انفصال كله إلا الشعر فإنه إن بقي في الجوف لم يؤثر ، بخلاف ما لو كان متصلاً وقد انفصل كله ما عدا الشعر فإنه يؤثر ومثله الظفر اه سم وفي ع ش على م ر . أي ولو على غير صورة الآدمي بأن كان من زوجها وخلق على غير صورة الآدمي ولو وطئها غير آدمي واحتمل كون الحمل منه أي من الزوج لا يمنع من انقضاء العدة بوضعه لأن الشرط نسبته إلى ذي العدة ولو احتمالاً وهو موجود هنا اه بحروفه .
قوله : ( توأمين ) أي بينهما دون ستة أشهر فلو كان الحمل ثلاثة انقضت بالثالث إن كان(4/385)
"""""" صفحة رقم 386 """"""
بينه وبين الأول دون ستة أشهر ولحقوه وإن كان بين الأول والثالث ستة أشهر فأكثر ، وبين الثاني والأول دونها لحقاه دون الثالث ، وانقضت عدتها بالثاني وإن كان بين الثاني والأول ستة أشهر فأكثر ، وبين الثاني والثالث دونها لم يلحقاه ، أي الأخيران ، لأنهما توأم آخر وانقضت عدتها بالأول ، وكذا إذا كان ما بين كل وتاليه ستة أشهر اه ز ي . واعلم أن التوم بلا همزة اسم لمجموع الولدين فأكثر في بطن واحد ، من جميع الحيوان وبهمز كرجل توأم وامرأة توأمة مفرداً وتثنيته توأمان ، كما في الشارح فاعتراضه : بأنه لا تثنية له وهم لما علمت من الفرق بين التوم بلا همزة والتوأم بالهمز وأن تثنية الشارح إنما هي للمهموز لا غير اه . ابن حجر ع ش على م ر .
قوله : ( ولو بعد الوفاة ) أي ولو كان انفصال التوأم الثاني بعد وفاة أبيه بأن وضعت أحدهما قبل موت الزوج لأنه يقال عليها ولدت ولداً بعد موت زوجها . قوله : ( فهو مقيد لقوله الخ ) جعله هنا من باب المطلق والمقيد ، وفيما يأتي من الخاص والعام لأن الموجود هنا فعل وهو ) يتربصن } ) البقرة : 228 ) ولا عموم له بل هو مطلق ، والموجود فيما يأتي عام وهو ) والمطلقات } ) البقرة : 228 ) وفيه أن قوله ) والذين يتوفون } ) البقرة : 228 ) معناه وزوجات الذين يتوفون ، بدليل يتربصن فيكون عاماً كقوله ) والمطلقات } ) البقرة : . ) فإنه هو المحكوم عليه والعموم بالنظر إليه لا للفعل ، وكتب بعضهم على قوله فهو مقيد مراده به التخصيص كما سيعبر به فيما يأتي فهو مقيد ، إن نظر للفعل الواقع صلة للموصول وهو يتوفون فإن الفعل من باب المطلق لأنه نكرة معنى ومخصص ، إن نظر للموصول لأن الموصول عام فالمغايرة للتفنن . قوله : ( والذين الخ ) مبتدأ ويتوفون صلة وجملة يتربصن خبر لكن لا يصح الإخبار لأن الخبر ليس عين المبتدأ لأن المبتدأ الذين وهم الأزواج ويتربصن راجع للزوجات . ويجاب بأنه على تقدير مضاف قبل المبتدأ أي وزوجات الذين الخ . وبعضهم نظر لهذا المضاف المقدر ، فجعل الآية الأولى من باب التخصيص لأن الجمع المعرّف ، من صيغ العموم فيناسبه التخصيص . قوله : ( وعشراً ) أي من الأيام والليالي قوله : ( لسبيعة ) بالتصغير قوله : ( لا يولد لمثله ) بأن لم يبلغ تسع سنين م ر .(4/386)
"""""" صفحة رقم 387 """"""
قوله : ( فإن الأنثيين محل المني ) أي إحداهما محل المني وهي اليمين على المعتمد ، والثانية وهي اليسار محل لشعر اللحية على المعتمد ولعل هذا باعتبار الغالب وإلا فقد وجد من له اليسرى وله ماء كثير وشعر كذلك شرح م ر . قوله : ( ولم يعهد ) عطف على قوله لا ينزل . قوله : ( أن أبا عبيد ) وكان مجتهد فتوى ، ولا يقدح ذلك في منصبه لأنه معذور بتقليد القول الضعيف ، ويستفاد من قول الشارح على المذهب وقد وافقه الإصطخري على ذلك وهما شافعيان وقوله : وقضى به أي بلحوق الولد بالممسوح وقوله بالخدام أي من يخدم النساء وهو الممسوح لأنه كان لا يخدمهنّ في ذلك الزمان إلا الممسوح وهذا على قراءته بالخاء المعجمة ويصح قراءته بالحاء المهملة والذال المعجمة جمع حاذم وهو من قطع ذكره وبقي أنثياه كما قرره شيخنا ح ف .
قوله : ( ابن حربويه ) بفتح الحاء المهملة وسكون الراء المهملة وفتح الباء الموحدة وفتح الواو وسكون الياء كعمرويه . قوله : ( قلد ) بضم القاف وتشديد اللام مكسورة أي ولي قوله : ( إلى هذا القاضي ) الإشارة لما في الخارج وعليه قوله تعالى : ) تلك الجنة } ) مريم : 63 ) فهو عهد خارجي علمي كقولهم خرج الأمير إذا لم يكن في البلد إلا هوَ قوله : ( بالخدام ) أي الطواشية . قوله : ( مجبوباً ) بأن استدخلت ماءه قوله : ( خصيتاه ) قال في المختار قال أبو عمر : والخصيتان البيضتان والخصيتان الجلدتان اللتان فيهما البيضتان ، وقال الأموي الخصية البيضة فإذا ثنيت قلت خصيان بلا تاء قوله : ( ويلحقه الولد ) وقيل : لا يلحقه لأنه لا ماء له ودفع بما مر أي لأن وعاء المني وهو الخصيتان موجود قوله : ( وينزل ماء رقيقاً ) هذا موجود في الممسوح قوله : ( حرة ) أي ولو في ظنه وإن خالف الواقع كما في عدة الحياة قاله م ر وخالفه ز ي اه ق ل . قوله : ( صبي ) أي لم يبلغ أوان الاحتلام اه برماوي . قوله : ) أربعة أشهر } ) البقرة : 226 ) أي بعد وضع الحمل ، إن كانت حاملاً من غير زنا بأن(4/387)
"""""" صفحة رقم 388 """"""
كان من شبهة ، لأن عدة الحمل مقدمة تقدمت أو تأخرت عن الموت بأن وطئت بشبهة في أثناء العدة وحملت فإنها تقدم عدة الشبهة وبعد وضع الحمل تبنى على ما مضى من عدة الوفاء اه . قوله : ) وعشراً } ) البقرة : 234 ) أي وتزيد عشراً فهو مفعول لفعل محذوف هذا على كون عشراً في كلام الماتن منصوباً ولا يصح أن يكون مفعولاً معه لعدم العامل ، وفي بعض النسخ وعشر بالرفع معطوف على أربعة وهي ظاهره قال : ز ي وكأنّ حكمة هذا العدد ما مر أن النساء لا يصبرن عن الزوج أكثر من أربعة أشهر فلم تزد عليها في تفجعهنّ وزيدت العشرة استظهاراً ، ثم رأيت شرح مسلم ذكر أن حكمة ذلك أن الأربعة بها يتحرك الحمل وتنفخ الروح فيه وذلك يستدعي ظهور حمل إن كان اه . بحروفه وقوله : ذكر أن حكمة ذلك الخ . هذه حكمة والحكمة لا يلزم اطرادها لأن هذه الحكمة ساكتة عما لو مات عنها قبل الدخول أو كانت أمة لأن عدتها شهران وخمسة أيام أو كانت صغيرة لا تحبل أو آيسة .
قوله : ( من الأيام ) فيه أنه نص على العشرة أيام فقط ، فيتوهم منه أنه يكتفي بالعشرة أيام ، وإن كانت الليالي تسعة بأن تقدم اليوم الأوّل على الليلة مع أنه لا يكتفي بذلك . بأن مات بفجر أوّل يوم في الشهر مثلاً فإن الأربعة أشهر تنقص ليلة ، فتكمل بأوّل ليلة من الشهر الخامس ، فتكون العشرة أوّل اليوم من الشهر الخامس فتكون ناقصة ليلة فتكمل من ليلة الحادي عشر ، وحذف التاء من العشرة مع كون المعدود مذكراً لجواز حذفها عند حذف المعدود ، وعبارة شرح المنهج أي عشر ليال بأيامها وهي أظهر ، والمراد أربعة أشهر وعشر من الأيام بلياليها ، لكن بعد وضع الحمل إن كانت حاملاً من شبهة لأن عدة الحمل مقدمة تقدمت أو تأخرت عن الموت ، فإن كانت حاملاً من زنا انقضت عدتها بمضيّ الأشهر مع وجوده لأنه لا حرمة له ، لهذا لو نكح حاملاً من زنا صح نكاحه قطعاً وجاز له الوطء قبل الوضع على الأصح ، ولو زنت في العدة وحملت من الزنا لم تنقطع العدة ولو جهل حال الحمل حمل على أنه من زنا كما نقله الشيخان عن الروياني وبه أفتى القفال ، وبه جزم صاحب الأنوار . وقال الإمام : يحمل على أنه من وطء شبهة تحسيناً للظنّ وبه جزم صاحب التعجيز قال شيح مشايخنا : وقد يجمع بينهما بحمل الأوّل على أنه كالزنا في أنه لا تنقضي به العدة كما تقرّر والثاني على أنه من شبهة فلا تحد تجنباً عن تحمل الإثم بقرينة آخر كلام قائله اه سم . قوله : ) والذين يتوفون } ) البقرة : 234 ) قال الشوبري يقال : توفى فلان وتوفي إذا مات فمن قال توفى معناه قبض ومن قال توفي معناه توفى أجله أي استوفى عمره واستكمله وعليه قراءة علي رضي الله عنه يتوفون بفتح الياء قوله : ( ) يتربصن } ) البقرة : 234 ) الخ ) . فيه مضاف محذوف تقديره زوجاتهم وبه تحصل المطابقة ، بين المبتدأ وهو قوله ، والذين لأنه للمذكر وبين الخبر وهو(4/388)
"""""" صفحة رقم 389 """"""
قوله : يتربصن أو يقدر وزوجات الذين الخ كما تقدم . قوله : ) وعشراً } ) البقرة : 234 ) أي عشر ليال بأيامها كما عبر به في شرح المنهج وانظر لماذا فسر العشر في الآية بالليالي وفسر العشرة في كلامه بالأيام وعبارة البرماوي قوله : أي عشر ليال فسر العشر بذلك لتأنيثها والمراد بأيامها وإنما اختير الليالي ، لأنها عزر الشهور وأشار بقوله : بأيامها إلى دفع إبهام إخراج اليوم العاشر من المدة قوله : ( الحاملة من غير الزوج ) أي بأن كان زنا أو وطء شبهة فإن كان من زنا فعدتها بالأشهر في الحال ، وإن كان من وطء شبهة فتعتدّ بالأشهر بعد وضع ذلك الحمل ، كما تقدّم عن سم .
قوله : ( وصية ) أي أوصوا وصية الخ قوله : ( بالأهلة ) وعبارة م ر وع ش عليه وتعتبر الأشهر بالأهلة ما لم يمت أثناء شهر وقد بقي منه أكثر من عشرة أيام ، فحينئذ ثلاثة بالأهلة وتكمل من الرابع أربعين يوماً ولو جهلت الأهلة حسبتها كاملة وأما لو بقي منه عشرة فقط فتعتدّ بأربعة أهلة بعدها ولو نواقص قوله : ( انتقلت إلى عدة وفاة ) أي مع حسبان ما تقدّم . قوله : ( المعتدّة عن فرقة طلاق ) أي وقد وطئها الزوج ، ولو مجنوناً ومكرهاً وإن كان الوطء في الدبر ، وكذا بذكر أشلّ خلافاً لما أفتى به البغوي وكالوطء استدخال المني المحترم حال خروجه ، ولو باعتبار الواقع فيما يظهر . كما لو خرج بوطء زوجته ظاناً أنها أجنبية فاستدخلته زوجة أخرى ، أو أجنبية اعتباراً بالواقع دون اعتقاده وإن عكسنا في العكس لأن ذلك هو الاحتياط فيها وهل خروجه باستمناء بيده كخروجه بالزنا بجامع حرمة كل منهما لذاته حتى لا تجب العدة باستدخاله ولا يلحقه الولد المنعقد منه فيه نظر . سم ثم قال : في مسألة المكره بعد إطالة الكلام فيها ونقله عن الشهاب م ر ، بأنه أفتى بعدم لحوق الولد لعدم احترام وطئه ، بدليل الإثم به لأن الإكراه لا يبيحه وقضيته عدم وجوب العدة أيضاً ولا إشكال على هذا في عدم اللحوق وعدم وجوب العدّة في مسألة الاستمناء كما لا يخفى ، وقوله : المحترم حال خروجه أي خلافاً لابن حجر حيث اشترط الاحترام دخولاً وخروجاً وقوله فاستدخلته الخ قال في شرح الروض ،(4/389)
"""""" صفحة رقم 390 """"""
وقول الأطباء : إن المني إذا ضربه الهواء لا ينعقد منه الولد ، غايته ظنّ وهو لا ينافي الإمكان فلا يلتفت إليه قال الزيادي : والمعتمد عدم وجوب العدّة وعدم ثبوت النسب ، بوطء المكره والمعتمد وجوب العدة بالذكر الأشلّ دون المبان اه . رحماني . ولو مسخ شخص ومعه زوجة هل تعتدّ بعدة الوفاة أم بعدّة الحياة ؟ ينظر ، فإن مسخ حجراً كلاً أو بعضاً وكان ذلك البعض النصف الأعلى اعتدّت بعدّة الوفاة ، وإن مسخ حماراً كلاً أو بعضاً وكان ذلك البعض النصف الأعلى اعتدت بعدة الطلاق ، فإن مسخ البعض كذا والبعض كذا فالعبرة بالنصف الأعلى ، ولو مسخ نصفه طولاً حجراً ونصفه الآخر طولاً حيواناً ينبغي أن يكون كما لو مسخ كله حيواناً سم نقلاً عن م ر . فلو اعتدّت زوجة الممسوخ وتزوّجت بغيرة وانتقلت تركته لبيت المال أو لورثته وعاد ذلك الممسوخ إلى أصله لا تعود له زوجته ولا تركته ، بخلاف ما لو حكم القاضي بموت المفقود واعتدّت زوجته وتزوّجت وقسمت تركته ثم تبين بعد ذلك عدم موته ، فإن زوجته وتركته يعودان له اه ميداني .
وقوله : فيما تقدّم كالوطء استدخال المني المحترم . الحاصل أن المراد بالمني المحترم حال خروجه فقط على ما اعتمده م ر وإن كان غير محترم حال الدخول ، كما إذا احتلم الزوج وأخذت الزوجة منيه في فرجها ظانة أنه مني أجنبي فإن هذا محترم حال الخروج ، وغير محترم حال الدخول ، وتجب العدّة به إذا طلقت الزوجة قبل الوطء على المعتمد خلافاً لابن حجر لأنه يعتبر أن يكون محترماً في الحالين كما قرره شيخنا . وعبارة م ر : دخل منيه المحترم وقت الإنزال ، ولا أثر لوقت استدخاله كما أفتى به الوالد ، وإن نقل الماوردي عن الأصحاب اعتبار حالة الإنزال والاستدخال فقط صرحوا بأنه لو استنجى بحجر فأمنى ثم استدخلته أجنبية عالمة بالحال ، أو أنزل في زوجته فساحقت بنته فأتت بولد لحقه ، ويؤخذ من ذلك أنه لو أكره على الزنا بامرأة ، فحملت منه لم يلحقه الولد لأنا لا نعرف كونه منه والشرع منع نسبه منه اه . وفي ق ل على الجلال ما نصه والمراد المني المحترم بأن يكون حال خروجه محترماً لذاته في ظنه أو في الواقع فشمل الخارج بوطء زوجته في الحيض مثلاً أو باستمنائه بيدها أو بوطء أجنبية يظنها حليلته أو عكسه أو بوطء شبهة كنكاح فاسد ، أو بوطء الأب أمة ولده ولو مع علمه بها فإذا استدخلته امرأة ولو أجنبية عالمة بحاله وجب به العدة ، ولحق به الولد الحاصل منه كالحاصل من ذلك الوطء ، وخرج بذلك الحرام في ظنه والواقع معاً كالزنا والاستمناء بيد غير حليلته ، وألحق به شيخنا الخارج بالنظر أو الفكر المحرّم فلا عبرة باستدخاله ولو من زوجته وإن ظنه غير محرّم كما في شرح شيخنا . لكن تقدّم عن الزركشي أن الولد الحاصل به من زوجته لاحق به منسوب إليه . وهو ظاهر من حيث الفراش اه . قال سم وليس من الذي خرج على وجه الحل منيه الذي أخرجه بيده لخوف الزنا لأن عدم الإثم فيه لعارض فلا نظر إليه فلا(4/390)
"""""" صفحة رقم 391 """"""
يلزم بسبب استدخاله العدة ولا يثبت به النسب اه . ولو وطىء زوجته ظاناً أنها أجنبية وجبت العدة بلا إشكال بل لو استدخلت هذا الماء زوجة أخرى وجبت العدة أيضاً فيما يظهر سم . وصورة ذلك : أن يتزوج امرأة ثم يطؤها يظنها أجنبية ، وأن وطأه إياها زنا ثم طلقها ولم يتفق له وطؤها سوى ذلك فتجب عليها العدة بطلاقه ، ولا نظر لكون الوطء بقصد الزنا فيقال لا عدة عليها ، لكونها مطلقة قبل الدخول ، ووطء الزنا لا يوجب عدة ، اعتباراً بكون الموطوءة في نفس الأمر زوجة وما تخيله بعض ضعفة الطلبة من أن المراد أن من وطىء بذلك الظنّ ، وجب عليها أن تعتدّ مع بقاء الزوجية وحرم على زوجها وطؤها قبل انقضاء العدة فهو مما لا معنى له ، لأنه إن نظر إلى كون الوطء باسم الزنا فالزنا لا حرمة له وإن نظر إلى كونها زوجة في نفس الأمر لم يكن وطؤها موجباً للعدة فتنبه له فإنه دقيق .
قوله : ( أو فسخ ) المراد به ما يشمل الانفساخ بقرينة ذكر الرضاع واللعان قاله شيخنا . ثم قال : ويحتمل عطف رضاع على طلاق والأمر حينئذ ظاهر قوله : ( زوجاً كان أو غيره ) المناسب حذف هذا التعميم لأن كلامنا في المفارقة فقوله أو غيره مراده ، الموطوءة بشبهة وهو لا يناسب . قوله : ( كمنفي بلعان ) الكاف استقصائية لأن الكلام في الحرة فلا ترد الأمة لأن ولدها إنما ينفى بالحلف لا باللعان قوله : ( كما إذا مات صبي ) هو تنظير لا تمثيل لأن فرض الكلام في فرقة الحياة اه . مرحومي وكتب بعضهم على قوله : كما إذا مات صبي الخ فيه أن كلامنا في المعتدة عن الفرقة في الحياة لا فرقة في الموت فالمناسب أن يقول : كما لو فسخت بعيب صبا . قوله : ( أو ممسوح ) أي ولو ساحقها حتى نزل ماؤه في فرجها ع ش على م ر قوله : ( من النكاح ) الأولى من إمكان اجتماعها كما قاله شيخنا . قوله : ( وكان بين الزوجين الخ ) مفهومه أنه بمجرد أن يكون بين الزوجين مسافة تقطع في تلك المدّة ووضعته لذلك يلحقه وليس كذلك ، بل لا بد بعد ذلك من مضي أقل مدة الحمل من إمكان الاجتماع قوله : ( أو لفوق أربع سنين من الفرقة ) هذا محله في مجهول البقاء ، أما إذا تحققنا البقاء ، بأن أخبرنا بالحمل معصوم(4/391)
"""""" صفحة رقم 392 """"""
كالخضر ولم يوجد وضع ولا وطء ، فإنه ينسب له وتنقضي به عدّتها . كما قاله : سم وقال : إنه حق إن شاء الله تعالى اه أ ج . قوله : ( وإن انتفى عنه ) أي لعدم تصديقه لها فيما ادعته .
قوله : ( واستثنى من ذلك ) أي من قولهم لا أثر لخروج بعضه قوله : ( إذا حزّ جان ) أي بعد خروج بعضه فقط في المسألتين . قوله : ( إذا ماتت ) في خط المؤلف بالحاق الفعل تاء التأنيث والصواب إسقاطها كما في شرح الروض مرحومي . ويمكن أن توجه نسخة المؤلف بأنه لما جنى عليها ماتت فمات الجنين بسبب موتها فتأمل . وعبارة الأجهوري ويمكن توجيه الثانية على بعد بأن ماتت بالجناية عليها ، فمات الولد وحينئذ فإن كانت الجناية عمداً وتوفرت الشروط اقتص منه ووجبت دية للولد ، وإلا فديتان لها . وللولد فليتأمل والظاهر تعلق قوله بالجناية . بماتت اه مدابغي قال شيخنا : فمحل وجوب الغرّة دون الدية إن لم يصح قبل موته . قوله : ( بعد صياحه ) أي وقد خرج بعضه .
قوله : ( على غير القوابل ) أي وأخبر بها أربع منهنّ أو رجلان فلو أخبرت بذلك واحدة ، حل له أن يتزوج بها باطناً كما في ح ل وعبارة م ر في شرحه ، بعد قول المنهاج : بأن أخبر بها قوابل عبروا بأخبر لأنه لا يشترط لفظ شهادة إلا إذا وجدت دعوى عند قاضٍ أو محكم ، وإذا اكتفى بالإخبار للباطن فليكتف بقابلة كما هو ظاهر أخذاً من قولهم لمن غاب زوجها فأخبرها عدل بموته أن تتزوج باطناً اه . وقوله : أن تتزوج باطناً يؤخذ من ذلك أن محل الاكتفاء بالقابلة بالنسبة للباطن ، أما بالنسبة لظاهر الحال ، فلا يثبت إلا بأربع من النساء ، أو رجلين ، أو رجل وامرأتين ، ثم رأيته في شرح الروض : صرح بالأربع بالنسبة للظاهر وفي ابن حجر : فرع اختلفوا في التسبب لإسقاط ما لم يصل لحد نفخ الروح فيه وهو مائة وعشرون يوماً والذي يتجه وفاقاً لابن العماد ، وغيره الحرمة ولا يشكل عليه جواز العزل لوضوح الفرق بينهما ، بأن المني حال نزوله محض جماد ، لم يتهيأ للحياة بوجه بخلافه بعد استقراره في الرحم وأخذه في مبادي التخلق ويعرف ذلك بالأمارات وفي حديث مسلم أنه يكوّن بعد اثنين وأربعين ليلة أي ابتداؤه . ويحرم استعمال ما يقطع الحبل(4/392)
"""""" صفحة رقم 393 """"""
من أصله ، كما صرح به كثيرون وهو ظاهر اه . وقول ابن حجر والذي يتجه الخ في شرح م ر في أمهات الأولاد خلافه ، وقوله وأخذه في مبادي التخلق قضيته أنه لا يحرم قبل ذلك وعموم كلامه الأوّل يخالفه وقوله : ويحرم ما يقطع الحبل من أصله ، أما ما يبطىء الحبل مدة ولا يقطعه من أصله فلا يحرم كما هو ظاهر بل إن كان لعذر كتربية ولد لم يكره أيضاً وإلا كره ع ش على م ر .
قوله : ( ولكن قلن ) أي القوابل جمع قابلة وهي التي تتلقى الولد عند وضعه ، والمراد أهل الخبرة بذلك ، ولو ذكوراً وأقلهم في النساء أربع ويكفي إخبار واحدة في الجواز باطناً وأما في الظاهر فلا بد من اثنين وقال ع ش على م ر لا بد من أربع ولو اختلف الزوجان فقالت : كان السقط الذي وضعته مما تنقضي به العدّة وأنكر الزوج وضاع السقط فالقول قولها بيمينها لأنها مأمونة في العدّة شرح المنوفي الصغير . وعبارة البرماوي ولو ادعت أنها أسقطت ما تنقضي به العدّة وضاع السقط صدقت بيمينها لأنها مؤتمنة في العدّة ، ولأنها مصدّقة في أصل الوضع فكذا في صفته اه وفي ع ش على م ر ما يفيد قبول قولها : ولو بدون يمين ونصه يقبل قول المرأة في وضع ما تنقضي به العدّة . وظاهره ولو مع كبر بطنها لاحتمال أنه ريح اه . قوله : ( مسألة النصوص ) أي لأن فيها ثلاثة نصوص : الأوّل انقضاء العدّة ، الثاني عدم وجوب الغرّة ، الثالث عدم ثبوت الاستيلاد قوله : ( فإنه ) أي الشافعي وقوله : نص هنا أي في باب العدد قوله : ( وعلى أنه لا تجب فيها الغرّة ) وكذا لا تجب إذا كانت مصوّرة ولم يعلم أنه كان ذا روح فلا تجب الغرّة فيمن لم يمت بالجناية يقيناً إذ الأصل براءة الذمة اه حفناوي . قوله : ( والأصل براءة الذمة ) عبارة م ر وإنما لم يعتّه بها في الغرة وأمية الولد لأن مدارهما على ما يسمى ولداً قوله : ( وخرج بالمضغة العلقة ) فلا تنقضي بها العدّة أي إن لم يكن في العلقة صورة خفية وإلا فتنقضي بها العدة كما قاله حج في شرحه على المنهاج قبيل كتاب الصلاة ولم أر من وافقه ، ولا من خالفه وعبارته ثم وإطلاق الأصحاب أن العدّة لا تنقضي بعلقة محمول على الأغلب أنه لا صورة فيها خفية اه قوله : ( وقع في الإفتاء ) أي إفتاء النووي قوله : ( اختلف العصريون ) أي معاصرو الشيخ النووي .(4/393)
"""""" صفحة رقم 394 """"""
قوله : ( والظاهر الثاني ) معتمد ومراده بالثاني قوله أو لا تنقضي . قوله : ( واستفتينا ) بالبناء للمفعول وقوله : فأجبنا بذلك أي الثاني وهو أنها لا تنقضي عدّتها ما دام في بطنها أي ولو خافت الزنا ويجب على زوجها نفقتها وغيرها كالسكنى وإن طالت المدّة وله مراجعتها في الطلاق الرجعي وفي سم على حج ولو استمر في بطنها مدّة طويلة وتضررت بعدم انقضاء العدّة وكذا لو استمر حياً في بطنها وزاد على أربع سنين حيث ثبت وجوده ولم يحتمل وضع ولا وطء ولا ينافي ذلك قولهم أكثر مدّة الحمل أربع سنين لأنه في مجهول البقاء ، زيادة على الأربعة حتى لا يلحق نحو المطلق إذا زاد على الأربع وكلامنا في معلوم البقاء ، زيادة على الأربع هذا هو الذي يظهر وهو حق إن شاء الله اه . وهو ظاهر حيث ثبت وجوده كما فرضه لكن يبقى الكلام في الثبوت بماذا فإنه حيث علم أن أكثر الحمل أربع سنين وزادت المدّة عليها كان الظاهر من ذلك انتفاء الحمل ، وأن ما تجده في بطنها من الحركة مثلاً ليس مقتضياً لكونه حملاً نعم إن ثبت ذلك بقول : معصوم كعيسى وجب العمل به اه ع ش على م ر .
فرع : الحمل المجهول لا تحدّ به المرأة لاحتمال أنه من شبهة ولا تنقضي به العدّة ولا يمنع صحة النكاح كما مر ولا يمنع الزوج من الوطء معه لاحتمال أنه من الزنا ويحصل به الاستبراء ومن ذلك ما لو شكت هل الواطىء زوج أو أجنبي بشبهة أو زنا أو استدخلت ماء ، وشكت هل هو محترم أم من زوج أو أجنبي ق ل خ على الجلال . قوله : ( مما مر ) من كل فسخ أو انفساخ قوله : ( بالمعنى المتقدم ) أي وهي غير الحامل وإنما قال ذلك لأن الحائل يطلق على المانع قوله : ( فعدّتها ثلاثة قروء ) أي وإن اختلفت وتطاول ما بينها ، وكذا لو كانت حاملاً من زنا إذ حمل الزنا لا حرمة له ولو جهل حال الحمل ، ولم يمكن لحوقه بالزوج حمل على أنه من زنا ، كما نقلاه وأقراه أي من حيث صحة نكاحها معه ، وجواز وطء الزوج لها ، أما من حيث عدم عقوبتها بسببه فيحمل على أنه من شبهة ، فإن أتت به للإمكان منه لحقه ، كما اقتضاه إطلاقهم وصرح به البلقيني وغيره . ولم ينتف عنه إلا بلعان ولو أقرت بأنها من ذوات الأقراء ثم كذبت نفسها وزعمت أنها من ذوات الأشهر لم يقبل لأن قولها الأوّل يتضمن أن عدّتها لا تنقضي بالأشهر ، فلا يقبل رجوعها عنها بخلاف ما لو قالت لا أحيض زمن الرضاع ، ثم كذبت نفسها وقالت : أحيض زمنه . فيقبل كما أفتى بجميع ذلك الوالد رحمه الله تعالى لأن الثاني متضمن لدعواها الحيض في زمن إمكانه وهي مقبولة فيه وإن خالفت عادتها اه شرح م ر(4/394)
"""""" صفحة رقم 395 """"""
والعبرة في كونها حرة أوأمة بظن الواطىء لا بما في الواقع حتى لو وطىء أمة غيره يظنها زوجته الحرة ، اعتدت بثلاثة أقراء ، أو حرة يظنها أمة اعتدت بقرء واحد ، وهو استبراء لا عدة أو زوجته الأمة اعتدت بقرأين ، لأن العدة حقه فنيطت بظنه ، هذا ما قالاه وهو ظاهر . وإن اعترض بأن المنقول خلافه اه . حج وهو أنها أي الحرة التي ظنها زوجته الأمة تعتدّ بثلاثة أقراء احتياطاً كما جزم به م ر وهو المعتمد . والحاصل أن ظنه الحرية يؤثر . وظنه الرق لا يؤثر اه م ر . وعبارة ق ل على المحلى قوله فعدة حرة أي في ظنه أو في الواقع اه قوله : ( حقيقة ) أي لغة وقوله في الحيض والطهر بطريق الاشتراك قوله : ( في الاصطلاح ) أي اصطلاح فقهاء الشافعية خلافاً للحنفية في قولهم هي الحيضات قوله : ( ولقوله تعالى ) فطلقوهن } ) الطلاق : 1 ) الخ ) في الاستدلال به شيء لأنها ليست نصاً في أن المراد بالأقراء الأطهار لأن المراد بها فطلقوهن في الوقت الذي يشرعن فيه في العدّة وهذا يصدق بالحيض كما قال به أبو حنيفة اه . واللام بمعنى في كما في قوله تعالى : ) ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } ) الأنبياء : 47 ) أي فيه قوله : ( كما مر في الحيض ) أي في بابه .
قوله : ( فيصرف الإذن ) أي في الطلاق قوله : ( طاهراً ) أي سواء جامعها في ذلك الطهر ، أو لا ، وإن لم يكن سنياً قوله : ( لأن بعض الطهر وإن قل الخ ) هذا يقتضي أن إطلاق القرء على بعضه حقيقة وليس كذلك فكان الأولى أن يسلك ما قاله في شرح المنهج بأن يقول : ولا بعد في تسمية قرأين وبعض الثالث ثلاثة فتسمية البعض قرءاً من مجاز التغليب لا حقيقة كما فسر قوله تعالى : ) الحج أشهر معلومات } ) البقرة : 197 ) الخ قوله : ( قال تعالى : الخ ) أي ولأنا لم نعدّه قرءاً لكان أبلغ في تطويل العدة عليها من طلاقها في الحيض وإنما أمر ابن عمر بالطلاق في الطهر إذا لم يمسها ليبين أنه السنة في الطلاق لا للعدة لأن مقصودها البراءة وهي حاصلة بطريان الحيض بعد الطهر وإن وجد المس فتعين أن يكون القيد لأجل السنة في الطلاق . وصورة المسألة : إذا بقي من الطهر بعد وقوع الطلاق بقية فإن انطبق على آخره اتفاقاً أو قال : أنت طالق آخر طهرك لم يعتد به على الأصح اه . رملي كبير .(4/395)
"""""" صفحة رقم 396 """"""
قوله : ( هو المحتوش ) بفتح الواو اسم مفعول أي الذي احتوشه وأحاط به دمان وفي المصباح احتوش القوم بالصيد أحاطوا به قوله : ( أو دمي نفاس ) كأن تكون حاملاً من الزنا ثم تطلق وهي حامل منه ثم تضع ، فلا تنقضي العدة بوضعه لأنه لا ينسب لصاحب العدّة ثم إنها حملت من الزنا أيضاً ووضعت ، فالطهر بينهما يعد قرءاً ثم تعتدّ بعد ذلك بقرأين آخرين وصدق على هذا أنه طهر بين نفاسين ، قال : والمعتبر هو كون الثاني من الزنا وأما الأول فيصح أن يكون من شبهة كما ذكره ح ل بل يصح تصوير ذلك ، بأن يكون الحمل الأول من غير الشبهة بأن تضع الحمل من زوجها ثم تطلق زمن النفاس أو بعده ثم تحمل من زنا ثم تلد فيحسب ما بين النفاسين قرءاً ولا يتعين أن يكون النفاس الأول من زنا بل يصح أن يكون من حلال بأن يطلقها ثم تزني وتضع ولعل المحشي إنما صوّرها بما إذا كان الأول من زنا أيضاً ليكون الطلاق حلالاً .
قوله : ( وعدة متحيرة ) أي طلقت أول الشهر فإن طلقت في أثنائه والباقي ستة عشر ، فأكثر حسب قرءاً لاشتماله على طهر لا محالة فتكمل بعده شهرين هلاليين ، وإلا أي بأن طلقت والباقي من شهر أقل من ستة عشر يوماً لم يحسب قرءاًءً فتعتد بعده بثلاثة أشهر هلالية قوله : ( صغيرة ) المراد بها من لم تحض لصغرها أو لعلة أو جبلة منعتها رؤية الدم أصلاً أو ولدت ولم تر دماً وإن كانت كبيرة في السنّ فهو اصطلاح للفقهاء . قوله : ( على أول الشهر ) أي بتعليق أو غيره اه برماوي . قوله : ) إن ارتبتم } ) الطلاق : 4 ) أي شككتم فيما تنقضي به عدتهن فتفسير الشارح ، تفسير باللازم لأنه يلزم من الشك عدم المعرفة وأسند الضمير فيه للذكور دون الإناث لأن العدّة شرعت لحق الزوج ، صيانة لمائه كما في ع ش . قوله : ( ) واللائي لم يحضن } ) الطلاق : 4 ) ) . فإن قلت هلا جعلت اللائي عطفاً على اللائي وما بينهما خبراً عنهما . قلت : يأباه أمران : أحدهما أن الخبر مقرون بالفاء تنزيلاً له منزلة الجواب والجواب لا يتقدم على شرطه ، فكذا ما نزل منزلته . الثاني أن ذلك يستدعي جواز زيد قائمان وعمرو وقد يقال : منع هذا قبح اللفظ بخلاف قولك : زيد في الدار وعمرو فلا قبح فيه اه يس عن ابن هشام إسقاطي على الأشموني . قوله : ( ) فعدّتهنّ } ) الطلاق : 4 ) كذلك ) أشار بذلك إلى أنه حذف المبتدأ والخبر من الثاني لدلالة الأوّل عليه ، لكن رجح ابن عقيل في شرح الخلاصة أن المحذوف هو الخبر فقط وهو أولى لأنه يرتكب تقليل الحذف ما أمكن ولعل(4/396)
"""""" صفحة رقم 397 """"""
هذا هو حكمة إسناد ذلك لأبي البقاء . قوله : ( فإن طلقت ) مقابل قوله : بأن انطبق الخ قوله : ( في أثناء شهر ) أي قبل اليوم الآخر منه وإلا فثلاثة بالأهلة كما في السلم . قوله : ( سواء كان الشهر ) أي الذي طلقت فيه .
قوله : ( من انقطع حيضها ) أي قبل الطلاق أو بعده في العدّة برماوي .
قوله : ( ولا مبالاة بطول مدّة الانتظار ) واستظهر ع ش على م ر أن الرجعة والنفقة يمتدّان إلى انقضاء عدّتها بالأقراء أي إن حاضت أو بالأشهر بعد بلوغ سن اليأس . خلافاً للشوبري حيث قال بامتداد ما ذكر إلى ثلاثة أشهر فقط لا أكثر لما يلحق الزوج في ذلك من الضرر وعزاه للرافعي ، وطريق الخلاص من النفقة أن يطلقها بقية الثلاث قوله : ( وإن انقطع لا لعلة الخ ) فصله عما قبله لأجل قوله على الجديد ، وعبارة المنهاج وشرحه للمحلي : وفي القديم تتربص تسعة أشهر مدة الحمل غالباً وبعدها تعتدّ بثلاثة أشهر وهذا موافق لقول الإمام مالك تصبر سنة بيضاء أي خالية عن الدم ، لأن ضم الثلاثة أشهر للتسعة سنة كاملة وفي قول من القديم أربع سنين أكثر مدّة الحمل ، وفي قول مخرّج عليه ستة أشهر أقل مدة الحمل لظهور أماراته فيها ثم تعتدّ بالأشهر إذا لم يظهر حمل اه . وقوله : في القديم : وبه قال مالك وأحمد كما في ق ل . قوله : ( تعرف ) قيد به لأن الانقطاع في الواقع لا بد له من علة فمصب النفي قوله : تعرف كما قرره شيخنا . قال البرماوي وتصدّق في بلوغها سنّ اليأس بيمينها قالوا وهذه امرأة ابتليت فلتصبر اه . قوله : ( حتى تصير ) أي إلى أن تصير الخ والظاهر أنه بدل من قوله إلى بلوغ سنّ اليأس وقوله : أي لأن الأشهر الخ علة لقوله : تصبر حتى تحيض قوله : ( آيسة الخ ) أي بلغت سنّ اليأس وهو اثنان وستون سنة ، سواء سبق لها حيض أو لا ق ل .(4/397)
"""""" صفحة رقم 398 """"""
قوله : ( كذلك ) أي من حرة أو غيرها قوله : ( فإن حاضت بعدها ) أي بعد الأشهر الأولى هي التي لم تحض المشار إليها سابقاً بقوله : من لم تحض وقوله : أو الثانية هي الآيسة المشار إليها بقوله : سابقاً أو حاضت آيسة وفي قوله : كآيسة تشبيه الشيء بنفسه وكان يقول : أو الثانية فكذلك إن لم تنكح .
قوله : ( والمطلقة قبل الدخول بها ) أي والمفسوخة وخرجت المتوفى عنها فإنّ عليها العدة قبل الدخول ، كما تقدم والمراد بقوله : قبل الدخول أي الوطء أو استدخال المنيّ ، ولو في الدبر فيهما ولو بعد خلوة ، وعليه فلو اختلى بها ثم طلقها فادعت أنه لم يطأ لتتزوّج حالاً صدّقت بيمينها بناء على أن منكر الجماع هو المصدّق ، وهو الراجح وإن ادعى الزوج الوطء ، ولو ادعى هو عدم الوطء حتى لا يجب عليه بطلاقه إلا نصف المهر صدق بيمينه وينبغي في هذه وجوب العدة عليها لاعترافها بالوطء اه ع ش على م ر . وعبارة البرماوي علي الغزي قوله : قبل الدخول أي قبل وطئها واستدخال المنيّ المحترم كالوطء ولو في الدبر فيهما نعم لو كان عليها بقية عدة سابقة لم يصح نكاحها ، حتى تتمها كما لو طلقها بائناً بنحو خلع ثم عقد عليها قبل تمام عدته كأن بقي منها قرءان ثم طلقها قبل وطئها ، فلا بدّ من تمام العدة الأولى لتمام القرأين الباقيين والأشد كالأقراء فتأمل ذلك وافهمه فإنه قد غلط فيه كثير من الفضلاء بل أنكره بعضهم . وبذلك يلغز فيقال : لنا مطلقة قبل الدخول تلزمها العدة اه . قوله : ( والمعنى فيه الخ ) فيه أن هذا المعنى موجود في المتوفى عنها قبل الدخول مع أن عليها العدة . أجيب بأن إيجاب العدة عليها لتفجعها على زوجها لا لمعرفة استبراء رحمها فالعلة التي ذكرت هنا ،(4/398)
"""""" صفحة رقم 399 """"""
وإن فقدت خلفتها علة أخرى أفاده شيخنا العشماوي وأيضاً الموت بمنزلة الدخول في إيجاب العدة . قوله : ( في جميع ما مر ) أي من فرقة الحياة وفرقة الموت ولا فرق في فرقة الحياة ، بين فرقة الطلاق وفرقة الفسخ قوله : ( لعموم الآية الكريمة ) وهي ) وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } ) الطلاق : 4 ) قوله : ( في عدة رجعة الخ ) وأما العكس بأن تصير الحرة أمة في العدة لالتحاقها بدار الحرب ، ثم استرقت فتكمل عدة حرة على أوجه الوجهين ، شوبري وقوله : فإن عتقت في عدة رجعة الخ ولذلك قال بعضهم :
وعتقها في عدّة رجعية
يجعلها كحرة أصلية
قوله : ( في عدة بينونة ) أي أو وفاة م ر . قوله : ( والباقي أكثر من خمسة عشر يوماً ) فيه أن الأكثر يصدق بدون يوم وليس مراداً وحينئذ فكان الأولى أن يقول والباقي ستة عشر يوماً فأكثر ، لأن الضابط ما يسع طهراً أو حيضاً قوله : ( خلافاً للبارزي ) مقابل قوله : فبشهرين وهذا بناء على أن الأشهر في حقها أصل لا بدل ، وغيره يقول إن الأقراء أصل وهي تعتدّ بقرأين فيكون الشهران بدلاً عنهما أفاده شيخنا . قوله : ( قبل الدخول الخ ) وإنما اعتدت قبل الدخول للتفجع بخلاف المطلقة قبل الدخول .
قوله : ( بشهرين وخمسة أيام ) وبحث الزركشي وغيره أن قياس ما مر ، أنه لو ظنها زوجته الحرة لزمها أربعة أشهر وعشر صحيح ، إذ صورته أن يطأ زوجته الأمة ظاناً أنها زوجته الحرة ويستمر ظنه إلى موته فتعتد للوفاة عدة حرة ، إذ الظن كما نقلها من الأقل إلى الأكثر في الحياة ،(4/399)
"""""" صفحة رقم 400 """"""
فكذا في الموت ، وبذلك سقط القول ، بأنه يرد عليه أن عدة الوفاة لا تتوقف على الوطء فلم يؤثر فيها الظن عنده وبه يفرق بين هذا وما مرّ شرح م ر . قوله : ( وما في معناه ) أي من الفسخ والانفساخ . قوله : ( بشهر ونصف ) والفرق بينها وبين الأمة المتحيرة حيث تعتدّ بشهرين كما مرّ أن الأشهر في المتحيرة قائمة مقام الأقراء وتقدم أنها تعتد بقرأين وكل شهر قائم مقام قرء . قوله : ( من عند نفسه ) فيه إشارة إلى الاعتراض عليه لكنه أجاب عنه بعد ذلك . قوله : ( ثم قال ) أي المصنف قوله : ( ففي اليأس ) أي ومثله الصغر . قوله : ( أظهرها ما تقدم ) أي شهر ونصف قوله : ( وبه ) أي بالاحتياط بالقول الثالث . قوله : ( وقد يقال : الخ ) أي ومن حفظ حجة على من لم يحفظ .
قوله : ( ولا شك الخ ) هو جواب تسليم أنه لم يطلع عليه في كلامهم ، لأنه لم يقل به أحد من الأصحاب بخلاف الجواب الأول . قوله : ( ويراعى الخ ) لعل الواو للتفريع على قوله ولا شك وقوله : الأول أي القائل بشهر ونصف ، وقوله : الوجه الضعيف أي الثاني والثالث ، والمصنف راعى الثاني حيث قال : ولو اعتدت بشهرين كان أولى فلا اعتراض عليه . كما قال شيخنا ، ولم يراع الثالث لشدة ضعفه . قوله : ( لو طلق زوجته ) سواء كانت حرة أو أمة . والحاصل : أنه إن عاشرها بغير وطء كخلوة أو بوطء فإن كانت رجعية لم تنقض عدتها ، بالنسبة للحوق الطلاق ، وانقضت بالنسبة للرجعة فلا رجعة بعد الأقراء . أو الأشهر والتوارث ، فلا توارث بينهما ، وإن كانت بائناً فلا عبرة بالمعاشرة بغير وطء كخلوة ولا بوطء بلا شبهة أما إن عاشرها بوطء بشبهة فكالرجعية في أنها لا تتزوج ، حتى تنقضي عدتها من انقطاع المعاشرة وليست كالرجعية مطلقاً فلا يلحقها الطلاق وله أن يتزوج نحو أختها اه م د . قوله : ( وعاشرها )(4/400)
"""""" صفحة رقم 401 """"""
المراد بالمعاشرة أن يدوم على حالته التي كانت معها قبل الطلاق من النوم معها ليلاً أو نهاراً والخلوة بها كذلك وغير ذلك ق ل على الجلال وقوله : بلا وطء فيه أنه إذا عاشر الرجعية ولو بوطء كان الحكم كذلك وحينئذ فلا مفهوم لقوله : بلا وطء وقوله بلا وطء عبارة المنهج بوطء أو غيره . قوله : ( بلا وطء ) ليس بقيد بل لو وطئها كان كذلك ، ولا يحدّ بوطئها كما رجحه البلقيني اه وقال : بعضهم أتى به لتتأتى الأقوال الثلاثة : أوّلها تنقضي مطلقاً ، لا تنقضي مطلقاً ، أو تنقضي إن كانت بائناً قوله : ( فإن كانت بائناً انقضت عدتها بما ذكر ) لأنها إذا كانت بائناً وعاشرها بوطء شبهة كان كذلك كمعاشرة الرجعية ، أما الرجعية فلا فرق بين معاشرتها بالوطء أو غيره اه .
قوله : ( لم تنقض عدتها بذلك ) أي بالنسبة للغير لكن إذا زالت المعاشرة أتمت على ما مضى من عدتها قبل المعاشرة إن كان ، وإلا فتستأنف اه . ع ش ومرحومي . وعبارة ح ل بعد قول المنهج : لم تنقض عدتها فإذا زالت المعاشرة بأن نوى أنه لا يعود إليها ، كملت على ما مضى قبل المعاشرة . وهذا يفيد أن المعاشرة لا تنقطع إلا بالنية والظاهر أنه لو عاد للمعاشرة كانت معاشرة جديدة اه . فإن لم يمض زمن فلا معاشرة بأن استمرت المعاشرة من حين الطلاق فتستأنف العدة من حين زوال المعاشرة وعليه يحمل كلام ح ل في القولة الأخرى بعد هذه وهي ما نصه قوله : إلى انقضاء أي العدة التي تستأنفها بعد زوال المعاشرة ولا رجعة له في هذه العدة لأن لحوق الطلاق للتغليظ عليه اه . إذا عرفت هذا عرفت أنه لا مخالفة بين كلام م ر وكلام المرحومي المذكور . قوله : ( ولا رجعة له ) وحينئذ فهي كالبائن بعد مضي عدتها الأصلية إلا في لحوق الطلاق خاصة فلا توارث بينهما ولا يصح منها إيلاء ولا ظهار ولا لعان ولا نفقة ولا كسوة لها ويجب لها السكنى ولا يحدّ بوطئها كما أفتى بجميعها الوالد شرح م ر ، ويؤخذ منه أنه يجوز له أن ينكح من يحرم جمعه معها كأختها واعتمده الطوخي . قوله : ( ويلحقها الطلاق ) وله أن يتزوج بأختها وبرابعة خلافاً للشيخ س ل واعتمد الطوخي الجواز اه . ولو طلقت استأنفت عدة وأما لو مات فهل تنتقل إلى عدة الوفاة أو لا ؟ عناني على المنهج . قوله : ( وعاشرها سيدها ) المعتمد أنه إذا عاشرها سيدها سواء كان بالوطء أو غيره وسواء كانت بائناً من زوجها أو لا كان حكمها كالرجعية كما ذكره م ر في شرحه فقول الشارح ، كان كمعاشرة الزوج غير ظاهر كما قرره شيخنا ح ف . هذا وعبارة شرح المنهج فهو أي السيد في أمته كالمفارق في الرجعية . قوله : ( ففيه التفصيل ) أي إن كانت رجعية لم تنقض عدتها وإن كان بائناً انقضت اه .(4/401)
"""""" صفحة رقم 402 """"""
3 ( ( فصل : فيما يجب للمعتدة ) ) 3
قوله : ( وعليها ) أي كالإحداد قوله : ( وقد بدأ بالقسم الثاني ) وهو الرجعية أي باعتبار ما يجب لها قوله : ( وللمعتدة الرجعية ) نظم ذلك بعضهم فقال :
قد أوجبوا السكنى لذات عدة
من غير تقييد لها بصفة
ومؤن سوى تنظف يجب
لذات رجعة بلا قيد صحب
كذا لبائن بشرط الحمل
في فرقة الحياة فاحفظ نقلى
قوله : ( وأمة ) أي وكانت مسلمة له ليلاً ونهاراً قوله : ( السكنى ) نعم الصغيرة والأمة إذا لم تجب نفقتهما أي قبل الفراق ، فلا سكنى لهما شرح المنوفى . قوله : ( دون النفقة ) والفرق بينها وبين السكنى ، أن السكنى لتحصين مائه فاستوى فيها حال الزوجية وعدمها والنفقة للتمكين وهو خاص بالزوجية ، شرح المنوفى وقوله : لتحصين مائه هذا لا يشمل الصغيرة إلا أن يقال : هو جريي على الغالب وقد يتصوّر وجوب العدة عليها باستدخال الماء قاله البرماوي وقوله : بالزوجية أي وما ألحق بها كالرجعية وتسقط السكنى بمضي الزمان ، لأنها إمتاع لا تمْليك ، بخلاف النفقة وتقدم سكناها ، على الديون المرسلة في الذمة كما في شرح م ر قال : ع ش وتقدم سكناها على مؤن التجهيز لأنه حق تعلق بعين التركة وليس هو من الديون المرسلة : في الذمة وينبغي أن هذا إذا كان ملكه أو استحق منفعته مدة عدّتها بإجارة ويحتمل أنه إذا خلفها في بيت معار أو مؤجر وانقضت المدة أنها تقدّم بأجرة المسكن على مؤن التجهيز أيضاً . ويحتمل وهو الظاهر أنها تقدم بأجرة يوم الموت فقط لأن ما بعده لا يجب إلا بدخوله ، فلم يزاحم مؤن التجهيز اه . ع ش على م ر قال سم وسكنى المعتّدة من رأس المال فإن لم يكن تركة سنّ(4/402)
"""""" صفحة رقم 403 """"""
للوارث التبرع بها ، من ماله وللقاضي إسكانها من بيت المال فإن أسكنها أحدهما فعليها الإجابة وإلا سكنت حيث أرادت ، ولو مضت مدة العدة أو بعضها ولم تطالب بالسكنى سقطت بخلاف النفقة ، ولو أسقطت المعتدة السكنى لم تسقط لأنه إسقاط لما لم يجب ، لأنها إنما تجب يوماً بيوم ولما فيها من حق الله تعالى نعم يسقط سكنى اليوم الأول لوجوبها فيه . وعبارة م ر ولو أسقطت حق السكنى عن الزوج الحي لم يسقط كما أفتى به المصنف ، لوجوبها يوماً بيوم وإسقاط ما لم يجب لاغ اه وقوله : لوجوبها قال ع ش : يؤخذ منه أنها تسقط عنه في اليوم الذي وقع فيه الإسقاط منها لوجوب سكناه بطلوع الفجر ، اه . قوله : ( أو نشزت في العدّة ) أي كأن خرجت من المسكن لغير حاجة تبيح لها الخروج . قوله : ( إلا إن عادت إلى الطاعة ) ولو في أثناء اليوم فتجب لها السكنى بمجرد الطاعة ، ولو غير بائن بخلاف المؤنة فتسقط ليومها والكسوة فتسقط للفصل ، وإن عادت للطاعة كما أفاده شيخنا ح ف . خلافاً لابن حجر حيث قال : تعود الكسوة بعودها للطاعة .
قوله : ( ثم استثنى ) هذا الاستثناء لا يصح إلا بقطع النظر ، عما قدّره الشارح أوّلاً . قوله : ( إلا أن تكون حاملاً ) أي فيجب لها ما كان سقط عند عدم الحمل لقوله تعالى : ) وإن كنّ أولات حمل فأنفقوا عليهنّ حتى يضعن حملهنّ } ) الطلاق : 6 ) والمعنى فيه أنها مشغولة بمائه فصار كالاستمتاع في حال الزوجية ، فإن النسل مقصود النكاح كما أن الوطء مقصود به قاله القاضي الحسين . وفي زوائذ الروضة قال المتولي : وكما تستحق البائن الحامل النفقة ، تستحق الأدم ، والكسوة ، سواء قلنا : النفقة للحامل أو للحمل شرح المنوفي .
قوله : ( فيجب لها من النفقة ) المراد بها هنا سائر المؤن الشاملة للكسوة وغيرها . قوله : ( على أظهر القولين ) وهو أن النفقة لها(4/403)
"""""" صفحة رقم 404 """"""
بسبب الحمل ومقابله أن النفقة للحمل ، وينبني على القولين أنها على الأول الأظهر تسقط بالنشوز ، ولا تسقط بمضيّ الزمن ، بل تصير ديناً عليه ، وعلى الثاني لا تسقط بالنشوز وتسقط بمضي الزمن لأنها نفقة قريب ، وينبني على الخلاف أيضاً أنها تكون مقدرة على القول بأنها لها وغير مقدرة على القول بأنها له وعبارة الدميري على المنهاج فتجب لها بسببه ، لأنها مقدرة ولا تسقط بمضي الزمان ولو كانت له لم تكن كذلك ، وقيل تجب له فعلى الأول لا تجب لحامل ، عن شبهة أو نكاح فاسد ، لأن النكاح الفاسد لا يوجب النفقة فعدته أولى وعلى الثاني تجب كما تلزمه نفقته بعد الانفصال . قوله : ( إذا توافقا الخ ) ظرف لقوله : فيجب لها الخ فإن لم يتوافقا ولم تحصل شهادة فلا يلزم بالدفع إلا من حين ظهور الحمل فإذا ظهر لزمه الدفع ، من حينئذ ولزمه أداء ما وجب لها قبل الظهور لأن النفقة لها بسبب الحمل . وهي لا تسقط بمضي الزمان كما قرره شيخنا العشماوي . قوله : ( فإن نشزت ) بابه قعد وضرب فالمضارع مختلف كالمصدر كما في المصباح وفي المختار أنه من باب جلس ونصر قوله : ( سقط ما وجب لها ) نعم إن عادت في أثناء يوم عادت السكنى دون النفقة ق ل قوله : ( على الأظهر ) وهو أن النفقة تجب لها بسبب الحمل قوله : ( والقريب تسقط الخ ) أي فالزوجة مثله وقد يقال هذا قياس مع الفارق لأن نفقة الزوجة أقوى بدليل عدم سقوطها بمضي الزمان وأن نفقتها تقدم عند العجز عنها كما قرره شيخنا . وقرر أيضاً أن هذا إنما يجري على القول الآخر القائل بأن النفقة للحمل .
قوله : ( بعد بينونتها ) أي إذا كانت حاملاً قوله : ( لأنها وجبت قبل الوفاة ) أي ولأن البائن لا تنتقل لعدة الوفاة بخلاف الرجعية وحيث وجبت لم تؤخر إلى الوضع بل يسلم لها يوماً فيوماً لكن بعد ثبوت ظهور الحمل ولو بأربع نسوة أو اعتراف الزوج به ولو ظنها حاملاً فأنفق عليها فبانت حائلاً رجع عليها ولو نفاه باللعان سقطت النفقة دون السكنى فأن استلحقه فلها الرجوع عليه بأجرة الإرضاع وببدل الإنفاق عليه قبل لحوقه كما لو أدى ديناً ظنه عليه ، ولا ينافي ذلك أن نفقة القريب لا تصير ديناً إلا بإذن القاضي لأن الأب هنا تعدى بالنفي ولم يكن لها طلب في ظاهر الشرع ، فلما أكذب نفسه رجعت عليه حينئذ وتصدق بيمينها لو أمة في دعوى تأخر الوضع سم . قوله : ( ويجب على المتوفى عنها ) أي المعتدّة عن وفاة ، وعبارة المنهاج ويجب الإحداد على معتدة وفاة قال م ر في شرحه . وعدل عن قول غيره المتوفى عنها ليشمل حاملاً من شبهة حالة الموت فلا يلزمها إحداد حالة الحمل الواقع عن الشبهة بل بعد وضعه اه . والأولى أن يقول لئلا يشمل الخ بدل قوله : ليشمل اه . ولو أحبلها بشبهة ثم تزوّجها أي حاملاً ثم مات اعتدت بالوضع عنهما في أوجه الوجهين ولا يرد ذلك على الكتاب لأنه يصدق على ما بقي من عدّة الشبهة ، أنه عدة وفاة فلزمها الإحداد فيها ، وإن شاركتها الشبهة اه م ر . وقوله : وإن شاركتها الشبهة يدل على عدم سقوط عدّة الشبهة بالتزوّج بالكلية ، وإن كانت للمتزوّج وقضية ذلك أنه لو كانت المسألة ، بحالها إلا أنها لم تحمل من وطء الشبهة اعتدت بالأشهر ،(4/404)
"""""" صفحة رقم 405 """"""
عن الوفاة ، ودخل فيها عدّة وطء الشبهة لأنهما لشخص واحد ، وإن حملت من وطء الزوجية اعتدت عدّة الوفاة بوضعه ودخل فيها عدّة الشبهة اه . سم على حج ع ش على م ر وعبارة البرماوي على المنهج . قوله : على معتدّة وفاة أي بأيّ صفة كانت وهذه العبارة أحسن من قوله : المتوفى عنها زوجها لأنها تفيد مسألة حسنة وهي ما لو مات عنها وهي معتدة بحمل من شبهة فلا يجب الإحداد ، حتى تشرع في عدّة الوفاة بعد الوضع نعم لو كان الحمل عن الشبهة والوفاة وجب الإحداد ولا تمنع منه ، الشبهة . قال : شيخنا وظاهره دوام الإحداد ، وإن طال زمن الحمل إلى الوضع ولو لأربع سنين راجعه . قوله : ( الإحداد ) وتركه كبيرة ع ش .
قوله : ( فوق ثلاث ) وأما الثلاث وما دونها فيحل فيها المرأة في نحو القريب فقط ، والكلام هنا شامل للحامل ولو بقيت حاملاً أكثر من أربعة أشهر وعشر فتحدها فقط كما قرره شيخنا ح ف وعبارة ز ي بعد قول المنهج من قريب وسيد وكذا أجنبي حيث لا ريبة فيما يظهر بأن كان عالماً أو صالحاً أو ما أشبه ذلك قال الناشري وفي معنى ذلك المملوك والصهر والصديق كما ألحقوا بهم في أعذار الجمعة والجماعة . وضابطه أن من حزنت لموته فلها الإحداد ، عليه ثلاثة أيام ومن لا فلا ويمكن حمل إطلاق الحديث ، والأصحاب ، على هذا وظاهر أن الزوج لو منعها ، مما ينقص به تمتعه حرم عليها فعله كما في شرح م ر . أي ولو كان مما يجوز لها الإحداد عليه كأبيها وانظر هل ذلك كبيرة أم لا والأقرب الثاني لأنه لا وعيد على فعله ومجرد النهي إنما يقتضي التحريم لا كون الفعل كبيرة موجبة للفسق وفي الزواجر أنه كبيرة وقد يتوقف فيه اه . قاله ع ش قوله : ( أي يجب ) لأنه جواز بعد منع فيكون واجباً كالختان وقطع يد السارق أو فيصدق بالواجب الذي وقع عليه الإجماع . قوله : ( للإجماع على إرادته ) وكأنه لم ينظر إلى مخالفة الحسن البصري في ذلك ق ل . قوله : ( بإيمان المرأة ) أي المذكورة في الحديث . قوله : ( جري على الغالب ) أو لأنه أبعث على الامتثال وإن كان زوجها كافراً اه ع ش . قوله : ( ممن لها أمان ) كالذمية والمعاهدة والمستأمنة وراعى معنى غير فأنث الضمير الراجح إليها . قوله : ( يلزمها الإحداد ) بمعنى أنا نلزمها به وإلا فيلزم غير من لها أمان أيضاً لكن لزوم عقاب في الآخرة بناء على الأصح من مخاطبة الكفار بفروع الشريعة اه رشيدي . قوله : ( وسن ) أي الإحداد لمفارقة(4/405)
"""""" صفحة رقم 406 """"""
قوله : ( ولا يجب ) أتى به مع علمه من قوله : سن لأجل التعليل بعده وللرد على القول بوجوبه عليها كالمتوفى عنها قال م ر وفرق الأوّل بأنها مجفوّة بالفراق الخ فغرض الشارح بقوله : لأنها إن فورقت الخ إبداء فارق في القياس الذي استند له القول الضعيف فتأمّل .
قوله : ( فهي مجفوّة ) أي مهجورة ومتروكة بسبب الطلاق ونفسها قائمة منه وإذا كانت مجفوة فلا يطلب لها الإحداد لإعراض الزوج عنها فلا يليق بها أن تحزن عليه بل قد تكثر من التزين لتلتحق بغيره رغماً لأنفه ، وفي المثل : من جفاك فاجفه ، وعن بعض الأكابر : من لم يتخذك كحلاً لعينيه لا تتخذه نعلاً لقدميك . قوله : ( أو لمعنى ) أي عيب فيها الخ قوله : ( هو ما نقله ) معتمد وقوله : ثم نقل الخ ضعيف . قوله : ( بما يدعو الزوج الخ ) محله إن رجت عوده بالتزين ولم يتوهم أنه لفرحها بطلاقه وإلا تركته . اه ز ي وح ل . وهذا يصلح أن يكون جمعاً بين الكلامين . قوله : ( ويقال فيه الحداد ) ويروى بالجيم المكسورة من جددت الشيء قطعته سم . قوله : ( من جد ) ومضارعه يحد بضم الحاء وكسرها حداداً كما في المختار . قوله : ( لغة المنع ) لأن المحدة تمنع نفسها من الطيب والزينة ح ل . قوله : ( الامتناع من الزينة ) عبارة المنهج وهو ترك لبس مصبوغ لزينة ولو قبل نسجه أو خشناً وتحل مع الكراهة بحب غير لؤلؤ ومصبوغ نهاراً . قال : في ش وخرج بالنهار التحلي بما ذكر ليلاً فجائز بلا كراهة لحاجة ومعها لغير حاجة . اه فقوله نهاراً راجع للتحلي كما يدل له كلامه في المفهوم ومقتضاه أن لبس المصبوغ تمتنع منه ليلاً ونهاراً وانظر ، ما الفارق ثم رأيت في شرح م ر ما نصه وفارق حرمة اللبس والتطيب ليلاً بأنهما يحركان الشهوة غالباً ولا كذلك الحلي اه . وفي ق ل ولبس مصبوغ أي ولو ليلاً ومستوراً اه . قوله : ( بحلي ) الحلي جمع حلي مثل ثدي وثدي وقد تكسر الحاء وقرىء من حليهم بفتح الحاء وكسرها اه . مختار وعبارة الدميري الحلي بفتح الحاء وإسكان اللام وجمعه حلي بضم الحاء وكسر اللام ومراد المصنف المفرد وهو كل ما يتزين به من ذهب وفضة وجوهر .
وله : ( والقرط ) هو على وزن فعل بضم الفاء وسكون العين وجمعه ، قراط كرمح ورماح وهو حلق يعلق في شحمة الأذن والمراد به هنا الحلق لا بقيده . وينبغي أن محل حرمة ذلك ما(4/406)
"""""" صفحة رقم 407 """"""
لم تتضرر بتركه فإن تضررت ضرراً لا يحتمل عادة جاز لها اللبس وقياس ما يأتي في الكحل ، أنه لا بد في الضرر في إباحته للتيمم ع ش على م ر مع زيادة . قوله : ( لا تلبس ) بابه علم قوله : ( من حسن ) أي ما نقص من حسن وقوله إلى أن يزوّر أي إلى يحسن ويزين من التزوير وهو تحسين الكذب ، قال تعالى : ) وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً } ) المجادلة : 2 ) أي منحرفاً عن الحق فإن الزوجة لا تشبه الأم . قوله : ( أو بثياب ) أي أو بلبس ثياب الخ . قوله : ( لزينة ) أي ما جرت العادة أن تتزين به لتشوّف الرجال إليه ولو بحسب عادة قومها أو جنسها اه برماوي . قوله : ( وكتان ) بفتح الكاف وحكي كسرها اه ق ل . قوله : ( وحرير ) أي إن لم يكن مصبوغاً . قوله : ( كالأسود ) إلا إن كانت من قوم يتزينون به كالأعراب فيحرم ، ولا يحرم الأصفر والأحمر الخلقي مع صفائهما وشدّة بريقهما ، وزيادة الزينة فيهما على المصبوغ من غير الحرير والقاعدة أن كل ما فيه زينة تشوّق الرجال إليها تمنع منه ، وأما طراز الثوب فإن كثر حرم لظهور الزينة فيه ، وإن صغر فثلاثة أوجه ، ثالثها وبه جزم في الأنوار ، إن نسج مع الثوب جاز أو ركب عليه حرم لأنه محض زينة . قال : بعضهم ولو كان الثوب مصبوغ الحاشية فينبغي أن يكون على هذا التفصيل سم . قوله : ( المشبعان ) بفتح الباء أي المشبعان بالصبغ . قوله : ( فأن تردد ) أي المصبوغ .(4/407)
"""""" صفحة رقم 408 """"""
قوله : ( تجميل فراش ) أي تجميل البيت بالفراش كما في م ر وكذا يقال فيما بعده . قوله : ( من نطع ) وهو قطعة من الجلد تقعد عليه المرأة . قوله : ( وتجميل أثاث ) عطف عام . قوله : ( متاع البيت ) بأن تزين بيتها بأنواع الملابس والأواني م ر . قوله : ( فالأشبه ) معتمد وقوله : إنه كالثياب أي فيحرم إن حرمت الثياب ويباح إن أبيحت . وقوله : وإن خصه أي التشبيه . قوله : ( والامتناع من استعمال الطيب ) قدم لفظ الاستعمال لأن الطيب عين ولا تصح نسبة الحكم إليه ولو فسره بالتطيب كما فسرت الزينة بالتزين ، كما مر لكان أخصر وأنسب والمراد أنه يمتنع عليها استعمال ، الطيب ليلاً ونهاراً ابتداءً واستدامةً فإذا طرأت العدة عليها لزمها إزالتها للنهي عنه برماوي ويفرق بينها وبين نظيره في المحرم بأنه ثم من سنن الإحرام ولا كذلك هنا وبأنه شدد عليها هنا أكثر بدليل حرمة نحو الحناء والمعصفر عليها هنا لإثم اه ع ش على م ر . قوله : ( عن أم عطية ) واسمها نسيبة كما في مسلم .
قوله : ( إلا على زوج ) فلا ننهى أن نجد عليه أربعة أشهر وعشراً بل تؤمر بذلك فأربعة معمول لفعل محذوف . وقوله : وأن نكتحل أي وننهى أن نكتحل الخ فهو معمول لفعل ، مقدر معطوف على فعل مأخوذ من الاستثناء كما قرره شيخنا العزيزي . وعبارة البرماوي قوله وأن نكتحل كأنه من عطف الجمل والمعنى وننهى أن نفعل كذا على زوج . قوله : ( ويحرم أيضاً الخ ) هو داخل في كلام المصنف فلو عطفه على البدن والثوب قبله لاستغنى عن ذكره هنا ق ل . قوله : ( في طعام ) ومثله الشراب فيحرم عليها تطييب قلتها . قوله : ( غير محرم ) أي الأبيض كالتوتياء لعدم زينته ولكنه إن كان فيه طيب حرم للطيب لا للزينة . قوله : ( بخلاف المحرم في ذلك ) أي ما ذكر من الأمرين والفرق أن التطيب قبل الإحرام سنة فاستدامته لا تضر . قوله : ( قليلاً الخ ) أي وأما المسك فيحرم مطلقاً .(4/408)
"""""" صفحة رقم 409 """"""
قوله : ( من قسط ) بضم القاف وكسرها كما في المصباح . قوله : ( أو أظفار ) ضرب من العطر على شكل أظفار الإنسان كما قاله : القسطلاني على البخاري . قوله : ( من البخور ) بفتح الباء كما في المصباح . قوله : ( وإن لم يكن الخ ) لو أسقط الواو لسلم من تكراره مع ما سبق ق ل . قوله : ( لأن فيه الخ ) المناسب ولأن فيه وقد يقال إنه علة للمعلل مع علته . قوله : ( كالتوتياء ) بالمدّ مصباح . قوله : ( وهو الصبر ) فيه ثلاث لغات سكون الباء مع فتح الصاد وكسرها وفتح الصاد مع كسر الباء ولذلك قال بعضهم :
الصبر يوجد إن باء له كسرت
وإنه بسكون الباء مفقود
معنى ذلك أنه إذا كسرت باؤه يكون ، بمعنى الدواء المعروف ، وإن كان بسكون الباء يكون بمعنى رضا النفس بالقضاء والقدر وهو بالمعنى الأوّل موجود دون المعنى الثاني . قوله : ( لحاجة ) وهي ما تبيح التيمم وعند إزالة الحاجة ، يجب عليها إزالة ذلك فوراً ومن الحاجة ما لو كانت تحترف أي تجعل الطيب حرفة لها فيجوز لأنه ليس تطييباً برماوي وع ش على م ر وح ل . قوله : ( لأنه أذن لأم سلمة الخ ) عبارة شرح المنهج لخبر أبي داود . ( أنه دخل على أم سلمة وهي حادة على أبي سلمة وقد جعلت على عينها صبراً فقال : ما هذا يا أم سلمة ؟ فقالت : هو صبر لا طيب فيه فقال اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار ) اه . وقوله : دخل على أم سلمة أي زوجته دخل عليها قبل نكاحها قال : شيخنا إنما نظر إليها مع أن النظر للأجنبية حرام لأن من خصائصه الخلوة بالأجنبية والنظر إليها لأنه مأمون . وقال : ع ش على م ر تمسك بهذا الحديث ونحوه من قال بجواز نظر الوجه من الأجنبية حيث لا شهوة ولا خوف فتنة . وأجيب بجواز أنه لم يقصد الرؤية بل وقعت اتفاقاً أو أنه لا يقاس ، عليه غيره لعصمته فيكون ذلك من خصائصه . اه . وقوله : فقال : اجعليه وفي رواية ( فقال لا فإنه يشبّ الوجه ) أي يوقده ويحسنه اه .(4/409)
"""""" صفحة رقم 410 """"""
قوله : ( بالإسفيذاج ) بذال معجمة وهو ما يتخذ ، من رصاص يطلى به الوجه وإذا طلي به الوجه يربو ويبرق اه دميري . قوله : ( والدمام ) وهو المسمى عند العامة بحسن يوسف وكان أبو حنيفة رضي الله عنه إذا ذكر عنده أحد بسوء ينهى عن ذلك ويقول :
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه
فالكلّ أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها
حسداً وبغضاً إنه لدميم
قوله : ( بكسر الدال ) عبارة المنهج بضم الدال وكسرها وضبطه النووي بفتحها فهو مثلث الدال . قوله : ( بحناء ) بكسر المهملة مذكر يقرأ بالهمزة وبالمدّ جمع واحده حناءة بالمد أيضاً ق ل سميت حناء لأنها حنت لأدم حين أصاب الخطيئة ، فكان كلما أخذ من أوراق الشجر ورقاً يستتر به طار عنه إلا ورق الحناء اه م د والذي ذكره غالب المفسرين ، عند قوله تعالى : ) وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة } ) الأعراف : 22 ) أن الورق المذكور ورق التين ، وقيل ورق الموز . وقد نقل الروياني في أسئلته أن آدم عليه السلام لما نزل من الجنة نزل معه أربع ورقات من ورق التين ستر بها عورته فلما تاب الله عليه جاءه جميع الحيوانات يهنئونه بتوبته ، فأطعم الغزال ورقة فصار منها المسك ، وأطعم ورقة لبقرة من بقر البحر فصار منها العنبر ، وأطعم ورقة للنحلة فصار منها العسل والشمع ، وأطعم ورقة لدود القز فصار منها الحرير وذلك زينة الدنيا والآخرة . وقد قال بعض الأطباء : إن أغصان الحناء تبرىء القروح التي تكون في الفم ، وطبيخها يوضع على حرق النار ، وزهرها إذا سحق بخلّ وضمد به الضارب برىء أي وضع على محله .
قوله : ( ونحوه ) أي كزعفران وورس وهو نبت أصفر يصبغ به في اليمن . قوله : ( تطريف أصابعها ) أي خضاب أطراف أصابعها . قوله : ( وتصفيف شعر طرّتها ) أي ناصيتها أي تسوية قصتها . قوله : ( وتجعيد شعر صدغيها ) أي ليه . قوله : ( وتدقيقه بالحف ) أي التحفيف . قوله : ( واستحداد ) أي نتف عانة . قوله : ( أي الداعية إلى الوطء ) فلا ينافي إطلاق اسمها على ذلك في(4/410)
"""""" صفحة رقم 411 """"""
صلاة الجمعة شرح المنهج . قوله : ( المتضمن ) أي الإزالة ولم يؤنث لأن الإزالة اكتسبت التذكير ، من المضاف إليه . قوله : ( بلا ترجيل بدهن ) أي ملتبساً بدهن أي يحل بمجرد تسريحه بلا دهن فالباء للملابسة ، أو للمصاحبة . ولو قال : ويحل امتشاط بلا دهن لكان أخصر . قوله : ( ويجوز ) أي التنظيف بسدر وقوله : ونحوه أي كماء الورد والزهر قوله : ( خروج محرم ) أي بأن كان الحمام في البيت أو خرجت لاكتساب نفقة فعدلت إليه أو احتاجت لدخول الحمام . قوله : ( ولو بلغتها وفاة زوجها الخ ) ولو نكحت من غاب زوجها فبان الزوج ميتاً فبان نكاحها بمقدار العدة صح النكاح على الجديد أيضاً في الأصح اعتباراً بما في نفس الأمر ولا ينافي هذا ما مر في المرتابة بجامع أن في كل منهما شكا في حل المنكوحة لأن الشك ثم ليس ظاهراً فهو أقوى أما إذا بان حياً فهي له وإن تزوجت بغيره وحكم به حاكم لكن لا يتمتع بها حتى تعتد للثاني لأن وطأه وطء شبهة ، والثاني المنع لفقد العلم بالصحة حال العقد اه . شرح م ر ولا حدّ عليه به ولا عليها ولا نفقة لها على واحد منهما لعدم صحة النكاح باطناً في الثاني وكنشوزها على الأول بنكاح الثاني نعم إن فرّق القاضي بينهما وعادت لمنزل المفقود وعلم بها وجبت من حينئذ اه . برماوي وق ل على الجلال .
قوله : ( بعد انقضاء العدة ) ونظيره ما لو قال : أنت طالق قبل موتي بأربعة أشهر وعشرة أيام فعاش فوق ذلك ثم مات ، فتبين وقوعه من تلك المدة ولا عدة عليها إن كان بائناً أو لم يعاشرها ولا إرث لها شرح م ر .
قوله : ( على غير زوج ) أي بشرط أن يكون قريباً أو ما في معناه كالصديق والصهر أي ابن زوجها أو أبي زوجها أو أمّ زوجها أو مملوكاً أو سيداً أو عالماً أو إماماً عادلاً أو شجاعاً أو كريماً . والضابط : كل ما جاز لها الخروج لجنازته جاز لها الإحداد عليه وإلا فلا اه . وعبارة م ر ولها أي للمرأة مزوّجة أو غيرها إحداد على غير زوج من الموتى ثلاثة أيام فأقل وتحرم الزيادة عليها بقصد الإحداد فلو تركت ذلك لم تأثم للخبرين السابقين ، ولأن في تعاطيه عدم الرضا بالقضاء والأليق بها التقنع بجلباب الصبر ، وإنما رخص أي الإحداد للمعتدة في عدتها بحبسها أي بسبب حبسها على المقصود في العدة ولغيرها في الثلاث لأن النفوس لا تستطيع(4/411)
"""""" صفحة رقم 412 """"""
فيها الصبر ، ولذلك تسن فيها التعزية وتنكسر بعدها أعلام الحزن ، وظاهر أن الزوج أي في المزوجة لو منعها مما ينقص تمتعه حرم عليها فعله وهذا جواز بعد منع وليس بواجب .
قوله : ( ثلاثة أيام ) أي السالفة في كلام الشارح قضيته أنه يجوز للرجل ، دون الثلاثة وليس كذلك فالأولى حذف قوله : ثلاثة أيام إلا أن يحمل كلامه على تحزن بغير تغير ملبوس ونحوه ز ي ملخصاً عن حج قال البرلسي وقد مرّ في التعزية اعتبار الثلاثة من الموت أو الدفن فينبغي أن يأتي مثل ذلك هنا ، وقال بعضهم : ينبغي هنا اعتبارها من وقت العلم بالموت على قياس الغائب في الموت . قوله : ( فلو تركت ذلك ) أي متعلق الإحداد وهو الزينة والطيب . قوله : ( وعلى المبتوتة ) اقتصر عليها لأنها محل وفاق ، وإلا فالرجعية مثلها إلا أن فيها خلافاً كما سيذكره .
قوله : ( ببينونة صغرى ) كالخلع . قوله : ( ملازمة البيت ) أي الذي فورقت وهي فيه أو في طريقه بقصد النقلة إليه ، بأن وقع الفراق بعد خروجها . قوله : ( وكان ) أي البيت قوله : ( مستحقاً ) أي بملك أو بإجارة أو إعارة أو وصية . قوله : ( ) ولا تخرجوهنّ } ) الطلاق : 1 ) ) هذه الآية مسوقة في المطلقات ، ولم يأت الشارح بدليل للمتوفى عنها وقد استدل لها في شرح المنهج . بخبر فريعة بضم الفاء بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري ( وهو أن زوجها قتل فسألت رسول الله أن ترجع إلى أهلها وقالت إن زوجي لم يتركني في منزل يملكه فأذن لها في الرجوع قالت فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني فقال ( امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله ) قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً ) صححه الترمذي وغيره اه . وقوله : فأذن لها في الرجوع أي إلى أهلها والظاهر أن هذا كان باجتهاد منه فلما نزل عليه الوحي بخلافه أمرها بالمكث في بيتها الذي كانت فيه وقوله في الحجرة بضم الحاء المهملة وسكون الجيم وهي صحن الدار والمسجد بجوارها وهي محل القبر الشريف الآن وقوله : دعاني أي ناداني وقوله : ( امكثي في بيتك ) أي الذي فورقتي فيه وإذنه(4/412)
"""""" صفحة رقم 413 """"""
( صلى الله عليه وسلم ) لها بالمقام فيه مع كونه ملكاً للغير لعله لعلمه بمسامحته قال الشبراملسي وعلى هذا فإضافته إليها لسكناها فيه . قوله : ( حتى يبلغ الكتاب ) أي المكتوب وهو العدّة قوله : ( تبذو على أهل زوجها ) أي تشتمهم قوله : ( ولا لغيره ) من الورثة في المتوفى عنها . قوله : ( لأن في العدّة الخ ) فيه أن المدعي أنها ليس لها خروج منه وإن رضي به الزوج وقوله : لأن في العدّة لا يتجه لأن كون العدّة فيها حقاً لله تعالى ، لا ينافي جواز خروجها من المسكن برضا الزوج ، وهذا التعليل لا يناسب إلا كون العدّة لا تسقط برضاهما ، أي الزوجين وعبارة شرح الروض ، لأن في العدّة حقاً لله تعالى . وقد وجبت في ذلك المسكن فكما لا يجوز إبطال أصل العدّة باتفاقهما لا يجوز إبطال توابعه . اه فلا بدّ من هذه الزيادة في كلام الشارح هنا ثم قال في شرح الروض وليس هذا كما في صلب النكاح حيث يسكنان وينتقلان كيف شاءا ؟ لأن الحق لهما على الخصوص ولو تركا الاستقرار وأداما السفر جاز بخلافه هنا .
قوله : ( وهو ما نص عليه في الأم ) معتمد قوله : ( وعدّة وطء شبهة ونكاح فاسد ) فيه أن هذين لم يدخلا في قوله : وعلى المتوفى عنها والمبتوتة حتى يشملهما قوله إلا لحاجة وهذا الكلام سرى له من شرح الروض لأنه ذكرهما فيما سبق حيث قال : ومثلهما المعتدة عن وطء شبهة أو نكاح فاسد ، وإن لم تستحق السكنى على الواطىء والناكح اه . بالحرف وكتب بعضهم قوله : وعدة وطء شبهة هذا زائد على ما نحن فيه لأن الكلام في المفارقة إلا أن يتصوّر بما إذا وطئت بشبهة في العدة وحملت من وطء الشبهة فإنها تنقطع عدة النكاح وتشرع في عدة الشبهة فحينئذ يجوز لها الخروج . قوله : ( ونكاح فاسد ) ولو حاملاً أي إذا وطئها وفرق بينهما(4/413)
"""""" صفحة رقم 414 """"""
فعليها العدة ولها الخروج . قوله : ( وكذا بائن ) أي حائل ، وقوله : ومفسوخ نكاحها ولو حاملاً قوله : ( أو مستبرأة ) ذكرها استطرادي لأن الكلام في الأحرار لا في الإماء إلا أن يصوّر بما يأتي في الاستبراء إذا كان لزوجته ولد من غيره ومات ، فإنه يستبرىء زوجته بحيضة لعلها تكون حاملاً بولد فيكون أخاً للميت فيرث منه السدس ، وفي التصوير نظر . لأنها ليست مفارقة وبعضهم صوّرها بما إذا وطيء أمة غيره ، يظن أنها أمته فإنها يجب عليها الاستبراء بحيضة ، أي يجب على سيدها لكن فيه نظر أيضاً لأن الكلام في الحرائر لا في الإماء . قوله : ( إلا بإذن ) هذا محل المخالفة بين من تجب لها النفقة ومن لا تجب ، فالأولى لا تخرج إلا بإذن والثانية لها الخروج لحاجة ولو بلا إذن ، أما حالة الضرورة فهما سواء في جواز الخروج والمراد الخروج مع العود أما الخروج لمسكن آخر ، فلا يجوز ولو برضا الزوج . قوله : ( بنفقة أزواجهنّ ) أي والسيد في حق المستبرأة كالزوج . قوله : ( ونحو ذلك ) أي كخروجها لجنازة زوجها أو أبيها مثلاً فلا يجوز . قوله : ( لو أحرمت ) أي وهي في العصمة وفي بيت زوجها بدليل ما بعده . قوله : ( أو قران ) الأولى أن يقول : أو قرنت ولم يقل أو عمرة ليلاً ثم قوله : فإن خاف الفوات لضيق الوقت إذ لا يتأتى ذلك في العمرة لأن وقتها العمر . قوله : ( جاز ) صوابه وجب كما في الروض ويدل عليه المقابلة قوله : ( في تعيين الخ ) يتأمل فيه فإن الخروج لذلك مصابرة ، ويجاب بمنع ذلك لجواز أن تكون الصورة أن ليلة النحر قرب انتصافها فتأتي بالوقوف فإذا انتصف الليل أتت ببقية الأعمال اه شيخنا .(4/414)
"""""" صفحة رقم 415 """"""
قوله : ( إن بقي الخ ) أي وإنما امتنع عليها الخروج لتقصيرها بالإحرام في العدّة . قوله : ( ويكتري الحاكم ) أي إذا غاب المطلق أو امتنع قوله : ( من مال مطلق ) أي غائب قوله : ( إن فقد متطوّع به ) فإن وجد المتطوّع كفى ولا نظر للمنة في مثل ذلك قوله : ( فإن قدرت ) الحاصل أنها إن قدرت على استئذان الحاكم فلا بد منه ، وإن لم تقدر أشهدت إن قدرت على الإشهاد ، فإن لم تقدر عليهما فعلت بقصد الرجوع اه أ ج . قوله : ( ولم تشهد ) راجع للأمرين . قوله : ( وإن أشهدت ) أي وإن لم تقدر وأشهدت وفي بعض النسخ وإن قدرت وأشهدت رجعت ولا وجه له وهو غير صحيح ، لأنها إذا قدرت على استئذان الحاكم لا يكفي تركه . والإشهاد بدله فلذلك ضرب بعضهم على قوله قدرت .
3 ( ( فصل : في الاستبراء ) ) 3
ذكره بعد ما يتعلق بالحرائر ، لأن ما يتعلق بهنّ أشرف مما يتعلق بالإماء . قوله : ( طلب البراءة ) أي انتظارها وترقبها من الأمة أو السيد ، وقد يطلق طلب البراءة بمعنى تحصيلها والاتصاف بها كما في قوله : ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) أي حصل براءتهما واتصف بها قوله : ( تربص الأمة ) معنى التربص الانتظار للإمهال ، والمراد الأمة ولو فيما مضى فيشمل أم الولد إذا مات سيدها ، وعبارة شرح المنهج التربص بالمرأة وهي أعم لشموله التربص منها أو من سيدها ولشموله الحرة فقد يطلب فيها الاستبراء ، كما لو مات ابن زوجته من غيره فيتربص بلا وطء لزوجته لاحتمال أن تكون حاملاً بولد حال موت ابنها فيرث من أخيه السدس . قوله : ( بسبب حدوث ملك اليمين أو زواله ) أي فيما إذا أعتق موطوءته فيجب عليها الاستبراء ويستحب لمالك الأمة الموطوءة استبراؤها قبل بيعها ، ليكون على بصيرة اه . مرحومي وقوله ملك اليمين وهذا هو المذكور بقوله : ومن استحدث وقوله : أو زواله(4/415)
"""""" صفحة رقم 416 """"""
مذكور بقوله : وإذا مات الخ وقوله : أو حدوث حل لم يذكره الماتن ، وذكره الشارح فيما يأتي في الفروع .
قوله : ( أو حدوث حلّ ) أو روم التزويج كما يأتي . قوله : ( لمعرفة ) متعلق بتربص قوله : ( أو للتعبد ) كالصغيرة والآيسة ع ش ولا يكون للتفجع لأنه إنما يكون في عدة النكاح عن الوفاة . قوله : ( وموضعه ) أي وضعه هنا أنسب لأن في تقديمه على الذي قبله فصلاً بأجنبي بين العدة وما يتعلق بها ولأن ما تقدم متعلق بالأشرف وهو الحرائر بخلافه . قوله : ( وخص هذا ) أي التربص وقوله : بهذا الاسم أي الاستبراء . قوله : ( لأنه قدّر بأقل الخ ) وهو الحيضة فيكون فيه مناسبة بين الاسم والمسمى . قوله : ( وخص التربص ) أي الذي يتعلق بالحرائر قوله : ( باسم العدة ) الإضافة بيانية . قوله : ( اشتقاقاً من العدد ) فيه أن الاستبراء فيه عدد أيضاً لأن الشهر مشتمل على عدد إلا أن يراد عدد مخصوص وهو عدد الأشهر أو الأقراء تأمل . قوله : ( أي حدث ) فيه تفسير الفعل المتعدي باللازم الذي فيه إخراج كلام المصنف عن إعرابه ق ل . وأشار بهذا التفسير إلى أن السين والتاء ليستا للطلب بل زائدتان ليشمل الموروثة لأن الأستحداث لا يكون إلا بفعله فلا يشمل هذه الصورة مع أن المقصود إدخالها ، وإن لزم عليه تغير إعراب المتن . قوله : ( بشراء ) متعلق باستحداث . قوله : ( أو رد بعيب ) ولو في المجلس وخرج بذلك أمة أسلم إليه فيها وردها المسلم لعدم وجود الصفة فيها ، فلا يجب على المسلم إليه استبراؤها وما في الروضة مبني على مرجوح ق ل على الجلال ومثل السلم ما لو قبضها المشتري الذي باعها له في الذمة فوجدها بغير الصفة وردها اه ع ش على م ر . قوله : ( أو تحالف ) كأن اختلف البائع والمشتري في قدر الثمن تحالفا وردت للبائع .
قوله : ( أو سبى ) أي بشرطه القسمة أو اختيار التملك كما يعلم مما سيذكره في السراري فلا اعتراض على المصنف حيث أطلق هنا وقيد هناك فيحمل المطلق على المقيد ، وعن الجويني والقفال وغيرهما أنه يحرم وطء السراري اللاتي يجلبن من الروم والهند والترك لاحتمال عدم خروج الخمس من الغنيمة إلا أن ينصب الإمام من يقسم الغنائم من غير ظلم اه . سم والمعتمد جواز الوطء ، لاحتمال أن يكون السابي ممن لا يلزمه التخميس ، كذمي ، ونحن لا نحرّم بالشك اه . م ر ز ي وفي هذا الجواب نظر لأنا لا نحلل بالشك فلماذا قدم(4/416)
"""""" صفحة رقم 417 """"""
ذاك على هذا ؟ وردّ أيضاً بأن الأبضاع يحتاط لها ما لا يحتاط لغيرها إلا أن يقال قدم هذا نظراً للأصل وهو الحل اه . قوله : ( أو نحو ذلك ) كرجوع الأصل في الهبة للفرع قوله : ( حرم عليه الخ ) كان الأولى وجب استبراؤها وحرم الخ إلا أن يقال : يلزم من حرمة الاستمتاع قبل الاستبراء وجوبه قوله : ( الاستمتاع بها ) أي لأدائه إلى الوطء المحرم ولاحتمال أنها حامل بحرّ ، فلا يصح نحو بيعها نعم الخلوة الجائزة بها ولا يحال بينه وبينها لتفويض الشرع أمر الاستبراء إلى أمانته وبه فارق وجوب الحيلولة بين الزوج والزوجة المعتدة عن شبهة كذا أطلقوه ، وقد يتوقف فيه فيما لو كان السيد مشهوراً بالزنا وعدم المسكة وهي جميلة شرح م ر .
فرع : ينبغي أن محل امتناع الوطء ما لم يخف الزنا فإن خاف جاز له الوطء اه . ع ش على م ر . قوله : ( بما سيأتي ) أي من وضع الحمل أو شهر أو حيضة قوله : ( لاحتمال حملها ) هذا جري على الغالب أو هو حكمة لا يلزم اطرادها لوجوب الاستبراء ، ولو اشتراها من امرأة أو ممسوح أو كانت بكراً لأن الأصل فيه التعبد . قوله : ( أما المسبية ) ومثلها المشتراة من حربي كما قاله صاحب الاستقصاء وتبعه الأذرعي وغيره سم قوله : ( لمفهوم ) علة لقوله : فيحل الخ لكن قوله : وقاس الشافعي الخ يقتضي أنه علة لقوله : فيحل الخ مع قوله : حرم عليه الاستمتاع بها ، حتى يستبرئها فيكون دليلاً لوجوب الاستبراء لا لتحريم الاستمتاع قبله في غير المسبية لأنه لا ينتجه لكن هذا لا يناسبه قوله : لمفهوم فكان الأولى أن يقول بقوله : الخ أي منطوقاً ومفهوماً اللهم إلا أن يراد بالمفهوم ما يفهم من اللفظ فيشمل المنطوق والمفهوم ، واستدل في شرح المنهج بالحديث على وجوب الاستبراء ، ثم قال وقاس الشافعي الخ . وهو ظاهر والجامع المذكور يناسبه أيضاً .
قوله : ( أوطاس ) بضم الهمزة أفصح من فتحها اسم واد من هوازن عند حنين ق ل . وفي المختار والمصباح والتهذيب أنه بفتح الهمزة وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث باعتبار البقعة أو مصروف باعتبار المكان ، وفي ع ش أوطاس بفتح الهمزة موضع اه . فهو مصروف خلافاً لمن توهم خلافه ، لأن الأصل الصرف ما لم يرد سماع منهم بخلافه . قوله : ( ألا لا توطأ ) ألا أداة استفتاح وتنبيه . أي انتبهوا لما أقول لكم . قوله : ( وقاس الشافعي ) فالمقيس غير المسبية في حرمة الاستمتاع بالوطء على المسبية في حرمة وطئها وأما حرمة غير الوطء ،(4/417)
"""""" صفحة رقم 418 """"""
فمن دليل آخر ثبت عند المجتهد . قوله : ( وألحقت من لم تحض ) وهي الصغيرة والكبيرة التي لم يسبق لها حيض وقوله : بمن تحيض متعلق بألحقت وعبر هنا بالإلحاق وفيما تقدم بالقياس تفنناً . والملحق والقائس هو الشافعي وأبهمه في الثاني للعلم بأن الملحق هو صاحب المذهب وعبارة شرح م ر وبمن تحيض أي وألحق بمن تحيض من لا تحيض في اعتبار قدر الخ قوله : ( من سهم ) الأولى أسهم أو إبدال سهم بسبي . قوله : ( جلولاء ) عبارة شرح المنهج . لما روى البيهقي أن ابن عمر قبل التي وقعت في سهمه من سبايا أوطاس قبل الاستبراء الخ ويمكن الجمع بأن جلولاء كانوا معاونين لهوازن لكونهم كانوا من حلفائهم وصادف أن واحدة من نسائهم سبيت وهذا لا ينافي أن حرب جلولاء كان بعد وفاته عليه الصلاة والسلام بمدة ، لأن ذاك عبارة عن الحرب المنسوب لهم لكونهم المحركين له والمتعاطين لإنشائه وهذا إنما كان لهوازن وإن اتفق موافقة بعض من جلولاء لهم معاونة ، فلم ينسب إليهم بل لهوازن اه . كما في ع ش قوله : ( مثل إبريق الفضة ) المراد به السيف لشدة بريقه ولمعانه . لأن السيف يسمى إبريق الفضة في اللغة .
قوله : ( فلم أتمالك ) أي الصبر عن تقبيلها قوله : ( ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ) أي لا في التقبيل ولا في الإخبار أي فصار إجماعاً اه . فصح الاستدلال به . فإن قلت : كيف ارتكب هذا الأمر الذي يخلّ بالمروءة مع أن مقام الصحابي يأبى ذلك . أجيب بأنه غلب على ظنه أنه لا يراه أحد أو كان بحضرة من لا يستحي منه أو فعل ذلك إغاظة لأهل الكفر الذين منهم هذه المسبية ، حيث يبلغهم ذلك مع كونها من بنات عظمائهم فهو طاعة . قوله : ( على غير مقياس ) والقياس جلولاوي كصحراوي كما يؤخذ من قول الخلاصة :
وهمز ذي مدّ ينال في النسب
ما كان في تثنية له انتسب
قوله : ( يوم اليرموك ) بفتح الياء وسكون الراء وميم واد قريب دمشق قوله : ( ثمانية عشر ألف ألف ) أي من الدنانير أو من الإماء وبعضهم اقتصر على الدنانير وهو الظاهر قوله : ( صيانة لمائه ) أي ماء السابي وهذا جري على الغالب لما تقدم من أن المغلب فيه التعبد . قوله : ( لئلا يختلط ) فيه أنه قد تقدم أن الرحم لا يجتمع فيه مني رجلين إلا أن يقال المراد بالاختلاط(4/418)
"""""" صفحة رقم 419 """"""
الاشتباه علينا بمعنى أننا لا ندري هل هو من حربي أو غيره فلا ينافي ما تقدم أن الرحم إذا انسدّ فمه لا يقبل مني آخر اه . قوله : ( بحيضة ) لا يصلح أن يكون جواباً للشرط فأصلحه الشارح فجعله متعلقاً بمحذوف والمحذوف خبر مبتدأ محذوف قدره الشارح بقوله : فاستبراؤها يحصل بحيضة وكذا يقدر في الباقي وإذا قالت مستبرأة : حضت صدّقت لأنه لا يعلم إلا من جهتها بلا يمين لأنها لو نكلت لم يقدر السيد على الحلف على عدم الحيض ، فللسيد وطؤها بعد طهرها ، وهذا حيث أمكن كما تصدّق الحرة في انقضاء عدتها حيث أمكن لأنها مؤتمنة على رحمها حيضاً وطهراً لا نسباً واستيلاداً وإذا صدقناها وظن كذبها فهل يحل له وطؤها قياساً على ما لو ادعت التحليل فظن كذبها بل أولى أو لا يحرم ويفرق المتجه الأول ولو منعت السيد من تمتع بها فقال : أنت حلال لي لأنك اخترتيني بتمام الاستبراء صدق بيمينه وأبيحت له ظاهراً لما تقرر أن الاستبراء مفوض لأمانته ومع ذلك يلزمها الامتناع منه ما أمكن ما دامت تتحقق بقاء شيء من زمن الاستبراء . أما لو قال لها حضت فأنكرت صدقت كما جزم به الإمام ولو ورث أمة فادعت حرمتها عليه بوطء مورثه فأنكر صدق بيمينه لأن الأصل عدمه ولا تصير أمة فراشاً لسيدها إلا بوطء منه في قبلها أو دخول مائه المحترم فيه ، ويعلم ذلك بإقراره أو بينة ، وبه يعلم أن المجبوب يلحقه الولد إن ثبت دخول مائه وإلا فلا وبذلك يجمع بين القول باللحوق وعدمه وخرج بذلك مجرد ملكه لها فلا يلحقه به ولد إجماعاً وإن خلا بها وأمكن كونه منه لأنه ليس مقصوده الولد بخلاف النكاح كما مرّ اعتماده من تناقض لهما . وقول الإمام إن القول باللحوق ضعيف لا أصل له صريح في رد الجمع بحمل اللحوق على الحرة وعدمه على الأمة م ر في شرحه .
قوله : ( بعد انتقالها إليه ) أي انتقال ملكها وإن لم يقبضها . قوله : ( في الجديد ) ومقابله بطهر . قوله : ( وتنتظر ذات الأقراء ) المعنى أن الأمة إذا كانت تحيض ثم انقطع حيضها فإنها تصبر حتى تحيض ، فتستبرأ بحيضة كاملة أو تبلغ سنّ اليأس فتستبرأ بشهر . قوله : ( الكاملة ) بنصب الكاملة مفعول تنتظر أي الحيضة الكاملة وعبارة الروض وشرحه ، وهو لذات الأقراء يحصل بحيضة كاملة وتنتظر أي تنتظر ذات الأقراء الحيضة الكاملة إلى سنّ اليأس فإن لم تحصل استبرأت بشهر كالمعتدة فإنها تنتظر إلى سنّ اليأس ثم تعتد بالأشهر قوله : ( وإنما لم يكتف ) هذا مرتبط بقوله فلا يكفي بقية الحيضة ، فالأولى تقديمه على قوله : وتنتظر . قوله : ( لأن بقية الطهر تستعقب الحيضة ) أي في العدة أي تستعقبها الحيضة الخ فالحيضة فاعل(4/419)
"""""" صفحة رقم 420 """"""
والمفعول محذوف كذا قاله بعضهم وقيل : إن تستعقب بمعنى تطلب أو تستلزم فيكون مفعولاً قوله : ( وهذا يستعقب الطهر ) أي يستلزمه فقوله : وهذا أي الحيض في الاستبراء وقوله : ولا دلالة له أي الطهر . قوله : ( بشهر ) أي ما لم تحض فيه فإن حاضت فيه استبرأت بالحيضة لأنها صارت من ذوات الأقراء اه ع ش . قوله : ( فأنه كقرء في الحرة ) عبارة شرح المنهج ، لأنه بدل عن القرء حيضاً وطهراً غالباً اه . وقوله : لأنه بدل عن القرء حيضاً وطهراً غالباً فيه نظر إذ قضيته أنه يعتبر الحيض والطهر معاً مع أنه يحصل الاستبراء بوجود الحيض من غير نظر للطهر إذ المعوّل عليه هنا الحيض فلعل الأولى له أن يقول لأنه يحصل به ما يحصل بالحيضة أو لأنه لا يخلو عن حيض غالباً اه . قوله : ( بشهر أيضاً ) أي إن كان الملك مثلاً أول الشهر فإن كان في أثنائه اكتفى به إن كان الباقي منه ستة عشر فأكثر شيخنا . قوله : ( وإن كانت من ذوات الحمل ) إن قلت : الزوجة الحامل التي لا تعتد بالوضع لا يكون حملها إلا من زنا وحينئذ فقوله : ولو من زنا غير محتاج إليه . قلت : يصوّر ذلك بأن يشتري زوجته الحامل منه ، فإنها لا تعتد بالحمل والاستبراء مستحب وحينئذ فقوله : ولو من زنا محتاج إليه اه شوبري .
قوله : ( ولو من زنا ) كذا في متن المنهج أي سواء كان من زنا أو من غيره كمسبية سباها حاملاً من كافر لأن ماءه لا عدّة له لعدم احترامه بأن صال حربي على حربي بأن أخذ بنته مثلاً وأحبلها فسقط ، قوله بعضهم : كيف يتصوّر أن الأمة لو كانت حاملاً من غير الزنا يكون استبراؤها بوضع الحمل لأنه إن كان من سيدها صارت به أمّ ولد ، فلا يجوز بيعها وإن كان من زوج فتنقضي العدّة به ولا يدخل الاستبراء في العدّة بل يجب على مستبرئها بعد انقضاء عدّتها أن يستبرئها ، ويكون الولد في هذه رقيقاً وإن كان من شبهة فكذلك ، تنقضي عدّة الشبهة بوضعه ويجب على المشتري بعد ذلك أن يستبرئها ويكون الولد في هذه حراً ويغرم الواطىء قيمته لسيد الأمة ، ولا يصح بيعها وهي حامل به لأن الحامل بحرّ لاتباع فيتعين أن يكون الحمل من الزنا إن وجد الوضع قبل الحيض أو الشهر . والحاصل أن استبراء الحامل من زنا بالأسبق من الوضع وحيضة من ذوات الحيض أو شهر في غيرها فالواو للحال اه . م د . وقول : م د فيتعين مبنى على الإشكال وهو أن الحمل الذي يحصل به الاستبراء لا يكون إلا من زنا وقد علمت تصوير كونه من غير زنا في مسبية الحربي التي صال على غيره وأخذها منه وأحبلها فليس زنا لظنه أنه ملكها بأخذها منه قوله : ( لأن الملك ) أي المملوك بدليل قوله : مقبوض فهو مصدر(4/420)
"""""" صفحة رقم 421 """"""
بمعنى اسم المفعول قوله : ( بدليل صحة بيعه ) أي المملوك بالإرث قبل قبضه . قوله : ( أو نحوه ) كالتولية والمرابحة والمحاطة . قوله : ( بعد لزومها ) أي المعاوضات وهو متعلق بمحذوف أي ومضى زمن استبراء بعد الخ قوله : ( لأن الملك لازم ) أي حيث لا خيار . قوله : ( فأشبه ) أي الاستبراء الواقع قبل القبض لا بعد القبض . قوله : ( في زمن الخيار ) ويتصوّر ذلك بأن وضعت فيه أو كان حيضها يوماً وليلة . قوله : ( فإنه لا يعتدّ به ) أي ولو كان الخيار للمشتري على الأصح ، كما صرح به الشارح في شرحه على المنهاج فهذا هو المنقول فلا عبرة بما كتبه م د من قوله : والذي يظهر أنه يكتفي بالاستبراء في زمن خيار المشتري لأن الملك له . قوله : ( لضعف الملك ) بدليل : أنه يتمكن من الفسخ . قوله : ( ولو وهبت له ) معطوف على قوله : أما إذا جرى الخ فهو من جملة المحترز . قوله : ( بعد عقدها ) أي الهبة قوله : ( ولو اشترى أمة الخ ) غرضه به تقييد ما تقدّم أي محل حصول الاستبراء بحيضة وما بعدها إذا جرى من غير مقارنة مانع أما إذا صاحبه مانع ، فلا يحسب بل لا بد من الاستبراء بعد زواله .
قوله : ( كمرتدة ) أو مزوّجة . قوله : ( أو وجد منها ما يحصل ) أي صورة ما الخ . قوله : ( لأنه لا يستعقب ) فيه أن هذا يأتي في المحرمة إذا اشتراها محرمة ثم حاضت مثلاً مع أنه يعتد بذلك ح ل . قوله : ( فروع ) أي سبعة وغرضة بذلك بيان السبب الثالث وهو حدوث حل التمتع بعد زواله ، وأما السببان الآخران فذكرهما المتن الأوّل في قوله : ومن استحدث الخ . والثاني في قوله وإذا مات سيد أم الولد الخ وبقي سببان آخران روم أي قصد التزويج ، أي إن أراد تزويج أمته الموطوءة يجب عليه استبراؤها والثاني الظن إذا وطىء أمة غيره يظنها زوجته الأمة فتستبرأ بقرء . قوله : ( في مكاتبة ) هذا وما بعده علم من قوله : أو حدث حل وعبارة م ر في شرحه يجب الاستبراء في مكاتبة كتابة صحيحة وأمتها إذا انفسخت كتابتها بسبب مما يأتي في بابها كأن عجزت وأمة مكاتب كذلك عجز لعود حل الاستمتاع فيها ، كالمزوّجة وحدوثه(4/421)
"""""" صفحة رقم 422 """"""
في الأمة بقسمتها قوله : ( بلا تعجيز ) أو بتعجيز نفسها فقوله : بلا تعجيز ليس قيداً . قوله : ( أو عجزت ) بضم العين وتشديد الجيم مبنياً للمفعول ق ل الظاهر أنه يجوز بناؤه للفاعل ، والمراد أن السيد فسخ الكتابة عند عجزها عن النجوم وإلا فظاهر العبارة أن هناك تعجيزين منها أوّلاً ومن السيد ثانياً وليس كذلك ، والمراد بتعجيز السيد لها فسخه للكتابة .
قوله : ( لعود ملك التمتع بعد زواله ) علة للوجوب وأخذ منه البلقيني أن أمة التجارة إذا مضى عليها الحول ، وأخرج الزكاة عنها وجب الاستبراء لأن الفقراء ملكوا جزءاً منها بآخر الحول فإذا أخرج الزكاة تجدد الحل ، وردّ بأن الشركة ليست حقيقية فلا حاجة إلى استبراء ، بخلاف القراض إذا حصل ربح فإنه إذا أخذ العامل حصته ، لا بد في أمة التجارة من الاستبراء لأنها صارت كلها للمالك ، لأن شركة العامل حقيقية بخلاف ما مر اه أ ج . قوله : ( فأشبه ) أي العود ما لو باعها الخ . قوله : ( أما الفاسدة ) أي الكتابة الفاسدة فلا يجب الخ لأنها لم تخرج عن ملك سيدها بدليل صحة بيعها وتزويجها بغير رضاها بخلاف المكاتبة كتابة صحيحة ، فليس للسيد ذلك إلا برضاها . قوله : ( لزوال ملك الاستمتاع ) أي بالردة وقوله : ثم إعادته أي بالإسلام قوله : ( لما ذكر ) وهو زوال ملك الاستمتاع بالردة . قوله : ( ثم طلقها الزوج ) ولو في المجلس . قوله : ( لما مر ) أي لزوال الملك ثم إعادته قوله : ( بل يلزمه أن يستبرئها بعد انقضاء عدتها ) لأنها أشبهت من لزمها عدتا شخصين لأن العدة حق الزوج والاستبراء حق السيد . قوله ( وإحرام ) أي ورهن بعد حرمتها على السيد بذلك . قوله : ( لا تخل بالملك ) أي ملك التمتع بدليل جواز نحو القبلة . قوله : ( ولو اشترى زوجته ) أي شراء لا خيار فيه فإن كان الخيار للبائع لم ينفسخ النكاح لعدم الملك للمشتري ، ويجوز الوطء بالنكاح ، فإن كان الخيار للمشتري انفسخ النكاح ووطىء بالملك وإن كان لهما لم ينفسخ لعدم الملك وامتنع الوطء . وعبارة م ر ولو اشترى حرّ زوجته الأمة فانفسخ نكاحها استحب الاستبراء ليتميز ولد الملك المنعقد حراً عن ولد النكاح المنعقد قناً ثم يعتق فلا يكافىء حرة أصلية ولا تصير به أمة مستولدة وقيل : يجب لتجدد الملك وردّ لعدم الفائدة فيه ، لأن العلة الصحيحة فيه حدوث حل التمتع ولم يوجد(4/422)
"""""" صفحة رقم 423 """"""
هنا ومن ثم لو طلق زوجته القنة رجعياً أو بائناً ثم اشتراها في العدة وجب لحدوث حل التمتع ومر أنه يمتنع عليه وطؤها زمن الخيار لأنه لا يدري أيطأ بالملك أو الزوجية وخرج بالحر المكاتب إذا اشترى زوجته ففي الكفاية عن النص أنه ليس له وطؤها بالملك لضعف ملكه أي وإن أذن له سيده ومن ثم امتنع تسرّيه ولو بإذن السيد اه . بحروفه فاستحباب استبراء الزوجة المشتراة للزوج مشروط بشرطين : الأول أن لا يشتريها في عدة الطلاق ، وإلا وجب الاستبراء لحدوث حل التمتع . قوله والثاني أن يكون المشتري حراً وبهذا عرفت ما في الشرح من الإجمال .
قوله : ( استحب الخ ) على المعتمد وقيل : يجب ومحل الاستحباب إن ملكها في النكاح فإن ملكها معتدّة وجب الاستبراء ولا بد أن يكون حراً فإن كان مكاتباً انفسخ النكاح وامتنع وطؤها بملك اليمين لضعف ملكه . قوله : ( ليتميز ولد ) أي أصله الذي هو الماء بدليل قوله : ينعقد اه ع ن . قوله : ( عن ولد النكاح ) لأن النكاح ينفسخ قوله : ( لأنه ) أي الولد وقوله : ينعقد الولد رقيقاً أي لمالك أمه والأولى حذف الولد لأن ضمير إنه راجع له نعم إن جعل الضمير في إنه للشأن صح كلامه . قوله : ( ثم يعتق ) أي بملكه تبعاً لملك أمه الحاصل بالشراء مثلاً قوله : ( أم الولد ) ومثلها المدبرة والموطوءة . قوله : ( أو عدة ) أي من زوج لا من شبهة لقصورها عن رفع الاستبراء ، شرح الروض ، وأو بمعنى الواو كالتي في حيز النفي ، لأن الخلوّ فيه معنى النفي . قوله : ( استبرأت نفسها ) وإن وقع الاستبراء قبل الموت أو العتق فتحتاج إلى استبراء آخر بعد موته . بخلاف المدبرة إذا مات أو أعتقها بعد الاستبراء ، فلها التزوّج بغيره عقب الموت أو العتق من غير احتياج إلى استبراء آخر ومثل المدبرة في ذلك ما إذا أعتق موطوءة أخرى فلها التزوج حالاً إذا سبق استبراؤها على العتق والفرق بينهما وبين أم الولد أنها لقوّة فرشها ، أشبهت الزوجة فلم يعتدّ بالاستبراء الواقع بل زوال الفراش ، كما لا يعتد بمضيّ أمثال قدر العدة ، قبل زوال النكاح بخلافهما ولهذا لو أتت بعد استبرائها بولد لستة أشهر فصاعداً لحق السيد بخلافهما سم بالمعنى .
قوله : ( المتقدم فيها ) أي من كون الاستبراء بحيضة أو شهر أو وضع الحمل . قوله : ( لم يلزمها استبراء ) أي بالنسبة للتزويج بخلافه لحل الوارث ، فتزوّج من غير استبراء ولا تحل للوارث إلا بعد الاستبراء في صورة الموت في غير المستولدة لأن المستولدة عتقت بموت(4/423)
"""""" صفحة رقم 424 """"""
السيد . قوله : ( فهي كغير الموطوءة ) أي كالتي لم يطأها سيدها فليس عليها إلا تكميل عدتها . وقال : شيخنا فهي كغير الموطوءة أي للسيد فإنه لا استبراء عليها بعد موت السيد قوله : ( وهما ) أي المنكوحة والمعتدة . قوله : ( مستولدته ) ليس قيداً بل مثلها موطوءة بلا استيلاد . قوله : ( لو وطىء الخ ) غرضه بذلك أنه تارة يجب استبراء واحد وتارة يجب أكثر كما هنا وعبارة سم : فرع يتعدد الاستبراء بتعدد البائع الواطىء كما في الروض وغيره ووجهه أن الاستبراء كالعدة وإذا اجتمع عدتان لشخصين لم يتداخلا ، وقضية التقييد بالواطىء عدم التعدد ، إن لم يطأ أو كنّ نساء أو صبياناً قال : م ر وهو الذي نعتمده إلا أن يوجد نقل بخلافه يقدّم عليه اه قوله : ( أنها أمته ) خرج به ما لو ظنها زوجته الحرة فتعتدّ بثلاثة أقراء ع ش . قوله : ( وجب استبراءان ) أي على المشتري في صورة البيع وعلى المالكين في صورة التزويج اه . م د قال : الدميري في شرحه لو اشتراها أي الأمة من شريكين وطئاها وجب استبراءان في الأصح كالعدتين من شخص واحد . وقيل : يكفي استبراء واحد وكذا لو وطىء أجنبيان أمة كل يظنها أمته فوطء ، كل يقتضي استبراء ولا تداخل اه . ومثله في شرح م ر . فالاستبراءان على البائع وبه صرح ق ل على المحلي فقال قوله : وجب استبراءان ويقدم الأسبق إن كان ويجب استبراء ثالث لمن ملكها .
قوله : ( ولو باع جارية الخ ) الحاصل أن البائع إما أن يقر بوطئها أو لا وعلى كل إما أن يستبرئها قبل البيع أو لا وعلى كل إما أن يمكن كون الولد منه أو من المشتري أو منهما فالجملة اثنتا عشرة صورة . قوله : ( لم يقر بوطئها ) في قبلها بأن نفى الوطء أو سكت . قوله : ( وادعاه ) أي البائع ليبطل البيع ويثبت الاستيلاد ، وكذبه المشتري فالقول قول المشتري بيمينه أنه لا يعلمه منه أي من البائع أي فيستمر على رقه ، ويثبت نسب البائع أي باستلحاقه . قوله : ( وثبت نسب البائع ) لم يتعرض الشهاب القليوبي وكذا المرحومي لضعفه والذي في شرح م ر خلافه وعبارته ولو باع أمة لم يقر بوطئها فظهر بها حمل وادعاه صدق المشتري بيمينه أنه لا يعلمه أنه منه وفي ثبوت نسبه من البائع خلاف الأصح منه عدمه اه . فكلام الشارح ضعيف . قوله : ( على الأوجه ) يرجع لثبوت النسب فقط . قوله : ( من خلاف فيه ) أي في النسب أي في(4/424)
"""""" صفحة رقم 425 """"""
ثبوته . قوله : ( إذ لا ضرورة على المشتري ) أي لثبوت رقة له ويتصوّر ثبوت نسبه مع كون الولد رقيقاً للمشتري بأن يطأها البائع قبل أن يملكها على ظن أنها زوجته الأمة وكان الأولى أن يقول : إذ لا ضرر كما في شرح الروض . فالمعتمد أنه لا يثبت نسب البائع م ر . قوله : ( في المالية ) أي لأنه يجوز له بيعه لكن لو قتله البائع لا يقتل فيه ويلزم البائع قيمته للمشتري ، ولو باعه المشتري للبائع عتق عليه حتى لو مات البائع بعد عتق الولد فإنه يرثه . اه طوخي وقوله : في المالية لأن النسب لا ينافي كونه مملوكاً للمشتري قوله : ( بخلافه ) أي بخلاف ثبوت النسب .
قوله : ( بأن ثبوته يقطع ) أي وفي هذا ضرر على المشتري فكيف يقال : إذ لا ضرر على المشتري فقصده ردّ تعليل القول الآخر . قوله : ( بالولاء ) أي إذا أعتقه لأن عصوبة النسب وهو الأب مقدّمة على عصوبة الولاء وهو متعلق بإرث فلو عتق ثم مات ورثه أبوه فمن بعده من أقاربه دون المشتري قوله : ( فإن أقر الخ ) هذا قسيم قوله لم يقر بوطئها . قوله : ( فإن كان ذلك ) أي البيع قوله : ( لحقه ) أي البائع ولا عبرة بالاستبراء . قوله : ( لثبوت أمية الولد ) أي للبائع وحينئذ فيمتنع عليه بيعها ورهنها وكل تصرف يزيل الملك . قوله : ( لستة أشهر ) أي من الاستبراء . قوله : ( إن لم يكن ) أي المشتري وطئها أي أصلاً أو وطئها وطئاً لا يمكن أن يكون منه بأن ولدته لدون ستة أشهر من وطئه . قوله : ( وإلا ) بأن وطئها المشتري . قوله : ( ومنه ) أي المشتري . قوله : ( وإن لم يكن ) أي البائع استبرأها قبل البيع فالولد له أي للبائع إن أمكن كونه منه أي فقط بأن لم يطأ المشتري وطئاً يمكن كونه منه قوله : ( وأقرت ) صواب العبارة كما في الروض وأقر أي السيد بأنه وطئها ليوافق الحكم الذي ذكره الشارح أي لأن المعوّل عليه إقراره ، وإقرارها لا يلتفت إليه . قوله : ( بوطئها ) أي بوطء زوجها قبل الدخول فلا ينزل قولها منزلة الدخول فلا يلحقه الولد ، أي لا يلحق الزوج وعبارة شرح الروض مسألة أخرى اه طوخي وشيخنا .(4/425)
"""""" صفحة رقم 426 """"""
3 ( ( فصل : في الرضاع ) ) 3
وسبب تحريم الرضاع ، أن اللبن جزء المرضعة ، وقد صار من أجزاء الرضيع ، فأشبه منيهاً في النسب . ويؤثر تحريم النكاح ابتداءً ودواماً وجواز النظر والخلوة ، وعدم نقص الطهارة باللمس دون سائر أحكام النسب ، كالميراث والنفقة والعتق للملك وسقوط القصاص وردّ الشهادة ونحو ذلك . اه برماوي . وعبارة ز ي ولقصور الرضاع عن النسب لم يثبت له ، من أحكامه سوى المحرمية دون الإرث ونحوه وذكره عقب العدة للتحريم في كل وإن اختلفت الحرمة فإن حرمة الرضاع مؤبدة ، بخلاف العدة فإن الحرمة فيها تنتهي بانتهائها اه . ويجوز إبدال الضاد تاء كما قاله ع ش قوله : ( وإثبات التاء معهما ) أي الفتح والكسر بأن يقال : رضاعة قال تعالى : ) وأخواتكم من الرضاعة } ) النساء : 23 ) قوله : ( اسم لمصّ الثدي ) إذا تأملت ما ذكره رأيت المعنى اللغوي أخص من المعنى الشرعي وهو خلاف الغائب . قوله : ( وشرب لبنه ) عطف مسبب على سبب ، وقال بعضهم : بينهما عموم وخصوص وجهيّ . قوله : ( لبن امرأة ) أي ولو حكما ولو مخيضاً وشمل الزبد والجبن والأقط والقشطة بخلاف السمن الخالص عن اللبن والمصل ودخل فيه المختلط بنحو مائع حيث بقي طعمه أو لونه أو ريحه ، فإن شرب الكل حرم وإلا فلا . وسواء في ذلك كانت المرأة من الإنس أو من الجن على المعتمد وينبني على ذلك التحريم ولو على غير صورة الآدمية أو كان ثديها أو فرجها في غير محله المعهود . قوله : ( في معدة طفل ) أي من منفذ مفتوح ولو كان من جراحة كجائفة في بطنه وصل منها اللبن إليها ، أو دامغة في رأسه وصل منها اللبن إلى الدماغ . قوله : ( أو دماغه ) أي كأن خرقت رأسه فوصل من دماغه لمعدته فيضرّ التقطير في الأذن إن وصل إلى الدماغ بخلاف ما إذا لم يصل وإن أفطر الصائم اه . شيخنا ، وعبارة شرح م ر لا بحقنة في الأظهر لأنها لإسهال ما انعقد في الأمعاء فلم يكن فيها تغذّ . ومثلها صبه في أذن أو قبل والثاني يحرم كما يحصل به الفطر وردّ بأنه منوط بما يصل إلى جوف ولو لم يكن معدة ولا دماغاً بخلافه هنا . ولهذا لم يحرم تقطير في أذن أو جراحة إذا لم يصل إلى معدة اه .
قوله : ( الآية والخبر الآتيين ) كذا في خط المؤلف وصوابه الآتيان بالألف لأنه مثنى مرفوع إلا أن يقال : إنه نعت مقطوع بتقدير أعني لكن يرد عليه أنه لا يجوز قطع النعت عن التبعية إلا إن كان معيناً بدون ذكره كما قاله ابن مالك :(4/426)
"""""" صفحة رقم 427 """"""
واقطع أو اتبع إن يكن معيناً
بدونها أو بعضها اقطع معلنا
قوله : ( وإذا أرضعت المرأة ) ليس قيداً فلو قال : وإذا ارتضع ولد لكان أولى وأنسب ليدخل ما لو ارتضع على امرأة نائمة وأولى من ذلك أيضاً لو قال : وإذا وصل إلى جوفه ليدخل ما لو أوجره وهو نائم . والحاصل أن القصد ليس قيداً بل المدار على وصول اللبن إلى جوف الطفل بأي وجه كان سواء أكان بفعل أو لا ولو من غير طريقه المعتاد ، وانظر انفصاله من المرضعة هل يشترط فيه أن يكون من طريقه المعتاد أو لا اه . وعبارة سم على التحفة : فرع لو خرج اللبن من غير طريقه المعتاد فهل يؤثر مطلقاً أو فيه نحو تفصيل الغسل ، بخروج المنيّ من ذلك ؟ فيه نظر ، ولعل القياس الثاني وكذا لو خرج من ثدي زائد فهل يؤثر مطلقاً أو يفصل فيه سم على حج ؟ . أقول : القياس الثاني أيضاً إن قلنا : الخارج من غير طريقه المعتاد لا يحرم ، وأما إن قلنا : بالتحريم وهو القياس حيث خرج مستحكماً على ما ذكره فلا وجه للتردد فيه إذ غايته أنه خرج من غير طريقه المعتاد وقول سم أو فيه نحو تفصيل الغسل أي وهو إن خرج مستحكماً بأن لم يحل خروجه على مرض حرم وإلا فلا . وليس من ذلك ما لو انخرق ثديها وخرج منه اللبن فلا يقال فيه هذا التفصيل بل يقال : الأقرب التحريم قياساً على ما لو انكسر صلبه فخرج منيه ، حيث قالوا بوجوب الغسل فيه اه . ع ش وإن خلق لها أكثر من ثديين واشتبه الأصلي بالزائد حرم الشرب من كل منهما . قوله : ( خلية كانت الخ ) ولو بكراً نزل لها لبن قوله : ( حياة مستقرّة ) أي بأن لم تصل إلى حركة مذبوح فإن وصلت إليها بمرض حرم لبنها أو بجراحة فلا ق ل . قوله : ( بلغت ) المناسب أن يقول : التي بلغت ويمكن أن تكون الجملة حالاً بتقدير قد . قوله : ( تقريباً ) لو قال : تقريبية لكان أنسب والمراد به ما في الحيض بأن ينفصل اللبن قبل تمام التسع بما لا يسع حيضاً وطهراً وهو دون ستة عشر يوماً ق ل .
قوله : ( وإن لم يحكم ببلوغها بذلك ) لأن بلوغها إنما يحصل بالحيض أو الاحتلام أو بلوغ خمس عشرة سنة كما مر . قوله : ( بلبنها ) الأولى أن يقول الشارح : ثم أشار إلى الركن الثالث بقوله : بلبنها كما فعل في سابقه ولاحقه واستوجه سم دخول السمن لأن فيه دسومة اللبن . قوله : ( ولو متغيراً عن هيئة انفصاله ) هذا لا يناسب قوله : وإذا أرضعت المرأة بلبنها وإنما يناسب عبارة من قال : وإذا وصل لبن امرأة معدة ولد الخ فسرى عليه منه قوله : ( صار الرضيع ) فيه وضع الظاهر موضع المضمر للإيضاح وفيه إشارة إلى أنه يسمى رضيعاً كما يسمى مرضعاً بفتح الضاد .(4/427)
"""""" صفحة رقم 428 """"""
قوله : ( فلو مات قبله ) أي قبل البيان . قوله : ( ونحوها ) كأخته قوله : ( الجنية ) المعتمد أن لبن الجنية يحرم فتعبير المصنف هو الأولى وهذا مبني على أنه يقال : للجنية امرأة وفي كلام ابن النقيب ما يفيد أنه لا يقال لها امرأة حيث قال : عدل المنهاج عن قول المحرر أنثى إلى امرأة ليخرج الجنية وأما النساء فاسم للإناث من بنات آدم وكذا الرجال وإنما أطلق على الجن في قوله : ( وأنه كان رجال ) الخ للمقابلة ح ل وقوله : الجنية فاعل خرج . قوله : ( وهو الراجح ) أي عند الشارح ، والذي اعتمده شيخنا م ر وأتباعه ، صحة مناكحتهم أي الجن ، فلبن الجنية يرحم ولو على غير صورة الآدمية أو كان ثديها أو فرجها في غير محله المعهود ق ل . قوله : ( تلو ) أي تابع له . قوله : ( قطع النسب بين الجن والإنس ) أي بقوله تعالى : ) والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً } ) النحل : 72 ) قوله : ( وبالحية ) أي وبلبن الحية الخ قوله : ( منفكة الخ ) أي غير مكلفة ولا ترد الصغيرة لأنها تمنع من فعل المحرم وتؤمر بالعبادات كالبالغة اه . وكتب ح ل أي صارت غير مكلفة ولا يمكن عود التكليف إليها عادة فلا ترد المجنونة ، وقال س ل : كان المراد عن الحل لها والحرمة عليها أي لا يتعلق بها حل شيء ، ولا حرمته لخروجها عن صلاحية الخطاب كالبهيمة .
قوله : ( خلافاً للأئمة الثلاثة ) أي في لبن الميتة ، حيث قالوا : إنه يحرّم لأن اللبن لا يموت كلبن موضوع في ظرف نجس لأن الميت عندهم ينجس بالموت . واحتج الأصحاب بما قاله الشارح وبأن اللبن ضعفت حرمته بموت أصله ألا ترى أنه يسقط حرمة الأعضاء فلا غرم في قطعها وبأن أحكام فعله سقطت بالموت ، بدليل عدم الضمان لو سقط على شيء بخلاف(4/428)
"""""" صفحة رقم 429 """"""
النائم ، وبأن الحرمة المؤبدة تختص ببدن الحيّ ولذا لا تثبت المصاهرة بوطء الميتة وبأن وصوله إلى الميت لا يؤثر فكذا انفصاله قياساً لأحد الطرفين على الآخر اه . وفرق بعضهم بأن لبن الحية حلال محترم ومراده أنه يصح الاستئجار لإرضاعه ولا كذلك الميتة اه م ر . قوله : ( دون سنتين ) أي يقيناً قال شيخنا : ظاهره عدم التحريم لو قارنت الرضعة الخامسة تمام الحولين والمعتمد خلافه فراجعه برماوي . قوله : ( لخبر : لا رضاع إلا ما كان في الحولين ) وقال أبو حنيفة : مدة الرضاع ثلاثون شهراً لقوله تعالى : ) وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } ) الأحقاف : 15 ) وحمله الجمهور على أقل مدة الحمل وأكثر مدة الرضاع لأن مدة الحمل داخلة فيه ، وأقله ستة أشهر اه . خازن قال م ر في شرحه وخبر مسلم في سالم الذي أرضعته زوجة مولاه أبي حذيفة وهو رجل ليحل له نظرها بإذنه خاص به أو منسوخ ، كما مال إليه ابن المنذر اه . وحاصل قصة سالم أنه كان مولى لأبي حذيفة وكان يكثر الدخول على زوجة سيده أبي حذيفة فيقع في النظر إليها وهو رجل فشكت ذلك للنبّي فأمرها أن ترضعه ليصير ابنها فيحل له نظرها والدخول عليها ففعلت ذلك . قال ع ش في حاشيته على م ر : وقد تشكل قصة سالم بأن المحرمية المجوّزة للنظر إنما تحصل بتمام الخامسة فهي قبلها أجنبية يحرم نظرها ومسها فكيف جاز لسالم الارتضاع منها المستلزم عادة اللمس والنظر قبل تمام الخامسة إلا أن يكون ارتضع منها مع الاحتراز عن المس والنظر بحضرة من تزول الخلوة بحضوره ، أو تكون قد حلبت خمس مرات في إناء وشرب منه ، أو جوّز له النظر ولها النظر والمس إلى تمام الرضاع ، خصوصية لهما كما خص بتأثير هذا الرضاع اه . سم على حج . قوله : ( فإن بلغهما الخ ) تعارض هذا مع كلام المتن فيما إذا كان الشرب مع تمام السنتين ، فكلام المتن يقتضي عدم التحريم وقول الشارح : فأن بلغهما يقتضي التحريم ، وهو المعول عليه عشماوي وقوله يقتضي التحريم لأن قوله : وشرب بعدهما يقتضي أن الخامسة المقارنة لتمام الحولين تحرّم .
قوله : ( فإن انكسر الخ ) هل العبرة في الانكسار بمجرد التقام الثدي وبمصه مثلاً أو بوصول شيء من اللبن إلى المعدة أو الدماغ حتى لو وقع الالتقام والمص مع ابتداء الشهر ،(4/429)
"""""" صفحة رقم 430 """"""
لكن لم يصل اللبن إلى ما ذكر إلا بعد مضي جزء منه حصل الانكسار فيه نظر . والأظهر أن المراد الثاني لأن الوصول هو المؤثر إلى ما ذكر لا غير اه . سم وهو ظاهر لا إشكال فيه وذلك لأن فرض المسألة في وضع الثدي في فم الطفل وتأخر وصول اللبن إلى الجوف أو الدماغ زمناً بعد انفصال جميعه فهل العبرة بهذا الوضع أو بوصول اللبن إلى ما ذكر استظهر سم الوصول وليس الكلام في شرب الطفل قبل تمام انفصاله من الفرج أو بعده خلافاً لما سبق إليه فهم الشيخ المدابغي فأشكل عليه الحال تأمل .
قوله : ( فأفهم الخ ) لكن قد يقال : لا دلالة لهذه الآية على أن اللبن لا يحرّم إلا إذا كان الرضيع دون الحولين مع أنه هو المقصود . وقال طاوس : كان لهنّ أي لأزواج المصطفى رضعات معلومات ولسائر النساء ، أي باقيهنّ رضعات معلومات وورد أنها عشر رضعات لهنّ ولغيرهنّ خمس رضعات مشبعات وهذا مما تفرّد به طاوس ولم يتابعوه عليه ، روى أحمد ومسلم والأربعة عن عائشة والنسائي وابن حبان عن الزبير بن العوام ( لا تحرّم المصة ولا المصتان ، وفي رواية : الرضعة ولا الرضعتان ) قال الشافعي : دلّ الحديث على أن التحريم لا يكفي فيه أقل اسم الرضاع واكتفى به الحنفية والمالكية فحرموا برضعة واحدة تمسكاً بإطلاق آية ) وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } ) النساء : 23 ) قال القاضي : ويجاب عن الآية بأن الحرمة فيها مرتبة على الأمومة والأخوّة من جهة الرضاع وليس فيها دلالة على أنهما يحصلان برضعة واحدة اه . وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ( لا يحرم دون خمس رضعات معلومات ) وبه أخذ الشافعي وهو إحدى روايتين عن أحمد والحديث الأوّل ورد مثالاً لما دون الخمس وإلا فالتحريم بالثلاثة التي ذهب إليها داود ، إنما يؤخذ منه بالمفهوم ومفهوم العدد ضعيف على أنه قد عارضه مفهوم حديث الخمس ، فيرجع إلى الترجيح بين المفهومين وحديث الخمس جاء من طرق صحيحة لكن فيه اضطراب ذكره ابن حجر اه مناوي على الخصائص .
قوله : ( من تمام انفصال الرضيع ) قضية هذا أنه لو خرج نصفه مثلاً ثم إنه ارتضع على ثدي أخرى ومكث متصلاً بأمه نحو يوم أن هذا اليوم لا يحسب من الحولين وإنما يحسب ذلك بعد تمام انفصاله وفيه خلاف والمعتمد ما اقتضاه كلامه من انفصال جميعه كما مشى على ذلك(4/430)
"""""" صفحة رقم 431 """"""
م ر . قوله : ( في الرضعة الخامسة ) بأن سبق منها شيء قبل تمام الحولين كما يقتضيه التعبير بفي والمعنى تمّ الحولان في أثناء الرضعة الخامسة ، ويدل عليه أيضاً قوله : لأن ما يصل الخ أي فيكون القدر الذي حصل قبل تمام الحولين يعدّ رضعة لأن الرضعة غير مقدرة فتصدق بقطرة وحينئذ فيكون قول الشارح وظاهر كلام المصنف ظاهراً لا غبار عليه فاندفع اعتراض ق ل لأنه فهم أن ( في ) من قوله في الرضعة بمعنى مع وأن التمام مقارن للخامسة أي لابتدائها اه شيخنا . والحاصل أن قوله في الرضعة الخامسة : يحتمل أن على بابها من الظرفية ويكون المعنى أنه ابتداء الرضعة الخامسة وبقي من السنة الثانية شيء وتمت الرضعة مقارنة لتمام الحولين فيصدق عليه أنه ابتدأها وهو دون الحولين ، فلذلك قال : الشارح وظاهر كلام المصنف الخ . ويكون كلام الشارح ظاهراً لا غبار عليه ولا تعارض بين قول المتن دون الحولين وقول الشارح : فإن بلغهما الخ . ويحتمل أن في بمعنى مع وأن ابتداء الرضعة الخامسة مقارنة للجزء الأخير من السنة الثانية فلا يصدق عليه أنه وقت الرضاع له دون السنتين فكلام المتن يقتضي عدم التحريم وقول الشارح : فإن بلغهما لم يحرم يقتضي في هذه التحريم لأنه يصدق عليه وقت ابتداء الرضعة الخامسة أنه لم يبلغ الحولين فوقع التعارض بين عبارة المتن وعبارة الشارح في هذه الصورة ، والمعوّل عليه كلام الشارح فهو المعتمد فكان الأولى للمتن أن يقول : أن لا يبلغ الحولين بدل ما قاله . قوله : ( وهو المذهب ) وهو المعتمد وكون هذا ظاهر كلام المصنف غير ظاهر بل ظاهره عدم التحريم فتأمل ق ل . قوله : ( لأن ما يصل إلى الجوف ) راجع لقوله : حرم على المذهب وهو جواب عن سؤال حاصله كيف حرم الرضاع في ذلك مع أن الذي وصل من اللبن قليل جداً . فأجاب بقوله : لأن الخ .
قوله : ( خمس رضعات ) أي يقيناً انفصالاً ووصولاً كما يدل عليه قول الشارح فيما سيأتي . ولو حلب منها لبن الخ وقوله : ولو شك في رضيع هل رضع خمساً الخ . قال بعضهم : والحكمة في كون التحريم بخمس رضعات ، أن الحواس التي هي سبب الإدراك خمس وفي هذه الحكمة نظر لأن كون الحواس خمسة لا يصلح حكمة لكون التحريم بخمس ويمكن توجيهها بأن كل رضعة محرمة لحاسة من الحواس اه . قوله : ( كان فيما أنزل الله ) خبر كان مقدم وجملة عشر رضعات معلومات يحرّمن في محل رفع اسم كان مؤخراً أي كان هذا(4/431)
"""""" صفحة رقم 432 """"""
التركيب كائناً فيما أنزل الله الخ . فلا يقال : القرآن أعني قولها أي عائشة : كان فيما أنزل الله من القرآن عشر رضعات معلومات لا يثبت بالآحاد فلا يصح دعوى النسخ لعدم ثبوت المنسوخ . لأنا نقول : يثبت الحكم والعمل به وإن لم تثبت القرآنية ، واكتفى أبو حنيفة ومالك برضعة واحدة لاطلاق الآية . وجوابه أن السنة بينته اه سم . قوله : ( في القرآن ) أي في سورة الأحزاب ع ش . قوله : ( فنسخن ) أي لفظاً وحكماً بخمس معلومات ونسخت هذه الخمسة أيضاً لفظاً لا حكماً .
فائدة : لو حكم حاكم بالتحريم برضعة أو رضعتين ، هل ينقض حكمه أو لا ؟ المعتمد لا ينقض سم . وهذا بخلاف ما إذا حكم بثبوت الرضاع بعد الحولين فإنه ينقض حكمه ، ولعل الفرق أن عدم التحريم بعد الحولين بالنص بخلافه بما دون الخمس اه ع ش . قوله : ( أي يتلى حكمهنّ ) وهو التحريم ومعنى تلاوة حكمهنّ اعتقاد حكمهن فاندفع بهذا التأويل ما قد يقال : يلزم من قراءة الشيء تلاوته فلا فائدة لهذا التأويل . وقوله : من لم يبلغه النسخ أي لتلاوتها ، وإن كان حكمها باقياً فلما بلغه النسخ رجع عن ذلك وأجمعوا على أنها لا تتلى ح ل فهو جواب عما يقال كيف تقول عائشة رضي الله عنها . فتوفي رسول الله الخ مع أن القرآن تحرر ودوّن قبل وفاته وهذا اللفظ نسخ في حياة النبيّ . فأجاب بأن المراد بالقراءة تلاوة الحكم أي ذكره ، أو اعتقاده لا حقيقة قراءة اللفظ . والجواب الثاني أن المراد بالقراءة القراءة حقيقة لكن من شخص لم يبلغه نسخها فهو معذور ، فلما بلغه النسخ تركها ، وذكر في الإتقان جواباً ثالثاً وهو أن قولها : فتوفي المراد منه قارب الوفاة . قوله : ( متفرقات ) منصوب صفة لرضعات في كلام المتن والشارح جعله خبراً للسكون الذي قدره فغير إعراب المتن . ويجاب بأنه لم يغيره تغييراً حقيقياً لأنه منصوب على كل حال . قوله : ( تعدد ) أي وإن لم يطل الزمن ميداني قال العلامة ابن قاسم : ويجري ذلك فيمن حلف لا يأكل في اليوم إلا مرة واحدة فيعتبر في التعدد العرف فلو أكل لقمة ثم أعرض واشتغل بشغل طويل ثم عاد وأكل حنث ، ولو أطال الأكل على المائدة وكان ينتقل من لون إلى لون آخر ويتحدث في خلال الأكل ويقوم ويأتي(4/432)
"""""" صفحة رقم 433 """"""
بالخبز عند فراغه لم يحنث ، لأن ذلك كله يعدّ في العرف أكلة واحدة برماوي . قوله : ( وإطالته ) ليس قيداً بل ولو عاد فوراً كذا قيل . وفيه نظر بل هو قيد ، معتبر بدليل قول الشارح بعد أو قطعته المرضعة لشغل خفيف ، ثم عادت لم يتعدد فلو لم يكن هذا قيداً لتناقض كلامه ولعل قوله بعضهم : إنه غير قيد سهو منه سرى إليه من عدم التأمل في عبارة الشارح مع عبارة م ر . وذلك لأنه صرح بأنها إذا قطعته إعراضاً ولو عادت فوراً فإنه يتعدد فيوهم أن عبارة الشارح كعبارة م ر ولا يخفى الفرق بين العبارتين وعبارة المنهاج وشرح م ر . فلو قطع الرضيع الرضاع إعراضاً عن الثدي أو قطعته عليه المرضعة إعراضاً فلم عاد إليه فيهما ولو فوراً تعدد الرضاع اه .
قوله : ( كنومة خفيفة ) أما إذا نام أو التهى طويلاً فإن بقي الثدي بفمه لم يتعدد وإلا تعدد شرح م ر . ويعتبر التعدد في أكل نحو الجبن بنظير ما تقرر في اللبن اه س ل . قوله : ( من ثدي الخ ) الأولى من ثديها إلى ثديها الآخر ، وليس المعنى إلى ثدي امرأة أخرى . قوله : ( أو قطعته المرضعة ) أي وطال الزمن كما يؤخذ ذلك من تعبيره بثم لأنها للترتيب والتراخي ، خلافاً لابن حجر اه . برماوي . قوله : ( بإيجار أو إسعاط ) لف ونشر مرتب فالإيجار للجوف والإسعاط للدماغ أي إسعاط من أنفه . قوله : ( فرضعة واحدة ) فالشرط أن تكون خمساً انفصالاً ووصولاً كما اعتمده م ر . قوله : ( ولو شك ) المراد بالشك مطلق التردّد ، فيشمل الظن كالنساء المجتمعة في بيت واحدِ وقد جرت العادة بإرضاع كل أولاد غيرها ، وعلمت كل منهنّ الإرضاع لكنه لم يتحقق خمساً فليتنبه له ، فإنه يقع كثيراً في زماننا فلو شك هل بينه وبين امرأة رضاع(4/433)
"""""" صفحة رقم 434 """"""
محرم أو لا ؟ فإنها تحل له ولا تنقض وضوءه لأنا لا ننقض بالشك لاحتمال أنها أخته من الرضاع قرره شيخنا . نقلاً عن ع ش على م ر . قوله : ( ولا يخفى الورع ) أي فلا يتزوّج بها لكن لو تزوّج بها جاز ولا تنقض وضوءه . قوله : ( والشرط الثالث وصول اللبن في الخمس إلى المعدة ) أي أو الدماغ فالمدار على الوصول إلى ذلك لا إلى ما يفطر به الصائم . فإذا دخل في الأذن حرم إن وصل إلى الدماغ ، وأما إذا لم يصل إلى ذلك وإن وصل إلى ما يفطر به الصائم فلا يحرم ، نعم الحقنة لا تحرّم ما وصل بها مطلقاً كما قرره شيخنا .
تنبيه : علم مما ذكر أن المعدة والدماغ ، هما المراد بالجوف اه . قوله : ( والشرط الرابع ) إن قلت : لا فائدة لهذا الشرط لأنا إذا قلنا : وصول اللبن إلى معدة الميت يؤثر لا يترتب عليه شيء لأن التحريم لا ينتشر إلا إلى فروعه وليس له فروع . وقد يجاب بأنا لو قلنا بالتأثير وكان له زوجة فإنه يحرم على أبيه من الرضاع التزوّج بها لأنها زوجة ابنه ، وكذلك إذا كان أبوه زوّجه المرضعة وقلنا : إرضاعه يحرم فإنه ينفسخ نكاحها وتحرم على أبيه حينئذ . قوله : ( واعلم أن الحرمة ) شروع في حرمة الرضاع المتعلقة بالمرضعة والرضيع والفحل . وقد نظم ذلك بعضهم فقال :
وينتشر التحريم من مرضع إلى
أصول فصول والحواشي من الوسط
وممن له درّ إلى هذه ومن
رضيع إلى ما كان من فرعه فقط
قوله : ( إلى أصولهما ) سواء كان الجميع من نسب أو رضاع . قوله : ( الذي ينسب إليه الولد ) أشار الشارح إلى أن التعبير بالزوج جري على الغالب بل المراد أن كل من نسب إليه الولد فهو صاحب اللبن ويسمى أباً سواء كان زوجاً أو واطئاً بشبهة أو بملك يمين . قوله : ( أو وطء شبهة ) هذا لا يناسب قوله : زوجها وإنما يناسب لو قال : ويصير صاحب اللبن فسرى عليه من عبارة غيره . قوله : ( وتنتشر الحرمة ) أعاده لأجل التعميم في قوله : سواء كان من نسب أم(4/434)
"""""" صفحة رقم 435 """"""
رضاع . قوله : ( التزويج إليها ) أي التزوّج . قوله : ( كان الأولى ) هذا مبني على أن المراد بمن ناسبها من بينه وبينها نسب فإن أريد من بينه وبينها انتساب شمل ما كان من الرضاع فساوى الانتماء المذكور فتأمل ق ل . قوله : ( الذكر ) ليس قيداً إلا بالنسبة لخصوص كلام المتن وهو تزويج المرضعة به فإنه بالنسبة لذلك لا يكون إلا ذكراً ، وأما الحرمة من حيث بنوّة الرضاع فلا تتقيد بكونه ذكراً . قوله : ( وعطف المصنف على الجملة الخ ) لعل مراده بالجملة الشبيه بالجملة وهو الجارّ والمجرور وأراد بالمنفية كونها في حيز دون لأن أعلى معطوف على في درجته كما أشار إليه فكان إما زائدة أو تامة بمعنى وجد ق ل . قلت : لا داعي إلى زيادة كان ولا إلى تمامها اه . م د وعلى هذا يكون العطف على قوله : كان في درجته وهو جملة قوله : ( أو أعلى ) معطوف على قوله : في درجته أي باعتبار محله ، لأن محله نصب خبر كان وطبقة منصوب على التمييز ، والتقدير أو دون من كانت طبقته أعلى منه فحذف المضاف ، وهو طبقة(4/435)
"""""" صفحة رقم 436 """"""
وأقيم الضمير مقامه فانفصل ، وصار ضمير رفع منفصل مستتر فصار أو دون من كان هو أعلى فانبهمت النسبة فأتى بالمضاف وجعل تمييزاً قوله : ( أحد أبويه ) المناسب أحد آبائه إذ لا يصح أن يراد بالأبوين هنا الأب والأم اه شيخنا .
قوله : ( وتقدم في فصل الخ ) مراده بذلك التنبيه على أن المصنف لم يتعرض لمن يحرم لكونه تقدم والمقصود هنا ذكر ما يحصل به التحريم كما قرره شيخنا . قوله : ( صار ابنه ) أي فيحرم على الرضيع كل من ينتمي إلى الرجل من أصول وفروع وحواش من نسب أو رضاع ، وأما النساء التي ارتضع منهنّ فيحرمنّ عليه فقط ، لا من جهة الرضاع بل من جهة أنهنّ موطوءات أبيه ، ولا يحرم عليه من انتمى لهنّ من أصول وفروع وحواش وفي هذه الصورة ، يقال اللبن له أب وليس له أم ، وقد يكون له أم وليس له أب كلبن البكر والزانية والملاعنة وقد يكون له أب وأم وهو الغالب اه . وفي س ل لو نزل لبكر لبن وتزوّجت وحلبت من الزوج فاللبن لها للزوج ما لم تلد ، ولا أب للرضيع ، فإن ولدت منه فاللبن بعد الولادة له اه . فعلم من هذا ومن قول الشارح : لو كان لرجل خمس مستولدات الخ أن كلا من أبوّة الرضاع وأمومته قد ينفرد عن الآخر ، وعبارة ع ش على م ر قضية كلام المصنف أنه لو ثار للمرأة لبن قبل أن يصيبها الزوج أو بعد الإصابة ولم تحبل ثبوت الرضاع في حقها دون الزوج وبه جزم القاضي حسين فيما قبل الإصابة وقال فيما بعدها وقبل الحمل المذهب ثبوته في حقها دونه اه . ومثله في شرح الروض ومفهومه أنه يحرم بعد الحمل . قوله : ( لأن الجدود للأم ) عبارة شرح المنهج لأنها لو ثبتت لكان الرجل جد الأم أو خالاً والجدودة للأم الخ . قوله : ( المتمحضات ) لو أسقطه لكان مستقيماً لاقتضائه قبول شهادة رجل وامرأتين في الحالة المذكورة وليس كذلك كما سيأتي في كلامه في الشهادات ق ل .(4/436)
"""""" صفحة رقم 437 """"""
3 ( ( فصل : في نفقة القريب ) ) 3
ذكرها عقب الرضاع لأن أجرة الإرضاع ، من جملة نفقة القريب وبعضهم ذكر نفقة الزوجة عقب الرضاع ، لأن الغالب أن الذي يتعاطى الإرضاع هو الزوجة ، ولأن نفقة الزوجة أهم من نفقة القريب من جهة أنها تقدم عليها ، ولا تسقط بمضيّ الزمان ومقدّرة بقدر محدود . قوله : ( ووجوب الكفاية ) معطوف على سقوط . قوله : ( ونفقة الوالدين ) وإن علوا واجبة على الفروع ، وإن سفلوا والمولودين وإن سفلوا على الوالدين ، وإن علوا ولا فرق في ذلك بين الذكور والإناث ولا بين الوارث وغيره ، ولا بين اتفاق الدين واختلافه اه دمياطي في شرحه . قال المدابغي : ولو تعدد المنفق من المولودين كاثنين فإن استويا كابنين أو بنتين فعليهما النفقة بالسوية ، فإن غاب أحدهما أخذ قسطه من ماله ، فإن لم يكن له مال اقترض عليه فإن لم يكن أمر الحاكم الحاضر مثلا بالتموين بقصد الرجوع على الغائب أو على ماله إذا وجده . وإن اختلفا فعلى الأقرب ولو أنثى غير وارث فإن استويا في القرب كابن ابن وابن بنت فعلى الوارث ، فإن ورثا وتفاوتا في الإرث فوجهان : أحدهما ورجحه اليمني والزركشي ، ونقل تصحيحه عن جمع أنها عليهما بالسوية . وثانيهما وبه جزم في الأنوار أنها عليهما بحسب الإرث ، وهو نظير ما رجحه النووي فيمن له أبوان وقلنا إن مؤنته عليهما والمعتمد أنها على الأب أو من الوالدين فهي على الأب ثم الجدّ ، وإن علا ثم الأم اه . وقوله : أو من الوالدين معطوف على قوله : من المولودين . قوله : ( كذلك ) أي في التعميم والتقييد بالأحرار ، ويزاد هنا الخنثى قوله : ( بخفض ) الأولى بكسر لأن الخفض من ألقاب الإعراب ق ل . ويجاب عن الشارح بأنه جرى على مذهب قطرب كما أفاده العلامة السيوطي في همع الهوامع . ونصه : ثم الجمهور على أن حركات الإعراب غير حركات البناء وقال قطرب : هي هي ، والخلاف لفظي لأنه عائد إلى التسمية فقط . فالأوّلون يطلقون على حركات الإعراب الرفع والنصب والجر والجزم وعلى حركات البناء الضم والفتح والكسر والوقف . وقطرب ومن وافقه يطلقون أسماء هذه على هذه اه بحروفه . وبعضهم ينسب قول : قطرب للكوفيين على أنه قد يقال : إن هذه الحركة لا تسمى حركة إعراب ولا بناء إذ ليست في آخر الكلمة بل حركة بنية ، واعتبار كون الدال آخراً بحسب الأصل بعيد فتأمل .(4/437)
"""""" صفحة رقم 438 """"""
قوله : ( كل منهما ) أي النفقتين الظاهر أنه لا حاجة إليه ويمكن أنه أتى به لئلا يتوهم أن الحكم في كلامه على المجموع لا على كل فرد فرد .
