أَو تردى حنث لِأَنَّهُ قد لبسه
وَإِذا حلف الرجل لَا يلبس قَمِيصًا فَلبس قَمِيصًا لَيْسَ لَهُ كمان وَلم يكن لَهُ نِيَّة حِين حلف فانه يَحْنَث أَلا ترى أَنه قَمِيص وَإِن لم يكن لَهُ كمان وَكَذَلِكَ الدرْع أَلا ترى أَن الرجل قد يَشْتَرِي الكمين للدرع وَلَيْسَ للدرع كمان بعد وَإِنَّمَا ينْسب إِلَى الْبدن
وَإِذا حلف لَا يلبس ثوبا فَوَضعه على عُنُقه يُرِيد بذلك الْحمل لَا يُرِيد بذلك اللّبْس لم يَحْنَث لِأَنَّهُ إِنَّمَا حمل وَلم يلبس(3/328)
وَإِذا حلف الرجل لَا يلبس ثوبا فألبسه إِيَّاه رجل وَهُوَ مكره لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يلبس وَإِنَّمَا ألبس
وَإِذا حلف الرجل لَا يلبس ثوبا وَهُوَ يَنْوِي ثوبا من الثِّيَاب خَاصَّة فَلبس غير ذَلِك فانه يَسعهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَو حلف رجل بِعِتْق أَو طَلَاق لم يدين فِي الْقَضَاء
وَإِذا حلف الرجل لَا يلبس وَلم يقل ثوبا وَهُوَ يَنْوِي نوعا من الثِّيَاب خَاصَّة فَلبس غَيره فانه يَحْنَث من قبل أَنه لم يسم شَيْئا وَكَذَلِكَ لَو حلف لَا يَأْكُل وَهُوَ يَنْوِي نوعا من الطَّعَام أَو حلف لَا يشرب وَهُوَ يَنْوِي نوعا من الشَّرَاب وَلَيْسَ لَهُ فِي شَيْء من هَذَا تَسْمِيَة فانه يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يسم شَيْئا
وَإِذا حلف الرجل لَا يلبس ثوب فلَان هَذَا الثَّوْب بِعَيْنِه وَهُوَ يَنْوِي مَا دَامَ فِي ملكه فَبَاعَهُ فلبسه الَّذِي حلف عَلَيْهِ بعد ذَلِك لم يَحْنَث وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة فلبسه بعد مَا بَاعه فانه لَا يَحْنَث أَيْضا فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَيحنث فِي قَول مُحَمَّد
وَإِذا حلف الرجل لَا يلبس من ثِيَاب فلَان شَيْئا وَهُوَ يَعْنِي مَا عِنْده(3/329)
فَاشْترى فلَان ثيابًا فَلبس مِنْهَا ثوبا فانه لَا يَحْنَث وَلَو اشْترى مِنْهُ ثوبا فلبسه لم يَحْنَث لِأَنَّهُ قد خرج من ملك فلَان فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَكَذَلِكَ لَو اشْتَرَاهُ غَيره مِنْهُ وَكَذَلِكَ إِن وهبه فلَان لغيره وَقَبضه الْمَوْهُوب لَهُ ثمَّ لبسه الْحَالِف لم يَحْنَث وَكَذَلِكَ لَو لبس ثوبا لفُلَان وَلآخر لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لَيْسَ لفُلَان كُله
وَإِذا حلف الرجل لَا يكسو فلَانا شَيْئا وَلَا نِيَّة لَهُ فَكَسَاهُ قلنسوة أَو خُفَّيْنِ أَو جوربين أَو نَعْلَيْنِ حنث لِأَنَّهُ مِمَّا يكسى
وَلَو حلف رجل لَا يكسو فلَانا ثوبا فَأعْطَاهُ درهما ليَشْتَرِي بِهِ(3/330)
ثوبا لم يَحْنَث لِأَن هَذَا لم يكسه إِنَّمَا وهب لَهُ دَرَاهِم وَلَو أرسل إِلَيْهِ بِثَوْب كسْوَة حنث لِأَنَّهُ قد كَسَاه لَو كَانَ حِين حلف أَن لَا يكسوه ثوبا نوى لَا يُعْطِيهِ بِيَدِهِ إِلَى يَده لم يَحْنَث
وَإِذا حلف الرجل لَا يلبس سِلَاحا أبدا لَا نِيَّة لَهُ فتقلد سَيْفا أَو تنكب قوسا أَو ترسا لم يَحْنَث لِأَنَّهُ قَالَ لَا ألبس سِلَاحا فَلَا يَحْنَث حَتَّى يلبس كَمَا قَالَ وَلَو لبس درع حَدِيد وَلم يكن مَعَه غَيره حنث لِأَنَّهُ هَذَا قد لبس السِّلَاح وَلَو حلف لَا يلبس درعا وَلَا نِيَّة لَهُ فَلبس درعا من حَدِيد أَو درع امْرَأَة فَأَي ذَلِك مَا لبس فانه يَحْنَث فان كَانَ نوى حِين حلف لبس الْحَدِيد دون مَا سواهُ لم يَحْنَث إِلَّا فِيهِ وَإِن كَانَ نوى درع النِّسَاء دون الْحَدِيد لم يَحْنَث إِلَّا فِيهَا(3/331)
وَإِذا حلف الرجل لَا يلبس شَيْئا وَلَا نِيَّة لَهُ فَلبس درع حَدِيد أَو درع امْرَأَة أَو خُفَّيْنِ أَو نَعْلَيْنِ أَو قلنسوة فانه يَحْنَث فِي أَي ذَلِك مَا لبس لِأَنَّهُ حلف لَا يلبس شَيْئا فَكل شَيْء وَقع عَلَيْهِ اسْم الشَّيْء وَاسم لبس فانه يَحْنَث إِذا لبسه وَتجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة
- بَاب الْكَفَّارَة فِي الْوَفَاء فِي الْيَمين
-
وَإِذا حلف الرجل ليقضين فلَانا مَاله رَأس الشَّهْر وَلَا نِيَّة لَهُ فَلهُ اللَّيْلَة الَّتِي يهل فِيهَا الْهلَال ويومها ذَلِك كُله أَلا ترى أَنَّك تَقول الْيَوْم رَأس الشَّهْر وَإِنَّمَا أهل البارحة(3/332)
وَإِذا حلف الرجل للرجل ليعطينه حَقه صَلَاة الظّهْر فَلهُ وَقت الظّهْر كُله فَإِذا ذهب وَقت الظّهْر قبل أَن يُعْطِيهِ وَقع عَلَيْهِ الْحِنْث وَكَذَلِكَ إِذا غَابَتْ الشَّمْس من الْيَوْم الَّذِي سمى رَأس الشَّهْر قبل أَن يُعْطِيهِ فانه يَحْنَث
وَإِذا حلف ليعطينه عِنْد طُلُوع الشَّمْس فَلهُ من حِين تطلع الشَّمْس إِلَى أَن تبيض
وَإِذا حلف ليعطينه يَوْم كَذَا وَكَذَا فَلهُ ذَلِك الْيَوْم كُله فَإِذا غَابَتْ الشَّمْس قبل أَن يُعْطِيهِ حنث
وَإِذا حلف ليعطينه مَاله رَأس الشَّهْر فَأعْطَاهُ قبل ذَلِك أَو وهبه لَهُ الطَّالِب أَو أَبرَأَهُ مِنْهُ قبل الْهلَال وَجَاء الْهلَال وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء فانه لَا يَحْنَث فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَيحنث فِي قَول أبي يُوسُف وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ الْمَطْلُوب وَبَقِي الطَّالِب فانه لَا يَحْنَث لِأَنَّهُ قد مَاتَ قبل مُضِيّ الْمدَّة أَلا ترى أَنه لَو أعطَاهُ فِيمَا بَقِي من الشَّهْر لم يَحْنَث وَكَذَلِكَ لَو حلف على هَذَا بِعِتْق أَو طَلَاق وَكَذَلِكَ لَو أَن الْمَطْلُوب قضى ذَلِك إِلَى وَكيل الطَّالِب بر وَلم يَحْنَث(3/333)
وَلَو حلف لَا يُعْطِيهِ حَتَّى يَأْذَن لَهُ فلَان فَمَاتَ فلَان أَو لَا يكلمهُ حَتَّى يَأْذَن لَهُ فلَان فَمَاتَ فلَان قبل أَن يَأْذَن لَهُ ثمَّ كَلمه أَو أعطَاهُ حَقه لم يَحْنَث لِأَن فلَانا قد مَاتَ وَانْقطع إِذْنه فِي الْإِعْطَاء وَالْكَلَام وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وفيهَا قَول آخر غير هَذَا إِنَّه يَحْنَث وَهُوَ قَول أبي يُوسُف إِذا كَلمه أَو أعطَاهُ وَإِن كَانَ فلَان قد مَاتَ قبل أَن يَأْذَن لَهُ فانه على يَمِينه
وَإِذا حلف الرجل ليأكلن طَعَاما سَمَّاهُ غَدا أَو ليلبسن ثوبا سَمَّاهُ غَدا فَاحْتَرَقَ ذَلِك الطَّعَام أَو ذَلِك الثَّوْب قبل أَن يَجِيء غَد لم يَحْنَث لِأَنَّهُ قد بَقِي من مدَّته وَوَقته شَيْء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَزفر يَحْنَث إِذا مضى الْغَد
وَإِذا حلف الرجل ليضربن فلَانا أَو ليعطين فلَانا مَا لَهُ عَلَيْهِ أَو ليكلمن فلَانا فِي كَذَا وَكَذَا وَلم يُوَقت لذَلِك وقتا فَمَاتَ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ قبل أَن يفعل أَو الْحَالِف فان الْحِنْث قد وَقع على الْحَالِف لِأَنَّهُ لم يفعل ذَلِك
وَإِذا حلف ليعطين فلَانا مَا لَهُ وَفُلَان قد مَاتَ قبل ذَلِك وَهُوَ لَا يعلم لم يكن عَلَيْهِ حنث وَكَذَلِكَ لَو حلف ليضربن فلَانا أَو ليكلمن(3/334)
فلَانا أَو ليقْتلن فلَانا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وفيهَا قَول آخر إِنَّه يَحْنَث فِي ذَلِك علم أم لم يعلم وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَزفر
وَإِذا حلف ليشربن هَذَا المَاء الَّذِي فِي هَذَا الْكوز فَنظر فَإِذا لَيْسَ فِي الْكوز مَاء لم يَحْنَث وَكَذَلِكَ لَو حلف بِالْعِتْقِ أَو بِالطَّلَاق على هَذَا الْأَمر لِأَنَّهُ لم يحلف على شَيْء أَلا ترى أَنه لَو حلف ليكلمن هَذَا(3/335)
الرجل وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى رجل فَإِذا هُوَ لَا شَيْء لم يَحْنَث فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَيحنث فِي قَول أبي يُوسُف وَزفر فِي هَذَا كُله
وَإِذا حلف بِطَلَاق امْرَأَته ليَأْتِيَن الْبَصْرَة وَلم يُوَقت لذَلِك وقتا فَمَاتَ قبل أَن يَأْتِيهَا كَانَ الطَّلَاق يَقع على امْرَأَته فان كَانَ دخل بهَا فلهَا الْمِيرَاث لِأَن الطَّلَاق قد وَقع عَلَيْهَا قبل الْوَقْت وَهُوَ فار وَالْعدة عَلَيْهَا أبعد الْأَجَليْنِ أَرْبَعَة أشهر وَعشر تستكمل فِيهَا ثَلَاث حيض وَإِن لم يكن دخل بهَا فَلَا عدَّة عَلَيْهَا وَلَا مِيرَاث لَهَا لِأَنَّهُ قد حنث وَوَقع الطَّلَاق عَلَيْهَا حَيْثُ مَاتَ وَلم يَأْتِ الْبَصْرَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْمَسْأَلَة الأولى عَلَيْهَا الْعدة بِالْحيضِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا الشُّهُور وَلَو بَقِي الرجل لم يمت فَمَاتَتْ امْرَأَته كَانَ لَهُ الْمِيرَاث مِنْهَا لِأَن الْحِنْث وَالطَّلَاق لم يَقع عَلَيْهَا بعد أَلا ترى أَنه يقدر أَن يَأْتِي الْبَصْرَة وَكَذَلِكَ لَو حلف بِعِتْق عَبده أَو بِيَمِين غير ذَلِك فَمَاتَ قبل أَن يَقع وَقع الْحِنْث عَلَيْهِ
وَلَو حلف بِطَلَاق امْرَأَته ثَلَاثًا إِن لم تأت امْرَأَته الْبَصْرَة وَلم يُوَقت لذَلِك وقتا فَمَاتَتْ قبل أَن تأتيها وَقع عَلَيْهَا الطَّلَاق قبل أَن(3/336)
تَمُوت وَلَا مِيرَاث للزَّوْج وَلَو مَاتَ الزَّوْج وَبقيت الْمَرْأَة لم يَقع عَلَيْهَا الطَّلَاق وَكَانَ لَهَا الْمِيرَاث لِأَنَّهَا قد تقدر على أَن تَأتي الْبَصْرَة وَفِي الْمَسْأَلَة الأولى قد مَاتَت وَلم تأت الْبَصْرَة فَوَقع الْحِنْث عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ كل شَيْء حلف عَلَيْهِ الرجل ليفعلنه وَلم يُوَقت فِيهِ وقتا فَمَاتَ قبل أَن يَفْعَله وَجب عَلَيْهِ الْحِنْث
وَلَو حلف رجل بِعِتْق كل مَمْلُوك لَهُ أَن لَا يكلم فلَانا وَلَيْسَ لَهُ مَمْلُوك يَوْمئِذٍ ثمَّ اشْترى رَقِيقا ثمَّ كلم فلَانا لم يَقع عَلَيْهِم الْعتْق لِأَنَّهُ لم يحلف يَوْم حلف وهم عِنْده وَإِن كَانَ لَهُ رَقِيق ثمَّ حلف ثمَّ باعهم ثمَّ كلم فلَانا وهم لَيْسُوا فِي ملكه لم يَقع عَلَيْهِم الْعتْق لِأَنَّهُ قد حنث وهم فِي غير ملكه
وَلَو قَالَ إِذا كلمت فلَانا فَكل مَمْلُوك لي يَوْم ُأكَلِّمهُ حر ثمَّ اشْترى رَقِيقا ثمَّ كَلمه وهم عِنْده عتقوا وَكَذَلِكَ لَو قَالَ يَوْم أكلم فلَانا فَكل مَمْلُوك لي حر(3/337)
وَلَو قَالَ إِذا كلمت فلَانا فَكل مَمْلُوك أملكهُ حر ثمَّ ملك رَقِيقا ثمَّ كَلمه لم يعتقوا وَلَو ملك رَقِيقا بعد مَا كَلمه لم يعتقوا لِأَنَّهُ إِنَّمَا ملكهم بعد كَلَامه فَلَيْسَ يعْتق إِلَّا مَا كَانَ فِي ملكه يَوْم حلف
وَلَو قَالَ إِذا كلمت فلَانا فَكل مَمْلُوك لي حر وَله رَقِيق عبيد وإماء ومكاتبون ومدبرون وَأُمَّهَات أَوْلَاد لَهُ ثمَّ كَلمه عتق هَؤُلَاءِ كلهم غير المكاتبين فانهم لَا يعتقون وَإِن قَالَ عنيت الرِّجَال دون النِّسَاء فانه يصدق فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَا يصدق فِي الْقَضَاء وَلَو قَالَ لم أعن الْمُدبر فِي ذَلِك لم يدين فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَا يصدق فِي الْقَضَاء وَلَو لم يكن لَهُ نِيَّة لم يعْتق مكاتبوه فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد
وَلَو قَالَ كل مَمْلُوك أشتريه حر يَوْم أكلم فلَانا ثمَّ اشْترى رَقِيقا ثمَّ كلم فلَانا ثمَّ اشْترى آخَرين بعد أُولَئِكَ عتق الْأَولونَ الَّذين اشتراهم قبل كَلَام فلَان وَلم يعْتق الَّذين اشتراهم بعد كَلَام فلَان(3/338)
أَلا ترى أَنه إِنَّمَا وَقع الْعتْق على الْأَوَّلين وَكَذَلِكَ الطَّلَاق فِي جَمِيع مَا ذكرت فِي هَذِه الْأَيْمَان فَهُوَ فِي وُقُوعه وَالْعِتْق سَوَاء
وَإِذا حلف الرجل بِعِتْق عَبده إِن لم يكلم فلَانا فَمَاتَ الْحَالِف وَلم يكلمهُ وَلَا مَال لَهُ غير العَبْد فَإِن العَبْد يعْتق وَيسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته لِأَن الْعتْق وَقع عِنْد الْمَوْت وَلَو مَاتَ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ وَبَقِي الْحَالِف عتق العَبْد وَلم يسع فِي شَيْء
وَلَو قَالَ رجل لامْرَأَته أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِن كلمت فلَانا ثمَّ طَلقهَا وَاحِدَة بَائِنَة ثمَّ كلمت فلَانا فان كَلمته وَهِي فِي عدتهَا وَقع عَلَيْهَا ثَلَاث تَطْلِيقَات وَإِن كَلمته بعد مَا انْقَضتْ الْعدة لم يَقع عَلَيْهَا شَيْء
وَإِذا قَالَ الرجل لامْرَأَته إِذا حَلَفت بطلاقك فَأَنت طَالِق إِذا حَلَفت بطلاقك فَأَنت طَالِق فقد حلف بِطَلَاقِهَا فِي الْمرة الثَّانِيَة فَيَقَع عَلَيْهَا التطليقة الأولى وَإِن قَالَ إِذا حَلَفت بطلاقك فَعَبْدي حر(3/339)
وَقَالَ لعَبْدِهِ إِذا حَلَفت بعتقك فامرأتي طَالِق فقد حلف بِطَلَاق امْرَأَته وَقد وَقع الْعتْق على عَبده
وَإِذا حلف الرجل لَا يُطلق امْرَأَته وَلم يكن لَهُ نِيَّة فَأمر رجلا فَطلقهَا أَو جعل أمرهَا فِي يَديهَا فَطلقت نَفسهَا أَو خلعها أَو قَالَ لَهَا أَنْت مني بَائِن يَنْوِي الطَّلَاق فَهَذَا طَلَاق كُله يَقع بِهِ الْحِنْث فان كَانَ حِين حلف يَنْوِي أَن لَا يكلم بِالطَّلَاق بِلِسَانِهِ لَا يَنْوِي إِلَّا ذَلِك فَأمر رجلا فَطلقهَا أَو جعل أمرهَا إِلَيْهَا فَطلقت نَفسهَا فانه لَا يَقع عَلَيْهِ الْحِنْث فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى
وَإِذا حلف الرجل لَا يعْتق عَبده فَأمر رجلا فَأعْتقهُ أَو قَالَ أَنْت حر إِن فعلت كَذَا وَكَذَا فَفعل ذَلِك فان العَبْد يعْتق وَيَقَع الْحِنْث على مَوْلَاهُ لِأَنَّهُ هُوَ أعْتقهُ حَيْثُ قَالَ مَا قَالَ وَكَذَلِكَ لَو حلف(3/340)
أَن لَا يُطلق امْرَأَته ثمَّ قَالَ أَنْت طَالِق إِن دخلت الدَّار فَدخلت الدَّار وَقع الطَّلَاق عَلَيْهَا وَوَقع عَلَيْهِ الْحِنْث وَلَو قَالَ إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ثمَّ حلف بِاللَّه أَن لَا يطلقهَا ثمَّ دخلت الدَّار وَقع عَلَيْهَا الطَّلَاق وَلَا يَقع على زَوجهَا الْحِنْث فِي الْقَضَاء لِأَنَّهُ لم يَجْعَلهَا طَالقا بعد مَا حلف إِنَّمَا جعلهَا قبل أَن يحلف
وَلَو حلف لَا يَبِيع عبدا وَلَا مَتَاعا وَلَا نِيَّة لَهُ فَأمر غَيره فَبَاعَهُ لم يَحْنَث لِأَن الَّذِي بَاعه هُوَ البَائِع وَكَذَلِكَ لَو حلف لَا يَشْتَرِي مَتَاعا أَو عبدا فَأمر غَيره فَاشْترى لَهُ أَلا ترى أَن الْخصم فِي هَذَا إِذا وجد عَيْبا المُشْتَرِي وَلَيْسَ الْأَمر من الْخُصُومَة فِي شَيْء وَكَذَلِكَ إِذا أمره(3/341)
فَبَاعَهُ فالخصومة للْبَائِع
وَلَو حلف لَا يتَزَوَّج امْرَأَة فَأمر غَيره فَزَوجهُ حنث لِأَنَّهُ قد تزوج أَلا ترى أَنَّك تَقول تزوج فلَان للزَّوْج وَلَا تَسْتَطِيع أَن تنْسب ذَلِك(3/342)
إِلَى الَّذِي خَاطب عَنهُ وزوجه وَقد تَقول اشْترى فلَان لفُلَان مَتَاعا أَو عبدا أَو بَاعَ فلَان لفُلَان عبدا أَو مَتَاعا
وَإِذا حلف الرجل لَا يَشْتَرِي عبدا وَهُوَ يَنْوِي أَن لَا يَأْمر غَيره فيشتري لَهُ فَأمر غَيره فَاشْترى لَهُ حنث لِأَنَّهُ قد نوى ذَلِك وَكَذَلِكَ إِذا حلف لَا يَبِيع وَهُوَ يَنْوِي أَن لَا يَأْمر غَيره فَبَاعَ فانه يَحْنَث لِأَنَّهُ قد نوى ذَلِك
وَإِذا قَالَ الرجل كل امْرَأَة يَتَزَوَّجهَا إِلَى ثَلَاثِينَ سنة طَالِق ثَلَاثًا إِن كلم فلَانا فَكلم فلَانا وَقد تزوج امْرَأَة قبل كَلَامه بعد الْحلف وَامْرَأَة بعد كَلَامه فان الطَّلَاق يَقع عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَيَقَع على كل شَيْء تزوج مُنْذُ حلف إِلَى أَن تمْضِي هَذِه الْمدَّة وَلَو كَانَ قَالَ إِن كلمت فلَانا فَكل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا إِلَى ثَلَاثِينَ سنة فَهِيَ طَالِق ثَلَاثًا فَتزَوج امْرَأَة بعد الْيَمين ثمَّ كَلمه لم يَقع عَلَيْهَا الطَّلَاق وَإِن تزوج امْرَأَة بعد الْكَلَام إِلَى ثَلَاثِينَ سنة وَقع عَلَيْهَا الطَّلَاق وَهَذَا مُخَالف للباب الأول إِنَّمَا يَقع يَمِينه بعد الْكَلَام وَالْبَاب الأول يَقع يَمِينه على مَا تزوج مُنْذُ(3/343)
حلف إِلَى ثَلَاثِينَ سنة بعد الْكَلَام وَقبل
وَلَو قَالَ إِن كلمت فلَانا فَكل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا طَالِق ثَلَاثًا كَانَ كَمَا قَالَ وَلَا يَقع على مَا تزوج قبل كَلَامه وَإِن كَانَ قدم الْحلف ثمَّ كلم فلَانا وَقع الطَّلَاق وَلَو تزوج قبل الْكَلَام لم يَقع الطَّلَاق وَكَذَلِكَ الْعتاق فِي هَذَا كُله وكل امْرَأَة تزَوجهَا قبل الْحلف فِي جَمِيع ذَلِك لم يَقع عَلَيْهَا شَيْء إِنَّمَا يَقع على مَا يتَزَوَّج بعد كَلَامه إِذا بَدَأَ فَقَالَ إِن كلمت فلَانا
وَلَو قَالَ كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا طَالِق ثَلَاثًا إِن كلمت فلَانا فَتزَوج بعد الْيَمين وَالْكَلَام حنث وَلَا يَحْنَث فِيمَا سوى ذَلِك وَكَذَلِكَ الْعتْق(3/344)
وَإِذا وَقع الْحِنْث فِي امْرَأَة فَتَزَوجهَا زوج غَيره وَدخل بهَا ثمَّ فَارقهَا وَانْقَضَت عدتهَا ثمَّ تزَوجهَا الْحَالِف لم يَحْنَث فِيهَا مرّة أُخْرَى وَلَا يَقع عَلَيْهَا الطَّلَاق
وَإِذا حلف الرجل لَا يَبِيع لرجل شَيْئا قد سمى بِعَيْنِه فَبَاعَهُ لآخر طلب ذَلِك إِلَيْهِ لم يَحْنَث وَكَذَلِكَ لَو حلف لَا يَشْتَرِي لفُلَان شَيْئا فَأمره آخر فَاشْترى لَهُ والآمر يَنْوِي أَنه لفُلَان الْمَحْلُوف عَلَيْهِ فان الْحَالِف لَا يَحْنَث لِأَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَاهُ للَّذي أمره وَكَذَلِكَ إِن بَاعَ للَّذي أمره وَكَذَلِكَ إِن بَاعَ لنَفسِهِ أَو اشْترى لنَفسِهِ
وَإِذا حلف الرجل لَا يَشْتَرِي عبدا بِعَيْنِه فَاشْتَرَاهُ هُوَ وَآخر ذَلِك العَبْد فانه لَا يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يشتره كُله إِنَّمَا اشْترى نصفه
وَإِذا حلف رجل لَا يهب لفُلَان هبة فَتصدق عَلَيْهِ بِصَدقَة لم يَحْنَث(3/345)
لَان الصَّدَقَة غير الْهِبَة أَلا ترى أَنه لَا يرجع فِي الصَّدَقَة وَلَو حلف لَا يهب لَهُ فوهب لَهُ هبة وَلم يَدْفَعهَا إِلَيْهِ وَلم يقْض فان الْحَالِف يَحْنَث إِلَّا أَن يكون نوى حِين حلف هبة مَقْبُوضَة فَلَا يَحْنَث حَتَّى يكون مَقْبُوضَة وَلَو حلف لَا يهب لَهُ هبة فوهب لَهُ هبة غير مقسومة وَلَيْسَت لَهُ نِيَّة حنث لِأَنَّهَا هبة
وَكَذَلِكَ لَو أعْمرهُ عمرى وَقَبضهَا أَو نحله نحلى وَقَبضه أَو أعطَاهُ عَطِيَّة فقبضها حنث وَكَانَ هَذَا كُله هبة وَلَو وهب لَهُ شَيْئا فَأرْسل بِهِ مَعَ غَيره حنث(3/346)
وَإِذا حلف الرجل ليضربن مَمْلُوكه فلَانا أَو حلف لَا يضْربهُ فَأمر غَيره فَضَربهُ وَلم يكن لَهُ نِيَّة أَن يضْربهُ بِيَدِهِ وَلَا يَأْمر بِهِ فانه قد ضربه حَيْثُ أَمر بِهِ أَلا ترى أَن رجلا لَو حلف ليخيطن هَذَا الثَّوْب فَأمر بِهِ فخيط أَو ليبنين هَذِه الدَّار فَأمر بهَا فبنيت كَانَ قد بر فِي يَمِينه إِلَّا أَن يكون عَنى ليفعلن ذَلِك بِيَدِهِ أَلا ترى أَنه يَقُول وَقد بنيت دَاري وَلم يبنها هُوَ إِنَّمَا بناها غَيره
وَكَذَلِكَ لَو حلف على شَيْء ليفعلنه مِمَّا يحسن فِيهِ إِذا أَمر بِهِ غَيره فَفعله أَن يَقُول قد فعلت كَذَا وَكَذَا فان كَانَ عملا لَا يحسن بِهِ أَن يَقُول قد فعلت كَذَا وَكَذَا فَذَلِك إِنَّمَا فعله غَيره فَهَذَا لَا يَقع(3/347)
الْيَمين إِلَّا أَن يَفْعَله هُوَ بِنَفسِهِ
وَإِذا حلف ليضربن عَبده فَأمر بِهِ فَضرب فقد بر وَلَو حلف لَا يضْربهُ فَأمر بِهِ فَضرب حنث إِذا لم يكن لَهُ نِيَّة فِي ذَلِك وَلَو حلف بذلك على رجل حر لَا يملكهُ لم يَحْنَث حَتَّى يضْربهُ بِيَدِهِ وَلَا يشبه العَبْد فِي هَذَا الْحر وَكَذَلِكَ السُّلْطَان لَو حلف لَا يضْرب رجلا وَلَا نِيَّة لَهُ فَأمر بِهِ فَضرب حنث أَلا ترى أَنَّك تَقول ضرب الْأَمِير الْيَوْم فلَانا وَضرب القَاضِي الْيَوْم فلَانا حدا وَلَو كَانَ نوى حِين حلف أَن يضْربهُ بِيَدِهِ لم يَحْنَث حَتَّى يضْربهُ بِيَدِهِ وَهُوَ يدين فِي الْقَضَاء وَالله أعلم
- بَاب الْكَفَّارَة فِي الْيَمين فِي الْخدمَة
-
وَإِذا حلف الرجل لَا يستخدم خَادِمًا قد كَانَت تخدمه وَلَا نِيَّة لَهُ(3/348)
فَجعلت الْخَادِم تخدمه من غير أَن يأمرها حنث لِأَنَّهُ قد استخدمها إِذا كَانَت تخدمه على حَالهَا الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ حِين حلف
وَلَو حلف على خَادِم لَا يملكهَا أَن لَا يستخدمها فخدمته بِغَيْر أمره لم يَحْنَث لِأَن خادمه فِي هَذَا وخادم غَيره مُخْتَلف لِأَن خادمه إِنَّمَا وَضعه فِي بَيته لخدمته فَإِذا تَركه على ذَلِك الْأَمر يَخْدمه فَهُوَ خادمه وخادم غَيره إِذا لم يَأْمُرهُ هُوَ بِالْخدمَةِ لم يَحْنَث
وَلَو حلف رجل لَا تخدمني فُلَانَة فخدمته بأَمْره أَو بِغَيْر أمره خادمه كَانَت أَو خَادِم غَيره فانه يَحْنَث وكل شَيْء من عمل بَيته فانه خدمته(3/349)
وَإِذا حلف الرجل لَا أستخدم خَادِمًا لفُلَان وَلَا نِيَّة لَهُ فَسَأَلَهَا وضُوءًا أَو شرابًا كَانَ قد استخدمها وَحنث فِي يَمِينه وَكَذَلِكَ لَو أَشَارَ إِلَيْهَا أَو أَوْمَأ إِلَيْهَا بخدمته فخدمته
وَلَو حلف لَا يَسْتَعِين بخادم لفُلَان فَأَشَارَ إِلَيْهَا بِوضُوء أَو بشراب أَو أَوْمَأ إِلَيْهَا أَو سَأَلَهَا ذَلِك بِكَلَام وَلم يكن لَهُ نِيَّة حِين حلف كَانَ قد اسْتَعَانَ بهَا وَوَجَب عَلَيْهِ الْحِنْث أعانته أَو لم تعنه إِلَّا أَن يكون نوى حِين حلف أَن يستعينها فتعينه فَلَا يَحْنَث حَتَّى تعينه
وَلَو حلف لَا تخدمني خَادِم لفُلَان وَلَا نِيَّة لَهُ فَاشْترى من فلَان خَادِمًا فخدمته لم يَحْنَث وَلَو بَاعَ فلَان الْحَالِف من فلَان الْمَحْلُوف(3/350)
عَلَيْهِ خَادِمًا فخدمت الْحَالِف بعد البيع حنث إِنَّمَا يَقع الْيَمين فِي هَذَا على الْحَال الَّتِي تكون عَلَيْهَا الْخَادِم يَوْم تخْدم
فان كَانَت لفُلَان الْمَحْلُوف عَلَيْهِ يَوْم تخْدم الْحَالِف فانه يَحْنَث وَإِن كَانَت لغير الْمَحْلُوف عَلَيْهِ يَوْم تخْدم الْحَالِف فانه لَا يَحْنَث
وَإِذا كَانَ الْحَالِف على مائدة مَعَ قوم يطْعمُون وخادم الْمَحْلُوف عَلَيْهِ تقوم عَلَيْهِم فِي طعامهم وشرابهم كَانَ الْحَالِف قد حنث لِأَنَّهَا حَيْثُ خدمت الْقَوْم وَهُوَ فيهم فقد خدمته وَلَو كَانَ حِين حلف لَا يستخدم خَادِمًا لفُلَان فَقَامَتْ عَلَيْهِم فِي هَذِه الْمنزلَة وَلم يستخدمها هُوَ وَلم يسْأَلهَا لم يَحْنَث وَقَوله لَا تخدمني وَلَا استخدمها مُخْتَلف
وَلَو حلف أَن لَا يخدمني خَادِم فلَان هَذِه بِعَينهَا وَهُوَ يَعْنِي مَا دَامَت لفُلَان فَبَاعَهَا فخدمته لم يَحْنَث وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة حِين حلف(3/351)
فخدمته بَعْدَمَا بَاعهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث فِي قَول أبي حنيفَة وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَيحنث فِي قَول مُحَمَّد أَلا ترى أَنه لَو قَالَ لَا يخدمني فلَان مولى فُلَانَة فخدمه الْمولى بعد مَا بَاعَ الْجَارِيَة أَو حلف لَا تخدمني فُلَانَة امْرَأَة فلَان فخدمته بعد مَا طَلقهَا ثَلَاثًا وَقع عَلَيْهِ الْحِنْث
وَلَو حلف لَا تخدمني خَادِم لفُلَان فخدمته خَادِم بَين فلَان وَبَين آخر لم يَحْنَث لِأَن الْخَادِم لَيست لفُلَان كلهَا وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فِيهَا شقص لغير فلَان قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث إِذا خدمته وَكَذَلِكَ لَو قَالَ كل مَمْلُوك لَيْسَ استخدمه فَهُوَ حر وَلَيْسَ إِلَّا رَقِيق بَينه وَبَين آخر فاستخدم وَاحِد مِنْهُم وَلم يَحْنَث وَلم يدْخل عَلَيْهِ عتق وَلَو قَالَ كل مَمْلُوك لي حر لَا يعْتق أحد مِنْهُم لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَمْلُوك تَامّ وَإِذا حلف الرجل لَا يَخْدمه خَادِم لفُلَان وَلَيْسَت لَهُ نِيَّة فِي غُلَام وَلَا جَارِيَة فَإِنَّهُ يَحْنَث فِي أَي ذَلِك خدمه لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا خَادِم وَالصَّغِيرَة الَّتِي تخدمهم والكبيرة سَوَاء فِي ذَلِك كُله
- بَاب الْيَمين فِي الرّكُوب
-
وَإِذا حلف الرجل لَا يركب دَابَّة وَلَيْسَت لَهُ نِيَّة فَركب فرسا أَو حمارا أَو بغل أَو برذونا فَإِنَّهُ يَحْنَث وَكَذَلِكَ إِذا ركب غير مَا سميت لَك(3/352)
من الدَّوَابّ فِي الْقيَاس وَلَكِنِّي أدع الْقيَاس فِي ذَلِك فَإِذا ركب غير مَا سميت لَك من الدَّوَابّ لم يَحْنَث وَلَو ركب بَعِيرًا أَو بُخْتِيَّة لم يَحْنَث إِنَّمَا أَضَع هَذَا على مَعَاني كَلَام النَّاس إِلَّا أَن يكون نوى ذَلِك
وَإِذا حلف الرجل لَا يركب وَهُوَ يَعْنِي الْخَيل فَركب حمارا(3/353)
لم يَحْنَث وَإِذا حلف على ذَلِك بِعِتْق أَو طَلَاق دينته فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَا أدينه فِي الْقَضَاء وَلَو حلف أَن لَا يركب فرسا فَركب برذونا أَو حلف أَن لَا يركب برذونا فَركب فرسا لم يَحْنَث وَلَو حلف لَا يركب شَيْئا من الْخَيل فَركب فرسا أَو برذونا أَو فرسا فَإِنَّهُ يَحْنَث لِأَن اسْم الْخَيل يجمعها والبراذين لَا يجمعها وَالْفرس لَا يجمعها
وَلَو حلف أَن لَا يركب وَهُوَ يَنْوِي الْحمر وَلم يسم دَابَّة وَلَا غير ذَلِك لم يكن نِيَّته هَذِه بِشَيْء وَإِن ركب بغلا حنث أَو فرسا لِأَنَّهُ لم يقل لَا أركب دَابَّة إِنَّمَا قَالَ لَا أركب وَهَذَا لَا يكون فِيهِ نِيَّة(3/354)
وَلَو حلف أَن لَا يركب دَابَّة وَهُوَ رَاكب فَمَكثَ على حَاله سَاعَة وَاقِفًا أَو سائرا حنث لِأَنَّهُ رَاكب بعد يَمِينه فَإِن نزل حِين حلف لم يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يركب دَابَّة فَحَمله إِنْسَان على دَابَّة وَهُوَ كَارِه لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يركب إِنَّمَا حمل عَلَيْهَا وَإِن كَانَ هُوَ أذن فِي نَفسه أَو أَمر بذلك فقد حنث
وَلَو حلف أَن لَا يركب دَابَّة فَركب دَابَّة بسرج أَو باكاف أَو عُريَانا فَإِنَّهُ يَحْنَث
وَلَو حلف أَن لَا يركب دَابَّة لفُلَان فَركب دَابَّة لعَبْدِهِ لم يَحْنَث إِذا لم يكن لَهُ نِيَّة حِين حلف فَإِن كَانَ نوى حنث(3/355)
وَكَذَلِكَ لَو حلف أَن لَا يدْخل دَارا لفُلَان فَدخل دَارا لعَبْدِهِ وَكَذَلِكَ لَو حلف أَن لَا يستخدم خَادِمًا لفُلَان فاستخدم خَادِمًا لعَبْدِهِ وَسَوَاء إِن كَانَ عبدا لَيْسَ عَلَيْهِ دين أَو عَلَيْهِ دين وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وفيهَا قَول آخر إِنَّه يَحْنَث إِذا فعل شَيْئا من هَذَا لِأَن كل مَال لعَبْدِهِ فَهُوَ للسَّيِّد وَهُوَ قَول مُحَمَّد
وَإِذا حلف الرجل لَا يركب دَابَّة لفُلَان فَركب دَابَّة لمكاتبه أَو لعبد قد أعتق نصفه وَهُوَ يسْعَى فِي نصف قِيمَته لم يَحْنَث وَكَذَلِكَ(3/356)
لَو حلف على خدمَة عبد أَو سُكْنى دَار أَو لبس ثوب فَلبس ثوبا لمكاتبه
وَإِذا حلف الرجل لَا يركب دَابَّة لفُلَان فَركب دَابَّة لأم وَلَده أَو لمدبره فَهَذَا وَالْعَبْد سَوَاء القَوْل فِي هَذَا مثل القَوْل فِي العَبْد
وَإِذا حلف الرجل لَا يركب مركبا وَلَا يَنْوِي شَيْئا فَركب فِي سفينة أَو فِي محمل أَو دَابَّة بسرج أَو باكاف أَو رحالة فَإِنَّهُ يَحْنَث وَلَيْسَ من هَذَا شَيْء إِلَّا هُوَ مركب
وَإِذا حلف الرجل أَن لَا يركب هَذِه الدَّابَّة بِعَينهَا فنتجت بعد الْيَمين فَركب وَلَدهَا لم يَحْنَث لِأَن وَلَدهَا غير مَا حلف عَلَيْهِ
وَإِذا حلف الرجل أَن لَا يركب بِهَذَا السرج فَزَاد فِيهِ شَيْئا(3/357)
أَو نقص مِنْهُ شَيْئا فَركب فَإِنَّهُ يَحْنَث لِأَنَّهُ ذَلِك السرج بِعَيْنِه وَلَو بدل السرج بِعَيْنِه وَترك اللبد وَالصّفة ثمَّ ركب بِهِ لم يَحْنَث وَإِذا حلف الرجل أَن لَا يركب دَابَّة لفُلَان فَركب دَابَّة بَينه وَبَين آخر لم يَحْنَث لِأَنَّهَا لَيست لَهُ كلهَا
وَإِذا حلف الرجل بِاللَّه مَا لَهُ مَال وَلَا نِيَّة لَهُ وَلَيْسَ لَهُ مَال إِلَّا دين على رجل مُفلس كَانَ أَو ملئ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث وَكَذَلِكَ(3/358)
لَو كَانَ رجلا قد غصبه مَاله فاستهلكه فَأقر لَهُ بِهِ أَو جَحده وَهُوَ قَائِم بِعَيْنِه فَهُوَ سَوَاء وَإِن كَانَ لَهُ مَال عِنْد عَبده فَعرفهُ فَإِنَّهُ يَحْنَث وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عِنْده فضَّة أَو ذهب قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا وَإِن لم يكن(3/359)
عِنْده مَال وَلَا نِيَّة إِلَّا الدّين الَّذِي ذكرت لَك وَحلف حِين حلف وَهُوَ يَنْوِي الدّين فَإِنَّهُ يَحْنَث وَإِن لم يكن دين وَلَا عين وَله عرُوض من حَيَوَان أَو غير ذَلِك فَحلف بِاللَّه مَا لَهُ وَلَا نِيَّة لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث وَإِنَّمَا الْيَمين فِي هَذَا على الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وَيَقَع على الذَّهَب وَالْفِضَّة وعَلى كل مَال غير ذَلِك للتِّجَارَة وَمَا كَانَ تجب فِيهِ الزَّكَاة من الْإِبِل وَالْغنم وَالْبَقر وَلَو كَانَ حِنْطَة أَو أشبه ذَلِك للتِّجَارَة كَانَ هَذَا كُله مَالا وَكَانَ يَحْنَث فِي يَمِينه وَإِن كَانَ حِين حلف نوى الذَّهَب وَالْفِضَّة خَاصَّة لم يَحْنَث فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَا يدين فِي الْقَضَاء
وَإِذا حلف الرجل بِاللَّه مَالِي من مَال وَلَيْسَ لَهُ مَال وَله(3/360)
عبد لَهُ مَال وعَلى عَبده دين أَو لَيْسَ عَلَيْهِ دين فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث إِلَّا أَن يَنْوِي ذَلِك وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وفيهَا قَول آخر إِنَّه يَحْنَث وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَكَذَلِكَ الْمُدبر وَأم الْوَلَد فَأَما الْمكَاتب وَالْعَبْد يسْعَى فِي نصف قِيمَته فَلَا يكون مَاله مَال السَّيِّد وَالله أعلم
- بَاب الْأَوْقَات فِي الْيَمين
-
وَإِذا حلف الرجل ليعطين فلَانا إِذا صلى الظّهْر حَقه فَلهُ وَقت الظّهْر كُله إِلَى آخر الْوَقْت وَلَكِن ليعطيه قبل أَن يخرج الْوَقْت فَإِن خرج الْوَقْت قبل أَن يَقْضِيه حنث وَكَذَلِكَ إِذا حلف ليعطينه رَأس الشَّهْر فَلهُ اللَّيْلَة الَّتِي أهل فِيهَا الْهلَال ويومه كُله فَإِن غَابَتْ الشَّمْس(3/361)
قبل أَن يُعْطِيهِ حنث
وَإِذا حلف ليعطينه طُلُوع الشَّمْس فَلهُ من حِين تطلع الشَّمْس إِلَى أَن ترْتَفع وتبيض
وَإِذا حلف ليعطينه رَأس الشَّهْر أَو عِنْد رَأس الشَّهْر أَو عِنْد طُلُوع الشَّمْس أَو عِنْد صَلَاة الظّهْر فَهَذَا كُله وَالْأول سَوَاء وَكَذَلِكَ ليعطينه حِين تطلع الشَّمْس
وَإِذا حلف ليعطينه كل شهر درهما وَلَا نِيَّة لَهُ وَقد حلف فِي أولى الشَّهْر فَإِن ذَلِك الشَّهْر الَّذِي حلف فِيهِ فِي يَمِينه فَيَنْبَغِي لَهُ أَن يُعْطِيهِ فِي كل شهر قبل أَن يخرج درهما وَكَذَلِكَ إِذا حلف ليعطينه كل شهر أَو كل سنة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فِي آخر السّنة أَو فِي آخر الشَّهْر(3/362)
وَلَو أَن رجلا كَانَ عَلَيْهِ دين نجوما يُعْطِيهَا فِي انسلاخ كل شهر فَحلف ليعطينه النُّجُوم فِي كل شهر كَانَ لَهُ ذَلِك الشَّهْر الَّذِي جعل فِيهِ النَّجْم حَتَّى أَخّرهُ يُعْطِيهِ مَتى شَاءَ فيبر وَلَا يَحْنَث
وَإِذا حلف ليعطينه عَاجلا وَلَا نِيَّة لَهُ فالعاجل قبل أَن يمْضِي الشَّهْر فَإِن مضى شهر حنث
وَإِذا حلف الرجل ليعطينه فِي أول الشَّهْر الدَّاخِل وَلَا نِيَّة لَهُ(3/363)
فَلهُ أَن يُعْطِيهِ فِيمَا بَينه وَبَين أَن يمْضِي أقل من النّصْف فَإِذا أعطَاهُ فِي ذَلِك بر وَإِن مضى النّصْف قبل أَن يُعْطِيهِ حنث
وَإِذا حلف الرجل أَن لَا يُعْطي فلَانا مَا لَهُ عَلَيْهِ حينا وَلَا زَمَانا وَلَيْسَت لَهُ نِيَّة فَأعْطَاهُ قبل سِتَّة أشهر فَإِنَّهُ يَحْنَث الْحِين عندنَا وَالزَّمَان سِتَّة أشهر بلغنَا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن الْحِين فَقَالَ يَقُول الله تَعَالَى فِي كِتَابه {تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا} فَجعله سِتَّة أشهر(3/364)
والدهر فِي قَول يَعْقُوب وَمُحَمّد سِتَّة أشهر وَلم يُوَقت أَبُو حنيفَة فِي الدَّهْر شَيْئا وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا أَدْرِي مَا الدَّهْر وَلم يُوَقت فِيهِ شَيْئا(3/366)
وَكَذَلِكَ لَو حلف أَن لَا يكلم فلَانا حينا فَهُوَ سِتَّة أشهر إِن لم يكن لَهُ نِيَّة وَإِن نوى أَكثر من ذَلِك أَو أقل من ذَلِك فَهُوَ مَا نوى وَكَذَلِكَ لَو حلف أَن لَا يكلمهُ دهرا(3/367)
وَكَذَلِكَ لَو حلف أَن لَا يكلمهُ الْأَيَّام وَلَا نِيَّة لَهُ فَإِنَّهُ يتْرك كَلَامه عشرَة أَيَّام لِأَنَّهَا هِيَ أَيَّام وَلَا يكون مِنْهَا أَيَّامًا أَلا ترى أَنَّك إِذا نسبتها إِلَى أَكثر من عشرَة قلت كَذَا وَكَذَا يَوْمًا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الْأَيَّام سَبْعَة أَيَّام وَإِذا حلف أَن لَا يكلمهُ أَيَّامًا وَهُوَ يَنْوِي ثَلَاثَة أَيَّام فَهُوَ كَمَا نوى وَإِن لم تكن لَهُ نِيَّة فَهُوَ آخر مَا يكون مِنْهُ عشرَة أَيَّام وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن لم يكن لَهُ نِيَّة فَهُوَ ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا أَن يَنْوِي أَكثر من ذَلِك فَهُوَ كَمَا نوى
وَإِذا حلف الرجل ليعطينه غَدا فِي أول النَّهَار وَلَا نِيَّة لَهُ كَانَ موسعا عَلَيْهِ أَن يُعْطِيهِ فِيمَا بَينه وَبَين نصف النَّهَار فَإِن انتصف النَّهَار قبل أَن يُعْطِيهِ حنث
وَإِذا حلف الرجل ليعطينه مَعَ حل المَال أَو حِين يحل المَال أَو عِنْد حل المَال أَو حَيْثُ يحل المَال وَلَا نِيَّة لَهُ فَهَذَا يُعْطِيهِ سَاعَة يحل فَإِن أَخّرهُ أَكثر من ذَلِك حنث وَإِذا حلف لَا يُعْطِيهِ حَتَّى يَأْذَن لَهُ(3/368)
فلَان فَمَاتَ فلَان قبل أَن يَأْذَن لَهُ أَن يُعْطِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد لِأَن فلَانا إِذْنه قد انْقَطع وَيحنث فِي قَول أبي يُوسُف وَلَو كَانَ حَيا فَأذن لَهُ وَهُوَ لَا يسمع بِالْإِذْنِ وَلَا يعلم فَأعْطَاهُ حنث لِأَن الْإِذْن لَا يكون إِلَّا بِمحضر مِنْهُ حَيْثُ يعلم بذلك أَلا ترى أَنه لَو قَالَ لَا أعْطِيه حَتَّى يَأْذَن لي فلَان لم يكن لَهُ أَن يُعْطِيهِ حَتَّى يَأْذَن لَهُ مُعَاينَة أَو يُرْسل إِلَيْهِ بِهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا أذن لَهُ حَيْثُ لَا يعلم وَلَا يسمع فَهُوَ إِذن فَأَما إِذا مَاتَ فلَان قبل أَن يَأْذَن لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَن يُعْطِيهِ فَإِذا أعطَاهُ حنث
وَإِذا حلف الرجل لَا يضْرب عَبده أبدا وَلَا نِيَّة لَهُ فوجآه بِيَدِهِ أَو قرصه أَو خنقه أَو مد شعره أَو عضه فَأَي هَذَا مَا صنع بِهِ فَهُوَ ضرب وَهُوَ حانث لِأَن مَا وصل إِلَى الْقلب من وجع فَهُوَ ضرب وَلَو حلف ليضربنه فَفعل بِهِ من هَذَا شَيْء كَانَ قد بر وَكَانَ هَذَا ضربا
وَإِذا حلف الرجل ليضربن عَبده مائَة سَوط وَلَا نِيَّة لَهُ فَضَربهُ(3/369)
مائَة سَوط وخفف فانه يبر لِأَنَّهُ مائَة سَوط وَلَو جمعهَا جمَاعَة ثمَّ ضربه بهَا لم يبر لِأَنَّهُ لم يضْربهُ مائَة سَوط لِأَنَّهَا لم تقع بِهِ جَمِيعًا وَلَو ضربه سَوْطًا وَاحِدًا لَهُ شعبتان خمسين سَوْطًا كل سَوط مِنْهَا يَقع بِهِ الشعبتان جَمِيعًا كَانَ قد بر وَكَذَلِكَ لَو جمع سوطين فَضَربهُ بهما جَمِيعًا وهما يقعان بِهِ جَمِيعًا بر وَلَو ضربه مائَة سَوط فَوق الثِّيَاب بر
وَلَو حلف ليضربنه وَلم يسم شَيْئا فَبِأَي شَيْء ضربه بِهِ من يَد أَو رجل أَو سَوط أَو غير ذَلِك فانه يبر
وَلَو حلف ليضربنه قبل اللَّيْل فَمَاتَ الرجل قبل اللَّيْل لم يَحْنَث لِأَنَّهُ بَقِي من الْوَقْت شَيْء وَلَو حلف ليضربنه غَدا فَمَاتَ العَبْد قبل غَد لم يَحْنَث لِأَنَّهُ قد بَقِي من مدَّته الَّتِي وَقت شَيْء لم يَأْتِ بعد فجَاء ذَلِك الْوَقْت وَلَا يقدر على أَن يضْربهُ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا وَقت الْيَوْم إِلَى اللَّيْل فَمَاتَ العَبْد قبل اللَّيْل وَلم يضْربهُ فانه يَحْنَث إِذا جَاءَ اللَّيْل وَلَو حلف أَن يضْربهُ فَأمر بِهِ(3/370)
فَضرب بر لِأَن الرجل قد يَقُول ضربت غلامي وَإِنَّمَا أَمر بِهِ فَضرب وَيَقُول قد ضرب الْيَوْم الْأَمِير رجلا وَإِنَّمَا أَمر بِهِ فَضرب وَيَقُول قد ضرب القَاضِي الْيَوْم رجلا وَإِنَّمَا أَمر بِهِ فَضرب
وَلَو حلف لَا يضْربهُ وَلَا نِيَّة لَهُ فَأمر بِهِ فَضرب كَانَ قد حنث وَكَانَت عَلَيْهِ الْكَفَّارَة إِلَّا أَن يكون عَنى حِين حلف أَن يضْربهُ بِيَدِهِ فَلَا يَحْنَث إِذا كَانَ على ذَلِك وكل شَيْء فعل من خياطَة أَو صباغة أَو عمل شبه ذَلِك حلف عَلَيْهِ الرجل أَن لَا يَفْعَله فَأمر بِهِ فَفعل فانه يَحْنَث لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة فعله إِلَّا أَن يكون نوى فِي يَمِينه أَن يَفْعَله بِنَفسِهِ فان حلف على ذَلِك فَأمر بِهِ غَيره فَفعله لم يَحْنَث
- بَاب الْبشَارَة
-
وَإِذا حلف الرجل أَي غلماني بشرني بِكَذَا فَهُوَ حر فبشره وَاحِد بذلك ثمَّ جَاءَ آخر فبشره فَالْأول حر وَلَا يعْتق الثَّانِي لِأَن الأول هُوَ البشير وَلَو بشروه مَعًا جَمِيعًا عتقوا وَلَو بعث إِلَيْهِ غُلَام من غلمانه مَعَ رجل بالبشارة فَقَالَ إِن غلامك يبشرك بِكَذَا وَكَذَا فان العَبْد يعْتق لِأَنَّهُ قد بشره أَلا ترى إِلَى قَول الله تَعَالَى فِي كِتَابه {وبشروه بِغُلَام عليم} وَإِنَّمَا أرسل إِلَيْهِ بذلك وَقَوله تَعَالَى(3/371)
{إِن الله يبشرك بِكَلِمَة مِنْهُ} فَهَذِهِ بِشَارَة وَكَذَلِكَ لَو كتب إِلَيْهِ كتابا
وَإِن كَانَ حِين حلف نوى أَن يشافهه مشافهة أَو يكلمهُ بِهِ كلَاما لم يعْتق
وَإِذا حلف الرجل فَقَالَ أَي غُلَام لي أَخْبرنِي بِكَذَا كَذَا أَو أعلمني بِكَذَا وَكَذَا فَهُوَ حر وَلَا نِيَّة لَهُ فَأخْبرهُ غُلَام لَهُ بلك بِكِتَاب أَو بِكَلَام أَو برَسُول قَالَ إِن فلَانا يَقُول لَك كَذَا كَذَا فان الْغُلَام يعْتق لِأَن هَذَا خبر وَإِن أخبرهُ بعد ذَلِك غُلَام آخر عتق لِأَنَّهُ قد قَالَ أَي غُلَام لي أَخْبرنِي فَهُوَ حر فان أَخْبرُوهُ جَمِيعًا كلهم عتقوا جَمِيعًا وَإِن كَانَ حِين حلف الْخَبَر بِكَلَام مشافهة لم يعْتق أحد مِنْهُم إِلَّا أَن يخبروه بِكَلَام مشافهة بذلك الْخَبَر(3/372)
وَإِذا قَالَ أَي غلماني حَدثنِي فَهَذَا على المشافهة لَا يعْتق أحد مِنْهُم
وَإِذا حلف الرجل لَئِن علم بمَكَان فلَان ليخبرنك بِهِ ثمَّ علم بِهِ الْحَالِف والمحلوف لَهُ فَلَا بُد من أَن يُخبرهُ بِهِ وَإِن علما بِأَنَّهُ(3/373)
قد حلف لَهُ على ذَلِك
وَإِذا حلف الرجل لآخر ليخبرنه بِكَذَا وَكَذَا وَلَا نِيَّة لَهُ فَأخْبرهُ بذلك بِكِتَاب أَو أرسل إِلَيْهِ بذلك رَسُولا فَقَالَ إِن فلَانا يُخْبِرك بِكَذَا وَكَذَا كَانَ قد بر وَكَانَ هَذَا خَبرا
- بَاب الرجل يحلف على الْأَيَّام هَل يدْخل فِي ذَلِك اللَّيْل وَغَيره
-
وَلَو حلف الرجل فَقَالَ يَوْم أفعل كَذَا وَكَذَا فَعَبْدي حر وَلَا نِيَّة لَهُ فَفعل ذَلِك لَيْلًا عتق غُلَامه وَإِنَّمَا يَقع هَذَا على إِذا فعلت كَذَا وَكَذَا أَلا ترى إِلَى قَول الله تبَارك وَتَعَالَى فِي كِتَابه {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} فَمن ولاهم الدبر بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار فَهُوَ سَوَاء
وَإِذا قَالَ يَوْم أفعل كَذَا وَكَذَا فَعَبْدي حر وَهُوَ يَنْوِي النَّهَار دون اللَّيْل فَفعل ذَلِك لَيْلًا فانه لَا يَحْنَث ويدين فِي الْقَضَاء(3/374)
وَإِذا قَالَ لَيْلَة أفعل كَذَا وَكَذَا فَعَبْدي حر فَفعل ذَلِك نَهَارا لم يعْتق عَبده
وَلَو حلف رجل لَا يبيت فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فَأَقَامَ فِي ذَلِك الْمَكَان لَيْلَة حَتَّى أصبح وَلم ينم حنث لِأَن البيتوتة هُوَ الْمكْث فِيهَا إِلَّا أَن يَعْنِي النّوم وَإِذا أَقَامَ فِي ذَلِك الْمَكَان حَتَّى يذهب أَكثر من نصف اللَّيْل ثمَّ خرج مِنْهُ حنث وَلَو أَقَامَ إِلَى أقل من نصف اللَّيْل ثمَّ خرج لم يَحْنَث
وَإِذا حلف الرجل لَا يظله ظلّ بَيت وَلَا نِيَّة لَهُ فَدخل ظلّ بَيت حنث وَلَو قَامَ فِي ظله خَارِجا لم يَحْنَث إِلَّا أَن يَنْوِي ذَلِك
وَلَو حلف أَن لَا يأويه بَيت فآواه بَيت سَاعَة من اللَّيْل أَو من النَّهَار ثمَّ خرج لم يَحْنَث حَتَّى يكون فِيهِ أَكثر من نصف اللَّيْل أَو أَكثر من نصف النَّهَار إِلَّا أَن يكون يَعْنِي لَا يأوى لَا يدْخل(3/375)
بَيْتا فَدخل حنث وَهَذَا قَول أبي يُوسُف الأول ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ بعد ذَلِك إِذا دخل سَاعَة حنث هُوَ قَول مُحَمَّد وَلَو أَدخل قدما وَاحِدًا وَلم يدْخل الْأُخْرَى لم يَحْنَث حَتَّى يدخلهما جَمِيعًا وَلَو أَدخل جسده وَهُوَ قَائِم مَا خلا رجلَيْهِ لم يَحْنَث لِأَن الْجَسَد إِنَّمَا هُوَ تبع للرجلين فَإِذا لم يدْخل الرجلَيْن لم يَحْنَث وَكَذَلِكَ لَو حلف أَن لَا يخرج من الْبَيْت فَأخْرج قدما وَاحِدًا وَلم يخرج الْأُخْرَى لم يَحْنَث
- بَاب الْكَفَّارَة فِي الْيَمين فِي الْكفَالَة
-
وَإِذا حلف الرجل لَا يكفل بكفالة فكفل بِنَفس رجل عبد أَو حر فقد حنث وَكَذَلِكَ لَو كفل بِثَوْب أَو دَابَّة وَكَذَلِكَ لَو كفل بِمَال أَو بِمَا أدْركهُ من دَرك فِي دَار اشْتَرَاهَا حنث وكل شَيْء من هَذَا كفل فَهُوَ كَفَالَة
وَلَو حلف أَن لَا يكفل عَن إِنْسَان بِشَيْء فكفل بِنَفس رجل لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يكفل عَنهُ بِشَيْء وَالْكَفَالَة عَنهُ لَيست كالكفالة بِهِ(3/376)
وَإِذا حلف الرجل أَن لَا يكفل عَن فلَان بِشَيْء فَأمره فلَان فَاشْترى لَهُ ثوبا لم يَحْنَث لِأَن هَذَا لَيْسَ بكفالة وَإِن كَانَت الدَّرَاهِم على المُشْتَرِي
وَإِذا حلف الرجل لَا يكفل عَن فلَان بِشَيْء وَلَا يضمن عَن فلَان شَيْئا فهما سَوَاء الْكفَالَة وَالضَّمان وَلَو أمره فلَان أَن يكفل عَن رجل آخر أَو يضمن عَن رجل آخر فَفعل ذَلِك لم يَحْنَث
وَلَو كَانَت الدَّرَاهِم على فلَان وَبهَا كَفِيل فَأمر فلَان الْحَالِف فكفل عَن كفيله لم يَحْنَث الْحَالِف لِأَنَّهُ لم يكفل عَن فلَان بِعَيْنِه
وَلَو حلف لَا يكفل عَن فلَان فكفل لغيره وَالدَّرَاهِم الَّتِي كفل بهَا أَصْلهَا لفُلَان لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يكفل لَهُ بِشَيْء وَإِن كَانَ أَصْلهَا لَهُ وَكَذَا لَو كفل لعَبْدِهِ أَو لِأَبِيهِ أَو لبَعض أَهله فكفل بهَا لَهُ لم يَحْنَث(3/377)
وَلَو كفل لفُلَان الَّذِي حلف عَلَيْهِ بِدَرَاهِم أَصْلهَا لغيره حنث
وَلَو حلف أَن لَا يكفل عَن فلَان فضمن عَنهُ حنث إِلَّا أَن يكون عَنى حِين حلف اسْم كَفَالَة فان كَانَ عَنى أَن لَا أكفل وَلَكِن أضمن فانه يَسعهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَفِي الْقَضَاء لَا يَسعهُ وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة فهما سَوَاء
وَلَو حلف أَن لَا يكفل عَن فلَان فأحال فلَان عَلَيْهِ بِمَال لَهُ عَلَيْهِ لم يَحْنَث إِذا لم يكن للمحتال دين لَهُ عَلَيْهِ لِأَن هَذَا لَيْسَ بكفالة أَلا ترى إِنَّمَا أحَال عَلَيْهِ بِشَيْء هُوَ لَهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ وَكيل الَّذِي أحَال عَلَيْهِ
وَلَو قَالَ أضمن مَا عنْدك لفُلَان فضمنه لَهُ لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يكفل عَن فلَان إِنَّمَا ضمن مَا عِنْده لهَذَا أَلا ترى أَن هَذَا الْمُحْتَال(3/378)
إِنَّمَا هُوَ وَكيل لرب المَال وَلَو كَانَ لهَذَا الْمُحْتَال لَهُ مَال على الَّذِي أَحَالهُ فاحتال بِهِ على الْحَالِف أَو ضمنه الْحَالِف لَهُ وعَلى الْحَالِف مَال للَّذي أحَال عَلَيْهِ حنث لِأَن هَذَا كَفِيل
- بَاب الْكَفَّارَات فِي الْيَمين فِي الْكَلَام
-
وَإِذا حلف الرجل لَا يتَكَلَّم الْيَوْم وَلَا نِيَّة لَهُ ثمَّ صلى لم يَحْنَث لِأَن هَذَا لَيْسَ بِكَلَام وَلَو قَرَأَ الْقُرْآن فِي غير صَلَاة أَو سبح أَو هلل(3/379)
أَو كبر أَو حمد الله تَعَالَى كَانَ قد تكلم وَحنث وَوَجَبَت عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَكَذَلِكَ لَو أَنه أنْشد شعرًا حنث
وَلَو حلف لَا يتَكَلَّم الْيَوْم فَتكلم بِالْفَارِسِيَّةِ أَو بالنبطية أَو بالسندية أَو بالزنجية أَو بِأَيّ لِسَان كَانَ سوى منْطقَة الْعَرَبيَّة حنث لِأَنَّهُ كَلَام
وَكَذَلِكَ لَو حلف لَا يكلم فلَانا فناداه من بعيد من حَيْثُ يسمع مثله صَوته أَو كَانَ نَائِما فناداه أَو أيقظه حنث وَلَو مر على قوم فَسلم عَلَيْهِم وَهُوَ فيهم حنث إِلَّا أَن لَا يَنْوِي الرجل فيهم وَيَنْوِي غَيره وَإِن ناداه وَهُوَ حَيْثُ لَا يسمع الصَّوْت لم يَحْنَث وَلَيْسَ هَذَا بِكَلَام(3/380)
وَلَو كتب إِلَيْهِ أَو أرسل إِلَيْهِ رَسُولا لم يَحْنَث وَلَو أَشَارَ إِلَيْهِ بِإِشَارَة أَو أَوْمَأ إِلَيْهِ إِيمَاء لم يَحْنَث لِأَن هَذَا لَيْسَ بِكَلَام
وَقَالَ مُحَمَّد فِي رجل قَالَ وَالله لَا أكلم مَوْلَاك وَله موليان مولى أَعلَى وَمولى أَسْفَل وَلَا نِيَّة لَهُ قَالَ أَيهمَا كلم حنث
قَالَ مُحَمَّد وَإِذا قَالَ الرجل لَا أكلم جدك وَله جدان من قبل أمه وَمن قبل أَبِيه وَلَا نِيَّة لَهُ قَالَ أَيهمَا كلم حنث(3/381)
- بَاب الْكَفَّارَة فِي الْيَمين فِي لُزُوم الْغَرِيم
-
وَإِذا حلف الرجل لَا يُفَارق غَرِيمه حَتَّى يَسْتَوْفِي مَا لَهُ عَلَيْهِ وَله عَلَيْهِ شَيْء فَلَزِمَهُ ثمَّ إِن الْغَرِيم فر مِنْهُ لم يَحْنَث لِأَن الْحَالِف لم يُفَارِقهُ إِنَّمَا فَارقه الْمَطْلُوب وَكَذَلِكَ لَو أَن الْمَطْلُوب كابره مكابره حَتَّى انفلت مِنْهُ
وَلَو أَن الْمَطْلُوب أَحَالهُ على رجل بِالْمَالِ أَو أَبرَأَهُ الطَّالِب مِنْهُ ثمَّ فَارقه لم يَحْنَث لِأَنَّهُ فَارقه وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَو أَن المَال توى عِنْد الْمُحْتَال عَلَيْهِ فَرجع الطَّالِب على الْمَطْلُوب بِالْمَالِ لم يَحْنَث لِأَنَّهُ قد كَانَ وَقت يَوْمئِذٍ وقتا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَحْنَث إِن فَارقه قبل أَن يَسْتَوْفِي مِنْهُ وَلَو لم يحله يَوْمئِذٍ بِالْمَالِ وَلكنه أعطَاهُ إِيَّاه فَوجدَ فِيهَا درهما زيفا أَو أَكثر من ذَلِك بعد مَا فَارقه(3/382)
لم يَحْنَث من قبل أَن الدَّرَاهِم الزُّيُوف فضَّة وَلَو كَانَ فِي الدَّرَاهِم دَرَاهِم ستوقة وجدهَا بعد مَا فَارقه فان كَانَت فضَّة لم يَحْنَث وَإِن كَانَ من نُحَاس أَكْثَرهَا وَالْفِضَّة أقلهَا حنث لِأَنَّهُ قد فَارقه وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْء وَلَو أعطَاهُ الدَّرَاهِم وفارقه وَجَاء رجل فاستحقها فَأَخذهَا من الْحَالِف فَرجع الْحَالِف على غَرِيمه لم يَحْنَث لِأَنَّهُ فَارقه يَوْم فَارقه على وَفَاء وَكَذَلِكَ لَو بَاعه بِالْمَالِ عبدا أَو قَبضه وفارقه ثمَّ اسْتحق العَبْد لم يَحْنَث
وَلَو حلف الْمَطْلُوب لأعطينك حَقك عَاجلا وَهُوَ يَعْنِي فِي نَفسه وقتا كَانَ الْأَمر على مَا نوى وَإِن كَانَ سنة لِأَن الدُّنْيَا كلهَا قَلِيل عَاجل فان لم يكن لَهُ نِيَّة فَإِنِّي اسْتحْسنَ فِي ذَلِك أَن يكون أقل من شهر بِيَوْم فان تمّ شهر قبل أَن يُعْطِيهِ حنث
وَإِذا حلف لَا يحبس عَنهُ من حَقه شَيْئا وَله نِيَّة أَن لَا يحْبسهُ بِهِ فَهُوَ مَا نوى وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة فانه يَنْبَغِي لَهُ أَن يُعْطِيهِ سَاعَة حلف وَيَأْخُذ فِي عمل ذَلِك حَتَّى يُوفيه وَلَو حَاسبه فَأعْطَاهُ كل شَيْء لَهُ وأبرأه من ذَلِك الطَّالِب ثمَّ لقِيه بعد أَيَّام فَقَالَ لَهُ بَقِي لي عنْدك كَذَا كَذَا من قبل كَذَا كَذَا فَذكر الْمَطْلُوب ذَلِك وعرفه وَقد كَانَا جَمِيعًا نسياه لم يَحْنَث الْحَالِف إِذا أعطَاهُ ذَلِك حِين يذكرهُ لِأَنَّهُ لم يحْبسهُ أَلا ترى أَنه قد أوفاه حَقه
وَكَذَلِكَ لَو حلف أَن لَا يحبس عَنهُ مَتَاعه ثمَّ قَالَ لَهُ خُذْهُ فَقَالَ(3/383)
الطَّالِب قد أَخَذته كَانَ الْحَالِف قد بر وَلَا يكون حابسا لِأَنَّهُ قد خلى بَين الطَّالِب وَبَينه
- بَاب الرجل يحلف لَا يقْعد على الشَّيْء أَو يستعير وَهُوَ لَا يعرف فلَانا
-
وَإِذا حلف الرجل لَا يقْعد على الأَرْض وَلَا نِيَّة لَهُ فَقعدَ على الْبسَاط أَو على فرَاش أَو على وسَادَة لم يَحْنَث أَلا ترى أَنه قد قعد على غير مَا سمى وَلَو قعد على بوريا أَو حَصِير لم يَحْنَث وَلَو قعد على الأَرْض أَو على ثِيَابه الَّتِي تلبس بَينه وَبَين الأَرْض شَيْء حنث لِأَن هَذَا قد قعد على الأَرْض إِذا لم يقْعد على الْبسَاط أَلا ترى أَنه قد يَقُول قد قعدت على الأَرْض وَالْآخر قد يَقُول قعدت على بِسَاط وَهَذَا على ثِيَابه وَذَا على ثِيَابه(3/384)
وَإِذا حلف الرجل لَا يقْعد على الأَرْض وَهُوَ يَنْوِي أَن لَا يقْعد عَلَيْهَا فان كَانَ تَحْتَهُ فرَاش أَو بِسَاط أَو وسَادَة أَو حَصِير أَو بوريا لم يَحْنَث
وَإِذا حلف لَا يمشي على الأَرْض وَلَا نِيَّة لَهُ فِيهَا فَمشى حافيا أَو بنعلين أَو خُفَّيْنِ أَو جوربين فانه يَحْنَث لِأَنَّهُ قد مَشى على الأَرْض وَلَو مَشى على بِسَاط أَو على فرَاش أَو على وسَادَة لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يمش على الأَرْض وَلَو مَشى على ظهر الْأَحْجَار حافيا أَو بنعلين أَو بخفين أَو جوربين وَلم يكن لَهُ نِيَّة فانه يَحْنَث لِأَن ظهر الْأَحْجَار من الأَرْض
وَلَو حلف لَا يدْخل الْفُرَات وَلَا نِيَّة لَهُ فَمر على الجسر لم يَحْنَث وَكَذَلِكَ إِن دخل سفينة فان دخل المَاء حنث(3/385)
وَإِذا حلف الرجل لَا يكلم فلَانا إِلَى كَذَا كَذَا يَعْنِي بذلك أشهرا فَهُوَ كَمَا نوى وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة وَلم يسم شَيْئا فَذَلِك إِلَيْهِ يكلمهُ بعد ذَلِك الْيَوْم مَتى مَا شَاءَ وَلَو حلف لَا يكلمهُ إِلَى قدوم الْحَاج أَو إِلَى الْحَصاد أَو إِلَى الدياس وَلَا نِيَّة لَهُ فحصد أول النَّاس أَو داس أول النَّاس أَو قدم أول الْحَاج فانه يَنْبَغِي لَهُ أَن يكلمهُ إِن شَاءَ وَلَا يَحْنَث
وَلَو حلف أَن لَا يؤم النَّاس يَعْنِي لَا يُصَلِّي بهم فَأم بَعضهم وَلم يكن لَهُ نِيَّة حنث
وَلَو حلف أَن لَا يكلم فلَانا حَتَّى الشتَاء فجَاء أول الشتَاء فقد انْقَطَعت الْيَمين وَكَذَلِكَ الصَّيف(3/386)
وَلَو حلف لَا يستعير من فلَان شَيْئا فاستعار مِنْهُ حَائِطا يضع عَلَيْهِ جذوعه وَلم يكن لَهُ نِيَّة حِين حلف فانه يَحْنَث لِأَنَّهُ قد اسْتعَار وَكَذَلِكَ لَو اسْتعَار مِنْهُ بَيْتا أَو دَارا أَو دَابَّة أَو دلوا أَو ثوبا وَلَو دخل عَلَيْهِ فأضافه لم يَحْنَث وَلَو دخل فاستقى من بئره بِإِذْنِهِ لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَلم يكن هَذَا عَارِية
وَلَو حلف بِاللَّه مَا يعرف فلَانا ثمَّ ذكر أَنه قد كَانَ يعرفهُ لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يكن يعرفهُ حِين حلف وَلَو حلف مَا يعرف فلَانا ثمَّ رَآهُ بعد ذَلِك فَقَالَ هَذَا الَّذِي حَلَفت عَلَيْهِ فَقَالَ الرجل بِأَنِّي قد كنت أعرف وَجه هَذَا الرجل لم يَحْنَث
وَلَو أَن رجلا عرف وَجه رجل وَلَا يعرف اسْمه فَحلف مَا يعرفهُ كَانَ صَادِقا إِلَّا أَن يَعْنِي معرفَة وَجهه فان عَنى معرفَة وَجهه حنث وَقد بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سَأَلَ رجلا عَن رجل(3/387)
فَقَالَ هَل تعرفه فَقَالَ نعم فَقَالَ هَل تَدْرِي مَا اسْمه قَالَ لَا قَالَ أَرَاك إِذا لَا تعرفه فَكل معرفَة يعرفهُ الرجل وَلَا يعرف مَا اسْمه فَلَيْسَ بِمَعْرِِفَة فان حلف أَنه لَا يعرفهُ فقد بر إِلَّا أَن يَعْنِي معرفَة وَجهه وسوقه وصنعته وقبيلته فانه يَحْنَث
- بَاب الْكَفَّارَة فِي الْأَيْمَان فِي الأدهان والرياحين والخل
-
وَإِذا حلف الرجل لَا يَشْتَرِي بنفسجا وَلَا نِيَّة لَهُ فَاشْترى دهن بنفسج فانه يَحْنَث وَإِنَّمَا أَضَع الْيَمين على الدّهن وَلَا أضعها على الْورْد وَكَذَلِكَ لَو حلف لَا يَشْتَرِي خيريا(3/388)
وَلَو حلف لَا يَشْتَرِي حناء أَو وردا كَانَ هَذَا وَذَاكَ فِي الْقيَاس سَوَاء وَلَكِنِّي اسْتحْسنَ أَن أَضَع هَذَا على الْوَرق والورد إِذا لم يكن لَهُ نِيَّة وَلَو اشْترى فِي هَذَا دهنا لم يَحْنَث وَلَو اشْترى فِي الأول وَرقا لم يَحْنَث(3/389)
وَلَو حلف لَا يَشْتَرِي بزرا فَاشْترى دهن بزر فانه يَحْنَث وَإِن اشْترى حناء فانه لَا يَحْنَث إِلَّا أَن يكون نوى حِين حلف
وَإِذا حلف لَا يَشْتَرِي بزا فَأَي الْبَز اشْترى فانه يَحْنَث فان اشْترى فراء(3/390)
أَو مسوحا أَو طيالسة أَو أكسية فانه لَا يَحْنَث لِأَن هَذَا لَيْسَ ببز
وَإِن حلف لَا يَشْتَرِي طَعَاما وَلَا نِيَّة لَهُ فَاشْترى حِنْطَة أَو دَقِيقًا أَو تَمرا أَو شَيْئا من الْفَوَاكِه مِمَّا يُؤْكَل فانه يَحْنَث فِي الْقيَاس وَأما فِي الِاسْتِحْسَان فَيَنْبَغِي أَن لَا يَحْنَث إِلَّا فِي الْخبز وَالْحِنْطَة والدقيق(3/391)
وَإِذا حلف لَا يَشْتَرِي سِلَاحا فَاشْترى شَيْئا من الْحَدِيد غير مصوغ فانه لَا يَحْنَث وَكَذَلِكَ لَو اشْترى سكينا أَو سفودا لم يَحْنَث وَأما إِذا اشْترى درعا أَو سَيْفا أَو قوسا أَو شبه ذَلِك حنث لِأَن هَذَا هُوَ من السِّلَاح
وَإِذا سَأَلَ رجل رجلا عَن الحَدِيث فَقَالَ أَكَانَ كَذَا كَذَا فَقَالَ نعم فَقَالَ الْحَالِف قد وَالله حَدثنِي بِكَذَا وَكَذَا يَعْنِي بقوله نعم فَهُوَ صَادِق فَهَذَا حَدِيث أَلا ترى أَنه يقْرَأ عَلَيْك الصَّك فَيَقُول أشهد عَلَيْك بِكَذَا وَكَذَا فَتَقول أَنْت نعم فَتَقول قد أشهدني فلَان بِكَذَا وَكَذَا فَيصدق
وَإِذا حلف الرجل أَن لَا يشم طيبا فدهن بِهِ لحيته أَو رَأسه فَوجدَ رِيحه لم يَحْنَث فان تشممه فقد حنث وَإِن دخل رِيحه فِي أَنفه(3/392)
من غير أَن يشممه فانه لَا يَحْنَث وَلَيْسَ شَيْء من الدّهن بعد إِلَّا أَن يكون فِي طيب يطيب إِنَّمَا الطّيب مَا جعل فِيهِ العنبر والمسك وَمَا أشبهه وَمَا يَجْعَل مِنْهُ فِي الدّهن فَهُوَ طيب
وَلَو حلف لَا يشم دهنا وَلَا يدهن بدهن فَأَي الدّهن مَا ادهن بِهِ أَو شمه فانه يَحْنَث الزَّيْت وَمَا سواهُ
وَلَو حلف لَا يشم ريحانا وَلَا نِيَّة لَهُ فشم آسا وَمَا أشبهه من الرياحين حنث وَلَو شم ياسمينا أَو وردا أَو شبه ذَلِك فانه لَا يَحْنَث لِأَن هَذَا لَيْسَ بريحان(3/393)
وَلَو أَن امْرَأَة حَلَفت أَن لَا تلبس حليا وَلَا نِيَّة لَهَا فَلبِست خَاتم فضَّة لم تَحنث أَلا ترى أَن الرِّجَال يلبسونه وَلَيْسَ يلبس الرجل الْحلِيّ وَإِن لبست سوارا أَو قلبا أَو خلخالا حنثت وَكَذَلِكَ لَو لبست قلادة أَو قرطا أَو لبست عقد لُؤْلُؤ لم تَحنث لِأَنَّهُ لَيْسَ بحلي فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِيهَا هُوَ حلي وتحنث فِيهِ أَلا ترى إِلَى قَول الله تَعَالَى فِي كِتَابه {وتستخرجوا مِنْهُ حلية تلبسونها} وَهُوَ اللُّؤْلُؤ فِيمَا بلغنَا وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى {يحلونَ فِيهَا من أساور من ذهب ولؤلؤا}(3/394)
{من أساور من ذهب ولؤلؤا}(3/395)
وَلَو حلف رجل لَا يقطع بِهَذِهِ السكين أَو بِهَذَا المقص أَو بِهَذَا الجلم فَكَسرهُ فَجعل مِنْهُ سكينا أُخْرَى أَو جلما آخر ثمَّ عمل بِهِ وَقطع لم يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يتَزَوَّج الْيَوْم وَلَا نِيَّة لَهُ فَتزَوج امْرَأَة بِغَيْر شُهُود كَانَ فِي الْقيَاس أَن يَحْنَث وَلَكِنِّي أدع الْقيَاس فَلَا يَحْنَث أَلا ترى أَنه لَو تزوج أمه أَو أُخْته أَو امْرَأَة لَهَا زوج لم يَحْنَث فَكَذَلِك إِذا تزوج امراة بِغَيْر شُهُود لِأَنَّهُ لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدين للأثر الَّذِي(3/396)
جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَلَو حلف لَا يَشْتَرِي عبدا فَاشْترى عبدا بيعا فَاسِدا حنث وَهَذَا وَالنِّكَاح سَوَاء فِي الْقيَاس فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَكِنِّي أستحسن فِي البيع أَلا ترى أَنه لَو أعتق هَذَا العَبْد جَازَ عتقه بعد أَن يقبضهُ وَلَو طلق الْمَرْأَة وَالنِّكَاح فَاسد لم يَقع ذَلِك موقع الطَّلَاق
- بَاب الْأَيْمَان على الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالزَّكَاة
-
وَلَو حلف ليصلين الْيَوْم رَكْعَتَيْنِ تَطَوّعا فصلى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ على غير وضوء كَانَ فِي الْقيَاس يَحْنَث وَلَكنَّا لَا نَأْخُذ فِي هَذَا بِالْقِيَاسِ ونقول لَا يَحْنَث وَإِنَّمَا نضع هَذَا على صَلَاة صَحِيحَة
وَلَو حلف لَا يُصَلِّي فَافْتتحَ الصَّلَاة فَقَرَأَ ثمَّ تكلم لم تكن صَلَاة(3/397)
وَكَذَلِكَ لَو ركع مَا لم يسْجد لِأَنَّك لَا تَسْتَطِيع أَن تَقول قد صلى حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَة أَو سَجْدَتَيْنِ وَهَذَا اسْتِحْسَان فِي الْقيَاس يَحْنَث
وَلَو حلف رجل لَا يَصُوم فَأصْبح صَائِما ثمَّ أفطر حنث لِأَنَّهُ قد صَامَ وَلَو حلف لَا يَصُوم يَوْمًا ثمَّ صَامَ ثمَّ أفطر قبل اللَّيْل لم يَحْنَث
وَلَو حلف ليفطرن عِنْد فلَان وَلَا نِيَّة لَهُ فَأفْطر على مَاء وتعشى عِنْد فلَان كَانَ قد حنث وَإِن كَانَ قد نوى حِين حلف الْعشَاء لم يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يتَوَضَّأ بكوز لفُلَان فوضأه فلَان فصب عَلَيْهِ المَاء من كوز لفُلَان فَتَوَضَّأ وَلَيْسَت لَهُ نِيَّة حنث وكوز الصفر والأدم وَغير ذَلِك فِي هَذَا سَوَاء وَلَو تَوَضَّأ بأناء لفُلَان غير الْكوز لم يَحْنَث
وَكَذَلِكَ لَو حلف لَا يشرب بقدح لفُلَان وَلَو كَانَ فلَان هُوَ الَّذِي تَوَضَّأ وَغسل يَدَيْهِ وَوَجهه رجلَيْهِ لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يتَوَضَّأ
- بَاب الْحِنْث فِي الْيَمين وَالْمَشْي إِلَى بَيت الله تَعَالَى
-
وَلَو أَن رجلا تزوج أمة ثمَّ قَالَ لَهَا إِذا مَاتَ فلَان مَوْلَاك(3/398)
فَأَنت طَالِق ثِنْتَيْنِ فَمَاتَ الْمولى وَالزَّوْج وَارثه لَا يعلم لَهُ وَارِث غَيره فانه يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق كُله وَلَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره أَلا ترى أَنه لَو قَالَ إِذا مَاتَ مَوْلَاك فملكتك فأت حرَّة ثمَّ قَالَ إِذا مَاتَ مَوْلَاك فملكتك فَأَنت طَالِق ثمَّ مَاتَ الْمولى فَورثَهَا الزَّوْج أَن الْعتْق يَقع وَلَا يبطل الطَّلَاق لِأَنَّهُمَا وَقعا جَمِيعًا بعد الْملك بِلَا فصل وَوَقع فِي الْبَاب الأول مَعَ الْملك بِلَا فصل
وَإِذا كَانَ الرجل أمة فَقَالَ لَهَا إِذا مَاتَ فلَان فَأَنت حرَّة فَبَاعَهَا من فلَان ثمَّ تزَوجهَا ثمَّ قَالَ لَهَا إِذا مَاتَ مَوْلَاك فَأَنت طَالِق ثِنْتَيْنِ ثمَّ مَاتَ الْمولى وَهُوَ وَارثه فانه لَا يَقع الْعتْق وَيلْزمهُ الطَّلَاق من قبل أَن الْعتْق لَا يَقع إِلَّا بعد الْملك وَكَانَ الْملك بعد الْمَوْت بِلَا فصل فقد حنث قبل أَن يَقع الْعتْق لِأَن الْعتْق هَهُنَا لَا يَقع إِلَّا بعد الْمَوْت وَالْملك يَقع بعد الْمَوْت بِلَا فصل وَالطَّلَاق يَقع بعد حَال وَاحِد وَالْعِتْق لَا يَقع إِلَّا من بعد حَالين بِلَا فصل وَالطَّلَاق أولى وَلَا يَقع الْعتاق لِأَنَّهُ حنث وَهُوَ فِي غير ملكه أَرَأَيْت لَو قَالَ إِذا(3/399)
مَاتَ فلَان وَهُوَ يملكك فَأَنت حرَّة أَو قَالَ إِذا مَاتَ فلَان وَهُوَ يملكك فَأن طَالِق ثِنْتَيْنِ فَإِنَّهَا مثل الأولى أَرَأَيْت لَو قَالَ إِن مَاتَ فلَان وَأَنا أملكك فَأَنت حرَّة هَل يَقع الْعتاق أَلا ترى أَن الْعتاق لَا يَقع فِي هَذَا وَلَا فِي الْبَاب الأول وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَقَالَ زفر يَقع الْعتاق وَلَا يَقع الطَّلَاق وَقَالَ مُحَمَّد لَا يَقع الْعتاق وَلَا الطَّلَاق لِأَن الْعتاق وَقع هُوَ وَالْملك جَمِيعًا مَعًا وَلَا يَقع طَلَاق الرجل على مَا لَا يملك فَيفْسد النِّكَاح بِالْملكِ دون الطَّلَاق
وَإِذا قَالَ الرجل لأمته إِذا باعك فلَان فَأَنت حرَّة فَبَاعَهَا من فلَان وَقَبضهَا ثمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ فَإِنَّهَا لَا تعْتق لِأَنَّهُ لم يَحْنَث وَهِي فِي ملكه أَرَأَيْت لَو قَالَ إِن وهبك فلَان فَأَنت حرَّة فَبَاعَهَا من فلَان وَقَبضهَا ثمَّ استودعها البَائِع ثمَّ قَالَ البَائِع هبها لي فَقَالَ هِيَ لَك أَنَّهَا لَهُ وَهَذَا قبُول وَلَا تعْتق لِأَن الْعتْق وَالْهِبَة وَقعا(3/400)
وَهِي فِي ملك غَيره أَلا ترى أَن ملكه وَقع فِيهَا بعد خُرُوجهَا من ملك الأول فَكَذَلِك لَا تعْتق إِلَّا بعد ملكه وَإِنَّمَا وَقع الْحِنْث قبل الْملك لِأَن الْحِنْث وَقع مَعَ خُرُوجهَا من ملك الأول وَملك الثَّانِي مَعًا فَلَا تكون فِي حَال وَاحِدَة حرَّة رقيقَة
وَلَو قَالَ إِذا وهبك فلَان مني فَأَنت حرَّة فَوَهَبَهَا لَهُ وَهُوَ قَابض لَهَا عتقت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ إِذا باعك فلَان مني فَأَنت حرَّة فاشتراها عتقت
وَلَو قَالَ رجل يَا فلَان وَالله لَا أُكَلِّمك عشرَة أَيَّام وَالله لَا أُكَلِّمك تِسْعَة أَيَّام وَالله لَا أُكَلِّمك ثَمَانِيَة أَيَّام فقد حنث(3/401)
مرَّتَيْنِ وَعَلِيهِ الْيَمين الْآخِرَة إِن كَلمه الثَّالِثَة فِي الثَّمَانِية الْأَيَّام وَجَبت عَلَيْهِ كَفَّارَة أُخْرَى فان قَالَ وَالله لَا أُكَلِّمك ثَمَانِيَة أَيَّام وَالله لَا أُكَلِّمك تِسْعَة أَيَّام وَالله لَا أُكَلِّمك عشرَة أَيَّام فان عَلَيْهِ كفارتين وَإِن كَلمه فِي الثَّمَانِية الْأَيَّام والتسعة الْأَيَّام وَفِي الْيَوْم الْعَاشِر حنث
وَإِذا حلف الرجل فَقَالَ عَلَيْهِ الْمَشْي إِلَى بَيت الله تَعَالَى وكل مَمْلُوك لَهُ حر وكل امْرَأَة لَهُ طَالِق ثَلَاثًا إِن دخل هَذِه الدَّار ثمَّ قَالَ رجل آخر وعَلى مثل جَمِيع مَا جعلت على نَفسك من هَذِه الْأَيْمَان إِن دخلت الدَّار فَدخل الثَّانِي الدَّار فانه يلْزمه الْمَشْي إِلَى بَيت الله تَعَالَى وَلَا يلْزمه عتق وَلَا طَلَاق أَلا ترى أَنه لَو قَالَ على طَلَاق(3/402)
امْرَأَتي وَللَّه على طَلَاق نسَائِي أَن الطَّلَاق لَا يَقع عَلَيْهِم وَلَا يكون الطَّلَاق قربَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يتم ذَلِك(3/403)
وَلَو قَالَ وَالله لأطلقهن فَهَذَا رجل حلف ليطلقن نِسَاءَهُ وَلَا يَقع عَلَيْهِنَّ الطَّلَاق حَتَّى يفعل وَأما الْعتْق فقد جعل عَلَيْهِ عتق رَقَبَة فان وفى بذلك فَهُوَ أفضل إِن لم يَفِ بذلك لم يُؤْخَذ بِهِ فِي الْقَضَاء أَلا ترى أَن رجلا لَو قَالَ لله عَليّ أَن أعتق عَبدِي لم يعْتق العَبْد بِهَذَا القَوْل وَلَكِن الْأَفْضَل أَن يَفِي بذلك فَهَذَا أَشد من الأولى وَالْأولَى أَضْعَف أَلا ترى أَن رجلا لَو قَالَ عَبده سَالم حر إِن(3/404)
دخل الدَّار فَقَالَ رجل آخر على مثل مَا جعلت على نَفسك إِن دخلت الدَّار فَدَخلَهَا أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يكون عَلَيْهِ عتق سَالم لِأَنَّهُ لَا يملكهُ فان كَانَ عَنى بذلك عتق عبد من عبيده الَّذِي يملك فَالْأَحْسَن أَن يَفِي بذلك وَهُوَ آثم إِن لم يَفِ بذلك
وَأما الْمَشْي إِلَى بَيت الله تَعَالَى وَالْحج وَالْعمْرَة وَالنّذر وَالصِّيَام وكل شَيْء يتَقرَّب بِهِ العَبْد إِلَى ربه عز وَجل حلف بِهِ رجل فَقَالَ رجل آخر على مثل مَا حَلَفت بِهِ إِن فعلت فَفعل الثَّانِي فانه عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو قَالَ الأول على عتق نسمَة إِن فعلت كَذَا وَكَذَا فَفعل إِن عَلَيْهِ ذَلِك لِأَنَّهُ قربَة إِلَى الله تَعَالَى فَعَلَيهِ الْوَفَاء بذلك عتق نسمَة(3/405)
آخر كتاب الْأَيْمَان وَالْكَفَّارَات
تمّ المجلد الأول من كتاب الأَصْل للعلامة الْجوزجَاني تغمده الله برحمته وَأدْخلهُ بحبوح جنته بِمُحَمد وَآله وَصَحبه وَسلم(3/406)
// كتاب الْمكَاتب
//(3/407)
أَبُو سُلَيْمَان قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن قلت أَرَأَيْت الرجل يُكَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم وينجمها عَلَيْهِ نجوما يُؤَدِّيهَا فِي كَذَا كَذَا سنة فِي كل سنة كَذَا كَذَا أَو لكل شهر كَذَا كَذَا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم(3/410)
قلت أَرَأَيْت إِن لم يكْتب فِي مُكَاتبَته إِنَّك حر إِذا أدّيت إِلَى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعْتق إِذا أدّى إِلَيْهِ جَمِيع الْمُكَاتبَة قَالَ نعم وَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْله إِذا أدّيت إِلَى فَأَنت حر
قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن ضرب للمكاتبة أَََجَلًا وَإِنَّمَا قَالَ وَقد كاتبتك على مائَة دِرْهَم هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت فَمَتَى يحل عَلَيْهِ الْمُكَاتبَة قَالَ الْمُكَاتبَة حَالَة فان أَدَّاهَا إِذا طلبه بهَا السَّيِّد وَإِلَّا رد فِي الرّقّ
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ ونجمها عَلَيْهِ نجوما وَلم يكْتب فِي مُكَاتبَته إِذا عجز عَن النَّجْم فَهُوَ مَرْدُود فِي الرّقّ قَالَ فَإِذا عجز عَن أول نجم اشْترط ذَلِك السَّيِّد أَو لم يشْتَرط فَهُوَ مَرْدُود فِي الرّقّ
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب أَله أَن يتَزَوَّج بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم
قلت فَهَل للْمكَاتب أَن يخرج من الْمصر بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب لَهُ أَن يطْلب وَيسْعَى فِيمَا يُؤَدِّي بِهِ مُكَاتبَته وَلَيْسَ للسَّيِّد أَن يمنعهُ من ذَلِك قلت وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم(3/411)
قلت أَرَأَيْت إِن اشْترط عَلَيْهِ أَن لَا يخرج من الْمصر إِلَّا بِإِذْنِهِ هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا وَالشّرط بَاطِل
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ أَو أمة كاتبها على كرّ حِنْطَة أَو كرّ شعير أَو سمى طَعَاما جيدا أَو رديا أَو وسطا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على زَيْت أَو سمن أَو شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ أَو أمة على ألف دِرْهَم أَو على مائَة دِينَار ونجمها عَلَيْهِ نجوما فان عجز عَن نجم مِنْهَا فمكاتبته ألفا دِرْهَم هَل يجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ اشْترط مَا ذكرت لَك
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه وَمَاله على ألف دِرْهَم وَلِلْعَبْدِ ألف دِرْهَم أَو أَكثر من ذَلِك هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتب على ألف دِينَار وَلِلْعَبْدِ أَكثر من ذَلِك قَالَ نعم(3/412)
قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يدْخل بَينه وَبَين عَبده رَبًّا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه وَمَاله وَفِي يَدي العَبْد رَقِيق لسَيِّده أَو مَال لسَيِّده أَيَدْخُلُ ذَلِك فِي مَاله قَالَ لَا قلت وَمَا الَّذِي يدْخل فِي مَاله من ذَلِك قَالَ مَا كَانَ اكْتَسبهُ وَكَانَ لَهُ قبل ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ لَهُ رَقِيق هَل يدْخل ذَلِك الرَّقِيق فِي مَاله قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت عِنْده أعدل بز مِمَّا كَانَ أعطَاهُ سَيّده يتجر فِيهِ هَل يدْخل ذَلِك فِي مَاله قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ عبدا مَأْذُونا فِي التِّجَارَة وَكَانَ فِي يَده مَال رَقِيق وَمِمَّا كَانَ اشْترى فكاتبه السَّيِّد على نَفسه وَمَاله هَل يكون(3/413)
جَمِيع مَا فِي يَده من ذَلِك فِي الْمُكَاتبَة قَالَ نعم إِذا كَانَ كَمَا ذكرت قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ فِي يَده وَمِمَّا اشْترى فَأَما إِذا كَانَ فِي يَده لعبيده مَال فَلَا يدْخل ذَلِك فِي مُكَاتبَته إِذا كَاتبه على نَفسه وَمَاله قلت وَكَذَلِكَ كل مَا كَانَ وهب لَهُ بِعلم سَيّده قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ وهب لَهُ مَال بِغَيْر علم سَيّده فكاتب على نَفسه وَمَاله أَيَدْخُلُ ذَلِك فِي مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَيجوز جَمِيع مَا ذكرت لَك من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم(3/414)
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على أَن يَخْدمه شهرا هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت لم والخدمة غير مَعْلُومَة قَالَ أستحسن ذَلِك أَلا ترى أَنا نجيز الْمُكَاتبَة على مَال لَيْسَ بِمَعْلُوم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على أَن يَبْنِي لَهُ دَارا قد أرَاهُ أجرهَا وجصها وَمَا يَبْنِي بهَا وَكَذَلِكَ على أَن يحْفر لَهُ بِئْرا قد وقها وسمى طولهَا وقدرها وَأرَاهُ الْمَكَان قَالَ نعم هَذَا أَيْضا فِي الِاسْتِحْسَان جَائِز(3/415)
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه على أَن يخْدم رجلا شهرا فَفعل فخدم الرجل شهرا هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَيجوز الْمُكَاتبَة على هَذَا فِي الْقيَاس قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتبه سَيّده على ألف يُؤَدِّيهَا إِلَى غير سَيّده أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على ألف دِرْهَم يضمنهَا لرجل على سَيّده أَيجوزُ الْمُكَاتبَة على هَذَا قَالَ نعم الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَالضَّمان جَائِز قلت لم أجزت الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا بِشَرْط لسَيِّده فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْله قد كاتبتك على ألف دِرْهَم
قلت أَرَأَيْت إِذا ضمن لرجل مَالا بِدُونِ سَيّده سوى الْمُكَاتبَة أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن ضَمَان الْمكَاتب(3/416)
لَا يجوز إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ سَيّده وَلم يَأْذَن لَهُ قلت أَرَأَيْت إِن ضمن سَيّده لغير سَيّده عَن سَيّده أَو أحَال سَيّده عَلَيْهِ بِمَال من الْمُكَاتبَة هَل يجوز الضَّمَان على هَذَا الْوَجْه قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ أَحَالهُ من الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على مَال أَو نجمها عَلَيْهِ نجوما ثمَّ صَالحه السَّيِّد على أَن يعجل لَهُ بعض الْمُكَاتبَة وَحط عَنهُ مَا بَقِي هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم وَأَنت تكرههُ فِي الدّين قَالَ لِأَن الْمكَاتب بِمَنْزِلَة عَبده فَلذَلِك لم أكرهه وَلَا يكون هَذَا بِمَنْزِلَة الْحق
قلت أَرَأَيْت إِن صَالحه من الْمُكَاتبَة على عبد بِعَيْنِه هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو صَالِحَة على غير ذَلِك من الْعرُوض بِعَيْنِه على دَار أَو أَرض أَو طَعَاما أَو غير ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن افْتَرقَا قبل أَن يقبض ذَلِك السَّيِّد هَل يفْسد(3/417)
ذَلِك الصُّلْح قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الصُّلْح قد وَقع على شَيْء بِعَيْنِه أَلا ترى أَنه لَو اشْترى ذَلِك الشَّيْء بِعَيْنِه بِمَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة جَازَ ذَلِك وَلَا تكون الْفرْقَة فَسَادًا للْبيع
قلت أَرَأَيْت إِن صَالحه على عبد إِلَى أجل أَو ثوب إِلَى أجل أَو طَعَام إِلَى أجل أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا فَاسد قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ صَالحه بدين فَلَا يجوز
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ وَاشْترط عَلَيْهِ خدمته شهرا مَعَ الْمُكَاتبَة أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم ونجمها عَلَيْهِ نجوما كل شهر على أَن يُؤَدِّي مَعَ كل نجم ثوبا قد سَمَّاهُ وسمى جنسه أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ على أَن تُؤدِّي إِلَى مَعَ مُكَاتَبَتك ألف دِرْهَم قَالَ نعم قلت وَلم أجزت هَذَا وَقد اشْترط شرطا غَيرهَا فَوَقَعت عَلَيْهِ الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة وَقعت على جَمِيع مَا سمى وَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْله قد كاتبتك على كذل وَكَذَا
قلت أَرَأَيْت إِن عجز عَن شَيْء مِمَّا اشْترط عَلَيْهِ مَعَ نجومه وَقد أدّى نجمه وَقد عجز عَمَّا كَانَ اشْترط عَلَيْهِ من الزِّيَادَة مَعَ النَّجْم أيرد فِي الرّقّ قَالَ نعم إِذا عجز عَمَّا كَانَ اشْترط عَلَيْهِ من الرّقّ قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على مائَة مِثْقَال تبر من فضَّة أَو ذهب هَل يجوز قَالَ نعم(3/418)
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ أَو أمة على ألف دِرْهَم على أَن يُؤَدِّي إِلَيْهِ كل شهر مائَة دِرْهَم وَلم يسم مُنْتَهى الْمُكَاتبَة أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه على شَيْء مَعْلُوم
قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة الَّتِي تجوز مَا هِيَ قَالَ كل مُكَاتبَة على دَنَانِير أَو دَرَاهِم أَو شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن بعد أَن يُسَمِّيه أَو على ثِيَاب بعد أَن يُسمى جِنْسهَا أَو على خَادِم جَائِز
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم فأداها إِلَى السَّيِّد ثمَّ جَاءَ رجل فَاسْتحقَّ تِلْكَ الْألف مَا حَال الْمُكَاتبَة قَالَ الْمكَاتب حر يرجع عَلَيْهِ السَّيِّد بِأَلف مَكَانهَا قلت لم عتق قَالَ لِأَنَّهُ قد كَانَ أدّى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة وَلِأَن الْمُكَاتبَة لم تقع على هَذِه الْألف بِعَينهَا
- بَاب مَا لَا يجوز من الْمُكَاتبَة
-
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على قِيمَته أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَيْهِ قِيمَته هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَلم وَأَنت لَا تجيز الْمُكَاتبَة قَالَ إِنَّمَا أفسدت الْمُكَاتبَة لِأَنَّهُ كَاتبه على شَيْء مُسَمّى فَإِذا أدّى إِلَيْهِ قِيمَته عتق
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ثوب وَلم يسم الثَّوْب أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على دَار أَو غير ذَلِك من الْعرُوض بِمَا لَيْسَ بمسمى وَلَا مَعْلُوم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت(3/419)
إِن أدّى إِلَيْهِ ثوبا هَل يعْتق قَالَ لَا قلت لم وَأَنت قد أجزته فِي الْبَاب الأول قَالَ ليسَا سَوَاء وَلم يؤد فِي هَذَا الْبَاب مَا كَاتبه عَلَيْهِ أَلا ترى إِنَّمَا كَاتبه على ثوب وَلم يسمه قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتب أمة لَهُ على هَذَا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ على ألف دِرْهَم على أَن يَطَأهَا مَا دَامَت مُكَاتبَته هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْمُكَاتبَة فَاسِدَة فأدتها هَل تعْتق قَالَ نعم قلت وَلم وَأَنت لَا تجيز الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة مَعْرُوفَة وَإِنَّمَا أفسدتها من قبل الشَّرْط فان أدتها قبل أَن ترد عتقت
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت مُكَاتبَة مثلهَا أَكثر من ذَلِك هَل يرجع السَّيِّد على شَيْء فضل من ذَلِك قَالَ كَانَ قَوْله الأول يرجع بِفضل مُكَاتبَة مثلهَا ثمَّ رَجَعَ بعد ذَلِك فَقَالَ تُؤدِّي فضل الْقيمَة بعد ذَلِك وَهُوَ قَول مُحَمَّد
قلت أَرَأَيْت إِن وَطئهَا لمكاتبته الَّتِي كاتبها عَلَيْهِ أَو كَانَت(3/420)
قيمتهَا أَكثر من هَذِه الْمُكَاتبَة فأدت بعد ذَلِك الْمُكَاتبَة هَل يكون لَهَا على سَيِّدهَا صدَاق قَالَ نعم قلت وَلم وَالْمُكَاتبَة كَانَ أَصْلهَا فَاسِدا وَلم تكن مُكَاتبَة صَحِيحَة قَالَ لِأَنَّهَا أدَّت فعتقت فَلذَلِك كَانَ على سَيِّدهَا الْعقر قلت وَقِيَاس هَذَا غير البيع قَالَ لَا أَلا ترى أَن رجلا لَو بَاعَ شَيْئا بيعا فَاسِدا خَادِمًا فَوَطِئَهَا البَائِع ثمَّ دَفعهَا إِلَى المُشْتَرِي فقبضها المُشْتَرِي فعتقها لم يكن على البَائِع فِيمَا وطئ شَيْء لِأَنَّهُ قد مَا يملك قلت وَكَذَلِكَ كل مُكَاتبَة فَاسِدَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ أَو أمة لَهُ مُكَاتبَة فَاسِدَة ثمَّ مَاتَ السَّيِّد قبل أَن تُؤدِّي مَا حَالهَا قَالَ هِيَ مَمْلُوكَة للْوَرَثَة وَتبطل الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن أدَّت إِلَى الْوَرَثَة الْمُكَاتبَة بعد موت السَّيِّد قَالَ تعْتق فِي الِاسْتِحْسَان قلت فَهَل تعْتق فِي الْقيَاس قَالَ لَا قلت بِالْقِيَاسِ تَأْخُذ أم بالاستحسان قَالَ لَا بل بالاستحسان
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل أمة لَهُ مُكَاتبَة فَاسِدَة ثمَّ ولدت ولدا ثمَّ مَاتَت الْمُكَاتبَة قبل أَن تُؤدِّي مَا حَال الْوَلَد وَهل عَلَيْهِ أَن(3/421)
يسْعَى فِيمَا على أمه قَالَ الْوَلَد رَقِيق وَلَيْسَ عَلَيْهِ سِعَايَة فِي شَيْء قلت أَرَأَيْت إِن استسعاه فِيمَا على أمه فأداه هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَلم وأصل الْمُكَاتبَة كَانَت فَاسِدَة وَالْمُكَاتبَة إِنَّمَا وَقعت على الْأُم قَالَ أستحسن ذَلِك وأدع الْقيَاس فِيهِ
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب لأمه الْمُكَاتبَة حَيَّة فَولدت الْمُكَاتبَة فأدت الْمُكَاتبَة هَل يعْتق وَلَدهَا مَعهَا قَالَ نعم قلت وَلم يعْتق الْوَلَد وَالْمُكَاتبَة فَاسِدَة قَالَ لِأَن الْوَلَد بِمَنْزِلَة الْأمة فَإِذا عتقت عتق
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ على أَن تخدمه حَيَاتهَا أَو حَيَاته هَل تجوز المكتابة قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ عبدا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كاتبها على ألف دِرْهَم على أَن كل ولد تلده فَهُوَ للسَّيِّد هَل تجوز الْمُكَاتبَة وَهَذَا الشَّرْط يُفْسِدهَا قَالَ لَا(3/422)
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم على أَن يَخْدمه بعد الْعتْق وَبعد أَن يُؤَدِّي الْمُكَاتبَة قَالَ هَذَا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ اشْترط فِي الْمُكَاتبَة مَا لَا يعرف قلت أَرَأَيْت إِن أدّى مُكَاتبَته هَل يعْتق قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتبه على ألف دِرْهَم على وصيف مَعَ أَدَاء مُكَاتبَته هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم وَجعل أجلهَا إِلَى الْعَطاء هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ إِلَى الْحَصاد أَو إِلَى الدياس أَو إِلَى نَحْو ذَلِك مِمَّا يعرف من الْأَجَل(3/423)
قَالَ نعم أستحسن ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ الْمكَاتب إِنَّمَا أعجل الْمُكَاتبَة فأؤديها هَل يعْتق قَالَ نعم يعْتق
قلت أَرَأَيْت الرجل يُكَاتب أمة لَهُ مكَاتبه فَاسِدَة على ميتَة فَولدت الْمُكَاتبَة ولد ثمَّ أعتق السَّيِّد أَلَيْسَ الْمُكَاتبَة قبل أَن تُؤدِّي هَل تعْتق قَالَ نعم وَلَا يعْتق وَلَدهَا قلت وَلما لَا يعْتق وَلَدهَا قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة فَاسِدَة قلت وَلَو كاتبها على ألف دِرْهَم مُكَاتبَة فَاسِدَة فَولدت وَلَدهَا ثمَّ أعتق أَلَيْسَ وَلَدهَا قَالَ يعْتق وَلَدهَا مَعهَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا مَا على ألف دِرْهَم وَهِي قِيمَته(3/424)
على أَنه إِذا أدّى يعْتق وَعَلِيهِ ألف أُخْرَى هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم إِذا أدّى الْألف دِرْهَم عتق وَكَانَت عَلَيْهِ ألف أُخْرَى قلت وَتجوز هَذِه الْمُكَاتبَة عنْدك قَالَ نعم وَلَكِن إِذا أدّى الْألف الأولى عتق كَذَا فِي الْأُصُول
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ على حكمه أَو على حكمهَا هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن أدَّت قيمتهَا هَل تعْتق قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كاتبها على غير شَيْء مُسَمّى
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على عبد غَيره هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه على عرض لغيره وَلَا تجوز الْمُكَاتبَة على أَمْوَال النَّاس من الْعرُوض أَلا ترى أَنه كَاتبه على مَا لَا يملك(3/425)
قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ كاتبتك على دَار فلَان أَو ثوب فلَان أَو على غير ذَلِك من الْعرُوض قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ على كرّ فلَان لعَينه أَو طَعَام فلَان بِعَيْنِه قَالَ نعم هَذَا كُله فَاسد
قلت وَلَو قَالَ كاتبتك على ألف فلَان هَذِه أَكَانَت تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه على دَرَاهِم فَهُوَ جَائِز
قلت أَرَأَيْت إِن إدى العَبْد ألف دِرْهَم غَيرهَا هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَالدَّرَاهِم لَا تشبه الْعرُوض قَالَ لَا لِأَن عَلَيْهِ دَرَاهِم مثلهَا(3/426)
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ كاتبتني على أَن أعطيكها من مَال فلَان هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم الْمُكَاتبَة جَائِزَة ويؤديها من حَيْثُ شَاءَ
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبده على ألف دِرْهَم على أَن العَبْد بِالْخِيَارِ يَوْمًا هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ الْكِتَابَة جَائِزَة وَالْخيَار جَائِز قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ السَّيِّد بِالْخِيَارِ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب أمة فَولدت ولدا قبل أَن يمْضِي الْخِيَار هَل يكون وَلَدهَا مكَاتبا مَعهَا وَقد رضى الْمولى الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَت هِيَ بِالْخِيَارِ فرضيت قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمولى قبل أَن يمْضِي الْخِيَار قَالَ مَوته بِمَنْزِلَة رِضَاهُ قلت وَكَذَلِكَ إِن مَاتَت الْمُكَاتبَة بعده وَبَقِي وَلَدهَا أيسعى الْوَلَد فِيمَا على أمه وَتجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا كاتبها على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَأعتق السَّيِّد نصفهَا قبل مُضِيّ الثَّلَاثَة أَيَّام قَالَ الْعتْق جَائِز وَهُوَ رُجُوع فِي الْمُكَاتبَة وَاخْتِيَار لردها ويستسعيها فِي نصف قيمتهَا فِي قَول أبي حنيفَة
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت ولدت ولدا فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة فَأعتق السَّيِّد الْوَلَد وَقد كَانَ السَّيِّد بِالْخِيَارِ هَل يكون هَذَا اخْتِيَارا لرد الْمكَاتب(3/427)
قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْأمة بِالْخِيَارِ قَالَ يعْتق وَلَدهَا وَلَا يرفع عَنْهَا بِحِسَاب قيمَة الْوَلَد من الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد هَل يرفع عَنْهَا شَيْء من مكاتبتها قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم يُؤَدِّيهَا إِلَيْهِ نجوما وَشرط إِن هُوَ عجز عَن نجم مِنْهَا فَعَلَيهِ مائَة دِرْهَم سوى النَّجْم هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ الْمُكَاتبَة بَاطِلَة لَا تجوز وَهُوَ قَول مُحَمَّد
- بَاب المكاتبين جَمِيعًا وَالرجل يُكَاتب عَبده على نَفسه وعَلى عبد لَهُ آخر غَائِب
-
قَالَ مُحَمَّد حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ إِذا كَاتب الرجل عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة فَإِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا رَقِيقا فَهُوَ جَائِز وَلَا يعتقان إِلَّا جَمِيعًا(3/428)
وَلَا يردان إِلَّا جَمِيعًا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل النُّجُوم وَاحِدَة وكفل كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن صَاحبه وَكتب إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا وَالْمُكَاتبَة ألف دِرْهَم وكاتبهما سَوَاء فَأدى أَحدهمَا جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعتقان قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع الَّذِي أدّى على الآخر بِشَيْء قَالَ نعم يرجع عَلَيْهِ بِنصْف الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أدّى النّصْف عَن نَفسه وَالنّصف الآخر عَن صَاحبه وَلِأَن الْمُكَاتبَة كَانَت عَلَيْهِمَا جَمِيعًا قلت فَهَل للسَّيِّد أَن يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الْمُكَاتبَة إِذا كَانَت الْمُكَاتبَة على مَا ذكرت لَك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا أدّى أَحدهمَا نصف الْمُكَاتبَة هَل يرجع على الآخر بِشَيْء قَالَ نعم بِنصْف مَا أدّى قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة عَلَيْهِمَا وَلِأَن الْأَدَاء عَلَيْهِمَا جَمِيعًا أَلا ترى أَنَّهُمَا لَا يعتقان إِلَّا بأَدَاء جَمِيع المَال
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى حِصَّته من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة قلت فان مَاتَ أَحدهمَا أيرفع عَن الْحَيّ قيمَة الْمَيِّت من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُمَا لَو كَانَا حيين لم يعتقا إِلَّا بأَدَاء جَمِيعهَا أَلا ترى أَن أَحدهمَا إِذا أدّى حِصَّته لم يعْتق فَكَذَلِك إِذا مَاتَ أَحدهمَا لم يرفع عَن الْبَاقِي شَيْئا من(3/429)
الْمُكَاتبَة وَلم يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيعًا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قيمَة المكاتبتين مُخْتَلفَة فَأدى أَحدهمَا جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يرجع على صَاحبه بِشَيْء قَالَ نعم تقوم قِيمَته من الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد قد أعتق أَحدهمَا هَل يرجع على الْبَاقِي بِشَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم وَيرْفَع عَنهُ بِقدر قيمَة الْمُعْتق من ذَلِك قلت وَلم وَقد قلت إِذا مَاتَ أَحدهمَا لم يرفع عَن الْبَاقِي من الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن الْعتْق لَا يشبه الْمَوْت لِأَن الْعتْق بِمَنْزِلَة مَا قد قبض
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب أمتين جَمِيعًا وَكَانَت الْمُكَاتبَة على نَحْو مَا ذكرت لَك فَولدت إِحْدَاهمَا ولدا فَأعتق السَّيِّد الْوَلَد هَل يجوز عَنهُ قَالَ نعم قلت فَهَل يرفع عَنْهُمَا شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا يرفع عَنْهُمَا شَيْء
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه على عبد آخر غَائِب بِأَلف دِرْهَم هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم فِي الِاسْتِحْسَان
قلت أَفَرَأَيْت إِذا أدّى هَذَا جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعتقان جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فَكيف يعْتق الْغَائِب وَلَيْسَ بمكاتب قَالَ لِأَن السَّيِّد قد قبض جَمِيع الْمُكَاتبَة فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْله إِذا أدّيت إِلَى ألفا فَأَنت حر وَفُلَان فَفعل وَلِأَن الْمُكَاتبَة عَلَيْهِمَا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت إِن لم يقل فِي الْمُكَاتبَة إِذا أدّيت إِلَى فأنما حران هَل يعتقان إِذا أدّى(3/430)
قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أدّى هَذَا الْمكَاتب جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يرجع على الْغَائِب بِشَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الْغَائِب لم يكن فِي الْمُكَاتبَة مَعَه
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْغَائِب هَل يرفع عَن هَذَا شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى حِصَّة قِيمَته من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيعهَا قلت وَكَيف الْقيَاس فِي هَذَا قَالَ يصير هَذَا الْمكَاتب مكَاتبا بِقدر قِيمَته من الْمُكَاتبَة وَلَا يلْزمه غير ذَلِك لكني أدع الْقيَاس فِي هَذَا وأجعلهما حُرَّيْنِ إِذا أديا جَمِيعًا الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَ الْمكَاتب مِنْهُمَا مَا القَوْل فِي الْغَائِب وَقد قدم فَقَالَ لَا أؤدي شَيْئا قَالَ هُوَ مَمْلُوك وَلَا يلْحقهُ شَيْء من الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن رَضِي قَالَ أَنا أؤدي وَجَاء بِجَمِيعِ الْمُكَاتبَة فَدَفعهَا إِلَى الْمولى وَقَالَ الْمولى لَا أقبلها وَلم يتْرك الْمَيِّت شَيْئا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أما فِي الْقيَاس فَهُوَ مَمْلُوك لكني لَا أدع الْقيَاس وَأعْتقهُ فَأعتق الْمَيِّت إِذا أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَذَا الْحَيّ مِنْهُمَا حَالا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَا حيين جَمِيعًا وَأَرَادَ السَّيِّد أَن يَبِيع الْغَائِب(3/431)
مِنْهُمَا هَل لَهُ ذَلِك قَالَ أما فِي الْقيَاس فَنعم وَأما فِي الِاسْتِحْسَان فحتى يعجز الآخر أَو يُؤَدِّي
قلت أَرَأَيْت رجلا قَالَ لعبد لَهُ قد كاتبت فلَانا لعبد غَائِب على كَذَا كَذَا على أَن يُؤَدِّيهَا عَنهُ فَرضِي بذلك الشَّاهِد أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الشَّاهِد مِنْهُمَا مَمْلُوك وَلم يُكَاتب على نَفسه
قلت أَرَأَيْت إِن أَدَّاهَا إِلَى الْمولى هَل يعْتق الْمكَاتب قَالَ نعم يعْتق قلت وَلم كَانَ هَذَا مكَاتبا قَالَ لِأَنِّي استحسنت من ذَلِك
قلت أَرَأَيْت رجلا حرا كَاتب على عبد لرجل على أَن يضمن عَنهُ الْمُكَاتبَة يُؤَدِّيهَا إِلَى سيد العَبْد أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب لم يكاتبه على نَفسه وَضَمان الرجل للمكاتبة للرجل لَا يجوز على عَبده
قلت أَرَأَيْت رجلا حرا كَاتب على ابْن لَهُ عبد لرجل أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْبَاب الأول قلت وَإِن كَانَ الابْن صَغِيرا قَالَ وَإِن كَانَ
قلت أَرَأَيْت عبدا لَهُ ابْن صَغِير وهما لرجل وَاحِد كَاتب على وَلَده هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يُكَاتب على نَفسه وَإِنَّمَا كَاتب على وَلَده وَلَو أدّى فِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا عتق الْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت رجلَيْنِ لَهما عَبْدَانِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا عبد على حِدة(3/432)
كاتباهما جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة بِأَلف دِرْهَم وَجعلا النُّجُوم وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا هَل يكون للسَّيِّد أَن يَأْخُذ كل وَاحِد مِنْهُمَا أَيهمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الْمُكَاتبَة على مَا ذكرت لَك قَالَ لَا قلت فَمَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا مكَاتبا بِحِصَّتِهِ بِقدر قيمتهمَا فان كَانَا سَوَاء كل وَاحِد مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَة وَإِن كَانَت الْقيمَة مُخْتَلفَة قسمت الْمُكَاتبَة على قيمتهمَا فَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا مكَاتبا لما يُصِيبهُ من الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا صَغِيرا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم إِن كَانَ يعقل ويعبر عَن نَفسه قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ صَغِيرا لَا يتَكَلَّم وَلَا يعقل هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا لَيست بمكاتبة وَإِنَّمَا تكون الْمُكَاتبَة إِذا عقل العَبْد ذَلِك قلت أَفَرَأَيْت إِن كَاتب عَن الصَّبِي أَبوهُ وَهُوَ حر هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت لم قَالَ لَا يجوز أَن يضمن لَهُ مَاله عَن عَبده وَلَا يُكَاتب عَبده قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ حرا كَاتب على عبد رجل قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَيْهِ جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ نعم قلت فَهَل يسلم المَال لسَيِّد العَبْد قَالَ نعم
قلت وَلَا يكون للَّذي كَاتب أَن يرجع بِشَيْء من مَاله على السَّيِّد قَالَ لَا قلت فَكيف الْقيَاس فِي هَذَا قَالَ أما فِي الْقيَاس فَيرجع فَيَأْخُذ مَاله وَيعتق العَبْد قلت وَلم وَهَذَا بِمَنْزِلَة رجل(3/433)
قَالَ لرجل أعتق عَبدك بِأَلف دِرْهَم فَأعْطَاهُ إِيَّاه فَأعْتقهُ ثمَّ بدا لَهُ أَن لَا يُعْطِيهِ شَيْئا هَل يكون لَهُ ذَلِك قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع فِيمَا أدّى إِلَى الْمُعْتق إِن أَرَادَ ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى قد اسْتَهْلكهُ قَالَ أما فِي الْمُكَاتبَة فنستحسن أَن لَا يرجع وَأما فِي الْعتْق فَيرجع فَيكون ذَلِك دينا على الْمولى(3/434)
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا ثمَّ إِن أَحدهمَا عجز ورده الْمولى أَو قدمه إِلَى القَاضِي فَرده وَلَا يعلم القَاضِي بمكاتبة الآخر ثمَّ إِن الآخر أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعتقان جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فَلم يعْتق الَّذِي كَانَ رد فِي الرّقّ قَالَ لِأَن عَجزه ذَلِك بَاطِل وَلَا يكون عجزهما إِلَّا جَمِيعًا لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى قد استسعى الَّذِي لم يعجز بعد ذَلِك فِي نجم أَو نجمين ثمَّ عجز ورد فِي الرّقّ أَيْضا وَالْآخر غَائِب هَل يكون رده ردا قَالَ لَا قلت فان كَانَ القَاضِي قد رده قَالَ وَإِن قلت أَرَأَيْت الرجلَيْن إِذا كَاتبا عبدا وَاحِدًا مُكَاتبَة وَاحِدَة غَابَ أَحدهمَا وَقدم الشَّاهِد العَبْد الْمكَاتب إِلَى القَاضِي وَقد عجز هَل يردهُ فِي الرّقّ قَالَ لَا يردهُ حَتَّى يجْتَمع الموليان جَمِيعًا
قلت وَلَو كَانَ رجل وَاحِد كَاتب عبدا وَاحِدًا فَمَاتَ الْمولى وَترك وَرَثَة هَل يَسْتَطِيع بَعضهم أَن يرد الْمُكَاتبَة قبل أَن يجتمعوا جَمِيعًا قَالَ بل لَهُ ذَلِك وَلَا يرد إِلَّا بِقَضَاء قَاض وَلَا يشبه هَذَا الأول أَي الْوَارِثين حضر مَعَه فَهُوَ خصم قلت فَكَذَلِك لَو كَانَ الْمكَاتب هُوَ الْمَيِّت وَترك وَلدين وَكَذَا فِي الْمُكَاتبَة لم يسْتَطع الْمولى أَن(3/435)
يردا وَاحِدًا مِنْهُم وَالْآخر غَائِب حَتَّى يجتمعوا جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فان كَانَ الْبَاقِي لم يسع فِي شَيْء بعد رد الأول قَالَ وَإِن كَانَ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يكون ردهما إِلَّا جَمِيعًا لِأَنَّهُ إِذا رد أَحدهمَا ثمَّ أدّى الآخر عتقا جَمِيعًا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا ثمَّ إِن أَحدهمَا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فَرفع إِلَى الإِمَام فَعرض عَلَيْهِ السُّلْطَان الْإِسْلَام فَأبى فَقتله مَا حَال الْبَاقِي قَالَ لَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة قلت أَفَرَأَيْت إِذا أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعْتق هُوَ والمقتول قَالَ نعم قلت فان كَانَ للمقتول ولد أَحْرَار من امْرَأَة حرَّة هَل تجر وَلَاء وَلَده إِلَى موَالِيه قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ عتق حِين أدّى صَاحبه الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ الْمُرْتَد مِنْهُمَا قد اكْتسب مَالا بِقدر ردته ثمَّ قتل مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أَخذ الْمولى ذَلِك من جَمِيع ذَلِك المَال جَمِيع الْمُكَاتبَة ويعتقان جَمِيعًا(3/436)
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ للمدبر ولد أَحْرَار هَل يرجعُونَ على الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ من الْمُكَاتبَة إِذا كَانَ الْوَارِث مَوْلَاهُ قَالَ نعم قلت فِي حَال مَال الْمكَاتب الَّذِي بَقِي مِمَّا كَانَ اكْتسب فِي ردته بعد أَدَاء الْمُكَاتبَة أَيكُون لوَرثَته قَالَ نعم(3/437)
قلت أَرَأَيْت إِن ارْتَدَّ أَحدهمَا وَلحق بدار الشّرك هَل يُؤْخَذ هَذَا الْبَاقِي بِجَمِيعِ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم وَلَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء جَمِيعهَا قلت أَرَأَيْت إِذا أذاها هَل يعْتق هُوَ وَالْمُرْتَدّ الَّذِي فِي دَار الشّرك قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت إِن رَجَعَ الْمُرْتَد مُسلما هَل يرجع الَّذِي أدّى بِجَمِيعِ حِصَّته من الْمُكَاتبَة عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب الْمُكَاتبَة عَلَيْهِمَا جَمِيعًا
قلت أَفَرَأَيْت الْمُرْتَد بعد ذَلِك إِن مَاتَ فِي دَار الشّرك وَترك مَالا يظْهر الْمُسلمُونَ على ذَلِك فيأخذوه فِي دَار الشّرك هَل يرجع هَذَا الَّذِي أدّى بِحِصَّتِهِ إِلَى الْمُرْتَد فِي مَاله ذَلِك وَلم يقسم بعد قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد صَار فَيْئا وَلَا يكون عَلَيْهِ دين وَهِي فَيْء الْمُسلمين قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ قد قسم قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ أَلا ترى أَن رجلا لَو اسْتَدَانَ من رجل دينا ثمَّ ارْتَدَّ وَلحق بدار الْحَرْب وَلم يتْرك مَالا فِي دَار الْإِسْلَام ثمَّ ظهر الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا مَاله لم يكن(3/438)
لغرمائه عَلَيْهِ سَبِيل وَكَذَلِكَ الْبَاب الأول
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ هَذَا الْمُرْتَد فِي دَار الشّرك بعد فعجز عَن هَذَا الْمُقِيم فِي دَار الْإِسْلَام أيرده القَاضِي فِي الرّقّ قَالَ لَا قلت أَفَرَأَيْت إِذا رد القَاضِي هَذَا أَيكُون رده ردا للْآخر قَالَ لَا قلت فان رَجَعَ الآخر مُسلما أيرده إِلَى مَوْلَاهُ رَقِيقا قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبد لَهُ وَامْرَأَته جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة وكفل كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن صَاحبه إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة ولدت ولدا فَقتل الْوَلَد لمن قِيمَته قَالَ للْأُم كلهَا قلت وَلَا يكون للْأَب مِنْهُ شَيْء قَالَ لَا
قلت وَكَذَلِكَ لَو جرح جِرَاحَة أَو اكْتسب مَالا قَالَ نعم ذَلِك كُله للْأُم دون الْأَب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مِنْهَا(3/439)
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى نَفسه هُوَ الَّذِي قتل الْوَلَد وَقِيمَته وَالْمُكَاتبَة سَوَاء لَهُ أَن يَأْخُذهَا مَكَان الْمُكَاتبَة ويقاص الْأُم بذلك وَلم يحل شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا إِلَّا أَن يَشَاء للْأُم قلت لم قَالَ لِأَن قيمَة الْوَلَد بِمَنْزِلَة مَال أَخذه فَيردهُ عَلَيْهَا إِذا لم يحل عَلَيْهَا شَيْء من مكاتبتها لِأَن الْوَلَد إِنَّمَا هُوَ شَيْء لَهَا
قلت أَرَأَيْت إِن قاصها بذلك ورضيت هَل تعْتق هِيَ وَزوجهَا قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة أَدَائِهَا جَمِيع المَال قلت فَهَل ترجع على الزَّوْج بِشَيْء قَالَ نعم ترجع عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ من الْمُكَاتبَة إِذا حلت وَتَكون قيمَة الْوَلَد كَأَنَّهَا هِيَ بِنَفسِهَا لِأَنَّهُ مَال لَهَا قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَلَد قِيمَته أَكثر من الْمُكَاتبَة وَكَانَ قد ترك مَالا سوى ذَلِك لمن يكون ذَلِك الْفضل وَمَا ترك من مَال قَالَ للْأُم دون الْأَب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مَالهَا
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَلَد جَارِيَة فَولدت ولدا ثمَّ قتل ولد الْوَلَد لمن تكون قِيمَته قَالَ للجدة دون الْأُم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْأُم لَو قتلت كَانَت قيمتهَا للجدة فَكَذَلِك وَلَدهَا بمنزلتها قلت وَكَذَلِكَ كل مَا كسبته قَالَ نعم(3/440)
قلت أَفَرَأَيْت إِذا مَاتَت الْمُكَاتبَة وَبَقِي وَلَدهَا وَولد وَلَدهَا وَالزَّوْج هَل للْمولى ببنيها سَبِيل فِي شَيْء من السّعَايَة قَالَ نعم عَلَيْهِمَا من الْمُكَاتبَة مَا على أمهما قلت لم يكون على ولد الْوَلَد وأمهما حَيَّة قَالَ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَة أمهما أَلا ترى أَن كسبهما وقيمتهما إِنَّمَا هُوَ للجدة فَكَذَلِك يلْزمهُمَا جَمِيعًا السّعَايَة قلت ويكونان فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْميتَة قَالَ نعم قلت وإنهما إِذا أديا الْمُكَاتبَة عتقوا جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فترجع الْأُم على الْوَلَد بِشَيْء أَو الْوَلَد على أمه بِشَيْء قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُمَا إِذا أديا عَن أمهما أفيرجعان على الزَّوْج(3/441)
بِشَيْء قَالَ أَيهمَا مَا أدّى جَمِيعًا الْمُكَاتبَة رَجَعَ على الزَّوْج بِحِصَّتِهِ من ذَلِك فَيكون لَهُ خَاصَّة دون الْأُم قَالَ نعم قلت وَلَا يكون ذَلِك بِمَنْزِلَة مِيرَاث تركته الْميتَة قَالَ لَا قلت وَلما قَالَ لِأَن الَّذِي أدّى أَحَق بِهِ
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَت الْميتَة حَيَّة لم تمت فولد للزَّوْج ولد من جَارِيَة اشْتَرَاهَا أَيكُون قيمَة وَلَده وَجَمِيع كَسبه على نَحْو مَا وصفت لَك فِي شَأْن الْأُم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة بِأَلف دِرْهَم إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا وقيمتهما سَوَاء ثمَّ إِن أَحدهمَا أدّى مِائَتي دِرْهَم ثمَّ أعْتقهُ الْمولى بعد ذَلِك وَقِيمَته خَمْسمِائَة دِرْهَم وَقِيمَة الآخر خَمْسمِائَة هَل يرجع هَذَا الْمُعْتق على الآخر بِشَيْء أَو هَل يرجع الْبَاقِي على الْمُعْتق بِشَيْء وَمَا حَال الْبَاقِي(3/442)
وَالْمُكَاتبَة قَالَ يرجع هَذَا الْمُعْتق بِنصْف مَا أدّى على هَذَا الْبَاقِي وَيرْفَع عَن الْبَاقِي نصف مَا بَقِي بعد أَدَاء الْمُعْتق وَيسْعَى فِيمَا بَقِي قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة كَانَ أَصْلهَا وَاحِدًا وكل شَيْء أدّى أَحدهمَا قل أَو كثر رَجَعَ على صَاحبه بِنصْف ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أعتق الَّذِي لم يرد شَيْئا قَالَ يرفع عَن الْبَاقِي نصف مَا بَقِي من مُكَاتبَته وَيرجع الَّذِي أدّى بِنصْف مَا أدّى على الْمُعْتق وَأيهمَا أعتق فانه يُؤْخَذ على حَاله مُكَاتبَة صَاحبه وَيكون فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْكَفِيل عَنهُ لِأَن الْمُكَاتبَة قد صحت قبل عتق هَذَا على غير وَجه الْكفَالَة وَكَذَلِكَ الْعتْق(3/443)
- بَاب كِتَابَة الْمكَاتب
-
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَإِن كَانَ لم يؤد شَيْئا من مُكَاتبَته قَالَ وَإِن قلت أَفَرَأَيْت مكَاتبا كَاتب عبدا لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب الثَّانِي أدّى مُكَاتبَته هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَلم وَالَّذِي كَاتبه لم يعْتق وَأَنت تزْعم أَن عتق الْمكَاتب لَا يجوز قَالَ لَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة الْعتْق هَذَا بِمَنْزِلَة البيع استحسنا ذَلِك فأجزناه
قلت أَفَرَأَيْت إِن عجز الأول بعد ذَلِك هَل يمضى عتق الثَّانِي قَالَ نعم عجز الأول أَو لم يعجز قلت وَالثَّانِي حر إِذا أدّى قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الأول لم يعجز لمن يكون وَلَاء الثَّانِي قَالَ لمولى الْمكَاتب الأول
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب الأول بعد ذَلِك هَل يرجع إِلَيْهِ وَلَاء مكَاتبه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الآخر حَيْثُ عتق(3/444)
صَار مولى مَوْلَاهُ
قلت أَرَأَيْت إِن عجز الأول فَرد فِي الرّقّ هَل يرجع الثَّانِي مَعَه وَلم يعجز قَالَ لَا وَلكنه على مُكَاتبَته يسْعَى فِيهَا للْمولى على نجومه
قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَ الْمكَاتب الأول وَقد ترك مَالا كثيرا وورثته أَحْرَار أَو لم يدع وَارِثا غير مَوْلَاهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك وَفِي مُكَاتبَته قَالَ يَأْخُذ الْمولى مَا بَقِي من مُكَاتبَته من تركته وَمَا بَقِي فلورثته وَيسْعَى الْمكَاتب فِي لوَرثَته فِي مُكَاتبَته قَالَ يَأْخُذ الْمولى مَا بَقِي من مُكَاتبَته من تركته وَمَا بَقِي فلورثته وَيسْعَى الْمكَاتب لوَرثَته فِي مُكَاتبَته قلت وَيصير لمولاهم دون السَّيِّد إِذا أدّى إِلَيْهِم الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت فان عجز صَار رَقِيقا لَهُم دون الْمولى قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ الْمكَاتب لم يدع شَيْئا هَل يرد الْبَاقِي فِي الرّقّ وَلم يعجز قَالَ لَا وَلكنه يسْعَى فِي مُكَاتبَته حَتَّى يُؤَدِّيهَا وَإِن كَانَت مُكَاتبَة الثَّانِي فِيهَا وَفَاء بمكاتبة الأول أدّى فان بَقِي شَيْء صَار لوَرَثَة الْمكَاتب الأول إِن كَانَ لَهُ وَارِث آخر غير الْمولى وَإِلَّا كَانَ للْمولى وَيعتق هَذَا وَالْمَيِّت جَمِيعًا وَيكون وَلَاء الْمَيِّت للْمولى ويجر(3/445)
وَلَاء وَلَده إِن كَانَ لَهُ أَوْلَاد أَحْرَار من امْرَأَة حرَّة وَيكون وَلَاء الثَّانِي للْمولى الأول أَيْضا لِأَنَّهُ أدّى فَعتق قبل أَن يعْتق الْمَيِّت
قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن فِي مُكَاتبَة الثَّانِي وَفَاء بمكاتبة الأول فَأخذ الْمولى مَا أدّى الثَّانِي هَل يعْتق الأول قَالَ لَا وَلَكِن يعْتق الثَّانِي وَلَا يعْتق الأول قلت فَلِمَنْ يكون وَلَاء الثَّانِي قَالَ للْمولى دون وَرَثَة الأول قلت لم قَالَ لِأَن الْمكَاتب مَاتَ عَاجِزا مَمْلُوكا فَأَما إِذا كَانَ فِي مُكَاتبَة الثَّانِي وَفَاء فَهَذَا مَال تَركه الْمَيِّت الأول فَإِذا قَبضه العَبْد عتق الأول وَالثَّانِي جَمِيعًا
قلت أَفَرَأَيْت إِن عتق السَّيِّد فكاتب مُكَاتبَة هَل يجوز عتقه قَالَ لَا قلت وَلم وَلَو أعتق الْمولى مُكَاتبَة جَازَ قَالَ لِأَن الثَّانِي لَيْسَ للْمولى فِيهِ ملك أَلا ترى لَو أَن الْمولى أعتق شَيْئا من رَقِيق مكَاتبه لم يجز عَنهُ وَكَذَلِكَ مكَاتب الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِن أعتق الْمولى مكَاتبه الأول هَل يعْتق الثَّانِي بِعِتْقِهِ قَالَ لَا وَلكنه مكَاتب على حَاله للْمُعْتق وَيسْعَى لَهُ فِي(3/446)
نجومه قلت وَلَا يكون للْمولى عَلَيْهِ سَبِيل قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَ الْمكَاتب الثَّانِي وَقد ترك مَال فِيهِ وَفَاء بمكاتبته أَو لَيْسَ فِيهِ وَفَاء قَالَ إِن ترك مَالا فِيهِ وَفَاء لمكاتبه أَخذ الْمكَاتب الأول فِي ذَلِك مُكَاتبَته وَينظر إِلَى مَا بَقِي فان كَانَ للْمَيت ولد أَحْرَار أَو وَرَثَة دون الْمولى فَهُوَ لَهُم وَإِن لم يكن لَهُ وَارِث أَلا مولى الْمكَاتب الأول فَهُوَ لَهُ وَلَاؤُه ويجر وَلَاء وَلَده إِن كَانَ لَهُ ولد أَحْرَار من امْرَأَة حرَّة قلت وَلَا يكون للْمكَاتب من مَاله وَلَا من مِيرَاثه شَيْئا سوى مُكَاتبَته قَالَ لَا قلت وَلم لَا يَرِثهُ وَهُوَ مكَاتبه قَالَ لَا وَالْمكَاتب لَا يَرث وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة العَبْد
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتب عبدا لَهُ ثمَّ أعْتقهُ بعد الْمُكَاتبَة هَل يجوز عتقه قَالَ لَا قلت أَفَرَأَيْت إِن وهب لَهُ نصف الْمُكَاتبَة وَأخذ مَا بَقِي مِنْهَا هَل يعْتق قَالَ لَا قلت أَفَرَأَيْت إِن وهب لَهُ جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا قَالَ لعَبْدِهِ إِذا أدّيت إِلَى ألف دِرْهَم فَأَنت حر وَإِذا أَعْطَيْتنِي ألف دِرْهَم فَأَنت حر وَإِذا جئتني بِأَلف دِرْهَم فَأَنت حر هَل يعْتق فِي شَيْء من هَذِه الْوُجُوه قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا كَاتب جَارِيَة ثمَّ إِن الْمكَاتب وَطئهَا فعلقت مَا حَال الْجَارِيَة قَالَ إِن شَاءَت مَضَت على مكاتبتها وَإِن شَاءَت(3/447)
عجزت فَتَصِير أم وَلَده لَا يقدرا على بيعهَا قلت أَرَأَيْت إِن اخْتَارَتْ الْعَجز فَأعتق الْمولى وَلَدهَا هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت وَلم وَلَو أعْتقهَا فِي نَفسهَا لم يجز عتقه قَالَ لِأَنَّهَا لَيست بِمَنْزِلَة وَلَدهَا وَوَلدهَا بِمَنْزِلَة الْمكَاتب أَلا ترى أَن الْمكَاتب لَا يقدر على بيع وَلَده على حَال من الْحَالَات أبدا مَا تبقى أمة للْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن اخْتَارَتْ الْعَجز أَيكُون للْمكَاتب أَن يَبِيعهَا أَو يَبِيع وَلَدهَا قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن أعتق السَّيِّد الْوَلَد بعد ذَلِك هَل يجوز عتقه قَالَ لَا قلت لم وَقد أجزت عتقه فِي وَلَدهَا قَالَ لِأَنَّهَا لَيست بِمَنْزِلَة وَلَدهَا أَلا ترى أَن مَوْلَاهَا إِذا أدّى الْمُكَاتبَة صَارَت أم وَلَده ويستخدمها ويطأها وَأما وَلَدهَا مُعتق قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد هَل للْمكَاتب أَن يَبِيع الْأُم بعد ذَلِك قَالَ لَيْسَ لَهُ أَن يَبِيعهَا مَاتَ الْوَلَد أَو لم يمت
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتب جَارِيَة لَهُ فَعمد السَّيِّد فوطئ مُكَاتبَته فَولدت مِنْهُ أَو لم تَلد قَالَ إِن لم تَلد فَعَلَيهِ الْعقر لَهَا(3/448)
وَإِن ولدت مِنْهُ فَعَلَيهِ الْعقر وتمضى على مكاتبتها وَلَيْسَ فِي الْوَلَد قيمَة وَالْولد بِمَنْزِلَة أمه يعْتق بِعتْقِهَا فان أدَّت عتقت وَعتق وَلَدهَا قلت فَيثبت نسب الْوَلَد مِنْهُ قَالَ نعم قلت لم لَا يلْزمه الْوَلَد بِالْقيمَةِ فِي هَذِه الْحَال قَالَ لِأَنَّهُ لَا يكون عَلَيْهِ قيمَة الْوَلَد مَا دَامَت على مكاتبتها لِأَن الْقيمَة لَا تكون لَهَا وَلَا للْمكَاتب مَا دَامَت مُكَاتبَة لِأَن وَلَدهَا بمنزلتها أَلا ترى أَنَّهَا لَو حبلت من غَيره لم يكن للْمكَاتب على الْوَلَد سَبِيل وَكَانَ بِمَنْزِلَة أمه
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت مَا القَوْل فِي ذَلِك وَمَا حَال الْوَلَد قَالَ يكون الْوَلَد للْمولى بِالْقيمَةِ وَتَكون للْمكَاتب قلت وَلم قَالَ(3/449)
لِأَنِّي استحسنت ذَلِك فأكره أَن أجعله وَلَده رَقِيقا
قلت أَرَأَيْت الْأُم هَل تصير أم ولد السَّيِّد قَالَ لَا وَلكنهَا مَمْلُوكَة للْمكَاتب
قلت أَفَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتب جَارِيَة لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَرد فِي الرّقّ ثمَّ وطئ السَّيِّد الْجَارِيَة الَّتِي كاتبها فعلقت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ فِي هَذَا الْوَجْه بِمَنْزِلَة مَا كَانَت وَيكون الْوَلَد وَلَده وتخير الْجَارِيَة فان شَاءَت الْعَجز عجزت وَتصير أم وَلَده وَإِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها وَتَأْخُذ عقرهَا مِنْهُ فعلت
قلت أَفَرَأَيْت إِن لم يعجز الْمكَاتب وَلكنه مَاتَ بعد مَا وَطْء السَّيِّد مُكَاتبَته فعلقت وَلم يتْرك شَيْئا قَالَ هَذِه بِمَنْزِلَة الأول أَيْضا قلت فان كَانَ للْمكَاتب وَرَثَة أَحْرَار وَفِي الْمُكَاتبَة فضل قَالَ(3/450)
هَذِه تمْضِي على مكاتبتها فان أدَّت عتقت وَيكون مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة سوى مَا أَخذ السَّيِّد لوَرَثَة الْمكَاتب
قلت فان كَانَ الَّذِي وَطئهَا الْمكَاتب ثمَّ مَاتَ وَلم يتْرك مَالا هَل تخيرها فِي هَذَا الْبَاب قَالَ إِن كَانَت لن تَلد لم تخير وَإِن كَانَت ولدت خيرت فان شَاءَت سعت هِيَ وَوَلدهَا فِي مُكَاتبَته الأولى ورفضت مكاتبتها وَإِن شَاءَت قبضت على مكاتبتها قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يتْرك مَالا قلت فَلَو ترك مَالا فِيهِ وَفَاء بمكاتبته أدّى مُكَاتبَته وَعتق وَبَطل عَنْهَا الْمُكَاتبَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت فِي الْبَاب الأول وَالْمُدَّعِي للْوَلَد الْمولى ومكاتب الأول ميت مَا حَالهَا وَحَال وَلَدهَا قَالَ أما وَلَدهَا فحر وعَلى أَبِيه قِيمَته فان كَانَ فِي قِيمَته وَفَاء لمكاتبة عتق الْمكَاتب وَكَانَت الْأُم مَمْلُوكَة لوَرثَته إِن كَانَ لَهُ ولد أَحْرَار قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب وَوَلدهَا بِمَنْزِلَة مَال التَّرِكَة استحسنت أَن أجعَل الْوَلَد لَهُ(3/451)
بِالْقيمَةِ وَلَا يُبَاع وَأما الْأُم مَمْلُوكَة لوَرَثَة الْمكَاتب فان لم تكن لَهُ وَرَثَة سوى الْمولى فَهِيَ أم ولد للْمولى
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمكَاتب وَترك مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يردون مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة إِلَى السَّيِّد وَالْمُكَاتبَة على مكاتبتها فان عجزت ردَّتْ فِي الرّقّ وَيكون الْوَلَد للسَّيِّد بِالْقيمَةِ وَتَكون الْقيمَة لوَرَثَة الْمكَاتب قلت فَمَا حَال الْأُم قَالَ هِيَ مَمْلُوكَة لوَرَثَة الْمكَاتب إِذا كَانَ لَهُ وَرَثَة سوى الْمولى قلت وَلم جعلت عَلَيْهِ قيمَة الْوَلَد فِي هَذَا الْوَجْه قَالَ لِأَن الْمكَاتب مَاتَ وَترك وَفَاء وَقد قبض الْمولى مُكَاتبَته من تركته فَصَارَ حرا فَكَأَنَّهُ قد كَانَ عتق قبل أَن يَمُوت أَلا ترى أَنه لَو أدّى الْمُكَاتبَة عتق ثمَّ إِن مُكَاتبَته عجزت وَقد كَانَ السَّيِّد وَطئهَا فَولدت مِنْهُ جعلت لَهَا الْوَلَد بِالْقيمَةِ واستحسنت أَن يسترقه الْمكَاتب وَأما الْأُم فمملوكة لَهُ قلت وَكَذَلِكَ إِن مَاتَ وَترك وَفَاء وَقبض السَّيِّد مَا بَقِي من مُكَاتبَته ثمَّ عجز بعد ذَلِك قَالَ نعم(3/452)
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب يُكَاتب عبدا لَهُ ثمَّ كَاتب مكَاتبه عبدا لَهُ أَيْضا أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أمة لَهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الثَّانِي أمة لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب الأول وطئ مُكَاتبَة الثَّانِي فَولدت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ عقرهَا مِنْهُ وتمضي على مكاتبتها وَوَلدهَا بمنزلتها فان أدَّت عتقت وَعتق وَلَدهَا مَعهَا
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ مَا حَالهَا وَحَال وَلَدهَا قَالَ هِيَ مَمْلُوكَة لمولاها وَيكون الْوَلَد للْمكَاتب الأول بِقِيمَتِه قلت لم قَالَ إِنِّي استحسنت ذَلِك وَتركت الْقيَاس فِيهِ وَجَعَلته بِمَنْزِلَة الْمولى إِذا وطئ مُكَاتبَة مكَاتبه
قلت أَفَرَأَيْت إِذا أَخذه بِالْقيمَةِ أَيكُون بِمَنْزِلَة يعْتق بِعِتْقِهِ ويرق برقه وَلَا يكون لَهُ أَن يَبِيعهُ قَالَ نعم قلت فان أعتق الْمولى وَلَده بعد ذَلِك هَل يجوز عتقه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كتب الْمكَاتب عبدا لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب الثَّانِي كَاتب أَيْضا عبدا لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب الْأَوْسَط عجز مَا حَال مكَاتبه قَالَ هُوَ مكَاتب للْمكَاتب الأول وَيسْعَى لَهُ فِي مُكَاتبَته فان أَدَّاهَا عتق وَإِن عجز رد فِي الرّقّ وَكَانَ عبدا لَهُ قلت وَلَا يكون عجز(3/453)
الْأَوْسَط عَجزا للثَّالِث قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمه لَهُ فَولدت ولدا جَارِيَة ثمَّ إِن الْوَلَد ولد ولدا آخر فَأعتق الْمولى الْمُكَاتبَة هَل يعتقون جَمِيعًا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن أعتق الْمولى الْوُسْطَى هَل يعْتق وَلَدهَا مَعهَا قَالَ لَا فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأما فِي قَول أبي حنيفَة فَيعتق الْأَسْفَل مَعَه قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة ولد الْمُكَاتبَة وَلَا يعْتق إِلَّا بِعتْقِهَا فَإِذا أعتقت الْجدّة عتقوا جَمِيعًا وَإِن أعتق الْوُسْطَى لم يعْتق غَيرهَا وَلَا يعْتق وَلَدهَا بِعتْقِهَا لِأَنَّهَا لَيست بمكاتبة نَفسهَا وَإِنَّمَا يعْتق وَلَدهَا بِعِتْق جدَّتهَا فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة يعْتق وَلَدهَا إِذا عتق وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أَلا ترى أَن كسبهما جَمِيعًا وقيمتهما للجدة وَلَا يكون للوسطى من كسب وَلَدهَا شَيْء
قلت أَفَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عبدا لَهُ فكاتب الْمكَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ جَمِيعًا وَجعل مكاتبتهما جَمِيعًا وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة وَإِن عَجزا ردا وَإِن أديا عتقا هَل يجوز ذَلِك كَمَا يجوز لَو كاتبهما الْمولى قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الْمكَاتب عبدا لَهُ وَجَارِيَة لَهُ جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا وكفل(3/454)
كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه ثمَّ إِن الْمكَاتب الأول وطئ الْجَارِيَة فعلقت مِنْهُ فَولدت ولدا مَا حَالهَا وَحَال وَلَدهَا قَالَ وَلَدهَا بمنزلتها وَهِي على مكاتبتها وَتَأْخُذ عقرهَا من الْمكَاتب قلت وَلَا تخيرها قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا لَا تكون عاجزة دون الْمكَاتب الآخر الَّذِي مَعهَا أَلا ترى أَنَّهَا لَو عجزت لم ترد وَلم تصر لَهُ أم ولد الْمكَاتب لِأَن شريكها إِذا أدّى عَنْهَا عتق وعتقت مَعَه لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة لَا يعجزان إِلَّا جَمِيعًا وَلَا يعتقان إِلَّا جَمِيعًا وَلَا يكونَانِ بمنزلتها لَو كاتبها وَحدهَا
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب مُكَاتبَته هَل يعْتق وَلَدهَا بِعِتْقِهِ قَالَ نعم قلت وَتَكون هِيَ على مكاتبتها وَلَا يكون لَهَا الْخِيَار قَالَ نعم قلت وَلم وَقد عتق سَيِّدهَا قَالَ هُوَ سَوَاء عتق أَو لم يعْتق وَلَا تكون عاجزة دون صَاحبهَا وَلَا تعجزان إِلَّا جَمِيعًا وَلَو عجزت لم ترد لِأَن صَاحبهَا لَو أدّى عتقا جَمِيعًا فَكَذَلِك الْبَاب الأول قلت فَمَا لَك أعتقت وَلَده حَيْثُ أعتق قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ صَار حرا تعْتق وَلَده بِعِتْقِهِ أَلا ترى لَو أَن حرا كَاتب عبدا لَهُ وَأمة على(3/455)
مَا وصفت لَك فوطئ الْجَارِيَة فعلقت عتق الْوَلَد وَلَا تَسْتَطِيع الْجَارِيَة أَن تعجز دون صَاحبهَا وَكَذَلِكَ الْمكَاتب إِذا أدّى فَعتق
قلت أَرَأَيْت هَذَا الْمكَاتب الَّذِي كَاتب عبدا وَأمة لَهُ على مُكَاتبَة وَاحِدَة على مَا وصفت لَك ثمَّ عمد السَّيِّد الأول إِلَى الْأمة فَوَطِئَهَا فَولدت مِنْهُ أَيكُون وَلَده حرا قَالَ هُوَ بِمَنْزِلَة أمه يعْتق بِعتْقِهَا فان عجزت هِيَ وصاحبها فَردا جَمِيعًا كَانَ لَهُ وَلَده بِالْقيمَةِ وَأما مَا لم يعجز فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَد قيمَة وَهِي بِمَنْزِلَة أمه
قلت أَفَرَأَيْت هَذَا الْمكَاتب إِذا كَاتب عبدا لَهُ وَامْرَأَته جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة فَولدت امْرَأَته ولدا يكون الْوَلَد وَكَسبه لَهَا دون الْأَب كَمَا يكون إِذا كاتبها الْمولى قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب السَّيِّد مكاتبتين لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة ثمَّ إِن إِحْدَى المكاتبتين ولدت ولدا فوطئ السَّيِّد ولد الْمُكَاتبَة فعلقت هَل تصير أم ولد لَهُ قَالَ لَا وَالْولد حر قلت فَهَل يثبت نسب الْوَلَد قَالَ نعم قلت فَهَل عَلَيْهِ فِي الْوَلَد(3/456)
قيمَة قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَد قيمَة وَهُوَ حر قلت وَلم قَالَ لِأَن الْأُم الأولى إِذا عتقت عتق وَلَدهَا مَعهَا وَإِن عجزت هِيَ وصاحبها جَمِيعًا صَار الْوَلَد وَلَده بِغَيْر قيمَة قلت أَفَرَأَيْت ابْنَتهَا الَّتِي وطئ السَّيِّد إِن قَالَت أَنا أُرِيد أَن أصير أم ولد للسَّيِّد أَيكُون ذَلِك لَهَا قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ فكاتب الْمكَاتب أمة لَهُ ثمَّ إِن مُكَاتبَة الْمكَاتب ولدت ولدا ثمَّ مَاتَت وَبَقِي وَلَدهَا ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب بعد ذَلِك مَا حَال الْوَلَد قَالَ يسْعَى فِيمَا كَانَ على أمه على نجومها فان أدّى عتق وعتقت أمه مَعَه وَينظر إِلَى مَا أَدَّاهُ فان كَانَ فِيهِ وَفَاء لمكاتبته الأولى عتق أَيْضا لِأَن مَا أدّى الْوَلَد فَإِنَّمَا يصير للْمكَاتب الأول قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن الْمكَاتب الأول حَيْثُ مَاتَ صَار مَا على مُكَاتبَته دينا لَهُ من تركته فَمن ثمَّ عتق الْمكَاتب الأول
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب جاريتين لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة فَأعتق إِحْدَاهمَا ووطئ الْأُخْرَى فعلقت مِنْهُ قَالَ تعْتق الَّتِي أعتق وترفع حصَّتهَا من الْمُكَاتبَة عَن الْأُخْرَى وتخير الْأُخْرَى الَّتِي علقت مِنْهُ فان شَاءَت سعت فِيمَا بَقِي من الْمُكَاتبَة فان أدَّت عتقت وَإِن شَاءَت عجزت وَكَانَت أم ولد وَتبطل الْمُكَاتبَة عَنْهُمَا جَمِيعًا(3/457)
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة كاتبت عبدا لَهَا على ألف دِرْهَم فَولدت فِي مكاتبتها ولدا ثمَّ مَاتَت وَلم تدع شَيْئا قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِيمَا على أمه ومكاتبها على مُكَاتبَته يسْعَى فِي مُكَاتبَته فَمَا أدّى من شَيْء أَخذه الْمولى حَتَّى يَسْتَوْفِي الْمُكَاتبَة فان أدّى قبل الْوَلَد عتق وَوَلَاؤُهُ للْمولى ثمَّ يُؤَدِّي ذَلِك إِلَى الْمولى من مُكَاتبَته وَيعتق وَلَدهَا فان كَانَ مُكَاتبَته أَكثر من مُكَاتبَة مولاته فَأدى مكَاتبه مُكَاتبَة مولاته إِلَى الْمولى عتق الْوَلَد وَيقبض الْوَلَد مِنْهُ مَا بَقِي عَلَيْهِ وَيعتق هُوَ إِذا أدّى ذَلِك وَيكون وَلَاؤُه للْوَلَد وَإِن كَانَ أدّى مُكَاتبَته قبل مُكَاتبَة مولاته(3/458)
وَأدّى ذَلِك فانه يعْتق وَيكون وَلَاؤُه للْمولى ثمَّ يُؤَدِّي ذَلِك إِلَى الْمولى عَن مُكَاتبَته فتعتق هِيَ وَلَدهَا الْبَاقِي وَيكون ولاؤهم للْمولى أَيْضا وَذَلِكَ لِأَن الأولى عتقت بعد عتق الْبَاقِي وَلَا يكون لابنها وَلَاء حَتَّى يعْتق ابْنهَا قبل عتق الْأُخْرَى أَلا ترى أَنَّهَا لَو تركت مَالا سوى الْمُكَاتبَة أَخذ الْمولى مكاتبتها من ذَلِك وَأعْتق الْوَلَد وَكَانَ وَلَاء الْمكَاتب للْوَلَد قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الأول قبل الْعتْق هَل يعْتق قَالَ نعم وَيُؤَدِّي الْمكَاتب إِلَيْهِ مَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت الابْن هَل تستسعيه فِي شَيْء أَو تقضي عَلَيْهِ بالسعاية مَا دَامَ مكَاتبا قَالَ نعم أَقْْضِي عَلَيْهِ بِمَا على أمه من الْمُكَاتبَة يسْعَى فِيهِ نجوما أَو يكون فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة أمه قلت وَلم وَقد تركت مَالا قَالَ لِأَن مَا على الْمكَاتب إِنَّمَا(3/459)
هُوَ دين أَلا ترى أَنه لَو كَانَ على رجل دين إِلَى رجل قضيت على الْوَلَد بالسعاية فَإِذا خرج الدّين أَخذه الْمولى فَكَذَلِك الْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ نجم الْمكَاتب أَجله إِلَى سنة وَالْولد يحل عَلَيْهِ نجمه إِلَى شهر فَقضيت عَلَيْهِ بالسعاية فَحل عَلَيْهِ نجمه فعجز عَنهُ فَلم يؤده هَل يرد فِي الرّقّ قَالَ نعم يرد فِي الرّقّ قلت وَلم قَالَ لِأَن مَا على الْمكَاتب لَا يقدر عَلَيْهِ إِلَّا بعد حلّه أَلا ترى لَو أَن الْمُكَاتبَة تركت مَالا على رجل إِلَى سنة ثمَّ حل نجمه فَلم يؤده رد فِي الرّقّ وَكَذَلِكَ مَا على الْمكَاتب
قلت أَفَرَأَيْت إِذا رد فِي الرّقّ ثمَّ أدّى الْمكَاتب بعد ذَلِك وَخرج الدّين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ذَلِك كُله للْمولى وَولده الأول رَقِيق قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا رد فِي الرّقّ كَانَ عبدا وَكَانَ مَا ترك بعد ذَلِك من دين للْمولى وَكَانَ هُوَ رَقِيقا
- بَاب مُكَاتبَة الْأَب على نَفسه وَولده الصغار
-
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه وَولده الصغار بِأَلف دِرْهَم مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل النُّجُوم وَاحِدَة إِذا أَدَّاهَا عتقوا وَإِذا عجز ردوا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم أجزت هَذَا وَقد دخل(3/460)
وَلَده الصغار مَعَه فِي الْمُكَاتبَة من غير أَن يرْضوا بهَا وَلَا يعقلوها قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب عَلَيْهِم قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى من الْمُكَاتبَة قيمَة نَفسه هَل يعْتق قَالَ لَا يعْتق هُوَ وَلَا أحد من وَلَده حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة وَلَا يعتقون إِلَّا جَمِيعًا
قلت أَفَرَأَيْت إِن عجز الْأَب فَرد فِي الرّقّ هَل يرد مَعَه وَلَده قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أدْرك وَلَده فَقَالُوا نَحن نسعى فِي الْمُكَاتبَة قَالَ لَا يلْتَفت إِلَيْهِم لِأَن الْأَب حَيْثُ عجز فَرد فَهُوَ رد لَهُم
قلت وَكَذَلِكَ إِن أدركوا فعجز الْأَب بعد مَا أدركوا فَرد فِي الرّقّ أَيكُون هَذَا ردا لَهُم جَمِيعًا قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن قَالُوا بعد ذَلِك نَحن نسعى فِي الْمُكَاتبَة هَل يلْتَفت إِلَيْهِم قَالَ لَا
قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَ الْأَب وَلم يدع شَيْئا مَا حَال وَلَده قَالَ يسعون فِي الْمُكَاتبَة فان أَدّوا عتقوا وَإِن عجزوا ردوا رَقِيقا قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانُوا صغَارًا لَا يقدرُونَ على أَن يسعوا هَل يردون فِي الرّقّ قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانُوا صغَارًا(3/461)
يقدرُونَ على الْأَدَاء فسعى بَعضهم فِي جَمِيع الْمُكَاتبَة فأداها إِلَى الْمولى هَل يرجع على إخْوَته بِشَيْء قَالَ لَا قلت فَهَل يعتقون جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فَلم لَا يرجع عَلَيْهِم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أدّى عَن أَبِيه وَلم يؤد عَنْهُم قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى من الْمُكَاتبَة قدر قِيمَته هَل يعْتق قَالَ لَا حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَ بَعضهم هَل يرفع عَن نفسهم شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة على الْأَب وَلِأَنَّهُم لَا يعتقون إِلَّا بأدائها جَمِيعًا قلت وَكَذَلِكَ إِن مَاتُوا جَمِيعًا وَبَقِي وَاحِد كَانَ عَلَيْهِ جَمِيع الْمُكَاتبَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانُوا أَحيَاء وَقد مَاتَ الْأَب هَل يكون للسَّيِّد أَن يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب عَلَيْهِم أَلا ترى أَنه لَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيعًا وَهُوَ فِي هَذِه الْحَال بِمَنْزِلَة أَبِيه
قلت أَفَرَأَيْت أَن أحدهم إِذا أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة فأعتقوا جَمِيعًا ثمَّ أُصِيب للْمكَاتب مَال كثير مَا القَوْل فِي ذَلِك وَهل يرجع هَذَا الَّذِي(3/462)
أدّى الْمُكَاتبَة فِي مَال أَبِيه قَالَ لَا وَيكون ذَلِك بَينهم مِيرَاثا جَمِيعًا قلت وَلم لَا يرجع بِهِ فِي مَال أَبِيه قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت إِن أعتق الْمولى بَعضهم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ عتقه جَائِز قلت فَهَل يرفع عَن البَاقِينَ شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم يرفع عَنْهُم بِحِصَّة قيمَة هَذَا الْمُعْتق من الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد قد أعْتقهُ وَلَا يشبه الْعتْق فِي هَذَا الْمَوْت بِمَنْزِلَة مَا قد قبض
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت فيهم جَارِيَة فَوَطِئَهَا السَّيِّد فعلقت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ عقرهَا من السَّيِّد وَالْولد وَلَده وَهِي مُكَاتبَة على حَالهَا قلت أَرَأَيْت إِن قَالَت أَنا أعجز وأصير أم ولد أَيكُون ذَلِك لَهَا قَالَ لَا قلت وَلم وَقد ولدت من سَيِّدهَا قَالَ لِأَنَّهَا لَا تكون عاجزة مَا دَامَ شركاؤها يسعون أَلا ترى أَن بَعضهم أَدّوا عتقوا جَمِيعًا وعتقت مَعَهم فَلذَلِك لم يكن لَهَا الْخِيَار وَهَذَا بِمَنْزِلَة مكاتبتين كاتبهما رجل مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ وطئ إِحْدَاهمَا فعلقت فَلَا يكون لَهَا الْخِيَار وَكَذَلِكَ الْبَاب الأول(3/463)
قلت أَرَأَيْت إِذا عجزوا جَمِيعًا هَل تصير الَّتِي كَانَت ولدت أم ولد قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ الْأَب حَيا فَأدى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يرجع على وَلَده بِشَيْء قَالَ لَا
قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى بعض الْوَلَد جَمِيع الْمُكَاتبَة فِي حَيَاة أَبِيه هَل يرجع على أَبِيه بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ شَيْء تطوع بِهِ على أَبِيه وَلم يكن عَلَيْهِ شَيْء من الْمُكَاتبَة مَعَ أَبِيه وَإِنَّمَا كَاتب الْأَب عَنهُ
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ وَلَده كبارًا فكاتب على نَفسه وَلَده بِغَيْر رضاهم وَلَا علمهمْ فَأدى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعتقون جَمِيعًا قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد قد كَاتبه عَلَيْهِم جَمِيعًا
قلت أَرَأَيْت إِذا أدّى الْأَب الْمُكَاتبَة هَل يرجع على وَلَده بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد لم يرْضوا بالمكاتبة وَلم يكاتبوا على أنفسهم وَلم يدخلُوا مَعَ الْأَب فِيهَا
قلت أَفَرَأَيْت رجلا كَاتب مَمْلُوكا وَامْرَأَته مُكَاتبَة وَاحِدَة على أَنفسهمَا أولادهما وهم صغَار وَجعلا نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا ثمَّ إِن بعض الْوَلَد قَتله إِنْسَان خطأ لمن تكون قِيمَته قَالَ(3/464)
قِيمَته لَهما جَمِيعًا يستعينان فِي مكاتبتهما وَتَكون للسَّيِّد أَن يَأْخُذهَا ويحبسها من الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمولى لَيْسَ لَهُ على الْوَلَد سَبِيل أَلا ترى أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يستسعيه فِي شَيْء من الْمُكَاتبَة وَأَن حَقه على الْأَب وَالأُم
قلت فان كَانَ الْوَلَد قد غَابَ فَأَرَادَ الْمولى أَن يستسعيه بعد ذَلِك أَله ذَلِك قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب أَبَاهُ وَأمه وَهُوَ صَغِير وَإِنَّمَا الْحق على الْأَب وَالأُم مَا داما حيين لِأَنَّهُمَا اللَّذَان كَاتبا
قلت أَرَأَيْت إِذا كبر الْوَلَد فاكتسب مَالا هَل للْأَب على مَاله سَبِيل قَالَ لَا
قلت أَفَرَأَيْت إِذا مَاتَ بعض الْوَلَد فاكتسب مَالا يكون ذَلِك المَال لِلْأَبَوَيْنِ جَمِيعًا يُؤَدِّي فِيهِ الْمُكَاتبَة وَلَيْسَ للسَّيِّد مِنْهُ شَيْء قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة على الْأَبَوَيْنِ وَلَيْسَ على الْوَلَد مِنْهُ شَيْء
قلت أَفَرَأَيْت إِن أعتق السَّيِّد الْوَلَد هَل يرفع عَن الْأَبَوَيْنِ شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد قد دخلُوا(3/465)
مَعهَا فِي الْمُكَاتبَة قلت وَكم يرفع عَنْهُمَا قَالَ قدر حِصَّة الْوَلَد من الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت إِذا اكْتسب الْوَلَد مَالا هَل لِلْأَبَوَيْنِ أَن يأخذا المَال مِنْهُ قَالَ لَا قلت وَلم وَقد زعمت أَن كسب ولد الْمُكَاتبَة لَهَا قَالَ ليسَا بِسَوَاء لِأَن الْوَلَد إِذا ولد فِي الْمُكَاتبَة فَهُوَ بِمَنْزِلَة أمه وَإِذا كَانَ مَعهَا فِي الْمُكَاتبَة فَلَيْسَ لَهَا على كَسبه سَبِيل لِأَنَّهُ مكَاتب مَعهَا
قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَ الْأَب أَو الْأُم هَل يكون للْمولى على الْوَلَد سَبِيل فِي شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا مَا دَامَ أَحدهمَا حَيا إِلَّا أَن يموتا جَمِيعًا فَأَما إِذا مَاتَا جَمِيعًا كَانَ على الْوَلَد أَن يُؤَدِّي جَمِيع مَال الْمُكَاتبَة حَالَة وَإِلَّا رد فِي الرّقّ قلت وَلم قَالَ لِأَن جَمِيع الْمُكَاتبَة على الْبَاقِي مِنْهُمَا وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْمولى كَاتب الْأَبَوَيْنِ على الْأَوْلَاد وهم يَوْمئِذٍ كبار فَأَما إِذا كَانَ كاتبهما على أولادهما وهم صغَار فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا ولد فِي مكاتبتهما فِي السّعَايَة فِيمَا عَلَيْهِمَا من الْمُكَاتبَة على النُّجُوم إِذا مَاتَ الأبوان(3/466)
- بَاب مُكَاتبَة الْوَصِيّ رَقِيق الْيَتَامَى
-
قلت أَرَأَيْت وَصِيّا كَاتب عبدا ليتامى هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتبه الْوَصِيّ ثمَّ وهب لَهُ المَال بعد ذَلِك هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم وَقد أجزت الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن الْوَصِيّ لم يملك هَذَا المَال الَّذِي وهب وَلَا يهب مَا لَا يملك وَإِنَّمَا أجزت الْمُكَاتبَة لِأَنَّهَا عِنْدِي بِمَنْزِلَة البيع
قلت أَرَأَيْت إِذا أقرّ الْوَصِيّ أَنه قد قبض المَال من الْمُكَاتبَة هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم وَيعتق العَبْد
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ الْوَصِيّ قد كنت كاتبته وَأدّى إِلَى(3/467)
هَل يصدق وَيعتق بقوله ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم وَقد أجزته فِي الْبَاب الأول قَالَ لِأَن الْبَاب الأول قد كَاتبه بِبَيِّنَة فَأَما إِذا قَالَ قد كنت كاتبته وَأدّى إِلَى وَلم يقم بَيِّنَة فَلَيْسَ قَوْله ذَلِك بِشَيْء وَلَا يصدق
قلت أَفَرَأَيْت الْوَصِيّ إِذا كَاتب عبدا وَأمة لِلْيَتَامَى أهوَ سَوَاء قَالَ نعم قلت وَيجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت الْوَصِيّ إِذا كَاتب عبدا أَو أمة وكل الْوَصِيّ رجلا يقبض ذَلِك من الْمُكَاتبَة أَيجوزُ ذَلِك إِن قبض الْوَكِيل قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت إِن أدْرك الْيَتِيم بعد مَا كَاتبه الْوَصِيّ فَأبى الْيَتِيم أَن يُجِيز الْمُكَاتبَة وَالْمكَاتب على حَاله لم يؤد شَيْئا هَل لَهُ أَن يردهُ قَالَ لَا وَلَكِن الْمُكَاتبَة جَائِزَة ويستسعيه الْوَلَد
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب الْمُكَاتبَة إِلَى الْوَصِيّ بعد مَا أدْرك الْيَتِيم هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت فان نَهَاهُ الْيَتِيم أَن يَدْفَعهُ إِلَى الْوَصِيّ قَالَ وَإِن فَلَا يجوز أَن يدْفع إِلَى الْوَصِيّ بِمَنْزِلَة الْمَدْيُون فان كَانَ العَبْد فَأدى كَاتبه ثمَّ أدْرك الصَّبِي فَلَيْسَ لَهُ أَن يقبض(3/468)
قلت أَرَأَيْت إِن قَبضه الْيَتِيم بعد مَا يبلغ من الْمكَاتب هَل يجوز قَالَ نعم يجوز وَهُوَ بِمَنْزِلَة رجل أَمر جلا أَن يُكَاتب عَبده فكاتبه
قلت أَرَأَيْت إِن أدْرك الْيَتِيم فَعمد الْوَصِيّ فَدفع إِلَى الْيَتِيم مَاله وَبرئ إِلَيْهِ من الْوَصِيَّة ثمَّ قبض الْوَصِيّ بعد ذَلِك من الْمكَاتب مُكَاتبَته هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ القَاضِي قد أخرجه من الْوَصِيَّة إِلَى غَيره هَل للْوَصِيّ الأول الَّذِي كَاتب الْمكَاتب أَن يَأْخُذ شَيْئا قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَيْهِ شَيْئا هَل يبرأ مِنْهُ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بوصي وَلِأَن الْوَصِيّ غَيره قلت وَكَذَلِكَ إِن قبض دينا لمَيت لم يجز ذَلِك قَالَ نعم وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة غَيره
قلت أَرَأَيْت الْوَصِيّ إِذا كَاتب عبدا أَو أمة ثمَّ عجز الْمكَاتب فَرده الْوَصِيّ وَرَضي بذلك الْمكَاتب هَل يكون رده ردا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْوَصِيّ إِن كَاتب عَبْدَيْنِ لِلْيَتَامَى مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم وَيجوز(3/469)
مُكَاتبَة الْوَصِيّ فِي جَمِيع رَقِيق الْيَتَامَى فِيمَا يجوز مُكَاتبَة الرجل فِي رَقِيقه قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت الْمَيِّت إِذا كَانَ لَهُ وصيان فكاتب أَحدهمَا دون الآخر بِغَيْر إِذن صَاحبه هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَو بَاعَ أَحدهمَا مَمْلُوكا لِلْيَتَامَى أَو غير ذَلِك لم يجز فَكَذَلِك الْمُكَاتبَة لَا تجوز
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه بِإِذن صَاحبه أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَفِي قِيَاس قَول أبي يُوسُف مُكَاتبَة أَحدهمَا بِغَيْر إِذن صَاحبه جَائِزَة كَمَا يجوز بيع أَحدهمَا دون صَاحبه
قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتب أَحدهمَا مَمْلُوكا دون صَاحبه بِغَيْر أمره فَأدى إِلَيْهِ الْمَمْلُوك الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد قلت لم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة كَانَت بَاطِلَة(3/470)
قلت أَرَأَيْت الْوَصِيّ إِذا أعتق عبدا لِلْيَتَامَى هَل يجوز عتقه قَالَ لَا قلت فَكيف أجزت مُكَاتبَته وَلم تجز عتقه قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة بِمَنْزِلَة البيع فَلَا يجوز أَن يعْتق مَا لَا يملك
قلت أَرَأَيْت إِن بَاعه نَفسه بِأَلف هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت فَكيف لَا يجوز هَذَا وَتجوز الْمُكَاتبَة وَهَذَا بيع قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بمكاتبة وَلَا بيع هَذَا عتق وَلَا يجوز بِمَنْزِلَة قَوْله أَنْت حر على ألف دِرْهَم أَلا ترى أَنه لَو قَالَ لَهُ ذَلِك لم يجز فَكَذَلِك الْبَاب الأول
قلت أَرَأَيْت الرجل أوصى إِلَى رجل ورثته كبار لَيْسَ فيهم صغَار فكاتب الْوَصِيّ رقيقهم هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ لَا قلت فَلم أجزته إِذا كَانُوا صغَارًا قَالَ لأَنهم إِذا كَانُوا صغَارًا كَانَ لَهُ أَن يُكَاتب رقيقهم وَإِنَّمَا استحسنا إِذا كَانُوا صغَارًا
قلت فان كَانَ الْوَرَثَة كبارًا غيبا أهوَ سَوَاء قَالَ نعم لَيْسَ للْوَصِيّ أَن يُكَاتب إِذا كَانَ الْوَرَثَة كبارًا غيبا كَانَ الْوَرَثَة أم شُهُودًا قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانُوا صغَارًا فكاتب بعد مَا أدركوا قَالَ نعم قلت وَلم استحسنت ذَلِك قَالَ لِأَن الْوَرَثَة إِذا كاتبوه جَازَ ذَلِك فَأَما إِذا كَانُوا صغَارًا فمكاتبة الْوَصِيّ جَائِزَة
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ بعض الْوَرَثَة صغَارًا وبقيتهم كبارًا(3/471)
فكاتب الْوَصِيّ رَقِيقا من رقيقهم فَأبى الْكِبَار أَن يجيزوا ألهم ذَلِك قَالَ نعم وَلَا يجوز الْمُكَاتبَة قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ عَلَيْهِ دين وَله وَصِيّ فكاتب الْوَصِيّ بعض الرَّقِيق هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَإِن كَانَ الدّين لَا يُحِيط بِمَالِه قَالَ وَإِن
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ للْمَيت مَال كثير وَله عبد وَعَلِيهِ دين وَمَاله أَكثر من دينه وَهُوَ فِي يَد الْوَصِيّ فكاتب الْوَصِيّ العَبْد ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء فأرادوا رد الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ دينهم من المَال وَتجوز الْمُكَاتبَة فِي هَذَا الْوَجْه قلت وَلم أجزتها قَالَ لِأَن فِي المَال وَفَاء وَلَيْسَ على العَبْد سَبِيل للْغُرَمَاء
قلت أَرَأَيْت إِن هلك المَال فِي يَد الْوَصِيّ قبل أَن يقبضهُ الْغُرَمَاء قَالَ الْمُكَاتبَة مَرْدُودَة وَيُبَاع العَبْد لغرماء قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ للْوَصِيّ أَن يتْلف مَال الْغُرَمَاء وَإِنَّمَا العَبْد فِي هَذَا الْوَجْه للْغُرَمَاء
قلت أَرَأَيْت الْوَصِيّ إِذا كَاتب عبدا للْوَرَثَة وهم غيب وهم كبار كلهم وَقد كَانَ أوصى إِلَيْهِ وَالْوَرَثَة كلهم كبار فقدموا فَأَبَوا أَن يجيزوا الْمُكَاتبَة ألهم أَن يردوها قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ للْوَصِيّ أَن يُكَاتب إِذا كَانَ الْوَرَثَة كبارًا وَلَا إِذا كَانَ على الْمَيِّت دين وَلَا إِذا كَانَ الْمَيِّت أوصى بِثلث مَاله لِأَنَّهُ قد وَقع للْمُوصي لَهُ بعض الرَّقِيق(3/472)
قلت أَرَأَيْت الْوَصِيّ فِي أَي شَيْء يجوز مُكَاتبَته وَفِي أَي شَيْء لَا تجوز قَالَ إِذا كَانَ الْوَرَثَة صغَارًا وَلم يوص بِشَيْء من الرَّقِيق وَلم يكن عَلَيْهِ دين فمكاتبة الْوَصِيّ جَائِزَة وَأما إِذا كَانُوا كبارًا فَكَانَ عَلَيْهِ دين أَو أوصى بِثلث مَاله فَلَا يجوز مُكَاتبَته(3/473)
قلت أَرَأَيْت الْوَصِيّ إِذا كَاتب عبدا لِلْيَتَامَى أَو جَارِيَة فمكاتبته جَائِزَة بِمَنْزِلَة الرجل إِذا كَاتب عبد نَفسه فِي جَمِيع مَا يجوز على الْمكَاتب وَله قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا عجز الْمكَاتب الَّذِي قد كَاتبه الْوَصِيّ ورده الْوَصِيّ فِي حَيَاته هَل يجوز رده قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب العَبْد ثمَّ إِن الْوَصِيّ مَاتَ وَأوصى إِلَى غَيره أَيكُون وَصِيّ الْمَيِّت بِمَنْزِلَة الْوَصِيّ الأول قَالَ نعم
قلت فَهَل لوصي الْوَصِيّ ان يُكَاتب كَمَا يُكَاتب وَصِيّ الْمَيِّت قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت أَن يُكَاتب عبدا للْيَتِيم أَو جَارِيَة ثمَّ كبر(3/474)
الْيَتِيم فعجز الْمُكَاتبَة فَرده فِي الرّقّ وَلَيْسَ لَهُ وَارِث غَيره يرضى الْمكَاتب قَالَ رده جَائِز
قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت فأوصى بِثلث مَاله وَترك عبيدا لم يتْرك غَيرهم وَترك يتامى صغَارًا لَا مَال لَهُم غير العبيد فكاتب الْوَصِيّ بعض الرَّقِيق فَأدى إِلَيْهِ جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعْتق حِصَّة الْوَرَثَة من العبيد قَالَ نعم قلت فَمَا حَال العَبْد وَمَا حَال الْوَصِيّ قَالَ يَأْخُذ الْمُوصي لَهُ من الْمُكَاتبَة حِصَّته ويستسعى العَبْد فِي حِصَّته مِنْهُ
قلت أَرَأَيْت لَو قَالَ الْمُوصي لَهُ إِنَّمَا أضمن الْوَرَثَة حصتي من العَبْد فِي أَمْوَالهم أَيكُون ذَلِك لَهُ قَالَ لَا إِلَّا أَن يكون للْوَرَثَة من المَال مَا يضمنهم فِيهِ الْمُوصي لَهُ فان كَانُوا مياسير كَانَ لَهُ أَن يضمنهم إِن شَاءَ وَلَيْسَ لَهُ أَن يضمن الْوَصِيّ قلت وَيسْعَى العَبْد قَالَ نعم
- بَاب مُكَاتبَة الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة
-
قلت أَرَأَيْت العَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا كَانَ كَاتب عبدا من عبيده أَو أمة من إمائه هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ لَا قلت وَلم وَقد قلت إِن للْمكَاتب أَن يُكَاتب قَالَ لَيْسَ الْمكَاتب بِمَنْزِلَة الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة أَلا ترى أَن الْمكَاتب لَيْسَ لأحد على مَاله سَبِيل وَإِنَّمَا(3/475)
استحسنا فِي الْمكَاتب اسْتِحْسَانًا أَلا ترى أَنا نجيز مُكَاتبَة الْوَصِيّ وَهُوَ لَا يملك مَا يُكَاتب ونجيز مُكَاتبَة الرجل على ابْنه إِذا كَانَ صَغِيرا
قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة لعَبْدِهِ أَنْت حر على ألف دِرْهَم قَالَ نعم هَذَا أَيْضا لَا يجوز
قلت أَرَأَيْت الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين أَو لم يكن أسواء هُوَ قَالَ نعم هُوَ سَوَاء لَا يجوز مُكَاتبَته قلت وَإِن كَاتبه فَأدى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا يعْتق وَلَا يجوز مُكَاتبَته
- بَاب مُكَاتبَة الْأمة الْحَامِل
-
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ حَامِلا هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَيكون وَلَدهَا بمنزلتها قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِذا ولدت أَيكُون للْمولى على الْوَلَد سَبِيل فِي شَيْء من الْمُكَاتبَة وَله أَن يَأْخُذهُ بهَا قَالَ لَا وَلَهُمَا الْمُكَاتبَة على الْأُم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمة لَهُ حَامِلا على نَفسهَا وعَلى مَا فِي بَطنهَا من الْوَلَد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة جَائِزَة قلت أَفَرَأَيْت إِن أدَّت جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل تعْتق قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِذا ولدت بعد ذَلِك ثمَّ أدَّت بعد مَا ولدت هَل تعْتق هِيَ وَوَلدهَا(3/476)
قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن وَلَدهَا مِنْهَا
قلت أَفَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ حَامِلا وَاسْتثنى مَا فِي بَطنهَا أتجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب مَا فِي بَطنهَا فَلَا يجوز
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمة وَهِي حَامِل فَولدت ثمَّ إِن الْأُم مَاتَت مَا حَال وَلَدهَا قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِي جَمِيع الْمُكَاتبَة وَلَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة قلت وَيسْعَى على نُجُوم أمه قَالَ نعم فان أدّى عتق وَإِن عجز رد
قلت أَفَرَأَيْت إِذا ولدت الْمُكَاتبَة ولدا ثمَّ هَلَكت وَعَلَيْهَا دين وَعَلَيْهَا بَقِيَّة من مكاتبتها مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يلْزم الْوَلَد الدّين وَالْمُكَاتبَة فيسعى فيهمَا جَمِيعًا وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة أمه قلت وَلم(3/477)
قَالَ لِأَنَّهُ مَال لَهَا وَمِنْهَا وَلَا تعْتق حَتَّى يُؤَدِّي مَا عَلَيْهَا
قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى الْوَلَد الْمُكَاتبَة قبل أَن يُؤَدِّي الدّين هَل يعْتق قَالَ نعم وَيرجع الْغُرَمَاء على الْوَلَد بِالدّينِ يسْعَى فِيهِ وَهَذَا اسْتِحْسَان قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد أدّى الْمُكَاتبَة ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء هَل يَأْخُذُونَ من الْمولى مَا أَخذ مِنْهُ قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن عجز عَن الْمُكَاتبَة أيرده القَاضِي فِي الرّقّ قَالَ نعم قلت وَإِذا رد فِي الرّقّ أيباع للْغُرَمَاء قَالَ نعم قلت وَلَا يتبعُون الْمولى بِمَا أَخذ وَسلم ذَلِك كُله للْمولى لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ بِمَنْزِلَة غَرِيم من الْغُرَمَاء أَلا ترى أَن الْمكَاتب يقْضِي غرماءه بَعضهم دون بعض وَعجز بعد ذَلِك أَو لم يعجز وَيتم مَا صنع من ذَلِك فَكَذَلِك الْمولى
قلت أَرَأَيْت إِن قتل الْوَلَد بعد موت الْأُم قبل أَن يعجز وعَلى أمه دين من مكاتبتها مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤْخَذ من الْقَاتِل قِيمَته إِذا كَانَ الْقَاتِل خاطئا وَذَلِكَ على الْعَاقِلَة فَيَقْضِي مِنْهُ الدّين الَّذِي كَانَ على أمه وَإِن فضل مِنْهُ شَيْء أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة وَعتق الْوَلَد وَأمه فان بَقِي شَيْء بعد ذَلِك كَانَ لوَرَثَة الابْن فان لم يكن لَهُ وَارِث غير الْمولى فَهُوَ للْمولى قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ لَهُ أَخ من أَبِيه هَل يَرِثهُ من ذَلِك المَال شَيْئا أَو يكون لوَرَثَة أمه قَالَ يكون مَا بَقِي(3/478)
لوَرَثَة الابْن
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته فَولدت ولدا فِي مكاتبتها أَو كاتبها وَهِي حَامِل فَولدت أهوَ سَوَاء قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أعتق الْمولى وَلَدهَا هَل يعْتق قَالَ نعم قلت فَهَل يرفع عَنْهَا من الْمُكَاتبَة شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة على الْأُم دون الابْن وَلِأَن الْوَلَد لم يكن مَعَ الْأُم فِي الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته وَهِي حَامِل فَولدت ابْنا ثمَّ إِن الْأُم مَاتَت وَعَلَيْهَا دين كثير وَقد تركت مَالا وَفَاء بِالدّينِ سَوَاء وَلَيْسَ فِيهِ فضل عَن الدّين قَبضه الْمولى ذَلِك المَال من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق الْوَلَد وَالأُم جَمِيعًا قَالَ نعم إِذا أدّى إِلَيْهِ الْوَلَد وَيرجع بذلك المَال الْغُرَمَاء على الْمولى وهم أَحَق بِهِ من الْمولى قلت وَيرجع الْمولى بِمثل ذَلِك على الابْن قَالَ نعم قلت وَإِن كَانَ الابْن لم يؤده قَالَ لم يعْتق لِأَنَّهُ مَال للْغُرَمَاء قلت فَمَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَجِيء الْغُرَمَاء فَيَأْخُذُونَ ذَلِك المَال فيسعى الْوَلَد فِي الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ القَاضِي دفع ذَلِك المَال إِلَى الْمولى وَلَا يعلم أَن عَلَيْهِ دينا يطْلب من الْوَلَد أهوَ بِمَنْزِلَة بَاب الأول(3/479)
قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْمُكَاتبَة وَبَقِي وَلَدهَا وَعَلَيْهَا دين كثير وَلم تدع شَيْئا وَالدّين يُحِيط بِقِيمَة الْوَلَد فَعمد الْمولى فَأعتق الْوَلَد أيجزي عتقه قَالَ نعم وَيسْعَى الْوَلَد فِي الدّين لأَصْحَاب الدّين قلت فَكيف أجزت عتقه وعَلى أمه دين وَإِنَّمَا هُوَ مَال الْغُرَمَاء قَالَ لِأَن الْغُرَمَاء فِي هَذِه الْحَال إِنَّمَا لَهُم أَن يستسعوه وَلَا يُبَاع مَا لم يعجز قلت وَلم يفْسد عَلَيْهِم شَيْئا قَالَ لَا أَلا ترى لَو أَن رجلا كَاتب عبدا لَهُ فاستدان قبل عتقه جَازَ عتقه وَكَانَ ذَلِك الدّين على العَبْد
قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته فَولدت ولدا فِي مكاتبتها أَو كَانَت حُبْلَى حَيْثُ كاتبها ثمَّ ولدت وَكَانَ السَّيِّد أعتق نصف الْمُكَاتبَة قبل أَن تَلد هَل يعْتق من الْوَلَد شَيْء قَالَ نعم يعْتق مِنْهُ مثل مَا يعْتق من أمه قلت فَمَا حَال الْأُم إِذا أعتق نصفهَا قَالَ إِن شَاءَت سعت فِي نصف مكاتبتها وَمَضَت عَلَيْهَا وَإِن شَاءَت عجزت وسعت فِي نصف قيمتهَا فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة(3/480)
قلت أَفَرَأَيْت إِن قَالَت أَنا أسعى فِي نصف قيمتي وأعجز عَن الْمُكَاتبَة أَيكُون ذَلِك لَهَا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم بعد ذَلِك مَا حَال الْوَلَد قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِيمَا على أمه
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ نصف قيمَة الْوَلَد أَكثر من نصف قيمَة الْأُم فِي كم يسْعَى الْوَلَد قَالَ يسْعَى فِي نصف قيمَة الْأُم وَلَا يسْعَى فِي شَيْء من قِيمَته قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يسْعَى فِيمَا على أمه
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم وَعَلِيهِ دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِي جَمِيع مَا كَانَ على أمه من الدّين وَنصف قيمتهَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الابْن لَا يعْتق حَتَّى يسْعَى فِيمَا على أمه من نصف قيمتهَا قلت أَرَأَيْت إِن أَذَى إِلَى الْمولى دون الْغُرَمَاء هَل يعْتق قَالَ نعم وَيكون مَا أدّى للْمولى ثمَّ يُؤَدِّي بعد إِلَى الْغُرَمَاء
قلت أَرَأَيْت إِن أعتق الْمولى الْوَلَد هَل يجوز عتقه قَالَ نعم وَيكون الدّين عَلَيْهِ وَلَا يبطل الدّين(3/481)
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَلَد جَارِيَة فَوَطِئَهَا الْمولى فعلقت ثمَّ مَاتَ الْمولى هَل تسْعَى لوَرثَته فِي شَيْء قَالَ لَا وَلَكِن تعْتق وَيكون الدّين الَّذِي كَانَ على أمهَا عَلَيْهَا قلت وَلم لَا تسْعَى فِي مَا كَانَ على أمهَا قبل ذَلِك من الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَنَّهَا قد ولدت من سَيِّدهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أعتق نصف مُكَاتبَته فَهِيَ حرَّة كلهَا فان كَانَ لَهَا ولد وَلدته فِي مكاتبتها فَهُوَ حر مَعهَا وَلَا شَيْء عَلَيْهِمَا من الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته وَهِي حُبْلَى فَولدت فِي كتَابَتهَا فعجزت الْأُم فَردَّتْ فِي الرّقّ هَل يرد وَلَدهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ الْوَلَد أَنا أسعى فِي الْمُكَاتبَة هَل لَهُ ذَلِك قَالَ لَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَعجز أمه عَجزه
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل أمته ثمَّ ولدت فِي كتَابَتهَا فَعمد رجل فَقطع يَد الْوَلَد لمن يكون لَهُ أرش قَالَ لأمه قلت كَبِيرا كَانَ الْوَلَد أَو صَغِيرا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ مَا اكْتسب الْوَلَد(3/482)
كَانَ للْأُم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْوَلَد إِن أَبى أَن يَدْفَعهُ إِلَيْهَا هَل يقْضِي القَاضِي بِهِ للْأُم قَالَ نعم قلت كَبِيرا كَانَ الْوَلَد أَو صَغِيرا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن عتقت الْأُم وَفِي يَد الْوَلَد مَال قد اكْتَسبهُ فِي الْمُكَاتبَة لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ للْأُم دون الْوَلَد قلت وَلم قَالَ لِأَن كل شَيْء كَانَ فِي يَدَيْهِ قبل الْعتْق فَهُوَ للْأُم لِأَنَّهُ مَالهَا أَلا ترى أَنه كَانَ لَهَا أَن تَأْخُذ قبل الْعتْق
قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ جرح جِرَاحَة فَلم يَأْخُذ أَرْشهَا حَتَّى أدَّت الْمُكَاتبَة كَانَ أرش ذَلِك الْجرْح للْأُم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد من تِلْكَ الْجراحَة بعد أَدَاء الْمُكَاتبَة وَبعد عتقه مَا القَوْل فِي ذَلِك والجراحة خطأ قَالَ على الْجَارِح قِيمَته للْأُم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْجراحَة كَانَت وَهُوَ مكَاتب فَمَا كَانَ من ذَلِك فَهُوَ للْأُم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد وَترك مَالا كثيرا وَله وَرَثَة أَحْرَار ثمَّ مَاتَت الْأُم قبل أَن تَأْخُذ من ذَلِك من المَال شَيْئا وَلم تتْرك شَيْئا قَالَ ذَلِك المَال مَالهَا وَيَأْخُذ السَّيِّد مِنْهُ بَقِيَّة الْمُكَاتبَة وَمَا بَقِي لورثتها دون وَرَثَة الابْن قلت وَلم قَالَ لِأَن المَال كَانَ مَالهَا قبل أَن تَمُوت لِأَنَّهُ قد اكْتَسبهُ قبل الْعتْق
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل أمة فَولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ(3/483)
اشْترى الْوَلَد وَبَاعَ هَل جوز شَيْء من ذَلِك عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت لم وَقد زعمت أَن مَاله لأمه قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمه وَلَيْسَ بمملوك لَهَا قلت أَرَأَيْت إِن اسْتَدَانَ الْوَلَد ثمَّ مَاتَت الْأُم هَل يسْعَى الْوَلَد فِيمَا على أمه من الْمُكَاتبَة وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِرَقَبَتِهِ قَالَ نعم يسْعَى فِي الْمُكَاتبَة فَإِن أَدَّاهَا فَهُوَ حر وَإِن عجز فَهُوَ رَقِيق
قلت أَرَأَيْت إِذا أَدَّاهَا لغرمائه على شَيْء من ذَلِك سَبِيل قَالَ لَا لَكِن الدّين عَلَيْهِ على حَاله قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا أدّى عتق
قلت أَرَأَيْت إِن عجز عَن الْمُكَاتبَة أيرد فِي الرّقّ قَالَ نعم قلت وَيُبَاع لغرمائه وَيُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَت الْمُكَاتبَة وَعَلَيْهَا دين كثير وَتركت وَلَدهَا وعَلى الْوَلَد دين فاكتسب مَالا من أَحَق بِهِ قَالَ يُؤَدِّي الدّين الَّذِي عَلَيْهِ وعَلى أمه وَعَلِيهِ أَن يسْعَى فِي الْمُكَاتبَة قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد بعد موت أمه وَعَلِيهِ دين وَقد كَانَ على أمه دين وَترك مَالا بِأَيِّهِمَا يبْدَأ قَالَ يبْدَأ بِدِينِهِ فَيُؤَدِّي فان فضل شَيْء كَانَ فِي دين أمه قلت وَلم وَقد زعمت أَن كَسبه لأمه قَالَ أَلا ترى أَنه لَو كَانَ للمكاتبة عبد فَأَذنت لَهُ فِي التِّجَارَة فاستدان دينا ثمَّ مَاتَت وَعَلَيْهَا(3/484)
دين كَانَ غُرَمَاء نَفسه أَحَق بِرَقَبَتِهِ حَتَّى يستوفوا دينهم فَكَذَلِك الْوَلَد
قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته وَهِي حُبْلَى فَولدت فِي مكاتبتها ثمَّ وطئ السَّيِّد الْمُكَاتبَة فَولدت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها مَضَت وَتَأْخُذ عقرهَا من سَيِّدهَا وَإِذا أدَّت عتقت وَعتق وَلَدهَا وَإِن عجزت ردَّتْ ورد وَلَدهَا وَتصير أم وَلَده قلت فَمَا حَال وَلَدهَا الَّذِي كَانَ وَلدته قبل ذَلِك قَالَ رَقِيق للسَّيِّد قلت فَلم قَالَ لِأَنَّهَا علقت من سَيِّدهَا بعد مَا ولدت ذَلِك الْوَلَد قلت فان كَاتب وَلَدهَا بعد ذَلِك الَّذِي من غير سَيِّدهَا ثمَّ عجز أَيكُون عبدا قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد إِنَّمَا وطئ الْوَلَد وَهِي جَارِيَة فَولدت مِنْهُ ولدا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ على حَالهَا وَالْولد ولد السَّيِّد وَتَأْخُذ الْجدّة الْعقر(3/485)
من السَّيِّد فَيكون الْعقر لَهَا دون الْأُم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة مَا اكْتسب الْوَلَد قلت وَكَذَلِكَ لَو ولد لولدها ولد كَانَ مَا اكْتسب ولد وَلَدهَا لَهَا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ مَا جنى على ولد وَلَدهَا أَو قتل كَانَ أرش ذَلِك لَهَا قَالَ نعم قلت وَولد وَلَدهَا بِمَنْزِلَة وَلَدهَا فِي جَمِيع ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته وَهِي حَامِل فَولدت أَو حبلت فِي مكاتبتها وَولدت ثمَّ إِن السَّيِّد دبر الْأُم ثمَّ عجزت مَا حَال الْوَلَد قَالَ الْوَلَد مَمْلُوك غير مُدبر قلت وَلم وَقد دبر أمه وَقد زعمت أَن الْأُم إِذا أعْتقهَا السَّيِّد عتق وَلَدهَا قَالَ لِأَن التَّدْبِير لَا يشبه الْعتْق لِأَن الْعتْق بِمَنْزِلَة أَدَاء الْمُكَاتبَة وَالتَّدْبِير بعد الْولادَة فان عجزت فقد انتقضت الْكِتَابَة فَكَأَن الْأُم لم تكاتب وَكَأَنَّهَا دبرت بعد مَا ولدت بِغَيْر كِتَابَة قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمة لَهُ فَولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ إِنَّهَا مَاتَت ثمَّ اسْتَدَانَ الْوَلَد دينا بعد موت أمه ثمَّ عجز الْوَلَد عَن الْمُكَاتبَة فَرد فِي الرّقّ هَل يكون ذَلِك الدّين فِي رقبته قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته فَولدت بِنْتا فاستدانت الِابْنَة دينا ثمَّ إِن الِابْنَة ولدت ولدا فاستدان وَلَدهَا دينا أَيْضا ثمَّ(3/486)
مَاتَت الْمُكَاتبَة وَعَلَيْهَا دين مَا لقَوْل فِي ذَلِك وَلم تتْرك شَيْئا قَالَ يستسعى الْولدَان جَمِيعًا فِي دين الْمُكَاتبَة وَفِي الْمُكَاتبَة وَيكون دين كل وَاحِد مِنْهُمَا عَلَيْهِ خَاصَّة
قلت أَرَأَيْت إِن عَجزا وردا فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يباعان فِي دين أَنفسهمَا دون أمهما حَتَّى يَسْتَوْفِي الْغُرَمَاء فان فضل شَيْء لَكَانَ لغرماء الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن مَا فِي رقابهما أَحَق أَن يبْدَأ بِهِ مِمَّا فِي رَقَبَة أمهما
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ لَيْسَ عَلَيْهِمَا دين وَقد مَاتَت الْمُكَاتبَة واستسعى الْوُسْطَى فِي الْمُكَاتبَة كلهَا هَل يرجع على وَلَدهَا بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو استسعى الْوَلَد الْأَسْفَل لم يرجع على أمه بِشَيْء قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُمَا إِنَّمَا أديا عَن الْمُكَاتبَة وَلم يؤديا عَن أَنفسهمَا فَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه شَيْء
قلت أَرَأَيْت إِن عجز أَحدهمَا هَل يرد فِي الرّقّ قَالَ لَا حَتَّى يعجزا جَمِيعًا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَة ولد الْمُكَاتبَة الَّذِي وَلدته أَلا ترى أَنه إِذا كَانَ ولدان لصلبها لم يعجز أَحدهمَا دون الآخر قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ أَحدهمَا بعد موت الْأُم أَيكُون جَمِيع الْمُكَاتبَة على الْبَاقِيَة قَالَ نعم وَلَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء جَمِيعهَا قلت وَلَا يرفع(3/487)
عَنْهَا شَيْء من الْمُكَاتبَة بِمَوْت الَّذِي مَاتَ قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ فَولدت ولدا وَكَانَت حَامِلا فَولدت فَكبر وَلَدهَا وارتد وَلحق بدار الشّرك ثمَّ أدَّت الْمُكَاتبَة مكاتبتها هَل يعْتق ولد الْمُكَاتبَة الَّذِي كَانَ فِي دَار الشّرك مَعهَا قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمه قلت أَرَأَيْت إِن سبي قبل أَن يعْتق فاستتيب فَتَابَ هَل يرد إِلَى موَالِيه قَالَ نعم وَلَا يكون فَيْئا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مكَاتب
قلت أَرَأَيْت الرجل إِن كَانَ وَلَدهَا ابْنة فاستتيبت فَأَبت هَل تصير فَيْئا قَالَ لَا قلت فَمَا حَالهَا قَالَ تحبس تتوب أَو تَمُوت
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْمُكَاتبَة وَلم تدع شَيْئا مَا حَالهَا وَهل لولدها أَن يستسعيها فِي الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت ويخرجها القَاضِي حَتَّى تسْعَى لسَيِّدهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب الْأمة فَولدت ولدا فَكبر وَلَدهَا(3/488)
ثمَّ ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فاكتسب الْوَلَد مَالا ثمَّ أَخذه السُّلْطَان فَعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فَأبى فَقتله مَا حَال المَال قَالَ المَال للمكاتبة قلت وَلم لَا يكون لبيت المَال قَالَ لِأَنَّهُ مَال الْمكَاتب أَلا ترى لَو أَن عبدا لرجل ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فاكتسب مَالا كَانَ ذَلِك المَال للْمولى وَكَذَلِكَ ولد الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِذا قتل الْوَلَد الْأُم مَا تَقول فِي ذَلِك قَالَ قَتله إِيَّاهَا بِمَنْزِلَة مَوتهَا وَيسْعَى فِي الْمُكَاتبَة وَلَا يكون عَلَيْهِ شَيْء من جِنَايَته قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد مِنْهَا فَهُوَ بمنزلتها قلت وَكَذَلِكَ إِن قتلت الْأُم الابْن قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته وَهِي حَامِل فَولدت ثمَّ إِن الْوَلَد جنى جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْجِنَايَة عَلَيْهِ وَفِي رقبته فان كَانَت الْجِنَايَة أقل من رقبته سعى فِي الْجِنَايَة وَإِن كَانَت الْقيمَة أقل سعى فِي الْقيمَة قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم بعد ذَلِك وَلم تتْرك شَيْئا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِي الْمُكَاتبَة الَّتِي على أمه وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ فِي رقبته قلت أَرَأَيْت إِذا جنت الْأُم جِنَايَة ثمَّ مَاتَت قبل أَن يقْضِي عَلَيْهَا بِشَيْء وَبَقِي وَلَدهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى قيمَة الْأُم وَإِلَى الْجِنَايَة فَيكون على الْوَلَد الْأَقَل من ذَلِك يسْعَى فِيهِ وَيسْعَى فِي(3/489)
الْمُكَاتبَة فان عجز الْوَلَد قبل قَضَاء القَاضِي بطلت جِنَايَة الْأُم عَن وَلَدهَا
- بَاب مُكَاتبَة الرجلَيْن جَمِيعًا
-
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ كاتباه جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعلا النُّجُوم وَاحِدَة هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ(3/490)
إِن كَانَا عَبْدَيْنِ بَينهمَا قَالَ لَا يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا مكَاتبا بَينهمَا على حِدة بِحِصَّتِهِ بِقدر قِيمَته من الْمُكَاتبَة فان أدّى أَحدهمَا حِصَّته من الْمُكَاتبَة إِلَيْهِمَا جَمِيعًا عتق وَلَا يكون ضَامِنا عَن الآخر لِأَن الآخر نصفه لهَذَا(3/491)
وَنصفه لهَذَا وَهَذَا العَبْد نِصْفَيْنِ بَينهمَا وَلَا يضمن أَحدهمَا عَن عبد صَاحبه وَلَا يجوز وَلَكِن كل وَاحِد مِنْهُمَا مكَاتب على حِدة بَينهمَا لَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء حِصَّته إِلَيْهِمَا جَمِيعًا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الرّجلَانِ عبدا بَينهمَا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعلا نجومه وَاحِدَة إِن أدّى عتق وَإِن عجز رد رَقِيقا فَأدى جَمِيع الْمُكَاتبَة إِلَيْهِمَا هَل يعْتق وَيكون الْوَلَاء بَينهمَا قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى إِلَى أَحدهمَا حِصَّته من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق نصِيبه مِنْهُ قَالَ لَا(3/492)
قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة وَلَا يعْتق إِلَّا بِأَدَائِهِ جَمِيعًا إِلَيْهِمَا
قلت أَرَأَيْت إِن أعْتقهُ أَحدهمَا بعد الْمُكَاتبَة هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت من أَيْن اخْتلف هَذَا وَالَّذِي أدّى حِصَّته من الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن هَذَا عتق وَقبض نصِيبه من الْمُكَاتبَة لَيْسَ بِعِتْق أَلا ترى أَنه لَا يعْتق حَتَّى يقبضا جَمِيعًا الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت إِن وهب لَهُ أَحدهمَا جَمِيع حِصَّته من الْمُكَاتبَة وأبرأه وَتركهَا لَهُ هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَيكون فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة قَوْله أَنْت حر قَالَ نعم قلت وَلَا يكون بِمَنْزِلَة أَدَائِهِ إِلَيْهِ نصِيبه من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى إِلَى أَحدهمَا نصِيبه من الْمُكَاتبَة بِإِذن شَرِيكه هَل يعْتق قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن إِذْنه وَغير إِذْنه هَاهُنَا سَوَاء قلت أَفَرَأَيْت إِذا عجز بعد مَا أَخذ أَحدهمَا نصِيبه بِإِذن شَرِيكه أَيكُون مَا أَخذ بَينهمَا نِصْفَانِ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كاتباه جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا أعْتقهُ أَو وهب لَهُ حِصَّته من الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن شَاءَ الْمكَاتب عجز فان عجز نظر فان كَانَ الْمُعْتق مِنْهُمَا مُوسِرًا يَوْم أعتق فشريكه(3/493)
بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فِي نصف قِيمَته وَإِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ العَبْد مضى على مُكَاتبَته فان عجز فَأعْتقهُ السَّيِّد أَو استسعى فَالْولَاء بَينهمَا وَإِن ضمن شَرِيكه فَالْولَاء لشَرِيكه وَيرجع الشَّرِيك بِالضَّمَانِ على العَبْد بِمَا ضمن لشَرِيكه قَالَ فان كَانَ الْمُعْتق مُوسِرًا فان شَاءَ الشَّرِيك أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف فان كَانَ الْمُعْتق مُوسِرًا فَهُوَ ضَامِن لشَرِيكه نصف قيمَة العَبْد وَالْعَبْد حر لَا سَبِيل عَلَيْهِ وَأما فِي قَول مُحَمَّد فَالْعَبْد حر لَا سَبِيل عَلَيْهِ وَيضمن الْمولى الْمُعْتق إِن كَانَ مُوسِرًا الْأَقَل من نصف الْقيمَة وَمن نصف مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة وَهُوَ حر فِي جَمِيع أمره
قلت أَرَأَيْت العَبْد إِذا كَانَ بَين الرجلَيْن فكاتباه جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا أعتق نصِيبه ثمَّ إِن العَبْد مَاتَ وَترك مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ الْمولى الَّذِي لم يعْتق مِمَّا ترك نصف الْمُكَاتبَة وَمَا بَقِي فلورثته إِن كَانَ لَهُ وَرَثَة أَحْرَار وَإِن لم يكن لَهُ وَرَثَة كَانَ مَا بَقِي لَهما
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ كَاتب أَحدهمَا حِصَّته بِغَيْر إِذن شَرِيكه أَيكُون للشَّرِيك أَن يرد الْمُكَاتبَة قَالَ نعم وَلَا تجوز مُكَاتبَته(3/494)
إِلَّا بِإِذن شَرِيكه قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَن يُكَاتب إِلَّا بِإِذن شَرِيكه لِأَنَّهُ يمْنَع شَرِيكه من البيع قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِإِذن شَرِيكه أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم قلت فَهَل يكون للشَّرِيك أَن يَبِيع نصِيبه قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن نصيب شَرِيكه مكَاتب قلت فَهَل لَهُ أَن يُكَاتب بعد ذَلِك قَالَ نعم قلت فان لم يَأْذَن لَهُ الشَّرِيك فِي ذَلِك أَيكُون ذَلِك لَهُ وَيكون لَهُ أَن يُكَاتب إِن شَاءَ شَرِيكه وَإِن أَبى قَالَ نعم قلت لم وَقد زعمت أَنه لَيْسَ للْوَاحِد مِنْهُمَا أَن يُكَاتب إِلَّا بِإِذن شَرِيكه قَالَ لِأَن الأول قد كَاتبه فَكَذَلِك يكون للْآخر أَن يُكَاتب وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِإِذن شَرِيكه فَهُوَ مكَاتب كُله لَهما جَمِيعًا بَينهمَا نِصْفَيْنِ بِمَا كَاتبه عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا جَمِيعًا وَيعتق كَأَنَّهُمَا كاتباه جَمِيعًا على ذَلِك
قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتب أَحدهمَا بِدُونِ شَرِيكه وَأخذ مَا كَاتبه عَلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة قَالَ يَأْخُذ شَرِيكه نصف مَا أَخذ وَيعتق وَيرجع الْمكَاتب على العَبْد بِمَا أَخذ شَرِيكه مِنْهُ(3/495)
قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب على نصِيبه وَقد أَخذ شَرِيكه نصف مَا كَاتبه عَلَيْهِ قلت فَهَل للشَّرِيك أَن يضمن الْمكَاتب إِن كَانَ مُوسِرًا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أذن لَهُ فِي الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِن أذن لَهُ أَن يَأْخُذ نصِيبه من الْمكَاتب فَفعل وَأخذ مَا كَاتبه عَلَيْهِ هَل يكون للشَّرِيك مِنْهُ شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم وَقد زعمت فِي الْبَاب الأول أَن لَهُ أَن يَأْخُذ نصف مَا كَاتبه عَلَيْهِ قَالَ لِأَن فِي الْمُكَاتبَة الأولى لم يَأْذَن لَهُ شَرِيكه فِي الْأَخْذ فَمن ثمَّ اخْتلفَا وَلِأَن مَا اكْتسب الْمكَاتب من شَيْء فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بَين الموليين وَالْمكَاتب فَإِذا أذن للْمكَاتب فِي دَفعه من دين عَلَيْهِ فَفعل ذَلِك لم يكن لَهُ أَن يُشَارِكهُ وَله أَن يرجع فِيمَا بَقِي من نُجُوم العَبْد على الْأَدَاء ويشاركه فِيمَا أَخذ فِيمَا يسْتَقْبل إِذا نَهَاهُ عَن الْقَبْض
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ العَبْد بَين الرجلَيْن فكاتب أَحدهمَا نصِيبه بِغَيْر إِذن شَرِيكه وَقبض الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَلم وَقد زعمت أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يُكَاتب قَالَ لَيْسَ لَهُ أَن يُكَاتب ولشريكه أَن يرد الْمُكَاتبَة مَا لم يؤد فَإِذا أدّى فَهُوَ حر لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة قَوْله إِذا أدّيت إِلَى ألف دِرْهَم فَأَنت حر أَلا ترى أَنه إِذا قَالَ ذَلِك(3/496)
عتق فَكَانَ مَا أَخذ بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَيرجع الْمُعْتق مِنْهُمَا على العَبْد بِمَا أَخذ شَرِيكه مِنْهُ فَكَذَلِك إِذا كَاتبه بِغَيْر إِذْنه
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب أَحدهمَا نصفه بِغَيْر إِذن شَرِيكه وشريكه لَا يعلم ثمَّ إِن الْمكَاتب مِنْهُمَا أذن للْآخر فِي كِتَابه نصِيبه فكاتبه ثمَّ علم الثَّانِي بمكاتبة الأول فَأَرَادَ أَن يردهَا قَالَ لَا قلت وَلم وَقد كَانَ لَهُ أَن يردهَا قبل ذَلِك قَالَ لِأَنَّهُ قد كَاتب نصِيبه فَلَا يكون لَهُ أَن يرد بعد ذَلِك قلت أَرَأَيْت مَا أَخذ الأول من العَبْد أَيكُون للْآخر فِيهِ شَيْء قَالَ لَا وَلَا يكون للْأولِ أَيْضا فِيمَا أَخذ الثَّانِي شَيْئا إِلَّا أَن يكون الأول أَخذ شَيْئا قبل مُكَاتبَة الثَّانِي فَيرجع بِنصْف ذَلِك عَلَيْهِ فَيَأْخذهُ مِنْهُ قلت فَلم قَالَ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا قد كَاتب نصِيبه
قلت أَرَأَيْت إِذا أذن أَحدهمَا لصَاحبه فِي الْكِتَابَة لنصيبه وَلم يَأْذَن لَهُ فِي الْقَبْض فَقبض هَل يكون لوَاحِد مِنْهُمَا فِيمَا قبض صَاحبه شَيْئا قَالَ لَا قلت وَلم وَقد زعمت أَنه إِذا كَاتب أَحدهمَا بِإِذن شَرِيكه وَلم يَأْذَن لَهُ شَرِيكه فِي الْقَبْض كَانَ مَا أَخذ بَينهمَا نِصْفَيْنِ قَالَ لِأَن إِذن كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه فِي الْمُكَاتبَة إِذن لَهُ فِي الْقَبْض(3/497)
أَلا ترى أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يَأْخُذ نصِيبه من الْمُكَاتبَة فَكيف يرجع على صَاحبه بِنَصِيبِهِ
قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِإِذن شَرِيكه وَقد أذن لَهُ فِي الْقَبْض فَقبض الْبَعْض فعجز فَرد فِي الرّقّ هَل يكون لشَرِيكه فِيمَا أَخذ من الْمُكَاتبَة شَيْء قَالَ لَا قلت وَإِن كَاتبه بِعَيْنِه قَالَ وَإِن قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد كَانَ أذن لَهُ فِي قَبضه وَجعله لَهُ قلت فَكيف الْقيَاس فِي هَذَا قَالَ الْقيَاس أَن يُشَارِكهُ فِيمَا أَخذ وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس ونستحسن
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ العَبْد بَين الرجلَيْن فكاتبه أَحدهمَا بِغَيْر إِذن شَرِيكه فكاتب نصِيبه مِنْهُ فَأدى إِلَيْهِ ثمَّ علم الشَّرِيك الآخر مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يَأْخُذ الَّذِي لم يُكَاتب نصف الْمُكَاتبَة وَيرجع الَّذِي كَاتب بِمَا أَخذ مِنْهُ شَرِيكه على العَبْد وَينظر فان كَانَ الَّذِي كَاتبه مُوسِرًا فشريكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمه وَإِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فَإِن أعتق أَو استسعى فَالْولَاء بَينهمَا نِصْفَانِ فان ضمن شَرِيكه فَالْولَاء كُله للَّذي كَاتب وَيرجع الَّذِي كَاتب على العَبْد بِنصْف الْقيمَة الَّذِي ضمن لشَرِيكه قلت وَلم يرجع قَالَ لِأَن السّعَايَة إِنَّمَا كَانَت(3/498)
على العَبْد وَالنّصف الَّذِي كَانَ لشَرِيكه قد كَانَ لَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ عبد لَهُ فَأعتق نصفه ويستسعى فِي النّصْف الْبَاقِي
قلت أَفَرَأَيْت الَّذِي كَاتب العَبْد هَل يرجع على العَبْد بِمَا أَخذ مِنْهُ شَرِيكه من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَاتب حِصَّته فَلم يسلم لَهُ وَإِذا أَخذ شَرِيكه نصف ذَلِك رَجَعَ بِهِ على العَبْد
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ إِنَّمَا كَاتب العَبْد كُله بِغَيْر إِذن شَرِيكه فاستسعاه فِي نصف الْمُكَاتبَة وَأَخذهَا مِنْهُ هَل يعْتق قَالَ لَا قلت وَلم وَقد قبض مِنْهُ جَمِيع حِصَّته قَالَ لِأَنَّهُ لَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء جَمِيع مَا كَاتبه عَلَيْهِ قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ وهب لَهُ نصف الْمُكَاتبَة بعد مَا كَاتبه قَالَ نعم قلت فان قَالَ نعم قلت وَهَذَا بِمَنْزِلَة قَوْله قد وهبت لَك الْمُكَاتبَة كلهَا قَالَ نعم قلت وَلَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة إِذا لم يهب لَهُ قَالَ نعم(3/499)
قلت أَفَرَأَيْت إِذا قدم شَرِيكه أَو علم بذلك بعد مَا قبض جَمِيع الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ الشَّرِيك من الَّذِي كَاتبه نصف الْمُكَاتبَة ثمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إِن كَانَ شَرِيكه مُوسِرًا فَإِن شَاءَ ضمنه وَإِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَالْحَال فِيهِ كَمَا وصفت لَك فِي الْبَاب الأول إِلَّا أَن الَّذِي كَاتب لَا يرجع عَن الْمكَاتب بِشَيْء مِمَّا أَخذ مِنْهُ شَرِيكه من الْمُكَاتبَة لِأَن الَّذِي كَاتب إِنَّمَا على نصِيبه وَنصِيب شَرِيكه فَأخذ حِصَّته فَإِنَّمَا يَأْخُذ حِصَّته وَحِصَّة شَرِيكه وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة مَا إِذا كَاتب حِصَّته خَاصَّة بِغَيْر إِذا شَرِيكه
قلت أَرَأَيْت الْجَارِيَة تكون بَين الرجلَيْن فكاتباها جَمِيعًا فيطأها أَحدهمَا بعد ذَلِك فَتعلق مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تعجز فَتَصِير أم وَلَده وَيضمن لشَرِيكه نصف عقرهَا وَنصف قيمتهَا وَإِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها مَضَت وَأخذت عقرهَا من الْوَاطِئ قلت أَرَأَيْت إِن مَضَت على كتَابَتهَا فَوَطِئَهَا الشَّرِيك(3/500)
الآخر بعد ذَلِك فعلقت أَيْضا مِنْهُ ثمَّ إِنَّهَا عجزت بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك وَمَا حَال الْوَلَد وَهل تصبر أم ولد لوَاحِد دون صَاحبه قَالَ إِذا عجزت بعد ذَلِك فولد الأول للْأولِ وَولد الآخر للثَّانِي وَتصير أم ولد للْأولِ لِأَنَّهَا ولدت مِنْهُ قبل أَن تَلد للْآخر وَعَلِيهِ نصف قيمتهَا وعَلى الثَّانِي قيمَة الْوَلَد وَيثبت نسب كل وَاحِد من الْوَلَدَيْنِ من أَبِيه(3/501)
قلت ارأيت جَارِيَة تكون بَين الرجلَيْن فكاتباها جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة ولدت ثمَّ إِن أحد الرجلَيْن وطئ ابْنَتهَا فَولدت مِنْهُ هَل يثبت نسبه قَالَ نعم قَالَ فَمَا حَال الْأُم قَالَ هِيَ على حَالهَا
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَت أَنا أصير أم ولد الَّذِي وطأني أَيكُون ذَلِك لَهَا قَالَ لَا قلت فَهَل على الَّذِي وَطئهَا عقرهَا قَالَ نعم وَيكون عقرهَا لأمها
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت الْأُم بعد ذَلِك مَا حَال الِابْنَة قَالَ تصير أم ولد للَّذي كَانَت ولدت مِنْهُ وَضمن نصف قيمتهَا لشَرِيكه يَوْم علقت مِنْهُ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا حَيْثُ عجزت أمهَا صَارَت هِيَ عاجزة أَيْضا مَعهَا فَلَمَّا وَقعت فِي ملكهَا صَارَت أم ولد الَّذِي كَانَت ولدت مِنْهُ
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَت الْأُم لم تعجز وَالْمَسْأَلَة على حَالهَا ثمَّ إِن الشَّرِيك الَّذِي لم يطَأ أعتق الِابْنَة بعد مَا علقت من شَرِيكه وَولدت(3/502)
هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت فَهَل تسْعَى الِابْنَة أَو تكون على حَالهَا قَالَ هِيَ حرَّة وَلَا سَبِيل عَلَيْهَا وَوَلدهَا حر فان أدَّت أمهَا عتقت وَإِن عجزت الْأُم ردَّتْ فِي الرّقّ وَأما الِابْنَة وَوَلدهَا فَلَا يرد فِي الرّقّ وَيعتق نصف الَّذِي أعتق مِنْهَا وَلَا تسْعَى للَّذي وَطئهَا فِي شَيْء وَتصير حرَّة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْأُم عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ وَكَانَت الِابْنَة قد أعتق نصفهَا قبل ذَلِك وَقد ولدت الآخر وَلَا تسْعَى أم ولد الَّذِي ولدت مِنْهُ وَهَذَا بِمَنْزِلَة جَارِيَة بَين الرجلَيْن وَطئهَا جَمِيعًا فادعيا وَلَدهَا ثمَّ إِن أَحدهمَا أعْتقهَا فَإِذا أعْتقهَا أَحدهمَا عتق نصيب الآخر أَيْضا لِأَنَّهَا أم ولد لَهُ وَأم الْوَلَد لَا تسْعَى وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْبَاب الأول فِي الْمُكَاتبَة فِي قَول أبي حنيفَة
قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة فِي قَول أبي حنيفَة إِذا كَانَت بَين الرجلَيْن كاتبان جَمِيعًا فَولدت ثمَّ إِن أحد الشَّرِيكَيْنِ أعتق وَلَدهَا هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت فَهَل يعْتق الْوَلَد كُله قَالَ لَا بل يعْتق نصفه وَهُوَ على حَاله حَتَّى تعجز الْأُم أَو تعْتق فَيعتق مَعهَا قلت أَرَأَيْت ان عجزت الام بعد ذَلِك مَا حَال الْوَلَد قَالَ(3/503)
نصيب الَّذِي كَانَ أعْتقهُ مِنْهُ حر وَيسْعَى للأخرا فِي نصف قِيمَته
قلت فَهَل على الْمُعْتق ضَمَان إِن كَانَ مُوسِرًا يَوْم كَانَ أعتق قَالَ نعم قلت وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَإِن شَاءَ ضمن قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد أفسد على شَرِيكه
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَت الْمُكَاتبَة بَين الرجلَيْن فَولدت ولدا ثمَّ إنَّهُمَا وطئا الِابْنَة فعلقت فَولدت مِنْهُمَا ثمَّ إِن الواطئين مَاتَا جَمِيعًا مَا حَال الْوَلَد وَهل يكون مَوْتهمَا بِمَنْزِلَة عتقهما إِيَّاهَا قَالَ نعم قلت فَمَا حَال الْأُم قَالَ هِيَ على مكاتبتها لورثتها قلت وَلم عتق الْوَلَد وَلم تعْتق الْأُم قَالَ لِأَنَّهُمَا لَو كَانَا أعتقا الْوَلَد فِي حَال حياتهما عتق وَكَانَت الْأُم على مكاتبتها فَكَذَلِك مَوْتهمَا إِذا كَانَت ولدت مِنْهُمَا لِأَن مَوْتهمَا عتق مِنْهُمَا أَلا ترى لَو كَانَت الْأُم الَّتِي ولدت مِنْهُمَا ثمَّ مَاتَا عتقت فَكَذَلِك وَلَدهَا بمنزلتها فِي هَذِه الْحَال
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَا وطئا جَمِيعًا الْأُم فَولدت مِنْهُمَا ولدا ثمَّ مَاتَا هَل تعْتق قَالَ نعم تعْتق هِيَ وَوَلدهَا جَمِيعًا قلت وَكَيف عتق وَلَدهَا وَإِنَّمَا عتقت بِغَيْر الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن وَلَدهَا بمنزلتها وَإِذا أعتقت(3/504)
عتق وَلَدهَا مَعهَا وَإِنَّمَا عتقت بِالْمَوْتِ فَكَانَ الْعتْق أكسبها لما عَلَيْهَا من الْمُكَاتبَة فَيعتق الْوَلَد لمَكَان ذَلِك أَلا ترى أَن الْأُم لَو أدَّت فاستوفيا عتق الْوَلَد فَكَذَلِك هَذِه
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت ثمَّ ولدت مِنْهُمَا جَمِيعًا مَا حَال وَلَدهَا الأول قَالَ رَقِيق لَهما قلت وَلم وَقد صَارَت أم ولد لَهما قَالَ لِأَن الْوَلَد كَانَ قبل أَن تصير أم ولد لَهما وَمن قبل أَن تعلق مِنْهُمَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَاتب بِغَيْر إِذن شَرِيكه ثمَّ علقت مِنْهُ فَهِيَ أم وَلَده وَهِي مُكَاتبَة على حَالهَا وَيضمن نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا وَهَذَا إجَازَة للمكاتبة وَهَذَا بِمَنْزِلَة رجل لَهُ أمة ولدت مِنْهُ ولدا ثمَّ كاتبها بعد ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الْجَارِيَة تكون بَين الرجلَيْن كاتبها أَحدهمَا بِغَيْر إِذن شَرِيكه ثمَّ وَطئهَا الَّذِي كاتبها قبل أَن يعلم شَرِيكه بالمكاتبة وَقبل أَن تُؤدِّي شَيْئا فَولدت مِنْهُ ولدا مَا حَالهَا قَالَ هِيَ أم ولد لَهُ وَالْمُكَاتبَة جَائِزَة وَيضمن الْوَاطِئ نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا لشَرِيكه وَنصف الْعقر لَهَا قلت وَلَا تجْعَل للمكاتبة خيارا قَالَ بلَى لَهَا الْخِيَار فان اخْتَارَتْ الْكِتَابَة كَانَ لَهَا نصف الْعقر سالما تستعين بِهِ وَإِن اخْتَارَتْ أَن تكون أم ولد لَهُ لم يكن لَهَا نصف الْعقر(3/505)
قلت أَرَأَيْت إِذا أجَاز شَرِيكه الْمُكَاتبَة بعد مَا علقت وَلم يكن علم بالمكاتبة بعد قَالَ إِجَازَته بَاطِلَة وَهِي مُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِن وَطئهَا الَّذِي لم يُكَاتب فعلقت مِنْهُ وَقد كَانَ كاتبها الآخر بِغَيْر إِذْنه قبل ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ أم ولد الَّذِي علقت مِنْهُ وَالْمُكَاتبَة على حَالهَا حَتَّى يردهَا الْوَاطِئ
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ كاتبها أَحدهمَا بِإِذن شَرِيكه ثمَّ إِن الآخر وَطئهَا فَولدت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تعجز عَن نصْرَة الَّذِي كاتبها وَتصير أم ولد للَّذي ولدت مِنْهُ وَإِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها فَإِذا أدَّت عتقت وَلم تسع للْآخر فِي شَيْء من قيمتهَا لِأَنَّهَا أم ولد لَهُ يَوْم عتقه
قلت أَرَأَيْت إِن اخْتَارَتْ أَن تمْضِي على الْمُكَاتبَة هَل على الَّذِي وَطئهَا عقر قَالَ عَلَيْهِ نصف عقرهَا قلت وَلم يكون عَلَيْهِ نصف الْعقر قَالَ أَن نصِيبه مِنْهَا لَيْسَ بمكاتب وَإِنَّمَا يكون عَلَيْهِ نصف الْعقر لِأَن النّصْف الآخر مكَاتب فَلَا يكون عَلَيْهِ فِي نصِيبه مِنْهَا عقر لِأَن نصِيبه رَقِيق لَهُ على حَاله
قلت أَرَأَيْت إِن كاتبها أَحدهمَا بِغَيْر إِذن شَرِيكه وَكَاتب نصِيبه مِنْهَا فاكتسبت بعد مَا كاتبها مَالا كثيرا فأدت مكاتبتها مَا القَوْل فِي(3/506)
ذَلِك وَمَا حَال مَا فِي يَديهَا من المَال قَالَ ينظر إِلَى نصف مَا فِي يَديهَا وَمَا أَخذ مَوْلَاهَا من مكاتبتها أجمع مِمَّا اكتسبته قبل أَن تُؤدِّي مكاتبتها فَيكون الَّذِي لم يُكَاتب النّصْف وَالنّصف لَهَا قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن نصِيبه مِنْهَا رَقِيق على حَاله فَنصف مَا كَانَ فِي يَديهَا من مَال فَهُوَ لَهُ وَالنّصف الآخر لَهَا
قلت أَرَأَيْت إِن اكْتسبت مَالا بعد أَدَاء الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ كل شَيْء اكتسبته بعد أَدَاء الْمُكَاتبَة فَهُوَ لَهَا لَيْسَ للشَّرِيك الَّذِي لم يُكَاتب عَلَيْهَا سَبِيل قلت وَلم اخْتلف هَذَا وَالْبَاب الأول قَالَ لِأَنَّهَا إِذا أدَّت مكاتبتها فقد عتق نصفهَا وَللْآخر عَلَيْهَا نصف قيمتهَا تسْعَى فِيهِ وَلَا يصير لَهُ مِمَّا اكْتسب بعد أَدَاء الْمُكَاتبَة شَيْء
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت قبل أَن تُؤدِّي شَيْئا من الْمُكَاتبَة إِلَى الَّذِي كَانَ كاتبها وَقد تركت مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى(3/507)
نصف جَمِيع مَا تركت فَيكون للَّذي لم يكاتبها وَيَأْخُذ الَّذِي كاتبها الْمُكَاتبَة من النّصْف الثَّانِي ثمَّ يَأْخُذ الَّذِي لم يُكَاتب نصف قيمتهَا مِمَّا بَقِي إِن كَانَ شَرِيكه مُعسرا فان كَانَ لَهَا وَرَثَة أَحْرَار كَانَ مَا بَقِي لَهُم مِيرَاثا وَإِن لم يكن لَهَا وَارِث غَيرهمَا كَانَ مَا بَقِي بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِن شَاءَ ضمن الَّذِي لم يُكَاتب الَّذِي كَاتب نصف قيمتهَا لِأَنَّهُ مُوسر كَانَ لَهُ ذَلِك وَيرجع بِهِ الَّذِي الَّذِي كَاتب فِي مَالهَا وَيكون ولاؤها لَهُ وميراثها إِن لم يكن لَهَا وَارِث غَيره وَإِن كَانَ الْمولى الَّذِي كَاتب مُعسرا لم يكن للْمولى الَّذِي لم يُكَاتب إِلَّا ضَمَان نصف قيمتهَا عَلَيْهِ وَلكنه يَأْخُذ ذَلِك من مَالهَا سوى نصف الْكسْب الَّذِي يَأْخُذهُ
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت مَاتَت بعد مَا أدَّت الْمُكَاتبَة وَقد تركت مَالا لَا يدْرِي مَتى اكْتَسبهُ قبل الْأَدَاء أَو بعد الْأَدَاء قَالَ إِذا لم يعلم ذَلِك فَالْمَال لَهَا وَيَأْخُذ الَّذِي لم يُكَاتب نصف قيمتهَا مِمَّا تركت فان كَانَ لَهَا وَرَثَة أَحْرَار كَانَ مَا بَقِي لَهُم فَإِن لم يكن وَرَثَة كَانَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِن علم مَتى اكْتسبت المَال فَمَا كَانَ من ذَلِك قبل أَدَاء الْمُكَاتبَة فَنصف ذَلِك للَّذي لم يُكَاتب وَنصفه للْبَاقِي وَمَا اكْتسبت(3/508)
بعد الْأَدَاء فَهُوَ للْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت جَارِيَة بَين رجلَيْنِ كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِغَيْر إِذن شَرِيكه فأدت إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة ثمَّ إِن الآخر وَطئهَا فعلقت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تسْعَى لَهُ فِي نصِيبه وَلَا تصير أم وَلَده
قلت أَرَأَيْت الْجَارِيَة إِذا كَانَت بَين رجلَيْنِ فكاتباها جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا مَاتَ وَترك ابْنَيْنِ فَأعتق أحد الِابْنَيْنِ الْمُكَاتبَة هَل يجوز عتقه قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ ورث مَالا وَلم يَرث شَيْئا من الرَّقَبَة وَإِنَّمَا عتقته بِمَنْزِلَة ترك المَال إِذا لم يكن وَارِث غَيره قلت فَمَا حَال الْمُكَاتبَة قَالَ مكاتبتها على حَالهَا قلت أَرَأَيْت إِن عجزت هَل ترد فِي الرّقّ قَالَ نعم مَا لم يعتقها الابْن الآخر فان عجزت بعد عتق الابْن الآخر لم ترد فِي الرّقّ
قلت أَفَرَأَيْت إِن وهب أحد ابْني الْمَيِّت جَمِيع حِصَّته للمكاتبة من الْمُكَاتبَة هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم وَلَا تعْتق وتسعى للْآخر فِي حِصَّته من الْمُكَاتبَة فان أدَّت عتقت قلت أَفَرَأَيْت إِن وهب لَهَا المَال جَمِيعًا الوارثان وَالشَّرِيك هَل تعْتق قَالَ نعم قلت فَلم(3/509)
قَالَ أستحسن فِي هَذَا الْوَجْه لِأَنَّهُمَا إِذا اجْتمعَا على ذَلِك أخذت نصيب الْوَارِث مَعَه
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَارِث وَطئهَا بعد موت أَبِيه فَولدت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تعجز وَتصير أم ولد لَهُ وَيضمن نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا للْآخر وَإِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها مَضَت وَتَأْخُذ عقرهَا مِنْهُ
قلت أَفَرَأَيْت الْجَارِيَة إِذا كَانَت بَين رجلَيْنِ فكاتباها جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فأدت الْمُكَاتبَة إِلَيْهِمَا جَمِيعًا وَهُوَ مُرْتَد ثمَّ قتل مُرْتَدا مَا القَوْل فِي ذَلِك وَهل تعْتق قَالَ لَا تعْتق وَلَيْسَ أَدَاؤُهَا إِلَيْهِ بِشَيْء قلت فَمَا حَالهَا قَالَ ينظر إِلَى مَا أَخذ الشَّرِيك فَيُؤْخَذ نصفه ويستسعونها فِي النّصْف الْبَاقِي
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت هَل ترد فِي الرّقّ قَالَ نعم قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا وَكَيف لَا يعْتق نصيب الَّذِي لم يرْتَد قَالَ لِأَن أَدَاؤُهَا إِلَى الْمُرْتَد لَيْسَ بِشَيْء أَلا ترى أَنه لَو لم يكن فأدت(3/510)
إِلَى أَحدهمَا جَمِيع نصِيبه لم تعْتق حَتَّى تُؤدِّي إِلَيْهِمَا جَمِيع الْمُكَاتبَة لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة فَلَا تعْتق إِلَّا بأدائها جَمِيعًا وأداؤها إِلَى الْمُرْتَد لَيْسَ بِشَيْء أَلا ترى لَو أَن رجلا كَاتب أمة لَهُ ثمَّ ارْتَدَّ ثمَّ قبض مكاتبتها ثمَّ قتل مُرْتَدا كَانَ قَبضه بَاطِلا وَكَانَت مُكَاتبَته على حَالهَا فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَقبض الْمُرْتَد فِي ذَلِك كُله جَائِز بِمَنْزِلَة قبض الْمُسلم قَالَ أَبُو يُوسُف قبض الْمُرْتَد للمكاتبة جَائِز وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمُسلم فِي ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة إِذا كَانَت بَين رجلَيْنِ فكاتباها مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ ارْتَدَّ أَحدهمَا ثمَّ قبضا جَمِيعًا الْمُكَاتبَة وَهُوَ مُرْتَد ثمَّ أسلم هَل يجوز ذَلِك وتعتق الْمُكَاتبَة قَالَ نعم لِأَنَّهُ قد أسلم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ حَيْثُ ارْتَدَّ لحق أَرض الْحَرْب فاستسعاها هَذَا العَبْد فِي جَمِيع الْمُكَاتبَة فأداها إِلَيْهِ هَل تعْتق قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن أداءها إِلَيْهِ جَمِيع الْمُكَاتبَة لَا يجوز(3/511)
قلت أرايت إِن أدَّت الْمُكَاتبَة إِلَى هَذَا الشَّرِيك الثَّانِي وَإِلَى وَرَثَة الْمُرْتَد هَل تعْتق قَالَ نعم إِذا كَانَ قد قضى بردته وبالميراث بَين ورثته
قلت أفرايت إِن ارْتَدَّ احدهما ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة عجز فرداه جَمِيعًا فِي الرّقّ ثمَّ قتل الْمُرْتَد على ردته هَل يجوز ردهما ذَلِك قَالَ لَا وَهُوَ على مُكَاتبَته قلت قَالَ لِأَن الْمُرْتَد لَا يجوز شَيْء مِمَّا صنع إِذا قتل أَو لحق بدار الْحَرْب قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ كاتباه جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أحد الموليين غَابَ فعجز عَن مُكَاتبَته فقدمه الشَّاهِد إِلَى القَاضِي هَل يردهُ القَاضِي فِي الرّقّ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمولى الآخر غَائِب فَلَا يرد فِي الرّقّ أبدا حَتَّى يحضرا جَمِيعًا لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة قلت افرأيت إِن رده الشَّاهِد ورضى بذلك العَبْد هَل يكون رده ردا قَالَ لَا وَهُوَ مكَاتب على حَاله قلت أَفَرَأَيْت العَبْد يكون بَين الرجلَيْن فكاتب أَحدهمَا العَبْد كُله باذن شَرِيكه أَيجوزُ قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب جَمِيع الْمُكَاتبَة إِلَى الَّذِي كَاتبه هَل يعْتق قَالَ لَا إِلَّا أَن يكون كتب الْكِتَابَة باسمه ووكله بقبضها قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بوكيل لشَرِيكه فِي قَبْضَة الْمُكَاتبَة(3/512)
أَلا ترى لَو أَن رجلا وكل رجلا أَن يُكَاتب عبدا لَهُ فكاتبه وَقبض الْمُكَاتبَة لم يعْتق العَبْد فان وَكله بقبضها عتق وَجَاز قَبضه وَكَذَلِكَ إِذا وكل أَحدهمَا صَاحبه بالمكاتبة
قلت أَرَأَيْت الْأمة تكون بَين الرجلَيْن كاتباها جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أحد السيدين أعتق الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تعجز عجزت فان عجزت نظر فان كَانَ الَّذِي أعتق مُوسِرًا كَانَ الشَّرِيك الآخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ ضمن وَإِن شَاءَ استسعى
قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة كَانَت بَين الرجلَيْن فكاتباها جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة فَولدت الْمُكَاتبَة ابْنة ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة مَاتَت فَهَل تسْعَى الِابْنَة فِي شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن ولدت الِابْنَة ابْنة مَا القَوْل فِي ذَلِك وَقد بلغت السّعَايَة هَل عَلَيْهَا شَيْء من السّعَايَة قَالَ نعم تسعيان جَمِيعًا فِي الْمُكَاتبَة قلت وَلم يسْعَى ولد الْوَلَد قَالَ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا ولد للمكاتبة وَلِأَنَّهُمَا لَا يعتقان إِلَّا بأَدَاء الْمُكَاتبَة وَلِأَنَّهُمَا يسعيان فِيمَا على أمهما
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى ولد الْوَلَد جَمِيع مَال الْمُكَاتبَة هَل ترجع على أمهَا بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِن أدَّت الْأُم لم ترجع(3/513)
على ابْنَتهَا قَالَ نعم هما سَوَاء وَلَا ترجع وَاحِدَة مِنْهُمَا على صاحبتها بِشَيْء قلت أَفَرَأَيْت إِن أعتقا الْأُم الْبَاقِيَة هَل تعْتق ابْنَتهَا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن ابْنَتهَا لَا تعْتق إِلَّا بِعِتْق جدَّتهَا قلت فَهَل تسْعَى فِي الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك قَالَ نعم تسْعَى فِي جَمِيع مُكَاتبَة جدَّتهَا قلت وَلَا يرفع عَنْهَا شَيْء من الْمُكَاتبَة بِعِتْق أمهَا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تُؤدِّي عَن جدَّتهَا أَلا ترى أَن الْجدّة لَو كَانَت حَيَّة ثمَّ أعتقا وَلَدهَا لم يرفع عَنْهَا شَيْء من الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ أحد السيدين وطئ ابْنة الِابْنَة فعلقت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ عقرهَا وَهِي على حَالهَا مُكَاتبَة وَلَا تصير أم ولد قلت وَلم قَالَ لِأَن أمهَا مَعهَا فان أدَّت عتقتا جَمِيعًا وَلَا تصير إِحْدَاهمَا عاجزة دون الْأُخْرَى أَلا ترى لَو أَن إِحْدَاهمَا عجزت وَلم تعجز الْأُخْرَى كَانَتَا على مكاتبتهما لِأَن الْأُخْرَى إِذا أدَّت عتقتا جَمِيعًا قلت وَكَذَلِكَ لَو وطئ الْأُم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ وطئ أحد الموليين الِابْنَة فعلقت ووطئ الآخر الْأُم(3/514)
فعلقت فَقَالَتَا نَحن نعجز أَيكُون ذَلِك لَهما قَالَ نعم إِن شاءتا عجزتا وَكَانَت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا أم ولد الَّذِي وَطئهَا وَإِن شاءتا مضتا على مكاتبتهما فان مضتا على الْمُكَاتبَة كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا عقرهَا وَإِن عجزتا كَانَت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا أم ولد الَّذِي وَطئهَا وَيضمن كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه نصف قيمَة الْجَارِيَة وَنصف عقرهَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَاتب الرجل نصِيبه من عَبده بِغَيْر إِذن شَرِيكه فلشريكه أَن يرد ذَلِك وَلَا يردهُ إِلَّا بِقَضَاء القَاضِي إِلَّا أَن يرضى العَبْد ومولاه الَّذِي كَاتبه أَن يقْضِي الْمُكَاتبَة
قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعتق ابْنة الْمكَاتب عتق ابْنة ابْنَتهَا وَقَالَ(3/515)
أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا تعْتق ابْنة ابْنَتهَا كَمَا فِي الْكتاب
- بَاب مُكَاتبَة الرجل نصف عَبده أَو ثلثه أَو ربعه
-
قلت أَرَأَيْت الرجل يُكَاتب نصف عَبده هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِذْ كَاتب ثلثه أَو ربعه أَو أقل من ذَلِك أَو أَكثر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب نصف عَبده فَأدى الْمُكَاتبَة مَا حَاله قَالَ يعْتق نصفه وَيسْعَى بعد ذَلِك فِي نصف قِيمَته قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة رجل أعتق نصف عَبده فَإِذا أعتق نصف عَبده سعى فِي نصف قِيمَته وَكَذَلِكَ إِذا كَاتب نصفه فَأدى الْمُكَاتبَة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَاتب نصفه فَهُوَ مكَاتب كُله بِالَّذِي كَاتب بِهِ نصفه كَمَا لَو أَنه لَو أعتق نصفه بِخَمْسِمِائَة عتق كُله وَكَذَلِكَ لَو طلق نصفهَا بِخَمْسِمِائَة طلقت كلهَا بِأَلف
قلت أَفَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب نصف عَبده فِي قَول أبي حنيفَة فاكتسب العَبْد مَالا لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ نصف كل شَيْء اكْتسب العَبْد للْمولى وَنصفه للْعَبد قلت وَلم قَالَ لِأَن نصفه مكَاتب وَنصفه رَقِيق للسَّيِّد(3/516)
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمُكَاتبَة وَفِي يَده مَال قد كَانَ اكْتَسبهُ فِي الْمُكَاتبَة قبل الْأَدَاء هَل يكون للْمولى من ذَلِك شَيْئا قَالَ يكون لَهُ نصف جَمِيع مَا كَانَ فِي يَده قبل الْأَدَاء
قلت أَرَأَيْت مَا اكْتسب العَبْد بعد الْأَدَاء هَل يكون للْمولى مِنْهُ شَيْء قَالَ لَا وَيكون جَمِيع مَا اكْتسب لَهُ قلت وَلم وَنصفه رَقِيق للسَّيِّد قَالَ لِأَنَّهُ إِذا أدّى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة فقد صَار نصفه حرا وَصَارَ للسَّيِّد عَلَيْهِ نصف قِيمَته يستسعيه فِيهَا وَلَا يكون لَهُ على مَاله سَبِيل
قلت أَرَأَيْت إِن اكْتسب مَالا كثيرا بعد الْأَدَاء فَقَالَ العَبْد أسعى فِي نصف قيمتي نجوما وَقَالَ السَّيِّد بل آخذهما جَمِيعًا لِأَنَّهَا عنْدك أيقضي القَاضِي عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّيهَا جَمِيعًا وَعِنْده مثل نصف قِيمَته أَو أَكثر قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن نصف الْقيمَة دين عَلَيْهِ فَإِن كَانَ عِنْده مَال أَخذه بِهِ فَإِنَّمَا يقْضِي عَلَيْهِ بِأَن يسْعَى على قدر مَا يُطيق إِذا لم يكن عِنْده شَيْء
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب نصف عبد لَهُ أَله أَن يحول بَينه وَبَين الْعَمَل والطلب وَالْكَسْب والسعاية فِي مُكَاتبَته قَالَ لَا قلت وَلم وَنصفه رَقِيق لَهُ قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب نصفه فَلَيْسَ لَهُ أَن(3/517)
يمنعهُ من الطّلب قلت إِن أَرَادَ أَن يخرج من الْمصر أَله أَن يحول بَينه وَبَين ذَلِك قَالَ أما فِي الْقيَاس فَنعم وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس ونستحسن أَن لَا يحول بَينه وَبَين الْخُرُوج وَطلب الْكسْب
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل نصف عَبده فَأَرَادَ أَن يستخدمه يَوْمًا ويخلي عَن العَبْد يَوْمًا يسْعَى أَله ذَلِك قَالَ هَكَذَا يَنْبَغِي فِي الْقيَاس وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس ونستحسن فَنَقُول لَا يعرض لَهُ فِي شَيْء حَتَّى يُؤَدِّي أَو يعجز فَإِذا أدّى استسعاه بعد ذَلِك فِي نصف قِيمَته وَيكون نصف مَا كَانَ فِي يَده قبل الْأَدَاء للْمولى
قلت أَرَأَيْت إِن أَرَادَ الْمولى أَن يستسعيه يَوْمًا ويخل العَبْد يَوْمًا يكْتَسب أَيكُون لَهُ ذَلِك قَالَ هَذَا والخدمة سَوَاء وَيكون ذَلِك لَهُ فِي الْقيَاس وَأما فِي الِاسْتِحْسَان فَلَا وَالِاسْتِحْسَان فِي هَذَا أحب إِلَيْنَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف أمة لَهُ فَولدت لَهُ ولدا فِي مكاتبتها مَا حَال وَلَدهَا قَالَ وَلَدهَا بمنزلتها
قلت أَرَأَيْت إِن أدَّت الْمُكَاتبَة مَا حَال وَلَدهَا قَالَ يعْتق نصفهَا وَنصف وَلَدهَا قلت فَهَل للسَّيِّد على الْوَلَد سَبِيل قَالَ نعم يسْعَى(3/518)
الْوَلَد فِي نصف قِيمَته وتسعى الْأُم فِي نصف قيمتهَا
قلت أَرَأَيْت مَا اكْتسب الْوَلَد فِي حَال سِعَايَة أمه قبل أَن تُؤدِّي لمن يكون ذَلِك الْكسْب قَالَ نصف جَمِيع ذَلِك للسَّيِّد وَنصفه للْأُم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد بِمَنْزِلَة أمه وَكَسبه بِمَنْزِلَة كسب أمه أَلا ترى أَن السَّيِّد يَأْخُذ نصف كسب أمه وَكَذَلِكَ الْوَلَد
قلت أَرَأَيْت مَا اكْتسب الْوَلَد بعد مَا تُؤدِّي الْأُم الْمُكَاتبَة لمن يكون قَالَ هُوَ كُله للْوَلَد وَلَا يكون للْأُم وَلَا للْمولى مِنْهُ شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد قد عتق نصفه فَمَا كسب بعد ذَلِك فَهُوَ لَهُ
قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ فِي يَده من مَال اكْتَسبهُ قبل أَدَاء الْمُكَاتبَة لمن يكون قَالَ تَأْخُذ الْأُم نصفه وَالْمولى نصفه قلت وَلم تَأْخُذ الْأُم نصف الْكسْب قَالَ لِأَن وَلَدهَا من كسبها أَلا ترى لَو أَن مُكَاتبَة ولدت ولدا كَانَ كل مَا اكْتسب الْوَلَد من شَيْء فَهُوَ لَهَا فَكَذَلِك الْبَاب الأول
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم قبل أَن تُؤدِّي شَيْئا من كتَابَتهَا مَا حَال الْوَلَد قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِيمَا كَانَ على أمه من الْمُكَاتبَة فَإِذا أدّى عتق نصفهَا وَنصفه وَيسْعَى بعد ذَلِك فِي نصف قِيمَته قلت وَلم لَا يسْعَى فِي نصف قيمَة أمه قَالَ لِأَنَّهُ إِذا أدّى الْمُكَاتبَة عتق نصف أمه وَنصفه وَكَانَ قد أدّى جَمِيع مَا كَانَ على الْأُم فَيبقى نصفه رَقِيقا فيسعى الْمولى فِي نصف قِيمَته أَلا ترى لَو أَن الْأُم أدَّت الْمُكَاتبَة(3/519)
فِي حَيَاتهَا عتق نصفهَا وَنصف وَلَدهَا وَيسْعَى كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف قِيمَته وَلَو مَاتَت الْأُم بعد مَا أدَّت لم يسع الْوَلَد فِي شَيْء مِمَّا على أمه وَلَكِن يسْعَى فِي نصف قِيمَته لِأَن الْوَلَد إِنَّمَا يعْتق مِنْهُ مَا يعْتق من أمه وَهَذَا بِمَنْزِلَة رجل أعتق نصف أمته وَنصف وَلَدهَا وَلَو أَن هَذَا أعتق نصف أمته وَهِي حُبْلَى فَولدت بعد ذَلِك أَو حبلت بعد مَا عتق بَعْضهَا فَهَذَا يسْعَى للْوَلَد فِيمَا على أمه إِذا مَاتَت وَفِي الْبَاب الأول يسْعَى فِي نصف قيمَة الْأُم لِأَنَّهَا ولدت فِي الْبَاب قبل أَن يعْتق مِنْهَا شَيْء
قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل نصف أمته فَولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ مَاتَت الْأُم وَقد استدانت دينا وَقد تركت مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي إِلَى الْغُرَمَاء جَمِيع دينهم من جَمِيع مَا تركت وَنصف مَا بَقِي للْمولى وَيَأْخُذ الْمولى مِنْهُ الْمُكَاتبَة مِمَّا بَقِي من النّصْف الآخر فان بَقِي شَيْء بعد ذَلِك أَخذ الْمولى نصف قيمتهَا مِنْهُ وأعتقت الْأُم وَكَانَ مَا بَقِي بعد ذَلِك لوَرَثَة الْأُم إِن كَانَ لَهَا وَرَثَة أَحْرَار(3/520)
وَلَا يكون للْمولى مِنْهُ وَلَا لولدها الَّذِي وَلدته فِي الْمُكَاتبَة شَيْء لِأَن وَلَدهَا بِمَنْزِلَة الْمَمْلُوك أَلا ترى أَنه يسْعَى فِي نصف قِيمَته فَمَا دَامَ يسْعَى فَلَا يَرث
قلت أَرَأَيْت إِن لم تدع الْأُم شَيْئا هَل يسْعَى وَلَدهَا فِي الدّين الَّذِي على أمه قَالَ نعم وَيسْعَى للْمولى فِي الْمُكَاتبَة وَفِي نصف قيمَة الْوَلَد
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَى الْمولى الْمُكَاتبَة قبل أَن يُؤَدِّي إِلَى الْغُرَمَاء هَل يعْتق نصف أمه وَنصفه قَالَ نعم قلت فَهَل ترجع الْغُرَمَاء على الْمولى بِمَا أَخذ مِنْهُ قَالَ لَا وتبيع الْغُرَمَاء بِالدّينِ الْوَلَد قلت فَهَل يلْزم الْوَلَد جَمِيع مَا كَانَ على أمه من دين قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مَا اكْتسب الْوَلَد قبل أَن يُؤَدِّي الْمُكَاتبَة لمن يكون قَالَ يكون نصفه للْمولى وَنصفه لَهُ بعد الدّين فَإِنَّهُ يبْدَأ بِهِ أَولا وَمَا بَقِي على مَا وصفت لَك
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف أمة لَهُ فاستدانت دينا ثمَّ إِنَّهَا عجزت وَردت فِي الرّقّ مَا حَال الدّين قَالَ يكون جَمِيع الدّين فِي جَمِيع رقبَتهَا إِن أدّى عَنْهَا الْمولى وَإِلَّا بِيعَتْ للْغُرَمَاء قلت وَلم يكون(3/521)
الدّين فِي جَمِيع الرَّقَبَة وَإِنَّمَا كَانَ كَاتب نصفهَا قَالَ لِأَن شراءها وَبَيْعهَا كَانَ جَائِزا عَلَيْهَا فَلذَلِك لَزِمَهَا جَمِيع الدّين
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَت أمة بَين رجلَيْنِ فكاتبها أَحدهمَا على نصِيبه بِإِذن شَرِيكه فاستدانت دينا هَل يلْزم نصف الَّذِي لم يُكَاتب من الدّين شَيْئا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت بعد ذَلِك مَا حَال الدّين قَالَ يكون جَمِيع الدّين فِي رقبَتهَا كلهَا فان أدّى عَنْهَا وَإِلَّا بيع كُله للْغُرَمَاء
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ أذن لَهُ أَحدهمَا فِي التِّجَارَة دون نصيب الآخر قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْمكَاتب إِذا كَاتب أَحدهمَا بِغَيْر(3/522)
إِذن شَرِيكه قَالَ نعم قلت فان ابْتَاعَ الَّذِي أذن لَهُ فِي التِّجَارَة نصف الآخر مِنْهُ بعد مَا لزم العَبْد الدّين أَيكُون الدّين فِي جَمِيع رقبته أم فِي نصيب الأول قَالَ بل فِي نصيب الأول
قلت أَرَأَيْت إِن اسْتَدَانَ العَبْد دينا بعد ذَلِك وَالسَّيِّد لَا يعلم أَيكُون الدّين فِي جَمِيع رقبته قَالَ لَا وَلكنه فِي النّصْف الأول قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ على إِذْنه الأول
قلت أَرَأَيْت إِن علم بِهِ السَّيِّد أَنه يَشْتَرِي وَيبِيع بعد ذَلِك فَلم يُنكر أيلزمه جَمِيع الدّين فِي رقبته قَالَ أما فِي الْقيَاس فَلَا لِأَنَّهُ على حَاله الأولى بعد وَلَكِنِّي أستحسن وألزمه الدّين فِي جَمِيع الرَّقَبَة قلت وَكَذَلِكَ العَبْد إِذا كَانَ بَين الرجلَيْن فكاتبه أَحدهمَا لَا بِإِذن شَرِيكه ثمَّ عجز ثمَّ اشْترى الْمولى الْمكَاتب الَّذِي كَاتب أما فِي نصيب الآخر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عبد لَهُ أَله أَن يَبِيع نصفه الآخر قَالَ لَا قلت وَلم وَذَلِكَ النّصْف رَقِيق قَالَ لِأَن(3/523)
نصفه مكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن بَاعَ ذَلِك النّصْف من الْمكَاتب هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم وَيعتق ذَلِك النّصْف الَّذِي بَاعَ مِنْهُ قلت فَمَا حَاله بعد ذَلِك قَالَ الْمكَاتب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَن يعجز عجز وَإِن شَاءَ الْعَجز سعى فِي نصف قِيمَته وَإِن شَاءَ مضى على مُكَاتبَته
قلت أَرَأَيْت إِن مضى على مُكَاتبَته فَأدى بَعْضهَا ثمَّ عجز عَنْهَا(3/524)
مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى مَا أدّى وَإِلَى نصف قِيمَته فيحسب لَهُ من نصف قِيمَته مَا أدّى وَيسْعَى فِيمَا بَقِي قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ عجز عَن الْمُكَاتبَة كَانَ عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي نصف قِيمَته
قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ كسب قبل أَن يبْتَاع نَفسه وَهُوَ مكَاتب لمن يكون قَالَ نصفه للْمولى وَنصفه للْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أدّى إِلَى الْمولى شَيْئا قبل أَن يَشْتَرِي نَفسه فَقَالَ الْمولى اطرَح نصف ذَلِك الْأَدَاء لِأَن لي نصف الْكسْب هَل لَهُ ذَلِك قَالَ نعم لَهُ ذَلِك إِن كَانَ أدّى ذَلِك من كسب اكْتَسبهُ فان كَانَ أدّى ذَلِك من دين استدانه فَلَا شَيْء للْمولى من ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ الْمولى أَنا أحاسبه بِمَا أخذت مِنْهُ قبل أَن أبيعه نصفه فَيكون لي نصف ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ لي كَسبه أَيكُون لَهُ ذَلِك قَالَ نعم إِن كَانَ ذَلِك من كسب اكْتَسبهُ
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عبد لَهُ فاكتسب العَبْد مَالا وَاشْترى رَقِيقا أَيكُون نصف مَا فِي يَده من مَال أَو رَقِيق أَو مَتَاع للسَّيِّد قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب نصف عَبده ثمَّ إِن السَّيِّد اشْترى من الْمكَاتب عبدا أَو ثوبا أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم يجوز نصفه وَنصفه(3/525)
للسَّيِّد قلت وَكَذَلِكَ مَا كَانَ اشْترى الْمكَاتب مِنْهُ من شَيْء قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن مَا كَانَ فِي يَده للسَّيِّد
قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى الْمكَاتب من سَيّده عبدا هَل يجوز قَالَ أما فِي الِاسْتِحْسَان فَهُوَ جَائِز لِأَن شِرَاءَهُ وَبيعه من غَيره جَائِز وَأما فِي الْقيَاس فَلَا يجوز إِلَّا نصفه قلت وَلم قَالَ لِأَن نصفه مكَاتب وَنصفه رَقِيق وبالقياس نَأْخُذ إِلَّا أَن يكون على العَبْد دين
تمّ بِحَمْد الله وَمِنْه طبع الْجُزْء الثَّالِث من كتاب الأَصْل للْإِمَام مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فِي الْيَوْم الْحَادِي عشر من ربيع الثَّانِي سنة 1391 هـ ويتلوه فِي الْجُزْء الرَّابِع مِنْهُ بَاب الرجل يُكَاتب عَبده وَهُوَ مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَالْحَمْد لله على ذَلِك وَصلَاته وَسَلَامه على رَسُوله سيد الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَآله الطيبين الطاهرين(3/526)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
- بَاب الرجل يُكَاتب عَبده وَهُوَ مَأْذُون لَهُ فِي التجاره
- قلت أَرَأَيْت رجلا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة ثمَّ كَاتبه وَلَيْسَ عَلَيْهِ دين هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت والمأذون لَهُ فِي التِّجَارَة وَغير الْمَأْذُون لَهُ إِذا لم يكن عَلَيْهِ دين سَوَاء قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ عَلَيْهِ دين يُحِيط بِرَقَبَتِهِ فكاتبه السَّيِّد والغرماء غيب لَا يعلمُونَ شَيْئا من ذَلِك ثمَّ علمُوا بعد مَا كَاتبه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ لَهُم أَن يردوا الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن على العَبْد دينا وَلِأَن هَذَا يتْلف الرَّقَبَة وَلَا يُبَاع فِي دينهم قلت أَرَأَيْت إِن رضى الْغُرَمَاء بذلك وَقَالُوا لَا نُرِيد أَن نبيعه حَتَّى يستسعى ورضى الْمكَاتب بذلك أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم(4/1)
قلت أَرَأَيْت إِن أَخذ السَّيِّد شَيْئا من مُكَاتبَته لمن يكون قَالَ هُوَ للْغُرَمَاء إِلَّا أَن يُسلمهُ الْغُرَمَاء للسَّيِّد قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه السَّيِّد والغرماء لَا يعلمُونَ فَأدى إِلَيْهِ العَبْد مُكَاتبَته كلهَا ثمَّ علم الْغُرَمَاء بذلك لمن يكون مَا قبض السَّيِّد قَالَ يرجع الْغُرَمَاء على السَّيِّد بِجَمِيعِ مَا أَخذ من الْمُكَاتبَة فان فضل شَيْء من دينهم فهم بِالْخِيَارِ إِن شاؤا ضمنُوا السَّيِّد قيمَة العَبْد وَاتبعُوا العَبْد بِمَا بقى من الدّين وَلَا يرجع الْمولى على العَبْد بالمكاتبة وَإِن شَاءَ الْغُرَمَاء اتبعُوا العَبْد بِمَا بَقِي عَلَيْهِ من دينهم وَتركُوا السَّيِّد(4/2)
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عَبده وَهُوَ مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَعَلِيهِ دين لَا يُحِيط بِرَقَبَتِهِ هَل يجوز مُكَاتبَته وَقد أَبى الْغُرَمَاء أَن يجزوا وَقد طلبُوا دينهم قَالَ يرد القَاضِي الْمُكَاتبَة وَيُبَاع لهَذَا العَبْد إِلَّا أَن يُؤدى عَنهُ مَوْلَاهُ قلت وَإِن قل الدّين قَالَ وَإِن قل قلت أَرَأَيْت إِن أدّى السَّيِّد إِلَى الْغُرَمَاء مَا عَلَيْهِ من دين هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع السَّيِّد على الْمكَاتب بِمَا أدّى عَنهُ من الدّين قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أصلح مُكَاتبَته قلت أَرَأَيْت إِن أَبى السَّيِّد أَن يُؤدى عَنهُ فَقَالَ الْمكَاتب أَنا أعجل جَمِيع الدّين الَّذِي على أيجيز القاضى الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَلم وَقد كَانَ السَّيِّد كَاتبه وَعَلِيهِ دين قَالَ لِأَن الْمكَاتب إِذا أدّى الدّين جَازَت الْمُكَاتبَة وَكَانَ كَأَنَّهُ كَاتبه وَلَيْسَ عَلَيْهِ دين قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِرَقَبَتِهِ فَقَالَ العَبْد حَيْثُ جَاءَ الْغُرَمَاء أَنا أؤدى إِلَيْكُم جَمِيع الدّين تعجيلا هَل تجوز الْمُكَاتبَة إِذا(4/3)
فعل ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ مَأْذُونا لَهَا فِي التِّجَارَة وَعَلَيْهَا دين يُحِيط برقبتها فَولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء فَأَبَوا أَن يجيزوا الْمُكَاتبَة فَردهَا القَاضِي فِي الرّقّ هَل يُبَاع وَلَدهَا مَعهَا فِي الدّين إِن لم يؤد الْمولى الدّين قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي الْأُم وَفَاء بِالدّينِ هَل للْغُرَمَاء على السَّيِّد سَبِيل قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل أمة لَهُ مَأْذُونا لَهَا فِي التِّجَارَة وَعَلَيْهَا دين فَولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ مَاتَت الْأُم ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء مَا حَال الْوَلَد قَالَ يرد الْوَلَد فِي الرّقّ وَيُبَاع للْغُرَمَاء إِلَّا أَن يُؤدى الْمولى مَا كَانَ من دين على أمه قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ الْوَلَد أَنا أعجل الدّين هَل تجوز الْمُكَاتبَة إِن فعل قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد بِمَنْزِلَة أمه قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمة مَأْذُونا لَهَا فِي التِّجَارَة وَعَلَيْهَا دين فَولدت فِي مكاتبتها ولدا فأدت الْمُكَاتبَة قبل أَن يعلم الْغُرَمَاء بِشَيْء من وَلَدهَا هَل تعْتق وَيعتق وَلَدهَا قَالَ نعم قلت فَهَل يلْزمهَا(4/4)
الدّين قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْوَلَد هَل يلْحقهُ شَيْء من الدّين قَالَ نعم وَإِن شاؤا اتبعُوا بِالدّينِ الْأُم وَيَأْخُذ الْغُرَمَاء من السَّيِّد مَا أَخذ من الْمُكَاتبَة فان فضل من دينهم كَانُوا فِيهِ بِالْخِيَارِ إِن شاؤا ضمنُوا للسَّيِّد قيمَة الْأُم فِيمَا بقى وَإِن شاؤوا اتبعُوا الْأُم بِجَمِيعِ ذَلِك وَإِن شاؤا الْوَلَد وَلَكِن لَا يَأْخُذُونَ الْوَلَد بِأَكْثَرَ من قِيمَته قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم بعد أَدَاء الْمُكَاتبَة هَل يلْحق الْوَلَد من ذَلِك شَيْء قَالَ نعم يلْحقهُ الْأَقَل من قِيمَته وَالدّين لِأَنَّهُ وَلَدهَا وَهِي أمة بعد قلت وَلم قَالَ لِأَن الدّين إِنَّمَا كَانَ على الْأُم فَلَا يلْحق الْوَلَد شَيْء مِنْهُ بعد عتقهَا إِلَّا قِيمَته قلت أَرَأَيْت الْأمة تكون بَين رجلَيْنِ فَيَأْذَن لَهَا أَحدهمَا فِي(4/5)
التِّجَارَة فاستدانت دينا ثمَّ إِن الَّذِي لم يَأْذَن لَهَا كَاتب نصفه مِنْهَا هَل يجوز ذَلِك وَقد كَاتب باذن شَرِيكه وَقد جَاءَ الْغُرَمَاء فَقَالُوا لَا نجيز الْمُكَاتبَة بِمَال قَالَ لَا يجوز قلت لم قَالَ لِأَن للْغُرَمَاء أَن يبيعوا نصف الْأمة وَلَيْسَ لَهُ أَن يُكَاتب نصفهَا وَإِن أذن لَهُ الشَّرِيك لِأَن النّصْف الَّذِي للشَّرِيك للْغُرَمَاء قلت أَرَأَيْت إِن رضى الْغُرَمَاء بذلك هَل يجوز وَقَالُوا نَحن نرضى أَن تستسيعها قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الَّذِي لم يَأْذَن لَهَا فِي التِّجَارَة وَأخذ الْمُكَاتبَة هَل(4/6)
يعْتق نصِيبه مِنْهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ للفرماء بعد ذَلِك هَل يكون لَهُم على الَّذِي كَاتب شَيْء قَالَ نعم يرجعُونَ عَلَيْهِ بِنصْف مَا أَخذ وَيرجع بِهِ الَّذِي كَاتب على الْمُكَاتبَة ثَانِيَة قلت لم قَالَ لِأَن مَا أَخذ من الْأمة إِنَّمَا هُوَ للْغُرَمَاء أَلا ترى أَن الْمُكَاتبَة لَو اكْتسبت مَالا قبل الْمُكَاتبَة وَعَلَيْهَا دين كَانَ نصف ذَلِك الْكسْب فِي دينهَا وَلَو لم يكن عَلَيْهَا دين كَانَ نصف مَا أَخذ لشَرِيكه قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب بأذن شَرِيكه وَأمره أَن يقبض هَل يكون للْغُرَمَاء فِيهِ شَيْء قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ أذن لَهُ أَحدهمَا فِي التِّجَارَة فاستدان دينا هَل للْآخر أَن يستغل نصِيبه مِنْهُ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْأمة بَين رجلَيْنِ فَأذن لَهَا أَحدهمَا فِي التِّجَارَة فاستدانت دينا ثمَّ ولدت ولدا ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء هَل لَهُم على وَلَدهَا سَبِيل قَالَ نعم إِن أدّى مَوْلَاهَا مَا عَلَيْهَا من الدّين وَإِلَّا بيع نصِيبه مِنْهَا وَمن وَلَدهَا حَتَّى توفى الْغُرَمَاء دينهم قلت أَرَأَيْت رجلا لَهُ عبد مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَعَلِيهِ دين وَأذن الْمَأْذُون لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فاستدان دينا ثمَّ إِن السَّيِّد كَاتب عَبده الأول فَأدى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة هَل لغرماء الْمَأْذُون لَهُ الأول على العَبْد الْمَأْذُون لَهُ الآخر شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قلت وَلم قَالَ لِأَن غرماءه أَحَق بِهِ(4/7)
حَتَّى يستوفوا دينهم فان فضل شَيْء كَانَ لغرماء الأول قلت أَرَأَيْت أمة مَأْذُونا لَهَا فِي التِّجَارَة ولدت ولدا وَعَلَيْهَا دين ثمَّ إِن السَّيِّد كَاتب وَلَدهَا ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء هَل لَهُم أَن يردوا الْمُكَاتبَة قَالَ إِن أدّى السَّيِّد الدّين أَو كَانَ فِي الْأُم وَفَاء بِالدّينِ جَازَت الْمُكَاتبَة فان لم يؤد السَّيِّد أَو لم يكن فِي الْأُم وَفَاء بطلت الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْغُرَمَاء إِذا مَا بقى من مَالهم شَيْء كَانَت الِابْنَة تبَاع فِيهِ فَلَا يجوز للسَّيِّد أَن يكاتبها قلت وَكَذَلِكَ لَو أعْتقهَا السَّيِّد ضمن قيمتهَا إِذا لم يكن فِي أمهَا وَفَاء قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ السَّيِّد مُعسرا هَل لَهُم أَن يستسعوا الِابْنَة فِيمَا بقى من الدّين قَالَ نعم قلت وَلم وَإِنَّمَا الدّين على أمهَا قَالَ لِأَنَّهُ فِي رَقَبَة أمهَا وَفِي رقبَتهَا جَمِيعًا أَلا ترى أَنَّهَا تبَاع هِيَ وَأمّهَا فِي الدّين جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت رجلا أذن لأمته لَهُ فِي التِّجَارَة فاستدانت دينا بمكاتبتها فَولدت ولدا فِي كتَابَتهَا ثمَّ إِن السَّيِّد أعتق وَلَدهَا هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ الْغُرَمَاء فَردُّوا الْمُكَاتبَة وبيعت الْأُم لَهُم فَلم يكن لَهُم فِيهَا وَفَاء بِالدّينِ أيضمن الْمولى قيمَة(4/8)
الْوَلَد قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الدّين كَانَ فِي رقابهم جَمِيعًا أَلا ترى أَنه لَو لم يعْتق الْوَلَد بِعتْقِهَا بِيعَتْ مَعَ أمهَا فِي الدّين قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمة لَهُ مَأْذُونا لَهَا فِي التِّجَارَة فاستدانت دينا فِي مكاتبتها وَقد كَانَ عَلَيْهَا دين قبل الْمُكَاتبَة ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء الْأَولونَ فَردُّوا الْمُكَاتبَة هَل يشتركون جَمِيعًا فِي الثّمن قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أذن الرجل لأمته فِي التِّجَارَة فاستدانت دينا ثمَّ كاتبها فَولدت ولدا فِي الْمُكَاتبَة فشب الْوَلَد فَاشْترى وَبَاعَ وَلَزِمَه دين ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء الْأَولونَ فَردُّوا الْأُم فِي الرّقّ مَا حَال الْوَلَد قَالَ تبَاع الْأُم للْغُرَمَاء غُرَمَاء نَفسهَا وَيُبَاع الابْن لغرمائه خَاصَّة دون غُرَمَاء أمه قلت وَلم لَا يكون للأولين شَيْء وَالْولد بِمَنْزِلَة أمه وَمَا كَانَ من دين على الْأُم فَهُوَ فِي رقبتهما جَمِيعًا قَالَ لِأَن دين نَفسه أَحَق من دين أمه قلت أَرَأَيْت رجلا أذن لأمته فِي التِّجَارَة فاستدانت دينا ثمَّ ولدت ولدا فَأذن لَهُ الْمولى فِي التِّجَارَة ثمَّ إِن وَلَدهَا اشْترى وَبَاعَ وَلَزِمَه دين هَل يلْزمه ذَلِك الدّين قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمه قلت أَرَأَيْت إِن بِيعَتْ الْأُم فَلم يَفِ ثمنهَا بِالدّينِ فَبيع الْوَلَد لمن يكون ثمنه لغرمائه أَو لغرماء أمه قَالَ لغرمائه دون غُرَمَاء أمه قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مَأْذُونا لَهما فِي التِّجَارَة وَعَلَيْهِمَا دين فكاتبهما مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة وَعَلَيْهِمَا دين يُحِيط(4/9)
برقبتهما فَغَاب أَحدهمَا فجَاء الْغُرَمَاء فَأخذُوا الشَّاهِد مِنْهُمَا هَل لَهُم أَن يردوه فِي الرّقّ قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الآخر غَائِب وَالْمُكَاتبَة وَاحِدَة وَلِأَنَّهُمَا يعتقان جَمِيعًا ويعجزان جَمِيعًا أَلا ترى إِن جَاءَ الْغَائِب فَأدى عتق وَعتق الآخر مَعَه قلت فَكيف يصنع الْغُرَمَاء بِهَذَا الشَّاهِد قَالَ يستسعونه فِيمَا عَلَيْهِ من الدّين وَمَا أدّى من الْمُكَاتبَة فالغرماء أَحَق بِهِ قلت فَهَل للْغُرَمَاء أَن يضمنوا الْمولى قيمَة الْعَبْدَيْنِ قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لم يجر فيهمَا عتاقه بعد وَلِأَنَّهُمَا إِذا اجْتمعَا ردا فِي الرّقّ وَلَكنهُمْ إِن شاؤا ضمنوه قيمَة العَبْد الشَّاهِد لِأَنَّهُ مَنعهم من بَيْعه فَلَيْسَ لَهُم أَن يضمنوه قيمَة الْغَائِب قلت أَرَأَيْت إِن اجْتمعَا جَمِيعًا فَأجَاز الْغُرَمَاء مُكَاتبَة أَحدهمَا وَلم يجيزوا مُكَاتبَة الآخر هَل لَهُم أَن يردوا هَذَا الآخر فِي الرّقّ دون الَّذِي(4/10)
أَجَازُوا قَالَ لَيْسَ لَهُم أَن يردوا هَذَا الآخر فِي الرّقّ قلت وَلم قَالَ لِأَن مكاتبتهما وَاحِدَة فَلَا يردان إِلَّا جَمِيعًا وَلَا يعتقان إِلَّا جَمِيعًا
- بَاب مِيرَاث الْمكَاتب
- قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحسن عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن على وعبد الله وَشُرَيْح رَضِي الله عَنْهُم أَن الْمكَاتب إِذا مَاتَ وَترك مَالا وورثة أَنه يُؤدى إِلَى الْمولى مَا بقى من الْمُكَاتبَة وَيكون مَا بقى لوَرثَته قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا مَاتَ وَله وَرَثَة أَحْرَار وَقد ترك وَفَاء(4/11)
وَعَلِيهِ من مُكَاتبَته بَقِيَّة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ السَّيِّد مَا بقى من مُكَاتبَته مِمَّا ترك وَمَا فضل فلورثته قلت فَهَل يعْتق الْمكَاتب قَالَ نعم قلت فَهَل يجر وَلَاء وَلَده وَله ولد أَحْرَار من امْرَأَة حرَّة وَقد كَانَ تزَوجهَا وَهِي حرَّة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا مَاتَ وَترك ولدا ولد فِي الْمُكَاتبَة من أمة لَهُ وَله ولد سوى ذَلِك أَحْرَار وَترك مَالا من يَرِثهُ قَالَ يَأْخُذ الْمولى مَا بقى من مُكَاتبَته وَيكون مِيرَاثه بَين وَلَده الْأَحْرَار وَبَين الَّذين ولدُوا لَهُ فِي الْمُكَاتبَة قلت وَلم وَالَّذين ولدُوا فِي الْمُكَاتبَة عبيد قَالَ لِأَنَّهُ عتق فَعتق ابْنه الَّذِي ولد فِي الْمُكَاتبَة بِعِتْقِهِ أَلا ترى أَن الْمولى حَيْثُ قبض الْمُكَاتبَة عتق الْمكَاتب وَعتق وَلَده مَعَه فصاروا ورثته قلت أَرَأَيْت إِن ترك الْمكَاتب دينا فِيهِ وَفَاء لمكاتبته مَا حَال الْوَلَد وَالدّين لَا يقدر قَالَ يسْعَى هَذَا الْوَلَد الَّذِي ولد فِي الْمُكَاتبَة فِيمَا على أَبِيه من الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن سعى فِيهَا فأداها هَل يعْتق قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن خرج دين أَبِيه بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك وَمَعَهُ إخْوَة لَهُ أَحْرَار قَالَ لَا يرجع وَلَده الَّذِي يسْعَى فِي الْمُكَاتبَة(4/12)
فِيمَا سعى على وَالِده وَيكون مَا ترك أَبوهُ مِيرَاثا بَينه وَبَين إخْوَته قلت وَلم لَا يرجع فِيمَا يسْعَى قَالَ لِأَنَّهُ هُوَ نَفسه مَال أَبِيه وَمَا اكْتسب أَيْضا وَمَا أدّى فَهُوَ من مَال أَبِيه قلت أَرَأَيْت مكَاتبا مَاتَ وَعَلِيهِ دين وَترك ولدا أحرارا وَترك وَفَاء وَقد كَانَ أوصى بِوَصِيَّة لرجل ودبر عبدا لَهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ وَصيته بَاطِل وتدبيره بَاطِل وَيَأْخُذ الْمولى مَا بقى من الْمُكَاتبَة وَمَا بقى فللورثة قلت وَلم أبطلت وَصِيَّة الْمكَاتب قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة العَبْد قلت أَرَأَيْت مكَاتبا مَاتَ وَعَلِيهِ دين وَقد ترك وَفَاء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ بِالدّينِ فَيقْضى ثمَّ يَأْخُذ الْمولى مَا بقى من الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك وَمَا بقى فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد قد أدانه دينا فِي مُكَاتبَته مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ بدين الأجنبيين فيؤدى إِلَيْهِم ثمَّ يُؤدى إِلَى الْمولى ثمَّ يَأْخُذ الْمولى بعد ذَلِك مَا بقى من الْمُكَاتبَة وَمَا بقى فلورثته وَذَلِكَ إِذا ترك وَفَاء بذلك كُله فان لم يتْرك بعد دين الأجنبيين إِلَّا مِقْدَار الْمُكَاتبَة أَو الدّين دين الْمولى فانه يبْدَأ بالمكاتبة قبل دين الْمولى لأَنا إِن بدأنا بِالدّينِ مَاتَ الْمكَاتب عَاجِزا وَبَطل دين الْمولى قلت أَرَأَيْت إِن لم يدع شَيْئا إِلَّا قدر الدّين هَل للْمولى مِنْهُ شَيْء(4/13)
قَالَ لَا وَلكنه للْغُرَمَاء قلت وَلم لَا يضْرب الْمولى مَعَ الْغُرَمَاء بِدِينِهِ فِيمَا ترك الْمكَاتب قَالَ لِأَنَّهُ عَبده فَلَا يضْرب بِدِينِهِ مَعَ الْغُرَمَاء قلت فَهَل يَرث الْمكَاتب إِذا مَاتَ أَخ لَهُ أَو أَب لَهُ حر قَالَ لايرث الْمكَاتب لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة العَبْد قلت فَهَل يُورث إِذا مَاتَ قَالَ نعم يَأْخُذ مَوْلَاهُ مَا بقى من مُكَاتبَته وَمَا بقى فَلَا قرب النَّاس مِمَّن يَرِثهُ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا مَاتَ وَقد كَاتب عبدا لَهُ أَيكُون مُكَاتبَة عَبده ذَلِك مِيرَاثا لوَرثَته قَالَ نعم ينظر إِلَى جَمِيع مَا ترك من مَال وَمَا كَانَ لَهُ من دين على أحد وَمَا كَانَ لَهُ من مُكَاتبَة فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته بعد مَا يقبض الْمولى مَا بقى من مُكَاتبَته وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَتِهِ قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة إِذا ولدت ابْنة وَولد لولدها جَارِيَة وَولد لولدها إِبْنِ ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة مَاتَت وَتركت وَفَاء مَا القَوْل فِي ذَلِك وَلَيْسَ لَهَا وَارِث إِلَّا وَلَدهَا قَالَ يَأْخُذ الْمولى مَا بقى من الْمُكَاتبَة ولابنتها النّصْف بعد ذَلِك من جَمِيع مَا بقى وَمَا بقى فَهُوَ للولى قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت ولدت غُلَاما وَولد لابنها ولد ذكر من جَارِيَة ثمَّ مَاتَت الْمُكَاتبَة قَالَ يَأْخُذ الْمولى مَا بقى من الْمُكَاتبَة وَمَا بقى فلابنها دون ابْن ابْنهَا(4/14)
قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة إِذا مَاتَت وَتركت مَالا دينا وَلها ولد قد وَلدته فِي الْمُكَاتبَة فاستسعاها القَاضِي فِيمَا على الْأُم فعجزت هَل ترد فِي الرّقّ وَقد أيس من الدّين أَن يخرج قَالَ نعم إِذا كَانَ الْأَمر كَمَا ذكرت ردَّتْ فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن خرج المَال بعد ذَلِك قَالَ هُوَ كُله للْمولى قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ وَامْرَأَته مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا فَولدت الْمُكَاتبَة فِي مكاتبتها ولدا ثمَّ إِن الْوَلَد اكْتسب مَالا ثمَّ مَاتَ لمن يكون المَال قَالَ هُوَ للْأُم دون الْأَب قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا الْيَسْ بميراث وَلِأَن الْوَلَد عُضْو من أَعْضَاء الْأُم وَكسب الْوَلَد وَمَاله أجمع للام دون الْأَب قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم وَتركت مَالا وَفِيه وَفَاء بمكاتبتها وَفضل وَلها ولد أَحْرَار قد أعتقوا قبل الْمُكَاتبَة ماالقول فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ الْمولى مِمَّا تركت جَمِيع مَا بقى من الْمُكَاتبَة وَالْمِيرَاث بَين وَلَدهَا الْأَحْرَار وَبَين زَوجهَا وَيرجع الْوَلَد على الزَّوْج بِمَا أدَّت عَنهُ الْأُم لِأَن الْمُكَاتبَة كَانَت عَلَيْهِمَا جَمِيعًا أَلا ترى أَنَّهَا لَو كَانَت حَيَّة فأدت(4/15)
رجعت عَلَيْهِ بِمَا أدَّت عَنهُ من الْمُكَاتبَة فَكَذَلِك ورثتها
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ وابنا للْعَبد وهما رجلَانِ جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا فَمَاتَ الب وَترك مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ وراث غير ابْنه قَالَ يَأْخُذ الْمولى مَا بقى من الْمُكَاتبَة مِمَّا ترك الْأَب وَمَا بقى فَهُوَ مِيرَاث لِابْنِ الْمكَاتب قلت وَلم وَهُوَ مكَاتب قَالَ لِأَنَّهُ عتق الابْن بِعِتْق الْأَب وَورثه من ذَلِك وَلَو كَانَت مكاتبتهما لَيست بِوَاحِدَة وَكَانَت مكاتبتين متفرقتين فَمَاتَ الْأَب وَترك وَفَاء فَأدى الابْن إِلَى الْمولى بعد موت أَبِيه وَعتق لم يَرِثهُ لِأَن أَبَاهُ مَاتَ وَهُوَ مكَاتب وَإِنَّمَا عتق بعد مَوته وَبعد مَا صَار الْمِيرَاث لغيره وَالَّذِي ولد لَهُ فِي الْمُكَاتبَة إِنَّمَا عتق مَعَ الْأَب فَلذَلِك اخْتلفَا قلت وَكَذَلِكَ الابْن لَو مَاتَ قَالَ نعم لِأَنَّهَا إِذا كَانَت مُكَاتبَة وَلدته فانما يعْتق الابْن بِعِتْق الْأَب أَلا ترى أَن الْأَب لَا يصير حرا وَالْأول الابْن حر مَعَه وَإِذا كَانَ فِي غير مُكَاتبَة لم يكن كَذَلِك قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ ثمَّ مَاتَ وَترك رجَالًا وَنسَاء ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب بعد ذَلِك وَترك مَالا كثيرا وَلَيْسَ لَهُ وَارِث إِلَّا موَالِيه قَالَ ينظر إِلَى مُكَاتبَته مِمَّا ترك فَيكون لجَمِيع الْوَرَثَة من الرِّجَال وَالنِّسَاء(4/16)
وَمَا بقى من مَال الْمكَاتب للرِّجَال دون النِّسَاء قلت لم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة مِيرَاث من الْمَيِّت تَركه فَهُوَ لجَمِيع الْوَرَثَة من الرِّجَال وَالنِّسَاء فاذا قبض الْوَرَثَة الْمُكَاتبَة عتق الْمكَاتب وَكَانَ مَا بقى مِيرَاثا للذكور من ولد الْمولى دون الْإِنَاث لِأَن هَذَا وَلَاء وَلَا يَرث النِّسَاء شَيْئا مِنْهُ قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الْمكَاتب أدّى إِلَى الْوَرَثَة جَمِيع الْمُكَاتبَة ثمَّ مَاتَ بعد ذَلِك قَالَ نعم قلت فَلَنْ يكون مَا أدّى من الْمُكَاتبَة قَالَ لجَمِيع ولد الْمولى من الرِّجَال وَالنِّسَاء لِأَنَّهُ مِيرَاث كُله قلت أَرَأَيْت رجلا مَاتَ وَترك ولدا رجلا وَنسَاء فوهبوا لَهُ مَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ وَترك بعد ذَلِك مَالا من يَرِثهُ قَالَ الذُّكُور دون الْإِنَاث قلت وَكَذَلِكَ لَو أعتقوه جَمِيعًا وَرثهُ الرِّجَال دون النِّسَاء قَالَ نعم قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن ولاءه للْمَيت الَّذِي كَانَ كَاتبه وَلَا يَرث النِّسَاء من الْوَلَاء شَيْئا إِلَّا مَا أعتقن أَو كاتبن وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة مَا كاتبن وَلَا مَا أعتقن قلت أَرَأَيْت امْرَأَة كاتبت عبدا لَهَا ثمَّ إِن الْمكَاتب كَاتب عبدا لَهُ فأديا جَمِيعًا الْمُكَاتبَة ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب الأول وَلَيْسَ لَهُ وَارِث إِلَّا مولاته هَل تَرثه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ مكَاتب الْمكَاتب بعد ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ وَارِث غَيرهَا هَل تَرثه قَالَ نعم قلت لم وَقد زعمت أَن النِّسَاء لَا يرثن إِلَّا مَا أعتقن أَو كاتبن قَالَ هَذَا بِمَنْزِلَة مَا أعتقت هِيَ لِأَن عتق(4/17)
مَا أَعتَقته وَكِتَابَة مَا كاتبته فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة مَا أعتقت أَو كاتبت وَمولى مَوْلَاهَا بمزلة مَوْلَاهَا قلت وَكَذَلِكَ لَو أعتقت عبدا فَأعتق مَوْلَاهَا ذَلِك عبدا ثمَّ مَاتَ مَوْلَاهَا الأول ثمَّ مَاتَ الآخر بعد ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ وَارِث غَيرهَا هَل تَرثه قَالَ نعم لِأَن مَا أعتق مَوْلَاهَا هُوَ بِمَنْزِلَة مَا أعتقت قلت وَكَذَلِكَ مَا أعتق مولى مَوْلَاهَا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ مَا كاتبت مكاتبتها أَو أعتق الْمكَاتب بعد مَا أدّى أَو كَاتب الْمكَاتب بعد مَا أدّى قَالَ نعم وَهَذَا كُله سَوَاء ويرثه إِذا مَاتَ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا مَاتَ قبل أَن يُؤدى شَيْئا أَو قد أدّى بعض مُكَاتبَته قَالَ يُؤدى مَا بقى من مُكَاتبَته وَمَا بقى فَهُوَ مِيرَاث وَقَول عبد الله وَعلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا فِي هَذَا أحب إِلَيْنَا وَبِه نَأْخُذ فِي الْمَوْت فَأَما إِذا كَانَ حَيا فَقَوْل زيد رَضِي الله عَنهُ نَأْخُذ بِهِ إِن عجز عَن دِرْهَم من مُكَاتبَته رد فِي الرّقّ وَذَلِكَ أَيْضا قَول عَائِشَة وَقَول ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق(4/18)
- بَاب مُكَاتبَة الْمَمْلُوك الصَّغِير
- قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا صَغِيرا هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم إِن كَانَ يعقل جَازَت الْمُكَاتبَة وَإِن كَانَ لَا يعقل لم تجز
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عبدا لَهُ وَهُوَ صَغِير لم يَحْتَلِم وَلكنه(4/19)
قد راهق وَعرف ذَلِك هَل يجوز قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أجزت الْمُكَاتبَة هَل يكون فِي ذَلِك يمنزلة العَبْد الْكَبِير قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن اسْتَدَانَ دينا هَل يلْزمه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى وَبَاعَ هَل يجوز قَالَ نعم وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْكَبِير قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الْمَمْلُوك عبدا لَهُ هَل يجوز قَالَ نعم قلت وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْكَبِير قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن عجز هَل يرد فِي الرّقّ قبل أَن يدْرك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل عبدا لَهُ صَغِيرا لَا يعقل وَلَا يعرف ذَلِك وَلَا يقدر على أَن يسْعَى فجَاء رجل فَأدى عَنهُ تِلْكَ الْمُكَاتبَة فقبلها الْمولى هَل يعْتق الصَّبِي مَا لم يتَكَلَّم قَالَ لَا يعْتق وَلَيْسَ هَذِه بمكاتبة قلت لم وَأَنت تزْعم لَو أَن رجلا كَاتب عبدا لَهُ مُكَاتبَة فَاسِدَة فأداها عتق قَالَ لِأَنِّي لَو أجزت هَذَا لأجزت لَو أَن رجلا كَاتب مَا فِي بطن جَارِيَته فجَاء رجل بعد ذَلِك فَأدى عَنهُ عتق وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء(4/20)
وَهَذَا بِمَنْزِلَة من لم يُكَاتب وَيرد المَال إِلَى صَاحبه وَإِنَّمَا يجوز إِذا كَانَ يعقل وَيتَكَلَّم وَيعرف ذَلِك قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ صغيرين وَقد راهقا وَلم يحتلما مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا هَل يكونَانِ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الكبيرين قَالَ نعم قلت وَلَا يعتقان إِلَّا بأَدَاء جَمِيع الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أدّى أَحدهمَا قِيمَته من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا يعتقان حَتَّى يؤديا جَمِيع الْمُكَاتبَة كلهَا قلت أَرَأَيْت إِن عجز أَحدهمَا وَلم يعجز الْأُخَر هَل يردان فِي الرّقّ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الآخر إِذا أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة عتقا جَمِيعًا وَلَا يكون عجزهما إِلَّا جَمِيعًا وَلَا عتقهما إِلَّا بِالْأَدَاءِ جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت الرجل كَاتب على عبد لرجل رَضِيع فرضى الْمولى بذلك هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الرجل لَا يجوز كِتَابَته لرجل عَن عَبده وَكَذَلِكَ الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت(4/21)
إِن أدّى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة هَل يعْتق الصَّبِي قَالَ نعم قلت وَلم وَقد زعمت أَن الْمُكَاتبَة لَيست بجائزة قَالَ لِأَنِّي استحسنت ذَلِك وَجَعَلته بِمَنْزِلَة قَوْله إِذا أدّيت إِلَى كَذَا وَكَذَا فَعَبْدي حر أَلا ترى أَن الرجل لَو لم يؤد شَيْئا ثمَّ بلغ العَبْد وَهُوَ غَائِب يَوْم وَقعت الْكِتَابَة فأجازها كَانَ جَائِزا وَكَانَ الْأَدَاء على العَبْد يُؤْخَذ بذلك وَإِن أَدَّاهُ الرجل عَنهُ إِلَّا درهما كَانَ أَدَاؤُهُ عَنهُ دائزا وَلَا يُؤْخَذ العَبْد إِلَّا بذلك الدِّرْهَم وَيتم مَا صنع ذَلِك فَكَذَلِك أَدَاء الْجَمِيع أَيْضا جَائِز وَلَا يُؤْخَذ وَيقبض بِهِ العَبْد وَالصَّغِير بِمَنْزِلَة العَبْد الْغَائِب(4/22)
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عبدا لَهُ صَغِيرا قد راهق ثمَّ إِن الْمكَاتب كَاتب لَهُ عبدا آخر ثمَّ عجز الْمكَاتب الأول مَا حَال الْمكَاتب الثَّانِي قَالَ هُوَ مكَاتب على حَاله إِن أدّى عتق وَإِن عجز رد فِي الرّقّ
- بَاب الرجل يُكَاتب عَن نَفسه وَعَن عبد لَهُ آخر
- قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه وَعبد لَهُ آخر غَائِب على ألف دِرْهَم مُكَاتبَة وَاحِدَة وَضمن الْمُكَاتبَة هَل يجوز هَذَا قَالَ أما الْمكَاتب فمكاتبته على نَفسه جَائِزَة وَلَا تجوز على الآخر الْغَائِب قلت أَرَأَيْت إِن أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعتقان جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع هَذَا الْمكَاتب على الْغَائِب بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُمَا لم يكاتبا جَمِيعًا وَلِأَنَّهُ كَاتب عَنهُ بِغَيْر أمره قلت أَرَأَيْت إِن عجز هَذَا الْمكَاتب هَل يرد فِي الرّقّ قَالَ نعم قلت وَلم وَالْآخر غَائِب قَالَ لِأَن الآخر لم يدْخل فِي الْمُكَاتبَة لِأَنَّهُمَا لم يكاتبا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت ان رد فِي الرّقّ ثمَّ جَاءَ الآخر بعد ذَلِك فَقَالَ أَنا أسعى فِي الْمُكَاتبَة هَل يلْتَفت إِلَيْهِ قَالَ لَا وَهُوَ عبد قلت أَرَأَيْت إِن قدم قبل أَن يُؤَدِّي فَرضِي بالمكاتبة فعجز الْمكَاتب بعد ذَلِك هَل يردان جَمِيعًا فِي الرّقّ قَالَ نعم قلت وَلم وَقد كَانَ الآخر رَضِي(4/23)
بالمكاتبة قَالَ لِأَن الآخر لَيْسَ من هَذَا فِي شَيْء وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلم يُكَاتب هُوَ لنَفسِهِ قلت أَرَأَيْت إِن أدّى هَذَا الْمكَاتب حِصَّة قِيمَته من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لَا يعْتق حَتَّى يُؤدى جَمِيع الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة قد لَزِمته جَمِيعًا يَوْم كَاتب فَلَا يعْتق إِلَّا بأدائها جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمكَاتب وَلم يدع شَيْئا مَا حَال الآخر قَالَ الآخر مَمْلُوك إِلَّا أَن يعجل جَمِيع الْمُكَاتبَة حَالَة فَانِي أستحسن أَن أعتقهما جَمِيعًا وَإِن لم يؤده حَالا رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ الآخر أَنا أسعى هَل يلْتَفت إِلَى قَوْله قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن قدم الْغَائِب مِنْهُمَا فَرضِي بالمكاتبة وَرَضي السَّيِّد بعد ذَلِك أَن يكون عَلَيْهِ وعَلى الْمُكَاتبَة يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ فَهَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلَا يكون للْمولى عَلَيْهِ سَبِيل قَالَ لَا قلت لم وَقد رَضِي الْمولى قَالَ لِأَن الْغَائِب لم يكن دخل فِي الْمُكَاتبَة فَلَيْسَ يلْزمه شَيْء من الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك رَضِي أَو لم يرض قلت فَكيف الْقيَاس فِي هَذَا الَّذِي ذكرت لَك قَالَ إِذا أدّى الْمكَاتب الَّذِي كَاتب قدر حِصَّة قِيمَته من الْمُكَاتبَة عتق وَلَكِن أستحسن أَن لَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء(4/24)
جَمِيع الْمُكَاتبَة لِأَنَّهُمَا مُكَاتبَة وَاحِدَة والنجوم وَاحِدَة وَالْمَال كُله على الْمكَاتب فَلَا يعْتق إِلَّا بِأَدَائِهِ قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ وعبدا لَهُ آخر وهما حاضران جَمِيعًا ورضى الآخر بذلك بعد وُقُوع الْمُكَاتبَة وَجعل المَال على هَذَا الَّذِي كَاتب دون الآخر هَل يجوز ذَلِك قَالَ هَذَا وَالْبَاب الأول سَوَاء إِذا لم تقع الْمُكَاتبَة عَلَيْهِمَا والنجوم وَالْأَدَاء عَلَيْهِمَا جَمِيعًا لم تجز مُكَاتبَة الْمكَاتب على الآخر وضمانه على المَال إِلَّا أَنى أستحسن إِذا وَقع الْأَمر على مَا ذكرت لَك فَأدى المَال أَن يعتقان جَمِيعًا وَلَا يعْتق الْمكَاتب إِلَّا بأَدَاء جَمِيع المَال نَدع الْقيَاس فِي ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الْمولى إِن أعتق الآخر الَّذِي لم يدْخل مَعَ هَذَا فِي الْمُكَاتبَة هَل يرفع عَن الْمكَاتب مَا بقى قَالَ نعم قلت وَلم وَلَيْسَ يلْزمه شَيْء من مَال الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَنَّهُ قد أعتق فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا قد قبض هَذَا المَال لِأَن المَال إِنَّمَا لزم الْمكَاتب عَنْهُمَا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الَّذِي لم يدْخل فِي الْمُكَاتبَة هَل يرفع عَن هَذَا شَيْء قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ أَحدهمَا غَائِبا فكاتب الشَّاهِد على نَفسه وعَلى الْغَائِب وَلَا يدرى مَا قيمَة الْغَائِب كَيفَ الْقيَاس فِي هَذَا قَالَ الْمُكَاتبَة فَاسِدَة قلت وَلم قَالَ لِأَنِّي لَا أَدْرِي مَا يلْزم(4/25)
هَذَا الْمكَاتب من الْمُكَاتبَة لِأَن فِي الْقيَاس إِنَّمَا يلْزمه قدر قِيمَته من الْمُكَاتبَة فاذا لم يعلم مَا قيمَة الآخر فالمكاتبة فَاسِدَة وَلَكِن أدع الْقيَاس وأجيز ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة وَهِي فَاسِدَة هَل يعْتق وَيعتق الآخر مَعَه قَالَ نعم قلت لم وَأَنت قد أفسدت الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَنَّهُ إِذا أدّى عتق لِأَن الرجل إِذا كَاتب عَبده مُكَاتبَة فَاسِدَة فَأدى الْمُكَاتبَة قبل أَن يرد فِي الرّقّ عتق قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه وَولد لَهُ صغَار هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كبر الْوَلَد وَغَابَ الْأَب للْمولى أَن يستسعى الْوَلَد فِي شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة على الْأَب قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْأَب الْمُكَاتبَة هَل يعتقون جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع الْأَب على وَلَده بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب على وَلَده وهم صغَار وَلِأَن الْوَلَد لم يكن عَلَيْهِم شَيْء من المنكاتبة قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْوَلَد إِلَى الْمولى الْمُكَاتبَة هَل يرجعُونَ على أَبِيهِم بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا شيئ تطوعوا بِهِ على أَبِيهِم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْأَب مَا حَال الْوَلَد قَالَ يسعون فِي الْمُكَاتبَة على(4/26)
النُّجُوم فان أَدّوا عتقوا وَإِن عجزوا ردوا قلت أَرَأَيْت رجلاكاتب عبدا لَهُ على نَفسه وعَلى عبد لَهُ آخر برضى ذَلِك العَبْد ثمَّ إِن السَّيِّد بَاعَ العَبْد الَّذِي لم يدْخل فِي الْمُكَاتبَة هَل يجوز بَيْعه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب لَو أدّى الْمُكَاتبَة عتقا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب جَارِيَة لَهُ على نَفسهَا وَجَارِيَة لَهُ أُخْرَى ثمَّ إِن السَّيِّد وطىء الْمُكَاتبَة فعلقت فَاخْتَارَتْ أَن تعجز هَل تكون الْأُخْرَى رَقِيقا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أَيْضا وطىء السَّيِّد الَّتِي لم تدخل فِي الْمُكَاتبَة فعلقت هَل تصير أم وَلَده قَالَ أما من أجَاز الْمُكَاتبَة عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَأخذ بالاستحسان فِيهِ لم يصيرها أم ولد لِأَن الْمُكَاتبَة إِذا أدَّت الْمُكَاتبَة عتقا جَمِيعًا وَأما فِي الْقيَاس فَتَصِير أم ولد وتسعى الْمُكَاتبَة فِي قدر قيمتهَا من الْمُكَاتبَة وتعتق وَلَكِن أدع الْقيَاس فَلَا تصير أم ولد وَتَكون على حَالهَا قلت أَرَأَيْت إِن دبر السَّيِّد الَّتِي لم تدخل فِي الْمُكَاتبَة هَل يرفع عَن الْمُكَاتبَة شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم وَقد زعمت أَنَّهَا إِذا عتقت رفع عَن هَذِه حِصَّة قيمتهَا من الْمُكَاتبَة قَالَ(4/27)
لِأَن الْمُدبرَة مَمْلُوكَة على حَالهَا أَلا ترى أَن الْمُكَاتبَة إِذا أدَّت عتقا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمة لَهُ على نَفسهَا وعَلى أمة لَهُ أُخْرَى ثمَّ إِن الْأُخْرَى ولدتا ولدا هَل للْمولى أَن يَبِيع وَلَدهَا قَالَ لَا وَهِي بِمَنْزِلَة أمهَا لِأَن الْمُكَاتبَة إِذا أدَّت عتقا جَمِيعًا قلت فَهَل للْمولى أَن يَطَأهَا قَالَ أكره لَهُ ذَلِك قلت أَرَأَيْت السَّيِّد لَهُ أَن يُزَوّجهَا بِرِضَاهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُخْرَى الَّتِي ضمنت شَيْئا من الْمُكَاتبَة فَأخذ الْمولى قيمتهَا وَفِي قيمتهَا وَفَاء بالمكاتبة هَل تعْتق الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع السَّيِّد على الْمُكَاتبَة الْأُخْرَى بِشَيْء قَالَ لَا لِأَنَّهَا لَو كَانَت حَيَّة فأدت الْمُكَاتبَة لم ترجع بِشَيْء فَكَذَلِك قيمتهَا
- بَاب الْمُكَاتبَة على الْحَيَوَان وَغير ذَلِك من الْعرُوض
- قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على عبد إِلَى أجل هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتب أمة لَهُ على عبد قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كاتبها على وصيف قَالَ نعم وَقِيمَة ذَلِك عندنَا أَرْبَعُونَ دِينَارا فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فعلى قدر الْخَلَاء والرخص قلت وَكَذَلِكَ الْمكَاتب يكون عَلَيْهِ وصيف وسط فجَاء بِهِ هَل يجْبر الْمولى على أَن يقبله قَالَ نعم(4/28)
قلت أَرَأَيْت إِن أَتَى بِقِيمَة الوصيف أَرْبَعُونَ دِينَارا هَل يجْبر الْمولى على أَخذ ذَلِك قَالَ نعم قلت وتعتق الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت ونجبر الْمكَاتب على عبد وعَلى خَادِم وعَلى وصيف قَالَ نعم قلت وتعتق الْمُكَاتبَة إِذا أَدَّاهُ قَالَ نعم قلت وَلم أجزت هَذَا قَالَ استحسنت ذَلِك وَتركت الْقيَاس فِيهِ وَهُوَ فِي الْقيَاس سَوَاء لَا يجوز قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على عبد يُعينهُ لرجل هَل تجوز الْمُكَاتبَة على هَذَا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه على عبد رجل فَلَا يجوز قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتبه على دَابَّة هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم وَقد أجزته فِي الوصيف وَالْعَبْد قَالَ لِأَن الدَّوَابّ مُخْتَلفَة من البراذن والحمر وَالْبِغَال وَغير ذَلِك فَمن ثمَّ لم نجز لِأَنَّهُ لم يسم نوعا مِنْهَا بِعَيْنِه فَمن ثمَّ لم نجز قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه على ثوب هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا(4/29)
قلت لم قَالَ لِأَن الثِّيَاب مُخْتَلفَة فَلم يسم نوعا فَمن ثمَّ لم نجز قلت أَرَأَيْت إِن سمى نوعا من الثِّيَاب فَقَالَ لَهُ كاتبتك على كَذَا كَذَا ثوب مروى أَو كَذَا كَذَا ثوب هروى أَو غير ذَلِك من الثِّيَاب هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت فَمَا الَّذِي يلْزمه من ذَلِك قَالَ وسط من الثِّيَاب الَّتِي سمي قلت وَكَذَلِكَ الدَّوَابّ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على وصيف وَلم يسم للمكاتبة أَََجَلًا هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم وَيكون الوصيف حَالا فاذا أدّى عتق حِين يَأْخُذ الْمولى وَإِلَّا رد فِي الرّقّ قلت لم أجزت هَذَا وَلم تسم لَهُ أَََجَلًا قَالَ لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة الدَّرَاهِم أَلا ترى أَنه لَو كَاتبه على ألف دِرْهَم وَلم يَجْعَل لَهَا أَََجَلًا كَانَت الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَكَانَت حَالَة فان أَدَّاهَا حِين يَأْخُذهُ فِيهَا الْمولى وَإِلَّا رد فِي الرّقّ وَكَذَلِكَ إِذا كَاتبه على وصيف أَو على عبد قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على وصيف ثمَّ صَالحه من الوصيف على ثوب فَدفعهُ الْمكَاتب إِلَيْهِ وَقَبضه الْمولى هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن صَالحه على دَنَانِير قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن صَالحه على دَابَّة أَو على غير ذَلِك من الْعرُوض قَالَ نعم(4/30)
قلت أَرَأَيْت إِن صَالحه على ثوب زطي نَسِيئَة أَو هروى هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم وَقد أجزته إِذا كَانَ يدا بيد قَالَ لِأَنَّهُ إِذا كَانَ يدا بيد فَهُوَ جَائِز وَإِن كَانَ نَسِيئَة فَلَا يجوز دين بدين قلت وَكَذَلِكَ لَو صَالحه على كرّ من طَعَام بِعَيْنِه قَالَ لَا يجوز وَلَا يجوز أَن يصالحه إِلَّا يدا بيد أَلا ترى لَو أَن رجلا تزوج امْرَأَة على خَادِم فَصَالحه من ذَلِك على ثوب نَسِيئَة أَو على طَعَام نَسِيئَة لم يجز لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يَبِيع دينا بدين أَلا ترى أَنه لَو كَانَ لرجل على رجل دين فَصَالحه من ذَلِك على ثوب نَسِيئَة لم يجز فَكَذَلِك الثِّيَاب فِي الْبَاب الأول فِي الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ على وصيف إِلَى أجل فَولدت الْمُكَاتبَة ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة مَاتَت مَا حَال الْوَلَد قَالَ(4/31)
عَلَيْهِ مَا كَانَ على أمه من الوصيف قلت وَهُوَ عنْدك بِمَنْزِلَة الْمُكَاتبَة على دَنَانِير أَو دَرَاهِم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت لَو كَاتب مكاتبين لَهُ على وصيف مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن السَّيِّد أعتق أَحدهمَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يرفع عَن الْبَاقِي من قيمَة الوصيف بِحِصَّة الَّذِي أعتق وَينظر فان كَانَ قيمتهَا سَوَاء رفع عَنهُ نصف الوصيف قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة رجل كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ على ألف دِرْهَم وَأعْتق أَحدهمَا وقيمتهما سَوَاء فيرفع عَن الْبَاقِي نصف الْمُكَاتبَة قلت وَكَذَلِكَ إِذا كاتبهما على وصيف قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ على وصيف ثمَّ إِن الْأمة أدَّت إِلَيْهِ الوصيف أَو قِيمَته فعتقت ثمَّ اسْتحق ذَلِك من يَد السَّيِّد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يرجع السَّيِّد على الْمُكَاتبَة بِمَا أَعطَتْهُ من ذَلِك وَالْمُكَاتبَة حرَّة وَيكون الوصيف دينا عَلَيْهَا قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على جَارِيَة فَدفع إِلَيْهِ الْجَارِيَة وَقَبضهَا ثمَّ إِن السَّيِّد وطىء الْجَارِيَة فَولدت مِنْهُ ولدا ثمَّ جَاءَ رجل فَاسْتحقَّ الْجَارِيَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ الْمُسْتَحق الْجَارِيَة وعقرها وَقِيمَة أَوْلَادهَا من السَّيِّد وَيرجع السَّيِّد على الْمكَاتب بالجارية الَّتِي كَاتبه عَلَيْهَا(4/32)
وبقيمة أَوْلَادهَا وَلَا يرجع السَّيِّد على الْمكَاتب بالعقر قلت وَلم يرجع عَلَيْهِ بِقِيمَة الْأَوْلَاد قَالَ لِأَنَّهُ غره وَأَعْطَاهُ جَارِيَة لَا يملكهَا أَلا ترى لَو أَن رجلا ابْتَاعَ من مكَاتب لَهُ جَارِيَة فَولدت من السَّيِّد أَوْلَادًا ثمَّ جَاءَ رجل فَاسْتحقَّ الْجَارِيَة أَخذهَا وعقرها وَأخذ قيمَة وَلَدهَا من السَّيِّد وَيرجع السَّيِّد بِقِيمَة الْوَلَد على الْمكَاتب لِأَنَّهُ قد غره وَبَاعه مَا لم يملك وَالْمكَاتب وَغَيره سَوَاء قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة على الوصيف وَالثَّوْب إِذا سمي جنسه بِمَنْزِلَة الْمُكَاتبَة على الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه على دَار قد سَمَّاهَا ووصفها هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على أَرض قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ كل شَيْء من من الْعرُوض إِلَّا على مَا سميت لَك من الوصيف وَالثَّوْب إِذا سمي جلسه وَأما على الْأَرْضين وَالدَّار وَغير ذَلِك فَلَا يجوز قَالَ نعم قلت فان سمي دَارا بِعَينهَا قَالَ ذَلِك أفسد للمكاتبة قلت وَلم قَالَ لِأَن الدَّار لم تسم بِعَينهَا فقد كَاتبه على شَيْء لَا يعرف فان سَمَّاهَا فقد كَاتبه عَلَيْهَا لم يملك(4/33)
قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على ياقوته ولؤلؤة أَو غير ذَلِك من الْعرُوض قَالَ نعم أَيْضا لَا يجوز قلت أَرَأَيْت لَو كَاتبه على كرحنطة أَو كرّ شعير أَو سمسم أَو كَذَا كَذَا من الزَّيْت أَو كَذَا كَذَا من السّمن أَو غير ذَلِك مِمَّا يُكَال أَو يُوزن هَل تجوز الْمُكَاتبَة على ذَلِك قَالَ نعم قلت لم أجزت هَذَا فِي هَذَا الْبَاب وَقد أفسدته فِي الْعرُوض قَالَ لِأَن هَذَا يُكَال ويوزن وَيعرف وَهَذَا عندنَا بِمَنْزِلَة الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير قلت وَكَذَلِكَ إِذا كَاتبه على شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن فَهُوَ جَائِز عنْدك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه على كرّ حِنْطَة وَلم يسم جيدا وَلَا رديا وَلَا وسطا هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم وَله كروسط قلت وَلم أجزته فِي هَذَا الْبَاب وَأَنت لَا تجيزه فِي السّلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة لَا تشبه السّلم أَلا ترى أَنِّي أُجِيز الْمُكَاتبَة على الوصيف وَالسّلم فِي الوصيف غير جَائِز وَلَا يجوز السّلم فِي شَيْء من الْحَيَوَان وَالْمُكَاتبَة فِي الْحَيَوَان جَائِزَة قلت قتل أَرَأَيْت إِذا كَاتبه على وصيف فَدفع إِلَيْهِ الْمكَاتب وصيفا لَهُ بِهِ عيب فَاحش مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِذا قبض السَّيِّد وصيف(4/34)
الوصيف عتق الْمكَاتب فان أصَاب بِهِ السَّيِّد عَيْبا فَاحِشا بعد ذَلِك فَرده على الْمكَاتب رَجَعَ عَلَيْهِ بِمثلِهِ وَيصير الْمكَاتب حرا قلت أَرَأَيْت إِن اسْتحق بعض العَبْد من السَّيِّد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ السَّيِّد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ رد مَا بَقِي من العَبْد وَأخذ الْقيمَة وَإِن شَاءَ أمْسكهُ وَأخذ من الْمُكَاتبَة بعد مَا اسْتحق وَإِن شَاءَ رد مَا بَقِي وَأَخذه عبدا كَامِلا
- بَاب مُكَاتبَة الذِّمِّيّ
-
قلت أَرَأَيْت رجلا من أهل الذِّمَّة كَاتب عبدا لَهُ هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الرجل الْمُسلم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب عبدا لَهُ وَالْعَبْد ذمِّي ثمَّ إِن العَبْد أسلم وَهُوَ مكَاتب مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ على مُكَاتبَته فان أدّى عتق وَإِن عجز أجبر الْمولى على بَيْعه قلت وَيسْعَى لَهُ فِي الْمُكَاتبَة وَهُوَ مُسلم قَالَ نعم قلت من يَرِثهُ إِن مَاتَ وَقد أدّى وَلَيْسَ لَهُ وَارِث من الْمُسلمين قَالَ وَرثهُ بَيت المَال قلت أَرَأَيْت نَصْرَانِيّا ابْتَاعَ عبدا مُسلما فكاتبه هَل تجوز مُكَاتبَته(4/35)
قَالَ نعم قلت وَلَا يرد الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم وَأَنت تجبر النَّصْرَانِيَّة على بَيْعه قَالَ لِأَنِّي أجْبرهُ على بَيْعه مَا دَامَ عبدا فَأَما إِذا كَاتبه فَانِي أُجِيز الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب جَارِيَة لَهُ ثمَّ أسلمت الْمُكَاتبَة فَولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة مَاتَت أَيكُون وَلَدهَا بمنزلتها قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الذِّمِّيّ إِذا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة ثمَّ إِن أحد المكاتبين أسلم مَا حَالهمَا قَالَ هما على مكاتبتهما وإسلامهما وَإِسْلَام أَحدهمَا فِي ذَلِك سَوَاء وهما على مكاتبتهما قلت أَرَأَيْت إِذا أسلمت مُكَاتبَة الذِّمِّيّ وَهِي من أهل الذِّمَّة لم لَا تجبرها كَمَا تجبر الْمُكَاتبَة إِذا علقت من سَيِّدهَا قَالَ لِأَن إسْلَامهَا وَغير إسْلَامهَا فِي الْمُكَاتبَة إِذا علقت من سَيِّدهَا قَالَ لِأَن إسْلَامهَا وَغير إسْلَامهَا فِي الْمُكَاتبَة سَوَاء لِأَن الذِّمِّيّ إِنَّمَا يجْبر على بيع الْأمة الْمسلمَة لمَكَان الْخدمَة والوطيء فاذا لم يكن عَلَيْهَا ذَلِك من أجل كِتَابَة كاتبها(4/36)
عَلَيْهِ لم تجبر الْمُكَاتبَة لذَلِك لِأَنَّهُ لَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا فِي خدمَة وَلَا وطيء قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب عبدا لَهُ ذِمِّيا على دن من خمر هَل تجوز الْمُكَاتبَة على ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم أجزته قَالَ لِأَن أهل الذِّمَّة لَو تبايعوا الْخمر فِيمَا بَينهم لأجزتها وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ العَبْد مُسلما فكاتبه مَوْلَاهُ وَهُوَ ذمِّي على خمر هَل يجوز قَالَ لَا الْمُكَاتبَة بَاطِل قلت وَلم أبطلتها وَالْمولى نَصْرَانِيّ قَالَ لِأَن العَبْد مُسلم فَلَا أَقْْضِي على الْمُسلم بِالْخمرِ فأرد الْمُكَاتبَة وأجبره على بيع العَبْد قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَيْهِ الْخمر قبل أَن يرد القَاضِي الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يعْتق العَبْد قلت وَلم يعْتق وَأَنت لَا تجيز الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة قَوْله إِذا أدّيت إِلَى كَذَا وَكَذَا فَأَنت حر قلت أَرَأَيْت إِذا عتق العَبْد وَقد كَانَ كَاتبه على مَا ذكرت لَك هَل للسَّيِّد على العَبْد شَيْء قَالَ نعم لَهُ عَلَيْهِ قِيمَته دينا عَلَيْهِ قلت وَلم وَقد أدّى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَنَّهُ أدّى إِلَيْهِ مالايحل لَهُ وَلَا تجوز(4/37)
الْمُكَاتبَة عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد مُسلما وَالْعَبْد ذِمِّيا فكاتبه على خمر فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْبَاب الأول لَا يجوز قَالَ نعم لَا يجوز قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب عبدا لَهُ من أهل الذِّمَّة على خمر ثمَّ إِن العَبْد أسلم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة جَائِزَة قلت فَمَا يكون على العَبْد قَالَ عَلَيْهِ قيمَة الْخمر قلت لم وَأَنت لَا تجيز الْمُكَاتبَة على الْخمر قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه يَوْم كَاتبه وَالْمُكَاتبَة جَائِزَة فَلَا يُفْسِدهَا إِسْلَامه وَلَا يزيدها إِلَّا شدَّة وَيكون عَلَيْهِ قيمَة الْخمر يسْعَى فِيهَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ نجومه كل شهر أَن يُؤَدِّي كَذَا كَذَا رطلا من خمر كَيفَ يُؤَدِّي النُّجُوم بعد إِسْلَامه قَالَ يُؤَدِّي قيمَة كل نجم عِنْد مَحل كل نجم فان عجز عَن شَيْء من ذَلِك رد فِي الرّقّ وَإِن عجز ورد فِي الرّقّ أجبر مَوْلَاهُ على بَيْعه قلت وَكَذَلِكَ السَّيِّد هُوَ الَّذِي أسلم قَالَ نعم إِلَّا أَنه لَا يجْبر على بَيْعه قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ كَاتبه على ميتَة هَل تجوز الْمُكَاتبَة على ذَلِك قَالَ لَا وَالْمُكَاتبَة فَاسِدَة قلت وَلم وَقد أجزت الْمُكَاتبَة الْفَاسِدَة فِي الْخمر قَالَ لِأَن الْميتَة لَا تشبه الْخمر قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على(4/38)
دم قَالَ نعم لَا يجوز لِأَن الْخمر مَال وَلَيْسَ هَذَا بِمَال قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَيْهِ مَا كَاتبه عَلَيْهِ من هَذَا هَل يعْتق قَالَ لَا قلت وَلم وَقد أجزت فِي الْمُكَاتبَة الْفَاسِدَة أَن يعْتق فأعتقته فِي الْخمر قَالَ لِأَن الْميتَة وَالدَّم لَا تبَاع وَلَيْسَ لَهَا ثمن وَلَو تبايعوا بِهِ لم أجزه أَلا ترى لَو أَن رجلا بَاعَ عبدا بميتة ثمَّ اعتقه المُشْتَرِي بعد مَا قَبضه لم يجز عتقه فَكَذَلِك الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد قَالَ فِي الْمُكَاتبَة حَيْثُ كَاتبه على الْميتَة إِذا أديتها فَأَنت حر أَو دفعتها إِلَى فَأَنت حر فَدَفعهَا إِلَيْهِ وَقبلهَا السَّيِّد هَل يعْتق قَالَ نعم فِي هَذَا الْوَجْه قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ إِن دفعتها إِلَى فَأَنت حر فانما يعْتق بقوله أَنْت حر وَلَا يعْتق بِالْأَدَاءِ قلت فَهَل يرجع السَّيِّد عَلَيْهِ بعد ذَلِك بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد إِنَّمَا يعْتق بِعِتْقِهِ إِيَّاه لَيْسَ بِالْأَدَاءِ قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب عبدا لَهُ ذِمِّيا على عبد أَو على ثوب وَقد سَمَّاهُ هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه على شَيْء مَعْلُوم قلت وَهُوَ فِي ذَلِك عنْدك بِمَنْزِلَة الرجل الْحر الْمُسلم إِذا كَاتب عبدا لَهُ فِي جَمِيع الْعرُوض قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب أم ولد لَهُ ذِمِّيَّة ثمَّ إِنَّهَا أسلمت فِي مكاتبتها مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تمْضِي على مكاتبتها فان أدَّت عتقت(4/39)
