هذا فليس هذا بتدبير (قال الشافعي) وإذا صح ثم مات من غير مرضه ذلك لم يكن حرا والتدبير ما أثبت السيد التدبير فيه للمدبر (قال الشافعي) وإذا قال لعبده أنت حر بعد موتي بعشر سنين فهو حر في ذلك الوقت من الثلث وإن كانت أمة فولدها بمنزلتها يعتقون بعتقها إذا عتقت وهذه أقوى عتقا من المدبرة لان هذه لا يرجع فيها إذا مات سيدها وما كان سيدها حيا فهي بمنزلة المدبرة.
المشيئة في العتق والتدبير (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وإذا قال الرجل لعبده إن شئت فأنت حر متى مت فشاء فهو مدبر وإن لم يشأ لم يكن مدبرا (قال الشافعي) وإذا قال إذا مت فشئت فأنت حر فإن شاء إذا مات فهو حر وإن لم يشأ لم يكن حرا وكذلك إذا قال أنت حر إذا مت إن شئت وكذلك إن قدم الحرية قبل المشيئة أو اخرها وكذلك إن قال له أنت حر إن شئت لم يكن إلا أن يشاء (قال الشافعي) فإن قال قائل فما بالك تقول إذا قال لعبده أنت حر فقال لا حاجة لي بالعتق أو دبر عبده فقال لا حاجة لي بالتدبير أنفذت العتق والتدبير ولم تجعل المشيئة إلى العبد وجعلت ذلك له في قوله أنت حر إن شئت (قال الشافعي) فإن العتق البتات والتدبير البتات شئ تم بقوله دون رضا المعتق والمدبر ويلزمه إخراج المعتق من ماله والمدبر في هذه الحال إذا مات سيده فوقع له عتق بتات أو عتق تدبير لزمهما معا حقوق وفرائض لم تكن تلزمهما قبل العتق ولم يكن في العتق مثنوية فينتظر كمال المثنوية بل ابتدأ هذا العتق كاملا ولا نقص ولا مثنوية فيه فأمضيناه كاملا بإمضائه كاملا ولم اجعل المشيئة فيه إلى العبد كأن عتقه وتدبيره بمثنوية فلا ينفذ إلا بكمالها وكذلك الطلاق إذا طلق الرجل امرأته لم يكن لها رد الطلاق لانه كامل ويخرج من
يديه ما كان له ويلزمها شئ لم يكن يلزمها قبله ولو قال أنت طالق إن شئت أو إن شئت فأنت طالق لم يكن أكمل الطلاق لانه أدخل فيه مثنوية فلا يكون إلا بأن تجمع المثنوية مع الطلاق فيتم الطلاق باللفظ به وكما المثنوية وكمالها أن تشاء (قال الشافعي) وكذلك إن قال إن شاء فلان وفلان فغلامي حر عتق بتات أو حر بعد موتي فإن شاء أكان حرا وكذلك المدبر مدبرا وإن شاء أحدهما ولم يشأ الآخر أو مات الآخر أو غاب لم يكن حرا حتى يجتمعا فيشاء بالقول معا ولو قال لرجلين أعتقا غلامي إن شئتما فاجتمعا على العتق عتق وإن أعتق أحدهما دون الآخر لم يعتق ولو قال لهما دبراه إن شئتما فأعتقاه عتق بتات كان العتق باطلا ولم يكن مدبرا إلا بأن يدبراه إنما تنفذ مشيئتهما بما جعل اليهما لا بما تعديا فيه وسواء التدبير في الصحة والمرض والتدبير وصية لا فرق بينها وبين غيرها من الوصايا له أن يرجع في تدبيره مريضا أو صحيحا بأن يخرجه من ملكه كما لو أوصى بعبده لرجل أو داره أو غير ذلك كان له أن يرجع في وصيته مريضا أو صحيحا وإن لم يرجع في تدبيره حتى مات من مرضه ذلك فالمدبر من الثلث لانه وصية من الوصايا (قال الشافعي) أخبرنا على بن ظبيان عن عبيدالله بن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال المدبر من الثلث (قال الشافعي) قال على بن ظبيان كنت أخذته مرفوعا فقال لي أصحابي ليس بمرفوع هو موقوف على ابن عمر فوقفته (قال الشافعي) قال الشافعي والحفاظ الذين يحدثونه يقفونه على ابن عمر ولا أعلم من أدركت من المفتين اختلفوا في أن المدبر وصية من الثلث (قال الربيع) للشافعي في المددبر قولان: أحدهما إنه إذا دبره ثم رجع فيه باللسان لم يخرج من التدبير حتى يخرجه من ملكه ببيع أو هبة أو صدقة لان النبي صلى الله عليه وسلم أخرج المدبر من ملك(8/18)
صاحبه ولا يخرجه من تدبيره حتى يخرجه كما أخرجه النبي صلى الله عليه وسلم والقول الثاني أنه وصية من الوصايا يرجع فيه باللسان كما يرجع في الوصية وهذا أصح القولين عندي.
إخراج المدبر من التدبير (قال الشافعي) وإذا دبر الرجل عبده فله الرجوع في تدبيره بأن يخرجه من ملكه وإن قال له المدبر عجل لى العتق ولك على خمسون دينارا قبل يقول السيد قد رجعت في تدبيري فقال السيد نعم
فأعتقه فهذا عتق على مال وهو حر كله وعليه الخمسون وقد بطل التدبير وإذا لزم سيد المدبر دين يحيط بماله بيع المدبر في دينه كما يباع من ليس بمدبر من رقيقه لان سيده إذا كان مسلطا على إبطال تدبيره بالبيع وغيره فليس فيه حرية حائلة دون بيعه في دين سيده وبيعه في حياته نفسه وغير ذلك ما يباع فيه العبد غير المدبر ولو لزم سيده دين بدئ بغير المدبر من ماله فبيع عليه ولا يباع المدبر حتى لا يوجد له قضاء إلا ببيعه أو بقول السيد قد أبطلت تدبيره وهو على التدبير حتى يرجع فيه أولا يوجد له مال يؤدي دينه غيره (قال الشافعي) ولو لم يلزم سيده دين كان له إبطال تدبيره فإن قال سيده قد رجعت في تدبير هذا العبد أو أبطلته أو نقضته أو ما أشبه ذلك مما يكون مثله رجوعا في وصيته لرجل لو أوصى له به لم يكن ذلك نقضا للتدبير حتى يخرجه من مله ذلك وهو يخالف الوصية في هذا الموضع ويجامع مرة الايمان وكذلك لو دبره ثم وهبه لرجل هبة بتات قبضه أو لم يقبضه أو رجع في البة أو ندم عليها أو أوصى به لرجل أو تصدق به عليه أو وقفه عليه في حياته أو بعد موته أو قال إن أدى بعد موتي كذا فهو حر فهذا كله رجوع في التدبير باتصاله ولو دبر نصفه كان نصفه مدبرا ولم يعتق بعد موته منه إلا النصف الذي دبر لانه إنما له من ثلثه ما أخذ وإذا لم يأخذا إلا نصفه فلا مال له بعد موته يقوم عليه فيه لان الله عزوجل نقل ملكه إلى ملك الاحياء الذين ورثهم فلا مال له بعد موته يقوم عليه ولو دبره ثم أوصى بنصفه لرجل كان النصف للموصى له به وكان النصف مدبرا فإن رد صاحب الوصية الوصية ومات السيد المدبر لم يعتق من العبد إلا النصف لان السيد قد أبطل التدبير في النصف الذي أوصى به كذلك ولو وهب نصفه وهو حي أو باع نصفه وهو حى كان قد أبطل التدبير في النصف الذي باع أو وهب والنصف الثاني مدبرا ما لم يرجع فيه وإذا كان له أن يدبر على الابتداء نصف عبده كان له أن يبيع نصفه ويقر النصف مدبرا بحاله وكذلك إن دبره ثم قال قد رجعت في تدبيري ثلثك أو ربعك أو نصفك فأبطلته كان ما رجع فيه منه بإخراجه من ملكه خارجا من التدبير وما لم يرجع فيه فهو على تدبيره بحاله فإذا دبره ثم كاتبه فليس الكتابة إبطالا للتدبير إنما الكتابة في هذا الموضع بمنزلة الخراج والخراج بدل من الخدمة وله أن يختدمه وأن يخارجه وكذلك يكاتبه إذا رضى فإن أدى قبل موته عتق بالكتابة وإن مات عتق بالتدبير إن حمله الثلث وبطل ما بقي عليه من الكتابة وإن لم يجمله الثلث
عتق ما حمل الثلث منه وبطل عنه من الكتابة بقدره وكان عليه ما بقي من الكتابة وكان عليه كتابته إلا أن يعجز لانه قد يريد تعجله العتق ويريد العبد تعجيل العتق فيكاتب (قال الشافعي) ولو دبر رجل عبده ثم قال أخدم فلانا لرجل حر ثلاث سنين وأنت حر فإن غاب المدبر القائل هذا أو خرس أو ذهب عقله قبل يسأل لم يعتق العبد أبدا إلا بأن يموت السيد المدبر وهو يخرج من الثلث ويخدم فلانا ثلاث سنين فإن مات فلان قبل موت سيد العبد أو بعده ولم يخدمه ثلاث سنين لم يعتق أبدا لانه أعتقه(8/19)
بشرطين فبطل أحدهما وإن سئل السيد فقال أردت إبطال التدبير وأن يخدم فلانا ثلاث سنين ثم هو حر فالتدبير باطل وإن خدم فلانا ثلاث سنين فهو حر وإن مات فلان قبل يخدمه أو وهو يخدمه العبد لم يعتق وإن أراد السيد الرجوع في الاخدام رجع فيه ولم يكن العبد حرا وإن قال أردت أن يكون مدبرا بعد خدمة فلان ثلاث سنين والتدبير بحاله لم يعتق إلا بهما معا كما قلنا في المسألة الاولى ولو أن رجلا دبر عبدا له ثم قال قبل موته إن أدى مائة بعد موتى فهو حر أو عليه خدمة عشر سنين بعد موتي ثم هو حر أو قال هو حر بعد موتي بسنة فإن أدى مائة أو خدم بعدم موته عشر سنين أو أتت عليه بعد موته سنة فهو حر وإلا لم يعتق وكان هذا كله وصية أحدثها له وعليه بعد التدبير شئ أولى من التدبير كما يكون لو قال عبدي هذا لفلان ثم قال بل نصفه لم يكن له إلا نصفه ولو قال رجل عبدي لفلان ثم قال بعد ذلك عبدي لفلان إذا دفع إلى ورثتي عشرة دنانير أو إلى غير ورثتي عشرة دنانير فإن دفع عشرة دنانير فهو له وإلا لم يكن له الانه إحداث وصية له وعليه بعد الاولى ينتقض الشرط في الاولى والآخرة إذا نقضت أحق من الاولى (قال الشافعي) ولو جنى المدبر جناية فلم يتطوع السيد أن يفديه فباعه السلطان ثم اشتراه ثانية لم يكن مدبرا بوجه من الوجوه وكان بيع السلطان عليه فيما يجب عليه فيه كبيعه على نفسه وكان إبطالا للتدبير ولو افتداه سيده متطوعا كان على التدبير ولو ارتد العبد المدبر عن الاسلام ولحق بدار الحرب ثم أخذه سيده بالملك الاول كان على تدبيره ولا تنقص الردة ولا الاباق لو أبق تدبيره وكذلك لو أوجف عليه المسلمون فأخذه سيده قبل أن يقسم أو بعدما يقسم كان مدبرا فكان على الملك الاول ما لم يرجع سيده في تدبيره بأن يخرجه من ملكه ولو وقع في المقاسم كان لسيده أن يأخذه بكل حال وكان
على التدبير ولو كان السيد هو المرتد فوقف ماله ليموت أو يقتل أو يرجع ثانيا فيكون على ملك ماله لحق بدار الحرب أو لم يلحق ثم رجع إلى الاسلام فهو على ملك ماله والعبد مدبر بحاله ولو مات كان ماله فيئا وكان المدبر حرا لان المسلمين إنما ملكوا مال المرتد السيد المدبر ولم يكن للورثة أن يملكوا بالميراث شيئا ودينهم غير دينه إلا أنهم إنما ملكوا في الحياة وكان التدبير وهو جائز الامر في ماله ولو قال المدبر قد رددت الدبير في حاية السيد أو بعد موته لم يكن ذلك له وليس ما يعتق به العبد كما يوصي به الحر من غير نفسه كل من أوصى له بمال يملكه عن نفسه كان له رد الوصية وكل من أعتق عتق بتات لم يكن له رد العتق لانه شئ أخرج من يدي المعتق تاما فتثبت به حرمة المعتق ويجب عليه الحقوق وكذلك إذا أعتق إلى وقت (قال الشافعي) ولو دبر أمته فوطئها فولدت كانت أم ولد تعتق بعد الموت من رأس المال ولو دبر عبده ثم كاتبه كان مكاتبا وغير خارج من التدبير لان الكتابة ليست رجوعا في التدبير (قال الشافعي) ولو دبره ثم قال له أنت حر على أن تؤدي كذا وكذا كان حرا على الشرط الاخر إذا قال أردت بهذا رجوعا في التدبير وإن يرد بهذا رجوعا في التدبير عتق إن أدى فإن مات سيده قبل أن يؤدي عتق بالتدبير فإن أراد بهذا رجوعا في التدبير فهو رجوع في التدبير ولا يكون هذا رجوعا في التدبير إلا بقول يبين أنه أراد رجوعا في التدبير غير هذا القول فإن دبره ثم قاطعه على شئ وتعجله العتق فليس هذا نقضا للتدبير والمقاطعة على ما تقطاعا عليه فإن أداه عتق فإن مات السيد قبل أن يؤديه المدبر عتق بالتدبير (قال الشافعي) وإذ دبر الرجل عبده ثم لم يحدث رجوعا في تدبيره ولا نقضا له ولم يحق في عتق
__________
(1) قوله: لا أنهم إنما ملكوا في الحياة كذا بالاصل وراجع ميراث المرتد تعلم أن مقصودة الرد وقوله (وكان التدبير وهو جائز الخ) المقصود به تعليل كون المدبر يصير حرا، فتدبر.
كتبه مصححه.(8/20)
المدبر شئ يباع به فهو على تدبيره ولو دبر السيد ثم خرس فلم ينطق حتى مات كان على تدبيره ولا ينقض التدبير إلا بإبطاله إياه في حياته بإخراجه من يديه أو ما وصفت من حق يلزمه في عتق العبد أو ذمة السيد ولو دبره ثم خرس وكان يكتب أو يشير إشارة تفهم فرجع في تدبيره بإشارة أو كتاب كان رجوعه كرجوع بالكلام إذا أخرجه من ملكه ولو دبره صحيحا ثم غلب على عقله ثم رجع في التدبير
وهو مغلوب على عقله لم يكن رجوعا وكذلك لو دبره مغلوب على عقله ثم ثاب إليه عقله فلم يحدث له تدبيرا كان التدبير وهو مغلوب على عقله باطلا وكذلك لو أعتقه وهو مغلوب على عقله لم يجز عتقه.
جناية المدبر وما يخرج بعضه من التدبير وما لا يخرجه (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وإذا جنى المدبر جناية فهو كالعبد الذى لم يدبر إن شاء سيده تطوع عنه بإخراج أرش الجناية فإن فعل فليس ذلك ينقض التدبير وهو على تدبيره وإن لم يفعل فكانت الجناية تستغرق عتقه بيع فيها فدفع إلى المجني عليه أرش جنايته وإن نقص ثمنه عن الجناية فلا غرم على سيده وإن كانت الجناية قليلة وثمن المدبر كثيرا قيل لسيده إن أحببت أن يباع كله ويدفع إلى المجني عليه أرش الجناية ويدفع إليك بقية ثمنه بعناه لانه قد كان لك بيعه بلا جناية وإن أحببت أن لا يباع كله بيع منه بقدر أرش الجناية وكان ما بقى لك رقيقا مدبرا كان الذى بقى من العبد الثلث أو أقل أو أكثر ثم لك فيما بقى من العبد ما كان لك في كله من إبطال تدبيره وبيعه وغير ذلك وإنما ذلك بمنزلة تدبير ذلك الثلث إبتداءأ (قال الشافعي) ولو كانت على سيد العبد أيمان لا يرجع في شئ من تدبيره فجنى بيع منه بقدر الجناية وكان ما بقى منه على التدبير ولا حنث عليه لانه ليس هو الذى باعه (قال الشافعي) وإذا جنى على المدبر فهو كعبد غير مدبر جنى عليه وهو عند في كل جناية لانه كمن لم يدبر ما لم يمت سيده فيعتقه فتتم شهادته وحدوده وجنايته والجناية عليه وسهمه إذا حضر الحرب وميراثه كل هذا هو فيه عبد وكذلك طلاقه ونكاحه وما سوى ذلك من أحكامه (قال الشافعي) ولو جنى عليه حر جناية تتلفه أو تتلف بعضه فأخذ سيده قيمته أو أرش ما اصيب منه كان مالا من ماله إن شاء جعله في مثله وإن شاء لا، فهو له يصنع به ما شاء وإن كان الجاني عليه عبدا فأسلم إليه والمدبر المجني عليه حى فهو على تدبيره والقول في العبد المسلم في خرج المدبر إلى سيده المدبر كالقول فيما أخذ من أرش جنايته من دنانير أو دراهم فإن شاء جعله مدبرا معه وإن شاء كان مالا من ماله يتموله إن شاء (قال الشافعي) فإن أخذ العبد بما لزم الجاني له من أرش الجناية على مدبرة ثم سكت فلم يقل هو مدبر مع العبد ولا هو رقيق فليس بمدبر إلا بأن يحدث له تدبيرا وكذلك لو قتل مدبرا فأسلم إليه عبد أو عبدان قتلاه لم يكونا مدبرين إلا بأن يحدث لهما تدبيرا فإن قال قائل فلم زعمت أن العبد المرهون إذا جنى عليه
فكان أرش جنايته عبدا أو مالا كانا كما كان العبد مرهونا لانه بدل منه ولا تزعم أن المال المأخوذ في(8/21)
أرش الجناية على المدبر والعبد المأخوذ في ذلك يقوم مقام المدبر فيكون مدبرا والمال موضوعا في مدبر أو معتق ؟ قيل له فرقت بينهما لا فتراقهما فإن قال فأين الفرق بينهما ؟ قيل أرأيت العبد المرهون لسيده بيعه أو هبته أو الصدقة به أو إبطال الرهن فيه فإن قال لا قيل ألان لصاحب الرهن في عنقه حقا لا يبطل حتى يستوفيه ؟ فإن قال نعم قيل ومالك الرهن مالك لشئ في عنقه فإن قال نعم قيل وإنما لم يكن لمالكه إبطاله لان لغيره من الآدميين فيه ملك شئ دونه ؟ فإن قال نعم قيل أفتجد مع مالك المدبر فيه ملك شئ من الاشياء من الآدميين غيره ؟ فإن قال لا، قيل افتجد مالك المدبر يقدر على بيعه وإبطال تدبيره فإن قال أما في قولك فنعم قيل فقد فرقت بينهما وإذا أعطيت أن لى أن أبيع المدبر فقد زعمت أنه ليس فيه عتق لازم بكل حال إنما فيه عتق إن كان كوصيتك لعبدك إن مت من مرضك أو سفرك فهو حر فإن مت كان حر وإن شئت رجعت ولو كانت فيه حرية ثابتة في الحين الذى يقال له هذا فيه لم يرق بحال أبدا (قال الشافعي) ويقال لاحد إن قال هذا أرأيت أم الولد أليس تعتق بموت سيدها من رأس المال فلا يكون لسيدها بيعها ولا إخراجها إلى ملك أحد ؟ فإن قال نعم قيل فهي أوكد عتقا من المدبر عندنا وعندك فإن قتلها عبد وأسلم إلى سيدها أو أمة فأسلمت أو حر فدفع ثمنها أيقوم الثمن مقام أم الولد أو الامة المسلمة بها ؟ فإن قال لا قيل لان أم الولد لم تعتق وماتت وهى مملوكة والولد الذى كان منها إنما عتقت به إذا كانت ولدته من سيدها إذا مات سيدها والذى دفع أو دفعت في جنايتها لم تلد من سيدها فتعتق عليه بالولد ؟ فإن قال نعم قيل له وكذلك المدبر هو المشروط له العتق بوصيته فلم يبلغ شرط وقتل مملوكا وليس أحد بدله في ذلك الشرط بتلك الوصية فيعتق بها (قال) وإن كانت الامة الجنانية حبلى فحكم ولدها حكم عضو منها ما لم يزايلها إذا بيعت فهو كعضو منها لا يخرج من البيع فان ولدن قبل أن تباع بعد الجناية وقبل الحكم أو بعده فسواء لا يدخل ولدها في الجناية لانه إذا فارقها فارق حكمها في الجناية لان غير جان وكان حكمه حكم أمة جنت ولها ولد فمن رأى بيعها والتفريق بينهما وبين ولدها باعها ومن لم ير بيعها إلا مع ولدها فلم يتطوع السيد بفدائها باعهما ورد على
السيد حصة الولد من الثمن وأعطى المجني عليه ثمنها إن ان قدر جنايته أو أقل لم يرد عليه وهذا أشد القولين استقامة على القياس على السنة ومعناها والله تعالى أعلم وبه أقول وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رد بيع ولد أمرأة فرق بينها وبينه للصغر وليس بيع المالك للبيع بهذه العلة بأكثر من بيع الصغير بما لزم الام البيع فيه (قال الشافعي) وإذا جنى المدبر أو المدبرة جناية يبلغ أرشها مائة من الابل ولم تكن قيمة الجاني خمسين من الابل وللمدبر مال وولد فماله مال سيده لاحق للمجني عليه وهو كسائر ماله ولا يدخل ولد المدبرة ولا ولد المملوكة غير المدبرة في جنايتهما لانهم لم يجنوا فيدخلوا في جنايته وهم كمال سيده سواهم (قال الشافعي) وإذا جنى على المدبر أو المدبرة جناية فعلى الجاني عليهما أرش الجناية عليهما بقدر قيمتهما مملوكين لا تدبير فيهما إن جنى عليهما بقطع أيديهما فعليه نصف قيمة كل واحد منهما يدفع إلى سيدهما ويقال له هو كمال من مالك لك أن تملكه كمالك ملك المدبر والمدبرة وبيعهما ولك أن تصنع فيه ما شئت وعلى الجاني على المدبر أو المدبرة إن كانت جنايته نفسا قيمتهما مملوكين يوم تقع الجناية صحيحين أو مريضين كانا وإن كانت المدبرة حبلى فقتلها فعليه قيمتها حبلى ولا شئ في ولدها وإن جنى عليها فألقت جنينا ميتا وماتت ففى الجنين عشر قيمة أمه يوم يجنى عليه وفى الامة قيمتها وقيمة جنينها لسيدها يصنع به ما شاء كما وصفت قبل هذا وإن ألقت جنينا حيا ثم مات وماتت ففيها قيمتها وفى الجنين قيمته إذا كان حيا فحكمه حكم نفسه وإن كان ميتا فحكمه حكم أمه.(8/22)
كتابة المدبر وتدبير المكاتب (قال الشافعي) وإذا دبر الرجل عبده ثم كاتبه فليس الكتابة بإبطال للتدبير إنما إبطاله أن يخرجه من ملكه قبل الكتابة ويسأل فإن قال أردت إثباته على التدبير غير أنى أردت أن أتعجل العتق فهو مدبر مكاتب وهكذا إن كاتب أمة فإن ولدت ولدا فهو مكاتب معها وإن كانت مدبرة مكاتبة فولدها مكاتب مدبر (قال) وإذا كاتب عبده ثم دبره قبل العجز ثم عجز كان مدبرا وإن شاء الثبات على الكتابة ثبتناه عليها فإن أدى عتق وإن مات سيده قبل الاداء عتق بالتدبير إن حمله الثلث فإن لم يحمله الثلث عتق منه ما حمل الثلث وبطل عنه من الكتابة بقدر ما عتق منه وإن قال أردت الرجوع في
التدبير فلا يكون رجوعا إلا بأن يخرجه من ملكه فهو مدبر وهو مكاتب والقول الثاني أنه يسأل فإن قال أردت الرجوع في التدبير فهو رجوع وهو مكاتب لا تدبير له وإن كاتب عبده ثم دبره قبل العجز ثم عجز كان مدبرا، فإن شاء الثبات على الكتابة ثبت عليها وله الكتابة والتدبير وإن دبر عبده ثم كاتبه فلم يؤد حتى مات عتق من الثلث وبطلت الكتابة لان الكتابة لا تكون إبطالا للتدبير إما يكون إبطاله بأن يقول مالكه أردت إبطال ويخرجه من ملكه قبل الكتابة.
جامع التدبير (قال الشافعي) وإذا قال الرجل لعبده: يوم تدخل الدار فأنت حر بعد موتى فذهب عقل السيد ودخل العبد الدار كان مدبرا ولو أعتقه بدخول الدار صحيح العقنل ثم ذهب عقله فدخل العبد الدار والسيد ذاهب العقل كان حرا وإن كان السيد قال هذا وهو ذاهب العقل ثم دخل العبد الدار والسيد صحيح العقل لم يعتق لانه قال المقالة وهو ذاهب العقل لو أعتق لم يجز عتقه ولو أوصى لم تجز وصيته لانه لم يعقل عتقا ولا وصية ولا غيرهما (قال الشافعي) ولو قال يوم تدخل الدار فأنت حر بعد موتى فلم يدخل العبد الدار حتى مات السيد ثم دخلها لم يعتق لان العبد قد خرج من ملك السيد وصار لغيره مملوكا ولو قال متى دخلت الدار فأنت حر فمات السيد ثم دخل العبد الدار لم يعتق لان العتق وقع وهو في ملك غيره ولو قال رجل لعبده متى مت فأنت حر أو غير حر ثم مات لم يكن العبد حرا ولو قال متى مت أنا فأنت حر وله عبيد لم يدر أيهم عنى بهذا ثم مات ولم يبين أقرعنا بينهم فأيهم خرج سهمه أعتقناه ولو قال رجل لعبد له متى مت وأنت بمكة فأنت حر ومتى مت وقد قرأت يالقرآن كله فأنت حر فمات السيد والعبد بمكة وقد قرأ القرآن كله كان حرا وإن مات وليس العبد بمكة أو مات ولم يقرأ القرآن كله لم يعتق ولو قال له متى مامت وقد قرأت قرآنا فانت حر فإذا قرأ من القرآن شيئا فقد قرأ قرآنا فهو حر ولو قال له متى مت فأنت حر إن شاء ابني فلان فإن شاء ابنه فلان فهو حر وإن لم يشأ فليس بحر وإن مات ابنه فلان قبل يشاء أو خرس أو ذهب عقله قبل أن يشاء لم يكن حر إلا أن يبرأ من خرسه أو يرجع عقله فيشاء فيكون حرا إن خرج من الثلث (قال الشافعي) وجماع هذا أنه إذا أعتقه على شرط أو اثنين أو أكثر لم يعتق إلا بأن تكمل الشروط التى أعتقه عليها أو الصفة أو الصفات ولا أعتقه بأقل مما شرط أنه
يعتق به أبدا ومثل هذا الرجل يقول لجاريته أو عبده في وصيته إن مت من مرضى هذا فأنت حر أو أنت حرة ويوصى لناس بوصايا ثم يفيق من مرضه ثم يموت ولم ينقض وصيته فلا يعتق العبد ولا الامة(8/23)
ولا ينفذ لواجد من أهل الوصايا وصية لانه أعطاه إياه في حال فلا يكون له في غيرها فعلى هذا، هذا الباب كله وقياسه.
العبد يكون بين اثنين فيدبره أحدهما (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وإذا كان العبد بين اثنين فيدبره أحدهما فنصيبه مدبر ولا قيمة عليه لشريكه لانه قد أوصى لعبده في نفسه بوصية له الرجوع فيها فلما لم يوقع العتق بكل حال لم يكن ضامنا لشريكه ولو مات فعتق نصفه لم يكن عليه قيمة لانه وصية ولو أوصى بعتق نصفه ثم يقوم عليه النصف الآخر لانه لا مال له إلا ما أخذ من ثلثه وهو لم يأخذ من ثلثه شيئا غير ما وصى به وشريكه على شركته من عبده لا يعتق إن مات شريكه الذى دبره أو عاش ولو قال لعبده متى مت ومات فلان فأنت حر لم يعتق إلا بموت الآخر منهما، ولو كان بين اثنين فقالا معا أو متفرقين متى متنا فأنت حر لم يعتق إلا بموت الآخر منهما أو قالا أنت حبس على الآخر منا حتى يموت ثم أنت حر كان كل واحد منهما قد أوصى لصاحبه بنصفه بعد موته ثم هو حر فيكون وصية في الثلث جائزة ويعتق بموت الآخر منهما، والله أعلم.
في مال السيد المدبر (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وإذا دبر الرجل عبده وترك مالا غائبا وحاضرا لم يعتق من المدبر شئ إلا بما حضر في أيدى الورثة وعتق في ثلث ما وصل إلى الورثة ولم يعتق في الغائب حتى يحضر فيأخذ الورثة سهمين ويعتق منه سهم وإن حضر فهلك قبل أخذ الورثة له كان كما لم يترك ويعتق فيما علم للسيد من ماله دون ما لم يعلم، وكان للورثة أخذ جميع ما في يد المدبر من مال أفاده قبل موت سيده فإذا مات وأفاد مالا بعد موت السيد فإن خرج من الثلث سلم إليه ماله كله وإن لم يخرج من الثلث سلم إليه من ماله الذى اكتسب بعد موت سيده بقدر ما يخرج منه من الثلث وسلم البقية إلى
ورثة سيده ولا مال لمدبر ولا أم ولد ولا عبد أموال هؤلاء لساداتهم إذا أعتقوا أخذت أموالهم من أيديهم لا تكون الاموال إلا للاحرار والمكاتب إذا عتق، وكان أفاد مالا في كتابته.
تدبير النصراني (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه إذا دبر النصراني عبدا له نصرانيا فأسلم العبد النصراني قيل للنصراني إن أردت الرجوع في التدبير بعناه عليك وإن لم ترده قيل للنصراني نحول بينك وبينه ونخارجه وندفع إليك خراجه حتى تموت فيعتق عليك ويكون لك ولاؤه أو ترجع فنبيعه وهكذا يصنع في المكاتب وأم الولد فمنعه عن أم الولد حتى يموت فتعتق وعن المكاتب حتى يعجز فنبيعه أو يؤدى فيعتق وفى النصراني المدبر قول آخر أنه يباع عليه بكل حال وللنصراني من مال مدبره وعبده وأم ولده مسلمين ما للمسلم من أخذه.(8/24)
تدبير أهل دار الحرب (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وإذا قدم الحربى دار الاسلام بأمان فدبر عبدا له فالتدبير جائز فإن أراد الرجوع إلى دار الحرب لم نمنعهما وإن أسلم العبد المدبر قلنا للحربى إن رجعت في التدبير لم نمنعك الرجوع في وصيتك وبعنا عليك العبد أبيت أم أطعت لانا لا ندعك تملك مسلما لنا بيعه عليك وإن لم ترجع فأردت المقام خارجناه لك ومنعناك خدمته لك وإن أردت الرجوع إلى بلادك فإن رجعت في تدبيره بعناه وإن لم ترجع خارجناه ووكلت بخراجه إن شئت من يقبضه لك فإذا مت فهو حر ولو دبره في دار الحرب ثم خرج إلينا مقيما على التدبير كان مدبرا ما لم يرجع في التدبير بأن يخرجه من ملكه وفيه قول آخر أنه يباع بكل حال وكذلك لو أعتق في دار الحرب ثم خرجا إلى دار الاسلام ولم يحدث ملكا له بغصب بغصبه إياه يسترقه به في دار الحرب بعد العتق كان حرا فإن قال قائل كيف يكون العتق في دار الحرب جائزا ؟ قيل العتق إخراج ملك إلى صاحبه فهو إذا أخرج ماله إلى ملك صاحبه ببيع أو ملك يصح ثم أسلما لم يرد إليه ما أخرج من ملكه إلى مثله الحكم فيه أن لا يرد عليه ما أخرج منه ما لم يحدث أخذا له في دار الحرب فإن أحدث أخذا له في دار الحرب فلا يخرج من يديه
ما غلب عليه في دار الحرب والعتق إخراج شئ من يديه لم يرجع فيأخذه بعد إخراجه فلا يكون له أخذه بعد أن يصير إلى دار الاسلام، قال والحجة في هذا مكتوب في كتاب غير هذا في تدبير المرتد (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وإذا دبر المرتد ففيه أقاويل أحدها أنه موقوف فإن رجع إلى الاسلام ان على تدبيره حتى يرجع فيه وهو على أصل ملكه ون قتل فالتدبير باطل وماله فئ ومن قال هذا القول قال إنما وقفنا ماله عند ارتداده ليكون فيئا إن مات على الردة وراجعا إليه إن رجع فلما مات على الردة علمت أن ردته نفسها صيرت ماله فيئا والثانى أن التدبير باطل لان ماله موقوف يكون فيئا وماله خارج إلا بأن يعود إليه فالتدبير والعتق باطل كله ومن قال هذا القول قال إن ماله خرج من يديه إلا أن يعود وإنما يملكه بالعودة كما حقن دمه بالعودة فتدبيره كان وهو غير مالك وهذا أشبه الاقاويل بأن يكون صحيحا وبه أقول والثالث أن يكون التدبير ماضيا عاش أو مات لانه لا يملك ماله إلا بموته وبموته يقع العتق ومن قال هذا أجاز عتقه وجميع ما صنع في ماله (قال الربيع) للشافعي فيها ثلاثة أقاويل أصحها أن التدبير باطل.
تدبير الصبى الذى لم يبلغ (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وإذا دبر الغلام الذى لم يعقل ولم يبلغ ثم مات فالتدبير جائز في قول من أجاز الوصية لانه وصية ولوليه في حياته بيع مدبره في النظر له كما يكون له أن يوصى لعبده فيبيعه وإن مات جاز في الوصية وكذلك البالغ المولى عليه ومن لم تجز وصيته (قال) ومن لم يبلغ فتدبيره باطل ولو بلغ ثم مات كان باطلا حتى يحدث له تدبيرا بعد البلوغ في حياته وإذا دبر المعتوه أو المغلوب على عقله لم يجز تدبيره وإن كان يجن ويفيق فدبر في حالة الافاقة جاز وإن دبر في غير حال الافاقة لم يجز.(8/25)
تدبير المكاتب (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وإذا دبر الرجل مكاتبه فإن أدى قبل موت السيد عتق بأداء
الكتابة، وإن مات السيد ولم يؤدى عتق بالتدبير وبطل ما كان عليه من النجوم إن حمله الثلث وإن لم يحمله الثلث عتق منه بقدر ما حمل الثلث وإن شاء إذا دبر قبل موت السيد أن يعجز كان له أن يعجز وكان لسيده أخذ ما كان له من مال ولا تبطل الكتابة بالتدبير من قبل أنه إنما زاده خيرا ولم ينقصه ألا ترى أنه لو أعتق جاز عتقه وسقطت التكابة عنه ولا يكون التدبير منقصا لشئ من الكتابة عنه من قبل أنه لم يقع له بالتدبير عتق بعد ومتى وقع سقط ما يبقى من الكتابة (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وإذا مات السيد وله مكاتب لم يبع المكاتب ولا كتابته في دينه ويؤخذ بنجومه في دينه فإذا عجز بيع في الدين وكان رقيقا والمكاتب يخالف المدبر، المدبر يباع فيه لانه وصية ويبيعه سيده في حياته والمكاتب لا يبيعه سيده في دين ولا غيره ولا بعد موته حتى يعجز ولو كان عبد بين اثنين فدبر أحدهما نصيبه ثم أعتق الآخر نصيبه وهو موسر ففيه قولان أحدهما أنه حر كله وعليه نصف قيمته وله ولاؤه لان التدبير ليس بعتق بتات ولا يحول بين السيد وبين بيعه وبه أقول وإن كان معسرا فنصفه حر ونصفه الآخر مدبر والقول الثاني أنه لا يعتق منه إلا ما عتق والنصف الآخر مدبر بحاله يرجع فيه صاحبه متى شاء.
مال المدبر (قال الشافعي) رضى الله تعالى وما اكتسب المدبر في تدبيره من شئ ثم عتق بعد موت سيده فهو مال لورثة سيده لان المدبر لا يملك شيئا إلا شيئا كسبه بعد العتق وما يملك المملوك من شئ فإنما يملكه لسيده وكذلك لسيد قبض جميع ماله قبل الرجوع في تدبيره بأى وجه كان الملك بكسب أو هبة أو وصية أو جناية جنيت عليه أو غير ذلك ولو ثبت المدذبر على تدبيره حتى مات سيده فعتق وبيده مال يقرأنه إنما أفاده قبل موت سيده كان ميراثا لسيده ولو قال أفدته بعد موت سيدى كان القول قوله مع يمينه وعلى الورثة البينة أنه كان ملكه قبل موت سيده فإن جاءوا بها على المال أو بعضه أخذوا ما أقاموا عليه البينة وإن لم يأتوا بها كان ما في يديه له ولو كان ذلك بعد موت سيده بساعة لان كثير المال قد يفاد في ساعة ويتعذر قليله في الزمن الطويل فإذا أمكن بوجه أن يملك مثل ذلك المال فالقول فيه قوله مع يمينه (قال الشافعي) ولو اختلف المدبر وورثة من دبره في مال في يده فأقام المدبر البينة أنه
أفاده بعد موت سيده والورثة البينة أنه أفاد ذلك المال قبل موت سيده كانت البينة بينة المدبر والقول قوله لانه مستوون في الدعوى والبينة ولو فضل في كينونته في يده فهو أرجح منهم سببا ولو كان في يده مال فأقام الورثة البينة انه كان في يديه وسيده حى وقال المدبر كان في يدى لغيري وإنما ملكته بعد موت سيدى كان القول قوله مع يمينه ولا أخرجه من يديه حتى يقول الشهود كان في يديه يملكه أو هو يملكه فإذا أثبتوا عليه هذا أخرجته من يديه وسواء جميع حكم المدبر كان المدبر صغيرا أو كبيرا مسلما أو كافرا أو امرأة أو رجلا.(8/26)
ولد المدبر (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وإذا أذن الرجل لمدبره فنكح قبل التدبير أو بعده فسواء وما ولد له فحكم المولود في الحرية والرق حكم الام التى ولدته إن كانت حرة كان حرا وإن كانت أمة كان عبدا كما يكون هذا في الحر والعبد غير المدبر (قال الشافعي) وليس للعبد ولا للمدبر ولا من لم تكمل فيه الحرية أن ينكح إلا بإذن سيده وليس له أن يتسرى بحال وإذا أذن له سيده بالتسرى فتسرى درأنا عنه الحد بالشبهة وألحقنا به الولد وفرقنا بينهما متى علمنا فإن لم نعلم حتى مات السيد وملك المدبر الامة لم تكن الامة أم ولد له بذلك الولد بحال لانه وطئ فاسد لا وطئ ملك صحيح ولا تكون الامة أم ولد حتى يكون الولد والوطئ من مالك لها حر كامل الحرية.