قوله : ( على الفروع ) أي الأحرار أي من ذكور وإناث وكان عليه أن يذكر ذلك لأن ذكره مع المنفق عليه مع إهماله في المنفق قد يوهم خلاف المراد اه . قوله : ( من جهة الأب والأم ) الظاهر أنه لا حاجة لذلك فلو حذفه لكان واضحاً . قوله : ( ومن المعروف الخ ) فيه أن الآية ليست نصاً في الوجوب وكذلك في الحديث وحينئذ فالمعوّل عليه الإجماع كما قرره شيخنا . قوله : ( وولده من كسبه ) ليس من الحديث بل هو مدرج من كلام الراوي وأقرّه النبي . قوله : ( في عموم ذلك ) أي الوالدين في قوله ) وصاحبهما في الدنيا معروفاً } ) لقمان : 15 ) قوله : ( وغيرها ) كالرجوع في الهبة . قوله : ( يقتضي إيجاب مؤنتهم ) عبارة شرح المنهج ووجهه ، أنه لما لزمت أجرة إرضاع الولد كانت كفايته ألزم . قوله : ( خذي ما يكفيك الخ ) سبب هذا الحديث أن زوجة أبي سفيان جاءت مع نسوة يبايعن النبي على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن إلى آخر الآية فنزلت الآية ) يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات } ) الممتحنة : 12 ) الآية فبايعهن النبي بالمصافحة مع الحائل وقيل من غير مصافحة فلما سمعت ) أن لا يشركن } ^ الخ قالت ما جئنا وفي قلبنا إشراك ولما سمعت ) ولا يسرقن } ^ قالت إن أبا سفيان رجل مسيك أي محرص مقتر علينا فكيف نصنع ؟ فقال : ( خذي ما يكفيك وولدك ) ولما سمعت ) ولا يزنين } ^ قالت : أتمكن المرأة غير زوجها واستبعدت ذلك ولما سمعت ) ولا يقتلن أولادهنّ } ^ قالت ما نقتلهم ولكن ربيناهم صغاراً وقتلتموهم كباراً تريد ولدها الذي قتل قبل ذلك في الغزو ؛ وقوله : ( خذي ما يكفيك ) الخ يشكل عليه قول الإمام الشافعي بتقدير نفقة الزوجة . ويجاب بأن قوله : فيه بالمعروف راجع لقوله : وولدك . فإن نفقة الولد غير مقدرة عند الشافعي وبأنه راجع للمجموع لأنه غير مقدر لأن جزءه وهو نفقة الولد غير مقدرة ، كما ظهر وبأنه راجع لقوله يكفيك أيضاً لاستقلاله باعتبار الأدم ونحوه فإنه غير مقدر عند الشافعي فليتأمل ابن قاسم .(4/438)
"""""" صفحة رقم 439 """"""
قوله : ( والأحفاد ملحقون الخ ) مراده بالأحفاد ما يشمل الأسباط ، وهم أولاد البنات . وفي المختار ، الأسباط أولاد الأولاد ، كالأحفاد فيشمل ذلك الذكور والإناث . قوله : ( إطلاق ما تقدم ) أي من آية ) فإن أرضعن لكم } ) الطلاق : 6 ) والحديث الذي بعدها . قوله : ( ولا يضر فيما ذكر ) أي في الوجوب قوله : ( كالعتق ) عبارة م ر وكالعتق اه . أي وقياساً على العتق فيكون معطوفاً في كلامه على قوله لعموم . قوله : ( مبني على المناصرة ) أي والنفقة مبنية على الحاجة وهي موجودة مع اختلاف الدين ، وكان ينبغي له أن يأتي بهذه الزيادة لانتهاض الدليل .
قوله : ( منفقاً عليه ) بأن كان محتاجاً للنفقة . قوله : ( وإن كان منفقاً ) بأن كان أصله أو فرعه محتاجاً وطلب منه النفقة أو أنه أمر تقديري . قوله : ( للمواساة ) أي الإحسان . قوله : ( من مرتدّ وحربي ) أي وتارك صلاة بعد أمر الإمام بخلاف الزاني المحصن والفرق أنهم يقدرون على العصمة بالإسلام وفعل الصلاة وأما الزاني فليس قادراً على عصمة نفسه بل متى زنى وهو محصن صار مهدراً وإن كان بعد ذلك على أحسن الطريق وأقومها كما قرره شيخنا . قوله : ( شرطين ) أي أحد شرطين وقوله آخرين أي زيادة على الحرية والعصمة في حق الكافر قوله : ( أي بأحد شرطين ) تعبيره بالأحد كتعبير المصنف بأو وبه يعلم أن المراد بالشرط مجموع أمرين الفقر مع أحد الأمرين ولا يخفى ما في كلامه هنا وفيما بعده من التسامح ق ل . قوله :(4/439)
"""""" صفحة رقم 440 """"""
( والزمانة ) ليس قيداً ومنها المرض والعمى وفسر بعضهم الزمانة بما لا يقدر معه على كسب اللائق به ويدل له كلام الشارح آخراً ق ل . قوله : ( أو الفقر والجنون ) ليس بقيد أيضاً فالمدار على الفقر مع عدم الكسب بالفعل كما قرره شيخنا . فقول الشارح فلا تجب للفقراء الأصحاء مبني على تقييده فيكون ضعيفاً لأن الأصل لا يكلف الكسب وإن كان قادراً عليه .
قوله : ( إن كانوا ذوي كسب ) أي بالفعل . قوله : ( فإن لم يكونوا ذوي كسب ) أي بالفعل ولو مع قدرتهم على ذلك ولو نشزت الزوجة على زوجها فهل تجب لها على فرعها نفقة مدة نشوزها ؟ ذكر المناوي أن لا نفقة لها على فرعها لأن ذلك إعانة لها على معصية اه م د ، قوله : ( ثم ذكر شروطاً ) أي أحد شروط نظير ما تقدم لأن الشرط أحدها لا كلها وقوله : على ما تقدم في المولودين وهو اشتراط الحرية والعصمة المذكورين في الشرح لأن الثاني يؤخذ من قوله : فيجب على المسلم منهما نفقة الكافر المعصوم تأمل . قوله : ( فتجب نفقتهم ) أي ما لم يضيفوا ز ي وإلا سقطت سواء كان التضييف تكريماً لهم أو للمنفق لأن المقصود سد الخلة . وقد حصل بخلاف الزوجة إذا ضيفت فإن كان لأجل الزوج فلا مطالبة لها وإلا فلها المطالبة اه . أ ج أي بأن كانت الضيافة لأجلها فإن كانت لأجلهما وجب القسط فقط . قوله : ( بثلاثة شرائط ) الأولى حذف التاء لأنه جمع شريطة . قوله : ( إن كانوا ذوي كسب ) أي بالفعل قوله : ( وكذا إن لم يكونوا ) أي بالفعل مع قدرتهم على ذلك تأمل أ ج . بشرط أن يكون لائقاً به وإلا وجبت نفقته على أصله ومثله ما لو كان له كسب يليق به لكن كان مشتغلاً بالعلم والكسب يمنعه قياساً على الزكاة شوبري . ومحله إذا كان له ذكاء بحيث يحصل منه علم . قوله : ( لاشتراط اليسار ) وعبارة المنهج لزم موسراً ولو بكسب يليق بما يفضل عن مؤنة ممونه يومه وليلته كفاية أصل وفرع لم يملكاها وعجز الفرع عن الكسب يليق اه . وقوله ممونه المراد به نفسه ، وزوجته ،(4/440)
"""""" صفحة رقم 441 """"""
وخادمها ، وأم ولده ، كما في شرح م ر فهم مقدّمون على الأصول والفروع في النفقة . قوله : ( ويعتبر حاله ) أي القريب الذي هو الأصل والفرع . وكذا الضمائر بعده وعبارة سم فيعتبر حالهم في السنّ والرغبة والزهادة فيجب للطفل أجرة إرضاع حولين ، ولغيره ما يليق به ولو قدروا على بعض كفايتهم وجب تتميمها أو ضيفوا بما يشبعهم سقطت نفقتهم لحصول كفايتهم بذلك ولو أتلفوها أو تلفت في أيديهم بعد قبضها وجب إبدالها وضمنوا بالإتلاف أي في ذمتهم فيدفعوه إذا قدروا عليه أي بعد اليسار . قال الأذرعي : ويجب أن يفرق بين الرشيد وغيره فيضمن الرشيد دون غيره لتقصير المنفق بالدفع إليه فهو المضيع وسبيله أن يطعمه أو يوكل بإطعامه ولا يسلمه شيئاً ، ولو قال لهم : كلوا معي كفى ولا يجب عليها تسليمها إليهم قاله الإمام اه سم . قوله : ( ويجب إشباعه ) أي شبعاً يقدر معه على التردد والتصرف لا ما زاد على ذلك ولا تجب المبالغة في إشباعه ، كما لا يكفي سد الرمق كما مرّ . قوله : ( قلنا : بسقوطها ) أي نفقة القريب .
قوله : ( إلا باقتراض قاض ) قال في شرح المنهج وعدلت عن تعبير الأصل بفرض القاضي بالفاء إلى تعبيري باقتراضه بالقاف لأن الجمهور على أنها لا تصير ديناً بفرضه خلافاً للغزالي في بعض كتبه اه . قال الزيادي نقلاً عن ابن العماد ما ذكره الغزالي والرافعي صحيح . وصورته : أن يقدرها الحاكم ويأذن لشخص في الإنفاق على الطفل فإذا أنفقه صار ديناً في ذمة الغائب أو الممتنع وهي غير مسألة الافتراض . وأما إذا قال الحاكم : قدّرت لفلان على فلان كذا ولم يقبض شيئاً لم تصر ديناً بذلك . وهو غير مراد لهما أي فلا تصير ديناً بمجرد فرض القاضي أما إذا فرض وأذن لشخص في الاقتراض للطفل بالإنفاق عليه أو اقترض القاضي مالاً ثم أنفق عليه منه كل يوم كذا بنفسه أو نائبه أو أمر القاضي شخصاً بأن يقترض مالاً فاقترض ثم أذن له الحاكم بأن ينفق عليه كل يوم كذا ففي هذه الصور الثلاث تصير ديناً فتأمل . قوله : ( أو نحو ذلك ) كالتعزز والتواري قوله : ( كما لو نفي ) تنظير .(4/441)
"""""" صفحة رقم 442 """"""
قوله : ( ترجع عليه بالنفقة ) لأنه مقصر بنفيه الذي تبين بطلانه برجوعه عنه فعوقب بإيجاد ما فوّته به فلذا ، خرجت هذه عن نظائرها شرح م ر . فهو صريح في أنها ترجع وإن لم تشهد ولم يأذن القاضي اه . قوله : ( واستقرضت الأم ) وليست غنية ق ل وفيه أن الأم وإن كانت غنية لا يجب عليها النفقة إذا كان الأب غنياً قال في المنهج : ومن له أبوان فعلى الأب نفقته اه فتقييد ق ل بقوله : وليست غنية غير ظاهر وقوله : وإن جعلنا النفقة للحمل مثله م ر .
قوله : ( عند امتناعه ) أو غيبته اه . روض قوله : ( ويرجع إن أشهد ) أي وقصد الرجوع شرح م ر . قوله : ( كجد الطفل ) أي فإنه يقترض على الأب بإذن الحاكم إن تيسر وإلا فبإشهاد للإنفاق على الطفل لأن نفقته على الأب كما قرره شيخنا . قوله : ( المحتاج ) صفة للطفل أي فإن نفقته على الأب فإذا غاب اقترض الجد على الأب بإذن الحاكم إن تيسر وإلا فبالإشهاد . قوله : ( ولهما ) أي الأب والجد وقوله إيجاره لها أي للنفقة عليهما قوله : ( ولا تأخذها الأم من ماله ) أي الفرع الصغير أو المجنون وقوله : ولا الابن أي لعدم ولايتهما . وعبارة خضر وليس للأم أخذها أي نفقتها من ماله حيث وجبت لها إلا بالحاكم كفرع وجبت نفقته على أصله المجنون لعدم ولايته . قوله : ( ولهما ) أي الأب والجد . قوله : ( ولا الابن من مال أصله ) لعدم ولايتهما قوله : ( إجارة أبيه المجنون إذا صلح لصنعة ) أي أما إذا لم يصلح فهل يأخذ الابن من المال بإذن القاضي أو يقترض إلى إفاقته فيرجع . قوله : ( ويجب على الأم إرضاع ولدها اللبأ ) لما أوجب الشارع على الأب دفع أجرة الرضاع للأم فربما يتوهم أنه لا يجب الإرضاع أصلاً ، بينه بقوله ويجب على الأم الخ ويرجع في مدته إلى أهل الخبرة وقيل يقدر بثلاثة أيام ومع ذلك لها طلب الأجرة عليه إن كان لمثله أجرة كما يجب إطعام المضطر بالبدل ، ومقتضى القياس أنها لو تركته بلا إرضاع ومات لا ضمان عليها ، وبه صرح بعضهم أي لأنه لم يحصل منها فعل يحال عليه الهلاك قياساً على ما لو أمسك الطعام عن المضطر واعتمده الزيادي وانحط عليه كلام ع ش وعبارته على م ر باختصار وعليها إرضاع ولده ، اللبأ ، فلو تركت إرضاعه إياه فمات(4/442)
"""""" صفحة رقم 443 """"""
فلا ضمان عليها ، كما ذكره ابن أبي شريف واعتمده شيخنا الزيادي . لأنه لا فعل منها يحال عليه الهلاك ويفرق بينه وبين ما لو ذبح الشاة فمات ولدها بسببه حيث يضمنه ، مع أنه لم يحدث به الفعل المذكور ، بأنه لا يوجد بعد ذبح الشاة ما يربى به الولد أصلاً فهو إتلاف محقق أو كالمحقق بخلاف عدم سقي اللبأ فإن عدمه ليس محققاً لموت الولد ولا كالمحقق إذ قد شوهد كثير من نساء يمتن عقب ولادتهن ويرضع الولد غير أمه ويعيش اه . وهل ترثه أو لا ؟ فيه نظر فليراجع اه . عناني الظاهر الأول قوله : ( بنيته ) أي بدنه قوله : ( وجب على الموجود منهما ) وإن امتنع الموجود لا ضمان هنا باتفاق ويفارق ما لو شمت رائحة فأجهضت حيث يضمن جنينها ، بأن سبب الموت هنا ترك وهناك فعل لما به الرائحة اه . ولعل الفرق بين لبنها الذي بعد اللبأ وبين اللبأ أنه لا يقوم مقامه غيره ، بخلاف الرضاع بعده فإنه يقوم غير لبنها مقامه في الجملة .
قوله : ( لم تجبر الأم ) ظاهره وإن امتنعت الأجنبية قاله ح ل وقال م د أي حيث لم تمتنع الأجنبية قال ح ل وإذا أخذت الأم الأجرة سقطت نفقتها إن نقص الاستمتاع بها ، وهل مثل الرضاع غيره في ذلك فكل ما نقص الاستمتاع أسقط نفقتها ، أو يفرق بين الإرضاع وغيره من بقية الأشغال . قوله : ( وإن كانت في نكاح أبيه ) غاية في عدم إجبار الأم . قوله : ( وهي منكوحة أبي الرضيع ) وكذا لو كانت مفارقة منه كما في شرح المنوفي الكبير فإن كانت منكوحة غير أبيه فله أي لغير أبيه منعها ، أي ما لم تكن مستأجرة(4/443)
"""""" صفحة رقم 444 """"""
لإرضاعه قبل نكاحه ، كما قاله : ق ل وغيره . قوله : ( فليس له منعها ) أي إذا استويا في عدم الأجرة أو في طلبها فإن تبرعت الأجنبية دون الأم أو كان ما طلبته الأجنبية دون ما طلبته الأم فللأب منع الأم ق ل . وعبارة المنهج ، فإن رغبت في إرضاعه ولو بأجرة مثله أو كانت منكوحة أبيه فليس لأبيه منعها ، وخرج بأبيه غيره كأن كانت منكوحة غير أبيه فله منعها ، لا إن طلبت لإرضاعه فوق أجرة مثل أو تبرعت بإرضاعه أجنبية أو رضيت بأقل من أجرة مثل دونها أي دون الأم فله منعها من ذلك لقوله تعالى ) وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم } ) البقرة : 233 ) اه . وقوله بأبيه أي المذكور في قوله : فليس لأبيه منعها والمراد بالغير الزوج الآخر والسيد فقوله : كأن كانت الخ أي وكأن كانت مملوكة غير أبيه وقوله : فله أي لغير الأب منعها أي ما لم تكن مستأجرة لإرضاعه قبل نكاحه وقوله : أو تبرعت بإرضاعه أجنبية فإن تبرع به غيرها فللأب انتزاعه من أمه ودفعه للمتبرعة ومثلها الراضية بدون أجرة المثل إذا لم ترض الأم إلا بها ولو اختلفا في وجود المتبرعة أو الراضية بدون أجرة المثل فهو المصدق بيمينه لأنها تدّعي عليه أجرة ، والأصل عدمها وقوله : فله منعها من ذلك أي حيث كان لبن الأجنبية يمري عليه وإلا أجيبت الأم بلا خلاف والمجاب السيد في الأمة مطلقاً اه .
قوله : ( لأنها عليه أشفق ) فإن قيل : ما الحكمة في أن الأم أشفق على الولد من الأب وهو خلق من مائهما . فالجواب أن ماء الأم من قدامها من بين ترائبها قريباً من القلب الذي هو موضع الشفقة ومحل المحبة والأب يخرج ماؤه من وراء ظهره من الصلب وهو بعيد من القلب الذي هو موضع الشفقة والرحمة . فإن قيل : ما الحكمة في أن الولد ينسب إلى الأب دون الأم . قيل : لأن ماء الأم يخلق منه الحسن في الولد والسمن والهزال والشعر واللحم وهذه الأشياء لا تدوم في الولد بل تزول أو تتغير وتذهب وماء الرجل يخلق منه العظم والعصب والعروق والمفاصل وهذه الأشياء لم تفارقه إلى أن يفنى . قوله : ( ولا تزاد نفقتها للإرضاع ) أي لا تزاد نفقتها التي تستحقها بسبب الزوجية لأجل الإرضاع لأنها إنما تستحق في مقابلته أجرة ، لا مؤنة . قوله : ( ويجب على السيد ) ولو ذمياً شراء ماء طهارته أي رقيقه وإن تعدى بنقضها كما يجب عليه إبدال النفقة وإن أتلفها عمداً وتكرر ذلك منه غاية الأمر أن له تأديبه على ذلك . قوله : ( وإن كان رقيقه كسوباً ) غاية قوله : ( أو مستحقاً منافعه بوصية أو غيرها ) أي أو كان(4/444)
"""""" صفحة رقم 445 """"""
مستحق القتل بردة أو غيرها فلا يشترط عصمته وفرقوا بينه وبين القريب المرتد لاشتراط عصمة القريب بتمكنه من إخراج الرقيق عن ملكه بخلاف القريب . قوله : ( أو غيرها ) كهبة بأن وهب منافعه لشخص . قوله : ( ومعاراً ) أو مرهوناً أو مستحق القتل بردة أو غيرها لبقاء الملك في الجميع فلا يشترط أن يكون معصوماً . فإن قيل : شرط نفقة القريب أن يكون معصوماً فهلا كان الرقيق كذلك . أجيب بأنه متمكن في الرقيق من إزالة الملك ببيع أو قتل فلما رضي ببقائه على ملكه ، وجب عليه مؤنته ولا كذلك القريب اه . عبد البر على التحرير .
قوله : ( وآبقاً ) أي أبق إلى محل يعرفه السيد وهذا ظاهر . وأما إذا كان السيد لا يعرفه فكيف يتصور ويتصوّر بما إذا كان مال سيده بمحل وله وكيل فأبق العبد إلى ذلك المحل فجاء إلى الوكيل وقال له : أنا عبد موكلك أبقت فلم يصدقه ، فيأخذه العبد ويرفعه إلى القاضي ويدّعي عليه ويأخذ نفقته من الوكيل سم . ويمكن أن يصوّر أيضاً بما إذا رفع أمره لقاضي بلد الإباق وطلب منه أن يقترض على سيده لكن يبقى الكلام هل يجيبه إلى ذلك حيث علم إباقه ، أو لا ليحمله على العود لسيده . فيه نظر والأقرب أن يأمره بالعود إلى سيده فإن أجاب إلى ذلك وكل به من يصرف عليه ما يوصله إلى سيده قرضاً اه بحروفه . قوله : ( نعم المكاتب ) وكذا قوله : وكذا الأمة إذا سلمت مستثنيان من قوله : ونفقة الرقيق واجبة . قوله : ( نعم إن عجز ) وكذا إن احتاج بأن لم يكفه الكسب ولو لم يعجز نفسه ، كما في شرح م ر وتجب فطرة المكاتب كتابة فاسدة على سيده لعدم تكررها كل يوم . قوله : ( فعليه ) أي السيد . قوله : ( وكذا الأمة المزوّجة ) أي لا يجب لها على السيد شيء . قوله : ( حيث أوجبنا نفقتها على الزوج ) بأن سلمت له ليلاً ونهاراً . قوله : ( من جنس طعامه ) أي المالك وهو السيد . قوله : ( قال ) أي الشافعي قوله : ( لما فيه من الإذلال ) نعم إن اعتيد ولو ببلادنا على الأوجه كفى إذ لا تحقير حينئذ اه حج .(4/445)
"""""" صفحة رقم 446 """"""
قوله : ( فله ذلك ) هذا يفهمه قولهم : من الغالب فلو كانوا لا يستترون أصلاً وجب ستر العورة لحق الله تعالى ويؤخذ من التعليل أن الواجب ستر ما بين السرة والركبة شرح م ر . فالمراد بالعورة هنا عورة الصلاة بالنسبة للرقيق الذي الكلام فيه . قوله : ( فلا تصير ديناً الخ ) عبارة شرح المنهج ، فلا تصير ديناً إلا بما مرّ في مؤنة القريب اه . وهذه أعم قوله : ( ويبيع القاضي فيها ماله ) أي أو يؤجر ماله .
قوله : ( أنفق عليه من بيت المال ) أي فرضاً على الأوجه فلا رجوع به ، ثم على مياسير المسلمين أي قرضاً فيرجعون به كاللقيط . قوله : ( لأنها لا تتكلم ) وأصلها اسم لذوات الأربع ، من دواب البر والبحر والمراد بها هنا أعم من كل حيوان محترم فيجب فيه ما يدفع ضرره من علف وسقي وغيرهما اه برماوي . قوله : ( في هرة ) أي بسبب هرة . قوله : ( أي هوامها ) وهي الحشرات . روى البخاري وأبو دواد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي كان يعوّذ الحسن والحسين رضي الله عنهما ويقول : ( أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ) وهي التي إذا نظرت إلى شيء أصيب ثم يقول : ( كان أبوكما إبراهيم يعوّذ بهما إسماعيل وإسحاق عليهما السلام ) قال الخطابي : الهامة إحدى الهوامّ ذوات السموم كالحية والعقرب ونحوهما . وفي الإحياء وقوت القلوب : يقال إن الطير والهوام يلقي بعضها بعضاً يوم الجمعة ويقول سلام سلام يوم صالح ، قال بعضهم آية من كتاب الله تعالى من قرأها كل يوم يأمن من الهوام ) إني توكلت على الله ربي وربكم } ) هود : 56 ) إلى آخر الآية اه من مختصر حياة الحيوان للسيوطي . قوله : ( كالفواسق الخمس ) وهي المنظومة في قوله :(4/446)
"""""" صفحة رقم 447 """"""
خمس فواسق في حلّ وفي حرم
يقتلن بالشرع عمن جاء بالحكم
كلب عقور غراب حية وكذا
حداءة فأرة خذ واضح الكلم ومراده الغراب الذي لا يؤكل قال في المصباح : الفسق أصله خروج الشيء على وجه الفساد وسميت هذه الحيوانات فواسق استعارة وامتهاناً لهنّ لكثرة خبثهنّ وأذاهنّ ودخل تحت الكاف غير الخمس كالدبّ والنسر ونحوهما . قوله : ( بل يخليها ) أي يخلي سبيلها لأنها لا تقتنى وعبارة م ر . بل يجب أن يخلي سبيلها .
قوله : ( ولا يجوز له حبسها لتموت جوعاً ) قال : م ر في شرحه ولو كان مستحق القتل لحرابة أو ردّة أو نحوهما إذ لا تسقط كفايته أي من المؤنة بذلك لأن قتله بتجويعه تعذيب يمنع منه خبر مسلم الذي ذكره الشارح . قوله : ( إلا لأكله ) يؤخذ منه أنه لا يذبحه لأخذ جلده أو ريشه قوله : ( أو إكراهاً ) أي ويصرف أجرتها في مؤنتها . قوله : ( فعلى بيت المال ) ثم على مياسير المسلمين قوله : ( ولا يكلفون ) أتى بجمع العقلاء تغليباً لهم على غيرهم . قوله : ( لورود النهي عنه في الرقيق ) وهو ( للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل ما لا يطيق ) اه . والمراد تكليفه ذلك فلو اتفق ذلك في بعض الأوقات لحاجة أو عذر لم يحرم كما ذكره البرماوي . قوله : ( وقيس عليه ) أي على الرقيق قوله : ( الدوام عليه ) هذا هو المنفي وأما العمل الشاقّ في بعض الأيام فجائز إذا كان لا يضر ضرراً فاحشاً ولم يقصد المداومة والمعنى أنه إذا كلف دابته أو رقيقه عملاً لا يطيق الدوام عليه مع قصد المداومة حرم ، وفي الروض وشرحه ويتبع السيد في تكليف رقيقه العادة في إراحته وقت القيلولة والاستمتاع وفي العمل طرفي النهار ويريحه من العمل إما الليل إذا استعمله نهاراً لا النهار إن استعمله ليلاً وإن اعتادوا أي السادة الخدمة من الأرقاء نهاراً مع طرفي النهار بطوله اتبعت عادتهم وعلى العبد بذل الجهد ، وترك الكسل في الخدمة اه . وقال : ع ش ولو فضل نفيس رقيقه لذاته على خسيسه ، كره في العبيد(4/447)
"""""" صفحة رقم 448 """"""
وسنّ في الإماء اه . ولا يحل ضرب الدابة إلا بقدر الحاجة ، ومثل الضرب النخس حيث اعتيد لمثله ، فيجوز بقدر الحاجة ولو خلى دوابه للرعي ، مع علمه أنها تذهب ولا تعود إليه ، فينبغي أن لا يحرم ذلك ، وأن لا يكون ذلك من باب تسييب السوائب المحرّم لأن هذا للضرورة ، ومن ذلك أيضاً ما لو ملك حيواناً باصطياد ، وعلم أن له أولاداً تتضرر بفقده ، فالأوجه جواز تخليته ليذهب لأولاده ولا يكون من باب التسييب وفي الحديث ما يدل له .
قوله : ( لا يحلب المالك ) بابه قتل قوله : ( ما يضر ولدها ) أي أو يضرها فيحرم شرب لبن البهيمة ، إلا ما فضل عن ابنها أو يستغني عنه حتى لو لم يكف العجل لبن أمه ، وجب عليه أن يشتري له لبناً أيضاً لأن نفقته واجبة عليه ، وكذا الطير اه برماوي . قوله : ( إن استمرأه ) بالهمز أي كان مريئاً له أي محمود العاقبة أو إن وافقه وألفه واعتاده . قوله : ( ولا يجوز الحلب ) بسكون اللام وفتحها مصدر ويطلق الحلب بفتحتين على اللبن المحلوب أيضاً وليس مراداً هنا كما في المصباح . قوله : ( ويحرم جزّ الصوف ) أي نتفه بخلاف جزّه بالمقص . قوله : ( الكوارة ) بالضم والتخفيف وتثقيله لغة . والمراد هنا بيت النحل كالخلية ويجوز فيها كسر الكاف مع التخفيف وحذف الهاء كما في المصباح . قوله : ( نوله ) بفتح النون أي ما ينال ويحصل منه وهو الحرير . قوله : ( لحصول فائدته ) وهي الحرير لأنه لا يحصل منه إلا بتجفيفه . قوله : ( وخرج بما فيه روح الخ ) لم يتقدّم التقييد بذي الروح إلا أن يقال : إنه مقابل لمحذوف أي ما تقدم فيما(4/448)
"""""" صفحة رقم 449 """"""
فيه روح وخرج به ما لا روح فيه وقرر شيخنا . قوله : بما فيه روح أي المفهوم مما سبق لأن جميع ما سبق في ذي الروح فهو مفهوم وإن لم يصرح به . قوله : ( كقناة ودار ) أي وزرع وثمار فلا يجب سقيها ولا يرد على ذلك أن إضاعة المال حرام ، لأن محله إذا كان سببها فعلاً دون ما إذا كان تركاً كما هنا . فالحاصل أن تلف المال بالترك جائز كترك الأشجار بلا سقي والدار بلا عمارة ، وبالفعل لا يجوز كرمي درهم مثلاً بلا غرض اه م د .
3 ( ( فصل : في النفقة ) ) 3
قوله : ( في النفقة ) فيه أن الفصل معقود لنفقة الزوجة خاصة والشارح جعله عاماً . قوله : ( وعليه أن يقدمها الخ ) أي إن لم تصبر على الإضافة كما ذكروه في الصدقة . وقد جمع بعضهم ما يجب للزوجة فقال :
حقوق إلى الزوجات سبع ترتبت
على الزوج فاحفظ عدّها ببيان
طعام وأدم كسوة ثم مسكن
وآلة تنظيف متاع لبنيان
ومن شأنها الإخدام في بيت أهلها
على زوجها فاحكم بخدمة إنسان
وقوله : في النظم لبنيان المراد به البيت أي متاع البيت يعني فرش البيت الذي تجلس عليه أو تنام عليه وتتغطى به وشامل أيضاً لآلة الطبخ ولآلة الأكل والشرب والأدم شامل للحم . قوله : ( ثم بمن تعول ) معناه أن العيال والقرابة أحق من الأجانب . قوله : ( وأورد على الحصر الخ ) وأجيب بأن ذلك يشبه الملك ولذلك لا يبرأ بالتسليم ، فلا إيراد وعبارة أ ج قد يقال : لا إيراد لأن ما ذكر داخل في الملك لأنه مملوك فيما سبق . قوله : ( ومنها نصيب الفقراء ) ومنها(4/449)
"""""" صفحة رقم 450 """"""
خادم الزوجة فنفقته على الزوج . وأجيب بأنها من علق النكاح أي فهي داخلة في النكاح . قوله : ( وقبل الإمكان ) قضيته أنه بعد الإمكان وقبل الدفع لا تجب النفقة عليه والظاهر أنه ليس كذلك كما قرره شيخنا . قوله : ( على المالك ) الأولى المزكي لأجل أن يكون وارداً على الحصر . قوله : ( وقدم القسمين ) المناسب أن يقول السببين : لأن الكلام في الأسباب وقال بعضهم قوله : وقدم القسمين أي قدم مسببهما وهما نفقة القريب ونفقة المملوك ، وقوله : ثم شرع في القسم الأوّل أي في مسببه . قوله : ( ونفقة الزوجة ) لما أباح الله للزوج أن يضر المرأة بثلاث ضرائر ويطلقها ثلاثاً جعل لها ثلاثة حقوق النفقة والكسوة والإسكان وهو يتكلفها غالباً لضعف عقلها فكان له عليها ضعف ما لها عليه من الحقوق وهو الستة المتقدمة الثلاث ضرائر والطلقات الثلاث ومراده الزوجة حقيقة أو حكماً فتدخل الرجعية والبائن الحامل فيجب لهما ما يجب للزوجة ما عدا آلة التنظيف والمراد بالنفقة جميع ما وجب لها ، فحكمه كالنفقة لاخصوص القوت قوله : ( الممكنة ) سواء كانت مسلمة أو ذمية أو أمة وخرج بها غير الممكنة فلا نفقة لها وعدم التمكين بأمور ، منها النشوز وهو الامتناع من الوطء أو غيره من الاستمتاعات حتى القبلة وإذا نشزت بعض النهار سقط جميع نفقة ذلك اليوم ، وكذا إذا نشزت بعض الليل فتسقط نفقة اليوم الذي بعده ، لأن الليل سابق النهار وإذا نشزت أثناء فصل سقطت كسوته الواجبة من أوله وإن عادت للطاعة لأنه بمنزلة يوم النشوز ولو جهل سقوطها بالنشوز ، ودفعها لها رجع عليها إن كان ممن يخفى عليه ذلك ، ومنها الصغر بخلاف الكبيرة إذا كان زوجها صغيراً فلها النفقة ومنها العبادات ، فإذا أحرمت بحج أو عمرة بغير إذنه وهي في البيت فلها النفقة ما لم تخرج ، لأنه قادر على تحليلها أو بإذنه فإن لم يخرج معها فلا نفقة لها ، وكذا إذا صامت تطوّعاً بغير إذنه وامتنعت من الإفطار فليس لها النفقة ومحل سقوط النفقة بالنشوز ، إذا لم يستمتع بها معه . اه م د وقوله : ما لم تخرج أي فإن خرجت سقطت نفقتها والمسقط لها هنا العبادة اه .
قوله : ( واجبة ) أي وجوباً موسعاً فلو طالبته وجب عليه الدفع . فإن ترك مع القدرة عليه أثم ولا يحبس ولا يلازم وليس لها مطالبته بنفقة مستقبلة وإن أراد سفراً على المعتمد عند شيخنا ، ولو وقع التمكين في أثناء اليوم أو الليلة وجب لها بقسطه من الباقي بخلاف ما لو نشزت وعادت لم يجب لها شيء من نفقة اليوم أو الليلة فإن كانت قبضتها فله استردادها ق ل على الجلال قوله : ( بالتمكين التام ) خرج بالتام ما لو مكنته ليلاً فقط مثلاً أو في دار مخصوصة مثلاً فلا نفقة لها م ر . أو كانت مسلمة له ليلاً لا نهاراً . والحاصل أنه يخرج بقوله : بالتمكين التام التمكين غير التام كما إذا كانت صغيرة لا تطيق الوطء ولو تمتع بالمقدمات وما إذا كانت أمة مسلمة له نهاراً أو ليلاً أو بالعكس أو في نوع من التمتع دون آخر أو كانت معتدّة عن(4/450)
"""""" صفحة رقم 451 """"""
شبهة . قوله : ( وعلى المولود له ) المراد به الزوج وإن لم يكن له ولد فالمعنى وعلى ما يولد له قوله : ( بأمانة الله ) أي جعلهنّ الله تحت أيديكم كالأمانة وقوله : بكلمة الله وهي النكاح والتزويج قوله : ( ما ملك عليها ) أي ما ملك الانتفاع به وهو البضع وتوابعه . قوله : ( من الأجرة لها ) أي النفقة وأطلق عليها أجرة لأن الزوجة كالمكتراة للزوج ، وهو كالمكتري لها من حيث إنه يتمتع بها قوله : ( ولو حصل التمكين ) أي ابتداء من غير سبق نشوز فإن سبق نشوز ، ثم أطاعت في أثناء النهار فلا تجب بالقسط لتعديها وتغليظاً عليها . قوله : ( فالظاهر وجوبها بالقسط ) ويحسب الليل وهذا في اليوم الأوّل وأما لو نشزت في يوم بعد ذلك . ثم أطاعت فيه لم يجب قسطه كما سيأتي . ق ل أي بل يستمر سقوط نفقة اليوم بتمامه ولو كان النشوز في لحظة منه ما لم يستمتع بها فإن حصل الاستمتاع ولو كانت مصرّة على النشوز ، وجبت لها نفقة اليوم بتمامه ، كما صدّر به م ر في شرحه . وقرره شيخنا العشماوي والعزيزي وخالف ح ل . وقال : لا يجب لها إلا قدر زمن الاستمتاع فقط وذكره م ر آخراً واعتمده ع ش . فليراجع وليحرر قوله : ( أوجههما الثاني ) فيه أن النفقة دائرة مع التمكين وجوداً وعدماً وهذا شأن السبب لا الشرط لأنه لا يلزم من وجوده الوجود فالمناسب جعله سبباً لا شرطاً .
قوله : ( فلا تجب بالعقد ) مفرّع على قوله واجبة بالتمكين كما قرره شيخنا . قوله : ( ولأنها مجهولة ) لأنه لا يدري هل هو في كل يوم معسر أو موسر أو متوسط . قوله : ( بعد سنتين ) المعتمد بعد ثلاث سنين ، لأنه عقد عليها وهي بنت ست سنين ، ودخل بها وهي بنت تسع . قوله : ( ولو كان ) أي الإنفاق قوله : ( ولساقه ) أي الإنفاق وقوله : ولو وقع أي سوقه إليها . قوله : ( وهي عاقلة بالغة ) ولو سفيهة ، ولو قال : كشرح المنهج وهي مكلفة لكان أخصر . قوله :(4/451)
"""""" صفحة رقم 452 """"""
( كتب الحاكم ) أي وجوباً برماوي قوله : ( فيجيء ) بالنصب والرفع ع ش على م ر فإن منعه عذر عن المجيء لم يفرض القاضي عليه شيئاً لعدم تقصيره اه برماوي . قوله : ( فرضها القاضي ) هذا ما قاله الشارح تبعاً للمنهج والمنهاج واعتمده م ر . والذي اعتمده شيخنا تبعاً لشيخه البلقيني ، أنه لا يحتاج إلى الرفع للحاكم بل تجب نفقتها من حين وصول الخبر إليه ومضيّ زمن إمكان القدوم عليه وعبارة المحلى في شرح المنهاج ولم يتعرض البغوي وغيره للرفع إلى الحاكم وكتبه بل قالوا : تجب النفقة من حين يصل الخبر إليه ويمضي إمكان زمن القدوم عليها حكاه في الروضة تبعاً للشرح قوله : ( ومراهقة ) بعد الحكم بطاعتها وهذا بخلاف ما لو ارتدت ثم أسلمت ، تعود نفقتها وإن كان الزوج غائباً ولا تحتاج إلى حكم حاكم وإعلامه به ، لأن نفقة المرتدة سقطت بردتها فإن عادت إلى الإسلام ارتفع المسقط ، بخلاف الناشزة فإن نفقتها سقطت لخروجها من يد الزوج وطاعته فلا تعود إلا إذا عادت إلى قبضته ولا يحصل ذلك في غيبته إلا بما مر .
فرع : التمست زوجة غائب من القاضي أن يفرض لها فرضاً ، اشترط ثبوت النكاح ، وإقامتها في مسكنه ، وحلفها على استحقاق النفقة وأنها لم تقبض منه نفقة مستقبلة فحينئذ يفرض لها عليه نفقة معسر حيث لم يثبت أنه غيره ويظهر أن محل ذلك إذا كان له مال حاضر بالبلد يريد الأخذ منه وإلا فلا فائدة للفرض ، إلا أن له فائدة هي منع المخالف من الحكم بسقوطها بمضيّ الزمان وأيضاً فيحتمل طروّ مال فتأخذ منه من غير احتياج إلى رفع للحاكم . ورجحه الأذرعي اه س ل . وقوله : ومراهقة الذي يؤخذ من ح ل أنه إنما يقال فيها معصر وعبارة ح ل المعصر بمثابة المراهق في الذكر لأنه يقال صبي مراهق وصبية معصرة ولا يقال هي مراهقة اه . بحروفه ومثله في شرح م ر والظاهر أن المراهقة ليست قيداً بل المدار على محتملة الوطء كما قرره شيخنا . وأما التي لا تحتمل الوطء فلا نفقة لها قال في المنهج وشرحه تجب المؤن ولو على صغير لا يمكنه وطء لا لصغيرة لا توطأ بالتمكين لا بالعقد وإنما لا تجب للصغيرة لتعذر الوطء لمعنى فيها كالناشزة بخلاف الصغير إذ المانع من جهته اه . وقوله : ولو على صغير الغاية للرد وانظر هل الوجوب على الصغير والوليّ متحمل عنه نظير ما قالوه : في الفطرة أو الوجوب على الولي ابتداء حرر ذلك . قوله : ( ولو اختلف الزوجان في التمكين الخ )(4/452)
"""""" صفحة رقم 453 """"""
خرج بذلك ما لو اختلفا في الإنفاق والنشوز فإنها المصدقة فإن ادعى دفع النفقة والكسوة وأنكرت صدقت بيمينها وكذا إذا ادعى النشوز بعد اتفاقهما على التمكين فإنها المصدقة أيضاً ز ي أ ج . قوله : ( صدق بيمينه ) فلو رد عليها اليمين فحلفت استحقت النفقة ، لأن اليمين المردودة كالبينة قوله : ( ثم إن كان الزوج ) بيان لقوله : مقدّرة فتقدير الشارح . ثم غير مستقيم لأنه يقتضي التغاير فكان الأولى أن يقول : بدل قوله : ثم وبيان ذلك أن يقال إن كان الزوج . ويجاب بأن مرتبة التفصيل متأخرة عن مرتبة الإجمال فصح الإتيان بثم . قوله : ( حراً ) أما الرقيق فمعسر وحينئذ فهو خارج بقوله : موسراً إلا أن يقال : هو كقوله : معسر كما قرره شيخنا . قوله : ( من الحب ) ليس بقيد قوله : ( من غالب الخ ) أي ما يستعمله أهل ذلك المحل غالب الأوقات ومن لازم ذلك غالباً لياقته بالزوج ومن ثم لم يقيده بكونه لائقاً به مع أنه لا بد من ذلك ح ل .
قوله : ( أي غالب قوت بلدها ) أي مما يقتاتونه أكثر أيام السنة ق ل . قوله : ( فالتعبير بالبلد ) أي الذي فسر به الشارح كلام المصنف بقوله : أي غالب قوت بلدها وإنما فسره بما ذكره وجعله جرياً على الغالب ولم يفسر كلامه بقوله : أي غالب قوت مكانها فيشمل القرية والبادية لأن التعبير بالبلد هو الواقع في كلام الأصحاب اه شيخنا . قوله : ( كزيت ) بدأ به لخبر أحمد والترمذي وغيرهما كالحاكم وصححه على شرطهما ( كلوا الزيت وادّهنوا به فإنه من شجرة مباركة ) وفي لفظ ( فإنه طيب مبارك ) شرح المنهاج لابن حجر . قوله : ( شيرج ) هو دهن السمسم وهو بفتح الشين ولا يجوز كسرها اه مصباح . قوله : ( ) من أوسط ما تطعمون أهليكم } ^ ) ( المائدة : 89 ) أي والزوجة من الأهل أو هي المرادة بالأهل واعترض بأن قوله : من أوسط الخ مفروض في الكفارة وليس فيها زيت ولا سمن ولا يكفي فيها الخبز . وأجيب بأن هذا مذهب صحابي لا مذهبنا ، كما قرره شيخنا . وقوله : بأن هذا أي التكفير بالخبز(4/453)
"""""" صفحة رقم 454 """"""
والزيت أو السمن وقوله مذهب صحابي أي ابن عباس وابن عمر قوله : ( الخبز والزيت ) بالجر بدل من أوسط أو عطف بيان عليه وهذا دليل لقوله الطعام لا ينساغ إلا بالأدم وإلا فهذه الآية مفروضة في كفارة اليمين فلا فيما يجب للزوجة ، واختلاف التفسير باختلاف البلاد والأماكن ، فالتفسيران بحسب حال الناس . قوله : ( ويختلف قدر الأدم ) الأولى حذف قوله : قدر ومن ثم لم يذكره م ر ، لأن الكلام في أصل الأدم وأما تقديره فسيأتي في قوله : ويقدر الأدم الخ . قوله : ( وقد تغلب الفاكهة ) ليس هذه من الأدم ويستفاد منه ، أن الواجب لا يتقيد بالأكل والأدم . بل كل ما جرت به العادة يجب حتى نحو قهوة وفطرة ، وكعك وسمك في أوقاتها وسيأتي ق ل . قال : شيخنا . وهل تكون بدلاً عن الأدم أو زائدة عليه يتبع العرف في ذلك ، والأوجه كما بحثه الأذرعي وجوب سراج لها أوّل الليل في محل جرت العادة باستعماله فيه ، ولها إبداله أي السراج بغيره . قوله : ( فتجب ) أي الفاكهة والمعتبر في قدرها ما هو اللائق بأمثاله والمتجه أنها إن أغنته عن الأدم بأن كان يتأتى عادة التأدم بها لم يجب معها أدم آخر وإلا وجب .
تنبيه : ينبغي أن يجب ما تطلبه المرأة عند ما يسمى بالوحم من نحو ما يسمى بالملوحة إذا اعتيد ذلك ، وأنه حيث وجبت الفاكهة والقهوة ونحو ما يطلب عند الوحم ، يكون على وجه التمليك فلو فوته استقر لها ولها المطالبة به ولو اعتادت نحو الأفيون بحيث تخشى بتركه محذوراً من تلف نفس ونحوه لم يلزم الزوج لأن هذا من باب التداوي اه م ر سم . قوله : ( فيفرضه ) أي ما يحتاج إليه المدّ قوله : ( ويوسطه فيهما ) نسخة بينهما : أي بين المعسر والموسر وهي الصواب قوله : ( ويجب لها عليه لحم ) عطفه على الأدم يفيد أنه ليس منه وقد يطلق اسم الأدم عليه ، ويلزمه ما يحتاج إليه من نحو ماء وحطب وما يطبخ به من نحو قرع اه برماوي . قوله : ( الكسوة ) بكسر الكاف وضمها قوله : ( لفصلي الشتاء ) غلب فصل الشتاء على فصل(4/454)
"""""" صفحة رقم 455 """"""
الربيع وفصل الصيف على فصل الخريف ، وإلا فالكسوة تجب كل ستة أشهر لا لفصل الشتاء وحده ولا لفصل الصيف الحقيقيين اه شيخنا .
قوله : ( وعلى المولود له ) وهو الزوج قوله : ( ولا بد أن تكون الكسوة تكفيها ) لأن له التمتع بجميع بدنها فوجب كفايته ولا يجاب لما دونه وإن كانت عادتهم ق ل على الجلال . قال ابن حجر : ويظهر أنه لا عبرة باعتياد أهل بلد ثيابها كثياب الرجل ، وأنها لو طلبت تطويل ذيلها ذراعاً أجيبت إليه وإن لم يعتده أهل بلدها . لما فيه من زيادة الستر . ويختلف عددها باختلاف محل الزوجة برداً وحراً ومن ثم لو اعتادوا ثوباً للنوم وجب كما جزم به بعضهم اه . واعتبرت الكفاية في الكسوة دون النفقة لأنها في الكسوة محققة بالرؤية بخلافها في النفقة شرح المنهج . قوله : ( ولا فرق بين البدوية ) إن كان راجعاً لقوله : ولا يختلف عدد الكسوة الخ كان ضعيفاً لأن المعتمد الفرق بينهما في عدد الكسوة لأن البدوية لها كسوة والحضرية لها كسوة وإن كان راجعاً لقوله : ولا بد أن تكفيها كان صحيحاً ، والضابط : أن عدد الكسوة في كل مكان لا يختلف باليسار والإعسار فيجب في كل مكان ما جرت به العادة عندهم ولا يختلف عدده باليسار وغيره لكن يؤثران في الجودة والرداءة . واعلم أنه يجب لها القهوة والدخان وفطرة العيد وكعك العيد وسمكه ولحم الأضحية وحبوب العشر والكشك في أربع أيوب وما تحتاجه عند الوحم ، وأما الأفيون فلا يجب وكذلك الحلبة بالعسل عقب النفاس لا تجب وكذا إطعام ، من يأتي إليها من النساء في النفاس لا يجب على الزوج .
قوله : ( ويجب لها عليه في كل ستة أشهر الخ ) أي وإن لم تبل الأولى برماوي قال الدميري : والظاهر أن هذا التقرير في غالب البلاد التي تبقى فيها الكسوة هذه المدّة فإن كانوا في بلاد لا تبقى فيها الكسوة هذه المدّة لفرط الحرارة أو لرداءة ثيابها اتبعت عادتهم وكذا إن كانوا يعتادون ، لبس ما يبقى سنة كالأكسية والوثيقة فالأشبه اعتبار عادتهم ويفهم من اعتبار العادة أنهم لو اعتادوا التجديد كل ستة أشهر مثلاً فدفع لها ، ومن ذلك ما جرت به عادتهم فلم يبل في تلك المدّة وجوب تجديده على العادة لأنها ملكت ما أخذته عن تلك المدّة دون ما بعدها ولو عقد عليها في أثناء أحدهما فالواجب القسط كما ذكروه في نظيره من النفقة وانظر ما المراد بالقسط هنا فإن من الكسوة القميص مثلاً فما معنى التقسيط فيه هل هو خلق يكفي ما(4/455)
"""""" صفحة رقم 456 """"""
بقي أو بنسبة ما بقي من ثمنه اه سم ملخصاً . والظاهر أنه ينظر للقيمة فإذا كانت قيمة الكسوة الكاملة من الريالات ستة ومكنت في أثناء المدّة وجب لها نصف السنة اه ع ش على م ر . قوله : ( قميص ) وفي تعبيره بقميص إشعار بوجوب الخياطة ، على الزوج سم وز ي وعبارة ق ل . ويتبعه ما تحتاج إليه من خياطة وخيط وإن لم تخط به كما في الطحن . ونحوه ولو دفعه لها مخيطاً لم يلزمها قبوله : ويكفي ملبوس لم تذهب قوته وأولى منه الجديد ق ل والعبارة في التعدّد بأمثالها ولو انتقلت إلى بلد اعتبر أهله اه . قوله : ( وسراويل ) قال المرادي وذهب بعضهم إلى أن سراويل جمع سروالة وأنه عربي أطلق على المفرد وردّ بأن سروالة لم يسمع وأما قوله :
عليه من اللؤم سروالة فمصنوع لا حجة فيه . قلت ذكر الأخفش أنه سمع من العرب وقال أبو حاتم : العرب يقولون سروال والذي يرّد به هذا القول : أن سروالاً لغة في سروايل لأنه بمعناه وأن النقل لم يثبت لا سيما في الأجناس وإنما ثبت في الأعلام اه من حاشية شيخنا الملوي على المكودي .
قوله : ( ومكعب ) أي مداس ويلحق به القبقاب إذا جرت عادتها به شرح الروض وهو بضم الميم وفتح الكاف وتشديد العين أو بكسر الميم وسكون الكاف وفتح العين ، ولو جرت عادة نساء أهل القرى أن لا يلبسن شيئاً في أرجلهن في البيوت لم يجب لأرجلهن شيء برماوي . قوله : ( ويزيد الزوج زوجته ) ذكرهما إيضاح وإلا فالكلام فيهما . قوله : ( في الشتاء ) يعني وقت البرد ، ولو في غير الشتاء حج قال ع ش : يؤخذ منه أنه لو جرت عادة بلدها بتوسعة كمّ ثيابهم إلى حدّ تظهر معه العورة أعطيت منه ، ما يستر العورة مع مقاربته لما جرت به عادتهم اه . قوله : ( كوفية ) أي عرقية هذا عند الحضر وعند غيرهم عصبة أي فإنها أي العرقية تابعة للطربوش اه شيخنا . قوله : ( من قطن ) هو أفضل من الصوف لما علل به الشارح لكن رأيت في قصص الأنبياء ما يدل على فضيلة الصوف فليحرّر . قوله : ( رعونة ) هي الحماقة . قوله : ( فإن جرت عادة البلد الخ ) أي فمحل القطن ما لم تجر العادة بخلافه اه شيخنا . قوله : ( كزلية ) وهي بساط صغير وقيل شيء مضرّب صغير وهي بكسر الزاي وتشديد الياء شرح المنهج . وهي للمتوسط واللبد للفقير فأو للتنويع لا للتخيير وأراد بالمعسر ما عدا الموسر فيشمل المتوسط(4/456)
"""""" صفحة رقم 457 """"""
لعدم ذكره . قوله : ( أو حصير ) الحصير معروف ولا يقال حصيرة بالهاء وهو فعيل بمعنى مفعول قاله النووي في تحريره . قوله : ( نطع ) كالجلد وهو بفتح النون وكسرها مع إسكان الطاء وفتحها شرح المنهج . قوله : ( وطنفسة ) بكسر الطاء والفاء وبفتحهما وبضمهما وبكسر الطاء وفتح الفاء شرح المنهج . قوله : ( وبرة ) بفتح الباء وهي للبعير كالصوف للغنم وكذا الأرنب وما أشبهه . قوله : ( ما تفرشه نهاراً ) بضم الراء كما في المختار ع ش . قوله : ( مخدة ) بكسر الميم سميت بذلك لأنه يوضع عليها الخد ولا يجب أكثر من واحدة وإن كانت العادة جارية بأكثر منها ويجري مثله في اللحاف وغيره اه برماوي . قوله : ( وملحفة ) بكسر الميم من الالتحاف أي ملاية التي تلتحف بها المرأة واللحاف كل ثوب يتغطى به والجمع لحف مثل كتاب وكتب اه مصباح . فظهر الفرق بين الملحفة واللحاف وذلك لأن الملاءة ثوب ذو لفقين أي فلقتين فتخاط إحداهما بالأخرى وأما اللحاف فثوب واحد .
قوله : ( على ما مرّ بيانه ) يقتضي أنه مرّ التفاوت في قدر المدّ بين الموسر والمعسر والمتوسط وأنه مرّ اختلاف جنسه باعتبار اليسار وضديه ولم يمرّ شيء منهما نعم مرّ له التفاوت في قدره في فرض القاضي عند التنازع . وقد ذكر التفاوت في القدر بين المعسر وغيره م ر ، وأما الاختلاف في الجنس باعتبار المعسر وضديه فلم يتعرّض له م د وظاهر أنه لا تفاوت بينهم في الجنس وظاهر الشارح أنه مرّ له ذلك أيضاً في الكسوة مع أنه مرّ له أنه لا يختلف عدد الكسوة أي قدرها باختلاف يسار الزوج وإعساره ولكنهما يؤثران في الجودة والرداءة وحينئذ فالجنس واحد فيهما وإنما تختلف صفته والقدر فيهما غير مختلف وما قرره في هذا يجري في قوله في المتوسط : قدراً وجنساً على ما مرّ بيانه . قوله : ( واحتجوا ) تبرأ منه لأن الآية ليست واضحة فيما ذكر إذ مقتضاها أن لا نفقة على المعسر إذ لا سعة له تأمل . قوله : ( واعتبر الأصحاب ) أي قاسوا النفقة على الكفارة .(4/457)
"""""" صفحة رقم 458 """"""
قوله : ( في كفارة الأذى ) أي كالحلق وسميت بذلك لقوله تعالى : ) أو به أذى من رأسه } ) البقرة : 196 ) اه برماوي . قوله : ( الزهيد ) أي قليل الأكل ع ش . قوله : ( ويقتنع ) في نسخة : وينتفع وهي الأولى ، لأن الترغيب لا يقنع بما ذكر . قوله : ( وعلى المتوسط ما بينهما ) وهو نصف ما على هذا ونصف ما على هذا ، أي نصف ما على الموسر ونصف ما على المعسر وذلك مدّ ونصف ز ي .
قوله : ( والمعسر هنا مسكين الزكاة ) أي بالنسبة إلى المال وهو من له مال يقع موقعاً من كفايته لو وزّع على بقية العمر الغالب ولا يكفيه أو يكفيه وفضل أقل من مدّ ونصف . أما بالنسبة للكسب فالذي يكتسب قدر كفايته كل يوم معسر هنا لا في الزكاة فالمعسر هنا هو الذي عنده ما يكفيه بقية العمر الغالب فقط أو دونه فإن زاد على العمر الغالب فإن كان مدين فأقل فمتوسط أو أكثر فموسر كذا بخط بعض تلامذة ق ل وعبارة البرماوي على المنهج بمعنى أنه ينظر فيما عنده من المال ويوزع على مؤنة ممونه في كل يوم من بقية عمره الغالب ، فإن لم يفضل عنه شيء أو فضل دون مدّ ونصف فمعسر ، أو مدّ ونصف ولم يبلغ مدين فمتوسط ، أو بلغهما فأكثر فموسر ، ويعتبر الفاضل عن كسبه كل يوم على مؤنة ممونه فيه كذلك . وقوله : عمره الغالب أي إن لم يستوفه وإلا فسنة كما في ح ل ولو ادعت يسار زوجها فأنكر صدق بيمينه إن لم يعهد له مال وإلا فلا فإن ادعى تلفه ففيه تفصيل الوديعة اه سم . قوله : ( لكن قدرته الخ ) أي فالمراد بالمسكين أحد قسميه وهو الذي لا يملك من المال ما يخرجه عن المسكنة . قوله : ( لا تخرجه عن الإعسار ) ظاهره وإن كان يكتسب قدر كفايته كل يوم . قوله : ( ومن فوق المسكين الخ ) وهنا ضابط للشيخين وهو أسهل وهو أن من زاد دخله على خرجه فموسر ومن استوى دخله وخرجه فمتوسط ومن زاد خرجه على دخله فمعسر اه خضر . قوله : ( ولو اختلف قوت البلد ) محترز قوله : من غالب قوتها . قوله : ( وجب لائق بالزوج ) قد يتوهم(4/458)
"""""" صفحة رقم 459 """"""
منه أن الغالب لا يعتبر فيه اللياقة وليس في محله لأن المراد بغالب قوت المحل ما يستعمله ، أهل ذلك المحل في غالب الأوقات ومن لازم ذلك غالباً لياقته بالزوج اه شوبري . قوله : ( وعليه تمليكها ) ليس المراد بالتمليك أن يقول : ملكتك بل المدار على الدفع والقبض ويكفي الوضع بين يديها وعبارة المنهج وعليه دفع حب الخ . قال الزيادي : أي فالواجب الدفع ويكفي الوضع بين يديها قياساً على الخلع وأما الإيجاب والقبول فليس بشرط لأن هذا وفاء عما وجب في ذمته اه . قوله : ( وعليه مؤنة طحنه وعجنه وخبزه ) وإن اعتادتها بنفسها للحاجة إليها حتى لو باعته أو أكلته حباً استحقت مؤنة ذلك على المعتمد وفارق ذلك نظيره في الكفارة حيث وجب دفع الحب فقط فيها دون مؤنة الطحن والخبز لأن الزوجة في حبسه اه شرح المنهج . وقوله : وفارق ذلك الخ غرضه بذلك الردّ على القول الضعيف القائل : بأن هذه لا تجب على الزوج قياساً على الكفارة .
فرع : وقع السؤال في الدرس هل على الرجل إعلام زوجته ، بأنها لا يجب عليها خدمته ، مما جرت به العادة من الطبخ والكنس ونحوهما مما جرت به عادتهنّ أم لا . وأجبنا عنه بأن الظاهر الأوّل لأنها إذا لم تعلم بعدم وجوب ذلك ظنت أنه واجب عليها ، وأنها لا تستحق نفقة ولا كسوة إن لم تفعله ، فصارت كأنها مكرهة على الفعل ومع ذلك لو فعلته ولم يعلمها فيحتمل أنه لا يجب لها أجرة على الفعل لتقصيرها بعدم البحث والسؤال عن ذلك ع ش على م ر . قوله : ( فإن غلب غير الحب ) محترز قوله : وعليه تمليكها الطعام حباً سليماً . قوله : ( مؤنة اللحم ) كالحطب والماء والملح . قوله : ( وما يطبخ به ) أي معه كقلقاس وبامية وغير ذلك . قوله : ( فإن اعتاضت عما وجب لهما ) أي يوم الاعتياض ، أما الاعتياض عن النفقة الماضية فيجوز من الزوج وغيره . بناء على جواز بيع الدين لغير من هو عليه وهو المعتمد سم على حج ع ش على م ر . والحاصل أن الاعتياض بالنظر للنفقة الماضية يجوز من الزوج ومن غيره . وبالنظر للمستقبلة لا يجوز من الزوج ولا من غيره وأما بالنظر للحالة فيجوز بالنظر للزوج لا(4/459)
"""""" صفحة رقم 460 """"""
لغيره . كما قاله البابلي والاعتياض بصيغة وبشرط القبض في المجلس خروجاً من بيع الدين بالدين لأنه هنا بيع دين لمن هو عليه وما يقع في الوثائق من تقرير مقدار معين عليه كل يوم فباطل إلا في اليوم الأول فقط وكذا في الكسوة إلا في الفصل الأوّل ما لم يحكم حاكم يرى ذلك فإن حكم به ارتفع الخلاف .
فرع : من النفقة ماء الشرب لأنه من الطعام فهو تمليك ، وهو مقدر بالكفاية وجنسه من مالح أو عذب ما يليق به بعادة أمثاله ق ل . قوله : ( ولو أكلت ) أي قدر الكفاية لا مطلقاً وإلا وجبت بالتفاوت كما رجحه الزركشي وقطع به ابن العماد والمراد بقوله : ولو أكلت مع الزوج أي وهي رشيدة أو أذن وليها وعبارة المنهج وتسقط نفقتها بأكلها عنده كالعادة وهي رشيدة أو أذن وليها أي في الحرة وسيدها في الأمة اه . ولو أتلفته قبل قبضها له فلا تسقط وتضمن ما أتلفته ولو سفيهة أما لو أتلفته بعد قبضه ولو من غير الجنس فلا رجوع لها بشيء وتسقط نفقتها اه ع ش على م ر . قال ح ل : وهل مثل النفقة الكسوة فإذا ألبسها ثوباً ولم يملكها ما تشتري به كسوة أو يصلح للكسوة هل تسقط كالنفقة أو لا قال شيخنا : نعم اه . وقوله : كالعادة أي أكلا كالعادة بأن تتناول كفايتها عادة فإن أكلت معه دون الكفاية طالبته بالتفاوت بين ما أكلته وكفايتها في أكلها المعتاد ويعرف ذلك بعادتها في الأكل بقية الأيام ويؤيده أن هذه مستثناة من وجوب إعطائها النفقة وقيل بين ما أكلته وواجبها الشرعي وأيد بأن الكفاية المعتادة إنما تعتبر إذا أكلتها وحيث لم تأكلها . فالواجب الشرعي باق وقد استوفت بعضه فتستوفي الباقي ح ل . وقوله : إذن وليها أي صريحاً باللفظ ولا يكفي علمه أو رؤيته وإنما اكتفى بإذنه مع أن قبض غير المكلفة لغو لأن الزوج بإذنه يصير كالوكيل عن الولي في الإنفاق عليها ولا بد من كون المصلحة في أكلها معه ، وإلا لم يصح الإذن والمراد بالولي هنا ولي المال وهل ينقطع الإذن بموته أو لا حرر ق ل على الجلال . قوله : ( لجريان العادة الخ ) عبارة شرح المنهج لاكتفاء الزوجات به في الأعصار وجريان الناس عليه فيها اه . أي الذين من جملتهم المجتهدون لأن الإجماع لا يكون إلا منهم بخلاف غيرهم فقط لا يعتبرون أفاده شيخنا . قوله : ( وبعده ) أي بعد النبي وقوله : بنفقة بعده أي بعد الأكل مع الزوج . قوله : ( فلا تسقط نفقتها ) أي ولا مطالبة له إن كان رشيداً ولم يقصد أنه عن النفقة وإلا بأن كان سفيهاً أو كان رشيداً أو قصد أنه عن النفقة فلوليه الرجوع في الأولى ويحسب عليها من النفقة في الثانية ويصدّق بلا يمين في قصده ذلك إن أنكرته وادعت نحو الهدية كما في المهر والكسوة كالنفقة برماوي وعبارة شرح م ر .(4/460)
"""""" صفحة رقم 461 """"""
ولو اختلف الزوجان فقالت : قصدت التبرع فقال : بل قصدت كونه عن النفقة صدق بيمينه كما لو دفع لها شيئاً ثم ادعى كونه عن المهر وادعت هي الهدية اه بحروفه .
قوله : ( ويكون الزوج متطوعاً ) فلا رجوع له ، عليها بشيء من ذلك إن كان غير محجور عليه وإن قصد به جعله عن نفقتها وإلا فلوليه ذلك أي الرجوع عليها كما أفتى به الوالد اه م ر . قوله : ( ويجب لها آلة تنظيف ) وإن غاب عنها غيبة طويلة كما في الحاضر على الراجح من احتمالين للأذرعي اه شوبري . وقد يتأمل فيه فإن التنظيف إنما يطلب لأجل الزوج كما في ع ش فراجعه قال م د : ومن آلة التنظيف اللبانة التي تنتف بها العانة . قوله : ( وذلك كمشط ) بضم أوله وسكون ثانيه أو ضمه وبكسر أوله مع سكون ثانيه اه . قال القفال : وخلال وبه يعلم أن السواك كذلك بالأولى حج .
قوله : ( ودهن ) أي ولو لجميع بدنها ويتبع في الدهن عرف بلدها فإن ادهن أهله بزيت كالشأم أو شيرج كالعراق أو سمن كالحجاز أو زيت مطيب ببنفسج أو ورد وجب ويرجع في مقداره إلى كفايتها كل أسبوع . ويجب لها زيت السراج بأول الليل ولها إبداله بخلاف ، ما إذا جرت العادة بعدم استعماله ، كمن تنام صيفاً بنحو سطح وقضية تقييدهم بأول الليل يقتضي عدم وجوبه ، كل الليل إذا جرت العادة بإسراج كل الليل ويمكن توجيهه بأنه خلاف السنة إذ يسنّ إطفاؤه عند النوم والأقرب وجوبه عملاً بالعادة وإن كان مكروهاً كوجوب الحمام لما اعتادته ومحل الكراهة حيث لم يترتب على دخولها رؤية عورة غيرها أو عكسه وإلا حرم وعلى الزوج أن يأمرها حينئذ بتركه كبقية المحرمات . فإن أبت إلا الدخول لم يمنعها ويأمرها بستر العورة والغضّ عن رؤية عورة غيرها اه ع ش على م ر وفي ق ل على الجلال أن دخول الحمام جائز لهنّ بلا كراهة حيث لا ريبة ولا معصية . قوله : ( على حسب العادة ) ولو كانت من وجوه الناس بحيث اقتضت عادة مثلها إخلاء الحمام لها وجب عليه إخلاؤه ، كما بحثه الأذرعي وأفتى فيمن يأتي أهله في البرد ويمتنع من بذل أجرة الحمام ، ولا يمكنها الغسل في البيت لخوف نحو هلاك بعدم جواز امتناعها منه ، ولو علم أنه متى وطئها لا تغتسل وقت الصبح وتفوتها لم يحرم عليه وطؤها كما قاله ابن عبد السلام ويأمرها بالغسل وقت الصلاة اه م ر . قوله : ( أو خطمى ) بكسر الخاء ما يغسل به الرأس مختار . قوله : ( ومرتك ) بفتح أوله وكسره وهو معرّب برماوي قال الدميري أصله من الرصاص يقطع رائحة الإبط لأنه يحبس العرق أي يذهبه وإن طرح في الخل أبدل حموضته حلاوة اه . وقال بعض الحكماء : من ملأ الكفين من قشر البندق ووضعه في وعاء وحط عليه ماء غمره وتركه في الماء من العشاء إلى الصباح ، ثم يغلي الماء والقشر(4/461)
"""""" صفحة رقم 462 """"""
حتى يصير الماء أحمر كالعناب ثم يصفى الماء عن القشر ويغسل إبطيه بماء بارد ويمسحهما بخرقة ثم يغسل عليه بماء البندق المغلي ويرفعهما في الهواء حتى ينشفا يفعل ذلك ثلاث مرات فإنه يعيش إلى آخر عمره لا يشم له رائحة صنان ولا عرق إلا رائحة كرائحة المسك الأذفر . قوله : ( ونحوه ) أي كإسفيذاج وتوتيا وراسخت . قوله : ( إذا لم يندفع بدونه ) أي بأن تعين لدفعه أما إذا لم يتعين ، كأن كان يندفع بماء وتراب فلا يجب كما في شرح المنهج . قال الأذرعي : ويشبه أن يختلف باختلاف الرتبة حتى يجب المرتك ، ونحوه للشريفة وإن كان التراب يقوم مقامه إذا لم تعتده وما بحثه ظاهر ورجحه والد شيخنا اه شوبري . قوله : ( كماء وتراب ) أي أو رماد ولو من سرجين وليس ذلك من التضمخ بالنجاسة لأن ذلك محله إذا تضمخ بها عبثاً اه ع ش على م ر . وللزوج منعها من تعاطي الثوم وما له رائحة كريهة على الأظهر . وله منعها من تناول السموم بلا خلاف ولكل أحد المنع وكذا للزوج منعها من كل ما يخاف منه حدوث مرض على الأصح ، شرح المنوفي . وعبارة ق ل وله منعها من أكل ذي ريح كريه أو لبسه مثلاً ونحو ذلك وإن خالفت نشزت .
قوله : ( ولا ما تتزين به ) ومنه ما جرت به العادة من استعمال الورد ونحوه في الأصداغ ونحوها للنساء فلا يجب على الزوج لكن إذا أحضره لها وجب عليها استعماله إذا طلب تزينها به اه ع ش على م ر . وعبارة شرح المنهج فإن أراد الزينة به هيأه لها فتتزين به اه أي يجب عليها ذلك وقضية التعبير بأراد أنه لا يتوقف على طلب استعماله منها صريحاً بل يكفي في اللزوم القرينة اه ع ش . قوله : ( لحفظ الأصل ) أي فلا يجب كما لا يجب عمارة الدار المستأجرة ، وأما آلة التنظيف فإنها نظير غسل الدار وكنسها ويؤخذ منه أنّ ما تحتاج إليه المرأة بعد الولادة لما يزيل ما يصيبها من الوجع الحاصل في بطنها ونحوه ولا يجب عليه لأنه من الدواء وكذا ما جرت به العادة ، من عمل العصيدة واللبابة ونحوها مما جرت به عادتهن لمن يجتمع عندها من النساء فلا يجب ، لأنه ليس من النفقة بل ولا مما تحتاج إليه المرأة أصلاً ولا نظر لتأذيها بتركه فإن أرادته فعلته من عند نفسها ع ش على م ر .
قوله : ( من دنس الحيض ) أي أو النفاس . ووقع السؤال في الدرس عما لو انقطع دم النفاس قبل مجاوزة غالبه أو أكثره فأخذت أجرة الحمام واغتسلت ثم عاد عليها الدم بعد ذلك ،(4/462)
"""""" صفحة رقم 463 """"""
فهل يجب عليه إبدال الأجرة لتبين أنه من بقايا الأوّل وعذرها في ذلك أم لا ؟ فيه نظر . والجواب عنه أن الظاهر أن يقال : لا يجب إبداله قياساً على ما لو دفع لها ما تحتاج إليه من الكسوة ونحوها وتلف قبل مضي زمن تجدد فيه عادة حيث لا يبدل اه . ع ش على م ر قوله : ( ثم ماء غسل ) ويتجه أن الواجب بالأصالة الماء لا ثمنه م ر فالتعبير بالماء أولى من التعبير بثمن الماء . لأن الماء هو الواجب أصالة وله إجبارها على قبوله ، وله دفع ثمنه برضاه . وكذا كل ما وجب لها مما ذكر خلافاً لبعضهم ق ل على الجلال .
قوله : ( ونفاس من الزوج ) عبارة المنهج وثمن ماء غسل بسببه أي الزوج كوطئه وولادتها منه بخلاف الحيض والاحتلام لأن الحاجة إليه في الأوّل من قبل الزوج بخلافها في الثاني . ويقاس بذلك ماء الوضوء فيفرق بين أن يكون بمسه وأن يكون بغيره اه وقوله : وولادتها منه أي لا من زنا ولو مكرهة ولا من وطء شبهة وعلى الزوج أجرة القابلة وقوله : بخلاف الحيض والاحتلام ومثلهما ما لو أدخلت ذكره في نحو نوم كإغماء وإن حبلت لعدم فعله اه . ويلحق بماء الوضوء ماء غسل نجاسة ولا بغير سببه ولا يجب ماء طهارة مندوبة . قوله : ( واحتلام ) وألحق به استدخالها لذكره وهو نائم ، أو مغمى عليه كما اقتضاه تعليلهم لانتفاء صنعه كغسل زناها ولو مكرهة وولادتها من وطء شبهة فماء هذه عليها دون الواطىء وبه يعلم أن العلة مركبة من كونه زوجاً وبفعله شرح م ر . قوله : ( آلات أكل ) أي اللائق به ولا يعتبر حالها اه . ولها أن تطالب بجميع ما وجب لها عليه ولو بالحاكم ولو بعد فراقها ولا يسقط لو تبرعت به من مالها ولو انكسر شيء مثلاً لم يجب إبداله إلا في وقت جرت العادة بإبداله اه . ق ل . قوله : ( وشرب ) بتثليث أوّله أو هو بالفتح مصدر وبكل من الأخيرين اسم اه . قاموس فاقتصار الزركشي على الفتح وبه قيد حديث ( أيام منى أيام أكل وشرب ) إنما يأتي على الثاني شرح التحفة ، لحج واقتصر في المصباح على الفتح والضم ثم قال : والشرب بالكسر النصيب اه . قال ح ل : والمشروب تمليك لا إمتاع قوله : ( وقصعة ) بفتح القاف جمعها قصع مثل بدرة وبدر وقصاع أيضاً مثل كلبة وكلاب وقصعات مثل سجدة وسجدات وهي عربية وقيل معرّبة اه . مصباح ، وفي المثل : لا تفتح الخزانة ولا تكسر القصعة اه برماوي . قوله : ( كمغرفة ) المغرفة بالكسر ما يغرف به الطعام والجمع مغارف اه . مختار ع ش قوله : ( وما تغسل فيها ثيابها ) أو تغسل به ثيابها ظاهره وإن تهاونت في سبب ذلك وتكرر منها وخالفت عادة أمثالها وهو ظاهر(4/463)
"""""" صفحة رقم 464 """"""
لا مانع منه وينبغي أن مثله ما لو كثر الوسخ في بدنها لكثرة نحو عرقها مخالفاً للعادة لأن إزالته من التنظيف وهو واجب عليه ع ش على م ر .
تنبيه : جميع ما وجب لها مما مر إذا دفعه لها يجوز أن تمنعه من استعماله ولو في نحو أكل أو شرب أي فلو خالف واستعمله بنفسه لزمته الأجرة وأرش ما نقص ومعلوم أن هذا كله في الرشيدة وأما غيرها من سفيهة وصغيرة فيحرم على وليها تمكين الزوج من التمتع بأمتعتها لما فيه من التضييع عليها ، وأما ما يقع كثيراً من طبخها ما يأتي به الزوج في الآلات المتعلقة بها وأكل الطعام فيها وتقديمها للزوج أو لمن يحضر عنده فلا أجرة لها عليه في مقابلة ذلك لاتلافها المنفعة بنفسها ولو أذن لها في ذلك كما لو قال : لغيره اغسل ثوبي ولم يذكر له أجرة بل هو أولى لجريان العادة به كثيراً ، بخلاف ما لو اشتغل بأخذ ذلك بلا إذن منها فيلزمه الأجرة ، لاستعمال ملك الغير بلا إذن ومثل ذلك يقال في الفراش المتعلق بها اه . ع ش على م ر قوله : ( ولا بد أن يكون المسكن يليق بها عادة ) أي بحيث تأمن فيه على نفسها ومالها وإن قلّ ، ويؤخذ منه أنه لا يجب عليه أن يأتي لها بمؤنسة حيث أمنت على نفسها فلو لم تأمن أبدل لها المسكن بما تأمن على نفسها فيه ، فتنبه له فإنه يقع فيه الغلط كثيراً اه ع ش على م ر . والقاعدة أن ما كان تمليكاً كالنفقة والكسوة والأواني يراعي فيه حال الزوج وما كان إمتاعاً كالمسكن والخادم ، يراعي فيه حال الزوجة اه م د وقد نظم بعضهم ذلك فقال :
ما كان إمتاعاً كمسكن وجب
لمرأة فراع حالها تثب
وإن يكن تملكاً كالكسوة
فحال زوج راعه لا الزوجة
قوله : ( يليق بها عادة ) من دار أو حجرة أو غيرهما كشعر أو صوف أو خشب أو قصب وإن كانت من قوم لا يعتادون السكنى وهذا هو المعتمد ق ل على الجلال واعتبر بحالها بخلاف النفقة والكسوة حيث اعتبرنا بحاله لأن المعتبر فيه التمليك ، وفيه الإمتاع ، ولأنهما إذا لم يليقا بها يمكنها إبدالهما بلائق فلا إضرار بخلاف المسكن ، فإنها ملزمة بملازمته فاعتبر بحالها شرح المنهج . وقوله : بحاله أي حال إعساره وغيره فلا يعارض ما تقدم من اعتبار محل الزوجة في جنس النفقة . اه برماوي وللزوج نقل الزوجة من بلد إلى بادية حيث لاقت بها وإن خشن عيشها لأن لها عليه نفقة مقدرة ، لا تزيد ولا تنقص وأما خشونة العيش فيمكنها الخروج عنه بالإبدال ، وليس له منعها من نحو غزل إلا وقت استمتاعه ولا سدّ طاقات المسكن إلا لريبة أو نظر أجنبي فيجب سدها وله منع نحو أبويها وولدها من دخوله وإن اختصرت حيث كان عندها من يقوم بتمريضها إلا خادمها وله منعها من الخروج ولو لمرض أبويها أو ولدها أو لموتهم ق ل . قوله : ( كونه ملكه ) بل يكفي كونه مكتري أو معاراً ومنه ما لو سكن معها في(4/464)
"""""" صفحة رقم 465 """"""
ملكها أو في ملك نحو أبيها نعم إن سكن في ذلك بغير إذن ولا منع من خروجه لزمته الأجرة اه ق ل . قوله : ( تلك الزوجة ) أي الممكنة المتقدمة في قوله : ونفقة الزوجة الممكنة أي الحرة مسلمة كانت أو لا وقوله : ممن يخدم مثلها أي وإن لم تخدم بالفعل في بيت أبيها لشح مثلاً كما قرره شيخنا . ومقتضاه أنه لو كان لا يخدم في بيت أبويها لكن هذه خدمت فيه بالفعل لا يجب إخدامها ح ل . قوله : ( في بيت أبيها ) فلو ارتفعت بالانتقال إلى الزوج بحيث صار يليق بحالها في بيت الزوج الخادم لم يجب ، صرح به الشيخ أبو حامد في تعليقه وأقره في الروضة . والواجب خادم واحد ولو ارتفعت مرتبتها ويشترط كون الخادم امرأةً أو صبياً أو محرماً شرح المنوفي . وقوله : في بيت أبيها قيد فلو خدمت في بيت زوج قبل ، فلا يجب على الزوج الثاني إخدامها . خلافاً للقليوبي وقد علم من قول المنوفي السابق فلو ارتفعت الخ . قوله : ( بحرّة الخ ) ظاهره وإن احتاجت لأكثر من واحدة وهو كذلك إلا إن مرضت ، واحتاجت لما يزيد ح ل والمراد بقوله : بحرة أي ولو متبرعة ولا تجبر على خدمتها للمنة كذا قالوا : وفيه نظر لما مر في دفع الأجنبي النفقة عنه ولأن المنة عليه لا عليها فراجعه قاله ق ل على الجلال .
قوله : ( أو أمة له ) أي وصبي مميز غير مراهق وممسوح ومحرم لها ولا يخدمها بنفسه لأنها تستحيي منه غالباً وتتغير بذلك كصب الماء عليها وحمله إليها للمستحمّ أو للشرب أو نحو ذلك اه شرح المنهج . وقوله : غير مراهق أي لا كبير ولو شيخاهما وقوله : ومحرم لها أي لا ذمية لمسلمة وعكسه وتعيين الخادم ابتداء إليه وفي الانتهاء إليها كأن ألفته ما لم تكن ريبة . وقوله : ولا يخدمها بنفسه أي مطلقاً وإن كانت لا تستحي منه أي لا يجبرها على خدمتها بنفسه لا أنه يحرم عليه ذلك بل لها منعه منها ويجوز بالرض ومثله أصوله وأصولها . وقوله : أو نحو ذلك أي إلا برضاه ولا تجبره عليه ولا تمنعه منه ولا يلزمها فعله لأنه مما عليه بخلاف ما عليها وبما ذكر سقط ما لبعضهم اه برماوي . قوله : ( أو مستأجرة ) أي أمة مستأجرة لئلا يتكرر مع قوله بحرة لأنها مستأجرة قرره شيخنا . قوله : ( أو بالإنفاق ) عطف على قوله : بحرة ولعل الأولى أن يقول : أو بمن صحبتها لخدمة بالإنفاق فالعبارة فيها قلب لأن الإخدام لا يكون بالإنفاق وإنما هو سبب في الإخدام إلا أن يقال : أطلق السبب وأراد المسبب وهو الذات المنفق عليها . قوله : ( من صحبتها ) أي من بيت وليها كأن بعثها معها قوله : ( لحصول المقصود ) وهو المعاشرة بالمعروف . قوله : ( ومكاتب ) عطف خاص قوله : ( لأن ذلك ) أي الإخدام(4/465)
"""""" صفحة رقم 466 """"""
المذكور ، وهذا علة للتعميم المذكور وحينئذ فليس مكرراً مع قوله : فيما سبق تعليلاً لقول المصنف : فعليه إخدامها لأنه من المعاشرة بالمعروف ، نعم المناسب العطف في التعليل على قوله : كسائر المؤن إلا أن يجعل علة للمعلل مع علته كما قرره شيخنا . قوله : ( فإن أخدمها ) ليس مكرراً مع ما سبق لأن هذا مفصل وذاك مجمل اه . قوله : ( وإن أخدمها بمن صحبتها الخ ) لا تكرار فيه مع قوله : أوّلاً أو بالإنفاق الخ . لأن ذلك لبيان أقسام واجب الإخدام وهذا لبيان أنه إذا اختار أحد تلك الأقسام ما الذي يلزمه فقول : بعضهم إنه مكرر استرواح أي قاله : من غير تأمل شرح م ر قوله : ( وعلى المتوسط ) وإنما لم يجب على المعسر ثلثا المد للخادم لأن النفس لا تقوم بدون المد غالباً قوله : ( في توجيهه ) أي في توجيه قوله : وعلى الموسر مد وثلث . قوله : ( على المتوسط ) لعل هنا سقطاً وهو لفظ مد بعد قوله : المتوسط ليكون خبراً عن أن اه مرحومي .
قوله : ( ويجب للخادم أيضاً كسوة ) أي بأن كان ملكاً له أو لها ولم يستأجره منها أو صحبها من بيت أبيها أما المستأجر فليس له إلا الأجرة ، وقوله : كسوة تليق بحاله ولو قال : دون كسوة المخدومة جنساً ونوعاً لكان أولى وعبارة المنهج فيجب له إن صحبها ما يليق به من دون مال الزوجة نوعاً من غير كسوة من نفقة وأدم وتوابعهما ومن دونه جنساً ونوعاً منها اه . وقوله : إن صحبها أي ولو أمتها . وقوله : من نفقة وأدم وتوابعهما وسكتوا عن اللحم وقضية كلامهم عدم لزومه كذا في ح ل قال : م ر وأوجه الوجهين وجوب اللحم له أي للخادم حيث جرت عادة البلد به اه . ومثله في البرماوي قوله : ( ولا يجب له سراويل ) هذا مبني على العرف القديم ، وقد اطرد الآن العرف بوجوبه للخادمة . وهذا هو المعتمد م ر ا ج . وهو مفرد جيء به على صيغة الجمع قال ابن مالك :
ولسراويل بهذا الجمع
شبه اقتضى عموم المنع(4/466)
"""""" صفحة رقم 467 """"""
قوله : ( وإن كانت جميلة ) لنقصها أي وإن كانت تخدم في بيت سيدها . قوله : ( إمتاع ) أي انتفاع والذي ينبني على ذلك أنه ليس لها أن تتصرف فيه ، ولا يشترط كونه ملكاً له ويسقط بمضي الزمان وأما ما كان من باب التمليك فبعكس ذلك فلها أن تتصرف فيه ويشترط كونه ملكاً له ويصير ديناً بمضي الزمان قوله : ( لأنه لا يشترط الخ ) أي والتمليك لها يترتب على ملك ذلك له فإذا لم يملكه كيف يملكه لها لكن الدليل على عدم اشتراط كونه ملكه إطلاق تعالى : ) أسكنوهنّ من حيث سكنتم } ) الطلاق : 6 ) الآية اه . قوله : ( تمليك ) أي إن دفعه بقصد أداء ما وجب عليه لها ويعتبر في الظروف أي ظروف الطعام كالحلة والدست أن تكون لائقة بها . فإن اطّردت عادة أمثالها بكونها نحاساً وجبت لها كذلك وقال بعضهم : الشرط عدم الصارف كأداء الدين اه . مرحومي وعبارة سم الذي تحرر في درس م ر أنه لا يشترط في حصول الملك قصده عند الدفع إليها كون ما دفعه ، عما وجب عليه ، إذا كان من جنس الواجب بل الشرط أن لا يقصد غير الواجب من عارية ونحوها وأنه لو ادعى أنه قصد غير الواجب صدق بيمينه . لكن أفتى شيخنا الطبلاوي غير مرة بأنه لا بد في الملك من قصده عند الدفع كون ما دفعه عما وجب عليه وهو ظاهر اه . ويؤخذ من كون الفرش تمليكاً أن لها منع الزوج من النوم عليه لأنه ملكها فلا يجب عليها التمكين من استعماله وهو ظاهر اه سم . قوله : ( فلو قترت ) أي ضيقت على نفسها في طعام أو غيره مما يضرهما أو أحدهما أو الخادم منعها ، فإن لم تمتثل فله ضربها على ذلك إن أفاد وإلا فتصير ناشزة لامتناعها من الواجب عليها فتسقط نفقتها اه م ر .
قوله : ( وما دام نفعه ) مبتدأ وخبره قوله تمليك قوله : ( أوّل فصل شتاء الخ ) والمراد(4/467)
"""""" صفحة رقم 468 """"""
بالفصل هنا نصف العام فالربيع والصيف فصل والخريف والشتاء فصل ق ل وتقدم أنه غلب الشتاء على الربيع وجعلهما فصلاً وغلب الصيف على الخريف وجعلهما فصلاً وهو ظاهر وعبارة المنهج وشرحه وتعطى الكسوة أوّل كل ستة أشهر من كل سنة ، فابتداء إعطائها من وقت وجوبها وتعبيري بستة أشهر أولى من تعبيره بشتاء وصيف كما لا يخفى اه . ووجه الأولوية أنه قد يقع التمكين في الشتاء بعد نصفه مثلاً اه . وعبارته ق ل على الجلال وهي أي الستة فصل باعتبار وجوب الكسوة فالستة باعتبارها فصلان من فصول السنة الأربعة وهي الشتاء والربيع والصيف والخريف والشتاء هنا هو الفصلان الأوّلان والصيف هنا هو الفصلان الباقيان ، ولو وقع التمكين في أثناء فصل من الفصلين هنا اعتبر قسط ما بقي منه مما يجب فيه ويبتدىء بعد تلك البقية فصولاً كوامل دائماً وبما ذكر علم أن ما عبر به المصنف أولى من عبارة غيره ، بقوله : ويعطي الكسوة أوّل كل ستة أشهر من وقت التمكين الذي ردّ بعضهم به على قائل : الأوّل بأنه لا يتصوّر وجود تمكين في أثناء فصل إذ كل ستة أشهر من وقت التمكين تحسب فصلاً وهكذا . ولم يدر هذا الرادّ ما لزم على كلامه هذا من الفساد إذ يقال عليه إذا وقع التمكين في نصف فصل الشتاء مثلاً لزم أنه لا تتم الستة أشهر إلا في نصف فصل الصيف وعكسه فإن قال : إنه يغلب أحد النصفين على الآخر فهو تحكم وترجيح بلا مرجح وأيضاً قد علم أن ما يلزم من الكسوة في الشتاء غير ما يلزم منها في الصيف ويلزم على تغليب نصف الشتاء أنه يلزم في نصف الصيف ما ليس لازماً فيه أو يسقط فيه ما كان لازماً فيه وعلى تغليب نصف الصيف ، أنه يسقط في نصف الشتاء ما كان لازماً فيه أو يلزم فيه ما ليس لازماً فيه وكل باطل وإن لم يقل بالتغليب وألحق كل نصف بباقي فصله بطل ما قاله : ورجع إلى قائل الأوّل قال ع ش : وينبغي أن يعتبر قيمة ما يدفع لها عند جميع الفصل فيقسط عليه ثم ينظر لما مضى قبل التمكين ويجب قسط ما بقي من القيمة فيشتري لها به من جنس الكسوة ما يساويه والخيرة لها في تعيينه اه بحروفه قوله : ( هذا إذا وافق النكاح ) الأولى أن يقول التمكين لأنها لا تجب إلا بالتمكين .
قوله : ( من حين الوجوب ) نعم ما يبقي سنة فأكثر كفرش وبسط وجبة يعتبر في تجديدها العادة الغالبة كما في شرح م ر أي يجدّد وقت تجديده ويؤخذ من وجوب تجديده وجوب إصلاحه كالمسمى بالتنجيد سم على حج ومثل ذلك إصلاح ما أعدّه لها من الآنية ، كتبييض النحاس ، ولو كانت عادتهم جبة تبقى طول السنة لم يجب غيرها كما في ع ش على م ر . قوله : ( بلا تقصير ) ليس قيداً وعبارة شرح المنهج ولو بلا تقصير قال المنوفي : وكذا لو أتلفتها(4/468)
"""""" صفحة رقم 469 """"""
أو تمزقت قبل أوان التمزق لكثرة نومها فيها وتحاملها عليها لم يلزمه الإبدال أيضاً قوله : ( أو ماتت ) وكذا لو ولدت الحامل البائن بخلاف ما لو نشزت فإنه يستردّ ما أخذته وإن أطاعت في أثناء الفصل كما مرّ برماوي قوله : ( لم تردّ ) أفهم قوله : لم ترد أن محل ذلك بعد قبضها فإن وقع موت أو فراق قبل قبضها وجب لها من قيمة الكسوة ما يقابل زمن العصمة كما بحثه ابن الرفعة لكن المعتمد وجوبها كلها وإن ماتت أوّل الفصل واعتمده جمع متأخرون كالأذرعي والبلقيني . ولا يقال كيف تجب كلها بمضي لحظة من الفصل . لأنا نقول ذلك جعل وقتاً للإيجاب فلم يفترق الحال بين قليل الزمن وطويله اه م ر في شرحه . قوله : ( ولو لم يكس ) وكالكسوة جميع ما مرّ غير الإسكان والإخدام للعلة المذكورة وهي أن المسكن والخادم إمتاع وغيرهما تمليك ولو تصرفت فيما أخذته ثم نشزت رجع في بدله ولا يبطل التصرف كذا قاله شيخنا هنا . وسيأتي قريباً عنه وعن شيخنا م ر وابن حجر خلافه في النفقة اه ق ل على الجلال . قوله : ( والواجب في الكسوة الخ ) .
فائدة : قال : ( فراش للرجل وفراش لامرأته والثالث للضيف والرابع للشيطان ) . قال العلماء : معناه : أن ما زاد على الحاجة فاتخاذه إنما هو للمباهاة والاختيال والالتهاء بزينة الدنيا وما كان بهذه الصفة فهو مذموم وكل مذموم يضاف للشيطان لأنه يرتضيه ويوسوس به ويحسنه ويساعده ، وقيل : إنه على ظاهره وإنه إذا كان لغير حاجة كان للشيطان عليه مبيت ومقيل كما أنه يحصل له المبيت في البيت الذي لا يذكر الله صاحبه عند دخوله وأما تعدّد الفراش للزوج والزوجة فلا بأس به لأنه قد يحتاج كل منهما إلى فراش عند المرض أو نحوه والنوم مع الزوجة في فراش واحد أفضل ما لم يكن لواحد منهما عذر في الانفراد وهذا ظاهر فعله الذي واظب عليه مع مواظبته على قيام الليل فإذا أراد القيام لوظيفته ، قام وتركها فيجمع بين وظيفته وقضاء حقها المندوب وعشرتها بالمعروف لا سيما إن عرف من حالها حرصها على ذلك ولا يلزم من النوم معها الجماع اه زيادي وبرماوي . قوله : ( وإن أعسر الخ ) أعسر قيد أول والنفقة قيد ثان وإضافتها للزوجة قيد ثالث والمستقبلة قيد رابع كما أشار إليه الشارح بقوله : أما لو أعسر بنفقة ما مضى وقوله : ولا فسخ بالإعسار بنفقة الخادم وقوله : ولا بامتناع موسر وقوله : ولا تفسخ بإعساره عن الأدم وينبغي أن يزاد قيد خامس وهو كون النفقة نفقة معسر تأمل . قوله : ( الزوج ) أي ولو صغيراً أو مجنوناً نعم إن كان للزوج ضامن بالإذن وهو موسر فلا فسخ(4/469)
"""""" صفحة رقم 470 """"""
أو ضمنها أب عن محجوره وهو موسر ، فلا فسخ أيضاً . ويثبت إعسار الصغير بالبينة كغيره وإعسار غيره بها . إن عرف له مال وإلا كفى اليمين على المعتمد ق ل على الجلال .
قوله : ( بنفقتها ) أي بأقل النفقة الواجب وهو مدّ فخرج ما لو أعسر المتوسط ، أو الموسر ، عما وجب عليها فلا فسخ لها وقولنا بأقل النفقة : أي وما يتبعها كأجرة الطحن وغيره . لا بنحو ظروف ولا بالإعسار بنفقة الخادم وتصير ديناً عليه عند وجوده أي الخادم لا مع عدمه ومنه يعلم أنه لا فسخ بالعجز عن أصله أي الخادم ق ل على الجلال . قوله : ( فإن صبرت بها ) أي بسبب الإعسار بها أي بالنفقة ولو حذف بها لكان أوضح كما في عبارة غيره . قوله : ( وأنفقت على نفسها ) ليس قيداً بل تصير ديناً ولو قعدت بالجوع وإن لم يقرضها القاضي . قوله : ( صار ) أي الواجب والمناسب صارت أي النفقة وقيل صار ديناً أي ما اقترضته . قوله : ( فلها فسخ النكاح ) وبحث م ر الفسخ بالعجز عما لا بد منه من الفرش بأن يترتب على عدمه الجلوس والنوم على البلاط والرخام المضرّ ومن الأواني كالذي يتوقف عليه نحو الشرب سم على حج ع ش على م ر . قوله : ( بالطريق الآتي ) وهي إمهاله ثلاثة أيام والرفع للقاضي وإذنه لها في الفسخ كما يأتي قوله : ( أو تسريح بإحسان ) فيه أن الكلام في الفسخ منها والتسريح طلاق ، وعبارة م ر بعد قول المنهاج فلها الفسخ على الأظهر لخبر الدارقطني والبيهقي ( في الرجل لا يجد شيئاً ينفقه على امرأته يفرق بينهما ) وقضى به عمر رضي الله عنه ولم يخالفه أحد من الصحابة اه .
قوله : ( ولا بامتناع موسر ) خرج بأعسر قوله : ( ويؤمر بإحضاره بسرعة ) قال حج : وقضية كلامه أنه لو تعذر إحضاره هنا للخوف لم تفسخ وهو محتمل لندرة ذلك وهذا هو المعتمد ز ي وقال بعضهم : إن لها الفسخ حينئذ فقصد ابن حجر الرد عليه .(4/470)
"""""" صفحة رقم 471 """"""
قوله : ( لما فيه من المنة ) أي على الزوجة ، نعم لو سلمها المتبرع للزوج ثم سلمها الزوج لها ، لم تفسخ لانتفاء المنة عليها شرح المنهج وقوله : ثم سلمها الزوج لها ليس بقيد بل مثله ما إذا لم يسلمها فلا يفسخ لأنه الآن موسر ح ل وقوله : لانتفاء المنة عليها أي لأنه أي الزوج ملكها بأخذها من المتبرع اه برماوي .
قوله : ( أباً أو جدّاً ) ومثله السيد مع عبده . قوله : ( والزوج تحت حجرة ) بأن كان صبياً أو مجنوناً . قوله : ( وقدرة الزوج على الكسب ) أي وحصله بالفعل وإذا عجز عن الكسب بمرض يرجى زواله في ثلاثة أيام فلا فسخ وإن طال فلها الفسخ دمياطي والمراد بالكسب الحلال فخرج الكسب بالخمر وآلات الملاهي وبالتنجيم ونحو ذلك اه برماوي قوله : ( والإعسار بالكسوة ) أي بأقل الكسوة ويراد بأقل الكسوة ما لا بد منه بخلاف نحو السراويل والمكعب فإنه لا فسخ بذلك اه ح ل . قوله : ( عن الأدم ) خرج بالنفقة كذا قيل : وقد يتوقف في إخراج الأدم بما ذكر لأن الأدم من النفقة الأقل إلا أن يقال : أراد بالأقل ما لا تقوم النفس بدونه وهو الطعام لا الأدم قاله ع ش : وعبارة ح ل فالأدم ليس من مسمى النفقة ومثله بالأولى الأواني والفرش ولو لما لا بد منه للشرب والجلوس والنوم وإن لزم أن تنام على البلاط والرخام ونقل عن شيخنا : أنه بحث أن لها الآن الفسخ بذلك أي بالذي لا بد منه للفرش والشرب فعلم أن ما عدا النفقة والكسوة والمسكن لا فسخ به على الأوّل ح ل قوله : ( والمسكن ) ضعيف والمعتمد أن لها الفسخ بالمسكن اه م د . وعبارة المنهج لو أعسر الزوج بأقل نفقة أو كسوة أو بمسكن الخ . والمراد أقل المسكن فلا تفسخ إذا وجد المسكن ولو غير لائق بها خلافاً لما قد يفهم من كلام العباب أن لها أن تفسخ مع وجود غير اللائق ح ل . وهذا المعنى مستفاد من قوله أعسر بمسكن أي : أيّ مسكن كان سواء كان لائقاً أو لا فمفهومه أنه لو أيسر بأي مسكن كان فلا تفسخ قوله : ( إن أعسر بالصداق ) أي كلاً أو بعضاً كما سينبه الشارح عليه على المعتمد في الثاني والمراد بالصداق الحالّ بخلاف المؤجل فلا تفسخ به وإن حل لأنها رضيت بذمته اه م د . قوله : ( مع بقاء المعوّض ) وهو البضع . قوله : ( ولا تفسخ بعده ) أي الدخول وعبارة الزيادي وفارق المهر(4/471)
"""""" صفحة رقم 472 """"""
المذكورات قبله حيث تفسخ بالعجز عنها ولو بعد الدخول بأن المهر في مقابلة الوطء فإذا استوفاه الزوج كان تالفاً فيتعذر عوده بخلاف المذكورات فإنها في مقابلة التمكين اه . قوله : ( وأعسر بالباقي ) أي وكان الكل حالاً قوله : ( نقلاً ) أي الذي نقل عن الأصحاب .
قوله : ( ومعنى ) وهو أن المهر في مقابلة الوطء فإذا استوفاه الزوج كان تالفاً فيتعذر عوده وبقاء البعض كبقاء الكل فمراده بالمعنى العلة المتقدمة في كلام ز ي قوله : ( وإن أفتى ابن الصلاح ) ضعيف . قوله : ( لاتخذ الأزواج ذلك ) أي تسليم البعض قوله : ( عند قاض ) أي أو محكم برماوي قوله : ( إن عجزت ) أي حساً بأن لم تتمكن منه أو شرعاً بأن وجدته وطلب منها مالاً له وقع كما في م ر شيخنا . قوله : ( عن الرفع إلى القاضي ) أي والمحكم كما يؤخذ مما يأتي قوله : ( بإعسار الزوج بالنفقة ) أو المهر . قوله : ( يجب إمهاله ثلاثة أيام ) ولو في المهر على المعتمد ز ي . وسئل الشهاب الرملي رحمه الله عن امرأة غاب زوجها وترك معها أولاداً صغاراً ولم يترك عندها نفقة ولا أقام لها منفقاً وضاعت مصلحتها ومصلحة الأولاد وحضرت إلى حاكم شافعي وأنهت له ذلك وشكت وتضررت وطلبت منه أن يفرض لها ولأولادها على زوجها نفقة ، ففرض لهم نقداً معيناً في كل يوم وأذن لها في إنفاق ذلك عليها وعلى أولادها وفي الاستدانة عليه عند تعذر الأخذ من ماله والرجوع عليه بذلك وقبلت ذلك منه ، فهل الفرض والتقدير صحيح وإذا قرر الزوج لزوجته في نظير كسوتها عليه حين العقد نقداً كما يكتب في وثائق الأنكحة ومضى على ذلك مدّة وطالبته بما قرر لها عن تلك المدّة وادعت عليه به عند حاكم شافعي واعترف بذلك وألزمه فهل إلزامه صحيح أو لا ؟ وهل إذا مات الزوج وترك زوجته ولم يقرر لها كسوة وأثبتت ذلك ببينة ، وسألت الحاكم الشافعي أن يقرر لها عن كسوتها الماضية التي حلفت على استحقاقها نقداً وأجابها لذلك وقرره كما يفعله القضاة الآن فهل له(4/472)
"""""" صفحة رقم 473 """"""
ذلك أو لا ؟ وهل ما يفعله القضاة من الفرض للزوجة والأولاد عن النفقة والكسوة عند العسر أو الحضور نقداً صحيح أو لا . فأجاب تقرير الحاكم في المسائل الثلاث صحيح إذ الحاجة داعية إليه والمصلحة تقتضيه فله فعله ويثاب عليه بل قد يجب عليه اه سم .
فرع : التمست زوجة غائب من القاضي أن يفرض لها فرضاً اشترط ثبوت النكاح وإقامتها في مسكنه وحلفها على استحقاق النفقة وأنها لم تقبض منه نفقة مستقبلة فحينئذ يفرض لها عليه نفقة معسر حيث لم يثبت أنه غيره ويظهر أن محل ذلك إذا كان له مال حاضر بالبلد يريد الأخذ منه وإلا فلا فائدة للفرض إلا أن له فائدة هي منع المخالف عن الحكم بسقوطها بمضيّ الزمان وهو أبو حنيفة ، وأيضاً فيحتمل ظهور مال فتأخذ منه من غير احتياج إلى قاض ورجحه الأذرعي اه س ل .
مسألة : لو زوّج ابنه بامرأة وضمن لها المهر ثم أعسر الابن فهل لها الفسخ أو لا بد من إعسارهما ؟ المعتمد أنه لا بد من إعسارهما كما أجاب به الأذرعي واعتمده في سؤال له ثم إن عهد له مال فلا بد من بينة بثبوت إعساره وإن لم يعهد له مال فهل يقبل قوله : قياساً على المفلس أو لا بد من البينة لأنه يلزم عليه ضياع حق الغير وهو الولد ؟ محل نظر سم . قوله : ( لتحصيل نفقة ) أي من كل ما تفسخ به ومنه يستفاد أن لها الخروج زمن المهلة ولو غنية ح ل . قوله : ( بكسب ) أي وإن أمكنها الكسب في بيتها برماوي قوله : ( لأنه وقت الدّعة ) أي الراحة قال : في المصباح وقد ودع زيد بضم الدال وفتحها وداعة بالفتح والاسم الدعة وهي الراحة اه . ويؤخذ من قوله : لأنه وقت الدعة الخ أنها لو توقف تحصيلها على مبيتها في غير منزله كان لها ذلك ع ش . قوله : ( وليس لها منعه من التمتع ) أي غير في أوقات التحصيل اه م ر ع ش . قوله : ( من التمتع ) وحمل العلامة م ر الأول على غير زمن التحصيل فتسقط نفقتها بمنعه فيه والثاني على وقت التحصيل فلا تسقط نفقتها بمنعه فيه برماوي . قوله : ( نعم الخ ) لا يقال هذا مكرر مع الاستدراك المتقدم لأن ما تقدم كان القاضي موجوداً وعجزت عن الوصول إليه لأخذه أجرة لها وقع أو لمنعه من الوصول إليه وهنا القاضي مفقود بالمرة شيخنا . قوله : ( ولا محكم ) أي أو كان يغرّمها مالاً اه برماوي . قوله : ( ففي الوسيط الخ ) معتمد ع ش . قوله : ( لا خلاف في استقلالها بالفسخ ) فتقول : فسخت نكاحي قال بعض مشايخنا : وصورة المسألة أن الرفع للقاضي سبق إذ لا عبرة بمهلة بلا قاض وفسخها ينفذ ظاهراً وباطناً قال بعضهم : والقياس لزوم الإشهاد لها برماوي . وسئل م ر عن شخص غاب عن البلد فهل تفسخ عليه زوجته في صبيحة الرابع كالحاضر أو الحكم خاص بالحاضر ؟ فأجاب بأنه إن شهدت بينة شرعية بأنه معسر الآن عن نفقة المعسرين ولو(4/473)
"""""" صفحة رقم 474 """"""
باستنادها إلى الاستصحاب بشرطه أمهله الحاكم ثلاثة أيام ومكنها من الفسخ صبيحة الرابع وحينئذ فالحكم شامل للحاضر والغائب اه من الفتاوى اه م د .
قوله : ( بنت على المدة ) أي بنت الفسخ على المدة بمعنى أنه يعتدّ بالثلاثة الماضية وتفسخ الآن وعبارة م د بنت على المدة فلها الفسخ حالاً اه . والضابط أن يقال : متى أنفق ثلاثة أيام متوالية وعجز استأنفت وإن أنفق دون الثلاثة بنت على ما قبله اه برماوي . قوله : ( فإنها تبني ولا تستأنف ) على اليومين الماضيين فتضم لهما الرابع وتفسخ أول الخامس . والحاصل أنه إذا أيسر يوماً أو يومين ثم أعسر بنت بخلاف ما إذا أيسر ثلاثة أيام فإنها تستأنف ولا تبني اه مرحومي . وعبارة ابن حجر في شرح التحفة قوله : فإنها تبني أي تبني على اليومين لتضررها بالاستئناف فتصبر يوماً ثم تفسخ فيما يليه اه . سئل شيخنا عن رجل يملك عصابة عليها ذهب وفضة ولؤلؤ دفعها لزوجته على السكوت من غير أن يذكر لها أنها وديعة أو هبة فهل تملكها بمجرد وضع اليد عليها أم كيف الحال أفيدوا الجواب ؟ فأجاب : الحمد لله وحده ، العصابة المذكورة أمانة شرعية بيد الزوجة المذكورة للزوج نزعها منها قهراً عليها أيّ وقت أراده لأنها ملكه ، ولم يصدر منه صيغة شرعية تنقل ملكه عنها للزوجة فهي باقية على ملكه . وما اشتهر على ألسنة العامة من أن كل شيء تتمتع فيه المرأة يصير ملكاً لها كلام باطل لا أصل له والله أعلم اه . ما قاله : بحروفه أ ج ولو اختلف الزوجان أو وارثاهما أو أحدهما ووارث الآخر في أمتعة دار ، فإن صلحت لأحدهما فقط فله وإلا فلكل تحليف الآخر إن لم يكن بينة ولا اختصاص بيد فإن حلفا ، جعلت بينهما ، وإن نكل أحدهما حلف الآخر وقضى له بها كما سيأتي في آخر الدعوى والبينات ، ولو اشترى حلياً وديباجاً لزوجته وزينها بذلك لا يصير ملكاً لها بذلك ، ولو اختلفت هي والزوج في الإهداء ، والعارية صدق ، ومثله وارثه ولو جهز بنته بجهاز لم تملكه إلا بإيجاب وقبول والقول قوله إنه لم يملكها ويؤخذ مما تقرر أن ما يعطيه الزوج صلحة أو صباحية كما اعتيد ببعض البلاد لا يملك إلا بلفظ أو قصد إهداء وإفتاء غير واحد بأنه لو أعطاها مصروفاً للعرس ودفعاً وصباحية فنشزت استردّ الجميع غير صحيح إذ التقييد بالنشوز لا يتأتى في الصباحية لما قررته فيها كالصلحة لأنه إن تلفظ بالإهداء أو قصد ملكته من غير جهة الزوجية وإلا فهو ملكه وأما مصروف العرس فليس بواجب فإذا صرفته بإذنه ضاع عليه وأما الدفع أي المهر فإن كان قبل الدخول لم يسترد وإلا فلا لتقرره به فلا يستردّ بالنشوز اه . برماوي مع زيادة من ع ش على م ر .(4/474)
"""""" صفحة رقم 475 """"""
3 ( ( فصل : في الحضانة ) ) 3
وتسمى كفالة وتنتهي بالبلوغ أو الإفاقة ق ل . وقال في شرح الروض : وتنتهي في الصغير بالتمييز وأما بعده إلى البلوغ فتسمى كفالة قاله الماوردي . ومؤنتها على من تلزمه النفقة ومن ثم ذكرت هنا لأن الحضانة قد توجد مع الإرضاع والنفقة وبدونهما وبدون أحدهما فلذلك أخرت عنهما ويأتي هنا في إنفاق الحاضنة مع الإشهاد وقصد الرجوع ما مر آنفاً ويكفي قول الحاكم لها : أرضعيه واحضنيه ولك على الأب الرجوع ، وإن لم يستأجرها فإن احتاج المحضون خدمة فعلى والده إخدامه بلائق به عرفاً ولا يلزمه خدمته اه . قوله : ( وهو الجنب ) وهو من الإبط إلى الكشح والكشح من آخر الضلع إلى الخاصرة . قوله : ( تربية ) عبر بالمصادر لأن الأعيان اللازمة خارجة عنها وحكمها ما تقدم قريباً قوله : ( بما يصلحه ) فالمراد بالتربية الإصلاح لا معناها المتعارف ومن ثم قال الشارح ولو كبيراً مجنوناً لأن التربية له بمعنى الإصلاح لا بلوغه سن الكمال اه ح ل . قوله : ( بغسل ) أشار بذكر المصدر إلى أن الواجب على الحاضنة الأفعال وأما الأعيان فعلى من عليه مؤنته ق ل . قوله : ( وكحله ) بفتح الكاف قوله : ( في المهد ) كالمرجيحة وجمعه مهاد كسهم وسهام قال في المصباح والمهد والمهاد الفراش وجمع الأول مهود كفلس وفلوس وجمع الثاني مهد ككتاب وكتب قوله : ( لكن الإناث أليق بها ) أي في الجملة فلا ينافي ما يأتي من تقديم الأب على غير الأم وأمهاتها ع ش . وقال م د هذا توطئة لما بعده وإلا فهذا لا يدل على أنها تجب لهنّ فكان ينبغي أن يقال : تثبت الحضانة للنساء والرجال ويقدم النساء على الرجال ويقدم من النساء أمّ الخ والمراد الإناث والذكور من النسب ، إذ لا حق فيها لمحرم رضاع ولا مصاهرة كما في ق ل على الجلال قوله : ( وأولاهنّ ) أي أحقهنّ بمعنى المستحق منهنّ أمّ فلا يقدم غيرها عليها إلا بإعراضها وتركها للحضانة فيسلم لغيرها ما دامت ممتنعة اه ع ش على م ر . قوله : ( وإذا فارق ) ومثل الفراق الموت واحترز بقيد المفارقة عما إذا كان الأبوان على النكاح فإن الولد يكون معهما يقومان بكفايته الأب بالإنفاق والأم بالحضانة والتربية(4/475)
"""""" صفحة رقم 476 """"""
إن كان على دينها . قوله : ( فهي أحق ) أي مستحقة بحضانته أي إلى سبع سنين ولذا قال الشارح : ثم المميز يخير الخ ومحله إذا لم يكن للمحضون زوج أو زوجة يمكن تمتع كل بالآخر وإلا فهو أولى من كل الأقارب ومؤنة الحضانة في ماله ثم على الأب ، لأنها من أسباب الكفاية كالنفقة ولها أن تطلب عليها أجرة كما لها أن تطلبها للإرضاع ، فإذا حضنت مدة أو أرضعت مدة من غير طلب أجرة لم تستحق لعدم التزامها .
قوله : ( لوفور شفقتها ) أي تمامها قال القاضي : ولأن جهات التقديم ثلاثة الولادة والوراثة والقرابة والجميع موجودة فيها فإن امتنعت الأم منها لم تجبر عليها ، وانتقلت لأمهاتها وإذا توزعت في أهليتها فلا بد من ثبوتها عند حاكم قاله النووي في فتاويه وقال في الروضة في باب الحجر : إذا كان النزاع في الأهلية بعد تسليمها الولد لم ينزع من يدها ويقبل قولها : في الأهلية أو قبله لم يسلم إليها إلا بعد ثبوتها وإذا طلبت أجرة عليها ، وهناك متبرعة قدمت عليها برماوي . قوله : ( ثم بعد الأم أمهات لها ) محل ذلك إذا لم يكن للمحضون بنت وإلا فهي مقدمة على أمهات الأم كما يأتي في الفرع بعده .
وحاصل ما ذكره الشارح من مراتب النساء الخلص سبع وقد نظمها بعضهم فقال :
أمّ فأمها بشرط أن ترث
فأمهات والد لقد ورث
أخت فخالة فبنت أخته
فبنت أخ يا صاح مع عمته
ثم اعلم : أن المستحق للحضانة إن تمحض إناثاً قدمت الأم فأمهاتها إلى آخر ما تقدم ، وإن تمحض ذكوراً ثبتت الحضانة لكل قريب وارث ولو غير محرم كابن العم ولا تثبت لمحرم غير وارث كأبي الأم والخال وإن اجتمع الذكور ، والإناث قدمت الأم ثم أمهاتها ، ثم الأب ثم أمهاته ، ثم الأقرب فالأقرب وهذا حاصل ما في الروضة وهو توضيح لما ذكره الشارح . قوله : ( وإن علت الأم ) لا حاجة لهذه الغاية مع قوله : ثم أمهات لها ويمكن على بعد أنه أتى به لمشاكلة ما بعده ولو قال : وإن علون أي الأمهات لكان أولى قوله : ( فأمهات أب ) أي بعد الأب . قوله : ( وهي ) الضمير عائد على الغير وهو مذكر فكان حقه أن يقول : وهو الخ . ويجاب بأن الغير هنا مؤنث في المعنى فلذلك صحت إعادة الضمير ، المؤنث عليه ومن ثم قال ق ل قوله : وهي أي الواحدة منهنّ . وأجيب أيضاً بأنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه . قوله : ( كأم أبي أم ) لإدلائها بمن لا حق له في الحضانة وقدمت أمهات الأم على أمهات الأب لقوتهن في الإرث فإنهن لم يسقطن بالأب بخلاف أمهاته ولأن الولادة فيهّن محققة وفي أمهات الأب(4/476)
"""""" صفحة رقم 477 """"""
مظنونة وقوله : لإدلائها بمن لا حق له أي بحال وهو أبو الأم فكانت كالأجنبية ، بخلاف أم الأم إذا كانت الأم فاسقة أو متزوجة ، لاستحقاقها الحضانة في الجملة وقوله : وفي أمهات الأب مظنونة وذلك لأنه يحتمل أن يكون الولد من غير وطء الأب كأن يكون من زنا اه . قوله : ( فأخت ) أي للمحضونة ولو لأم وهو معطوف على فأمهات أب .
قوله : ( لأنها أقرب ) أي وترث أيضاً برماوي . قوله : ( لأنها تدلى بالأم ) الظاهر أنها تدلى بالجدة شيخنا . قوله : ( فبنت أخت ) ولو لأم قوله : ( كالأخت مع الأخ ) أي كما أن الأخت مقدمة على الأخ أي إذا اجتمعت الأخت مع الأخ قدمت فكذا بنت الأخت تقدم على بنت الأخ لأن ابن المقدم مقدم قوله : ( لزيادة قرابتهن ) الأولى لقوة قرابتهنّ قوله : ( فرع ) غرضه تقييد ما تقدم واشتمل هذا الفرع على حكمين تقديم البنت على الجدّات وتقديم الزوج ذكراً كان أو أنثى على سائر الأقارب فالحكم الأول يتقيد به . قوله : سابقاً فأمهات لها وارثات الخ . أي محل تقديم الجدّات بعد الأم إذا لم يكن للمحضون بنت وإلا فتقدم عليهنّ . والحكم الثاني يتقيد به قوله سابقاً : وأولاهنّ أم الخ أي محل تقديم الأم في الحضانة إذا لم يكن للمحضون زوج ذكراً كان أو أنثى فإن كان قدم عليها وعلى سائر الأقارب . قوله : ( عند عدم الأبوين ) أما الأبوان فيقدمان عليها وعليه فلو اجتمعت جدّة لأم وأب وبنت قدم الأب وإن كان محجوباً بأم الأم ثم البنت ولا حق لأمّ الأم لحجبها بالبنت ، فلما كانت محجوبة بالبنت قدم الأب عليها وأطال ابن حجر في التردد فيه فليراجع اه ع ش . قوله : ( أو زوج ) شمل الذكر والأنثى بدليل تعميم الشارح . ولكن قوله : تمتعه بها قاصر فيزاد أو تمتعها به إذا كان محضوناً وفي بعض النسخ تمتعه به أي بالمحضون الشامل للذكر والأنثى . قوله : ( يمكن تمتعه ) أي الزوج به أي بالمحضون قوله : ( والمراد بتمتعه بها ) أي إذا كان المحضون أنثى ومثل الزوجة فلا بد أن يتأتى منه الوطء لها . وعبارة ع ش والمراد بتمتعه بها وطؤه أي حاضناً كان أو محضوناً .
فائدة : لو كان كل من الزوج والزوجة محضوناً فالحضانة لحاضن الزوج لأنه يجب على الزوج القيام بحقوق الزوجة فيلي أمرها من يتصرف عنه توفية لحقها من قبل الزوج . قوله : ( فلا بد أن تطيقه ) أي فلا بد أن يتأتى وطؤه لها وأن تطيقه وإلا فلا تسلم إليه . ولا تقدم الزوجة على غيرها إلا إذا كان الزوج يمكنه الوطء والزوجة مطيقة ، وإلا بأن كانت مطيقة الوطء وهو لا(4/477)
"""""" صفحة رقم 478 """"""
يتأتى منه فلا تقدم على غيرها ح ل وع ش قوله : ( فلا تسلم إليه ) ولو قال لا أطؤها وإن كان ثقة ع ش . قوله : ( وتثبت الحضانة لأنثى ) أي زيادة على ما مر وهذا شروع في الكلام على اجتماع محض الإناث وغرضه زيادة خمسة لهنّ الحضانة ، زيادة على ما تقدم وهنّ بنت الخالة ، وبنت العمة ، وبنت العم ، لأبوين أو لأب وبنت الخال ، على المعتمد . قوله : ( لم تدل بذكر غير وارث ) صادق بصورتين بأن لم تدل بذكر أصلاً كأن تدلى بإناث كبنت الخالة ، وبنت العمة ، أو أدلت ذكر وارث كبنت عم لأبوين أو لأب ومفهومه أنها إذا أدلت بذكر غير وارث لا حضانة لها كبنت الخال وبنت العم للأم وأم أبي الأم وهو مسلم في الأخيرين والمعتمد في بنت الخال ثبوت الحضانة لها . واعلم : أن الأقسام ثلاثة اجتماع إناث فقط ذكور فقط اجتماع الصنفين . وحاصل القسم الأوّل ، أنه يقدّم الأم ثم أمهاتها ثم أمهات الأب ثم الأخت مطلقاً ثم الخالة مطلقاً ثم بنت الأخت مطلقاً ثم بنت الأخ مطلقاً ثم العمة مطلقاً ثم بنت الخالة ثم بنت العمة ثم بنت العم لأبوين أو لأب ثم بنت الخال . وأما اجتماع الذكور فيقدّم الأب ثم الجدّ ثم الأخ بأقسامه الثلاثة ثم ابن الأخ لأبوين أو لأب ثم العم لأبوين أو لأب وأما اجتماع الذكور والإناث ، فتقدّم الأم على كل الذكور ثم أمهاتها كذلك ثم الأب يقدّم على كل الإناث غير الأم وأمهاتها ثم أمهات الأب تقدّم على كل الذكور ثم إذا عدمت الأصناف الأربعة الأم وأمهاتها والأب وأمهاته يقدّم الأقرب من الحواشي ذكراً كان كأخ وابن أخ يقدم على خالة وعمة أو أنثى كأخت وبنت أخ يقدم على عم لأبوين أو لأب وابن عم كذلك فإن استويا ذكورة وأنوثة أقرع وقوله : لم تدل بذكر غير وارث كما علم من التقييد بالوارثات فيما مرّ بخلاف غير القريبة كالمعتقة وبخلاف من أدلت بذكر غير وارث كبنت خال وبنت عم لأم وكذا من أدلت بوارث أو بأنثى وكان المحضون ذكراً يشتهى شرح المنهج وقوله : كبنت خال لأنها تدلى بمن لا حق له في الحضانة أصلاً وهو ضعيف والمعتمد استحقاقها وعلى عدم ثبوته لبنت العم للأم يفرق بأن الخال أقرب للأم من بنت العم للأم لأن أباها الذي هو الخال أقرب للأم كذا قيل ح ل وراجع ما في حاشية س ل .
قوله : ( كبنت خالة ) وتقدم بنت الخالة قياساً على أمها . قوله : ( ولذكر قريب ) أي بعد ما تقدم من الإناث لما يأتي أنه لو اجتمع ذكور وإناث الخ ع ش والمراد بقوله : لذكر أي عند فقد الإناث وهذا شروع في الكلام على اجتماع محض الذكور وله أربعة أحوال : اجتماع الإرث والمحرمية كالأب اجتماع الإرث دون المحرمية كابن العم فقدهما كابن الخال فقد الإرث فقط كالخال . قوله : ( أو غير محرم كابن عم ) الظاهر أن الكاف استقصائية إذ ليس لنا ذكر وإرث قريب غير محرم إلا ابن العم قوله : ( والولاية ) وبهذا فارق بنت العم للأم كما مرّ أيضاً برماوي .(4/478)
"""""" صفحة رقم 479 """"""
قوله : ( بترتيب ولاية النكاح ) متعلق بتثبت المقدّر أي تثبت الحضانة لذكر قريب على ترتيب ولاية النكاح والمراد بقوله : بترتيب ولاية النكاح أي في الجملة لأن الأخ للأم له حق هنا دون ولاية النكاح ولم يقل على ترتيب الإرث لأن الجدّ مقدم على الأخ هنا كما في النكاح بخلافه في الإرث قاله في شرح المنهج وقوله : لأن الجدّ أي لأنها تثبت للأصول قبل الحواشي وقوله : كما في النكاح يرد عليه أن الأخ للأم هنا مقدّم على العم ولا ولاية له في النكاح اه ح ل مع زيادة . قوله : ( ولا تسلم مشتهاة لغير محرم ) ظاهر كلامهم أن المحضون الذكر يسلم لغير المحرم أي للذكر غير المحرم ولو كان مشتهى والراجح أنه لا يسلم له أخذاً من العلة فكان من حقه أن يقول : ولا يسلم مشتهى وينبغي أن يكون ذلك إذا وجدت ريبة . وإلا بأن انتفت فتسلم له ح ل وعبارة البرماوي وقوله : لغير محرم ظاهر كلامه تسليم الذكر ولو كان مشتهى وهو كذلك حيث لا ريبة وبهذا يجمع التناقض اه . واعلم أن هذا أعني قوله ولا تسلم الخ راجع لقوله : ولذكر قريب الخ ولو قال : ولا يسلم مشتهى ذكراً كان أو أنثى لغير محرم كذلك ليرجع أيضاً لقوله وتثبت لأنثى قريبة لكان أولى كذا قيل وهو يقتضي أن الأنثى غير المحرم لها حق في حضانة الذكر المشتهي وفي س ل خلافه ويؤيده ما تقدم عن شرح المنهج من قوله : أو بأنثى وكان المحضون ذكراً .
قوله : ( لثقة ) أي لامرأة ثقة قوله : ( يعينها ) أي يعينها غير المحرم وكان عليه إبراز الضمير لأن الصفة جرت على غير من هي له . قوله : ( كبنته ) أي أو غيرها ولو بأجرة من ماله لأن الحق له في ذلك برماوي . والمراد بنته التي يستحي منها فتسلم إليه أي تجعل عنده مع بنته نعم إن كان مسافراً وبنته معه في رحله سلمت إليه لا له كما لو كان في الحضر ولم تكن بنته في بيته وبهذا يجمع بين قولهم في موضع تسلم إليه وفي آخر تسلم إليها شرح الروض . قوله : ( وإن علت ) أي الأمهات وإلا فلا حاجة إليه بعد قوله : فأمهاتها أي لو قلنا : ضمير علت راجع للأم وإذا رجع الضمير للأمهات فكان يقول وإن علوه . قوله : ( فأب فأمهاته ) المراد كما قاله : سم أنه يقدم بعد الأب أمهاته ثم الجدّ ، ثم أمهاته وهكذا ع ش قوله : ( لما مرّ ) إن كان تعليلاً لتقديم الأم فالذي مرّ وهو قوله : لوفور شفقتها وإن كان تعليلاً لتقديم الأب فالذي مرّ هو قوله : لوفور شفقته وقرابته ، بالإرث والولاية والمحرمية ، في المحرم ولهذا قال شيخنا العشماوي : لم يمرّ هنا شيء وإنما مرّ في شرح المنهج فراجعه وعبارته وأولاهنّ أمّ لوفور شفقتها الخ . وإن اجتمع ذكور وإناث فأم فأمهاتها فأب فأمهاته وإن علا لما مرّ اه قال ح ل . قوله : لما مرّ أي من تقديم الأم على أمهاتها لوفور شفقتها وقدمت أمهات الأم على الأب لأنها بالنساء أليق وقدّم الأب(4/479)
"""""" صفحة رقم 480 """"""
على أمهاته لأنه أقوى وقدمت أمهات الأم على أمهات الأب لقوتهنّ اه . قوله : ( الأقرب فالأقرب من الحواشي ) يرد عليه تقديم الخالة على بنت الأخ والأخت إذ قد وجد التقديم ولا أقربية تأمل شوبري . قوله : ( قدمت الأنثى ) فتقدم أخت على أخ وبنت أخ على ابن أخ شرح المنهج . وقوله : على أخ ولو شقيقاً وقوله : وبنت أخ أي ولو من الأم وقوله على ابن أخ أي ولو لأبوين . قوله : ( أصبر ) أي أشدّ صبراً وتجلداً على تحمل المشاق وقوله : أبصر أي أشدّ بصيرة أي علماً بأمر الحضانة فهو عطف مغاير . قوله : ( ذكورة ) كعمين أو أنوثة كخالتين قوله : ( فلا يقدّم على الذكر ) أي في محل لو كان أنثى تقدم عليه شرح الروض : فلو كان للمحضون أخوان ذكر وخنثى جعل الخنثى كالذكر فيقرع بينهما ، ولا يجعل كالأنثى حتى يقدّم على الذكر بدون قرعة وقوله : صدق بيمينه أي فيقدم على الذكر على غير قرعة لثبوت أنوثته بيمينه وانظر هلا قال الشارح : فلا يقدّم عليه وما نكتة الإظهار في محل الإضمار .
قوله : ( ثم المميز ) وهو من وصل إلى حالة بحيث يأكل وحده ، ويشرب وحده ، ويستنجي وحده ، ولا يتقيد بسبع سنين ، ق ل . وقبل التمييز يبقي عند من هو عنده اه شيخنا . زاد في المنهج إن افترق أبواه من النكاح وهو جري على الغالب كما قاله سم : على حج حتى لو كانت الأم في نكاح الأب ولا يأتيها إلا أحياناً كان كما لو افترقا في التخيير كما ذكره ع ش . ولهذا أسقطه الشارح هنا فتأمله . قوله : ( إن صلحا ) فإن لم يصلح إلا أحدهما تعين فلا يخير . قوله : ( فلو فضل أحدهما الآخر ديناً ) أي بأن كانا عدلين لكن أحدهما أرجح عدالة لما سيأتي أن الفاسق لا حضانة له ومقتضى القياس أن يجري مثل ذلك في غير المسلمين بأن يكون أحدهما أعدل في دينه ويقدم اليهودي أو النصراني على الآخر ، إن كان حربياً أو مجوسياً أو مرتداً كما هو معلوم . قوله : ( فأيهما ) موصولة مبتدأ وجملة اختار صلة ، والعائد محذوف أي اختاره وجملة سلم خبر وظاهر كلامه تخيير الولد وإن أسقط أحدهما حقه قبل التخيير وهو كذلك ، خلافاً للماوردي والروياني فلو امتنع المختار كذلك كفلة الآخر ، فإن رجع الممتنع منهما أعيد التخيير وإن امتنع وبعدهما مستحقان لها كجدّ وجدّة خير بينهما وإلا أجبر عليها من تلزمه نفقته لأنها من جملة الكفالة شرح م ر . قوله : ( خير غلاماً ) وإنما يدعي عرفاً بالغلام(4/480)
"""""" صفحة رقم 481 """"""
المميز فصح الاستدلال به ومثله الغلامة قال في المصباح : الغلام الابن الصغير ثم قال : قال الأزهري وسمعت العرب تقول للمولود حين يولد ذكراً غلام فلم يخصصوا الغلام بالمميز اه ع ش على م ر . قوله : ( في الانتساب ) صوابه في التخيير وكتب بعضهم قوله : في الانتساب أي عند الاشتباه فيما إذا وطىء رجلان امرأة بشبهة . وأتت بولد يمكن من كل منهما فإنه يعرض على القائف فإن ألحقه بأحدهما فالأمر ظاهر . فإن لم يوجد قائف أو تحير أو نفاه عنهما أو ألحقه بهما انتسب بعد كماله لمن يميل طبعه إليه ، سواء كان الولد ذكراً أو أنثى .
قوله : ( وقد يتقدم ) أي التمييز على السبع الخ وظاهر إناطة الحكم بالتمييز ، أنه لا يتوقف على بلوغه سبع سنين وأنه إذا جاوزها بلا تمييز بقي عند أمه والثاني ظاهر . وأما الأول فقياس ما مر في كونه لا يؤمر بالصلاة قبل السبع وإن ميز أنه لا يخير حيث لم يبلغها ويفرق بأن عدم الأمر بالصلاة لما فيها من المشقة فخفف عنه حيث لم يبلغ السبع بخلاف ما هنا فإن الدار فيه على معرفة ما فيه صلاح نفسه وعدمه فيقيد بالتمييز وإن لم يجاوز السبع اه ع ش على م ر . قوله : ( فمداره ) أي التخيير وقوله : عليه أي التمييز .
قوله : ( ويعتبر في تمييزه ) ظاهر كلامه أن ذلك داخل في جدّ التمييز وليس كذلك فكان الأولى أن يقول : في تخييره إلا أن يجاب بأن في بمعنى مع قوله : ( بأسباب الاختيار ) وهي الدين والمحبة وكثرة المال وغير ذلك مما يقتضي الميل اه شيخنا . قوله : ( إلى حصول ذلك ) أي ما ذكر من المعرفة وقوله : وهو أي حصول ذلك قوله : ( ويخير ) أي المميز الذي لا أب له أيضاً بين أم وإن علت وجد وإن علا م د وأشار الشارح بذلك إلى أن قول المتن : يخير بين أبويه ليس قيداً قوله : ( أو غيره ) أي بعد فقد الجدّ قوله : ( من الحواشي ) أي الذكور من العصبات أخذاً من قوله : بجامع العصوبة ع ش . قوله : ( كما يخير ) حيث لا أم بين أب وأخت لغير أب ولو لأمّ مع أن الأخت للأب مقدمة على الأخت للأم اه ح ل . وتقدم أنه عند اجتماع الذكور والإناث يقدم الأب على سائر الحواشي ومن جملتهم الأخت والخالة فالأب مقدم عليهما . ومقتضى ما هنا أن المحضون كان قبل التمييز عند الأخت أو الخالة وتخيره بعده بين من كان عندها وبين الأب وهذا لا يأتي إلا على القول الضعيف القائل : بتقديمهما على الأب فليتأمل وليحرر . ويجاب بأنه كان قبل التمييز عند الأب فيخير بعد التمييز بين الأب والأخت أو(4/481)
"""""" صفحة رقم 482 """"""
الخالة عند عدم أمهاته وما المانع من ذلك . ثم رأيت في سم ما نصه : قال في الإرشاد : وخير مميز بين مستحقه وأخت قال شارحه : وهو يفيد أنه لا يخير بين الأب والأخت ولا بينه وبين الخالة قال : وهو المعتمد الموافق لما في الروضة وأصلها وما في المنهاج من ترجيح التخيير بين الأب والأخت وبينه وبين الخالة تفريع على المرجوح وهو تقديمهما على الأب قبل التمييز .
قوله : ( وأخت لغير أب ) أي شقيقة أو لأم بخلاف التي للأب فلا يخير بينها وبين الأب لأنها لم تدل بالأم سم مع أن الأخت للأب مقدمة على الأخت للأم ح ل أي فلا يصح إخراجها فالأولى أن يقول كأب وأخت ويحذف قوله : لغير أب وما علل به سم لا يمنع حقها ، وقد يجاب بأن الأخت للأب مدلية به وهو موجود فكان مانعاً لها والأخت الشقيقة تدلى بجهتي الأب والأم فاعتبرت جهة الأم وكذا الأخت للأم ومحل تقديم الأخت للأب على الأخت للأم قبل التمييز . قوله : ( وله بعد اختيار أحدهما الخ ) أي فيعمل باختياره الثاني بعد اختياره الأول فيحوّل إليه وليس المراد بذلك الإباحة المقابلة للتحريم لأنه غير مكلف ع ش . قوله : ( ليس بعورة ) مقتضاه ولو أمرد جميلاً اه ح ل . قوله : ( وهل هذا ) أي عدم منعه زيارة أمه قوله : ( الأوّل ) معتمد قوله : ( ويمنع الأب أنثى ) محله إذا لم يمنعها زوجها أو كانت مخدرة فيجب على الأب تمكينها من زيارتها سم لكن في شرح م ر خلافه في المخدرة اه ع ش . والمراد بقوله : ويمنع الأب أنثى أي ندباً فلو أطلقها لأمها لم يحرم ع ش على م ر مع زيادة . قوله : ( وعدم البروز ) عطف سبب على مسبب .
قوله : ( والأم أولى منها ) ظاهره عدم الفرق في الأم بين المخدرة وغيرها وهو كذلك اه م ر ع ش . وعبارة البرماوي فإن كان لها عذر ولو بتخدرها أو منع زوجها أرسلت البنت إليها اه . قوله : ( لا في كل يوم ) هذا فيمن منزلها بعيد أما من منزلها قريب فلا بأس بدخولها كل يوم قاله الماوردي شرح م ر أ ج . وقد يتوقف في الفرق بين قريبة المنزل ، وبعيدته ، فإن(4/482)
"""""" صفحة رقم 483 """"""
المشقة في حق البعيدة إنما هي على الأم فإذا تحملتها وأتت في كل يوم لم يحصل للبنت بذلك مشقة ، فأيّ فرق بين البعيدة والقريبة قاله ع ش : قال الرشيدي : ثم ظهر أن وجهه النظر للعرف فأن العرف أن قريب المنزل كالجار ، يتردد كثيراً بخلاف بعيده اه . قوله : ( ولا يمنعها من دخولها بيته ) أي لا يجوز فيحرم عليه ذلك وتدخله قهراً عليه ولها أن لا تكتفي بإخراج الولد إليها على الباب ح ل . قال ق ل على الجلال قيل : يشكل عليه منع الزوج أمّ زوجته من دخول بيته . وأجيب بأن في هذا مظنة الإفساد عليه اه . وفي ع ش على م ر وينبغي أنه لا يجب عليها تمكينه من دخول المنزل إذا كانت مستحقة لمنفعته ولا زوج لها بل إن شاءت أذنت له في الدخول ، حيث لا ريبة ولا خلوة ، وإن شاءت أخرجتها له وعليه فيفرق بين وجوب التمكين على الأب من الدخول إلى منزله حيث اختارته الأنثى وبين هذا بتيسر مفارقة الأب للمنزل عند دخول الأم بلا مشقة بخلاف الأم ، فإنه قد يشقّ عليها مفارقة المنزل عند دخوله فربما جرّ ذلك إلى نحو الخلوة اه فافهمه فإنه نفيس . قوله : ( وهي ) أي الأم أولى بتمريضهما ، فلو ماتا أو أحدهما فليس للأب منع الأم من حضور التجهيز في بيته وله منعها زيارة قبر في ملكه ولو تنازعا في محل دفنه أجيب الأب لأن المؤنة ، عليه وهذا من تتمتها وتوابعها ، برماوي وق ل على الجلال . وعبارة ع ش على م ر ولو مات فقالت أمه أدفنه في تربتي وقال الأب : بل في تربتي كان المجاب الأم على ما بحثه الزركشي وبحث ابن حجر أن المجاب الأب ومثله م ر ومحله حيث لم يترتب عليه نقل محرّم كأن مات عند أمه والأب في غير بلدها اه . والمراد بتربة أحدهما التربة التي اعتاد أحدهما الدفن فيها ولو مسبلة كما في ع ش اه . قوله : ( في الحالين ) وهما كونه عنده وكونه عندها .
قوله : ( وإذا اختارها ) أي الأم ذكر الخ قوله : ( فعندها ليلاً الخ ) هذا جري على الغالب فلو كانت حرفة الأب ليلاً فالأقرب أن الليل في حقه كالنهار في حق غيره حتى يكون عند الأب ليلاً لأنه وقت التعلم والتعليم وعند الأم نهاراً كما قالوه : في القسم بين الزوجات شرح الروض فالمراد بالليل عدم وقت الحرفة ولو نهاراً وعكسه كما في ق ل على الجلال . قوله : ( وعنده ) أي الأب وإن علا ومثله الوصي والقيم برماوي . قوله : ( على ما يليق به ) أي الولد وإن لم تكن صنعة أبيه بل الواجب اللائق به هو كابن حمار لكنه عاقل حاذق جداً فلا يليق به أن يكون حماراً وكابن عالم في غاية من البلادة وعدم المعرفة ، فلا يليق به أن يكون عالماً ، وهكذا فلذلك اعتبر المصنف اللائق به قوله : ( لأن ذلك من مصالحه ) وأجرة ذلك في مال الولد إن(4/483)
"""""" صفحة رقم 484 """"""
وجد وإلا فعلى من عليه نفقته م ر ولو كان أبوه في غير بلد أمه ولزم على إقامته معها ضياعه فالحضانة لأبيه . قوله : ( يقال الأدب على الآباء والصلاح على الله ) وعلى في الأول للوجوب والتأكيد وفي الثاني للفضل والكرم ق ل . قوله : ( على العادة ) ويعتبر في دخوله على الأم وجود محرم أو نسوة ثقات ويحترز في زيارته عن الخلوة ، نعم لو كانت مزوّجة ومنعه الزوج من دخوله بيته خرجت إليه إلى الباب ليراها ويتفقدها برماوي . قوله : ( لأن الحضانة لها ) أي أصالة قوله : ( فلا حضانة لمجنون ) وكذا أبرص وأجذم وذو مرض دائم يشغله عن أحوال المحضون ولا يضر العمى لكن ينيب القاضي عنه كالمغمى عليه زمن إغمائه . برماوي فإن زاد على ثلاثة أيام انتقلت للأبعد قوله : ( كيوم في سنة ) ويتجه ثبوت الحضانة في ذلك اليوم لوليه اه م د قوله : ( فلا حضانة لرقيق ) أي على حر أو رقيق ابتداء أو دواماً اه برماوي . قوله : ( ويستثني الخ ) أي من قوله فلا حضانة لرقيق قوله : ( وحضانته لها ) ظاهره وإن وجد غيرها كأن كانت أمها مسلمة حرة خالية من الموانع اه ع ش قوله : ( ما لم تنكح ) فلو نكحت . قال الرافعي : صار الأب أحق بالولد إلا أن يكون الولد مميزاً فيخاف أن يفتنه عن دينه فلا يترك عنده قال النووي : الصحيح الذي عليه الجمهور أنه لا حضانة لكافر على مسلم فلا حضانة هنا للأب ز ي فيجري في الولد ما ذكره الشارح في الشرط الثالث من قوله : فيحضنه أقاربه المسلمون . كيف هذا مع أن أباه كافر فليس له أقارب مسلمون ، ويمكن أن يكون له أخت وخالة وأخ عم أسلموا وعبارة البرماوي قوله : ما لم تنكح فإن نكحت انتقلت الحضانة لأهلها المستحقين لها لا للأب لكفره(4/484)
"""""" صفحة رقم 485 """"""
اه . وقال ع ش : فإن نكحت فوليه الحاكم قوله : ( والدين ) أي التوافق في الدين قوله : ( فلا حضانة لكافر على مسلم ) أي ولو باللفظ فمن وصف الإسلام من أولاد الكفار نزع منهم وجوباً احتراماً للكلمة ويحضنه المسلمون وإن لم يكونوا من أقاربه ومؤنته في ماله ، ثم على من تلزمه مؤنته ثم على المسلمين وأفهم كلامهم ثبوتها للكافر على الكافر وهو كذلك ، وسواء فيما ذكر الذكر والأنثى اه برماوي . وحاصله أن الصور أربع مسلم على مسلم ، كافر على كافر ، مسلم على كافر ففي هذه الصور تثبت الحضانة والرابعة حضانة الكافر على المسلم فغير صحيحة . قوله : ( فهو من محاويج المسلمين ) أي من محتاجي المسلمين فتكون مؤنته في بيت المال فإن لم يكن فعلى مياسير المسلمين كما قرره شيخنا . قوله : ( لأن فيه ) أي في المسلم أي في حضانته مصلحة له أي الولد قوله : ( والأمانة ) ذكر ع ش في حاشيته على ابن قاسم الغزي أن المراد بالأمانة أمنها على حفظ الطفل بأن لا يخشى عليه معها محظور ، وعليه فهي مغايرة للعفة اه شيخنا . قوله : ( جمع المصنف الخ ) لا يخفى أن المعطوفات فيها جمع بين كل معطوفين لكن إذا ظهرت حكمة بين معطوفين متلاصقين منها ينبغي التنبيه عليها كما هنا ق ل قوله : ( لتلازمهما ) فيه نظر مع ما ذكره فيهما فلو قال : لما بينهما من العموم المطلق لكان مستقيماً ق ل . والأولى أن يكون بينهما عموم وخصوص وجهي .
قوله : ( عما لا يحل ) أي عما يحرم فيخرج المكروه أو عما لا يحل حلاً مستوي الطرفين بأن لم يحلّ أصلاً وهو الحرام أو يحلّ حلاً غير مستوي الطرفين فيدخل المكروه وهذا أنسب بقوله : ولا يحمد أي فاعله على فعله إذ المكروه لا يحمد فاعله على فعله ، على أن العفة تكون على ترك الحلال فضلاً عما فيه شبهة ولا يقال : لهذا خائن وبهذا علم أن ما ذكره بقوله : فكل عفيف أمين وعكسه غير مستقيم على أن هذا التعبير غير صحيح هنا . إذ الكلام فيما يبطل الحضانة وهو ما فيه فسق ، كما أشار إليه ق ل . قوله : ( فلو عبر بالعدالة ) إن أراد بالعدالة عدالة الشهادة ، شمل الشروط الخمسة السابقة ، وإن أراد بها عدالة الرواية ، خرجت الحرية ودخل(4/485)
"""""" صفحة رقم 486 """"""
غيرها مما شملته عدالة الشهادة ، وكل غير صحيح ق ل نعم لو عبر المتن ، بعدم الفسق لكان أولى ، كما إذا أسلم الكافر ، فإنه يقال له : غير فاسق ، لا عدل لعدم حصول الملكة التي تحصل بها العدالة عنده وتكفي العدالة الظاهرة ، ولو قبل التسليم ويصدّق في بقائها بعده فإن نوزع فيها قبله فلا بد من ثبوتها عند الحاكم ولا بد في الشهادة من بيان السبب كالشهادة بالجرح اه برماوي . قوله : ( إن وقع نزاع ) أي قبل أن يتسلم الحاضن المحضون ، وإلا قبل قول : الحاضن في الأهلية ق ل . قوله : ( بأن يكون أبواه مقيمين الخ ) الأولى أن يقول : بأن يكون الحاضر مقيماً لأن الكلام في شرائط استحقاق الحضانة وصنيع الشارح بقوله : بأن يكون الخ لا يناسب إلا كون الإقامة شرطاً لتخيير الولد بين أبويه كما قرره شيخنا . والحاصل أن من له الحضانة إن أراد سفر غير نقلة كان الولد مع المقيم حتى يرجع المسافر وإن أراد سفر نقلة ، كان الولد مع العصبة سواء كان المقيم أو المسافر إذا أمن الطريق . والمقصد وإلا فالمقيم أولى . قوله : ( فلو أراد أحدهما ) أي الأبوين كما هو صريح كلامه ، وهو لا يناسب التعميم بعده بقوله : فالعصبة من أب أو غيره فتأمل ق ل . وقال بعضهم : فلو أراد أحدهما أي أحد من له حق في الحضانة قوله : ( فالمقيم أولى ) ما لم يكن المقيم الأم وكان في بقائه معها ضياع مصلحة ، كما لو كان يعلمه القرآن أو الحرفة وهما ببلد لا يقوم غيره مقامه فالأب أحق بذلك . كما تقدم عن البرماوي ومثله في العناني .
قوله : ( لخطر السفر ) طالت مدّته أو لا ولو أراد كل منهما سفر حاجة فالأم أولى على المختار في الروضة شرح المنهج والظاهر أن الحاجة ليست بقيد بل مثلها النزهة وعبارة م ر فإن أراده كل منهما واختلفا مقصداً وطريقاً كان عند الأم وإن كان سفرها أطول ومقصدها أبعد . اه أي لأن السفر فيه مشاقّ والأم أشفق عليه من الأب والمراد بخطر السفر مشقته . قوله : ( أو لنقلة ) ويصدّق في قصدها فإن ردّ عليها اليمين حلفت وأمسكته ، أي المحضون برماوي . قوله : ( من أب ) أي ولو كان سفره في بادية والأم في مدينة ولا فرق بين أن يكون الأب أوّلاً في البلد التي فيها الأم أم لا فإن لم يكن أب ولا جدّ وأراد الأخ الانتقال وهناك عم أو ابن عم مقيمان فليس للأخ أخذه بخلاف الأب والجدّ اه برماوي . قوله : ( أولى به من الأم ) أو غيرها وقال ق ل : قوله : أولى من الأم كان الأنسب بما قبله أن يقول : أولى من غير العصبة وقوله : من الأم نعم إن(4/486)
"""""" صفحة رقم 487 """"""
سافرت معه استمر حقها ، كما يعود لها إذا عاد من سفره برماوي قوله : ( إن أمن خوفاً في طريقه الخ ) أي ولو كان وقت شدة حرّ أو برد وتضرر بذلك ، ويجوز له سلوك البحر به وليس خوف الطاعون مانعاً وإن وجد في أمثاله ويحرم دخول بلد الطاعون والخروج منها لغير حاجة برماوي .
قوله : ( وإلا ) أي بأن لم يأمن الخوف قوله : ( وقد علم الخ ) هذا تقييد لقوله : فالعصبة من أب وغيره ولو غير محرم أولى فإنه شامل لابن العم والمحضون أنثى مشتهاة قوله : ( والخلوّ من زوج ) قضية إطلاقه أنه لا فرق في حصول الخلوّ من الزوج بين الطلاق الرجعي وغيره ، وهو المذهب المنصوص لأنه إنما يسقط حقها بالنكاح لاشتغالها بالاستمتاع ، وبالطلاق الرجعي يحرم الاستمتاع كما يحرم بالطلاق البائن شرح المنوفي مع تصرف . قوله : ( فلا حضانة لمن تزوّجت ) أي لامرأة تزوّجت بمن لا حق له في الحضانة فإن طلقت عاد استحقاقها ، وعبارة م ر أو طلقت منكوحة ، ولو رجعياً لحضنت حالاً وإن لم تنقص عدتها إن رضي المطلق ذو المنزل بدخول الولد وذلك لزوال المانع ومن ثم لو أسقطت الحاضنة حقها انتقلت لمن يليها فإذا رجعت عاد حقها اه بحروفه .