وَإِن عجزت قضى القَاضِي عَلَيْهَا بِقِيمَتِهَا تسْعَى فِيهَا وَلَا يكون للسَّيِّد عَلَيْهَا سَبِيل وَلَا ترد إِلَيْهِ قلت أرأيست إِن قضى القَاضِي عَلَيْهَا بالسعاية فِي الْقيمَة فعجزت هَل ترد إِلَى مَوْلَاهَا وَهُوَ وذمي قَالَ لَا وَلكنهَا تسْعَى وَلَا يلْتَفت إِلَى عجزها مَا دَامَ مَوْلَاهَا ذِمِّيا قلت أَرَأَيْت إِن أسلم مَوْلَاهَا فعجزت هَل ترد إِلَيْهِ فَتَصِير أم وَلَده على حَالهَا قَالَ نعم قلت وَلم وَقد قضي القَاضِي عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ قَالَ لِأَن مَوْلَاهَا مُسلم وَلِأَن ذَلِك لَيْسَ بِعِتْق وَإِنَّمَا قضي القَاضِي عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ قَالَ لِأَن مَوْلَاهَا كَانَ نَصْرَانِيّا وَلم يكن يقدر على بيعهَا فَلَا يكون قَضَاء القَاضِي عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ عتق لَهَا وَلَا تعْتق إِلَّا بِالْأَدَاءِ قلت أَرَأَيْت إِن أعْتقهَا السَّيِّد بعد مَا قضي القَاضِي عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ هَل تَبرأ من الْقيمَة وَيجوز عتقه قَالَ نعم قلت وَسَوَاء إِن أسلمت أَو لم تسلم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ السَّيِّد بعد مَا قضي القَاضِي عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ وَقد مَاتَ نَصْرَانِيّا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تعْتق من جَمِيع مَاله وَلَا تسْعَى فِي شَيْء وَيبْطل مَا كَانَ عَلَيْهَا من الْقيمَة قلت وَلم وَقد كنت أخرجتها من يَده وقضيت عَلَيْهَا بالسعاية قَالَ لِأَن الرقبه فِي ملك(4/40)
السَّيِّد بعد حَتَّى تُؤدِّي فاذا مَاتَ عتقت لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة أم ولد مَاتَ عَنْهَا سَيِّدهَا قلت أَرَأَيْت إِن ولدت ولدا بعد مَا قضي القَاضِي عَلَيْهَا بالسعاية وَأعْتق السَّيِّد وَلَدهَا هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَ السَّيِّد وَلم يعْتق الْوَلَد هَل يعْتق وَلَدهَا مَعهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم وَبَقِي الْوَلَد أيسعى فِيمَا كَانَ على أمه فِيمَا كَانَ قضي عَلَيْهَا من الْقيمَة قَالَ نعم قلت وَإِن كَانَ ذَلِك أَكثر من قِيمَته أَو أقل قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن عجز عَن ذَلِك وَقد أسلم السَّيِّد هَل يرد إِلَيْهِ قَالَ نعم وَيكون بِمَنْزِلَة أمه لِأَن أمه كَانَت تكون حرَّة من جَمِيع المَال وَكَذَلِكَ وَلَدهَا قلت أَرَأَيْت النَّصْرَانِي إِذا كَاتب أم وَلَده فأدت بعض الْمُكَاتبَة ثمَّ أسلمت ثمَّ عجزت بعد ذَلِك فَردهَا القَاضِي وَقضى عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ لمن يكون مَا أَخذ السَّيِّد قَالَ لَهُ قلت فَلَا تحتسب لَهَا بِمَا قبض مِنْهَا مِمَّا أدَّت من قيمتهَا قَالَ لَا قلت فان أدَّت ذَلِك بعد إسْلَامهَا قَالَ وَإِن أدَّت قلت وَلم ثقال لِأَنَّهَا قد عجزت وَردت فِي الرّقّ وَصَارَت(4/41)
مَمْلُوكَة وَإِنَّمَا قضي عَلَيْهَا بالسعاية بعد مَا صَار المَال للسَّيِّد قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب أمة لَهُ ذِمِّيَّة ثمَّ وَطئهَا فَولدت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها وَتَأْخُذ عقرهَا من سَيِّدهَا فعلت فان أدَّت عتقت وَإِن شَاءَت أَن تعجز عجزت وَهِي أم ولد لَهُ قلت أَرَأَيْت إِن أسلمت بعد مَا علقت مِنْهُ فَاخْتَارَتْ الْعَجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهَا القَاضِي أَن تسْعَى فِي قيمتهَا وتعتق فان أدَّت عتقت وَلَا سَبِيل للسَّيِّد عَلَيْهَا قلت أَرَأَيْت النَّصْرَانِي كَاتب أم وَلَده ثمَّ إِنَّه مَاتَ هَل تعْتق قَالَ نعم هِيَ حرَّة قلت أَرَأَيْت النَّصْرَانِي إِذا كَاتب أمتين لَهُ من أهل الذِّمَّة مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة ثمَّ إِن النصارني وطيء إِحْدَاهمَا فعلقت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هما على مكاتبتهما وَالْولد وَلَده وَتَأْخُذ عقرهَا مِنْهُ قلت وَلَا تجيزها قَالَ لَا لِأَن الْأُخْرَى مُكَاتبَة مَعهَا فَلَا تعتقان إِلَّا جَمِيعًا وَلَا تعجزان إِلَّا جَمِيعًا وَلَا تعجز إِحْدَاهمَا دون الآخرى(4/42)
قلت أَرَأَيْت الذِّمِّيّ إِذا كَاتب مُدبرَة لَهُ هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ السَّيِّد قبل أَدَائِهَا هَل تعْتق قَالَ نعم هِيَ حرَّة من الثُّلُث وَتبطل الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت رجلا من أهل الذِّمَّة كَاتب نَصِيبا لَهُ من عبد بَينه وَبَين آخر بِغَيْر إِذن شَرِيكه وَالْعَبْد ذمِّي وَالشَّرِيك مُسلم فقكاتبه على خمر فأداها إِلَى الذِّمِّيّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يعْتق نصِيبه من العَبْد فان كَانَ مُوسِرًا فشريكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمن وَإِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى قلت فَهَل يكون لَهُ على شَرِيكه مِمَّا قبض من الْمُكَاتبَة سَبِيل قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ مُسلم وَلَا يحل لَهُ الْخمر وَلَا قيمتهَا فَمن ثمَّ لم أقض لَهُ على شَرِيكه بِشَيْء مِمَّا أَخذ إِذا اسْتَهْلكهُ قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ ذمِّي وَمُسلم وَالْعَبْد ذمِّي فكاتب الذِّمِّيّ نصِيبه باذن شَرِيكه على خمر هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت لم وشريكه مُسلم قَالَ لِأَن الْمُسلم لم يُكَاتب نصِيبه وَإِنَّمَا كَاتب الذِّمِّيّ نصِيبه فمكاتبة نصِيبه على الْخمر جَائِزَة لِأَنَّهُ ذمِّي وَالْعَبْد ذميب فِي قَول أبي حنيفَة قلت فَهَل يكون للْمُسلمِ فِيمَا أَخذ النَّصْرَانِي من الْمُكَاتبَة شَيْء وَقد اسْتَهْلكهُ قَالَ لَا قلت لم وَقد كَاتبه باذنه قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه على مَا لَا يحل للْمُسلمِ فَمن ثمَّ لم يكن(4/43)
لَهُ فِي شَيْء
قلت أَرَأَيْت إِن كاتباه جَمِيعًا على خمر مُكَاتبَة وَاحِدَة والنجوم وَاحِدَة هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَلَا يحل للْمُسلمِ أَن يُكَاتب على خمر فاذا أفسدت نصيب الْمُسلم أفسدت نصيب الآخر قلت وَلم أفسدت نصيب الذِّمِّيّ قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة وَلَا يعْتق إِلَّا بأدائهما جَمِيعًا أَلا ترى لَو أَنَّهُمَا كاتباه على دَرَاهِم مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا قبض نصِيبه من الْمُكَاتبَة لم يعْتق نصِيبه وَلَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء جَمِيع الْمُكَاتبَة إِلَيْهِمَا فَلذَلِك أفسدت مُكَاتبَة الذِّمِّيّ
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَيْهِمَا مَا كاتباه عَلَيْهَا من الْخمر هَل يعْتق العَبْد قَالَ نعم قلت فَمَا حَال العَبْد قَالَ العَبْد حر وَيكون عَلَيْهِ نصف قِيمَته للْمُسلمِ وَيكون لِلنَّصْرَانِيِّ نصف الْخمر لِأَنَّهُ لَا يحل لَهُ مَا أَخذ مِنْهُ فَلذَلِك كَانَ للْمُسلمِ أَن يرجع عَلَيْهِ بِنصْف قِيمَته
قلت أَرَأَيْت عبدا نَصْرَانِيّا بَين نَصْرَانِيّ وَمُسلم كَاتبه الْمُسلم باذن شَرِيكه على نصِيبه مِنْهُ فَقبض الْمُكَاتبَة هَل يرجع النَّصْرَانِي عَلَيْهِ بِشَيْء قَالَ نعم إِن لم يكن أذن لَهُ فِي قبض الْمُكَاتبَة وهما فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمُسلمين(4/44)
قلت أَرَأَيْت عبدا ذِمِّيا بَين رجلَيْنِ من أهل الذِّمَّة كاتباه جَمِيعًا على خمر مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا أسلم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون لَهما جَمِيعًا قيمَة الْخمر دَرَاهِم على الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَى الْمُسلم حِصَّته من الْمُكَاتبَة دَرَاهِم هَل يُشَارِكهُ الذِّمِّيّ فِي ذَلِك قَالَ نعم وَيرجع هُوَ على العَبْد بِمَا أَخذ مِنْهُ شَرِيكه قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَى الذِّمِّيّ الْخمر هَل يكون للْمُسلمِ فِيمَا أدّى إِلَيْهِ من شَيْء قَالَ لَا وَلَا يعْتق بأدائها لِأَن الْمُكَاتبَة قد تحولت دَرَاهِم قلت وَلم قَالَ لِأَنِّي لَا أدفَع إِلَى الْمُسلم الْخمر قلت فَهَل يعْتق نصيب النَّصْرَانِي مِنْهُ قَالَ لَا قلت لم وَقد قبض حِصَّته الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة فَلَا يعْتق حَتَّى يستوفيا جَمِيعًا وَلَا أبطل حِصَّة الْمُسلم مِمَّا أَخذ النَّصْرَانِي من قبل أَن لَهُ خَاصَّة وَلَكِن أكره أَن أدفَع إِلَى الْمُسلم خمرًا وأقضي لَهُ بهَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الذِّمِّيّ أمة لَهُ على خمر فَولدت لَهُ ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ مَاتَت الْأُم مَا حَال الْوَلَد قَالَ يسْعَى فِيمَا على أمه من ذَلِك قلت فان أسلم مَا يكون عَلَيْهِ قَالَ عَلَيْهِ قيمَة الْخمر فيسعى فِيهَا على نُجُوم أمه قلت مَتى تلْزمهُ الْقيمَة يَوْم كَاتب الْأُم أَو يَوْم يسلم قَالَ يَوْم يسلم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ أسلم وَالْخمر عَلَيْهِ أَلا ترى أَن الْأُم لَو أسلمت كَانَ عَلَيْهَا قيمَة ذَلِك يَوْم أسلمت فَكَذَلِك الْوَلَد(4/45)
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت ولدت وَلدين ثمَّ مَاتَت فَأسلم أَحدهمَا وَبَقِي الآخر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ عَلَيْهِمَا قيمَة الْخمر يسعيان فِيهَا قلت فَهَل لَهُ أَن يستسعى الْمُسلم مِنْهُمَا بِجَمِيعِ قيمَة الْخمر ويدع الآخر قَالَ نعم إِن شَاءَ وَإِن شَاءَ استسعى الآخر فِي قيمَة الْخمر وَترك الْمُسلم قلت وَلم قَالَ لِأَن لَهُ أَن يستسعى أَيهمَا شَاءَ فِي جَمِيع الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن عجز أَحدهمَا هَل لَهُ أَن يردهُ فِي الرّقّ قَالَ لَا حَتَّى يعجزا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب عبدا لَهُ ذِمِّيا على خمر فَاشْترى الْمكَاتب جَارِيَة فَوَطِئَهَا فَولدت ثمَّ إِن الْمكَاتب مَاتَ وَترك ولدا صَغِيرا لَا يَسْتَطِيع أَن يسْعَى مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تسْعَى الْأُم فِي الْمُكَاتبَة على نُجُوم الْمُكَاتبَة فان أدَّت عتقت وَعتق وَلَدهَا وَإِن عجزت ردا فِي الرّقّ جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب عبدا لَهُ ذِمِّيا ثمَّ إِن الْمكَاتب سباه أهل الْحَرْب وَأسلم فِي أَيْديهم ثمَّ ظهر الْمُسلمُونَ على الدَّار مَا حَال الْمكَاتب قَالَ يرد إِلَى مَوْلَاهُ وَهُوَ على مُكَاتبَته وَلَا يصير فَيْئا لِأَن الْمكَاتب(4/46)
لَا يَقع عَلَيْهِ السَّبي لذِمِّيّ كَانَ أَو لمُسلم وَكَذَلِكَ الْمُدبر لَا يَقع عَلَيْهِ السيء قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى اليه فَأعتق وَرجع إِلَى دَار الْحَرْب مُرْتَدا ناقضا أَيكُون حَرْبِيّا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه ذميان على خمر فَأسلم أَحدهمَا وَأعْطى النَّصْرَانِي نصف الْخمر وَالْمُسلم نصف قيمتهَا هَل يعْتق قَالَ لَا
قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتب الذِّمِّيّ عبدا لَهُ على خمر فولد للْمكَاتب إبنان ثمَّ مَاتَ وَأسلم أَحدهمَا فَأدى الذِّمِّيّ الْخمر وَالْمُسلم نصف قيمتهَا قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت عبد الْمكَاتب إِذا مَاتَ من يصلى عَلَيْهِ سَيّده أم الْمكَاتب قَالَ يَنْبَغِي للْمكَاتب أَن يقدم السَّيِّد فان أبي فالمكاتب أَحَق بِهِ قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قَالَ إِذا أَنا مت وَأَنا حر فثلث مالى لفُلَان أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم إِذا أدّى قبل أَن يَمُوت فان ترك وَفَاء وَلم يؤد حَتَّى مَاتَ لم تجز الْوَصِيَّة
- بَاب مُكَاتبَة الْحَرْبِيّ إِذا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان
- قلت أَرَأَيْت حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان وَمَعَهُ عبد لَهُ فكاتبه(4/47)
هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ عَبده أخرجه من دَار الْحَرْب مَعَه أَلا ترى أَنه لَو أعْتقهُ حِين أخرجه جَازَ عتقه فان شَاءَ العَبْد أَقَامَ وَإِن شَاءَ رَجَعَ قلت أَرَأَيْت حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فَابْتَاعَ عبدا مُسلما هَل يجوز شِرَاؤُهُ قَالَ نعم قلت وتجبره على بَيْعه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يعلم بِهِ حَتَّى كَاتبه هَل يجوز مُكَاتبَته قَالَ نعم قَالَ لِأَنَّهُ عَبده أَلا ترى أَنه لَو أعْتقهُ جَازَ عتقه فَكَذَلِك إِذا كَاتبه قلت أَرَأَيْت إِن دبره هَل يجوز تَدْبيره قَالَ نعم يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يسْعَى فِيهَا للحربي وَيعتق قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه ثمَّ أَرَادَ أَن يرجع إِلَى دَار الْحَرْب فَيدْخل بِهِ مَعَه أَيكُون ذَلِك لَهُ قَالَ لَا وَلَيْسَ لَهُ أَن يدْخلهُ دَار الْحَرْب قلت أَرَأَيْت إِن ذهب بِهِ مَعَه مَا حَال الْمكَاتب قَالَ إِذا أدخلهُ دَار الْحَرْب فَهُوَ حر سَاعَة أدخلهُ فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَو أدخلهُ وَهُوَ عبد لَهُ عتق لِأَن الْحَرْبِيّ لَا يملك الْمُسلم فِي دَار الْحَرْب إِذا اشْتَرَاهُ فِي دَار الْإِسْلَام فَكَذَلِك الْمكَاتب(4/48)
لِأَن الْحَرْبِيّ لَو أعْتقهُ جَازَ عتقه فادخاله إِيَّاه دَار الْحَرْب بِمَنْزِلَة عتقه قلت وَكَذَلِكَ إِذا دبره ثمَّ أدخلهُ دَار الْحَرْب قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ القَاضِي قد قضي على الْمُدبر بِقِيمَتِه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فَاشْترى جَارِيَة فَوَطِئَهَا فعلقت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهَا القَاضِي بالسعاية وتعتق قلت أَرَأَيْت إِن أدخلها الْحَرْبِيّ دَار الْحَرْب بعد مَا ولدت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ حرَّة سَاعَة أدخلها دَار الْحَرْب قلت لم وَهِي أم ولد لَهُ قَالَ لِأَن إِدْخَاله إِيَّاهَا دَار الْحَرْب بِمَنْزِلَة مَوته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ إِنَّمَا أدخلها بعد قَضَاء القَاضِي عَلَيْهَا بالسعاية أَو قبل أَن يقْضِي عَلَيْهَا بالسعاية هُوَ سَوَاء قَالَ نعم وَهِي حرَّة
قلت أَرَأَيْت حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فَاشْترى أمة ذِمِّيَّة مَا القَوْل فِي ذَلِك وَهل يجوز شِرَاؤُهُ قَالَ نعم شِرَاؤُهُ جَائِز وأجبره على بيعهَا قلت لم وَهِي ذِمِّيَّة قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ للحربي أَن يملك الذِّمِّيَّة وَهِي فِي ذَلِك عندنَا بِمَنْزِلَة الْأمة الْمسلمَة قلت أَرَأَيْت إِن اشْتَرَاهَا وكاتبها هَل تجوز مكاتبتها قَالَ نعم مكاتبتها جَائِزَة قلت أَرَأَيْت إِن أدخلها دَار الْحَرْب بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك(4/49)
قَالَ هِيَ حرَّة سَاعَة أدخالها دَار الْحَرْب قلت وَهِي فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمسلمَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْحَرْبِيّ لَا يملك الذِّمِّيَّة فِي دَار الْحَرْب أَلا ترى لَو أَنه أدخلها دَار الْحَرْب قبل أَن يكاتبها عتقت فَكَذَلِك الْمُكَاتبَة لِأَنَّهَا أمته بعد قلت أَرَأَيْت حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بأإمان فَاشْترى عَبْدَيْنِ فكاتبهما جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن رَجَعَ الْحَرْبِيّ إِلَى دَار الْحَرْب فَذهب بِأَحَدِهِمَا مَعَه مَا تَقول فِي ذَلِك قَالَ أما الَّذِي أدخلهُ مَعَه فَهُوَ حر وَأما الآخر فعلى مُكَاتبَته وَسقط عَن الْبَاقِي من الْمُكَاتبَة حِصَّة الَّذِي أدخلهُ من قِيمَته من الْمُكَاتبَة قلت وَلم لَا يعْتق الْبَاقِي وَقد عتق الَّذِي أدخلهُ مَعَه دَار الْحَرْب قَالَ لِأَن ذَلِك قد عتق بادخاله بِغَيْر أَدَاء أَلا ترى أَنه لَو كَانَ أعتق أَحدهمَا فِي دَار الْإِسْلَام جَازَ عتقه وَكَانَ على الآخر مُكَاتبَته فَكَذَلِك إدا أَدخل أَحدهمَا دَار الْحَرْب قلت أَرَأَيْت إِذا دخل الْحَرْبِيّ بِأَمَان بعد ذَلِك فَأدى هَذَا الْمكَاتب الْبَاقِي إِلَى الْحَرْبِيّ مَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يرجع إِلَى دَار الْإِسْلَام مَا حَال الْمكَاتب إِلَى من يُؤَدِّي(4/50)
الْمُكَاتبَة قَالَ إِذا أَدَّاهَا إِلَى القَاضِي عتق وَيصير ذَلِك المَال للحربي قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ الْحَرْبِيّ بعد ذَلِك مُسلما إِلَى دَار الْإِسْلَام أَيكُون لَهُ وَلَاء هَذَا الْمكَاتب قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة حَرْبِيّ أعتق عبدا لَهُ مُسلما فِي دَار الْإِسْلَام ثمَّ رَجَعَ الْحَرْبِيّ إِلَى دَار الْحَرْب ثمَّ جَاءَ الْحَرْبِيّ بعد ذَلِك مُسلما فولاؤه للحربي قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فَابْتَاعَ عبدا مُسلما فَأدْخلهُ دَار الْحَرْب عتق قَالَ نعم وَهُوَ حر سَاعَة أدخاله وَلَا يكون لَهُ وَلَاؤُه قلت فان أسلم الْحَرْبِيّ قبل أَن يرجع إِلَيْنَا قَالَ وَإِن قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ خرج من دَار الْإِسْلَام إِلَى دَار الشّرك فَصَارَ بِمَنْزِلَة من أعتق فِي دَار الشّرك ثمَّ خرج إِلَيْنَا مُسلما وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يعْتق العَبْد الْمُسلم إِذا أدخلهُ الْحَرْبِيّ دَار الْحَرْب حَتَّى يظْهر عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ أَو يهرب مِنْهُ إِلَيْنَا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ابْتَاعَ عبدا حَرْبِيّا فِي دَار الْحَرْب فَأعْتقهُ لم يكن لَهُ من ولائه شَيْء قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فَابْتَاعَ عبدا مُسلما فَأعْتقهُ أَو كَاتبه فَأدى إِلَيْهِ أَو ذِمِّيا فَأعْتقهُ أَو كَاتبه فَأدى إِلَيْهِ ثمَّ لحق الْحَرْبِيّ ثمَّ رَجَعَ بعد ذَلِك مُسلما هَل يكون لَهُ الْوَلَاء قَالَ نعم قلت(4/51)
وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة عبد أعْتقهُ فِي دَار الْحَرْب وَالْعَبْد مُسلم قلت أَرَأَيْت لَو أسلم هَاهُنَا أَو صَار ذِمِّيا هَل يكون لَهُ ولاؤهم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْحَرْبِيّ فِي دَار الْإِسْلَام بعد مَا عتق العَبْد أَو صَار الْحَرْبِيّ ذِمِّيا وَله وَرَثَة فِي دَار الْحَرْب ثمَّ جَاءَ ورثته بعد ذَلِك مُسلمين هَل يكون لَهُم وَلَاء هَذَا العَبْد قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ من أهل الْحَرْب أَلا ترى لَو أَن ذِمِّيا أعتق عبدا لَهُ وَله وَارِث من أهل الْحَرْب ثمَّ أسلم العَبْد وَهلك الذِّمِّيّ ثمَّ جَاءَ وراثه وَهُوَ حَرْبِيّ بعد ذَلِك مُسلما كَانَ لَهُ الْوَلَاء قلت أَرَأَيْت رجلا من أهل الْحَرْب كَاتب عبدا لَهُ فِي دَار الْحَرْب ودبر عبدا لَهُ فِي دَار الْحَرْب ثمَّ أخرج الْمُدبر مَعَه وَالْمكَاتب وَأمة قد ولدت مِنْهُ فَخرج بهم إِلَى دَار الْإِسْلَام بِأَمَان وهم مَعَه فَأَرَادَ أَن يبيعهم اله ذَلِك قَالَ أما أم ولد فَلَا يَنْبَغِي للْمُسلمين أَن يشتروها مِنْهُ وَأما الْمكَاتب وَالْمُدبر فَلَا بَأْس بِهِ وَله أَن يبيعهما قلت وَلم وَقد أجزت الْمُكَاتبَة إِذا كَانَ فِي دَار الْإِسْلَام قَالَ لِأَن مُكَاتبَته وتدبيره فِي دَار الْحَرْب بَاطِل أَلا ترى لَو أَنه أعتق عبدا لَهُ فِي دَار الْحَرْب ثمَّ غصبه نَفسه فَأخْرجهُ مَعَه كَانَ عبدا لَهُ وَكَانَ لَهُ أَن يَبِيعهُ فَلَا يكون ذَلِك أَشد من هَذَا وَإِذا دخل الْمكَاتب دَار الْحَرْب بِأَمَان فَاشْترى بَينهم وَبَاعَ(4/52)
فَصَارَ عَلَيْهِ مَال لَهُم وَله عَلَيْهِم مَال ثمَّ خَرجُوا بِأَمَان فانهم لَا يؤخذون بِدِينِهِ وَلَا يُؤْخَذ بدينهم لِأَن بَعضهم لَا يُؤْخَذ الْبَعْض بذلك فَكَذَلِك الْمكَاتب الذِّمِّيّ أَو الْمُسلم وَإِن أَسْلمُوا أخذُوا بذلك من بَعضهم لبَعض وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَيَعْقُوب وَمُحَمّد جَمِيعًا إِذا أعتق الْحَرْبِيّ فِي دَار الْحَرْب عبدا مُسلما فالعتق جَائِز وَله وَلَاؤُه وَقَالَ أَبُو حنيفَة يوالي من شَاءَ وكل مُعتق يجْرِي عَلَيْهِ السَّبي بعد الْعتْق والمولي حَرْبِيّ أَو مُسلم فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وللمعتق أَن يوالي من شَاءَ بعد مَا أعتق فِي قَوْلهمَا قَالَ يَعْقُوب أستحسن مَا وصفت لَك فِي الْمُسلم يعْتق الْحَرْبِيّ أَن لَهُ ولاءه بِمَنْزِلَة الْحَرْبِيين يعْتق أَحدهمَا صَاحبه ثمَّ أسلما لِأَن الحكم على الْمولي إِذا كَانَ مُسلما حكم على أهل الْإِسْلَام وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق(4/53)
- بَاب ضَمَان الْمكَاتب وكفالته
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا كفل بكفالة لرجل على رجل هَل تجوز كفَالَته قَالَ لَا قلت وَإِن كفل عَنهُ بأَمْره قَالَ وَإِن قلت وَكَذَلِكَ لَو ضمن الْمكَاتب حَقًا لرجل عَن رجل قَالَ نعم لَا يجوز قلت وَكَذَلِكَ لَو أَحَالهُ على الْمكَاتب قَالَ نعم(4/54)
لَا يجوز شَيْء من هَذَا لَا يجوز للْمكَاتب أَن يضمن وَلَا يكفل وَإِن فعل لم يلْزمه شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَشْتَرِي وَلَا يَبِيع وَلَا شَيْء أَخذه وَإِنَّمَا هُوَ غرم يدْخل عَلَيْهِ فَلَيْسَ يجوز ذَلِك وَلَا يلْزمه قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ضمن رجلا بِنَفسِهِ لرجل هَل يجوز قَالَ لَا قلت لم وَلم يضمن مَالا قَالَ لِأَن ضَمَانه لَا يجوز وَإِن ضمن الرجل بِنَفسِهِ أَلا ترى أَنِّي لَو أجزته كَانَ للَّذي ضمنه أَن يحْبسهُ إِن شَاءَ حَتَّى يَجِيء بِصَاحِبِهِ فَلذَلِك أبطلته قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كفل لَهُ رجل بكفالة أَو ضمن لَهُ ضمانا هَل يجوز قَالَ نعم يجوز الضَّمَان لَهُ وَلَا يجوز عَنهُ ضمانا لغيره قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كفل لرجل بكفالة باذن سَيّده أَو ضمن لَهُ أرأحيل عَلَيْهِ هَل يجوز قَالَ لَا يجوز قلت لم وَقد أذن لَهُ سَيّده فِي ذَلِك قَالَ إِذن السَّيِّد وَغير إِذْنه فِي هَذَا سَوَاء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ للسَّيِّد على مَاله سَبِيل وَلَا يملك أَن يلْزم رقبته شَيْئا فَمن ثمَّ لم يجز قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك وَقد كَانَ كفل بكفالة باذن سَيّده هَل تلْزمهُ تِلْكَ الْكفَالَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن ضَمَانه كَانَ بَاطِلا وَلِأَن الْكفَالَة لم تكن يَوْمئِذٍ بِشَيْء وَلم تلْزمهُ فَلذَلِك لم تلْزمهُ بعد مَا عجز(4/55)
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا كفلا بكفالة باذن سَيّده ثمَّ أدّى الْمُكَاتبَة هَل يلْزم ذَلِك الْكفَالَة قَالَ نعم قلت وَلم يلْزمه بعد الْعتْق قَالَ لِأَنَّهُ كفل وَهُوَ بِمَنْزِلَة العَبْد فأبطلنا كفَالَته مَا دَامَ على تِلْكَ الْحَال فاذا عتق لَزِمته الْكفَالَة وَلَو أَن عبدا مَحْجُورا عَلَيْهِ كفل ثمَّ عتق لَزِمته الْكفَالَة بعد الْعتْق أَلا ترى لَو أَن عبدا كفل بكفالة بِغَيْر إِذن سَيّده لم يلْزمه شَيْء من الْكفَالَة حَتَّى يعْتق قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كفل لسَيِّده بِمَال عَن رجل هَل يجوز قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ السَّيِّد وَغير السَّيِّد فِي هَذَا سَوَاء قلت أَرَأَيْت إِن كفل لَهُ سَيّده بدين لَهُ على رجل هَل يجوز ذَلِك وَيكون للْمكَاتب أَن يَأْخُذ سَيّده بذلك الدّين قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن ضَمَان سَيّده لَهُ جَائِز أَلا ترى أَنه لَو اشْترى مِنْهُ شَيْئا جَازَ وَلَزِمَه الثّمن قلت أَرَأَيْت ضَمَانه لسَيِّده لم لَا يجوز وَلَو اشْترى من سَيّده شَيْئا لأجزته قَالَ لِأَن الْكفَالَة لغيره لَا تجوز فَكَذَلِك لَا تجوز لسَيِّده قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ للْمكَاتب دين على رجل فكفل بِهِ السَّيِّد بأَمْره ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز قبل أَن يدْفع السَّيِّد إِلَى الْمكَاتب مَا ضمن لَهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يرجع السَّيِّد فَيَأْخُذ ذَلِك الْحق من الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَيبْطل ضَمَانه إِن كَانَ كفل بأَمْره وَإِن كَانَ كفل عَنهُ بِغَيْر أمره بَطل المَال عَنْهُمَا جَمِيعًا وَلم يكن على الَّذِي عَلَيْهِ الأَصْل شَيْء قلت(4/56)
وَلم يرجع بِهِ عَلَيْهِ وَقد كَانَ ضمنه قَالَ لِأَنَّهُ حق الْمكَاتب على ذَلِك الرجل فَحَيْثُ عجز رد فِي الرّقّ فقد صَار لسَيِّده وَلم يبرأ ذَلِك الرجل مِنْهُ لِأَنَّهُ لم يصل إِلَيْهِ وَلم يؤده السَّيِّد وَهُوَ مَال العَبْد يَأْخُذهُ سَيّده إِذا عجز قلت أَرَأَيْت إِن أَدَّاهُ السَّيِّد إِلَى الْمكَاتب هَل يرجع بِهِ على الَّذِي ضمنه بِهِ عَنهُ قَالَ نعم إِذا ضمنه بأَمْره قلت وَلم وَإِنَّمَا دَفعه إِلَى مكَاتبه قَالَ لِأَنَّهُ قد غرم عَنهُ بأَمْره فَلَا بُد من أَن يرجع بِهِ عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك هَل يكون للسَّيِّد على ذَلِك الرجل شَيْء قَالَ نعم يرجع بِهِ عَلَيْهِ بِمَا ضمن عَنهُ قلت وَلم وَقد صَار الْمكَاتب عبدا لَهُ وَرجع إِلَيْهِ مَاله قَالَ لِأَنَّهُ قد كَانَ غرمه فَصَارَ دينا لَهُ عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ ذَلِك فِي يَد الْمكَاتب بِعَيْنِه بَعْدَمَا ورد فِي الرّقّ وَعجز أَن يرجع السَّيِّد على الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ بِمَا كَانَ أدّى إِلَى الْمكَاتب من ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد صَار دينا لَهُ عَلَيْهِ(4/57)
حَيْثُ أَدَّاهُ الْمكَاتب فَصَارَ بِمَنْزِلَة غَيره من مَال الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَانَ لَهُ دين على رجل فأحال سَيّده على ذَلِك الرجل بذلك الْحق وَهُوَ لَا يبلغ الْمُكَاتبَة هَل يجوز قَالَ نعم قلت فَهَل يكون للْمكَاتب أه يَأْخُذ بذلك الرجل قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يرجع السَّيِّد بِالْمَالِ على ذَلِك الرجل قلت فَلم يرجع عَلَيْهِ قَالَ لِأَنَّهُ دين للْمكَاتب عَلَيْهِ أبدا حَتَّى يُعْطِيهِ قلت أَرَأَيْت السَّيِّد إِذا ضمن لمكاتبه مَالا عَن رجل فَحلت النُّجُوم على الْمكَاتب وَفِيمَا ضمن للْمكَاتب وَفَاء بالنجوم هَل يصير ذَلِك قصاص وَيعتق العَبْد قَالَ نعم وَيرجع بِهِ السَّيِّد على الَّذِي ضمنه عَنهُ إِن كَانَ ضمنه بأَمْره قلت وَكَذَلِكَ لَو أقْرضهُ الْمكَاتب مَالا أَو بَاعه شَيْئا وَقد حلت جَمِيع نجومه عَلَيْهِ وَفِي ذَلِك الْعرض وَفَاء لنجومه قَالَ نعم هُوَ قصاص وَالْعَبْد حر قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة مَا أدّى إِلَيْهِ وَهُوَ(4/58)
فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْحر أَلا ترى أَن رجلا حرا لَو أقْرض رجلا مَالا وَلذَلِك الرجل عَلَيْهِ مَال مثله كَانَ قصاصا فَكَذَلِك الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن لَهُ فِيمَا بَاعه أَو ضمن لَهُ وَفَاء بالمكاتبة ايأخذه فِيمَا بَقِي قَالَ نعم وَلَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي مَا بَقِي قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِيهِ فضل أَيكُون الْفضل دينا على السَّيِّد للْمكَاتب قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتب عبدا لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب كفل بكفالة وَضمن ضمانا هَل يجوز قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِن ضمن لَهُ مَوْلَاهُ الَّذِي كَاتبه قَالَ نعم هَذَا كُله بَاطِل لَا يجوز قلت أَرَأَيْت إِن أدان الْمكَاتب مكَاتبه دينا من بيع بَاعه إِيَّاه أَو من قرض أقْرضهُ إِيَّاه هَل يلْزمه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ مَا أدان الْمكَاتب الثَّانِي الأول دينا ثمَّ إِن الأوة ل عجز هَل يكون ذَلِك الدّين لمكاتب الْمكَاتب فِي رَقَبَة الْمكَاتب قَالَ نعم فان أَدَّاهُ الْمولي وَإِلَّا بيع فِيهِ لَهُ قلت وَلم وَهُوَ الذيب كَاتبه قَالَ لِأَن الدّين فِي رقبته وَقد كَانَ لَهُ أَن يَأْخُذ قبل الْعَجز
قلت أَرَأَيْت إِن أدان الْمكَاتب مكَاتبه دينا من قرض أَو بيع ثمَّ عجز الثَّانِي وَعَلِيهِ دين كثير غير ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن أدّى عَنهُ الْمكَاتب دينه وَإِلَّا بيع قلت فدين الْمكَاتب مَا حَاله(4/59)
قَالَ يبطل قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لمَوْلَاهُ وَلَا يكون لمَوْلَاهُ فِي رَقَبَة عَبده شَيْء
قلت أَفَرَأَيْت إِن عجز الأول وَبَقِي الثَّانِي مَا حَال دين الْمكَاتب الَّذِي عَلَيْهِ قَالَ هُوَ عَلَيْهِ على حَاله يَأْخُذهُ الْمولى لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة دين لَهُ على الْأَجْنَبِيّ قلت أَرَأَيْت إِن عَجزا جَمِيعًا وَعَلَيْهِمَا دين كثير يُحِيط برقبتهما وَقد كَانَ الْمكَاتب أدان مُكَاتبَة دينا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ دين كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي رقبته يُبَاع فِيهِ إِن لم يؤد عَنْهُمَا الْمولى قلت أَفَرَأَيْت دين الْمكَاتب الَّذِي كَانَ على مُكَاتبَته مَا حَاله وَهل يبطل عَنهُ دين الْمكَاتب الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ قَالَ نعم يبطل قلت وَلم يبطل وعَلى الْمكَاتب الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ قَالَ نعم يبطل قلت وَلم يبطل وعَلى الْمكَاتب الأول دين قَالَ لِأَن ذَلِك الدّين سقط عَنهُ حَيْثُ عجز أَلا ترى لَو أَن عبدا مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة وعَلى الأول دين وعَلى الآخر دين بيع كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي دين نَفسه وَلَا يكون لغرماء الأول فِي رَقَبَة الثَّانِي من ذَلِك الدّين الَّذِي أدانه الأول شَيْئا لِأَنَّهُ لم يكن يلْزمه يَوْم أدانه فَكَذَلِك الأول(4/60)
- بَاب مُكَاتبَة مَا فِي بطن الْخَادِم
- قلت أَرَأَيْت رجلا لَهُ أمة حُبْلَى فكاتب الْأمة على مَا فِي بَطنهَا هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة فِي هَذَا بَاطِل لِأَنَّهُ لَا يعلم أَشَيْء هُوَ أم لَا وَإنَّهُ لَيْسَ بِشَيْء يُكَاتب عَن نَفسه ومكاتبتها على مَا فِي بَطنهَا لَا تجوز قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ السَّيِّد قد كاتبت مَا فِي بطن جاريتي هَذِه على كَذَا كَذَا هَل يجوز
قلت أَفَرَأَيْت أَن كَاتبه على مافي بَطنهَا رجل حر وَضمن الْمُكَاتبَة وَقَالَ إِذا أدّيت إِلَى فَهُوَ حر هَل يجوز قَالَ لَا قَالَ لَا وَهَذَا بَاطِل قلت وَلم وَإنَّك تجيز الْعتْق لَو أعْتقهُ أَو دبره قَالَ لِأَن الْعتْق وَالتَّدْبِير لَا يشبه الْمُكَاتبَة لِأَن الْمُكَاتبَة لَا تجوز إِلَّا أَن يُكَاتب العَبْد نَفسه أَو الْأمة وَالْمُكَاتبَة هَاهُنَا على غير شَيْء وَهُوَ لَو كَاتب صَبيا لَا يعقل وَلَا يتَكَلَّم لم يجز فَهَذَا أَشد حَالا وَأَحْرَى أَن لَا يجوز قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى اليه الْمُكَاتبَة هَل يعْتق مَا فِي بَطنهَا قَالَ نعم إِن كَانَ فِي بَطنهَا ولد قلت وَكَيف تعلم ذَلِك قَالَ إِذا وضعت(4/61)
لأَقل من سِتَّة أشهر فَلَا يعْتق وَيرجع صَاحب المَال على صَاحبه فَيَأْخُذ مَاله أعتق هُوَ أَو لم يعْتق على كل حَال
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ مَا فِي بَطنهَا ولد فَأعْتقهُ فَأَرَادَ صَاحب المَال أَن يرجع فِي مَاله فَيَأْخذهُ أَيكُون ذَلِك لَهُ قَالَ نعم(4/62)
- بَاب شِرَاء الْمكَاتب وَبيعه وصدقته وهبته وَمَا يلْزمه من الدّين
-
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا وهب هبة أتجوز هِبته قَالَ لَا(4/63)
قلت وَكَذَلِكَ صدقته قَالَ نعم قلت وَلم لَا تجيزها قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بشري وَلَا بيع وَلَيْسَ لَهُ أَن يهب شَيْئا من مَاله وَلَا يتَصَدَّق بِهِ وَلَا يعْتق رَقَبَة قلت أَرَأَيْت إِن تصدق على مَوْلَاهُ بِصَدقَة أَو وهب لَهُ هبة أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم قلت فَيرد ذَلِك القَاضِي قَالَ نعم إِن اخْتَصمَا إِلَيْهِ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا تصدق بِصَدقَة أَو وهب لَهُ هبة ثمَّ إِن الْمكَاتب عتق مَا حَال الْهِبَة هَل تردها إِلَيْهِ قَالَ نعم أعتق أَو لم يعْتق فانها مَرْدُودَة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمَوْهُوب لَهُ مَاتَ وَالْهِبَة فِي يَد ورثته هَل يردهَا إِلَى الْمكَاتب إِن طلبَهَا أَو خَاصم فِيهَا قَالَ نعم قلت وَلم وَقد خرجت مِنْهُ إِلَى غَيره قَالَ لِأَن هِبته لَيْسَ بِشَيْء قلت فَأَيّهمَا وجدهَا الْمكَاتب أَخذهَا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ النحلى والعمري قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا رهب الْمكَاتب هبة أَو تصدق بِصَدقَة(4/64)
فاستهلكها الْمَوْهُوب لَهُ ثمَّ خاصمه الْمكَاتب فِيهَا هَل يقْضِي بهَا القَاضِي للْمكَاتب قَالَ نعم يقْضِي بِقِيمَتِهَا قلت أَرَأَيْت إِن عجز وَقد اسْتهْلك الْمَوْهُوب لَهُ الْهِبَة هَل يرجع السَّيِّد على الْمَوْهُوب لَهُ بِقِيمَة الْهِبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْمَوْهُوب لَهُ قد بَاعَ الْهِبَة قَالَ نعم
قلت وَهبة الْمكَاتب عنْدك وصدقته بَاطِل قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى وَبَاعَ هَل يجوز شِرَاؤُهُ وَبيعه من سَيّده قَالَ نعم قلت وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة غَيره من النَّاس قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى من مَوْلَاهُ عبدا ثمَّ أصَاب بِهِ عَيْبا هَل يرد ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِذا ابْتَاعَ السَّيِّد من مُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مكَاتبا اشْترى عبدا من رجل ثمَّ عجز وَالْعَبْد فِي يَدَيْهِ ثمَّ أصَاب السَّيِّد بِالْعَبدِ عَيْبا هَل يرد العَبْد على البَائِع قَالَ نعم قلت وَلم وَالْمكَاتب هُوَ الَّذِي اشْترى وَقد خرج من ملكه إِلَى مَوْلَاهُ قَالَ لِأَن العَبْد صَار للسَّيِّد قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى عبدا ثمَّ بَاعه من سَيّده ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز وَالْعَبْد عِنْده ثمَّ إِن السَّيِّد وجد بِالْعَبدِ عَيْبا هَل يرد السَّيِّد على البَائِع قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد إِنَّمَا اشْتَرَاهُ من مكَاتبه وَلم يشتره(4/65)
من البَائِع فَلَيْسَ لَهُ أَن يردهُ على البَائِع لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بخصم وَلَا ببائع وَلَا يقدر أَن يردهُ على عَبده فَمن ثمَّ لَيْسَ لَهُ أَن يردهُ وَهُوَ فِي الْبَاب الأول إِنَّمَا يردهُ ذَلِك على ملك الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمكَاتب فِي يَد السَّيِّد بعد مَا عجز ثمَّ أصَاب السَّيِّد بِالْعَبدِ عَيْبا هَل يردهُ على البَائِع قَالَ لَا لَيْسَ لَهُ أَن يردهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بخصم وَلَا بَائِع
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى شَيْئا فَلَزِمَهُ دين من ذَلِك ثمَّ أَنه عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الدّين فِي رقبته إِن أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَّا بِبيع للْغُرَمَاء قلت وَلم قَالَ لِأَن الدّين فِي رقبته للْغُرَمَاء لابد من أَن يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَّا بيع قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اسْتقْرض مَالا فِي مُكَاتبَته أَو اسْتَدَانَ دينا من شِرَاء اشْتَرَاهُ ثمَّ عجز قَالَ يلْزمه جَمِيع ذَلِك فِي رقبته فان أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَّا بيع فِيهِ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِن اسْتَدَانَ من مَوْلَاهُ ثمَّ إِنَّه عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أما دين مَوْلَاهُ فَبَاطِل وَيُبَاع فِي دين الْأَجْنَبِيّ قلت وَلم أبطلت دين مَوْلَاهُ وَقد كَانَ لَازِما لَهُ قبل ذَلِك قَالَ لِأَنَّهُ قد رَجَعَ فِي الرّقّ وَلَا يكون لَهُ فِي عنق عَبده دين(4/66)
قلت وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ وَلم يدع إِلَّا قدر دين الْأَجْنَبِيّ قَالَ نعم يبطل دين الْمولي وَيكون مَا ترك لَهُم قلت أَرَأَيْت إِن ترك مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ بدين الْأَجْنَبِيّ فَيُؤَدِّي ثمَّ يُؤَدِّي دين الْمولي ومكاتبته وَيكون مَا بَقِي بعد ذَلِك لوَرثَته إِن كَانَ لَهُ وَرَثَة أَحْرَار قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِن اسْتَدَانَ دينا فِي مُكَاتبَته ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَرد فِي الرّقّ وَذَلِكَ الدّين فِي رقبته ثمَّ جَاءَ رجل بِعَبْد يردهُ عَلَيْهِ بِعَيْب بِهِ وَقد اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَهُوَ مكَاتب هَل يرد عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت فَمَا حَال الثّمن قَالَ هون فِي رَقَبَة العَبْد يُبَاع العَبْد الْمَرْدُود فَيقسم بَين غُرَمَائه جَمِيعًا فان فضل شَيْء بيع فِيهِ الْمكَاتب وَيُؤَدِّي عَنهُ مَاله قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ المُشْتَرِي لَا أرده حَتَّى آخذ ثمنه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ لَهُ أَن لَا يردهُ ويمسكه حَتَّى يُبَاع لَهُ خَاصَّة دون الْغُرَمَاء قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ الْغُرَمَاء قد خاصموا الْمولى إِلَى القَاضِي فَأمر القَاضِي أَن يُبَاع العَبْد للْغُرَمَاء وَقد أبي الْمولي أَن يُؤَدِّي عَنهُ فجَاء المُشْتَرِي بِالْعَبدِ ليَرُدهُ بِعَيْب على الْمكَاتب هَل يردهُ قَالَ نعم وَيكون ثمنه دينا فِي رقبته
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ المُشْتَرِي أَنا أرد العَبْد وأكون أَحَق بِثمنِهِ حَتَّى أستوفي لِأَنَّهُ فِي يَدي أَيكُون ذَلِك لَهُ قَالَ نعم لَهُ أَن يمسِكهُ حَتَّى يَأْخُذ ثمنه الَّذِي يُؤَدِّيه وَيكون أَحَق بذلك من الْغُرَمَاء حَتَّى يَسْتَوْفِي الثّمن الَّذِي رد بِهِ(4/67)
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا اشْترى عبدا ثمَّ إِنَّه عجز ورد فِي الرّقّ ثمَّ أصَاب الْمولى بِالْعَبدِ عَيْبا هَل يردهُ قَالَ نعم وَلَكِن يَلِي رده الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمكَاتب بعد مَا عجز هَل يردهُ الْمولى على البَائِع قَالَ نعم وَهُوَ فِي هَذِه الْحَالة بِمَنْزِلَة الْوَارِث
قلت أرايت مكَاتبا أسره الْعَدو فاستدان فِي أَرض الْعَدو دينا من شِرَاء اشْتَرَاهُ أَو قرض استقرضه ثمَّ إِن أهل الدَّار أَسْلمُوا فَرد الْمكَاتب إِلَى مَوْلَاهُ هَل يلْزمه ذَلِك الدّين فِي رقبته قَالَ نعم قلت وَلم وَقد أسره وَقد كَانَ ذَلِك الدّين فِي حَال أسره قَالَ لِأَنَّهُ على مُكَاتبَته على حَالهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا لَو جخل أَرض الْعَدو بِأَمَان أَلا ترى أَنه لَا يصير فَيْئا وَلَا يَقع عَلَيْهِ السَّبي قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الْمكَاتب هرب من أَيْديهم فَخرج إِلَى دَار الْإِسْلَام وَخرج صَاحب الدّين بِأَمَان ذِمِّيا أَو مُسلما فَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَة مُسلمين أَو أقرّ الْمكَاتب قَالَ نعم الدّين لَهُ لَازم إِذا كَانَ مُسلما أَو كَانَ ذمبا
قلت فان اسْتَدَانَ بعد ذَلِك دينا أَيكُون الدّين فِي رقبته قَالَ(4/68)
نعم وَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا اسْتَدَانَ فِي أَرض الْإِسْلَام قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وَقد كَانَ عَلَيْهِ دين قبل أَن يرْتَد فاستدان دينا فِي حَال ردته من شِرَاء أَو بيع أَو قرض وَلَا يعلم إِلَّا بقوله ثمَّ استتيب فأبي أَن يَتُوب فَقتل مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أما مَا اسْتَدَانَ فِي ردته فَهُوَ جَائِز وَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا اسْتَدَانَ فِي مَرضه فان ترك شَيْئا أدّى إِلَى غُرَمَائه الَّذين كَانُوا أدانوه فِي حَال الْإِسْلَام ثمَّ كَانَ مَا بَقِي للَّذين أدانوه فِي حَال ردته وَهَذَا قَول مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف الْحر مَا أقرّ بِهِ من دين فِي ردته إِذا قتل فَهُوَ بِمَنْزِلَة الصَّحِيح وَكَذَلِكَ الْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ ترك مَالا كثيرا يكون فِيهِ وَفَاء بالدينين جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي عَنهُ مَا كَانَ من دينه فِي حَال إِسْلَامه(4/69)
فان فضل شَيْء أعْطى الَّذين أدانوه فِي حَال ردته فان فضل شَيْء بعد ذَلِك أدّى إِلَى مَوْلَاهُ بَقِيَّة مُكَاتبَته وَكَانَ مَا بَقِي لوَرثَته من الْمُسلمين قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ اكْتسب فِي حَال ردته أيقضي بِهِ دينه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يتْرك مَالا وَلَا شَيْئا إِلَّا شَيْئا أكتسبه فِي حَال ردته إِي الدينَيْنِ يبْدَأ بِهِ قَالَ يبْدَأ بِمَا كَانَ اسْتَدَانَ فِي الْإِسْلَام يُؤَدِّي ذَلِك فان فضل شَيْء كَانَ للآخرين فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف مَا أقرّ بِهِ فِي حَال ردته وَمَا أقرّ بِهِ قبل ذَلِك جَائِز عَلَيْهِ يتحاصون فِي ذَلِك وَإِن قتل على ردته
قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن اسْتَدَانَ إِلَّا فِي ردته ثمَّ قتل وَترك مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي مَا كَانَ عَلَيْهِ من دين وَيَأْخُذ مَوْلَاهُ بَقِيَّة الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك وَمَا بَقِي فلورثته الْمُسلمين قلت وَلم لَا يكون لبيت المَال وَقد اكْتَسبهُ فِي حَال ردته قَالَ لِأَنَّهُ اكْتَسبهُ وَهُوَ عبد
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فَاشْترى وَبَاعَ فاستدان دينا كثيرا فِي ردته ثمَّ أسلم أيلزمه جَمِيع ذَلِك قَالَ نعم وَيصير كَأَنَّهُ اسْتَدَانَ ذَلِك فِي حَال إِسْلَامه
قلت أَرَأَيْت الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فَاشْترى(4/70)
وَبَاعَ بعد ذَلِك فاستدان دينا كثيرا فِي ردته ثمَّ أسلم أيلزمه جَمِيع ذَلِك وَقد أسلم بعد ذَلِك قَالَ نعم إِذا أسلم فَجَمِيع ذَلِك فِي رقبته وَيصير كَأَنَّهُ اسْتَدَانَ ذَلِك فِي حَال إِسْلَامه
قلت أَرَأَيْت إِن قتل مُرْتَدا وَقد ترك مَالا أَيكُون غرماؤه أَحَق بِهِ من الْمولى قَالَ نعم قلت وَإِن كَانَ اكْتَسبهُ فِي حَال ردته قَالَ وَإِن
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ولد لَهُ فِي مُكَاتبَته ولد من جَارِيَة لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب مَاتَ وَعَلِيهِ دين وَعَلِيهِ من مُكَاتبَته وَيسْعَى فِيمَا على أَبِيه من الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ الْغُرَمَاء بعد ذَلِك هَل يرجع الْغُرَمَاء فَيَأْخُذُونَ من الْمولى مَا أَخذ من ذَلِك وَيعتق الابْن وَيرجع السَّيِّد على الابْن بِمَا أَخذ مِنْهُ الْغُرَمَاء قَالَ لَا وَلَكِن يتبعُون الابْن بدينهم قلت وَلم يعْتق وَلم يؤد الدّين بعد قَالَ لِأَنَّهُ عِنْدِي فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة أَبِيه أَلا ترى أَن أَبَاهُ لَو أدّى الْمُكَاتبَة عتق فأستحسن أَن أجعَل الابْن بِمَنْزِلَتِهِ وأترك الْقيَاس فِيهِ
قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة إِذا ولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ استدانت دينا ثمَّ مَاتَت أَهِي بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم قلت فان كَانَ الْمكَاتب أَو الْمُكَاتبَة تركا مَالا فأداه الابْن إِلَى السَّيِّد قَالَ أما فِي هَذَا(4/71)
فيرجعون بذلك المَال على السَّيِّد وَيعود الابْن مكَاتبا كَمَا كَانَ أَلا ترى أَن هَذَا الابْن لَو لم يكن كَانَ الْغُرَمَاء أَحَق بذلك المَال وَكَذَلِكَ إِذا مَاتَت وَتركت وَفَاء فانما يجوز للِابْن أَن بقضي بعض الْغُرَمَاء دون بعض أم يبتديء بالمكاتبة إِذا أدّى ذَلِك من كسب نَفسه فَهُوَ جَائِز أَلا ترى أَن القَاضِي قد جعله بِمَنْزِلَة أمة
- بَاب كتاب وَصِيَّة الْمكَاتب
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا حَضَره الْمَوْت فأوصى بِثلث مَاله وَقد ترك مَالا كثيرا هَل تجوز وَصيته قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ عبد فَلَا تجوز وَصيته
قلت أَرَأَيْت إِن أوصى بِعَبْد لَهُ فَقَالَ بيعوه بعد موتى نسمَة أَو أعتقوه هَل يجوز شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يجوز شَيْء من وَصِيَّة الْمكَاتب فِي شَيْء مِمَّا ذكرت وَلَا فِي غَيره أَلا ترى أَن الرجل الْحر إِذا أوصى بِأَن يُبَاع عَبده نسمَة أَنه يحط من ثلثه مِقْدَار مَا يَشْتَرِي العَبْد نسمَة إِذا كَانَ يخرج ذَلِك من الثُّلُث لِأَن ذَلِك وَصِيَّة للْعَبد وَالْمكَاتب لَا تجوز وَصيته فَمن قبل ذَلِك كَانَ على مَا وصفت لَك
قلت وَكَذَلِكَ لَو أوصى فِي صِحَّته قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن ترك مَالا كثيرا قَالَ نعم(4/72)
قلت أَرَأَيْت إِن أوصى لرجل بدين لَهُ عَلَيْهِ تَركه لَهُ هَل يجوز قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت لَهُ أم ولد فَولدت مِنْهُ فأوصى لَهَا بِوَصِيَّة قَالَ وَصِيَّة الْمكَاتب بَاطِل فِي كل شَيْء من ذَلِك قلت وَصِيَّة الْمكَاتب بَاطِل فِي كل شَيْء من ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ لَهُ مكَاتب فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت أوصى لَهُ بِمَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة هَل يجوز قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن وَصيته بَاطِل لَهُ وَلغيره قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا أوصى بِوَصِيَّة فِي صِحَّته ثمَّ أدّى الْمُكَاتبَة فَعتق ثمَّ مَاتَ هَل تجوز تِلْكَ الْوَصِيَّة قَالَ لَا قلت وَإِن لم يكن رَجَعَ فِيهَا قَالَ وَإِن قلت وَلم وَقد صَار حرا قَالَ لِأَنَّهُ قد أوصى بهَا فِي حَال لَا تجوز فِيهَا وَصيته فَكَانَ كَلَامه فِيهَا بَاطِلا
قلت أَرَأَيْت إِذا حَضَره الْمَوْت فأوصى بِوَصِيَّة ثمَّ إِن السَّيِّد أعْتقهُ بعد ذَلِك وَلم يحدث وَصِيَّة سوى الأة ولى حَتَّى مَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْوَصِيَّة بَاطِل قلت وَلم وَقد صَار حرا قبل أَن يَمُوت قَالَ لِأَنَّهُ أوصى يَوْم أوصى وَهُوَ مكَاتب وَوَصِيَّة الْمكَاتب لَا تجوز
قلت أَرَأَيْت إِن أوصى لمَوْلَاهُ بِوَصِيَّة قَالَ لَا تجوز لمَوْلَاهُ وَلَا لغيره وَلَا تجوز وَصيته فِي شَيْء من الْأَشْيَاء وَإِن أعتق بعد(4/73)
ذَلِك بعد أَن يتَكَلَّم بِالْوَصِيَّةِ وَهُوَ مكَاتب فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن أعتق قبل أَن يَمُوت جَازَت وَصيته
قلت وَإِن كَانَ قَالَ إِذا أعتقت فقد أوصيت لفُلَان بعد موتى بِكَذَا وَكَذَا قَالَ هَذَا يجوز قلت فان لم يعْتق وَلكنه مَاتَ وَترك وَفَاء قَالَ لَا تجوز وَصيته أبدا لِأَنَّهَا إِنَّمَا تجب بِالْأَدَاءِ وَيعتق الْمكَاتب يَوْمئِذٍ وَهُوَ ميت فَلَا تجوز الْوَصِيَّة بعد الْمَوْت أَلا ترى أَنه قد مَاتَ وَصَارَ فِي حَال بطلت فِيهَا وَصيته حَيْثُ تُؤدِّي عَنهُ فَلَا يجوز بعد ذَلِك أَلا ترى أَنه لَو قَالَ أعتقت عَبدِي هَذَا إِذا أعتقت أَو قَالَ قد دَبرته كَانَ ذَلِك بَاطِلا فَكَذَلِك وَصيته
قلت أَرَأَيْت إِن أَجَازُوا بعد الْمَوْت ثمَّ أَرَادوا أَن يرجِعوا فِي ذَلِك قبل أَن يدفعوا إِلَى صَاحبه أَيكُون ذَلِك لَهُم قَالَ نعم قلت وَلم وَلَو كَانَ حرا فأوصى وَزَاد على الثُّلُث فأجازوا ذَلِك بعد الْمَوْت لم يكن لَهُم أَن يردوها بعد ذَلِك قَالَ لَيْسَ الْحر فِي هَذَا بِمَنْزِلَة الْمكَاتب لِأَن الْمكَاتب لَا تجوز وَصيته فِي ثلث وَلَا غَيره وَإِنَّمَا استحسنت إِذا أَجَازُوا ذَلِك الْوَرَثَة ودفعوه إِلَى صَاحبه أَن أجيزه وَأما فِي الْقيَاس فَهُوَ بَاطِل
- بَاب مَا يحل لسَيِّد الْمكَاتب من كَسبه إِذا عجز
-
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا أدّى إِلَى مَوْلَاهُ بعض مُكَاتبَته ثمَّ إِنَّه(4/74)
عجز فَرد فِي الرّقّ مَا حَال مَا أَخذ السَّيِّد قَالَ هُوَ لَهُ حَلَال
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ ذَلِك من زَكَاة تصدق بهَا عَلَيْهِ أَو من صَدَقَة تصدق بهَا عَلَيْهِ وَقد اسْتهْلك ذَلِك الْمولى قبل الْعَجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ للْمولى وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ذَلِك فِي يَده لم يستهلكه أَو اسْتَهْلكهُ قَالَ نعم قلت وَلم لَا يكون للْمولى أَن يتَصَدَّق بِغَيْر ذَلِك من مَاله قَالَ لِأَنَّهُ أَخذ ذَلِك من الْمُكَاتبَة قبل الْعَجز فَهُوَ حَلَال لَهُ عجز بعد ذَلِك أَو لم يعجز
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا عجز وَفِي يَده مَال قد اكْتَسبهُ من شِرَاء أَو بيع أَيكُون للْمولى قَالَ نعم هُوَ حَلَال لَهُ
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي يَده مَال قد تصدق بِهِ عَلَيْهِ من زَكَاة أَو صَدَقَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ لمَوْلَاهُ أَيْضا وَله أَن يَأْكُلهُ وَمَا كَانَ فِي يَدَيْهِ من مَال من غير الصَّدَقَة فَهُوَ للْمولى حَلَال قلت وَلَا يتَصَدَّق بِمَا كَانَ فِي يَدَيْهِ من مَال مِمَّا تصدق بِهِ عَلَيْهِ قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ مَوْلَاهُ غَنِيا أَتَرَى لَهُ أَن يَأْكُلهُ قَالَ لَا بَأْس بذلك قلت أَرَأَيْت إِن أنفقها وَهُوَ إِلَيْهَا مُحْتَاج ثمَّ أيسر بعد ذَلِك أعليه أَن يتَصَدَّق مَكَانهَا قَالَ لَا(4/75)
قلت أَرَأَيْت إِن أكلهَا وَهُوَ غَنِي عَنْهَا أيستحب لَهُ أَن يتَصَدَّق بمكانها قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَ الْمكَاتب وَترك مَالا كثيرا قد اكْتَسبهُ من الصَّدَقَة مَال القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي إِلَى الْمولى مَا بَقِي من مُكَاتبَته وَمَا بَقِي فلورثته قلت فان كَانَ من الصَّدَقَة قَالَ وَإِن كَانَ من الصَّدَقَة فَهُوَ حَلَال لَهُم لِأَنَّهُ تصدق بِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ لَهُ حَلَال قلت وَلَا ترى بَأْسا بِأَكْلِهِ قَالَ لَا بَأْس بِأَكْلِهِ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اكْتسب مَالا من الصَّدَقَة ثمَّ أدّى مُكَاتبَته وَفِي يَده من ذَلِك المَال بَقِيَّة هَل يحل لَهُ أكله قَالَ نعم لَا بَأْس بِهِ قلت وَلَا تكره لَهُ ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أصَاب فِي حَال مُكَاتبَته وَذَلِكَ حَلَال قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب أصَاب مَالا من الصَّدَقَة وَاشْترى بِهِ رقيفا أَو اتّجر بِهِ ثمَّ أصَاب مَالا ثمَّ إِنَّه عجز وَذَلِكَ فِي يَده هَل يحل ذَلِك للمولي قَالَ نعم لَا بَأْس بِهِ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ حَلَالا يَوْمئِذٍ(4/76)
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا عجز وَفِي يَده مَال لَا يدْرِي مَا هُوَ من صَدَقَة أَو من غير ذَلِك أَتَرَى بِأَكْلِهِ بَأْسا قَالَ لَا بَأْس بِهِ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يتَصَدَّق بِشَيْء مِمَّا فِي يَده
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتب عبدا لَهُ فَتصدق على الثَّانِي بِصَدقَة ثمَّ عجز وَهُوَ فِي يَده ثمَّ عجز الأول وَهِي على حَالهَا هَل يسْتَحبّ للْمولى أَن يتَصَدَّق بهَا قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة مَا تصدق بِهِ على مكَاتبه الأول فَصَارَ لَهُ قلت أَرَأَيْت إِذا عجز الثَّانِي وَالصَّدَََقَة فِي يَده هَل تحل للْمكَاتب الأول قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الصَّدَقَة تحل لَهُ
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ولد لَهُ فِي مُكَاتبَته ولد ثمَّ جَاءَ بِولد أَو كَاتب مُكَاتبَة فولد لَهَا ولد فِي مكاتبتها فَتصدق على الْوَلَد بِصَدقَة ثمَّ عجز الْمكَاتب فَرد فِي الرّقّ هَل يسْتَحبّ لَهُ أَن يتَصَدَّق تِلْكَ الصَّدَقَة قَالَ لَا لِأَنَّهَا كَانَت حَلَالا يَوْم تصدق بهَا عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت(4/77)
إِن أدّى الْمُكَاتبَة وَتلك الصَّدَقَة فِي يَد وَلَده هَل تكون للْمكَاتب وَلَا يتَصَدَّق بهَا قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة مَا كَانَ تصدق بِهِ عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ للْمكَاتب عبد وَأمره أَن يتَصَدَّق هَل تكره لأحد أَن يتَصَدَّق على العَبْد بِشَيْء قَالَ لَا بَأْس قلت وَلم قَالَ لِأَن الصَّدَقَة على مَوْلَاهُ جَائِزَة فَلَا بَأْس بِهِ أَلا ترى لَو أَن رجلا لرجل مَوْلَاهُ مُحْتَاج لَو تصدق عَلَيْهِ بِصَدقَة لم نر بِالصَّدَقَةِ على العَبْد بَأْسا فَكَذَلِك هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق(4/78)
- بَاب اخْتِلَاف الْمكَاتب وَالسَّيِّد وَالْمُكَاتبَة وَالشَّهَادَة فِي ذَلِك
-
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ فاختلفا فِي الْمُكَاتبَة فَقَالَ السَّيِّد كاتبتك على أَلفَيْنِ وَقَالَ العَبْد كاتبتني على ألف مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول الْمكَاتب وَالْبَيِّنَة على السَّيِّد قلت فان كَانَ الْمكَاتب لم يؤد شَيْئا حَتَّى اخْتلفَا قَالَ وَإِن قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد قد أقرّ بالمكاتبة وباخراجه إِيَّاه من ملكه وَأقر بِمَا قد لزمَه من الْمُكَاتبَة فَلَا يصدق على أَن يرد فِي الرّقّ لقَوْله فِي قَول أبي حنيفَة الآخر وَكَانَ يَقُول قبل ذَلِك يَتَحَالَفَانِ ويترادان الْمُكَاتبَة وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
قلت أَرَأَيْت إِن جعل القَاضِي القَوْل قَول الْمكَاتب بعد مَا اخْتَصمَا إِلَيْهِ وألزمه الْألف ثمَّ أَقَامَ السَّيِّد الْبَيِّنَة على أَنه كَاتبه على أَلفَيْنِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يلْزمه القَاضِي وَيسْعَى فيهمَا قلت فَهَل يعْتق إِذا أدّى ألفا قَالَ لَا قلت وَلم وَقد قضي عَلَيْهِ القَاضِي بِالْألف قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا قضي عَلَيْهِ لقَوْله فَلَمَّا جَاءَت الْبَيِّنَة بَطل قَوْله وَلَزِمَه مَا شهِدت عَلَيْهِ الشُّهُود فَلَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء ذَلِك(4/79)
قلت أَرَأَيْت إِن لم يقم السَّيِّد بَيِّنَة حَتَّى أدّى ألفا وأمضي القَاضِي عتقه ثمَّ أَقَامَ السَّيِّد الْبَيِّنَة بعد ذَلِك أَنه كَاتبه على أَلفَيْنِ مَا القَوْل فِي ذَلِك فال الْمكَاتب حر وَعَلِيهِ ألف دِرْهَم فِي الِاسْتِحْسَان قلت وَلم أَعتَقته وَقد قَامَت الْبَيِّنَة أَنه إِنَّمَا كَاتبه على أَلفَيْنِ قَالَ استحسنت ذَلِك وَتركت الْقيَاس فِيهِ لِأَن القَاضِي قد أمضي عتقه قلت أَرَأَيْت إِن لم يخاصمه إِلَى القَاضِي بعد أَدَاء الْألف حَتَّى اقام السَّيِّد الْبَيِّنَة أَن الْمُكَاتبَة أَلفَانِ قَالَا لَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي الْألف الْبَاقِيَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة لِأَن الْبَيِّنَة قد قَامَت على أَلفَيْنِ قلت أَرَأَيْت إِذا اخْتلفَا فِي الْمُكَاتبَة فَقَالَ السَّيِّد كاتبتك على أَلفَيْنِ وَقَالَ العَبْد كاتبتني على ألف إِذا أديتها فَأَنا حر فأقاما جَمِيعًا الْبَيِّنَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي القَاضِي عَلَيْهِ بِأَلفَيْنِ وَيَأْخُذ بَيِّنَة الْمولى على المَال وَيَأْخُذ بَيِّنَة العَبْد على الْعتْق فاذا أدّى ألفا عتق وَلَزِمتهُ الْألف الْأُخْرَى قلت وَلم يعْتق وَقد جعلت الْمُكَاتبَة أَلفَيْنِ قَالَ لِأَنَّهُ قد أَقَامَ الْبَيِّنَة على ألف فقد شهِدت شُهُوده أَنه قد أدّى ألفا فَهُوَ حر وَهُوَ بِمَنْزِلَة رجل أعتق عَبده على مَال فَأَقَامَ السَّيِّد الْبَيِّنَة أَنه أعْتقهُ على ألف فالعتق جَائِز وَيلْزمهُ الألفان لِأَن شُهُود الْمولى شهدُوا على(4/80)
فضل مَال قلت وَكَذَلِكَ الْمكَاتب إِذا أدّى ألفا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم تكن شهِدت الشُّهُود أَن الْمولى قَالَ لَهُ إِذا أدّيت ألفا فَأَنت حر وَلَكِن شُهُودًا أَنه كَاتبه على ألف ونجمها عَلَيْهِ نجوما قَالَ ليسَا سَوَاء وَلَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي ألفا أُخْرَى وَتُؤْخَذ بِبَيِّنَة السَّيِّد وَلَا يعْتق أَلا ترى لَو أَن رجلا كَاتب عبدا لَهُ وَلم يقل فِي مُكَاتبَته إِذا أدّيت مُكَاتَبَتك فَأَنت حر كَانَ حرا إِذا أدّى الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت رجلاكاتب عبدا لَهُ فَادّعى الْمولى أَنه كَاتبه على ألف دِرْهَم وَقَالَ العَبْد كاتبتني على خمسين دِينَارا فَالْقَوْل قَول العَبْد وَالْبَيِّنَة على الْمولى فِي قَول أبي حنيفَة الآخر
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ للْمولى كاتبتني على وصيفة وَقَالَ السَّيِّد بل كاتبتك على ألف فَالْقَوْل قَول العَبْد وَالْبَيِّنَة على الْمولى فِي قَول أبي حنيفَة الآخر قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ كاتبتني على ثوب زطي أَو ثوب يَهُودِيّ أَو ثوب هروي قَالَ نعم
قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ على كَذَا كَذَا رطلا من زَيْت أَو سمنن قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ كل شَيْء ادّعى أَنه كَاتبه عَلَيْهِ مِمَّا تجوز عَلَيْهِ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ للْقَاضِي استحلفه على مَا قَالَ هَل يستحلفه(4/81)
قَالَ نعم قلت فَهَل يُؤْخَذ بِمَا قَالَ السَّيِّد إِن أَبى أَن يحلف قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْعتَاقَة على جعل قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ فاختلفا فِي الْمُكَاتبَة فَقَالَ الْمكَاتب كاتبتني على نَفسِي وَمَالِي على ألف دِرْهَم وَقَالَ السَّيِّد بل كاتبتك على نَفسك دون مَالك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول السَّيِّد وَلَا يكون للْمكَاتب مِمَّا فِي يَدَيْهِ من مَاله شَيْء إِلَّا أَن يُقيم الْبَيِّنَة على مَا ادّعى قلت وَيلْزمهُ جَمِيع الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة قَالَ آخذ بِبَيِّنَة العَبْد وأجعله مكَاتبا على نَفسه وَمَاله قلت وَلم وَقد أَقَامَ السَّيِّد الْبَيِّنَة قَالَ لِأَن الْبَيِّنَة على العَبْد وَهُوَ الْمُدعى وَلَا أقبل بَيِّنَة السَّيِّد على هَذَا قلت أَرَأَيْت إِن اخْتلف السَّيِّد وَالْمكَاتب فَقَالَ الْمكَاتب كاتبتني على نَفسِي وولدى على ألف دِرْهَم وَقَالَ السَّيِّد بل كاتبتك وحدل فَالْقَوْل قَول السَّيِّد وَالْبَيِّنَة على الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِذا اخْتلف السَّيِّد وَالْمكَاتب فَقَالَ السَّيِّد كاتبتك يَوْم كاتبتك وَهَذَا المَال فِي يدل وَهُوَ مَالِي وَقَالَ العَبْد بل أصبته بعد مَا كاتبتني وَلَا يعلم مَتى كَاتبه قَالَ القَوْل قَول الْمكَاتب وَمَا فِي يَده من مَال فَهُوَ لَهُ إِلَّا أَن يُقيم السَّيِّد الْبَيِّنَة أَنه كَانَ فِي يَده قبل الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد أقرّ بِأَنَّهُ مكَاتب وَلَا يصدق على مَا فِي(4/82)
يَدَيْهِ من مَال إِلَّا بِبَيِّنَة
قلت أَرَأَيْت إِن أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة وَشهِدت شُهُود المونلى أَن هَذَا المَال كَانَ فِي يَده وَهُوَ عبد قبل أَن يكاتبه وَشهِدت شُهُود العَبْد أَنه اكْتَسبهُ بعد ذَلِك قَالَ لاأقبل بَيِّنَة الْمكَاتب على هَذَا
قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فِي يَد الْمكَاتب عبد فَأَقَامَ السَّيِّد على العَبْد الْبَيِّنَة أَنه عَبده وَأَنه كَانَ فِي يَد الْمكَاتب قبل أَن يكاتبه واقام الْمكَاتب الْبَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهُ بعد الْمُكَاتبَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عَبده فَادّعى عَلَيْهِ أَنه كَاتبه على مَال مُكَاتبَة فَاسِدَة وَقَالَ الْمولى مَا شرطت لَك شَيْئا من ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول الْمولى وَيلْزمهُ الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِن أَقَامَ العَبْد الْبَيِّنَة على مَا ادَّعَاهُ من ذَلِك هَل تفْسد الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو ادّعى الْمولى مُكَاتبَة فَاسِدَة وَأنكر العَبْد قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عَبده فاختلفا فَقَالَ السَّيِّد كاتبتك على ألف إِلَى سنة وَقَالَ العَبْد بل كاتبتني إِلَى سنتَيْن قَالَ القَوْل قَول الْمولى وَالْبَيِّنَة على العَبْد قلت أَرَأَيْت إِن أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة قَالَ آخذ بِبَيِّنَة العَبْد وَأَجْعَل الْأَجَل سنتَيْن قلت أَرَأَيْت إِن ادّعى الْمولى أَنَّهَا حَالَة وَقَالَ الْمكَاتب إِلَى أجل كَذَا وَكَذَا قَالَ هَذَا وَذَاكَ سَوَاء(4/83)
قلت أَرَأَيْت إِن ادّعى الْمكَاتب أَنه كَاتبه على ألف دِرْهَم وَنجم عَلَيْهِ كل شهر مائَة وَقَالَ السَّيِّد إِنَّمَا نجومك مِائَتَان فِي كل شهر وَاخْتلفَا فِي ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول السَّيِّد وَالْبَيِّنَة بَيِّنَة العَبْد قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد لوادعى أَنَّهَا حَالَة كَانَ القَوْل قَول السَّيِّد ولابينة بَيِّنَة العَبْد قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد لَو ادّعى أَنَّهَا حَالَة كَانَ القَوْل قَوْله قلت أَرَأَيْت إِن أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة فَأَقَامَ السَّيِّد الينة أَن نجومه كَانَت كل شهر مِائَتَيْنِ وَأقَام العَبْد الْبَيِّنَة أَنَّهَا كل شهر مائَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ آخذ بِبَيِّنَة العَبْد قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد قد ادّعى فضل الْأَجَل وَأقَام عَلَيْهِ الْبَيِّنَة قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عَبده فاختلفا فِي الْمُكَاتبَة فَقَالَ العَبْد كاتبتني على مائَة دِينَار واقام الْبَيِّنَة وَقَالَ السَّيِّد كاتبتك على ألف دِرْهَم واقام بَيِّنَة بِبَيِّنَة من تَأْخُذ قَالَ بِبَيِّنَة السَّيِّد قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُدَّعِي وَلِأَن الْحق حَقه
قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ الْمكَاتب بِالْمِائَةِ دِينَار هَل يعتقهُ القَاضِي وَيجْبر مَوْلَاهُ على أَخذهَا وَيرجع عَلَيْهِ بِفضل الْألف قَالَ لَا قلت وَلم قلت لِأَن الْبَيِّنَة بَيِّنَة السَّيِّد قلت وَكَذَلِكَ لوادعى أَنه كَاتبه على وصيف أَو على ثوب يَهُودِيّ أَو ثوب زطي أَو على شَيْء من الْعرُوض مِمَّا تجوز عَلَيْهِ الْمُكَاتبَة(4/84)
فَأَقَامَ بَيِّنَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو زعم شُهُود الْمولى أَن هَذَا المَال كَانَ فِي يَده وَهُوَ عبد قبل أَن يكاتبه وَشهِدت شُهُود الْمكَاتب أَنه أَصَابَهُ بعد الْمُكَاتبَة قَالَ آخذ بِبَيِّنَة الْمولى وأجعله لَهُ قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمولى مُدع لَهُ قلت أَرَأَيْت إِن اخْتلف الْمكَاتب وَالسَّيِّد فَقَالَ العَبْد كاتبتني على ألف وجعلتني حرا إِن أديتها وَقد أديتها إِلَيْك وَأقَام السَّيِّد الْبَيِّنَة أَنه كَاتبه على أَلفَيْنِ قَالَ العَبْد حر إِذا أدّى ألفا وَالْألف الْبَاقِيَة دين عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمة لَهُ وَاخْتلف السَّيِّد وَالْمُكَاتبَة فِي وَلَدهَا فَقَالَ السَّيِّد ولدتيه قبل أَن أكاتبك وَقَالَت الْمُكَاتبَة وَلدته فِي الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن كَانَ الْوَلَد فِي يَد السَّيِّد فَالْقَوْل قَوْله وَإِن كَانَ الْوَلَد فِي يَد المكاتبه فَالْقَوْل قَوْلهَا إِذا لم يعلم مَتى وَلدته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَلَد فِي يَد السَّيِّد وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة على مَا ادّعَيَا قَالَ آخذ بِبَيِّنَة الْمُكَاتبَة وَأَجْعَل الْوَلَد وَلَدهَا مكَاتبا مَعهَا بمنزلتها
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَلَد فِي يَدهَا فأقاما جَمِيعًا الْبَيِّنَة على مَا ادّعَيَا قَالَ فَانِي آخذ أَيْضا بِبَيِّنَة الْمُكَاتبَة قلت وَلم وَالسَّيِّد هُوَ الْمُدَّعِي هَاهُنَا قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة قد أَقَامَت الْبَيِّنَة أَنَّهَا قد وَلدته بعد الْمُكَاتبَة(4/85)
فقد جرى فِيهِ مَا جرى فِي أمه وَلَا أقبل بَيِّنَة السَّيِّد على الرّقّ قلت وَهَذَا الْقيَاس قَالَ نعم أَلا ترى لَو أَن رجلا أعتق أمة لَهُ وَلها ولد وَوَلدهَا فِي يَدهَا كَانَ حرا مَعهَا فان ادّعى السَّيِّد بِأَنَّهَا وَلدته قبل الْعتْق وَأقَام الْبَيِّنَة وأقامت هِيَ الْبَيِّنَة أَنَّهَا وَلدته بعد الْعتْق كَانَت الْبَيِّنَة بينتها وَكَانَ حرا وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمة لَهُ فولدة لَهُ ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ إِن الْأمة مَاتَت وَاخْتلف السَّيِّد وَالْولد فِي الْمُكَاتبَة فَقَالَ السَّيِّد كَانَت الْمُكَاتبَة ألفا وَقَالَ الْوَلَد خمسامئة قَالَ القَوْل قَول الْوَلَد وَالْبَيِّنَة على السَّيِّد وَالْولد فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة أمه فِي قَول أبي حنيفَة الآخر قلت أَرَأَيْت إِن ادّعى الْوَلَد أَنه أدّى الْمُكَاتبَة إِلَى السَّيِّد هَل يصدق قَالَ لَا إِلَّا أَن يُقيم بَيِّنَة قلت القَوْل قَول ولد الْمُكَاتبَة فِي جَمِيع مَا جعلت فِيهِ القَوْل قَول الْأُم قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ ولد الْمكَاتب إِذا ولد لَهُ فِي مُكَاتبَته قَالَ نعم(4/86)
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب أمة لَهُ وللمولى ابْن صَغِير فَكبر الابْن وَمَات الْأَب فَاخْتلف الابْن وَالْمكَاتب فِي الْمُكَاتبَة فَادّعى الابْن ألفا وَادّعى الْمكَاتب خَمْسمِائَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْعُقُول قَول الْمكَاتب قلت وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْمولى حَرْبِيّا فَدخل إِلَى دَار الْإِسْلَام بِأَمَان وَالْعَبْد مُسلم أَو ذمِّي قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الذِّمِّيّ إِذا كَاتب عبدا لَهُ مُسلما فاختلفا فِي الْمُكَاتبَة فَادّعى الْمولى ألفا وَقَالَ العَبْد خَمْسمِائَة وَأقَام الْمولى بَيِّنَة من النَّصَارَى على مَا يدعى هَل تقبل بَيِّنَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد مُسلم فَلَا يجوز عَلَيْهِ سشهادة أهل الذِّمَّة قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمولى مُسلما وَالْعَبْد ذِمِّيا فَجحد الْمولى الْمُكَاتبَة فَأَقَامَ العَبْد الْبَيِّنَة من النَّصَارَى أَنه كَاتبه قَالَ نعم لَا يجوز أَيْضا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى حَرْبِيّا وَمَعَهُ قوم من أهل الْحَرْب فَدخل بِأَمَان فَاشْترى رجل مِنْهُم عبدا مِنْهُم أهل الذِّمَّة وكاتبه فَادّعى الْمولى أَنه كَاتبه على ألف فَأَقَامَ بَيِّنَة من أهل الْحَرْب مِمَّن كَانَ دخل مَعَه بِأَمَان وَقَالَ العَبْد بل كاتبتني على خَمْسمِائَة هَل تجوز شَهَادَة الَّذين مَعَه من أهل الْحَرْب قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد ذمِّي وَلَا تجوز شَهَادَة أهل الْحَرْب على أهل الذِّمَّة(4/87)
- بَاب كتاب مُكَاتبَة الْمَرِيض
- قلت أَرَأَيْت رجلا لَهُ ألف دِرْهَم كَاتب عبدا لَهُ فِي مَرضه على ألف دِرْهَم وَقِيمَة العَبْد ألف دِرْهَم وَنجم عَلَيْهِ الْمُكَاتبَة نجوما هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد ثلث مَاله قلت أرايت إِن كَانَ العَبْد قِيمَته تكون أَكثر من الثُّلُث وَقد كَاتبه على قِيمَته سَوَاء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر العَبْد فان شَاءَ عجل مَا زَاد من قِيمَته على الثُّلُث وَأدّى مَا بَقِي على نجومه وَإِن أبي رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن أدّى فَعجل مَا عَلَيْهِ من الْفضل هَل يحْسب من شَيْء من نجومه الَّتِي عَلَيْهِ قَالَ نعم كل نجم بِحِصَّتِهِ من ذَلِك قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَن يعجله وَإِنَّمَا عَلَيْهِ النُّجُوم فِيمَا بَقِي عَلَيْهِ من قِيمَته قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا كَاتب عبدا لَهُ على ألفي دِرْهَم وَقِيمَته ألف دِرْهَم وَقد ترك ألفا سوى العَبْد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر العَبْد فان شَاءَ عجل ألفا وَأدّى مَا بَقِي عَلَيْهِ على نجومه وَإِن أَبى رد فِي الرّقّ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ للْمَيت أَن يستهلك أَكثر من ثلثه وَلَا يُوصي بِهِ وفيهَا قَول آخر إِنَّه يجْتَمع قيمَة العَبْد وَمَا ترك الْمَيِّت من مَال سوى العَبْد وَسوى مُكَاتبَته ثمَّ يُقَال للْعَبد لَك ثلث ذَلِك(4/88)
من نجومك وَإِذا مَا بَقِي وَإِلَّا رددناك فِي الرّقّ وَإِذا لم يتْرك مَالا سوى العَبْد فانه يُقَال لَهُ أد ثُلثي قيمتك حَالَة وَمَا بَقِي فَهُوَ لَك وَصِيَّة على النُّجُوم وَإِلَّا رددناك فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن للْمَيت مَال غير العَبْد مُكَاتبَة على ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَهِي قِيمَته وَقد كَاتبه فِي مَرضه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُقَال للْعَبد عجل ثُلثي قيمتك ألفي دِرْهَم وأد مَا بَقِي على النُّجُوم فان أبي رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قيمَة العَبْد ثَلَاثَة آلَاف وكاتبه فِي مَرضه على الفي دِرْهَم ونجمها عَلَيْهِ نجوما مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُقَال للْمكَاتب أد جَمِيع مَا كاتبك عَلَيْهِ حَالا فان أدّى فَهُوَ حر وَإِن أبي رد فِي الرّقّ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد أوصى لَهُ بِثلث قِيمَته فان لم يفعل رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ كَاتبه على ألفي دِرْهَم فِي مَرضه وَقِيمَته ثَلَاثَة(4/89)
آلَاف دِرْهَم ثمَّ مَاتَ الْمولى مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُقَال للْمكَاتب أد ثُلثي قيمتك أَلفَيْنِ وعجلها فان أدّى عتق وَإِن أبي رد فِي الرّقّ وَلَا يجوز أَن يُوصي لَهُ بِأَكْثَرَ من ثلثه قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت وَله عبد قِيمَته ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيره فكاتبه على ألف دِرْهَم وَقَبضهَا مِنْهُ فِي مَرضه ثمَّ مَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يعْتق العَبْد وَعَلِيهِ أَن يسْعَى فِي ألف أُخْرَى تَمام ثُلثي قِيمَته وَلَا يجوز فِي قِيمَته إِلَّا الثُّلُث قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ فِي صِحَّته فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت قَالَ قد قبضت مِنْك جَمِيع الْمُكَاتبَة وَلَا يعلم ذَلِك إِلَّا بقوله وَذَلِكَ فِي مَرضه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ السَّيِّد مُصدق وَيبرأ من الْمُكَاتبَة وَيعتق قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه فِي صِحَّته قلت وَلَو كَاتبه على ألف دِرْهَم فِي صِحَّته وَقِيمَته خَمْسمِائَة فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت أعْتقهُ ثمَّ مَاتَ من ذَلِك الْمَرَض وَلم يكن قبض مِنْهُ شَيْئا من مُكَاتبَته قبل ذَلِك قَالَ يعْتق وَيسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته وَتبطل الْمُكَاتبَة قلت وَلم وَالْمُكَاتبَة أَكثر من الْقيمَة وَقد رَضِي بهَا فِي الصِّحَّة قَالَ لِأَنَّهُ أعْتقهُ فِي مَرضه فَكَأَنَّهُ لم يكاتبه قبل ذَلِك(4/90)
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ وهب لَهُ جَمِيع مَاله عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة حِين حَضَره الْمَوْت قَالَ هُوَ حر وَيسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته قلت وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْبَاب الأول قَالَ نعم لِأَن ذَلِك خير لَهُ من الْمُكَاتبَة وَيسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته لِأَنَّهُ مَتى مَا أدّى ثُلثي قِيمَته عتق وَإِن كَانَ على الْمُكَاتبَة فِي قَول يَعْقُوب قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أدّى إِلَى الْمولى قبل ذَلِك من الْمُكَاتبَة خَمْسمِائَة ثمَّ أعْتقهُ فِي مَرضه قَالَ يعْتق وَيسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته وَلَا يحْسب لَهُ بِشَيْء مِمَّا أدعى غليه قبل ذَلِك قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد بَقِي عَلَيْهِ مثل قِيمَته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أدّى إِلَيْهِ جَمِيع مُكَاتبَته إِلَّا مائَة دِرْهَم ثمَّ أعْتقهُ فِي مَرضه أَو وهب الْمِائَة وَلَا مَال لَهُ غَيره مَا القَوْل فِي ذَلِك قلا يسْعَى فِي ثُلثي الْمِائَة وَلَا يسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته فِي هَذَا الْوَجْه قلت وَلم قَالَ لِأَن مَا بَقِي عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة أقل من قِيمَته وَإِذا كَانَ مَا بَقِي أقل سعي فِي ثُلثي ذَلِك قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت فكاتب عبدا لَهُ على ألف(4/91)
دِرْهَم وَهِي قِيمَته وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيره فَأقر الْمولى أَنه قد قبضهَا ثمَّ مَاتَ فِي ذَلِك الْمَرَض مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يعْتق العَبْد وَيسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته وَلَا يصدق الْمولى على ذَلِك وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعْتقهُ فِي الْمَرَض وَقد كَانَ كَاتبه فِي الصِّحَّة فان العَبْد يُخَيّر فان شَاءَ سعى فِي ثُلثي قِيمَته وَإِن شَاءَ سعى فِي ثُلثي مَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يسْعَى فِي الْأَقَل من ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ العَبْد ثلث مَاله هَل يصدق وَيعتق وَلَا يكون عَلَيْهِ شَيْء قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد الثُّلُث فَكَأَنَّهُ أعْتقهُ فِي هَذَا الْوَجْه قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتبه فِي مَرضه وَقِيمَته ألف بِأَلف دِرْهَم قبضهَا مِنْهُ بِبَيِّنَة ثمَّ مَاتَ هَل يجوز ذَلِك وَيعتق العَبْد قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن اسْتهْلك الْمولى المَال مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ العَبْد حر قلت فَهَل يسْعَى فِي شَيْء بعد قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت فكاتب جَارِيَة على ألف وَالْجَارِيَة حُبْلَى فَولدت ولدا ثمَّ مَاتَ السَّيِّد من ذَلِك الْمَرَض مَا القَوْل فِي ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ ماغل غَيرهَا قَالَ الْأمة بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت عجلت ثُلثي قيمتهَا وَأَدت مَا بَقِي على نجومها فان فعلت فانها تعْتق وَيعتق وَلَدهَا وَإِن أَبَت ردَّتْ ورد وَلَدهَا فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت الْوَلَد(4/92)
عَلَيْهِ سَبِيل قَالَ لَا إِذا أدَّت مَا عَلَيْهَا قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت فكاتب عَبْدَيْنِ لَهُ فِي مَرضه مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة وقيمتهما ألف دِرْهَم وكاتبهما على ألف مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أخيرهما فان أديا ثُلثي قيمتهمَا مضيا على سعايتهما فِيمَا بَقِي وَإِن ابيا ردا فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة فِي مَرضه بِأَلف دِرْهَم وَقيمتهَا ثَلَاثَة آلَاف ثمَّ إِنَّه صَحَّ وبرأ ثمَّ إِنَّه مرض بعد ذَلِك فَمَاتَ قبل أَن تُؤدِّي الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مكاتبتها جَائِزَة وتسعى على نجومها قلت وَلَا تكلفها أَن تعجل شَيْئا قَالَ لَا قلت فَكيف أجزت هَذَا وَقد كَانَ مَرِيضا وَقيمتهَا أَكثر مِمَّا كاتبها عَلَيْهِ قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ صَحَّ وبريء فَكَأَنَّهُ كاتبها وهون صَحِيح أَلا ترى لَو أَن رجلا كَاتب عبدا لَهُ فِي صِحَّته بِأَقَلّ من قِيمَته جَازَ ذَلِك إِذا مَاتَ قبل أَن يُؤَدِّي الْمُكَاتبَة فَكَذَلِك الْبَاب الأول قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْمُكَاتبَة ولدت ولدا فِي مكاتبتها واشترت ولدا لَهَا آخر فِي مكاتبتها هَل لَهَا أَن تبيع الَّذِي اشترت قَالَ لَا وَلَيْسَ لَهَا أَن تبيع وَاحِدًا مِنْهُمَا قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْمُكَاتبَة وَلم تدع شَيْئا مَا القَوْل فِي(4/93)
ذَلِك قَالَ يسْعَى الَّذِي وَلدته فِي الْمُكَاتبَة وَالَّذِي اشترت فِيمَا على أمهما على نجومها وَالَّذِي يَلِي الْأَدَاء الْمَوْلُود فِي الْمُكَاتبَة فان أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا فِي الرّقّ قلت وَلَا يجب على الآخر شَيْء من السّعَايَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يُولد فِي الْمُكَاتبَة أَلا ترى أَنَّهَا لَو لم تدع ولدا غَيره بيع إِلَّا أَن يُؤَدِّي مَا على أمه كُله حَالا وَكَانَ بِمَنْزِلَة عَبدهَا وَالْآخر لَا يُبَاع إِذا سعى فِيهِ قلت أَرَأَيْت إِن سعى فِي ذَلِك فَأدى الْمُكَاتبَة هَل يرجع على أَخِيه بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أدّى عَن أمه قلت أَرَأَيْت إِن ظهر للْأُم بعد ذَلِك مَال كثير وَقد أدعى الابْن جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يرجع بِمَا يسْعَى فِي مَال أمه فَيَأْخذهُ قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن كَسبه من تركتهَا وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث بَينهمَا نِصْفَانِ قلت أَرَأَيْت إِن اكْتسب هَذَا الْوَلَد الَّذِي اشْترى فِي الْمُكَاتبَة مَالا وَالْآخر على سعايته لمن يكون مَا اكْتسب قَالَ يَأْخُذهُ أَخُوهُ فيستعين بِهِ فِي مُكَاتبَته قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمه أَلا ترى أَن الْأُم لَو كَانَت حَيَّة كَانَ كَسبه لَهَا أَرَأَيْت إِن أَرَادَ أَن يُسلمهُ(4/94)
فِي عمل فَيَأْخُذ كَسبه فَيُؤَدِّي الْمُكَاتبَة فان أمره القَاضِي أَو أَمر أَخَاهُ أَن يؤاجره وَيُؤَدِّي الْمُكَاتبَة من إِجَارَته فَهُوَ جَائِز(4/95)
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد نرى مَا اكْتسب الْوَلَد الَّذِي اشترت الْأُم لَهُ لَا يَأْخُذهُ أَخُوهُ وَلَو لم يكن لَهَا ولد غير الَّذِي اشترت كَانَ لَهُ أَن يسْعَى فِيمَا على أمه على النُّجُوم وَكَذَلِكَ كل ذِي رحم محرم وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَاتب الرجل أمته فولدلت فِي مكاتبتها ولدا فاشترت ولدا آخر ثمَّ مَاتَت إنَّهُمَا يسعيان فِي الْمُكَاتبَة وَمَا اكْتسب الْمَوْلُود فِي الْمُكَاتبَة قبل الْأَدَاء بِغَيْر موت الْمُكَاتبَة فَهُوَ لَهُ خَاصَّة وَمَا اكْتسب قبل موت الْمُكَاتبَة فَهُوَ للمكاتبة وَمَا اكْتسب أَخُوهُ المُشْتَرِي قبل موت الْمُكَاتبَة وَبعد مَوتهَا قبل الْأَدَاء فان الْمُكَاتبَة تُؤْخَذ من ذَلِك وَمَا بَقِي فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ(4/96)
قلت أَرَأَيْت إِن اكْتسب المُشْتَرِي مَالا كثيرا وَالْآخر يسْعَى فَأدى الآخر فعتقا مَا حَال المَال الَّذِي فِي يَدي الَّذِي اكْتسب قَالَ يكون بَينه وَبَين أَخِيه نِصْفَيْنِ فِي قَول أبي حنيفَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كسب هَذِه الْأمة كَأَنَّهُ مَال تركته الْأُم فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة قلت وَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِي يَد الْأَخ الَّذِي كَانَ يسْعَى مِمَّا اكْتسب قبل الْعتْق إِذا وَقع الْعتْق أَيكُون لَهُ ولأخيه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمه قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت وَله عبد بَينه وَبَين شريك لَهُ فكاتبه شَرِيكه الصَّحِيح فكاتب نصِيبه مِنْهُ بِأَمْر الْمَرِيض ثمَّ إِن الْمَرِيض مَاتَ فَأبى الْوَرَثَة أَن يجيزوا الْمُكَاتبَة أَيكُون ذَلِك لَهُم قَالَ لَا وَالْمُكَاتبَة جَائِزَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمَرِيض كَانَ أجَاز الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت مَا أَخذ الَّذِي كَاتب من الْمُكَاتبَة أَيكُون للْوَرَثَة فِيهِ نصيب قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمَرِيض لم يَأْذَن لَهُ فِي(4/97)
شَيْء من ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمَرِيض قد كَانَ أذن لَهُ فِي الْمُكَاتبَة وَالْقَبْض فَقبض فَأدى العَبْد الْمُكَاتبَة إِلَى الآخر هَل ترجع الْوَرَثَة عَلَيْهِ بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم لَا تَأْخُذ الْوَرَثَة ن شَيْئا قَالَ لِأَنَّهُ قد أذن لشَرِيكه فِي الْقَبْض قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت وَله عبد قِيمَته ألف وَلَيْسَ لَهُ(4/98)
مَال غَيره فكاتبه فِي مَرضه على ألف دِرْهَم ثمَّ أقرّ أَنه قد قبضهَا مِنْهُ ثمَّ مَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته للْوَرَثَة وَهُوَ حر قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد قد أقرّ بِأَنَّهُ حر قبل أَن يَمُوت فَكَأَنَّهُ أعْتقهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعْتقهُ فِي الْمَرَض وَقد كَاتبه فِي الصِّحَّة فان العَبْد يُخَيّر فان شَاءَ سعى فِي ثُلثي قِيمَته وَإِن شَاءَ سعى فِي ثُلثي مَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد نرى مَا اكْتسب الْوَلَد الَّذِي اشْترى فِي الْمُكَاتبَة بعد مَوتهَا لَهُ لِأَنَّهُ يَأْخُذهُ أَخُوهُ وَلَو لم يكن لَهَا ولد غير الَّذِي اشترت كَانَ لَهُ أَن يسْعَى فِيمَا على أمه وَكَذَلِكَ كل ذِي رحم محرم قلت أَرَأَيْت الْمَرِيض إِذا حَضَره الْمَوْت وَله عَبْدَانِ قيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا ألف فكاتب الْعَبْدَيْنِ على أَلفَيْنِ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا ثمَّ إِن أَحدهمَا مَاتَ قبل موت السَّيِّد ثمَّ مَاتَ السَّيِّد من ذَلِك الْمَرَض مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْبَاقِي فان شَاءَ عجل ثُلثي الْمُكَاتبَة وَكَانَ مَا بَقِي عَلَيْهِ من مُكَاتبَته يُؤَدِّيهَا على نجومه فان أبي رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن عجل ثُلثي الْمُكَاتبَة كم يلْزمه من ثلث الْمُكَاتبَة أكلهَا أم قدر قِيمَته قَالَ يسْعَى(4/99)
فِي ثلث جَمِيع الْمُكَاتبَة على مَا بَقِي من نجومه قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أَحدهمَا مَاتَ بعد موت السَّيِّد وَلم يؤد شَيْئا أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت أَن كَانَا خيرا فاختارا ثُلثي قيمتهمَا فأديا ذَلِك وعجلا ثمَّ إِن أَحدهمَا مَاتَ بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ لَا يسْعَى الثَّانِي فِي شَيْء قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ أَحدهمَا بعد موت السَّيِّد قبل أَن يؤديا شَيْئا أيخير وَقد ترك مَالا كثيرا اكْتَسبهُ فِي الْمُكَاتبَة قَالَ يُؤْخَذ جَمِيع الْمُكَاتبَة مِمَّا ترك ويعتقان جَمِيعًا وَترجع وَرَثَة الْمكَاتب بِحِصَّتِهِ من الْمُكَاتبَة إِن كَانَت قيمتهمَا سَوَاء رجعُوا عَلَيْهِ بِنصْف ذَلِك قلت فَيُؤْخَذ ذَلِك مِنْهُ عَاجلا يُؤَدِّيه أم تكون دينا عَلَيْهِ على مَا كَانَ عَلَيْهِمَا من النُّجُوم يُؤَدِّيهَا قَالَ هِيَ عَلَيْهِ على مَا كَانَ عَلَيْهِمَا من النُّجُوم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ ضمن عَنهُ حِصَّة حِصَّته من الْمُكَاتبَة نجوما أَلا ترى لَو أَن أَحدهمَا عجل الْمُكَاتبَة عتقا جَمِيعًا وَلَا يرجع على شَرِيكه بِحِصَّتِهِ من الْمُكَاتبَة إِلَّا على نجومه الَّتِي كَاتب عَلَيْهَا وَهَذَا بِمَنْزِلَة رجلَيْنِ(4/100)
ضمنا ضمانا إِلَى أجل فكفل كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَا على صَاحبه قَالَ فَعجل أَحدهمَا المَال قبل الْأَجَل فَلَا يرجع على صَاحبه حَتَّى يحل الْأَجَل فَكَذَلِك المكاتبان قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم فِي مَرضه وَقِيمَته مائَة وَلَا مَال لَهُ غَيره قَالَ يُقَال لَهُ عجل ثُلثي ألف دِرْهَم وَثلث عَلَيْك على النُّجُوم وَإِلَّا رددت فِي الرّقّ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وابي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يُقَال لَهُ عجل ثُلثي قيمتك وَمَا بَقِي فَهُوَ على النُّجُوم فان أبي رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ فَلَمَّا مرض قَالَ استوفيت مَا عَلَيْهِ قَالَ يصدق وَيعتق لِأَنَّهُ كَاتبه فِي الصِّحَّة
- بَاب نِكَاح الْمكَاتب وَالْمُكَاتبَة
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ تزوج هَل تجيز نِكَاحه قَالَ لَا إِلَّا أَن يُجِيزهُ الْمولى قلت وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أجَاز ذَلِك السَّيِّد هَل تجيز النِّكَاح قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يعلم ذَلِك حَتَّى أدّى الْمكَاتب الْمُكَاتبَة وَعتق هَل يجوز نِكَاحه قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد كَانَ حرا أَلا ترى لَو أَن عبدا تزوج بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ فَأعْتقهُ مَوْلَاهُ وَلَا يعلم كَانَ نِكَاحه ذَلِك جَائِزا قلت وَكَذَلِكَ الْمكَاتب قَالَ نعم(4/101)
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى امْرَأَته مَا حَالهَا وَهل يفْسد النِّكَاح قَالَ هر امْرَأَته على حَالهَا وَله أَن يُجَامِعهَا بِالنِّكَاحِ قلت فَهَل لَهُ أَن يَبِيعهَا قَالَ نعم إِن لم يكن لَهُ مِنْهَا ولد عِنْده قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قد ولدت مِنْهُ قبل أَن يملكهَا وَلَيْسَ عِنْده مِنْهَا ولد أيبيعها قَالَ نعم وَإِنَّمَا أستحسن أَن يَبِيعهَا إِذا لم يكن عِنْده مِنْهَا ولد لَهُ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يَبِيعهَا وَالْمكَاتب على حَاله قلت أَرَأَيْت إِذا أدّى الْمُكَاتبَة هَل يفْسد النِّكَاح قَالَ نعم النِّكَاح فَاسد قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا زوج أمة لَهُ هَل يجوز تَزْوِيجه قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن زوج عبدا لَهُ هَل يجوز نِكَاحه قَالَ لَا قلت وَلم لَا يجوز أَن يُزَوّج عَبده قَالَ لِأَن الْمهْر يلْزمه وَالنَّفقَة وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذَا مَنْفَعَة قلت أَرَأَيْت إِن زوج عَبده أمته هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا لِأَنَّهُ لَا يَقع للْمكَاتب فِي هَذَا مَنْفَعَة وَفِي ذَلِك ضَرَر أَلا ترى أَنه لَو بَاعَ الْأمة لزم العَبْد نَفَقَتهَا إِذا جا نِكَاحه فَلَا يجوز ذَلِك قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا أدّى بعض الْمُكَاتبَة لَهُ أَن يتَزَوَّج(4/102)
قَالَ لَا حَتَّى يعْتق وَيُؤَدِّي جَمِيع مَا عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن تزوج بِغَيْر إِذن سَيّده وَدخل بامرأته ثمَّ فرق السَّيِّد بَينهمَا هَل يلْزمه الْمهْر قَالَ لَا حَتَّى يعْتق قلت وَلم لَا يلْزمه حَتَّى يعْتق قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بِشَيْء يلْزمه من قبل شِرَاء وَلَا بيع قلت أَرَأَيْت إِن أعْتقهُ السَّيِّد بعد ذَلِك هَل يلْزمه الْمهْر قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أذن لَهُ الْمولى فِي النِّكَاح فَتزَوج أيلزمه الْمهْر قَالَ نعم قلت وَيجوز النِّكَاح قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا زوجه مَوْلَاهُ أمة لَهُ هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت فَهَل يلْزمه الْمهْر لمَوْلَاهُ قَالَ نعم وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
- بَاب إِذن الْمكَاتب وَإِذن الْمُكَاتبَة فِي التِّجَارَة
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة هَل يجوز قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أذن لأمة لَهُ فِي التِّجَارَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت العَبْد إِن اسْتَدَانَ دينا هَل يلْزمه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا جَاءَ الْغُرَمَاء يطْلبُونَ العَبْد بِالدّينِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الدّين فِي رقبته فان أدّى عَنهُ الْمكَاتب وَإِلَّا بيع لَهُم العَبْد فِي دينهم قلت وَيجوز للْمكَاتب أَن يُؤَدِّي عَنهُ الدّين قَالَ نعم قلت وَإِن كَانَ الدّين أَكثر من قِيمَته قَالَ وَإِن قلت وَإِن عجز بعد ذَلِك جَازَ مَا صنع من ذَلِك قَالَ نعم قلت(4/103)
وَلم قَالَ لِأَن للْمكَاتب أَن يَأْذَن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة يَشْتَرِي وَيبِيع لِأَنَّهُ مسلط على ذَلِك قلت أَفَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب وَالدّين فِي عنق العَبْد هَل يلْزم العَبْد الدّين بعد الْعَجز قَالَ نعم قلت فان أدّى عَنهُ مولى العَبْد وَإِلَّا بيع لَهُم فِي دينهم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب وَعَلِيهِ دين كثير وَفِي رَقَبَة عَبده هَذَا دين مَا القَوْل فِي ذَلِك وَلَيْسَ فِي يَد الْمكَاتب مَال قَالَ يكون دين الْمكَاتب فِي رَقَبَة الْمكَاتب يُبَاع فِيهِ أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ وَيكون دين العَبْد فِي عُنُقه لغرمائه فان أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَّا بيع لَهُم قلت أَفَرَأَيْت إِذا بيع الْمكَاتب وَلم يكن فِيهِ وَفَاء بِدِينِهِ وَفِي ثمن العَبْد فضل على الدّين الَّذِي كَانَ فِي رقبته لمن يكون ذَلِك الْفضل قَالَ لغرماء الْمكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مَال الْمكَاتب فغرماؤه أَحَق بِمَالِه من مَوْلَاهُ قلت أَرَأَيْت إِن أدّى مولى العَبْد مَا على العَبْد من دين من مَاله وَلَيْسَ فِي رَقَبَة الْمكَاتب وَفَاء بِمَا عَلَيْهِ من الدّين هَل يكون لغرمائه أَن يبيعوا العَبْد بعد ذَلِك لفضل دينهم قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد مَال الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن أدّى مولى العَبْد(4/104)
دين العَبْد إِلَى غُرَمَائه بِغَيْر إِذن القَاضِي أَيكُون كَأَن أدّى باذن القَاضِي قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على العَبْد دين كثير فَأدى الْمولى إِلَى بَعضهم وَقد جَاءَ بَعضهم يطْلب وَالْآخرُونَ غيب فَقضى القَاضِي بَينهم فَأدى الْمولى عَنهُ ثمَّ جَاءَ الْبَاقُونَ بعد ذَلِك فخاصموا الْمولى فَلم يكن عِنْده مَا يُؤَدِّي مَا على العَبْد فَبيع العَبْد هَل يكون للْمولى من ثمنه بِقدر مَا أدّى يخلص بذلك فِي الثّمن قَالَ لَا وَلَا يحاص من لم يقبض مِنْهُم من الْمولى من اقْتضى مِنْهُ لِأَن دينهم مُخْتَلف لِأَن كل وَاحِد مِنْهُم حَقه على حِدة وَلَو كَانَ أصل دينهم هم فِيهِ شُرَكَاء كَانُوا يحاصونه فِيمَا قبضوا لِأَن دينهم وَاحِد فَلَا يَأْخُذ بَعضهم مِنْهُ شَيْئا إِلَّا يشركهُ فِيهِ الْبَاقُونَ قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن رجلا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فاستدان دينا فجَاء بعض الْغُرَمَاء يُخَاصم فَأدى الْمولى إِلَيْهِم دينهم بِقَضَاء القَاضِي(4/105)
وَلم يكن عِنْده مَا يُؤَدِّي إِلَى البَاقِينَ أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمولى إِلَى بعض الْغُرَمَاء الدّين ثمَّ جَاءَ الْبَاقُونَ بعد ذَلِك وَلَيْسَ عِنْد الْمولى مَا يُؤَدِّي عَنهُ أيباع جَمِيع العَبْد أَو قدر حِصَّته من ذَلِك قَالَ يُبَاع جَمِيع العَبْد فَيكون للْغُرَمَاء قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فاستدان العَبْد أَو لم يستدن ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز ورد فِي الرّقّ فَاشْترى العَبْد بعد ذَلِك وَبَاعَ هَل يلْزمه وَهل يكون على إِذْنه مَا لم يحْجر عَلَيْهِ الْمولى قَالَ لَا يكون على إِذْنه مَا لم يحْجر عَلَيْهِ الْمولى وَلَا يلْزمه مَا اشْترى وَبَاعَ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا عجز الْمكَاتب فَهُوَ حجر عَلَيْهِ(4/106)
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب أَو عتق هَل يكون العَبْد على إِذْنه قَالَ نعم قلت إرأيت الْمكَاتب إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي التَّزْوِيج هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا ضَرَر على العَبْد أَلا ترى أَن الْمهْر يلْزمه وَالنَّفقَة فَيكون ذَلِك فِي عنق العَبْد فَلَا يجوز أَن يَأْذَن لعَبْدِهِ فِي التَّزْوِيج قلت أَرَأَيْت إِن أذن لأمته أَو زَوجهَا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم أستحسن فِي هَذَا أَن أجيزه قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ يَأْخُذ لَهَا مهْرا وَالْعَبْد إِنَّمَا يغرم عَنهُ قلت وَيَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن لَا يجوز قَالَ نعم وَلَكنَّا نستحسن ونجيزه فِي الْأمة قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فأدانه مولى العَبْد الْمكَاتب دينا أَو أدانه العَبْد دينا هَل يلْزم كل وَاحِد مِنْهُمَا الدّين لصَاحبه قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بِعَبْد وَإِنَّمَا(4/107)
هُوَ عبد للْمكَاتب أَلا ترى أَنه لَو أدان للْمكَاتب دينا لزمَه ذَلِك فَكَذَلِك العَبْد قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك وَعَلِيهِ دين كثير هَل يكون دين الْمولى فِي رَقَبَة العَبْد وَلَيْسَ فِي رَقَبَة الْمكَاتب وَفَاء بِالدّينِ الَّذِي عَلَيْهِ قَالَ إِذا عجز الْمكَاتب بَطل دين الْمولى الَّذِي كَانَ على العَبْد فَصَارَ العَبْد لغرماء الْمكَاتب قلت وَلم وَقد كَانَ الدّين لَازِما لَهُ قبل ذَلِك قَالَ لِأَنَّهُ قد صَار عبدا فَبَطل دينه قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فاستدان العَبْد دينا ثمَّ إِن الْمكَاتب مَاتَ وَترك ولدا كَانَ ولد لَهُ فِي الْمُكَاتبَة وعَلى العَبْد دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ غُرَمَاء العَبْد أَحَق بِهِ من الْمولى يُبَاع لَهُم فِي دينهم فان فضل شَيْء كَانَ للْمولى من الْمُكَاتبَة قلت أَفَرَأَيْت العَبْد إِن اشْترى بعد ذَلِك وَبَاعَ هَل يلْزمه شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ مَاتَ الْمكَاتب فَذَلِك بِمَنْزِلَة الْحجر لِأَنَّهُ قد صَار لغيره قلت أَرَأَيْت إِن أذن لَهُ الابْن بعد ذَلِك فِي الشِّرَاء وَالْبيع هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد قد صَار للْغُرَمَاء(4/108)
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِن أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فاستدان العَبْد دينا فَدفعهُ الْمولى إِلَى الْغُرَمَاء بدينهم هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة حر أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة قَالَ نعم قلت وَيجوز للْمكَاتب من هَذَا مَا يجوز للْحرّ قَالَ نعم
- بَاب كتاب الْخِيَار فِي الْمُكَاتبَة
- قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على أَنه بِالْخِيَارِ يَوْمًا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ بِالْخِيَارِ يَوْمَيْنِ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لوكان الْخِيَار أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا فِي قَول أبي حنيفَة قلت لم قَالَ لِأَن الْخِيَار لَا يكون أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام قلت أَفَرَأَيْت إِن رَضِي الْمولى الْمُكَاتبَة قبل أَن تمْضِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام وَقد اشْترط خيارا أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم تجز حَتَّى مَضَت الْأَيَّام الثَّلَاثَة قَالَ الْمُكَاتبَة(4/109)
فَاسِدَة مَرْدُودَة قلت أَفَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل عَبده وَالْعَبْد بِالْخِيَارِ يَوْمًا هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْمولى بِالْخِيَارِ يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة قَالَ نعم قلت فَلهُ أَن يتْرك الْمُكَاتبَة فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام أَو يقبل قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ العَبْد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ رد وَإِن شَاءَ أجَاز قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن لم يقبل وَلم يرد حَتَّى مضى الْخِيَار هَل تلْزمهُ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَسَوَاء إِن كَانَ الْمولى بِالْخِيَارِ أَو الْمكَاتب قَالَ نعم قلت فان كَاتبه على أَن العَبْد بِالْخِيَارِ أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام هَل تفْسد الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أجَاز الْمكَاتب الْمُكَاتبَة فِي الثَّلَاث هَل تجيزها قَالَ نعم قلت وَإِن مَضَت ثَلَاثَة أَيَّام قبل أَن يخْتَار بطلت الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل عَبده على أَنه بِالْخِيَارِ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِن السَّيِّد مَاتَ قبل أَن يمْضِي الْخِيَار أَو قبل أَن يرد أَو يُخَيّر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَمَوته بِمَنْزِلَة إِجَازَته الْمُكَاتبَة(4/110)
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل عَبده على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فاكتسب الْمكَاتب مَالا فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام ثمَّ أجَاز الْمولى الْمُكَاتبَة لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ للْعَبد قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة إِنَّمَا وَقعت يَوْم كَاتبه قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ وهب لَهُ مَال فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتب مُكَاتبَة فَوَطِئَهَا السَّيِّد لشُبْهَة فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة كَانَ لَهَا الْمهْر قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَانَت الْمُكَاتبَة بِالْخِيَارِ فاكتسبت مَالا أَو وهب لَهَا مَال فِي هَذِه الْأَيَّام ثمَّ اخْتَارَتْ الْمُكَاتبَة لمن يكون ذَلِك المَال الَّذِي فِي يَديهَا قَالَ لَهَا قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة ايام فَولدت الْأمة فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة ثمَّ أجَاز السَّيِّد الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَوَلدهَا مكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَن ولد الْمكَاتب مِنْهَا فاذا جَازَت الْمُكَاتبَة قَالَ قيمَة الْوَلَد للْأُم(4/111)
قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مِنْهَا قلت أَفَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَولدت ولدا فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة ثمَّ بَاعَ السَّيِّد الْوَلَد فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة أَو وهبه أَو تصدق بِهِ على إِنْسَان وَقَبضه أَو أعْتقهُ مَا القَوْل فِيهِ قَالَ بَيْعه جَائِز وَمَا صنع فِيهِ من شَيْء فَهُوَ جَائِز وَهَذَا رد للمكاتبة قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَة البيع أَلا ترى لَو أَن رجلا بَاعَ جَارِيَته وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَولدت ولدا فَأعتق الْمولى الْوَلَد كَانَ ذَلِك ردا للْبيع فَكَذَلِك الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام ثمَّ أجَاز الْمُكَاتبَة هَل يجوز قَالَ نعم قلت فَهَل يرفع عَن الْأُم شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد لم يكن مكَاتبا مَعهَا قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَولدت ولدا ثمَّ إِن السَّيِّد مَاتَ فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام قَالَ الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَهُوَ بِمَنْزِلَة إِجَازَته الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب عَبده على نَفسه وَولد لَهُ صغَار على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَمَاتَ بعض وَلَده ثمَّ أجَاز الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَلَا يرفع عَن الْأَب بِحِصَّة الَّذِي مَاتَ من الْمُكَاتبَة(4/112)
قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِن أَحدهمَا مَاتَ فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة قبل أَن يخْتَار ثمَّ أجَاز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم هما سَوَاء وَيلْزم الثَّانِي جَمِيع الْمُكَاتبَة فان أدّى عتق وَإِن عجز رد فِي الرّقّ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَو كاتبهما مُكَاتبَة وَاحِدَة بِغَيْر شَرط ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا لم يرفع عَن الْبَاقِي شَيْء فَكَذَلِك الْبَاب الأول قلت أَفَرَأَيْت إِن كاتبهما جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ أعتق أَحدهمَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ عتقه جَائِز وَهَذَا رد للمكاتبة وَالْآخر عَبده قلت أَرَأَيْت إِن بَاعَ أَحدهمَا أَو وهبه أَو تصدق بِهِ على رجل وَقَبضه قَالَ هَذَا كُله رد للمكاتبة قلت فَهَل يجوز البيع قَالَ نعم قلت لم وَقد بَاعه قبل أَن يرد قَالَ لِأَنِّي قد جعلت البيع ردا قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته على أَنَّهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِنَّهَا ولدت ولدا فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة ثمَّ إِن السَّيِّد أعتق الْوَلَد هَل يجْزِيه(4/113)
عتقه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا اخْتَارَتْ الْمُكَاتبَة هَل يرفع عَنْهَا شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد لم يُكَاتب مَعهَا وَإِنَّهَا ولدت بعد الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَولدت ولدا فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة ثمَّ إِن السَّيِّد أعتق الْأُم قبل أَن تمْضِي الْأَيَّام وَقبل أَنْت يُجِيز الْمُكَاتبَة أَو يردهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تعْتق الْأُم وَلَا يعْتق وَلَدهَا مَعهَا وَهَذَا رد للمكاتبة قلت وَلَو كَانَت هِيَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ أعْتقهَا عتق وَلَدهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَولدت ولدا ثمَّ إِن الْأمة مَاتَت فِي تِلْكَ الْأَيَّام الثَّلَاثَة قبل أَن ترد الْمُكَاتبَة أَو تجيز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن شَاءَ الْمولى أجَاز الْمُكَاتبَة للْوَلَد وَإِن شَاءَ ردهَا فان أجازها كَانَ الْوَلَد بِمَنْزِلَة أمه وَهَذَا اسْتِحْسَان فَأَما فِي الْقيَاس فالمكاتبة بَاطِلَة لِأَن الْأمة قد مَاتَت قبل جَوَاز الْمُكَاتبَة فَلَا تجوز الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك وَهُوَ قَول مُحَمَّد قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْأُم بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَمَاتَتْ الْأُم(4/114)
فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام قبل أَن تخْتَار رد الْمُكَاتبَة وإجازتها مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مَوتهَا بِمَنْزِلَة قبُولهَا الْمُكَاتبَة وَيسْعَى الْوَلَد فِيمَا على أمه فان أدّى عتق وَإِن عجز رد قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فاشترت وباعت فِي هَذِه الْأَيَّام الثَّلَاثَة ثمَّ إِن الْمولى اخْتَار رد الْمُكَاتبَة أَيجوزُ شراؤها وَبَيْعهَا فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة فِيمَا اشترت وباعت قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة لم تجز وَلَا يكون هَذَا إِذْنا لَهَا فِي التِّجَارَة وَهَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَة البيع إِلَّا أَن يكون الْمولى رَآهَا تشتري وتبيع فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام فَلم يعْتَرض عَلَيْهَا فَيكون هَذَا مِنْهُ إجَازَة للمكاتبة أَلا ترى لَو أَن رجلا بَاعَ رجلا عبدا على أَن البَائِع بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة ى أَيَّام وَقَبضه المُشْتَرِي ثمَّ إِن المُشْتَرِي أذن لَهُ فِي التِّجَارَة فِي هَذِه الْأَيَّام الثَّلَاثَة فاستدان دينا ثمَّ رد البَائِع البيع لم يلْزمه شَيْء من ذَلِك لِأَن البيع لم يَقع قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ كَاتبه على أَن الْمكَاتب بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِن الْمكَاتب اشْترى فِي هَذِه الثَّلَاثَة الْأَيَّام وَبَاعَ أَيكُون ذَلِك(4/115)
رضَا بالمكاتبة قَالَ نعم وَيلْزمهُ مَا اشْترى وَبَاعَ قلت وَلم جعلته رضى بالمكاتبة قَالَ لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة البيع أَلا ترى لَو أَن رجلا بَاعَ عبدا على أَن المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ أذن لَهُ المُشْتَرِي فِي التِّجَارَة كَانَ ذَلِك رضَا بِالْبيعِ فَكَذَلِك الْمكَاتب
- بَاب كتاب شِرَاء الْمكَاتب وَلَده وَذَوي الْأَرْحَام مِنْهُ
- قلت أَرَأَيْت إِذا اشْترى الْمكَاتب أَبَاهُ هَل لَهُ أَن يَبِيعهُ قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِذا اشْترى جده أَو ولد وَلَده قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو ابْتَاعَ جد أَبِيه أَو جد أمه قَالَ نعم لَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع أحدا من هَؤُلَاءِ قلت أَرَأَيْت إِن ابْتَاعَ أَخَاهُ أَو عَمه أَو خَاله أَو خَالَته أَو ابْتَاعَ ابْن أَخِيه أَو ابْن أُخْته هَل لَهُ أَن يَبِيع أحدا من هَؤُلَاءِ قَالَ نعم لَهُ أَن يَبِيع كل مَا اشْترى من ذِي رحم محرم من كسب مَا خلا والدا أَو ولدا أَو أما أَو جدة أَو ولد ولد وَأما الْأَخ أَو الْعم أَو ابْن الْأَخ أَو مَا سوى ذَلِك فَلهُ أَن يبيعهم قلت وَلم وهما سَوَاء فِي الْقيَاس قَالَ هما سَوَاء فِي الْقيَاس وَلَكنَّا نستحسن فِي الْوَالِد(4/116)
وَالْولد وَمن سمينا فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يَبِيع ذَا رحم محرم وَلَا أم الْوَلَد إِذا اشتراهم وكل من لم يكن للْحرّ أَن يَبِيعهُ فَلَيْسَ للْمكَاتب أَن يَبِيعهُ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ابْتَاعَ أَبَاهُ أَو ابْنه أَو أمه فَأعْتقهُ الْمولى هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أعتق جدا أَو ولد ولد قَالَ نعم قلت وَلم أجزت عتق الْمولى مِنْهُم وَلَا يملكهم وَأَنت لَا تجيز عتقه لَو أعتق رَقِيقا للْمكَاتب قَالَ لِأَن الْمكَاتب لَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع أحدا من هَؤُلَاءِ قلت أَرَأَيْت إِذا ابْتَاعَ الْمكَاتب جدة مَوْلَاهُ أَو ذَا رحم محرم من نسب مِنْهُ فاعتقه الْمولى هَل يجوز عتقه قَالَ لَا فِي قَول أبي حنيفَة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة رَقِيقه أَلا ترى أَن للْمكَاتب أَن يبيعهم قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ابْتَاعَ ابْنه فاكتسب ابْنه مَالا لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ للْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب وَعتق وَفِي يَدي ابْنه مَال اكْتَسبهُ فِي الْمُكَاتبَة لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ للْمكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَن كَسبه لَهُ فَمَا كَانَ من شَيْء فِي يَدَيْهِ فَهُوَ لَهُ قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب وَعتق وَفِي يَدي ابْنه مَال اكْتَسبهُ فِي الْمُكَاتبَة لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ للْمكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَن كَسبه لَهُ فَمَا كَانَ من شَيْء فِي يَدَيْهِ فَهُوَ لَهُ قلت أَرَأَيْت إِذا ابْتَاعَ الْمكَاتب ابْنه فَاشْترى ابْن الْمكَاتب وَبَاعَ واستدان دينا هَل يجوز شِرَاؤُهُ وَيلْزمهُ الدّين قَالَ نعم قلت لم وَلم يَأْذَن لَهُ الْمكَاتب فِي الشِّرَاء وَالْبيع قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْمكَاتب(4/117)
أَلا ترى أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يَبِيعهُ قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك أَيكُون ذَلِك الدّين فِي رقبته قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن أدّى الْمكَاتب فَعتق كَانَ الدّين عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا اشْترى ابْنه ثمَّ إِنَّه مَاتَ وَلم يدع شَيْئا هَل يسْعَى الابْن فِي الْمُكَاتبَة قَالَ لَا وَلكنه يُبَاع قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا لَا يكون بِمَنْزِلَة مَا ولد فِي الْمُكَاتبَة قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ابْتَاعَ أَبَاهُ قَالَ نعم إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة كَانَ يستحسن فِي الابْن خَاصَّة إِذا جَاءَ بالمكانة حَالَة أَن تقبل مِنْهُ وَيعتق هُوَ وَأَبوهُ قلت أَرَأَيْت إِذا بيع أيأخذ الْمولى الْمُكَاتبَة من الثّمن قَالَ نعم يكون ثمنه بِمَنْزِلَة مَال تَركه الْمكَاتب فَيُؤَدِّي إِلَى الْمولى فَيَأْخُذ الْمولى مِنْهُ الْمُكَاتبَة وَيعتق الْمكَاتب وَيكون مَا بَقِي لوَرثَته إِن كَانَ لَهُ وَرَثَة سوى الْمولى وَإِلَّا فَهُوَ للْوَلِيّ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى ابْنَته ثمَّ إِن السَّيِّد وَطئهَا فعلقت مِنْهُ فَولدت ولدا هَل ثَبت النّسَب قَالَ نعم قلت وَالْولد وَلَده وَيغرم عقرهَا وَيكون الْعقر للْمكَاتب قَالَ نعم قلت فَهَل تكون أم ولد لَهُ قَالَ لَا وَهِي على حَالهَا كَمَا كَانَت قلت فَهَل على الْمولى قيمَة الْوَلَد قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد وَلَده بِغَيْر قيمَة لِأَن الْبِنْت الَّتِي وطِئت لَا تكون فِي هَذِه الْحَالة بِمَنْزِلَة خَادِم الْمكَاتب أَلا ترى أَنَّهَا تعْتق(4/118)
بِعِتْق أَبِيهَا وترق برقه وَلَيْسَ للْأَب أَن يَبِيعهَا أَلا ترى أَن الْأَب إِذا عجز صَارَت الِابْنَة أم وَلَده فان أدّى الْمكَاتب عتق وَلَده مَعَه وَلَا تكون على السَّيِّد قِيمَته على تِلْكَ الْحَال وَكَذَلِكَ لَا يلْزمه الْقيمَة قلت أَرَأَيْت إِن اسْتَدَانَ ولد الْمكَاتب دينا فِي شِرَاء أَو بيع ثمَّ إِن الْمولى وطئ الِابْنَة فعلقت مِنْهُ أَو ولدت ثمَّ إِن الْأُم عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ترد وَالْولد حر وَتصير الِابْنَة أم ولد للسَّيِّد قلت فَمَا حَال الدّين الَّذِي فِي رقبَتهَا قَالَ هُوَ فِي رقبَتهَا على حَاله وتسعى فِيهِ للْغُرَمَاء قلت وَيضمن الْمولى الدّين إِذا كَانَ وَطئهَا بعد مَا لَزِمَهَا الدّين قَالَ نعم إِن شَاءَ الْغُرَمَاء ضمنوه الْأَقَل من قيمتهَا وَمن الدّين وَإِن شاؤا سعت لَهُم فِي الدّين قلت أَرَأَيْت هَل يكون على الْمولى قِيمَته للْغُرَمَاء قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة إِذا ولدت ولدا فِي مكاتبتها فَاشْترى وَبَاعَ واستدان دينا هَل يلْزمه ذَلِك وَيجوز بَيْعه وشراؤه قَالَ نعم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمة(4/119)
قلت أَرَأَيْت إِن أدان أمه دينا أَو أدانته دينا ثمَّ أدَّت الْأُم عتقت هَل يلْزم وَاحِدًا مِنْهُمَا من ذَلِك الدّين شَيْء لصَاحبه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن مَالهَا للمكاتبة قبل أَدَاء الْمُكَاتبَة وَمَا كَانَ فِي يَدهَا فَهُوَ للمكاتبة فَمن ثمَّ لم يلْزم وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْء لصَاحبه قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى ابْنه أَو أَبَاهُ فَاشْترى أَبوهُ وَابْنه وَبَاعَ هَل يلْزمه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى الابْن ابْنا لَهُ هَل يجوز قَالَ نعم قلت فَهَل للْمكَاتب أَن يَبِيعهُ قَالَ لاقلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة ابيه قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ابْتَاعَ أَبَاهُ لمن يكون كَسبه وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ قَالَ للْمكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الابْن قلت وَكَذَلِكَ كسب ولد الْمكَاتب إِذا ولدت فِي الْمُكَاتبَة قَالَ نعم جَمِيع كسب ولد الْمُكَاتبَة وَالْمُكَاتبَة إِذا كَانَ قد ولد فِي الْمُكَاتبَة(4/120)
وَاشْتَرَاهُ وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ فَهُوَ للْمكَاتب
- بَاب كتاب مُكَاتبَة أم الْوَلَد والمدبرة
- قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتب أم ولد هَل يجوز قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْمُدبرَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أم ولد لَهُ فأدت بعض الْمُكَاتبَة ثمَّ إِنَّهَا عجزت هَل ترد فِي الرّقّ قَالَ نعم وَترجع إِلَى حَالهَا كَمَا كَانَت أم وَلَده قلت وَكَذَلِكَ الْمُدبرَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أم وَلَده ثمَّ أعتق نصفهَا بعد ذَلِك مَا حَالهَا قَالَ هِيَ حرَّة كلهَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا أم ولد عتق نصفهَا فاذا عتق نصفهَا عتق كلهَا لِأَن أم الْوَلَد لَا تسْعَى فِي شَيْء أَلا ترى لَو أَن رجلاأعتق نصف أم وَلَده كَانَت حرَّة كلهَا قلت فَمَا حَال الْمُدبر إِذا كَاتبه ثمَّ أعتق نصفه قَالَ الْمُدبر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ مضى على مُكَاتبَته وَأدّى نصف الْمُكَاتبَة وَسقط عَنهُ النّصْف(4/121)
وَإِن شَاءَ عجز وسعى فِي نصف قِيمَته فِي قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَهُوَ حر كُله وَلَا شَيْء عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أم وَلَده ثمَّ إِنَّه مَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تعْتق وَيبْطل عَنْهَا الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا أم وَلَده وتعتق بِمَوْتِهِ قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ كاتبها وَهِي أمة ثمَّ وَطئهَا فَولدت مِنْهُ ثمَّ مَاتَ قبل أَن يُجِيز قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب مدبرته ثمَّ إِنَّه مَاتَ فَمَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تعْتق وَينظر فان كَانَ قِيمَته الثُّلُث عتق وَبَطلَت الْمُكَاتبَة وَإِن كَانَت قِيمَته أَكثر سعى فِي فضل الْقيمَة إِلَّا أَن تكون الْمُكَاتبَة أقل من ذَلِك الْفضل فتسعى فِي الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِذا بَاعَ أم ولد لَهُ خدمتها من نَفسهَا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْمُدبر قَالَ نعم قلت فَمَا حَالهَا قَالَ هما حران وَالثمن دين عَلَيْهِمَا وَلَا يشبه هَذَا الْمُكَاتبَة لِأَن هَذَا بيع قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أم وَلَده فَقبض مِنْهَا بعض الْمُكَاتبَة أَو لم يقبض فَولدت ولدا فِي الْمُكَاتبَة فَأعتق السَّيِّد الْوَلَد هَل يجوز(4/122)
عتقه قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَ السَّيِّد وَقد ولدت ولدا فِي الْمُكَاتبَة فَأعتق السَّيِّد الْوَلَد هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَ السَّيِّد وَقد ولدت أَوْلَادًا فِي الْمُكَاتبَة مَا حَالهَا وَحَال وَلَدهَا قَالَ تعْتق وَيعتق جَمِيع وَلَدهَا وَتبطل الْمُكَاتبَة وَلَا يكون عَلَيْهَا وَلَا على أَوْلَادهَا شَيْء من السّعَايَة قلت وَلم لَا يسْعَى الْوَلَد فِي شَيْء قَالَ لِأَن الْوَلَد بِمَنْزِلَة الْأُم وَلَو أَن أم ولد لر جلّ زَوجهَا فَولدت أَوْلَادًا ثمَّ مَاتَ عتقت وَعتق وَلَدهَا مَعهَا وَكَذَلِكَ الْبَاب الأول قلت أَرَأَيْت أمة بَين رجلَيْنِ جَاءَت بِولد فادعيا الْوَلَد جَمِيعًا مَا حَالهمَا وَحَال وَلَدهَا قَالَ يثبت النّسَب مِنْهُمَا جَمِيعًا وَهُوَ ولدهما يرثهما ويرثانه قلت فَمَا حَال الْأمة قَالَ هِيَ بِمَنْزِلَة أم ولد لَهما قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِغَيْر إِذن شَرِيكه هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم وَلَيْسَ لَهما أَن يبيعاها قَالَ من قبل(4/123)
أَن لَهما أَن يستخدماها وَأَن يؤاجراها وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ كِتَابَة أَحدهمَا بِغَيْر إِذن شَرِيكه ثمَّ أدَّت وعتقت فَلَيْسَ لَهُ أَن يُكَاتب إِلَّا باذن شَرِيكه لِأَنَّهُمَا فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْأمة قلت أَفَرَأَيْت إِن كَاتب أَحدهمَا نصِيبه باذن شَرِيكه هَل يجوز قَالَ نعم قلت فَلِمَنْ يكون مَا أَخذ قَالَ بَينهمَا وَيرجع الَّذِي كَاتب عَلَيْهِمَا بِمَا يُعْطي شَرِيكه حَتَّى يَسْتَوْفِي الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن أدَّت إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة فَأعتق نصِيبه مَا حَال نصيب الآخر قَالَ يعْتق أَيْضا وَلَا تسْعَى فِي شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا أم ولد فَلَيْسَ عَلَيْهَا سِعَايَة فِي شَيْء وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر إِنَّهَا تسْعَى فِي نصف قيمتهَا وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد قلت أَفَرَأَيْت أم الْوَلَد إِذا كاتبها مَوْلَاهَا على رقبَتهَا على ألف دِرْهَم أَو الْمُدبرَة هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أم ولد لَهُ على ألف دِرْهَم أَو على وصيف أَو على ثوب زطي أَو يَهُودِيّ أَو على شعير أَو حِنْطَة أَو شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن وَسمي كَيْله ووزنه هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَهِي فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْأمة قَالَ نعم(4/124)
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أم وَلَده وَأمة لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وأحدة إِن أدتا عتقتا وَإِن عجزتا ردتا فِي الرّقّ هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أعتق السَّيِّد أم الْوَلَد وَقيمتهَا سَوَاء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يرفع عَن الْبَاقِيَة نصف الْمُكَاتبَة وتسعى فِي النّصْف الْبَاقِي قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ السَّيِّد وَلم يعتقها مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تعْتق أم الْوَلَد وَتبطل حصَّتهَا من الْمُكَاتبَة وتسعى الْبَاقِيَة فِي نصف الْمُكَاتبَة فان أدَّت عتقت وَإِن عجزت ردَّتْ قلت وَلم ترفع عَنْهَا قَالَ لِأَن أم الْوَلَد قد صَارَت حرَّة وَهِي بِمَنْزِلَة عتقه إِيَّاهَا فِي حَيَاتهَا قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب مُدبرَة لَهُ وعبدا بِأَلف دِرْهَم مُكَاتبَة وَاحِدَة قيمتهمَا مِائَتَا دِرْهَم ثمَّ مَاتَ السَّيِّد وَثلث مَاله مائَة دِرْهَم قيمَة الْمُدبرَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يعْتق الْمُدبر مِنْهُمَا وَتبطل حِصَّته من الْمُكَاتبَة وَيسْعَى الْبَاقِي فِي حِصَّته من الْمُكَاتبَة فان أدّى عتق وَإِن عجز رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمُدبر يزِيد على الثُّلُث مَا القَوْل فِي ذَلِك(4/125)
قَالَ يعْتق وَإِن كَانَت الزِّيَادَة أَكثر من الْمُكَاتبَة سعى فِي الْمُكَاتبَة وَإِن كَانَت أقل سعى فِي الزِّيَادَة قلت فَفِي كم يسْعَى الآخر قَالَ فِي حِصَّته من الْمُكَاتبَة ويأخذبها أَيهمَا شَاءَ قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أم وَلَده ثمَّ إِنَّهَا ولدت أَوْلَادًا فِي الْمُكَاتبَة فاستدانت دينا واستدان وَلَدهَا دينا ثمَّ إِنَّهَا عجزت وَردت فِي الرّقّ ورد وَلَدهَا مَا حَال الدّين قَالَ الدّين عَلَيْهَا تسْعَى فِيهِ وَدين الْوَلَد عَلَيْهِم يسعون فِيهِ قلت وَيلْحق الْمولى شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة رجل أذن لأم وَلَده فِي التِّجَارَة فَلَا يلْحقهُ شَيْء من دينهَا قلت وَكَذَلِكَ الْمُدبر لَو كَاتبه قَالَ نعم
- بَاب الْأمة تكون بَين الرجلَيْن أَحدهمَا مكَاتب فيطأها أَحدهمَا
- قلت أَرَأَيْت الْأمة بَين الْمكَاتب وَالْحر تَلد ولدا فيدعيانه جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ ولد الْحر وَهِي أم ولد لَهُ وَيضمن للْمكَاتب نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا وَلَا يضمن من قيمَة الْوَلَد شَيْئا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت بَين الْمكَاتب وَبَين عبد مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَرجل حر فَولدت ولدا فَادعوهُ جَمِيعًا قَالَ هَذَا(4/126)
وَالْبَاب الأول سَوَاء وَيكون الْوَلَد للْحرّ وَيضمن لَهما حصتهما من الْقيمَة قلت أَرَأَيْت الْأمة تكون بَين الْحر وَالْمكَاتب فيطأها الْمكَاتب فتلد مِنْهُ ولدا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ أم ولد لَهُ وَيضمن نصف عقرهَا وَنصف قيمتهَا وَلَا يضمن شَيْئا من قيمَة الْوَلَد لِأَن الْأمة حَيْثُ علقت صَارَت أم ولد وَصَارَ ضَامِنا لنصف قيمتهَا حَيْثُ علقت قلت أَرَأَيْت إِذا ضمنه الْحر نصف قيمتهَا وَنصف الْعقر ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز ورد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك وَالْولد وَالأُم قائمان بأعيانهما قَالَ يكون الْوَلَد وَالْأمة لمولى الْمكَاتب وَلَا يكون للْحرّ من الْأُم وَلَا من الْوَلَد شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب ضمن لَهُ نصف قيمَة الْأُم حَيْثُ علقت وَقضى القَاضِي عَلَيْهِ صَارَت للْمكَاتب أَلا ترى لَو أَن أمة كَانَت بَين رجلَيْنِ وَهِي حُبْلَى فَاشْترى أَحدهمَا نصف صَاحبه كَانَ مَا فِي بَطنهَا أَيْضا للْمُشْتَرِي قلت أَفَرَأَيْت إِن لم يُخَاصم الْحر الْمكَاتب وَلم يعلم بذلك حِين(4/127)
ولدت ثمَّ اخْتَصَمُوا إِلَيّ القَاضِي مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن الْمكَاتب نصف عقرهَا وَنصف قيمتهَا يَوْم علقت وَتصير أم ولد لَهُ قلت فَهَل يضمن من الْوَلَد شَيْئا قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك فَرد فِي الرّقّ هَل يكون للْحرّ من ذَلِك شَيْء وَقد صَار الْوَلَد عبدا قَالَ لَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْء قلت وَلم لَا تضمنه قيمَة الْوَلَد وَإِنَّمَا ادَّعَاهُ بعد مَا ولدت قَالَ لِأَن الْقيمَة إِنَّمَا وَجَبت عَلَيْهِ يَوْم علقت قلت أَرَأَيْت إِن لم يَدعِيهِ وَلم يخاصمه حَتَّى عجز فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون نصف الْأمة وَنصف الْوَلَد للْحرّ قلت أَفَرَأَيْت الْأمة تكون بَين الْمكَاتب وَالْحر فتلد ولدا فَادَّعَاهُ الْمكَاتب وَأنْكرهُ الْحر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا وَلَا يضمن قيمَة الْوَلَد وَتصير أم ولد للْمكَاتب قلت وَهَذَا مُخَالف للباب الأول قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن صَدَقَة الْحر أهوَ بِمَنْزِلَة الْبَاب الأول الَّذِي قد علم أَنه قد ولد فِي جَمِيع مَا ذكرت لَك قَالَ نعم(4/128)
قلت أَرَأَيْت الْأمة تكون بَين الْمكَاتب وَالْحر وكاتباها جَمِيعًا ثمَّ إِن الْحر وَطئهَا فعلقت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تعجز فَتَصِير أم ولد للْحرّ فعلت وَإِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها مَضَت وَتَأْخُذ عقرهَا من السَّيِّد فان اخْتَارَتْ الْعَجز صَارَت أم ولد للْحرّ قلت وَيضمن نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا للْمكَاتب قَالَ نعم قلت وَلَا يضمن من قيمَة الْوَلَد شَيْئا قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمكَاتب هُوَ الَّذِي وَطئهَا فَولدت هَل تكون بِالْخِيَارِ قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا تصير أم وَلَده وَلَا يَسْتَطِيع بيعهَا قلت أَفَرَأَيْت الْمُكَاتبَة تكون بَين الْمكَاتب وَالْحر قد كاتباها جَمِيعًا فَولدت ولدا فادعياه جَمِيعًا قَالَ هُوَ ولد الْحر ودعوة الْمكَاتب بَاطِل قلت أَرَأَيْت إِن اخْتَارَتْ أَن تمْضِي فِي السّعَايَة فمضت ثمَّ مَاتَ الْحر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تعْتق وَتسقط حِصَّة الْحر من الْمُكَاتبَة عَنْهَا وتسعى فِي الْأَقَل من حِصَّة الْمكَاتب من الْمُكَاتبَة وَمن نصف قيمتهَا قلت وَلم قَالَ لِأَن نصيب الْمَيِّت قد أعتق مِنْهَا أَلا ترى(4/129)
أَن الْحر لَو أعْتقهَا فِي حَيَاته صَار نصِيبه حرا وَصَارَت بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت مَضَت على الْمُكَاتبَة فِي نصف الآخر وَإِن شَاءَت عجزت وسعت فِي نصف قيمتهَا إِن كَانَ السَّيِّد مُعسرا وَإِن كَانَ مُوسِرًا ضمن نصف الْقيمَة للمكاتبة قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَت الْمُكَاتبَة بَين الْمكَاتب وَالْحر فكاتباها جَمِيعًا ثمَّ إِن الْحر وَطئهَا فعلقت ثمَّ أعتق نصفه مِنْهَا قبل أَن تخْتَار شَيْئا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن شَاءَت مَضَت فِي كتَابَتهَا فِي نصف الآخر وَإِن شَاءَت عجزت قلت أَرَأَيْت إِن عجزت وَالْحر مُوسر هَل يضمن حِصَّة الْمكَاتب من الْقيمَة قَالَ نعم قلت وَيصير ولاؤها كُله للْحرّ قَالَ نعم قلت فَهَل عَلَيْهَا شَيْء مِمَّا يضمن قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا ولدت مِنْهُ فَلَيْسَتْ عَلَيْهَا سِعَايَة وَلِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة أم ولد لَهُ أعتق نصفهَا أَلا ترى لَو أَن رجلا كَاتب أمة لَهُ ثمَّ وَطئهَا فَولدت مِنْهُ ثمَّ أعتق نصفهَا كَانَت حرَّة كلهَا وَتبطل عَنْهَا الْمُكَاتبَة وَلم تسع فِي شَيْء فَكَذَلِك الْبَاب الأول قلت أَرَأَيْت الْأمة تكون بَين الْحر وَالْمكَاتب فكاتباها جَمِيعًا ثمَّ إِن الْمكَاتب وَطئهَا فَولدت مِنْهُ ثمَّ وَطئهَا الْحر بعد ذَلِك فَولدت مِنْهُ ولدا(4/130)
فادعيا ذَلِك جَمِيعًا وَلَا يعلم ذَلِك إِلَّا بقولهمَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ولد كل وَاحِد مِنْهُمَا لَهُ بِغَيْر قيمَة وَيغرم كل وَاحِد مِنْهُمَا لَهَا الصَدَاق وَهِي بِالْخِيَارِ فان شَاءَت أَن تعجز عجزت وَإِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها فان أدَّت عتقت وَإِن عجزت كَانَت أم ولد للْحرّ خَاصَّة لَا يقدر على أَن يَبِيعهَا وَيضمن الْحر نصف قيمتهَا للْمكَاتب وَأما ابْن الْمكَاتب فَهُوَ ثَابت النّسَب من أَبِيه وعَلى أَبِيه نصف قِيمَته للْحرّ قلت أَرَأَيْت إِن عجزت هِيَ وَلم يعجز الْمكَاتب قَالَ هِيَ أم ولد للْحرّ وَعَلِيهِ نصف قيمتهَا وَولد الْمكَاتب ثَابت النّسَب وَعَلِيهِ نصف قِيمَته للْحرّ قلت أَرَأَيْت إِن عجزت وَعجز الْمكَاتب جَمِيعًا قَالَ هِيَ أم ولد للْحرّ وَعَلِيهِ نصف قيمتهَا لمولى الْمكَاتب وَولد الْمكَاتب عبد بَين الْحر وَمولى الْمكَاتب قلت فان كَانَ وطؤ الْمكَاتب فِي هَذِه الْأَبْوَاب كلهَا بعد وطيء الْحر ثمَّ عَجزا جَمِيعًا قَالَ فَهِيَ أم ولد للْحرّ وَعَلِيهِ نصف قيمتهَا وَهِي ولد الْمكَاتب للْحرّ وَولد الْمكَاتب بِمَنْزِلَة أمه وَلَا يثبت نسبه وَقَالَ مُحَمَّد أستحسن أَن أثبت نسبه من الْمكَاتب(4/131)
- بَاب كتاب مُكَاتبَة الْمُرْتَد
- قلت أَرَأَيْت رجلا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فكاتب عبدا لَهُ فِي ردته ثمَّ أسلم هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد أسلم قلت أَرَأَيْت إِن لم يسلم حَتَّى قتل قَالَ الْمُكَاتبَة بَاطِلَة وَهُوَ عبد للْوَرَثَة فِي قَول إبي حنيفَة قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ لحق بدار الشّرك مُرْتَدا بعد مَا كَاتب العَبْد قَالَ نعم الْمُكَاتبَة بَاطِل أَيْضا قلت أَرَأَيْت إِن رَجَعَ إِلَى دَار الْإِسْلَام مُسلما مَا حَال الْمُكَاتبَة قَالَ إِن كَانَ رفع الْمكَاتب إِلَى القَاضِي ورده القَاضِي فِي الرّقّ فالمكاتبة بَاطِل وَإِن لم يكن رفع إِلَى القَاضِي حَتَّى رَجَعَ مُسلما فَهُوَ على مُكَاتبَته قلت أَرَأَيْت مُسلما كَاتب عبدا لَهُ ثمَّ ارْتَدَّ الْمولى عَن الْإِسْلَام مَا حَال الْمكَاتب قَالَ هُوَ على مُكَاتبَته قلت أَرَأَيْت إِن قتل الْمولى مُرْتَدا أَو لحق بدار الشّرك قَالَ هُوَ على مُكَاتبَته أَيْضا وَيسْعَى للْوَرَثَة فِي الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد قد أَخذ مِنْهُ الْمُكَاتبَة وَهُوَ مُرْتَد ثمَّ أسلم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ العَبْد حر وَأَخذه جَائِز(4/132)
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قتل مُرْتَدا أَو لحق بدار الشّرك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ مكَاتب على حَاله وَلَا يعْتق وَلَا يحْسب لَهُ شَيْء مِمَّا أَخذ الْمولى فِي حَال ردته إِذا كَانَ لَا يعلم إِلَّا بقول الْمُرْتَد فان كَانَ ذَلِك يعلم فالمرتد يجوز أَخذه الدّين بِشَهَادَة الشُّهُود فِي كل مَا ولى وَلَا يجوز أَن يخرج شَيْئا من مَاله بِثمن وَلَا غير ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُرْتَد لَا يجوز لَهُ شَيْء مِمَّا صنع إِذا لحق بدار الشّرك أَو قتل مُرْتَدا لَا يجوز لَهُ عتق وَلَا شِرَاء وَلَا بيع وَلَا تقاضي دين كاقرار ولاغير ذَلِك وَإِذا فعل شَيْئا من ذَلِك(4/133)