ولد المدبرة ووطؤها (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه ولسيد المدبرة أن يطأها لانها على الرق (قال) أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه دبر جاريتين له فكان يطؤهما وهما مدبرتان (قال الشافعي) وإذا دبر الرجل أمة فولدت بعد تدبيرها في بقية عمرها وهى مدبرة فسواء والقول فيهم واحد من قولين كلاهما له مذهب والله تعالى أعلم فأما أحدهما فإن سيد المدبرة لما دبرها ولم يرجع في التدبير فكانت مملوكة موقوفة العتق ما لم يرجع فيها مدبرها بأن يخرجها من ملكه وكان الحكم في أن ولد كل ذات رحم بمنزلتها إن كانت حرة كان حرا وإن كانت مملوكة كان عبدا لا وقف فيها غير الملك كان مملوكا كان ولد المدبرة بمنزلتها
يعتقون بعتقها ويرقون برقها وقد قال هذا بعض أهل العلم ومن قال هذا القول انبغى أن يقول فإن رجع السيد في ولدها كان له ولم يكن ذلك رجوعا في تدبير أمهم وكذلك إن رجع في تدبيرها لم يكن رجوعا في تدبير من ولدت وهى مدبرة والرجوع أن يخرجه من ملكه فإن قال قائل فكيف يكون له الرجوع في تدبيبرها ولا يكون رجوعه في تدبيرها رجوعا في تدبير ولدها وإنما ثبت لهم التدبير بأن أمهم مدبرة فحكمنا أنهم كمن ابتدئ تدبيره ولم يحكم لهم أنهم كعضو منها فما الدليل على ذلك ؟ قيل ألا ترى أن قيمتهم لو كانت مثل قيمتها أو أقل أو أكثر ثم مات السيد قوموا كما تقوم أمهم ولم يعتقوا بغير قيمة كما لا تعتق امهم بغير قيمة فإذا حكمنا بهذا جعلنا حكمهم كحكم أنفسهم وإن ثبت ذلك بها ولو جعلت حكمهم حكم أمهم وجعلت القيمة لها دونهم ولم أجعل له الرجوع فيهم دونها وجعلناه إذا رجع فيها راجعا فيهم وجعلناهم ورقيقا لو ماتت قبل موت سيدها وأبطلنا تدبيرهم إذا لم تعتق أمهم فهذ لا يجوز لمن يقول هذا القول والله تعالى أعلم (قال الشافعي) وسواء كان ولدها ذكورا أو إناثا فإن ولدت ذكورا أو إناثا فأولاد الاناث بمنزلة أمهماتهم سواء والقول في الرجوع فيها وفيهم وترك الرجوع والرجوع في أمهاتهم دونهم وفيهم دون أمهاتهم كالقول في بنات المدبرة نفسها وولد الذكور بمنزلة أمهاتهم إن كن حرائر كانوا أحرارا وإن كن إماء كانوا إماء لمن ملك أمهاتهم (قال) وإذا دبر أمته فولدت أولادا بعد التدبير فالقول فيها وفيهم كما وصفت فإن رجع في تدبيرها فثم ولدت أولادا لاقل من ستة أشهر من يوم رجع فالولد في معنى هذا القول مدبر لان العلم قد أحاط أن التدبير قد وقع عليهما وإن ولدت لستة اشهر فصاعدا بعد الرجوع فالولد ولد مملوك لا تدبير له إلا أن يحدث له السيد تدبيرا (قال الشافعي)(8/27)
وإذا دبر جارية له، ثم قال تدبيرها ثابت وقد رجعت في تدبير كل ولد تلده ولا ولد لها فليس هذا بشئ لانه لا يرجع إلا فيما وقع له تدبير، فأما ما لم يملك ولم يقع له تدبير في أي شئ يرجع لا شئ له يرجع فيه وإذا ولدت المدبرة ولدا فاختلف السيد فيه والمدبرة أو المدبرة وورثة السيد بعد موت السيد فقال السيد أو الورثة ولد تيه قبل التدبير وقالت المدبرة بل ولدته بعد التدبير فالقول قول السيد أو الورثة لانهم مالكون وهى مدعية إخراج ملكهم من أيديهم، وعلى من قلت القول قوله اليمين بما قال فإن
أقامت بينة بما قالت كانت البينة العادلة أولى من اليمين الفاجرة وإن أقامت بينة وأقام السيد أو ورثته بينة بدعواهم كانت بينهم أولى وكان ولدها رقيقا من قبل أنهم مملوكون في أيديهم فضل كينونتهم في أيديهم بالملك فهى وهم مدعون ومقيمون بينة ولو كانت أمة بين اثنين فدبراها ثم جاءت بولد فادعاه أحدهما كان ابنه وضمن نصف قيمته ونصف قيمتها ونصف عقرها لشريكه إن شاء شريكه لان مشيئته أخذ قيمتها رجوع في تدبيرها وكانت أم ولد له ولو ألقت الولد الذى ادعى ميتا لم يكن له قيمة ولو جنى انسان جناية فأخذ لها أرشا كان الارش بينهما والقول الثاني أن الرجل إذا دبر أمته فولدت بعد التدبير أولادا فهم مملوكون وذلك أنها إنما هي أمته موصى لها بعتقها لصاحبها الرجوع في عتقها وبيعها فليست هذه حرية ثابتة وهذه أمة موصى لها والوصية ليست بشئ لازم هو شئ يرجع فيه صاحبه وأولادها مملوكون وقد قال هذا غير واحد من أهل العلم (قال الشافعي) أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبى الشعثاء قال أولاد المدبرة مملوكون وقال هذا غير أبى الشعثاء من أهل العلم والله سبحانه وتعالى أعلم (قال الشافعي) والعتق مخالف للتدبير عند كل أحد ولو أعتق رجل أمة لها ولد لم يعتق ولدها بعتقها بحال إلا أن يعتقهم.
في تدبير ما في البطن (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه: وإذا دبر الرجل ما في بطن أمته فليس له بيعها إلا أن يريد ببيعها الرجوع عن التدبير ولو أعتقه لم يكن له بيعها وإنما قلنا لا يكون له بيعها لانى لا أعلم مخالفا في أن الامة إذا بيعت أو وهبت أو أعتقت حاملا كان ما في بطنها تبعا لها ما لم يزايلها كبعض بدنها يملكه من يملكها ويعتق بعتقها فحكمه كحكم عضو منها ما لم يزايلها لم يجز أن تباع أمة حامل لان حكم حملها كحكمها ولو باع الذى دبر ولدها أمه وهى حامل به فقال أردت الرجوع في تدبيرى الولد كان البيع جائزا أو قال لم أرده كان البيع مردودا ولو باع أمة واستثنى ما في بطنها فإن ولدت لاقل من ستة أشهر فالولد مدبر إن كان دبره وحر إن كان أعتقه وإن لم تلد إلا لستة أشهر فصاعدا من يوم كان التدبير أو العتق لم يكن مدبرا ولا حرا وإن ولدت ولدين أحدهما لاقل من ستة أشهر والآخر لاكثر من ستة أشهر فهو من حمل واحد وحكمه حكم واحد فإذا كان بعضه لاقل من ستة أشهر كان معتقا أو
مدبرا وكل من معه في ذلك الحمل ولو دبر ما في بطنها أو أعتقه ثم باعها فولدت قبل ستة أشهر كان الولد معتقا أو مدبرا والبيع باطل وإن ولدت بعد ستة أشهر ففيها قولان.
أحدهما: أنه لما كان ممنوعا من البيع ليعرف حال الحمل فيباع في تلك الحال كان البيع مردودا بكل حال لانه في وقت كان فيه ممنوعا.
والآخر: أن البيع جائز ولو قال لامته ولدك ولد مدبر لم يكن هذا تدبيرا إلا أن يريد به تدبيرا.(8/28)
في تدبير الرقيق بعضهم قبل بعض (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وإذا دبر الرجل في صحته رقيقا أو بعضه قبل بعض وفى مرضه آخرين كذلك وأوصى بعتق آخرين بأعيانهم فلا يبدى واحد منهم على واحد كما لو أوصى لرجل بوصية صحيحا ولآخر مريضا لم يبدأ قديم الوصية على حديثها لانه شئ أوقعه لهم في وقت واحد وكانوا إنما يدلون في ذلك الوقت معا بحجة واحدة وهى أن الوصية واقعة لهم يوم كان ذلك الوقت فإن خرجوا من الثلث عتقوا معا وإن لم يخرجوا أقرع بينهم فأعتق من خرج له سهم العتق حتى يستوعب ثلث الميت قياسا على الذين أقرع النبي صلى الله عليه وسلم بينهم حين أعتقهم المريض فأعتق ثلث الميت وأرق ثلثى الورثة.
الخلاف في التدبير (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه: فخالفنا بعض الناس وأجرى في المدبر خلافا سأحكى بعضه إن شاء الله تعالى فقال لى بعض من خالفنا فيه على أي شئ اعتمدت في قولك المدبر وصية يرجع فيه صاحبه متى شاء ؟ قلت على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التى قطع الله بها عذر من علمها قال فعندنا فيه حجة قلنا فاذكرها.
قال: ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثكم باعه ولم يسأله صاحبه بيعه ؟ قلت العلم يحيط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يبيع على أحد ماله إلا فيما لزمه أو بأمره، قال فبأيهما باعه ؟ قلت أما الذى يدل عليه آخر الحديث في دفعه إياه إلى صاحبه الذى دبره فإنه دبره وهو يرى أنه لا يجوز له بيعه حين دبره وكان يريد بيعه إما محتاجا وإما غير محتاج فأراد الرجوع فذكر النبي صلى الله عليه وسلم فباعه وكان في بيعه دلالة على أن بيعه جائز له إذا شاء وأمره إن
كان محتاجا أن يبدأ بنفسه فيمسك عليها يرى ذلك لئلا يحتاج إلى الناس قال فإن قال قائل فإنا روينا عن أبى جعفر محمد بن على رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما باع خدمة المدبر (قال الشافعي) فقلت له ما روى هذا أحد عن أبى جعفر فيما علمت يثبت حة ديثه ولو رواه من يثبت حديثه ما كان لك فيه حجة من وجوه.
قال وما هي ؟ قلت أنت لا تثبت المنقطع لو لم يخالفه غيره فكيف تثبت المنقطع يخالفه المتصل الثابت ؟ قال فهل يخالفه ؟ قلت ليس بحديث وأحتاج إلى ذكره فأذكره على ما فيه قال لو ثبت كان يجوز أن أقول باع النبي صلى الله عليه وسلم رقبة مدبر كما حدث جابر وخدمة مدبر مكا حدث محمد ابن على (قال الشافعي) فإن قلت إنه يخالفه قلت هو أدل لك على أن حديثك حجة عليك قال وكيف ؟ قلت إن كان محمد بن على قال للمدبر الذى روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم باع رقبته إنما باع النبي صلى الله عليه وسلم خدمته كما قلت فغلط من قال باع رقبته بما بين الخدمة والرقبة كنت خالفت حديثنا وحديث محمد بن على قال وأين، قلت أتقول إن بيعه خدمة المدبر جائز قال لا لانها غرر فقلت فقد خالفت ما رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فلعله باعه من نفسه قلت جابر سمى باعه بثمانمائة درهم من نعيم النحام ويقول عبد قبطى يقال له يعقوب مات عام أول في إمارة ابن الزبير فكيف يوهم أنه باعه من نفسه ؟ وقلت له روى أبو جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد فقلت مرسلا وقد رواه معه عدد فطرحته وروايته يوافقه عليها عدد(8/29)
فيها حديثان متصلان أو ثلاثة صحيحة ثابتة وهو لا يخالفه فيه أحد برواية غيره وأردت تثبت حديثا رويته عن أبى جعفر يخالفه فيه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما أبعد ما بين أقاويلك وقتل له وأصل قولك أنه لو لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم شيئا لا يخالفه فيه غيره لزمك وقد باعت عائشة مدبرة لها فكيف خالفتها مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأنتم روون عن أبى إسحاق عن امرأته عن عائشة شيئا في البيوع تزعم وأصحابك أن القياس غيره وتقول لا اخالف عائشة ثم تخالفها ومعها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والقياس والمعقول (قال الشافعي) وقلت له وأنت محجوج بما وصفنا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التى
لا عذر لاحد في تركها ولو لم تكن فيما نثبته محجوجا كنت محجوجا بقول عائشة فيما تزعم أنك تذهب إليه ولو لم يكن لعائشة فيه قول كنت محجوجا بالقياس ومحجوجا بقول عائشة فيما تزعم أنك تذهب إليه ولو لم يكن لعائشة فيه قول كنت محجوجا بالقياس محجوجا بحجة أخرى قال وما هي ؟ قلت: هل يكون لك أن تقول إلا على أصل أو قياس على أصل ؟ قال لا قلت والاصل كتاب أو سنة أو قول بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إجماع الناس قال لا يكون أصل أبدا إلا واحدا من هذه الاربعة قلت وقولك في المدبر داخل في واحد من هذه الاربعة ؟ قال لا قلت أفقياس على واحد منها قال أما قياسا في كل شئ فلا قلت فمع أي شئ هو قياس ؟ قال إذا حمله الثلث ومات سيده عتق قلت نعم بوصيته كعتق غير المدبر قال فهو قول أكثر الفقهاء قلت بل قول أكثر الفقهاء أن يباع قال لسنا نقوله ولا أهل المدينة قلت جابر بن عبد الله وعائشة وعمر ابن عبد العزيز وابن المنكدر وغيرهم يبيعه بالمدينة وعطاء وطاوس ومجاهد وغيرهم من المكيين وعندك بالعراق ويبيعه وقول أكثر التابعين يبعيه فكيف ادعيت فيه الاكثر والاكثر من مضى عليك مع أنه لا حجة لاحد مع النسة وإن كنت محجوجا بكل ما ادعيت وبقول نفسك قال واين ذلك من قول نفسي، فقلت أرأيت المدبر لم أعتقه من الثلث وأستسعيه إذا لم يخرج من الثلث أرأيت لو كان العتق له ثابتا كهو لام الولد ألم تعتقه فارغا من المال ولا تستسعيه أبدا قال إنما فعلت هذا لانه وصية قلت أرأيت وصية لا يكون لصاحبها أن يرجع فيها قال لا غير المدبر قلت أفيجوز أن تفرق بين الوصايا فتجعل لصاحبها في بعضها الرجوع ولا تجعل له في بعض بلا خبر يلزم فيجوز عليك أن يرجع الموصى في المدبر ولا يرجع في عبد لو أوصى بعتقه غير مدبر قال الناس مجتمعون على أنه يرجع في الوصايا ومتفرقون في الوصية في المدبر قلت فإن اجتمعوا على أن يكون التدبير وصية على أن له أن يرجع في جميع الوصايا غيره وافترقوا فيه فكيف لم تجعل القول قول الذين قالوا يرجع فيه فتستدل على أن من قال لا يرجع فيه قد ترك أصل قوله في أنه وصية إذا كان يرده فيما سواه من الوصايا (قال الشافعي) ثم ذكرت أن قائل هذا القول يقول لو قال لعبد إذا مت أنا وفلان فأنت حر كان له أن يبيعه ولو قال إذا جاءت السنة فأنت حر كان له أن يرجع فيه فقلت فكيف زعمت أن له أن يرجع في هذا ولا يرجع في قوله إذا مت فأنت حر ؟ فقال ما هما في القياس
إلا سواء والقياس أن يرجع فيه كله لان أصل الامر فيه أن هؤلاء مماليك له أوصى لهم بالعتق في وقت لم يقع فثبت لهم به حرية قلنا فهذه الحجة عليك في المدبر قال وأخرجت المدبر اتباعا والقياس فيه أن له أن يرجع فيه قلنا فمن ابتعت فيه إن كن قال قولك أحد أكثر من سعيد من المسيب فاذكره فقد خالفت القياس كما زعمت وخالفت السنة والاثر وأنت تترك على سعيد بن المسيب أقاويل له لا يخالفه فيها أحد وتزعم أن ليست عليك فيه حجة والذين احتججت بموافقتهم من أهل ناحيتنا يخالفونك في(8/30)
المدبر نفسه فيبيعونه بعد موت سيده إذا كان على سيده إذا كان على سيده دين ولم يدع مالا قال هؤلاء باعوه في الحين الذى صار فيه حرا ومنعوه من البيع قبل أن يصير حرا قلت ويقولون أيضا إذا كان العبد بين اثنين فدبره أحدهما تقاوماه فإن صار للذى لم يدبر بطل التدبير فقال وهذا أعجب من القول الاول لانهم أبطلوا التدبير والسيد لا يريد إبطاله وجبروا المالكين على التقاوم وهما لا يريدانه ولا واحد منهما فهذان أبعد قولين قالهما أحد من الصواب قلت فإذا كانت حجتك بأن وافقك هؤلاء في معنى من قولك وأنت تستدرك في قولهم ما تقول فيه هذا القول أفترى فيك وفيهم حجة على أحد لو خالفكم ؟ قال ما فينا حجة على أحد قلت ولو لم يكن مع من خالفكم سنة ولا أقر قال ولو قلت فإن الحجة في السنة قال الحجة مع من معه السنة قلت ولو لم يكن مع من خالفكم سنة كانت الحجة مع من معه الاثر قال: نعم قلت فهما معا معنا قلت ولو لم يكن أثر كانت الحجة مع من معه القياس ؟ قال نعم قلت وأنت وغيرك تشهد لنا أن النسة والاثر والقياس معنا فكيف ذهبت عن هذا كله ؟ فرجع بعض أهل العلم منهم عندهم إلى قولنا في المدبر (قال الشافعي) وأخبرني عن أبى يوسف أنه قال السنة والاثر والقياس والمعقول قول من قال يباع المدبر وما رأيت أشد تناقضا من قولنا فيه ولكن أصحابنا غلبونا وكان الاغلب من قوله الاكثر لم يرجع عنه مع هذه المقالة وقد حكى لى عنه أنه اشترى مدبرا وباعه وقال هذه السنة والله تعالى أعلم (قال الشافعي) قال لى قائل منهم لا يشك أهل العلم بالحديث أن ادخال سفيان في حديث عمرو وأبى الزبير فمات فباع النبي صلى الله عليه وسلم مدبره غلط إلا أن الحفاظ كما قلت حفظوه عن عمرو ابن دينار وعن أبى الزبير بسياق يدل على أن سيده كان حيا ولو لم يعلم أن مثل هذا
غلط لم نعرف غلطا ولا أمر صحيحا أبدا ولكن لو كان صحيحا لا يخالفه غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم باع المدبر بعد موت سيده الذى دبره ما كان القول فيه إلا واحدا من قولين أحدهما أن التدبير لا يجوز إذا لم يكن أنه باعه في دين على سيده لان أقل أمره عندنا وعندك إذا كان التدبير جائزا أن يعتق ثلثه إن لم يكن على سيده دين وهذا أشبه بظاهر الحديث الثاني أن الناس إذا اجتمعوا على إجازة التدبير فلا يكون أن يجهل عامتهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبعه النبي صلى الله عليه وسلم وشئ منه يخرج من الثلث وإن لم يكن ذلك مؤدى في الحديث قال ولو لم يكن ذلك حجة في المدبر إلا هذا وكان صحيحا أكانت لك الحجة ؟ فقلت: نعم فقال وما هي، قلت لو باعه النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت استدللت على أن الحرية لم تتم فيه وأنه وصية وأن الوصايا تكون من الثلث وذلك أنى رأيت ام الولد تعتق فارغة من المال والمكاتب لا تبطل كتابته بموت سيده فلما بطلت وصية هذا وجاز بيعه استدللت على أن بيعه في الحاية جائز لانه وصية من الوصايا له الرجوع فيها كما يرجع في الوصايا وأنه خارج من معنى من يثبت له العتق لان المكاتب يرق إذا عجز فلا تبطل كتابته حتى يكون يبطلها هو فتبطل بالعجز وكان بسبب من حرية فلم تبطل حتى يبطلها هو ويبطل تدبير المدبر واستدلت على أن المدبر وصية وإن صار إليه عتق فبالوصية لا بمعنى حرية ثابتة (قال الشافعي) وزعم آخر قال فجمله قوله لا يباع المدبر لان سيد المدبر إذا أدان دينا يحيط بماله لم يبع مدبره في دينه ولا في جناية لو جناها المدبر لانه محبوس على أن بموت سيده يعتق بموته فإن مات سيده وعليه دين بيع في دينه وكذلك إن كانت على المدبر جناية لم يبع في جنايته فمنعه من أن يباع وسيده حى قبل يقع له العتق وقد يموت المدبر قبل سيده فيموت عبدا لانه لا يقع عليه العتق عنده إلا بموت سيده فلما مات سيده وانقضى عنه الرق عنده ووقع عتقه باعه في جناية نفسه ودين سيده فباعه في أولى حالة أن يمنعه فيها من البيع ومنعه البيع(8/31)
في أولى حالة أن يبيعه فيها والله المستعان وإياه أسأل التوفيق (قال الشافعي) فإن قال فإنى إنما بعته بعد موت سيده لانه مات ولا مال له وإنما هو وصية ولا تكون الوصايا إلا من الثلث قيل فذلك الحجة عليك أن تجعله كالوصايا في أن ترقه إذا لم يخرج من الثلث وتمنع من أن تجعله من الوصايا فتجعل لصاحبه
الرجوع فيه كما يرجع في الوصايا فإن قلت إن فيه حرية والحرية لا ترد، قلت فقد رددتها حين وقعت وإن اعتلت بإفلاس سيده فقد يفلس وله أم ولد فلا يردها وينفذ عتقها وقد يفلس وله مكاتب قد كاتبه على نجوم متباعدة فلا تنقض كتابته ولا يرقه بعد موته إلا بما يرقه به في حياته وقد قلت في أم ولد النصراني تسلم وهى حرة ولم يمت سيدها فيأتى الوقت الذى يقع فيه عتقها حين صار فرجها من سيدها ممنوعا وأنت لا ترعى الاستسعاء بالدين قالوا مطلقا لا يباع المدبر قالوا هو حر ويسعى في قيمته وكذلك قالوا في أم ولد النصراني فقولهم على أصل مذهبهم أشد استقامة من قولك على أصل مذهبك أفرأيت الرجل إن كان إذا أفلس عبده بمنزلة الميت يباع ماله ويحل ما لم يكن حل من ديونه فكيف لم يبع مدبره كما باعه بعد الموت وأحل ديونه بعد الموت ؟ فإن قال قائل فقد يفيد مالا قيل فلم أرك انتظرت بدين عليه إلى مائة سنة وجعلته حالا بموته فإن قلت إنما أحكم عليه حكم ساعته وذلك حكم الموت فكذلك بيع مدبره بإفلاسه وقد يمكن في الموت أن يظهر له مال بعد موته لم يكن عرفت فلست أراه ترك إرقاقه بعد الموت بما يمكن ولا بيعه في الحياة في إفلاس صاحبه بحكم ساعته ولا سوى بين حكمه في موت ولا حياة وقد أرقه في الحياة بغير إفلاس ولا رجوع من صاحبه فيه حيث لم يرقه من أرق المدبر ولا أحد غيره لان من أرقه في الحياة إنما أرقه إذا رجع فيه صاحبه وقال إذا كان العبد بين اثنين فدبره أحدهما تقاوماه فإن صار للذى دبره كان مدبرا كله وإن لم يشتره الذى دبره انتقض التدبير إلا أن يشاء الذى له فيه الرق أن يعطيه الذى دبره بقيمته فيلزمه ويكون مدبرا (قال الشافعي) ولا يجوز في قوله والله تعالى أعلم لا يباع المدبر ما عاش سيده إلا أن يكون مدبرا كله ويضمن الذى دبره لشريكه نصف قيمته لان التدبير عنده عتق وكذلك هو عنده لو أعتقه ولا يجوز في قوله أن ينتقض التدبير لانه إذا جعل لسيده المدبر نقض التدبير فكيف جعل له نقض التدبير إذا لم يشتر المدبر إن كان إذا نقض التدبير فقد جعله له فأثبت عليه في موضع غيره وقد ذكرناه وإن كان لم يرد نقضه فقد جعل له نقضه وهو لا يريده وما معنى يتقاومانه وهما لا يريدان التقاوم ولا واحد منهما ؟ ما أعرف ل (يتقاومانه) وجها في شئ من العلم والله المستعان والقول فيه في قول من لا يبيعه ما وصفت من أنه مدبر كله وعلى المدبر السيد نصف قيمته وهكذا قال من قال لا يباع المدبر فأما نحن فإنا إذا جعلنا لسيده نقض تدبيره
وبيعه فتدبيره وصية وهو بحالة مدبر النصف مرقوق الصف للشريك لانه لم يعتقه فيضمن لشريكه نصف قيمة العبد ويعتق عليه.
المكاتب: بسم الله الرحمن الرحيم أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رضى الله تعالى عنه قال قال الله عزوجل (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتهم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذى آتاكم) أخبرنا عبد الله بن الحارث ابن عبد الملك بن جريج أنه قال لعطاء ما الخير ؟ المال أو الصلاح أو كل ذلك ؟ قال ما نراه إلا المال قلت فإن لم يكن عنده مال وكان رجل صدق، قال ما أحسب خيرا إلا(8/32)
ذلك المال قال مجاهد (إن علمتم فيهم خيرا) المال كائنة أخلاقهم وأديانهم ما كانت (قال الشافعي) والخير كلمة يعرف ما أريد منها بالمخاطبة بها قال الله عزوجل (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) فعقلنا أنهم خير البرية بالايمان وعمل الصالحات لا بالمال وقال الله عزوجل (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير) فعقلنا أن الخير المنفعة بالاجر لا أن لهم في البدن مالا وقال عزوجل (إذا حضر احدكم الموت إن ترك خيرا) فعقلنا أنه إن ترك مالا لان المال المتروك وبقوله (الوصية للوالدين والاقربين) قال فلما قال الله عزوجل (إن علمتم فيهم خيرا) كان أظهر معانيها بدلالة ما استدللنا به من الكتاب قوة على اكتساب المال وأمانة لانه قد يكون قويا فيكسب فلا يؤدى إذا لم يكن ذا أمانة وأمينا فلا يكون قويا على الكسب فلا يؤدى قال ولا يجوز عند والله تعالى أعلم في قوله (إن علمتم فيهم خيرا) إلا هذا وليس الظاهر أن القول إن علمت في عبدك مالا بمعنيين أحدهما أن المال لا يكون فيه إنما يكون عنده لا فيه ولكن يكون فيه الاكتساب الذى يفيد المال والثانى أن المال الذى في يده لسيده فكيف يكون أن يكاتبه بماله إنما يكاتبه بما يفيد العبد بعد بالكتابة لانه حينئذ يمنع ما أفاد العبد لاداء الكتابة قال ولعل من ذهب إلى أن الخير المال أنه أفاد بكسبه مالا للسيد فيستدل على أنه كم يقدر مالا يعتق به كما أفاد أولا والعبد والامة البالغان في هذا سواء، كانا ذوى صنعة أو غير ذوى صنعة، إذا كان فيها قوة على الاكتساب والامانة.
ما يجب على الرجل يكاتب عبده قويا أمينا (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافع رضى الله عنه قال أخبرنا عبد الله بن الحارث عن ابن جريج قال قلت لعطاء أواجب علين إذا علمت أن فيه خيرا أن أكاتبه ؟ قال ما أراه إلا واجبا وقالها عمرو بن دينار وقلت لعطاء أتأثرها عن أحد ؟ قال لا (قال الشافعي) أما إذا كان المملوك قويا على الاكتساب غير أمين أو أمينا غير قوى فلا شك عند والله تعالى أعلم في أن لا تجب مكاتبته على سيده وإذا جمع القوة على الاكتساب والامانة فأحب إلى لسيده أن يكاتبه ولم أكن امتنع إن شاء الله من كتابة مملوك لى جمع القوة والامانة ولا لاحد أن يمتنع منه (قال الشافعي) ولا يبين لى أن يجبر الحاكم أحدا على كتابة مملوكة لان الآية محتملة أن تكون إرشادا وإباحة لكتابة يتحول بها حكم العبد عما كان عليه لا حتما كما أبيح الصيد المحظور في الاحرام بعد الاحرام والبيع بعد الصلاة لا أنه حتم عليهم أن يصيدوا ويبيعوا وقد ذهب هذا المذهب عدد ممن لقيت من أهل العلم فإن قيل فهل فيه دلالة غير ما وصفت ؟ قيل أرأيت إذا قيل فكاتبوهم هل يجوز أن يقال أوجب كما وجبت المتعة إلا وهو محدود بأقل ما يقع عليه اسم الكتابة أو لغاية معلومة فإن قيل لا فلا يختلف أحد علمته في أن عبدا لرجل ثمنه ألف لو قال له كاتبني على ثلاثمائة درهم في ثلاث سنين لم يجب عليه أن يكاتبه على هذا فإذا قيل فعلى كم ؟ فإن قال السيد أكاتبك على ألف فأبى العبد أيخرج السيد من أن يكون خالف أن يكاتبه ؟ فإن قيل نعم قيل فهل يجير على أن يكاتبه على قيمته (1) قيل فالكتابة إنما تكون دينا والقيمة لا تكون بالدين ولو كانت
__________
(1) قوله: قيل فالكتابة الخ، كذا بالنسخ، ولعل فيه سقطا، والاصل (فإن قيل نعم فالكتابة الخ) وحرر، كتبه مصححه.(8/33)
بدين لم تكن إلا على من له ذمة تلزمه بكل حال والعبد ليست له ذمة تلزمه بكل حال (قال الشافعي) وملك الله عزوجل العباد رقيقهم ولم أعلم مخالفا في أن لا يخرج العبد من يدى سيده إلا بطاعته فهل (1) هذا لم يبن أن أوجب على السيد أن يكاتب عبده وكذلك المدبر والمدبرة وأم الولد لان كلا لم يخرج من ملك اليمين قال والعبد والامة في هذا سواء لان كلاهما ملكت اليمين ولو آجر رجل عبده ثم
سأله العبد أن يكاتبه لم يكن ذلك له من قبل حق المستأجر في إجارته فإن العبد ممنوع من الكسب بخدمة مستأجره ولو كاتبه وهو أجير كانت الكتابة منفسخة ولو فسخ المستأجر في إجارته فإن العبد ممنوع من الكسب بخدمة مستأجره ولو كاتبه وهو أجير كانت الكابتة منفسخة ولو فسخ المستأخر الاجارة لم تجز الكتابة حتى يجدد السيد كتابته برضا العبد وفى قوله الله عزوجل (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم) دلالة على أنه إنما أذن أن يكاتب من يعقل لا من لا يعقل فأبطلت أن تبتغى الكتابة من صبى ولا معتوه ولا غير بالغ بحال وإنما أبطلنا كتابة غير البالغين والمغلوبين على عقولهم كاتبوا عن أنفسهم أو كانت عنهم غيرهم بهذه الآية.
وإنما أبطلنا أن يكاتب المحجور عليه الذى لا أمر له في ماله وأن يكاتب عنه وليه لانه لا نظر في الكتابة له وإنه عتق وليس له أن يعتق.
هل في الكتابة شئ تكرهه (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه.
وإذا أراد الرجل كتابة عبده غير قوى ولا أمين أولا أمينة كذلك أو غير ذات صنعة لم أكره ذلك من قبل تطوعه بالكتابة وهى مباحة إذا أبيحت في القوى الامين أبيحت في غيره.
والثانى من قبل أن المكاتب قد يكون قويا بما فرض الله عزوجل له في الصدقات فإن الله تبارك وتعالى فرض فيها للرقاب وهم عندنا المكاتبون ولهذا لم أكره كتابة الامة غير ذات الصنعة لرغبة الناس في الصدقة متطوعين على المكاتبين قال ولم يشبه الكتابة أن تكلف الامة الكسب لانها لا حق لها إذا كلفت كسبا بلا كتابة في الصدقات ولا رغبة الناس في الصدقة عليها متطوعين كرغبتهم في الصدقة عليها مكاتبة (قال): وعلى الحاكم أن يمنع الرجل أن يخارج عبده إذا كان ذا صنعة مكتسبا إذا كره ذلك العبد ولكن يؤاجره وينفق عليه إن شاء ولا أكره لاحد أن يأخذ من مكاتبته صدقات الناس فريضة ونافلة فأما الفريضة فهى كما ملك المكاتب وأما النافلة فشئ صار له بالعطاء والقبض وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل الصدقة فأكل من صدقة تصدق بها على بريرة وقال هي لنا هدية وعليها صدقة و كذلك الصدقة عليا لمكاتب وهى للسيد تحقق كحق الغريم على رجل تصدق عليه (قال) ومن أين أدى المكاتب إلى سيده حلالا له فعليه أن يقبله ويجبر على قبوله إلا أن يعلم أنه أدى إليه من حرام فلا يحل قبول الحرام (قال) فإن قال المكاتب
كسبته من حلال جبر الحاكم سيده على أخذه أو إبرائه منه ولا يحل لسيده أخذه إذا علمه من حرام فإن سأل سيد العبد الحاكم إحلاف مكاتبه ما أصابه من حرام فعلى الحاكم أن يحلفه فإن نكل وحلف السيد لقد أصابه من حرام لم يجبره على أخذه وقال للمكاتب أد إليه من حلال أو من شئ لا نعرفه حراما فإن فعل جبره على أخذه وإلا عجزه إن شاء سيده (قال) ولا يجبره إلا على أخذ الذى كاتبه
__________
(1) قوله: فهل هذا لم يبن أن أوجب الخ، كذا بالاصل، والمقام يعطى أن يكون الصواب (فبهذا لم يبن لى أن اوجب الخ) أو (فهل هذا لم يبن أن لا أوجب الخ) اه مصححه.(8/34)
عليه إن كاتبه على دنانير لم يجبره على أخذ دراهم وإن كاتبه على عرض لم يجبره على أخذ دراهم وإن كاتبه على عوض لم يجبره على أخذ قيمته ولكنه لو كاتبه على دنانير جياد فأدى إليه من رأسه مثاقيل جياد أجبره على أخذها لان اسم الجودة يقع عليها وعلى ما دونها وهى تصلح لما لا تصلح له الجياد غيرها من دنانير أو دراهم مما يقع عليه اسم الجودة ولو كاتبه على دنانير جدد جياد من ضرب سنة كذا فأدى إليه خيرا منها من ضرب غير تلك النسة فإن كانت الدنانير التى شرط تنفق ببلده ولا ينفق بها الذى أعطاه لم يجبر عليها وإن كانت خيرا وهكذا هذا في التمر والعروض ولو كاتبه بتمر عجوة فأدى إليه صيحانيا وهو خير من العجوة لم يجبر على أخذه ويجبر على عجوة أجود من شرطه بجميع صفته ويزيد الفضل على ما بيع عليه صفته إلا أن يكون يصلح شرطه لغير ما يصلح له ما أعطاه أو ينفق ببلده ولا ينفق به ما أعطاه.
تفسير قوله عزوجل (وآتوهم من مال الله الذى آتاكم) أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي رضى الله تعالى عنه قال أخبرنا الثقة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كاتب عبدا له بخسمة وثلاثين ألفا ووضع عنه خمسة آلاف أحسبه قال من آخر نجومه (قال الشافعي) وهذا والله تعالى أعلم عندي مثل قول الله عزوجل (وللمطلقات متاع بالمعروف) فيجبر سيد المكاتب على أن يضع عنه مما عقد عليه الكتابة شيئا وإذا وضع عنه شيئا ما كان لم يجبر على أكثر منه فإن مات قبل أن يضع عنه جبر ورثته على ذلك فإن كانوا صغارا وضع عنه الحاكم أقل ما يقع عليه
اسم الشئ من كتابته وما زاد سيد المكاتب أو ورثته إذا كانت أمورهم جائزة فهم متطوعون به فإن قيل فلم جبرت سيد المكاتب على أن يضع عنه ولم تجبره على أن يكاتبه ؟ قيل لبيان اختلافهما فإنه إذا كاتبه ممنوع من ماله وما أعطاه له دون ما كان مكاتبا وهو إذا كان رقيقا لا يمنع من ماله ولم يخرج من رقه وما ملك العبد فإنما يملكه لسيده وما ملك العبد بعد الكتابة ملكه العبد دونه (قال) وإذا أدى المكاتب الكتابة كلها فعلى السيد أن يرد عليه منها شيئا فإن مات فعلى ورثته وإن كان وارثه موليا أو محجورا عليه في ماله أو كان على الميت دين أو وصية جعل للمكاتب أدنى الاشياء يحاصصهم به وإذا أدى المكاتب كتابته ثم مات سيده وأوصى إلى أحد دفعه إلى المكاتب فإن لم يكن له ولى فعلى الحاكم أن يوليه من رضيه له ويجبره على أن يعطيه أقل الاشياء وإن مات المكاتب وسيده وقد أدى فعلى الورثة من هذا ما كان على سيد المكاتب حتى يؤدوه من مال سيد المكاتب فإن كان على سيد المكاتب دين لم يكن لهم أن يحاصوا أهل الدين إلا بأقل ما يقع عليه اسم شئ وإن كانوا متطوعين بما هو أكثر منه من أموالهم لم يحاص به المكاتب ولم يخرجوه من مال أبيهم لانه لم يكن يلزمه إلا أقل الاشياء فإذا أخرجوا الاقل لم يضمنوا لانه لا شئ له غيره وإن مات سيد المكاتب فأعطى وارثه المكاتب أكثر من أقل ما يقع عليه اسم الشئ كان لمن بقى من الورثة رده وكذلك يكون لاهل الدين والوصية لانه متطوع له بأكثر من أقل ما يقع عليه اسم الشئ من مال ليس له دون غيره وهكذا سيده لو فلس فأما لو أعطاه سيده شيئا ولم يفلس أو وضعه عنه فهو جائز له والشئ كل ماله ثمن وإن قل ثمنه فكان أقل من درهم وإن كاتبه على دنانير فأعطاه حبة ذهب أو أقل مما له ثمن جاز وإن كاتبه على دراهم فكذلك ولو أراد أن يعطيه ورقا من ذهب أو ورقا من شئ كاتبه عليه لم يجبر العبد على قبوله إلا أن يشاء ويعطيه مما أخذ منه لان(8/35)
قوله (من الله الذى آتاكم) يشبه والله تعالى أعلم آتاكم منه فإذا أعطاه شيئا غيره فلم يعطه من الذى أمر أن يعطيه ألا ترى أنى لا أجبر أحدا له حق في شئ أن يعطاه من غيره ؟ من تجوز كتابته من المالكين أخبرنا الربيع قالن أخبرنا الشافعي قال وإنما خاطب الله عزوجل والله تعالى أعلم.
بالفعل في
المماليك من كان ملكه ثابتا في المماليك وكان غير محجور فليس يكون هكذا إلا حر بالغ غير محجور وإذا كاتب الحر المحجور عبده ثم أطلق عنه الحجر فإن كاتبته باطلة إلا أن يكون جددها بعد إطلاق الحجر والحرة البالغة في الرشد والحجر كالحر لا يختلفان ولو كاتبه قبل أن ينطلق عنه الحجر ثم أطلق عنه الحجر ثم تأداه الكتابة كلها لم يعتق إلا أن يكون جدد الكتابة بعد إطلاق الحجر أو قال بعد إطللاق الحجر إذا أديت إلى كذا فأنت حر فيعتق بهذا القول لا بأداء الكتابة كلها كما لو قال هذا لعبد له إن دخلت الدار فأنت حر فدخلها بعد إطلاق الحجر عن السيد لم يعتق حتى يجدد يمينا أو عتقا بعد إطلاق الحجر ولو ادعى عبد على سيده أنه كاتبه فقال كاتبتك وأنا محجور وقال العبد كاتبتني وأنت غير محجور فالقول قول العبد وعلى السيد البينة وإذا كاتب السيد عبده وهو غير محجور ثم حجر على السيد أو عبده كانت الكتابة على السيد ثابتة ويستأدى وليه الكتابة وإذا أدى العبد فهو حر (قال) ولو كاتب رجل عبده وهو مبرسم أو به ألم أو عارض غالب على عقله أو مزيل له وإن لم يغلب عليه حين كاتبه فالكتابة باطلة لانه في هذه الحال لو أعتقه لم يجز عتقه فإن أفاق فأثتبه عليها فالكتابة باطلة حتى يجددها له في الوقت الذى لو أعتقه فيه جاز عتقه أو باعه جاز بيعه وإذا كاتب الرجل عبده وهو غير محجور ثم غلب على عقله فالكتابة ثابتة إنما أنظر إلى عقدها فإذا كان صحيحا أثبته وإذا كان غير صحيح لم أثبته بحال يأتي بعده.
كتابة الصبى (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وإذا كاتب الصبى عبده لم تجز كتابته بإذن أبيه كانت الكتابة أو قاض أو وليه وكذلك لو أعتقه على مال يأخذه منه لان الصبى ممن لا يجوز عتقه وإذا كاتب الصبى عبد قبل البلوغ ثم بلغ فأثبته على الكتابة لم تجز الكتابة إلا أن يجدها بعد البلوغ والرشد.