قوله : ( وإن لم يدخل بها ) أي بمجرد العقد وإن كان الزوج غائباً وعبارة متن المنهج ولا ناكحة غير أبيه اه . والمراد غير أبيه وإن علا كما في زوجة الجدّ أبي الأب وذلك بأن يزوج ابنه بنت زوجته من غيره فتلد منه ويموت أبوه وأمه فتحضنه زوجة جده ، نعم لو خالعته على حضانته ولو مع مال آخر ، لم تسقط حضانتها بالنكاح لأنه عقد إجارة وهو لازم ، كما قاله البرماوي : قوله : ( وإن رضي ) أي الغير أي ولم يرض الأب المذكور وإلا استمرت لها ولا حقّ لناكحة أبي الأم اه برماوي .
قوله : ( وعاء ) بالنصب خبر لكان وقوله حواء أي حاوياً له . قوله : ( وزعم ) قال في المصباح : زعم من باب قتل وفي الزعم ثلاث لغات فتح الزاي بالحجاز وضمها لأسد وكسرها لبعض قيس ويطلق بمعنى القول ومنه زعمت الحنفية وزعم سيبويه أي قال : وعليه قوله تعالى : ) أو تسقط السماء كما زعمت } ) الإسرار 92 ) أي كما أخبرت .(4/487)
"""""" صفحة رقم 488 """"""
قوله : ( كعم الطفل ) أي ولو كان أبوه موجوداً لأن الأم حينئذ مقدمة عليه وعبارة شرح المنهج إلا من له حق في الحضانة بقيد زدته بقولي ورضي . فلها الحضانة وتعبيري بذلك أولى من قوله : إلا عمه وابن عمه وابن أخيه اه . وقوله : وابن أخيه وهو مشكل ويصوّر بأن كان للطفل أخت لأم ثم نكحت ابن أخيه لأبيه وكانت الحضانة لتلك الأخت ، كذا قاله ح ل : والإشكال مبنيّ على أن الحاضنة كانت هي الأم . ووجه الإشكال : أن أخا الطفل إن كان شقيقه ، فابنه ابن ابنها أو لأمه فكذلك ، أو لأبيه فهي منكوحة الأب . ومحصل الجواب تصوير المسألة بما إذا كانت الحاضنة ، غير الأم وهي أخته لأمه فيجوز أن تتزوج بابن أخيه لأبيه قوله : ( أن تكون الحاضنة مرضعة ) هذا رأي ضعيف وقوله : وقال البلقيني : معتمد وهو مقابل لما قبله وعبارة المنهج ولا لذات لبن لم ترضع الولد إذ في تكليف الأب مثلاً استئجار من ترضعه عندها ، مع الاغتناء عنه عسر عليه اه . ومفهومه استحقاق غير ذات اللبن وفيه نزاع في شرح الروض قال م ر : المعتمد الاستحقاق كما دل عليه كلام المحرر فإنها لا تنقض عن الذكر اه ع ش . وقوله : عسر عليه أي مع تقصيرها فلو كانت غير لبون لزم الأب ذلك وإن عسر اه برماوي . قوله : ( حاصله ) ليس هذا حاصل ما سبق إذ هذا غيره بل هو حاصل كلام ذكره في شرح الروض قوله : ( فالأصح لا حضانة لها ) وإن رضيت بأجرة ووجد الأب متبرعة فالحكم على جواب الأكثرين أنه لا حضانة للأم حينئذ كذا أفاده الإمام البلقيني دمياطي . قوله : ( وهذا هو الظاهر ) معتمد قوله : ( كالسل ) أي القصبة وهو بالكسر مرض معروف ولا يكاد صاحبه يبرأ منه وفي كتب الطب أنه من أمراض الشباب المخوفة ، لكثرة الدم فيهم وهي قروح تحدث في الرئة اه مصباح .
قوله : ( والفالج ) هو كما في المصباح مرض يحدث في أحد شقي البدن طولاً فيبطل إحساسه وحركته وربما كان في الشقين ويحدث بغتة . قوله : ( إن عاق الخ ) عبارة الروضة فإن كان في أحدهما مرض لا يرجى زواله كالسل والفالج إن كان بحيث يؤلم ويشغل الألم عن كفالته وتدبير أمره سقط حق الحضانة وإن كان تأثيره ، تعسر الحركة والتصرف سقطت الحضانة في حق من يباشرها بنفسه دون من يشير بالأمور ويباشرها غيره اه . قوله : ( عن نظر المحضون ) أي إذا كان لا يباشره بنفسه بأن كان عنده شخص يباشره بدليل ما بعده .(4/488)
"""""" صفحة رقم 489 """"""
قوله : ( أو عن حركة ) معطوف على قوله : كفالة . قوله : ( أن لا يكون أعمى ) أي إن كان يحتاج لمباشرة ولم يجد من يتولى ذلك عنه كما في م ر وهذا وما بعده من الشرطين خارجان بشرط العدالة هذا غير ظاهر في الأعمى ، لأنه يوصف بالعدالة . قوله : ( وثالث عشرها أن لا يكون صغيراً ) هذا الشرط يغني عنه ما تقدم من اشتراط العدالة إذ العدل لا بد فيه من البلوغ . قوله : ( سقطت حضانتها ) الأولى سقطت الحضانة لأن كلام المصنف شامل للذكر والأنثى وقوله : أي لم تستحق حضانة أراد بهذا التأويل دفع ما قد يقال : إن السقوط فرع من الوجود مع أن الكلام في نفي الاستحقاق ولو أبقى كلام المصنف على أصله وجعله شاملاً لما لو طرأ فقد شرط على الحاضن لكان أعم وأولى فتأمل ق ل .
قوله : ( على ألف مثلاً ) أو على حضانة الولد فقط مرحومي . قوله : ( وحضانة ولده ) أي وتزوجت في أثناء السنة فليس له انتزاعه منها ، وليس الاستحقاق هنا بالقرابة بل بالإجارة اه دمياطي . وبهذا يعلم ما في كلام الشارح من السقط والساقط قوله وتزوّجت . وقد نظمت شروط الحضانة بقولي :
الحق في حضانة للجامع
تسع شرائط بلا منازع
بلوغه وعقله حريته
إسلامه لمسلم عدالته
إقامة سلامة من ضرر
كبرص وفقده للبصر
ومرض يدوم مثل الفالج
كذا خلوّها من التزوّج
إلا إذا تزوّجت بأهل
حضانة وقد رضي بالطفل
وعدم امتناع ذات الدرّ
من الرضاع لو بأخذ أجر
اه م د .(4/489)
"""""" صفحة رقم 490 """"""
قوله : ( كأن كملت ) أنث هنا نظراً إلى أن أصل الحضانة للإناث وإلا فلا يتقيد ق ل . قوله : ( على المذهب ) متعلق بقوله : أو رجعية قوله : ( حضنت ) أي حالاً بغير تولية جديدة من حاكم كما في الأب والجدّ والناظر بشرط الواقف ، ولا خامس لهم اه م د . ومثله لو امتنعت من الحضانة ثم رضيت فإنه يعود أخذاً مما هنا ولا تجبر إلا إذا لزمها نفقة المحضون ومثل الأم في ذلك كل من له حق الحضانة ولو قام بكل الأقارب مانع من الحضانة رجع في أمرها للقاضي الأمين فيضعه عند الأصلح منهنّ أو من غيرهنّ ، كما بحثه الأذرعي ، خلافاً للماوردي في قوله : لا يختلف المذهب في أن أزواجهنّ إذا لم يمنعوهنّ كنّ باقيات على حقهنّ اه برماوي مع زيادة شرح م ر وعبارة سم فإن زال المانع ثبت الحق ، واستشكله بعض الفضلاء بما لو شرط النظر للأرشد من أولاده فاستحقه أحدهم لكونه الأرشد ، ثم صار غير أرشد ووجد واحد أرشد منه استحق ، ولو عاد الأول أرشد لم يستحق والفرق أن الحق هنا لمعين غاية الأمر ، أنه مشروط بشرط فإذا زال ثم عاد استحق وهناك الحق لغير معين بل للموصوفين فإذا انتفى وانتقل الحق لغيره لم يعد بعوده اه .
قوله : ( قبل انقضاء العدّة ) قال في الروض وشرحه : ولصاحب العدّة المنع من إدخاله ، أي الولد ، بيته الذي تعتدّ فيه لكن إذا رضي به استحقت بخلاف رضا الزوج الأجنبي بذلك في أصل النكاح لأن المنع ثم لاستحقاقه التمتع واستهلاك منافعها فيه ، وهنا للمسكن فإذا أذن صار معيراً اه م د .
قوله : ( ولو غابت الأم ) أي ولو دون مسافة القصر ، وأشار به إلى شرطين آخرين للحضانة وليس الثاني مكرراً مع الثامن السابق لأن ما مر في الامتناع من الإرضاع وهذا في الامتناع من الحضانة . قوله : ( وضابط ذلك ) أي الانتقال وقوله : أن القريب إذا امتنع أي أو غاب . قوله : ( وهو مقيد ) هذا ليس خاصاً بالأم بل كل من وجبت عليه النفقة وامتنع من الحضانة أجبر عليها كذا في م ر .(4/490)
"""""" صفحة رقم 491 """"""
قوله : ( ما مرّ ) أي من الحضانة أو التخيير قوله : ( كالصبي ) معتمد أي بمعنى دوام ولاية الأب وإن علا عليه فما ذكره ابن كج والرافعي لا يلائم ذلك ، وهو ضعيف وكتب بعضهم قوله : كالصبي إن أراد أنه كالصبي أي تدوم حضانته فلا يصح لأنها تنتهي بالبلوغ وإن أراد كالصبي من جهة ثبوت ولاية ماله فصحيح لكن لا يلائمه ، كلام ابن كج بعده لأنه تفصيل في ثبوت الحضانة وعدمه . والحاصل أن المعتمد أنه يسكن حيث شاء حيث لا ريبة وولاية ماله للأب فكان الأولى حذف العبارة بالمرة . قوله : ( فللأم ) أي يجب ذلك اه شيخنا قوله : ( في دعوى الريبة ) كأن يقول رأيت فلاناً خارجاً من عندك فتنكر فلا يكلف بينة لأن فيه فضيحة وهتيكة . قوله : ( لو أقام بينة ) أي على الريبة . قوله : ( الخنثى ) أي كونه محضوناً وتقدم أنه يحتاط فيه حاضناً ومحضوناً ق ل . قوله : ( لم أر فيه ) أي فيما ذكر من الحضانة والكفالة قوله : ( وجهان ) وهما جواز الانفراد وعدمه قوله : ( ويعلم التفصيل ) وهو أن الأولى أن لا يفارق الأبوين أو أحدهما إن لم تكن ريبة وإلا وجب عدم المفارقة انتهى ، والله اعلم .(4/491)
"""""" صفحة رقم 492 """"""
( كتاب الجنايات
أي على الأبدان بقرينة ذكر الجنايات على الأموال فيما سبق وهو باب الغصب وما سيأتي وهو باب السرقة والقصاص الذي هو موجب الجناية أحد الكليات الخمس التي شرعت لحفظ النفس ، والنسب ، والعقل ، والمال ، والدين ، ولهذه شرعت الحدود حفظاً لهذه الأمور ، فشرع القصاص حفظاً للنفس فإذا علم القاتل أنه إذا قَتل قُتل انكفّ عن القتل ، وشرع حد الزنا حفظاً للأنساب فإذا علم الشخص أنه إذا زنى ، رجم أو جلد انكفّ عن الزنا ، وشرع حد الشرب حفظاً للعقل فإذا علم الشخص أنه إذا شرب المسكر حدّ انكف عن الشرب ، وشرع حدّ السرقة حفظاً للمال فإذا علم السارق أنه إذا سرق قطعت يده انكف عن السرقة ، وشرع قتل الردة حفظاً للدين فإذا علم أنه إذا ارتدّ قتل انكف عن الردة اه مرحومي . والقتل ظلماً عدواناً أكبر الكبائر بعد الشرك بالله وموجب لاستحقاق العقوبة في الدنيا من حيث حق الآدمي وفي الآخرة من حيث حق الله تعالى ويسقط حق الله تعالى بالتوبة الصحيحة لأنها صحيحة منه على الراجح أو بالحج المبرور على الصحيح لا بتسليم نفسه للقتل ويسقط حق الآدمي بالعفو ولو مجاناً أو بالقود أو بأخذ الدية فلا مطالبة له في الآخرة ومذهب أهل السنة أن القتل لا يقطع الأجل وإنما موته بأجله خلافاً للمعتزلة وأما خبر ( إن المقتول يتعلق بقاتله يوم القيامة ويقول يا رب ظلمني وقتلني فقطع أجلي ) فمتكلم في إسناده وبتقدير صحته فهو محمول على مقتول سبق في علم الله تعالى أنه لو لم يقتل لكان يعطى أجلاً زائداً اه برماوي . وقوله : والقتل ظلماً الخ . أي من حيث القتل وظاهره ولو كان المقتول معاهداً ومؤمناً ولا مانع منه لكن ينبغي أن أفراده متفاوتة فقتل المسلم أعظم إثماً من قتل الكافر وقتل الذمي أعظم من قتل المعاهد والمؤمّن ، وقد يشهد لأصل التفاوت قوله : ( لقتل مؤمن ، أعظم عند الله ، من زوال الدنيا وما فيها ) أما الظلم من حيث الافتيات على الإمام كقتل الزاني المحصن وتارك الصلاة بعد أمر الإمام له فينبغي أن لا يكون كبيرة فضلاً عن كونه أكبر الكبائر وقوله أو بأخذ الدية أي في قتل لا يوجب القود وعليه فلو عفا عن القصاص مجاناً أو على الدية سقط الطلب عن القاتل في الآخرة وقوله : فلا مطالبة له في الآخرة ظاهره لا للوارث ولا للمقتول . قال ابن القيم : والتحقيق أن القاتل يتعلق به ثلاثة حقوق حق لله وحق للمقتول وحق للولي ، فإذا سلم القاتل نفسه طوعاً واختياراً للولي ندماً على ما فعل خوفاً من الله تعالى وتوبة نصوحاً سقط حق الله بالتوبة وحق الأولياء بالاستيفاء أو الصلح والعفو وبقي حق المقتول يعوضه الله عنه يوم القيامة عن عبده التائب ويصلح بينه وبينه اه . وهو لا ينافي قوله : فلا مطالبة أخروية لجواز حمله على أن عدم المطالبة لتعويض الله إياه(4/492)
"""""" صفحة رقم 493 """"""
اه ع ش على م ر . قال بعضهم ينقسم القتل إلى الأحكام الخمسة واجب كقتل المرتد ، وحرام كقتل المعصوم بغير حق ، ومكروه كقتل الغازي قريبه إذا لم يسمعه يسبّ الله تعالى مثلاً ، ومندوب كقتل الغازي المذكور إذا سمعه يسبّ الله أو رسوله ، ومباح كقتل الإمام الأسير عند استواء الخصال في الأحظية فراجعه وأما قتل الخطأ فلا يوصف بحرام ولا حلال لأنه غير مكلف فيما أخطأ فيه فهو كفعل البهيمة والمجنون برماوي مع زيادة من ق ل على الجلال . قال ع ش على م ر : قلت : ينبغي أن يراجع ما ذكره في قتل الإمام الأسير فإنه إنما يقتل بالمصلحة وحيث اقتضت المصلحة قتله احتمل أن يكون واجباً إن ترتب على عدمه مفسدة ومندوباً إن كان فيه مصلحة تترجح على الترك بل يحتمل الوجوب حيث ظهرت المصلحة في قتله .
قوله : ( لتشمله ) أي الجراح وذكر الضمير وكان حقه أن يقول : لتشملها أي الجراح لأن هيئة الجمع مؤنثة ، لأن جراح جمع جرح كسهم وسهام وكلب وكلاب . ويجاب بأنه ذكر باعتبار المذكور وقوله : والقطع من ذكر الخاص بعد العام لأنه من جملة الجراح والجراح جمع جرح بالفتح أو الضم أخذاً من قوله الخلاصة :
فعل وفعلة فعال لهما
إلى قوله :
ومع فعل فاقبل
قوله : ( مما يجب حدّاً ) لا يخفى أن ذكر هذا يدل على أنه أراد بالجناية ما يعم الجناية على الأعراض كالقذف وهو غير مستقيم فلو فسر نحوهما بنحو الموضحة والهاشمة لكان أولى فتأمل م د . وقوله : كالقذف أي والتعزيز كوطء الزوجة في دبرها ولو قال المحشي ولو فسر نحوهما بإذهاب المعاني لكان أولى لأن الموضحة والهاشمة داخلان في الجراح فتأمل . قوله : ( أو تعزيزاً ) كما إذا قذف صغيرة لا تطيق الوطء قوله : ( وإن كانت مصدراً ) أي والمصدر لا يثنى ولا يجمع إذا كان لغير توكيد كما قال ابن مالك :
وما لتوكيد فوحد أبدا
وثنّ واجمع غيره وأفردا
قوله : ( والأصل في ذلك قبل الإجماع الخ ) فيه أن هذه الآية لا تدل إلا على وجوب القصاص في القتل فقط مع أن المراد الاستدلال على الجنايات الشاملة للقتل والجرح ونحو ذلك ، فالدليل أخص من المدعي شيخنا وعبارة ق ل . والأصل في ذلك أي في الجنايات أي في مجموعها . إذ ليس في الآية إلا ما فيه قصاص من قتل أو قطع وليس في الحديث إلا الأول(4/493)
"""""" صفحة رقم 494 """"""
اه . قوله : ( اجتنبوا ) أي اتركوا والموبقات المهلكات بالعذاب والعقاب وهو بكسر الموحدة اسم فاعل من أوبقته الذنوب أهلكته اه مصباح . قوله : ( والسحر ) سمي السحر سحراً لخفاء سببه ولأنه يفعل في خفية وهو لغة صرف الشيء عن وجهه تقول العرب ما سحرك عن كذا أي ما صرفك عنه فكأنّ الساحر لما رأى الباطل في صورة الحق فقد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه هذا أصله أي من حيث اللغة وأما حقيقته فقد قيل إنه عبارة عن التمويه والتخيل ومذهب أهل السنة أن له وجوداً وحقيقة ، وقيل : إن السحر يؤثر في قلب الأعيان فيجعل الإنسان على صورة الحمار والحمار على صورة الكلب وقد يطير الساحر في الهواء وهذا القول ضعيف عند أهل السنة ، وروي عن الشافعي أنه قال : السحر يخبل ويمرض وقد يقتل حتى أوجب القصاص على من قتل به . وفي حاشية الرحماني على المصنف شارح السنوسية : السحر لغة صرف الشيء عن وجهه واصطلاحاً مزاولة النفوس الخبيثة أفعالاً وأقوالاً يترتب عليها أمور خارقة للعادة بتأثير الله عادة وله حقيقة عندنا واعتقاد إباحته كفر ولا يظهر إلا على يد فاسق ويلزم به القصاص اه بحروفه . قوله : ( التي حرم الله ) أي حرم الله قتلها بكل شيء إلا بالحق فلم يحرمه بل جوّزه والحق يشمل القصاص والحد . قوله : ( والتولي ) أي الفرار ويوم الزحف أي يوم زحف الكفار على المسلمين والمراد التولي من غير مقتض له كزيادة العدوّ على ضعفنا . قوله : ( المحصنات ) أي الحرائر وقوله : الغافلات أي البريئات التي لم يقع منهنّ ما يقتضي القذف والذكور كالإناث وقد نظمها بعضهم من الخفيف فقال :
أكل مال اليتيم والشرك والسحر
وأكل الربا وقذف الميرّا
والتولي بيوم زحف وقتل النفس
سبع قد أوبقت من تجرّا ونصف البيت النون الأولى من النفس وقوله : تجرا أي تجارى على غيره بالمذكورات . قوله : ( وقتل الآدمي ) مبتدأ خبره قوله : من أكبر الكبائر وفيه بيان النفس في الحديث وما فيه القصاص في الآية وقال ق ل : صوابه إسقاط لفظ من أخذا مما ذكر بعده فتأمل . والمراد بالآدمي ما يشمل المسلم والكافر المعصوم وإن قتل المسلم أعظم من قتل الذمي وقتل الذمي(4/494)
"""""" صفحة رقم 495 """"""
أعظم من قتل المعاهد وأما الظلم من حيث الافتيات على الإمام كقتل الزاني المحصن وتارك الصلاة بعد أمر الإمام له بها فلا يكون كبيرة فضلاً عن كونه من أكبر الكبائر كما تقدم عن ع ش . قوله : ( ندا ) بكسر النون ثم بالدال المهملة المشدودة أي شريكاً أو مماثلاً أو نظير . قوله : ( ولدك ) ليس قيداً وقوله : مخافة أن يطعم بفتح أوله أي يأكل وليس قيداً وإنما قيد به لمشاكلة قوله : ) ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم } ) الأنعام : 151 ) قال بعضهم : وإنما قيد بالولد تنفيراً عما كان يقع في الجاهلية من قتل أولادهم خشية الفقر . قوله : ( في خطر المشيئة ) أي إن شاء عذبه وإن شاء سامحه أي في خوف المشيئة لأنه يمكن أن يشاء الله عذابه قال اللقاني :
ومن يمت ولم يتب من ذنبه
فأمره مفوّض لربه قوله : ( ولا يخلد عذابه ) أي قاتل النفس أي سواء تاب أم لا . قوله : ( تظاهرت ) أي اجتمعت وتقوّت . قوله : ( لا يموت إلا بأجله ) أي فراغه . قوله : ( والقتل لا يقطع الأجل ) قال اللقاني :
وميت بعمره من يقتل
وغير هذا باطل لا يقبل قوله : ( خلافاً للمعتزلة ) عبارة شرح المقاصد وزعم الكثير ، أن القاتل قد قطع عليه الأجل وأنه لو لم يقتل لعاش إلى أمد هو أجله الذي علم الله موته فيه لولا القتل . قوله : ( القتل على ثلاثة أضرب ) خص القتل بالذكر لأنه الغالب وإلا فالأقسام تجري في القطع والجرح وإزالة(4/495)
"""""" صفحة رقم 496 """"""
المعنى وعبارة المنهج هي أي الجناية على البدن سواء أكانت مزهقة للروح ، أم غير مزهقة من قطع ونحوه ثلاثة عمد الخ . أي لا رابع لها بحكم الوجود والعقل .
قوله : ( وعمد خطأ ) وبالإضافة ويقال : شبه عمد ، وخطأ عمد وخطأ شبه عمد وأخره عن العمد والخطأ لأخذه شبهاً من كل منهما شرح م ر . ومن الخطأ ما لو رمي مهدراً فعصم قبل الإصابة تنزيلاً لطروّ العصمة منزلة طروّ إصابة من لم يقصده ولم يبين في الخطأ حكم الآلة من كونها تقتل غالباً أو لا ح ل . قوله : ( وجه الحصر ) أي عقلاً . قوله : ( عين المجني عليه ) أي ذاته قوله : ( كما تؤخذ هذه الثلاثة ) أي ضابط هذه الثلاثة فهو على حذف المضاف . قوله : ( هو أن يعمد ) أي ذو أن يعمد بكسر الميم لأن القتل نفس العمد فهو من باب ضرب وفي حاشية الزيادي عن أبي ذر اللغوي عمد من باب علم اه . إلا أنه من باب ضرب أكثر . قوله : ( المقصود بالجناية ) أي ولو من النوع ليدخل فيه رميه لجمع قصد إصابة أيّ واحد مبهم بخلافه لقصد إصابة واحد مبهم فرقاً بين العام والمطلق إذ الحكم في الأوّل على كل فردٍ مطابقة فكل منهم مقصود جملة أو تفصيلاً وفي الثاني على الماهية مع قطع النظر عن ذلك كما في شرح م ر قال شيخنا : ولا حاجة لهذا القيد وهو قوله المقصود بالجناية بعد قوله : أن يعمد أي يعمد أي يقصد لأنه يغني عنه قال الأجهوري : بخلاف ما لو قصد عينه بالجناية فلو أشار لإنسان بسكين تخويفاً فسقطت عليه من غير قصد اتجه كونه غير عمد لأنه لم يقصد عينه بالآلة قطعاً وإن قال ابن العماد : إنه عمد يوجب القود . قوله : ( كجارح ومثقل وسحر ) الواو بمعنى أو . قوله : ( ويقصد بفعله قتله بذلك ) لا حاجة إليه أو هو مضر لأنه لو ضربه بما يقتل غالباً فقتله عمداً وإن لم يقصد قتله بذلك كما هو ظاهر ولهذا لو ضرب مريضاً جهل مرضه ضرباً يقتل المريض دون الصحيح أو قصد تعزيره بما يقتل غالباً كان عمداً موجباً للقود مع ظهور أنه لم يقصد قتله بما ذكر سم .
فرع : أوقدت امرأة ناراً وتركت ولدها الصغير عندها وذهبت فقرب من النار واحترق بها فإن تركته بموضع تعدّ به مقصرة بتركه فيه ضمنته وإلا فلا هكذا قاله بعض أهل اليمن وهو حسن سم . قوله : ( عدواناً من حيث كونه مزهقاً للروح ) هذان القيدان ليسا من حقيقة القتل العمد لا من حيث إن الكلام في العمد الموجب للقود كما قاله بعض الشراح بقرينة كلام الشارح بعد فلا اعتراض على الشارح كما قرره شيخنا .(4/496)
"""""" صفحة رقم 497 """"""
قوله : ( زلقت ) بكسر اللام . قوله : ( النادر ) أي وما يستوي فيه الأمران أي كونه يقتل وكونه لا يقتل . قوله : ( كما لو غرز إبرة ) أي إبرة الخياط لا نحو مسلة فإنها تقتل غالباً وعبارة شرح م ر كغرز إبرة بمقتل كحلق أي أو في بدن نحو هرم أو نحيف أو صغير أو كبير وهي مسمومة ، شرح م ر قوله : وهي مسمومة قيد في الكبير فقط كما قاله : ع ش والرشيدي . قوله : ( في غير مقتل ) أي كورك وألية أما بمقتل كدماغ وعين وحلق وخاصرة وإحليل ومثانة وعجان بكسر العين وهو ما بين الخصية والدبر فعمد فالعمد وإن انتفى ألم وورم لصدق حده عليه نظراً لخطر المحلّ وشدّة تأثره .
قوله : ( ولم يعقبها ورم ) أي ولا تألم فإن عقبها ذلك حتى مات فعمد ، فالعمد في صورتين غرزها بمقتل مطلقاً وغرزها بغيره وتألم حتى مات ، فإن لم يظهر أثر ومات حالاً فشبه عمد ولا أثر لغرزها فيما لا يؤلم كجلدة عقب لعلمنا بأنه لم يمت به والموت عقبه موافقة قدر فهو كمن ضرب بقلم أو ألقي عليه خرقة فمات . شرح المنهج ، وقوله : ورم ليس بقيد بل المدار على التألم وقوله : كجلدة عقب ما لم يبالغ في الغرز بها فإن بالغ حتى أدخلها إلى اللحم الحي فإنه يقتل ، لأنه عمد وقوله كمن ضرب بقلم كان الأولى أن يقول وخرج بما يتلف غالباً أو غير غالب ما لو ضربه بقلم الخ ولو منعه البول فمات فالظاهر أنه إن ربط ذكره بحيث لا يمكنه البول ومضت المدة المذكورة ، فهو كما لو منعه الطعام والشراب وإن لم يربطه ، بل منعه بتهديد مثلاً كإن بلت قتلتك فلا ضمان لأنه لم يحدث فعلاً يحال عليه الهلاك فهو كما لو أخذ طعامه في مفازة فمات وينبغي أن من العمد ما لو أخذ من العوّام جرابه مثلاً مما يعتمد عليه في العوم وأنه لا فرق بين علمه بأنه يعرف العوم أم لا ع ش على م ر وفي ق ل على الجلال فلو أخذ نحو جراب من عائم عليه فغرق ، ضمنه ولم يرتضه شيخنا . ز ي . قال : لأنه كمن أخذ طعامه في مفازة قال بعض مشايخنا : وقد يفرق والفرق ظاهر لأنه قادر في المفازة أن ينتقل إلى محل يجد فيه ما يقيه من الجوع وليس قادراً في الماء أن ينتقل إلى محل يقيه من الغرق ولأن من شأن الماء الإغراق وليس من شأن المفازة الإهلاك فتأمل ولو حبسه ولم يمنعه شيئاً فترك الأكل خوفاً أو حزناً والطعام عنده فمات جوعاً أو عطشاً أو حتف أنفه أي من غير سبب أو غير ذلك فلا ضمان وخرج بمنعه الطعام ما لو كان في مفازة وأخذ طعامه وشرابه فمات جوعاً أو عطشاً فلا ضمان لأنه لم يحدث فيه صنعاً كذا في الروضة قال الأذرعي : وهو متجه فيما إذا كان يمكنه الخروج منها فإن كان لا يمكنه ذلك لطولها أو لزمانته ولا طارق فالمتجه وجوب القود قال بعضهم : ولو فصل بين أن يعلم الآخذ حال المفازة فيجب القود وبين أن يجهل فيجب دية شبه العمد لكان متجهاً اه .(4/497)
"""""" صفحة رقم 498 """"""
قوله : ( فلا قصاص فيه ) وفيه الدية إن كان في محل مؤلم فإن كان في غير مؤلم كجلدة عقب فلا شيء فيه . قوله : ( يمكن انقسام القتل ) أي العمد وشبه العمد كما يدل عليه قوله : بعد وأما الخطأ الخ . قوله : ( قتل المرتد ) ووجوبه على الإمام . قوله : ( إذا استوت الخصال ) أي الفداء وضرب الرق والقتل . قوله : ( لأنه ) أي المخطىء غير مكلف . قوله : ( كتب عليكم القصاص في القتلى ) سمي القتل قصاصاً لأن أولياء الدم يقصون أي يتتبعون أثر القاتل . قوله : ( بدل متلف ) أي بدل إتلاف متلف وقوله : فتعين جنسه أي جنس إتلاف المتلف . قوله : ( فإن عفا المستحق ) كلام المتن شامل لما لو عفا مجاناً أو أطلق مع أنه في ذلك لا شيء فلذلك أصلح الشارح المتن بما فعله وقوله : على مال المراد به الدية بأن يقول : عفوت عن القود على الدية أما لو قال : عفوت عن الدية فلغو فإن عفا عليها بعد عفوه عنها ولو متراخياً وجبت وسواء كان العافي محجور سفه أو فلس أو مريضاً أو وارث مديون لأن الواجب القود عيناً وليس في العفو عنه تضييع مال السم . قوله : ( وكذا إن أطلق العفو ) نعم إن اختار الدية عقب عفوه مطلقاً وجبت سم . قوله : ( والعفو إسقاط ثابت ) وهو القصاص لا إثبات معدوم وهو الدية .(4/498)
"""""" صفحة رقم 499 """"""
قوله : ( أو عفا على مال ) وهو الدية ولو عبر بها لكان أولى وفي المنهج ولو عفا على غير جنسها أي الدية أو على أكثر منها ثبت إن قبل جاز ذلك وإلا فلا يثبت ولا يسقط القود . قوله : ( مغلظة ) ثلاثون حقة وثلاثون جزعة وأربعون خلفة . قوله : ( وإن لم يرض الجاني ) غاية . قوله : ( لما روى البيهقي الخ ) هذا الحديث يدل على أن الواجب أحدهما لا على التعيين فينافي وجوب القود أولاً . قوله : ( وخيرها بين الأمرين ) يقتضي أنه من الواجب المخير مع أن الله لم يوجب أولاً إلا القود . ويجاب بأن التخيير بالنظر لخيرة الوارث لا بالنظر للابتداء فلا يجب إلا القود . قوله : ( لما في الإلزام بأحدهما ) أي الدية والقصاص .
قوله : ( ولأن الجاني ) معطوف على قوله : لخبر . قوله : ( عن عضو ) أي كيده وأصبعه وظفره وشعره وقوله سقط كله أي كل القود ويشترط في تلك الأعضاء أن تكون متصلة فيكون من باب السراية لا من باب التعبير بالجزء عن الكل حتى لا يشترط الاتصال . قوله : ( ولو عفا بعض المستحقين سقط أيضاً ) حتى لو اقتص بعض الورثة بعد عفو البعض اقتص منه وإن لم يعلم بعفوه لتقصيره في الجملة . قوله : ( ويغلب ) بالتشديد . قوله : ( هو أن يقصد الفعل ) فله صورتان قصد الفعل وعدمه ، كلاهما مع عدم قصد الشخص . قوله : ( رجلاً ) الرجل حقيقة الذكر البالغ ولا حاجة لإخراجه عن موضوعه بقوله : أي ذكراً لأنه مثال . قوله : ( أو غيره ) معطوف على رجلاً . قوله : ( زلق ) بكسر اللام . قوله : ( فسقط على غيره ) وعدم قصده له لا يمنع من نسبته إليه . قوله : ( ومن قتل مؤمناً خطأ ) المراد بالخطأ مقابل العمد الصادق بشبه العمد . واعلم أن المصدر إذا وقع جواباً للشرط واقترن بالفاء جرى مجرى الأمر والتقدير هنا(4/499)
"""""" صفحة رقم 500 """"""
فليحرر رقبة . قوله : ( مخففة ) أي مخمسة عشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وعشرون بنت لبون .
وعشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ، قوله : ( على العاقلة ) أي فالعاقلة لا تحمل إلا الخطأ وشبه العمد ولا تحمل عمداً ولا صلحاً عن القود ولا اعترافاً بالجناية روي ذلك عن ابن عباس نعم إن صدّقت العاقلة المعترف بالجناية حملت عنه ، ولو كانت العاقلة من الولاء أو بيت المال وهو الإمام اه م ر . قوله : ( على سبيل المواساة ) أي الإحسان وإن كانت واجبة لأن الآتي بالواجب محسن . قوله : ( ومن المواساة ) من تعليلية لما بعدها أي تأجيلها عليهم من أجل مواساتهم ففيه الإظهار موضع الإضمار وحقه أن يقال : ومن أجلها تأجيلها عليهم من الشارع . قوله : ( المسمى بشبه العمد ) وجه تسميته بذلك أنه أشبه العمد في اعتبار القصد . قوله : ( أو عصا خفيفة ) أي بحيث ينسب القتل إليها لا نحو قلم لأنه موافقة قدر م د . قوله : ( لفقد الآلة القاتلة ) هذا ظاهر في قوى البدن أما لو كان طفلاً أو هرماً فإنه يكون من العمد لأن الآلة المذكورة تقتل من ذكر غالباً نظير ما قيل : في الإبرة أ ج وعبارة شرح م ر ومن شبه العمد الضرب بسوط أو عصا خفيفتين بلا توال ولم يكن بمقتل ولم يكن بدن المضروب نحيفاً ولم يقترن بنحو حر ، أو برد أو صغر وإلا فعمد ، كما لو خنقه فضعف وتألم حتى مات لصدق حدّه عليه اه . قال : الشيخان ، ولو ضربه اليوم ضربة وغداً ضربة وهكذا حتى مات فوجهان لأن الغالب السلامة ، عند التفريق وقال المسعودي ولو ضربه وقصد أن لا يزيد فشتمه فضربه ثانية ثم شتمه فضربه ثالثة حتى قتله فلا قصاص ، ولو ضرب زوجته بالسوط عشراً ولاء فماتت فإن قصد في الابتداء العدد المهلك وجب القصاص وإن قصد تأديبها بسوطين أو ثلاثاً ثم بدا له فجاوز فلا لأنه اختلط العمد بشبهه . اه سم . قوله : ( فموته بغيرها الخ ) الصواب إسقاطه ، لأن موافقة القدر هدر ق ل . قوله : ( في قتيل ) خبر مقدم وقوله : قتيل السوط بدل من عمد الخطأ وقوله مائة اسم إن مؤخر وقوله في بطونها خبر مقدم وأولادها مبتدأ مؤخر .(4/500)
"""""" صفحة رقم 501 """"""
قوله : ( والمعنى فيه ) كان الأولى تأخير هذا عن قوله : على العاقلة لأنه دليل عليه والدليل يكون بعد المداول . قوله : ( متردد ) أي يشبه العمد من حيث قصد الفعل والخطأ من جهة أن الآلة لا تقتل . قوله : ( مؤجلة ) هو في كلام الشارح منصوب خبر لكون في قوله من وجه كونها . ففيه تغيير إعراب المتن . قوله : ( جهات ) لا يخفى أنه عنون بذكر الجهة الأولى ولم يعنون عن الأخيرتين بل أدخلها في الأولى وهذا غير لائق تأمل ق ل وهذا مرتبط بقوله : تجب دية على العاقلة فيقدم أولاً الأقارب ثم الولاء ، ثم بيت المال ، إن انتظم . قوله : ( قرابة ) أي عصبة بدليل ما بعده . قوله : ( ولا الفريد ) في نسخة ولا العديد . قال : شيخنا م ر والأولى هي الظاهرة اه . قلت : بل الظاهر هي الثانية فقد قال في المصباح ، العديد الرجل يدخل نفسه في قبيلة ليعدّ منها ليس له فيها عشيرة وهو عديد بني فلان ومن عدادهم بالكسر أي يعدّ فيهم ولم يذكر للفريد معنى مثل هذا أصلاً . قوله : ( الجهة الأولى ) لم يذكر الشارح الجهتين الأخيرتين إلا في خلال كلامه . قوله : ( أو الولاء ) الأولى إسقاطه لأن مرتبته متأخرة وسيأتي ذكره بعد . قوله : ( أن العاقلة ) أي في أن العاقلة الخ . قوله : ( المعتوه ) أي العبيط وهو ناقص العقل . قوله : ( الأقرب فالأقرب ) بدل من من في قول الشارح وزع(4/501)
"""""" صفحة رقم 502 """"""
الباقي على من يليه اه . وهم الإخوة ثم بنوهم ثم الأعمام بنوهم كالإرث اه . ومدابغي فيؤخذ من كل أخ موسر نصف الدينار ومتوسط ربع دينار ولا شيء على الفقير فإذا لم يوفّ ثلث الدية أخذ من بنيهم وهكذا فإن لم يكن له عاقلة أو كانوا فقراء رجع إلى القاتل . قوله : ( وكذا أبداً ) أي وكذا المذكورون يكون الحكم المذكور ممن بعدهنّ أبداً شيخنا . قوله : ( ومعتقون في تحملهم كمعتق ) فعليهم نصف دينار إن كانوا أغنياء وإلا فربعه ويوزع عليهم بحسب الملك لا الرؤوس ، فلو كان لامرأة ثلثا عبد ولرجل ثلث فأعتقاه ثم قتل وهما غنيان فعلى ولي المرأة كأخيها ، ثلثا نصف الدينار وعلى الرجل ثلثه فإن اختلفا فلكل حكمه فإن كان الرجل غنياً دون ولي المرأة فعليه ثلث نصف دينار وعلى وليها ثلثا ربعه أو عكسه فعليه ثلث ربع الدينار وعلى وليها ثلثا نصفه وهكذا ق ل . وانظر لم كان الواجب على وليها دونها مع أنها المعتقة ؟ ويمكن الجواب بأن المرأة لا تتحمل أصلاً فليحرر . قوله : ( كمعتق ) لأن الولاء في الأولى لجميع المعتقين لا لكل منهم . وفي الثانية لكل من العصبة فلا يتوزع عليهم توزعه على الشركاء ، لأنه لا يورث بل يورث به شرح المنهج . قوله : ( يحمل ما كان يحمله ) فيحمل كل شخص نصفاً أو ربعاً كالمعتق إن كان المعتق واحداً ومحل ذلك إذا كانوا بصفته في الغنى والتوسط ، وإلا بأن كان المعتق غنياً وهم متوسطون فعلى كل منهم ربع دينار فقوله : ما كان يحمله أي في الجملة . قوله : ( وصفات من يعقل خمس ) هي في الحقيقة سبعة : الذكورة ، وعدم الفقر ، والحرية ، والبلوغ ، والعقل ، واتفاق الدين وأن لا يكون أصلاً ولا فرعاً . قوله : ( التي أداها غيره ) بأن كان الخنثى عماً فأخذنا من ابن العم ما كان يدفعه العم فإن تبين كون العم ذكراً دفع لابن العم ما دفعه عنه . قوله : ( وعلى الغني ) خبر مقدم ونصف دينار مبتدأ مؤخر وما بينهما اعتراض وقوله : عشرين مفعولاً ليملك وقوله فاضلاً حال منها وذكر باعتبار المذكور أو باعتبار كونها عدداً وقوله عما يبقى في الكفارة وهو كفاية العمر الغالب لأنها لا تجب الكفارة على شخص إلا إذا كان يملك كفاية العمر الغالب .(4/502)
"""""" صفحة رقم 503 """"""
قوله : ( اعتباراً بالزكاة ) أي وإنما اعتبرت العشرون دون أنقص منها اعتباراً بالزكاة لأنها لا تجب في أقل منها .
قوله : ( من يملك ) أي آخر السنة وبما ذكر علم أن من أعسر آخرها لم يجب عليه شيء وإن كان موسراً قبل أو أيسر بعد الخ انظر شرح المنهج وقوله : فاضلاً عما يبقى له في الكفارة أي عن كفاية العمر الغالب . قوله : ( أو قدرها ) بالجر عطفاً على العشرين أي أو دون قدرها من الفضة . قوله : ( وفوق ربع دينار ) ثم يجمع الحاصل ويشتري به الواجب من الإبل ، وهو ثلث الدية ، فإن زاد المأخوذ من العاقلة على الواجب نقص منه بالقسط اه . وإن نقص المأخوذ عن الواجب كمل ممن يلي من أخذ منه وانظر هلا اكتفوا بربع دينار فقط ثم رأيت في شرح المنهج ما نصه وإنما شرط كون الدون الفاضل عن حاجته فوق الربع لئلا يصير بدفعه فقيراً اه . قال : سم حاصله أنهم اشترطوا أن يبقى معه شيء ما زائد على حاجته بعد دفع الربع حتى لا يكون بعد الدفع فقيراً ولك أن تقول : كأن يجوز أن لا يشترط ذلك ويكون الفقير من لا يملك ربعاً زائدا عن حاجته والمتوسط من يملك ذلك ولا محذور في عوده بعد الدفع فقيراً إنما المحذور أن يؤخذ من فقير ولم يوجد سلمنا ذلك مع أن لقائل أن يقول : وقعوا فيما فروا منه لأن المتوسط على كلامهم صادق بمن ملك زيادة على حاجته ثلث دينار مثلاً كما هو قضية التفسير المذكور ولا خفاء في أن من ملك ذلك إذا دفع ربعاً عاد فقيراً لأنه إذا دفعه صار لا يصدق عليه أنه ملك زائداً عن حاجته فوق ربع دينار فيكون فقيراً لأنه لما بطل كونه متوسطاً ومعلوم أنه ليس غنياً وجب أن يكون فقيراً إذ المراد بالفقير وغيره ما هو المعنى المصطلح عليه هنا فتأمل .
قوله : ( الجناية ) أي بدل الجناية وقوله لأنه أي البدل المقدَّر . قوله : ( قدر ثلث دية ) لعل هذا إذا لم تزد قيمته على دية وإلا بأن كانت قدر ديتين .
أخذ قدر ثلث كل واحدة فالتأجيل لا يزيد على ثلاث سنين كما لو قتل شخص رجلين فإن كانت قيمته قدر ثلث الدية فما دونها أخذ في سنة م ر . قوله : ( والأطراف ) أي ودية الأطراف لأجل . قوله : تؤجل ولا حاجة للتقدير فيما بعدها لأنه مال فيؤجل وقوله : والأطراف مبتدأ خبره تؤجل يعني أنها تؤجل في كل سنة الخ فإن كانت نصف ديته ففي الأولى ثلث وفي الثانية سدس اه شرح م ر . قوله : ( والحكومات ) هي واجبة فيما لا مقدّر ولا تعرف نسبته إلى(4/503)
"""""" صفحة رقم 504 """"""
مقَدّر له وأروش الجناية واجبة فيما له مقدر كالموضحة أو عرفت نسبته من مقدر كجرح قبل الموضحة كالسمحاق . قوله : ( في كل ) خبر مقدم وقدر مبتدأ مؤخر . قوله : ( سقط من واجب تلك السنة ) أي لا شيء عليه بخلاف من مات ، بعدها كما تقدم . قوله : ( وشرائط وجوب القصاص ) من القص وهو القطع ومنه المقص وقيل : من قص الأثر إذا تبعه لأن المقتص يتبع الجاني والتعبير هنا بالقصاص بعد التعبير عنه فيما سبق بالقود ، لإفادة اتحادها اه . شرح سم وهذا شروط في القاتل إلا الرابع فإنه شرط في المقتول ومن شروطه أي القاتل أيضاً أن يكون ملتزماً للأحكام وأما قول الشارح الآتي ، والخامس عصمة القتيل فهذه شروط في القتيل كما قرره شيخنا . وعبارة المنهج أركان القود في النفس ثلاثة قتيل وقاتل وقتل وشرط فيه ما مر أي من كونه عمداً ظلماً وفي القتيل عصمة أي على قاتله ثم قال : وشرط في القاتل أمران : التزام للأحكام ومكافأة حال جناية بأن لم يفضل قتيله بإسلام أو أمام أو حرية كاملة أو أصلية أو سيادة وقوله : عصمة دخل فيه أن لا يكون صائلاً ولا قاطع طريق لا يندفع شره إلا بالقتل وإلا فهو معصوم ، وقوله : أو أمان أي بأن يقول له شخص أنت تحت أماني وزاد بعضهم ضرب الرق على الأسير الوثنيّ ونحوه ، وأجيب عنه بأن ضرب الرق عليه صيره مالاً للمسلمين ومالهم في أمان فدخل في قوله : أو أمان اه برماوي . قوله : ( في العمد ) لبيان الواقع لأن القصاص لا يكون في غيره .
قوله : ( بالغاً عاقلاً ) لو قال : مكلفاً لأغنى عن هذين الشرطين . ووقع السؤال عما لو تطور ولي في غير صورة آدمي وقتله شخص وعما لو قتل آدمي جنياً هل يقتل به أو لا ؟ فالجواب أن يقال : إن علم القاتل حين القتل أن المقتول ولي تطوّر في تلك الصورة قتل به وإلا فلا قود ولكن تجب فيه الدية كما لو قتل إنساناً يظنه صيداً هذا في الأول وكذا في الثاني لكن نقل عن شيخنا الشوبري أن الآدمي لا يقتل بالجني مطلقاً أقول وهو الأقرب لعدم معرفتنا أحكام الجن وعدم خطابنا بتفاصيل أحكامهم ع ش على م ر وعبارة البرماوي خرج الجني فإنه لا يقتل به إذا قتله وإن كانوا مخاطبين بفروع الشريعة لأنا لا نعلم تكاليفهم ولم ينقل لنا عن الشارع أنه قال : من قتل جنياً قتل به ولا شيء في قتله من لزوم الدية والكفارة اه وظاهره ولو تحقق(4/504)
"""""" صفحة رقم 505 """"""
إسلامه وتحققت المكافأة ولا يخفى ما فيه من البعد اه . قوله : ( فلا قصاص على صبي ) ومثله النائم والمغمى عليه والسكران سم . قوله : ( محل عدم الجناية ) أي موجبها وهو القصاص . قوله : ( لأنه ) أي القصاص لا يقبل الرجوع أي لا يقبل الرجوع فيه فيما إذا ثبت بإقرار أي وإذا كان لا يقبل الرجوع فيستوي في استيفائه حالة الصحة والجنون بخلاف ما يقبل الرجوع فيه ، كالزنا الثابت بالإقرار فلا يستوفي حدّه في حالة الجنون لأنه لو كان صاحياً ربما رجع قرره شيخنا . فهو جواب عن سؤال حاصله هلا انتظرنا إفاقته لعله يرجع عن الإقرار بالقتل فيسقط ؟ فأجاب بأنه لا يقبل الرجوع فلا فائدة في الانتظار أي بخلاف حدّ الزنا إذا جنّ بعد الزنا فإنه ينتظر لعله يرجع فيسقط عنه لأنه لا يقبل الرجوع .
قوله : ( وعهد الجنون ) أي سبق له جنون وقوله : بقاؤهما أي الصبا والجنون . قوله : ( ولئلا يؤدي ) أي وعدم وجوب القصاص على السكران بناء على أنه غير مكلف اه عشماوي . قوله : ( لأن من رام ) أي أراد القتل وقوله : لا يعجز أي لو قلنا السكران لا يقتل إذا قتل لاتخذ السكر ذريعة . قوله : ( وهذا كالمستثنى ) لم يجعله مستثنى حقيقة لأن العقل موجود فيه غاية الأمر أنه مغطى بسبب السكر . قوله : ( وألحق به الخ ) هذا من باب إلحاق الأعلى بالأدنى إذا هذا فيه إزالة للعقل بالكلية بخلاف السكر شيخنا . وسكت الشارح عن المغمى عليه والنائم والقياس لا قصاص عليهما ووجوب دية عمد في مالهما اه ق ل على الجلال وبرماوي . قوله : ( وإن عصم ) غاية . قوله : ( لما تواتر من فعله ) أي صنيعه وعادته وحالته .(4/505)
"""""" صفحة رقم 506 """"""
قوله : ( والداً ) أي من النسب بخلاف الأب من الرضاع وهذا مما فارق فيه حكم الرضاع النسب وإن كان الوالد كافراً والولد مسلماً كما قاله : سم فلو حكم حاكم بقتل والد بولده نقض حكمه إلا إن أضجعه وذبحه كالبهيمة ، ولو حكم حاكم بوجوب القصاص في هذه الحالة فلا نقض لنا حينئذ بخلاف حكمه ، بقتل المسلم بالكافر أو الحر بالرقيق فلا ينقض بالمراد وبالوالد كل من له ولادة وإن علا ولو أنثى من جهة الأم اه . زي وقوله : أوّلاً فلا نقض لنا حينئذ ، أي رعاية لمالك القائل بأنه يقتل فيه حينئذ . قوله : ( فلا يكون هو سبباً في عدمه ) اعترض بأن الوالد لو اقتص منه كان هو الذي تسبب في عدم نفسه بقتله ولده فالولد حينئذ لا يكون سبباً . وأجيب بأن الوالد سبب بعيد إذ لولاه لم يحصل قتل الأب أباه فقد تحقق كونه سبباً في عدم أبيه سم . قوله : ( بسرقة ماله ) أي مال الولد . قوله : ( والأشبه أنه يقتل به ) ضعيف وقوله : والأوجه أنه لا يقتل به مطلقاً معتمد . قوله : ( ولا قصاص للولد على الوالد ) الفرق بين ذلك والذي في المتن أن الذي في المتن الجناية على الابن مباشرة وهنا الجناية على ما للولد فيه حق كزوجة الأب في المثال الأوّل وزوجة الابن في الثاني وأبي زوجة الأب في الثالث . قوله : ( فورث بعضه ولده ) بعضه مفعول مقدّم وولده فاعل مؤخر . قوله : ( أبا زوجته ) أي زوجة نفسه . قوله : ( ثم ماتت الزوجة ) فيه أن زوجها وهو قاتل أبيها يرثها أيضاً مع ولدها فسقوط القصاص عنه لكونه ورث بعضه لا لكون ولده ورث بعضه إلا أن يصوّر بما إذا قام به مانع من الإرث ولو رجع الضمير في زوجته للابن لم يلزم عليه ما ذكر فهو الأولى . قوله : ( فلأن لا يقتل ) مبتدأ منسبك من أن والفعل وقوله أولى خبر أي فلعدم قتله أولى .
قوله : ( إلا أنه يستثنى منه المكاتب ) إذا ملك أباه الرقيق ثم قتله فإنه لا يقتل فيه ، وهذا الاستثناء صوري لأن عدم قتله لكونه سيداً والسيد لا يقتل بعبده . ولهذا لو كان أبوه الرقيق مملوكاً لغيره وقتله فإنه يقتل به لتساويهما في الرقية ولذلك قيد الشارح بقوله : وهو يملكه .(4/506)
"""""" صفحة رقم 507 """"""
قوله : ( ويقتل العبد ) أي الولد إذا كان عبداً وقتل عبد والده به اه م د . قوله : ( فإن كان ) أي المقتول أنقص من القاتل . قوله : ( ومعاهد ) عطف على قوله : وبذمي ولا يظهر عطفه على نصراني لأنه لا يفيد اختلاف الملة مع أن الكلام فيه . قوله : ( ومجوسي ) إن كان معقوداً له جزية أو كان معاهداً أو مستأمناً فهو داخل فيما قبله وإن كان غير هؤلاء فهو حربي فلا يظهر عطفه تأمل . قوله : ( من حيث إن النسخ ) أي نسخ شريعة نبينا . قوله : ( لم يسقط القصاص ) لكن لم يقتص حينئذ إلا الإمام بطلب الوارث ولا يفوّضه للكافر حذراً من تسليط الكافر على المسلم سم . قلت : ومحله ما لم يسلم فإن أسلم فوّض إليه كما دل عليه التعليل زي . قوله : ( ويقتل رجل بامرأة ) تفريع على منطوق الشرط ، وما تقدم تفريع على مفهومه .
قوله : ( والخامس عصمة القتيل ) هذا مكرر مع قوله : فيما تقدم أو هدر دم فكان الأولى إسقاطه كما قرره شيخنا . قوله : ( ومرتد في حق معصوم ) أما في حق مثله فيقتل به ولو قتل مرتد مثله خطأ أو شبه عمداً أو عمداً وعفي على مال لم يجب شيء اه سم . قلت : لأنه مستحق القتل بكل حال لإهداره اه أ ج وعبارة ع ش على م ر قوله : ومرتد في حق معصوم ، وزان محصن ، أما لو قتل مرتد تارك صلاة ، بعد أمر الإمام أو قاطع طريق أو زانياً محصناً فإنه(4/507)
"""""" صفحة رقم 508 """"""
يقتل به ويقدم قتله حدّاً على حدّ قتله قصاصاً . قوله : ( مسلم معصوم ) فإن قتله ذمي أو مرتد قتل أو قتله زان محصن مثله قتل به أيضاً . قوله : ( لاستيفائه حدّ الله ) يؤخذ منه أن محل عدم قتل المسلم به إذا قصد بقتله استيفاء الواجب عليه ، أو أطلق بخلاف ما إذا قصد غير ذلك لأنه صرف فعله عن الواجب ويحتمل الأخذ بإطلاقهم ويوجه بأن دمه لما كان مهدراً لم يؤثر فيه الصارف اه زي وعبارة ق ل قوله : لاستيفائه حدّ الله أي في الواقع وإن لم يعرفه أو يقصده . قوله : ( ومن عليه قود لقاتله ) أي ويهدر من عليه الخ فهو معطوف على قوله : الحربي . قوله : ( وإن كان المقتول الكافر ) غاية . قوله : ( ومن بعضه حر ) مبتدأ وقوله : لا قصاص عليه خبر وما بينهما اعتراض . قوله : ( لأنه لم يقتل ) تصح قراءته بالبناء للفاعل وبالبناء للمفعول . قوله : ( بل قتله جميعه ) يقرأ مصدراً مرفوعاً ولفظ جميعه منصوب مفعول للمصدر ويكون من إضافة المصدر للفاعل ويصح جرّ جميع بدلاً من الضمير ويكون المصدر على هذا من إضافة المصدر لمفعوله وفي نسخة بل قتل جميعه بلا هاء . قوله : ( ولا تجبر فضيلة الخ ) لا حاجة إليه لأنه معلوم من قوله : والفضيلة الخ . قوله : ( وتقتل الجماعة الخ ) جواب عن سؤال حاصله عرفنا مما تقدم أن القود يثبت للواحد على الواحد وهل يثبت للواحد على الجماعة أو لا ؟ فأجاب بأنه تقتل الخ والقتل ليس قيداً بل مثله قطع الطرف والجرح المقدر وإزالة المعاني . قوله : ( والأرش ) أي لو فرض أننا نأخذ منهم أروشاً من غير قتلهم . قوله : ( سواء أقتلوه بمحدد الخ ) حاصل ذلك أنهم إذا ألقوه من شاهق جبل أو في ماء أو نار قتلوا مطلقاً أي سواء تواطئوا أو لا وأما إذا قتلوه بجراحات أو ضربات فيفصل فإن كان فعل كل يقتل لو انفرد قتلوا مطلقاً أيضاً وإن كان فعل كل لا يقتل لو انفرد لكن له دخل في القتل فيفصل فإن تواطئوا قتلوا وإلا فلا(4/508)
"""""" صفحة رقم 509 """"""
يقتلون وتجب الدية وكل ذلك إذا كان فعل كل له دخل في القتل كما تقدم . فإن كان خفيفاً لا يؤثر أصلاً فصاحب ذلك الفعل لا دخل له لا في قصاص ولا دية وأما إذا كان فعل بعض يقتل لو انفرد وفعل بعض لا يقتل لو انفرد لكن له دخل في القتل في الجملة فلكل حكمه فصاحب الأول يقتل مطلقاً وصاحب الثاني يقتل إن توطئوا وإلا فلا يقتل وتجب حصته من الدية على التفصيل الآتي . قوله : ( برجل ) واسمه أصيل وسبب قتله زوجة أبيه اه عناني . قوله : ( غيلة ) بكسر أوله والاغتيال الأخذ على غفلة اه شوبري .
قوله : ( بأن يخدع ) الأولى أن يخدعوه ويقتلوه في موضع لا يراهم غيرهم اه ق ل . ويجاب بأنه تفسير للقتل غيلة من حيث هو قوله : ( لو تمالأ ) مهموز قال في المصباح : تمالؤوا على الأمر اجتمعوا وتعاونوا عليه . قوله : ( صنعاء ) خصها بالذكر لأن القاتلين كانوا منها ع ش . قال : في التقريب صنعاء بلد من قواعد اليمن والأكثر فيها المد . قوله : ( وللولي العفو عن بعضهم على الدية ) أي باقيها أي وقتل البعض الآخر لأنه إذا قتل البعض لم يأخذ من البعض الآخر إلا بالقسط . وعبارة سم وللولي قتل بعضهم وأخذ باقي الدية من الباقين وله الاقتصار على أخذ الدية من الجميع وتوزع الدية في الحالين على عدد رؤوسهم لا على عدد الجراحات في صورتها اه . قوله : ( على الدية ) الأولى بحصته من الدية وعبارة المنهج بحصته وهي ظاهرة . قوله : ( ثم إن كان القتل ) راجع لكل من الصورتين قبله . وقوله : وزعت الدية أي كلاً أو بعضاً ففي الثانية توزع كل الدية وفي الأولى توزع حصة من عفي عنه . قوله : ( وإن كان الخ ) عبارة المنهج ولو ضربوه بسياط فقتلوه ، وضرب كل منهم لا يقتل قتلوا إن تواطئوا وإلا فالدية تجب عليهم باعتبار عدد الضربات اه . وقوله : وضرب كل منهم لا يقتل أي لو انفرد أي ومجموعها يقتل غالباً . وقوله : فالدية أي دية عمد اه .
قوله : ( فعلى عدد الضربات ) أي حيث اتفقوا على عددها فإن اتفقوا على أصل الضرب واختلفوا في عددها أخذ من كل المتيقن ووقف الأمر فيما بقي إلى الصلح اه ع ش على م ر .(4/509)
"""""" صفحة رقم 510 """"""
قوله : ( ومن قتل جمعاً ) هذا عكس ما في المتن . قوله : ( فبالقرعة ) وإنما تجب القرعة عند التنازع فإن رضوا بتقديم واحد منهم جاز ولهم الرجوع إلى القرعة ولو أقر بسبق بعضهم اقتصّ منه وليه ولغيره تحليفه إن كذبه . اه برماوي . قوله : ( فلو قتله الخ ) جواب لغز هو : لنا قاتل وهو وليّ المقتول ، لا يستحق دم المقتول ، لا يقتل به مع المكافأة ولم يأثم القاتل بذلك إثم القتل ولم يتحتم قتل ذلك المقتول اه . قوله : ( ولو قتلوه كلهم ) أي قتله أولياؤهم . قوله : ( بالباقي له من الدية ) ، فإن كانوا ثلاثة حصل لكل منهم ثلث حقه وله ثلثا الدية شرح المنهج . قوله : ( وكل شخصين جرى القصاص بينهما في النفس ) بأن وجدت الشروط السابقة فهذا بمنزلة قوله : والشرائط المتقدّمة في النفس معتبرة ، في قصاص الأطراف مع زيادة . قوله : ( وفي الجرح المقدر ) أشار الشارح بذلك إلى أن الأطراف ليس قيداً والمراد بالقدر المنضبط الذي يؤمن معه الزيادة على المستحق لا ماله أرش مقدر لأنه لو أريد ذلك دخلت الهاشمة والمنقلة والمأمومة والجائفة والدامغة ، فإن لها أرشاً مقدراً إذا كانت في الرأس أو الوجه وتخرج الموضحة في غير الرأس والوجه فإنه لا أرش لها مقدر فلا يصح ذلك فتعين أن المراد بالمقدر المنضبط وذلك الموضحة لا غير سواء كانت في الوجه أو الرأس أو غيرهما . فالكاف استقصائية ، والحاصل أن الموضحة فيها القصاص في أي محل كان وأما كونها فيها نصف عشر دية صاحبها فخاصّ بما إذا كانت في الرأس أو الوجه ففيها الأرش المقدر فيها كما هو معلوم من محله وأما إذا كانت في غير الوجه والرأس ففيها حكومة وهذا في الجروح بعد الموضحة وأما التي قبل الموضحة من الدامية والدامغة والباضعة . فإن عرفت نسبتها إلى الموضحة ففيها الأكثر من حكومة ونسبة الأرش للموضحة ، وإلا فحكومة وهذا إذا كانت في الرأس أو الوجه أما في غيرهما ففيها حكومة ، ولو عرفت نسبتها من الموضحة . قوله : ( كضوء العين ) بأن أعماه(4/510)
"""""" صفحة رقم 511 """"""
مع بقاء الحدقة . قوله : ( وشرائط وجوب القصاص ) المراد بها الجنس ، أو ما فوق الواحد بدليل الأخبار .
قوله : ( بعد الشروط ) أي غير الشروط الخمسة أي بالنظر لما زاده الشارح وإلا فالذي قاله : المصنف فيما تقدم أربعة وهذا يفيد أن شروط القصاص في النفس شروط له في الطرف وزاد عليها اثنين وصح الإخبار به عن شرائط لأنه أريد بها الجنس أو أطلق الجمع على اثنين مجازاً أو حقيقة على قول اه رحماني . قوله : ( اليمنى باليمنى ) نائب فاعل لمحذوف تقديره فتقطع اليمنى الخ . قوله : ( فلا تقطع يسار بيمين ) أي لا يجوز ذلك ولا يعتدّ به وإن تراضيا عليه يقع قصاص وفي المقطوعة بدلاً من الدية دون القصاص نعم التراضي المذكور يتضمن العفو عن القصاص فتجب الدية برماوي والباء في قوله بيمين داخلة على المجني عليه وكذا فيما بعده . قوله : ( في البدن ) أي في اسمه أو وصفه ، كما يؤخذ من أمثلته ق ل ونسخة البدل أي الدية . قوله : ( أي الجاني ) لعل النسخة للجاني بلامين أو كلامه على حذف مضاف أي طرف الجاني الخ تأمل . قوله : ( أو شلت ) بفتح أوله . قال : في المصباح شلت يده شللاً من باب تعب اه وأصله : شللت بكسر اللام الأولى ثم أدغمت إحدى اللامين في الأخرى . وقوله يده أي الجاني . قوله : ( لانتفاء المماثلة ) أي حال الجناية .
قوله : ( بغير إذن الجاني ) ليس بقيد بل مثله ما إذا أذن له في قطعها قصاصاً وأما إذا أذن له في(4/511)
"""""" صفحة رقم 512 """"""
القطع وأطلق فقد استوفى حقه ولا يلزمه شيء وإن مات الجاني بالسراية لأنه أذن له في القطع اه م د . قوله : ( إلا أن يقول أهل الخبرة ) أي اثنان منهم ومثل ذلك ما لو شك في انقطاعه لترددهم أو فقدهم كما هو ظاهر خلافاً لما توهمه عبارته فلا يقطع بها وإن رضي الجاني اه . شرح التحفة . قوله : ( بحسم ) أي كيّ النار قوله : ( قالوا ) أي أهل الخبرة . قوله : ( وقنع ) بكسر النون يقال : قنع يقنع بفتح عينهما إذا سأل وكعلم يعلم إذا رضي بما رزقه الله اه شوبري . والحاصل أن قنع كسأل لفظاً ومعنى وقنع كرضي وزناً ومعنى . قوله : ( وإن اختلفا في الصفة ) أي السلامة وهذا غاية . قوله : ( تشنج ) أي يبس . قوله : ( لخضرة أظفار ) أي لا أثر لذلك حيث كان لغير آفة ولم يجف الظفر اه حج . قوله : ( وتقطع ذاهبة الأظفار ) أي بأن كانت من غير أظفار خلقة وقوله بسليمتها بأن قطع السليمة وقوله : دون عكسه بأن قطع الذاهبة الأظفار . قوله : ( والذكر الأشل ) لو حذف الذكر لكان أولى وعبارة المنهج ويؤخذ عضو أشل من ذكر أو يد أو غيرهما بأشل مثله أو دونه شللاً اه . وقوله : مثله أو دونه أي أن العضو المجني عليه مثل عضو الجاني أو دونه في الشلل .
وإذا كان دونه في الشلل كان أسلم منه فيكون عضو الجاني دونه وقاعدة الباب أن يؤخذ الناقص بالزائد لا عكسه كما ذكره في صورة العكس بقوله أي لا يؤخذ أشّل بأشل فوقه أي فوقه شللاً بأن كان عضو المجني عليه أكثر شللاً من عضو الجاني فيكون عضو الجاني أسلم فلا يؤخذ بالناقص . قوله : ( وأنف صحيح الشم ) أي لأن الشم ليس في الأنف وكذا السمع ليس في الأذن وهاتان مستثنيتان من قولهم : الكامل لا يؤخذ بالناقص أي إلا هاتين .(4/512)
"""""" صفحة رقم 513 """"""
قوله : ( ولا تؤخذ عين صحيحة بحدقة عمياء ) لأن الصحيحة فيها الدية بخلاف الحدقة العمياء فيها حكومة وهكذا الخ . قوله : ( نعم إن أمكن ) أي بأن كان أصل الجناية بمنشار فتنتشر سنّ الجاني بمنشار بقول أهل الخبرة فإن لم يمكن فلا قصاص ويجب الأرش ع ش . قوله : ( مثغور ) ليس قيداً بل المدار على كون المجني عليه غير مثغور سواء كان الجاني مثغوراً أو لا وعبارة شرح المنهج ولو غير مثغور .
قوله : ( سنّ كبير ) لو قال : سنّ غير مثغور . لكان أخصر وأولى ق ل . والحاصل : أن القالع والمقلوع إما مثغوران أو غير مثغورين أو القالع غير مثغور فقط أو عكسه فهذه أربعة وعلى كل إما أن يكونا صغيرين أو كبيرين أو أحدهما صغيراً دون الآخر فهي ست عشر صورة وحكمها أن غير المثغور ينتظر فيه العود ، وأن المثغور لا ينتظر فيه ذلك اه برماوي و ق ل . قوله : ( أسنانه ) أي الأحد . قوله : ( ومنها ) أي من الرواضع أي والحال أن المقلوعة من الرواضع هي ، والرواضع هي الأربع الثنايا اثنان من فوق واثنان من تحت فتسمية غيرها رواضع مجاز للمجاورة . قال : في شرح الشافية : واعلم أن الأسنان أربعة أقسام ثنايا وهي الأسنان المتقدمة اثنتان فوق اثنتان تحت ورباعيات بفتح الراء وتخفيف الياء وهي الأربع خلفها وهي مع الثنايا للقطع وأنياب وهي أربع أخرى خلف الرباعيات والبقية وهي عشرون في الغالب أضراس فمنها الضواحك وهي أربعة من الجانبين ثم الطواحين اثنا عشر من الجانبين ثم النواجذ من كل جانب ثنتان واحدة من فوق وأخرى من تحت ويقال لها ضرس الحلم وضرس العقل اه . وقوله : اثنتان فوق : أي متلاصقان وكذا يقال : في قوله : وثنتان تحت وقوله والأربع خلفها أي ثنتان فوق ، واحدة جهة اليمنى وأخرى جهة اليسرى وثنتان أسفل كذلك وكذا يقال فيما بعده اه .
قوله : ( فلا ضمان في الحال ) فإن مات قبل بيان الحال فلا أرش لأن الظاهر عودها لو عاش والأصل براءة الذمة نعم تجب له حكومة شرح المنهج . قوله : ( لأنها تعود غالباً ) لم ينظروا في الموضحة إلى ذلك فأوجبوا القصاص وإن غلب الالتحام ح ل فإن عادت خضراء أو سوداء فلا قود لكن تجب حكومة قوله : ( المنبت ) بفتح الميم والباء الموحدة على القياس ويجوز كسر الموحدة سماعاً كما في المصباح . قوله : ( وجب القصاص ) فإن مات قبل(4/513)
"""""" صفحة رقم 514 """"""
القصاص اقتصّ الوارث أو عفا على الأرش . قوله : ( ولا يستوفى للصغير في صغره ) بل يؤخر حتى يبلغ فإن مات قبل بلوغه اقتصّ وارثه في الحال أو أخذ الأرش اه شرح المنهج وقوله : حتى يبلغ أي لاحتمال عفوه وقوله قبل بلوغه أي وبعد الحكم باليأس من عودها كما هو فرض المسألة وإلا فلا قصاص قطعاً ولا دية على الأصح بل تجب حكومة فقط برماوي . قوله : ( ولو قلع شخص سن مثغور ) أي كان الجاني مثغوراً أو لا فتمت الصور الأربع . قوله : ( من مفصل ) المفصل موضع اتصال العضوين كمرفق وكوع وما لا مفصل له لا قصاص فيه قوله : ( بفتح الميم الخ ) أما بكسر الميم وفتح الصاد فهو اللسان . قوله : ( كالمرفق ) وهو رأس عظم الذراع المسمى بالإبرة الداخل في العظمتين اللتين هما رأس العضد والعضد ينتهي إلى المنكب المتصل بالكتف وما بين المرفق والعضد وما بين العضد والكتف يسمى مفصلاً والمنكب مجمع العضد ، والكتف فعلم من هذا أن قوله كالمرفق ، الخ مثال للعضو في قوله : وكل عضو لا للمفصل لكن قوله : ومفصل القدم يقتضي خلافه . ويجاب بأن قوله : كالمرفق على حذف مضاف أي كمفصل المرفق كما يدل عليه قوله : ومفصل القدم . تأمل . قوله : ( ففيه القصاص ) ثم إن لم يكن قبل محل الجناية مفصل تعين موضع الجناية وإن كان قبله مفصل فله الأخذ من محل الجناية ، وله أخذ أقرب مفصل وله بعد ذلك الرجوع وقطع الزائد الذي تركه وله أخذ حكومة وترك قطعه . قوله : ( مع الأمن ) خرج بذلك الجائفة فلا قصاص فيها لأنها وإن كانت منضبطة لكن لا يؤمن فيها استيفاء الزيادة وقال : بعضهم قوله : لانضباط ذلك الخ أشار بذلك إلى أن العلة مركبة من الانضباط مع الأمن المذكور فخرج بالأوّل الجائفة فلا قصاص فيها لعدم انضباطها وإن أمن استيفاء الزيادة وبالثاني العظام لعدم الأمن من استيقاء الزيادة قوله : ( ولا يضر في القصاص الخ ) يحتمل أن يكون راجعاً لقوله : أوّلاً الاشتراك في الاسم الخاص وكان الأولى ذكره عقبه ويحتمل أن يكون راجعاً لقوله : وكل عضو الخ .
قوله : ( عند مساواة المحل أي في الاسم ) الخاص . قوله : ( كبر ) أي التفاوت فيه وفيما بعده قوله : ( بلا جائفة ) الجائفة جرح ينفذ للباطن . قوله : ( ويجب القصاص في فقء عين )(4/514)
"""""" صفحة رقم 515 """"""
غرضه تكميل ما فيه القصاص لأن المتن لم يستوفه والمراد بفقء العين إزالة حدقتها ليكون من الجناية على الأطراف والحدقة هي السواد الأعظم الذي في العين أي السواد كله والأصغر الناظر والمقلة شحم العين الذي يجمع السواد والبياض اه . ذكره ابن قتيبة وقوله الأصغر هو بالغين وفي القاموس الناظر العين أو النقطة السوداء في العين أو البصر نفسه اه ع ش على م ر . قوله : ( وجفن ) بفتح الجيم وكسرها . قوله : ( وشفران ) الأولى وشفرين إلا أن يقال : هو على لغة من يلزم المثنى الألف وهو بضم الشين والجمع أشفار مثل قفل وأقفال وحكي فتح الشين وشفر كل شيء حرفه اه سم . قوله : ( بضم الشين ) وحكى فتحها أيضاً وأما الشفر بفتح الشين لا غير فهو اسم لهدب العين برماوي . قوله : ( في الجروح ) أي الأحد عشر ما عدا الموضحة . قوله : ( لعدم ضبطها ) أي لعدم تيسر ضبطها وإن أمكن .
قوله : ( الموضحة للعظم ) أي تصل إليه بعد خرق الجلدة التي عليه وإن لم ير العظم لصغر الجرح كغرز إبرة وصلت إليه سم . قوله : ( طولاً وعرضاً ) أي ويعلم عليه بنحو سواد أو حمرة وتوضح بنحو الموسى نعم لو كان برأس الجاني شعر دون المجني عليه فلا قصاص اه . ق ل . وقوله : ويعلم أي جواباً إن خيف اللبس وإلا كان مندوباً وقوله : بنحو الموسى لا بضربة سيف أو حجر وإن أوضح به ويراعى الأسهل على الجاني من شقة دفعة أو تدريجاً اه ز ي وقوله : دفعة بالضم وفي القاموس هي بالفتح المرة وبالضم الدفعة من المطر وما انصب من سقاء أو إناء مرة وبه علم صحة كل من الفتح والضم هنا قاله : م ر في شرحه وقوله : من الفتح والضم قال : ع ش عليه يتأمل ، وجه الضم فإنه ليس هنا ما يصدق عليه ذلك إذ ليس ثم شيء مصبوب يسمى بالدفعة إلا أن يقال : شبه السيف الواقع في محل القطع بالشيء المصبوب من سقاء أو نحوه اه وبمثله يقال ما يناسب هنا اه . قوله : ( لا بالجزئية ) كربع قوله : ( ولو أوضح ) أي الجاني كل رأس المشجوج هذا شروع في مسائل ثلاثة : الأولى أن تكون رأس الشاج(4/515)
"""""" صفحة رقم 516 """"""
أصغر . الثانية العكس . الثالثة إذا أوضح ناصية وناصية الشاج أصغر وترك الشارح أربعة وهي ما إذا كانت ناصية الشاج أكبر ، قوله : ( ولا تتمة من غيره ) كالوجه والقفا لأنه غير محل الجناية اه . مرحومي ، قوله : ( لو وزع على جميعها ) فإن : كان الباقي قدر الثلث فالمتمم به ثلث أرشها شرح المنهج . قوله : ( والخيرة في تعيين مواضعه للجاني ) وهو المعتمد ومحل ذلك إذا استوعب رأس المجني عليه وإلا تعين محل الجناية يميناً أو شمالاً وعبارة م ر والخيرة في محله للجاني أي فهو حق عليه فله أداؤه من أي محل شاء كالدين . قوله : ( تمم من باقي الرأس ) يقتضي أنه ليس للجاني أن يدفع عن الناصية قدرها من محل آخر . فإن قلت فما الفرق بين الناصية وغيرها في ذلك . قلت : كونها عضواً مخصوصاً ممتازاً باسم خاص اه سم والخيرة في محلها للجاني أيضاً اه سم . قوله : ( ولو زاد المقتص ) استشكل تصوير زيادة المقتص على حقه بأن الأصح كما سيأتي أن المقتص لا يمكن من استيفاء قصاص الطرف . وأجيب بحمل ذلك على ما إذا رضي الجاني بالاستيفاء أو وكل المستحق شخصاً فاستوفى زائداً عمداً فإن قال : أخطأت في الزائد صدق بيمينه ز ي ومثله شرح م ر وكتب عليه الرشيدي قوله فزاد وكيله انظر قصاص الزيادة حينئذ يكون على من اه . والذي يفهمه كلام ع ش . أن القصاص على الوكيل .
قوله : ( لزمه قصاص الزيادة ) لكن إنما يقتض منه بعد اندمال موضحته شرح المنهج قوله : ( فإن كان الزائد خطأ ) كأن سقطت آلة الاستيفاء في آخر الإيضاح قهراً عليه فأخذت زيادة على المستحق والمراد بقوله : فإن كان الزائد خطأ أي بغير اضطراب الجاني وحده بأن كان باضطراب المقتص أو باضطرابهما أو من غير اضطراب فإن كان باضطراب الجاني فهدر فلو اختلفا فقال : المقتص حصل باضطرابك يا جاني وقال : لا صدّق الجاني لأن الأصل عدم الاضطراب فلو كان باضطرابهما فالأوجه أنه عليهما فيهدر النصف المقابل لفعل المقتص منه شرح م ر وزي . قوله : ( وجب أرش كامل ) وهو خمس من الإبل ، قوله : ( كما لو اشتركوا في قطع عضو ) فلو آل الأمر للدية وجب على كل واحد قسطه كما قطع به البغوي والماوردي لا(4/516)
"""""" صفحة رقم 517 """"""
دية موضحة كاملة خلافاً لما رجحه الإمام ووقع في الروضة عزو الأول للإمام والثاني للبغوي وهو خلاف ما في الرافعي وغيره وعبارة شرح م ر . فلو آل الأمر للدية وجب على كل أرش كامل كما رجحه الإمام وجزم به في الأنوار وقال الأذرعي إنه المذهب وأفتى به الوالد اه لصدق اسم الموضحة على فعل كل منهم بخلاف ما لو اشتركوا في قتل وآل الأمر إلى الدية فإنها توزع عليهم لعدم صدق القتل على كل منهم اه ز ي .
3 ( ( فصل : في الدية ) ) 3
قوله : ( في الدية ) هاؤها عوض من فاء الكلمة لأن أصلها ودي بكسر الواو مأخوذة من الودي بفتحها وهو دفع الدية يقال وديت القتيل بكسر الدال أديه وديا . وأوّل من سنها عبد المطلب كما في السير اه م د ويقال في الأمر ( د ) القتيل بدال مكسورة لا غير وإن وقفت قلت ( ده ) . سُميَ ذلك المال دية تسمية بالمصدر وقول المحشي وديت بكسر الدال غير صواب بل الصواب فتحها ، قوله : ( على الحر ) خرج الرقيق فالواجب فيه القيمة بالغة ما بلغت تشبيهاً له بالدوابّ بجامع الملكية . قوله : ( أو فيما دونها ) كالأعضاء وغلبها على القيمة في غير الحر لشرفها . وإلا فما دون النفس من الجراحات فيه أرش ولا دية وقول : بعض الشراح ودية العبد قيمته تجوز بالدية على القيمة اه برماوي . قوله : ( لأنها بدل عنه على الصحيح ) هذا ضعيف لأنه يلزم عليه أن المرأة إذا قتلت رجلاً يلزمها ديتها لا دية رجل والمعتمد أن الدية بدل عن النفس المقتولة فإن قتلت المرأة رجلاً ثم عفا المستحق على الدية لزمتها ديته ولو كانت بدلاً عن القود لم يلزمها إلا دية امرأة ولو قتلها لزمه ديتها لأنها بدل نفس المقتول ويمكن توجيه كلام الشارح بأن القود لما وجب على الجاني كان كحياة نفس القتيل فكان أخذ الدية في الحقيقة بدلاً عن القود لا عن نفس القتيل فلا يلزم عليه ما ذكر لأن القود كحياة القتيل اه رشيدي ملخصاً . قوله : ( والأصل فيها ) أي الدليل عليها قوله ) فتحرير رقبة } ) النساء : 92 ) أي مع بيانه لتلك الدية بقوله ( وفي النفس مائة من الإبل ) ونقل ابن عبد البر الإجماع على ذلك برماوي ، قوله : ( طافحة ) أي ناطقة بذلك أي بوجوب الدية أي ممتلئة قال الجوهري : طفح الإناء طفوحاً إذا امتلأ حتى يفيض وبابه خضع . قوله : ( في الجملة ) أي في الخطأ(4/517)
"""""" صفحة رقم 518 """"""
وشبه العمد وأما العمد فالواجب فيه القود . قوله : ( ابتداء ) كما في قتل الوالد ولده . قوله : ( من ثلاثة أوجه ) كونها على الجاني وحالة ومن جهة السن كما يأتي .
قوله : ( أو من وجه ) أي في شبه العمد وهو كونها مثلثة لا مخمسة كما يأتي . قوله : ( ومخففة من ثلاثة أوجه ) كونها مخمسة وعلى العاقلة وكونها مؤجلة في ثلاث سنين كما يأتي وقوله : أو من وجهين أي في شبه العمد فأدخل الشارح شبه العمد في القسمين لأنه اكتسب شبهاً بكل منهما والمراد بالوجهين هما وجوبها على العاقلة ووجوبها مؤجلة في ثلاث سنين كما يأتي . قوله : ( كون القتل عمداً أو شبه عمد ) كون هذا عارضاً لتغليظ الدية فيه نظر لأنه ليس الأصل فيها التخفيف حتى يكون هذا عارضاً للتغليظ بل هي مغلظة ابتداء فيهما نعم كلامه مسلم في قوله أو في الحرم الخ لأنه أي القتل في الحرم تعرّض للتغليظ فالأولى أن يقول : الشارح وأسباب التغليظ خمسة ويمكن أن يجاب على بعد بأنه لما عدل عن القتل خطأ إلى العمد أو شبهه كان كعروض التغليظ أي كأنه تسبب فيه فتأمل . قوله : ( أو ذي رحم ) أي أو لذي رحم . ولو قال محرم رحم بالإضافة لكان مستقيماً لتخرج نحو بنت عم هي أم زوجة اه . ق ل لأن المحرمية ليست ناشئة من الرحم أي القرابة بل ناشئة من كونها أم زوجته اه . قوله : ( وقد يعرض لها ما ينقصها ) في كون الأنوثة عارضة للتنقيص نظر لأنها منقصة لها ابتداء ويمكن أن يجاب بأنه لما كان القتل عاماً في الذكر والأنثى والحر والعبد وعدل عن الكامل إلى دونه كأن تسبب في تنقيص الدية ، تأمل وفي إطلاق الدية على قيمة الرقيق وعلى الغرة مسامحة لكنهما لما كانا بدلاً عن النفس أطلق عليها دية تجّوزاً . قوله : ( في القتل العمد ) ليس قيد بل(4/518)
"""""" صفحة رقم 519 """"""
تكون مثلثة في شبه العمد والخطأ في مواضعه . ويجاب بأنه اقتصر على العمد لأنه الكامل في التغليظ لأنه فيه من ثلاثة أوجه وإن ذكر المتن التثليث فقط . قوله : ( خلفة ) هو اسم جمع لا مفرد له من لفظ عند الجمهور وردّ بأن تمييز الأربعين مفرد كما قال ابن مالك :
وميز العشرين للتسعينا
بواحد كأربعين حينا
إلا أن يقال : اسم الجمع كالمفرد وقال : الجوهري جمعها خلف بكسر الخاء وفتح اللام وقال : ابن سيده جمعها خلفات اه برماوي وقوله : بكسر الخاء ليس بظاهر فقد قال : في المختار الخلف بوزن الكتف المخاص وهي الحوامل من النوق ومثله في المصباح فلعل القول بكسر الخاء سبق قلم . اه ع ش على م ر . قوله : ( لخبرالترمذي بذلك ) روى الشافعي والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عمر رضيّ الله عنهما أن النبي قال : ( ألا إن في قتيل الخطأ قتيل السوط والعصا مائة من الإبل مغلظة منها أربعون خلفة في بطونها أولادها ) وإسناده ضعيف ومنقطع . قوله : ( والمعنى ) أتى بذلك لأن الذي في البطن لا يسمى ولداً إلا بتجوز أي مجاز الأول . قوله : ( أهل الخبرة ) أي عدلين منهم فإن أخذها المستحق بقولهما : أو تصديقه للدافع وماتت عنده وتنازعا شق جوفها فإن بان أن لا حمل غرمها وأخد بدلها خلفة فإن ادعى الدافع إسقاط الحمل ، وأمكن صدّق إن أخذت بعدلين فإن لم يمكن أو أمكن وأخذها المستحق بقول : الدافع مع تصديقه صدق المستحق بلا يمين في الأولى وبه في الثانية لأن الظاهر معه الشرح الروض . قوله : ( وذلك ) أي التغليظ المذكور وذكر له ستة شروط . قوله : ( والقاتل له ) أي للحر المسلم . قوله : ( لأن الله الخ ) فيه نظر لأن الدية التي في الآية في الخطأ وبيان النبي لها والذي في المتن العمد فالمعوّل عليه في ذلك الاجماع .(4/519)
"""""" صفحة رقم 520 """"""
قوله : ( وإن كان القاتل رقيقاً الخ ) استئناف كلام . قوله : ( ولا جمع لها ) الصواب أن يقول ولا واحد له لأنه اسم جمع على هذا واسم الجمع لا واحد له من لفظه بل من معناه . قوله : ( بكسر اللام ) أي والخاء كما قاله : الشارح في شرح المنهاج م د الصواب ، أنه بفتح الخاء كما في المختار وغيره . قوله : ( بسبب ) الأولى تأخيره عن قوله مائة من الإبل . قوله : ( وخالف الكفارة أيضاً الخ ) أي حيث اعتبروا فيها ما يضر بالعمل فالثيوبة في الأمة في غير أوانها عيب في المبيع لا في الكفارة لأنها لا تخّل بالعمل .
قوله : ( مما يؤثر في العمل ) أي وإن كانت معيبة بعيب يثبت الرد في البيع كالثيوبة في غير أوانها . قوله : ( إلا برضا الخ ) مستثنى من قوله : ولا يقبل معيب الخ . قوله : ( ولا يكلف الخ ) أي فلو تكلف وحصل الإبل من غالب إبل محله قبل منه ذلك فهو مخير بين الإخراج من إبله ومن إبل غالب إبل محله اه مرحومي فالمعتمد تخييره بين إبله إن كانت سليمة وغالب إبله(4/520)
"""""" صفحة رقم 521 """"""
محله وإن خالف نوع إبله أو كانت إبله أعلى من غالب إبل البلد ويجبر المستحق على قبوله وإن كانت إبله معيبة تعين الغالب شرح م ر . قوله : ( لأنها تؤخذ على سبيل المواساة ) هذا خاص بما إذا كانت واجبة على العاقلة ولا يشمل ما إذا كانت واجبة على الجاني . قوله : ( فمن غالب إبل بلده الخ ) وإن كان ذلك الغالب من غير نوع إبله على المعتمد خلافاً للزركشي حيث قال : يتعين نوع إبله سليماً اه م د . قوله : ( فإنه لا يجب حينئذ ) أي حين إذ بلغت مؤنة نقلها مع قيمتها ما ذكر قربت المسافة أو بعدت بل تجب قيمتها م ر . قوله : ( وإذا وجب نوع من الإبل ) كالغالب بالبلد . قوله : ( لا يعدل عنه إلى نوع ) وإن كان أعلى . قوله : ( والجروح ) أي دون الحكومات . قوله : ( فإن عدمت ) بالبناء للمفعول أي فقدت ، قوله : ( انتقل إلى قيمتها ) هذا إن لم يمهل الدافع فإن أمهل بأن قال له المستحق : أنا أصبر حتى توجد الإبل لزمه امتثاله لأنها الأصل فإن أخذت القيمة فوجدت الإبل لم ترد لتشتري الإبل لانفصال الأمر بالأخذ . قوله : ( لأنها ) أي الإبل بدل متلف هو النفس فيرجع إلى قيمتها عند إعواز أي فقد أصله أي أصل البدل وهو الإبل لأن قيمتها بدل ثان وفرع عن الأصل . قوله : ( بنقد بلده ) أي العدم ، قوله : ( تخير الجاني ) عبارة م ر تخير الدافع فلو أراد المستحق الصبر إلى وجودها أجيب . قوله :(4/521)
"""""" صفحة رقم 522 """"""
( وهذا هو القول : الجديد ) أي الانتقال إلى القيمة . قوله : ( ينتقل المستحق عند عدمها ) قضيته أن القديم لا يقول ذلك إلا عند الفقد وهو كذلك شرح م ر . قوله : ( ألف دينار ) أي مثقال ذهباً شرح م ر . قوله : ( على أحد الوجهين ) متعلق بزيد أي زيد الثلث على أحد الخ والوجه الثاني أشار إليه بقوله وأصحهما في الروضة الخ . قوله : ( عليه ) أي على الوجه القديم الضعيف . قوله : ( وأصحهما في الروضة ) أي على الضعيف . قوله : ( وذلك ) أي المذكور من السن والصفة اه . قوله : ( إذا قتل خطأ في الحرم ) .
تنبيه : يلتحق بما ذكره المصنف ما لو جرحه في الحرم فخرج منه ومات في غيره . بخلاف عكسه شرح المنوفي ، وسيأتي أن القتل ليس قيداً ويفرق بين ما لو رماه قريب غروب أوّل شهر من الأشهر الحرم فوصل السهم بعد الغروب فمات أو جرحه جرحاً يفضي إلى الموت فمات في الأشهر الحرم بأنّ داخل الحرم له نوع اختيار فنسب الفعل إليه بخلاف الأشهر الحرم لا اختيار له في دخولها وقال سم لا بد من وقوع الفعل والزهوق فيها فليحرر . قوله : ( أم قطع السهم في مروره هواء الحرم ) بخلاف ما لو أرسل كلباً فمرّ الكلب فيه وقطع هواءه وقتله في الحل والمرسل خارجه فلا تغليظ لأن للكلب اختياراً ز ي . قوله : ( لأنه ممنوع من دخوله ) أي مطلقاً لضرورة أو لا ع ش على م ر وعبارة البرماوي قوله : في حرم مكة أي ولو(4/522)
"""""" صفحة رقم 523 """"""
بقطع هوائه بالسهم وأن مات خارجه بخلاف عكسه قاله العلامة م ر وقال العلامة ز ي : تغلظ مطلقاً والتغليظ في هذا خاص بكون المجني عليه مسلماً لمنع الذمي من الدخول ولو لضرورة وفصل العلامة ابن حجر بين أن يدخل لحاجة فتغلظ أو لا فلا اه . قوله : ( أو في الأشهر الحرم الأربعة ) ولا يلتحق بها شهر رمضان وإن كان سيد الشهور لأن المتبع فيها التوقيف شرح المنوفي . قوله : ( ذو القعدة ) بفتح القاف والحجة بكسر الحاء وقد نظم ذلك بعضهم فقال :
الفتح في قاف لقعدة صححوا
والكسر في حاء لحجة رجحوا
قال : في شرح مسلم الأخبار تظاهرت بعدها على هذا الترتيب فهو الصواب خلافاً لمن بدأ بالمحرم ، لتكون من سنة واحدة واختص المحرم بالتعريف لكونه أوّل السنة فكأنهم قالوا : هذا الذي يكون أوّل العام دائماً اه قيل والحكمة في جعله أوّل العام أن يحصل الابتداء بشهر حرام ويختم بشهر حرام ، وتتوسط السنة بشهر حرام وهو رجب وإنما توالي شهران في الآخر لإرادة تفضيل الختام والأعمال بالخواتيم شوبري وقوله : تظاهرت بعدها الخ أي فهي من سنتين على الراجح لا من سنة .
قوله : ( لتحريم القتال فيه ) وصفر ، سمي به لخلوّ مكة فيه عن أهلها للقتال فيه ، والربيعين لارتباع الناس فيهما أي إقامتهم ، والجمادين لجمود الماء فيهما ، ورجب لترجيبهم إياه أي تعظيمهم ، وشعبان لتشعب القبائل فيه ، ورمضان لرمض الذنوب فيه لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها وقيل لأن القلوب تؤخذ فيه من حرارة الموعظة وقيل : سمي رمضان لأنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق زمن الحر والرمض ، وسمي شوال بذلك لشول أذناب اللقاح ، أي رفعها عند الجماع وبعده . قوله : ( لتحريم الجنة فيه على إبليس ) أي منعه منها والمراد إظهار التحريم لنا وإلا فتحريمها عليه أزلي . قوله : ( ودخلته اللام دون غيره ) قال في المصباح : أدخلوا الألف واللام عليه للمح الصفة في الأصل لا يجوز دخولهما على غيره عند قوم وعند قوم يجوز على صفر شوّال اه وقال : م ر الظاهر أن أل فيه للمح الصفة لا للتعريف وخصه بأل وبالمحرم مع تحريم القتال في جميعها لأنه(4/523)
"""""" صفحة رقم 524 """"""
أفضلها فالتحريم فيه أغلظ . قوله : ( ورجب ) سمي بذلك لأن العرب كانت ترجبه أي تعظمه ، وسمي الأصم لأنهم كانوا لا يسمعون فيه صوت الحرب ، وسمي الأصب أيضاً لانصباب الخيرات فيه وقيل لم يعذب الله فيه أمة وردّ بأن جمعاً ذكروا أن قوم نوح أغرقوا فيه وأفضلها المحرم ثم رجب ثم الآخران برماوي . قوله : ( وجعلها من سنتين هو الصواب ) اعتمده م ر وإنما كانت من سنتين لأننا إذا بدأنا بالقعدة تكون هي والحجة من السنة القديمة ويكون المحرّم ورجب من السنة الثانية . قوله : قال ( ابن ريحة ) صوابه كما في بعض النسخ دحية كما في شرح الدميري للمنهاج . قوله : ( مرتبة ) أما لو أطلق بأن قال الله عليّ صوم الأشهر الحرم بدأ بما يلي نذره اه ع ش على م ر . قوله : ( محرماً ذات رحم ) لو قال : محرم رحم بالإضافة لكان أخصر وأولى ليخرج به بنت عم هي أم زوجته مثلاً كما مر ولا يخفى عدم دخول الذكور في ذلك أي في قوله : ذات الخ مع أن التغليظ شامل للذكور أيضاً كما في م ر كأن قتلت المرأة عمها أو خالها ق ل مع زيادة وقول الشارح محرماً لا حاجة إليه مع قول المصنف بعد محرم . قوله : ( أي قريب محرم ) صوابه أي قريباً محرماً لأن قريباً تفسير لذات المنصوب أو يقول : قرابة تفسير الرحم .
قوله : ( وخرج بمحرم ذات رحم ) هو ناظر لتعبيره والمناسب لكلام المتن أن يقول : وخرج بذات رحم محرم . والحاصل أن قوله : ذات رحم صفة لموصوف محذوف أي نفساً ذات رحم فيشمل الذكور والإناث وقوله : بعدها محرم إن كان تفسيراً لرحم لا يصح لأن الرحم القرابة لا المحرم وإن كان تفسيراً لذات كان حقه أن يقول : محرماً لأن ذات منصوبة فالمتعين أنه بالرفع فاعل قتل أو خبر لمبتدأ محذوف أي هي محرم ولكن الجاري على الألسنة أنه مجرور فحينئذ يجعل بدلاً من رحم بدل اشتمال لأن المحرم مشتمل على الرحم أي القرابة وإن كان خالياً عن الضمير فيقدّر له ضمير أي له مثلاً وأما تقدير الشارح محرماً ففيه نظر من وجهين . الأول أنه يغني عنه قوله : محرم في المتن . والثاني يوهم اختصاص الحكم بالإناث مع أنه لا يختص وقوله ، أي قريب إن كان تفسير الرحم لا يصح لأن الرحم القرابة لا القريب وإن كان تفسيراً لذات فكان يقول : أي قريباً فكان الأولى حذفه وإبقاء المتن من غير تقدير ثم إنه يرد على العبارة برمتها شيء وهو أنها تشمل بنت العم إذا كانت أختاً من الرضاع أو أم(4/524)
"""""" صفحة رقم 525 """"""
الزوجة مثلاً فيصدق عليها أنها قريبة ومحرم مع أنه لا تغليظ فيها فكان الأولى أن يقول : ذات محرم رحم بإضافة محرم لرحم ويكون من إضافة المسبب للسبب أي نشأت محرميتها من القرابة فتخرج بنت العم المذكورة لأن محرميتها نشأت من الرضاع أو المصاهرة . قوله : ( والذمي ) أي في غير الحرم لما مر ع ش . أي من أن الكافر لا تغلظ ديته في الحرم .
قوله : ( في قتل الجنين ) أي في بدل قتل الجنين أي فيما إذا فقدت الغرة الواجبة وانتقل إلى خمسة من الإبل فإنها لا تغلظ أي لا تكون مثلثة وأفهم تقييده بالحرم أنها تغلظ فيما إذا كان القتل في الأشهر الحرم أو كان ذا رحم محرم أي إذا انتقل إلى خمسة من الإبل التي هي عشر دية الأم فإنها تكون مثلثة . قوله : ( ولا تغليظ في الحكومات ) قال : المعتمد التغليظ في الحكومات والغرة وبه أفتى الشيخ يعني والده كذا بخط سم وفي شرح م ر . التغليظ والتخفيف يأتي في الذكر والأنثى والذمي والمجوسي والجراحات بحسابها ، والأطراف والمعاني بحسابها بخلاف نفس القنّ اه فلا يدخل التغليظ والتخفيف نفس القن اه . قوله : ( إذا انتهى نهايتة في التغليظ ) فيه أن شبه العمد لم ينته نهايته في التغليظ لأنه مغلظ من وجه واحد وهو التثليث فقط فهو يقبل التغليظ بالوجهين الآخرين ، أي كون الدية معجلة وكونها على الجاني اللهم إلا أن يراد بالتغليظ في قوله : إذا انتهى نهايته في التغليظ التغليظ من حيث التثليث الذي هو المقصود في شبه العمد . قوله : ( كالأيمان في القسامة ) أي فلا يطلب فيها التغليظ بالمكان والزمان كما(4/525)
"""""" صفحة رقم 526 """"""
في اللعان . قوله : ( نفساً ) أي بالإجماع وقوله وجرحاً أي بالقياس برماوي . قوله : ( والمعاهد والمستأمن ) كان الأولى حذفه لأنه إن كان من اليهود أو النصارى أغنى عنهما ما قبله وإن كان من غيرهما لم يجب فيه ثلث دية المسلم بل دية مجوسي أو كان يقول بدل ذلك ودية اليهودي أو النصراني الذمي أو المعاهد أو المؤمن . قوله : ( تحل مناكحته ) قال الشهاب عميرة : هذا يفيد أن غالب أهل الذمة الآن إنما يضمنون بدية المجوسي لأن شرط المناكحة في غير الإسرائيلي لا يكاد يوجد سم على المنهج وقول سم لأن شرط المناكحة الخ وهو أن يعلم دخول أول آبائه في ذلك الدين قبل النسخ والتحريف اه ع ش على م ر . قوله : ( قضى بذلك ) أي بالثلث . قوله : ( وهذا التقدير ) أي التقدير بالثلث . قوله : ( فإنه مقتول بكل حال ) أي فيكون مهدراً . قوله : ( وأما الأطراف الخ ) مقابل قوله : ما في النفس فروي مرفوعاً .(4/526)
"""""" صفحة رقم 527 """"""
قوله : ( والمعنى في ذلك ) أي في كون ديته ثلثي عشر دية المسلم . قوله : ( كان حقاً ) أي كل منهما أي من الدين والكتاب قوله : ( الموافق لتصويب الحساب ) ظاهره بل صريحه أن عبارة المصنف خطأ عند الحساب لتصويبه ثلث خمس والحق أنه ليس بخطأ ، بل هو حسن وإنما هو خلاف الأولى عندهم كما يعلم ذلك من كتبهم ويدل له قوله : قبل ذلك أولى منه ثلث خمس فلعل المراد بالتصويب ، الأولوية فلا اعتراض حينئذٍ . قوله : ( ممن ذكر ) أي اليهودي والنصراني ومن له أمان . قوله : ( بدين لم يبدل ) أي بما لم يبدل من ذلك الدين ، كما في م ر وإلا فالأديان كلها قد بدلت .
قوله : ( فدية أهل دينه ) فإن كان كتابياً فدية كتابي أو مجوسياً فدية مجوسي فإن جهل قدر دية أهل دينه بأن علمنا تمسكه بدين حق كصحف إبراهيم وشيث والتوراة والإنجيل ولم نعلم عينه وجب أخسّ الديات يعني دية المجوسي لأنه المتيقن اه م د . قوله : ( وإلا ) بأن تمسك بما بدل من دين أولم يتمسك بشيء بأن لم تبلغه دعوة نبي أصلاً . قوله : ( من لم تبلغه الدعوة ) أي قبل الدعاء إلى الإسلام اه روض . قوله : ( وإن تمكن ) أي من الهجرة يعني أن تمكنه منها ولم يهاجر لا يخرجه عن العصمة .(4/527)
"""""" صفحة رقم 528 """"""
قوله : ( في بيان ما دونها ) أي في بيان دية ما دونها . قوله : ( وهي ثلاثة أقسام ) الضمير راجع لما وأنثه بالنظر لمعناها لأن ما دون النفس متعدد لكن لا يناسبه قوله : بعد إبانة طرف الخ والظاهر أن ما واقعة على الدية ويقدر مضاف في قوله : إبانة أي دية إبانة طرف وكذا يقدر فيما بعده تأمل . قوله : ( وجرح ) بالرفع قوله : ( مخلاً بترتيبها ) أي لأنه ذكر الذكر والأنثيين بعد المنافع . قوله : ( الذي كتبه ) أي أذن له في كتابته . قوله : ( في إبانة الرجلين ) أي قطع الرجلين . قوله : ( لحديث عمر بن حزم بذلك ) أي بكمال دية النفس فيهما .
قوله : ( والكعب ) الأولى أن يقول : والقدم كالكف لأن القدم هو التابع للأصابع كما أن الكف تابع لها . قوله : ( والساق كالساعد ) يقتضي أنه ذكر حكم الساعد والعضد فيما تقدم مع أنه لم يذكره . إلا أن يقال : ذكره في ضمن قوله : فإن قطع من فوق كف . قوله : ( نقص في الفخذ ) أي مثلاً أو الساق أو الركبة . قوله : ( وفي إحداهما ) أي الرجلين نصفها لما مر أي النص الذي ورد في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له النبي . قوله : ( وفي كل أصبع أصلية ) أي وإن زادت على العشرة في اليد أو الرجل سواء علمت أصليتها أو اشتبهت بخلاف الزائدة يقيناً ففيها حكومة ولو زادت الأنامل أو نقصت وزع واجب الأصبع عليها اه ق ل .(4/528)
"""""" صفحة رقم 529 """"""
قوله : ( أما الأصبع الزائدة فيجب لها حكومة ) أي إن قطعها وحدها فإن قطع اليد وفيها أصبع زائدة دخلت حكومتها في دية اليد لكون العضو واحداً بخلاف ما لو قطع يداً أصلية مع يد زائدة فيجب للزائدة حكومة زيادة على دية الأصلية . قوله : ( ثلث العشرة ) الأولى ثلث العشر ليعم الذمي والمرأة . قوله : ( ثلاث أنامل ) فيه خفاء بالنظر لأصابع الرجلين خصوصاً في خنصرهما . قوله : ( مارن الأنف ) قدّر مارن لأن القصبة داخلة في الأنف مع أنه لا يشترط قطعها في كمال الدية وعبارة المنهج وفي كل من طرفي مارن وحاجز بينهما ثلث لذلك ففي المارن الدية وتندرج فيها حكومة القصبة اه . وقوله ففي المارن الدية أي ولو بانشلاله وفي اعوجاجه حكومة كاعوجاج الرقبة وتسويد الوجه فإن ذهب بعضه ولو بآفة ففي الباقي قسطه منها وانظر لو ذهب بعضه خلقة قال شيخنا الشبراملسي : القياس أنه لا يكمل فيه الدية برماوي . قوله : ( المسميان ) على لغة من يلزم المثنى الألف أو هو نعت مقطوع وهما المسميان بالمنخرين الخ م د وفيه أن المنعوت لم يتعين بدونه وهو لا يجوز . قوله : ( بغير إيضاح ) أي وصول إلى العظم . قوله : ( وفي بعض الأذن بقسطه ) الباء زائدة . قوله : ( ويقدر ) : أي البعض بالمساحة أي لمعرفة الجزئية المعتبرة في أجزاء الأطراف برماوي وعبارة الرشيدي ويقدر بالمساحة أي بالجزئية أيضاً بأن يقاس المقطوع منها والباقي وينسب مقدار المقطوع للجملة ويؤخذ بتلك النسبة من ديتها فإذا كان المقطوع نصفها كان الواجب نصف ديتها فالمساحة هنا توصل إلى معرفة الجزئية بخلافها فيما مر في قود الموضحة فإنها توصل إلى مقدار الجرح ليوضح من الجاني بقدر هذا(4/529)
"""""" صفحة رقم 530 """"""
المقدار وهذا ظاهر وإن توقف فيه الشيخ . قوله : ( ولو عين أحول ) نظير ذلك عدم نظرهم إلى اختلاف الأيدي مثلاً بقوّة البطش وضعفه سم . واعلم أن هذه الغايات للتعميم إلا الثالثة فإنها للردّ على من يقول بوجوب الدية الكاملة في عين الأعور لأن سليمته بمنزلة عيني غيره كما في شرح م ر .
قوله : ( دون بصره ) المراد بالبصر القوّة الباصرة . قوله : ( وعين أعور ) أي خلافاً للأئمة الثلاثة حيث أوجبوا في عينه كمال الدية قال : في المطلب ولعله فيمن خلق كذلك وسئل العلامة الأجهوري عن ذلك فقال لا فرق برماوي . قوله : ( وهو ذاهب حس ) أي ضوء . قوله : ( مع بقاء بصره ) أي في الأخرى . وصورة المسألة : أن الجناية كانت على عينه السليمة . اه شرح المنهج . قوله : ( علا بياضها الخ ) علا فعل ماض وفاعله ضمير البياض وبياضها بالنصب مفعول م د والظاهر أنه لا يتعين بل يجوز أن تكون على حرف جرّ والمعنى على الأول صعد البياض بياضها أو سوادها وعلى الثاني أن البياض مستعل على بياضها الخ وعبارة المنهج أو بها بياض لا ينقص ضوء اه . قوله : ( أو ناظرها ) وهو السواد الأصغر الذي هو محل الإبصار وفي وسط السواد الأعظم . قوله : ( لا ينقص ) بفتح ثم ضم مخففاً على الأفصح برماوي وقال شيخنا : وهو بفتح الياء وضم القاف أو بضم الياء وكسر القاف المشددة وأما ضم الياء وإسكان النون وكسر القاف المخففة فلحن .
قوله : ( فإن نقص ) أي البياض الضوء أي وكان عارضاً بأن تولد من آفة أو جناية فلو كان خلقياً كملت فيها الدية اه ح ل . قوله : ( وأمكن ضبط النقص ) بأن علم غاية ما يراه قبل حدوث البياض وبعد حدوث البياض ثم جنى على عينه التي عليها البياض فيجب القسط أو يقال إنه بعد حدوث البياض بعينه عرفنا مقدار النقص بأن عصبنا العليلة وعرفنا مقدار نظر الصحيحة ثم عصبنا الصحيحة وأطلقنا العليلة وعرفنا مقدار نظرها . ثم جنى على العليلة فيجب القسط .(4/530)
"""""" صفحة رقم 531 """"""
قوله : ( وفي كل جفن ) ولو بإيباسه وإن لم يكن هدب وفي هدبه إن فسد المنبت وإلا فالتعزير فقط برماوي قال في العباب : وإن ذهب بعضه ولو بآفة ففي الباقي قسطه منها اه . وانظر لو ذهب بعضه خلقة والقياس أنه لا يكمل فيه الدية أخذاً مما مر في الأعمش أنه لو تولد العمش من آفة أو جناية لا تكمل فيه الدية اه ع ش على م ر . قوله : ( وقد اختصت ) أي الجفون عن غيرها . قوله : ( وتدخل حكومة الأهداب الخ ) لأنها تابعة لها بخلاف قطع الساعد مع الكف يفرد بحكومة سم . قوله : ( كسائر الشعور ) أي التي فيها جمال كشعر الحاجبين وبقية شعور الوجه دون الإبط والعانة مثلاً إذ فسد منبتهما فلا حكومة ولا تعزير بخلاف ما قبلهما . قوله : ( وإلا ) بأن لم يفسد منبتهما فالتعزير . قوله : ( وفي إحشاف الجفن ) أي بأن ضربه به وأحشف جفنه أي أوقفه فصار لا يتحرك . قوله : ( فتقلص ) أي ارتفع باقيه وانكمش . قوله : ( عدم تكميل الدية ) أي ديته وإنما يجب قسط ما قطع فقط وهو المعتمد .
قوله : ( وتكمل دية النفس في إبانة اللسان ) وفي قطع بعضه مع بقاء نطقه حكومة لا قسطه من الدية كما أفاده م د . قوله : ( لناطق ) أي بالفعل أو القوّة أي ولو ببعض الحروف . وإن كان زوال البعض بجناية وفي قطع بعضه قسطه إن زال بقطعه بعض نطقه ، وإلا فحكومة تجب لا قسط إذا لو وجب للزم إيجاب الدية الكاملة في لسان الأخرس اه برماوي . قوله : ( سليم الذوق ) ليس بقيد على المعتمد كما يأتي وقيد به لذكر الخلاف الآتي . واعلم أنه إذا أزال اللسان ففيه دية له ويدخل فيه دية الكلام ومنفعة الاعتماد في أكل الطعام فيها وأما الذوق فإذا زال بذلك وجب له دية وحده زيادة على دية اللسان والمراد بقول المصنف واللسان أي كله أما إبانة بعضه فيجب الأكثر ، من قدر النقص من اللسان أو الكلام فإن قطع نصف لسانه فزال ربع كلامه وجب النصف من الدية أو أزال الربع من اللسان فزال نصف الكلام وجب نصف الدية أيضاً اعتباراً بالأكثر وهذا يخالف كلام البرماوي السابق ولو عاد اللسان بعد قطعه لم تسقط الدية وكذا سائر الأجرام إلا في ثلاثة سنّ غير المثغور وسلخ الجلد والإفضاء . وأما المعاني فيسقط الأرش بعودها مطلقاً لأن ذهابها مظنون اه ق ل . على الجلال مع زيادة ، وقد جمعها بعضهم فقال :(4/531)
"""""" صفحة رقم 532 """"""
في غير معنى وإفضاء ومثغرة
والجلد ليس يردّ الأرش للجاني قوله : ( لألكن ) قال في المصباح اللكن العيّ وهو ثقل اللسان ولكن لكنا من باب تعب صار كذلك فالذكر ألكن والأنثى لكناء مثل أحمر وحمراء ، وفي المغرب الألكن الذي لا يفصح بالعربية . قوله : ( عجمة ) قال : في المصباح العجمة في اللسان بضم العين عدم فصاحته . قوله : ( كل ذلك الخ ) كلام مستأنف . قوله : ( يتميز به ) أي باللسان الذي يحصل به الكلام الإنسان فاعل يتميز . قوله : ( والعبارة ) ضمنه معنى التعبير فعداه بعن . قوله : ( في اللهوات ) جمع لهاة وهي اللحمة التي بأعلى الحنجرة من أقصى الفم اه مواهب قال شارحها والحنجرة الحلق . قوله : ( لو بلغ الطفل أوان النطق ) أي ثم قطع لسانه وعبارة م ر ولو بلغ أوان النطق والتحريك ولم يظهر أثره تعينت الحكومة . فلو ولد أصم فلم يحسن الكلام لعدم سماعه فهل يجب في لسانه دية أو حكومة وجهان جزم في الأنوار بأوّلهما وصحح الزركشي ثانيهما لأن المنفعة المعتبرة في اللسان النطق . قوله : ( وقد ينازعه ) أي ينازع كون الذوق في اللسان ووجه المنازعة أن وجوب الديتين يدل على أن الذوق ليس في اللسان لأنه لو كان فيه لوجبت دية واحدة .(4/532)
"""""" صفحة رقم 533 """"""
قوله : ( الشدقين ) بكسر الشين وفتحها وبالدال المهملة اه مصباح ع ش . قوله : ( اللثة ) أي لحم الأسنان . قوله : ( صغرت أو كبرت ) بكسر الباء الموحدة يقال في المحسوس ، كبر من باب تعب وأما في المعاني فيقال كبر بضمها . قال تعالى : ) كبر مقتاً عند الله } ) الصف : 3 ) اه مصباح وفي بعض النسخ صغيرة أو كبيرة . قوله : ( مشقوقة ) ما لم يكن الشق خلقياً وإلا فدية كاملة كناقص بعض الحروف خلقة كما يأتي والمشقوق الشفة العليا يقال له أعلم والسفلى يقال له أفلح وعليه قول الزمخشري :
وأخرني دهري وقدم معشراً
على أنهم لا يعلمون وأعلم
ومذ أفلح الجهّال أيقنت أنني
أنا الميم والأيام أفلح أعلم
أي لا يمكنها أن تقدمني كما أن الأفلح الأعلم لا يمكن أن ينطق بالميم المذكورة . قوله : ( فتقلص ) أي انكمش البعضان . قوله : ( كمقطوع الجميع ) أي في عدم النفع فيهما . قوله : ( على المقطوع والباقي ) أي الذي تقلص أي فلا يجب في الباقي المتقلص شيء بل يجب في المقطوع قسطه من الدية ففائدة التوزيع معرفة قسط المقطوع شيخنا . قوله : ( فك اللحيين ) من إضافة الصفة للموصوف أي اللحيين المفكوكين أي المنفصلين من بعضهما . قوله : ( في ذهاب الكلام ) أي بأن جنى على اللسان مع بقائه .
قوله : ( إن منع الكلام ) صريح في أنه لا تجب الدية في إزالة اللسان إلا إذا منع الكلام مع أنه قدم أن اللسان وحده فيه الدية وذكر هنا أن ذهاب الكلام فيه الدية فمقتضاه أنه إن أزال لسانه فذهب كلامه وجب ديتان ويدل عليه قوله ولأن اللسان الخ وعبارة شرح المنهج ولو قطع نصف(4/533)
"""""" صفحة رقم 534 """"""
لسانه فذهب ربع كلام أو عكس ، فنصف دية اعتباراً بأكثر الأمرين المضمون كل منهما بالدية ولو قطع النصف فزال النصف فنصف دية اه وهو موافق للحديث المذكور قال البلقيني : إطلاق ذهاب ربع الكلام ونصفه مجاز ، والمراد ذهاب ربع أحرف كلامه أو نصف كلامه لأن الكلام الذي هو اللفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها لا توزيع عليه وإنما التوزيع على حروف الهجاء وتبع المصنف كغيره في هذه العبارة الشافعي والأصحاب وقوله : المضمون كل منهما بالدية ، ظاهر هذا التعليل أن لسان الأخرس فيه دية والراجح أن فيه حكومة لأن النطق هو المعتبر يدل عليه أنه لو قطع بعض لسانه ولم يذهب شيء من كلامه أنه لا يجب قسطه من الدية وإنما تجب الحكومة على الأصح لئلا تذهب الجناية هدراً ، ولو قطع طرف لسانه فذهب الكلام منه لزمته دية كاملة اعتباراً بالنطق وإنما وجب النصف فيما إذا قطع بعض اللسان فذهب ربع الكلام لأن الجناية على النصف الجرمي قد تحققت وقاعدة الأجرام ذوات المنافع أن يقسط على نسبتها فرجعنا لهذا الأصل كما قاله سلطان . وقوله : فنصف دية مقتضى كون اللسان وحده فيه الدية والكلام وحده فيه الدية أن تجب دية كاملة فلينظر وجه ذلك . قوله : ( السنة ) أي الطريقة .
قوله : ( ولو ادعى ) أي بالإشارة لأن المدعى زوال النطق فكيف تحصل الدعوى كذا قيل ، ولا حاجة لذلك بل يقرأ بالبناء للمفعول أعم من أن يدعي هو بالإشارة أو الكتابة أو يدعي وليه . قوله : ( بأن يروّع ) أي يخوّف في غفلة لينظر أينطق أو لا . قال في المصباح : راعني الشيء روعاً من باب قال أفزعني وروّعني مثله اه . قوله : ( كما يحلف الأخرس ) أي بالإشارة ولو أذهب حرفاً فعاد له حروف لم يكن يحسنها وجب للذاهب قسطه من الحروف التي يحسنها قبل الجناية ولو قطع نصف لسانه فذهب نصف كلامه فاقتص من الجاني فلم يذهب إلا ربع كلامه فللمجني عليه ربع الدية ليتم حقه فإذا اقتص منه فذهب ثلاثة أربع كلامه لم يلزمه شيء لأن سراية القصاص مهدرة اه س ل . قوله : ( معدودتان ) فيه أن المعدود أوّلاً ألف يابسة التي هي أول الحروف وهذه ألف لينة . قوله : ( ربع سبعها ) أي الدية وهو ثلاثة أبعرة وأربعة أسباع(4/534)
"""""" صفحة رقم 535 """"""
لأن سبع المائة أربعة عشر وسبعان ربعها ثلاثة أبعرة وأربعة أسباع بعير هذا في الذكر المسلم الحر وفي الأنثى الحرة المسلمة واحد ونصف وسبعان وفي الذمي بعير وسبع بعير وثلثا سبع بعير وفي الأنثى الذمية نصف بعير وثلثا سبع بعير وفي المجوسي سبع بعير وثلثا سبع بعير وفي الأنثى ثلثا سبع ونصف ثلث سبع اه ميداني . قوله : ( فتوزع عليها ) أي على غير لغة العرب وأنث الضمير لاكتساب غير التأنيث من المضاف إليه . ولو نقص بعض الحروف بجناية مثلاً فالتوزيع على باقيها وأما لو تكلم بلغتين فتوزع الدية على أكثرهما وإن قطعت شفتاه فذهبت الميم وجب أرشها مع ديتها في أوجه الوجهين وأما لو تكلم بالعربية وغيرها فهل يعتبر الأكثر أيضاً أو تعتبر العربية قلت : أو كثرت عن الأخرى . قال ابن هشام إن العبرة بالعربية منهما ويدل عليه كلام ابن حجر في شرح المنهاج وغيره . وقال شيخنا ع ش المعتبر الأكثر حروفاً أخذاً من العلة وهي الانتفاع بالحروف اه برماوي . قوله : ( في إبطال كلام كل منهما ) أي العاجز خلقة والعاجز بآفة سماوية . قوله : ( فعلى هذا ) أي قوله خلقة أو بآفة سماوية وقوله لو أبطل بالجناية بعض الحروف أي التي يحسنها غير المعجوز عنها خلقة أو بآفة فإذا كان عاجزاً خلقة أو بآفة عن ثمان حروف وأبطل شخص بالجناية بعض العشرين التي يحسنها كحرف فتوزع الدية على العشرين التي يحسنها وينظر ماذا يخص هذا الحرف الذي أبطله الجاني هكذا يتعين فهم هذه العبارة .
قوله : ( لو أبطل بالجناية بعض الحروف ) هذا مفهوم قوله : فدية كاملة في إبطال كلام كل منهما عبارة المنهج وشرحه لا إن كان عدم إحسانه لذلك بجناية فلا دية فيه لئلا يتضاعف الغرم في القدر الذي أزاله الجاني الأوّل اه . قال م ر وإن كان الجاني الأوّل غير ضامن اه كالحربي لأن شأن الجناية الضمان اه وعبارة البرماوي قوله : لئلا يتضاعف مقتضى هذا التعليل أن الجناية الأولى إذا لم تكن مضمونة كجناية الحربي أن يضمن بجميع الدية لكن الأوجه خلافه فالتعليل للأغلب خلافاً للعلامة ابن حجر اه . قوله : ( في ذهاب البصر ) مقتضى وجوب الدية(4/535)
"""""" صفحة رقم 536 """"""
في إزالة العينين كما سبق أن تجب الدية في كل من إزالتهما وإزالة بصرهما مع أنه إذا فقأهما فزال بصرهما وجبت دية واحدة وإذا كان لا يبصر بهما وأزالهما كان فيها حكومة فالمدار على ذهاب البصر ويدل عليه أن التعميم السابق ذكره هنا . والبصر عند الحكماء قوة أودعها الله تعالى في العصبتين المجوفتين الخارجتين من مقدم الدماغ ثم تنعطف العصبة التي من الجهة اليمنى إلى الجهة اليسرى والتي من اليسرى إلى اليمنى حتى يتلاقيا ثم تأخذ التي من الجهة اليمنى يميناً والتي من الجهة اليسرى يساراً حتى تصل كل واحدة إلى عين تدرك بتلك القوّة الألوان وغيرها وأما عند أهل السنة : فإدراك ما ذكر بمشيئة الله تعالى بمعنى أن الله يخلق إدراك ما ذكر في النفس عند استعمال تلك القوة ز ي اه . قوله : ( منفعته ) أي البصر والمراد القوة الباصرة وقوله : النظر أي الإدراك ، وفي بعض النسخ ولأن منفعة النظر أقوى . قوله : ( فلو قلعها ) أي فقعها .
قوله : ( إن كان خطأ أو شبه عمد ) راجع لقوله : أو رجل وامرأتان لأن المقصود منهما المال بخلاف العمد فلا يقبل فيه الرجل والمرأتان لأن المقصود منه القصاص ، والنساء لا تقبل إلا فيما كان القصد منه المال . فإن قيل : إذا ثبت القصاص يمكن أن يعفي عنه على مال فتجب الدية فيكون المقصود منه المال فيقبل فيه النساء . أجيب بأن الدية بدل لا أصل كما قرره شيخنا . قوله : ( عند أكثر الفقهاء ) معتمد م ر . قوله : ( الفهم ) أي المفهوم من الشرائع وغيرها كما تدل عليه عبارة م ر . ونصها لأن به يدرك الشرع الذي به التكليف قرره شيخنا . قوله : ( أو شعاع ) أو بمعنى الواو والمراد بالشعاع انبعاث أي انفصال أشعة أي أجزاء من العين واتصالها(4/536)
"""""" صفحة رقم 537 """"""
بالمرئي . قوله : ( وقال أكثر المتكلمين بتفضيل البصر ) عبارة العباب فائدة هل حاسة السمع أفضل من البصر أو عكسه فيه خلاف للعلماء ، وتقدم ذكر السمع في آيات القرآن والأحاديث يقتضى أفضليته اه . وكتب العلامة سم بهامشه ما نصه . قوله : ( وتقدم ذكر السمع الخ ) اعترضه شيخنا السيد الشريف عيسى الصفوي بأنه في مواضع من القرآن ذكر السمع والبصر فقط مقدماً للأولى وفي مواضع ذكر السمع والبصر والفؤاد مقدما للأول ثم الثاني كما في قوله تعالى ) السمع والأبصار والأفئدة } ) المؤمنون : 78 ، النحل : 78 وغيرهما ) ففي المواضع الثانية لا جائز أن يكون من باب التدلي وإلا لزم أن كلاً من السمع والبصر أفضل من الفؤاد وهو باطل فتعين أن يكون من باب الترقي فيلزم أن يكون تقديم السمع على البصر في المواضع الأول من باب الترقي فيكون البصر أفضل على مقتضى الاستدلال بالتقديم في الآيات . أقول : يمكن أن يجاب بأن التقديم يدل على الأفضلية إلا ما خرج بدليل كالأفئدة في المواضع الثانية اه . بحروفه قال : ع ش والسمع عند الحكماء قوّة أودعها الله في العصب المفروش في الصماخ يدرك بها الصوت بطريق وصول الهواء المتكيف بكيفية الصوت إلى الصماخ أي خرق الأذن ، وعند أهل السنة أن الوصول المذكور بمشيئة الله تعالى على معنى خلق الله الادراك في النفس عند ذلك . اه . قوله : ( وهذا هو الظاهر ) هذه طريقة له والذي ز ي اعتمده أن السمع أفضل . قوله : ( من تحقق زواله ) المراد بالتحقق غلبة الظن . قوله : ( فلو قال أهل الخبرة ) أي اثنان منهم ع ش على م ر . قوله : ( إذ تلك اللطيفة ) أي البصر متعددة ، قوله : ( وهذا ) أي اعتبار النصف فيما إذا أزاله من أذن واحدة والقول الثاني يقول الواجب القسط أي القسط ما نقص من السمع أفاده شيخنا .(4/537)
"""""" صفحة رقم 538 """"""
قوله : ( كل منخر ) بوزن مجلس ثقب الأنف وقد تكسر الميم إتباعاً لكسرة الخاء كما قالوا : منتن وهما نادران لأن مفعل ليس من المشهور وفي القاموس أنه يجوز أيضاً فتحهما وضمهما ومنخور كعصفور فاللغات خمس . قوله : ( وجب بقسطه ) الباء زائدة . قوله : ( بالروائح الحادة ) أي القوية من الطيب والخبيث . قوله : ( فإن هش ) قال في المصباح : هش الرجل هشاشة من باب تعب وضرب تبسم وارتاح . قوله : ( عبس ) بابه ضرب وفي مختار الصحاح : أنه بالتخفيف والتشديد يقال : عبس الرجل كلح وبابه جلس وعبس وجهه شدّد للمبالغة اه . وفي المصباح عبس من باب ضرب عبوساً قلب وجهه فهو عابس اه . قوله : ( في ذهاب العقل ) لو قدمه على غيره كما في المنهج لكان أولى كما يشير إليه قول الشارح لأنه أشرف المعاني الخ وسمي عقلاً لأنه يعقل صاحبه أي يمنعه من ارتكاب ما لا يليق من المعاصي والتورط في المهالك اه . قوله : ( على ذلك ) أي على كمال الدية في ذهاب العقل . قوله : ( ففيه حكومة ) ولا تبلغ قدر دية العقل الغريزي م ر . قوله : ( اقتصار المصنف على الدية ) فيه أنه كما اقتصر على الدية في العقل عليها في غيره أيضاً .
قوله : ( وجوب القصاص فيه ) أي في العقل . قوله : ( وهو المذهب ) بخلاف باقي المعاني المتقدمة التي هي السمع والبصر والبطش والذوق والشم والكلام فيجب فيها القصاص لأن لها محال مضبوطة ولأهل الخبرة طرق في إبطالها كما قاله في شرح المنهج ونظمها بعضهم فقال :
لا قصاص في المعاني يجب
من غير ستة وفيها أوجبوا
سمع وبطش بصر كلام
والذوق والشم لها ختام(4/538)
"""""" صفحة رقم 539 """"""
قوله : ( للاختلاف في محله ) عبارة البرماوي وقد مر أول الكتاب أنه غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات أي الحواسّ الخمس ومحله القلب على الراجح للآية وهي قوله تعالى ) لهم قلوب لا يفقهون بها } ) الأعراف : 179 ) وله شعاع متصل بالدماغ أي الرأس وقيل : محله الرأس وعليه أبو حنيفة وجماعة . وقيل : محله هما معاً . وقال الإمام لا محل له معين . ووقع السؤال عنه هل هو من قبيل الأعراض أو الجواهر أو لا ولا وعلى كل هل هو مخصوص بالنوع الإنساني أم هو كلي مشترك بينه وبين كل حي مخلوق وعلى ذلك هل هو من الكلي المشكك أو المتواطىء ؟ والجواب هو عند علماء السنة عرض قائم بالقلب متصل بالدماغ يزيد وينقص ، وعند الحكماء جوهر مجرّد عن المادة مقارن لها في الفعل وهو في الإنسان والملك والجنّ لكنه في النوع الإنساني أكمل ومن ثم كان من قبيل المشكك لا المتواطىء ، والمشكك هو اتحاد اللفظ وتعدد الحكم مع النظر إلى زيادته ونقصانه ضعفاً وقوّة والمتواطىء هو المتساوي في اللفظ اه . قوله : ( يعقل صاحبه ) أي يمنعه إذ العقل المنع أي شأنه ذلك .
( فائدة ) : العقل لغة هو المنع ، وأما في الاصطلاح ففيه عبارات أحسنها ما قاله الشيخ أبو إسحاق إنه صفة يميّز بها بين الحسن والقبيح وقال العمراني : الجنون يزيل العقل والإغماء يغمره والنوم يستره . والواجب في العقل الدية إذ لا يتّصور فيه قصاص كما لا يتصوّر القصاص بين ذكر الرجل وقبل المرأة لعدم المماثلة بل تجب الدية فيهما اه نسابة في شرح منظومة الأنكحة لابن العماد وقال المناوي على الخصائص نقلاً عن السهروردي والعقل مائة جزء واختص منها المصطفى بتسعة وتسعين جزءاً وجزء في جميع المؤمنين والجزء الذي فيهم أحد وعشرون سهماً فسهم يتساوى فيه الكمل وهو كلمة التوحيد وعشرون سهماً يتفاضلون فيها على قدر حقائق إيمانهم . قوله : ( ولو ادّعى وليّ المجني عليه الخ ) لما كان المجنون لا يصح دعواه قال : هنا ولو ادّعى ولي الخ .(4/539)
"""""" صفحة رقم 540 """"""
قوله : ( وخرج بالغريزي العقل المكتسب ) وهذا مكرر .
مع ما مر كما قاله : ق ل . وقد يقال : لا تكرار لأن الذي ذكره أوّلاً للاحتراز وما ذكره هنا لأجل نسبة القول إلى قائله وقد يقال : إنه أوّلاً نسبه أيضاً لقائله فإنه قال قال الماوردي : وغيره فهو محض تكرار م د .
قوله : ( في الذكر ) وفي تعذر الجماع حكومة قال العلامة الزيادي : فلو قطعه شخص بعد ذلك لزمه دية قال : شيخنا وفيه نظر فراجعه برماوي . قوله : ( وعنين ) أي لأن العنة ضعف في القلب لا في نفس الذكر ومثله المجبوب بباءين ونحوه برماوي . قوله : ( وحكم الحشفة الخ ) لو قال : والمراد من الذكر الحشفة الخ لكان أولى في كلام المصنف . كما لا يخفى على من تأمل اه ق ل قال في الروض وفي قطع باقي الذكر أو قلعه منه حكومة وكذا في قطع الأشل فإن أشله أو شقه طولاً فأبطل منفعته فدية تجب أو تعذر بضربه الجماع ، لا الانقباض والانبساط فحكومة تجب لأنه ومنفعته باقيان والخلل في غيرهما ثم ذكر في شرحه فيما لو قطعه قاطع هل يجب القصاص كلاماً طويلاً اه . سم وانظر ما إذا جنى على ذكر بلا حشفة ، هل الواجب حكومة أو دية لكن قول الشارح ، كالكف مع الأصابع يرشد إلى أن الواجب الحكومة لا الدية وهو ما مال إليه شيخنا أوّلاً ثم اعتمده بعد ذلك كذا بخط الشيخ خ ض . قوله : ( في الأنثيين ) حاصله أنه إن قطع الأنثيين بالجلدتين ففيهما الدية وتدخل حكومة الجلدتين وإن قطع الجلدتين مع بقاء الأنثيين وجبت حكومة وإن سل البيضتين وجبت دية ناقصة حكومة الجلدتين . قوله : ( الخصيتان ) تثنية(4/540)
"""""" صفحة رقم 541 """"""
خصية بضم الخاء المعجمة ويجوز كسرها وقال أبو عبيدة : سمعته بالضم ولم أسمعه بالكسر . اه مختار . قوله : ( ولو للعظم الناتىء الخ ) فهو من الرأس هنا بخلافه في الوضوء ، وإنما أخذ العظم الناتىء خلف الأذن والذي تحت المقبل من اللحيين غاية ، لأنه ربما يتوهم أن المراد بالرأس والوجه ما يجب غسله أو مسحه في الوضوء فبين أنه ليس مراداً والفرق بينهما حيث عد هنا من الرأس ولم يعدّ في الوضوء منه لأن المدار هنا على كونه خطراً ولا شك أن الموضع المذكور خطر . وفي الوضوء على ما يسمى رأساً والموضع المذكور لا يسمى رأساً اه برماوي . وعبارة م ر يجب في موضحة الرأس ومنه هنا دون الوضوء العظم الذي خلف الأذن متصلاً به وما انحدر عن آخر الرأس إلى الرقبة أو الوجه ومنه هنا لإثم أيضاً ما تحت المقبل من اللحيين ولعل الفرق بين ما هنا والوضوء أن المدار هنا على الخطر أو الشرف ، إذ الرأس والوجه أشرف ما في البدن وما جاوز الخطير أو الشريف مثله وثم على ما رأس وعلا وعلى ما يقع به المواجهة وليسا مجاورهما كذلك اه وقوله : أو الشرف الأولى إسقاط الألف . قوله : ( أو الوجه ) عطف على الرأس وقوله : وإن صغرت غاية في الموضحة وعبارة المنهج ولو صغرت والتحمت اه أي بخلاف الالتحام في الإفضاء فإنه يسقط الضمان وكذا نبات الجلد وفارق ذلك سنّ غير المثغور ، وإن كان الغالب على الموضحة الالتحام لئلا يلزم إهدار الموضحات دائماً بخلاف السن فإنه المجني عليه ينتقل إلى حالة أخرى يضمن فيها اه برماوي وسم .
قوله : ( ولو لما تحت ) غاية في قوله : أو الوجه فيكون ما تحت المقبل من الوجه هنا بخلافه في الوضوء ، قوله : ( نصف عشر الخ ) أشار بذلك إلى قصور قول المتن خمس وأنه لو قال : وفي كل من الموضحة والسنّ نصف عشر دية صاحبها لكان أولى وأعم . اه . قوله : ( ففيها لحر مسلم ) أي من حر مسلم غير جنين فخرج الجنين ، فإذا أوضحه وهو في بطن أمه فإن مات بغير الإيضاح بأن صغرت الموضحة وجب نصف عشر غرة لأن في الموضحة نصف عشر دية صاحبها ودية الجنين ، هي الغرة وإن مات بالإيضاح وجبت غرة كاملة وإن انفصل حياً ثم مات بغير الإيضاح وجب نصف عشر دية ، وإن مات بالإيضاح وجبت دية كاملة ع ش . قوله : ( فتراعي هذه النسبة الخ ) ففيها لحرة مسلمة بعيران ونصف ولذميّ بعير وثلثان ولمجوسي(4/541)
"""""" صفحة رقم 542 """"""
ثلث بعير ولذمية خمسة أسداس بعير ولمجوسية سدس بعير اه ح ل . قوله : ( فإن فيهما ) أي في موضحتهما الحكومة ومثل الموضحة عيرها من الجروح إذا كانت في غير الوجه والرأس ففيها حكومة ، وأما القصاص فلا قصاص فيها كلها إلا الموضحة سواء كانت في الوجه أو الرأس أو بقية البدن . قوله : ( ففي موضحته بعير وثلثان ) لأنها نصف عشر ديته . قوله : ( ففي موضحته ثلث بعير ) وفي موضحة ذمية خمسة أسداس بعير لأن ديتها ، ستة عشر وثلثان عشرها بعير وثلثان بعشرة أسداس ونصفها خمسة أسداس وفي موضحة مجوسية سدس بعير ، لأن ديتها ثلاثة وثلث عشرها ثلث بعير ونصفه سدس . قوله : ( ولا يختلف أرش موضحة ) هذا يغني عنه قوله المتقدم وإن صغرت إلا أنه ذكره للتعليل الذي ذكره . قوله : ( راجع لكل من المسألتين ) أي الموضحة والسنّ وذلك أنه قال : وفي الموضحة والسن خمس من الإبل وهذا بناء على ظاهر كلام المتن من جعل الجار والمجرور خبراً مقدماً وخمس مبتدأ مؤخراً وأما بالنظر لتقدير كلام الشارح الفعل في الموضعين فيكون خمس مبتدأ وخبره محذوف مقدم عليه وفاعل الفعل قدره الشارح بقوله : نصف عشر الخ .
قوله : ( ولا فرق بين الثنية الخ ) الأسنان ستة أنواع ثنايا ورباعيات وأنياب وضواحك ونواجذ وكل نوع منها أربع اثنان عليا واثنان سفلى وأضراس وهو اثنا عشر ستة عليا وستة سفلى وهي بين الضواحك والنواجذ والتواجز آخرها مما يلي الأذن وعبارة ق ل على الجلال وهي ثنتان وثلاثون أي غالباً في الآدمي الحر وإلا فقد تزيد وقد تنقص فيزاد وينقص بحسبه نصفها في الفك الأعلى ونصفها في الفك الأسفل ولكل أربع منها اسم يخصها فالأربعة التي في مقدم الفم تسمى الثنايا والتي تليها تسمى الرباعيات والتي تليها تسمى الضواحك وهي المرادة(4/542)
"""""" صفحة رقم 543 """"""
بالنواجذ في ضحكه لأن ضحكه تبسم والتي تليها تسمى الأنياب وبعدها اثنا عشر ضرساً ويقال لها الطواحين والرحا ويليها أربعة تسمى نواجذ وهي من الأضراس ويقال لها أضراس العقل وأضراس الحلم وهي أقصاها وآخرها نباتاً فإن الغالب عليها لا تنبت إلا بعد البلوغ ولا مانع من إرادتها في ضحكه وهذا الأربعة مفقودة في الخصى والكوسج أي الأجرود فأسنانهما ثمانية وعشرون سناً ولابن رسلان :
منها ثنايا رباعيه
كذا وأنياب كمثل تاليه
وأربع ضواحك واثنا عشر
ضرساً وأربع نواجذ أخر قالوا وأسنان المرأة ثلاثون سناً وخرج بالآدمي غيره فأسنان البقر أربعة وعشرون سناً وأسنان الشاة إحدى وعشرون سناً وأسنان التيس ثلاثة وعشرون سناً وأسنان العنز تسع عشرة سناً اه . قوله : ( يستثنى ) صوابه أن يقول : وخرج بالتامة التي وصف السنّ بها فيما مر إذ لا يصح أن يكون مفهوم القيد مستثنى ق ل ويردّ بأن الصورة الأولى ليست مفهوم القيد المذكور وهو التامة بل مفهومه سيذكره الشارح بقوله : وبقيد التامة ما لو كسر الخ نعم ما ذكره ق ل من أن الصورة الأولى مفهوم القيد ظاهر بأن السن غير تامة ، وأما قول الشارح : وبغير التامة ما لو كسر الخ لا يظهر كونه مفهوم القيد لأن مفهومه أن السن المجني عليه تكون غير تامة لا أنه يكسر بعض سن تامة .
قوله : ( أنه لا يجب الخمس ) هذا وجه مرجوح والراجح أنه لا فرق بين الطويلة والقصيرة في وجوب الخمس . قوله : ( الخارجة ) تفسير للشاغية . قوله : ( ففيها حكومة ) وأما السن المتخذة من ذهب ونحوه فلا دية في قلعها ولا حكومة شرح المنوفي .(4/543)
"""""" صفحة رقم 544 """"""
قوله : ( لم يثغر ) بالبناء للمفعول أي لم يثغر كل منهما . قوله : ( نظر ) نسخة : فإنه ينظر وهي أولى لأن في الأولى ركاكة . قوله : ( فكالمثغورة ) ففيها الخمس . قوله : ( ففيها الحكومة ) لأن الظاهر عودها لو عاش والأصل براءة الذمة كما تقدم عن شرح المنهج . قوله : ( المقلقة ) أي المتحركة . قوله : ( وحركة السن ) مبتدأ خبره جملة إن قلت : والقصد منه تقييد ما قبله وهذا في المعنى مفهوم قوله : فإن بطلت منفعتها وفي تعبيره قلاقة . قوله : ( بحيث لا تؤدي ) أي تورث نقصاً الخ فاندفع قول : من حكم على العبارة بالنقص وقال : لعل العبارة إلى نقص الخ . اه أ ج . أي فهو مضمن معنى تورث وفي نسخ إلى نقص وهو واضح . قوله : ( حكمها ) لا حاجة إليه وفي نسخة في حكمها وهي أولى أي ففيها الأرش كاملاً . قوله : ( وفي كل عضو لا منفعة فيه ) لما فرغ من بيان الجناية التي لها أرش مقدر شرع يتكلم على الجناية التي ليس لها أرش مقدر وإعراب المتن في كل عضو خبر مقدم وحكومة مبتدأ مؤخر فقدر الشارح فعلاً وجعل حكومة فاعلاً له فأخرج المتن عن نوع إعرابه وهو ليس بمعيب فلا اعتراض فتأمل . قوله : ( لم ينصّ عليه ) أي على العضو الذي لا منفعة فيه . قوله : ( وأما حلمتا المرأة ) بالألف في صحاح النسخ وهو ظاهر . قوله : ( الناتىء ) أي البارز .
قوله : ( وإن استرسل ) أي استرخى على صدرها بأن كان قبل الضرب غير مسترخ كأن كان مثل الرمانة . قوله : ( مجرد جمال ) لأن الجمال في غير المسترسل دون المسترسل والناس مختلفون فيما يستحبون من صغر الثدي وكبره . قوله : ( جزء من الدية ) فالواجب من الدية(4/544)
"""""" صفحة رقم 545 """"""
التقويم بالنقد . قوله : ( ثم عاد إلى الأوّل ) أي بقوله : والذكر والأنثيين . قوله : ( إحدى عشرة ) وهي اليدان والرجلان والأذنان والعينان والجفون والأنف واللسان والشفتان والذكر والأنثيان والأسنان وأهمل من صوره ستة ، وهي اللحيان والحلمتان والأليان والشفران والجلد والأنامل وقوله : على خمسة وهي الكلام والبصر والسمع والشم والعقل وأهمل من صوره تسعة وهي الذوق والمضغ والجماع وقوة الإمناء وقوّة الحبل والإفضاء والبطش والمشي والصوت . قوله : ( أي والجناية ) أي وواجب الجناية وإطلاق الدية على القيمة مجاز لأن كلاًّ منهما في مقابلة النفس وهو على حذف مضاف أي ودية جناية العبد أي الجناية عليه الخ . قوله : ( أما المرتد ) أي العبد المرتد فلا ضمان وإن كان يباع . قوله : ( بيعه ) مصدر مضاف للمفعول . قوله : ( ولم يتبع مقدراً ) ليس بقيد على المعتمد فإن تبع مقدراً كقطع كف بلا أصابع وكان واجبه بالتقويم(4/545)
"""""" صفحة رقم 546 """"""
أكثر من متبوعه أو مثله لم يجب كله بل يوجب الحاكم شيئاً باجتهاده وهذه طريقة مرجوحة نقلها م ر . عن البلقيني وردها بقوله : وهذا غير متجه إذ النظر في القنّ أصالة إلى نقص القيمة ، حتى في المقدر على قول فلم ينظروا في غيره لتبعيته . فالحاصل : أنه إذا اتبع مقدراً يكون الواجب ما نقص من قيمته سواء كان زائداً على واجب المتبوع أو ناقصاً عنه أو مساوياً له على ما اعتمده م ر اه شيخنا .
قوله : ( بالحكومة ) الأولى أن يقول : بما نقص لأن الحكومة لا تكون إلا في الحر لأنها جزء من الدية بنسبته الخ وعلى فرض أنها تكون في الرقيق فلا يمكن أن تبلغ قيمته لأنها جزء مقدر من القيمة فكيف تبلغ القيمة ق ل . فكان الصواب أن يقول : ولا يبلغ واجب غير المقدر قيمته الخ قال : سم والجواب أن غرضهم من هذا الكلام الإشارة إلى أنه لا يشترط نقصها عن أرش المقدر كما في حكومة المقدر فتأمل فإنه دقيق . ولم يتقدم للحكومة ذكر إلا أن يقال : تقدمت ضمناً في قوله ما نقص من قيمته وبعد ذلك فيه مسامحة إلا أن يقال : سمي ذلك حكومة لمجاز المشابهة أي مشابهة نقص القيمة لنقص الدية . وقوله : على ما سبق لم يتقدم ذلك حتى يحيل عليه إلا أن يقال : توهم أنه سبق ذكر ذلك في الحر وهذه العبارة ذكرها في المنهج في الحر وأحال عليها الرقيق والشارح ذكرها في الرقيق في غير محلها ثم إن قوله : ولا يبلغ بالحكومة قيمة جملة الرقيق محال لا يتصوّر فلا يصح نفيه لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره فهو فرض محال ، وقوله : أو قيمة عضوه هذا ممكن فنفيه صحيح إلا أنه طريقة ضعيفة بالنسبة للعبد لأن المعتمد أن الجناية في العبد إذا كانت لا أرش لها مقدر وكانت على عضو له أرش مقدر يجب فيها ما نقص من قيمته سواء كان قدر قيمة العضو الذي وقعت الجناية عليه أو أقل أو أكثر بخلاف نظير ذلك في الحر فيشترط في أرش الجناية المذكورة أن لا تبلغ دية ذلك العضو فإن بلغتها نقص منها شيء .
قوله : ( وإن قدرت ) الأولى أن يقول : وإن قدر أي ذلك الغير لأنه مقابل قوله : إن لم يقدر الخ . قوله : ( لأنا نشبه الخ ) علة لقوله : ما نقص من قيمته سليماً إن لم يتقدر الخ وقوله : ولأنه أشبه الحر علة لقوله : وإن قدرت في الحر الخ شيخنا . قوله : ( ولو قطع ) بالبناء للمفعول(4/546)
"""""" صفحة رقم 547 """"""
فقوله : وأنثياه بالألف صحيح على الجادة فسقط الاعتراض . وإذا قطعت أطراف عبد ثم حزّ رقبته آخر لزمه قيمة العبد ذاهب الأطراف اه م د . قوله : ( فيما زاد ) أي زاد على ما ذكر من قطع الذكر والأنثيين أو نقص عما ذكر من ذلك ومن اليد ونحوها . قوله : ( وفي دية الجنين ) لا يخفى أن لفظ دية في كلام المصنف مرفوع مبتدأ وفي إدخال الجار عليه تغيير إعرابه الظاهر مع أنه لا يستقيم كون الدية ظرفاً للغرّة لأنها بدل عن النفس وتقدم أن في إطلاق الدية على الغرة مسامحة . قوله : ( المسلم ) ليس بقيد لما يأتي أن الجنين الكافر فيه غرّة أيضاً لكنها كثلث غرّة المسلم في الكتابي وثلث خمس غرة المسلم في المجوسي ، وأما المرتد والحربي فمهدران كما يأتي كله في كلامه فالمعتبر كونه معصوماً وجملة ما ذكر من الشروط هنا وفيما يأتي ثمانية والتعميمات ثمانية مثلها ، فلو أبقى الشارح كلام المتن على ظاهره لكان أعم . قوله : ( عبد أو أمة ) بخيرة الغارم لا المستحق . وعلم من ذلك امتناع الخنثى ويؤيده قولهم : يشترط كونه سالماً من عيب المبيع والخنوثة عيب م ر . قوله : ( بترك تنوين الخ ) هذا لا يستقيم إلا لو ذكر كلام المصنف من غير فاصل فيه إلا أن يقال ؛ كلام الشارح بالنظر للمتن ق ل . قوله : ( وحكاه الفاكهاني ) أي المالكي . قوله : ( النسمة ) أي الذات بيضاء أو سوداء . قوله : ( لأنها غرّة ) لأنها من بني آدم وقال تعالى : ) ولقد كرمنا بني آدم } ) الإسراء : 70 ) . قوله : ( وإنما تجب الغرّة ) إشارة إلى شروط وجوبها . وحاصل ما ذكره ثمانية فذكر هنا أربعة وسيأتي ذكر اثنين عند قوله : ولا بد أن يكون معصوماً مضموناً وتقدم ذكر اثنين عند قوله الحر المسلم . وإن كان الأولى عدم التقييد بالمسلم لأن الكافر كذلك مضمون بالغرّة إلا أن يقال : قيد بذلك لأجل(4/547)
"""""" صفحة رقم 548 """"""
قوله : عبد أو أمة لأن ذلك إنما هو في المسلم أما الكافر ففيه أقل من ذلك كما يأتي أو يقال : المفهوم فيه تفصيل فإن كان معصوماً فكذلك وإلا فلا ضمان . قوله : ( سواء أكانت الجناية ) إشارة إلى تعميمات سبعة بعضها في نفس الجناية وهو ما هنا وهو ثلاثة وبعضها في الجنين وهو ثلاثة أيضاً ذكرها بقوله : سواء كان ذكراً أم أنثى وبعضها وهو واحد في أمه وهو قوله : سواء انفصل في حياتها أو بعد موتها .