مُرْتَدا ثمَّ أسلم فَجَمِيع مَا صنع من ذَلِك فَهُوَ جَائِز قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل عبد وَهُوَ مُسلم ثمَّ ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وَلحق بدار الشّرك وَهُوَ مُرْتَد فقسم القَاضِي مِيرَاثه وَقضي للْوَرَثَة بالمكاتبة ثمَّ إِن الْوَرَثَة أخذُوا مِنْهُ بعض الْمُكَاتبَة ثمَّ رَجَعَ مُسلما مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمكَاتب مكَاتب للْمولى ويحسب للْمكَاتب مَا أَخذ الْوَرَثَة وَيُؤَدِّي مَا بَقِي للْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه وَهُوَ مَاله وكل شَيْء أضصابه من مَاله بِعَيْنِه إِذا رَجَعَ مُسلما فَهُوَ لَهُ من دين تقاصوه أَو غير ذَلِك وَإِن كَانَ مستملكا لم يكن لَهُم عَلَيْهِ شَيْء قلت أَرَأَيْت مَا أَخذ الْوَرَثَة من الْمُكَاتبَة وَهُوَ قَائِم بِعَيْنِه لمن يكون وَقد رَجَعَ الْمُرْتَد إِلَى دَار الْإِسْلَام قَالَ هُوَ لَهُ(4/134)
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَرَثَة قد أخذُوا مِنْهُ جَمِيع الْمُكَاتبَة ثمَّ رَجَعَ الْمُرْتَد مُسلما لمن يكون وَلَاء العَبْد قَالَ للْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَاتبه أَلا ترى أَنه لَو كَانَ عبدا لَهُ فدبره وَهُوَ مُسلم ثمَّ ارْتَدَّ وَلحق بدار الْحَرْب ثمَّ رَجَعَ مُسلما بعد مَا أعتق القَاضِي العَبْد فَأمْضى عتقه كَانَ حرا وَكَانَ وَلَاؤُه لَهُ دون الْوَرَثَة وَكَذَلِكَ الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت الْمُرْتَد إِذا كَاتب عبدا لَهُ ثمَّ إِن العَبْد جنى جِنَايَة ثمَّ قتل السَّيِّد مُرْتَدا مَا حَال العَبْد قَالَ يدْفع بِالْجِنَايَةِ أَو يفدى وَالْمُكَاتبَة بَاطِل قلت أَرَأَيْت الْمُرْتَدَّة إِذا كاتبت عبدا لَهَا هَل يجوز فِي حَال ردتها قَالَ نعم قلت فان كَانَت مرتدة وَلَحِقت بدار الشّرك قَالَ نعم قلت وَلم وَقد زعمت أَن مُكَاتبَة الْمُرْتَد بَاطِل إِذا لحق بدار الشّرك أَو قتل مُرْتَدا قَالَ ليسَا سَوَاء الْمُرْتَدَّة لَا تقتل ولانه لَا يُحَال بَينهَا وَبَين مَالهَا فَمن ثمَّ اخْتلف أَلا ترى أَنَّهَا لَو اشترت شَيْئا أَو باعت جَازَ لَهَا وَعَلَيْهَا وَهِي فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة من لم يرْتَد قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَت وَقد كاتبت عبدا لَهَا أيسعى للْوَرَثَة فِي(4/135)
الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أعتقت عبدا لَهَا جَازَ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب إِلَيْهَا الْمُكَاتبَة هَل يعْتق وَيصير الْوَلَاء لَهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن رجعت مسلمة بعد مَا قسم مَالهَا بَين الْوَرَثَة هَل تَأْخُذ مَا قد رد عَلَيْهِ من مَالهَا بِعَيْنِه إِن لم يستهلك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن سبيت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ قن قلت فَهَل يكون لَهَا شَيْء من مَالهَا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا قد صَارَت أمة قلت أَرَأَيْت الْمُرْتَد إِذا كَاتب أمة لَهُ فَولدت ولدا فِي كتَابَتهَا ثمَّ إِنَّه اسْلَمْ هَل يكون وَلَدهَا بمنزلتها قَالَ نعم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد كِتَابَة الْمُرْتَد جَائِزَة وعتقه جَائِز إِن قتل على ردته أَو لحق بدار الْحَرْب
- بَاب شركَة الْمكَاتب وشفعته
- قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب أَله أَن يُشَارك حرا شركَة مُفَاوَضَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن شركَة الْمُفَاوضَة يدْخل فِيهَا الضَّمَان وَالْكَفَالَة وَغير ذَلِك أَلا ترى أَن المفاوضين إِذا كفل أَحدهمَا بكفالة(4/136)
لزم الآخر وَإِن أقرّ بِشَيْء لزم الآخر وَالْمكَاتب لَا يلْزمه شَيْء من هَذَا وَلَا يدْخل فِي هَذَا غير ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِذا شَارك الْمكَاتب حرا شركَة فِي مَال أَخْرجَاهُ يشتريان بِهِ ويبيعان هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم أجزت هَذَا قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلَة الْمُفَاوضَة لِأَن هَذَا لَا يلْزمه شَيْء من أَمر شَرِيكه إِلَّا مَا أمره بِهِ من بيع أَو شِرَاء فِي نمال اشْتَركَا فِيهِ قَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد فِي الْمُفَاوضَة فِي الْمكَاتب مثل قَول أبي حنيفَة لِأَن الْمُتَفَاوضين يُؤْخَذ كل وَاحِد مِنْهُمَا باقرار صَاحبه وَلَا يجوز للْمكَاتب أَن يُؤْخَذ باقرار غَيره عَلَيْهِ وَقَالَ يَعْقُوب لَا يجوز على المفاوض كَفَالَة صَاحبه وَكَانَ يُجِيزهُ عَلَيْهِ أَبُو حنيفَة قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى دَارا وَالْمولى شَفِيع تِلْكَ الدَّار هَل للْمولى أَن يَأْخُذهَا بِالشُّفْعَة من الْمكَاتب قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْحر قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الْمولى ابْتَاعَ دَارا وَالْعَبْد شفيعها قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا شَارك رجلا شركَة عنان مَالا أَخْرجَاهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز ورد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ قد انْقَطَعت الشّركَة حَيْثُ عجز ورد قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى شَرِيكه بِشَيْء من ذَلِك المَال أَو بَاعَ بعد مَا رد الْمكَاتب فِي الرّقّ بِغَيْر إِذن الْمولى هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا(4/137)
قلت لم قَالَ لِأَن الشّركَة قد انْقَطَعت حَيْثُ عجز ورد قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا شَارك رجلا شركَة عنان فِي مَال أَخْرجَاهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب عتق هَل يكونَانِ على شركتهما قَالَ نعم قلت أرايت ان كَانَ شَارك شركَة مُفَاوَضَة ثمَّ أعتق السَّيِّد الْمكَاتب هَل تجوز تِلْكَ الشّركَة قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى دَارا هُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز ورد فِي الرّقّ قبل أَن تمْضِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة قَالَ الْخِيَار مُنْقَطع حَيْثُ عجز وَالْبيع لَازم لَهُ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد انْقَطع الْخِيَار حَيْثُ عجز لِأَن الدَّار قد خرجت مِنْهُ إِلَى غَيره وَلَيْسَ للْمولى فِيهَا خِيَار لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمُشْتَرى قلت أَرَأَيْت أَن كَانَ البَائِع فِيهَا بِالْخِيَارِ فعجز الْمكَاتب ورد فِي الر ق مَا حَال البَائِع قَالَ البَائِع على خِيَاره إِن شَاءَ ألزمهُ البيع وَإِن شَاءَ رده قلت وَلم وَقد عجز العَبْد قَالَ لِأَن شِرَاءَهُ كَانَ جَائِزا قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى دَارا وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام وفيهَا شُفْعَة ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة ورد فِي الرّقّ ثمَّ جَاءَ الشَّفِيع هَل لَهُ أَن يَأْخُذهَا بِالشُّفْعَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الشُّفْعَة قد وَقعت عَلَيْهِ حَيْثُ وَقع الشِّرَاء قلت وَإِن كَانَ العَبْد(4/138)
لم يعجز فالشفيع فِيهَا شُفْعَة أَيْضا قَالَ نعم قلت فالمكاتب فِي الشُّفْعَة بِمَنْزِلَة الْحر فِي جَمِيع أمره قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا اشْترى الْمكَاتب أَو الْحر دَارا وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ بيع دَارا أُخْرَى إِلَى جنبها وَهُوَ شفيعها بِهَذِهِ الدَّار الَّتِي اشْتَرَاهَا هَل لَهُ أَن يَأْخُذ ذَلِك بِالشُّفْعَة قَالَ نعم وَيكون هَذَا رضى مِنْهُ بِالْبيعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ بِالْخِيَارِ قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن أَخذهَا بِالشُّفْعَة حَتَّى ردهَا على الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ هَل للْآخر البَائِع فِي هَذَا شُفْعَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن رده وَقع بعد شِرَائهَا وَقبل أَن تقع الدَّار فِي ملك هَذَا وَإِنَّمَا وَقعت الشُّفْعَة لصَاحب الْخِيَار لَيْسَ للْبَائِع قلت وَيجوز شركَة الْمكَاتب فِي الْعَنَان قَالَ نعم قلت وَيلْزم فِي ذَلِك مَا يلْزم الْحر قَالَ نعم
- بَاب سَرقَة الْمكَاتب
- قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا سرق سَرقَة من مَوْلَاهُ هَل يقطع قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق من ابْن مَوْلَاهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق من امْرَأَة مَوْلَاهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق من جد مَوْلَاهُ أَو جدته قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق من أَخِيه أَو من أُخْته أَو عَم مَوْلَاهُ أَو خَاله قَالَ نعم قلت(4/139)
وَلم قَالَ لِأَنِّي لَا أقطعه فِيمَا سرق من مَوْلَاهُ وَلَا فِيمَا ذكرت مِمَّا سرق نمن أحد من هَؤُلَاءِ لم أقطعه لِأَنَّهُ لَو سرق من مَوْلَاهُ لم أقطعه وَكَذَلِكَ مكَاتب الْمكَاتب قلت وَكَذَلِكَ العَبْد قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق وَاحِد من هَؤُلَاءِ من الْمكَاتب قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا سرق من رجل وَلذَلِك الرجل عَلَيْهِ دين كثير هَل يقطع قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة غَيره مِمَّن لَيْسَ عَلَيْهِ دين قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد مَا سرق ورد فِي الرّقّ فجَاء الْمَسْرُوق مِنْهُ يطْلب دينه فَقضى القَاضِي لَهُ بِالْعَبدِ أَن يُبَاع وَقد أبي الْمولى أَن يفْدِيه هَل يقطع فِي تِلْكَ السّرقَة قَالَ نعم يقطع فِي الْقيَاس(4/140)
قلت وَكَذَلِكَ الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا سرق من رجل وَلذَلِك الرجل عَلَيْهِ دين قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا سرق مَالا وَذَلِكَ المَال بَين مَوْلَاهُ وَبَين رجل آخر هَل يقطع قَالَ لَا قلت فاذا سرق الْمكَاتب سَرقَة هَل يقطع قَالَ نعم قلت وَهُوَ فِي السّرقَة بِمَنْزِلَة غَيره من النَّاس قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مكَاتبا سرق من مكَاتب لمَوْلَاهُ أَو عبد قد عتق بعضه هَل يقطع قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِذا سرق من عبد بَين مَوْلَاهُ وَبَين رجل آخر وَنقد أعتق الْمولى نصِيبه مِنْهُ أَو لم يعتقهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق من عبد بَين رجل وَبَين مَوْلَاهُ وَقد أعتق الْمولى نصِيبه قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الشَّرِيك الآخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمن الْمولى إِن كَانَ مُوسِرًا حَيْثُ أعتق فاذا ضمن الْمولى صَار الْمولى يرجع عَلَيْهِ وَصَارَ بِمَنْزِلَة عَبده قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا سرق من رجل مَالا وَذَلِكَ مُضَارَبَة مَعَ الرجل من مولى الْمكَاتب هَل يقطع قَالَ لَا لِأَنَّهُ مَال مَوْلَاهُ قلت أَرَأَيْت إِن سرق الْمكَاتب من رجل مَالا وللمولى على ذَلِك الرجل دين هَل يقطع قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة(4/141)
الْمولى أَلا ترى أَن الْمولى لَو سرق من ذَلِك لم يقطع إِذا كَانَت السّرقَة دَرَاهِم مثل الدّين فَأَما إِذا كَانَت السّرقَة عرُوضا قطعا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت مولى الْجَارِيَة إِذا كاتبها على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَولدت فَأعتق وَلَدهَا قَالَ هَذَا فسخ للمكاتبة قلت فان أعْتقهَا هِيَ قَالَ هُوَ فسخ للمكاتبة وَالْعِتْق مَاض وَالْولد رَقِيق فان أعْتقهَا فَالْخِيَار لَهَا هَل يعتقان جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فان كَانَ أعتق الْوَلَد قَالَ هُوَ حر بِغَيْر قيمَة قلت فان اشترت وباعت قَالَ هَذَا إجَازَة مِنْهَا للمكاتبة قَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد إِذا أدّى ابْن الْمكَاتب من تَرِكَة الْمكَاتب مَالا ثمَّ لحقه دين كَانَ على الْمكَاتب وَالْعِتْق مَاض وَيُؤْخَذ من الْمولى مَا أَخذ وَيرجع على الابْن وَكَذَلِكَ لودفع إِلَيْهِ عبدا بذلك فَاسْتحقَّ عتق وَيرجع عَلَيْهِ بِمَالِه وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق انْتهى كتاب الْمكَاتب وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا كتبه أَبُو بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد الطلحي الْأَصْبَهَانِيّ فِي سلخ شهر ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة(4/142)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله الْوَاحِد الْعدْل
// كتاب الْوَلَاء
//
قَالَ أخبرنَا أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود وَزيد بن ثَابت رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا الْوَلَاء للكبر(4/143)
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم عَن عمر بن الْخطاب وعَلى بن أبي طَالب وعبد الله بن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب وَزيد بن ثَابت وَأبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ وَأُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنْهُم أَنهم قَالُوا الْوَلَاء للكبر مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ الْوَلَاء للكبر وَهُوَ قَول أبي حنيفَة الَّذِي يَأْخُذ بِهِ وَقَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن شُرَيْح أَنه قَالَ(4/146)
الْوَلَاء بِمَنْزِلَة المَال وَلَيْسَ يَأْخُذ بِهِ أَبُو حنيفَة وَلَا أَبُو يُوسُف ومحمدا وَإِذا أعتق الرجل عبدا ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ أحد الِابْنَيْنِ وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان ابا حنيفَة قَالَ فِي هَذَا(4/147)
مِيرَاثه لِابْنِ الرجل الْمُعْتق لصلبه وَلَيْسَ لِابْنِ ابْنه مِيرَاث وَهَذَا تَفْسِير قَوْلهم الْوَلَاء للكبر لِأَنَّهُ أقرب إِلَى الْمُعْتق من ابْن ابْنه وَلَو كَانَ للْعَبد ابْنة وَزَوْجَة كَانَ للابنة النّصْف وللزوجة الثّمن وَمَا بَقِي فلابن الْمُعْتق وَلَو كَانَ لَهُ ابنتان وَأم وَزَوْجَة كَانَ للابنتين الثُّلُثَانِ وَللْأُمّ السُّدس وللزوجة الثّمن وَلابْن الْمُعْتق مَا بَقِي وَهُوَ ربع السُّدس فان مَاتَت إِحْدَى ابْنَتي العَبْد الْمُعْتق كَانَ لإحداهما النّصْف فان كَانَ لَهَا أم كَانَ لَهَا الثُّلُث فان لم يكن لَهَا أم فَكَانَت أم العَبْد حَيَّة فلهَا السُّدس وَمَا بَقِي فلابن الْمَيِّت الأول فان مَاتَ ابْن الْمَيِّت الأول بعد ذَلِك ثمَّ مَاتَت الِابْنَة الْبَاقِيَة فان كَانَت لَهَا أم فلهَا الثُّلُث وَإِن لم تكن لَهَا أم وَكَانَت جدة فلهَا السُّدس وَالأُم تحجب الْجدّة وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث لبنى ابْن الْمَيِّت الأول الْمُعْتق وهم فِي مِيرَاث هَذِه الْآخِرَة سَوَاء وَلَو كَانَ لهَذِهِ الْآخِرَة ولد ذكر أحرز مِيرَاثهَا كُله وَلَو كَانَ لَهَا ابنتان أَو ثَلَاثًا أَو أَكثر كَانَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ فان لم يكن لَهَا وَارِث غيرهعم كَانَ لبني ابْن الْمَيِّت الْمُعْتق مَا بَقِي لأَنهم عصبَة فان مَاتَت إِحْدَى ابنتيها لم يكن لبني ابْن الْمَيِّت الْمُعْتق فيهمَا مِيرَاث لأَنهم لَيْسُوا مواليها(4/148)
إِنَّمَا هم موَالِي أمهَا وَلَو كَانَ الْمولى الْمُعْتق حَيا لم يكن لَهُم مِيرَاث مِنْهَا لأتنه لَيْسَ مَوْلَاهَا إِنَّمَا هُوَ مولى أمهَا وَإِذا أعتقت امْرَأَة رجلا ثمَّ مَاتَت الْمَرْأَة وَتركت أَخا لأَب وَأم وأخا لأَب ثمَّ مَاتَ أوها لأَبِيهَا وَأمّهَا وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق وَلَا وَارِث لَهُ غير موَالِيه فان مِيرَاثه لأخي الْمَرْأَة لأَبِيهَا لِأَنَّهُ الْكبر وَلَيْسَ لبني أَخِيهَا من ابيها وَأمّهَا مِيرَاث وَلَو مَاتَ الْأُخَر من الْأَب قبل الْمُعْتق وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق فان مِيرَاثه لبني الْأَخ من الْأَب وَالأُم أَيهمَا أقرب إِلَى الْمُعْتق وَلَو كَانَ مَاتَ بَنو الْأَخ من الْأَب وَالأُم وَتركُوا ولدا ذُكُورا ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان مِيرَاثه لبني الْأَخ من الْأَب لأَنهم الْكبر وَهُوَ أقرب إِلَى الْمُعتقَة من بني الْأَخ من الْأَب وَالأُم وَلَو كَانَ مَكَان الْمَرْأَة الَّتِي أعتقت رجل أعتق كَانَ على مَا وصفت لَك وَلَو كَانَ رجلا أعتق أمة ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك ابْن عَم لِأَبِيهِ وَأمه ثمَّ مَاتَت الْأمة وَتركت ابْنة وعصبتها مواليها كَانَ لأبنتها الصِّنْف(4/149)
وَلابْن ابْن الْعم للْأَب وَالأُم مَا بَقِي لِأَنَّهُ الْعصبَة وَهُوَ الْكبر وَهُوَ أقرب إِلَى الْمُعْتق فان مَاتَت ابْنة الْأمة وَتركت موَالِي أَبِيهَا فان مِيرَاثهَا لموَالِي أَبِيهَا وَلَيْسَ لموَالِي أمهَا مِيرَاث فان كَانَت أمهَا أعتقت بِعِتْق أمهَا وَهِي حَامِل بهَا فميراثها للَّذي ورث أمهَا وَإِن ولدتها بعد الْعتْق لأكْثر من سِتَّة أشهر وأبوها مولى عتاقة فميراثها لموَالِي الْأَب وَإِذا أعتق الرجل عبدا ثمَّ إِن عَبده الْمُعْتق أعتق أمة ثمَّ مَاتَ العَبْد ثمَّ مَاتَ لِلْعِتْقِ وَترك ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَت الْأمة فان مِيرَاث الْأمة لِابْنِ الْمَيِّت مُعتق العَبْد لصلبه وَلَيْسَ لبني ابْنه مِيرَاث وَلَو كَانَت الْأمة بَينه وَبَين آخر فَأعتق نصِيبه مِنْهَا وَضَمنَهُ الآخر فَأدى إِلَيْهِ الضَّمَان واستسعاها فِيمَا بَقِي وَأَدت إِلَيْهِ ثمَّ مَاتَ العَبْد ثمَّ مَاتَت الْأمة كَانَ الْمِيرَاث على مَا وصفت لَك وَلَو أَن رجلا كَاتب أمة ثمَّ مَاتَ وَترك ابْنَيْنِ وبنتين وَأَدت إِلَيْهِم الْمُكَاتبَة وقسمنها فِيمَا بَينهم على الْمَوَارِيث ثمَّ مَاتَت الْميتَة وَتركت ابْنا وَمَات ابْن لَهُ وَترك ابْنا وَبَقِي ابْن الْمَيِّت وَابْنَته وَزَوجته وَأمه ثمَّ مَاتَت الْأمة الْمُكَاتبَة كَانَ مِيرَاثهَا لِابْنِ الْمَيِّت لصلبه دونهم جَمِيعًا وَإِن(4/150)
لم يكن لَهُ ابْن لصلبه كَانَ مِيرَاثهَا لِابْنِ ابْنه دون ابْن الِابْنَة وَدون الِابْنَة وَلَو كَانَ لَهُ ابْنة وَابْن ابْنة أُخْرَى وَابْن ابْن ثمَّ مَاتَت الْأمة كَانَ مِيرَاثهَا لِابْنِ الابْن دونهم جَمِيعًا لأَنهم هم الْعصبَة وَلَو أَن مولى مَاتَ وَترك ابْن ابْن الَّذِي أعْتقهُ وأخا الَّذِي أعْتقهُ لِأَبِيهِ وَأمه كَانَ مِيرَاثه لِابْنِ ابْنه دون أَخِيه وَلَو لم يكن لَهُ ابْن ابْن كَانَ مِيرَاثه لأخي الْمَيِّت وَلَو مَاتَ الابْن وَترك ابْنة وأخا من أمه ثمَّ مَاتَت الْمُعتقَة كَانَ مِيرَاثهَا لأخي الَّذِي أعْتقهَا وَلَيْسَ لولد الأبن ولأخيه من أمه مِيرَاث لِأَن وَلَده بَنَات وَإِذا أعتق الرجل أمة ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ الابنان وَترك أَحدهمَا ابْنا وَترك الآخر ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَت الْمَرْأَة الْمُعتقَة فان مِيرَاثهَا بَينهم أَثلَاثًا لكل وَاحِد ثلث وَلَو كَانَ لأَحَدهم خَمْسَة بَنِينَ وَللْآخر ابْن وَاحِد فان مِيرَاثهَا بَينهم على سِتَّة أسْهم لكل وَاحِد سهم وَلَو مَاتَ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَة بنُون وَترك كل وَاحِد مِنْهُم ابْنا وَمَات الابْن الْمُنْفَرد وَترك خَمْسَة بَنِينَ ثمَّ مَاتَت الْأمة كَانَ مِيرَاثهَا بَينهم على عشرَة أسْهم لكل وَاحِد مِنْهُم سهم(4/151)
وَلَو أَن امْرَأَة أعتقت رجلا ثمَّ مَاتَت وَتركت ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ الْمولى الْمُعْتق فان مِيرَاثه لِابْنِ الْمَرْأَة وَلَو أَن رجلا كَاتب عبدا لَهُ فكاتب الْمكَاتب أمة فأدت الْأمة فأعتقت ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب عَاجِزا أَو أدّى فَعتق ثمَّ مَاتَ الْمولى وَترك ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ أحد ابنيه وَترك أَخا من أمه ثمَّ مَاتَت الْأمة فان مِيرَاثهَا لِابْنِ الْمَيِّت وَلَيْسَ لأخي الابْن مِنْهَا مِيرَاث وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ الْمكَاتب بعد مَا عتق فان مِيرَاثه لِابْنِ الْمَيِّت وَكَذَلِكَ الْمُدبر وَكَذَلِكَ الرجل يُوصي بِعِتْق عَبده فَيعتق بعد مَوته أَو يُوصي بِأَن تشتري نسمَة فتعتق عَنهُ فَفَعَلُوا ذَلِك وَلَو ترك الْمَيِّت ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا وَترك أبنا ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق النَّسمَة أَو الْمُعْتق الَّذِي أوصى بِعِتْقِهِ أَو الْمُدبر فان مِيرَاثه لِابْنِ الْمَيِّت لصلبه وَلَيْسَ لزوجته وَلَا لأمه وَلَا لبنَاته وَلَا لولد وَلَده مِيرَاث فِي شَيْء من ذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق(4/152)
- بَاب الْوَلَاء للنِّسَاء مَا يكون لَهُنَّ وَمَا لَا يكون لَهُنَّ
- مُحَمَّد بن أبي يُوسُف عَن الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم عَن عمر بن الْخطاب وعَلى بن أبي طَالب وعبد الله بن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب وَزيد ابْن ثَابت وابي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ وَأُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنْهُم أَنهم قَالُوا لَيْسَ للنِّسَاء من الْوَلَاء شَيْء إِلَّا مَا أعتقن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ لَيْسَ للنِّسَاء من الْوَلَاء إِلَّا مَا أعتقن أَو كاتبن أَو أعتق من أعتقن وَحدثنَا مُحَمَّد عَن السرى بن إِسْمَاعِيل عَن الشّعبِيّ عَن شُرَيْح أَنه(4/153)
قَالَ لَيْسَ للنِّسَاء من الْوَلَاء إِلَّا مَا أعتقن أَو كاتبن وَهَذَا الحَدِيث مُخَالف لحَدِيث الْأَعْمَش عَن شُرَيْح مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة عَن الحكم بن عتيبة عَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد أَن ابْنة حَمْزَة أعتقت مَمْلُوكا فَمَاتَ وَترك ابْنة وَابْنَة حَمْزَة فَأعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْنة حَمْزَة النّصْف وَابْنَته النّصْف وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد رَحِمهم الله(4/154)
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن عبد الملك بن أبي سُلَيْمَان عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه قَالَ لَيْسَ للنِّسَاء من الْوَلَاء إِلَّا مَا أعتقن(4/156)
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن عبيد بن أبي الْجَعْد أَنا ابْنة لِحَمْزَة أعتقت مَمْلُوكا فَمَاتَ وَترك ابْنة فَأعْطيت ابْنَته النّصْف وَابْنَة حَمْزَة النّصْف على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعتقت امْرَأَة عبدا أَو أمة ثمَّ مَاتَت الْأمة أَو العَبْد وَلَا وَارِث لَهُ غَيرهَا فان الْمِيرَاث كُله للْمَرْأَة الَّتِي أَعتَقته فان كَانَ لَهُ ابْنة فلابنته النّصْف ولمولاته النّصْف وَإِن كَانَت لَهُ ابْنَتَيْن فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ ولمولاته الثُّلُث وَإِن كَانَ لَهُ مَعَ ذَلِك زَوْجَة وَأم فلزوجته الثّمن ولأمه السُّدس وَمَا بَقِي فلمولاته وَهِي الْعصبَة فِي جَمِيع ذَلِك وَهَذَا قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَإِذا أعتقت امْرَأَة عبدا ثمَّ مَاتَت الْمَرْأَة وَتركت ابْنا وَابْنَة ثمَّ مَاتَ العَبْد فان مِيرَاث العَبْد لِابْنِ الْمَرْأَة دون ابْنَتهَا لِأَنَّهُ الْعصبَة وَلَيْسَ للابنة مِيرَاث وَلَا وَلَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعتق الرجل ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك بَنِينَ(4/157)
وَبَنَات وَزَوْجَة وَأما ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان مِيرَاثه لبني الرجل دون جَمِيع الْوَرَثَة وَلَا يَرث النِّسَاء من الْوَلَاء شَيْئا وَكَذَلِكَ امْرَأَة أعتقت عبدا ثمَّ مَاتَت وَتركت زوجا وَأما وبنين وَبَنَات ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان أَبَا حنيفَة قَالَ مِيرَاثه للبنين دون جَمِيع الْوَرَثَة وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي هَذَا كُله وَلَو لم يكن لَهَا بنُون وَكَانَ لَهَا ابْن ابْن وَلها بَنَات وَزوج وَأم ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان مِيرَاثه لِابْنِ الابْن دون جَمِيع الْوَرَثَة وَإِذا أعتقت الْمَرْأَة عبدا على مَال أَو غير مَال أَو كاتبته فَأدى إِلَيْهَا ثمَّ أعتق العَبْد أمة أَو كاتبها فأدت فعتقت ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان ابا حنيفَة قَالَ مِيرَاثه للَّتِي أَعتَقته وَإِن مَاتَت الْأمة فان مِيرَاثهَا للْمَرْأَة الَّتِي أعتقت العَبْد وَلَو أَن امْرَأَة كاتبت عبدا فكاتب العَبْد أمة فأدت الْأمة فعتقت ثمَّ مَاتَت كَانَ مِيرَاثهَا للْمَرْأَة وَلَا يكون للْمكَاتب وَلَو مَاتَت الْأمة قبل أَن تُؤدِّي وَتركت وَفَاء بالمكاتبة وفضلا فانه يُؤَدِّي إِلَى الْمكَاتب بَقِيَّة(4/158)
مُكَاتبَته وَيكون مَا بَقِي مِيرَاثا للْمَرْأَة وَلَو أدَّت الْأمة فعتقت ثمَّ أدّى الْمكَاتب بعْدهَا فَعتق ثمَّ مَاتَت الْأمة فان مِيرَاثهَا للْمَرْأَة دون الْمكَاتب لِأَنَّهَا عتقت قبله وَلَو مَاتَ الْمكَاتب بعْدهَا ورثته الْمَرْأَة وَهَذَا كُله إِذا لم يكن لَهُ وَارِث غَيرهَا وَلَو أَن رجلا أعتق عبدا ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك بَنَات وأخا لِأَبِيهِ وَأمه أَو ابْن عَم لَهُ ثمَّ مَاتَ الْمولى فان مِيرَاثه للْأَخ كَانَ أَو ابْن الْعم وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ابْن الْعم مولى ة ولي نعْمَة كَانَ هُوَ الْوَارِث دون الْبَنَات وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ولي النِّعْمَة امْرَأَة كَانَ لَهَا الْمِيرَاث دون الْبَنَات وَلَو أَن رجلا أعتق أمة ثمَّ مَاتَ وَترك بَنِينَ وَبَنَات وأخا أَو ابْن عَم وَمولى نعْمَة ثمَّ مَاتَ البنون ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق لم يكن للبنات من الْمِيرَاث شَيْء وَكَانَ مِيرَاثه لِأَخِيهِ إِن كَانَ أَو ابْن عَم إِن كَانَ أَو مَوْلَاهُ إِن لم يكن أَخ وَلَا ابْن عَم بعد أَن يكون الْمولى هُوَ الَّذِي أعتق الْمُعْتق الأول وَإِذا اشترت امْرَأَتَانِ اباهما فأعتقتاه ثمَّ اشترت إِحْدَاهمَا والاب أخالهما من الْأَب فأعتقاه ثمَّ مَاتَ الْأَب ثمَّ مَاتَ الْأَخ وَلَا وَارِث لَهما(4/159)
غَيرهم فان مِيرَاث الْأَب لَهُم جَمِيعًا للذّكر مثل حَظّ الانثيين بِالنّسَبِ جَمِيعًا وَلَهُمَا الثُّلُثَانِ من مِيرَاث الْأَخ بِالنّسَبِ وللتي اشترته مَعَ الْأَب نصف الثُّلُث الْبَاقِي بِالْوَلَاءِ وَلَهُمَا جَمِيعًا نصف الثُّلُث الْبَاقِي بولاء الْأَب وَلَو أَن امْرَأَة اشترت أَبَاهَا فأعتقته ثمَّ اشترت هِيَ وأبوها أَخا لَهَا لأَبِيهَا فأعتقاه ثمَّ مَاتَ الْأَب وَلَا وراث لَهُ غَيرهمَا فان مِيرَاثه بَينهمَا للذّكر مثل حَظّ الانثيين فان مَاتَ الْأَخ بعد ذَلِك كَانَ لأخته النّصْف بِالنّسَبِ وَكَانَ لَهَا النّصْف الآخ بِالْوَلَاءِ وَلَو كَانَ لأَبِيهَا ابْن مَعهَا كَانَ مِيرَاث الْأَخ بَينهمَا بِالنّسَبِ للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَو كَانَ مَكَان الْأَخ أُخْت لأَب فان لَهما الثُّلثَيْنِ وَمَا بَقِي للمعتقة بولائها وَوَلَاء أَبِيهَا وَإِذا أوصى الرجل بِعِتْق عبد بِعَيْنِه أَو نسمَة تشتري فتعتق فاعتق ذَلِك عَنهُ بعد الْمَوْت وَله ابْنة وَأُخْت قد أحرزوا مِيرَاثه ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان مِيرَاثه لعصبة الْمُعْتق من الرِّجَال وَلَيْسَ لابنته وَأُخْته من(4/160)
ذَلِك مِيرَاث وَكَذَلِكَ مكَاتب لَهُ أدّى بعد مَوته فَعتق وَكَذَلِكَ زَوْجَة وَأم مَعَ الْأُخْت فانهن لايرثن من الْوَلَاء شَيْئا
- بَاب الْمَرْأَة إِذا أعتقت عبدا يكون مِيرَاثه لعصبتها وَوَلدهَا
- وَإِذا اعتقت الْمَرْأَة عبدا ثمَّ مَاتَت وَتركت ابْنهَا وأخاها ثمَّ مَاتَ العَبْد وَلَا وَارِث لَهُ غَيرهم فان مِيرَاثه للِابْن وَإِن جنى جِنَايَة فعقله على عَاقِلَة الْأُم لِأَنَّهُ مِنْهُم ويرثه الابْن كَمَا تَرثه الْأُم لَو كَانَت حَيَّة مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن على بن أبي طَالب وَالزُّبَيْر ابْن الْعَوام رَضِي الله عَنْهُمَا اخْتَصمَا إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ فِي مولى لصفية بنت عبد الْمطلب فَقَالَ على عَمَّتي وَأَنا وَارِث مَوْلَاهَا وأعقل عَنْهَا وَقَالَ الزير أُمِّي وَأَنا وَارِث مَوْلَاهَا فَقضى عمر بن الْخطاب بِالْمِيرَاثِ للزبير وبالعقل على عَليّ بن أبي طَالب وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد(4/161)
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه قَالَ شهِدت على الزبير أَنه ذهب بموالي صَفِيَّة وَشهِدت على جعدة بن هُبَيْرَة أَنه ذهب بموالي أم هَانِيء ولوكان للْمَرْأَة أَخ لأَب وَأم وَأَخ لأَب أَو عَم أَو ابْن عَم وَلها ابْن كَانَ الابْن أولاهم بميراث الْمولى فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَكَذَلِكَ بلغنَا عَن زيد بن ثَابت وَسَعِيد بن الْمسيب مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن امْرَأَة أعتقت عبدا(4/162)
ثمَّ مَاتَت وَتركت ابْنهَا وأباها ثمَّ مَاتَ العَبْد فَقَالَ إِبْرَاهِيم لأَبِيهَا السُّدس وَمَا بَقِي فلابنها وَكَذَلِكَ قَول ابي يُوسُف وَقَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ لابنها كُله وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَكَذَلِكَ الْجد أَبُو الْأَب وَكَذَلِكَ ابْن الابْن فَأَما الْبَنَات أَو بَنو الْبَنَات أَو بَنَات الابْن فَلَا مِيرَاث لَهُنَّ فِي شَيْء من ذَلِك وَالْمِيرَاث فِي هَذَا لعصبة الْمَرْأَة إِن كَانَ أَخ لأَب أَو لأَب وَأم أَو ابْن عَم أَو مولى أعتق الْمَرْأَة أَو امْرَأَة أعتقت الْمَرْأَة فَهِيَ أولى بِالْمِيرَاثِ مِمَّن ذكرنَا من الْبَنَات وكذلكم زوج الْمَرْأَة وَأمّهَا وَجدتهَا لَا يَرِثُونَ من مَوْلَاهَا شَيْئا وَلَو أَن امْرَأَة أعتقت أمة ثمَّ مَاتَت الْمَرْأَة وَتركت زوجا وَأما وأختين لأَب وَأم وأختين لأم وأختين لأَب أحرزوا مِيرَاثهَا فان مَاتَت الْأمة الْمُعتقَة لم يكن لأحد من هَؤُلَاءِ من مِيرَاثهَا شَيْء وَلَكِن مِيرَاثهَا لعصبة الْمَرْأَة الْمُعتقَة إِن كَانَ لَهَا أَخ لأَب أَو لأَب وَأم أَو ابْن عَم أَو أَب أون ابْن أَو ابْن ابْن أَو مولى أعْتقهَا أَو جد أَبُو أَب وَأي هَؤُلَاءِ كَانَ فَلهُ الْمِيرَاث فان اجْتَمعُوا جَمِيعًا فَابْن الابْن إولى بِالْمِيرَاثِ(4/163)
وَكَذَلِكَ لَو أعتقت الْمُعتقَة السُّفْلى عبدا ثمَّ مَاتَت بعد الْعليا ثمَّ مَاتَ العَبْد كَانَ مِيرَاثهَا على مَا وصفت لَك فان كَانَ للوسطى أَخ لأَب أَو عَم أَو أَخ لأَب وَأم أَو لأَب حر فَهُوَ أولى بميراث عَبدهَا الْمُعْتق وَإِن كَانَ من قوم آخَرين فولاؤه لَهُم أَو كَانَ من أنفسهم فَهُوَ أولى كميبراث مَوْلَاهَا من مولاة مولاتها العيا وَإِذا أعتقت الْمَرْأَة عبدا ثمَّ مَاتَت وَتركت ابْنهَا وأخاها ثمَّ مَاتَ ابْنهَا وَترك أَخَاهُ لِأَبِيهِ ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان مِيرَاث لأخي الْمَرْأَة وَلَا يكون لأخي أبنها من مِيرَاثه شَيْء وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لابنها ابْنة لم تَرث من مِيرَاث الْمولى شَيْئا وَإِذا أعتقت الْمَرْأَة عبدا ثمَّ مَاتَت وَتركت أَخا وابنا من بني أَسد وابنا من بني تَمِيم ثمَّ مَاتَ الْمولى فانه يَرِثهُ ابناها جَمِيعًا قبل الْمولى وَترك أَحدهمَا ابْنَيْنِ وَترك الآخر ثَلَاثَة بَنِينَ ثمَّ مَاتَ الْمولى فان مِيرَاثه بَين الْبَين الْخَمْسَة جَمِيعًا(4/164)
وَلَو مَاتَ البنون الْخَمْسَة وَتركُوا عصبَة وَلم يتْركُوا ولدا ذكرا ثمَّ مَاتَ الْمولى فان مِيرَاثه لعصبة الْمَرْأَة أخاها كَانَ أَو غَيره
- بَاب الرجل يعْتق الرجل
- مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن إِسْمَاعِيل بن مُسلم عَن الْحسن الْبَصْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه مر على عبد فساومه ثمَّ مضى وَلم يشتره فجَاء رجل فَاشْتَرَاهُ ثمَّ أعْتقهُ ثمَّ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ أَخُوك ومولاك فان شكرك فَهُوَ خير لَهُ وَشر لَك وَإِن كفرك فَهُوَ خير لَك وَشر لَهُ وَإِن مَاتَ وَلم يتْرك وَارِثا كنت عصبته(4/165)
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن مُحَمَّد بن سَالم عَن عَامر الشّعبِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يُورث مولى النِّعْمَة إِذا لم يكن لَهُ عمَّة وَلَا خَالَة وَلَا ذُو قرَابَة وَمولى النِّعْمَة عندنَا الْمُعْتق وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحْمَة الله عَلَيْهِ الْمُعْتق أولى بِالْمِيرَاثِ من الْعمة وَالْخَالَة من كل ذِي رحم محرم لَا يَرث وَكَانَ يَأْخُذ بِالْحَدِيثِ الَّذِي حَدثنَا فِي ابْنة حَمْزَة وَهُوَ قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد(4/166)
حَدثنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن أمة سافحت فَولدت غُلَاما فَاشْترى أَخُوهَا الْغُلَام فَأعْتقهُ فَمَاتَ الْغُلَام وَترك سِتَّة ذود فَأمر بهَا عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى إبل الصَّدَقَة فَدخل عَلَيْهِ ابْن مَسْعُود فَقَالَ إِن لم تورثه من قبل الْقَرَابَة فورثه من قبل النِّعْمَة قَالَ وَترى ذَلِك قَالَ نعم فورثه عمر وَإِذا أعتق الرجل عبدا أَو كَاتبه فَأدى فَعتق أَو أعْتقهُ على مَال مُسَمّى أَو على خدمَة مُسَمَّاة أَو فِي يَمِين حنث فِيهَا فَعتق ثمَّ مَاتَ العَبْد وَلَا وراث لَهُ غير الْمُعْتق فان مِيرَاثه لَهُ فان كَانَ للْعَبد ابْنة فلهَا النّصْف وَمَا بَقِي فللمولى وَإِن كَانَ لَهُ ابنتان فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِي فللمولى وَإِن كَانَ لَهُ مَعَ ذَلِك زَوْجَة وَأم فللزوجة الثّمن وَللْأُمّ السُّدس وللابنتين الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِي فللمولى وَإِن كَانَ لَهُ من الْبَنَات أَكثر من بنتين فَهُوَ سَوَاء وَإِن كَانَ لَهُ من النِّسَاء أَربع فَهُوَ سَوَاء وَإِن كَانَت لَهُ أُخْت(4/167)
لأَب وَأم فان مَا بَقِي لَهَا دون الْمولى وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أُخْتا لأَب وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أُخْتَيْنِ لأَب وَأم كَانَ مَا بَقِي لَهما دون الْمولى وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهُ أَخ لأَب أَو لأَب وَأم فان مَا بَقِي يكون لَهُ دون الْمولى وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهُ ابْن أَخ لأَب أَو ابْن أَخ لأَب وَأم أَو ابْن عَم لأَب أَو ابْن عَم لأَب وَأم فان مَا بَقِي من الْمِيرَاث لَهُ دون الْمولي وَكَذَلِكَ الْعم للْأَب أَو لأَب وَأم وَكَذَلِكَ الْجد أَبُو الْأَب وَكَذَلِكَ الْأَب وَالِابْن وكل هَؤُلَاءِ يحجب الْمولى وَكَذَلِكَ ابْن الابْن فانه يحجب الْمولى فَأَما ابْن الِابْنَة فَلَا يحجب الْمولى وَكَذَلِكَ ابْنة الِابْنَة وَكَذَلِكَ الِابْنَة وَكَذَلِكَ الآخت وَحدهَا فانها لَا تحجب الْمولى فان لم يكن لَهُ إِلَّا عمَّة أَو خَالَة أَو ابْنة أَخ أَو ابْنة أُخْت أَو ابْنة ابْنة فان الْمولى أولى بِالْمِيرَاثِ مِنْهُم فان كَانَت جدة وَمولى فللجدة السُّدس وَمَا بَقِي فللمولى وَالْجدّة من قبل الْأُم وَمن قبل الْأَب سَوَاء وَإِذا أعتق الرجل عبدا ثمَّ مَاتَ العَبْد وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ ابْن العَبْد فانه يَرِثهُ ابْن مَوْلَاهُ إِن لم يكن لَهُ وَارِث غَيره وَكَذَلِكَ لَو لم يكن لمَوْلَاهُ ابْن وَكَانَ لمَوْلَاهُ أَب فانه يَرِثهُ أَبُو الْمولى وَكَذَلِكَ لَو لم يكن لَهُ أَب وَكَانَ للْمولى جد من قبل الْأَب فانه يَرِثهُ وَكَذَلِكَ لَو لم يكن لَهُ جد وَكَانَ لَهُ أَخ لأَب وَأم أَو أَخ(4/168)
لأَب فانه يَرِثهُ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهُ عَم لأَب وَأم أَو لأَب لَا وَارِث لَهُ غَيره فانه يَرِثهُ وَكَذَلِكَ لَو لم يكن لَهُ إِلَّا ابْن الْعم لأَب وَأم أَو من الْأَب وَكَذَلِكَ لَو لم يكن لَهُ قرَابَة من هَؤُلَاءِ وَكَانَ للْمولى مولى هُوَ أعْتقهُ فانه يَرِثهُ إِذا لم يكن لَهُ وَارِث غَيره وَلَو كَانَ رجل أعتق عبدا ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق وَلَا وراث لَهُ لم يَرث العَبْد الْمُعْتق مِنْهُ شَيْئا وَلَو أَن رجلا أعتق أمة ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك أُخْتا ثمَّ مَاتَت الْأمة وَلَا وَارِث لَهَا لم تَرث الْأُخْت مِنْهَا شَيْئا وَكَانَ مِيرَاثهَا لبيت المَال إِذا لم يكن لَهُ عصبَة مَعْرُوفَة وَلَو أَن رجلا أعتق أمة ثمَّ مَاتَ الرجل وَالْأمة وَلَا يعرف أَيهمَا مَاتَ أول أَو غرقا جَمِيعًا أَو سقط عَلَيْهِمَا بَيت فماتا جَمِيعًا أَو مَاتَا وَلَا يعلم أَيهمَا أول لم يَرث الْمولى من الْأمة شَيْئا وَكَانَ مِيرَاث الْأمة لعصبة الْمولى إِذا لم يكزلها وَارِث وَإِذا أعتق الرجل أمة ثمَّ إِن الرجل مَاتَ وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ الابْن وَترك أَخا من أمه ثمَّ مَاتَت الْأمة وَلَا وَارِث لَهَا إِلَّا الْعصبَة(4/169)
فان مِيرَاث الْأمة لعصبة الْمُعْتق وَلَيْسَ لأخ الابْن من الْأُم شَيْء وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَخ للْمُعْتق من أمه لم يَرث شَيْئا وَكَذَلِكَ جد الْمُعْتق من أمه وَإِذا أعتق الرجل أمة ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك ابْنَيْنِ فَتزَوج أَحدهمَا الْأمة ثمَّ مَاتَت الْأمة وَلَا وَارِث لَهَا غَيرهمَا فان لزَوجهَا النّصْف وللابنين جَمِيعًا ابْنا الْمولى النّصْف الْبَاقِي وَإِذا أعتق الرجل عبدا ثمَّ مَاتَ فَتزَوج العَبْد ابْنة الْمُعْتق ثمَّ مَاتَ العَبْد وَلَا وَارِث لَهُ غير امْرَأَته وَابْن الْمُعْتق فان لامْرَأَته الرّبع وَمَا بَقِي فلابن الْمُعْتق وَلَو أَن رجلا من الْعَرَب تزوج أمة فَولدت لَهُ ابْنا فَأعْتقهُ مَوْلَاهَا ثمَّ مَاتَ الابْن كَانَ أَبوهُ أولى بميراثه من الْمولى وَلَو لم يكن لَهُ أَب وَكَانَ لِأَبِيهِ عصبَة من قومه كَانَ أولى بِالْمِيرَاثِ من الْمولى(4/170)
وَإِذا أعتق الرجل عبدا ثمَّ أعتق الرجل وَالْعَبْد أمة ثمَّ مَاتُوا جيمعا وَترك العَبْد أَخا لِأَبِيهِ وَترك الْمولى ابْنه ثمَّ مَاتَت الْأمة فان مِيرَاثهَا لِابْنِ الأول نصفه ولأخي العَبْد نصفه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان أخي العَبْد ابْن عَم للْعَبد أَو عَم للْعَبد أَو أَخ للْعَبد لِأَبِيهِ أَو جد للْعَبد من قبل أَبِيه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ للْعَبد ابْن فان لم يكن لَهُ أحد من هَؤُلَاءِ وَكَانَ الْوَارِث ابْن الأول كَانَ الْمِيرَاث كُله لَهُ
- بَاب جر الْوَلَاء وَعتق الْأمة الْحَامِل
- حَدثنَا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ إِذا كَانَت الْحرَّة تَحت الْمَمْلُوك فَولدت عتق الْوَلَد بِعتْقِهَا فاذا أعتق أبوهم جر الْوَلَاء(4/171)
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن ابْن حَاطِب أبْصر الزبير بن الْعَوام بِخَير فتية لعسا أعجبه ظرفهم(4/172)
وأمهم مولاة لرافع بن خديج وأبوهم عبد لبَعض الحرقة من جُهَيْنَة أَو لبَعض أَشْجَع فَاشْترى الزبير أباهم فَأعْتقهُ ثمَّ قَالَ انتسبوا إِلَى وَقَالَ رَافع بن خديج بل هم موَالِي فاختصموا إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَقضى عُثْمَان بالاولاء للزبير بن الْعَوام رَضِي الله عَنهُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد(4/173)
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أَشْعَث بن سوار عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه قَالَ إِذا أعتق الْجد جر الْوَلَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجر الْجد الْوَلَاء وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أَرَأَيْت لَو أعتق أباهم بعد ذَلِك أَكَانَ أبوهم يجر الْوَلَاء أَولا أَرَأَيْت لَو أسلم جدهم وأبوهم كَافِر وهم صغَار فِي حجر أَبِيهِم أيكونون مُسلمين باسلام جدهم فان الْأَب يحجبهم من ذَلِك فالجد من(4/174)
الْوَلَاء أبعد وَلَو كَانَ إِسْلَام الْجد يكون إسلاما لولد وَلَده كَانَ بَنو آدم مُسلمين كلهم جَمِيعًا وَلَا يسبي صَغِير أبدا لِأَنَّهُ على دين آدم فَهَذَا كُله بَاطِل لَا يجر الْجد الْوَلَاء حَيا كَانَ أبوهم أَو مَيتا وَكَذَلِكَ لَا يكونُونَ مُسلمين باسلام جدهم حَيا كَانَ أَبُو هم أَو مَيتا وَكَذَلِكَ جد الْجد يعْتق فانه لَا يجر الْوَلَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أسلم رجل على يَدي رجل ووالاه فَهُوَ مَوْلَاهُ فان أسر أَبوهُ من دَار الْحَرْب فَأعتق جر الْوَلَاء وَكَانَ الابْن مولى لموَالِي الْأَب الَّذين أعتقوه وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعتق رجل أمة فَتَزَوجهَا رجل مُسلم من أهل الأَرْض لَيْسَ بمولي عتاقه فَولدت الْمَرْأَة مِنْهُ ولدا فان الْوَلَد مولى لموَالِي الْأمة لَا تتحول عَنْهُم وَإِن كَانَ أبوهم قد والى رجلا وَأسلم على يَدَيْهِ قبل أَن يُولد هَذَا ثمَّ ولد الْوَلَد بعد ذَلِك فانه مولى لموَالِي الْأُم لِأَنَّهَا مولاة عتاقه والعتاقه أولى من الْمُوَالَاة وهم يعْقلُونَ عَنهُ ويرثونه إِن لم يكن لَهُ وَارِث أَرَأَيْت إِن مَاتَ أَبوهُ ثمَّ مَاتَ(4/175)
الْوَلَد وَترك أمه فان لَهَا من مِيرَاثه الثُّلُث من كَانَ يَرث مَا بَقِي فِي قَول ابي حنيفَة يَرِثهُ موَالِي الْأُم دون موَالِي الْأَب وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو أَن هَذِه الْأمة الْمُعتقَة تزوجت رجلا من الْعَرَب فَولدت لَهُ ابْنا كَانَ هَذَا الْوَلَد من الْعَرَب وَلَا يكون مولى لموَالِي الْأُم وَلَا يشبه الْعَرَب فِي هَذَا الْعَجم فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف الْعَجم وَالْعرب فِي هَذَا سَوَاء وينسب إِلَى قوم ابيه إِن كَانَ من الْعَرَب وينسب إِلَى موَالِي أَبِيه إِن كَانَ أسلم على يَدي قوم ووالاهم موَالِي ابيه يعْقلُونَ عَنهُ ويرثونه إِن لم يكن لَهُم وَارِث وَكَيف ينْسب إِلَى قوم أمه وَأَبوهُ حر لَهُ عشيرة وموال أَرَأَيْت امْرَأَة عَرَبِيَّة تزوجت رجلا من الموَالِي فَولدت لَهُ ابْنا أَيكُون ابْنه من الْعَرَب أَو من الموَالِي أينسب إِلَى قوم أمه أَو إِلَى قوم ابيه ينْسب إِلَى عشيرة ابيه إِن كَانَ أَبوهُ مولي عتاقه أَو اسْلَمْ على يَدي رجل ووالاه فانه ينْسب إِلَى قومه وَإِلَى موَالِيه وغن كَانَ موَالِي الْأُم قد عقلوا عَنهُ فَلَا يرجعُونَ على موَالِي الْأَب وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَبوهُ نبطيا ينْسب إِلَى ابيه وَكَانَ نبطيا مثله فِي قَول ابي يُوسُف عَرَبِيَّة كَانَت أمه أَو مولاة عتاقة(4/176)
وَفِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد ينْسب فِي الْمُوَالَاة إِلَى قوم أمه وَأما فِي الْعَرَبيَّة فينسب إِلَى قوم أَبِيه لِأَن الْعَرَبيَّة لم يجر عَلَيْهَا نعْمَة عتاقة(4/177)
وَإِذا أعتق الرجل أمة ثمَّ تزَوجهَا عبد باذن مَوْلَاهُ أَو بِغَيْر إِذْنه نِكَاحا فَاسِدا أَو جَائِزا فَولدت لَهُ ابْنا ثمَّ إِن امْرَأَة اشترت العَبْد فأعتقته فانه يكون مَوْلَاهَا ويكن وَلَده موَالِي لَهَا ويجر ولاءهم وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أعْتقهُ رجل وَلَو أَن أمة تزوجت عبدا فَولدت لَهُ ابْنا ثمَّ إِن مَوْلَاهَا أعتق الْأُم وَابْنهَا ثمَّ إِن مولى الْأَب أعتق الْأَب لم يجر وَلَاء ابْنه لِأَن ابْنه عتق فَلَا يتَحَوَّل وَلَاؤُه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مولى الْأُم أعتق الْأُم وَهِي حَامِل بالغلام ثمَّ وَلدته قَالَ وَلَاؤُه لَا يتَحَوَّل وَلَا يجره عتق العَبْد الْأَب وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو أعتق رجل أمة ثمَّ جَاءَت بِولد بعد الْعتْق لأَقل من سِتَّة أشهر ثمَّ إِن رجلا أعتق أَبَا هَذَا الولدلم يجر الْوَلَاء وَكَانَ الْوَلَد مولى للَّذي أعتق أمه لِأَنَّهَا أعتقت وَهِي حُبْلَى بِهِ وَلَو(4/179)
كَانَت جَاءَت بِهِ لسِتَّة أشهر بعد الْعتْق فَصَاعِدا كَانَ الْوَلَاء لموَالِي الْأَب لِأَنَّهَا لم تعْتق وَهِي حَامِل وَالْحَبل حَادث بعد الْعتْق وَلَو ولدت وَلدين فِي بطن وَاحِد أَحدهمَا قبل سِتَّة أشهر بِيَوْم وَالْآخر بعد سِتَّة أشهر بِيَوْم كَانَ الْولدَان موليين لموَالِي الْأُم وَلَو أَن أمة طَلقهَا زَوجهَا ثِنْتَيْنِ أَو مَاتَ عَنْهَا ثمَّ أعْتقهَا مَوْلَاهَا وَهِي تدعى الْحَبل ثمَّ ولدت لتَمام سنتَيْن مُنْذُ يَوْم مَاتَ أَو طلق وَالْأَب مولى عتاقة فان وَلَاء الْوَلَد لموَالِي الْأُم لِأَنَّهَا قد بَانَتْ وَهِي حَامِل وَمَات الزَّوْج وَهِي حَامِل وَوَقعت الْعتَاقَة عَلَيْهَا وَهِي حَامِل وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو أَن أمة طَلقهَا زَوجهَا وَهُوَ عبد تطليفة يملك الرّجْعَة ثمَّ أعْتقهَا مَوْلَاهَا بعد الطَّلَاق بِيَوْم ثمَّ جَاءَت بِولد لتَمام سنتَيْن من يَوْم طلق ثمَّ إِن مولى الْأَب أعْتقهُ فان وَلَاء الْوَلَد لمولى الْأُم لِأَن عدتهَا قد انْقَضتْ بِهِ وَلَو كَانَ الْحَبل حدث بعد الطَّلَاق كَانَ هَذَا رَجْعَة وَلَو جَاءَت بِهِ لأكْثر من سنتَيْن كَانَ الْوَلَاء لموَالِي الْأَب وَكَانَ هَذَا رَجْعَة من الزَّوْج لِأَن الْحَبل حدث بعد الطَّلَاق وَلَو كَانَ أقرَّت بِانْقِضَاء الْعدة ثمَّ جَاءَت بِولد لأَقل من سِتَّة أشهر بعد الْعدة أَو لتَمام سنتَيْن مُنْذُ يَوْم طلق فان وَلَاء الْوَلَد لمولى الْأُم وَلَو كَانَت جَاءَت بِهِ لأكْثر من سنيتن(4/180)
مُنْذُ طلق ولأقل من سِتَّة أشهر بعد الْعدة كَانَ هَذَا مِنْهُ رَجْعَة وَكَانَ وَلَاء الْوَلَد لموَالِي الْأَب وَلَو أَن رجلا مولى عتاقة تزوج أمة وأعتقها مَوْلَاهَا ثمَّ ولدت بعد الْعتْق لسِتَّة أشهر كَانَ وَلَاء الْوَلَد لمولى الْأَب وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أعتقت بِكِتَابَة أَو تَدْبِير أَو يَمِين أَو على مَال فَهُوَ كُله سَوَاء وَلَو أَن مكَاتبا كَاتب امْرَأَته مُكَاتبَة لغير مَوْلَاهُ ثمَّ أديا جَمِيعًا فعتقا ثمَّ ولدت مِنْهُ ولدا بعد سنة فان هَذَا وَلَاؤُه لموَالِي الْأَب وَكَذَلِكَ كل ولد يثبت نسبه من رجل مولى عتاقة وَمن أمة مولاة عتاقة بِنِكَاح جَائِز أَو فَاسد فان ولاءه لموَالِي الْأَب إِذا جَاءَت بِهِ لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا بعد الْعتْق فان جَاءَت بِهِ لأَقل من ذَلِك فَهُوَ لموَالِي الْأُم وَإِذا أعتق الرجل أمة وَزوجهَا عبد فحبلت بعد الْعتْق وَولدت فان وَلَاء الْوَلَد لموَالِي الْأُم إِن جنى الْوَلَد جِنَايَة عقلوا عَنهُ فان مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ غير امهِ ومواليه فان لأمه الثُّلُث ولموالي الْأُم مَا بَقِي(4/181)
وَإِذا أعتق الْوَلَد أمه فولاؤه لموَالِي الْأُم وَإِن اسْلَمْ على يَدَيْهِ رجل من أهل الذِّمَّة ووالاه فَهُوَ مَوْلَاهُ وَهُوَ مولى لموَالِي الْأُم يعْقلُونَ عَنهُ ويرثونه إِن لم يكن لَهُ وارلاث وَإِن أعتق العَبْد بعد ذَلِك جر وَلَاء هَؤُلَاءِ كلهم حَتَّى يَكُونُوا موَالِي لموَالِي الْأَب إِن كَانَ ابْن الْمُعتقَة حبا أَو مَيتا لَهُ ولد أَو لَيْسَ لَهُ ولد فَهُوَ سَوَاء ويجر الْأَب إِذا أعتق ولاءهم جَمِيعًا وَلَا ترجع عَاقِلَة الْأُم على عَاقِلَة الْأَب بِمَا غرموا من الدِّيَة وَلَو لم يعْتق الْأَب فَأَرَادَ الْمولى الَّذِي أسلم على يَدَيْهِ ابْنه أَن يتَحَوَّل بولائه إِلَى موَالِي الْأَب وَقد عقل عَنهُ موَالِي الْأُم لم يكن لَهُ ذَلِك وَإِذا أعتق الْأَب جر ولاءه ويتحول إِلَى موَالِيه وَإِن كَانَ موَالِي الْأُم قد عقلوا عَنهُ وَلَا يرجعُونَ على موَالِي الْأَب
- بَاب مُوالَاة الرجل الرجل
- مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ إِذا أسلم الرجل على يَدي رجل ووالاه فانه يَرِثهُ وَيعْقل عَنهُ وَله أَن يتَحَوَّل عَنهُ إِلَى غَيره إِذا لم يعقل عَنهُ فاذا عقل عَنهُ لم يكن لَهُ أَن يتَحَوَّل عَنهُ إِلَى(4/182)
غَيره وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اسْلَمْ على يَدَيْهِ وَلم يواله لم يعقل عَنهُ وَلم يَرِثهُ وَهَذَا قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد حَدثنَا مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن مطرف بن طريف عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه قَالَ لَا وَلَاء إِلَّا لذِي نعْمَة يَعْنِي الْعتاق ولسنا نَأْخُذ بِهَذَا(4/183)
حَدثنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر عَن ابيه عَن مَسْرُوق بن الأجدع أَن رجلا من أهل الأَرْض والى ابْن عَم لَهُ وَأسلم على يَدَيْهِ فَمَاتَ وَترك مَا لَا فَسَأَلَ ابْن مَسْعُود عَن مِيرَاثه فَقَالَ هُوَ لمَوْلَاهُ(4/184)
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن لَيْث بن أبي سليم عَن حدير عَن أَشْعَث بن سوار أَنه سَأَلَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن رجل أسلم على يَدَيْهِ ووالاه فَمَاتَ وَترك مَالا فَقَالَ عمر مِيرَاثه لَك فان ابيت فلبيت المَال(4/185)
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن الرّبيع بن أبي صَالح قَالَ حَدثنَا زِيَاد عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا من أهل الأَرْض أَتَاهُ يواليه فَأبى على ذَلِك فَأتى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فوالاه(4/186)
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن عبد الْعَزِيز بن عمر عَن عبد الله بن وهب عَن تَمِيم الدَّارِيّ أَنه قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرجل يسلم على يَدي الرجل مَا السّنة فِيهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ أولى النَّاس بمحياه ومماته وَإِذا أسلم الرجل على يَدي الرجل ثمَّ والى آخر فَهُوَ مَوْلَاهُ إِن مَاتَ(4/187)
وَلَا وَارِث لَهُ وَرثهُ الْمولى الآخر وَإِن جنى عقل عَنهُ قومه وَإِن كَانَ الآخر مثله وَإِلَى رجلامن الْعَرَب فَهُوَ سَوَاء وعقل جِنَايَة الأول على الْقَبِيلَة وميراثه للَّذي وَالَاهُ دون الْعَرَبِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا والى الرجل رجلا وَأسلم على يَدَيْهِ ثمَّ مَاتَ وَترك جدة أَو ابْنة أَو أما أَو أُخْتا لأم أَو أُخْتا لأَب وَأم أَو عمَّة أَو خَالَة أَو ذِي قرَابَة محرم أَو غير محرم من قبل النِّسَاء وَالرِّجَال امْرَأَة كَانَ أَو رجل صَغِير كَانَ أَو كَبِير فانه يحرم مِيرَاثه كُله دون مَوْلَاهُ فَإِن لم يكن أحد من هَؤُلَاءِ كَانَ مِيرَاثه لمَوْلَاهُ وَإِن كَانَ لَهُ زَوْجَة مَعَ موَالِيه كَانَ لَهَا الرّبع وَمَا بَقِي لمَوْلَاهُ وَإِن كَانَت امْرَأَة قماتت لَهَا زوج فان لزَوجهَا النّصْف وَمَا بَقِي لمولاها وَلَيْسَ الزَّوْج وَالْمَرْأَة فِي هَذَا بِمَنْزِلَة ذَوي الْقَرَابَة وَهَذَا قَول(4/191)
أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَإِذا أسلم رجل على يَدي رجل وعاقده ووالاه ثمَّ ولد لَهُ ابْن من امْرَأَة أسلمت على يَدي آخر ووالته فان وَلَاء ابْنه لموَالِي الْأَب وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الْمَرْأَة أسلمت ووالت ذَلِك الرجل وَهِي حُبْلَى ثمَّ ولدت فان وَلَاء وَلَدهَا لموَالِي الْأَب وَهَذَا لَا يشبه الْعتَاقَة لِأَن حرَّة لم تملك وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهما أَوْلَاد صغَارًا ولدُوا قبل الْإِسْلَام فَأسلم الرجل على يَدي رجل ووالاه وَأسْلمت الْمَرْأَة على يَدي آخر ووالته أَو فعلت ذَلِك قبل الْأَب فان وَلَاء الْوَلَد لموالى الْأَب فان جنى الْأَب جِنَايَة فعقل عَنهُ الَّذِي وَالَاهُ فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لوَلَده أَن يتَحَوَّل عَنهُ وَإِن كبر بعض الْوَلَد فَأَرَادَ التَّحَوُّل إِلَى غَيره فان كَانَ الْمولى قد عقل عَن أَبِيه لم يكن لَهُ أَن يتَحَوَّل وَإِن كَانَ لم يعقل عَن أَبِيه كَانَ لَهُ أَن يتَحَوَّل وَكَذَلِكَ لَو عقل عَن بعض إخْوَته كَانَ مثل ذَلِك وَإِذا أسلمت امْرَأَة من أهل الذِّمَّة على يَدي رجل وَلها ولد صَغِير من رجل ذمِّي ووالت الَّذِي أسلمت على يَدَيْهِ فان ولاءها لَهُ وَلَا يكون وَلَاء وَلَدهَا لَهُ فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَا يشبه الْأُم الْأَب فِي هَذَا الْوَجْه وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْعتَاقَة فِي قِيَاس قَول ابي حنيفَة وولاه الْوَلَد لَهُ(4/192)
وَإِذا دخل رجل من أهل الْحَرْب بِأَمَان فَأسلم على يَدي رجل آخر ووالاه ثمَّ دخل ابْن الأول فَأسلم على يَدي رجل ووالاه فان وَلَاء كل وَاحِد مِنْهُم للَّذي وَالَاهُ وعقله عَلَيْهِ وَلَا يجر بَعضهم وَلَاء بعض وَلَيْسَ هَذَا كالعتاقة وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وَكَذَلِكَ لوكان هَؤُلَاءِ من أهل الذِّمَّة على هَذِه الصّفة كَانَ الْقَضَاء فيهم هَكَذَا فاذا اسْلَمْ رجل من أهل الْحَرْب فِي دَار الْحَرْب على يَدي رجل مُسلم ووالاه هُنَاكَ فَهُوَ مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ لَو اسْلَمْ فِي دَار الْحَرْب ووالاه فِي دَار الْإِسْلَام فَكَذَلِك لَو أسلم فِي دَار الْإِسْلَام ووالاه فِيهَا فَهُوَ سَوَاء كُله فان سبي ابْنه فَأعتق فانه مولى للَّذي أعْتقهُ وَلَا بَحر وَلَاء الْأَب فان سبي أَبوهُ فَأعْتقهُ رجل فَهُوَ مَوْلَاهُ ويجر وَلَاء ابْنه الَّذِي أسلم ووالاه وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو كَانَ ابْن ابْن الْمُعْتق لم يعْتق وَلم يسب وَلكنه أسلم على يَدي رجل ووالاه لم يجر جده وَلَاء لِأَن الْجد لَا يجر الْوَلَاء وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أسلم على يَدي امْرَأَة من الْمُسلمين ووالاها فانه مَوْلَاهَا يعقل عَنهُ قَومهَا وترثه وَالْمَرْأَة فِي هَذَا كَالرّجلِ(4/193)
وَلَو والى صَبيا وَأسلم على يَدَيْهِ ثمَّ وَالَاهُ لم يكن مَوْلَاهُ وَلَيْسَ للصَّبِيّ الْمُوَالَاة وَكَذَلِكَ الصبية وَلَو اسْلَمْ على يَدي عبد ووالاه لم يكن مَوْلَاهُ وَلَا مولى مَوْلَاهُ وَلَو أسلم على يَدي الْمكَاتب ووالاه كَانَ جَائِزا وَكَانَ مولى مَوْلَاهُ وَلَو أسلم على يَدي صبي ووالاه بِأَمْر ابيه كَانَ جَائِزا وَكَانَ مَوْلَاهُ وَلَو أسلم على يَدي عبد ووالاه باذن مَوْلَاهُ كَانَ جَائِزا وَكَانَ مولى لمَوْلَاهُ وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة والى رجلا من أهل الْإِسْلَام قبل أَن يسلم ثمَّ اسْلَمْ بعد الْمُوَالَاة على يَدي آخر كَانَ مولى للْأولِ حَتَّى يتَحَوَّل بولائه وَلَو أَن رجلا من نَصَارَى الْعَرَب أسلم على يَدي رجل من غير قبيلته ووالاه فانه لَا يكون مَوْلَاهُ وَلكنه ينْسب إِلَى عشيرته وَإِلَى أَهله وهم يعْقلُونَ عَنهُ ويرثونه وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة من الْعَرَب نَصْرَانِيَّة تسلم على يَدي رجل وتواليه أَو تسلم على يَدي امْرَأَة وتواليها فانه لَا يكون مولى لَهَا(4/194)
وَإِذا أسلم رجل من أهل الذِّمَّة على يَدي رجل من أهل الذِّمَّة ووالاه فَهُوَ مَوْلَاهُ فان أسلم الآخر فهما على الْوَلَاء وَله أَن يتَحَوَّل مالم يعقل عَنهُ وَإِذا أسلم رجل من أهل الذِّمَّة وَلم يوال أحدا ثمَّ أسلم آخر على يَدَيْهِ ووالاه فَهُوَ مَوْلَاهُ وَإِذا اسْلَمْ رجل من أهل الذِّمَّة على يَدي رجل من أهل الْحَرْب فانه لَا يكون مَوْلَاهُ فان اسْلَمْ الْحَرْبِيّ بعد ذَلِك لم يكن مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيّ يسلم على يَدي الْحَرْبِيّ الْكَافِر وَإِذا اسْلَمْ الصَّبِي الْمُرَاهق وابوه كَافِر فَأسلم علاى يَدي رجل ووالاه فَهُوَ مُسلم وَلَا يكون مَوْلَاهُ حَتَّى يجدد ذَلِك بعد مَا يَحْتَلِم وَإِذا والى اللَّقِيط وَهُوَ رجل رجلا فَهُوَ جَائِز وَهُوَ مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة اللقيطة وَإِذا أسلم رجل وَابْنه على يَدي رجل فانه لَا يكون وَاحِد مِنْهُمَا مَوْلَاهُ فان وَالَاهُ الْأَب فَهُوَ مَوْلَاهُ وَلَا يكون الابْن مَوْلَاهُ إِذا كَانَ كَبِيرا حَتَّى يواليه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان الابْن ابْنة وَكَذَلِكَ الأخوان وهما رجلَانِ يسلمان على يَدي رجل فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يوالي من شَاءَ(4/195)
وَإِذا أسلم رجل على يَدي رجل ووالاه وَله ابْن صَغِير وَآخر كَبِير فان وَلَاء الصَّغِير لموَالِي الْأَب وَلَا يكون وَلَاء الْكَبِير لَهُ وَله أَن يوالي من شَاءَ وَإِذا اسْلَمْ الرجل على يَدي الرجل ووالاه ثمَّ إِن الرجل الْعَرَبِيّ تَبرأ من ولائه قبل أَن يعقل عَنهُ فَذَلِك لَهُ كَمَا إِن للْمولى أَن يبرأ من الْوَلَاء فَكَذَلِك الْعَرَبِيّ وَإِذا أعتق هَذَا الْمولى عبدا قبل أَن يتبرأ الْعَرَبِيّ من ولائه فان عقل العَبْد على عاقله موَالِي مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ من أسلم على يَدي العَبْد ووالاه فان عقله على عَاقِلَة الأول وَكَذَلِكَ لَو ولد للْمولى ولد فَكبر فَأسلم على يَدي رجل ووالاه بعد مَا عقل عَن ابيه فان عقله يكون على عَاقِلَة الْعَرَبِيّ الأول وَإِن لم يكن لَهُ وَارِث غَيره وَرثهُ وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أسلم على يَدي رجل قرشي ووالاه ثمَّ مَاتَ الْقرشِي وَترك بنينَا وبناتا ثمَّ مَاتَ الْمولى وَلَا وَارِث لَهُ فان مِيرَاثه لِابْنِ الْقرشِي لصلبه دون بَنَاته وَكَذَلِكَ ابْن الْمولى وَكَذَلِكَ لَو لم يكن للقرشي ولد ذكر لصلبه وَكَانَ لَهُ بَنو بَنِينَ بَعضهم أقرب فِي الْكبر(4/196)
إِلَى الْجد من بعض فان الْمِيرَاث للكبر فِي هَذَا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة يسلم على يَديهَا رجل وَالْمَرْأَة تسلم على يَديهَا الْمَرْأَة فَهُوَ سَوَاء فِي ذَلِك وَإِذا أسلم رجل على يَدي رجل من قُرَيْش ووالاه ثمَّ نقض الْمولى الْوَلَاء بِمحضر من الْقرشِي أَو نقضه الْقرشِي بِمحضر من الْمولى فَهُوَ نقض لذَلِك وَلَو كَانَ النَّقْض من أَحدهمَا بِغَيْر محْضر من الآخر لم يجز ذَلِك إِلَّا فِي خصْلَة وَاحِدَة إِن وَالِي الْمولى رجلا وعاقده فَهُوَ نقض وَإِن لم يحضر الْقرشِي لِأَن هَذَا قد وَجب وَلَاؤُه لهَذَا الآخر وَإِذا أسلمت الْمَرْأَة من أهل الذِّمَّة حَامِل على يَدي رجل ووالته ثمَّ ولدت ولدا فَهُوَ مُسلم وَيكون مولى لمواليها فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَت وَلدته قبل الْإِسْلَام عبدا كَانَ أبوهم أَو حرا فان اسْلَمْ أبوهم ووالي رجلا أَو أعتق فان كَانَ عبدا فَأعتق فانه يجر وَلَاء ألولد إِلَيْهِ وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد لَا يكون وَلَاء الْوَلَد لموَالِي الْأُم وَلَا تعقل الْأُم عَلَيْهِم ذَلِك
- بَاب بيع الْوَلَاء
- مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن عبيد الله بن عمر عَن عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلَاء لحْمَة كلحمة(4/197)
النّسَب لَا يُبَاع وَلَا يُوهب وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد(4/198)
وَقَالَ أَبُو يُوسُف حَدثنِي مُحدث عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَنه كَانَ مولى لميمونة ابْنة الْحَارِث فَوهبت ولاءه لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف لسنا نَأْخُذ بِهَذَا الحَدِيث وَإِذا أعتق الرجل عبدا ثمَّ بَاعَ ولاءه فان البيع بَاطِل لَا يجوز وَالْوَلَاء لمن أعتق وَيرد الثّمن إِن كَانَ قبض وَكَذَلِكَ الْهِبَة فِي ذَلِك وَالصَّدَََقَة والنحلة والعطية وَالْوَصِيَّة فانه لَا يجوز شَيْء من ذَلِك(4/200)
وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ الْمُعْتق فَبَاعَ ورثته الْوَلَاء أَو بَاعَ ذَلِك وَصِيّه فِي دين عَلَيْهِ فان ذَلِك بَاطِل لَا يجوز وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمُعْتق امْرَأَة فباعت ذَلِك لم يجز وَلَو بَاعَ الرجل من الْوَرَثَة الْوَلَاء من النِّسَاء مِنْهُم كَانَ ذَلِك بَاطِلا لَا يجوز وَلَو أَن رجلا أسلم على يَدي رجل ووالاه فَبَاعَ ولاءه من رجل لم يجز ذَلِك وَيرد الثّمن إِن كَانَ قبض وَكَذَلِكَ الْهِبَة فِي هَذَا وَالصَّدَََقَة والنحلى والعطية وَلَا يكون هَذَا نقضا للولا وَلَو أَن الْمولى الَّذِي أسلم بَاعَ وَلَاء نَفسه من رجل ووالاه كَانَ البيع بَاطِلا وَكَانَ هَذَا نقضا للولاء الأول وَوَلَاؤُهُ للْآخر وَكَذَلِكَ لَو وهب ولاءه للْآخر كَانَ هَذَا نقضا وَهَذَا من الْمولى نقض وَلَا يكون منن الْعَرَبِيّ نقض لِأَن الْعَرَبِيّ لَيْسَ لَهُ أَن يصرف وَلَاء الموَالِي إِلَى أحد إِلَّا بِمحضر من الْمولى وللمولى أَن يصرف ولاءه إِلَى من شَاءَ(4/201)
بِغَيْر محْضر من الْعَرَبِيّ وَإِذا بَاعَ الرجل وَلَاء عتاق أَو مُوالَاة لعَبْدِهِ بِعَبْد وَقَبضه ثمَّ اعتقه أَو بَاعه فان بَيْعه وعتقه بَاطِل لَا يجوز وَيرد العَبْد على مَوْلَاهُ وَيكون الْوَلَاء على حَاله
- بَاب الرجل يَشْتَرِي العَبْد على أَن يعتقهُ على أَن الْوَلَاء للْبَائِع أَو يَشْتَرِيهِ بيعا فَاسِدا فيعتقه
- مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا ساومت بَرِيرَة فَقَالَت إِنِّي أُرِيد أَن اشتريها فاعتقها فَقَالُوا لَهَا اشترطي أَن الْوَلَاء لنا فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْوَلَاء لمن أعتق فاشترتها فاعتقتها(4/202)
وَحدثنَا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن ابيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن بَرِيرَة أتتها تسألها فِي مكاتبتها فَقَالَت لَهَا أشتريك فأعتقك وأوفي ثمنك أهلك فَذكرت ذَلِك لَهُم فَقَالُوا لَا إِلَّا أَن تشترطي أَن الْوَلَاء لنا فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهَا اشتريها فأعتقيها فان الْوَلَاء لمن أعتق فاشترتها فاعتقتها فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطِيبًا فَقَالَ مَا بَال أَقوام يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله كل شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل كتاب الله هُوَ أَحَق وَشرط الله أوثق مَا بَال أَقوام يَقُول أحدهم أعتق يافلان وَالْوَلَاء لي إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق وَإِذا اشْترى الرجل عبدا على أَن يعتقهُ فَأن ابا حنيفَة قَالَ هَذَا بيع فَاسد وَكَذَلِكَ لَو شَرط فِيهِ الْوَلَاء للْبَائِع فان هَذَا فَاسد وَإِن قَبضه المُشْتَرِي فَأعْتقهُ فان الْوَلَاء لَهُ وَعَلِيهِ الْقيمَة فِي أَشْرَاط الْوَلَاء(4/204)
- بَاب اشْتِرَاط الْوَلَاء
- مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن مُحدث عَن الزُّهْرِيّ أَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ اشْترى من امْرَأَته الثقفية جَارِيَة وَشرط لَهَا أَنَّهَا لَهَا بِالثّمن الَّذِي اشْتَرَاهَا إِذا اسْتغنى عَنْهَا فَسَأَلَ عمر رَضِي الله عَنهُ عَن ذَلِك فَقَالَ أكره أَن تطأها ولأحد فِيهَا شَرط وَكَانَ حَدِيث عمر أوثق عندنَا وَكَانَ عمر أعلم بِحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا ونرى أَن حَدِيث هِشَام هَذَا وهم من هِشَام لِأَنَّهُ لَا يَأْمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بباطل وَلَا يغرر وَلَا يعرف حَدِيث هِشَام وَهُوَ عندنَا شَاذ من الحَدِيث(4/205)
وَإِذا اشْترى الرجل عبدا بيعا فَاسِدا بِخَمْر أَو خِنْزِير أَو إِلَى الْعَطاء أَو شَرط فِيهِ شرطا يُفْسِدهُ ثمَّ قَبضه وَأعْتقهُ فان عتقه جَائِز وَعَلِيهِ الْقيمَة فان اشْتَرَاهُ بِدَم أَو ميتَة فَقَبضهُ فَأعْتقهُ فعتقه بَاطِل لِأَن هَذَا لَيْسَ بِثمن وَإِن اشْترى بخنزير فَأعْتقهُ قبل أَن يقبض فان عتقه بَاطِل
- بَاب الرجل يعْتق عَن الرجل عبدا
- قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعتق رجل عبدا باذنه أَو بِغَيْر إِذْنه فالعتق جَائِز وَالْوَلَاء لمن أعتق وَلَا يكون للْمُعْتق عَنهُ وَلَاء وَالْوَالِد وَالْولد وَالْأَخ وَالْأُخْت وَالْعم وَالْخَال فِي ذَلِك سَوَاء وَكَذَلِكَ كل ذِي رحم محرم وَغَيره سَوَاء وَكَذَلِكَ الرجل يعْتق عبدا عَن ابيه وَهُوَ ميت أَو عَن أمه وَهِي ميتَة فان الْوَلَاء لمن أعتق وَلَا يكون للْمُعْتق عَنهُ وَلَاء أَرَأَيْت امْرَأَة حرَّة وَزوجهَا عبد سَأَلت مَوْلَاهُ أَن يعتقهُ عَنْهَا فَأعْتقهُ عَنْهَا هَل يفْسد النِّكَاح فان كَانَت ملكت من رقبته شَيْئا فقد فسد النِّكَاح وَإِن كَانَت لم تملك من رقبته شَيْئا فَمَا وهب لَهَا العَبْد أَو الْوَلَاء فَهَذَا كُله بَاطِل وَلَا يكون الْوَلَاء لَهَا وَلَا يفْسد النِّكَاح وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو أَن رجلا قَالَ لرجل أعتق عَبدك على ألف(4/206)
دِرْهَم أضمنها لَك فَفعل ذَلِك فان الْوَلَاء لمن أعتق وَلَا يكون على الرجل مَال وَإِن كَانَ أدّى المَال رَجَعَ بِهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو أَن امْرَأَة تزوجت رجلا على أَن يعْتق اباها فَفعل فان وَلَاء الْأَب للزَّوْج وللمرأة مهر مثلهَا وَكَذَلِكَ الْخلْع وَقَالَ ابو حنيفَة إِذا قالل رجل لرجل أعتق عني عَبدك بِأَلف فَفعل فَهُوَ حر وَالْمَال لَهُ لَازم وَالْوَلَاء للَّذي أعتق عَنهُ وَإِن كَانَ الَّذِي أعتق عَنهُ امْرَأَة العَبْد فان النِّكَاح فَاسد لِأَنَّهَا قد ملكت الرَّقَبَة وَالْوَلَاء لَهَا وَإِن مَاتَ الزَّوْج وَلَا وَارِث لَهُ غَيرهَا كَانَ لَهَا الْمِيرَاث بِالْوَلَاءِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة تزوج الرجل على أَن يعْتق اباها عَنْهَا فان الْوَلَاء لَهَا وَلها مِيرَاثه إِن لم يكن لَهُ وَارِث غَيرهَا نِصْفَيْنِ نصف من قبل أَنه أَبوهَا وَنصف بِالْوَلَاءِ مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن ابيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا حَلَفت لَا تكلم عبد الله بن الزبير فتشفع عَلَيْهَا حَتَّى كَلمته فَأعتق عَنْهَا ابْن الزبير خمسين رَقَبَة فِي كَفَّارَة يَمِينهَا مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا أعتقت عَن عبد الرَّحْمَن بن ابي بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُمَا(4/207)
عبيدا من تلاده بعد مَوته
- بَاب الشَّهَادَة فِي الْوَلَاء
- وَإِذا مَاتَ الرجل وَترك مَالا وَلَا وَارِث لَهُ فَادّعى رجل أَنه وَارثه بِالْوَلَاءِ فَشهد لَهُ شَاهِدَانِ أَن الْمَيِّت مَوْلَاهُ وَأَنه لَا وَارِث للْمَيت غير هَذَا وَلم يُفَسر الْوَلَاء فان هَذِه الشَّهَادَة لَا تجوز من قبل أَنَّهُمَا لم يسميا ايهما أعتق صَاحبه وَلَا ايهما وَالَاهُ وَكَذَلِكَ لَو شَهدا أَن الْمَيِّت مولى هَذَا مولى عتاقة فان هَذَا لَا يجوز فان شَهدا أَن هَذَا الْحَيّ أعتق هَذَا الْمَيِّت وَهُوَ يملكهُ وَهُوَ وَارثه لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيره فَهَذَا جَائِز أَقْْضِي لَهُ بِالْمَالِ وَالْمِيرَاث(4/208)
وَكَذَلِكَ لَو شهد على هَذَا رجلَانِ على شَهَادَة رجلَيْنِ وَكَذَلِكَ لَو شهد على هَذَا رجل ورجلان على شَهَادَة آخر وَكَذَلِكَ لَو شهد على هَذَا امْرَأَتَانِ ورجلان على شَهَادَة رجل وَكَذَلِكَ لَو شهد على هَذَا رجل ورجلان علتى شَهَادَة امْرَأتَيْنِ فَهَذَا كُله جَائِز وَكَذَلِكَ لَو شهد رجلَانِ أَن هَذَا الْمَيِّت كَانَ مقرا لهاذ بِالْملكِ وَأَن هَذَا أعْتقهُ وَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيره وَكَذَلِكَ لَو أعْتقهُ على مَال وَقَبضه مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَو قَالَا كَاتبه على مَال مُسَمّى وَقبض مِنْهُ الْمُكَاتبَة فَهَذَا كُله جَائِز وَإِن لم يشْهدُوا أَنه وَارثه لم يَرث مِنْهُ شَيْئا وَلَو مَاتَ رجل فَادّعى رجل ولاءه فَأَقَامَ شَاهِدين فشهدا أَن أَبَا هَذَا الْمُدَّعِي أعتق أَبَا هَذَا الْمَيِّت وَهُوَ يملكهُ أَو هُوَ مقرّ لَهُ بالعبودية ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق وَلَا يعلم لَهُ وَارِث غير أَبِيه هَذَا ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق وَترك ابْنه هَذَا وَقد وَلَده من امْرَأَة حرَّة حملت بِهِ وَهِي حرَّة ثمَّ مَاتَ ابْن الْمُعْتق وَلَا تعلم لَهُ وَارِثا غير ابْن هَذَا فان هَذَا جَائِز يقْضِي لَهُ بميراثه وَلَو شهدُوا على هَذِه الشَّهَادَة ثَانِيَة وَقَالُوا لم ندرك ابا هَذَا الْمُعْتق وَلَكنَّا قد علمنَا هَذَا لم تجز شهاتهما على هَذَا حَتَّى يشْهدُوا أَنهم قد أدركوا الرجل وشهدوا عتقه على مَا وصفت لَك(4/209)
وَلَو مَاتَ رجل وَادّعى رجل مِيرَاثه واقام شَاهِدين أَنه أعتق أمه وَأَنَّهَا وَلدته بعد ذَلِك بِعشر سِنِين من فلَان عبد فلَان وفأن اباه مَاتَ عبدا وَمَاتَتْ أَمنه وَمَات هُوَ وَلَا يعلم لَهُ وَارِث غير مُعتق أمه فان هَذَا جَائِز لَهُ مِيرَاثه فان جَاءَ مولى الْأَب وَأقَام الْبَيِّنَة أَنه أعتق الْأَب قبل أَن يَمُوت وَهُوَ يملكهُ وَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ لهَذَا الْغُلَام وَارِثا غير هَذَا فانه يقْضِي بميراثه لمولى الْأَب لِأَنَّهُ هُوَ الْمولى وَعتق الْأَب يجر الْوَلَاء وَإِذا مَاتَ رجل وَترك مَالا وَادعت امْرَأَة أَنه والاها واسلم على يَديهَا وَجَاءَت على ذَلِك بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ فَشَهِدُوا أَنهم لَا يعلمُونَ أَن لَهُ وَارِثا غَيرهَا فَهُوَ جَائِز وَهِي وارثة وَإِن ادّعى أَخُوهَا أَنه أسلم على يَدي أَبِيهِمَا ووالاه وَأَن اباه قد عقل عَنهُ قبل مَوته ووقتوا فِي الْمُوَالَاة وقتا قبل وَقت الْمَرْأَة فان مِيرَاثه لأَخِيهَا دونهَا لِأَنَّهُ مولى ابيها وَلَا تَرث النِّسَاء من الْوَلَاء شَيْئا وَلَو لم يكن الْأَب عقل عَنهُ وَشهد شُهُوده أَنه وَالَاهُ فِي سنة خمسين وَمِائَة وَشهد شهودها أَنه والاها فِي سنة سِتِّينَ وَمِائَة فان ولاءه لَهَا دون الْأَخ لِأَن الْمولى قد تحول مَوْلَاهُ عَن الْأَب إِلَيْهَا
وَإِذا مَاتَ الرجل فاختصم فِي مِيرَاثه رجلَانِ فَأَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا(4/210)
الْبَيِّنَة أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَلَا وَارِث لَهُ غَيره وَلم توقت الْبَيِّنَتَانِ وقتا فانه يقْضِي بميراثه بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِن وَقت كل وَاحِدَة من الْبَيِّنَتَيْنِ وقتا فَكَانَ أحد الْوَقْتَيْنِ قبل الآخر فانه يقْضِي بِهِ للْأولِ مِنْهُمَا لِأَن ملك الآخر بَاطِل بعد عتق الأول وَلَو كَانَ هَذَا فِي الْمُوَالَاة بِغَيْر عتاق جعلته للْآخر لِأَن مُوالَاة الْأُخَر تنقض مُوالَاة الأول فان كَانَ الأول قد عقل عَنهُ فانه يقْضِي بِهِ للْأولِ وَلَا يكون للْآخر
وَإِذا مَاتَ رجل فَادّعى رجل مِيرَاثه فَأَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيره فقضي لَهُ القَاضِي بميراثه وولائه ثمَّ جَاءَ آخر فَادّعى أَنه هُوَ الَّذِي أعْتقهُ فانه لَا يقْضِي للْآخر بِشَيْء وَلَا يسمع من بَينته وَإِن شهد شُهُوده أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ لم يقبلل ذَلِك مِنْهُ لِأَن القَاضِي قد قضي فِيهِ وَلَو شهد لَهُ شَاهِدَانِ أَنه اشْتَرَاهُ من الأول قبل أَن يعتقهُ ثمَّ أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ أبطلت الْقَضَاء للْأولِ وقضيت بِالْوَلَاءِ وَالْمِيرَاث لهَذَا الآخر
وَذَا مَاتَ رجل فاختصم فِي مِيرَاثه رجل وَأَخُوهُ لِأَبِيهِ وَبَنُو أَخِيه لِأَبِيهِ فَشهد شَاهِدَانِ أَن جد هَذَا الرجل أعتق جد هَذَا الْمَيِّت(4/211)
وَهُوَ يملكهُ وَأَن جد هَذَا الْمَيِّت الْمُعْتق مَاتَ وَترك أَبَا هَذَا الْمَيِّت وابنا لَهُ آخر ثمَّ مَاتَ الابنان جَمِيعًا وتركا هَذَا الْمَيِّت ثمَّ مَاتَ هَذَا الْمَيِّت وَمَات الْجد الْمُعْتق وَترك ابْنا وَزَوْجَة وَابْنَة ثمَّ مَاتَ ابْنه وَترك هَذَا الابْن وَهَذِه الِابْنَة وابا هَؤُلَاءِ الآخرين بني أَخِيه ثمَّ مَاتَ أَبُو هَؤُلَاءِ وَترك ابْنَته لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيرهم فان الْمِيرَاث لِابْنِ الابْن دون ابْنة الابْن وَدون بني الْأَخ وَدون عمته إِن كَانَت حَيَّة ودجون امْرَأَة جده وَإِن كَانَت حَيَّة وَإِن لم يدركوا ذَلِك فَشَهِدُوا على شَهَادَة شَاهِدين أدْركَا ذَلِك فشهدا بِهِ فَهُوَ جَائِز والموالاة بِغَيْر عتاق إِذا كَانَت هَكَذَا وعَلى هَذَا الْمَوَارِيث المناسخة فَهُوَ مثل ذَلِك
وَإِذا مَاتَ رجل وَادّعى ابْن ابْن رجل وَعَمَّته وَبَنُو أَخِيه مِيرَاثه فَشهد شَاهِدَانِ على شَهَادَة شَاهِدين أَن ابا هَذِه الْعمة أعتق فلَانا وَهُوَ يملكهُ وَأَن فلَانا أعتق هَذَا الْمَيِّت وَهُوَ يملكهُ فَمَاتَ فلَان وَلَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غير ابْن الابْن وَابْن أَخِيه والعمة ابْنة الْمُعْتق الأول فان مِيرَاثه لِابْنِ الابْن دون عمته وَدون بني أَخِيه(4/212)
وَإِذا مَاتَ رجل فَادّعى رجل أَن أَبَاهُ أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَأَنه لَا وَارِث لِأَبِيهِ وَلَا لهَذَا الْمَيِّت غَيره وَجَاء بِابْني أَخِيه فشهدا على ذَلِك فان شَهَادَتهمَا لَا تجوز لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لجدهما وَكَذَلِكَ بَنَات الْمُعْتق إِن شهدن لم تجز شَهَادَتهنَّ لِأَنَّهُنَّ يشهدن لأبيهن وَكَذَلِكَ نسَاء الْمُعْتق وَأمه وَكَذَلِكَ امْرَأَة أَبِيه وَبَنُو ابْنه وَبَنَات ابْنه وَكَذَلِكَ هَذِه الشَّهَادَة فِي الْمُوَالَاة دون الْعتَاقَة وَلَو كَانَ العَبْد حَيا يدعى الْعتاق من الْمَيِّت فَشهد ابْنا الْمَيِّت أَو بَنو ابْنه أَو ابْن ابْن أَو ابنتا ابْن ابْن على عتاق الْمَيِّت جَازَ ذَلِك وَإِن مَاتَ الْمُعْتق بعد ذَلِك وَرثهُ الرِّجَال من ولد الْمَيِّت
وَإِذا كَانَ الرجل حرا وَهُوَ مولى فَادّعى رجلَانِ كل وَاحِد مِنْهُمَا يُقيم الْبَيِّنَة أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَلم تقم الْبَيِّنَة على الأول مِنْهُمَا وَلم يوقتوا وقتا يعرف الأول من الآخر وَالْمولى ينكرهما جَمِيعًا أَو يقر لَهما جَمِيعًا فَهُوَ سَوَاء وَيَقْضِي بِالْوَلَاءِ بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَلَو أَقَامَ الْبَيِّنَة أَحدهمَا أَن أَبَاهُ هُوَ الَّذِي أعْتقهُ وَأَنه لَا وَارِث لِأَبِيهِ غَيره فَهُوَ سَوَاء مثل الأول وَلَو أَقَامَ أَحدهمَا الْبَيِّنَة على مَا ذكرنَا من الْعتاق وَأقَام الآخر الْبَيِّنَة أَن هَذَا العَبْد حر الأَصْل(4/213)
من أهل الذِّمَّة أسلم على يَدَيْهِ ووالاه وَالْعَبْد يدعى أَنه حر الأَصْل فانه يقْضِي بِهِ للَّذي وَالَاهُ دون الَّذِي أعْتقهُ وَلَو كَانَ العَبْد مَيتا لَهُ مِيرَاث للَّذي أَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه حر الأَصْل إِذا شهدُوا أَنهم لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيره وَلَا أجعله مَمْلُوكا وَقد شهدُوا أَنه حر الأَصْل وَلَو كَانَ العَبْد حَيا فَادّعى أَنه مولى عتاقة للَّذي أعْتقهُ أخذت بِبَيِّنَة الْعتَاقَة وأبطلت الْبَيِّنَة الْأُخْرَى وَكَانَ هَذَا من العَبْد نقضا للموالاة لَو كَانَ وَالَاهُ إِلَّا أَن يكون عقل عَنهُ صَاحبه بِبَيِّنَة حريَّة الأَصْل فان كَانَ عقل فَهُوَ أولى
وَإِذا مَاتَ رجل من الموَالِي وَترك بَنِينَ وَبَنَات فَادّعى رجل من الْعَرَب أَن أَبَاهُ أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَشهد ابْنا الْمَيِّت على ذَلِك وَادّعى رجل من الْعَرَب آخر أَن أَبَاهُ أعْتقهُ فأقرت ابْنة الْمَيِّت بذلك فان الْإِقْرَار بَاطِل وَالشَّهَادَة جَائِزَة وَيكون مولى لصَاحب الشَّهَادَة وَلَو شهد للْآخر ابْن لَهُ وابنتان وَلم يوقتوا وقتا فان الْوَلَاء يكون بَينهمَا نِصْفَيْنِ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا قد قَامَت لَهُ بَيِّنَة وَشَهَادَة ولد الْمولى فِي هَذَا جَائِزَة
وَلَو لم تكن الْمَسْأَلَة على هَذَا الْوَجْه وَجَاء رجل من الموَالِي يدعى على رجل من الْعَرَب أَنه مَوْلَاهُ وَأَن أَبَاهُ أعتق اباه وَجَاء بأخويه لِأَبِيهِ يَشْهَدَانِ بذلك والعربي يُنكر ذَلِك فان شَهَادَة الِابْنَيْنِ لَا تجوز لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لأبيهما بِالْوَلَاءِ إِذا أنكر ذَلِك الْعَرَبِيّ وَإِن ادّعى ذَلِك(4/214)
الْعَرَبِيّ جَازَت الشَّهَادَة
وَإِذا كَانَ رجل من الموَالِي مَعَه ابْن لَهُ قد أدْرك فَادّعى رجل من الْعَرَب أَنه مولى الْأَب وَأَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَالْأَب يُنكر ذَلِك وَادّعى رجل آخر من الْعَرَب أَنه أعتق الابْن وَهُوَ يملكهُ وَالِابْن يُنكر ذَلِك واقام كل وَاحِد مِنْهُمَا الْبَيِّنَة على مَا ادّعى فانه يقْضِي لكل وَاحِد مِنْهُمَا بِالَّذِي قَامَت لَهُ الْبَيِّنَة عَلَيْهِ وَلَو جحد العربيان ذَلِك وَادّعى الموليان ذَلِك وَأَقَامَا الْبَيِّنَة على ذَلِك لزمهما الْوَلَاء وَجَاز ذَلِك وَلَو كَانَ فِي يَدي رجل عبد فَأَقَامَ العَبْد الْبَيِّنَة أَن مَوْلَاهُ أعْتقهُ وَالْمولى يُنكر ذَلِك وَيَقُول شهدُوا بزور وَقد زكيت الْبَيِّنَة فان الشَّهَادَة جَائِزَة وَالْعتاق مَاض وَهُوَ مولى لَهُ وَكَذَلِكَ لَو شهدُوا أَنه أعْتقهُ على مَال أمضيت ذَلِك عَلَيْهِ وقضيت عَلَيْهِ بِالْمَالِ وألزمته ولاءه وَكَذَلِكَ لَو شهدُوا أَنه كَاتبه على مَال واستوفاه أمضيت ذَلِك عَلَيْهِ وألزمته ولاءه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمولى وَهُوَ يدعى ذَلِك وَالْعَبْد الْمُعْتق يُنكر وَيَقُول أَنا مولى للْآخر أَو يَقُول أَنا رجل من أهل الأَرْض اسلمت فان الْوَلَاء يلْزمه وَيجوز عَلَيْهِ(4/215)
وَإِذا ادّعى رجل من الْعَرَب وَلَاء رجل وَأنكر الْمولى ذَلِك فَشهد شَاهِدَانِ فَشهد أَحدهمَا أَن الْعَرَبِيّ أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَشهد الآخر أَن أَبَاهُ أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ فان شَهَادَتهمَا قد اخْتلفت وَلَا تجوز وَلَو شَهدا جَمِيعًا أَنه هُوَ الَّذِي أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَاخْتلفَا فِي الْيَوْم أَو فِي الشَّهْر أَو فِي الْبَلَد أجزت ذَلِك وقضيت لَهُ بِالْوَلَاءِ وَلَا يضر الشَّهَادَة اخْتِلَاف الْأَيَّام والبلدان لِأَن الْعتاق كَلَام لَا يُفْسِدهُ اخْتِلَاف الْأَيَّام والبلدان قد يعتقهُ الْيَوْم وَقد يعتقهُ غَدا وَيشْهد عَلَيْهِ الْيَوْم وَيشْهد عَلَيْهِ غَدا فَيشْهد عَلَيْهِ فِي ذَلِك مرَّتَيْنِ وَإِذا مَاتَ رجل وَترك مَالا وَادّعى رجل من الْعَرَب أَن أُخْته فُلَانَة ابْنة فلَان أعتقت هَذَا الْمَيِّت وَهِي تملكه ثمَّ مَاتَت وَلَا وَارِث لَهَا غير هَذَا الْأَخ وَادّعى آخر أَن هَذِه الْمَرْأَة الَّتِي أعتقت هَذَا العَبْد أَنَّهَا أمه وَأَنه لَا وَارِث لَهَا وَلَا لهَذَا العَبْد غَيره فَانِي اقضي بميراث العَبْد للِابْن دون الْأَخ
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان الابْن ابا قضيت بِالْمِيرَاثِ للْأَب وَلَو كَانَ مَكَان الْأَب ابْن قضيت بِالْمِيرَاثِ للِابْن فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَلَو كَانَ(4/216)
مَكَان الابْن وَالْأَب جد أَبُو الْأَب وَالْأَخ على حَاله فان الْجد يَرث الْوَلَاء فِي قَول أبي حنيفَة على قِيَاس قَول أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَأما على قَول من يُورث الْجد وَالْأَخ جَمِيعًا فان مِيرَاث الْمولى بَينهمَا وَهَذَا قَول مُحَمَّد وَإِذا مَاتَ رجل وَترك مَالا وَادّعى رجل مِيرَاثه وَأقَام شَاهِدين أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَأَنه لَا وَارِث لَهُ غَيره وَأقَام شَاهدا آخر أَنه كَاتبه على ألف واستوفي الْمُكَاتبَة وَهُوَ يملكهُ وَأَنه لَا يعلم لَهُ وَارِثا غَيره فان الشَّهَادَة قد اخْتلفت وَلَا تجوز وَكَذَلِكَ لَو شهد أَحدهمَا على عتاقه بِمَال وَالْآخر على عتاقه بِغَيْر مَال وَكَذَلِكَ لَو شهد أَحدهمَا أَنه أعْتقهُ بِيَمِين إِن دخل هَذِه الدَّار فَدَخلَهَا وَشهد الآخر أَنه أعْتقهُ وَكَذَلِكَ لَو شهد أَحدهمَا أَنه اعتقه بِيَمِين أَن كلم فلَانا وَأَنه كَلمه وَشهد الآخر أَنه أعْتقهُ إِن دخل الدَّار وَأَنه قد دَخلهَا فان لَك بَاطِل لَا يجوز لِأَن الشَّهَادَة على الْعتْق قد اخْتلفت وَلَو ادّعى أَن اباه هُوَ الَّذِي أعْتقهُ وَلَا وَارِث لَهُ غَيره واقام شَاهدا أَن أَبَاهُ أعْتقهُ عَن دبر وَهُوَ يملكهُ ثمَّ مَاتَ الْأَب وَشهد آخر(4/217)
أَنه أعْتقهُ فِي مَرضه الْبَتَّةَ فان الشَّهَادَة قد اخْتلفت وَلَا تجوز وَكَذَلِكَ لَو شَهدا أَنه أعْتقهُ فِي صِحَّته ثمَّ مَاتَ فان هَذِه الشَّهَادَة قد اخْتلفت فَلَا تجوز وَكَذَلِكَ لَو شهد أَحدهمَا أَنه أوصى أَن يعْتق عَنهُ بعد مَوته وَأَنه مَاتَ فَأعْتقهُ وَصِيّه فلَان وَشهد الآخر أَنه أعْتقهُ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَو شهد أَنه دبره فَهُوَ سَوَاء وَلَا تجوز الشَّهَادَة لِأَنَّهَا قد اخْتلفت وَلَو مَاتَ رجل فَأخذ رجل مَاله وَادّعى أَنه وَارثه وَالْمَال فِي يَدَيْهِ فَانِي لَا آخذه مِنْهُ وَلَو خاصمه فِيهِ إِنْسَان سَأَلته الْبَيِّنَة
فان ادّعى رجل أَنه أعتق الْمَيِّت وَأَنه يملكهُ وَأَنه لَا وَارِث لَهُ غَيره وَأقَام الَّذِي فِي يَدَيْهِ المَال الْبَيِّنَة على مثل ذَلِك فَأَنِّي أَقْْضِي بِالْمِيرَاثِ بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَأَجْعَل الْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ المَال فِي أَيْدِيهِمَا أَو فِي يَد غَيرهمَا
- بَاب الشَّهَادَة فِي الْوَلَاء فِي أهل الذِّمَّة وَالْإِسْلَام
-
وَإِذا مَاتَ رجل وَترك مَالا فَادّعى رجل من الْمُسلمين أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَأَنه مَاتَ وَهُوَ مُسلم وَلَا وَارِث لَهُ غَيره وَادّعى رجل من أهل الذِّمَّة أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَأَنه مَاتَ كَافِرًا وَلَا وَارِث لَهُ(4/218)
غَيره وَأقَام كل وَاحِد مِنْهُمَا الْبَيِّنَة من الْمُسلمين على ذَلِك فان للْمُسلمِ نصف اليمراث وَنصف الْمِيرَاث لأَقْرَب النَّاس من الْكَافِر الْمولى من الْمُسلمين وَإِن لم يكن لَهُ قرَابَة جعلته لبيت المَال وَإِذا كَانَ الشُّهُود على ذَلِك نَصَارَى جَمِيعًا لم أجز شَهَادَة النَّصَارَى على الْمولى الْمُسلم وأجزت شُهُود الْمُسلم على خَصمه النَّصْرَانِي وَلَا أُجِيز على الْمَيِّت الْمُسلم شُهُودًا من النَّصَارَى
وَإِذا اخْتصم رجل من أهل الذِّمَّة وَرجل من الْعَرَب مُسلم فِي وَلَاء رجل مُسلم قَائِم بِعَيْنِه فَأَقَامَ الْمُسلم بَيِّنَة من الْمُسلمين أَنه أعْتقهُ فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَة وَهُوَ يملكهُ وَأقَام الذِّمِّيّ بَيِّنَة من الْمُسلمين أَنه أعْتقهُ فِي رَمَضَان سنة خمس وَخمسين وَمِائَة وَهُوَ يملكهُ وَالْعَبْد الْمُعْتق مُسلم يُنكر ذَلِك فانه يقْضِي بولائه للْأولِ وَلَا يكون للْآخر ملك مَعَ عتق الأول وَلَو كَانَت بَيِّنَة الذِّمِّيّ هم الَّذين وقتوا الْوَقْت الأول قضيت بولائه للذِّمِّيّ وَلَو كَانَت بَيِّنَة الذِّمِّيّ من أهل الْكفْر وَالْعَبْد الْمُعْتق كَافِر وَالذِّمِّيّ هُوَ الْمُعْتق الأول قضيت بِالْوَلَاءِ للْمُسلمِ لِأَنَّهُ لَا يجوز على الْمُسلم شَهَادَة أهل الْكفْر(4/219)
وَإِذا كَانَ عبد فِي يَدي رجل من أهل الذِّمَّة فَأعْتقهُ فَادّعى رجل مُسلم أَنه عَبده وَأقَام على ذَلِك بَيِّنَة وَلم يكن للذِّمِّيّ بَيِّنَة على ملكه وَشهد شُهُوده على عتقه فانه يقْضِي بِهِ للْمُسلمِ عبدا وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان الذِّمِّيّ رجلا مُسلما وَلَو شهدُوا للذِّمِّيّ شُهُود مُسلمُونَ أَنه أعتق العَبْد وَهُوَ يملكهُ وَشهد للْمُسلمِ شُهُود مُسلمُونَ أَنه عَبده قضيت بِالْعِتْقِ وَجعلت الْوَلَاء للذِّمِّيّ وَلَا أرد الْعتاق وَلَا أجعله عبدا بعد الْعتْق أَرَأَيْت لَو كَانَت أمة أَكنت أردهَا رَقِيقا فَيحل فرجهَا بعد الْعتْق وَلَو كَانَ شُهُود الذِّمِّيّ قوما من أهل الذِّمَّة وشهود الْمُسلم مُسلمين أبطلت الْعتْق وقضيت بِهِ عبدا للْمُسلمِ لِأَنِّي لَا أُجِيز شَهَادَة أهل الْكفْر على أهل الْإِسْلَام وَلَو كَانَ العَبْد فِي هَذِه الْحَالة مسملما أَو كَافِر فَهُوَ سَوَاء
وَإِن كَانَ شُهُود الْمُسلم من أهل الذِّمَّة وَالْعَبْد مُسلم وشهود الذِّمِّيّ من أهل الذِّمَّة فَانِي انفذ الْعتاق للْعَبد وأجعله حرا وَلَا أَقْْضِي بِأَنَّهُ عبد بِشَهَادَة أهل الْكفْر لِأَنَّهُ مُسلم وَلَو كَانَ عبد كَافِر مَوْلَاهُ كَافِر ادّعى على مَوْلَاهُ الْعتْق وَأقَام(4/220)
شُهُودًا من أهل الْكفْر على عتقه قضيت بِعِتْقِهِ وأمضيته وَجعلت الْوَلَاء للْكَافِرِ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ العَبْد مُسلما فان كَانَ العَبْد كَافِرًا وَالْمولى مُسلم لم أقبل شَهَادَة أهل الْكفْر على الْمُسلم وَإِن كَانَ إِنَّمَا أسلم بعد شَهَادَتهم قبل أَن أَقْْضِي بهَا فَهُوَ كَذَلِك وَإِن كَانَ الشُّهُود شهدُوا للْمولى على العَبْد أَنه أعْتقهُ على ألف دِرْهَم وَالْعَبْد مُسلم وَالْمولى كَافِر وَالْعَبْد يُنكر المَال فانه يعْتق وَلَا يلْزمه المَال وَكَذَلِكَ لَو كَانَ العَبْد كَافِرًا فَأسلم قبل أَن تنفذ الشَّهَادَة
وَلَو كَانَ العَبْد هُوَ الَّذِي يدعى الْعتْق فَشهد شَاهِدَانِ من أهل الْكفْر على مَوْلَاهُ أَنه أعْتقهُ ومولاه كَافِر كَانَ كَانَ ذَلِك جَائِزا وَلَو كَانَت أمة فِي يَدي رجل مُسلم أَو كَافِر قد ولدت مِنْهُ أَو دبرهَا فادعاها رجل وَأقَام بَيِّنَة مُسلمين أَنَّهَا لَهُ وَالْمُدَّعى مُسلم وَأقَام الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيِّنَة أَنَّهَا لَهُ ولدت مِنْهُ أَو أَنَّهَا لَهُ دبرهَا وَهُوَ يملكهَا فان كَانَ شُهُوده من أهل الْكفْر لم أقبلهم على مُسلم وقضيت بالأمة وَبِوَلَدِهَا للْمُدَّعى وَإِن كَانَ شُهُوده من أهل الْإِسْلَام جَعلتهَا أم ولد للَّذي هِيَ فِي يَدَيْهِ إِن كَانُوا شهدُوا بذلك وَلَا أردهَا فِي الرّقّ بعد الَّذِي دَخلهَا من الْعتْق لِأَنَّهَا هِيَ الْخصم فِي هَذَا وَلَو كَانَ شهودها على هَذَا من أهل الْكفْر ومولاها كَافِر وَهِي مسلمة وشهود الْمُدعى من أهل الْكفْر وَالْمُدَّعِي(4/221)
مُسلم أَو كَافِر قضيت بهَا أم ولد أَو مُدبرَة للذِّمِّيّ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ كَمَا شهد هَؤُلَاءِ وَلَا أُجِيز شَهَادَة شُهُود الْمُدَّعِي عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مسلمة وهم كفار
وَإِذا كَانَت أمة ادَّعَت عتقا فَادّعى رجل أَنَّهَا أمته وأقامت هِيَ بَيِّنَة أَن فلَان بن فلَان الْفُلَانِيّ أعْتقهَا وَهُوَ يملكهَا قضيت بِأَنَّهَا حرَّة وَلَا أردهَا رَقِيقا تُوطأ بعد الْعتْق أَرَأَيْت لَو أَقَامَت بَيِّنَة أَنَّهَا حرَّة الأَصْل أَكنت أردهَا فِي الرّقّ فَكَذَلِك إِذا شهدُوا أَنه قد أعْتقهَا من يملكهَا أَرَأَيْت لَو شهدُوا أَن فلَان بن فلَان الْفُلَانِيّ أعتق أم هَذِه وَهِي فُلَانَة ثمَّ ولدتها أمهَا وَهِي حرَّة ثمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة على أَنَّهَا أمته أَكنت أَقْْضِي بِأَنَّهَا أمة وأردها فِي الرّقّ وَقد قَامَت الْبَيِّنَة أَنَّهَا حرَّة الأَصْل أَرَأَيْت لَو قَامَت الْبَيِّنَة أَن لَهَا ثَلَاثَة آبَاء أَحْرَار وَثَلَاث أُمَّهَات بَعضهنَّ فَوق بعض أَحْرَار وَأَن فلَان بن فلَان الْفُلَانِيّ أعتق أَبَوَيْهَا الْأَوَّلين فَهُوَ يملكهَا أَكنت أردهَا رَقِيقا وَأهل الذِّمَّة وَأهل الْإِسْلَام فِي ذَلِك سَوَاء
وَلَو كَانَت فِي يَدي رجل من أهل الأَرْض أمة قد ولدت لَهُ أَوْلَادًا فادعي رجل أَنَّهَا أمته وَأَن هَذَا الذِّمِّيّ قد غصبهَا إِيَّاه وَأقَام على(4/222)
ذَلِك بَيِّنَة وَأقَام الذِّمِّيّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَة أَنَّهَا أمته ولدت هَؤُلَاءِ مِنْهُ وَفِي ملكه فَانِي أَقْْضِي بهَا وَبِوَلَدِهَا للمدجي وَلَا أجعلها أم ولد وَكَذَلِكَ لَو لم تقم بَيِّنَة على الْغَصْب وَلَكِن اقام الْبَيِّنَة أَنَّهَا أمته ولدت فِي ملكه وَأقَام الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَة أنهالا أمته ولدت هَؤُلَاءِ الْأَوْلَاد مِنْهُ فَانِي أَقْْضِي بهَا لصَاحب الْأَوْلَاد الَّتِي ولدت أَوْلَادهَا عِنْده وَكَذَلِكَ الرجل يعْتق عبدا فَادّعى آخر أَنه عَبده ولد فِي ملكه من أمته فُلَانَة واقام الْمُعْتق الْبَيِّنَة أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ فانه يقْضِي بِهِ لصَاحب الْعتْق وَلَو لم يشْهدُوا على الْولادَة وَلَكِن شهدُوا أَنه عَبده استودعه هَذَا الْمُعْتق أَو رَهنه إِيَّاه أَو أَعَارَهُ إِيَّاه أَو غصبه الْمُعْتق فَانِي أَقْْضِي بِهِ عبدا للْمُدَّعِي فِي ذَلِك وأبطل الْعتْق وَلَو شهد شُهُود الْمُعْتق أَنه عبد للْمُعْتق ولد فِي ملكه وَأعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَشهد شُهُود الْمُعْتق أَنه عبد للْمُعْتق ولد فِي ملكه وَأعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَشهد شُهُود الْمُدَّعِي أَنه عَبده ولد فِي ملكه فَانِي أَقْْضِي بالعتاق وأنفذه لِأَن الدَّعْوَى قد اسْتَوَت وَالْعتاق فضل وَالْعَبْد هُوَ الْخصم هَهُنَا وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان الْولادَة إِجَارَة أَو عَارِية أَو غصب فَشهد هَؤُلَاءِ على الْملك وَالْعِتْق وَأَن هَذَا الآخر غَاصِب وَشهد هَؤُلَاءِ على الْملك وَأَن هَذَا غَاصِب فَانِي أُجِيز الْعتْق على هَذَا وأقضي بِهِ أهل الْإِسْلَام وَأهل الذِّمَّة فِي هَذَا سَوَاء(4/223)
- بَاب وَلَاء الْمكَاتب
-
وَإِذا أعتق الْمكَاتب عبدا فان ابا حنيفَة قَالَ عتقه بَاطِل لَا يجوز وَكَذَلِكَ لَو أعْتقهُ على مَال فان عتقه بَاطِل لَا يجوز وَإِن كَاتب الْمكَاتب عبدا فَهُوَ جَائِز فان أدّى عتق وَكَانَ وَلَاؤُه لمَوْلَاهُ لِأَنَّهُ مكَاتب يجوز مُكَاتبَته وَلَا يجوز عتاقه وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد فان أدّى الْمكَاتب الأول الْمُكَاتبَة فَعتق ثمَّ أدّى الآخر فان وَلَاء الآخر للْمكَاتب الأول لِأَن الأول عتق قبله وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمكَاتب الأول امْرَأَة أَو صَبيا بعد أَن يكون يتَكَلَّم وَيعْقل فان مَاتَ الْمكَاتب الأول وَترك بَنِينَ وَبَنَات ولدُوا فِي مُكَاتبَته من أمة لَهُ سعوا فِيمَا على أَبِيهِم فان أدّى الْمكَاتب إِلَيْهِم الْمُكَاتبَة فَعتق قبل أَن يعتقوا فان ولاءه لمَوْلَاهُ فان عتقوا هم قبله ثمَّ أدّى هُوَ فَعتق فان ولاءه لمَوْلَاهُ فان عتقوا هم قبله ثمَّ أدّى هُوَ فَعتق فان ولاءه لبنى الْمكَاتب دون الْبَنَات وَلَو لم يؤد(4/224)
وَاحِد مِنْهُم ولكنهما أحالوا الْمولى على الْمكَاتب الآخر بالمكاتبة الَّتِي لَهُ عَلَيْهِم على أَن ابراهيم مِنْهَا فقد عتقوا فان أدّى إِلَيْهِ الْمكَاتب الآخر فَعتق فان ولاءه للذكور من بني الْمكَاتب دون الْإِنَاث وَلَو لم يحيلوا عَلَيْهِ وَلَكِن ضمن الْمكَاتب الآخر الْمُكَاتبَة للْمولى برضى وَرَثَة الْمكَاتب الأول ثمَّ أدّى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة ومكاتبة الأول مثل مُكَاتبَة الآخر فانهما قد عتقا جَمِيعًا وَوَلَاء الآخر للْمولى لِأَن الأول لم يعْتق قبل الآخر فَلَا يكون الْوَلَاء لَهُ حَتَّى يعْتق قبل الآخر وَلَو أَن مكَاتبا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم ومكاتبة الأول خَمْسمِائَة ثمَّ إِن الْمولى قتل الآخر وَقِيمَته ألف وَقد حلت نُجُوم الآخر وَالْأول فان على الْمولى قيمَة الآخر يرفع عَنهُ من ذَلِك خَمْسمِائَة مُكَاتبَة الأول وَخَمْسمِائة مِيرَاث لأَقْرَب اغلناس من الْمولى إِن لم يكن وَارِث غَيره وَلَا يكون للْمكَاتب الأول من مِيرَاثه شَيْء وَوَلَاء الآخر للْمولى لِأَن الأول لم يعْتق قبل الآخر وَإِنَّمَا حرمنا الْمولى الْمِيرَاث لِأَنَّهُ قَاتل(4/225)
وَإِذا كَاتب الْمكَاتب أمة ثمَّ مَاتَ الْمولى الأول وَترك بَنِينَ وَبَنَات ثمَّ أدَّت الْأمة الْمُكَاتبَة فعتقت فان ولاءها لبني الْمولى دون بَنَاته فان أدّى الْمكَاتب الأول أَيْضا فَعتق فان ولاءه لبني الأول دون بَنَاته وَلَو أَن الأول كَانَ أدّى قبل ثمَّ أدّى الآخر وَترك بَنِينَ وَبَنَات ثمَّ أدَّت الْمُكَاتبَة فعتقت فان ولاءها لبني الْمكَاتب دون بَنَاته
وَإِذا أسلم الرجل على يَدي مكَاتب ووالاه فان ولاءه لمولى الْمكَاتب لِأَن الْمكَاتب لَا يكون لَهُ وَلَاء وَهُوَ عبد وَإِذا كَاتب الرجل أمة وَكَانَ زَوجهَا مكَاتب الآخر فَأدى زَوجهَا فَعتق ثمَّ أدَّت هِيَ فعتقت ثمَّ ولدت ولدا بعد عتقهَا لأَقل من سِتَّة أشهر فان وَلَاء وَلَدهَا لمولاها فان جَاءَت بِهِ لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا فان ولاءه لمولى الْأَب وَإِذا كَاتب الْمُسلم عبدا كَافِرًا ثمَّ إِن الْمكَاتب كَاتب أمة مسلمة ثمَّ أدّى الأول فَعتق فان ولاءه لمَوْلَاهُ وَإِن كَانَ كَافِرًا وَلَا يَرِثهُ وَلَا يعقل عَنهُ فان أدَّت فعتقت فان ولاءها للْمكَاتب الْكَافِر وَيعْقل عَنْهَا عَاقِلَة الْمولى ويرثها الْمولى إِن مَاتَت وَلَا وَارِث لَهَا وَلَا يَرِثهَا(4/226)
الْمكَاتب الْكَافِر لِأَنَّهَا مسلمة وَيُوضَع على الْكَافِر الْخراج وَإِن كَانَ الْمولى مُسلما وَكَذَلِكَ لَو أَن مُسلما أعتق عبدا كَافِرًا فانه يوضع عَلَيْهِ الْخراج فِي قَول أبي حنيفَة لَا يتْرك كَافِرًا فِي دَار الْإِسْلَام بِغَيْر خراج وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه قَالَ فِي ذَلِك ذمَّته ذمَّة موَالِيه وَلَا يوضع عَلَيْهِ الْخراج ولسنا نَأْخُذ بِهِ وَإِذا بَاعَ رجل مكَاتبا فَأعْتقهُ المُشْتَرِي فان عتقه بَاطِل وَبيعه بَاطِل وَهُوَ مكَاتب على حَاله الأولى فان لم يرد ذَلِك حَتَّى كَاتب الْمكَاتب عبدا فَأدى فَعتق فَهُوَ جَائِز وَوَلَاء هَذَا لمَوْلَاهُ الأول وَلَو مَاتَ الْمكَاتب(4/227)
الأول وَترك مَالا كثيرا أدّى إِلَى مَوْلَاهُ مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة وَكَانَ مَا بَقِي مِيرَاثا لوَرَثَة الْمكَاتب وَيرد الْمولى مَا كَانَ قبض من الثّمن إِلَى المُشْتَرِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز بيع الْمكَاتب وَعتق المُشْتَرِي فِيهِ بَاطِل
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن قَالَ الْمكَاتب قد عجزت وَكسرت الْمُكَاتبَة فَبَاعَهُ الْمولى فبيعه جَائِز أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف قَالَ أخبرنَا عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه رد مكَاتبا أقرّ بِأَنَّهُ عجز فَرد فِي الرّقّ دون السُّلْطَان وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد
رجل كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم حَالَة فكاتب العَبْد أمة على أَلفَيْنِ ثمَّ وكل العَبْد مَوْلَاهُ بِقَبض الْأَلفَيْنِ مِنْهَا على أَن الْفَا مِنْهَا قَضَاء لَهُ فان وَلَاء الْأمة للْمولى لِأَن الْمكَاتب لم يعْتق قبلهَا وَلَو أعتق قبلهَا كَانَ وَلَاء الْأمة لَهُ
- بَاب العَبْد التَّاجِر يُكَاتب أَو يعْتق
-
قَالَ أَبُو حنيفَة رَحْمَة الله عَلَيْهِ لَا يجوز مُكَاتبَة العَبْد التَّاجِر(4/228)
لَو كَاتب عبدا لَهُ أَو أمة لم يجز ذَلِك وَقَالَ لَو أعتق عبدا لَهُ على مَال أَو على غير مَال كَانَ الْعتْق بَاطِلا لَا يجوز وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
وَإِن كَاتب العَبْد التَّاجِر عبدا باذن مَوْلَاهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دين فَهُوَ جَائِز فان أدّى فَعتق فولاؤه للْمولى وَكَذَلِكَ إِن أعتق عبدا على مَال أَو على غير مَال باذن مَوْلَاهُ فَهُوَ جَائِز وَالْوَلَاء للْمولى
وَإِذا كَانَ عَلَيْهِ دين يُحِيط بِرَقَبَتِهِ وَبِمَا فِي يَدَيْهِ لم يجز شَيْء من ذَلِك مُكَاتبَة وَلَا عتقا أذن لَهُ الْمولى أَو لم يَأْذَن وَإِن لم يكن عَلَيْهِ دين فَأذن لَهُ الْمولى فكاتب عبدا ثمَّ إِن مكَاتبه ذَلِك كَاتب أمة بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ فَهُوَ جَائِز لِأَنَّهُ مكَاتب فَهُوَ مسلط على الْكِتَابَة فان أدّى فَعتق ثمَّ أدَّت الْأمة فعتقت فولاء الْأمة للْمكَاتب وميراثها إِن لم يكن لَهَا وَارِث وَوَلَاء الْمكَاتب للْمولى وَلَو أَن العَبْد التَّاجِر أعْتقهُ ممولاه قبل أَن يُؤَدِّي الْمكَاتب الْمُكَاتبَة ثمَّ إِن الْمكَاتب أدّى الْمُكَاتبَة فان ولاءه للْمولى وَلَا يكون للْعَبد لِأَن الْمكَاتب إِنَّمَا هُوَ مَال الْمولى وَلَيْسَ بِمَال العَبْد وَلَا يشبه مكَاتب العَبْد مكَاتب الْمكَاتب لِأَن مكَاتب الْمكَاتب من مَال الْمكَاتب ومكاتب العَبْد من مَال الْمولى وَإِذا أسلم رجل من أهل الأَرْض على يَدي عبد ووالاه فانه لَا يكون مولى وَلَا يكون للْعَبد وَلَاء فان أذن لَهُ الْمولى فِي ذَلِك(4/229)
فَهُوَ مولى الْمولى وَالْأمة الْمُدبرَة وَأم الْوَلَد فِي جَمِيع مَا ذكرنَا مثل العَبْد وَالْعَبْد الْمَحْجُور عَلَيْهِ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة العَبْد التَّاجِر وَالْعَبْد الصَّغِير إِذا كَانَ يعقل وَيتَكَلَّم فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْكَبِير وَالْعَبْد الْكَافِر كَافِرًا كَانَ مَوْلَاهُ أَو مُسلما فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة العَبْد الْمُسلم
- بَاب وَلَاء الصَّبِي
- وَإِذا كَانَ الصَّبِي تَاجِرًا أذن لَهُ فِي ذَلِك أَبوهُ أَو وَصِيّه فكاتب عبدا باذنهما فانه جَائِز فان أدّى الْمُكَاتبَة عتق وَكَانَ مَوْلَاهُ وَإِن أعتق عبدا على مَال أَو على غير مَال فعتقه بَاطِل وَكَذَلِكَ الصَّبِي إِذا لم يكن تَاجِرًا فكاتب أَبوهُ عبدا لَهُ فَهُوَ جَائِز فِي قَول ابي حنيفَة وَكَذَلِكَ لَو كَاتب وَصِيّه وَلَو أعتق أَبوهُ عَبده على مَال أَو على غير مَال لم يجز فِي قَول أبي حنيفَة وَكَذَلِكَ وَصِيّه وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو أسلم رجل على يَدي الصَّبِي ووالاه لم يكن مَوْلَاهُ فان كَانَ وَالَاهُ بِأَمْر أَبِيه وَأَبوهُ كَافِر فَهُوَ سَوَاء وَكَذَلِكَ الْمَجْنُون المغلوب يسلم على يَدَيْهِ رجل فيواليه فانه لَا يكون مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ صبي من أهل الذِّمَّة أسلم وَهُوَ يعقل ثمَّ أسلم رجل على يَدَيْهِ ووالاه فانه لَا يكون مَوْلَاهُ(4/230)
وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أسلم على يَدَيْهِ رجل على أَن يكون مولى ابْنه وَابْنه صَغِير كَانَ مولى لَهُ كَمَا شَرط وَكَذَلِكَ الْوَصِيّ وَلَو كَانَ الابْن لم يُولد وَكَانَت الْمَرْأَة حَامِلا بِهِ فَأسلم رجل على يَدي الْأَب على أَن يكون مولى لحبل امْرَأَته فانه لَا يكون مولى للحبل وَلَا مولى للرجل وَكَذَلِكَ لَو اشْترط أَن يكون وَلَاؤُه لأوّل وَلَده يُولد لَهُ كَانَ هَذَا بَاطِلا وَلَو أَن رجلا أعْطى رجلا ألف دِرْهَم على أبن يعْتق عَبده عَن ان الْمُعْطِي وَهُوَ صَغِير يعقل فان الْعتْق عَن الْمولى الَّذِي أعتق وَالْوَلَاء لَهُ وَلَا يكون للصَّبِيّ وَكَذَلِكَ الْمَجْنُون المغلوب لِأَن الصَّبِي لم يكن لَهُ أَن يعْتق عبدا على مَال
وَإِذا كَانَ للصَّبِيّ عبد فَقَالَ رجل لِأَبِيهِ أعتق عبد ابْنك هَذَا على ألف دِرْهَم فَأعْتقهُ الْأَب عَنهُ فَهُوَ جَائِز وَهُوَ حر عَنهُ وَعَلِيهِ ألف دِرْهَم للصَّبِيّ يقبضهَا لَهُ الْأَب وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان الصَّبِي رجل مغلوب وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عبد الْمكَاتب فَقَالَ لَهُ رجل أعْتقهُ عني على ألف دِرْهَم لَك فَفعل فَهُوَ جَائِز وَوَلَاؤُهُ للْمُعْتق عَنهُ وَعَلِيهِ المَال وَهَذَا بيع(4/231)
وَلَو أَن مكَاتبا قَالَ لرجل حر أعتق عَبدك عني بِأَلف دِرْهَم فَأعْتقهُ الْحر جَازَ الْعتْق وَكَانَ الْعتْق عَن الْحر وَلَا يكون عَن الْمكَاتب وَلَا يلْزم الْمكَاتب المَال وَالْوَلَاء للْمولى الْحر وَكَذَلِكَ عبد تَاجر قَالَ لرجل حر أعتق عَبدك عني بِأَلف دِرْهَم فَفعل فَهُوَ حر عَن الْمُعْتق وَالْوَلَاء لَهُ وَلَا يكون حرا عَن العَبْد وَلَا يلْزم العَبْد المَال وَلَو أَن مكَاتبا قَالَ لمكاتب أعتق عَبدك هَذَا عني بِأَلف دِرْهَم فَفعل لم يجز ذَلِك وَلم يعْتق العَبْد وَلَا يلْزم الْآمِر من المَال شَيْء وَكَذَلِكَ عبد تَاجر قَالَ مثل ذَلِك لعبد تَاجر وَكَذَلِكَ مكَاتب قَالَ مثل ذَلِك لمكاتب أَو لعبد تَاجر أَو عبد قَالَ ذَلِك لمكاتب فَهُوَ سَوَاء وَأم الْوَلَد والمدبرة فِي ذَلِك سَوَاء
- بَاب العَبْد يعْتق بعضه
-
قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعتق الرجل نصف عَبده عتق نصفه واستسعاه فِي نصف قِيمَته وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمكَاتب مَا دَامَ يسْعَى فِي كل شَيْء من أمره فاذا أدّى السّعَايَة عتق وَكَانَ وَلَاؤُه لمَوْلَاهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أعتق نصف عَبده عتق كُله وَهُوَ وَهُوَ مر كُله وَوَلَاؤُهُ لمَوْلَاهُ وَلَا يجْتَمع فِي نفس وَاحِدَة عتق ورق وَالْأمة وَالْعَبْد فِي ذَلِك سَوَاء(4/232)
مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أَشْعَث بن سوار عَن الْحسن بن أبي الْحسن عَن على رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ يعْتق الرجل من عَبده مَا شَاءَ(4/233)
وَلَو أَن هَذَا العَبْد الَّذِي يسْعَى اشْترى عبدا فاعتقه على مَال أَو على غير مَال لم يجز ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة وَجَاز فِي قَول أبي يُوسُف وَلَو كَاتب عبدا جَازَ ذَلِك فِي قَول ابي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد فان أدّى الْمُكَاتبَة فَعتق قبل أَن يُؤَدِّي الأول السّعَايَة فان وَلَاء مكَاتبه فِي قَول أبي حنيفَة لمَوْلَاهُ وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد لَهُ وَلَو قَالَ هَذَا الَّذِي يسْعَى لرجل أعتق عَبدك عني على ألف دِرْهَم فَفعل كَانَ الْعتْق عَن الْمُعْتق وَالْوَلَاء لَهُ وَلَا يلْزم الَّذِي يسْعَى عتقا وَلَا وَلَاء وَلَا مَال فِي قَول ابي حنيفَة وَيلْزمهُ فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد
وَلَو مَاتَ ابْن لهَذَا الَّذِي يسْعَى حر وَترك مَالا وَلم يَرِثهُ شَيْء مِنْهُ فِي قَول أبي حنيفَة وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِن لم يكن لَهُ وَارِث أقرب مِنْهُ وَرثهُ كُله وَفِي قِيَاس قَول على رَضِي الله عَنهُ يَرث مِنْهُ النّصْف بِقدر مَا عتق مِنْهُ ويحرمه من الْمِيرَاث بِقدر مَا رق مِنْهُ(4/235)
أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ إِذا جنى جِنَايَة عقلت عَنهُ الْعَاقِلَة بِقدر مَا أعتق وَيسْعَى بِقدر مَا رق مِنْهُ وَلَيْسَ هَذَا القَوْل بِشَيْء
وَلَو أَن رجلا مَاتَ وَترك ابْنا نصفه حر وَابْن ابْن نصفه حر وَلَا وَارِث لَهُ غَيرهمَا فان مِيرَاثه فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد للِابْن كُله وَإِذا اعْتِقْ بعضه عتق كُله وَفِي قَول أبي حنيفَة لَا يَرث وَاحِد مِنْهُمَا شَيْئا مَا دَامَ عَلَيْهِمَا شَيْء من السّعَايَة وَفِي قِيَاس قَول على رَضِي الله عَنهُ للِابْن لصلبه النّصْف وَلابْن الابْن النّصْف وَلَو كَانَ لَهُ مَعَ هَؤُلَاءِ أَب حر كَانَ لَهُ السُّدس وَمَا بَقِي بَين هذَيْن فِي قِيَاس قَول على رَضِي الله عَنهُ وَلَو كَانَ لَهُ أَب حر كُله وَابْن نصفه حر كَانَ للْأَب السُّدس وللابن نصف مَا بَقِي وَنصفه للْأَب وَلَو كَانَ الْأَب نصفه حر وَنصفه عبد كَانَ للِابْن نصف المَال وَللْأَب نصفه وَلَو كَانَ جد أَبُو الْأَب نصفه حر وَأَخ نصفه حر كَانَ المَال(4/236)
بَينهمَا نِصْفَيْنِ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا لَو كَانَ حرا وَحده كُله أحرز الْمِيرَاث وَلَو كَانَ ابْنة نصفهَا حرَّة وَأُخْت لأَب نصفهَا حرَّة كَانَ للابنة الرّبع وَللْأُخْت الرّبع وَمَا بَقِي فللعصبة وَلَو كَانَ أُخْتَيْنِ لأَب وَأم نصفهما حر وَأُخْت لأَب كلهَا حرَّة فانه يكون للأختين للْأَب وَالأُم النّصْف وَللْأُخْت من الْأَب السُّدس وَمَا بَقِي فللعصبة فِي قِيَاس قَول على وَلَو كَانَ ثلث الْأُخْتَيْنِ للْأَب وَالأُم حر وَثلث الْأُخْت للْأَب حر كَانَ لَهُم جَمِيعًا نصف المَال لِأَن مَا عتق مِنْهُنَّ وَاحِدَة كَامِلَة لكل وَاحِدَة مِنْهُنَّ الثُّلُث وَلَو كَانَ مَعَهُنَّ أم نصفهَا حرَّة كَانَ لَهَا السُّدس وَلَو كَانَ ثلثاها حرَّة كَانَ لَهَا سدس وَثلث سدس وَلَو كَانَت كلهَا حرَّة كَانَ لَهَا الثُّلُث
وَلَو كَانَ ابْن نصفه حر وَابْنَة كلهَا حرَّة كَانَ للابنة نصف المَال(4/237)
وللابن نصف المَال وَلَو كَانَ نصف الِابْنَة حرَّة كَانَ لَهما جَمِيعًا ثَلَاثَة أَربَاع المَال للِابْن نصف المَال وللابنة ربع المَال وَلَو كَانَت ابْنة نصفهَا حرَّة وَابْنَة ابْن نصفهَا حر كَانَ لَهما نصف المَال للابنتين وَنصفه للِابْن وَلَو كَانَ ابْن نصفه حر وَأم نصفهَا حرَّة كَانَ للآم ثَلَاثَة أَربَاع السُّدس وللابن نصف المَال وَلَو كَانَ زوج نصفه حر كَانَ لَهُ الثّمن إِن كَانَ لَهَا ولد وَإِن لم يكن لَهَا ولد فَلهُ الرّبع وَإِن كَانَت امْرَأَة نصفهَا حر كَانَ لَهَا نصف الثّمن إِن كَانَ لَهُ ولد وَالثمن إِن لم يكن لَهُ ولد وعَلى هَذَا الْحساب يُؤْخَذ هَذَا الْبَاب على قَول على رَضِي الله عَنهُ ولسنا نَأْخُذ بِهَذَا وَلَكِن إِذا أعتق بعضه فقد عتق كُله وَهُوَ يَرث وَيُورث كَمَا يَرث الْحر
- بَاب العَبْد بَين اثْنَيْنِ
- وَإِذا كَانَ العَبْد بَين اثْنَيْنِ فَأعتق أَحدهمَا نصِيبه وَهُوَ غنى فان أَبَا حنيفَة رَحمَه الله كَانَ يَقُول شَرِيكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق كَمَا أعتق صَاحبه وَالْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فِي نصف قِيمَته وَالْوَلَاء(4/238)
بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِن شَاءَ ضمن شَرِيكه نصف قِيمَته وَيرجع شَرِيكه بِمَا ضمن على العَبْد وَيكون الْوَلَاء للْمُعْتق الأول وَلَو كَانَ الْمُعْتق الأول فَقِيرا كَانَ شَرِيكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق كَمَا أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَالْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَانِ
وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد الْوَلَاء كُله للْأولِ مُعسرا كَانَ أَو مُوسِرًا فان كَانَ مُوسِرًا ضمن نصف قِيمَته لشَرِيكه وَلَا يُخَيّر الشَّرِيك فان كَانَ فَقِيرا سعى العَبْد لشيريكه وَكَانَ الْوَلَاء للْأولِ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عتق الأول بِجعْل أَو بِغَيْر جعل أَو بكفارة أَو ببمين وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أمة فَهِيَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة العَبْد وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الموليان امْرَأَة ورجلا أَو امْرَأتَيْنِ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَت أمة بَين اثْنَيْنِ فدبرها أَحدهمَا فان الآخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دبر كَمَا دبر صَاحبه وَالْوَلَاء بَينهمَا إِذا مَاتَا وَإِن شَاءَ استسعاها فِي نصف قيمتهَا وَيسْعَى الآخر فِي نصف قيمتهَا وَالْوَلَاء بَينهمَا وَإِن شَاءَ ضمن الشَّرِيك إِن كَانَ غَنِيا فاذا مَاتَ الشَّرِيك عتق نصفهَا من الثُّلُث وسعت فِي نصف قيمتهَا وَالْوَلَاء لَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أعْتقهَا أَحدهمَا عَن دبر فَهِيَ مُدبرَة كلهَا وَعتق الثَّانِي فِيهَا بَاطِل وَالْمُدبر ضَامِن لنصف قيمتهَا غَنِيا كَانَ أَو فَقِيرا وَإِذا مَاتَ عتق من ثلثه وَالْوَلَاء كُله لَهُ
وَإِذا كَانَت أمة بَين رجلَيْنِ فَولدت فَادّعى أَحدهمَا الْوَلَد فَهُوَ ابْنة(4/239)
وَهُوَ ضَامِن لنصف قيمتهَا وَنصف الْعقر فَقِيرا كَانَ أَو غَنِيا فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وولاؤها إِذا أعتقت لمولاها أَب الْوَلَد فَأَما الْوَلَد فَلَا يكون لَهُ وَلَاء وَهُوَ بِمَنْزِلَة أَبِيه فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو كَانَت مُدبرَة بَين رجلَيْنِ ولدت فَادّعى أَحدهمَا الْوَلَد فَهُوَ ابْنه وَهُوَ ضَامِن لنصف عقرهَا وَنصف قيمتهَا لشَرِيكه وَنصف وَلَاء الْوَلَد لشَرِيكه وَالنّصف الآخر بِمَنْزِلَة الْأَب وللشريك فِي قَول أبي حنيفَة أَن يستسعى الْوَلَد فِي نصف قِيمَته وَكَذَلِكَ أم ولد بَين رجلَيْنِ ولدت ولدا فادعياه جَمِيعًا ثمَّ ولدت آخر فَادَّعَاهُ أَحدهمَا فَهُوَ ابْنه وَهُوَ ضَامِن لنصف قِيمَته إِن كَانَ غَنِيا وَنصف الْعقر وَنصف ولائه لشَرِيكه فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَإِذا أعتق رجلَانِ عبدا بَينهمَا الْبَتَّةَ ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا وَترك ابْنا وَمَات الآخر وَترك ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ الْمولى فان نصف ولائه للْبَاقِي وَنصفه للابنين وَلَو لم يكن لأَحَدهمَا ولد وَكَانَ لَهُ أَخ كَانَ مِيرَاث نصِيبه لِأَخِيهِ وَلَو كَانَ لأَحَدهمَا جد أَبُو اب كَانَ مِيرَاث نصِيبه لَهُ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهُ مولى يحرز مِيرَاثه لَا وَارِث لَهُ غَيره وَكَانَ(4/240)
وَلَاء نصِيبه لَهُ يَرث نصيب كل وَاحِد مِنْهُمَا عصبته من الرِّجَال وَلَا يَرث النِّسَاء من ذَلِك شَيْئا وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عبد بَين وَرَثَة نسَاء وَرِجَال فأعتقوا جَمِيعًا كَانَ الْوَلَاء بَينهم على قدر سِهَامهمْ فِيهِ فان مَاتَ أحدهم فانه يَرث نصِيبه من الْوَلَاء ورثته الرِّجَال دون النِّسَاء وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْعتْق وَقع بمكاتبة أَو بِيَمِين وَكَذَلِكَ رجلَانِ عَرَبِيّ وَمولى أعتقا جَمِيعًا عبدا بَينهمَا فان نصف ولائه لكل وَاحِد مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ امْرَأَة وَرجل وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَحدهمَا ذِمِّيا وَالْآخر مُسلما فأعتقاه جَمِيعًا فان الْوَلَاء بَينهمَا فان كَانَ الْمُعْتق مُسلما ثمَّ مَاتَ الْمولى بعد موَالِيه فان مِيرَاثه حِصَّة الْمُسلم لعصبة الْمُسلم وَحِصَّة الْكَافِر مِنْهُمَا إِن لم يكن لَهُ عصبَة مُسلمين لبيت المَال
وَإِذا كَانَ العَبْد بَين اثْنَيْنِ أَحدهمَا صَغِير وَالْآخر كَبِير فَأعتق الْكَبِير وَضمن للصَّغِير حِصَّته فان الْوَلَاء كُله للكبير
وَإِذا كَانَ العَبْد ذِمِّيا وَهُوَ بَين اثْنَيْنِ مُسلم وَكَافِر فأعتقاه جَمِيعًا ثمَّ مَاتَا ثمَّ مَاتَ الْمولى فان مِيرَاث الذِّمِّيّ مِنْهُمَا لأوليائه من أهل الذِّمَّة وَحِصَّة الْمُسلم من الْمِيرَاث لبيت المَال
- بَاب الْوَلَاء الْمَوْقُوف
- وَإِذا اشْترى الرجل عبدا وَقَبضه وَنقد الثّمن ثمَّ شهد أَن مَوْلَاهُ الَّذِي بَاعه قد كَانَ أعْتقهُ قبل أَن يَبِيعهُ فانه حر وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوف إِذا جحد(4/241)
البَائِع ذَلِك وَلَا يَرِثهُ وَاحِد مِنْهُمَا وَلَا يعقل عَنهُ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمولى الَّذِي اشْتَرَاهُ ذِمِّيا اشْتَرَاهُ من مُسلم أَو مُسلم اشْتَرَاهُ من ذمِّي وَكَذَلِكَ لَو كَانَ اشْتَرَاهُ من امْرَأَة أَو امْرَأَة اشترته من رجل أَو حر اشْتَرَاهُ من مكَاتب فَزعم أَنه كَاتبه قبل أَن يَبِيعهُ وَقبض مُكَاتبَته فَأعْتقهُ فانه حر وَلَا سَبِيل لوَاحِد مِنْهُمَا عَلَيْهِ وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوف وَإِن كَانَ عبد بَين اثْنَيْنِ فَشهد كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه أَنه أعْتقهُ فان أَبَا حنيفَة قَالَ يسْعَى لكل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف قِيمَته فقيرين كَانَا أَو غَنِيَّيْنِ وَالْوَلَاء بَينهمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَانَا غَنِيَّيْنِ فَلَا سِعَايَة لوَاحِد مِنْهُمَا عَلَيْهِ وَالْوَلَاء مَوْقُوف وَإِن كَانَا فقيرين سعى لكل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف قِيمَته وَإِن كَانَ غَنِي وفقير سعى للغني فِي نصف قِيمَته وَلَا يسْعَى للْفَقِير فِي شَيْء وَالْوَلَاء مَوْقُوف فِي جَمِيع ذَلِك لَا يرثونه وَلَا يعْقلُونَ عَنهُ وَإِذا كَانَت أمة فَشهد كل وَاحِد مِنْهُمَا أَنَّهَا ولدت من صَاحبه وَصَاحبه يُنكر فان أَبَا حنيفَة قَالَ يُوقف وَإِذا مَاتَ أَحدهمَا عتقت وولاؤها مَوْقُوف لَا يكون لوَاحِد مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَإِذا كَانَت أمة لرجل مَعْرُوفَة أَنَّهَا لَهُ فَولدت من آخر فَقَالَ رب الْأمة بعتكها بِأَلف وَقَالَ الآخر بل زوجتنيها بِمِائَة فان الْوَلَد حر وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوف وَالْجَارِيَة بِمَنْزِلَة أم الْوَلَد لَا بطأها وَاحِد مِنْهُمَا(4/242)
وَلَا يستخدمها وَلَا يستغلها فاذا مَاتَ أَبُو الْوَلَد عتقت وولاؤها مَوْقُوف وَيَأْخُذ البَائِع الْعقر قَضَاء من الثّمن وَإِذا أقرّ الرجل أَن اباه أعتق عَبده هَذَا فِي مَرضه أَو فِي صِحَّته وَلَا وَارِث لَهُ غَيره فان وَلَاء هَذَا مَوْقُوف فِي الْقيَاس وَلَا يصدق الابْن على الْأَب وَلَكِنِّي أدع الْقيَاس للْأَب وَلَاؤُه أستحسن ذَلِك إِذا كَانَ عصبتها وَاحِد وقومهما من حَيّ وَاحِدَة فان كَانَ الْأَب أعْتقهُ قوم وَالِابْن أعْتقهُ قوم آخَرُونَ فَالْولَاء مَوْقُوف وَلَو كَانَ مَعَه وَارِث غَيره فكذبه فاستسعى العَبْد فِي حِصَّته فان وَلَاء حِصَّته للَّذي استسعاه فِي قَول ابي حنيفَة وَوَلَاء حِصَّة الآخر للْمَيت وَأما فِي قَول ابي يُوسُف فولاء الَّذِي استسعاه مَوْقُوف وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَإِذا ورث رجلَانِ عبدا عَن ابيهما فَقَالَ أَحدهمَا أعْتقهُ فِي صِحَّته وَكذبه الآخر فان العَبْد يسْعَى للَّذي كذبه فِي نصف قِيمَته وَيكون وَلَاؤُه نصفه للْمَيت فِي قَول ابي حنيفَة وللذي استسعاه نصفه وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد للْمَيت نصفه وَنصفه مَوْقُوف(4/243)
وَإِذا كَانَ العَبْد بَين وَرَثَة رجال وَنسَاء فأقرت امْرَأَة مِنْهُم أَن الْمَيِّت أعْتقهُ وكذبها الْآخرُونَ فَهُوَ مثل بَاب الأول وَإِذا كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ فَقَالَ أَحدهمَا إِن لم يكن دخل الْمَسْجِد امس فَهُوَ حر وَقَالَ الآخر إِن كَانَ دخل أمس فَهُوَ حر وهما معسران فانه يعْتق وَيسْعَى فِي نصف قِيمَته بَينهمَا وَالْوَلَاء بَينهمَا فِي قَول ابي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف فان الْوَلَاء مَوْقُوف وَقَالَ مُحَمَّد يسْعَى فِي قِيمَته كَامِلَة بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَالْوَلَاء مَوْقُوف لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يزْعم أَن صَاحبه هُوَ الَّذِي حنث فَلَا يلْزم وَاحِدًا مِنْهُمَا الْحِنْث حَتَّى يعلم وَإِذا اشْترى الرجل العَبْد من رجل وَقَبضه وَنقد المَال ثمَّ أقرّ المُشْتَرِي أَن البَائِع أعْتقهُ قبل أَن يَبِيعهُ وَكذبه البَائِع فانه يعْتق وَيُوقف وَلَاؤُه فان صدقه البَائِع بعد ذَلِك رد الثّمن وَلَزِمَه الْوَلَاء وَكَذَلِكَ إِن صدقته ورثته بعد مَوته وَكَذَلِكَ لَو أقرّ المُشْتَرِي أَن البَائِع كَانَ دبره أَو أَنَّهَا كَانَت أمة فَولدت مِنْهُ فَلَا سَبِيل للْمُشْتَرِي عَلَيْهَا وَإِن جحد البَائِع ذَلِك فولاؤها مَوْقُوف فان مَاتَ البَائِع عتقت وولاؤها مَوْقُوف وَإِن صدق وَرَثَة البَائِع المُشْتَرِي لزم الْوَلَاء للْبَائِع ورد الثّمن أستحسن ذَلِك وأدع الْقيَاس فِيهِ وَلَو أَن رجلا فِي يَدَيْهِ عبد زعم أَنه قد بَاعه من فلَان وَأَن فلَانا قد أعْتقهُ وَكذبه فلَان فانه حر وَالْوَلَاء مَوْقُوف وَإِن صدقه فلَان(4/244)
على الشري وَالْعِتْق لزمَه الثّمن ولاولاء وَلَو أَن رجلا مَاتَ وَترك عبدا فَأقر الْوَرَثَة وهم كبار أَن الْمَيِّت أعْتقهُ أجزت ذَلِك وألزمت الْمَيِّت الْوَلَاء وكل وَلَاء مَوْقُوف فان مِيرَاثه يُوقف فِي بَيت المَال وجنايته عَلَيْهِ وَلَا يعقل عَنهُ بَيت المَال وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد رَحِمهم الله أجميعن
- بَاب وَلَاء اللَّقِيط
- وَإِذا كَانَ الرجل لقيطا أَو الْمَرْأَة أَو الصَّبِي التقطه رجل أَو امْرَأَة فَهُوَ حر وَوَلَاؤُهُ لبيت المَال وَهُوَ يعقل عَنهُ ويرثه وَلَا يشبه هَذَا الْوَلَاء الْمَوْقُوف الَّذِي سمينا قبله لِأَن هَذَا لَا يعرف لَهُ مولى نعْمَة وَذَلِكَ قد ينْسب إِلَى مُعتق وَكَذَلِكَ الرجل من أهل الذِّمَّة يسلم وَلَا يوالي أحدا فان ولاءه لبيت المَال وميراثه لَهُ وعقله عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو أعتق هَذَا الْمُسلم عبدا أَو أمة وَكَذَلِكَ اللَّقِيط يعْتق عبدا أَو أمة فان جِنَايَة هَؤُلَاءِ على بَيت المَال وميراثهم للَّذي أعتقهم فان كَانَ قد مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُم فميراثهم لبيت المَال وَكَذَلِكَ مُكَاتبَته إِذا أدّى فَعتق وَكَذَلِكَ رجل يسلم على يَدي اللَّقِيط ويواليه وَكَذَلِكَ الرجل(4/245)
من أهل الذِّمَّة يسلم على يَدي هَذَا الرجل الْمُسلم قبله فان جِنَايَته على بَيت المَال وميراثه لَهُ إِن كَانَ مَوْلَاهُ قد مَاتَ قبله وَلم يتْرك وَارِثا غَيره وَكَذَلِكَ عبد بَين اللَّقِيط وَبَين الرجل الْمَعْرُوف أعتقاه جَمِيعًا فان نصف ولائه للقيط وَنصفه للرجل وَنصف عقله على بَيت المَال وَنصفه على عَاقِلَة الرجل وَكَذَلِكَ هَذَا الْمُسلم من أهل الذِّمَّة يعْتق هُوَ وَرجل من الْعَرَب عبدا فللقيط أَن يوالي من شَاءَ فيعقل عَنهُ ويرثه وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمُسلم وَلَا يكون وَلَاء اللَّقِيط للَّذي التقطه إِلَّا أَن يواليه وَلَو أَن امْرَأَة لقيطة تزوجت رجلا لقيطا قد والى الرجل رجلا وَلم توال الْمَرْأَة أحدا ثمَّ ولدت فان وَلَاء وَلَدهَا لموَالِي ابيه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَبوهُ من أهل الذِّمَّة فَأسلم على يَدي رجل ووالاه وَلَو أَن رجلَيْنِ أَحدهمَا لَقِيط وَالْآخر من الْعَرَب تنَازعا صَبيا فَأَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا الْبَيِّنَة أَنه ابْنه قضيت بِهِ لَهما جَمِيعًا وَجَعَلته عَرَبيا لقيطا فان جنى جِنَايَة فعلى بَيت المَال نصفهَا وَنِصْفهَا على عَاقِلَة الْعَرَبِيّ وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة اسْلَمْ على يَدي رجل وَلم يواله كَانَ وَلَاؤُه لبيت المَال وعقله عَلَيْهِ وميراثه لَهُ فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَا يكون مولى للَّذي أسلم على يَدَيْهِ وَلم يواله
وَلَو أَن لقيطا من أهل الذِّمَّة أسلم كَانَ وَلَاؤُه لبيت المَال وعقله عَلَيْهِ وميراثه لَهُ(4/246)
- بَاب الرجل من أهل الذِّمَّة يعْتق مُسلما أَو ذِمِّيا
- وَإِذا أعتق الرجل من أهل الذِّمَّة عبدا أَو أمة كَانَ وَلَاؤُه لَهُ فان مَاتَ الْمُعْتق وَلَا وَارِث لَهُ غير الْمُعْتق هَذَا الورارث وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة أهل الْإِسْلَام وَلَو كَانَ الْمُعْتق يَهُودِيّا وَالْمُعتق نَصْرَانِيّا أَو كَانَ الْمُعْتق مجوسيا كَانَ وراثه لِأَن الْكفْر كُله مِلَّة وَاحِدَة يتوارثون وَلَا يَرِثُونَ الْمُسلمين وَلَا يورثونهم وَلَو أَن هَذَا الْمُعْتق أسلم كَانَ مِيرَاثه لبيت المَال وعقله على نَفسه إِلَّا أَن يكون لَهُ أَو لمواليه وَارِث مُسلم وَلَو كَانَ لمواليه أَخ مُسلم كَانَ هُوَ وَارثه وعقله على نَفسه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لمواليه ابْن عَم مُسلم قد والى رجلا وَأسلم على يَدَيْهِ كَانَ هُوَ وَارثه وعقله على نَفسه وَلَو أَن هَذَا الْمُعْتق والى رجلا واسلم على يَدَيْهِ لم يكن مَوْلَاهُ وَلَا يعقل عَنهُ وَلَا يَرِثهُ
وَلَو أَن مولى هَذَا الذِّمِّيّ الْمُعْتق أسلم بعد ذَلِك أَو قبل ذَلِك كَانَ سَوَاء وَكَانَ هَذَا الْمُعْتق هُوَ وَارثه ومولاه وَأهل الذِّمَّة فِي هَذَا مثل الْعَرَب أَلا ترى أَن الْمُعْتق لَو والى رجلا لم يكن مَوْلَاهُ وَلَو أسلم الْمُعْتق بعد ثمَّ والى آخر كَانَ مَوْلَاهُ(4/247)
وَلَو أَن نَصْرَانِيّا من نَصَارَى الْعَرَب أعتق عبدا لَهُ كَانَ مَوْلَاهُ وَإِن كَانَ العَبْد نَصْرَانِيّا فَأسلم على يَدي رجل ووالاه فانه لَا يكون مَوْلَاهُ وَلكنه مولى قَبيلَة مَوْلَاهُ الَّذِي أعْتقهُ وَإِن كَانَ الَّذِي أعْتقهُ من بني تغلب فَهُوَ تغلبي وَكَذَلِكَ نَصْرَانِيّ من بني تغلب أعتق عبدا مُسلما فالمعتق من بني تغلب ينْسب إِلَيْهِم وهم موَالِيه ويعقلون عَنهُ ويرثه الْمُسلمُونَ مِنْهُم أقرب النَّاس مِنْهُم إِلَى موَالِيه وَإِن والى غَيرهم لم يجز ذَلِك لَهُ وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أعتق عبدا من أهل الذِّمَّة ثمَّ أسلم عَبده على يَدي رجل ووالاه فَهُوَ مولى للَّذي أعتق هَذَا الْمُعْتق وَلَو كَانَ الْمُعْتق أمة فَهِيَ مولاته فان تحول بولائها إِلَى رجل آخر فَلَيْسَ لَهَا ذَلِك وَلَا تجوز الْمُوَالَاة فِي هَذَا وَلَيْسَ لَهُ أَن يتَحَوَّل إِلَى غَيرهم وَلَو كَانَ أعْتقهَا قبل أَن تسلم لم يكن لَهَا أَن تتحول إِلَى غَيره
وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أعتق أمة كَافِرَة ثمَّ اسلما جيمعا ووالت الْأمة رجلا ثمَّ إِن الْأمة مَاتَت وَلَا وَارِث لَهَا فان مِيرَاثهَا للَّذي أعْتقهَا وَلَا يكون للَّذي والاها وَلَو كَانَ لمولاها الَّذِي أعْتقهَا أَب مُسلم حر أَو ابْن مُسلم حر أَو كَافِر حر كَانَ هُوَ الْوَارِث وَأيهمَا أسلم قبل(4/248)
فَهُوَ سَوَاء وَلَو لم يكن نصراينا من بني تغلب أعتق أمة نَصْرَانِيَّة ثمَّ اسلما جَمِيعًا ووالت الْأمة رجلا ثمَّ مَاتَت فان مِيرَاثهَا لمولاها التغلبي وَالْعرب والعجم فِي هَذَا سَوَاء وَلَيْسَ لهَذِهِ الْأمة أَن توالي غير بني تغلب وَكَذَلِكَ مَوْلَاهَا لَو والى أحدا من الْعَرَب لم يجز ذَلِك وَلَا يكون مولى لَهَا وَهُوَ عَرَبِيّ وَكَذَلِكَ الَّذِي اعْتِقْ رجلا ذِمِّيا أَو مُسلما فَلَيْسَ للْمُعْتق أَن يوالي أحدا ابدا لِأَنَّهُ قد جرى فِيهِ عتق وَلَا يشبه الْعتْق فِي هَذَا غَيره
- بَاب الْمُسلم يعْتق الذِّمِّيّ
- مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَن أبي هِلَال الطَّائِي(4/249)
أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أعتق عبدا لَهُ نَصْرَانِيّا يدعى نحنس وَقَالَ لَو كَانَت على ديننَا لَا ستعنا بك على عَملنَا(4/250)
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن يحيى بن سعيد عَن إِسْمَعِيل بن أبي حَكِيم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه أعتق عبدا لَهُ نَصْرَانِيّا فَمَاتَ العَبْد وَترك مَالا قَالَ فَأمرنِي عمر بن عبد الْعَزِيز فأدخلت مَاله فِي بَيت المَال وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَأخْبرنَا مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن إِسْمَعِيل بن ابي خَالِد عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه قَالَ فِي الرجل يعْتق الرجل الْكَافِر ذمَّته ذمَّة موَالِيه لَا يُؤْخَذ مِنْهُ الْخراج وَقَالَ أَبُو حنيفَة يوضع عَلَيْهِ الْخراج(4/251)
وَلَا نَتْرُك رجلا من أهل الذِّمَّة مُقيما فِي دَار الْإِسْلَام لَيْسَ بِهِ زمانة لَا يُؤْخَذ مِنْهُ الْخراج وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو أَن مُسلما أعتق كَافِرًا ثمَّ إِن الْكَافِر اسْلَمْ على يَدي رجل ووالاه كَانَت موالاته بَاطِلَة وَهُوَ مولى للَّذي أعْتقهُ لَا يَزُول أبدا وَإِن كَانَ الَّذِي أعْتقهُ رجلا من أهل الأَرْض أسلم وَالْمُسلم وَالذِّمِّيّ فِي هَذَا سَوَاء إِذا أعْتقهُ فِي حكم الْإِسْلَام لم يتَحَوَّل عَنهُ وَلَاؤُه ابدا وَإِن والى الْمُعْتق رجلا فَهُوَ مَوْلَاهُ وَمولى مَوْلَاهُ وَله أَن يتَحَوَّل بولائه مَا لم يعقل عَنهُ وَلَيْسَ لمَوْلَاهُ أَن يتَحَوَّل وَلَو أَن مَوْلَاهُ الْمُعْتق رَجَعَ عَن الْإِسْلَام وَلحق بِالدَّار كَافِرًا كَانَ مَوْلَاهُ الْمُعْتق مولى لمواليه الَّذِي كَانَ والاهم وَلَا يَزُول أبدا وَلَا يتَحَوَّل وَلَو أَن عبدا كَافِرًا بَين مُسلم وكافرا أعتقاه جَمِيعًا فَاسْلَمْ على يَد رجل ووالاه فان نصف ولائه للْكَافِرِ لَا يتَحَوَّل وَحِصَّة الْمُسلم للْمُسلمِ وَلَو أَن مُسلما أعتق أمة مسلمة ثمَّ رجعت عَن الْإِسْلَام وَلَحِقت بِالدَّار فسبيت فاشتراها رجل فَأعْتقهَا كَانَت مولاة لَهُ وانتقض الْوَلَاء الأول للرق الَّذِي حدث فِيهَا(4/252)
وَإِذا أسلم الرجل الذِّمِّيّ ثمَّ أعتق عبدا مُسلما أَو ذِمِّيا أَو أعْتقهُ قبل إِسْلَامه ثمَّ أسلم العَبْد ووالى رجلا فان موالاته بَاطِل لَا يجوز أَن يوالي سوى الَّذِي أعْتقهُ ذِمِّيا كَانَ أَو مُسلما عَرَبيا كَانَ أَو أعجميا فان جنى جِنَايَة قبل إِسْلَام مَوْلَاهُ فانها عَلَيْهِ فِي مَاله وَإِن مَاتَ كَانَ مِيرَاثه للْمولى الَّذِي أعْتقهُ فان كَانَا مُسلمين جَمِيعًا
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَوْلَاهُ كَافِرًا وَله ابْن مُسلم أَو أَخ فانه يَرِثهُ وَلَا يَرِثهُ الَّذِي وَالَاهُ وكل عتق فِي دَار الْإِسْلَام وَحكم الْإِسْلَام فَلَيْسَ للْمُعْتق أَن يتَحَوَّل بولائه إِلَى أحد وَأهل الذِّمَّة فِي ذَلِك والعربي والعجمي سَوَاء
وَلَا يجوز بيع وَلَاء أهل الذِّمَّة وَلَا شِرَاؤُهُ وَلَا هِبته من عتق كَانَ أَو من موالاه
- بَاب الْعتْق فِي دَار الْحَرْب
-
وَإِذا أعتق الرجل من أهل الْحَرْب من أهل الْكفْر عبدا فِي دَار الْحَرْب ثمَّ إِن عَبده أسر فَاشْتَرَاهُ رجل فِي دَار الْإِسْلَام فَأعْتقهُ فان ولاءه للَّذي أعْتقهُ فِي دَار الْإِسْلَام وميراثه لَهُ إِذا أسلم وَلم يكن لَهُ وَارِث وعقله عَلَيْهِ وَالْعِتْق الأول فِي دَار الْحَرْب بَاطِل لَا يلْزمه بِهِ وَلَاء لِأَنَّهُ قد سبي وحرى عَلَيْهِ الرّقّ بعد ذَلِك وَقد بَطل الأول(4/253)
وَكَذَلِكَ لَو كَانَت امْرَأَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الَّذِي أعْتقهُ رجل من الْعَرَب من قَبيلَة من قبائل الْعَرَب وَالْعرب والعجم فِي هَذَا سَوَاء إِذا وَقع الرّقّ والسبي بَطل الْعتْق الأول وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أمْرَأَة أَعتَقته وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمُعْتق امْرَأَة أَو صَبيا فَهُوَ سَوَاء كُله وَكَذَلِكَ لَو كَانَ دبره فِي دَار الْحَرْب أَو كَانَت أمة وَقد ولدت لرجل من أهل الْحَرْب أَلا ترى أَنِّي أسبي أهل الْحَرْب وأجعلهم رَقِيقا فَكيف أُجِيز عتاقهم وَإِذا أعتق الرجل من أهل الْحَرْب عبدا ثمَّ خرجا مُسلمين فان للْعَبد أَن يوالي من شَاءَ وَلَا يكون للَّذي أعْتقهُ مُوالَاة لِأَنَّهُ أعْتقهُ فِي دَار الْحَرْب أَلا ترى أَنه لَو كَانَ سبي كَانَ عبدا فالعتق فِي دَار الْحَرْب بَاطِل وَلَو أَن الْمُعْتق والى رجلا كَانَ مَوْلَاهُ وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يتَحَوَّل بولائه مَا لم يعقل عَنهُ وَلَو أَن عبدا أسلم فِي دَار الْحَرْب ثمَّ خرج مُسلما فِي دَار الْإِسْلَام فَهُوَ حر وَله أَن يوالي من شَاءَ هُوَ بِمَنْزِلَة حر من أهل الْحَرْب جَاءَ مُسلما فَلهُ أَن يوالي من شَاءَ وَلَو أَن رجلا من اهل الْحَرْب خرج إِلَى دَار اسلام بِأَمَان وَاشْترى عبدا فِي دَار الْإِسْلَام وَأعْتقهُ ثمَّ رَجَعَ الْمولى إِلَى دَار الْحَرْب(4/254)
وَأسر وَجرى عَلَيْهِ الرّقّ فانه يكون عبدا وَأما الْمُعْتق فَهُوَ مولى للْمُعْتق أبدا لَا يتَحَوَّل إِلَى غَيره فاذا سبي مَوْلَاهُ ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق فان مِيرَاثه لبيت المَال وعقله على نَفسه وَلَا يعقل عَنهُ بَيت المَال لِأَن الْمُعْتق يعرف الَّذِي أعْتقهُ وَلَو جَاءَ الَّذِي أعْتقهُ مُسلما لِأَن الْعتْق فِي دَار الْحَرْب بَاطِل أَلا ترى أَن العَبْد لَو قهر مَوْلَاهُ وَخرج بِهِ كَانَ عبدا لَهُ فَكيف يكون الآخر مَوْلَاهُ وَالْعرب والعجم وَالنِّسَاء فِي هَذَا سَوَاء أَلا ترى أَنه لَو دبر عبدا فِي دَار الْحَرْب ثمَّ مَاتَ الْمولى كَانَ تَدْبيره بَاطِلا فان خرج العَبْد إِلَيْنَا مُسلما كَانَ حرا بِالْإِسْلَامِ وَالْخُرُوج الا ترى أَن الْمُعْتق لَو سبي واسلم كَانَ عبدا وَأَن عتق الْمولى لَا يَنْفَعهُ وَكَذَلِكَ أم ولد رجل من أهل الْحَرْب مَاتَ مَوْلَاهَا ثمَّ سبيت أَو جائتنا مسلمة
وَذَا دخل رجل من أهل الْحَرْب بِأَمَان مَعَه عبد فَأعْتقهُ فِي دَار الْإِسْلَام وَاشْترى عبدا فِي دَار الْإِسْلَام وَأعْتقهُ فان هَذَا جَائِز وَهُوَ مَوْلَاهُ لَا يتَحَوَّل أبدا إِلَى غَيره وَلَيْسَ للْمُعْتق أَن يوالي غَيره وَهَذَا بِمَنْزِلَة أهل الذِّمَّة فان رَجَعَ الْمولى إِلَى دَار الْحَرْب فان هَذَا الْمولى على حَاله لَيْسَ لَهُ أَن يوالي أحدا وَلَو كَانَ لهَذَا الْحَرْبِيّ عشيرة مُسلمُونَ كَانُوا هم يَرِثُونَ مَوْلَاهُ ويعقلون عَنهُ وَإِذا جَاءَ الْحَرْبِيّ مُسلما فان ولاءه لَهُ وَهُوَ يَرِثهُ وَإِن سبي(4/255)
الْحَرْبِيّ فَجرى عَلَيْهِ الرّقّ ثمَّ اعتقه مَوْلَاهُ الَّذِي وَقع فِي ملكه فان وَلَاء الْمُعْتق الأول على حَاله وَلَو كَانَ رجل من أهل الرّوم لَا عشيرة لَهُ دخل بِأَمَان فَاشْترى عبدا ثمَّ رَجَعَ إِلَى دَار الْحَرْب فَأسر ثمَّ أعتق فانه مولى للَّذي أعْتقهُ ومولاه مولى لَهُ على حَاله وَلَو لم يعْتق لم يكن لمَوْلَاهُ أَن يوالي أحدا وَلَو أَن رجلا مُسلما دخل دَار الْحَرْب بِأَمَان أَو حَرْبِيّ فَأسلم فِي دَار الْحَرْب ثمَّ أعتق عبدا اشْتَرَاهُ فِي دَار الْحَرْب ثمَّ اسْلَمْ عَبده فانه فِي الْقيَاس لَا يكون مَوْلَاهُ وَله أَن يوالي من شَاءَ وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يكون مَوْلَاهُ وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف أجعله مَوْلَاهُ اسْتحْسنَ ذَلِك وأدع الْقيَاس فِيهِ وَلَو أَن العَبْد الْمُعْتق لم يَأْتِ مُسلما وَلكنه سبي فَأعتق فِي دَار الْإِسْلَام كَانَ عتقه الآخر ينْقض عتقه الأول وَكَانَ مولى للْمُعْتق الآخر يَرِثهُ وَيعْقل عَنهُ وَحدثنَا مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن ابيه أَن ابا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أعتق سَبْعَة مِمَّن كَانَ يعذب فِي الله صُهَيْب وبلال وَسَمَّاهُمْ لنا فَهَذَا جَائِز وولاؤهم لأبي بكر رضوَان الله عَلَيْهِ(4/256)