موت السيد أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رضى الله تعالى عنه وإذا كاتب الرجل عبده ثم مات السيد فالكتابة بحالها وإذا كاتبه ثم أفلس فالكتابة بحالها ولو كاتبت أم ولد أو مدبر مملوكا لهما لم تجز الكتابة ولو أخذا جميعها لم يعتق لانهما مما لا يجوز بيعه ولا عتقه وإذا كاتب المكاتب عبده لم تجز كتابته ولو أخذ الكتابة
لم يعتق لانه ممن لا يجوز عتقه ولا يثبت له ولاء كان ذلك نظرا منه لنفسه أو لم يكن وكذلك لو أخذ من العبد عاجلا في أول كتابته مثل قيمته مرارا لان كسب عبده له وليس له أن يخرج عبده منه بعتق ولا يمنع نفسه ماله.(8/36)
كتابة الوصي والاب والولى (قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه وليس لاب الصبى ولا لولى اليتيم وصيا كان أو مولى أن يكاتب عبده بحال لان الكتابة لا نظر فيها للصغير ولا للكبير ألا ترى أن العبد المكاتب إذا كان ذا مال أو أمانة واكتساب كانت رقبته وماله واكتسابه للصبى والمولى وإن كان غير ذى أمانة لم يكن النظر أن يمنع بيعه واجارته وأرش الجناية عليه ويكاتب على نجوم (1) تمنع في مدتها لها من منفعته ثم لعله أن لا يؤدى ما عليه وإن قيل فقد ينصح ويكتسب إذا كوتب نصيحة لا ينصحها عبدا قبل فان كانت نصيحته بمال يؤديه عنده فأتطلبه فهو للصبى والمولى عليه ولا يمنع رقبة العبد ولا منفعته وإن كانت نصيحته اكتسابا فأجره فإن خبث أدبه فإن قيل فقد يخالف أن يأبق إن لم يكاتب قبل ولا يؤمن عليه إذا كوتب أن يقيم حتى إذا تقارب حلول نجمه أبق فليست الكتابة نظرا بحال وإنما أجزناها على من يلى ماله لانه لو أعتق جاز فإن كاتب أبو الصبى أو ولى اليتيم أو المولى فالكتابة باطلة وإن ادى العبد أو أعتقه فالعبد رقيق بحاله وما يؤدى منه حلال لسيده وإن أعطى من سهم الرقاب رجع الوالى عليه فأخذه ممن صار إليه لانه ليس من الرقاب وإذا باعه من أجنبي فاستوفى قيمته أو ازداد أو باعه بما يتغابن الناس بمثله في نظر المولى لعتق أو غيره جاز البيع من قبل أنه يملك على المشترى من ماله بالعبد للمولى ما لم يكن للمولى يملك وهو لا يملك علين المكاتب شيئا لم يكن المولى يملكه لان ملكه على رقبته وماله وكسبه فيما يستأنف واحد وهكذا ليس لولى الصبى أيا كان أو غيره أن يعتق عبده على مال يعطيه إياه العبد إن أعطاه وقبض المال من العبد أو أعتقه عليه فالمال للمولى والعتق باطل وليس لولى المولى أبا كان أو غيره أن يبيعه من أحد بدين فإن باعه بدين فالبيع مفسوخ ولو أعتقه الذى اشتراه كان العتق مردودا وفى عتق الاب والولى عبد المولى عليه على مال أو مكاتبته معنى بأن لا يجوز أن يكون الولاء إلا للمعتق والمولى غير معتق
والمعتق غير مالك ولا يجوز العتق لغير مالك وإن كان المولى بالغا فأذن بذلك لوليه لم يجز لانه في حكم الصغير في أن لا يجوز أمره في ماله حتى يجمع البلوغ والرشد وإذا كان العبد بين محجور عليه بالغ أو صبى وبين رجل يلى نفسه لم تجز كتابته أذن المحجور ووليه أم لم يأذنا وإذا أدى عتق نصيب غير المحجور ويراجع هو والعبد بنصف قيمة العبد وعتق كله عليه إن كان موسرا وضمن للمحجور نصف قيمة العبد مملوكا ولا يرجع على المحجور بشئ أخذه منه لانه أخذ من عبده.
من تجوز كتابته من المماليك أخبرنا الربيع قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولا يجوز أن يكاتب الرجل عبدا له مغلوبا على عقله ولا عبدا له غير بالغ لانه إذا كان عن معقولا عن الله عزوجل أنه إنما خاطب بالفرائض البالغين غير المغلوبين على عقولهم فالكتابة إذا كانت فريضة للعبد لازمة على سيده وللسيد على عبده فيها أداء الامانة والوفاء وليس الصغير ولا المغلوب على عقله ممن يلزمه فرض بقوله كما لا يحد بقوله ولا يؤخذ بإقراره على نفسه في شئ لله ولا للناس (قال الشافعي) وكذلك لا يجوز أن يكاتب أبو المعتوه والصبى
__________
(1) قوله (تمنع في مدته لها الخ) كذا بالاصل ولعله (تمنع في سعيه لها الخ) وحرر كتبه مصححه.(8/37)
عنهما ولا أمهما إن كانا مملوكين وكاتبا على أنفسهاما أو عليهما دون أنفسهما لانه لا يجوز أن يحمل العبد لسيده بشئ خلا الكتابة التى أذن الله عزوجل بها التى هي سبب فكاك رقه فأما أن يحمل عن غير فلا وكذلك لو كان أبواهما حرين فكاتبا عنهما على نجوم وضمنها الابوان فشرط السيد أنهما مملوكان حتى يؤديا إليه هذا المال لم تجز الكتابة وإن أديا إليه عنهما عتقا كما يعتق المكاتب بأداء الكتابة الفاسدة ويأخذ السيد قيمة المعتق منهما ويتراجعون كما وصفت في الكتابة الفاسدة والعبد كالحر في اليمين وليس لابويهما إذا أتقا أن يرجعا على السيد بما أعطياه على عتقهما كما ليس لهم لو قالا أعتق عبدك على مائة فأعتقه أن يرجعا كما لو أعطياه مائة أو ضمناها له على أن يعتقه فأعتقه لم يكن لهمنا أن يرجعا ولهما أن يرجعا في الضمان له ما لم يعتقه وكذلك في الباب الاول يرجعان ما لم يعتقا (قال) وإذا أراد أبواهما أن يجوز هذا اشتريا هما بنقد أو دين إلى أجل أو حال فإذا فعلا لزمهما المال وكان الابنان حرين بملك الابوين لهما
وكذلك الاجنبيون في هذه المسائل كلها إلا أن الاجنبيين إذا اشتروهما لم يعتقا حتى يحدثوا لهما عتقا ولو كاتب رجل على نفسه وابن له صغير كانت الكتابة باطلة وكذلك على نفسه وابن له معتوه أو بالغ غير معتوه غائب وكذلك لو كاتب رجل على نفسه وما ولد له من غير أمة له لم يجز هذا وإذا كاتب العبد بالغا صحيحا ثم غلب العبد على عقله لم يكن للسيد أن يعجزه حتى يحل نجم من نجومه فإذا حل لم يكن له تعجيزه لانه لا يعرب عنه نفسه بحال حتى يأتي الحاكم ولا ينبغى للحاكم أن يعجزه حتى يسأل عن ماله فإن وجد له مالا يؤدى إلى سيده منه الكتابة أداها وأنفق عليه من فضله وإن لم يجد له ما يودى عنه الكتابة أو النجم الذى حل عليه منها عجزه فإن عجزه ثم أفاق فدل على مال له أو دل عليه الحاكم قبل إفاقته أبطل التعجيز لسيده ولم يرد التعجيز ولو وجد الحاكم له في ذهاب عقله ما يؤدى عنه كتابته فأداه عتق وإن لم يجد له مالا ولم يجد له نفقة ولا أحدا يتطوع بأن ينفق عليه عجزه وألزم السيد نفقته ولا يلزم السيد نفقته بحال حتى يقتضى عليه بالعجز فإذا وجد له مالا كان قبل التعجيز فك التعجيز عنه ويرد السيد عليه بنفقته في ذلك المال مع كتابته (قال) ويبين ما وصفت في كتاب تعجيزه إياه، ولو غلب المكاتب على عقله وأدى عنه السلطان كان على الكتابة لانه يؤدى عنه من حقه إذا أدى عنه رجل متطوعا فعلى الحاكم قبول ذلك للمكاتب حتى يصير مالا له ثم يعطيه سيده وليس على السيد قبوله إلا أن يقول المتطوع عنه قد ملكته إياه فيلزم السيد قبوله عن المكاتب لان المكاتب لا يعرب عن نفسه فإن أبى السيد أن يقبله عنه وخفى ذلك على القاضى فعجزه ثم علمه رد تعجيزه وأخذ بما تطوع به عليه إن أعطاه المتطوع فإن لم يعطه لم يخبره الحاكم عليه.
كتابة النصراني (أخبرنا الربيع) قال (قال الشافعي) رضى الله عنه: إذا كاتب الرجل النصراني عبده على ما يجوز للمسلم أن يكاتب عبده عليه فالكتابة جائزة وإن ترافعا إلينا أنفذناها فإن كاتب عبده ثم أسلم العبد فهو على الكتابة إلا أن يشاء أن يعجزه فإن شاء العجز بعناه عليه وكذلك أمته يكاتبها ثم تسلم إن شاءت العجز بعناها وإن لم تشأه أثبتنا الكتابة وإن أسلم السيد والعبد نصراني بحاله فالكتابة بحالها، وكذلك لو أسلما جميعا ولو كاتب نصراني عبدا له نصرانيا على خمر أو خنزير أو شئ له ثمن عندهم
محرم عندنا فجاءنا السيد يريد إبطال الكتابة والعبد يريد إثباتها أو العبد يريد إبطالها والسيد يريد إثباتها(8/38)
أبطلناها لانهما جاءانا (قال) ونبطلها ما لم يؤد المكاتب الخمر أو الخنزير وهما نصرانيا فإذا أدى الخمر أو الخنزير وهما نصرانيان ثم ترافعا إلينا أو جاءنا أحدهما فقد عتق ولا يراد واحد منهما على صاحبه بشئ لان ذلك مضى في النصرانية بمنزلة ثمن خمر بيع عندهم، ولو كاتبه في النصرانية بخمر فأداها إلا قليلا ثم أسلم السيد والعبد بحاله فجاءانا أبطلنا المكاتبة كأنه ليس له أن يأخذ خمرا وهو مسلم، وكذلك لو أسلم العبد ثم جاءنا السيد والعبد أبطلنا المكاتبة كأنه ليس لمسلم أن يؤدى خمرا، وكذلك لو أسلمنا جميعا، وكذلك لو لم يسلم واحد منهما وجاءنا أحدهما أبطلنا المكاتبة لانه ليس لمسلم أن يقتضى خمرا (قال) ولو اسلم السيد والعبد أو أحدهما وقد بقى على العبد رطل خمر فقبض السيد ما بقى عليه عتق العبد بقبضه آخر كتابته ورجع السيد على العبد بجميع قيمته دينا عليه لانه قبضها وليس له ملكها إن كان هو المسلم، وكذلك إن كان العبد المسلم فليس له قبضها منه ولا لمسلم تأديتها إليه، ولو أن نصرانيا ابتاع عبدا مسلما أو كان له عبد نصراني فأسلم ثم كاتبه بعد أسلام العبد على دنانير أو دراهم أو شئ تحل الكتابة المسلمين عليه أولا تحل ففيها قولان.
أحدهما أن الكتابة باطل لانها ليست بإخراج له من ملكه تام ومتى ترافعوا إلينا رددناها وما أخذ النصراني منه فهو له لانه أخذه من عبده فإن لم يترافعوا حتى يؤديها العبد المكاتب عتق وتراجعا بفضل قيمة العبد إن كان ما قبض منه النصراني أقل من قيمته رجع على العبد بالفضل وإن كان ما أدى إليه العبد أكثر من القيمة رجع على النصراني بالفضل عن قيمته ولو كاتبه بخمر أو خنزير أو شئ لا ثمن له في الاسلام يعد ما أسلم العبد كانت الكتابة فاسدة فإن أداها العبد عتق بها ورجع عليه النصراني بقيمة تامة لانه لا ثمن للخمر الذى دفع إليه ولو كانت المكاتبة للنصراني جارية كانت هكذا في جميع المسائل ما لم يطأها فإن وطئها فلم تحمل فلها مهر مثلها وإن وطئها فحملت فأصل كتابتها صحيح وهى بالخيار بين العجز وبين أن تمضى على الكتابة فإن اختارت المضى على الكتابة فلها مهر مثلها وهى مكاتبة ما لم تعجز وإن اختار العجز أو عجزت جبر على بيعها ما لم تلد فإن ولدت له فالولد مسلم حر بإسلامها لا سبيل عليه لانه من مالكها
وإن مضت على الكتابة فمات النصراني فهى حرة بموته ويبطل عنها ما بقى عليها من الكتابة ولها مالها ليس لورثته منه شئ لانه كان ممنوعا من مالها بالكتابة ثم صارت حرة فصاروا ممنوعين منه بحريتها وإن ولدت وعجزت أخذ بنفقتها وحيل بينه وبين إصابتها فإذا مات فهى حرة وتعمل له ما تطيق وله ما اكتسبت وجنى عليها.
والقول الثاني: أن النصراني إذا كاتب عبده المسلم بشئ يحل فالكتابة جائزة فإن عجز بيع عليه، وكذلك إذا اختار العجز بيع عليه وإذا أدى عتق وكان للنصراني ولاؤه لانه مالك معتق وإذا كاتبه كتابة فاسدة بيع ما لم يؤد فيعتق فإن أدى فعتق بالاداء فهو حر وولاؤه للنصراني ويتراجعان بقيمة العبد مملوكا وتكون للنصارنى عليه دينا (قال) وجناية عبد النصراني والجناية عليه وولده وولد مكاتبته في الحكم إذا ترافعوا إلينا مثل جناية مكاتب المسلم والجناية عليه وولده لا يختلفون في الحكم.
كتابة الحربى (قال الشافعي) رضى الله عنه: وإذا كاتب الحربى عبده في بلاد الحرب ثم خرجا مستأمنين أثبت الكتابة بينهما إلا أن يكون السيد أحدث لعبده قهرا على استعباده وإبطال الكتابة فإذا فعل(8/39)
فالكتابة باطلة ولو كاتب مسلم في بلاد الحرب والعبد مسلم أو كافر كانت الكتابة ثابتة كهى في بلاد الاسلام ولو أحدث له المسلم قهرا بطل به الكتابة أو أدى إلى المسلم فأعتق والعبد مسلم أو كافر ثم قهره المسلم فسباه لم يكن له ذلك وكان حرا لان الكتابة أمان له منه إن كان كافرا وعتق تام إن كان مسلما أو كافرا ولو كان العبد كافرا فيعتق بكتابة المسلم ثم سباه المسلمون لم يكن رقيقا لان له أمانا من مسلم بعتقه إياه ولو كان أعتقه كافر بكابتة أو غير كتابة فسباه المسلمون كان رقيقا لانه لا أمان له من مسلم فالذي أعتقه نفسه يسترق إذا قدر عليه ولو أن حربيا دخل إلينا بأمان فكاتب عبده عندنا والعبد كافر فأراد أن يخرج به إلى بلاد الحرب وتحاكما إلينا منعته من إخراجه ووكل من يقبض نجومه فإذا أدى عتق وكان ولاؤه للحربى وقيل له إن أردت المقام في بلاد الاسلام فأسلم أو أد الجزية إن كنت ممن تؤخد منه الجزية وإنما تركناك تقيم في بلاد الاسلام للامان لك وإنك مال لا جزية عليك ولو كاتب الحربى
عبدا له في بلاد الاسسلام أو الحرب ثم خرجا مستأمنين ثم لحق السيد بدار الحرب فقتل أو مات فالمكاتب بحاله يؤدى نجومه فإذا قبضت دفعت إلى ورثة الحربى لانه مال له كان له أمان ولو لم يمت السيد ولم يقتل ولكنه سبى والمكاتب ببلاد الاسلام لم يعتق المكاتب ولم تبطل كتابته بسبب السيد ولو سبى سيد المكاتب لم يتبطل الكتابة وكان المكاتب مكاتبا بحاله فإن أدى فعتق نظرت إلى سيده الذى كاتبه فإن كان قتل حين سبى أو من عليه أو فودى به فولاؤه لسيده الذى كاتبه وإن كان استرق فمات رقيقا لم يكن له ولاوه وعتق المكاتب وكان لا ولاء له ولا يجوز أن أجعل الولاء لرقيق وإذا لم يجز أن يكون الولاء له لم يجز أن يكون الولاء لاحد بسببه ولد ولا سيد له ولو أعتق سيد المكاتب بعدما استرق كان ولاؤه له لانه قد اعتقه وصار ممن يصلح أن يكون له ولاء بالحرية فإن قيل فكيف تجعل الولاء إذا أعتق سيده لسيد له وقد رق ؟ قيل بابتداء كتابته كما أجعل ولاء المكاتب يكاتبه الرجل ثم يموت السيد فيعتق المكاتب بعد موت سيده بسنين لسيده لانه عقد كتابته والكتابة جائزة له ولو لم يدع الميت شيئا غيره والميت لا يملك شيئا فإن قيل فكيف لم تبطل كتابته حين استرق سيده ؟ قيل لانه كاتبه والكتابة جائزة ولا يبطلها حادث كان من سيده كما لا تبطل الكتابة بموت السيد ولا إفلاسه ولا الحجر عليه، فإذا كاتب الحربى يعبده في بلاد الاسلام ورجع السيد إلى دار الحرب فسبى وأدى المكاتب الكتابة والحربي رقيق أو قد مات رقيقا فالكتابة لجماعة أهل الفئ من المسلمين لانه (3) لا يملك لها إذا بطل أن يملك سيد المكاتب وإذا لم يجز بأن صار رقيقا بعد الحرية أن يملك مالا لم يجز أن يملكه عبد سيده له ولا قرابة ولو قتل اليسيد أو سبى فمن عليه قبل يجرى عليه رق أو فودى به لم يكن رقيقا في واحد من هذه الاحوال ورد ماله إلى سيده في بلاد الحرب كان أو في بلاد الاسلام فإن مات رد على ورثته وإن استرق سيد المكاتب ثم عتق ففيها قولان أحدهما أن يدفع إليه إذا مكاتبته، وإن مات قبل يدفع إليه دفع إلى ورثته لانه كان مالا موقوفا له لم يملكه مالكه عليه لانه مال كان له أمان فلم يجز أن نبطل أمانه ولا ملكه ما كان رقيقا ولا سيد دونه إذا لم يملكه هو فلما عتق كانت الامانة مؤداة إليه إذا كان مالكا فكان ممنوعا منها إذا كان إذا ضرب إليه ملكها غيره عليه كما ورث الله عزوجل الابوين فلما كان الابوان مملوكين لم يجز أن يورثا لانه يملك مالهما مالكهما ولو عتق الابوان قبل موت الولد ورثا فإن قيل فقد ملك
بعض هذا المال قبل عتق السيد قيل كان موقوفا ليس لاحد بعينه ملكه كما يوقف مال المرتد ليملكه هو أو غيره إذا لم يرجع إلى الاسلام، والقول الثاني أنه إذا جرى عليه الرق فما أدى المكاتب لاهل الفئ لانهم ملكوا ماله بأن صار غيره مالكا له إذا صار رقيقا ولو كان العبد لحق بدار الحرب فلم يحدث له(8/40)
السيد قهرا يسترقه به حتى خرجا إلينا بأمان فهو على الكتابة ولو لحق بدار الحرب وأدى المكاتب بها ولم يحدث له السيد قهرا وخرجا إلينا كان حرا ولو دخل إلينا حربى وعبده بأمان فكاتبه ثم خرج الحربى إلى بلاد الحرب ثم خرج عبده وراءه أو معه فأحدث له قهرا بطلت الكتابة وكذلك لو أدى إليه ثم استعبده ثم أسلما معا في دار الحرب كان عبدا له كما يحدث قهر الحر ببلاد فيكون له عبدا ولو دخل الحربي إلينا بأمان ثم كاتب عبده ثم خرج الحربى إلى بلاد الحرب ثم أغار المشركون على بلاد الاسلام فسبوا عبدا لحربي ثم استنقذه المسلمون كان على ملك الحربى لانه كان له أمان كما لو أغاروا على نصراني فاستعبدوه ثم استنقذه المسلمون كان حرا لانه كان له أمان وكذلك لو أغاروا على الحربى ببلاد الاسلام وقد دخل بأمان فسبوه فاستنقذه المسلمون كان له أمانه ولو أقام مكاتب الحربى في أيديهم حتى يمر به نجم لا يؤديه كان للحربى إن كان في بلاد الاسلام أو بلاد الحرب أن يعجزه فإن عجزه بطلت الكتاب وإن لم يعجزه فهو على الكتابة، وهذا كله إذا كانت كتابته صحيحة فأما إذا كانت كتابته فاسدة بشرط فيها أو كاتبه على حرام مثل الكتابة على الخمر والخنزير وما أشبه هذا فإذا صار إلى المسلمين فرده مولاه أفسدوا الكتابة.
كتابة المرتد من المالكين والمملوكين (قال الشافعي) رضى الله عنه إذا ارتد الرجل عن الاسلام فكاتب عبده قبل أن يقف الحاكم ماله فكتابته جائزة وكذلك، كل ما صنع في ماله فأمره فيه جائز كما كان قبل الردة فإذا وقف الحاكم ماله حتى يموت أو يقتل على الردة فيضير ماله يومئذ فيئا أو يتوب فيكون على ملكه لم تجز كتابته وإذا كاتب المرتد عنده أو كاتبه قبل يرتد ثم ارتد فالكتابة ثابتة قال ولا أجيز كتابة السيد المرتد ولا العبد المرتد عن الاسلام إلا عن ما أجيز كتابة المسلم وليس ولاء واحد منهما كالنصرانيين ومن لم يسلم قط فيترك على
ما استحل في دينه ما لم يتحاكم إلينا ولو تأدى السيد المرتد من مكاتبه المسلم أو المرتد كتابة حراما عتق بها ورجع عليه بقيمته وكذلك كل كتابة فاسدة تأداها منه عتق بها وتراجعا بالقيمة كما وصفت في الكتابة الفاسدة ولو لحق السيد بدار الحرب وقف الحاكم ماله وتأدى مكاتبته فمتى عجز فللحاكم رده في الرق ومتى أدى عتق وولاؤه للذى كاتبه وإن كان مرتدا لانه المالك العاقد للكتابة وإذا عجز الحاكم المكاتب فجاء سيده تائبا فالتعجيز تام على المكاتب إلا أن يشاء السيد والعبد أن يجدد الكتابة وإذا وقف الحاكم ماله نهى مكاتبه عن أن يدفع إلى سيده شيئا من نجومه فإذا دفعها إليه لم يبرئه منها وأخذه بها، ولو أن رجلا كاتب عبدا له فارتد العبد المكاتب وهو في دار الاسلام أو لحق بدار الحرب فهو على الكتابة بحالها لا تبطلها الردة وكذلك لو كان العبد ارتد أولا ثم كاتبه السيد وهو مرتد كانت الكتابة جائزة أقام العبد في بلاد الاسلام أو لحق بدار الحرب فمتى أدى الكتابة فهو حر وولاؤه لسيده ومتى حل نجم منها وهو حاضر أو غائب ولم يؤده فليسده تعجيزه كما يكون له في المكاتب غير المرتد، وإذا قتل على الردة أو مات قبل أداء الكتابة فماله لسيده ولا يكون مال المكاتب فيئا بلحوقه بدار الحرب لان ملكه لم يتم عليه وما ملك المكاتب موقوف على أن يعتق فيكون له أو يموت فيكون ملكا لسيده وسواء ما اكتسب ببلاد الحرب أو بلاد الاسلام فان مات أو قتل وهو مكاتب فهو ملك لسيده(8/41)
المسلم الذى كاتبه لا يكون فيئا ولا غنيمة ولو أوجف عليه بخيل أو ركاب لانه ملك للسيد المسلم ولو ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب بشئ فوقع في المقاسم أو لم يقع فهو لسنده وماله كله وكذلك لو أسر ثم سبى كان لسيده (قال الشافعي) فإن ادى فعتق وهو مرتد ببلاد الحرب فسبى فهو وماله غنيمة لانه قد تم ملكه على ماله غير أنه إن ظفر به وهو مكاتب أو حر استتيب فإن تاب وإلا قتل مكاتبا وماله للسيد وإن عرض قبل أن يقتل أن يدفع إلى سيده ماله مكانه أجبر سيده على قبضه وعتق وقتل وكان ماله فيئا وان لم يدفع حتى يقتل فماله كله لسيده إذا كان سيده مسلما ولو كان السيد المرتد والمكاتب المسلم فإن عجز المكاتب وقتل السيد أو مات على الردة فالمكاتب وماله فئ لانه مال للمرتد وإذا أدى فعتق فما أدى من الكتابة فمال المرتد يكون فيئا وما بقى في يده فمال العبد الذى عتق بالكتابة لا يعرض له وإذا
كاتب الرجل عبده ثم ارتد عن الاسلام فما قبض في ردته من كتابته قبل يحجر عليه فالمكاتب منه برئ وما قبض بعد الحجر منه فللوالى أخذه بنجومه ولا يبرئه منه فإن أسلم المولى وقد أقر بقبضه منه أبرأه الوالى فما قبض المولى منه إن كان قبض منه في الردة نجما ثم سأله الوالى ذلك النجم فلم يعطه إياه فعجزه وأسلم المرتد ألغى التعجيز عن المكاتب لانه لم يكن عاجزا حيث دفع إلى سيده وهو يخالف المحجور في هذا الموضع لان وقف الحاكم ماله إنما كان توفيرا على المسلمين إن ملكوه عنه بأن يموت قبل يتوب ولم يكن عليه ضرر وتاب في وقفه عنه ألا ترى أنه ينفق عليه منه ويقتضى منه دينه وتعطى منه جنايته وهذا دليل على أنه في ملكه وإذا ارتد العبد عن الاسلام وكاتبه سيده جازت كتابته فإن لحق بدار الحرب ومعه عبد آخر في الكتابة أخذت من الآخر حصته وعتق من الكتابة بقدره ولم يؤخذ من حصة المرتد شئ وكذلك الامة المرتدة تكاتب فإن ولدت في الكتابة فمتى عجزت فولدها رقيق ومتى عتقت عتقوا وإذا سبى مكاتبن مسلم فسيده أحق به وقع في المقاسم أو لم يقع وإن اشتراه رجل في بلاد الحرب بإذنه رجع عليه بما اشتراه به إلا أن يكون أكثر من قيمته وإن اشتراه بغير إذنه لم يرجع عليه بشئ وإذا كاتب العبد وهو في بلاد الحرب فخرج العبد مسلما وترك مولاه بها مشركا فهو حر ولا كتابة عليه وكذلك لو خرج مسلما وهو مكاتب فإن كان سيده مسلما في بلاد الحرب فلا يعتق بخروجه وهو على ما كان عليه في بلاد الحرب ولو خرج سيد المكاتب بعده بساعة لم يرد في الرق ولم يكن له ولاؤه لانه لم يعتق ولو كاتب مسلم عبدا له مسلما فارتد قبل السيد ثم ارتد السيد أو ارتد السيد ثم ارتد العبد أو ارتدا معا فسواء ذلك كله والكتابة بحالها فإن أدى المكاتب إلى السيد قبل أن يتوقف ماله عتق وسواء رجع المكاتب إلى الاسلام أو لم يرجع إذا أدى إلى السيد في أن يعتق العبد بالاداء وكل حال، وكذلك سواء رجع السيد إلى الاسلام أو لم يرجع في أن يعتق العبد بالاداء ولو جاء العبد إلى الحاكم فقال هذه كتابتي فاقبضها فإن سيدى قد ارتد لم يكن له أن يعجل بقبضها حتى ينظر فإن كان مرتدا قبضها وأعتقه ووقفها فإن رجع سيده إلى الاسلام إليه الكتابة وإن لم يرجع حتى مات أو قتل على الردة كانت الكتابة فيئا كسائر ماله.
العبد يكون للرجل نصفه فيكاتبه ويكون له كله فيكاتب نصفه
(قال الشافعي) رضى الله تعالى عنه: وإذا كان العبد نصفه حرا ونصفه لرجل فكاتب الرجل نصفه فالكتابة جائزة لان ذلك جميع ما يملكه منه وما بقى غير مملوك لغيره ولو كان له نصف عبد(8/42)
ونصفه حر فكاتب العبد على كله كانت الكتابة باطلة وكان شبيها بمعنى لو باعه كله من رجل لانه باعه ما يملك وما لا يملك فإن أدى المكاتب الكتابة على هذه الكتابة الفاسدة عتق وتراجعا في نصفه كما وصفت في الكتابة الفاسدة ولو كان له نصصفه فكاتبه على ثلثيه كانت الكتابة فاسدة لانه كاتبه على مالا يملك منه فإذا كاتبه على ما يملك منه وما بقى منه حر بأن عتق جاز نصفا كان أو ثلثا أو أكثر فإذا كاتبه على ما هو أقل مما يملك منه فالكتابة باطلة كالرجل يكون له العبد فيكاتب نصفه (قال) ولو كان لرجل نصف العبد ولرجل نصفه قد دبره أو أعتقه إلى أجل أو أخدمه أو كان في ملكه لم يحدث فيه شيئا فكاتبه شريكه لم تجز الكتابة وإنما منعنى إذا كان العبد بكماله لرجل فكاتب نصفه أو جزءا منه أن الكتابة ليست بعتق بتات فأعتقه كله عليه بالسنة ولا يجوز أن أجعله مكاتبا كله وإنما أكاتب نصفه فليس العبد في ملكه بحال فأنفذ الكتابة لان العبد إذا كوتب منع سيده من ماله وخدمته وإذا كاتب نصفه لم يستطع منعه من ماله وخدمته ونصفه غير مكاتب وإذا قاسمه الخدمة لم يتم للعبد كسب ولم يبن ما اكتسب في يوم سيده الذى يخدمه فيه وفى يومه الذى يترك فيه لكسبه وإذا أراد السفر لم يكن له أن يسافر لانه يمنع سيده يومه فلا يكون كسبه تاما فلذلك أبطلت الكتابة فيه (قال الشافعي) وإذا ترافعا إلينا قبل أداء الكتابة أبطلنا الكتابة وإذا أبطلناها فما أدى منها إلى سيده فهو مال وإذا لم يترافعا إلينا حتى يؤدى المكاتب عتق كله ورجع عليه السيد بنصف قيمته لانه إنما أخرج منه النصف على الكتابة الفاسدة فلا يرجع بأكثر من النصف لان النصف الثاني عتق عليه بإيقاعه العتق على النصف بالكتابة فكان كرجل قال لعبد له نصفك جر إذا أعطيتني مائة دينار فأعطاه إياها عتق العبد كله لانه مالك له وإذا أعتق منه شيئا عتق كله ولو كانت المسألة بحالها فمات السيد قبل يتأدى منه بطلت الكتابة ولو تأدى منه الورثة لم يعتق لانهم ليسوا بمالكه الذى قال له إذا أديت إلى كذا فأنت حر وكذلك كل كتابة فاسدة مات السيد قبل قبضها الورثة بعد موته لم يعتق المكاتب بها لما وصفت وما أخذوا منه فهو
مال لهم وهذا كعبد قال له سيده إن دخلت الدار فأنت حر فلم يدخلها حتى مات السيد ثم دخلها فلا يعتق لانه دخل بعدما خرج من ملكه وإذا كاتب الرجل عبد كتابة غير جائزة ثم باعه قبل الاداء فالبيع جائز لان الكتابة باطلة، وكذلك إذا وهبه أو تصدق به أو أخرجه من ملكه بأى وجه ما كان، وكذلك إذا أجره فالاجارة جائزة، وكذلك إذا جنى فهو كعبد لم يكاتب يخير في أن يفديه متطوعا أو يباع في الجناية.
العبد بين اثنين يكاتبه أحدهما (أخبرنا الربيع) قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى إذا كان العبد بين رجلين فليس لاحدهما أن يكاتبه دون صاحبه أذن أو لم يأذن لانه إذا لم يأذن له فشرط السيد لعبده في النصف الذى كاتبه على خمسين إبلا يعتق بأدائها لم يجز له أن يأخذ الخمسين حتى يأخذ شريكه مثلها فتكون كتابته على خمسين ولا يعتق إلا بمائة.
وإذا أخذ الخمسين فلشريكه نصفها ولا يعتق العبد بخمسة وعشرين وإنما أعتق بخمسين ولا يجوز أن يعتق بأداء خمسين لم تسلم لسيده الذى كاتبه (قال) وإذا أذن له أن يكاتبه فهو مثل أن لم يأذن له من قبل أن إرادته أن يكاتب نصفه لا تزيل ملكه عن نصفه هو وإذا لم يزل ملكه عن نصفه هو فليس للذى كاتبه أن يتأدى منه شيئا إلا وله نصفه ولو قال له تأداه ما شئت(8/43)
ولا شئ لى منه كان له الرجوع فيه من قبل أنه أعطاه مالا يملك من كسب العبد إذا كسبه العبد فإن أعطاه إياه حينئذ بعلم شريكه وكم هو وإذنه جاز له وله الرجوع ما لم يقبضه شريكه فأما قبل كسبه أو قبل علم الشريك وتسليمه فلا يجوز ولا يجوز أن يكاتبه بإذنه إلا أن يأذن له في كتابة العبد كله فيكون الشريك وكيلا لشريكه في كتابته فيكاتبه كتابة واحدة فتكون بينهما نصفين فإن كاتب رجل عبد بغير إذن شريكه على خمسين فأداها إليه فلشريكه نصفها ولا يعتق وإن أداها إلى سيده الذى كاتبه وأدى إلى سيده الذى لم يكاتبه مثلها عتق لانه قد أدى إليه خمسين سلمت ويتراجع السيد الذى كاتبه والمكاتب بقيمة نصفه لانه عتق بكاتبة فاسدة فإن كان ثمن نصفه أقل من خمسين رجع عليه العبد بالفضل على الخمسين وإن كان أكثر من خمسين رجع عليه السيد بالزائد على الخمسين ولو أراد
شريكه في العبد الذى لم يكاتب أن يمنع عتقه بأن يقول لا أقبض الخمسين لم يكن له وقبضت عليه لانه قد أدى إليه مثل ما أدى إلى صاحبه وإن كان السيد موسرا ضمن لشريكه نصف قيمته وكان العبد حرا كله لانه اعتق ما ملك من عبد ولآخر فيه شرك (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإن كان معسرا عتق نصيبه منه وكان المالك على نصيبه منه كما كان قبل الكتابة ولو أن شريكه حين أعتقن أعتق نصيبه منه كان العتق موقوفا فإن كان المعتق الاول موسرا فأدى قيمته إليه عتق عليه كله وكان له ولاؤه وإن كان معسرا عتق على الشريك ما أعتق منه وكان ولاؤه بينهما وهكذا لو كان العبد بين ثلاثة أو أربعة أو أكثر.
وإذا كان العبد بين اثنين فكاتبه أحدهما بإذن صاحبه أو بغير إذنه ثم كاتبه الآخر فالكتابة كلها فاسدة لان العقد الاول فاسد فكذلك العقد الثاني، ولا تجوز كتابة العبد بين الاثنين حتى يجتمعا جميعا على كتابته يجعلانها عقدا واحدا ويكونان شريكين فيها مستويى الشركة ولا خير في أن (1) لا يكون لاحدهما في الكتابة أكثر مما للاخر.
العبد بين اثنين يكاتبانه معا (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال: قلت لعطاء مكاتب بين قوم فأراد أن يقاطع بعضهم قال لا إلا أن يكون له من المال مثل ما قاطع عليه هؤلاء (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وبهذا نأخذ فلا يكون لاحد من الشركاء في المكاتب أن يأخذ من المكاتب شيئا دون صاحبه فإن أخذه فهو ضامن لنصيب صاحبه منه وشريكه بالخيار في أن يتبع المكاتب ويتبع المكاتب الذى دفع إليه أو يتبع المدفوع إليه ولا يبرأ المكاتب حتى يقبض كل من له فيه حق جميع حصته في كتابته وإذا كان العبد بين اثنين فكاتباه معا كتابة واحدة فالكتابة جائزة ليس لواحد منهما أن يأخذ منه شيئا دون صاحبه وما أخذ احدهما دون صاحبه فهو ضامن له حتى يؤديه إلى صاحبه وإن أدى إلى أحدهما جميع نصيبه دون صاحبه لم يعتق لانه لم يسلم له ما أدى إليه حتى يقبض صاحبه مثله أو يبرئ المكاتب من مثله فإن فعل عتق المكاتب ولو أذن أحدهما لصاحبه أن يقبض من المكاتب دونه فقبض جميع حصته ففيها قولان.
أحدهما: أن لا يعتق المكاتب لان لشريكه الرجوع عليه بما أخذ منه وإذنه له أن يقبض ما لم يكن في يدى السيد فيعطيه إياه إذنه بما
__________
(1) لعل (لا) زائدة من قلم الناسخ تأمل.(8/44)
ليس يملك فله الرجوع فيه.
والآخر: يعتق ويقوم عليه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا كان المكاتب بين اثنين فعجز عن نجم من نجومه فأراد أحدهما إنظاره وأن لا يعجزه وأراد الآخر تعجيزه فعجزه فهو عاجز والكتابة لكها مفسوخة ولا يكون لاحدهما إثبات الكتابة وللاخر أن يفسخها بالعجز كما لا يكون له أن يكاتب نصيبه منه دون صاحب، ولو أن عبدا بين رجلين فكاتباه معا على نجوم مختلفة فحل بعضها قبل بعض أو على نجوم واحدة بعضها أكثر من بعض كانت الكتابة فاسدة ولو أجزت هذا أجزت أن يكاتبه أخذهما دون الآخر وذلك أنهما في كسبه سواء فإذا لم يأخذ كل واحد منهما ما يأخذ صاحب لم يجز الكتابة وإذا أدى إليهما على هذا فعتق رجع كل واحد منهما عليه بنصف قيمته ورد إليه فضلا إن كان أخذه وتراجعا في فضل ما أخذ كل واحد منهما من العبد دون صاحبه.