قوله : ( أو يوجرها ) هو إدخال شيء في الفم قهراً . قوله : ( الإجهاض ) أي الرمي قال في المصباح أجهضت الناقة ولدها إجهاضاً ألقته قبل أن يبين خلقه . قال الأزهري وغيره لا يقال : أجهضت إلا الناقة خاصة فهي مجهضة ويقال في المرأة أسقطت والجهاض بالكسر اسم منه اه . فإطلاق الإجهاض على إسقاط المرأة مجاز . قوله : ( فإذا فعلته ) أي صامت فأجهضت أي وضعت ضمنته بخلاف المرضع إذا صامت فقل اللبن أو انقطع ومات الرضيع فإنه لا ضمان عليها لأنها لم تحدث فيه صنعاً كما لو أخذ طعام شخص وشرابه فمات ذلك الشخص فلا ضمان . وعبارة العباب : فرع من حبس آدمياً ومنعه الزاد والماء أو عرّاه فمات فإن كان زمناً يموت فيه غالباً جوعاً أو عطشاً أو برداً فعمد أو لا يموت فيه فإن لم يكن به جوع وعطش سابق فشبه عمد وإلا فإن حبسه زمناً إذا ضم إلى الأوّل ومات وعلم سابق جوعه وعطشه فعمد محض وإن جهل وجب نصف دية شبه العمد . وفي الرحماني ما نصه : تنبيه تجبر الأم على إرضاع اللبأ ولها الأجرة فإن امتنعت ومات لم تضمن وإن تعينت ويأتي أنها تضمن بترك ما يدفع الإجهاض بالغرة على عاقلتها وفي الفرق عسر ويجب على الولي إن حضر وإلا فمن علم عيناً إن انفرد وإلا فكفاية كقطع سرّة المولود عقب ولادته لتوقف إمساك الطعام عليه كإرضاعه لأنه واجب فوري لا يقبل التأخير فإن فرّط ضمن ، ويجب ختان الذكر والأنثى لا الخنثى بل لا يجوز اه حج . وفي الفتاوى الخيرية من كتب الحنفية سئل في امرأة سافر عنها زوجها فراراً من نفقتها فخافت الهلاك فانتقلت عند أهلها وتركت بنتاً صغيرة فطيمة لها منه عند أهله وماتت فادعى على أهلها إنكم فرّقتم بين زوجتي وبنتها وماتت بسبب ذلك فعليكم ديتها هل تسمع دعواه بذلك أم لا . أجاب لا تسمع دعواه والحال هذه والله أعلم .(4/548)
"""""" صفحة رقم 549 """"""
قوله : ( وسواء أكان الجنين ) تعميم في قوله : ودية الجنين الحر غرة يعني أن في الجنين غرّة سواء كان ذكراً أو أنثى . قوله : ( لأن ديتهما ) الأولى أن يقول ولأن ديتهما لأنه علة ثانية . قوله : ( لكثر الاختلاف ) أي بين الوارث والجاني فيدعي وارثه أنه ذكر ليأخذ الأكثر والجاني أنه أنثى ليدفع الأقل . قوله : ( أم لا ) كابن الزنا . قوله : ( مضموناً على الجاني ) لا حاجة إليه لأن كلامنا في الجنين الحر . قوله : ( عندها ) أي الجناية وهو قيد في العصمة والضمان . قوله : ( ولا أثر لنحو لطمة ) محترز قوله : فيما تقدم مؤثرة .
وقوله : ولا لضربة قوية مفهوم قوله : بجناية على أمه . قوله : ( بجناية ) لا حاجة له لأنه فرض المسألة . قوله : ( بعد موتها بجناية في حياتها ) أي فإنه تجب فيه الغرة كما صرح بذلك في المنهاج وأقره م ر وكذا . عكسه كما لو جنى عليها وهي ميتة فأحياها الله وألقته في حياتها فإنه تجب فيه الغرة أيضاً ميداني . وظاهر كلام الشارح وغيره خلافه ، أي لا تجب فيه الغرة وهو كذلك كما قاله : ب ش اه م د . قوله : ( ولو ظهر بعض الجنين ) أشار بذلك إلى أن قوله : فيما تقدم إنما تجب إذا انفصل أي كلاً أو بعضاً كما في هذه المسألة قال شيخنا : وأخذ منه أنه كان عليه أن يقول : فيما سبق وإنما تجب الغرة في الجنين إذا انفصل أو ظهر الخ . كما فعل غيره ولعله أفرد مسألة الظهور لما فيها من الخلاف . قوله : ( أو لم يكن مضموناً ) ظاهره أن هذا غير داخل في عدم العصمة والذي في شرح م ر . وحج دخول ذلك في عدم العصمة وعبارتهما وخرج بتقييد الجنين بالعصمة ما لو جنى على حربية حامل من حربي أو مرتدة حامل بولد في حال ردّتها فأسلمت ثم أجهضت أو على أمته الحامل من غيره فعتقت ثم أجهضت والحمل ملكه فإنه لا شيء فيه لإهداره .
قوله : ( ولأمه ) ليس قيداً بل المدار على ملك الجنين فقط وقال بعضهم : إنما زاد ذلك لأن الكلام في الجنين الحر ولو بالسراية بعد الجناية فقوله بعد وعتقت أي وسرى العتق للجنين فصح التمثيل وإن كان حال الجناية رقيقاً وحينئذ يكون قوله : ولأمه قيداً خلافاً لما في الحاشية . قوله : ( الحامل ) أي من زوج بأن كانت مزّوجة فحملت من زوجها ثم جنى السيد(4/549)
"""""" صفحة رقم 550 """"""
عليها ثم عتقت وأجهضت فلا شيء على السيد الجاني . وفي هذه الصورة نظر لأن الكلام الآن في الجنين الحر والظاهر أنه لا حاجة لقوله : فعتقت فتأمل وحرر ثم ظهر أنه إنما قال : فعتقت للاحتزاز عن عتقها قبل الحمل فإن ولدها : يكون حراً تبعاً لها فيضمنه الجاني ويتبعها الحمل في العتق ولكن لا يضمنه السيد لأنه حالة الجناية رقيق ملكه له لكن الكلام الآن في الجنين الحر حال الجناية فتأمل اه م د . قوله : ( فعتقت ) أي ويتبعها الحمل فاندفع ما يقال : إن الكلام في الجنين الحر وهذا رقيق .
قوله : ( أو لم ينفصل ) أي لا كلاً ولا بعضاً وعبارة شرح المنهج فإن لم ينفصل ولم يظهر أو انفصل أو ظهر لحم لا صورة فيه ، أو كانت أمه ميتة أو كان هو غير معصوم عند الجناية كجنين حربية من حربي وإن أسلم أحدهما بعد الجناية فلا شيء فيه لعدم تحقق وجوده في الأوليين وظهور موته في الثالثة وعدم الاحترام في الرابعة اه . قوله : ( ولا ظهر على أمه شين ) ظاهره أنه إذا شرط فيما قبله ومفهومه أنه إذا ظهر على أمه شين تجب الغرة مع أن الموضوع أنه لم ينفصل فلا غرة حينئذ فكان الأولى حذف قوله : ولا ظهر ويقول في الأخيرة بدل الأخيرتين أو كان يقول : أو لم يظهر الخ والمعنى أو انفصل لكن لم يظهر على أمه شين بالجناية فلا تجب الغرّة وهذا صحيح ويظهر قوله في الأخيرتين لأنهما حينئذ مسألتان ولكن تكون الثانية مكررة مع قوله : فيما تقدم ولا أثر لضربة خفيفة فرجعنا إلى أن الأولى حذف قوله : ولا ظهر وكذا قوله : أو لم يظهر لو أتى بها وقال بعضهم قوله شين صوابه شيء كما في بعض النسخ أي ولا ظهر بسبب الجناية ، على أمه شيء من أجزائه . قوله : ( الأولى ) هي جنين حربية من حربي والمراد بالثانية كون الجنين وأمه ملكاً للجاني والثالثة كون أم الجنين ميتة والمراد بالأخيرتين هما عدم الانفصال وعدم ظهور الشين بالجناية على أمه والعلة ظاهرة في أولى الأخيرتين دون الثانية اه . قوله : ( فلا ضمان على الجاني ) لأنا لم نتحقق موته بالجناية شرح المنهج . قوله : ( على الجاني ) أي على عاقلته كما يدل عليه كلامه بعد لأن الجنين لا يقصد بالجناية . قوله : ( حين خرج ) أي تمّ خروجه اه م ر وحج وخرج به ما لو مات قبل تمام خروجه وفي العباب ولو ضربها فخرج رأسه وصاح فحزّه شخص لزمه القود ، أو الدية أو فصاح ومات قبل انفصاله فعلى الضارب الغرّة أو بعده فالدية اه سم .
قوله : ( فدية نفس كاملة ) أي ولو انفصل الجنين لدون ستة أشهر . اه متن الروض .(4/550)
"""""" صفحة رقم 551 """"""
قوله : ( لأنا لم نتحقق تلفه ) أي كيدين ألقتهما وماتت أو عاشت فيجب فيهما غرة وكذا لو ألقت ثلاثاً أو أربعاً من الأيدي أو الأرجل ورأسين لإمكان كونهما لجنين واحد بعضها أصلي وبعضها زائد ، وعن الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه أخبر بامرأة لها رأسان فنكحها بمائة دينار ونظر إليها وطلقها وظاهر أنه يجب للعضو الثالث فأكثر حكومة شرح الروض . قوله : ( والخيرة في الغرة ) من كونها عبداً أو أمة أو بيضاء أو سوداء . قوله : ( مميزاً ) أي وإن لم يبلغ سبع سنين كما قاله : م ر . قوله : ( فلا يلزمه قبول غيره ) أي غير المميز وظاهره أنه يجوز قبوله ويجزىء ومثله غير السليم المذكور بعده فراجعه . ق ل . قوله : ( ويشترط بلوغها ) هل هذا الشرط لعدم لزوم القبول أو لعدم الإجزاء راجعه ق ل . قوله : ( فإن فقدت الغرة الخ ) فإن فقدت الإبل أيضاً وجب قيمتها . كما في الدية . اه . مرحومي ولم يبين الشارح المحل الذي فقدت منه هل هو مسافة القصر أو غيرها وقياس ما مر في فقد الدية أنه هنا مسافة القصر كما قاله ع ش على م ر . قوله : ( وهي ) أي الغرة أي إن وجدت ، وكذا بدلها من الإبل عند عدمها وكذا قيمة الإبل فالمراتب ثلاثة . قوله : ( على فرائض الله ) أي على قاعدة قسمة فرائض الله . قوله : ( على عاقلة الجاني ) أي مؤجلة لأن كل ما وجب على العاقلة يكون مؤجلاً وإنما كانت على العاقلة لأن الجنين لا يتحقق وجوده حتى يقصد بالجناية فالجناية عليه من قبيل الخطأ أو شبه العمد ، ولهذا لا يدخل الغرّة تغليظ وإن وقع ذلك في الحرم أو كان الجنين محرم رحم وآل الأمر إلى الإبل دخل التغليظ فلو غلظت كان الواجب حقة ونصفاً وجذعة ونصفاً وخلفتين كما قاله : ح ل وم(4/551)
"""""" صفحة رقم 552 """"""
ر . قوله : ( والجنين اليهودي ) هذا يشمله كلام المتن لأنه لم يقيد بالمسلم وإنما قيده الشارح غاية الأمر أن الغرّة في المسلم أكثر قيمة من غيره فلو أسقط الشارح المسلم ، فيما سبق لاستغنى عن ذلك نعم قوله : كثلث الخ لم يعلم مما سبق .
قوله : ( ودية الجنين ) هي قيمة لا دية فالأولى وقيمة وعبارة المنهج وفي جنين رقيق عشر أقصى قيم أمّه من جناية إلى إلقاء لسيده وتقوّم الأم سليمة اه وقوله : عشر أقصى قيم أمّه محل ذلك ما لم ينفصل حياً ويموت أما إذا انفصل حياً ومات من أثر الجناية فإن فيه تمام قيمته يوم الانفصال قطعاً كما في شرح م ر . قوله : ( فيه ) الظاهر إسقاطه وقد يقال : إنه متعلق بمحذوف صفة لدية أي الواجية فيه وعبارة ق ل قوله : فيه لو أسقطه لكان أولى لأن فيه إبدال الخبر المفرد بالخبر الجملة . قوله : ( وخرج بالرقيق ) الأولى أن يقول : بالمملوك لأنه الذي عبر به وقوله المبعض بأن كانت أمّه مبعضة فإن ولدها مبعض على الراجح . قوله : ( أن توزع الغرة ) الأولى أن يقول : أن يوزع الواجب فإذا كان نصفه حراً ونصفه رقيقاً فالواجب نصف غرّة ونصف عشر قيمة أمّه وعبارة ق ل . على الجلال ولو كانت الأم مبعضة فهل المعتبر عشر قيمتها أو عشر ديتها أو عشرهما معاً . نعم إن انفصل حياً ثم ماتت بالجناية اعتبر يوم انفصاله قطعاً ، ولو كانت كافرة والجنين مسلم قدرت مسلمة أو كانت حرة والجنين رقيق قدرت رقيقة ولو أنكر الجاني أصل الجناية أو أقّر وأنكر الإجهاض أو أقرّ بها وادعى نزوله حياً أو ادعى موته بسبب آخر وأمكن لطول زمن صدق بيمينه في جميع ذلك وتقبل بينة الوارث ولو رجلاً وامرأتين مطلقاً . وكذا محض النساء في الثانية والثالثة لأنهما من الولادة وتشهد في الأخيرة بدوام الألم إلى الموت . ولو لم يمكن فيها ما ذكر صدق الوارث ولو أقاما بينتين في شيء من ذلك قدمت بينه الوارث ولو ألقت جنينين عرف موت أحدهما دون الآخر وجب اليقين وهو غرة ودية أنثى(4/552)
"""""" صفحة رقم 553 """"""
ولو ألقت حياً وميتاً ومات هي والحي وادعى الوارث أن الجنين سبق موتها ووارثها عكسه فإن حلفا أو نكلا فلا توارث وإلا قضى للحالف اه . قوله : ( من التعليل السابق ) وهو قوله : لعدم ثبوت استقلاله بانفصاله ميتاً . قوله : ( وقد يعتذر ) أي يجاب عنه . قوله : ( ويحمل العشر المذكور عاقلة الجاني على الأظهر ) لأنه لا عمد في الجناية على الجنين إذ لا يتحقق وجوده ولا حياته حتى يقصد شرح المنهج وانظر هل هي حالة أو مؤجلة وما كيفية تأجيلها وقياس ما تقدم أنها تؤجل سنة لأنها أقل من ثلث دية الكامل وقوله : لأنه لا عمد في الجناية على الجنين وإن كانت الجناية على أمه عمداً إذ تعمد الجناية عليها لا يستلزم تعمد الجناية عليه إذ لا يتحقق وجوده ولا حياته فيقصد اه ز ي .
3 ( ( فصل : في القسامة ) ) 3
ذكرها عقب القتل لتعلقها به أي فلما كان الغالب من أحوال القاتل إنكار القتل استدعى ذلك بعد بيان موجباته بيان الحجة فيه وهي بعد الدعوى إما يمين وإما شهادة . وأوّل من قضى بها أي باليمين الوليد بن المغيرة في الجاهلية وأقرها الشارع في الإسلام اه ا ج . قوله : ( اسم للأيمان ) عبارة شرح م ر : وهي لغة اسم لأولياء الدم ولأيمانهم واصطلاحاً اسم لأيمانهم وقد(4/553)
"""""" صفحة رقم 554 """"""
تطلق على الأيمان مطلقاً إذ القسم اليمين . قوله : ( وقيل اسم للأولياء ) تعبيره بقيل يقتضي أنه ضعيف وهذا الاختلاف إنما هو في المعنى اللغوي كما يؤخذ من غير هذا الكتاب ، وإلا فمعناها اصطلاحاً هو الأيمان التي تقسم على الأولياء خاصة . قوله : ( على إيراد واحد منها ) وذكر دعوى الدم بقوله : وإذا اقترن بدعوى القتل توطئه للقسامة ولذا لم يذكر شروط الدعوى كما فعل غيره . قوله : ( وأدرج ) أي ذكر فيه أي في فصل القسامة أي على وجه الاستطراد لأن حق الكفارة أن تذكر مع القصاص أو الدية فذكرها مع القسامة في غير محلها لمناسبة وهي أن كلاً من الكفارة والقسامة متعلق بالقتل . قوله : ( عند حاكم ) هو بيان للواقع لأنها لا يقال لها دعوى إلا عنده ومثل الحاكم المحكم . قوله : ( لوث ) أي قرينة توقع في القلب صدق المدعى ، واللوث لغة بمعنى القوة لقوّته بتحويله اليمين الجانب المدعي أو الضعف لأن الأيمان حجة ضعيفة شرح م ر . قوله : ( أي التلطيخ ) كأن عرض المتهم تلوّث بنسبته إلى القتل . قوله : ( بأن يغلب ) تفسير لقوله يقع قوله : ( بقرينة ) هي نفس اللوث فالأولى أن يقول : بأن يغلب على الظن صدقه به أي باللوث والقرينة إما حالية أو مقالية فالأولى كأن وجد قتيل الخ والثانية كأن أخبر بقتله عدل أو عبد أو امرأة أو صبية أو كفارة أو فسقة م د . قوله : ( كرأسه ) الظاهر أنه في موضع الحال فيفيد اشتراط كون الموجود مما يغلب على الظن صدق المدعي في دعواه القتل لا كتحويد اه ع ش وكان الأولى تأخيره أي الرأس عن قوله : إذا تحقق موته .
( تنبيه ) : من اللوث الشيوع على ألسنة العام والخاص ، بأن فلاناً قتله ونحو تلطخ ثوبه أو نحو سيفه بدم وتحرك يده بنحو سيف وليس هناك نحو سبع ووجود عدوّ وليس ثم رجل آخر ، لا وجود رجل عنده سلاح ولا تلطخ يد ولو لعدوّ ولا قوله : قتلني فلان أو جرحني أو دمي عنده لاحتمال إرادة ضرره لعداوة مع خطر القتل ، وبذلك فارق صحة إقراره بالمال ونحوه ولو الوارث ق ل . على الجلال وقوله : قتلني فلان الخ خلافاً للإمام مالك قال : لأن مثل هذه الحالة لا يكذب فيها وفي ع ش على م ر وليس من اللوث ما لو وجد معه ثياب القتل ولو كانت ملطخة بالدم اه . قوله : ( إذا تحقق موته ) قيد في البعض ق ل فهو في معنى التقييد بكون ذلك البعض مما لا يعيش بدونه كالرأس كما أشار له الشارح وهذا بقطع النظر عن قول الشارح كرأسه وإلا فوجود الرأس تحقيق للقتل ولو وجد بعضه في محلة وبعضه في أخرى فللولي أن(4/554)
"""""" صفحة رقم 555 """"""
يعين ويقسم ز ي . قوله : ( في محلة ) أي حارة منفصلة أي فيكون لوثاً في حق أهل هذه المحلة فقط وكذا قوله أو في قرية صغيرة تكون لوثاً في حق أهل القرية كلهم وقوله : منفصلة قيد معتبر قيد به ليكون المدعى عليه محصوراً . قوله : ( عن بلد كبير ) المراد بالكبير ما ليس أهلها محصورين والصغيرة ما أهلها محصورون وقيد بقوله : كبيراً ليلائم قوله منفصلة . قوله : ( أو في قرية صغيرة ) أي ولم يساكنهم غيرهم كما صححه في أصل الروضة وهو المعتمد شرح م ر . قوله : ( لأعدائه ) راجع للجميع أي لمحلة أو قرية وهذا يقتضي اعتبار عداوتهم للقتيل وليس بشرط بل يكفي أن يكونوا أعداء لقبيلته قال : ع ش . وكأعدائه أعداء لأوليائه . قوله : ( إذا كانت ) يرجع لكل من الدينية والدنيوية واحترز به في الدينية عن مجرد فسق . قوله : ( جمع ) أي محصورون على المعتمد . وعليه يحمل المثال الذي ذكره ق ل فإن كانوا غير محصورين فلا قسامة نعم إن ادعى على عدد منهم محصورين مكن من الدعوى والقسامة وفي ع ش على م ر والمراد بالمحصورين من يسهل عدهم والإحاطة بهم إذا وقفوا في صعيد واحد بمجرد النظر وبغير المحصورين من يعسر عدهم كذلك اه . قوله : ( ولو ناقصة ) أي من جهة الدية لا من جهة القصاص في المرأة وأما الذمي فإنه ناقص من الجهتين . قوله : ( خمسين يميناً ) ولو في قتل نحو امرأة أو ذمي أو جنين ويبين في كل يمين منها صفة القتل . ويشير للمدعى عليه عند حضوره فيقول : والله إن هذا قتل ابني مثلاً عمداً أو شبه عمد أو خطأً منفرداً أو مع غيره ويرفع نسب المدعى عليه عند غيبته أو يعرّفه بما يمتاز به من قبيلة أو حرفة أو لقب اه . ز ي . قال : م ر ولعل حكمة الخمسين أن الدية تقوّم بألف دينار غالباً ولذا أوجبها القديم والقصد من تعدّد الأيمان التغليظ وهو إنما يكون في عشرين ديناراً فاقتضى الاحتياط للنفس أن يقابل كل عشرين من الألف بيمين منفردة كما يقتضيه التغليظ ، قال بعضهم : وفي هذه الحكمة نظر وجوه لأن دية المرأة على النصف من ذلك وأن دية الكافر على الثلث منه أو أقل وأن دية المرأة الكافرة على قدر السدس منه أو أقل وأن الغرة على نصف العشر منه وقيمة الرقيق قد لا تفي به أو أنها تزيد على الدية وأن الأيمان هنا واجبة ، وأن التغليظ يكون بأيمان مستقلة لغلظ أمر القتل إلا أن يقال : إن الحكمة بالنسبة لدية الكامل اه .
قوله : ( لثبوت ذلك في الصحيحين ) لفظه كما في الدميري . والأصل فيها ما رواه الشيخان عن سهل بن أبي خيثمة قال : ( انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر(4/555)
"""""" صفحة رقم 556 """"""
وهي يومئذ صلح فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يشخب دمه قتيلاً فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى رسول الله فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال له : كبر كبر وهو أحدث القوم ثم سكت فتكلما فقال أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم ؟ قالوا كيف نحلف ولم نشهد ولم نر قال فتبرئكم يهود خيبر بخمسين يميناً ؟ قالوا كيف نأخذ بأيمان قوم كفار ؟ فعقله رسول الله من عنده ) اه وقوله : فتبرئكم أي من دعواكم وإلا فالحق ليس في جهتهم مع كفرهم المؤيد لكذبهم ، ولم يبينها النبي لهم اتكالاً على وضوح الأمر فيها : اه ع ش على م ر .
قوله : ( ولم يشترط موالاتها ) بخلاف اللعان لأنه يحتاط له أكثر لما يترتب عليه من العقوبة البدنية واختلال النسب وشيوع الفاحشة ، وهتك العرض اه حج س ل قال في شرح الروض ويستحب تغليظها كاللعان . قوله : ( جنون أو إغماء بني ) وكذا لو عزل القاضي ثم ولي بخلاف ما لو ولي غيره ، أو مات أي القاضي ولو بعد تمامها فيستأنف الحالف ، سم . لأن القاضي الذي ولي بعد الأوّل لا يحكم بأيمان الحالفين . قوله : ( لأن الأيمان كالحجة ) الأولى حذفه لعدم ظهوره وعبارة التحرير : فيستأنف الوارث إذ لا يستحق أحد بيمين غيره أي غالباً وإلا فسيأتي السيد يستحق بيمين المكاتب ، إذا عجز نفسه وبيت المال يستحق بيمين الوارث الخاص . قوله : ( شطر ) أي نصف .
قوله : ( بل يحكم له ) أي بالدية من غير حلف وكأنه تلقاها من مورثه حتى لا يخدشه التعليل الذي ذكره اه رحماني . قوله : ( وأما الوارث المدعى عليه ) كأن ردت الأيمان عليه كما يأتي . وحاصل الفرق بين المدعي والمدعى عليه من ثلاثة أوجه : الأول أن وارث المدعي لا يبنى بخلاف وارث المدعى عليه . الثاني أن المدعي لا يبنى إذا عزل القاضي وولي قاض آخر بخلاف المدعي عليه فإنه يبني . الثالث أن المدعي توزع الأيمان عليه لو تعدد بخلاف المدعى عليهم فإنه يحلف كل واحد منهم خمسين يميناً كما يأتي .
قوله : ( يبني المدعى عليه ) أي بخلاف المدعي فإنه يستأنف كما يدل عليه قوله : والفرق الخ .(4/556)
"""""" صفحة رقم 557 """"""
قوله : ( في خلالها ) أي في أثنائها . قوله : ( والفرق الخ ) أي في الصورة الثلاثة وهذا الفرق خاص بصورة العزل ، ولم يذكر الفرق في صورة الموت وقد يقال : كلام شامل للموت لأن قوله : لا يحكم بحجة أقيمت عند الأوّل يصدق بعزله بعد ذلك أو موته . قوله : ( بحسب الإرث ) ويفرض الخنثى ذكراً ويفرض في حق غيره أنثى باعتبار أيمان الغير ويفرض في أخذه من الدية أنثى لأنه أسوأ في الجميع فإذا كان معه أي الخنثى ابن حلف النصف لاحتمال ذكورته وأخذ الثلث لاحتمال أنوثته وحلف الابن أربعاً وثلاثين لأنها ثلثا الخمسين مع جبر الكسر وأخذ بعد ذلك النصف ووقف للخنثى ما بقي من الدية وهو السدس إلى الصلح أو البيان اه ز ي . قوله : ( بل يحلف الخاص خمسين يميناً ) أي ويأخذ نصيبه فقط . قوله : ( وجهان ) وانظر ما تفصيل الوجه المرجوح هل يحلف بنسبة نصيبه من الستة فتزيد الأيمان على الخمسين وهو كذلك كما فهم من قول الشارح على الأصل قدر الفريضة الذي هو الأوّل من شقي الترديد وحينئذ فتبلغ الأيمان خمساً وثمانين في الصورة المذكورة هذا ما ظهر فليراجع شيخنا . فيحلف الزوج نصف الأيمان بقدر نصيبه الأصلي وتحلف الأختان للأب ثلثيها ، وهي أربعة وثلاثون بجبر المنكسر وتحلف الأختان للأم ثلثها وهي سبعة عشر بجبر المنكسر وتحلف الأم سدسها وهي تسعة بجبر المنكسر . قوله : ( إلى العشرة ) أي للزوج منها ثلاثة هي خمس وعشر ولكل أخت لأب اثنان هما خمس ولكل من الباقين واحد وهو عشر فحلفهم من الخمسين على هذه النسبة ق ل .
قوله : ( فيحلف الزوج خمس عشرة ) لأن له ثلاثة أعشار العشرة فيخصه ثلاثة أعشار الخمسين . قوله : ( وكل أخت لأب عشرة ) لأن حصتها خمس العشرة فتحلف خمس الخمسين . قوله : ( وكل أخت لأم خمسة ) لأن نصيبها عشر العشرة فتحلف عشر الخمسين ومثلها الأم فكل(4/557)
"""""" صفحة رقم 558 """"""
قيراط يخصه خمسة أيمان . قوله : ( ولا يجوز إسقاطه ) أي الكسر لئلا ينقص نصاب القسامة أي عن الخمسين . قوله : ( فلو كان ثلاثة بنين ) بالرفع على أنّ كان تامة وبالنصب على أنها ناقصة أي فلو كان الوارث ثلاثة بنين وعلى الأول نسخة أو تسعة وأربعون وعلى الثاني نسخة أو تسعة وأربعين أي أو كان الوارث تسعة وأربعين ويخص كل واحد منهم من اليمين الباقي جزءاً من تسعة وأربعين جزءاً من اليمين فيكمل فيحلف كل واحد منهم يمينين . قوله : ( وأخذ حصته ) أي حصة نفسه .
فرع : لو تبين أن الغائبين ماتوا قبل الحلف وحلف الخمسين أخذ حصص الغائبين إن كان وارثاً لهم من غير يمين وإن كان موتهم بعد الحلف لا يأخذ حصصهم إلا بعد حلفه ما كانوا يحلفونه لو أرادوا ق ل . قوله : ( لما مر ) أي من قوله لأن الدية لا تستحق بأقل منها . قوله : ( يمين ) مبتدأ خبره خمسون وقوله : قتل نائب فاعل المدعي . قوله : ( واليمين المردودة ) وفي هذه الصورة يجب القصاص إن كانت الدعوى بقتل عمد لأن اليمين المردودة كالإقرار أو كالبينة والقصاص يجب بكل منهما وكذا يقال في كل يمين مردودة وكان ينبغي للشارح أن ينبه على ذلك قوله : ( مرة ثانية ) وليس لنا يمين تردّ مرتين إلا هذه ق ل . قوله : ( واستحق ) معطوف على قوله : حلف خمسين يميناً وعبر بالوارث وفيما تقدم بالمدعي تفنناً . قوله : ( وفي قتل العمد ) أي واستحق في قتل العمد الخ فقوله : دية بالنصب . قوله : ( الحكم بالدية ) بدل اشتمال من خبر(4/558)
"""""" صفحة رقم 559 """"""
لأن خبر البخاري ( إما أن تدوا صاحبكم أو تؤذنوا بحرب من الله ) مشتمل على الحكم أو أنه بمعنى الحاكم فيكون صفة ، والمجاز فيه من وجهين : التعبير بالمصدر ونسبة الحكم إلى الخبر . قوله : ( كل من استحق الخ ) مبتدأ وقوله : أقسم خبر .
قوله : ( لقتل عبده ) متعلق بمحذوف أي يحلف لأجل قتل عبده قال في الروضة : فلو قتل وهناك لوث فادعى السيد على عبد أو حر أنه قتله فهل يقسم السيد ؟ فيه طريقان : أشهرهما بناؤه على القولين في أن بدل العمد هل تحمله العاقلة ؟ إن قلنا : نعم وهو الأظهر أقسم السيد وهو المنصوص لأن القسامة لحفظ الدماء وهذه الحاجة تشمل القصاص والكفارة والمدبر والمكاتب وأم الولد في هذا كالقّن فإذا أقسم السيد فإن كانت الدعوى على حرّ أخذ الدية من ماله في الحال إن ادعى عمداً محضاً وإلا فمن عاقلته في ثلاث سنين وإن كانت على عبد تعلقت القيمة برقبته مطلقاً هذا حاصل كلام الروضة اه شرح المنوفي . قوله : ( ولا يقسم سيده ) أي المكاتب . قوله : ( تحت يده ) أي يد العبد المأذون له في التجارة وكذا الضمير في قوله : لأنه لا حق له راجع له أيضاً . قوله : ( ولو عجز المكاتب ) أي وفسخ السيد الكتابة . قوله : ( كما لو مات الولي ) أي فإن الدية للوارث . قوله : ( أو قبله ) أي عجز قبل ما أقسم . قوله : ( أو بعد نكوله ) أي عجز بعد نكوله وقوله فلا يحلف السيد وقوله : لبطلان الحق بالنكول أي فيحلف المدعى عليه ولا شيء عليه . قوله : ( أي عند القتل ) أي عند دعوى القتل كما يدل له قوله : قبل وإذا اقترن بدعوى القتل الخ . قوله : ( بأن تعذر إثباته ) بأن لم يوجد لوث أصلاً . قوله : ( أو ظهر ) بأن ادعى الدم تفصيلاً حتى تسمع الدعوى فيشهد عدل بأصل القتل بأن أخبر أن فلاناً قتل فلاناً ولم يقل عمداً أو غيره شيخنا . وعبارة شرح المنهج ولو ظهر لوث يقتل مطلقاً عن التقييد بعمد أو غيره كأن أخبر عدل به بعد دعوى مفصلة فلا قسامة لأنها لا تفيد مطالبة القاتل ولا العاقلة . اه وكتب ح ل على قوله : بعد دعوى مفصلة فاندفع ما قيل الدعوى لا تسمع إلا(4/559)
"""""" صفحة رقم 560 """"""
مفصلة فكيف يقول يقتل مطلقاً عن التقييد بعمد أو غيره أي فصورة المسألة أن يدعى الولي ويفصل ثم تظهر الأمارة في أصل القتل ، دون صفته بأن يخبر بذلك عدل . قوله : ( وأنكر المدعى عليه اللوث في حقه ) كأن قال لست أنا الذي كان معه السكين الملطخة مثلاً أو لست أنا الذي كان خارجاً من عند المقتول أو كنت غائباً وقت القتل ، قوله : ( أو شهد به ) الصواب حذف به إلا أن يجعل قوله : إن زيداً الخ بدلاً من الهاء . قوله : ( أو كذب بعض الورثة ) أي كذب بعض الورثة البعض المدعي للقتل كأن قال أحد ابني القتيل قتله فلان وكذبه الابن الآخر . والحاصل أنه لا قسامة في ست صور : الأولى تكاذب الورثة . الثانية تعذر إثبات اللوث . الثالثة إنكار المدعى عليه ، الرابعة ظهور اللوث في أصل القتل بدون كونه عمداً أو خطأ أو شبه عمد ، وصورته أن يقول : الوارث ادعي على هذا أنه قتل أبي عمداً ثم يخبر العدل بأن المشار إليه قتل موّرث المدعي ولم يقل عمداً ولا غيره فلا قسامة . الخامسة الشهادة من عدل أو عدلين أن زيداً قتل أحد هذين القتيلين لانبهامها أي الشهادة ففي هذه الصور الأيمان على المدعى عليه . السادسة عدم الوارث الخاص وسيأتي حكمها .
قوله : ( وأظهرهما ) معتمد وهو مستأنف وقوله : كما مرت الإشارة إليه أي في قوله : تنبيه يمين المدعى عليه قتل بلا لوث الخ م د . قوله : ( فكان الأولى ) يجاب عنه بأن الألف واللام للعهد واليمين المعهودة في القسامة خمسون . قوله : ( بعد استحقاقه بدل الدم ) أي بعد وجود سبب استحقاقه بدل الدم وهو موت موّرثه وإنما قدرنا ذلك ، لأن الاستحقاق لا يكون إلا بالأيمان وكان الأظهر أن يقول : بعد قتل مورثه كما قرره شيخنا . قوله : ( أقسم ) أي إن اختار وإلا فلا يلزمه . قوله : ( فلا يقسم ) أي بل يحلف غيره من الورثة ، فإن فقدوا نصب الحاكم من يدعي ويحلف . قوله : ( لأنه لا يرث ) أي لعدم إرث الكافر من المسلم بخلاف الصورة السابقة(4/560)
"""""" صفحة رقم 561 """"""
فإنه كان مسلماً عند موت المجروح المسلم فيرثه ، ولا يمنعه منه الردة بعد م د . وبعد ذلك إن كان هناك ورثة مسلمون حلفوا وإلا انتقل لبيت المال فيأتي فيه ما في الميت الذي لا وارث له . قوله : ( استحق الدية ) أي إن عاد للإسلام . فإن مات مرتداً كانت الدية لبيت المال فيئاً كبقية ماله . قوله : ( لأنه عليه الصلاة والسلام اعتدّ الخ ) قد يقال : إن هذا لا يفيد المدعي لأن اعتداده بأيمان اليهود لأجل ذمتهم وعهدهم وليس هذا موجوداً في المرتد اه شيخنا . قوله : ( والقسامة نوع اكتساب ) من تمام العلة . قوله : ( خاص ) صفة لوارث على محله قبل دخول لا ويجوز نصبه نعتاً له على محله بعد دخولها . قوله : ( ينصب ) أي وجوباً . قوله : ( جزم في الأنوار بالأول ) ضعيف وعليه فتكون الدية الواجبة عليه حينئذ لبيت المال . قوله : ( ليحلف أو يقرّ ) فإن حلف ترك وإن أقرّ أخذ منه الدية ويجري مثله هنا إذا نكل من ينسب إليه القتل فيحبس ليحلف أو يقرّ فإن حلف خلي سبيله وإن أقر أخذ منه الدية الإمام أونائبه وانظر ما المانع من قتله بإقراره وقياس ما قالوا : من أن المدعى عليه لو ردّ اليمين على المدّعي ثبت عليه القود لأن رد اليمين كالإقرار أن تكون هنا كذلك اه م د .
قوله : ( المحرمة ) أي المحرم قتلها أو المراد المحترمة المعصومة التي يحرم قتلها وهي المعصومة بأيمان أو أمان أو غير ذلك . ويدخل في ذلك الجنين المضمون بالغرة . قوله : ) فإن كان من قوم عدّو لكم } ) النساء : 92 ) يحتمل أن تكون من بمعنى في أي أن المقتول مؤمن واقف في صف الكفار أو دارهم وظنه القاتل حربياً فإنه مهدر لا ضمان فيه لكن فيه الكفارة ولذلك لم يقل ودية مسلمة إلى أهله ويحتمل أن تكون من على بابها وهو أن المقتول من(4/561)
"""""" صفحة رقم 562 """"""
العدّوين الحربيين لكن أسلم وقتله شخص يعلم أنه مسلم فإنه مضمون وتجب فيه الكفارة ولم يقل : ودية مسلمة إلى أهله لأنهم لا يرثونه وحكم الدية أنه إن كان له ورثة مسلمون أخذوها وإلا كانت لبيت المال ، وعبارة الجلال قوله عدّو أي أهل حرب وقوله : ) فتحرير رقبة مؤمنة } ) النساء : 92 ) على قاتله كفارة ولا دية تسلم إلى أهله لحرابتهم وفي تفسير البيضاوي : ) فإن كان من قوم عدّو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } ) النساء : 92 ) أي فإن كان المقتول من قوم كفار محاربين أي في تضاعيفهم ولم يعلم أيمانه فعلى قاتله الكفارة دون الدية لأهله إذ لا وراثة بينه وبينهم لأنهم محاربون ) وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } ) النساء : 92 ) أي وإن كان من قوم كفرة معاهدين أو أهل ذمة فحكمه حكم المسلمين في وجوب الكفارة والدية وقدم هنا الدية على الكفارة عكس ما قبله لاعتنائهم هنا بالدية بكفرهم وفي تفسير الشارح وإن كان المقتول أي وهو كافر من قوم أي كفار عدّو لكم أيضاً والفرق بين هذا وما قبله أن القوم في الذي قبله كفار حربيون وفي هذا كفار أهل ذمة والمقتول في هذا كافر وفي الذي قبله مؤمن اه . قوله : ( قد استوجب النار ) يفهم منه أن القتل عمد ويفهم من قوله : أعتقوا عنه أنه مات وإنما اعتقدوا استحقاقه للنار أخذاً من قوله : ) ومن يقتل مؤمناً متعمداً } ) النساء : 93 ) الخ . ويردّ بهذا الحديث على من قال : إن العمد لا كفارة فيه . قوله : ( لعدم وروده ) أي ورود التكفير . قوله : ( لا يشترط في وجوب الكفارة تكليف ) والضابط أن يقال : تجب على غير حربي بقتل معصوم عليه اه م د . قوله : ( لكن يكفر بصوم ) أي بإذن السيد أو بعد العتق أما قبله فإن أذن له في القتل صام بلا إذن وإلا توقف عليه . قوله : ( كالمكره ) بكسر الراء .(4/562)
"""""" صفحة رقم 563 """"""
فرع : من قتل رجلاً بأمر الإمام فظنه بحق فبان ظلماً فلا شيء عليه بل يسن له أن يكفر وعلى الآمر القود أو الدية والكفارة . وإن علم ظلمه ولم يخف سطوته فذلك على المأمور فقط ويأثم الآمر وإن خافها فعليهما كالإكراه اه عب ثم قال وهل كتبه إلى من يقتله كأمره لفظاً ؟ فيه تردد اه والراجح أنه مثله نظراً للعرف اه م د . قوله : ( وحافر بئر عدواناً ) ظاهر كلامه أن حفر البئر من قبيل السبب مع أنه شرط إلا أن يريد السبب اللغوي وهو ما كان وصلة للشيء فيشمل السبب والشرط لا الاصطلاحي فكأنه أراد بالسبب ما يشمل الشرط م ر . والحاصل أن الذي له مدخل في القتل ثلاثة مباشرة وسبب وشرط فالمباشرة هي التي تؤثر وتحصل والسبب هو الذي يؤثر ولا يحصل كالسم والإكراه فإنه يؤثر ولا يحصل والشرط ما لا يؤثر ولا يحصل كحفر البئر . والسبب إما حسي وإما عادي وإما شرعي ؛ فالأول كالإكراه ، والثاني كتقديم الطعام المسموم ، والثالث كشهادة الزور وعبارة شرح البهجة الكبير فالمباشرة وتسمى علة ما يؤثر في التلف ويحصله كالحز والجرح والسبب ما يؤثر فيه ، ولا يحصله كشهادة الزور ، والإكراه والشرط ما لا يؤثر فيه ، ولا يحصله بل يحصل التلف عنده بغيره ، ويتوقف عليه تأثير ذلك الغير في التلف كحفر البئر عدواناً فإنه لا يؤثر في التلف ولا يحصله وإنما المؤثر التخطي في صوب البئر والمحصل للتلف التردي فيها لكن لولا الحفر ما حصل التلف ولهذا سمي شرطاً اه . قوله : ( ونفسه ) فتخرج من تركته لأن الكفارة حق لله تعالى ومن ثم لو هدر كالزاني المحصن لم تجب فيه . وإن أثم بقتل نفسه كما لو قتله غيره افتياتاً على الإمام اه م ر . ومثله في شرح ابن حجر ونظر فيه سم بأنه مخالف لما قدمه في التيمم من أن الزاني المحصن معصوم على نفسه وهو يقتضي وجوب الكفارة عليه وأقر النظر ع ش على م ر . وأنت خبير بأنه مجرد بحث والحكم مسلم اه . قوله : ( وخرج بذلك ) أي بتقييد النفس بالمحرمة أي لذاتها . قوله : ( قتل المرأة ) من إضافة المصدر لمفعوله ومثله ما بعده . قوله : ( الارتفاق ) أي الانتفاع . قوله : ( لأنهما لا يضمان ) بالبناء للمجهول .
قوله : ( بالنسبة لغير المساوي ) أما بالنسبة للمساوي بأن قتل مرتد مثله أو زان محصن مثله فعليهما الكفارة .(4/563)
"""""" صفحة رقم 564 """"""
قوله : ( لأنه ) أي التكفير المأخوذ من الكفارة أو أنه ذكر بالنظر للخبر . قوله : ( وعلى هذا ) أي على الأظهر من أنه لا إطعام هنا . قوله : ( لا كفارة ) أي ولا دية على من أصاب غيره بالعين . قوله : ( وإن كانت العين حقاً ) لما ورد ( إنها تدخل الرجل القبر والجمل القدر ) قال : م ر في شرحه لأنها لا تعدّ مهلكاً عادة على أن التأثير يقع عندها لا بها ومن ثم قيل : إنها تنبثّ منها جواهر لطيفة غير مرئية فتتخلل المسامّ فيخلق الله تعالى الهلاك عندها . ومن أدويتها المجربة التي أمر بها أن يتوضأ العائن أي يغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخل إزاره أي ما يلي جسده من الإزار وقوله : وركبتيه وقيل مذاكيره ويصبه على رأس المعيون اه . وأوجب ذلك بعض العلماء ورجحه الماوردي . وفي شرح مسلم عن العلماء وإذا طلب من العائن فعل ذلك لزمه لخبر ( وإذا استغسلتم فاغسلوا ) اه . شرح المنهاج لحج قال في المصباح : الذكر الفرج من الحيوان جمعه ذكرة مثل عنبة ومذاكير على غير قياس . قوله : ( ويندب للعائن ) أي الذي يصيب بعينه لأنه إذا قال ما ذكر لم تضر عينه شيئاً .(4/564)
"""""" صفحة رقم 565 """"""
قوله : ( قيل ) ذكره بصيغة التمريض غير مسلم بل السنة له ذلك قال : ز ي والرملي يندب للحاكم حبس من فيه ما يؤذي به الناس كأجذم ومعيان ولو أبدا بل إن رأى قلع عينه فعل به ذلك ومثله من يفتتن به النساء والصبيان . قوله : ( فعنتهم ) أي أصبتهم بالعين وهذا يجب تأويله لعصمة الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام وأوّله بعضهم ، بأن معنى فعنتهم أي لم تحصنهم بذكرى وكان الأولى للشارح أن لا يذكر هذه الحكاية لأن هذا من قبيل الحسد وهو محال على الأنبياء فلا بد من التأويل بأن يقال : فعنتهم أي اتفاقاً من غير قصد ولكن المعوّل عليه في الجواب عن مثل ذلك أن الحكايات لا يعتمد على ما يقع فيها للتساهل فيها بالزيادة والنقص ، وبعضهم قال : إن ذلك لا أصل له ، وقال بعضهم ومن المعلوم أن عدّ الشيء كثيراً ليس إعانة فقوله تعالى عنتهم معناه فعلت معهم فعل العائن .
فائدة : قال : القسطلاني في شرح البخاري في كتب وهب بن منبه : من استطاع أن ينفع أخاه ، فليأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين ثم يضربه بالماء ويقرأ آية الكرسي ، وذوات قل ثم يحسو منه ثلاث حسوات ثم يغتسل به فإنه يذهب عنه ما كان به وهو جيد للرجل المحبوس عن أهله . قوله : ( يقوله في نفسه ذلك ) أي يقول على نفسه وليس المراد أنه يقول : ذلك قولاً نفسياً اه شيخنا . قوله : ( والصواب أنه لا يقتل به ) معتمد أي لأنه لا يقتل إلا من يستحق القتل لكن يحرم عليه . قوله : ( ابن الشخير ) كان من الأبدال وأبوه صحابي مرحومي . قوله : ( إلى زياد ) وكان أميراً من جهة يزيد بن معاوية وقيل كان قاضياً اه .
تم الجزء الرابع ، ويليه الجزء الخامس وأوله : ( كتاب الحدود '(4/565)
"""""" صفحة رقم 2 """"""
الجزء الخامس
وأوله : كتاب الحدود(5/2)
"""""" صفحة رقم 3 """"""
كتاب الحدود
سميت بذلك لأنها لها نهايات مضبوطة وكانت الحدود في صدر الإسلام بالغرامات ثم نسخت بهذه العقوبات . قال بعضهم : وشرعت زجراً لأرباب المعاصي عنها فإذا علم الزاني مثلاً أنه إذا زنى حدّ امتنع منه وهكذا . أقول : وهذا بناء على أن الحدود زواجر ، والصحيح أنها في المسلم جوابر لسقوط عقوبتها في الآخرة إذا استوفيت في الدنيا وفي الكافر زواجر برماوي . قوله : ( وهو لغة المنع ) سميت بذلك لمنعها من ارتكاب الذنب وقيل لأن الله حددها وقدرها فلا يزاد عليها ولا ينقص وأخر حد الزنا عن القتل لأنه دونه أي بالنظر لزنا غير المحصن فهو دونه في الجملة . قوله : ( مقدرة ) أخرج التعزير ، قوله : ( وجبت زجراً ) أي بناء على أن الحدود زواجر . وقد يقال : كلام الشارح لا ينافي أنها جوابر إذ معنى كونها زواجر أنها مانعة للشخص من العود لمثلها فلا ينافي كونها جوابر . قوله : ( ما يوجبه ) أي المذكور من العقوبة أو أنه ذكر بتأويلها بالحد أو أن الضمير راجع للحد لأنه المعرف . قوله : ( لكان أولى ) الأولى ما صنعه المتن لأن ذاك في الجناية على الأبدان فلم يشمل ما هنا فكان ما هنا جنساً آخر ، فيناسبه التعبير بالكتاب . قوله : ( للحدود ) أي لأسباب الحدود لأن الحدود ليست جناية . قوله : ( وبدأ منها بالزنا ) أي بحد الزنا . قوله : ( حجازية ) وهي أفصح لأن القرآن نزل بها وهذا باعتبار لفظه وأما باعتبار معناه ، فهو لغة مطلق الإيلاج وشرعاً إيلاج الذكر في قبل أو في فرج الآدمي أو في الفرج مطلقاً اه ق ل .
قوله : ( وهو من أفحش الكبائر ) أي بعد القتل على الأصح ، ومن السبع الموبقات ومن الكليات الخمس . وإنما جعلت عقوبة الزنا بما ذكر ولم تجعل بقطع ، آلة الزنا كالسارق تقطع يده لأنه يؤدي إلى قطع النسل . ولأن قطع آلة السرقة تعم الذكر والأنثى وقطع الذكر يخص الرجل ، ولأن الذكر لا ثاني له بخلاف اليد . واعلم أن ارتكاب الكبائر لا يسلب الإيمان ولا يحبط الطاعات إذ لو كانت محبطة لذلك ، للزم أن لا يبقى لبعض العصاة طاعة والقائل بالإحباط يستحيل دخوله الجنة قال السبكي : والأحاديث الدالة على دخول من مات غير مشرك الجنة بلغت مبلغ التوّاتر . وهي قاصمة لظهور المعتزلة القائلين بخلود أهل الكبائر في النار ذكره المناوي .(5/3)
"""""" صفحة رقم 4 """"""
فرع : سئل الشمس الرملي : فيمن زنى مائة مرة مثلاً فهل يلزمه في كل مرة حدّ وإذا تاب عند الموت هل يسقط عنه الحد ، وهل للزوج على من زنى بزوجته بغير علمه حق وإذا تاب الزاني هل يسقط حق زوجها عنه ؟ فأجاب يكتفى بحد واحد عند اتحاد الجنس ولا حد في الآخرة ولا يسقط بالتوبة وللزوج حق على الزاني بزوجته ويسقط حقه بالتوبة التي توفرت شروطها . اه ع ش على م ر . قوله : ( ولم يحل في ملة قط ) أعاده توطئة لقوله ولهذا . قوله : ( على الأعراض ) العرض يقال : على الجسد وعلى النفس وعلى الحسب . اه مختار والظاهر أن المراد هنا الثاني وقيل : المراد به محل المدح والذم من الإنسان فالزنا جناية على العرض لأن الزاني تذم نفسه وكذا المزنى بها شيخنا . قوله : ( والأنساب ) أي لما فيه من اختلاط الأنساب . وقوله : الذي الخ يخرج به الخثنى وغير المكلف . قوله : ( وهو مكلف ) أي ولو كان المولج فيه غير مكلف فيحد المكلف . وكذا لو كان المولج فيه مكلفاً والمولج غير مكلف فيحد المولج فيه . وحاصل الشروط اثنا عشر : أحدها أن يكون مكلفاً ثانيها واضح الذكورة ثالثها أولج جميع حشفته رابعها أصالة الزكر خامسها اتصاله سادسها في قبل . سابعها أن يكون القبل واضح الأنوثة ثامنها أن يكون محرماً تاسعها في نفس الأمر عاشرها لعين الإيلاج . حادي عشرها الخلوّ عن الشبهة ثاني عشرها أن يكون مشتهى طبعاً والشارح جعلها تسعة ، وق ل أحد عشر . قوله : ( أولج حشفة ذكره ) ولو من ذكر أشلّ ولو بحائل غليظ ولو غير منتشر ولو من طفل اه . وفيه أنه لا يتناول الزنا بالنسبة للمرأة وفي حاشية سم على المنهج قوله : إيلاج . الذكر بفرج محّرم لعينه لك أن تقول : إنه لا يتناول الزنا بالنسبة للمرأة إذ لا يصدق على زناها الإيلاج فلا يكون جامعاً ويمكن أن يجاب بأن المراد بالإيلاج مفهوم عام يتناول مصدر أولج بالبناء للفاعل ومصدر أولج فيه بالبناء للمفعول فيتناول زنا المرأة . قوله : ( أو وقدرها الخ ) ولو من طفل أي أو كان هو مكلفاً وطىء طفلة صغيرة ولو بنت يوم فإنه يحد والمرأة أدخلت فرج صبي ولو ابن يوم في فرجها فإنها تحد أيضاً . قوله : ( عند فقدها ) خرج به ما إذا كانت موجودة فلا عبرة بقدرها من بقية الذكر . فلو ثنى ذكره وأدخل منه قدرها لم يحدّ ولم يترتب عليه شيء من أحكام الوطء على الأوجه خلافاً للبلقيني لأنه حينئذ كقطعة لحم من بقية بدنه بجامع عدم الالتذاذ اه ز ي . ولا يجب الحد بإيلاج ذكر زائدٍ ولو على سمت الأصلي والأوجه أنها إذا علت عليه حتى أدخلت حشفته في فرجها وتمكن من دفعها وجب الحد عليهما لأن تمكينها من ذلك كفعله فما يترتب عليه من اختلاط الأنساب اه على م ر .(5/4)
"""""" صفحة رقم 5 """"""
قوله : ( في قبل ) قيد به لأجل كلام المصنف الآتي من حكم اللواط . والأصح أنه ليس بقيد بل مثله الوطء في الدبر ومن ثم لم يأخذ محترزه وعبارة المنهج بفرج قبل أو دبر من ذكر أو أنثى اه . وقوله : بفرج أي ولو فرج نفسه كأن أدخل ذكره في دبره ونقل عن بعض أهل العصر خلافه فاحذره . وهل من الفرج ما لو أدخل ذكره في ذكر غيره أو لا ؟ فيه نظر وإطلاق الفرج ، يشمله فليراجع ع ش على م ر . وحاصل ذلك أن قوله : فرج مطلقاً أو من آدمي قبل أو دبر وبذلك علم أنه يشمل الإيلاج منه في غيره : ومن غيره فيه ومنه فيه كأن أولج ذكر نفسه في دبر نفسه وهو كذلك كما قاله البلقيني : وزاد أن جميع الأحكام تتعلق به كفطر صائم ، وفساد نسك ، ووجوب كفارة ، فيهما مع الحد ووجوب غسل وغير ذلك . ووافقه شيخنا وهو صريح ما في شرح شيخنا . م ر ذكره ق ل على الجلال . قوله : ( ولو غوراء ) يعني إذا أولج حشفته بقبل الغوراء فهو زنا وإن لم تزل البكارة بخلاف ما إذا طلقت ثلاثاً وأولج المحلل حشفته ولم تزل البكارة فلا يحصل التحليل والفرق أن مدار التحليل على اللذة الكاملة ولا توجد إلا بإزالة البكارة ومدار الزنا على مجرد إيلاج الحشفة وإن لم يحصل كمال اللذة وترجم الغوراء إذا زنت حيث وطئت في القبل من زوج ولم تزل بكارتها وإن كان حكمها حكم البكر في إجبارها وتخصيصها بسبع ليال في الزفاف وغير ذلك وإنما رجمت في الحد زجراً لها وتغليظاً عليها اه م د . قوله : ( بناء على تكميل اللذة ) أي اعتبار تكميل اللذة في باب التحليل ولا تكمل اللذة للمحلل إلا بزوال البكارة ومدار الزنا على مجرد إيلاج الحشفة وإن لم يحصل كمال اللذة .
قوله : ( محرم في نفس الأمر لعين الإيلاج ) جعله الشارح كله قيداً واحداً بدليل أخذ المحترز وبعضهم جعلها ثلاثة ، وهو الظاهر لأن الشارح أخذ مفهوم نفس الأمر بقوله : إذا وطىء زوجته يظن أنها أجنبية فإن التحريم بالظن لا في نفس الأمر وأخذ أيضاً مفهوم عين الإيلاج بما إذا وطىء حائضاً قال الزركشي : يرد عليه من تزوّج خامسة اه . سم على المنهج أي فإنه يحد بوطئها مع أنها ليست محرمة لعينها بل لزيادتها على العدد الشرعي ، وقد يجاب بأنها لما زادّت على العدد الشرعي كانت كأجنبية لم يتفق عليها عقد من الواطىء فجعلت محرمة لعينها لعدم ما يزيل التحريم القائم بها ابتداء اه على م ر . قوله : ( لعين الإيلاج ) أي لذاته . قوله : ( مشتهى ) أي جنسه لتدخل الصغيرة فيحد بوطئها وإن لم تنقض الوضوء والفرق أن المدار ثم على كون الملموس نفسه مظنة للشهوة ولو في حال سابق كالميتة لا مترقب كالصغيرة والفرق قوة السابق وضعف المترقب لاحتمال أن لا يوجد فخرج المحرّم وهنا على كون الموطوء لا ينفر منه الطبع من حيث ذاته فدخلت الصغيرة والمحرم وخرجت الميتة اه س(5/5)
"""""" صفحة رقم 6 """"""
ل . قوله : ( فرج آدمي ) أو جنية على المعتمد إذا تحققت أنوثتها ، لأن الطبع لا ينفر منها حينئذ وعبارة ح ل .
ولو جنية حيث تحققت أنوثتها ولو على غير صورة الآدمية خلافاً لابن حجر وفي ع ش على م ر خلافه وهو أن تكون على صورة الآدمية . قوله : ( فلا حد عليهما ) وكذا لا حد على من جهل تحريم الزنا لقرب عهده بالإسلام ، أو لكونه نشأ ببادية بعيدة عن المسلمين ، ومن نشأ بين المسلمين وقال : لم أعلم التحريم لم يقبل قوله : شرح المنوفي . ويؤخذ من هذا جواب حادثه وقع السؤال عنها وهي أن شخصاً وطىء جارية زوجته وأحبلها مدعياً جهله وأنّ ملك زوجته ملك له ، وهو عدم قبول ذلك منه وحده وكون الولد رقيقاً لعدم خفاء ذلك على مخالطنا ع ش على م ر اه . ولو زنى ظاناً أنه غير بالغ فبان أنه بالغ فوجهان أصحهما وجوب الحد سم . قوله : ( وكون هذا ) أي ولاحتمال كون هذا الخ ومحله في خنثى له آلتان للرجال والنساء أما إذا لم يكن له إلا آلة واحدة وأولج فيها فيجب الحد على الفاعل لأنها إن كانت آلة النساء ، فظاهر وإن كانت آلة ذكور فكذلك لأن آلة الذكور يجب بالإيلاج فيها الحد وسائر الأحكام . قوله : ( المحرم لأمر خارج ) هذا خارج به باعتبار تقييده بعين الإيلاج وهو مؤخر عن نفس الأمر . وكان الأولى فيهما الترتيب ولكونهما قيدين في القيد لم يعتبرهما في العدد .
قوله : ( وبنفس الأمر الخ ) يدل على أنه قيد مستقل واعتباره مستقلاً يقتضي جعله ثامناً مع أن الشارح أدرجه في السابع وذكر بعده الثامن وهو غير ظاهر . ولذا قال : ق ل أي وخرج بقيد نفس الأمر فهو قيد لم يذكر عدده وذكر محترزه . قوله : ( كما لو وطىء الخ ) الذي في خط المؤلف ما لو وطىء بدون الكاف وهي أولى . قوله : ( وبالثامن وطء الميتة ) فيه أن هذا خارج بالتاسع لا بالثامن والثامن هو قوله لعين الإيلاج ولو أبدله بقوله : مشتهى طبعاً لكان مستقيماً . قوله : ( وبالتاسع وطء شبهة الطريق ) فيه أن هذا خارج بالثامن لا بالتاسع فقد أخلّ في التعبير فلعله سهو منه . قوله : ( شبهة الطريق ) وهي ما قال بها عالم ، كنكاح بلا ولي وشهود بأن راعى(5/6)
"""""" صفحة رقم 7 """"""
مذهب داود الظاهري كأن زوّجته نفسها فهي شبهة طريق فالمراد بالطريق المذهب فلا حد وإن لم يقصد تقليده . قوله : ( والفاعل ) كأن يظن امرأة أجنبية زوجته فيطؤها فلا حد . وكوطء المكره ولا حرمة عليه وفيه نظر لأن الزنا والقتل لا يباحان بالإكراه وكذا يحرم عليه لو وطىء زوجته ممثلاً لها بأجنبية وإذا وطىء زوجته في نفس الأمر يظنها أجنبية فلا حد عليه لكن يحرم عليه الإقدام على الفعل . قوله : ( والمحل ) بأن كانت أمة مشتركة بينهما ووطئها أحدهما فلا حد وكوطء جارية ولده لأن مال الولد كله محل لإعفاف أصله ومنه الجارية وكوطء أمته المحرمة عليه لمحرمية نسب أو رضاع أو مصاهرة كأخته منهما وبنته وأمه من الرضاع وموطوءة أبيه وابنه ووطء أمة له فيها ملك كالأمة المشتركة شرح المنوفي اه وقد نظم بعضهم الثلاثة في قوله :
اللذ أباح البعض حله فلا
حدّ به وللطريق اشتملا
وشبهة لفاعل كان أتى
لحرمة يظن حلا مثبتا
ذات اشتراك ألحقن وسمين
هذا الأخير بالمحل فاعلمن ومثال الأوّل كالنكاح بلا شهود عند العقد عند مالك ويجب الإشهاد عنده قبل الدخول وبلا ولي عند أبي حنيفة فلا حد على الفاعل وإن اعتقد التحريم دميري قال في شرح الروض نعم إن حكم حاكم في إبطال النكاح المختلف فيه وفرق بين الزوجين قال : الماوردي لزمهما الحد أي بالوطء بعد التفريق . قوله : ( إلا في جارية بيت المال ) استثناء من شبهة المحل وهو استثناء منقطع لأنه لا شبهة له في هذه الجارية وإن كان له شبهة النفقة إلا أن يقال : إن له شبهة في تلك الأمة في الجملة لأن الإمام ربما باع الجارية وصرف ثمنها لحاجته . قوله : ( لأنه لا يستحق الإعفاف ) أي التزويج . قوله : ( ثم هو ) أي الزاني على ضربين جعل الشارح على ضربين للذي قدره بعد أن كان خبراً عن الزاني الذي في المتن ولم يقدر له خبراً ولا يقال : هذه الجملة خبر عنه لأن ثم تمنع من الإخبار لأنها تقتضي الانقطاع والاستئناف والخبر يقتضي التعلق .
قوله : ( ماعز والغامدية ) ظاهره أن ماعزاً زنى بالغامدية وليس كذلك بل زنى بامرأة وهي زنت برجل آخر ، روى أبو داود والنسائي عن يزيد بن أبي نعيم عن أبيه نعيم قال : ( كان ماعز ابن مالك في حجر أبي هزال فأصاب جارية من الحي تسمى فاطمة وقيل ، غير ذلك وكانت أمة(5/7)
"""""" صفحة رقم 8 """"""
لأبي هزال فقال له أبو هزال : ائت رسول الله فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك ، فجاء رسول الله فأخبره بذلك وأقر عنده أربع مرات فأمر برجمه وقال رسول الله لماعز قبل رجمه ( لو سترته بتوبتك لكان خيراً لك ) اه . س ل وبهذا تعلم أن قولهم : ماعز والغامدية ليست قصتهما واحدة بل لكل منها قصة مستقلة ماعز زنى بالأمة المذكورة والغامدية زنت برجل آخر وجمعهما في قولهم : قصة ماعز والغامدية أي قصة رجمهما وإن كان لكل قصة وإن ماعزاً لم يزن بالغامدية والغامدية امرأة من غامد حي من الأزد وفي حديثها ( لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ) يعني المكاس وهو العشار الذي يأخذ العشر . قوله : ( ثم رجم ) أي ويقسط التعزيز شرح الروض . قوله : ( على الأصح ) لأنهما عقوبتان مختلفتان فلا يتداخلان ، والوجه الثاني يقول : باندراج الجلد في الرجم . قوله : ( وأرسل ) أي أطلق فيها وجهين أي دخول الجلد في الرجم وعدم دخوله . قوله : ( وإلا ) أي إن زال الألم . قوله : ( وتغريب عام ) وشروط التغريب ستة : أن يكون من الإمام أو نائبه وأن يكون عاماً وأن يكون إلى مسافة القصر فما فوق وأن يكون إلى بلد معين ، وأن يكون الطريق والمقصد آمناً وأن لا يكون بالبلد طاعون لحرمة دخوله ، ويزاد في حق المرأة . والأمرد الجميل أن يخرجا مع نحو محرم كما يأتي ويصدق بيمينه في مضي عام عليه حيث لا بينة ويحلف ندباً إن اتهم لبناء حقه تعالى على المسامحة وتغرّب المعتدة وأخذ منه تغريب المدين أما مستأجر العين فالأوجه عدم تغريبه إن تعذر عمله في الغربة كما لا يحبس إن تعذر ذلك في الحبس . قوله : ( فلو قدّم التغريب ) بالبناء للمفعول أو للفاعل أي قدم الإمام أو نائبه . قوله : ( جاز ) لكن الأولى عكسه . قوله : ( لفظ التغريب ) لاشتماله على فعل فاعل وهو الحاكم بخلاف التغرب .(5/8)
"""""" صفحة رقم 9 """"""
قوله : ( فخرج بنفسه ) كما إذا حدّ نفسه فلا يكفي . قوله : ( من حصوله ) أي حلوله وهو ضعيف . قوله : ( والوجه الثاني من خروجه الخ ) معتمد فيكفي العام ولو ذهاباً وإياباً فلو قطع المسافة ذهاباً كفى ق ل . قوله : ( أن يثبت ) أي لأجل ضبط المدّة لئلا يدعي المغرّب مضيها قبل أن تمضي . قوله : ( فيها ) المناسب فيه لأنه راجع لما دون إلا أن يقال : أنث بتأويل ما دونها بالمسافة التى دون مسافة القصر . قوله : ( فما فوقها ) عطف على قوله : إلى مسافة القصر . قوله : ( لا يمنع ) ضعيف وعليه لا بد أن يكون بين البلد الذي انتقل إليها وبين بلده مسافة القصر أو أكثر . قوله : ( أهله ) أي زوجته .
قوله : ( ولا يعقل في الموضع ) أي يقيد . قوله : ( لكن يحفظ بالمراقبة الخ ) فلو لم تفد معه المراقبة أو خشي منه فساد النساء والغلمان فإنه يقيد وأخذ منه بعض المتأخرين أن كل من تعرض لإفساد النساء أو الغلمان أي ولم ينزجر إلا بحبسه حبس قال : وهي مسألة نفيسة م ر في شرحه .(5/9)
"""""" صفحة رقم 10 """"""
قوله : ( وقضية هذا ) أي قوله : استؤنفت فجعل ذلك استئنافاً للتغريب فلا يتعين البلد الذي كان فيها أوّلاً . قوله : ( أنه لا يتعين للتغريب الخ ) إن كان مراده التغريب الثاني كان كلامه معتمداً وكان قوله : وقضية هذا أي التعليل بأن المقصود الإيحاش وقوله : ويغرب زان غريب أي وتدخل مدّة التغريب الأوّل في الثاني . وحاصل ذلك أن الزاني إن زنى في وطنه فالأمر ظاهر كما في المتن والشرح وإن كان غريباً وزنى فإن توطن فكذلك وإن لم يتوطن انتظر توطنه ثم يغرب وإن زنى وهو مسافر غرّب إلى غير مقصده وإن زنى في البلد الذي غرب إليها انتقل منها إلى محل بينه وبين محل الزنا مسافة القصر وكذا بينه وبين بلده الأصلي . وعبارة م ر ولو زنى فيما غرب إليه غرب لغيره بعيداً عن وطنه ومحل زناه . قوله : ( البلد الذي غرب إليه ) أي أولاً . قوله : ( ويشترط أن يكون بينه وبين بلده ) وكذا بينه وبين البلد الذي زنى بها أخذاً من عموم قوله : السابق ويغرب من بلد الزنا إلى مسافة القصر اه م د . قوله : ( منع منه ) ويستأنف تغريبه إن وصل إلى دون مسافة القصر منه ق ل . قوله : ( وشرائط الإحصان ) أي إحصان حدّ الزنا ، وأما إحصان حدّ القذف فسيأتي أن شروطه خمسة : الإسلام والبلوغ والعقل والحرية وعفته عن وطء محرم مملوكة له وعن وطء زوجته في دبرها وإلا بطلت حصانته اه م د . واعلم أن الإحصان له في اللغة معان : منها المنع نحو قوله : ) لتحصنكم من بأسكم } ) الأنبياء : 80 ) ومنها البلوغ والعقل كما في قوله ) فإذا أحصنّ فإن أتين بفاحشة } ) النساء : 25 ) وبمعنى الحرية كقوله ) نصف ما على المحصنات من العذاب } ) النساء : 25 ) وبمعنى العفة ومنه ) والذين يرمون المحصنات } ) النور : 4 ) وبمعنى التزويج ومنه ) والمحصنات من النساء } ) النساء : 24 ) وعلى الوطء في نكاح صحيح مع الشروط وهو المراد هنا .
قوله : ( أربعة ) أي زيادة على ما تقدم فإنها شروط عامة للجلد والرجم .(5/10)
"""""" صفحة رقم 11 """"""
قوله : ( من اعتبار التكليف ) فيه نظر لأنه لم يعبر به ، ويجاب بأنه عبر بما يدل عليه وهو البلوغ والعقل . قوله : ( في الإحصان ) متعلق باعتبار . قوله : ( مطلقاً ) أي حد محصن أو غير محصن . قوله : ( الإشارة إليه ) المراد بها مطلق الذكر . قوله : ( الحرية ) أي الكاملة . قوله : ( ولو كان ذمياً ) غاية في الحرية . قوله : ( على الذمي ) الأولى على الكافر لأجل قوله : عقد الذمة لأنه إذا كان ذمياً يكون عقد الذمة موجوداً فلا معنى لاشتراطه فيكون قوله : عقد الذمة الخ من تحصيل الحاصل إلا أن يقال : إن لفظ الذمي فيه مجاز الأول كما يعلم مما بعده أي الكافر الذي يؤول إلى كونه ذمياً . قوله : ( لا لكونه محصناً ) بل يكون محصناً وإن وطىء حال الحرابة في نكاح . قوله : ( حتى لو عقدت له ذمة فزنى ) أي بعد عقد الذمة بخلاف ما إذا زنى حال حرابته فلا يحد لأنه حينئذ لم يلتزم الأحكام ولا يسقط الحدّ بإسلام الذمي الذي زنى حال ذميته . قوله : ( مثل الذمي المرتد ) أي فإذا وطىء زوجته وهو مسلم ثم ارتد وزنى فيحدّ بالرجم في حال الردة اعتباراً بحصول الإحصان في الإسلام فلا تمنع منه الردة . قوله : ( المستأمن ) ومثله المعاهد أيضاً . قوله : ( على المشهور ) لأنه لم يلتزمه بعقد بخلاف الذمي . قوله : ( كما مرّ ) أي نظير ما مرّ من أنه إذا زنى ولو لم يزل البكارة فإنه يجلد أو يرجم .
قوله : ( فإذا وطىء ) فعل الشرط وقوله : فقد استوفاها أي الشهوة جواب الشرط وقوله : ولو كانت الموطوءة الخ معترض بين الشرط وجوابه . قوله : ( ولأنه ) أي الوطء في النكاح يكمل أي(5/11)
"""""" صفحة رقم 12 """"""
يقوي طريق الحل أي حل النكاح بدفع البينونة بطلقة أو ردّة فإن من طلق قبل الدخول أو ارتد أو ارتدت زوجته قبل الدخول تحصل البينونة بمجرد الطلاق أو الردّة بخلاف ما إذا وجد أحدهما بعد الدخول فلا تحصل البينونة بمجرده بل لا بد من انقضاء العدة فعلم من هذا أن للوطء مزية تقتضي التوقف عليه هنا فلا يكتفى بمجرد العقد . قوله : ( طريق الحل ) أي حل الزوجة وطريقة الحل هي العقد وقوله : بدفع متعلق بيكمل والباء سببية أي بسبب دفع البينونة بطلقة أو ردّة الحاصلة بدون وطء لأن العقد من غير وطء تحصل البينونة معه بطلقة أو ردّة لأنه قبل الدخول والوطء يدفع ذلك أي يدفع البينونة بما ذكر بل لا تحصل البينونة إلا بثلاث طلقات ولا تحصل بالردة إلا إذا لم يجمعهما الإسلام في العدة فعلم أن للوطء مزية تقتضي الإحصان عليه فلا يكفي مجرد العقد . قوله : ( والعبرة بالكمال في الحالين ) مستدرك . قوله : ( بناقص ) متعلق بمحذوف تقديره : تزوّج بناقص أو أنه متعلق بكامل أي الذي يكمل بالناقص والمراد كامل مع ناقص وخبر إن قوله : محصن لا محذوف كما توهم . قوله : ( ولا تغرب امرأة ) أي سواء كانت حرمة أم أمة ومثلها الأمرد الجميل وكان الأولى أن يقدم هذا على شروط الإحصان . قوله : ( بل مع زوج ) بأن كانت أمة أو حرة وكان قبل الدخول أو طرأ التزويج بعد(5/12)
"""""" صفحة رقم 13 """"""
الزنا فلا يقال : إن من لها زوج محصنة . اه رشيدي وعبارة خ ض فإن قلت : كيف تكون زوجة وتزني ويكون الواجب التغريب دون الرجم مع أن الواجب إنما هو الرجم لا الجلد والتغريب . قلت : يصوّر ذلك فيما إذا عقد عليها ولم يدخل بها وزنت فيقال لها زوجة الآن وهو زوج اه . قوله : ( أو محرم ) ومثله نسوة ثقات وثقة واحدة وممسوح ثقة ، وعبدها الثقة إذا كانت ثقة وكذا سفرها وحدها إذا أمنت الطريق والمقصد كما في الحج بل أولى والمراد بصحبة من ذكر معها صحبته ذهاباً وإياباً لا إقامة .
قوله : ( مع ذي محرم ) انظر أي فائدة في ذي مع أن محرم اسم للشخص ويمكن أن يجاب بأن المراد بالمحرم المحرمية . قوله : ( جلباب ) أي سترة فإضافته إلى الحياء من إضافة المشبه به إلى المشبه أي الحياء الذي كالجلباب بجامع المنع في كل . قوله : ( ولو بأجرة ) فتجب عليها إن قدرت وإلا فعلى بيت المال فإن لم يوجد فيه شيء آخر التغريب إلى أن تقدر على الأجرة وقيل تكون على مياسير المسلمين وعبارة م ر . فإن كانت معسرة ففي بيت المال فإن تعذر أخر التغريب إلى أن توسر كأمن طريق اه . قال الزيادي ويتجه في القنة أنها في بيت المال سواء غرب السيد أو الإمام كالحرة المعسرة . قوله : ( المكلفين ) نعت مقطوع مفعول لفعل محذوف أي أعني المكلفين وفيه أن النعت لا يجوز قطعه إلا إذا تعين المنعوت بدونه وما هنا ليس كذلك . قوله : ( فإذا أحصن ) بالتزويج والمراد بإحصانهنّ صيرورتهنّ عفيفات بسبب التزويج كما يؤخذ من البيضاوي لأن الإحصان الذي الكلام فيه لا يوصف به الرقيق فالإحصان ليس قيداً لأن البكر تحدّ أيضاً وتغرب . قوله : ( نصف ما على المحصنات ) أي الحرائر وقوله : من العذاب شامل للتغريب لأنه عذاب كما يدل عليه قوله : بعد ولعموم الآية اه . قوله :(5/13)
"""""" صفحة رقم 14 """"""
( خمسين خمسين ) كرره مرتين لأنه لو اقتصر على مرة لتوهم أن الخمسين بينهما . قوله : ( كما شمل ذلك ) لأن الحد شامل للتغريب . قوله : ( ولعموم الآية ) فيه نظر لأنه حملها أوّلاً على الجلد وقوله : فأشبه الجلد الخ . فيه نظر لأنه على فرض عموم الآية يكون بالنص لا بالشبه فكان الأولى حذف إحدى الكلمتين وهما عموم في الحديث وقوله : فأشبه الجلد . قوله : ( على نفسه ) وهذا شامل للزوجة ويوجه بأنها غير ممكنة فلا نفقة لها فإن صحبها وتمتع بها فينبغي وجوب نفقتها سم . فلو لم يكن للمغرّب مال فيقترض عليه إلى أن يوّسر فإن لم يجد من يقرضه ففي بيت المال قرضاً لا تبرعاً . قوله : ( على مؤنة الحر ) صوابه على مؤنة الحضر فإن هذه الغاية للرد على القول بأن نفقته الزائدة على مؤنة الحضر في بيت المال .
قوله : ( والأوجه أنه ) أي المؤجر حراً كان أو رقيقاً لا يغرب الخ معتمد وهذا جمع بين الوجهين المتقدمين فالقول : بأنه لا يغرّب في الحال محمول على ما إذا تعذر عمله في الغربة والقول بأنه يغرب في الحال محمول على ما إذا لم يتعذر ذلك كالخياطة والكتابة . قوله : ( إن تعذر عمله في الغربة ) كالبناء . قوله : ( لأن ذلك ) أي الحبس . قوله : ( وهذا ) أي التغريب حق الله . قوله : ( فإنها تحبس ) مع أنها تشبه المستأجرة للزوج لأنها لما كانت لا تخرج إلا بإذنه صارت كأنها مستأجرة له . قوله : ( ولو فات التمتع ) غاية . قوله : ( لأنه ) أي التمتع قوله : ( وقضية كلامهم ) أي حيث قالوا : إن العبد حدّه نصف الحر . وغرضه بذلك الرد على من قال إن الرقيق الكافر لا يحدّ لأنه جزية عليه وردّ بأنه ملتزم للأحكام حكماً تبعاً لسيده وإن لم يكن عليه جزية كما أن المرأة الكافرة تحدّ وإن لم تكن عليها جزية لأنها تابعة لزوجها أو لأهلها .(5/14)
"""""" صفحة رقم 15 """"""
قوله : ( بأحد أمرين ) ويزاد اللعان في حق الزوج فلا يثبت الزنا باليمين المردودة ولا بحبل المرأة وهي خلية خلافاً للمالكية قال الشعراني في الميزان : وإذا ظهر بالمرأة الحرة حمل لا زوج لها وكذلك الأمة التي لا يعرف لها زوج وتقول أكرهت أو وطئت بشبهة فلا يجب عليها حدّ كما قاله أبو حنيفة والشافعي وأحمد في أظهر روايتيه وقال مالك إنها تحد إذا كانت مقيمة ليست بغربة ولا يقبل قوله في الشبهة والغصب إلا أن يظهر أثر ذلك كمجيئها مستغيثة وشبه ذلك مما يظهر به صدقها ووجه الأول عدم تحققنا منها ما يوجب الحدّ لاحتمال أنها وطئت وهي نائمة أو مغمى عليها فحملت من ذلك الوطء وقد روى البيهقي ( أن امرأة لا زوج لها أتي بها إلى عمر بن الخطاب حين وجودها حاملاً فقال عمر للحاضرين : الذي عندي أن هذه ما هي من أهل التهمة ثم استفهمها عن شأنها ، فقالت : يا أمير المؤمنين إني امرأة أرعى الغنم وإذا دخلت في صلاتي فربما غلب عليّ الخشوع فأغيب عن إحساسي فربما أتى أحد من العتاة فغشيني من غير علمي أي وطئني قال تعالى : ) فلما تغشاها حملت حملاً } ) الأعراف : 189 ) الخ فقال لها عمر رضي الله عنه : وذلك ظني بك ودرأ عنها الحدّ ) وقد حكيت ذلك لزوجتي أم عبد الرحمن فقالت : إن الولد لا يتخلق إلا من ماء الرجل والمرأة معاً وإذا كانت غائبة العقل فلا شعور لها بلذة جماع ذلك الرجل حتى يخرج ماؤها وتخلق الولد من ماء واحد ، من خصائص عيسى عليه الصلاة والسلام قالت : والذي عندي أنها شعرت بوطء الرجل لها فخرج ماؤها ولكن استحيت من الناس فأورث ذلك شبهة عند عمر فدرأ الحدّ عنها . إلا إنه سلم لها قولها مطلقاً فقلت لها وقد تكون هذه المرأة احتلمت بعد نزع الرجل منها فاختلط منيها بمنيه الباقي في رحمها فتخلق من ذلك الولد أو أنها كانت من ورثة أم عيسى في المقام فكما قام نفخ الملك في ذيل قميص مريم مقام ماء الزوج كذلك قام مقام نفخ ملك أو شيطان في ذيل هذه المرأة مقام ماء الزوج أو السيد عادة فقالت : هذا بعيد اه . وأما وجه قول : الإمام الذي هو مقابل قول الأئمة الثلاثة إنها تحد فهو لعدم إبدائها شبهة يدرأ بها الحد عنها عنده فاعلم ذلك . قوله : ( ولو مرة ) غاية للرد على أبي حنيفة القائل بأن الزنا لا يثبت بالإقرار إلا بتعدد أربع مرات ، لأن كل مرة قائمة مقام شاهد وأخذ ذلك من قول النبي للمقر بالزنا : ( لعلك لمست لعلك قبلت لعلك فاخذت فصار يقول للنبي في كل مرة زنيت ) .(5/15)
"""""" صفحة رقم 16 """"""
قوله : ( فتذكر بمن زنى ) أي فتصرح بالتي زنا بها كأن تقول : أدخل حشفته في فرج فلانة على سبيل الزنا . ولا بد أن تذكر الإحصان أو عدمه كما في العباب اه ح ل . قوله : ( والكيفية ) أي كيفية ما وجد منه هل هو إيلاج أو غيره . قوله : ( ونتعرض للحشفة ) تفصيل للكيفية . قوله : ( وقت الزنا ) وكذا مكانه لا بد منهما لأن المرأة قد تحل في زمان دون زمان وفي مكان دون مكان . قوله : ( وهو اليمين المردودة ) كما إذا قذف شخصاً بالزنا وطلب منه المقذوف حد القذف فطلب منه يمينه ، على أنه ما زنى . فرد عليه اليمين فحلف أنه زان اه دميري . قوله : ( ويسنّ للزاني الخ ) ولو أقر بالزنا ثم رجع عن ذلك سقط الحد لا إن هرب أو قال لا تحدوني . أما الحد الثابت بالبينة فلا يسقط بالرجوع كما لا يسقط هو ولا الثابت بالإقرار بالتوبة . اه . شرح المنهج . وقوله : ثم رجع أي قبل الشروع في الحدّ أو بعده كأن قال : كذبت أو ما زنيت أو رجعت أو فأخذت فظننته زنا ، وإن شهد حاله بكذبه فيما يظهر وعلى قاتله بعد رجوعه الدية لا القود لاختلاف العلماء في سقوط الحدّ بالرجوع ولا يقبل رجوعه لإسقاط مهر من قال : زنيت بها مكرهة لأنه حق آدمي اه ز ي ، مع زيادة من م ر . وقوله : لا تحدوني خرج ما لو قال : قد حدني الإمام فإنه يقبل وإن لم ير له أثر ببدنه . وقوله : فلا يسقط بالرجوع أي لأن البينة في حقوق الله تعالى أقوى من الإقرار والإقرار في حقوق الآدمي أقوى من البينة كما قاله البرماوي . قوله : ( القاذورات ) أي المعاصي . قوله : ( صفحته ) أي ذنبه ونسخة فضحته أي زلته وجريمته ، ومحل ندب الستر إذا لم يكن عند شيخ يرشده لدواء ذنبه وهو التوبة منه أو كسر لنفسه أو لأجل الندم . قوله : ( وحكم اللواط الخ ) ولبعضهم في ذمه نظم مأخوذ من كلام الشعراني :
ظلام لقلب ضيق رزق لفاعل
لإحدى خصال ثم مقت بحرمان
هي الكيميا ثم اللواط وشغله
بعلم لروحاني كذا نص شعراني(5/16)
"""""" صفحة رقم 17 """"""
قوله : ( مطلقاً ) أي سواء القبل والدبر وسواء كانت من المأكولات أم لا . قوله : ( حكم الزنا ) ظاهره أنه لا يسمى زناً وهذا من حيث اللغة وإلا فهو زناً شرعاً ولذلك يحنث به من حلف لا يزني ق ل . قوله : ( في القبل ) متعلق بالزنا . قوله : ( على المذهب في اللواط ) ومقابله أنه يقتل مطلقاً وفي كيفية قتله أقوال أربعة . قيل بالسيف وقيل بالرجم وقيل بهدم جدار عليه . وقيل بإلقائه من شاهق جبل . قوله : ( مطلقاً ) بين الإطلاق بقوله : أحصن أم لا لأن الإحصان لا دخل له في المفعول في دبره إذ لا يتصوّر إدخال الذكر في الدبر على وجه مباح حتى يؤثر الإحصان اختلاف الحكم فيه ولا يتوهم أن من خشي الزنا وزوجته حائض يباح له دبرها لأن ذلك باطل قطعاً بل يباح له حينئذ وطؤها في القبل مع الحيض للضرورة . قوله : ( بل واجبه التعزير فقط ) وليس كبيرة في المرة الأولى ق ل . قوله : ( والزوجة والأمة في التعزير مثله ) أي الزوج هو المعتمد أي فإنها إذا مكنت زوجها أو سيدها من دبرها باختيارها فإنها تعزر وإنما توقف التعزير على التكرير لخوف المقاطعة بين الزوجين وإن كانت النفقة تسقط بها . قوله : ( بين المحصن وغيره ) للحديث الآتي أي فيقتل الأول ويجلد الثاني ويغرب . قوله : ( والثاني أن واجبه القتل ) وفي كيفيته الأقوال الأربعة المتقدمة في اللواط وأما قتل البهيمة ففيه خلاف والراجح منه أن قتلها بذبحها إن كانت مأكولة ويغرم الفاعل بها ما بين قيمتها حية ومذبوحة لأن ذبحها مصلحة وهو الستر عليه ، لأن في بقائها تذكراً للفاحشة فيعير بها والأصح حل أكلها إذا ذبحت وفي وجه لا شيء لصاحبها لأن الشرع أوجب قتلها للمصلحة دميري ولا يجوز قتلها بغير الذبح وأما غير المأكولة فيضمنها كلها إذا ذبحت . قوله : ( فاقتلوه ) منسوخ عندنا بالحديث الآتي أو محمول على المستحلّ . قوله : ( واقتلوها معه ) أي ستراً على الفاعل لأنها إذا رؤيت(5/17)
"""""" صفحة رقم 18 """"""
تذكر الفاعل بها . قوله : ( الأولى ومن باشر ) لأن حقيقة الوطء إيلاج الحشفة في فرج . ويجاب عنه بأنه عبر به للمشاكلة . قوله : ( بما يراه الإمام ) أفهم كلامه عدم استيفاء غير الأم ماله نعم للأب والجدّ تأديب ولده الصغير والمجنون والسفيه ومثلهما الأم كما بحثه الرافعي وللسيد تأديب قنه ولو لحق الله تعالى وللمعلم تأديب المتعلم منه لكن بإذن ولي المحجور ، وللزوج تعزير زوجته لحق نفسه كنشوز م ر ، وقوله : وللمعلم ظاهره ولو كافراً وهو ظاهر حيث تعين للتعليم أو كان أصلح من غيره في التعليم ، وعبارة ق ل ومعلم لمتعلم منه ولو غير صبي وسواء أذن له الولي أو لا إذ له التأديب ولو بالضرب بغير إذن الولي على المعتمد . قال ع ش ومن ذلك الشيخ مع الطلبة فله تأديب من حصل منه ما يقتضي تأديبه فيما يتعلق بالتعلم وليس منه ما جرت به العادة من أن المتعلم إذا توجه عليه حق لغيره يأتي صاحب الحق للشيخ ويطلب منه أن يخلصه من المتعلم منه فإذا طلبه الشيخ منه ولم يوفه فليس له ضربه ولا تأديبه على الامتناع من توفية الحق فلو عزره الشيخ بالضرب وغيره حرم عليه ذلك لأنه لا ولاية له عليهم . قوله : ( من ضرب ) أي غير مبرح قوله : ( أو صفع ) هو الضرب يجمع الكف أو بسطها م ر .
قوله : ( أو حبس ) أي أو قيام من مجلس أو كشف رأس أو تسويد وجه أو حلق رأس لمن يكرهه في زمننا لا للحية وإن قلنا : بكراهته وهو الأصح أي لا يجوز بذلك فإن فعل به حرم وحصل التعزير ، كما قاله ح ل خلافاً للشوبري في عدم حصول التعزير بذلك وقرر شيخنا العزيزي أنه يجوز حلق اللحية حيث يراه الإمام فليحرر وإركابه الحمار منكوساً والدوران به كذلك بين الناس وتهديده بأنواع العقوبات وجوّز الماوردي صلبه حياً من غير مجاوزة ثلاثة أيام ولا يمنع طعاماً ولا شراباً ويتوضأ ويصلي لا مومياً أي بل يطلق حتى يصلي ثم يصلب خلافاً له على أن الخبر الذي استدل به غير معروف ويتعين على الإمام أن يفعل بكل معزر ما يليق به من هذه الأنواع وبجنايته أي ما يليق به وبجنايته وأن يراعي في الترتيب والتدريج ما مرّ في دفع الصائل فلا يرتقي لمرتبة وهو يرى ما دونها كافياً فأو للتنويع ويصح أن تكون لمطلق الجمع إذ للإمام الجمع بين نوعين فأكثر إن رآه م ر في شرحه . قال ق ل : ومنع شيخنا م ر كابن دقيق العيد الضرب بالدرّة المعروفة الآن لذوي الهيئات لأنه صار عاراً في ذريتهم اه .(5/18)
"""""" صفحة رقم 19 """"""
قوله : ( على التوبيخ ) أي إن أفاد . قوله : ( أدنى الحدود ) وهو أربعون بالنسبة للحر وعشرون بالنسبة للرقيق سم هذا إذا كان التعزير بالضرب أما غيره كالحبس فيتعلق باجتهاد الإمام . قوله : ( حقاً لله تعالى ) كمباشرة أجنبية فيما دون الفرج . قوله : ( كالتزوير ) التزوير هو محاكاة الخط . قوله : ( فقال يعزر ) محله إذا لم يقصد القائل القذف وإلا فالواجب الحدّ لما يأتي أن ذلك كناية . قوله : ( اقتضى الضابط المذكور ) وهو أن التعزير يجري في كل معصية لا حدّ فيها ولا كفارة . والمراد بقوله : اقتضى الضابط أي منطوقاً ومفهوماً فالأول من المنطوق ، والأخيران من المفهوم . قوله : ( الأصل لا يعزر لحقّ الفرع ) أي إذا ضربه من غير حق بأن كان لا لقصد التأديب أو سبه بما ليس بقذف كيا ظالم ويا أحمق أو نحو ذلك كيا سارق .
قوله : ( ما إذا ارتد ) فيه نظر لأن الردّة فيها حدّ وهو القتل فكيف استثناها . ويجاب بأنه لما أسلم سقط الحدّ فصح الاستثناء . قوله : ( ومنها ما إذا كلف الخ ) ومنها ما لو وطىء الرجل حليلته في دبرها أول مرة فلا يعزر ولا ينافي ذلك تعزيره على وطء الحائض لأنه أفحش ، للإجماع على تحريمه وكفر مستحله مع أن الوطء في الدبر رذيلة ينبغي عدم إذاعتها أي إشاعتها(5/19)
"""""" صفحة رقم 20 """"""
م ر في شرحه . قوله : ( ويستثنى منه ) لكن الثلاث الأول من الذي فيه كفارة . والرابع من الذي فيه كفارة وحدّ معاً . قوله : ( الغموس ) أي الباطل بأن اعترف أنه حلف باطلاً عامداً عالماً وأما لو أقيمت عليه بينة فلا يعزر لاحتمال كذبها كما قاله : ح ل . قوله : ( لزمه العتق ) أي كفارة للصوم وقوله : والبدنة أي لإفساد النسك . قوله : ( يمنع من يكتسب باللهو ) أي ولو مباحاً كمن يعلم الناس الشطرنج لشيء يأخذ ، منهم فيعزر المحتسب الآخذ والمعطي . قوله : ( تناول اللهو المباح ) الذي لا معصية معه كاللعب بالطار كالمدّاحين والغناء في القهاوي مثلاً وليس من ذلك المسمى بالمزاح ع ش . وعبارته على م ر . وأما من يكتسب بالحرام فالتعزير عليه داخل في الحرام لأنه من المعصية التي لا حدّ لها ولا كفارة من ذلك ما جرت العادة به في مصرنا من اتخاذ من يذكر حكايات مضحكة وأكثرها أكاذيب فيعزر على ذلك الفعل ولا يستحق ما يأخذ عليه ويجب ردّه إلى دافعه . وإن وقعت صورة استئجار لأن الاستئجار على ذلك الوجه فاسد اه ع ش على م ر . قوله : ( نفي المخنث ) أي المتشبه بالنساء أي نفيه في محل لا نساء فيه فنفى القاضي له في المحل المذكور تعزيره له والأولى . أن يقول : التخنث فإن صاحبه يعزر بالنفي مع أنه ليس بمعصية وقوله : مع أنه أي التخنث ليس بمعصية وهو محمول على التخنث الخلقي وقوله : وإنما هو أي تعزيره بالنفي فعل للمصلحة لأنه ربما أفتن النساء . قوله : ( إنما هو ) ظاهره أنه راجع للتخنث فيقضي أنه باختياره . وأجيب بأن هذا الضمير راجع للنفي والمصلحة فيه حفظ المسلمين عن التعلم منه والتنقل منه ففي ذلك تشتيت الضمائر . قوله : ( لإعراضه ) أي لشدة حلمه وتوليعاً(5/20)
"""""" صفحة رقم 21 """"""
للناس . قوله : ( كالغالّ ) بالغين المعجمة وتشديد اللام أي الخائن في الغنيمة وقال النبي فيه : ( إنما تشتعل عليه ناراً يوم القيامة وكان قد سرق شملة ) .
قوله : ( ولاوي شدقه ) بكسر الواو من الالتواء والشدق جوانب الفم وهو بكسر الشين وفتحها والمكسورة بجمع على أشداق كحمل وأحمال والمفتوح يجمع على شدوق كفلس وفلوس اه مصباح . وحاصله أن الزبير تخاصم مع رجل سقي أرض فحكم النبي للزبير بأن يسقي أولاً أي لكونه أحيا أولاً ، فقال الخصم يا رسول الله أن كان ابن عمتك ، بفتح الهمزة من أن تعليلاً لمحذوف أي حكمت له لكونه ابن عمتك ولو شدقه فاغتمّ النبي وظهر عليه الغضب فحكم النبي ثانياً للزبير بأنه يسقي ويحبس الماء إلى الكعبين ، وكان أولاً أمر الزبير يسامح خصمه من بعض حقه فلما وقع من الخصم ما ذكر ، رجع النبي وحكم بما ذكر ، ولا يجوز ترك التعزير إن كان الآدمي عند طلبه ولو عفا مستحق العقوبة عن القصاص أو الحد أو التعزير سقط ما ذكر لكن للإمام أن لا يترك التعزير لأن أصله يتعلق بنظره فلم يؤثر فيه إسقاط غيره . كما نقله المنوفي عن تصحيح الروضة ولا ينافي هذا قول الشارح في الفصل الذي بعد هذا وألحق في الروضة التعزير بالحد فقال : إنه سقط بالعفو أيضاً لأن هذا بالنسبة للمستحق لا للإمام فسقط ما في الحاشية من ذكره التنافي . قوله : ( من وافق الكفار في أعيادهم ) بأن يفعل ما يفعلونه في يوم عيدهم وهذا حرام .
قوله : ( ومن يمسك الحية ) لأنه ربما آذنه ولو كان محوياً أو لأنه ربما اتبع في أمور فاسدة والظاهر أن مسك الحية حرام مطلقاً ولا يأتي هنا تفصيل البهلوان إذ لا نفع للحذق هنا . قوله : ( ويدخل النار ) وإن كانت لا تؤذيه بأن كان يسحر لأنها ربما آذته أو يتبع في أمور فاسدة . وقد ذكر بعضهم صفة لحمل النار فقال تأخذ زرنيخاً وشباً يمانياً اسحقهما ولتهما ببياض البيض والطخ به بدنك واحمل النار فإنها لا تؤذيك . وإذا أردت أن تدخل النار إلى فمك ولا تؤذيك خذ نشادراً وعود قرح وتلوكهما جيداً وتضعهما في فمك ولا تبلع من ريقك شيئاً ثم تأخذ الصفيحة أو الحديدة المحمية تدخلها في فمك وتضعها على لسانك وتلحسها فإنه يطشّ ولا يأذيك فيتخيل الناظر أنها حرقت لسانك . قوله : ( ولا تجوز الشفاعة فيه ) أي في الحد لقوله لأسامة لما كلمه في شأن المخزومية التي سرقت : ( أتشفع في حد من حدود الله تعالى ثم قام فاختطب فقال : إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) رواه(5/21)
"""""" صفحة رقم 22 """"""
الشيخان . شرح الروض . قوله : ( وقال اشفعوا ) أي عند النبي .
3 ( ( فصل : في حد القذف ) ) 3
وهو معقود لأمور أربعة : الأوّل حقيقة القذف وأنه ينقسم إلى صريح وإلى كناية بخلاف التعريض فليس بقذف . الثاني في شروط القاذف وشروط المقذوف . الثالث في مقدار حد القذف . الرابع فيما يسقط به حد القذف وهو أحد أمور خمسة بإقامة البينة بزنا المقذوف بالشهود الأربعة وبإقراره وبعفوه وباللعان ، في حق الزوجة وبإرث القاذف الحد اه وينبغي أن يزاد سادس وهو زناه بعد قذفه وقبل : الحد اه د . قوله : ( لغة الرمي ) يقال : قذف بالنواة أي رماها . قوله : ( في معرض التعيير ) أي في مقام هو التعيير أي التوبيخ أي لا في مقام الشهادة ونحوها فخرج به طفلة لا توطأ قال في المصباح : معرض كمسجد أي في موضع ظهور التعيير والقصد إليه . قوله : ( وألفاظ القذف ) المقام للإضمار وفي كلامه نظر لأن الثالث تعرض لا قذف فيه لا صريح ولا كناية فالأولى أن يقول : وألفاظ التعيير الخ . ويجاب بأن المعنى والألفاظ التي يفهم منها القذف وتستعمل فيه أي سواء فهم من ذواتها أو من قرائن الأحوال فدخل القسم الثالث . وهو التعريض والتعريض لفظ مستعمل في معناه ليلوّح بغيره . قوله : ( وبدأ بالأوّل ) فيه نظر لأن كلام المتن شامل لما إذا كان بالصريح أو الكناية فهذا من الشارح قصر للمتن على بعض معناه ولهذا قال ق ل لو قال : وبدأ بما يدل أو يتضمن الأوّل لكان مستقيماً . قوله : ( بفتح التاء وكسرها ) أي في كل منهما بدليل ما سيذكره قوله : ( والذين إلى آخر الآية ) كذا في عبارته والتلاوة ) إن الذين يرمون المحصنات الغافلات } ) النور : 23 ) والآية الأخرى ) والذين يرمون أزواجهم } ) النور : 6 ) اه . قوله : ( سمحاء ) كذا في خطه وصوابه كما في تهذيب الأسماء واللغات سحماء(5/22)
"""""" صفحة رقم 23 """"""
بتقديم الحاء على الميم وهي أمه وأبوه عبدة البلوي لأنه من بني بله وهو حليف الأنصار اه م د . قوله : ( ينطلق ) أي هل ينطلق وهو استفهام إنكاري اه . قوله : ( فجعل النبي الخ ) .
تنبيه : كان المصطفى أشد حياء من العذراء في خدرها رواه أحمد والشيخان عن أبي سعيد . يعني كان من ربه ومن الخلق أشد حياء منها وهذا ، أي كونه أشد حياء من العذراء في خدرها ، في غير أسباب الحدود أما فيها فلا . ولهذا قا : للذي اعترف بالزنا : أنكتها لا تكنّ كما بين في الصحيح اه مناوي على الخصائص . قوله : ( ولو قال للرجل يا زانية ) هذا في خطاب الرجل قد يكون أبلغ من ترك التاء بأن تجعل التاء فيه للمبالغة دون التأنيث اه عناني . قوله : ( ولا يضر اللحن الخ ) على أنه لا لحن لأن التأنيث باعتبار النسمة والتذكير باعتبار الشخص . قوله : ( والرمي ) مبتدأ وقوله : أو الرمي معطوف عليه وقوله : صريح خبر عنهما وصورة الأولى أن يقول : أولجت ذكرك أو حشفة ذكرك في قبل إيلاجاً محرّماً تحريماً مطلقاً أو في كل حال ووقت ، وصورة الثاني أن يقول : أولجت ذكرك أو حشفة ذكرك في دبر وإن لم يقل إيلاجاً محرماً فهو صريح بشرط أن يضيف الدبر إلى ذكر أو خنثى أو أنثى خلية بأن يقول في دبر ذكر أو خنثى أو أنثى خلية فإن قال : مزوّجة فلا يكون صريحاً إلا إذا قال إيلاجاً محرماً تحريماً على وجه اللواط فإن لم يكن ذلك لم يكن صريحاً لاحتمال دبر زوجته فلا يكون قذفاً يوجب الحد بل فيه التعزير ويحتمل أن يريد دبر أنثى مزوّجة غير زوجته فيكون قذفاً يقتضي الحد . قوله : ( في فرج ) أي قبل بدليل ما بعده قوله : ( مطلق ) أي عن التقييد بالعارض كالإيلاج في فرج زوجته الحائض فاندفع اعتراض شرح الروض بأن مطلق التحريم صادق بالتحريم لعارض فلا يصير به صريحاً وقال م د : ويجاب عن الشارح بأن قوله : بتحريم مطلق معناه مقيد بالإطلاق بأن يرميه بإيلاج حشفته في فرج محرم مطلقاً أي في كل حال . قوله : ( في دبر ) فيه أنه يحتمل أن يكون في دبر زوجته ولا حد بالإيلاج فيه فكيف يكون صريحاً قال م ر : ومع ذلك أي صراحته إذا قال : أردت دبر زوجته فإنه يقبل قوله : بيمينه على الأوجه فيعزر ولا حدّ شرح م ر في باب اللعان قوله : ( في القبل ) أي في الإيلاج في القبل لأن المتقدم إنما هو وصف الإيلاج بالتحريم دون القبل .(5/23)
"""""" صفحة رقم 24 """"""
قوله : ( في الجبل ) بخلاف زنأت بالهمز في البيت فصريح وإن كان فيه درج يصعد فيه على المعتمد فيكون أبدل الياء همزة وعبارة م ر في باب اللعان بخلاف زنأت بالهمز في البيت فصريح لأنه لا يستعمل فيه بمعنى الصعود ونحوه فإن كان له درج يصعد فيه فوجهان أصحهما كما أفتى به الوالد رحمه الله صراحته أيضاً اه بحروفه .
قوله : ( للظهور فيه ) أي في القذف ويحتمل أن يراد به الزنا وإبدال الهمزة ياء كما قرره شيخنا . قوله : ( وكقوله الرجل ) معطوف على قوله كقوله : زنأت الخ قوله : ( أو لا تردين يد لامس ) هو كناية عن سرعة الإجابة . قوله : ( والمعتمد أنه كناية ) معتمد قوله : ( يا بغاء ) من البغاء بالمد وهو الزنا يقال : بغت المرأة تبغي فهي بغية وهو وصف خاص بالمرأة ولا يقال للرجل : بغي ، ويحتمل أن يكون قوله يابغاءً من البغي وهو مجاورة الحد فلذلك كان كناية . قوله : ( والظاهر أنه كناية ) نظراً إلى أن التخنث التكسر والقول : بصراحته نظر لاشتهاره فيمن يتصف بالفعل فيه وهو ضعيف وعبارة م ر في شرحه يا بغاء كناية كما قاله : ابن القطان وكذا يا مخنث خلافاً لابن عبد السلام ، وقوله : يا عاهر يا علق كناية لكن يعزر إن لم يرد القذف أ ج لأن العلق في اللغة الشيء النفيس . قوله : ( فإن أنكر شخص الخ ) راجع لجميع ألفاظ الكناية . قوله : ( وقيده الماوردي ) المقام للإضمار . قوله : ( وإلا فلا ) أي وإلا يخرج مخرج الذم بأن خرج مخرج المزح أي بأن كان على أوجه المزح أو الهزل أو اللعب فلا تعزير الخ . قوله : ( أو إسكافي ) أي بإثبات(5/24)
"""""" صفحة رقم 25 """"""
الياء بعد الفاء كذا في خط المؤلف ، وفي شرح الروض بحذفها . قوله : ( يقصد به القذف ) أي يفهم منه القذف ويستعمل فيه ليشمل القسم الثالث قوله : ( والنسبة ) مبتدأ خبره يقتضي التعزير . قوله : ( لكن يعزران ) قال سم : ويسقط بالبلوغ والإفاقة انظر وجه ذلك قوله : ( فلا يحد أصل ) لكن يعزر كما في المنهج وهذا يخالف ما تقدم في المسائل المستثناة . حيث قال : منها إن الأصل لا يعزر للفرع كما لا يحد بقذفه . وأجيب بأن الذي تقدم ليس فيه قذف بل فيه أمر يوجب التعزير فلا يعزر فيه الفرع لأصله وهنا وجد منه قذف وهو أشد مما يوجب التعزير فيناسب أن يعزر الأصل فيه لفرعه . قوله : ( فلا حد على مكره ) أي لعدم قصد الإيذاء بذلك على الصحيح وأما المكره بكسر الراء فلا حد عليه أيضاً على الأصح . والفرق بينه وبين القتل أنه يمكن جعل يد المكره كالآلة بأن يأخذ يده فيقتل بها ولا يمكن أن يأخذ لسان غيره فيقذف به شرح م ر . ويقبل دعواه الإكراه إن دلت قرينة عليه . والحاصل أنه لا حد على مكره ولا حرمة ولا تعزير لشبهة الإكراه لأن الإكراه يبيح جميع المحرمات إلا القتل والزنا وأما المكره فكذلك لا حد عليه لكن يحرم عليه لأنه إعانة على الإيذاء .
قوله : ( فلا حد على حربي ) ولكن يحرم عليه للإيذاء لأنه مكلف بفروع الشريعة . قوله : ( في قذفه ) أي قذف الآذن قوله : ( فلا حد ) ظاهر كلام الشارح أنه لا يعزر المأذون له في القذف حيث ذكر التعزير في مسألة المميز وسكت عن تعزير المأذون له فاقتضى أنه لا يعزر والذي اعتمده ز ي أنه يعزر لأن العرض لا يباح بالإباحة وارتضاه س ل . وعبارة بعضهم قوله : فلا حد أي ولكن يحرم عليه ويعزر وفائدة الإذن إسقاط الحد فقط .(5/25)
"""""" صفحة رقم 26 """"""
قوله : ( حراً ) لو نازع القاذف في حرية المقذوف أو في إسلامه صدق المقذوف بيمينه ح ل . قوله : ( عن وطء يحدّ به ) ليس بقيد كما يأتي في قوله : وتبطل العفة المعتبرة في الإحصان بوطء شخص وطئاً حراماً وإن لم يحدّ به فالمعتبر عفته عن ثلاثة أمور عن وطء يحد به . وعن وطء دبر حليلته وعن وطء محرم مملوكة له كما في متن المنهاج وإذا منعته من الوطء في دبرها استحقت النفقة على المعتمد . قوله : ( لأن أضداد ذلك ) أي هذه الخمسة قوله : ( تنبيه يرد على ما ذكر ) أي قوله : عفيفاً عن وطء يحدّ به ووجه الإيراد أن هذا لا يحدّ به مع أنه غير عفيف فلا يحدّ قاذفه وهذا الإيراد إنما أوجبه قصر الشارح العفيف على الوطء الذي يحدّ به فلو ذكر عبارة المنهج لم يرد شيء من ذلك . وحاصل ذلك التنبيه اعتراض على تقييد العفيف بعفته عن وطء يحدّ به فإن ذلك يدخل فيه وطء حليلته في دبرها من الزوجة أو الأمة المملوكة له وهي أجنبية ويدخل فيه وطء محرمة المملوكة له مطلقاً أي في القبل أو الدبر فإنه لا يحدّ بكل ذلك فمقتضاه أنه يقال له عفيف فيحدّ قاذفه وليس كذلك فكان الأولى أن يقول : كما قال في المنهج : عفيف عن وطء يحدّ به وعن وطء حليلته في دبرها وعن وطء أمته المحرم مطلقاً . قوله : ( ويتصوّر الحدّ بقذف الخ ) هذا مرتبط بقوله لأن أضداد ما ذكر نقص وهذا بمنزلة الاستثناء من ذلك المفهوم وهو استثناء صوري لما يأتي أنه إنما حدّ لإضافته القذف لحالة الكمال . قوله : ( ثم اختار الإمام فيه الرقّ ) وإسلامه إنما عصم دمه من القتل فقط ويتخير الإمام فيه بين الخصال(5/26)
"""""" صفحة رقم 27 """"""
الباقية أي فقذفه بالزنا بعد ضرب الرقّ وأضيف الزنا إلى ما قبل الرقّ وبعد إسلامه وهو قبل الرقّ حر مسلم فلذلك حدّ القاذف لأن الكافر لا يحدّ قاذفه قوله : ( غشيان ) بكسر الغين المعجمة المراد به الجماع . اه مصباح قال تعالى : ) فلما تغشاها حملت } ) الأعراف : 189 ) .
قوله : ( ولا بوطء أمة ولده ) مطلقاً أي سواء حصل علوق أم لا وإنما قيد الشارح بالأوّل لأجل قوله : لثبوت النسب قوله : ( لثبوت النسب ) ليس علة لعدم سقوط العفة بل العلة انتفاء الحدّ بالوطء المذكور . قوله : ( ولا بوطء مجوسي الخ ) أي وأسلم بعد ذلك وقذف فلا تبطل عفته بما وقع في الكفر . قوله : ( فروع ) ثلاثة الأوّل قوله : لو زنى مقذوف الخ الثاني قوله : ولو ارتد لم يسقط الحدّ الخ الثالث قوله : ومن زنى مرة ثم صلح الخ . قوله : ( وظهور الزنا يخدشه ) بابه ضرب كما في المختار والعبارة ناقصة وتمامها فظهور الزنا يدل على سبق مثله أي فكأنه وقت القذف . كان غير محصن فلذلك سقط الحدّ . قوله : ( فإذا ظهر أشعر ) أي فكأنه وقت القذف غير محصن قوله : ( وكالردة السرقة والقتل ) أي فإذا رماه بالزنا فثبتت سرقته أو قتله لشخص مكافىء هل يسقط عن قاذفه حدّ القذف قال : لا يسقط لأن هذا نوع آخر غير ما رماه(5/27)
"""""" صفحة رقم 28 """"""
به بخلاف ما لو ثبت عليه الزنا فإنه يدل على ما رماه به اه م د . قوله : ( ويحدّ الحر ) أي سواء كان مسلماً أو كافراً ذكراً أو أنثى وكذا قوله : الرقيق والعبرة بالحرية وقت القذف ولو طرأ الرقّ . بعد ذلك والمراد الرقّ وقت القذف ولو طرأت الحرية بعد القذف والذي يتولى حدّ القذف الإمام بطلب المستحق لأن استيفاء الحدّ من وظيفته . فلو فعله المقذوف ولو بإذن الإمام لم يكتف لأنه لم يؤمن من الزيادة سواء كان الذي عليه الحدّ حراً أو مكاتباً أو مبعضاً فإن كان رقيقاً فالإمام أو السيد . فإن تنازعا فالإمام ومثل حدّ القذف في ذلك حدّ الزنا وشرب الخمر قال الشيخ عز الدين : وإنما لم يفوّض لأولياء المزني بها كالقصاص لأنهم قد يتركون ذلك خوفاً من العار ولو جلده واحد من الآحاد ضمن سم . قوله : ( ثمانين ) فإن زيد ومات ضمن بالقسط شوبري . قوله : ( من قوله تعالى : ) ولا تقبلوا لهم } ) النور : 4 ) الخ ) لاقتضائه أنهم قبل القذف كانت شهادتهم مقبولة فتستلزم حريتهم إذ الرقيق لا تقبل شهادته وإن لم يقذف وإنما ردت شهادتهم بالقذف لفسقهم به إذ هو كبيرة كما في آخر الآية حيث قال : ) وأولئك هم الفاسقون } ) النور : 4 ) م د .
قوله : ( ولو مات المقذوف ) المناسب التفريع قوله : ( لولا الردة ) راجع للوارث أي كان يرثه لولا ارتداده . قوله : ( حدوا ) ولهم تحليف المقذوف فإن حلف حدّوا فإن نكل حلفوا وخلصوا ولا يثبت زناه بيمينهم لأنه لا يثبت باليمين المردودة فإن نكلوا حدّوا فإن نكل البعض وحلف البعض حدّ الناكل قوله : ( كما فعله عمر ) وهو أنه حدّ الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة ابن شعبة بالزنا ولم يخالف فصار إجماعاً سكوتياً .(5/28)
"""""" صفحة رقم 29 """"""
قوله : ( أو عفو المقذوف ) أي عن كله ولو بمال وإن لم يثبت المال سم . قوله : ( فلو عفا عن بعضه الخ ) والفرق بينه وبين القصاص أن هذا يقبل التجزي . قوله : ( وإرث المقذوف ) مثله المقذوف نفسه فالوارث ليس قيداً . قوله : ( الحناطي ) بحاء مهملة ونون معناه الحناط كخباز ويقال : وهو من صيغ النسب منسوب لبيع الحنطة قال ابن مالك :
ومع فاعل وفعال فعل
في نسب أغنى عن الياء فقبل لكن زادوا عليه ياء النسب لتأكيد النسبة قال ابن السمعاني : لعل بعض أجداده كان يبيع الحنطة وهو أبو عبد الله الحسيني له مصنفات كثيرة في الفقه وأصوله اه ذكره الأسنوي في المهمات . قوله : ( فعفا عنه ثم قذفه لم يحدّ ) ظاهره ولو بزنا آخر غير ما سامحه منه لأنه بالمسامحة صار عرضه مخدوشاً بالنسبة له حرر . قوله : ( كما تقدم توجيهه ) وهو أن الرجل يبتلى بقذف زوجته وقد لا يجد البينة بزناها فجوّز له الشرع اللعان . قوله : ( ما لو ورث القاذف الحدّ ) أي ورث جميعه بأن قذف أحد أخوين الآخر ثم مات المقذوف ولا وارث له غير القاذف ، فإن الحدّ يسقط أما لو ورث بعضه فلبقية الورثة استيفاء الحدّ كله . اه م د أي أخذ من كلامه بعد . قوله : ( يرث الحدّ جميع الورثة ) أي غير موزع ومقسم بل يثبت كله جملة لكل واحد بدلاً عن الآخر ولهذا لو عفا بعضهم عن حصته فللباقين استيفاء جميعه ولا يلزم على ذلك أنه يحدّ ، لكل وارث حدّاً كاملاً لأنهم يطلبون من الإمام أن يستوفي الحدّ والإمام لا يفعل إلا حداً واحداً . قوله : ( حتى الزوجين ) أي الحيّ منهما والحال أن الميت قذف في حال الحياة وإنما نبه عليهما للخلاف فيهما . قوله : ( هل للزوجين ) أي للحيّ منهما . قوله : ( يلزم الواحد )(5/29)
"""""" صفحة رقم 30 """"""
أي يلحق وكذا يقال : فيما بعده . قوله : ( بأن له بدلاً ) أي وإن سقط بأن عفا مجاناً . قوله : ( هذا ) أي كون الحدّ يرثه جميع الورثة . قوله : ( على غير سيده ) أما إذا استحق التعزير على سيده فاستحقاقه لعصبته الأحرار أو السلطان شيخنا . قوله : ( وإلا سقط عنه ) أي إن لم يحلف المقذوف وظاهر الشرح أنه يسقط الحدّ عن القاذف بمجرد نكول المقذوف وبه قال بعضهم : وبعضهم قال : لا بد من حلف القاذف في سقوط الحدّ وهو الظاهر والمراد بقوله : وإلا سقط عنه أي عند الأكثرين قالوا : ولا تسمع الدعوى بالزنا والتحليف على نفيه إلا في هذه المسألة اه شرح الروض مع زيادة .
3 ( ( فصل : في حدّ شارب المسكر ) ) 3
ذكره عقب ما تقدم من القذف لأنه من الكبائر ومن الكليات الخمس أي الأمور العامة التي لا تختص بواحد دون آخر كما في ع ش على م ر . قوله : ( وشربه من كبائر المحرّمات ) أي في الخمر مطلقاً قليلاً أو كثيراً وفي النبيذ في الكثير منه أما القليل الذي لا سكر منه فليس من الكبائر لأنه جائز عند أبي حنيفة . قوله : ( والأصل في تحريمه قوله تعالى : ) إنما الخمر } ) المائدة : 90 ) الآية ) أي وخبر ( لعن رسول الله في الخمر عشرة عاصرها ومعتصرها ) وهو الذي قال لغيره اعصرها لي ( وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها والمبتاعة إليه وواهبها وآكل ثمنها ) اه م ر . قوله : ( والميسر ) هو لعب القمار وهو كل لعب تردد بين الغنم والغرم . قوله : ( وكان المسلمون يشربونها ) أي حتى القدر الذي يزيل العقل كما هو ظاهر كلامه خلافاً لمن منع ما ذكر وستأتي الإشارة إلى ذلك في كلامه وعبارة م ر . وكان شربها جائزاً أوّل الإسلام بوحي ولو إلى حدّ يزيل العقل على الأصح ولا ينافيه قولهم : إن الكليات الخمس لم تبح في ملة من الملل لأن ذاك بالنسبة للمجموع قوله : ( لحكم الجاهلية ) المراد بالحكم العادة لأنه لا حكم قبل الشرع قوله : ( أو بشرع ) عطف على قوله :(5/30)
"""""" صفحة رقم 31 """"""
استصحاباً أي هل كان استصحاباً لعادة الجاهلية أو لم يكن استصحاباً بل بوحي وشرع بإباحتها وليس معطوفاً على قوله : لحكم الجاهلية لفساد المعنى لأنه يصير المعنى واستصحاباً لشرع مع أنه لا شرع فيستصحب . قوله : ( وكان تحريمها في السنة الثانية ) صوابه في السنة الثالثة ، لأن واقعة أحد كانت سابع شوّال سنة ثلاث من الهجرة كما في تفسير الجلال في قوله تعالى :(5/31)
"""""" صفحة رقم 32 """"""
) وإذ غدوت من أهلك } ) آل عمران : 121 ) الآية ويمكن الجمع بين الكلامين وإن كان بعيداً بأن نزول آيتها كان في السنة الثانية وتحريمها كان في السنة الثالثة أي ثم أبيحت ثم حرمت فتكرر فيها النسخ لأنها أبيحت ثم حرمت ثم أبيحت ثم حرمت إلى الأبد وعبارة الحلبي في السيرة قيل : وفي هذه السنة التي هي سنة ست حرّمت الخمر وبه جزم الحافظ الدمياطي وقيل : حرمت سنة أربع ويدل له ما تقدم من إراقة الخمر وكسر جرارها في بني قريظة وقيل : في السنة الثالثة وقيل : إنما حرمت في عام الفتح قبل الفتح قال بعضهم : حرمت ثلاث مرات أي نزل تحريمها ثلاث مرات كان المسلمون يشربونها حلالاً أي لغيره أما هو فحرمت عليه قبل البعثة بعشرين سنة فلم تبح له قط وقد جاء ( أول ما نهاني عنه ربي بعد عبادة الأصنام ) أي بعد النهي عن عبادتها ( شرب الخمر ) وتقدم أن جماعة حرموها على أنفسهم وامتنعوا من شربها ولا زالت حلالاً للناس حتى نزل قوله تعالى : ) يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس } ) البقرة : 219 ) فعند ذلك اجتنبها قوم ، لوجود الإثم وتعاطاها آخرون لوجود النفع أي وكانوا ربما شربوها وصلوا فلما نزل قوله تعالى : ) لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } ) النساء : 43 ) امتنع من كان يشربها حتى في غير أوقات الصلاة ورجع قوم منهم عن شربها حتى في غير أوقات الصلاة وقالوا : لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة . وسبب نزول هذه الآية ما جاء عن عليّ رضي الّله تعالى عنه قال : صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً وشراباً من الخمر فأكلنا وشربنا فأخذت الخمرة منا أي عقولنا وحضرت الصلاة أي الجهرية وقدموني فقرأت ( قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ونحن عابدون ما تعبدون ) إلى أن قلت ( وليس لي دين ) ثم نزلت الآية الأخرى الدالة على تحريمها وهي ) إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إلى قوله فهل أنتم منتهون } ) المائدة : 90 ) ولعل هذه الآية الأخيرة هي التي عناها أنس بقوله : كما في البخاري ( كنت ساقي الخمر بمنزل أبي طلحة وهو زوج أمه فنزل تحريم الخمر فمرّ مناد ينادي فقال أبو طلحة : اخرج فانظر ما هذا الصوت قال : فخرجت فقلت : هذا مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت فقال لي : اذهب فأهرقها فقال بعض القوم : قتل قوم في أحد وهي في بطونهم ، وفي رواية قالوا : يا رسول الله كيف بمن مات من أصحابنا وكان شربها فأنزل الله تعالى : ) ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } ) المائدة : 93 ) أي لأن ذلك كان قبل تحريمها مطلقاً اه . وقوله : بعد عبادة الأوثان أي الأصنام لا يقتضي ذلك أنه عبدها حاشاه حاشاه من ذلك إذ الأنبياء معصومون فقد روى أبو نعيم عن علي ( قيل للنبي هل عبدت وثناً قط ؟ قال لا ، قيل : هل شربت خمراً قط ؟ قال : لا وما زلت أعرف أن الذي هم عليه كفر وما أدري ما الكتاب ولا الإيمان ) . اه مع زيادة من المناوي على الخصائص قوله : ( وقيل : بل كان المباح ) مقابل لمحذوف تقديره وكان المسلمون يشربونها أي حتى الكثير المزيل للعقل وهو المعتمد . قوله : ( في وقوع ) أي إطلاق وإضافة اسم لما بعده بيانية .
قوله : ( حقيقة ) أي لغوية فيكون لفظ الخمر موضوعاً لعصير العنب وللنبيذ وبين الشارح علة وضع لفظ الخمر لعصير النبيذ بقوله : لأن الاشتراك الخ وجعل ذلك من القياس في اللغة وهو جائز عند الأصوليين . قوله : ( لأن الاشتراك في الصفة ) وهي الإسكار وقوله : في الاسم وهو الخمر وقوله : وهو أي اقتضاء الاشتراك في الاسم . قوله : ( وهو قياس في اللغة ) أي وقوع اسم الخمر على الأنبذة حقيقة قياس في اللغة . وقوله : وهو جائز أي القياس في اللغة وقوله : وهو ظاهر الأحاديث راجع لقوله : وقوع اسم الخمر على الأنبذة أي إطلاقه لا للقياس في اللغة . قوله : ( أما في التحريم ) مقابل قوله : وقوع اسم الخمر على الأنبذة الخ يعني أن الخلاف في أن اطلاق اسم الخمر على المتخذ من غير العنب هل هو حقيقة أو مجاز إنما ذلك بالنسبة إلى اللفظ أما بالنسبة للحكم فلا خلاف فيه ويترتب على الخلاف المذكور القياس وعدمه . فإن قلنا : إنه اسم للمتخذ من العنب حقيقة احتيج إلى قياس غيره عليه وإن قلنا : إنه حقيقة لم يحتج للقياس بل يكون الجميع ثابتاً بالنص وهو قوله : ( كل مسكر خمر ) الخ قال الشيخ عميرة : كيف القياس مع حديث الصحيحين ( كل شراب أسكر فهو حرام ) هذا لا يرد إلا لو قال : كل شراب أسكر فهو خمر . قوله : ( أي من المكلفين ) جمع باعتبار معنى من . وقوله : الملتزم بالرفع صفة لمن باعتبار اللفظ . والحاصل أن الشروط المذكورة شروط للحدّ والحرمة(5/32)
"""""" صفحة رقم 33 """"""
فإذا انتفى واحد منها فتارة ينتفي الحدّ والحرمة وتارة ينتفي الحدّ مع بقاء الحرمة دون العكس فلا تنافي كما يعلم ذلك من المفاهيم .
قوله : ( عالما بالتحريم ) أي وبكونه مسكراً . قوله : ( أو شراباً ) إنما أتى بذلك بناء على أن الخمر حقيقة في عصير العنب دون غيره أما على عمومه لكل مسكر فلا حاجة للعطف . وقوله : مسكر ليس قيداً إلا أن يقال : المراد الشأن . قوله : ( الحر ) بدل من نائب فاعل يحدّ بدل بعض من كل لأن الضمير في يحدّ راجع لمن وهو شامل للحر والرقيق والرابط مقدر أي الحر فرد منه ولا يصح أن يكون نائب فاعل يحدّ لأنه لا يحذف ولا تفسيراً للضمير لعدم أداة التفسير ولأن التفسير أخص من المفسر والمراد الحر الكامل الحرية ذكراً كان أو أنثى اه ق ل . قوله : ( أربعين جلدة ) وذهب الأئمة الثلاثة إلى أنها ثمانون ولا يجوز للضارب أن يرفع يده فوق رأسه أي الضارب مثلاً لما فيه من زيادة الإيلام ويحدّ الذكر قائماً والأنثى جالسة ولا ينزع ثيابها إلا نحو جبة محشوّة اه برماوي . قوله : ( كان النبي يضرب في الخمر الخ ) أي يأمر بالضرب . فإن قلت : إذا قلنا بالراجح في الصحابة من عدالة جميعهم ، أشكل شربهم الخمر فإنه يوجب الفسق . قلت : يمكن أن من شرب عرضت له شبهة تصوّرها في نفسه تقتضي جوازه فشرب تعويلاً عليها وليست هي كذلك عند من رفع له فحدّه على مقتضى اعتقاده وذاك شرب على مقتضى اعتقاده والعبرة بعقيدة الحاكم فلا اعتراض على واحد منهما فاحفظه ، فإنه دقيق ع ش على م ر . قوله : ( أربعين ) أي في غالب أحواله وإلا فقد جلد ثمانين كما في جامع عبد الرزاق اه ح ل . قوله : ( لو تعدد الشرب ) أي قبل إقامة الحدّ كفي حدّ واحد كغيره من حقوق الله تعالى كالسرقة والردة وسيقول الشارح في قطع السرقة كما لو زنى أو شرب مراراً يكتفي بحدّ واحد . قوله : ( كفى ما ذكر ) وهو أربعون جلدة . قوله : ( منسوخ بالإجماع ) كما نسخ قتل السارق في المرة الخامسة . وعبارة المناوي على الخصائص وحديث الأمر بقتل الشارب في الرابعة منسوخ إما بحديث ( لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى أمور ثلاث ) وإما بأن الإجماع دل على نسخة قال الحافظ قلت : بل دليل النسخ منصوص وهو ما أخرجه أبو داود والشافعي من طريق الزهري(5/33)
"""""" صفحة رقم 34 """"""
عن قبيصة قال : قال رسول الله : ( من شرب الخمر فاجلدوه إلى أن قال : فإذا شرب في الرابعة فاقتلوه ) ( قال فأتي برجل قد شرب فجلده ثم أتي به في الرابعة قد شرب فجلده فرفع القتل عن الناس فكانت رخصة ) قال الحافظ : وقد استقر الإجماع على أن لا قتل فيه وروى النسائي وغيره عن جابر ( فإن عاد الرابعة فاضربوا عنقه فأتي رسول الله برجل قد شرب أربع مرات فلم يقتله فرأى المسلمون أن الحدّ قد وقع وأن القتل قد رفع ) قال النسائي : هذا مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم وقال : أحاديث القتل منسوخة وقال البخاري : إنما كان هذا يعني القتل في أوّل الأمر ثم نسخ بعد وقال ابن المنذر : كان العمل فيمن شرب الخمر أن يغرّب وينكل به ثم نسخ بجلده فإن تكرر منه ذلك أربعاً قتل ثم نسخ ذلك بالأخبار الثابتة وبالإجماع إلا من شذ ممن لا يعدّ خلافه خلافاً وأشار به إلى بعض ، أهل الظاهر وهو ابن حزم اه .
قوله : ( كل شراب أسكر ) أي شأنه ذلك فدخل القليل وفيه أن نحو النقطة ليس شأنها ذلك فلعل المراد شأنه ذلك ولو بضمه لغيره أو يقال : علة تحريم القليل جسم المادة كما أشار ، إليه الشارح وحينئذ فلا يؤخذ من الحديث تأمل ع ش . والحاصل أنه لما لم ينص المتن على حرمته بين الشارح الحرمة وهذه دعوى وقوله : وحد الخ ثانية ثم أقام على الأولى حديثين وقوله : فيما بعد ولحديث دليل للثانية قوله : ( كل مسكر خمر ) هذا من الشكل الأوّل فالنبيذ يقال له خمر لغة بأن يقاس عليه في التسمية فيقال المتخذ من ماء الزبيب على المتخذ من ماء العنب في التسمية بالخمر فيكون دليلاً صريحاً في تحريم النبيذ ، فكيف صح أن يقيس الشارح شرب النبيذ ، على شرب الخمر في الحرمة ويمكن أن يقال ما حدّ به النبي هو الخمر الحقيقي وكذا ما أمر بالجلد على شربه لأنه هو المتعارف عندهم فصح حينئذ القياس . قوله : ( حسماً ) أي سداً . قوله : ( والخلوة بها ) ولا نظر إلى كبر أو مرض أو هرم أو صلاح أو غير ذلك . قوله : ( والسعوط ) بفتح السين وضمها كذا قاله المدابغي وقال بعضهم : بالضم الفعل لمناسبته للحقنة لأنها الفعل . قوله : ( فلا حدّ بذلك ) أي ويحرم لأنه تلطخ بنجاسة وأدخلها جوفه من غير ضرورة .(5/34)
"""""" صفحة رقم 35 """"""
قوله : ( وبالشراب ) لا يخفى أن غير الشراب كالخمرة المنعقدة مثله والمأكول كالمشروب فما ذكره غير مستقيم ق ل . ويجاب عن الأوّل بأن الخمرة المنعقدة يقال لها شراب بالنظر لأصلها قوله : ( المفهوم ) فيه أنه منطوق به في قوله أو شرب شراباً مسكراً فلا حاجة لكونه مفهوماً من شرب إلا أن يكون مراده ما في الحديث وهو بعيد أو أنه إنما أخذه من شرب ليكون عاماً في الخمر وغيره بخلاف شراباً الذي في المتن فإنه في غير الخمر فلا يؤخذ منه حكم الخمر إذا كان غير مائع ، وهو توجيه حسن . قوله : ( الحرافيش ) في القاموس الحرافيش ، جمع حرنفش كغضنفر ، وهو الجافي الغليظ وهذا التقييد غير مراد بل المراد بهم أراذل الناس وسقطهم ، وأنشد الأستاذ الشعراني في العهود لبعض الأولياء :
نحن الحرافيش لا نسكن علالي الدور
ولا نرائي ولا نشهد شهادة زور
نقنع بخرقة ولقمة في مسيد مهجور
من كان ذا الحال حاله فذنبه مغفور قوله : ( وبالمكلف الصبي والمجنون ) أي فلا حرمة ولا حد لكن يعزران إذا كان لهما نوع تمييز . قوله : ( وبالملتزم الحربي ) فلا حد ويحرم عليه لأنه مكلف بفروع الشريعة وكذا ، يقال : في الذمي . قوله : ( لأنه لا يلتزم بالذمة ما لا يعتقده ) فيه أن الخمر حرام عند الكتابي فالأولى التعليل بغير هذا ولهذا علل م ر . بتعليل آخر وعبارته لأنه لا يلتزم بالذمة إلا ما يتعلق بالذميين . اه على أن منطوقه يقتضي أنه لا يلتزم شيئاً مما لا يعتقده بعقد الذمة مع أن هناك أموراً لا يعتقدها ومع ذلك يلتزمها بعقد الذمة وقال بعضهم قوله : والذمي خارج بملتزم الأحكام لأن المراد جميعها وهو لا يلتزم جميعها . ويجاب بما ذكر عن تنظير ق ل . وعبارة م د قوله : والذمي فيه نظر . اه ق ل أي في خروجه بالملتزم ووجهه أن الملتزم للأحكام يشمل الذمي فكيف يخرج به اللهم إلا أن يراد ، لجميع الأحكام التي منها ترك المسكر ، فإنه يخرج بذلك لأنه لا يلتزم الجميع فتأمل . قوله : ( والمكره ) أي فلا حرمة ولا حد . قوله : ( غص ) بفتح الغين المعجمة ويجوز ضمها والصاد المهملة الثقيلة بمعنى شرق أي وخشي هلاكه منها إن لم تنزل جوفه ولم يتمكن من إخراجها وهذه الرخصة واجبة قال م ر : وظاهر أن خصوص الهلاك شرط للوجوب لا لمجرد الإباحة اه برماوي وعلى هذا لو مات بشرب الخمر مات شهيداً(5/35)
"""""" صفحة رقم 36 """"""
لجواز تناوله بل وجوبه ع ش . قوله : ( والسلامة ) مبتدأ قطعية خبر في محل نصب على الحال أو لا محل لها على الاستئناف اه م د .
قوله : ( بخلاف الدواء ) فإنه سيأتي أنه لا يباح تناولها صرفة للتداوي لعدم القطع بنفعها فيه بل نفع الدواء موهوم فقد لا يحصل بها الشفاء والأولى أن يقول : للقطع بعدم نفعها . قوله : ( وهذه ) أي الإساغة رخصة واجبة قال الشيخ م ر : وظاهر أن خصوص الهلاك شرط للوجوب لا لمجرد الإباحة أخذاً من حصول الإكراه المبيح لها ، بنحو ضرب شديد اه مرحومي . قوله : ( ولو بولاً ) وإن كان من مغلظ ق ل قوله : ( ووجب حده ) مرجوح والمعتمد لا حدّ للشبهة وكذا يقال في الدواء إنه إن لم يجد غيرها لا حرمة ولا حد وإن وجد غيرها حرمت ولا حدّ والكلام في شربها صرفة وإلا فيجوز التداوي بما هي فيه كصرف غيرها من النجاسات ق ل . وانظر هل قوله : إن لم يجد غيرها لا حرمة ولا حد مناف لما سيأتي من إطلاق حرمة تناولها للتداوي اه م د . قوله : ( من جهل كونها خمراً ) الأولى أن يقول من جهل الحرمة وكان معذوراً والذي ذكره لا يناسب إلا لو قال : عالماً بها . قوله : ( ولا يلزمه قضاء الصلوات الفائتة الخ ) عبارة الشوبري وإذا سكر بما شربه لتداو أو عطش أو إساغة لقمة قضى ما فاته من الصلوات كما صرح به في الإرشاد لأنه تعمد الشرب لمصلحة نفسه بخلاف الجاهل كما قاله في الروض اه . قوله : ( مسكراً ) الأولى مسكر لأنه خبر أنّ إلا أن يقال : هو معمول لمحذوف هو الخبر تقديره لم أعلم أن الذي شربته يكون مسكراً اه ا ج ولا حاجة لهذا التكلف لأنه لغة كما في :
إن حراسنا أسداً ويوجد في بعض النسخ لم أعلم كون الخ لكنها مصلحة . قوله : ( لم يحد ) قال ق ل : ولم يحرم اه . وإنما لم يذكره الشارح لأن مدعي الجهل ولو كاذباً يقبل منه في دَعوى الحدّ وأما الحرمة وعدمها فتبنى على صدقه وعدم صدقه في نفس الأمر اه م د .
قوله : ( بدرديّ ) وهو ما يبقى أسفل إناء ما يسكر ثخيناً .(5/36)
"""""" صفحة رقم 37 """"""
قوله : ( ولا يحد بشربه ) أي المسكر فيما بالقصر ليشمل غير الماء لكن يرد عليه عطف قوله : ولا بخبز الخ إلا أن يقال : إنه خاص بالمائعات اه م د . قوله : ( ولا بخبز ) أي ولا بأكل خبز الخ قوله : ( أكلته النار ) نظر فيه ق ل بل قال : إنه غير مستقيم ولعل وجهه أن اللباب مشتمل على عين المسكر . قوله : ( ولا معجون هو ) أي المسكر فيه قوله : ( بخلاف مرقه ) أي مرقه اللحم المطبوخ بالخمر فمرقه هو الخمر كما يدل عليه قوله : لبقاء عينه . قوله : ( أو غمس ) بتشديد الميم وفي المصباح غمسه في الماء غمساً من باب ضرب فانغمس هو اه فالميم مخففة . قوله : ( أو ثرد ) بفتح الراء يقال ثردت الخبز ثرداً من باب قتل أي فتّ مصباح وقوله : به أي فيه . قوله : ( ويحرم تناول الخمر ) أي الصرفة لدواء أو عطش أي ولا يحد لذلك وإن وجد غيره لشبهة قصد التداوي شرح المنهج قال سم : ومحل حرمة شربه للعطش ما لم يتعين لدفع الهلاك . وإلا جاز بل وجب كما نقله الإمام عن إجماع الصحابة وهو واضح ولا يبعد أن يلحق بالهلاك نحو تلف عضو أو منفعة اه . ويؤخذ من ذلك أنه لو شمّ الصغير رائحة المسكر ، وخيف عليه ، إن لم يسق منه جواز سقيه منه ما يدفع عنه الضرر ، وهو ظاهر اه برماوي . وعبارة ع ش على م ر : فرع شم صغير رائحة ، وخيف عليه إذا لم يسق منها هل يجوز سقيه منها ما يدفع عنه ضرر قال م ر : إن خيف عليه الهلاك أو مرض يفضي إلى الهلاك جاز وإلا لم يجز ، سم المناسب أن يقول وجب . أقول : لو قيل يكفي مجرد ضرر تحصل معه مشقة ولا سيما إن غلب امتداده بالطفل ، لم يكن بعيداً اه . قوله : ( وما دل عليه القرآن ) أي من قوله تعالى : ) يسألونك عن الخمر } ) البقرة : 219 ) الخ . قوله : ( هذا إذا تداوى بصرفها ) لم تظهر هذه المقابلة لأن حكم التداوي بها صرفة كحكمة مخلوطة وهو إن وجد غيره حرم(5/37)
"""""" صفحة رقم 38 """"""
ولا حد وإن لم يجد غيره لا حرمة ولا حد في كل منهما . وظاهر الشارح أن التداوي بها صرفة حرام مطلقاً ولو مع عدم وجود غيرها وقد علمت أنه ليس كذلك وأما حكم العطش فيحرم مطلقاً ولو مع عدم وجود غيرها ، إلا إن أدى عدم الشرب إلى تلف نفس أو عضو أو منفعة فيجب إلا أن يجاب عن الشارح بأن بين الصرف والمخلوط فرقاً من جهة أخرى وهي أنه إذا كانت صرفة ووجد غيرها يحرم ولا حد على الأصح وقيل : يحد وأما إذا كانت مخلوطة ووجد غيرها وتداوى بالمخلوط فلا حدّ اتفاقاً ، وأيضاً إذا وجد غيرها وهي صرفة تكون الحرمة حرمة الخمر ، إذا كانت مخلوطة ووجد غيرها تكون الحرمة حرمة المتنجس وهي أقل من حرمة الخمر وقول الشارح : بعد مسألة إساغة اللقمة بخلاف الدواء بها يقتضي أنه حرام مطلقاً أي وجد غيرها أو لا . ويجاب بأنه راجع لقوله : والسلامة بذلك قطعية أي بخلاف الدواء فإنه مظنون .
قوله : ( أما الترياق الخ ) ليس مكرراً مع قوله سابقاً ولا معجون هو فيه ، لأن ما ذكر هنا في مقام جواز التداوي به وما مرّ في بيان أنه لا يحد به فاندفع ما في الحاشية كما قرره شيخنا . ويقال فيه دراق وطراق ففيه ثلاث لغات وأولها مكسور أو مضموم فالمجموع ستة قوله : ( ولو كان التداوي الخ ) الغاية للرد على من يمنع التداوي للتعجيل وهي غاية في قوله : يجوز وعبارة ز ي ويجوز التداوي بصرف النجس إلا المسكر ولو بتعجيل شفاء بشرط إخبار عدل عارف أو معرفة نفسه اه . قوله : ( بذلك ) أي بالترياق ونحو من كل شيء معجون بالخمر قوله : ( والند ) نوع من الطيب قوله : ( لا يجوز بيعه ) كذا في الروض قال شارحه : قال في الأصل وكان ينبغي أن يجوز كالثوب المتنجس لإمكان طهره بنقعه في الماء .
قوله : ( ويجوز تناول ما يزيل العقل من غير الأشربة ) بنحو بنج لقطع عضو اه قال ع ش على م ر : وهل من ذلك ما يقع لمن أخذ بكراً وتعذر عليه افتضاضها إلا بإطعامها ما يغيب عقلها من نحو بنج أو حشيش فيه نظر ولا يبعد أنه مثله لأنه وسيلة إلى تمكن الزوج من الوصول إلى حقه ، ومعلوم أن محل جواز وطئها ما لم يحصل به لها أذى لا يحتمل مثله في إزالة البكارة اه . قوله : ( وأصل الجلد ) أي الغالب ذلك فلا يرد المريض فإنه يضرب بعثكال اه شيخنا . وكتب أ ج على قوله : وأصل الجلد الخ شامل لحدّ الزنا والشرب والقذف وهو(5/38)
"""""" صفحة رقم 39 """"""
كذلك والسوط . كما قال ابن الصلاح : المتخذ من جلود سيور تلوى وتلفّ سمي بذلك لأنه يسوط اللحم بالدم أي يخلطه به سم ز ي . قوله : ( أو أطراف ثياب ) أي ولا بد من شدّ طرف الثوب وفتله حتى يؤلم اه م ر اه م د . قوله : ( أي الشارب ) لم يقل أي بحدّ الشارب للخلاف الذي ذكره من أنّ الثمانين كلها حدّ أو الزائد على الأربعين تعزير اه ق ل بإيضاح . قوله : ( وكل سنة ) أي طريقة قوله : ( وهذا أحب إليّ ) الإشارة لكونه أربعين لأنه هو الصادر من النبي بدليل سياق الحديث وفيه أن ما فعله عمر اشتهر بين الصحابة فصار إجماعاً فما وجه المخالفة . وأجيب بأن الإجماع على جواز الزيادة لا على نفسها ح ل فالظاهر رجوع اسم الإشارة ، للثمانين لأنه أقرب مذكور وهو من كلام عليّ الراوي وعبارة الشوبري وهذا أي الثمانون لما يأتي في قول الشارح : ورآه علي رضي الله عنه وعبارة شرح م ر ورآه علي لكن رجع عنه فكان يجلد في خلافته أربعين . قوله : ( لأنه إذا شرب الخ ) علة لقوله : على الأصح المنصوص والضمير راجع للشخص اه ز ي لكن المناسب لما بعده أن يكون علة لقوله : وهذا أحبّ إليّ ويكون اسم الإشارة راجعاً للثمانين .
قوله : ( هذى ) بذال معجمة أي خلط وتكلم بما لا ينبغي كما في المصباح ، وفي القاموس هذى يهذي هذياً وهذياناً تكلم بغير معقول لمرض أو غيره . اه وهو من باب ضرب كما هو قاعدة القاموس . قوله : ( افترى ) أي كذب وقذف . قوله : ( وحدّ الافتراء ) أي القذف ثمانون يلزم عليه ترك حدّ الشرب لأنه جعل الثمانين حدّ القذف فلا ينتج الدليل المدعي كذا قرره شيخنا اه . قوله : ( على وجه التعزير ) الأولى على وجه التعزيرات قوله : ( وقيل : حدّ ) ويترتب على أنها تعزير الضمان بالتلف وعلى أنها حدّ عدم الضمان اه م د . قوله : ( واعتراض الأول ) هو كونها تعزيراً .(5/39)
"""""" صفحة رقم 40 """"""
قوله : ( وعليه فحدّ الشارب ) هذا أحسن الأجوبة . قوله : ( ولا باليمين المردودة ) لأن اليمين المردودة وإن كانت كالإقرار إلا أن استمراره على الإنكار بمنزلة رجوعه ورجوعه مقبول وهو حسن اه طبلاوي وعبارة ع ش على م ر قوله : وحدّ بإقراره أي الحقيقي ز ي واحترز به عن اليمين المردودة ولعل صورتها أن يرمي غيره بشرب الخمر فيدعي عليه بأنه رماه بذلك ويريد تعزيره فيطلب السابّ اليمين ممن نسب إليه شربها فيمتنع ويردها عليه ، فيسقط عنه التعزير ولا يجب الحدّ على الرادّ لليمين المردودة .
قوله : ( لما مر في قطع السرقة ) كذا في خط المؤلف لكن الأولى لما يأتي في قطع السرقة وعذره في ذلك أنه نقل عبارة غيره . واتفق أن المنقول عنه قدم ما يتعلق بالسرقة على الشرب(5/40)
"""""" صفحة رقم 41 """"""
اه أ ج . قوله : ( بل يؤخر وجوباً ) فيه أنه ينافيه ما تقدم من حديث السكران الذي أمر النبي بضربه ، إلا أن يحمل ما تقدم على ما إذا كان له نوع إحساس وما هنا على خلافه أو يحمل على أنه ضرب بعد إفاقته . قوله : ( الاعتداد به ) أي إن كان له نوع إحساس ولعل الحديث المتقدم محمول على ذلك . قوله : ( وسوط الحدود ) هذا عام في جميع الحدود ويحدّ الرجل قائماً والمرأة جالسةً ويجعل عند المرأة محرم أو امرأة تلف عليها ثيابها إذا انكشفت ويجعل عند الخنثى محرم لا رجل أجنبي ولا امرأة أجنبية وظاهر كلامهم أنه يفعل به ذلك وإن لم يرض المحدود ، ولا يخفى ما فيه من زيادة الفضيحة مع مخالفة المأثور كما قاله ح ل : ويحدّ ذو الهيئة في محل خال واستحسن الماوردي ما أحدثه أهل العراق من جلد المرأة في نحو غرارة لأنه أستر لها اه ق ل على الجلال . ولا يتولى الجلد إلا الرجال ولو من أنثى وخنثى لأن الجلد ليس من شأن النساء اه . قوله : ( وهو الغصن ) أي الرقيق قوله : ( ويفرق الضرب ) أي وجوباً فيه وفيما بعده فإن خالف حرم ومع ذلك لو مات المحدود لا ضمان لأنه تولد من مأمور به في الجملة وليس مشروطاً بسلامة العاقبة بخلاف المعزر فإن التالف بالتعزير مضمون ومحل عدم الضمان بالحدّ إذا لم يزد عليه فإن زاد وتلف به وبما زاد ضمن بالقسط أ ج . قوله : ( ويجتنب المقاتل ) أي وجوباً فيحرم ضربه عليها فإن ضربه على مقتل فمات ففي ضمانه وجهان كالوجهين فيما لو جلده في حرّ أو برد مفرطين قاله الدميري : ومقتضاه نفي الضمان اه م ر . وكتب ح ل على قول المنهج : ويتقي المقاتل أي وجوباً فلو مات لا ضمان لأنه تولد من مأمور به في الجملة وليس مشروطاً بسلامة العاقبة بخلاف التعزير . قوله : ( وثغرة نحر ) بضم المثلثة وهي النقرة التي في وسطه والجمع ثغر مثل غرفة وغرف فالثغرة بالمثلثة ، كالنقرة بالنون لفظاً ومعنىً وجمعاً . قوله : ( بخلاف الرأس ) أي فلا يجب اجتنابه فيجوز الضرب عليه أي حيث لم يترتب عليه محذور ، تيمم بقول طبيب ثقة وإلا حرم جزماً لعدم توقف الحدّ عليه وحيث كان عليه شعر فلو لم يكن عليه شعر لقرع أو حلق اجتنبه قطعاً وما نقل عن أبي بكر من أمره الجلاد بضربه وتعليله بأن فيه شيطاناً ضعيف ومعارض بما مر عن عليّ كما في م ر .(5/41)
"""""" صفحة رقم 42 """"""
قوله : ( فإنها مغطاة ) كذا في خط المؤلف والأولى فإنه مغطى إذ الرأس مذكر لكن رأيت لبعضهم أن الرأس تؤنث في قويلة لأهل اللغة أ ج . قوله : ( اضرب الرأس ) محمول على ما إذا كان بها شعر ولم يحصل محذور تيمم أو هو ضعيف من جهة الإطلاق وعدم التفصيل . قوله : ( ولا تشد ) ظاهر كلامهم حرمة ذلك أي إن تأذى بذلك والإكراه اه ح ل وفي ق ل على الجلال ولا تشدّ يده أي المحدود ولو أنثى واليد مفرد مضاف فيشمل اليدين معاً فيحرم شدهما عند شيخنا م ر . ويكره فقط عند خ ط والأول موافق لما مر من تمكنه من وضع يده على ما يؤلمه . قوله : ( ولا تجرد ثيابه الخفيفة ) أي التي لا تمنع أثر الضرب ، وتظهر كراهة ذلك بخلاف نحو جبة ، محشوة بل يتجه وجوب نزعها إن منعت وصول الألم المقصود اه قال ع ش على م ر : وينبغي حرمته إن كان على وجه مزر كعظيم أريد الاقتصار من ثيابه على ما يزري كقميص لا يليق به أو إزار فقط . قوله : ( وبما يضبط ) هو الذي في خط المؤلف وفي بعض النسخ ولم يضبط وهو تحريف اه أ ج . قوله : ( في كل دفعة ) بفتح الدال أي مرة من مرات التفريق قوله : ( ويكره الخ ) هذا إن لم تحصل نجاسة وإلا حرم اه ق ل .