قَالَ أَبُو حنيفَة ولاؤهم لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ لِأَنَّهُ أعتقهم قبل أَن يُؤمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقِتَالِ وَقبل أَن تكون مَكَّة دَار حَرْب
وبلغنا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أعتق زيد بن حَارِثَة رَضِي الله عَنهُ فَصَارَ مَوْلَاهُ وَهَذَا قبل الْهِجْرَة وَقبل فَرِيضَة الله تَعَالَى(4/258)
الْقِتَال فَهَذَا جَائِز فَكَذَلِك كل عتق كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة قبل الْإِسْلَام وَكَانَ بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة وَقبل أَن يُؤمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقِتَالِ وَإنَّهُ جَائِز وَإِنَّمَا افترق أَمر دَار الْحَرْب فِي دَار الْإِسْلَام حَيْثُ هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمر بِالْقِتَالِ وَجرى حكم الْإِسْلَام فِي دَار الْإِسْلَام فَصَارَ عتق أهل الشّرك وتدبيرهم بَاطِلا لَا يجوز وَإِذا دخل رجل من دَار الْحَرْب بِأَمَان إِلَى دَار الْإِسْلَام فَاشْترى عبدا وَأعْتقهُ ثمَّ رَجَعَ الْحَرْبِيّ إِلَى دَار الإسلارم فسبي فَاشْتَرَاهُ العَبْد فَأعْتقهُ فان وَلَاء الْمُعْتق الأول للْمُعْتق الآخر وَوَلَاء الآخر للْأولِ من قبل أَنه لَيْسَ لَهُ هَاهُنَا عشيرة يرجع وَلَاء مَوْلَاهُ إِلَيْهِم حَتَّى لحق بِالدَّار فَصَارَ وَلَاء مَوْلَاهُ لَهُ فَلَمَّا عتق كَانَ لَهُ على حَاله وَإِذا أسر أهل الْحَرْب عبدا مُسلما فَدَخَلُوا بِهِ دَار الْحَرْب فَاشْتَرَاهُ رجل مِنْهُم فاعتقه فان ابا حنيفَة قَالَ عتقه جَائِز وَهُوَ حر فان خرج العَبْد إِلَى دَار الْإِسْلَام فَهُوَ مولى لذَلِك الْحَرْبِيّ وَإِن اسر الْحَرْبِيّ فَاشْتَرَاهُ العَبْد فَأعْتقهُ فَهُوَ جَائِز وَالْوَلَاء لصَاحبه وَالْأول مولى للْآخر على حَاله(4/261)
وَالْآخر مولى للْأولِ وإيهما مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ وَرثهُ صَاحبه وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أبق إِلَيْهِم العَبْد فأحرزوه فباعوه وَاشْتَرَاهُ رجل فَأعْتقهُ فان عتقه بَاطِل وَلَا يكون الْآبِق كالأسير وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هما عندنَا سَوَاء وَإِذا دخل الْحَرْبِيّ إِلَيْنَا بِأَمَان فَاشْترى عبدا مُسلما فَادْخُلْهُ دَار الْحَرْب فان ابا حنيفَة قَالَ هُوَ حر وَلَا يكون وَلَاؤُه للَّذي أدخلهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يكون حرا فان أعْتقهُ الَّذِي ادخله فَهُوَ حر وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَإِن بَاعه من رجل من أهل الْإِسْلَام فَهُوَ عَبده وَقَالَ ابو حنيفَة لَا يحوز بَيْعه من قبل أَن العَبْد قد حل لَهُ قتل مَوْلَاهُ وَأخذ مَاله صَار حرا لذَلِك وَلَو أَصَابَهُ الْمُسلمُونَ فِي غنيمَة فان ابا حنيفَة قَالَ هُوَ حر وَلَا تجْرِي عَلَيْهِ السِّهَام وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ ابو حنيفَة إِذا اسْلَمْ عبد رجل من أهل الْحَرْب فان بَاعه من مُسلم عتق وَإِن اصابه الْمُسلمُونَ فِي غنيمَة عتق وَفِي قِيَاس قَوْله إِن بَاعه من حَرْبِيّ مثله عتق وَفِي قِيَاس قَوْله لَا يكون لَهُ وَلَاؤُه وَلَا يوالي من شَاءَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يعْتق فِي شَيْء من ذَلِك(4/262)
إِلَّا أَن يُصِيبهُ الْمُسلمُونَ فِي غنيمَة فَيعتق ويوالي من شَاءَ أَو يخرج إِلَى دَار الْإِسْلَام مراغما لمَوْلَاهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن أسلم مَوْلَاهُ قبل أَن يَبِيعهُ فَهُوَ عَبده على حَاله وَإِن أعْتقهُ وهما مسلمان جَمِيعًا فِي دَار الْحَرْب فان عتقه جَائِز لِأَنَّهُمَا مسلمان لَا يجْرِي على وَاحِد مِنْهُمَا السَّبي وَلَيْسَ هَذَانِ كمن وَصفنَا قبلهمَا وَإِذا خرج عبد من أهل الْحَرْب مُسلما إِلَى دَار الْإِسْلَام فانه يعْتق ويوالي من شَاءَ
حَدثنَا مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَن عَبْدَيْنِ خرجا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يحاصر أهل الطَّائِف فأعتقهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(4/263)
حَدثنَا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عبد الله بن(4/264)
ابي بكر أَن عبيدا من أهل الطَّائِف خَرجُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعْتقهُمْ فَلَمَّا أسلم أهل الطَّائِف كلموا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُولَئِكَ عُتَقَاء الله(4/265)
وَلَو أَن عبدا من أهل الْحَرْب خرج بِأَمَان فِي تِجَارَة لمَوْلَاهُ فَأسلم فِي دَار الْمُسلمين فان الإِمَام يَبِيعهُ ويمسك الثّمن على
مَوْلَاهُ وَلَو كَانَ اسْلَمْ فِي دَار الْحَرْب ثمَّ خرج فِي تِجَارَة لمَوْلَاهُ وَهُوَ مُسلم فَهُوَ مثل الأول فان خرج مراغما لمَوْلَاهُ فَهُوَ حر ويوالي من شَاءَ فان جني قبل أَن يوالي عقل عَنهُ بَيت المَال وميراثه لبيت المَال وَإِن عقل عَنهُ بَيت المَال ثمَّ أَرَادَ أَن يوالي أحدا بعد الْعقل فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك وَلَكِن لَهُ أَن يتَحَوَّل مَا لم يعقل عَنهُ وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أعتق عبدا فَأسلم عِنْده ثمَّ إِن الذِّمِّيّ نقض الْعَهْد وَلحق بدار الْحَرْب وَأخذ أَسِيرًا فَصَارَ عبدا لرجل وَأَرَادَ مَوْلَاهُ أَن يوالي رجلا لم يكن لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ مولى عتاقة فِي دَار الْإِسْلَام فَلَيْسَ لَهُ أَن يتَحَوَّل عَنْهَا وَإِن جنى جِنَايَة فَهُوَ يعقل عَن نَفسه وَإِن مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ وَرَثَة بَيت المَال فان عتق مَوْلَاهُ يَوْمًا فانه يَرِثهُ(4/266)
إِن مَاتَ وَهُوَ مُسلم لِأَنَّهُ مَوْلَاهُ وَإِن جنى جِنَايَة بعد ذَلِك فانه يعقل عَنهُ مَوْلَاهُ وَهُوَ وَارثه إِن مَاتَ
- بَاب وَلَاء الْمُرْتَد
- إِذا ارْتَدَّ الرجل عَن الْإِسْلَام ثمَّ أعتق عبدا فان أَبَا حنيفَة قَالَ إِذا أسلم فعتقه جَائِز وَالْوَلَاء لَهُ
وَقَالَ إِن قتل على ردته أَو لحق بدار الْحَرْب على ردته فعتقه بَاطِل وَيقسم العَبْد بَين الْوَرَثَة مَعَ مِيرَاثه وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد عتقه جَائِز على كل حَال وَالْوَلَاء لَهُ فان قتل أَو مَاتَ أَو لحق بدار الْحَرْب فان الْوَلَاء للرِّجَال من ورثته وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا ارْتَدَّت الْمَرْأَة عَن الْإِسْلَام ثمَّ اعتقت فان عتقهَا جَائِز وَالْوَلَاء لَهَا لِأَن الْمَرْأَة لَا تقتل
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا لحق الْمُرْتَد وَقسم مِيرَاثه بَين الْوَرَثَة ثمَّ مَاتَ مولى لَهُ قد كَانَ الْمُرْتَد أعْتقهُ قبل ردته فورثه الرِّجَال من ورثته دون النِّسَاء ثمَّ جَاءَ الْمُرْتَد تَائِبًا فانه يَأْخُذ مَا وجد من مِيرَاثه فِي يَدي ورثته قَائِم بِعَيْنِه فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَا يَأْخُذ مَا وجد من مِيرَاث مَوْلَاهُ
وَإِذا دبر الْمُرْتَد عبدا ثمَّ مَاتَ أَو قتل أَو لحق بدار الْحَرْب فان(4/267)
أَبَا حنيفَة قَالَ تَدْبيره بَاطِل لَا يجوز وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا قتل أَو مَاتَ وَالْعَبْد حر وَالْوَلَاء للرِّجَال من ورثته وَإِذا لحق بِالدَّار وَقضي بلحاقه فَالْعَبْد حر إِذا أعْتقهُ القَاضِي وَالْوَلَاء للرِّجَال من ورثته وَهَذَا قَول ابي حنيفَة إِذا دبره قبل الرِّدَّة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا ولدت أمة الْمُرْتَد فَهِيَ أم وَلَده فان مَاتَ أَو قتل أَو لحق بِالدَّار فَرفعت إِلَى السُّلْطَان أعْتقهَا وولاؤها للرِّجَال من ورثته اسْتحْسنَ فِي أم الْوَلَد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا لحق الْمُرْتَد بدار الْحَرْب فَرفع مِيرَاثه إِلَى الْحَاكِم وَله أُمَّهَات أَوْلَاد ومدبرون فان الْحَاكِم بِعِتْق أُمَّهَات اولاده الَّذين كن فِي الرِّدَّة وَقبلهَا وَيعتق مدبريه الَّذِي كَانُوا قبل الرِّدَّة وَلَا يعْتق مدبريه الَّذِي دبرهم فِي الرِّدَّة وَوَلَاء أُولَئِكَ المعتقين للرِّجَال من ورثته فان كَانَ لَهُ مكَاتب كَاتبه قبل الرِّدَّة فانقضي بمكاتبته بَين الْوَرَثَة فَإِذا أَدَّاهَا عتق وَكَانَ وَلَاؤُه للرِّجَال دون النِّسَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ مكَاتبا كَاتبه فِي الرِّدَّة رَددته رَقِيقا بَين الْوَرَثَة
وَقَالَ ابو حنيفَة إِن رَجَعَ الْمُرْتَد بعد قسْمَة الْمِيرَاث أَو بعد عتاق من ذكرنَا فان ذَلِك كُله مَاض عَلَيْهِ إِلَّا مَا وجد من الْمِيرَاث قَائِما بِعَيْنِه فانه يَأْخُذهُ وَوَلَاء المعتقين لَهُ وميراثهم لَهُ إِن مَاتُوا بعد خُرُوجه(4/268)
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن رَجَعَ الْمُرْتَد تَائِبًا قبل قسْمَة مِيرَاثه وَقبل عتق أُمَّهَات أَوْلَاده ومدبريه فانه لَا يعْتق وَاحِد مِنْهُم وهم رَقِيق على حَالهم وَلَا يقسم مِيرَاثه وَيدْفَع ذَلِك كُله إِلَيْهِ
وَإِذا مَاتَ الْمولى وَقد كَانَ الْمُرْتَد أعْتقهُ قبل الرِّدَّة وَالْمُرْتَدّ مُقيم على حَاله فِي الدَّار فانه يَرِثهُ الرِّجَال من عصبَة الْمُرْتَد دون النِّسَاء وَلَا يَرِثهُ الْمُرْتَد لِأَنَّهُ لَا يَرث كَافِر من مُسلم وَإِن أسلم الْمُرْتَد بعد ذَلِك لم يَأْخُذ من مِيرَاثه شَيْئا فان كَانَ للْمولى ابْنة قد ورثت أَبَاهَا مَعَ الْعصبَة ثمَّ مَاتَت الِابْنَة بعد إِسْلَام الْمُرْتَد كَانَ الْمُرْتَد يَرِثهَا دون الرِّجَال من ورثته وَهُوَ مَوْلَاهَا دونهم وَإِذا أعتقت امْرَأَة عبدا ثمَّ إِن الْمَرْأَة ارْتَدَّت عَن الاسلام أَو أَعتَقته فِي ردتها ثمَّ لحقت بدار الْحَرْب مرتدة على حَالهَا فسيت فاشتراها العَبْد فانها أمة لَهُ وتجبر على الاسلام وَوَلَاء العَبْد لقومها على حَاله فان أعْتقهَا العَبْد كَانَت مولاة لَهُ يَرِثهَا إِن مَاتَت وَلَا وَارِث لَهَا وَإِن مَاتَ العَبْد وَلَا وَارِث لَهُ فان الْمَرْأَة تَرثه لِأَنَّهَا أَعتَقته وَيعْقل عَنهُ قَومهَا الْأَولونَ وَلَو كَانَ اشْتَرَاهَا غير العَبْد فَأعْتقهَا وَكَانَ(4/269)
قَومهَا بني أَسد فَأعْتقهَا رجل من هَمدَان فانه يعقل عَن العَبْد بَنو أَسد لَا يتَحَوَّل أبدا وترثه الْمَرْأَة إِن لم يكن لَهُ وَارِث رَجَعَ يَعْقُوب عَن هَذَا وَقَالَ يعقل عَنهُ هَمدَان ويتحول إِلَيْهَا وَلَاؤُه حَيْثُ مَا تحولت وَهَذَا قَول مُحَمَّد وَإِذا كَانَت الْمَرْأَة من الْعَجم أسلمت وَلَا أهل لَهَا وَلَا قرَابَة فأعتقت عبدا بَعْدَمَا ارْتَدَّت عَن الْإِسْلَام ثمَّ لحقت بِالدَّار فسبيت فاشتراها رجل فَأعْتقهَا ثمَّ مَاتَ الْمولى فانها تَرثه فان جنى الْمولى جِنَايَة فانه يعقل عَنهُ قَومهَا الَّذين صَارَت مولاة لَهُم أَلا ترى أَنَّهَا لَو لم ترتد عَن الْإِسْلَام وَكَانَت على حَالهَا فسبي أَبوهَا فَاشْتَرَاهُ رجل فَأعْتقهُ أَن وَلَاء الْمَرْأَة وَوَلَاء مَوْلَاهَا يكون للَّذي أعتق الْأَب يعقل قومه عَنْهُم وَيَرِث مَوْلَاهَا إِن لم يكن لَهُ وَارِث غَيره وَلَو أَن امْرَأَة سبيت فاشتراها رجل فَأعْتقهَا ثمَّ اشترت عبدا فأعتقته ثمَّ رجعت عَن الْإِسْلَام وَلَحِقت بِالدَّار فسبيت فاشتراها رجل فَأعْتقهَا فان ولاءها لَهُ وَقد انْتقض الْوَلَاء الأول وَصَارَت مولاة لهَذَا الآخر وَلَو كَانَ مَوْلَاهَا مَاتَ فِي ردتها وَرثهُ مَوْلَاهَا الأول إِن لم يكن لَهُ وَارِث غَيره فان مَاتَ بعد مَا يعْتق أَو يسلم فانها تَرثه ويتحول وَلَاؤُه عَن مَوْلَاهَا الأول وقومها الْأَوَّلين يعْقلُونَ عَنهُ وَهِي تَرثه دونهم لِأَنَّهَا هِيَ الْمُعتقَة أَلا ترى أَنه لَو كَانَ لَهَا ابْن وَهِي ميتَة كَانَت تَرث مَوْلَاهَا(4/270)
هَذَا وَإِن كَانَ ابْنهَا من قوم آخَرين وعقل مَوْلَاهَا على قوم آخَرين وَكَذَلِكَ تَرثه بولائه ثمَّ رَجَعَ يَعْقُوب عَن هَذَا وَقَالَ يتَحَوَّل الْعقل إِلَى قَومهَا الآخرين وَهَذَا قَول مُحَمَّد وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أعتق عبدا فَأسلم العَبْد ثمَّ نقض الذِّمِّيّ الْعَهْد وَلحق بدار الْحَرْب فَأَرَادَ العَبْد أَن يوالي رجلا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ مُعتق وَلَا يتَحَوَّل وَلَاؤُه فان جنى جِنَايَة لم يعقل عَنهُ بَيت المَال وَكَانَت الْجِنَايَة عَلَيْهِ فِي مَاله فان مَاتَ وَترك مَالا وَرثهُ بَيت المَال لِأَنَّهُ لَا وَارِث لَهُ فان سبي مَوْلَاهُ فَاشْتَرَاهُ رجل فَأسلم عِنْده ثمَّ أعْتقهُ فان ولاءه للَّذي أعْتقهُ وَوَلَاء العَبْد الأول للذِّمِّيّ الَّذِي أعْتقهُ إِن مَاتَ وَرثهُ وَإِن جني جِنَايَة عقل عَنهُ قوم مَوْلَاهُ يتَحَوَّل إِلَيْهِم عَن بَيت المَال لِأَنَّهُ لم يكن لبيت المَال وَلَاء وَإِنَّمَا يَرث بَيت المَال عَمَّن لَا وَلَاء لَهُ وَيعْقل عَمَّن لَا عشيرة لَهُ من الْمُسلمين وَلَيْسَ من قبل أَنه مولى لَهُ وَلَكِن من قبل أَنه لَا عشيرة لَهُ وَلَا يَرِثهُ فاذا أعتق الَّذِي أعْتقهُ جر الْوَلَاء وَإِذا أسلمت امْرَأَة من أهل الذِّمَّة ثمَّ أعتقت عبدا ثمَّ رجعت عَن الْإِسْلَام وَلحق بدار الْحَرْب ثمَّ سبي أَبوهَا من دَار الْحَرْب كَافِرًا(4/271)
فَاشْتَرَاهُ رجل فَأعْتقهُ فَأَنَّهُ مَوْلَاهُ وَلَا يجر وَلَاء مَوْلَاهَا فان كَانَ مَوْلَاهَا الَّذِي أَعتَقته مُسلما فجني جِنَايَة فعقله على بَيت المَال وَإِن مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ وَرثهُ أَبوهَا وَإِن كَانَ لَهَا ابْن مُسلم وَرثهُ ابْنهَا وَإِن سبيت هِيَ فاشتراها رجل فَأعْتقهَا وَأسْلمت ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فانها تَرثه وَيرجع وَلَاؤُه إِلَيْهَا وَيعْقل عَنهُ قَومهَا الَّذين أعتقوه إِن جنى جِنَايَة وَإِن مَاتَت هِيَ ثمَّ مَاتَ الْمولى وَلها ابْن حر وَأب حر ومولاها الَّذِي أعْتقهَا فانه يَرِثهُ ابْنهَا وَلَا يَرِثهُ مَوْلَاهَا وَإِذا أعتق رجل من أهل الذِّمَّة عبدا مُسلما ثمَّ لحق الذِّمِّيّ بِالدَّار نَاقض للْعهد وَترك فِي دَار الْإِسْلَام بني عَم لَهُ من أهل الذِّمَّة ثمَّ مَاتَ الْمولى فانه يَرِثهُ بَيت المَال وَيعْقل عَن نَفسه إِن جنى جِنَايَة وَلَو اسْلَمْ ابْن عَم لمَوْلَاهُ قبل أَن يَمُوت العَبْد كَانَ هُوَ وَارِث العَبْد دون بَيت المَال وَلَو سبي الَّذِي أعْتقهُ فَاشْتَرَاهُ رجل فَأعْتقهُ وَأسلم فانه يرجع وَلَاء العَبْد إِلَيْهِ وَيعْقل عَنهُ قومه الَّذين أعتقوه أَلا ترى أَنه لَو جَاءَ مُسلما فوالي رجلا كَانَ مَوْلَاهُ وَكَانَ قومه يعْقلُونَ عَن العَبْد إِن جنى جِنَايَة فَكَذَلِك إِذا أعتق فَهُوَ أَجود فِي جر الْوَلَاء وَلَو أَن رجلا أسلم فِي دَار الْحَرْب وَكَانَ من أهل الْحَرْب أَو كَانَ مُرْتَدا فَأسلم ثمَّ أعتق عبدا مُسلما ثمَّ رجعُوا عَن الْإِسْلَام جَمِيعًا فأسرا ثمَّ(4/272)
أسلم العَبْد وَأبي الْمولى أَن يسلم فَقتل فان وَلَاء العَبْد للْمولى وَلَا يتَحَوَّل أبدا وَإِن كَانَت لَهُ عشيرة كَانَ عقله عَلَيْهِم وميراثه لعصبة الْمولى مِنْهُم وَإِن لم يكن لَهُ عشيرة فميراثه لبيت المَال وعقله عَلَيْهِ
- بَاب الْإِقْرَار بِالْوَلَاءِ
- وَإِذا كَانَ الرجل مولى فَأقر أَنه مولى لفُلَان مولى عتاقة وَجَاء آخر يَدعِيهِ أَنه مَوْلَاهُ مولى عتاقه وَلَا بَيِّنَة لوَاحِد مِنْهُمَا فانه يكون مولى للَّذي أقرّ لَهُ فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد ويرثه إِن اقر الْمولى بذلك وَيعْقل عَنهُ قومه وَكَذَلِكَ لَو أقرّ أَنه مَوْلَاهُ مولى مُوالَاة والعربي يقر بذلك فان كَانَ للْمولى ولد كبار فجحدوا ذَلِك وَقَالُوا أَبونَا مولى لفُلَان مولى عتاقة فان اباهم يصدق على نَفسه وَيكون مولى للْآخر إِذا ادّعى ذَلِك الْعَرَبِيّ الْمقر لَهُ وَكَذَلِكَ الْبِنْت هِيَ فِي هَذِه بِمَنْزِلَة الابْن والعتاقة فِي هَذَا والموالاة سَوَاء وَلَو كَانَ الْوَلَد صغَارًا كَانَ أبوهم مُصدقا عَلَيْهِم وَكَانُوا موَالِي لمواليه فان كَانَ لَهُم أم فَقَالَت أَنا مولاة فلَان عتاقة وَقَالَ الْأَب لست مولى لذَلِك وَقَالَ الْأَب أَنا مولى فلَان مولى عتاقة وَمولى الْأُم(4/273)
يصدقها وَمولى الْأَب يصدقهُ فان الْوَلَد مولى لموَالِي الْأَب وَلَا تصدق الْأُم وَكَذَلِكَ لَو قَالَت الْأُم أَنْت عبد فلَان وَقَالَ الْأَب بل كنت عبد فلَان فأعتقني وَصدقه فلَان فان القَوْل فِي ذَلِك قَول الْأَب وَالْولد مولى لمَوْلَاهُ وَلَو قَالَت الْمَرْأَة الْوَلَد وَلَدي من زوج غَيْرك وَكَانَ زَوجي مولى لمولاي وَقَالَ الزَّوْج بل هُوَ وَلَدي مِنْك فان القَوْل قَول الزَّوْج وَهُوَ مولي لموَالِي الزَّوْج وَلَا تصدق الْمَرْأَة وَلَو أَن امْرَأَة مولاة عتاقة مَعْرُوفَة لَهَا زوج مولى عتاقة ولدت الْمَرْأَة ولدا فَقَالَت وَلدته بعد عتقي بِخَمْسَة أشهر فَهُوَ مولي لموَالِي وَقَالَ الزَّوْج ولدتيه بعد عتقك لسنة فَهُوَ مولي لموَالِي فان القَوْل فِي هَذَا قَول الزَّوْج من قبل أَن الْمَرْأَة قد أقرَّت بِأَنَّهَا وَلدته وَهِي حرَّة فَلَا تصدق على جر الْوَلَاء وَإِذا كَانَ الرجل من الْعَرَب وَله زَوْجَة لَا تعرف ولدت مِنْهُ أَوْلَادًا ثمَّ أقرَّت أَنَّهَا مولاة لرجل وَادّعى ذَلِك الرجل فَهِيَ مصدقة على نَفسهَا فَأَما الْوَلَد فَيلْحق نسبهم بِالْأَبِ وَإِن قَالَت الْمَرْأَة أعتقني هَذَا الرجل وكذبها وَقَالَ هِيَ أمة لي فَهِيَ أمة لَهُ وَهَذَا مِنْهَا إِقْرَار بِالرّقِّ دَعْوَاهَا للرق من قبله إِقْرَار(4/274)
لَهُ بِالرّقِّ وَلَا يصدق على وَلَدهَا فان كَانَ فِي بَطنهَا ولد فَهُوَ حر وَمَا حملت بِهِ بعد ذَلِك فَهُوَ رَقِيق فِي قَول ابي يُوسُف وَلَا يصدقها على إِفْسَاد النِّكَاح وَلَو أقرَّت الْأمة بعد أَن يكذبها الزَّوْج وَإِن كَانَت الْمَرْأَة فِي يَديهَا ولد وَلَا يعرف ابوه فأقرت أَنَّهَا مولاة رجل مولى عتاقة وصدقها فانها لَا تصدق على الابْن فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَإِن قَالَت إِن زَوجي كَانَ عبدا أَو كَانَ رجلا من أهل الأَرْض أسلم فانها مصدقة على الْوَلَد فِي قَول أبي حنيفَة وَيتبع الْوَلَد أمه وَلَا تصدق فِي قَول أبي يُوسُف وَإِذا أقرّ الرجل عِنْد مَوته أَنه مولى لفُلَان ووالاه وَأسلم على يَدَيْهِ وَصدقه فلَان فانه يَرِثهُ إِن لم يكن لَهُ وَارِث وَكَذَلِكَ لَو قَالَ كنت عبدا لَهُ فأعتقني أَو لِأَخِيهِ فلَان فأعتقني أَو لِابْنِ عَمه فلَان فأعتقني أَو أسلمت على يَدي ابْن عَمه وواليته وَهَذَا وَارثه وَلَا وَارِث لَهُ غَيره وَصدقه الرجل وَادّعى ذَلِك فانه يَرِثهُ وَإِن برأَ من ذَلِك الْمَرَض فجني جِنَايَة عقل عَنهُ قومه(4/275)
وَإِذا أعتق رجل عبدا ثمَّ مَاتَ العَبْد فَأقر رجل أَن ذَلِك العَبْد أعْتقهُ وَصدقه الْمولى فانه وَارثه ومولاه يعقل عَنهُ وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أسلمت على يَدَيْهِ وواليته فَهُوَ سَوَاء وَإِذا اقر الرجل أَن فلَانا مولى لي فَقَالَ فلَان أَنا أَعتَقتك وَقَالَ الآخر بل أَنا أَعتَقتك فانه لَا يلْزم وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْء وَلَا يصدق وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه وَلَا يَمِين على وَاحِد مِنْهُمَا لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة النّسَب فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَإِذا أقرّ الرجل فَقَالَ أَنا مولى لفُلَان وَفُلَان أعتقاني جَمِيعًا وَأقر أَحدهمَا بذلك وَأنكر الآخر فان هَذَا الْمُنكر الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ استسعى العَبْد فِي نصف قِيمَته وَإِن شَاءَ أعْتقهُ وَكَانَ الْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِن شَاءَ ضمن صَاحبه إِن كَانَ غَنِيا وَكَانَ الْوَلَاء كُله لصَاحبه وَإِذا أقرّ الرجل أَن فلَانا مَوْلَاهُ أعْتقهُ ثمَّ قَالَ لَا بل فلَان أعتقني وادعياه جَمِيعًا فَهُوَ مولى للْأولِ مِنْهُمَا وَإِذا قَالَ أعتقني فلَان أَو فلَان وَادّعى كل وَاحِد مِنْهُمَا أَنه هُوَ الْمُعْتق فان هَذَا الْإِقْرَار بَاطِل لَا يلْزم العَبْد مِنْهُ شَيْء وَلَكِن(4/276)
يقر لأيهما شَاءَ أَو لغَيْرِهِمَا بِأَنَّهُ مَوْلَاهُ فَيجوز ذَلِك إِذا صدقه ذَلِك الْمولى وَكَذَلِكَ لَو أقرّ بذلك فِي مُوالَاة بِغَيْر عتاق وَإِذا أقرّ الرجل أَنه مولى لامْرَأَة أَعتَقته فَهُوَ جَائِز إِذا صدقته وَإِذا قَالَت لم أعتقك وَلَكِنَّك أسلمت على يَدي وواليتني فَهُوَ مولى لَهَا فان أَرَادَ التَّحَوُّل إِلَى غَيرهَا لم يكن لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ أقرّ أَنه مولى عتاقة فِي قَول ابي حنيفَة وَله أَن يتَحَوَّل فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَإِذا أقرّ الرجل أَنه اسْلَمْ على يَديهَا ووالاها وَقَالَت هِيَ بل أَعتَقتك فَهُوَ مَوْلَاهَا وَله أَن يتَحَوَّل عَنْهَا مَا لم يعقل عَنهُ قَومهَا وَهِي وارثته إِن لم يكن لَهُ وَارِث وَإِذا أقرّ الرجل أَن فلَانا أعْتقهُ وَقَالَ فلَان مَا أَعتَقتك وَلَا أعرفك وَلَا أَنْت مولى لي فاقر لآخر أَنه مَوْلَاهُ فَلَا يجوز ذَلِك فِي قِيَاس قَول ابي حنيفَة لِأَن الْوَلَاء بِمَنْزِلَة النّسَب أَرَأَيْت لَو قَالَ أَنا ابْن فلَان ثمَّ اراد بعد ذَلِك أَن ينْسب إِلَى آخر أَكنت أقبل مِنْهُ ذَلِك أرايت لَو شهد شَاهِدَانِ أَن فلَانا أعْتقهُ فَأعْتقهُ القَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثمَّ ادّعى أَحدهمَا أَنه أعْتقهُ وَأَنه مَوْلَاهُ واقر لَهُ العَبْد بذلك ألم يكن هَذَا بَاطِلا لَا يجوز أَرَأَيْت لَو قَالَ العَبْد أَنْت مولَايَ الَّذِي أعتقتني وَجَاء بِشَاهِدين على ذَلِك وَقَالَ الرجل مَا أَنْت مولاى وَلَا أعرفك وَمَا كنت عبدا لي(4/277)
قطّ فَلم يزك الشَّاهِدين ثمَّ ادّعى أَن آخر أعْتقهُ وَصدقه الآخر أَكنت أقبل ذَلِك مِنْهُ وَإِن لم يصدقهُ الآخر وَأقَام على ذَلِك شُهُودًا أَكنت أقبل شُهُوده لست أقبل شَيْئا من هَذَا بعد الدَّعْوَى الأولى فِي قَول ابي حنيفَة وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد يتَحَوَّل إِلَى غَيره إِذا صدقه بِالدَّعْوَى الَّذِي تحول إِلَيْهِ وَقد أنكر ذَلِك الأول وَإِذا مَاتَ رجل من الموَالِي وَترك ابْنا وَابْنَة فَادّعى رجل من الْعَرَب أَن أَبَاهُ أعتق الْمَيِّت وَهُوَ يملكهُ وَصدقه الابْن وَادّعى رجل آخر من الْعَرَب أَن اباه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وصدقته الِابْنَة فَكل وَاحِد مِنْهُمَا مولى للَّذي أقرّ أَنه مَوْلَاهُ وَلَو كَانَ ابْنَانِ أقرا بذلك كَانَ سَوَاء وَلَو كن بَنَات فأقررن جَمِيعًا بِمثل مَا أقرَّت بِهِ الابنتا إِلَّا وَاحِدَة أقرَّت لهَذَا الآخر فَكل فريق مِنْهُم موَالٍ للَّذي أقرُّوا لَهُ يعقل عَنْهُم ويرثهم إِن لم يكن لَهُ وَارِث
- بَاب عتق الْحمل
- وَإِذا أعتق الرجل مَا فِي بطن أمته فان ابا حنيفَة قَالَ إِن ولدت ولدا بعد قَوْله بِخَمْسَة أشهر أَو سِتَّة أشهر إِلَّا يَوْم فانه حر وَالْوَلَاء لَهُ(4/278)
فان ولدت بعد القَوْل لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا فانه لَا يعْتق وَهُوَ رَقِيق وَإِذا قَالَ الرجل لأمته مَا حملت بِهِ من حَبل فَهُوَ حر فَولدت بعد هَذَا القَوْل لأَقل من سِتَّة أشهر فانها لَا تعْتق لِأَنَّهَا كَانَت حَامِلا لَهُ يَوْم تكلم بِالْعِتْقِ وَإِنَّمَا يعْتق مَا حملت بِهِ بعد الْكَلَام وَإِن ولدت بعد الْكَلَام لسنة أَو لِسنتَيْنِ إِلَّا يَوْم فانه لَا يعْتق لِأَن الْحَبل لَا يعلم أَنه كَانَ بعد الْكَلَام أَو لم يكن وَلَو قَالَ مَا فِي بَطْنك حر ثمَّ قَالَ إِن حبلت فسالم غلامي حر فَولدت بعد القَوْل لسنة كَانَ القَوْل قَوْله فان أقرّ أَنَّهَا كَانَت حُبْلَى عتق مَا فِي بَطنهَا
وَإِذا أقرّ أَنه حَبل مُسْتَقْبل عتق سَالم وَلَو جائت بِهِ لأكْثر من سنتَيْن مُنْذُ يَوْم قَالَ هَذَا القَوْل عتق سَالم لِأَنَّهُ حَبل مستبقبل وَإِذا أوصى الرجل بِمَا فِي بطن أمته فُلَانُهُ فَأعْتقهُ الْمُوصى لَهُ بعد مَوته فان عتقه جَائِز وَهُوَ مَوْلَاهُ وَإِن ضرب إِنْسَان بَطنهَا فألقته مَيتا فان فِيهِ مَا فِي جَنِين الْحر وَهُوَ مِيرَاث لمَوْلَاهُ الَّذِي أعْتقهُ وَإِذا أوصى رجل عِنْد مَوته بِمَا فِي بطن أمته فُلَانُهُ لفُلَان فَأعْتقهُ الْمُوصى لَهُ بِهِ وَأعْتق الْوَارِث الْخَادِم وَأعْتق مولى الزَّوْج زوج هَذِه(4/279)
الْأمة فان وَلَاء الزَّوْج للَّذي أعْتقهُ وَلَا يجر وَلَاء الْخَادِم وَلَا وَلَاء وَلَدهَا وَوَلَاء الْخَادِم للَّذي أعْتقهَا وَوَلَاء وَلَدهَا للَّذي أعْتقهُ فان ضرب إِنْسَان بَطنهَا فألقته مَيتا فان فِيهِ مَا فِي جَنِين الْحرَّة وَذَلِكَ مِيرَاث لِأَبِيهِ وَأمه لِأَنَّهُمَا حران فان كَانَ عتقهما بعد الضَّرْبَة وَقبل أَن تسْقط فان الْغرَّة لمَوْلَاهُ الَّذِي أعْتقهُ وَإِن كَانَا أعتقا بعد مَا سقط فَهُوَ كَذَلِك أَيْضا لِأَن الْغرَّة قد وَجَبت للْمولى قبل أَن يعتقها وَلَو أَن رجلا أعتق أمة لَهُ وَزوجهَا مولى عتاقة فَولدت بعد الْعتْق لأَقل من سِتَّة أشهر فان وَلَاء الْوَلَد لموَالِي الْأُم لِأَن الْحَبل قد كَانَ فِي الرّقّ وَلَو ولدت بعد الرّقّ لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا فان الْوَلَاء لموَالِي الْأَب لِأَن الْحَبل قد كَانَ بعد الْعتْق وَلَو أَن الزَّوْج مَاتَ عَنْهَا أَو طَلقهَا اثْنَتَيْنِ ثمَّ أعْتقهَا الْمولى بعد ذَلِك ثمَّ جَاءَت بِولد لتَمام سنتَيْن وَالْآخر بعد ذَلِك بِيَوْم كَانَ كَذَلِك أَيْضا وَلَو طَلقهَا وَاحِدَة يملك الرّجْعَة ثمَّ أعْتقهَا مَوْلَاهُ ثمَّ جَاءَت ولد لتَمام سنتَيْن مُنْذُ يَوْم طَلقهَا الزَّوْج انْقَضتْ بِهِ الْعدة وَكَانَ الْوَلَاء لموَالِي الْأُم لِأَن الْعتْق وَقع عَلَيْهَا وَهِي حَامِل وَلَو جَاءَت بِهِ(4/280)
لأكْثر من سنتَيْن بِيَوْم كَانَت هَذِه رَجْعَة من الزَّوْج وَكَانَ الْوَلَاء لموَالِي الْأَب لِأَن الْعتْق عَلَيْهَا كَانَ وَكَانَ هَذَا الْحَبل حَادث بعد الْعتْق وَالطَّلَاق
وَإِذا أعتق الرجل مَا فِي بطن أمته فَولدت لتسعة أشهر فَقَالَت للْمولى قد أَقرَرت أَنِّي حَامِل بِقَوْلِك مَا فِي بَطْنك فَقَالَ الْمولي هَذَا جبل حَادث فَالْقَوْل قَول الْمولى وَلَا يعْتق وَلَو قَالَ الْمولى لأمته مَا فِي بَطْنك فَقَالَ الْمولى هَذَا حَبل حَادث فَالْقَوْل قَول الْمولى وَلَا يعْتق وَلَو قَالَ الْمولى لأمته مَا فِي بَطْنك حر ثمَّ بَاعهَا فَولدت لأَقل من سِتَّة أشهر بعد هَذَا القَوْل فان البيع فَاسد لَا يجوز وَعتق مَا فِي الْبَطن مَاض جَائِز وَلَو وَلدته لأكْثر من سِتَّة أشهر جَازَ البيع وَلم يعْتق وَإِذا أوصى رجل بِمَا فِي بطن أمته لرجل فَأعتق الْوَارِث الْأمة وَهِي حَامِل فانه جَائِز وولاؤها وَوَلَاء مَا فِي بَطنهَا لَهُ وَهُوَ ضَامِن لقيمة مَا فِي بَطنهَا يَوْم تَلد
- بَاب الْيَمين فِي الْوَلَاء
- وَإِذا ادّعى رجل على رجل فَقَالَ كنت عبدا لَك فأعتقني فَأَنا مَوْلَاك فَأنْكر الْمولى ذَلِك وَقَالَ أَنْت عَبدِي على حالك فانه يحلف فان حلف فَهُوَ عبد وَإِن نكل عَن الْيَمين فَهُوَ حر وَالْوَلَاء لَهُ وَكَذَلِكَ لَو ادّعى عتقا على مَال فَهُوَ مثل ذَلِك غير أَن المَال(4/281)
يلْزمه وَكَذَلِكَ لَو ادّعى مُكَاتبَة فَهُوَ مثل ذَلِك وَإِذا نكل عَن الْيمن ثمَّ أدّى الْمُكَاتبَة عتق وَكَانَ الْوَلَاء لَهُ وَإِن ادّعى حر وَلَاء على رجل من الْعَرَب فَقَالَ أَنْت مولَايَ كنت عبدا لَك فأعتقتني فَقَالَ الْعَرَبِيّ مَا كنت عبدا لي وَلَا أَعتَقتك فَقَالَ احْلِف فانه لَا يحلف فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة لِأَن الْوَلَاء بِمَنْزِلَة النّسَب وَكَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول لَا يحلف على نسب وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يحلف فِي ذَلِك كُله وَإِذا ادّعى الْعَرَبِيّ أَنه هُوَ الَّذِي أعْتقهُ وَجحد الْمولى الْوَلَاء فَأَرَادَ الْعَرَبِيّ أَن يسْتَحْلف الْمولى فَهُوَ مثل ذَلِك وَلَا يَمِين عَلَيْهِ فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَإِذا ادّعى رجل من الموَالِي على رجل من الْعَرَب أَنه أسلم على يَدَيْهِ ووالاه وَجحد الْعَرَبِيّ فَهُوَ مثل ذَلِك فان أَرَادَ أَن يستحلفه لم يكن لَهُ ذَلِك وَكَذَلِكَ لَو ادّعى الْمولى وَجحد الْعَرَبِيّ فَهُوَ مثل ذَلِك وَلَا يَمِين فِي ذَلِك وَالْمَرْأَة وَالرجل فِي ذَلِك سَوَاء
وَكَذَلِكَ لَو ادّعى على وَرَثَة ميت قد مَاتَ وَترك ابْنة وَترك مَالا(4/282)
فَقَالَ الْعَرَبِيّ أَنا مولى ابيك الَّذِي أَعتَقته ولي نصف مِيرَاثه مَعَك فَأَرَادَ يَمِينهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا يَمِين فِي الْوَلَاء وَلَا فِي الْعتْق وَلكنهَا تحلف مَا تعلم لَهُ فِي مِيرَاث أَبِيهَا حق وَلَا مِيرَاث فان حَلَفت بَرِئت من ذَلِك وَإِن نكلت عَن الْيَمين لَزِمَهَا ذَلِك فِي نصِيبهَا وَكَانَ لَهُ نصف نصِيبهَا فان لم يعلم لَهُ وَارِثا غَيرهَا كَانَ المَال بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِذا ادّعى رجل من الموَالِي على رجل من الْعَرَب أَنه مَوْلَاهُ الَّذِي اعتقه والعربي غَائِب ثمَّ بدا للْمولى وَادّعى ذَلِك على رجل آخر وَأَرَادَ استحلافة فانه لَا يسْتَحْلف لَهُ فِي قِيَاس قَول ابي حنيفَة من قبل وَجْهَيْن أَنه فِي الْوَلَاء وَأَنه قد ادّعى ذَلِك على غَيره وَإِذا أقرّ الْعَرَبِيّ الآخر بذلك وَقَالَ أَنْت مولَايَ فانه لَا يكون مَوْلَاهُ فِي قِيَاس قَول ابي حنيفَة من قبل أَنه أقرّ بذلك للْغَائِب فَقَالَ أَنْت مولَايَ أَلَيْسَ هُوَ أولاهما وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن قدم الْغَائِب فانكر الْوَلَاء فَهُوَ للْآخر فان ادّعى الْوَلَاء فَهُوَ أَحَق بِهِ(4/283)
وَإِذا ادّعى رجل من الْعَرَب على رجل مُسلم من أهل الأَرْض أَنه وَالَاهُ وَجحد الْمُسلم فَأَرَادَ استحلافه وَلَيْسَ لَهُ ذَلِك فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة فان أقرّ الْمُسلم بعد ذَلِك أَنه قد كَانَ وَالَاهُ فَهُوَ مَوْلَاهُ وَلَا يكون جحوده ذَلِك نقضا للولاء وَلَا رُجُوعا عَنهُ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمولى هُوَ الَّذِي ادّعى وَجحد الْعَرَبِيّ ثمَّ أقرّ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة فِي هَذَا وَلَو أَن رجلا مولى قتل رجلا خطأ فجَاء وَرَثَة الْمَقْتُول فَادعوا على قتيله أَنهم موَالِيه وَادعوا على رجل مِنْهُم أَنه أعْتقهُ قبل الْقَتْل فَجحد ذَلِك فارادوا استحلافه فَلَيْسَ لَهُم ذَلِك وَلَا ضَمَان على الْمولى وَلَا على الْعَاقِلَة وَإِن أقرّ الْمُعْتق بذلك لم يصدق على الْعَاقِلَة إِذا جَحَدُوا وَكَانَت الدِّيَة على الْقَاتِل فِي مَاله وَإِذا قتل رجلا رجلا خطأ فجَاء رجل فَادَّعَاهُ أَنه ولى الْمَقْتُول وَأَنه أعْتقهُ قبل الْقَتْل وَأَنه لَا وَارِث لَهُ غَيره وَأَرَادَ استحلاف الْقَاتِل على ذَلِك وَالْقَاتِل مقرّ بِالْقَتْلِ وَهُوَ يُنكر أَن يكون هَذَا مَوْلَاهُ ووارثه فانه لَا يسْتَحْلف على الْوَلَاء وَلكنه يستحلفه مَا يعلم لهَذَا فِي دِيَة فلَان الَّتِي عَلَيْك حَقًا فان حلف بَرِيء من ذَلِك وَإِن نكل عَن الْيَمين لزمَه ذَلِك(4/284)
- بَاب اللّعان فِي الْوَلَاء
- وَإِذا لَاعن الرجل بِولد فقضي القَاضِي بِاللّعانِ وألزم الْوَلَد أمه وَكبر الْوَلَد فان كَانَ من الْعَرَب فعقله على عَاقِلَة أمه وَإِن كَانَ من الموَالِي فعقله على موَالِي أمه وَوَلَاؤُهُ لَهُم وهم يَرِثُونَ إِن لم يكن لَهُ وَارِث فان أعتق ابْن الْمُلَاعنَة عبدا أَو أمه فان عقل هَذَا العَبْد أَو الْأمة إِن جني جِنَايَة على عَاقِلَة الْأُم وَإِن مَاتَ العَبْد وَلَا وَارِث لَهُ وَرثهُ أقرب النَّاس من الْأُم إِذا كَانَ الَّذِي أعْتقهُ قد مَاتَ وَأمه قد مَاتَت وَإِن كَانَ للْأُم ابْن ثمَّ مَاتَ الْمولى وَلَا وَارِث لَهُ غير ابْن الْأُم وَهُوَ أَخُو الْمُعْتق لأمه فانه يَرِثهُ الْمولى كَأَنَّهُ أَخُو الْمُعْتق لِأَبِيهِ وَأمه وَإِن كَانَ لَهُ أَخ وَأُخْت كَانَ مِيرَاث الْمولى للْأَخ دون الْأُخْت لَا يَرث النِّسَاء من ذَلِك شَيْئا وَإِن لم يكن لَهُ وَارِث غير أمه الْمُلَاعنَة لم يكن لَهَا من الْمِيرَاث شَيْء وَكَانَ الْمِيرَاث لأَقْرَب النَّاس مِنْهَا من الذُّكُور لِأَنَّهَا امْرَأَة وَلَا تَرث من الْوَلَاء إِلَّا مَا أعتقت فان كَانَ لَهَا مولى هُوَ الَّذِي أعْتقهَا فانه يَرِثهُ(4/285)
وَلَو أَن أَب الْملَاعن ادّعى الْوَلَد بعد اللّعان وَهُوَ حَيّ فَيثبت نسبه مِنْهُ رَجَعَ وَلَاء الْمولى إِلَى عَاقِلَة الْأَب فان كَانَ عَاقِلَة الْأُم عقلوا عَنهُ رجعُوا بذلك على عَاقِلَة الْأَب وَإِن كَانَ للِابْن مولى أسلم على يَدَيْهِ ووالاه رَجَعَ وَلَاؤُه إِلَى عَاقِلَة الْأَب وَإِن كَانَ عَاقِلَة الْأُم قد عقلوا عَنهُ رجعُوا بذلك على عَاقِلَة الْأَب ويتحول إِلَى عَاقِلَة الْأَب إِذا كَانَ الابْن حَيا يَوْم يَدعِيهِ الْأَب وَيضْرب الْأَب مَعَ ذَلِك الْحَد فان لم يكن الابْن حَيا لم يجز دَعْوَة الْأَب وَلَا يجر شَيْئا من هَذَا الْوَلَاء فان كَانَ الْوَلَد ابْن حَيّ فان الْوَلَاء يرجع إِلَى موَالِي الْأَب فِي ذَلِك كُله لِأَن هَاهُنَا ولدا يثبت نسبه وَلَو كَانَ الْوَلَد الَّذِي لَاعن بِهِ ابْنة فادعاها وَهِي حَيَّة ثَبت نَسَبهَا مِنْهُ وَرجع وَلَاء مواليها إِلَيْهِ وَإِن كَانَ قوم أمهَا قد عقلوا عَنْهَا رجعُوا بذلك على عَاقِلَة الْأَب فان كَانَت(4/286)
قد مَاتَت وَتركت ابْنا فَهُوَ مثل ذَلِك أَيْضا لِأَن هَاهُنَا ولدا مِنْهَا يكون الْملَاعن جده فِي قَول يَعْقُوب وَمُحَمّد وَأما فِي قَول أبي حنيفَة فَلَا يثبت النّسَب وَهُوَ بِمَنْزِلَة ابْن الْمُلَاعنَة إِذا مَاتَ وَلَا ولد لَهُ وَإِذا أعتق ولد الْمُلَاعنَة عبدا ثمَّ مَاتَ ثمَّ ادَّعَاهُ الْأَب الَّذِي لَا عَن بِهِ فانه لَا يصدق وَلَا يكون ابْنة وَلَا يتَحَوَّل وَلَاء العَبْد إِلَى موَالِي الْأَب لِأَنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا ولد يثبت نسبه من الْأَب وَإِذا لَاعن بولدين يَوْمًا وألزم الْولدَان الْأُم فَأعتق أَحدهمَا عبدا ثمَّ مَاتَ ثمَّ ادّعى الْأَب الْوَلَدَيْنِ جَمِيعًا وَأَحَدهمَا حَيّ فان نسبهما جَمِيعًا ثَابت مِنْهُ لِأَن أَحدهمَا حَيّ ويتحول وَلَاء العَبْد إِلَى عَاقِلَة الْأَب وَإِن كَانَ موَالِي الْأُم عقلوا عَنهُ رجعُوا بذلك على عَاقِلَة الْأَب
وَلَو كَانَت أمّهم مولاة عتاقة وأبوهم رجل أسلم من أهل الأَرْض فلاعنها ثمَّ ادعاهم بعد اللّعان فان هَذَا فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد لَا يتَحَوَّل ولاؤهم إِلَى موَالِي الْأَب لِأَن الْأُم مولاة عتاقة وَمَا أعتق الْوَلَد من(4/287)
عبد أَو أمة فانهم موَالِي موَالِي الْأُم وهم يعْقلُونَ عَنهُ ويرثونهم إِذا لم يكن لَهُم وَارِث غَيرهم وَإِن كَانَ الْأَب حَيا كَانَ هُوَ وَارِث الْمولى إِذا لم يكن لَهُم وَارِث غَيرهم وَإِن كَانَ ابْنه الَّذِي أعتقهم قد مَاتَ قبل ذَلِك لِأَنَّهُ أقرب إِلَى الابْن من عصبَة الْأُم وَيعْقل عَنهُ قوم الْأُم فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَأما فِي قَول ابي يُوسُف فهم موَالٍ لموَالِي الْأَب إِن كَانَ والى أحدا
كتاب الْقَوْم من الْعَرَب على قوم من الدهاقين
يواليهم عَن أنفسهم وَعَن غَيرهم ويوالي الْعَرَب الدهاقين لأَنْفُسِهِمْ ولغيرهم بوكالة مِنْهُم هَذَا كتاب لفُلَان وَفُلَان من فلَان وَفُلَان وَفُلَان من الدهاقين أَنا وَفُلَان وكلوا أَن نوالي قوما من الْعَرَب ونعاقدهم ونعاهدهم على الْوَلَاء لأَنْفُسِهِمْ وَلنَا وَإِن فلَانا وَفُلَانًا وكلوكم بِأَن توالوا لأنفسكم وَلَهُم من أَرَادَ الْمُوَالَاة من أهل الْإِسْلَام مِمَّن لَا عشيرة لَهُ وَلَا وَلَاء فصدقناكم بِهَذِهِ الْوكَالَة وصدقتمونا بِمَا ذكرنَا من وكَالَة فلَان(4/288)
وَفُلَان وَفُلَان وَإِنَّا واليناكم وعاقدناكم وعاهدناكم وجعلتم لنا عهد الله وميثاقه بِالْوَفَاءِ بذلك فَنحْن وَفُلَان وَفُلَان مواليكم وموالي فلَان وَفُلَان يجْرِي لكم علينا مَا يجْرِي للْمولى على مَوْلَاهُ من النُّصْرَة والحياطة والمعونة وَالْعقل وَالْعرض فِي الدِّيوَان والعداد وَالْحرم الَّذِي يجْرِي بَينهم وَبَين مواليهم وَيجْرِي لكم علينا مَا يجْرِي للموالي على مواليهم مِمَّا سمينا فِي كتَابنَا هَذَا من الْمَوَارِيث وَجعل كل فريق منا لأَصْحَابه الْوَفَاء بذلك وَشهد فلَان وَفُلَان وَفُلَان وَكَتَبُوا شَهَادَتهم جَمِيعًا وختموا فِي شهر كَذَا من سنة كَذَا
آخر كتاب الْوَلَاء كتبه أَبُو بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد الطلحي الْأَصْفَهَانِي فِي شهر الله الْمحرم سنة تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلَاته على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا أَجْمَعِينَ(4/289)
الْحَمد لله الْوَاحِد الْعدْل
// كتاب الْجِنَايَات
//
- بَاب جِنَايَة الْمُدبر
- مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ حَدثنَا ابْن ابي ذِئْب عَن مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أَبِيه عَن السلولى عَن معَاذ بن جبل أَن ابا عُبَيْدَة بن الْجراح جعل جِنَايَة الْمُدبر على سَيّده مُحَمَّد عَن أبن ابي ذِئْب عَن بشير معلم الْكتاب أَن عمر بن عبد الْعَزِيز جعل جِنَايَة الْمُدبر على سَيّده قَالَ وبلغنا عَن إِبْرَاهِيم وعامر أَنَّهُمَا قَالَا جِنَايَة الْمُدبر على مَوْلَاهُ(4/290)
قلت أَرَأَيْت الْمُدبر إِذا جني جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ مَال القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون على الْمولى قيمَة العَبْد إِلَّا أَن تكون قِيمَته أَكثر من عشرَة آلَاف فان كَانَ أَكثر من عشرَة آلَاف ضمن الْمولى عشرَة آلَاف إِلَّا عشرَة دَرَاهِم قلت لم لَا يضمن جَمِيع قِيمَته قَالَ لِأَن الْمولى يضمن الْأَقَل من الْجِنَايَة وَالْقيمَة يَعْنِي إِن كَانَت الْقيمَة يَوْم جنى أقل من الْجِنَايَة قضي بِالْقيمَةِ وَإِن كَانَت الْجِنَايَة أقل من الْقيمَة قضى بِالْجِنَايَةِ قلت فَلم ضمنته عشرلاة آلَاف إِلَّا عشرَة دَرَاهِم قَالَ لِأَن الْمُدبر لَو قتل لم يضمن قَاتله إِلَّا ذَلِك إِذا كَانَت قِيمَته أَكثر من عشرَة آلَاف دِرْهَم فَكَذَلِك إِذا قتل هُوَ لم يضمن مَوْلَاهُ أَكثر من ذَلِك قلت وَإِنَّمَا يضمن الْمولى مَا كَانَ يضمن قَاتله قَالَ
نعم قلت أرايت هَذَا الَّذِي ضمنت الْمولى فِي مَاله أم على عَاقِلَته قَالَ بل فِي مَاله قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ عبد فَلَا تضمن الْعَاقِلَة جِنَايَة العَبْد قلت فَلم لَا يكون جِنَايَة الْمُدبر فِي عُنُقه قَالَ لِأَن العَبْد لَا يلْزمه جِنَايَته(4/291)
فِي عُنُقه إِذا دبره مَوْلَاهُ بعد الْجِنَايَة أَو أعْتقهُ وَهُوَ لَا يعلم بِالْجِنَايَةِ فَكَذَلِك إِذا جنى وَهُوَ مُدبر لِأَن الْمولى حَال بَينه وَبَين الدّفع
قلت وَكَذَلِكَ الْمُدبر لَو جنى جِنَايَة خطأ دون النَّفس فَقطع يدا أَو نَحْو ذَلِك أَو جِرَاحَة قَالَ نعم قلت وَإِنَّمَا يضمن السَّيِّد الْأَقَل من الْجِنَايَة وَالْقيمَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مُدبرا جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ وَقِيمَته ألف ثمَّ زَادَت قِيمَته حَتَّى صَارَت أَلفَيْنِ ثمَّ جَاءَ ولي الْمَجْنِي عَلَيْهِ فخاصم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن السَّيِّد قِيمَته يَوْم جنى قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَت قِيمَته نقصت بعد الْجِنَايَة قَالَ نعم قلت وَلَا يلْتَفت إِلَى الزِّيَادَة فِي قِيمَته وَالنُّقْصَان وَيَقْضِي بِالْقيمَةِ يَوْم جنى وَينظر فان كَانَت الْقيمَة يَوْم جنى أقل من الْجِنَايَة قضيت بهَا وَإِن كَانَت الْجِنَايَة أقل قضيت بِالْجِنَايَةِ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْمُدبر إِذا جنى جِنَايَة خطأ ثمَّ مَاتَ الْمُدبر قَالَ الْجِنَايَة على السَّيِّد كَمَا ذكرت لَك وَلَا ألتفت إِلَى موت الْمُدبر وَلَا حَيَاته قلت وَلم ذَلِك قَالَ لِأَن ذَلِك لَيْسَ فِي عُنُقه وَإِنَّمَا هُوَ دين على الْمولى قلت أَرَأَيْت إِن اخْتلف الْمولى وَصَاحب الْجِنَايَة فِي العَبْد(4/292)
فَقَالَ الْمولى كَانَت قِيمَته مائَة دِرْهَم وَقَالَ صَاحب الْجِنَايَة كَانَت قِيمَته ألفا قَالَ القَوْل قَوْله إِلَّا أَن يدعى الْمولى الْأَقَل من قِيمَته يَوْم يظْهر أَمرهمَا فِي الْجِنَايَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَيَعْقُوب وَمُحَمّد إِذا قتل العَبْد خطأ وَقِيمَته عشرَة آلَاف أَو أَكثر فَفِيهِ خَمْسَة آلَاف إِلَّا عشرَة مَا يقطع فِيهِ السَّارِق وَينْقص ذَلِك من دِيَة الرجل وَالْمَرْأَة وَيَقْضِي بهما جَمِيعًا وَبَطل من كل قِيمَته عشرَة دَرَاهِم فِي النَّفس وَقَالَ يَعْقُوب لَو قطعت يَد العَبْد فَصَالح على عشرَة آلَاف دِرْهَم فَانِي أرد من الصُّلْح أحد عشر درهما وَقَالَ فِي الْأمة إِذا قطعت يَدهَا خطأ فَصَالح الْمولى على خَمْسَة آلَاف جَازَ من ذَلِك خَمْسَة آلَاف إِلَّا أحد عشر درهما وَقَالَ مُحَمَّد فِي العَبْد أعطي مَوْلَاهُ بِالْجِنَايَةِ فِي يَد العَبْد خَمْسَة آلَاف إِلَّا خَمْسَة دَرَاهِم وأعطيه فِي الْأَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة إِلَّا خَمْسَة دَرَاهِم لَا أجعَل دِيَة العَبْد أَكثر من دِيَة الْحر يَد الْحر وَالْأمة كَذَلِك إِلَّا أَنِّي أنقص درهما فِي الْألف من دِيَة العَبْد وأنقص درهما فِي الْألف من أرش دِيَة الْأمة(4/293)
قلت أَرَأَيْت إِن اخْتلفَا الْمولى وَصَاحب الْجِنَايَة فِي العَبْد فَقَالَ الْمولى كَانَت قِيمَته مائَة دِرْهَم وَقَالَ صَاحب الْجِنَايَة كَانَت قِيمَته ألفا قَالَ القَوْل قَول الْمولى وَالْبَيِّنَة على صَاحب الْجِنَايَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْجِنَايَة على السَّيِّد وَصَاحب الْجِنَايَة هُوَ الْمُدَّعِي فَالْقَوْل قَول الْمولى قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْمُدبر جنى وَقد كَانَ أقرّ صَاحب الْجِنَايَة أَنه جنى عَلَيْهِ مُنْذُ سنة وَادّعى أَن قِيمَته يَوْم جنى كَانَت أَلفَيْنِ وَقِيمَته الْيَوْم ألف قَالَ نعم وَلَا يصدق صَاحب الْجِنَايَة وَالْقَوْل قَول الْمولى إِذا كَانَ الْأَمر على مَا ذكرت قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ صَاحب الْجِنَايَة لم تزل قِيمَته الْفَا حَتَّى السَّاعَة وَقَالَ السَّيِّد كَانَت قِيمَته يَوْم جنى أقل وَلَا يعلم مَتى كَانَت الْجِنَايَة قَالَ لَا يصدق السَّيِّد وَيلْزمهُ الْقيمَة على مَا قَالَ الْيَوْم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْقيمَة قد لَزِمت الْمولى فَلَا يصدق إِلَّا أَن يُقيم الْبَيِّنَة قلت فان أَقَامَ الْبَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَتِهِ قَالَ نعم وفيهَا قَول آخر قَول مُحَمَّد أَن الْمَجْنِي عَلَيْهِ إِذا أقرّ أَن الْجِنَايَة كَانَت قبل الْيَوْم فِي وَقت لَا يدْرِي كم كَانَت قِيمَته يَوْمئِذٍ فَالْقَوْل قَول السَّيِّد لِأَن الْجِنَايَة(4/294)
إِنَّمَا تلْحق السَّيِّد فِيهَا قيمَة الْمُدبر يَوْم جنى وَلَيْسَ يلْزمه قِيمَته يَوْم يختصمون فَالْقَوْل قَول الْمولى فِي قِيمَته فِي الْيَوْم الَّذِي كَانَت فِيهِ الْجِنَايَة لِأَن الْمُدبر قد تزيد قِيمَته وَقد تنقص وَهَذَا قَول ابي يُوسُف الآخر رَجَعَ إِلَيْهِ وَترك قَوْله الأول
قلت أرايت مُدبر جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ فَأدى مَوْلَاهُ قِيمَته بِقَضَاء قَاض ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد ذَلِك وَهِي مثل الْجِنَايَة الأولى مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ لَيْسَ على الْمولى شَيْء وَيتبع صَاحب الْجِنَايَة الْآخِرَة الأول الَّذِي أَخذ الْقيمَة فيشركه فِيهَا فِيمَا أَخذ مِنْهَا فَتكون بَينهمَا نِصْفَانِ قلت وَلم لَا يكون على الْمولى شَيْء قَالَ لِأَنَّهُ لَا يلْزمه بعد الْقيمَة الأولى شَيْء إِذا أَدَّاهَا لِأَن دَفعه الْقيمَة بِمَنْزِلَة دَفعه العَبْد لَو كَانَ يقدر على دَفعه
قلت أَرَأَيْت إِن لم يقدر على الَّذِي أَخذ الْقيمَة مِنْهُ أَيكُون على الْمولى شَيْء قَالَ لَا قلت فَمَتَى قدر على الَّذِي أَخذ الْقيمَة شركه فِيمَا أَخذ مِنْهُ قَالَ نعم
قلت فان مَاتَ وَترك مَالا أَيكُون نصف الْقيمَة دينا عَلَيْهِ فِي مَاله قَالَ نعم(4/295)
قلت أَرَأَيْت إِن جنى الْمُدبر بعد ذَلِك جِنَايَة أُخْرَى أَيكُون على السَّيِّد شَيْء
قَالَ لَا وَلَكِن يتبع الَّذين أخذا الْقيمَة فيشركهما فِي مَا فِي أَيْدِيهِمَا فَتكون الْقيمَة بَينهم على قدر الْجِنَايَة قلت وَكَذَلِكَ مَا جنى الْمُدبر بعد ذَلِك فانما يتبع الَّذين أخذُوا الْقيمَة وَإِن كثر ذَلِك قَالَ نعم قلت وَإِنَّمَا تقسم الْقيمَة بَينهم على قدر الْجِنَايَة فَيعْطى كل إِنْسَان بِحِصَّتِهِ قَالَ نعم قلت فان جنى على إِنْسَان وَأخذ جنايتين أَو جنايات وجنى على آخر أيضرب صَاحب الْجِنَايَات فِي الْقيمَة بجيمع الْجِنَايَات قَالَ نعم قلت أرايت إِن كَانَت قيمَة الْمُدبر عشرَة آلَاف أَو أَكثر فغرم الْمولى عشرَة آلَاف إِلَّا عشرَة دَرَاهِم بكم يضْرب ولى الْقَتِيل وَصَاحب الْجراحَة فِيهَا قَالَ يضْرب صَاحب الدِّيَة بِجَمِيعِ الدِّيَة وَيضْرب صَاحب الْجراحَة بالجراحة قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت لوَاحِد جراحات أَو ديات ضرب بجميعها قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مُدبرا قتل لارجلا خطأ وَقِيمَته ألف دِرْهَم فزادت قِيمَته حَتَّى صَارَت الفين ثمَّ قتل آخر بعد ذَلِك خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يغرم الْمولى أَلفَيْنِ فَيكون ألفا مِنْهَا لولى الْقَتِيل الآخر خَاصَّة وَتَكون الْألف الْأُخْرَى يضْرب فِيهَا الأول بِعشْرَة آلَاف وَيضْرب(4/296)
فِيهَا الآخر بِتِسْعَة آلَاف قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَنَّهُ جنى على الأول وَقِيمَته ألف وجنى على الآخر وَقِيمَته الفان فالفضل للْآخر وَصَارَت الْقيمَة الأولى بَينهمَا على مَا ذكرت لَك
قلت أرايت إِن نقصت قِيمَته حَتَّى صَارَت خَمْسمِائَة ثمَّ جنى الثَّانِي مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن الْمولى ألفا فَيكون خَمْسمِائَة مِنْهَا للْأولِ وَيكون الْخَمْسمِائَةِ الْبَاقِيَة بَينهمَا يضْرب فِيهَا الأول بِعشْرَة آلَاف إِلَّا خَمْسمِائَة وَيضْرب فِيهَا الآخر بِعشْرَة آلَاف كلهَا قلت وَيكون فضل الْقيمَة إِذا زَادَت للْآخر وَإِذا نقصت كَانَ الْفضل للْأولِ وَقسمت مَا بَقِي على مَا ذكرت لَك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِذا زَادَت الْقيمَة أَو نقصت ثمَّ جنى أُخْرَى كَانَ الْأَمر على هَذَا النَّحْو قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مُدبرا قتل رجلا خطأ فَأدى مَوْلَاهُ قِيمَته وَهِي ألف دِرْهَم ثمَّ زَادَت قِيمَته ألفا ثمَّ قتل آخر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يغرم الْمولى ألفا للأخر وَيتبع الآخر الأول فَيكون مَا فِي يَدَيْهِ بَينهمَا على مَا ذكرت لَك فِي الْبَاب الأول قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قِيمَته نقصت ثمَّ قتل الثَّانِي قَالَ لَا شَيْء على الْمولى فِي هَذَا الْوَجْه وَيتبع الآخر الأول فَينْظر إِلَى فضل الْقيمَة يَوْم جنى على الأول وَالْقيمَة الْيَوْم فَيكون ذَلِك للْأولِ خَاصَّة وَلَهُمَا مَا بَقِي بَينهمَا يضْرب فِيهَا الآخر(4/297)
بِعشْرَة آلَاف وَالْأول بِعشْرَة آلَاف إِلَّا فضل مَا أَخذ من الْقيمَة قلت وَكَذَلِكَ إِن قتل آخر فَهُوَ على هَذَا النَّحْو قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مُدبرا قتل رجلا خطأ وَقِيمَته ألف فَأعْطى الْمولى ألفا بِغَيْر أَمر القَاضِي ثمَّ قتل الْمُدبر آخر بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يغرم السَّيِّد خَمْسمِائَة وَيرجع السَّيِّد بذلك على الأول قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد قد دفع الْقيمَة بِغَيْر أَمر قَاض وَقد كَانَ وَجب فِيهَا لهَذَا حق قلت فَهَل للْآخر أَن يتبع الأول ويدع السَّيِّد قَالَ نعم يتبع أَيهمَا شَاءَ قلت أرايت إِذا فعلوا ذَلِك بِغَيْر قَضَاء قَاض ثمَّ قتل آخر بعد ذَلِك الْيَوْم قَالَ يغرم السَّيِّد ثلث قِيمَته لهَذَا الآخر وَيرجع بهَا على الْأَوَّلين قلت وَكَذَلِكَ إِن جنى على آخر ضمن حِصَّته من الْقيمَة ثمَّ يرجع بهَا عَلَيْهِم قَالَ نعم قلت أرايت إِن دفع السَّيِّد الْقيمَة إِلَى الأول بِغَيْر أَمر القَاضِي ثمَّ جَاءَ الثَّانِي فغرم نصف الْقيمَة بِأَمْر القَاضِي ثمَّ قتل آخر بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ تكون الْقيمَة بَينهم أَثلَاثًا وَيتبع الآخر الْأَوَّلين بِثلث الْقيمَة كل وَاحِد بِنصْف ذَلِك وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي ذَلِك الَّذِي يتبع بِهِ الأول من ذَلِك إِن شَاءَ أَخذ مِنْهُ وَإِن شَاءَ أَخذ من الْمولى فان أَخذ من الْمولى رَجَعَ بِهِ الْمولى على الأول قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ دفع ذَلِك إِلَى الأول بِغَيْر أَمر القَاضِي قلت وَكَذَلِكَ إِن جنى بعد ذَلِك كَانَ على(4/298)
هَذَا النَّحْو قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن قتل رَابِعا يضمن الْمولى ثلث ربع الْقيمَة وَيرجع بذلك على الأول قَالَ نعم قلت وَلَا يضمن حِصَّة الآخرين قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن القَاضِي قد قضي بذلك عَلَيْهِ وَأما الأول فانه يضمن حِصَّته مِمَّا يُصِيب الآخر لِأَنَّهُ كَانَ دفع إِلَيْهِ بِغَيْر أَمر القَاضِي وكل شَيْء جنى بعد ذَلِك فَهُوَ على هَذَا النَّحْو
قلت أَرَأَيْت مُدبرا قتل رجلا خطأ وَقِيمَته ألف فَأعتق السَّيِّد العَبْد وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ هَل يضمن الدِّيَة قَالَ لَا وَالْعِتْق وَغَيره فِي هَذَا سَوَاء وَالْأَمر كَمَا ذكرت لَك
قلت أَرَأَيْت مُدبرا قتل رجلا خطأ وفقا عين آخر فضمن الْمولى الْقيمَة كَيفَ الْقيمَة بَينهمَا قَالَ على ثَلَاثَة أسْهم الثُّلُثَانِ من ذَلِك لصَاحب النَّفس وَالثلث لصَاحب الْعين وَهَذَا قَول ابي حنيفَة فِي الدّفع بِغَيْر قَضَاء قَاض أَنه يُخَيّر صَاحب الْجِنَايَة فان شَاءَ ضمن الْمولى وَإِن شَاءَ ضمن الْقَابِض وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا دفع الْمولى الْقيمَة بِأَمْر القَاضِي أَو بِغَيْر أمره فَهُوَ سَوَاء وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي شَيْء من ذَلِك لِأَنَّهُ إِنَّمَا دفع حَقًا لَازِما قد وَجب يَوْم دَفعه وَلم يجب للثَّانِي يَوْمئِذٍ فِيهِ حق وَكَذَلِكَ قَول مُحَمَّد ابْن الْحسن
- بَاب مَا يحدث الْمُدبر فِي الطَّرِيق
- قلت أَرَأَيْت مُدبرا حفر بِئْرا فِي الطَّرِيق فَوَقع فِي الْبِئْر رجل(4/299)
فَمَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن مَوْلَاهُ قِيمَته قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة مَا جنى بِيَدِهِ قلت وَالْأَمر فِي هَذَا مثل مَا ذكرت فِي الْقَتْل إِذا قتل خطأ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا أدّى الْمولى قِيمَته ثمَّ وَقع فِيهَا آخر بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ تكون الْقيمَة الَّتِي أَخذ الأول بَينه وَبَين الآخر نِصْفَيْنِ وَإِن شَاءَ دفع لغيره لِأَنَّهُ قد هَلَكت الْقيمَة الَّتِي أَخذ وَإِن شَاءَ دفع مِمَّا فِي يَده أَو من غَيره وَالنّصف الَّذِي وهب للْمولى كَأَنَّهُ وهب لَهُ فَمن مَال لَيْسَ من الْقيمَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمولى لَا يغرم أَكثر من قِيمَته قلت فان وَقع فِيهَا آخر بعد ذَلِك قَالَ يُشْرك الْأَوَّلين فِي الْقيمَة فَتكون بَينهم أَثلَاثًا قلت وكل من وَقع فِيهَا بعد ذَلِك اشْتَركُوا فِي تِلْكَ الْقيمَة قَالَ نعم قلت وَالْأَمر مثل مَا ذكرت لي فِي بَاب الْقَتْل فِي جَمِيع ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا وَقع فِي الْبِئْر رجل وَمَات فَدفع الْمولى الْقيمَة إِلَى وليه بِقَضَاء قَاض فوهب ولي الْمَيِّت نصف قيمَة العَبْد للْمولى ثمَّ وَقع فِيهَا آخر فَمَاتَ قَالَ يدْفع النّصْف الَّذِي فِي يَدَيْهِ إِلَى شَرِيكه كُله قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَجب لَهُ نصف الْقيمَة وَكَانَ هَذَانِ شَرِيكَيْنِ جَمِيعًا فوهب لَهُ أَحدهمَا نصِيبه أَلا ترى أَن الجنايتين جَمِيعًا فِي عُنُقه وَالْقيمَة بَينهمَا قلت أَرَأَيْت إِن وَقع فِيهَا ثَالِث وَقد غرم الْوَاهِب نصف الْقيمَة(4/300)
1 - للثَّانِي بِأَمْر القَاضِي قَالَ على الْوَاهِب للْمولى سدس الْقيمَة وَيتبع الَّذِي أَخذ نصف الْقيمَة فَيَأْخُذ مِنْهُ ثلث مَا فِي يَده قلت وَلم قَالَ لِأَن الْقيمَة بَينهم أَثلَاثًا وَقد وهب لَهُ الأول نصِيبه وَقد أدّى الْمولى إِلَى الثَّانِي نصِيبه وَفضل نصيب الآخر قلت وَكَذَلِكَ إِن وَقع فِيهَا رَابِع بعد ذَلِك كَانَ على هَذَا النَّحْو قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مُدبرا حفر بِئْرا فِي الطَّرِيق وَقع فِيهَا رجل فَمَاتَ ثمَّ كَاتب الْمولى الْمُدبر ثمَّ جَاءَ ولي الْمَيِّت وَأخذ من الْمولى قِيمَته بِأَمْر القَاضِي ثمَّ وَقع فِيهَا آخر بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يتبع الأول فِي الْقيمَة فَتكون الْقيمَة بَينهمَا نِصْفَيْنِ قلت وَلم وَإِنَّمَا وَقع الثَّانِي وَهُوَ مكَاتب قَالَ لِأَن الْجِنَايَة إِنَّمَا وَقعت يَوْم احتفر الْبِئْر قلت وَكَذَلِكَ كل من وَقع فِيهَا بعد ذَلِك اشْتَركُوا فِي الْقيمَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا أدّى فَعتق أَو أعْتقهُ الْمولى أَهْون بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم قلت وَإِن وَقع فِيهَا إِنْسَان بعد ذَلِك أَيكُون على عَاقِلَة الْمولى قَالَ لَا وَلَكِن يكون فِي الْقيمَة الَّتِي أَخذهَا الأول قلت أَرَأَيْت مُدبرا احتفر بِئْرا ثمَّ أعْتقهُ مَوْلَاهُ فَوَقع فِي الْبِئْر رجل فَمَاتَ قَالَ يضمن الْمولى الْقيمَة قلت وَكَذَلِكَ إِن مَاتَ الْمُدبر وَوَقع فِيهَا رجل فَمَاتَ كَانَت الْقيمَة على الْمولى قَالَ نعم قلت وَمَوْت العَبْد وحياته وعتقه فِي هَذَا كُله سَوَاء قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ(4/301)
لِأَن الْجَنَابَة وَقعت يَوْم احتفر الْبِئْر قلت أَرَأَيْت مُدبرا احتفر بِئْرا وَقِيمَته ألف دِرْهَم ثمَّ وَقع فِيهَا رجل وَقِيمَته أَلفَانِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ على الْمولى قِيمَته ألف دِرْهَم يَوْم احتفر قلت وَلم وَقد قلت إِذا قتل فَعَلَيهِ قِيمَته يَوْم قبل قَالَ إِنَّمَا تقع الْجِنَايَة يَوْم حفر الْبِئْر وَذَلِكَ كَأَنَّهُ قبل يَوْم حفر أَلا ترى أَن كل من وَقع فِيهَا أشركه فِي الْقيمَة وَإِن وَقع بعد الْعتْق وَالْمَوْت وَقبل ذَلِك فَهُوَ سَوَاء وَلَو كَانَت الْجِنَايَة لَا تقع يَوْم حفر الْبِئْر لَكَانَ إِذا وَقع فِيهَا إِنْسَان بعد الْمَوْت لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء وَإِنَّمَا تقع الْجِنَايَة يَوْم يحْفر قلت أَرَأَيْت مُدبرا حفر بِئْرا ثمَّ أعْتقهُ مَوْلَاهُ ثمَّ وَقع مَوْلَاهُ فِي الْبِئْر قَالَ دَمه هدر قلت وَلم قَالَ لِأَن عَبده حفرهَا أَلا ترى أَن كل من وَقع فِيهَا كَانَ ذَلِك على الْمولى قلت وَكَذَلِكَ لَو وَقع عبد لمَوْلَاهُ أَو مكَاتب وَالْمولى وَارثه أَو ابْنه وَالْأَب وَارثه أَو غير هَؤُلَاءِ مِمَّن لَا يَرِثهُ إِلَّا الْمولى قَالَ نعم إِلَّا الْمكَاتب فان على الْمولى قِيمَته إِن كَانَت قِيمَته أقل من قيمَة الْمُدبر يُؤَدِّي مُكَاتبَته من ذَلِك وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ للْمكَاتب ولد أَحْرَار مَا القَوْل فِي ذَلِك(4/302)
وَقد حفر الْمُدبر الْبِئْر بعد مَا كَاتب الْمولى الْمكَاتب قَالَ ينظر إِلَى الْأَقَل من قيمَة الْمكَاتب وَمن قيمَة العَبْد الْمُدبر يَوْم حفر الْبِئْر فَيكون على الْمولى الْأَقَل من ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قيمَة الْمكَاتب يَوْم حفر العَبْد الْبِئْر أقل من قيمَة العَبْد يَوْم حفر أَيكُون على الْمولى الْأَقَل قَالَ ينظر إِلَى قيمَة الْمكَاتب يَوْم وَقع وَإِلَى قيمَة العَبْد يَوْم حفر فان كَانَت قيمَة العَبْد أقل كَانَ ذَلِك على الْمولى قلت وَكَذَلِكَ لَو قع فِيهَا عبد غَيره أَو مكَاتب غَيره أَو عبد قد أعتق بعضه وَهُوَ يسْعَى فِي نصف قِيمَته فَهُوَ سَوَاء قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمُدبر قد حفر الْبِئْر قبل أَن يُكَاتب السَّيِّد العَبْد ثمَّ كَاتبه بعد ذَلِك ثمَّ وَقع فِي الْبِئْر فَمَاتَ وَله وَرَثَة سوى الْمولى هَل على الْمولى شَيْء قَالَ نعم هَذَا وَالْأول سَوَاء وعَلى الْمولى الْأَقَل من قيمَة الْمُدبر وَالْمكَاتب يُؤَدِّي من ذَلِك بمكاتبته وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث
قلت أَرَأَيْت إِن وَقع فِيهَا ابْن الْمولى أَو غَيره مِمَّن يَرِثهُ الْمولى وَغَيره قَالَ يضمن الْمولى حِصَّة من يَرث مَعَه من قيمَة العَبْد وَيسْقط حِصَّته من ذَلِك قلت وَلم قَالَ لِأَن على الْمولى قيمَة العَبْد(4/303)
فَمَا كَانَ لَهُ من ذَلِك فَهُوَ بَاطِل وَمَا كَانَ لغيره فَهُوَ عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت مُدبرا وضع حجرا فِي الطَّرِيق فَعَطب بِهِ إِنْسَان فَمَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن الْمولى قِيمَته قلت وَكَذَلِكَ لَو صب مَاء فَعَطب بِهِ إِنْسَان فَمَاتَ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ يَسُوق دَابَّة فَأصَاب إنْسَانا أَو كَانَ يَقُودهَا أَو كَانَ رَاكِبًا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أشرع كنيفا أَو ميزابا فَأصَاب إنْسَانا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ مَا وضع الْحر من هَذَا النَّحْو فضمنته فِيهِ ضمنت مولى الْمُدبر الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن الْقيمَة إِذا فعل ذَلِك الْمُدبر قَالَ نعم
قلت وكل هَذَا عنْدك بِمَنْزِلَة مَا جنى بِيَدِهِ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مُدبرا حفر بِئْرا فَأعْتقهُ مَوْلَاهُ ثمَّ مَاتَ الْمولى بعد ذَلِك ثمَّ وَقع فِي الْبِئْر إِنْسَان فَمَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تكون قيمَة الْمُدبر يَوْم حفر الْبِئْر دينا فِي مَال الْمولى قلت لم قَالَ لِأَن الْجِنَايَة قد لَزِمت الْمولى قبل مَوته يَوْم حفر العَبْد الْبِئْر أَلا ترى أَنِّي إِنَّمَا ضمنته قِيمَته يَوْم حفر الْبِئْر قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن الْمولى ترك شَيْئا هَل يضمن ورثته شَيْئا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ على الْمولى قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى ترك مَالا وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِمَالِه أيضرب فِيهِ صَاحب الْجِنَايَة بِقِيمَة العَبْد مَعَ الْغُرَمَاء قَالَ نعم(4/304)
قلت فان وَقع فِيهَا آخر بعد ذَلِك دخل فِي الْقيمَة فَيضْرب فِيهَا بِنِصْفِهَا مَعَ الْغُرَمَاء وَالْأول قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ كل من وَقع فِيهَا بعد ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن لم يقدر على الْغُرَمَاء وَقدر على الأول الَّذِي ضرب مَعَ الْغُرَمَاء بِالْقيمَةِ قَالَ يكون بِمَا فِي يَدَيْهِ بَينهمَا جَمِيعًا لِأَن حَقّهمَا فِي الْقيمَة وَاحِد
- بَاب غصب الْمُدبر
- قلت أرايت مُدبرا غصب من رجل دَابَّة فَقَتلهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تكون قيمَة الدَّابَّة فِي عنق الْمُدبر يسْعَى فِيهَا قلت وَكَذَلِكَ إِن مَاتَت فِي يَدَيْهِ قَالَ نعم قلت فَهَل على الْمولى من ذَلِك شَيْء قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن ذَلِك دين فِي عنق العَبْد وَلِأَن هَذَا لَيْسَ بِجِنَايَة العَبْد وَلَا يشبه هَذَا الْجِنَايَة فِي النَّاس قلت لم وَمن أَيْن اخْتلفَا قَالَ الْجِنَايَة يدْفع بهَا العَبْد إِذا جنى وَأما مَا كَانَ من غير الْجِنَايَة فان ذَلِك دين عَلَيْهِ فِي عُنُقه يُبَاع فِيهِ أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ وَلَو اغتصب مَتَاعا فَأَهْلَكَهُ كَانَ ذَلِك دينا فِي عُنُقه فَكَذَلِك(4/305)
الْمُدبر تكون الْجِنَايَة دينا على الْمولى لِأَنَّهُ لَا يقدر على دَفعه وَيكون مَا سوى تِلْكَ الْجِنَايَة دينا فِي عُنُقه قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن مُدبرا اغتصب رجلا مَتَاعا أَو عرضا غير ذَلِك أَو هدم دَارا لرجل أَو حرق لَهُ ثوبا أَو فعل نَحْو هَذَا كَانَ ذَلِك دينا فِي عُنُقه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الَّذِي اغتصب من ذَلِك أَكثر من قيمَة رقبته مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يلْزمه جَمِيع قيمَة مَا أصَاب بَالغا مَا بلغ وَإِن كَانَ ذَلِك أَكثر من قِيمَته أضعافا
قلت أَرَأَيْت إِن اغتصب دَابَّة لرجل أَو خرق ثوبا لآخر كَيفَ يكون ذَلِك فِي رقبته قَالَ يكون ذَلِك كُله دينا فِي عُنُقه يسْعَى فِيهِ فَمَا سعى فِيهِ من شَيْء فَهُوَ بَينهمَا على قدر قيمَة الثَّوْب وَالدَّابَّة قلت وكل مَا أصَاب فَهُوَ على هَذَا النَّحْو قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن سعى لأَحَدهمَا دون الآخر وَقد قضي القَاضِي لَهما جَمِيعًا أيرجع الَّذِي لم يَأْخُذ على صَاحبه بِحِصَّتِهِ من ذَلِك قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن مَا سعى فِيهِ من شَيْء فَهُوَ لَهما أَلا ترى لَو أَن عبدا مَحْجُورا عَلَيْهِ كَانَ عَلَيْهِ دين لقوم فَأخذ بَعضهم من مَاله شَيْئا شَاركهُ الْآخرُونَ فِيهِ فَكَذَلِك هَذَا(4/306)
قلت أَرَأَيْت مُدبرا اغتصب شَيْئا مِمَّا ذكرت لَك ثمَّ مَاتَ الْمُدبر وَلم يدع مَالا أَيكُون على الْمولى شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا لِأَن ملكه ذَلِك دين فِي عنق العَبْد فَلَمَّا مَاتَ بَطل قلت فان أعتق الْمولى الْمُدبر بعد مَا أصَاب مَا ذكرت لَك هَل عَلَيْهِ شَيْء قَالَ لَا وَلَكِن ذَلِك على الْمُدبر على حَاله قلت وَسَوَاء إِن كَانَ الْمولى يعلم بذلك أَو لَا يعلم قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمولى لم يفْسد عَلَيْهِم شَيْئا وَإِنَّمَا كَانَ لَهُم فِي عُنُقه السّعَايَة
قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى الْمُدبر وَبَاعَ بعد مَا أصَاب الَّذِي أصَاب هَل يجوز بَيْعه وشراؤه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُدبر لَيْسَ بمأذون لَهُ فِي التِّجَارَة قلت أَرَأَيْت إِن اكْتسب مَالا أَيكُون لأَصْحَاب الْغَصْب قَالَ نعم قلت أرايت إِن وهب لَهُ مَال أَو تصدق بِهِ عَلَيْهِ لمن يكون قَالَ لأَصْحَاب الْغَصْب حَتَّى يستوفوا حَقهم لِأَن ذَلِك دين فِي عُنُقه قلت وَلَا يلْحق الْمولى من ذَلِك شَيْء قَالَ نعم
- بَاب جِنَايَة الْمُدبر على مَوْلَاهُ
- قلت أرايت مُدبرا قتل سَيّده خطأ وَلَا مَال لَهُ غَيره مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى الْمُدبر فِي قِيمَته كلهَا لوَرَثَة الْمَيِّت قلت وَلم وَأَنت تزْعم أَن الْمُدبر من الثُّلُث قَالَ لِأَنَّهُ قتل مَوْلَاهُ وَلَا وَصِيَّة لَهُ(4/307)
لِأَنَّهُ قَاتل أَلا ترى أَنِّي أُجِيز وَصِيَّة لقَاتل فقد أوصى لَهُ الْمَيِّت بِقِيمَتِه حَيْثُ دبره فَلَا أُجِيز لَهُ من ذَلِك شَيْئا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ للْمَيت مَال كثير يخرج الْمُدبر من ثلثه قَالَ يسْعَى أَيْضا فِي جَمِيع قِيمَته وَسَوَاء أَكَانَ ترك الْمَيِّت مَالا أَو لم يتْرك لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّة لَهُ
قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن رجلا حَضَره الْمَوْت فَأعتق عبدا لَهُ فِي مَرضه وَلَا مَال لَهُ غَيره أَو لَهُ مَال يخرج العَبْد من الثُّلُث ثمَّ إِن العَبْد قتل سَيّده خطأ قَالَ نعم هَذَا وَالْمُدبر سَوَاء فِي الْوَصِيَّة وَهُوَ على مَا ذكرت لَك إِلَّا أَن هَذَا يكون عَلَيْهِ قيمَة أُخْرَى من قبل الْجِنَايَة قلت أَرَأَيْت إِن رمى الْمُدبر رجلا أَو شَيْئا فَأصَاب مَوْلَاهُ فَقتله أَو على نَحْو مَا ذكرت لَك قَالَ نعم احتفر بِئْرا أَو وضع حجرا فِي الطَّرِيق أَو صب مَاء أَو أخرج شَيْئا إِلَى الطَّرِيق فَأصَاب ذَلِك سَيّده أَو زلق بِالْمَاءِ فَمَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يعْتق الْمُدبر فِي جَمِيع هَذِه الْوُجُوه من الثُّلُث وَيكون كَأَنَّهُ مَاتَ موتا قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا لَا يشبه الْبَاب الأول وَلِأَن هَذَا لَيْسَ بِقَاتِل بِيَدِهِ أَلا ترى لَو أَن حرا فعل شَيْئا من هَذَا فَأصَاب رجلا وَهُوَ وَارثه فَمَاتَ وَرثهُ لِأَن هَذَا لَيْسَ بقتل بِيَدِهِ وَكَذَلِكَ الْمُدبر وَلَا تبطل وَصيته(4/308)
قلت وَكَذَلِكَ مَا أصَاب الْحر من ذَلِك فَلم نورثه فِي ذَلِك من الَّذِي قبله فانا نبطل فِيهِ وَصِيَّة الْمُدبر قَالَ نعم قلت وكل مَا لَا يبطل فِيهِ وَصِيَّة الْمُدبر فانك تورث الْحر فِيهِ قَالَ نعم قلت وَتَفْسِير هذَيْن الْوَجْهَيْنِ على مَا ذكرت لي فِي الْبَاب الأول قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مُدبرا قتل سَيّده عمدا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ذَلِك إِلَى الْوَرَثَة إِن شاؤا قتلوا وَإِن شاؤا عفوا وَلَهُم أَن يستسعوه فِي قِيمَته قبل أَن يقتلوه قلت أرايت إِن استسعوه فِي قِيمَته هَل لَهُم أَن يقتلوه بعد ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلَا يكون هَذَا عفوا مِنْهُم قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا حق لَازم للْعَبد يسْعَى فِيهِ قلت وَلم يكون لَهُم أَن يستسعوه ثمَّ يقتلوه قَالَ لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّة لَهُ لِأَنَّهُ قَاتل لَهُم أَن يقتلوه لِأَنَّهُ قَتله عمدا
قلت أرايت إِن كَانَ للْمَيت ابْنَانِ فَعَفَا أَحدهمَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى فِي قِيمَته لَهما جَمِيعًا وَيسْعَى أَيْضا فِي نصف قِيمَته خَاصَّة للَّذي لم يعف قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّة لَهُ فَعَلَيهِ أَن يسْعَى فِي قِيمَته فَلَمَّا عَفا أَحدهمَا لزمَه نصف قيمَة أُخْرَى الَّذِي لم يعف على مَا ذكرت لَك لِأَن الدَّم وَالْقصاص قد وَجب عَلَيْهِ بعد موت الْمولى(4/309)
قلت أَرَأَيْت عبدا جرح مَوْلَاهُ فَأعْتقهُ الْبَتَّةَ ثمَّ إِن مَوْلَاهُ مَاتَ من تِلْكَ الْجراحَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن كَانَ الْمولى صَاحب فرَاش مَرِيضا سعى العَبْد فِي قِيمَته لوَرثَته وَإِن كَانَ يخرج وَيذْهب وَيَجِيء فَالْعَبْد حر وَلَا سَبِيل عَلَيْهِ
قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن عبدا جرح مَوْلَاهُ جِرَاحَة ثمَّ أعْتقهُ مَوْلَاهُ قَالَ نعم إِن أعْتقهُ مَوْلَاهُ وَهُوَ صَاحب فرَاش سعى فِي قِيمَته وَإِن كَانَ يخرج فَلَا شَيْء عَلَيْهِ قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قَاتل فاذا أعْتقهُ فِي حَال مَرضه وَهُوَ فِيهِ صَاحب فرَاش فَلَا وَصِيَّة لَهُ وَأما أذا أعْتقهُ وَهُوَ صَحِيح يخرج فَهُوَ جَائِز أَلا ترى لَو أَن رجلا جرح رجلا جِرَاحَة فَأقر لَهُ بدين وَهُوَ يخرج وَيذْهب وَيَجِيء جَازَ ذَلِك عَلَيْهِ وَإِن كَانَ صَاحب فرَاش لم يجز إِقْرَاره وَكَذَلِكَ الأول
قلت أَرَأَيْت مُدبرَة قتلت مَوْلَاهَا خطأ وَهِي حُبْلَى ثمَّ ولدت بعد مَوته هَل على وَلَدهَا سِعَايَة فِي شَيْء من رقبته قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن جرحت سَيِّدهَا جِرَاحَة ثمَّ ولدت ولدا ثمَّ مَاتَ سَيِّدهَا من ذَلِك الْجرْح مَا حَالهَا وَحَال وَلَدهَا قَالَ أما الْمُدبرَة نَفسهَا فانها تسْعَى فِي قيمتهَا وَأما الْوَلَد فانه يعْتق من الثُّلُث قلت وَلم لَا يكون الْوَلَد بِمَنْزِلَة الْأُم قَالَ لِأَن الْأُم هِيَ الَّتِي قتلت فَلَا وَصِيَّة لَهَا
قلت أَرَأَيْت مُدبرا قتل مَوْلَاهُ هُوَ وَرجل آخر مَا القَوْل فِي(4/310)
ذَلِك قَالَ يسْعَى الْمُدبر فِي جَمِيع قِيمَته كَأَنَّهُ قَتله وَحده قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قَاتل فَلَا وَصِيَّة لَهُ
قلت أَرَأَيْت مُدبرا قتل سَيّده خطأ وعَلى الْمولى دين يُحِيط بِرَقَبَتِهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى الْمُدبر فِي قيمَة وَاحِدَة لأَصْحَاب الدّين
قلت أَرَأَيْت الْمُدبر إِن كَانَ مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة فَصَارَ عَلَيْهِ دين ثمَّ قتل مَوْلَاهُ خطأ مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يسْعَى لغرمائه فِي قِيمَته قلت وَلم قَالَ لِأَن الدّين عَلَيْهِ دون مَوْلَاهُ أَلا ترى أَن مَوْلَاهُ لَو أعْتقهُ فِي حَيَاته لم يكن عَلَيْهِ ضَمَان لِأَنَّهُ لم يفْسد عَلَيْهِم شَيْئا وَالْقيمَة الَّتِي يسْعَى فِيهَا العَبْد قيمَة رقبته فغرماؤه أولى بهَا أَلا ترى أَن الْمُدبر لَو قتل فِي حَيَاة مَوْلَاهُ كَانَت قِيمَته لغرمائه فَكَذَلِك إِذا سعى فِي قيمَة رقبته بعد الْمَوْت
قلت أرايت إِن كَانَ عبدا مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة فاستدان دينا ثمَّ جرح مَوْلَاهُ جرحا ثمَّ أعْتقهُ مَوْلَاهُ وَهُوَ صَاحب فرَاش ثمَّ مَاتَ الْمولى من ذَلِك الْجرْح وَلَا مَال لَهُ غَيره قَالَ يسْعَى لأَصْحَاب دينه وَلَا يسْعَى لوَرَثَة الْمَيِّت فِي شَيْء وَإِن كَانَ الدّين مثل الْقيمَة أَو أَكثر يسْعَى فِيهِ وَإِن كَانَ أقل سعى فِي الدّين وَفِيمَا بَقِي من قِيمَته لوَرثَته قلت أرايت إِن كَانَ الْمولى أعْتقهُ وَهُوَ يخرج وَيذْهب وَيَجِيء ثمَّ مَاتَ بعد ذَلِك من تِلْكَ الْجراحَة قَالَ إِن كَانَ الْمولى ترك شَيْئا فأصحاب الدّين(4/311)
بِالْخِيَارِ إِن شاؤا ضمنوه قيمَة العَبْد فَكَانَ ذَلِك فِيمَا ترك وَأخذُوا مَا بَقِي من العَبْد وَإِن شاؤا اتبعُوا العَبْد بِالدّينِ كُله وَلَا سِعَايَة على العَبْد لوَرَثَة مَوْلَاهُ
قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت وَله عبد لَا مَال لَهُ غَيره فَأعْتقهُ ثمَّ إِن العَبْد قتل الْمولى خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى العَبْد فِي قيمتين لوَرَثَة الْمَيِّت قيمَة لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّة لَهُ لِأَنَّهُ قَاتل وَقِيمَة أُخْرَى بِالْقَتْلِ لِأَنَّهُ قَتله بعد مَا أعْتقهُ أَلا ترى أَنه لَو قتل غير الْمولى سعى فِي ثُلثي قِيمَته للْوَرَثَة وَيسْعَى فِي قِيمَته للْأولِ هَذَا قَول أبي حنيفَة فِي الْجِنَايَة أَن العَبْد تكون جِنَايَته فِي عُنُقه يسْعَى فِيهَا مَا دَامَت عَلَيْهِ سِعَايَة من رقبته لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْمكَاتب وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد ذَلِك على عَاقِلَة الْمولى لأَنهم عَاقِلَة الْمُعْتق وَلَا يكون على الْمُعْتق سِعَايَة لِأَنَّهُ حر وَإِن كَانَ يسْعَى فِي شيئ من قِيمَته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ مَال كثير يخرج من الثُّلُث قَالَ فان كَانَ كَذَلِك فان كَانَ قتل مَوْلَاهُ فَالْأَمْر كَمَا وصفت لَك وَإِن قتل غَيره خطأ فَالدِّيَة على عَاقِلَة مَوْلَاهُ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا قتل مَوْلَاهُ فَلَا وَصِيَّة لَهُ وَإِذا قتل غَيره وَهُوَ يخرج من الثُّلُث وَهُوَ رجل حر فَالدِّيَة على الْعَاقِلَة
قلت أرايت مُدبرا قتل مَوْلَاهُ ورجلا آخر بَدَأَ الْمُدبر فَضرب مَوْلَاهُ ثمَّ ضرب الآخر وكل ذَلِك خطأ ثمَّ مَاتَا جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك وَقد مَاتَ(4/312)
الرجل قبل الْمولى قَالَ تكون فِي مَال الْمولى قِيمَته وَيسْعَى الْمُدبر فِي قِيمَته للْوَرَثَة قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ بَدَأَ فَضرب مَوْلَاهُ قبل ثمَّ مَاتَ الرجل قبل الْمولى قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ السَّيِّد قبل ثمَّ مَاتَ الآخر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تكون الْقيمَة دينا فِي مَال الْمولى وَيسْعَى الْمُدبر فِي قِيمَته للْوَرَثَة قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ بَدَأَ فَضرب الرجل قَالَ نعم قلت وَلم تكون الْقيمَة على السَّيِّد وَقد مَاتَ الرجل قَالَ لِأَن الْمُدبر ضرب الرجل وَالْمولى حَيّ أَلا ترى لَو أَن مُدبرا ضرب رجلا فجرحه جِرَاحَة ثمَّ مَاتَ الْمولى ثمَّ مَاتَ الرجل بعد ذَلِك كَانَت الْقيمَة فِي مَال الْمولى
قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن للْمولى فِي الْبَاب الأول مَال مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يسْعَى الْمُدبر فِي قيمَة رقبته لأَصْحَاب الْجِنَايَة وَلَا يسْعَى للْوَرَثَة فِي شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَن الْقيمَة دين على مَوْلَاهُ أَلا ترى أَنه لَو كَانَ على الْمولى دين سعى فِيهِ فَكَذَلِك الْبَاب الأول قلت أَرَأَيْت مُدبرا ضرب رجلا فجرحه وَضرب مَوْلَاهُ فجرحه ثمَّ مَاتَا جَمِيعًا لَا يدْرِي أَيهمَا مَاتَ أول مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هَذَا على نَحْو مَا ذكرت لَك فِي الْبَاب الأول قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ ضرب الرجل وَالسَّيِّد حَيّ أَلا ترى أَنه إِن كَانَ السَّيِّد مَاتَ بعد فَالْقيمَة عَلَيْهِ وَإِن مَاتَ قبل فَالْقيمَة عَلَيْهِ أَيْضا لِأَنَّهُ ضرب الرجل وَالسَّيِّد حَيّ فاذا مَاتَ من تِلْكَ الضَّرْبَة فَالْقيمَة على السَّيِّد على كل حَال(4/313)
- بَاب جِنَايَة المدبرين أَحدهمَا على صَاحبه
-
قلت أرايت رجلَيْنِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا مُدبر فَقطع كل وَاحِد مِنْهُمَا يَد صَاحبه فبرئا جَمِيعًا قَالَ يضمن سيد كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف قيمَة مُدبر صَاحبه مُدبرا إِلَّا أَن يكون قيمَة مدبره أقل من ذَلِك فَيكون عَلَيْهِ الْأَقَل قلت وَكَذَلِكَ كل مَا جنى أَحدهمَا على صَاحبه قَالَ نعم يكون على سيد كل وَاحِد مِنْهُمَا الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن الْقيمَة قلت وَلَا ينظر إِلَى أَيهمَا بَدَأَ بِالْجِنَايَةِ قَالَ لَا لِأَن الْمولى إِنَّمَا يغرم الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن الْقيمَة يَوْم جنى إِن كَانَ صَحِيحا أَو مَقْطُوع الْيَد
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَا جَمِيعًا قَالَ يضمن كل وَاحِد مِنْهُمَا قيمَة مدبره إِلَّا أَن يكون قيمَة الْمُدبر الآخر أقل فَيكون ذَلِك عَلَيْهِ قلت وَسَوَاء إِن كَانَ أَحدهمَا بَدَأَ بالضربة أَو ضربا جَمِيع قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ أَحدهمَا وَبَقِي الآخر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون على مولى العَبْد الْبَاقِي قيمَة مدبره إِلَّا أَن يكون قيمَة الْمَيِّت أقل فَيكون عَلَيْهِ الْأَقَل وَيضمن مولى الْمَيِّت الْأَقَل من جِنَايَة الْحَيّ وَمن قيمَة الْمَيِّت قلت وَكَذَلِكَ إِن أعتقهما مولياهما جَمِيعًا بعد الْجِنَايَة كَانَ جِنَايَة كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه على نَحْو مَا ذكرت قَالَ نعم على كل وَاحِد مِنْهُمَا الْأَقَل من قيمَة عَبده وَأَرْض جِنَايَته على صَاحبه إِلَى يَوْم أعتق الآخر سَيّده وَلَا يضمن الْفضل الَّذِي حدث فِي الْجِنَايَة بعد الْعتْق قلت وَجِنَايَة(4/314)
كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه مثل جنايتهما على غَيرهمَا وَالْحكم فِيهِ على مَا ذكرت فِي هَذَا الْبَاب قَالَ نعم
- بَاب جِنَايَة الْمُدبر بَين اثْنَيْنِ
-
قلت أَرَأَيْت مُدبرا بَين رجلَيْنِ جنى جِنَايَة مَا القَوْل فِيهِ قَالَ على الرجلَيْن الْأَقَل من قِيمَته وَمن أرش الْجِنَايَة وَهُوَ سَوَاء إِن كَانَ لوَاحِد أَو اثْنَيْنِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ لأَحَدهمَا ثلثه وَللْآخر ثلثان فَكيف تكون الْجِنَايَة عَلَيْهِمَا قَالَ يكون ثلثاها على صَاحب الثُّلثَيْنِ وثلثها على صَاحب الثُّلُث على قدر مَا لَهما فِي العَبْد قلت أَرَأَيْت إِ كَانَ أَحدهمَا قد دبر نصِيبه من العَبْد وَلم يدبر الآخر وَرَضي الآخر أَن لَا يضمنهُ وَترك العَبْد على حَاله ثمَّ جنى العَبْد جِنَايَة مَا القَوْل فِيهِ قَالَ الْآمِر فِيهِ كَمَا ذكرت لَك فِي الْبَاب الأول قلت وَلم لَا يدْفع الَّذِي لم يدبر نصِيبه قَالَ لِأَن نصيب شَرِيكه مُدبر فَلَا يقدر على دَفعه أَلا ترى أَنه لَا يقدر عل بَيْعه
قلت أَرَأَيْت إِن جنى جِنَايَة فغرما قيمَة ثمَّ جنى أُخْرَى بعد ذَلِك وَقد دفعا الْقيمَة بِقَضَاء قَاض هَل عَلَيْهِمَا شَيْء بعد ذَلِك قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُمَا غرما قِيمَته فَلَا يكون عَلَيْهِمَا شَيْء بعْدهَا(4/315)
قلت فَهَل يتبع صَاحب الْجِنَايَة الآخر الأول فيشاركه فِيمَا أَخذ قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة فِي الَّذِي دبر نصفه وَلم يدبر الآخر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ فدبره أَحدهمَا فَهُوَ مُدبر كُله فان جنى بعد ذَلِك جِنَايَة فَهِيَ كلهَا على الَّذِي دبره وَيغرم الَّذِي دبره نصف قِيمَته عبدا لشَرِيكه مُوسِرًا كَانَ أَو مُعسرا
قلت أَرَأَيْت مُدبرا بَين اثْنَيْنِ جنى على أَحدهمَا مَا القَوْل فِي ذَلِك وَقِيمَة الْمُدبر مائَة دِرْهَم وَأرش الْجِنَايَة ألف دِرْهَم قَالَ يكون على الآخر نصف قيمَة الْمُدبر وَتبطل نصفهَا لِأَن ذَلِك فِي حِصَّته قلت أَرَأَيْت إِن أدّى ذَلِك إِلَيْهِ الآخر بِأَمْر القَاضِي ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى على رجل وأرشها ألف دِرْهَم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ نصف قيمَة الْمُدبر على الْمولى الَّذِي كَانَ جنى الْمُدبر عَلَيْهِ وَيكون النّصْف الْبَاقِي فِيمَا أَخذ الْمولى فيقتسمانه على قدر أَنْصَاف جنايتهما وَلَا يضمن الْمولى الَّذِي لم يجن عَلَيْهِ شَيْئا بعد ذَلِك غير النّصْف الأول قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد غرم نصف قِيمَته مرّة فَلَا يغرم أَكثر من ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد ذَلِك وَهِي ألف قَالَ لَا يكون عَلَيْهِمَا من هَذِه الْجِنَايَة شَيْء وَلَكِن يتبع الاخر الأول وَالْمولى بذلك فَيكون مَا أَخذ الْمولى والمجني عَلَيْهِ الأول بَينهمَا وَبَين الآخر يضْرب فِيهِ الْمولى بِنصْف حَقه وَيضْرب فِيهِ الاخر بِنصْف حَقه وَيضْرب فِيهِ الأول بِنصْف حَقه وَيكون مَا أَخذه الْمَجْنِي عَلَيْهِ الأول بَينه وَبَين(4/316)
هَذَا الآخر يضْرب فِيهِ الآخر بِنصْف الْجِنَايَة وَيضْرب فِيهِ الأول بِنصْف الْجِنَايَة قلت وَلم قَالَ لن نصف جِنَايَة كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف قيمَة العَبْد
قلت أَرَأَيْت إِن جنى الْمُدبر جِنَايَة أُخْرَى لَا بعد ذَلِك وَهِي مثل جِنَايَة الأول بعد ذَلِك قَالَ لَا يكون عَلَيْهِمَا من هَاتين الجنايتين شَيْء وَلَكِن الآخر يتبع الأول وَالْمولى وَالثَّالِث بذلك فَيكون مَا أَخذ الْمولى الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَمَا أَخذ الْآخرَانِ بَينهم فَيضْرب فِيهِ الْمولى بِنصْف حَقه وَيضْرب فِيهِ الآخر بِنصْف حَقه وَيضْرب فِيهِ الأول بِنصْف حَقه ويضربق فِي الثَّالِث بِنصْف حَقه وَيكون مَا أَخذ الْمَجْنِي عَلَيْهِ الأول وَالثَّالِث بَينهمَا وَبَين هَذَا الآخر يضْرب فِيهَا الآخر بِنصْف الْجِنَايَة وَيضْرب فِيهِ الأول بِنصْف الْجِنَايَة وَيضْرب فِيهِ الأول وَيضْرب فِي الثَّالِث بِنصْف الْجِنَايَة قلت وَلم قَالَ لِأَن صنف جِنَايَة كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف قيمَة العَبْد
قلت أَرَأَيْت مُدبرا بَين رجلَيْنِ جنى عَليّ أَحدهمَا جِنَايَة فَكَانَت أَكثر من قِيمَته فغرم الْمولى الآخر نصف قِيمَته بِأَمْر القَاضِي ثمَّ جنى على مَوْلَاهُ الآخر جِنَايَة تبلغ قِيمَته فغرم مَوْلَاهُ الآخر نصف الْقيمَة بِأَمْر القَاضِي ثمَّ إِن الْمُدبر جنى جِنَايَة على رجل تبلغ قِيمَته مَا القَوْل فِي(4/317)
ذَلِك قَالَ يُشْرك الْمَجْنِي عَلَيْهِ السَّيِّد فِيمَا أَخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا من صَاحبه من نصف الْقيمَة فَيضْرب مَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف الْقيمَة الَّتِي أَخذ من شَرِيكه بِنصْف الْجِنَايَة وَيضْرب كل وَاحِد مِنْهُمَا مَعَه فِي ذَلِك بِنصْف جِنَايَته قلت وَلم قَالَ لِأَن كل وَاحِد من السيدين قد غرم نصف قيمَة العَبْد لصَاحبه فَلَا يكون عَلَيْهِ شَيْء سوى ذَلِك وَحقّ صَاحب الْجِنَايَة عَلَيْهِمَا لَو لم يكن جنى العَبْد عَلَيْهِمَا كَانَ على كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف الْقيمَة فقد غرما ذَلِك فَلَا يغرمان أَكثر مِنْهُ وَصَاحب الْجِنَايَة يكون حَقه فِي ذَلِك أَلا ترى أَن الْمُدبر لَو جنى جِنَايَة فغرما قِيمَته ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى لم يكن عَلَيْهِمَا شَيْء وأتبع الثَّانِي الأول فشركه فَكَذَلِك إِذا غرم كل وَاحِد مِنْهُمَا لصاحيه نصف الْقيمَة
- بَاب جِنَايَة الْمُدبر بعد موت سَيّده
- قلت أَرَأَيْت رجلا مَاتَ وَترك مُدبرا لَيْسَ لَهُ مَال غَيره فجنى الْمُدبر بعد موت سَيّده مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى الْمُدبر فِي الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن قِيمَته وَيسْعَى للْوَرَثَة فِي ثُلثي قِيمَته قلت وَلم وَقد صَار حرا حَيْثُ مَاتَ مَوْلَاهُ قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة العَبْد مَا دَامَ يسْعَى فِي شَيْء من رقبته قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ عَلَيْهِ دين يُحِيط بِمَالِه فانه(4/318)
يسْعَى فِي قِيمَته للْغُرَمَاء وَيسْعَى فِي الْأَقَل من قِيمَته وَمن الْجِنَايَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أعْتقهُ فِي مَرضه وَلَا مَال لَهُ غَيره قَالَ نعم قلت فَمَا دَامَ الْمُدبر يسْعَى فِي شَيْء من قِيمَته فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمَمْلُوك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا جنى الْمُدبر جِنَايَة بعد موت مَوْلَاهُ وَلم يدع الْمولى مَالا يَوْم مَاتَ غَيره فقضي القَاضِي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى أيقضي عَلَيْهِ أَيْضا بِالْقيمَةِ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ القَاضِي لم يقْض عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ الأولى حَتَّى جنى الْجِنَايَة الثَّانِيَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى فِي قِيمَته بَينهمَا إِذا كَانَت الجنايتان سَوَاء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا قضي عَلَيْهِ ثمَّ جنى فَلَا بُد من قيمَة أُخْرَى بِمَنْزِلَة الْمكَاتب وَإِذا لم يقْض عَلَيْهِ فانما عَلَيْهِ قيمَة وَاحِدَة قلت وَهَذَا عنْدك بِمَنْزِلَة الْمكَاتب قَالَ نعم قلت وكل شَيْء جنى بعد الْقَضَاء فَعَلَيهِ ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت هَذَا الْمُدبر إِذا جنى جِنَايَة بعد موت مَوْلَاهُ فَلم يقْض بهَا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ وَقد ترك مَالا وَلم يسع فِيمَا عَلَيْهِ مَال القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون عَلَيْهِ الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن الْقيمَة يَوْم جنى دينا فِيمَا ترك فَيدْفَع ذَلِك إِلَى أَصْحَاب الْجِنَايَة قبل أَن تُعْطِي الْوَرَثَة من السّعَايَة فان(4/319)
فضل شَيْء أَخذ مِنْهُ الْوَرَثَة ثُلثي الْقيمَة وَكَانَ مَا بَقِي مِيرَاثا قلت أَرَأَيْت إِن لم يدعر إِلَّا قدر الْجِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون ذَلِك لأَصْحَاب الْجِنَايَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ دين عَلَيْهِ فَلَا يكون للْوَرَثَة شَيْء حَتَّى يَأْخُذ أَصْحَاب الدّين دينهم أَلا ترى أَنه لوكان عَلَيْهِ دين كَانَ كَذَلِك قلت وَكَذَلِكَ إِن مَاتَ بعد مَا قضي القَاضِي عَلَيْهِ بالسعاية قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ عَلَيْهِ دين وجنى مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون مَا ترك بَين أَصْحَاب الدّين وَالْجِنَايَة بِالْحِصَصِ قلت وَلَا يبْدَأ بِالدّينِ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْجِنَايَة دين عَلَيْهِ قلت وَلَا يشبه هَذَا الْمكَاتب فِي هَذَا الْوَجْه قَالَ لَا قلت وَسَوَاء إِن كَانَ القَاضِي قد قضى بِالْجِنَايَةِ أَو لم يقْض بهَا قَالَ نعم قلت فان كَانَ قد ترك هَذَا الْمُدبر ولدا قد ولد لَهُ من أمة لَهُ وَلم يدع شَيْئا غَيرهمَا وَلم يكن سعى فِي شَيْء مِمَّا عَلَيْهِ من السّعَايَة قَالَ يكون على الْوَلَد من ذَلِك مَا كَانَ على أَبِيه يسْعَى فِيهِ من ثُلثي قيمَة الْأَب والأقل من الْقيمَة وَالْجِنَايَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أَبِيه أَلا ترى لَو كَانَ على أَبِيه دين كَانَ عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِيهِ
قلت أَرَأَيْت الْأَب إِن كَانَ قد سعي فِيمَا عَلَيْهِ من السّعَايَة للْوَرَثَة وَلم يقْض على الْأَب بِشَيْء من الْجِنَايَة حَتَّى مَاتَ هَل يسْعَى الابْن فِي شَيْء(4/320)
من جِنَايَة أَبِيه الَّتِي كَانَ جنى قبل أَن يُؤَدِّي السّعَايَة يُؤَدِّي السّعَايَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد عتق أَبوهُ قبل أَن يَمُوت وَعتق الابْن أَيْضا مَعَ أَبِيه فَلَا يتبعهُ شَيْء من دين أَبِيه بعد الْعتْق
قلت وَكَذَلِكَ الْمكَاتب فِي جَمِيع مَا ذكرت قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد جِنَايَة الْمُدبر بعد موت سَيّده كَانَت عَلَيْهِ سِعَايَة أَو لم تكن بِمَنْزِلَة جِنَايَة الْحر مَا كَانَ مِنْهَا خطأ فَهُوَ على الْعَاقِلَة عَاقِلَة الْمولى وَمَا كَانَ عمدا فَفِيهِ الْقصاص فان لم يكن يُسْتَطَاع فِيهِ الْقصاص فأرش ذَلِك فِي مَاله
- بَاب العَبْد يُوصي بِعِتْقِهِ ثمَّ يجني جِنَايَة
- قلت أَرَأَيْت رجلا أوصى بِعِتْق عبد لَهُ وَهُوَ يخرج من الثُّلُث ثمَّ إِن العَبْد جنى جِنَايَة بعد موت الْمولى وَقبل الْعتْق مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ذَلِك إِلَى الْوَرَثَة فان شاؤا دفعُوا وَإِن شاؤا فدوا فان دفعوه بطلت وَصيته فِي الْعتْق وَصَارَ للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ وَإِن فدوه فالفداء مِنْهُم تطوع ويعتقونه عَن الْمَيِّت قلت أَرَأَيْت إِن أوصى بِعِتْقِهِ وَلَيْسَ لَهُ غَيره هَل هُوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة إِذا جنى جِنَايَة فَدفع قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن فدى قَالَ يعْتق وَيسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته(4/321)
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت أمة أوصى بِعتْقِهَا أَهِي بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمَيِّت عجل عتقهَا فِي مَرضه وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيرهَا فجنت جِنَايَة قبل الْمَوْت أَو بعد الْمَوْت وَقد مَاتَ الْمولى فِي ذَلِك الْمَرَض أهوَ سَوَاء قَالَ نعم قلت فَمَا يلْزمهَا من الْجِنَايَة قَالَ الْأَقَل من الْقيمَة وَالْجِنَايَة تسْعَى فِيهِ قلت وتسعى مَعَ ذَلِك فِي ثُلثي الْقيمَة للْوَرَثَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ للْمَيت مَال كثير يخرج العَبْد من الثُّلُث مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تكون الْجِنَايَة على عَاقِلَة السَّيِّد إِذا كَانَت خطأ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ حر حَيْثُ جنى أَلا ترى أَنه لَا يتبعهُ شَيْء من السّعَايَة وجنايته جِنَايَة حر
قلت أَرَأَيْت إِن أعْتقهُ وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيره فجني العَبْد فِي مرض سَيّده ثمَّ برأَ السَّيِّد من ذَلِك الْمَرَض مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْجِنَايَة على عَاقِلَة السَّيِّد قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا برأَ فقد صَار حرا وَلَا سِعَايَة عَلَيْهِ لِأَنَّهُ جنى حَيْثُ جنى وَهُوَ حر قلت فاذا مَاتَ كَانَ ذَلِك على العَبْد يسْعَى فِيهِ وَفِي ثُلثي قِيمَته قَالَ نعم قلت وَإِذا كَانَ يخرج من الثُّلُث كَانَ ذَلِك ايضا على الْعَاقِلَة قَالَ نعم إِذا كَانَ يجب عَلَيْهِ سِعَايَة فجنايته جِنَايَة مَمْلُوك فِي رقبته وَإِذا صَار(4/322)
لَا يجب عَلَيْهِ سِعَايَة فالجناية على الْعَاقِلَة وجنايته مَوْقُوفَة حَتَّى أنظر إِلَى مَا يصير إِلَيْهِ أمره فان صَار يجب عَلَيْهِ السّعَايَة فَالْأَمْر على مَا ذكرت لَك وَإِن صَار لَا يجب عَلَيْهِ السّعَايَة فَتلك على الْعَاقِلَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فجنايته جِنَايَة حر وَذَلِكَ على الْعَاقِلَة كَانَت عَلَيْهِ سِعَايَة أَو لم تكن
- بَاب جِنَايَة مُدبر الذِّمِّيّ
-
قلت أَرَأَيْت مُدبرا لرجل من أهل الذِّمَّة جنى جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ على السَّيِّد الْأَقَل من جِنَايَته وَمن الْقيمَة قلت وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمُسلم يكون لَهُ الْمُدبر فِي جَمِيع مَا ذكرت لي من أَمر مُدبر الْمُسلم وجنايته قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمُدبر ذِمِّيا فَأسلم بعد مَا جنى الْجِنَايَة أهوَ سَوَاء وَيكون ذَلِك على السَّيِّد قَالَ نعم
قلت أربأيت إِن جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد مَا أسلم قبل أَن يقْضِي على الْمولى بِشَيْء والجنايتان سَوَاء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ على الْمولى الْأَقَل من الجنايتين جَمِيعًا وَمن قيمَة الْمُدبر فَيكون ذَلِك بَينهمَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت أحدى الجنايتين أَكثر من الْأُخْرَى وهما يأتيان على الْقيمَة قَالَ على الْمولى قيمَة العَبْد لَهما يقتسمانها على جنايتهما(4/323)
قلت وَكَذَلِكَ كل ماجنى بعد مَا أسلم قبل أَن يقْضِي على الْمولى بِشَيْء قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد قضي على الْمولى بِالْجِنَايَةِ الأولى وَقد كَانَت أَتَت على جَمِيع قِيمَته قَالَ يتبع أَصْحَاب الْجِنَايَة الْأَخِيرَة أَصْحَاب الْجِنَايَة الأولى فيشركون فِيهَا فِي الْقيمَة على قدر جنايتهم قلت أَرَأَيْت إِن أعْتقهُ الْمولى بعد ماجنى وَمَات قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْء قَالَ وَهُوَ سَوَاء أعْتقهُ أَو لم يعتقهُ أَو مَاتَ وَعَلِيهِ مَا ذكرت لَك فاذا مَاتَ الْمولى كَانَ ذَلِك دينا فِي مَاله قلت أَرَأَيْت مُدبرا لذِمِّيّ أسلم مَا حَال الْمُدبر قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بالسعاية فِي قِيمَته وَيعتق إِذا أَدَّاهَا
قلت أَرَأَيْت إِذا جنى جِنَايَة بعد مَا أسلم قبل أَن يرفع إِلَى القَاضِي وَقبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْء أهوَ على مَا ذكرت لي فِي الْبَاب الأول أَنه على السَّيِّد قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا رفع إِلَى القَاضِي فقضي عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي قِيمَته أيصير حرا وَتصير جِنَايَته جِنَايَة حر قَالَ لَا وَلكنه بِمَنْزِلَة العَبْد يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ وَلَكِن لَيْسَ للسَّيِّد عَلَيْهِ سَبِيل إِلَّا فِي السّعَايَة قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ السَّيِّد بعد مَا قضي القَاضِي عَلَيْهِ وبالسعاية هَل يصير حرا قَالَ إِن كَانَ يخرج من الثُّلُث فَهُوَ حر وَتبطل عَنهُ السّعَايَة وَإِن كَانَ لَا مَال لَهُ غَيره سعى فِي ثُلثي قِيمَته الَّتِي قضي بهَا عَلَيْهِ(4/324)
قلت أرايت إِن قضي القَاضِي عَلَيْهِ بالسعاية بعد مَا أسلم ثمَّ جنى جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْجِنَايَة عَلَيْهِ دون مَوْلَاهُ يسْعَى فِي الْأَقَل مِنْهَا وَمن قِيمَته قلت وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمكَاتب فِي جَمِيع مَا ذكرت لي من أَمر جِنَايَة الْمكَاتب إِذا جنى ثمَّ قضي عَلَيْهِ ثمَّ جنى بعد ذَلِك أَو جنى جِنَايَة قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ قَالَ نعم هُوَ يمنزلة الْمكَاتب فِي جَمِيع ذَلِك مَا لم يؤد
- بَاب جِنَايَة الْحَرْبِيّ إِذا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان
- قلت أَرَأَيْت حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان وَمَعَهُ عبد لَهُ فدبره فِي دَار الْإِسْلَام ثمَّ إِن العَبْد جنى جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي على الْحَرْبِيّ بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن قيمَة العَبْد قلت وَهُوَ فِي جَمِيع حَيَاته مَا دَامَ فِي دَار الْإِسْلَام بِمَنْزِلَة مُدبر الذِّمِّيّ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت مَعَه أم ولد لَهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن أسلم الْمُدبر بعد مَا دبره الْحَرْبِيّ أهوَ بِمَنْزِلَة مَا ذكرت لي من أَمر مُدبر الذِّمِّيّ أَنه يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه وَيعتق إِذا أَدَّاهَا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا لحق الْحَرْبِيّ بدار الْحَرْب بعد مَا دبره وَالْعَبْد عندنَا فِي دَار الْإِسْلَام فجنى جِنَايَة هَل على الْمُدبر شَيْء من تِلْكَ الْجِنَايَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ على الْحَرْبِيّ قلت أَرَأَيْت إِن رَجَعَ الْحَرْبِيّ إِلَى دَار الْإِسْلَام بِأَمَان هَل يقْضِي عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْجِنَايَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن أسلم أهل الدَّار وأتى مُسلما قَالَ نعم(4/325)
قلت أَرَأَيْت إِن سبي الْحَرْبِيّ مَا حَال الْمُدبر وَحَال جِنَايَته قَالَ الْحَرْبِيّ فَيْء وَالْمُدبر حر وَالْجِنَايَة بَاطِلَة لَا يلْزمه مِنْهَا شَيْء قلت وَلم تبطل الْجِنَايَة عَنهُ قَالَ لِأَن مَوْلَاهُ صَار فَيْئا فَلَا يلْزمه شَيْء من تِلْكَ الْجِنَايَة وَهُوَ فَيْء
قلت أَرَأَيْت الْمُدبر مَا حَاله قَالَ هُوَ حر قلت أَرَأَيْت إِذا قتل الْمولى وَلم يسب هَل يعْتق الْمُدبر قَالَ نعم
قلت وَلم قَالَ لِأَن الْحَرْبِيّ قد قتل قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَ الْحَرْبِيّ هَل يسْعَى الْمُدبر فِي شَيْء للْمُسلمين قَالَ لَا وَهُوَ حر كُله قلت أَرَأَيْت حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان وَمَعَهُ مَمْلُوك لَهُ قد كَانَ دبره فِي دَار الْحَرْب فجني الْمُدبر جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يدْفع أَو يفْدي قلت وَلَا يشبه هَذَا مَا دبر فِي دَار الاسلام قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن تَدْبيره فِي دَار الْحَرْب بَاطِل أَلا ترى أَنه لَو بَاعه جَازَ بَيْعه
- بَاب جِنَايَة الْمُدبر والمدبرة وَالْجِنَايَة عَلَيْهِمَا
- قلت أَرَأَيْت رجلا جنى على مُدبر فَقتله خطأ مَا القَوْل فِيهِ(4/326)
قَالَ على عَاقِلَة الرجل قيمَة الْمُدبر قلت وَكَذَلِكَ الْمُدبرَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قطع يَده خطأ أَو عمدا أتراه سَوَاء قَالَ نعم قلت وَمَا يجب عَلَيْهِ فِي ذَلِك قَالَ نصف قيمَة الْمُدبر فِي مَاله قلت وَكَذَلِكَ إِن فَقَأَ عينه أَو قطع رجله قَالَ نعم قلت وَمَا لَهُ لَا يكون على عَاقِلَته إِذا كَانَ خطأ قَالَ لِأَن الْمُدبر بِمَنْزِلَة العَبْد وَلَا يعقل الْعَاقِلَة من الْمُدبر وَلَا من العَبْد مَا دون النَّفس
قلت أَرَأَيْت إِذا قطع رجل يَدي الْمُدبر أَو فَقَأَ عَيْنَيْهِ ماالقول فِي ذَلِك قَالَ على الْفَاعِل مَا نَقصه من قِيمَته قلت وَكَذَلِكَ لَو قطع رجلَيْهِ أَو قطع أُذُنَيْهِ قَالَ نعم
قلت وَلم لَا يكون عَلَيْهِ جَمِيع قِيمَته وَقد قطع يَدَيْهِ قَالَ لِأَنَّهُ مُدبر وَلَا يُسْتَطَاع دَفعه أَلا ترى أَنه لَو فعل هَذَا بِعَبْد خير مَوْلَاهُ قان شَاءَ دَفعه وَأخذ الْقيمَة وَإِن شَاءَ أمْسكهُ وَلَا شَيْء لَهُ على الْقَاطِع وَلَا يكون فِي الْمُدبر إِلَّا مَا ينقصهُ قلت وَكَذَلِكَ الْمُدبر وَأم الْوَلَد وَالْمكَاتب قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الَّذِي قد عتق نصفه وَهُوَ يسْعَى فِي نصف قِيمَته قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمُدبر إِذا جنى عَلَيْهِ رجل جِنَايَة فجرحه فِي جسده جِرَاحَة لَيْسَ فِيهَا أرش مَعْلُوم مَا القَوْل فِيهِ قَالَ على الْفَاعِل بِهِ ذَلِك مَا نَقصه من قِيمَته مُدبرا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي العَبْد يعْتق بعضه(4/327)
وَهُوَ يسْعَى فِي بعض قِيمَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ إِنَّه حر كُله وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ كالجناية على الْحر من دينه وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي العَبْد يفقأ عينه أَو يقطع يَدَيْهِ وَهُوَ غير مُدبر إِن مَوْلَاهُ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ مَا نَقصه وأمسكه وَإِن شَاءَ دَفعه وَأخذ قِيمَته
- بَاب جِنَايَة الْمُدبر إِذا اغتصبه رجل من سَيّده
-
قلت أَرَأَيْت مُدبرا أغتصبه رجل فجني الْمُدبر عِنْد الْغَاصِب فَقتل رجلا خطأ مَا القَوْل فِيهِ قَالَ على الْمولى قِيمَته وَيرجع بذلك الْمولى على الْغَاصِب قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك كَانَ عِنْد الْغَاصِب أَلا ترى لَو أَن رجلا اغتصب رجلا فجنى عِنْد الْغَاصِب جِنَايَة كَانَت فِي عنق العَبْد فان فدَاه مَوْلَاهُ أَو دَفعه رَجَعَ على الْغَاصِب بِالْأَقَلِّ من جِنَايَته وَمن الْقيمَة فَكَذَلِك الْمُدبر قلت فاذا قتل رجلا عمدا عِنْد الْغَاصِب فَقتل هَل يرجع الْمولى على الْغَاصِب بِقِيمَتِه قَالَ نعم لِأَنَّهُ أتْلفه
قلت أَرَأَيْت إِن جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد الْجِنَايَة الأولى فِي الْخَطَأ عِنْد الْغَاصِب وَقد قضي على الْمولى بِالْجِنَايَةِ الأولى هَل يتبع الْغَاصِب بِشَيْء من ذَلِك أَو الْمولى قَالَ لَا وَلَكِن يتبع الْمَجْنِي عَلَيْهِ الثَّانِي الأول فيشركان فِي الْقيمَة وَيرجع الْمولى بِالْقيمَةِ على الْغَاصِب وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد قلت وَكَذَلِكَ كل مَا جنى الْمُدبر بعد ذَلِك قَالَ نعم لِأَن الْمولى قد أدّى قِيمَته مرّة(4/328)
قلت فان كَانَ غصبه إِنْسَان بعد الأول فجني عِنْده جِنَايَة وَلم يكن جنى عِنْد الْغَاصِب الأول إِلَّا جِنَايَة وَاحِدَة قَالَ وَلَيْسَ على الْمولى وَلَا على الْغَاصِب الَّذِي غرم أول مرّة قيمَة وَيرجع الْمولى على الْغَاصِب الآخر بِنصْف الْقيمَة من الْجِنَايَة الاخرة فيدفعه إِلَى الْمَجْنِي عَلَيْهِ الأول وَالْأَمر كَمَا ذكرت
قلت أَرَأَيْت رجلا اغتصب رجلا مُدبرا فَقتل عِنْده رجلا خطأ ثمَّ رده على الْمولى بعد ذَلِك فَقتل عِنْد الْمولى آخر مَا القَوْل فِيهِ وَذَلِكَ كُله قبل أَن يقْضِي على الْمولى بِقِيمَتِه قَالَ على الْمولى قِيمَته وَيرجع الْمولى على الْغَاصِب بِنصْف الْقيمَة فيدفعها إِلَى الأول ثمَّ يرجع على الْغَاصِب بِمِثْلِهَا قلت وَلم قَالَ لِأَن إِحْدَى الجنايتين كَانَت عِنْد الْغَاصِب وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وابي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد إِنَّه يدْفع الْمولى قِيمَته من عِنْده إِلَى الجنايتين ثمَّ يرجع بِنصْف قِيمَته فَيسلم للْمولى وَلَا يَدْفَعهَا إِلَى أحد وَلَا يرجع على أحد بِشَيْء غير ذَلِك لِأَن الأول قد أَخذهَا فَلَا يَأْخُذهَا أَيْضا فَيصير قد أَخذ نصفا وَاحِدًا من وَجْهَيْن وَقد استوفي جِنَايَته كلهَا بِحَيْثُ أَخذ نصف الْقيمَة
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ جنى عِنْد الْمولى جِنَايَة ثمَّ غصبه رجل فجني عِنْده جِنَايَة أُخْرَى أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ يدْفع الْمولى قِيمَته(4/329)
وَيرجع على الْغَاصِب بِنصْف قِيمَته فيدفعها إِلَى الأول وَلَا يرجع على الْغَاصِب بِشَيْء
قلت أَرَأَيْت رجلا اغتصب من رجل مُدبرا فجني الْمُدبر على الْغَاصِب جِنَايَة وَهُوَ فِي يَدَيْهِ مَا القَوْل فِيهِ قَالَ لَيْسَ على السَّيِّد شَيْء وجنايته بَاطِل قلت وَلم قَالَ لِأَن الْجِنَايَة كَانَت عِنْده أَلا ترى أَنه إِذا أَخذهَا من السَّيِّد رَجَعَ بهَا السَّيِّد عَلَيْهِ قلت وَكَذَلِكَ إِن جنى على عبد الْغَاصِب أَو قتل رجلا وَالْغَاصِب وراثه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا اغتصب مُدبرا من رجل فجني الْمُدبر على مَوْلَاهُ جِنَايَة وَهُوَ عِنْد الْغَاصِب هَل على الْغَاصِب شَيْء قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو جنى على عبد للْمولى قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ عَبده وَلَا يكون للْمولى على عَبده شَيْء كَأَنَّهُ جنى وَهُوَ فِي يَدَيْهِ فِي قَول يَعْقُوب وَمُحَمّد وَأما فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة فجنايته على مَوْلَاهُ لَازِمَة للْغَاصِب لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة إِذا اغتصبه فَهُوَ ضَامِن للأولى مِمَّا جنى عَلَيْهِ مِمَّا اسْتهْلك وَمن قيمَة العَبْد
- بَاب جِنَايَة أم الْوَلَد وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا
- قلت أَرَأَيْت أم ولد جنت جِنَايَة فقتلت رجلا خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ على الْمولى قيمتهَا قلت وَهِي فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمُدبر والمدبرة قَالَ نعم قلت وَهُوَ على نَحْو مَا وصفت لي فِي جَمِيع جِنَايَة(4/330)
الْمُدبر قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت أم ولد جنت جِنَايَة فِي مرض سَيِّدهَا ثمَّ مَاتَ سَيِّدهَا فِي ذَلِك الْمَرَض قَالَ على السَّيِّد الْأَقَل من قيمتهَا وَمن الْجِنَايَة دين فِي مَاله قلت أَرَأَيْت إِن هِيَ جنت بعد موت سَيِّدهَا قَالَ جنايتها يمنزلة جِنَايَة الْحرَّة قلت فان كَانَ سَيِّدهَا لم يدع مَالا غَيرهَا قَالَ وَإِن كَانَ قلت أَرَأَيْت أم الْوَلَد إِذا جنى عَلَيْهَا رجل جِنَايَة فَقطع يَديهَا أَو فَقَأَ عينهَا مَا القَوْل فِيهِ قَالَ على الْفَاعِل بهَا ذَلِك نصف قيمتهَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فَقَأَ عينيها أَو قطع يَديهَا قَالَ عَلَيْهِ مَا نَقصهَا قلت وَهِي فِي جَمِيع جنايتها وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا بِمَنْزِلَة الْجِنَايَة على الْمُدبر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت أمة بَين رجلَيْنِ ولدت ولدا فادعياه جَمِيعًا أيثبت نسبه مِنْهُمَا قَالَ نعم قلت وَتَكون الْأمة أم ولد لَهما جَمِيعًا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَ أَحدهمَا قبل الآخر أَو مَاتَا جَمِيعًا وَقد تركا(4/331)
مَالا كثيرا أَو لم يتركا قَالَ هِيَ حرَّة فِي جيمع مَا ذكرت قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة أم الْوَلَد وَأم الْوَلَد لَا سِعَايَة عَلَيْهَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فاذا مَاتَا جَمِيعًا فَهُوَ كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأما إِذا مَاتَ أَحدهمَا قبل صَاحبه سعت للْبَاقِي فِي نصف قيمتهَا قلت أَرَأَيْت إِن جنت جِنَايَة مَا حَالهَا قَالَ الْجِنَايَة على السيدين جَمِيعًا نِصْفَيْنِ قلت وجنايتها فِي هَذَا الْحَال بِمَنْزِلَة جِنَايَة الْمُدبر يكون بَين رجلَيْنِ فِي جَمِيع مَا ذكرت قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت أمة بَين رجلَيْنِ دبرهَا أَحدهمَا ثمَّ وَطئهَا الآخر فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ الواطيء هَل يثبت نسبه مِنْهُ قَالَ نعم وَعَلِيهِ نصف قِيمَته وَنصف عقر الْأُم قلت وَلم كَانَ عَلَيْهِ نصف قيمَة الْوَلَد قَالَ لِأَن وَلَاء الْأُم قد كَانَ يثبت للْآخر أَلا ترى أَنَّهَا لَا تصير أم ولد لَهُ قلت أَرَأَيْت إِن جنت جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ على السَّيِّد جَمِيعًا قلت وجنايتهما بِمَنْزِلَة جِنَايَة الْمُدبر بَين اثْنَيْنِ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الواطيء مِنْهُمَا وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيرهَا قَالَ نصِيبه مِنْهَا حر وتسعى للْآخر فِي نصف قيمتهَا مُدبرَة قلت أَرَأَيْت إِن جنت جِنَايَة وَهِي فِي هَذِه الْحَال قَالَ عَلَيْهَا الْأَقَل من جنايتها وَمن الْقيمَة قلت وَلَا يكون على السَّيِّد من ذَلِك شَيْء قَالَ لَا(4/332)
قلت إِن كَانَ الَّذِي مَاتَ مِنْهُمَا الْمُدبر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن كَانَ ترك مَالا يخرج نصِيبه من الثُّلُث عتقت كلهَا وَلَا سِعَايَة عَلَيْهَا وَإِن لم تكن تخرج من الثث عتق نصيب الآخر وسعت للْوَرَثَة وَرَثَة الْمَيِّت فِيمَا زَاد على الثُّلُث وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فاذا دبرهَا الأول فقد صَارَت مُدبرَة كلهَا لَهُ فان وَطئهَا الآخر بعد ذَلِك لم يثبت نسب وَلَدهَا مِنْهُ وَكَانَت هِيَ وَوَلدهَا مُدبرين للَّذي دبرهَا وتغرم نصف قيمتهَا وَيغرم الَّذِي وَطئهَا جَمِيع عقرهَا للَّذي دبرهَا
- بَاب جِنَايَة أم ولد الذِّمِّيّ
-
قلت أَرَأَيْت أم ولد الذِّمِّيّ إِذا جنت جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ على سَيِّدهَا الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن قيمتهَا قلت فَهِيَ فِي جنايتها وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا بِمَنْزِلَة جِنَايَة أم ولد الذِّمِّيّ ثمَّ جنت جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ على الْمولى على مَا ذكرت لَك قلت وَهِي فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة جِنَايَة مُدبر الذِّمِّيّ إِذا أسلم قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بالسعاية فِي جيمع مَا ذكرت لي قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ القَاضِي قضي عَلَيْهَا بالسعاية فِي قيمتهَا(4/333)
مَا القَوْل فِيهَا قَالَ إِذا جنت جِنَايَة بعد مَا قضي القَاضِي عَلَيْهَا بالسعاية قَالَ عَلَيْهَا أَن تسْعَى فِي الْأَقَل من قيمتهَا وَمن الْجِنَايَة قلت وَهِي فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة مُدبر الذِّمِّيّ قد قضي عَلَيْهِ بالسعاية فِي جَمِيع مَا ذكرت لي قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا جنت جِنَايَة بعد مَا قضي القَاضِي عَلَيْهَا بالسعاية فِي قيمتهَا ثمَّ مَاتَ السَّيِّد قبل أَن يقْضِي عَلَيْهَا بِالْجِنَايَةِ أَو بعد مَا قضي عَلَيْهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ حرَّة وتسعى فِي الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن الْقيمَة يَوْم جنت قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن سَيِّدهَا عجل عتقهَا قبل أَن يَمُوت قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك قد كَانَ لَزِمَهَا قبل الْعتْق قلت أَرَأَيْت مَا أفسدت أم ولد الذِّمِّيّ أَو أم ولد الْمُسلم من ثوب استهلكته أَو دَابَّة قتلتها أَو دَار هدمتها لرجل مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ كل ذَلِك لَازم لَهَا فِي عُنُقهَا تسْعَى فِيهِ بَالغا مَا بلغ قلت وَلَا يكون على السَّيِّد من ذَلِك شَيْء قَالَ لَا
قلت وَلَا يشبه هَذَا الْجِنَايَات فِي النَّاس قَالَ لَا لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة الدّين فِي عُنُقهَا
- بَاب جِنَايَة العَبْد يعْتق بعضه أَو الْأمة وَهِي تسْعَى فِي بَقِيَّة قيمتهَا
- قلت أَرَأَيْت رجلا أعتق نصف عَبده ثمَّ جنى جِنَايَة بعد ذَلِك خطأ قبل أَن يقْضِي القَاضِي عَلَيْهِ بالسعاية أهوَ سَوَاء قَالَ نعم قلت(4/334)
فَمَاذَا يلْزمه من جِنَايَته قَالَ الْأَقَل من الْجِنَايَة وَالْقيمَة يسْعَى فيا قلت وَهُوَ عنْدك فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمكَاتب فِي جِنَايَته قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْجِنَايَة عَلَيْهِ مَا القَوْل فِيهَا قَالَ بِمَنْزِلَة الْجِنَايَة على الْمكَاتب فِي عينه نصف قِيمَته وَفِي يَده نصف قِيمَته
قلت أَرَأَيْت إِن قطعت يَدَاهُ أَو فقئت عَيناهُ مَا على فَاعل ذَلِك قَالَ مَا نقص من قِيمَته قلت وَهُوَ عنْدك بِمَنْزِلَة العَبْد مَا لم يؤد مَا عَلَيْهِ من السّعَايَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن جنى جِنَايَة فَلم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء حَتَّى جنى جِنَايَة أُخْرَى أَو جنى جنايات مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي القَاضِي عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي قِيمَته لأَصْحَاب الْجِنَايَات فَيَقْضِي عَلَيْهِ بذلك فَيكون بَينهم على قدر جناياتهم
قلت أَرَأَيْت إِن جنى جِنَايَة فقضي القَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَة أُخْرَى قلت وحاله فِي هَذَا كَحال الْمكَاتب قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن ولد لَهُ فِي سعايته ولد من أم ولد لَهُ ثمَّ مَاتَ هَل على وَلَده أَن يسْعَى فِيمَا على أَبِيه من السّعَايَة قَالَ نعم قلت(4/335)
وَيسْعَى أَيْضا فِي الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن قيمَة ابيه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت مَمْلُوكَة قَالَ نعم قلت وحالها فِي هَذَا كَحال ولد الْمكَاتب قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن جنى على مَوْلَاهُ جِنَايَة أَو جنى الْمولى عَلَيْهِ أَيكُون الْمولى فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة غَيره قَالَ نعم قلت وحاله فِي جَمِيع أمره كَحال الْمكَاتب إِلَّا أَن لَا يرد فِي الرّقّ أبدا قَالَ نعم وَهَذَا كُله قَول ابي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي ذَلِك كُله إِذا أعتق الْمولى بعضه عتق كُله وَصَارَ حرا وجنايته كجناية الْحر وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ كالجناية على الْحر
- بَاب جِنَايَة الْمكَاتب إِذا جنى وَهُوَ مكَاتب ثمَّ عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قتل رجلا خطأ ثمَّ عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمولى فان شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه قلت وَلم وَقد جنى وَهُوَ مكَاتب قَالَ لِأَنَّهُ قد عجز فَرد فِي الرّقّ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ فَرد فِي الرّقّ وَهِي جِنَايَة فِي عُنُقه وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف أماأنا فَأرَاهُ إِذا جنى وَهُوَ مكَاتب فقضي عَلَيْهِ أَو لم يقْض عَلَيْهِ فَهُوَ دين عَلَيْهِ الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن(4/336)
قِيمَته لِأَنَّهُ قد وَجب عَلَيْهِ ذَلِك وَهُوَ مكَاتب فَلَا أُبَالِي أخوصم فِيهِ إِلَى القَاضِي أَو لم يُخَاصم أَلا ترى أَنه لَو خاصمه الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَهُوَ مكَاتب لم يقْض عَلَيْهِ إِلَّا بِمَا ذكرت لَك بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن الْقيمَة ثمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُف بعد ذَلِك إِلَى قَول أبي حنيفَة وَهُوَ قَول مُحَمَّد لِأَنَّهُ دخل عَلَيْهِ فِيهِ أَلا ترى لَو أَن رجلا جنى عِنْده جِنَايَة فكاتبه وَهُوَ لَا يعلم ثمَّ عجز ثمَّ جَاءَ ولى المجنى عَلَيْهِ دفع عَلَيْهِ أَلا ترى أَن هَذَا لم يمْنَع عِنْده قطّ من أَن يَدْفَعهُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ جنى وَهُوَ عبد وَطلبت الْجِنَايَة قبله وَهُوَ كَذَلِك فيدفعه إِلَيْهِ وَلَا يَسْتَقِيم أَن يكون عَلَيْهِ قيمَة عَبده وَهُوَ عَبده على حَاله يقدر على دَفعه بِجِنَايَتِهِ وَلم يخرج من ملكه أَلا ترى أَنه لَو خاصمه الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَهُوَ مكَاتب لم يقْض عَلَيْهِ إِلَّا بِمَا ذكرت لَك من الْجِنَايَة أَو من الْقيمَة
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا قتل رجلا خطأ أَو رجلَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَو جنى جنايات كَثِيرَة وَهُوَ مكَاتب ثمَّ عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْء من تِلْكَ الْجِنَايَات مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مَوْلَاهُ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع الْمكَاتب وَإِن شَاءَ فدَاه فِي ذَلِك كُله كَأَنَّهُ جنى وَهُوَ عبد فان دَفعه كَانَ العَبْد بَينهم على قدر جناياتهم وَإِن فدَاه أدّى كل رجل مِنْهُم أرش جِنَايَته(4/337)
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة أَو جنايات كَثِيرَة فَأعْتقهُ سَيّده قبل أَن يعجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ عتقه جَائِز وَينظر إِلَى الْجِنَايَات يَوْم جنى وَإِلَى قِيمَته يَوْمئِذٍ فَيكون على الْمكَاتب من ذَلِك دينا عَلَيْهِ
قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد وَجب عَلَيْهِ ذَلِك يَوْم جنى أَلا ترى أَنه لَو خاصمه إِلَى القَاضِي على تِلْكَ الجال قضي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَات وَمن قِيمَته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قِيمَته أقل من الْجِنَايَات يقْضِي القَاضِي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ بعد مَا أعْتقهُ الْمولى كَيفَ تكون الْقيمَة بَينهم قَالَ تقسم الْقيمَة بَينهم على جَمِيع أرش جناياتهم فَيكون لكل إِنْسَان بِقدر حِصَّته من ذَلِك فَمَا أصَاب كل إِنْسَان بِحِصَّتِهِ من تِلْكَ الْقيمَة كَانَ دينا على الْمكَاتب يُؤَدِّيه إِلَيْهِ قلت لَو أدّى إِلَى بَعضهم هَل يشركهُ الْآخرُونَ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة مكَاتب عتق وَعَلِيهِ دين لقوم شَتَّى فاذا أدّى إِلَى بَعضهم شَيْئا سلم دون الآخرين فَكَذَلِك الْجِنَايَة لِأَنَّهَا قد صَارَت دينا عَلَيْهِ حَيْثُ قضي عَلَيْهِ بهَا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ قضي عَلَيْهِ وَهُوَ مكَاتب قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِذا قضي عَلَيْهِ وَهُوَ مكَاتب فَلم يعْتق وَلكنه على مُكَاتبَته بعد قَالَ نعم هَذَا كُله سَوَاء وَهُوَ بِمَنْزِلَة الدّين يكون عَلَيْهِ(4/338)
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة ثمَّ عجز فَأعْتقهُ الْمولى وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ أَو لَا يعلم بهَا قَالَ إِن أعْتقهُ وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ ضَامِن لجَمِيع أرش الْجِنَايَة بَالغا مَا بلغ وَإِن كَانَ أَكثر من الْقيمَة وَإِن كَانَ لَا يعلم ضمن الْقيمَة إِلَّا أَن تكون الْجِنَايَة أقل قلت وَلم وَقد جنى وَهُوَ مكَاتب قَالَ لِأَنَّهُ إِذا عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ عبد جنى فَأعْتقهُ مَوْلَاهُ فان كَانَ يعلم فَعَلَيهِ جَمِيع الْجِنَايَة وَإِن كَانَ أكثرمن الْقيمَة وَإِذا لم يعلم فَعَلَيهِ الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن الْقيمَة
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ وَقد جنى جِنَايَة فِي الْمُكَاتبَة ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد مَا رد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع العَبْد إِلَيْهِمَا جَمِيعًا وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه إِلَيْهِمَا فَهُوَ بَينهمَا على قدر جنايتهما وَإِن فدَاه أعْطى كل إِنْسَان أرش جِنَايَته قلت وَلم وَقد جنى على أَحدهمَا وَهُوَ مكَاتب قَالَ لِأَنَّهُ قد عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ جناهما جَمِيعًا بعد مَا عجز قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة جنت جِنَايَة وَهِي مُكَاتبَة ثمَّ إِنَّهَا ولدت ولدا فِي مكاتبتها بعد الْجِنَايَة ثمَّ عجزت قبل أَن يقْضِي عَلَيْهَا بِالْجِنَايَةِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْجِنَايَة فِي عُنُقهَا وَالْولد للْمولى فان شَاءَ الْمولى فداها وَإِن شَاءَ دَفعهَا قلت وَلم لَا يكون الْوَلَد مَعهَا قَالَ لِأَن الْوَلَد(4/339)
لَيْسَ من الْجِنَايَة فِي شَيْء أَلا ترى لَو أَن أمة جنت جِنَايَة ثمَّ ولدت ولدا ثمَّ جَاءَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ يُخَاصم بعد ذَلِك كَانَت الْجِنَايَة فِي رَقَبَة الْأُم وَكَانَ الْوَلَد للْمولى فَكَذَلِك الْمُكَاتبَة إِذا عجزت
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة جنت جِنَايَة ثمَّ جنى عَلَيْهَا بعد ذَلِك ثمَّ عجزت قبل أَن يقْضِي لَهَا وَعَلَيْهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دَفعهَا بِالْجِنَايَةِ وَإِن شَاءَ فداءها اتبع الْمولى الَّذِي جنى عَلَيْهَا وَأخذ مِنْهُ أَرْشهَا إِن كَانَ ذَلِك لم يَأْتِ على جَمِيع قيمتهَا فان أَتَى على جَمِيع قيمتهَا من نَحْو ففيء الْعين أَو قطع الْيَدَيْنِ أَو جدع الْأنف وَقد برأت من ذَلِك فان الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دَفعهَا إِلَى الَّذِي جنى عَلَيْهَا وَأخذ قيمتهَا مِنْهُ وَإِن شَاءَ أمْسكهَا فان أمْسكهَا فَلَا شَيْء لَهُ وَإِن دَفعهَا إِلَى الْمَجْنِي عَلَيْهِ كَانَ أرش الْجِنَايَة الَّتِي جنت عَلَيْهَا للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ وَيكون فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمولى فَيرجع عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فيأخذها مِنْهُ فان كَانَت الْجِنَايَة أَتَت على جَمِيع الْقيمَة فان شَاءَ دَفعهَا إِلَيْهِ وَأخذ قيمتهَا وَإِن شَاءَ أمْسكهَا وَلَا شَيْء لَهُ قلت وَلم كَانَ هَذَا هَكَذَا قَالَ أَلا ترى لَو أَن عبدا جنى على رجل جِنَايَة ثمَّ جنى عَلَيْهِ بعد ذَلِك ثمَّ خوصم الْمولى فِيهِ كَانَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه فان فداءه كَانَت الْجِنَايَة لَهُ وَإِن دَفعه كَانَت الْجِنَايَة للمدفعوع إِلَيْهِ العَبْد(4/340)
- بَاب الْمكَاتب يجني فَيَقْضِي عَلَيْهِ بذلك ثمَّ يعجز
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بذلك ثمَّ عجز قَالَ يكون مَا قضي بِهِ عَلَيْهِ دينا فان أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ ذَلِك وَإِلَّا بيع فِيهِ قلت وَأي شَيْء يقْضِي عَلَيْهِ قَالَ بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن قِيمَته إِن كَانَت قِيمَته أقل قضي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه وَإِن كَانَت قِيمَته أَكثر قضي عَلَيْهِ الْجِنَايَة وَكَانَ ذَلِك دينا عَلَيْهِ فاذا عجز بعد مَا قضي بذلك عَلَيْهِ بيع فِيهِ إِلَّا أَن يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ
قلت أَرَأَيْت إِن قتل رجلا خطأ وَهُوَ مكَاتب وَقِيمَته أَكثر من عشرَة آلَاف دِرْهَم مَا الَّذِي يلْزمه من ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ عشرَة آلَاف إِلَّا عشرَة دَرَاهِم قلت وَلم لَا يكون عَلَيْهِ قِيمَته وَقِيمَته أَكثر من عشرَة آلَاف قَالَ لِأَنَّهُ إِن قتل رجلا خطأ لم يكن على عَاقِلَته إِلَّا عشرَة آلَاف وَينْقص من ذَلِك عشرَة دَرَاهِم وَإِنَّمَا أجعَل عَلَيْهِ مثل مَا أجعَل لَهُ فِي ذَلِك قلت وَكَذَلِكَ لَو جنى جنايات كَثِيرَة تبلغ عشرَة آلَاف دِرْهَم أَو أَكثر وقسيمته عشرَة آلَاف دِرْهَم أَو أَكثر قَالَ نعم عَلَيْهِ عشرَة آلَاف دِرْهَم إِلَّا عشرَة دَرَاهِم لأَصْحَاب الْجِنَايَات على قدر جناياتهم لكل إِنْسَان مِنْهُم بِقدر حِصَّته قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ أَيْضا فِي الْجِنَايَة(4/341)
الثَّانِيَة بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن الْجِنَايَة قلت فان جنى بعد ذَلِك جِنَايَة أُخْرَى قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ أَيْضا فِي الثَّالِثَة بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن الْجِنَايَة قلت فان جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ أَيْضا فِي الْجِنَايَة الرَّابِعَة بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن قِيمَته قلت وَكَذَلِكَ إِن جنى بعد ذَلِك أُخْرَى قَالَ نعم
قلت فان كَانَت الْجِنَايَة قتل خطأ أَو جِرَاحَة فَلم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء حَتَّى جنى جِنَايَة أُخْرَى أَو جنايات كَثِيرَة قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْء ثمَّ خاصمه أَصْحَاب الْجِنَايَات جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن الْجِنَايَات وَينظر فان كَانَت الْجِنَايَات أقل قضي عَلَيْهِ بهَا فَيكون عَلَيْهِ لكل إِنْسَان أرش جِنَايَته وَإِن كَانَت الْقيمَة أقل قضي عَلَيْهِ بهَا فَيكون عَلَيْهِ لكل إِنْسَان مِنْهُم بِقدر حِصَّته من ذَلِك لِأَن الْقيمَة تقسم على الْجِنَايَات قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْجِنَايَات كلهَا أَكثر من قِيمَته وَقِيمَته أَكثر من عشرَة آلَاف أَو عشرَة آلَاف قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِعشْرَة آلَاف إِلَّا عشرَة دَرَاهِم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَو قتل لم يكن على عَاقِلَته إِلَّا ذَلِك فَكَذَلِك جِنَايَته
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ وَقِيمَته ألف دِرْهَم يَوْم قَتله فَلم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء حَتَّى قتل آخر خطأ وَقِيمَته يَوْم(4/342)
قتل الثَّانِي أَلفَانِ ثمَّ دفعاه جَمِيعًا إِلَى القَاضِي مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي القَاضِي على الْمكَاتب أَن يسْعَى فِي أَلفَيْنِ فِي قِيمَته يَوْم جنى الْجِنَايَة الْآخِرَة فَيكون إِحْدَى ة الْأَلفَيْنِ للثَّانِي وَأما الْألف الْأُخْرَى فَهِيَ بَينهمَا يضْرب فِيهَا الْآخِرَة بِتِسْعَة آلَاف وَيضْرب فِيهَا الأول بِعشْرَة آلَاف فَمَا خرج من السّعَايَة قبل أَن يستكمل الآداء فَهُوَ بَينهمَا على هَذَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قتل الأول وَقِيمَته ألف فانما يجب عَلَيْهِ قِيمَته يَوْم قتل وَقتل الثَّانِي وَقِيمَته أَلفَانِ فَصَارَت الْقيمَة الأولى بَين الثَّانِي وَبَين الأول لِأَنَّهُ لم يقْضى عَلَيْهِ حَتَّى جنى الْجِنَايَة الثَّانِيَة وَصَارَ الْفضل من قِيمَته للثَّانِي خَاصَّة أَلا ترى أَنه لَو كَانَ على حَاله يَوْم جنى على الثَّانِي كَانَت الْقيمَة بَينهمَا نِصْفَيْنِ فَلذَلِك صَار الْفضل للثَّانِي قلت أَرَأَيْت مَا خرج من سعايته كَيفَ يقسم بَينهمَا قَالَ للْآخر نصفهَا وَنِصْفهَا بَينهمَا على تِسْعَة آلَاف وعَلى عشرَة آلَاف حَتَّى يستكملا قلت وَلم قَالَ لِأَن إِحْدَى الْأَلفَيْنِ للْأولِ والآخرى بَينهمَا على ذَلِك
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قتل قَتِيلا خطأ ثمَّ اعور الْمكَاتب بعد ذَلِك أَو عمي أَو أَصَابَهُ عيب ينقصهُ من قِيمَته ثمَّ إِن الْمَجْنِي عَلَيْهِ خاصمه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى قِيمَته يَوْم جنى وَلَا ينظر إِلَى مَا نَقصه بعد ذَلِك فان كَانَت الْجِنَايَة أقل قضي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ قلت أَرَأَيْت إِن زَادَت قِيمَته بَعْدَمَا جنى ثمَّ خاصمه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ لَا ألتفت إِلَى الزِّيَادَة(4/343)
فِي قِيمَته وَلَا إِلَى النُّقْصَان وَإِنَّمَا أنظر إِلَى قِيمَته يَوْم جنى فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَته يَوْم جنى وَالْجِنَايَة قلت وَإِنَّمَا تلْزمهُ الْجِنَايَة يَوْم جنى وَلَا يلْتَفت إِلَى زِيَادَته وَلَا نقصانه قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ إِنَّه عجز وَعَلِيهِ دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ مَا عَلَيْهِ مِمَّا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِ لأَصْحَاب الْجِنَايَة وَالدّين فان لم يفعل بيع العَبْد فِيهِ لَهما جَمِيعًا فَكَانَ الثّمن بَين أَصْحَاب الدّين وَأَصْحَاب الْجِنَايَة بِالْحِصَصِ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا قضي على الْمكَاتب بِالْجِنَايَةِ فقد صَار ذَلِك دينا عَلَيْهِ وَصَارَ مَالا فِي عُنُقه بِمَنْزِلَة مَا استجدان فاذا عجز صَار ذَلِك دينا يُبَاع فِيهِ فَيكون الثّمن بَينهم بِالْحِصَصِ فان فضل شَيْء عَن دينهم كَانَ للْمولى وَإِن نقص لم يكن على الْمولى شَيْء قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة فَلم يقْض عَلَيْهِ بهَا حَتَّى عجز فَرد فِي الرّقّ وَعَلِيهِ دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دَفعه بِالْجِنَايَةِ وَإِن شَاءَ فدَاه فان فدَاه كَانَ الدّين فِي عُنُقه فان أدّى الدّين إِلَى أَصْحَاب الدّين وَإِلَّا بيع لَهُم وَإِن دَفعه إِلَى اصحاب(4/344)
الْجِنَايَة أتبعه أَصْحَاب الدّين وَكَانَ الدّين فِي عُنُقه فان أدّى المدفعوع اليه العَبْد الدّين إِلَى الْغُرَمَاء وَإِلَّا بيع لَهُم فِي دينهم فان كَانَ فِيهِ فضل عَن الدّين كَانَ لَهُ وَإِن نقص لم يكن عَلَيْهِ شَيْء قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى فَلم يقْض بهَا عَلَيْهِ حَتَّى عجز فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِيهِ قَالَ أما الْجِنَايَة الَّتِي قضي عَلَيْهِ بهَا فَذَلِك دين فِي عُنُقه وَأما الْجِنَايَة الَّتِي لم يقْض بهَا عَلَيْهِ فَهِيَ جِنَايَة فِي عُنُقه وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دَفعه بِالْجِنَايَةِ وَإِن شَاءَ فدَاه وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْبَاب الأول الَّذِي ذكرت لَك الَّذِي عجز وَقد جنى جِنَايَة وَلم يقْض بهَا عَلَيْهِ حَتَّى عجز وَعَلِيهِ دين قلت وَكَذَلِكَ لَو جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ عجز ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى قبل أَن يُخَاصم فِي العَبْد قَالَ نعم هَذَا أَيْضا بِمَنْزِلَة الْبَاب الأول قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى فقضي بهَا عَلَيْهِ أَيْضا ثمَّ عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ذَلِك دين عَلَيْهِ يُبَاع فِيهِ أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ قلت أَرَأَيْت إِذا جنى جِنَايَة أَو جنايات فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ عجز كَانَ ذَلِك بِمَنْزِلَة الدّين عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت فان لم يقْض بهَا عَلَيْهِ حَتَّى عجز كَانَ ذَلِك جِنَايَة فِي عُنُقه وَكَانَ كَأَنَّهُ جنى وَهُوَ عبد فان شَاءَ مَوْلَاهُ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه قَالَ نعم(4/345)
- بَاب الْمكَاتب يجني جِنَايَة ثمَّ يَمُوت قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ أَو بعد مَا قضي عَلَيْهِ
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَلم يقْض بهَا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ وَلم يدع شَيْئا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْجِنَايَة بَاطِل قلت وَكَذَلِكَ إِن قضي عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك كَأَن فِي رقبته وَفِيمَا يتْرك فاذا مَاتَ وَلم يدع شَيْئا بَطل ذَلِك قلت فان كَانَ قد ترك مَالا قَالَ ينظر إِلَى قِيمَته يَوْم جنى وَإِلَى الْجِنَايَة فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من ذَلِك فَيُؤْخَذ ذَلِك من مَاله ثمَّ يُؤَدِّي إِلَى الْمولى مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة فان فضل شَيْء فَكَانَ لَهُ وَرَثَة أَحْرَار سوى الْمولى كَانَ لَهُم وَإِلَّا كَانَ للْمولى وَيعتق الْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ وَقد مَاتَ وَترك مَالا قَالَ يُؤْخَذ ذَلِك من مَاله ثمَّ يُؤَدِّي إِلَى الْمولى مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته قلت فَهَل يصل الْمولى إِلَى شَيْء من مَاله أَو يُعْطي مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة حَتَّى يُؤَدِّي إِلَى اصحاب الْجِنَايَة حَقهم قَالَ لَا قلت وَسَوَاء إِن كَانَ قضي عَلَيْهِ بهَا أَو لم يقْض قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك دين فِي عُنُقه على الْمكَاتب فَيبْدَأ بِالدّينِ قبل الْمُكَاتبَة(4/346)
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة ثمَّ مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بذلك وَعَلِيهِ دين وَقد ترك مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ بِالدّينِ فَيُؤَدِّي إِلَى اصحاب الدّين فان فضل شَيْء نظر إِلَى قيمَة العَبْد يَوْم جنى الْجِنَايَة فَيُؤْخَذ مَا بَقِي الْأَقَل من ذَلِك ثمَّ يُؤَدِّي إِلَى الْمولى مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة وَيكون مَا بَقِي مِيرَاثا بَين ورثته قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن فِيمَا بَقِي وَفَاء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ فَيُؤَدِّي الدّين قبل الْجِنَايَة فان فضل شَيْء كَانَ لصَاحب الْجِنَايَة وَإِن لم يفضل شَيْء فَلَا شَيْء لَهُ قلت وَلَا يحاص صَاحب الْجِنَايَة صَاحب الدّين قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب قد مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ وَقبل أَن تصير الْجِنَايَة دينا عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قضي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة أَو من الْقيمَة قبل أَن يَمُوت ثمَّ مَاتَ وَعَلِيهِ دين وَقد ترك مَالا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون مَا ترك بَين أَصْحَاب الدّين وَاضحا الْجِنَايَة بِالْحِصَصِ قلت وَمن أَيْن اخْتلف هَذَا وَالْأول قَالَ لِأَنَّهُ قد قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فقد صَار دينا عَلَيْهِ وَهُوَ أُسْوَة للْغُرَمَاء فِيمَا ترك