وإذا كان العبد بين اثنين فقال أحدهما كاتبناه معا على ألف وقال الآخر على ألفين وادعى المكاتب ألفا تحالف المكاتب ومدعى الكتابة على ألفين وفسخت الكتابة ولو صدق المكاتب صاحب الالفين والالف فقال كاتبني أحدهما على ألف والآخر على ألفين فسخت الكتابة بلا يمين، ولو قال امكاتب بل كاتبانى جميعا على ألفين فإن صدقه صاحب الالف فالكتابة ثابتة وإن قال بل على ألف وحلف الذى ادعى ألفين فالكتابة مفسوخة ولو كاتباه معا على ألف فقال قد أديتها إلى أحدكما وصدقاه معا لم يعتق حتى يقبض الذى لم يؤد إليه خمسمائة من شريكه أو يبرئه منها فإذا قبضها أو أبرأه منها برئ وعتق العبد وذلك أن القابض الالف مستوف لنفسه خمسمائة لا تسلم له إلا بأن يستوفى صاحبه مثلها وهو في الخمس المائة الباقية كالرسول للمكاتب لا يبرأ المكاتب إلا بوصولها إلى سيده، ولو كاتباه على ألف فادعى أنه دفعها إليهما معا وأقر له أحدهما بجميع المال وأنكر الآخر أحلف المنكر فإذا حلف عتق نصيب الذى أقر من العبد ورجع على شريكه بنصف الخمسمائة ولم يرجع بها هو على العبد لانه يقر فيه أن العبد قد أدى إلى صاحبه ما عليه وأن صاحبه يأخذها منه بظلم ولا يعتق عليه النصف الباقي لان العبد يقر أنه يرئ من أن يعتق عليه يدعواه أنه عتق على صاحبه وإن أدى إلى صاحبه النصف الباقي عتق وإن عجز رد نصفه
رقيقا وكان كعبد لصاحبه نصفه فكاتبه فعجز (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولو أن مكاتبا بين رجلين أقر أحدهما أن المكاتب دفع اليهما نصيبهما فعتق وأنكر شريكه حلف شريكه ورجع على الذى أقر فأخذ نصف ما في يديه وتأداه الآخذ ما بقى من الكتابة كما وصفت في المسألة قبلها فإن أنكر المكاتب أن يكون دفع إلى المنكر شيئا لم يحلف ورجع المنكر على المقر فأخذ نصف ما أقر بقبضه منه ولو ادعى المكاتب مع هذا أنه دفع الكل إلى أحدهما فقال المدعى عليه بل دفعته إلينا معا حلف المدعى عليه وشركه صاحبه فيما أخذ وأحلفت الذى يبرئه المكاتب لشريكه لا للمكاتب فإن حلف برئ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا كان المكاتب بين اثنين فأذن أحدهما لصاحبه بأن يقبض نصيبه منه فقبض منه ثم عجز المكاتب أو مات فسواء ولهما ما في يديه من المال نصفين وإن لم ين استوفى المأذون له جميع حقه من الكتابة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإن كان المأذون له استوفى جميع حقه من الكتابة ففيها قولان، فمن قال يجوز ما قبض ولا يكون لشريكه أن يرجع فيشتركه فيه فنصيب شريكه منه حر ويقوم عليه إن كان موسرا وإن كان معسرا فنصيبه منه حر فإن عجز فجميع ما في يديه للذى بقى له فيه الرق وإنما جعلت ذلك له لانه يأخذ بما بقى من الكتابة إن كان فيه وفاء عتق به وإن لم يكن فيه وفاء أخذه بما بقى من الكتابة وعجزه بالباقي منه وإن مات فالمال بينهما نصفان يرثه ربه بقدر الجزية التى فيها ويأخذ هذا ماله بقدر العبودية فيه والقول الثاني لا يعتق ويكون لشريكه أن يرجع(8/45)
فيشركه فيما أذن له به وهو لا يملكه فأخذ الذى له على الحر وإذنه له بالقبض وغير إذنه سواء فإن قبضه ثم تركه فإنما هي هبة وهبها له تجوز إذا قبضها.
ما تجوز عليه الكتابة أخبرنا الربيع بن سليمان قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أذن الله عزوجل بالمكاتبة وإذنه كله على ما يحل، فلما كانت المكاتبة مخالفة حال الرق في أن السيد يمنع مال مكاتبه وأن مكاتبه يعتق بما شرط له سيده إذا أداه كان بينا أن المكاتبة لا تجوز إلا على ما تجوز عليه البيوع والاجارات بأن تكون بثمن معلوم إلى أجل معلوم وبعمل معلوم وأجل معلوم فما جاز بين الحرين المسلمين في الاجارة والبيع
جاز بين المكاتب وسيده وما رد بين الحرين المسلمين في البيع والاجارة رد بين المكاتب وسيده فيما يملك بالكتابة لا يختلف ذلك فيجوز أن يكاتبه على مائة دينار موضوفة الوزن والاعيان إلى عشر سنين وأول السنين سنة كذا وآخرها سنة كذا تؤدى في انقضاء كل سنة من هذه العشر السنين كذا وكذا دينارا ولا بأس أن تجعل الدنانير في السنين مختلفة فيؤدى في سنة دينارا وفى سنة خمسين وفى سنة ما بين ذلك إذا سمى كم يودى في كل سنة ولا خير في أن يقول أكاتبك على مائة دينار تؤديها في عشر سنين لانها حينئذ قل بانقضاء العشر النسين فتكون نجما واحدا والكتابة لا تصلح على نجم واحد أو تكون تحل في العشر السنين فلا يدرى في أولها تحل أو في آخرها وكذلك لا خير في أن يقول أكاتبك على أن لا تمضى عشر سنين حتى تؤدى إلى مائة دينار وكذلك لو قال تودي إلى في عشر سنين مائة دينا كيف يخف عليك غير أن العشر السنين لا تنقضي حتى تؤديها وذلك أنهما لا يدريان حينئذ كم يؤدى في كل وقت وكذلك لا خير في أن يقول أكاتبك على مائة دينار أو على ألف درهم وإن سمى لها آجالا معلومة لانه لا يدرى حينئذ على أي شئ الكتابة وكذلك لو قال اكاتبك على مائة دينار تؤديها إلى كل سنة عشرة دنانير على أنك تدفع إلى عند رأس كل سنة بالعشرة الدنانير مائتي درهم أو عرض كذا لم يجز من قبل أن المكاتبة وقعت بعشر دنانير في كل سنة وأنه ابتاع بالعشرة دراهم والعشرة دين فابتاع دراهم دينا بدنانير دين وهذا حرام من جهاته كلها وكذلك إن قال ابتعت منك إذا حلت عرضا لان هذا دين بدين والدين بالدين لا يصلح وزيادة فساد من وجه آخر ويجوز أن يكاتبه بغرض وحده ونقد وإذا كاتبه بعرض لم يجز إلا أن يكون العرض موضوفا والاجل معلوما كما لا يجوز أن يشترى إلى أجل إلا إلى أجل معلوم وصفة معلومة يقام عليهما وإذا كان العرض في الكتابة لم يجز إلا أن يكون كما يكون في أن يسلف في العرض سواء لا يختلفان فإن العرض ثيابا قال ثوب مروى طوله كذا وكذا وعرضه كذا وصفيق أو رقيق جيد يوفيه إياه في موضع كذا فإن ترك من هذا شيئا لم تجز الكتابة عليه كما لا يجوز أن يسلف فيه إلا هكذا وهكذا إن كان العرض طعاما أو حيوانا أو رقيقا أو ما كان العرض فإن كان من الرقيق قال عبد أسود فرانى من جنس كذا أسود حالك السواد أمرد مربوع أو طوال أو قصير برئ من العيوب، وإذا كان من الابل قال جمل ثنى أو رباع من نعم بنى فلان أحمر أو جون غير مودن برئ
من العيوب ويوفيه إياه في موضوع كذا وقت كذا فإن ترك من هذا شيئا لم تجز الكتابة إلا أن يترك قوله برئ من العيوب فإنما له برئ من العيوب وإن لم يشترط ذلك وسواء كاتبه على عروض منفردة أو عروض ونقد يجوز ذلك كله كما يجوز أن يبيعه دارا بعرض ونقد إذا كان كل ما باعه معلوما وإلى أجل معلوم والله تعالى الموفق.(8/46)
الكتابة على الاجارة (قال الشافعي) رحمه الله: والاجارة تملك ما تملك به البيوع إذا شرع فيها مع الاجارة فإذا كاتب الرجل عبده على أن يعمل له عملا بيده معلوما فأخذ فيه حين يكاتبه ويجعل عليه أن يؤدى معه أو بعده في نجم آخر مالا ما كان كانت الكتابة جائزة وإن كاتبه على أن يعمل له عملا ما كان العمل ولم يجعل عليه بعد العمل مالا يأخذه لم تجز الكتابة عليه، وذلك أن العمل إن كان واحدا فهو نجم واحد والكتابة لا تجوز على نجم واحد في مال ولا غيره وإن كاتبه على أن يعمل له من يومه عملا وبعد شهر عملا آخر لم تجز الاجارة بعد وقت من الاوقات ونحن لا نجيز أن يستأجر الرجل الرجل على أن يعمل له بعد شهر عملا لانه قد يحدث عليه بعد الشهر ما يمنعه العمل من مرض وموت وحبس وغيره والعمل باليد ليس بمال مضمون يكلف أن يأتي به وقد يقدر على المال مريض ولا يقدر على العمل به ولو كاتبه على أن يبنى له دارا وعلى المكاتب جميع عمارتها وسمى له درعا معلوم الارتفاع والعرض والموضع من الدار وسمى ما يدخل فيها من اللبن وقدر اللبن والحجارة كان كعلمه بيده لا يجوز إلا أن يكون يأخذه في ذلك حين يكاتبه ويكون بعده شئ من المال يؤديه إليه لما وصفت من أن استئخار العمل لا يجوز ولو كاتبه على أن يخدمه شهرا فأخذ فيه حين يكاتبه ويؤدى إليه شيئا بعد الشهر جاز ولو كاتبه على أن يخدمه شهرا حين كاتبه وشهرا بعد ذلك لم يجز لانه ضرب للخدمة أجلا لا يكون على المكاتب فيه خدمة وهذا كما لا يجوز أن يستأجر حرا على أن يؤخر الخدمة شهرا ثم يخدمه، ولو كاتبه على أن يخدمه شهرا حتى يكاتبه ثم يوفيه لبنا أو حجارة أو طينا معلوما بعد شهر كان هذا جائزا وكان هذا كالمال ولو كاتبه على أن يخدمه شهرا ثم يعطيه مالا بعد فمرض ذلك الشهر انتقضت الكتابة ولم
يكن له أن يعطيه أحدا يخدمه مكانه ولا عليه لو أراد ذلك السيد كما لو استأجر حرا على أن يخدمه شهرا فمرض في الشهر لم يكن عليه ولا له أن يخدمه غيره وانتقضت الاجارة، ولو كاتبه علين نجوم مسماة على أن يخدمه بعد النجوم شهرا أو يعمل له عملا بعد ذلك كانت الكتابة فاسدة فإن أدى ما عليه وخدم أو عمل عتق وتراجعا بقيمة المكاتب وحسب للمكاتب ما أعطاه وأجر مثله فيما عمل له وتراجعا بالقيمة ولو كاتبه على مائة دينار على أن يؤدى إليه في كل شهر عشرة ويعمل له عند أداء كل نجم يوما أو ساعة شيئا معلوما كانت الكتابة فاسدة لتأخير العمل ولو كاتبه على مائة يؤدى إليه في كل سنة عشرة ويعطيه ضحية فإن وصف الضحية فقال ما عزة ثنية من شياه بلد كذا أو شياه بنى فلان يدفعها إليه يوم كذا من سنة كذا فهو جائز والشاة من الكتابة وإن قال أضحية فلم يصفها فالكتابة فاسدة لان الضحية تكون جذعة من الضأن وثنية من المعز وما فوقهما فلا يجوز هذا كما لا يجوز في البيوع وإن كاتبه على مائة دينار في عشر سنين وعشرين ضحية بعدها كل ضحية في سنة ووصف الضحايا لم يعتق إلا بأداء آخر الكتابة الضحايا والضحايا نجوم من نجوم كتابته لا يعتق إلا بأن يؤديها قال وإن كاتبه على شئ معلوم وضحايا أهله ما بلغ أهله عن كل إنسان ضحية موضوفة وإن زادوا ازدادت عليه الضحايا وإن نقصوا نقصت الضحايا فالكتابة فاسدة لانها حينئذ على غير شئ معلوم وإن قال له ابن لى هذه الدار بناء موضوفا أو علم لى هذا الغلام أو اخدمني شهرا أو اخدم فلانا شهرا أو ابلغ بلد كذا أو أنسج ثوب كذا وأنت حر ففعل ذلك فهو حر وليس بمكاتب وله أن يبيعه قبل أن يفعله وإن مات سيد العبد قبل أن يفعله فالعبد مملوك وهذا مثل قوله إن دخلت الدار فأتت حر أو كلمت فلانا(8/47)
فأنت حر وهكذا إن قال له أعطني مائة دينار وأنت حر فإن أعطاه إياها فهو حر وإن أراد بيعه قبل أن يعطيه إياها فذلك له ولا يكون شئ من هذا كتابة إنما الكتابة النجوم بعضها بعد بعض ولو كاتبه على أن ضمن له بناء دار ويحاط بصفة بنائها عليه عمارتها حتى يوفيه إياها قائمة على صفته وسمى معها دنانير يعطيه إياها قبلها أو بعدها كان هذا جائزا لان هذا ضمان عمل عمله بعده أو لم يعمله يكلف كما يكلف المال ومعه نجم غيره وكذلك إن كاتبه على ضمان بناء دارين يبنى إحداهما في وقت كذا والاخرى في
وقت كذا كانت هذه كتابة جائزة وليس هذا كالعمل بيده إلى أجل معلوم وهو إذا كاتبه أو استأجر حرا على أن يعمل بيده لم يكلف أن يأتي بغيره يعمل له وإذا ضمن عملا كلف أن يوفيه إياه بنفسه أو غيره.
والله تعالى أعلم.
الكتابة على البيع (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا عقد الرجل كتابة عبده على مائة دينار منجمة في عشر سنين على أن باعه السيد عبدا له معروفا فالكتابة فاسدة من قبل أن البيع معها وهكذا لو كاتبه على مائة على أن يهب له الرجل عبدا كانت الكتابة فاسدة وكان هذا كالبيع ولا يشبه هذا أن يكاتبه على أن يعمل له المكاتب عملا فإن ذلك كله شئ يعطيه إياه المكاتب من الكتابة ككتابته على دنانير وعبد وماشية وهذا بيع وكتابة والبيع لازم لا يشبه الكتابة لان الكتابة لا تلزم العبد لزوم الدين الكتابة متى شاء العبد تركها وفي أن كان لثمن العبد حصة من الكتابة غير معلومة وغير لازمة لكل حال وللكتابة حصة (1) معلومة لان لها من ثمن العبد نصيبا فلم يجز من جميع هذه الجهات ولو كان في يدى عبد عبد فكاتبه سيده بمائة دينار منجمة على أن يشترى منه ذلك العبد بعشرة دنانير لم تجز الكتابة من قبل أنه لما باعه العبد على أن يكاتبه كان العبد مالا من مال السيد لا يجوز له شراؤه ولو أبطلت على السيد ثمنه كما كنت مبطله لو اشتراه بلا شرط كتابة كنت زدت على المكاتب في كتابته لانه لم يرض أن يكاتب على مائة إلا وله على السيد عشرة ولو أثبت ثمنه على السيد كنت قد أثبت عليه أن اشترى ماله بماله وهذا مما لا يثبت عليه بحال ولو كان كاتبه كتابة صحيحة ثم اشترى السيد من مكاتبه والمكاتب من سيده كان الشراء جائزا لان السيد حينئذ ممنوع ممن مال مكاتبه وليس بممنوع من مال عبده قبل الكتابة ألا ترى أن العبد يكاتب سيده فيأخذ سيده ما كان بيده من المال قبلا كتابة والله سبحانه.
وتعالى أعلم.
كتابة العبيد كتابة واحدة صحيحة (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال قال عطاء إن كاتبت عبدا لك وله بنون يومئذ فكاتبك على نفسه وعليهم فمات أبوهم أو مات منهم ميت فقيمته يوم يموت توضع من الكتابة وإن أعتقته أو بعض بنيه فكذلك وقالها عمرو بن دينار (قال
الشافعي) رحمه الله تعالى وهذا إن شاء الله تعالى كمما قال عمرو بن دينار وعطاء إذا كان البنون كبارا
__________
(1) لعله (غير معلومة) كما يرشد إليه التعليل، تأمل.(8/48)
فكاتب عليهم أبوهم بأمرهم فعلى كل واحد منهم حصته من الكتابة بقدر قيمته فأيهم مت أو عتق وضع عن الباقين بقدر حصته من الكتابة بقيمته يوم تقع عليه الكتابة لا يوم يموت ولا قبل الموت وبعد الكتابة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فإن كان لرجل ثلاثة أعبد فكاتبهم على مائة منجمة في سنين على أنهم إذا أدوا عتقوا فالكتابة جائزة والمائة مقسومة على قيمة الثلاثة وإن كان أحدهم قيمته مائة دينار والآخران قيمة خمسين خمسين فنصف المائة من الكتابة على العبد الذى قيمته مائة ونصفها الباقي على العبدين اللذين قيمتهما خمسون خمسون على كل واحد منهما خمسة وعشرون فأيهم أدى حصته من الكتابة عتق وأيهم عجز رد رقيقا ولم تنتقض كتابة الباقين وان قال الباقون نحن نستعمله ونؤدى عنه فليس لهم ذلك وأيهم مات قبل أن يؤدى حصته من الكتابة مات رقيقا وماله لسيده دون الذين كاتبوا معه ودون ورثته لو كانوا أحرارا ودون ولده لو كانوا معه في الكتابة لانه مات رقيقا وإذا أدوا إلى السيد نجمين فيهما ستون دينارا فقالوا أدينا إليك عن كل رجل عشرين فهو كلما قالوا ويبقى على اللذين عليهما خمسون عشرة دنانير على كل واحد منهمنا خمسة وعلى الذى عليه خمسون ثلاثة دينارا وإن قال الذى عليه خمسون أديناها على قدر ما يصيبنا وقال الآخران بل على العدد دون ما يصيبنا فالقول قول اللذين عليهما الخمسون لان الاداء من الثلاثة فلكل واحد منهم ثلثه حتى تقوم بينة أو يتصادقوا على غير ذلك وهكذا لو مات أحدهم أو اثنان منهم كان الاداء على العدد لا على ما يصيبهما إذا اختلفت قيمتهم وإذا كاتبهم على ما وصفنا أدى كل واحد منهم بقدر ما يصيبه فإن أدوا على العدد فأراد اللذان أديا أكثر مما يصيبهما الرجوع فيما أديا وقالا تطوعنا بالفضل لم يكن لهمنا لا رجوع إذا قبضه السيد وإن لم يقبضه فلهما أن يحبسا عنه ما لم يحل عليهما وإن تصادق العبيد والسيد على أنهما أديا عن صاحبهما كان لهما أن يرجعا به على السيد لانه ليس للسيد ان يأخذ منهما شيئا على غير أنفسهما وقد أخذ منهما شيئا ههنا عن غيرهما ولو كان السيد شرط عليهم أن يؤدوا إليه في كل نجم ثلاثين دينارا على كل
واحد منهم عشرة كان جائزا وكان عليهم أن يؤدوها كذلك فيؤدى كل واحد منهم عشرة نجمين ثم يبقى (1) على اللذين قيمتهما خمسون خمسة دنانير إلى الوقت الذى شرطها إليه وعلى الذى قيمته مائة ثلاثون إلى الوقت الذى شرطها إليها فإن جعل محل النجوم واحدا كان محل الخمسة الباقية على كل واحد من العبدين محل الثلاثين التامة على الآخر كأنه جعل النجوم إلى ثلاث سنين يؤدون إليه كل واحد عشرة في السنتين الاوليين وما بقى على كل واحد أداه في النسة الثالثة إذا بين هذا في أصل الكتابة ولو أدوا إليه على العدد فقال اللذان أديا أكثر مما يلزمهما نحن نرجع بالفضل عن نجمنا لم يكن لهما وكان لهما أن يحسب ذلك لهما من النجم الذى يلى النجم الذى أديا فيه إن شاءا وكان على الذى أدى أقل مما يلزمه أن يؤدى ما يلزمه فإن لم يفعل فهو عاجز وإن عجز فلسيده إبطال كتابته عند الحاكم وغير الحكم إذا أحضره فأشهد عليه أن نجما حل وسأله أن يؤديه إليه فقال لا أجده فأشهد أنه أبطل كتابته فكتابته مفسوخة وترفع عن اللذين معه حصته من الكتابة ويكون عليهما حصتهما فإن سألا أن يحسب لهما أداؤه لم يكن ذلك لهما لانه أداه عن نفسه لا عنهما وما أخذ السيد منه حلال له لانه أخذ عن الكتابة فلما عجز كان مالا من مال عبده ومال عبده ماله ولو لم يعجز ولكنه أعتقه رفعت عنهما حصته من الكتابة ولم يعتقا بعتقه وكذلك لو أعتقه بحيث أو على شئ أخذه منه يصح له لم يفسد ذلك كتابتهما ولم يضع عنهما(8/49)
من حصتهما منها شيئا وسواء كاتب العبيد كتابة واحدة فسموا ما على كل واحد منهم أو لم يسموا كما سواء أن يباعوا صفقة فيسمى كم حصة كل واحد منهم من الثمن أو لا يسمى فالكتابة عليهم علين قدر قيمتهم يوم يكاتبون ولا ينظر إلى قيمتهم قبل الكتابة ولا بعدها وسواء في هذان كان العبيد ذوى رحم أو غير ذى رحم أو رجلا وولده أو رجلا وأجنبيين في جميع مسائل الكتابة فإن كاتب رجل وابنان له بالغان فمات أحد الابنين وترك مالا أو الاب وبقى الابنان وترك مالا قبل أن يؤدى فماله لسيده ويرفع عن المكاتبين معه حصته من الكتابة وأيهم عجز فلسيده تعجيزه وايهم شاء أن يعجز فذلك له وأيهم أعتق السيد فالعتق جائز وأيهم أبرأه مما عليه من الكتابة فهو حر وترفع حصته من الكتابة عن شركائه وأيهم أدى عن اصحابه متطوعا فيعقتوا معا لم يكن له أن يرجع عليهم بما أدى عنهم فإن أدى عنهم بإذنهم رجع عليهم
بما أدى عنهم فإن أدى عن اثنين بأمر أحدهما وغير أمر الآخر رجع على الذى الذى أدى عنه بأمره ولم يرجع على صاحبه.
ما يعتق به المكاتب (أخبرنا الربيع) قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وجماع الكتابة أن يكاتب الرجل عبده أو عبيده على نجمين فأكثر بمال صحيح يحل بيعه وملكه كما تكون البيوع الصحيحة بالحلال إلى الآجال المعلومة فإذا كان هكذا وكان ممن تجوز كتابته من المكالين وممن تجوز كتابته من المملوكين كانت الكتابة صحيحة ولا يعتق المكابت حتى يقول في المكاتبة فإذا أديت إلى هذا ويصفه فأنت حر فإن ادى المكاتب ما شرط عليه فهو حر بالاداء وكذلك إذا أبرأه السيد مما شرط عليه بغير عجز من المكاتب فهو حر لان مانعه من العتق أن يبقى لسيده عليه دين من الكتابة فإن قال قد كاتبتك على كذا ولم يقل له إذا أديته فأنت حر لم يعتق إن أداه فإن قال قائل فإن الله عزوجل يقول (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) قيل هذا مما أحكم الله عزوجل جملته إباحة الكتابة بالتنزيل فيه وأبان في كتابه أن عتق العبد إنما يكون بإعتقا سيده إياه فقال (فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهلكيم أو كسوتهم أو تحرير رقبة) فكان بينا في كتاب الله عزوجل أن تحريرها إعتاقها وأن عتقها إنما هو بأن يقول للمملوك أنت حر كما كان بينا في كتاب الله عزوجل (إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن) أن الطلاق إنما هو بإيقاعه بكلام الطلاق المصرح لا التعريض ولا ما يشبه الطلاق هكذا عامة من جمل الفرائض أحكمت جملها في آية وأبينت أحكامها في كتاب أو سنة أو إجماع فإذا كاتب الرجل عبده ولم يقل إن أديت إلى فأنت حر وأدى فلا يعتق وذلك خراج أداه إليه وكل هذا إذا مات السيد أو خرس ولم يحدث بعد الكتابة ولا معها قولا إن قولى قد كاتبتك إنما كان معقودا على أنك إذا أديت فأنت حر فإذا قال هذا فأدى فهو حر لانه كلام يشبه العتق كما لو قال له اذهب أو أعتق نفسك يعنى به الحرية عتق وكما لو قال لا مرأته اذهبي أو تقنعي يعنى به الطلاق وقع الطلاق ولا يقع في التعريض طلاق ولا عتاق إلا بأن يقول قد عقدت القول على نية الطلاق و العتاق.(8/50)
حمالة العبيد (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى: قال أخبرنا عبداله بن الحرث عن ابن جريج قال قلت لعطاء كتبت على رجلين في بيع إن حيكما من ميتكما ومليكما عن معدمكما قال يجوز وقالها عمرو بن دينار وسليمان بن موسى وقال زعامة يعنى حماله (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال أخبرنا عبد الله ابن الحرث عن ابن جريج قال فقلت لعطاء كاتبت عبدين لى وكتبت ذلك عليهما قال لا يجوز في عبيدك وقالها سليمان ابن موسى قال ابن جريج فقلت لعطاء لم لا يجوز ؟ قال من أجل أن احدهما لو أفلس رجع عبدا لم يملك منك شيئا فهو مغرم لك هذا من أجل أنه لم يكن سلعة يخرج منك فيها مال قال قلت له فقال لى رجل كاتب غلامك هذا وعلى كتابته ففعلت ثم مات أو عجز قال لا يغرم لك عنه وهذا مثل قوله في العبدين (قال الشافعي) وهذا إن شاء الله كما قال عطاء في كل ما قال من هذا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولا يجوز أن يكاتب الرجل عبيده على أن بعضهم حملاء عن بعض لانه لا يجوز للمكاتب أن يثبت على نفسه دينا على غيره لسيده ولا لغيره وليس في الحمالة شئ يملكه العبد ولا شئ يخرج من أيديهما بإذنهما ويقبض فإن كاتبوا على أن بعضهم حملاء عن بعض فأدوا عتقوا بكتابة فاسدة ورجع السيد بفضل إن كان في قيمتهم فأيهم أدى متطوعا عن أصحابه لم يرجع عليهم وأيهم أدى بإذنهم رجع عليهم ولا يجوز لاحد أن يكاتب عبده على أن يحمل له رجل بما عليه من كتابته حرا كان الرجل أو عبدا مأذونا له أو غير مأذون له لانه لا يكون للسيد على عبده بالكتابة دين يثبت كثبوت ديون الناس وإن الكتابة شئ إذا عجز المكاتب عن أدائه بطل عنه ولم يكن له ذمة يرجع بها الحميل عليه (قال) وإن عقد السيد على المكاتب كتابة على أن فلانا حميل بها وفلان حاضر راض أو غائب أو على أن يعطيه به حميلا يرضاه فالكتابة فاسدة فإن أدى المكاتب الكتابة فالمكاتب حر كما يعتق بالحنث واليمين إلا أنهما يتراجعان بالقيمة وإن لم يؤدها بطلت الكتابة وإن أراد المكاتب أداءها فللسيد أن يمتنع من قبولها منه لانها فاسدة وكذلك إن أراد الحميل أداءها فلسيد الامتناع من قبولها فإذا قبلها فالعبد حر وإذا أداها الحميل عن الحمالة له إلى السيد فأراد الرجوع بها على السيد فله الرجوع بها وإذا رجع بها أو لم يرجع فعلى المكاتب قميته للسيد لانه عتق
بكتابة فاسدة ويجعل ما أخذ منه قصاصا من قيمة العبد وهكذا كلما أعتقت العبد بكاتبة فاسدة جعلت على العبد قيمته بالغة ما بلغت وحسبت للعبد من يوم مكاتب الكتابة الفاسدة ما أخذ منه سيده ولا يجوز للرجل أن يكاتب عبده على أن يحمل له عبد له عنه ولا يجوز أن يحمل له عبده عن عبد له ولا عن عبده لغيره ولا عن عبد أجنبي لانه لا يكون له على عبده دين ثابت بكتابة ولا غيره (قال) ولا يجوز أن يكاتب العبيد كتابة واحدة على أن بعضم حملاء عن بعض ولا أن يكاتب ثلاثة أعبد على مائة على أنه لا يعتق واحد منهم حتى يؤدوا المائة كلها لان هذه كالحمالة من بعضهم عن بعض فإذا كاتب الرجل عبديه أو عبيده على أن بعضهم حملاء عن بعض أو كاتب اثنين على مائة على أنه لا يعتق واحد منهما حتى يستوفى السيد المائة كلها فالكتابة فاسدة فإن ترافعاها نقضت وإن لم يترافعاها فهى منتقضة وإن جاء العبدان بالمال فللسيد رده إليهما كلها فالكتابة فاسدة فإن ترافعاها نقضت وإن لم يترافعاها فهى منتقضة وإن جاء العبدان بالمال فللسيد رده إليهما والاشهاد على نقض الكتابة وترك الرضا بها فإذا أشهد على ذلك فهل أخذ المال من أيهما شاء على غير الكتابة لانه مال عبده أو عبديه وأصح له أن يبطل(8/51)
الحاكم تلك الكتابة وإن أخذ من عبيده ما كاتبوه عليه على الكتابة الفاسدة عتقوا وكانت عليهم قيمتهم له يحاصهم بما أخذ منهم في قيمتهم ولو كاتب عبده أو عبيده على أرطال خمر أو ميتة أو شئ محرم فأدوه إليه عتقوا إذا كان قال لهم فإن أديتم إلى كذا وكذا فأنتم أحرار ورجع عليهم بقيمتهم حالة وإنما خالفنا بين هذا وبين قوله إن دخلتم الدار أو فعلتم كذا فأنتم أحرار إن هذه يمين لا بيع فيها بحال بينهم وبينه وإن كاتبهم على الخمر وما يحرم وكل شرط فاسد في بيع يقع العتق يشرطه أن العتق واقع به وإذا وقع به العتق لم يستطع رده وكان كالبيع الفاسد يقبضه مشتريه ويفوت في يديه فيرجع على مشتريه بقيمته بالغة ما بلغت ويكون شئ إن أخذه من مشتريه حرام بكل حال لا يقاص به وإن أخذه منه شيئا يحل ملكه قاص به من ثمن البيع الفاسد.
الحكم في الكتابة الفاسدة (أخبرنا الربيع) قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وكل كتابة قلت إنها فاسدة فأشهد سيد
المكاتب على إبطالها فهى باطلة وكذلك إن رفعها إلى الحاكم أبطلها وإن أشهد سيد المكاتب على إبطالها أو أبطلها الحاكم ثم أدى المكاتب ما كان عليه في الكتابة الفاسدة لم يعتق كما يعتق كما يعتق لو لم تبطل فإن قال له إن دخلت الدار فأتت حر ثم قال قد أبطلت هذا لم يبطل والكتابة بيع يبطل فإذا بطل فأدى ما جعل عليه فقد أداه على غير الكتابة ألا ترى أنه إن قال إن دخلت الدار وأنت لا بس كذا فأنت حر أو دخلت الدار قبل طلوع الشمس فأنت حر لم يعتق إلا بأن يدخلها لا بسا ما قال وقبل طلوع الشمس فكذلك لا يعتق المكاتب لانه لم يتأد إذا أبطلها منه على ما شرط له من العتق إذا أبطله ومن أعتق على شرط لم يعتق إلا بكمال الشرط.
وإن كان كاتب السيد عبده كتابة فاسدة فلم يبطلها حتى أدى ما كاتبه عليه فهو حر لانه أعتقد على شرط عليه اداه فإن كان ما دفع إليه المكاتب حراما لاثمن له رجع السيد على المكاتب بجميع قيمته عبدا يوم عتق لا يوم كاتبه لانه إنما خرج من يديه يوم عتق وإن كان ما أدى إليه مما يحل وكان معه شرط يفسد الكتابة أقيم جميع ما أدى إليه والمكاتب يوم يقع العتق عليه بأى حال كان المكاتب لا يوم الحكم ولا يوم الكتابة ثم تراجعا بالفضل كأن تأدى منه عشرين دينارا أو قيمتها وهو كتأدى عشرين دينارا وقيمة المكاتب مائة دينار فيرجع عليه السيد بثمانين دينارا يكون بها غريما من الغرماء يحاص غرماءه بها لا يقدم عليها ولا هم عليه لانه دين على حر لا كتابة ولو كانت قيمة المكاتب عشرين دينارا فأدى إلى السيد مائة رجع المكاتب على السيد بثمانين وكان بها غريما وإذا كاتب الرجل عبده كتابة فاسدة فمات السيد فتأدى ورثته الكتابة عالمين بفساد الكتابة أو جاهلين لم يعتق المكاتب لانهم ليسوا الذين قالوا أنت حر بأداء كذا فيعتق بقولهم وبأن الكتابة فاسدة فما أدى إليهم عبدهم وهو غير مكاتب فهو من أموالهم بلا شرط يعتق به عليهم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولو تأداها السيد بعدما حجر عليه لم يعتق عليه من قبل أنه إنما يعتق بقول السيد أداها فيكون كقوله أنت حر على كذا فإذا كان محجورا لم يعتق بهذا القول لان الشرط الاول في الكتابة فاسد ولو كان صحيحا لزمه بعد الحجر وذهاب العقل وكذلك لو كاتبه كتابة فاسدة وهو صحيح ثم خبل السيد(8/52)
فتأداها منه مغلوبا على عقله لم يعتق.
ولو كان المكاتب مخبولا فتأداها السيد والسيد صحيح عتق
بالكتابة ووكل له القاضى وليا بتراجعان بالقيمة كما كان المكاتب راجعا بها لان كتابة العبد المحبول فاسدة فما تأدى منه السيد فإنما يتأدى من عبده وإيقاعه العتق له واقع.
الشرط الذى يفسد الكتابة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا شرط الرجل على مكاتبته أو مكاتبه أنه إذا أدى إليه ما طابت به نفسه عتق أو أنه لا يعتق إلا بما طابت به في نفس سيده فالكتابة في هذا كله فاسدة ولو كاتبه على نجوم بأعيانها على أنه إذا أدى فهو حر بعد موت سيده فأداها كان مدبرا وكان لسيده بيعه وليست هذه كتابة إنما هذا كقوله إذا دخلت الدار فأنت حر بعد موتى فله بيعه قبل أدائها وبعده وإذا كاتبه على مائة دينار يؤديها في عشر سنين (1) فإن أدى منها خمسين معجلة في سنة فالكتابة فاسدة لانه إلى غير أجل ولو أدى الخمسين الاخرى لم يعتق لانه لم يقل فإن أديت فأنت حر فإن شاء السيد أعتقه وإن شاء لم يعتقه ولم يكن شئ من هذا كتابة فإن أدى العبد بعد موت سيده لم يعتق العبد على بنى سيده وكان هذا كالخراج ولسيده بيعه في هذا وفى كل كتابة قلت إنها فاسدة وكذلك لو كاتبه على مائة دينار يؤديها في عشر سنين في كل سنة كذا ولم يقل فإذا أديتها فأنت حر كان هذا خراجا فإن أداها فليس بحر وكذلك لو قال له إن أديت إلى مائة دينار فأنت مكاتب وسواء في هذا كله قال إذا أديت عتقت أو لم يقله فإن أدى المائة الدينار فليس بمكاتب لانه جعله مكاتبا بعد أداء المائة ولم يسم كتابة فكان هذا ليس بكتابة من وجهين ولو قال إن أديت إلى مائة دينار فأنت مكاتب على مائة دينار تؤديها في ثلاث سنين في كل سنة ثلثها فأدى إليه مائة دينار لم يكن مكاتبا وليس هذا كقوله إن دخلت الدار فأنت حر وإن أديت إلى مائة دينار فأنت حر لان الكتابة ببيع السيد العبد نفسه أشبه ألا ترى أن رجلا لو قال لرجل إن أعطيتني عشرة دنانير فقد بعتك دارى بمائة، فأعطاه عشرة دنانير لم تكن داره بيعا له بمائة ولا غيرها ولا يكون بينهما بيع حتى يحدثا بيعا مستقبلا يتراضيان به فكذلك الكتابة لا يكون العبد مكاتبا حتى يحدثا كتابة يتراضيان بها.
الخيار في الكتابة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو كاتب الرجل عبده على أن للسيد أن يفسخ الكتابة متى
شاء ما لم يؤد العبد كانت الكتابة فاسدة ولو شرط السيد للعبد فسخ الكتابة متى شاء كانت الكتابة جائزة لان ذلك بيد العبد وإن لم يشترطه العبد ألا ترى أن العبد لا يعتق بالكتابة دون الاداء ولم يخرج من ملك السيد خروجا تاما فمتى شاء ترك الكتابة.
أو لا ترى أن الكتابة شرط أثبته السيد على نفسه لعبده دونه فلا يكون للسيد فسخه.
__________
(1) قوله (فإن أدى الخ) كذا في النسخ، وانظره.(8/53)
اختلاف السيد والمكاتب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا تصادق السيد وعبده على أنه كاتبه كتابة صحيحة فاختلفا في الكتابة فقال السيد كاتبتك على ألفين وقال العبد على ألف تحالفا كما يتحالف المتبايعان الحران ويترادان.
وكذلك إن تصداقا على الكتابة واختلفا في الاجل فقال لسيد تؤديها في شهر وقال العبد في ثلاثة اشهر أو أكثر، وسواء كان المكاتب أدى من الكتابة شيئا كثيرا أو قليلا أو لم يؤديه وإن أقاما جميعا البينة على ما يتداعيان وكانت النبية تشهد في يوم واحد وتصادق المكاتب والسيد أن لم تكن إلا كتابة واحدة أبطلت البينة وأخلفتهما كما ذكرت وكذلك لو شهدت بينة المكاتب على أنه كاتبه على ألف فأداها وشهدت بينة سيده أنه كاتبه على ألفين فأدى ألفا لم يعتق المكاتب وتحالفا وترادا الكتابة من قبل أن كل واحدة من البينتين تكذب الاخرى وليست إحداهما بأولى أن تقبل من الاخرى ولو شهدا معا بهذه الشهادة واجتمعا على أن السيد عجل له العتق وقالت بينة السيد أخر عنه ألفا فجعلها دينا عليه أنفذت له العتق لا جتماعهما عليه وأحلفت كل واحد منهما لصاحبه ثم جعلت على المكاتب قيمته لسيد كانت أكثر من ألفين أو أقل من الالف لانى طرحتمهما حيث تصادقا وأنفذتهما حيث اجتمعا قال ولو تصادقا على ان الكتابة ألف في كل سنة منها مائة فمرت سنون فقال السيد لم تؤد إلى شيئا وقال العبد قد أديت إليك جميع النجوم كان القول قول السيد مع يمينه وعلى المكاتب البينة فإن لمتقم بينة وحلف السيد قيل للمكاتب إن أديت جميع ما مضى من نجومك الآن وإلا فليسدك تعجيزك ولو قال السيد قد عجزته وفسخت كتابته وأنكر المكاتب ان يكون فسخ كتابته وأقر بمال أو لم يقربه كان القول قول
المكاتب مع يمينه ولا يصدق السيد على تعجيزه إلا ببينة تقوم على حلول نجم أو نجوم على المكاتب فيقول ليس عندي أداء ويشهد السيد أنه قد فسخ كتابته فتكون مفسوخة وسواء كان هذا عند حاكم أو غير حاكم وإذا كاتب الرجل عبده وله ولد من امرأة حرة فمتى قال السيد قد كنت قبضت من عبدى المكاتبة كلها والسيد صحيح أو مريض فالعبد حر ويجر المكاتب ولاء ولده من المرأة الحرة ولو كانت المسألة بحالها ومات العبد الماتب فقال السيد قد كنت قبضت نجومه كلها ليثبت عتقه قبل موته وكذبه موالى المرأة الحرة وصدقه ولد المكاتب الاحرار كان القول قول الموالى في أن لم يعتقه حتى مات ويثبت لهم الولاء على ولد مولاتهم وأخذ مال إن كان للمكاتب يدفع إلى ورثته الاحرار بإقرار سيده أنه قد مات حرا وهكذا لو قذف المكاتب رجل لم يصدق مولاه على عتقه ولا يحد إلا ببينة تقوم على أنه عتق قبل يموت ويصدق سيد المكاتب على ما عليه ولا يصدق على ماله وإذا أقر السيد في مرضه أنه قبض ما على مكاتبه حالا كان على المكاتب أو دينا صدق.