3 ( ( فصل : في حدّ السرقة ) ) 3
بفتح السين وكسر الراء ويجوز إسكانها مع فتح السين وكسرها وذكرها المصنف بعد ما تقدم لمناسبتها له في أن كلاً من الكبائر ، ومن الكليات الخمس ، وقدّمها على قطع الطريق لأنها كالجزء منه ، ولعمومها وخفائها وقلة الحدّ فيها ق ل . ولو قال الشارح : في حدّ السرقة وشروطها لكان أولى لأنه ذكر الأمرين : وأول من حكم بقطع السارق في الجاهلية الوليد بن المغيرة كما قاله الدميري : قوله : ( الواجب بالنص ) أي بآية ) والسارق والسارقة } ) المائدة : 38 )(5/42)
"""""" صفحة رقم 43 """"""
إلى آخر الآية . وشرع القطع فيها لحفظ المال لأن حدها أحد الكليات الخمس وكان الحدّ فيها بقطع آلتها لأنه الأصل ولعدم تعطيل المنفعة عليه ، من أصلها ق ل على الجلال وقدّم السارق على السارقة عكس آية الزنا حيث قدم الزانية على الزاني لأن السرقة تفعل بالقوّة والرجل أقوى من المرأة والزنا يفعل بالشهوة والمرأة أشد شهوة . واختلفوا هل هي أي آية السرقة عامة خصت أو مجملة بينت وقال البلقيني : القراءة المتواترة والشاذة كلاهما مجمل لأن قوله : ) فاقطعوا أيديهما } ) المائدة : 38 ) مجمل لم يبين اليمين من اليسار ولا محل القطع .
وقوله : ( فاقطعوا أيمانهما ) مجملة أيضاً لم يبين اليمين من اليد أو الرجل ولا محل القطع أهو الكوع أو غيره اه م د على التحرير .
قوله : ( أخذ المال الخ ) ليس قيداً بل مثله الاختصاصات فإنها تسمى سرقة لغة ، وأما ذكر المال في المعنى الشرعي فهو قيد ليخرج الاختصاص فإنه ليس بسرقة شرعاً وعبارة م ر أخذ الشيء فيشمل أخذ الاختصاص فيقال له : سرقة في اللغة .
قوله : ( ظلماً ) أي من حيث ذاته فلا يرد أنه لو أخذ مال نفسه من المستأجر أو المرتهن فلا قطع لأن الظلم لا من حيث ذات المال والمراد بقوله : ظلماً أي في نفس الأمر فخرج ما إذا سرق ماله يظن أنه مال غيره . كما يأتي وعبارة م د قوله : ظلماً خرج به سرقة مال الغير يظنه مال نفسه . لا يقال : يدخل فيه أخذ مال نفسه من مستأجر ومرتهن فإنه ظلم ولا قطع به . لأنا نقول : إن هذا ليس ظلماً من حيث ذاته بل من حيث حق الغير . قال ق ل : ويعتبر في الاسم كونه عمداً ظلماً وفي الضمان أن يكون مالاً متموّلاً وفي القطع كون المال نصاباً اه .
قوله : ( أبو العلاء ) واسمه أحمد والمعرّي نسبة إلى معرة النعمان ، وهو ملحد أي مائل عن طريق أهل السنة لأنه كان معتزلياً من الخوارج وكان عالماً فصيحاً بليغاً وكان ينفر الناس عن الزواج ويقول لهم : تتزوّجون فتأتون بالأولاد فيعصون الله فيكتب في صحائفكم . ولذلك مكث طول عمره ولم يتزوّج وكان يلازم مستوقد الحمام .
قوله : ( شكك ) أي أوقعهم في الشك والتردد والمناسب حذف به وعلى نسخة أشكل ، وعليها فلا إشكال .
قوله : ( بخمس مئين ) جمع مائة أي على القول القديم إن الدية ألف دينار .(5/43)
"""""" صفحة رقم 44 """"""
قوله : ( وقاية النفس ) أي قصد وقاية النفس التي من جملتها اليد أغلاها أي جعلها غالية قال ز ي : أي ولو وديت بالقليل لكثرت الجناية ، على الأطراف المؤدية لإزهاق النفوس لسهولة الغرم ، في مقابلتها ولو لم تقطع إلا في الكثير لكثرت الجنايات على الأموال اه . وحاصله أنها وديت بالكثير لأجل وقاية النفس وقطعت في القليل لأجل وقاية المال فتأمل اه م د . قوله : ( وقاية المال ) أي قصد وقاية المال عن السرقة أي حفظه عنها ونسخة : ذل الخيانة بدل وقاية المال ، وفي نسخة : وأرخصها خيانة المال أي الخيانة في المال . قوله : ( ثمينة ) أي ثمنها غال .
قوله : ( وأركان القطع ) الصواب وأركان السرقة لأن الأركان لها لا له لأنه حكم يترتب عليها وعبارة غيره وأركان السرقة سرقة الخ وعذر الشارح أنه لو قال : ما ذكر للزم عليه جعل الشيء ركناً لنفسه ولكن لما كان يمكن الجواب عنه بأن صاحب الأركان السرقة الشرعية والركن السرقة اللغوية ، كان ما سلكه غيره أولى لأن السرقة هي المقصود والقطع حكم يترتب عليها . وعبارة المنهج وشرحه أركانها أي السرقة الموجبة للقطع الآتي بيانه : ثلاثة سرقة وسارق ومسروق فالسرقة أخذ مال خفية الخ . وقوله : الموجبة أشار به إلى دفع التهافت في كلامه لأن المعنى أركان السرقة سرقة . وحاصل الجواب أن المراد بالسرقة الأولى الشرعية أي الموجبة للقطع وبالثانية اللغوية وهي أخذ الشيء خفية سواء كان مالاً أو لا وسواء كان من حرز مثله أو لا كما في شرح م ر فلم يلزم عليه كون الشيء ركناً لنفسه . قوله : ( والمصنف اقتصر الخ ) الأول ذكره في قوله : وتقطع يد السارق الخ والثاني في قوله : أن يسرق نصاباً قوله : ( وتقطع يد السارق ) أي أو رجله على التفصيل الآتي ولو قال : ويقطع السارق الخ لكان أولى قوله : ( والسارقة ) ففي كلامه اكتفاء . وقوله : ولو ذميين ورقيقين فلا يشترط في السارق الإسلام ولا الحرية وخرج بالذمي غيره ولو معاهداً فلا يقطع وإن شرط قطعه بذلك ز ي : والحاصل أنه يشترط في السارق البلوغ والعقل والتزام الأحكام والاختيار وعلمه بالتحريم وأن لا يكون مأذوناً له من المالك وأن لا يكون أصلاً أو فرعاً أو رقيق أحدهما ويشترط في المسروق أربعة شروط كونه : ربع دينار خالصاً أو قيمته وكونه ملكاً لغيره ، وكونه لا شبهة له فيه ، وكونه محرزاً بحرز مثله وأما كونه محترماً فيغني عنه الأول فتأمل . وقوله : ورقيقين أي من مال غير السيد . قوله : ( ومراده بالشرط الخ ) فيه نظر لأن ما عبر به المصنف إنما هو الشرط وهو قوله : أن يسرق وأما(5/44)
"""""" صفحة رقم 45 """"""
المال فهو الركن ولم يعدّه من الشروط فكان الأولى إبقاء المتن على ظاهره . قوله : ( لما ذكر ) أي لعدم تكليفه ولو علم السرقة لنحو قرد فسرق له فلا قطع لأن للحيوان اختياراً كما في شرح الشارح على المنهاج . قوله : ( المشار إليه أنه من الأركان ) فيه نظر لأن الركن هو المال المسروق وأما بلوغه نصاباً فهو شرط فيه ق ل . قوله : ( نصاباً ) أي يقيناً فلو شك فيه ولو باختلاف الموازين أو المقومين أو الشاهدين فلا قطع مطلقاً ولصاحبه الحلف على الأكثر للتقويم ، إذا لم يحلف الآخذ على الأقل ق ل على الجلال . وشذ من قطع بأقل من ربع دينار وخبر ( لعن الله السارق يسرق البيضة والحبل فتقطع يده ) إما أن يراد بالبيضة فيه بيضة الحديد وبالحبل ما يساوي ربعاً كحبل السفينة أو الجنس أو أن من شأن السرقة أن صاحبها يتدرج من القليل إلى الكثير . اه س ل ولا قطع إلا إذا أخرجه من الحرز فلو دخل الحرز وأخذ النصاب وقدر عليه المالك قبل أن يخرج كما يقع كثيراً فلا قطع .
قوله : ( ولو كان الربع لجماعة الخ ) أشار به إلى أنه لا يشترط في النصاب اتحاد مالكه اه م د . قوله : ( وأن يكون خالصاً ) أو أن يحصل من مغشوش كما قاله البرماوي : وهذا من الشارح زيادة على المتن فهو معطوف على المتن وكان يكفيه أن يقول : خالصاً بعد قول : المتن نصاباً ويستغني عن هذا التطويل والبعد عن المتن وعبارة ق ل على قوله : وأن يكون خالصاً ليس قبل هذه ما يصح عطفها عليه والأقرب كونها وصفاً لنصاباً وضميرها عائد إليه اه . وقوله : ليس قبل هذه الخ ممنوع بل هو معطوف على قوله : أن يسرق فيكون من جملة الثالث كما قرره شيخنا . قوله : ( فإن كان في المغشوش الخ ) الحاصل أنه يعتبر في الذهب المضروب الوزن فقط وفي غير المضروب الوزن وبلوغ قيمته ما ذكر ولا يكفي بلوغ قيمته ما ذكر مع نقص وزنه اه ز ي . ويعتبر في الفضة القيمة مطلقاً ح ل . لأن النصاب ربع دينار وهو لا يكون إلا ذهباً فتقوّم الفضة به ولو كانت مضروبة فالصور ثلاثة اعتبار الوزن فقط ، اعتبار الوزن والقيمة ، اعتبار القيمة . قال ع ش على م ر : وربع الدينار يساوي الآن ثمانية وعشرين نصف فضة . قوله : ( ما قيمته ربع دينار ) أي يقيناً بأن يقطع المقوّمون أن قيمته ذلك وإلا فلا قطع اه ز ي . قوله : ( لأن الأصل ) علة لقوله : ما قيمته ربع دينار والمراد بالأصل الغالب .(5/45)
"""""" صفحة رقم 46 """"""
قوله : ( وتعتبر قيمته ربع ) أي بربع وهذه الجملة جعلها الشارح متعلقة بمحذوف وهو قوله : ومثل ربع دينار ما قيمته ربع الدينار وجعلها منقطعة عن المتن . وحاصل ذلك أنه غير إعراب المتن لفظاً ومعناً إذ قوله : ربع دينار في كلام الشارح منصوب على نزع الخافض بعد أن كان مرفوعاً على الخبرية هذا على وجه تغييره لفظاً ووجه تغييره معناً أنه جعل هذه الجملة متعلقة بمحذوف وجعلها منقطعة عن المتن كما علمت .
قوله : ( فلو نقصت قيمته ) أي لرخص سعر مثلاً قوله : ( كقراضة ) بضم القاف كما في المختار أي ما سقط بالقرض وقرض من باب ضرب قوله : ( وإن ساواه غير مضروب ) لا يخفى ما فيه من مساواة الشيء لنفسه لأن كلامه معتبر في المسبوك ونحوه . وهو غير مضروب فالغاية غير مستقيمة فالصواب إسقاطها لأن الفرض أنه سرق ربع دينار غير مضروب والمعنى على الغاية سواء ساواه مضروباً أو غير مضروب مع أن فرض المسألة في غير المضروب . والجواب : أن المساواة مختلفة فقوله : لا تساوي ربعاً مضروباً أي في القيمة وقوله : وإن ساواه غير مضروب أي في الوزن فصح المعنى ، وحصلت الفائدة ، لكن يبقى التكرار ، لأن الكلام مفروض في سرقة ربع دينار غير مضروب . قوله : ( بأكل ) والظاهر أن مثل ذلك بلع الدراهم لأنه يعدّ إتلافاً غالباً كذا قاله الحلبي : والمعتمد في ذلك أنه لو ابتلع جوهرة أو دراهم أو دنانير فلم تخرج منه فلا قطع عليه لتنزل ذلك منزلة الإتلاف بخلاف ما إذا خرجت منه بعد ذلك فإنه يقطع كما لو أخرجها في ريح أو غيره . كما قاله الزيادي واعتمده وضعف بعضهم ما في الحلبي من إطلاق عدم القطع بالابتلاع اه . قوله : ( كإحراق ) ومثل الإحراق ما لو تضمخ أي تلطخ بطيب في داخل الحرز وإن جمع من جسمه بعد خروجه نصاباً لأن استعماله يعدّ إتلافاً له كالطعام ز ي أ ج . قوله : ( اشترك اثنان ) أي مكلفان بأن أخرجاه معاً فإن كان أحدهما غير مكلف أو أعجمياً يعتقد وجوب طاعة الآمر قطع المكلف أن أمر الأعجمي أو غير المميز لأنهما كالآلة له وهذا التفصيل إذا اشتركا فإن امتاز كلّ بما سرقه فلكل حكمه . قوله : ( في إخراجه ) أي الدون قوله : ( رثّ ) أي خلق أي بال وفي المختار الرث بالفتح البالي وجمعه رثاث بالكسر وقد(5/46)
"""""" صفحة رقم 47 """"""
رث يرث بالكسر رثاثة بالفتح . قوله : ( في جيبه تمام نصاب ) أي منضماً إلى قيمة الثوب وهذا مستفاد من قوله تمام . قوله : ( والجهل بجنسه ) أي أو بوجوده فالأوّل راجع لما قبل الغاية والثاني للغاية اه . وكان الأولى والجهل به لأن الفرض أن كلاً من الجنس والصفة مجهول فلا يظهر التقييد بالجنس وقياسه على الصفة تأمل . قوله : ( وبنصاب ) أي ويقطع بنصاب الخ .
قوله : ( أن يأخذه ) ليس قيداً بل المدار على إخراجه من الحرز ، وإن لم يأخذه وعبارة المنهج أو بنصاب انصبّ من وعاء بثقبه له وإن انصب شيئاً فشيئاً اه . وإن لم يأخذه ومثل الثقب قطع الجيب كما قاله ز ي : ولذلك يلغز ويقال : لنا شخص يقطع وإن لم يأخذ مالاً ولم يدخل حرزاً اه . ولو أخذه مالكه بعد انصبابه قبل الدعوى به هل يسقط القطع لأنه شرطه الدعوى وقد تعذرت فيه نظر فليراجع سم ، على حج والأقرب سقوط القطع . قوله : ( أواه المراح ) بمدّ الهمزة من أواه أو قصرها والمراح مأوى الماشية ليلاً . قوله : ( بمخاطرة ) أي بسبب خوف أخذه أي الخوف الحاصل بأخذه قوله : ( جرأه المالك ) أي سلطه وهو بتشديد الراء وقوله : ومكنه ، عطف على جرأه عطف تفسير وقوله : بتضييعه الباء بمعنى من كما هو في بعض النسخ وهي صلة لمكنه ويصح أن تكون الباء للسببية أي بسبب تضييع المالك إياه لكونه لم يضعه في حرز مثله فتكون صلة مكنه محذوفة أي منه . قوله : ( بلحاظ ) أي ملاحظ يلاحظه أي بملاحظته والنظر إليه واللحاظ بكسر اللام وهو المراعاة مصدر لاحظه والمراد به الملاحظ من إطلاق المصدر على اسم الفاعل ، أما بفتحها فهو مؤخر العين من جانب الأذن بخلاف الذي من جانب الأنف فيسمى الموق اه . ولا يقدح في دوام اللحاظ الفترات العارضة عادة فإذا أخذه السارق حينئذ قطع فلو وقع اختلاف في ذلك هل كان ثم ملاحظة من المالك أو لا فينبغي تصديق السارق لأن الأصل عدم وجوب القطع ، كما قاله ع ش على م ر .
قوله : ( أو حصانة موضعه مع لحاظ ) يقتضي أنه لا بد من الأمرين دائماً وأبداً . وليس كذلك بل على تفصيل يعلم من المنهج فكان ينبغي أن يقول : أو حصانة مع لحاظ في بعض الصور . وحاصله أن المحل إن كان حصيناً منفصلاً عن العمارة فلا يشترط دوام الملاحظة بل الشرط كون الملاحظ يقظاناً قوياً سواء كان الباب مفتوحاً أو مغلوقاً أو نائماً مع إغلاق الباب وإن كان المحل في العمارة فلا يشترط قوّة الملاحظ ، ولا تيقظه بل الشرط : كون الباب مغلوقاً(5/47)
"""""" صفحة رقم 48 """"""
مع وجود هذا الملاحظ أو قفله مع يقظته زمن أمن نهاراً وأما إن كان الباب مفتوحاً فإن كان الملاحظ متيقظاً كانت محرزة وإلا فلا . فعلم أنها قد تكفي الحصانة وحدها وقد تكفي الملاحظة وحدها وقد يجتمعان وقد يمثل لانفراد الحصانة بالراقد على المتاع كما قاله ع ش : وبالمقابر المتصلة بالعمارة فإنها حرز للكفن . وعبارة المنهاج وشرحه الشرط الرابع كونه محرزاً وإنما يتحقق الإحراز بملاحظة للمسروق من قويّ مستيقظ أو حصانة موضعه وحدها أو مع ما قبلها كما يعلم مما يأتي لأن الشرع أطلق الحرز ولم تضبطه اللغة فرجع فيه إلى العرف وهو مختلف باختلاف الأحوال والأوقات والأموال ، وإنما اشترط ذلك لأن غير المحرز ضائع بتقصير مالكه ولا يرد على ذلك الثوب إذ نام عليه ، فهو محرز مع انتفائهما ، لأن النوم عليه المانع من أخذه غالباً منزل منزلة ملاحظته وما هو حرز لنوع حرز لما دونه من ذلك النوع ، أو تابعه كما يعلم مما يأتي في الإصطبل وقد علم أن أو مانعة خلوّ فتجوّز الجمع لا مانعة جمع فتجوّز الخلوّ اه . وقوله : منزل منزلة ملاحظته يجوز أيضاً أن ينزل منزلة حصانة موضعه بل يمكن أن يدعي حصانة موضعه حقيقة أي بأن يقال المراد : بالموضع ما أخذ المسروق منه وهو هنا حصين بالنوم على الثوب اه ع ش على م ر .
قوله : ( فعرصة دار ) العرصة الصحن والصفة المصطبة وهذا بالنسبة لغير السكان كما في شرح م ر وهذا كلام مستأنف والغرض منه بيان تفاوت أجزاء الدار ، في الحرزية بالنسبة لأنواع المحرز مع قطع النظر عن اعتبار الملاحظة مع الحصانة في الحرزية وعدم اعتبارها اه . قوله : ( والخانات ) أي وبيوت الخانات وهي الوكائل وبيوتها الحواصل والطبقات التي فيها وقوله : والأسواق أي وبيوت الأسواق وهي الدكاكين ولو فتح داره أو حانوته لبيع متاع فدخل شخص وسرق منه فإن دخل بغير إذنه أو به ليسرق قطع أو ليشتري فلا ولو أذن في دخول نحو داره ، لشراء قطع من دخل سارقاً لا مشترياً وإن لم يأذن قطع كل داخل شرح م ر ومنه الحمام فمن دخله لغسل وسرق منه ، لم يقطع حيث لم يكن ثم ملاحظ ويختلف الاكتفاء فيه بالواحد والأكثر بالنظر إلى كثرة الزحمة وقلتها اه ع ش على م ر . واعلم أنه إذا كان باب الدار مفتوحاً وباب الغرفة أو القاعة مغلقاً ودخل السارق فأخرج الشيء من داخل الغرفة مثلاً إلى صحن الدار قطع بذلك وإن لم يأخذه لأنه أخرجه إلى محل الضياع بعد أن كان محرزاً وأما إذا كان باب الغرفة مثلاً مفتوحاً كباب الدار وأخرجه السارق من داخل الغرفة إلى صحن البيت فلا قطع وكذا(5/48)
"""""" صفحة رقم 49 """"""
لو أخذه معه ، لأن المال غير محرز ، وأما إذا كان البابان مغلوقين ، أو باب الدار مغلوقاً دون باب الغرفة ، فكذا ، لا قطع إذا أخرجه من داخل الحرز إلى صحن البيت لأنه لم يخرجه عن تمام الحرز فإن أخرجه إلى خارج الحرز قطع كما يعلم من المنهج . قوله : ( المنيعة ) أي الحصينة أي للعادة المطردة بذلك ومن ثم لو دفن ماله بصحراء لم يقطع سارقه اه ز ي . قوله : ( ومخزن ) بفتح الزاي كما قاله الشوبري : وهو القياس لأنه اسم مكان وجوّز ، غيره الكسر والمراد به المكان الذي يخزن فيه داخل محل آخر ، كخزانة وصندوق قرره شيخنا . قال ح ل : ومقتضاه أن بيوت الدور والخانات لا تكون حرزاً للنقد والحلي وفيه نظر اه . قوله : ( ونوم بنحو صحراء ) وكذا يقطع بأخذ عمامة النائم من على رأسه ومداسه من رجله إن عسر قلعها وكيس دراهم وكان بحيث لو أخذ منه انتبه . ح ل وكذا خاتمة الذي في أصبعه وكذا سوار المرأة وخلخالها إن عسر إخراجه منها بحيث يوقظ النائم غالباً أخذاً مما ذكروه في الخاتم في الأصبح شرح م ر ملخصاً قال ع ش : وقياس ذلك أنه لو كان ثقيل النوم بحيث لا ينتبه بالتحريك الشديد ونحوه لم يقطع سارق ما معه وما عليه اه . قوله : ( كمسجد وشارع ) أي ومكان غير مغصوب شرح م ر . ومفهومه أنه لو نام في مكان مغصوب لا يكون ما معه محرزاً به ويوجه بأن المسروق منه متعدّ بدخول المكان المذكور فلا يكون المكان حرزاً له .
قوله : ( ولو توسده ) ما لم ينقله السارق عما توسده أو نام عليه وإلا فلا قطع ، لأنه أزال الحرز قبل السرقة بخلاف ما لو جرّه من تحته فإنه يقطع والفرق أنه في الأولى أزال الحرز وفي الثانية هتك الحرز وعبارة ز ي وفارق قلب السارق نحو نقب الجدار بأن هتك الحرز بإزالة من أصله بخلاف نحو النقب ثم وأما قول الجويني ولو وجد جملاً صاحبه نائم عليه فألقاه من عليه وأخذ الجمل قطع فقد خالفه البغوي فقال : لا قطع لأنه رفع الحرز أي أزاله ولم يهتكه وما قاله البغوي : وجيه . لما تقرر من الفرق بين رفع الحرز ، أي إزالته من أصله وهتكه اه . ولو أخذ النائم مع الجمل فلا قطع أيضاً لأنه لم يزل الحرز ولم يهتكه ع ش . وفي ق ل على الجلال فلو انقلب ولو بقلب السارق ومثله رميه عن دابة وهدم حائط دار وإسكاره حتى غاب عقله لأن ذلك من زوال الحرز ، لا من هتكه اه . وإن ضم نحو العطار والبقال الأمتعة وربطها بحبل على باب الحانوت ، أو أرخى عليها شبكة أو خالف لوحين على باب حانوته فمحرز نهاراً وإن نام أو غاب وكذا ليلاً بحارس وما في الجيب والكم محرز بهما وكذا المربوط بالعمامة أو المشدود بها ولو استحفظ شخصاً على ثوبه أو حانوته المفتوح فأجابه : ضمن بإهماله ولم يقطع بسرقته هو أو على حانوته المغلق لم يضمن بإهماله ويقطع بسرقته هو ومن هنا يؤخذ عدم ضمان الخفراء بإهمال الحوانيت المغلقة اه سم . مع تصرف ولو جعل المفتاح بشقّ قريب فلا(5/49)
"""""" صفحة رقم 50 """"""
قطع كما قاله ح ل ومفهومه أنه إذا كان بشق بمحلّ بعيد وفتش عليه السارق وأخذه يقطع وينبغي أن من حكم البعيد ما لو كان المفتاح مع المالك محرزاً بجيبه مثلاً فسرقته زوجته مثلاً وتوصلت به إلى السرقة وسرقت فتقطع كما في ع ش على م ر . قوله : ( فيه نقد ) ظاهره وإن لم يكن له وقع ح ل .
قوله : ( بنقبه ) الباء سببية قوله : ( وإن انصبّ ) غاية أي وإن لم يأخذه ومثل النقب قطع الجيب إذا وقع منه قدر النصاب وعليه اللغز المتقدم قوله : ( علم المالك وإعادة الحرز ) أي بإصلاحه أو غلق من المالك أو نائبه دون غيرهما لأنه بغير الإصلاح ليس حرزاً هذا ظاهر إن حصل من السارق هتك للحرز أما لو لم يحصل منه ذلك كأن تسوّر الجدار وتدلى إلى الدار فسرق من غير كسر باب ولا نقب جدار فيحتمل الاكتفاء بعلم المالك إذ لا هتك للحرز حتى يصلحه ع ش على م ر وعبارة م ر في شرحه فإن تخلل بينهما علم المالك بذلك ، وإعادة الحرز بنحو غلق باب وإصلاح نقب من المالك أو نائبه دون غيرهما ، كما اقتضاه كلام الروضة وإن لم يكن كالأول حيث وجد الإحراز ، كما لا يخفى فالإخراج الثاني سرقة أخرى لاستقلال كل حينئذ فلا قطع به كالأول فالأولى أن يقول فالسرقة بعد الإحراز الثاني الخ لأن الإحراز ليس سرقة وإلا بأن لم يتخلل ، علم المالك ولا إعادة الحرز أو تخلل أحدهما فقط سواء اشتهر هتك الحرز أم لا قطع في الأصح إبقاء للحرز بالنسبة إلى الآخذ لأن فعل الإنسان يبنى على فعله لكن اعتمد البلقيني فيما إذا تخلل أحدهما فقط عدم القطع اه بحروفه . قوله : ( إبقاء للحرز ) اعترض الشهاب البرلسي عبارة المنهج الموافقة لهذه بما نصه هذا ليس له معنى فيما إذا تخللت الإعادة بعد العلم لأنه حرز بالنسبة له ولغيره وأيضاً فكيف يقطع والفرض أن المخرج ثانياً دون نصاب ففي كلامه مؤاخذة من وجهين بل من ثلاثة وذلك لأن إطلاقه يوهم تصور إعادة المالك من غير علم وهو محال اه . والمؤخذات الثلاث واردة على الشارح كما لا يخفى . نعم يمكن منع محالية الثالث لجواز أن يشتبه حرز المالك بحرز غيره فيصلحه على ظن أنه لغيره من غير أن يعلم السرقة ودفع قوله وأيضاً بأن القطع إنما هو بمجموع المخرج ثانياً والمخرج أوّلاً لأنهما سرقة واحدة ويمكن دفع الأول أيضاً . قوله : ( وإن كان مرهوناً ) بمنزلة قوله : وإن تعلق به حق(5/50)
"""""" صفحة رقم 51 """"""
للغير قوله : ( لم يقطع ) لأنه لما جاز دخوله الحرز لأخذ ملكه صار ما فيه غير محرز بالنسبة له . قوله : ( ولو سرق مع ما اشتراه ) أي وكان دخوله بإذنه وكان قاصداً الشراء وإلا قطع . قوله : ( بعد تسليم الثمن ) وكذا قبله إن كان الثمن مؤجلاً . قوله : ( لا يحصل بالموت ) أي بل بالقبول بعده قوله : ( فإن قيل الخ ) الإيراد على الصورة الثانية قوله : ( كشراء ) كأن وكل غيره في شرائه فاشتراه الوكيل قبل إخراج الموكل له وقوله : قبل إخراجه ظرف لملك . قوله : ( قبل إخراجه من الحرز ) أي وكذا بعده قبل الرفع إلى الحاكم . قوله : ( أو نقص في الحرز عن نصاب بأكل بعضه ) هذه تقدمت بعينها . ويجاب عن الشارح بأنه كان يغلب عليه الاستغراق في بحر الأحدية ، فيقع منه التكرار وغيره لا عن قصد كما وقع للسيد الدسوقي من الأمور التي لا تليق أن تقع من غيره .
قوله : ( ملك المسروق ) أي ملكاً سابقاً على السرقة وإن قامت بينة بل أو حجة قطعية بكذبه كما اقتضاه إطلاقهم شرح م ر . وهذا عدّه الشيخ أبو حامد من الحيل المحرمة ، وعدّ دعوى الزوجية من الحيل المباحة كما في سم . وعبارة ع ش على م ر ولا بما إذا ادعى ملكه وإن لم يكن لائقاً به وكان ملك المسروق منه ثابتاً ببينة أو غيرها وهي من الحيل المحرمة بخلاف دعوى الزوجية في الزنا فهي من الحيل المباحة ذكره الشيخ أبو حامد ولعل الفرق بينهما أن دعوى الملك هنا يترتب عليها الاستيلاء على مال الغير بالبيع ونحوه بخلاف الزوجية فجوّز دعوى الزوجية فيه توصلاً إلى إسقاط الحد اه بحروفها . قوله : ( دارئة ) أي مسقطة وادعاؤه الملك ليس قيداً حتى لو ادعى أنه ملك سيده أو ملك بعضه أو أنه أخذه من الحرز بإذنه أو أن الحرز مفتوح أو أن المسروق دون النصاب ، وإن(5/51)
"""""" صفحة رقم 52 """"""
ثبت كذبه كما لو زنى بامرأة فادّعى أنها حليلته كان الأمر كذلك فلا قطع في هذه الصور كلها ز ي . قوله : ( السارق الظريف ) روى أصحاب الغريب عن عمر أنه قال إذا كان اللص ظريفاً لم يقطع أي إذا كان بليغاً جيد الكلام يحتج عن نفسه بما يسقط الحد عنه . والظرافة في اللسان البلاغة وفي الوجه الحسن وفي القلب الذكاء اه دميري . قوله : ( أنه له ) بدل من قوله : المسروق قوله : ( فكذبه الآخر ) وقال : بل سرقناه بخلاف ما لو صدقة أو سكت أو قال : لا أدري فلا يقطع أيضاً لقيام الشبهة . قوله : ( لما مر ) أي لاحتمال صدقه قوله : ( مالاً مشتركاً ) خرج ما لو سرق غير المشترك فيقطع إن دخل الحرز بقصد سرقته فقط ، لامتناع دخوله حينئذ وعبارة ق ل هو أي التعليل يقتضي قطعه بمال شريكه غير المشترك وهو كذلك إن سرق من حرز ليس فيه مال مشترك بينهما أو فيه ودخل بقصد سرقة مال شريكه وإلا فلا وفيه نظر .
قوله : ( سواء في ذلك شبهة الملك ) ذكر أن الشبهة ثلاثة : شبهة الفاعل ، وشبهة المحل ، وشبهة الملك ، وهل يأتي هنا شبهة الطريق انظره اه م د . قوله : ( على صورة السرقة ) أي من حيث إنه آخذ للشيء خفية من حرز مثله قوله : ( أو ملك أصله أو فرعه ) وفي الحديث الحسن ( أنت ومالك لأبيك ) اه دميري . قوله : ( لما بينهما ) علة لمحذوف أي فلا يقطع لما بينهما الخ قوله : ( ومنها ) أي من حاجة الآخر الخ في كون هذا من الحاجة نظر إلا أن تجعل من تعليلية أي ومن أجلها عدم قطع يده بسرقة الخ . وعبارة م د ومنها أي ومن حاجة الآخر أن لا تقطع يده بسرقة ذلك المال أي مال كل منهما حتى لو سرق الأخ مال أخيه مثلاً فادّعى أنه مال أبيه فلا يقطع وإن كذبه الأب كأن قال له : ليس هذا مالي بل مال أخيك اه .(5/52)
"""""" صفحة رقم 53 """"""
قوله : ( منهما ) أي الأصل أو الفرع قوله : ( فروع ) هي أربعة : أولها يتفرع على الشرط السادس وهو أن لا يكون للسارق شبهة في المسروق كمال أبيه ، أو ابنه فذكر من الشبهة ما لو سرق طعاماً زمن قحط وهو لا يقدر على ثمنه فلا يقطع لشبهة وجوب حفظ نفسه عليه . وثانيها يتفرع على الشرط الرابع وهو الأخذ من حرز مثله فذكر أن محله إن لم يؤذن له في دخول الحرز فإن أذن له فلا قطع لكونه صار غير محرز عنه . وثالثها يتفرع على عموم أخذ ما يساوي نصاباً من حرز مثله فذكر أنه يشمل الخسيس من حطب وحشيش وإن تيسر أخذ مثلهما بسهولة من أرض مباحة كصحراء . ورابعها مفرع على ما تقدم أيضاً من قوله : أن يسرق ما قيمته نصاب وقت الإخراج فذكر أن عموم الأدلة تدل على شمول ذلك لما هو معرّض للتلف كالأطعمة ، والفواكه ، ونحوهما م د .
فرع : إذا نبش قبر فإن كان القبر في بيت محرز قطع بسرقة الكفن منه ، وكذا يقطع إذا كان القبر بمقبرة بطرف العمارة على الأصح ومنه تربة الأزبكية ، وتربة الرميلة ، فيقطع السارق منهما وإن اتسعت أطرافها وينبغي أن محل ذلك ما لم تقع السرقة في وقت يبعد شعور الناس فيه بالسارق وإلا فلا قطع حينئذ اه ع ش على م ر . وإن كانت بمضيعة فلا قطع على الأصح ، قال في الروضة وعزاه الإمام إلى جماهير الأصحاب ولو وضع في القبر شيء سوى الكفن قال في الروضة قال الإمام : إن كان القبر في بيت تعلق القطع بسرقته وإن كان في المقابر فوجهان أصحهما وبه قطع الجمهور لا قطع به للعادة بخلاف الكفن لأن الشرع قطع فيه النباش وجعله محرزاً لضرورة التكفين والدفن اه . قال الزيادي : ولا أثر لإخراج الكفن الشرعي من اللحد(5/53)
"""""" صفحة رقم 54 """"""
إلى فضاء القبر لأنه لم يخرجه من تمام الحرز وبحث بعضهم اشتراط كون كل من القبر والميت محترماً ليخرج قبر في أرض مغصوبة وميت حربي ولو سرق ثوباً من حمام . وهناك حارس قطع بشروط : الأول استحفاظه الحارس ، الثاني دخول السارق بقصد السرقة فإن دخل على العادة وسرق لم يقطع ، الثالث أن يخرج السارق الثياب من الحمام كما في الروضة عن فتاوى الغزالي اه سم . وهو أي الكفن كالعارية للميت لأن نقل الملك إليه غير ممكن فهو ملك لمن كفنه من وارث أو أجنبي . فيخاصم مكفنه سارقه فإن كفن من التركة خاصمه الورثة واقتسموه أو من مال أجنبي أو سيد أو بيت المال خاصمه المالك في الأوليين والإمام في الثالثة ومتى ضاع قبل قسمة التركة وجب إبداله منها فإن قسمت أو لم تكن فعلى المسلمين اه ز ي .
قوله : ( ولم يقدر عليه ) أي على ثمنه قوله : ( بسرقة حطب الخ ) أي بعد حيازتهما أو كانا في صحراء محرزة بحارس وكذا الثمار على الأشجار إن كان لها حارس وأما نفس الأشجار فإن كانت في البيوت كانت محرزة ، وإلا فلا بد من حارس . قوله : ( لذلك ) أي لعموم الأدلة قوله : ( وبماء وتراب ) وقيل : لا يقطع بسرقة ماء من حرز مثله وعليه الغرم لقوله عليه الصلاة والسلام : ( الناس شركاء في ثلاث الماء والنار والكلأ ) قال في القواعد : ويحرم على الشخص أن يأخذ متاع الغير على وجه المزاح لأن فيه ترويعاً لقلبه اه سم وح ل . وتردد الزركشي في سرقة مصحف موقوف للقراءة فيه في المسجد والأوجه عدم القطع ولو غير قارىء لشبهة الانتفاع به بالاستماع للقارىء فيه كقناديل الإسراج اه . شرح ابن حجر وقناديل وهو بكسر القاف معروف ووزنه فعليل لا فنعيل وفتح القاف لحن مشهور اه شوبري . قوله : ( لما مر ) أي لعموم الأدلة . قوله : ( نعم لو كان المكره الخ ) عبارة البرماوي نعم يقطع إن أكره عجمياً يعتقد الطاعة وكذا ولو نقب الحرز ثم أمر صبياً غير مميز أو نحوه بالإخراج منه فأخرج فإنه يقطع الآمر أيضاً فإن أمر مميزاً أو قرداً به فلا قطع لأنه ليس آلة له ولأن للحيوان اختياراً . فإن قلت : لو علمه القتل ثم أرسله على إنسان فقتله فإنه يضمن فهلا وجب عليه الحدّ هنا . قلت : أجيب(5/54)
"""""" صفحة رقم 55 """"""
بأن الحدّ إنما يجب بالمباشرة دون السبب بخلاف القتل ثم إن القرد مثال فيقاس عليه كل حيوان معلم . ولو عزّم على عفريت فأخرج نصاباً من حرزه هل يقطع أو لا الظاهر الثاني كما لو أكره بالغاً مميزاً على الإخراج فإنه لا قطع على واحد منهما اه . ثم رأيت للدميري في حياة الحيوان الكبرى ما نصه : لو علم قرده النزول إلى الدار وإخراج المتاع منها ثم نقب وأرسل القرد فأخرج المتاع ينبغي أن لا يقطع لأن للحيوان اختياراً ونقل البغوي أن المرأة لو مكنت من نفسها قرداً فوطئها فعليها ما على واطىء البهيمة فتعزر في الأصح وتحدّ في قول ، وتقتل في قول .
قوله : ( ويقطع مسلم وذمي بمال مسلم وذمي ) صوره أربع والأظهر قطع أحد الزوجين بالآخر أي بسرقة ماله المحرز عنه لعموم الأدلة وشبهة استحقاقها النفقة والكسوة في ماله لا أثر له لأنها مقدرة محدودة وبه فارقت المبعض والقن وأيضاً فالفرض أنها ليس لها عنده شيء منهما فإن فرض أن لها شيئاً من ذلك حال السرقة وأخذته بقصد الاستيفاء لم تقطع كدائن سرق مال مدينه بقصد ذلك وإن لم توجد شروط الظفر كما اقتضاه إطلاقهم ولو ادعى جحود مديونه أو مماطلته صدق كما بحثه الأذرعي لاحتمال صدقه اه شرح م ر . وقوله : المحرز عنه أي بأن يكون في بيت آخر غير الذي هما فيه أما لو كان في بيت واحد . فلا قطع ولو كان في المال في الصندوق يقفل مثلاً وأخذه بالمال الذي هو فيه من هذا البيت أي فلا قطع بذلك لأنه غير محرز بالنسبة له بخلاف ما إذا فتح الصندوق وأخذ منه نصاباً فيقطع وإن كانا في بيت واحد لأن الصندوق حرز لما فيه فمحل كونه لا يقطع بالصندوق إذا كانا في بيت واحد إذا أخذ الصندوق بالذي فيه من غير فتح . قوله : ( فأشبه ) أي كل من المعاهد والمؤمن اه قوله : ( كونه محترماً ) أي مالاً محترماً كما يدل عليه قوله الآتي : ولو محترمة الخ قال بعضهم : والصواب إسقاط هذا الشرط إذ هو خارج بما تقدم في قول المتن : نصاباً إذ هو لا يكون إلا مالاً . قوله : ( فلو أخرج ) لم يقل سرق لأن أخذ ما ذكر لا يسمى سرقة لأنها أخذ المال الخ وهذا لا يسمى مالاً . قوله : ( وجلد ميت ) الذي بخطه ميتة .(5/55)
"""""" صفحة رقم 56 """"""
قوله : ( فإن بلغ إناء الخمر ) مقابل لمحذوف أي وهذا إن لم يبلغ إناء الخمر نصاباً .
قوله : ( هذا ) أي كونه يقطع بإناء الخمر . قوله : ( أما إذا قصد تغييرها ) أي بالإراقة قوله : بدخوله أي للحرز . قوله : ( في الأولى ) هي قوله : إذا قصد تغييرها بدخوله والثانية هي قوله : أو بإخراجها . وقوله : وسواء راجع لكل منهما . وقوله : بقصد السرقة أم لا متعلق بإخراجها . وبقوله : أو دخل على وجه التنازع . قوله : ( وطنبور ) هو بالضم فارسي معرّب والطنبار بالكسر لغة فيه اه مختار قوله : ( فإن بلغ مكسره ) المراد بمكسره خشبه وأجزاؤه من الحبال على فرض لو فصلت وأزيلت صورتها وليس المراد الكسر الحقيقي . قوله : ( هذا ) أي محل كونه يقطع بمكسره إن بلغ نصاباً قوله : ( ما لا يحل ) ليس هذا مكرراً مع ما تقدم بلى هو أعمّ لأن ما تقدم خاص بالشعر المحرّم وما هنا أعم من الشعر وغيره . قوله : ( والقرطاس ) أي الورق . وحاصل الفرق بين التقويم المباح والمحرّم أن المباح يقوّم بهيئته مكتوباً مع الجلد والمحرم يقوم الورق بفرض كونه أبيض من غير كتابة . قوله : ( يبلغ نصاباً ) هذا قد تقدم فهو مكرر قوله : ( ليشهره بالكسر ) أي ليشهر كسره بين الناس وقال م د : أي لينظر إليه في إزالة المنكر قوله : ( ولو كسر إناء الخمر ) مقابل لمحذوف أي ما تقدم إذا سرقها صحيحة فإن كسرها قبل إخراجها ثم أخرجها فكذلك . أي إن بلغ نصاباً قطع وإلا فلا كحكم الصحيح ومحل القطع في الجميع ما لم يقصد إزالة المعصية سواء قبل الدخول أو وقت الإخراج وإلا فلا قطع . قوله : ( والطنبور ونحوه ) أي كالمزمار والصنم والصليب كحكم الصحيح أي كحكم الإناء الصحيح إذا سرقه لا بقصد التغيير كما مر . قوله : ( أو إناء النقد ) وتعتبر قيمته بهيئته وصورته . والفرق بينه وبين آلات(5/56)
"""""" صفحة رقم 57 """"""
الملاهي أن هذا محرّم لعارض دون تلك ولهذا لا تباح إلا لضرورة . قوله : ( والعاشر الخ ) قال بعضهم : الأولى حذف هذا الشرط وما أخرجه به يخرج بالشرط السادس وهو عدم الشبهة وأيضاً فما معنى كون الملك تاماً قوياً وما معنى كون الملك غير تام ، وغير قويّ في المسائل التي أخرجها . إلا أن يقال المراد : بالملك التام القوي أن يكون مالكه معيناً سواء كان واحداً أو متعدداً والمراد بكون الملك فيما أخرجه غير تام الخ أن الحق لجميع المسلمين لا يختص به واحد دون آخر والتعبير بالملك فيه نوع مسامحة لأنه لا ملك وإنما هو استحقاق انتفاع .
قوله : ( تاماً قوياً ) يقتضي أن المسلمين يملكون حصر المسجد ونحوها ملكاً ضعيفاً وليس كذلك إذ الثابت لهم الاختصاص لا الملك ففي هذا الكلام نظر وقد يقال قوله : تاماً قوياً أي بأن يختص به معين أخذا مما بعده . قوله : ( فلا يقطع مسلم ) يتأمل تفريعه على كون الملك تاماً قوياً فقد يقال : ما معنى كون الملك في هذا غير تام وغير قويّ إلا أن يقال ما للمسلمين فيه حق مما هو مملوك فملكه غير تام وغير قوي فالمراد بالقوي أن يختص به معين اه م د . وعلى كل ففيه تساهل وقد أخرجه شيخ الإسلام بشرط عدم الشبهة للسارق وما ذكر فيه له شبهة . قوله : ( حصر المسجد ) أي إذا كان عاماً أما إذا كان خاصاً بجماعة فالموقوف عليهم يفضل فيهم التفصيل الذي في الشارح وأما غيرهم فيقطع مطلقاً م ر . قوله : ( ولا سائر ما يفرش فيه ) كالبساطات والسجادات ولو في بعض الأيام كالجمع والأعياد . وقوله : المعدة للزينة . انظر ما المراد بالمعدة للزينة فإن الحصر إذا فرشت ولو يوم العيد فهي معدة للاستعمال . فلعل المراد بها حصر أو سجادات تعلق على الحيطان في بعض الأيام للزينة لأنه لا استعمال حينئذ اه . ومثل الحصر المنبر ، والدكة وكرسي الواعظ وإن لم يكن السارق خطيباً ولا واعظاً ولا مؤذناً ولا يقطع بسرقة بكرة بئر مسبلة على المعتمد كما في ح ل على المنهج وينبغي أن يلحق بذلك أبواب الأخلية لأنها تتخذ للستر بها ، عن أعين الناس ع ش على م ر . قوله : ( كمال بيت المال ) ظاهره وإن زاد على ما يستحقه بقدر ربع دينار كما في المال المشترك اه سم .
قوله : ( حصر الزينة ) وهي التي تفرش في الأعياد ونحوها كالجمع ، شيخنا خلافاً لمن خصها بالتي تبسط على الحيطان . قوله : ( وبالمسلم الذمي ) وكذا مسلم لا يستحق الانتفاع بها بأن اختصت بطائفة ليس هو منهم كما هو قضية التعليل ز ي ومثله في شرح م ر . قال ع ش عليه : وليس منه أروقة الجامع الأزهر فإن الاختصاص بمن فيها عارض إذ أصل المسجد ، إنما وقف للصلاة والمجاورة به من أصلها طارئة . قوله : ( فيقطع ) وأما سرقته من كنائسهم فينبغي أن(5/57)
"""""" صفحة رقم 58 """"""
يجري فيه تفصيل المسلم في سرقته من المسجد ع ش على م ر . قوله : ( بلاط المسجد ) ورخامه الذي في أرضه أما ما في جداره فيقطع به والكلام في غير البوّاب أما هو فلا يقطع أصلاً لأنه غير محرز عليه ومثله المجاورون فيه . قوله : ( باب المسجد ) ويلحق به ستر الكعبة فيقطع سارقه على المذهب إن خيط عليها لأنه حينئذ محرز وينبغي أن يكون ستر المنبر كذلك ، إن خيط عليه وكذا يقال : مثل ذلك في ستر الأولياء اه . شرح م ر وع ش وسيذكره الشارح . قوله : ( وجذعه ) أي ما يعمر عليه بأن يجعل السقف عليه وكذا السقوف فيقطع بها لأنه إنما يقصد بوضعها صيانته لانتفاع الناس فلو جعل فيه نحو سقيفة بقصد وقاية الناس من نحو البرد فلا قطع ومن ذلك ما يغطي به نحو فتحة في سقفه لدفع نحو البرد الحاصل منها على الناس اه م ر شوبري . قوله : ( وتأزيره ) هو ما يعمل في أسفل الجدار من خشب ونحوه اه شيخنا . قال في المصباح : أزرت الحائط تأزيراً جعلت له من أسفله كالإزار . قوله : ( وسواريه ) أي عواميده وقناديل زينة بالإضافة . والحاصل أن كل ما كان لتحصين المسجد وحفظه كأبوابه وسقفه وما كان للزينة يقطع بسرقته وما ينتفع به لا قطع بسرقته ومثل قناديل الزينة ما هي معلقة به من نحو سلسلة ح ل . قوله : ( وينبغي أن يكون ستر المنبر ) وكذا سجادة الإمام المختصة به اه خ ض قوله : ( وإن لم يفرز لطائفة ) لعل المراد لطائفة معينة وإلا فهو مفرز متميز عن غيره من أموال بيت المال .
قوله : ( كمال المصالح ) هذه هي المسألة الأولى قوله : ( وكصدقة ) أي واجبة وهي الزكاة بدليل قوله : أو غارم لذات البين أو غاز لأن حقهم في الزكاة لا في صدقة التطوّع وهذه هي المسألة الثانية . قوله : ( يقطع بذلك ) أي بما يتعلق بالمسجد وما يتعلق ببيت المال قوله : ( وبشرط الضمان ) أي لأنه إذا أيسر رجع عليه بما دفعه له اه م د .(5/58)
"""""" صفحة رقم 59 """"""
قوله : ( بالتبعية ) أي فلا نظر إليه في رفع الحدّ وهل يشكل بما يأتي فيما لو سرق مالاً موقوفاً على الوجوه العامة حيث لا يقطع ولو كان السارق ذمياً للتبعية أو لا ويفرق بقوة التبعية ثم باعتبار وقفه على نفس الجهة التي بها انتفاع التابع والمتبوع بخلاف ما هنا فإنه لم يختص بتلك الجهة بل لما كان قد يصرف فيما ينتفع به المسلمون كان شبهة لهم بخلاف غيرهم لضعف الشبهة بعدم تعينه في الصرف لما به الانتفاع اه . وأقر بعضهم الفرق . وحاصله أن التبعية في مال المصالح ضعيفة والتبعية في الموقوف على الجهات العامة قوية لتعين هذا الجهة الانتفاع بخلاف مال المصالح اه م د قوله : ( وأما في الثانية ) وهي الصدقة أي الزكاة . قوله : ( فلا يقطع لما مر ) أي لاستحقاقه قوله : ( فإن لم يكن له في بيت المال حق ) كان الأولى حذفه لأنه إن كان متعلقاً بمال المصالح فالغني والفقير له فيه حق فلم يبق غيرهما حتى يخرجه بذلك وإن أخرجنا به الذمي فذكره الشارح سابقاً وإن كان متعلقاً بمسألة الصدقة فإن كان المراد به الغني . فقد أخرجه قبل ذلك فتعين عدم ذكره حينئذ ولا يصح أن يراد به الذمي لأن الشارح أخرجه أيضاً وقوله : فإن لم يكن له في بيت المال أي وكان الأخذ من غير مال المصالح اه شيخنا . قوله : ( ويقطع بموقوف على غيره ) أي ممن ليس نحو أصله وفرعه ولا مشاركاً له في صفة من صفاته المعتبرة في الوقف إذ لا شبهة له فيه حينئذ اه م ر . قوله : ( موقوفاً على الجهات العامة ) كطاسة السبيل قوله : ( أو على وجوه الخير ) كمركب موقوف على من ركبها قوله : ( لأنه تبع للمسلمين ) لا ينافيه ما تقدم في سرقة بيت المال حيث يقطع به الذمي ولا نظر للصرف منه في المصالح العامة التي ينتفع بها تبعاً لتعين هذا للمصالح فقويت فيه الشبهة بخلاف ذاك كما تقدم اه م د . قوله : ( مختلس ) أي مختطف ح ل .(5/59)
"""""" صفحة رقم 60 """"""
قوله : ( وهو من يأخذ عياناً الخ ) وما قيل : من أن تفسير المنتهب يشمل قاطع الطريق فلا بد من لفظ يخرجه يردّ بأن للقاطع شروطاً يتميز بها فلم يشمله الإطلاق شرح م ر . قوله : ( ولا منكر وديعة الخ ) خلافاً للإمام أحمد في القطع بالعارية اه برماوي . قوله : ( وتقطع يده الخ ) لما فرغ من الشروط الموجبة للقطع والشبهة المسقطة له شرع في الحكم المترتب على السرقة وهو القطع فقال : وتقطع يده الخ أي بعد طلب المالك المال وثبوت السرقة بشروطها ، وإلا قطع في الحال لاحتمال أن يعفو عن المال فيسقط القطع ، أو يقر المالك بأن المال للسارق فيسقط أيضاً وإن كذبه السارق والقاطع الإمام أو السيد إن كان المقطوع عبداً فإن كان حراً فالإمام فقط أو نائبه . ولا يجوز الإذن لعدوّ الجاني لئلا يعذبه ولا لكافر في مسلم ويجوز للإمام أن يستوفي من نفسه في قتل وقطع ولو في سرقة لا في جلد ونحوه لاتهام عدم إيلام نفسه ، ولا يأثم بقتل نفسه هنا كما في ق ل على الجلال ، وبه يلغز ويقال : لنا شخص قتل نفسه ولا إثم عليه . فافهم فإن كان المالك صبياً أو مجنوناً انتظر كمالهما لأنهما ربما أباحا له ذلك بعد فيسقط القطع اه أ ج . وعبارة المنهج ولا قطع إلا بطلب من مالك فلو أقر بسرقة لغائب أو صبي أو مجنون أو لسفيه فيما يظهر لم يقطع حالاً لاحتمال أن يقر أنه كان له أو أقر بزنا بأمته أي الغائب حدّ حالاً لأن حد الزنا لا يتوقف على الطلب اه . وقوله : إلا بطلب للمال وظاهر كلامه أن ذلك بعد ثبوته وثبوت سرقته وهو مشكل مع قولهم : يقطع ولو أبرأه المالك من المال المسروق أو وهبه له والمفهوم من كلام غيره أن طلبه للمال يثبت سرقته وإذا ثبتت سرقته لا يسقط القطع ، وإن فرض أنه أبرأه من المال بعد ثبوته . وعلى هذا لا إشكال ح ل أي فالمدار على ثبوت السرقة والمال وإن أبرىء منه كما قرره شيخنا . وليس المطلوب خصوص الإيفاء كما قاله سم قال الناشري : ولو قطع الإمام قبل الطلب فلا ضمان عليه وإن سرى إلى النفس اه م ر شوبري .
فرع : يسن لصاحب المال العفو عن السارق قبل رفع الأمر للحاكم وبعده يمتنع عليه وعلى الحاكم . وفي الدميري أن معاوية عفا عن السارق حين أنشدته أمه :(5/60)
"""""" صفحة رقم 61 """"""
يميني يا أمير المؤمنين أعيذها
بعفوك أن تلقى نكالاً يشينها
فلا خير في الدنيا وكانت خبيثة
إذا ما شمالي فارقتها يمينها فعفا عنها وهذا مذهب صحابي فلا يرد اه رحماني . قوله : ( اليمنى ) ولو شلاء حيث أمن نزف الدم وإلا فرجله اليسرى وهذا حيث كان الشلل متقدماً على السرقة . أما لو سرق فشلت يمينه ولم يؤمن من نزف الدم أو سقطت بآفة أو بغيرها فيسقط القطع سم وعبارة البرماوي قوله : اليمنى أي إن انفردت ولو معيبة أو ناقصة أو شلاء ، إن أمن نزف الدم أو زائدة الأصابع أو فاقدتها خلقة أو عرضاً فإن تعددت كفي الأصلي منها إن عرف أو واحدة إن اشتبه وعلى هذا لو سرق ثانياً قطعت الثانية وحينئذ ترد هذه على قول المصنف فإن سرق ثانياً قطعت رجله اليسرى وقد يقال : لا ترد لأن كلامه مبني على الخلقة المعتادة والحكمة في البداءة باليمين أن البطش بها أقوى ولأن الغالب كون السرقة بها فكان قطعها أردع ، وحكمة التعلق بالرجل أيضاً أنه في السرقة يأخذ بيده ويمشي برجله سم على المنهج . قوله : ) فاقطعوا أيديهما } ) المائدة : 38 ) دليل لقوله : وتقطع وقوله : وقرىء شاذاً دليل لقوله : اليمنى ولو أخرج السارق للجلاد يساره فقطعها فإن قال المخرج : ظننتها اليمنى أو أنها تجزىء أجزأته وإلا فلا لأن العبرة في الأداء بقصد الدافع وهذه طريقة يومىء إلى ترجيحها كلام الروضة . وصححها الرافعي في آخر باب استيفاء القصاص والمصنف في تصحيحه وصححه الأسنوي وإن حكي في الروضة طريقة أخرى أنه يسأل الجلاد فإن قال : ظننتها اليمنى أو أنها تجزىء عنها وحلف لزمته الدية وأجزأته أو علمتها اليسار وأنها لا تجزىء لزمه القصاص إن لم يقصد المخرج بدلها عن اليمنى أو إباحتها ولم تجزه وجزم بها ابن المقري اه م د . وعبارة المنهج وشرحه ولو قال : مستحق قود للجاني الحر العاقل أخرجها فأخرج يساراً سواء أكان عالماً بها وبعدم إجزائها أم لا وقصد إباحتها فقطعها المستحق فمهدرة أي لا قود فيها ولا دية وإن لم يتلفظ بالإذن في القطع سواء أعلم القاطع أنها اليسار أم لا ويعزر في العلم أو قصد جعلها عنها أي عن اليمين ظاناً إجزاءها عنها أو أخرجها دهشاً وظناها اليمين أو ظن القاطع الإجزاء فدية تجب لها أي لليسار لأنه لم يبذلها مجاناً فلا قود لها لتسليط مخرجها بجعلها عوضاً في الأولى وللدهشة القريبة في مثل ذلك في الثانية بقسميها ويبقى قود اليمين في المسائل الثلاث لأنه لم يستوفه ولا عفا عنه لكنه يؤخر حتى تندمل يساره إلا في ظن القاطع الإجزاء عنها فلا قود لها بل تجب لها دية فإن قال القاطع : وقد دهش المخرج ظننت أنه أباحها وجب القود في اليسار وكذا لو قال : علمت أنها اليسار وأنا لا تجزىء عن اليمين أو دهشت اه . وقوله : للجاني الحر العاقل ، أما القن فقصده الإباحة لا يهدر يساره لأن الحق لسيده لكن الأوجه أنه يسقط قودها إذا كان القاطع قناً ، وأما المجنون فلا عبرة بإخراجه ثم إن علم المقتص قطع وإلا لزمته الدية كما في ز ي وبرماوي وقوله : سواء كان عالماً فيه صور أربع وهي كونه عالماً بأنها اليسار وأنها لا تجزىء(5/61)
"""""" صفحة رقم 62 """"""
أو ظن الإجزاء أو جهل الحال أو لم يعلم بالحكم بالكلية فهذه هي الأربع وعلى كل إما أن يتلفظ أو لا فهاتان صورتان تضربان في الأربع بثمانية فهذه أحوال المخرج وأما القاطع فله أحوال أيضاً وهي علمه بأنها اليسار وأنها لا تجزىء أو جهل الحال أو قال : ظننت الإجزاء أو قال : غفلت فهذه أربعة أحوال تضرب في ثمانية أحوال المخرج يكون الحاصل اثنين وثلاثين . وفي كل المخرج قاصد إباحتها والقاطع إما أن يعلم الإباحة أو لا فهاتان صورتان تضربان في العدد المذكور يكون الحاصل بالضرب أربعة وستين فهي في هذه كلها مهدرة لا قود فيها ولا دية فإن قصد المخرج جعلها عنها أو أخرجها دهشاً وظنها اليمين أو ظن القاطع الإجزاء فدية تجب له في هذه الثلاث فإن قال القاطع : وقد دهش المخرج ظننت أنه أباحها ، أو علمت ، أنها اليسار وأنها لا تجزىء ، أو دهشت . وجب القود في هذه الثلاث على القاطع هذه حكم ما يتعلق باليسار . وأما يد المجني عليه اليمين فقودها باق في هذه الصور السبعين إلا في ظن القاطع الإجزاء فيسقط القود فيها وفيها الدية وهذا كله يؤخذ من متن المنهج ، وشرحه . كما قرره شيخنا العزيزي . وقال الزيادي : حاصل مسألة الدهشة أن يقال : اليسار مضمونة مطلقاً إلا إذا قصد المخرج إباحتها ولا يجب فيها قصاص إلا إذا قال المخرج : دهشت وقال : القاطع علمت أنها اليسار وأنها لا تجزىء أو ظننت أنه أباحها أو دهشت أيضاً ويبقى قصاص اليمين إلا إذا أخذها عوضاً . ولو أباحها المخرج وأخصر من هذا أن يقال : إن المخرج إن قصد الإباحة هدرت يده وإلا فهي مضمونة بالدية إلا في حالة الدهشة فبالقصاص واليمين قصاصها باق إلا إذا أخذ اليسار عوضاً ونظم بعضهم ذلك فقال :
إن اليسار مطلقاً قد ضمنت
ما لم يبحها مخرج كما ثبت
وفي الضمان دية إلا الدهش
فبالقصاص حكمها قد انتقش
قصاص هذه اليمين باقي
ما لم يرد التعويض باتفاق
وفي ق ل على الجلال : حاصل مسألة الدهشة أن يقال : إن اليمين فيها القود إلا إن ظن القاطع إجزاء اليسار عنها أو قصد أنها عوض عنها وأن اليسار مهدرة في قصد المخرج الإباحة مطلقاً وفيها القود إن دهشا معاً أو علم القاطع أنها اليسار وأنها لا تجزىء أو ظن إباحتها وإلا فالدية اه . قوله : ( أو زائدتها ) أي على المعتمد فيهما وقيل : يعدل إلى الرجل فيهما اه م ر . فالغاية للرد على القول الضعيف . قوله : ( أو سرق مراراً ) معطوف على الغاية وقوله : لاتحاد السبب وهي السرقة . قوله : ( يكتفى بحد واحد ) أي حيث تأخر على الجميع اه ع ش . وإنما(5/62)
"""""" صفحة رقم 63 """"""
تعددت الكفارة فيما لو لبس أو تطيب في الإحرام في مجالس مع اتحاد السبب لأن فيها حقاً لآدمي لأنها تصرف إليه فلم تتداخل بخلاف الحد اه شرح الروض . قوله : ( وكاليد اليمنى في ذلك ) أي في الاكتفاء بقطعه بعد السرقة مراراً وفي الاكتفاء بالمعيبة . قوله : ( في مفصل الكف ) أي مما اتصل بالزند . قوله : ( مما يلي الإبهام ) أي أصل الإبهام فأصل الإبهام فاصل بين الكوع والإبهام وعبارة القاموس والمصباح الكوع بالضم والكاع طرف الزند الذي يلي الإبهام فإذا قطعت كفه فالكوع باق لأنه رأس الساعد الذي يلي الإبهام والكرسوع والرسغ كذلك والأوّل ما يلي الخنصر وقول الشارح . والبوع : هو العظم الذي عند أصل إبهام الرجل أي المتصل بإبهامها فليس نظير الكوع لأن ذاك في رأس الزند كما مر قال بعضهم :
وكوع يلي إبهام يد وما يلي
لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط
وعظم يلي إبهام رجل ملقب
ببوع فخذ بالعلم واحذر من الغلط
قوله : ( من العظم الذي ) كان الأولى حذف من وزيادة اسم بالعطف ويقول واسم الخ . ويكون يدري بمعنى يعلم وينحل المعنى لا يعلم ما اسم العظم الذي عند إبهام يديه واسم العظم الذي الخ . وقد يقال : الكلام في المسمى لا الاسم أي لا يعرف مسمى كوعه من مسمى بوعه وكتب بعض الأفاضل لم أقف في كتب اللغة المشهورة كالصحاح والقاموس والمصباح والأساس على استعمال البوع بهذا المعنى ولا ما نقله الشارح من قولهم : ما يعرف كوعه من بوعه وإنما الذي في المصباح قولهم : فلان ما يعرف كوعه من كرسوعه أي وهو أقوى في الغباوة لقرب الكرسوع من الكوع وأما البوع على تسليم استعماله بالمعنى المذكور فلا يستغرب الجهل به لأن كون عظمين يلي كل منهما الإبهام يختلف اسمهما باعتبار محلهما لا يستغرب الجهل به اه م د وقال صاحب تثقيف اللسان : الكوع رأس الزند مما يلي الإبهام والبوع ما بين طرفي الإنسان إذا مدهما يميناً وشمالاً سم على المنهج ويرادفه الباع .
قوله : ( الذي عند كل إبهام ) لعل العندية باعتبار كونه يلي الإبهام في الجهة لا الالتصاق به لما علم أن الكوع طرف الزند الذي في جهة الإبهام فاحفظ ذلك فكثيراً ما يغلط فيه اه م د . قوله : ( فإن سرق ثانياً ) ولو ما سرقه أوّلاً قال في الروض : وشرحه وإن قطع بسرقة عين ثم(5/63)
"""""" صفحة رقم 64 """"""
سرقها ثانياً من مالكها الأوّل أو من غيره قطع أيضاً لأن القطع عقوبة تتعلق بفعل في عين فيتكرر ذلك الفعل كما لو زنى بامرأة وحدّ ثم زنى بها ثانياً . قوله : ( بعد اندمال يده ) أي وجوباً وفارق الحرابة بأن اليد والرجل فيها حد واحد ولذلك يجوز تقديم قطع الرجل على اليد فيها ق ل على الجلال . وقوله : بعد اندمال يده الخ فلو والى بينهما فمات المقطوع بسبب ذلك فلا ضمان كما في ع ش على م ر . قوله : ( لما مر ) أي لئلا يفضي التوالي إلى الهلاك . قوله : ( أن السارق إن سرق الخ ) بكسر همزة إن لأن المراد أنه روى هذا اللفظ ، وهو وإن كان مجملاً لكن بينته أدلة أخرى . قوله : ( لئلا يفوت جنس المنفعة عليه ) أي من جهة واحدة فلا يقال : إنها فاتت عليه المنفعة لأنها ليست من جهة واحدة فلو قطعت يده اليسرى بعد اليمنى إن سرق ثانياً لفات جنس المنفعة عليه من جهة واحدة وهي منفعة اليدين اه شيخنا . وعبارة ق ل على الجلال وحكمة اختصاص القطع باليدين والرجلين لأنهما آلات السرقة بالأخذ والمشي وقدمت اليد لقوّة بطشها ، وقطع من خلاف لإبقاء جنس المنفعة عليه وإنما لم يقطع ذكر الزاني إبقاء للنسل ، ولا لسان القاذف إبقاء للعبادات ، وغيرها كما مر والأمر بقتل السارق منسوخ أو مؤوّل بمن استحل أو ضعيف بل قال : ابن عبد البر منكر لا أصل له اه . قوله : ( تعزير ) أي لا يزجر التعزير . قوله : ( الأربعة ) هم أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه ونظمها بعضهم بقوله :
أعني أبا داود ثم الترمذي
والنسائي وابن ماجه فاحتذي(5/64)
"""""" صفحة رقم 65 """"""
فإن قيل : الستة زيد البخاري ومسلم . قوله : ( وعلى كلا الأمرين ) أي من أنه من تصرف المصنف أو أنه له فيه سلف هو منصوب على المصدر . أي صفة لمصدر محذوف أي قتلا صبراً م د . قوله : ( قال النووي ) غرضه بذلك تفسير القتل صبراً بنقل عبارة النووي وعبارة الجوهري . قوله : ( وقتله صبراً حبسه ) بصيغة الفعل الماضي في الفعلين . قوله : ( حبسه للقتل ) أي لأجل القتل ولو ساعة ثم يقتل فلو قتل من أوّل الأمر فلا يقال : قتل صبراً وليس المراد أنه يحبس ويمنع الطعام والشراب حتى يموت جوعاً . قوله : ( أنه لا يقطع بها ) وهو قياس ما قدمه في حد الزنا وشرب الخمر أنه لا يثبت اليمين باليمين المردودة وهو المعتمد كما قاله الشارح والحاصل أن اليمين المردودة لا يثبت بها القطع ويثبت بها المال .
قوله : ( لأن القطع في السرقة ) أوضح من هذا ما علل به الطبلاوي حيث قال : لأن اليمين المردودة وإن كانت كالإقرار إلا أن استمراره على الإنكار بمنزلة رجوعه ورجوعه عن الإقرار مقبول بالنسبة للقطع وهو حسن . وهذا الاحتجاج في شرح الروض اه سم . قوله : ( بإقرار السارق ) أي حراً كان المقر أو رقيقاً إذا كان المسروق دون نصاب فإن كان نصاباً وأقر بسرقته ولم يصدّقه سيده فإنه يقطع ولا يثبت المال وإن كان بيده كما في شرح الروض . قوله : ( وذلك )(5/65)
"""""" صفحة رقم 66 """"""
أي ثبوت القطع بالإقرار . قوله : ( لم يثبت القطع ) أما المال فيثبت . قوله : ( وطلبه ) فلو قطع الإمام قبل الطلب فلا ضمان عليه . وإن سرى إلى النفس على الأصح اه م ر شوبري .
قوله : ( أن يفصل الإقرار ) ولو من فقيه موافق لأن كثيراً من مسائلها اشتبه ووقع فيه خلاف بين أئمة المذهب اه س ل مع زيادة من شرح م ر وفي ح ل ما يخالف ذلك فراجعه . قوله : ( فيبين السرقة ) فيذكر أنه أخذه خفية والشخص المسروق منه لينظر فربما يكون أصلاً أو فرعاً أو سيداً . قوله : ( والمسروق منه ) أي أهو زيد أم عمرو وليس المراد به الحرز ، لأنه ذكره بعد اه ز ي . قوله : ( وقدر المسروق ) وإن لم يذكر أنه نصاب لأن النظر فيه وفي قيمته للحاكم ولا بد أن يقول : ولا أعلم لي فيه شبهة ز ي وشرح م ر و ح ل .
قوله : ( والحرز ) أي ويبين الحرز . قوله : ( بالنسبة إلى القطع ) وأما المال فلا يقبل رجوعه فيه لأنه حق آدمي اه شيخنا . قوله : ( ومن أقر بمقتضي عقوبة ) بكسر الضاد وقوله : كالزنا مثال له . قوله : ( كالزنا ) يفيد صحة الرجوع في أثناء القطع فلو بقي ما يضر بقاؤه قطعه هو ولا يلزم الإمام قطعه ولا يقبل عوده إلى الإقرار بعد رجوعه عنه ولو أقر وأقيمت عليه بينة وحكم حاكم عليه ففيه ما مر في نظيره من الزنا ، فراجعه ق ل على الجلال . وانظر فيما لو قطع بعد الرجوع هل تجب الدية أو القطع أو لا يجب شيء حرره الراجح . وجوب الدية نظراً للقول : بعدم قبول الرجوع وخرج بالإقرار البينة وبالعقوبة المال ، وبالله حق الآدمي فلا يحل التعريض في شيء منها كما في ق ل على الجلال وعبارة شرح م ر أما حق الآدمي فلا يحل التعريض بالرجوع عنه ، وإن لم يفد الرجوع فيه شيئاً ووجهه أن فيه حملاً على محرم فهو كتعاطي العقد الفاسد . قوله : ( كان للقاضي أن يعرّض ) أي يباح له ذلك لأن فرض الكلام بعد الإقرار أما قبل الإقرار فيندب له التعريض بالرجوع ومثل القاضي غيره في ذلك اه وعبارة م ر . كان للقاضي أي يجوز له ذلك على المعتمد وليس سنة خلافاً لبعضهم وعبارة ق ل على الجلال وللقاضي أن يعرّض له بالرجوع جوازاً بعد الإقرار وندباً قبله ليمتنع كما قاله شيخنا : وفيه نظر من حيث فوات المال بعدم إقراره في الثانية فراجعه إلا أن يحمل على عدم إنكار المال وكذا له أن يعرّض للشهود ليمتنعوا من الشهادة أو يرجعوا عنها والمراد بالرجوع فيه ما يعم ما بعد الإقرار وكذا قبل الإنكار . نعم إن خيف إنكار المال لم يحلّ التعريض اه . وقضية تخصيصهم الجواز(5/66)
"""""" صفحة رقم 67 """"""
بالقاضي حرمته على غيره والأوجه جوازه كما في شرح م ر . قوله : ( مسكراً ) الأولى مسكر إلا أن يقال : إنه على لغة من ينصب بها الجزأين . قوله : ( ما إخالك ) بكسر الهمزة على الأفصح وبفتحها على القياس أي ما أظنك قال عميرة : الذي في الزركشي وغيره أن يقول : له لعلك غصبت أو أخذت بإذن المالك أو من غير حرز . قال في شرح الإرشاد ولا يقال : له ما إخالك سرقت لأن فيه تعريضاً بإنكار المال لكن الحديث ظاهر أو صريح في أنه يقول ذلك ويكون المعنى ما إخالك سرقت بل أخذت من غير حرز اه وعبارة ق ل على الجلال . قال الزركشي : وصريح الحديث أن التعريض لإنكار المال وليس هو المراد ، بل المراد نفي نفس السرقة وثبوت الأخذ بغيرها كغصب أو أخذ بإذن المالك أو من غير حرز أو نحو ذلك فتأمل . قوله : ( وتثبت ) أي السرقة أيضاً .
قوله : ( غير الزنا ) لأن الزنا لا بد فيه من أربع . قوله : ( فلو شهد رجل وامرأتان ) أو رجل مع يمين ومحل ثبوت المال إذا شهدوا بعد دعوى المالك أو وكيله فلو شهدوا حسبة لم يثبت بشهادتهم المال أيضاً لأن شهادتهم منصبة إلى المال وشهادة الحسبة بالنسبة إلى المال غير مقبولة اه س ل .
قوله : ( شروط السرقة ) وأن يقول لا أعلم له فيه شبهة والمراد بالشروط ما يشمل الأركان لأنه يذكر السرقة . والمسروق من كونه ربع دينار أو قيمته والمسروق منه وهذه من الأركان وأما عدم الشبهة فهو من الشروط . قوله : ( كما مر في الإقرار ) أي فلا بد من التفصيل في الشهادة والإقرار . قوله : ( ويجب على السارق رد ما أخذه ) أي وأجرة وضع يده عليه كما ذكره م ر . وقال أبو حنيفة : إن قطع لم يغرم وإن غرم لم يقطع وقال مالك : إن كان غنياً ضمن وإلا فلا أي والقطع لازم بكل حال ولو أعاد المال المسروق إلى الحرز لم يسقط القطع ولا الضمان وقال أبو حنيفة : يسقط وعن مالك لا ضمان ويقطع قال بعض أصحابنا ولو قيل : بالعكس لكان مذهباً لدرء الحدّ بالشبهات اه س ل .(5/67)
"""""" صفحة رقم 68 """"""
3 ( ( فصل : في قاطع الطريق ) ) 3
أي قاطع المارين في الطريق أي مانعهم سلوكها وسمي بذلك لامتناع الناس من سلوك الطريق خوفاً منه قال في المصباح : قطعته عن حقه منعته منه ومنه قطع الرجل الطريق إذا أخافه وهو قاطع ، والجمع قطاع وذكره بعد السرقة لأن بعض أقسامه فيه قطع كالسرقة . وفي ذلك القسم اعتبار شروط السرقة من الحرز وعدم الشبهة وكل منهما حرام اه وفي ق ل على الجلال بعد كلام ذكره وفيه قطع الأيدي والأرجل وقدر النصاب في السرقة فذكر معها وأخر عنها لأنها كجزئه وعبر بالقاطع دون القطع ، لأجل ما بعده والمراد بالطريق محل المرور ولو في داخل الأبنية والدور . قوله : ( ) إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } ^ ) ( المائدة : 33 ) أي أولياءهما وهم المؤمنون وإنما خصوا بالذكر لأن جميع الأحكام الآتية تكون فيهم فلا ينافي أن الذميين مثلهم وإن كان بعض الأحكام لا يجري فيهم قال م ر وجمهور العلماء أنها نزلت في قطاع الطريق لا في الكفار واحتجوا له بقوله تعالى : ) إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } ) المائدة : 34 ) الآية إذ المراد التوبة عن قطع الطريق ولو كان المراد الكفار لكانت توبتهم بإسلامهم وهو دافع للعقوبة قبل القدرة وبعدها اه . قوله : ( أو لقتل ) أو مانعة خلوّ فتجوّز الجمع فيشمل الحالة الثانية وهو البروز لأخذ المال والقتل . قوله : ( مكابرة ) حال أي مجاهرة وبخط الميداني أي من غير حياء من الناس ولا خوف من الله اه . وهو حال من البروز أي حال كون البروز جهاراً وقوله : اعتماداً أي للاعتماد اه . وقال في المصباح : كابرته مكابرة غالبته مغالبة وعاندته فالمعنى هو البروز لأجل المغالبة فيكون مفعولاً لأجله وقوله : اعتماداً علة له وهذا أولى من جعله حالاً فإن مجيء المصدر حالاً مقصور على السماع . قوله : ( مع البعد عن الغوث ) للبعد عن العمارة أو لقرب منها مع ضعف أهلها عن الإغاثة كما سيذكره والمراد أنه لا يقدر من يقصدونه على الدفع ويحصل ذلك إما بضعف السلطان أو بالبعد عن العمران أو بحضورهم في العمارة لكن مع عدم القدرة على الاستغاثة والدفع قال ابن كج : لو أقام خمسة أو عشرة في كهف أو شاهق جبل فإن مر بهم قوم لهم شوكة وعدّة لم يتعرضوا لهم وإن مرّ بهم قوم قليلو العدد قصدوهم بالقتل وأخذوا المال فحكمهم حكم قطاع الطريق في حق الطائفة اليسيرة وإن تعرضوا للأقوياء وأخذوا شيئاً فهم مختلسون شرح المنوفي وعبارة ع ش على م ر . قوله : مع البعد عن الغوث ولو حكماً كما لو دخلوا داراً ومنعوا أهلها من الاستغاثة .(5/68)
"""""" صفحة رقم 69 """"""
قوله : ( لا برجل وامرأتين ) أي ولا بغيرهما إلا بالنسبة للمال وطلب المالك نظير ما مر في السرقة . قوله : ( ملتزم للأحكام ) لم يقل : ولو حكماً لإدخال عبد الذمي ونسائه اه شوبري . قوله : ( ولو سكراناً ) الأولى أن يقول : ولو سكران بالمنع من الصرف لأن سكران ممنوع من الصرف فالأولى حذف ألفه لكن صرفه إما للتناسب أو على لغة بني أسد لأنهم يقولون في مؤنثه سكرانة كما ذكره الشوبري . قوله : ( أو ذمياً ) حيث قلنا : لا ينتقض عهده بمحاربته في دارنا وإخافته السبيل وهو المرجح حيث لم يشرط عليهم تركه وأنه ينتقض عهدهم بذلك بخلاف المعاهد فينتقض عهده بذلك وعبارة م د وقع في كلام الرافعي التنصيص على أن شرط قاطع الطريق الإسلام الآتي والذي يقتضيه القياس أن الذمي إذا حارب في دارنا أو أخاف السبيل وقلنا : بأنه لا ينتقض عهده أن يكون حكمه في قطع الطريق حكم المسلمين . وأما تعبير الشيخين بالإسلام فيجاب عنه بأن جميع أحكام الباب لا تأتي في المسلمين إذ من جملة الأحكام الصلاة عليه أي صلبه بعد الصلاة وذلك لا يأتي إلا في المسلم وقولهما : أي الشيخين الكفارة ليس لهم حكم القطاع أي جميع أحكامهم أو يقال : خرج بالمسلم الكافر فإن كان ذمياً فهو من القطاع وإلا فلا ففي مفهوم الإسلام تفصيل فلا يرد اه .
قوله : ( مخيف للطريق ) أي للمار فيها ز ي . قوله : ( من يبرز هو ) أي قاطع الطريق ، وأبرز الضمير الذي هو الفاعل ، لأن الصلة جرت على غير من هي له فإن من واقعة على الشخص الممنوع من الطريق وضمير له عائد عليه والبارز ليس ذلك الشخص بل القاطع ، والقاعدة أن الصلة إذا جرت على غير من هي له أبرز الضمير سواء خيف اللبس أم لا خلافاً للكوفيين القائلين بأن إبرازه لا يجب إلا إذا خيف اللبس م د . قوله : ( بحيث ) متعلق بقوله : يبرز أي بمكان . وقوله : يبعد معه أي مع ذلك المكان وعبارة ز ي . قوله : معه أي بمكان يبعد معه غوث لأن حيث بمعنى مكان فالضمير في معه راجع لحيث باعتبار المكان هكذا أفهم اه . قوله : ( أو ضعف في أهلها ) أي بالنسبة للقطاع وإن كانوا أقوياء في ذاتهم ولذلك لو دخلوا داراً ومنعوا أهلها من الاستغاثة ولو بالسلطان ولو مع قوته فهم قطاع في حقهم كما سيأتي قريباً في الشرح . قوله : ( فليس المتصف بها ) أي بأضدادها . قوله : ( أو صبي ) أي ومن صبي الخ . قوله : ( ومختلس ) خرج بقوله : مخيف للطريق يقاوم من يبرز هو له إذ هذا قيد واحد لأن قوله : يقاوم من يبرز هو له لازم لمخيف . قوله : ( ومنتهب ) أي مع قرب الغوّث وإلا فقطاع طريق(5/69)
"""""" صفحة رقم 70 """"""
شوبري فهو أي المنتهب خارج بقوله بحيث يبعد معه غوث . قوله : ( قاطع طريق ) بالنصب خبر ليس . قوله : ( وإن شرطه في المنهاج ) تقدم الجواب بأن مفهومه فيه تفصيل فلا اعتراض . قوله : ( بالليل ) ليس قيداً . قوله : ( مع قوّة السلطان وحضوره ) ليس قيد وإنما بقيد به لأنه الذي يتوهم منه أنهم غير قطاع تأمل . وعبارة شرح م ر ولو كان السلطان قوياً موجوداً . قوله : ( فقطاع ) لدخولهم في قوله بحيث يبعد معه غوث لأن البعد إما حسي أو معنوي شيخنا العزيزي . وقال ح ل قوله : فقطاع لأنه بمثابة ضعف أهلها اه وعبارة شرح م ر . وفقد الغوث يكون للبعد عن العمران أو السلطان أو لضعف بأهل العمران أو السلطان أو بغيرهما كأن دخل جمع داراً الخ اه . ومن ذلك هؤلاء الذين يأتون للسرقة المسمون بالمنسر في زماننا فهم قطاع قال في المصباح : والمنسر فيه لغتان مثل مسجد ومقود خيل من المائة إلى المائتين اه . وقال الغزالي : جماعة من الخيل ويقال : المنسر الجيش لا يمر بجمع إلا اقتلعه اه ع ش على م ر . قوله : ( لأن الموجود منهم ) أي لأن الفعل الذي يوجد ويصدر منهم . قوله : ( قتلوا ) قضية سكوته هنا عن الصلب أنه لا يجب وهو كذلك . قوله : ( المقتضية ) بالنصب نعت إخافة . قوله : ( فلا يسقط ) أي بعفو مستحق القود ويستوفيه الإمام لأنه حق الله تعالى م ر .
قوله : ( إذا قتلوا لأخذ المال ) أي لقصد أخذ المال وإن لم يأخذوه وإن كان قصدهم أخذ أقل من نصاب السرقة بخلاف ما يأتي في الصلب فإن ادعوا أنهم قتلوا لا لأخذ المال صدّقوا مع القرينة فيخرج ما إذا أخذوا المال وادّعوا أنهم أخذوه بعد القتل فلا يصدقون للتهمة قاله ابن قاسم رحمه الله : وعبارة ع ش قوله : إذا قتلوا لأخذ المال أي ويعرف ذلك بقرينة تدل على ذلك وكتب أيضاً قوله : إذا قتلوا لأخذ المال أي ولم يأخذوه لما يأتي من أنهم إن قتلوا وأخذوا المال صلبوا مع القتل . قوله : ( فلا تحتم ) ويصدّق في ذلك لأنه لا يعلم إلا منه . قوله : ( فإن قتلوا وأخذوا المال الخ ) ظاهر صنيعه أن هذا الحكم مختص بمن باشر القتل منهم . أما من أقرهم على القتل وعزم عليه معهم لكنه لم يباشره فلا يقتل لعدم مباشرته بل يعزر ولا يقال : إن القتل من بعضهم منسوب إلى الكل اه وعبارة المنهج فمن أعان القاطع أو أخاف الطريق بلا أخذ نصاب وقتل عزر اه . قوله : فمن أعان القاطع ولو بدفع سلاح أو مركوب أو بسبب ولو(5/70)
"""""" صفحة رقم 71 """"""
ضيافة وليس معذوراً بخوفه منهم مثلاً وقوله : عزر أي عزره الإمام أو نائبه اه ق ل على الجلال .
قوله : ( المقدر بنصاب السرقة ) فإن كان دونه فلا صلب اه م د . وقوله : بنصاب السرقة ولو الجمع اشتركوا فيه واتحد حرزه ويعتبر قيمة محل الأخذ بفرض أن لا قطاع ثم إن كان محل بيع فذاك وإلا فأقرب محل بيع إليه شرح م ر . وقوله : ولو لجمع اشتركوا فيه هل المراد شركة الشيوع أو الأعم حتى لو أخذ من كل شيئاً وكان المجموع يبلغ نصاباً قطع الآخذ فيه نظر ولا يبعد الثاني تغليظاً عليهم لكن قياس ما مر في السرقة الأول ويؤيده أنهم عللوا القطع بالمشترك بأن لكل واحد من الشركاء أن يدعي وفي المجاورة ليس لواحد منهم أن يدعي بغير ما يخصه ومعلوم مما مر في السرقة أن القاطعين لو اشتركوا اشترط أن يخص كل واحد قدر نصاب من المأخوذ لو وزع على عددهم وإلا فلا اه ع ش على م ر . قوله : ( وقياس ما سبق ) أي في السرقة . قوله : ( قتلوا وصلبوا ) قضية العطف بالواو أنه لا ترتيب بين القتل والصلب وليس كذلك . فيشترط تقديم القتل على الصلب وما قيل : إنه يصلب حياً ويبعج بطنه برمح إلى أن يموت باطل . فيحرم ذلك كالخازوق والسلخ والخنق الذي يفعله الحكام . قال : ( فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ) الحديث وعبارة شرح م ر قتل ثم غسل وكفن وصلي عليه ثم صلب مكفناً معترضاً على نحو خشبة ، ولا يقدم الصلب على القتل لكونه زيادة تعذيب اه . وقد نهى عن تعذيب الحيوان وقد أشار الشارح لذلك قال المرحومي قال في الروض : وشرحه فلو مات من اجتمع عليه القتل والصلب أو قتل بقصاص من غير المحاربة سقط الصلب لأنه تابع للقتل فيسقط بسقوط متبوعه اه . وانظر هل يشترط طلب الولي للقتل أخذاً مما تقدم في قطع اليد ويكون الشارح ترك التنبيه على ذلك اتكالاً على ما سبق أولاً ثم رأيت ح ل صرح بأنه لا يتوقف على طلب الولي للقتل اه . وبهامش شرح الروض ما نصه : قياس اشتراط النصاب لصلبه مع قتل اشتراط الحرز وعدم الشبهة وطلب المالك وعبارة الحاوي الصغير تدل عليه فحرر ذلك . قوله : ( التنكيل ) أي إظهار النكال أي الحقارة ففي المختار نكل تنكيلاً أي جعله نكالاً وعبرة لغيره . قوله : ( ثلاثة أيام ) أي بلياليها فقط فلا تجوز الزيادة عليها وقوله : أيام أصله أيوام لأن مفرده يوم اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء اه شبرخيتي على الأربعين . قوله : ( هذا إذا لم يخف التغير ) أي بغير نحو رائحة ،(5/71)
"""""" صفحة رقم 72 """"""
أما نحو الرائحة فلا بد من حصولها قبل الثلاث فالمعتبر نحو الانفجار اه م . وعبارة شرح م ر . قال الأذرعي وكأنّ المراد بالتغير هنا الانفجار ونحوه كسقوط عضو من أعضائه وإلا فمتى حبست جيفة الميت ثلاثاً حصل النتن والتغير غالباً اه .
قوله : ( أنزل ) أي وجوباً كما في ق ل على الجلال . قوله : ( من حرز ) كأن يكون معه أو بقربه ملاحظ بشرطه المارّ من قوّته أو قدرته على الاستغاثة . لا يقال : القوّة والقدرة تمنع قطع الطريق لما مر ، أنه حيث لحق غوث لو استغيث لم يكونوا قطاعاً . لأنا نمنع ذلك إذ القوّة أو القدرة بالنسبة للحرز غيرهما بالنسبة لقطع الطريق لأنه لا بد فيه من خصوص الشوكة ونحوها بخلاف الحرز يكفي فيه مبالاة السارق به عرفاً وإن لم يقاوم السارق ، اه شرح م ر . قوله : ( بطلب من المالك ) أي للمال لأنه ربما أقرّ : بأنه أباحه له أو أنه له وهذا هو المعتمد وقال بعضهم : إن قياس عدم توقف القتل المتحتم على طلب المستحق عدم توقف القطع هنا على طلب صاحب المال بخلاف السرقة ، اه سم بزيادة . قوله : ( بأن تقطع اليد اليمنى الخ ) فإن خالف الإمام وقطع اليد اليسرى والرجل اليمنى أساء ووقع الموقع ولا ضمان بخلاف ما لو قطع اليد اليمنى والرجل اليمنى ، فيضمن الرجل بالقود إن كان عالماً ، وإلا فالدية ولا يقع الموقع فلا تجزىء عن قطع رجله اليسرى لمخالفته قوله تعالى : ) من خلاف } ) المائدة : 33 ) فتقطع رجله اليسرى وعبارة شرح م ر . ولو عكس ذلك بأن قطع الإمام يده اليمنى ورجله اليمنى فقد تعدى ولزم القود في رجله إن تعمد ، وإلا فديتها ولا يسقط قطع رجله اليسرى ، ولو قطع رجله اليسرى ويده اليمنى فقد أساء ، ولا يضمن وأجزأه . والفرق أن قطعهما من خلاف نص توجب مخالفته الضمان وتقديم اليمنى على اليسرى اجتهاد يسقط بمخالفته الضمان اه . وقوله : ويده اليمنى قال ع ش : عليه ينبغي أن مثل ذلك في الضمان ما لو قطع يديه معاً أو رجليه معاً لأنه خالف المنصوص عليه فيضمن اليد اليسرى والرجل اليمنى اه . قوله : ( لما مرّ في السرقة ) وهو أن لا يتعطل عليه جنس المنفعة . قوله : ( للمال ) الحق أنها له مع ملاحظة المحاربة ، لأنه لو تاب قبل القدرة عليه سقط قطعها ولو كان للمال فقط لم يسقط اه ح ل .(5/72)
"""""" صفحة رقم 73 """"""
قوله : ( قال العمراني ) بكسر العين المهملة وضمها نسبة إلى العمرانية ناحية بالموصل اه برماوي . قوله : ( وهو أشبه ) معتمد . قوله : ( أخافوا السبيل ) أي أخافوا المارين في السبيل . قوله : ( ولم يأخذوا مالاً ) أي بشروط السرقة سم . قوله : ( ولم يقتلوا ) أي لم يصدر منهم قتل ، أي ولا قطع طرف معصوم ح ل . قوله : ( في غير موضعهم ) هذا هو الأولى والأفضل ويمتد الحبس إلى ظهور توبتهم كما في شرح المنهج . وعبارته وحبسه في غير بلده أولى حتى تظهر توبته ولزمه رد المال ، أو بدله في صورة أخذه . قوله : ( وعزروا ) الواو بمعنى أو التي تمنع الخلوّ والمقصود أنه يجب تعزيره بما يراه الحاكم من حبس أو غيره أو بالجمع بينهما سم . لكن الشارح جعله من عطف العام وهو صحيح أيضاً وعبارته س ل . وقوله أو غيره ظاهره الجمع بين الحبس وغيره وهو كذلك اه . قوله : ( وللإمام تركه ) أي التعزير إن رآه مصلحة هذا يستفاد من قوله : الآتي ولا يتحتم غير قتل وصلب فإن التعزير من جملة الغير . قوله : ( على أخذ المال ) أل للعهد أي نصاب السرقة .
قوله : ( إن أرعبوا ) أي خوّفوا . قوله : ( على التنويع ) أي لأن القاعدة أنه إذا بدأ بالأغلظ كما هنا كانت للتنويع فإن بدأ بالأخف كما في قوله : ) فكفارته إطعام } ) المائدة : 89 ) الخ كانت للتخيير . فإن قيل : إنه في آية المحاربة بدأ بالأخف لأن ما بعد الأوّل القتل والصلب . أجيب : بأن المذكور في الآية بعده إنما هو الصلب ، وإن كان معه القتل في التأويل والتقدير . قال م ر في شرحه : وهذا من ابن عباس إما توقيف وهو الأقرب أو لغة وكل منهما من مثله حجة لأنه ترجمان القرآن . ولأن الله تعالى بدأ فيه بالأغلظ فكان مرتباً عليه ككفارة الظهار ولو أريد التخيير لبدأ بالأخف ككفارة اليمين اه . وقوله : فكان مرتباً يتأمل معنى الترتيب وهذا التعليل ليس مذكوراً في التحفة ولا في شرح الروض وعبارة ع(5/73)
"""""" صفحة رقم 74 """"""
ش . قوله : بدأ فيه بالأغلظ قد يشكل بأن الصلب مع القتل أغلظ من القتل وحده فلا يتم ما ذكر بالنسبة للأولين إلا أن يقال : إنه وإن كان المراد الصلب مع القتل لكن القتل مع الصلب لم يذكر في الآية ، بل المذكور فيها الصلب فقط دون القتل وإن كان مراداً فالمبدوء به فيها هو الأغلظ نظراً لما فهم اه . قوله : ( كما في قوله تعالى : ) وقالوا كونوا هوداً } ) البقرة : 135 ) ) متعلق بقوله أو على التنويع أي قالت اليهود لبعضهم كونوا هوداً أي اثبتوا عليها وكذا النصارى قال بعضهم لبعض : كونوا نصارى أي اثبتوا على النصرانية . قوله : ( إذا لم يخير أحد الخ ) أحد نائب فاعل يخير والمراد لم يقع التخيير من أحد من اليهود بين اليهودية والنصرانية ولم يقع كذلك من النصارى . بل قالت : اليهود كونوا هوداً وقالت النصارى : كونوا نصارى .
قوله : ( وقتل القاطع ) مبتدأ خبره يغلب فيه الخ وفيه إشارة إلى أن فيه شائبتين . وفرّع على جانب القصاص فروعاً . قوله : فلا يقتل بغير كفء وقوله : ولو مات بغير قتل وقوله : ويقتل بواحد ، وفرع على كونه حدّاً قوله : ولو عفا المستحق وقوله : وتراعي فيه المماثلة مفرع على كونه قصاصاً . قوله : ( يغلب فيه معنى القصاص ) ولا يتوقف على طلب الولي للقتل وهل لا بد من طلب المال كما تقدم في القطع لأن القتل يتوقف على أخذ المال اه ح ل . قوله : ( يغلب فيه حق الآدمي ) قد يشكل هذا بما مرّ من تقديم الزكاة على دين الآدمي تقديماً لحق الله تعالى على حق الآدمي . ويمكن أن يجاب بأن في الزكاة حق آدمي فأنها تجب للأصناف فلعل تقديمها ليس متمحضاً لحق الله تعالى بل لاجتماع الحقين فقدمت على ما فيه حق واحد اه ع ش على م ر . قوله : ( ولأنه لو قتل ) أي الشخص المقتول بلا محاربة ثبت له أي للمقتول أي لوارثه القود على قاتله . وقوله : فيها أي في المحاربة . قوله : ( ولو مات ) أي القاتل بغير قتل . قوله : ( في الحر ) أي المقتول بالحر .
قوله : ( فتجب قيمته مطلقاً ) أي سواء مات القاتل أم لا إذ لا مكافأة . قال سم : لكن ينبغي أن يفيد القاتل بالحر فإن كان رقيقاً أيضاً ولم يمت به قتل بالرقيق المقتول للمكافأة اه . قوله : ( فإن قتلهم مرتباً ) والترتيب والمعية بالزهوق اه عشماوي .(5/74)
"""""" صفحة رقم 75 """"""
قوله : ( وتراعي المماثلة فيما قتل به ) أي من محدد وغرق وسيف إلا إن قتل بما يحرم فعله كلواط وإيجار خمر أو بول فلا يقتل به بل بالسيف والمراد قطع رقبته لاذبحه ودليل المماثلة قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : ( من حرق حرقناه ومن غرق غرقناه ) اه شرح م ر . وقوله : بما يحرم فعله . لا يقال : يشكل بجواز الاقتصاص بنحو التجويع والتغريق مع تحريم ذلك . لأنا نقول : نحو التجويع والتغريق إنما جاز لأنه يؤدي إلى إتلاف النفس والإتلاف هنا مستحق فلم يمتنع بخلاف نحو الخمر واللواط فإنه يحرم وإن أمكن الإتلاف به فلذا امتنع هنا تأمل سم ، على حج . وقوله : كلواط أي في صغير أو كبير وظاهر شرح م ر أن الكبير لا قود فيه لأنه مكن من نفسه فلا يضمن ما تولد منه والظاهر من إطلاق المصنف عدم الفرق وقوله : وإيجار خمر قال في شرح الإرشاد : وظاهر كلامه أنه لو قتله بالغمس في خمر لم يفعل به مثله ويوجه بأن التضمخ بالنجاسة حرام لا يباح بحال إلا لضرورة فكان كشرب البول اه . انظر تمامه في ع ش على م ر . قوله : ( كأن قطع يده فاندمل ) أي إذا قطع قاطع الطريق يد شخص مكافىء له عمداً واندمل القطع وعفا عنه المستحق لم يتحتم قطع يده . بخلاف ما إذا سرى القطع ومات المقطوع بذلك فهو قاتل فيتحتم حينئذ قتله . مرحومي وعبارة س ل فإن سرى إلى النفس تحتم القتل .
قوله : ( كالكفارة ) أي كفارة القتل فإنها مختصة بقتل النفس دون القطع كما مرّ في قول المصنف وعلى قاتل النفس المحرمة الخ . قوله : ( أي قبل الظفر به ) أي قبل قبض الإمام أو نائبه عليه فالمراد بالقدرة أن يكون في قبضة الإمام وقيل المراد بها أن يأخذ الإمام في أسبابها كإرسال الجيوش ، لإمساكهم ولو قدرنا عليه فزعم التوبة فالظاهر عدم تصديقه ، ما لم تقم قرينة اه سم اه م د مع زيادة . قوله : ( وقطع اليد والرجل ) أي مما هو حق الله بخلاف حق الآدمي من الأموال والقتل الغير المتحتم فهو باق فلولي القتيل بعد توبة القاتل أن يعفو على الدية أو يقتل فما تقدم من قوله ولو عفا ولي القتيل بمال وجب مفروض فيما قبل التوبة كما قرره شيخنا العزيزي وقال ح ل : فيه أن قطع اليد لا يخصه لأن السرقة تشاركه وردّ بأن الذي يخصه مجموع قطع اليد والرجل فسقط قطع اليد تبعاً لسقوط قطع الرجل فقوله : من يد ورجل أي قطع مجموع ذلك اه لأن قطعهما عقوبة واحدة وإذا سقط بعضها وهو قطع الرجل للمحاربة(5/75)
"""""" صفحة رقم 76 """"""
سقط الباقي وهو قطع اليد وقوله : وقطع عطف على تحتم لأنه ليس متحتماً كما قدمه . قوله : ( ولا عن غيره ) هو زيادة حكم على ما الكلام فيه فذكره استطرادي .
قوله : ( ولا باقي الحدود ) بخلاف قتل تارك الصلاة فإنه يسقط بالتوبة ولو بعد رفعه للحاكم لأن موجبه الإصرار على الترك وبالتوبة تزول اه ح ل وعبارة ق ل نعم يستثنى منه قتل المرتد بإسلامه وقتل تارك الصلاة بفعلها ومنه يعلم أنه يسقط بالتوبة حدود ثلاثة اه وأتى الشارح . بقوله : ولا باقي الحدود لإدخال قوله : ولا عن غيره في العبارة المذكورة فهو معطوف على قوله : قبله قود ولا مال . قوله : ( من حدّ زنا ) أي قبل الحرابة أو فيها وقوله وسرقة أي قبل الحرابة أما السرقة في الحرابة فيسقط حكمها بالتوبة قبل القدرة قوله : ( وشرب خمر ) أي في الحرابة أو قبلها وكذا ما بعده . قوله : ( لأن العمومات ) كآية ) الزانية والزاني فاجلدوا } ) النور : 2 ) والآية ) والسارق والسارقة فاقطعوا } ) المائدة : 38 ) وقوله : الواردة فيها أي في باقي الحدود وقوله : لم تفصل بكسر الصاد كقوله تعالى : ) الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } ) النور : 2 ) ولم يقل : ) إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } ) المائدة : 34 ) وقوله تعالى : ) والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } ) النور : 4 ) ولم يقل : إلا الذين تابوا وهكذا . قوله : ( نعم الخ ) استدراك على قوله : ولا عن غيره إلى قوله : ولا باقي الحدود اه . قوله : ( يقتل حدّاً ) أي فيكون حدّه قتله وليس المراد أنه يحدّ بالجلد إلى أن يموت كما قد يتوهم . قوله : ( والكافر إذا زنى ) ومحله في غير الملتزم للأحكام كالحربي بخلاف الذمي فعموم الشارح ضعيف . قوله : ( فإنه يسقط عنه الحد ) أي لعموم ) إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } ) الأنفال : 38 ) وهذا رأي مرجوح والمعتمد عدم سقوطه جلداً أو رجماً حيث كان ملتزماً للأحكام كما أفاده م ر . قوله : ( عن النص ) هو قوله : ) إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } ^ قوله : ( ولا يرد المرتد الخ ) جواب ، عما يقال : هلا استثنيت أيضاً المرتد مما مرّ أنه لا يسقط الحد بالتوبة فإنه إذا تاب بالإسلام سقط قتله فأجاب : بأن قتله يكون كفراً لا حدّاً والكلام في قتل حداً . قوله : ( في الظاهر ) أي فيما إذا ثبت ذلك عند حاكم .(5/76)
"""""" صفحة رقم 77 """"""
قوله : ( فيسقط قطعاً ) ومن حدّ في الدنيا لم يعاقب على ذلك الذنب في الآخرة بل على الإصرار عليه أو الإقدام على موجبه إن لم يتب اه شرح م ر . قوله : ( أثر المعصية ) وهو المؤاخذة فيها . قوله : ( تجبّ ) أي تقطع ما قبلها قوله : ( ولا يلزم أن تكون ) أي لغة . قوله : ( وعليه ) أي المعنى اللغوي . قوله : ( إلى الحق ) أي شهوده ومراقبته فإذا تلبس بذلك المقام العالي رأى الأوّل أنقص من الثاني وإن كان كمالاً في نفسه فاستغفر من الأوّل وتاب منه ، أي رجع إلى العالي .
قوله : ( فإذا فرغت ) أي من التبليغ فانصب : أي فاتعب في العبادة بيضاوي وعبارة البغوي . قال ابن عباس : وغيره فإذا فرغت من الصلاة المكتوبة فانصب إلى ربك في الدعاء وارغب إليه في المسألة يعطك ، أو إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل . قاله ابن مسعود : وقال الشعبي : إذا فرغت من التشهد فادع لدنياك وآخرتك . وقال منصور عن مجاهد إذا فرغت من أمر الدنيا فانصب في عبادة ربك وصلّ اه . قوله : ( ذلك ) أي التوبة تشريعاً الخ . قوله : ( هذه التوبة ) أي التي من غير ذنب وهي الرجوع من مصالح الخلق ، للحق . وقوله : أخذ العلقة أي السبب في حمل توبته على اللغوية أخذ العلقة حيث أخذ منه حظ الشيطان فاقتضى ذلك الأخذ عدم وقوع الذنب منه إذ سببه العلقة شيخنا عشماوي . قوله : ( حظ الشيطان منك ) أي من نوعك وجنسك وإلا فلا سبيل للشيطان عليه في سائر أحواله ولو بقيت لأنه معصوم .(5/77)
"""""" صفحة رقم 78 """"""
قوله : ( الندم ) ذكره يغني عن اللذين بعده إلا أن يقال : إن أجزاء الحقيقة لا ينظر فيها لدلالة الالتزام بل يجب ذكر الأجزاء كلها وإن كان بعضها يستلزم بعضاً . قوله : ( وهو الخروج الخ ) هذا صريح في أنه لا يعتبر هذا الشرط في التوبة في حقوق الله تعالى وفيه نظر يعلم من محله اه ق ل .
( فائدتان : الأولى ) من تاب من معصية ثم ذكرها . قال القاضي أبو بكر الباقلاني : يجب عليه تجديد التوبة منها كلما ذكرها . وقال إمام الحرمين : لا يجب بل يستحب . وعلى الأوّل لو لم يجدّدها كان ذلك معصية جديدة ، تجب التوبة منها والتوبة الأولى صحيحة .
الثانية : قال ابن عبد السلام : إذا مات شخص وعليه دين تعدى بسببه أو بمطله أخذ من حسناته بقدر ما ظلم به فإن فنيت حسناته طرح عليه من عقاب سيئات المظلومين ثم ألقي في النار وإن لم يتعد بسببه ولا بمطله أخذ من حسناته في الآخرة كما تؤخذ أمواله في الدنيا حتى لا يبقى له شيء ولا يؤخذ ثواب إيمانه كما لا تؤخذ في الدنيا ثياب بدنه فإن فنيت حسناته لم يطرح عليه من سيئات خصمه شيء اه دميري .
3 ( ( فصل : في حكم الصيال وما تتلفه البهائم ) ) 3
ذكره المصنف بعد الأبواب المتقدمة ، لأنه قد يكون على النفس وعلى الأموال والعقول مثلاً ، وكان الأولى تأخيره عن الردة أيضاً لأنه قد يكون على الدين أيضاً . قوله : ( هو الاستطالة ) أي العلوّ والقهر . قوله : ( والوثوب ) أي الهجوم وهو عطف مرادف وقيل : الوثوب العدو بسرعة فيكون عطف مغاير وذكر في المصباح أن استعمال الوثوب بمعنى المبادرة والمسارعة من استعمال العامة ثم إن هذا المعنى قيل : لغوي وشرعي على خلاف القاعدة من تغايرهما وقيل : إنه لغوي فقط والشرعي يزاد فيه على ما تقدم تعدياً ظلماً بخلاف اللغوي فإنه أعم . قوله : ( ) فمن اعتدى عليكم } ) البقرة : 194 ) ) فيه أن الآية في المعتدي بالفعل ، والصائل لم يعتد بالنعل بل مريد الاعتداء إلا أن يقال إنها شاملة للمعتدي حكماً وهو مريد الاعتداء لكن ربما ينافيه قوله : ) بمثل ما اعتدى عليكم } ) البقرة : 194 ) والاعتداء في قوله : ) فاعتدوا عليه } ^(5/78)
"""""" صفحة رقم 79 """"""
( البقرة : 194 ) للمشاكلة وإلا فلا يقال : له اعتداء والمثلية في قوله : ) بمثل ما اعتدى عليكم } ^ من حيث الجنس لا الأفراد لما يأتي أنه أي الصائل يدفع بالأخف فالأخف أي ولو كان صائلاً بالقتل وأيضاً إذا اعتدي عليك بوطء زوجتك فلا يجوز الاعتداء عليه بوطء زوجته فيكون عاماً مخصوصاً بغير الفاحشة وفي هذا الدليل إشارة إلى أفضلية الاستسلام فإن في تسميته اعتداء إشارة إلى تركه وتركه استسلام . قوله : ( انصر أخاك ) أمر بالنصر والأمر بالشيء نهي عن ضده فيكون النصر واجباً وعدم النصر منهي عنه مع أنه قد لا يجب النصر ويجاب بأنه محمول على حالة يجب فيها الدفع كما يعلم مما يأتي أو أن الأمر محمول على الندب . قوله : ( لأن ذلك ) أي منعه من ظلمه .
قوله : ( ومن قصد الخ ) قال شيخنا : لا يخفى ما في كلام المصنف من القصور والخفاء ، والحاصل : أنه إذا صال شخص ولو غير عاقل كمجنون وبهيمة أو غير مسلم أو غير معصوم ، ولا آدمية حاملاً على شيء معصوم له أو لغيره نفساً وعضواً أو منفعة أو بضعاً أو مالاً وإن قلّ أو اختصاصاً كذلك فله دفعه وجوباً في غير المال والاختصاص وجوازاً فيهما ، ويجب الدفع أيضاً عن بضع حربية أو حربي وإن قصده مسلم معصوم فلو تعارض عليه صائل على امرأة للزنا وصائل ذكر للواط ولا يستطيع إلا دفع أحدهما قال العلامة م ر : يدفع عن المرأة لأن الزنا لا يحل بوجه مع ما فيه من اختلاط الأنساب وقال العلامة حج : يدفع عن الذكر لأنه لا طريق إلى حله . وقال العلامة الخطيب : يتخير بينهما لتعارض المعنيين اه برماوي وعبارة سم لو فرض صيال على مال وبضع ونفس . قدم الدفع عن النفس ثم البضع ثم المال الأخطر فالأخطر اه ونقل عن ز ي ما نصه ولا فرق في الصائل بين الحامل وغيرها حتى لو صالت حامل من امرأة أو هرة تدفع ولو أدى ذلك إلى القتل . فإن قيل : إذا جنت الحامل يؤخر قتلها إلى أن تضع فهلا كان هنا يمتنع دفعها المؤدّي إلى قتلها . أجيب : بأن الجناية في الحامل قد انقطعت وهنا صيالها موجود مشاهد حال دفعها اه . قوله : ( من آدمي أو بهيمة ) بيان للصائل المذكور في كلام الشارح لا للمصول عليه بدليل قوله الآتي : أو في ماله فإن البهيمة مال فمن للبيان اه م د . قوله : ( أو بهيمة ) بالجر عطف(5/79)
"""""" صفحة رقم 80 """"""
على آدمي وخرج بذلك ما لو سقطت جرة من علو على إنسان ولم تندفع عنه إلا بكسرها فكسرها ضمنها حيث كانت موضوعة بحق على هيئة لا يخشى سقوطها والفرق أن البهيمة لها اختيار بخلاف الجرة قال في العباب : ويهدر أي الصائل فإن كانت امرأة حاملاً فمات حملها بالدفع فكما لو تترس كافر بمسلم في الحرب أو بهيمة مأكولة . وأصاب مذبحها حلت م د . وعبارته على التحرير ما نصه : أي يجوز له الصادق بالوجوب دفع كل صائل أي حتى لو صالت حامل على إنسان ولم تدفع إلا بقتلها مع حملها جاز على المعتمد ولا ضمان . ومن هذا يعلم أن دفع الحامل كدفع غيرها . ويشبه أن يخرج على تترس المشركين بالصبيان ويأتي هذا أيضاً في دفع الهرة الحامل إذا صالت على طعام أو نحوه واعتمده شيخنا ز ي ولو صارت الهرة صائلة مفسدة فهل يجوز قتلها في حال سكونها . وجهان : أصحهما وبه قال القفال : لا يجوز لأن ضرورتها عارضة والتحرز عنها سهل . وقال القاضي حسين : تلتحق بالفواسق الخمس . فيجوز قتلها ولا تختص بحال ظهور الشر وإذا أخذت الهرة حمامة وهي حية جاز فتل أذنيها ، أي مرتهما وضرب فمها لترسلها . قال الإمام : وقد انتظم لي من كلام الأصحاب أن الفواسق مقتولات لا يعصمها الاقتناء ولا يجري الملك عليها ولا أثر لليد للاختصاص فيها اه . قوله : ( بأذى ) مصدر بمعنى الفعل كما يدل عليه قوله : كقتل فما في قوله : بما يؤذيه واقعة على فعل فليس مراده بالأذى الآلة كما توهمه ق ل . لأنه يلزم عليه إطلاق المصدر على الآلة وقال م د قوله : بما يؤذيه فالمصدر بمعنى الآلة التي يتوصل بها الصائل إلى فعله كالسيف والسهم وهو غير مراد لقول الشارح : كقتل وقطع طرف فإنه بين ما يؤذي بهذه فدل على أنه ليس اسم آلة وإنما هو اسم للفعل نفسه من قتل وقطع غيرهما .
قوله : ( في نفسه ) لو حذف الضمير منه ومما بعده لكان أعم . قوله : ( وقطع طرف ) أي أو جرح . قوله : ( وإبطال منفعة عضو ) لو سكت عن عضو لكان أعم ومنه تقبيل أنثى وأمرد وإرادة فاحشة ق ل . قوله : ( أو في ماله ) أو اختصاصه كجلد ميتة ووظيفة بيده بوجه بأن كان أهلاً لها فله دفع من يسعى على أخذها منه بغير وجه صحيح . وإن أدّى إلى قتله كما هو قياس الباب ثم بلغني أن الشهاب حج أفتى بذلك فليراجع سم على المنهج .
قوله : ( ولو قليلاً ) استشكل باعتبارهم في القطع في السرقة النصاب مع خفة القطع بالنسبة للقتل وفرق بأنه هنا مصرّ على ظلمه حيث لم يترك الأخذ مع اطلاع المالك ودفعه . قاله الشوبري : وأجيب أيضاً بأن السرقة لما قدّر حدّها قدّر مقابله وهنا لم يقدر حده فلم يقدر مقابله وكأن حكمة عدم التقدير هنا أنه لا ضابط للصيال اه . س ل وأجاب م د على التحرير بأن قطع اليد محقق فاشترط له أن يكون المسروق ربع دينار . وهنا القتل غير محقق اه . قوله : ( أو في حريمه ) شامل للزوجة والأمة والولد اه . قوله : ( عن ذلك ) ضمن قاتل معنى دافع فعداه بعن(5/80)
"""""" صفحة رقم 81 """"""
وفي نسخة على ذلك وتكون على تعليلية على حد قوله : ) ولتكبروا الله على ما هداكم } ) البقرة : 185 ) . قوله : ( فقتل المصول عليه ) أو قطع أو جرح بالأولى وأشار بذلك إلى أن قوله : فلا شيء عليه مفرع على محذوف تقديره : فقتل والقتل ليس قيداً كما علمت فلو زاد القطع والجرح لكان أولى . قوله : ( وغيرها ) معطوف على قوله : من قصاص الخ والمراد بالغير الغرة في الجنين مثلاً ويصح أن يكون معطوفاً على قوله : بهيمة والمراد بالغير العبد . قوله : ( لخبر من قتل الخ ) أوّل الخبر . ( من قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل الخ ) فحذف الشارح أوله ففيه أربعة . وقوله من قتل دون دينه أي إذا حمل أي الصائل عن الردّة أو الزنا وفيه أنه لا دليل في ذلك على الدفع عن حق الغير . كما قاله ح ل ولو قال الشارح : عقب الحديث ما نصه ويقاس بما فيه غيره لوفيّ بالمراد لأن الحديث لا دليل فيه على دفع الصائل على غيره عن ذلك الغير . فهو دليل لبعض المدعي كما قاله : ق ل فتأمل اه م د على التحرير . قوله : ( دون دمه ) أي لأجل الدفع عن دمه قال القرطبي : دون في أصلها ظرف مكان بمعنى أسفل وتحت وهو نقيض فوق وقد استعملت في هذا الحديث بمعنى لأجل . قوله : ( ولا إثم عليه ) معطوف على قوله فلا شيء عليه .
قوله : ( لأنه مأمور الخ ) علة لقول المتن فلا شيء عليه والأولى أن يقول ولأنه بالواو ولا يظهر كونه علة لقوله : ولا إثم عليه لأنه لا يناسبه قوله : والضمان ولم يقل بدله والإثم تأمل . قوله : ( فقتله ) أي المالك . قوله : ( لم يبرأ الغاصب والمستعير ) ففيه دلالة على أنه بصياله على سيده لم ينتقل الضمان فيه من الغاصب والمستعير للسيد إذ لو انتقل إليه لم يضمناه مع أنهما ضامنان فعدم انتقال الضمان عنهما وعدم ضياعهما على المالك مع أنهما صالاً عليه وقد قتلهما ولم يضمنهما دليل على هدرهما في حقه لصيالهما عليه وإلا لسقط الضمان على الغاصب والمستعير ، لمباشرة المالك لقتلهما اه شيخنا . قوله : ( ويستثني من عدم الضمان ) حاصله : أنه يستثني ثلاث مسائل مسألة المضطر ، ومسألة المكره على إتلاف المال ، وما إذا لم يرتب مع(5/81)
"""""" صفحة رقم 82 """"""
الإمكان ، وعصمة الصائل . قوله : ( المضطر ) أي الصائل المضطر إذا قتله صاحب الطعام وهو المصول عليه . قوله : ( فإن عليه القود ) أي وإن رتب لأن الصائل معذور . ومحل ذلك ما لم يكن صاحب الطعام مضطراً وإلا فلا ضمان على صاحب الطعام حيث رتب . قوله : ( ولو صال مكرها ) أي صال صورة فإنه ليس حقيقة صيال لأنه ليس متعدياً ولا آثماً بل صورة ولو قال : ولو أكره الخ لكان أولى وعبارة شرح المنهج نعم لو صال مكرهاً على إتلاف مال غيره إلى آخر كلامه فهو استدراك على قوله : له دفع صائل وهو هنا استدراك على قوله : فقاتل على ذلك فلا شيء عليه لأنه في معنى فله قتاله وقوله : مكرهاً أي إذا كان الإكراه بفاحشة أو قتل كأن قال له : إن لم تتلف مال هذا وإلا قتلتك كما يؤخذ مما بعده وهو قوله : إن يقي روحه الخ لا بإتلاف مال كأتلف مال هذا وإلا أتلفت مالك فلا يلزم المالك تمكين المكره .
قوله : ( لم يجز دفعه ) أي لعذره بالإكراه . قوله : ( بل يلزم المالك ) وهو المصول عليه أن يقي روحه ومحل ذلك إذا قال المكره للمكره : إن لم تتلف مال فلان وإلا قتلتك ، أو قطعت يدك أو جرحتك جرحاً شديداً ، وأما إذا قال : إذا لم تتلف مال فلان أتلفت مالك أو ضربتك ضرباً شديداً فلا يلزم المالك أن يسلم له خصوصاً إذا كان المال الذي يراد إتلافه عظيماً . قوله : ( أن يقي روحه بماله ) ظاهره ولو كان ذا روح غير آدمي لأنه دون الآدمي وكل من المكره والمكره طريق في الضمان وقراره على المكره بالكسر وفي النفس عليهما ولو مآلاً كرقيق لأن قتل النفس لا يباح بالإكراه بخلاف إتلاف المال غير ذي الروح اه ح ل وم ر . قوله : ( كما يناول المضطر ) بالنصب مفعول أول وطعامه مفعول ثان ويستفاد منه وجوب البدل على الصائل إن أتلفه اه . قوله : ( ولكل منهما ) أي المكره وصاحب المال دفع المكره بكسر الراء . قوله : ( وهو الظاهر ) معتمد . قوله : ( وله دفع مسلم عن ذمي ) ظاهره الجواز مع أنه واجب كما في الأنوار وعبارة المنهج بل يجب أي الدفع في بضع ونفس ولو مملوكة قصدها غير مسلم محقون الدم بأن يكون كافراً ولو ذمياً أو بهيمة أو مسلماً غير محقون الدم كزان محصن فإن قصدها مسلم محقون الدم فلا يجب دفعه بل يجوز الاستسلام له اه . وقوله : غير مسلم قضية هذا الكلام أنه يجب دفع الذمي عن الذمي لا المسلم عن الذمي فليحرر . ولكن وافق م ر على أنه يجب دفع كل من المسلم والذمي عن الذمي ويفارق المسلم حيث يجوز له الاستسلام للمسلم ولا يجب دفع المسلم عنه بأن له غرضاً في نيل الشهادة دون الذمي إذ لا تحصل له الشهادة(5/82)
"""""" صفحة رقم 83 """"""
فتأمل . وقوله : بأن يكون كافراً لكن ينبغي أن يستثنى منه ما يأتي في الجهاد فيما إذا دخل الكفار بلادنا من أن من قصدوه إذا جوّز الأسر وعلم أنه إن امتنع قتل جاز له الاستسلام فانظره اه . سم وفي حاشية ز ي أنه يجب الدفع عن المال إذا تعلق به حق الغير كالمرهون وفي حاشية ح ل . وفي شرح شيخنا ، نقلاً عن الغزالي وأقره أنه ويجب الدفع عن مال الغير حيث لا مشقة اه ويجب على الولاة عن أموال الناس وعبارة م ر والأوجه كما بحثه الأذرعي لزوم الإمام ونوّابه الدفع عن أموال رعاياهم اه م د . قال م ر : ويحرم على المرأة أن تسلم لمن صال عليها أن يزني بها مثلاً وإن خافت على نفسها ولو في المستقبل . قوله : ( ولا يجب الدفع عما لا روح فيه الخ ) ما لم يكن لصغير أو يتيم وإلا وجب الدفع وقوله : وأما ما فيه روح كنفس ولو مملوكة للصائل فيجب الدفع عنه فمن رأى شخصاً يحرق مال نفسه جاز أن يدفعه عنه أو رآه يريد قتل مملوكه أو رآه يزني بمملوكه وجب دفعه كما ذكره ق ل . قوله : ( لحرمة الروح ) علة لوجوب الدفع . قوله : ( عن بضع ) ولو لبهيمة وسواء قصده مسلم محقون الدم أم لا كما يؤخذ من م ر . قوله : ( عن نفسه إذا قصدها كافر ) مثله الزاني المحصن . قوله : ( أو قصدها بهيمة ) خرج ما لو حالت بهيمة بينه وبين ماله فلا يجوز دفعها ، ويضمنها إن تلفت بدفعه ق ل على الجلال .
قوله : ( بل يسن ) أي إلا إذا كان المصول عليه ملكاً توحد في ملكه أو عالماً توحد في زمانه وكان في بقائه مصلحة عامة فيجب الدفع عن نفسه ولا يجوز له الاستسلام كما في حاشية ز ي . قوله : ( كن خير ابني آدم ) يعني هابيل الذي قتله قابيل أي وخيرهما المقتول لكونه استسلم للقاتل ولم يدفع عن نفسه وقوله تعالى : ) ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ) البقرة : 195 ) مفروض في غير قتل يؤدّي إلى شهادة من غير ذلّ ديني كما هنا شرح م ر بزيادة . قوله : ( فيجب حيث يجب ) أي يجب إذا قصدها غير مسلم محقون الدم ولا يجب إذا قصدها مسلم محقون الدم اه م د .(5/83)
"""""" صفحة رقم 84 """"""
قوله : ( ويدفع الصائل ) ومنه أن يدخل دار غيره بغير إذنه ولا ظن رضاه ويصدق في دعواه عدم الصيال بيمينه ما لم تقم قرينة قوية على صيالة كهجوم بنحو سيف وضعف المصول عليه ق ل على الجلال . مع زيادة من شرح م ر . قوله : ( بالأخف ) إلا أن يكون غير معصوم وقوله : إن أمكن فلو خاف أن ينال منه الصائل ما يضره لو ارتكب التدريج ، فله تركه اه سم . قوله : ( فإن أمكن دفعه بكلام ) في المنهج أنه يبدأ بالهرب فبالزجر فالاستغاثة فالضرب ، باليد فبالسوط فبالعصا فالقطع فالقتل فهي ثمانية لكن المعتمد أنه يخير بين الزجر والاستغاثة ح ل . ومحل الهرب حيث علم أن الهرب ينجيه أما إذا علم أنه إذا هرب طمع فيه ؛ وتبعه ، جاز القتل ابتداء ولو أمكنه الهرب من فحل صائل عليه ولم يهرب فقتله دفعاً ضمن بناء على وجوب الهرب عليه ، إذا صال عليه إنسان وفي حل أكل لحم الفحل تردد أي وجهان وجه منع الحل إن لم يقصد الذبح والأكل ، قال الزركشي : والراجح الحل كما دل عليه كلام الرافعي في الصيد والذبائح اه روض وشرحه اه م د على التحرير . وينبغي أن من دفع الصائل الدعاء عليه بكف شرّه عن المصول عليه وإن كان بهلاكه وهو ظاهر . حيث غلب على الظن أنه لا يندفع إلا بالهلاك وينبغي أن يعلم أيضاً أنه لو علم منه أنه لا يندفع شره إلا بالسحر وكان المصول عليه أو غيره يعرف ما يمنع الصائل عن صياله لا يجوز لأن السحر حرام لذاته فليتأمل ع ش على م ر . قوله : ( ضمن ) ولو بالقصاص أي حيث وجدت شروط القصاص بأن دفعه ، بما يقتل غالباً كما يصرح بذلك شرح شيخنا . ومن هنا يعلم أن وجوب تقديم الزجر على الاستغاثة من حيث الحرمة إذ لا ضمان فيهما وكذا غيرهما . مما فيه الترتيب فسقط ما لبعضهم هنا من الاعتراض ولو أمكن المصول عليه خلاص نفسه بهرب أو غيره وجب عليه وحرم عليه المقاتلة اه ق ل على الجلال .
قوله : ( سقط مراعاة الترتيب ) ولو اختلفا في ذلك صدّق الدافع وعبارة ز ي ويصدق الدافع هنا وفيما يأتي في عدم إمكان التخلص بدون ما دفع له لعسر إقامة بينة على ذلك اه ع(5/84)
"""""" صفحة رقم 85 """"""
ش على م ر . قوله : ( أن له الضرب به ) ثم يقيد بكونه يرتب فيضرب أوّلاً بعرضه . ثم بظهره ثم بحدّه بل أطلقه عن التقييد بكونه يمكنه ذلك أو لا وفيه وقفة فإنه يجب عليه الدفع بالأخص . قوله : ( وعلى راكب الدابة ) سواء كان بصيراً أو أعمى قال سم : وقضية كلام المصنف وغيره تضمين الراكب وإن كان الزمام بيد غيره وأنه يضمن إذا كان أعمى معه بصير يقوده وأنه يضمن وإن غلبته الدابة وهو قضية كلام الشيخين اه م د والمعتمد أن الراكب لا يضمن إذا كان معه قائد وسائق إلا إذا كان بصيراً مميزاً وكان الزمام بيده اه . وعبارة شرح المنهج ولو صحبها سائق وقائد استويا في الضمان أو راكب معهما أو مع أحدهما ضمن الراكب فقط اه . أي لأن استيلاءه عليها أقوى وبذلك يعلم أن الضمان على المرأة التي تركب الآن مع المكاري م ر سم وهذا هو المعتمد وقياس ما نقله ابن يونس أن الضمان في مسألة الأعمى على قائد الدابة إن كان زمامها بيده . أي القائد اه ع ش على م ر . ولو ركبها اثنان فعلى المقدم دون الرديف كما أفتى به الوالد لأن فعلها منسوب إليه اه شرح م ر . قال ع ش : ويؤخذ من هذه العلة أن المقدم لو لم يكن له دخل في سيرها كمريض وصغير اختص الضمان بالرديف اه بحروفه . فلو كانا في جانبها ضمناً فلو كان معهما واحد على القتب فالضمان عليهم أثلاثاً كما قاله الطبلاوي وقيل : عليه فقط لأن السير منسوب إليه سم ولو كان الراكب ممن يضبطها ولكن غلبته بفزع من شيء مثلاً وأتلفت شيئاً فالظاهر عدم الضمان قاله سم : ويشكل عليه أن اليد موجودة حال الفزع كما هي موجودة مع قطع اللجام ونحوه إلا أن يقال اليد وإن كانت موجودة حال الفزع إلا أن فعلها لم ينسب فيه واضع اليد إلى تقصير مّا فأشبه ما لو هاجت الرياح بعد إحكام ملاح السفينة آلاتها وقد قيل : فيها بعدم الضمان لانتفاء تقصير الملاح بخلاف قطع اللجام فإن الراكب منسوب فيه لتقصير في الجملة لأن قطع الدابة له دليل على عدم إحكامه اه ع ش على م ر وعبارة ق ل ولو غلبت راكبها وأتلفت شيئاً ضمنه لتقصيره بركوب ما لا يقدر على ضبطه . وشأنه أن يضبط وبذلك فارقت السفينة وخرج بغلبتها له ما لو انفلتت قهراً عليه فلا ضمان عليه لعدم تقصيره وفيه بحث اه .(5/85)
"""""" صفحة رقم 86 """"""
قوله : ( وسائقها ) الواو بمعنى أو وعبارة المنهج صحب دابة اه وقوله : صحب ولو غير مكلف كما في م ر أي صحبها في الطريق فيخرج ما إذا صحبها في مسكنه فدخل فيه إنسان فرمحته أو عضته فلا ضمان إن دخل بغير إذنه أو أعلمه كما قاله س ل قال شيخنا : والمراد بالمصاحبة المصاحبة العرفية ليشمل ما لو رعى البقر في الصحراء فهو في هذه الحالة يعدّ مصاحباً . قوله : ( أم مستأجراً ) أو قنا أذن له سيده أم لا ويتعلق متلفها برقبته وإن أذن السيد كما في شرح م ر ويفرق بين هذا ولقطة أقرها مالكه بيده فتلفت فإنها تتعلق برقبته وبقية أموال السيد بأنه مقصر ثم يتركها بيده المنزلة منزلة المالك بعد علمه بها ولا كذلك هنا ودعوى أن القنّ لا يد له ممنوعة بأنه ليس المراد باليد هنا المقتضية للملك بل المقتضية للضمان وهو بهذا المعنى له يد كما لا يخفى شرح م ر اه . قوله : ( أم غاصباً ) قال شيخنا : وكذا المكره لكن قرر الضمان على المكره بكسر الراء فراجعه ق ل على الجلال . وعبارة ع ش على م ر شمل المكره بفتح الراء فيضمن ولا شيء على المكره بكسر الراء لأنه إنما أكرهه على ركوب الدابة لا على إتلاف المال وبهذا يفرق بين هذا وبين ما لو أكرهه على إتلاف المال حيث قيل : فيه إن كلا طريق في الضمان والقرار على المكره بكسر الراء . قوله : ( ضمان ما أتلفه ) وكذا ما أتلفه ولدها معها لأن له عليه يداً . قوله : ( أي التي يده عليها ) أشار به إلى أن الإضافة لأدنى ملابسة وما يقع كثيراً بأزقة مصر من دخول الجمال مثلاً بالأحمال ثم إنهم يضطرون المشاة أو غيرهم فيقع المضطر فيتلف متاعه فالضمان على سائق الجمال وإن كثروا لأنهم منسوبون إليه وأما لو دفع المزحوم الجمل بحمله مثلاً على غيره فأتلف شيئاً فالضمان على الدافع لا على من معه الدابة اه ع ش على م ر . قوله : ( نفساً ومالاً ) فضمان النفس على عاقلته وضمان المال عليه ز ي . قوله : ( كالكلب ) التشبيه من حيث إنه إذا قصر صاحب الطعام بوضعه في الطريق ولم يكن صاحب الدابة معها فلا ضمان على صاحبها كالكلب الغير المرسل بخلاف ما إذا كان معها كالكلب الذي أغراه صاحبه اه م د . ومنه ما جرت به العادة الآن من إحداث مصاطب أمام الحوانيت بالشارع ووضع أصحابها عليها بضائع للبيع ، كالحضرية مثلاً فلا ضمان على من أتلفت دابته شيئاً منها بأكل أو غيره لتقصير صاحب البضاعة اه ع ش على م ر . قوله : ( كجنايته ) أي جناية الكلب في أنها تؤثر في الضمان إذا كان معها صاحبها دون ما إذا لم يكن معها فيما إذا كانت العادة جارية بإرسالها وحدها كما يأتي كما أن جناية الكلب باصطياده تؤثر في الحلّ إذا أرسله صاحبه دون ما إذا لم يرسله فإرساله بمنزلة مصاحبة مالك الدابة لها .(5/86)
"""""" صفحة رقم 87 """"""
قوله : ( أرجحهما الأول ) معتمد لأن استيلاءه عليها أقوى . قوله : ( أوجههما الأول ) ضعيف ، والمعتمد أنه على الأول ما لم يكن صغيراً أو أعمى قال ابن قاسم : جزم به م ر ووجهه بأنها وإن كانت في يدهما بحيث يقضي لهما بها فيما لو تنازعاها إلا أن فعلها منسوب للمقدم نعم إن كان المتقدم لا أثر له بحيث كان سيرها منسوباً للمؤخر فقط كأن ركبها إنسان واحتضن مريضاً لا حركة له فينبغي أن يكون الضامن المؤخر . قوله : ( على العاقلة ) لأنه خطأ . قوله : ( ويستثنى من إطلاقه ) أي من قوله : وعلى راكب الدابة الخ . وفي بعض الصور المستثنيات الضمان على غير الراكب الدابة وفي بعضها لا ضمان أصلاً فليس المراد أنه في هذه المستثنيات ينتفي الضمان بالمرة بل المراد أنه لا ضمان على الراكب أعم من نفي الضمان بالمرة أو وجوبه على غير الراكب وقوله : صور أي خمسة . قوله : ( صبياً ) مفعول لأركبها . قوله : ( فالضمان على الأجنبي ) ولو كان مثلهما يضبط الدابة على المعتمد فقول شرح المنهج : لا يضبطها ليس بقيد فالضمان على الأجنبي مطلقاً كما قاله ع ش قال في البيان : إن أركبها الولي الصبي لمصلحته وكان ممن يضبطها ضمن الصبي وإلا ضمن الولي اه سم . قوله : ( فرمحت ) أي رفصت .
قوله : ( على الناخس ) ولو رقيقاً قال ع ش على م ر : أي ولو صغيراً مميزاً كان أو غير مميز لأن ما كان من خطاب الوضع لا يختلف فيه الحال بين المميز وغيره اه . قوله : ( ضمنه الرادّ ) ما لم يأذن له الراكب كما يعلم من التي قبلها وما لم يخف أي الرادّ على نفسه أو ماله منها ويشترط أيضاً أن ينسب ردها إليه ولو بإشارة فإن رجعت فزعاً منه فلا ضمان فالشروط ثلاثة اه م د . وقوله : ضمنه الرادّ انظر إلى متى يستمر ضمانه ولعله ما دام سيرها منسوباً لذلك الراد فليراجع رشيدي . قوله : ( سقوطها بمرض ) يؤخذ من شرح م ر . أنه غير مسلم فيهما بل(5/87)
"""""" صفحة رقم 88 """"""
المعتمد الضمان وعبارة م ر . وإلحاق الزركشي بسقوطه بالموت سقوطه بنحو مرض أو ريح شديدة فيه نظر لوضوح الفرق . اه كلامه وصرح به ح ل ونصه ولو سقطت ميتة بخلاف ما إذا سقطت لمرض أو ريح لأن للحي فعلاً بخلاف الميت اه . قوله : ( وإن كانت الدابة وحدها ) هذا مقابل قول المتن وعلى راكب الدابة الخ المراد منه من صحبها فإنه يخرج به ما إذا كانت وحدها وعبارة سم . ولو كانت الدابة وحدها فإن اعتيد إرسالها وحدها في ذلك الوقت فلا ضمان وإلا فالضمان اه بحروفه .
قوله : ( أو ليلاً ضمن ) أي إن قصر صاحبها في إرسالها ليلاً ، وأما إذا فتحت الباب وحدها أو قطعت الحبل وخرجت وحدها لم يضمن ومحل ضمانه إن لم يقصر صاحب المال فإن قصر بأن حضر ولم يدفع عنه ، أو كان له باب فتركه مفتوحاً أو وضعه في طريق فلا ضمان على صاحب الدابة . قوله : ( مطلقاً ) أي ليلاً أو نهاراً ما لم يفرّط صاحب المال ومحل التفصيل في إرسال الدابة بين الليل والنهار في إرسالها إلى الصحراء ، أما إرسالها في البلد فيضمن مطلقاً ليلاً أو نهاراً وعبارة م د على التحرير والعبرة بالعادة وغيرها ، فإن جرت عادة أهل محل بإرسال الدواب ليلاً ونهاراً فلا ضمان أو بحفظها ليلاً دون النهار ضمن ليلاً لا نهاراً . ولو انعكس الحكم انعكس الضمان أيضاً وقد سئلت عن حادثة تقع في الشأم وهي أنه قد جرت عادتهم بإرسال الدواب فمرت دابة في طريق فصادفت إنساناً قاعداً في الطريق فقام فجفلت منه وتلفت فأجبت بأنه يضمن الدابة اه كاتبه اه بحروفه .(5/88)
"""""" صفحة رقم 89 """"""
قوله : ( يستثني من الدواب الحمام ) أطلق على الحمام دابة نظراً إلى أصل اللغة وخص العرف الدابة بذات الأربع قال في المصباح : وكل حيوان في الأرض دابة وخالف بعضهم فأخرج الطير من الدواب وردّ بالسماع وهو قوله تعالى : ) والله خلق كل دابة من ماء } ) النور : 45 ) قالوا : أي خلق كل حيوان مميزاً كان أو غير مميز وأما تخصيص الفرس والبغل بالدابة عند الإطلاق فعرف طارىء وتطلق الدابة على الذكر والأنثى والجمع الدواب اه . قوله : ( فلا ضمان بإتلافها مطلقاً ) أي كان معها صاحبها أم لا قوله : ( بعدم الضمان ) مثله في شرح م ر فسقط تضعيف له وعبارة م ر . وأفتى البلقيني في نحل لإنسان قتل جملاً لآخر بعدم الضمان لأنه لا يمكنه ضبطه ولتقصير صاحبه حيث لم يضعه في بيت مسقف ، أو لم يضع عليه ما يمنع وصول النحل إليه ولا فرق في ذلك بين كون الجمل في ملكه أو غيره اه ع ش على م ر . قوله : ( ولو أتلفت الهرة ) ولا يجوز له أن يتعرض لها إلا وقت صيالها ولا بعده ولا قبله على المعتمد لأن التحرز عنها يسهل م ر . قوله : ( إن عهد ) أي ولو مرة ق ل . قوله : ( أو صاحبها الذي يأويها ) أي إذا كان له يد عليها كأن كان مستأجراً لها أو مستعيراً نعم إن انفلتت قهراً فأتلفت شيئاً فلا ضمان فيه كما مر اه م ر .
فرع : أفتى ابن عجيل في دابة نطحت أخرى بالضمان إن كان النطح طبعها وعرفه صاحبها أي قد أرسلها أو قصر في ربطها والكلام في غير ما بيده وإلا ضمن مطلقاً اه س ل ولو نفر شخص دابة مسيبة عن زرعه فوق قدر الحاجة ضمنها أي دخلت في ضمانه فينبغي إذا نفرها أن لا يبالغ في إبعادها بل يقتصر على قدر الحاجة وهو القدر الذي يعلم أنها لا تعود منه إلى زرعه وإن أخرجها عن زرعه ، إلى زرع غيره فأتلفته ضمنه إذ ليس له أن يقي ماله بمال غيره فإن لم يمكنه إلا ذلك بأن كانت محفوفة بمزارع الناس ولم يمكن إخراجها إلا بإدخالها مزرعة غيره تركها في زرعه وغرم صاحبها ما أتلفته اه . من شرح الروض فإن أخرجها ضمنها إن ضاعت وضمن ما تتلفه من زرع غير مالكها لتعديه .
فرع : لو حملت الريح ثوباً وأشرف على أن يقع في ملكه فدفعه من الهواء إلى ملك غيره لم يضمنه كما في ق ل على الجلال .(5/89)
"""""" صفحة رقم 90 """"""
قوله : ( وإن كان الداخل بصيراً ) غاية لقوله : ضمن كما في شرح الروض وقوله : أو دخلها بلا إذن مقابل لقوله : دخلها شخص بإذنه ثم إن ما هنا لا ينافي قول الروض في الجنايات : وإن ربط ببابه كلباً عقوراً ودعا إليه رجلاً فعقره فمات فلا ضمان لأن ما هنا في كلب في الدار وما هناك في كلب خارجها كما أفاده شيخ الإسلام اه .
3 ( ( فصل : في قتال البغاة ) ) 3
هذا شروع في طوائف ثلاثة جوّز الشارع لنا قتالهم البغاة والمرتدين والكفار . وذكر البغاة بعد الصيال لما يأتي أنهم يردون إلى الطاعة بالأخف فالأخف في قوله : ولا يقاتلهم الإمام حتى يبعث الخ . وقام الإجماع على جواز قتال البغاة ومستنده فعل سيدنا عليّ فإنه قاتل أهل الجمل بالبصرة وقاتل أهل صفين بالشام وأهل النهروان وهم طائفة من الخوارج بناحية الكوفة وأخذ قتال المرتدين من فعل أبي بكر وأخذ قتال الكفار من فعل النبي . قوله : ( جمع باغ ) وأصل بغاة بغية تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفاً وينصب بالفتحة على التاء كقضاة لأن الألف فيه أصلية لانقلابها عن أصل اه . قوله : ( ومجاوزة الحدّ ) أي ما حدّه الله وشرعه من الأحكام لخروجهم عن طاعة الإمام الواجبة عليهم وهو لغة كذلك . ففي المختار البغي التعدي وبغى عليه استطال وبابه رمي وكل مجاوزة وإفراط على المقدار الذي هو حدّ الشيء فهو بغي قال ابن قاسم : ومن كون البغي مجاوزة الحدّ سميت الزانية بغية اه ع ش على م ر مع زيادة من ق ل . قوله : ( والأصل فيه ) أي فصل البغاة أي في الأحكام الآتية فيه يعني في الجملة وإلا فالآية لا تثبت كل الأحكام الآتية . قوله : ) وإن طائفتان } ) الحجرات : 9 ) تثنية طائفة تطلق على الواحد وغيره . نزلت في رهط عبد الله بن أبيّ ابن سلول ورهط عبد الله بن رواحة لما اقتتلا بالأيدي والنعال فقرأها النبي عليهم ، رواه الشيخان عن أنس اه دميري . قوله : ) اقتتلوا } ) والحجرات : 9 ) لم يقل اقتتلتا بل جمع مراعاة لأفراد الطائفتين ومعنى : ) فأصلحوا(5/90)
"""""" صفحة رقم 91 """"""
بينهما } ) الحجرات : 9 ) الأول إبداء الوعظ والنصيحة ، والثاني الفصل بينهما بالقضاء العدل فيما كان بينهما اه سم . قوله : ( وليس فيها ذكر الخروج ) هذا الكلام يوهم أن البغي منحصر في الخروج عليه من حيث البيعة ونحوها وإلا فمن البين أن المراد الخروج ولو بمنع حق توجه عليهم كما سيجيء ، وهؤلاء قد توجه عليهم أن يترافعوا إلى الإمام فيما شجر بينهم فحيث استقلوا بالقتال معرضين عن الإمام فقد امتنعوا من الحق الواجب عليهم فكانوا بغاة لهذا اه سم . قوله : ( تشمله ) أي تشمل الخروج عن الإمام المرتب عليه الأمر بالقتل .
قوله : ( لعمومها ) أي لأنها نكرة في سياق الشرط . قوله : ( أو تقتضيه ) أي تستلزمه وتفيده بطريق القياس ووجه هذا الترديد الخلاف في كون النكرة في سياق الشرط تعمّ أو لا فعلى الأول تشمله بجعل الإمام طائفة ، والباغين عليه طائفة ، وعلى الثاني لا تشمله ويكون المراد طائفتين من المسلمين بغت إحداهما على الآخرى فيقاس الخروج على الإمام بالخروج على غيره فيجوز له القتال بالأولى . قوله : ( وهم ) أي شرعاً مسلمون ولو فيما مضى فيشمل المرتدين على المعتمد ق ل على الجلال وفي سم نقلاً عن الزركشي أنه يعتبر في البغاة الإسلام فالمرتدون إذا نصبوا القتال لا يجري عليهم حكم البغاة في الأصح وهذا الشرط هو مقتضى كلام المحرر فلا وجه لإهماله . وحاصله أن القيود ستة : أن يكونوا مسلمين وأن يخالفوا الإمام وأن يكون لهم تأويل . وأن يكون ذلك التأويل باطلاً ظناً وأن تكون لهم شوكة وأن يكون فيهم مطاع . وسيذكر الشارح أن الشوكة تستلزم المطاع فلا تغفل . اه م د وعبارة ح ل في سيرته أن للإمام أحمد قولاً بلعن يزيد تلويحاً وتصريحاً وكذا للإمام مالك وكذا لأبي حنيفة ولنا قول بذلك في مذهب إمامنا الشافعي وكان يقول بذلك الأستاذ البكري ومن كلام بعض أتباعه في حق يزيد ما لفظه زاده الله خزياً ومنعه وفي أسفل سجين وضعه وفي شرح عقائد السعد يجوز لعن يزيد اه . ويشكل عليه أن لعن الشخص لا يجوز وإنما يجوز اللعن بالوصف فتأمله . قال ح ل قال ابن الجوزي : أجاز العلماء الورعون لعن يزيد وصنف في إباحة لعنه مصنفاً اه . وقال : وعلى هذا يكون مستثنى من عدم جواز لعن الكافر المعين بالشخص كما صرح به السعد بعد أن قال : إني لا أشك في عدم إسلامه بل ولا في عدم إيمانه فلعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه اه كلام السعد . قوله : ( ولو جائراً ) لأنه يحرم الخروج على الإمام ففي شرح مسلم يحرم الخروج على الجائر إجماعاً ويجاب عن خروج الحسين على يزيد بأن المراد إجماع الطبقة المتأخرة عن التابعين فمن بعدهم اه ابن حجر والغاية للرد وسيأتي قول الشارح : وتجب طاعة الإمام وإن كان جائراً فيما يجوز من أمره ونهبه الخ . قوله : ( بعدم انقيادهم له ) سواء سبق(5/91)
"""""" صفحة رقم 92 """"""
منهم انقياد أم لا كما هو ظاهر إطلاقهم والمراد بعدم انقيادهم له ولو في مباح حيث كان فيه مصلحة اه شيخنا . قوله : ( كزكاة ) هي حق الله ومثله حق الآدمي بالأولى ق ل على الجلال . قوله : ( بالشروط الآتية ) متعلق بخرجوا أو بقوله : مخالفو الخ فوجودها لا بد منه في تحقق البغي ووجوده . قوله : ( ويقاتل أهل البغي ) ظاهره أن البغي يوجد بدون هذه الشروط وهذه الشروط للقتال وليس كذلك بل لا يحصل إلا بها وبعد ذلك يقاتلون فلو قال : وشرط في الباغي كذا وكذا . كان أولى ولذا قال في المنهج : هم مسلمون الخ ثم قال : ولا يقاتلهم الإمام . واعلم أن وصف البغي في الصدر الأوّل ليس وصف ذم ولا يقتضي الفسق ولا العصيان ولا يزول معه وصف الإيمان خلافاً للخوارج فإنهم اعتقدوا زوال الإيمان معه ويردّ عليهم بالآية . ولأنهم إنما خرجوا عن طاعة الإمام بتأويل وشبهة أي بتأويل غير قطعي البطلان كما في م ر .
قوله : ( كما استفيد من الآية المتقدمة ) وهي قوله تعالى : ) وإن طائفتان } ) الحجرات : 9 ) قال السبكي رحمه الله تعالى في تفسيره المسمى بالدر النظيم ما حاصله وفي هذه الآية حكمان عظيمان : أحدهما وجوب قتال البغاة من قوله : ) فقاتلوا التي تبغي } ^ فإنه أمر والأمر للوجوب وعليه عوّل علي رضي الله عنه والصحابة في قتال صفين والنهروان وقد قتل عمار معه يوم صفين وقال النبي لعمار : ( تقتلك الفئة الباغية ) وهذا علم من أعلام النبوّة ولم ينكر أحد هذا الحديث حتى إنّ المقاتلين لعليّ رضي الله عنه لم ينكروه وإنما عدلوا إلى تأويل لا يخفى ضعفه وهو قولهم : إنما قتله الذي أخرجه يعنون علياً أي لأنه أخرجه لقتال معاوية . ولما قتل عمار ازداد الذين كانوا مع علي يقيناً وإقداماً على القتال وعرفوا أنهم الذين عناهم رسول الله ثم ساق القصة أحسن سياق . الحكم الثاني في الآية أن اسم الإيمان باق مع البغي والمخالف في ذلك الخوارج والآية تردّ عليهم وتمام الاستدلال بقوله تعالى : ) فأصلحوا بين أخويكم } ) الحجرات : 10 ) فإنه صريح في بقاء الإيمان حين البغي ولولا ذلك أي بقاء الإيمان لأمكن أن يقال في قوله تعالى : ) فإن بغت إحداهما على الأخرى } ) الحجرات : 9 ) وقوله تعالى : ) وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } ) الحجرات : 9 ) إنه لا دليل فيه لأنه لا يصح إطلاق ذلك أي المذكور في الآية من الإيمان والأخوة إذا كان يخرج به عن الإيمان بأن يكون وصف الإيمان بحسب الأصل لكن قوله تعالى : ) بين أخويكم } ) الحجرات : 10 ) دليل ظاهر على ثبوت الإيمان لهم في حال بغيهم اه . وقال في الروضة قال العلماء : ويجب قتال البغاة ولا يكفرون بالبغي وإذا رجع الباغي إلى الطاعة قبلت توبته وترك قتاله اه شرح المنوفي اه مدابغي .(5/92)
"""""" صفحة رقم 93 """"""
قوله : ( صفين ) بكسر أوله المهملة وثانيه الفاء المشدّدة اسم بلد أو إقليم وكذا النهروان المذكور معه ق ل . قوله : ( بثلاثة شرائط ) الأولى حذف التاء لأن المعدود مؤنث ويمكن الجواب بأن المراد بالشرائط الشروط . قوله : ( بفتح النون ) قد تسكن كما في المختار اه ع ش على م ر . قوله : ( أي شوكة بكثرة أو قوّة ) فيه مسامحة لأن المنعة والشوكة والقوّة معناها واحد فكان الأولى أن يقول : أي قوّة بكثرة أو تحصن بحصن . قوله : ( وهي ) أي الشوكة التي لا يتحقق البغي بدونها لا بدّ لها من مطاع وأما أصل الشوكة فلا تتوقف على مطاع وبهذا يجمع بين ما هنا وما في المنهاج شوبري فقوله : وهي لا تحصل أي فذكرها يغني عن ذكره الذي سلكه المنهاج . قوله : ( يصدرون عن رأيه ) أي تصدر أفعالهم عن رأيه . قوله : ( قاتل أهل الجمل ) أي أهل الوقعة التي عقر فيها جمل عائشة . وسبب خروجها مع معاوية أنها كانت تحبه لأنه كان يقول للنبي في زمن الإفك ما رأينا على نسائك إلا خيراً وكان عليّ يقول : النساء غيرها كثير وهذا سبب طلوعها مع معاوية في هذه الوقعة وكان الناس إذا دعاهم للخروج معاوية يمتنعون ويقولون : لا نخرج معك إلا إذا خرجت عائشة كما في السير ومن جملة أهل تلك الوقعة سيدنا طلحة والزبير ويعلى بن أمية ومات طلحة والزبير وعقر جمل عائشة حتى سقطت من عليه ، وحصل ما حصل ، ولما سقطت كان أخوها محمد عندها فحمل هودجها مع رجل ممن كانوا حاضرين حتى وضعوه بين يدي سيدنا عليّ فأمر بها فأدخلت بيتاً سترا عليها ثم طيب خاطرها وأكرمها واعتذر لها وكان أخوها مع عليّ في القتال والواقعة كانت بين علي ومعاوية وكان معاوية وقت موت عثمان في الشام من تحت يده فلما أخبر بموته جاء ينازع علياً في الخلافة . قال الدميري : وكان اسم الجمل الذي ركبته عائشة يوم وقعته عسكراً أعطاه لها يعلى ابن أمية اشتراه لها بأربعمائة درهم . وهو الصحيح وكانت وقعة الجمل يوم الخميس العاشر من جمادى الأولى أو الأخيرة وقيل في خامس عشرة سنة ست وثلاثين من الهجرة وكانت الوقعة من ارتفاع الشمس إلى قريب العصر اه .