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة ثمَّ مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بذلك أَو بعد مَا قضي عَلَيْهِ وَقد ترك مَالا وللمولى عَلَيْهِ دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ بِالْجِنَايَةِ فيعطي أهل الْجِنَايَة فان فضل شَيْء أَخذ الْمولى دينه ثمَّ أَخذ بعد ذَلِك مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة وَيعتق العَبْد قلت(4/347)
وَسَوَاء إِن كَانَ قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ أَو لم يقْض عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن دين غير الْمولى أَحَق من دين الْمولى فَلَا يكون للْمولى شَيْء حَتَّى يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ من الْجِنَايَة أَو دين قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة ثمَّ مَاتَ وَلم يدع مَالا إِلَّا مائَة دِرْهَم وَلم يقْض عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ وَالْمُكَاتبَة أَكثر مِمَّا ترك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون مَا ترك للْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد مَاتَ عبدا وَلم يتْرك وَفَاء أَلا ترى أَنه لَو كَانَ جنى فعجز قيل للْمولى افده أَو ادفعه قلت أَرَأَيْت إِن ترك وَفَاء بِالْجِنَايَةِ وَالْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِيهِ قَالَ الْأَمر فِيهِ كَمَا ذكرت لَك فِي الْبَاب الأول قلت أرايت إِن ترك وَفَاء بالمكاتبة وَلم يتْرك وَفَاء بِالْجِنَايَةِ وَقد مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ بِالْجِنَايَةِ قبل الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمولى إِذا قبض الْمُكَاتبَة فقد صَار حرا كُله فأكره أَن أدفَع ذَلِك إِلَى الْمولى وَعَلِيهِ الْجِنَايَة قلت فان لم يكن فِيمَا ترك وَفَاء بالمكاتبة كَانَ جَمِيع مَا ترك للْمولى وَبَطلَت الْجِنَايَة قَالَ نعم لِأَنَّهُ قد مَاتَ عبدا
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا مَاتَ وَترك ابْنا ولد لَهُ فِي الْمُكَاتبَة من أمة لَهُ وَعَلِيهِ دين وَجِنَايَة وَقد كَانَ قضي عَلَيْهِ بهَا أَو لم يقْض عَلَيْهِ بهَا(4/348)
مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى فِي الدّين وَيسْعَى فِي الْأَقَل من قيمَة الْمكَاتب يَوْم جنى وَأرش الْجِنَايَة وَيسْعَى فِي الْمُكَاتبَة وَلَا يجْبر على أَن يبْدَأ من ذَلِك بِشَيْء قبل شَيْء غير أَنه إِن عجز عَن شَيْء من النُّجُوم أَو أَخّرهُ عَن مَحَله وَلم يكن عِنْده وَفَاء بذلك حَاضر رد فِي الرّقّ فان رد فِي الرّقّ بعد مَا قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فانه يُبَاع وَيكون الثّمن بَين الْغُرَمَاء واصحاب الْجِنَايَات بِالْحِصَصِ وَإِن لم يقْض عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ حَتَّى عجز فان الْجِنَايَة بَاطِل لَا تلْزمهُ من قبل أَن الْمكَاتب الأول مَاتَ عَاجِزا وَالْجِنَايَة كَانَت فِي عُنُقه دون عنق الابْن وَصَارَت الْجِنَايَة جِنَايَة عبد فَلَمَّا مَاتَ عبدا بَطل فَلَا يلْزم الابْن مِنْهَا شَيْء لِأَن عجز الابْن هُوَ عجز الْأَب أَلا ترى لَو أَن الابْن أدّى عتق أَبوهُ أَولا ترى لَو أَن الْمكَاتب كَانَ جنى فعجز فَرد فِي الرّقّ ثمَّ مَاتَ لم يكن فِي عنق الابْن شَيْء من جِنَايَته قلت أَرَأَيْت مكَاتبا مَاتَ وَقد جنى جِنَايَة وَترك ابْنا قد ولد فِي مُكَاتبَته من أمة لَهُ وَهِي حَيَّة مَعَ ابْنهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِمَا أَن يسعيا فِي الْمُكَاتبَة وَفِي الْأَقَل من قيمَة الْمكَاتب يَوْم جنى وَأرش الْجِنَايَة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد قضي بهَا على الْمكَاتب قَالَ هِيَ لَازِمَة لَهما يسعيان فِيهَا وَإِن لم يكن قضي بهَا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فرفعهما الْأَوْلِيَاء إِلَى القَاضِي فقضي بهَا عَلَيْهِمَا سعيا فِيهَا أَيْضا(4/349)
قلت أَرَأَيْت إِن قضي القَاضِي عَلَيْهِمَا بذلك فقتلت الْأُم قَتِيلا خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهَا بالسعاية أَن تسْعَى فِي قيمتهَا لأولياء الْقَتِيل ويسعيان فِيمَا كَانَ من جِنَايَة الأول قلت فان جنى الابْن جِنَايَة أُخْرَى فَقتل قَتِيلا خطأ قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي قِيمَته لأولياء الْقَتِيل ويسعيان فِيمَا كَانَ من جِنَايَة الأول قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت جنايتهما قبل يقْضِي عَلَيْهِمَا بِالْجِنَايَةِ الأولى مَعَ ذَلِك قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ دين لحقهما من قبل الْأَب قلت أرايت إِن عَجزا فَردا فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُبَاع الابْن فِي جِنَايَته خَاصَّة وتباع الْأُم فِي جنايتها خَاصَّة إِلَّا أَن يُؤَدِّي عَنْهُمَا الْمولى مَا عَلَيْهِمَا من ذَلِك فان فضل شَيْء من اثمانهما كَانَ فِي جِنَايَة الْأَب وَإِن لم يفضل شَيْء من أثمانهما فَلَا شَيْء لصَاحب جِنَايَة الْأَب قلت وَلم قَالَ لِأَن دينهما أَحَق أَن يقْضِي من دين الْأَب أَلا ترى لَو مَاتَ الْأَب وَعَلِيهِ دين واستدان الابْن دينا بعد ذَلِك ثمَّ عجز بيع فِي دينه دون دين أَبِيه فَكَذَلِك الأول قلت أرايت الْمُكَاتبَة إِذا مَاتَت وَتركت مائَة دِرْهَم وَتركت ابْنا قد وَلدته فِي مكاتبتها وَعَلَيْهَا دين وَقد قتلت قَتِيلا خطأ فقضي عَلَيْهَا أَو لم يقْض عَلَيْهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي على الابْن أَن يسْعَى(4/350)
فِي الْمُكَاتبَة وَأَن يسْعَى فِي الدّين وَفِي الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن قيمَة الْأُم وَيسْعَى فِيمَا وصفت لَك وَالْمِائَة بَين أهل الْجِنَايَة وَأهل الدّين بِالْحِصَصِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قضي عَلَيْهَا بِالْجِنَايَةِ أَو لم يقْض فَهُوَ سَوَاء قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة تركت ابْنا يسْعَى فِي مكاتبتها وَكَأَنَّهَا حَيَّة تسْعَى أَلا ترى أَنَّهَا لم تعجز حِين كَانَ بعْدهَا من يسْعَى فِي الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت لَو أَن الابْن اسْتَدَانَ دينا وجنى جِنَايَة فقضي علبيه بذلك مَعَ مَا قضي عَلَيْهِ من دين أمه وَمن جنايتها كَانَ عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي ذَلِك كُله فان عجز فَرد فِي الرّقّ بيع فِي دينه وجنايته خَاصَّة دون دين أمه وجنايتها فان فضل شَيْء من ثمنه كَانَ فِي دين أمه وجنايتها بِالْحِصَصِ وَإِن لم يفضل شَيْء فَلَا شَيْء لَهُم قَالَ نعم قلت فان كَانَ إِنَّمَا عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ قَالَ يُخَيّر مَوْلَاهُ فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه ويتبعه دينه عِنْد أهل الْجِنَايَة فَيُبَاع فِي دينه خَاصَّة دون دين أمه وجنايتها فان فضل شَيْء بعد دينه لم يكن ذَلِك فِي دينه أمه وجنايتها قلت وَلم وَقد كَانَ دينا فِي عُنُقه قبل أَن يدْفع إِلَى أَصْحَاب الْجِنَايَة قَالَ لِأَن جِنَايَته أولى من جِنَايَة أمه ودينها أَلا ترى لَو أَن رجلا مَاتَ وَترك عبدا وَترك دينا كثيرا بيع العَبْد فِي دينه حَتَّى يقْضِي فان جنى العَبْد جِنَايَة قيل للْوَرَثَة وللغرماء ادفعوا أَو افدوا فان فدوه كَانُوا متطوعين وَبيع فِي دين مَوْلَاهُ الْمَيِّت وَإِن فَدَعوهُ لم يتبعوه دين مَوْلَاهُ لِأَن جِنَايَته أَحَق بِهِ من دين مَوْلَاهُ فَكَذَلِك ولد الْمُكَاتبَة جِنَايَته(4/351)
إِذا دفع بهَا أَحَق من دين الْمُكَاتبَة لِأَنَّهُ دين كَانَ على غَيره وَهَذِه الْجِنَايَة عَلَيْهِ خَاصَّة فَهِيَ أَحَق بِالْعَبدِ من دين الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن أمْسكهُ الْمولى بعد مَا قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فَأدى جِنَايَته وَدينه الَّذِي كَانَ فِي عُنُقه مَا حَال مَا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِ من جِنَايَة أمه قَالَ يُبَاع فِي ذَلِك أَو يُؤدى عَنهُ مَوْلَاهُ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ من الْأُم فديتها فِي رقبته قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة ثمَّ مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْء وَترك رَقِيقا وَعَلِيهِ دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُبَاع رَقِيقه فِي دينه وَيبدأ بِهِ قبل الْجَنَابَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ بَقِي عَلَيْهِ شَيْء هَل يكون لصَاحب الْجِنَايَة قَالَ نعم إِن بَقِي شَيْء من تركته كَانَ لَهُم حَتَّى يستوفوا الْأَقَل من قِيمَته من أرش الْجِنَايَة وَإِن لم يبْق شَيْء لم يكن لَهُم شَيْء فان بَقِي شَيْء بعد ذَلِك أدبت الْمُكَاتبَة وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث وَإِن كَانَ الَّذِي بَقِي بعد الدّين أقل من الْمُكَاتبَة الَّتِي بقيت بطلت الْجِنَايَة وَكَانَ ذَلِك المَال للْمولى قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ هَذَا الْمكَاتب الَّذِي ترك رَقِيقا مِنْهُم من قد أذن لَهُ فِي التِّجَارَة فاستدان دينا وَقد مَاتَ الْمكَاتب وَعَلِيهِ دين وعَلى مَمْلُوكه هَذَا دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُبَاع مَمْلُوكه هَذَا فِي دينه خَاصَّة دون دين الْمكَاتب فان بَقِي شَيْء من ثمنه كَانَ فِي دين الْمكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَن دينه أَحَق من دين سَيّده(4/352)
قلت أَرَأَيْت عبدا لمكاتب قتل رجلا خطأ ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب وَعَلِيهِ دين وَبَقِي العَبْد وَلَيْسَ للْمكَاتب مَال غَيره مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمولى فان شَاءَ دَفعه هُوَ والغرماء بِالْجِنَايَةِ وَلَا حق للْغُرَمَاء فِيهِ وَإِن شَاءَ فدَاه بِالدِّيَةِ وَيُبَاع فِي دين الْغُرَمَاء قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على العَبْد دين أَيْضا مَعَ جِنَايَته وَدين الْمكَاتب قَالَ يُخَيّر مَوْلَاهُ فان شَاءَ دَفعه ويتبعه دين نَفسه أَيْن مَا كَانَ وَلَا شَيْء لغرماء الْمكَاتب فِيهِ وَإِن شَاءَ فدَاه ويتبعه غُرَمَاء العَبْد خَاصَّة فان فضل شَيْء كَانَ بَين غُرَمَاء الْمكَاتب قلت وَلم قَالَ من قبل أَن الْمولى أمْسكهُ وَصَارَ مُتَطَوعا فِي الْفِدَاء فَصَارَ الْغُرَمَاء أَحَق بِهِ قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت فِي مكاتبتها ولدا فجنت الْأُم جِنَايَة وجنى الْوَلَد جِنَايَة ثمَّ مَاتَ الْوَلَد قبل أَن يقْضِي بذلك أَو بعد مَا قضي عَلَيْهِ بِهِ هَل يلْزم الْأُم من جِنَايَته شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْجِنَايَة كَانَت فِي عتق الْوَلَد فَلَا يلْزم الْأُم من ذَلِك شَيْء قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم وَبَقِي الْوَلَد وَقد كَانَ قضي عَلَيْهَا بِالْجِنَايَةِ أَو لم يقْض عَلَيْهَا أيقضي على الْوَلَد أَن يسْعَى فِيمَا على أمه من الْمُكَاتبَة وَفِيمَا كَانَ قضي بِهِ على الْأُم من الْجِنَايَة وَيسْعَى فِي جِنَايَته أَيْضا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن قضي عَلَيْهَا قَالَ يقْضِي على الْوَلَد أَن يسْعَى فِي الْأَقَل من جِنَايَة(4/353)
أمه وَمن قيمتهَا يَوْم جنت وَكَذَلِكَ جِنَايَته يقْضِي عَلَيْهِ بهَا أَيْضا
قلت أَرَأَيْت إِذا عجز الْوَلَد فَرد فِي الرّقّ وَلم يكن قضي على أمه بالسعاية وَلَا عَلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تبطل جِنَايَة الْأُم وَيُخَير السَّيِّد فان شَاءَ دَفعه بِجِنَايَتِهِ وَإِن شَاءَ فدَاه قلت وَلم أبطلت جِنَايَة الْأُم قَالَ لِأَن الابْن حَيْثُ عجز فقد مَاتَت الْأُم عاجزة فَقَط بطلت جنايتها وَصَارَت جِنَايَة الْوَلَد فِي رقبته قلت أرايت إِن كَانَ قضي على الْأُم بِالْجِنَايَةِ وعَلى الابْن جَمِيعًا ثمَّ عجز الْوَلَد مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يُبَاع الْوَلَد فِي جِنَايَته إِن لم يود عَنهُ مَوْلَاهُ فان فضل شَيْء من الثّمن كَانَ فِي جِنَايَة أمه وَإِن لم يفضل شَيْء فَلَا شَيْء لَهُم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ قضي على الْوَلَد بالجنايتين جَمِيعًا قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ قضي على الْأُم وَالْولد بِالْجِنَايَةِ فقد صَار ذَلِك دينا عَلَيْهِمَا يُبَاع الْوَلَد فِي دينه فَيبْدَأ بِدِينِهِ قبل دين أمه قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت فِي مكاتبتها ثمَّ جنت جِنَايَة فقضي عَلَيْهَا بِالْجِنَايَةِ ثمَّ إِنَّهَا عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن أدّى الْمولى مَا كَانَ قضي عَلَيْهَا بِهِ فِي الْجِنَايَة وَإِلَّا بِيعَتْ فِي الْجِنَايَة لِأَنَّهُ قد صَار دينا فِي رقبَتهَا فان كَانَ فِي ثمنهَا وَفَاء لذَلِك وَإِلَّا بيع وَلَدهَا حَتَّى يُوفي مَا كَانَ فِي عُنُقهَا من ذَلِك فان فضل شَيْء من ثمن الْوَلَد كَانَ للْمولى قلت وَلم يُبَاع الْوَلَد فِي ذَلِك قَالَ لِأَن ذَلِك قد صَار دينا على الْأُم وَوَلدهَا مِنْهَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على الْوَلَد دين حَيْثُ عجزت الْأُم فَردَّتْ(4/354)
فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تبَاع الْأُم فِي دينهَا وَيُبَاع الابْن فِي دين نَفسه فان فضل شَيْء من تمن الْوَلَد كَانَ فِي دين الْأُم إِن لم يكن فِي ثمنهَا وَفَاء
- بَاب جِنَايَة الْمكَاتب على مَوْلَاهُ وَجِنَايَة مَوْلَاهُ عَلَيْهِ
-
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة على مَوْلَاهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ جِنَايَته على مَوْلَاهُ وعَلى غَيره سَوَاء ينظر إِلَى جِنَايَته على مَوْلَاهُ وَإِلَى قِيمَته يَوْم جنى فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِذا قضي عَلَيْهِ بِمَا ذكرت ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بهَا أَيْضا وَيسْعَى فِي الجنايتين جَمِيعًا فتكونان عَلَيْهِ جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت إِن لم يقْض بِجِنَايَتِهِ على مَوْلَاهُ حَتَّى جنى جِنَايَة أُخْرَى مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى قِيمَته وَإِلَى الجنايتين جَمِيعًا فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ ذَلِك فان كَانَت قِيمَته أقل من الجنايتين جَمِيعًا فقضي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ فَيكون ذَلِك للْمولى وَللْآخر على قدر جنايتهما يسْعَى فِي ذَلِك لَهما قلت أَرَأَيْت إِذا قضى عَلَيْهِ بذلك ثمَّ عجز بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ تبطل جِنَايَة الْمولى وَيكون نصف جَمِيع قيمَة العَبْد للأجنبى بِحِصَّتِهِ إِلَّا أَن تكون جِنَايَته أقل من ذَلِك فَيُبَاع لَهُ نصف العَبْد بذلك أويؤدي عَنهُ الْمولى ذَلِك قلت فَلم جعلت نصف جَمِيع قيمَة العَبْد للْأَجْنَبِيّ وَإِنَّمَا كنت قضبت عَلَيْهِ بِنصْف الْقيمَة قبل الْعَجز قَالَ لِأَنِّي قضيت عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْجِنَايَة دينا فِي عُنُقه فَصَارَ ذَلِك دينا فِي نصف قِيمَته فَلَمَّا عجز كَانَ جَمِيع مَا قضي بِهِ عَلَيْهِ دينا فِي عُنُقه فَبَطل نصفه بِنصْف الْمولى(4/355)
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة على مَوْلَاهُ وجنى جِنَايَة أُخْرَى على أَجْنَبِي فقضي عَلَيْهِ بالجنايتين جَمِيعًا ثمَّ إِن الْمكَاتب مَاتَ وَترك ولدا ولد لَهُ فِي الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى فِيمَا كَانَ على الْمكَاتب من ذَلِك وَيسْعَى فِي الْمُكَاتبَة قلت وَلم يسْعَى فِي حِصَّة الْمولى من ذَلِك قَالَ لِأَن ذَلِك دين على الْمكَاتب فولده بِمَنْزِلَة قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة على مَوْلَاهُ فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى على أَجْنَبِي فقضي عَلَيْهِ بهَا أَيْضا ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تبطل جِنَايَة الْمولى وَيكون حق الْأَجْنَبِيّ فِي عُنُقه يُبَاع فِيهِ كُله أَو يُؤَدِّي مَوْلَاهُ عَنهُ قلت أَرَأَيْت رجلا جنى على مكَاتبه جِنَايَة فَقطع يَده فقضي عَلَيْهِ بذلك وَالْمُكَاتبَة إِلَى أجل ثمَّ إِن الْمكَاتب جنى على رجل جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ إِنَّه عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تبطل جِنَايَة الْمولى على الْمكَاتب وَيُبَاع الْمكَاتب فِي جِنَايَة الْأَجْنَبِيّ أَو يُؤَدِّي مَوْلَاهُ عَنهُ قلت أَرَأَيْت إِن بيع فِي ذَلِك فَلم يَفِ ثمنه أقطع هَل يكون على الْمولى شَيْء قَالَ نعم قلت وَلم وَقد قطع يَد الْمكَاتب قبل جِنَايَته على الْأَجْنَبِيّ قَالَ لِأَن أرش الْيَد كَانَ دينا على الْمولى قبل أَن يعجز الْمكَاتب فَلَمَّا جنى وَهُوَ مكَاتب وَقضي بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِك دينا لَهُ على مَوْلَاهُ فَلحقه الدّين(4/356)
وَأرش الْيَد على الْمولى لم تبطل عَنهُ فَلَمَّا عجز كَانَ مَا لحقه من دين فِي مَاله من مَال أَلا ترى لَو أَن مكَاتبا اسْتهْلك لَهُ مَوْلَاهُ ألف دِرْهَم ومكاتبته إِلَى أجل كَانَ الْألف دينا على مَوْلَاهُ فان اسْتَدَانَ الْمكَاتب بعد ذَلِك دينا فِي بيع أَو شري ثمَّ عجز أَو مَاتَ اتبع الْمولى بذلك المَال حَتَّى يَدْفَعهُ إِلَى غُرَمَاء الْمكَاتب لِأَنَّهُ كَانَ دينا للْمكَاتب على مَوْلَاهُ حِين عجز فغرماؤه أَحَق بهَا من مَوْلَاهُ أَو لَا ترى أَن الْمكَاتب لَو كَانَ عَلَيْهِ دين ألف دِرْهَم ثمَّ اسْتهْلك لَهُ مَوْلَاهُ ألف دِرْهَم ومكاتبته إِلَى أجل ثمَّ استبان أَن الْمُكَاتبَة ألف دِرْهَم ثمَّ مَاتَ وَلم يتْرك غير الدّين الَّذِي على مَوْلَاهُ أَن الْغُرَمَاء يتبعُون الْمولى جَمِيعًا الْأَولونَ وَالْآخرُونَ بِالْألف الَّتِي عَلَيْهِ فيقتسمونها وَلَو كَانَ الدّين يبطل فِي الْبَاب الأول عَن الْمولى لم يكن الدّين الَّذِي على الْمولى فِي هَذَا الْبَاب للْغُرَمَاء الْأَوَّلين قلت أَرَأَيْت لَو أَن الْمكَاتب جنى على الْأَجْنَبِيّ فقضي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه ثمَّ جنى عَلَيْهِ مَوْلَاهُ جِنَايَة بعد ذَلِك فقضي عَلَيْهِ بذلك ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يُبَاع العَبْد فِي دين الْأَجْنَبِيّ فان وَفِي وَإِلَّا نظر إِلَى مَا نقص من قيمَة العَبْد يَوْم جنى الْمكَاتب فَيضمن الْمولى مَا نقص(4/357)
من الْقيمَة للْأَجْنَبِيّ من أرش الْجِنَايَة الَّتِي جناها على الْمكَاتب فان كَانَ مَا نقص أَكثر أَو أقل ضمن الْأَقَل من ذَلِك وَهَذَا وَالْبَاب الأول سَوَاء قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن الْأَجْنَبِيّ قد وَجب لَهُ قيمَة الْمكَاتب يَوْم جنى عَلَيْهِ فنقصت بعد ذَلِك من جِنَايَة السَّيِّد فَهُوَ عَلَيْهِ أَلا ترى لَو أَن عبدا جنى جِنَايَة على رجل ثمَّ جنى الْمولى على العَبْد جِنَايَة وَهُوَ لَا يعلم بِجِنَايَتِهِ فَاخْتَارَ دفع العَبْد ضمن مَا جنى عَلَيْهِ فَكَذَلِك الْبَاب الأول قلت وَلم لَا تضمنه قِيمَته يَوْم جنى عَلَيْهِ السَّيِّد قَالَ لِأَن الْقيمَة قد كَانَت وَجَبت للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ يَوْم جنى عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت رجلا جنى على مكَاتب لَهُ جِنَايَة ثمَّ إِن الْمكَاتب مَاتَ وَترك ولدا قد ولد لَهُ فِي الْمُكَاتبَة وَلم يدع شَيْئا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِيمَا على الْمكَاتب من الْمُكَاتبَة وَينظر إِلَى جِنَايَة الْمولى على الْمكَاتب فيرفع عَن الابْن من الْمُكَاتبَة بِقدر ذَلِك فان كَانَ فِي ذَلِك وَفَاء بالمكاتبة فالمكاتب وَالْولد حران وَإِن كَانَ فِيهِ نُقْصَان سعى الْوَلَد فِي الْفَصْل على النُّجُوم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على المكات دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي على الْمولى بِأَرْش مَا كَانَ جنى فَيُؤْخَذ ذَلِك مِنْهُ فَيُؤَدِّي إِلَى غُرَمَاء الْمكَاتب فان وَفِي بِالدّينِ اتبع الْمولى ولد الْمكَاتب بالسعاية فِي الْمُكَاتبَة فان كَانَ فِيهِ فضل رفع الْفضل من الْمُكَاتبَة عَن الْوَلَد فان لم يَفِ بِالدّينِ سعى الْوَلَد فِي فضل الدّين وَالْمُكَاتبَة
قلت أرايت مُكَاتبَة جنت على مَوْلَاهَا جِنَايَة ثمَّ ولدت ولدا فِي(4/358)
مكاتبتها ثمَّ مَاتَت الْمُكَاتبَة قبل أَن يقْضِي عَلَيْهَا وَبَقِي وَلَدهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي على الْوَلَد بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن قيمتهَا يَوْم جنت وَالْمُكَاتبَة أَيْضا تسْعَى فِي ذَلِك قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى على ابْن مَوْلَاهُ جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ جِنَايَته على ابْن مَوْلَاهُ وعَلى الْأَجْنَبِيّ سَوَاء قلت وَكَذَلِكَ لَو جنى على أَبِيه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو جنى على كل ذمِّي رحم محرم مِنْهُ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى على مَوْلَاهُ جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه وَالْجِنَايَة أَكثر من الْقيمَة ثمَّ إِن الْمولى أعتق نصف الْمكَاتب مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مَا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَيْهِ فَهُوَ على حَاله كَمَا كَانَ وَيسْعَى مَعَ ذَلِك فِي الْأَقَل من نصف قِيمَته وَمن نصف الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك دين عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة على عبد لمَوْلَاهُ هَل يلْزمه قَالَ نعم عبد مَوْلَاهُ وَعبد الْأَجْنَبِيّ سَوَاء قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى على مَوْلَاهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب ولد لَهُ ولد فِي الْمُكَاتبَة فقضي على الْمكَاتب بذلك ثمَّ إِن السَّيِّد أعتق الْمكَاتب مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يصير ذَلِك دينا على الْمكَاتب قلت وَلَا يُبطلهُ الْعتْق عَنهُ قَالَ لَا وَلَكِن الْعتْق يزِيد ذَلِك شدَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا قطع يَد مكَاتبه فقضي عَلَيْهِ بِنصْف قِيمَته ثمَّ(4/359)
إِن الْمكَاتب قطع يَد السَّيِّد بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يقْضِي على الْمكَاتب بِالْأَقَلِّ من قِيمَته يَوْم جنى وَمن الْجِنَايَة
- بَاب العَبْد يجني ثمَّ يُكَاتب
- قلت أرايت عبدا جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ إِن سَيّده كَاتبه وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ أَو لَا يعلم هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَإِن كَانَ كَاتبه وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ ضمن جَمِيع الْجِنَايَة وَإِن كَانَت أَكثر من الْقيمَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد اخْتَار العَبْد حَيْثُ كَاتبه فان كَانَ لَا يعلم ضمن الْقيمَة قلت وَهل لأَصْحَاب الْجِنَايَة أَن يردوا الْمُكَاتبَة قَالَ لال قلت وَلم قَالَ لِأَن مَا صنع الْمولى فِيهِ فَهُوَ جَائِز من مُكَاتبَة وَغَيرهَا أَلا ترى أَنه لَو بَاعه جَازَ بَيْعه فَكَذَلِك
إِذا كَاتبه قلت أرايت إِن كَاتبه بعد مَا قضي بِهِ لأَصْحَاب الْجِنَايَة قبل أَن يقبضوه قَالَ مُكَاتبَته بَاطِل قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب مَا لَا يملك أَلا ترى أَنه لَو أعْتقهُ لم يجز عتقه وَلَو بَاعه لم يجز بَيْعه
قلت أَرَأَيْت عبدا جنى جِنَايَة فكاتبه السَّيِّد وَهُوَ لَا يعلم بِالْجِنَايَةِ ثمَّ إِن العَبْد عجز فَرد فِي الرّقّ قبل أَن يَجِيء أَصْحَاب الْجِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمولى فان شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه قلت وَلَا يلْزمه الْقيمَة(4/360)
وَيصير العَبْد عَبده قَالَ لَا قلت وَلم وَقد أخذت الْمُكَاتبَة وَلَو جَاءَ أَصْحَاب الْجِنَايَة وَالْمكَاتب لم يعجز قضيت على الْمولى بِالْقيمَةِ قَالَ لِأَن العَبْد عجز قبل أَن يَجِيء اصحاب الْجِنَايَة فَكَانَت الْجِنَايَة فِي عُنُقه كَأَنَّهُ لم يُكَاتب قلت إِن علم السَّيِّد بِالْجِنَايَةِ بعد مَا كَاتبه أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن علمه بعد ذَلِك لَيْسَ بِشَيْء أَلا ترى أَنه لَا يقدر أَن يردهُ بعد ذَلِك فِي الرّقّ حَتَّى يعجز
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمكَاتب بعد مَا عجز هَل يضمن السَّيِّد لأَصْحَاب الْجِنَايَة شَيْئا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْجِنَايَة كَانَت فِي عُنُقه وَقد بطلت حَيْثُ مَاتَ
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِن مَاتَ قبل أَن يعجز وَلم يدع شَيْئا أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ وَقد ترك وَفَاء بالمكاتبة أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ لَا وَيضمن السَّيِّد هَاهُنَا الْقيمَة لِأَنَّهُ قد مَاتَ وَترك وَفَاء فَصَارَت الْجِنَايَة على السَّيِّد قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ وَترك ولدا ولد فِي الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِيمَا على الْمكَاتب من الْمُكَاتبَة وَيضمن السَّيِّد الْقيمَة قلت وَلم قَالَ لِأَن ولد الْمكَاتب بِمَنْزِلَتِهِ أَلا ترى أَنه إِذا أدّى عتق وَعتق الْمكَاتب مَعَه قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْوَلَد(4/361)
فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ لَا تبطل الْقيمَة عَن السَّيِّد لِأَنِّي ألزمتها إِيَّاه وَلَا يكون فِي عنق الْوَلَد مِنْهَا شَيْء قلت أَرَأَيْت إِن عجز الابْن قبل الْقَضَاء بالقية قَالَ قد مَاتَ الْأَب عبدا وَبَطلَت الْجِنَايَة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى قد أدّى الْقيمَة إِلَيْهِم هَل يرجع فِيهَا فيأخذها قَالَ لَا لِأَنِّي قد قضيت بهَا عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ جنى جِنَايَة فكاتبه أَحدهمَا بِغَيْر إِذن شَرِيكه فَأدى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة ثمَّ جَاءَ أَصْحَاب الْجِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن كَانَ الَّذِي كَاتب علم بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ ضَامِن لنصف الْجِنَايَة بَالِغَة مَا بلغت وَإِن كَانَ لم يعلم فَهُوَ ضَامِن لنصف قيمَة العَبْد إِلَّا أَن يكون نصف الْجِنَايَة أقل وَأما الَّذِي لم يُكَاتب فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَينظر إِلَى نصف الْجِنَايَة وَإِلَى نصف قيمَة العَبْد فَيكون فِي حِصَّته من العَبْد الْأَقَل من صنف الْجِنَايَة وَمن نصف الْقيمَة فان كَانَ الَّذِي كَاتب مُوسِرًا فالأخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه وَإِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى فان هُوَ ضمنه أعْطى مَا أَخذ مِنْهُ من نصف الْقيمَة لأَصْحَاب الْجِنَايَة وَكَذَلِكَ إِن استسعى وَإِن هُوَ أعْتقهُ ضمن لأَصْحَاب الْجِنَايَة نصف الْقيمَة قلت وَلم لَا يضمن جَمِيع نصف الْجِنَايَة وَهُوَ يعلم وَقد أعْتقهُ قَالَ من قبل أَنه لم يفْسد عَلَيْهِم شَيْئا وَإِنَّمَا أفسد عَلَيْهِم الأول(4/362)
قلت أَرَأَيْت الَّذِي لم يُكَاتب هَل يرجع بِنصْف مَا أَخذ الَّذِي كَاتب من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت فَهَل يكون لأَصْحَاب الْجِنَايَة شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْغلَّة فَلَيْسَ لأَصْحَاب الْجِنَايَة مِنْهُ شَيْء أَلا ترى لَو أَن عبدا جنى جِنَايَة فاستغله سَيّده لم يكن لأَصْحَاب الْجِنَايَة فِي الْغلَّة شَيْء فَكَذَلِك الْبَاب الأول قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب أَحدهمَا نصِيبه باذن شَرِيكه مَعَه وهما يعلمَانِ بِالْجِنَايَةِ أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة أَيْضا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب كل وَاحِد مِنْهُمَا نصِيبه باذن شَرِيكه مَعَه وهما يعلمَانِ بِالْجِنَايَةِ هَل يكون هَذَا اخْتِيَار مِنْهُمَا جَمِيعًا للجناية قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُمَا قد حَالا بَين أَصْحَاب الْجِنَايَة وَبَين قبض العَبْد فَكَذَلِك كَانَ هَذَا مِنْهُمَا اخْتِيَار قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبده وَقد جنى جِنَايَة ثمَّ إِن العَبْد جنى جِنَايَة أُخْرَى وَهُوَ مكَاتب وَقد كَاتبه الْمولى وَهُوَ لَا يعلم بِالْجِنَايَةِ الأولى فقضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَة ثمَّ عجز العَبْد ثمَّ جَاءَ أَصْحَاب الْجِنَايَة الأولى يُخَاصِمُونَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمولى بِالْخِيَارِ فان شَاءَ دَفعه إِلَيْهِم وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه تبعه الْمقْضِي لَهُ بِالْجِنَايَةِ وَهُوَ مكَاتب فَيكون ذَلِك دينا فِي رقبته فان أدّى عَنهُ الْمقْضِي لَهُ بذلك وَإِلَّا بيع فِي دينه(4/363)
قلت أَرَأَيْت إِن عجز العَبْد قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ فدَاه بِجَمِيعِ الجنايتين وَإِن شَاءَ دَفعه إِلَيْهِم
- بَاب الْمكَاتب يجني جنايات فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِبَعْضِهَا وَلَا يقْضِي عَلَيْهِ بِبَعْض حَتَّى يعجز
- قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب يجني جِنَايَة فَيقْتل رجلا خطأ ثمَّ يقتل بعد ذَلِك رجلا خطأ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ الأولى ثمَّ جَاءَ ولى أَحدهمَا فقضي لَهُ بِقِيمَة العَبْد وَلَا يعلم بِالْجِنَايَةِ الْأُخْرَى ثمَّ عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ وَقد جَاءَ الآخر بعد ذَلِك فخاصم قَالَ يكون نصف قيمَة العَبْد للمقضي لَهُ دينا فِي نصف العَبْد وَيكون جِنَايَة الآخر فِي نصف العَبْد الْبَاقِي فان شَاءَ مَوْلَاهُ فدَاه وَإِن شَاءَ دفع نصفه فان أدّى إِلَى الْمقْضِي لَهُ نصف قيمَة العَبْد وَإِلَّا بيع نصف العَبْد لَهُ قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَنَّهُ قد صَار للمقضي لَهُ فِي عنق العَبْد دين وَأما الَّذِي لم يقْض لَهُ فجنايته على حَالهَا فِي نصف رَقَبَة العَبْد قلت وَلم لَا يكون جِنَايَته فِي جَمِيع رَقَبَة العَبْد قَالَ لِأَنَّهُ قد كَانَ جنى قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ للْأولِ فَكَانَت الْقيمَة بَينهمَا نِصْفَيْنِ أَلا ترى أَنَّهُمَا لَو خاصما جَمِيعًا فِي مُكَاتبَته قضي لَهما عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ وَجِنَايَة كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف قِيمَته قلت وَيصير جَمِيع جِنَايَته الَّذِي لم يقْض لَهُ فِي نصف العَبْد(4/364)
قَالَ نعم قلت وَيصير للْآخر الدّين فِي نصف العَبْد قَالَ نعم قلت وَسَوَاء أَن كَانَ قضي بِالْعَبدِ لولى الأول أَو لولى الآخر قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قتل ثَلَاثَة نفر خطأ فقضي عَلَيْهِ لأَحَدهم ثمَّ إِن العَبْد عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون للمقضي لَهُ فِي ثلث رَقَبَة العَبْد ثلث قِيمَته دينا عَلَيْهِ وَتَكون جِنَايَة الآخرين فِي ثُلثي رَقَبَة العَبْد فان شَاءَ الْمولى فدى ثلثه بِجَمِيعِ الجنايتين وَإِن شَاءَ دَفعه قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قتل رجلَيْنِ خطأ فقضي لأحهما بِقِيمَة ولال يعلم بِجِنَايَة اخر ثمَّ جَاءَ الآخر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي للْآخر على الْمكَاتب بِنصْف الْقيمَة فَيكون لَهُ وَيرجع الْمكَاتب على الأول بِنصْف الْقيمَة قلت أَرَأَيْت إِن خاصمه ولى أَحدهمَا وَقد علم بِالْجِنَايَةِ الْأُخْرَى بكم يقْضِي لهَذَا بِنصْف الْقيمَة أَو بجميعها قَالَ بل بِنصْف الْقيمَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الجنايتين جَمِيعًا فِي عُنُقه وَإِنَّمَا حق هَذَا فِي نصف الْقيمَة
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قبل رجلا خطأ ثمَّ قتل بعد ذَلِك آخر خطأ فقضي عَلَيْهِ باحدى الجنايتين ثمَّ قتل آخر خطأ ثمَّ جَاءَ الْآخرَانِ يطلبان بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون للمقضي لَهُ الأول نصف الْقيمَة قيمَة العَبْد الَّتِي كَانَ قضي لَهُ بهَا وَيَقْضِي للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ الثَّالِث بِنصْف قيمَة العَبْد أَيْضا خَاصَّة وَيَقْضِي لَهُ أَيْضا وَللْآخر الَّذِي كَانَ مَعَ الأول بِنصْف الْقيمَة فَيكون بَينهمَا على ثَلَاثَة يضْرب فِيهَا الثَّالِث بِخَمْسَة آلَاف(4/365)
وَيضْرب فِيهَا الآخر بِعشْرَة آلَاف قلت وَلم قَالَ لِأَن الأول قد كَانَ قضي لَهُ بِنصْف الْقيمَة فَصَارَ حَقه دينا فِي عنق العَبْد وَبَقِي جِنَايَة الآخر فِي نصف العَبْد فَلَمَّا جنى الْجِنَايَة الثَّالِثَة صَار فِي النّصْف الَّذِي كَانَ قضي بِهِ للْأولِ فقضي عَلَيْهِ أَيْضا بِنصْف الْقيمَة ثَانِيَة وَصَارَ النّصْف فِي النّصْف الْبَاقِي فَصَارَ نصف جِنَايَة الثَّالِث وَالْجِنَايَة الأولى جِنَايَة كلهَا فِي نصف العَبْد أَلا ترى لَو أَن مكَاتبا جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد ذَلِك فقضي عَلَيْهِ بهَا أَيْضا كَانَ يسْعَى فِي الجنايتين جَمِيعًا وَلَو لم يقْض عَلَيْهِ قضي لَهما بِقِيمَة وَاحِدَة فَمن ثمَّ قضي الثَّالِث بِنصْف جِنَايَته أَيْضا خَاصَّة فِي نصف العَبْد لِأَن نصف العَبْد قد قضي بِهِ للْأولِ فَصَارَ حَقه دينا عَلَيْهِ وَبَقِي للْآخر حق جِنَايَته فَمن ثمَّ صَار هَذَا هَكَذَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ العَبْد قد عجز بعد مَا جنى على الثَّالِث وَقد قضي لأحد الْأَوَّلين بِجِنَايَتِهِ وَلم يقْض للْآخر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون للمقضي عَلَيْهِ نصف قيمَة العَبْد دينا فِي نصف رقبته وَيصير نصف جِنَايَة الثَّالِث فِي ذَلِك النّصْف وَيصير نصف جِنَايَته وَجِنَايَة الآخر الَّذِي لم يقْض عَلَيْهِ فِي النّصْف الْبَاقِي فان دفع الْمولى العَبْد إِلَيْهِم صَار نصف العَبْد بَين الأول وَالثَّالِث الَّذِي لم يقْض لَهُ على ثَلَاثَة فَيضْرب فِيهِ الثَّالِث بِخَمْسَة آلَاف وَالْأول بِعشْرَة آلَاف وَيصير النّصْف الْبَاقِي(4/366)
لولى المجنى عَلَيْهِ الثَّالِث خَاصَّة وَيصير حق الْمقْضِي لَهُ فِي هَذَا النّصْف دينا فان أدّى غليه نصف الْقيمَة وَإِلَّا بيع لَهُ بِدِينِهِ
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ قتل آخر خطأ بعد ذَلِك قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ الأولى ثمَّ إِن أَحدهمَا خَاصم فِي حَقه فقضي لَهُ بِنصْف قيمَة العَبْد فأداها إِلَيْهِ ثمَّ جَاءَ الآخر بعد ذَلِك يطْلب مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يقْضِي لَهُ على العَبْد بِنصْف قِيمَته يسْعَى فِيهَا قلت فَهَل يتبع الَّذِي أَخذ من العَبْد نصف قِيمَته فَيَأْخُذ مِنْهُ نصف مَا أَخذ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن حَقه إِنَّمَا كَانَت جِنَايَة فِي عنق الْمكَاتب حَتَّى قضي لَهُ بهَا فَصَارَ نصف قِيمَته دينا عَلَيْهِ أَلا ترى لَو أَن العَبْد عجز قبل أَن يقْضِي لَهُ صَارَت جِنَايَته فِي نصف عنق العَبْد فان شَاءَ مَوْلَاهُ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمكَاتب بعد مَا استوفي الْمقْضِي لَهُ نصف قِيمَته قبل أَن يقْضِي للْآخر بِشَيْء وَلم يدع الْمكَاتب شَيْئا هَل يتبع الَّذِي أَخذ نصف الْقيمَة بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الْمكَاتب عجز فَمَاتَ بعد مَا عجز قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن حَقه إِنَّمَا كَانَ جِنَايَة فِي عنق العَبْد فَلَمَّا مَاتَ بطلت قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ قتل رجلا آخر بعد ذَلِك خطأ فقضي لأَحَدهمَا بِنصْف الْقيمَة ثمَّ إِن العَبْد عجز فَقتل بعد مَا عجز رجلا آخر خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أما الْمقْضِي لَهُ فحقه دين فِي نصف العَبْد لِأَنَّهُ قد كَانَ قضي لَهُ بِهِ على الْمكَاتب(4/367)
قبل أَن يعجز فَصَارَ نصف قيمَة رقبته دينا فِي نصف العَبْد وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دفع العَبْد إِلَى ولي الثَّانِي وَالثَّالِث أَو يفْدِيه بِجَمِيعِ الجنايتين فان هُوَ فدَاه بيع العَبْد للمقضي لَهُ بِحقِّهِ أَو يُؤَدِّي عَنهُ الْمولى نصف الْقيمَة فان دفع إِلَيْهِمَا العَبْد كَانَ نصف العَبْد لوَلِيّ الْمَجْنِي عَلَيْهِ الثَّالِث وَالنّصف الآخر بَين الثَّالِث وَالثَّانِي الَّذِي لم يقْض لَهُ على ثَلَاثَة أسْهم وَيُبَاع النّصْف الَّذِي أَخذ الثَّالِث خَاصَّة فِي دين صَاحب الْجِنَايَة الَّتِي قضي بهَا قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد ذَلِك ففقأ عين رجل خطأ ثمَّ جَاءَ المفقوءة عينه يُخَاصم الْمكَاتب مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي لَهُ عَلَيْهِ بِثلث قِيمَته يسْعَى فِيهِ قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب قد قتل وفقأ عينا فَتَصِير قِيمَته بَينهم على ثَلَاثَة أسْهم فَيصير لوَلِيّ الْمَقْتُول ثلثا قِيمَته وللمفقوءة عينه ثلث قِيمَته أَلا ترى أَنَّهُمَا لَو خاصما الْمكَاتب جَمِيعًا قضي لَهما بِقِيمَتِه جَمِيعًا عَلَيْهِ فيسعى فِيهَا فَيصير ثلثاها لوَلِيّ الْمَقْتُول وثلثها للمفقوءة عينه فَكَذَلِك إِذا خَاصم أَحدهمَا قلت أَرَأَيْت إِن عجز بعد مَا قضي للمفقوءة عينه بِثلث قِيمَته مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يصير دِيَة الْمَقْتُول فِي ثُلثي رَقَبَة العَبْد فَيُخَير الْمولى فان شَاءَ فدى ذَلِك بِجَمِيعِ الْجِنَايَة بِالدِّيَةِ وَإِن شَاءَ دَفعه وَيُبَاع الثُّلُث الْبَاقِي فِي دين الْمقْضِي لَهُ أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ(4/368)
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة بعد مَا قضي بفقيء الْعين وَهُوَ مكَاتب ثمَّ عجز بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ أما الْمقْضِي لَهُ فَلهُ ثلث قيمَة العَبْد دينا فِي ثلث العَبْد وَيصير لوَلِيّ الْمَجْنِي عَلَيْهِ الثُّلُث ثلث دِيَة الْمَقْتُول فِي ثلث العَبْد الَّذِي فِيهِ هَذَا الدّين وَيصير الثُّلُثَانِ من هَذِه الدِّيَة ودية الأول فِي هذَيْن الثُّلثَيْنِ الباقيين أَيْضا فَيُخَير الْمولى مولى العَبْد فان شَاءَ دفع العَبْد إِلَيْهِمَا وَإِن شَاءَ فدَاه بِجَمِيعِ الجنايتين فان فدَاه بيع ثلث العَبْد فِي دين الْمقْضِي لَهُ أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِن دَفعه كَانَ ثلث العَبْد لوَلِيّ الْمَجْنِي عَلَيْهِ الثَّالِث خَاصَّة وَيصير حق الْمقْضِي لَهُ فِي ذَلِك الثُّلُث إِمَّا أَن يُؤَدِّيه إِلَيْهِ وَإِمَّا أَن يُبَاع فِي دينه وَيصير الثُّلُثَانِ بَينهمَا يضْرب فِيهِ ولي الْمَجْنِي عَلَيْهِ الآخر بِثُلثي الدِّيَة وَالَّذِي لم يقْض لَهُ بِجَمِيعِ الدِّيَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد أَخذ ثلث العَبْد بِثلث الدِّيَة وَإِنَّمَا كَانَ حق الأول الَّذِي لم يقْض لَهُ فِي ثُلثي العَبْد لِأَن رقبته قد كَانَت وَجَبت لَهُ وللمفقوءة عينه فَكَانَ حَقه فِي ثُلثي رَقَبَة العَبْد
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة جنت جِنَايَة فقتلت رجلا خطأ ثمَّ فقأت عين آخر بعد ذَلِك ثمَّ ولدت ولدا ثمَّ إِن المفقوءة عينه خَاصم الْمُكَاتبَة فقضي لَهُ بِثلث قيمتهَا هَل يقْضِي لَهُ فِي الْوَلَد بِشَيْء قَالَ لَا قلت(4/369)
أَرَأَيْت إِن عجزت الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك ثمَّ جَاءَ ولي الْمَقْتُول يُخَاصم وَقد ردَّتْ فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تكون دِيَة الْمَقْتُول فِي ثُلثي رَقَبَة الْأُم فان شَاءَ الْمولى فدى ذَلِك بِجَمِيعِ الدِّيَة وَإِن شَاءَ دَفعه فان فدَاه بيع ثلث الْمُكَاتبَة فِي دين الْمقْضِي لَهُ أَو يُؤَدِّي عَنْهَا مَوْلَاهَا وَكَذَلِكَ إِن دفع الثُّلثَيْنِ قلت أَرَأَيْت إِن بيع ثلث الْمُكَاتبَة فَلم يَفِ بِمَا كَانَ قضي للمقضي عَلَيْهِ هَل لَهُ فِي الْوَلَد شَيْء وَالْولد حَيّ قَالَ نعم يُبَاع ثلث الْوَلَد فِيمَا بَقِي من حَقه أويؤدي ذَلِك الْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَن حَقه دين فِي ثلث رَقَبَة الْأُم فولدها مِنْهَا أَلا ترى لَو أَن مُكَاتبَة عجزت وعليهغا دين وَقد كَانَت ولدت ولدا فِي مكاتبتها فبيعت فِي الدّين فَلم يَفِ ثمنهَا بِالدّينِ بيع مَعهَا وَلَدهَا فِيمَا بَقِي من الدّين وَكَذَلِكَ الْبَاب الأول يكون ذَلِك فِي ثلث رَقَبَة الْأُم وَالْولد إِذا لم يَفِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ إِنَّمَا قضي لولى الْمَقْتُول على الْمُكَاتبَة فقضي عَلَيْهَا أَن تسْعَى فِي ثُلثي قيمتهَا وَلم يقْض للغمفقوءة عينه بِشَيْء حَتَّى عجزت وَقد ولدت ولدا فِي كتَابَتهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تصير دِيَة عين المفقوءة عينه فِي ثلث رقبَتهَا فان شَاءَ الْمولى فدى وَإِن شَاءَ دفع وَيُبَاع ثلثاها للمقضي لَهُ فان وَفِي وَإِلَّا بيع ثلثا الْوَلَد أَو يُؤَدِّي الْمولى الدّين(4/370)
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ قتل رجلَيْنِ بعد ذَلِك خطأ فقضي لأَحَدهمَا بِثلث الْقيمَة ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَقتل رجلا آخر بعد مَا عجز خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون للمقضي لَهُ ثلث قِيمَته دينا فِي ثلث رقبته وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دفع العَبْد إِلَى أَوْلِيَاء أَصْحَاب الْجِنَايَة وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه إِلَيْهِم كَانَ ثلث العَبْد لوَلِيّ الْمَقْتُول خَاصَّة وَيصير للمقضي لَهُ فِي ذَلِك الثُّلُث ثلث الْقيمَة دينا فِي رَقَبَة العَبْد وَيصير الثُّلُثَانِ بَينهم يضْرب فِيهِ الْأَولونَ بِجَمِيعِ الدِّيَة وَيضْرب فِيهِ الآخر بِثُلثي الدِّيَة
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَقضى عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْجِنَايَة ثمَّ جنى جنايتين بعد ذَلِك فقضي عَلَيْهِ بِأَحَدِهِمَا وَقد قضي عَلَيْهِ فِي الْجِنَايَة الأولى بِجَمِيعِ قِيمَته ثمَّ عجز فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أما الْمقْضِي لَهُ الأول فجيمع مَا كَانَ قضي لَهُ من قيمَة العَبْد فِي رَقَبَة العَبْد وَينظر إِلَى الجنايتين الأخراوين فان كَانَتَا سَوَاء كَانَ نصف قيمَة العَبْد دينا للمقضي لَهُ فِي نصف رَقَبَة العَبْد وَيصير جِنَايَة الْبَاقِي فِي نصف العَبْد فان شَاءَ مَوْلَاهُ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان فدَاه بيع العَبْد وَكَانَ نصف ثمنه خَاصَّة للمقضي لَهُ الأول وَكَانَ النّصْف الْبَاقِي بَينهمَا يضْرب فِيهِ الأول بِمَا بَقِي من دينه وَيضْرب فِيهِ الْبَاقِي بِجَمِيعِ دينه قلت وَلم قَالَ لِأَن الأول جَمِيع دينه فِي جَمِيع رَقَبَة العَبْد وَدين الْبَاقِي نصف العَبْد(4/371)
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد دفع نصف العَبْد بِالْجِنَايَةِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُبَاع النّصْف الْبَاقِي لَهما فِي دينهما فيقتسمانه نِصْفَيْنِ وَيكون مَا بَقِي من دين الأول وَهُوَ نصف الدّين فِي النّصْف الَّذِي وَقع إِلَى صَاحب الْجِنَايَة وَإِن أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَى بيع لَهُ فِي دينه قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن دين الأول كَانَ فِي جَمِيع رَقَبَة العَبْد وَدين الثَّانِي كَانَ فِي نصف رَقَبَة العَبْد فَصَارَ هَذَا النّصْف الَّذِي صَار للمقضي لَهُ الثَّانِي بَينه وَبَين الأول وَصَارَ النّصْف الَّذِي صَار لصَاحب الْجِنَايَة الأول خَاصَّة يُبَاع لَهُ فِي دينه قلت أَرَأَيْت إِن قضي للآخرين جَمِيعًا بِقِيمَة العَبْد بعد مَا كَانَ جنى على الأول وَقضي لَهُ وَقد كَانَت جنايتهما بعد مَا قضي للْأولِ بِجِنَايَتِهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك وَقد عجز العَبْد فَرد فِي الرّقّ قَالَ يصير حَقهم دينا فِي رَقَبَة العَبْد فان أدّى الْمولى جَمِيع دينهم وَإِلَّا بيع العَبْد لَهُم فَكَانَ الثّمن نصفه للْأولِ وَنصفه للآخرين قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن الأول يضْرب فِي الثّمن بِجَمِيعِ الْقيمَة لِأَن جَمِيع الْقيمَة دين فِي رقبته وَيضْرب الآخرين بِقِيمَة رقبته أَيْضا فَيصير لَهما النّصْف وَيصير للْأولِ النّصْف قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى ثَلَاث جنايات فَأتى على رقبته والجنايات سَوَاء فقضي لوَاحِد مِنْهُنَّ بِثلث رَقَبَة العَبْد ثمَّ إِن أحد الباقيين وهب جِنَايَته للْمكَاتب ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يصير حق الْمقْضِي لَهُ فِي ثلث العَبْد إِمَّا أَن يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ(4/372)
ثلث قِيمَته أَو يُبَاع ذَلِك الثُّلُث لَهُ وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دفع إِلَى الْبَاقِي ثلث العَبْد وَإِن شَاءَ فدَاه بِالدِّيَةِ وَيصير الثُّلُث الْبَاقِي من العَبْد لمَوْلَاهُ لَاحق لَهما فِيهِ قلت وَلم قَالَ لِأَن رقبته قد كَانَت وَجَبت لَهُم جَمِيعًا فَلَمَّا عَفا أحدهم رجعت حِصَّته من ذَلِك إِلَى السَّيِّد أَلا ترى لَو أَن عبدا جنى جنايتين فَعَفَا أَحدهمَا عَن جِنَايَته قَالَ نصفه للسَّيِّد وَجِنَايَة الآخر فِي النّصْف الْبَاقِي فَكَذَلِك الأول
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جنايتين فَعَفَا أَحدهمَا عَنهُ وَقضي للْآخر بِحقِّهِ ثمَّ عجز فَرد فِي الرّقّ كم يُبَاع للْآخر من العَبْد قَالَ نصفه أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ وَيصير النّصْف الْبَاقِي للْمولى قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جنايتين خطأتين على رقبته فقضي لأَحَدهمَا بِنصْف رَقَبَة الْمكَاتب يسْعَى فِيهَا ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَرد فِي الرّقّ وَفِي يَده مَال كثير لَا يَفِي بمكاتبته مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي إِلَى الْمقْضِي لَهُ نصف قيمَة العَبْد من ذَلِك وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دفع نصف العَبْد إِلَى الْبَاقِي وَإِن شَاءَ فدَاه بِالدِّيَةِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ مَا فِي يَد الْمكَاتب من المَال حَيْثُ عجز قدر نصف قِيمَته أيؤدي ذَلِك كُله إِلَى الْمقْضِي لَهُ قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك دين فِي نصفه قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ المَال أقل من نصف الْقيمَة أيباع(4/373)
نصف العَبْد فِيمَا بَقِي أَو يُؤَدِّي عَنهُ الْمولى قَالَ نعم قلت وَلَا يكون للمقضي لَهُ نصف ذَلِك المَال وَإِنَّمَا دينه فِي نصف رَقَبَة العَبْد قَالَ لِأَن الْمولى لَا يصل إِلَيْهِ من مَاله شَيْء حَتَّى يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ من دين وَإِن كَانَ فِي نصف رقبته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على العَبْد دين سوى ذَلِك قدر قيمَة رقبته مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضْرب فِيهِ الْمقْضِي لَهُ بِنصْف الْقيمَة وَيضْرب فِيهِ الآخر بِالدّينِ فيقتسمانه على ذَلِك وَينظر إِلَى مَا بَقِي من دين صَاحب الدّين فَيكون نصفه فِي حِصَّة الْمَجْنِي عَلَيْهِ يُبَاع فِيهَا أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ إِلَى الْمَجْنِي عَلَيْهِ إِن دفع العَبْد وَيكون مَا بَقِي من دينه وَدين الآخر فِي النّصْف الْبَاقِي يُبَاع لَهما أَو يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا الْمولي دينهما قلت وَلم لَا يصير مَا فِي يَدي الْمكَاتب من المَال لصَاحب الدّين خَاصَّة قَالَ لِأَن مَا فِي يَدَيْهِ من مَال فَهُوَ بَينهمَا بِالْحِصَصِ لِأَن مَالهم دين عَلَيْهِ كُله(4/374)
- بَاب جِنَايَة ولد الْمكَاتب وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ
-
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا ولد لَهُ ولد فِي مُكَاتبَته من أمة لَهُ فَقتله رجل خطأ لمن يكون قِيمَته قَالَ للْمكَاتب قلت وَكَذَلِكَ إِن جرح جِرَاحَة كَانَ أرش ذَلِك للْمكَاتب قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ اشْترى ابْنه فِي مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو اشْترى أَبَاهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ اشْترى ابْن ابْنه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة إِذا ولدت ولدا فِي مكاتبتها أَو اشترته قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن وَلَدهَا مِنْهَا بِمَنْزِلَة كسبها قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن مُكَاتبَة ولدت ولدا فِي كتَابَتهَا وَولد لولدها ولد فَالْوَلَد هَاهُنَا من كسبها قَالَ نعم قلت فان جنى على وَلَدهَا وَولد وَلَدهَا فَهُوَ لَهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت كسب وَلَدهَا وَولد وَلَدهَا لمن يكون قَالَ لَهَا قلت وَكَذَلِكَ كسب ولد الْمكَاتب إِذا ولد لَهُ فِي مُكَاتبَته أَو اشْتَرَاهُ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن جنى على ولد الْمكَاتب جِنَايَة فَلم يُخَاصم فِي الْجِنَايَة حَتَّى أدَّت وعتقت لمن يكون أرش تِلْكَ الْجِنَايَة قَالَ للْأُم قلت وَلم لَا يكون للْوَلَد قَالَ لِأَن ذَلِك بِمَنْزِلَة كَسبه وَقد كَانَ وَجب للْأُم قبل أَن تعْتق أَلا ترى أَنه لَو كَانَ فِي يَدَيْهِ مَال قد اكْتَسبهُ قبل أَدَاء الْمُكَاتبَة فانه للْأُم وَللْأَب دونه وَكَذَلِكَ الْجِنَايَة عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت ولد الْمُكَاتبَة إِذا قتل رجلا خطأ أَو جنى جِنَايَة(4/375)
مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن قيمَة رقبته وَيسْعَى فِي الْأَقَل من ذَلِك قلت فَهَل يلْحق الْأُم من جِنَايَة الْوَلَد شَيْء قَالَ لَا قلت وَإِن مَاتَ الْوَلَد قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ أَو بعد مَا قضي عَلَيْهِ قَالَ وَإِن قلت أَرَأَيْت إِن عجزت الْأُم قبل أَن يقْضِي على الْوَلَد بِشَيْء من الْجِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع الْوَلَد وَإِن شَاءَ فدَاه بِالْجِنَايَةِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ ثمَّ عجزت الْأُم فَردَّتْ فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ذَلِك دين فِي عُنُقه يُبَاع فِيهِ أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن فِي قِيمَته وَفَاء هَل يكون فِي عنق الْأُم من ذَلِك شَيْء قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد قضي على الابْن بِالْجِنَايَةِ ثمَّ إِن الْأُم عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ وَعَلَيْهَا دين كثير مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تبَاع الْأُم فِي دينهَا وَيُبَاع الْوَلَد فِيمَا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِ من ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن لم يبْق شَيْء من ثمن الْأُم عَن دينهَا هَل يُشْرك غُرَمَاء الْأُم بِبَقِيَّة دينهم غُرَمَاء الْوَلَد فِي ثمنه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن دين الابْن أَحَق أَن يقْضِي من ثمنه من دين الْأُم قلت أَرَأَيْت إِن فضل من ثمنه شَيْء عَن دينه هَل يكون فِي بَقِيَّة دين الْأُم قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد بِمَنْزِلَة الْأُم أَلا ترى أَنه(4/376)
لَو لم يكن على الْوَلَد دين بيع فِي دين أمه فَكَذَلِك إِذا فضل من ثمنه شَيْء عَن دينه
قلت أَرَأَيْت رجلا قتل ولد مُكَاتبَة لَهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ قِيمَته للْأُم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مِنْهَا أَلا ترى أَنه لَو قَتله غير الْمولى كَانَ عَلَيْهِ قِيمَته لَهَا فَكَذَلِك الْمولى
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت ولدا فِي مكاتبتها فجنى الْوَلَد جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن الْجِنَايَة ثمَّ إِن الْأُم ضمنت ذَلِك عَن وَلَدهَا لصَاحب الْجِنَايَة هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا فِي هَذِه الْجِنَايَة شَيْء وَإِنَّمَا هِيَ على الْوَلَد قلت أَرَأَيْت إِن أدَّت الْأُم فعتقت هَل يجوز ذَلِك الضَّمَان قَالَ نعم قلت فان عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ قَالَ لَا يجوز وَيكون مَا كَانَ من ذَلِك على الْوَلَد وَلَا يكون على الْأُم من ذَلِك الضَّمَان شَيْء وَالضَّمان بَاطِل قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ على الْوَلَد دين فضمنته الْأُم قَالَ نعم قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن على الْوَلَد مَا كَانَ من ذَلِك فَهُوَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِمَنْزِلَة الْمَمْلُوك لَهَا أَلا ترى أَنَّهَا إِذا أدَّت فعتقت كَانَ ذَلِك الدّين على الْوَلَد دونهَا وَإِن عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ كَانَ ذَلِك على الْوَلَد فِي عُنُقه دونهَا قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ وَامْرَأَته مُكَاتبَة وأحدة وَجعل نجومها وَاحِدَة ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة ولدت ولدا فِي كتَابَتهَا فِي جنى على الْوَلَد جِنَايَة أَو قتل خطأ لمن يكون أرش جِنَايَته وَقِيمَته قَالَ(4/377)
يكون ذَلِك كُله للْأُم دون الْأَب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ من الْأُم وَهُوَ بِمَنْزِلَة كسبها أَلا ترى أَن مَا اكْتسب الابْن كَانَ للْأُم دون الْأَب فَكَذَلِك الْجِنَايَة عَلَيْهِ قلت أرايت إِن أديا فعتقا لمن يكون مَا كَانَ جنى على الْوَلَد قَالَ للْأُم دون الْأَب قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا قد كَانَ لَهَا قبل أَن يعتقا
قلت أَرَأَيْت إِن قتل الْأَب ابْنه خطأ أيلزمه من ذَلِك شَيْء قَالَ نعم يسْعَى فِي الْأَقَل من قِيمَته وَقِيمَة ابْنه وَالْولد للْأُم إِلَّا أَن تكون قيمَة الْأَب أقل من قيمَة الْأُم فيسعى فِي الْأَقَل قلت أَرَأَيْت إِن أديا بعد ذَلِك فعتقا هَل تكون تِلْكَ الْقيمَة دينا للم عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت وَالْأَب فِي الْجِنَايَة على الْوَلَد بِمَنْزِلَة الْأَجْنَبِيّ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قتل الْوَلَد الْأُم هَل يلْزمه شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مِنْهَا قلت وَكَذَلِكَ لَو قتلت هِيَ وَلَدهَا قَالَ نعم لَا يكون من جِنَايَة وَاحِدَة مِنْهُمَا على صَاحبه شَيْء لِأَنَّهُ كَانَ جنى على نَفسه قلت أَرَأَيْت إِن جنى الْوَلَد على الْأَب هَل تلْزمهُ تِلْكَ الْجِنَايَة(4/378)
قَالَ نعم يلْزمه الْأَقَل من قِيمَته وَمن الْجِنَايَة وَإِن أديا فعتقا كَانَ ذَلِك دينا عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت إِن قتل الْوَلَد الْأَب أيلزمه من ذَلِك شَيْء قَالَ نعم يلْزمه الْأَقَل من قِيمَته وَمن قيمَة ابيه يسْعَى فِيهَا قلت فَهَل يلْزمه من الْمُكَاتبَة شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن أمه حَيَّة تسْعَى فِي الْمُكَاتبَة قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْوَلَد قتل الْأُم وَبَقِي الْأَب لم يلْزمه شَيْء من الْمُكَاتبَة مَا دَامَ الْأَب حَيا قَالَ لَا أما هَذَا فَيلْزمهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمه
قلت أَرَأَيْت إِن قتل أَبَاهُ خطأ ثمَّ أدَّت الْأُم جَمِيع الْمُكَاتبَة فعتقت هَل يعْتق مَعهَا وَلَدهَا قَالَ نعم هما حران جَمِيعًا قلت فَلِمَنْ تكون السّعَايَة الَّتِي سعى فِيهَا الْوَلَد من قيمَة الْأَب قَالَ تَأْخُذ الْأُم حِصَّته مِمَّا أدعت عَنهُ فتأخذ ذَلِك من الْوَلَد وَمَا بَقِي من ذَلِك كَانَ لوَرَثَة الْأَب وَلَا يَرث الْقَاتِل إِلَّا أَن يكون صَغِيرا لِأَن قِيمَته على الابْن كَأَنَّهُ مَال تَركه فتأخذ الْأُم من ذَلِك نصِيبهَا الَّذِي أدَّت عَنْهُمَا وَمَا بَقِي فَهُوَ على مَا وصفت لَك قلت فَلِمَنْ يكون مَا بَقِي من ذَلِك قَالَ لوَرَثَة الْمكَاتب إِن كَانَ لَهُ وَرَثَة أَحْرَار وَإِلَّا فَهُوَ للْمولى قلت وَلَا تَرث(4/379)
الْمَرْأَة من ذَلِك شَيْئا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد مَاتَ وَهُوَ مكَاتب فعتقا جَمِيعًا حَيْثُ أدَّت قلت فَهَل يَرث الْوَلَد من ذَلِك شَيْئا قَالَ لَا إِلَّا أَن يكون قَتله وَهُوَ صَغِير قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة فولد لأَحَدهمَا ولد فِي مُكَاتبَته من أمة لَهُ ثمَّ إِن الْأَب جنى على الْوَلَد أَو الْوَلَد جنى على الْأَب فَهَل يلْزم أَحدهمَا من جِنَايَة صَاحبه شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن جِنَايَة وَلَده عَلَيْهِ وجنايته على وَلَده كَأَنَّهُ جناها على نَفسه
قلت أَفَرَأَيْت إِن قتل الْمكَاتب الآخر الْوَلَد مَا عَلَيْهِ من ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ الْأَقَل من قِيمَته وَمن قيمَة الْوَلَد قلت وَلمن يكون ذَلِك قَالَ للْأَب قلت وَكَذَلِكَ إِن أديا فعتقا كَانَ ذَلِك دينا عَلَيْهِ للْأَب قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ كل جِنَايَة جنيت على الْوَلَد كَانَ ذَلِك للْأَب قَالَ نعم
- بَاب إِقْرَار الْمكَاتب بِالْجِنَايَةِ
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا أقرّ أَنه قتل رجلا خطأ أَو قطع يَده هَل يجوز(4/380)
إِقْرَاره قَالَ نعم وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن الْجِنَايَة يسْعَى فِيهَا وَيلْزمهُ ذَلِك مَا دَامَ مكَاتبا قلت أَرَأَيْت إِذا أدّى فَعتق هَل يلْزمه ذَلِك قَالَ نعم وَذَلِكَ دين عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن لم يقْض عَلَيْهِ حَتَّى عتق هَل يلْزمه ذَلِك الْإِقْرَار قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ عجز وَقد كَانَ أقرّ بِالْجِنَايَةِ وَلم يقْض عَلَيْهِ بهَا حَتَّى عجز هَل يلْزمه شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد صَار عبدا فَلَا يلْزمه إِقْرَاره بِالْجِنَايَةِ لِأَن ذَلِك لَيْسَ بدين عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يقْضِي عَلَيْهِ إِذا كَانَ مكَاتبا فَأَما إِذا عجز وَلم يقْض عَلَيْهِ بذلك فان إِقْرَاره بَاطِل
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ ثمَّ عجز هَل يلْزمه شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا عجز فَرد فِي الرّقّ بَطل إِقْرَاره لِأَن أصل ذَلِك جِنَايَة باقراره فَلَا يُؤْخَذ بِهِ إِذا عجز قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ هَذَا قد أدّى إِلَيْهِ مَا كَانَ قضى لَهُ بِهِ ثمَّ عجز هَل يرجع الْمولى فَيَأْخُذ مِنْهُ ذَلِك قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد أدّى إِلَيْهِ نصفه وَبَقِي نصفه ثمَّ عجز هَل يبطل عَن الْمكَاتب مَا كَانَ بَقِي عَلَيْهِ من ذَلِك قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع السَّيِّد بِشَيْء مِمَّا كَانَ أدّى إِلَيْهِ من ذَلِك قَالَ لَا وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة وَهُوَ(4/381)
قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إلافي خصْلَة وَاحِدَة إِذا قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فَلم يؤدها حَتَّى عجز صَارَت دينا عَلَيْهِ فِي عتقه يُبَاع فِيهَا إِلَّا أَن يفْدِيه مَوْلَاهُ لِأَنَّهَا حِين قضي بهَا صَارَت دينا وتحولت عَن حَال الْجِنَايَة قبل الْعَجز وَلَو لم يُؤْخَذ بهَا فِي حَال الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت مكَاتبا أقرّ بِأَنَّهُ قتل رجلا عمدا ثمَّ صَالح ولي الْمَقْتُول من دَمه على مَال هَل يجوز ذَلِك وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك فَرد فِي الرّقّ هَل يلْزمه ذَلِك بعد الْعَجز وَيكون ذَلِك فِي رقبته قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد صَار عبدا وَبَطل عَنهُ الْقصاص حَيْثُ صَالحه فَصَارَ كَأَنَّهُ أقرّ بقتل خطأ فَلَا يجوز ذَلِك حَيْثُ عجز قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد أدّى إِلَيْهِ مَا كَانَ صَالحه هَل يرجع بذلك عَلَيْهِ فَيَأْخُذ مِنْهُ قَالَ لَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد المَال الَّذِي صَالح عَلَيْهِ لَازم لَهُ وَإِن عجز قبل أَن يَدْفَعهُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ دين عَلَيْهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا قضي بِهِ عَلَيْهِ من الْإِقْرَار بِالْجِنَايَةِ
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ أقرَّت الْمُكَاتبَة(4/382)
أَن وَلَدهَا قد جنى جِنَايَة على رجل هَل يجوز إِقْرَارهَا عَلَيْهِ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يلْزم الْوَلَد فَلَا يجوز إِقْرَارهَا عَلَيْهِ قلت وَإِن أدَّت بعد ذَلِك فعتقت قَالَ وَإِن قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد وَترك مَالا هَل يَأْخُذ الْمقر لَهُ بِالْجِنَايَةِ من ذَلِك المَال شَيْئا لِأَن الْمُكَاتبَة قد أقرَّت لَهُ بِالْجِنَايَةِ قَالَ نعم لَهُ الْأَقَل من قيمَة الْوَلَد وَمن أرش الْجِنَايَة قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك المَال لَهَا وإقرارها على الْوَلَد بِالْجِنَايَةِ جَائِز فِيمَا ترك قلت أَرَأَيْت إِن أقرَّت بدين على الْوَلَد هَل يلْزمه وَالْولد يجْحَد ذَلِك قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَلَد مَاتَ وَترك مَالا فأقرت بذلك هَل يجوز ذَلِك فِي ذَلِك المَال قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا قد أقرَّت بِأَن عَلَيْهِ دينا فَلَا تَأْخُذ من ذَلِك المَال شَيْئا حَتَّى يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ من الدّين باقرارها أَلا ترى أَنه لَو كَانَ على الدّين ثَبت مَا كَانَ بَقِي فِي يَدَيْهِ مِمَّا اكْتسب للْغُرَمَاء قلت وَلم وَأَنت تجْعَل مَا اكْتسب لولدها قَالَ لِأَنَّهُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَة عَبدهَا أَلا ترى أَنَّهَا لَو أَذِنت لِعَبْدِهَا فِي التِّجَارَة فاستدان دينا كَانَ مَا اكْتسب العَبْد للْغُرَمَاء وَمَا بِيَدِهِ من شرى أَو بيع أَو مَال للْغُرَمَاء فَكَذَلِك وَلَدهَا قلت أَرَأَيْت إِن أقرّ الْوَلَد بِأَن الْأُم قد جنت جِنَايَة هَل يلْزمه(4/383)
من ذَلِك شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يلْزمه مَا أقرّ على أمه من جِنَايَة لِأَن ذَلِك لَو جَازَ كَانَ على الْأُم دونه قلت فان مَاتَت الْأُم وَقد تركت مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي إِلَى الْمولى مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث للْوَلَد وَيَقْضِي فِي ذَلِك المَال الَّذِي بَقِي بعد الْمُكَاتبَة على الْوَلَد بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن قيمَة الْأُم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد أقرّ بِجِنَايَة الْأُم فقد أقرّ بِأَنَّهُ لَزِمَهَا الْأَقَل من قيمتهَا وَمن الْجِنَايَة أَلا ترى أَنه لَو أقرّ بدين على الْأُم فِي هَذِه الْحَال لزمَه ذَلِك فِيمَا ورث من الْأُم لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِيرَاث حَتَّى يقْضِي الدّين وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا دين فَهِيَ فِي هَذَا الْوَجْه بِمَنْزِلَة الدّين
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على الْأُم دين بِبَيِّنَة هَل يجوز إِقْرَاره بِالْجِنَايَةِ على الْأُم أَو بِالدّينِ قَالَ لَا حَتَّى يقْضِي الدّين الَّذِي بِبَيِّنَة فان بَقِي شَيْء فِي يَدَيْهِ بعد ذَلِك قضى بِهِ الَّذِي أقرّ لَهُ بِهِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْأُم لم تدع شَيْئا فقضي القَاضِي أَن يسْعَى فِيمَا على الْأُم هَل يجوز إِقْرَاره الَّذِي كَانَ أقرّ بِهِ من جِنَايَة الْأُم وَهُوَ مقربه الْيَوْم قَالَ نعم يقْضِي عَلَيْهِ القَاضِي أَن يسْعَى فِي الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن الْقيمَة قيمَة الْأُم قلت أَرَأَيْت إِن عجز بعد ذَلِك هَل يلْزمه ذَلِك فِي رقبته قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد أدّى ثمَّ عجز فَرد فِي الرّقّ هَل يُؤْخَذ ذَلِك من الَّذِي أَدَّاهُ إِلَيْهِ قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ أقرَّت الْأُم بدين(4/384)
على الْوَلَد بِبَيِّنَة وَفِي يَدَيْهِ مَال قد كَسبه هَل يجوز إِقْرَارهَا قَالَ لَا وَيكون ذَلِك المَال الَّذِي فِي يَدي الْوَلَد للْغُرَمَاء الَّذين لَهُم الْبَيِّنَة فان فضل شَيْء كَانَ للَّذي أقرَّت لَهُ الْأُم وَإِن لم يفضل شَيْء فَلَا شَيْء لَهُم إِلَّا أَن يكْتَسب الْوَلَد مَالا بعد ذَلِك فَيكون ذَلِك المَال فِي ذَلِك قلت وَلم وَالْولد يجْحَد قَالَ لِأَن مَا اكْتَسبهُ الْوَلَد فانما هُوَ للْأُم فالأم تَقول لَا حق لي فِي هَذَا حَتَّى يقْضِي الدّين لِأَن وَلَدهَا بِمَنْزِلَة عَبدهَا وَكَسبه لَهَا وإقرارها فِيمَا فِي يَدَيْهِ جَائِز فان أدَّت عتقت وَعتق وَبَطل إِقْرَارهَا ذَلِك وَكَذَلِكَ إِن عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ لم يكن فِي رَقَبَة الْوَلَد من ذَلِك شَيْء وَإِنَّمَا يقْضِي بذلك مَا دَامَت مُكَاتبَة فِيمَا فِي يَدي الْوَلَد لِأَنَّهُ مَالهَا
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت فِي مكاتبتها ولدا ثمَّ أقرَّت الْأُم بِأَن الْوَلَد قد جنى جِنَايَة وَالْولد يجْحَد ذَلِك ثمَّ إِن الْوَلَد قتل خطأ لمن تكون قِيمَته قَالَ للْأُم قلت فَهَل يكون للْمقر لَهُ شَيْء من أرش الْجِنَايَة فِي تِلْكَ الْقيمَة الَّتِي أقرَّت بهَا الْأُم قَالَ نعم يقْضِي عَلَيْهَا فِي ذَلِك بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن الْقيمَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْقيمَة قد صَارَت مَالا لَهَا وَقد أقرَّت بِالْجِنَايَةِ فَكَأَنَّهَا أقرَّت بدين على الْوَلَد أَلا ترى أَنَّهَا لَو كَانَت أقرَّت بدين كَانَ فِي هَذِه الْقيمَة فَكَذَلِك الْجِنَايَة(4/385)
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قد عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ بعد مَا قتل الْوَلَد هَل تكون تِلْكَ الْقيمَة للَّذي أقرَّت لَهُ الْأُم بِالْجِنَايَةِ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك قد صَار مَالا للْمولى وَقد بَطل إِقْرَارهَا حَيْثُ عجزت قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أقرَّت على الابْن بدين قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت لَو كَانَ قد قضي عَلَيْهَا بِتِلْكَ الْقيمَة قبل أَن تعجز وَدفع ذَلِك إِلَى الْمقْضِي لَهُ ثمَّ إِنَّهَا عجزت بعد ذَلِك هَل يرجع الْمولى فِي تِلْكَ الْقيمَة فيأخذها من الْمقر لَهُ قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت فِي مكاتبتها وَإِذا ثمَّ إِنَّهَا أقرَّت بدين على الْوَلَد ثمَّ إِنَّهَا عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ أما يلْزم الْوَلَد ذَلِك الدّين فِي عُنُقه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد قد صَار عبدا للسَّيِّد فَلَا يجوز إِقْرَارهَا فِي ذَلِك قلت فان كَانَت قد أقرَّت بِأَن الْوَلَد قد جنى جِنَايَة ثمَّ عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ هَل يجوز ذَلِك قدار وَيلْزم الْوَلَد قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن إِقْرَارهَا فِيمَا ذكرت على الْوَلَد بَاطِل(4/386)
- بَاب الْمكَاتب يُوجد فِي دَاره قَتِيل أَو أشرع شَيْئا من دَاره فَيُصِيب إنْسَانا أَو يضع حجرا فِي الطَّرِيق أَو يحْفر بِئْرا أَو يحدث شَيْئا فِي غير ملكه
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا وجد فِي دَاره قَتِيل مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي على الْمكَاتب بِقِيمَتِه يسْعَى فِيهَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قِيمَته عشرَة آلَاف أَو أَكثر مَال القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِعشْرَة آلَاف إِلَّا عشرَة دَرَاهِم قلت وَلم قضيت عَلَيْهِ بِمَا وجدت فِي دَاره قَالَ لِأَن ذَلِك بِمَنْزِلَة جِنَايَته أَلا ترى أَنه لَو وجد قَتِيل فِي دَار حر كَانَ على عَاقِلَته
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا وجد نَفسه قَتِيلا فِي دَاره مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ لَيْسَ على أحد شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ وجد قَتِيلا فِي دَار نَفسه فَلَا يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه فِيمَا ترك وَلَا يكون فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْحر قلت وَالْحر إِذا وجد قَتِيلا فِي دَاره هَل يكون دِيَته على عَاقِلَته قَالَ نعم وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا ترى فِي الْحر أَيْضا دِيَة وَلَا قسَامَة إِذا أُصِيب قَتِيلا فِي دَار نَفسه
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا وجد قَتِيلا فِي دَار مَوْلَاهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ على الْمولي قيمَة الْمكَاتب فِي مَاله قلت وَلم قَالَ لِأَن دَار(4/387)
الْمولى وَغير الْمولى سَوَاء وَهَذَا عِنْدِي كالمولى لَو قَتله
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمكَاتب لم يدع شَيْئا سوى قِيمَته وَلَيْسَ فِي قيمَة الْمكَاتب وَفَاء بالمكاتبة هَل على الْمولى شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قتل عِنْده قلت فَمَتَى يَجْعَل عَلَيْهِ الْقيمَة قَالَ إِذا ترك الْمكَاتب وَفَاء وَكَانَ فِي قِيمَته وَفَاء لِأَنَّهُ يقْضِي عَلَيْهِ الْقيمَة قَالَ إِذا ترك الْمكَاتب وَفَاء وَكَانَ فِي قِيمَته وَفَاء لِأَنَّهُ يقْضِي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ وَيكون الْمولى يَأْخُذ مُكَاتبَته من ذَلِك وَيكون مَا بَقِي مِيرَاثا لوَرَثَة الْمكَاتب إِن كَانَ لَهُ وَرَثَة أَحْرَار قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن لَهُ وَارِث غير الْمولى وَقد قَتله هَل يَرِثهُ قَالَ لَا وَيكون مِيرَاثه لأَقْرَب النَّاس من الْمولى قلت وَلم لَا يَرِثهُ قَالَ لِأَنَّهُ
قَاتل قلت أَرَأَيْت إِذا وجد قَتِيلا فِي دَار مَوْلَاهُ فقضي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ وَقد ترك مَالا كثيرا وَلَيْسَ لَهُ وَارِث غير الْمولى هَل يَرِثهُ الْمولى بعد مَا يَسْتَوْفِي الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَلم وَقد قضيت عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلَة جِنَايَته بِيَدِهِ أَلا ترى لَو أَن رجلا وجد قَتِيلا فِي دَار ابيه وَرثهُ الْأَب وَكَانَت الدِّيَة على عَاقِلَته فَكَذَلِك الْمكَاتب وَإِنَّمَا يحرم الْقَاتِل الْمِيرَاث إِذا كَانَ قَاتلا بِيَدِهِ قلت أَرَأَيْت مكَاتبا وجد فِي دَاره قَتِيل فقضي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ ثمَّ عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون ذَلِك دينا فِي عتقه فان أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَّا بيع قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فقد صَار ذَلِك دينا وَإِن لم يقْض عَلَيْهِ فَهِيَ جِنَايَة على حَالهَا فِي عتقه(4/388)
يدْفع بهَا أَو يفْدي قلت أَرَأَيْت مكَاتبا حفر بِئْرا فِي طَرِيق فَوَقع فِيهَا إِنْسَان فَمَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يسْعَى فِيهَا قلت وَكَذَلِكَ إِذا وضع حجرا فِي طَرِيق فعثر بِهِ إِنْسَان فَمَاتَ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن صب مَاء فِي الطَّرِيق فزلق بِهِ إِنْسَان فَمَاتَ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِذا شرع كنيفا أَو ميزابا أَو حجرا من دَاره فَأصَاب إنْسَانا فَقتله قَالَ نعم
قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ سائقا أَو قائدا فأوطأ إنْسَانا فَقتله قَالَ نعم يكون جَمِيع ذَلِك جِنَايَة فِي عُنُقه فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن الْجِنَايَة قلت أَرَأَيْت مكَاتبا احتفر بِئْرا فِي طَرِيق ثمَّ أدّى الْمُكَاتبَة فَعتق ثمَّ سقط فِي الْبِئْر إِنْسَان حر فَمَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يَوْم احتفر الْبِئْر قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قِيمَته عشرَة آلَاف دِرْهَم أَو أَكثر قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم إِلَّا عشرَة دَرَاهِم قلت أَرَأَيْت إِن وَقع فِيهَا عبد فَمَاتَ أَو حر فَانْكَسَرت يَده أَو جرحته جِرَاحَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن قيمَة العَبْد الْوَاقِع فِي الْبِئْر وَمن أرش الْجِنَايَة قلت وَبِأَيِّ الْقِيمَتَيْنِ يقْضِي على الْمكَاتب بِقِيمَتِه يَوْم وَقع فِيهَا أَو بِقِيمَتِه يَوْم احتفر الْبِئْر(4/389)
قَالَ ينظر إِلَى قِيمَته يَوْم احتفر الْبِئْر وَإِلَى الْجِنَايَة فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من ذَلِك قلت وَكَذَلِكَ لَو وَقع فِيهَا إِنْسَان وَهُوَ مكَاتب قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا احتفر بِئْرا فِي طَرِيق وَقِيمَته ألف دِرْهَم فزادت الْقيمَة حَتَّى صَارَت أَلفَيْنِ ثمَّ وَقع فِي الْبِئْر رجل فَمَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي على الْمكَاتب بِأَلف دِرْهَم يسْعَى فِيهَا وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ بِقِيمَتِه يَوْم احتفر الْبِئْر قلت وَلم قضيت عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ يَوْم احتفر الْبِئْر وَإِنَّمَا وَقعت الْجِنَايَة بعد ذَلِك قَالَ لِأَن الْجِنَايَة كَانَت وَقعت يَوْم احتفر الْبِئْر أَلا ترى لَو أَن عبدا احتفر بِئْرا ثمَّ أعْتقهُ مَوْلَاهُ ثمَّ سقط فِيهَا رجل كَانَ على الْمولى قِيمَته وَلَو لم يكن هَذَا هَكَذَا كَانَت الدِّيَة على عَاقِلَة الْمولى وَمن جعل الْجِنَايَة يَوْم وَقع فِيهَا الرجل فَيَنْبَغِي لَهُ أَن يقْضِي بذلك على الْعَاقِلَة قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مكَاتب وضع حجرا فِي طَرِيق وَقِيمَته ألف دِرْهَم فزادت قِيمَته حَتَّى صَارَت أَلفَيْنِ ثمَّ عثر بِالْحجرِ رجل فَمَاتَ قَالَ نعم يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يَوْم وضع الْحجر قلت وَكَذَلِكَ لَو صب مَاء فزلق بِهِ إِنْسَان فَقتله قَالَ نعم يقْضِي عَلَيْهِ فِي جَمِيع هَذَا بِقِيمَتِه يَوْم فعل ذَلِك الشَّيْء وَلَا ينظر إِلَى قِيمَته يَوْم وَقعت الْجِنَايَة لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْجِنَايَة عندنَا يَوْم فعل ذَلِك وَلَو لم يكن هَذَا هَكَذَا كَانَ(4/390)
إِذا أصَاب شَيْئا بعد مَا يعْتق الْمكَاتب كَانَ على عَاقِلَة سَيّده فَهَذَا خطأ وَينظر إِلَى قِيمَته يَوْم احتفر الْبِئْر وَوضع الْحجر قلت أَرَأَيْت مكَاتبا وجد فِي دَاره قَتِيل فَعلم بالقتيل يَوْم علم وَقِيمَة الْمكَاتب ألف دِرْهَم بِأَيّ شَيْء يقْضِي عَلَيْهِ قَالَ بِقِيمَتِه يَوْم وجد الْقَتِيل فِي دَاره قلت أَرَأَيْت إِن أَقَامَ الْمكَاتب الْبَيِّنَة أَنه كَانَ فِي دَاره هَذِه مِنْهُ سنة وَقِيمَته يَوْمئِذٍ ألف دِرْهَم أَو علم بذلك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه بِمَا قَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة ألف دِرْهَم قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك بِمَنْزِلَة جِنَايَته وبمنزلة مَا ذكرت لَك من حفر الْبِئْر وَوضع الْحجر وَغَيره
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا احتفر بِئْرا فِي طَرِيق ثمَّ إِن الْمكَاتب جنى جِنَايَة بعد ذَلِك فَقتل رجلا خطأ فجَاء ولي الْمَقْتُول يخاصمه فقضي على الْمكَاتب بِقِيمَتِه فأداها إِلَيْهِ ثمَّ وَقع إِنْسَان فِي الْبِئْر فَمَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُشْرك الْوَاقِع فِي البءئ الَّذِي أَخذ الْقيمَة فَتكون بَينهمَا نِصْفَيْنِ إِن كَانَت قِيمَته يَوْم احتفر الْبِئْر وَيَوْم جنى على الثَّانِي سَوَاء قلت وَلم يُشَارِكهُ قَالَ لِأَن الْمكَاتب قد كَانَ جنى يَوْم احتفر الْبِئْر وَهُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَة مكَاتب قتل قَتِيلين قلت أرايت إِن كَانَت قِيمَته يَوْم احتفر الْبِئْر ألف دِرْهَم وَقِيمَته يَوْم قتل ألفا ن مَا القَوْل فِي ذَلِك وَقد أَخذ ولي الْمَقْتُول أَلفَيْنِ قَالَ يسلم لَهُ ألف مِنْهَا خَاصَّة وَالْألف الْبَاقِيَة يضْرب فِيهَا ولي الْمَقْتُول بِتِسْعَة الآف وَيضْرب فِيهَا ولي الْوَاقِع بِعشْرَة آلَاف قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة مكَاتب قتل قَتِيلا وَقِيمَته ألف فَلم يقْض عَلَيْهِ(4/391)
بِشَيْء حَتَّى قتل آخر وَقِيمَته أَلفَانِ فَيكون الأف لولى الثَّانِي خَاصَّة وَالْألف الْبَاقِيَة بَينهمَا على مَا وصفت لَك
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا احتفر بِئْرا وَقِيمَته ألف ثمَّ زَادَت قِيمَته حَتَّى صَارَت أَلفَيْنِ ثمَّ وَقع فِي الْبِئْر رجل فَمَاتَ مَا يلْزم الْمكَاتب قَالَ قِيمَته يَوْم احتفر الْبِئْر
قلت أَرَأَيْت إِن وَقع فِيهَا إِنْسَان بعد ذَلِك وَقد غرم الْقيمَة للْأولِ قَالَ يَشْتَرِكَانِ فِي تِلْكَ الْقيمَة فيقتسمانها نِصْفَيْنِ وَلَيْسَ على الْمكَاتب شَيْء بعد الْقيمَة الأولى
قلت وَكَذَلِكَ إِن وَقع فِيهَا إِنْسَان بعد ذَلِك آخر قَالَ نعم يشتركون فِي الْقيمَة الأولى وَلَا يلْزم الْمكَاتب شَيْء بعد ذَلِك ابدا مِمَّن وَقع فِي الْبِئْر سوى الْقيمَة الأولى قلت وَلم لَا يلْزم الْمكَاتب قيمَة بعد الْقيمَة الأولى وَأَنت تَقول لَو أَن مكَاتبا قتل قَتِيلا فقضي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ ثمَّ قتل آخر بعد ذَلِك قضي عَلَيْهِ بِقِيمَة أُخْرَى قَالَ لِأَنَّهُ جَان يَوْم احتفر الْبِئْر فَصَارَ كل من وَقع فِيهَا بعد ذَلِك كَأَنَّهُ جنى عَلَيْهِم يَوْمئِذٍ أَلا ترى أَنِّي أَقْْضِي عَلَيْهِ فِي الْبِئْر بِقِيمَتِه يَوْم احتفر الْبِئْر فَصَارَ كل من وَقع فِيهَا بعد ذَلِك كَأَنَّهُ جنى عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ وَأَجْعَل ذَلِك كَأَنَّهُ جنى عَلَيْهِم جَمِيعًا وَلَو لم يكن هَذَا هَكَذَا لم أقض عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يَوْم احتفر الْبِئْر وقضيت عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يَوْم وَقع فِيهَا فَلَا يَنْبَغِي أَن يَجْعَل عَلَيْهِ شَيْء فِي قَول من لَا يَجْعَل الْجِنَايَة يَوْم احتفر الْبِئْر جِنَايَة فَلَا يكون جِنَايَة بعد ذَلِك(4/392)
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا مَال حَائِط لَهُ فَتقدم إِلَيْهِ فِيهِ فَسقط الْحَائِط على إِنْسَان قبل أَن يهدمه فَقتله مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يلْزم ذَلِك الْمكَاتب فِي عُنُقه يقْضِي عَلَيْهِ بِأَن يسْعَى فِيهِ
قلت وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْبِئْر يحفرها أوالحجر يَضَعهُ فِي الطَّرِيق قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مكَاتبا أشرع كنيفا إِلَى الطَّرِيق فَوَقع الكنيف على إِنْسَان فَقتله مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن الْمكَاتب قِيمَته قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا مِمَّا أحدث الْمكَاتب فاذا أصَاب إنْسَانا فَعَلَيهِ الضَّمَان
- بَاب مَا يغصب الْمكَاتب أَو يفْسد أَو يستهلك من الْأَمْوَال
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا اغتصب رجلا عبدا فَمَاتَ العَبْد فِي يَدَيْهِ وَقِيمَة العَبْد أَكثر من قيمَة الْمكَاتب مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمكَاتب ضَامِن لقيمة العَبْد بَالِغَة مَا بلغت وَيكون ذَلِك دينا فِي عُنُقه قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بِجِنَايَة وَإِنَّمَا هَذَا غصب قلت وَكَذَلِكَ لَو اسْتهْلك مَالا لرجل أَو دَابَّة أَو ثوبا إو غير ذَلِك قَالَ نعم هُوَ ضَامِن لجَمِيع مَا اسْتهْلك من هَذَا بَالغا مَا بلغ
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا اغتصب دَابَّة فقلتها مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ على الْمكَاتب قيمتهَا بَالِغَة مَا بلغت قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلَة الْجِنَايَة وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَة مَا اسْتهْلك من الْأَمْوَال(4/393)
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا اغتصب رجلا عبدا وَقِيمَته ألف دِرْهَم ثمَّ زَادَت قِيمَته حَتَّى صَارَت تَسَاوِي أَلفَيْنِ وَالْمكَاتب يُسَاوِي أَلفَيْنِ ثمَّ إِن الْمكَاتب قتل العَبْد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مولى العَبْد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَن يضمنهُ قِيمَته يَوْم اغتصبه ضمنه وَإِن شَاءَ أَن يضمنهُ قِيمَته يَوْم قَتله ضمنه قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ هُوَ جنى عَلَيْهِ فِي هَذَا الْوَجْه وَقَتله فَهُوَ ضَامِن لقيمته يَوْم قَتله إِلَّا أَن تكون قِيمَته أقل من ذَلِك فَيكون عَلَيْهِ الْأَقَل
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ وَقِيمَته أَلفَانِ أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ أما هَذَا فَيضمن قِيمَته يَوْم اغتصبه وَلَيْسَ هَذَا كالجناية إِذا جنى هُوَ عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت إِذا اغتصب الْمكَاتب عبدا وَقِيمَته ألف فزادت قيمَة العَبْد حَتَّى صَارَت أَلفَيْنِ ثمَّ إِن الماتب قتل العَبْد ثمَّ قتل رجلا آخر بعد ذَلِك خطأ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَة العَبْد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مولى العَبْد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه قيمَة العَبْد يَوْم قَتله فَيَقْضِي على الْمكَاتب بِقِيمَتِه يسْعَى فِيهَا لوَلِيّ الْمَقْتُول ولمولى العَبْد يقتسمانها على دِيَة الْمَقْتُول وعَلى قيمَة العَبْد قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب قد جنى جنايتين تزيدان على قِيمَته فقسمت قِيمَته بَينهمَا على قدر الْجِنَايَة قلت أَرَأَيْت إِن اخْتَار الْمولى أَن يضمنهُ قِيمَته يَوْم اغتصبه وَكَانَت أَكثر الْقِيمَتَيْنِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِذا اخْتَار الْمولى أَن يضمنهُ قِيمَته يَوْم اغتصبه قضي على الْمكَاتب بِقِيمَة العَبْد يَوْم اغتصبه بَالِغَة مَا بلغت فَيكون(4/394)
ذَلِك دينا فِي عُنُقه يقْضِي لوَلِيّ الْمَقْتُول على الْمكَاتب بِقِيمَة رقبته فيسعى فِيهَا قلت وَلم وَقد قلت فِي الْبَاب الأول يَشْتَرِكَانِ فِيهَا على قيمَة العَبْد وعَلى الدِّيَة قَالَ لِأَن السَّيِّد إِذا ضمنه قيمَة العَبْد يَوْم قَتله فقد صَار ذَلِك جِنَايَة وَلَا يضمن فِي الْجِنَايَة إِلَّا قدر قِيمَته أَلا ترى لَو أَن مكَاتبا جنى جنايتين تزيدان على قِيمَته لم يقْض عَلَيْهِ إِلَّا بِقِيمَتِه فَأَما إِذا ضمنه قِيمَته يَوْم اغتصبه فَذَلِك بِمَنْزِلَة مَال اغتصبه فَصَارَ ذَلِك دينا عَلَيْهِ فَلَا يُشْرك صَاحب الْجِنَايَة فِي قِيمَته أَلا ترى لَو أَن مكَاتبا قتل قَتِيلا خطأ وَعَلِيهِ دين أَو اغتصبه مَالا ثمَّ جنى جِنَايَة كَانَ يقْضِي على الْمكَاتب لصَاحب الْجِنَايَة بِقِيمَتِه وَيكون الدّين فِي عُنُقه يسْعَى فِيهِ
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عبد لَهُ فاستهلك العَبْد مَالا لرجل أَو اغتصبه شَيْئا فاستهلكه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون ذَلِك دينا فِي عُنُقه يسْعَى فِيهِ قلت وَلم لَا يُبَاع النّصْف الَّذِي لم يُكَاتب فِي نصف الدّين قَالَ لِأَن نصفه مكَاتب وَلَا يجوز بيع النّصْف الَّذِي لم يُكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد جرى فِيهِ عتق غَيره قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت فِي مكاتبتها ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة اغتصبت مَالا أَو دَابَّة فاستهلكتها ثمَّ إِنَّهَا مَاتَت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يلْزم وَلَدهَا مَا كَانَت الْأُم اغتصبت فَيَقْضِي على الْوَلَد أَن يسْعَى فِي مُكَاتبَته(4/395)
وَفِي ذَلِك الدّين قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك دين على الْأُم أَلا ترى أَنه لَو كَانَ على الْأُم دين يقْضِي على الْوَلَد أَن يسْعَى فِيهِ قلت أَرَأَيْت جَمِيع مَا اسْتهْلك الْمكَاتب من الْأَمْوَال وَالدَّوَاب وَالْعرُوض أَيكُون ذَلِك بِمَنْزِلَة الدّين فِي عُنُقه قَالَ نعم بَالغا مَا بلغ وَلَا يشبه هَذَا الْجِنَايَة فِي الْأَنْفس والجراحات قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قطع يَد عبد وَنصف قيمَة المقطوعة يَده أَكثر من قيمَة الْمكَاتب بِأَيّ شَيْء يقْضِي عَلَيْهِ قَالَ بِقِيمَتِه قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا جِنَايَة وَمَا جنى العَبْد من جِنَايَة خطأ فِي نفس أَو غَيرهَا حرا كَانَ أَو مَمْلُوكا فانه يقْضِي على الْمكَاتب بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن قِيمَته
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا استودعه رجل عبدا لَهُ فَقتل الْمكَاتب العَبْد خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن قيمَة العَبْد قلت أَرَأَيْت إِن استودعه رجلا مَالا فاستهلكه قَالَ يضمن جَمِيع ذَلِك وَيكون دينا فِي عُنُقه
- بَاب الْجِنَايَة على الْمكَاتب
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قتل عمدا وَله وَرَثَة أَحْرَار أَو لَيْسَ لَهُ(4/396)
وَارِث غير الْمولى وَلم يتْرك وَفَاء وَفِي قِيمَته وَفَاء بالمكاتبة قَالَ لَا يكون فِي هَذَا قصاص وعَلى الْقَاتِل الْقيمَة يُؤَدِّيهَا فيستوفي مِنْهَا الْمولى بَقِيَّة مُكَاتبَته وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته إِذا كَانَ لَهُ وَرَثَة سوى الْمولى فان لم يكن لَهُ وَارِث غير الْمولى فَفِيهِ الْقصاص قلت أَرَأَيْت رجلا قتل مكَاتبا عمدا وَقد ترك الْمكَاتب وَفَاء وَولدا أَحْرَار مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن الْقَاتِل قِيمَته فِي مَاله وَلَا قصاص عَلَيْهِ قلت وَلم وَقد قَتله عمدا قَالَ لِأَنِّي لَا أَدْرِي لمن أجعَل الْقصاص أَلا ترى أَن الْمولى يَأْخُذ من تركته مُكَاتبَته وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته وَإِنَّمَا لحق الْعتْق بعد الْمَوْت فَلَا أجعَل فِيهِ الْقصاص للْمولى وَلَا لوَرثَته قلت أَرَأَيْت إِن اجْتَمعُوا جَمِيعًا على قَتله الْوَرَثَة وَالْمولى هَل يقتل ذَلِك قَالَ لَا وَلَكِن عَلَيْهِ قِيمَته فِي مَاله قلت أَرَأَيْت إِن لم يدع الْمكَاتب شَيْئا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْقصاص فِي هَذَا الْوَجْه للْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد قتل عمدا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد ترك وَفَاء وَلَا وَارِث لَهُ غير الْمولى مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْقصاص فِي هَذَا الْوَجْه للْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد قتل عمدا قلت وَلم وَقد زعمت أَنه إِذا كَانَ لَهُ ولد أَحْرَار فَلَيْسَ على قَاتله قصاص قَالَ لِأَن الْمولى هُوَ وَارثه فِي هَذَا الْوَجْه عبدا كَانَ أَو حرا وَهُوَ ولي الدَّم وَهَذَا قَول ابي حنيفَة(4/398)
وابي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا قَود فِيهِ وَلَا قصاص على قَاتله لِأَن الْحق إِنَّمَا وَرثهُ الْمولى من الْمكَاتب وَالْمكَاتب لم يكن لَهُ قصاص فَلذَلِك لَا يكون لوراثه قصاص قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قتل عمدا وَله وَرَثَة أَحْرَار أَو لَيْسَ لَهُ وَارِث غير الْمولى وَلم يبْق لَهُ وَفَاء وَفِي قِيمَته وَفَاء بالمكاتبة قَالَ لَا يجوز فِي هَذَا قصاص وعَلى الْعَاقِلَة الْقيمَة يَسْتَوْفِي مِنْهَا بَقِيَّة مُكَاتبَته وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته قلت أَرَأَيْت رجلا قتل مكَاتبا خطأ ان يكون ذَلِك على عَاقِلَته قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قطع يَده أَو فَقَأَ عينه أَو جرحه جرحا مَا على الْجَانِي قَالَ يضمن الْجَانِي نصف قِيمَته إِذا قطع يَده أَو فَقَأَ عينه وَكَذَلِكَ جَمِيع مَا جنى عَلَيْهِ فِي جوارحه قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ ذَلِك خطأ أَيكُون ذَلِك على عَاقِلَة الْجَانِي قَالَ لَا وَلَكِن يكون عَلَيْهِ فِي مَاله قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب بِمَنْزِلَة العَبْد وَلِأَن الْعَاقِلَة لَا يضمن من العَبْد وَالْمكَاتب مأدون النَّفس
قلت أَرَأَيْت عبدا قطع يَد مكَاتب أَو جرحه جرحا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون ارش جِنَايَته فِي عنق العَبْد فان شَاءَ مَوْلَاهُ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه قلت أَرَأَيْت إِن اخْتَار الْمولى دفع العَبْد وَقضي القَاضِي بذلك عَلَيْهِ ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَرد فِي الرّقّ قبل أَن يقْتَصّ من العَبْد مَا القَوْل(4/399)
فِي ذَلِك قَالَ العَبْد لمولى الْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت رجلا قطع يَد مكَاتب خطأ أَو فَقَأَ عينه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ على الْقَاطِع مَا نقص من قِيمَته قلت وَلم وَقد قطعت يَده قَالَ لِأَن الْمكَاتب لَيْسَ بِمَنْزِلَة العَبْد وَلَا يقدر على دَفعه فَلَا يضمن الْقَاطِع الا مَا نَقصه وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمُدبر وَأم الْوَلَد أَلا ترى لَو أَن رجلا قطع يَد مُدبر أَو فَقَأَ عينه كَانَ عَلَيْهِ مَا نَقصه فَكَذَلِك الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت رجلا جنى على مكَاتب جِنَايَة قطع يَده أَو فَقَأَ عينه ثمَّ إِن الْمكَاتب جنى على ذَلِك الرجل جِنَايَة ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن الرجل أرش مَا جنى على الْمكَاتب للْمولى وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دفع العَبْد بِمَا كَانَ جنى على الْحر وَإِن شَاءَ فدَاه قلت وَلم جعلت على الْحر أرش الْجِنَايَة ة وَقد جنى العَبْد عَلَيْهِ قَالَ لِأَن ذَلِك قد كَانَ وَجب عَلَيْهِ قبل أَن يجني الْمكَاتب عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ جنى الْمكَاتب على الْحر ثمَّ جنى الْحر عَلَيْهِ ثمَّ عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمولى فان شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه بطلت جنايه الْحر عَلَيْهِ وَإِن فدَاه رَجَعَ الْمولى على الْحر فَأخذ مِنْهُ أرش الْجِنَايَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب كَانَ بَدَأَ بِالْجِنَايَةِ فَلَمَّا دفع إِلَى الْحر صَار مَا كَانَ جنى الْحر عَلَيْهِ كَأَنَّمَا جنى على عَبده وَإِذا فدَاه صَار الْأَرْش للْمولى على الْجَانِي قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عَبده ثمَّ إِن رجلا جنى على(4/400)
الْمكَاتب جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن أرش الْجِنَايَة فَيكون نصف المَال للْمكَاتب وَنصفه للْمولى قلت أَرَأَيْت إِن قطع رجل يَد الْمكَاتب مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن مَا نَقصه فَيكون نصف ذَلِك للْمكَاتب وَنصفه للْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَن نصفه عبد لَهُ لم يكاتبه وَلَا يكون هَذَا بِمَنْزِلَة لَو كَانَ مكَاتبا كُله وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَاتب نصف عَبده فَهُوَ مكَاتب كُله وَمَا جنى عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُ
- بَاب عبد الْمكَاتب يجني
-
قلت أَرَأَيْت عبد الْمكَاتب جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ أَو جرحه جرحا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ذَلِك فِي عُنُقه إِن شَاءَ الْمكَاتب دَفعه وإتن اشاء فدَاه قلت فان فدَاه بِجَمِيعِ الدِّيَة هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قضي القَاضِي على الْمكَاتب بِالدِّيَةِ وَاخْتَارَ الْمكَاتب إمْسَاك عَبده هَل تكون الدِّيَة دينا عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون ذَلِك دينا فِي عُنُقه فان أدّى عَنهُ الْمولى وَإِلَّا بيع
قلت أَرَأَيْت عبد الْمكَاتب جنى جِنَايَة على مولى الْمكَاتب مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ جِنَايَته على مولى الْمكَاتب وعَلى غَيره سَوَاء وَيُخَير الْمكَاتب فان شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا أقرّ على عبد لَهُ أَنه جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ أَو جرحه هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم وَيَقْضِي بِهِ القَاضِي(4/401)
وَيُخَير الْمكَاتب فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه قلت وَلم جَازَ هَذَا قَالَ لِأَنَّهُ عَبده فاقراره عَلَيْهِ جَائِز قلت أَرَأَيْت عبد الْمكَاتب إِذا قتل رجلا عمدا فَصَالح الْمكَاتب ولى الْمَقْتُول من ذَلِك على صلح هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَيصير ذَلِك دينا على الْمكَاتب قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ حق قد لزم عَبده فصلحه عَنهُ جَائِز قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك هَل يكون ذَلِك الصُّلْح دينا فِي عنق الْمكَاتب قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت عبد الْمكَاتب جنى جِنَايَة ثمَّ إِن الْمكَاتب بَاعه وَهُوَ يعلم أَولا يعلم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ بَيْعه جَائِز علم أَو لم يعلم وَيضمن الْمكَاتب قيمَة العَبْد إِن كَانَ بَاعه وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ ضَامِن لجَمِيع الْجِنَايَة قلت وَلم ضمنته جَمِيع الْجِنَايَة قَالَ لِأَنَّهُ قد اخْتَار العَبْد حَيْثُ بَاعه أَلا ترى أَنه لَو خاصمه الْمَجْنِي عَلَيْهِ قبل أَن يَبِيعهُ كَانَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه قلت أَرَأَيْت عبد الْمكَاتب جنى جِنَايَة ثمَّ كَاتب الْمكَاتب بعد ذَلِك العَبْد هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَو بَاعه جَازَ بَيْعه فَكَذَلِك مُكَاتبَته قلت أرايت عبد الْمكَاتب جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ إِن العَبْد مَاتَ هَل لصَاحب الْجِنَايَة على الْمكَاتب شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْجِنَايَة كَانَت فِي عنق العَبْد(4/402)
قلت أَرَأَيْت عبد الْمكَاتب لَو فَقَأَ عَيْنَيْهِ أَو قطع يَدَيْهِ أَو جدع أَنفه فبريء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمكَاتب فان شَاءَ دفع العَبْد وَأخذ قِيمَته وَإِن ابي أَن يدْفع فَلَا شَيْء لَهُ وَالْمكَاتب فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْحر قلت أَرَأَيْت إِن بَاعَ الْمكَاتب العَبْد بعد ذَلِك أَو كَاتبه وَقد بَرِيء العَبْد من ذَلِك هَل لَهُ على الْجَانِي شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا اخْتِيَار مِنْهُ وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَهُ على الْجَانِي مانقصه
- بَاب الرجل يُكَاتب نصف عبد لَهُ ثمَّ يجني جِنَايَة
-
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عبد لَهُ هَل يجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن جنى الْمكَاتب جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى الْمكَاتب فِي نصف قِيمَته لولى الْمَقْتُول وَيضمن لَهُ الْمولى نصف قِيمَته قلت وَلم قَالَ لِأَن نتصفه مكَاتب وَنصفه رَقِيق فَمَا كَانَ فِي عُنُقه من ذَلِك فنصفه على السَّيِّد وَنصفه على الْمكَاتب يسْعَى فِيهِ قلت وَلم لَا يدْفع السَّيِّد النّصْف الَّذِي لم يُكَاتب إِلَى مولى الْمَقْتُول قَالَ لِأَن نصفه مكَاتب فَلَا يقدر على دفع النّصْف الْبَاقِي أَلا ترى أَنه لَو بَاعه لم يجز بَيْعه فَكَذَلِك لَا يقدر على دَفعه قلت أَرَأَيْت إِن جنى جِنَايَة دون النَّفس أَو قتل خطأ قَالَ(4/403)
ينظر إِلَى جِنَايَته وَإِلَى قِيمَته فَيلْزمهُ الْأَقَل من ذَلِك فَيكون نصف ذَلِك على السَّيِّد وَنصفه على الْمكَاتب يسْعَى فِيهِ قلت أَرَأَيْت إتن جنى هَذَا الْمكَاتب جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ فقضي على السَّيِّد بِنصْف الْقيمَة وَالنّصف على العَبْد ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يصير نصف الْقيمَة فِي نصف العَبْد الَّذِي كَانَ قضي بهَا على الْمكَاتب دينا فان أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَّا بيع فِيهِ نصف العَبْد وَالنّصف الْبَاقِي دين على الْمولى قلت لم قَالَ لِأَن القَاضِي قد قضي بذلك قبل أَن يعجز فَصَارَ ذَلِك دينا لَهُ على السَّيِّد فِي نصف العَبْد فَلَا يتَحَوَّل ذَلِك عَن حَاله قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عَبده ثمَّ إِن العَبْد جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ فقضي القَاضِي عَلَيْهِ بِمَا ذكرت لي وعَلى الْمولى ثمَّ إِنَّه قتل آخر خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي أَيْضا مَا ذكرت فِي رَقَبَة الْمكَاتب وعَلى الْمولى مَا وصفت لَك إِلَّا أَن الآخر يَبِيع الأول فِي حِصَّة الْمولى وَلَا يضمن الْمولى إِلَّا نصف قِيمَته قلت أَرَأَيْت إِن عجز بعد مَا قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ للْأولِ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ للْآخر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ للمقضي لَهُ نصف الْقيمَة فِي نصف الْعَبْدَيْنِ وَنصفه على السَّيِّد وَيُخَير السَّيِّد فان شَاءَ دفع العَبْد إِلَى الْمَجْنِي عَلَيْهِ الثَّانِي وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه كَانَ للْأولِ نصف قِيمَته دينا فِي نصف العَبْد يُبَاع لَهُ ذَلِك النّصْف أَو يُؤَدِّيه إِلَيْهِ الْمَدْفُوع إِلَيْهِ العَبْد وَنصف الْقيمَة(4/404)
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف أمة لَهُ ثمَّ إِنَّهَا ولدت ولدا مَا حَال وَلَدهَا قَالَ وَلَدهَا بمنزلتها قلت أرايت إِن جنى وَلَدهَا جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى الْقيمَة فَيَقْضِي على الْوَلَد بِالْأَقَلِّ من ذَلِك فَيكون نصف ذَلِك عَلَيْهِ يسْعَى فِيهِ وَنصفه على الْمولى قلت وَلم يلْزم ذَلِك النّصْف الْمولى قَالَ لِأَن الْوَلَد بِمَنْزِلَة أمه وَنِصْفهَا للْمولى قلت أَرَأَيْت إِن أعتق السَّيِّد الْأُم بعد مَا جنى الْوَلَد جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْأُم كلهَا حرَّة وَيعتق نصف الْوَلَد وَيسْعَى الْوَلَد فِي نصف قِيمَته للْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد يعْتق مِنْهُ بِمِقْدَار مَا كَانَ كُوتِبَ من الْأُم لَو كَانَت أدَّت الْمُكَاتبَة فَعتق نصفهَا وَنصف وَلَدهَا فَكَذَلِك عتق السَّيِّد الْأُم قلت أَرَأَيْت الْجِنَايَة الَّتِي جناها الْوَلَد مَا حَالهَا قَالَ نصف الْجِنَايَة على الْوَلَد يسْعَى فِيهِ وَنِصْفهَا على الْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَن نصف ذَلِك قد لزم الْمولى يَوْم جنى الْوَلَد ويستسعى العَبْد الْمولى فِي نصف قِيمَته
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى إِنَّمَا أعتق الْوَلَد وَقد جنى جِنَايَة وَلم يعْتق الْأُم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْوَلَد حر وَينظر إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى قيمَة الْوَلَد فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من ذَلِك وَيكون نصفه دينا على الْوَلَد(4/405)
يسْعَى فِيهِ وَنصفه على الْمولى فِي مَاله قلت وَلم قَالَ لِأَن الْجِنَايَة يَوْم جنى الْوَلَد كَانَ وَجب نصف ذَلِك عَلَيْهِ وَنصفه على الْمولى
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف أمة لَهُ فَولدت ولدا بعد ذَلِك ثمَّ إِن الْوَلَد جنى على أمه جِنَايَة أَو جنت الْأُم على وَلَدهَا جِنَايَة هَل يلْزم وَاحِدًا مِنْهُمَا من جِنَايَة الآخر شَيْء قَالَ نعم يلْزم كل وَاحِد مِنْهُمَا من جِنَايَته على صَاحبه الْأَقَل من جَمِيع قِيمَته وَمن نصف الْجِنَايَة فَيكون نصف ذَلِك على الْمولى وَنصفه للجاني على الْمولى
قلت أَرَأَيْت إِن جنت الْأُم جِنَايَة ثمَّ إِن الْأُم مَاتَت قبل أَن يقْضِي عَلَيْهَا وَلم تدع شَيْئا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ وَلَدهَا بمنزلتها وَينظر إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى قيمَة الْأُم فَيكون نصف الْأَقَل من ذَلِك على الْوَلَد وَنصف ذَلِك على الْمولى يسْعَى الْوَلَد فِيمَا عَلَيْهِ من ذَلِك وَيسْعَى فِيمَا على أمه من مكاتبتها قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ قضي على الْأُم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن جنى الْوَلَد بعد ذَلِك جِنَايَة ثمَّ إِنَّه عجز فَرد فِي الرّقّ وَقد كَانَ قضي عَلَيْهِ بِجِنَايَة أمه قَالَ يصير مَا كَانَ قضي عَلَيْهِ من جِنَايَة أمه دينا فِي نصفه وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه إِلَى صَاحب جِنَايَته وَلَا يَبِيع الْمقْضِي لَهُ بِنصفِهِ نصف الْقيمَة لِأَن الدّين دين أمه(4/406)
فاذا دفع بِجِنَايَة نَفسه فَهُوَ أَحَق من دين أمه أَلا ترى أَن دينه أَحَق من دين أمه فَكَذَلِك جِنَايَته أَحَق من دين أمه قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب نصف عبد لَهُ ثمَّ إِن العَبْد جنى جِنَايَة فَأعتق السَّيِّد العَبْد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى قيمَة العَبْد فَيكون نصف الْأَقَل من ذَلِك على الْمولى وَنصفه على العَبْد يسْعَى فِيهِ لِأَنَّهُ قد كَانَ لزمَه ذَلِك قبل أَن يعتقهُ
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل نصف عَبده فجنى جِنَايَة ثمَّ كَاتب النّصْف الْبَاقِي بعد ذَلِك فجنى جِنَايَة أُخْرَى مَا القَوْل فِي ذَلِك وَلم يكن قضي للْأولِ بِشَيْء قَالَ ينظر إِلَى الْجِنَايَة الأولى وَإِلَى قيمَة العَبْد فَيكون نصف الْأَقَل من ذَلِك على السَّيِّد وَينظر إِلَى نصف جِنَايَة الأول وَجِنَايَة الآخر وَإِلَى قيمَة العَبْد فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من ذَلِك فَيكون ذَلِك بَينهمَا على نصف جِنَايَة الآخر فِي نصف الْقيمَة خَاصَّة وَالنّصف الْبَاقِي على قدر جنايتهما بَينهمَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمَجْنِي عَلَيْهِ الأول قد كَانَ وَجب لَهُ نصف ذَلِك على الْمولى وَنصفه على الْمكَاتب فَمَا كَانَ على الْمولى فَهُوَ دين عَلَيْهِ وَنصف الْجِنَايَة فِي نصفه فَيقسم نصف قِيمَته على نصف الْجِنَايَة الأولى وعَلى نصف الْجِنَايَة الْآخِرَة فَتَصِير بَينهمَا على ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل نصف عبد لَهُ فجنى جِنَايَة فَلم يقْض بهَا عَلَيْهِ حَتَّى كَاتب السَّيِّد النّصْف الْبَاقِي ثمَّ إِنَّه جنى جِنَايَة أُخْرَى ثمَّ إِنَّه(4/407)
عجز فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ السَّيِّد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع العَبْد إِلَيْهِم وَإِن شَاءَ فدَاه قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد قد عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْء فَكَأَن الجنايتين كَانَتَا بعد الْعَجز قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ قبل أَن يجني الثَّانِيَة وَلم يقْض عَلَيْهِ بِالثَّانِيَةِ ثمَّ عجز فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون للمقضي لَهُ نصف مَا كَانَ قضي بِهِ على السَّيِّد وَنصفه دين فِي نصف العَبْد وَيُخَير السَّيِّد فان شَاءَ دفع العَبْد إِلَى الثَّانِي وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه إِلَيْهِ تبعه الأول بِنصْف مَا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِ فِي نصفه فان أدّى عَنهُ المدفعوع إِلَيْهِ وَإِلَّا بيع نصفه فِي ذَلِك قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عَبده فجنى جِنَايَة ثمَّ كَاتب السَّيِّد الْبَاقِي بعد ذَلِك فجني جِنَايَة أُخْرَى ثمَّ عجز عَن الْمُكَاتبَة الأولى هَل يرد ذَلِك النّصْف الأول فِي الرّقّ وَيكون النّصْف الْبَاقِي على الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت فَمَا حَال الْجِنَايَة قَالَ ينظر إِلَى الجنايتين وَإِلَى قيمَة العَبْد فَيَقْضِي على الْمولى بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن جَمِيع جِنَايَة الأول وَنصف جِنَايَة الآخر فَيكون نصف جِنَايَة الأول فِي نصف قيمتة ألعبد على الْمولى خَاصَّة وَنصف جِنَايَة الأول وَنصف جِنَايَة الآخر فِي نصف قيمَة العَبْد فيقتسمانه على قدر جنايتهما وعَلى الْمكَاتب لصَاحب الْجِنَايَة الْأُخْرَى الْأَقَل من النّصْف نصف جِنَايَته وَمن نصف قِيمَته قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء من الجنايتين حَتَّى عجز فَكَأَنَّهُ جناهما فِي الْحَال الَّتِي خوصم فِيهَا قلت وَكَذَلِكَ إِن عجز عَن الْمُكَاتبَة(4/408)
الثَّانِيَة وَلم يعجز عَن الأولى قَالَ نعم إِلَّا أَن الْمولى لَا يغرم هَاهُنَا إِلَّا الْأَقَل من نصف قِيمَته وَمن نصف جِنَايَة الأول وَنصف جِنَايَة الآخر فيقتسمان ذَلِك على قدر نصف جنايتهما وَيَقْضِي على الْمكَاتب وَفِي النّصْف الَّذِي كُوتِبَ أَولا للْآخر وَالْأول بِالْأَقَلِّ من نصف جنايتهما وَمن نصف قِيمَته وَهَذَا كُله قِيَاس قَول ابي حنيفَة وَأما فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد فاذا كَاتب الرجل نصف عَبده فَهُوَ مكَاتب كُله وَالْحكم فِيهِ كَالْحكمِ فِي الْمكَاتب
- بَاب الرجل يُكَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة فيجني أَحدهمَا على صَاحبه أَو على غَيره
- قلت أرايت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا ثمَّ إِن أحد المكاتبين جنى جِنَايَة هَل يلْزم صَاحبه من ذَلِك شَيْء قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ مَا اسْتَدَانَ أَحدهمَا قَالَ نعم لَا يلْزم وَاحِدًا مِنْهُمَا من جِنَايَة صَاحبه شَيْء وَلَا من دينه قلت أَرَأَيْت إِذا جنى أَحدهمَا جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى الْقيمَة فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من ذَلِك يسْعَى فِيهِ قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْجَانِي قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ أَو بعد مَا قضي عَلَيْهِ هَل يلْزم الْمكَاتب الْبَاقِي شَيْء من جِنَايَته قَالَ لَا قلت وَلَا شَيْء من دينه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ(4/409)
لِأَنَّهُ لَيْسَ يلْزمه من دين الآخر شَيْء وَلَا من جِنَايَته وَإِنَّمَا ذَلِك على الْمَيِّت وَإِنَّمَا تلْزمهُ الْمُكَاتبَة خَاصَّة قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا قتل صَاحبه خطأ وقيمتهما سَوَاء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يلْزم الْجَانِي قيمَة الْمَقْتُول مِنْهُمَا يسْعَى فِيهَا وَيسْعَى فِي جَمِيع الْمُكَاتبَة مَعَ ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة إِلَى الْمولى وللمقتول ولد أَحْرَار هَل يعتقان جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فَمَا حَال مَا أدّى قَالَ ينظر إِلَى قيمَة الْمَقْتُول وَإِلَى نصف الْمُكَاتبَة فان كَانَتَا سَوَاء فَهُوَ قصاص بِمَا عَلَيْهِ قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب الْحَيّ حِين أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة فانه يرجع على الْمَقْتُول بِنصْف مَا أدّى لِأَنَّهُ أدّى عَنهُ وَقد لزمَه قيمَة الْمَقْتُول فَصَارَت قصاصا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قِيمَته أَكثر من نصف الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون نصف الْمُكَاتبَة الَّتِي أَدَّاهَا عَلَيْهِ من نصف الْقيمَة قصاصا وَيكون الْفضل لوَرَثَة الْمَقْتُول فان لم يكن لَهُ وَرَثَة سوى الْمولى كَانَ ذَلِك للْمولى
قلت أرايت رجلا كَاتب أمتين لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أدتا عتقتا وَإِن عجزتا ردتا فِي الرّقّ ثمَّ ولدت إِحْدَاهمَا ولدا(4/410)
ثمَّ جنى الْوَلَد جِنَايَة على الآخرى قطع يَدهَا أَو فَقَأَ عينهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى قيمَة الْوَلَد وغلى الْجِنَايَة فَيَقْضِي على الْوَلَد بِالْأَقَلِّ من ذَلِك يسْعَى فِيهِ قلت أرايت إِذا جنى الْوَلَد جِنَايَة على الآخرى فَقطع يَدهَا ثمَّ إِن أم الْوَلَد أدَّت جَمِيع الْمُكَاتبَة فعتقتا جَمِيعًا مَا حَال الْجِنَايَة قَالَ ينظر إِلَى الْجِنَايَة وغلى قيمَة الْوَلَد يَوْم جنى فَيكون على الْوَلَد الْأَقَل من ذَلِك دينا عَلَيْهِ يسْعَى فِيهِ وَترجع الَّتِي أدَّت عَلَيْهَا بحصتها من الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِذا جنى الْوَلَد جِنَايَة على الآخرى فقضي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن قِيمَته ثمَّ أدتا فعتقتا هَل يلْزم الْوَلَد مَا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت وَلَا يكون على الْأُم شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِذا جنى الْوَلَد جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا أَو لم يقْض عَلَيْهِ حَتَّى أدتا فعتقتا وَفِي يَدي الْوَلَد مَال مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن كَانَ قضي على الْوَلَد بِالْجِنَايَةِ قبل أَن تعتقا فقد صَار ذَلِك دينا عَلَيْهِ يؤمئذ فَمَا كَانَ فِي يَدَيْهِ من مَال قد أَصَابَهُ فانه يقْضِي مِنْهُ ذَلِك فان فضل شَيْء فَهُوَ للْأُم دون الْوَلَد وَإِن لم يفضل فان الْفضل على الْوَلَد يسْعَى فِيهِ قلت وَلم يكون على الْوَلَد مَا قضي فِي ذَلِك المَال قَالَ لِأَن ذَلِك دين على الْوَلَد لَا يكون للْأُم شَيْء من ذَلِك حَتَّى يقْضِي الدّين
قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الْوَلَد اسْتَدَانَ دينا ثمَّ عتقتا وَفِي يَدَيْهِ مَال قَالَ يكون ذَلِك المَال للْغُرَمَاء حَتَّى تستوفيه فان فضل شَيْء فَهُوَ للْأُم(4/411)
قلت أَرَأَيْت إِن لم يقْض على الْوَلَد بِالْجِنَايَةِ حَتَّى أدَّت الْأُم فعتقت وَعتق وَلَدهَا مَعهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى قيمَة الْوَلَد يَوْم جنى فَيكون الْأَقَل من ذَلِك دينا على الْوَلَد
قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ فِي يَدي الْوَلَد من مَال لمن يكون قَالَ للْأُم قلت وَلَا يكون لأَصْحَاب الْجِنَايَة شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك المَال كَانَ للْأُم وَلم تصر الْجِنَايَة دينا على الْوَلَد حَتَّى قضي بهَا عَلَيْهِ وَقد عتق وَهِي جِنَايَة فِي عُنُقه أَلا ترى لَو أَن الْأُم عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ قبل أَن يقْضِي على الْوَلَد كَانَ مَا فِي يَدَيْهِ من مَال للْمولى وَيكون الْجِنَايَة فِي عُنُقه وَلَو كَانَ قضي عَلَيْهِ قبل الْعَجز كَانَ مَا فِي يَده من مَال للْغُرَمَاء لِأَنَّهُ قد صَار دينا عَلَيْهِ فَكَذَلِك الْبَاب الأول
قلت أرايت رجلا كَاتب أمتين لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة ثمَّ إِن إِحْدَاهمَا ولدت ولدا ثمَّ إِن الْأُخْرَى جنت على الْوَلَد جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهَا بِالْأَقَلِّ من قيمتهَا وَمن الْجِنَايَة فَيكون ذَلِك للْأُم دون الْوَلَد قلت أَرَأَيْت إِن لم يقْض عَلَيْهَا بِشَيْء حَتَّى أدتا وَعتق الْوَلَد لمن تكون الْجِنَايَة قَالَ للْأُم دون الْوَلَد لِأَنَّهُ وَجب لَهَا قبل أَن يعْتق قلت أَرَأَيْت إِن أدَّت الْأُخْرَى جَمِيع الْمُكَاتبَة دون أم الْوَلَد وَقد جنت الْأُخْرَى على الْوَلَد جِنَايَة تبلغ قدر حصَّتهَا من الْمُكَاتبَة أَيكُون ذَلِك قصاصا بِمَا يرجع عَلَيْهَا بِهِ مِمَّا أدَّت عَنْهَا قَالَ نعم قلت وَلم ذَلِك قَالَ لِأَن ذَلِك دين للْأُم عَلَيْهَا فَصَارَ قصاصا(4/412)
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا قتل صَاحبه خطأ وَقد ترك الْمَقْتُول وَفَاء بالمكاتبة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ الْمولى من مَال الْمَقْتُول جَمِيع الْمُكَاتبَة وَيكون مَا بَقِي مِيرَاثا لوَرَثَة الْمَقْتُول إِن كَانَ لَهُ وَرَثَة سوى الْمولى وَإِلَّا كَانَ ذَلِك للْمولى وَيرجع الْوَرَثَة على الْقَاتِل بِحِصَّتِهِ من الْمُكَاتبَة الَّتِي أَدَّاهَا الْمَيِّت بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن قيمَة المقتل يَوْم قَتله قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمَقْتُول قد أدعى عَنهُ الْمُكَاتبَة فَلَا بُد من أَن ترجع عَلَيْهِ بذلك وبقيمة الْمَقْتُول
- بَاب جِنَايَة الْمكَاتب بَين اثْنَيْنِ
-
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِغَيْر أَمر صَاحبه ثمَّ جنى جِنَايَة ثمَّ أدّى الْمُكَاتبَة ثمَّ خاصمهم صَاحب الْجِنَايَة بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يقْضِي على الْمكَاتب بِالْأَقَلِّ من نصف قِيمَته وَنصف أرش الْجِنَايَة وَأما الشَّرِيك الَّذِي لم يُكَاتب فانه يَأْخُذ من شَرِيكه نصف مَا أَخذ من الْمُكَاتبَة وَيرجع بِهِ الشَّرِيك على الْمكَاتب وَالشَّرِيك الَّذِي لم يُكَاتب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَإِن شَاءَ ضمن إِن كَانَ غَنِيا فان أعتق أَو استسعى فَالْولَاء بَينهمَا نِصْفَانِ فان فعل الشَّرِيك ذَلِك وَقبض فَهُوَ ضَامِن للأقل من نصف قيمَة الْمكَاتب وَمن أرش الْجِنَايَة قلت وَكَذَلِكَ إِن كَاتبه الشَّرِيك باذن صَاحبه قَالَ نعم إِلَّا أَنه لَا ضَمَان فِيهِ
قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب فَرد رَقِيقا وَقد كَانَ قضي عَلَيْهِ(4/413)
بِمَا ذكرت فَالْقَوْل فِيهِ قَالَ يُبَاع نصف العَبْد بِمَا قضي عَلَيْهِ بِهِ وَهُوَ نصف الَّذِي كَاتب بِنصْف الْأَرْش وَيُقَال للَّذي لم يُكَاتب ادْفَعْ نصيبك بِنصْف الْجِنَايَة أَو افده بِنصْف الْأَرْش قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ فكاتب أَحدهمَا نصِيبه بِغَيْر إِذن شَرِيكه ثمَّ اشْترى الْمكَاتب عبدا فجنى العَبْد جِنَايَة عِنْده ثمَّ إِن الْمكَاتب أدّى مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمكَاتب وَالَّذِي لم يُكَاتب فان شاءا دفعاه وَإِن شاءا فدياه بِالدِّيَةِ قلت وَلم قَالَ لِأَن نصف العَبْد للَّذي لم يُكَاتب وَنصفه للْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِغَيْر إِذن شَرِيكه ثمَّ إِن العَبْد ولد لَهُ من أمة لَهُ ولد فِي الْمُكَاتبَة فجنى الْوَلَد جِنَايَة على الْأَب وجنى الْأَب على الْوَلَد بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك وَقد أدّى الْأَب فَعتق قَالَ يكون فِي عنق الابْن نصف قيمَة نَفسه وَيسْعَى فِيهَا للْمولى الَّذِي لم يُكَاتب لِأَنَّهُ عتق بأَدَاء الْمكَاتب وَالَّذِي لم يُكَاتب بِالْخِيَارِ فِي الْمكَاتب على مَا وصفت لَك وَأما أم ولد الْمكَاتب فان الْمكَاتب ضَامِن لنصف قيمتهَا للَّذي لم يُكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا أم ولد وَلَا سِعَايَة على أم الْوَلَد فِي حَال وَأما جِنَايَة الابْن على الْأَب فقد جنى وَنصفه مكَاتب مَعَ ابيه وَنصفه رَقِيق وَالْأَب على تِلْكَ الْحَال فَمَا كَانَ فِي الابْن من حِصَّة الَّذِي لم يُكَاتب فَهُوَ فِي عنق الابْن يبطل من ذَلِك نصفه وَيثبت نصفه فِي النّصْف وَهُوَ ربع قِيمَته وَيثبت للِابْن مثل ذَلِك فِي نصف(4/414)
الْأَب فِي حِصَّة الْمولى الَّذِي لم يُكَاتب فَيكون قصاصا وَلَا يكون لأحد على أحد شَيْء قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب أمة بَينه وَبَين رجل آخر فكاتب حِصَّته مِنْهَا ثمَّ إِنَّهَا ولدت ولدا فازدادت خيرا أَو نقصت من غير عيب ثمَّ أدَّت فعتقت فَاخْتَارَ الشَّرِيك أَن يضمن الَّذِي كَاتب وَهُوَ مُوسر وَقد كَانَ كاتبها بِغَيْر إِذن شَرِيكه فانه يضمنهُ نصف قيمتهَا يَوْم عتقت وَلَا يلْتَفت إِلَى زيادتها وَلَا إِلَى نقصانها أَلا ترى أَنِّي أجعَل لَهُ نصف كسبها وَنصف وَلَدهَا وَنصف مَا جنى عَلَيْهَا وَلَو كَانَ الضَّمَان إِنَّمَا يجب لَهُ يَوْم كَاتب لم يكن للشَّرِيك من ذَلِك شَيْء
قلت أَرَأَيْت أمة بَين رجلَيْنِ كَاتب أَحدهمَا نصِيبه مِنْهَا ثمَّ إِنَّهَا ولدت ولدا فكاتب الآخر نصِيبه من الْوَلَد ثمَّ إِن الْوَلَد جنى على أمه وجنت الْأُم عَلَيْهِ جِنَايَة لَا تبلغ النَّفس ثمَّ أديا فعتقا والموليان موسران مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الَّذِي كَاتب الآم لَا ضَمَان لَهُ على شَرِيكه فِي الْوَلَد من قبل أَن مُكَاتبَة الْأُم مُكَاتبَة للْوَلَد لِأَنَّهَا ولدت وَهِي مُكَاتبَة وللذي كَاتب الْوَلَد أَن يضمن الَّذِي كَاتب الْأُم نصف قيمَة الْأُم إِن كَانَ مُوسِرًا فان شَاءَ استسعاها وَإِن شَاءَ أعْتقهَا فان أعْتقهَا أَو استسعاها كَانَ ولاؤها وَوَلَاء وَلَدهَا بَينهمَا فان ضمن مولى الْأُم الَّذِي كَانَ كاتبها فولاء الْوَلَد بَينهمَا وَوَلَاء الْأُم للَّذي ضمن وَجِنَايَة الْوَلَد على أمه وَجِنَايَة(4/415)
الْأُم عَلَيْهِ على مَا وصفت لَك فِي العَبْد وَابْنه إِلَّا أَن الَّذِي يلْحق كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه فِي هَذَا الْوَجْه ثَلَاثَة أَربَاع قِيمَته فَيكون قصاصا قلت أَرَأَيْت العَبْد يكون بَين الرجلَيْن فيفقأ عين أَحدهمَا ثمَّ إِن الَّذِي فقي عينه كَاتبه ثمَّ إِنَّه جرحه جرحا ثمَّ أدّى فَعتق وَقد مَاتَ الْمولى من الجنايتين جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الَّذِي لم يُكَاتب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ ضمن الَّذِي كَاتب إِن كَانَ مُوسِرًا وَإِن شَاءَ استسعى إِذا كَانَ مُعسرا فاذا فعل أحد هَذِه الْخِصَال دفع نصف قيمَة العَبْد إِلَى وَرَثَة الْمَيِّت بِجِنَايَتِهِ وَيُقَال للْعَبد عَلَيْك أَن تسْعَى فِي الْأَقَل من قيمتك وَمن ربع الْجِنَايَة بَين وَرَثَة الْمَيِّت
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ جنى على أَحدهمَا جِنَايَة فقيء عينه اَوْ قطع يَده ثمَّ إِن الآخر بَاعَ نصف نصِيبه من شَرِيكه وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ ثمَّ إِن العَبْد أَيْضا جنى عَلَيْهِ جِنَايَة أُخْرَى ثمَّ إِن الْمولى الَّذِي بَاعَ ربعه اشْترى ذَلِك الرّبع من صَاحب الْجِنَايَة ثمَّ كَاتبه الَّذِي جنى عَلَيْهِ على نصِيبه ثمَّ جنى عَلَيْهِ جِنَايَة أُخْرَى ثمَّ أدّى فَعتق ثمَّ مَاتَ الْمولى من الْجِنَايَات كلهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون على الْمكَاتب نصف قِيمَته بِجِنَايَتِهِ وَهُوَ مكَاتب إِلَّا أَن يكون ربع الدِّيَة اقل من ذَلِك وَيكون على الشَّرِيك الَّذِي لم يُكَاتب سدس دِيَة وَربع سدس دِيَة صَاحبه وَنصف قيمَة العَبْد وَلَا يُؤَدِّي نصف الْقيمَة حَتَّى يعْتق أَو يستسعى أَو يضمن
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ فَقطع يَد رجل ثمَّ بَاعه أَحدهمَا من صَاحبه وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ ثمَّ اشْتَرَاهُ فَقطع يَد آخر وفقأ(4/416)
عين الأول ثمَّ مَاتَا جَمِيعًا من ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يُقَال للشَّرِيك الأول الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهُ ادْفَعْ نصيبك الَّذِي كَانَ فِي يَديك إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيلين فَيكون بَينهم نِصْفَيْنِ أَو افده بِعشْرَة آلَاف لكل وَاحِد خَمْسَة آلَاف وَيُقَال للشَّرِيك البَائِع الأول ادْفَعْ إِلَى الأول أَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة وَاجِبَة عَلَيْك أَو افده بِأَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة فادفعها إِلَى ولي الْقَتِيل الأول وافده بِخَمْسَة آلَاف من الآخر وادفع النّصْف الَّذِي فِي يَديك إِلَيْهِمَا فيقتسمانه اثلاثا ثلث لصَاحب الْجِنَايَة الأولى وَثُلُثَانِ لصَاحب الْجِنَايَة الْآخِرَة قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ قِيمَته ألف دِرْهَم فجنى جِنَايَة على رجل فكاتب أَحدهمَا نصِيبه وَهُوَ يعلم ثمَّ جنى على ذَلِك الرجل جِنَايَة أُخْرَى ثمَّ كَاتبه الآخر وَهُوَ لَا يعلم ثمَّ جنى عَلَيْهِ الثَّالِثَة ثمَّ مَاتَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ من ذَلِك وَهُوَ مكَاتب لَهما جَمِيعًا مَا القَوْل فِيهِ قَالَ على الْمولى الأول ربع الدِّيَة وعَلى الْمولى الثَّانِي الْأَقَل من ربع الدِّيَة وَمن نصف قِيمَته وعَلى الْمكَاتب أَن يسْعَى فِي الْأَقَل من جَمِيع قِيمَته وَمن نصف الدِّيَة
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ كَاتب أَحدهمَا نصِيبه باذن شَرِيكه ثمَّ إِن العَبْد جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ إِن الْمكَاتب اشْترى جَارِيَة فَولدت لَهُ ولدا فِي مُكَاتبَته ثمَّ إِن العَبْد مَاتَ وَلم يقْض عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ وَقد ترك مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون نصف مَا ترك للسَّيِّد الَّذِي لم يُكَاتب وَيَأْخُذ الَّذِي كَاتب الْمُكَاتبَة مِمَّا بَقِي من مَال العَبْد(4/417)
وَيَأْخُذ الَّذِي لم يُكَاتب نصف قيمَة العَبْد مِمَّا بَقِي من مَال العَبْد إِن كَانَ الَّذِي كَاتب مُوسِرًا أَو مُعسرا وَالْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَانِ وَلَا ضَمَان على الَّذِي كَاتب وَينظر إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى الْقيمَة فَيَقْضِي بِنصْف الْأَقَل من ذَلِك فِيمَا ترك وَالنّصف على الَّذِي لم يُكَاتب وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث إِلَّا أَنَّك تبدأ بِالْجِنَايَةِ فتقضي بهَا قلت وَلم قَالَ لِأَن نصيب الَّذِي كَاتب الْجِنَايَة على العَبْد وَالنّصف الْبَاقِي على الَّذِي لم يُكَاتب أَلا ترى أَن العَبْد لَو كَانَ حَيا فَأدى الْمُكَاتبَة لم يكن على الْمكَاتب ضَمَان لِأَنَّهُ كَاتب باذن شَرِيكه وَالْآخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَيَقْضِي فِي الْجِنَايَة بِنصْف الْأَقَل مِنْهَا وَمن نصف الْقيمَة على الَّذِي لم يُكَاتب فِي مَاله قبل أَن يُؤَدِّي السّعَايَة لِأَنَّهُ اذن فِي الْمُكَاتبَة فَكَذَلِك إِذا مَاتَ وَولده حَيّ يسْعَى فِيمَا عَلَيْهِ فان كَانَ الْوَلَد مَاتَ قبله ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب بعد ذَلِك فَقبض الْمولى نصف السّعَايَة من مَاله ضمن الْمولى نصف الْأَقَل من الْأَرْش وَنصف الْقيمَة لصَاحب الْجِنَايَة
قلت أَرَأَيْت إِن لم يدع الْمكَاتب شَيْئا وَترك وَلَده الَّذِي ولد لَهُ فِي الْمُكَاتبَة وَقد مَاتَت الْأُم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْوَلَد بِمَنْزِلَة ابيه يسْعَى فِيمَا على أَبِيه من الْمُكَاتبَة وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من نصف الْجِنَايَة وَمن نصف قيمَة ابيه فاذا أدّى مَا على أَبِيه من الْمُكَاتبَة عتق وَيصير نصف مَا اكْتسب الْوَلَد للَّذي لم يُكَاتب إِلَى يَوْم عتق وَيرجع السَّيِّد على الَّذِي كَاتب بِنصْف مَا أَخذ من الْوَلَد من الْمُكَاتبَة وَيرجع(4/418)
الَّذِي كَاتب بذلك على الْوَلَد وَالشَّرِيك الَّذِي لم يُكَاتب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق نصِيبه من الْوَلَد وَإِن شَاءَ استسعى فان استسعى أَو قبض أَو أعْتقهُ ضمن نصف الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن نصف قيمَة الْأَب لِأَنَّهُ كَانَ ذَلِك فِي عنق الْأَب فولده بِمَنْزِلَتِهِ وَلَو لم يقبض من الْوَلَد شَيْئا ضمن أَيْضا الْأَقَل من نصف الْجِنَايَة وَنصف قيمَة الْأَب فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا الْبَاب كُله على قِيَاس قَول ابي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ فكاتب أَحدهمَا نصِيبه باذن شَرِيكه فَهُوَ مكَاتب كُله بِالْمَالِ الَّذِي كَاتبه عَلَيْهِ وَأما إِذا كَانَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ فاذا أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة إِلَيْهِمَا عتق وجنايته وَهُوَ مكَاتب بِمَنْزِلَة جِنَايَة الَّذِي كُوتِبَ جَمِيعه
- بَاب جِنَايَة العَبْد على الْحر واحدهما على صَاحبه
- قلت أَرَأَيْت عبدا جنى على حر جِنَايَة فَقطع يَده أَو فَقَأَ عينه وَذَلِكَ كُله خطأ فبرىء الْحر ثمَّ إِن رجلا حرا جنى على العَبْد فَقطع رجله خطأ أَو يَده أون فَقَأَ عينه خطأ فبرىء العَبْد وَلَا يعلم أَي الجنايتين كَانَ قبل جِنَايَة الْحر على العَبْد أَو جِنَايَة العَبْد على الْحر ثمَّ جَاءَ الْحر الْمَجْنِي عَلَيْهِ يُخَاصم مولى العَبْد وَجَاء مولى العَبْد يُخَاصم الْجَانِي على العَبْد فَقَالَ الْمولى للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ إِنَّمَا جنى على عَبدِي قبل أَن يجني عَلَيْك(4/419)
وَقَالَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ إِنَّمَا جنى على قبل أَن يجني عَلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول الْمولى إِذا حلف إِلَّا أَن يكون للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ بَيِّنَة على مَا ادّعى فان لم يكن لَهُ بَيِّنَة كَانَ للْمولى على الْجَانِي على العَبْد نصف قيمَة العَبْد وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دفع العَبْد إِلَى الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَإِن شَاءَ فدَاه بِجَمِيعِ الْجِنَايَة وَلَا يكون للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ من نصف قيمَة العَبْد الَّذِي أَخذ الْمولى شَيْء لِأَن ذَلِك للْمولى حَتَّى يعلم أَن جِنَايَة العَبْد على الْحر قبل
قلت وَكَذَلِكَ إِن جنى عبد على حر فَقطع يَده أَو فَقَأَ عينه خطأ ثمَّ جنى ذَلِك الْحر على العَبْد فَقطع يَده أَو فَقَأَ عينه ثمَّ برئا جَمِيعًا قَالَ نعم هَذَا وَالْأول سَوَاء إِذا كَانَ لم يعلم أَي الجنايتين كَانَت قبل قلت فَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن أرش الْجِنَايَة على العَبْد للْمولى(4/420)
حَتَّى يعلم أَن جِنَايَة العَبْد على الْحر قبل أَلا ترى لَو أَن عبدا فَقَأَ عين حر أَو قطع يَده ثمَّ إِن الْمولى جرح عَبده جِرَاحَة وَلَا يعلم أَي ذَلِك قبل فَقَالَ الْمولى فعلت ذَلِك بعبدي قبل أَن يجني عَلَيْك كَانَ القَوْل قَول السَّيِّد وَالسَّيِّد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع العَبْد وَإِن شَاءَ فدَاه
قلت أَرَأَيْت عبدا وحرا التقيا وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا فاضطريا فشج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة فبرئا جَمِيعًا وَلَا يدْرِي أَيهمَا بَدَأَ بالضربة فَقَالَ الْمولى للْحرّ أَنْت بدأت بالضربة وَقَالَ الْحر بل العَبْد بَدَأَ بهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول الْمولى وعَلى الْحر نصف عشرَة قيمَة العَبْد للْمولى وَالْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع العَبْد إِلَيْهِ وَإِن شَاءَ فدَاه بِأَرْش الْمُوَضّحَة بِخَمْسِمِائَة قلت وَلم قَالَ لِأَن ارش مُوضحَة العَبْد قد وَجب للسَّيِّد على الْحر
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ مَعَ العَبْد موقف وَمَعَ الْحر عَصا فَالْتَقَيَا فاضطربا فجرح كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه جِرَاحَة فَمَاتَ العَبْد وبريء الْحر فَقَالَ الْمولى للْحرّ أَنْت بدأت بالضربة وَقَالَ الْحر بل العَبْد بَدَأَ بِي مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول السَّيِّد وَيكون جَمِيع قيمَة العَبْد على عَاقِلَة الْحر وَينظر إِلَى قيمَة العَبْد مجروحا يَوْم جرحه الْحر وَإِلَى قِيمَته صَحِيحا فَيكون مَا نقص العَبْد من ضَرْبَة الْحر إِلَى يَوْم ضرب العَبْد الْحر للسَّيِّد وَينظر إِلَى مَا بَقِي فَيكون أرش جِنَايَة جِرَاحَة الْحر فِيهِ فان كَانَ فِي ذَلِك فضل كَانَ للسَّيِّد وَإِن كَانَ فِيهِ نُقْصَان لم يكن على السَّيِّد شَيْء قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن الْحر حَيْثُ ضرب(4/421)
العَبْد وَجب أرش ذَلِك عَلَيْهِ للْمولى فَلَمَّا ضرب العَبْد الْحر كَانَ أرش جِرَاحَة الْحر فِي عنق العَبْد مجروحا وَإِنَّمَا يصير لَهُ قِيمَته فِي الْحَال الَّتِي ضربه فِيهَا العَبْد قلت وَسَوَاء إِن كَانَ مَعَ العَبْد فِي هَذَا الْوَجْه سيف أَو عَصا إِذا برِئ الْحر قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا برِئ فَلَيْسَ بَينهمَا قصاص وَالسيف والعصا فِي ذَلِك سَوَاء بِمَنْزِلَة أَلا ترى أَن عبدا لَو جرح حرا جِرَاحَة بِسيف أَو عَصا فبرىء لم يكن بَينهمَا قصاص