وليس هذا بوصية ولا عتق هذا إقرار له ببراءة من دين عليه كما يصدق على إقراره لحر ببراءة من دين له عليه ولو كان لرجل مكاتبان فأقر أنه قد استوفى ما على أحدهما ثم مات ولم يبين أيهما الذى قبض ما عليه أقرع بينهما فأيهما خرج سهمه عتق وكانت على الآخر نجومه إلا ما أثبت أنه أداه منها ولو كاتب رجل عبده على نجوم يؤدى كل سنة نجما فمرت به سنون فقال قد أديت نجوم السنين الماضية وأنكر السيد فالقول قوله مع يمينه وعلى المكاتب أن يؤدى النجوم الماضية مكانه وإلا فلسيده تعجيزه وهكذا لو مات سيده فادعى ورثته أن نجومه بحالها كان القول قوله كما كان القول قول أبيهم مع أيمانهم كما تكون أيمانهم على حق لابيهم لان الكتابة حق من حقوق أبيهم لا يبطله حلول أجل المكاتب حتى تقوم بينة باستيفائه إياه ولو قامت بينة باستيفاء سيده نجما في نسة لم(8/54)
يبطل ذلك نجومه في السنين قبلها لانه قد يستوفى نجم سنة ولا يستوفى ما قبلها ويحلف له وتبطل دعواه فإن لم يحلف له أحلف العبد على ما أدعى ولزم ذلك السيد ولو أدى عن سيده كاتبه وقد مات وأنكر ذلك الورثة فعليه البينة فإن لم يقم بينة حلف الورثة ما علموا أباهم كاتبه وبطلت دعواه ولو كان الوارثان ابنين فأقر أحدهما أن أباه كاتبه أو نكل عن اليمين فحلف المكاتب وأنكر الآخر وحلف ما علم
أباه كاتبه كان نصفه مكاتبا ونصفه مملوكا وإن كان في يده مال أفاده بعد الكتابة أخذ الوارث الذى لم يقر بالكتابة نصفه وكان نصفه للمكاتب وكان للذى لم يقر بالكتابة أن يستخدمه ويؤاجره يوما وللذى أقر بالكتابة أن يتأدى منه نصف النجم الذى أقر أنه عليه ولا يرجع به أخوه عليه وإذا عتق لم يقوم عليه لانه إنما أقر أنه عتق بشئ فعله الاب كما لو ورثا عبدا فادعى عتقا فأقر أحد الابنين أن أباه أعتقه وأنكر لا آخر عتق نصيبه منه ولم يقوم عليه لانه إنما أقر بعتقه من غيره وولاء نصفه إذا عتق لابيه ولا يقوم في مال أبيه ولا مال ابنه وهذا مخالف للعبد بين اثنين يبتدئ أحدهما كتابته دون صاحبه لان هذا يقرأنه لم يرثه قط إلا مكاتبا وذانك مالكا عبد رقيقا بينهما كما كان أولا فإن وجد له مال كان له في الكتابة قبل موت سيده اقتسماه فإن وجد له مال كان بعد إثبات نصف الكتابة وإبطال نصفها كان للذى أقر بالكتابة دون أخيه إذا كان أخوه يستخدمه يومه قال والقول قول الذى بالكتابة لانا حكمنا أن ماله في يديه ولو أنا حكمنا بأن نصفه مكاتب وأعطينا الذى جحده نصف الكتابة وقلنا له استخدمه يوما ودعه للكسب في كتابته يوما فترك سيده استيفاء يومه واكتسب مالا فطلبه السيد وقال كسبته في يومى وقال الذى أقر له بالكتابة بل في يومى كان القول قول الذى له فيه الكتابة وللذى لم يقر له بالكتابة عليه أجر مثله فيما مضى من الايام التى لم يستوفها منه يرفع منها بقدر نفقة العبد فيها فإن عجز عن أدائها ألزمناه العجز مكانه وتبطل كتابته كما إذا عجز عن أداء الكتابة عجزناه وأبطلنا كتابته ولو أن عبدا ادعى على سيده أنه كاتبه أو على ابن رجل أن أباه كاتبه وإنما ورثه عنه فقال السيد كاتبتك وأنا محجور أو كاتبك أبى وهو محجور أو مغلوب على عقله وقال المكاتب ما كان ولا كنت محجورا ولا مغلوبا على عقلك حين كاتبتني فإن كان يعلم أنه قد كان في حال محجورا أو مغلوبا على عقله فالقول قوله مع يمينه وما ادعى من الكتابة باطل وإن لم يكن يعلم كان مكاتبا وكانت دعواه أنه محجور ومغلوب على عقله ولا يعلم ذلك باطلا ويحلف المكاتب لقد كاتبه وهو جائز الامر ولو ادعى مكاتب على سيده أنه كاتبه على ألف فأفاها وعتق وقال مولاه كاتبتك على ألفين وأديت ألفا ولا تعتق إلا بأداء الالف الثانية فإن أقاما البينة وقالت بينة العبد كاتبه في شهر رمضان من سنة كذا وقالت بينة السيد كاتبه في شوال من سنة كذا كان هذا إكذابا من كل واحدة من البينتين للاخرى وتحالفا وهو مملوك بحاله إن زعما معا
أن لم تكن كتابة إلا واحدة ولو قالت بينة السيد كاتبه في رمضان من سنة كذا وقالت بينة العبد كاتبه في شوال من تلك جعلت البينة بينة العبد لانهما قد يكون صادقين فيكون كاتبه في شهر رضمان ثم انتقضت الكتابة وأحدثت له كتابة اخرى (قال) ولو قالت بينة العبد كاتبه في شهر رمضان من سنة كذا على ألف ولم تقل عتق ولا أدى وقالت بينة السيد كاتبه في شوال من تلك السنة على ألفين كانت البينة بينة السيد وجعلت الكتابة الاول منتقضة لانه يمكن فيهما أن يكونا صادقين وإذا قالت البينة الاولى عتق لم يكن مكاتبا بعد العتق وكانت البينتان باطلتين ولم يكن مكاتبا بحال ولو أقام العبد البينة كاتبه على ألف والسيد أنه كاتبه على ألفين ولم توقت إحدى البينتين أحلفتهما معا ونقضت الكتابة وحيث قلت أحلفهما فإن نكل السيد وحلف العبد فهو مكاتب على ما ادعى وإن لم يحلف كان عبدا وإن(8/55)
نكل السيد والعبد كان عبدا لا يكون مكاتبا حتى ينكل السيد ويحلف العبد مع نكول سيده ولو ادعى عبد على سيده أنه كاتبه وأقام بينة بكتابته ولم تقل البينة على كذا وإلى وقت كذا لم تجز الشهادة وكذلك لو قالت كاتبه على مائة دينار ولم تثبت في كم يؤديها وكذلك لو قالت كاتبه على مائة دينار منجمة في ثلاث سنين ولم تقل في كل سنة ثلثها أو أقل أو أكثر لا تجوز الشهادة حتى توقت المال والنسين وما يؤدى في كل سنة فإذا نقصت البينة من هذا شيئا سقطت وحلف السيد وكان العبد مملوكا وإن نكل حلف العبد وكان مكاتبا على ما حلف عليه ولو أقام بينة أنه كاتبه فأدى إليه فعتق فقامت له بينة أن سيده أقر أنه كاتبه على أنه إن ادى فهو حر وأنه أدى إليه وجحد السيد أو ادعى أن الكتابة فاسدة أعتقته عليه وأحلفت العبد على فساد الكتابة فإن حلف برئ وإلا حلف السيد وترادا القيمة.
جماع أحكام المكاتب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى يروى أن من كاتب عبده على مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق فهو رقيق أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبى نجيح عن مجاهد أن زيد بن ثابت قال في المكاتب هو عبد ما بقى عليه درهم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وبهذا نأخذ وهو قول عامة من لقيت وهو كلام جملة ومعنى قولهم والله تعالى أعلم عبد في شهادته وميراثه وحدوده
والجناية عليه وجملة جنايته بأن لا تعقلها عاقلة مولاه ولا قرابة العبد ولا يضمن أكثر من قيمته في جنايته ما بلغت قيمة العبد وهو عبد في الاكثر من أحكامه وليس كالعبد في أن لسيده بيعه ولا أخذ ماله ما كان قائما بالكتابة ولا يعتق المكاتب إلا بأداء آخر نجومه فلو كاتب رجل عبده على مائة دينار منجمة في كل سنة على أنك متى أديت نجما عتق منك يقدره فأدى نجما عتق كله ورجع عليه سيده بما بقي من قيمته وكانت هذه الكتابة فاسدة ومن قذف مكاتبا كان كمن قذف عبدا وإذا قذف المكاتب حد حد عبد وكذلك كل ما أتى المكاتب مما عليه فيه حد فحده حد عبد ولا يرث المكاتب ولا يورث بالنسب (1) وإن مات المكاتب ورث هو بالرق ومثل أن يرث المكاتب بالرق أن يكون له عبد فيموت فيأخذ المكاتب مال عبده كما كان يبيع رقبته لانه مالك له وإذا مات المكاتب وقد بقي عليه من كتابته شئ قل أو كثر فقد بطلت الكتابة وإذا كان المكاتب إذا قال في حياته قد عجزت بطلت الكتابة لانه اختار تركها أو عجز فعجزه السيد بطلت الكتابة كان إذا مات أولى أن تبطل الكتابة لان المكاتب ليس بحى فيؤدي إلى السيد دينه عليه وموته أكثر من عجزه (1) ولا مزية للمكاتب تفضل بين المقام على كتابته والعتق وإذا مات فخرج من الكتابة أحطنا أنه عبد وصار ماله لسيده كله وسواء كان معه في الكتابة بنون ولدوا من جارية له أو أم ولد أو بنون بلغوا يوم كاتب وكاتبوا معه وقرابة له كاتبوا معه فجميع ماله لسيده ولو قال سيده بعد موت المكاتب قد وضعت الكتابة عنه أو وهبتها له أو أعتقته لم يكن حرا وكان المال ماله بحاله لانه إنما وهب لميت مال نفسه ولو قذفه رجل وقد مات ولم يؤد لم يحد له لانه مات ولم يعتق فإذا مات المكاتب فعلى سيده كفنه وقبره لانه عبده وكذلك لو كان أحضر المال
__________
(1) أي: بل بالرق فيرث ويورث به، فإن مات ورثه سيده بالرق، ومثال: أن يرث هو بالرق أن يكون له عبدا الخ، فتنبه.
(2) كذا في النسخ.(8/56)
ليدفعه ثم مات قبل يقبضه سيده أو دفع المال إلى رسول ليدفعه إلى سيده فلم يقبضه سيده حتى مات عبدا وكذلك لو أحضر المال ليدفعه فمر به أجنبي أو ابن لسيده فقتله كانت عليه قيمته عبدا وكذلك لو
كان سيده قتله كان ظالما لنفسه ومات عبدا فلسيده ماله ويعزر سيده في قتله ولو وكل المكاتب من يدفع إلى السيد آخر نجومه ومات المكاتب فقال ولد المكاتب الاحرار قد دفعها إليك الوكيل وأبونا حي وقال السيد ما دفعها إلى إلا بعد موت أبيكم فالقول قول السيد المكاتب لانه ماله ولو أقاموا بينة على أنه دفعها إليه يوم الاثنين ومات أبوهم يوم الاثنين كان القول قول السيد حتى تقطع البينة على أنه دفعها إليه قبل موت المكاتب أو توقت فتقول دفعها إليك قبل طلوع الشمس يوم الاثنين ويقر السيد أن العبد مات بعد طلوع الشمس من ذلك اليوم أو تقوم بينة بذلك فيكون قد عتق ولو شهد وكيل المكاتب أنه دفع ذلك إلى السيد قبل موت المكاتب لم تقبل شهادته ولكن ولو كل السيد رجلا بأن يقبض من المكاتب آخر نجومه فشهد وكيل سيد المكاتب أنه قبضها منه قبل يموت وقال السيد قبضها بعدما مات جازت شهادة وكيل سيد المكاتب عليه وحلف ورثة المكاتب مع شهادته وكان أبوهم حرا وورثه ورثته الاحرار ومن يعتق يعتقه.
ولد المكاتب وماله (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى: قال أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال قلت لعطاء رجل كاتب عبدا له وقاطعه فكتمه مالا له وعبيدا ومالا غير ذلك قال هو للسيد وقالها عمرو بن دينار وسليمان ابن موسى (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال أخبرنا عبد الله بن الحرث عن أبن جريج قال قلت لعطاء فإن كان السيد قد سأله ماله فكتمه إياه فقال هو لسيده فقلت لعطاء فكتمه ولدا من أمة ولم يعلمه قال هو لسيده وقالها عمرو بن دينار وسليمان بن موسى قال ابن جريج قلت له أرأيت إن كان سيده قد علم بولد العبد فلم يذكره السيد ولا العبد عنه الكتابة ؟ قال فليس في كتابته هو مال لسيدهما وقالها عمرو بن دينار (قال الشافعي) رحمه الله تعالى القول ما قال عطاء وعمرو بن دينار في ولد العبد المكاتب سواء علمه السيد أو لم يعلمه هو مال للسيد وكذلك مال العبد للسيد ولا مال للعبد وإذا كاتب الرجل عبده وله مال فللسيد أخذ كل مال كان للعبد قبل مكاتبته.
مال العبد المكاتب
(قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا كان العبد تاجرا أو غير تاجر في يده مال فكاتبه سيده فالمال للسيد وليس للمكاتب شئ منه وما اكتسب المكاتب في كتابته فلا سبيل للسيد عليه حتى يعجز فإذا اختلف العبد والسيد وقد تداعيا الكتابة ولم يكاتبا أو لم يتداعياها في مال في يدي العبد فالمال للسيد ولا موضوع للمسألة في هذا ولكن إذا اختلفا في المال الذي في يد العبد عد الكتابة فقال العبد أفدته بعد الكتابة وقال السيد أفدته قبلها أو قال هو مال لى أودعتكه فالقول قول العبد المكاتب مع يمينه وعلى السيد البينة فما أقام عليه شاهدين أو شاهدا وامرأتين أو شاهدا وحلف أنه كان في يدي العبد قبل الكتابة(8/57)
فهو للسيد وكذلك لو أقر العبد أنه كان في يده قبل الكتابة فهو للسيد ولو شهد الشهود على شئ كان في يدي العبد ولم يحدوا حدا يدل على أن ذلك كان في يدي العبد قبل الكتابة كان القول قول العبد حتى يحدوا وقتا يعلم فيه أن المال كان بيدي العبد قبل الكتابة وكذلك لو قالوا كان في يديه يوم الاثنين لغرة شهر كذا وكانت الكتابة ذلك اليوم كان القول قول العبد حتى تحد البينة حدا يعلم أن المال كان في يديه قبل نصح الكتابة ولو شهدوا أنه كان في يديه في رجب وشهدوا له على المكاتبة في شعبان من سنة واحدة فقال العبد قد كاتبتني بلا بينة قبل رجل أو في رجب أو في وقت قل الوقت الذي شهدت عليه البينة كان القول قول العبد وإنما قلت هذا أن سيد المكاتب إنما كاتبه على نفسه وماله مال سيده لا مال له (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا كاتب الرجل عبده على نفسه وماله فالكتابة فاسدة على المال وأحضره أولم يعلم لانه كتابة وبيع لانه لا يعلم حصة الكتابة من حصة البيع لان لكل واحد منهما حصة من الكتابة غير متميزة وأنه يعجز فيكون رقيقا ويفوت المال فإن أدى فعتق تراجعا بقيمة العبد فتكون يوم كوتب ورجع سيده بماله الذي كاتبه عليه أو مثله أو قيمته إن فات في يديه ويجوز أن يكاتبه ثم يبيعه بعد الكتابة ما في يديه أو يهبه أو يتصدق به عليه فأما أن يعقد الكتابة عليه فلا يجوز بحال (قال الربيع) وفيه حجة أخرى أنه إذا كاتبه على نفسه وماله فالكتابة فاسدة لانه كاتبه على نفسه وماله الذي في يديه والمال الذي في يديه لسيده ليس للعبد.
ما اكتسب المكاتب
(أخبرنا الربيع قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ما أفاد المكاتب بعد الكتابة بوجه من الوجوه فهو له مال على معنى وليس للسيد أخذه ولا أخذ شئ منه فإن قيل فكيف لا يأخذ ماله وهو لم يخرج من ملكه ؟ قيل إن شاء الله تعالى لما أمر الله بالكتابة وكانت المكاتبة مالا يؤديه العبد ويعتق به فلو سلط للسيد على أخذه لم يكن للمكاتبة معنى إذا كان السيد يأخذ ما يكون العبد به موديا كان العبد للاداء مطيقا ومنه ممنوعا بالسيد أو كان له غير مطيق فبطل معنى الكتابة بالمعيين معا ويجوز للمكاتب في ماله ما كان على النظر وغير الاستهلاك لماله ولا يجوز ما كان استهلاكا لما له فلو وهب درهما من ماله كان مردودا ولو اشترى بما لا يتغابن الناس بمثله كان مردودا أو باع شيئا من ماله بما لا يتغابن الناس بمثله كان مردودا وكذلك لو جنيت عليه جناية على غير مال كان عفوه باطلا لان ذلك إهلاك منه لماله ويجوز بيعه بالنظر واقراره في البيع ولا يجوز له أن ينكح بغير إذن سيد فإن نكح فأصاب المرأة فسخ النكاح ولها عليه مهر مثلها إذا عتق ولا يكون لها أن تأخذه به قبل يعتق لانها نكحته وهي طائعة ولو اشترى جارية شراء فاسدا فماتت في يديه كان لقيمتها ضامنا لان شراءه وبيعه جائز فما لزمه بسبب الشراء لزمه في ماله ولو اشترى جارية فأصابها فاستحقها رجل عليه أخذها وأخذ منه مهر مثلها لان هذا بسبب بيع وأصل البيع ولاشراء له جائز وأصل النكاح له غير جائز فلذلك لم ألزمه في ماله ما كان مكاتبا صداق المرأة وألزمهوه بعد عتقه فإذا تحمل عن الرجل بحمالة وضمن عن آخر كان ذلك باطلا لان هذا تطوع بشئ يلزمه نفسه في ماله فهو مثل الهبة يهبها ولا يلزمه بعد العتق وإذا كان له ولد صغير أو كبير زمن محتاج أو أب زمن محتاج لم تلزمه نفقته ولتزمه نفقة زوجته إن أذن له سيده في نكاحها قبل الكتابة وبعدها ولو نكح في الكتابة بغير إذن سيده فلم يعلم سيده حتى عتق فأصابها أو أصابها قبل العتق ثم عتق كان عليه في الحالين مهر مثلها بأنه حر ويفرق بينه وبينها ولو كان له عبد فمات كان عليه كفنه ميتا ونفقته(8/58)
مريضا ولو بيع من قرابته من لا يعتق عليه لو كان حرا كان له شراؤه على النظر كما أن له شراء غيرهم على النظر وإذا باع منهم عبدا على غير النظر فالبيع مردود وإن أعتقه الذي اشتراه فالعتق باطل وإن أعتق المكاتب بعد بيعهم الذي وصفته مردودا وعتق من ملكهم لهم فعتقهم باطل حتى يجدد فيهم بيعا
فإذا جدد فهم مماليك إلا أن يشاء الذي اشتراهم أن يحدد لهم عتقا ولو باع هذا البيع الفاسد فأعتق العبد ثم جنى فتضى الامام على مواليه بالعقل ثم علم فساد البيع رد ورد العاقلة بالعقل على من أخذه منهم وكذلك لو جنى عليه فقضى بالجناية عليه جناية حر فقبضها أو قبضت له ردت على من أخذت منه وليس للمكاتب أن يشتري أحدا يعتق عليه لو كان حرا ولدا ولا والدا ومتى اشتراهم فالشراء فيهم مفسوح فإن ماتوا في يديه قبل يردهم ضمن قيمتهم لانه بسبب الشراء فإن لم يردهم حتى يعتق فالشراء باطل ولا يعتقون عليهم لانه لا يملكهم بالشراء الفاسد حتى يجدد لهم شراء بعد العتق فإذا جدده عتقوا عليه قال وإنما ابطلت شراءهم لانه ليس له بيعهم وإذا اشترى ما ليس له بيعه فليس له بشراء نظر إنما هو إتلاف لاثمانهم وليس للمكاتب أن يتسرى وإن أذن له سيده فإن تسرى فولد له فله بيع سريته وليس له وطؤها لان وطأه إياها بالملك لا يجوز وليس وطؤه إياها فتلد بأكثر من قوله لها أنت حرة وهو إذا قال لها أنت حرة لم تعتق وللمكاتب أن يشتري جارية قد كانت ولدت له بنكاح ويبيعها وله أن يشتري من لا يعتق عليه من ذوي رحمه وغيرهم إذا كان شراؤه إياهم نظرا.
قال وله إن أوصى له بأبيه وأمه وولده أو وهبوا له أو تصدق بهم عليه أن لا يقبلهم وإذا قبلهم أمرهم بالاكتساب على أنفسهم وأخذ فضل كسبهم وما أفادوا من المال لانهم ملك له فاستعان به في كتابته فمن أدى عتق وكانوا أحررا بعتقه وما كان لهم من مال أو جنى عليهم من جناية أو ملكوه وهم في ملكه بوجه من الوجوه فهو للمكاتب وما ملكوه بعد العتق فهو لهم دوه وإذا جنى عليهم قبل يعتق فهو جناية على مماليك وليس له أن ينفق علهم وهم يقدرون على الكسب ويدعهم من أن يكتسبوا كما لا يكون ذلك له في عبيد غيرهم لان هذا إتلاف ماله وعليه أن ينفق عليهم إن مرضوا أو عجزوا عن الكسب ولو خاف العجز لم يكن له بيع واحد ممن يعتق وذلك الوالدون والولد (قال) وإن عجز رد رقيقا وكانوا معا مماليك للسيد لان عبده كان ملكهم على ما وصفت وإن جنى واحد منهم جناية لم يكن له أن يفديه بشئ وكان عليه أن يبيع منه بقدر الجناية ولم يكن له أن يبيع منه أكثر من قدر الجناية لان ما قد بقي في يديه منه يعتق بعتقه إذا عتق وإذا اشترى أحدا ممن ليس له شراؤه أو باع أحدا ممن ليس له بيعه كان الشراء والبيع منتقضا إليه لا يجوز لان صفقته كانت فاسدة.
ولد المكاتب من غير سريته (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا كاتب المكاتب وله ولد لم يدخل ولده معه في الكتابة وإن كاتب عليهم صغارا كانت الكتابة فاسدة لانه لا يجوز أن يحمل عن غيره لسيده ولا غير سيده ولا تجوز كاتبة الصغار وإذا ولدوا بعد كتابته فحكمهم حكم أمهم لان حكم الولد في الرق حكم أمه فإن كانت أمهم حرة فهم أحرار وإن كانت مملوكة فهم مماليك لمالك أمهم كان سيد المكاتب أو غيره وإن كانت مكاتبة لغير سيده فليس للاب فيهم سبيل إما أن يكونوا موقوفين على ما تصير إليه أمهم فإن عتقت(8/59)
عتقوا وإن رقت رقوا وإما أن يكونوا رقيقا وإن كانت مكاتبة لسيدة معه في الكتابة أو غير الكتابة فسواء وحكمهم بأمهم دونه وكتابة أمهم غير كتابته إن أدت عتقت وإن أدى دونها عتق لانه لا يكون حميلا عنها ولا هي عنه.
تسرى المكاتب وولده من سريته (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وليس للمكاتب أن يتسرى بإذن سيده ولا بغير إذنه فإن فعل فولد له ولد في كتابته ثم عتق لم تكن أم ولده التي ولدت بوطئ المكاتب في حكم أم الولد ولا تكون في حكم أم الولد حتى تلد منه بوطئ بعد عتقه لانه لا يتم ملكه لماله حتى يعتق فإذا عتق فولدت بعد عتقه لستة أشهر فصاعدا كانت به في حكم أم الولد وإن ولدت لاقل من ستة أشهر لم تكن في حكم أم الولد وإذا ولدت للمكاتب جاريته في الكتابة أو امرأته اشتراها فلن أن يبيعها لان امرأته التي ولدت بالنكاح لا تكون في حكم أم الولد والتى بوطئ فاسد بكل حال لا تكون أم ولد بالوطئ الفاسد كله ولا تكون في حكم أم الولد أمة إلا أمة وطئت بملك صحيح للكل أو البعض ولو ولدت بوطئ المكاتبة ثم ولدت بوطئ الحرية كان بعد عتق سيدها كانت أم ولد بالوطئ بعد الحرية لا بالوطئ الاول وإذا كان المكاتب لو أعتق جاريته لم يجز عتقها ولم تعتق عليه بعتقه إياها وهو مكاتب لم يجز أن تكون أم ولد يمنع بيعها وحكم أم الولد أضعف من العتق وليس كالحريطأ الامة يملك بعضها ملكا صحيحا لانه لو أعتق هذه عتق عليه نصيبه ونصيب صاحبه وإن كان موسرا وإذا جنت أم ولد المكاتب فهي كأمة من إمائة
يبيعها إن شاء وإن شاء فداها كما يفدى رقيقه.
ولد المكاتب من أمته (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا ولد للمكاتب من جاريته لم يكن له أن يبيع ولده وكان له أن يبيع أمته متى شاء فإذا عتق عتق ولده معه.
وإذا عتق لم تكن أم ولده في حكم أم ولد بذلك كما وصفت فكان له أن يبيعها وما جنى على المولود أو كسب أنفق عليه منه واستعان به الاب في كتابته إن شاء، وإذا اشترى ولده أو والده أو والدته الذين يعتقون على من يملكهم من الاحرار لم يحز شراؤهم لان شراءهم إتلاف لماله إنما يجوز له شراء ما يجوز له بيعه، ولو وهبوا له أو أوصى له بهم أو تصدق بهم عليه لم يجز له بيع أحد منهم ووقفوا معه فإن عتق عتقوا يوم يعتق لانه يومئذ يصح له ملكهم وإن رق فهم رقيق لسيده ولا يباعون، وإن بقي عليه درهم عجز عنه ثم مات ردوا رقيقا وإن قالوا نحن نؤدي ما عليه لو مات لم يكن ذلك لهم، وللمكاتب أن يأخذ مالا إن كان في أيديهم فيؤديه عن نفسه، وإن جنيت عليهم جناية لها أرش فله أن يأخذها وله أن يستعملهم ويأخذ أجور أعمالهم لانهم في مثل معنى ماله حتى يعتق فإذا عتق عتقوا حين يتم عتقه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وليس للمكاتب أن يعتق من هؤلاء أحدا لانهم موقوفون على أن يعجز فيكونوا رقيقا للسيد ولا للسيد أن يعتق واحد منهم لانهم لو جنى عليهم أكسبوا كان للمكاتب الاستعانة به فإن أجمعا معا على عتقهم جاز عتقهم، وإذا و لد للمكاتب من امته فقال السيد ولد له قبل الكتابة وقال المكاتب ولد بعدها فالقول قول المكاتب ما(8/60)
أمكن أن يصدق وذلك أن تكون الكتابة منذ سنة و أكثر والمولود يشبه أن يكون ولد بعد الكتابة، فأما إذا كانت الكتابة لسنة و المولود لا يشبه أن يكون ابن سنة ويحيط العلم أنه ابن أكثر منها إحاطة بينة فلا يصدق المكاتب على ما يعلم أنه فيه كاذب وإن أشكل فأمكن أن يكون صدق فالقول قوله إلا أن يقيم السيد البينة على أنه ولد قبل الكتابة فيكون رقيقا للسيد ولو اقام السيد والمكاتب البينة على دعواهما أبطلت البينة وجعلتهما كالمتداعيين لا بينة لواحد منهما ولو أقام السيد البينة على ولدين ولدا للمكاتب في بطن أحدهما ولد قبل الكتابة والآخر بعدها كانا مملوكين للسيد لانه إذا رق له أحدهما رق الآخر لان
حكم الولدين في البطن حكم واحد وكل ما قبلت فيه بينة السيد فجعلت ولد المكاتب له رقيقا فأقر به المكاتب للسيد قبلت إقراره فيه لانه لا يقر على أحد عتق، ولو أقام السيد البينة على ولد ولدوا في ملكه لم أقبلها حتى يقولوا ولدوا قبل كتابة العبد أو بعد عجزه عن الكتابة وإن أحدث كتابة بعدها.
كتابة المكاتب على ولده (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا كاتب المكاتب على نفسه وولد له كبار حاضرين برضاهم فالمكاتبة جائزة كما يجوز إذا كاتب على نفسه وعبدين معه وأكثر فإن كاتب على نفسه وابنين له بألف فالالف مقسومة على قيمة الاب والابنين فإن كانت قيمة الاب مائة وقيمة الابنين مائة فعلى الاب نصف الالف وعلى الابنين نصفها على كل واحد منهما مائتان وخمسون إذا كانت قيمتهما سواء فإن مات الاب رفعت حصته من المكاتبة وإن مات أحد الابنين رفعت حصته من الكتابة وهي مائتان وخمسون وبقيت على الآخر مائتان وخمسون، وإذا مات الاب وله مال فماله لسيده ولا شئ لا بنيه فيه وهما من ماله كأجنبيين كاتبا معا، وكذلك وإن مات الاينان أو أحدهما وله مال فماله للسيد لان من مات منهم قبل أداء الكتابة مات عبدا فإن أدى أحدهم عنهم فعتقوا بغير أمرهم ولم يرجع عليهم وإن كان أدى عنهم بإذنهم رجع عليهم وأيهم عجز سقطت حصته من الكتابة وكان رقيقا والقول فيهم كالقول في العبيد الثلاثة الاجنبيين يكاتبون لا يختلف ولو أدى الاب حصته من الكتابة عتقن وكان من معه من ولده مكاتبين إذا أديا عتقا وإن عجزا رقا وليس للاب من استعمال بنيه في المكاتبة شئ ولا من أموالهم، وكذلك ليس للاب من جناية جنيت على واحد منهم ولا عليه من ناية جناها واحد على واحد منهم في المكاتبة شئ وجنايته والجناية عليه له وعليه دون أبيه وولده ولو كانوا معه في الكتابة وجماع هذا أن الرجل إذا كاتب هو وولده وإخوته أو كاتب هو وأجنبيون فسواء على كل واحد منهم حصته من الكتابة دون أصحابه وله أن يعجز ولسيده أن يعجزه إذا عجز وهو كالمكاتب وحده في هذا كله وله أن يجعل الاداء فيعتق إذا كان مما يجوز تعجيله وإذا كاتب والدا ووملده أو إخوة فمات الاب أو الولد قبل يودي مات مملوكا وأخذ سيده ماله ورفعت حصته من الكتابة عن شركائه فيها، وكذلك للسيد أن يعتق أيهم شاء وإذا أعتقه رفعت عنهم حصته من الكتابة ولو كان على كل واحد منهم حصة
نفسه كما كانت قبل يعتق وليس للمكاتب أن يكاتب على نفسه وابن له مغلوب على عقله ولا صبي لان هذه حمالة مكاتب وحمالته لا تجوز عن غيره فإن كاتب على هذا فالكتابة فاسدة.(8/61)
ولد المكاتبة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وتجوز كتابة المرأة فإذا كاتبها سيدها وهي ذات زوج أو تزوجت بإذن سيدها فولدت أو ولدت من غير زوج في المكاتبة فولدها موقوف فإن أدت فعتقت عتق وإن ماتت قبل تؤدي ولها مال تؤدي منه مكاتبتها أو يفضل أولا مال لها فقد ماتت رقيقا ومالها إن كان لها لسيدها وولدها رقيق لانهم لم يكن لهم عقد مكاتبة فيكون عليهم حصة يؤدونها فيعقتون لو لم تؤد أمهم وليسوا كولد أم الولد التي لا ترق بحال المكاتبة قد ترق بحال وليس كذلك أم الولد في قول من قال لا ترق أم الولد وقد قيل ما ولدت المكاتبة فهم رقيق لان امهم لم تكن حرة والقول الاول أحب إلى، وإذا جنى على الولد الذي ولدته في المكاتبة جناية تأتي على نفسه قبل تؤدي أمه ففيها قولان أحدهما أن قيمته لسيده ومن قال هذا قال ليست تملك المرأة ولدها فلا يكون سبب ملك لها كما يملك المكاتب ولد أمته وإن كان ولده (1) كان سبب ملك له، وكذلك ما اكتسب أو صار له ثم مات قبل يعتق فهو لسيده لانه مات رقيقا وليس لامه من ماله في حياته شئ لانه ليس برقيق لها ومن قال هذا أخذ سيده بنفقته صغيرا ولا يأخذ به أمه لانها لا تملكه وإن عتقت عتق، وإذا اكتسب مالا أو صار له بوجه من الوجه أنفق عليه منه ووقف ولم ين للسيد أخذه فإن مات المولود قبل تعتق فهو مال لسيده وإن عتق المولود بعتق أمه فهو مال للمولود وإنما فرقت بينه وبين ابن المكاتب من أمته لان أمه لا تملكه ولكن يكون حكمه بها وليس ملكا لها وملك المكاتب إذا ولدت جاريته فماة لدت جاريته مملوك له لو كان يجري على ولده رق كرق غير ولده ولو أن مكاتبه ولدت ولدا فأعتقهم السيد جاز العتق لما وصفت ولو ولد للمكاتب من جاريته ولد فأعتقه السيد لم يجز عتقه وكذلك لو ملك مكلك مكاتب أباه وأمه وولده فأعتقهم السيد لم يجز عتقه كما لا يجوز له إتلاف شئ من مال مكاتبه وما ولدت المكاتبة بعد كتابتها بساعة أو أقل منها فهو كما وصفت وما ولدت قبل الكتابة فهو مملوك لسيده خارج مما وصفت.
والقول الثاني: أن
أمهم أحق بما ملكوا تستعين به لانه يعتق بعتقها والاول أشبهما، وإذا كان مع المكاتبة ولد فاختلفت هي والسيد فيه فقال ولدته قبل الكتابة وقالت هي بعد الكتابة فالقول قول السيد مع يمنيه وعليها البينة فإن جاءت بها قبلت وإن جاءت هي وسيدها ببينة طرحت البينتين وكان القول قول السيد ما لم تكن الكتابة متقادمة والمولود صغير لا يولد مثله قبل المكاتبة وإنما يصدق السيد على ما يمكن مثله وأما ما لا يمكن مثله فلا يصدق عليه وما ولدت المكاتبة بعد الكتابة من ذكر أو أنثى فسواء فإن ولد لولدها في الكتابة فولد بناتها بمنزلة بناتها وولد بنيها بمنزلة أمهم فأمهم إن كانت أمة فهم لسيد الام وإن كانت حرة فهم أحرار وإن كانت مكاتبة فهم بمنزلة أمهم وهكذا ولد ولدها ما تناسلوا ويقيت المكاتبة، وليس للمكاتبة أن تتزوج إلا بإذن سيدها فإن فعلت بغير إذن سيدها فولدت أو ولدت من غير زوج فولدها بمنزلتها وسواء ما كانوا حلالا بنكاح بإذن السيد أو حراما بفجور بغير إذن السيد لان حكمها في حكم أم الولد.
__________
(1) لعله (فكان سبب ملك له) وقوله (وملك المكاتب إذا ألخ) ولعله (وإما المكاتب إذا) تأمل.(8/62)
مال المكاتبة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى والسيد ممنوع من مال المكاتبة كما يمنع من مال المكاتب كما وصفت وممنوع من وطئها كما يمنع من الجناية عليها لانها تملك بوطئها على غير حرام عوضا كما تملك بالجناية عليها وما استهلك من مالها قال فإن وطئها الذى كاتبها طائعة أو كارهة فلا حد عليه ولا عليها ويعزر وهى إن طاوعت بالوطئ إلا أن يكون أحدهما جاهلا فيدرأ عنه التعزير بالجهالة أو تكون مستكرهة فلا يكون عليها هي تعزير وعليه في إصابته إياها مهر مثلها يؤخذ به يدفعه إليها فإن حل عليها نجم جعل النجم قصاصا منه وإن لم يحل عليها نجم وكان مفلسا جعل قصاصا مما عليها إلا أن يوسر قبل يحل نجم فيكون لها أخذه به، سواء في أن لها مهر مثلها طائعة وطئها أو كارهة لانه لا حد في الوطئ كما توطأ طائعة بنكاح فاسد فيكون لها مهر مثلها وتغصب فيكون لها مهر لانها لاحد عليها فإن حملت المكاتبة فولدت من سيدها فالمكاتبة بالخيار بين أخذ المهر وتكون على التكابة والعجز فإن اختارت ذلك فلها المهر
وكانت على الكتابة فإن أدت عتقت فإن مات السيد قبل الاداء عتقت لانها أم ولده في قول من يعتق أم الولد وبطلت عنها الكتابة ومالها لها لان مالها كان ممنوعا من سيدها بالكتابة وليس مالها كما أم الولد غير المكاتبة لان تكل مملوكة وأنه سيدها غير ممنوع من مالها وإن اختارت العجز كانت أم ولد وكان مالها لسيدها وإن مات سيدها كان لورثته بعد موته وبطل عن سيدها مهرها لانهم ملكوا من مالها ما يملك السيد بتعجيزها نفسها، وإن أصاب السيد مكاتبته مرة أو مرارا لم يكن لها إلا صداق واحد حتى تخير فتختار الصداق (1) أو العجز فإن خيرت فعاد فأصابها السيد فلها صداق آخر فإذا خيرت فاختارت الصداق ثم أصابها فلها صداق آخر وكلما خيرت فاختار الصداق ثم أصابها فلها صداق آخر كناكح المرأة نكاحا فاسدا فإصابة مرة أو مرار توجب صداقا واحدا فإذا فرق بينهما وقضى بالصدق ثم نكحها نكاحا أخر فلها صداق آخر وإن ولدت مكاتبة رجل جارية فأصاب الجارية بنت المكاتبة فلها مهرها عليه وإن حبلت فليست كأمها إذا حبلت لانها لا حصة لها في الكتابة إنما تعتق أمها فتعتق يعتقها أو يموت السيد فتعتق بأنها أم ولد أو تعجز الام فتكون رقيقا وتكون هي أم ولد ولا تخير في ذلك وإذا وطئ أمة للمكاتبة فللمكاتبة عليه مهر الامة كما يكون لها عليه جناية لو جناها على الامة وإن حملت الامة فهي أم ولد له وعليه مهرهها وقيمتها للمكاتبة حال في ماله تأخذه به إلا أن تشاء أن تجعله قصاصا من كتابتها ولو وطئ أمة لولد ولد المكاتبة في الكتابة لزمه ما وصفت من المهر إن لم تحمل والمهر والقيمة إن حملت لان كل ذلك مال ممنوع منه.
المكاتبة بين اثنين يطؤها أحدهما (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا كانت المكاتبة بين اثنين فوطئها أحدهما فلم تحبل فعل الواطئ لها مهر مثلها وليس للذي لم يطأها أخذ شئ منه ما كانت على المكاتبة فإن عجزت أو اختارت العجز قبل تأخذ المهر كان للذي لم يطأها أخذ نصف المهر من شريكه الواطئ وإن دفعه شريكه
__________
(1) قوله: أو العجز، لعله زائد من قلم الناسخ كما لا يخفى.
وقوله (فإن خيرت) أي واختاره الصداق، فتأمل.(8/63)
الواطئ إلى المكاتبة ثم عجزت أو اختارت العجز بعد دفعه إياه إليها لم يرجع الشريك على الواطى بشئ لانه قد أعطاها المهر وهي تمكله وسواء كان ذلك بأمر سلطان أو غير أمره وإذا عجزت وقد دفع إليها المهر فوجدا في يدها مالا المهر وغيره فأراد الذي لم يطأ أن يأخذ المهر دون شريكه الواطئ لم يكن ذلك له لانه كان ملكا لها في كتابتها وكل ما كان ملكا لها فهو بينهما نصفان ولو حبلت فاختارت العجز كان لسيدها الذي لم يطأ.