قوله : ( بانفرادهم ) الباء للسببية وهذا ضعيف . قال م ر : ولا يشترط انفرادهم ببلد أو قرية(5/93)
"""""" صفحة رقم 94 """"""
على الأصح . قوله : ( كما نقله في الروضة ) تبرأ منه لضعفه . قوله : ( تأويل سائغ ) أي جائز والمراد بالتأويل أن يكون لهم شبهة تسوّغ لهم ما هم فيه . قوله : ( أي محتمل ) بصيغة اسم الفاعل أي للصحة والفساد ، أي للصدق والكذب أو بصيغة اسم المفعول أي محتمل صدقه وكذبه فلا وجه لاقتصار المدابغي على قوله : اسم مفعول . قوله : ( من الكتاب أو السنة ) ليس بقيد . قوله : ( لمواطأته إياهم ) أي لموافقته فقال لهم عليّ رضي الله عنه : والله ما قاتلت ولا مالأت أي ولا جمعت للقتال وإنما نهيت اه م د . قوله : ( كتأويل المرتدين ) أي من أهل اليمامة ارتدوا بعد موته وقالوا : لا يجب الإيمان إلا في حياته لانقطاع شرعه بموته كبقية الأنبياء وهذا تأويل باطل لقيام الإجماع على بقاء دينه إلى يوم القيامة قرره شيخنا . قال ابن قاسم قوله : كتأويل المرتدين هذا فيه نظر لأنه اعتبر في المحدود الإسلام وأخذه جنساً وإذا لم يشملهم الجنس فلا يصح الاحتراز عنهم بفصول التعريف اه عميرة .
قوله : ( فليسوا بغاة ) أي فلا ينفذ حكمهم ولا يعتدّ بحق استوفوه ويضمنون ما أتلفوه مطلقاً كقطاع الطريق اه ز ي . قوله : ( على تفصيل الخ ) هذه العبارة سرت إليه من شرح المنهج لأن التفصيل لم يذكر هنا أصلاً والتفصيل أنه إن كان مرتداً ضمن وإلا فلا . ومع ذلك وهو ضعيف ومراده بقوله : يعلم مما يأتي هو التفصيل بين كونه مسلماً أو مرتداً لأنه ذكره في المنهج بعد هذه العبارة وأما الذي يأتي في الشرح هو أنه إن كان له شوكة من غير تأويل فهو كالباغي وإن كان له تأويل من غير الشوكة فليس كالباغي وهذا غير الذي أراده شيخ الإسلام بقوله على تفصيل في ذي الشوكة كما علمت فكان الأولى حذف قوله : في ذي الشوكة ويقول :(5/94)
"""""" صفحة رقم 95 """"""
على تفصيل فيما إذا فقد أحد الأمرين أي الشوكة والتأويل لأن هذا هو الذي يأتي . قوله : ( ضمنوه مطلقاً ) أي وقت الحرب أو غيره اه ع ش . قوله : ( وأما الخوارج ) وهم صنف من المبتدعة قائلون : بأن من أتى كبيرة كفر وحبط عمله وخلد في النار وأن دار الإسلام بظهور الكبائر فيها تصير دار كفر وإباحة اه ز ي . قوله : ( ويتركون الجماعات ) أي لا يصلون وراء الأئمة . كما قرره العزيزي وعبارة البرماوي أي لم يحضروا مع الإمام جمعة ولا جماعة لاعتقادهم أن الصلاة لا تصح إلا خلف معصوم اه . وقال م ر ويتركون الجماعات لأن الأئمة لما أقروا على المعاصي كفروا بزعيمهم فلم يصلوا خلفهم اه . فإن قيل : ترك الجماعات يوجب القتال لأن الجماعات من فروض الكفاية فيقاتل تاركها كما تقرر في باب صلاة الجماعات . قلت يجاب بأن ما هنا محمول على ما إذا ظهر الشعار بغيرهم أو أنهم لا يقاتلون من حيث الخروج وإن قوتلوا من حيث ترك الجماعة اه ز ي . قوله : ( فلا يقاتلون ) أي لا يقاتلون بثلاثة شروط الأوّل : عدم قتالهم لنا . والثاني : كونهم في قبضتنا والثالث عدم تضررنا بهم ، كما أشار إليه الشارح فقوله : وهم في قبضتنا حال من الواو في فلا يقاتلون وكان الأولى تقديمه على قوله : ما لم يقاتلوا فعدم قتالهم مشروط بما ذكر والمراد بكونهم في قبضتنا ، أن يجري عليهم حكمنا . قوله : ( ولا يفسقون ) بدليل قبول شهادتهم ولا يلزم من ورود ذمهم ووعيدهم الشديد ككونهم كلاب أهل النار الحكم بفسقهم لأنهم لم يفعلوا محرماً في اعتقادهم وإن أخطأوا وأثموا به من حيث إن الحق في الاعتقادات واحد قطعاً وهو ما عليه أهل السنة ولا ينافي ذلك اقتضاء أكثر تعاريف الكبيرة فسقهم لوعيدهم الشديد وقلة اكتراثهم أي مبالاتهم بالدين لأن ذلك بالنسبة لأحوال الآخرة لا الدنيا لما تقرر من كونهم لم يفعلوا محرماً عندهم اه شرح م ر باختصار .
قوله : ( ما لم يقاتلوا ) فإن قاتلوا فسقوا ولعل وجهه أنه لا شبهة لهم في القتال وبتقديرها فهي باطلة قطعاً اه ع ش . قوله : ( وهم في قبضتنا ) قال الأذرعي : سواء كانوا بيننا أو امتازوا بموضع عنا لكنهم لم يخرجوا عن طاعته اه ز ي . قوله : ( نعم إن تضررنا بهم ) أي بأن أظهروا بدعتهم أو دعوا إليها اه شيخنا . قوله : ( تعرضنا لهم ) ولو بالقتل قوله : ( أو لم يكونوا في قبضتنا ) أي أو لم يقاتلوا ولم يكونوا في قبضتنا قال سم : هذا يفيد أن قوله : وهم في قبضتنا ليس قيداً لقوله : فلا يقاتلون ما لم يقاتلوا الخ بل هو قيد لقوله : فلا يقاتلون الخ اه شوبري . قوله : ( ولم يتحتم الخ ) لو عفا المستحق عن القاتل سقط القتل .(5/95)
"""""" صفحة رقم 96 """"""
قوله : ( في شهر السلاح ) أي إظهاره . قوله : ( أن حكمهم كحكم قاطع الطريق ) ففي رواية ( إذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم الجزاء لمن قتلهم عند الله يوم القيامة ) وبهذا استدل من يقول بجواز قتل الخوارج وقد قاتلهم عليّ كرم الله وجهه وقد سئل عن الخوارج أهم كفار ؟ فقال : ( من الكفر فرّوا فقيل أمنافقون ؟ فقال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً وهؤلاء يذكرون الله كثيراً فقيل ما هم ؟ فقال : أصابتهم فتنة فعموا وصموا ) فلم يجعلهم كفاراً لأنهم تعلقوا بضرب من التأويل والخوارج قوم يكفرون مرتكب الكبيرة ويحكمون بحبوط عمل مرتكبها وتخليده في النار ويحكمون بأن دار الإسلام تصير بظهور الكبائر فيها دار كفر ولا يصلون جماعة اه ح ل في السيرة وتقدم بعضه .
قوله : ( فإن قيد ) أي ما في المنهاج فلا خلاف أي في أنهم قطاع طريق زيادة على كونهم خوارج فيترتب عليهم أحكام قاطع الطريق . وهذا التقييد هو المعتمد وعبارة ع ش . فلا خلاف أي في وجوب قتلهم . قوله : ( وتقبل شهادة البغاة ) شروع في حكم البغاة . وحاصله أن شهادتهم مقبولة بشرطين : الأول أن لا يكونوا ممن يشهدون لموافقيهم بتصديقهم الخ والثاني أن لا يستحلوا دماءنا أو أموالنا بلا تأويل وقضاؤهم مقبول بشرطين أيضاً الأوّل : أن يكون فيما يقبل فيه قضاء قاضينا فيخرج به ما إذا قضوا بما خالف نصاً أو إجماعاً أو قياساً جلياً . الثاني أن لا يستحلوا الخ . قوله : ( إلا أن يكونوا ممن يشهدون ) صنيع م ر يقتضي أن هذا القيد راجع لكل من شهادتهم وقضائهم فكان الأولى للشارح تأخيره عن قوله وقضاؤهم اه . قوله : ( لموافقيهم ) أي في الإعتقاد بتصديقهم كذا في صحاح النسخ وفي بعضها بتصديقه ولا يناسب التعبير بالجمع قبله ، كما لا يخفى وقوله : بتصديقهم الباء للسببية والمصدر مضاف لمفعوله والفاعل محذوف أي يشهدون لمن يوافقهم في العقيدة بسبب تصديقهم له أي اعتقادهم صدقه بمجرد كونه منهم كذا قاله بعضهم : ولا يخفى ما فيه إذ ظاهر التأويل يفيد أنه مضاف للفاعل فحرر ذلك . قوله : ( يشهدون بالزور ) أي بما يروه اه م د . قوله : ( ولا يختص هذا ) أي(5/96)
"""""" صفحة رقم 97 """"""
الاستثناء وهو قوله : إلا أن يكونوا الخ أي لا يختص هذا بالبغاة أي قبول الشهادة بل كل مبتدع لا يفسق ببدعته تقبل شهادته . كما قاله ع ش : وعبارة م د ولا يختص هذا أي عدم قبول شهادتهم وقضاء قاضيهم . قوله : ( حينئذ ) أي حين إذ بينوا السبب فيقولون رأيناه باعه أو أقرضه قوله : ( لأن لهم تأويلاً ) تعليل لقبول قضاء قاضيهم . قوله : ( إلا أن يستحل ) أي بلا تأويل كما يأتي قوله : ( دمائنا وأموالنا ) الواو بمعنى أو قوله : ( لأنه ليس بعدل ) هذا يقتضي أنهم لا يكفرون باستحلال دمائنا وأموالنا لأنه نفي العدالة دون الإسلام ولعله لوجود الشبهة أي من غير تأويل لهم وإن كانت باطلة وعبارة ق ل على الجلال لم يقل لكفر لإمكان التأويل أي لإمكان وجود التأويل وإن لم يكن موجوداً عنده الآن قوله : ( هذا ) أي الشرط المذكور في قوله إلا أن يستحل شاهد البغاة وعبارة شرح م ر ومحل ذلك إذا استحلوه بالباطل عدواناً ليتوصلوا به إلى إراقة دمائنا وأموالنا . ويؤخذ من العلة أن المراد استحلال خارج الحرب وإلا فكل البغاة يستحلونها حالة الحرب وما في الروضة في الشهادات من قبول شهادة مستحل الدم والمال من أهل الأهواء والقاضي كالشاهد محمول على المؤوّل لذلك تأويلاً محتملاً . وما هنا على خلافه اه . قوله : ( أهل الأهواء ) أي البدع .
قوله : ( وما أتلفه ) مبتدأ وعكسه عطف عليه وقوله : ضمن كل الخ . خبر وقوله : إن لم يكن الخ اعتراض أو أن قوله : ضمن الخ جواب الشرط والجملة خبر المبتدأ قال الشيخ عز الدين : ولا يتصف إتلافهم بإباحة ولا تحريم لأنه خطأ معفوّ عنه بخلاف ما يتلفه الكفارة حال القتال فإنه حرام غير مضمون ز ي وعبارة ق ل . فلا يوصف إتلافهم بحلّ ولا حرمة لأنه خطأ معفوّ عنه لتأويلهم . وبذلك فارق حرمة إتلاف الحربي وإن لم يضمن أيضاً وعكسه . قوله :(5/97)
"""""" صفحة رقم 98 """"""
( على الأصل في الإتلافات ) وهو الضمان . قوله : ( إضعافهم ) أي عن القتال . قوله : ( اقتداء بالسلف ) علة لقوله : وما أتلفه أهل البغاة وعكسه ولو اختلف المتلف وغيره في أن المتلف وقع في القتال أو في غيره صدّق المتلف لأن الأصل عدم الضمان ع ش على م ر .
قوله : ( فله ) أي للفاقد المفهوم من قوله : فقد . قوله : ( كقاطع الطريق ) أي فإنه يضمن ما أتلفه . قوله : ( كباغ في الضمان وعدمه ) أي فلا يضمن حال القتال لضرورته ولا فرق في ذلك بين المسلمين والمرتدين على المعتمد خلافاً لشيخ الإسلام . قوله : ( ولا يقاتل الإمام ) هذا شروع في حكم قتال البغاة إشارة إلى أنهم ليسوا كالكفار بل كالصائل . وأشار به إلى أن قتال البغاة ليس كقتال الكفار من وجوه ثلاثة : الأوّل هذا بخلاف الكفار ، فيقاتلون من غير بعث . الثاني : أنهم لا يقاتلون بما يعم بخلاف الكفار . والثالث : أنهم لا يحاصرون بخلاف الكفار اه والمراد بقول : ولا يقاتل أي لا يجوز فيحرم حتى يبعث فيجوز أي يجب لأنه بعد منع فعلم أن قتالهم واجب على الإمام وكذا البعث ويجب في قتالهم ما في قتال الكفار من صبر واحد منا لاثنين وغير ذلك كما في ق ل على الجلال . قوله : ( حتى يبعث ) أي وجوباً وقوله : أميناً فطناً أي ندباً أن بعث لمجرد السؤال فإن كان للمناظرة وإزالة الشبهة فلا بد من تأهله لذلك كذا في ز ي وح ل . قوله : ( أميناً ) أي بالغاً عاقلاً عدلاً عارفاً بالعلوم أي وبالحروب كما لا يخفى وينبغي الاكتفاء بفاسق ولو كافراً حيث غلب على ظن الإمام أنه ينقل خبرهم بلا زيادة ولا نقص وأنهم يثقون به فيقبلون كل ما يقول كما في ع ش على م ر . وفائدة البعث أنه ينبههم على ما يحصل بينهم وبين المسلمين من أنواع الحرب وطرقه ليوقع الرعب في قلوبهم فينقادوا لحكم الإسلام اه ع ش على م ر . قوله : ( النهروان ) قرية قريبة من بغداد خرجت على عليّ كرم الله وجهه ع ش . قوله : ( مظلمة ) بكسر اللام وفتحها أي إن كانت مصدراً ميمياً فإن كان اسماً لما يظلم به فبالكسر فقط اه ز ي . قال المرادي : الفتح هو القياس أي بناء على أنه مصدر ميمي والقياس(5/98)
"""""" صفحة رقم 99 """"""
فيها الفتح وما جاء مكسوراً فعلى خلاف القياس . قوله : ( فإن أصروا ) أي بعد الإزالة . قوله : ( فإن أصروا أعلمهم بالقتال ) أي وجوباً وحينئذ يقاتلهم وإن لم يبدأوا به وقبل ذلك مرتبة ذكرها في المنهج وهي فإن أصروا أعلمهم بالمناظرة أي المباحثة بيننا وبينهم في إبطال شبهم أو إثباتها . وقوله : أعلمهم بالمناظرة أي وجوباً . قوله : ( وفعل ما رآه صواباً ) بأن يؤخر قتالهم إن كان استمهالهم للتأمل في رجوعهم ولا يتقيد الإمهال بمدّة ولا يؤخره إن ظهر أن استمهالهم لأجل مدد أو عدد يستعينون بهم على قتالنا .
قوله : ( مدبرهم ) أي ما لم يكن متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة ق ل . لأن القصد ردهم للطاعة ، ويقاتلهم بالأسهل ، فالأسهل لأنهم كالصائل كما في ق ل على الجلال . قوله : ( فنادى لا يتبع مدبر ) وقد استثنى الإمام ما إذا أيس من صلحهم لتمكن الضلال منهم وخشي عودهم عليه بشرّ . فيجوز الإتباع والتذفيف كما فعل عليّ رضي الله عنه بالخوارج اه سم . قوله : ( من منع قتل هؤلاء ) أي المدبر والأسير والجريح . قوله : ( والأصح أنه لا قصاص ) هو المعتمد ويجب دية وكفارة ق ل . وهذا في خصوص المدبرين ، لأن شبهة أبي حنيفة فيهم وأما بقية الأقسام ففيهم القصاص إذا وجدت شروطه . قوله : ( لشبهة أبي حنيفة ) فإنه يرى قتل مدبرهم قوله : ( ويتفرّق جمعهم ) أي تفرقاً لا عود بعده ق ل قوله : ( فيطلق قبل ذلك ) أي قبل انقضاء الحرب . والحاصل : أن الأسير على ثلاثة أقسام فإن كان صبياً أو امرأة أو رقيقاً ولم يقاتل أطلق بمجرد انقضاء الحرب فإن كان كاملاً وأطاع باختياره أطلق ، وإن بقيت الحرب وإلا أطلق بعد انقضاء الحرب وتفرّق جمعهم وعدم توقع عودهم .(5/99)
"""""" صفحة رقم 100 """"""
قوله : ( وهذا في الرجل الحر ) أي ما ذكر من المستثنى والمستثنى منه فهذا التقييد راجع لهما وإن كان ظاهر سياقه يوهم رجوعه للاستثناء فقط وبه قال بعضهم : وهو الظاهر وعبارة شرح م ر ولا يطلق أسيرهم إن كان فيه منعة وإن كان صبياً أو امرأة أو قناً حتى تنقضي الحرب ويتفرّق جمعهم تفرّقاً لا يتوقع جمعهم بعده وهذا في الرجل الحر الخ ثم قال إلا أن يطيع الحر الكامل الإمام بمتابعته له باختياره فيطلق وإن بقيت الحرب لأمن ضرره . قوله : ( ما أخذ منهم ) نائب فاعل يرد اه .
قوله : ( ويحرم استعمال شيء الخ ) أي وتجب الأجرة ويضمن ما تلف منه ولو لضرورة القتال لأجل وضع اليد عليه بخلاف التفصيل المتقدم لعدم وجود وضع يد على ذلك قبل إتلافه . قوله : ( وغيرهما ) أي من ملبوسهم وأوانيهم . قوله : ( لضرورة ) أي بأجرة مثله اه ز ي وهل الأجرة لازمة للمستعمل أو تخرج من بيت المال لأن ذلك الاستعمال لمصلحة المسلمين فيه نظر والأقرب الأوّل اه ع ش على م ر . قوله : ( غير خيولهم ) وتجب أجرة مثل تلك المنفعة كما يلزم المضطر قيمة طعام غيره إذا أتلفه وهذا ما جزم به ابن المقري في تمشيته وهو المعتمد م ر ز ي . قوله : ( لأنه يحرم تسليطه على المسلم ) وكذا يحرم جعله جلاداً يقيم الحدود على المسلمين . أقول : وكذا يحرم نصبه في شيء من أمور المسلمين نعم إن اقتضت المصلحة توليته شيئاً لا يقوم به غيره من المسلمين أو ظهر ممن يقوم به من المسلمين خيانة وأمنت في ذمي ولو لخوفه من الحاكم مثلاً فلا يبعد جواز توليته فيه للضرورة ويجب على من ينصبه مراقبته ومنعه من التعرض لأحد من المسلمين بما فيه استيلاء على المسلمين اه ع ش على م ر . قوله : ( ولا بمن يرى قتلهم مدبرين ) معطوف على قوله : ولا يستعان عليهم بكافر . نعم يجوز أن يستعان عليهم به أعني بمن يرى قتلهم مدبرين بشروط ثلاثة : أن يحتاج إلى الاستعانة بهم وأن يكون فيهم أعني فيمن يرى قتلهم مدبرين جراءة وحسن إقدام ، وأن يتمكن من منعهم لو اتبعوا أهل البغي بعد هزيمتهم فتأمل م د . وقوله : جراءة بفتح الجيم والمدّ وفعله جرؤ بضم الراء قال في الخلاصة :(5/100)
"""""" صفحة رقم 101 """"""
فعولة فعالة لفعلا
كسهل الأمر وزيد جزلا
قوله : ( أو اعتقاد كالحنفي ) استشكل بجواز استخلاف الإمام للحنفي . وأجيب بأنه هنا أي فيما إذا استعان بمن يرى قتلهم مدبرين من غير استخلاف له ينفرد برأيه وهناك أي فيما إذا استخلف الإمام الشافعي حنفياً تحت يد الإمام ورأيه ففعله منسوب إليه فامتنع قتله مدبرين اه سم . قوله : ( والإمام ) أي إمام الجيش وهذه جملة حالية أي والحال وقوله : إبقاء عليهم أي إبقاء للحياة عليهم أو معنى إبقاء شفقة عليهم . أو بجعل على بمعنى اللام ولا تأويل . وهو علة لقوله : ولا بمن يرى قتلهم مدبرين وعبارة ق ل . إبقاء عليهم أي لهم وفي بعض العبارات إشفاقاً عليهم . قوله : ( إلا على رأي الإمام ) أي إمام الحرمين . قوله : ( في أهل قلعة ) أي لا في إقليم فلا يجوز .
قوله : ( ولا يجوز عقر خيولهم ) ثم إن كان في غير القتال أو فيه لا لضرورة ضمنوا ما لم يقصدوا إضعافهم وهزيمتهم وإلا فلا ضمان وإن كان في القتال لضرورته فلا ضمان ، وكذا يقال فيما بعده وعبارة شرح المنهج وما أتلفوه علينا أو عكسه لضرورة حرب ، هدر اقتداء بالسلف ولأنا مأمورون بالحرب فلا نضمن ما يتولد منها بخلاف ذلك في غير الحرب أو فيها لا لضرورتها فمضمون على الأصل في الإتلافات انتهى . وقوله : بخلاف ذلك في غير الحرب قيده الماوردي بما إذا قصد أهل العدل التشفي والانتقام لا إضعافهم وهزيمتهم وبه يعلم جواز عقر دوابهم ، إذا قاتلوا عليها لأنا إذا جوّزنا إتلاف أموالهم خارج الحرب لإضعافهم فهذا أولى اه شرح م ر . قوله : ( إلا إذا قاتلوا عليها ) أي فيجوز ولا ضمان إن كان لضرورة القتال أو لقصد هزيمتهم . قوله : ( فلا يولي ) أي المسلم . قوله : ( إقامة ) جواب إذا .(5/101)
"""""" صفحة رقم 102 """"""
قوله : ( في شروط الخ ) عقب البغاة بهذا لأن البغي هو الخروج على الإمام الأعظم القائم بخلافة النبوّة في إقامة الدين وسياسة الدنيا شرح م ر . قوله : ( الإمام الأعظم ) ويجوز أن يقال للإمام الخليفة وأمير المؤمنين قال البغوي : وإن كان فاسقاً قال الماوردي ويقال خليفة رسول الله لا خليفة الله عند الجمهور اه ز ي . وعللوه : بأنه إنما يستخلف من يغيب والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك وقد قيل لأبي بكر يا خليفة الله فقال : لست بخليفة الله بل خليفة رسول الله وجوّز بعضهم ذلك لقوله تعالى : ) وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض } ) فاطر : 39 ) . اه والأصح عدم الجواز كما في ع ش على م ر . وهذه الشروط تعتبر في الدوام أيضاً إلا الفسق وزوال إحدى اليدين أو الرجلين وإلا إذا كان الجنون متقطعاً وزمن الإفاقة أغلب سم عن شرح الروض . قوله : ( فشرط الإمام ) وهذا في الابتداء فلا يضر طروّ الفسق أو الجنون إذا كانت الإفاقة أكثر وهذا تفريع على قوله : في شروط الإمام . قوله : ( كونه أهلاً للقضاءِ ) بأن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً ذكراً حراً عدلاً ذا رأي وسمع وبصر ونطق وهذا عند التمكن فلو دعت ضرورة إلى تولية فاسق جاز ، بناء على أن الإمام لا ينعزل بالفسق قاله المتولي وذكره القاضي في الوصايا وقال الشيخ عز الدين : إذا تعذرت العدالة في الأئمة والحكام قدمنا أقلهم فسقاً قال الأذرعي : وهو متعين إذ لا سبيل إلى ترك الناس فوضى أي لا إمام لهم وقوله : بأن يكون مسلماً أي ليراعي مصلحة الإسلام والمسلمين . وقوله : بالغاً أي ليلي أمر غيره قال ابن حجر : لأن غيره في ولاية غيره وحجره فكيف يلي أمر الأمة وروى أحمد خبر ( تعوذ بالله من إمارة الصبيان ) وقوله : حراً أي ليكمل ويهاب ويتفرّغ وما ورد من أنه قال : ( اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي مجدع الأطراف ) محمول على غير الإمامة العظمى ، أو محمول على الحث في بذل الطاعة للإمام أو على المتغلب الآتي اه ز ي مع زيادة من ق ل . وقوله : مجدع الأطراف ضبطه ابن الأثير في نهايته بالجيم والدال المهملة ويجوز أن يكون بالخاء والذال المعجمتين ومعناه على كليهما مقطع الأطراف . قوله : ( شجاعاً ) بتثليث الشين قاموس ع ش .
قوله : ( استيفاء الحركة ) بأن تكون الحركة ضعيفة وهذا غير سرعة النهوض قوله : ( كما(5/102)
"""""" صفحة رقم 103 """"""
دخل في الشجاعة ) أي الاعتبار المذكور .
قوله : ( بثلاثة طرق ) أي بواحد من ثلاثة طرق قوله : ( ببيعة ) أي بمعاقدتهم وموافقتهم كأن يقولوا بايعناك الخلافة فيقبل اه شيخنا . والأقرب عدم اشتراط القبول بل الشرط عدم الرد فإن امتنع لم يجبر إلا أن لا يصلح غيره شرح م ر . قوله : ( أهل الحل والعقد ) أي حل الأمور وعقدها . قوله : ( ووجوه الناس ) من عطف العام على الخاص فإن وجوه الناس عظماؤهم بإمارة أو علم أو غيرهما ، ففي المختار وجه الرجل صار وجيهاً أي ذا جاه وقدر وبابه ظرف ع ش على م ر . قوله : ( المبايع ) بصيغة اسم الفاعل . قوله : ( بصفة الشهود ) من عدالة وغيرها لا اجتهاد . قوله : ( باستخلاف الإمام ) خرج بالإمام غيره من بقية الأمراء فلا يصلح استخلافهم في حياتهم من يكون أميراً بعدهم لأنهم لم يؤذن لهم من جهة السلطان في ذلك اه ع ش على م ر . قوله : ( كما عهد أبو بكر ) حاصله : أن أبا بكر لما ثقل عليه المرض دعا جماعة من الصحابة واستخبر عن حال عمر منهم ، فأثنوا عليه ومنهم عثمان وعبد الرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن بن عوف ثم أمر عثمان أن يكتب : ( بسم الله الرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها وعند أوّل عهده بالآخرة داخلاً فيها حيث يؤمن فيها الكافر ، ويتقي فيها الفاجر ، ويصدّق فيها الكاذب ، إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا فإن عدل فذاك ظني وعلمي به وإن بدل فلكل امرىء ما اكتسب والخير أردت . ولا أعلم الغيب ) وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون } ) الشعراء : 227 ) والسلام عليكم ورحمة الله ) ثم أمر واحداً بختم الكتاب فختمه ثم أمر عثمان فخرج بالكتاب مختوماً فبايع الناس ورضوا به ثم دعا أبو بكر عمر خالياً فأوصاه بما أوصاه ثم خرج من عنده فرفع أبو بكر يده ودعا له بدعوات مذكورة في الصواعق لابن حجر ، والكاف في قوله : كما للتمثيل وفي قوله : كجعله للتنظير وعلم من قوله : كما عهد الخ ، أن الاستخلاف المذكور يسمى عهداً .
قوله : ( ويشترط القبول ) أي عدم الرد وليس له عزله ، بعد ذلك لأنه ليس نائباً عنه ولو غاب المعهود له وتضرروا بغيبته فلهم إقامة نائب عنه مكانه ليعزل بقدومه ق ل على الجلال . قوله : ( كما جعل عمر الأمر شورى ) فإن قيل : كان بعض هؤلاء الستة أفضل من بعض وكان رأي عمر أن الأحق بالخلافة أفضلهم . وأنه لا يصح ولاية المفضول مع وجود الفاضل . والجواب أنه لو صرح بالأفضل منهم لكان قد نص على استخلافه ، وهو قصد أن لا يتقلد(5/103)
"""""" صفحة رقم 104 """"""
العهد في ذلك فجعلها في ستة متقاربين في الفضل لأنه يتحقق أنهم لا يجتمعون على تولية المفضول وأن المفضول منهم لا يتقدم على الفاضل ولا يتكلم في منزلة وغيره أحق بها منه . وعلم رضا الأمة بمن رضي به الستة شوبري . وقوله : أن لا يتقلد العهد جعل العهد كالقلادة في عنقه قوله : ( شورى ) أي تشاوراً بينهم لعلمه بأنها لا تصلح لغيرهم اه ع ش على م ر . قوله : ( بين ستة ) وقد نظمهم بعضهم في قوله :
أصحاب شورى ستة فهاكها
لكل شخص منهمو قدر علي
عثمان طلحة وابن عوف يا فتى
سعد بن وقاص زبير مع علي قوله : ( فاتفقوا على عثمان ) لأنه كان حليماً رضي الله عنه أي بعد موت عمر ويجوز في هذه الحالة أن يتفقوا في حياته على واحد لكن بإذن الإمام الأول . قوله : ( وإن أمّر عليكم عبد حبشي مجدع الأطراف ) المراد الحث على الطاعة وعدم المخالفة أو تقول هي قضية شرطية لا تستلزم الوقوع والمراد بالعبد الشخص فهو الحر ق ل الأولى إبقاء العبد على حقيقته قال الجوهري : الجدع قطع الأنف وقطع الأذن أيضاً وقطع اليد والشفة وهو بالدال المهملة مرحومي .
3 ( ( فصل : في الردة ) ) 3
هذا شروع في الطائفة الثانية وهي أهل الردة ووجوب قتالهم مأخوذ من فعل أبي بكر لأنه قاتل أهل اليمامة لما ارتدوا بعد موته وإنما ذكرت ههنا لأنها جناية على الدين . وما تقدم جناية على النفس وأخرها لكثرة وقوع ما قبلها . وكان حدها القتل لأنه الممكن في قطع آلتها ، لأنها اعتقاد يخشى دوامه وهي أفحش أنواع الكبائر بعد الشرك بالله تعالى منه ، أو هي منه وهي أفحش منه . ويليها القتل ظلماً ثم الزنا ثم القذف ثم السرقة وهذه الكليات الخمس المشروعة حدودها لحفظ الدين والنفس والنسب والعرض والمال وأخر الردة عن القتل مع أنها أفحش منه ، كما مر لعمومه وكثرته وحصوله ممن لا توجد الردة منه . قوله : ( وهي لغة الرجوع ) وقد(5/104)
"""""" صفحة رقم 105 """"""
يطلق على الامتناع من أداء الحق كمانعي الزكاة في زمن الصديق شرح م ر . قوله : ( من أفحش الكفر ) الأولى حذف من لأنه لا أغلظ إلا هي ووجه غلظها من جهة أن المرتد لا يقر بالجزية ولا يؤمّن ولا تحل ذبيحته ، ولا مناكحته بخلاف الكافر الأصلي في ذلك وعبارة م ر . وهي أفحش الكفر وهي أولى .
قوله : ( محبطة للعمل ) فكأنه لم يعمل شيئاً وعبارة ق ل . واعلم أنها تحبط ثواب الأعمال . وكذا العمل إن اتصلت بالموت إجماعاً فيهما وإلا فلا تحبطه بمعنى أنه لا تلزمه إعادة نحو صلاة أو صوم كان فعله قبلها وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : بوجوب الإعادة لأنها عنده تحبط العمل أيضاً ويدل له قول الله تعالى : ) لئن أشركت ليحبطنّ عملك } ) الزمر : 65 ) . وقيد بعضهم العمل الذي تحبطه الردة بما وقع حال التكليف لا ما قبله فراجعه ق ل على الجلال . قوله : ( من يصح طلاقه ) بأن يكون مكلفاً مختاراً لا صبياً ومجنوناً ومكرهاً . ودخل فيه المرأة فإنها تطلق نفسها بتفويض الطلاق إليها وتطلق غيرها بالوكالة كما تقدّم . وهذا تعريف للردة الحقيقية أما ولد المرتد الذي انعقد في الردة فهو مرتد حكماً لعدم قطع الإسلام منه . وكذا المنتقل من دين إلى دين فحكمه كالمرتد ولم يقطع إسلاماً وكذا الزنديق فإنه وإن قطع الإسلام ظاهراً لا يسمى مرتداً حقيقة لعدم إسلام عنده حتى يقطعه فردته حكمية . قوله : ( استمرار ) معمول لقطع وبتقدير استمرار اندفع الاعتراض بأن الإسلام معنى من المعاني فيكف يتصوّر قطعه اه م د . قوله : ( بنية ) هي العزم على الكفر الآتي في كلامه . بأن نوى أن يكفر في الحال أو أن يكفر في غد فيكفر حالاً لأن استدامة إسلام شرط فإذا عزم على الكفر كفر حالاً ولو عزم الشخص على فعل كبيرة في غد لا يفسق .
قوله : ( أو قول مكفر ) لو قدمه على ما قبله لكان أولى لأنه أغلب من الفعل وقوله أو قول : مكفر أي عمداً فيخرج من سبق لسانه إليه ولغير نحو تعليم اه قاله ق ل : قوله : ( سواء أقاله ) أي المذكور من النية والفعل والقول فهو راجع لكل من الثلاثة كما في شرح م ر ولو قال : كما في المنهج استهزاء كان ذلك لكان أولى . اه لأن النية والفعل ليسا قولاً . قوله : ( استهزاء ) أي تحقيراً واستخفافاً فخرج من يريد تبعيد نفسه أو أطلق كقول من سئل عن شيء لم يرده لو جاءني جبريل أو النبي ما فعلته . واعلم أن التورية هنا فيما لا يحتمله اللفظ لا تفيد فيكفر باطناً وفارق الطلاق بوجود التهاون هنا اه ق ل على الجلال . قال الحصني : ومن صور الاستهزاء ما يصدر : من الظلمة عند ضربهم فيستغيث المضروب بسيد الأولين والآخرين رسول الله فيقول خلّ رسول الله يخلصك ونحو ذلك اه م د .(5/105)
"""""" صفحة رقم 106 """"""
قوله : ( أم عناداً ) أي معاندة شخص ومراغمة له ومخاصمة له كأن أنكر وجوب الصلاة عليه عناداً وقوله : أو اعتقاداً بأن قال لشخص : يا كافر معتقداً أن المخاطب متصف بذلك حقيقة وظاهر كلام الشارح أن هذا التعميم راجع للقول : فقط ولكن بعضه رجعه لما قبله وهو ممكن في الفعل بعيد في النية فافهم . وقد يجاب بحمل الفعل على ما يشمل فعل القلب والاعتقاد ويعدّ فعلاً وإن كان في التحقيق كيفية قاله سم : قوله : ( فمن نفى الصانع ) من موصولة مبتدأ وجملة كفر فيما يأتي خبر أو إن من شرطية والجملة جواب الشرط . وفيه إطلاق الصانع على المولى وهو غير وارد . ويجاب بأنه جار على مذهب الغزالي من جواز إطلاق ما وردت به المادة وقد ورد في قوله : ) صنع الله الذي أتقن كل شيء } ) النمل : 88 ) .
قوله : ( الدهريون ) وهم الذين ينسبون الفعل للدهر . قوله : ( أو نفي الرسل ) أل للجنس فيصدق بالواحد ونقل عن الشافعي تكبير القائل بخلق القرآن ونافي الرؤية وصوّب النووي خلافه وأول النص . وقد استشكل الشيخ عز الدين : عدم تكفير المعتزلة في قولهم بخلق الأفعال مع تكفير من أسند للكواكب فعلاً . وأجاب الزركشي بأن الفرق كون الكواكب مؤثرة في جمع الكائنات بخلاف هذا . أقول : وفيه نظر فإن قضيته لو أسند للكواكب بعض الأفعال لا يكون كافراً وهو باطل فالوجه أن يقال : بأنهم أعني المعتزلة يعترفون بأن الله سبحانه وتعالى أوجد في العبد قدرة ولكن يزعمون أن العبد بتلك القدرة يخلق أفعال نفسه اه سم . قوله : ( أو كذب رسولاً ) بخلاف من كذب عليه فلا يكون كفراً بل كبيراً فقط اه ع ش .
فرع : لو ادعى أن النبي يسلم عليه لم يكفر لأن غايته أنه يدعي أن النبي راض عليه وهذا لا يقتضي الكفر فإن كان صادقاً فذاك ظاهر . وإلا فهو مجرد كذب ولو ادعى أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبوّة أو ادعى أنه يدخل الجنة ويأكل من ثمارها وأنه يعانق الحور العين فهذا كفر بالإجماع كما في شرح الحصني . والأنبياء الذين يجب الإيمان بهم تفصيلاً خمسة وعشرون نظمها بعضهم بقوله :
فحتم على كل ذي التكليف معرفة
لأنبياء على التفضيل قد علموا
في تلك حجتنا منهم ثمانية
من بعد عشر ويبقى سبعة وهمو(5/106)
"""""" صفحة رقم 107 """"""
إدريس هود شعيب صالح وكذا
ذو الكفل آدم بالمختار قد ختموا
قوله : ( أو سبه ) أو قصد تحقيره ولو بتصغير اسمه أو سب الملائكة أو ضلل الأمة . قوله : ( أو استخف ) أي تهاون به أو باسمه كأن ألقاه في قاذورة أو صغره بأن قال محيمد قال الزيادي : وكذلك قذف عائشة وإنكار صحبة أبيها بخلاف بقية الصحابة والرضا بالكفر كأن قال : لمن طلب منه تلقين الإسلام اصبر ساعة . اه وقوله : وكذلك قذف عائشة ظاهره الإطلاق لكن قيده م ر في شرحه بما برأها الله منه ، ولا يكفر بسب الشيخين أو الحسن أو الحسين .
فرع : وقع السؤال في الدرس عما لو جاءه يهودي أو نصراني وهو يصلي وطلب منه تلقين الشهادتين هل يجيبه أو لا ؟ قلت : الظاهر أن يقال : إن خشي فوات إسلامه وجب عليه التلقين . وتبطل به صلاته وإن لم يخش فوات ذلك لم يجب عليه للعذر بتلبسه بالفرض فلا يقال : إنه رضي بالكفر فقول الشارح : أو لم يلقن الإسلام أي إذا لم يكن له عذر في طلب التأخير كما هنا ع ش على م ر . قوله : ( مجمعاً على ثبوتها ) كبسملة النمل التي في وسطها أما بسملة الفاتحة فلا يكفر من نفاها من الفاتحة لعدم الإجماع عليها قال الشهاب الرملي فيما علقه على الألفاظ الأعجمية الواقعة في متن الأنوار ما نصه : لو قال : أبو بكر لم يكن من الصحابة كفر . ولو قال : ذلك لغير أبي بكر لم يكفر وفيه نظر لأن الإجماع منعقد على صحابة غيره والنص وارد شائع . قلت : وأقل الدرجات أن يتعدى ذلك إلى عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم لأن صحابتهم يعرفها الخاص والعام من النبي فنافى صحابة أحدهم مكذب للنبي اه بحروفه . وأقول : إنما نص الفقهاء على أبي بكر لثبوت صحبته بالقرآن وسكوتهم عن غيره لا يمنع اللحوق لما تقرر من كفر من أنكر مجمعاً عليه معلوماً من الدين بالضرورة وصحبة عمر كعثمان وعليّ من هذا القبيل اه أ ج . قوله : ( قلم أظفارك ) أو قص شاربك . قوله : ( أو قال : لو أمرني الله ورسوله بكذا ما فعلته ) أي لو جاءني النبي ما قبلته ما لم يرد المبالغة في تبعيد نفسه أو يطلق فإن المتبادر منه التبعيد كما أفتى بذلك الوالد رحمه الله تبعاً للسبكي . قوله : ( إن كان ما قاله الأنبياء ) أي لما فيه من الشك . قوله : ( صدقاً ) بالنصب خبر كان وفي نسخة بالرفع اسمها مؤخراً لكن فيه أنه نكرة والخبر معرفة اه م د . قوله : ( إنسي ) أي أهو إنسي الخ وهذه الجملة مفعول ثان لأدري . قوله : ( لمن حوّل ) صوابه حوقل اه م د .(5/107)
"""""" صفحة رقم 108 """"""
قوله : ( أو لم يلقن الإسلام ) أي الشهادتين طالبه منه حيث لا عذر في التأخير وإلا بأن كان له عذر كأن كان يصلي الفرض أو النفل ولم يخش فوات إسلامه فإن خشي فوات إسلامه وجب عليه التلقين وتبطل به صلاته إن احتاج إلى خطابه بنحو قل وإلا بأن اقتصر على الشهادتين وقصد الذكر فلا بطلان فتأمل . قوله : ( بلا تأويل للمكفر ) عبارة الروض للكفر . قوله : ( أو حلل محرماً بالإجماع ) أي إجماع الأئمة الأربعة ولا بد أن يكون معلوماً بالضرورة فخرج إنكار أن لبنت الابن السدس مع بنت الصلب ، تكملة الثلثين فلا يفكر به ولو من عالم خلافاً لبعضهم ق ل ولو تمنى شخص أن لا يحرم الله الخمر أو لا يحرم المناكحة بين الأخ والأخت لا يكفر بخلاف ما لو تمنى أن لا يحرم الله الظلم والزنا وقتل النفس بغير حق فإنه يكفر . والضابط أن ما كان حلالاً في زمان فتمنى حله لا يكفر لأن نكاح الأخ لأخته كان حلالاً في زمن آدم اه حصني . قوله : ( وجوب مجمع عليه ) لو أسقط وجوب كان أعم ليشمل الراتبة ونحوها طبلاوي اه م د . قوله : ( أو اعتقد الخ ) كان المناسب تأخيره عن الفعل الآتي إذ هو من الفعل القلبي وليس بنية إذ النية القصد وهو غير الفعل . قوله : ( كزيادة ركعة ) أي أو سجدة . قوله : ( أو تردد فيه ) أي الكفر أي هل يكفر أو لا وإنما كان مكفراً لأن استدامة الإيمان واجبة والتردد ينافيها شرح الروض . فإن قلت التردد من أيّ قسم من الأقسام . قالت : من قسم الفعل لأنهم أرادوا بالفعل ما يشمل القلبي كما قرره شيخنا العشماوي قال م د : وبعضهم جعله شاملاً للتردد في إيجاد فعل مكفر أيضاً كما لو تردد في إلقاء مصحف بقاذورة وهو ظاهر ما في المنهج وفيه نظر فراجعه وعبارته كنفي الصانع أو نفي نبي أو تكذيبه أو جحد مجمع عليه معلوم من الدين ضرورة بلا عذر أو تردد في كفر أو إلقاء مصحف بقاذورة . اه فقوله : أو إلقاء مصحف معطوف على نفي الصانع لا على كفر إذ لو عطف عليه لاقتضى أن التردد في الإلقاء كفر . فيه نظر صرح به الرملي في حاشيته على الروض . أقول : وينبغي عدم الكفر به لكن قضية قوله : أو تردد في كفر أنه يكفر لأن إلقاء المصحف كفر فالتردد فيه تردد في الكفر اه ع ش على م ر .
قوله : ( حالاً ) مقدم من تأخير والأصل كفر حالاً كما عبر به م ر ويصح تعلقه بتردد أي تردد في الكفر حالاً أو غداً فيكفر حالاً وعبارة س ل . أو تردد في كفر أي حالاً بطريان شك يناقض جزم النية بالإسلام فإن لم يناقص الجزم كالذي يجري في الفكر فهو مما يبتلى به(5/108)
"""""" صفحة رقم 109 """"""
الموسوس . اه وقوله : أو تردد فيه حالاً أو قال : توفني إن شئت مسلماً أو كافراً أو قال : أخذت مالي وولدي فماذا بقي لم تفعله أو ضلل الأمة أو كفر الصحابة أو أنكر البعث أو أنكر مكة أو المسجد الحرام أو الجنة والنار أو الحساب أو الثواب أو العقاب . نعم لا كفر بشيء من المذكورات من جاهل قرب إسلامه أو بعد عن المسلمين اه سم وقوله : أو الجنة أو النار أي في الآخرة بخلافه في الدنيا اه لا أن أنكر الصراط أو الميزان مما تقول به المعتزلة رشيدي . قوله : ( وهذا باب لا ساحل له ) أي لكثرة مسائله وفيه استعارة بالكناية حيث شبه الباب بالبحر تشبيهاً مضمراً في النفس وقوله : لا ساحل له استعارة تخييلية ولو قال : بحر لا ساحل له لكان أنسب . قوله : ( صريحاً ) صفة للاستهزاء ولا حاجة إليها وقوله : بالدين متعلق باستهزاء وقوله : أو جحوداً عطف على استهزاء والضمير في له إن كان راجعاً للفعل فلا معنى له لأنه يصير المعنى أنه فعل الفعل المكفر حالة كونه جاحداً للفعل ولا معنى له ولذلك قال بعضهم : يتأمل معنى ذلك ويحتمل أن يكون الضمير راجعاً للدين ، والمعنى فعل الفعل المكفر حالة كونه جاحداً للدين الحق الذي يقتضي عدم هذا الفعل المكفر .
قوله : ( كإلقاء مصحف ) أو نحوه مما فيه شيء من القرآن بل اسم معظم من الحديث قال الروياني : أو من علم شرعي والإلقاء ليس بقيد بل المدار على مماسته بقذر ولو طاهراً والحديث في كلامه شامل للضعيف وهو ظاهر لأن في إلقائه استخفافاً بمن نسب إليه وخرج بالضعيف الموضوع اه . وعبارة ق ل كالقاء مصحف بالفعل أو بالعزم به وألحق به بعضهم وضع رجله عليه ونوزع فيه . قوله : ( بقاذورة ) أي قذر ولو ظاهراً كبصاق ومخاط ومني على وجه الاستخفاف لا لخوف أخذ نحو كافر له وإن حرم وكالقاء ذلك على القذر إلقاء القذر عليه قال شيخنا الرملي : ولا بد في غير القرآن من قرينة تدل على الإهانة وإلا فلا . واختلف مشايخنا في مسح القرآن من لوح المتعلم بالبصاق فأفتى بعضهم بحرمته مطلقاً وبعضهم بحله مطلقاً وبعضهم بحرمته إن بصق على القرآن ثم مسحه وبحله إن بصق على نحو خرقة ثم مسح بها قاله : سم قال : ع ش على م ر وما جرت به العادة من البصاق على اللوح لإزالة ما فيه ليس بكفر . إذ ليس فيه قرينة دالة على الاستهزاء ومثله ما جرت العادة به أيضاً من مضغ ما عليه قرآن أو نحوه للتبرك به أو لصيانته عن النجاسة وهل ضرب الفقيه الأولاد الذين يتعلمون منه بألواحهم كفر أو لا ، وإن رماهم بالألواح من بعد الظاهر . الثاني لأن الظاهر من حاله أنه لا يريد الاستخفاف بالقرآن نعم ينبغي حرمته لإشعاره بعدم التعظيم اه . ووقع السؤال عن شخص يكتب القرآن برجله لكونه لا يمكنه أن يكتب بيديه لمانع بهما . والجواب عنه كما أجلب عنه شيخنا الشوبري بأنه لا يحرم عليه ذلك والحالة ما ذكر لأنه لا يعدّ إزراء لأن الإزراء أن يقدر(5/109)
"""""" صفحة رقم 110 """"""
على الحالة الكاملة وينتقل عنها إلى غيرها ، وهذا ليس كذلك وما استند إليه بعضهم في الحرمة من حرمة مد الرجل إلى المصحف مردود بما تقرر ويلزم القائل بالحرمة هنا أن يقول بالحرمة فيما لو كتب القرآن بيساره مع تعطل اليمين ولا قائل به اه قد يقال : فرق بين اليد والرجل .
فائدة : ذكر الشيخ إبراهيم اللقاني في شرحه الكبير على عقيدته المسماة بالجوهرة عند قول المتن
وقل يعاد الجسم بالتحقيق
نقل الزركشي عن الحليمي أن من قطعت يده ثم ارتد ومات على ردته أيبعث بتلك اليد أم لا فإن قلتم يبعث بها لزم أن يلج النار عضو لم يذنب به صاحبه وإن قلتم لا يبعث بها لزم أن لا يعاد جميع الأجزاء الأصلية . والجواب أنه يبعث تام الخلقة كامل البدن لأن اليد تابعة للبدن لا حكم لها على الانفراد في طاعة ولا معصية . وملخصه أن العبرة في السعادة والشّقاوة إنما هو بحال الموت لخبر ( إن أحدكم يعمل بعمل أهل الجنة ) الحديث وأما الأجزاء بانفرادها قبل ذلك فغير منظور إليها اه خضر . قوله : ( وسجود لمخلوق كضم ) إلا لضرورة بأن كان في بلادهم مثلاً وأمروه بذلك وخاف على نفسه وخرج بالسجود الركوع فلا يكفر به ما لم يعتقد التشريك أو قصد بالركوع لغير الله تعظيمه كتعظيم الله فإنه يكفر وعبارة سم . وسجود غير أسير في دار الحرب بحضرتهم لضم وخرج بالسجود الركوع لوقوع صورته للمخلوق عادة ولا كذلك السجود نعم يتجه أن كل ذلك عند الإطلاق فإن قصد تعظيم مخلوق بالركوع كما يعظم الله به فلا فرق بينهما في الكفر حينئذ اه حج . والحاصل أن الانحناء لمخلوق كما يفعل عند ملاقاة العظماء حرام عند الإطلاق أو قصد تعظيمهم لا كتعظيم الله وكفر إن قصد تعظيمهم كتعظيم الله تعالى . قوله : ( استتيب وجوباً ) بأن يؤمر بالشهادتين فيأتي بهما مع ترتيبهما وموالاتهما وإن كان مقّراً بأحدهما وإن كان كفره بإنكار ما لا ينافي الإقرار بهما أو بأحدهما كأن خصص رسالته بالعرب أو جحد فرضاً أو تحريماً وجب مع الشهادتين الاعتراف بما أنكره بأن يعترف في الأولى بأن محمداً رسول الله إلى جميع الخلق وظاهره أنه يكفي الاعتراف برسالته إلى الإنس(5/110)
"""""" صفحة رقم 111 """"""
والجن لأن رسالته إلى الملك مختلف فيها أو يبرأ من كل دين يخالف دين الإسلام ويرجع في الثاني عن جحده . واختلف في اشتراط لفظ أشهد والوجه على اشتراطه تكريره عند العطف اه . سم وعبارة م ر في شرحه ويؤخذ من كلام الشافعي أنه لا بد من تكرر لفظ أشهد في صحة الإسلام وهو ما يدل عليه كلامهما في الكفارة أو غيرها وخالف فيه جمع اه وقوله : أنه لا بد من تكرر لفظ أشهد أي وعليه فلا يصح إسلامه بدونها وإن أتى بالواو وقوله : وهو ما يدل عليه كلامهما معتمد ولبعضهم :
شروط الإسلام بلا اشتباه
عقل بلوغ عدم الإكراه
والنطق بالشهادتين والولا
كذلك الترتيب فاعلم واعملا
اه م د .
وقوله : كذلك الترتيب وفي لفظ السادس الترتيب .
قوله : ( وجوباً ) وقيل ندباً ؛ وعلى كل قيل حالاً وقيل يمهل ثلاثة أيام وقيل تكرر التوبة له ثلاث مرات . قوله : ( فيسعى ) بالبناء للمفعول . قوله : ( فإن تابت ) أي فذاك ظاهر . قوله : ( ولا يعارض هذا ) أي وجوب الاستتابة في حق المرأة وقتلها إذا لم تسلم ولا تقتل المرتدة الحاملة حتى تضع حملها لما يلزم عليه من إتلاف حملها فإن المسلم المعصوم يتبع أصله المسلم ولو ميتاً ذكراً كان أو أنثى . قوله : ( لأن ذلك ) أي النهي وقوله : والاستتابة تكون حالاً لا خلاف أنه لو قتل قبل الاستتابة لم يجب بقتله شيء غير التعزير وإن كان القاتل مسيئاً بفعله ، اه وقوله : تكون حالاً معتمد . قوله : ( لأن قتله ) أي المرتد المرتب عليها أي الردّة حدّ وقد تقدم في كلامه في فصل قاطع الطريق أنه يقتل كفراً لا حداً وهو الصواب وحينئذ ففي هذا التعليل نظر ظاهر فالصواب إسقاطه . قوله : ( وفي قول : يمهل ) هذا مقابل قوله : يستتاب حالاً وليس راجعاً للسكران فقط . قوله : ( يمهل فيها ثلاثاً ) بمعنى أن كل يوم تعرض عليه كما في م ر وليس هذا إفصاح بدخول جميع ليالي الثلاثة أو عدمه سم وأول يوم من الثلاث يهدد ويخوّف بالضرب الخفيف وثاني يوم بالثقيل والثالث بالقتل . قوله : ( فيها ) أي الاستتابة أي بسببها .(5/111)
"""""" صفحة رقم 112 """"""
قوله : ( يدعى إلى الإسلام ) أي يطلب منه . قوله : ( بالعودة إلى الإسلام ) ولا بد من رجوعه عن اعتقاد ارتد بسببه م ر . قوله : ( أو تكرر ) لكن يعزر إن تكررت وتوبة الكافر من كفره قطعية القبول بخلاف غيرها لورود التصريح بذلك في القرآن قال تعالى : ) قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } ) الأنفال : 38 ) . قوله : ( وإن لم يتب ) بأن امتنع من النطق بالشهادتين بشروطه . قوله : ( ولا يجب ) أي دفنه كالحربي .
قوله : ( لا أصل له ) عبارة العبادي صريحة في أن هذه العبارة لها أصل ولم يدفن في مقابر المسلمين أي يحرم ذلك كعكسه بل ولا في مقابر الكافرين بل بين المقبرتين اه أ ج وقوله : لم يدفن في مقابر المسلمين أي لقطعه الوصلة بينه وبينهم بمفارقتهم جماعتهم وقوله : ولا في مقابر الكافرين أي لبقاء علقة الإسلام به فكأنه أمة واحدة فعومل بعمله اه . قوله : ( ويجب تفصيل الشهادة ) أي بأن يذكر موجبها وإن لم يقل عالماً مختاراً وهذا ضعيف والذي في متن المنهاج واعتمده م ر أنه تكفي الشهادة المطلقة بها لأنها لخطرها لا يقدم العدل على الشهادة بها إلا بعد تحققها اه وقوله : لا يقدم ، في المختار وقدم من سفره بالكسر قدوماً ومقدماً أيضاً بفتح الدال وقدم يقدم كنصر ينصر قدماً بوزن قفل أي تقدم وقدم الشيء بالضم قدما بوزن عنب(5/112)
"""""" صفحة رقم 113 """"""
فهو قديم وأقدم على الأمر اه قال : ع ش على م ر ويؤخذ منه أي من قوله : لأنها لخطرها الخ أن الكلام في عدل يعرف المكفر من غيره اه . قوله : ( إكراهاً ) مفعول لادعى وقوله : وقد شهدت حال وقوله حلف جواب لو . قوله : ( حلف ) فإن قتل قبل اليمين فهل يضمن لأن الردة لم تثبت أو لا لأن لفظ الردّة وجد والأصل الاختيار ، وجهان أوجههما الثاني اه خ ط اه س ل . قوله : ( ولو بلا قرينة ) وفارق الطلاق في عدم القرينة بأنه حق آدمي وبحقن الدماء هنا ق ل على الجلال . قوله : ( لأنه لم يكذب الشهود ) واستشكل الرافعي تصوير ذلك بأنه إذا اعتبر تفصيل الشهادة فمن الشرائط الاختيار فدعوى الإكراه تكذيب للشاهد وإلا فالاكتفاء بالإطلاق إنما هو فيما إذا شهد بالردة لتضمنه حصول الشرائط أما إذا قال : إنه تكلم بكذا فيبعد أن يحكم به ويمنع بأن الأصل الاختيار ويجاب باختيار الأول ويمنع قوله : فمن الشرائط الاختيار أو باختيار الثاني ولا يبعد أن يمنع بالأصل المذكور لاعتضاده بسكوت المشهود عليه مع قدرته على الدفع اه شرح البهجة . قوله : ( أو شهدت ) معطوف على قوله : وقد شهدت الخ أي ولم تفصل فإن فصلت فلا خلاف في القبول كما في س ل .
قوله : ( لم تقبل ) أي بل هو الذي يصدق سواء أكان معه قرينة على الإكراه أو لا وظاهر أنه يصدّق من غير يمين حيث قال : فيما قبله حلف وقال : في هذا لم تقبل ويؤيده أن الشهادة باطلة على طريقته لعدم التفصيل فجانب مدعي الإكراه أولى فكأنه لم يشهد عليه أحد أصلاً . اه وما ذكره مبني على وجوب التفضيل وهو خلاف المعتمد وكذا قوله : فإن بين سبب ردته الخ اه . قوله : ( لما مر ) أي لاختلاف الناس فيما يوجبها أو من وجوب تفصيل الشهادة اه . قوله : ( وهذا هو الأظهر ) في أصل الروضة فإن أصرّ على عدم التفضيل ولم يبين شيئاً فالأوجه عدم حرمانه من إرثه وإن اعتبرنا التفصيل في الشهادة بالردة على القول به لظهور الفرق بينهما . قوله : ( إن انعقد ) يتأمل ما المراد بالانعقاد ولا يبعد أن يراد به حصول الماء في الرحم فالمراد بانعقاده انعقاد أصله ويعرف ذلك بالقرائن كما لو وطئها مرة وأتت بولد لستة أشهر من الوطء أو بعده فقد انعقد قبلها ويبقى الكلام فيما إذا حصل وطء قبل الردة ووطء بعدها واحتمل الانعقاد(5/113)
"""""" صفحة رقم 114 """"""
من كل منهما ولم يكن في أصوله مسلم فينظر هل الردة قبل الوطء فقد انعقد بعدها أو بعدها فقد انعقد قبلها اه سم . قوله : ( وأحد أصوله ) وإن بعد م ر أي حيث يعد منسوباً إليه ع ش وهذا راجع لقوله : أو فيهما فقط . قوله : ( ولا كافر أصلي ) أي لبقاء علقة الإسلام في أبويه . قوله : ( واختلف في الميت ) هذا مبني على محذوف صرح به م ر فقال : هذا كله في أحكام الدنيا أما في الآخرة فكل من مات قبل البلوغ من أولاد الكفار الأصليين والمرتدين فهو في الجنة على الأصح ومحل الخلاف إذا لم يأت بالشهادتين في حال صغره ثم يموت في صغره أما إذا كان كذلك فإن ذلك ينفعه ويكون في الجنة قطعاً ، وقولهم : إن إسلام الصغير غير نافع أي بالنسبة لأمر الدنيا أما في الآخرة فإنه نافع قطعاً كما أشار إلى ذلك ابن حجر في شرح المنهاج وشرح الإرشاد وهذا الخلاف في أولاد كفار هذه الأمة أما أولاد كفار غيرها ففي النار قولاً واحداً لكن من غير تعذيب وقيل الخلاف في أولاد الكفار غير هذه الأمة أما أولاد كفار هذه الأمة ففي الجنة قولاً واحداً . وعبارة ابن حجر في الفتاوى : سئل نفع الله به بما لفظ ما محصل اختلاف الناس في الأطفال هل هم في الجنة خدام لأهلها ذكوراً وإناثاً وهل تتفاضل درجاتهم في الجنة ؟ .
فأجاب بقوله : أما أطفال المسلمين ففي الجنة قطعاً بل إجماعاً والخلاف فيه شاذ بل غلط ، وأما أطفال الكفار ففيهم أربعة أقوال : أحدها أنهم في الجنة وعليه المحققون لقوله تعالى : ) وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً } ) الإسراء : 15 ) وقوله تعالى : ) ولا تزر وازرة وزر أخرى } ) فاطر : 18 ) . الثاني أنهم في النار تبعاً لآبائهم ونسبه النووي للأكثرين لكنه نوزع فيه . الثالث الواقف ويعبر عنه بأنهم تحت المشيئة . الرابع أنهم يجمعون يوم القيامة وتؤجح لهم نار ويقال : ادخلوها فيدخلها من كان في علم الله شقياً ويمسك عنها من كان في علم الله سعيداً لو أدرك العمل اه ملخصاً . وسئل العلامة الشوبري عن أطفال المسلمين هل يعذبون بشيء من أنواع العذاب وهل ورد أنهم يسألون في قبورهم وأن القبر يضمهم وإذا قلتم بذلك فهل يتألمون به أم لا وهل قول القائل : إن أطفال المسلمين معذبون هو مصيب فيه أم مخطىء وما الحكم في أطفال المشركين من هذه الأمة هل هم خدم لأهل الجنة أم هم في النار تبعاً لآبائهم أم غير هذا . فأجاب لا يعذبون بشيء من أنواع العذاب على شيء من المعاصي إذ لا تكليف عليهم والعذاب على ذلك خاص بالمكلفين ، ولا يسألون في قبورهم كما عليه جماعة وأفتى به شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر ؛ وللحنفية والحنابلة والمالكية قول : إن الطفل يسأل ورجحه جماعة من هؤلاء واستدل له بما لا يصح وهو أنه ( صلى الله عليه وسلم ) لقن(5/114)
"""""" صفحة رقم 115 """"""
ابنه إبراهيم لاحتمال أنه خصوصية ولا يؤيد ذلك ما روي عن أبي هريرة أنه كان يقول في صلاته على الطفل ( اللهم أجره من عذاب القبر ) لأنه ليس المراد بعذاب القبر ما فيه عقوبة ولا السؤال بل مجرد ألم الهم والغم والوحشة والضغطة التي تعم الأطفال وغيرهم ، وأخرج علي بن معين عن رجل قال : ( كنت عند عائشة فمرت جنازة صبي صغير فقلت : ما يبكيك ؟ قالت هذا الصبي بكيت شفقة عليه من ضمة القبر ) والقائل : المذكور إن أراد بيعذبون بالنار أو على المعاصي فغير مصيب بل هو مخطىء أشدّ الخطأ لما تقرر . وأطفال المشركين اختلف العلماء فيهم على نحو عشرة أقوال ، الراجح أنهم في الجنة خدم لأهل الجنة اه ع ش على م ر وعبارة ابن حجر في فتاويه الصغرى وفي حديث أنهم خدم الجنة فإن صح احتمل أن يكون المراد كناية عن نزول مراتبهم عن مراتب أطفال المسلمين لأنهم مع آبائهم كما نصت عليه آية الطور وأولئك لا آباء لهم يكونون في منزلتهم ، وكون الدرجات في الجنة بحسب الأعمال كما ورد في حديث الظاهر أنه في المكلفين على أن تلك الآية تقتضي إلحاق الآباء بالأبناء وعكسه ولو في الدرجات العلية وإن لم يعلموا ما يوصلهم إليها وفضل الله واسع فيحمل ذلك الحديث إن صح على أنهم فيمن يلحق بغيره في مرتبته ولا فرق بين ذكرهم في ذلك وأنثاهم ، قال ابن تيمية : والقول بأنهم في الأعراف لا أعرفه عن خبر ولا أثر ولا يعارضه ما مر من قوله تعالى : ) ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً } ) نوح : 27 ) لأنه مختص بحيّ عاش منهم إلى أن بلغ بدليل قوله : ( كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهوّدانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) اه مع اختصار .
قوله : ( من أولاد الكفار ) أي الأصليين أو المرتدين اه ق ل وح ل والمراد كفار هذه الأمة كما نقله الشوبري عن بعضهم : قوله : ( أنهم في الجنة ) أي مستقلون على المعتمد . قوله : ( وقيل على الأعراف ) أي أعالي السور ويقال : لكل عال عرف وهذا أحد أقوال أحد عشر والأعراف مكان بين الجنة والنار . كما قاله : ع ش والذي ارتضاه الجلال أن الأعراف سور الجنة أي حائطها المحيط بها وهو المناسب لكلام الشارح . حيث قال : على الأعراف ولم يقل في الأعراف وقال تعالى : ) وعلى الأعراف رجال } ) الأعراف : 46 ) . وقد اختلف العلماء في تعيين أهل الأعراف على اثني عشر قولاً : الأول : أنه من تساوت حسناتهم وسيئاتهم ، كما قاله ابن مسعود : وكعب الأخبار وابن عباس ، الثاني : قوم صالحون فقهاء علماء قاله مجاهد الثالث : هم الشهداء . الرابع : هم فضلاء المؤمنين والشهداء . الخامس : المستشهدون وفي سبيل الله خرجوا عصاة لوالديهم ويدل له قوله : ( تعادل عقوقهم واستشهادهم ) .(5/115)
"""""" صفحة رقم 116 """"""
السادس : هم العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر ذو الجناحين يعرف محبوبهم ببياض الوجوه ومبغوضهم بسوادها . السابع : هم عدول القيامة الذين يشهدون على الناس . الثامن : هم قوم أحباء . التاسع : هم قوم كانت لهم صغائر العاشر : هم أصحاب الذنوب العظام من أهل القيامة . الحادي عشر : أنهم أولاد الزنا وروي ذلك عن ابن عباس . الثاني عشر : أنهم الملائكة الموكلون بهذا السور الذين يميزون المؤمنين من الكافرين قبل إدخالهم الجنة والنار اه . ذكره الشعراني في مختصر تذكرة القرطبي .
قوله : ( وملك المرتد موقوف ) هذا هو صحيح من أقوال ثلاثة : زواله قطعاً وإن كان يعود له بالإسلام وبقاؤه قطعاً والثالث موقوف ومحل الخلاف في غير المكاتب وأم الولد أما هما فموقوفان قولاً واحداً حتى يعتقان بالموت أو أداء النجوم ومحله أيضاً في غير حطب وصيد ملكهما قبل الردة ثم ارتد ففيهما قولان قيل فيء لبيت المال وقيل باقيان على الإباحة ولا وقف . قوله : ( ويقضى منه ) أي من المملوك المعلوم من قوله ملك . قوله : ( ويمان منه ) أي مدة الاستتابة شرح م ر . قال ع ش وهذا ظاهر على القول : الثاني : وهو أنه يمهل ثلاثة أيام أما في الراجح من وجوب الاستتابة حالاً فلا يظهر لأنه لا يمهل حتى يمان ممونه . ويجاب بما إذا أخر لعذر قام بالقاضي أو بالمرتد كجنون عرض قبل الردة اه بزيادة وقوله قبل الردة لعله بعد الردة . قوله : ( وماله ) كالرقيق والبهيمة . قوله : ( وتصرفه ) مبتدأ وقوله : باطل خبر . قوله : ( إن أسلم نفذ الخ ) نعم إن كان ذلك بعد الحجر عليه لم ينفذ مطلقاً كذا في شرح البهجة بالمعنى وعبارته ومحله قبل حجر الحاكم عليه فإن كان بعده لم ينفذ مطلقاً اه وقد توهم الشارح إنه قيد للحكم وليس كذلك بل قيد للخلاف فلا فرق في ذلك بين حجر الحاكم أو عدمه اه م ر ز ي . قوله : ( ويؤدي مكاتبه ) بأن كاتبه قبل الردة لأن الكتابة لا تصح حال الردة كما تقدم . قوله : ( حفظاً لها ) أي النجوم اه .
3 ( ( فصل : في تارك الصلاة ) ) 3
على تقدير مضاف أي حكم تارك الصلاة كما يعلم من الشارح . قوله : ( على الأعيان )(5/116)
"""""" صفحة رقم 117 """"""
خرج فرض الكفاية كالجنازة فلا يقتل بها ، وخرج بالصلاة الصوم فلا يقتل بتركه وإنما يحبس ويمنع من الطعام والشراب . وخرج بالأصالة المنذورة فلا يقتل بتركها على الأوجه من وجهين وإن كانت مقيدة بزمان كما قاله الشوبري اه . قوله : ( جحداً أو غيره ) منصوبان على الحال بمعنى جاحداً . قوله : ( لاشتماله على شيء ) الأوضح لأن بعض أفراده حكمه كالمرتد وهو القسم الأوّل . قوله : ( قبل الجنائز ) مناسبته لأجل ذكر الدفن والغسل في الجنائز أي ليكون كالخاتمة لكتاب الصلاة . قوله : ( ولعله أليق ) أي لما فيه من ضم أحكام الصلاة بعضها إلى بعض اه م د لأنه حكم متعلق بالصلاة العينية قال م ر وتقديمه هنا على الجنائز تبعاً للجمهور أليق اه . أي من تأخيره عنها ومن ذكره في الحدود لأنه حكم متعلق بالصلاة العينية فناسب ذكره خاتمة لها اه ع ش . قوله : ( بأن أنكرها ) أي وجوبها بأن اعتقد خلاف ما علم . قوله : ( أو عناداً ) العناد مخالفة الحق ورده على قائله : مع العلم به ففي إدخاله تحت قول المصنف غير معتقد لوجوبها نظر إلا أن يؤوّل ما في المتن بأن المراد غير مذعن ومسلم لوجوبها وحينئذ يصدق بالجحد الذي سبقه . علم ثم طرأ عدم الإعتقاد ويصدق بالعناد الذي بقي معه العلم ولكنه لا يقبل الحق ظاهراً ويحتمل أن قوله : أو عناداً عطف على قول المتن : غير معتقد فهو زائد على كلام المتن والإذعان هو قبول قول الغير من غير معارض مع العمل بمقتضاه .
قوله : ( ودفنه في مقابر المشركين ) عطف على غسله لا على الصلاة وإنما قدم الحكم عليها على الدفن لأنها مقدمة عليه غالباً وفي نسخة في مقابر المسلمين فهو حينئذ عطف على الصلاة عليه اه . قوله : ( حكم المرتد ) فيه نظر لأنه نفسه مرتد ففيه تشبيه الشيء بنفسه . إلا أن يقال : كالمرتد المطلق فهو من تشبيه الخاص بالعام . قوله : ( لو انفرد ) أي عن الترك . قوله : ( جاحداً للوجوب ) كالمنافق . قوله : ( لأن ذلك ) الأولى أن يقول : ولأن بالواو عطفاً على قوله(5/117)
"""""" صفحة رقم 118 """"""
لإنكاره وليس علة لقوله أولى وعبارة حج كفر لأن ذلك تكذيب الخ اه شيخنا . قوله : ( كل مجمع عليه ) أي سواء كان من أحكام الدين أو لا فيدخل في ذلك جحد مكة والمدينة فهو كفر ، لوجود الطواف والسعي بمكة ولوجود النبي بالمدينة فالمجمع عليه الدنيوي مقيداً إنكاره بما تعلق به حق شرعي لأنه يجب على الآباء والأمهات تعليم أولادهم أن النبي ولد بمكة وهاجر منها إلى المدينة ودفن بها فيكون ذلك واجباً على كل أحد فصار معلوماً من الدين بالضرورة وكذا إنكار الثواب والعقاب ، والحساب وإنكار الجنة والنار ، أي في الآخرة أما إنكارهما وعدم وجودهما الآن فليس كفراً لقول بعضهم إنهما غير موجودين في الدنيا وكذا إنكار الصراط والميزان ليس كفراً . قوله : ( أما من أنكره جاهلاً ) محترز قول : بأن أنكره بعد علمه الخ شيخنا . قوله : ( كسلا ) أي بأن يستثقلها أي تكون ثقيلة عليه وقوله : أو تهاوناً أي بتركها بأن يجعل تركها هيناً سهلاً . قوله : ( فيستتاب ) بأن يؤمر بأدائها عند ضيق وقتها ويتوعد بالقتل إذا أخرجها عن وقتها . قوله : ( وهي مندوبة ) أي الاستتابة أي عرض التوبة عليه أي الطلب منا وأما التوبة نفسها بالصلاة فهي واجبة . قوله : ( لكونه يقتل حداً ) أي فلا يخلد في النار ظاهره أنه علة للأخفية وهذا أمر في الدنيا فلا يقابل غلظ عقوبة المرتد التي في الآخرة بالخلود في النار فكان الأولى أن يقول : والفرق أن المرتد يتحتم عذابه قطعاً بخلاف تارك الصلاة كسلاً فإنه تحت المشيئة إن شاء عذبه وإن شاء سامحه وهذا أخف من ذلك وكل منهما في الآخرة . قوله : ( والمستقبل ) جواب عما يقال : قد كان عازماً على تركها في المستقبل اه(5/118)
"""""" صفحة رقم 119 """"""
شيخنا . قوله : ( فإن تاب وصلى ) أي بالفعل فلا يكفي قوله : أصليها على المعتمد . قوله : ( لا يضاهي ) أي لا يشابه . قوله : ( على معصية ) كالخمر والزنا .
قوله : ( بل حملاً ) أي بل شرع حملاً أي حاملاً وباعثاً على الحق الذي هو فعل الصلاة فالمصدر بمعنى اسم الفاعل ولما أمكن تدارك ما لأجله الحد وهو الصلاة سقط الحد بها أي بفعلها بخلاف الزنا لا يمكن تداركه ولا رجوعه بالتوبة فلذلك لم يسقط الحدّ بالتوبة والأولى جعل قوله : بل حملاً علة لقوله : لا يضاهي الحدود بأن يقول : لأنه شرع حملاً على ما ذكر بخلاف غيره من الحدود فإنه شرع للزجر عن ارتكابها وهو يحصل مع التوبة . قوله : ( من الحق ) وهو طلب الصلاة . قوله : ( في سقوطه ) أي القتل بالفعل أي الصلاة . قوله : ( ولا يتخرج ) أي لا يقاس هذا الحدّ وقوله : في سقوط الحدّ الأولى أن يقول : في عدم سقوط الحدّ بالتوبة لأنه هو الذي قدمه وفي عدم سقوطه بالتوبة خلاف وإن لم يذكره الشارح . وكان على الشارح أن ينبه عليه سابقاً بأن يقول : لا يسقط بالتوبة على الصحيح وقوله : على الصواب متعلق بقوله : ولا يتخرج . قوله : ( لذلك ) أي للنسيان أو البرد أو نحوه من الأعذار اه شيخنا . قوله : ( فإن قال : تعمدت تركها بلا عذر قتل ) ظاهره وإن لم يسبق طلب من الإمام وتهديد وبه قال بعضهم : ويكون مدار القتل على أحد الأمرين . إما التوعد والتهديد أو قول الشخص تعمدت تركها بلا عذر والمعتمد أنه لا بد من تقدم طلب من الإمام أو نائبه .(5/119)
"""""" صفحة رقم 120 """"""
قوله : ( ومحله ) أي محل قتله بترك الأركان وسائر الشروط فيما لا خلاف فيه أي في شرط أو ركن الخ قوله : واه مثاله مثلاً صلاة الجمعة باثنين فإنه قول ضعيف جداً .
قوله : ( مختلف فيه ) أي فكان جريان الخلاف شبه في حقه مانعة ، من قتله وإن لم يقلد اه ع ش . قوله : ( بصلاة ) أي بتركها . قوله : ( عن وقت الضرورة ) المراد به وقت العذر بدليل قوله : بأن يجمع الخ . لأن كل صلاة لها وقت ضرورة . قوله : ( فيطلب ) والمطالب له الحاكم لا آحاد الناس وأفهم قوله : ليطالب الخ . أنه لو ترك صلوات كثيرة ولم يطالب لا يقتل وهو أي قوله : فيطالب الخ استئناف لبيان طريق القتل . قوله : ( إذا ضاق ) ظرف للأداء وأما الطلب ولو مع سعة الوقت . قوله : ( إن أخرجها ) قيد لمحذوف أي ويقتل إن أخرجها . قوله : ( على مقدمات القتل ) وهو الطلب والتوعد . قوله : ( وما قيل الخ ) مقابل لقوله : وإلا قتل . وحاصل ما استدل به هذا القيل ثلاثة أدلة : الأول قوله : كترك الصوم والثاني قوله لخبر والثالث قوله : ولأن القضاء وردها الشارح كما تراه . قوله : ( لا يحمل دم امرىء مسلم ) أي لا يجوز فلا ينافي وجوب القتل بإحدى الثلاث الآتية لأن الجائز يصدق بالواجب فالمراد به ما قابل الحرام كذا في شرح الأربعين وظاهره أن الحلال لا يصدق بالواجب إلا إذا أول بما ذكر اه . شوبري وقوله : ( إلا بإحدى ثلاث ) مستثنى من محذوف عام تقديره لا يحل دم امرىء لخصلة من الخصال إلا بإحدى ثلاث من الخصل وقوله : الثيب الزاني زنى الثيب الزاني وقوله : ( وقتل النفس ) أي كون قتل النفس القاتلة بدلاً عن النفس المقتولة سبب في قتلها فالباء بمعنى بدل وقوله : التارك أي ترك التارك لدينه أي وترك الصلاة ليس من الخصال الثلاث بل هو سبب رابع اه . وحاصل : الاستدلال بالحديث أنه بظاهره يفيد عدم قتل تارك الصلاة لأنه لم يدخل في الحديث إذ الذي(5/120)
"""""" صفحة رقم 121 """"""
فيه هو تارك الصلاة لدينه المفارق للجماعة وهو المرتد . وحاصل ما أجاب به الشارح أنه عام لفظاً مخصوص بالمسلم المصلي فكأنه قال في الحديث والمفارق لدينه من أهل الإسلام المصلين فلا يكون الحديث شاملاً للمرتد وقد صرح حج في شرح الأربعين بخلافه فقال المفارق بقلبه واعتقاده أو ببدنه أو بلسانه للجماعة ثم قال : وهذا شامل لمن جاز قتله كتارك الصلاة أو قتاله شرعاً بشروطه : أي كمانع الزكاة الخ فكان الأولى للشارح أن يقول : والخبر عام أي شامل لما ذكره ويحذف قوله : مخصوص فتأمل .
قوله : ( المفارق للجماعة ) صفة كاشفة والمراد بالجماعة جماعة المسلمين . قوله : ( بأن القياس ) أي على ترك الصوم وما بعده . قوله : ( بالنصوص ) أي الدالة على قتله . قوله : ( بما ذكر ) أي بالنصوص والنصوص خصصته بالمسلم المصلي . قوله : ( إنما هو للترك بلا عذر ) أي في الوقت لا للترك خارج الوقت الذي هو معنى ترك القضاء . قوله : ( تفصيل يأتي ) الذي في الشرح ضعيف لا يدفع الاعتراض والمعتمد أن القضاء إن كان توعد عليه في وقت أدائه كما تقدم يقتل به وإن لم يتوعد عليه لا يقتل به فقولهم : القضاء لا يقتل به ليس على إطلاقه . وهذا غير ما في الشرح وعبارة م د . قوله : تفصيل وهو أنه إذا توعد على تركها بالأمر من الإمام أو نائبه قتل وإلا فلا كما يؤخذ من ق ل . قوله : ( بحيث لا يتمكن من فعلها ) بأن لم يبقى من وقتها ما يسع ركعتين وخطبتين في م ر وعبارته وأفتى الشيخ بأنه يقتل بها حيث أمر بها وامتنع منها وقال : أصليها ظهراً عند ضيق الوقت عن خطبتين وإن لم يخرج وقت الظهر أي بأقل ممكن من الخطبة والصلاة . قوله : ( كنوم أو نسيان ) بشرط أن لا ينشأ عن لعب ولهو . قوله :(5/121)
"""""" صفحة رقم 122 """"""
( أو بلا عذر الخ ) المعتمد أنه إن توعد بها بالأمر من الإمام أو نائبه قتل وإلا فلا وما ذكره الشارح غير مستقيم اه ق ل . قوله : ( لتوبته ) في كون هذا توبة نظر والتوبة لا تحصل إلا بفعل الصلاة . قوله : ( بخلاف ما إذا لم يقل ذلك ) أي فإنه يقتل لكن محله فيما إذا أخرجها عن وقتها بعد أمر الإمام أي في الوقت لا مطلقاً إذ لا يقتل بالقضاء مطلقاً كما تقرره شيخنا . قوله : ( أن بينه ) أي بين نفسه . قوله : ( فلا شك في وجوب قتله ) بل قال بعضهم : قتله أفضل من قتل مائة كافر لأن ضرره أشدّ . قوله : ( وإن كان في خلوده في النار نظر ) لعل وجهه أنه قد ينكشف له أمر خارج عن حكم الظاهر ليكون ذلك مانعاً من إجراء أحكام الكفار عليه وإلا فهو كافر في أحكام الدنيا ومقتضاه خلوده في النار اه م د وقوله : وإلا فهو كافر أي لأنه نفى مجمعاً عليه وحلل محرماً وعبارة حج ولا نظر في خلوده في النار لأنه مرتد لاستحلاله ما علمت حرمته أو نفيه ما علم وجوبه ضرورة فيهما ومن ثم جزم في الأنوار بخلوده اه شيخنا .(5/122)
"""""" صفحة رقم 123 """"""
( كتاب أحكام الجهاد
لما فرغ من أحكام المرتدين وأحكام تاركي الصلاة جحداً شرع في الطائفة الثالثة وهي الكفار الأصليون وجواز قتالها مأخوذ من فعل النبي في غزواته وهي ما خرج فيها بنفسه وبعوثه وهي ما أرسلها وأمّر عليها أميراً . واعلم أن جملة غزواته سبعة وعشرون غزوة قاتل في ثمان منها بنفسه بدر وأحد والمريسيع والخندق وقريظة وخيبر وحنين والطائف وزاذ بعضهم فتح مكة بناء على أنها فتحت عنوة وضم قريظة إلى الخندق فأهمل ذكر قريظة قال ابن تيمية : لا يعلم أنه قاتل في غزوات إلا في أحد ولم يقتل أحداً إلا أبيّ بن خلف فلا يفهم من قولهم : قاتل في كذا أنه قاتل بنفسه كما فهمه بعض الطلبة ممن لا اطلاع له على أحواله . وقد أجيب عن ذلك بأن المراد قتال أصحابه بحضوره فنسب إليه لكونه سبباً في قتالهم .
وأما سراياه : فهي سبع وأربعون سرية وهي من مائة إلى خمسمائة فما زاد منسر بنون فمهملة إلى ثمانمائة فما زاد جيش إلى أربعة آلاف فما زاد جحفل ، والخميس الجيش ، العظيم ، وسمي خميساً لأن له ميمنة وميسرة وأماماً وخلفاً وقلباً وهو وسطه . وقد جرت عادة المحدّثين وأهل السير أن يسموا كل عسكر حضره النبي بنفسه الكريمة غزوة وما لم يحضره بل أرسل بعضاً من أصحابه إلى الغزو سرية وبعثاً . اه ملخصاً من المواهب وشرح التحفة لحج ومراده بالأحكام ما يترتب عليه من قوله فيما يأتي ومن أسر من الكفار على ضربين كما سيشير إلى ذلك بقوله : ثم شرع في أحكام الجهاد الخ وبالأحكام أيضاً كونه فرض كفاية أو فرض عين وقوله : وما يتعلق ببعض أحكامه كقوله : ومن أسلم قبل الأسر الخ . قوله : ( وما يتعلق ببعض أحكامه ) مراده به قوله : ومن أسلم قبل الأسر الخ . لأنه متعلق بالأسر الذي هو من أحكام الجهاد .
قوله : ) وقاتلوا المشركين كافة } ) التوبة : 36 ) وهذه آية السيف وقيل قوله ) انفروا خفافاً وثقالاً } ) التوبة : 41 ) وقوله كافة حال من الفاعل أو المفعول أو منهما معاً ومعناه جميعاً . اه م د وقوله : من الفاعل فيه نظر لأنه لو جعل حالاً منه لكان متعيناً على كل أحد وليس كذلك فالأحسن أنه حال من المفعول شرح م ر . قوله : ( حتى يقولوا لا إله إلا الله ) فيه أن(5/123)
"""""" صفحة رقم 124 """"""
الكفار يقولونها . وأجيب بأن لا إله إلا الله علماً على الشهادتين كما قاله : م د على التحرير . قوله : ( لغدوة ) اللام للقسم والغدوة بالفتح المرة الواحدة من الغدوّ وهو الخروج في أي وقت كان من أول النهار إلى انتصافه ، والروحة المرأة الواحدة من الرواح وهو الخروج في أي وقت كان من زوال الشمس إلى غروبها فتح الباري اه وقوله : لغدوة الخ هذا على قراءته بالغين والدال المهملة وفي نسخة لغزوة بالزاي والأولى مناسبة لروحة وأو للتنويع لا للشك . قوله : ( نبذة ) بفتح النون وضمها أي قطعة أي شيئاً يسيراً وبابه أي باب فعله ضرب . قوله : ( بعث ) أي نبىء لما جاءه جبريل بغار حراء وقال له : اقرأ إلى آخر ما في حديث البخاري فراجعه ليس المراد بالبعث الإرسال لأنه سيأتي في قوله : ثم أمر بتبليغ قومه أي بالرسالة بقوله : ) يا أيها المدثر قم فأنذر } ) المدثر : 1 ) الخ وقرر شيخنا العشماوي أن قوله : بعث أي أرسل إذ البعث الإرسال ولا ينافيه قوله : بعد ثم أمر الخ لجواز تأخير الأمر بالتبليغ عن الإرسال والحق أن النبوّة والرسالة متقارنان كما قاله شيخنا الجوهري : قوله : ( وهو ابن أربعين ) أي عند تمامها لا في ابتدائها . قوله : ( قيل علي ) وكان قبل البلوغ وصح ذلك لأن الأحكام كانت منوطة بالتمييز وقيل إنه كان بالغاً وهو ضعيف وسيأتي بسط ذلك في الشرح . قوله : ( وقيل : زيد بن حارثة ) وجمع بأن أول من آمن به من النساء على الإطلاق خديجة ومن الصبيان عليّ ومن الرجال الأحرار أبو بكر ومن الموالي زيد بن حارثة ومن العبيد بلال . قوله : ( وأوّل ) مبتدأ وما فرض أي شيء فرض هو فالعائد ضمير مستتر يعود على ما وما ذكر خبر ومن قيام الليل بيان لما مقدم عليها . قوله : ( ثم نسخ بما في آخرها ) وهو قوله تعالى : ) عَلِمَ أن لن تحصوه } ) المزمل : 20 ) الخ أن مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي أنه لن تحصوه أي الليل لتقوموا فيما يجب القيام فيه ولا يحصل إلا(5/124)
"""""" صفحة رقم 125 """"""
بقيام جميعه وذلك يشق عليكم فتاب عليكم رجع بكم إلى التخفيف ) فاقرأوا ما تيسر من القرآن } ) المزمل : 20 ) بأن تصلوا ما تيسر ) علم أن } ) المزمل : 20 ) أي أنه ) سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض } ) المزمل : 20 ) يسافرون ) يبتغون من فضل الله } ^ يطلبون من رزقة للتجارة وغيرها ) وآخرون يقاتلون في سبيل الله } ) المزمل : 20 ) وكل من الفرق الثلاث ليس عليهم ما ذكر في قيام الليل ) فاقرأوا ما تيسر منه } ) المزمل : 20 ) كما تقدم ) وأقيموا الصلاة } ) البقرة : 43 ) المفروضة اه جلالين وقوله : ثم نسخ أي ما في آخرها وقوله : بالصلوات الخمس أي بإيجابها .
قوله : ( إلى بيت المقدس ) متعلق بالصلوات أو حال منها وفيه مع قوله : ثم أمر باستقبال الكعبة تناف لأن المقرر أن الصلاة صبيحة الإسراء كانت إلى الكعبة فكان الأولى عكس ما قال : الشارح بأن يقول ثم نسخ بالصلوات الخمس إلى الكعبة ثم أمر باستقبال بيت القدس . وأجيب عن التنافي بأنه استقبل أوّلاً بيت المقدس وجعل الكعبة بينه أي النبي وبينه أي بيت المقدس وهذا مبني على تعلق قوله : إلى بيت المقدس بالصلاة فإن علق بالإسراء . فلا إشكال ويكون الشارح أسقط مرتبة وهي قوله : ثم نسخ استقبال الكعبة باستقبال بيت المقدس وأما قوله : حولت القبلة أي من بيت المقدس إلى الكعبة فهو على كل من التقريرين . قوله : ( وقيل : غير ذلك ) والمشهور أن فرض الصلاة كان قبل الهجرة بسنة ونصف . قوله : ( تقريباً ) لأنه فرض في شعبان في السنة الثانية كما تقدم . قوله : ( وفي السنة الثانية ) متعلق بحولت الذي بعده . قوله : ( حولت القبلة ) أي إلى الكعبة والأولى تقديمه على قوله : ثم أمر باستقبال الكعبة . والحاصل أنه أمر أوّلاً باستقبال بيت المقدس ثم نسخ باستقبال الكعبة ثم نسخ استقبال الكعبة باستقبال بيت المقدس ثم نسخ ذلك باستقبال الكعبة ولما توجه النبي إلى المدينة ولم يمكن أن يجعل الكعبة في حال صلاته بينه وبين بيت المقدس تمنى أن يستقبل الكعبة لقوله تعالى : ) قد نرى تقلب وجهك في السماء } ) البقرة : 144 ) الآية فأمر بتوجهه للكعبة بعد أن صلى ركعتين من الظهر . قوله : ( واعتمر أربعاً ) وهي عمرة القضاء أي التي وقع فيها التقاضي والصلح لا القضاء العرفي وعمرة الجعرانة وعمرة الحديبية والعمرة التي كانت في ضمن(5/125)
"""""" صفحة رقم 126 """"""
حجة بناء على أنه كان قارناً وقيل : كان مفرداً بأن أحرم أوّلا بالحج ثم أدخل عليه العمرة خصوصية له وإن كان لا يجوز لغيره .
قوله : ( بعد الهجرة ) أما قبلها فكان ممتنعاً لأن الذي أمر به أوّلا هو التبليغ والإنذار والصبر على أذى الكفار تألفاً لهم ثم أذن الله بعدها للمسلمين في القتال بعد نهيه عنه في نيف وسبعين آية إذا ابتدأهم الكفار به ثم أباح الابتداء به في غير الأشهر الحرم في السنة الثانية بعد الفتح أمر به على الإطلاق بقوله : ) انفروا خفافاً وثقالاً } ) التوبة : 41 ) ) وقاتلوا المشركين كافة } ) التوبة : 36 ) وهذا آية السيف وقيل التي قبلها م ر في شرحه وقوله : في نيف من واحد إلى تسع والبضع من ثلاث إلى تسع اه مختار . قوله : ( من فيهم ) وإن لم يكونوا من أهل فرض الجهاد وهو المعتمد ز ي لأن المقصود النكاية بخلاف رد الإسلام وإحياء الكعبة فلا . قوله : ( حينئذ ) أي حين إذ يكونون ببلادهم . قوله : ) وجاهدوا في سبيل الله } ) الأنفال : 74 ) التلاوة في الآية الأولى من براءة ) الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم } ) التوبة : 20 ) والثانية ) انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله } ) التوبة : 41 ) والتي في الصف ) وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم } ) الصف : 11 ) وليس ما ذكره الشارح واحدة مما ذكر وفي نسخة وتجاهدون وهي ظاهرة .(5/126)
"""""" صفحة رقم 127 """"""
قوله : ( لكن أفضل الجهاد حج مبرور ) بفتح لام لكن وضم الكاف وبنون النسوة المشدّدة والجار والمجرور خبر مقدم وأفضل الجهاد مبتدأ مؤخر وحج أي هو حج الخ . ولا يصح الاستدلال إلا إذا قرىء لكنّ بالتشديد كما ذكرنا وتسمية الحج جهاداً من حيث إتعاب النفس والمشقة فيه أو من باب المشاكلة ليطابق الجواب السؤال . قوله : ( والسادسة الصحة ) يغني عنه ما بعده . قوله : ( أو معظم أصابعها بخلاف فاقد الأقل ) قضية كلامه أنه يجب على فاقد الإبهام والمسبحة وعلى فاقد الوسطى والبنصر لكن قال الأذرعي : الظاهر أنه لا يجب عليهما كما لا يجزئان في الكفارة وقد يفرق بينهما شرح الروض شوبري ولا يجب على فاقد أكثر أنامل يده كما في العباب . قوله : ( وهو مفقود فيهما ) أي الأشل والأقطع . قوله : ( إن كان سفر قصر ) قيد في المركوب بدليل قوله وكذا . قوله : ( فاضل ذلك ) أي المركوب وما قبله بأن لم يقدر على شيء من الثلاثة أصلاً أو قدر عليها غير فاضلة عما ذكر وانظر مؤنة من تلزمه نفقته تقدر بكم شهر لأن الجهاد ليس لغيبته مدّة معلومة بخلاف الحج . قوله : ( ولو مرض الخ ) تقييد لما تقدّم من أن المريض ونحوه لا جهاد عليهم أي إذا كان ذلك في الابتداء أما إذا كان ذلك في الدوام فيفصل كما في الشرح . قوله : ( الرمي بها ) أي وجوب الرمي بها أي الحجارة . قوله : ( فيه ) أي في الوجوب . قوله : ( والضابط ) أي ضابط مانع الوجوب .(5/127)
"""""" صفحة رقم 128 """"""
قوله : ( على مصادمة المخاوف ) أي ملاقاتها .
قوله : ( والدين الحالّ ) أي أصالة أو عرضاً سواء كان لمسلم أو لذمي وإن كان به رهن وثيق أو ضامن موسر كما قاله : م ر ومراد الشارح بذلك الكلام زيادة شرطين على ما تقدم وهما أن لا يكون عليه دين حالّ وهو موسر وأذن أصوله ومحل توقفه على إذن رب الدين ما لم ينب من عليه الدين من يقضيه عنه أي بأن كان عنده أزيد مما يبقى للمفلس فيما يظهر بخلافه على معسر فلا يحرم السفر ويتجه أن رب الدين لو كان مصاحباً له في سفره لم يكن له منعه ولا بد أن يكون الآذن رشيداً ومثل الإذن ظن رضاه فلو كان الدين لمحجور عليه لم يجز لمدينة السفر لأنه لا مصلحة للمحجور عليه حتى يأذن وليه وإذن المحجور عليه لاغ وحيث حرم السفر فلا يترخص بقصر ولا غيره لعصيانه بسفره اه وعبارة م ر إلا بإذن غريمه أو ظن رضاه وهو من أهل الإذن والرضا لرضاه بإسقاط حقه وينبغي أن لا يتعرض للشهادة بل يقف وسط الصف أو حاشيته حفظاً للدين ومحل ما تقرر ما لم ينب من يقضيه من مال حاضر ومثله كما هو قياس نظائره دين ثابت على ملىء وظاهر كلامهم أنه لا أثر لإذن ولي الدائن وهو متجه إذ لا مصلحة في ذلك اه بحروفه .
قوله : ( سفر جهاد ) وحيث حرم السفر فلا يترخص بقصر ولا غيره لعصيانه بسفره . قوله : ( وسفر غيره ) ولو قصيراً كنحو ميل م ر وقيل : لا يتقيد بميل بل متى خرج من السور . قوله : ( على رجل ) قيد به لأنه محل الوجوب فغيره أولى ق ل . قوله : ( بسفر وغيره ) اعترض بما يأتي من أنه إذا دخل الكفار بلدة لنا لا يتوقف على إذن إلا أن يصوّر بما إذا سافر لتجارة لا خطر فيها فاتفق له الجهاد فلا بد من الإذن من الأصول مع أنه لم يسافر للجهاد فصدق أنه جهاد بلا سفر ، وتوقف على إذن فالمراد بلا سفر للجهاد فلا ينافي أنه هناك سفر لكن لا للجهاد كذا قاله بعضهم : وهو مبني على قراءة غيره بالجر عطفاً على سفر ويصح قراءة غير بالرفع عطفاً على جهاد فقوله : وغيره أي غير الجهاد بسفر . قوله : ( لم يجز إلا بإذنه ) أي لأن ذلك من برّ الوالدين فلذلك اشترط رضا جميع الأصول لا الأبوين فقط فليس اشتراط الرضا لأجل احتياج الأصل إليه في المؤنة كما قد يتوهم لعدم فرقهم بين الفرع الغني والفقير وبين البعيد والقريب وبين أن يترك عنده ما يكفيه العمر الغالب أو لا كذا قرره ز ي وهو واضح . قوله : ( كذلك ) أي يحرم السفر بدون إذنهم وعبارة م ر ويحرم على حر ومبعض ذكر وأنثى جهاد ولو مع عدم سفر(5/128)
"""""" صفحة رقم 129 """"""
إلا بإذن أبويه . وإن علياً من سائر الجهات ولو مع وجود الأقرب ولو كان غنيين لأن برّهما فرض عين هذا إذا كان مسلمين ولم يجب استئذان الكافر لاتهامه بمنعه له حمية لدينه وإن كان عدّواً للمقاتلين أي الذين يريد قتالهم ويلزم المبعض استئذان سيده أيضاً ويحتاج القن لإذن سيده لا أبويه اه بحروفه . قوله : ( ولو وجد الأقرب الخ ) غاية أي إذا أذن الأقرب لا يجوز السفر حيث منع الأبعد .
فرع : لا يعتبر إذن الأهل في السفر لطلب علم شرعي ولو كان فرض كفاية أو أمكن في البلد ورجا بخروجه زيادة فراغ أو إرشاد شيخ أو نحو ذلك وله ترك طلب العلم غير المتعين بعد شروعه فيه وإن ظهر انتفاعه لا في صلاة الميت أي إذا شرع فيها لا يجوز قطعها ولا يعتبر الإذن في السفر لتجارة أو غيرها حيث لا خطر فيه كركوب بحر أو بادية مخطرة وإن غلب الأمن . اه عباب اه م د وقوله : كركوب بحر مثال للمنفي وقوله : مخطرة أي فيها خطر أي خوف . قوله : ( ولو كفاية ) أي ولو نحو صنعة لأنها فرض كفاية وأورد عليه أن الجهاد فرض كفاية مع حرمة السفر له إلا بالإذن . وأجيب : بأن فيه من الأخطار ما ليس في غيره إذ هو مبني على المخاوف . قوله : ( أيضاً ) أي كما اشترط عدم حضوره الصف . قوله : ( ولم تنكسر الخ ) أي ولم يخرج مع الإمام يجعل وإلا فلا يلزمه الرجوع بل لا يجوز شرح الروض فلا يجب الرجوع إلا بشروط أربعة أن لا يحضر الصف وأن يأمن وأن لا تنكسر قلوب المسلمين وأن لا يخرج بجعل فإن حضر أو لم يأمن أو انكسر قلوب المسلمين برجوعه أو خرج بجعل فلا يجب الرجوع اه م د . قوله : ( وإلا فلا يجب الرجوع ) ظاهره جواز الرجوع مع عدم الأمن من غيره وليس مراداً ق ل فقوله : لا يجب الرجوع بل ولا يجوز . قوله : ( أن يدخلوا بلدة لنا ) أو يصير بينهم وبينها دون مسافة القصر اه م ر . قوله : ( مثلاً ) متعلق بيدخلوا ويصح تعلقه ببلدة لإدخال القرية ويصح تعلقه بقوله : لنا لإدخاله بلاد الذميين وكل المراد . قوله : ( فرض عين ) يرجع للثلاثة قبله . قوله : ( علم كل الخ ) وعبارة شرح المنهج أو لم يمكن لكن علم الخ فجعله شرطاً في قوله : أو لم يمكن . قوله : ( أنه إن أخذ قتل ) فيتعين القتال لامتناع الاستسلام لكافر لأنه(5/129)
"""""" صفحة رقم 130 """"""
حينئذ ذل ديني . قوله : ( قتل ) أي فيجب الدفع أيضاً لأن عدم الدفع حينئذ ذل ديني من غير خوف على النفس والعلم هنا بمعنى الظن .
قوله : ( أو لم تأمن المرأة فاحشة إن أخذت ) أي فلا يحل لها الاستسلام بل يلزمها الدفع ولو قتلت لأن من أكره على الزنا لا يحل له المطاوعة لدفع القتل شرح الروض قال الأذرعي : الظاهر أن الأمر الجميل وغيره حكمه أنه إذا علم أن يقصد بالفاحشة في الحال أو المآل حكم المرأة وأولى اه مرحومي فإن ظن أنه لو استسلم لا يقتل وأمنت المرأة فاحشة جاز الاستسلام فإن حصل بعد ذلك خلاف ظنهم وجب الدفع عليهم بقدر الإمكان ق ل . قوله : ( وجوز أسراً الخ ) مفهوم قوله : علم كل من قصد أنه إن أخذ قتل وقوله : إن علم مفهوم قوله : أو يعلم أنه إن امتنع وقوله : وأمنت المرأة مفهوم قوله : أو لم تأمن المرأة الخ . قوله : ( إن علم ) أي ظن أنه إذا امتنع منه أي من الاستسلام قتل لأنه تركه الاستسلام حينئذ يجعل القتل ز ي وهذا محترز قوله : أو لم يعلم . قوله : ( وأمنت المرأة الفاحشة ) أي إن أخذت وإلا تعين الجهاد وهذا محترز قوله : أو لم تأمن من فهو استثناء معنى وإن لم يكن بصورة استثناء والأولى أن يكون قوله : علم كل من قصد الخ محترز قوله : الآتي وجوّز أسراً وقتلاً وقوله : أو لم يعلم الخ محترز قوله : إن علم وقوله : أو لم تأمن محترز قوله : وأمنت ويكون قدم المفهوم على المنطوق وإنما جعلنا الأوّل مفهوماً لأن الثاني هو عبارة متن المنهج والأوّل عبارة شرح المنهج قدمها على المتن تقديماً للمفهوم ويصح أن يجعل الثاني مفهوم الأوّل . قوله : ( في أحكام الجهاد ) كان الأولى أن يقول : في بعض أحكام الجهاد لأن ما تقدم أحكام له أيضاً . قوله : ( ولو مسلمين ) راجع للعبيد بأن أسلموا وهم في أيدي الكفار . قوله : ( أي يصيرون بالأسر أرقاء ) تفسير لقوله :(5/130)
"""""" صفحة رقم 131 """"""
يكون رقيقاً ولا حاجة إليه إذ لا إيهام في المتن وإنما يحتاج إليه من عبر بقوله : ترقّ ذراري كفار كما وقع في المنهج . قوله : ( ومثلهم فيما ذكر المبعضون ) أي بالنسبة للبعض القن أما بالنسبة للبعض الحر فيخير فيه بما عدا القتل لاستحالته فيخير الإمام فيه بين المن والفداء والرق ويمتنع القتل فإن ضرب عليه الرق فالأمر ظاهر أو فداه كذلك وإن منّ عليه فقد فوّت البعض الرقيق على الغانمين فيضمنه كما لو أتلفه .
قوله : ( فإن قتلهم الإمام ) أي بعد الظفر بهم . وحاصله : كما قاله حج : أنه إن قتل أسيراً غير كامل لزمه قيمته أو كاملاً قبل التخيير فيه عزر فقط أ ج وكتب بعضهم قوله : فإن قتلهم الإمام ومثل الإمام غيره وهذا في قتل الناقصين أما قتل الكاملين من الإمام فلا شيء فيه أما من غير الإمام فإن كان بعد اختيار الإمام القتل أو قبله فلا ضمان إلا التعزير وإن كان بعد اختيار الإمام للفداء فإن كان بعد قبضه الفداء وقبل وصول الكافر لمأمنه ضمنه بالدية لورثته وإن كان بعد وصوله لمأمنه فهدر وإن كان قبل قبض الفداء وقبل وصوله لمأمنه ضمن بالدية ويأخذ الإمام منها قدر الفداء والباقي لورثته وإن كان بعد وصوله لمأمنه فلا ضمان وأما إن كان القتل بعد المنّ فإن كان قبل وصوله لمأمنه ضمن بالدية لورثته وإن كان بعد وصوله لمأمنه فلا ضمان . قوله : ( أو أمير الجيش ) أي بأن لم يكن الإمام غازياً بأن أرسل جيشاً وأمّر عليهم أميراً . قوله : ( مخير فيهم ) وليس هو تخييراً على بابه بل يجتهد الإمام في الأمور الأربعة فما رآه حظاً للمسلمين والإسلام فعله وعلى ذلك فهل إذا اختار أمراً من الأمور هل له الرجوع عنه إلى غيره أم لا بحث بعضهم أن ما كان فيه حقن الدم للقتل فله الرجوع عنه وليس له الرجوع في غيره لأنه باختياره الاسترقاق صار ملكاً للغانمين فيكون الحق لهم فلا رجوع له فيه . وكذلك المنّ والفداء ليس له الرجوع لأنه من باب الاجتهاد ورجوعه إلى غيره اجتهاد ثان والاجتهاد لا ينقض باجتهاد آخر ما لم يكن لرجوعه سبب وقد ظهر له الأصلح للمسلمين فله الرجوع حينئذ ويكون كالحاكم إذا حكم باجتهاده وظهر له النص بخلافه فله الرجوع كذلك هكذا قيل . قوله : ( بفعل الأحظ ) أشار به إلى إن التعبير بالتخيير فيه مسامحة لأنه إنما يكون عند استواء الخصال . قوله : ( للإسلام والمسلمين ) . لأن الحظ المسلمين ما يعود إليهم من الغنائم وحفظ مهجهم ففي(5/131)
"""""" صفحة رقم 132 """"""
الاسترقاق والفداء حظ المسلمين وفي المنّ حظ الإسلام . قوله : ( أو عربي ) كما في سبي هوازن وغيرهم من قبائل العرب كبني المصطلق ز ي أ ج . قوله : ( أو بعض شخص ) وهو الراجح والثاني لا وعليه أي على الراجح لو ضرب الرق على البعض رق الكل قاله البغوي وقال الرافعي : وكان يجوز أن يقال : لا يرق منه شيء وعلى قول البغوي يقال : لنا صورة يسري فيها الرق كما يسري العتق دميري ز ي وقال الشوبري : ولا سراية على الأصح . قوله : ( أو مسلمين ) . عبارة شرح المنهج أو أكثر وهي أولى فكلام الشارح يحتمل التثنية والجمع .
قوله : ( ويجوز أن يفديهم ) هذا مكرر . قوله : ( ولا يجوز أن يرد الخ ) وهل يجوز ردّها بأسرانا وجهان أوجههما الجواز سم . قوله : ( يفعل الإمام ) أشار به إلى أن التخيير عند استواء الخصال . قوله : ( لأنه ) أي الأحظ راجح الخ . قوله : ( ولو أسلم الخ ) هذا مفهوم قوله الآتي قبل الأسر(5/132)
"""""" صفحة رقم 133 """"""
فقدم المفهوم على المنطوق تعجيلاً للفائدة : وأما أولاده فإن أسروا قبله رقوا وإن لم يؤسروا عصمهم وأما ماله وزوجته فلا يعصمهما . قوله : ( لم يختر الإمام ) صفة لأسير فإن كان إسلامه بعد اختيار الإمام خصلة غير القتل تعينت شرح المنهج . قوله : ( منا ) أي ولا رقا . قوله : ( عصم الإسلام دمه ) أي لا ماله بدليل قوله الآتي : ذكر المال في الحديث محمول على ما إذا قالوها قبل الأسر أي بخلاف من أسلم بعده . قوله : ( حتى يقولوا لا إله إلا الله ) عبارة شرح المنهج حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله قال : ز ي أي مع محمد رسول الله أو أن لا إله إلا الله صارت علماً على الشهادتين كما تقدم . قوله : ( محمول على ما قبل الأسر ) أي محمول على قولها قبل الأسر .
قوله : ( لأن المخير ) أي المخير فيه . قوله : ( في الكفارة ) أي كفارة اليمين فإنه مخير بين العتق والإطعام والكسوة فإذا عجز عن العتق تخير بين الإطعام والكسوة . قوله : ( ومن أسلم ) أي أو بذل الجزية . قوله : ( من غنيمة ) الأولى من غنمه بصيغة المصدر . قوله : ( وصغار أولاده ) من إضافة الصفة للموصوف أي وأولاده الصغار الأحرار أي ومجانينهم وإن سفلوا عن الاسترقاق لأنهم يتبعونه في الإسلام وخرج الأرقاء فأمرهم تابع لأمر سيدهم لأنهم من أمواله وكبار أولاده الأحرار لاستقلالهم فيتخير الإمام فيهم كغيرهم اه سم . قوله : ( عن السبي ) أي الرقية . قوله : ( والجد كذلك ) أي كالأب في أنه يعصم أولاد ولده وإن كان ولده كافراً حياً نظراً لتبعيتهم للجد في الدين لأنه الأعلى وقوله : كذلك أي كالأب فيما ذكر المعلوم من الهاء في قوله وأولاده ولو ذكر الأب بدل قوله : كذلك لكان أظهر . قوله : ( ولو كان الأب ) أي غير المسلم اه . قوله : ( لما مر ) أي لأنهم يتبعونه في الإسلام ومثله قوله : لما مر أيضاً . قوله : ( ويعصم الحمل ) بالبناء للمفعول . قوله : ( لا إن استرقت أمه قبل إسلام الأب ) أما إذا استرقت بعد إسلام الأب فلا يتبعها حملها لعصمته بإسلام أبيه . قوله : ( فلا يبطل إسلامه ) أي الأب رقه أي الحمل كالمنفصل إذا سبي وحده وإن حكم بإسلامه أي الحمل تبعاً لأصله . قوله : ( عن سبي الزوجة ) الأولى أن يقول : عن إحراز الزوجة أي حيث لم يقل وأحرز زوجته وحاصل حكم الزوجة أن زوجة المسلم الأصلي وزوجة الذمي الموجودة حال عقد الذمة لا يرقان بالسبي وزوجة الحربي إذا أسلم قبل أسرها وزوجة الذمي الطارئة بعد عقد الجزية يرقان بنفس السبي اه شيخنا . قوله : ( لاستقلالها ) أي بالإسلام . قوله : ( ولو كانت حاملاً ) وبذلك يلغز فيقال لنا زوجة بدار الحرب يجوز سبيها ولا يجوز سبي ولدها .(5/133)
"""""" صفحة رقم 134 """"""
قوله : ( والبالغة ) أي والزوجة . قوله : ( فإن استرقت الخ ) تفريع على قوله : السابق لا تتبعه زوجته وفي التعبير باسترقت مسامحة لأنها ترق بنفس الصبي فكان الأولى أن يقول : فإن رقت . قوله : ( لامتناع الخ ) لأنه لما زال ملكها عن نفسها فعن النكاح أولى اه س ل . قوله : ( ولقوله : الخ ) استدلال على قوله : السابق فإن استرقت انقطع نكاحه . قوله : ( أوطاس ) الذي في المختار من كتب اللغة فتح الهمزة وفي ق ل ما نصه : أوطاس بضم الهمزة أفصح من فتحها اسم واد من هوازن عند حنين اه بحروفه . قلت : وهو من أجلّ الثقات الذي يقلدون غايته أن الشيخ رحمه الله كان قليل عز والكلام لأهله اه أ ج . قوله : ( عن ذات زوج ولا غيرها ) أي فدل ذلك على انقطاع النكاح باسترقاقها لأن الحديث وإن كان وارداً في الاستبراء شامل لوطء الزوج زوجته وقوله : لا توطأ حامل الخ وإن كان الواطىء زوجاً لانقطاع النكاح عن الرق لكن ينافيه قوله : حتى تضع لأن انقطاع نكاحها يحرّمها حتى يعقد عليها عقداً جديداً وشمول الحديث لوطء الزوج زوجته فيه نظر .
قوله : ( كان فيهم ) المناسب فيهن . قوله : ( وترق زوجة الذمي ) وحاصل ذلك أن يقال : إن زوجة المسلم الأصلي لا ترق وعتيق المسلم لا يرق وزوجة الذمي الموجودة وقت عقد الجزية لا ترق أما زوجة الحربي إذا أسلم أو زوجة الذمي إذا حدثت بعد الجزية وعتيق الذمي فيرقون . قوله : ( ويقطع به نكاحه ) أي لأن طروّ الرق كالموت . قوله : ( فإن قيل : هذا يخالف قولهم الخ ) وجه المخالفة أنه إذا عصم زوجته عن الاسترقاق كيف يلائم قوله : ترق زوجة الذمي بنفس الأسر لها . وجوابه أن التي يعصمها هي الموجودة عند عقد الجزية له والتي لا يعصمها هي التي يطرأ تزويجها على عقد الجزية . قوله : ( عصم نفسه ) مع أنه صار ذمياً ببذل الجزية . قوله : ( والمراد هنا ) أي في قوله : وترق زوجة الذمي الخ لأن العقد لم يتناولها أو(5/134)
"""""" صفحة رقم 135 """"""
يحمل ما هناك على ما إذا كانت زوجته داخلة تحت القدرة حين العقد وما هنا على ما إذا لم تكن كذلك شرح الروض . قوله : ( ولا تسترق زوجة المسلم ) أي الأصلي .
قوله : ( وهو المعتمد ) جرى عليه زي في حاشيته ونصه المعتمد ما في المنهاج من عدم جواز أسرها بخلاف زوجة من أسلم فإنه يجوز إرقاقها اه ا ج . قوله : ( لأن الإسلام ) تعليل لأصل المسألة أي لا تسترق زوجة الأصلي . قوله : ( ولو سبيت ) لم يقل : ورقت كما قاله : في الزوج . لأنها ترق بنفس السبي بخلافه اه م ر . وحاصله أنه إن حدث الرقّ في الزوجين أو أحدهما انفسخ النكاح وإن لم يحدث رق ولم ينفسخ النكاح وقد علمت أن الزوجة التي يطرأ عليها الرق هي زوجة الحربي الذي لم يسلم ولم يعط الجزية وزوجة الذمي إذا حدثت بعد الجزية ، وإيضاح الكلام في ذلك أن يقال : إن الزوجين إما أن يكونا حرين أو رقيقين أو الزوج حراً أو الزوجة رقيقة أو عكسه فهذه أربعة على كل إما أن يسبيا أو تسبى الزوجة أو يسبى الزوج ويسترق أو لا فالجملة ست عشرة صورة فينفسخ النكاح فيما إذا كانا حرين وسبياً أو سبيت هي أو سبي هو أو استرق فإن لم يسترق فلا ينفسخ النكاح وإن كانا رقيقين فلا فسخ في الصور الأربعة وإن كان الزوج حراً والزوجة رقيقة فينفسخ النكاح فيما إذا سبيا أو سبى الزوج وحده واسترق فيها ولا ينفسخ فيما إذا سبيت الزوجة وحدها إذ لم يتجدد لها رق أو سبي الزوج وحده ولم يسترق فإن كانت الزوجة حرة والزوج رقيقاً فينفسخ النكاح فيما إذا سبيا أو سبيت . فالحاصل أن من سبي ورق انقطع نكاحه فتأمل وافهم . قوله : ( أو زوج حر ) قيد وقوله : ورق قيد سواء كان الرق بمجرد الأسر بأن كان صغيراً مثلاً أو بالضرب بأن كان كاملاً واختار الإمام فيه الرق أي فإنه ينقطع به النكاح وانظر ما وجه ذلك فإن غاية أمره أنه رقيق والرقيق لا يمتنع عليه نكاح الأمة وقول الشارح : لحدوث الرق لا ينتج عن انقطاع النكاح لأن الرقيق يجوز له نكاح الحرة وعبارة ق ل على الجلال قوله : لحدوث الرق أي وحدوثه كالموت كما صرحوا به . وبذلك فارق جواز رقيق لرقيقة أو لحرة ابتداء اه .
قوله : ( وإذا رق الحربي وعليه دين ) صور المقام ستة لأنه إذا رق من عليه الدين إما أن(5/135)
"""""" صفحة رقم 136 """"""
يكون دينه لمسلم أو ذمي أو حربي وإذا رق من له دين إما أن يكون من عليه الدين مسلماً أو ذمياً أو حربياً وعبارة المنهج وشرحه وإذا رق الحربي وعليه دين لغير حربي لم يسقط إذ لم يوجد ما يقتضي إسقاطه فيقضي من ماله إن غنم بعد رقه وإن زال ملكه عنه بالرق قياساً للرق على الموت فإن غنم قبل رقه أو معه لم يقض منه فإن لم يكن له مال أو لم يقض منه بقي في ذمته إلى أن يعتق فيطالب به وخرج بزيادتي لغير حربي الحربي كدين حربي على مثله ورق من عليه الدين بل أو رب الدين فيسقط ولو رق رب الدين وهو على غير حربي لم يسقط اه . فذكر المتن صورتين بالمنطوق وأربعة بالمفهوم أشار الشارح إلى ثنتين منهما بقوله : وخرج بزيادتي إلى قوله : فنسقط وإلى ثنتين بقوله : ولو رق رب الدين اه قال ق ل : فالحاصل أنه لا يسقط إلا دين حربي على مثله بإرقاق أحدهما . قوله : ( ولو رق رب الدين وهو على غير حربي لم يسقط ) بل يصير في ذمة من هو عليه حتى يعتق فيعطي له أو يموت فهو لبيت المال فيئاً اه سم نقلاً عن شرح م ر . والفرق بين الحربي دائناً ومديناً وبين غيره أن مال الحربي غير محترم بخلاف غيره من مسلم أو ذمي اه . قوله : ( لم يسقط ) والأوجه أن الإمام يطالب به كوادئعه لأنه غنيمة كذا في شرح م ر . وقوله : لأنه غنيمة فيه نظر لعدم انطباق حد الغنيمة عليه وعبارة التحفة والذي يتجه في أعيان ماله أن السيد لا يملكها ولا يطالب بها لأن ملكه لرقبته لا يستلزم ملكه لماله بل القياس أنها ملك لبيت المال كالمال الضائع اه رشيدي . قوله : ( على غير حربي ) أما الحربي فتقدم حكمه في قوله : أو رب الدين . قوله : ( وما أخذ منهم ) أي ولم يكن لمسلم فإن كان له لم يزل ملكه عنه بأخذهم له فعلى من وصل إليه ولو بشراء رده إليه والمراد بقوله : وما أخذ منهم أي أخذه مسلم وأما ما أخذه الذمي فإنه ملك له بجملته لا يدخله تخميس كما في م ر سواء كان معناً أو وجده داخل بلادهم بأمان أو غيره . ع ش وهذا سيأتي في باب الغنيمة فكان الأولى تأخيره هناك وقول الشارح : وما أخذ منهم أولى من التقييد بأخذه من دار الحرب لأن أخذ مالهم في دارنا ولا أمان لهم كذلك اه . قوله : ( أو غيرها ) كاختلاف سم .
قوله : ( والباقي للآخذ ) تنزيلاً لدخوله دارهم وتغريره بنفسه منزلة القتل والمراد بالعقار المملوك إذ الموات لا يملكونه فكيف يتملك عليهم صرح ؟ ، به الجرجاني اه شرح المنهج وقوله : فكيف يتملك عليهم أي عنهم لأن تملكه عنهم فرع ملكهم له والاستفهام إنكاري . قوله : ( وكذا ما وجد كلقطة ) أي من حيث إنه لم يعلم مالكه ففارق ما قبله فإن مالكه معلوم . وقوله : وكذا ما وجد الخ أي فهو غنيمة أي مخمسة إلا السلب خمسها لأهله والباقي للآخذ(5/136)
"""""" صفحة رقم 137 """"""
تنزيلاً لدخوله دارهم وتغريره بنفسه منزلة القتال . قوله : ( فإن أمكن كونه لمسلم ) ويظهر أن إمكان كونه الذمي كذلك اه شوبري . قوله : ( وجب تعريفه سنة ) ونقلاً في صفة التعريف لما أمكن كونه لمسلم عن الشيخ أبي حامد أنه يعرف يوماً أو يومين قالا ويقرب منه قول الإمام : يكفي بلوغ التعريف للأجناد إذا لم يكن هناك مسلم سواهم ولا نظر إلى احتمال مرور التجار وعن المهذب والتهذيب أنه يعرفه سنة قال الزركشي ويشبه حمل الأول على الخسيس والثاني : على غيره وحاوله الأذرعي أيضاً واستدل له ، وبالجملة فالظاهر وهو قضية الكتاب وغيره أنه لا فرق بين هذه وبين لقطة دار الإسلام في مدة التعريف . اه ز ي وانظر مؤنة التعريف على من ؟ ، إذ الملتقط لا يتملك لأنها بعد التعريف غنيمة اه . ثم رأيت التصريح بأنها على بيت المال لأنه بعد التعريف لبيت المال .
قوله : ( ويحكم للصبي ) جملة مستأنفة استئنافاً بيانياً في جواب سؤال مقدر حاصله هل لإسلام الصبي سبب آخر غير إسلام أبيه المتقدم أم لا ؟ فأجاب بأن له ثلاثة أسباب ومثل الصبي الحمل أيضاً . قوله : ( وإن جن ) الغاية للرد اه شيخنا . قوله : ( بأن يعلق بين كافرين ) تصوير لقوله . أن يسلم أحد أبويه أي تحمل به أمه حالة كفرها ، وكفر أبيه وسائر أصوله ثم يسلم أحد من أصوله قبل تمييزه أو بعده الخ م د وهذا التصوير أعم . من كلام المتن لأن كلام المتن ظاهر في المنفصل والتصوير شامل للحمل فهو من تصوير الخاص بالعام . قوله : ( وأتبعناهم ) هو محل الشاهد . قوله : ( بإسلام أبيهم آدم ) كذا في خط المؤلف وعبارة شرح الروض جدهم فكان الأولى للمؤلف التعبير بالجد لكونه حقيقة وما ذكره مجاز اه مرحومي . قلت : إن هذا الشيء عجيب كيف تستقيم هذه الأولوية مع إطباقهم على أن المجاز أبلغ من الحقيقة وهل الشارح متعبد بعبارة شرح الروض حتى يتعين عليه موافقتها كيف وقد ورد في الأحاديث الشريفة إطلاق الأب على آدم كثيراً فلا وجه للأولوية اه .(5/137)
"""""" صفحة رقم 138 """"""
قوله : ( أجيب الخ ) حاصله جوابان الأول بالمنع والثاني بالتسليم . فحاصل الأوّل منع قوله : إن الأجداد تشمل آدم لأن المراد جدّ أو جدّة يعرف النسب إليه لا مطلق جد ولا جدّة وحاصل الثاني سلمنا أن الأجداد تشمل آدم وحواء لكن منع من تبعية الصغير لهما مانع وهو أن أباه وأمه هوّداه أو نصراه . قوله : ( في جد يعرف ) أو جدّة والمراد النسب اللغوي . قوله : ( بحيث يحصل بينهما التوارث ) ليس بقيد بل المدار على الانتساب ولو لغوياً كما في الأم ق ل ويجاب بأن المراد التوارث ولو بالرحم . قوله : ( وبأن التبعية في اليهودية ) جواب آخر قاطع لحكم تبعية آدم في الإسلام فكأنه قال محل التبعية إن لم يوجد هذا المانع وهو تهود آبائهم لهم وتنصرهم لهم وإلا انقطعت وهذا الجواب يقتضي أن الجدّ الذي ينسب إليه لو كان مسلماً وأبوه كافراً أنه لا يتبع الجد لكون الأب هوّده أو نصره مع أنه ليس كذلك . قوله : ( حكم جديد ) أي طارىء بالولادة والإسلام حكم أصلي شرح الروض اه أي فهذا الحكم قد توسط بين الوالد وأولاده فقطع التبعية هذا وجه الجواب به . قوله : ( وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه الخ ) هذا استدلال على كونه حكماً جديداً أي بدليل قوله : ( وإنما أبواه يهودانه ) الخ وعبارة شرح الروض حكم جديد لخبر وإنما أبواه الخ .
قوله : ( والمجنون ) هذا تقدم وإنما أعاده للخلاف فيه فتكون الغاية المتقدمة للرد على هذا الخلاف . قوله : ( وإذا حدث للأب ) أي الكافر . قوله : ( بعد موت الجد مسلماً ) المعتبر أن يكون أسلم فإن ابن الابن يتبعه ولا نظر لكون الجد مات مسلماً أو كافراً وكلام الشارح للغالب . قوله : ( تبعه ) أي الجد . قوله : ( كفراً ) تنازعه قوله : وصف في الموضعين كذا قيل : وفيه نظر لأن وصف الأول ذكر مفعوله وهو قوله : الكفر ولعله وقع في بعض نسخ الشارح إسقاط لفظ الكفر من الأول . قوله : ( وإن كان أحد أبوي الصغير مسلماً وقت علوقه فهو مسلم ) يشير بهذا إلى إن الإسلام الطارىء الذي اقتصر عليه المصنف ليس بقيد . قوله : ( بأن أعرب ) أي أظهر وبين .(5/138)
"""""" صفحة رقم 139 """"""
قوله : ( أو المجنون ) ليس من جملة التفسير لأن الكلام في الصغير فلو قال : ومثله المجنون لكان أولى . قوله : ( عن أبويه ) أي عن أحد أبويه كما يدل عليه قوله الآتي أما إذا سبي مع أحد أبويه فقوله : عن أبويه ليس بقيد بل المراد منفرداً عن أحد أصوله كما يؤخذ من التعليل الآتي . قوله : ( فعدم ) بالبناء للمفعول وكذا قوله : وافتتح . قوله : ( عما كان ) أي عن الوجود الذي كان وقوله وافتتح له وجود وهو وجوده مسلماً رقيقاً .
قوله : ( أما إذا سبي مع أحد أبويه ) هذا محترز قول المصنف : منفرداً . قوله : ( وغنيمة واحدة ) أي وسبياً معاً أو تقدم سبي الأصل سم فإن تقدم سبي الولد فهو على دين السابي المسلم وسبي أصله بعد لا يغيره عما ثبت له من الإسلام اه أ ج . قوله : ( لأن تبعية الأصل ) علة لقوله : لا يتبع السابي فكان الأولى أن يقدّمه عنده . قوله : ( لم يحكم بإسلامه ) أي تبعاً للدار . قوله : ( في الأصح ) راجع للذمي فمحل الخلاف في الذمي إذا كان قاطناً في دار الإسلام . أما المؤمن فلا خلاف أنه على دينه وكذا الذمي إذا لم يكن قاطناً ببلادنا . قوله : ( لأن كونه ) أي الذمي السابي الخ . قوله : ( من لا يعرف حاله ولا نسبه ) كاللقط أي وهذا يعرف حاله ونسبه لأنه معلوم أنه منسوب بالكافر . قوله : ( كما ذكره الماوردي ) ولو سباه مسلم وذمي حكم بإسلامه تغليباً لحكم الإسلام ولأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه . ذكره القاضي اه شرح الروض . قوله : ( في دار الإسلام ) أي بأن يسكنها المسلمون وإن كان فيها أهل ذمة أو فتحها المسلمون وأقروها بيد الكفار أو كانوا يسكنونها ثم جلاهم الكفار عنها شرح الروض . قوله :(5/139)
"""""" صفحة رقم 140 """"""
( وما ألحق بها ) وهي دار الكفار التي بها مسلم كتاجر وهو ما ذكره بقوله : ولو بدار كفر به مسلم . قوله : ( وإن استلحقه ) غاية أي لاحتمال أن يكون من وطء مسلمة بشبهة . قوله : ( بلا بينة بنسبه ) فيلحقه ولا يحكم بكفره . قوله : ( هذا ) أي محل كونه يحكم بإسلامه وهذا لا يحتاج له بعد قول المتن : في دار الإسلام . نعم يؤخذ منه أنه ليس بقيد وعبارة المنهج اللقيط مسلم إن وجد الخ . فسرى للشارح ما ذكر منها .
قوله : ( بدار كفر ) أي بالأصالة وإلا بأن كانت دار إسلام واستولت عليها الكفار الآن . فيحكم بإسلامه حرمة لها ع ش . قوله : ( به مسلم ) أي بالمحل سواء كان ذلك المحل دار الإسلام أو دار الكفر . كما في المحلي على المنهاج . قوله : ( منتشراً ) أي غير محبوس . قوله : ( أو مجتازاً ) لما كان شاملاً لاجتيازه بدار الكفر ودار الإسلام . مع أنه لا يكفي اجتيازه بدار الكفر استدرك عليه بقوله : ولكن لا يكفي الخ والمراد بقول : أو مجتازاً أي بدارنا كما يعلم مما بعده وحينئذ فكان الأولى إسقاطه إذ لا فائدة فيه مع إيهامه خلاف المراد . قوله : ( تغلبياً للإسلام ) علة لقوله : ولو بدار كفر . قوله : ( ولأنه قد حكم الخ ) علة لقوله وإن استحله كافر الخ . قوله : ( ولكن لا يكفي اجتيازه ) أي مرور المسلم بدار كفر أي بالأصالة وإلا بأن كانت دار إسلام واستولت عليها الكفار الآن فيحكم بإسلامه . حرمة لها ع ش . وهذا لا ينافي قوله : فيما سبق آنفاً ولو مجتازاً لأن محله في دار الإسلام . قوله : ( بخلافه بدارنا ) فيه أن اجتيازه بدارنا لا يحتاج إليه لوجود المسلمين فيها ويمكن تصويره بما إذا خربت بلدة من بلاد الإسلام ولم يبقى فيها مسلم أو استولى عليها الكفار ثم إنه مر بها مسلم ووجد فيها بعد ذلك لقيط . قوله : ( ولو نفاه مسلم ) لعل الأولى أن يقول : ولو نفاه المسلم أي المتقدم لأنه الذي يتوهم . قوله : ( المذكورة ) وهي التي ذكرها المصنف في قوله : ويحكم للصبي بإسلامه عند وجود ثلاثة أشياء الخ . قوله : ( على عدم الحكم بإسلام الصغير ) أي إذا أسلم هو بنفسه أي نطق بالشهادتين .(5/140)
"""""" صفحة رقم 141 """"""
قوله : ( وأجاب عنه البيهقي ) أي عن إسلامه قبل بلوغه . قوله : ( إنما نيطت ) أي علقت . قوله : ( فقد تكون ) المناسب فقد كانت عبارة م ر . فقد كانت منوطة الخ وهي أولى . ويجاب بأنه أراد بالمضارع الماضي اه شيخنا . قوله : ( والقياس ) أي قياس صحة إسلام المميز على صحة صلاته مثلاً لا يصح . قوله : ( لا يتنفل ) بالفاء أي لا يقع نفلاً بخلاف الصلاة ونحوها اه . قوله : ( وعلى هذا ) أي على كونه يصح إسلامه قبل البلوغ . قوله : ( لئلا يفتنانه ) صوابه لئلا يفتناه بحذف نون الرفع للنصب . قوله : ( تتمة ) تقدّم ما في هذه التتمة في الاستسقاء وفي فصل الردة . قوله : ( ولم يتلفظوا بالإسلام ) أما من تلفظ به فيدخل الجنة قطعاً وإن لم يصح إسلامه بالنسبة لأحكام الدنيا اه م د . قوله : ( والأصح أنهم يدخلون الجنة ) عبارة الخصائص وشرحها للمناوي وأطفالهم أي المؤمنين كلهم في الجنة . وحكى بعضهم عليه الإجماع ومراده . كما قال النووي : إجماع من يعتد به ، روى أحمد والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة ( أطفال المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة حتى يردّهم إلى آبائهم يوم القيامة ) يعني أرواح أولاد المؤمنين وذراريهم الذين لم يبلغوا الحلم ، يحضنهم ويقوم بمصالحهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام وزوجته سارة ، ونعم الوالدان الكافلان وهنيئاً مريئاً لولد فارق أبويه وأمسى عندهما ، ولا يزالون في كفالته حتى يردهم أي إبراهيم إلى آبائهم أي يوم القيامة ويرد ولد الزنا إلى أمه ولا ينافي ما ذكره هنا من كفالة إبراهيم لهم ما في خبر آخر من كفالة جبريل وميكائيل وغيرهما لأن طائفة منهم في كفالته وطائفة في كفالة غيره فلا تدافع كما بينه القرطبي وغيره وروي ( إن أرواح ذراري المسلمين في أجواف عصافير خضر تعلق في شجر الجنة ) وورد في حديث ( إن في الجنة شجرة من خيار الشجر لها ضروع كضروع البقر وإن من الصبيان الذين يرضعون(5/141)
"""""" صفحة رقم 142 """"""
يرضعون منها ) وروى ابن أبي حاتم ( إن السقط يكون في نهر من أنهار الجنة يتقلب فيه حتى تقوم القيامة ) اه .
3 ( ( فصل : في قسم الغنيمة ) ) 3
ذكرها في كتاب الجهاد لأن كلاً منهما متعلق بالإمام وذكرها شيخ الإسلام مع الفيء عقب الوديعة لأن المال ما خلقه الله إلا لنفع المؤمنين . فلما كان تحت يد الكفار قبل كونه غنيمة أو فيئاً فكأنه وديعة تحت أيديهم وسبيله الرد للمؤمنين . والغنيمة أفضل المكاسب ثم بعدها الزراعة ثم بعدها الصناعة ثم بعدها التجارة وكان يبيع ويشتري لكن الشراء بعد البعثة أغلب وأهدى له ووهب له واستعار واقترض . وكان آدم عليه السلام زراعاً وأوّل صنعة عملت على وجه الأرض الحرث . وأوّل من حرث آدم وكان إدريس خياطاً وكان نوح نجاراً وكان إبراهيم بزازاً أي يبيع أنواع الملبوس وكان موسى أجير شعيب وكان أصحاب رسول الله يتجرون ويعملون في نخلهم ، وغنيمة فعيلة بمعنى مفعولة ولو قال : في الغنيمة وما يتبعها من الرضخ والنفل وبيان التخميس لكان أولى ، وهي من خصائص هذه الأمة لقوله : ( أحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي قبلي ) وفي السيرة الحلبية ( وأحلت لي الغنائم كلها وكانت الأنبياء من قبلي ) أي من أمر بالجهاد منهم ( يحرمونها ) أي لأنهم كانوا يجمعونها ( فتأتي نار فتحرقها ) أي ما عدا الحيوانات من الأمتعة والأطعمة والأموال فإن الحيوانات تكون ملكاً للغانمين دون الأنبياء ولا يجوز للأنبياء أخذ شيء من ذلك وجاء في بعض الروايات ( وأطعمت أمتك الفيء ولم أحله لأمة قبلها ) فالمراد بالفيء ما يعم الغنيمة كما أنه قد يراد بالغنيمة ما يعم الفىء فيهما كالفقير والمسكين إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا .
قوله : ( حصل لنا ) جملة ما ذكره من القيود ستة أوّلها قوله لنا وآخرها قوله : منا . قوله : ( وإيجاف ) الواو بمعنى أو أي إسراع هو عطف خاص على عام وقوله : أو ركاب أي إبل : وقوله : أو نحو ذلك كرجال وسفن . قوله : ( ومن الغنيمة ) اعترض عليه بأن الغنيمة لا بد فيها من قتال ولا قتال هنا . ويجاب بأنه لما خاطر بنفسه ودخل دارهم على هذا الوجه نزل ذلك(5/142)
"""""" صفحة رقم 143 """"""
منزلة القتال وعبارة ابن حجر ولا يرد على التعريف خلافاً لمن زعمه ما هربوا عنه عند الالتقاء وقبل شهر السلاح وما صالحونا به أو أهدوه لنا عند القتال فإن القتال لما قرب وصار كالمتحقق الموجود صار كأنه موجود هنا بطريق القوّة . قوله : ( أو لقطة ) أي إذا ظن أنها لهم فإن أمكن كونها لمسلم وجب تعريفها سنة أو دونها كما تقدم شرح م ر أ ج . قوله : ( والحرب قائمة ) جملة حالية وهي راجعة للأمرين قبلها أعني الاهداء والصلح فخرج به ما لو لم تكن الحرب قائمة ففي الاهداء يكون للمهدى إليه وفي صورة الصلح يكون فيئاً فالمفهوم فيه تفصيل . قوله : ( وخرج بما ذكر ) شروع في محترز القيود على اللف والنشر المرتب . قوله : ( أو نحوه ) كمستأمن وقوله : لم نملكه بل هو لمالكه . قوله : ( كما رجحه بعض المتأخرين ) أي ويستقل الذمي بنصيبه . قوله : ( ومن قتل ) يحتمل أن يكون مستعملاً في حقيقته وهو إزهاق الروح ومجازه وهو إبطال المنعة . من غير القتل والجمع بين الحقيقة والمجاز . جائز عند الشافعي ويحتمل أن يكون المراد به المعنى المجازي وهو إبطال المنعة مجازاً مرسلاً ويكون المعنى الحقيقي أولى من المجازي بالحكم . قوله : ( أي إذا ) أشار به إلى أن من شرطية ولا يتعين ذلك فالأولى عدم ذكر ذلك وعبارة ق ل قوله : أي إذا إن جعل إذا تفسير لمن فغير صحيح لأن من موصولة مبتدأ واقع على القاتل وإذا ظرف أو حرف وإن جعل شرطاً مستقلاً أي غير تفسير لمن لم يصح دخول أي التفسيرية عليه . ويلزم أن يكون قتل شرطه ويكون من حذف الفاعل ويلزم أن يكون أعطى جوابه وتصير من لا خبر لها وخالية عن الصلة ، ويمكن أن يجاب بأن قول الشارح : أي إذا إشارة إلى أن من شرطية لا موصولة وليس من باب التفسير في شيء . قوله : ( قتيلاً ) أي شخصاً يؤول أمره أن يكون قتيلاً فهو من مجاز الأول لأن القتيل لا يقتل وهذا(5/143)
"""""" صفحة رقم 144 """"""
الحدث قاله أبو بكر بحضرة النبي وأقره عليه فصار حديثاً فإن الحديث ما أضيف إلى النبي قولاً أو فعلاً أو عزماً أو هماً أو سكوناً أو تقريراً أو غير ذلك . قوله : ( يستثنى من إطلاقه الذمي ) أي بالنظر لظاهر المتن أما بالنظر لتقييد الشارح بالمسلم فكان يقول : وخرج الخ . وحاصله : أن شروط أخذ السلب ثلاثة أن يكون مسلماً وأن يرتكب غرراً وأن لا يكون المقتول منهياً عن قتله .
قوله : ( المخذّل ) وهو من يحث الناس على عدم القتال والمرجف هو المخوّف لهم وقيل المرجف مكثر الأراجيف وأما المخذل فيصدق بالإرجاف مرة . قوله : ( والخائن ) أي في الغنيمة وقال في شرح الروض : المخذل من يخوّف الناس كأن : يقول عدوّنا كثير وخيولنا ضعيفة ولا طاقة لنا بهم والمرجف من يكثر الأراجيف كأن يقول قتلت سرية كذا ولحقهم مدد للعدو من جهة كذا والخائن من يتجسس بهم ويطلعهم على العورات بالمكاتبة والمراسلة . قوله : ( ونحوهم ) كالمرتد . قوله : ( لأنه متعين له ) بالنص كالإرث فلا يصح الإعراض عنه . قوله : ( بركوب غرر ) المراد أن يرتكب المخاطرة بنفسه وخرج به قوله : فلو رمى من حصن . قوله : ( أن يزيل امتناعه ) أي قوته بأن يزيل قوته فهذا يشبه القتل أو لازم له . قوله : ( كأن يفقأ ) المراد بفقئهما إزالة ضوئهما وكان الأولى أن يقول : كأن يعميه ليشمل ما إذا كان بعين . قوله : ( يداً ورجلاً ) فلو قطع يداً والآخر رجلاً بعده ، فهل يكون السلب لهما أو للثاني فقط فيه نظر قال شيخنا : إنه يكون للثاني لأنه هو الذي أزال منعته بخلاف ما لو قطعا معاً فإنهما يشتركان وكذا لو أسره اه برماوي . قوله : ( فلو رمى الخ ) هذا محترز قوله : بركوب غرر لأن المراد به المخاطرة بنفسه وارتكاب المشقة .
قوله : ( من حصن ) أي وهو في حصن أي فلو رمى الكافر والحال أن الرامي في حصن أو في صف المسلمين فلا سلب له لأنه لم يرتكب الغرر بهجومه على الكافر وإزالة منعته .(5/144)
"""""" صفحة رقم 145 """"""
قوله : ( التي عليه ) ليس بقيد لأن مثلها الثياب التي خلعها وقاتل عرياناً في بحر أو نحوه . قوله : ( وكذا سوار ) بأن كان القاتل امرأة كما قاله الميداني : ولا حاجة إليه لأن الكلام في الحربي والصواب أن يصوّر بما إذا كان المقتول امرأة من الحربيين بأن كانت تقاتل . قوله : ( جنبية ) قال في المصباح : الجنبية فرس تقاد ولا تركب فعيلة بمعنى مفعولة يقال : جنبته أجنبه من باب قتل إذا قدته إلى جنبك . قوله : ( لا حقيبة ) ولا ولد مركوبه التابع له سم . وعبارة المصباح الحقيبة العجيزة وهي مؤخر الرجل ثم سمي ما يحمل في الخرج مثلا خلف الراكب حقيبة مجازاً لأنه محمول على العجز ثم اشتهر وصار حقيقة لغوية فيه . قوله : ( قوله وهي وعاء ) إلى قوله على حقو البعير جملة معترضة بين الصفة وهو قوله : مشدودة والموصوف وهو حقيبة لبيان أصل معناها في اللغة اه . قوله : ( حقو البعير ) أي عجزه . قوله : ( مشدودة على الفرس ) فاستعمالها فيها مجاز لما عرفت من أن أصلها المشدودة على حقو البعير أي عجزه فإن كان في الحقيبة سلاح يحتاج إليه للقتال استحقه القاتل بخلاف ما لا يحتاج إليه . قوله : ( ولا يخمس السلب ) هذا علم مما مر ولكن ذكره ليحكي الخلاف فيه شيخنا . قوله : ( على المشهور ) ومقابله أنه يخمس فأربعة أخماسه للقاتل وخمسه لأهل الفيء . قوله : ( خمسة أخماس ) المناسب أن يقول خمسة أقسام لأجل قوله : وتقسم إلا أن المآل واحد وجعل م ر قوله خمسة أخماس مفعولاً لمحذوف أي وتجعل خمسة أخماس وعبارته فتجعل خمسة أقسام متساوية ويكتب على كل رقعة لله أو للمصالح وعلى أربعة للغانمين وتدرج في بنادق ويخرج فما خرج لله جعل خمسة للخمسة السابقين في الفيء . قوله : ( فيعطي أربعة أخماسها ) وهذا ما استقرّ عليه الإسلام وكانت في صدر الإسلام أربعة أخماسها للنبي خاصة لأنه كالمقاتلين كلهم نصرة وكان يأخذ مع ذلك خمس الخمس فجملة ما كان يأخذه أحد وعشرون لكن هذا على سبيل الجواز ولكن لم يقع منه بل كان يقسم الأربعة أخماس على الغانمين تأليفاً لهم وأما خمس الخمس فكان يصرف منه على نفسه وما فضل يصرفه في مصالح المسلمين والأفضل قسمتها بدار الحرب بل(5/145)
"""""" صفحة رقم 146 """"""
تجب إن طلبوها ولو بلسان الحال ولا يجوز شرط من غنم شيئاً فهو له خلافاً للأئمة الثلاثة وما نقل أنه فعله لم يثبت وبفرض ثبوته فالغنيمة كانت له يتصرف فيها بما يراه اه ق ل . قوله : ( لمن شهد الوقعة ) أي ولو في الأثناء اه مرحومي .
قوله : ( لإطلاق الآية ) تعليل لقوله من عقار ومنقول أي لإطلاق الآية فيما غنم فيشمل العقار والمنقول وعلى هذا يكون قوله : لإطلاق الآية علة للتعميم في العقار والمنقول مع المتن وقوله وعملاً بفعله أي من إعطاء الأربعة أخماس لمن شهد الوقعة ولو قال للآية لتكون الآية أيضاً علة للمتن لأنه لم يخرج منها إلا الخمس فكان الباقي للغانمين من حيث إسناد الغنيمة لهم لكان أظهر اه شيخنا . قوله : ( سواد المسلمين ) أي جيش المسلمين . قوله : ( ويستثنى من ذلك ) أي من عدم الاستحقاق المذكور . قوله : ( كميناً ) والكمين الناس الذين ينزلون محلاً منخفضاً يتوارون فيه بحيث لا يشعر بهم العدوّ ثم ينهضون على العدوّ في غفلة . قوله : ( وبالعكس ) أي وتشارك الجيش فيما غنمه . قوله : ( لاستظهار ) أي تقوّ وهذا ظاهر في صورة تقاربهما اه شيخنا . قوله : ( ولو بعث سريتين ) الفرق بين هذا وبين ما قبله أن السرية هناك تشارك الجيش وهنا تشارك الأخرى والسرية غايتها خمسمائة وما زاد على ذلك إلى ثمانمائة . يقال له منسر بكسر السين وفتح الميم وما زاد على ذلك إلى أربعة الآف يقال له جحفل ، وما زاد على ذلك يقال له خميس وسمي خميساً لأن له أماماً وخلفاً ويميناً ويساراً وقلباً وأما البعث فهو فرقة من السرية وأما الكتيبة فهو المجتمع الذي لم ينتشر .(5/146)
"""""" صفحة رقم 147 """"""
قوله : ( فحقه ) أي حق تملكه لوارثه لأنه مات قبل التملك وقبل القسمة ولا ملك إلا بأحد هذين فكما أن المورث له ذلك . كذلك يخلفه وارثه في ذلك اه شيخنا . قوله : ( ونص ) بالبناء للمجهول وقوله حينئذ أي في أثناء القتال وقوله : أنه يستحق سهميها وهو كذلك كما قاله : والأصح تقرير النصين الخ م د . قوله : ( تقرير النصين ) أي إبقاؤهما على حالهما والأخذ بهما يعني أن في كل منهما قولاً منصوصاً وقولاً مخرجاً من إحداهما للأخرى ولم يتعرض للمخرج فيما لعلمه من المنصوص فيهما . قوله : ( لأن الفارس ) الأولى لأن الرجل . قوله : ( جاز أن يبقى ) هذا لا ينتج الاستحقاق . قوله : ( والأظهر أن الأجير الخ ) حاصله أن الأجير لا يسهم له بشرط أن يقاتل إلا بثلاثة شروط أن ترد الإجارة على عينه وإلا أعطى مطلقاً أي وإن لم يقاتل حيث حضر بنية القتال وأن تكون مدة معينة وإلا أعطى مطلقاً أيضاً وأن تكون لا للجهاد وإلا لم يعط شيئاً أي لا أجرة ولا سهماً ولا رضخاً ولا سلباً اه ق ل . قوله : ( كالخياط ) أي الذي يخيط لهم وقوله : والبقال صوابه والنعال أي الذي يعمل لهم النعال ليناسب قوله : المحترف والبقال هو الذي يبيع البقول وهي خضراوات الأرض . قوله : ( يسهم لهم ) أي مع الأجرة إن فعلوا العمل المستأجر له وإلا فالسهم فقط . قوله : ( فيعطى ) أي إن حضر بنية القتال فيما يظهر . قوله : ( ويدفع ) لا يخفى أن للفارس ثلاثة أسهم مبتدأ وخبر في كلام المصنف والجملة بدل مما قبلها وجعل الشارح الظرف متعلقاً بمحذوف وثلاثة نائب فاعل به وهو يقتضي كون الجملة مستأنفة غير متعلقة بما قبلها وليس مستقيماً ومثله يقال في قوله الآتي ويدفع للراجل سهم الخ . قوله : ( للفارس ) أي من كان معه فرس صالح للقتال وإن غصبه إذا لم يحضر مالكه وإلا فلمالكه أوضاع وقاتل عليه غيره أو مات أو خرج عن ملكه في الأثناء اه سم ولو حضر اثنان بفرس مشترك بينهما فهل يعطى كل منهما سهم فرس أو لا يعطيان لها شيئاً أو يعطيانه ثلاثة أوجه قال النووي : لعل الثالث أصحهما وصححه السبكي فلو ركباه ففيه(5/147)
"""""" صفحة رقم 148 """"""
وجه رابع قال النووي : إنه حسن اختاره ابن كج وهو إن كان يصلح للكرّ والفرّ مع ركوبهما فلها أربعة أسهم وإلا فسهمان اه م ر كبير على الزبد .