قلت أَرَأَيْت إِن التقي حر وَعبد وَمَعَ الْحر سيف وَمَعَ العَبْد عَصا فاضطربا فجرح كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه وَلَا يدْرِي أَيهمَا بَدَأَ وَقد مَاتَ العَبْد وَبرئ الْحر وَأرش جِرَاحَة الْحر أَكثر من قيمَة العَبْد فَقَالَ الْمولى للْحرّ أَنْت بدأت فَضربت عَبدِي وَقَالَ الْحر بل العَبْد بَدَأَ فضربني مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول السَّيِّد إِن شَاءَ السَّيِّد قتل الْحر وَإِن شَاءَ عَفا عَنهُ لِأَن الْقصاص قد وَجب على الْحر إِلَّا أَن يُقيم بَيِّنَة على مَا ادّعى وَيبْطل حق الْحر قلت وَلم قَالَ لِأَن الْحر ضرب العَبْد بِالسَّيْفِ فَمَاتَ من ضَربته وَقد وَجب عَلَيْهِ الْقصاص فَكَانَ حق الْحر فِي عنق العَبْد وَقد بَطل لِأَن العَبْد مَاتَ قلت فان أَقَامَ الْحر الْبَيِّنَة على أَن العَبْد بَدَأَ بالضربة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هَذَا مثل الأول
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قيمَة العَبْد عشرَة آلَاف أَو أَكثر وَإِنَّمَا شج الْحر العَبْد مُوضحَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هَذَا وَالْأول سَوَاء
قلت أَرَأَيْت عبدا وحرا التقيا وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا فاضطربا(4/422)
فشج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة فبرئا جَمِيعًا وَلَا يعلم أَيهمَا بَدَأَ وَقَالَ السَّيِّد للْحرّ لَا أَدْرِي أيكما بَدَأَ وَأقر بذلك الْحر أَيْضا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر السَّيِّد فان شَاءَ فدى العَبْد وَإِن شَاءَ دَفعه فان دَفعه إِلَيْهِ رَجَعَ السَّيِّد على الْحر بِنصْف أرش جِنَايَة الْحر على العَبْد قلت وَلم يرجع السَّيِّد على الْحر بِنصْف أرش الْجِنَايَة قَالَ لِأَن الْحر إِن كَانَ بَدَأَ بالضربة فقد وَجب أَرْشهَا على الْحر السَّيِّد وَإِن كَانَ العَبْد هُوَ الَّذِي بَدَأَ فَلَا يقْضِي للسَّيِّد على الْحر حِين دَفعه إِلَيْهِ فاذا لم يعلم كَانَ نصف ذَلِك على الْحر للسَّيِّد لِأَنَّهُ لَا يجب عَلَيْهِ فِي حَال وَيجب عَلَيْهِ فِي حَال قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ السَّيِّد أَنا أفديه بكم يفْدِيه قَالَ يفْدِيه بِجَمِيعِ أرش الْجِنَايَة كلهَا أَلا ترى لَو علم أَيهمَا بَدَأَ فَاخْتَارَ السَّيِّد إمْسَاك العَبْد فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا كَانَ عَلَيْهِ أَن يفْدِيه وَكَذَلِكَ إِذا لم يعلم إِذا اخْتَار فدَاه قلت أَرَأَيْت إِذا فداءه هَل يرجع على السَّيِّد الْحر بِشَيْء قَالَ نعم بِجَمِيعِ أرش الْجِنَايَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَو علم أَيهمَا بَدَأَ فَكَانَ الْحر الَّذِي بَدَأَ قبل ثمَّ فدَاه السَّيِّد رَجَعَ على الْحر بِأَرْش جِرَاحَة العَبْد وَلَو كَانَ العَبْد الَّذِي بَدَأَ وَاخْتَارَ أَن يفْدِيه رَجَعَ على الْحر بِأَرْش جراحته كلهَا فَكَذَلِك إِذا لم يعلم
قلت أَرَأَيْت عَبْدَيْنِ التقيا وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا فاضطربا فشج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة والسيدان مقران بالجراحتين جَمِيعًا وَقد برئا جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر كل وَاحِد مِنْهُمَا فان شاءا(4/423)
دفعاه وَإِن شاءا فدياه فان اختارا جَمِيعًا الدّفع صَار عبد هَذَا لهَذَا وَعبد هَذَا لهَذَا وَلَا يرجع وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه بِشَيْء سوى ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن اختارا جَمِيعًا الْفِدَاء مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يفْدي كل وَاحِد مِنْهُمَا عَبده بِأَرْش جِنَايَته عِنْد صَاحبه تَاما وَيصير عبد كل وَاحِد مِنْهُمَا لَهُ قلت وَلم قَالَ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا إِذا فدى عَبده رَجَعَ على صَاحبه بِمَا جنى على عَبده فاذا دفع كل وَاحِد مِنْهُمَا عَبده لم يكن عَلَيْهِ شَيْء بعد ذَلِك لِأَن جِنَايَة كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي عنق صَاحبه
قلت أَرَأَيْت إِن علم إيهما بَدَأَ بالضربة وَقد شج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى العَبْد الضَّارِب الَّذِي كَانَ بَدَأَ بالضربة فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان دَفعه صَار العبدان جَمِيعًا للمدفوع إِلَيْهِ وَلَا يرجع الدَّافِع عَلَيْهِ لِأَن عَبده هُوَ الَّذِي بَدَأَ بالضربة فَوَجَبت الْجَنَابَة فِي عنق عَبده فَلَمَّا جنى عَلَيْهِ فَدفعهُ لم يكن لَهُ على الآخر شَيْء لِأَن العَبْد قد كَانَ وَجب لمولى الْمَضْرُوب يَوْمئِذٍ فان فدَاه رَجَعَ على الآخر بِأَرْش جِرَاحَة عَبده فَيُخَير الآخر فان شَاءَ دفع عَبده وَإِن شَاءَ فدَاه قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الَّذِي بَدَأَ بالضربة وَبرئ الآخر وَقِيمَة الْمَيِّت خَمْسَة آلَاف وَقِيمَة الْبَاقِي خَمْسَة آلَاف وَقد شج الْمَيِّت الْبَاقِي مُوضحَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون قيمَة الْمَيِّت مِنْهُمَا فِي عنق هَذَا الْبَاقِي فان شَاءَ مولى الْبَاقِي فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان فدَاه بِقِيمَة الْمَيِّت رَجَعَ فِي الْقيمَة فَأخذ مِنْهُمَا أرش جِرَاحَة عَبده وَيكون الْفضل للْمولى وَإِن دَفعه رَجَعَ(4/424)
بِأَرْش الشَّجَّة فِي عنق عَبده الَّذِي دفع وَيُخَير الْموضع إِلَيْهِ فان شَاءَ فدَاه بِأَرْش الْجراحَة وَإِن شَاءَ دَفعه إِلَيْهِ أَيْضا قلت وَلم قَالَ لِأَن أرش هَذِه الْجراحَة كَانَت فِي عنق العَبْد الأول فَلَمَّا دفع إِلَى مولى الأول وَالْعَبْد وَقِيمَته صَار أرش جِرَاحَة الْبَاقِي فِي ذَلِك أَلا ترى لَو أَن عبدا شج عبدا مُوضحَة ثمَّ إِن عبدا آخر قتل العَبْد الشاج خطأ خير مَوْلَاهُ فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه إِلَى مولى العَبْد الْمَيِّت فان فدَاه كَانَ أرش جِرَاحَة المشجوج فِي ذَلِك فان كَانَ فِي الْأَرْش فضل كَانَ للْمولى وَإِن كَانَ نُقْصَان لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَإِن دفع العَبْد إِلَى مولى الْمَيِّت خير مولى العَبْد الْمَيِّت فان شَاءَ دفع هَذَا العَبْد إِلَى مولى العَبْد الَّذِي جرحه الْمَيِّت وَكَذَلِكَ الْبَاب الأول لِأَن قِيمَته بِمَنْزِلَتِهِ وَإِن شَاءَ فدَاه بِأَرْش الْجراحَة
قلت أَرَأَيْت عَبْدَيْنِ التقيا مَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا فاضطربا فشج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة فبرئ كل وَاحِد مِنْهُمَا وَالَّذِي بَدَأَ بالضربة مَعْرُوف ثمَّ إِن عبدا لرجل قتل العَبْد الَّذِي بَدَأَ بالضربة خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون قِيمَته فِي عنق العَبْد الْقَاتِل وَيُخَير مَوْلَاهُ فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان فدَاه نظر إِلَى قِيمَته وَإِلَى أرش جِرَاحَة العَبْد الْبَاقِي فان كَانَ فِي قِيمَته فضل كَانَ الْفضل للْمولى وَيكون مَا بَقِي لمولى العَبْد الْبَاقِي قلت وَلم قَالَ لِأَن أرش جِرَاحَة عَبده فِي هَذِه الْقيمَة ثمَّ يرجع مولى العَبْد الْمَقْتُول بِأَرْش جِنَايَة عَبده فَيكون فِي عنق العَبْد الْبَاقِي فان شَاءَ مَوْلَاهُ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه قلت وَلم قَالَ لِأَن(4/425)
أرش تِلْكَ الْجراحَة كَانَت فِي عنق هَذَا الْبَاقِي أَلا ترى لَو أَن ذَلِك الْعِيد قتل فَخير الْمولى مولى الْقَاتِل فَاخْتَارَ الْفِدَاء رَجَعَ مولى الآخر الْبَاقِي بِأَرْش جِنَايَة عَبده فِي ذَلِك الْفِدَاء فَكَذَلِك الْبَاب الأول لِأَنَّهُ قد أَخذ أرش جِنَايَة عَبده من قيمَة العَبْد الْمَقْتُول قلت أرايت إِن كَانَ مولى العَبْد الْقَاتِل اخْتَار دفع العَبْد إِلَى مولى الْمَقْتُول فَدفعهُ إِلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون بِمَنْزِلَة الْمَقْتُول فَيُخَير مولى الْمَقْتُول فان شَاءَ دفع بِهَذَا العَبْد وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه صَارا جَمِيعًا للمدفوع إِلَيْهِ وَلَا يكون لَهُ على الْمَدْفُوع إِلَيْهِ شَيْء من أرش جِنَايَة عَبده قلت وَلم قَالَ لِأَن الأول لَو كَانَ حَيا فَدفعهُ لم يكن لَهُ شَيْء لِأَن عَبده الَّذِي كَانَ بَدَأَ فَكَذَلِك هَذَا العَبْد الْقَاتِل لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة الأول أَلا ترى أَنه دفع مَكَانَهُ فَصَارَ بِمَنْزِلَتِهِ قلت أرايت إِن فدَاه هَل يرجع بِأَرْش جِنَايَة الْمَقْتُول فِي عنق العَبْد الْبَاقِي قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا التقي العبدان وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا فَضرب كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه فَشَجَّهُ مُوضحَة وَالْأول مِنْهُمَا يعلم فبرئا جَمِيعًا ثمَّ إِن عبدا لرجل آخرلا قتل الآخر مِنْهُمَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى الْقَاتِل فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان دَفعه كَانَ بِمَنْزِلَة الْمَقْتُول وَيُخَير مولى العَبْد الضَّارِب الأول فان شَاءَ دفع عَبده وَإِن شَاءَ فدَاه وَيكون الْأَمر فِي هَذَا بِمَنْزِلَة مَا ذكرت لَك من الْبَاب الأول(4/426)
قلت أرايت إِن فدى مولى الْقَاتِل بِقِيمَة الْمَقْتُول مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى العَبْد الأول فان شَاءَ دفع عَبده إِلَى مولى الْمَقْتُول وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه إِلَى مولى الْمَقْتُول فَلَا شَيْء لَهُ على مولى الْمَقْتُول وَلَا فِي قيمَة الْمَقْتُول فان فدَاه رَجَعَ فِي قيمَة الْمَقْتُول بِأَرْش جِرَاحَة عَبده فَيَأْخُذ أرش ذَلِك من قيمَة المقتل فان كَانَ فِي قيمَة الْمَقْتُول فضل كَانَ لمَوْلَاهُ وَإِن كَانَ نُقْصَان لم يكن على مولى الْمَقْتُول شَيْء
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ العَبْد الْقَاتِل مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى العَبْد الْبَاقِي فان شَاءَ دفع أرش شجة الْمَقْتُول وَأمْسك عَبده وَإِن شَاءَ دفع عَبده فان دَفعه أَو فدَاه بَطل حَقه قلت وَلم قَالَ لِأَن عَبده الَّذِي بَدَأَ فقد وَجب فِي عنق عَبده أرش جِرَاحَة ذَلِك العَبْد فَكَانَ أرش جِرَاحَة عَبده فِي عنق الآخر مجروحا وَقد قتل العَبْد وَإِنَّمَا حَقه فِي قِيمَته فقد بطلت قِيمَته حِين مَاتَ العَبْد الَّذِي قَتله قلت وَلم أبطلت حَقه إِذا فدَاه قَالَ لِأَن حَقه إِنَّمَا وَجب فِي عنق العَبْد الْمَيِّت بعد مَا صَار أرش جِرَاحَة الْمَيِّت للْمولى أَلا ترى أَن ذَلِك العَبْد إِنَّمَا ضرب عَبده بعد مَا ضربه الأول وَلَو كَانَ حَيا لم يمت فَفَدَاهُ كَانَ أرش جِرَاحَة عَبده فِي عنق العَبْد وَيكون الْأَرْش الَّذِي أَخذ صَاحب العَبْد الْبَاقِي لَهُ خَاصَّة وَإِنَّمَا يكون حق مولى العَبْد الأول فِي عنق الْبَاقِي مجروحا
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الضَّارِب الأول من غير ذَلِك وَبَقِي الآخر(4/427)
بَعْدَمَا برئا جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مولى الأول بِالْخِيَارِ فان شَاءَ دفع إِلَى مولى العَبْد الْحَيّ أرش جِنَايَة العَبْد فان دفع الْأَرْش إِلَيْهِ اتبع مولى العَبْد الْمَيِّت مولى العَبْد الْحَيّ بِأَرْش جِنَايَة عَبده فَيُخَير مولى الآخر فان شَاءَ دَفعه بذلك وَإِن شَاءَ فدَاه فان ابي أَن يدْفع الْأَرْش فَلَا شَيْء لَهُ فِي عنق ذَلِك العَبْد الْحَيّ قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد الْمَيِّت بَدَأَ فشج الْحَيّ ثمَّ شج الْحَيّ الْمَيِّت فَكَانَت جِنَايَة الْحَيّ فِي عنق الْمَيِّت قبل أَن يجب أرش جِنَايَة الْمَيِّت فِي عنق الْحَيّ أَلا ترى أَن الأول لَو كَانَ حَيا كَانَ مَوْلَاهُ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه فان فدَاه اتبع جِنَايَة عَبده الآخر فاما أَن يفْدِيه مَوْلَاهُ وَإِمَّا أَن يَدْفَعهُ فان دَفعه فَلَا شَيْء لَهُ ويصيران جَمِيعًا للمدفوع إِلَيْهِ الَّذِي فدى العَبْد الأول
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ العَبْد الأول الضَّارِب قَتله عبد لرجل خطأ بَعْدَمَا برئا جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى الْقَاتِل فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان فدَاه كَانَ أرش جِنَايَة العَبْد الْحَيّ فِي قيمَة هَذَا الْمَقْتُول فَيَأْخُذ مولى الْحَيّ أرش ذَلِك من هَذِه الْقيمَة فان فضل شَيْء من الْقيمَة كَانَ للْمولى وَإِن لم يفضل لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَيبِيع الْمولى بعد ذَلِك العَبْد الْحَيّ بِأَرْش جِنَايَة عَبده فَيُخَير مَوْلَاهُ فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان كَانَ مولى العَبْد الْقَاتِل اخْتَار دفع عَبده فَدفعهُ خير مولى العَبْد الضَّارِب الول فان شَاءَ دفع هَذَا العَبْد وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه فَلَا شَيْء لَهُ فِي عنق الآخر من أرش جِنَايَة عَبده وَإِن فدَاه(4/428)
اتبعهُ بِأَرْش جِنَايَة عَبده فان شَاءَ مولى العَبْد الْحَيّ فدَاه بِأَرْش الْجِنَايَة وَإِن شَاءَ دَفعه
قلت أَرَأَيْت عَبْدَيْنِ التقيا مَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا فَضرب كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه فَشَجَّهُ مُوضحَة فَمَاتَ الضَّارِب الأول مِنْهُمَا من الضَّرْبَة وَبرئ الآخر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مولى العَبْد الْمَيِّت بِالْخِيَارِ فان شَاءَ دفع أرش جِنَايَة العَبْد الْحَيّ وَكَانَت قيمَة عَبده فِي عنق الْبَاقِي وَيُخَير مَوْلَاهُ فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه وَإِن أَبى أَن يدْفع أرش جِنَايَة الْحَيّ فَلَا شَيْء لَهُ فِي عنق الْحَيّ قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن العَبْد الْمَيِّت هُوَ الَّذِي كَانَ بَدَأَ بالضربة فَلَا يكون لَهُ شَيْء فِي عنق الْحَيّ حَتَّى يُؤَدِّي أرش جِنَايَة الْحَيّ أَلا ترى لَو أَن العَبْد كَانَ حَيا فِي يَدي مَوْلَاهُ فَقيل لَهُ ادْفَعْ عَبدك أَو افده فَلَا يكون لَهُ شَيْء حَتَّى يدْفع أَو يفْدي فان فدَاه كَانَ لَهُ العَبْد الآخر إِلَّا أَن يفْدِيه مَوْلَاهُ
قلت أَرَأَيْت إِن بَدَأَ الضَّارِب الأول مِنْهُمَا وَمَات الآخر من الْجِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى العَبْد الأول فان شَاءَ دفع عَبده إِلَى مولى الْمَيِّت وَإِن شَاءَ فدَاه بِقِيمَة الآخر فان فدَاه كَانَ أرش جِرَاحَة عَبده فِي الْفِدَاء بعد مَا يرفع مِنْهُ أرش مُوضحَة العَبْد الآخر فَيَأْخُذ الْأَرْش من ذَلِك وَمَا بَقِي فَهُوَ لمولى الْمَقْتُول وَإِن لم يكن فِيهِ وَفَاء فَلَا شَيْء لَهُ سوى ذَلِك وَإِن دفع عَبده فَلَا شَيْء لَهُ
قلت أَرَأَيْت إِن برئا جَمِيعًا ثمَّ إِن عبدا لرجل قتل الآخر مِنْهُمَا(4/429)
خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى العَبْد الْقَاتِل فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان دَفعه كَانَ هَذَا مَكَان العَبْد الْمَقْتُول وَيُخَير مولى الْبَاقِي فان شَاءَ دفع عَبده وَإِن شَاءَ فدَاه فان فدَاه اتبع بذلك العَبْد الْقَاتِل فَكَانَ أرش جِرَاحَة عَبده فِي عنق ذَلِك العَبْد فان شَاءَ مَوْلَاهُ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ قتل الأول وَبَقِي الآخر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت عَبْدَيْنِ اضطربا فَضرب كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا فشج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة فبرئا جَمِيعًا ثمَّ إِن الضَّارِب مِنْهُمَا الأول قتل الآخر مِنْهُمَا بعد ذَلِك خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ صَار فِي عنق هَذَا العَبْد أرش هَذِه الشَّجَّة وَقِيمَة العَبْد فَيُخَير مولى العَبْد الْبَاقِي فان شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه بِأَرْش الشَّجَّة وَالْقيمَة فان دَفعه فَلَا شَيْء لَهُ لِأَن عَبده هُوَ الأول وَإِن فدَاه كَانَ أرش الشَّجَّة الْمَقْتُول لمَوْلَاهُ خَاصَّة وَكَانَ أرش شجة هَذَا الْبَاقِي قيمَة الْمَقْتُول الَّذِي قبض مَوْلَاهُ فَيَأْخُذ مولى هَذَا الْحَيّ أرش شجة عَبده من تِلْكَ الْقيمَة قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا العَبْد الأول قد صَار فِي عُنُقه أرش شجة الْمَقْتُول وَقِيمَته لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَدَأَ بالضربة
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ هَذَا الْجَانِي الآخر هُوَ الَّذِي قتل الأول خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى هَذَا العَبْد الْمَقْتُول فان شَاءَ أبطل جِنَايَته وَلَا يكون لوَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه شَيْء وَإِن شَاءَ فدَاه بموضحة العَبْد الْحَيّ فان فدَاه بموضحة العَبْد الْحَيّ خير مولى الْبَاقِي فان شَاءَ(4/430)
دفع هَذَا العَبْد وَإِن شَاءَ فدَاه بِقِيمَة الْمَقْتُول فان فدَاه بِقِيمَتِه سلمت تِلْكَ الْقيمَة لمولى العَبْد الْمَقْتُول وَكَذَلِكَ إِن دَفعه سلم لَهُ قلت وَلم قَالَ لِأَن مولى الْمَقْتُول حِين دفع أرش شجة الآخر سلمت لَهُ قيمَة عَبده وَكَأن عَبده كَانَ حَيا فَدفع ذَلِك إِلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ اخْتَار مولى العَبْد الآخر دفع عَبده فَدفعهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يصير أرش شجة الَّذِي كَانَ شجه الأول فِي عُنُقه فان شَاءَ الْمَدْفُوع أليه فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان دَفعه لم يكن للْأولِ شَيْء وَكَذَلِكَ إِن فدَاه
قلت أَرَأَيْت عَبْدَيْنِ التقيا مَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا فاضطربا فشج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة وَلَا يعلم الضَّارِب الأول مِنْهُمَا فبرئا جَمِيعًا ثمَّ إِن أَحدهمَا قتل صَاحبه بعد ذَلِك خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى هَذَا الْقَاتِل فان شَاءَ دفع عَبده وَإِن شَاءَ فدَاه بِقِيمَة الْمَقْتُول المشجوج صَحِيحا فان دَفعه كَانَ لَهُ نصف أرش شجته فِي عُنُقه إِن شَاءَ الْمَدْفُوع إِلَيْهِ فدَاه بذلك وَإِن شَاءَ فدع مِنْهُ حِصَّة النَّفس يقسم العَبْد الْمَدْفُوع على نصف أرش شجه الْمَقْتُول وعَلى قِيمَته مشجوجا فَيَأْخُذ الَّذِي دَفعه مِنْهُ حِصَّة قيمَة العَبْد الْمَقْتُول مشجوجا من العَبْد الَّذِي دفع بِهِ وَإِن فدَاه بِالْقيمَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِأَرْش الشَّجَّة فِي الْفِدَاء بعد مَا يرفع الْمولى نصف أرش شجته قلت أَرَأَيْت عَبْدَيْنِ التقيا فاضطربا فَقطع كل وَاحِد مِنْهُمَا يَدي صَاحبه مَعًا جَمِيعًا فبرئا جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى كل(4/431)
وَاحِد مِنْهُمَا فان شَاءَ دفع عَبده وَأخذ عبد صَاحبه وَإِن أَبَيَا فَلَا شَيْء لَهما فِي قَول أبي حنيفَة قلت وَلم قَالَ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا قد قطعت يَدَاهُ فَلَا يكون لمَوْلَاهُ شَيْء إِن أبي أَن يَدْفَعهُ
قلت أَرَأَيْت أمة قطعت يَد رجل خطأ ثمَّ إِنَّهَا ولدت ولدا ثمَّ إِن وَلَدهَا قَتلهَا خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمولى فان شَاءَ دفع الْوَلَد إِلَى المقطوعة يَده وَإِن شَاءَ فدَاه بِالْأَقَلِّ من دِيَة الْيَد وَمن قيمَة الْمَقْتُول
قلت وَلم قَالَ لِأَن دِيَة يَده كَانَت فِي رَقَبَة الْأُم فَلَمَّا قتل الْوَلَد الْأُم كَانَ فِي رقبته قلت أَرَأَيْت عبدا قتل رجلا خطأ ثمَّ إِن عبدا لرجل قطع يَد ذَلِك العَبْد خطأ فبرىء من قطع يَده مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى الْقَاطِع فان شَاءَ دفع عَبده وَإِن شَاءَ فدَاه فان دفع عَبده إِلَى وَرَثَة الْحر دفع مَا أَخذ من أرش جِنَايَته مَعَه قلت أَرَأَيْت إِن دفع مولى العَبْد الْقَاطِع عَبده إِلَى صَاحبه العَبْد المقطوعة يَده أَيكُون العبدان جَمِيعًا لوَرَثَة الْحر إِن اخْتَار مولى العَبْد الدّفع قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الآخر بِمَنْزِلَتِهِ لِأَنَّهُ أرش يَده قلت أَرَأَيْت إِن اعْتِقْ الْمولى مولى العَبْد الَّذِي قتل الْحر العَبْد الْمَدْفُوع إِلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون عتقه إِيَّاه اخْتِيَارا للْعَبد الْجَانِي الأول وَيضمن جَمِيع دِيَة الْحر قلت وَلم صَار هَذَا اخْتِيَارا قَالَ لِأَنَّهُ لَو أعتق الآخر كَانَ اخْتِيَارا فَهَذَا بِمَنْزِلَتِهِ أَلا ترى أَنه أرش يَده قلت وَلَو أَن عَبْدَيْنِ لِرجلَيْنِ قتلا رجلا خطأ فَأعتق أَحدهمَا(4/432)
وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ كَانَ اخْتِيَارا للْآخر قَالَ لَا وَلَا يشبه هَذَا الأول لِأَنَّهُمَا فِي الأول بِمَنْزِلَة عبد وَاحِد قلت أَرَأَيْت إِن أعتق الْمولى الْقَاتِل الَّذِي قتل الْحر أَيكُون اخْتِيَارا لَهما جَمِيعًا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا قطع يَدي عبد جَمِيعًا فَأعتق السَّيِّد عَبده قبل أَن يبرأ وَهُوَ يعلم بِقطع يَدي عَبده أَو لَا يعلم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ لَا شَيْء لَهُ فِي قَول ابي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يضمن الْحر مَا نقص العَبْد قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ إِنَّمَا أعْتقهُ بعد الْبُرْء هَل للْمولى على الْقَاطِع شَيْء قَالَ لَا شَيْء لَهُ فِي قَول ابي حنيفَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أعْتقهُ بعد الْبُرْء فَهَذَا اخْتِيَار مِنْهُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَانَت أم الْوَلَد بَين الرجلَيْن فكاتباها جَمِيعًا فقتلت أحد الموليين قَالَ عَلَيْهَا الْأَقَل من الْقيمَة وَمن الدِّيَة فان قتلت الآخر بعد ذَلِك كَانَ على عاقلتها الدِّيَة وَعَلَيْهَا الْكَفَّارَة فان قتلتهما جَمِيعًا مَعًا فعلَيْهَا قيمَة وَاحِدَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا قطع الرجل يَد عبد وَقِيمَته ألف دِرْهَم فَلم يبرأ حَتَّى صَارَت قِيمَته أَلفَيْنِ فَقطع آخر رجله من خلاف ثمَّ مَاتَ مِنْهُمَا جَمِيعًا قَالَ يصير على الأول سِتّمائَة وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ درهما وَيضمن الآخر سَبْعمِائة وَخمسين درهما(4/433)
آخر كتاب الْجِنَايَات وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي وَآله أجميعن كتبه أَبُو بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد الطلحي الْأَصْفَهَانِي فِي محرم سنة تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة(4/434)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله الْوَاحِد الْعدْل
// كتاب الدِّيات
// قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن رَحْمَة الله عَلَيْهِ الْقَتْل على ثَلَاثَة أوجه عمد وَخطأ وَشبه الْعمد فَأَما الْعمد فَهُوَ مَا تَعَمّدت ضربه بِالسِّلَاحِ فَفِيهِ الْقصاص إِلَّا أَن يعفوا الْأَوْلِيَاء أَو يصالحوا وَأما شبه الْعمد فَهُوَ مَا تَعَمّدت ضربه بالعصا أَو السَّوْط أَو الْحجر أَو البندقة فَفِيهِ الدِّيَة مُغَلّظَة على عَاقِلَة الْقَاتِل وعَلى الْقَاتِل الْكَفَّارَة وَأما الْخَطَأ فَهُوَ مَا أصبت مِمَّا كنت تَعَمّدت(4/437)
غَيره فأخطأت بِهِ فعلى الْقَاتِل الْكَفَّارَة وعَلى عَاقِلَته الدِّيَة بلغنَا ذَلِك(4/438)
عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ
وَالْكَفَّارَة مَا قَالَ الله تَعَالَى فِي كِتَابه {فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} {فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين} وَفِي النَّفس الدِّيَة وَفِي الْأنف الدِّيَة وَفِي المارن الدِّيَة والمارن كل مَا دون قَصَبَة الْأنف وَفِي اللِّسَان كُله الدِّيَة وَفِي بعضه إِذا منع الْكَلَام الدِّيَة وَفِي الذّكر الدِّيَة كَامِلَة وَفِي الْحَشَفَة الدِّيَة كَامِلَة وَفِي الصلب الدِّيَة كَامِلَة إِذا منع الْجِمَاع أَو حدب فان(4/439)
عَاد إِلَى حَاله وَلم ينقصهُ ذَلِك شَيْء إِلَّا أَن فِيهِ أثر الضَّرْبَة فَفِيهِ حكم عدل
بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قضى فِي اللِّسَان الدِّيَة وَفِي(4/440)
الْأنف الدِّيَة وَفِي الرجل إِذا ضرب على رَأسه فَذهب عقله الدِّيَة كَامِلَة وَفِي الرجل إِذا قطعت نصف الدِّيَة وَفِي الْيَد إِذا قطعت نصف الدِّيَة وَفِي الْأَصَابِع عشر من الْإِبِل وأصابع الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ سَوَاء وَفِي الْعين إِذا فقئت نصف الدِّيَة وَفِي الْأذن نصف الدِّيَة وَفِي الذّكر إِذا قطع فَفِيهِ الدِّيَة وَفِي المأمومة ثلث الدِّيَة وَفِي الْجَائِفَة ثلث الدِّيَة وَفِي المنقلة خَمْسَة عشر من الْإِبِل وَفِي الْمُوَضّحَة خمس من الْإِبِل وَفِي الْأَسْنَان فِي كل سنّ خمس من الْإِبِل والأسنان كلهَا سَوَاء وَفِي الأليتين إِذا قطعتا الدِّيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة
بلغنَا عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي الرَّأْس إِذا حلق فَلم ينْبت فَفِيهِ الدِّيَة كَامِلَة(4/441)
وبلغنا أَيْضا عَن عَليّ أَنه قَالَ فِي اللِّحْيَة إِذا حلقت فَلم تنْبت فَفِيهِ الدِّيَة كَامِلَة
وَفِي الْعَينَيْنِ الدِّيَة كَامِلَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة إِن انخسفت أَو ذهب بصرها وَهِي قَائِمَة أَو أمضت حَتَّى ذهب الْبَصَر فَهُوَ سَوَاء وَفِي الْيَدَيْنِ الدِّيَة كَامِلَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة وَفِي إِحْدَى الْأَصَابِع عشر الدِّيَة والأصابع كلهَا سَوَاء وَإِذا شلت الْيَد حَتَّى لَا ينْتَفع بهَا أَو قطعت فَهُوَ سَوَاء وفيهَا أَرْشهَا كَامِلا وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة وهما سَوَاء وَفِي الحاجبين الدِّيَة كَامِلَة إِذا لم تنبتا وَفِي إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة وهما سَوَاء وَفِي أشفار الْعَينَيْنِ الدِّيَة كَامِلَة إِذا لم تنْبت وَفِي كل شفر ربع الدِّيَة والأشفار كلهَا سَوَاء وَكَذَلِكَ إِذا قطعت الجفون بالأشفار وَفِي الشفتين الدِّيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة كَامِلَة وَفِي ثدي الْمَرْأَة دِيَة الْمَرْأَة كَامِلَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة والثديان سَوَاء وَفِي حلتي ثدي الْمَرْأَة الدِّيَة كَامِلَة وَفِي(4/442)
إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة وَالصَّغِيرَة والكبيرة فِي ذَلِك سَوَاء وَفِي الْمُوَضّحَة نصف عشر الدِّيَة وَهِي الَّتِي توضح الْعظم حَتَّى يَبْدُو وَفِي المنقلة عشر وَنصف عشر الدِّيَة والمنقلة هِيَ الَّتِي تخرج مِنْهَا الْعِظَام وَفِي الهاشمة عشر الدِّيَة وَهِي الَّتِي تهشم الْعظم وَفِي الآمة ثلث الدِّيَة وَهِي الَّتِي تصل إِلَى الدِّمَاغ فان ذهب الْعقل فَفِيهِ الدِّيَة كَامِلَة وَفِي الْجَائِفَة ثلث الدِّيَة وَهِي الَّتِي تصل إِلَى الْجوف فان نفذت فَفِيهَا ثلثا الدِّيَة وَفِي كل مفصل من الْأَصَابِع ثلث دِيَة الإصبع إِذا كَانَ فِيهَا ثَلَاث مفاصل وَإِذا كَانَ فِيهَا مفصلان فَفِي كل مفصل نصف دِيَة الإصبع
وبلغنا عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي النَّفس الدِّيَة وَفِي اللِّسَان الدِّيَة وَفِي الْحَشَفَة الدِّيَة كَامِلَة وَفِي الْأنف الدِّيَة كَامِلَة إِذا اصطلم وَفِي الْعَينَيْنِ الدِّيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة وَفِي الْيَدَيْنِ الدِّيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة وَفِي الآمة ثلث الدِّيَة وَفِي الْجَائِفَة ثلث الدِّيَة وَفِي المنقلة خمس عشرَة من الْإِبِل وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة وَفِي الْأَصَابِع فِي كل إِصْبَع عشر الدِّيَة وَفِي الْأَسْنَان فِي كل سنّ خمس من الْإِبِل وَفِي الْمُوَضّحَة خمس من الْإِبِل وَفِيمَا دون الْمُوَضّحَة حُكُومَة عدل(4/443)
بلغنَا عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ فِي دِيَة الْخَطَأ أَخْمَاسًا عشرُون جَذَعَة وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ بنت مَخَاض وَعِشْرُونَ ابْن مَخَاض وَقَالَ فِي شبه الْعمد أَربَاعًا خمس وَعِشْرُونَ جَذَعَة وَخمْس وَعِشْرُونَ حقة وَخمْس وَعِشْرُونَ ابْنة مَخَاض وَخمْس وَعِشْرُونَ ابْنة لبون وَبِه يَأْخُذ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف(4/444)
وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْخَطَأ يَقُول عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وَفِي شبه الْعمد بقول زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ مَا بَين ثنية إِلَى بازل عامها كلهَا خلفة والخلفة الْحَامِل وَهُوَ قَول عمر والمغيرة بن شُعْبَة وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم(4/450)
وبلغنا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي خطبَته أَلا إِن قَتِيل خطأ الْعمد قَتِيل السَّوْط والعصا فِيهِ مائَة من الْإِبِل مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بطونها أَوْلَادهَا
وبلغنا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه جعل الدِّيَة على أهل الْإِبِل مائَة من الْإِبِل وعَلى أهل الْوَرق عشرَة آلَاف دِرْهَم وعَلى أهل الذَّهَب ألف دِينَار وعَلى أهل الشَّاء ألفي شَاة مُسِنَّة فتية وعَلى أهل الْبَقر مِائَتي بقرة وعَلى أهل الْحلَل مِائَتي حلَّة وَبِه يَأْخُذ(4/451)
أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَإِنَّمَا أَخذ أَبُو حنيفَة من هَذَا بِالْإِبِلِ وَالذَّهَب وَالْفِضَّة وَأما مَا سوى ذَلِك فَلَا وَكَانَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يأخذان بذلك كُله ويخالفان أَبَا حنيفَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِنَّمَا أَخذ عمر رَضِي الله عَنهُ بذلك لِأَنَّهُ كَانَت أَمْوَالهم فَلَمَّا صَارَت الدَّوَاوِين والأعطية جعل أَمْوَالهم الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَالْإِبِل
وبلغنا عَن على رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي دِيَة الْمَرْأَة أَنَّهَا على النّصْف من دِيَة الرجل فِي النَّفس وَفِيمَا دون النَّفس وَبِذَلِك نَأْخُذ(4/452)
وَفِي ذكر الْخصي ولسان الْأَخْرَس وَالْيَد الشلاء وَالرجل العرجاء وَالْعين الْقَائِمَة العوراء وَالسّن السَّوْدَاء وَذكر الْعنين حكم عدل(4/454)
بلغنَا بعض ذَلِك عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ(4/455)
وَفِي الدامية من الشجاج وَهِي الَّتِي تدمي الرَّأْس حكم عدل وَفِي الباضعة وَهِي الَّتِي تبضع اللَّحْم وَهِي فَوق الدامية حكم عدل أَكثر من ذَلِك وَفِي السمحاق حكم عدل وَهِي أَكثر من هَاتين إِنَّمَا بَينهَا وَبَين الْعظم جلدَة رقيقَة حكم عدل أَكثر من ذَلِك بلغنَا عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ فِي السمحاق وَفِيمَا دونهَا حكم عدل وَفِي الضلع حكم عدل وَفِي الترقوة حكم عدل وَفِي الساعد(4/456)
إِذا كسر أَو كسر أحد الزندين حكم عدل وَفِي السَّاق إِذا كسرت حكم عدل على قدر الْجراحَة وَفِي الْيَد إِذا قطعت من نصف الساعد دِيَة الْيَد وَحكم عدل فِيمَا من الْكَفّ إِلَى الساعد فان كَانَ من الْمرْفق كَانَ(4/457)
فِي الذِّرَاع بعد دِيَة الْكَفّ حكم عدل أَكثر من ذَلِك فاذا كسر الْأنف فَفِيهِ حكم وَإِذا قطع من الْيَد ثَلَاث أَصَابِع فَفِيهَا ثَلَاثَة أَخْمَاس دِيَة الْيَد فان قطعت الْكَفّ بالإصبعين السبابتين فَفِيهَا خمْسا دِيَة الْيَد وَهَذَا قَول أبي حنيفَة مَا بَقِي من الْأَصَابِع شَيْء وَلَو مفصل فَلَيْسَ فِي الْكَفّ أرش وفيهَا قَول آخر أَنه ينظر إِلَى الْكَفّ وَإِلَى أرش مَا بَقِي من الْأَصَابِع فان كَانَ أرش مَا بَقِي من الْأَصَابِع أَكثر من أرش الْيَد فَلَا أرش لليد وَإِن كَانَ أرش الْكَفّ أَكثر من أرش مَا بَقِي من الْأَصَابِع كَانَ عَلَيْهِ أرش الْكَفّ يدْخل الْقَلِيل فِي الْكثير وَهُوَ قَول ابي يُوسُف الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ وقو قَول مُحَمَّد وَكَذَلِكَ لَو لم يبْق فِيهَا إِلَّا إِصْبَع وَاحِدَة ثمَّ قطعت الْيَد كَانَ فِيهَا خمس دِيَة الْيَد وَحكم عدل ثمَّ رَجَعَ عَنهُ أَبُو يُوسُف وَقَالَ إِذا قطعت الْيَد وفيهَا إِصْبَع أَو إصبعان نظر إِلَى أرش الْيَد بِغَيْر إِصْبَع وَإِلَى أرش الإصبع فَجعل عَلَيْهِ الْأَكْثَر مِنْهَا وَهُوَ قَول مُحَمَّد فان كَانَ بَقِي مِنْهَا ثَلَاث أَصَابِع ثمَّ قطعت الْيَد فَفِيهَا ثَلَاثَة أَخْمَاس دِيَة الْيَد إِذا بَقِي الْأَكْثَر من الْأَصَابِع لم أجعَل للكف أرشا وَإِذا قطعت الْأَصَابِع كلهَا ثمَّ قطعت الْكَفّ بعد ذَلِك كَانَ فِيهَا حكم عدل وَفِي ثدي الرجل حكم عدل وَفِي الْأذن إِذا يَبِسَتْ أَو انخسفت حكم عدل بلغنَا عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ لَا يعقل الْعَاقِلَة إِلَّا خَمْسمِائَة دِرْهَم فَصَاعِدا فَكل شَيْء من الْخَطَأ يبلغ خَمْسمِائَة دِرْهَم نصف عشر دِيَة الرجل(4/458)
وَنصف عشر دِيَة الْمَرْأَة مِائَتَيْنِ وَخمسين فَهَذَا على الْعَاقِلَة وَكَذَلِكَ كل مَا زَاد عَلَيْهِ إِلَى ثلث الدِّيَة فانه يُؤْخَذ فِي سنة فَمَا زَاد على الثُّلُث فان ذَلِك الْفضل يُؤْخَذ فِي سنة أُخْرَى إِلَى مَا بَينه وَبَين الثُّلثَيْنِ فَمَا زَاد على الثُّلثَيْنِ فان الْفضل يُؤْخَذ فِي سنة أُخْرَى إِلَى مَا بَينه وَبَين الدِّيَة
وبلغنا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه أول من فرض الْعَطاء وَجعل الدِّيَة فِي ثَلَاث سِنِين الثُّلُث فِي سنة وَالنّصف فِي سنتَيْن والثلثين فِي سنتَيْن
ودية أهل الذِّمَّة من أهل الْكتاب وَغَيرهم مثل دِيَة الْحر الْمُسلم(4/459)
ودية نِسَائِهِم كدية الْمَرْأَة الْحرَّة الْمسلمَة وَكَذَلِكَ جراحاتهم فِيمَا دون النَّفس يَعْقِلهَا الْعَاقِلَة إِذا أَصَابَهَا مُسلم خطأ كَمَا يعقل جِرَاحَة الْحر الْمُسلم
وَإِذا أصَاب أهل الذِّمَّة بَعضهم بَعْضًا بخطأ فَفِي ذَلِك الْأَرْش عَلَيْهِم كَمَا يكون على الْحر الْمُسلم إِذا أصَاب الْمُسلم فان كَانَت لَهُم معاقل يتعاقلون فَفِي معاقلهم فان لم يكن لَهُم عواقل فَفِي مَال الْجَانِي(4/461)
وجراحة الصَّبِي إِذا أصَاب صَبيا أَو كَبِيرا خطأ أَو تعمد ذَلِك بسلاح أَو غَيره فَهُوَ على الْعَاقِلَة وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوه الْمَجْنُون الَّذِي يفِيق وَكَذَلِكَ الْمَجْنُون إِذا أصَاب فِي حَال جُنُونه عمدا أَو خطأ فَذَلِك كُله سَوَاء تعقله الْعَاقِلَة إِذا بلغ خَمْسمِائَة دِرْهَم فَصَاعِدا فان كَانَ اقل من خَمْسمِائَة فَهُوَ فِي مَال الصَّبِي دين عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمَجْنُون وَالْمَعْتُوه
كَذَلِك بلغنَا أَن مَجْنُونا سعى على رجل بِالسَّيْفِ فَضَربهُ فَدفع ذَلِك إِلَى عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَجعله على عَاقِلَته وَقَالَ عمده وَخَطأَهُ سَوَاء
وَإِذا ضرب الرجل بطن امْرَأَة فَأَلْقَت جَنِينا مَيتا فَفِيهِ غرَّة عبد أَو أمة يعدل ذَلِك خَمْسمِائَة بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه جعل ذَلِك فَهُوَ على(4/462)
الْعَاقِلَة فِي سنة وَإِن خرج حَيا ثمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَة كَامِلَة وَذَلِكَ كُله(4/463)
على الْعَاقِلَة وعَلى الْجَانِي الْكَفَّارَة وَإِن خرج مَيتا غُلَاما كَانَ أَو جَارِيَة فَهُوَ سَوَاء فِيهِ خَمْسمِائَة دِرْهَم بَين ورثته على فَرَائض الله تَعَالَى وَلَو قتلت الْأُم ثمَّ خرج الْجَنِين بعد ذَلِك مَيتا فَلَا شَيْء فِي الْجَنِين وَعَلِيهِ فِي الْأُم الدِّيَة وَإِن كَانَ فِي بَطنهَا جنينان فَخرج أَحدهمَا قبل مَوتهَا وَخرج الآخر بعد مَوتهَا وهما ميتان فَفِي الَّذِي خرج قبل مَوتهَا خَمْسمِائَة وَلَا يَرث من دِيَة أمه وَلها مِيرَاثهَا مِنْهُ وَلَيْسَ فِي الَّذِي خرج بعد مَوتهَا شَيْء وَإِن خرج حَيا ثمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَة أَيْضا وَله مِيرَاثه من دِيَة أمه وَمِمَّا ورثت أمه من أَخِيه وَإِن لم يكن لِأَخِيهِ أَب حَيّ فَلهُ مِيرَاثه من أَخِيه أَيْضا
وجنين الْمَرْأَة من أهل الذِّمَّة بِمَنْزِلَة جَنِين الْحرَّة الْمسلمَة وَإِذا أصَاب الرجل ابْنه خطأ أَو عمدا فَلَا قصاص عَلَيْهِ فان كَانَ عمدا فَفِي مَاله الدِّيَة فِي ثَلَاث سِنِين وَإِن كَانَ خطأ فعلى الْعَاقِلَة وعَلى الْقَاتِل الْكَفَّارَة فِي الْخَطَأ وَكَذَلِكَ مَا أصَاب مِنْهُ دون النَّفس فان عَلَيْهِ فِيهِ الْأَرْش
بلغنَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قضي فِي رجل قتل ابْنه عمدا بِالدِّيَةِ فِي مَاله(4/464)
وَإِذا اشْترك فِي قتل الرجل رجلَانِ أَحدهمَا بَعْضًا وَالْآخر بحديدة فَلَيْسَ فِيهَا قصاص وَفِيه الْأَرْش على صَاحب الْعَصَا نصف الدِّيَة على عَاقِلَته وعَلى صَاحب السَّيْف نصف الدِّيَة فِي مَاله وَكَذَلِكَ بلغنَا عَن إِبْرَاهِيم وكل دِيَة خطأ وَجَبت بِغَيْر صلح فَفِي ثَلَاث سِنِين وَلَو كَانَ الْقَتْل بَعْضًا أَو بِحجر أَو يَد أَو سَوط أَو شبه ذَلِك مِمَّا لَيْسَ بسلاح فَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَة كَانَ ذَلِك على عَاقِلَة الْجَانِي فِي ثَلَاث سِنِين فان أقرّ فَالدِّيَة فِي مَاله فِي ثَلَاث سِنِين وَإِذا أقرّ بقتل خطأ وَلم يقم بَيِّنَة على ذَلِك فَالدِّيَة فِي مَاله خَاصَّة فِي ثَلَاث سِنِين وَإِذا اشْترك رجلَانِ فِي قتل رجل أَحدهمَا أَبوهُ فقتلاه بسلاح فَالدِّيَة عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ فِي أموالهما فِي ثَلَاث سِنِين فان كَانَ مَكَان الْأَب(4/465)
رجل معتوه أَو صبي فَهُوَ كَذَلِك ايضا غير أَن مَا أصَاب الصَّبِي وَالْمَعْتُوه فَهُوَ على عاقلتهما عمدهما وخطأهما سَوَاء وَإِذا اشْترك أَرْبَعَة رَهْط أَو عشر رَهْط فِي قتل رجل خطأ فَالدِّيَة على عاقلتهم فِي ثَلَاث سِنِين فِي كل سنة ثلث
وَإِذا اسودت السن أَو ابْيَضَّتْ الْعين حَتَّى لَا يبصر بهَا أَو شلت الْيَد حَتَّى لَا ينْتَفع بهَا وَالرجل حَتَّى لَا ينْتَفع بهَا فان عقل ذَلِك على الْجَانِي فِي مَاله إِن كَانَ عمدا وَإِن كَانَ خطأ فعلى الْعَاقِلَة
وكل جِنَايَة عمد فِيمَا دون النَّفس لَا يُسْتَطَاع فِيهَا الْقصاص من الْقطع من غير مفصل وَالْكَسْر وَمَا ذكرنَا مِمَّا قبل هَذَا من المنقلة والآمة والجائفة وَأَشْبَاه ذَلِك فَالدِّيَة فِي مَال الْجَانِي
وَإِذا ضرب الرجل سنّ الرجل فتحركت فانه ينْتَظر بهَا حولا فان اسودت أَو سَقَطت أَو احْمَرَّتْ أَو اخضرت فَفِيهَا أَرْشهَا كَامِلا بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ الضَّارِب إِنَّمَا اسودت من ضَرْبَة حدثت فِيهَا بعد ضَربته أَو سَقَطت من ضَرْبَة بعد ضَربته وَكذبه الْمَضْرُوب فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول الْمَضْرُوب مَعَ يَمِينه وفيهَا الْأَرْش تَاما إِلَّا أَن يُقيم الضَّارِب الْبَيِّنَة على مَا ادعا أستحسن فِي هَذَا لما فِيهِ من الْأَثر وَالسّنة
وَلَو شج رجل رجلا مُوضحَة فَصَارَت منقلة فَقَالَ الْمَضْرُوب صَارَت منقلة من ذَلِك وَقَالَ الضَّارِب بل حدث فِيهَا من غير فعلى فَالْقَوْل(4/466)
فِيهَا قَول الضَّارِب وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أرش الْمُوَضّحَة وَلَا يصدق الْمَضْرُوب وَهَذَا وَالْأول فِي الْقيَاس سَوَاء غير أَنِّي أستحسن فِي السن للأثر الَّذِي جَاءَ فِيهِ وَإِذا قلع رجل سنّ رجل ثمَّ نَبتَت فَلَا شَيْء على القالع وَكَذَلِكَ إِذا قلع سنّ الصَّبِي فَنَبَتَتْ فَلَا شَيْء على القالع وَكَذَلِكَ إِذا قلع الظفر فَنَبَتَتْ فَلَا شَيْء على القالع من حُكُومَة عدل وَلَا أرش وَإِذا نَبتَت السن سَوْدَاء فَفِيهَا أَرْشهَا تَاما وَإِذا نَبتَت الظفر اعوج أَو متغيرا فَفِيهِ حكم عدل
وَإِذا قلع الرجل سنّ الرجل فَأخذ المقلوعة سنه فأثبتها فِي مَكَانهَا فثبتت وَقد كَانَ الْقلع خطأ فعلى القالع أرش السن كَامِلا وَكَذَلِكَ الْأذن
وَإِذا ابْيَضَّتْ الْعين من ضَرْبَة رجل ثمَّ ذهب الْبيَاض مِنْهَا فأبصر فَلَيْسَ على الضَّارِب الشَّيْء وَإِذا شج الرجل رجلا مُوضحَة خطأ فَسقط مِنْهَا شعر راسه كُله فَلم ينْبت فعلى عَاقِلَته الدِّيَة تَامَّة وَتدْخل الشَّجَّة فِي ذَلِك فان كَانَ ذهب من الشّعْر شَيْء وَلم يبلغ الرَّأْس كُله نظر فِي أرش الشّعْر وَفِي أرش الشَّجَّة فضمن الْجَانِي الْأَكْثَر من ذَلِك يدْخل الْأَقَل فِي ذَلِك وَكَذَلِكَ إِن كَانَت فِي الْحَاجِب والموضحة فِي الْوَجْه وَالرَّأْس سَوَاء
وَإِذا شج الرجل رجلا خطأ أَو عمدا فَذهب سَمعه أَو بَصَره فان فِي ذَلِك كُله الْأَرْش فان كَانَ خطأ فعلى الْعَاقِلَة أرش الْمُوَضّحَة ودية الْعين والسمع وَإِن كَانَ عمدا فَذَلِك كُله فِي مَاله وَلَا يُسْتَطَاع على علم ذهَاب السّمع إِلَّا أَن يتغفل فينادي فَأَما الْبَصَر فانه ينظر إِلَيْهِ أهل الْعلم بذلك بلغنَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قضي بِأَرْبَع ديات فِي رجل وَاحِد(4/467)
وَهُوَ حَيّ وَإِذا قطع الرجل إِصْبَع الرجل فشلت أُخْرَى إِلَى جنبها أَو قطع يَده الْيُمْنَى فشلت يَده الْيُسْرَى فانه لَا قصاص فِي هَذَا كُله وَفِيه الْأَرْش فِي مَال الْفَاعِل من قبل مَا حدث فِيهِ من الشلل فقد صَار شَيْئا وَاحِدًا بعضه شلل وَبَعضه قطع وَلَا يقْتَصّ فِيهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِن الْقطع مفارق للشلل بأبن مِنْهُ فالقطع بِالْقطعِ وَأَجْعَل فِي الشلل الْأَرْش فِي مَال الْفَاعِل
وَإِذا شج الرجل رجلا مُوضحَة فَصَارَت منقلة أَو كسر بعض سنه فاسود مَا بَقِي أَو قطع الْكَفّ فشل الساعد أَو قطع إصبعيه فشلت الْكَفّ أَو قطع إصبعا من مفصل فشل مَا بَقِي من الْأَصَابِع فَلَيْسَ فِي شَيْء من هَذَا قصاص لِأَن هَذَا شَيْء وَاحِد وَفِيه الْأَرْش من مَال الْجَانِي
وَإِذا جنى الرجل جِنَايَة عمد بحديدة أَو بعصا فِيمَا دون النَّفس فَمَا لَا يُسْتَطَاع فِيهِ الْقصاص فَعَلَيهِ أرش ذَلِك فِي مَاله وَإِن كَانَ من أهل الْإِبِل غلظ عَلَيْهِ فِي الْأَسْنَان فان كَانَت منقلة فَفِيهِ خَمْسَة عشر من(4/468)
الْإِبِل من كل سنّ أَربع من الْإِبِل أَربَاعًا وَإِن كَانَت آمة فَعَلَيهِ ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ وَثلث من الْإِبِل أَربَاعًا من كل سنّ ربع هَذِه كلهَا من الجذعان ربع وَمن الحقاق ربع وَمن بَنَات اللَّبُون ربع وَمن بَنَات الْمَخَاض ربع وَالرّبع من ذَلِك ثَمَان من الْإِبِل وَثلث وَإِذا كَانَ خطأ فَفِيهِ الْأَرْش أَخْمَاسًا من كل سنّ خمس وَالْخمس من ذَلِك سِتّ من الْإِبِل وَثُلُثَانِ وَهُوَ فِي المنقلة إِذا كَانَ خطأ من كل سنّ ثَلَاث من الْإِبِل وَإِذا جنى الرجل من أهل الْإِبِل فَقتل رجلا خطأ فَصَالح أَكثر من عشرَة آلَاف أَو أَكثر من ألف دِينَار نَسِيئَة أَو يدا بيد فَلَا خير فِي ذَلِك لَا أُجِيز أَن يُعْطي أَكثر من الدِّيَة وَكَذَلِكَ إِن كَانَ من أهل الْوَرق فَصَالح على ألفي دِينَار أَو على أَكثر من مائَة من الْإِبِل لِأَن هَذَا مِمَّا قد فرضت فِيهِ الدِّيَة فَلَا يجوز لَهُ أَن يُعْطي أَكثر من صنف مِنْهَا وَلَو صَالحه وَهُوَ من أهل الْوَرق على خمسين من الْإِبِل أجزت ذَلِك وَكَذَلِكَ لَو صَالحه على أقل من ألف دِينَار يدا بيد أَو نَسِيئَة أجزت ذَلِك من قبل أَن هَذَا قد حط عَنهُ وَلَو صَالحه على أقل من ألف دِينَار نَسِيئَة فِي ثَلَاث سِنِين قبل أَن يقْضى عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ وَقَالَ إِنَّمَا صالحتك من الدَّم على ذَلِك كَانَ جَائِزا إِنَّمَا أكره النَّسِيئَة إِذا وَجَبت عَلَيْهِ الدَّرَاهِم فَصَالحه مِنْهَا على غَيرهَا وَلَو صَالحه على ألف دِينَار من الدَّم وَلم يسم أَََجَلًا كَانَ ذَلِك جَائِز وَكَانَ ذَلِك فِي ثَلَاث سِنِين فِي كل سنة ثلث من قبل أَن الْقَتْل خطأ وَأَن الدِّيَة إِنَّمَا تجب عَلَيْهِ هَكَذَا وَلَو صَالحه على خَمْسَة آلَاف دِرْهَم(4/469)
وَهُوَ من أهل الْوَرق أجزت ذَلِك وجعلتها فِي ثَلَاث سِنِين أَثلَاثًا وَلَو كَانَ من أهل الْإِبِل فقضي عَلَيْهِ بِالْإِبِلِ فَصَالحه من ذَلِك على شَيْء من الْعرُوض أَو الْحَيَوَان بِعَيْنِه بعد أَن لَا يكون مِمَّا فرض فِيهِ الدِّيَة كَانَ ذَلِك جَائِزا وَإِن كَانَ أَكثر من الدِّيَة أضعافا وَكَانَ لَهُ أَن يَأْخُذهُ بذلك لَيْسَ فِيهِ أجل لِأَنَّهُ صَالحه على شَيْء بِعَيْنِه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ من أهل الْوَرق أَو من أهل الذَّهَب إِذا صَالحه على شَيْء من الْحَيَوَان أَو الْعرُوض يدا بيد كثيرا كَانَ أَو قَلِيلا فَهُوَ جَائِز وَإِن ضرب لشَيْء من ذَلِك أَََجَلًا فَلَا خير فِيهِ من قبل أَنه اشْتَرَاهُ بِالدِّيَةِ وَهِي دين فَلَا يصلح أَن يَشْتَرِي دينا بدين
وَإِذا أقرّ الرجل أَنه قتل قَتِيلا خطأ فَادّعى أَوْلِيَاء الْقَتِيل الْعمد فَلهم الدِّيَة خَاصَّة فِي مَاله لِأَنَّهُ أقرّ لَهُم بِهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَة قَتِيل وجد فِي قَبيلَة فَادّعى الْأَوْلِيَاء الْعمد عَلَيْهِم فَلَا يصدقون فِي الْعمد وَلَا يبطل حَقهم مَا ادعوا من الْعمد فَكَذَلِك الأول
وَإِذا أقرّ بعمد وَادعوا الْخَطَأ فَلَا شَيْء لَهُم لأَنهم ادعوا المَال وَإِنَّمَا أقرّ لَهُم بِالْقصاصِ وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ قطعت يَد فلَان عمدا وَادّعى فلَان الْخَطَأ فَلَا شَيْء لَهُ
وَلَو أقرّ بالْخَطَأ وَادّعى فلَان الْعمد كَانَت عَلَيْهِ دِيَة الْيَد فِي مَاله وَكَذَلِكَ كل جِرَاحَة فِيمَا دون النَّفس أقرّ بهَا الْجَانِي أَنَّهَا خطأ وَادّعى صَاحبهَا الْعمد فعلى الْجَانِي الْأَرْش فِي مَاله وكل جِرَاحَة دون النَّفس أقرّ بهَا الْجَانِي عمدا وَادّعى لَا صَاحبهَا الْخَطَأ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء(4/470)
وَإِذا كَانَ الْمُدَّعِي ادّعى المَال فَلَا شَيْء لَهُ وَإِن كَانَ يَدعِي الْقصاص فَلهُ الْأَرْش وَإِذا أقرّ الرجل بقتل رجل خطأ فَالدِّيَة فِي مَاله فِي ثَلَاث سِنِين وَكَذَلِكَ إِذا أقرّ أَنه قَتله خطأ وَادّعى أولياؤه أَنه قَتله عمدا فَعَلَيهِ الدِّيَة فِي مَاله فِي ثَلَاث سِنِين وكل دِيَة وَجَبت من غير صلح فَهِيَ فِي ثَلَاث سِنِين
وَإِذا قتل النَّائِم إنْسَانا فَسقط عَلَيْهِ أَو كَانَ بِيَدِهِ شَيْء فَضَربهُ وَهُوَ نَائِم فَهَذَا خطأ وعَلى عَاقِلَته الدِّيَة
- بَاب الشَّهَادَات فِي الدِّيات
-
وَإِذا شهد شَاهد وَاحِد على رجل بقتل خطأ وَشهد آخر على إِقْرَار الْقَاتِل بخطأ فشهادتهما بَاطِل لَا يجوز لِأَنَّهُمَا قد اخْتلفَا أَلا ترى أَن أَحدهمَا قد شهد على قَول وَالْآخر على عمل وَإِذا شَهدا على الْقَتْل وَاخْتلفَا فِي الْيَوْم الَّذِي اصابه فِيهِ فَقَالَ هَذَا فِي يَوْم كَذَا وَقَالَ الاخر فِي يَوْم آخر فشهادتهما بَاطِل وَكَذَلِكَ لَو اتفقَا فِي يَوْم وَاحِد وَاخْتلفَا فِي الْمَكَان أَو فِي الْبلدَانِ فان ذَلِك كُله بَاطِل وَكَذَلِكَ لَو اتفقَا فِي الْمَكَان أَو الْبَلَد وَاخْتلفَا فِي الَّذِي كَانَ بِهِ الْقَتْل فَقَالَ أَحدهمَا قَتله بِحجر وَقَالَ الآخر قَتله بِسَوْط أَو قَالَ قَتله بعصا وَقَالَ الآخر قَتله بِيَدِهِ أَو قَالَ أَحدهمَا قَتله عمدا وَقَالَ الآخر قَتله خطأ أَو قَالَ أَحدهمَا قَتله بعصا وَقَالَ الآخر لَا أحفظ الَّذِي كَانَ بِهِ الْقَتْل فان(4/471)
ذَلِك بَاطِل لَا يجوز فِيهِ شَهَادَتهمَا وَإِذا قَالَا جَمِيعًا لَا نَدْرِي بِمَا قَتله فَهُوَ مثل الأول فِي الْقيَاس وَيَنْبَغِي أَن يكون بَاطِلا وَلَكِنِّي استحسنت فِي هَذَا أَن أجيزه وَأَجْعَل عَلَيْهِ الدِّيَة فِي مَاله وَلَا يجوز شَهَادَة الْأَعْمَى فِي الْقَتْل خطأ كَانَ أَو عمدا على إِقْرَار وَلَا على فعل وَإِن قَالَ رَأَيْت ذَلِك قبل أَن يذهب بَصرِي فَلَا يجوز فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ لَا يجوز شَهَادَة الْمَحْدُود فِي قذف وَلَا شَهَادَة النِّسَاء وحدهن فان كَانَ مَعَهُنَّ رجل وهما امْرَأَتَانِ مسلمتان فشهادتهما جَائِزَة فِي قتل الْخَطَأ وكل جِرَاحَة خطأ وكل شَيْء من ذَلِك يجب فِيهِ الْأَرْش بِغَيْر صلح مِمَّا لَا يُسْتَطَاع فِيهِ الْقصاص وَمَا كَانَ من ذَلِك فِيهِ قصاص فشهادتهن فِيهِ بَاطِل لَا يجوز وَلَا يجوز شَهَادَة النِّسَاء فِي الْقصاص وَإِن كَانَ مَعَهُنَّ رجل وَلَا يجوز فِيهِ شَهَادَة على شَهَادَة وَلَا كتاب قَاضِي إِلَى قَاض وَالنَّفس وَمَا دون النَّفس فِي ذَلِك سَوَاء وَالشَّهَادَة على الشَّهَادَة وَكتاب القَاضِي جَائِز فِي كل مَا كَانَ فِيهِ الْأَرْش فِي النَّفس وَمَا دون النَّفس فِي الْخَطَأ والعمد الَّذِي لَا يُسْتَطَاع فِيهِ الْقصاص
بلغنَا عَن شُرَيْح وَإِبْرَاهِيم أَنَّهُمَا قَالَا لاتجوز شَهَادَة النِّسَاء فِي الْحُدُود(4/472)
وَلَا فِي الْقصاص وَلَا شَهَادَة على شَهَادَة(4/473)
وَإِذا شهد رجل على رجل بِالْقَتْلِ عمدا فانه لَا تجوز شَهَادَة رجل وَأحد فان شهد عَلَيْهِ اثْنَان بالعمد حبس حَتَّى يسئل عَنْهُمَا فان زكيا قضي عَلَيْهِ بالقود وَلَو شهد عَلَيْهِ رجل وَاحِد عدل قد عرفه القَاضِي فان القَاضِي يحْبسهُ أَيَّامًا فان جَاءَ شَاهد آخر وَإِلَّا خلى سَبيله والعمد فِي ذَلِك وَالْخَطَأ سَوَاء وَكَذَلِكَ شبه الْعمد وَإِذا ادّعى ولي الْقَتِيل بَيِّنَة حَاضِرَة بِالْمِصْرِ وَالْقَتْل خطأ أَخذ لَهُ من الْمُدَّعِي عَلَيْهِ كَفِيلا إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام فان أحضر وَإِلَّا ابرأ الْكَفِيل وَإِن أقرّ أَن بَينته غيب لم يُؤْخَذ لَهُ كَفِيل
فان شهد شَاهِدَانِ على الْقَتْل عمدا لم يُؤْخَذ كَفِيل فِي الْقَتْل بعد الشُّهُود وَلكنه يحبس فان زكى الشَّاهِدَانِ بِالْقَتْلِ عمدا قتل وَإِن كَانَ خطأ شبه الْعمد قضي على عَاقِلَته بِالدِّيَةِ وَيحبس الْقَاتِل يتعزير وعقوبة حَتَّى يحدث تَوْبَة وَيحدث خيرا وَكَذَلِكَ الْجِرَاحَات فِيمَا دون النَّفس بِمَنْزِلَة جَمِيع مَا ذكرنَا
- بَاب الْقسَامَة
-
وَإِذا وجد الرجل قَتِيلا فِي محلّة قوم فَعَلَيْهِم أَن يقسم مِنْهُم خَمْسُونَ رجلا بِاللَّه مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا ثمَّ يغرمون الدِّيَة بلغنَا نَحْو من هَذَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(4/474)
وبلغنا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قضي بِالدِّيَةِ على عاقلتهم فِي ثَلَاث سِنِين(4/475)
فان لم يكمل الْعدَد خمسين كررت عَلَيْهِم الْأَيْمَان حَتَّى يكمل خمسين يَمِينا
ولأولياء الْقَتِيل أَن يختاروا فِي الْقسَامَة صالحي الْعَشِيرَة الَّذين وجد بَين أظهرهم فيحلفونهم وَلَو اخْتَارُوا مِنْهُم أعمى أَو محدودا فِي قذف كَانَ ذَلِك لَهُم لِأَنَّهَا لَيست بِشَهَادَة وَإِنَّمَا يعقل الدَّم وكل مَا يلْزم الْعَاقِلَة فعلى الْمُقَاتلَة من أهل الدِّيوَان وَلَا يلْزم النِّسَاء وَلَا الذُّرِّيَّة من ذَلِك شَيْء وَلَا من لَيْسَ لَهُ ديوَان وَلَا يُؤْخَذ من الرجل إِلَّا ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو أَرْبَعَة فان لم يسع ديوَان أُولَئِكَ الْقَوْم لتِلْك الدِّيَة ضم إِلَيْهَا أقرب الْقَبَائِل إِلَيْهِم فِي النّسَب حَتَّى لَا يَقع على الرجل إِلَّا ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو أَرْبَعَة وَالْقَاتِل وَالَّذِي حلف على الْقسَامَة وَالَّذِي لم يقتل وَلم يشْهد فِي ذَلِك كلهم سَوَاء الدِّيَة عَلَيْهِم سَوَاء على أهل الدِّيوَان
وَإِذا وجد الْقَتِيل بَين قريتين أَو سكتين فانه يُقَاس فالى ايهما كَانَ أقرب كَانَ عَلَيْهِم الْقسَامَة وَالدية بلغنَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ(4/476)
أَنه قضي بذلك فِي قريتين فان نكلوا عَن الْيَمين حبسوا حَتَّى يحلفوا
وَإِذا وجد قَتِيل فِي قَرْيَة أَصْلهَا لقوم شَتَّى فيهم الْمُسلم وَالْكَافِر فان الْقسَامَة على أهل الْقرْيَة على الْمُسلم وَالْكَافِر يُكَرر عَلَيْهِم الْأَيْمَان حَتَّى تكمل خمسين يَمِينا فان لم يكن فِيهَا خَمْسُونَ رجلا تكَرر عَلَيْهِم الْأَيْمَان ثمَّ يغرم عَلَيْهِم الدِّيَة فَمَا أصَاب الْمُسلمين من ذَلِك فعلى عواقلهم وَمَا أصَاب أهل الذِّمَّة فان كَانَت لَهُم معاقل فَعَلَيْهِم وَإِلَّا فَفِي أَمْوَالهم
وَإِذا وجد الرجل قَتِيلا فِي قَبيلَة من الْكُوفَة وفيهَا سكان وفيهَا(4/477)
من قد اشْترى من دُورهمْ فانما الْقسَامَة وَالدية على أهل الخطة وَلَيْسَ على السكان وَلَا على مُشْتَرِي الدّور شَيْء وَلَو جعلت على السكان وعَلى المشترين شَيْئا لَا ستحلفت عَشَائِرهمْ أَيْضا فِي الْقسَامَة ووزعت عَلَيْهِم الدِّيَة بِالْحِصَصِ فيوجد الْقَتِيل فِي قَبيلَة وَاحِدَة وَيعْقل عَنْهُم عشر قبائل فَهَذَا قَبِيح لَا يَسْتَقِيم وَإِذا وجد الْقَتِيل فِي دَار رجل قد اشْتَرَاهَا وَهُوَ من غير أهل الخطة فان أهل الخطة بُرَآء من ذَلِك والقسامة على صَاحب الدَّار وعَلى قومه الدِّيَة وَإِذا بَاعَ أهل الخطة جَمِيعًا حَتَّى لَا يبْقى فيهم أحد ثمَّ وجد فيهم قَتِيل فِي سكَّة من سككهم أَو فِي مَسْجِد من مَسَاجِدهمْ فان الْقسَامَة وَالدية على المشترين فان وجد فِي دَار وَاحِد من المشترين فَهُوَ عَلَيْهِ خَاصَّة على عَاقِلَته
وَإِذا كَانَت الدَّار بَين رجلَيْنِ فَوجدَ فِيهَا قَتِيل فَالدِّيَة على عواقلهما نِصْفَانِ وَإِن كَانَ أَحدهمَا أَكثر نَصِيبا من الآخر وَإِذا بَقِي من الخطة دَار وَاحِدَة ثمَّ وجد قَتِيل فِي الْمحلة فان الْقسَامَة وَالدية على أهل الخطة وَلَيْسَ على السكان وَلَا على المشترين شَيْء أَلا ترى أَنه لَو كَانَ فِيهَا سَاكن عَامل يعْمل بِيَدِهِ بِالنَّهَارِ وينصرف بِاللَّيْلِ إِلَى منزله لم أجعَل عَلَيْهِ شَيْئا فَكَذَلِك السكان وَإِذا وجد الرجل قَتِيلا فِي دَار نَفسه فعلى عَاقِلَته الدِّيَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا شَيْء على الْعَاقِلَة والقتيل عندنَا كل ميت بِهِ أثر فان لم يكن بِهِ أثر فَلَا قسَامَة(4/478)
فِيهِ وَلَا دِيَة إِنَّمَا هَذَا ميت وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن وجد وَلَيْسَ بِهِ أثر إِلَّا أَن الدَّم يخرج من أَنفه فَلَيْسَ بقتيل وَإِن كَانَ يخرج من أُذُنه فَهُوَ قَتِيل وَفِيه الدِّيَة والقسامة وَهُوَ قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد
وَإِذا ادّعى أهل الْقَتِيل على بعض أهل الْمحلة الَّذِي وجد بَين أظهرهم فَقَالُوا قَتله فلَان عمدا أَو خطأ فَذَلِك كُله سَوَاء وَفِيه الْقسَامَة وَالدية وَلَا يبطل دَعوَاهُم الْعمد حَقهم أَلا ترى أَنهم لم يبرؤا الْعَشِيرَة من الْقَتْل أَرَأَيْت لَو قَالُوا قَتَلُوهُ جَمِيعًا عمدا لم يكن عَلَيْهِم الدِّيَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا وجد قَتِيل فِي قَبيلَة فَلم يدع أولياؤه على أهل الْقَبِيلَة وَادعوا على رجل من غَيرهم فَانِي أُجِيز شَهَادَة أهل الْقَبِيلَة على عَاقِلَته إِذا ادّعى ذَلِك أولياؤه وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تجوز شَهَادَتهم وَلَا شَيْء عَلَيْهِم من الدِّيَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا وجد الرجل قَتِيلا فِي دَار نَفسه فَلَيْسَ فِيهِ الدِّيَة وَلَا الْقسَامَة
وَإِذا وجد قَتِيل فِي محلّة فَادّعى أهل الْمحلة أَنه قَتله غَيرهم فان أَقَامُوا الْبَيِّنَة على رجل من غَيرهم وَشهِدت شُهُود من غَيرهم فَهُوَ جَائِز فان ادّعى الْأَوْلِيَاء على ذَلِك الرجل أَخَذُوهُ بِالدِّيَةِ وَإِن أبرؤه لم يكن لَهُم عَلَيْهِ وَلَا على أهل الْمحلة شَيْء وَإِذا شهد شُهُود من الْقَبِيلَة لم يجز شَهَادَتهم فِي قَول ابي حنيفَة لأَنهم يدْفَعُونَ عَن أنفسهم فان ادّعى الْأَوْلِيَاء على غيرأهل الْمحلة فقد أبرأوا أهل الْمحلة وَلَا شَيْء لَهُم على من ادعوا عَلَيْهِ إِلَّا بِبَيِّنَة من(4/479)
غير أهل الْمحلة
وَإِذا وجد بدن الْقَتِيل فِي محلّة فَعَلَيْهِم الْقسَامَة وَالدية فان وجد فيهم يَده أَو رجله أَو رَأسه فَلَا شَيْء عَلَيْهِم وَإِن وجد فيهم أَكثر من نصف الْبدن فَعَلَيْهِم الْقسَامَة وَالدية كَامِلَة وَإِن وجد فيهم نصف الْبدن مشقوقا بالطول فَلَا شَيْء عَلَيْهِم وَإِذا وجد فيهم أقل من نصف الْبدن فَلَا شَيْء عَلَيْهِم فان كَانَ الْجَانِب الَّذِي فِيهِ الرَّأْس فَلَا شَيْء عَلَيْهِم فِيهِ أَيْضا وَإِن كَانَ نصف الْبدن وَفِيه الرَّأْس فَعَلَيْهِم الدِّيَة
وَإِذا وجد العَبْد قَتِيلا فِي قَبيلَة أَو الْمكَاتب أَو الْمُدبر أَو أم الْوَلَد وَالَّذِي يسْعَى فِي بعض قِيمَته فَعَلَيْهِم الْقسَامَة وَالْقيمَة فِي ثَلَاث سِنِين وَإِذا وجد فيهم دَابَّة أَو شبه ذَلِك فَلَا شَيْء عَلَيْهِم لَيست تعقل الْعَاقِلَة الْعرُوض وَلَا الْبَهَائِم فان وجد فيهم جَنِين أَو سقط فَلَيْسَ عَلَيْهِم فِيهِ شَيْء فان كَانَ تَمامًا وَبِه أثر فَهُوَ قَتِيل وَعَلَيْهِم الْقسَامَة وَالدية
وَإِذا وجد العَبْد قَتِيلا فِي دَار مَوْلَاهُ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَاله وَكَذَلِكَ الْمكَاتب يُوجد فِي دَار نَفسه قَتِيلا فَلَا شَيْء فِيهِ
وَإِذا وجد الْمكَاتب قَتِيلا فِي دَار مَوْلَاهُ فالقسامة على مَوْلَاهُ فِي مَاله يَسْتَوْفِي مَا بَقِي من مُكَاتبَته وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث
وَإِذا وجد الرجل قَتِيلا فِي دَار أَبِيه أَو ابْنه أَو الْمَرْأَة فِي دَار زَوجهَا فَفِيهِ الْقسَامَة وَالدية على الْعَاقِلَة وَإِذا وجد الرجل قَتِيلا على دَابَّة يَسُوقهَا رجل أَو يَقُودهَا أَو راكبها فَهُوَ على الَّذِي مَعَ الدَّابَّة فان لم يكن مَعَ الدَّابَّة أحد فَهُوَ(4/480)
على أهل الْمحلة الَّذين يُوجد فيهم على الدَّابَّة وَكَذَلِكَ الرجل يحمل قَتِيلا فَهُوَ عَلَيْهِ وَإِذا وجد الْقَتِيل فِي السَّفِينَة فالقسامة على من فِي السَّفِينَة من الركاب وَغَيرهم من أَهلهَا الَّذين هم فِيهَا وَالدية عَلَيْهِم وَإِذا وجد الْقَتِيل فِي نهر يجْرِي فِيهِ المَاء فَلَا شَيْء فِيهِ فان كَانَ فِي نهر عَظِيم أَو فِي للفرات يسير فِيهَا المَاء فَلَيْسَ فِيهِ شَيْء فان كَانَت إِلَى جَانب الشاطئ محتبسا فَهُوَ على أقرب الْقرى إِلَيْهِ وَالْأَرضين وَعَلَيْهِم الْقسَامَة وَالدية
وَإِذا وجد قَتِيلا فِي فلاة من الأَرْض فَلَيْسَ فِيهِ شَيْء وَإِذا وجد قَتِيل فِي سوق الْمُسلمين أَو فِي مَسْجِد جَمَاعَتهمْ فَهُوَ فِي بَيت مَال الْمُسلمين وَلَيْسَ فِيهِ قسَامَة وَإِن كَانَ فِي دَار رجل خَاصَّة مملكها فِي السُّوق فعلى عَاقِلَة ذَلِك الرجل الْقسَامَة وَالدية وَإِذا وجد الرجل قَتِيلا فِي قَرْيَة لِرجلَيْنِ عواقلهما فِي ذَلِك الْمصر الَّذِي مِنْهُ الْقرْيَة فالقسامة وَالدية على عواقلهما فِي ذَلِك الْمصر الَّذِي فِيهِ الْقرْيَة
وَإِذا جرح الرجل فِي قَبيلَة أَو أَصَابَهُ حجر لَا يدْرِي من رَمَاه فَشَجَّهُ فَلم يزل صَاحب فرَاش حَتَّى مَاتَ فعلى الَّذين أُصِيب امة وَالدية وَإِن كَانَ صَحِيحا يذهب وَيَجِيء فَلَا شَيْء فِيهِ وَإِذا أُصِيب الْقَتِيل فِي الْعَسْكَر والعسكر بِأَرْض فلاة فَهُوَ على الْقَبِيلَة(4/481)
الَّتِي وجد فِي رحالهم فان كَانَ الْعَسْكَر فِي ملك الرجل فعلى صَاحب الأَرْض على عَاقِلَته الْقسَامَة وَالدية وَإِن كَانَ الْعَسْكَر بفلاة من الأَرْض فَوجدَ فِي فسطاط رجل قَتِيل فَعَلَيهِ الْقسَامَة تكَرر عَلَيْهِ الْأَيْمَان وعَلى عَاقِلَته الدِّيَة وَإِذا وجد بَين قبيلتين من عَسْكَر قَتِيل فعلَيْهِمَا جَمِيعًا إِذا كَانَ الْقَتِيل إِلَيْهِم سَوَاء الْقسَامَة وَالدية وَإِن كَانَ أهل الْعَسْكَر قد لقوا عدوهم فَلَا قسَامَة فِي الْقَتِيل وَلَا دِيَة وَإِنَّمَا هَذَا مِمَّا أصَاب الْعَدو فان كَانَ الْعَسْكَر مختلطا فَأصَاب الْقَتِيل فِي طَائِفَة مِنْهُم فان كَانَ أُصِيب فِي خباء أَو فسطاط فعلى صَاحب الْفسْطَاط والخباء وَإِن كَانَ فِي غير خباء وَلَا فسطاط فَهُوَ على أقرب أهل الأخبية إِلَيْهِ وعَلى من فِي الخباء جَمِيعًا
وَإِذا وجد الرجل قَتِيلا فِي قَبيلَة فانه لَا يقبل فِي الْقسَامَة النِّسَاء وَلَا الصّبيان وَلَا عبد وَلَا مكَاتب وَلَا مُدبر وَلَا عبد قد عتق بعضه وَهُوَ يسْعَى فِي بعض قِيمَته فِي قَول أبي حنيفَة وَيقبل فِيهِ الْأَعْمَى والمحدود فِي قذف وَالْفَاسِق
والتخيير فِيمَن يحلف إِلَى الْأَوْلِيَاء يختارون من الْقَبِيلَة من شاؤا وَلَيْسَ ذَلِك إِلَى الإِمَام وَإِذا وجد الرجل قَتِيلا فِي دَار امْرَأَة فِي مصر لَيْسَ فِيهِ من عشيرتها أحد فان الْأَيْمَان تكَرر على الْمَرْأَة حَتَّى تكمل خمسين يَمِينا ثمَّ يفْرض الدِّيَة على أقرب الْقَبَائِل مِنْهَا وَهَذَا قَول مُحَمَّد وَهُوَ قَول أبي يُوسُف الأول ثمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُف فَقَالَ يضم إِلَيْهَا أقرب الْقَبَائِل مِنْهَا فيقسمون ويعقلون وَكَذَلِكَ الْقرْيَة إِذا كَانَت لرجل من أهل الذِّمَّة فانه يحلف وَيكون عَلَيْهِ الْأَيْمَان وَعَلِيهِ الدِّيَة(4/482)
وَلَو كَانَ الذِّمِّيّ نازلا فِي قَبيلَة من الْقَبَائِل ثمَّ وجد فِيهَا قَتِيل لم يدْخل الذِّمِّيّ فِي الْقسَامَة وَلَا فِي الْغرم وَكَذَلِكَ السكان النزال فِيهَا من غَيرهم
وَإِذا كَانَت مَدِينَة لَيْسَ فِيهَا قبائل مَعْرُوفَة وجد فِي بَعْضهَا قَتِيل فعلى أهل الْمحلة الَّذين وجد الْقَتِيل بَين أظهرهم الْقسَامَة وَالدية وَإِذا أبي الَّذين وجد الْقَتِيل فيهم أَن يقسموا حبسوا حَتَّى يقسموا خمسين يَمِينا مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا ثمَّ يغرمون الدِّيَة وَإِذا وجد الْقَتِيل فِي دَار عبد مَأْذُون فِي التِّجَارَة عَلَيْهِ دين أَو لَا دين عَلَيْهِ فان الْقسَامَة وَالدية على عَاقِلَة الْمولى وَإِذا وجد قَتِيل فِي دَار مكَاتب فان عَلَيْهِ الْأَقَل من قِيمَته وَمن دِيَة الْقَتِيل فاذا وجد قَتِيل فِي قَرْيَة يتامى صغَار لَيْسَ فِي تِلْكَ الْبِلَاد من عشيرتهم أحد فَلَيْسَ على اليتامي قسَامَة وعَلى عاقلتهم الدِّيَة والقسامة وَإِن كَانَ أحدهم قد أدْرك فَعَلَيهِ الْقسَامَة تكَرر عَلَيْهِ الْيَمين وعَلى أقرب الْقَبَائِل مِنْهُم
- بَاب الْقصاص
- بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا قَود إِلَّا بِالسَّيْفِ(4/483)
وبلغنا من أَصْحَاب عبد الله بن مَسْعُود أَنهم قَالُوا لَا قَود إِلَّا بسلاح وكل رجل قتل قَتِيلا بِسيف أَو رمح أَو رَمَاه بِسَهْم أَو نشابة أَو عَمُود حَدِيد أَو سكين أَو مَا أشبه ذَلِك من السِّلَاح فان عَلَيْهِ فِيهِ الْقصاص إِلَّا أَن يعْفُو أَوْلِيَاء الْقَتِيل أَو يصالحوا على مَا شاؤا وتراضوا عَلَيْهِ(4/484)
وكل مَا اصْطَلحُوا عَلَيْهِ من شَيْء فَهُوَ جَائِز وَإِن جاوزوا بذلك الدِّيَة وَإِذا اجْتمع رَهْط على قتل رجل عمدا بسلاح فَعَلَيْهِم فِيهِ الْقصاص بلغنَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قضي بذلك(4/485)
وَإِذا قتل الْحر الْمَمْلُوك عمدا فان عَلَيْهِ فِيهِ الْقصاص بلغنَا ذَلِك عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ(4/486)
وَإِذا قتل الرجل الصَّبِي عمدا فان عَلَيْهِ فِيهِ الْقصاص وَكَذَلِكَ إِذا قتل العَبْد الْحر عمدا فان عَلَيْهِ فِيهِ الْقصاص وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة إِذا قتلت الرجل عمدا أَو الرجل يقتل الْمَرْأَة عمدا وَإِذا اشْترك النِّسَاء وَالرِّجَال فِي قتل رجل عمدا أَو صبي أَو امْرَأَة عمدا فان عَلَيْهِم الْقصاص جَمِيعًا(4/487)
وَإِذا اقْتُل الرجل الْمُسلم الرجل من أهل الذِّمَّة عمدا فان عَلَيْهِ فِيهِ الْقصاص بلغنَا عَن ر سَوَّلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أقاد رجلا مُسلما بِرَجُل من أهل الذِّمَّة فَقتل الْمُسلم بالذمي ثمَّ قَالَ أَنا أَحَق من وَفِي بِذِمَّتِهِ(4/488)
وبلغنا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه أَمر بقتل رجل مُسلم بِرَجُل من أهل الْحيرَة ذمِّي ثمَّ بلغه أَنه فَارس من فرسَان الْعَرَب فَكتب فِيهِ أَن لَا يقتل(4/489)
وَإِذا اجْتمع رجال من أهل الْإِسْلَام على رجل من أهل الذِّمَّة عمدا فان عَلَيْهِم فِيهِ الْقصاص وكل قطع فِي يَد عمدا من مفصل أَو إِصْبَع فان فِيهِ الْقصاص فِي مثل ذَلِك الْموضع وَلَا يقطع الْيُمْنَى باليسرى وَلَا الْيَد بِالرجلِ وَلَا الْإِبْهَام بغَيْرهَا من الْأَصَابِع وَلَا يقطع إِصْبَع من يَد باصبع من رجل وَلَا يقْتَصّ من عظم مَا خلا السن بلغنَا ذَلِك عَن إِبْرَاهِيم وَقَالَ لَا قصاص بَين العبيد والأحرار وَلَا فِيمَا بَين العبيد فِيمَا دون(4/490)
النَّفس وَلَا قصاص بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء فِيمَا دون النَّفس وَبَين الْمُسلمين وَأهل الذِّمَّة وَالْقصاص وَاجِب فِي النَّفس وَفِيمَا دونهَا وَلَا يقطع يدان بيد وَاحِدَة وَلَيْسَ هَذَا كالنفس وَإِذا اجْتمع رجلَانِ على قطع يَد رجل عمدا كَانَت عَلَيْهِمَا الدِّيَة فِي أموالهما وَكَذَلِكَ العينان وَالرجلَانِ وَلَوْلَا الْأَثر وَالسّنة لم يقتل اثْنَان بِوَاحِد فأخذنا فِي النَّفس بِمَا جَاءَ من الْأَثر وَالسّنة وأخذنا فِيمَا دون النَّفس بِالْقِيَاسِ وَإِذا قطع رجل يَد رجل من نصف الساعد أَو قطع الرجل من نصف السَّاق فَلَا قصاص عَلَيْهِ فِي ذَلِك لِأَنَّهُ فِي غير مفصل وَعَلِيهِ فِي ذَلِك ديه الْيَد وحكومة عدل فِيمَا قطع من الساعد مَعَ الْكَفّ فِي مَاله ذَلِك كُله وَلَا يقْتَصّ الرجل من ابْنه فِي النَّفس وَلَا فِيمَا دونهَا بلغنَا ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا من جده وَلَا من أمه وَلَا من(4/491)
جدته وَكَذَلِكَ كل جد أَو جدة من قبل الرِّجَال وَالنِّسَاء جنى على وَلَده أَو ولد وَلَده فِي النَّفس أَو فِيمَا دونهَا عمدا فَلَا قصاص عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْأَرْش فِي ذَلِك كُله فِي مَاله وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْوَلَد مُدبرا أَو عبدا أَو مكَاتبا
وَلَا قصاص بَين الصّبيان فِي النَّفس أَو فِيمَا دونهَا وَإِذا جنى الصَّبِي على رجل فِي النَّفس أَو فِيمَا دونهَا فَلَا قَود عَلَيْهِ لِأَن عمد الصَّبِي خطأ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوه وَكَذَلِكَ الْمَجْنُون إِذا أصَاب(4/493)
فِي حَال جُنُونه وَإِذا أصَاب فِي حَال إِفَاقَته فَهُوَ وَالصَّحِيح سَوَاء وَعمد الصَّبِي وَالْمَجْنُون فِي حَال جُنُونه وَالْمَعْتُوه خطأ تعقله الْعَاقِلَة وَإِذا قطع الرجل الْوَاحِد يَد الرجلَيْن عمدا الْيُمْنَى واليسرى فانه يقطع يَدَاهُ كلتاهما لَهما وَإِذا كَانَ إِنَّمَا قطع الْيُمْنَى من كل وَاحِد مِنْهُمَا قطعت يَمِينه لَهما وَغرم لَهما الدِّيَة دِيَة الْيَد فِي مَاله بَينهمَا نِصْفَانِ وَإِذا عَفا أَحدهمَا عَن الْقصاص قبل أَن يقْتَصّ لَهما كَانَ عَفوه جَائِزا ويقتص للْبَاقِي وَلَا حق للَّذي عَفا
وَلَو حضر أَحدهمَا قبل صَاحبه لم انْتظر الْغَائِب لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَعَ هَذَا شرك ويقتص مِنْهُ لهَذَا فاذا قدم الْغَائِب كَانَت لَهُ الدِّيَة فِي مَال الْقَاطِع الأول وَإِذا اجْتمعَا جَمِيعًا فقضي لَهما القَاضِي بِالْقصاصِ وَقضي لَهما بديه الْيَد فيديا فأخذا الدِّيَة ثمَّ عَفا أَحدهمَا عَن الْقصاص فان عَفوه جَائِز وَلَا قصاص للْبَاقِي وَله نصف دِيَة الْيَد وَلَو لم يَكُونَا أخذا المَال وأخذا بِهِ كَفِيلا ثمَّ عَفا أَحدهمَا كَانَ عَفوه جَائِزا وللباقي الْقصاص لِأَنَّهُ لم يقبض مَالا وَلم يَقع الشّركَة بَينهمَا وَلَو كَانَا أخذا بِالْمَالِ رهنا كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَة قبض المَال إِن عَفا أَحدهمَا كَانَ عَفوه جَائِزا وللباقي الْقصاص لِأَنَّهُ لم يقبض مَالا وَلم يَقع الشّركَة بَينهمَا وَلَو كَانَا أخذا بِالْمَالِ رهنا كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَة قبض المَال إِن عَفا(4/494)
أَحدهمَا بعد ذَلِك كَانَ الْحَال فِي هَذَا كالحال وَقبض المَال وَإِنَّمَا هَذَا اسْتِحْسَان وَكَانَ يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن لَا يَقع بَينهمَا شركَة قبضا المَال أَو لم يقبضا
وَإِذا قطع رجل إِصْبَع رجل من مفصل ثمَّ قطع يَد الآخر أَو بَدَأَ بِالْيَدِ ثمَّ قطع الإصبع وَذَلِكَ كُله فِي الْيُمْنَى ثمَّ اجْتمعَا جَمِيعًا فانه يقطع إصبعه باصبع هَذَا ثمَّ يُخَيّر صَاحب الْيَد فان شَاءَ قطع مَا بَقِي وَإِن شَاءَ أَخذ دِيَة يَده من مَال الْقَاطِع وَلَو جَاءَ صَاحب الْيَد قبل صَاحب الإصبع قطعت لَهُ الْيَد فان جَاءَ صَاحب الإصبعغ بعد أَخذ أرش إِصْبَع من مَال الَّذِي قطعهمَا وَلَو قطع رجل إِصْبَع رجل من مفصل ثمَّ قطع إصبعا أُخْرَى من مفصلين ثمَّ قطع أَصَابِع أُخْرَى كلهَا وَذَلِكَ كُله فِي أَصَابِع يَد وَاحِدَة ثمَّ اجْتَمعُوا جَمِيعًا قطع مِنْهُ الْمفصل الْأَعْلَى لصَاحب الْمفصل الْأَعْلَى ثمَّ يُخَيّر صَاحب المفصلين فان شَاءَ قطع لَهُ الْمفصل الْأَوْسَط بِحقِّهِ كُله وَإِن شَاءَ أَخذ ثُلثي دِيَة الإصبع من مَاله ثمَّ يُخَيّر صَاحب الإصبع(4/495)
فان شَاءَ أَخذ مَا بَقِي كُله باصبعه وَإِن شَاءَ أَخذ دِيَة إصبعه من مَال الَّذِي قطعهَا وَإِذا قطع كف رجل من مفصل ثمَّ قطع يَد أُخْرَى من مرفق ثمَّ اجْتمعَا جَمِيعًا فان الْكَفّ يقطع لصَاحب الْكَفّ ثمَّ يُخَيّر صَاحب الْمرْفق فان شَاءَ أَخذ قطع مَا بَقِي بِحقِّهِ كُله وَإِن شَاءَ أَخذ الْأَرْش من مَال الْجَانِي وَلَا نبالي فِي ذَلِك بِأَيِّهِمَا بَدَأَ قبل صَاحبه وَإِذا شج الرجل الرجل مُوضحَة فَأخذت مَا بَين قَرْني المشجوج وَلَا تَأْخُذ مَا بَين قَرْني الشاج فان المشجوج يُخَيّر فان شَاءَ أَخذ الْأَرْش وَلَا قصاص لَهُ وَإِن شَاءَ اقْتصّ لَهُ فَبَدَأَ من أَي الْجَانِبَيْنِ أحب حَتَّى تبلغ مقدارها فِي طولهَا إِلَى حَيْثُ يبلغ ثمَّ يكف وَإِذا كَانَت الشَّجَّة لَا تَأْخُذ مَا بَين قَرْني المشجوج وَتَأْخُذ مَا بَين قَرْني الشاج ويفضل مِنْهَا فضل فانه يُخَيّر المشجوج فان شَاءَ أَخذ الْأَرْش وَإِن شَاءَ اقْتصّ لَهُ مَا بَين القرنين من الشاج لَا أزيده على شَيْء
وَإِذا كَانَت الشَّجَّة فِي طول رَأس المشجوج وَهِي تَأْخُذ من رَأس الشاج من جَبينه إِلَى قَفاهُ فانه يُخَيّر المشجوج فان شَاءَ أَخذ الْأَرْش وَإِن شَاءَ اقتصصت لَهُ مِقْدَار شجته إِلَى موضعهَا فِي رَأسه لَا أزيده على ذَلِك
وَإِن كَانَت من المشجوج مَا بَين جَبينه إِلَى قَفاهُ وَلَا يبلغ من(4/496)
رَأس الشاج إِلَّا إِلَى نصف ذَلِك خيرت المشجوج فان شَاءَ أَخذ الْأَرْش وَإِن شَاءَ اقتصصت لَهُ مِقْدَار شجته إِلَى حَيْثُ يبلغ وَيبدأ من أَي الْجَانِبَيْنِ أحب
وَإِذا شج رجل رجلا مُوضحَة فِي وَجهه أَو فِي رَأسه عمدا فَهُوَ سَوَاء وَفِيه الْقصاص وَكَذَلِكَ لَو شجه باضعة أَو دامية فان فِيهِ الْقصاص وَلَا يقْتَصّ فِي شَيْء من ذَلِك حَتَّى يبرأ
والهاشمة الَّتِي تهشم الْعظم وَلَيْسَ فِيهَا قصاص وَإِذا كَانَت عمدا أَو خطأ فأرشها ألف دِرْهَم
والمنقلة الَّتِي تخرج مِنْهَا الْعِظَام فَلَا قصاص فِيهَا وَإِذا كَانَت عمدا أَو خطأ فأرشها ألف وَخَمْسمِائة دِرْهَم والآمة الَّتِي تصل إِلَى الدِّمَاغ فَلَيْسَ فِيهَا قصاص فان كَانَت عمدا أَو خطأ فَفِيهَا ثلث الدِّيَة فِي مَال الْفَاعِل فاذا ذهب الْعقل مِنْهَا فَفِيهَا الدِّيَة كَامِلَة فِي مَال الْفَاعِل وَلَا قصاص فِي الْجَائِفَة وفيهَا ثلث الدِّيَة وَهِي الَّتِي تخلص إِلَى الْجوف فان نفذت فَفِيهَا ثلثا الدِّيَة فِي مَال الْفَاعِل إِذا كَانَت عمدا
وَلَا قصاص فِي الهاشمة والمنقلة والآمة والجائفة بلغنَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لَا قصاص فِي عظم(4/497)
وبلغنا عَن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ لَا قصاص فِي جَائِفَة وَلَا آمة وَلَا منقلة وَلَا عظم يخَاف مِنْهُ عَلَيْهِ التّلف وبلغنا عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ لَا قصاص فِي عظم مَا خلا السن وَفِي كل عظم كسر عمدا أَو ساعد أَو سَاق أَو ضلع أَو عظم أَو ترقوة أَو غير ذَلِك فَفِيهِ حكم عدل فِي مَال الْفَاعِل إِذا كَانَ مُتَعَمدا لذَلِك وَكَذَلِكَ كل من قطع عظما مُتَعَمدا فَلَا قصاص عَلَيْهِ(4/498)
وَإِذا قطع رجل يَد رجل عمدا وَيَد الْقَاطِع الَّتِي فِيهَا الْقصاص شلاء أَو مَقْطُوعَة الإصبع فانه يُقَال لَهُ إِن شِئْت فاقطع يَده وَإِن شِئْت فَخذ الْأَرْش لِأَن يَده نَاقِصَة وَكَذَلِكَ لَو قطعهَا وَهِي صَحِيحَة ثمَّ اقْتصّ مِنْهَا إِصْبَع أَو نَحْو ذَلِك كَانَ بِالْخِيَارِ أَيْضا وَلَو قطع مِنْهَا اصبع بِغَيْر قصاص لم يكن للمقطوعة يَده إِلَّا أَن يقطع مَا بَقِي وَلَيْسَ لَهُ أرش أَلا ترى أَنَّهَا لَو قطعت كلهَا بِغَيْر قصاص بَطل حَقه كُله وَلم يكن لَهُ أرش بِمَنْزِلَة رجل كَانَ لَهُ الْقصاص فِي نفس رجل فَمَاتَ أَو قتل فقد بَطل حَقه الأول وَلَا أرش لَهُ وَإِذا قطعت الْيَد فِي الْقصاص أَو فِي السّرقَة وَقد كَانَ وَجب عَلَيْهَا قطع قبل ذَلِك فِي قصاص فان للمقطوعة يَده أرش يَده فِي مَال الْقَاطِع الأول وَإِذا اقْتصّ الرجل من الرجل فِي عين أَو يَد أَو شجة فَمَاتَ الْمُقْتَص مِنْهُ فان دِيَته على عَاقِلَة الْمُقْتَص لَهُ فِي قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر إِنَّه لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخذ حَقه وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد أَلا ترى أَنه لَو قطع فِي سَرقَة فَمَاتَ لم يكن على الإِمَام شَيْء فَكَذَلِك(4/501)
الْقصاص أَلا ترى أَنه إِنَّمَا وضع الْقصاص فِي مَوْضِعه أَرَأَيْت لَو بط قرحَة لَهُ أَو حجمه أَو قطع عرقا من عروقه أَو ختنه وَلم يُجَاوز مَا أمره ثمَّ مَاتَ أَكَانَ يضمن فَالَّذِي أَخذ الْقصاص وَلم يُجَاوز ذَلِك أَلَيْسَ قد أَخذ مَا أمره الله تَعَالَى بِهِ من الْقصاص وَلَو أَن الْمُقْتَص مِنْهُ قَالَ اقتصوا مني فَأمر بذلك كَمَا أَمر بالختان أَو الْحجامَة ثمَّ مَاتَ من ذَلِك أَكَانَ فِيهِ ضَمَان لَا ضَمَان فِي شَيْء من هَذَا وَلَو كَانَ الْمُقْتَص لَهُ مَاتَ كَانَ الْمُقْتَص مِنْهُ يقتل بِهِ من قبل أَنَّهَا قد صَارَت نفسا وَلَو أَن رجلا قتل رجلا فَدفع إِلَى وليه فَقطع يَده عمدا أَو مثل بِهِ فِي غير ذَلِك الْموضع لم يكن عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْأَرْش لِأَنَّهُ قد كَانَت لَهُ نَفسه فاليد من النَّفس أَلا ترى أَن النَّفس يَأْتِي على ذَلِك وَلكنه يُعَزّر لما أَتَى من الْمثلَة ويحال بَينه وَبَين الْمثلَة بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن الْمثلَة(4/502)
وَلَو قطع يَده ثمَّ عَفا عَنهُ كَانَت عَلَيْهِ دِيَة الْيَد لِأَنَّهُ أَخذهَا بِغَيْر حق وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وفيهَا قَول آخر قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِنَّه لاضمان عَلَيْهِ من قبل أَنه كَانَت لَهُ النَّفس أَلا ترى أَنه لَو مَاتَ مِنْهَا كَانَ أَخذ حَقه
وَإِذا قطع الرجل يَد الرجل الْيُمْنَى عمدا من مفصل وَقطع يَد آخر الْيُسْرَى من مفصل فَعَلَيهِ الْقصاص لَهما جَمِيعًا
وَفِي الْعين الْقصاص وَفِي الرجل وَفِي السن إِذا قطعت أَو كسر بَعْضهَا وَلم يسود مَا بَقِي فاذا فقئت الْعين وَذهب نورها وَلم ينخسف فِيهَا الْقصاص تحمى الْمرْآة ثمَّ تقرب مِنْهَا حَتَّى يذهب نورها ويربط على عينه الآخرى وعَلى وَجهه قطن(4/505)
وَفِي السمحاق والباضعة والدامية والموضحة الْقصاص وَلَيْسَ فِي المنقلة وَلَا فِي الآمة وَلَا فِي الْجَائِفَة قصاص وَإِذا أحرق الرجل الرجل بالنَّار فان عَلَيْهِ الْقصاص يقْتله وليه بِالسَّيْفِ إِن أَرَادَ ذَلِك وَإِذا طعن الرجل الرجل بِرُمْح لَا سِنَان فِيهِ فجافه فَمَاتَ فَعَلَيهِ فِيهِ الْقصاص وَكَذَلِكَ لَو رَمَاه بِسَهْم لَيْسَ فِيهِ نصل أَو نشابه فَهَذَا كُله فِيهِ الْقصاص وَكَذَلِكَ لَو شقّ بَطْنه بِعُود أَو ذبحه بقصبة فَفِي هَذَا كُله الْقصاص لِأَن هَذَا قد وَقع موقع السِّلَاح وَإِن ضربه بعمود حَدِيد أَو بسنجة حَدِيد أَو مَا أشبه ذَلِك من النّحاس وَالْحَدِيد فَعَلَيهِ الْقصاص وَلَو ضربه بِحجر أَو بَعْضًا حَدِيد حَتَّى يَدْفَعهُ لم يكن فِيهِ قصاص وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر إِنَّه إِذا جَاءَ من هَذَا مَا يعرف أَنه مثل السِّلَاح أَو أَشد فَفِيهِ الْقصاص وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
وَإِذا غرق الرجل رجلا فَلَا قصاص عَلَيْهِ وعَلى عَاقِلَته الدِّيَة بلغنَا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قضي بِنَحْوِ ذَلِك من قبل(4/506)
أَنه قد ينفلت من المَاء وَلَو منع بِهِ من ذَلِك مَا يعرف أَنه لَا يخرج وَلَا ينفلت من المَاء كَانَ فِيهِ الْأَرْش أَيْضا وَلَا قصاص فِيهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد عَلَيْهِ الْقصاص إِذا جَاءَ من ذَلِك مَا لَا يعاش من مثله وَلَو أَن رجلا خنق رجلا حَتَّى مَاتَ أَو طَرحه فِي بِئْر فَمَاتَ(4/508)
أَو أَلْقَاهُ من ظهر جبل أَو من سطح فَمَاتَ لم يكن عَلَيْهِ قصاص وَكَانَ على عَاقِلَته الدِّيَة فان كَانَ خناقا قد خنق غير وَاحِد مَعْرُوفا بذلك فَعَلَيهِ الْقَتْل وَلَو سقِِي رجل رجلا سما أَو أوجره إِيَّاه إيجارا فَقتله لم يكن عَلَيْهِ الْقصاص فَكَانَ على عَاقِلَته الدِّيَة وَلَو كَانَ أعطَاهُ إِيَّاه فشربه هُوَ لم يكن عَلَيْهِ فِيهِ شَيْء وَلَا شَيْء على عَاقِلَته من قبل أَنه شربه هُوَ
- بَاب تَزْوِيج الْمَرْأَة على الْجراحَة
- وَإِذا قطعت الْمَرْأَة يَد الرجل عمدا أَو جرحته ثمَّ تزَوجهَا على تِلْكَ الْجراحَة وعَلى قطع تِلْكَ الْيَد أَو تِلْكَ الضَّرْبَة فَذَلِك كُله سَوَاء فان برأَ وَصَحَّ فان مهرهَا أرش ذَلِك الْجرْح وَتلك الضَّرْبَة فان طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا كَانَ لَهَا نصف ذَلِك الْأَرْش وَترد عَلَيْهِ نصفه وَكَذَلِكَ إِذا تزَوجهَا على الْجِنَايَة أَو الْجرْح وَمَا يحدث مِنْهَا وبرأ فَهُوَ سَوَاء وَهُوَ بَاب وَاحِد فان مَاتَ من ذَلِك فَهُوَ مُخْتَلف أما إِذا تزَوجهَا على الْيَد أَو على الضَّرْب أَو على الْجرْح فانه لَا يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن يكون عَلَيْهَا الْقصاص لِأَنَّهَا قد صَارَت نفسا وَصَارَت غير مَا تزَوجهَا عَلَيْهِ وَلَكِنِّي أدع الْقيَاس وأستحسن فأجعل عَلَيْهَا الدِّيَة فِي مَالهَا وَأَجْعَل لَهَا مهر مثلهَا وَلَا مِيرَاث لَهَا لِأَنَّهَا قاتلة وَعَلَيْهَا عدَّة المتوفي عَنْهَا زَوجهَا فِي قَول أبي حنيفَة(4/509)
وَأما إِذا تزَوجهَا على الْجِنَايَة أَو على الْجرْح وَمَا حدث فِيهَا أَو على الضَّرْبَة وَمَا يحدث فِيهَا فان النِّكَاح جَائِز وَقد عَفا عَنْهَا وَلَا يكون هَذَا مهْرا لِأَنَّهُ قصاص لَيْسَ بِمَال فلهَا مهر مثل نسائها لَا وكس وَلَا شطط وَلَا مِيرَاث لَهَا لِأَنَّهَا قاتلة وَلَو طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا كَانَ لَهَا الْمُتْعَة وَكَانَ هَذَا عفوا وَكَذَلِكَ الرجل يقطع يَد رجل عمدا فان عَفا عَن الْيَد أَو عَن الْجرْح أَو عَن الضَّرْبَة ثمَّ مَاتَ فَلَيْسَ هَذَا بِعَفْو وَعَلِيهِ الْقصاص فِي الْقيَاس وَلَكِنِّي أدع الْقيَاس فِي هَذَا وَأَجْعَل عَلَيْهِ الدِّيَة فِي مَاله وَلَو عَفا عَن الضَّرْبَة وَمَا يحدث فِيهَا أَو عَن الْجِنَايَة أَو عَن الْجرْح وَمَا يحدث فِيهَا كَانَ هَذَا عفوا وَلَا شَيْء على الْقَاتِل فِيهِ وَلَو كَانَ الَّذِي عَفا مَرِيضا وَهُوَ صَاحب فرَاش كَانَ عَفوه جَائِزا لِأَن هَذَا قصاص وَلَيْسَ بِمَال فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن تزَوجهَا على الضَّرْبَة أَو الشَّجَّة أَو الْيَد وَمَا يحدث فِيهَا أَو لم يقل وَمَا يحدث فِيهَا فَهُوَ سَوَاء وَهُوَ بِمَنْزِلَة قَول ابي حنيفَة فِي الضَّرْبَة وَمَا يحدث فِيهَا ذَلِك عَفْو عَن النَّفس وَلها مهر مثلهَا وَكَذَلِكَ قَالَا فِي الرجل يعْفُو عَن ضرب رجل ضربه فَهُوَ عَفْو عَن ذَلِك وَمَا يحدث فِيهِ وَإِن لم يقل وَمَا يحدث فِيهِ وَإِذا جرح الرجل الرجل عمدا بِالسَّيْفِ فَأشْهد الْمَجْرُوح على نَفسه أَن فلَانا لم يجرحه ثمَّ مَاتَ الْمَجْرُوح من ذَلِك فَلَا شَيْء على فلَان وَإِن قَامَت الْبَيِّنَة على الْجراحَة لم يجز أَيْضا لِأَن إِقْرَاره على نَفسه أصدق(4/510)
من الْبَيِّنَة وَلَو لم يقر بذلك الْمَجْرُوح وَلَكِن أَوْلِيَاء الْمَجْرُوح عفوا عَن الْجِنَايَة قبل مَوته ثمَّ مَاتَ فان عفوهم بَاطِل فِي الْقيَاس وَلَكِنِّي أستحسن فأجيزه وَكَذَلِكَ لَو عَفا الْمَجْرُوح نَفسه عَن الْجراحَة أجزت عَفوه وَأخذت بالاستحسان فيهمَا جَمِيعًا وأدع الْقيَاس فيهمَا لِأَنَّهُ قتل أَلا ترى أَن الْمَجْرُوح نَفسه إِذا عَفا فقد عَفا قبل أَن يجب الْقَتْل وَكَذَلِكَ إِذا عَفا الْوَرَثَة فقد عفوا قبل أَن يجب لَهُم الْقَتْل فعفوهم جَائِز وَلَيْسَ يدْخل الْعمد فِي الثُّلُث لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَال وَلَو كَانَ مَالا مَا جَازَ ذَلِك إِلَّا بِبَيِّنَة
- بَاب الْعَفو عَن الْقصاص
-
وَإِذا عَفا الرجل عَن الْعمد وَهُوَ مَرِيض أَو غير مَرِيض فعفوه جَائِز وَلَا يدْخل ذَلِك فِي الثُّلُث لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَال إِنَّمَا هُوَ دم فَهُوَ جَائِز
وَلَو عَفا عَن أحد القاتلين كَانَ للْوَرَثَة أَن يقتلُوا الآخر بعد أَن يَمُوت صَاحبهمْ من ضربتهما وَلَا يبطل عَن الْبَاقِي الْقَتْل للعفو عَن الأول أَلا ترى أَن الْقَتِيل لَو لم يعف أَو عَفا الْوَرَثَة بعد مَوته عَن أَحدهمَا على مَال كَانَ لَهُم أَن يقتلُوا الآخر وَكَذَلِكَ لَو صَالحُوا أَحدهمَا على مَال كَانَ لَهُم أَن يقتلُوا الآخر وَلكُل وَارِث فِي الدَّم وَإِن كَانَ عمدا نصيب بميراثه مِنْهُ يجوز فِيهِ عَفوه وصلحه(4/511)
بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ورث امْرَأَة أَشْيَم من عقل أَشْيَم(4/512)
وبلغنا عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ لكل وَارِث فِي الدَّم نصيب وبلغنا عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ إِذا أوصى الرجل بِثلث مَاله دخلت دِيَته فِي تِلْكَ الْوَصِيَّة
وبلغنا عَن عَليّ أَيْضا أَنه كَانَ يقسم الدِّيَة على من أحرز الْمِيرَاث
وَإِذا كَانَ دم الْعمد بَين الرجلَيْن فَعَفَا أَحدهمَا فَلَا قَود على الْقَاتِل وَللْآخر أَن يَأْخُذ حِصَّته من الدِّيَة فِي مَال الْقَاتِل بلغنَا عَن عمر(4/513)
وعبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا ذَلِك وَهُوَ فِي ثَلَاث سِنِين يُؤْخَذ فِي كل سنة ثلث
وَإِذا كَانَ دم الْعمد بَين اثْنَيْنِ فَشهد أَحدهمَا على الآخر أَنه عَفا فَأنْكر ذَلِك الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَالْقَاتِل فقد بطلت حِصَّة الشَّاهِد من الدَّم لِأَنَّهُ يجر المَال إِلَى نَفسه بِشَهَادَتِهِ وَلَا شَيْء لَهُ على الْقَاتِل وللمشهود عَلَيْهِ نصف الدِّيَة فِي مَال الْقَاتِل وَلَو كَانَ ادّعى الْقَاتِل شَهَادَته على صَاحبه بِالْعَفو فَشهد على عَفْو صَاحبه عَن الْقَاتِل فان لَهما الدِّيَة جَمِيعًا عَلَيْهِ ألزمته نصف الدِّيَة للشَّاهِد من قبل أَنه ادّعى شَهَادَته وَزعم أَنه قد وَجب لَهُ نصف الدِّيَة حِين زعم أَن الآخر قد عَفا وَلم يلْزمه لَهُ فِي الْبَاب الأول شَيْء من قبل أَنه أنكر شَهَادَته لَهُ وَلم يَدعهَا فَأَما الْمَشْهُود عَلَيْهِ فَلهُ نصف الدِّيَة على كل حَال لِأَن شَهَادَة أَخِيه لَا يجوز عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يجر نصف الدِّيَة إِلَى نَفسه وَلَو شهد مَعَه آخر لم يجر وَلم يبطل حَقه من الدِّيَة(4/514)
وَإِذا كَانَ دم الْعمد بَين اثْنَيْنِ فَشهد كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه أَنه قد عَفا وَالْقَاتِل لَا يدعى ذَلِك وَلَا يُنكر فَأَيّهمَا مَا شهد أول مرّة فقد بَطل حَقه لِأَنَّهُ يجر بِشَهَادَتِهِ نصف الدِّيَة إِلَى نَفسه وَقد وَجب حق صَاحبه بِشَهَادَتِهِ لِأَنَّهَا بعد شَهَادَة الأول وَإِذا شهد مَعًا لم يتَقَدَّم أَحدهمَا صَاحبه فَلَا حق على الْقَاتِل لوَاحِد مِنْهُمَا من دِيَة صَاحبه وَلَا غير ذَلِك من قبل أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يجر بِشَهَادَتِهِ نصف الدِّيَة إِلَى نَفسه فان صدق الْقَاتِل أَحدهمَا وَكذب الآخر أعطي الَّذِي صدق نصف الدِّيَة وَبَطل حق الآخر وَإِن صدقهما جَمِيعًا أَنَّهُمَا قد عفوا فانه يَنْبَغِي فِي قِيَاس هَذَا القَوْل أَن يضمن لَهما الدِّيَة جَمِيعًا وَلَكِنِّي أستحسن أَن لَا أضمنه لَهما جَمِيعًا شَيْئا لِأَنَّهُ زعم أَنَّهُمَا عفوا
وَإِذا كَانَ الدَّم بَين ثَلَاثَة فَشهد اثْنَان على أحدهم أَنه قد عَفا فشهادتهما عَلَيْهِ بَاطِل لَا يجوز لِأَنَّهُمَا يجران إِلَى أَنفسهمَا الدِّيَة وَلَا قصاص على الْقَاتِل فان كذبهما أعطي الْمَشْهُود عَلَيْهِ ثلث الدِّيَة وَلم يكن للشاهدين عَلَيْهِ شَيْء فان صدقهما أَعْطَاهُم الدِّيَة أَثلَاثًا بَينهم جَمِيعًا وَإِن لم يصدق وَلم يكذب فَهُوَ بِمَنْزِلَة التَّكْذِيب لَهما
وَإِن شهد رجل وَامْرَأَتَانِ من الْوَرَثَة على رجل أَنه قد عَفا أَو على امْرَأَة وَقد بَقِي من الْوَرَثَة بَقِيَّة لم يشْهدُوا وَلم يشْهد عَلَيْهِم فان للَّذي بَقِي مِنْهُم وللمشهود عَلَيْهِ حصتهم من الدِّيَة
وَأما الشُّهُود فان صدقهم الْقَاتِل أَعْطَاهُم حصتهم أَيْضا من الدِّيَة وَإِن كذبهمْ لم يكن لَهُم شَيْء(4/515)
وَشَهَادَة النِّسَاء إِذا كَانَت مَعَ الرِّجَال إِذا كَانُوا من غير الْوَرَثَة فِي الْعَفو عَن الْقصاص جَائِزَة من قبل أَن هَذَا لَيْسَ بِحَدّ وَلَا بقصاص وَكَذَلِكَ لَو شهدن مَعَ رجل على صلح فِي الْقصاص فِي نفس كَانَت أَو فِيمَا دونهَا فَهُوَ جَائِز وَكَذَلِكَ الشَّهَادَة على الشَّهَادَة وَإِذا دَعَا الْقَاتِل الْعَفو على بعض الْوَرَثَة وَلَيْسَ لَهُ بَيِّنَة فان لَهُ أَن يستحلفه على ذَلِك فان حلف فالقصاص على حَاله كَمَا هُوَ يُؤْخَذ بِهِ وَإِن نكل عَن الْيَمين بَطل حَقه وَصَارَ بِمَنْزِلَة من قد عَفا ولشركائه من الْوَرَثَة حصتهم من الدِّيَة فِي مَال الْقَاتِل وَإِذا شهد للْقَاتِل أَبَوَاهُ أَو ابناه على الْعَفو فان شَهَادَتهم لَا يجوز وَلَا يدْرَأ عَنهُ بِشَهَادَتِهِم من الْقصاص شَيْء وَكَذَلِكَ كل من لَا يجوز شَهَادَته لَهُ مثل امْرَأَته أَو مكَاتبه أَو مدبره أَو شبه ذَلِك فَأَما أَخَوَاهُ أَو شريكاه فان شَهَادَتهم على الْعَفو جَائِزَة وعَلى صلح لَو ادَّعَاهُ فان ادّعى وَرَثَة الْقَتِيل وَأنكر الْقَاتِل ذَلِك فَشهد على الْقَاتِل ابناه أَو أَبَوَاهُ فشهادتهما عَلَيْهِ بذلك جَائِزَة لأَنهم يشْهدُونَ عَلَيْهِ إِذا ادّعى ذَلِك الولى وَإِذا حجد ذَلِك الولى وادعاه الْقَاتِل فَإِنَّمَا يشْهدُونَ لَهُ فَلَا يجوز شَهَادَتهم
وَلَا يجوز شَهَادَة الْمَحْدُود فِي قذف فِي عَفْو وَلَا دم وَلَا صلح وَلَا غَيره وَكَذَلِكَ الْأَعْمَى وَالْفَاسِق وَالْعَبْد وَالْمكَاتب وَأم الْوَلَد لَا يجوز شَهَادَة أحد مُهِمّ فِي عَفْو وَلَا صلح وَلَا دم عمد وَلَا غَيره
وَإِذا شهد شَاهِدَانِ على الْقَاتِل أَنه صَالح على الدِّيَة وأنهما كفلا(4/516)
بهَا عَنهُ وَادّعى ذَلِك الْقَاتِل وَأنكر الْوَلِيّ فَإِن شَهَادَتهمَا لَا تجوز لِأَنَّهُمَا ذكرا ان الْكفَالَة كَانَت فِي الصُّلْح وَإِن ذكرا أَن الْكفَالَة كَانَت بعد الصُّلْح فشهادتهما على الصُّلْح جَائِزَة ويؤخذان بِالْكَفَالَةِ بإقرارهما على أَنفسهمَا وَلَا يرجعها بذلك على الَّذِي كفلا عَنهُ لِأَنَّهُمَا مقران بِالْحَقِّ على أَنفسهمَا إِلَّا أَن يكون أَمرهمَا بذلك وَإِن ادّعى الْوَلِيّ شَهَادَتهمَا يجوز على أَنْفسهَا وَلَا يرجعان على الْقَاتِل بِشَيْء من ذَلِك
وَإِذا شهد شَاهِدَانِ على الْعَفو وَقضي القَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ على الْعَفو فَلَا ضَمَان عَلَيْهَا من قبل أَنَّهُمَا لم يتلفا لَهُ مَالا إِنَّمَا أتلفا لَهُ الْقصاص وَعَلَيْهِمَا التَّعْزِير فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَا تَعْزِير عَلَيْهِمَا فِي قَول أبي حنيفَة وَلَا قصاص على الْقَاتِل فِي قَول أبي حنيفَة من قبل الْقَضَاء الَّذِي قضى بِهِ
وَإِذا شَهدا بِالْعَفو وَلم يقْض القَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى رجعا فَإِن الْقصاص كَمَا هُوَ على حَاله يقْضِي بِهِ القَاضِي لِأَن الشَّهَادَة لم يتم وَإِذا شَهدا أَحدهمَا على الْعَفو فِي يَوْم وَشهد الآخر عَلَيْهِ فِي يَوْم آخر أَو فِي شَهْرَيْن مُخْتَلفين أَو فِي بلدين مُخْتَلفين فَإِن شَهَادَتهمَا جَائِزَة اخْتِلَاف الْأَيَّام والبلدان فِي ذَلِك لِأَن الْعَفو كَلَام وَلَيْسَ بِعَمَل أَلا ترى أَنه لَو شهد عَلَيْهِ شَاهد باقراره بِالْمَالِ فِي مَكَان وَشهد عَلَيْهِ باقراره بذلك المَال فِي مَكَان آخر كَانَ جَائِزا وَإِذا شهد شَاهِدَانِ على أحد الْوَرَثَة بِالْعَفو وَلَا يعْرفُونَ أَيهمْ هُوَ فان شَهَادَتهم بَاطِل لَا يجوز من قبل أَنهم لم يثبتوا الشَّهَادَة(4/517)
وَالْقصاص على حَاله يقْضِي بِهِ عَلَيْهِ وَإِذا اخْتلف الشَّاهِدَانِ فِي الْعَفو فَقَالَ أَحدهمَا عَفا على ألف دِرْهَم وَصَالح عَلَيْهَا وَقَالَ الآخر عَفا على غير جعل فانه لَا يجوز شَهَادَتهمَا من قبل أَنَّهُمَا قد اخْتلفَا أَلا ترى أَن أَحدهمَا لَو شهد أَنه طلق امْرَأَته على ألف دِرْهَم وَشهد آخر أَنه طَلقهَا على غير جعل أبطلت شَهَادَتهمَا فَكَذَلِك الْعَفو وَلَو شهد أَنه صَالحه على مَال فَشهد أَحدهمَا أَنه صَالحه على ألف وَشهد الآخر أَنه صَالحه على خَمْسمِائَة فان هَذَا وَذَاكَ فِي الْقيَاس سَوَاء أَلا ترى أَن الْقَاتِل إِذا ادّعى شَهَادَة الَّذِي شهد بِخَمْسِمِائَة فقد أكذب الَّذِي بِالْألف وَإِن ادّعى شَهَادَة الَّذِي شهد بِأَلف فقد أكذب الآخر وَلَا عَفْو لَهُ لِأَن الشَّاهِدين قد اخْتلفَا وَإِن لم يدع الْقَاتِل ذَلِك وادعاه ولي الدَّم فقد جَازَ الْعَفو وَلَا آخذ لَهُ بِشَيْء من المَال لِأَن شَهَادَتهمَا قد اخْتلفَا فِي قِيَاس قَول ابي حنيفَة وَكَذَلِكَ الْبَاب الأول أَلا ترى أَن الشَّاهِدين لَو شَهدا على صلح فَشهد أَحدهمَا أَنه صَالحه على عبد وَشهد الآخر أَنه صَالحه على ألف دِرْهَم وَادّعى ذَلِك الْقَاتِل وَأنكر ذَلِك الْوَلِيّ فانه بَاطِل لِأَنَّهُمَا قد اخْتلفَا وَعَلِيهِ الْقصاص وَإِن لم يدع ذَلِك الْقَاتِل وادعاه ولي الدَّم فان الْعَفو جَائِز وَلَا شَيْء لَهُ وَإِذا عَفا الرجل عَن دم لوَلَده وهم صغَار وَلَا حق لَهُ فِيهِ فعفوه(4/518)
بَاطِل وَكَذَلِكَ الْوَصِيّ يعْفُو عَن دم الْيَتِيم فان صَالح عَلَيْهِ فَالصُّلْح جَائِز وَإِن حط من الدِّيَة شَيْئا فَلَا يجوز مَا حط ويبلغ بِهِ الدِّيَة وَكَذَلِكَ الْأَب وَالنَّفس فِي هَذَا وَمَا دونهَا سَوَاء وَإِذا قتل الرجل عمدا وَلَيْسَ لَهُ ولي إِلَّا السُّلْطَان فللامام أَن يقْتَصّ من قَاتله إِن شَاءَ وَلَيْسَ لَهُ أَن يعْفُو لِأَنَّهُ لَا يملك ذَلِك فان صَالحه على الدِّيَة فَهُوَ جَائِز وَإِن كَانَ للدم وليان أَحدهمَا غَائِب فَادّعى الْقَاتِل أَن الْغَائِب قد عَفا عَنهُ وَأقَام الْبَيِّنَة على ذَلِك فَانِي أقبل ذَلِك وأجيز الْعَفو على الْغَائِب لِأَن هَذَا الشَّاهِد خصم وللحاضر أَن يَأْخُذ حِصَّته من الدِّيَة وَإِذا قدم الْغَائِب لم يعد الشُّهُود عَلَيْهِ الشَّهَادَة وَإِن ادّعى عَفْو الْغَائِب وَلم يكن لَهُ بَيِّنَة فَأَرَادَ أَن يستحلفه فانه يُؤَخر حَتَّى يقدم الْغَائِب فان نكل عَن الْيَمين بَطل حَقه وَلزِمَ الْقَاتِل حق الْحَاضِر من الدِّيَة وَإِن حلف فالقصاص على حَاله وَإِن ادّعى بَيِّنَة على الْعَفو حَاضِرَة أجلته ثَلَاثَة أَيَّام فان جَاءَ بالشهود أجزت ذَلِك وَإِن لم يَأْتِ بهم حَتَّى يمْضِي ثَلَاث أَو ادّعى بَيِّنَة غَائِبَة فانهما سَوَاء فِي الْقيَاس وَيَنْبَغِي فِي قِيَاس قَوْلنَا هَذَا أَن يقْضِي عَلَيْهِ ويمضي الْقَضَاء كَمَا يمضيه فِي المَال لَو كَانَ مَالا وَلَكِنِّي أستعظم الدَّم وَلَا أعجل فِيهِ الْقصاص حَتَّى أتبين فِي ذَلِك وأستأن بِهِ وأؤجله وَلَا أعجله
وَلَو شهد شَاهِدَانِ على الْعَفو على أحد الْوَرَثَة بِعَيْنِه أَو شهدُوا أَنه أقرّ أَن فلَانا لم يقْتله فَهُوَ سَوَاء وَالشَّهَادَة عَلَيْهِ جَائِزَة وَكَذَلِكَ إِذا(4/519)
عَفا الْوَارِث عَن الْقَاتِل عِنْد مَوته أَو أقرّ عِنْد مَوته أَن فلَانا لم يقتل صَاحبه فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِ وَلَا يكون ذَلِك من ثلثه لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَال وعفو الْوَارِث عِنْد مَوته فِي مَرضه وَصِحَّته سَوَاء وَإِذا عَفا الْمَضْرُوب عَن الْجراحَة أَو الضَّرْبَة أَو الشَّجَّة أَو الْيَد ثمَّ برأَ مِنْهَا وَصَحَّ فعفوه جَائِز وَإِن مَاتَ مِنْهَا فعفوه بَاطِل من قبل أَنَّهَا قد صَارَت نفسا وَأَنه عَفا عَن غير نفس وَيَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن يقْتله وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس ونستحسن فَنَجْعَل عَلَيْهِ الدِّيَة فِي مَاله فِي قَول أبي حنيفَة وَكَذَلِكَ لَو برأَ من ذَلِك ثمَّ انتقضت فَمَاتَ كَانَ بِمَنْزِلَة من لم يبرأ حَتَّى مَاتَ
فان عَفا الْجراحَة عَن الْمَجْرُوح أَو عَن الضَّرْبَة وَمَا يحدث فِيهَا فان عَفوه جَائِز وَكَذَلِكَ إِذا عَفا عَن الشَّجَّة وَمَا يحدث فِيهَا فان عَفوه جَائِز مَاتَ أَو برأَ لِأَنَّهُ قد عَفا عَن جَمِيع الْجِنَايَات وَكَذَلِكَ لَو صَالحه على مَال عَن الْجِنَايَة أَو عَن الشَّجَّة وَمَا يحدث فِيهَا أَو عَن الضَّرْبَة وَمَا يحدث فِيهَا كَانَ الصُّلْح فِيهِ على ذَلِك جَائِزا وَكَذَلِكَ لَو صَالحه على الضَّرْبَة أَو على الْيَد أَو على الْجرْح أَو على الشَّجَّة وَلم يقل وَمَا يحدث فِيهَا كَانَ الصُّلْح جَائِزا فان مَاتَ فَعَلَيهِ الدِّيَة كَامِلَة فِي قَول أبي حنيفَة يحْسب لَهُ من ذَلِك مَا أخذوها فِي قَول أبي حنيفَة وَإِذا قضي لرجل بِالْقصاصِ فِي نفس فَقطع يَد الْقَاتِل عمدا أَو خطأ ثمَّ عَفا عَنهُ فانه ضَامِن لدية يَده وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِنَّه لَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ(4/520)
قد كَانَت لَهُ نَفسه وَلَو قَتله وَلم يعف عَنهُ لم يكن عَلَيْهِ فِي الْيَد شَيْء فِي القَوْل الأول وَلَا فِي القَوْل الآخر لِأَنَّهُ قد كَانَت لَهُ نَفسه وَلَو قطع يَدَيْهِ أَو رجلَيْهِ مُتَعَمدا لذَلِك ثمَّ قَتله لم يكن عَلَيْهِ فِي ذَلِك شَيْء إِلَّا أَنه قد أَسَاءَ فِي الْمثلَة وَعَلِيهِ التَّعْزِير وَلَا يتْرك الْقَاتِل أَن يمثل بِهِ والمثلة قد جَاءَ فِيهَا النَّهْي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَإِذا كَانَ الدَّم بَين اثْنَيْنِ فَعَفَا أَحدهمَا ثمَّ قَتله الآخر عمدا وَلم يعلم بِالْعَفو أَو علم بِالْعَفو وَلم يعلم أَن الدَّم حرم بِالْعَفو فَعَلَيهِ الدِّيَة كَامِلَة فِي مَاله يحْسب لَهُ من ذَلِك نصف الدِّيَة حِصَّته من دم الْمَقْتُول الأول وَيُؤَدِّي النّصْف وَكَذَلِكَ لَو كَانَ قَتله بعد مَا علم بِالْعَفو عمدا فان عَلَيْهِ الدِّيَة فِي مَاله يحْسب لَهُ من ذَلِك نصف الدِّيَة وَلَا قَود عَلَيْهِ إِلَّا أَن يكون فَقِيها يعلم أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يقتل بعد الْعَفو فان كَانَ ذَلِك قتل بِهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد
وَإِذا وَجب على الرجل الْقصاص فَقتله ولي الدَّم بِسيف أَو بعصا أَو بِحجر فَهُوَ قصاص وَكَذَلِكَ لَو وَقع فِي بِئْر حفرهَا فِي الطَّرِيق أَو تعثر بِحجر وَضعه فِي الطَّرِيق أَو أَصَابَهُ كنيف قد أخرجه فِي الطَّرِيق فَقتله لم يكن عَلَيْهِ فِي ذَلِك شَيْء وَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَة الْقصاص فان كَانَ لَهُ وليان فَعَفَا أَحدهمَا ثمَّ أَصَابَهُ هَذَا الآخر بعد الْعَفو فعلى عَاقِلَته الدِّيَة فِي جَمِيع ذَلِك إِلَّا بِالسَّيْفِ فانه فِي مَاله وَيَأْخُذ هُوَ من ذَلِك نصف الدِّيَة إِن كَانَ ذَلِك فِي مَاله وَإِن كَانَ على عَاقِلَته أَخذ أَوْلِيَاء(4/521)
الْمَقْتُول خطأ الدِّيَة من الْعَاقِلَة ثمَّ يرجع الَّذِي قتل خطأ فِي مَاله الْمَقْتُول خطأ بِنصْف الدِّيَة الَّتِي وَجَبت لَهُ على عَاقِلَته وَلَو قَتله غير الْوَلِيّ بِغَيْر أَمر الْوَلِيّ عمدا أَو خطأ بَطل دم الأول وَلَا حق لوَلِيّ الأول وَيكون على الْقَاتِل الآخر الْقصاص فِي الْعمد وعَلى الْعَاقِلَة الدِّيَة فِي الْخَطَأ وَإِن قَتله فَقَالَ الْوَلِيّ أَن كنت أَمرته وَلم يكن عَلَيْهِ بذلك بَيِّنَة فان هَذَا وَالْأول سَوَاء فِي الْقيَاس إِلَّا أَن يعلم أَن الْوَلِيّ أمره فَلَا يكون عَلَيْهِ قصاص وَلَا دِيَة لَهُ
- بَاب الْعَفو فِي الْخَطَأ
- وَإِذا قتل الرجل الرجل خطأ فديته بَين جَمِيع الْوَرَثَة على فَرَائض الله تَعَالَى تدخل فِي ذَلِك الْمَرْأَة وَكَذَلِكَ إِن كَانَت الْمَرْأَة هِيَ المقتولة كَانَ لزَوجهَا الْمِيرَاث مَعَ ورثتها من الدِّيَة بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ورث امْرَأَة اشيم الضبابِي من عقل زَوجهَا أَشْيَم
وبلغنا عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لقد ظلم من منع الْإِخْوَة من الْأُم ميراثهم من الدِّيَة(4/522)
وبلغنا عَن عَليّ أَنه قَالَ الدِّيَة يقسم على من أحرز الْمِيرَاث وَأَنه قَالَ أَيْضا تدخل الدِّيَة فِي الْوَصِيَّة فان عَفا زوج الْمَرْأَة فعفوه جَائِز وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة وَكَذَلِكَ الْمُوصي لَهُ بِالثُّلثِ وَلَيْسَ للْمُوصي لَهُ بِالثُّلثِ عَفْو فِي الْعمد لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَال فان صولح الْقَاتِل على مَال دخل فِيهِ وَكَانَ عَفوه جَائِزا بعد الصُّلْح وَلَيْسَ للْغُرَمَاء عَفْو فِي عمد وَلَا خطأ من قبل أَن الْعمد لَيْسَ بِمَال وَمن قبل أَن الْخَطَأ مَال للْمَيت فَلَيْسَ لَهُم أَن يبطلوه وَإِن تركُوا ديتهم للْمَيت كَانَت دِيَته للْوَرَثَة وَإِن لم يتْرك الْغُرَمَاء الدّين أَخَذُوهُ من الدِّيَة إِذا قبضت(4/523)
بلغنَا عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ لكل وَارِث نصيب من الدِّيَة وَإِن عَفا فعفوه جَائِز وَإِذا عَفا الرجل عَن دَمه وَهُوَ خطأ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فان عَفوه جَائِز من ثلثه وَإِن لم يكن لَهُ مَال غير الدِّيَة جَازَ مِنْهَا ثلثه وَبَقِي على عَاقِلَة الْقَاتِل الثُّلُثَانِ فِي ثَلَاث سِنِين مِيرَاثا بَين ورثته على فَرَائض الله تَعَالَى وَإِن أوصى بِشَيْء غير ذَلِك تحاص أهل الْوَصِيَّة والعاقلة فِي الثُّلُث فان أعتق عبدا بدأنا بِهِ من الثُّلُث ثمَّ تحاص أهل الْوَصِيَّة فيرفع عَن الْعَاقِلَة مَا أَصَابَهُم من الْوَصِيَّة ويؤخذون مَا بَقِي من الدِّيَة فان كَانَ على الْمَيِّت دين وَلم يعف عَن الْقَاتِل وَعَفا بعض الْوَرَثَة وَفِي الدِّيَة وَفَاء بِالدّينِ وَفضل فانه يُؤْخَذ من الْعَاقِلَة قدر الدّين فَيُؤَدِّي إِلَى الْغُرَمَاء ثمَّ يرفع عَنْهُم حِصَّة الَّذِي عَفا عَنْهُم مِمَّا بَقِي ويؤخذون بِحِصَّة من لم يعف وَذَلِكَ كُله فِي ثَلَاث سِنِين الَّذِي للْغُرَمَاء وَالَّذِي للْوَرَثَة إِلَّا أَن الْغُرَمَاء يبْدَأ بهم فيقضون مَا خرج الأول فَالْأول وَيكون مَا بَقِي من الْوَرَثَة وَإِن كَانَ الدّين مُسْتَغْرقا للدية لم يجز عَفْو أحد من الْوَرَثَة وَلَا عَفْو الْمَقْتُول إِذا كَانَ عَفا أَو لم يكن لَهُ وَفَاء بِالدّينِ
وَإِذا شهد شَاهِدَانِ من الْوَرَثَة على بَعضهم أَنه قد عَفا عَن حِصَّته(4/524)
من الدَّم وَالْقَتْل خطأ فشهادتهما جَائِزَة من قبل أَنَّهُمَا لَا يجران إِلَى أَنفسهمَا من ذَلِك شَيْئا لَيْسَ هَذَا كالعمد الَّذِي يتَحَوَّل إِذا دخل فِيهِ الْعَفو عَن حَال الْقصاص إِلَى الدِّيَة وَإِنَّمَا هَذَا مَال كُله لكل وَارِث مِنْهُ حِصَّة إِن عَفا أحدهم أَو لم يعف
وَإِذا شهد رجل وأمرأتان من الْوَرَثَة على بَعضهم أَنه قد عَفا كَانَ ذَلِك جَائِزا على الْمَشْهُود عَلَيْهِ
وَلَو شهدُوا أَنه أَخذ مَالا وَصَالح على شَيْء مِنْهَا فَأَخذه لم يجز شَهَادَتهم من قبل أَن لَهُم أَن يرجِعوا عَلَيْهِ بحصتهم مِمَّا أَخذ إِذا جَازَت شَهَادَتهم فهم الْآن يجرونَ إِلَى أنفسهم بهَا فَلَا أجيزها وَلَو لم يشْهدُوا على هَذَا وَلَكِن الشَّاهِدين أخذا طَائِفَة من الدِّيَة ثمَّ شَهدا على الَّذِي لم يَأْخُذ من الدِّيَة شَيْئا أَنه قد كَانَ عَفا أبطلت شَهَادَتهم لأَنهم يدْفَعُونَ عَن أنفسهم بهَا أَلا ترى أَن لهَذَا الْوَارِث أَن يشركهم فِيمَا أخذُوا فهم يدْفَعُونَ عَن أنفسهم وَإِذا كَانَت الشَّهَادَة تدفع مغرما عَن صَاحبهَا أَو تجر إِلَيْهِ مغنما فَهِيَ مَرْدُودَة ولاتجوز وَإِذا شهد وارثان سعلى الْمَقْتُول أَنه قد عفى عِنْد مَوته عَن الْقَاتِل فشهادتهما جَائِزَة وَالْعَفو من ثلثه وَإِذا شهد شَاهِدَانِ على عَفْو الْوَرَثَة وهم كبار فَأجَاز القَاضِي ذَلِك فأبرأ الْقَاتِل ثمَّ إِن الشَّاهِدين رجعا عَن شَهَادَتهمَا فهما ضامنان للدية الَّتِي بطلت بِشَهَادَتِهِمَا وَالْقَضَاء مَاض على حَاله وَإِن رَجَعَ أَحدهمَا(4/525)
ضمن النّصْف فِي ثَلَاث سِنِين وَإِن شهد رجل وَامْرَأَتَانِ على الْعَفو فَهُوَ جَائِز فان رجعُوا بعد مَا يمْضِي القَاضِي الْقَضَاء ضمن الرجل نصف الدِّيَة وكل امْرَأَة ربعا وَإِن كَانَ النِّسَاء عشرا وَالرجل وَاحِد ثمَّ رجعُوا جَمِيعًا ضمن الرجل النّصْف وَضمن النسْوَة النّصْف فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فان لم يرجِعوا جَمِيعًا وَرجعت امْرَأَة وَاحِدَة من الْعشْرَة فَلَا ضَمَان عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا شهد على الْعَفو عشر نسْوَة وَرجل ثمَّ رجعُوا جَمِيعًا فعلى النسْوَة خَمْسَة أَسْدَاس وعَلى الرجل السُّدس وَلَو رَجَعَ ثَمَان مِنْهُنَّ لم يكن عَلَيْهِنَّ شَيْء لِأَنَّهُ قد بَقِي مِمَّا تنفذ بِهِ الشَّهَادَة شَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ فَلَو رجعت وَاحِدَة بعد رُجُوع الثمان كَانَ على التسع جَمِيعًا الرّبع فان رَجَعَ الرجل أَيْضا كَانَ عَلَيْهِ النّصْف وَإِن رجعت الْعَاشِرَة من النسْوَة كَانَ عَلَيْهَا وعَلى التسع جَمِيعًا النّصْف يحْسب للتسع مَا أَخذ مِنْهُنَّ من ذَلِك فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
وَإِذا شهد رجلَانِ وَامْرَأَتَانِ فقضي القَاضِي بذلك ثمَّ رَجَعَ رجل وَامْرَأَة فانهما يضمنَانِ من ذَلِك الرّبع من قبل أَنه قد بَقِي ثَلَاثَة أَربَاع الشَّهَادَة على الرجل من ذَلِك الرّبع ثُلُثَاهُ وعَلى الْمَرْأَة ثلثه وَلَو رجعت الْمَرْأَة الْبَاقِيَة كَانَ على الرجل والمرأتين النّصْف على الرجل من ذَلِك الرّبع وعَلى الْمَرْأَتَيْنِ الرّبع وَإِن رجعُوا جَمِيعًا فان على كل رجل ثُلثَيْهِ وعَلى الْمَرْأَتَيْنِ الثُّلُث(4/526)
وَلَو كَانَ مَكَان الْمَرْأَتَيْنِ عشر نسْوَة لم يكن عَلَيْهِم إِلَّا الثُّلُث لِأَن النسْوَة هَهُنَا بِمَنْزِلَة رجل وَاحِد وَإِن كثرن أَلا ترى أَن ثلثا وَأكْثر من ذَلِك إِنَّمَا يقطع بشهادتهن مَا يقطع بامرأتين وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو شهد رجلَانِ وَامْرَأَة فقضي القَاضِي بِشَهَادَتِهِم ثمَّ رجعت الْمَرْأَة فَلَا شَيْء عَلَيْهَا لأَنا لم نقض بِشَهَادَتِهِم وَلَو رَجَعَ الرّجلَانِ ضمنا الدِّيَة لَا ضَمَان على الْمَرْأَة
وَإِذا عَفا الْمَقْتُول عَن الضَّرْبَة أَو عَن الْجِنَايَة أَو عَن الشَّجَّة أَو عَن الْجرْح أَو الْيَد المقطوعة ثمَّ برِئ من ذَلِك وَصَحَّ وَهُوَ خطأ كَانَ عَفوه جَائِزا وَإِن مَاتَ فعفوه بَاطِل من قبل أَنَّهَا نفس وَإِنَّمَا عَفا عَن غير النَّفس فِي قَول أبي حنيفَة وَإِن عَفا عَن الضَّرْبَة وَمَا يحدث مِنْهَا أَو عَن الْجِنَايَة أَو عَن الْجرْح وَمَا يحدث فِيهَا فان عَفوه جَائِز من ثلثه فِي قَول أبي حنيفَة وَإِذا جرحت الْمَرْأَة رجلا جرحا خطأ فَتَزَوجهَا عَلَيْهِ فَالنِّكَاح جَائِز وَإِن برِئ فلهَا أرش الْجرْح مهر مثلهَا وَكَذَلِكَ إِذا تزَوجهَا على الضَّرْبَة أَو الشَّجَّة أَو الْيَد ثمَّ برِئ وَصَحَّ فان طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا أَخذ مِنْهَا نصف أرش ذَلِك وَإِن مَاتَ من ذَلِك فَالنِّكَاح جَائِز وَلها مهر مثلهَا وعَلى عاقلتها الدِّيَة وَلَا مِيرَاث لَهَا مِنْهُ لِأَنَّهَا قاتلة فان طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا ثمَّ مَاتَ فانما لَهَا الْمُتْعَة بِمَنْزِلَة من لم يسم لَهَا مهْرا وَهَذَا(4/527)
قَول أبي حنيفَة
وَإِن تزَوجهَا وَهُوَ مَرِيض على الضَّرْبَة وَمَا يحدث فِيهَا أَو الشَّجَّة وَمَا يحدث فِيهَا ثمَّ مَاتَ من مَرضه ذَلِك فقد تزَوجهَا على الدِّيَة فانه يحْسب لعاقلتها من ذَلِك مهر مثلهَا وَالثلث مِمَّا بَقِي وَصِيَّة وَيَأْخُذ ورثته عاقلتها بِالْفَضْلِ وَلَا مِيرَاث لَهَا لِأَنَّهَا قاتلة وَإِن كَانَ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا أخذُوا من عاقلتها نصف الدِّيَة وَينظر إِلَى نصف الآخر فيحسب لَهُم مِنْهُ نصف مهر مثلهَا وَالثلث مِمَّا بَقِي وَصِيَّة لقاتله وَيرد الْفضل على الْوَرَثَة وَتُؤْخَذ بِهِ عاقلتها حَتَّى يؤدوه وَلَا وصيثة لَهَا لِأَنَّهَا قاتلة وَيكون لِلْعَاقِلَةِ وَصيته لِأَنَّهُ أوصى لَهُم بِهِ وَلم يَجعله للْمَرْأَة وَإِذا عَفا الرجل عَن أحد القاتلين وَالْقَتْل خطأ فعفوه جَائِز من ثلثه وَنصف الدِّيَة على الآخر وَلَا يبطل عَنهُ مِنْهَا شَيْء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا عَفا عَن الْيَد أَو عَن الضَّرْبَة أوعن الشَّجَّة أَو عَن الْجرْح وَلم يقل وَمَا يحدث فِيهِ ثمَّ مَاتَ فعفوه عندنَا عَن النَّفس وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْعَفو عَن ذَلِك وَمَا يحدث فِيهِ وَكَذَلِكَ اذا تزوج على ذَلِك امْرَأَة فَكَأَنَّهُ تزَوجهَا على النَّفس فَكَأَنَّهُ قَالَ تَزَوَّجتك على الضَّرْبَة وَمَا يحدث فِيهَا وعَلى الْيَد وَمَا يحدث فِيهَا وَكَذَلِكَ الْعَفو كَأَنَّهُ قَالَ قد عَفَوْت عَن الضَّرْبَة وَمَا يحدث فِيهَا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة الَّذِي قبل هَذَا
- بَاب شَهَادَة الْوَرَثَة بَعضهم على بعض فِي الْعَفو
- وَإِذا قتل الرجل عمدا وَله وارثان فَشهد أَحدهمَا على صَاحبه أَنه قد عَفا وَأنكر الآخر فان الْقَاتِل يسْأَل عَن ذَلِك فان ادّعى ذَلِك(4/528)
فقد أقرّ للشَّاهِد بِنصْف الدِّيَة وَلَا يصدق الشَّاهِد وَالْقَاتِل على إبِْطَال حق الآخر فَيغرم لَهُ أَيْضا نصف الدِّيَة وَلَا يقتل من قبل أَن أحد الْوَارِثين قد أقرّ فِيهِ بِعَفْو وَإِن أنكر الْقَاتِل شَهَادَته وَلم يَدعهَا فَلَا حق للشَّاهِد من قبل أَنه يجر إِلَى نَفسه بِشَهَادَتِهِ مَالا وللمشهود عَلَيْهِ نصف الدِّيَة فِي مَال الْقَاتِل
وَإِذا كَانَت الْوَرَثَة ثَلَاثَة فَشهد اثْنَان على وَاحِد أَنه قد عَفا فشهادتهما بَاطِل من قبل أَنَّهُمَا يجران إِلَى أَنفسهمَا بِالشَّهَادَةِ مَالا فان ادّعى ذَلِك الْقَاتِل غرم لَهما ثُلثي الدِّيَة وَغرم للْمَشْهُود عَلَيْهِ ثلث الدِّيَة وَإِن لم يدع شَهَادَتهمَا فَلَا حق للشاهدين من الدِّيَة وَلَا من الْقصاص وللمشهود عَلَيْهِ ثلث الدِّيَة وَكَذَلِكَ لَو شَهدا أَنه صَالح على مَال فشهادتهما فِيهِ بَاطِل وَالْأَمر فِيهِ كَمَا وصفت لَك وَإِذا ادّعى الْقَاتِل شَهَادَتهمَا كَانَ لكل إِنْسَان مِنْهُمَا ثلث الدِّيَة وَلَا يصدق الشَّاهِدَانِ إِن شَهدا على أَحدهمَا أَنه صَالح على أقل من الثُّلُث وَإِذا ادّعى أحدهم الصُّلْح وَشهد بذلك الواثاله الباقيان فَأنْكر ذَلِك الْقَاتِل فَلَا شَيْء على الْقَاتِل لوَاحِد مِنْهُم من الصُّلْح وَلَا من الدِّيَة لِأَنَّهُمَا يجران إِلَى أَنفسهمَا بِشَهَادَتِهِمَا ثُلثي الدِّيَة وَلَا يصدقان
وَإِذا شهد شَاهِدَانِ على أحد الْوَرَثَة أَنه عَفا وَلَا يعرفونه بِعَيْنِه فشهادتهما بَاطِل وَعَلِيهِ الْقصاص وَلَو شهد شَاهِدَانِ على أحد الْوَرَثَة(4/529)
بِعَيْنِه آجره الْقَاتِل الْيَوْم إِلَى اللَّيْل على ألف دِرْهَم فان ذَلِك لَا يكون عفوا وَلَا مَال لَهُ فان شهدُوا أَنه أَخذ مِنْهُ ألفا على أَن يعْفُو عَنهُ يَوْمًا إِلَى اللَّيْل فَهَذَا عَفْو وَهَذَا صلح جَائِز ولبقية الْوَرَثَة حصتهم من الدِّيَة
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن سُلَيْمَان عَن زيد بن وهب قَالَ وجد رجل مَعَ امْرَأَته رجلا فَقَتلهَا بِالسَّيْفِ فاستحيا بعض إخوتها مِمَّا فعلت فَعَفَا عَنهُ فَجعل عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ لمن لم يعف حِصَّته من الدِّيَة مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ لكل وَارِث حِصَّته من الدِّيَة رجلا كَانَ أَو امْرَأَة إِذا عفوا فِي الْعمد أَو من الْخَطَأ
أَبُو يُوسُف عَن يحيى بن سعيد عَن الزُّهْرِيّ أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ خطب فَقَالَ من يعلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورث امْرَأَة من عقل زَوجهَا شَيْئا فَقَامَ إِلَيْهِ الضَّحَّاك بن سُفْيَان الْكلابِي وَكَانَ على شَيْء كلاب فَقَالَ أَتَانِي كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(4/530)
أَن أورث امْرَأَة أَشْيَم من عقل أَشْيَم مُحَمَّد عَن ابي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن عمر بن الْخطاب اسْتَشَارَ عبد الله بن مَسْعُود فِي دم عَفا عَنهُ بعض الْوَرَثَة فَقَالَ عبد الله قد أَحْيَا هَذَا بعض النَّفس فَلَا يَسْتَطِيع بَقِيَّة الْوَرَثَة أَن يقتلوه حَتَّى يفبلوا مَا عَفا هَذَا عَنهُ وللذي لم يعف حِصَّته من الدِّيَة فَقَالَ عمر وَأَنا أرى ذَلِك
وَإِذا كَانَ الدَّم بَين اثْنَيْنِ فَشهد كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه بِالْعَفو جَمِيعًا مَعًا وَهُوَ عمد وَالْقَاتِل يُنكر ذَلِك فَلَا على شَيْء اواحد مِنْهُمَا عَلَيْهِ وَإِن ادّعى يالقال الْعَفو مِنْهُمَا فَلَا دِيَة عَلَيْهِ أَيْضا فِي ذَلِك من قبل أَنه لم يقر لَهما بِمَال فاذا شهد أَحدهمَا على صَاحبه بِالْعَفو وَصدقه الْمَشْهُود لَهُ عَلَيْهِ فانه يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن لَا يكون للشَّاهِد شَيْء وَلَكِنِّي أدع الْقيَاس وَأَجْعَل لَهُ نصف الدِّيَة وَلَو شهد أَحدهمَا على صَاحبه بِعَفْو ثمَّ شهد الآخر على صَاحبه(4/531)
بِالْعَفو أَيْضا وَالْقَاتِل يجْحَد ذَلِك بَطل حق الشَّاهِد الأول وَكَانَ للْبَاقِي نصف الدِّيَة إِذا أكذبهما الْقَاتِل وَلَو أَن رجلا أَخذ السكين فوجأ بهَا رَأس إِنْسَان فأوضحت ثمَّ جر السكين قبل أَن يرفعها حَتَّى شجه أُخْرَى إِلَى جَانبهَا فاتصلت أَو لم تتصل فان هَذِه مُوضحَة وَاحِدَة وَعَلِيهِ فِيهِ الْقصاص وَلَو أَن هَذَا كَانَ خطأ كَانَ فِيهِ أرش مُوضحَة وَاحِدَة وَلَكِن لَو رفع السكين ثمَّ وجأه أُخْرَى إِلَى جنبها فاتصلت أَو لم تتصل فان هَذِه مُوضحَة اخرى يقْتَصّ مِنْهَا فِي الْعمد وَعَلِيهِ فِي الْخَطَأ أرش الموضحتين لِأَنَّهُ قد رفع يَده وَالْأول لم يرفع يَده فَلذَلِك اخْتلف وَإِذا فَقَأَ الرجل عين الرجل وَفِي عينه تِلْكَ بَيَاض ينقصها فان المفقوءة عينه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ اقْتصّ من عينه النَّاقِصَة إِن شَاءَ أَخذ دِيَة عينه وَإِن كَانَت المفقوءة هِيَ النَّاقِصَة فَلَيْسَ فِيهَا قصاص وفيهَا حكم عدل
وَإِذا قطع الرجل يَد الرجل وفيهَا ظفر مسود أَو جرح لَا ينقصها فان فِيهَا الْقصاص لِأَن هَذَا لَا ينقص وَإِذا قطع الرجل من كف الرجل إصبعا زَائِدَة فَلَا قصاص فِيهَا وفيهَا حكم عدل وَإِن قطع الْكَفّ كلهَا فَكَانَت تِلْكَ الإصبع توهن الْكَفّ وتنقصها فَلَا قصاص فِيهَا وفيهَا حكم عدل وَإِن كَانَت لَا تنقصها وَلَا توهنها فَفِيهَا الْقصاص وَإِذا قطع الرجل يَد الرجل من الْمفصل فبرأت ثمَّ اقْتصّ مِنْهُ(4/532)
ثمَّ برأَ الْمُقْتَص مِنْهُ ثمَّ قطع أَحدهمَا ذِرَاع صَاحبه الَّتِي قطعت الْكَفّ مِنْهَا فَلَا قصاص فِيهِ وَإِن كَانَا سَوَاء لَيْسَ فِي هَذَا قصاص
- بَاب الْقصاص فِي النَّفس مِمَّا يقْتَصّ مِنْهُ وَمِمَّا لَا يقْتَصّ مِنْهُ
-
وَإِذا ضرب الرجل الرجل بِالسَّيْفِ فَلم يزل صَاحب فرَاش حَتَّى مَاتَ فَشهد على ذَلِك شَاهِدَانِ فان عَلَيْهِ الْقصاص مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ بذلك وَلَا يَنْبَغِي للشُّهُود أَن يسْأَلُوا أمات من ذَلِك أم لَا وَكَذَلِكَ بِهَذَا فِي الْخَطَأ أَلا ترى أَن الشُّهُود لَو شهدُوا أَنه مَاتَ كَانُوا قد شهدُوا عَلَيْهِ بِمَا يعلم القَاضِي أَنهم فِيهِ كذبة فَكيف يحملهم على الْكَذِب وَهُوَ يعلم فان شهدُوا أَنه قد مَاتَ من ذَلِك فشهادتهم جَائِزَة إِذا كَانُوا عُدُولًا
وَإِذا قَالُوا لم يزل صَاحب فرَاش حَتَّى مَاتَ فقد شهدُوا بِالْعلمِ الظَّاهِر الْمَعْرُوف الَّذِي لَا يَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يكلفهم غَيره وَلَا يحملهم على الْبَاطِل وَإِذا شهد شَاهِدَانِ على رجل أَنه ضرب رجلا بِالسَّيْفِ حَتَّى مَاتَ لم يزيدا على ذَلِك فَهَذَا عمد فان سَأَلَهُمَا القَاضِي أتعمد ذَلِك فانه أوثق فان لم يسألهما فَهُوَ عمد وَكَذَلِكَ إِذا شهدُوا أَنه طعنه بِرُمْح أَو رَمَاه بِسَهْم(4/533)
أَو نشابة فَهُوَ عمد كُله أَرَأَيْت لَو شهدُوا أَنه ذبحه أَو شهدُوا أَنه شقّ بَطْنه بالسكين حَتَّى مَاتَ أَكَانَ القَاضِي يسألهما أتعمد ذَلِك أم لَا لَا يسألهما عَن ذَلِك هَذَا كُله سَوَاء وَهُوَ عمد وَإِذا شهد شَاهد أَنه قَتله بِالسَّيْفِ وَشهد الآخر أَنه طعنه بِالرُّمْحِ فقد اخْتلفت شَهَادَتهمَا وَكَذَلِكَ لَو شهد أَحدهمَا أَنه ضرب بِالسَّيْفِ وَشهد الآخر أَنه ذبحه وَكَذَلِكَ لَو شهد أَحدهمَا أَنه رَمَاه بِسَهْم وَشهد الآخر أَنه رَمَاه بنشابة وَكَذَلِكَ لَو اخْتلفَا فِي الْبلدَانِ فَقَالَ أَحدهمَا بِمَكَّة وَقَالَ الآخر بِالْكُوفَةِ وَكَذَلِكَ لَو اخْتلفَا فِي الشُّهُور أَو فِي الْأَيَّام فَقَالَ هَذَا قَتله فِي شهر كَذَا وَقَالَ الآخر قَتله فِي شهر آخر وَقَالَ هَذَا فِي يَوْم كَذَا وَقَالَ الآخر فِي يَوْم آخر فَهَذَا كُله بَاطِل لَا تجوز شَهَادَتهمَا لِأَنَّهُمَا قد اخْتلفَا وَكَذَلِكَ إِذا اخْتلفَا فِي مَوضِع الضَّرْب من جسده فَقَالَ هَذَا قطع يَده فَقتله وَقَالَ الآخر قطع رجله فَهَذَا بَاطِل إِذا اخْتلف الشَّاهِدَانِ فِي الَّذِي قتل بِهِ الرجل وَفِي مَوضِع الضَّرْب أَو فِي الْأَيَّام أَو فِي الْبلدَانِ أَو فِي الْأَمَاكِن فشهادتهما بَاطِل من قبل أَن هَذَا فعل فَلَا يكون قَاتلا فِي يَوْمَيْنِ رجلا وَاحِدًا وَلَا فِي بلدين وَلَا فِي ضربتين كل وَاحِد مِنْهُمَا قد قَتله وَأَتَتْ على نَفسه وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه ضربه فَقطع رجله فَلم يزل مَرِيضا حَتَّى مَاتَ وَشهد الآخر أَنه ضربه فَقطع يَده وَلم يزل مَرِيضا حَتَّى مَاتَ من ذَلِك كُله من الْيَد أَو من الرجل لم أقبل شَهَادَتهمَا وَذَلِكَ أَنه إِن برأَ لم آخذ لَهُ بيد وَلَا رجل لِأَنَّهُ إِنَّمَا شهد لَهُ على الْيَد الْوَاحِدَة وعَلى(4/534)
الرجل الْوَاحِدَة أَلا ترى أَن أَحدهمَا لَو شهد على مُوضحَة وَشهد الآخر على يَد أَو رجل لم أقبل شَهَادَتهمَا أَرَأَيْت لَو قَالَ أَحدهمَا قطع يَده بِالسَّيْفِ وَقَالَ الآخر قطع يَده بالسكين أَو قَالَ الآخر شجه بعصا حَدِيد أما كَانَت شَهَادَتهمَا قد اخْتلفت وَلَا آخذ بقول وَاحِد مِنْهُمَا
وَإِذا شهد الشَّاهِدَانِ أَنه قطع رجله من الْمفصل عمدا وَشهد آخر أَنه قطع يَده من مفصل عمدا ثمَّ شهدُوا جَمِيعًا أَنه لم يزل مَرِيضا حَتَّى مَاتَ وَالْوَلِيّ يَدعِي ذَلِك كُله عمدا فَانِي أَقْْضِي على الْقَاتِل بِنصْف الدِّيَة فِي مَاله من قبل أَنه مَاتَ من جراحتين إِحْدَاهمَا قد قَامَت بهَا بَيِّنَة وَالْأُخْرَى لَيْسَ لَهَا بَيِّنَة
وَكَذَلِكَ لَو شهد على الرجل شَاهِدَانِ فَلم يزكيا وَلَو زكى أحد شَاهِدي الرجل وَأحد شَاهِدي الْيَد وَلم يزكيا الْآخرَانِ أبطلت الشَّهَادَة كلهَا وَلم آخذ بهَا فان زكي الشُّهُود جَمِيعًا قضيت عَلَيْهِ الْقصاص فان طلب الولى أَن يقْتَصّ من الْيَد وَالرجل فَانِي لَا أجعَل ذَلِك لَهُ من قبل أَن صَاحبه مَاتَ من ذَلِك فَصَارَ الْقصاص فِي النَّفس
وَلَو شهد شَاهِدَانِ على رجل أَنه قطع يَد رجل من مفصل عمدا ثمَّ قَتله عمدا جعلت لوَارِثه أَن يقْتَصّ من يَده ويقتله وَإِن قَالَ لَهُ القَاضِي اقتله قَتله وَلَا يقْتَصّ من يَده فَذَلِك جَزَاء أَيْضا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يَأْمُرهُ بقتْله(4/535)
وَلَا يَجْعَل لَهُ الْقصاص فِي يَده لِأَنَّهَا جِنَايَة وَاحِدَة أَلا ترى أَنه أَبْرَأ من الْيَد حَتَّى قَتله أَو لَا ترى أَن ذَلِك لَو كَانَ كُله خطأ كَانَت فِيهِ دِيَة وَاحِدَة فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَكَذَلِكَ الْعمد فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد لَا يَنْبَغِي أَن يقْتَصّ فِيهِ من الْيَد كَمَا لَا يكون فِي الْيَد أرش فِي الْخَطَأ فَأَما أَبُو حنفة فَقَالَ فِي الْعمد كَمَا وصفت لَك فِي الْبَاب الأول
وَلَو شهد أَنه قطع يَده خطأ ثمَّ قَتله آخر عمدا قبل أَن يبرأ الْيَد جعلت على عَاقِلَته دِيَة الْيَد وقتلته لَهُ
وَلَو شهد شَاهِدَانِ على هَذَا أَنه قطع يَده من مفصل عمدا وشهدا هما أَو آخرَانِ على أَنه ضرب عُنُقه رجل آخر جعلت لوَلِيّ الْقَتْل الْقصاص على الْقَاتِل فِي النَّفس وَالْقصاص على الآخر فِي يَده وَكَذَلِكَ لَو كَانَ قَتله الآخر خطأ جعلت لَهُم الْقصاص فِي الْيَد وَالدية فِي النَّفس وَلَا أبطل شَيْئا من ذَلِك وَلَو شهد شَاهِدَانِ أَن هَذَا قطع يَده من الْمفصل من مفصل الْكَفّ ثمَّ شَهدا على آخر أَنه قطع تِلْكَ الْيَد من الْمرْفق ثمَّ مَاتَ من ذَلِك كُله وَالْقطع عمد فان على صَاحب الْكَفّ أَن يقطع يَده وعَلى هَذَا الآخر الْقصاص فِي النَّفس لِأَن هَذَا هُوَ الْقَاتِل من قبل أَن الْقطع الثَّانِي برْء مِنْهُ من الْقطع الأول وَكَذَلِكَ إِن قطع إصبعا وَقطع الآخر مَا بَقِي من الْيَد(4/536)
من الْمرْفق أَو من الْمنْكب وَمَات من ذَلِك وَلَو كَانَ الْقَاطِع الآخر قطع خطأ كَانَت عَلَيْهِ الدِّيَة وَكَانَ على الأول الْقصاص فِي الإصبع وَلَو كَانَ قطع الأول خطأ وَقطع الآخر عمدا كَانَ على الأول أرش الإصبع على عَاقِلَته وَكَانَ على الآخر الْقصاص
وَلَو شهد شَاهِدَانِ على رَهْط أَنهم اجْتَمعُوا على قتل رجل عمدا غير أَنهم قَالُوا كَانَ مَعَ أحدهم عَصا غير أَنا لَا نَعْرِف صَاحب الْعَصَا أبطلت شَهَادَتهمَا لِأَنَّهُمَا لَا يعرفان صَاحب الْعَصَا أَرَأَيْت لَو كَانَ اثْنَان أَحدهمَا صَاحب الْعَصَا وَالْآخر صَاحب سيف فَقَالَا لَا نَدْرِي أَيهمَا هُوَ ألم أبطل شَهَادَتهمَا لِأَن نصف الدِّيَة على الْعَاقِلَة وَنِصْفهَا فِي مَال صَاحب السَّيْف فَلَا أَدْرِي أَيهمَا هَذَا من هَذَا(4/537)
وَلَو شهد شَاهِدَانِ على رجل أَنه قطع إِصْبَع فلَان من يَده الْيُمْنَى وشهدا على آخر أَنه قطع إصبعا من تِلْكَ الْيَد لَا يَدْرُونَ من صَاحب هَذِه الإصبع وَلَا من صَاحب هَذِه الإصبع وَالْقطع عمد فان شَهَادَتهم بَاطِل لَا يجوز من قبل أَنهم لم يبينوا الشَّهَادَة أَي إِصْبَع قطع كل وَاحِد فَكَذَلِك لَو شهدُوا على الْخَطَأ أبطلت ذَلِك وَإِن كَانَت الدِّيَة سَوَاء أرايت لَو شهد شَاهد أَنه قطع إصبعه وَشهد آخر أَنه اسْتهْلك لَهُ ألف دِرْهَم أَكنت أُجِيز شَهَادَتهمَا
وَإِذا شهد شَاهِدَانِ أَنه قطع إِصْبَع هَذَا الرجل الْإِبْهَام عمدا وَشهد على المقطوعة إبهامه أَنه قطع كف الْقَاطِع تِلْكَ عمدا من الْمفصل ثمَّ برئا جَمِيعًا فانه يُخَيّر صَاحب الْكَفّ المقطوعة فان شَاءَ قطع مَا بَقِي من يَده تِلْكَ وَإِن شَاءَ أَخذ دِيَة كَفه من مَاله وَبَطلَت الإصبع من قبل أَن هَذَا حَيْثُ قطع الْكَفّ لم يكن مقتصا من الإصبع لِأَنَّهُ وضع السكين فِي غير موضعهَا أَلا ترى أَنه لَو اجْتمع على قطع الْكَفّ رجلَانِ أَحدهمَا صَاحب الْإِبْهَام كَانَت عَلَيْهِمَا دِيَة الْكَفّ وَبَطلَت الْإِبْهَام وَلَو أَن شَاهِدين شَهدا على رجل أَنه قطع يَد رجل من الْمفصل وَشهد آخرَانِ أَنه جرحه سبع أَو سبعان أَو أَصَابَهُ حجر فَشَجَّهُ أَو عثر فَانْكَسَرت رجله أَو جرح نَفسه أَو جرحه عبد لَهُ ثمَّ مَاتَ من ذَلِك كُله فَلَا قصاص على قَاطع الْيَد وَعَلِيهِ نصف الدِّيَة وَلَو قطع رجل يَد رجل خطأ وجرحه سبع وجرح عبد لَهُ جرح نَفسه ثمَّ مَاتَ من ذَلِك كُله فعلى قَاطع الْيَد ربع الدِّيَة وَكَذَلِكَ(4/538)
لَو خرجت بِهِ قرحَة أَو نهشته حَيَّة وَلَو اجْتمع هَذَا كُله فِيهِ مَعَ جِرَاحَة الرجل كَانَ على الرجل النّصْف إِذا لم يصبهُ إِنْسَان مَعَ ذَلِك وَكَانَ هَذَا كُله مرض مَعَ ذَلِك وَلَو أَصَابَهُ رجل آخر مَعَ ذَلِك كَانَ على الرجلَيْن ثلثا الدِّيَة لِأَنَّهُ قد مَاتَ من ذَلِك وَلَو أَصَابَهُ حجر قد وَضعه رجل أَو حَائِط تقدم إِلَى أَهله فِيهِ مَعَ جِرَاحَة رجل وجراحة سبع جعلت على الرجل الثُّلُث وعَلى صَاحب الْحَائِط الثُّلُث وأبطلت الثُّلُث وَلَا قصاص فِي شَيْء من هَذَا وَإِن كَانَ عمدا من قبل الَّذِي دخل فِيهِ من الْجراحَة الَّتِي لَا قصاص فِيهَا
وَلَو أَن رجلا جرحه رجل عمدا وسبعان أَو ثَلَاثَة ثمَّ مَاتَ من ذَلِك كُله كَانَ على الرجل نصف الدِّيَة وَكَذَلِكَ لَو أَصَابَهُ جرح من حجر أَو عَثْرَة أَو خرجت بِهِ قرحَة أَو نهشته حَيَّة أَو اجْتمع هَذَا كُله فِيهِ مَعَ جِرَاحَة الرجل كَانَ على الرجل النّصْف إِذا لم يصبهُ إِنْسَان مَعَ ذَلِك لِأَن هَذَا كُله مرض مَعَ ذَلِك
- بَاب الْوكَالَة فِي الدَّم
-
وَإِذا وكل الْوَارِث بِدَم ابيه وَكيلا فان وَكله باقامة الْبَيِّنَة على ذَلِك فَأَنِّي أقبل الْوكَالَة على ذَلِك وَلَا أقبلها فِي الْقَتْل فاذا اثْبتْ الدَّم وَوَقع الْقصاص فَلَا بُد من أَن يحضر الوراث فَيقْتل أَو يُصَالح أَو يعْفُو وَلَا يقبل فِي ذَلِك وكَالَة وَكَذَلِكَ لَا أقبل وكَالَة فِي قصاص فِيمَا دون النَّفس وَلَا فِي حد لِأَنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّ صَاحب الْقصاص قد عَفا أَو صَالح وَلَكِنِّي أقبل الْوكَالَة باثبات الْبَيِّنَة(4/539)
وَلَو وكل الْمَطْلُوب وَكيلا يخاصمه بذلك قبلت ذَلِك مِنْهُ وَلست أقبل وَكيلا من أحد من خلق الله تَعَالَى فِي شَيْء من الْأَشْيَاء بعد أَن يكون حَاضرا صَحِيحا إِلَّا بِرِضا من خَصمه وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَهُوَ قَول أبي يُوسُف الأول ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ أقبل الْوكَالَة من الْحَاضِر الصَّحِيح وَفِي غير الْقصاص وَالْحُدُود وَإِن لم يرض خَصمه وَهُوَ قَول مُحَمَّد فان كَانَ غَائِبا أَو مَرِيضا قبلت ذَلِك مِنْهُ وَإِن أبي الْخصم وَهُوَ قَول مُحَمَّد فاذا بلغ الْقصاص لم يكن بُد من أَن يحضروا جَمِيعًا فاذا جاؤا بِالْوكَالَةِ سَأَلته الْبَيِّنَة عَلَيْهَا فان زكي الشُّهُود عَلَيْهَا دعوتهم بالحجج وَإِن أقرّ الْوَكِيل وَهُوَ وَكيل الطَّالِب عِنْد القَاضِي أَن صَاحبه يطْلب طلبا بَاطِلا أجزت عَلَيْهِ ذَلِك وابطلت حق صَاحبه وَإِن أقرّ وَكيل الْمَطْلُوب أَن صَاحبه هُوَ صَاحب الْقَتْل وَالْقطع فانه يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن أجيزه عَلَيْهِ وَلَكِنِّي أدع الْقيَاس فِيهِ وَلَا أقبل صَاحبه بقوله إِلَّا أَن يُقيم شَاهِدين سواهُ أَو يكون شَاهد فَيشْهد آخر مَعَه فان ذَلِك جَائِز
وَلَو كَانَ وَكيلا فِي غير الْقصاص أجزت إِقْرَاره على صَاحبه وَلست أقبل شَهَادَة الْوَكِيل وَشَهَادَة الآخر حَتَّى يحضر صَاحبه وَلَو وكلت امْرَأَة بِالْقصاصِ لَهَا مَعَ ولد زَوجهَا وَكيلا وَقَعَدت فِي بَيتهَا فِي الْقَتْل لم يقبل ذَلِك مِنْهَا وَلم يكن بُد من أَن تخرج حَتَّى تحضر الْقَتْل لَيْسَ يَنْبَغِي للْحَاكِم أَن يقْضِي فِي الدَّم إِلَّا وَالْوَرَثَة جَمِيعًا حُضُور(4/540)
لَا يقبل فِي ذَلِك وكَالَة أَرَأَيْت إِن عَفا الْغَائِب أَو صَالح ألم يكن هَؤُلَاءِ قد قتلوا من حرم دَمه وَإِذا مَاتَت الْمَرْأَة قبل الْقصاص فَورثَهَا أَخُوهَا أَو أَبوهَا كَانُوا شُرَكَاء فِي الْقصاص وَلَا يقتل الْقَاتِل حَتَّى يحضر جَمِيع وَرَثَة الْمَرْأَة لأَنهم قد صاورا شُرَكَاء وَإِن كَانَ الْقَاتِل من وَرَثَة الْمَرْأَة بَطل عَنهُ الْقصاص وَالدية للْوَرَثَة يرفع عَنهُ بِحِصَّتِهِ من ذَلِك وَلَو كَانَت الْمَرْأَة حَيَّة وَكَانَ الْقَاتِل أَبوهَا لم يكن عَلَيْهِ الْقصاص وَكَانَت عَلَيْهِ الدِّيَة فِي مَاله لِأَنَّهُ قد صَار لَهَا حَقًا فِي دَمه وَلَو كَانَ الْقَاتِل أَخا لَهَا كَانَ عَلَيْهِ الْقصاص وَإِن مَاتَت الْمَرْأَة وأخوها هَذَا عبد أَو كَافِر وَله ابْن حر مُسلم فَصَارَ لَهُ مِيرَاث من الْمَرْأَة بَطل الْقصاص عَن أَبِيه فان كَانَ أَبوهُ حرا فَعَلَيهِ الدِّيَة وَإِن كَانَ عبدا خير مَوْلَاهُ فان شَاءَ دَفعه وَعتق مِنْهُ نصيب أَبِيه وَيسْعَى لبقيتهم فِي حصصهم من قِيمَته وَإِن شَاءَ أمْسكهُ وفداه
- بَاب الْوكَالَة فِي الْخَطَأ
-
وَإِذا وكل الرجل بِطَلَب دم أَبِيه فِي الْخَطَأ وَكيلا وَهُوَ غَائِب أَو مَرِيض فوكله بِالْخُصُومَةِ فِي ذَلِك وَقبض المَال فَهُوَ جَائِز وَكَذَلِكَ إِذا كَانَت جِرَاحَة دون النَّفس خطأ وَكَذَلِكَ إِن كَانَت عمدا لَيْسَ فِيهَا قصاص فالوكاة فِيهَا جَائِزَة وَإِن كَانَ ولي الدَّم حَاضرا صَحِيحا لم أقبل مِنْهُ الْوكَالَة إِلَّا برضى(4/541)
من خَصمه وَكَذَلِكَ لَو أَن الْمَطْلُوب هُوَ الَّذِي يُوكل وَالْمَرْأَة فِي ذَلِك وَالرجل سَوَاء وَالْبكْر وَالثَّيِّب سَوَاء فِي قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فالوكالة فِي ذَلِك مَقْبُولَة من الرجل وَالْمَرْأَة إِن كَانَا صَحِيحَيْنِ حاضرين
وَإِن أقرّ وَكيل الطَّالِب أَو وَكيل الْمَطْلُوب عِنْد القَاضِي على صَاحبه بذلك أجزته عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَال وَإِن أقرّ عِنْد غير القَاضِي على صَاحبه فَلَا أجيزه فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد من قبل أَنه وَكيل وَإِنَّمَا أجزته عِنْد القَاضِي على صَاحبه لِأَنَّهُ خصم فاذا أقرّ الْخصم بِالْحَقِّ أجزت إِقْرَاره وَلَا يَمِين على الْوَكِيل من قبل أَنه لَيْسَ يدعى عَلَيْهِ بِعَيْنِه فان كَانَ إِنَّمَا هُوَ وَكيل الطَّالِب فانما عَلَيْهِ الْبَيِّنَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِقْرَاره جَائِز عِنْد القَاضِي وَعند غير القَاضِي وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْبَيِّنَة وَلَو وكل الْقَاتِل وكيلين بِالْخُصُومَةِ عَنهُ وَغَابَ أَو مرض فَحَضَرَ أحد الوكيلين وَغَابَ الاخر كَانَ هُوَ الْخصم وَلَا يلْتَفت إِلَى غيبَة الْغَائِب وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الطَّالِب بِالدَّمِ وكلهما فَغَاب أَحدهمَا أَلا ترى أَن رجلا لَو أوصى إِلَى رجلَيْنِ فَغَاب أَحدهمَا جعلت الآخر خصما لكل من جَاءَ يدعى قبل الْمَيِّت دَعْوَى فَكَذَلِك الْوكَالَة وَلَيْسَ للْوَكِيل أَن يُوكل غَيره أَلا ترى أَن الَّذِي وَكله إِنَّمَا رَضِي بخصومته فَلَيْسَ لَهُ أَن يُوكل غَيره
أَرَأَيْت لَو وَكله بِطَلَاق أَو عتاق أَكَانَ ذَلِك يجوز فَكَذَلِك الْخُصُومَة وَإِن كَانَ وَكله بِالْخُصُومَةِ وَأَجَازَ مَا صنع فِيهَا من شَيْء فَلهُ أَن يُوكل إِن مرض أَو غَابَ لِأَن صَاحبه قد فوض ذَلِك الْأَمر إِلَيْهِ وَأَجَازَ مَا صنع فِيهِ من شَيْء(4/542)
- بَاب الْقصاص إِذا كَانَ بعض الْوَرَثَة صَغِيرا وَبَعْضهمْ كَبِيرا
- وَإِذا قتل الرجل رجلا عمدا وَله وَرَثَة صغَار وكبار فان للكبار أَن يقتلُوا بِالدَّمِ وَلَا ينتظرون ورثته الصغار أَرَأَيْت لَو كبر الصَّغِير وَهُوَ أخرس لَا يعقل شَيْئا وَكَانَ فيهم كَبِير معتوه لَا يعقل أَكَانَ ينْتَظر بِهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر قَول أبي يُوسُف إِنَّه ينْتَظر بالصغير حَتَّى يكبر وَالْإِمَام وليه إِن شَاءَ صَالح لَهُ وَإِن شَاءَ انْتظر وَلَيْسَ لَهُ أَن يقتل وَلَا يقْتَصّ وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوه هُوَ بِمَنْزِلَة الصَّبِي وَهَذَا قَول أبي يُوسُف
وَلَو كَانَ الْأَب أوصى إِلَى رجل كَانَ للْوَصِيّ أَن يَأْخُذ بِحَق الصَّغِير مَعَ الْوَرَثَة الْكِبَار فِي القَوْل الأول وَأَن يقْتَصّ لَهُ وَإِن قطعت يَد الصَّغِير عمدا أَو شج كَانَ للْوَصِيّ أَن يقْتَصّ لَهُ وَإِن شَاءَ صَالح على أرش ذَلِك فان فعل فَهُوَ جَائِز وَلَيْسَ لَهُ أَن يعْفُو وَإِذا قتل عبدا ليتيم عمدا فَلَيْسَ للْوَصِيّ أَن يقْتَصّ لَهُ وَلَو كَانَ لَهُ أَب حَتَّى كَانَ لَهُ أَن يقْتَصّ من عَبده وَيَده وشجته وَله أَن يُصَالح وَلَيْسَ لَهُ أَن يعْفُو فان صَالح على أقل من قِيمَته لم يجز وَكَانَ للصَّغِير أَن يرجع بِتمَام الْقيمَة فان كَانَ وَرَثَة الدَّم كبارًا كلهم وَبَعْضهمْ غيب فَلَيْسَ للشَّاهِد أَن يقْتَصّ حَتَّى يقدم الْغَائِب وَلَيْسَ هَذَا كالصغير فِي قَول أبي حنيفَة وَإِن كَانَ وَرَثَة الدَّم صغَارًا كلهم فَأَرَادَ عمهم أَن يَأْخُذ بِالدَّمِ وَلَيْسَ(4/543)
بوصي لَهُم فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك لِأَن هَذَا لَا نصيب لَهُ فِي الدَّم وَلَيْسَ بِشريك وَإِذا قتل الرجل وَله ابْن وَأَخ ثمَّ مَاتَ ابْنه قبل أَن يقْتَصّ وَالْقَتْل عمد وَلم يتْرك وَارِثا غير عَمه فان الْمِيرَاث للعم وَله أَن يقْتَصّ فان كَانَ الْعم هُوَ الْقَاتِل فَلم يقْتله الابْن حَتَّى مَاتَ فَصَارَ الْعم وَآخر مَعَه فان الدَّم قد بَطل وَصَارَ على الْعم نصف الدِّيَة لشَرِيكه لِأَنَّهُمَا ورثا بِالدَّمِ من ابْن أخيهما
وَإِذا قتل الرجل عمدا فجَاء أَخُوهُ يطْلب بدمه فَأَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه وَارثه لَا وَارِث لَهُ غَيره وَأقَام الْقَاتِل الْبَيِّنَة أَن لَهُ ابْنا فَانِي لَا أعجل لَهُ بقتْله حَتَّى أنظر فِيمَا جَاءَ بِهِ الْقَاتِل من الْبَيِّنَة أَن لَهُ ابْنا فأبلى فِي ذَلِك عذرا حَتَّى أعلم مصداقهما
قَالَ فان أَقَامَ الْقَاتِل الْبَيِّنَة أَن لَهُ ابْنا وَأَنه قد صَالح على الدِّيَة وَقَبضهَا مِنْهُ درأت الْقصاص حَتَّى انْظُر فِيمَا قَالَ فان جَاءَ الابْن فَأنْكر ذَلِك كلفت الْقَاتِل أَن يُقيم على الابْن الْبَيِّنَة وَلَا أُجِيز الْبَيِّنَة الَّتِي قَامَت على الآخ لِأَنَّهُ لم يكن خصما يَوْمئِذٍ فان كَانَا أَخَوَيْنِ فجَاء أَحدهمَا يطْلب بِالدَّمِ فَأَقَامَ الْقَاتِل الْبَيِّنَة أَنه صَالح الْغَائِب على خَمْسَة آلَاف دِرْهَم أجزت ذَلِك وقبلته فان قدم الْغَائِب لم أكلفه أَن يُعِيد الشُّهُود من قبل أَنِّي قد قبلتهم على خصم وَجعلت للْبَاقِي نصف الدِّيَة