نصف المهر ونصف قيمتها على الواطئ ولو حبلت فاختارت المضى على الكتابة مضت عليها وأخذت المهر من وطئها وكان لها فإذا أخذته ثم عجزت لم يرجع شريكه عليه بشئ من المهر ورجع عليه بنصف قيمتها وكانت أم ولد للواطئ، وهكذا لو حبلت فاختارت المضى على الكتابة وأخذت المهر من وطئها ثم مات السيد قبل أن تؤدي عتقت بموته في قول من يعتق أم الولد ورجع الشريك على الميت بنصف قيمة الامة في ماله لان الكتابة بطلت بوطئه، ولو أن مكاتبة بين رجلين وطئها الرجلان معا كان على كل واحد منهما مهر مثلها فإن عجزت أو اختارت العجز والمهران سواء فلكل واحد منهما قصاص بما علين صاحبه وإن كان المهران مختلفين كأن أحدهما وطئها في سنة أو بلد مهر مثلها فيه مائة ثم وطئها الآخر في سنة أو بلد مهر مثلها فيه مائتان فمائة بمائة ويرجع الذي لزمه مهر مائة على الذي لزمه مهر مائتين بخمسين لانها نصف المائة وحقه مما للجارية النصف ويبطل نصف الواطئ عنه بعجزها (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو كانت لرجلين مكاتبة فوطئها أحدهما ثم وطئها الآخر كان لها على كل واحد منهما مهر مثلها وإن عجزت لم يكن لها على واحد منهما مهر بالاصابة وكان نصف مهر مثلها على كل واحد منهما لصاحبه بما لزمه من المهر كرجلين بينهما جارية فوطئها معا فلكل واحد منهما على صاحبه نصف المهر يكون أحد النصفين قصاصا من الآخر وهذا كله إذا لم تحبل ولو أصابها من إصابة أحدهما نقص ضمن أرش نقصها مع ما يلزمه من المهر، ولو أفضاها أحدهما ضمن لشريكه نصف قيمتها ونصف مهرها، ولو أفضيت فادعى كل واحد منهما على صاحبه أنه أفضاها تحالفا ولم يلزم واحدا منهما لصاحبه في الافضاء شئ، ولو تناكرا الوطئ لم يلزم أحدهما بالوطئ شئ حتى يقر به أو تقوم به عليه بينة (قال الربيع) أفضاها يعنى شق الفرج إلى الدبر وفيه الدية إذا كانت حرة وهي على العاقلة وذلك عمد الخطأ وكذلك السوط والعصا مغلظة منها ثلاثون حقة وثلاثون
جذعة وأربعون خلفة في بطونها أولادها، وإذا أفضى الرجل أمة لرجل فعليه قيمها في ماله والشافعي يجعل قيمتها على العاقلة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا كانت المكاتبة بين اثنين فوطئها أحدهما ثم وطئها الآخر فجاءت بولد لستة أشهر من وطئ الآخر منهما فتداعياه معا أو دفعاه معا وكلاهما يقر بالوطئ ولا يدعي الاستبراء خيرت المكاتبة بين العجز وتكون أم ولد والمضى على الكتابة فإن اختارت العجز أرى الولد القافة فإن ألحقوه بهما لم يكن ابن واحد منهما وحيل بينهما وبين وطئ الامة وأخذا بنفقتها وكان لها أن يؤجراها والاجارة بينهما على قدر نصيبهما فيها ويحصى ذلك كله فإذا كبر المولود فانتسب إلى أحدهما قطعت أبوة الآخر عنه وكان ابنا للذي انتسب إليه فإن كان موسرا ضمن نصف قيمة الامة وكانت أم ولد له في قول من لا يبيع أم الولد وإن كان معسرا فنصفها بحاله لشريكه وليس وطؤه إياها بأكثر من أن يعتقها وهو معسر ويرجع الذي له فيها الرق على الذي لحق به الولد بنصف قيمة الولد ويكون الصداقان ساقطين عنهما إن كانا مستويين ويرجع أحدهما على الآخر بفضل إن كان في أحد الصداقين فيكون له نصفه كما وصفت (قال الربيع) قال أبو يعقوب ويرجع الذي لم ينتسب إليه على الذي انتسب إليه بما أنفق (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإن كان موسرا فصارت أم ولد له(8/64)
واختارت العجز فكانت إصابة الذي لم يلحق به الولد قبل إصابة الذي لحق به الولد ولم تأخذ الصداق منه كان للذي لحق به الولد نصف ذلك الصداق عليه وكان له نصف الصداق على الذي لحق به الولد ونصف قيمة الجارية وفي نصف قيمة الولد قولان أحدهما أنه له يوم سقط.
والثاني لا شئ له منه لانه كان به العتق ولو كام وطئ الذي لم يلحق به الولد بعد وطئ الذي لحق به الولد ففي ما عليه من الصداق قولان أحدهما أن صاحبه الذي لحق به الولد يضمن له نصف المهر لانه وطئ أمة بينه وبينه ويضمن هو لصاحبه المهر كله لانه وطئ أمة آخر دونه.
والثاني أنه لا يضمن إلا نصف المهر كمنا ضمن له الآخر لانها لا تكون أمة له إلا بعد أداء نصف قيمتها إليه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو وطئها أحدهما ثم جاءت بولد ثم وطئها الآخر بعده فجاءت بولد وكلاهما ادعى ولده ولم يذكر ولد صاحبه فإن كان الاول موسرا وأدى نصف قيمتها فهي أم ولد له وعليه نصف قيمتها لشريكه.
والقول في نصف قيمة
ولدها منه ما وصفت ويلحق الولد بالواطئ الآخر وعليه مهرها كله وقيمة الولد كله يوم سقط تكون قصاصا من نصف قيمة الجارية لانه وطئ أم ولد غيره وإنما لحق به الولد للشبهة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو وطئاها معا أحدهما بعد الآخر وجاءت بولدين فتصادقا في الولدين وادعى كل واحد منهما أن ولده قبل ولد صاحبه ألحق بهما الولدان وأوقف أمر أم الولد وأخذا بنفقتها فإذا مات الاول منهما عتق نصيبه وأخذ الاخر بالنفقة على نصيب نفسه فإذا مات عتقت وولاؤها موقوف إذا كانا موسرين في قول من يعتق أم الولد وإن كانا معسرين أو أحدهما معسر والآخر موسر فولاؤها موقوف بكل حال، والله أعلم.
تعجيل الكتابة (أخبرنا الربيع) قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا كاتب الرجل عبده كتابة معلومة إلى سنين معلومة فأراد المكاتب أن يعجل للسيد الكتابة قبل محل السنين وامتنع السيد من قبولها فإن كانت الكتابة دنانير أو دراهم جبر السيد على أخذها منه وعتق المكاتب، وهكذا إن كاتبه ببلد ولقيه ببلد غيره فقال لا أقبض منك في هذا البلد جبر عل القبض منه حيث كان إلا أن يكون في طريق فيه حرابة أو في بلد فيه نهب فلا يجبر على اخذها منه في هذين الموضعين إذا لم يكونا بالبلد الذى كاتبه فيه فإذإ كانا بالبلد الذي كاتبه فيه جبر على أخذها منه في هذين الموضعين ولا يكلف المكاتب أن يعطيه ذلك بغير البلد الذي كاتبه فيه (قال الشافعي) وهكذا ورثة الرجل يكاتب عبده فيموت يقومون مقامه فيما لزم المكاتب له ولزمه للمكاتب من الاداء (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو كاتبه على عرض من العروض فإن كان لا يتغير على طول الحبس كالحديد والنحاس والرصاص والحجارة وغيرها مما لا يتغير على طول الحبس كالدنانير والدراهم يلزم السيد أن يقبله منه بالبلد الذي كاتبه فيه أو شرط دفعه به ولا يلزمه أن يقبله ببلد غيره لان لحمولته مؤنة وليس كالدنانير والدراهم التي لا مؤنة لحملها في هذا الوجه وما كنت جابرا عليه الرجل له على الرجل الدين أن يأخذه جبرت عليه سيد المكاتب وما لم أجبر عليه الرجل لم أجبر عليه سيد المكاتب على قبضه وكل ما شككت فيه أيتغير أم لا يسأل أهل العلم به فإن كان لا يتغير من طول الحبس فهو كالحديد والرصاص وما وصفت وإن كان يتغير لم يلزم السيد أن
يقبضه منه إلا بعد ما يحل على المكاتب وذلك الحنطة والشعير والارز والحيوان كله مما يتغير في نفسه(8/65)
بالنقص فمتى حل من هذا شئ فتأخر سنة أو أكثر ولم يعجز سيد المكاتب ثم قال سيده لا أقبضه لانه في غير وقته جبر على قبضه إلا أن يبرئه منه لانه حال وإنما يأخذه قضاء قال هذا مكتوب في كتاب البيوع إلى الآجال.
فإن قال قائل فهل بلغك في أن يلزم سيد المكاتب أن يتعجل منه الكتابة إذا تطوع بها المكاتب قبل محلها ؟ قيل نعم.
روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن مكاتبا لانس جاءه فقال إنى أتيت بمكاتبتي إلى أنس فأبى يقبلها فقال إن أنسا يريد الميراث ثم أمر أنسا أن يقبلها أحسبه قال فأبى فقال آخذها فأضعها في بيت المال فقبلها أنس وروى عن عطاء بن أبى رباح أنه روى شبيها بهذا عن بعض الولاة وكأنه أعجبه والمكاتب الصحيح والمعتوه في هذا سواء إذا كاتب الرجل عبده ثم عته جبر وليه على أخذ ما يجبر عليه سيد المكاتب الصحيح وكذلك نجبر ورثة السيد البالغين على ما يجبر عليه السيد وأولياء المحجورين على ذلك.
وإذا تداول على المكاتب نجمان أو أكثر ولم يعجزه السيد ثم قال أنا أعجزه لم يكن ذلك له حتى يقال للمكاتب أد جميع ما حل عليك قد يما وحديثا فإن فعل فهو على الكتابة وإن عجز عن شئ من ذلك قديم أو حديث فهو عاجز.
بيع المكاتب وشراؤه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا باع السيد شقصا في دار للمكاتب فيها شئ فللمكاتب فيه الشفعة لان السيد ممنوع من مال المكاتب ما كان حيا مكاتبا كما يمنع من مال الاجنبي ولو أن المكاتب كان البائع كان السيدة فيه الشفعة وسواء كان المكاتب باع بإذن سيده أو بغير إذن سيده إذا باع بما يتغابن الناس بمثله (قال) وإذا باع المكاتب بإذن سيده الشقص فقال الذي اشترى بإذنه أن السيد قد سلم لي الشفعة لم يكن ذلك تسليما للشفعة ألا ترى لو أن أجنبيا كان له في الدار شقص فأذن له شريك له في الدار أن يبيع شقصه لم يكن ذلك تسليما للشفعة لان إذنه وصمته سواء وله أن يشقع ولو أذن سيد المكاتب للمكاتب أن يبيع شقصه بما لا يتغابن الناس بمثله فباع به المكاتب جاز البيع وكان للسيد الشفعة في البيع ولا يكون هذا تسليما للشفعة فإن قال للمشترى أحلفه لى ما كان اذنه تسليما للشفعة لم
نحلفه لانه لو سلم الشفعة قبل البيع كان له أن يستشفع وإنما نحلفه إذا قال سليم الشفعة بعد البيع، ولو باع المكاتب مالا شفعة فيه من عرض أو عبد أو متاع أو غيره فقال سيده أنا آخذه بالشفعة لم يكن ذلك له ولم تكن له الشفعة في شئ باعه مكاتبه إلا كما تكون له الشفعة فيما باع الاجنبي ولا يجوز للمكاتب أن يبيع شيئا من ماله إلا بما يتغابن الناس بمثله لان بيعه بما لا يتغابن الناس بمثله إتلاف وهو يومئذ ممنوع من إتلاف قليل ماله وكثيره إذا باع بما لا يتغابن الناس بمثله بغير إذن سيده فالبيع فيه فاسد فإن وجد بعينه رد إن فلت فعلى مشتريه مثله إن كان له مثل وإن لم يكن له مثل فقيمته، وإن كان الذي باع عبدا فأعتقه المشترى فالعتق فيه باطل وهو مردود، وكذلك إن كانت أمة فولدت للمشتري فالامة مردودة وعلى الشمتري عقرها وقيمة ولدها يوم سقط ولدها وولدها حر وإن ماتت فعلى المشترى قيمتها وعقرها وقيمة ولدها وإن لم تكن ولدت فوطئها المشترى فعليه عقرها وردها وإن نقصت فعليه ردها ورد ما نقص من ثمنها ولو أراد السيد في هذه المسائل إنفاذ البيع لم يجز ولا يجوز إذا عقد بغير إذنه والبيع مفسوخ بحاله حتى يحدد المكاتب بيعا باذن السيد مستأنفا فيجوز إذا كان لا يتغابن الناس بمثله أو يجدد بغير إذن سيده بيعا يتغابن الناس بمثله ولو قال السيد قد عفوت للمكاتب البيع وأنا أرضى أن لا(8/66)
أرده لم يجز.
وكذلك لو قال السيد قد عفوت رد البيع وعفوت ما لزم المشترى من عقر وقيمة ولد وقيمة شي ء إن فات من البيع فقال المكاتب لا أعفوه كان ذلك للمكاتب وإذا قال لا أفعل لان فعل الاول كان فيه غير جائز.
وكذلك لو قال المكاتب قد عفوته وقال السيد لا أعفوه لم يجبرا جميعا على عفو شئ منه فإذا اجتمعا على إحداث بيع فيه جاز بيعهما مستأنفا ولم يكن العبد المعتق عتيقا ولا أم الولد في حكم أمهات الاولاد حتى يجتمعا على بيع جديد أو يبيعه المكاتب وحده بيعا جائزا فإذا كان ذلك فأحدث المشترى للعبد عتقا عتقن ولام الولد وطئا تلد منه كانت في حكم أم الولد وإن لم يحدث ذلك بعد البيع الجائز فالعبد والامة مملوكان لسيدهما يبيعهما ولورثته إن مات قبل أن يحدث ذلك لهما مالكهما وهكذا كل ما باع المكاتب بما لا يتغابن الناس بمثله في هذا لا يختلف فإذا ابتدأ المكاتب البيع بإذن سيده بما لا يتغابن الناس بمثله فالبيع جائز وإن أراد السيد رد البيع بعد إذنه له أو أراده معا لم يكن لهما
ذلك لان البيع كان جائزا فلا يرد وإن أقر السيد بالاذن للمكاتب أن يبيع شيئا من ماله بما لا يتغابن الناس بمثله ثم قال قد رجعت في إذني بعد وصدقه المكاتب أو كذبه فسواء إذا كان ذلك بعد البيع ويلزمهما البيع إلا أن تقوم بينة برجوعه عن الاذن به قبل البيع فيرد البيع وإن باع المكاتب بما لا يتغابن الناس بمثله فقال المشترى كان ذلك بإذن السيد وأنكر السيد فعلى المشتري البينة وعلى السيد اليمين وإن وهب المكاتب من من ماله شيئا قل أو كثر لم يجز له فإن أجازه السيد فهو مردود ولا تجوز هبة المكاتب حتى يبتدئها بإذن السيد فإذا ابتدأها بإذن السيد جازت كما تجوز هبة الحر وإنما قلت هذا أن مال المكاتب لا يكون إلا له أو لسيده فإذا اجتمعا معا على هبته جاز ذلك وكذلك يجوز ما باع المكاتب بإذن سيده بما لا يتغابن الناس بمثله وذلك أقل من الهبة قال وشراء المكاتب كبيعه لا يختلفان لا يجوز أن يشتري شيئا بما لا يتغابن الناس بمثله فإن هلك في يدي المكاتب فعليه قيمته كما قلنا في بيعه فإن كان شراؤه بما لا يتغابن الناس بمثله بإذن سيده جاز عليه كما يجوز بيعه (قال) ولو اشترى المكاتب شيئا أو باعه بما لا يتغابن الناس بمثله فعلم به السيد فلم يرده السيد وسلمه أو لم يسلمه أو لم يعلم به حتى عتق المكاتب في الحالين معا كان للمكاتب أخذه ممن باعه فإن فات كان للمكاتب اتباعه بقيمته إن كان مما لا مثل له أو بمثله إن كان مما له مثل ولو اشترى المكاتب جارية بما لا يتغابن الناس بمثله فأحبلها أو عتق فولدت فالبيع فيها مردود عليه وعليه عقرها وقيمة ولدها حين ولد وولدها حر لا يملك كما كان ذلك يكون له في بيع الجارية مما لا يتغابن الناس بمثله بغير إذن وهكذا لو اشترى عبدا بما لا يتغابن الناس بمثله فلم يرد البيع حتى عتق المكاتب ثم أعتقه كان العتق غير مجيز للبيع لان أصل البيع كان مردودا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولو باع المكاتب أو اشترى بيعا وشراء جائزا على أن المكاتب بالخيار أو المكاتب ومبايعة بالخيار ثلاثا أو أقل فلم تمض أيام الخيار حتى مات المكاتب قام السيد في الخيار مقام المكاتب فإذا كان للمكاتب الخيار فله الرد وإمضاء البيع (قال) ولو باع المكاتب أو اشترى شراء جائزا بلا شرط خيار فلم يتفرق المكاتب وبيعه عن مقامهما الذي تبايعا فيه كتى مات المكاتب وجب البيع لانه لم يختر الرد حتى مات فالبيع جائز بالعقد الاول ولا يجوز للمكاتب أن يهب للثواب لان من أجاز الهبة للثواب فأثيب الواهب اقل من قيمة هبته وقبل ذلك لم يجعل للواهب الرجوع في هبته وجعلها كالرضا منهم
يلزمهم منه ما رضوا به ولا يجوز للمكاتب أن يتصدق بقليل ولا بكثير من ماله ولا أن يكفر كفارة يمين ولا كفارة ظهار ولاقتل ولا شيئا من الكفارات في الحج لو أذن له فيه سيده أو غير ذلك من ماله ولا يكفر ذلك لكه إلا بالصوم ما كان مكاتبا فإن أخر ذلك حتى يعتق جاز له أن يكفر من ماله لانه حينئذ(8/67)
مالك لماله والكفارات خلاف جنايته لان الكفارات تكون صياما فلا يكون له أن يخرج من ماله شيئا وغيره يجزيه والجنايات وما استهلك للآدميين لا يكون فيه إلا مال بكل حال وكل ما قلت لا يجوز للمكاتب أن يفعله في ماله ففعله بغير إذن السيد فلم يرده السيد حتى عتق المكاتب وأجزاه السيد أو لم يجزه لم يجز لانى إنما أجيز كل شئ وأفسده بالعقد لا بحال تأتى بعد العقد وإذا استأنف فيما فعل من ذلك هبة أو شيئا يجوز أو أمرا لمن هو في يديه من كتابته بإذن سيده أو بعد عتقه جاز ذلك ولو أعتق المكاتب عبدا له بغير إذن سيده أو كاتبه فأدى إليه فلم يرد ذلك السيد حتى عتق المكاتب فلم يحدث المكاتب للعبد عتقا حتى مات العبد المعتق فأراد تجديد العتق للميت لم يكن عتقا لان العتق لا يقع على ميت وما أبتدأ المكاتب بإذن سيده من هبة أو بيع ما لا يتغابن الناس بمثله فهو له جائز لانه إنما يمنع من إتلاف ماله لئلا يعجز فيرجع إلى سيده ذاهب المال فإذا سلم ذلك سيده قبل يفعله ثم فعله فما صنع فيه مما يجوز للحر جاز له (قال) وإذا أذن الرجل لمكاتبه أن يعتق عبده فأعتقه أو أذن له أن يكاتب عبده على شئ فكاتبه وأدى المكاتب الآخر قبل الاول الذي كاتبه أو لم يؤد فلا يجوز في هذا إلا واحد من قولين.
أحدهما أن العتق والكتابة باطل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الولاء لمن أعتق) فلما كان المكاتب لا يجوز له ولاء لم يجز أن يعتق ولا يكاتب من يعتق بكتابته وهو لا ولاء له ومن قال هذا قال ليس هذا كالبيوع ولا الهبات ذلك شئ يخرج من ماله لا يعود عليه منه بحال والعتق بالكتابة شئ يخرج من ماله فيه على المعتق حق ولاء فلما لم نعلم مخالفا أن الولاء لا يكون إلا لحر لم يجز عقته بحال.
والقول الثاني أن ذلك يجوز وفي الولاء قولان: أحدهما أنه إذا عتق عبد المكاتب أو مكاتبة قبله فالولاء موقوف أبدا على المكاتب فإن عتق المكاتب فالولاء له لانه المالك المعتق وإن لم يعتق حتى يموت فالولاء لسيد المكاتب من قبل أنه عبد عبده عتقن والثاني أنه لسيد المكاتب بكل حال لانه عتق بإذنه في
حين لا يكون له بعتقه ولاؤه فإن مات عبد المكاتب المعتق أو مكاتبه بعد ما يعتق وقف ميراثه في قول من وقت الميراث كما وصفت يوقف ولاؤه فإن عتق المكاتب الذي أعتقه فهو له فإن مات قبل يعتق أو عجز فالمال لسيد المكاتب المعتق إذا كان حيا يوم يموت معتق مكاتبه فإن كان ميتا فلورثته من الرجال كما يكون ذلك لهم ممن أعتقه بنفسه وميراثه في القول الثاني لسيد المكماتب لان له ولاءه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فأما ما أعطى المكاتب سيده الذي كاتبه ببيع لا يتغابن الناس بمثله أو هبة أو صدقة فذلك جائز لسيده كما يجوز له من حر لو صنعه به لانه مال لعبده فيأخذه كيف شاء وإذا باع للسيد مكاتبه لم يحل البيع بينهما إلا كما يحل بين سيده وبين حر أجنبي لا يختلف في مال كل واحد منهما إن باعه من صاحبه وكذلك ما أخذه منه في مكاتبته وكذلك ما باع السيد لمكاتبه لم يحل البيع بينهما إلا بما يحل بين الحرين الاجنبيين ويجوز بينهما التغابن فيما السيد من المكاتب والمكاتب من السيد وإن كثر لانه لا يعدو أن يكون مالا لاحدهما وكما يجوز البيع بين الحرين يتبايعان برضاهما وليس للمكاتب أن يبيع شيئا من ماله بدين وإن كثر فضله فيه بحال ورهن فيه رهنا وأخذ به حميلا لان الرهن يهلك والغريم والحميل يفلس ولا يجوز للمكاتب في الدين إلا ما يجوز للمضارب إلا بإذن سيده وليس للمكاتب أن يضارب أحدا وله أن يبيع بخيار ثلاث إذا قبض الثمن لان البيع مضمون على قابضه إما بالثمن وإما بالقيمة وللمكاتب أن يشتري بالدين وإن لم يأذن له سيده لان ذلك نظر له وغير نظر للذي أدانه وله أن يستسلف وليس له أن يرهن في سلف ولا غيره لانه ليس له أن يتلف شيئا من مله ولان الرهن غير مضمون وليس للمكاتب أن يسلف في طعام لان ذلك دين قد يتلف وله أن يتسلف في طعام لان(8/68)
التلف على الذي يسلف وما كرهت من شراء المكاتب وغيره من البيوع على غير النظر فهو مكروه بينه وبين ولد سيده ووالده ولا أكرهه لسيده.
قطاعة المكاتب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا كاتب الرجل عبده على شئ معلوم يجوز له فإن أتاه قبل تحل نجومه فعرض عليه أن يأخذ منه شيئأ غيره أو يضع عنه منه شيئا ويعجل له العتق لم يحل له فإن كانت نجومه غير حالة فسأله أن يعطيه بعضها حالا على أن يبرئه من الباقي فيعتق لم يجز ذلك له كما لا
يجوز في دين إلى أجل عل حر أن يتعجل بعضه منه على أن يضع له بعضا فإن فعل هذا في المكاتب رد على المكاتب ما أخذ منه ولم يعتق المكاتب به لانه أبرأه مما لا يجوز له أن يبرئه منه وإن فعل هذا على أن يحدث للمكاتب عتقا فأحدثه له فالمكاتب حر ويرجع عليه سيده بالقيمة لانه أعتقه ببيع فاسد كما قلت في أصل الكتابة الفاسدة ولا يجوز للسيد على الممكاتب من الكتابة شئ لانها بطلت بالعتق ويكون له عليه القيمة كما وصفت فإن أراد أن يصح هذا لهما فليرض المكاتب بالعجز ويرض السيد منه بشئ يأخذه منه على أن يعتقه فإن فعل فالكتابة باطلة والعتق على ما أخذ منه جائز لا يتراجعان فيه بشئ (قال) ولو كاتبه بعرض فأراد أن يعجله دنانير أقل من قيمة العرض على أن يعتقه لم يجز لامرين: أحدهما أنه وضع عنه ليعجله العتق فكان ما يعجل منه مقسوما على عتق من لا يملكه بكماله وعلى شئ موصوف بعينه فلم تعلم حصة كل واحد منهما.
والثاني أنه ابتاع منه يشئا له عليه قبل أن يقبضه السيد منه وهكذا إن كاتبه بشئ فأراد أن يأخذ منه به شيئا غيره لا يختلف ولو حلت نجومه كلها وهي دنانير فأراد أن يأخذ بها منه دراهم أو عرضا يتراضيان به ويقبضه السيد قبل أن يتفرقا كان جائز وكان حرا إذا قبضه على ان المكاتب برئ مما عليه كما لو كان له على رجل حر دنانير حالة فأخذ بها منه عرضا أو دراهم يتراضيان بها وقبض قبل أن يتقرقا جاز وعتق المكاتب ولم يتراجعا بشئ ولو كانت للمكاتب على السيد مائة دنيار حالة وللسيد على المكاتب ألف درهم من نجومه حالة فأراد المكاتب والسيد أن تجعل المائة التي له على سيده قصاصا بالالف التي عليه لم يجز لانه دين بدين وكذلك لو كان دينه عليه عرضا وكتابته نقدا ولو كانت كتابته دنانير ودينه على سيده دنانير حالة فأراد أن يجعل كتابته قصاصا بمثلها جاز لانه حينئذ غير بيع إنما هو مثل القضاء ولو كان للمكاتب على رجل مائة دينار وحلت عليه لسيده مائة دينار فأراد أن يبيعه المائة التي عليه بالمائة التي له على الرجل يجز ولكن إن أحاله على الرجل فحضر الرجل ورضى السيد أن يحتال عليه بالمائة جاز ويبرئه وليس هذا بيعا وإنما هو حوالة والحوالة غير بيع وعتق العبد إذا أبرأه السيد ولو أعطاه بها حميلا لم تجز الحمالة عن المكاتب ولو حلت على المكاتب نجومه فسأل سيده أن يعتقه ويزخره بما عليه فأعتقه كان العتق جائزا وتبعه بما له عليه دينا وكذلك لو كانت النجوم إلى أجل فسأله أن يعتقه ويكون دينه في الكتابة عليه بحال جاز العتق وكان عليه دينا بحاله وهذا
كعبد قال للسيد أعتقني ولك على كذا حالة أو إلى أجل أو آجال.(8/69)
بيع كتابة المكاتب ورقبته (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا كانت لرجل على مكاتبه نجوم حالة أو لم تحل فلا يجوز له أن يبيع نجومه ولا شيئا منها حالا أو غير حال من أحد فإن باعه من أحد فالبيع مفسوخ فيه وإن قبضه المشترى رده فإن استهلكه رد مثله أو قيمته ورد عليه البائع الثمن الذي أخذه منه وإن كانت لرجل على مكاتبه نجوم ولم تحلل فباعها من أجنبي فقبضها الاجنبي من المكاتب أو ما يرضى به منها لم يعتق المكاتب لان أصل البيع باطل وليس هذا كرجل وكله سيد المكاتب يعتق المكاتب عتق ذلك كعتقه لانه وكيله وإنما فعله بأمر سيده وعتق هذا بشئ يأخذه لنفسه دون السيد وسع كتابة المكاتب يبطل من وجوه منها أنه دين (3) بدين غير ثابت كدين الحر ألا ترى أن المكاتب يعجز فلا يلزمه من الكتابة شئ أو لا ترى أن من أجاز بيع كتابته فقد أجاز غير شئ يأخذ المشترى ولا ذمة لازمة للمكاتب كذمة الحر وأنه إن قال إذا عجز كان له دخل عليه أقبح من الاول من قبل أنه بيع دين على مكاتب فصارت له ربة المكاتب ملكا ولم تبع الرقبة قط فإن قال في عقد بيع كتابة المكاتب إن أخذها المشتري وإلا فالعبد له.
قيل هذا محال ولو كان كما قلت كان حراما من قبل أنه بيع مالا يعلم البائع ولا المشتري في ذمة المكاتب هو أوفي رقبته أرأيت رجلا قال أبيعك دينا على حر فإن أفلس فعبدي فلان لك بيع فإن زعم أن هذا جائز فقد أجاز بيع ما لم يعلم وإن زعم أنه غير جائز فبيع كتابة المكاتب أولى أن يرد لما وصفت وأولى أن لا يملك المشتري بها رقبة المكاتب ولو أجاز هذا حاكم فعجز المكاتب فجعله رقيقا للذي اشترى كتابته فأعتقه لم يكن حرا ورد قضاؤه لانه لا يملكه بالبيع الفاسد والله سبحانه وتعالى أعلم.
هبة المكاتب وبيعه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولا يجوز لرجل أن يبيع مكاتبه ولا يهبه حتى يعجز فإن باعه أو وهبه قبل يعجز المكاتب أو يختار العجز فالبيع باطل ولو أعتقه الذي اشتراه كان العتق باطلا لانه أعتق مالا يملك وكذلك لو باعه قبل يعجز أو يرضى بالعجز ثم رضى بعد البيع بالعجز كان البيع مفسوخا حتى يحدث له بيعا بعد رضاه بالعجز وإذا باع سيد المكاتب المكاتب قبل يعجز أو يرضى بالعجز وأخذ
السيد مالا له فسخ البيع ورد على المكاتب ماله إلا أن يكون يحل نجم من نجومه فأخذ ما حل له منه وكذلك لو باعه وماله من رجل نزع مال المكاتب من يدي المشتري فكان على كتابته فإن فات المال في يدي المشتري رجع به المكاتب على سيده في ماله إن لم تكن حلت عليه الكتابة أو بعضها فإن كانت حلت أو بعضها كان قصاصا وكان على الكتابة وإن لم يفت ضمن المكاتب أيهما شاء إن شاء الذي امتلك ماله وإن شاء سيده ولو باعه ولا مال للمكاتب أو له مال قليل فأقام في يدي الشمتري سنتين وحل عليه نجمان من نجومه ثم رددنا البيع فسأل المكاتب أن ينظر سنين ليسعى في نجميه اللذين حلا عليه ففيه قولان أحدهما لا يكون ذلك له كما لو حبسه سلطان أو ظالم لم ينظره ببالحسب وكذلك لو مرض أو سبى لم ينظره بالمرض ولا السباء وكان له أن يحسب على سيده قيمة إجارة السنتين اللتين غلبه فيهما على البيع من نجومه فإن أدى ذلك عنه كتابته وإلا رجع عليه السيد بما بقي مما حل فأداه وإلا فهو عاجز وإن كان في إجارته من السنتين فضل عن كتابته عتق ورجع بالفضل فأخذه وسواء خاصم في ذلك العبد أو(8/70)
لم يخاصم إذا وقع ذلك وكان البيع قبل يعجز أو يرضى بالعجز وعلى هذا إذا كانت الكتابة منجمة وهكذا لو كاتبه السيد ثم عدا عليه فحبسه سنة أو أكثر فعليه إجارة مثله في حبسه فإن كان الحابس له غيره رجع عليه فأخذ منه إجارته ولم ينظر المكاتب بشئ من نجومه بعد محله إلا أن يشاء سيده والقول الثاني أنه ينظر بقدر حبس السيد له إن حبسه أو حبسه بالبيع وهذا إذا كانت الكتابة فاسدة فهو كعبد لم يكاتب في جميع أحكامه شرائه وبيعه وغيره.
جناية المكاتب على سيده (أخبرنا الربيع) قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: إذا جنى المكاتب على سيده عمدا فلسيده القود فيما فيه القود وكذلك ذلك لوارث سيده إن مات سيده من الجناية ولسيده ووارثه فيما ليس فيه القود الارش حالا على المكاتب فإن أداه فهو على الكتابة ولا تبطل الكتابة مات سيده من جنايته أو لم يمت فإن أداها فهو على الكتابة وإن لم يؤدها فله تعجيزه إن شاء فإذا عجزه بطلت الجناية إلا أن تكون جناية فها قود فيكون لهم القود أما الارش فلا يلزم عبدا لسيده ارش وإذا لم يلزم لسيده أرش لم يلزمه
لوارث سيده وإذا جنى المكاتب على سيده وأجنبيين فسيده والاجنبيون سواء في أخذ أرش الجناية من المكاتب ليس واحد منهم أولى من الآخر ما لم يعجز فإذا عجز سقط أرش جنايته على سيده ولزمته جنايته على الاجنبيين يباع فيها إذا عجز أو يفديه سيده متطوعا فإن عجز عن الجنايتين فأراد سيده تركه على الكتابة كان للاجنبيين تعجيزه وبيعه في جنايته إلا أن يفديه السيد بأرش الجناية متطوعا ولو أن مكاتبا بين رجلين فجنى على أحدهما جناية ضمن الاقل من أرش الجناية أو قيمته فإن أداها فهو على الكتابة وإن عجز عن أدائها مع الكتابة فللمجنى تعجيزه فإذا عجزه بطل عنه نسف الجناية لانه مالك نصفه ولا يكون له دين فيما يملك منه وكان لشريكه أن يفديه بالاقل من نصف أرش الجناية متطوعا أو نصف قيمته فإن لم يفعل بيع نصفه في أرش الجناية ولو كان المكاتب جنى عليهما معا جناية كان لكل واحد منهما عليه في الجناية وما للآخر فإن عجز المكاتب أو عجزاه أو أحدهما فهو عاجز ويسقط نصف أرش جناية كل واحد منهما كأنه جنى على كل واحد منهما موضحة وقيمتهما عشر من الابل فيخير كل واحد منهما بين أن يفدي تصيبه منه ببعيرين ونصف أو يسلم نصيبه منه فيباع منه ببعيرين ونصف فيأخذه صاحبه أو يكون أرش موضحتهما قصاصا فيكون على الرق ولو جنى على أحدهما موضحة وعلى الآخر مأمومة كان نصف أرش الموضحة للمجني عليه في نصف ما يملك شريكه منه ونصف أرش المأمومة فيها للمجني عليه مأمومة فيما يملك شريكه منه فعلى هذا، هذا الباب كله وقياسه.
جناية المكاتب ورقيقه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا جنى المكاتب جناية أو عبد للمكاتب أو المكاتبة جناية فلذلك كله سواء وعلى المكاتبة أو المكاتب في جنايتهما الاقل من قيمة الجاني منهما يوم جنى أو الجناية فإن قد على أدائها مع المكاتبة فهو مكاتب بحاله وله أن يؤديها قبل الكتابة إذا كانت حالة فإن صالح عليها صلحا صحيحا إلى أجل فليس له تأديتها قبل محلها لان هذا زيادة من ماله وليس له أن يزيده من(8/71)
ماله شيئا بغير إذن سيده وله أن يؤدي الكتابة قبل الجناية وقبل محل نجوم الكتابة لانه يجوز له فيما بينه وبين سيده من الزيادة ما لا يجوز له فيما بينه وبين الاجنبي وإن كان عليه دين وجناية وكتابة والدين
والجناية حالان كان له أن يؤديهما قبل الكتابة والكتابة قبلهما حالة كانت أو غير حالة ما لم يقوموا عليه ويقف الحاكم ماله كما يكون للحر أن يقضى بعض غرمائه دون بعض ما لم يقب الحاكم ماله إلا أنه يخالف الحر عليه الدين فلا يكون له أن يؤدي شيئا عليه من الدين قبل محله بغير إذن سيده لان ذلك زيادة من ماله وليس له أن يزيد من ماله بغير إذن سيده وله أن يؤدي ذلك إلى سيده لان المال ماله وماله لسيده وله أن يؤدي إلى الاجنبي ماله غير حال بإذن سيده وإذا وقف الحاكم ماله أدى عنه إلى سيده كتابته وإلى الناس ديونهم وجعلهم فيه شرعا فإن لم يكن عنده ما يؤدي هذا كله عجزه في مال الاجنبي وإن كره ذلك السيد والمكاتب معا إذا شاء ذلك الاجنبيون وإن شاء سيده أن يدع حقه عليه ويأخذ الاجنبيون حقوقهم فاستوفوا هم فهو على الكتاب ما لم يعجز سيده وإن شاء الاجنبيون وسيده إنظاره لم يعجز ومتى أنظر سيده والاجنبيون فشاء واحد منهم أن يقوم عليه حتى يستوفى حقه أو يعجزه فذلك له، وإذا عجزه السيد أو رضى المكاتب أو عجزه الحاكم (1) خير الحاكم سيده بين أن يتطوع أن يفديه بالاقل من أرش جنايته وكل ما كان في حكم الجناية من تحريق متاع أو غصبه أو سرقته أو رقبته فإن فعل فهو على رقه وإن لم يفعل بيع عليه فأعطى أهل الجناية وجميع ما كان في حكمها منه حصاصا لا يقدم واحدا منهم على الآخر وإن كان عليه دين أدانه إياه رجل من ييع أو غيره لم يحاصهم لان ذلك في ذمته ومتى عتق تبعه به وسواء كان فعله فيما يلزمه أن يباع فيه متفرقا بعضه قبل بعض أو مجتمعا لا يبدأ بشئ قبل شئ وكذلك لو جنى في كتابته على رجل وبعد التعجيز على آخر تحاصا جميعا في ثمنه وإن أبرأه بعض أهل الجناية أو صالح سيده له أو قضى بعضهم كان للباقين بيعه حتى يستوفوا أو يأتوا هم ومن يشركهم على ثمنه وجناية المكاتب على ابن سيده وأبيه وامرأته وكل مالا يملكه سيده كجنايته على الاجنبي لا تختلف، وكذلك جنايته على جميع أموالهم، وكذلك جنايته على أيتام لسيده وليس لسيده أن يعفو جنايته عن أحد منهم ولا يضع عنه منها شيئا إن كان المجني عليه حيا وإن كانت جناية المكاتب نفسا خطأ وكان سيده وارث المجني عليه ولا وارث له غيره فله أن يعفو عن مكاتبه جنايته وإن كان له وارث غيره معه فله أن يعفو حصته من الميراث وليس له أن يعفو حصة غيره منه وإن جنى المكاتب على مكاتب لسيده وكان المكاتب المجني عليه حيا فجنايته عليه كجناية على الاجنبيين يؤدي
المكاتب الاقل من أرش جنايته عليه أو قيمته فإن عجز عن أدائه خير سيده بين أن يؤدي سيده للمجني عليه الاقل من قيمته أو الجناية أو يدع فيباع ويعطى المكماتب أرش جنايته وما بقي رد على سيده وإن لم يبق شئ لم يضمن له سيده شئ شيئا وإن جنا على المكاتب لسيده جناية جاءت على نفسه فالجناية لسيده إن شاء أخذه بها أو يعجزه فيرد رقيقا وإن شاء عفاها فإن قطع المكاتب يد سيده ثم برأ السيد وأدى المكاتب إلى سيده فعتق أو أبرأه سيده من الكتابة أو عتق بأي وجه ما كان تبع المكاتب بأرش جنايته وإن برأ منها السيد ولم يؤديها المكاتب ثم مات السيد كان لورثته ما كان له من ابتاعه بالجناية أو يعجزونه فيباع ولو كاتب عبيده كتابة واحدة فجنى أحدهم كانت الجناية عليه دون الذين كاتبوا معه،
__________
(1) كذا في النسخ، والمراد: أن يخيره الحاكم، بين أن يفديه بالاقل من الارش، وبين أن يسلم رقبته، تأمل(8/72)
وكذلك ما لزمه من دين أو حق بوجه من الوجوه ولا تلزم أحدا من أصحابه ويكون كالمكاتب وحده إن أدى ما يلزمه بالجناية فهو على الكتابة وإن عجز كان رقيقا وبطلت الكتابة ثم خير سيده بين أن يفديه متطوعا أو يباع عليه ويرفع عن اصحابه حصته من الكتابة، وهكذا كل حق لزمه يباع فيه من تحريق متاع أو غيره فأما ما لزمه من دين أدانه به صاحب الدين طائعا فلا يباع فيه وهو في ذمته مكاتبا فإن أداه وإلا لزمه إذا عتق وإن جنى المكاتب على سيده جناية تأتى على نفسه كانت جنايته عليه كجنايته على غيره لا تبطل كتابته فإن أدى ما لزمه فيها فهو على الكتابة وإن عجز رد رقيقا إن شاء الورثة وإن كانت عمدا كان لهم عليه فها القصاص إلا أن يشاءوا العقل وكذلك لو لم تأت الجناية على نفس سيد المكاتب كان المكاتب على كتابته إن اقتص منه في العمد أو أخذ منه الارش إن كانت خطأ فإذا كانت الرجلان عبدا لهما فجنى على أحدهما جنايته فهو كعبد الرجل يكاتبه ثم يجنى فإن جنى على أحدهما فجنايته كجناية مكاتبه عليه إن أدى فهو على الكتابة وإن لم يؤد فهو عاجز وخير سيده الشريك فيه بين أن يفدى نصفه بما يلزمه أو يدعه فيباع نصفه في الجناية فإن كان في ثمن نصفه فضل عن نصف الجناية رد إلى سيدة وإلا لم يضمن سيده شيئا وسقط نصف الجناية لانه صار الجاني إلى السيد مملوكا (3)
وصنعوا بالنصف ما شاءوا لانه رقيق لهم إذا عجز وإذا جنى عليه جناية قيمتها عشر من الابل قيمة مائة فقال أودى خمسا من الابل وأكون على الكتابة لم يكن ذلك له حتى يؤدي أرش الجناية كلها إذا كانت قيمته أو أكثر منها ولا يبطل عنه من الجناية شئ حتى يعجز فإذا عجز بطل عنه نصفها، والله أعلم.