قوله : ( إذا كان يمكنه ركوبه ) بخلاف الأعجف والهرم ومالاً نفع فيه لعدم فائدته م د . قوله : ( والهجين ) وهذه صفات للخيل وقد تحرى في الآدمي أيضاً وعليه قول ابن الوردي :
مات أهل الفضل لم يبق سوى
مقرف أو من على الأصل اتكل
قوله : ( ولا يعطى لفرس أعجف ) حاصله أن الشروط ثلاثة يجمعها قول المنهج : ولا يسهم إلا لفرس . واحد فيه نفع . قوله : ( رأى منه خصوصية ) أي والاجتهاد في الحروب سائغ وتكون الزيادة على السهم نفلاً ، وعبارة السيرة الحلبية ورجع رسول الله وهو على ناقته العضباء مردفاً سلمة بن الأكوع وأعطى سلمة بن الأكوع سهم الراجل والفارس جميعاً أي مع كونه كان راجلاً وهذا استدل به من يقول : إن للإمام أن يفاضل في الغنيمة وهو مذهب أبي حنيفة وأحد الروايتين عن أحمد ، وعند مالك وإمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنهما لا يجوز ولعله لعدم صحة ذلك عندهما اه بحروفه . قوله : ( كالكافر ) سواء كان ذمياً أو معاهداً أو مؤمناً وإذا كمل من ذكره أعطى سهماً كاملاً وقوله : كالكافر أي ككفر الكافر لأن الكلام في الشروط . قوله : ( بالضاد والخاء المعجمتين ) أي وبإهمال الثانية في لغة .(5/148)
"""""" صفحة رقم 149 """"""
قوله : ( ولو كان الرضخ لفارس ) وهل يستحق فرسه سهمين كفرس غيره أو يرضخ لها دون سهمي فرس غيره وهو الأقرب . قوله : ( فينقص به ) أي بالتبع والباء للسببية أي بسبب كونه تابعاً لأن التابع لا يساوي المتبوع . قوله : ( حضر بلا أجرة ) جملة الشروط التي ذكرها ثلاثة إن يحضر بلا أجرة وأن يأذن له الإمام وإن لا يكون مكرهاً .
قوله : ( فله الأجرة ) ظاهره ولو زادت على سهم الراجل ق ل . قوله : ( بل يعزره الإمام ) لأنه متهم بموالاة أهل دينه شرح المنهج . قوله : ( استحق أجرة مثله ) ولو بلغت سهم الراجل على الأصح في باب السير والظاهر أنها لو بلغت سهم الفارس جاز ذلك أيضاً بحسب الحاجة قاله البرلسي : اه برماوي . قوله : ( بعد ذلك ) أي بعد قسمة الأخماس الأربعة ندباً ويجوز تقديم قسمته على قسمتها ولا بد من إفرازه عنها قبل قسمتها وتجب إن احتيج إليها ق ل . قوله : ( على خمسة ) لعل على زائدة أو المعنى ويقسم الخمس تقسيماً مشتملاً على خمسة أسهم وقال بعضهم قوله : على خمسة الأولى حذف على لأنها تقتضي مقسوماً ومقسوماً عليه كقسمت الرغيف على رجلين وهنا ليس كذلك لأن الأقسام هي نفس الخمس أو يقال : إنها متعلقة بمحذوف يناسبها أي تقسيماً مشتملاً على خمسة أو أنها زائدة . قوله : ( فالقسمة من خمسة وعشرين ) أي بمقتضى قواعد الحساب لأنها مخرج خمس الخمس الحاصل من ضرب خمسة في خمسة . وإلا فليس ذلك يواجب ولا مندوب فيجوز جعل الأربعة التي للغانمين من غير تخميس . قوله : ) واعلموا أنما غنمتم من شيء } ) الأنفال : 41 ) إسناد الغنيمة لهم يدل على أنها ملكهم فلما أخرج منها الخمس بقيت الأربعة الأخماس على ملكهم .(5/149)
"""""" صفحة رقم 150 """"""
قوله : ( سهم لرسول الله ) وكذا يجوز له أخذ الأربعة الأخماس المتقدمة لكن لم يقع منه بل كان يصرفها على الغانمين بحسب ما أراد . قوله : ( والقناطر ) أي الجسور وقوله : والحصون كالقلاع . قوله : ( وأرزاق القضاة ) وكذا زوجاتهم وأولادهم . قوله : ( والعلماء ) أي والمتعلمين . قوله : ( ومعلمي القرآن ) أي ومتعلميه كما يدل عليه قوله الآتي : وعن التعليم والتعلم ولا فرق بين الأغنياء والفقراء ، وأوّل من وضع الديوان الذي يكتب فيه أسماء المستحقين عمر بن الخطاب وكتب للعالم ألف درهم ، وللطالب خمسمائة درهم . ولقارىء القرآن مائة . وذلك في كل سنة ولو أغنياء . قوله : ( لأن بالثغور ) أي بسدّها . قوله : ( فيرزقون ) أي فيعطون ما يكفيهم . قوله : ( يقدم الأهم ) أي من المصالح وقوله : وأهمها أي المصالح وهذا مقابل لمحذوف أي ويعم الإمام بهذا السهم كل الأفراد إن وفي فإن لم يوف الأهم فالأهم أي من سهم المصالح . قوله : ( فيه أربعة مذاهب ) أي أقوال : أي في جواب هذا الاستفهام .
قوله : ( وهذا غلول ) باللام أي خيانة لأن الظفر بالحق إنما يكون في الأمور الخاصة دون العامة وعلى هذه النسخة يكون اسم الإشارة راجعاً لجواز الأخذ ولو قلنا به ويكون غرضه بذلك تقوية القول ، بعدم الأخذ وفي نسخة غلوّ بالواو من غيرهم لام بعدها أي تعمق وتشديد(5/150)
"""""" صفحة رقم 151 """"""
في الدين حيث منعتموه من أخذ حقه وقد نهينا عنهما أي عن الخيانة والتعمق ويكون اسم الإشارة راجعاً لقوله : لا يجوز ويكون غرضه تضعيف هذا القول : وكيف هذا مع ثبوت حقه فيه اه شيخنا . قوله : ( وهو حصته ) أي ما يخصه لو كان يعطيه الإمام وهو ما يحتاجه أي كفايته لأن حصته غير معلومة . قوله : ( لأن المال ليس مشتركاً ) يتأمل هذا التعليل فإنه لا يناسب إلا الرد على الأوّل وقال بعضهم قوله : لأن المال الخ ردّ لعلة القول الأوّل أي لأن الثابت في مال بيت المال اختصاص لا اشتراك بالملك . حتى يمتنع أخذ شيء منه . والحاصل أنهم لا يملكون أموال بيت المال ما دامت في بيت المال فليست كالأموال المملوكة على وجه الاشتراك وقال شيخنا العشماوي : ليس مشتركاً الخ . أي ليس الاشتراك فيه كالاشتراكين المذكورين لأن ذلك ملك لهم الخ بخلاف مال بيت المال فإنه ليس مملوكاً للمسلمين بل الثابت لهم اختصاصهم به لا الملك بدليل التعليل المذكور . قوله : ( لأن ذلك ) أي ما ذكر من الغنيمة والميراث أي لكونهما من قبيل المشترك وقوله : حتى لو ماتوا تفريع على كونه ملكاً والضمير في ماتوا للغانمين والورثة وقوله : وهذا أي مستحق مال بيت المال لو مات لم يستحق ورثته شيئاً أي لكونه غير مشترك مثل اشتراك الغنيمة فهو غير مملوك لهم وإنما لهم فيه نوع اختصاص واستحقاق . قوله : ( وسهم لذوي القربى ) أي بشرط الإسلام ويعم الإمام جميع أفرادهم إن وفي المال وإلا قدم الأحوج وكذا يقال في بقية الأقسام . قوله : ( بنو هاشم ) بدل من الآل أي ذكورهم وإناثهم ففي كلامهم تغليب الذكور على الإناث والأشراف الآن من بني هاشم لأن جدهم سيدنا علي هاشمي . قوله : ( لاقتصاره ) وقال : ( نحن وبنو المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه ) .(5/151)
"""""" صفحة رقم 152 """"""
قوله : ( كالإرث ) أي في التفضيل لا في غيره كحجب مثلاً لأنه هنا يعطى الجد مع الأب وابن الابن مع الابن والأخ للأب مع الشقيق والأخ للأم مع الجد اه . قوله : ( ويندرج ) أي بعد أن يزاد لا أب له معروف شرعاً بأن لم يكن أب أصلاً أو كان له أب في نفس الأمر لكن لا ينسب إليه شرعاً كالزاني أو ليس معروفاً كاللقيط . قوله : ( ولا يسمون أيتاماً ) كان الأولى حذفه لأنه مناقض لأوّل الكلام ولأن ما بعده من التعليل لا يناسبه وقوله : فلا يوصف باليتم كان الأولى حذفه لأنه مناقض أيضاً لأوّل الكلام فكان الأولى الاقتصار على صدر العبارة قال : ق ل قال شيخنا : ولا يرجع على نحو اللقيط بما أخذه إذا عرف أبوه وفي شرح شيخنا م ر الرجوع إن ظهر له أب اه . وقوله : في شرح الخ هو المعتمد وعبارة البرماوي فلو ظهر للقيط أو المنفي أب استرجع المدفوع لهما فيما يظهر وهو المعتمد . قوله : ( وفي الطير من فقد أباه وأمه ) قيد بذلك لأن من فقدهما من الآدميين فهو لطيم قال في المصباح : فإن مات الأبوان فالصغير لطيم . قوله : ( به ) أي بالشرط .
قوله : ( ولأن اغتناءه الخ ) فيه أن هذا إذا اغتنى بمال أبيه بأن كان حياً لا يقال له يتيم والكلام في اليتيم إلا أن يقال الضمير في اغتنائه للصغير المفهوم من اليتيم . أي لأن اغتناء الصغير بمال أبيه إذا منع استحقاقه من الفيء فاغتناؤه الخ وقال بعضهم : ولأن اغتناءه أي لو(5/152)
"""""" صفحة رقم 153 """"""
كان له أب إذ الفرض أنه الآن يتيم . قوله : ( وسهم لابن السبيل ) أي المسلم الفقير والمراد به الجنس فهو مفرد مضاف فيعم وإنما أفرد لأن السفر شأنه الوحدة ويجب أن يعم بالإعطاء آحاد كل صنف من هذه الأصناف الأربعة ولا يخص بالحاصل في كل ناحية من فيها منهم لكن يجوز التفاوت بين آحاد غير ذوي القربى بقدر الحاجة ولو قلّ الحاصل بحيث لو وزع لم يسدّ مسداً قدم الأحوج فالأحوج ولا يستوعب للضرورة اه سم . مع زيادة . قوله : ( من محل الزكاة ) الأولى أن يقول : من محل قسم الغنيمة لأن الكلام فيها . قوله : ( الحاجة ) وحينئذ فالشروط ثلاثة : الفقر والإسلام وإباحة السفر . قوله : ( غير الصدقة ) الأولى غير الغنيمة . قوله : ( وإذا وجد في واحد منهم ) أي من الأصناف . قوله : ( وصف لازم ) أي ليس قريب الزوال وإلا فهو يزول بالبلوغ اه شيخنا . قوله : ( زائلة ) أي قريبة الزوال . قوله : ( واعترض ) أي كلام الماوردي بأن اليتيم لا بد فيه من فقر أو مسكنة أي فلا يقال : اجتمع في واحد يتم ومسكنة لأن المسكنة شرط في اليتيم أي فهما مجتمعان دائماً ويجاب بأن مراده أنه لا ينظر إلى المسكنة إلا إذا كانت منفردة عن اليتم فإذا اجتمعا لم ينظر في أصل الإعطاء إلا إلى اليتم . وهذا كاف في الجواب والمعترض هو الأذرعي : وعبارة م ر قال الأذرعي وهو ساقط لأن اليتم الخ . ويجاب عن الاعتراض بأن المراد أنه يعطى من سهم اليتامى لا من سهم المساكين . قوله : ( لكن ذكر الرافعي ) معتمد . قوله : ( أنه يأخذ بهما ) فيعطى بالغزو من الأخماس الأربعة وبالقرابة من خمس الخمس . قوله : ( والفرق بين الغزو والمسكنة ) حيث لا يأخذ بها وإذا اجتمع الغزو مع القرابة(5/153)
"""""" صفحة رقم 154 """"""
أخذ بهما وإن اجتمع المسكنة مع القرابة يأخذ بذي القربى ففرق بينهما الشارح لكن كان أولى أن يقدم عدم الأخذ بالمسكنة إذا اجتمعت مع ذوي القربى ثم يفرق الخ إلا إنه يعلم ذلك من الفرق . فالحاصل أنه إذا اجتمع صفتان فإن كانت إحداهما الغزو والأخرى ذوي القربى أخذ بهما وأما إذا لم تكن إحدى الصفتين هي الغزو فإنه يأخذ باللازم ومعنى كون اليتم لازماً مع أنه يزول بالبلوغ أن زواله غير ممكن قبل البلوغ بخلاف المسكنة فإنها كل لحظة متعرضة للزوال بأن يستغني . قوله : ( مدعي المسكنة والفقر ) صوابه كما في الروض والسفر ليدخل ابن السبيل كذا قيل . وأنت خبير بأن عدم شموله لما ذكر لا يقتضي أن ما عبر به خطأ فكان المناسب في التعبير أن يقال : لو عبر بالسفر لكان أولى ليشمل الخ تأمل . قوله : ( بلا بينة ) عبارة سم بلا يمين وإن اتهم نعم إن ادعى تلف مال أو عيال فالقياس تكليف البينة .
3 ( ( فصل : في قسم الفيء ) ) 3
ذكره بعد الغنيمة لمناسبته لها لأن كلاً يتعلق بالإمام ولاشتراكهما في مصرف خمس الخمس والفيء مصدر فاء إذ رجع فالمراد المال الراجع أو المال المردود من إطلاق المصدر ، على اسم الفاعل أو المفعول والمشهور تغاير الفيء والغنيمة كما يؤخذ من تعريفهما وقيل الفيء يشمل الغنيمة دون العكس . فتكون أخص فكل فيء غنيمة ولا عكس . قوله : ( من كفار ) أطلق هنا فشمل الحربيين والمرتدين وأهل الذمة . قوله : ( بلا قتال ) أي لا حقيقة ولا حكماً فلا يرد ما أخذه سرقة أو اختلاساً أو لقطة من دار الحربيين ويزاد قيد آخر أي بغير صورة عقد ليخرج الهدية في غير حالة القتال فإنها ملك للمهدى إليه لا غنيمة ولا فيء . قوله : ( ورجالة ) جمع راجل أي ماش ويجمع أيضاً على رجل كصحب وصاحب ويجمع على رجال وأما رجل مقابل امرأة فيجمع على رجال فرجال جمع مشترك بين راجل بمعنى ماش ورجل مقابل امرأة . قوله : ( وعشر تجارة ) المراد به ما شرط عليهم وإن كان أكثر من العشر . قوله : ( شرطت عليهم )(5/154)
"""""" صفحة رقم 155 """"""
الضمير في شرطت راجع للعشر لأنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه وفي نسخة شرط وهي ظاهرة .
قوله : ( على اسم الجزية ) أي بأن صولحوا على أن الأرض لهم حتى يكون الخراج على اسم الجزية وأما إن صولحوا على أن الأرض لنا فيكون الخراج لا يكفي عن الجزية لأننا نستحقه بدون عقد الجزية وعبارة م ر في شرحه وخراج ضرب على حكمها أي الجزية كذا قيده بعد الشارحين والوجه عدم الفرق بينه وبين غيره مما هو في حكم الأجرة حتى لا يسقط بإسلامهم ويؤخذ من مال من لا جزية عليه . لأنه وإن كان أجرة فحدّ الفيء صادق عليه أي قبل إسلامهم كما علم من قول المصنف من كفار أما ما يؤخذ منهم بعد الإسلام فليس فيئاً كما هو ظاهر اه . مع زيادة فكان الأولى حذف قوله : على اسم الجزية . قوله : ( ولو لغير خوف ) أي سواء كان لخوف أو لا أما عدم الخوف فظاهر وكذا الخوف إن كان من غيرنا أو منا في غير حالة القتال وإلا كان غنيمة . قوله : ( ومن قتل الخ ) على حذف مضاف أي وتركة من قتل الخ وكذا فيما بعده وعبارة المنهج وشرحه الفيء مال حصل لنا من كفار كجزية وعشر تجارة وما جلوا عنه وتركة مرتد وكافر معصوم لا وارث له وكذا الفاضل ، عن وارث له غير حائز اه . ولعل عبارة المؤلف فيها سقط وأصلها وتركة من قتل الخ كما علمت . قوله : ( لقوله تعالى الخ ) فيه أن الآية تدل على أن الفيء يخمس ويصرف بتمامه لمن يصرف إليه خمس الغنيمة . وهو غير مراد المتن بقوله : ويقسم مال الفيء على خمس الخ . فإن المراد هنا ما مر في الغنيمة . ويجاب بأن الاستدلال بالآية بعد حمل المطلق وهو آية الفيء على المقيد ، وهو آية الغنيمة فيكون المعنى فخمسه لله وللرسول . فصح الاستدلال كما قرره شيخنا . قوله : ( خلافاً للأئمة ) حاصل مذهبهم أنه يوضع جميعه في بيت المال ويفرق على الخمسة المذكورين وعلى غيرهم من المصالح ولا يعطى للمرتزقة منه شيئاً وهذا هو المراد بقوله : بل يوضع جميعه لمصالح المسلمين بخلاف الغنيمة فإن أربعة أخماسها للغانمين وخمسها للخمسة المذكورين كمذهبنا . قوله : ( بل جميعه لمصالح المسلمين ) أي ولآله ويبدأ بهم ندباً عندهم لأن خمس الغنيمة وجميع الفيء عندهم يوضعان في بيت المال ، ويصرف في مصالح المسلمين ممن ذكر في الآية(5/155)
"""""" صفحة رقم 156 """"""
وما لم يذكر من تزويج الأعزب ورزق العلماء والمحتاجين ومقتضى كلام الشيخ عبد الباقي على متن الشيخ خليل أنه لا يعطى من آله إلا المحتاج فإنه سوّى بينه وبين غيره في الاحتياج وأن المحتاج يعطى كفاية سنة اه . قوله : ( ودليلنا ) وفي نسخة لنا أي يدل لنا . قوله : ( فأطلق ههنا ) أي في الفيء أي لم يقيد القسمة على الخمسة أصناف بالخمس حيث قال : ) ما أفاء الله على رسوله } ) الحشر : 7 ) الخ فاقتضى أن جميع الفيء يقسم على الخمسة أصناف وقيد في الغنيمة القسمة على تلك الأصناف بالخمس حيث قال : ) فإن الله خمسة } ^ الخ . فحملنا المطلق وهو آيه الفيء على المقيد وهو آية الغنيمة .
قوله : ( وكان يقسم له أربعة أخماسه ) أي يجوز له ذلك لكنه لم يأخذ لنفسه وإنما كان يصرف خمس الخمس فقط في مصالحه أي مصالح نفسه ويصرف الأربعة أخماس في مصالح المسلمين قيل : وجوباً وقيل ندباً وقال الغزالي : بل كان الفيء كله له في حياته وإنما خمس بعد موته بعد نسخ فعله بآية الفيء في آخر حياته والتخميس إنما وقع بعد موته . فقال الماوردي وغيره : كان له في أول حياته ثم نسخ في آخرها . قوله : ( كما مر ) أي كما مر نظيره في الغنيمة وهو راجع لقوله : ولكن من الأربعة اه شيخنا . قوله : ( أربعة أخماسها ) أي الخمسة وفي نسخة أخماسه أي الفيء . قوله : ( وفي مصالح المسلمين ) كذا في النسخ والتي شرح عليها الغزي وفي مصالح المسلمين بالواو وقال : وأشار به المصنف إلى أنه يجوز للإمام أن يصرف(5/156)
"""""" صفحة رقم 157 """"""
الفاضل عن حاجات المرتزقة في مصالح المسلمين . من إصلاح الحصون والثغور ومن شراء سلاح وخيل على الصحيح . اه فكان الأولى أن يأتي الشارح بقوله في مصالح المسلمين بعد التتمة ويأتي معها بالواو ثم رأيت في بعض النسخ وفي مصالح بالواو وعلى كل حال لم يبين الشارح المراد منها تأمل . قوله : ( وتعطى زوجته وأولاده ) أي بشرط إسلامهم فلا تعطى الزوجة الكافرة ومثلها الباقون فلو أسلمت بعد موته فالظاهر إعطاؤها لانتفاء علة منعه وهو الكفر اه م ر .
قوله : ( في حياته ) متعلق بتلزمه . قوله : ( حتى تنكح ) فإن لم تنكح فإلى الموت وإن رغب بها الشارح م ر . قوله : ( حتى يستقلوا ) أو يستغنوا قبل بلوغهم . قوله : ( من هذه المسألة ) أي مسألة جواز أخذ أولاد المرتزق وزوجاته من مال المصالح .
قوله : ( أو المعيد ) أي معيد الدرس للطلبة بعد قراءة الشيخ . قوله : ( مما ) أي وقف كان يأخذه أي من الموقوف عليه بأن كان موقوفاً على جهة عامة كالعلماء . قوله : ( وفرق بعضهم بينهما ) أي بين أخذ أولاد المرتزق من مال المصالح . وعدم جواز أخذ أولاد العالم من وقف كان يأخذ منه أبوهم . قوله : ( من مال المصالح ) أي من الفيء وقوله : وهذا أي الفرق هو الظاهر معتمد وفرق بعضهم بين أولاد العالم والمجاهد بأن العلم مرغوب فيه فلا يحتاج إلى تأليف عليه والجهاد مرغوب عنه فيحتاج إلى تأليف بأن يعطى أولاد المجاهد من الفيء .(5/157)
"""""" صفحة رقم 158 """"""
3 ( ( فصل : في الجزية ) ) 3
ذكرها عقب الجهاد لأن الله تعالى أوقف قتالهم بإعطائها في قوله : ) حتى يعطوا الجزية } ^ وليست في مقابلة تقريرهم على الكفر جزماً بل فيها نوع إذلال لهم واختلفت الأصحاب . فيما يقابلها فقيل هو سكنى الدار وقيل : ترك قتالهم في دارنا . وقال الإمام الوجه أن يجمع مقاصد الكفار من تقرير وحقن دم ومال ونساء وذرية وذبّ عنه وتجعل الجزية في مقابلته وهي مغياة بنزول عيسى عليه السلام لما في الحديث الصحيح ( إنه ينزل حاكماً مقسطاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ولا يقبل الجزية ) قال في الفتح : والمعنى أن الدين يصير واحداً فلم يبق أحد من أهل الذمة يؤدي الجزية وقيل : معناه أن المال يكثر حتى لا يبقى من يمكن صرف مال الجزية له فتترك الجزية استغناء عنها قال ابن بطال : وإنما شرعت قبل نزول عيسى للحاجة إلى المال بخلاف زمن عيسى فإنه لا يحتاج فيه إلى مال فإن المال في زمنه يكثر حتى لا يقابله أحد . وسبب كثرته نزول البركات وتوالي الخيرات بسبب العدل وعدم الظلم وحينئذ تخرج الأرض كنوزها وتقلّ الرغبات في اقتناء المال لعلمهم بقرب الساعة ، قال العلماء : الحكمة في نزول عيسى دون غيره من الأنبياء للرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه فبين الله كذبهم وأنه الذي يقتلهم ، أو نزوله لدنوّ أجله ليدفن في الأرض إذ ليس لمخلوق من التراب أن يموت في غيرها ، وقيل إنه دعا الله لما رأى صفة محمد وأمته أن يجعله منهم فاستجاب الله دعاءه وأبقاه حتى ينزل في آخر الزمان يجدد أمر الإسلام . فيوافق خروج الدجال فيقتله والأوّل أوجه ، وفي عيسى عليه السلام ألغز ابن السبكي في قوله :
من باتفاق جميع الخلق أفضل من
شيخ الأنام أبي بكر ومن عمر
ومن عليّ ومن عثمان وهو فتى
من أمة المصطفى المختار من مضر وقال حج : وتنقطع مشروعيتها بنزول عيسى عليه السلام لأنه لا يبقى لهم حينئذ شبهة بوجه فلم يقبل منهم إلا الإسلام وهذا من شرعنا أي كونها مغياة بنزول عيسى لأنه ينزل حاكماً به أي بشرعنا متلقياً له من القرآن والسنة والإجماع أو عن اجتهاد مستمد من هذه الثلاثة والظاهر أن المذاهب في زمنه لا يعمل منها إلا بما يوافق ما يراه لأنه لا يخطىء اه حج مرحومي . قوله : ( تطلق على العقد ) أي شرعاً وقوله : وعلى المال الملتزم به أي لغة وشرعاً . قوله : ( لكفنا عنهم ) أي والتزامهم أحكامنا لأن المجازاة مفاعلة من الجانبين أي جانبنا وجانبهم . قوله : ( بمعنى القضاء ) أي الأداء لأنهم يؤدونها أو القضاء بمعنى الحكم لأن الله قضى عليهم بها أو(5/158)
"""""" صفحة رقم 159 """"""
القضاء بمعنى الإغناء لأن فيها إغناءنا عن المحاربة . قوله : ( من مجوس هجر ) أي هجر البحرين ، والبحرين اسم لإقليم . قوله : ( سنوا بهم ) أي اسلكوا بهم سنة أهل الكتاب أي طريقتهم وهو بضم السين ، وأخرجه الطبراني بلفظ ( سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب ) بقوله : سنة أهل الكتاب على أنهم ليسوا أهل الكتاب لكن روى الشافعي وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد حسن عن علي ( كان المجوس أهل كتاب يقرأونه وعلم يدرسونه فشرب أميرهم الخمر فوقع على أخته ، وفي رواية : على بنته فلما أصبح دعا أهل الطمع من الرهبان فأعطاهم مالاً وقال : إن آدم كان ينكح أولاده بناته أي غير التوأمين فالذكر من بطن يتزوّج بالأنثى من بطن أخرى فأطاعوه وقتل من خالف ، وفي رواية : فوضع الأخدود لمن خالفه فرماه فيه فأسرى على كتابهم فرفع لما بدلوه وعلى ما في قلوبهم منه فلم يبقى عندهم منه شيء ) فهذه حجة من قال : كان لهم كتاب . وقوله : سنوا بهم الخ أي في أخذ الجزية فقط دون مناكحتهم وأكل ذبيحتهم فلا تحل مناكحتهم ولا أكل ذبيحتهم . واختلف في سنة مشروعيتها فقيل في سنة ثمان وقيل : وفي سنة تسع وجمعها جزىء بكسر الجيم كقربة وقرب اه . والحاصل أن العقود التي تفيدهم الأمان ثلاثة أمان وجزية وهدنة ، لأنه إن تعلق بمحصور فالأمان أو بغير محصور فإن كان إلى غاية فالهدنة وإلا فالجزية وهما مختصان بالإمام بخلاف الأمان اه م د على التحرير .
قوله : ( ومن أهل نجران ) وهم نصارى وهم أوّل من بذل الجزية وفيهم أنزل الله صدر سورة آل عمران اه ح ل . قوله : ( والمعنى في ذلك ) أي في مشروعية الجزية . قوله : ( وربما يحملهم ذلك على الإسلام ) أي بسبب ما فيها من مخالطة المسلمين ورؤية محاسن الشريعة . قوله : ( بالتزامها ) أي ولو قبل الإعطاء فنكف عنهم إذا التزموها وإن تأخر إعطاؤهم لها . قوله : ( والصغار بالتزام أحكامنا ) وذلك لأن الشخص إذا كلف بما لا يعتقده يسمى ذلك صغاراً عرفاً سم . وعبارة شرح الروض قالوا : وأشد الصغار على المرء أن يحكم عليه بما لا يعتقده ويضطر إلى احتماله اه . قوله : ( وأركانها ) أي الجزية بمعنى العقد كما هو ظاهر . قوله : ( عاقد ) وهو الإمام أو نائبه . قوله : ( في الصيغة ) فيه إظهار في محل الإضمار . قوله : ( وهي الركن الأوّل ) فيه نظر لأنها الركن الخامس في كلامه وإن كان يجوز أن تكون أوّلاً إذا بدىء بها .(5/159)
"""""" صفحة رقم 160 """"""
قوله : ( في شرطها ) فيه أن ما شرط هنا لم يتقدم في شرطها في البيع . ويجاب بأن في بمعنى من وقوله : ما مر على حذف مضاف أي نظير ما مر . أي وشرط في الصيغة نظير ما مر من شرطها في البيع . قوله : ( إيجاباً ) منصوب خبراً لتكون محذوفاً أي تكون إيجاباً وقبولاً ، ولا حاجة إلى ذلك بل قوله : أقررتكم الخ خبراً وإيجاباً حال . وكذا يقال : فيما بعده وهذا جليّ بخلاف الأول إذ لا فائدة فيه لأن من المعلوم أن الصيغة إيجاب وقبول مع ما فيه من التقدير . قوله : ( بدارنا ) أي غير الحجاز كما يأتي لكن لا يشترط التنصيص على إخراجه حال العقد اكتفاء باستثنائه شرعاً وإن جهله العاقدان ، وعبارة المنهاج مع شرح م ر . صورة عقدها مع الذكور أن يقول لهم أو نائبه أقركم أو أقررتكم كما في المحرر لأن المضارع عند التجرد عن القرائن يكون للحال وبأنه يأتي للإنشاء كأشهد ولا ينافيه ما مر في الضمان ، أن أؤدّي المال أو أحضر الشخص لا يكون ضماناً ولا كفالة وما في الإقرار إن أقر بكذا لغو ، لأنه وعد لأن شدة نظرهم في هذا الباب لحقن الدماء اقتضى عدم النظر لاحتماله الوعد عملاً بالمشهور ( أنه للحال أو لهما أي للحال والاستقبال اه بحروفه . قوله : ( مثلاً ) أي أو بداركم كما في م ر . فيريد بذلك أنه لا تشترط الإقامة بدارنا بل لو رضوا بالجزية وهم مقيمون بدار الحرب صحت كما قاله سم .
قوله : ( لحكمنا ) مفرد مضاف فيعم والمراد لحكمنا الذي يعتقدون تحريمه كما قاله في شرح المنهج وظاهر هذه العبارة أن هذه الهاء عائدة على الحكم وهو مشكل فليؤوّل الحكم بالمحكوم به أي تحريم متعلقه . وعبارة الزركشي عن الرافعي . وحكى الإمام عن العراقيين أن المراد أنهم إذا فعلوا ما يعتقدون تحريمه يجري عليهم حكم الله فيه ولا يعتبر فيه رضاهم وذلك كالزنا والسرقة وأما ما يستحلونه كحد الشرب فلا يقام عليهم في الأصح وإن رضوا بحكمنا اه . قوله : ( وقبولاً ) أي من كل المخاطبين كما في م ر قال في شرح الروض : ولا بد من لفظ دالّ على القبول أي من الناطق قال ق ل على الجلال : وإذا فسد العقد من الإمام أو نائبه لزم الكافر أقلها لمدة إقامته بدارنا وخرج بفساد العقد ما إذا بطل بأن عقده الآحاد فلا شيء عليه . قوله : ( وشرائط وجوب ) الأولى حذف وجوب ويقول وشرائط صحة ضرب الجزية كما يدل عليه قول الشارح الآتي فلا يصح عقدها الخ وقوله : ضرب أي عقد . قوله : ( ولا من وليهما ) من بمعنى مع ليناسب ما قبله أي ولا مع وليهما أي لهما لا له . قوله : ( ولا جزية عليهما ) أي(5/160)
"""""" صفحة رقم 161 """"""
ولو عقدت لهما وهذا في معنى التعليل أي إذ لا جزية الخ . قوله : ( ولو بعد الخ ) أي ولو كان الجنون بعد عقد الجزية . قوله : ( كيوم ويوم ) هذا ما في خط المؤلف وفي نسخة ويومين . قوله : ( فالأصح تلفيق الخ ) عبارة م ر فالأصح تلفيق الإفاقة إن أمكن فإذا بلغت أيام الإفاقة سنة وجبت الجزية لسكناه سنة بدارنا وهو كامل فإن لم يمكن أجرى عليه حكم الجنون في الجميع كما هو المتجه . وكذا لو قلت : بحيث لا يقابل مجموعها بأجرة وطروّ الجنون أثناء الحول كطرو الموت اه . والحاصل : أنه إن أطبق جنونه أو قلت مدّة الإفاقة بحيث لا يمكن تلفيقها أو لا تقابل بأجرة فلا تلزمه الجزية وإلا لزمته أي فإن قوبلت بأجرة أخذ منه بقسطها . قوله : ( ولا جزية ) أي إذ لا جزية عليها فالواو للتعليل . قوله : ( وهو خطاب للذكور ) اللام بمعنى في أي خطاب للمؤمنين في حق المذكور من الكفار لأن قوله : ) لا يؤمنون } ^ وقوله : ) وهم صاغرون } ^ خاصان بالذكور . قوله : ( الأجنّاد ) أي الجيوش جمع جند . قوله : ( وقد عقدت له الجزية ) أي وقع العقد على الأوصاف كأن يقول : على الغني كذا وعلى المتوسط كذا فاندفع ما يقال : كيف تعقد له الجزية مع أنها لا تجب عليه حال خنوثته وصوّرها بعضهم بما إذا عقدت له حال خنوثته فإذا اتضح تبين صحة العقد عملاً بما في نفس الأمر سم . بالمعنى فأفاد الشارح بهذا أنه لا بد أن يكون معقوداً له فلو لم تعقد له الجزية فلا شيء عليه كحربي لم يعلم به إلا بعد مدّة لأنه لم يلتزمها كما في ع ش على م ر .
قوله : ( طالبناه بجزية المدة الماضية ) أي وإن كان دفعها في زمن الخنوثة لا يعتّد بذلك لأنه إنما دفعها على صورة الهبة ح ل فلو طلب الخنثى والمرأة عقد الذمة بالجزية أعلمهما الإمام بأنه لا جزية عليهما فإن رغبا في بذلها فهي هبة لا تلزم إلا بالقبض كما في شرح الروض وقال شيخنا العزيزي : إن المراد أنها هبة بالمعنى العام الشامل للهدية فلا تحتاج لقبول فحرر(5/161)
"""""" صفحة رقم 162 """"""
ذلك ولا تؤخذ من غير المتضح وإن عقدت له كما قاله : ق ل . قوله : ( لم يعلم دخولهم ) أي دخول أوّل آبائهم أي أول جد ينسبون إليه بأن علم دخولهم فيه قبل نسخه أو شك في ذلك هذا إن كان إسرائيلياً وأما غيره فيشترط دخوله فيه قبل النسخ فيضر الشك . والفرق بينهما أن الإسرائيلي أشرف من غيره . قوله : ( لأصل أهل الكتاب ) أي لوجود أصل لأهل الكتاب وذلك الأصل هو الكتاب فكأنه قال : لوجود الكتاب . فإضافة أصل لأهل الكتاب على معنى اللام وهذا تعليل لضرب الجزية لأهل الكتاب اه . قوله : ( كالمجوس ) فإنه قيل : إنه أرسل إليهم نبي يقال له زرادشت وكان له كتاب فلما بدلوه رفع ومعنى كونهم لهم شبهة كتاب أنهم يزعمون أن لهم كتاباً باقياً وليس كذلك زرادشت بفتح الزاي فراء مهملة بعدها ألف فدال مضمومة مهملة فشين ساكنة معجمة فتاء مثناة فوق .
قوله : ( وكذا تعقد الخ ) هذا داخل في قوله : أن يكون المعقود معه من أهل الكتاب لكن أتي به توطئة لما بعده . قوله : ( ولا تحل ذبيحتهم ) راجع للمجوس أي إن المجوس تعقد لهم الجزية ومع ذلك لا تحل ذبيحتهم ويصح رجوعه لقوله : ولو بعد التبديل وإن لم يجتنبوا المبدل . قوله : ( في الميتات ) جمع ميت . قوله : ( لمن شككنا ) أي لأولاد من شككنا في وقت تهدوه أو تنصره أي لم يعلم هل كان قبل النسخ أو بعده أما إذا علمنا تمسك الجد بالدين بعد نسخه ، كمن تهوّد بعد بعثة عيسى عليه السلام فلا تعقد ، الجزية لفرعه لتمسكه بدين سقطت حرمته نعم يجوز عقد الأمان لهم لأن باب الأمان أوسع من باب الجزية . قوله : ( وبذلك ) أي بصحة عقدها لهم . قوله : ( وأما الصابئة ) الصابئة طائفة من النصارى نسبة إلى صابىء عم نوح(5/162)
"""""" صفحة رقم 163 """"""
والسامرة فرقة من اليهود نسبة للسامري عابد العجل وهو الذي صنعه . قوله : ( في أصول دينهم ) وهي موسى والتوراة وعيسى والإنجيل وإن خالفوهم في الفروع فأصل دين كل أمة : نبيها وكتابها . قوله : ( لو أشكل أمرهم ) أي لم نعلم هل كفرهم اليهود والنصارى أو لا . قوله : ( بصحف إبراهيم ) وهي عشرة : وصحف شيث بالثاء المثلثة خمسون ، وكذا تعقد لمتمسك بصحف إدريس وهي عشرة . وسكت عن صحف موسى وهي عشرة قبل التوراة . قوله : ( ومن أحد أبويه كتابي ) أي سواء اختار دين الكتاب أو لم يختر شيئاً أما إذا اختار دين الوثني فلا تعقد له . قوله : ( وتحرم ذبيحته ) أي من ذكر ممن أحد أبويه كتابي والآخر وثني ومثله زاعم التمسك بصحف إبراهيم أو صحف شيث أو الزبور اه شيخنا . قوله : ( ولو بلغ ابن ذمي ) أي وصورة المسألة أنه عقد على الأوصاف وأما إن كان العقد على الأشخاص فلا يتوجه عليه طلب لأنه لم يباشر العقد ولم يتبع عقد غيره وإنما كان يبلغ المأمن لأنه كان معصوماً تبعاً لأبيه . ومثل البلوغ الإفاقة من الجنون فهو كذلك في التفصيل المتقدم . قوله : ( وإن بذلها ) أي امتثل بذلها بأن التزمها . قوله : ( والمذهب وجوبها ) محل الخلاف إذا عقد على الأوصاف أما إن عقد على الأشخاص فواجبة جزماً . قوله : ( وراهب ) أي عابد .
قوله : ( في الركن الثالث ) تقدم أنه الرابع . قوله : ( وأقل الجزية دينار ) ظاهره يقتضي أنه يجوز الاقتصار على دينار ولو لغني ومتوسط ويحمل على ما إذا كانت المماكسة سنة بأن احتمل أن يجيبوه في دعوى التوسط أو الغنى وأن لا يجيبوه فيجوز ترك المماكسة ويعقد بدينار ويصدّقهم في دعوى الفقر . وأما إذا كانت المماكسة واجبة بأن علم أو ظن أنهم يجيبونه في دعوى الغنى أو التوسط فلا(5/163)
"""""" صفحة رقم 164 """"""
يجوز ترك المماكسة ويعقد بدينار ويصدّقهم في دعوى الفقر لأنه متى أمكن العقد بأكثر من دينار لا يجوز العقد بدونه وإن علم عدم إجابتهم لما ذكر المماكسة مباحة والدينار هو المضروب من الذهب الخالص فلا يجوز لنا العقد بغيره وإن ساواه ويجوز بعد العقد أخذ غيره عنه عوضاً بقيمته ولو مغشوشاً غير رابح ولا يجوز أخذ زيادة منهم على ما عقد عليه إلا بنحو عقد كهبة كما في ق ل . على الجلال وفي ع ش على م ر . والمراد بالدينار المثقال الشرعي وهو يساوي الآن نحو تسعين نصف فضة وأكثر وهذا بالنظر لما كان والدينار المتعامل به الآن ينقص زنته عن المثقال الشرعي ربعاً والعبرة بالمثقال الشرعي زادت قيمته أو نقصت . قوله : ( أن يأخذ من كل حالم ) أي محتلم قال ابن الأثير : أراد بالحالم من بلغ الحلم وجرى عليه حكم الرجال احتلم أو لا اه . قال في الإيعاب : وأوّل بذلك ليشمل من بلغ بالسنّ وإن لم ير منياً وأما البلوغ بالاحتلام فلا يكفي فيه إمكانه . بل لا بد من وجوده بالفعل كما أشار إلى دفعه بقوله : وجرى عليه حكم الرجل .
قوله : ( أو عدله ) بفتح العين وكسرها م ر أي بدله واقتصر ق ل على الفتح . قوله : ( من المعافر ) قيل هو مفرد على صورة الجمع كحضاجر وبلادر وقيل : جمع معفر كمقاعد جمع مقعد ، وهو اسم رجل يقال : له معافر أبو قبيلة من اليمن ثم سميت القبيلة به ثم سميت الثياب باسم من ينسجها من هؤلاء وإذا كان كذلك فكان حقه أن يقول : أو عدله من المعافرية نسبة لمعافر وعبارة أ ج . من المغافر بالغين المعجمة وبالمهملة حي من همدان لا ينصرف في معرفة ولا نكرة لأنه جاء على المثال ما لا ينصرف من الجمع . وإليهم تنسب الثياب المغافرية . تقول : ثوب مغافري فتصرفه لأنك أدخلت عليه ياء النسبة ولم تكن في الواحد اه ابن شرف على التحرير اه . قوله : ( إن أقلها دينار ) أي فلا تعقد إلا به . قوله : ( عن المذهب ) كذا في شرح الروض وهو اسم كتاب والذي بخط المؤلف عن المهذب والصواب الأول . قوله : ( وقضية كلام المصنف ) أي قوله : في كل حول لأنه لا يقال له حول إلا بتمامه .(5/164)
"""""" صفحة رقم 165 """"""
قوله : ( تجب بالعقد ) معتمد . قوله : ( لم تسقط ) بل يؤخذ القسط من التركة كما سيذكره . قوله : ( ويندب للإمام مماكسة الكافر ) أي غير الفقير ، والمماكسة طلب زيادة على الدينار . ومحل ذلك إذا لم يعلم ولم يظن إجابتهم بالأكثر من دينار ولا عدمها فإن علم أو ظن إجابتهم للعقد بأكثر من دينار وجبت المماكسة كما في شرح م ر . ويؤخذ من كلام الشارح بعد اه وعبارة م ر في شرحه . ويستحب للإمام عند قوّتنا أخذا مما مر مماكسة أي طلب زيادة على دينار من رشيد ولو وكيلاً حين العقد وإن علم أن أقلها دينار حتى يعقد بأكثر من دينار كدينارين لمتوسط وأربعة لغني ليخرج من خلاف أبي حنيفة فإنه لا يجزيها إلا كذلك أي بأربعة في الغني ودينارين في المتوسط . بل حيث أمكنته الزيادة بأن علم أو ظن إجابتهم عليها وجبت عليه إلا المصلحة والمماكسة تكون عند العقد إن عقد على الأشخاص فحيث عقد على شيء امتنع أخذ زائد عليه ويجوز عند الأخذ إن عقد على الأوصاف كصفة الغنى أو التوسط وحينئذ فيسن للإمام أو نائبه مماكستهم حتى يأخذ من كل متوسط آخر الحول ولو بقوله : ما لم يثبت خلافه دينارين فأكثر ومن كل غني كذلك أربعة من الدنانير اه بحروفه . قوله : ( وعلى هذا يؤخذ الخ ) المناسب لقوله الآتي هذا بالنسبة إلى ابتداء العقد أن يقول : وعلى هذا يعقد للمتوسط الخ .
قوله : ( من المتوسط ) المراد بالمتوسط وبالموسر ما في العاقلة زي وهو أن يفضل عن كفايته آخر السنة عشرون ديناراً وكذا المتوسط وهو أن يفضل عن كفايته العمر الغالب دون عشرين ديناراً وفوق ربع دينار اه وهذا أعني ما قاله زي : هو المقرر عن المشايخ وإن كان في شرح م ر خلافه . وهو أنه عنى النفقة ونقل الأول عن م ر في غير شرحه وهو المعتمد وعبارة شرح م ر . والأوجه : ضبط الغني والمتوسط . بأنه هنا وفي الضيافة كالنفقة بأن يزيد دخله ، على خرجه بجامع . أنه في مقابلة منفعة تعود إليه لا بالعاقلة إذ لا مواساة هنا ولا بالعرف لاختلافه باختلاف الأبواب اه . قال الشيخ س ل والقول قول : مدعي التوسط والفقر بيمينه إلا أن تقوم بينة بخلافه أو عهد له مال وكذا من غاب وأسلم ثم حضر وقال : أسلمت من وقت كذا نص عليه الشافعي رضي الله عنه في الأم . قوله : ( استحباباً ) راجع للمتوسط والغني فقط . قوله : ( فإن أمكنه أن يعقد الخ ) أي بأن علم أو ظن إجابتهم للأكثر من دينار .(5/165)
"""""" صفحة رقم 166 """"""
قوله : ( هذا ) أي ندب المماكسة وهذا إذا عقد على الأشخاص أما إذا عقد على الأوصاف فالمماكسة عند العقد والأخذ معاً . والحاصل : أن الإمام تارة يعقد على الأشخاص فله المماكسة عند العقد فقط بأن يقول الكافر أنا فقير اعقد لي بدينار فيقول الإمام له أنت غني أو متوسط مثلاً فيماكسه حتى يعقد له بدينارين إن اتفقا على التوسط أو بأربعة إن اتفقا على الغني ومتى عقد بشيء لزم وسواء استمر الكافر على الحالة التي عقد له عليها أو لا لأن العبرة بما اتفقا عليه ثم هذه المماكسة إن كانت سنة جاز تركها وتصديق الكافر في دعوى الفقر ويعقد بدينار وإن كانت واجبة فلا يجوز تركها فلو تركها وعقد بدون الأربعة أو الدينارين لم يصح وأما إذا عقد على الأوصاف فيجوز له أن يماكس عند العقد بأن يقول الإمام : جعلت على الغني من أهل تلك الجهة أربعة دنانير والمتوسط دينارين فيقولون له : الجهة المذكورة كلها فقراء اجعل عليها ديناراً ويجوز له أيضاً أن يماكس عند الأخذ بأن يدفع له الكافر ديناراً ويقول : أنا من الفقراء فيقول له : أنت من الأغنياء مثلاً وفي الحالتين أي المماكسة عند العقد وعند الأخذ إن كانت سنة جاز تركها ويعقد في الأوّل بدينار وعند الأخذ يتركها ويأخذ ديناراً أيضاً وإن كانت واجبة فلا يجوز له تركها ، والعقد بدينار ولا تركها عند الأخذ وأخذ دينار .
قوله : ( كانوا ناقضين للعهد ) فإذا عادوا وطلبوا عقدها بدينار أجابهم . قوله : ( ولو أسلم ذمي ) ومثله ما لو حجر عليه بسفه أو فلس أيضاً ، لكن الإمام أو نائبه يضارب مع الغرماء بقدر الجزية اه قال الشيخ م ر في شرحه وقول الشيخ في شرح منهجه أو سفه ليس في محله اه وكذا قوله بفلس ليس بظاهر لأن المحجور عليه بفلس يصح عقد الجزية له ابتداء لأنه لم يذكر من شروط المعقود له عدم الحجر فطروّه لا يبطلها ، وحينئذ يوجب القسط لأنه يقتضي أنه يسقط الباقي مع أنه لا يسقط كما في شرح م ر وعبارة شرح م ر ، أو أسلم أو جنّ أو مات في خلال سنة فقسط لما مضى واجب في ماله أو تركته كالأجرة والقول في وقت إسلامه قوله : بيمينه إذا حضر وادّعاه فلم يذكر الحجر بقسميه . فإن عقد رشيد بأكثر ثم حجر عليه أثناء الحول اتجه لزوم ما عقد به كما لو استأجر بأكثر من أجرة المثل ثم سفه يؤخذ منه الأكثر . قوله : ( أو مات ) أو جنّ ولا تبطل بالجنون والإغماء لأنها لازمة من الجانبين اه عزيزي . قوله : ( بعد سنين ) راجع للثلاثة اه . قوله : ( وله وارث مستغرق ) يرجع لمات فقط فإن كان غير(5/166)
"""""" صفحة رقم 167 """"""
مستغرق أخذ من نصيبه قسطه كأن خلف بنتاً فتدفع نصف الجزية م ر في شرحه . قوله : ( أخذت جزيتهن ) أي السنين . قوله : ( أو مات في خلال ) أي أثناء . قوله : ( فقسط ) بناء على وجوبها بالعقد وهو المعتمد . قوله : ( ويجوز أن يشترط عليهم الخ ) كلام مجمل . حاصله : إنه إن احتمل أن يوافقوه على شرط الضيافة وأن لا يوافقوه كأن شرطها سنة وإن علم أن يوافقوه أو ظن وجب شرطها . وإن علم عدم إجابتهم كان الشرط مباحاً وكل هذا عند رضاهم وطيب نفسهم وإلا حرم شرط الضيافة .
وينبغي اعتبار قبولهم كقبول الجزية اه م ر سم على حج . قوله : ( الضيافة ) ولو صولحوا على ترك الضيافة بمال فهو لأهل الفيء لا للطارقين اه م ر . قوله : ( من يمر بهم ) بحيث يسمى مسافراً وليس عاصياً بسفره ق ل وعبارة شرح م ر .(5/167)
"""""" صفحة رقم 168 """"""
وإن كان المار غنياً مجاهداً ويتجه عدم دخول العاصي بسفره لانتفاء كونه من أهل الرخص . اه قال ع ش : عليه فما أخذه المسافر المذكور ، لا يحسب مما شرط عليهم بل الحق باق في جنبهم يطالبون به ويرجعون عليه بما أخذه منهم فلو لم يمر بهم أحد لم يلزمهم شيء عباب وقال م ر : ولا يطالبهم بعوض إن لم يمر بهم ضيف اه . وعبارة ق ل على الجلال : ولو لم يأتهم ضيفان لم يلزمهم بذل لضيافة إلا إن شرط عدد مثلاً في يوم وفات ذلك اليوم بغير ذلك العدد اه . قوله : ( منا ) أي من المسلمين وهو قيد للندب لا للجواز ويجوز شرط ضيافة من يمر عليه من الذميين . ويحمل إطلاق المار على المسلم سواء كان مسافراً بديارهم أو عكسه ، وسواء كان العقد بدارنا أو دارهم اه ق ل . قوله : ( أي فاضلاً ) المناسب أي يقول : فاضلة أي زائدة لأنه حال من الضيافة وهي مؤنثة والحال وصف لصاحبها .
قوله : ( ويجعل ذلك ثلاثة أيام ) أي غير يومي الدخول والخروج اه ع ش على م ر والزيادة عليها خلاف المستحب كما في ح ل وعبارة شرح م ر فإن شرط فوقها مع رضاهم جاز ويشترط تزويد الضيف كفاية يوم وليلة فلو امتنع قليل منهم من الضيافة أجبروا أو كلهم أو أكثرهم فناقضون اه . قوله : ( ويذكر عدد ضيفان ) أي يشترط ذلك ح ل وعبارة ع ش على م ر ويذكر أي وجوباً اه وعليه فيقرأ لفظ يذكر بالرفع . قوله : ( رجلاً ) بفتح الراء وسكون الجيم كما ضبطه شيخ الإسلام في شرح الروض . قال في المختار : الراجل ضد الفارس والجمع رجل كصاحب وصحب ورجالة ورجال بتشديد الجيم فيهما . اه فقوله : رجلاً أي مشاة وقوله وخيلاً أي فرساناً . قوله : ( وتضيفون في كل سنة ) هذا المثال لقوله أو على المجموع ومثال قوله على كل منهم كأن يقول : أقررتكم على أن على الغني أربعة دنانير وعليه ضيافة عشرة أنفس مثلاً في كل يوم : من المشاة كذا والركبان كذا اه ز ي . قوله : ( ويذكر منزلهم ) ويشرط عليهم رفع بابه ليدخل الفارس راكباً مثلاً ق ل .
قوله : ( وجنس طعام ) ومنه الفاكهة والحلوى ونحوهما في كل زمان على العادة ويلزمهم أجرة طبيب وثمن دواء اه ق ل . قوله : ( ولم يعين ) أي الإمام أو نائبه . قوله : ( في ذلك ) أي الضيافة . قوله : ( أيلة ) بهمزة مفتوحة فتحتية ساكنة فلام مفتوحة العقبة المشهورة من منازل الحج المصري وهي المراد من القرية في قوله تعالى : ) واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر } ^ الآية وهذا هو المشهور وقيل : بلدة بالشام على ساحل البحر على النصف من مكة ومصر وأما إيلياء بكسر الهمزة واللام وبينهما تحتية ساكنة وآخره ياء مفتوحة بعدها همزة ممدودة فهو بيت المقدس اه ق ل .
قوله : ( على ثلاثمِائة دينار ) يقتضي أنهم فقراء وشرط الضيافة يقتضي عدم الفقر إلا أن يقال إنهم في نفس الأمر غير فقراء ولم يمكنه العقد معهم إلا بدينار . قوله : ( وليكن المنزل ) هذا ليس من الحديث كما يؤخذ من شرح م ر . قوله : ( والركن الرابع ) تقدم أنه الأوّل . قوله : ( فلا يصح عقدها من غيره ) ولا شيء على المعقود له وإن أقام سنة فأكثر لأن العقد لغو سم وشرح م ر . قوله : ( لا يغتال ) أي لا يخدع ويقتل ويصح قراءته بالبناء للفاعل أي الإمام لا يغتال المعقود له من جهة الآحاد .(5/168)
"""""" صفحة رقم 169 """"""
قوله : ( بل يبلغ مأمنه ) أي محلاً يأمن فيه منا وهو دار الحرب . قوله : ( وعليه ) أي الإمام إجابتهم أي أهل الكتاب لعقد الجزية . قوله : ( وأمن ) أي مكرهم وقوله : إذا لم يخف عبارة المنهج بأن لم يخف غائلتهم الخ . فهو بيان لأمن المكر ، فالأولى أن يقول الشارح : بأن لم يخف الخ . قوله : ( ومكيدتهم ) عطف تفسير أو عام على خاص لأن المكيدة هي الأمر الخفي الذي لا اطلاع لنا عليه اه ز ي والظاهر أن يقال : إنه من عطف الخاص على العام وفي كلام البعض أن الغائلة الأذى الظاهر . والمكيدة الأذى الخفي وعليه فالعطف مغاير . قوله : ( شرهم ) المناسب شره وعبارة غيره يخاف شره وهي أظهر والجاسوس صاحب سرّ الشر والناموس صاحب سرّ الخير ، والجاسوس هو الذي يتجسس الأماكن المخوفة .
قوله : ( لم يجبهم ) هل المراد لم تجب إجابتهم أو لم تجز ينبغي الثاني عند ظن الضرر للمسلمين سم . قوله : ( في ذلك ) أي في أن السلطان عليه الإجابة . قوله : ( فإن هم ) هم فاعل لفعل محذوف تقديره : فإن أبوا فلما حذف الفعل انفصل الضمير وهو الواو وإنما كانت فاعلاً لأن أدوات الشرط لا يليها إلا الأفعال ونظير ذلك ) إذا السماء انشقت } ^ فإن السماء فاعل لفعل محذوف تقديره إذا انشقت السماء انشقت ، وتكون الجملة الثانية بدلاً من الأولى أو تأكيداً لها تأكيداً لفظياً . قوله : ( فلا يجب تقريره بها ) بل لا يجوز لأن الواجب فيه التخيير بين أربعة أمور وعقد الجزية يبطل التخيير . لكن يختار الإمام فيه غير القتل اه م د . قوله : ( المكان الخ ) المكان في حق الكفار ثلاثة أقسام : أحدها الحرم فلا يدخله كافر ذمياً كان أو مؤمناً . ثانيها بلاد الحجاز فيجوز دخولهم بالإذن ولا يقيمون فيه أكثر من ثلاثة أيام . ثالثها سائر بلاد الإسلام فلا يمنعون منها لكن لا يدخلون مسجداً إلا لحاجة وإذن مسلم وجوّز أبو حنيفة وأهل الكوفة للمعاهد دخول الحرم اه من التفسير للشارح رحمه الله تعالى . قوله : ( فيمنع كافر ) المناسب في التفريع على القبول للتقرير أن يقول : فلو أقرهم في الحجاز لم يصح . قوله : ( الحجاز ) من الحجز سمي بذلك لأنه حجز بين نجد وتهامة أو بين الشأم واليمن أو لحجزه بالجبال والحجارة . وهذه أولى ق ل وهو مقابل لأرض الحبشة من شرقيها وطوله مسيرة شهر من العقبة من منازل الحج المصري إلى سدوم أقصى مدينة عدن إلى ريف العراق وعرضه من جدة إلى الشأم ويحيط به بحر الدجلة والفرات وبحر الحبشة وبحر فارس فلذلك سمي جزيرة العرب كما(5/169)
"""""" صفحة رقم 170 """"""
يسمى حجازاً لما مر رحماني . وقوله : فيمنع كافر إقامة الحجاز أفهم كلامه جواز شراء أرض فيه لم يقم فيها قيل : وهو الأوجه . لكن الصواب منعه لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه كالأواني وآلات اللهو وإليه يشير قول الشافعي : ولا يتخذ الذمي شيئاً من الحجاز داراً وإن ردّ بأن هذا ليس من ذاك أي من القاعدة المذكورة لأنه لا يجر إلى الاستعمال ، ولا يمنعون ركوب بحر خارج الحرم بخلاف جزائره المكونة قال القاضي : ولا يمكنون من المقام في المراكب أكثر من ثلاثة أيام كالبر ولعلّ مراده كما قال ابن الرفعة : إذا أذن الإمام وأقام بموضع واحد شرح م ر .
قوله : ( واليمامة ) وهي بلد مسيلمة الكذاب وهي مدينة بقرب اليمن على أربع مراحل من مكة ومرحلتين من الطائف ، وسميت باسم جارية زرقاء كانت تسكنها وكانت تبصر الراكب من مسافة ثلاثة أيام وسار إليها أعداؤها وجعلوا الأشجار على ظهور الإبل فرأتهم من مسافة ثلاثة أيام . فقالت لقومها : أرى بساتين سيارة على وجه الأرض فهزأوا بها وقالوا فسد نظرها البساتين تسير على وجه الأرض فما شعروا حتى هجموا عليهم اليمامة فقتلوهم وأخذوا الزرقاء فقتلوها وقلعوا عينها فرأوا عروقها من داخل قد امتلأت بالكحل اه عبد البر قال المعري :
سبحان من قسم الحظو
ظ فلا عتاب ولا ملامه
أعمى وأعشى ثم ذو
بصر وزرقاء اليمامة اه .
قوله : ( وطرق الثلاثة ) أي الممتدة بين هذه الثلاثة بعضها لبعض لا مطلق الطرق أ ج . قوله : ( وقراها ) أي الثلاث : كالطائف ، وجدّة ، وخيبر ، والينبع ، م ر . وقوله : كالطائف هو تمثيل لقرى الثلاث لكن أورد عليه أن اليمامة ليس لها قرى . وأجيب بأن المراد قرى المجموع وهو لا يستلزم أن يكون لكل واحدة قرى ع ش على م ر . قوله : ( لمكة ) أي قرية لمكة . قوله : ( إلا لمصلحة ) أو ضرورة م ر .
قوله : ( من متاعها ) أي التجارة أي أو من ثمنه شوبري ، وفي الروض ولا يؤخذ من تجارة ذمي ، ولا ذمية اتجرت إلا إن شرط مع الجزية قال في شرحه سواء أكانا بالحجاز أم بغيره اه سم . على حج . قوله : ( كالعشر ) هذا أصل منشأ المكس المحرم . وقد عم هذا البلاء حتى على الفقراء المسلمين يؤخذ منهم المكس سنة اه ق ل بزيادة وقوله : كالعشر أي أو نصفه بحسب اجتهاد الإمام ولا يؤخذ في كل سنة إلا مرة واحدة أي من كل نوع دخل به في كل مرة(5/170)
"""""" صفحة رقم 171 """"""
حتى لو دخل بنوع أو أنواع أخذ من ذلك النوع أو الأنواع مرة واحدة ، فلو باع ما دخل به ورجع بثمنه فاشترى به شيئاً آخر ولو من نوع الأوّل ودخل بذلك مرة أخرى أخذ منه بخلاف ما لو لم يبع ما دخل به وأخذ منه ثم رجع به ثم عاد ، ودخل مرة أخرى بعينه لا يؤخذ منه في هذه المرة قرره شيخنا الطبلاوي ، وصمم عليه سم وع ش وعبارته على م ر قوله : ولا يؤخذ في السنة إلا مرة ظاهره وإن تكرر الدخول وعليه فلو تعدد الأصناف التي يدخلون بها وكانت مختلفة باختلاف عدد مرات الدخول فهل يؤخذ منهم في المرة الأولى دون ما عداها أو من الصنف الذي يختاره أو كيف الحال فليراجع ولو قيل بالأخذ من كل صنف جاؤوا به وإن تكرر دخولهم به في كل مرة لم يكن بعيداً لأنه في مقابلة بيعهم علينا ودخولهم وهو موجود في كل مرة اه . وفي سم على حج قوله : ولا يؤخذ في السنة إلا مرة يجوز أن يؤخذ في كل مرة إن شرط عليهم ذلك وافقوه عليه اه م د . قوله : ( إلا ثلاثة أيام ) أي غير يومي الدخول والخروج لأن الأكثر منها وهو أربعة أيام مدة الإقامة وهو ممنوع منها شرح المنهج .
قوله : ( فإن مرض فيه ) أي في الحجاز غير حرم مكة . قوله : ( دفن فيه ) أي غير حرم مكة كما يأتي . قوله : ( ولا يدخل حرم مكة ) كلام مستأنف وليس مرتبطاً بمسألة الحربي قبله بل عام في الحربي وغيره ويصح أن يكون محترز قوله : غير حرم مكة قال ز ي : وحرم مكة من طريق المدينة على ثلاثة أميال ومن طريق العراق والطائف على سبعة أميال ومن طريق الجعرّانة على تسعة أميال ومن طريق جدة على عشرة أميال كما قال بعضهم :
وللحرم التحديد من أرض طيبة
ثلاثة أميال إذا رمت اتقانه
وسبعة أميال عراق وطائف
وجدّة عشر ثم تسع جعرانه
اه .
قوله : ( ولو لمصلحة ) أما لو دعت إليه ضرورة كأن انهدمت الكعبة والعياذ بالله تعالى . ولم يوجد من يتأتى منه بناؤها إلا كافر فينبغي جوازه بقدر الضرورة . ولا ينافي هذا ما يأتي من قوله : ولو دعت لذلك ضرورة لإمكان حمل ما يأتي على حاجة شديدة يمكن قيام غير الكافر بها أو لا يحصل من عدم فعلها خلل قوي اه ع ش على م ر ومراده بما يأتي أي في شرح م(5/171)
"""""" صفحة رقم 172 """"""
ر . قوله : ( ومعلوم أن الجلب ) أي جلب الأشياء التي تباع إنما تجلب إلى البلد المناسب أن يقول : إنما يجلب إلى الحرم لأن هذا الكلام بيان لكون المراد بالمسجد الحرام جميع الحرم لكن البلد بعض الحرم ويمكن أن يقال الجلب للبلد يصدق بالجلب للحرم بتمامه لأنها المقصود والجلب بفتح اللام وسكونها ففي المختار أنه أي فعله من باب ضرب وطلب . قوله : ( بكل حال ) أي وإن ادعت لذلك ضرورة كما في الأم وبه يردّ قول ابن كج . يجوز للضرورة كطبيب احتيج إليه ، وحمل بعضهم له على ما إذا مست الحاجة إليه ولم يمكن إخراج المريض له غير ظاهر شرح م ر قوله : ( فإن كان رسولاً خرج إليه الإمام ) عبارة ق ر . على الجلال فإن امتنع إلا من أدائها مشافهة تعين خروج الإمام له ، فإن تعذر ردّ بها أو أسمعها من يخبر الإمام ولو كان طبيباً وجب إخراج المريض إليه محمولاً فإن تعذر ردّ أي الطبيب أو وصف له مرضه وهو خارج ولو بذل الكافر ، على دخول الحرم ما لا لم يجب إليه فإن أجيب فالعقد فاسد ثم إن وصل المقصد أخرج وثبت المسمى أو دون المقصد فبالقسط من المسمى وكل عقد فاسد يسقط فيه المسمى إلا هذه لأنه قد استوفى الغرض ، وليس لمثله أجرة فرجع إلى المسمى اه عناني مع زيادة . والحاصل : أنه يمكن من دخول الحجاز غير حرم مكة لمصلحة بلا إقامة ولا سكنى ولا يمكن من دخول الحرم مطلقاً اه م د على التحرير .
قوله : ( فإن مرض فيه ) أي في الحرم أي والصورة أنه تعدّى ودخل . قوله : ( نبش ) ما لم يتفتت شرح التحرير وعبارة شرح المنهج نعم إن تهرّى بعد دفنه ترك اه . قوله : ( ولا يجري هذا الحكم ) لكن يسنّ جعله كحرم مكة كما في م ر و ق ل . قوله : ( ويتضمن ) أي يقتضي ويستلزم فاندفع بذلك أن العقد إنما يتضمن الأركان الذي تورّك به الشارح بكلام البلقيني على المتن ويحتمل أن مراده أن عقد الذمة الذي يتضمن الأركان يستلزم هذه الأربعة من غير اعتراض اه أ ج . قوله : ( أي الجزية ) تفسير للذمة والمشتمل صفة للعقد واستدل على ذلك بقوله : وقد قال البلقيني الخ . وليس مراده بذكر كلام البلقيني الاعتراض على المتن لأن البلقيني عبر بالاشتمال لا بالتضمن . قوله : ( وقد قال : البلقيني ) أي في تفسير العقد . قوله :(5/172)
"""""" صفحة رقم 173 """"""
( متضمناً ) الأولى أن يقول : مشتملاً على غالب الأركان لا عبر بالاشمال لا بالتضمن . قوله : ( الغالب الأركان ) أي لأنه لم يذكر المكان . قوله : ( بما ) أي بحكم لا يعتقده أي لا يعتقد حله وهو وجوب الجزية عليه والضيافة شيخنا . قوله : ( ويضطر ) عطف على لا يعتقد أي ويضطر إلى احتماله بعد العقد وقيل : إنه معطوف على المنفي وهو يعتقده أي ولا يضطر إلى احتماله قبل العقد فتحمله بالعقد . قوله : ( فتؤخذ ) مفرع على تفسير الصغار بما ذكر . قوله : ( وتفسيره ) أي الصغار . قوله : ( وبضرب لهزمتيه ) بكسر اللام والزاي تثنية لهزمة والجمع لهازم وهل يحرم ضربه أو لا ؟ حرره ثم رأيت ق ل قال : وهي حرام إن حصل بها إيذاء وإلا كرهت وقوله : ويضرب الخ أي ضربة واحدة أو ضربتين خلاف في ذلك كما قرره شيخنا . قوله : ( مردود ) خبر تفسيره . قوله : ( أشدّ بطلاناً ) أي من دعوى أصل جوازها . قوله : ( في غير العبادات ) أما فيها فلا يجري عليهم أحكام الإسلام فلا يقتلون بترك الصلاة ولا يقاتلون بمنع الزكاة وقوله في المعاملات مرتبط بقوله : حقوق الآدميين وقوله : غرامة المتلفات معطوف على المعاملات اه . قوله : ( كشرب الخمر ) يتأمل فيه فإنه حرام عنده أيضاً لأنهم مخاطبون بفروع الشريعة كما قرره شيخنا . وأقول : كلام الشارح لا ينافي ذلك لأنه نفي اعتقاد التحريم لا التحريم . قوله : ( ونكاح المجوس ) أي المحارم كما في كلام غيره فيكون فيه حذف المفعول وعبارة شرح المنهج ونكاح مجوس محارم . قوله : ( وإنما وجب التعرض لذلك ) أي لأداء الجزية وإجراء أحكام الإسلام عليهم ولم يتقدم ذكر ذلك . إلا أن يقال : معلوم من خارج أنه لا بد من ذكره في الصيغة . قوله : ( والاستسلام ) عطف تفسير أو مرادف .(5/173)
"""""" صفحة رقم 174 """"""
قوله : ( له ) أي للمذكور من الجزية والانقياد لحكم الإسلام . قوله : ( وهذا في حق الرجل ) أي محل كون عقدة الذمة يستلزم أربعة في حق الرجل المعقود عليه أي أما زوجته وبنته فلا يتضمن عقد الذمة له في حقهم الأربعة بل يتضمن الثاني منها وهذا من الشارح فيه مسامحة لأنه يقتضي أن المرأة تذكر دين الإسلام بشرّ وتفعل ما فيه ضرر على المسلمين وتقرّ على ذلك مع أنها تمنع منه . قوله : ( فيكفي فيها ) أي في عقد الذمة لها وقوله : الانقياد لحكم الإسلام أي التعرض للانقياد لحكم الإسلام فقط أي دون التعرض للجزية لأن الجزية لا تجب عليها ويصوّر ذلك أي التعرض للانقياد لحكم الإسلام ، بأن تكون تابعة لزوجها أو أبيها في عقد الجزية . قوله : ( أن لا يذكروا الخ ) انظر هل هذا الثالث داخل في الثاني الظاهر نعم وعبارة سم وأن لا يذكروا الله أو رسوله أو القرآن أو نبياً أو دين الإسلام أو نحوها إلا بالخير فإن سبوا الله أو رسوله أو القرآن أو دين الإسلام أو أحداً من الأنبياء أو نحوها جهراً بما لا يتدينون به كالطعن في نسبه أو نسبته إلى الزنا فإن شرط انتقاض عهدهم بذلك انتقض وإلا فلا أماً ما يتدينون به كقولهم : القرآن ليس من عند الله وأنه ثالث ثلاثة فلا انتقاض به مطلقاً اه بحروفه وقوله : فإن شرط انتقاض الخ ولو شرط عليه الانتقاض بذلك ثم قتل بمسلم أو بزناه حالة كونه محصناً بمسلمة صار ماله فيئاً كما قاله ابن المقري لأنه حربي مقتول تحت يدنا لا يمكن صرفه لأقاربه الذميين لعدم التوارث ولا للحربيين لأنا إذا قدرنا على مالهم أخذناه فيئاً أو غنيمة وشرط الغنيمة هنا ليس موجوداً اه س ل . قوله : ( ولا شبهة لهم ) بخلاف ما إذا كان لهم شبهة كأن استعان بهم البغاة وقالوا : أي الكفار ظننا أنهم أي البغاة محقون وأن لنا إعانة المحق اه م د .
قوله : ( انتقض عهدهم ) ويترتب على ذلك أن للإمام قتالهم بل يجب ولا يجب عليه أن يبلغهم المأمن ولا يختار فيهم رقاً ولا مناً ولا فداء وهذا إذا انتقض بقتال فإن انتقض بغيره فكما تقدّم من عدم تبليغهم المأمن ولكن للإمام أن يختار فيهم الرقّ أو المنّ والفداء أو القتل وهذا فيمن انتقض عهده أما ذراريه وزوجته فلا ينتقض عهدهم فيقرون ولا يتعرض لهم فإن طلبوا دار الحرب أجيب النساء والخناثى دون الصبيان والمجانين فيقرون في دار الإسلام إلى البلوغ أو الإفاقة ثم بعدها وإن طلبوا دار الحرب أجيبوا .(5/174)
"""""" صفحة رقم 175 """"""
قوله : ( من سقيهم ) أي المسلمين . قوله : ( وإطعامهم ) أي المسلمين . قوله : ( ومن إحداث كنيسة وبيعة ) وكذا من ترميمها بغم لو لم يعلم أصل الموجود منها جاز إبقاؤه لاحتمال وضعه بحق ولعل من ذلك ما في مصر منهما فإنه لا يعلم هل هو موضوع بحق لاحتمال أنه كان به متغلب فصولح على أنه له أو لا اه ق ل مع زيادة . قوله : ( وبيعة ) بكسر الباء للنصارى وجمعها بيع مثل سدرة وسدر وقوله : للرهبان راجع للصومعة جمع راهب وهو عابد النصارى . قوله : ( في بلد أحدثناه ) أي وجدت عمارته من المسلمين بعد استيلائهم على محله كما في ق ل . قوله : ( كبغداد والقاهرة ) والبصرة والكوفة لأن بغداد بناها أبو جعفر المنصور سنة أربعين ومائة ، والقاهرة بناها المعزّ في سنة تسع أو ثمان وخمسين وثلاثمائة ، والبصرة بناها عتبة بن غزوان سنة سبع عشرة في خلافة عمر رضي الله عنه ، والكوفة بناها عتبة المذكور بعدها بسنتين في خلافة عثمان رضي الله عنه ، والصلح على إحداث ذلك باطل والكنيسة معبد اليهود والبيعة معبد النصارى وقد انعكس العرف فيهما والكلام هنا وفيما يأتي فيما ليس لنحو نزول المارة بأن كانت للتعبد ولو مع غيره على المعتمد أما التي لنزول المارة ولو منهم فيجوز كما قاله الرحماني . قوله : ( والقاهرة ) وهي مصرنا الآن لأنها وإن لم تكن موجودة حال الفتح فأرضها المنسوبة إليها للغانمين فتثبت لها أحكام ما كان موجوداً حال الفتح ، وبه يعلم وجوب هدم ما في مصرنا ومصر القديمة من الكنائس الموجودة اه شيخنا وفي سم . على المنهج لا يجوز لنا دخولها إلا بإذنهم وإن كان فيها تصاوير حرم قطعاً وكذا كل بيت فيه صورة اه من ع ش على م ر . ومقتضى وجوب هدمها جواز دخولها بلا إذن منهم ويمكن حمل كلامه على ما إذا جاز لهم إحداثها وانظر ما ذكره ع ش . من وجوب الهدم مع ما ذكره ق ل من جواز الإبقاء . قوله : ( وأسلم أهله عليه ) أي حال كونهم مستعلين ومتغلبين عليه بأن كان من غير قتال ولا صلح اه حج ويجوز جعل على للمصاحبة أي أو أسلم أهله معه أي مصاحبين له وكائنين فيه أو بمعنى في أي الكائنين فيه سم على حج .
قوله : ( كالمدينة ) قال م ر في شرحه وقول بعض الشراح كالمدينة محل وقفة لأنها من الحجاز ، وهم يمنعون من سكناه مطلقاً كما مر أي فضلاً عن الإحداث . ويجاب بأن قوله : كالمدينة مثال لما أسلم أهله عليه فقط أي فهو مجرد مثال بقطع النظر عن المحل اه . وعبارة الشيخ سلطان على المنهج قال ابن حجر في آخر كتاب السير وفتحت مصر عنوة وقيل صلحاً(5/175)
"""""" صفحة رقم 176 """"""
وهو مقتضى نص الأم في الوصية . وحمله الأولون على أن المفتوح صلحاً هي نفسها لا غير وإنما بقيت الكنائس بها لقوة القول : بأنها وجميع إقليمها فتح صلحاً ولاحتمال أنها كانت خارجة عنها ثم اتصلت بها . وفيه نظر لأن الكنائس موجودة بها وبإقليمها فلا يتصوّر حينئذ إلا القول : بأن الكل صلح إلا أن يجاب بأنهم راعوا في إبقائها قوة الخلاف كما تقرر انتهت بحروفها ، ومقتضى كونها فتحت عنوة أن الأرض للغانمين فتمنع الكفار من إحداث الكنائس فيها ومن إعادتها إذا هدمت وقيل : إنها فتحت عنوة وفتحت قراها صلحاً والكنائس الموجودة الآن فيها يحتمل أنها كانت موجودة قبل البناء بها فلما بنيت اتصلت بها الأبنية . قوله : ( في الإسلام ) أي في ديار الإسلام .
قوله : ( عنوة ) أي قهراً . قوله : ( كمصر ) أي على الصحيح ومن ثم أفتى ابن عبد السلام بهدم ما بقراقتها من الأبنية لأن عمرو بن العاص وقفها بأمر عمر رضي الله عنهما على موتى المسلمين لما طلبوا شراءها إذ لو فتحت صلحاً لكانت لهم واحتمال شرط الأرض لنا خلاف الأصل اه حج زي والمراد مصر القديمة ومثلها في الحكم المذكور مصرنا الآن اه ع ش . قوله : ( كانت فيه ) أي في البلد التي فتحت عنوة وقوله : لما مر أي لأن المسلمين ملكوها الخ . قوله : ( جاز ) والحاصل أنه ليس لهم الإحداث إلا في صورتين إذا فتحت صلحاً على أنها لهم مطلقاً أو لنا وشرطوا علينا الإحداث بخلاف ما فتح عنوة ، أو صلحاً مطلقاً أو بشرط أنها لنا ولم يشرطوا الإحداث اه . وهل يشترط لصحة الصلح مع شرط الإحداث بنيان ما يحدثونه من كنيسة أو أكثر ومقدار الكنيسة أو يكفي الإطلاق ؟ فيه نظر والذي ينبغي الصحة مع الإطلاق ويحمل على ما جرت به عادة مثلهم في مثل ذلك البلد ويختلف بالكبر والصغر اه ع ش على م ر . وإذا شرط الإبقاء فلهم الترميم ولو بآلة جديدة ولهم تطيينها من داخل وخارج فلا يمنعون من ذلك . وإن كان لا يجوز فعله حتى بالنسبة لهم لأنهم مخاطبون بالفروع ومن أجل كونه معصية حتى في حقهم . أفتى السبكي بأنه لا يجوز الحاكم الإذن لهم فيه ولا لمسلم إعانتهم عليه ولا إيجار نفسه للعمل فيه كما ذكره س ل وقوله : ولو بآلة جديدة قال سم على حج : أي مع تعذر ذلك بالقديمة وحدها ثم قال بعد ذلك وفي الروض وشرحه ولهم عمارة أي ترميم(5/176)
"""""" صفحة رقم 177 """"""
كنائس جوّزنا إبقاءها إذا استهدمت فترمم بما تهدم لا بآلات جديدة كذا قاله السبكي والذي قاله ابن يونس في شرح الوجيز واقتضى كلامه الاتفاق عليه أنها ترمم بآلات جديدة قال في الأصل : ولا يجب إخفاؤها فيجوز تطيينها من داخل وخارج لا إحداثها فلو انهدمت الكنائس المبقاة ولو بهدمهم لها تعدياً خلافاً للفارقي أعادوها وليس لهم توسيعها . اه بحروفه .
قوله : ( من رفع بناء لهم ) أي إحداث ذلك فإن ملك ذمي داراً عالية فلا يكلف هدمها بل يمنع هو وأولاده من الإشراف على المسلمين ومن صعود سطحها بلا تحجير . ولو انهدمت هذه الدار فلهم إعادتها بلا رفع ومساواة ولو بنى داراً عاليةً أو مساوية ثم باعها لمسلم لم يسقط الهدم كما لو غصب أرضاً وبنى فيها ثم باعها فإنه لا يسقط الهدم بخلاف ما لو أسلم بعد البناء فإنه يبقى ترغيباً له في الإسلام . اه زي وقوله : فإنه يبقى ضعيف وعبارة م ر . والأوجه بقاؤه لو أسلم قبل هدمه ترغيباً له في الإسلام وأفتى الوالد رحمه الله بخلافه . اه قال الشوبري : فإن ساواه فيه هدم القدر الممنوع اه ويمنعون من الرفع وإن خافوا نحو سرّاق يقصدونهم كما في شرح م ر ومثله شرح حج قال سم عليه بل ظاهره ولو لخوف القتل ونحوه نعم إن تعين الرفع طريقاً في دفع القتل أو نحوه لم يبعد الجواز فلو لم يكن الاحتراز عنه بالانتقال إلى بلد أخرى فهل يكلف الانتقال وإن شق حساً ومعنى لمفارقة المألوف أو لا فيه نظر اه . قوله : ( على بناء جار لهم مسلم ) محل المنع إن كان بناء المسلم مما يعتاد في السكنى فلو كان قصيراً لا يعتاد فيها إما لأنه لا يتمم بناؤه أو لأنه هدمه إلى أن صار كذلك لم يمنع الذمي من بناء جداره على أقل ما يعتاد في السكنى الذي عطله المسلم باختياره أو تعطل عليه بإعساره اه خ ط ولو لاصقت دار الذمي دار المسلم من أحد جوانبها اعتبر في ذلك الجانب عدم الارتفاع والمساواة ولا يعتبر ذلك في بقية الجوانب لأنه لا جار فيه كما في شرح م ر . قوله : ( لحق الدين ) عبارة غيره لحق الله وعبارة المنهج لحق الإسلام اه ولذلك لا يقسط هدمه بوقفه ولا ببيعه لكافر مطلقاً ولا لمسلم وإن حكم حاكم بمنع هدمه على المعتمد كما لو غصب أرضاً وبنى فيها ثم باعها فإنه لا يقسط الهدم . قوله : ( لا لمحض حق الدار ) كذا في خط المؤلف والذي في شرح الروض لا لمحض حق الجار وهو واضح . اه مرحومي .(5/177)
"""""" صفحة رقم 178 """"""
قوله : ( بمحلة ) عبارة المصباح والمحل بفتح الحاء والكسر لغة حكاها ابن القطاع موضع الحلول والمحل بالكسر الإحلال والمحلة بالفتح المكان الذي ينزل فيه القوم اه ع ش على م ر وفي شرح م ر . والأوجه أن الجار هنا أهل محلته كما قاله الجرجاني واستظهره الزركشي وغيره ، ويحتمل أنه يلحق بما مرّ في الوصية لأنه قد لا يعلو على أهل محلته ويعلو على ملاصقه من محلة أخرى نعم في هذه الحالة لا بد من مراعاة ملاصقه وإن لم يكن من محلته اه قال ع ش عليه قوله : والأوجه أن المراد بالجار هنا أهل محلته أي فما زاد على أهل محلته لا يمنع من مساواة بنائه له أو رفعه عليه ولو لم يصل للأربعين داراً اه كلامه قال الجلال البلقيني : ولو كان جاره مسجداً أو وقفاً على جهة عامة أو على معين فالظاهر أنه كالملك اه . ووقع السؤال عما لو اشترك مسلم وذمي في بناء وجار لهما مسلم هل يهدم أو لا ؟ والجواب أن المتجه أنه يهدم لأنه صدق عليه أنه إعلاء بناء ذمي على جاره المسلم وأنه لا ضمان على الذمي بنقضه آلة المسلم أو تلفها بالهدم وإن كان الهدم بسببه كذا في سم على ابن حجر اه . قوله : ( ويعرفون ) عبارة المنهج وأمرهم بغيار الخ أي ولزمنا أمرهم أي أن الإمام أو نائبه يلزمه أن يأمرهم بما يتميزون به بشرط التكليف وأن يكونوا بدار الإسلام وإلا فلا يجب على الإمام وقوله : لزمنا أمرهم أي من دخل دارنا منهم ولو برسالة أو تجارة وإن قصرت مدّة اختلاطه م ر في شرحه .
قوله : ( أي أهل ) تفسير للواو في يعرفون لكن قوله : إنهم يتميزون ربما يقتضي أنه تفسير لضمير يأمرهم فيكون منصوباً والمكلفون نعت مقطوع . قوله : ( بيهود المدينة ) أي بيهود ما حوالى المدينة من غير الحجاز لأن المدينة أسلم أهلها عليها فلم يبقى بها يهود زمن الصحابة ، فاحتيج لذلك التأويل أو أن ذلك كان قبل تحريم دخولهم الحجاز . قوله : ( والأولى باليهود الأصفر ) هذا هو المعتاد في كل بعد الأزمنة المتقدمة . فلا يرد كون الأصفر ، كان زي النصارى(5/178)
"""""" صفحة رقم 179 """"""
وز ي الملائكة يوم بدر وكأنهم إنما آثروهم به لغلبة الصفرة في ألوانهم الناشئة عن زيادة فساد قلوبهم ولو أرادوا التمييز بغير المعتاد منعوا خشية الالتباس وتؤمر ذمية خرجت بتخالف لون خفيها ومثلها الخنثى شرح م ر قال الرشيدي : عليه بأن يكونا بلونين كل منهما بلون اه . قوله : ( الزنار ) بوزن تفاح ويجمع على زنانير والواو يصح أن تكون على بابها ويكون الجمع بينهما للتأكيد ويصح أن تكون بمعنى أو لأن المقصود حصول التمييز وهو حاصل بأحدهما وعبارة المنهج وشرحه أو زنار بضم الزاي وهو خيط غليظ فيه ألوان تشد في الوسط فوق الثياب فجمع الغيار مع الزنار تأكيد ومبالغة في الشهرة والتمييز وهو المنقول عن عمر رضي الله عنه فتعبيري بأو أولى من تعبيره بالواو اه وقوله : فجمع الغيار مع الزنار أي في عبارة أصله أو فيما يفعل بهم . قوله : ( خيط غليظ ) فيه ألوان شرح المنهج . قوله : ( فوق الثباب ) أي للذكور ويمتنع إبداله بنحو منديل أو منطقة ولا يمنعون من لبس نحو ديباج وطيلسان . واعلم أنهم يمنعون أيضاً من إظهار عيد لهم ، وكذا من نحو لطم ونوح وقراءة نحو توراة ، وإنجيل ولو بكنائسهم ولا يمنعون مما يتدينون به من غير ما ذكر ، كفطر رمضان وإن حرم عليهم من حيث تكليفهم بالفروع ولذلك حرم بيع المفطرات لهم فيه لمن علم ولو بالظن أنهم يتعاطونها نهاراً لأنه إعانة على معصية قوية على الدلالة بالتهاون بالدين . وبذلك فارقت دخولهم المساجد اه ق ل على الجلال .
قوله : ( أما المرأة فتشدّه تحت الإزار الخ ) ردّه ابن حجر بأن فيه تشبيهاً بما يختص عادة بالرجال وقد يقال : جعله تحت الإزار لا يستلزم أن يكون على الوجه المختص بالرجال كما في سم عليه فراجعه . قوله : ( فيه ) أي في الزنار . قوله : ( بمنطقة ) أي تجعل في الوسط وكذا منديل يجعل على الوسط بدله . قوله : ( فيه مسلمون ) وتمنع ذمية من حمام به مسلمة ترى منها ما لا يبدو عند المهنة فلو لم تمنع الذمية حرم على المسلمة الدخول معها حيث ترتب عليه ما ذكر وحرم على زوجها أيضاً تمكينها من الدخول كما في ع ش على م ر . قوله : ( خاتم حديد ) بفتح التاء لا غير ويقال فيه ختم وخاتام وأما خاتم النبيين فيجوز فيه الفتح والكسر اه برماوي .(5/179)
"""""" صفحة رقم 180 """"""
قوله : ( أو رصاص ) بفتح الراء المهملة وكسرها من لحن العامة اه برماوي . قوله : ( والخاتم طوق ) ليس هذا متعيناً بل يصح إبقاء الخاتم على حقيقته . قوله : ( بل يكفي بعضها ) ومن البعض في هذا الزمان العمامة المعتادة لهم الآن وهل يحرم على غيرهم من المسلمين لبس العمامة المعتادة لهم وإن جعل عليه علامة تميز بين المسلم وغيره كورقة بيضاء مثلاً أم لا لأن فعل ما ذكر يخرج به الفاعل عن زي الكفار فيه نظر والأقرب الأول لأن هذه العلامة لا يهتدي فيها لتمييز عن غيره حيث كانت العمامة المذكورة من زي الكفار خاصة وينبغي أن مثل ذلك في الحرمة ما جرت به العادة من لبس طرطور اليهودي مثلاً على سبيل السخرية فيعزر فاعل ذلك اه ع ش على م ر . قوله : ( لفعلة المسلمين ) جمع فاعل كفاسق وفسقة وكافر وكفرة وفاجر وفجرة . قوله : ( كنيسة ) راجع للفعلة والصليب للصياغ . قوله : ( وأما نسج الخ ) تقدم أن الزنار خيط غليظ يشد في الوسط وحينئذ فما معنى نسجه شيخنا العشماوي .
فرع : قال في العباب : ولا يمنع ذمي لبس حرير وتعمماً وتطيلساً وإفطاراً في رمضان اه وعدم منعه من الإفطار لا ينافي حرمته عليه فإنه مكلف بفروع الشريعة ومن ثم أفتى شيخنا م ر رحمه الله بأنه يحرم على المسلم أن يسقي الذمي في رمضان بعوض أو غيره لأن في ذلك إعانة على معصية لكن يشكل عليه أنه يجوز له الإذن في دخول مسجد وإن كان صبياً إلا أن يفرق بأن جهة الفطر أشدّ . وبأنه أدل على التهاون بالدين اه س ل . قوله : ( ويمنعون من ركوب الخيل ) ظاهره ولو انفردوا بقرية في غير دارنا وبحث الزركشي ترجيح الجواز كالبناء كذا في ح ل وعمم ق ل في حاشية الجلال . فقال : ولو في محلة انفردوا بها وقيد البرماوي المنع بكونهم ببلادنا وعبارة الزيادي ونقل شيخنا وغيرهما وجهين بلا ترجيح في منعهم ركوب الخيل إذا انفردوا بقرية في غير دارنا أحدهما لا كإظهار الخمر . والثاني نعم خوفاً من أن يتقووا به على المسلمين قال الزركشي : ويشبه ترجيح الجواز كما في نظره من البناء . اه بحروفه وبحث الأذرعي جواز ركوبهم الخيل النفيسة زمن قتال استعنا بهم فيه . اه س ل وقوله : ) ومن رباط الخيل } ) الأنفال : 60 ) أي حبسها . قوله : ( بإعدادها لإعدائه ) أي فلا يعدّها أعداؤه بأن يمنعوا(5/180)
"""""" صفحة رقم 181 """"""
منها . قوله : ( في نواصيها الخير ) أي فينبغي أن يختص بركوبها من فيه خير وهم المسلمون ولا تناسب أهل الكفر . قوله : ( وهو ما عليه الجمهور ) وقال : الشيخ أبو محمد الجويني يمنعون من الشريفة دون البراذين الخسيسة اه دميري . قوله : ( والبغال ولو نفيسة ) قال بعض أرباب الحواشي : ما لم تصر مركباً للعلماء كما في زماننا وإلا منعوا منها اه لكن في شرح م ر ما يخالفه حيث قال بعد قول المنهاج لا حمير وبغال نفيسة لخستهما ولا اعتبار بطروّ عزة البغال في بعض البلاد على أنهم يفارقون من اعتاد ركوبها من الأعيان بهيئة ركوبهم التي فيها غاية تحقيرهم وإذلالهم . كما قال : ويركبها عرضاً الخ . وقال ع ش : يمنعون من ركوب البغال النفيسة لأنها صارت الآن مركوب العلماء والقضاة اه . ونقله عنه البرماوي .
قوله : ( بإكاف ) هو البرذعة أو ما تحتها . قوله : ( وركاب خشب ) كيف هذا مع أنهم يركبون عرضاً . وأجيب بأن هذا يأتي على القول المفصل الآتي . قوله : ( لا حديد ونحوه ) فيحرم تمكينهم من ذلك لمن قدر عليه من المسلمين برماوي . قوله : ( ولا سرج ) بضم السين والراء المهملتين ويرد عليه أن السرج تكون للخيل وقد علمت أنهم يمنعون من ركوبها فلا فائدة في قوله : ولا سرج . ويجاب بأن المراد منعهم من السرج فيما يمكنون من ركوبه من الخيل وهو البراذين فإنها نوع منها اه . قوله : ( إلى مسافة قريبة ) أي فيركبون عرضاً وقوله : أو بعيدة فيركبون على العادة وهو خلاف الراجح فيركب عرضاً حتى في المسافة البعيدة على المعتمد كما قرره شيخنا العشماوي . قوله : ( ومن اللجم ) جمع لجام . قوله : ( أما النساء ) مفهوم قوله : المكلفون . قوله : ( من خدمة الملوك والأمراء ) أي خدمة تؤدي إلى تعظيمهم كاستخدامهم في(5/181)
"""""" صفحة رقم 182 """"""
المناصب المحوجة إلى تردد الناس إليهم وينبغي أن المراد بالأمراء كل من له تصرف في أمر عام يقتضي تردد الناس عليه كنظار الأوقاف الكبيرة وكمشايخ الأسواق ونحوها وأن محل الامتناع ما لم تدع ضرورة إلى استخدامه بأن لا يقوم غيره من المسلمين مقامه في حفظ المال ع ش على م ر . قوله : ( إلى أضيق ) أي أعسر أي المحل الذي يعسر المشي فيه أي فيحرم إيثارهم لمن قصد تعظيمهم ولا يمشون إلا أفراداً متفرقين أي يمنعون وجوباً كما في ع ش على م ر قال م ر في شرحه : ويلجأ وجوباً عند ازدحام المسلمين بطريق إلى أضيق الطرق لأمره الخ . ثم قال : واعلم أن مقتضى تعبيرهم بالوجوب أخذاً من الخبر أنه يحرم على المسلم عند اجتماعهما في الطريق إيثاره بواسعه لكن يظهر أن محله حيث قصد بذلك تعظيمه أو عدّه العرف تعظيماً له وإلا لم يحرم ولا يتوهم أن هذا من حقوق الإسلام فلا يتأثر برضا المسلم كالتعلية لوضوح الفرق لدوام ضرر ذلك دون هذا فلا ضرر ولئن سلمناه فهو ينقضي عجلاً اه .
قوله : ( بحيث ) تقييد . قوله : ( لا يقعون ) أي الكفار . قوله : ( لا تبدأوا ) وكذا ردّ الإسلام لا يجوز قال النووي في الأذكار : وأما أهل الذمة فاختلف أصحابنا فيهم فقطع الأكثرون بأنه لا يجوز ابتداؤهم بالسلام وقال آخرون : ليس هو بحرام بل مكروه . فإن سلموا على مسلم قال في الرد وعليكم ولا يزيد على هذا قال المتولي : ولو سلم على رجل ظنه مسلماً فبان كافراً يستحب أن يستردّ سلامه فيقول له ردّ علي سلامي والغرض من ذلك أن يوحشه ويظهر له أنه ليس بينهما ألفة ولو أراد تحية ذمي فعلها بغير السلام بأن يقول : هداك الله أو أنعم الله صباحك وهذا لا بأس به وإذا احتاج إليه فيقول : صبحت بالخير أو بالسعادة أو بالعافية أو صبحك الله بالسرور أو بالسعادة والنعمة أو بالمسرة أو ما أشبه ذلك . وأما إذا لم يحتج إليه فالاختيار أن لا يقول شيئاً فإن ذلك تبسط له وإيناس وإظهار صورة ودّ . ونحن مأمورون بالإغلاظ عليهم ومنهيون عن ودهم فلا نظهره وإذا مر على جماعة فيها مسلمون أو مسلم وكفار فالسنة أن يسلم عليهم ويقصد المسلمين أو المسلم وإذا كتب كتاباً إلى مشرك وكتب فيه سلاماً أو نحوه فينبغي أن يكتب ما روي في صحيحي البخاري ومسلم في حديث أبي سفيان في قصة هرقل ( أن رسول الله كتب : من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى ) واعلم أن أصحابنا اختلفوا في عيادة الذمي فاستحبها جماعة ومنعها جماعة . وذكر الشاشي الاختلاف ثم قال : الصواب عندي أن يقال : عيادة الكافر في الجملة والقربة فيها موقوفة على نوع حرمة يقترن بها من جواز أو قرابة وهذا الذي ذكره الشاشي حسن . وينبغي لعائد الذمي أن يرغبه في الإسلام ويبين له محاسنه ويحثه عليه ويحرّضه على معاجلته قبل أن يصير إلى حال لا تنفعه فيها توبته وإن دعا له . دعا له بالهداية ونحوها ، وأما المبتدع ومن(5/182)
"""""" صفحة رقم 183 """"""
اقترف ذنباً عظيماً ولم يتب منه فينبغي أن لا يسلم عليهم ولا يرد عليهم السلام . كذا قاله البخاري وغيره من العلماء فإن اضطر إلى السلام على الظلمة بأن دخل عليهم وخاف ترتب مفسدة في دينه أو دنياه أو غيرهما إن لم يسلم عليهم . قال الإمام أبو بكر بن العربي قال : العلماء يسلم وينوي أن السلام اسم من أسماء الله المعنى : الله عليكم رقيب اه وفيه كلام طويل ينبغي الوقوف عليهم فراجعه . قوله : ( فاضطروهم ) كذا في خط المؤلف والذي في شرح الروض فاضطروه بالإفراد وهو المناسب للتعبير بأحدهم مرحومي . قوله : ( تحرم مودّة الكافر ) أي المحبة والميل بالقلب وأما المخالطة الظاهرية فمكروهة وعبارة شرح م ر وتحرم موادّتهم وهو الميل القلبي لا من حيث الكفر وإلا كانت كفراً وسواء في ذلك أكانت لأصل أو فرع أم غيرهما وتكره مخالطته ظاهراً ولو بمهاداة فيما يظهر ما لم يرج إسلامه ويلحق به ما لو كان بينهما نحو رحم أو جوار اه وقوله : ما لم يرج إسلامه أو يرج منه نفعاً أو دفع شرّ لا يقوم غيره فيه مقامه كأن فوّض إليه عملاً يعلم أنه ينصحه فيه ويخلص أو قصد بذلك دفع ضرر عنه . وألحق بالكافر فيما مرّ من الحرمة والكراهة الفاسق ويتجه حمل الحرمة على ميل مع إيناس له أخذاً من قولهم : يحرم الجلوس مع الفساق إيناساً لهم أما معاشرتهم لدفع ضرر يحصل منهم أو جلب نفع فلا حرمة فيه اه ع ش على م ر . قوله : ( الميل القلبي ) ظاهره أن الميل إليه بالقلب حرام وإن كان سببه ما يصل إليه من الإحسان أو دفع مضرة وينبغي تقييد ذلك بما إذا طلب حصول الميل بالاسترسال في أسباب المحبة إلى حصولها بقلبه وإلا فالأمور الضرورية لا تدخل تحت حدّ التكليف وبتقدير حصولها . ينبغي السعي في دفعها ما أمكن فإن لم يمكن دفعها لم يؤاخذ بها ع ش على م ر . قوله : ( الإساءة الخ ) أي والإحسان الذي منه المودة يجلب المحبة .(5/183)
"""""" صفحة رقم 184 """"""
قوله : ( وحليته ) أي صفته . قوله : ( ويتعرض لسنه ) تفسير لقوله : وحليته . قوله : ( ليعرفه ) أي ليخبره وقوله : بمن أي الذي مات . قوله : ( فيجوز جعله عريفاً ) الأخصر أن يقول : فيجوز كونه كافراً .
خاتمة : نقل الأذرعي عن بعض حنابلة عصره أنه أفتى بمنع اليهود والنصارى من التسمية بمحمد وأحمد وأبي بكر وعمر والحسن والحسين ونحوها وأن بعض الشافعية تبعة ثم قال الأذرعي : ولا أدري من أين لهم ذلك وإن كانت النفوس تميل إلى المنع من الأولين خوف السب والسخرية . وأما غير ذلك من الأسماء فلا أدري له وجهاً نعم روي أن عمر نهى نصارى الشأم أن يكتنوا بكنى المسلمين ويقوّي ذلك فيما تضمن مدحاً كأبي الفضل والمحاسن والمكارم فإن دلت قرينة على نحو استهزاء واستخفاف بنا منعوا فإن سموا أولادهم فلا لقضاء العادة بأن الإنسان لا يسمي ولده إلا بما يحب اه مناوي على الجامع وذكره الشبراملسي اه .(5/184)
"""""" صفحة رقم 185 """"""
( كتاب الصيد والذبائح
أي ما يحل منهما وما لا يحل . قوله : ( على المصيد ) وهو الحيوان وإنما أوّل باسم المفعول ليناسب الذبائح . ولأجل قوله : إن قدر عليه الخ ق ل . قوله : ( ولما كان الصيد مصدراً ) لا ينافيه كونه بمعنى المصيد لأن كلامه هنا بالنظر لأصله فلا يعترض بأنه بمعنى المصيد في كلامه . قوله : ( فاصطادوا ) والأمر بالاصطياد يقتضي حل المصيد والأمر فيه للإباحة . وقوله : إلا ما ذكيتم مستثنى من المحرمات في الآية أي من بعضها وهو الأربعة الأخيرة فيفيد حل المذكيات شوبري . قوله : ( هنا ) وجهه أن الجهاد تارة يكون فرض كفاية وتارة فرض عين وطلب الحلال أي معرفته فرض عين فناسب ضم فرض العين إلى فرض العين . ز ي وعبارة ق ل على الجلال ذكره هنا عقب الجهاد لما فيه من الاكتساب بالاصطياد المشابه للاكتساب بالغزو . وذكره في الروضة وغيرها عقب ربع العبادات لأنه عبادة . قوله : ( قال : ابن قاسم ) أي الغزي لأن العبادي تلميذ للخطيب . قوله : ( فرض عين ) أي والعبادة فرض عين كالصلاة والصوم والزكاة . قوله : ( بالمعنى الحاصل بالمصدر ) وهو الانذباح الذي هو أثر الفعل الحاصل في المذبوح وإنما فسره بهذا ليفارق الذبح الذي هو أحد الأركان ، لئلا يلزم اتحاد الجزء ، والكل رشيدي والمراد بكونها أركاناً له أنه لا بد لتحققه منها وإلا فليس واحد منها جزءاً منه ع ش . قوله : ( وما قدر ) هذا هو الركن الأول وقوله : أي ذبحه مراده به ما يشمل النحر وقوله : في حلقه أي في صورة الذبح وقوله : ولبته أي في صورة النحر ، كما في(5/185)
"""""" صفحة رقم 186 """"""
الإبل والواو بمعنى أو . قوله : ( والثاني ) جعله ثانياً باعتبار تفصيل الأركان في المتن وإن كان ثالثاً في الإجمال عند ذكر الأركان . قوله : ( وهو الذبح والذبيح ) راجع للأول والثاني على اللف والنشر المرتب . قوله : ( قصد ) أي قصد العين أو الجنس بالفعل شرح المنهج فلو أجال بسيفه فأصاب مذبح صيد أو أرسل سهمه في ظلمة راجياً صيداً فقتله ، حرم سم . وعبارة ح ل أي قصد العين وإن أخطأ في ظنه أو الجنس أي الحقيقة الصادقة بالكل من الأفراد وببعضها وإن أخطأ في الإصابة اه .
فرع : وقع السؤال في الدرس عما لو صال عليه حيوان مأكول ، فضربه بسيف فقطع رأسه ، هل يحل أو لا ؟ فيه نظر والظاهر الأول لأن قصد الذبح لا يشترط وإنما يشترط قصد الفعل وقد وجد بل وينبغي أن مثل قطع الرأس ما لو أصاب غير عنقه كيده مثلاً فجرحه ، ومات ولم يتمكن من ذبحه لأنه غير مقدور عليه اه ع ش على م ر . قوله : ( وغابت عنه ) أي قبل جرحه أما لو بلغ منه مبلغ الذبح وهو يراه ثم غاب عنه ثم وجد ميتاً حل قطعاً لأنه قد صار مذكى عند مشاهدته فلم يحرم ما حدث بعده وعبارة المنهاج وغاب وهي أولى . قوله : ( هو ما عليه الجمهور ) معتمد . قوله : ( ظباء ) بالمد اه م د . قوله : ( فأصاب غيرها ) أي ولو من غير الجنس اه ز ي لأن القصد وقع في الجملة . قوله : ( ولا اعتبار بظنه ) واعلم أن الصور ثلاثة لأنه إما أن يخطىء في الظن فقط أو في الإصابة فقط أو فيهما فإن أخطأ في الظن فقط أو في الإصابة فقط ، فهو حلال وقد ذكرهما الشارح ، أما إذا أخطأ فيهما فإن كان ظاناً للمحرم فلا يحل وإن كان ظاناً للحلال فيحل فالخطأ فيهما فيه صورتان وقد ذكرهما س ل . بقوله : ولو قصد وأخطأ في الظن والإصابة معاً كمن رمى صيداً ظنه حجراً أو خنيزيراً فأصاب صيداً غيره(5/186)
"""""" صفحة رقم 187 """"""
حرم لأنه قصد محرماً فلا يستفيد الحل لا عكسه بأن رمى حجراً أو خنزيراً ظنه صيداً فأصاب صيداً فإنه يحل لأنه قصد مباحاً اه ومثله في شرح الروض .
قوله : ( وما لم يقدر على ذكاته ) أي وقت الإصابة كما في البرماوي قال الشيخ س ل : فلو رمى غير مقدور عليه فأصابه وهو مقدور عليه أو عكسه اعتبر حال الإصابة اه . قوله : ( لكونه ) لو قال ككونه بالكاف لكان أولى ليشمل البعير النادّ والواقع في بئر وكان يستغنى عن قوله الآتي ولو توحش الخ . قوله : ( في أي موضع الخ ) لا حاجة إليه مع قول المتن حيث قدر عليه أي في أي موضع قدر على العقر . والحاصل أن قوله : أي موضع كان هو معنى قول المتن : حيث قدر عليه لأن معناه في أي محل من بدنه الخ . فلو أخرها الشارح وشرح بها المتن وحذف لفظ الظفر لكان أولى والتكرار بالنظر للظاهر وإلا فالشارح فرض كلامه أوّلاً في المتوحش الأصلي وجعل قول المتن : حيث قدر عليه ، متعلقاً بمسألة ما إذا كان إنسياً فتوحش فلا تكرار وعلى كل فالأولى حذف قوله : بالظفر لأنه يوهم أنه مقدور عليه وبعد هذا كله فقوله : في أي موضع كان أي مما ينسب إليه الزهوق لا نحو حافر ، وخف كذا صرح به البرماوي .
قوله : ( كبعير ندّ ) أي شرد قال في المصباح : ند البعير نداً من باب ضرب ونداداً بالكسر ونديداً نفر وذهب إلى وجهه شارداً فهو نادّ والجمع ندّاد . قوله : ( حيث قدر عليه ) أي إن قدر على العقر بسبب الظفر به وحينئذ لا يتكرر هذا مع قول الشارح : في أي موضع كان . قوله : ( ما لو تردى ) أي سقط وإنما أفرده لكونه فيه خلاف وما قبله باتفاق . قوله : ( والفرق الخ ) فيه أن الحديد يستباح به الذبح مع القدرة لكن بكيفية مخصوصة ، وهي قطع الحلقوم ، والمريء ، والمدّعي هنا الإباحة مطلقاً . قوله : ( مع القدرة ) أي فيستباح به مع العجز اه ز ي . قوله : ( ولو دخلت الخ ) محله إذا شككنا هل صادفته حياً أم لا أما إذا علمنا إنها صادفته حياً وشككنا هل مات(5/187)
"""""" صفحة رقم 188 """"""
بها أو بثقل الأعلى حل شرح الروض . قوله : ( لأنه أوحى ) أي أسرع وأسهل والمريء تحت الحلقوم . قوله : ( مع وجود الحياة المستقرة ) ولا يشترط كون القطع في دفعة واحدة بل يجوز التعدد بشرط أن يبقى في المذبوح حياة مستقرة ولو عند ابتداء الوضع في آخر مرة ق ل .
قوله : ( أوّل قطعهما ) أي إن أسرع في الذبح فقطع الحلقوم والمريء دفعة وإلا اشترطت عند آخر قطع . قوله : ( لأن الذكاة صادفته وهو حي كما لو قطع يد حيوان الخ ) هذا التعليل والتنظير ذكرهما م ر في غير هذه الصورة التي قبلهما وعبارة شرح م ر ولو ذبحه : من قفاه أو من صفحة عنقه ، عصى للعدول عن محل الذبح . ولما فيه من التعذيب فإن أسرع في ذلك فقطع الحلقوم والمريء وبه حياة مستقرة ولو ظنا بقرينة حل لمصادفة الذكاة له وهو حي كما لو قطع يده ثم ذكاه ، وإلا بأن لم يبق فيه حياة مستقرة بل وصل إلى حركة المذبوح لما انتهى إلى قطع المريء فلا يحل لصيرورته ميتة . وكذا إدخال السكين بأذن ثعلب مثلاً ليقطع حلقومه ومريئه داخل الجلد لأجل جلده ففيه التفصيل المارّ اه . وهو أنسب من صنيع الشارح . قوله : ( ثم ذكاه ) أي فإنه يحل دون اليد . قوله : ( فإن لم يسرع قطعهما الخ ) أي لأنه يجب أن يسرع الذابح في الذبح فلو تأنى بحيث ظهر انتهاء الشاة قبل قطع المذبح إلى حركة مذبوح لم تحل لتقصيره اه ز ي والواو في قوله : ولم تكن بمعنى أو وفي نسخة فإن شرع في قطعهما وعليها فالواو ظاهرة وعبارة ع ش على م ر ولا يضر رفع السكين وإعادتها فوراً ولا قلبها ليأخذ عليها ما بقي من الحلقوم والمريء ولا إلقاؤها ليأخذ غيرها ولا يشترط فيما ذكر حياة مستقرة وإنما يشترط قصر الفصل عرفاً اه بحروفه اه م د ويدل على ذلك قول الشارح لوجود الحياة المستقرة أوّل قطعهما ولو شك بعد وقوع الفعل منه هل هو محلل أو محرم فهل يحل ذلك أو لا ؟ فيه نظر والأقرب الأول لأن الأصل وقوعه على الصفة المجزئة .(5/188)
"""""" صفحة رقم 189 """"""
فرع : يحرم ذبح الحيوان غير المأكول ولو لإراحته كالحمار الزمن مثلاً لأنه تعذيب له .
فرع : لو اضطر شخص لأكل ما لا يحل أكله فهل يجب عليه ذبحه لأن الذبح يزيل العفونة أو لا لأن ذبحه لا يفيد ؟ وقع في ذلك تردد والأقرب عدم الوجوب لأن ذبحه لا يزيد على قتله بأي طريق اتفق لكن ينبغي أنه أولى لأنه أسهل لخروج الروح ، اه ع ش على م ر . قوله : ( لم يحل ) أي لأنه من اجتماع مقتض ومانع فيغلب المانع اه . قوله : ( ولو عرفت الخ ) الأولى أن يقول : كشدة الحركة الخ ويكون مثالاً للقرينة . قوله : ( ومحل ذلك ) أي اشتراط كون الحياة مستقرة قطعاً أو ظناً المذكور في كلام غيره كشيخ الإسلام في شرح البهجة . ثم قال : واعتبرت الحياة المستقرة ليخرج ما إذا فقدت . وكان فقدها لسبب من جرح أو انهدام سقف أو أكل نبات ضارّ لوجود ما يحل عليه الهلاك . أما إذا كان لمرض فيحل مع فقدها اه . فالحاصل أنها لا تشترط إلا عند تقدم ما يحال عليه الهلاك والمراد بالحياة المستقرة ، ما يوجد معها الحركة الاختيارية ، بقرائن وأمارات فغلب على الظن بقاء الحياة ، ومن أمارتها انفجار الدم بعد قطع الحلقوم والمريء والأصح الاكتفاء بالحركة الشديدة وأما الحياة المستمرة فهي الباقية إلى خروجها بذبح أو نحوه . وأما حركة عيش المذبوح فهي التي لا يبقى معها سمع ولا إبصار ولا حركة اختيار اه شرح م ر وقد نظم ذلك بعضهم فقال :
حياة لها استمرار إن بقيت إلى
فراغ لآجال تموت لقد ظهر
وصفها بالاستقرار إن وجدت بها
صفات اختيار مع قرائن تعتبر
وعيشة مذبوح فسم إذا خلت
عن السمع أو نحو اختيار كذا البصر
وكان الصواب أن يقول : ومحل ذلك عند تقدم الخ كما عبر به غيره . والحاصل أن الحيوان سواء المأكول والآدمي إذا صار آخر رمق إن كان ذلك من سبب يحال عليه الهلاك ،(5/189)
"""""" صفحة رقم 190 """"""
كان كالميت ومعناه في المأكول ، أنه إذا ذبح في هذه الحالة لا يحل وفي الآدمي أنه يجوز أن تقسم التركة في تلك الحالة وإذا وضعت المرأة في تلك الحالة فتنقضي عدتها أو كان ذلك بلا سبب يحال عليه الهلاك كان كالحي ، ومعناه في المأكول أنه إذا ذبح في هذه الحالة حل وفي الآدمي أنه لا تنقضي عدة امرأته إذا وضعت في تلك الحالة وكذا جميع أحكام الميت . قوله : ( ما لم يتقدمه ) عبارة غيره ومحل ذلك عند تقدم ما يحل الخ . س ل وأقره ع ش وهذا هو المناسب لقول الشارح فإن مرض . قوله : ( لم يحل ) أي ما لم توجد بعد ذبحه حركة شديدة أو انفجار دم على المعتمد كما قاله ع ش على م ر قوله : ( فإن مرض ) استدرك بهذا في شرح المنهج على اشتراط الحياة المستقرة وقوله : سبب أي فعل كما عبر به في شرح المنهج وإلا فالسبب موجود هنا وهو المرض . قوله : ( حلّ ) أي وإن لم يسل دم ولم يتحرك ز ي .
قوله : ( ولو مرض بأكل نبات مضرّ الخ ) ومن ذلك النفاخ الحاصل من أكل الرّبة وعبارة حج ولو كان مرضه بسبب أكل نبات مضرّ كفى ذبحه لأنه لم يوجد ما يحال عليه الهلاك فعلم أن النبات المؤدي أكله لمجرد المرض لا يؤثر بخلاف المؤدي للهلاك أي غالباً فيما يظهر إذ لا يحال عليه الهلاك إلا حينئذ اه وفي شرح سم أو انتهى الحيوان عند ابتداء القطع إلى حركة مذبوح بنحو جرح أو انهدام سقف أو أكل نبات مضرّ أو نحوها حرم بخلاف ما لو انتهى إلى ذلك وإن كان سببه أكل نبات مضرّ وهذه مخالفة لكلام الشارح والمعتمد ما في الشارح كما في حاشية ق ل م د وعبارة ع ش على م ر وقد صرح بأنها لو وصلت إلى حركة مذبوح بسبب يحال عليه الهلاك فحصل منها حركة شديدة في الحال ثم ذبحت لم تحل بخلاف ما إذا وصلت إلى حركة المذبوح وليس فيها تلك الحركة ثم ذبحت فاشتدت حركتها أو انفجر دمها فتحل اه . قوله : ( فلم يحل على المعتمد ) أي ما لم توجد الحركة الشديدة أو انفجار الدم على المعتمد كما في ع ش . قوله : ( ولا يشترط في الذكاة قطع الجلدة الخ ) ولو خلق له رأسان وعنقان في كل عنق حلقوم ومريء فينبغي أن يقال : إن كانا أصليين فلا بد من قطع كل حلقوم ومريء من كل عنق ، وإن كان أحدهما زائداً فإن علم فالعبرة بالأصلي وإن اشتبه بالأصلي لم يحل بقطع أحدهما لاحتمال أنه الزائد ولا بقطعهما إذ لم يحصل الزهوق بمحض الذبح الشرعي بل به وبغيره وهو قطع الزائد وذلك يقتضي التحريم كما لو قارن الذبح جرحه أو نسخه(5/190)
"""""" صفحة رقم 191 """"""
في محل آخر ويحتمل أن يحل بقطعهما . لأن الزائد من جنس الأصلي ، لو خلق له مرئيان فينبغي أن يقال : إن كانا أصليين وجب قطعهما وإن كان أحدهما زائداً فالعبرة بالأصلي فإن اشتبه بالزائد لم يحلّ بقطعهما ولا بقطع أحدهما على قياس ما تقدم ، ولو خلق حيوانان ملتصقان ، وملك كل واحد واحد فهل لكل مالك ذبح ملكه ، أو فصله من الآخر وإن أدى إلى موت الآخر أو تلف عضو منه أو منفعته . كما أن للإنسان أن يتصرف في ملكه على العادة وإن أدى إلى تلف ملك جاره وأخذاً من قول ابن القطان : إن للبدنين الملتصقين حكم الشخصين في سائر الأحكام أو لا فيه نظر والأوّل غير بعيد اه حج . قوله : ( ويسن نحر إبل ) وهو الطعن بما له حديد في المنحر وهو وهدة في أعلى الصدر وأصل العنق ولا بد من النحرمن قطع كل الحلقوم والمريء اه ز ي مع زيادة من شرح م ر . قوله : ( في اللبة ) أي مع الحلقوم والمريء كما تقدم واللبة بفتح اللام . قوله : ( أسهل لخروج الروح ) ووجهه أن الروح تخرج مما نفذ بسبب النحر وظاهر أنه أقرب من الحلقوم والمريء وهذا خاص بغير الآدمي أما هو فإن روحه تخرج من يافوخه كما أنه أوّل ما تحل فيه . قوله : ( لطول عنقها ) وهل المراد بالنحر غرزه الآلة في اللبة أو ولو بالقطع عرضاً ح ل .
قوله : ( ويسن ذبح بقر ) أي لا نحرها في اللبة فالسنة هي العدول عن اللبة إلى أعلى العنق . قوله : ( ويجوز بلا كراهة ) لكنه خلاف الأولى شرح م ر . قوله : ( عكسه ) وهو الذبح في الإبل والنحر في البقر وما عطف عليها خلافاً للإمام مالك ، حيث قال : لا يجوز ذبح الإبل ولا نحر البقر والغنم . لكن قال ابن المنير : لا أعلم أحداً حرّم ذلك وإنما كرهه مالك فقط اه برماوي . قوله : ( معقولة ) بالنصب على أنه خبر ثان لا على الحال لإضافته إلى معرفة برماوي . قوله : ( أي قيام ) الأولى أن يقول : أي قياماً لأنه تفسير لصوافّ فإن خيف نفارها فباركة غير مضجعة برماوي وسم . قوله : ( لجنبها الأيسر ) لأنه أسهل على الذابح في أخذ الآلة باليمين(5/191)
"""""" صفحة رقم 192 """"""
وإمساك رأسها باليسار فلو كان أعسر استحب له استنابة غيره ولا يضجعها على يمينها ، كما أن مقطوع اليمين لا يشير في الصلاة بسبابة اليسرى شوبري ورملي . قوله : ( أن يحد الخ ) ولو ذبح بسكين كالة حل بشرطين أن لا يحتاج القطع إلى قوّة الذابح وأن يقطع الحلقوم والمريء قبل انتهائه ، إلى حركة مذبوح اه س ل ويندب إمرارها برفق وتحامل يسير ذهاباً وإياباً ويكره أن يحدها قبالتها وأن يذبح واحدة والأخرى تنظر إليها ويكره له إبانة رأسها حالاً وزيادة القطع وكسر العنق وقطع عضو منها وتحريكها ونقلها حتى تخرج روحها . والأولى سوقها إلى المذبح برفق وعرض الماء عليها قبل ذبحها شرح م ر . قال ع ش عليه والمخاطب بالأولوية مالكها إن باشر الذبح ومقدماته فإن فوّض أمر الذبح إلى غيره وسلمها له طلب منه فعل ذلك كله اه .
قوله : ( سكينة ) سميت لأنها تسكن الحرارة الغريزية ومدية لأنها تقطع مدّة الحياة وشفرة لإذهابها الحياة ، من شفر المال ذهب لأنها تذهب حياة صاحبها اه . قوله : ( فإذا قتلتم ) أي قصاصاً أو حداً إذ لا قتل في الشرع غير ذلك وقوله : فأحسنوا القتلة يستثنى منه قتل قاطع الطريق بالصلب والزاني المحصن بالرجم لورود النص بذلك قيل : ونحو حشرات وسباع والفواسق الخمس لأنها مؤذية وقيل خرجت بالنص فلا حظ لها في الإحسان وفيه نظر إذ جواز قتلها أو وجوبه لا ينافي إحسان كيفيته وإحسان القتلة ، اختيار أسهل الطرق وأخفها إيلاماً وأسرعها إزهاقاً وأسهل وجوه قتل الآدمي ضربه بالسيف في العنق ، ولذا يكره قتل القمل والبق ، والبراغيث ، وسائر الحشرات بالنار لأنه من التعذيب وفي الحديث ( لا يعذب بالنار إلا رب النار ) قال الجزولي وابن ناجي : وهذا ما لم يضطر لكثرتهم فيجوز حرق ذلك بالنار لأن في تنقيتها بغير النار حرجاً ومشقة ويجوز نشرها في الشمس قال الأفقسهي : وقتلها بغير النار بالقعص أي القصع والفرك جائز لقوله : وقد سئل عن حشرات الأرض تؤذي أحداً فقال : ( ما يؤذيك فلك أذيته قبل أن يؤذيك ) وما خلق للأذية فابتداؤه بالأذية جائز اه شبرخيتي . قوله : ( وإذا ذبحتم ) ما يحل ذبحه من البهائم فأحسنوا الذبحة بالكسر هيئة الذبح وجاء في بعض الروايات ( فأحسنوا الذبح ) بفتح الذال وكسرها وهو المصدر وهي التي في أكثر نسخ صحيح مسلم ، وإحسان الذبح في البهائم الرفق بها فلا يصرعها بعنف . وإيضاح المحل بأن يأخذ بيده اليسرى جلد حلقها من لحيها الأسفل بالصوف أو غيره حتى يظهر من البشرة موضع الشفرة ويضجع ما يراد ذبحه على شقة الأيسر لأنه أمكن للذابح حيث كان يفعل باليمين أكثر أو كان أضبط وهو الذي يفعل بيديه جميعاً ، وأما الأعسر فيضجعها على الأيمن والنية والتسمية مع الذكر وقطع الحلقوم والودجين ويكون ذلك من المقدم لا من القفا اه شبرخيتي وقوله : وأما الأعسر فيضجعها على الأيمن لعله جرى في ذلك على مذهب مالك . وإلا فقد تقدم عن شرح(5/192)
"""""" صفحة رقم 193 """"""
م ر أنه يستحب له استنابة غيره ولا يضجعها على يمينها وقوله : وقطع الحلقوم والودجين ولا يحرم قطع ما زاد ولو بانفصال رأسه وقال مالك بوجوب قطع الودجين دون الحلقوم والمريء وقال أبو حنيفة بوجوب قطع الودجين أيضاً ولو ذبحه بآلتين من خلف وأمام فالتقيا لم يحل كما لو أخرج شخص حشوته أي مصارينه أو نخسه في خاصرته حال ذبحه كما قاله البرماوي : وعبارة ع ش على م ر والزيادة على الحلقوم والمريء والودجين قيل : بحرمتها لأنه زيادة في التعذيب والراجح الجواز مع الكراهة .
قوله : ( وليحد ) بسكون اللام وضم الياء من أحدّ وبفتحها من حد والشفرة بفتح الشين المعجمة وقد تضم وهي السكين العريضة ، وأصل الشفرة حد السكين وشفرة السيف حده وشفير جهنم ، حرفها وشفير الوادي طرفه وشفير العين منبت شعر الجفن والإحداد واجب في الكالة ومندوب في غيرها ويندب مواراتها عنها في حال إحدادها ، فيكره أن يحدها قبالتها فقد روي : ( أنه مر برجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحدّ شفرته وهي تلحظ إليها ببصرها فقال له : أتريد أن تميتها موتتين هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها ؟ ) . اه . شبرخيتي مع زيادة . قوله : ( ذبيحته ) أي مذبحها فقط . لا يقال : ينبغي أن يكره لأنه حالة إخراج نجاسة كالبول لوضوح الفرق بأن هذا حالة يتقرب إلى الله بها . ومن ثم سن فيها ذكر الله بخلاف تلك شوبري . وهذا ظاهر إن كانت الذبيحة للتقرب كالأضحية . قوله : ( للقبلة ) وهو في الهدي والأضحية آكد برماوي .
قوله : ( وأن يقول عند ذبحها ) أي وإرسال الجارحة . قوله : ( بسم الله ) والأكمل بسم الله الرحمن الرحيم وقيل لا يقول الرحمن الرحيم لأن الذبح فيه تعذيب والرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن الرحيم لا يناسبانه . وقيل : يأتي بهما لأن في الذبح رحمة للآكلين فعن بعض العلماء أن القصاب إذا سمى الله عند الذبح قالت الذبيحة أخ أخ وذلك أنها استطيبت الذبح مع ذكر الله تعالى ، وتلذذت وقال المالكية : لا يزيد الذابح الرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن الرحيم لأن في الذبح تعذيباً وقطعاً والرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن الرحيم اسمان رقيقان ولا قطع مع الرقة ، ولا عذاب مع الرحمة . ولذلك قال نوح لأصحابه : ) اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها } ) هود : 41 ) ولم يقل بسم الله الرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن الرحيم ، لأن الرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن الرحيم من الرحمة . وكان في قصة نوح هلاك قومه أي هلاك من لم يركب فيها والرحمة لا تقتضي الهلاك ويكره تعمد تركها أي البسملة فلو تركها ولو عمداً حلت خلافاً للإمام أبي حنيفة . لأن الله تعالى أباح لنا ذبائح أهل الكتاب بقوله : ) وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } ^(5/193)
"""""" صفحة رقم 194 """"""
( المائدة : 5 ) وهم لا يذكرونها وأما قوله تعالى : ) ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } ) الأنعام : 121 ) فالمراد ما ذكر عليه اسم غير الله يعني ما ذبح للأصنام بدليل قوله : ) وما أهل لغير الله به } ) الأنعام : 145 ) وسياق الآية دال عليه فإنه قال : ) وإنه لفسق } ^ والحالة التي يكون فيها فسقاً هي الإهلال لغير الله تعالى : ) أو فسقاً أهل لغير الله به } ) الأنعام : 145 ) والإجماع قام على أن من أكل ذبيحة مسلم لم يسمّ الله عليها ليس بفسق وقال الإمام أحمد المراد به الميتة بدليل قوله تعالى : ) وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } ^ وذلك لأنهم كانوا يقولون : كلوا ما قتلتم أي ذكيتم ولا تأكلوا ما قتل الله يعني الميتة . ويسن في الأضحية أن يكبر الله تعالى ثلاثاً قبل التسمية وبعدها . كذلك وأن يقول : اللهم هذا منك وإليك فتقبله مني ويأتي ذلك في كل ذبح هو عبادة اه . برماوي .
قوله : ( ولا يقل بسم الله واسم محمد ) أي لا يجوز ذلك ولا تحرم الذبيحة حينئذ ، فإن قصد التشريك حرمت الذبيحة . فإن أراد أذبح باسم الله وأتبرك باسم محمد . فينبغي أن لا يحرم وإن كان مكروهاً . شرح المنهج مع ز ي ملخصاً وعبارة الروض : ولا يجوز أن يقول الذابح ، أي والصائد كما في أصله باسم محمد ولا باسم الله واسم محمد أي ولا باسم الله ورسول الله بالجر كما في أصله للتشريك . فإن قصد التبرك فينبغي أن لا يحرم كقوله : بسم الله ومحمد رسول الله برفع محمد اه . والحاصل أن الصور ثلاثة : ففي صورة الإطلاق يحرم مع حل الذبيحة وإذا أراد التشريك يكفر ، وتحرم الذبيحة وإن أراد وأتبرك باسم محمد كره مع حل الذبيحة ، وبخط الزيادي خارج الحاشية ما نصه ، قال شيخنا : أفتى أهل بخارى بتحريم ما يذبح عند لقاء السلطان تقرباً إليه . قوله : ( ويجوز الاصطياد الخ ) . والإوز العراقي المعروف يحل اصطياده وأكله ولا عبرة بما اشتهر على الألسنة من أن له ملاكاً معروفين ؛ لأنه لا عبرة بذلك . وبتقدير صحته فيجوز أن ذلك الإوز من المباح ، الذي لا مالك له . فإن وجد به علامة تدل على الملك كخضب وقصّ جناح فينبغي أن يكون لقطة كغيره مما وجد فيه ذلك اه . ع ش على م ر . وقوله : لقطة كيف هذا مع أن العراق بعيد ، وأصحابه غير موجودين عندنا . وأيضا العادة جارية برجوعه لبلاد تأمل .
قوله : ( أي أكل المصاد ) هذا لا يناسب قوله : لمن تحل ذكاته لا لغيره لأن أكل المصاد يجوز مطلقاً حتى لمن لا تحل ذكاته إذا كان الصائد غيره فلعل اللام في قوله : لمن تحل بمعنى من تأمل وعبارة ق ل قوله : أي أكل المصاد لو أسقط لفظ أكل لكان أولى ، لأنه ليس في تفسير الاصطياد ، الذي فسره بالمصاد ولو أبقي كلام المصنف على حقيقته وجعل المصيد معلوماً من حل الاصطياد لكان أولى وأنسب بل صواباً . وما ذكره بعده مبني على تفسيره المذكور اه .(5/194)
"""""" صفحة رقم 195 """"""
قوله : ( بالشرط الآتي ) أي جنس الشرط فيشمل الشروط الأربعة الآتية في قوله : وشرائط تعليمها قوله في غير المقدور عليه متعلق بيجوز . وقوله : أي جنس الشرط الخ . ويمكن أن يراد بالشرط الآتي أن لا يدرك فيه حياة مستقرة المفهوم من قول المصنف إلا أن يدرك حياً الخ . لأنه حينئذ لا يحل إلا بذبحه تأمّل . قوله : ( سمي بذلك لجرحه الخ ) فيه قصور لأنه سيأتي أن الميت بقتل الجارحة حلال ولو من غير جرح وفي المصباح الجارحة تطلق على الذكر وغيره ، مأخوذة من الجرح وهو الكسب لأنها تكسب الصيد على صاحبها ومنه قوله تعالى : ) ويعلم ما جرحتم } ) الأنعام : 60 ) أي ما كسبتم . قوله : ( معلمة ) كان الأولى تأخيرها عن جوارح الطير لأنه شرط فيها أيضاً إلا أن يقال : إن الصفة المتوسطة تعود لما بعدها أيضاً عند الأصوليين . قوله : ( والطير ) الأولى إسقاطه لأن هذه الشروط بتمامها لا تشترط في الطير على المعتمد . قوله : ( معلمة ) فيه نظر لأن فيه أخذ معلمة في شرائط التعليم . فكان الأولى حذف قوله معلمة لأن التعليم محل الشروط لأنه واحد منها ولا يضر كون معلمها مجوسياً . قوله : ( أي أرسلها صاحبها ) المراد من هي معه ولو غاصبها فالإضافة لأدنى ملابسة . قوله : ( مكلبين ) أي معلمين وهو بكسر اللام اسم فاعل حال من تاء علمتم أي حال كونكم مرسلين لها . وقال البرماوي : إنه بفتح اللام من التكليب وهو الإغراء وفي شرح ابن حجر مكلبين أي مؤتمرين بالأمر ، منهيين بالنهي ومن لازم هذا أن ينطلق بانطلاقه . اه . قوله : فهو مكلب أي معلم . قوله : ( لم تأكل ) أي ولم تقاتل صاحبها حين أخذه منها . قوله : ( وحشوته ) حشوة البطن بكسر الحاء وضمها أمعاؤه اه . مختار . قوله : ( أو عقبه ) أما إذا أكلت منه بعد ما سكن غضبها فلا يضر وعبارة سم أي لا بعد انصرافها . وطول الزمن عرفا اه .(5/195)
"""""" صفحة رقم 196 """"""
قوله : ( وما قررت به كلام المصنف ) حيث قال : أي جارحة السباع والطير والأولى أن يذكر هذا بعد الشرط الرابع لأن الخلاف جار فيه أيضاً . قوله : ( وهذا هو المعتمد ) ضعيف . قوله : ( ترك الأكل ) ويشترط أيضاً أن تهيج عند الإغراء . وهذا هو المعتمد ففيها أمران ترك الأكل وأن تهيج عند الإغراء ، فإن لم تهج عنده لم يحل المصاد اه . برماوي . قوله : ( الخشني ) بضم الخاء وفتح الشين المعجمتين نسبة إلى خشينة كجهينة حيّ من العرب . قوله : ( فأدركت ذكاته ) أي فذكيته الخ . قوله : ( مع تفصيل ) وهو قوله : ومحل ذلك الخ . قوله : ( ولو ظهر بما ذكر من الشروط ) ومثل الأكل ما إذا اختل شرط آخر ، فالحكم كذلك . قوله : ( لم يحل ذلك الصيد في الأظهر ) أي وضرّ ذلك في تعليمها فيستأنف ، كما يدل على ذلك قوله : فإن استرسلت الخ . ولا بد من هذه الزيادة لصحة المقابلة في كلامه فيكون اسم الإشارة ، أي قوله هذا إذا أرسلها الخ ، راجعاً للضرر في تعليمها الملاحظ في كلامه وعبارة المنهج ولو تعلمت ثم أكلت من صيد حرم ، واستؤنف تعليمها اه . ونبه بقوله : ذلك الصيد على أنه لا ينعطف التحريم على ما قبله وهو كذلك اه . م ر .(5/196)
"""""" صفحة رقم 197 """"""
قوله : ( الفرث ) بفتح الفاء وبالمثلثة أي الكرشة . قوله : ( ومعض الكلب ) أي محل عضه . قوله : ( والأصح أنه لا يعفى عنه ) وقيل : يعفى عنه مع الحكم بنجاسته . وقوله : وأنه يكفي أي والأصح أنه يكفي الخ وقيل : يكتفي بغسلة وقوله : وأنه لا يجب أن يقوّر أي والأصح أنه لا يجب أن يقور ، وقيل : يجب التقوير والطرح . والحاصل أن في المعض خمسة أوجه : أصحهما أنه كغيره ثانياً يغسل مرة . ثالثها أنه طاهر . رابعها معفوّ عنه مع نجاسته ، خامسها وجوب تقويره . قوله : ( في الركن الثالث ) أي بعضه وبعضه الآخر . تقدم وهو الجارحة وتسميته ثالثاً باعتبار تفصيل الأركان وإن كانت الآية ثانياً عند إجمال الأركان .
قوله : ( كمحدد حديد ) بالإضافة وهي على معنى من سمي بذلك لأن الحدّ لغة المنع وهو يمنع من وصول السلاح إلى البدن . ومثله نحاس وإنما قال كمحدد ؛ لأنه لا بد منه وإلا لفهم إجزاء الحديد ، بلا تحديد وليس كذلك . ومما له حدّ المحار فيحل الذبح به ، لأنه ليس بسنّ ولا عظم وكذلك الشعر إذا كان له حدّ وذبح به ، لا على وجه الخنق كما في ع ش على م ر ونصه . وينبغي أن من المحدّد ما لو ذبح بخيط يؤثر مروره على حلق نحو العصفور كتأثير السكين فيه فيحل المذبوح به . قوله : ( إلا بالسنّ ) دخل في المستثنى منه الخبز إذا كان محدّداً فيحل الذبح به وإن حرم من جهة تنجيسه سم ز ي . قوله : ( ما أنهر الدم ) أي ما أسال أي مذبوح ما أنهر الخ . لأنه الذي يؤكل شبه الإسالة بالإنهار واستعار الإنهار للإسالة ، واشتق من الإنهار أنهر بمعنى أسال فيكون استعارة تصريحية تبعية وكلمة ما موصولة مبتدأ والخبر فكلوه أو شرطية والفاء في جواب الشرط أو المعنى فكلوا مذبوحه ولا يقدر في الأول .
قوله : ( وذكر اسم الله عليه ) أي المنهر المفهوم من أنهر وتمسك به من اشترط التسمية كمالك وأبي حنيفة ، ومذهب الشافعي أن التسمية سنة وعبارة شرح م ر . وأن يقول : بسم الله وحده عند الفعل ، من ذبح أو إرسال سهم أو جارحة للاتباع ويكره تعمد تركها ، فلو تركها ولو عمداً حل ، لأن الله تعالى أباح ذبائح أهل الكتاب بقوله : ) وطعام الذين أوتوا الكتاب حل(5/197)
"""""" صفحة رقم 198 """"""
لكم } ) المائدة : 5 ) وهم لا يذكرونها . وأما قوله تعالى : ) ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } ) الأنعام : 121 ) . فالمراد ما ذكر عليه غير اسم الله يعني ما ذبح للأصنام بدليل قوله تعالى : ) وما أهلّ لغير الله به } ) الأنعام : 121 ) . وسياق الآية دال عليه فإنه قال : ) وإنه لفسق } ) الأنعام : 121 ) والحالة التي يكون فيها فسقاً هي الإهلال لغير الله وقال تعالى : ) أو فسقاً أهلْ لغير الله به } ) الأنعام : 145 ) والإجماع عام على أن كل من أكل ذبيحة مسلم لم يسم عليها ليس بفسق اه . بحروفها . قوله : ( ليس السنّ والظفر ) بنصبهما لأنهما خبراً ليس وهما مستثنيان من فاعل أنهر المستتر فيه أي ليس المنهر السنّ والإنهار منه ، الإسالة شبه خروج الدم بجري الماء في النهر اه شرح التوضيح بحروفه . قوله : ( عن ذلك ) أي عن وجه استثناء ذلك كما أشار إليه بقوله : أما السنّ الخ أي أحدثكم عن ذلك في زمن قريب من زمن التكلم ثم أخبرهم بقوله : أما السنّ الخ . قوله : ( وأما الظفر ) هذا يقتضي أن الظفر ليس من العظم وهو مخالف لظاهر قول الشارح باقي العظام ع ش على م ر . وقوله : الحبشة أي السودان . قوله : ( تعبدي ) والتعبدي أكثر ثواباً من معقول المعنى لما فيه من امتثال أمر الله مع عدم العلم بعلته .
قوله : ( لكونها طعام إخوانكم ) يرد عليه ما قالوا من حلّ التذكية بالخبز إذا كان محدداً وهو طعام الإنس ، وهم أفضل من الجن وإن تنجس . فليطلب فرق واضح على هذا التعليل ، أما على القول بالتعبد القائل به ابن الصلاح ومال إليه ابن عبد السلام فلا إيراد اه لكاتبه أج . ويفرّق بين العظم والخبز المحدد لأنه يمكن غسله بخلاف العظم فإنه يرمى بنجاسته . قوله : ( كبندقة ) وأفتى ابن عبد السلام بحرمة الرمي بالبندق وبه صرح في الذخائر لكن أفتى النووي بجوازه وقيده بعضهم بما إذا كان الصيد لا يموت منه غالباً كالإوز ، فإن مات كالعصافير حرم ولو أصابته البندقة فذبحته بقوتها ، أو قطعت رقبته حرم اه . وهذا التفصيل هو المعتمد اه ز ي . وهذا كله بالنسبة لحل الرمي ، وأما بالنسبة لحل المرمي الذي هو الصيد فإنه حرام مطلقاً . والكلام في بندق الطين أما الرصاص فيحرم مطلقاً لما فيه من التعذيب بالنار ، نعم إن علم حاذق أنه إنما يصيب نحو جناح كبير فيثبته فقط . احتمل الحلّ ومثل الطين ما لو كان رصاصاً من غير نار ، اه س ل . بحروفه .(5/198)
"""""" صفحة رقم 199 """"""
قوله : ( بأحبولة ) بفتح الهمزة وهو الشرك المعروف . قوله : ( ثم سقط منه ) احترز به عما إذا لم يسقط منه ولكن تدحرج من جنب إلى جنب فإنه يحل بلا خلاف وقال سم . أما لو لم يسقط فإنه يحلّ . قوله : ( وما بعدهما ) وهو الساقط من الجبل بعد إصابة السهم له . قوله : ( بشيئين ) الأولى فبشيئين بالفاء لأجل أما .
قوله : ( لأهل ملتهما ) لم يقل مناكحتنا له إشارة إلى أن هذا الباب أوسع من باب النكاح فإن غير الإسرائيلي الذي لم يعلم دخول أول آبائه ، في دينه قبل نسخه لا تحل مناكحته ، ولكن تحل ذبيحته لأنه تحل مناكحة أهل دينه في الجملة أي فيما إذا علم دخول أول الآباء في ذلك الدين قبل نسخه . قوله : ( ولا وثني ) ولا مرتد لعدم حل مناكحته م ر . قوله : ( في ذبح ) أي بآلة واحدة أو جارحة واحدة بخلاف ما يأتي فإن كلاً له آلة . قوله : ( أو جهل ذلك ) أي المعية والترتيب . قوله : ( فهلك بهما ) راجع لجميع ما قبله فقوله في مسألة العكس هذا معلوم فلا(5/199)
"""""" صفحة رقم 200 """"""
حاجة إليه . قوله : ( ويحل ذبح وصيد صغير ) أي مذبوحه وإلا فهو لا يخاطب بحل ولا حرمة وكذا يقال في قوله الآتي لكن مع الكراهة لكن التعليل قد يقتضي أن المراد كراهة الفعل إلا أن يقال : المراد من التعليل أنه يكره مذبوح المذكورين لأنه يحتمل أنه قد أخطأ المذبح فتأمل رشيدي . قوله : ( وكذا صغير غير مميز ) أي مطيق للذبح بأن يكون له قدرة عليه كما في م ر . قوله : ( لأن لهم قصداً الخ ) منه يؤخذ عدم حل ذبح النائم اه . شرح م ر . ومثل ذبحهم صيدهم بسهم أو كلب ، فيحل كما في المجموع . قوله : ( وتكره ذكاة الأعمى ) ظاهره ولو دله بصير على المذبح لكن مقتضى التعليل خلافه ولعل وجه الكراهة فيه أنه قد يخطىء في الجملة . قوله : ( لذلك ) أي خوفاً عن عدوله من محل الذبح . قوله : ( ويحرم صيده ) أما صيده السمك فيصح . إن قلت لو أحس البصير بصيد في ظلمة أو من وراء شجرة أو نحوهما فرماه حلّ بالإجماع ما الفرق بينه وبين الأعمى . قلت يفرق بينهما بأن هذا مبصر بالقوّة فلا يعدّ عرفاً رميه عبثاً بخلاف الأعمى شرح م ر .
فرع : قال في المجموع قال أصحابنا أولى الناس بالذكاة الرجل العاقل المسلم ، ثم المرأة المسلمة ، ثم الصبي المسلم ، ثم الكتابي ، ثم المجنون والسكران اه . قال شيخنا : والصبي غير المميز في معنى الأخيرين اه . س ل . وقوله : ثم المجنون الخ قال الطبلاوي ينبغي أن محله ما لم يصر ملقى كالخشبة لا يحس ولا يدرك ، وإلا فكالنائم ولا فرق في القسمين بين المتعدي وغيره . وكذا يقال في المغمى عليه اه . قوله : ( وذكاة الجنين ) انفرد أو تعدد وليس علقة ولا مضغة وكذا جنين في جوف هذا الجنين ق ل أي إن تصور فلا بد أن تظهر فيه صورة الحيوان ، ولا يعتبر فيه نفخ الروح كما قاله م ر . آخراً وخالف البلقيني وقال : يعتبر نفخ الروح فيه وإلا لم يحل وهو المعتمد . قوله : ( سواء أشعر ) أي وجد له شعر . قوله : ( لحديث ) الأولى أن يقول : حل لحديث الخ ليكون جواباً للو .(5/200)
"""""" صفحة رقم 201 """"""
قوله : ( ذكاة الجنين ) خير مقدم كما يشير إليه قول الشارح أي ذكاتها الخ ، وقال م د . قوله : ذكاة الجنين ذكاة أمه الرواية المشهورة برفع ذكاة أي الثانية وبعض الناس ينصبها ، ويجعلها بالنصب دليلاً لإيجاب أبي حنيفة ذبحه فإنه لا يحل عنده إلا بذبحه ، ويقول تقديره كذكاة أمه حذفت الكاف فانتصب وهذا ليس بظاهر ، لأن الرواية المعروفة بالرفع على أن ذكاة الجنين ، خبر مقدم وذكاة أمه مبتدأ مؤخر والتقدير ذكاة أم الجنين ذكاة له لأن الخبر ما حصلت به الفائدة ، وأما رواية النصب على تقدير صحتها فتقديرها ذكاة الجنين حاصلة وقت ذكاة أمه قال ق ل : ويجوز في ذكاة أمه أن يكون منصوباً على نزع الخافض وهو الباء الموحدة عندنا ، والكاف عند أبي حنيفة فلا يحل عنده إلا بذبحه كأمه اه . قال النووي : وأما قولهم : كذكاة أمه فلا يصح عند النحويين بل هو لحن لأن النصب بإسقاط الخافض في مواضع معروفة عند الكوفيين بشرط ليس موجوداً هنا اه . تهذيب الأسماء واللغات للنووي . واعلم أن الراجح أن الحيوان إذا لم تنفخ فيه الروح والمضغة والعلقة لا يحل أكلها . وهذا هو المعتمد من خلاف طويل كما قاله : البشبيشي ولو حملت مأكولة بغير مأكول امتنع ذبحها بعد ظهور الحمل حتى تضع زي .
قوله : ( ولا بد أن يسكن ) راجع لأصل المسألة . قوله : ( فلو اضطرب ) أي تحرك . قوله : ( لا محالة ) أي قطعاً .
قوله : ( لم يجب ذبحه حتى يخرج ) عبارة شرح م ر . وإن خرج بعد ذبح أمه ميتاً واضطرب في بطنها بعد ذبحها زماناً طويلاً ثم سكن لم يحل ، أو سكن عقبه حل ، كذا ذكره أبو محمد أي الجويني وهو المعتمد وعليه لو أخرج رأسه وبه حياة مستقرة لم يجب ذبحه حتى(5/201)
"""""" صفحة رقم 202 """"""
يخرج اه كلامه أو مثله في الروض وشرحه . وبه يعلم أن تضعيف ق ل لكلام الشارح غير سديد . قال الشوبري : وضابط حل الجنين أن ينسب موته إلى تذكية أمه . ولو احتمالاً بأن يموت بتذكيتها أو يبقى عيشه بعد التذكية عيش مذبوح ثم يموت أو يشك هل مات بالتذكية أو لا ؟ لأنها سبب في حله والأصل عدم المانع اه . فخرج ما لو تحققنا موته قبل تذكيتها وما أخرج رأسه ميتاً أو حياً ثم مات ثم ذكيت وما اضطرب في بطنها بعد تذكيتها زماناً طويلاً أو تحرك تحركاً شديداً ثم سكن ثم ذكيت .
قوله : ( إذا مات عقب خروجه ) أي وكان ذبح أمه بعد خروج رأسه . قوله : ( وما قطع من حي فهو ميت ) أنت خبير بأن محل هذا كتاب الطهارة فذكره هنا استطراد .
قوله : ( وأوباره ) وكذا ريشه وإن وجد شيء من ذلك ملقى على المزابل أو في الكيمان نظراً للأصل فيهما اه . ق ل . قوله : ( أثاثاً ) وهي أمتعة البيت والمتاع أعم . قوله : ( تنعلق بالصيد ) الأولى حذفه لأنه يتعلق بالذبح أيضاً . قوله : ( حرم ) لأنه بإزمان السهم له صار مقدوراً عليه فلا يحل إلا بالذبح .(5/202)
"""""" صفحة رقم 203 """"""
3 ( ( فصل : في الأطعمة ) ) 3
بمعنى المطعوم أي وما يتبع ذلك كإطعام المضطر . واعترض بأن المتن لم يبين حكم الأطعمة ، وإنما بين ما يحل من الحيوان وما لا يحل . ويجاب : بأن مراده بالأطعمة هي الحيوانات وسماها أطعمة باعتبار ما يؤول أو أنه غلب الأطعمة على الحيوان وسمي ما في الفصل كله أطعمة مع أن بعضه أطعمة وهو قوله : أن يأكل من الميتة المحرّمة الخ . قوله : ( وشربه ) لم يبين المصنف في هذا الفصل ما يحل شربه وما يحرم فالأولى حذفه . قوله : ( لا نص فيه ) كان الأولى حذفه لأنه يضيع الاستثناء بذلك إلا أن يقال : إنه يكون استثناء منقطعاً حيث استثنى ما فيه نص مما لا نص فيه . قوله : ( استطابته ) أي عدّوه طيباً أي ألفته نفوسهم ورغبت فيه وأحبته . قوله : ( ثروة ) بفتح المثلثة أي كثرة مال وغنى وقوله : وخصب بكسر الخاء المعجمة بوزن حمل أي نماء وبركة وهو ضد الجدب بفتح الجيم وسكون الدال المهملة . قوله : ( إلا ما ورد الشرع بتحريمه ) هذا الاستثناء لا يظهر بعد تقييد الحيوان بقوله : لا نص فيه الخ إلا أن يقال : إنه استثناء بالنظر لكلام المتن مع قطع النظر عن القيد . قوله : ( أي حيوان ) الصواب حيواناً لأنه بيان لما وهي في محل نصب لأن الاستثناء من كلام تام موجب ، وكذا يقال فيما بعده يمكن الجواب عن المؤلف ، بأن يكون قوله : أي حيوان منصوباً جاء على لغة ربيعة لأنهم يرسمون المنصوب بصورة المرفوع أو أن قول المصنف فهو حلال متضمن للنفي أي لا يحرم فلا اعتراض أو أنه ماش على لغة قليلة وهي رفع المستثنى إذا كان من كلام تام موجب على حدّ قوله تعالى : ) فشربوا منه إلا قليل منهم } ) البقرة : 249 ) على قراءته مرفوعاً . قوله : ( وكل حيوان ) أي لا نص فيه إلى آخر ما تقدم . قوله : ( أناط الحل ) أي علق الحل على لسان(5/203)
"""""" صفحة رقم 204 """"""
نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) أي في قوله : ) ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } ) الأعراف : 157 ) . قوله : ( وعلم بالعقل أنه ) الضمير راجع لله وقوله : لم يرد أي بالطيبات والخبائث في قوله : ) ويحل لهم الطيبات } ) الأعراف : 157 ) أي الطيبات عند بعض الناس وهم العرب لا كل الناس لاستحالة اتفاق طبائع الناس على استطابة حيوان أو استخباثه ، ولا يصح أن يكون الضمير راجعاً للمصنف لأن هذا الحكم مستفاد من صريح المتن لا من العقل لأنه إنما ذكر العرب . قوله : ( لاستحالة اجتماعهم على ذلك ) فيه أن هذا المراد لا يتوهم من كلام المصنف حتى يتعرض لنفيه لأنه إنما عبر بالعرب لا بالناس الذي هو محل التوهم فلعل هذه العبارة سرت له من كلام غيره . وهذا على كون الضمير في أنه راجعاً للمصنف ، وأما إذا كان راجعاً لله وهو الظاهر ، فلا إشكال ويكون مراده تتميم الاستدلال بالآية أعني : ) ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } ) الأعراف : 157 ) ، أي لم يرد الله بالطيبات والخبائث في الآية المذكورة ما يستطيبه ويستحله كل العالم بل بعض العالم وهم العرب . قوله : ( لاختلاف طبائعهم ) علة للاستحالة . قوله : ( بذلك ) أي بما ذكر من الاستطابة والاستخباث . قوله : ( ما دب ) أي عاش وقوله : ودرج أي مات ع ش ومثله في المصباح . قوله : ( فإن اختلفوا ) مقابل لمحذوف أي ما تقدم إن اتفقوا . قوله : ( قطب العرب ) أي أصلهم أي وأفضلهم . قوله : ( فإن اختلفت ) أي قريش . قوله : ( أو طبعاً ) أي من كونه يعدو بنابه أو ظفره أو لا ، والمراد بالطبع السجية والجبلة التي خلق عليها فإن لم يوجد إلا صفة من ذلك عمل بها فإن تعارضت هذه الثلاثة قدّم الطبع فالطعم فالصورة .(5/204)
"""""" صفحة رقم 205 """"""
قوله : ( أو طعما ) بفتح الطاء المهملة قال في المصباح : الطعم بالفتح ما يؤدّيه الذوق . فيقال : طعمه حلو أو حامض وتغير طعمه . إذا خرج عن وصفه الخلقي . قوله : ( وإن جهل اسم حيوان ) أي من كونه حلالاً أو حراماً بدليل ما بعده ووجه مغايرة هذا لما قبله أن الأول معروف الاسم ، لكن مجهول الحكم ، وما هنا مجهول الاسم والحكم فيرجع لتسميتهم فإن سموه باسم حيوان حلال حلّ وإلا حرم اه . قوله : ( حلال ) أي أحلال أو حرام .