جناية عبيد المكاتب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا كان للمكاتب عبيد فجنى أحدهم جناية خير المكاتب في عبده بين أن يفديه بالاقل من أرش الجناية أو قيمة عبده يوم يجنى عبده إذا كان العبد يوم يجنى غبطة لو اشتراه الماتب بما يفديه به أو يدع فيباع فيوفى صاحب الجناية أرش جنايته فإن فضل شئ كان للمكاتب ولو جنى عبد المكاتب على رجل حر والعبد الجاني صحيح قيمته مائة ثم مرض فصارت قيمته عشرين والجناية قيمة مائة وأكثر فأراد أن يفتكه بمائة أكثر من عشرين لم يكن ذلك له من قبل أنه لو اشتراه حينئذ بأكثر من عشرين لم يجز الشراء وإنما يكون له أن يفتكه بأقل من قيمته يوم جنى بما إذا اشتراه به يوم يفتكه جاز الشراء وباعه الحاكم فأدى إلى المجني عليه قيمته ولا شئ على المكاتب غير ذلك وهو في هذا الموضع مخالف للحر يجنى عبده ولو جنى عبد المكماتب وهو يسوى مائة جناية قيمتها مائة أو أكثر ثم أبق عبد المكاتب لم يكن له أن يفديه بشئ فإذا وجد فشاء أن يفديه بأقل من قيكته يوم يفديه كان ذلك له فإن لم يفعل بيع عليه وأديت الجناية فإن فضل شئ رد عليه وإلا لم يلزمه غيرها وما وهب للماتب أو اشتراه ممن له ملكه لو كان حرا من ذي رحمه أو زوجة أو غيرها جاز شراؤه له لان كل هؤلاء مملوك له بيعه ولو وهب للمكاتب أبوه أو أمه أو ولده أو من يعتق عليه إذا ملكه لو كان حرا فجنى جناية لم يكن له أن يفديه بشئ وإن قل من الجناية من قبل أن ملكه ليس بتام عليه ألا ترى أنى لا أجعل له بيعه إذا فداه وليس له أن يخرج من ماله في غير النظر لنفسه وهكذا ولد لو ولد للمكاتب من ام ولده وولده المكاتبة لا يكون له ان يفديهم ويسلمهم فيباع منهم بقدر الجناية وما بقي بقي(8/73)
بحاله يعتق بعتق المكاتب ولا يفدي أحدا ممن ليس له بيعه فيجوز له إلا بإذن السيد ولو أن بعض من
ليس للمكاتب بيعه جنى على السيد أو على مال السيد لم يكن للمكاتب أن يفديه كما ليس له أن يفديه من الاجنبيين إلا أن يجتمع هو والسيد على الرضا بأن يفديه فيجوز أن يفديه وإن لم يرض السيد بيع من الجاني بقدر الجناية وأقر ما بقي بحاله حتى يعتق بعتق المكاتب أو يرق برقه وإذا جنى بعض من يعتق على المكاتب على بعض عمدا فله القتل فإن جنى من ليس للمكاتب بيعه على رقيقه فله أن يبيع منه بقدر الجناية وأن يعفو وإن كانت الجناية عمدا فله القود إلا أن يكون الذي جنى والدا للمكاتب فليس لان يقتل والده برقيقه وهو لا يقتل به لو قتله، وإذا جنى المكاتب جناية فلم يؤدها حتى عجز خير السيد بين أن يفديه أو يبيعه في أرش الجناية وهكذا عبد المكاتب يجنى ولا يؤدي المكاتب عنه حتى يعجز المكاتب فيصير ماله لسيده يكون كأنه جنى وهو في يدي سيده فإما فداه وإما بيع عليه في الجناية، وإذا كان في العبد فضل عن الجناية خير السيد بين أن يبيعه كله فيكون له ما فضل عن الجناية أو يبيع منه بقدر الجناية وإذا جنى المكاتب جناية فلم يؤدها حتى أدى فعتق مضى العتق وكان عليه في الجناية الاقل من قيمته أو الجناية لان الجناية إذا لم يعجز عليه دون مولاه ولو كانت المسألة بحالها فجنى فأعتقه السيد ولم يؤد فيعتق بالاداء ضمن سيده الاقل من قيمته أو الجناية، وإذا جنى المكاتب جناية أخرى ثم أدى فعتق ففيها قولان.
أحدهما أن عليه الاقل من قيمة واحدة أو الجناية يشتركان فيها والآخر أن عليه في كل واحدة منهما الاقل من قيمته أو الجناية وهكذا إذا كانت الجناية كبيرة.
ما جنى على المكاتب فله (أخبرنا الربيع) قال اخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى: قال أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج وقال عطاء إذا أصيب المكاتب (1) له نذره وقالها عمرو بن دينا قال ابن جريج من أجل أنه كاتبه من ماله يحرزه كما يحرز ماله ؟ قال نعم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: هو كما قال عطاء وعمرو بن دينار الجناية عليه مال من ماله لا يكون لسيده أخذها بحال وإن أزمنته فعجز المكاتب عن العمل لانه قد يؤدي وهو زمن ولا يكون لولاه من الجناية شئ إلا أن يموت قبل يؤدي فتكون الجناية كلها لمولاه لانه مات رقيقا.
جناية المكاتب على سيده والسيد على مكاتبه
(قال الشافعي) رحمه الله تعالى: كل جناية جناها السيد على مكاتبه لا تأتى على نفسه فهي كجناية أجنبي عليه يأخذها المكاتب منه كلها كما يأخذها من الاجنبيين إلا أن يكون له عليه شئ حال من كتابته فيقاصه بها السيد ولكن لو جنى عليه جناية تأتي على نفسه بطلت الكتابة ومات عبدا إن مات قبل يؤدي ولم يتبع السيد بشئ لانها جناية على عبده إن لم يعتق ولو جنى السيد على عبده فقطع يده فسأل المكاتب الوالي أن يعطيه أرش الجناية قبل أن يبرأ نظر ما يصيبه بأداء الجناية فإن كان يعتق به
__________
(1) قوله (له نذره) أي له أرشه وعقله، والنذور لا تكون إلا في الجراح(8/74)
قال إن جعلته قصاصا بما عليك وكانت كتابتك كما وجب لك أعتقك وأخذت منه فضلا إن كان لك فإن اختار ذلك ثم مات المكاتب ضمن السيد من ديته حيا ما ضمن هو لو جنى على عبد غيره فيعتق قبل يموت ثم مات ولا قصاص عليه ولو كانت الجناية عمدا لان الجناية كانت ولا قصاص بينه وبينه وإن لم يختر ذلك حتى مات بطلت الجناية لانه مات رقيقا فإذا بقي على المكاتب شئ من كتابته فجنى عليه السيد جناية يكون له عليه مثلها والكتابة حالة فشاء أن تكون قصاصا فهي قصاص أيهما شاء وإن كانت الكتابة غير حالة لم تكن قصاصا إلا أن يشاء المكاتب ذلك دون سيده وإن جنى السيد على المكاتب جناية لا يجب له بها ما يعتق به فقال المكاتب عجلوا بها قبل برء الجناية أعطيناه جميع الجناية إلا أن تكون الجناية تجاوز ثمنه لو مات فإذا جاوزت ثمنه لو مات لم يعطه إياها حتى يبرأ فيوفيه إياها لانا لا ندري لعله يموت فتنتقض الجناية عن سيده وإذا جنى ابن سيد المكاتب أو أبوه أو من عدا سيد المكاتب على المكاتب فجنايته عليه كجناية الا جني لا تختلف بحال ولا يكون للسيد أن يعفو ما إلا أن يموت المكاتب قبل يستوفيها فيكون له حينئذ عفوها لانها صارت له، والله أعلم.
الجناية على المكاتب ورقيقه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا جنى على المكاتب عبد جناية عمدا فأراد المكاتب القصاص وأراد سيده الدية فللمكاتب القصاص لان سيده ممنوع من ماله وبدنه (قال الربيع) وفيها قول آخر أنه ليس للمكاتب أن يقتص من قبل أنه قد يعجز فيصير ذلك للسيد فيكون المكاتب قد أبطل الارش الذي كان للسيد أخذه لو لم يقتص (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وليس لسيد المكاتب
إن زنى يحده ولا ون اذنب أن يجلده وللمكاتب أن يؤدب عبده وليس له أن يحده لان الحد لا يكون إلى غير حر وهكذا إذا جنى على عبد المكاتب جناية (1) فيها قصاص فإنما لهما العقل وليس للمتكاتب ولا عبده بأن يعقو من العقل قليلا ولا كثيرا ولا يصالح فيه إلا على اسيتفاء جميع أرش ما صالح به أو الازدياد وإذا صالح فازداد لم يكن به أن يضع الزيادة ولا شيئا منها لانه قد ملكها وليس له إتلاف شئ ملكه وإذا جنى على المكاتب أو عبده جناية عمدا فله الخيار في أخذ الارش أو القود فإن راد العفو عن القود في نفسه أو عبده بلا أرش فعفوه باطل لانه يملك بالجناية العمد عليه وعلى عبده مالا أو قصاصا فليس له إبطالهما معا إذا كان ممنوعا من إتلاف ماله وهذا إتلاف لماله ولو عفا ثم عتق كان له أخذ المال ولم يكن له القود لانه عفا وهو لا يملك إتلاف المال كما لو وهب شيئا مكاتب أو وضعه ثم عتق كان له أخذا لانه فعل وهو لا يملك أن يهب ولا سبيل لسيد المكاتب على أن يضع جناية على المكاتب ولا يأخذ من يدي المكاتب شيئا من أرش الجناية عليه ولا على رقيقه ولو بقي المكاتب من الجناية مقطوع اليدين والرجلين أعمى أصم لم يكن له سبيل على أخذ شئ مما صار له حتى يعجز وله السبيل إن ذهب عقل المكاتب على أن يأتي الحاكم فيضع مال المكاتب على يدي عدل وينفق على المكاتب منه ويؤدي عنه حتى يعتق أو يعجز وهكذا المكاتبة ورقيقها لا يختلف فإن كانت الجناية جاءت على نفس رقيق المكاتب والمكاتبة فهكذا لا يختلف وإن كانت الجناية جاءت على نفس
__________
(1) لعله (ليس فيها قصاص) اه مصححه.(8/75)
المكاتب والمكاتبة قبل أدائهما فقد بطلت الكتابة وصار مالهما لسيدهما فله في مالهما إن جنى عليه ما لم يستوف المكاتبان الجناية وفي أنفسهما وما جنى عليهما ما لم يستوفيا ماله في الجناية على رقيق له غير مكاتبين ولو جنى المكاتب نفسه جناية فيها قصاص فبرأ منها وأخذ نصف أرشها ثم مات أخذ المولى النصف الباقي ومال المكاتب حيث كان ولو كانت الجناية يدا فصالح منها المكاتب على أقل مما فيها وهو النصف قبض المولى الفضل ما وجب يد مكاتبه لان مكاتبه ترك الفضل فللمولى أخذه كما لو وضع عن إنسان دينا عليه أو وهب له هبة ثم مات قبل يعتق كان لمولاه أخذ ذلك من الموضوع والموهوب له إذا
عجز المكاتب أو مات من غير تلك الجناية قال والجناية على المكاتب في قيمته وقيمته عبد غير مكاتب يقوم يوم جنى عليه وجناية سيد المكاتب عليه وعلى رقيقه وماله وجناية الاجنبي سواء ويضمن لهم ما يضمن الاجنبي لهم فيما دون أنفسهم وأموالهم لا يختلف ذلك إلا أنه إن ضمنه لهم فلم يؤد حتى يعجز أو يموت سقط عنه لانه صار مالا له وإن جنى عليهم جناية يلزمه فيها ما يؤدي عن المكاتب كتابته فشاء المكاتب أن يجعلها قصاصا أخذ بها السيد إن مات المكاتب والمكاتبة حالة قبل يجعلها قصاصا به مات عبدا وبطلت عنه الكتابة وصار هذا مالا للسيد وإن جنى السيد على المكاتب فقتله وهو يسوى ألف دينار وإنما بقى عليه من كتابته دينار أو أقل أو أكثر إلى أجل لم يعتق المكاتب مما وجب له ويعجز وكذلك لو جنى عليه فقطع يده فوجبت له خمسمائة بصلح أو غيره ولم يبق عليه إلا دينار لم يعتق حتى يقول قد جعلت ما وجب لى قصاصا فإذا قاله قبل يموت ثم مات كان حرا يقوم يقوله فإن لم يقله حتى مات كان عبدا وهكذا إن جنى سيد المكاتب على مال المكاتب جناية تلزمه ألف دينار وإنما بقى على المكاتب دينار لم يحل فلم يقل المكاتب قد جعلتها قصاصا حتى مات مات رقيقا وإن قال قد جعلتها قصاصا بما على من الكتابة كان حرا حين يقوله وكذلك إن قال قد جعلت ما بقي على من الكتابة قصاصا مما لزم مولاي كان قصاصا وكان حرا وابتعه بفضله وهذا كله إذا لم يحل آخر نجوم المكاتب فإن لم يبق على المكاتب إلا نجم أو بعض نجم أو أكثر إلا أن جميع ما عليه قد حل كله ولم يعجزه سيده حتى جنى عليه سيده جناية فيها وفاء بما بقي على مكاتبه أو فيها وفاء وفضل عتق المكاتب لان سيده مستوف بما لزمه جميع ما عليه إذا وجب للمكاتب مثل الذي عليه في الكتابة ألا ترى أنى لا أجبر السيد على دفع الجناية إليه إلا أن يكون فيها فضل عن كتابته فأجبره على دفع الفضل إليه وإن وجدت للمكاتب مالا لم أجبره على أن يدفع إلى السيد ما بقي عليه وله عند السيد مثله أو أكثر وكذلك لو حل آخر نجوم المكاتب فعدا السيد على مال المكاتب فأخذ منه ما بقي له بلا علم من المكاتب عتق المكاتب إذا كانت نجومه حالة وكذلك لو اقتضى دينا بوكالة المكاتب وحبسه على المكاتب بغير إذنه عتق المكاتب وإن كانت نجوم لم تحل فرده السيد إليه لم يعتق إلا أن يشاء أن يجعل ذلك قصاصا ويجبر السيد على إعطائه إياه إذا لم تكن نجومه حلت ولم يجبر المكاتب على أن يجعله قصاصا وهذا كله إذا كانت
جناية السيد على المكاتب من الصنف الذي منه كاتبه كانت قصاصا فإن كان يلزم السيد بالجناية على المكاتب غير الصنف الذي منه الكتابة لم يعتق بها ولم تكن قصاصا حتى يقبضها ويدفع من ثمنها إليه آخر ما عليه أو يصطلحا صلحا يصلح على أنها قصاص وذلك أن يجنى على المكاتب وعلى المكاتب مائة صاع حنطة تسوى خمسين دينارا وإنما لزم السيد بالجناية ذهب أو ورق أو إبل هي أكثر ثمنا مما على المكاتب فلا يكون هذا قصاصا وإن كانت الكتابة حالة لان الذي على المكاتب غير الذي وجب له ولكن لو حرق السيد للمكاتب مائة صاع مثل حنطته والحنطة التي على المكاتب حالة كان قصاصا وإن(8/76)
كره سيد المكاتب فإن كان خيرا أو شرا من حنطته لم تكن قصاصا حتى يرضى المكاتب إذا كانت الحنطة المحرقة خيرا من الحنطة التي عليه أن يجعلها قصاصا أو يرضصى السيد أن يجعلها قصاصا إذا كانت الحنطة التي حرق شرا من الحنطة التي له على المكاتب فلا تكون قصاصا إلا بأن يحتال بها المكاتب برضاه على السيد وهكذا لو كان مكان الحنطة جناية على المكاتب لم يختلف هذا وإن جنى السيد على المكاتب جناية لزمه بها أرش فجعلها السيد والمكاتب قصاصا تأخر ما على المكاتب أو كان ما على المكاتب حالا يلزم السيد بها مثل ما على المكاتب أو أكثر برضاهما ثم عاد السيد فجنى على المكاتب جناية ثانية كانت جنايته على حر فيها قصاصا إن كانت مما يقتص منه وأرش الحر إن كانت مما لا يقتص منه وإن اعتقل بأنه لم يعلم بأنه يعتق بأن يصير لمكاتبه عليه مثل الذي بقي من كتابته فيكون قصاصا فيعتق لم يقبل ذلك منه كما لا يقبل من رجل علم رجلا عبدا فقتله بعدما عتق، ولم يعلم بعتقه (قال الربيع) وفيه قول آخر أنه يؤخذ منه دية حر ولا قود لموضوع الشبهة كما لو قتل حربيا ولم يعلم بإسلامه فعليه دية حر ولا قود وهو يفارق الحربى لانه حلال له على الابتداء قتل الحربى وليس حلالا له على الاتبداء قتل العبد (قال الربيع) وقول الشافعي أصح (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولو عتق المكماتب وعاد السيد أو غيره فجنى عليه جناية بعد عتقه وقد علم الجناني عتقه أو لم يعلم فسواء وجنايته عليه كجنايته على حر ولو جنى سيد المكاتب على المكاتب فقطع يده فلزمه نصف قيمته وكان قد حل عليه مثل ما لزمه له وكان آخر نجومه عتق به وكذلك لو لم يحل فجعله السيد والمكاتب قصاصا عتق به فإن عاد السيد فقطع يده الاخرى خطأ فمات لزم عاقلته نصف دية حر بالجناية على اليد الاخرى لانه جنى عليه وهو حر وإذا
جنى على المكاتب فعفا بإذن سيده عن أرش الجناية فالعفو جائز وإذا جنى على المكاتب وعتق فقال كانت الجناية وأنا حر وقال الجاني كانت وأنت مكاتب فالقول قول الجاني وعلى المكاتب البينة وسواء صدقه في ذلك مولى المكاتب أو كذبه فإن قطع مولاه له لا شهادة أن الجناية كانت وهو حر قبلت الشهادة لانه ليس في شهادته ما يجر به إلى نفسه شيئا وكلفته شاهدا معه فإذا أثبته قضيت له بجناية حر وإذا ملك المكاتب أباه وجنى عليه أبوه فله أن يبيع بقدر الجناية وإذا جنى من ليس للمكاتب أن يبيعه على المكاتب فله أن يبيع منه بقدر الجناية ولا يبيع بأكثر منها ولو جنى عبد المكاتب على المكاتب كانت الجناية هدرا إلا أن يكون فيها قصاص فيكون له أن يقتص فأما إذا كانت عقلا أو عمدا فأراد أرش الجناية فليس ذلك له ولكن له بيعه على النظر كما يكون له بيعه بلا جناية جناها وإذا جنى المكاتب على عبد له بيعه فجنايته هدر إلا أن تكون الجناية عمدا فيها قصاص فيكون له القصاص فأما مال فلا يكون اللعبد على سيده بحال وكذلك لو ملك المكاتب أباه أو أمه فجنى عليما فإن كانت جنايته فيها قصاص فلهما القصاص وليس لهما اختيار المال أن يأخذاه منه وهما غير خارجين من ملك المكاتب ولا أن يأخذا منه مالا لو كانت الجناية خطأ ولو عتقا وعتق لم يكن لهما أن يتبعاه بمال لان ذلك كان وهما غير خارجين من ملكه ولو جنى العبد المكاتب على ابن له كاتب معه كانت جنايته عليه كجنايته على أجنبي يأخذه بها الابن ولا يكون له أن يعفوها لان الابن مملوك لغيره كهو ولو كانت عمدا لم يكن للابن أن يقتص منه وكان عليه أن يأخذ منه أرشها وليس للابن ترك الارش له فإن لم يأخذ منه الارش حتى عتق الابن قبل يأخذها منه فله عفوها عتق الاب أو لم يعتق لان حقه مال له لا سبيل لاحد عليه فيه.(8/77)
عتق سيد المكاتب (أخبر الربيع) قال (قال الشافعي) وإذا كاتب الرجل عبده فأدى إليه أولم يؤد حتى أعتقه فالعتق واقع وقد بطلت عنه الكتابة وماله الذي أفاد في الكتابة كله له ليس للسيد منه شئ ولو كاتبه ثم قال قد وضعت عنك كتابتك كلها كان حرا وكان كقوله أنت حر من قبل أنه قد أعتقه في أصل الكتابة بالبراءة إليه من الكتابة ولو قال قد وضعت عنك الكتابة إلا دينارا أو إلا عشرة دنانير كان بريئا من الكتابة إلا
ما استثنى ولا يعتق إلا بالبراءة من آخر الكتابة والقول في أصل استثناء السيد من الكتابة قول السيد إن قال الذي وضعت من المؤخر والذي أخرت من الوضع المقدم فالقول قوله وإن مات السيد فالقول قول ورثته فإن لم يكونوا يعريون عن أنفسهم ألزم الحاكم المكاتب أن يكون الوضع من آخر الكتابة لانه قائم بذلك لمن صار المال له ولا يضع عنه إلا ما يحيط أنه وضع عنه بحال وهو إذا وضع عنه آخرها على إحاطة أنه وضع الذي وضع عنه أو ما قبله فكان الآخر بدلا من الاول وإذا وضع السيد عن المكاتب أو أعتقه في المرض فالعتق موقوف فإن خرج من الثلث الاقل من قيمته أو ما بقي عليه من الكتابة فهو حر وإلا عتق منه ما حمل الثلث فوضع عنه من الكتابة بقدر ما عتق منه وكان الباقي منه على الكتابة ومتى أقر سيد المكاتب أنه قبض نجوم المكاتب في مرضه الذي يموت فيه أو في صحته فإفراره جائز كما يجوز إقراره للاجنبي بقبض دين عليه وإذا كاتب الرجل عبده على دنانير فقال قد وضعت عنك ألف درهم من كتابتك لم يكن وضع عنه شيئا من قبل أنه ليس عليهم دراهم وكذلك لو كاتبه على دراهم فقال قد وضعت عنك من كتابتك مائة دينار وإنما قيمتها مثل ما عليه من الدراهم أو أقل أو أكثر لم يكن وضع عنه شيئا لانه إنما وضع عنه شيئا ليس له عليه وكذلك كل صنف كاتبه عليه فوضع عنه من صنف غيره ولو قال السيد كاتبته على ألف درهم وقلت قد وضعت عنك خمسين دينارا أعنى وضعت عنك الالف وهي قيمة خمسين دينارا كان وضعا وكان المكاتب حرا ولو لم يقل هذا السيد فادعى المكاتب على سيده أحلفته ما أراد هذا ولو مات السيد ولم يبين احلفت الورثة ما علموه أراد وضع الالف إن قال هي قيمة خمسين فإذا شهد الشهود للمكاتب أن سيده قال قد استوفيت منه أو قال لسيده ألست قد وفيتك ؟ فقال بلى فقال المكاتب هذه آخر نجومي كان القول قول السيد فإن قال لم يوفني إلا درهما فالقول قول مع يمينه وقول وقول ورثته إذا مات لانه عبد أبدا حتى يشهد الشهود أنه وفاه جميع كتابته أو كل كتابته أو كذا وكذا دينارا فيلزمه ما أثبت عليه الشهود وإن شهد الشهود أنه قال قد استوفيت آخر كتابتك ولم يزيدوا على ذلك فالقول فيما بقي من كتابته قول السيد في حياته وورثته بعد موته لان الاستيفاء لم تثبته ولو شهدوا أنه قد قال استوفيت منك آخر كتابتك إن شاء الله أو إن شاء فلان لم يكن هذا اسيتفاء لانه قد استثنى فيه ولو قال قد استوفيت آخر كتابتك إن شئت لم يكن استيفاء
لان هذا استثناء.
المكاتب بين اثنين يعتقه أحدهما (قال الشافعي) رحمه الله تعالى إذا كاتب الرجلان عبدا لهما فأدى بعضن نجومه أو لم يؤد منها شيئا حتى أعتق أحدهما نصيبه منه فنصيبه منه حر كما يجوز عتقه أم ولده ومدبره وعبده الذي لا كتابة له فإن(8/78)
كان له مال قوم عليه المكاتب فعتق كله كما يكون الحكم في العبد يكون بين اثنين يعتقه أحدهما فإن لم يكن له مال فالنصف الثاني مكاتب بحاله وإذا أعتقه أحدهما ثم أعتقه الآخر فإن كان الاول موسرا بأداء قيمة نصفه كان المكاتب حرا وكان على المعتق الاول نصف قيمته وعتق الآخر باطل والولاء للمعتق الاول وإن لم يكن موسرا فعتق الآخر جائز والولاء بينهما ولو كان بين اثنين فوضع عنه أحدهما نصيبه من الكتابة ولم يعتقه فهو كعتقه ويقوم عليه إن كان موسرا وكذلك إذا أبرأه مما له عليه لانه ماله وإنه إذا أعتق فالولاء له وهو مخالف للمكاتب يورث.
ميراث المكاتب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو أن رجلا أنكح ابنة له ثيبا برضاها مكاتبه أو عبده ثم كاتبه كان النكاح جائزا فإن مات السيد وابنته وارثة له فسد النكاح لانها قد ملكت من زوجها شيئا ولو مات وليست ابنته وارثة كانا على النكاح فإن أعتقه واحد من الورثة فنصيب الذي أعتقه حر وولاؤه للذي كاتبه وكذلك إذا أبرأه مما له عليه فنصيبه حر وإن عجز لم يكن له في رقبته شئ وكان نصيبه حرا بكل حال ولا يقوم عليه بحال لان عتقه إياه وإبراءه منه عتق لا ولاء له به إنما الولاء للذي عقد كتابته وإنما منعنى من تقويمه عليه أنه لا يجوز أن يكون له الولاء ما لم يعجز فيعتقه بعد العجز وأعتقه عليه بسبب رقه فيه لانه لو لم يكن له فيه رق فعجز لم يكن له أن يملكه ولو ورثه وآخر فأعتقاه لم يجز عتقهما لو كانا ورثا مالا عليه ولكنهما ورثا رقبته على معنى أنهما إذا أعتقاه عتق وولاؤه للذي عقد الكتابة (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها أرادت أن تشتري جارية فتعتقها فقال أهلها نبيعكها على أن ولاءها لنا فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق) (قال الشافعي) رحمه الله تعلى أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة ولم يقل عن عائشة وذلك مرسل (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال وأحسب حديث نافع أثبتها كلها لانه مسند وأنه اشبه وعائشة في حديث نافع كانت شرطت لهم الولاء فأعلمها سالنبي صلى الله عليه وسلم أنها إن أعتقت فالولاء لها وإن كان هكذا فليس إنها شرطت لهم الولاء بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولعل هشاما أو عروة حين سمع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يمنعك ذلك) إنما رأى أنه أمرها أن تشرط لهم الولاء فلم يقف من حفظه على ما وقف عليه ابن عمر رضى الله عنهما والله أعلم قال فالا حاديث الثلاثة متفقة فيما سوى هذا الحرف الذي قد يغلط فيه منتهى الفلط والله تعالى أعلم فبهذا ناخذ وهو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يحتمل ان يجوز بيع المكاتب والمكاتبة إن لم يعجزا فلما لم أعلم مخالفا في أن لا يباع المكاتب حتى يعجز أو يرضى بترك الكتابة لم يكن هذا معنى الحديث لانى لم أجد حديثا ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن عرفت من جميع الناس على خلافه فكان معنى الحديث غير هذا وهو أحراهما أن يكون في الحديث دلالة عليه هو أن الكتابة شرط للمكاتب على سيده فمتى شاء المكاتب أبطل الكتابة لانها وثيقة له لم نخرجه من ملك سيده، ولا نخرجه إلا بأدائها وهذا هو أولى المعنيين بها والله تعالى أعلم وبه أقول فإذا رضيت المكاتبة أو المكاتب إبطال الكتابة فلها وله إبطالها كما يكون لكل ذي حق إبطاله وكما يقال للعبد إن دخلت الدار فأنت حر فترك دخولها ويقال له إن(8/79)
تكلمت بكذا فأنت حر فترك أن يتكلم به فلا يعتق في واحد من الوجهين ألا ترى أن بريرة تستعين في الكتابة وتعرض عليها عائشة الشراء أو العتق وتذهب بريرة إلى أهلها بما عرضت عائشة وترجع إلى عائشة بما عرض أهلها وتشتريها عائشة فتعتقها بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكل هذا دليل على ما وصفت من رضا بريرة بترك الكتابة أو العجز فمتى قال المكاتب قد عجزت أو أبطلت الكتابة فذلك إليه علم له مال أو قوة على الكتابة أو لم يعلم وإن قال سيده لا أرضى بعجزه قبل ذلك له وإليه: دونك فهو لك مملوك فخذ مالك حيث كان واستخدمه وأجره فخذ فضل قوته وحرفته وماله خير من أداء نجومه
وكذلك لو كان عبدان أو عبيد في كتابة واحدة فعجز أحدهم نفسه أو رضى بترك الكتابة خرج منها ورفعت عمن معه في الكتابة حصته كما ترفع لو مات أو أعتقه سيده وسواء عجز المكاتب نفسه عند حلول النجم أو قبله متى عجز نفسه فهو عاجز وإن عجز نفسه وأبطل الكتابة ثم قال أعود على الكتابة لم يكن ذلك له إلا بتجديد كتابة وتعجيزه نفسه عند سيده وفي غيبة سيده سواء وإن عجز نفسه وأبطل الكتابة ثم أدى إلى سيده فعتق بالشرط الاول ثم قامت عليه بينة بأنه عجز نفسه أو رضى بفسخ الكتابة كان مملوكا وما أخذ سيده منه حلال له وإن أحب أن أحلف له سيده ما جدد كتابة كان ذلك له ولو كانت المسألة بحالها فدفع إلى سيده آخر نجومه وقال له أنت حر بالمعنى الاول ولا علم له بتعجيز نفسه ولا رضاه بفسخ الكتابة كان له فيما بينه وبين الله أن يسترقه وعليه في الحكم أن يعتق عليه ويرجع عليه بقيمته كلها لا نحسب له مما أخذ منه شيئا لانه أخذه منه وهو مملوك له وأعتقه بسبب كتابته فرجع عليه بقيمته.
عجز المكاتب بلا رضاه (قال الشافعي) وإذا رضى السيد والمكاتب بالمكاتبة فليس للسيد فسخها حتى يعجز المكاتب عن نجم من نجومه فإذا عجز ولم يقل قد فسخت الكتابة فالكتابة بحالها حتى يختار السيد فسخها لان حق السيد دون حق المكاتب أن لا يثبت على الكتابة وهو غير مؤد ما عليه فيها إلا أن يترك السيد حقه بفسخها فيكون له حينئذ لانهما مجتمعان على الرضا بالكتابة فمتى حل نجم من نجوم الكتابة ولم يؤده ولم يبطل السيد الكتابة فهو على الكتابة فإن أدى بعد حلول النجم من مدة قصيرة أو طويلة لم يكن للسيد تعجيزه ولا يكون له تعجيزه إلا ونجم أو بعض حال عليه فلا ؤديه وإذا كان المكاتب حاضرا بالبلد لم يكن للسيد تعجيزه إلا بحضرته فإذا حضر فسأله ما حل عليه قل أو كثر فقال ليس عندي فأشهد أنه قد عجزه أو قد أبطل كتابته أو فسخها فقد بطلت ولو جاء المكاتب بما عليه مكانه لم يكن ما كتبا وكان لسيده أخذه منه كما يأخذه منه مملوكا وسواء كان هذا عنه سلطان أو غيره فإذا جاء به السلطان فسأله نظرة مدة يؤدي إليه نجمه أو سأل ذلك سيده لم يكن على السيد ولا على السلطان إنظاره إلا أن يحضر شيئا يبيعه مكانه فينظره قدر بيعه فإن قال لى شئ غائب أحضره لم يكن للسلطان أن ينظره إلى قدوم
الغائب لانه قد ينظره فيفوت العبد بنفسه ولا يؤدي إليه ماله وليس هذا كالحر يسأل النظرة في الدين لان الدى في ذمته لا سبيل على رقبه وهذا عبد إنما يمنع نفسه بأداء ما عليه فإذا كان غائبا فحل نجمه فأشهد عليه سيده أنه قد عجزه أو فسخ كتابته فهو عاجز فإن جاء من غيبته وأقام بينة على سيده أنه قبض منه النجم الذي عجزه به أو أبرأه منه أو أنظره به كان على الكتابة وهكذا لوجاء سيد المكاتب(8/80)
السلطان فسأله تعجيزه لم ينبغ أن يعجزه حتى يثبت عنده على كتابته وحلول نجم من نجومه ويحلفه ما أبرأه منه ولا قبضه منه ولا قابض له ولا أنظره به فإذا فعل عجزه له وجعل المكاتب على حجته إن كانت له حجة قال وإن جاء إلى السلطان فقال قد أنظرته بنجم من نجومه إلى أجل وقد مضى صنع فيه ما صنع في نجم من نجومه حل قال وإن قال قد أنظرته إلى غير أجل أو إلى أجل فيدا لى أن لا أنظره لم يعجزه وكتب له إلى حاكم بلده فأحضره وأعلمه أن صاحبه قد رجع في نظرته وقال إن أديت إلى وكيله أو إليه نفسه وإلا أبطلت كتابتك وبعثت بك إليه فإن استنظره لم يكن له أن ينظر إن كان لسيده وكيل حتى يؤدي إليه فإن لم يكن له وكيل أنظره قدر مسيره إلى سيده فضرب له أجلا إن جاء إلى ذلك الاجل وإلا عجزه حاكم بلده إلا أن يأتيه مكانه بشئ يبيعه له من ساعته فينظره قدر بيعه لا يجاوز به ذلك أو يأتيه بغريم يدفع إليه مكانه أو يبيع على الغريم شيئا حاضرا أيضا فإن لم يكن للغريم شئ حاضر حبسه له وعجزه وجعل ما على الغريم لسيده لانه مال عبده ومتى قلت للسيده تعجيزه أو على السلطان تعجيزه فعجزه السلطان أو السيد ثم أحضر المال لم يرد التعجيز فإن قال قائل فهل في قولك للسيد أن يعجزه دون السلطان أثر ؟ قلت هو معقول بما وصفت (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج عن إسمعيل ابن أمية أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما كاتب غلاما له على ثلاثين ألفا ثم جاءه فقال إنى قد عجزت فقال إذا أمحو كتابتك قال قد عجزت فامحها أنت قال نافع فأشرت إليه أمحها وهو يطمع أن يعقته فمحاها العبد وله ابنان أو ابن قال ابن عمر اعتزل جاريتي قال فأعتق ابن عمر ابنه بعد (قال الشافعي) رحمه الله أخبرنا ابن عيينة عن شبيب بن بن غرقدة قال شهدت شريحا رد مكاتبا عجز في الرق (قال الشافعي) رحمه الله تعالى يعجز
السيد والسلطان المكاتب فإذا حل نجم المكاتب فسأله سيده أداءه فقال قد أديته إليك أو أديته إلى وكيلك أو إلى فلان يأمرك فأنكر السيد لم يعجل الحاكم تعجيزه وأنظره يوما وأكثر ما ينظره ثلاث فإن جاء بشاهد أحلفه معه وأبرأه مما شهد له به شاهده وإن جاء بشاهد ولم يعرفه الحاكم لم يعجل حتى يسأل عنه فإن عدل أحلفه معه وإن لم يعدل دعاه بغيره فإن جاء به من يومه أو غده أو بعده وإلا عجزه وإن ذكر بينة غائبة أشهد أنه ذكر بينة غائبة وأنى قد عجزته إلا أن تكون له بينة فيما يدعى من دفع نجمه أو إبراء مولاه له منه فإن جاء بها أثبت كتابته وأخذه سيده بما أخذ من خراجه وقيمة خدمته وإن لم يأت بها تم عليه التعجيز وإن عجزه على هذا الشرط ثم جاءت بينة بإبرائه من ذلك النجم وهو آخر نجومه ومات المكاتب جعل ماله ميراثا لورثته الاحرار لانه مات حرا وأخذ السيد بما أخذ منه وقيمته وإن لم يكن آخر نجومه فقد مات رقيقا وإذا عجز المكاتب سيده أو السلطان فقال سيده بعد التعجيز قد أقررتك على الكتابة لم يكن عليها حتى يجدد له كتابة غيرها ولو تأدى منه علين الكتابة الاولى وقال قد أثبت لكل العتق عتق بإثبات العتق وتراجعا بقيمة المكاتب كما يتراجعان في الكتابة الفاسدة وكذلك لو قال قد أثبت لك الكتابة الاولى ولم يذكر العتق لان قوله أثبت لك الكتابة الاولى أثبت لك العتق بالكتابة الاولى على الاداء ولو عجزه ثم تأذي منه كما كان يتأدذى ولم يقل قد أثبت لك الكتابة لم يكن حرا بالاداء وكان تأديته كالخراج يأخذه منه وإذا كاتب عبيدا له كتابة واحدة فعجزوا كلهم عن نجم من النجوم فلسيدهم أن يعجز أيهم شاء وينظر أيهم شاء فيقره على الكتابة ويأخذه بحصته منها وكذلك إن أدى بعضهم ولم يؤد بعض فمن أدى على الكتابة عتق ولم يكن له تعجيزه ومن لم يؤد فله تعجيزه وهم كعبيد كاتبوا كتابة مفرقة فعجزوا فله أن يعجز أيهم شاء ويقر أيهم شاء على الكتابة وليس له تعجيز من(8/81)
يؤدي وإذا عجز المكاتب عن أداء نجم من نجومه فلم يعجزه سيده وأنظره فمات قبل يؤديه مات عبدا ولسيده ماله وإذا كاتب الرجل عبده فعجز عن نجم وأنظره السيد ثم مات السيد فلورثته أن يأخذوه بأداء ذلك النجم مكانه ولو أنظره أبوهم إلى مدة فلم تأت أخذ به حالا كما كان لابيهم أن يرجع في النظرة ويأخذ به حالا فإن أداه وإلا فلهم تعجيزه وهم يقومون في تعجيزه مقام أبيهم وإذا ورث القوم مكاتبا فعجز عن نجم فأراد
بعضهم إنظاره وبعضهم تعجيزه كان اللذي أراد تعجيزه تعجيزه وللذي أراد إنظاره إنظاره فكان نصيبه منه على الكتابة وإن كان في يديه يوم يعجزه أحدهم مال أخذ منه الذي عجزه بقدر ما ملك منه وترك له بقدر ما يملك الذي لم يعجزه وقيل للذي عجزه لك أن تأخذه يوما بقدر ما تملك منه فتؤاجره أو تختدمه وعليك أن تنفق عليه في ذلك اليوم وكذلك لو مرض كان عليك أن تنفق عليه بقدر نصيبك منه لان أصل كتابته كان صحيحا لكل واحد ممن كاتبه عليه في حصته وله على المكاتب في حصته ما للمكاتب على سيده وللسيد على مكاتبه وليس هذا كالعبد بين اثنين يريد أحدهما ابتداء كتابته دون صاحبه أصل الكتابة في هذا باطل وهى في الاول صحيحة جائزة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى.
ولو كاتب رجل عبيدا كتابة واحدة فعجزوا فأراد تعجيز بعضهم وإقرار بعضهم كان ذلك له وعلى كل حصته من الكتابة ولو كاتب رجل عبده فعجز فقال أعجز بعضك وأقر بعضك لم يكن له ذلك كما لم يكن له أن يكاتب بعضه فإن فعل فأدى على هذا عتق ورجع عليه بنصف قيمته وتم عتقه كله لانه إذا عتق نصفه وهو ملكه عتق كله، والله أعلم.
بيع كتابة المكاتب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولا نجيز بيع كتابة المكاتب بدين ولا بنقد ولا بحال من الاحوال لانها ليست بمضمونة على المكاتب فإنه متى شاء عجز فإن بيعت فالبيع باطل وإن أدى المكاتب إلى المشترى كتابته بأمر السيد عتق كما يؤدي إلى وكليه فيعتق لان المكاتب يبرأ منها بأمر السيد متى برئ منها فهو حر ويرد مشتري الكتابة ما أخذ إن كان قائما في يديه ومثله إن كان له مثل أو قيمته إن فات ولم يكن له مثل وكذلك يرد البائع ما أخذ من من ثمن كتابة المكاتب.
استحقاق الكتابة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى إذا كاتب الرجل عبده على عرض أو ماشية بصفة أو طعام بكيل فأدى المكاتب جميع الكتابة وعتق ثم استحق ما أدى المكاتب بعدما مات المكاتب فإنما مات رقيقا وللسيد أخذ ما كان له وما أخذ ورثته إن كانوا قبضوه وكذلك لو جنى على المكاتب فأخذ أرش حر رجع الذين دفعوا الارش في مال المكاتب بالفضل من أرش عبد وكذلك لو كاتب على دنانير فاستحقت بأعيانها ولو كانت هذه المسألة بحالها فاستحق على المكاتب شئ من صنف ما أدى وعلى
صفته كان العتق ماضيا واتبع المكاتب بما استحق عليه ولم يخرج من من يدي سيده ما أخذ منه ولو استحق ما كاتب عليه المكاتب بعدما أداه وهو حي أخذه من استحقه فإن كانت نجوم المكاتب كلها قد حلت يوم استحق ما أدى إلى مولاه قيل للمكاتب إن أديت جميع كتابتك إلى مولاك الآن فقد عتقت وإن لم تؤده فله تعجيزك ولو استحقت والمكاتب غائب وللمكاتب مال أوقف ماله وانتظر كما وصفت في(8/82)
المكاتب تحل نجومه وهو غئاب فإن أدى وإلا فليسده تعجيزه ومتى مات في غيبته قبل يؤدي مات رقيقا، وهكذا إذا استحق ما أدى من قبل المكاتب فإن جاء رجل فاستحقه على سيده بإقرار من سيده عليه أو على المكاتب وجحد المكاتب ما أقر به عليه السيد أو إخراج له من ملكه بحال فالمكاتب حر وهذا إتلاف من سيده لماله ولو استحق ما أدى إلى سيده على المكاتب وقد اتلفه السيد كان هكذا وكان للذي استحقه أن يرجع على السيد إن شاء لانه أتلف ماله أو على المكاتب لانه سلط السيد على إتلافه، ولو شهد شهود على السيد حين دفع المكاتب إليه كتابته التي استحقت أنه قال للمكاتب أنت حر فقال السيد إنما قلت أنت حر بأنك قد أديت ما عليك أحلف بالله ما أراد إحداث عتق له على غير الكتابة وكان مملوكا.
وكذلك لو شهدوا عليه بعد أداء الكتابة وقبل استحقاق المتاع أنه قال هذا حر أو قد قال له أنت حر فإن شهدوا عليه بعد استحقاق ما أدى إليه من الكتابة أنه قال أنت حر كان حرا وكان هذا إحداث عتق له وكذلك لو شهدوا عليه قبل يؤدي الكتابة أنه قال أنت حر أو قال هذا حر حين يودي الكتابة أو بعد فإن قيل لم لا يعتق عليه إذا استحقت ؟ قيل له ألا ترى أنه حر في الظاهر وأن الحاكم يحكم بأنه حر وأن قول السيد أنت حر وتركه سواء فإذا قال له هذا حر على أنه قد عتق بالاداء ثم بطل الاداء بطل العتق إذا لم يسلم الذي بالاداء لانه ملك لغيره وليس هذا كالعبد يكاتبه سيده على خمرأو ميتة فيؤيه إليه فيعتق ويرجع عليه السيد بقيمته هذا قد سلم للسيد ولم يستحقه أحد عليه بملك له دونه غير أن حراما على السيد أن يملكه فأفسدنا الكتابة وأوقعنا العتق برضا السيد بالعتق على شئ لم يغره العبد منه ولو استحق الخمر أحد بملك على السيد لم يعتق العبد في الخمر لانه لم يعتقه إلا على أن يملك عليه فلما عتق رجع على المكاتب بقيمته ولو قال لعبده إن قتلت فلانا أو ضربت فلانا فأنت حر
فقتل فلانا أو ضرب فلانا كان حرا ولم يرجع عليه السيد بشئ لانه لم يعتقه على شئ يملك عليه فكان كمن ابتدأ عتق عبده وإن كان أمره بقتل أو ضرب لمن لا يحل له قتله ولا ضربه وإذا أدى المكاتب إلى سيده ما كاتبه عليه فأعتقه القاضي ثم استحق رد القاضي عتقه لانه إنما أعتقه على الظاهر كما يقضي للرجل بالدار يشتريها الرجل بالعبد فإذا استحق العبد رد الدار إلى مالكها بالملك الاول ولو قال له سيده عند قبضه منه ما كاتبه عليه أنت حر ثم استحق رد العبد رقيقا وأحلف السيد ما أراد بقوله أنت حر أحداث عتق له على غير أداء الكتابة لان قوله أنت حر كصمته هو حر في الحكم عندنا وعنده حتى تستحق الكتابة ولو قال سيده أنت حر عند أداء الكتابة ثم مات فاستحق ما ادى رد رقيقا وحلف ورثته ما علموه أراد بقوله أنت حر إحداث عتق له على غير كتابة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو قال رجل لغلامه إن أديت إلى خمسين دينارا أو عبدا يصفه فأنت حر فأدى ذلك ثم استحق رد رقيقا ولو قال له عند أدائه أنت حركان كما وصفت في المكاتب، وإذا قال لعبده إن أعطيتن هذا العبد وهذا الثوب فإعطاه ما قال فعتق ثم استحق رد رقيقا لان معنى قوله إن أعطيتني هذا العبد وهذا الثوب فصح لي ملكه كقوله للمكاتب إن أديت إلى كذا فأنت حر وهكذا لو قال لغلامه إن زوجتك فأنت حر فزوجه تزويجا فاسدا أو قال إن بعتك فأنت حر أو بعت فلانا فأنت حر فباعه أو باع فلانا بيعا فاسدا لم حرا لان كل هذا إنما هو على الصحة، ولو قال له إن ضربت فلانا فأنت حر فضربه كان حرا لان هذا ليس بعتق على شئ يكه، ولو قال إن ضربت فلانا فأنت حر فضرب فلانا بعدما مات لم يعتق لان الضرب إنما يقع على الاحياء ألا ترى أن أحدا لو وقع على رجل ثم مات لم يجز أن تضربه لان الضرب إنما يقع على الاحياء وإذا كاتب الرجل على شيئين في نجمين فأداهما فعتق ثم استحق أحدهما رد رقيقا(8/83)
فإن كانا قد حلا قيل إن أديت مكانك فأنت حر وإن لم تؤده فلسيدك تعجيزك وهكذا لو كاتب على أشياء فأدى بعضها فاستحق منها شئ وهكذا لو كاتب على دنانير وازنة فأدى نقصا لم يعتق إلا بما شرط عليه، وهكذا لو كاتب على عبيد فأداهم معيبين أو بعضهم معيبا وعتق ثم علم سيده بالعيب كان له رد المعيب منهم بعيبه فإن اختار رده رد العتق وإن اختار حبسه تم العتق لان الكتابة في كثير من
احكامها كالبيع فما كان يكون لمن دلس له بعيب رد المعيب ونقض البييع كان ذلك له في الكتابة ولو كاتبه على عبدين فأداهما معينين فماتا في يده أو أعتقهما ثم ظهر منهما على عيب دلسه له المكاتب علم به المكاتب أو لم يعلم قيل للمكاتب إن اديت قيمة ما بين العبد صحيحا ومعيبا عتقت وإن لم تؤده فلسيدك تعجيزك لانك لم تؤد ما كوتبت عليه بكماله كما لو ديت إليه دنانير نقصا لم تعتق إلا بأن تؤديها وازنة أو تطيه نقصانها وهذا هكذا في الطعام والشراب والعروض كلها يكاتب عليها لا يختلف.
الوصية بالمكاتب نفسه (أخبرنا الربيع) قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا أوصى الرجل بمكاتبه لرجل لم تجز الوصية لانه لا يملك أن يخرجه من مله إلى ملك غيره بحال ما كان على الكتابة (قال) وإن قال إن مت من مرضى هذا أو متى مت ففلان لمكاتبه لفلان كانت الوصية باطلة، ولو عجز المكاتب بعد موته أو قبله لم تكن الوصية جائزة لانه أوصى له به وهو لا يملك إخراجه إلى ملك الموصى له به كما لو قال متى مت ففلان لعبد ليس له لفلان فلم يمت حتى ملكه لم يكن له حتى يحدث له بعد ملكه وعجز المكاتب وصية به ولو وهب مكاتبه لرجل وأقبضه إياه كانت الهبة باطلة ولو عجز المكاب في يدي الذي قبضه كانت الهبة باطلة لانه وهبه وهو لا يملكه هبته وكذلك لو وهبه وأقبضه إياه ورضى بالعجز فعجزه ولكنه لو أوصى بكتابته لرجل جازت الوصية ما كان مكاتبا وكان له إذا حملها الثلث أن يتأداها كلها والمكاتب حر وولاؤه للذي عقد كتابته وإذا أوصى الرجل للرجل بكتابة مكاتبه فعجز المكاتب فهو رقيق لورثته وقد بطلت الوصية ولو قال رجل مالى على مكاتبي لفلان فإن عجز فهو له أو هو لفلان كانت الوصية جائزة على ما أوصى به فما كان على الكتابة فكتابته للذي أوصى له بها وإذا عجز فهو للذي أوصى له برقبته كان الموصى له بكتابته أو غيره وإذا أوصى بكتابة عبده لرجل فحل نجم من نجومه فعجز عنه فأراد الموصى له بكتابته أن لا يعجزه ويؤخره بنجمه ذلك وأراد الورثة تعجيزه فذلك للورثة لان رقبته تصير لهم، وهكذا لو أوصى بكتابة مكاتبه لرجل ورقبته لآخر إن عجز كان للذي أوصى له برقبته إن عجز أن يعجزه لان له رقبته وإذا أوصى الرجل أن كتابة مكاتبه لرجل إن عجل نجومه قبل محلها فإن عجل نجومه قبل محلها فكتابته له وإن لم يفعل لم يجبر المكاتب على تعجيها ولم يعجز
بأن لا يعجلها وبطلت وصية الموصى له لانه إنما أوصى له به بمعنى فإذالا لم يكن ذلك المعنى بطلت الوصية ولو قال كل نجم من كتابة مكاتبي عجله قبل محله لفلان كان كما قال وأي نجم عجله فهو لفلان وأي نجم لم يعجله فهو لورثته وهذا كله إذا كانت الكتابة صحيحة ولو أن رجلا كاتب عبده كتابة فاسدة ثم أوصى بكتابة عبده لرجل كانت الوصية باطله لانه لا كتابة على عبده ولو كانت المسألة بحالها فأوصى برقبته لرجل ففيها قولان أحدهما أن الوصية باطلة إلا أن يقول ليس بمكاتب لان كتابته فاسدة وأما إذا أوصى به وهو يراه مكاتبا فالوصية باطلة وكذلك لو باعه بيعا فاسدا ثم أوصى به لرجل(8/84)
كانت الوصية باطلة لانه أوصى به وهو يراه لغيره.
والقول الثاني: أن الوصية جائزة في الوجهين لانه ليس بمكاتب ولا خارجا من ملكه بالبيع الفاسد (قال الربيع) القول الثاني عندي هو الذي يقول به.
الوصية للمكاتب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا أوصى سيد المكاتب بعتقه عتق بالاقل من قيمته أو ما بقي عليه من كتابته كأن قيمته كانت ألفا والذي بقي عليه من كتابته خمسمائة فأعتق بخمسمائة لانه إذا أوصى بعتقه فقد وضع كتابته وإذا أوصى فوضع كتابته فقد عتق كأنه كان قيمته ألفا وبقي من كتابته ألفان فيعتق بالالف وإذا عتق سقطت كتابته فإن قال ضعوا عنه كتابته أو أوصى له بكتابته فهي كوصيته بعتقه لان كتابته إذا وضعت عنه فيعتق بالاقل من قيمته أو الكتابة وسواء كانت الكتابة دينا أو حالة تحسب من الثلث حالة ولو أوصى له بنجم من كتابته كان ذلك للورثة يعطونه أي نجم شاءوا متأخرا أو متقدما وإن كانت نجومه مختلفة فأقلها إن شاءوا فإن قال ضعوا عنه أي نجم من نجومه شئتم فهكذا وإن قال ضعوا عنه أي نجم من نجومه شاء هو فذلك إلى المكاتب فأي نجم من نجومه شاء وضع عنه من الثلث متقدما كان أو متأخرا وإن كانت له نجوم مختلفة فقال ضعوا عنه أوسط نجم من نجومه فأوسط نجم من نجومه يحتمل أوسطها في العدد وأوسطها في الاجل ليس واحد منهما أولى بظاهرها من الآخر فيقال للورثة ضعوا أوسط نجم من نجومه إن شئتم فأوسطها في العدد وإن شئتم فأوسطها في الاجل فإن ادعى المكاتب أن الذي أوصى له به غير الذي وضع عنه أحلف الورثة ما يعلمون ما قال
ووضعوا عنه الاوسط من أيها شاءوا ولو كانت المسألة بحالها وكانت بقيت عليه ثلاثة نجوم أولها وآخرها أقل قيل لكم أن تضعوا الاوسط من العدد أو المال فإن أردتم وضع الاوسط من الآجال فضعوه وهو الثاني الذي قبله واحد وبعده واحد ولو كانت عليه أربعة أنجم فأرادوا وضع الاوسط من النجوم المؤجلة وضعوا عنه أي النجمين شاءوا الثاني أو الثالث لانه ليس واحد أولى باسم الاوسط من الآخر ولو كانت خمسة كان لها أوسط وهو الثلث لان قبله نجمين وبعده نجمين إذا كانت نجومه وترا فلها أوسط نجم واحد وإذا كانت شفعا فلها أوسطان فإن كانت نجومه مختلفة عدد المال فكان منها عشرة ومنها مائة ومنها ثلاثة فقال ضعوا عنه نجما من نجومه وضعوا عنه أيها شاءوا.
فإن قال ضعوا عنه أكثر نجومه أو أقل نجومه وضعوا عنه ما أوصى به ولا يحتمل هذا إلا العدد فيوضع عنه إذا قال أكثر أكثرها عددا وإذا قال أقل أقلها عددا وإذا قال أوسط احتمل موضع المال وموضع الوسط وإن قال ضعوا عنه أوسط نجومه من عدد المال وعليه ثلاثة أنجم وضع عنه الاوسط الذي لا أقلها ولا أكثرها وإن كانت أربعة واحد عشر وواحد عشرون وواحد ثلاثون وواحد أربعون فقال ضعوا عنه أوسط نجومه عددا وضعوا عنه إن شاءوا العشرين وإن شاءوا الثلاثين لانه ليس واحد منهما أولى باسم الاوسط من الآخر فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه ولو قال ضعوا عنه ثلث كتابته كان لهم أن يضعوا عنه ثلث كتابته في العدد إن شاءوا المؤخر منهما وإن شاءوا ما قبله منها وكذلك إن قال نصفها أو ربعها أو عشرة منها ولو أو صى لمكاتبه بما وصفت من نجم أو ثلث أو أقل أو أكثر ولم يقبل المكاتب الوصية كان ذلك للمكاتب وإذا أوصى له بشئ يوضع عنه فعجز فقد صار رقيقا ولو أوصى لمكاتب بمال بعينه جازت الوصية فإن عجز المكاتب قبل(8/85)
يقبض الوصية بطلت الوصية عنه لانه لا يجوز أن يوصى لعبده (1) لان ذلك ملك لورثته لان الوصية لهم على قدر ملكهم فيه ولو قال إن شاء مكاتبي فبيعوه فشاء مكاتبه قبل يؤدي الكتابة بيع وإن لم يشأ لم يبع، وإذا قال الرجل إن عجز مكاتبي فهو حر فقال المكاتب قبل حلول النجم قد عجزت لم يكن حرا وإذا حل نجم من نجومه فقال قد عجزت وقال الورثة ليس بعاجز بدروا يماله فإن وجدوا وفاء بنجمه لم يكن يكن عاجزا وإن لم يوجد له وفاء أحلف ما يجد لهم وفاء وكان عاجزب وإذا قال في
وصيته إن شاء مكاتبي فبيعوه فلم يعجز حتى قال قد شئت أن تبيعوني قيل لا تباع إلا برضاك بالعجز فإن قال قد رضيت به بيع وإن لم يرض فالوصية باطلة لانه لا يجوز بيعه ما كان علين الكتابة وإذا قال الرجل في مرضه ضعوا عن مكاتبي بعضن كتابته أو بعض ما عليه وضعوا عنه ما شاءوا يمن كتابته وإن قل ولهم أن يضعوا ذلك عنه من آخر نجومه وأولها كما لو أوصى لرجل بشئ عليه من دين حال وآجل وضعوا عنه إن شاءوا من الحال وإن شاءوا من الآجل لان ذلك كله من كتابة المكاتب ودين من الدين، ولو قال ضعوا عنه نجما من نجومه أو بعض نجومه لم يكن لهم إلا أن يضعوا عنه نجما وذلك لهم أن يضعوا أي نجم شاءوا ولو فال ضعوا عنه من بعض نجومه كان لهم أن يضعوا عنه ما شاءوا لان بينا في قوله أن يضعوا عنه نجما أنه وضع عنه شئ منه فإن قال ضعوا عنه ما يخفف عنه من كتابته أوضعوا عنه جزءا من كتابته أو ضعوا عنه كثيرا من كتابته أو قليلا من كتابته أو ذا مال من كتابته أو غير ذي مال من كتابته كان إليهم أن يضعوا ما شاءوا لان القليل يخفف عنه من كتابته وكذلك يثقل عليه مع غيره في كتابته وكذلك يكون كثيرا وقليلا وكذلك لو قال ضعوا عنه المائة الباقية عليه من كتابته وزيادة وضعت المائة ولم يكن قوله وزيادة شيئا لانه لا يضع عنه ما ليس عليه ولو قال ضعوا عنه أكثر ما بقي من كتابته وضعوا عنه النصف وزيادة ما شاءوا لان ذلك أكثر ما بقي من كتابته ولو قال ضعوا عنه أكثر ما بقي من كتابته ومثل نصفه وضعوا عنه أكثر من النصف بما شاءوا ومثل نصف الذي وضعوا عنه، وهكذا إن قال ومثل ثلاثة أرباعه وضع عنه ما قال، ولو قال ضعوا عنه أكثر ما عليه من الكتابة ومثله مع وضعت عنه الكتابة كلها والفضل عن الكتابة باطل لانه وضع ما ليس عليه، ولو قال ضعوا عنه ما شاء من كتابته فقال قد شئت أن يضعوها كلها لم يكن ذلك له لان معقولا أن ما يوضع من الشئ لا يكون إلا وقد بقي من الشئ الموضوع منه شئ ويوضع عنه كل ما قال إذا بقي شئ من الكتابة قل أو كثر لان ذلك شئ من الكتابة.
الوصية للعبد أن يكاتب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا أوصى الرجل أن يكاتب عبد يخرج من الثلث خاص أهل الوصايا بجميع قيمته نقدا وكوتب على كتابة مثله لا تجير الورثة على غير ذلك وإن كان لا مال له
غيره ولا دين عليه ولا وصية لم تجبر الورثة على كتابته وقيل إن شئت كاتبنا في ثلثك وإن شئت لم تكاتب فإن لم يشأ أن يكاتب ثلثه فهو رقيق وإن شاء أن يكاتب ثلثه كوتب على ما يكاتب عليه مثله لا ينقص من ذلك ومتى عتق فثلث ولائه لسيده الذي أوصى بكتابته وثلثاه رقيق ولو كانت المسألة بحالها
__________
(1) كذا في بعض لان في الموضعين.
وتأمل.(8/86)
فقال أنا أعجل ثلثي قيمتي لم يكن ذلك له لانه إن كان له مال فماله لورثة سيده وكذلك إن وهب رجل له مالا كان لورثة سيده فإن قال رجل إن شئتم عجلتكم ثلثي قيمته لم يكن عليهم أن يقبلوا ذلك ولا يعتقوه عاجلا ولا يخرجوا ثلثيه من أيديهم بكتابة وثلثه لا يحتمله ولو أوصى أن يكاتب وعليه دين يحيط بماله كانت الوصية باطلة ولو أوصى أن يكاتب وهو يخرج من الثلث فقال كاتبوه بألف دينار وهو لا يسوى عشرة ولا يكاتب مثله على خمسين قيل إن رضيت بالكتابة التي أوصى أن تكاتب بها كوتبت وإن لم ترض أو عجزت فأنت رقيق وإذا خير في الكتابة فاختار تركها ثم سأل أن يكاتب لم يكن ذلك له لانه قد تركها كما إذا رد الرجل الوصية يوصى له بها لم يكن له له أن يرجع فيأخذها ولو قال كاتبوا عبدا من عبيدي كان لهم أن يكاتبوا أي عبد من عبيده شاءوا ويجبرون على ذلك وليس لهم أن يكاتبوا أمة، وكذلك لو قال كاتبوا أحد عبيدي فإن قال كاتبوا أحد رفيقي كان لهم أن يكاتبوا عبدا أو أمة إن شاءوا لان العبد ليس بأولى باسم الرقيق من الامة، ولو قال كاتبوا إحدى إمائي لم يكن لهم يكاتبوا عبدا ولا خنثى في هذا الوجه ولا إن أوصى أن يكاتب أحد رقيقه إذا كان مشكلا.
الكتابة في المرض (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا كاتب الرجل عبده في المرض وهو يخرج من الثلث على شئ وإن قل جاز لانه لو أعتقه جاز وعتقه عتق بثات أكثر من كتابته وإن كان لا يخرج من الثلث فكتابته موقوفة فإن أفاد السيد ما لا يخرج به المكاتب من الثلث جازت الكتابة بكل حال وإن لم يفد مالا يخرج به من الثلث وكاتبه على كتابة مثله لم تجز الكتابة في الثلثين لانها ليست بيع بتات وجازت في الثلث وهكذا إذا كانت على أقل من كتابة مثله بطلت في الثلثين وكانت جائزة في الثلث إذا لم يكن
عليه دين ولا وصية وإن كان عليه دين يحيط بماله بطلت الكتابة فإن كانت معه وصايا حاص أهل الوصايا ولم يبدأ عليهم.
إفلاس سيد العبد (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا كاتب الرجل عبده ثم أفلس لم تنقض الكتابة وكان للغرماء أخذ ما عليه من الكتابة عند محله ولو عجل المكاتب ما عليه قبل محله لم يكن للسيد منعه وكان للغرماء أخذ منه ولو أداه إلى سيده عتق به وكان للغرماء أخذه منه فإن فات فهو كما فات من ماله وتجوز كتابته له حتى يقف الحاكم ماله وإذا أوقف الحاكم ماله لم تجز كتابته فإن كاتبه بعد وقف القاضي ماله فالكتابة مردودة فإن أدى لم يعتق وأخذ ما أدى والعبد فبيع وكذلك إذا أعتقه لم يعتق وبيع وإن لم يوجد له وفاء بدينه لم يعتق وإذا اختلف السيد والغرماء فقالوا كاتبته بعد وقف القاضي مالك وقال بل كاتبته قبل وقف القاضي مالي ولا بينة كان القول قول السيد وليس في هذا شئ يجره إلى نفسه إنما هذا حق أقربه للعبد إذا أدعاه العبد وكذلك إذا كاتبه فقال السيد والغرماء كانت الكتابة بعد الوقف وقال العبد قبلها فالقول قول العبد مع يمينه وعليهم البينة وإذا كاتب المكاتب كتابة صحيحة فأقر السيد بعد التفليس بأنه قبض منه شيئا قبل وقف القاضي ماله فالقول قوله وكذلك ما أقر به الغريم له عليه حق(8/87)
فهو براءة له وإن أقر أنه قبض منه شيئا بعد وقف القاضي ماله لم يبرأ العبد منه حتى يؤديه السيد أو يتبعوا به العبد دينا عليه في ذمته إذا أدى إلى الغرماء حقوقهم.
ميراث سيد المكاتب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: فإذا كاتب الرجل عبده ثم مات السيد فالكتابة بحالها فإن أدى إلى الورثة عتق وكان ولاؤه للذي كاتبه وإن عجز فهو ميراث لهم وإن كان المكاتب تزوج بنت سيده في حياة سيده برضاها ثم مات السيد والبنت وارثة لابيها فسد النكاح لانها قد ملكت قدر ميراثها منه وإن كانت لا ترث أباها باختلاف الدينين أو لانها قاتل لابيها فالكتابة بحالها والنكاح بحاله ولو أسلمت بعد موته لم يفسد النكاح لانها لا ترثقه وقام الورثة في المكاتب مقام الميت فملكوا منه ما كان يملك ولولا ملك
رقبته بعجز لم يرد رقيقا فإن قيل فلم لا يبيعونه ؟ قيل لم يكن للذي ورثوه عنه أنه يبيعه فلا يعدون أن يكونوا مثله أو في أقل من حاله لانهم إنما ملكوه عنه فإن قيل فلم لا يكون لم ولاؤه دون الذي كاتبه ؟ قيل للعقد الذي يلزم السيد والعبد ما قام به المكاتب وهو العقد الذي حال بين سيد العبد وبين بيعه وماله ما أدى وكان في العقد أن ولاءه إذا أدى له فالعتق والولاء لزمه بالشرط ولزم سيده فأي ورثة الميت أعتق المكاتب كان نصيبه منه معتقا ولم يقوم عليه من قبل أن ولاء ما أعتق منه قبل يعجز المكاتب موقوف للذي كاتبه فلو أعتقوه معا كان ولاؤه للذي كاتبه فإن عجز لم يكن للذي أعتقه أو أبرأه من الكتابة من رقبته شئ وكان من بقي على نصيبه من رقبته وفيه قول آخر أن يقوم عليه فإذا عجز قوم عليه وكان له ولاؤه كله لان الكتابة أولا بطلت وأعتق هذا عبده ولو أبرأه الورثة أو بعضهم من الكتابة فإنه يبرأ من نصيب من أبرأه ويعتق نصيبه منه كما لو أبرأه الذي كاتبه من الكتابة وإذا ورث القوم مكاتبا فحل نجم من نجومه فلم يوده فأراد بعضهم تعجيزه وأراد بعض أن لا يعجزه ففيها قولان أحدهما أن كلهم على نصيبه فمن عجز فله تعجيره ونصيبه رقيق له ومن لم يعجزه فهو على الكتابة فإذا عتق فولاه ما عتق منه للذي كاتبه ولا يقوم على الذي لم يعجزه لان ولاءه لغيره والقول الثاني أنهم إن أجمعوا على ترك تعجيزه كان على الكتابة وإن لم يجمعوا عليه وأراد بعضهم تعجيزه كان عاجزا كله ولم يكن لمن بقي منهم ترك تعجيزه وإنما ذهب من قال هذا أن قال أجل هذا كابتداء الكتابة وكان عبدا بين اثنين فلا يجوز لاحدهما أن يكاتبه دون الآخر وهم إذا كاتبوا معا فيعتق على المعتق وإذا ورثوه فلاؤه لغيرهم وهم يقومون مقام الميت في أخذ الكتابة ورقه إن عجز ولا يقومون مقامه في أن لهم الولاء وليسوا بمبتدئي كتابته إذا عجز إنما هم تاركون حقا لهم في تعيجزه ولا يمنع أحد ترك حقه في تعجيزه متى أراد تركه وإذا مات أحد من ورثة سيد المكاتب فورثته يقومون مقامه ولو مات سيد المكاتب وله ابنان فشهدا أن أباهما قبض ما عليه وأنكر ذلك الورثة أو كانوا صغارا أو نساء كلهم فإن كانا عدلين جازت شهادتهما والمكاتب حر وولاؤه للذي كاتبه وإن كانا غير عدلين برئ المكاتب من حصتهما من الكتابة ولزمته حصته من أنكر وحصة الصغار منها ولا يعتق عليهما لان الولاء ليس لهما لانهما شهدا وأقرا بفعل غيرهما لا أعلمهما فعلا شيئا يلزمهما به عتق إن كانا موسرين وإذا مات سيد المكاتب وأراد المكاتب الوثيقة من دفع
ما عليه من الكتابة فلا يدفعها حتى يأتي الحاكم فإن كان للميت ورثة صغار وكبار أمر الحاكم المكاتب أن يدفع من الكتابة إلى الورثة الكبار بقدر نصيبهم وإلى الوالي نصيب الصغار وأعتقه فإن كان الورثة(8/88)
الكبار غيبا فسأل المكاتب أن يدفع الكتابة إلى عدل يقبضه لهم إن لم يكن لهم وكيل كان ذلك له فإذا دفعه عتق المكاتب وليس هذا كدين لهم على رجل ثم غابوا عنه فجاء به إلى الحاكم ليدفعه هذا لا يدفع إلا إليهم أو وكيل لهم فإن لم يكن وكيل تركه الحاكم فلم يأمر بقبضه من صاحبه الذي هو عليه لان في الكتابة عتقا للعبد فلا يحبس بالعتق وليس في الدين شئ يحبس عنه صاحب الدين فإن كان الورثة محجورين فدفع المكاتب ما عليه إلى وصيهم وعلى الميت دين أولا دين عليه أو له وصايا أولا وصايا له فالمكاتب حر وإذا هلك ذلك في يدي الوصي قبل يصل إلى الورثة الصغار وأهل الدين والوصايا منه عتق المكاتب بكل حال لان الوصي يقوم مقام الميت إذا كان أوصى إليه بدينه ووصاياه وتركته وليس فيهم بالغ غير محجور فإن كان فيهم بالغ غير محجور أو كان للميت وصيان فدفع إلى أحدهما لم يعتق حتى يصل إلى الوصين والبالغ وكذلك إن كان الميت مات عن ورثة كبار وليس فيهم صبي وعليه دين وله وصايا لم يبرأ المكاتب بالدفع إلى الورثة حتى يصل إلى أهل الدين دينهم لان الميراث لا يكون للورثة حتى يقضي الدين فإن قضى الدين فحتى يصل إلى أهل الوصايا وصاياهم لان أهل الوصايا شركاء بالثلث حتى يستوفوا وصاياهم فإذا صار إلى أهل الوصايا بعد قبض أهل الدين حقوقهم وإلى أهل المواريث مواريثهم عتق المكاتب وإذا يدفع بأمر الحاكم ولا وصى جماعة فلا يعتق حتى يصل المال إلى كل من كان له حق بسبب الميت فإن مات المكاتب قبل يصل ذلك إلى آخرهم مات عبدا كما لو كاتبه رجلان فدفع جميع الكتابة إلى أحدهما فلم يدفع اإلمدفوع إليه إلى شريكه حقه منها مات عبدا ولو مات عبد دفعه إلى شريكه حقه مات حرا وكان هذا في هذا الموضع كرجل أرسله المكاتب بمكاتبته إلى سيده فإن دفعها والمكاتب حى عتق وإن لم يدفعها حتى يموت المكاتب مات عبدا ولو لم يدفعها ولم يمت المكاتب لم يكن المكاتب بريئا منها ولا حرا بها ولو كان السيد وكل رجلا بقبض كتابة المكاتب فدفعها إليه المكاتب عتق وكان كدفعه إلى سيده وهكذا إذا دفع المكاتب بأمر حاكم أو
إلى وصى جماعة كلهم مولى عليه وإذا دفع المكاتب كتابته إلى قوم أثبتوا عل سيده ديونهم عتق إن لم يكن في كتابته فضل على دينهم فإن لم يكن عليه دين وله وصايا فدفع إلى الورثة وإلى أهل الوصايا بقدر ما يصيبهم عتق وإن بقي منهم أحد لم يدفع إليه لم يعتق حتى يقبضوا كلهم ولو تعدى فدفع إلى وارث دون الورثة أو إلى صاحب دين دون أهل الدين لم يعتق حتى يصير إلى كل وارث حقه وإلى كل ذي دين دينه.
موت المكاتب (أخبرنا الربيع) يقال أخبرنا الشافعي رحمه تعالى: قال أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال قلت له يعني عطاء المكاتب يموت وله ولد أحرار ويدع أكثر مما بقي عليه من كتابته ؟ قال يقضي عنه ما بقى من كتابته وما كان من فضل فلبنيه قلت: أبلغك هذا عن أحد ؟ قال زعموا أن عليا بن طالب رضى الله عنه كان يقضي به (أخبرنا الربيع قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال أخبرني ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول يقضي عنه ما عليه ثم لبنيه ما بقي قال عمرو بن دينار ما أراه لبنيه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ك يعني أنه لسيده والله تعالى أعلم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وبقول عمرو وهو قول زيد بن ثابت نأخذ وأما ما روى عطاء أنه(8/89)
بلغه عن على بن أبى طالب رضى اله تعالى عنه وهو روى عنه أنه كان يقول في المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى فلا أدري أثبت عنه أم لا، وإنما نقول بقول زيد بن ثابت فيه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أصل مذهبنا ومذهب كثير من أهل العلم أن المكاتب لا يعتق إلا بأداء ما عليه من الكتابة أو أن يبرئه سيده منه وإن كان موسرا واجدا فإذا كان هذا هكذا لم يجز في قولنا إذا مات المكاتب وله مال فيه وفاء من كتابته وفضل إلا أن تكون كتابته قد انتقضت وماله لسيده وقد مات رقيقا لانه من مات بحال لم يحل حال بعد الموت وقد مات غير حر فلا يكون يكون بعد الموت حرا ألا ترى لو أن عبدا مات فقال سيده هو حر لم يكن حرا لان العتق لا يقع على الموتى وإن قذفه رجل لم يحد له وإن كان مع المكاتب ولد ولدوا في كتابته وأم ولده لم يكاتب عليها فهم رقيق وإن كان معه ولد كبار كاتب عليهم فهم كرقيق
كاتبوا معا فيرفع عمن كاتب معه حصة الميت من الكتابة ويكون عليه هو حصته من الكتابة ولا يرث المكاتب الميت قبل يودي ولد أحرار ولا ولد ولدوا له في كتابته ولا كاتبوا معه بحال فإن كان في كتابته ولد بالغون كاتبوا معه وأجنبيون فسواء يأخذ سيده ماله لانه مات عبدا ويرفع عنهم حصته من الكتابة وإذا كان معه ولد ولدوا في كتابته من أمة من لم يكاتب عليها فمات قبل أن يؤدي فهم وأم ولده رقيق وماله لسيده لانهم إنما كانوا يعتقون بعتقه لو عتق وإذا بطلت كتابته بالموت لم يعتقوا بعتق من لا يعتق وكذلك لو ملك أباه وأمه ثم مات أرقوا فأما من كاتب عليه برضاء فعلى الكتابة لان له حصة من الكتابة ولو كانت له زوجة مملوكة للسيد فكاتب عليها برضاها فولدت أولادا في الكتابة ثم مات قبل يؤدي رفعت حصته من الكتابة وبقيت حصة امرأته ووقف ولده الذى ولدوا في الكتابة مع أمهم فإن عتقت عتقوا وإن عجزت أو ماتت قبل أن تؤدي رقوا ولو قالوا نؤدي عليها فنعتق لم يكن لهم لانهم لم يشترطوا في الكتابة إنما كانوا يعتقون بعتق أمهم فلما بطل عتقها لم يجز أن يعتقوا.
في إفلاس المكاتب (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى: قال أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال قلت له يعني لعطاء أفلس مكاتبي وترك مالا وترك دينا للناس عليه لم يدع وفاء ابتدئ بحق الناس قبل كتابتي ؟ قال نعم وقالها عمرو بن دينار قال ابن جريج قلت لعطاء أما أحاصهم بنجم من نجومه حل عليه انه قد ملك عمله لى سنة ؟ قال: لا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وبهذا نأخذا فإذا مات المكاتب وعليه دين بدئ بديون الناس لانه مات رقيقا وبطلت الكتابة ولا دين للسيد عليه وما بقي مال السيد وكذلك إذا عجز وقولهم أفلس عجز إن شاء الله تعالى لانه إذا عجز بطلت الكتابة فأما إذا كان على الكتابة فيؤدي الدين قبل الكتابة لان ماله ليس لسيده وسيده حينئذ في ماله كغريم غيره فإذا بطلت الكتابة بطل كل ما لسيده عليه من مال استهلكه أو جناية جناها عليه وغير ذلك لانه لا يكون لسيد على عبده دين وإذا زعم عطاء أن المكاتب إذا عجز لم يكن لسيده عليه دين لانه لا يكون له عليه دين إلا ما دام مكاتبا فمثله لا يخالفه أن يموت لان الكتابة تبطل بموته قبل الاداء.(8/90)
ميراث المكاتب وولاؤه (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى: قال أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال قلت لابن طاوس كيف كان أبوك يقول في الرجل يكاتب الرجل ثم يموت فترث ابنته ذلك المكاتب فيؤدي كتابته ثم يعتق ثم يموت ؟ قال كان يقول ولاوه لها ويقول ما كنت أظن أن يخالف في ذلك أحد من الناس ويعجب من قولهم ليس لها ولاؤه (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال قلت لعطاء رجل توفى عن ابنين له وترك مكاتبا فصار المكاتب لاحدهما ثم قضى كتابته للذي صار له في الميراث ثم مات المكاتب من يرثه، قال يرثانه جميعا وقالها عمرو بن دينار وقال عطاء رجع ولاؤه للذي كاتبه فرددتها عليه فقال ذلك غير مرة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ويقول عطاء وعمرو بن دينار نقول في المكاتب يكاتبه الرجل ثم يموت السيد ثم يودي المكاتب فيعتق بالكتابة أن ولاءه للذي عقد كتابته لانه لما عقدها لم يكن له إرقاقه ما قام المكاتب بالكتابة فلا يكون ولاؤه إلا له ولا نقول بقول عطاء في الرجل يموت ويدع مكاتبا وابنين إن للابنين أن يقتسما مال الميت حتى يصير المكاتب لاحدهما من قبل أن القسم بيع وبيع المكاتب لا يجوز وتقتسم الورثة ما أدى المكاتب فإذا عجز المكاتب صار عبدا لهم أن يقسموه وإن اقتسموا قبل عجز المكاتب فصار المكاتب إلى حصة أحدهم فالقسم باطل وما أخذ منه فهو بينه وبين ورثة أبيه.
والله أعلم.
باب الولاء (قال الشافعي) رحمه الله تعالى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قضاء الله أحق وشرطه أوثق وإنما الولاء لمن أعتق) قال وقال (الولاء لحمه كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب) فلم يكن يجوز لاحد ولاء على أحد إلا بأن يتقدمه عتق ومن لم يعتق فهو حر ولا ولاء له وعقله على جماعة المسلمين.
والله أعلم.
تم بحمد الله الجزء الثامن من كتاب الام وبه تم الكتاب للامام محمد بن إدريس الشافعي.
ويليه كتاب (مختصر المزني)(8/91)