قوله : ( وهم أهل اللسان ) فيه أن أهل اللغة إنما يتكلمون على الألفاظ اللغوية لا على الأسماء الشرعية من حلّ أو حرمة لأن هذا لا يعرف إلا من الشرع . قوله : ( كان شديد الشبه بالفرس ) أي فهو يشبه أمه على كل حال . قوله : ( والحمار الأهلي ) معطوف على البغل . قوله : ( من السباع ) بيان لما مقدم عليها وكان الأولى ضم الحرام كله جنب بعضه والحلال كذلك . قوله : ( كل ماله ناب ) فيه تغيير إعراب المتن المحلي وأجازه بعضهم . قوله : ( كأسد ) روي عن أبي هريرة : ( أن النبي قال : أتدرون ما يقول الأسد في زئيره ؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال : إنه يقول اللهم لا تسلطني على أحد من أهل المعروف ) اه دميري وحكي أن إبراهيم بن أدهم كان في سفره ومعه رفقة فخرج عليهم الأسد فقال لهم : قولوا اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام واحمنا بركنك الذي لا يرام وارحمنا بقدرتك علينا لا نهلك ، وأنت رجاؤنا يا ألله ثلاثاً . قال : فولى الأسد هارباً اه . قوله : ( مائة وثلاثين اسماً ) فمن أشهرها أسامة وحيدرة والضرغام(5/205)
"""""" صفحة رقم 206 """"""
والضيغم ، والغضنفر والقسورة والليث ، ومن كناه أبو الأبطال وأبو حفص ، قال الدميري : وابتدأنا به لأنه أشرف الحيوانات المتوحشة ، ومنزلته منها منزلة الملك . قوله : ( بفتح النون وكسر الميم ) ويجوز إسكان الميم مع فتح النون وكسرها وهو ضرب من السباع فبه شبه من الأسد إلا أنه أصغر منه منقط الجلد نقطاً سوداء . وهو صنفان عظيم الجثة صغير الذنب وبالعكس وكله ذو قهر وقوّة وسطوة ، وإذا مرض أكل الفأر فيزول مرضه . وقيل إن النمرة لا تضع ولدها إلا مطوّقاً بحية وهي تعيش وتنهش إلا أنها لا تقتل وفيه ألغز الصلاح الصفدي بقوله :
هات لي ما اسم شيء
حيوان فيه شر
إن تصحفه فحلو
لكن الثلثان مر
اه سيوطي وقوله : إن تصحفه بأن تقلب النون تاء تقول تمر وثلثاه مر وهما الميم والراء . قوله : ( ورائحة فيه ) أي فمه . قوله : ( إلى فريسة ) أي مفروسة أي مصادة اصطادها .
قوله : ( والأخرى يقظي ) أي بحسب الظاهر من حاله وإلا فهو نائم حقيقة نوماً كاملاً لكن جعل الله له قوّة على فتح إحدى عينيه وتغميض الأخرى ليرى من يمر عليه أنه متيقظ قال الشاعر :
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي
بأخرى المنايا فهو يقظان نائم
لأن قلبه ينام فهو كأهل الكهف كانت أعينهم مفتوحة : ) وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود } ) الكهف : 18 ) . قوله : ( ودبّ ) وكنيته : أبو جهينة وهو يحب العزلة . فإذا جاء الشتاء دخل غاره الذي اتخذه ولا يخرج حتى يطيب الهواء ، وإذا جاع يمتص يديه ورجليه فيندفع بذلك ، الجوع ويخرج في الربيع أسمن ما يكون والذكر يسافد أي يطأ أنثاه مضجعة على الأرض ولشدة شهوة أنثاه تدعو الآدمي إلى وطئها اه . دميري . قوله : ( والفيل ) ذكر القزويني أن فرج الفيلة تحت إبطها فإذا كانت وقت الضراب ارتفع وبرز حتى يتمكن من إتيانها ، وألغز بعضهم في الفيل بقوله :(5/206)
"""""" صفحة رقم 207 """"""
ما اسم شيء تركيبه في ثلاث
وهو ذو أربع تعالى الإله
حيوان والقلب منه نبات
لم يكن عند جوعه يرعاه
فيك تصحيفه ولكن إذا ما
عكسوه يصير لي ثلثاه
فأجاب بعضهم : بأن قلب فيل ليف اه . وقوله : القزويني بضم القاف وسكون الزاي وكسر الواو نسبة إلى قزوين قاله : في اللب . قوله : ( ويعمر ) هو بالتشديد في السن وبالتخفيف في البنيان ونظم ذلك بعضهم بقوله :
وعمر بالتشديد في السن قد أتى
كما أن في البنيان تخفيفه وجب
قال تعالى : ) إنما يعمر مساجد الله } ) التوبة : 18 ) قوله : ( وقرد ) فيحرم أكله ويجوز بيعه اه دميري . قوله : ( ويتناول الشيء بيده ) وقد أهدى ملك النوبة إلى المتوكل قرداً خياطاً وآخر صائغاً وأهل اليمن يعلمون القرد القيام بحوائجهم وحفظ دكاكينهم . وقد مسخ الله الذين اعتدوا في السبت من بني إسرائيل قردة كما أخبر في كتابه العزيز . واختلف العلماء في الممسوخ هل يعقب أو لا على قولين والجمهور على الثاني روى مسلم عن ابن مسعود : ( أن النبي سئل عن القردة والخنازير هل هي مما مسخ ؟ فقال : إن الله لم يهلك قوماً أو يعذب قوماً فيجعل لهم نسلاً وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك ) اه . وفي عجائب المخلوقات من تصبح بوجه قرد عشرة أيام أتاه السرور . ولا يكاد يحزن واتسع رزقه وأحبته النساء حباً شديداً وأعجبن منه اه . من مختصر حياة الحيوان للسيوطي ونقل الشيخان عن القاضي حسين أنه قال : لو علم قرداً النزول إلى الدار وإخراج المتاع ثم نقب وأرسل القرد فأخرج المتاع ينبغي أن لا يقطع لأن للحيوان اختياراً ونقل البغوي في باب حدّ الزنا أن المرأة لو مكنته من نفسها فعليها ما على واطىء البهيمة فتعزر في الأصح وتحدّ في قول وتقتل في قول : والقردة تلد في البطن الواحد عشرة واثني عشر اه . دميري . قوله : ( ومن ذي الناب الكلب ) انظر لم فصل هذا . قوله : ( إلى عواء أبناء جنسه ) وهو بضم العين المهملة قال في المختار عوى الكلب والذئب وابن آوى يعوي بالكسر عواء بالضم والمد(5/207)
"""""" صفحة رقم 208 """"""
اه . قال الدميري : وصياحه كصياح الصبيان . يأكل ما يصيده من طير أو غيره تخافه الدجاج ، أكثر من الثعلب لأنه إذا مرّ تحتها وهي على جدار أو شجر سقطت ، وخواصه إذا كانت أسنانه ببيت كانت الخصومة بين أهله ، ولحمه ينفع الجنون والصرع العارض ، وإذا علق عينه اليمنى على أحد أمن من النظرة اه .
قوله : ( والهرة الخ ) قال رسول الله : ( لما حمل نوح في السفينة من كل زوجين اثنين قال : أصحابه كيف نطمئن أو تطمئن مواشينا ومعنا الأسد فسلط الله عليه الحمى وكانت أولى حمى نزلت بالأرض فهو لا يزال محموماً ، ثم شكوا الفأرة فقولوا : الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا فأوحى الله تعالى إلى الأسد فعطس فخرجت منه الهرة فخافت الفأرة منها ) اه . دميري . قوله : ( ولو وحشية ) وهي المعروفة بالنمس . وقيل غيره فهي حرام ويلحق بها في الحرمة ابن المقرض بميم مضمومة فقاف ساكنة فمهملة مكسورة ، فضاد معجمة أو بكسر الميم وفتح الراء . ويقال له الدلق بضم ففتح وهو دويبة أصغر من الفأر كحلاء اللون طويلة الظهر تقتل الحمار وتقرض النبات ق ل . قوله : ( ومما ورد فيه النص بالحل ) كلام مستأنف . قوله : ( الأنعام ) سميت نعماً لنعومة وطئها إذا مشت حتى لا يسمع لأقدامها وقع أو لعموم النعة فيها لكثرة الانتفاع بها من درّ ونسل وصوف ووبر وركوب وغير ذلك . قوله : ( وهي الإبل ) ومن خواصها أنها من الأحرار فلا ينزو على أمه ، ولا على أخته حتى إن بعض العرب ستر ناقة بثوب ، ثم أرسل عليها ولدها فلما عرف ذلك عمد إلى إحليله فأكله ثم حقد على صاحبه فقتله ، وليس له مرارة ولذلك كثر صبره . ومن خواص شحمه أنه متى وضع في موضع هربت منه الحيات وسنامه يدق ويطلى به البواسير فيسكن وجعه والمضمضة بلبنها تنفع الأسنان المأكولة ويزيل صفرة الوجه ، أكلاً وطلاء ، قال ابن سينا بعره يقطع الرعاف إذا استنشق به ويزيل أثر الجدري وأكل لحمه يزيد في الباه وفي الإنعاظ وبوله إذا شربه السكران أفاق من ساعته وقراده إذا ربط على كمّ العاشق فيزول عشقه اه .
قوله : ( والبقر ) اسم جنس يشمل الذكر والأنثى والهاء للوحدة والجمع بقرات ، وأهل اليمن يسمون البقرة باقورة سميت بقرة لشقها الأرض بالحراثة وهي أجناس منها الجواميس وهي ضأن البقر وكل حيوان إناثه أرقّ صوتاً من ذكوره إلا البقر فإن الأنثى أضخم وأجهر صوتاً وهي تتلوى وتتقلق تحت الذكر لصلابة ذكره لا سيما إذا أخطأ المجرى اه . وإذا استاقت أنثاه إلى الذكر نفرت وأتعبت الرعاء ، وقال المسعودي : رأيت بالري بقراً تبرك كما تبرك الإبل وليس(5/208)
"""""" صفحة رقم 209 """"""
لجنس البقر ثنايا عليا فهي تقطع الحشيش بالسفلى اه دميري . قوله : ( والغنم ) وهي على ضربين ضائنة وماعزة . والضأن أفضل من الماعز صرح بذلك الأصحاب في الأضحية وغيرها . واستدلوا على أفضليتها بأوجه : منها أن الله تعالى بدأ بذكر الضأن في القرآن فقال : ) ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين } ) الأنعام : 143 ) ومنها حكاية عن الخصمين قوله تعالى : ) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة } ) ص : 23 ) . ولم يقل تسع وتسعون عنزاً ولي عنز واحدة . ومنها أنه قال : ) وفديناه بذبح عظيم } ) الصافات : 107 ) وهو الكبش والبركة في الضأن أكثر ومن ذلك إذا رعت شيئاً من الكلأ ينبت فإن المعز تقلعه من أصله والضأن ترعى ما على وجه الأرض . ومما أهان الله به التيس أن جعله مهتوك الستر مكشوف القبل والدبر بخلاف الكبش ولهذا شبه رسول الله المحلل بالتيس المستعار . ومنها أن رؤوس الضأن أطيب وأفضل من رؤوس الماعز وكذلك لحمها ، فإن أكل لحم الماعز يحرك المرة السوداء ويولد البلغم ويورث النسيان ويفسد الدم ولحم الضأن عكس اه دميري . قال زيد بن ثابت : إن المعز استعصت على نوح أن تدخل السفينة فرفعها بذنبها فمن ذلك انكسر ذنبها وصار معقوصاً وبدا حياها ، وأما النعجة فذهبت حتى دخلت السفينة فمسح نوح على ذنبها فستر حياها .
قوله : ( والخيل ) وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه . وأصل خلقها من الريح وهي أربعة أنواع : منها العتاق أبواها عربيان ، والمقرّف أبوه عجمي وأمه عربية والهجين عكسه ، ومنها البراذين أبواها عجميان وسميت خيلاً لاختيالها في مشيها ق ل روى ابن ماجه عن عروة أن النبي قال : ( الإبل عزّ لأهلها والغنم بركة والخيل معقود في نواصيها الخير ) ومعنى عقد الخير بنواصيها : أنه لازم لها كأنه معقود فيها والمراد بالناصية هنا الشعر المسترسل على الجبهة وكنى بالناصية عن جميع ذات الفرس كما يقال فلان مبارك الناصية وفي الحديث : ( لا تحضر الملائكة من اللهو شيئاً إلا ثلاثة : لهو رجل مع امرأته وإجراء الخيل والنصال ) اه . قوله : ( وأذن في لحوم الخيل ) وبهذا رد على من تمسك في تحريم الخيل بآية : ) والخيل والبغال والحمير لتركبوها } ) النحل : 8 ) من حيث إنه في معرض الامتنان ولم يذكر الأكل ووجه الردّ أن الآية(5/209)
"""""" صفحة رقم 210 """"""
مكية فلو دلت على التحريم للزم تحريم الحمر ، قبل خيبر وهو ممتنع بالاتفاق اه عميرة . قوله : ( فقال الإمام أحمد وغيره منكر ) عبارة م ر . وبفرض صحته يكون منسوخاً بإخلالها يوم خيبر . قوله : ( وبقر وحش ) قيد بالوحش لعطف الحمار عليه لا لإخراج الأهلي والأولى أن يقال : إنما قيد بالوحش لأن بقر الأهل داخل في الأنعام . قوله : ( وهو أشبه شيء ) أي أقرب شبهاً بالمعز من غيره . قوله : ( وحمار وحش ) وعمره يزيد على عمر الحمر الأهلية وقيل إن الحمار الوحشي يعيش أكثر من ثمانمائة سنة اه . دميري قال في شرح الروض : وفارقت الحمر الوحشية الحمر الأهلية بأنها لا ينتفع بها في الركوب فانصرف الانتفاع بها إلى أكلها خاصة اه . ولا فرق في حمار الوحش بين أن يستأنس أو يبقى على توحشه . كما أنه لا فرق في تحريم الأهلي بين الحالين ومثله بقر الوحش فيما ذكر كما في س ل . قوله : ( وظبي وظبية ) انظر الحكمة في الجمع بينهما دون غيرهما وتحل ما تولد بين مأكولين ولو على غير صورة المأكول نحو كلب من شاتين .
فرع : يراعى في الممسوخ أصله إن بدلت صفته فقط . فإن بدلت ذاته كلبن صار دماً ولو كرامة لوليّ اعتبر حاله الآن فيحرم أكله ويخرج عن ملك مالكه ، فإن عاد لبناً عاد لملك مالكه كجلد دبغ فيجب رده إليه ويحل تناوله وخرج بالممسوخ ما لم يمسخ كلبن خرج من ضرعه دماً ومنيّ كذلك فهو باقي على طهارته مطلقاً ق ل . على الجلال وعبارة م ر . ولو مسخ حيوان يحل إلى ما لا يحل أو عكسه ، فهل يعتبر ما قبل المسخ على ما قاله بعضهم عملاً بالأصل أو ما تحوّل إليه كما يدل عليه ما في فتح الباري عن الطحاوي كل محتمل والأوجه اعتبار الممسوخ إليه إن بدلت ذاته بذات أخرى ، وإلا بأن لم تبدل إلا صفته فقط اعتبر ما قبل المسخ والأقرب اعتبار الأصل في الآدمي الممسوخ مطلقاً كما يدل عليه الخبر ولو قدم لوليّ مال مغصوب فقلب كرامة له دماً ثم أعيد إلى صفته أو صفة غير صفته . فالمتجه عدم حله لأنه بعوده إلى المالية عاد ملك مالكه فيه كما قالوه في جلد ميتة دبغ ولا ضمان على الولي بقلبه إلى الدم . كما لا ضمان عليه إذا قتل بحاله اه . وقوله : اعتبر ما قبل المسخ لكن يبقى النظر في معرفة ما تحوّل إليه أهو الذات أو الصفة ، فإن وجد ما يعلم به أحدهما فظاهر وإلا فيشبه اعتبار(5/210)
"""""" صفحة رقم 211 """"""
أصله لأنا لم نتحقق تبدل الذات فيحكم ببقائها ، وأن المتحول إليه هو الصفة وقد عهد تحول الصفة كانخلاع الولي إلى صور كثيرة وعهد رؤية الجن والملك على غير صورتهما الأصلية مع القطع بأن ذاتهما لم تتحول وإنما تحولت الصفة اه . ع ش عليه . قوله : ( وضبع ) هو اسم للذكر والأنثى وجمعهما ضباع كسبع وسباع قاله ابن الأنباري ، وقال الأزهري هو اسم للأنثى فقط ويقال لها : ضباعة وضبعانة وجمعها ضبعانات ولا يقال ضبعة . ويقال للذكر ضبعان بكسر فسكون ويقال للمثنى منهما أو من أحدهما ضبعانان بفتح أوله وضم ثانيه وكسر آخره . اه ق ل على الجلال .
قوله : ( من أحمق الحيوان ) المراد بالحماقة الجهل بالعواقب . قوله : ( ضبعان ) بوزن عمران وسرحان ويجمع على ضباعين كسراحين . قوله : ( وضبّ ) وهو حيوان يعيش نحو سبعمائة سنة ، ومن شأنه أنه لا يشرب الماء وأنه يبول في كل أربعين يوماً مرة ، وأن للأثنى منه فرجين وللذكر ذكرين ، ومنه أم حبين بمهملة مضمومة فموحدة مفتوحة فتحتية ساكنة فنون دويبة قدر الكف صفراء كبيرة البطن تشبه الحرباء وقيل هي الحرباء ق ل على الجلال . وأسنانه كالصحيفة ومن أكل منه لم يعطش شرح م ر . قوله : ( أكل على مائدته ) أي أكله خالد مشوياً والمائدة هي الشيء الذي يوضع على الأرض صيانة للطعام كالمنديل والطبق وغير ذلك . ولا يعارض هذا حديث أنس أن النبي ما أكل على الخوان لأن الخوان أخص من المائدة ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم اه فتح الباري . وقوله : فأجدني أعافه أي أجد نفسي تكرهه . قوله : ( وأرنب ) وهو اسم جنس يشمل الذكر والأنثى ، وجمعه أرانب وشطر قضيبه أي بدنه عظم ، والآخر عصب وهو ذو شبق شديد لكن الأنثى أشدّ فربما ركبت الذكر ، لشدّة شهوتها للجماع وتصير عاماً ذكراً وعاماً أنثى كالضبع . قيل : وقد صاد رجل أرنباً فوجد له آلة الذكورة والأنوثة وشق بطنه فوجد ما يدل على ذلك . والأرنبة تنام مفتوحة العين فربما ظنها القناص مستيقظة اه دميري .
قوله : ( العناق ) أي أنثى المعز . قوله : ( عكس الزرافة ) أي معنى وحكماً وهي بفتح الزاي وضمها مخففة الراء تكنى أم عيسى وهي حسنة الخلق طويلة العنق ، واليدين قصيرة الرجلين فلأن الله جعل قوتها في الشجر فخلقها كذلك لتستعين على ذلك ولها رأس إبل وقرناً بقر ،(5/211)
"""""" صفحة رقم 212 """"""
وجلد نمر ، وأظلاف ثور وذنب ظبي . وإذا مشت قدمت رجلها اليسرى ويدها اليمنى . وهذا بعكس ذوات الأربع كلها وهي تبعر أي روثها كالبعير يكون بعراً وتجترّ وفي طبعها الأنس والودّ للناس ، قيل : والزرافة في الأصل هي الجماعة فسميت بذلك لتولدها من جماعة الحيوان لأنها من حيوانات ثلاث من الناقة الوحشية ، والبقرة الوحشية ، والضبعان . وهو ذكر الضباع فيقع على الناقة فتلد حيوناً بينها وبينه فيقع على البقرة الوحشية فتلد منه الزرافة وقيل متولدة من دواب ووحوش مختلفة ، يقعن على الأنثى فتختلط مياهها فيخلق الله منها خلقاً مختلف الشكل وأنكر على قائل : هذا دون قائل : الأوّل والله أعلم أيهما أصح وحكمها مختلف فيه اه ، دميري وردّ ذلك الحافظ وقال بل هي نوع قائم بنفسه كالخيل وغيرها ، بدليل أنه يلد مثله اه . سيوطي وعبارة البرماوي . وأما الزرافة فهل تحل أو لا فيها تردد والأصح في المجموع أنها تحرم وفي العباب أنها حلال وبه قال البغوي وصوّبه الأذرعي والزركشي قيل : إنها متولدة من سبع حيوانات لأن الزرافة بمعنى الجماعة لغة اه . وقرر شيخنا م د في حال قراءته للبخاري أن الزرافة حيوان يشبه الإبل برقبته والبقر برأسه وقرنيه والنمر بلون جلده ، ويكبر إلى أن يصير علو النخلة اه .
قوله : ( بوركها ) أي الأرانب فيفيد أنها مؤنثة معنى فهو كزينب وقوله : قيل وهو حيوان التذكير بالنظر للفظ . وقال شيخنا : أنثه لتأويله بالدابة . قوله : ( وثعلب ) بمثلثة أوله وأنثاه يسفدها العقاب ، أي يطؤها كذا قالوا وفيه نظر بما مر أن المتولد بين مأكول وغيره لا يحل إلا أن يقال : إن هذا أمر غير محقق فإن تحقق عمل به فراجعه اه ق ل . وقال الدميري نص الشافعي على حل أكله وكرهه أبو حنيفة ومالك وحرمه جماعة منهم أحمد بن حنبل في أكثر رواياته ؛ ومن حيلته في طلب الرزق أنه يتماوت وينفخ بطنه ويرفع قوائمه حتى يظن أنه قد مات ، فإذا قرب عليه الحيوان وثب عليه وصاده وحيلته هذه لا تتم على كلب الصيد ، قيل للثعلب ما لك تعدو أكثر من الكلب ؟ فقال : إني أعدو لنفسي والكلب يعدو لغيره . ومن العجيب في قسمة الأرزاق أن الذئب يصيد الثعلب فيأكله ويصيد الثعلب القنفذ فيأكله ويصيد القنفذ الأفعى فيأكلها ، والأفعى تصيد العصفور فتأكله ، والعصفور يصيد الجرادة فيأكلها ، والجراد يلتمس فراخ الزنابير ، فيأكلها والزنبور يصيد النحلة فيأكلها ، والنحلة تصيد الذبابة فتأكلها والذبابة تصيد البعوضة فتأكلها . ومما يروى من حيل الثعلب ما ذكره الشافعي رضي الله عنه قال كنا بسفر في أرض اليمن فوضعنا سفرتنا لنتعشى فحضرت صلاة المغرب فقمنا لنصلي ثم نتعشى وتركنا السفرة كما هي وقمنا إلى الصلاة ، وكان فيها دجاجتان فجاء الثعلب فأخذ إحدى الدجاجتين فلما قضينا الصلاة أسفنا عليها وقلنا : حرمنا طعامنا ، فبينما نحن كذلك إذ جاء الثعلب وفي فمه شيء كأنه الدجاجة فوضعها فبادرنا إليه لنأخذها ونحن نحسبه الدجاجة فلما قمنا جاء إلى الأخرى وأخذها من السفرة وأصبنا الذي قمنا إليه لنأخذه فإذا هو ليف قد(5/212)
"""""" صفحة رقم 213 """"""
هيأه مثل الدجاجة اه دميري . قوله : ( ويربوع ) نوع من الفأر كابن عرس وحلهما مستثنى منه ق ل . في شرح الروض وهو دويبة رقيقة تعادي الفأر تدخل جحره وتخرجه . قوله : ( وقنفذ ) بالذال المعجمة وبضم القاف وفتحها اه . مختار . وفي المصباح بضم القاف وتفتح للتخفيف اه . قال مالك والشافعي يحل أكل القنفذ وقال : أبو حنيفة وأحمد بتحريمه .
قوله : ( وابن عرس ) بكسر العين المهملة وجمعها بنات عرس . قاله في المصباح : والمراد بها العرسة المشهورة وهو حيوان قريب من الفأر لكن أشدّ منه وهو يعاديه فيدخل جحره يخرجه ويأكله . حكي أنه تبع فأرة فهربت منه إلى شجرة فصعدت خلفها فانتهت إلى رأس غصن فتبعها فلم يبق لها مهرب فتعلقت بورقة وأدلت نفسها فصاح ابن عرس فجاءت أنثاه تحت الشجرة فقطع عرق الورقة . فسقطت الفأرة فأمسكتها أنثاه ، فهو أعدى للفأر من السنور لأنه يدخل جحره والسنور لا يطيق ذلك . ومع ذلك يخاف الفأر من السنور أكثر . ويعادي أيضاً الحية ويقتلها ويعادي التمساح فيدخل جوفه إذا فتح فاه فيأكل أمعاءه ويمزقها وإذا مرض أكل بيض الدجاج فيشفى وحكمه حرمة أكله عند أبي حنيفة وحله عند الشافعي رحمهما الله وعنه قول بالحرمة قال أرسطاطاليس إن الأنثى من بنات عرس تلقح وتلد من أذنها اه . دميري وقيل إنها تحبل من فمها وتلد من أذنها اه . قوله : ( منها ) أي من جلدها . قوله : ( كحية ) تطلق على الذكر والأنثى ويحل قتلها للحلال والمحرم لأنها من الفواسق . وقال عليه الصلاة والسلام : ( من قتل حية فكأنما قتل مشركاً ) وعن ابن عباس أن الحيات مسخ الجنّ كما مسخت القردة من بني إسرائيل .
مسألة : إذا اصطاد الحواء حية وحبسها على عادة الحواة فلسعته فمات هل يأثم ؟ أو تفلتت فقتلت إنساناً هل يضمن . أجيب : بأنه لا يضمن وإن صادها ليرى الناس معرفته . وهو عارف بصنعته وغالب ظنه السلامة منها لم يأثم . قيل : نزل حواء بقوم باليمن وفي خرجه حيات فخرج بعضها بالليل فقتل بعض أهل البيت فكتب بذلك لعمر بن عبد العزيز فقال : لا شيء عليه لكن مروه إذا نزل بقوم يعلمهم بما معه . اه دميري . قوله : ( وعقرب ) العقرب الأنثى(5/213)
"""""" صفحة رقم 214 """"""
والذكر عقربان بضم العين والراء ولها ثمانية أرجل وعيناها في ظهرها تلدغ وتؤلم إيلاماً شديداً وربما لسعت الأفعى أي الحية فتموت . ومن عجيب أمرها مع صغرها أنها تقتل الفيل . والبعير بلسعتها وأنها لا تقرب الميت ولا النائم حتى يتحرك شيء من بدنه أي النائم فتضربه عند ذلك . وتأوي إلى الخنافس وتسالمها أي تصالحها . ولذلك إذا دقت ووضعت على لسعة العقرب برئت لوقتها . اه . ابن عبد البر وابن شرف ، وقيل : إن العقرب إذا حرقت ودخن بها البيت هربت العقارب منه . اه . دميري . قوله : ( وغراب أبقع ) ويقال له الأعور لحدة بصره أو لكونه يغمض إحدى عينيه عند النظر . ويقتصر على النظر بإحداهما من قوّة بصره سمي غراباً لسواده ومنه قوله تعالى : ) وغرابيب سود } ^ اه . وجمعه غربان وأغربة وأغرب وغرابين وغرب ، وقد نظمها ابن مالك :
بالغرب أجمع غراباً وأغربة
وأغرب وغرابين وغربان
ويقال : إنه إذا صاح الغراب مرتين فهو شر ، وإذا صاح ثلاثاً فهو خير ، وذلك لعدد الأحرف أي أحرف خير . اه . دميري . قوله : ( وحدأة ) بوزن عنبة وجمعها حدى . ذكر عن أرسطاطاليس أن الغراب يصير حدأة وهي تصير عقاباً كذا يتبدلان كل سنة ، ومن طبع الحدأة أن تقف في الطيران وليس ذلك لغيرها . ويقال إنها أحصن الطير مجاورة لما جاورها من الطير ، فلو ماتت جوعاً لم تعد على أفراخ جارها ، والسبب في صياحها عند سفادها أن زوجها قد جحد ولدها منه . فقالت : يا نبي الله قد سفدني حتى إذا حضنت بيضي وخرج منه ولدي جحدني فقال سليمان عليه السلام للذكر : ما تقول ؟ فقال يا نبي الله إنها تحوم حول البراري ولا تمتنع من الطيور فلا أدري أهو مني أو من غيري فأمر سليمان عليه السلام بإحضار الولد فوجده ، يشبه والده ، فألحقه به فصارت إذا سفدها صاحت ، ثم قال سليمان : لا تمكنيه أبداً حتى تشهدين على ذلك الطير لئلا يجحد بعدها فصارت إذا سفدها صاحت : وقالت : يا طيور اشهدوا فإنه سفدني ، والعقاب سيد الطير والنسر عريفها . روى ابن عباس رضي الله عنهما : ( أن سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام لما فقد الهدهد أي فإن الهدهد كان دليلاً له على الماء ، فإن الهدهد يرى الماء تحت الأرض كما يرى الماء في الزجاجة فلما فقد سليمان الماء تفقد الهدهد . فلم يجده فدعا بالعقاب سيد الطيور وأشدها بأساً فقال عليّ بالهدهد الساعة فرقع العقاب نفسه حتى التصق بالهواء فصار ينظر إلى الدنيا كالقصعة بين يدي الرجل ثم التفت يميناً وشمالاً فرأى الهدهد مقبلاً من نحو اليمن ، فانقضّ عليه فقال الهدهد : أسألك بحق الذي أقدرك عليّ وقوّاك إلا ما رحمتني فقال له : الويل لك إن نبي الله سليمان حلف أن يعذبك أو يذبحك ثم أتى به فلقيه النسور وعساكر الطير فخوّفوه وأخبروه بتوعد سليمان فقال الهدهد : ما قدري وما أنا أو ما استثنى نبي الله ؟ قالوا : بلى قال أو ليأتيني بسلطان مبين . قال الهدهد :(5/214)
"""""" صفحة رقم 215 """"""
فنجوت إذاً فلما دخل على سليمان رفع رأسه وأرخى ذنبه وجناحيه تواضعاً لسليمان فقال سليمان : أين كنت عن خدمتك ومكانك لأعذبنك عذاباً شديداً أو لأذبحنك فقال الهدهد : يا نبي الله اذكر وقوفك بين يدي الله بمنزلة وقوفي بين يديك فاقشعرّ جلد سليمان . وارتعد وعفا عنه ؛ قيل عنى سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام بالعذاب الشديد ، الذي يعذب به الهدهد التفرقة بينه وبين إلفه ، وقيل : إلزامه خدمة أقرانه ، وقيل صحبة الأضداد اه دميري . قوله : ( وفأرة ) بالهمز وتركه وليس في الحيوان أفسد من الفأر ولا أعظم أذى منه لأنه لا يبقى على حقير ولا جليل ، ولا يأتي على شيء إلا أهلكه وأتلفه ، وكنية الفأر أم خراب ، ومن شأنها أنها تأتي القارورة الضيقة الرأس ، فتحتال حتى تدخل فيها ذنبها فكلما ابتلّ بالدهن أخرجته ومصته حتى لا تدع فيها شيئاً وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة فذهبت الجارية فوجدتها ، فقال النبي دعيها فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله على الخمرة التي كان قاعداً عليها أي السجادة سميت بذلك لأنها تخمر الوجه أي تغطيه فأحرقت منها موضع درهم فقال النبي : ( إذا نمتم فأطفئوا سراجكم ، فإن الشيطان يدلّ مثل هذه على هذا فتحرقكم ) اه . وأما القناديل المعلقة في المساجد وغيرها ، فإن خيف حريق بسببها ، دخلت في الأمر بالإطفاء وإن أمن ذلك كما هو الغالب ، فالظاهر أنه لا بأس بتركها لانتفاء العلة التي علل بها النبي وإذا انتفت العلة زال المنع ، وفي خبر الشيخين : ( خمس يقتلن في الحل والحرم : الفأرة والغراب والحدأة ، والعقرب والكلب العقور ) وفي رواية لمسلم : ( الغراب الأبقع والحية ) بدل العقرب ، وفي رواية لأبي داود والترمذي ذكر السبع العادي مع الخمس . قال ابن الملقن : السرّ في قتل الحية أنها خانت آدم بإدخال إبليس الجنة بين فكيها ، والغراب بعثه نبي الله نوح عليه الصلاة من السفينة ليأتيه بخبر الأرض فترك أمره وأقبل على جيفة ، والفأر عمدت إلى حبال سفينة سيدنا نوح فقطعتها وأخذت الفتيلة لتحرق البيت أيضاً فأمر النبي بقتلها . قوله : ( والبرغوث ) واحد البراغيث وضم بائه أشهر من كسرها وهو من الحيوان الذي له الوثب الشديد ، ومن لطف الله تعالى به ، أنه يثب إلى ورائه ليرى من يصيده لأنه لو وثب إلى أمامه لكان ذلك أسرع إلى حمامه وهو من الخلق الذي يعرض له الطيران ، كما يعرض للنمل وهو ينشأ أوّلاً من التراب لا سيما في الأماكن المظلمة . ويقال إنه على صورة الفيل له أنياب يعض بها ، وخرطوم يمصّ به اه . دميري . قوله : ( والبق ) البقة البعوضة ، والجمع البق ويقال : إنه متولد من النفس الحار ولشدّة رغبته في الإنسان إذا شم رائحة الآدمي رمى نفسه عليه وهو كثير بمصر وما شاكلها من البلاد ، اه . دميري .(5/215)
"""""" صفحة رقم 216 """"""
قوله : ( والجعلان ) ويقال له أبو جعران وهو بضم الجيم والعين ساكنة والناس يسمونه أبو جعران لأنه يجمع الجعر اليابس ، ويدخره لبيته ، وهو دويبة معروفة ، تسمى الزعقوق شيخنا . وهو بضم الزاي تعض البهائم في فروجها فتهرب ، وهو أكبر من الخنفساء شديد السواد ، في بطنه لون حمرة للذكر قرنان يوجد كثيراً في مراح البقر والجواميس ومواضع الروث ، ومن شأنه جمع النجاسة وادخارها ، ومن عجيب أمره أنه يموت من ريح الورد ومن ريح الطيب فإذا أعيد إلى الروث عاش وله ستة أرجل وسنام مربع جداً وهو يمشي القهقرى إلى خلف ومع هذه المشية يهتدي إلى بيته وإذا أراد الطيران انتفش فيظهر جناحه فيطير ، ومن عادته أنه يحرس النوّام فمن قام منهم لقضاء حاجته تبعه . وذلك من شهوته للغائط ، لأنه قوته اه دميري . قوله : ( والكلب غير العقور ) أي يكره قتله وعن شيخنا حرمته وعن والد شيخنا م ر ندب قتله ق ل . والمعتمد أن قتل الكلب الذي لا نفع فيه ولا ضرر حرام .
فائدة : قيل : كان كلب أهل الكهف من جنس الكلاب وعليه الأكثر وقيل كان أسداً . وقال ابن عباس : كان كلباً أغرّ واسمه قطمير وقال مقاتل : كان أصفر وقال أبو الفضل من أحب أهل الخير نال بركتهم فهذا كلب أحب أهل الخير وصحبهم فذكر معهم في القرآن ومن خاف شر كلب فليقرأ ) يا معشر الجنّ والإنس } ) الرحمن : 33 ) آية الرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن اه دميري . قوله : ( وتحرم الرخمة ) ومن طبع هذا الطائر أنه لا يرضى من الجبال إلا الموحش منها ولا من الأماكن إلا أبعدها ، من أماكن أعدائه والأنثى منه لا تمكن من نفسها غير ذكرها وتبيض بيضة واحدة اه دميري . قوله : ( والبغاثة ) أي البومة وهي المصاصة ومن طبعها أن تدخل على كل طائر في وكره وتخرجه منه وتأكل فراخه ، وبيضه ، وهي قوية السطوة في الليل لا يحتملها شيء من الطير ولا تنام في الليل فإذا رآها الطيور في النهار قتلوها ونتفوا ريشها للعداوة التي بينهم وبينها ومن أجل ذلك صار الصيادون يجعلونها تحت شباكهم ليقع لهم الطير ، ولا تطير بالنهار خوفاً من أن تصاب بالعين لحسنها وجمالها ، ولما تصوّرت في نفسها أنها أحسن الحيوان لم تظهر إلا بالليل اه . دميري . وعن سيدنا سليمان صلوات الله وسلامه عليه ليس من الطيور أنصح لبني آدم وأشفق عليهم من البومة ، تقول إذا وقفت عند خربة : أين الذين كانوا يتنعمون في الدنيا ويسعون فيها ؟ ويل لبني آدم كيف ينامون وأمامهم الشدائد ؟ تزوّدوا يا غافلون وتهيأوا لسفركم اه . ح ل في السيرة .
قوله : ( بالدرة ) وهي في قدر الحمامة فيتخذها الناس للانتفاع بصوتها كما يتخذون الطاووس للانتفاع بصوته ولونه ، ولها قوّة على حكاية الأصوات وقبول التلقين . وتتناول(5/216)
"""""" صفحة رقم 217 """"""
مأكولها برجلها كما يتناول الإنسان الشيء بيده ، ولا يعرف لها اسم ذكر من لفظها ومن أكل لسانها صار فصيحاً . قال الزركشي : وليست من طيور العرب وإنما تجلب من النوبة واليمن ز ي . قال ح ل : في السيرة وقد وقع لي أني دخلت منزلاً لبعض أصحابنا وفيه درة لم أرها فإذا هي تقول مرحباً بالشيخ البكري وتكرر ذلك ، فعجبت من فصاحة عبارتها . وحكى الكمال الأدفوي في الطالع السعيد عن الفاضل الأديب محمد القوصي عن الشيخ علي الحريري أنه رأى درّة تقرأ سورة يس ، وعن بعضهم قال : شاهدت غراباً يقرأ سورة السجدة ، وإذا وصل إلى محل السجود سجد . وقال : سجد لك سوادي وآمن بك فؤادي اه . مع زيادة . قوله : ( يتشاءم به ) وكأنّ وجه هذا والله أعلم أنه لما كان سبباً لدخول إبليس الجنة .
وخروج آدم منها وسبباً لخلوّ تلك الدار من آدم مدة دوام الدنيا كرهت إقامته في الدور بسبب ذلك اه . دميري . قوله : ( خبثهما ) أي الطاووس وما قبله وإن كان ما قبله متعدداً . قوله : ( كخطاف ) بضم الخاء نوع من العصفور يعرف بعصفور الجنة جمعه خطاطيف يبني بيته في أبعد المواضع عن الوصول إليها بناء محكماً بالطين واللبن فإن لم يجد طيناً غطس في الماء وتمرغ في التراب وطين عشه بما على أجنحته . ويجعله على قدره وقدر فرخه فقط ولا يلقي فيه شيئاً من خرئه . بل يلقيه خارجه ويجعل فيه قضبان الكرفس لينفر الخفاش عن فراخه لأنه يهرب من رائحة الكرفس ، ولولاه لقتل فراخه لعداوة بينهما وإذا كبرت فراخه علمها ذلك . ومن أمره إذا قلعت عينه عادت . وإذا عمي أكل من شجرة يقال لها : عين شمس ، فيعود بصره لما في تلك الشجرة من المنفعة للعين وما رئي قط آكلاً ولا مجتمعاً بأنثاه ، وإذا أراد شخص حجر اليرقان لطخ فرخه بزعفران أي يدهن به مناقير أولاده ليعتقد ذلك العصفور أن بأولاده ذلك المرض أي اليرقان فيذهب فيأتي بحجر اليرقان الذي هو نافع جداً ويمر به عليه وهو حجر فيه خطوط بين الحمرة والسواد إذا حمله ذو اليرقان أو غسله وشرب ماءه على الفطور زال عنه . قيل : وقد زهد الخطاف ما للناس من الأقوات واقتات بالبعوض والذباب . ولهذا أحبه الناس ولم يتعرضوا له بسوء قال النبي : ( ازهد ما في الدنيا يحبك الله وازهد ما في أيدي الناس يحبك الناس ) أما كون زهد الدنيا سبباً لمحبة الله تعالى فلأن الله يحب من أطاعه . وطاعته لا تجتمع مع محبة الدنيا وأما كون زهد ما في أيدي الناس سبباً لمحبتهم لأنهم محبون ما في أيديهم ومن نزع محبوباً من محبه أبغضه ومن تنزه عنه وتركه لمحبة أحبه ولقد أحسن القائل في وصف الخطاف :
كن زاهداً فيما حوته يد الورى
تضحى إلى كل الأنام جليسا
أو ما ترى الخطاف حرّم زادهم
فأضحى مقيماً في البيوت رئيسا(5/217)
"""""" صفحة رقم 218 """"""
سماه رئيساً لأنه يألف البيوت العامرة دون الخاربة وهو قريب من الناس ؛ قيل : لما خرج آدم من الجنة اشتكى الوحشة فآنسه الله بالخطاف وألهمها سكنى البيوت أنساً لبنيه فهي لا تفارق بني آدم أنسالهم ومعها أربع آيات من كتاب الله وهي ) لو أنزلنا هذا القرآن على جبل } ) الحشر : 21 ) إلى آخر السورة وتمد صوتها بقوله : ) العزيز الحكيم } ) البقرة : 129 ، آل عمران : 18 ) حكي أن خطافاً راود خطافة على قبة سليمان عليه السلام ، فامتنعت منه فقال لها : تمتنعين عليّ ولو شئت لقلبت القبة على سليمان فدعاه سليمان وقال له : ما حملك على ذلك ؟ فقال : يا نبي الله لا تؤاخذ العشاق بأقوالهم قال : صدقت . وقال الغزالي إن كلام العشاق الذين أفرط حبهم يستلذ بسماعه ولا يعوّل عليه ، كما حكي أن فاختة كان يراودها زوجها فتمنعه من نفسها فقال : ما الذي يمنعك عني ولو أردت أن أقلب لك ملك سليمان عليه السلام ظهراً لبطن لفعلت لأجلك فسمعه سليمان عليه السلام فاستدعاه وقال ما حملك على ما قلت ؟ قال : يا نبي الله أنا محب والمحب لا يلام وكلام العشاق يطوى ولا يحكى . قال الشاعر :
أريد وصاله ويريد هجري
فأترك ما أريد لما يريد
وروي أن سليمان عليه السلام مر بعصفور يدور حول عصفورة فقال سليمان عليه السلام لأصحابه : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا يا نبي الله قال : يخطبها لنفسه ويقول تزوّجيني أسكنك أيّ قصور دمشق إن شئت . قال عليه السلام : وإن غرف دمشق مبنية بالصخر لا يقدر أن يسكنها لكن كل خاطب كذاب . وروي أن سليمان عليه السلام رأى عصفور يخاطب عصفورة وقد رفع رأسه إلى السماء وخفضها إلى الأرض فقال سليمان عليه السلام لجلسائه : أتدرون ما يقول هذا العصفور لهذه العصفورة ؟ قالوا الله ورسوله أعلم . قال : يقول والذي رفع السماء بقدرته وبسط الأرض بحكمته ما أريد منك شهوة لذة ، ولكن أريد أن يخرج الله من بيني وبينك نسمة توحد الله عز وجل . والخطاطيف أنواع منها ما يألف ساحل البحر ويبني بيته به ، ومنها ما هو أخضر كالدرة ويسميه أهل مصر الخضير ؛ وحكم الخطاف حرمة أكله لما روي : ( أن النبي نهى عن قتل الخطاطيف وذبحها ) وقال محمد بن الحسن : يحل أكله لأنه يتقوت بالحلال غالباً ، وإذا نقع عشه بما فيه في الماء يوماً وليلة نفع شربه للحصبة اه . دميري مع زيادة .
قوله : ( ونمل ) والنملة واحد النمل وجمع الجمع نمال وصح النهي عن قتلها . وحملوه على النمل السليماني وهو الكبير لانتفاء أذاه بخلاف الصغير فيحل قتله لكونه مؤذياً وسمي بذلك لتنمله أي تحركه بكثرة ما يحمل مع قلة قوامه وهو لا جوف له وعيشه بالشم مع أنه أحرص الحيوان على القوت والنمل لا يتزوّج ولا يتلاقح وإنا يسقط منه شيء حقير في الأرض فينمو ، وهو عظيم الحيلة في طلب الرزق ، فإذا وجد شيئاً أنذر الباقين فيأتون إليه ، ومن طبعه أنه يحتكر في زمن الصيف لزمن الشتاء .(5/218)
"""""" صفحة رقم 219 """"""
وإذا احتكر ما يخاف إنباته قسمه نصفين وإذا خاف العفن على الحب أخرجه إلى ظاهر الأرض ، ونشره وأكثر ما يفعل ذلك ليلاً في ضوء القمر ويقال : إن حياته ليست من قبل ما يأكله وذلك لأنه ليس له جوف ينفذ منه الطعام وإنما عيشه بالشم وليس في الحيوان ما يحمل ضعف بدنه مراراً غيره على أنه لا يرضى بأضعاف الأضعاف حتى أنه يتكلف حمل نوى التمر وهو لا ينتفع به وإنما يحمله على حَمله الحرص والشره . وهو يجمع غذاء سنين لو عاش ، ولا يكون عمره أكثر من سنة ، ومن عجائبه اتخاذ القرية تحت الأرض وفيها منازل ودهاليز وغرف وطبقات معلقات تملؤها حبوباً وذخائر للشتاء ، وقد جاء أن سليمان عليه الصلاة والسلام سمع النملة وقد أحست بصوت جنود سليمان تقول للنمل : ) ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون } ) النمل : 18 ) . فعند ذلك أمر سليمان الريح فوقفت حتى دخل النمل مساكنها ثم جاء سليمان إلى تلك النملة وقال لها حذرت النمل ظلمي قالت : أما سمعت قولي : ) وهم لا يشعرون } ) الأعراف : 95 ) على أني لم أرد حطم النفوس أي إهلاكها إنما أردت حطم القبول خشية أن يشتغلوا بالنظر إليك عن التسبيح أي فيمتن فقد جاء مرفوعاً : ( آجال البهائم كلها وخشاش الأرض في التسبيح فإذا انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها ) ويروى : ( ما من صيد يصاد ولا شجرة تقطع إلا بغفلتها عن ذكر الله ) وفي الحديث : ( الثوب يسبح فإذا اتسخ انقطع تسبيحه ) وفي رواية : ( إن النمل قالت له إنما خشيت أن تنظر إلى ما أنعم الله به عليك فتكفر نعم الله عليها فقال : لها عظيني فقالت : هل تدري لم جعل ملكك في فص خاتمك ؟ قال : لا قالت : أعلمك أن الدنيا لا تساوي قطعة من حجر ) . ويذكر أن هذه النملة التي خاطبت سليمان عليه الصلاة والسلام ، أهدت له نبقة وضعتها له في كفه . وفي فتاوى الجلال السيوطي قال الثعالبي في زهر الرياض : لما تولى سليمان عليه السلام جميع الملك جاءه جميع الحيوانات يهنئونه إلا نملة واحدة ، فجاءت تعزيه فعاتبها النمل في ذلك فقالت : كيف أهنئه وقد علمت أن الله تعالى إذا أحب عبداً زوى عنه الدنيا وحبب إليه الآخرة ، وقد شغل سليمان بأمر لا يدري ما عاقبته فهو بالتعزية أولى من التهنئة . وجاءه في بعض الأيام شراب من الجنة . فقيل له إن شربته لم تمت فشاور جنده فكل أشار بشربه إلا القنفذ فإنه قال : لا تشربه فإن الموت في عز خير من البقاء في سجن الدنيا . قال : صدقت فأراق الشراب في البحر ؛ وروي أن النملة التي خاطبت سليمان عليه السلام أهدت له نبقة وقالت :
ألم ترنا نهدي إلى الله ماله
وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله
ولو كان يهدي للجليل بقدره
لقصر عنه البحر حتى سواحله
ولكننا نهدي إلى من نحبه
فيرضى به عنا ويشكر فاعله(5/219)
"""""" صفحة رقم 220 """"""
وما ذاك إلا من كريم فعاله
وإلا فما في ملكنا ما نشاكله
فقال سليمان : بارك الله فيكم . ومما ينفع لترحيله أن يكتب في إناء مدهون طاهر ويمحى بالماء ويرش في موضع النمل وهذا ما تكتب : إن سليمان يقرئكم السلام ويأمركم أن تصنعوا له مسجداً من الشعر طوله طول الدنيا وعرضه عرض الآخرة . وإلا فعليكم بالهرب وعلينا الطلب : ) انفروا خفافاً وثقالاً } ) التوبة : 41 ) بحق هذه الأسماء المباركة الوحي 2 العجل 2 الساعة 2 اه . قوله : ( كخنفساء ) بفتح الفاء وضمها ممدود دويبة سوداء منتنة الريح وكنيتها أم الفسو ، لكثرة فسوها وهي تتولد من عفونة الأرض وهي طويلة الظهر وبينها وبين العقرب صداقة ، ولهذا يقال لها جاريتها ومن شأنها أنها تهرب من الكرفس فإذا وضع بموضع رحلت منه . وحكي أن رجلاً رأى خنفساء فقال : ماذا أراد الله بخلق هذه ألحسن شكلها ، أو طيب ريحها . فابتلي بقرحة عجز فيها الأطباء فترك علاجها ثم سمع يوماً صوت طبيب من الطرّاقين ينادي في الدرب فقال ائتوني به ينظر إلي فقالوا : وما يصنع هذا وعجز عنك حذاق الأطباء ؟ فقال لا بدّ لي منه فأحضروه فلما نظر إليه قال ائتوني بخنفساء فضحكوا منه فتذكر العليل ما صدر منه فقال : أحضروا له ما طلب فإنه على بصيرة فجاؤوه بواحدة فأحرقها وذرّ رمادها على القرحة . فبرأت بإذن الله تعالى فقال : إن الله أراد أن يعرّفني أن أخس المخلوقات أعز الأدوية ولم يخلق شيئاً سدى سبحانه ، والاكتحال بما في جوفها يجلو الغشاوة ويحدّ البصر . ويزيل البياض اه دميري . قوله : ( ودود ) أي إذا كان منفرداً وهو اسم جنس مفرده دودة وجمعه ديدان ويصغر على دويدة . قوله : ( ذلك ) أي نزوّ الكلب على الشاة وقوله : لأنه قد يحصل الخلق الخ وإن كان الورع تركها وذهب جمع إلى أنه إن كان أشبه بالحلال خلقة حل وإلا فلا ويجوز شرب لبن فرس ولدت بغلاً وشاة كلباً لأنه منها لا من الفحل اه م د .
قوله : ( والبغل ) وشدّة شبهه لأمه لا لأبيه وهو عقيم لا يولد له . روي عن علي كرّم الله وجهه أن البغال كانت تتناسل وكانت أسرع الدواب في نقل الحطب لإبراهيم خليل الرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن عليه الصلاة والسلام فدعا عليها فقطع الله نسلها ، قيل وأوّل من أنتجها قارون اه دميري قال ح ل في السيرة أجمع أهل الحديث على أن بغلة النبي كانت ذكراً لا أنثى قيل لم يكن في العرب يومئذ بغلة غيرها . وقد قال له سيدنا عمر رضي الله عنه لو حملنا الحمر على الخيل لكان لنا مثل هذه . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون ) . قال ابن حبان :(5/220)
"""""" صفحة رقم 221 """"""
أي الذين لا يعلمون النهي وفيه أن الله امتن بها كالخيل والحمير ولا يقع الامتنان بالمكروه . اه . وفيها أيضاً وأما بغلته فبغلة شهباء يقال لها : دلدل أهداها له المقوقس مع مارية . وهذه أوّل بغلة ركبت في الإسلام وفي لفظ رؤيت في الإسلام وكان يركبها في المدينة وفي الأسفار ، وعاشت حتى ذهبت أسنانها ، فكان يدق لها الشعير وعميت ، وقاتل عليها عليّ كرم الله وجهه الخوارج بعد أن ركبها عثمان رضي الله عنه وركبها بعد علي ابنه الحسن رضي الله عنه ثم ابنه الحسين ثم محمد ابن الحنفية ، وسئل ابن الصلاح هل كانت أنثى أو ذكراً والتاء للوحدة أجاب بالأوّل . قال بعضهم وإجماع أهل الحديث على أنها كانت ذكراً ورماها رجل بسهم فقتلها . وعن ابن عباس رضي الله عنه : ( أن رسول الله بعثني إلى زوجته أم سلمة فأتيته بصوف وليف ثم فتلت أنا ورسول الله رسناً وعذاراً ثم دخل البيت فأخرج عباءة فثناها ثم ربعها على ظهرها ثم سمى وركب ثم أردفني خلفه ) . اه ويجوز الإرداف على الدابة إذا كانت مطيقة ولا يجوز إذا لم تطقه وإذا أردف صاحب الدابة فهو أحق بصدرها ويكون الرديف وراءه إلا أن يرضى صاحبها بتقديمه لجلالته أو غير ذلك وأفاد الحافظ ابن منده أن الذين أردفهم النبي ثلاثة وثلاثون نفساً ولم يذكر فيهم عقبة بن عامر الجهني ولم يذكر أحد من علماء الحديث والتفسير أن النبي أردفه وروى الطبراني عن جابر رضي الله عنه أن النبي : ( نهى أن يركب ثلاثة على دابة ) وفي حديث شعبة بن عثمان أن النبي قال يوم خيبر لعمه العباس ناولني من البطحاء فأفقه الله تعالى البغلة في كلامه فانقضت به حتى كاد بطنها يمس الأرض فتناول رسول الله من الحصى فنفخ في وجوههم وقال : شاهت الوجوه فهم لا يبصرون اه . دميري وقوله فأفقه الله أي أفهم . قوله : ( لتولده بين فرس وحمار ) أهلي قال ابن الصباغ : ولو اشتبه حيوان فلم يدر مم تولد ؟ فالاختيار أن لا يؤكل فإن أريد أكله رجع إلى خلقته فإن أشبه ما يحل حل ، أو ما يحرم حرم ولو ولدت شاة شبه كلب ولم يعلم أنه نزا عليها حل إذ قد يحصل الخلق على خلاف صورة الأصل والورع أن لا يؤكل ويستبعد الحل لو ولدت شبه آدمي ولم يعلم أنه نزا عليها ويدق الفرق سم . وقد وقع في وقتنا أن الشاة ولدت ما فيه صورة الآدمي فظن بصاحبها سوء فبرأه الله بحصول ما هو أعجب من ذلك .
قوله : ( العكس ) أي عكس القول بالتحريم وهو القول بالحل . قول : ( فما يقول هؤلاء )(5/221)
"""""" صفحة رقم 222 """"""
أي القائلون بالحل . قوله : ( وبط ) وهو الوز الذي لا يطير فيكون عطف الوز عليه عطف عام على خاص . قوله : ( وإوز ) بكسر أوله وفتح ثانيه وهو شامل للبط شرح المنهج . فما قيل : إنه بفتح أوله سبق قلم قال القزويني : إذا شويت خصية الإوز وأكلها الرجل وجامع امرأته من وقته . فإنها تعلق بإذن الله تعالى والصفرة من كل بيض ألطف من البياض اه . دميري . قوله : ( ودجاج ) مثلث الدال والفتح أفصح من الضم والكسر واحده دجاجة سميت بذلك لإقبالها وإدبارها يقال دجّ القوم يدجون دجاً إذا مشوا رويدا وكنيتها أم حفصة وأم الوليد وأم جعفر وأم عقبة وأم نافع . وإذا هرمت الدجاجة انقطع فراخها لأن بيضها لم يبق له محّ وتأكل الفول والحب ، كبهائم الطير والخبز واللحم والذباب ، كسباع الطير فلها شبه بهما وتوصف بقلة النوم وسرعة اليقظة ، قيل فنومها واستيقاظها بمقدار خروج نفسها ورجوعه وذلك من شدة الجبن ولهذا تقصد في نومها الأماكن المرتفعة فإذا غربت الشمس بادرت إليها ، وتبيض في كل السنة إلا شهرين من الشتاء ومنها ما يبيض في اليوم مرتين ويتم خلق بيضها في عشرة أيام ويكون عند خروحه لين القشر فإذا أصابه الهواء يبس وبياضه بمنزلة المني فينشأ منه الروح وصفاره بمنزلة دم الحيض فيتغذى به الفرخ كما يتغذى الجنين بدم الحيض والبيضة ذات الصفارين يخرج منها فرخان وقد روي : ( أن النبي أمر الأغنياء باتخاذ الغنم والفقراء باتخاذ الدجاج وقال عند اتخاذ الأغنياء الدجاج يأذن الله بهلاك القرى ) قيل : ومعناه أن الأغنياء إذا ضيقوا على الفقراء في مكاسبهم وخالطوهم في معايشهم تعطل الفقراء وبذلك تبور القرى فتهلك . وخواصه أكل لحمه يزيد العقل والمني ويصفي الصوت لكن مدوامته تورث البواسير ، وإذا طبخت الدجاجة بعشر بصلات وكف سمسم مقشور ثم أكلت وشرب مرقها زادت في الباه وقوّت الشهوة ، وفي قانصة الدجاج حجر إذا شد على إنسان زاد في الباه وصرف عنه العين والنظرة أو على مصروع برىء أو تحت رأس صغير أمن من الفزع في نومه ، وذرق الدجاج السود إذا وضع بباب قوم وقع بينهم الشر . والخصومة وإذا طلي الذكر بمرارة السوداء وجامع لم ينل أهله أحد بعده ، وإذا جعل رأسها في كوز حديد ووضع تحت فرش رجل قد خاصم زوجته صالحها لوقتها ، وإذا احتمل الرجل من دهنها قدر أربعة دراهم هيج الباه . وأما بيضها فحار مائل إلى الرطوبة واليبس لكنه إذا زاد في أكله يولد كلفاً أي مشقة وهو بطيء الهضم ويدفع ضرره الاقتصار على صفرته اه . دميري وروى الحسن بن الضحاك عن ابن عمر قال : ( كان رسول الله إذا أراد أن يأكل الدجاج حبسه ثلاثة أيام ) اه . ع ش على م ر .
قوله : ( وحمام ) ومثله اليمام والقطا والدباسي والفاخت والحبارى والشقراق وأبو قردان والحمرة والحجل والقمرى : ( وكان النبي يعجبه النظر إلى الحمام الأحمر ، وكان في منزله حمام أحمر اسمه وردان ) ليس في الحيوان ما يستعمل التقبيل عند السفاد إلا الإنسان(5/222)
"""""" صفحة رقم 223 """"""
والحمام ، وزعم بعضهم أن الحمام يعيش ثمان سنين ، والقمري طائر مشهور حسن الصوت والأنثى قمرية وكنيته أبو زكريا وأبو طلحة وجمعه قماري قال القزويني : إذا ماتت ذكور القماري لم تتزوّج إناثها بعدها وتنوح عليها إلى أن تموت ، ومن العجب أن تبيض القماري تحت الفواخت وبيض الفواخت تحت القماري . وفي تفسير الثعلبي وغيره عن سليمان بن داود عليهم السلام أن الحمام يقول : سبحان ربي الأعلى اه . وأخرج أبو الشيخ ابن حبان في كتاب العظمة قال سليمان لأصحابه : أتدرون ما يقول هذا الحمام لأنثاه ؟ قالوا لا يا نبي الله قال يقول لأنثاه : تابعيني على ما أريد منك فوالله لمتابعتك أحب إليّ من ملك سليمان . كذا في ديوان الحيوان ، وفيه : إذا صاح العقاب قال البعد عن الناس رحمة ، وإذا صاح الخطاف قرأ الفاتحة إلى آخرها يمد صوته بقوله : ولا الضالين كما يمد القارىء ، والنسر يقول : يا ابن آدم عش ما شئت آخرك الموت ، والقمري يقول : يا كريم ، والغراب يلعن العشار ويدعو عليه ، والعشار هو الذي يأخذ العشر ، والحدأة تقول كل شيء هالك إلا الله ، والقطاة تقول من سكت سلم ، والببغاء تقول : ويل لمن كانت الدنيا أكبر همه ، والدرّاج يقول الرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن على العرش استوى ، والزرزور يقول : اللهم إني أسألك رزق يوم بيوم يا رزاق ، والعنزة تقول : اللهم العن مبغضي محمد وآل محمد ، والديك يقول : اذكروا الله يا غافلون ، وفي رواية أن الفرس تقول : إذا التقى الجمعان سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، والحمار يلعن المكاس وكسبه ، والضفدع يقول : سبحان ربي القدوس ، والسرطان يقول : سبحان ربي المذكور بكل لسان اه . دميري . قوله : ( عصفور ) بضم العين وحكي بالفتح سمي بذلك لما قيل : إنه عصى نبي الله سليمان وفرّ منه وكنيته أبو يعقوب ويتميز الذكر منها بلحية سوداء كالرجال وإذا خلت مدينة عن أهلها ذهب العصافير منها ، فإذا عادوا إليها عادت العصافير . والعصفور لا يعرف المشي وإنما يثب وثباً وهو كثير السفاد فربما سفد في الساعة الواحدة مائة مرة ولذلك قصر عمره ، فإنه لا يعيش في الغالب أكثر من سنة وبينه وبين الحمار عداوة ربما نهق الحمار فتسقط فراخه أو بيضه من جوف وكره أي محله الذي هو فيه وإذا رأى الحمار علا فوق رأسه وأذاه بطيرانه وصياحه ومن أنواعه القنبرة اه . والزرزور بضم الزاي طائر من أنواع العصافير سمي بذلك لزرزرته أي تصويته . اه . قوله : ( وهو الهزار ) بفتح الهاء وتسمى بالبلبل بضم الموحدتين ق ل . ومرّ سليمان على بلبل فوق شجرة يحرك ذنبه ورأسه فقال لأصحابه ، أتدرون ما يقول هذا البلبل ؟ قالوا : لا يا رسول الله قال : يقول إذا أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء أي الخراب وذهاب الأثر اه . دميري .
قوله : ( يقال له الزاغ ) ويقال له غراب الزيتون لأنه يأكله اه .(5/223)
"""""" صفحة رقم 224 """"""
قوله : ( العقعق ) كثعلب وهو طائر على قدر الحمامة وعلى شكر الغراب وجناحاه أكبر من جناحي الحمامة وهو لا يأوي تحت سقف ولا يستظل به بل يهيىء وكره في المواضع المشرقة وفي طبعه الزنا والخيانة ويوصف بالسرقة والخبث والعرب تضرب به المثل في جميع ذلك . وفي طبعه شدة الاختطاف لما يراه من الحليّ فكم من عقد ثمين اختطفه من شمال ويمين واختلفوا في تسميته عقعق فقيل : لأنه يعقّ فراخه فيتركهم بلا طعم ، وبهذا يظهر أنه نوع من الغربان لأن جميعها يفعل ذلك وقيل : اشتق له هذا الاسم من صوته والعرب كانت تتشاءم به وبصياحه اه . قوله : ( الغداف ) وهو بالغين المعجمة جمعه غدفان بكسر الغين اه . دميري . قوله : ( وهو الظاهر ) معتمد ويحل الكروان بالإجماع اه ، ديربي . قوله : ( أي يجب عليه ) أشار به إلى أن المصنف كان حقه أن يعبر بالوجوب كما هو أصح الوجهين في المسألة . قوله : ( موتاً ) منصوب على التمييز . قوله : ( مخوفاً ) ليس قيداً وعبارة م ر ومرض مخوف أو غير مخوف أو نحو ذلك من كل محذور ويبيح التيمم اه . قوله : ( أو خوف ضعف ) الأولى إسقاط خوف ويقول : أو ضعفاً لأنه معطوف على موتاً ويصير المعنى على ثبوت خوف إذا خاف على نفسه خوف ضعف ولا معنى له اه . شيخنا .
قوله : ( ولم يجد حلالاً ) وكذا إذا وجده ولم يبذله مالكه أو كان مضطراً أيضاً لأنه حينئذ(5/224)
"""""" صفحة رقم 225 """"""
كالعدم . قوله : ( على أكل ذلك ) أي الميتة فيكفي فيه ظن وقوع ما هدده به المكره بخلاف الإكراه على إتلاف مال الغير مثلاً فلا بد من تحقق ما يخوّفه به اه . قوله : ( فلا يشترط الخ ) تفريع على قوله : بل يكفي في ذلك الظن وأتى به وإن علم مما قبله توطئة لما بعده . قوله : ( العاصي بسفره ) لأن إباحة الميتة رخصة فلا تناط بالمعاصي . قوله : ( ومن قتل ) أي قبل القدرة عليه . قوله : ( له ) أي للأخير وهو مراق الدم . قوله : ( وهو ) أي استثناؤه متعين . قوله : ( ثم إن توقع الخ ) أشار بذلك إلى أن قول المتن ما يسدّ رمقه مفروض فيما إذا توقع حلالاً عن قرب ، وأما إذا لم يتوقع فلا يقتصر على سدّ الرمق ، بل يأكل حتى يدفع الضرر . قوله : ( غير متجانف لإثم ) أي غير مائل له ومنحرف إليه ، بأن يأكلها تلذذاً أو مجاوزاً حدّ الرخصة كقوله : ( غير باغ ولا عاد ) اه . بيضاوي . قوله : ( قيل أراد به ) أي بالتجانف وإنما كان إثماً لأنه لعلمه توقع حلال عن قرب فكان يقتصر على سدّ الرمق .
قوله : ( بقية الروح ) أي بقية القوّة التي الروح سبب فيها وإلا فالروح لا تتجزأ اه . ع ش . قوله : ( وبذلك ) أي بكونه بمعنى القوّة ، فالحاصل أنه إن فسر الرمق بالقوّة كان الشدّ بالشين وإن فسر الرمق ببقية الروح كان السدّ بالسين . ولكن لا يتعين ذلك بل يصح قراءته بالشين وبالسين مع كل من المعنيين لأنه يقوّي بقية الروح أو القوّة وسدّ الخلل الحاصل في ذلك وعبارة شرح م ر السدّ بالمهملة على المشهور أو المعجمة الرمق وهو بقية الروح على المشهور والقوّة على مقابلة اه . وفي المصباح الرمق بفتحتين بقية الروح ، وقد يطلق على القوّة(5/225)
"""""" صفحة رقم 226 """"""
ويأكل المضطر من الميتة ما يسدّ الرمق ، أي ما يمسك به قوته ويحفظها اه . قوله : ( ونحوها ) كالمغصوب .
قوله : ( لزمه القيء ) قيده م ر بما إذا شبع من الميتة وعليها فلا تضعيف وعبارة شرح م ر ولو شبع في حالة امتناعه ثم قدر على الحل لزمه ككل من تناول محرماً التقيؤ إن أطاقه بأن لم يحصل له منه مشقة لا تحتمل عادة اه بحروفه .
قوله : ( فعليه أن يتقايأ ) محله إن لم يكن صائماً فرضاً وإلا حرم عليه لوجود المقتضى والمانع فيغلب المانع كما هو القاعدة إذا تعارض المقتضى والمانع . وعبارة م د هذا محله إن لم يكن صائماً فرضاً وإلا فيحرم عليه لأن إتمام صومه واجب فإن كان في صوم نفل كان الأولى ترك القيء لأنه يكره قطعه قال تعالى : ) ولا تبطلوا أعمالكم } ) محمد : 33 ) اه . ع ش . قوله : ( بل على الحاجة ) أي بل يقتصر على الحاجة . قوله : ( هذا إن توقع ) أي محل اقتصاره على الحاجة .
قوله : ( للمصالح ) أي فيكون لبيت المال فيجوز استعمال زائد على قدر الحاجة ويكون المال حينئذ حلالاً . قوله : ( هذا الاستنثاء ) تأمل هذا الإيراد وجوابه . قوله : ( أجيب بأنه يتصوّر الخ ) وهذا الجواب ضعيف لأنه يفيد أنهم يموتون حقيقة ولا ترجع أرواحهم إلا بعد دفنهم(5/226)
"""""" صفحة رقم 227 """"""
وليس كذلك بل ليس موتهم كموت غيرهم ، لأن لروحهم اتصالاً بأبدانهم قبل الدفن وبعده . قوله : ( لا يجوز طبخها ) قيده الأذرعي بالمحترم والأوجه الأخذ بإطلاقهم ومحل امتناع طبخه وشيه حيث أمكن أكله نيئاً وإلا جاز اه . م د . قوله : ( والمحارب ) أي قاطع الطريق . قوله : ( حربيين ) نعت مقطوع أي أعني لاختلاف عامل المتبوع .
قوله : ( ولو وجد مضطر ) حاصل ما أشار إليه أنه إذا وجد طعام الغير فإما أن يكون ذلك الغير غائباً أو حاضراً وإذا كان حاضراً فإما أن يكون محتاجاً إليه أو لا . فإن كان لغائب أكل منه وجوباً وغرم البدل القيمة في المتقوّم والمثل في المثلى سواء قدر على البدل أم لا اكتفاء بالذمة وإن كان حاضراً وهو مضطر إليه لم يلزمه بذله لأن الضرر لا يزال بالضرر إلا أن يكون غير المالك نبياً فيجب بذله له وإن لم يطلبه لوجوب فدائه بالنفس وللمالك في الأولى إيثاره على نفسه بل يسنّ فإن كان الحاضر غير مضطر لزمه بذله للمعصوم بثمن مثله ، ولو في الذمة إذا لم يحضر فلو سكت عن الثمن لم يجب حملاً على المسامحة به فإن امتنع المالك من إعطائه فله قهره ، وأخذه منه وإن قتله ، لم يضمنه ما لم يكن المضطر كافراً معصوماً والمالك مسلماً فيضمنه . قوله : ( إن كان غير المالك نبياً وجب بذله ) ويتصور هذا في حق الخضر عليه السلام(5/227)
"""""" صفحة رقم 228 """"""
إذ الأصح أنه نبي حي وفي عيسى عليه السلام إذا نزل اه . إيعاب شوبري والأوجه كما هو ظاهر كلامهم عدم النظر لأفضلية الميت مع اتحادهما إسلاماً وعصمة قيل وقياسه عدم اعتبار اتحادهما نبوّة ويتصوّر في عيسى والخضر الصلاة والسلام على نبينا وعليهما . والمتجه خلافه إذ هما حيان فلا يصح القياس اه . قال ع ش عليه قد يقال : هذا خلاف فرض المسألة إذ الكلام فيما لو مات أحدهما دون الآخر فلا ينظر إلى أفضلية أحدهما بل الحي يأكل من الميت وإن كان أفضل منه إلا أن يقال : مراده أن النبي حي بعد موته فهو كمن لم يمت فلا يجوز للحي الأكل منه . وقياس هذا أن غير الشهيد وبعض الشهداء مع بعض لا يجوز له الأكل من الشهيد لما صح من أن الشهداء أحياء في قبورهم والذي نقله سم عن م ر . أنه مشى على أن للمضطر المسلم أكل ميتة الشهيد لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت الشهيد وإن كان حياً لأن حياته ليست حقيقة من كل وجه اه . قوله : ( وهو ) أي الإيثار من شيم الصالحين أي خصالهم الحميدة . قوله : ( بثمن مثل ) محله إن كان المضطر غنياً فإن كان فقيراً لا مال له أصلاً فيلزمه ذلك بلا بدل لأنه يجب على أغنياء المسلمين إطعامه ويجب إطعامه على كل من قصده منهم لئلا يتواكلوا .
قوله : ( ولا ثمن له إن لم يذكره ) ظاهره ولو مع العجز عن ذكره لعجزه عن النطق فراجعه . ق ل فلو اختلفا في إلزام عوض الطعام فقال : أطعمتك بعوض فقال : بل مجاناً صدق المالك بيمينه ، لأنه أعرف بكيفية بذله روض وشرحه . ولو اتفقا على ذكر العوض واختلفا في قدره تحالفا ثم يفسخانه هما أو أحدهما أو الحاكم ويرجع إلى المثل أو القيمة فلو اختلفا في قدر القيمة بعد ذلك صدّق الغارم . قوله : ( وإن قتله ) الظاهر أنه يأخذه منه بالأخف فالأخف . قوله : ( أو وجد مضطر ميتة وطعام غيره ) هذا قسيم قوله السابق ولو وجد طعاماً أي فقط فذاك فيما إذا وجد شيئاً واحداً وهذا فيما إذا وجد شيئين . قوله : ( ميتة ) أي ميتة غير آدمي . قوله : ( لم يبذله ) أما إذا بذله مجاناً أو بثمن مثله أو بزيادة يتغابن بمثلها ومع المضطر ثمنه أو رضي بذمته فلا تحل له الميتة . قوله : ( تعينت ) أما في الأولى فلأن إباحة الميتة للمضطر بالنص وإباحة أكل مال الغير ، بلا إذن ثابت بالاجتهاد . وأما في الثانية فلأن المحرم ممنوع من ذبح(5/228)
"""""" صفحة رقم 229 """"""
الصيد مع أن مذبوحه ميتة أيضاً وأما في الثلاثة فلأن صيد الحرم ممنوع من قتله وأما لو لم يجد المحرم إلا صيداً أو غير المحرم إلا صيد حرم ، فله ذبحه وأكله وعليه الفدية وأما لو وجد المحرم صيداً وطعام الغير فيتعين الصيد على المعتمد من ثلاثة أقوال لأن حق الله مبني على المسامحة ، شرح البهجة .
قوله : ( ويحل قطع جزء نفسه ) مقابل لمحذوف أي هذا إن وجد شيئاً فإن لم يجد شيئاً قطع من نفسه بشروط أربعة كون القطع من نفسه ، وكون القطع لأجل نفسه . وعدم وجود ميتة ولا غيرها ، وكان الخوف في القطع أقل أو انتفى الخوف بالمرة في القطع أما إذا كان الخوف في القطع فقط أو كان فيه أكثر أو استوى الخوف في القطع وعدمه حرم القطع . ويفرق بين ما هنا وبين مسألة السلعة إذا استوى الضرر في القطع وعدمه حيث قالوا : يقطع بأن ذاك فيه قطع عضو زائد يترتب على بقائه شين فوسعوا فيه دون ما هنا فإنه لقطع عضو أصلي فضيقوا فيه . قوله : ( من حيوان معصوم ) أي آدمي . قوله : ( لما مر ) وهو قوله : لأن قطعه لغيره .
قوله : ( ولنا ميتتان ) كان الأولى تأخير لنا عن حلالان لأن تقديمه يفيد قصر الحكم علينا وليس مراداً بل أهل الذمة كذلك . قوله : ( السمك والجراد ) قال في المنهاج ولو صادهما مجوسي قال المحلي : ولا اعتبار بفعله . والسمك هو كل حيوان يكون عيشه في البحر عيش مذبوح ولو على صورة الخنزير مثلاً ومنه القرش ومن السمك ما لا يدرك الطرف أوله وآخره لكبره وتحل سمكة في قلب سمكة ما لم تتفتت وتتغير ويحل ما طفا على وجه الماء وانتفخ ما لم يضر ، ويجوز بلعه وقليه حياً وشيه ولا ينجس الدهن بما في جوفه من الروث إن كان صغيراً وينبغي أن المراد بالصغير ما يصدق عليه عرفاً أنه صغير فيدخل فيه كبار البسارية المعروفة بمصر وإن كان قدر أصبعين مثلاً كما في ع ش على م ر . لا إن كان كبيراً وكذا يقال في الجراد ، ومن السمك الترس ولا نظر لتقوّيه بنابه لأنه ضعيف ولا بقاء له في غير البحر ، بخلاف التمساح لقوته وحياته في البر ، اه . وفي البحر من العجائب ما لا يستطاع حصره ومن أنواعه الشيخ اليهودي قال الشيخ أبو حامد القزويني في عجائب المخلوقات إنه حيوان وجهه كوجه الإنسان وله لحية بيضاء وبدنه كبدن الضفدع ، وشعره كشعر البقر ، وهو في حجم العجل يخرج من البحر ليلة السبت فيستمر حتى تغيب الشمس ليلة الأحد فيثب كما يثب الضفدع ويدخل الماء وحكمه الحل لدخوله في عموم السمك والقرش بكسر القاف وإسكان الراء المهملة وبالشين المعجمة في آخره دابة عظيمة من دواب البحر ، تمنع السفن من السير في(5/229)
"""""" صفحة رقم 230 """"""
البحر وتدفع السفينة فتقلبها وتضربها فتكسرها ، ومن شأنه أنه يتعرض للسفن الكبار فلا يرده شيء إلا أن يأخذ أهلها المشاعل فتمر على وجهه مثل البرق ولا يهاب شيئاً إلا النار وبه سميت قريش قريشاً ، والقرش يوجد ببحر القلزم الذي غرق فيه فرعون وهو عند عقبة الحاج ، وبنات الروم سمك ببحر الروم شبيه بالنساء ذوات شعور سبطة ألوانهنّ إلى السمرة ذوات فروج عظام وثديّ وكلام لا يفهم يضحكون ويقهقهون وربما يقعن في أيدي بعض أهل المراكب فينكحوهنّ ثم يعيدوهنّ إلى البحر وحكى الروياني عن صاحب البحر : أنه كان إذا أتاه صياد بسمكة على صورة المرأة حلفه أنه لم يطأها اه دميري .
فرع : لو صاد سمكة في بطنها درة هل يملك الدرة ؟ ينظر إن كانت مثقوبة فالدرة لقطة ، ولا يملكها إلا بطريقها على ما مر في اللقطة وإن كانت غير مثقوبة ملكها مع السمكة . والله أعلم . شرح الحصني وعبارة زي فرع الدرة التي توجد في السمكة غير مثقوبة ملك للصياد إن لم يبع السمكة أو للمشتري إن باعها تبعاً لها فيهما قال في الأصل : كذا في التهذيب ، ويشبه أن يقال : إنها أي في الثانية للصياد أيضاً كالكنز الموجود في الأرض يكون لمحييها فإن كانت مثقوبة فللبائع في صورته إن ادعاها وإلا بأن لم يدعها البائع فلقطة وقيد الماوردي ما ذكر بما إذا صاد من بحر الجواهر وإلا فلا يملكها بل تكون لقطة . اه قال م ر والمعتمد ما في التهذيب ويفارق مسألة الكنز بأن الدرة بمنزلة الطعام للسمكة فتتبعها واعتمد ما قيد به الماوردي قال : والمراد ببحر الجواهر ما يخلق فيه ولو نادراً اه . قوله : ( والجراد ) مشتق من الجرد وهو بري وبحري وبعضه أصفر وبعضه أبيض وبعضه أحمر وبعضه كبير الجثة وبعضه صغيرها فإذا أراد أن يبيض التمس المواضع الصلبة وضربها بذنبه فتنفرج . ثم يلقي فيها بيضه ويكون حاضناً له ومريباً وله ستة أرجل يدان في صدره وقائمتان في وسطه ورجلان في مؤخره وطرف رجليه صفراوان ، وفيه خلقة عشرة من جبابرة البوادي : وجه فرس ، وعين فيل ، وعنق ثور ، وقرن إيل وصدر أسد وبطن عقرب ، وجناحا نسر ، وفخذ أجمل ، ورجلا نعامة ، وذنب حية ، وليس في الحيوانات أكثر إفساد منه . قال الأصمعي أتيت البادية فرأيت رجلاً يزرع براً فلما قام أي البرّ على سوقه وجاد سنبله جاء إليه جراد فجعل الرجل ينظر إليه ولا يعرف كيف العمل فأنشأ يقول :
مر الجراد على زرعي فقلت له
لا تأكلنّ ولا تشغل بإفساد
فقام منهم خطيب فوق سنبلة
إنا على سفر لا بد من زاد
ولعابه سم على الأشجار ولا يقع على شيء إلا أفسده اه . برماوي وأسند الطبراني عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : ( كنا على مائدة نأكل أنا وأخي محمد ابن الحنفية وبنو عمي عبد الله والقاسم والفضل أولاد العباس فوقعت جرادة على المائدة فأخذها عبد الله وقال(5/230)
"""""" صفحة رقم 231 """"""
لي ما مكتوب على هذه ؟ فقلت : سألت أبي أمير المؤمنين عن ذلك فقال سألت عنه رسول الله فقال مكتوب عليها : أنا الله لا إله إلا أنا رب الجراد ورازقها إن شئت بعثتها رزقاً لقوم وإن شئت بعثتها بلاء على قوم ) فقال ابن عباس : هذا من العلم المكنون ، وقال : ( إن الله عز وجل خلق ألف أمة ، ستمائة منها في البحر وأربعمائة منها في البر وإن أول هلاك هذه الأمة الجراد فإذا هلك الجراد تتابع هلاك الأمم ) . وإنما صار الجراد أوّل هذه الأمة هلاكاً لأنه خلق من الطينة التي فضلت من خلق آدم عليه السلام . وحكى القزويني أن هدهداً قال لسليمان عليه السلام أريد أن تكون ضيفي أنت وعسكرك يوم كذا بجزيرة كذا فحضر سليمان بجنوده فأتى الهدهد بجرادة ميتة فألقاها في البحر وقال : كلوا فمن فاته اللحم أدرك المرق فضحك منه سليمان وجنوده وفي هذا قيل :
جاءت سليمان يوم العرض هدهدة
أهدت إليه جراداً كان في فيها
وأنشدت بلسان الحال قائلة
إن الهدايا على مقدار مهديها
لو كان يهدى إلى الإنسان قيمته
لكان يهدي لك الدنيا بما فيها
قوله : ( فيسن ذبحها ) أي من الذيل لأنه أصفى للدم . قوله : ( كضفدع ) بكسر أوله وثالثه وبكسر أوله وفتح ثالثه وعكسه وبضم أوله وفتح ثالثه ومن خواصه : أنه لا عظم له وأنه إذا كفىء طشت في بركة هو فيها منع من نقيقه فيها ق ل على الجلال . وفي كتاب الزاهر لأبي عبد الله القرطبي أن داود عليه السلام قال لأسبحن الله الليلة تسبيحاً ما يسبحه به أحد من خلقه ، فنادته ضفدعة من ساقية في داره يا داود تفتخر على الله بتسبيحك وإن لي لسبعين سنة ما جفّ لساني من ذكر الله تعالى . وإن لي لعشر ليال ما طعمت خضراً ولا شربت ماء اشتغالاً بكلمتين فقال : ما هما ؟ قالت يا مسبحا بكل لسان ومذكوراً بكل مكان . فقال داود في نفسه وما عسى أن أقول أبلغ من هذا . قال الفقهاء : إنما حرم الضفدع لأنه كان جار الله في الماء الذي كان عليه العرش قبل خلق السموات والأرض قال تعالى : ) وكان عرشه على الماء } ) هود : 7 ) اه دميري . قوله : ( وسرطان ) وهو من خلق الماء ويعيش في البر أيضاً وهو جيد المشي سريع العدو ذو فكين ومخلب وأظفار حداد وله ثمانية أرجل وهو يمشي على جنب واحد ويستنشق الماء والهواء معاً ، ويحرم أكله لاستخباثه كالصدف ولما فيه من الضرر . وفي قول : إنه يحل أكله وهو مذهب مالك اه . دميري قال : ع ش على م ر وليس من السرطان المذكور ما وقع السؤال عنه وهو أن ببلاد الصين نوعاً من حيوان البحر يسمونه سرطاناً وشأنه أنه متى خرج من البحر انقلب حجراً وجرت عادتهم باستعماله في الأدوية بل هو مما يسمى سمكاً لانطباق تعريف السمك السابق عليه فهو طاهر يحل الانتفاع به في الأدوية(5/231)
"""""" صفحة رقم 232 """"""
وغيرها اه . قوله : ( وحية ) لو فرض أن الحية والعقرب لا يعيشان إلا في البحر حرما أيضاً للسمية سم .
قوله : ( ونسناس ) بكسر النون وضبطه بعضهم بفتحها . قال المسعودي : في مروج الذهب إنه حيوان كالإنسان له عين واحدة يخرج من الماء ويتكلم ومتى ظفر بالإنسان قتله ، وقال القزويني إنه أمة من الأمم لكل واحد منهم نصف بدن ونصف رأس ويد ورجل . كأنه إنسان شق نصفين وفي الحديث : ( إن حياً من عاد عصوا نبيهم فمسخهم الله تعالى نسناساً لكل واحد منهم يد ورجل ينقرون كما تنقر الطير ويرعون كما ترعى البهائم ) دميري . قوله : ( وتمساح ) اسم مشترك بين الحيوان المعروف والرجل الكذاب ، قال القزويني : التمساح حيوان على صورة الضب وهو من أعجب حيوان الماء له فم واسع ، وستون ناباً في فكه الأعلى وأربعون في فكه الأسفل وبين كل نابين سن صغيره مربع ويدخل بعضها في بعض عند الانطباق ، ولسان طويل وظهره كظهر السلحفاة ، لا يعمل الحديد فيه وله أربعة أرجل وذنب طويل وهذا الحيوان لا يكون إلا في نيل مصر خاصة وزعم قوم أنه في بحر السند أيضاً وهو شديد البطش في الماء ولا يقتل إلا من إبطيه ويعظم إلى أن يكون طوله عشرة أذرع في عرض ذراعين وأكثر ، ومن عجائب أمره أنه ليس له مخرج فإذا امتلأ جوفه خرج إلى البرّ وفتح فاه فيجيء طائر يقال له القطقاط فيلقط ذلك من فيه ، وهو طائر صغير يجيء يطلب الطعم فيكون في ذلك غذاء له ، وراحة للتمساح . وهذا الطائر في رؤوس أجنحته شوك فإذا أغلق التمساح فمه عليه نسخه بها فيفتحه اه دميري . قوله : ( وسلحفاة ) أي برّية أما البحرية فيجوز أكلها . وعبارة ع ش على م ر . فالحية والنسناس والسلحفاة البحرية حلال ، والسلحفاة هي الترسة المعروفة فتحل كما في المجموع وإن كانت تعيش في البر اه . قوله : ( ألف أمة ) أي ألف نوع من أنواع الحيوان وكذا قوله : ألف عالم أي ألف نوع من أنواع العالم . قوله : ( الكبد ) الكبد مؤنثة وهي بكسر الباء ويجوز إسكانها مع فتح الكاف وكسرها والجمع أكباد وكبود . قوله : ( حكمه حكم المرفوع ) أي لأنه لا يقال من قبل الرأي .(5/232)
"""""" صفحة رقم 233 """"""
قوله : ( يكون بهذه الصيغة مرفوعاً ) أي بقوله : أحلت لنا أي أحل لنا الشارع وهو النبي فهو نحو أمرنا ونهينا . قوله : ( لأنها أقرب إلى التوكل ) وأسلم من الغش ولعموم النفع بها للآدمي وغيره . قوله : ( لأن الكسب يحصل فيها بكد اليمين ) ولذلك ورد في الحديث : ( من بات كالاً من عمله بات مغفوراً له ) قوله : ( لأن الصحابة كانوا يكتسبون بها ) وعن المقدام عن النبي قال : ( ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده ) اه فكان يعمل الزرد ويبيعه لقوته ، وكان لا يأكل إلا من يده ولم يكن من حاجة لأنه كان خليفة في الأرض . قال الضحاك والكلبي : ملك داود بعد قتله جالوت سبعين سنة وجمع الله لداود بين الملك والنبوة ولم يجتمع ذلك لأحد قبله بل كان الملك في سبط والنبوّة في سبط فذلك قوله تعالى : ) وآتاه الله الملك والحكمة } ) البقرة : 251 ) وقال ابن عباس : كان داود أشد ملوك الأرض سلطاناً يحرس محرابه كل ليلة ستة وثلاثون ألف رجل فذلك قوله تعالى : ) وشددنا ملكه } ) ص : 20 ) وكان نوح نجاراً وإبراهيم بزازاً وإدريس خياطاً ونحو هذا لا يفيد أنهم كانوا يقتاتون من ذلك ولا بدّ ، وقد كان نبينا يأكل من سعيه الذي يكتسبه من أموال الكفار بالجهاد ، وهو أشرف المكاسب على الإطلاق لما فيه من إعلاء كلمة الله . وذكر صاحب كتاب بصائر القدماء وسرائر الحكماء ، صناعة كل من علمت صناعته من قريش فقال : كان أبو بكر الصديق بزازاً وكذلك عثمان وطلحة وعبد الرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن بن عوف ، وكان عمر دلالاً يسعى بين البائع والمشتري ، وكان الوليد بن المغيرة حداداً وكذلك أبو العاص أخو أبي جهل ، وكان عبد الله بن جدعان نخاساً يبيع الجواري ، وكان النصر بن الحارث عوّاداً يضرب بالعود ، وكان الحكم بن العاص خصاء يخصي الغنم ، وكان العاص بن وائل السهمي بيطاراً يعالج الخيل ، وكان ابنه عمرو بن العاص جزاراً ، وكذلك أبو حنيفة صاحب الرأي والقياس اه من الدميري مع زيادة .
قوله : ( ويحرم ما يضر البدن أو العقل ) ومنه يعلم حرمة الدخان المشهور لما نقل عن الثقات أنه يورث العمى والترهل والتنافيس واتساع المجاري اه ق ل وقوله : ما يضر البدن قال الأذرعي : المراد الضرر البين الذي لا يحتمل عادة لا مطلق الضرر شوبري . قوله : ( والتراب ) أي وطين وطفل ومحله في غير النساء الحبالى فإنه لا يحرم عليهن أكل الطين لأنه بمنزلة التداوي م ر اه م د على التحرير . قوله : ( كالأفيون ) تنظير .(5/233)
"""""" صفحة رقم 234 """"""
قوله : ( وهو لبن الخشخاش ) قال الجوهري والخشخاش نبت معروف أي وهو المعروف بأبي النوم والمراد بلبنه الذي يخرج منه بعصره وهو بفتح أوّله الواحدة خشخاشة وقد ألغز فيه بعضهم فقال :
وما قبة مبنية فوق شاهق
لها شرف نحو الملاحة والظرف
وأولادها في بطنها إن عددتهم
يكونون ألفاً أو يزيدون عن ألف
ويأخذها الطفل الصغير بجهله
فيقلبها عسفاً على راحة الكف قوله : ( الشواء ) أي المشوي المكمور كاللحم المشوي والفول المكمور والمعتمد الكراهة ومحل الخلاف إذا غطى من أوّل وضعه على النار إلى استوائه ، ومنع خروج البخار منه ودخول الهواء له وإلا فلا حرمة ولا كراهة خلافاً للشارح حيث قال بعد استوائه ، ويحرم البنج والحشيش ولا يحدّ به ، بخلاف الشراب المسكر وإنما لم يحد لأنه لا يلذ ولا يطرب ولا يدعو قليله إلى كثيره بل فيه التعزير وله تناوله ليزيل عقله لقطع عضو متأكل حتى لا يحس بالألم ، ولبعضهم :
قل لمن يأكل الحشيشة جهلاً
يا خسيساً قد عشت معيشه
دية العقل بدرة فلماذا
يا سفيهاً قد بعتها بحشيشه والبدرة عشرة آلاف درهم أو ألف دينار اه . قوله : ( التبسط ) أي الألوان المختلفة . قوله : ( كقرى الضيف ) قال في المصباح قريت الضيف أقريه من باب رمي قرى وفي المختار قرى الضيف يقريه قرى بالكسر والقصر وقراء بالفتح والمد أحسن إليه . قوله : ( وفي إعطاء الخ ) خبر مقدم ومذاهب مبتدأ مؤخر وقوله : مذاهب أي أقوال . قوله : ( منعها ) أي أحدها منعها وقوله : إعطاؤها أي الثاني إعطاؤها . قوله : ( وبعثاً ) أي باعثاً وحاملاً ومحل الخلاف فيمن يريد تهذيب نفسه ، أما من يفعل ذلك بخلاً وشحاً فهو مذموم ولبعضهم :
البخل شين ولا يرضى به أحد
إلا الأسافل أهل الذم والعار(5/234)
"""""" صفحة رقم 235 """"""
المنفقون لهم إخلاف ما بذلوا
والممسكون لهم إتلاف مع نار
قوله : ( لروحانيتها ) أي راحتها . قوله : ( والأشبه ) هو الثالث . قوله : ( سلاطة عليه ) أي الطغيان . قوله : ( وفي منعها بلادة ) أي إذا منعها ذلك مطلقاً أورثه البلادة .
3 ( ( فصل : في الأضحية ) ) 3
ذكرها بعد الأطعمة ؛ لأن الأضحية مختصة بالنعم ، وقد سبق ذكر النعم في الفصل السابق وأولٌ طلبها في السنة الثانية من الهجرة كالعيدين وزكاة المال والفطر ، وهي أفضل من صدقة التطوع لأنه قيل بوجوبها ، ويكره ترك للقادر عليها . وليس للوليّ فعلها من مال محجوره وتسن من ماله ، عن المولود لا عن الجنين اه برماوي . قوله : ( وسميت بأوّل زمان فعلها ) أي باسم مشتق من اسم أوّل زمان فعلها . وهو الضحى أو المعنى سميت باسم يلوح ويشير لأوّل زمان فعلها . قوله : ( وهي بضم همزتها ) حاصله أن فيها ثمان لغات ضم الهمزة مع تشديد الياء وتخفيفها وكسر الهمزة مع تشديد الياء وتخفيفها ومع حذف الهمزة لغتان فتح الضاد وكسرها وأضحاة بفتح الهمزة وكسرها . قوله : ( تقربا ) خرج ما يذبحه الجزار للبيع . قوله : ( من يوم العيد ) يصدق بما ذبح قبل مضي ركعتين وخطبتين بعد طلوع الشمس وليس مراداً كما يدل عليه ما يأتي فهو مقيد بما يأتي والمراد بيوم العيد اليوم الذي يعيد فيه حتى لو وقفوا العاشر غلطاً كان آخر أيام التشريق الرابع عشر على ما اعتمده م ر خلافاً للشارح . قوله : ( إلى آخر أيام التشريق ) أي الثلاثة . قوله : ( من عمل ) أي يتقرب به إليه من النوافل فلا يرد أن الفرض أفضل . قوله : ( أحب ) مجرور بالفتحة نعتاً لعمل . قوله : ( من إراقة الدم ) المراد لازمه وهو الذبح .(5/235)
"""""" صفحة رقم 236 """"""
قوله : ( أنها ) أي الأضحية المفهومة من إراقة الدم وقوله : لتأتي أي ليركبها صاحبها يدل لذلك وروده كذلك في بعض الروايات . قوله : ( بمكان ) أي له موقع عظيم عند الله ، وهو كناية عن القبول كما قرره شيخنا . قوله : ( نفساً ) تمييز محوّل عن الفاعل والأصل فلتطب نفوسكم بها أي افعلوها عن طيب نفس . قوله : ( بمعنى التضحية ) التي هي فعل المكلف الموصوف بالسنة إذ كثيراً ما تطلق الأضحية ويراد بها الفعل المتقرب به . قوله : ( لا الأضحية ) أي لا بمعنى الأضحية أي العين المضحى بها إذ لا يصح الإخبار عنها بسنة .
قوله : ( كلامه ) وهو قوله سنة وقوله : لأن الخ علة للتضحية . قوله : ( سنة ) أي لمسلم بالغ عاقل حر ولو مبعضاً ؛ وتسن للمكاتب بإذن سيده لأنها تبرع ويحصل ثوابها لمن فعلها ولو فقيراً أو من أهل البوادي أو امرأة ولا بد أن تكون فاضلة عن كفاية ممونه يوماً وليلة كما في صدقة التطوّع قاله العلامة م ر كابن حجر . واعتبر العلامة الزيادي كفاية يوم العيد وليلته وأيام التشريق الثلاثة . وعما جرت به العادة من كعك وسمك وفطير ونحوها وقوله : سنة فيه تلويح لمخالفة أبي حنيفة حيث أوجبها على مالك نصاب زكوي . وهو مقيم بالبلد ولا تصير واجبة إلا بالنذر كما يأتي . قوله : ( في حقنا ) معاشر المسلمين وواجبة في حقه وكان له أضحية مندوبة أيضاً وأكله من أضحيته محمول عليها والواجبة عليه واحدة وما زاد عليها مندوب ولم يترك الأضحية قط وهل كانت الأنبياء من بعد إبراهيم تضحي هم وأممهم ، أو هم خاصة اه ح ل . قوله : ( على الكفاية ) ومعنى كونها سنة كفاية مع كونها تسن لكل منهم سقوط الطلب بفعل الغير لا حصول الثواب لمن لم يفعل ، كصلاة الجنازة نعم ذكر المصنف في شرح مسلم . أنه لو أشرك غيره في ثوابها جاز وأنه مذهبنا م ر . قوله : ( إن تعدد أهل البيت ) وهم من اجتمعوا في العيشة والعشرة وقيل : من تلزم الفاعل نفقتهم . واعتمده م ر وز ي والثواب خاص بالفاعل وسقط عن غيره الطلب سواء كان الفاعل هو الذي تلزمه النفقة أو غيره . ق ل . وبعضهم قيده بالمنفق .
قوله : ( كفى عن الجميع ) أي في سقوط الطلب وإلا فالثواب للمضحي خاصة كالقائم(5/236)
"""""" صفحة رقم 237 """"""
بفرض الكفاية وقوله عليه السلام : ( اللهم هذا عن محمد وأمة محمد جميعاً ) خصوصية له . قوله : ( وينبغي أن تكون ) معتمد . قوله : ( فيجري فيها الخ ) فإن أذن له سيده صحت له ووقعت له كما سيأتي آخر الفصل . قوله : ( وشمل كلام المصنف ) أي قوله : والأضحية سنة . قوله : ( لمريدها ) أي غير المحرم أن لا يزيل شعره ، ولو من عانة أو إبط الخ . فتكره الإزالة إلا لعذر وقال الإمام أحمد تحرم الإزالة المذكورة ق ل . وانظر ما وجهه وسألت بعض الحنابلة عن ذلك فأجاب بأنه يحرم تشبيهاً بالمحرمين اه ميداني . وقوله : لمريدها أي سواء طلبت منه أو لا وجبت عليه أو لا برماوي . قوله : ( أن لا يزيل شعره الخ ) وعبارة المنهج وكره لمريدها غير محرم إزالة نحو شعر كظفر وجلدة لا تضر إزالتها ، ولا حاجة له فيها وقوله وجلدة استثنى من ذلك ما كانت إزالته واجبة كختان البالغ ، وقطع يد السارق أو مستحبة كختان الصبي اه س ل . قوله : ( في عشر ذي الحجة ) ولو في يوم الجمعة على المعتمد لأن الأقل يراعى برماوي . قوله : ( حتى يضحي ) أي ولو بواحدة لمن تعددت في حقه ، وينتهي وقت عدم الإزالة لمن لا يضحي بزوال وقت التضحية اه برماوي وعبارة شرح م ر . ولو أراد التضحية بعدد زالت الكراهة بأوّلها كما جزم به بعضهم وهو المعتمد . قوله : ( ولا تجب إلا بالنذر ) أي أو ما ألحق به كأن يشتري شاة ويقول : هذه أضحية فإنها تجب بمجرد هذا اللفظ ويحرم عليه وعلى من تلزمه نفقته أن يتعاطى شيئاً منها م ر . وحينئذ فما يقع في ألسنة العوام كثيراً من شرائهم ما يريدون التضحية به من أوائل السنة ، وكل من سألهم عنها يقولون له تلك أضحية مع جهلهم بما يترتب على ذلك من الأحكام تصير به أضحية واجبة يمتنع عليه أكله منها . ولا يقبل قوله : أردت أني أتطوّع بها خلافاً لبعض المتأخرين شرح م ر . والمخلص له إذا سئل أن يقول : هذه نذبحها . ونأكلها في العيد ولو قال : إن ملكت هذه الشاة فللَّه عليّ أن أضحي بها لم يلزمه وإن ملكها . لأن المعين لا يثبت في الذمة بخلاف إن ملكت شاة فللَّه عليّ أن أضحي بها فيلزمه إذا ملك شاة لأن غير(5/237)
"""""" صفحة رقم 238 """"""
المعين يثبت في الذمة ، كذا صرحوا بهما فانظر الروض وغيره سم وينبغي أن يأتي مثل هذا التفصيل فيما لو قال : إن ملكت هذا العبد فللَّه عليّ أن أعتقه الخ . ومن أراد أن يهدي شيئاً من النعم إلى البيت الحرام سنّ له ما يسنّ لمريد التضحية سم . قوله : ( ويسنّ أن يذبح الأضحية الرجل بنفسه ) لأنه كان إذا فرغ من صلاة الأضحى وخطبته يؤتى له بكبشين وهو قائم في مصلاه فيذبح أحدهما بيده ويقول : ( هذا عن أمتي جميعاً من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ ) .
وعن الحاكم عن أبي سعيد الخدري : ( أن رسول الله ذبح كبشاً أقرن بالمصلى بعد أن قال : بسم الله والله أكبر وقال : اللهم هذا عني وعمن لم يضحّ من أمتي ) واستدل بذلك على أن من خصائصه أن يضحي عن غيره بغير إذنه ويذبح الآخر ويقول : هذا عن محمد وآل محمد فيأكل هو وأهله منهما ويطعم المساكين ولم يترك الأضحية قط اه ح ل . قوله : ( أن يذبح الأضحية ) ومثلها الهدي برماوي . قوله : ( بنفسه ) أي ولو مراهقاً وسفيهاً لأنه قربة فالإتيان بها أولى . ( ولأنه ضحى بمائة بدنة نحر منها بيده ثلاثاً وستين . وأمر علياً رضي الله فنحر تمام المائة ) وفي ذلك إشارة إلى مدّة حياته ق ل على الجلال . قوله : ( إن أحسن الذبح ) أي على الوجه الأكمل فخرج الأعمى فالسنة في حقه التوكيل اه . ع ش . قوله : ( والخثنى مثلها ) مثلهما من ضعف من الرجال عن الذبح والأعمى إذ تكره ذبيحته س ل . قوله : ( فليشهدها ) المراد بشهوده حضوره ، ولو أعمى ق ل . والأولى في الوكيل كونه فقيهاً مسلماً ويكره استنابة كافر وصبي وأعمى لا حائض ، ويسنّ لغير الإمام أن يضحي في بيته ليشهد أهله ، وأن يستحضر في نفسه عظم نعمة الله تعالى عليه وما سخر له من الأنعام . وأن يقول : إن صلاتي ونسكي إلى قوله : وأنا من المسلمين ، ويجدد الشكر على ذلك ؛ وللإمام إذا ضحى عن المسلمين أن يذبح بنفسه في المصلى عقب الصلاة ويخليها للناس برماوي . وهذا ينافي ما تقدم من أن التضحية عن الغير بغير إذنه من خواص النبي . قوله : ( قال عمران بن حصين ) أي للنبي وقوله : هذا لك أي الثواب المذكور لفاطمة من أنه يغفر بأول قطرة منها ما سلف من الذنوب لك يا رسول الله الخ . قوله : ( فأهل ) في معنى التعليل أي لأنكم أهل لذلك وأهل خبر مقدّم ، وأنتم مبتدأ مؤخر . وقال بعضهم قوله : فأهل ذلك أنتم أي فالمخصوص بالغفران أنتم يا آل البيت ومن ضحى من غيركم لا يغفر له ذلك ، فقال له في الجواب بل للمسلمين أي كل من ضحى منهم فله هذا الثواب .(5/238)
"""""" صفحة رقم 239 """"""
وله : ( أم للمسلمين ) معطوف على قوله : لك ولأهل بيتك . قوله : ( وشرط التضحية نعم ) أي كونها نعما الخ . وعند ابن عباس يكفي إراقة الدم ولو من دجاج أو إوز ميداني أي فلا يجزىء غيرها من بقر الوحش وحميره والظباء وغيرها . وأما المتولد بين جنسين من النعم فيجزىء هنا . وفي العقيقة والهدي وجزاء الصيد إلا أنه ينبغي اعتبار أعلى الأبوين سناً في الأضحية ونحوها ، حتى يعتبر في المتولد بين الضأن والمعز بلوغه سنتين إلحاقاً له بأعلى السنين برماوي . قوله : ( وبقر ) أي عراب أو جواميس برماوي . وسواء في البقر وغيرها الإناث أو الخناثى أو الذكور ولو خصياً والخصي ما قطع خصيتاه أي البيضتان ويجبر ما قطع منه زيادة لحمه طيباً وكثرة كما قاله البرماوي . قوله : ( منسكاً ) أي عبارة برماوي . قوله : ( ولأن التضحية الخ ) أي فكما أن الزكاة قاصرة على النعم . كذلك التضحية قاصرة عليها بطريق القياس . قوله : ( أي سقطت أسنانه ) هل ولو واحدة وقياس الاكتفاء بقطرة في البلوغ بالاحتلام الاكتفاء بسقوط السن الواحدة اه أ ج . قوله : ( أجزأ ) أي إذا كان في سنه المعتاد وهو ستة أشهر وعبارة شرح م ر أو إجذاعه أي سقوط سنه قبل تمام السنة لأن ذلك بمنزلة البلوغ بالاحتلام وبلوغه السنة بمنزلة البلوغ بالسن اه . قوله : ( ويكون ذلك ) أي ما ذكر من تمام السنة والإجذاع ، قوله : ( سنتين ) وكذا المتولد بين ضأن ومعز إذ المتولد يجزىء هنا وفي العقيقة والهدي وجزاء الصيد س ل . قوله : ( خمس سنين ) أي تحديداً . قوله : ( من البقر الإنسي ) ومنه الجاموس وإنما قيد بذلك في البقر دون غيره لأن غيره لم يوجد منه وحشي وأما الظباء فيقال لها شياه البر لا غنم الوحش ولا معز الوحش .(5/239)
"""""" صفحة رقم 240 """"""
قوله : ( وإن كثر نزوان الذكر ) أي طروقه للأنثى وإنما غيا بما ذكر لأنه ربما يتوهم أنه عيب لأنه مضعف . قوله : ( وتجزىء البدنة ) وهي الواحدة من الإبل ذكراً كان أو أنثى أو خنثى قال : في التتمة ليس في الحيوانات خنثى إلا الآدمي والإبل قال النووي جاءني من أثق به يوم عرفة سنة أربع وسبعين وستمائة قال عندي بقرة خنثى لا ذكر لها ولا فرج وإنما لها خرق عند ضرعها يخرج منه فضلاتها ، فهل تجزىء أضحية أو لا . فقلت له : لا يخلو إما أن تكون ذكراً وإن أن تكون أنثى وكلاهما مجزىء في الأضحية وليس فيه ما ينقص اللحم اه . برماوي والمتولد بين إبل وغنم أو بقر وغنم يجزىء عن واحد فقط ، س ل وينقص بفتح المثناة التحتية وسكون النون وضم القاف وهو الصحيح وبه جاء القرآن ، ويجوز أيضاً ضم الياء وفتح النون وكسر القاف المشددة كما في الإشارات لابن الملقن .
قوله : ( عن سبعة ) سواء أراد بعضهم الأضحية والآخر اللحم أم لا ولهم قسمة اللحم إذ هي إفراز وعبارة ق ل على الجلال قوله : عن سبعة وكذا في الكفارات والتمتع في الحج وارتكاب محظورات فيه نعم المتولد بين غنم أو معز وإبل أو بقر لا يجزىء عن أكثر من واحد ويظهر وجوب التصدق على كل واحد منهم بجزء من حصته نيئاً . ولا يكفي تصدق واحد عن الجميع لأنها في حكم سبع أضاح وخرج بالسبعة ما لو كانوا أكثر كثمانية واشتركوا في بدنة أو في بدنتين فلا تقع عن واحد منهم ولو مع الجهل بعددهم أو بالحكم أو ضم لها شاة كما لو اشترك اثنان في شاتين فلا يجزئان عنهما لأن كل شاة مشتركة بينهما فيخص كل واحد منهم نصفين شاتين . ولو كان أحدهما ذمياً لم يقدح فيما قصده غيره وهو إجزاء السبع عنه ولو امتنع بعض الشركاء في البدنة من الذبح فالوجه أن يقال : إن كان لا يحتاج إلى نية كمنذورة منه ذبحت قهراً عليه ولا فلغيره أن يذبحها إن خيف خروج وقت الأضحية نظراً للوصول لحقه وهو سبعها ويحتمل أن يراجع الحاكم لينوي عن الممتنع كما في الزكاة فراجع ذلك . ولو كان عليه شاة واجبة فذبح بدنة وقع سبعها عن الواجب بخلاف ما لو أخرج بعيراً عن شاة في الزكاة فيقع كله واجباً وتقدم الفرق فيها بكونه في الزكاة أصلاً أو بدلاً بخلافه هنا ق ل .(5/240)
"""""" صفحة رقم 241 """"""
قوله : ( مهلين ) أي محرمين قوله : ( أن يشترك ) أي عند إرادة عدم الانفراد فلا يرد أن الاشتراك ليس بواجب . قوله : ( كما إذا قصد بعضهم ) أشار بذلك إلى أنه لا يجزىء السبع عن الأضحية إلا أن يذبح على قصد الأضحية فلو ذبح لا بهذا القصد لم يجز كأن ذبحت لغير التضحية ثم اشترى واحد سبعها أضحية لأن إراقة الدم هو مقصود التضحية . اه . زي . قوله : ( على الأصح ) أي لا قسمة تعديل ولا رد لئلا يلزم عليه بيع طريّ اللحم بطريه لأنهما بيع .
قوله : ( والبقرة ) أي المعينة ، ليخرج ما لو اشترك أكثر من سبعة في بدنتين أو بقرتين مشاعتين فلا يكفي لأن كل واحد لم يصبه سبع ، من كل بدنة فإن ذبح البدنة أو البقرة عن الشاة كان السبع واجباً وما زاد تطوع وكذا إذا اشترك ثلاثة مع غيرهم ممن لم يرد الأضحية فيجب على كل من الثلاثة أن يتصدق من سبعه ، ولا يكفي تصدق واحد عن الجميع . وكذا لو ضحى بسبع شياه فإنه يجب عليه أن يتصدق من كل واحدة لأنها بمنزلة سبع أضاح . فإن قلت : لأيّ شيء البدنة تجزىء عن سبعة والبقرة تجزىء عن سبعة ومع ذلك اشترط في الإبل الطعن في السنة السادسة واكتفى في البقر بالطعن في السنة الثالثة فما النكتة وما الحكمة في ذلك . قلت لعل الحكمة في ذلك أن لحم الإبل دون لحم البقر في الطيب والحسن والقيمة فاشترط في الإبل زيادة السن لتكون الزيادة جابرة للنقص ويؤيد ذلك أن الضأن والمعز كل واحدة تجزىء عن واحد ومع ذلك اشترط في المعز الطعن في السنة الثالثة والضأن الطعن في السنة الثانية اه . خضر . قوله : ( للحديث المار ) وهو قوله : أن يشترك في الإبل والبقر .
قوله : ( ومباشرة محظورات الإحرام ) أي وترك الرمي والمبيت والميقات . قوله : ( وتجزىء الشاة ) فإن قلت إن هذا مناف لما بعده حيث قال : فإن ذبحها عنه ، وعن أهله أو عنه وأشرك غيره في ثوابها جاز . أجيب : بأنه لا منافاة لأن قوله هنا عن واحد أي من حيث حصول(5/241)
"""""" صفحة رقم 242 """"""
التضحية حقيقة وما بعده الحاصل للغير إنما هو سقوط الطلب عنه ، وأما الثواب والتضحية حقيقة فخاصان بالفاعل على كل حال . ووقع السؤال عما لو مسخت الشاة بعيراً أو عكسه هل يجزىء في الأولى عن سبعة ولا يجزىء البعير في الثانية إلا عن واحد أو لا . الجواب عنه أن هذا ينبني على أن المسخ هل هو تغيير صفة أو ذات ، فإن قلنا بالأول : لا تجزىء الشاة الممسوخة بعيراً إلا عن واحد ويجزىء البعير الممسوخ إلى الشاة عن سبعة وإن قلنا بالثاني : انعكس الحال لأن ذات الشاة الممسوخة إلى البعير ذات بعير والبعير الممسوخ إلى الشاة ذات شاة اه ع ش على م ر . قوله : ( جاز ) ومع ذلك يختص الثواب به ويسقط الطلب عنهم م د وزي .
قوله : ( وعليه حمل الخ ) يقتضي أن الثواب للأمة حاصل بهذا التشريك ، وهو كذلك فيكون ذلك خصوصية له وحينئذ فلا يظهر به الاستدلال على ما قبله لأن ما قبله الثواب خاص بالفاعل فقط وهذا عام في المضحى وغيره إلا أن يقال القصد الاستدلال من جهة صحة التضحية مع هذا القصد مع قطع النظر عن حصول الثواب ، والحديث يدل على ذلك وإن اختص النبي بزيادة وهو حصول الثواب للأمة بتشريكه قوله : ( مباهاة ) أي لا عبادة أي يتباهى بها الناس ويفتخرون بها أي لا يقصدون بذلك إلا الرياء فلا يثابون على ذلك قوله : ( وخرج بمعينة الخ ) فمقابل المعينة المشاعة في شاتين فأكثر كما قرره شيخنا العشماوي وفرق بينه وبين جواز إعتاق نصفي عبدين عن الكفارة بأن المأخذ مختلف ، إذ المأخذ ثم تخليص رقبة من الرق وقد وجد بذلك وهنا التضحية بشاة ولم توجد بما حصل أما خبر : ( اللهم هذا عن محمد وأمة محمد ) فمحمول على أن المراد التشريك في الثواب لا في الأضحية . ولو ضحى ببدنة أو بقرة بدل شاة فالزائد على السبع تطوّع يصرفه مصرف التطوع إن شاء اه م ر .
وله : ( ينبغي أنه لا يجزىء ) لكن يعتبر أعلى السنين حتى لو تولد بين ضأن ومعز لا بد من بلوغه سنتين إلحاقاً له بأعلى السنين نبه . عليه الزركشي اه زي . قوله : ( وأفضل أنواع التضحية ) حاصل ما أشار إليه أربعة أنواع تختلف فيها الأضحية بالاعتبار فمن حيث إظهار الشغار(5/242)
"""""" صفحة رقم 243 """"""
فالبدنة ثم البقرة أفضل وهي المرتبة الأولى ومن حيث طيب اللحم . أفضلها الضأن وهي المرتبة الثانية . ومن حيث الانفراد بإراقة الدم ، فالشاة أفضل من المشاركة في بدنة وهي المرتبة الثالثة ومن حيث اللون فالبيضاء الخ أفضل وهي المرتبة الرابعة فإن تعارضت الصفات فسمينة سوداء أفضل من بيضاء هزيلة وما جمع صفتين أفضل مما جمع صفة واحدة والبيضاء السمينة إذا كانت ذكراً أفضل مطلقاً . قوله : ( لإقامة شعارها ) أي التضحية أي علامات الشريعة . قوله : ( على استحباب السمين ) ويقدم السمن على اللون فسمينة سوداء أفضل من هزيلة بيضاء . قوله : ( ثم الصفراء ثم العفراء ) قد يقال : كان ينبغي تقديم العفراء على الصفراء لأنه أقرب إلى البياض من الصفراء سم على حجر . قوله : ( ثم البلقاء ) قال في المختار البلق سواد وبياض وكذا البلقة .
والظاهر : أن المراد هنا ما هو أعم من ذلك ليشمل ما فيه بياض وحمرة بل ينبغي تقديمه على ما فيه بياض وسواد لقربه من البياض بالنسبة للسواد وينبغي تقديم الأحمر الخالص على الأسود وتقديم الأزرق على الأحمر وكل ما كان أقرب إلى الأبيض يقدم على غيره . وعبارة شرح المنهج بعد الصفراء ثم الحمراء ثم البلقاء ثم السوداء اه ع ش على م ر . قوله : ( ثم السوداء ) لا حاجة لذكرها بل هو موهم أن بعدها لوناً آخر إذ المرتبة الأخيرة من أشياء معلومة ، كالألوان هنا مرتبة بثم مثلاً لا يعطف بها حذراً من ذلك الإيهام لكن الفقهاء كثيراً ما يقعون في ذلك لمزيد الإيضاح ، أي لأن المقام يقتضي بيان المفضل والمفضل عليه وحيث ذكر البلقاء علم أنها أفضل من السوداء ، فلا حاجة لذكر السوداء حينئذ إذ لا مفضل عليه بعد فليتأمل شوبري قوله : ( وأربع لا تجزىء ) محل عدم إجزائها ما لم يلتزم متصفه بالعيوب المذكورة فإن التزمها كذلك كقوله لله عليّ أن أُضحي بهذه وكانت عرجاء مثلاً أو جعلت هذه أضحية وكانت مريضة مثلاً أو لله عليّ أن أضحي بعرجاء أو بحامل فتجزىء التضحية في ذلك كله ولو كانت معيبة ، والعبرة بالسلام وعدمها عند الذبح ما لم يتقدمه إيجاب فإن تقدم فإن أوجبها على نفسه معيبة فذاك وإلا فلا بد من السلامة فإذا قال لله عليّ أضحية ثبتت في ذمته سليمة ثم إن عين(5/243)
"""""" صفحة رقم 244 """"""
سليماً عن الذي في الذمة ، واستمر إلى الذبح فذاك وإن عين سليماً ثم تعيب قبل الذبح أبدله بسليم . قوله : ( ويدخل في إطلاق المصنف ) أي في المريضة . قوله : ( الهيماء ) هي التي لا تستقر في مكان ومنه الهائم وهو الذي لا يدري أين يتوجه فهو تابع لشهوة بطنه . قوله : ( بكسر النون الخ ) قال في التقريب النقي بالكسر شحم العين من السمن . قوله : ( فتهزل ) بالبناء للمفعول لأنه من الأفعال الملازمة للبناء للمجهول ، فهو على وزن المبني للمفعول وإن كان المراد به الفاعل أي يقوم بها الهزال وعبارة الرشيدي ، فتهزل بفتح التاء وكسر الزاي من باب فعل بفتح العين يفعل بكسرها مبنياً للفاعل كما في مقدمة الأدب للزمخشري . وهذا خلاف ما اشتهر أن هزل لم يسمع إلا مبنياً للمجهول فتنبه اه . قوله : ( بل هو ) أي عدم الإجزاء وقوله :(5/244)
"""""" صفحة رقم 245 """"""
بها أي بالمجنونة . وقال م د . بل هو أي اسم التولي أولى بها من المجنونة لأن الجنون عدم العقل الخاص بالعقلاء .
قوله : ( ما تناوله ) أي باللازم أو بطريق القياس . قوله : ( سبعة ) وسيأتي أيضاً منها الجرب والحمل وقطع الأذن كلاً أو بعضاً ، وقطع الذنب كذلك فصارت العيوب أحد عشر . قوله : ( وبقي منها ما لا يتناوله ) فصارت العيوب تسعة ، وقد نظمها بعضهم فقال :
عورا وعرجا ثم تولى عجفا
مريضة وحامل لا تخفى
عميا وهيما ثم جرباء فذا
عند التضحي تسعة لها انبذا قوله : ( الجرباء ) بدل من ما وقوله : والودك أي الدهن . قوله : ( والحامل فلا تجزىء ) وهو المعتمد لأن الحمل ينقص لحمها وإنما عدوّها كاملة في الزكاة ، لأن القصد فيها النسل دون طيب اللحم وألحق الزركشي بالحامل قريبة العهد بالولادة لنقص لحمها والمرضع ورده حج . وفرق بأن الحمل يفسد الجوف ويصير اللحم رديئاً كما صرحوا به وبالولادة زال هذا المحذور اه س ل . قوله : ( وتعجب ) أي الأسنوي المفهوم من المهمات لأنها له اه شيخنا . قوله : ( السلامة ) أي ذو السلامة لأجل قوله : المجزىء وفي نسخة السليم . قوله : ( موجوءين ) بجيم ثم همزة مفتوحة بين الواو والتحتية من الوجاء بكسر الواو أي القطع اه ق ل . قوله : ( غير مقصودة ) منه يؤخذ أن مقطوع الذكر يجزىء وهو كذلك . قاله شيخنا . ثم قال : والمسألة منقولة أج .
قوله : ( على جواز خصاء المأكول في صغره ) اعلم أن الخصاء جائز بشروط ثلاثة : أن(5/245)
"""""" صفحة رقم 246 """"""
يكون لمأكول وأن يكون صغيراً وأن يكون في زمان معتدل وإلا حرم وعبارة المصباح قوله : خصاء المأكول بالكسر والمدّ أي سلّ خصيتيه بمعنى استخراج بيضته . قوله : ( بل يكره غيرها ) أي غير ذات القرن . قوله : ( فلو ذهب الكل ضر ) المعتمد أن فقد الأسنان كلها أو بعضها إن أثر في اللحم ضرّ ، وإلا فلا ق ل . ولا تجزىء فاقدة كل الأسنان بخلاف المخلوقة بلا أسنان وكأنّ الفرق أن فقد جميعها بعد وجودها يؤثر في اللحم بخلاف فقد الجميع خلقة فليحرر سم . قوله : ( بعض الأذن ) وجوّز الإمام مالك رضي الله عنه مقطوعة الأذن برماوي . قوله : ( منع كل الأذن ) أي منع مقطوعة كل الأذن وفيه أن هذا صريح كلام المتن لا أنه أفهمه ، إلا أن يقال النسخة التي وقعت للشارح فيها كلمة بعض من المتن في قوله : ولا يجزىء مقطوع بعض الأذن . قوله : ( ومنع المخلوقة بلا أذن ) وسكتوا عن المخلوقة فاقدة بعض الأذن . والظاهر عدم الإجزاء . قوله : ( عضو لازم ) وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين كون الألية صغيرة في ذاتها كما هو مشاهد في بعض الغنم . وكونها كبيرة ولا ينافيه قوله : فقد فلقة يسيرة من عضو كبير ، لأن المراد الكبر النسبي فالألية وإن صغرت فهي من حيث هي كبيرة بالنسبة للأذن هذا ويبقى النظر فيما لو وجدت ألية قطع جزء منها وشك في أن المقطوع كان كبيراً في الأصل فلا يجزىء ما قطعت منه الآن أو صغيراً فيجزىء فيه نظر . والأقرب الإجزاء لأنه الأصل فيما قطعت منه والموافق للغالب في أن الذي يقطع لكبر الألية صغير ع ش على م ر . قوله : ( ما ذكر ) أي من الإجزاء في الأوليين فإنه ليس بلازم كما إذا كان ذلك خلقة وكما يجزىء الخ فقوله : وكما(5/246)
"""""" صفحة رقم 247 """"""
يجزىء عطف على محذوف شيخنا . قوله : ( ذكر المعز ) أي فإنه لا ضرع له ولا ألية . قوله : ( فقياساً على ذلك ) أي على فاقد الضرع والألية . قوله : ( أما إذا فقد ذلك ) أي المذكور من الضرع والأولية والذنب . قوله : ( أو بقطع بعض لسان ) لا يخفى ما فيه من الركاكة لأنه يصير المعنى أما إذا فقد الضرع والألية والذنب بقطع بعض لسان ولا يخفى ما فيه . ولعلها سرت عليه من غيرة تأمل . وقال بعضهم قوله : أو بقطع أي أو نقص المضحي به بقطع فهو متعلق بمحذوف أو الباء زائدة ولا يصح جعله معطوفاً على قوله : بقطع قوله : ( شيء يسير ) خرج الكثير فلو ترتب على بقائه ضررها بأن تنجرح فهل يغتفر الكثير أيضاً أو لا ؟ عموم كلامهم يقتضي أنه لا يغتفر . قوله : ( بالإضافة ) أي بالنسبة . قوله : ( ويدخل وقت الذبح ) غير الشارح إعراب المتن لأنه مبتدأ وخبر . وجعله الشارح فاعلاً وتقدم أنه ليس معيباً لأن نوع الإعراب لم يختلف وإنما اختلف شخصه وهو كونه مبتدأ . قوله : ( من وقت ) هي للابتداء أي مبتدأ وثابت من وقت الخ .
قوله : ( صلاة العيد ) لعله تجوّز باستعمال الصلاة في الأعم من الصلاة والخطبة ، ولو وقفوا في العشر حسبت الأيام للذبح على حساب وقوفهم كما في الحج . اه م ر . قوله : ( وهو طلوع الخ ) صوابه من طلوع الخ أي مضيّ ذلك من طلوع ، فتأمل وقال شيخنا قوله : وهو طلوع الضمير عائد للوقت بحذف مضاف أي ووقت الذبح وقت طلوع الشمس . قوله : ( ومضي قدر ) بالجر عطف على مضي قدر صلاة فيكون فيه إشارة إلى أن المتن حذف الواو ، مع المعطوف أو توسع بأن أراد بالصلاة ما يشمل الخطبة . قوله : ( خفيفتين ) بأن يقتصر على الواجب فيهما . قوله : ( إلى غروب ) لا معنى لتعلقه بيدخل لأن الدخول شيء واحد ليس له نهاية .(5/247)
"""""" صفحة رقم 248 """"""
قوله : ( إلى مضي ذلك ) أي قدر الصلاة والخطبتين ومن للابتداء . قوله : ( معينة ) أي ابتداء كللَّه عليّ أن أضحي بهذه الشاة . قوله : ( كللَّه عليّ أضحية ) بشاة ومعلوم أنه لا يحتاج لنية اكتفاء بالصيغة . قوله : ( في الثانية ) وهي المنذورة في الذمة وقوله : في الأولى وهي المعينة ابتداء اه ا ج . قوله : ( من مثلها ) أي من قيمة مثلها مرحومي ولا حاجة لتقدير قيمة كما هو في المنهج وعبارة ع ش عليه قوله من مثلها يوم النحر أي ولو من ماله والمراد أنه إذا كانت قيمتها يوم النحر أكثر وتسميتها يوم التلف لزمه المثل . اه بحروفه .
قوله : ( لزمه قيمتها ) أي وقت التلف . قوله : ( فإن لم يجد فدونها ) فإن لم يمكن اشترى شقصاً فإن لم يمكن اشترى لحم . نعم فإن لم يمكن تصدّق بالدراهم . اه زي . قوله : ( مطلقاً ) أي في التضحية وغيرها ما عدا التكبير . والدعاء بالقبول فإنهما خاصان بالأضحية . قوله : ( بأن يقول بسم الله ) والأكمل تكميلها وما اشتهر من أنه لا يطلب ذلك ، لأن الذبح لا يناسبه رحمة مردود بأن الذبح فيه رحمة للآكلين . قوله : ( ولا يجوز أن يقول بسم الله واسم محمد ) بالجر فإن قال ذلك حرم وحرمت الذبيحة إن قصد بذلك التشريك . فإن أطلق كره وإن قصد التبرك لم يكره ولا تحرم الذبيحة فيهما وقيل : يحرم إذا أطلق لإيهامه التشريك . واعتمده بعضهم ولو قال : بسم الله واسم محمد بالرفع لم يحرم بل ولا يكره كما قاله العلامة ابن قاسم برماوي وفي(5/248)
"""""" صفحة رقم 249 """"""
السيرة الحلبية وأما ما قيل عند ذبحه بسم الله واسم محمد فحلال أكله . وإن كان القول المذكور حراماً لإيهامه التشريك وهذا من جملة المحال المستثناة من قوله تعالى : ) لا أذكر إلا وتذكر معي } ^ فقد جاء ) أتاني جبريك فقال : إن ربي وربك يقول لك أتدري كيف رفعت ذكرك } ^ أي على أي حال جعلت ذكرك مرفوعاً مشرفاً المذكور ذلك في قوله تعالى : ) ألم نشرح } ) الشرح : 1 ) إلى قوله تعالى : ) ورفعنا لك ذكرك } ) الشرح : 4 ) قلت الله أعلم قال : ( لا أذكر إلا وتذكر معي ) أي في غالب المواطن وجوباً أو ندباً .
فائدة : من ذبح للكعبة تعظيماً لها لكونها بيته سبحانه وتعالى أو للنبي لكونه رسول الله أو للفرح بقدوم إمام أو وزير أو ضيف أو شكراً لله على ذلك أو لإرضاء ساخط أو عند مقام ولي فلا يكفر ولا يحرم ولا يكره بل يسن ذلك بالإهداء للكعبة وغيرها فقد ورد الأمر به أي بالذبح كنحو زيت لإسراج المسجد الأقصى . اه . ديربي بخطه . قوله : ( والصلاة ) أي عقب التسمية ويكره ، تركها أعني التسمية والصلاة على النبي الخ سم . قوله : ( بعد التسمية ) ليس قيداً بل أو قبلها فيحصل أصل السنة بمرة والأكمل ثلاث . قوله : ( هذا منك ) أي واصل منك ، وراجع إليك أو نعمة منك أو متقرب به إليك وقوله : في غير مقابلتها أي الذبيحة . قوله : ( المنذورة ) لو قال : الواجبة لكان أولى وأعم ليشمل الواجبة بقوله : هذه أضحية أو جعلتها أضحية وإن جهل ذلك ق ل . ومثله في م ر حيث قال : ولو جاهلاً بالحكم اه قال ابن حجر : وفي ذلك حرج شديد . قوله : ( كدم الجبران ) تنظير للهدي . قوله : ( كأن يأكل ) محمول على الزائدة على الواجب فلا يرد أنها واجبة في حقه ، ولا يجوز الأكل من الواجبة ولعل الحكمة في أكله من الكبد كونه أول ما يقع به إكرام الله لأهل الجنة لما ورد : ( إن أوّلى إكرامه لهم بأكل زيادة كبد الحوت ) .(5/249)
"""""" صفحة رقم 250 """"""
قوله : ( لظاهر الآية ) أي قوله : ) فكلوا منها } ) البقرة : 58 ) وهو علة للمنفي وقوله : لقوله علة للنفي . قوله : ( كما يجوز له الانتفاع بها ) أي قبل الذبح قوله : ( ولا يجوز بيعه ) هذا مكرر مع قوله : ولو جلدها ، ويمكن أنه أعاده لأجل قوله لخبر الخ .
قوله : ( وولد الأضحية الواجبة ) أي سواء كان وجوبها بنذر بأن قال لله عليّ أن أضحي بهذه ، أو كان وجوبها بالجعل كجعلت هذه أضحية ففي هاتين الصورتين لو كانت حاملاً أو طرأ لها الحمل بعد ذلك لم يضر ، فإن جاء وقت الذبح وهي حامل ذبحت وإن ولدت قبل الذبح ذبحت وذبح ولدها ويجوز أكل ولدها . وكذا إذا عين ما في ذمته فحملت بعد التعيين وولد قبل الذبح فإنه يذبح أيضاً ويجوز أكله . وأما لو عين حاملاً عما في الذمة لا يصح أو عين حائلاً فحملت واستمر الحمل إلى وقت الذبح فلا يصح ذبحها ، فكلام الشارح ينزل على ذلك . وأما لو قال لله عليّ أن أضحي بحامل فعين حاملاً واستمر الحمل إلى الذبح فإنه يجزىء وإن ولدت قبل الذبح فلا يجزىء ذبحها لأنها لم توجد فيها صفة النذر ، ومحل جواز أكل ولد الأضحية إذا بقيت أمه أما إذا ماتت فلا يجوز أكله . قوله : ( على سبيل التصدق ) أي لا على سبيل الهدية فلا يكفي . والفرق أن ما كان لأجل الهدية يكون القصد منه الإكرام بخلاف ما كان القصد به(5/250)
"""""" صفحة رقم 251 """"""
الصدقة فإن القصد منه الثواب . قوله : ( بعضها ) مفعول ليطعم . قوله : ( تقتضي خلاف ذلك ) لأنه عبر بالجمع ويجاب بأن أل للجنس .
قوله : ( وأكل ولدها كله ) وصورة ذلك أنه اشترى شاة مثلاً بنية الضحية ، بقلبه أو عينها من ماله للضحية بقلبه أيضاً ثم إنها حملت ، وولدت قبل الذبح ولم يحدث بها عيب ، فإنها تذبح ويذبح ولدها ويجوز أكل ولدها ، وأما إن استمر الحمل إلى وقت الذبح فلا يجزىء ذبحها ، بل يبدلها بسليمة وإن لم تكن مثل الأولى قال م د : دفع به ما يتوهم من أن المتطوع بها إذا عرض لها الحمل يصير كأنه ضحية ثانية فيجب التصدق بجزء منه ، أي فهذا التوهم باطل . قوله : ( وخصه ) أي المعطي وقوله : فلا يجوز إطعامهم وإنما جمع الضمير مع رجوعه للغير ، لأنه اكتسب الجمعية من المضاف إليه وقوله في البويطي أي في كتابه : وهو الإمام يوسف أبو يعقوب البويطي نسبة إلى بويط قرية من صعيد مصر اه أ ج . قوله : ( وتعجب منه الأذرعي الخ ) أي مما وقع في المجموع أي لأن القصد منها إرفاق المسلمين بأكلها لأنها ضيافة من الله فلا يجوز تمكين غيرهم منها وكلام الشارح يقتضي أن الذي في المجموع وتعجب منه الأذرعي هو إطعام المضحي لفقراء أهل الذمة والذي في شرح م ر امتناع ذلك منه ، وأن ما في المجموع إنما هو في إعطاء الفقير أو المهدى له شيئاً منها للكافر وعبارته : وخرج بالمضحي عن نفسه ما لو ضحى عن غيره فلا يجوز له الأكل منها ، كما لا يجوز إطعام كافر منها مطلقاً فقيراً أو غنياً مندوبة أو واجبة ويؤخذ من ذلك امتناع إطعام الفقير والمهدى إليه شيئاً منها للكافر إذ القصد منها إرفاق المسلمين بأكلها ، لكن في المجموع أن مقتضي المذهب الجواز وفي ع(5/251)
"""""" صفحة رقم 252 """"""
ش على م ر . ودخل في الإطعام ما لو ضيف الفقير أو المهدى إليه الغني كافراً فلا يجوز نعم لو اضطر الكافر ولم يوجد ما يدفع ضرورته إلا لحم الأضحية فينبغي أن يدفع له منه ما يدفع ضرورته ويضمنه الكافر ببدله للفقراء ، لو كان الدافع له غنياً كما لو أكل المضطر طعام غيره فإنه يضمنه بالبدل ولا تكون الضرورة مبيحة له إياه مجاناً اه . قوله : ( بظاهر القرآن ) أي في قوله تعالى : ) فكلوا منها } ) البقرة : 58 ) . قوله : ( لا فيما عين لها بنذر ) صورته لله عليّ أن أضحي بهذه ، فلا يحتاج لنية لا عند الذبح ، ولا عند النذر حتى لو ذبحها غيره بغير إذنه فإنه يكفي ويفرّقها صاحبها وأما إن كانت واجبة بالجعل كجعلتها أضحية أو بالإشارة كهذه أضحية فلا بد من النية عند الذبح ، أو عند الجعل أو عند التعيين بالإشارة وأما إن كانت في الذمة ثم عينها فيحتاج لنية عند الذبح أو التعيين .
قوله : ( وإن وكل بذبح كفت نيته ) أي المضحي عند ذبح الوكيل أو الدفع إليه أو فيما قبله ، من المواضع المتقدمة في القولة قبل هذه . قوله : ( وله تفويضها ) أي النية . قوله : ( ولو كان ميتاً ) صورتها في الميت أن يوصي بها قبل موته . والحاصل أنه لا تجزىء تضحيته عن الغير بلا إذن إلا فيما إذا ضحى عن أهل البيت أو ضحى عن موليه ، من مال الولي أو ضحي الإمام ، من بيت المال عن المسلمين ، ولا يسقط بفعله الطلب عن الأغنياء وحينئذ فالمقصود من الذبح عنهم مجرد حصول الثواب لهم وينبغي أن مثل التضحية من الإمام عن المسلمين التضحية بما شرط الواقف التضحية به من غلة ، وقفه فإنه يصرف لمن شرط صرفه لهم ولا يسقط به التضحية عنهم ، ويأكلون منه ولو أغنياء وليس هو ضحية من الواقف ، بل هو صدقة مجردة كبقية علة الواقف ع ش على م ر .
قوله : ( بخلاف ما إذا أذن له ) وصورته في الميت أن يوصي بها ، شرح المنهج . قوله : ( وقعت لسيده ) أي بأن نوى السيد أو فوّض النية إليه ز ي وقوله : إن كان أي الرقيق غير مكاتب الخ اه .(5/252)
"""""" صفحة رقم 253 """"""
3 ( ( فصل : في العقيقة ) ) 3
الأولى تسميتها ذبيحة ونسيكة ، أي لما في العقيقة من الإشعار بالعقوق فالتسمية بها خلاف الأولى وعبارة شرح المنهج . ويكره تسميتها عقيقة كما يكره تسمية العشاء عتمة اه . قال الشيخ س ل : المعتمد عدم الكراهة ، أي لأنه سماها عقيقة وذكرها بعد الأضحية لمشاركتها لها في غالب الأحكام وإنما تخالفها من جهة أنه يجوز طبخ ما يدفع منها للفقراء وأن تعطى رجلها نيئة ، للقابلة وأنه يجوز للأغنياء أن يتصرفوا فيما يأخذونه بغير البيع بخلاف الأضحية في ذلك . قوله : ( وهي ) : أي العقيقة أي العقّ بها لأن العقيقة اسم للذبيحة وهي في نفسها ليست سنة وإنما السنة العقّ بها . قوله : ( سنة ) أي في حقنا واجبة في حقه وقوله : مؤكدة فيثاب على فعلها فإن نذرها وجبت . قوله : ( الغلام ) لعل التعبير به لأن تعلق الوالدين به أكثر من الأنثى فقصد حثهم على فعل العقيقة وإلا فالأنثى كذلك ع ش على م ر . قوله : ( مرتهن ) بصيغة اسم المفعول أي محبوس فشبهه بعدم انفكاكه منها بالرهن في يد مرتهن يعني إذا لم يعقّ عنه فمات طفلاً لا يشفع في أبويه كذا نقله الخطابي عن الإمام أحمد واستجوده وتعقبه ابن القيم بأن شفاعة الولد في والده ليست بأولى من العكس وبأنه لا يقال لمن يشفع في غيره أنه مرتهن فالأولى أن يقال : إن العقيقة سبب لفكاكه من الشيطان ، الذي طعنه حال خروجه فهي تخليص له من حبس الشيطان له في أسره ومنعه له في سعيه في مصالح آخرته اه مناوي على الخصائص . قوله : ( وقيل : إذا لم يعق عنه الخ ) قال الخطابي : هذا أجود ما قيل فيه وهو تفسير أحمد بن حنبل وإحاطته بالسنة تدل على أنه لم يقله إلا عن توقيف ثبت فيه شرح م ر . قوله : ( لم يشفع لوالديه ) أي مع السابقين أي لم يؤذن له في الشفاعة وإن كان أهلاً لها لكونه صغيراً أو كبيراً وهو من أهل الصلاح ، والأولى قراءة والديه بكسر الدال فيشمل الوالد وإن علا سواء كان من جهة الأب أم الأم . ع ش على المنهج قال الشوبري : وانظر إذا عق عن نفسه هل يشفع في أبوبه أو لا . قوله : ( والعقيقة مستحبة ) أي ذبحها لا هي نفسها لأنها(5/253)
"""""" صفحة رقم 254 """"""
الحيوان . قوله : ( على رأس المولود ) من الناس والبهائم كما في المختار . قوله : ( وشرعاً الذبيحة الخ ) أقول : هو غير جامع لأن من العقيقة ما يذبح قبل حلق الشعر ، أو بعده ، وما يذبح ولا يكون هناك حلق شعر مطلقاً فإن الذبح عند حلق الشعر إنما هو على سبيل الاستحباب ، بأن يكون يوم السابع وليس معتبراً في الحقيقة تأمل سم على المنهج .
قوله : ( عند حلق شعر رأسه ) هذا جري على الغالب وإلا فقد تكون العقيقة من غير حلق فقوله : عند حلق شعر رأسه بيان للأكمل وأصل السنة لا يتقيد بذلك . قوله : ( تسمية للشيء ) وهي الذبيحة وقوله : باسم سببه أي وهو حلق الرأس هذا مراد الشارح وفيه نظر من وجهين : الأول أنه لا يصح جعل الحلق سبباً للتسمية ولا يصح لذلك ، والثاني أنه لا يظهر إلا لو كان الحلق يسمى عقيقة مع أنه لا يسمى إلا أن يجاب بأن مراده السبب البعيد . وهو الشعر لأن الشعر سبب للحلق والحلق سبب للذبح ، وفي كون الحلق سبباً للذبح شيء فكان الأولى من ذلك أن يقال لأن مذبحها يعقّ أي يشق ويقطع وقيل سمي الشعر عقيقة لأنه يعق أي يزال قال الرشيدي : انظر هذا التعليل ولا تظهر له ملاءمة بما قبله ولا يصح جامعاً بين اللغوي الذي ذكره وبين المعنى الشرعي وإنما يظهر على المعنى الذي ذكره ابن عبد البر أن عق لغة معناه قطع فيكون لها في اللغة معنيان القطع والشعر الذي على رأس الولد فلعل هذا المعنى الأول أسقطته الكتبة من الشرح بعد إثباته فيه مع المعنى المذكور ويكون الشارح قد أشار إلى مناسبة المعنى الشرعي لكل من المعنيين فأشار لمناسبته لمعنى قطع بقوله لأن مذبحه الخ ولمناسبته لمعنى الشعر بقوله : ولأن الشعر الخ اه بالحرف . قوله : ( أي ولادته ) ويسن أن يقرأ عندها وهي تطلق آية الكرسي و ) إن ربكم الله } ) الأعراف : 54 ) الآية التي في الأعراف والمعوذتين والإكثار من دعاء الكرب ، وهو ما ذكره الشارح في قوله : لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ، ورب الأرض ، ورب العرش الكريم ، ومن دعاء يونس قوله تعالى : ) فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت } ) الأنبياء : 87 ) إلى آخر الآية ويسن أيضاً أن يقرأ في أذن المولود ) قل هو الله أحد } ) الإخلاص : 1 ) قال بعضهم : خاصيتها أن من فعل به ذلك لم يزن مدة عمره .
فائدة لوضع الحامل : يكتب في إناء جديد : اخرج أيها الولد من بطن ضيقة إلى سعة هذه الدنيا ، اخرج بقدرة الله تعالى الذي جعلك في قرار مكين إلى قدر معلوم ) لو أنزلنا هذا القرآن على جبل } ) الحشر : 21 ) . إلى آخر الصورة ) وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } ^(5/254)
"""""" صفحة رقم 255 """"""
( لإسراء : 82 ) ، ويمحي بماء وتشربه الحامل ويرش على وجهها منه اه شوبري . قوله : ( اللهم منك وإليك ) أي اللهم هذا نعمة منك ، وتقربت به إليك ، والإشارة للمذبوح . قوله : ( عقيقة فلان ) أي هذه عقيقة الخ والظاهر أن منك خبر مقدم وعقيقة مبتدأ مؤخر . قوله : ( ويكره لطخ رأس المولد بدمها ) ويحرم لطخ الأبواب بدمها وبدم الأضحية اه ق ل ونقل عن م ر . أن تلطيخ الباب بدم الأضحية جائز لأنه يقصد به التبرك وظاهره ولو كان الباب غير مملوك للمضحي . قوله : ( وإنما لم يحرم ) أي لطخ الرأس قد يقال : إن كان الحديث صحيحاً فلا كراهة أيضاً ، ومن ثم استدل به على الاستحباب وإن كان من فعل الجاهلية فهلا قيل بالحرمة لحرمة التشبه بهم فليتأمل . قال بعضهم قوله : للخبر الصحيح أي لظاهره إذ يحتمل قوله : فأهرقوا عليه أن المراد فأهرقوا لأجله فتكون على للتعليل وقوله : أميطوا عنه الأذى أي أزيلوا عنه أذى الشعر ونحوه . وحينئذ فلا يكون في الخبر دلالة على الندب فضلاً عن الوجوب وبه يندفع ما أطال به في الحاشية وإن كان بعيداً . قوله : ( مع الغلام ) أي يطلب مع الغلام عقيقة . قوله : ( فأهرقوا ) أي صبوا على رأسه . وقوله : وأميطوا عنه الأذى أي اغسلوه . قوله : ( والخلوق ) بضم الخاء والقاف نوع من الطيب اه تقريب . قوله : ( ويسن أن يسمى في السابع ) ولو مات أو كان سقطاً ولم يعرف ذكورته ولا أنوثته سمي باسم يطلق على الذكر والأنثى نحو طلحة وهند ونحو ذلك ، ومقتضى صنيع البخاري إن لم يرد أن يعق عنه لا تؤخر تسميته إلى السابع بل يسمى غداة ولادته اه مناوي . قوله : ( يوم السابع ) أي من الولادة وتمسك به من قال : بتأقيتها به وأن من ذبح قبله لم يقع الموقع ، وأنها تفوت(5/255)
"""""" صفحة رقم 256 """"""
بعده وهو قول مالك ، وعند الشافعي أن ذكر السابع للاختيار لا للتعيين ونقل الترمذي عن العلماء أنهم يستحبون أن تذبح يوم السابع ، فإن لم يتهيأ فالرابع عشر فالحادي والعشرين اه مناوي على الخصائص . قوله : ( قال ابن حجر ) أي العسقلاني شارحه أي البخاري .
قوله : ( وأفضل الأسماء عبد الله وعبد الرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن ) والحاصل أن أفضل الأسماء عبد الله ثم عبد الرحم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; ن ثم ما أضيف بالعبودية باسم من أسمائه ثم محمد ثم أحمد . وسئل شيخنا : عن اسم محمد وأحمد ما الأفضل منهما . فأجاب : بأن الأفضل بالنسبة لأهل الأرض محمد لشهرته عندهم بذلك وبالنسبة لأهل السماء أحمد لذلك وقال شيخنا س ل محمد أفضل مطلقاً برماوي على الغزي . وتكره بعبد النبي على المعتمد وما وقع في حاشية الرحماني من حرمة التسمية بعبد النبي ضعيف ، وصريح كلام الرحماني حرمة التسمية بعبد العاطي لأنه لم يرد في أسمائه تعالى وهي توقيفية ؛ وتكره التسمية أيضاً بكل ما يتطير بنفيه أو إثباته كما قاله الشارح : كبركة ورحمة وغنيمة ونافع ويسار وحرب ومرة وشهاب وشيطان وحمار ، وتشتد الكراهة بنحو ست الناس أو ست العلماء أو ست القضاة أو ست العرب أو سيد العلماء أو سيد الناس . وتحرم التسمية بعبد الكعبة أو النار أو بعبد عليّ أو الحسن لإيهام التشريك ، كما في شرح م ر ، وما في حاشية ق ل على الجلال من كراهة التسمية بعبد عليّ ضعيف وتحرم بأقضى القضاة وملك الأملاك وحاكم الحكام لا قاضي القضاة فإنه يكره على المعتمد ، وتحرم أيضاً برفيق الله وجار الله لإيهامه المحذور أيضاً ، ومما يحرم قول بعض العوامّ : إذا حمل شيئاً ثقيلاً الحملة على الله كما في شرح م ر ومثله يا حامل يا زامل لأنه يوهم أن له سبحانه جسماً تعالى الله عن ذلك وتحرم بعبد مناف وعبد العزى لأنهما اسمان لصنم كعبد العاطي فإنه قابل العطاء كعبد النار ولا يكره عبد النور لقوله تعالى : ) الله نور السم ( صلى الله عليه وسلم )
1648 ; وات والأرض } ) النور : 35 ) ويجب تغيير الاسم الحرام . قوله : ( وما يتطير بنفيه عادة ) كأن يقول أين بركة فتقول له ذهبت . قوله : ( كبركة ) وغنيمة ورحمة ونافع ويسار وحرب ومرة وشهاب . قال الشعراني في العهود : أخذ علينا العهود أن نزيد في تعظيم كل عبد يسمى بمثال أسماء الله عز وجل ، أو بمثال أسماء رسوله ، أو بمثال أسماء الأنبياء عليهم(5/256)