وَإِذا ادّعى بعض الْوَرَثَة دم ابيه على رجل وَأَخُوهُ غَائِب واقام الْبَيِّنَة على أَنه قد قتل أَبَاهُ عمدا فَانِي أقبل ذَلِك وأحبس الْقَاتِل فان جَاءَ أَخُوهُ كلفته أَن يُعِيد الشُّهُود لِأَنِّي لَا أُجِيز للْغَائِب بَيِّنَة بِغَيْر وكَالَة وَلَا خُصُومَة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد(4/544)
إِنِّي لَا أكلفهم أَن يُعِيدُوا الْبَيِّنَة وقبولي من أَخِيه الْبَيِّنَة لَهُ ولأخيه جَمِيعًا أَلا ترى أَنه إِنَّمَا طلب دم الْمَيِّت وإنهما مَا حضر الطّلب دم الْمَيِّت فَهُوَ خصم وَكَيف لَا أجعَل هَذَا خصما فِي الطّلب عَن أَخِيه وَقد جعلته خصما عَن أَخِيه فِي الصُّلْح وَالْعَفو وأجزت ذَلِك على أَخِيه وَهُوَ غَائِب وَالْخَطَأ والعمد فِي ذَلِك سَوَاء وَإِذا حضر الْوَرَثَة جَمِيعًا فَادعوا دم أَبِيهِم على رجلَيْنِ أَحدهمَا غَائِب وَأَقَامُوا جَمِيعًا الْبَيِّنَة عَلَيْهِمَا بِالْقَتْلِ عمدا فَانِي أقبل ذَلِك وأقضي بِالدَّمِ على الشَّاهِد وَلَا أؤخره لغيبة الْغَائِب أَرَأَيْت لَو مَاتَ الْغَائِب أَو فقد فَلم يدر مَا صنع أَكنت ابطل حق هَذَا فِي دم هَذَا لغيبة ذَلِك لست أبْطلهُ وَلَا أوخره وَإِن كنت لَا أَدْرِي لَعَلَّ لذَلِك حجَّة يدر أَيهَا الْقَتْل عَن نَفسه وَعَن صَاحبه لِأَن هَذَا الْحَاضِر يقوم بِتِلْكَ الْحجَج ويدلي بهَا وَلَو أَن أَخَوَيْنِ أَقَامَا شَاهِدين على رجل أَنه قتل أباهما عمدا فقضي القَاضِي بدمه فقتلاه ثمَّ إِن أَحدهمَا قَالَ شهِدت الشُّهُود بالزور وَالْبَاطِل وأبونا حَيّ غرمته نصف الدِّيَة وَلم أصدقه على أَخِيه
وَلَو أَن أَخَوَيْنِ أَقَامَا الْبَيِّنَة على رجل أَنه قتل أباهما عمدا ثمَّ إِن أَحدهمَا قتل الْقَاتِل قبل الْقَضَاء عَلَيْهِ أَو قبل أَن تقوم لَهُ الْبَيِّنَة على ذَلِك فَقَالَ الآخر قد كنت عَفَوْت أَو قَالَ كنت أُرِيد أَن أعفو عَنهُ وَقد صالحته وَلَا بَيِّنَة لَهُ على ذَلِك فانه لَا يصدق على أَخِيه وَلَا شَيْء على أَخِيه وَإِن كَانَ قد أَخذ غير حَقه من قبل الشّركَة فان أَقَامَ وَرَثَة الْمَقْتُول بَيِّنَة(4/545)
على هَذَا أَنه قد صَالح على كَذَا وَكَذَا قبل أَن يقتل الآخر أجزت ذَلِك وَكَذَلِكَ لَو شهدُوا أَنه قد كَانَ عَفا أجزت ذَلِك وضمنت أَخَاهُ الدِّيَة أَحسب لَهُ من ذَلِك نصف الدِّيَة ناله كَانَ أَخُوهُ قتل بعد علمه بِعَفْو هَذَا أَو صَالحه وَقد علم أَن دم هَذَا قد حرم عَلَيْهِ فان عَلَيْهِ الْقصاص وَله نصف الدِّيَة فِي مَال الْقَاتِل
وَلَو أَن أَخَوَيْنِ أَقَامَا الْبَيِّنَة على رجل أَنه قتل أباهما فقضي لَهما بِالدَّمِ فقاما جَمِيعًا ليقتلاه فقطعا يَده أَو رجله ثمَّ عفوا عَن الدَّم ضمنتهما مَا قطعا فِي قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إنَّهُمَا لَا يضمنَانِ ذَلِك من قبل أَنه كَانَ لَهما نَفسه وَلَو لم يعفوا وقتلا لم يكن عَلَيْهِمَا شَيْء فِي ذَلِك غير أَنَّهُمَا قد أساءا فِي الْمثلَة وَلَيْسَ يَنْبَغِي للْحَاكِم أَن يدعهما أَن يمثلا بِهِ وَقد جَاءَ النَّهْي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمثلَة
- بَاب رُجُوع الشُّهُود عَن شَهَادَتهم فِي الْقَتْل
- وَإِذا شهد شَاهِدَانِ على رجل أَنه قتل رجلا عمدا فَقتل بِشَهَادَتِهِمَا ثمَّ رَجَعَ أَحدهمَا فانه يضمن نصف الدِّيَة فِي مَاله فِي ثَلَاث وَلَو رجعا(4/546)
جَمِيعًا ضمنا الدِّيَة فِي ثَلَاث سِنِين فِي أموالهما وكل دِيَة أَو جبتها بِغَيْر صلح فَهِيَ فِي ثَلَاث سِنِين أَلا ترى أَن رجلَيْنِ لَو أقرا بقتل رجل خطأ ثمَّ هرب أَحدهمَا أَو جحد الْإِقْرَار وَلم يكن عَلَيْهِمَا بَيِّنَة وَالْآخر مقرّ بذلك أخذت من الآخر نصف الدِّيَة فِي ثَلَاث سِنِين
وَلَو رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَن شَهَادَتهمَا بِالْقَتْلِ قبل أَن يقْتَصّ مِنْهُ استحسنت أَن أدرأ عَنهُ الْقصاص وَإِن كَانَ القَاضِي قد قضي بِالدَّمِ كَانَ يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن يقتل لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة المَال وَلَو رَجَعَ الشَّاهِدَانِ بعد مَا اقْتصّ وَرجع الَّذِي اقْتصّ أَيْضا وأقروا جَمِيعًا بِأَنَّهُ لم يقتل كَانَ لولى الْمُقْتَص مِنْهُ أَن يَأْخُذ الدِّيَة إِن شَاءَ من الشَّاهِدين وَإِن شَاءَ من الْقَاتِل فَمن أَيهمْ مَا أَخذ لم يرجع على صَاحبه بِشَيْء فِي قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد أَنه إِن أَخذهَا من الشَّاهِدين رجعا على الْقَاتِل وَإِن اخذها من الْقَاتِل لم يرجع على الشَّاهِدين وَلَو لم يرجع الشَّاهِدَانِ وَقَامَت عَلَيْهِمَا الْبَيِّنَة بِأَنَّهُمَا قد رجعا لم يلْتَفت إِلَى الْبَيِّنَة عَلَيْهِمَا بذلك إِن أنكرا ذَلِك وَلَو رَجَعَ الشَّاهِدَانِ فَقَالَ الْقَاتِل أَنا أجيء بِشَاهِدين غير هذَيْن الشَّاهِدين يَشْهَدَانِ على هَذَا وَقد قتل الْقَتِيل لم ألتفت إِلَى ذَلِك وَلَا سَبِيل على الْقَاتِل وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيِّنَة وَغرم هذَيْن الدِّيَة وَلَا ينفع هذَيْن شَهَادَة من شهد لَهما بعد أَن يرجعا هما(4/547)
وَإِذا شهد أحد شَاهِدي الدَّم اللَّذين شهد هُوَ وَآخر على صَاحبه أَنه كَانَ محدودا فِي قذف أَو عبدا فشهادتهما جَائِزَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا على صَاحبه شَيْء من قبل أَن هَذَا لَيْسَ بِرُجُوع عَن الشَّهَادَة وَلَو شهد هُوَ وآخران صَاحبه عبد لفُلَان وَفُلَان يَدعِي ذَلِك قضيت بِهِ لفُلَان وغرمت الْقَاتِل الدِّيَة من قبل أَن أحد الشَّاهِدين قد انتقضت شَهَادَته وَإِذا شهد شَاهِدَانِ على دم فاقتص مِنْهُ ثمَّ إنَّهُمَا قَالَا أَخْطَأنَا إِنَّمَا الْقَاتِل هَذَا لغيره فانهما لَا يصدقان على هَذَا الثَّانِي وعَلى الشَّاهِدين الدِّيَة بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَإِذا شهد ثَلَاثَة على دم فَقتل ثمَّ رَجَعَ أحدهم فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قد بَقِي اثْنَان من الشُّهُود فان رَجَعَ آخر كَانَ على الراجعين نصف الدِّيَة لِأَنَّهُ قد بَقِي نصف الشَّهَادَة الَّتِي بهَا الْقصاص وَإِذا شهد رجلَانِ وَامْرَأَتَانِ على دم خطأ فقضي بِالدِّيَةِ ثمَّ رَجَعَ رجل وَامْرَأَة كَانَ عَلَيْهِمَا ربع الدِّيَة لِأَنَّهُ قد بَقِي ثَلَاثَة أَربَاع الشَّهَادَة لِأَن شَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ فِي شَهَادَة الْخَطَأ جَائِزَة فان رجعت امْرَأَة أُخْرَى فعلى الْمَرْأَتَيْنِ وَالرجل الَّذِي رَجَعَ نصف الدِّيَة على الرجل من ذَلِك النّصْف وعَلى الْمَرْأَتَيْنِ النّصْف وَلَو رجعُوا جَمِيعًا كَانَ على كل(4/548)
رجل من ذَلِك النّصْف وعَلى الْمَرْأَتَيْنِ النّصْف وَلَو رجعُوا جَمِيعًا كَانَ على كل رجل ثلث الدِّيَة وعَلى الْمَرْأَتَيْنِ الثُّلُث وَلَو شهد شَاهِدَانِ على قطع يَد فاقتص مِنْهُ ثمَّ رجعا عَن شَهَادَتهمَا فان عَلَيْهِمَا دِيَة الْيَد فِي أموالهما فِي سنتَيْن الثُّلُثَانِ من ذَلِك فِي سنة وَالثلث فِي السّنة الْأُخْرَى وَلَو شَهدا بالشجة أَو بِشَيْء يبلغ ثلث الدِّيَة ثمَّ رجعا عَن ذَلِك كَانَ أرش ذَلِك عَلَيْهِمَا فِي أموالهما فِي سنة فان رَجَعَ أَحدهمَا وَبَقِي الآخر كَانَ عَلَيْهِ نصف ذَلِك وَإِن رَجَعَ أَحدهمَا فِي الْيَد كَانَ عَلَيْهِ نصف دِيَة الْيَد فِي مَاله فِي سنتَيْن الثُّلُثَانِ من ذَلِك فِي سنة وَالثلث الْبَاقِي فِي السّنة الْأُخْرَى وَإِذا شهد شَاهِدَانِ على دم على رجلَيْنِ فقتلا بِشَهَادَتِهِمَا ثمَّ رَجَعَ أَحدهمَا عَن الشَّهَادَة فِي أحد الرجلَيْن فانه يضمن نصف دِيَة الرجل فِي ثَلَاث سِنِين وَلَا يضمن من دِيَة الآخر شَيْئا لِأَنَّهُ لم يرجع عَن شَهَادَته فِيهِ وَلَو رجعا عَن شَهَادَتهمَا فيهمَا جَمِيعًا ضمن كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف دِيَة كل وَاحِد مِنْهُمَا وَلَو لم يرجعا وَادّعى عَلَيْهِ أَوْلِيَاء الْمُقْتَص مِنْهُ أَنه قد رَجَعَ وسألوا القَاضِي أَن يستحلفه فانه لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يستحلفه أَلا ترى إِنَّه لَو أَتَى بِشُهُود عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ لم أقبل ذَلِك مِنْهُ فَكيف أستحلفه وَلست أقبل عَلَيْهِ الْبَيِّنَة
وَلَو شهد شَاهِدَانِ على دم ثمَّ رجعا عَن شَهَادَتهمَا فضمنا الدِّيَة وعَلى الْمَيِّت دين فان الدِّيَة فِي دين الْمَيِّت هم أَحَق بهَا من الْوَرَثَة(4/549)
وَلَو شهد شَاهِدَانِ على دم وَلَهُمَا على الْمَيِّت دين أجزت شَهَادَتهمَا فان رجعا بعد ذَلِك عَن شَهَادَتهمَا فهما ضامنان للدية ويقبضان دينهما من الثُّلُث الأول فان كَانَ على الْمَيِّت دين سوى ذَلِك حاصهم فِيهِ
وَإِذا رَجَعَ أحد الشَّاهِدين عَن شَهَادَته عِنْد القَاضِي ثمَّ مَاتَ فَنصف الدِّيَة فِي مَاله حَال لَيْسَ لَهُ أجل من قبل أَنِّي لَا أَسْتَطِيع قسْمَة الْمِيرَاث وَلَا أقسمه وَعَلِيهِ دين أَلا ترى أَنه لَو كَانَ دين تحاصوا فان رَجَعَ فِي مَرضه وَلَيْسَ عَلَيْهِ دين ثمَّ مَاتَ بُدِئَ بِنصْف الدِّيَة من الْمِيرَاث فان كَانَ عَلَيْهِ دين فِي صِحَّته بُدِئَ بِالدّينِ الَّذِي كَانَ فِي صِحَّته وَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَة الدّين الَّذِي يقر بِهِ فِي مَرضه
- بَاب جِنَايَة الصَّبِي الْحر وَالْمَعْتُوه والمغلوب
-
وَإِذا جنى الصَّبِي جِنَايَة عمدا أَو خطأ فَهُوَ سَوَاء عمد الصَّبِي وَخَطأَهُ سَوَاء وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوه وَأرش ذَلِك على الْعَاقِلَة إِذا بلغ خَمْسمِائَة دِرْهَم فَصَاعِدا بلغنَا ذَلِك عَن على رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا معتوها سعى على رجل بِالسَّيْفِ فَضَربهُ فَجعله على عَاقِلَته وَقَالَ خطأه وعمده سَوَاء وَإِذا أَمر الصَّبِي الصَّبِي فَقتل إنْسَانا فانما الدِّيَة على عَاقِلَة الْقَاتِل وَلَيْسَ على الْآمِر شَيْء من قبل أَن كَلَامه لَا يجوز على نَفسه وَلَو أَن رجلا أَمر صَبيا فَقتل إنْسَانا كَانَت دِيَة الْمَقْتُول على عَاقِلَة الصَّبِي وَيرجع بذلك عَاقِلَة الصَّبِي على عَاقِلَة الْآمِر من قبل أَن قَول الرجل(4/550)
يجوز وَينفذ على نَفسه وَإِذا أعْطى الرجل الصَّبِي حَدِيدَة أَو عَصا أَو سِلَاحا يمسِكهُ لَهُ وَلم يَأْمُرهُ بِشَيْء فَعَطب الصَّبِي بذلك فان الرجل ضَامِن لما أصَاب الصَّبِي من ذَلِك على عَاقِلَة الرجل لِأَنَّهُ من فعله وَإِن قتل الصَّبِي نَفسه بذلك أَو قتل بِهِ رجلا لم يضمن الرجل الَّذِي دفع إِلَيْهِ من ذَلِك شَيْئا لِأَن الصَّبِي أحدث عملا فِي ذَلِك وَلم يَأْمُرهُ بِهِ الرجل وَإِذا اغتصب الرجل الْحر الصَّبِي فَذهب بِهِ فَهُوَ ضَامِن لَهُ إِن قتل أَو أَصَابَهُ حجر أَو جرح فان مَاتَ ميتَة نَفسه لم يضمن إِنَّمَا يضمن إِذا أَصَابَته جِنَايَة أَو أكله سبع أَو تردى من حَائِط أَو جبل فان لم يصبهُ شَيْء من ذَلِك وأصابته حمى أَو خراج أَو مرض فَمَاتَ مِنْهُ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي ذَلِك لِأَن هَذَا مرض وَذَلِكَ جِنَايَة وَإِذا قتل الصَّبِي رجلا قد اغتصبه رجل لم يكن على الَّذِي اغتصبه من ذَلِك شَيْء لِأَنَّهُ لم يَأْمُرهُ بذلك وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوه وَإِذا حمل الرجل الصَّبِي الْحر على دَابَّة فَقَالَ لَهُ أمْسكهَا وَلَيْسَ مِنْهُ بسبيل فَسقط عَن الدَّابَّة فَمَاتَ الرجل ضَامِن لديته على عَاقِلَته وَإِن كَانَ الصَّبِي مثله يركب أَولا يركب فَهُوَ سَوَاء
وَإِن سَار الصَّبِي فأوطأ إنْسَانا فَقتله وَهُوَ يسير على الدَّابَّة مستمسك عَلَيْهَا فديَة ذَلِك على عَاقِلَة الصَّبِي من قبل أَنه أحدث السّير وَلم يَأْمُرهُ بِهِ الرجل(4/551)
وَإِذا وَقع الصَّبِي من الدَّابَّة وَهُوَ يسيرعليها فَمَاتَ فَهُوَ ضَامِن لديته على عَاقِلَته من قبل أَنه أَخذه فَحَمله فَهُوَ ضَامِن لما أَصَابَهُ مالم يمت حتف أَنفه وَإِن كَانَ مِمَّن لَا يقدر أَن يسير على الدَّابَّة لصغره وَلَا يسْتَمْسك عَلَيْهَا فَأَخذه الرجل فَحَمله عَلَيْهَا فسارت الدَّابَّة فوطئت إنْسَانا فَمَاتَ فَلَا ضَمَان على عَاقِلَة الصَّبِي من قبل أَن مثله لَا يركب الدَّابَّة وَلَا يصرفهَا وَلَا ضَمَان على الرجل من قبل أَنه لَيْسَ بقائد وَلَا سائق وَإِذا حمل الرجل مَعَه الصَّبِي على الدَّابَّة وَمثله لَا يصرف الدَّابَّة وَلَا يسْتَمْسك عَلَيْهَا فوطئت الدَّابَّة إنْسَانا فَهُوَ على الرجل وَإِن مَاتَ وَهلك الْإِنْسَان فعلى عَاقِلَته وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة وَكَذَلِكَ إِن وطِئت بيد أَو رجل فَلَا شَيْء على الصَّبِي وَإِن كدمت فَالضَّمَان على عَاقِلَة الرجل وَلَا ضَمَان على الصَّبِي فِيهِ وَإِن نفحت برجلها وَهِي تسير أَو ضربت بذنبها وَهِي تسير فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي ذَلِك على الرجل وَلَا على الصَّبِي وَإِذا حمل الرجل مَعَه صَبيا مثله يصرف الدَّابَّة ويسير عَلَيْهَا فَمَا أَصَابَت الدَّابَّة فَهُوَ على عاقلتهما جَمِيعًا وَلَا يرجع عَاقِلَة الصَّبِي على عَاقِلَة الرجل بِشَيْء من أَنه لم يَأْمُرهُ بِالْجِنَايَةِ وَإِذا حمل الرجل الصَّبِي وَالرجل عبد فَوَقع الصَّبِي عَن الدَّابَّة فَمَاتَ فديته فِي عنق العَبْد الَّذِي حمله يَدْفَعهُ مَوْلَاهُ بهَا أَو يفْدِيه وَإِن كَانَ العَبْد مَعَه على الدَّابَّة فسارا جَمِيعًا على الدَّابَّة فأوطئا إنْسَانا فَمَاتَ فعلى عَاقِلَة الصَّبِي نصف الدِّيَة فِي عنق العَبْد وَالنّصف الآخر يَدْفَعهُ مَوْلَاهُ(4/552)
وَإِذا حمل الرجل الْحر الْكَبِير العَبْد الصَّغِير على الدَّابَّة وَمثله يصرفهَا ويستمسك عَلَيْهَا ثمَّ أمره أَن يسير عَلَيْهَا فأوطأ إنْسَانا فان ذَلِك فِي عنق العَبْد يَدْفَعهُ مَوْلَاهُ أَو يفْدِيه وَيرجع مولى العَبْد على الْحر الَّذِي حمله بِقِيمَتِه لِأَن العَبْد مَال فَلَمَّا حمله الْحر صَار ضَامِنا لَهُ وَلما يحدث فِيهِ حَتَّى يخلصه أَلا ترى أَن من اغتصب عبدا صَغِيرا فجنى جِنَايَة عِنْده ثمَّ ظفر بِهِ الْمولى قيل لَهُ ادفعه أَو افده فَيكون على الْغَاصِب الْأَقَل من قِيمَته وَمن الْجِنَايَة وَلَيْسَ يكون هَكَذَا فِي الْحر
وَإِذا حمل الرجل الحرلا العَبْد وَالْعَبْد صَغِير على دَابَّة وَمثله لَا يصرف الدَّابَّة وَلَا يسير عَلَيْهَا فأوطأت إنْسَانا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَا على الَّذِي حمله وَإِن كَانَت الدَّابَّة واقفة وَحَيْثُ أوقفها الْحر لم تسر حَتَّى ضربت رجلا بِيَدِهَا أَو رجلهَا أَو ذنبها أَو كدمته فَمَاتَ فَلَا ضَمَان على الصَّبِي فِيهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الثَّوْب عَلَيْهِ والبهيمة وَالضَّمان على الَّذِي أوقفها على عَاقِلَته إِذا كَانَ أوقفها فِي غير ملكه فان كَانَ أوقفها فِي ملكه فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ
- بَاب جِنَايَة الرَّاكِب
- وَإِذا سَار الرجل على الداية أَي الدَّوَابّ كَانَت فِي طَرِيق الْمُسلمين فأوطأ إنْسَانا بيد أَو رجل وَهِي تسير فَقتله فَهُوَ ضَامِن على عَاقِلَته بِالدِّيَةِ وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْجِنَايَة بيد الرجل فان نفحت برجلها(4/553)
فقتلت وَهِي تسير فَلَا ضَمَان على صَاحبهَا بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الرجل جَبَّار فَوَضَعْنَا ذَلِك عَن النفحة وَهِي تسير(4/554)
وَكَذَلِكَ الذَّنب عندنَا وَإِن كدمت إنْسَانا فَهُوَ ضَامِن وَإِن ضربت بحافرها حَصَاة أَو نواة أَو حجرا أَو شبه ذَلِك فأصابت إنْسَانا وَهِي تسير فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَهَذَا عندنَا بِمَنْزِلَة التُّرَاب وَالْغُبَار إِلَّا أَن يكون حجرا كَبِيرا فَيضمن وَلَو راثت أَو بَالَتْ فِي الْمسير فَعَطب إِنْسَان بذلك لم يكن عَلَيْهِ ضَمَان وَكَذَلِكَ اللعاب يخرج من فِيهَا(4/556)
وَلَو وَقع سرجها أَو لجامها أَو شَيْء يحملهُ عَلَيْهَا من أداتها اَوْ مَتَاع الرجل الَّذِي مَعَه يحملهُ بِهِ فَأصَاب إنْسَانا وَهِي تسير فَمَاتَ كَانَ ضَامِنا وَمن عطب بِهِ بعد مَا كَانَ وَقع إِلَى الأَرْض عثر بِهِ أَو تعقل بِهِ فَهُوَ ضَامِن أَيْضا والراكب والمرتدف والسائق والقائد فِي الضَّمَان سَوَاء بلغنَا ذَلِك عَن شُرَيْح وَلَا كَفَّارَة على السَّائِق وَلَا على الْقَائِد فِيمَا وطِئت ليسَا يشبهان الرَّاكِب فِي ذَلِك والمرتدف وَإِذا أوقف الرجل دَابَّته فِي طَرِيق الْمُسلمين أَو فِي دَار لَا يملكهَا بِغَيْر إِذن أَهلهَا فَمَا أَصَابَت بيد أَو رجل من نفحة أَو غَيرهَا بذنب أَو كدمت فَهُوَ ضَامِن لذَلِك على عَاقِلَته وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ لِأَن هَذَا لَيْسَ كالجناية مِنْهُ وكل شَيْء جعلنَا فِيهِ الضَّمَان فِي الَّذِي يسير فان هَذَا لَهُ ضَامِن لِأَنَّهُ أوقف فِيمَا لَا يملك وَحَيْثُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُوقف وَصَاحب الْمسير لَهُ أَن يسير فِي طَرِيق الْمُسلمين وَلَيْسَ لَهُ أَن يُوقف وَإِذا أرسل الرجل دَابَّته فِي طَرِيق الْمُسلمين فَمَا أَصَابَت فِي وَجههَا ذَلِك فَهُوَ ضَامِن كَمَا يضمن الَّذِي سَار وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَإِن عطفت يَمِينا أَو شمالا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهَا قد تَغَيَّرت عَن حَالهَا إِلَّا أَن يكون لَهَا طَرِيق غير الَّذِي أخذت فِيهِ فَيكون ضَامِنا لذَلِك على حَاله(4/557)
وَإِن وقفت ثمَّ سَارَتْ فقد خرج من الضَّمَان فان ردهَا وراد فَالَّذِي ردهَا ضَامِن لما أَصَابَت فِي فورها ذَلِك وَإِذا خلى عَنْهَا فأوقفها فسارت هِيَ بِنَفسِهَا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِذا اصطدم الفارسان فَقتل كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه فديَة كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه بلغنَا عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ ذَلِك وَكَذَلِكَ الرّجلَانِ يصطدمان فان كَانَ أَحدهمَا حرا وَالْآخر عبدا فقيمة العَبْد على عَاقِلَة الْحر ثمَّ يَأْخُذهَا وَرَثَة الْحر وَلَا شَيْء لمَوْلَاهُ
وَإِذا أوقف الرجل دَابَّته فِي ملكه فَمَا أَصَابَت بيد أَو رجل فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ من قبل أَن لَهُ أَن يوقفها فِي ملكه وَإِن كَانَ الْملك لَهُ وَلغيره فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ أَيْضا من قبل الَّذِي لَهُ فِي ذَلِك وَإِن كَانَ قَلِيلا وَلَو ضمنته فِي هَذَا لحلت بَينه وَبَين أَن يقْعد فِيهَا أَو يتَوَضَّأ فِيهَا أَرَأَيْت لَو عطب إِنْسَان بوضوئه فِيهَا أَو بِهِ إِن كَانَ قَاعِدا هَل كنت أضمنه لست أضمنه فِي شَيْء من ذَلِك فَكَذَلِك الدَّابَّة(4/558)
وَإِذا سَار الرجل على دَابَّته فضربها أَو كبحها باللجام فَضربت برجلها أَو بذنبها لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَلَو خبطت بيد أَو رجل أَو كدمت أَو صدمت إنْسَانا فَقتلته كَانَ على عَاقِلَته فِي ذَلِك الضَّمَان لِأَنَّهُ رَاكب وَإِن كَانَ لَا يملكهَا وَلَو سقط مِنْهَا ثمَّ ذهبت على وَجههَا حَتَّى أَصَابَت إنْسَانا فَقتله لم يكن عَلَيْهِ الضَّمَان لِأَنَّهُ غير رَاكب وَلَا قَائِد وَلَا سائق وَهِي الْآن منفلتة جرحها جَبَّار لِأَنَّهَا عجماء بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه قَالَ العجماء جَبَّار والعجماء هِيَ المنفلتة عندنَا
- بَاب الناخس
- قَالَ مُحَمَّد وَإِذا سَار الرجل على دَابَّة فِي الطَّرِيق فنخسها رجل أَو ضربهَا فنفحت رجلا فَقتلته كَانَ ذَلِك على الناخس دون الرَّاكِب بلغنَا ذَلِك عَن عبد الله بن مَسْعُود وَعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنْهُمَا(4/559)
وَإِذا نفحت الناخس كَانَ دَمه هدر وَلَو أَلْقَت صَاحبهَا الَّذِي عَلَيْهَا من تِلْكَ النخسة فَقتلته كَانَ الناخس ضَامِنا للدية على عَاقِلَته وَلَو وَثَبت بنخسته على رجل فَقتلته أَو وطِئت رجلا فَقتلته كَانَ ذَلِك على الناخس دون الرَّاكِب والواقف فِي ذَلِك وَالَّذِي يسير سَوَاء وَلَو نخسها باذن الرَّاكِب وَأمره كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَة فعل الرَّاكِب وَإِن نفحت وَهِي تسير لم يكن عَلَيْهِ ضَمَان كَأَن الرَّاكِب هُوَ الَّذِي نخسها فان وطِئت رجلا فِي مسيرها وَقد نخسها هَذَا باذن الرَّاكِب وَأمره كَانَت الدِّيَة عَلَيْهِمَا جَمِيعًا إِذا كَانَت فِي فورها الَّذِي نخسها فِيهِ لِأَنَّهُمَا الْآن رَاكب وسائق فان سَارَتْ سَاعَة وَتركهَا من السُّوق فأوطأت إنْسَانا فَهُوَ على الرَّاكِب دون الناخس وَلَا يكون على الناخس شَيْء حَتَّى يعلم أَن الَّذِي أَصَابَت كَانَ فِي فورها الَّذِي نخسها فِيهِ
وَإِذا نخس الرجل الدَّابَّة وَلها سائق بِغَيْر إِذن السَّائِق فنفحت رجلا فَقتلته فالناخس ضَامِن وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهَا قَائِد كَانَ على الناخس الضَّمَان دونهمَا فان كَانَ وَاحِد مِنْهُمَا أمره بذلك فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَا على وَاحِد مِنْهُمَا من قبل أَن الناخس الْآن سائق حِين سَاق باذن صَاحب الدَّابَّة ونفحتها جَبَّار
وَإِذا قاد الرجل الدَّابَّة فنخسها رجل آخر فانفلتت من الْقَائِد ثمَّ أَصَابَت من فورها ذَلِك فَمَا اصابت فِي فورها ذَلِك فَهُوَ على الناخس(4/560)
وَإِذا نخس الرجل الدَّابَّة وَعَلَيْهَا رَاكب فَوَثَبت بِهِ فَأَلْقَت الرَّاكِب فالناخس ضَامِن وَإِن جمحت فَوَثَبت وَلم تلقه حَتَّى أوطأت إنْسَانا فالناخس ضَامِن لما أوطأت فِي فورها ذَلِك أَلا ترى أَنه يضمن الرَّاكِب فَكَذَلِك يضمن مَا أصَاب الدَّابَّة وَإِذا كَانَ الناخس عبدا فَمَا اصابت الدَّابَّة فَهُوَ فِي رقبته يَدْفَعهُ مَوْلَاهُ أَو يفْدِيه وَإِذا كَانَ الناخس صَبيا حرا فَهُوَ فِي ذَلِك وَالرجل سَوَاء وَإِذا مرت الدَّابَّة بِشَيْء قد نصب فِي الطَّرِيق ذَلِك الشَّيْء فنفت إنْسَانا قتلته فَهُوَ على الَّذِي نصب ذَلِك
وَإِذا كَانَ الرجل يسير فِي الطَّرِيق فَأمر عبدا لغيره فنخسها فنفحت فَلَا ضَمَان على وَاحِد مِنْهُمَا وَإِن وطِئت فِي فورها ذَلِك الَّذِي نخسها فِيهِ إنْسَانا فَقتلته فعلى عَاقِلَة الرَّاكِب نصف الدِّيَة وَفِي عنق العَبْد نصف الدِّيَة يَدْفَعهُ مَوْلَاهُ بهَا أَو يفْدِيه وَيرجع الْمولى بِقِيمَة عَبده على الَّذِي أمره بالنخس وَكَذَلِكَ لَو أمره بِالسوقِ أَو بِقُوَّة الدَّابَّة وَإِن كَانَ الرَّاكِب عبدا فَأمر هَذَا العَبْد عبدا آخر فساق دَابَّته 15 فأوطأت إنْسَانا فَمَاتَ فَالدِّيَة فِي أعناقهما نِصْفَيْنِ يدفعان بهَا أَو يفديان وَلَا شَيْء على الرَّاكِب مِمَّا أَمر بِهِ بثإذا كَانَ مَحْجُورا عَلَيْهِ ءحتى يعْتق فَيكون عَلَيْهِ قيمَة العَبْد العَبْد الَّذِي أمره بِالسوقِ وَإِذا كَانَ عبدا تَاجِرًا فَهُوَ دين عَلَيْهِ فِي عُنُقه وَهُوَ عبد وَكَذَلِكَ إِن كَانَ مكَاتبا فَهُوَ دين فِي عُنُقه يسْعَى فِيهِ وَإِذا قاد الرجل قطارا فِي طَرِيق الْمُسلمين فَمَا أوطأ أَو القطار(4/561)
أَو آخِره بيد أَو رجل أَو صدم بعض الْإِبِل إنْسَانا فَمَاتَ فالقائد ضَامِن وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَإِن كَانَ مَعَه سائق فَالضَّمَان عَلَيْهِمَا وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِمَا وَإِن كَانَ مَعَهُمَا سائق الْإِبِل وسط القطار فَمَا أصَاب مِمَّا خلف هَذَا السَّائِق وَمَا بَين يَدَيْهِ من شَيْء فَهُوَ عَلَيْهِم أَثلَاثًا لنه قَائِد وسائق وَإِن كَانَ يكون أَحْيَانًا وَسطهَا وَأَحْيَانا يتَأَخَّر وَأَحْيَانا يتَقَدَّم وَهُوَ يَسُوقهَا فِي ذَلِك فَهُوَ بِمَنْزِلَة السَّائِق وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي نفحة الرجل والذنب وَلَو أَن رجلا كَانَ رَاكِبًا على بعير وسط القطار وَلَا يَسُوق مِنْهَا شَيْئا لم يضمن شَيْئا مِمَّا تصيب الْإِبِل الَّتِي بَين يَدَيْهِ وَهُوَ مَعَهم فِي الضَّمَان فِي الَّذِي أصَاب الْبَعِير الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَالْإِبِل الَّتِي خَلفه لِأَنَّهُ قَائِد لَهَا وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة إِذا أصَاب الْبَعِير الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قَاتل بِيَدِهِ وَإِذا أَتَى الرجل بِبَعِير فربطه إِلَى القطار والقائد لَا يعلم وَلَيْسَ مَعهَا سائق فَأصَاب ذَلِك الْبَعِير إنْسَانا ضمن الْقَائِد وَيرجع الْقَائِد على الَّذِي ربط الْبَعِير بذلك الضَّمَان وَلَو سقط شَيْء مِمَّا يحمل الْإِبِل على الْإِنْسَان فَقتله أَو سقط فِي الطَّرِيق فعثر بِهِ إِنْسَان فَمَاتَ كَانَ الضَّمَان فِي ذَلِك على الَّذِي يَقُود الْإِبِل وَإِذا كَانَ مَعَه سائق فعلَيْهِمَا جَمِيعًا وَإِذا سَار الرجل على دَابَّته فِي الطَّرِيق فَعَثَرَتْ بِحجر وَضعه رجل أَو بدكان بناه رجل أَو بِمَاء صبه فَوَقَعت على إِنْسَان فَمَاتَ فَالضَّمَان على الَّذِي وضع الْحجر وَبني الدّكان وصب المَاء وَلَا ضَمَان على الرَّاكِب هُوَ هَاهُنَا بِمَنْزِلَة الْمَدْفُوع(4/562)
وَإِذا سَار الرجل على دَابَّته فِي ملكه فأوطأت إنْسَانا بيد أَو رجل فَقتلته فَعَلَيهِ الدِّيَة وَالْكَفَّارَة كَأَنَّهُ قتل بِيَدِهِ وَإِن كَانَ سائقا أَو قائدا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَلَا كَفَّارَة وَكَذَلِكَ لَو أوقفها فِي ملكه ثمَّ أَصَابَت إنْسَانا فَقتلته فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَا فِيمَا كدمت وَهِي فِي ملكه إِن كَانَ دَاخِلا من أَهله أَو غَرِيبا دَاخِلا باذن أَو بِغَيْر إِذن سَوَاء لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْكَلْب الْعَقُور بِمَنْزِلَة الدَّابَّة إِذا كَانَ فِي الدَّار مخلى عَنهُ أَو مربوطا فَهُوَ سَوَاء وَإِذا دخل الرجل دَار قوم باذنهم أَو بِغَيْر إذْنهمْ فعقر كلبهم فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِذا أوقف الرجل الدَّابَّة فِي الطَّرِيق مربوطة أَو غير مربوطة فَمَا أَصَابَت بيد أَو رجل أَو كدمت أَو بذنب فَهُوَ لَهُ ضَامِن والنفحة فِي ذَلِك والخبطة سَوَاء فان سَارَتْ عَن ذَلِك الْمَكَان الَّذِي أوقفها فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيمَا أَصَابَت لِأَنَّهَا قد تَغَيَّرت عَن حَالهَا وَصَارَت بِمَنْزِلَة المنفلتة وَإِن كَانَت مربوطة فجالت فِي رباطها من غير أَن يحلهَا أحد(4/563)
فَمَا أَصَابَت فَهُوَ على الَّذِي ربطها وَلَا يبطل الضَّمَان تغيرها عَن حَالهَا بعد أَن يكون الرِّبَاط كَمَا هُوَ وَكَذَلِكَ كل بَهِيمَة من سبع أَو غَيره أوقفهُ رجل على الطَّرِيق وَكَذَلِكَ الْهَوَام مَا طرح رجل مِنْهَا على الطَّرِيق فَهُوَ ضَامِن لما اصاب حَتَّى يتَغَيَّر عَن حَاله وَكَذَلِكَ لَو طرح بعض الْهَوَام على رجل فلدغته ذَلِك فَهُوَ ضَامِن لذَلِك
- بَاب مَا يحدث الرجل فِي الطَّرِيق
- وَإِذا وضع الرجل فِي الطَّرِيق حجرا أَو بنى فِيهِ بِنَاء أَو أخرج من حَائِطه جذعا أَو صَخْرَة شاخصة فِي الطَّرِيق أَو أشرع كنيفا أَو جنَاحا أَو ميزابا أَو ظلة أَو وضع فِي الطَّرِيق جذعا فَهُوَ ضَامِن لما أصَاب ذَلِك كُله يكون الضَّمَان فِي ذَلِك على عَاقِلَته إِذا كَانَت فِي نفس أَو جِرَاحَة فِي بني آدم وَمَا كَانَ سوى ذَلِك فَهُوَ فِي مَاله وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ(4/564)
وَلَا يحرمه ذَلِك الْمِيرَاث لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَاتِل
فان عثر رجل بذلك فَوَقع على رجل فماتا جَمِيعًا فَالضَّمَان فِي ذَلِك على الأول الْمُحدث فِي الطَّرِيق مَا أحدث وَلَا ضَمَان على الَّذِي عثر بِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْمَدْفُوع
وَإِذا نحى الرجل شَيْئا من ذَلِك عَن مَوْضِعه فَعَطب بِهِ أحد فَالضَّمَان على الَّذِي نحى وَقد خرج الأول من الضَّمَان وَلَو ألقِي رجل فِي الطَّرِيق تُرَابا كَانَ بِمَنْزِلَة الْحجر والخشبة والطين
وَلَو أَن رجلا كنس الطَّرِيق لم يكن عَلَيْهِ فِي ذَلِك ضَمَان إِن عطب بِموضع كنسه أحد وَلَو أَن رجلا رش الطَّرِيق فَعَطب إِنْسَان بِموضع رشه كَانَ ضَامِنا لَهُ على عَاقِلَته وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْوضُوء وَإِذا أشرع الرجل جنَاحا على الطَّرِيق الْأَعْظَم ثمَّ بَاعَ الدَّار فَأصَاب الْجنَاح رجلا فَقتله فَالضَّمَان على الأول وَلَا ضَمَان على المُشْتَرِي لِأَنَّهُ لم يحدث شَيْئا إِنَّمَا الضَّمَان على الَّذِي أحدث وَكَذَلِكَ الْمِيزَاب وَلَو سقط الْمِيزَاب فَأصَاب مِنْهُ مَا كَانَ فِي الحائظ فَقتل فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ لِأَن مَا كَانَ فِي الْحَائِط فِي ملك الرجل
فان اصاب مَا خرج مِنْهُ من الْحَائِط فَالضَّمَان على البَائِع الأول وَإِن لم يعلم أَي ذَلِك أصَاب فَيَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن يبطل وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس ونضمنه النّصْف(4/565)
وَإِذا أخرج رب الدَّار الْجنَاح أَو الظلة فاستأجر على ذَلِك إنْسَانا أشرعه لَهُ من العملة فاصاب إنْسَانا فَقتله فَلَا ضَمَان على العملة إِذا أصَاب بعد فراغهم مِنْهُ وَإِنَّمَا الضَّمَان على رب الدَّار الَّذِي استأجرهم نَدع الْقيَاس فِي هَذَا ونستحسن للآثر الَّذِي جَاءَ فِي نَحوه عَن شُرَيْح وَلَو سقط من عَمَلهم وهم يعْملُونَ بِهِ كَانَ الضَّمَان عَلَيْهِم وَلم يكن على رب الدَّار شَيْء وَإِذا وضع الرجل ساجة فِي الطَّرِيق أَو خشبه ثمَّ بَاعهَا من رجل وَبرئ إِلَيْهِ مِنْهَا فَتَركه المُشْتَرِي حَتَّى عطب بهَا عاطب فَالضَّمَان على البَائِع الَّذِي وَضعهَا لِأَن المُشْتَرِي لم يحدث وَضعهَا وَلم يغيرها عَن حَالهَا وَلَا كَفَّارَة فِي شَيْء من ذَلِك على أحد مِمَّن أَوجَبْنَا عَلَيْهِ الضَّمَان مَا خلا الفعلة الَّذِي سقط من عَمَلهم فان عَلَيْهِم الْكَفَّارَة لِأَنَّهَا جِنَايَة بِأَيْدِيهِم إِذا بلغت الْجِنَايَة نفسا وَإِذا كَانَ جَمِيع مَا ذكرنَا فِي ملك رجل أَو فِي ملك قوم أشرعوا ذَلِك فِي ملك لَهُم فَلَا ضَمَان فِي شَيْء من ذَلِك وَإِن أشرعه بَعضهم دون بعض فَعَلَيهِ الضَّمَان يرفع عَنهُ بِحِصَّة ملكه من ذَلِك فان تَوَضَّأ أَو صب مَاء فِي ملك بَينه وَبَين قوم فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ وَلَيْسَ هَذَا كالجناح يشرعه وَلَا كالظلة هَذَا بِنَاء مُحدث وَالْوُضُوء وَأَشْبَاه ذَلِك لَا بُد مِنْهُ نستحسن فِي ذَلِك وَنَدع الْقيَاس فِيهِ(4/566)
وَإِذا وضع رجل فِي طَرِيق جمرا فَأحرق شَيْئا فَهُوَ ضَامِن لما أحرق وَإِن حركته الرّيح فَذَهَبت بِهِ من ذَلِك الْموضع فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ من قبل أَنه قد تغير عَن حَاله الَّتِي وَضعه عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ كل مَا وضع فِي الطَّرِيق فَتغير عَن ذَلِك الْموضع فقد برِئ الأول من الضَّمَان فِيهِ
- بَاب الْحَائِط المائل
- وَإِذا مَال حَائِط رجل أَو وَهِي فِي الطَّرِيق الْأَعْظَم فَقتل إنْسَانا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ من قبل أَنه قد بناه فِي ملكه وَلم يحدث فِي الطَّرِيق شَيْئا وَمَا حدث من وهنه وسقوطه شَيْء من غير عمله فان كَانَ أهل الطَّرِيق أَو غَيرهم تقدمُوا إِلَيْهِ فِي ذَلِك أَو سَأَلُوهُ أَن ينْقضه فَأخر ذَلِك حَتَّى سقط فَقتل إنْسَانا فَهُوَ ضَامِن لديته على عَاقِلَته وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْقَتِيل تَحْتَهُ عبد فَقيمته على الْعَاقِلَة وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ فِي شَيْء من ذَلِك فان قتل دَابَّة أَو أفسد مَتَاعا فَذَلِك كُله فِي مَاله لَا تعقل الْعَاقِلَة الْعرُوض وَكَذَلِكَ لَو جرح رجلا جرحا لَا يبلغ خَمْسمِائَة دِرْهَم وَكَذَلِكَ كل مَا ذكرنَا مِمَّا يحدث فِي الطَّرِيق
وَإِذا أشهد على الرجل فِي حَائِطه شَاهِدَانِ أَو رجل وَامْرَأَتَانِ عِنْد سُلْطَان أَو غير سُلْطَان فَهُوَ سَوَاء فان لم يَأْخُذ رب الْحَائِط فِي عمله(4/567)
ونقضه عِنْد ذَلِك فَهُوَ ضَامِن لما أَصَابَهُ بلغنَا عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه كَانَ يمشي وَمَعَهُ رجل فَقَالَ الرجل إِن هَذَا الْحَائِط لمائل وَهُوَ لعامر وَلَا يعلم الرجل أَنه لعامر فَقَالَ عَامر مَا أَنْت بِالَّذِي تُفَارِقنِي حَتَّى أنقضه ثمَّ بعث إِلَى العملة فنقضه وَإِذا شهد على الرجل فِي حَائِط لَهُ مائل فلبم ينْقضه حَتَّى بَاعَ الدَّار الَّتِي فِيهَا ذَلِك الْحَائِط المائل فقد خرج من الضَّمَان وَبرئ مِنْهُ وَلَا ضَمَان على المُشْتَرِي فان تقدم إِلَى المُشْتَرِي وَأشْهد عَلَيْهِ بعد الشرى فَهُوَ ضَامِن لما أصَاب وَإِذا كَانَت الدَّار رهنا فَتقدم إِلَى الْمُرْتَهن فِي حَائِط مائل مِنْهَا فَلَا ضَمَان على الْمُرْتَهن لِأَنَّهُ لَا يملك نقض ذَلِك الْحَائِط وَلَا ضَمَان على رب الدَّار لِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم إِلَيْهِ فِيهِ فان تقدم إِلَيْهِ فَهُوَ ضَامِن لما اصاب الْحَائِط من قبل أَنه ملك أَن يقْضِي المَال وَنقض الْحَائِط وَإِذا تقدم إِلَى السكان فِي نقض الْحَائِط فَلَا ضَمَان على وَاحِد مِنْهُم وَلَا على رب الدَّار من قبل أَنهم لَا يملكُونَ أَن ينقضوا ذَلِك الْحَائِط وَلِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم إِلَى رب الدَّار فِيهِ فان تقدم إِلَى رب الدَّار فَعَلَيهِ الضَّمَان وَإِذا تقدم إِلَى وَصِيّ الْيَتِيم فِي نقض حَائِطه فَمَا اصاب الْحَائِط فاليتيم لَهُ ضَامِن وَلَا ضَمَان على الْوَصِيّ من قبل أَن الْوَصِيّ يملك أَن ينْقض الْحَائِط والتقدم إِلَيْهِ كالتقدم إِلَى الْيَتِيم لَو كَانَ كَبِيرا وَكَذَلِكَ الصَّبِي يتَقَدَّم إِلَى الْوَالِد فِي نقض حَائِط لَهُ وَالرجل وَالْمَرْأَة فِي الْحَائِط سَوَاء(4/568)
وَإِذا تقدم فِي الْحَائِط إِلَى بعض الْوَرَثَة دون بعض فانه يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن لَا يضمن أحد مِنْهُم من قبل أَن الْمُتَقَدّم إِلَيْهِ لَا يَسْتَطِيع نقضه دون الآخرين من قبل أَن الآخرين لم يتَقَدَّم إِلَيْهِم وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس ونضمن هَذَا الشَّاهِد الْمُتَقَدّم إِلَيْهِ بِحِصَّة نصِيبه مِمَّا اصاب الْحَائِط وَإِذا تقدم إِلَى رجل من أهل الذِّمَّة فِي حَائِط لَهُ فَهُوَ وَالْمُسلم فِي الضَّمَان سَوَاء أَلا ترى أَنه لَو لم يكن لَهُ عَاقِلَة كَانَ فِي مَاله وَإِذا تقدم إِلَى الْمكَاتب فِي حَائِطه فَهُوَ ضَامِن لما اصاب حَائِطه يسْعَى فِيهِ وَلَا يُجَاوز ذَلِك قِيمَته إِذا كَانَ فِي إِنْسَان وَإِذا كَانَ فِي مَتَاع أَو عرُوض سعى فِي قِيمَته ذَلِك بَالغا مَا بلغ
وَإِذا تقدم إِلَى العَبْد التَّاجِر فِي حَائِطه فَأصَاب إنْسَانا فَهُوَ على عَاقِلَة مَوْلَاهُ إِذا كَانَ فِي إِنْسَان وَإِن كَانَ فِي مَتَاع أَو عرُوض فَهُوَ فِي عنق العَبْد وَكَانَ يَنْبَغِي فِي قِيَاس من القَوْل الأول أَن يكون على الْمولى وَإِن كَانَ على العَبْد دين أَو لم يكن فَهُوَ سَوَاء من قبل أَن هَذَا لَيْسَ بِجِنَايَة العَبْد بِيَدِهِ فَلذَلِك لَزِمت الْعَاقِلَة مَا كَانَ فِي إِنْسَان من ذَلِك وَإِذا وضع الرجل على حَائِطه شَيْئا فَوَقع ذَلِك الشَّيْء فاصاب إنْسَانا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ من قبل أَنه وَضعه وَهُوَ فِي ملكه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْحَائِط مائلا من قبل أَن لَهُ أَن يضع على حَائِطه مَتَاعه وَإِذا تقدم الى رجل فِي حَائِط فِي دَار فَلم يهدمه حَتَّى سقط على رجل فَقتله فأنكرت الْعَاقِلَة أَن تكون الدَّار لَهُ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ إِن قَالُوا لَا نَدْرِي هِيَ لَهُ أم لغيره فَلَا ضَمَان عَلَيْهِم حَتَّى تقوم الْبَيِّنَة(4/569)
أَنَّهَا لَهُ فان لم تقم بَيِّنَة أَنَّهَا لَهُ وَزعم الرجل أَنَّهَا لَهُ فانها لَا يلْزم الْعَاقِلَة دِيَة الْقَتِيل بقوله وَلَا يصدق عَلَيْهِم وَإِذا أقرَّت الْعَاقِلَة أَن الدَّار لَهُ ضمنُوا الدِّيَة
وَكَذَلِكَ الْجنَاح والميزاب يشرعه الرجل من دَاره فِي الطَّرِيق فَوَقع على إِنْسَان فَمَاتَ فأنكرت الْعَاقِلَة أَن يكون الدَّار لَهُ وَقَالُوا إِنَّمَا أمره رب الدَّار أَن يُخرجهُ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إِلَّا أَن تقوم الْبَيِّنَة أَنَّهَا لَهُ فان أقرّ رب الدَّار أَن الدَّار لَهُ وكذبته الْعَاقِلَة فان الدِّيَة يلْزمه فِي مَاله من قبل أَنه قد أقرّ بذلك وَلَو قَامَت بِهِ بَيِّنَة ضمن ذَلِك الْعَاقِلَة والحائط المائل وَهَذَا ليسَا بِسَوَاء فِي الْقيَاس من قبل أَنه لم يحدث فِي الطَّرِيق شَيْئا وَإِنَّمَا ضمناه فِي الْحَائِط بالأثر وَالِاسْتِحْسَان وجعلناه بِمَنْزِلَة الكنيف بالأثر الَّذِي جازه الِاسْتِحْسَان وَلَيْسَ يشبه الْحَائِط الكنيف
وَإِذا أنْكرت الْعَاقِلَة أَن الدَّار لَهُ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِم وَيَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن لَا يضمنوا الرجل الَّذِي أقرّ أَن الدَّار لَهُ من قبل أَنه لم يحدث فِي الطَّرِيق شَيْئا وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس هَاهُنَا ونضمنه ونجعله بِمَنْزِلَة من أحدث فِي الطَّرِيق شَيْئا أَلا ترى أَن الْبَيِّنَة إِذا قَامَت أَن الْحَائِط لَهُ ضمناه الْعَاقِلَة وَجَعَلنَا الرجل بِمَنْزِلَة من أحدث فِي الطَّرِيق شَيْئا فَكَذَلِك هَذَا إِذا لم تقم الْبَيِّنَة وَإِذا كَانَ الرجل على حَائِط لَهُ مائل أَو غير مائل فَسقط بِهِ الْحَائِط فَأصَاب من غير عمله إنْسَانا فَقتله فَهُوَ ضَامِن فِي الْحَائِط المائل إِذا كَانَ تقدم إِلَيْهِ فِي الْحَائِط المائل فان كَانَ لم يتَقَدَّم إِلَيْهِ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَن(4/570)
الْحَائِط سقط بِهِ وَلَو كَانَ هُوَ سقط من الْحَائِط من غير أَن يسْقط الْحَائِط فَقتل إنْسَانا كَانَ ضَامِنا لِأَنَّهُ هَاهُنَا غير مَدْفُوع وَهُوَ فِي الْبَاب الأول مَدْفُوع وَلَو مَاتَ السَّاقِط نظرت فِي الْأَسْفَل فان كَانَ يمشي فِي الطَّرِيق فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِن كَانَ قَائِما فِي الطَّرِيق أَو قَاعِدا فَهُوَ ضَامِن لدية السَّاقِط عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أحدث فِي الطَّرِيق الْقيام أَو الْقعُود وَلَيْسَ لَهُ ذَلِك وَله أَن يمشي وَإِن كَانَ الْأَسْفَل فِي ملكه فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ والأعلى ضَامِن لما اصاب الْأَسْفَل فِي هَذِه الْحَالَات وَكَذَلِكَ إِن تعقل فَسقط أَو نَام فتقلب فَسقط فَهُوَ ضَامِن لما اصاب الْأَسْفَل والحائط المائل والسقف فِي ذَلِك سَوَاء وَإِذا سقط الرجل من حَائِط فِي ملكه أَو فِي ملك غَيره على رجل فِي الطَّرِيق فَقتله فَهُوَ ضَامِن وسقوطه هُوَ عندنَا بِمَنْزِلَة قَتله بِيَدِهِ وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة وَالدية على عَاقِلَته وَملكه وَغير ملكه فِي ذَلِك سَوَاء وَكَذَلِكَ لَو تردى من جبل على رجل فَقتله وَكَذَلِكَ لَو سقط فِي بِئْر احتفرها فِي ملكه وفيهَا إِنْسَان فَقتل ذَلِك الْإِنْسَان كَانَ ضَامِنا لديته وَلَو كَانَت الْبِئْر فِي الطَّرِيق كَانَ الضَّمَان على رب الْبِئْر لما اصاب السَّاقِط والمسقوط عَلَيْهِ من قبل أَن السَّاقِط بِمَنْزِلَة الْمَدْفُوع
- بَاب الشَّهَادَة فِي الْحَائِط المائل
- وَإِذا أشهد على رجل فِي حَائِطه شَاهِدَانِ فَأصَاب الْحَائِط ابْن أحد الشَّاهِدين أَو أَبَاهُ أَو عبدا لَهُ أَو مكَاتبا لَهُ أَو جدا أَو جدة أَو زَوْجَة(4/571)
أَو ولد وَلَده من قبل النِّسَاء وَالرِّجَال وَلَا شَاهد على رب الْحَائِط فِي التَّقَدُّم إِلَيْهِ فِي الْحَائِط غير هذَيْن فشهادة الَّذِي يجر إِلَى نَفسه أَو إِلَى أحد مِمَّن ذكرنَا بَاطِل لَا يجوز وَإِذا تقدم الى رجل فِي حَائِط لَهُ مائل فان شهد عَلَيْهِ رجل وَامْرَأَتَانِ فَهُوَ ضَامِن وَشَهَادَة النِّسَاء فِي هَذَا مَعَ الرِّجَال جَائِزَة من قبل أَنه مَال وَلَيْسَ فِيهِ قصاص وَإِذا أشهد على الرجل فِي حَائِطه عَبْدَانِ أَو صبيان أَو كَافِرَانِ ثمَّ أعتق العبدان وَأدْركَ الصّبيان وَأسلم الكافران ثمَّ وَقع الْحَائِط فَأصَاب إنْسَانا فَهُوَ ضَامِن وَإِذا وَقع الْحَائِط فَأصَاب إنْسَانا قبل أَن يعتقا أَو قبل أَن يسلما أَو يدركا ثمَّ أعتقا أَو أسلما أَو أدْركَا ثمَّ شَهدا فشهادتهما جَائِزَة
وَإِن كَانَا شَهدا فِي تِلْكَ الْحَال فردهما القَاضِي ثمَّ أسلما ثمَّ شَهدا جَمِيعًا أَو كبرا أَو أعتقا فشهدا بذلك فشهادتهما ايضا جَائِزَة من قبل أَنِّي لم أرد شَهَادَتهمَا بالتهمة إِنَّمَا رددتهما بالْكفْر وَالرّق والصغر وَإِذا شهد عَلَيْهِ شَاهِدَانِ فاسقان أَو محدودان فِي قذف أَو أعميان فشهادتهما فِي ذَلِك لَا يجوز فان تَابَ الفاسقان بعد أَن رددت شَهَادَتهمَا فشهدا بعد ذَلِك فان شَهَادَتهمَا لَا تجوز لِأَنِّي رددتهما بالتهمة
وَكَذَلِكَ لَو شهد عبد أَو صبي أَو مكَاتب أَو مُدبرا أَو عبد قد عتق(4/572)
بعضه وَهُوَ يسْعَى فِي بعض قِيمَته فان ذَلِك لَا يجوز وَإِذا شَهدا ابْنا صَاحب الْحَائِط أَو شهد أَبُو صَاحب الْحَائِط وَرجل آخر على صَاحب الْحَائِط فان ذَلِك جَائِز من قبل أَنَّهُمَا شَهدا على مَال أَلا ترى أَنِّي أُجِيز فِيهِ شَهَادَة الرجل مَعَ النِّسَاء وَلَو كَانَ هَذَا قصاصا لم يجز فِيهِ شَهَادَة النِّسَاء وَلَا شَهَادَة على شَهَادَة وَإِذا شهد شَاهِدَانِ على رجل فِي حَائِط أَنه قد تقدم إِلَيْهِ فِيهِ فَسقط فَقتل إنْسَانا فضمن القَاضِي عَاقِلَته الدِّيَة ثمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَن شَهَادَتهمَا فانهما يضمنَانِ مَا غرمت الْعَاقِلَة من ذَلِك وَلَا يصدقان على إبِْطَال الْقَضَاء فَكَذَلِك كل مَا قضي بِهِ بِشَهَادَتِهِمَا ثمَّ رجعا عَن ذَلِك وَإِذا تقدم إِلَى اللَّقِيط فِي حَائِط لَهُ وَقد وَهِي فَلم ينْقضه حَتَّى سقط على رجل فَقتله فان دِيَته على بَيت المَال يعقل بَيت المَال عَن اللَّقِيط وميراثه لبيت المَال من قبل أَنه لَا يعرف لَهُ عشيرة وَكَذَلِكَ الرجل من أهل الْكفْر من أهل الذِّمَّة أَو من أهل الْحَرْب يسلم فان حَاله فِي هَذَا كَحال اللَّقِيط فان كَانَ وَالِي رجلا وعاقده فان عَاقِلَة ذَلِك الرجل يعْقلُونَ عَنهُ وَله أَن يتَحَوَّل عَنْهُم مالم يعقلوا عَنهُ فاذا تحول عَنْهُم فوالي آخَرين فهم بِمَنْزِلَة الْأَوَّلين يعْقلُونَ عَنهُ ويرثون بِهِ وَله أَن يتَحَوَّل عَنْهُم مَا لم يعقلوا عَنهُ فاذا عقلوا عَنهُ فَلَيْسَ لَهُ أَن يتَحَوَّل عَنْهُم وَكَذَلِكَ كل مَا أحدث اللَّقِيط فِي الطَّرِيق وأشرع فِيهِ من بِنَاء
وَإِذا وَهِي الْحَائِط أَو مَال على دَار قوم وَلم يمل على الطَّرِيق(4/573)
فأشهدوا على صَاحبه فانه ضَامِن لما أصَاب وَلما هدم من بُيُوتهم وَلما أفسد من أمتعتهم وَلَا يضمن الْعَاقِلَة من ذَلِك إِلَّا مَا كَانَ فِي الْأَنْفس وَدون ذَلِك إِلَى الْمُوَضّحَة من ولد آدم وَلَا يضمن مَا سوى ذَلِك وَمَا كَانَ من غير ذَلِك فَهُوَ على رب الدَّار فِي مَاله وَكَذَلِكَ الْعُلُوّ إِذا وَهِي فَقدم أهل السّفل إِلَى أهل الْعُلُوّ وَيشْهدُونَ عَلَيْهِم فِيهِ فهم ضامنون لما أصَاب الْعُلُوّ
إِذا سقط وَكَذَلِكَ الْحَائِط يكون أَعْلَاهُ لرجل وسفله لآخر فان مَال على أهل الطَّرِيق فان تقدمُوا إِلَى صَاحب الْعُلُوّ دون صَاحب السّفل أَو إِلَى صَاحب السّفل دون صَاحب الْعُلُوّ ثمَّ سقط فاصاب إنْسَانا فانما يضمن الَّذِي يقدم إِلَيْهِ النّصْف من ذَلِك إِذا كَانَ الْحَائِط هُوَ الَّذِي اصاب كُله وَإِذا وَهِي الْعُلُوّ وَكَانَ السّفل على حَاله فَتقدم إِلَى صَاحب الْعُلُوّ فَلم ينْقضه حَتَّى سقط فَقتل إنْسَانا فان دِيَته على عَاقِلَته خَاصَّة دون صَاحب السّفل لِأَن السّفل لم يه وَإِذا وهيا جَمِيعًا وَتقدم إِلَيْهِمَا جَمِيعًا فَمَا ضامنان لما أصَاب الْحَائِط كُله
وَإِذا مَال حائظ الرجل فَمَال بعضه على دَار قوم وَبَعضه على الطَّرِيق فَتقدم إِلَيْهِ أهل الدَّار فِي ذَلِك فَسقط مَا فِي الطَّرِيق مِنْهُ فَهُوَ ضَامِن وَكَذَلِكَ لَو تقدم إِلَيْهِ أهل الطَّرِيق فَسقط المائل إِلَى الدَّار على أهل الدَّار فَهُوَ ضَامِن لِأَنَّهُ حَائِط وَاحِد قد مَال بعضه وَإِذا أشهد على بعضه فقد أشهد على الْحَائِط كُله وَإِذا وَهِي بعض الْحَائِط وَمَا بَقِي مِنْهُ صَحِيح غير واه فَتقدم إِلَيْهِ فِي(4/574)
ذَلِك وَأشْهد عَلَيْهِ فَسقط مَا وَهِي مِنْهُ وَمَا لم يه فَقتل الَّذِي لم يه إنْسَانا فَهُوَ ضَامِن من قبل أَنه كُله حَائِط وَاحِد إِذا وَهِي بعضه وَهِي كُله فان كَانَ حَائِطا طَويلا إِذا وَهِي بعضه لم يه مَا بَقِي مِنْهُ وَيعرف ذَلِك فانه يضمن مَا اصاب الواهي مِنْهُ وَلَا يضمن الَّذِي لم يه وَإِذا تقدم الرجل فِي حَائِط لَهُ لم يه وَأشْهد عَلَيْهِ فِيهِ فَسقط فَأصَاب إنْسَانا فَقتله فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ من قبل أَنه كَانَ صَحِيحا غير واه وَإِنَّمَا يضمن لَو كَانَ واهيا أَو مائلا مخوفا وَإِذا كَانَ سفل الْحَائِط لرجل وعلوه لآخر وَقد وَهِي وَمَال فَتقدم إِلَيْهِمَا جَمِيعًا فَسقط الْعُلُوّ فاصاب إنْسَانا فَقتله فَالضَّمَان على صَاحب الْعُلُوّ دون صَاحب السّفل وَإِن كَانَ سقط من الْعُلُوّ طَائِفَة فاصاب إنْسَانا فَقتله فَالضَّمَان على صَاحب الْعُلُوّ وَإِذا اسْتَأْجر قوما يهدمون حَائِطا لَهُ فَقتل الْهدم من فعلهم رجلا فَالضَّمَان عَلَيْهِم وَالْكَفَّارَة وَلَا ضَمَان على رب الدَّار لأَنهم فعلوا ذَلِك بِأَيْدِيهِم فَهُوَ بِمَنْزِلَة من وضع حجرا أَو دفع حجرا على رجل فَقتله
وَإِذا اشْترى الرجل دَارا وَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة ايام فَتقدم إِلَيْهِ فِي حَائِط مِنْهَا ثمَّ إِنَّه رد الدَّار وَلم يستوجبها فَسقط الْحَائِط فَقتل إنْسَانا فَلَا ضَمَان على المُشْتَرِي من قبل أَنَّهَا خرجت من ملك المُشْتَرِي وَلَا ضَمَان على البَائِع لِأَن التَّقَدُّم كَانَ إِلَيّ غَيره وَلم يكن فِي ملكه وَلَو تقدم غليه فِي تِلْكَ الْحَال لم يضمن من قبل أَنه لَا ملك لَهُ فِيهَا(4/575)
وَلَو استوجبها المُشْتَرِي وَقد أشهد بذلك عَلَيْهِ كَانَ عَلَيْهِ الضَّمَان لِأَنَّهُ لَا يقدم إِلَيْهِ فِي الْحَائِط وَهِي فِي ملكه ثمَّ اخْتَار الدَّار كَانَ ضَامِنا لما أصَاب لِأَنَّهَا فِي ملكه يَوْم تقدم إِلَيْهِ وَيَوْم أصَاب وَلَو كَانَ البَائِع بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَتقدم إِلَيْهِ فِي الْحَائِط فان نقض البيع فَوَقع الْحَائِط على إِنْسَان فَقتله فَالدِّيَة على عَاقِلَة البَائِع وَلَو أوجب البيع لم يكن عَلَيْهِ وَلَا على المُشْتَرِي ضَمَان من قبل أَنَّهَا قد خرجت من ملكه وَلَو تقدم إِلَى المُشْتَرِي على ان يُوجب البيع ثمَّ أوجب البَائِع لَهُ البيع لم يكن عَلَيْهِ ضَمَان لَا على البَائِع وَلَو تقدم إِلَى رجل فِي حَائِط لَهُ مائل عَلَيْهِ جنَاح شَارِع قد أشرعه الَّذِي بَاعه فَسقط الْحَائِط والجناح فَكَانَ الْحَائِط هُوَ الَّذِي طرح الْجنَاح كَانَ ضَامِنا لما أصَاب ذَلِك لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الدَّافِع للجناح وَلَو كَانَ الْجنَاح هُوَ السَّاقِط وَحده كَانَ الضَّمَان على البَائِع الَّذِي جعله
- بَاب الْبِئْر وَمَا يحدث فِيهَا
- إِذا احتفر الرجل بِئْرا فِي طَرِيق الْمُسلمين فِي غير فنائه فَوَقع فِيهَا عبد أَو حر فَمَاتَ فَذَلِك على عَاقِلَة الْحَافِر وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ فان كَانَ اسْتَأْجر عَلَيْهَا أجراء فحفروها لَهُ فَلَا ضَمَان على الأجراء وَالضَّمان(4/576)
على الْآمِر إِن كَانُوا لم يعلمُوا أَنَّهَا فِي غير فنائه وَإِن كَانُوا علمُوا فَالضَّمَان على الأجراء دون الْآمِر وَإِن كَانَ فِي فنائه فَلَا ضَمَان على الأجراء وَالضَّمان على الْآمِر أعلمهم أَو لم يعلمهُمْ بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن شُرَيْح
وَإِن سَقَطت فِيهَا دَابَّة فعطبت فَالضَّمَان على الْآمِر فِي مَاله لَا تعقل الْعَاقِلَة الدَّوَابّ وَلَا الْأَمْتِعَة وَلَا الْعرُوض وَلَا الْحَيَوَان مَا خلا الرَّقِيق وَإِذا وَقع فِيهَا إِنْسَان مُتَعَمدا للسقوط عَلَيْهِ فِيهَا فَمَاتَ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ من قبل أَنه تعمد ذَلِك وَإِذا أَمر بهَا عبيدا فحفروها أَو أجراء أَو قوما اسْتَعَانَ بهم فحفروها بِفنَاء دَاره فِي الطَّرِيق الْأَعْظَم فَهُوَ سَوَاء وَالضَّمان على الْآمِر وَإِذا اسْتَأْجر الرجل أَرْبَعَة رَهْط يحفرون بِئْرا فَوَقَعت عَلَيْهِم من حفرهم فقتلت إنْسَانا مِنْهُم فعلى كل إِنْسَان من الثَّلَاثَة البَاقِينَ ربع دِيَة ذَلِك الْإِنْسَان إِذا كَانَ حرا وَلَا ضَمَان على الْمُسْتَأْجر من قبل أَن هَذَا من فعلهم وَكَذَلِكَ لَو اسْتَعَانَ بهم وَإِذا كَانَ الَّذِي يحْفر وَاحِدًا فانهارت عَلَيْهِ من حُفْرَة فَقتله لم يكن على الْآمِر ضَمَان فِي ذَلِك وَإِذا حفر الرجل بِئْرا فِي طَرِيق الْمُسلمين ثمَّ جَاءَ آخر فحفر مِنْهَا طَائِفَة فِي أَسْفَلهَا ثمَّ وَقع فِيهَا إِنْسَان فَمَاتَ فانه يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن يضمن(4/577)
الأول من قبل أَن الْحَافِر الْأَعْلَى كَأَنَّهُ دَافع وَبِه ناخذ وَلَو أَن آخر وسع رَأسهَا فحفرها فَوَقع فِيهَا إِنْسَان فَمَاتَ كَانَ الضَّمَان عَلَيْهِمَا جَمِيعًا نِصْفَيْنِ وَلَو أَن رجلا حفر بِئْرا فِي طَرِيق الْمُسلمين ثمَّ سدها كلهَا بطين أَو تُرَاب أَو جص فجَاء آخر فاحتفرها فَوَقع فِيهَا إِنْسَان فَمَاتَ كَانَ الضَّمَان على الَّذِي احتفرها مرّة أُخْرَى لِأَن الأول قد سدها وَلَو سد رَأسهَا واستوثق مِنْهَا فجَاء آخر فنقض ذَلِك كَانَ الضَّمَان على الأول وَلَو أَنه جعل فِيهَا طَعَاما أَو مَتَاعا أَو شبه ذَلِك مِمَّا لَا يسد بِهِ الْآبَار فجَاء إِنْسَان فَاحْتمل ذَلِك ثمَّ وَقع فِيهَا إِنْسَان كَانَ الضَّمَان على الأول وَلَو تعقل رجل بِحجر فَسقط فِي بِئْر قد حفرهَا رجل فَمَاتَ كَانَ الضَّمَان على الَّذِي وضع الْحجر لِأَنَّهُ دَافع فان لم يكن وضع الْحجر أحد فَهُوَ على رب الْبِئْر(4/578)
وَإِذا وضع الرجل فِي بِئْر حجرا أَو حديدا فَوَقع فِيهَا إِنْسَان فَقتله الْحجر أَو الحديدة كَانَ الضَّمَان على الَّذِي حفر الْبِئْر لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الدَّافِع وَإِذا حفر الرجل بِئْرا فِي طَرِيق فَوَقع فِيهَا رجل فَعَطب ثمَّ خرج مِنْهَا فَشَجَّهُ رجلَانِ فَمَرض من ذَلِك حَتَّى مَاتَ فَالدِّيَة عَلَيْهِم أَثلَاثًا من قبل أَنهم ثَلَاثَة أَلا ترى أَنه لَو قطع يَده رجل وَشَجه رلاجل فَمَاتَ من ذَلِك كَانَت الدِّيَة عَلَيْهِم أَثلَاثًا وَلَو أَن الرجلَيْن اللَّذين قطعا يَده شجه أَحدهمَا أُخْرَى فَمَاتَ من ذَلِك كَانَت الدِّيَة عَلَيْهِم على حَالهَا أَثلَاثًا وَلَو كَانَ أَحدهمَا قد جرحه جرحتين أَو ثَلَاثَة وجرحه الآخر جِرَاحَة صَغِيرَة كَانَت الدِّيَة على عدد الرِّجَال وَلَا يكون على عظم الْجراحَة وَلَا على صغرها وَلَا على عدد الْجراحَة فَقطع الْيَد والشجة إِذا مَاتَ فِي ذَلِك سَوَاء وَإِذا وَقع الرجل فِي بِئْر فِي الطَّرِيق فَتعلق بآخر وَتعلق الآخر بآخر فوقعوا جَمِيعًا فماتوا وَلم يَقع بَعضهم على بعض فديَة الأول على الَّذِي حفرهَا ودية الثَّانِي على الأول الْمُتَعَلّق بِهِ ودية الثَّالِث على الثَّانِي وَإِن وَقع الأول فَلم تضره وقعته وَوَقع الثَّانِي عَلَيْهِ فَقتله فَلَا ضَمَان على الثَّانِي من قبل أَن الأول جَرّه على نَفسه فالأسفل قَاتل نَفسه وَإِن وَقع الثَّالِث على الثَّانِي فَقتله فَلَا ضَمَان على الثَّالِث لِأَن الثَّانِي هُوَ جَرّه إِلَى نَفسه فَهُوَ قَاتل نَفسه وَإِن مَاتَ الثَّالِث من الْوَقْعَة فديته على الثَّانِي لِأَنَّهُ هُوَ جَرّه فَقتله وَإِن مَاتَ الْأَسْفَل من وقعته فِي الْبِئْر وَمن وقْعَة الثَّانِي وَالثَّالِث عَلَيْهِ فثلث دِيَته على صَاحب الْبِئْر وَثلث دِيَته على الثَّانِي لِأَنَّهُ جر الثَّالِث عَلَيْهِ(4/579)
وَثلث الدِّيَة هدر لِأَن الْأَسْفَل هُوَ جر الثَّانِي على نَفسه وَإِن مَاتَ الثَّانِي من جر الْأَسْفَل ووقعة الثَّالِث عَلَيْهِ فديَة الثَّانِي على الْأَسْفَل نصفهَا لِأَنَّهُ جَرّه وَنِصْفهَا هدر لِأَنَّهُ جر الثَّالِث على نَفسه ودية الثَّالِث إِن مَاتَ من وقعته على الثَّانِي كلهَا لِأَنَّهُ جَرّه وَإِن كَانَ الأول مَاتَ من وقعته فِي الْبِئْر ووقعة الثَّالِث فَلم يضرّهُ الثَّانِي فان على صَاحب الْبِئْر نصف الدِّيَة وعَلى الثَّانِي نصف الدِّيَة لِأَنَّهُ هُوَ جر الثَّالِث عَلَيْهِ فَقتله وَإِن كَانَ الثَّانِي مَاتَ من وقْعَة الثَّالِث فَلَا دِيَة لَهُ ودية الثَّالِث إِن مَاتَ على الثَّانِي لِأَنَّهُ جَرّه
وَإِذا وجد بَعضهم على بعض فِي الْبِئْر موتى وَقد كَانَت حَالهم كَمَا وَصفنَا من تعلق بَعضهم بِبَعْض فان صَاحب الْبِئْر يضمن الأول وَيضمن الأول الثَّانِي وَيضمن الثَّانِي الثَّالِث على عواقلهم فَهَذَا وَجه مُسْتَقِيم وَهُوَ الْقيَاس وفيهَا قَول آخر إِن دِيَة الأول أَثلَاث على صَاحب الْبِئْر ثلثه وعَلى الْأَوْسَط ثلثه لِأَنَّهُ جر الثَّالِث وَثلثه هدر لِأَن الأول هُوَ جر الثَّانِي عَلَيْهِ ودية الثَّانِي نِصْفَانِ نصف هدر وَنصف على الأول ودية الثَّالِث على الثَّانِي كلهَا وَإِذا لم يعرف من أَي ذَلِك مَاتُوا بَطل نصف ذَلِك كُله وأخذنا بِالنِّصْفِ وَبِهَذَا القَوْل نَأْخُذ وَإِذا وَقع الرجل رجلا فِي بِئْر فَمَاتَ فالدافع ضَامِن إِن كَانَت الْبِئْر فِي ملكه أَو فِي الطَّرِيق فَهُوَ سَوَاء(4/580)
وَإِذا سقط الرجل فِي بِئْر فِي الطَّرِيق فَقَالَ الْحَافِر ألقِي نَفسه فِيهَا عمدا وَقَالَ وَرَثَة الرجل كذبت فالحافر برِئ من الضَّمَان إِلَّا أَن يُقيم الْوَرَثَة الْبَيِّنَة أَنه وَقع بِغَيْر عمد فان أَقَامُوا على ذَلِك بَيِّنَة فَعَلَيهِ الضَّمَان وَإِذا أَمر الرجل عَبده أَن يحْفر بِئْرا فِي الطَّرِيق عِنْد ميزاب لَهُ أَو بفنائه أَو قريب من دَاره حَيْثُ ينْتَفع بِهِ وبسيل فِيهَا مَاؤُهُ فَمَا عطب فِيهَا فَهُوَ على الْمولى لَيْسَ على العَبْد مِنْهُ شَيْء وَكَذَلِكَ الْأَجِير وَلَو أمره أَن يحْفر بِئْرا فِي طَرِيق من طرق الْمُسلمين لَيْسَ عِنْد دَاره فحفرها كَانَ مَا وَقع فِيهَا فِي رَقَبَة العَبْد يَدْفَعهُ مَوْلَاهُ أَو يفْدِيه وَإِن كَانَ أَجِيرا وَبَين لَهُ الْمُسْتَأْجر أَنه لَيْسَ لَهُ هُنَالك دَار وَلَا ملك فَالضَّمَان على الْأَجِير دون الْمُسْتَأْجر وَإِن لم يسم شَيْئا فَلَا ضَمَان على الْأَجِير وَالضَّمان على الْمُسْتَأْجر(4/581)
وَإِذا اسْتَأْجر الرجل رجلا حرا وعبدا مَحْجُورا عَلَيْهِ ومكاتبا يحفرون لَهُ بِئْرا فحفروها فَوَقَعت عَلَيْهِم من حفرهم فماتوا فَلَا ضَمَان على الْمُسْتَأْجر فِي الْحر وَلَا فِي الْمكَاتب وَهُوَ ضَامِن لقيمة العَبْد الْمَحْجُور عَلَيْهِ إِن كَانَت أقل من الدِّيَة يُؤَدِّيهَا إِلَى مَوْلَاهُ ثمَّ يرجع فِيهَا وَرَثَة الْحر بِثلث دِيَة الْحر وأولياء الْمكَاتب بِثلث قيمَة الْمكَاتب فيقتسمون قيمَة العَبْد على ذَلِك إِلَّا أَن يكون قيمَة العَبْد تبلغ ذَلِك كُله وتزيد قيمسك موَالِيه الْفضل وَيرجع مولى العَبْد على الْمُسْتَأْجر بِمَا أَخذ مِنْهُ وَرَثَة الآخرين وَيرجع الْمُسْتَأْجر على عَاقِلَة الْحر بِثلث قيمَة العَبْد لِأَنَّهُ حِين غرم قيمَة العَبْد صَار العَبْد لَهُ وَيرجع أَوْلِيَاء الْمكَاتب على عَاقِلَة الْحر بِثلث قيمَة الْمكَاتب فَيجمع مَا أَخذ أَوْلِيَاء الْمكَاتب من ذَلِك كُله وَمَا ترك الْمكَاتب فَينْظر قِيمَته من ذَلِك فَيخرج فَيضْرب فِيهِ أَوْلِيَاء الْحر بِثلث دِيَة الْحر وَيضْرب فِيهَا الْمُسْتَأْجر بِثلث قيمَة العَبْد وَإِذا اسْتَأْجر الرجل حرا وعبدا يحفران لَهُ بِئْرا فحفراها فَوَقَعت عَلَيْهِمَا فماتا وَلِلْعَبْدِ موليان أَحدهمَا قد أذن لَهُ وَالْآخر لم يَأْذَن لَهُ فَلَا ضَمَان على الْمُسْتَأْجر فِي الْحر وَلَا فِي النَّصِيب الَّذِي أذن للْعَبد(4/582)
من العَبْد وَهُوَ ضَامِن لنصف قيمَة العَبْد نصيب الَّذِي لم يَأْذَن لَهُ وَيرجع وَرَثَة الْحر فِي ذَلِك بِربع الدِّيَة وَيرجع الْمولى الَّذِي لم يَأْذَن لَهُ على الْمُسْتَأْجر بِمَا أَخذ من ذَلِك النّصْف وَيرجع الْمُسْتَأْجر على عَاقِلَة الْحر بِربع قيمَة العَبْد فَيسلم لَهُ وَيرجع الَّذِي أذن للْعَبد على عَاقِلَة الْحر بِربع قيمَة العَبْد ثمَّ يرجع وَرَثَة الْحر فِي ذَلِك الرّبع بِربع دِيَة الْحر وَلَو كَانَ العَبْد مَأْذُونا لَهُ كَانَ على عَاقِلَة الْحر نصف قيمَة العَبْد ثمَّ يرجع بذلك وَرَثَة الْحر على أَوْلِيَاء العَبْد فيأخذونه بِنصْف الدِّيَة وَلَا شَيْء على الْمُسْتَأْجر من قبل أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا قد قتل نَفسه هُوَ وَصَاحبه فِيهِ فَيبْطل النّصْف من ذَلِك
وَإِن كَانَ اسْتَأْجر عَبْدَيْنِ أَحدهمَا مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَالْآخر مَحْجُور عَلَيْهِ فحفرا بِئْرا فَوَقَعت عَلَيْهِمَا فماتا فانه يضمن قيمَة الْمَحْجُور عَلَيْهِ لمَوْلَاهُ وَيرجع مولى الْمَأْذُون لَهُ بِنصْف قيمَة الْمَأْذُون لَهُ فِي تِلْكَ الْقيمَة وَيضمن الْمُسْتَأْجر لمولى الْمَحْجُور عَلَيْهِ مَا أَخذ مِنْهُ من ذَلِك وَيرجع الْمُسْتَأْجر بِنصْف قيمَة الْمَحْجُور عَلَيْهِ فِيمَا أَخذ أَوْلِيَاء الْمَأْذُون لَهُ حَتَّى يستكمل من ذَلِك نصف قيمَة الْمَحْجُور عَلَيْهِ
وَإِذا اسْتَأْجر الرجل عبدا مَحْجُورا عَلَيْهِ يحْفر لَهُ بِئْرا فَهُوَ ضَامِن(4/583)
لما أَصَابَهُ حَتَّى يرجع إِلَى مَوْلَاهُ
وَإِذا احتفر الرجل بِئْرا فِي دَار لَا يملكهَا بِغَيْر إِذن أَهلهَا فَهُوَ ضَامِن لما وَقع فِيهَا فان أقرّ رب الدَّار أَنه أمره درأت عَنهُ الضَّمَان وَلَا شَيْء على رب الدَّار
وَإِذا احتفر الرجل بِئْرا فِي طَرِيق مَكَّة أَو غير ذَلِك من الفيافي والمفاوز فِي غير ممر النَّاس فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَلَيْسَ هَذَا كالأمصار وَلَا الْمَدَائِن أَلا ترى أَن الرجل لَو ضرب هُنَالك فسطاطا أَو اتخذ تنورا يخبز فِيهِ حِين ينزل أَو شبه ذَلِك أَو ربط هُنَالك ظَهره أَو دَابَّته لم يضمن مَا أصَاب ذَلِك وَكَذَلِكَ الْبِئْر إِذا احتفرها لصَاحبه أَو للْمَاء غير أَنه لَا يكون لَهَا حَرِيم وَلَا يكون الْحَرِيم إِلَّا لبئر احتفرت فِي ذَلِك الْموضع باذن السُّلْطَان فاذا احتفر بِأَمْر السُّلْطَان كَانَ لَهَا من الْحَرِيم أَرْبَعُونَ ذِرَاعا فِي قَول ابي حنيفَة بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ حَرِيم الْعين خَمْسمِائَة ذِرَاع وحريم بِئْر العطن أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وحريم بِئْر الناضح سِتُّونَ ذِرَاعا وَذَلِكَ عندنَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعا فِي(4/584)
جوانبها وَسِتُّونَ ذِرَاعا من جوانبها وَخَمْسمِائة ذِرَاع من جوانبها وَلَيْسَ لأحد أَن يدْخل عَلَيْهِ فِي شَيْء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الْبِئْر لَهُ وَله حريمها وَإِن كَانَ بِغَيْر إِذن السُّلْطَان وَإِذا احتفر بِئْرا فِي ملكه فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيمَن عطب فِيهَا وَكَذَلِكَ إِذا احتفر سكانه باذنه وَلم يعلم ذَلِك إِلَّا بقوله فَلَا ضَمَان ذَلِك وَإِن كَانَ ذَلِك لَا يعلم إِلَّا بقَوْلهمْ إِذا صدقهم رب الدَّار وَقد كَانَ يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن يضمنوا إِلَّا أَن تقوم لَهُم فِي ذَلِك بَيِّنَة وَلَكِنِّي أدع الْقيَاس وأصدق رب الدَّار إِذا قَالَ أَنا أَمرتهم أَلا ترى أَنِّي لَا أضمنهم مَا أفسدوا من الدَّار بِالْحفرِ وَلَا أضمنهم من سقط فِيهَا بعد إِقْرَار رب الدَّار أَنه أَمرهم فَكَذَلِك لَا أضمنهم مَا وَقع فِيهَا(4/587)
- بَاب النَّهر
- وَإِذا احتفر الرجل نَهرا فِي أرضه فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيمَن عطب بِهِ وَكَذَلِكَ إِن جعل على النَّهر جِسْرًا أَو قنطرة فِي أرضه فَعَطب بذلك إِنْسَان فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْقَنَاة وَمَا أشبه ذَلِك وَإِذا احتفر ذَلِك فِي غير ملكه فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْبِئْر يضمن مَا عطب بِهِ وَكَذَلِكَ لَو نصب جِسْرًا أَو بني قنطرة على نهر لَيْسَ فِي ملكه فَعَطب بِهِ إِنْسَان فان مَشى عَلَيْهِ إِنْسَان مُتَعَمدا لذَلِك وَلَا يعلم من بناها أَو علم ذَلِك فانخسفت بِهِ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ من قبل أَن هَذَا تعمد الْمَشْي عَلَيْهِ وَلَو احتفر رجل نَهرا فِي غير ملكه فانبثق من ذَلِك النَّهر مَاء فغرق أَرضًا أَو قَرْيَة كَانَ ضَامِنا لما أصَاب ذَلِك المَاء لِأَنَّهُ سيله فِي غير ملكه وَلَو كَانَ فِي ملكه لم يضمن شَيْئا وَكَذَلِكَ الرجل يصب فِي أرضه المَاء ليسقيها أَو ليصلح فِيهَا شَيْئا أَو يفتح فِيهَا نَهرا فَخرج المَاء مِنْهَا إِلَى غَيرهَا فَأهْلك شَيْئا أَو أفْسدهُ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو أحرق حشيشا لَهُ فِي أَرض لَهُ أَو حصائد لَهُ أَو أجمه لَهُ(4/588)
فَخرجت النَّار إِلَى غير أرضه فأحرقت لم يكن عَلَيْهِ ضَمَان وَكَذَلِكَ النَّار يوقدها الرجل فِي دَاره أَو فِي تنوره فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيمَا احْتَرَقَ وَلَو احتفر نَهرا فِي أَرض لَهُ أَو بِئْرا فِي دَار لَهُ فنزت من ذَلِك إِلَى أَرض لغيره أَو حَائِط لغيره حَتَّى فسد لم يكن عَلَيْهِ فِي ذَلِك ضَمَان وَلَا يُؤمر أَن يحول ذَلِك عَن مَوْضِعه إِلَّا أَن يَشَاء لِأَنَّهُ فِي ملكه وَلَو صب المَاء فِي ملكه صبا فَخرج أثر صب ذَلِك إِلَى غير ملكه فافسد كَانَ هَذَا وَالْأول فِي الْقيَاس سَوَاء غير أَن هَذَا قَبِيح أَلا ترى أَنه لَو صب مَاء فِي ميزاب لَهُ فأفسد مَتَاعا تَحْتَهُ ضمن لِأَنَّهَا من جِنَايَته
- بَاب مَا يحدث الرجل فِي السُّوق أَو فِي الْمَسْجِد
-
وَإِذا احتفر أهل الْمَسْجِد فِي مَسْجِدهمْ بِئْرا لماء الْمَطَر أَو وضعُوا(4/589)
فِيهِ حبا يصب فِيهِ المَاء أَو طرحوا فِيهِ حَصى أَو ركبُوا فِيهِ بَابا أَو عَلقُوا عَلَيْهِ قناديل أَو طرحوا فِيهِ بواري أَو ظللوه فَلَا ضَمَان عَلَيْهِم فِيمَن عطب بذلك وَكَذَلِكَ من فعل بِهِ من غَيرهم إِذا أذنوا لَهُ فِي ذَلِك وَإِن لم يأذنوا لَهُ فَهُوَ ضَامِن فِي قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِنَّه إِذا كَانَ فِي مَسْجِد الْعَامَّة فَلَا ضَمَان عَلَيْهِم فِيهِ لِأَن هَذَا مِمَّا يصلح بِهِ الْمَسْجِد أستحسن ذَلِك إِلَّا الْبناء والحفر
وَإِذا قعد الرجل فِي الْمَسْجِد لحَدِيث أَو نَام فِيهِ أَو قَامَ فِيهِ فِي غير صَلَاة أَو مر فِيهِ مارا فَهُوَ ضَامِن لما اصاب كَمَا يضمن فِي الطَّرِيق الْأَعْظَم إِذا كَانَ مَسْجِد جمَاعَة فِي قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر إِنَّه لَا ضَمَان عَلَيْهِ إِلَّا أَن يمشي فيطأ على إِنْسَان وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَإِذا حفر الرجل فِي سوق الْعَامَّة بِئْرا أَو بني فِيهَا بِنَاء دكانا أَو غَيره بِغَيْر أَمر السُّلْطَان فَهُوَ ضَامِن لما عطب بِهِ من شَيْء فان كَانَ بِأَمْر السُّلْطَان فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ
وَإِذا مر الرجل فِي السُّوق رَاكِبًا فَمَا وطيء أَو وطئ دَابَّته فَهُوَ لَهُ ضَامِن(4/590)
وَإِذا أوقف الرجل دَابَّته فِي السُّوق فَمَا أَصَابَت دَابَّته فَهُوَ لَهُ ضَامِن فان كَانَ موقفا يقف فِيهِ الدَّوَابّ لبيع قد أذن لَهُ السُّلْطَان فِي ذَلِك فَأوقف فِيهِ الدَّابَّة لذَلِك فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيمَا أَصَابَت وَإِن لم يكن السُّلْطَان أذن فِي ذَلِك فَهُوَ ضَامِن إِن كَانَ أخرجه هُوَ أَو أوقفهُ أَو أرْسلهُ وَإِن لم يكن أخرجه هُوَ وَلَا أوقفهُ وَلَا أرْسلهُ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَالْقَوْل فِي ذَلِك قَوْله مَعَ يَمِينه
- بَاب جِنَايَة العَبْد
- وَلَو جنى العَبْد جِنَايَة خطأ فان مَوْلَاهُ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دَفعه بهَا وَإِن شَاءَ فدَاه بِالْأَرْشِ وَأمْسك عَبده وَلَا يقْضِي عَلَيْهِ فِي ذَلِك بِشَيْء حَتَّى يبرأ الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَالْخَطَأ فِي ذَلِك والعمد سَوَاء مَا لم يبلغ النَّفس فاذا بلغ النَّفس فان فِيهِ الْقصاص وَالصَّغِير من الْجِرَاحَات وَالْكَبِير وَالْجرْح للْوَاحِد والاثنين فِي ذَلِك كُله سَوَاء يَدْفَعهُ مَوْلَاهُ بِأَرْش ذَلِك كُله وَجِنَايَة العَبْد فِي الْحر الْمُسلم وَالْمَرْأَة وَالْعَبْد وَالْمكَاتب وَالْمُدبر وَأم الْوَلَد وَالذِّمِّيّ وَالصَّغِير وَالْكَبِير فِي ذَلِك سَوَاء يَدْفَعهُ مَوْلَاهُ بذلك أَو يفْدِيه بِأَرْش ذَلِك وجنايته فِيمَا سوى ذَلِك من الْحَيَوَان وَالْعرُوض وَالْأَمْوَال دين فِي عُنُقه يسْعَى فِيهِ أَو يُبَاع فِيهِ بَالغا مَا بلغ وَلَا يعقل الْعَاقِلَة شَيْئا من جِنَايَة العَبْد وَالْمُدبر وَأم الْوَلَد وَلَا جِنَايَة عبد قد عتق بعضه وَهُوَ يسْعَى فِي بعض قِيمَته فِي قَول أبي حنيفَة(4/591)
وَكَذَلِكَ إِن وطئ امْرَأَة بِشُبْهَة مستكرها لَهَا فَذَلِك دين فِي عُنُقه يُبَاع فِيهِ وَلَا تعقل الْعَاقِلَة شَيْئا من جراحات العَبْد فِي نَفسه مَا لم يبلغ النَّفس وَإِن كَانَ خطأ وَكَذَلِكَ الْمُدبر وَأم الْوَلَد وَالْمكَاتب لَا تعقل الْعَاقِلَة مِمَّا جنى عَلَيْهِم شَيْئا وَإِن كَانَ الْجَانِي حرا مَا لم يبلغ النَّفس فاذا بلغت النَّفس عقلته الْعَاقِلَة فِي ثَلَاث سِنِين فِي كل سنة ثلث قِيمَته فان قلت الْقيمَة فِي ذَلِك أَو كثرت فَهُوَ سَوَاء غير أَنه لَا يبلغ بهَا دِيَة الْحر بلغنَا ذَلِك عَن عبد الله بن مَسْعُود وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنَّهُمَا قَالَا لَا يبلغ بِقِيمَة العَبْد دِيَة الْحر وَقَالَ أَبُو حنيفَة ينقص مِنْهُ عشرَة دَرَاهِم(4/592)
وَإِذا جنى العَبْد جِنَايَة فَقتل قَتِيلا لَهُ وليان فَعَفَا أَحدهمَا فان الْمولى يُقَال لَهُ ادْفَعْ إِلَى الْبَاقِي نصف العَبْد أَو افده بِنصْف الدِّيَة وَلَو قتل قَتِيلا خطأ وفقأ عين آخر خطأ كَانَ مَوْلَاهُ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دَفعه فَكَانَ بَينهمَا أَثلَاثًا الثُّلُثَانِ لأولياء الْقَتِيل وَالثلث لصَاحب الْعين وَإِن شَاءَ أمْسكهُ وفداه بِخَمْسَة عشر ألفا عشرَة آلَاف لأولياء الْقَتِيل وَخَمْسَة آلَاف لصَاحب الْعين وَإِن أعْتقهُ الْمولى وَهُوَ يعلم فَهَذَا مِنْهُ اخْتِيَار للْعَبد فَعَلَيهِ خَمْسَة عشر ألفا فِي مَاله خَاصَّة وَكَذَلِكَ لَو دبره أَو بَاعه أَو كَاتبه فَهُوَ اخْتِيَار وَلَو كَانَت أمة فَوَطِئَهَا أَو زَوجهَا أَو آجرها أَو رَهنهَا فَلَيْسَ هَذَا بِاخْتِيَار وَلَا يجب فِيهِ الْأَرْش فان استخدم وَهُوَ يعلم فَلَيْسَ ذَلِك بِاخْتِيَار الْخدمَة كَالَّذي ذكرنَا مِمَّا تعلق فِيهِ الرَّقَبَة وَشبهه وَإِن ضرب العَبْد ضَرْبَة يلْزمه من ذَلِك عيب فَاحش أَو جرحه أَو قَتله وَهُوَ يعلم فَهَذَا مِنْهُ اخْتِيَار أَيْضا وَعَلِيهِ فِي ذَلِك الْأَرْش وَإِذا وَقع العَبْد فِي بِئْر احتفرها الْمولى فِي الطَّرِيق أَو أَصَابَهُ جنَاح أشرعه الْمولى فِي الطَّرِيق أَو شَيْء أحدثه فَلَيْسَ هَذَا بِاخْتِيَار من قبل أَن هَذَا لَيْسَ بِجِنَايَة من الْمولى بِيَدِهِ وَكَذَلِكَ كل مَا اصابه مِمَّا أحدث الْمولى فِي الطَّرِيق وَمِمَّا لَا يجب على الْمولى فِيهِ الْكَفَّارَة فان هَذَا لَيْسَ بِاخْتِيَار(4/593)
وعَلى الْمولى الْقيمَة إِن مَاتَ العَبْد من ذَلِك كُله بَينهمَا أَثلَاثًا وَإِن أوطأه الْمولى وَهُوَ يسير على دَابَّته أَو وَقع عَلَيْهِ فَقتله وَهُوَ يعلم بِجِنَايَتِهِ فَهَذَا اخْتِيَار وَعَلِيهِ الْأَرْش وَإِذا أعْتقهُ الْمولى أَو كَاتبه أَو دبره أَو بَاعه أَو وهبه أَو قَتله وَهُوَ لَا يعلم بِالَّذِي جنى فَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ بِاخْتِيَار وَعَلِيهِ قيمَة العَبْد بَينهم أَثلَاثًا فان كَانَ قد علم بِأَحَدِهِمَا وَلم يعلم بِالْآخرِ فَعَلَيهِ بِالَّذِي علم بِهِ الْأَرْش كَامِلا وَعَلِيهِ للَّذي لم يعلم بِهِ حِصَّته من الْقيمَة وَإِذا جنى العَبْد جِنَايَة لم يبلغ النَّفس فَأعْتقهُ الْمولى وَهُوَ يعلم بهَا قبل الْبُرْء ثمَّ انتقضت بِهِ الْجراحَة فَمَاتَ كَانَ هَذَا مِنْهُ اخْتِيَارا وَعَلِيهِ الدِّيَة وَإِذا قَالَ الْمولى لعَبْدِهِ إِن ضربت فلَانا بِالسَّيْفِ أَو بعصا أَو بِسَوْط أَو بِيَدِك أَو شججته أَو جرحته فَأَنت حر فَفعل بِهِ شَيْئا من ذَلِك فَمَاتَ مِنْهُ عتق العَبْد وَكَانَ هَذَا اخْتِيَارا من الْمولى وَعَلِيهِ فِيهِ الدِّيَة مَا خلا خصْلَة وَاحِدَة إِن ضربه بِالسَّيْفِ فَقتله فان على العَبْد فِيهَا الْقصاص وَلَيْسَ فِي الْعمد الَّذِي فِيهِ الْقصاص اخْتِيَار من قبل أَن فِيهِ الْقصاص وَأَن العَبْد وَالْحر فِي ذَلِك كُله سَوَاء لم يفْسد عتق الْمولى من قصاصهم شَيْئا
وَإِذا جرح العَبْد جِرَاحَة ثمَّ خَاصم الْمولى فخيره القَاضِي فَاخْتَارَ(4/594)
عَبده وَأعْطى الْأَرْش ثمَّ انتقضت الْجراحَة وَمَات الْمَجْرُوح وَالْعَبْد على حَاله فانه كَانَ يَنْبَغِي لَهُ فِي الْقيَاس أَن يكون هَذَا مِنْهُ اخْتِيَارا وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس لأَنا إِنَّمَا اخترنا فِي غير النَّفس ونخيره الْآن خيارا مُسْتَقْبلا فان شَاءَ دَفعه وَأخذ مَا أعْطى وَإِن شَاءَ فدَاه بِتمَام الدِّيَة وَهَذَا قَول ابي يُوسُف الأول وَهُوَ قَول مُحَمَّد ثمَّ قَالَ أَبُو يُوسُف بعد ذَلِك إِن عَلَيْهِ الدِّيَة وَإِذا جنى العَبْد جِنَايَة تبلغ الدِّيَة فَاخْتَارَ الْمولى إمْسَاك العَبْد وَلَيْسَ عِنْده مَا يُؤَدِّي وَكَانَ ذَلِك عِنْد القَاضِي أوعند غير القَاضِي فَالْعَبْد عَبده وَالدية عَلَيْهِ دين وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر إِنَّه إِن أدّى الدِّيَة مَكَانَهُ أَخذه وَإِلَّا دفع العَبْد إِلَّا أَن يرضى الْأَوْلِيَاء إِن منعُوهُ بِالدِّيَةِ على مَا قَالَ فان رَضوا بذلك لم يكن لَهُم بعد ذَلِك أَن يرجِعوا فِي العَبْد وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
وَإِذا جنى العَبْد جِنَايَة خطأ ثمَّ أقرّ الْمَجْنِي عَلَيْهِ أَنه حر قلا حق لَهُ فِي رَقَبَة العَبْد لِأَنَّهُ يزْعم أَنه حر وَلَا حق لَهُ على الْمولى أَيْضا لِأَنَّهُ لم يدع عَلَيْهِ عتقا بعد الْجِنَايَة وَلَو لم يقر بذلك الْمَجْنِي عَلَيْهِ حَتَّى دفع إِلَيْهِ العَبْد بِالْجِنَايَةِ ثمَّ أقرّ بعد ذَلِك عتق العَبْد بِيَدِهِ وَكَانَ الْوَلَاء مَوْقُوفا وَإِذا جنت الْأمة جنتاية ثمَّ ولدت الْأمة ولدا فاختصموا فِي ذَلِك فانه يُقَال للْمولى ادْفَعْ الْأمة بِالْجِنَايَةِ أَو افدها وَلَا يدْخل فِي ذَلِك وَلَدهَا وَلَا كسبها(4/595)
وَإِن جنى عَلَيْهَا أحد فَأخذ الْمولى لذَلِك أرشا فانه يَدْفَعهُ مَعهَا وَإِذا كَانَ إِنَّمَا جنى عَلَيْهَا قبل ذَلِك فَهُوَ للْمولى وَإِن لم يعلم بذلك فَالْقَوْل قَول الْمولى مَعَ يَمِينه وعَلى الْمَجْنِي عَلَيْهِ الْبَيِّنَة وَإِن كَانَت الْجِنَايَة عَلَيْهَا بعد جنايتها فَأَمْسكهَا الْمولى أَو فداها فانه يَسْتَعِين بِأَرْش تِلْكَ الْجِنَايَة فِي الْفِدَاء فان لم يفدها وَلم يخيرها حَتَّى يستهلك ذَلِك الْأَرْش أَو يَهبهُ للجاني عَلَيْهَا ثمَّ بدا لَهُ أَن يدْفع الْأمة فَلهُ أَن يَدْفَعهَا ان وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ بِاخْتِيَار وَعَلِيهِ أَن يغرم مثل مَا اسْتهْلك فيدفعه مَعهَا وَإِن كَانَ جنى عَلَيْهَا عبد فَقَبضهُ الْمولى كَانَ على الْمولى أَن يَدْفَعهَا جَمِيعًا أَو يفديهما بِالدِّيَةِ فان أعتق العَبْد الْمَدْفُوع إِلَيْهِ فَهَذَا مِنْهُ اخْتِيَار للآمة وَعَلِيهِ الدِّيَة وَكَذَلِكَ إِن هُوَ أعتق الْأمة فَلَا يَسْتَطِيع أَن يدْفع وَاحِدًا مِنْهُمَا دون صَاحبه وَلَيْسَ هَذَا كالدراهم وَإِن أعْتقهُ وَهُوَ لَا يعلم ثمَّ اخْتَار دفع الْأمة دفع مَعهَا قيمَة العَبْد أَلا ترى أَنَّهُمَا لَو كَانَا قَائِمين عِنْده بأعيانهما قلت لَهُ ادفعهما أَو افدهما وَلَو كَانَ هَذَا العَبْد فَقَأَ عين الْأمة فَدفع بهَا وَأخذت الْجَارِيَة فان العَبْد يصير مَكَانهَا يَدْفَعهُ الْمولى أَو يفْدِيه بِالدِّيَةِ
وَلَو كَانَت الْجَارِيَة قتلت خطأ فَأخذ الْمولى قيمتهَا لم نقل للْمولى ادفعها أَو افدها وَلكنه يدْفع قيمتهَا وَلَو قَتلهَا مَمْلُوك فَدفع بِالْجِنَايَةِ كَانَ بِالْخِيَارِ فِيهِ إِن شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه وَالْحَيَوَان فِي هَذَا لَا يشبه الدَّرَاهِم(4/596)
وَإِذا قتل العَبْد رجلا حرا خطأ ثمَّ إِن جَارِيَة لمولى العَبْد قتلت العَبْد خطأ كَانَ القَوْل فِيهَا أَن يُقَال للْمولى ادْفَعْ الْجَارِيَة أَو افدها بِقِيمَة العَبْد لِأَنَّهُ إِذا أعْطى قيمَة العَبْد فَقَط أعْطى أهل الْجِنَايَة حَقهم وَإِذا قتل العَبْد رجلا خطأ وَعَلِيهِ دين فان مَوْلَاهُ يُخَيّر فان شَاءَ دَفعه بِالْجِنَايَةِ وَاتبعهُ أَصْحَاب الدّين عِنْد أهل الْجِنَايَة وَإِن شَاءَ فدَاه بِالدِّيَةِ وَكَانَ الدّين عَلَيْهِ كَمَا هُوَ وَإِن فدَاه بِأَمْر قَاض أَو بِغَيْر أَمر قَاض فَهُوَ سَوَاء
وَإِن دَفعه إِلَى أهل الْجِنَايَة بِغَيْر أَمر قَاض فَهَلَك عِنْدهم فانه لَا يضمن لأَصْحَاب الدّين قِيمَته وَلَو دَفعه إِلَى أهل الدّين بدينهم دون أَمر القَاضِي قبل أَن يحضر أهل الْجِنَايَة فَعَلَيهِ قِيمَته لأَصْحَاب الْجِنَايَة إِن كَانَ لَا يعلم وَإِن كَانَ يعلم فَعَلَيهِ الْأَرْش كُله وَإِذا جنى العَبْد جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ وَقتلت أمة لَهُ رجلا خطأ وهما جَمِيعًا لرجل وَاحِد ثمَّ إِن العَبْد قتل الآمة خطأ فَاخْتَارَ الْمولى أَن يَدْفَعهُ بذلك كُله فان أهل جِنَايَة الْأمة يضْربُونَ فِي قيمَة العَبْد بِقِيمَة الْأمة وَيضْرب أهل جِنَايَة العَبْد بدية الْحر فَيكون العَبْد بَينهم على ذَلِك وَإِن أمْسكهُ الْمولى وفداه أعْطى الدِّيَة أَصْحَاب جِنَايَة العَبْد وَأعْطى قيمَة الْأمة أَصْحَاب جنايتها وَإِذا جنى العَبْد جِنَايَة فَفَدَاهُ الْمولى فجنى جِنَايَة أُخْرَى فانه يُقَال لَهُ أَيْضا ادفعه أَو افده وَإِن لم يقْض فِي الأول بِشَيْء حَتَّى يجني جِنَايَة ثَانِيَة قيل لَهُ ادفعه بهما جَمِيعًا أَو افده بِأَرْش ذَلِك كُله(4/597)
وَإِذا أقرّ العَبْد بِالْجِنَايَةِ فانه لَا يصدق فِي شَيْء مِنْهَا نفسا كَانَت أَو مَا دونهَا خطأ كَانَ أَو عمدا لِأَنَّهُ يسْتَغْرق رقبته فَلَا يصدق مَا خلا بَابا وَاحِدًا إِن أقرّ لَهُ بِالْقَتْلِ عمدا فانه عَلَيْهِ فِيهِ الْقصاص وَالْعَبْد التَّاجِر فِي ذَلِك وَغير التَّاجِر سَوَاء وَإِذا أعتق العَبْد ثمَّ أقرّ أَنه كَانَ جنى جِنَايَة فِي حَال الرّقّ خطأ أَو عمدا نفسا أَو مَا دونهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي شَيْء من ذَلِك مَا خلا خصْلَة وَاحِدَة الْقَتْل عمدا فان عَلَيْهِ فِيهِ الْقصاص فَأَما مَا سواهُ من الْخَطَأ فانه إِذا أقرّ على مَوْلَاهُ بذلك فَلَا يصدق وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء أَلا ترى أَن الْمولى لَو صدقه بذلك لزمَه الْأَرْش إِن أقرّ أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يعلم وَإِلَّا لَزِمته الْقيمَة وَإِذا أعتق الرجل عَبده وَهُوَ يعلم وَعَلِيهِ دين وَفِي عُنُقه جِنَايَة وَهُوَ يعلم بذلك فَعَلَيهِ الْأَرْش لأَصْحَاب الْجِنَايَة وَعَلِيهِ قِيمَته للْغُرَمَاء وَإِن كَانَ لَا يعلم فَعَلَيهِ قيمتان قيمَة لأَصْحَاب الْجِنَايَة وَقِيمَة لأَصْحَاب الدّين إِلَّا أَن يكون أرش الْجِنَايَة أقل من ذَلِك فَيكون عَلَيْهِ الْأَقَل
وَإِذا جنى العَبْد أَو الْأمة جِنَايَة فَقَالَ الْمولى قد كنت أَعتَقته قبل الْجِنَايَة أَو قَالَ هُوَ ابْني أَو قَالَ لأمته هِيَ أم وَلَدي أَو قَالَ قد كنت دبرتها قبل الْجِنَايَة فانه لَا يصدق على أهل الْجِنَايَة فان كَانَ قَالَ هَذِه الْمقَالة بعد علمه بِالْجِنَايَةِ فَعَلَيهِ الْأَرْش كَامِلا وَإِن كَانَ قَالَ(4/598)
هَذِه الْمقَالة قبل أَن يعلم بِالْجِنَايَةِ فَعَلَيهِ الْقيمَة إِلَّا أَن يكون الْأَرْش أقل من ذَلِك فَيكون عَلَيْهِ الْأَقَل وَإِذا جنى العَبْد جِنَايَة فجَاء إِنْسَان فَأخْبر الْمولى بذلك فَأعتق العَبْد ثمَّ قَالَ لم أصدق الَّذِي أَخْبرنِي أَو قَالَ لم أصدقه وَلم أكذبه فانما عَلَيْهِ الْقيمَة مَا لم يُخبرهُ بذلك رجلَانِ أَو رجل عدل يعرفهُ بذلك أَو يقر أَنه قد صدق الَّذِي أخبرهُ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن إِنَّه إِذا أخبرهُ مخبر حرا كَانَ أَو عبدا صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا مُسلما كَانَ أَو كَافِرًا رَسُولا كَانَ لمولى الْجِنَايَة أَو غير رَسُول لمولى الْجِنَايَة فَأعْتقهُ بعد الْخَبَر ثمَّ كَانَ الْخَبَر حَقًا فَهُوَ ضَامِن للأرش كُله وَهَذَا كُله اخْتِيَار مِنْهُ أَرَأَيْت لَو جَاءَ صَاحب الْجِنَايَة بِنَفسِهِ يدعى ذَلِك فَأعْتقهُ بعد ادِّعَاء هَذَا ولقائه إِيَّاه أما كَانَ هَذَا اخْتِيَارا مِنْهُ وَإِذا أعتق الْمولى عبدا وَفِي عُنُقه جِنَايَة وَقَالَ لم أعلم بِالْجِنَايَةِ فان عَلَيْهِ الْيَمين بِاللَّه فان حلف ضمن الْقيمَة وَإِن لم يحلف ضمن الدِّيَة وكل مَا ضمناه فِيهِ الْقيمَة فانه ينظر إِلَى أرش الْجِنَايَة فان كَانَ أقل من الْقيمَة فانما عَلَيْهِ الْأَرْش
وَإِذا جنى العَبْد جِنَايَة فَقَالَ الْمولى قد كنت بِعته من فلَان قبل الْجِنَايَة وَأقر بذلك فلَان أَو قَالَ هُوَ لفُلَان لم يكن لي قطّ وَأقر(4/599)
فلَان بذلك فان فلَانا بِالْخِيَارِ فان شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه لِأَن الْمولى الَّذِي كَانَ فِي يَده لم يبلغهُ إِذا أخرجه إِلَى ملك رجل يفْدِيه أَو يَدْفَعهُ وَلَو أنكر الرجل الْمقر لَهُ بذلك قيل للَّذي كَانَ فِي يَدَيْهِ ادفعه أَنْت أَو افده
وَلَو أَن عبدا فِي يَدي رجل جنى جِنَايَة فَقَالَ أهل الْجِنَايَة هُوَ عَبدك وَقَالَ الرجل هُوَ عبد استودعنيه رجل غَائِب فان اقام على ذَلِك بَيِّنَة أخر الْأَمر حَتَّى يقدم فلَان الْغَائِب وَإِن لم يقم على ذَلِك بَيِّنَة فَهُوَ الْخصم فِيهِ وَكَذَلِكَ لَو قَالَ هُوَ عَارِية فِي يَدي لفُلَان أَو إِجَارَة أَو رهن فان فدَاه فَهُوَ جَائِز وَمَتى مَا جَاءَ فلَان الْمقر لَهُ بِهِ كَانَ لَهُ أَن يَأْخُذ عَبده وَلَا يكون عَلَيْهِ من الْفِدَاء شَيْء من قبل أَنه لم يَأْمر الَّذِي فِي يَدَيْهِ العَبْد أَن يفْدِيه ويعرض عَنهُ وَإِن كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ دَفعه فَمَتَى مَا جَاءَ الْمقر لَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ سلم الدّفع وَبرئ من العَبْد وَإِن شَاءَ أَخذ العَبْد وَأعْطِي الْأَرْش وَإِن أنكر أَن يكون العَبْد لَهُ فَمَا صنع الأول فِيهِ من شَيْء فَهُوَ جَائِز وَقَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد لَو أَن عبدا فِي يَدي رجل وَالرجل مقرّ بِأَنَّهُ عبد لَهُ أَو لم يقر وَلم يُنكر فَأقر الْمولى على العَبْد بِجِنَايَة خطأ ثمَّ زعم الْمولى بعد ذَلِك أَنه لرجل آخر وَأَنه لم يملكهُ قطّ فَصدقهُ بذلك الرجل(4/600)
بِأَن العَبْد لَهُ وَكذبه بِالْجِنَايَةِ فان كَانَ الَّذِي كَانَ العَبْد فِي يَدَيْهِ قد كَانَ أقرّ أَنه عَبده فَعَلَيهِ أرش جَمِيع الْجِنَايَة وَهَذَا مِنْهُ اخْتِيَار لِأَنَّهُ أتْلفه باقراره وَإِن كَانَ الْمولى لم يكن أقرّ أَنه لَهُ حَتَّى أقرّ بِهِ لهَذَا الرجل فَالْعَبْد للْمقر لَهُ وَلَا يلْحق العَبْد وَلَا الْمولى الأول وَلَا الْمولى الآخر من الْجِنَايَة شَيْء لِأَن الْمولى لم يتْلف شَيْئا إِنَّمَا أقرّ على عبد غَيره فَلَا يجوز إِقْرَاره وَالْجِنَايَة إِذا كَانَت بِبَيِّنَة لَا يشبه الْجِنَايَة إِذا كَانَت باقرار الْمولى
وَإِذا جنى العَبْد جِنَايَة ثمَّ إِنَّه اعور أَو عمي أَو أَصَابَهُ بلَاء من السَّمَاء فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ ادفعه على حَاله أَو افده وَكَذَلِكَ لَو أَن الْمولى بَعثه فِي حَاجَة فَعَطب فِيهَا أَو استخدمه لم يكن عَلَيْهِ فِيهِ ضَمَان لِأَن لَهُ أَن يستخدمه وَلَو أذن لَهُ فِي التِّجَارَة بعد علمه بِجِنَايَتِهِ فَلحقه دين مثل الْقيمَة أَو أَكثر دَفعه بِالْجِنَايَةِ وَاتبعهُ أَصْحَاب الدّين فَاتَّبعُوهُ فِي دينهم ثمَّ ضمنُوا الْمولى قِيمَته لأهل الْجِنَايَة وَلَا يضمن الْأَرْش من قبل أَن هَذَا لَيْسَ بِاخْتِيَار مِنْهُ وَإِذا قتل العَبْد قَتِيلا خطأ ثمَّ فَقَأَ رجل عينه ثمَّ قتل آخر خطأ ثمَّ اخْتَار الْمولى أَن يَدْفَعهُ فانه يدْفع أرش الْعين إِلَى الأول وَيكون العَبْد بَينهمَا يضْرب فِيهِ الأول بِالدِّيَةِ إِلَّا مَا أَخذ من أرش الْعين وَيضْرب فِيهِ الآخر بِالدِّيَةِ وَالْأول أَحَق بِأَرْش الْعين لِأَنَّهُ لم يجن على الآخر إِلَّا وَهُوَ أَعور وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الَّذِي فقا عينه عبدا(4/601)
فَدفع بِهِ كَانَ الأول أَحَق بِهِ وَيضْرب بِالدِّيَةِ إِلَّا قيمَة العَبْد الَّذِي أَخذ فِي العور وَيضْرب الآخر بِالدِّيَةِ وَإِذا قتل العَبْد قَتِيلا خطأ وللمقتول وليان فَدفعهُ الْمولى إِلَى أَحدهمَا بِقَضَاء قَاض ثمَّ أَنه قتل عِنْده آخر فجَاء ولي الآخر وَالشَّرِيك الآخر فانه يُقَال للمدفوع إِلَيْهِ الأول ادْفَعْ نصفك إِلَى الآخر بِنصْف الدِّيَة أَو افده فان دَفعه برِئ من نصف الدِّيَة وَيرد النّصْف الْبَاقِي على الْمولى فَيُقَال لَهُ ادفعه أَو افده بِعشْرَة آلَاف وَخَمْسَة آلَاف للْآخر وَخَمْسَة آلَاف للأوسط فان دَفعه إِلَيْهِمَا اقتسماه على ذَلِك يضْرب فِيهِ الآخر بِخَمْسَة آلَاف وَيضْرب فِيهِ الْأَوْسَط بِخَمْسَة آلَاف وَيضمن الأول الَّذِي كَانَ عِنْده العَبْد الَّذِي جنى عِنْده الْجِنَايَة الثَّانِيَة ربع الْقيمَة للْمولى فيدفعها الْمولى إِلَى ولي الْقَتِيل الأول فَيكون فِي يَدي الأول ربع الْقيمَة وَربع عبد
وَإِذا قتل العَبْد قَتِيلا خطأ وَقتل آخر خطأ فَدفعهُ الْمولى إِلَى أَحدهمَا دون الآخر بِغَيْر قَضَاء قَاض فَقتل عِنْده قَتِيلا خطأ ثمَّ اجْتَمعُوا جَمِيعًا فَاخْتَارُوا الدّفع فان الأول الَّذِي دفع العَبْد إِلَيْهِ يُقَال لَهُ ادْفَعْ نصف العَبْد إِلَى الآخر ورد النّصْف الْبَاقِي على الْمولى فيدفعه الْمولى إِلَى الْأَوْسَط وَالْآخر وَيضْرب فِيهِ الآخر بِخَمْسَة الآف(4/602)
والأوسط بِعشْرَة آلَاف وَيضمن الْمولى سدس قيمَة العَبْد للأوسط وَيرجع بذلك الْمولى على الأول الَّذِي كَانَ فِي يَدَيْهِ وَإِذا قتل العَبْد قَتِيلا خطأ وفقأ عين آخر فَدفعهُ الْمولى إِلَى المفقوءة عينه فَقتل عِنْده قَتِيلا آخر ثمَّ اجْتَمعُوا فَاخْتَارُوا دَفعه فان صَاحب الْعين يدْفع ثلثه إِلَى الآخر لِأَنَّهُ لم يكن لَهُ إِلَّا ثلثه وَيرد الثُّلثَيْنِ على الْمولى فيدفعه الْمولى إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيلين يضْرب فِيهِ الأول بِعشْرَة آلَاف وَيضْرب فِي الآخر بِثُلثي الدِّيَة وَيضمن الْمولى للْأولِ سِتَّة أَجزَاء وثلثي جُزْء من سِتَّة عشر جُزْءا وثلثي جُزْء وَمن ثُلثي قيمَة العَبْد وَذَلِكَ خمْسا ثُلثي قيمَة العَبْد لِأَنَّهُ أتْلفه وَيرجع الْمولى بذلك على صَاحب الْعين من قبل أَن ولى الْقَتِيل الأول كَانَ لَهُ ثلثا العَبْد فَيدْخل عَلَيْهِ الآخر بِسِتَّة أَجزَاء وثلثي جُزْء من سِتَّة عشر جُزْءا وثلثي جُزْء من ثُلثي قيمَة العَبْد وَيرجع بذلك على الْمولى لِأَنَّهُ أتْلفه وَدفعه وَيرجع الْمولى بذلك على صَاحب الْعين(4/603)
وَإِذا قتلت الْأمة قَتِيلا خطأ ثمَّ ولدت بِنْتا ثمَّ ابْنَتهَا قتلت رجلا آخر خطأ ثمَّ إِن الِابْنَة قتلت الْأُم فَاخْتَارَ الْمولى دفع الِابْنَة فان أَوْلِيَاء الْقَتِيل الَّذِي قتلته الْأُم يضْربُونَ فِي الِابْنَة بِقِيمَة الْأُم وَيضْرب أَوْلِيَاء الْقَتِيل الَّذِي قتلته الِابْنَة بِالدِّيَةِ فَتكون الِابْنَة بَينهم على ذَلِك وَلَو اخْتَار الْمولى إمْسَاك الِابْنَة دفع دِيَة الْقَتِيل الَّذِي قتلته الِابْنَة إِلَى أوليائه وَدفع دِيَة الْأُم إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل الَّذِي قتلته الْأُم وَلَو لم يقتل الِابْنَة الْأُم وَلكنهَا فقأت عينهَا فَاخْتَارَ الْمولى دفع الِابْنَة وَالأُم بِالْجِنَايَةِ دفعت الْأُم إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل الَّذِي قتلته وتدفع الِابْنَة فَيضْرب فِيهَا أَوْلِيَاء الْقَتِيل الَّذِي قتلته الِابْنَة فِي الدِّيَة فِي الِابْنَة وَيضْرب أَصْحَاب الْأُم فِي الِابْنَة بِنصْف قيمَة الْأُم فَتكون الِابْنَة بَينهم على ذَلِك(4/604)
وَلَو أَن الْأُم أَيْضا فقأت عين الِابْنَة بعد فقئ الِابْنَة عينهَا وهما عِنْد الْمولى الأول ثمَّ اخْتَار الْمولى دفعهما فانه يَدْفَعهُ الِابْنَة فَيضْرب فِيهَا أَوْلِيَاء الْقَتِيل الَّذِي قتلته بِالدِّيَةِ وَيضْرب فِيهَا أَصْحَاب الْأُم بِنصْف قيمَة الْأُم فَيكون ذَلِك مَعَ الْأُم ثمَّ يدْفع الْأُم وَمَا أَصَابَهَا من أرش عينهَا من الِابْنَة فَيكون مَا كَانَ من الِابْنَة من ذَلِك لأولياء الْقَتِيل الَّذِي قتلته الْأُم ويضربون فِي الْأُم بِمَا بَقِي من الدِّيَة وَيضْرب فِيهَا أَصْحَاب الِابْنَة بِنصْف قيمَة الِابْنَة فَيكون بَينهم على ذَلِك وَلَو اخْتَار الْمولى الْفِدَاء فيهمَا أمسكهما جَمِيعًا وَأعْطِي ديتين لكل قَتِيل دِيَة وَإِذا قتلت الْأمة رجلا حرا خطأ ثمَّ إِنَّهَا ولدت ابْنا ثمَّ إِن ابْنهَا قَتلهَا فان الْمولى يُخَيّر فان شَاءَ أمْسكهُ وَأعْطى قيمَة الْأُم وَإِن شَاءَ دَفعه وَلَا يدْخل ولد الْأمة وَلَا كسبها وَلَا غَلَّتهَا فِي جِنَايَة جنتها فان كَانَ الْكسْب وَالْولد بعد ذَلِك أَو قبله فَهُوَ سَوَاء وَقد يدْخل ذَلِك فِي الدّين الَّذِي عَلَيْهَا إِذا ولدت بعد الدّين
وَلَو كَانَت جنايتها فِي شَيْء من الْعرُوض أَو الْحَيَوَان سوى الرَّقِيق كَانَ ذَلِك دينا فِي عُنُقهَا فان ولدت ولدا بعد ذَلِك أَو اكْتسبت مَالا كَانَت هِيَ وَمَالهَا وكسبها وَوَلدهَا فِي ذَلِك الدّين حَتَّى يَسْتَوْفِي(4/605)
وَإِذا جنت الْأمة وَهِي حَامِل ثمَّ ولدت ولدا قبل أَن يَدْفَعهَا الْمولى فَالْوَلَد للْمولى فان ولدت آخر بعد الدّفع فَهُوَ للمدفوعة إِلَيْهِ الْأُم
وَإِذا جنت الْأمة جِنَايَة خطأ ثمَّ ولدت ولدا ثمَّ إِن وَلَدهَا قطع يَدهَا فان الْمولى يُخَيّر فان شَاءَ دفع الْأُم وَنصف قيمتهَا إِلَى أهل الْجِنَايَة وَإِن شَاءَ دَفعهَا وَابْنهَا وَإِن شَاءَ أمسكهما جَمِيعًا وَأعْطِي الْأَرْش وَوَلدهَا عبد لمولاها وَإِن كَانَ أرش الْجِنَايَة أقل من نصف قيمتهَا أَو مثل نصف قيمتهَا فَأعْطى نصف قيمتهَا لم يكن عَلَيْهِ إِلَّا ذَلِك وَلَو جنى عَلَيْهَا عبد لغيره فَأخذ أرش ذَلِك أعطي من ذَلِك أرش جنايتها وَأمْسك مَا بَقِي وَإِذا اخْتلف مولى الْأمة وَأهل الْجِنَايَة فِي الْأمة فَقَالُوا جنت علينا وَهِي صَحِيحَة ثمَّ فَقَأَ رجل عينهَا فالأرش لنا وَقَالَ الْمولى بل جنت عَلَيْكُم وَهِي عوراء بعد الفقئ فان القَوْل قَول الْمولى مَعَ يَمِينه وعَلى أهل الْجِنَايَة الْبَيِّنَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الَّذِي جنى عَلَيْهَا بعض وَرَثَة الْقَتِيل أَو الْقَتِيل نَفسه فَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِك وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد رَضِي الله عَنْهُم
- بَاب جِنَايَة العَبْد فِي الْبِئْر
- وَإِذا احتفر العَبْد بِئْرا بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ فِي الطَّرِيق ثمَّ أعْتقهُ الْمولى قبل أَن يعلم بِالْحفرِ ثمَّ وَقع فِيهَا رجل فَمَاتَ كَانَ على الْمولى قيمَة العَبْد لذَلِك الرجل فان وَقع فِيهَا آخر اشْتَركَا فِي تِلْكَ الْقيمَة فان وَقع فِيهَا العَبْد فَمَاتَ فانه يشْتَرك وَرَثَة العَبْد فِي تِلْكَ الْقيمَة أَصْحَابهَا الَّذين أخذوها وَلَو أعْتقهُ بعد مَا وَقع فِيهَا رجل وَهُوَ لَا يعلم كَانَ مثل ذَلِك أَيْضا عتقه(4/606)
قبل وُقُوع الرجل وَبعد وُقُوعه بعد أَن يكون لَا يعلم فَذَلِك كُله سَوَاء وَإِذا وَقع فِيهَا رجل فَمَاتَ فَأعتق الْمولى العَبْد وَهُوَ يعلم وُقُوع الرجل وَمَوته كَانَ عَلَيْهِ الدِّيَة لِأَن ذَلِك اخْتِيَار مِنْهُ فان وَقع فِيهَا آخر فَمَاتَ فانه يقاسم صَاحب الدِّيَة فَيضْرب الآخر بِقِيمَة العَبْد وَيضْرب الأول بِالدِّيَةِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِن على الْمولى نصف قيمَة أُخْرَى لولى الْقَتِيل الآخر من قبل أَن عتقه بِمَنْزِلَة اخْتِيَار العَبْد أَرَأَيْت لَو أمسك العَبْد وَلم يعتقهُ وَأعْطِي الدِّيَة أما كَانَ عَلَيْهِ أَن يفْدِيه أَو يدْفع نصفه وَإِذا وَقع فِيهَا رجل فَمَاتَ وَوَقع فِيهَا آخر بعد فَذَهَبت عينه وَالْعَبْد قَائِم بِعَيْنِه فانه يُقَال للْمولى ادفعه إِلَيْهِمَا فَيكون بَينهمَا على ثَلَاثَة أسْهم لصَاحب الْعين الثُّلُث وَلِصَاحِب النَّفس الثُّلُثَانِ فان أمْسكهُ وفداه بِخَمْسَة عشر ألفا فَذَلِك لَهُ وَإِن كَانَ أعْتقهُ قبل أَن يعلم فَعَلَيهِ قِيمَته بَينهم أَثلَاثًا وَإِن كَانَ يعلم ابالقتل وَلَا يعلم بِالْعِتْقِ فَعَلَيهِ عشرَة آلَاف لولى الْقَتِيل وَعَلِيهِ ثلث الْقيمَة لصَاحب الْعين لِأَنَّهُ مُخْتَار فِي الْقَتِيل وَلَيْسَ بمختار فِي الْعين وَلَو بَاعَ العَبْد قبل أَن يَقع فِيهَا أحد ثمَّ وَقع فِيهَا آخر بعد ذَلِك فَمَاتَ فان على الْمولى قيمَة العَبْد وَكَذَلِكَ لَو وَقع فِيهَا العَبْد نَفسه فَمَاتَ(4/607)
كَانَ على الْمولى قيمَة العَبْد وَكَذَلِكَ لَو وَقع فِيهَا العَبْد نَفسه فَمَاتَ كَانَ على الْمولى قِيمَته لمَوْلَاهُ الآخر وَإِن كَانَ قد أعتق العَبْد فَوَقع العَبْد فِيهَا وَهُوَ حر فان على الْمولى قِيمَته لوَرَثَة العَبْد فان وَقع فِيهَا آخر شركهم فِي الْقيمَة لَا يغرم فِيهَا أَكثر من قيمَة وَاحِدَة لِأَنَّهُ جِنَايَة وَاحِدَة
وَإِذا حفر العَبْد بِئْرا فِي دَار رجل بِغَيْر أمره فَوَقع فِيهَا إِنْسَان من أهل الدرا فَمَاتَ فانه يُخَيّر مولى العَبْد فان شَاءَ فدَاه بِالدِّيَةِ وَإِن شَاءَ دَفعه
وَإِذا حفر العَبْد بِئْرا فِي طَرِيق الْمُسلمين فَوضع فِيهَا حجرا فَوَقع فِيهَا رجل على الْحجر فَقتله الْحجر فان دِيَته فِي رَقَبَة العَبْد يَدْفَعهُ مَوْلَاهُ بِهِ أَو يفْدِيه فان كَانَ الْحر هُوَ الَّذِي حفر الْبِئْر وَوضع العَبْد الْحجر فِي الْبِئْر فان دِيَة الْقَتِيل على عَاقِلَة الْحر لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَقع بِالْحفرِ
وَإِذا حفر العَبْد بِئْرا فِي طَرِيق الْمُسلمين فَوَقع فِيهَا رجل فَمَاتَ فَقَالَ الْمولى أَنا كنت أَمرته بذلك لكَي تضمن عَاقِلَته فانه لَا يصدق على ذَلِك إِلَّا أَن تقوم على ذَلِك بَيِّنَة وَالْجِنَايَة فِي رَقَبَة العَبْد يَدْفَعهُ مَوْلَاهُ بهَا أَو يفْدِيه إِذا أكذبه ولي الْجِنَايَة وَإِذا اسْتَأْجر الرجل حرا وعبدا يحفران لَهُ بِئْرا فِي الطَّرِيق فَوَقع عَلَيْهِمَا فماتا وَالْعَبْد مَحْجُورا عَلَيْهِ فان على الَّذِي اسْتَأْجر قِيمَته لمَوْلَاهُ ولورثة الْحر تِلْكَ الْقيمَة إِن كَانَت أقل من نصف الدِّيَة وَيرجع بهَا الْمولى على الْمُسْتَأْجر وعَلى عَاقِلَة الْحر نصف قيمَة العَبْد فَيكون الْمُسْتَأْجر الْآن قد غرم(4/608)
قيمَة وَنصف وَلَو كَانَ العَبْد مَأْذُونا لَهُ فِي الْعمد لم يكن على الْمُسْتَأْجر شَيْء وَكَانَ على عَاقِلَة الْحر نصف قيمَة العَبْد لوَرَثَة الْحر وَإِذا حفر العَبْد بِئْرا فِي طَرِيق الْمُسلمين بِغَيْر أَمر الْمولى ثمَّ قتل قَتِيلا خطأ فَدفعهُ مَوْلَاهُ إِلَى ولي الْقَتِيل ثمَّ وَقع فِي الْبِئْر إِنْسَان فَمَاتَ فان ولى الْقَتِيل بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع نصف العَبْد إِلَى ولي الْقَتِيل فِي الْبِئْر وَإِن شَاءَ فدَاه بِعشْرَة آلَاف وَلَو لم يقتل خطأ حَتَّى وَقع فِي الْبِئْر إِنْسَان فَمَاتَ فَدفعهُ مَوْلَاهُ ثمَّ قتل عِنْد الْمَدْفُوع إِلَيْهِ قَتِيلا خطأ فَدفعهُ بذلك ثمَّ وَقع فِي الْبِئْر آخر فان ولى الْقَتِيل يدْفع ثلثه إِلَى ولي الْوَاقِع فِي الْبِئْر أخيرا أَو يفْدِيه بِعشْرَة آلَاف وَإِنَّمَا صَار يدْفع ثلثه إِلَى ولي الْوَاقِع لِأَنَّهُ قد قتل اثْنَيْنِ فِي الْبِئْر وواحدا بِيَدِهِ فَصَارَ حِصَّة صَاحب الْبِئْر الأول الَّذِي قَتله بِيَدِهِ مَعَ حِصَّته فَصَارَ ذَلِك الثُّلثَيْنِ من العَبْد وَصَارَ إِنَّمَا يدْفع الثُّلُث أَو يفْدِيه بِعشْرَة آلَاف
- بَاب جِنَايَة الْمُدبر فِي حفر الْبِئْر
- وَإِذا حفر الْمُدبر بِئْرا أَو أم ولد فِي طَرِيق الْمُسلمين وَقِيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا ألف دِرْهَم فَوَقع فِيهَا إِنْسَان فَمَاتَ فعلى الْمولى قيمَة الْمُدبر أَو أم الْوَلَد أَيهمَا حفر الْبِئْر يُؤَدِّيهَا إِلَى ولي الْقَتِيل فان وَقع فِيهَا آخر لم يكن على الْمولى شَيْء بعد الْقيمَة الأولى ويشرك أَوْلِيَاء الْقَتِيل الآخر أَوْلِيَاء الْقَتِيل(4/609)
الأول فِي تِلْكَ الْقيمَة فان كَانَ الْمُدبر قد زَاد خيرا حَتَّى صَار يُسَاوِي أَلفَيْنِ فَوَقع الثَّانِي ثمَّ ازْدَادَ شرا حَتَّى دخله عيب نَقصه خَمْسمِائَة حَتَّى صَار يُسَاوِي ألف وَخَمْسمِائة ثمَّ وَقع فِيهَا آخر فَمَاتَ فانه لَا شَيْء على الْمولى غير الْقيمَة الأولى ألف دِرْهَم بَينهم أَثلَاثًا بِالسَّوِيَّةِ
وَلَو لم يَقع فِي الْبِئْر إِنْسَان حَتَّى مَاتَ الْمُدبر ثمَّ وَقع فِيهَا إِنْسَان فَمَاتَ فان على مولى الْمُدبر قِيمَته من قبل أَنه مُدبر وَأَنه لم يكن يقدر على دَفعه حَيْثُ جنى
وَلَو كَانَت قِيمَته ألفا ثمَّ نقصت حَتَّى صَار يُسَاوِي خَمْسمِائَة فَمَاتَ ثمَّ وَقع فِيهَا رجل فَمَاتَ فان على الْمولى ألف دِرْهَم بَينهمَا نِصْفَيْنِ
وَلَو جنى الْمُدبر جِنَايَة بِيَدِهِ فانه لَيْسَ على مَوْلَاهُ شَيْء ويشاركهم ولي الْقَتِيل الآخر فِي تِلْكَ الْقيمَة فان كَانَ جنى على الآخر وَقِيمَته أَلفَانِ فان ألفا على الْمولى الآخر وَالْألف الأولى بَينهم يضْرب فِيهَا الآخر بِتِسْعَة آلَاف وَالْأول بِعشْرَة آلَاف وَإِذا اسْتَأْجر الرجل أَرْبَعَة رَهْط عبدا ومكاتبا ومدبرا وحرا يحفرون بِئْرا فِي طَرِيق الْمُسلمين فَوَقَعت عَلَيْهِم فماتوا من حفرهم وَلم يُؤذن للمدبر وَلَا للْعَبد فِي الْعَمَل فان على الْمُسْتَأْجر قيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا لمَوْلَاهُ ولورثة الْحر ربع دِيَة الْحر فِي رَقَبَة كل إِنْسَان مِنْهُم وَينظر إِلَى ربع الدِّيَة وَربع قيمَة الْمكَاتب وَإِلَى قِيمَته فَيَأْخُذ وَرَثَة الْحر وورثة الْمكَاتب(4/610)
الْأَقَل من ذَلِك وَيرجع مواليهما بذلك على الْمُسْتَأْجر وللمستأجر على عَاقِلَة الْحر ربع قيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا وللمكاتب فِي رَقَبَة كل وَاحِد مِنْهُمَا ربع قِيمَته فِي قيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا فبعضه قصاص من بعض وَإِن كَانَ فِي قيمَة أحدهم فضل ترادا الْفضل وَربع قيمَة الْمكَاتب على عَاقِلَة الْحر ثمَّ يَأْخُذهَا وَرَثَة الْحر إِلَّا أَن يكون أَكثر من ربع الدِّيَة فَيَأْخُذُونَ ربع الدِّيَة ويردون الْفضل على مولى الْمكَاتب وَلكُل وَاحِد من الْعَبْدَيْنِ ربع قِيمَته فِي قيمَة الآخر وَلَكِن ذَلِك على الْمُسْتَأْجر فَهُوَ لَهُ فان كَانَ العبدان مَأْذُونا لَهما فِي التِّجَارَة فَلَا ضَمَان على الْمُسْتَأْجر وَالْإِذْن هَاهُنَا أَن يأمرهما الْمولى بِالْعَمَلِ أَو يراهما يعملان فَرضِي بذلك أَو يأمرهما بأَدَاء الْغلَّة فاذا كَانَ هَكَذَا فهما مَأْذُون لَهما وَربع قيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي عنق صَاحبه وَربع قيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا على عَاقِلَة الْحر وَثَلَاثَة أَربَاع دِيَة الْحر فِي أَعْنَاقهم فِي عنق كل وَاحِد مِنْهُم ربع ربع فاذا عقلت عَاقِلَة الْحر ربع قيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا عزل لكل وَاحِد مِنْهُمَا ربع قِيمَته وَيُؤْخَذ من مولى الْمُدبر قيمَة الْمُدبر كَامِلَة بعد أَن يكون الْقيمَة أقل مِمَّا عَلَيْهِ من ذَلِك فَيقسم بَينهم يضْرب وَرَثَة الْحر بِربع الدِّيَة وَمولى العَبْد بِربع الْقيمَة وَمولى الْمكَاتب بِربع الْقيمَة فان كَانَ الْمكَاتب ترك وَفَاء أَخذ من تركته تَمام قِيمَته إِن كَانَت قِيمَته أقل مِمَّا عَلَيْهِ من ذَلِك يضْرب فِيهَا وَرَثَة الْحر بِربع الدِّيَة وَمولى العَبْد بِربع الْقيمَة ثمَّ يُؤْخَذ من مولى العَبْد جَمِيع مَا أَخذ من ذَلِك يضْرب(4/611)
فِيهِ وَرَثَة الْحر بِربع دِيَة الْحر وَمولى الْمُدبر بِربع قيمَة الْمُدبر وَمولى الْمكَاتب بِربع قيمَة الْمكَاتب
- بَاب جِنَايَة الكنيف والميزاب
- وَإِذا أخرج الرجل من دَاره كنيفا شَارِعا على الطَّرِيق أَو ميزابا أَو جرصنا فَذَلِك كُله سَوَاء وَكَذَلِكَ إِن أخرج صلاية من حَائِطه وَكَذَلِكَ الْبَقَّال يخرج خَشَبَة ينصبها على الطَّرِيق فَمَا أصَاب من ذَلِك حشية يتزين بِهِ الْحَائِط يبْنى لإِنْسَان فجرحه أَو قَتله فَهُوَ على عَاقِلَة الَّذِي أخرجه إِذا كَانَت نفسا أَو جِرَاحَة يبلغ خَمْسمِائَة فَصَاعِدا وَإِن كَانَ أقل من ذَلِك فَهُوَ فِي مَاله أَبُو يُوسُف قَالَ حَدثنَا نَحْو من ذَلِك عَطاء بن السَّائِب عَن مُحَمَّد بن عبيد الله عَن شُرَيْح وَإِن وَقع الكنيف أَو الْمِيزَاب على رجل فَقتله فديته على عَاقِلَة الَّذِي أَمر باخراجه وَلَا يكون على الَّذِي أخرجه شَيْء فان أَصَابَهُ الَّذِي فِي جَوف الْحَائِط مِنْهُ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ وَإِن اصابه الدَّاخِل وَالْخَارِج فَعَلَيهِ نصف الدِّيَة على عَاقِلَته(4/612)
وَإِذا بَاعَ رب الدَّار وَقد أشرع مِنْهَا كنيفا فَأصَاب رجلا فَالضَّمَان على البَائِع الأول لِأَنَّهُ هُوَ أخرجه وَكَذَلِكَ الرجل يَجْعَل ظلة على الطَّرِيق فَمَا اصاب من شَيْء فَهُوَ لَهُ ضَامِن وَكَذَلِكَ الرجل وضع الخشسبة فِي الطَّرِيق أَو يَبْنِي دكانا فَمَا أصَاب من ذَلِك من شَيْء فَهُوَ ضَامِن
وَلَو وضع رجل على الطَّرِيق شَيْئا فيعثر بِهِ فَوَقع فَمَاتَ كَانَ لَهُ ضَامِنا فان وطئ عَلَيْهِ فَوَقع فَمَاتَ كَانَ لَهُ ضَامِنا إِن لَا يتَعَمَّد الْمَشْي عَلَيْهِ فان كَانَ تعقل بِهِ عمدا فَعَطب فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِذا اخْتلف وَاضع الْحجر وَولى الْقَتِيل فِي ذَلِك فَقَالَ وَاضع الْحجر تعمد التعقل بِهِ وَكذبه الولى فَالْقَوْل قَول الولى وَصَاحب الْحجر ضَامِن لعاقلته وَلَا تضمن الْعَاقِلَة حَتَّى يشْهد شَاهِدَانِ أَن هَذَا وَضعه وَأَن هَذَا تعقل بِهِ وَلَو أقرّ هُوَ أَنه وَضعه من غير أَن يشْهد الشُّهُود عَلَيْهِ كَانَ عَلَيْهِ خَاصَّة فِي مَاله دون الْعَاقِلَة وَهَذَا قَول أبي يُوسُف الأول ثمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُف عَن هَذَا وَقَالَ القَوْل قَول وَاضع الْحجر مَعَ يَمِينه أَنه تعمد التعقل بِهِ وعَلى الآخر الْبَيِّنَة لِأَنَّهُ مُدع وَهُوَ قَول مُحَمَّد
وَإِذا تعقل بِحجر فَوَقع على حجر أَيْضا فَمَاتَ فديته على صَاحب الْحجر الأول كَأَنَّهُ دَفعه فان لم يكن للحجر الأول وَاضِعا فديته على عَاقِلَة صَاحب الْحجر الآخر أَيْضا وَلَا كَفَّارَة على وَاضع حجر فِي الطَّرِيق وَلَا مخرج كنيف وَلَا ميزاب أَو جرصن وَلَا يحرم الْمِيرَاث(4/613)
من قبل أَنه لم يقتل بِيَدِهِ إِنَّمَا أَقتلهُ عمله وَشَيْء أحدثه فِي الطَّرِيق
- بَاب الْغَصْب فِي الرَّقِيق فِي الْجِنَايَة
- وَإِذا اغتصب الرجل عبدا من رجل فَقتل العَبْد عِنْده قَتِيلا خطأ ثمَّ اجْتمع الْمولى وأولياء الْقَتِيل فان العَبْد يرد إِلَى مَوْلَاهُ ثمَّ يُقَال لمَوْلَاهُ ادفعه أَو افده وَيرجع على الْغَاصِب بِقِيمَتِه يَوْم غصبه إِيَّاه دفع أَو فدَاه وَإِن كَانَ زَاد عِنْده خيرا فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَة شَيْء وَإِن كَانَ تغير مِنْهُ شَيْء بِعَيْب قبل الْجِنَايَة فَهُوَ ضَامِن لذَلِك وَإِنَّمَا على الْمولى أَن يدْفع العَبْد بِالْجِنَايَةِ يَوْم يختصمون فِيهِ أَو يفْدِيه فان كَانَ جنى قبل النُّقْصَان ثمَّ نقص عِنْد الْغَاصِب فَذهب عينه فَأخذ الْمولى العَبْد فَدفعهُ فانه يرجع على الْغَاصِب بِقِيمَتِه يَوْم غصبه إِيَّاه وَيدْفَع إِلَى أَوْلِيَاء الْجِنَايَة نصفهَا وَيرجع بذلك النّصْف على الْغَاصِب وَإِن كَانَ اعور قبل الْجِنَايَة كَانَ نصف الْقيمَة للْمولى وَيرجع الْمولى على الْغَاصِب بِقِيمَتِه أَعور
وَإِذا اغتصب الرجل عبدا فَهُوَ ضَامِن لَهُ وَلما جنى عِنْده من جِنَايَة أَو لحقه من دين مَا بَينه وَبَين قِيمَته وَلَا يضمن أَكثر من ذَلِك فِي جَمِيع هَذَا
وَإِذا اغتصب الرجل عبدا فَقتل عِنْده قَتِيلا خطأ ثمَّ مَاتَ العَبْد فان عَلَيْهِ الْقيمَة للْمولى فيدفعها الْمولى إِلَى أهل الْجِنَايَة ثمَّ يغرم لَهُ الْغَاصِب قيمَة أُخْرَى حَتَّى يخلص فِي يَدي الْمولى قِيمَته بعد الْجِنَايَة
وَلَو لم يمت العَبْد وَلكنه ذهبت عينه بعد مَا قتل عِنْده فَدفعهُ إِلَى(4/614)
الْمولى أَعور فَقتل عِنْده قَتِيلا آخر ثمَّ اجْتمع أهل الجناتين جَمِيعًا فَدفعهُ الْمولى بالجنايتين فانه يَأْخُذ نصف قِيمَته من الْغَاصِب فيدفعها إِلَى الْوَلِيّ الأول ثمَّ يضْرب الأول فِي العَبْد بِالدِّيَةِ إِلَّا مَا أَخذ وَيضْرب الآخر بِالدِّيَةِ ثمَّ يرجع الْمولى على الْغَاصِب بذلك النّصْف الْقيمَة الَّتِي أخذت مِنْهُ وَمَا أصَاب الأول من قيمَة العَبْد أَعور ثمَّ يرجع أَوْلِيَاء الْجِنَايَة الأولى فِيمَا أَخذ الْمولى من ذَلِك بِتمَام قيمَة العَبْد صَحِيحا وَيرجع الْمولى على الْغَاصِب بِمثل مَا أَخذ وَيكون ذَلِك للْمولى خَاصَّة وَإِذا اغتصب رجل عبدا فَقتل عِنْده قَتِيلا خطأ ثمَّ دَفعه إِلَى الْمولى فَقتل عِنْده آخر خطأ فَاخْتَارَ الْمولى دَفعه بالجنايتين فانه يكون بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَيَأْخُذ الْمولى من الْغَاصِب نصف قيمَة العَبْد فيدفعها إِلَى ولي الْقَتِيل الأول وَيرجع بِمثل ذَلِك أَيْضا على الْغَاصِب فَيكون للْمولى خَاصَّة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ زفر وَمُحَمّد يَأْخُذ الْمولى نصف الْقيمَة من الْغَاصِب فَيسلم لَهُ وَلَا يَدْفَعهُ إِلَى ولي الْجِنَايَة الأولى لِأَنَّهُ قد دفع هَذَا النّصْف مرّة فَلَا يَدْفَعهُ مرّة أُخْرَى
وَإِذا اغتصب الرجل عبدا قد قتل عِنْد مَوْلَاهُ قَتِيلا فَقتل عِنْده آخر فَدفعهُ الْغَاصِب إِلَى الْمولى فَاخْتَارَ الْمولى دَفعه فانه يَأْخُذ من الْغَاصِب نصف الْقيمَة فيدفعها إِلَى الأول ويقاسمان العَبْد نِصْفَيْنِ وَلَا يرجع الْمولى بذلك على الْغَاصِب لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخذ مِنْهُ الَّذِي جنى عَبده عَلَيْهِ وَإِذا اغتصب الرجل عبدا وَجَارِيَة قيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا ألف فَقتل كل وَاحِد مِنْهُمَا عِنْده قَتِيلا خطأ ثمَّ قتل العَبْد الْجَارِيَة ثمَّ رده(4/615)
الْغَاصِب إِلَى الْمولى فَاخْتَارَ الْمولى دَفعه فانه يَدْفَعهُ يضْرب فِيهِ أَوْلِيَاء قَتِيل العَبْد بِالدِّيَةِ وَيضْرب فِيهِ أَوْلِيَاء الْجَارِيَة بِقِيمَتِهَا وَيرجع الْمولى على الْغَاصِب بِقِيمَة العَبْد ثمَّ يرجع عَلَيْهِ بِقِيمَة الْجَارِيَة فَيدْفَع من قيمَة الْجَارِيَة إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل الَّذِي قتلته الْجَارِيَة تَمام قيمتهَا وَيرجع بِهِ الْمولى على الْغَاصِب وَيَأْخُذ أَوْلِيَاء الْقَتِيل الَّذِي قَتله العَبْد من قيمَة العَبْد الَّذِي أَخذهَا الْمولى من الْغَاصِب تَمام قيمَة العَبْد وَيرجع الْمولى بذلك على الْغَاصِب وَلَو أَن الْمولى اخْتَار إمْسَاك العَبْد كَانَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي الدِّيَة إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل الَّذِي قتل عِنْده صَاحبهمْ وَيُؤَدِّي قيمَة الْجَارِيَة إِلَى ولي قَتِيل الْجَارِيَة وَيرجع على الْغَاصِب بِقِيمَة العَبْد وَقِيمَة الْجَارِيَة
وَإِذا اغتصب الرجل عبدا وَجَارِيَة قيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا ألف فَقتل كل وَاحِد مِنْهُمَا عِنْده قَتِيلا ثمَّ قتل العَبْد الْجَارِيَة ثمَّ رده الْغَاصِب إِلَى الْمولى فانه يرد مَعَه قيمَة الْجَارِيَة فيدفعها الْمولى إِلَى ولي قَتِيل الْجَارِيَة وَيرجع بهَا على الْغَاصِب ثمَّ يُخَيّر الْمولى فِي الْغُلَام بَين الدّفع وَالْفِدَاء فان اخْتَار الْفِدَاء فدَاه بِالدِّيَةِ وَرجع بِقِيمَتِه على الْغَاصِب وَإِن اخْتَار الدّفع دفع الْغُلَام كُله إِلَى ولي قَتِيل الْغُلَام فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَرجع بِقِيمَتِه على الْغَاصِب وَأما فِي قِيَاس قَول أبي يُوسُف وَهُوَ قَول مُحَمَّد فان اخْتَار الْفِدَاء فدَاه بِالدِّيَةِ لولى قَتِيل الْغُلَام وَلَا يرجع بِقِيمَتِه على الْغَاصِب لِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يفْدِيه ايضا بِقِيمَة الْجَارِيَة يَدْفَعهَا إِلَى الْغَاصِب لِأَن الْجَارِيَة صَارَت لَهُ ثمَّ يرجع عَلَيْهِ بِقِيمَة الْغُلَام(4/616)
وَهِي مثل تِلْكَ الْقيمَة فَصَارَ قصاصا وَإِن اخْتَار الدّفع دَفعه إِلَى ولي قَتِيل الْغُلَام وَإِلَى الْغَاصِب على أحد عشر جزأ لوَلِيّ قَتِيل الْغُلَام عشرَة أَجزَاء وللغاصب جُزْء لِأَن الْغَاصِب صَار كَأَن الْجَارِيَة كَانَت لَهُ ثمَّ يرجع الْمولى على الْغَاصِب بِقِيمَة الْغُلَام فَيدْفَع مِنْهَا جزأ من أحد عشر جزأ إِلَى ولي قَتِيل الْغُلَام ثمَّ يرجع بِهِ على الْغَاصِب فَيصير فِي يَدي الْمولى قيمَة الْغُلَام تَامَّة وَقِيمَة الْجَارِيَة وَيصير فِي يَدي ولي قَتِيل الْغُلَام عشرَة أَجزَاء من أحد عشر جزأ من العَبْد وجزء من أحد عشر جزأ من قِيمَته وَيصير فِي يَدي الْغَاصِب من الْغُلَام جُزْء من أحد عشر جزأ وَيصير فِي يَدي ولي قَتِيل الْجَارِيَة قيمَة الْجَارِيَة فان كَانَ الْغَاصِب مُعسرا وَلم يقدر عَلَيْهِ وَاخْتَارَ الْمولى الدّفع وَقَالَ ولي قَتِيل الْجَارِيَة لَا أضْرب بِقِيمَة الْجَارِيَة فِي الْغُلَام وَلَكِن أنظر فان خرجت قيمَة الْجَارِيَة أَخَذتهَا كَانَ لَهُ ذَلِك وَدفع الْغُلَام كُله فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة إِلَى ولي قَتِيل الْغُلَام وَيرجع الأول على الْغَاصِب بِقِيمَتِه وبقيمة الْجَارِيَة فيدفعها إِلَى ولي قَتِيل الْجَارِيَة ثمَّ يرجع عَلَيْهِ بهَا فَيصير فِي يَدَيْهِ قيمتان وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَهُوَ قَول مُحَمَّد فانه يدْفع من العَبْد عشرَة أَجزَاء من أحد عشر جزأ إِلَى ولي قَتِيل الْغُلَام وَيتْرك الْجُزْء فِي يَدَيْهِ فان خرجت قيمَة الْجَارِيَة أَخذهَا وَدفعهَا إِلَى ولي قتيلها ثمَّ يرجع بهَا فَيصير الْغَاصِب كَأَن الْجَارِيَة كَانَت لَهُ فَيُقَال للْمولى(4/617)
ادْفَعْ هَذَا الْجُزْء إِلَى الْغَاصِب أَو افده بِقِيمَة الْجَارِيَة فان دَفعه رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَة الْغُلَام فَيدْفَع مِنْهَا إِلَى ولي قَتِيل الْغُلَام جزأ من أحد عشر جزأ وَيرجع بِهِ على الْغَاصِب وَإِن فدَاه فدَاه بِقِيمَة الْجَارِيَة وَيرجع بِقِيمَة الْغُلَام فَذَلِك قصاص وَيدْفَع مَكَان ذَلِك الْجُزْء إِلَى ولي قَتِيل الْغُلَام جزأ من أحد عشر جزأ من قِيمَته وَيرجع بِمثلِهِ على الْغَاصِب من الْقيمَة فان قَالَ ولي الْقَتِيل قَتِيل الْجَارِيَة أَنا أضْرب فِي الْغُلَام بِقِيمَتِهَا وَدفع إِلَيْهِم يضْرب ولي قَتِيل الْجَارِيَة بِقِيمَتِهَا وَيضْرب ولي قَتِيل الْغُلَام بِالدِّيَةِ فَيكون بَينهم على أحد عشر جزأ فان قدر على الْغَاصِب أَو أيسر أدّى إِلَى الْمولى قيمَة الْغُلَام وَقِيمَة الْجَارِيَة فَيدْفَع من قيمَة الْغُلَام إِلَى ولي قَتِيل الْغُلَام جزأ من أحد عشر جزأ من قِيمَته وَيرجع بِهِ على الْغَاصِب وَلَيْسَ لولى قَتِيل الْجَارِيَة إِلَّا مَا أَصَابَهُ من الْغُلَام وَلَا يُعْطي من قيمَة الْجَارِيَة شَيْئا لِأَن حَقه كَانَ فِي قيمَة الْجَارِيَة فَصَارَ كَأَنَّهُ صَالح بِهَذَا الْقدر من جَمِيع حَقه وَقد ذكر قبل هَذَا أَنه يرجع فِي قيمَة الْجَارِيَة بِتمَام حَقه وَإِن اخْتَار الْمولى الْفِدَاء فدَاه بِعشْرَة آلَاف وبقيمة الْجَارِيَة وَرجع على الْغَاصِب بِقِيمَة الْغُلَام وبقيمتين فِي الْجَارِيَة قيمَة مَكَان الْقيمَة الَّتِي أَدَّاهَا وَقِيمَة بِالْغَصْبِ فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قِيَاس قَول أبي يُوسُف وَقَول مُحَمَّد فان أدّى الْغَاصِب قيمَة الْغُلَام وقيمتين فِي الْجَارِيَة صَار كَأَن الْجَارِيَة كَانَت لَهُ فَيُقَال للْمولى ادْفَعْ جزأ من أحد(4/618)
عشر جزأ من العَبْد إِلَيْهِ أَو افده بِقِيمَة الْجَارِيَة فأيما ذَلِك فعل لم يرجع على الْغَاصِب بِشَيْء وَإِذا اغتصب الرجل عبدا فَقتل مَوْلَاهُ أَو قتل عبدا لمَوْلَاهُ وَقِيمَته أَكثر من قِيمَته ثمَّ رده الْغَاصِب على مَوْلَاهُ فان الْغَاصِب ضَامِن لقيمة العَبْد الَّذِي اغتصب أَلا ترى أَن العَبْد المغتصب لَو قتل نَفسه ضمنته الْغَاصِب فَكَذَلِك قَتله عبد مَوْلَاهُ أَو مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ لَو اسْتهْلك الْمولى مَوْلَاهُ أَو عبد مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ لَو اسْتهْلك الْمولى مَالا أَو مَتَاعا يبلغ قِيمَته أَو يزِيد فان كَانَ لَا يبلغ قِيمَته فانما يضمن الْغَاصِب الْأَقَل من ذَلِك وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِن الْغَاصِب لَا يضمن من ذَلِك شَيْئا لِأَن العَبْد لَا يلْحقهُ من هَذَا شَيْء أَلا ترى أَنه لَا يدْفع بِشَيْء مِنْهُ وَلَا يُبَاع فِيهِ وَلَيْسَ هَذَا كقتله نَفسه وَإِذا اغتصب الرجل عبدا ثمَّ أمره أَن يقتل رجلا فَقتله ثمَّ رد إِلَى مَوْلَاهُ فَقتل عِنْده آخر فَاخْتَارَ الْمولى أَن يَدْفَعهُ فانه يَدْفَعهُ إِلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَيضمن الْغَاصِب نصف قِيمَته فيدفعها إِلَى الْمولى ويدفعها الْمولى إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل الأول ثمَّ يرجع بهَا الْمولى على الْغَاصِب وَأمر الْغَاصِب هَاهُنَا وَغير أمره سَوَاء من قبل أَنه جنى وَهُوَ بِيَدِهِ وَهُوَ قَول(4/619)
أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَأما فِي قَول زفر وَمُحَمّد فانه يَأْخُذ الْمولى من الْغَاصِب نصف الْقيمَة الأولى فَيسلم لَهُ وَلَا يدْفع إِلَى ولي الْجِنَايَة الأولى من قبل أَنه جنى وَهُوَ فِي يَده
وَلَو أَن أَوْلِيَاء قَتِيل الأول عفوا عَن الدَّم كَانَ على الْمولى أَن يدْفع نصفه إِلَى أَوْلِيَاء قَتِيل الآخر وَلَا يرجع على الْغَاصِب بِشَيْء من قبل أَنه لم يُؤَخر بِسَبَبِهِ شَيْء
وَكَذَلِكَ لَو أمسك عَبده وفداه فانه يدْفع إِلَى الآخر عشرَة آلَاف وَلَا شَيْء للْأولِ لِأَنَّهُ قد عَفا وَلَا شَيْء للْمولى على الْغَاصِب الأول
وَلَو دفع العَبْد إِلَيْهِمَا قبل أَن يعْفُو الأول ثمَّ عَفا الأول عَمَّا بَقِي لَهُ وَأخذ الْمولى الْغَاصِب بِنصْف الْقيمَة لم يكن لوَلِيّ قَتِيل الأول على ذَلِك النّصْف الْقيمَة سَبِيل لِأَنَّهُ قد عَفا وَيكون للْمولى على حَاله وَلَا يرجع على الْغَصْب بِغَيْرِهِ من قبل أَنه لم يُؤْخَذ من يَدَيْهِ وَلَا شَيْء لولى الْقَتِيل الآخر من قبل أَنه جنى عَلَيْهِ يَوْم جنى وَفِي عُنُقه جِنَايَة فانما يكون لَهُ نصفه
وَإِذا اغتصب الرجل عبدا واستودع مولى العَبْد الْغَاصِب أمة فَقتل العَبْد قَتِيلا فِي يَدي الْغَاصِب ثمَّ قتلته الْأمة فانه يكون على الْغَاصِب قيمَة العَبْد يَدْفَعهَا إِلَى الْمولى فَدَفعهَا الْمولى إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل ثمَّ يدْفع الْغَاصِب قيمَة أُخْرَى إِلَى الْمولى من قبل أَن الْقيمَة الأولى لم تسلم لَهُ إِنَّمَا تلفت مَا كَانَ فِي يَدي الْغَاصِب من الْجِنَايَة ثمَّ يُقَال للْمولى ادْفَعْ امتك الْوَدِيعَة إِلَى الْغَاصِب تقتل أَو افدها بِقِيمَة العَبْد لِأَن العَبْد(4/620)
قد صَار للْغَاصِب حِين غرم قِيمَته وَلَو أَن العَبْد هُوَ الَّذِي كَانَ قتل الْأمة مَعَ قَتله الرجل الآخر كَانَ الْمولى بِالْخِيَارِ فِي الدّفع والإمساك فان اخْتَار الدّفع قسم العَبْد على دِيَة الْقَتِيل وَقِيمَة الْأمة فَيَأْخُذ من ذَلِك أَوْلِيَاء الْقَتِيل مِمَّا أصَاب الدِّيَة وَيَأْخُذ الْمولى مَا اصاب قيمَة الْأمة وَيضمن لَهُ الْغَاصِب تَمام قيمَة الْأمة وَيرجع الْمولى على الْغَاصِب من قيمَة العَبْد بِمثل مَا أَخذ أَوْلِيَاء الْقَتِيل من قيمَة العَبْد وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِن الْمولى لَا يضْرب بِشَيْء من قيمَة الْأمة فِي العَبْد لِأَنَّهَا أمته وَعَبده وَإِن دَفعه دَفعه كُله إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل وَرجع بِقِيمَتِه على الْغَاصِب
وَإِذا اغتصب الرجل أمة من رجل فقتلت عِنْده قَتِيلا خطأ ثمَّ ولدت ولدا ثمَّ قَتلهَا وَلَدهَا فان على الْغَاصِب أَن يرد الْوَلَد وَأَن يرد قيمَة الْأُم على الْمولى بِمَا اغتصبها مِنْهُ وَيُقَال للْمولى ادْفَعْ هَذِه الْقيمَة إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل ثمَّ ارْجع بهَا على الْغَاصِب فَيكون فِي يَديك ثمَّ يُقَال لَهُ ادْفَعْ الْوَلَد إِلَى الْغَاصِب لِأَن الْأمة قد صَارَت لَهُ حِين غرم قيمتهَا أَو افده بِقِيمَة الْأُم وَإِذا اغتصب الرّجلَانِ من الرِّجَال عبدا فَقتل فِي أَيْدِيهِمَا قَتِيلا خطأ ثمَّ إِنَّه قتل أَحدهمَا فانه يُقَال للْمولى ادفعه إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيلين نِصْفَيْنِ(4/621)
وَترجع على الغاصبين بِقِيمَتِه فَيدْفَع نصفهَا إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل الأول ثمَّ يرجع بِهِ الْمولى على الْغَاصِب الأول وَفِي مَال الْغَاصِب الْقَتِيل فَيكون لَهُ وَلَا يرجع فِيهَا وَاحِد من الغاصبين من قبل أَن العَبْد لم يصل إِلَيْهِمَا إِلَّا بعد الْجِنَايَة وَلم يجن فِي يَدَيْهِ
- بَاب جِنَايَة الْمكَاتب
- وَإِذا جنى الْمكَاتب جِنَايَة خطأ فانه ينظر فِي أرش الْجِنَايَة وَفِي قيمَة الْمكَاتب فَيكون على الْمكَاتب الْأَقَل من ذَلِك يسْعَى فِيهِ فان جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد ماقضي القَاضِي بِالْأولَى فَعَلَيهِ أَن يسْعَى فِي الْأَقَل من قِيمَته أَيْضا وَمن الْجِنَايَة فان كَانَ جنى جِنَايَة أَو جنايتين أَو ثَلَاثَة قبل أَن يقْضِي القَاضِي بِشَيْء من ذَلِك عَلَيْهِ فانه ينظر إِلَى قِيمَته وَإِلَى جَمِيع أرش الْجِنَايَات فان كَانَ الْأَرْش كُله أقل من الْقيمَة يسْعَى فِي الْأَرْش لَهُم وَإِن كَانَت الْقيمَة أقل من الْأَرْش سعى فِي الْقيمَة بَينهم على قدر جناياتهم وَإِن كَانَت الْجِنَايَات أنفسا قَتلهَا وَقِيمَته أَكثر من ذَلِك فانما يسْعَى فِي عشرَة آلَاف إِلَّا عشرَة دَرَاهِم وَلَا يُجَاوز بِهِ ذَلِك من قبل أَنه لَو قتل كَانَ على عَاقِلَة قَاتله ذَلِك فَكَذَلِك إِذا جنى هُوَ فانه لَا يبلغ بِقِيمَتِه أَكثر مِمَّا يكون فِيهِ إِذا قتل هُوَ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَإِذا قتل الْمكَاتب قَتِيلا خطأ وَقِيمَته ألف فَلم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء حَتَّى قتل آخر وَقِيمَته يَوْمئِذٍ الفان ثمَّ دَفعه إِلَى القَاضِي فانه يقْضِي(4/622)
على الْمكَاتب أَن يسْعَى فِي أَلفَيْنِ فَأَما أحد الْأَلفَيْنِ فَهُوَ للْآخر خَاصَّة وَأما الْألف الآخر فَهُوَ بَينهمَا يضْرب فِيهِ الأول بِعشْرَة آلَاف وَالْآخر بِتِسْعَة الآف فَمَا خرج من السّعَايَة قبل أَن يستكمل الْأَدَاء فَهُوَ بَينهمَا على قدر هَذَا
وَإِذا قتل الْمكَاتب رجلا خطأ ثمَّ إِنَّه اعور أَو عمي أَو اصابه عيب ينقص ذَلِك من قِيمَته ثمَّ خوصم إِلَى القَاضِي فان على الْمكَاتب قِيمَته صَحِيحا يَوْم جنى وَكَذَلِكَ لَو لم ينقص وَلكنه ازْدَادَ خيرا أَو زَادَت قِيمَته ثمَّ خوصم إِلَى القَاضِي فان عَلَيْهِ قِيمَته يَوْم جنى وَلست أنظر فِي هَذَا إِلَى النُّقْصَان وَالزِّيَادَة إِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَته يَوْم جنى وَإِذا جنى الْمكَاتب فَلم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء حَتَّى عجز فَرد رَقِيقا فان مَوْلَاهُ بِالْجِنَايَةِ إِن شَاءَ دَفعه بِالْخِيَارِ وَإِن شَاءَ فدَاه وَإِن أفسد الْمكَاتب مَتَاعا أَو عقر دَابَّة أَو غصب شَيْئا أَو اسْتهْلك شئا فَهُوَ ضَامِن لقيمته بَالغا مَا بلغ دين عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا كالجناية فِي بني آدم وَلَو رد الْمكَاتب فِي الرّقّ كَانَ هَذَا دينا عَلَيْهِ يُبَاع فِيهِ وَلَيْسَ هَذَا كالجناية فِي بني آدم وَإِذا اغتصب الْمكَاتب رَقِيقا كَانَ ضَامِنا لقيمتهم بَالغا مَا بلغ وَلَيْسَ هَذَا كالجناية فِي النَّفس أَلا ترى أَنه لَو بَاعَ بن عبد بيعا فَاسِدا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَته بَالغا مَا بلغ وَكَذَلِكَ الْغَصْب(4/623)
وَإِذا وجد فِي دَار الْمكَاتب قَتِيل فانه يقْضِي عَلَيْهِ بِأَن يسْعَى فِي قِيمَته وَكَذَلِكَ لَو أشرع كنيفا فِي الطَّرِيق أَو مَال حَائِط لَهُ فاشهد عَلَيْهِ أَو أحدث فِي الطَّرِيق حَدثا أَو احتفر بِئْرا فَهَذَا كُله سَوَاء يسْعَى فِي قِيمَته فان عجز الْمكَاتب فَرد رَقِيقا قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ فانه يُقَال لمَوْلَاهُ ادفعه أَو افده وَجَمِيع مَا ذكرنَا من الْحَائِط وَالْبناء والقتيل فِي الدَّار والحفر سَوَاء
وَإِذا قتل الْمكَاتب قَتِيلين خطأ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِنصْف الْقيمَة لأَحَدهمَا وَالْآخر غَائِب ثمَّ قتل آخر ثمَّ عجز فانه يُخَيّر الْمولى فان اخْتَار الدّفع دفع نصفه إِلَى الثَّالِث وَأتبعهُ الأول بِنصْف الْقيمَة فَيُبَاع لَهُ ذَلِك النّصْف فِي دينه ويدفعه النّصْف الآخر إِلَى الثَّالِث وَإِلَى الْأَوْسَط فَيضْرب فِيهِ الْأَوْسَط الَّذِي لم يكن قضي لَهُ بشيئ بِعشْرَة آلَاف وَيضْرب فِيهِ الثَّالِث بِخَمْسَة آلَاف وَإِذا جنى الْمكَاتب جِنَايَة ثمَّ مَاتَ وَلم يتْرك إِلَّا مائَة دِرْهَم ومكاتبته أَكثر من ذَلِك وَلم يقْض عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فان الْمِائَة دِرْهَم للْمولى من قبل أَنه مَاتَ وَهُوَ عَبده أَلا ترى أَنه لَو جنى فعجز قيل لمَوْلَاهُ ادفعه أَو افده وَلَو ترك وَفَاء بِالْجِنَايَةِ وَالْمُكَاتبَة وَالْجِنَايَة لم يقْض بهَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَل من قِيمَته وَمن أرش الْجِنَايَة لأهل الْجِنَايَة ثمَّ يَسْتَوْفِي الْمولى بعد ذَلِك الْمُكَاتبَة وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث وَلَو كَانَ عَلَيْهِ دين مَعَ مَا وصفت لَك بِالدّينِ ثمَّ كَانَ مَا بَقِي على مَا وصفت لَك(4/624)
فان كَانَت الْجِنَايَة قد قضي بهَا كَانَ مَا ترك من أَصْحَاب الدّين وَالْجِنَايَة جَمِيعًا يضْربُونَ فِي ذَلِك بِالْحِصَصِ إِذا كَانَت الْجِنَايَة قد قضي بهَا فان لم يكن قضي بهَا بُدِئَ بِالدّينِ فان فضل شَيْء بعد ذَلِك فَهُوَ وَفَاء للمكاتبة كَانَ لأَصْحَاب الْجِنَايَة من ذَلِك الْأَقَل من قيمَة الْمكَاتب وَمن الْجِنَايَة وَإِن لم يكن فِيهِ وَفَاء للمكاتبة كَانَ مَا بَقِي بعد الدّين للْمولى وَلَا شَيْء لأَصْحَاب الْجِنَايَة
وَإِذا مَاتَ الْمكَاتب وَترك ابْنا قد ولد لَهُ فِي مُكَاتبَته من أمة لَهُ وَعَلِيهِ دين وَجِنَايَة قد قضي بهَا عَلَيْهِ أَو لم يقْض بهَا عَلَيْهِ فان الابْن يسْعَى فِي الدّين وَيسْعَى من الْأَقَل من قيمَة ابْنه يَوْم جنى وَأرش الْجِنَايَة وَيسْعَى فِي الْمُكَاتبَة وَلَا يجْبر على أَن يبْدَأ من ذَلِك بِشَيْء قبل شَيْء غير أَنه عجز عَن شَيْء من النُّجُوم أَو أَخّرهُ عَن مَحَله وَلم يكن عِنْده وَفَاء بذلك حَاضر فانه يرد فِي الرّقّ فان رد فِي الرّقّ بعد مَا قضي عَلَيْهِ القَاضِي بِالْجِنَايَةِ فانه يكون الثّمن بَين الْغُرَمَاء وَأَصْحَاب الْجِنَايَة بِالْحِصَصِ وَإِن لم يقْض بِالْجِنَايَةِ فانه يكون الثّمن بَين الْغُرَمَاء وَأَصْحَاب الْجِنَايَة بِالْحِصَصِ وَإِن لم يقْض بِالْجِنَايَةِ حَتَّى عجز فان الْجِنَايَة هَاهُنَا بَاطِل لَا يلْزمه من قبل أَن الْمكَاتب الأول مَاتَ عاجرا فَصَارَت الْجِنَايَة جِنَايَة عبد فَلَا يلْزم الابْن مِنْهَا شَيْء وَعجز الابْن وَعجز الْأَب سَوَاء أَلا ترى أَن الابْن إِذا أدّى عتق أَبوهُ وَإِذا مَاتَ الْمكَاتب وَقد جنى جِنَايَة وَترك ابْنا قد ولد فِي مُكَاتبَته(4/625)
من أمه لَهُ وَهِي حَيَّة مَعَ ابْنهَا فانه يقْضِي عَلَيْهِمَا بِأَن يسعيان فِي الْمُكَاتبَة وَفِي الْأَقَل من قيمَة الْمكَاتب وَأرش الْجِنَايَة إِن كَانَ قضي بهَا على الْمكَاتب فَهِيَ لَهما لَازِمَة وَإِن لم يقْض بهَا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فرفعهما أَوْلِيَاء الْجِنَايَة إِلَى السُّلْطَان قضي بهَا عَلَيْهِمَا فان قتلت الْأُم قَتِيلا خطأ قضي عَلَيْهَا أَن تسْعَى فِي قيمتهَا لأولياء الْقَتِيل فان قتل الابْن قَتِيلا خطأ قضي عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي قِيمَته لأولياء الْقَتِيل ويسعيان فِيمَا سوى ذَلِك على حَاله وَلَو كَانَت هَاتين الجنايتين قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِمَا بِالْجِنَايَةِ الأولى لم يقْض ذَلِك من جِنَايَة الأولى من قبل أَن جِنَايَة الْأَب لَيْسَ بجنايتهما إِنَّمَا هُوَ دين لحقهما من قبل الْأَب فان عجز ورد رَقِيقا فانه يُبَاع الابْن فِي جِنَايَته خَاصَّة وتباع الْأُم فِي جنايتها خَاصَّة فان فضل من أثمانهما شَيْء كَانَ فِي جِنَايَة الْأَب وَإِن لم يفضل من اثمانهما شَيْء فَلَا شَيْء لأَصْحَاب جِنَايَة الْأَب
وَإِذا مَاتَت الْمُكَاتبَة وَتركت مائَة دِرْهَم ابْنا وَلدته فِي مكاتبتها وَعَلَيْهَا دين وَقد قتلت قَتِيلا خطأ قضي عَلَيْهَا بِهِ أَو لم يقْض فانه يقْضِي على الابْن أَن يسْعَى فِي الْمُكَاتبَة وَأَن يسْعَى فِي الدّين وَالْجِنَايَة وَيسْعَى فِيهَا على مَا وصفت لَك وَالْمِائَة دِرْهَم من أهل الْجِنَايَة وَأهل الدّين بِالْحِصَصِ وَإِنَّمَا أوجبت لأهل الْجِنَايَة ذَلِك من قبل أَن الْمُكَاتبَة خلفت ابْنا يسْعَى فِي مكاتبتها فَكَأَنَّهَا حَيَّة تسْعَى فِي مكاتبتها أَلا ترى(4/626)
أَنَّهَا لم اتعجز حِين كَانَت من يسْعَى فِي الْمُكَاتبَة بعْدهَا وَلَو أَن الابْن اسْتَدَانَ دينا وجنى جِنَايَة فقضي بذلك عَلَيْهِ مَعَ مَا قضي بِهِ عَلَيْهِ من دين أمه وجنايتها كَانَ عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي ذَلِك كُله فان عجز فَرد فِي الرّقّ فانه يُبَاع فِي دينه وجنايته خَاصَّة دون دين أمه وجنايتها فان فضل شَيْء من ثمنه كَانَ فِي دين أمه وجنايتها بِالْحِصَصِ فان كَانَ إِنَّمَا عجز قبل أَن يقْضِي بِالْجِنَايَةِ فانه يُخَيّر مَوْلَاهُ فان شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه وَتَبعهُ دينه عِنْد أهل الْجِنَايَة فَيُبَاع فِي دينه خَاصَّة دون دين أمه وجنايتها فان فضل شَيْء من ثمنه لم يكن فِي دين أمه وَلَا فِي مكاتبتها وجنايتها لِأَن جِنَايَته أولى من الدّين الَّذِي لحقه من قبل أمه وَإِن أمْسكهُ الْمولى وفداه بيع فِي دينه فان بَقِي من ثمنه شَيْء بعد دينه كَانَ ذَلِك فِي دين أمه وجنايته وَإِن أمْسكهُ الْمولى وَأدّى الْفِدَاء أتبعه دينه عِنْد الْمولى اوكانت حَاله فِي ذَلِك كحاله على مَا وصفت لَك وَإِذا جنى الْمكَاتب ثمَّ مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْء وَترك رَقِيقا وَعَلِيهِ دين فانه يُبَاع رَقِيقه فِي دينه وَيبدأ بِهِ قبل الْجِنَايَة لِأَنَّهُ مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْء وَإِن لم يبْق من تركته شَيْء بطلت الْجِنَايَة وَإِن بَقِي شَيْء من تركته وَفِيه وَفَاء بالمكاتبه كَانَ لَهُم أَن يستوفوا الْأَقَل من قِيمَته وَمن أرش الْجِنَايَة فان بَقِي شَيْء أدّيت الْمُكَاتبَة بعد فان بَقِي شَيْء كَانَ مِيرَاثا فان كَانَت الْجِنَايَة قد قضي بهَا(4/627)
فِي حَيَاته فَهُوَ وَالدّين سَوَاء يتحاصون وَإِذا كَانَ مَمْلُوك من رَقِيقه فد أذن لَهُ فِي التِّجَارَة فاستدان دينا ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب ولعيه دين وعَلى مَمْلُوكه دين فانه يُبَاع مَمْلُوكه فِي دينه خَاصَّة دون دين الْمكَاتب فان بَقِي شَيْء من ثمنه كَانَ فِي دين الْمكَاتب وَإِذا جنى عبد الْمكَاتب فَقتل رجلا خطأ ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب وَعَلِيهِ دين وَبَقِي العَبْد وَلَيْسَ للْمكَاتب مَال غَيره فانه خير الْمولى فان شَاءَ دَفعه هُوَ وَجَمِيع الْغُرَمَاء بِالْجِنَايَةِ وَلَا حق للْغُرَمَاء فِيهِ وَإِن شاؤا فدوه بِالدِّيَةِ وَيُبَاع فِي دين الْغُرَمَاء
وَإِن كَانَ على العَبْد دين أَيْضا مَعَ جِنَايَته وَدين الْمكَاتب فانه يُخَيّر مَوْلَاهُ فان شَاءَ دفع وَأتبعهُ دينه إيما كَانَ حَتَّى يُبَاع فِيهِ وَلَا شَيْء لغرماء الْمكَاتب فِيهِ وَإِن شَاءَ الْمولى فدَاه ثمَّ يُبَاع لغرماء العَبْد خَاصَّة فان فضل شَيْء بعد ذَلِك كَانَ بَين غُرَمَاء الْمكَاتب من قبل أَن الْمولى قد أمْسكهُ وَصَارَ مُتَطَوعا فِي الْفِدَاء وَقَالَ زفر إِن جنى الْمكَاتب جنايات مَعًا قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ فان عَلَيْهِ لكل جِنَايَة الْأَقَل من قِيمَته وَأرش الْجِنَايَة وَالْقَضَاء وَغير الْقَضَاء فِي ذَلِك سَوَاء فان جنى جِنَايَة ثمَّ عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بهَا فانه يُبَاع فِي الْأَقَل من قِيمَته وَأرش الْجِنَايَة وَلَا يدْفع وَالْقَضَاء وَغير الْقَضَاء فِي ذَلِك سَوَاء(4/628)
- بَاب جِنَايَة الْمكَاتب بَين اثْنَيْنِ
- وَإِذا كَانَ العَبْد بَين اثْنَيْنِ فكاتبه أَحدهمَا على نصِيبه بِغَيْر أَمر صَاحبه ثمَّ جنى جِنَايَة ثمَّ ادى فَعتق فانه يقْضِي على الْمكَاتب بِالْأَقَلِّ من نصف قِيمَته وَنصف أرش الْجِنَايَة فَأَما الشَّرِيك الَّذِي لم يُكَاتب فانه يَأْخُذ من شَرِيكه نصف مَا أَخذ من الْمكَاتب وَيرجع بِهِ الشَّرِيك على الْمكَاتب وَالشَّرِيك الَّذِي لم يُكَاتب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فِي نصف قِيمَته وَيكون الْوَلَاء بَينهمَا وَإِن شَاءَ ضمن شَرِيكه الَّذِي كَاتب العَبْد إِن كَانَ مُوسِرًا وَيرجع بذلك على العَبْد فاذا فعل الشَّرِيك الَّذِي لم يُكَاتب إِحْدَى هَذِه الْخِصَال وَقبض فَهُوَ ضَامِن للأقل من نصف قيمَة الْمكَاتب وَنصف أرش الْجِنَايَة وَلَو خَاصم الْمكَاتب فِي الْجِنَايَة قبل أَن يعْتق فقضي عَلَيْهِ القَاضِي بِنصْف أَرْشهَا ثمَّ إِنَّه عجز عَن الْمُكَاتبَة ورد رَقِيقا فانه يُبَاع نصفه فِيمَا قضى بِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ النّصْف الَّذِي كَاتب وَيُقَال للْمولى الآخر الَّذِي لم يُكَاتب ادْفَعْ نصيبك بِنصْف الْجِنَايَة أَو افده بِنصْف أرش الْجِنَايَة
وَإِذا كَانَ العَبْد بَين اثْنَيْنِ فكاتب أدهما حِصَّته بِغَيْر أَمر شَرِيكه ثمَّ اشْترى الْمكَاتب عبدا فجنى عِنْده جِنَايَة ثمَّ إِن الْمكَاتب أدّى فَعتق فانه يُخَيّر الْمكَاتب وَالَّذِي لم يُكَاتب فان شاءا دفعاه وَإِن شاءا(4/629)
فدياه بِالدِّيَةِ
وَلَو كَانَ هَذَا العَبْد ابْن الْمكَاتب ولد عِنْده من أمة لَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي الْأَقَل من نصف قِيمَته وَنصف أرش الْجِنَايَة وَلَيْسَ على الْمولى الَّذِي لم يُكَاتب شَيْء حَتَّى يعْتق أَو يستسعى ثمَّ يضمن الْأَقَل من نصف قِيمَته وَمن نصف أرش الْجِنَايَة وَإِذا كَانَ العَبْد بَين أثنين فكاتب أَحدهمَا حِصَّته بِغَيْر أَمر شَرِيكه ثمَّ إِن العَبْد ولد لَهُ من أمة لَهُ ابْن فِي الْمُكَاتبَة فجنى ابْنه جِنَايَة على الْأَب ثمَّ أدّى الْأَب فَعتق فان فِي عتق الابْن نصف قيمَة نَفسه يسْعَى فِيهَا للْمولى الَّذِي لم يُكَاتب وَالَّذِي لم يُكَاتب بِالْخِيَارِ فِي الْمكَاتب على مَا وصفت لَك وَأما أم ولد الْمكَاتب فان الْمكَاتب ضَامِن لنصف قيمتهَا للَّذي لم يُكَاتب من قبل أَنَّهَا أم ولد فَلَا تسْعَى فِي حَال وَأما جِنَايَة الابْن على الْأَب فقد جنى حِين جنى وَنصفه مكَاتب مَعَ أَبِيه وَنصفه رَقِيق وَالْأَب على تِلْكَ الْحَال فَمَا كَانَ فِي الْأَب من حِصَّة الَّذِي لم يُكَاتب فَهُوَ فِي عنق الابْن يبطل من ذَلِك النّصْف وَيثبت نصفه وَهُوَ ربع الْجِنَايَة فِي النّصْف الَّذِي أَخذه الْمولى من الابْن وَيكون على الابْن الْأَقَل من نصف قِيمَته وَمن ربع قيمَة الْمكَاتب للْمولى الَّذِي لم يُكَاتب فَيكون قصاصا وَلَا يكون لأحد على أحد شَيْء
وَإِذا كَاتب الرجل أمة بَينه وَبَين رجل على حِصَّة مِنْهَا ثمَّ إِنَّهَا ولدت ولدا فازدادت خيرا أَو نقصت بِعَيْب ثمَّ أدَّت فأعتقت فَاخْتَارَ الشَّرِيك أَن يضمن الَّذِي كَاتب وَهُوَ مُوسر فانه يضمن نصف قيمتهَا يَوْم(4/630)
عتقت زَائِدَة كَانَت أَو نَاقِصَة أَلا ترى أَنِّي أجعَل لَهُ نصف مَا اكْتسب قبل أَن يعْتق وَنصف أرش مَا جنى عَلَيْهِمَا قبل أَن يعْتق وَلَو كَانَ الضَّمَان وَقع فِي يَوْم كَاتب لم يكن لَهُ من ذَلِك شَيْء وللمولى الَّذِي لم يُكَاتب أَن يستسعى الابْن فِي نصف قِيمَته وَإِذا كَاتب الرجل أمة بَينه وَبَين رجل على نصِيبه مِنْهَا ثمَّ إِنَّهَا ولدت ولدا فكاتب الاخر نصِيبه من الْوَلَد ثمَّ إِن الْوَلَد جنى على أمه أَو جنت عَلَيْهِ جِنَايَة لَا تبلغ النَّفس ثمَّ أديا فعتقا والموليان موسران فَالَّذِي كَاتب الْأُم لَا ضَمَان لَهُ على شَرِيكه فِي الْوَلَد من قبل أَن مُكَاتبَة الْأُم مُكَاتبَة للْوَلَد لِأَنَّهَا وَلدته وَهِي مُكَاتبَة وللذي كَاتب الابْن أَن يضمن الَّذِي كَاتب الْأُم نصف قيمَة الْأُم وَإِن شَاءَ استسعاها وَإِن شَاءَ أعْتقهَا فان أعْتقهَا أَو استسعاها فولاؤها وَوَلَاء وَلَدهَا بَينهمَا نِصْفَانِ وَإِن ضمن مولى الْأُم الَّذِي كاتبها فولاء الْأُم لَهُ خَاصَّة وَوَلَاء الْوَلَد بَينهمَا وَجِنَايَة الْوَلَد على أمه وَجِنَايَة أمه على مَا وصفت لَك فِي العَبْد وَابْنه
وَإِذا كَانَ العَبْد بَين اثْنَيْنِ وَقِيمَته الف دِرْهَم ففقأ العَبْد عين أَحدهمَا ثمَّ إِن الَّذِي فقئت عينه كَاتب نصِيبه مِنْهُ ثمَّ إِنَّه جرحه جرحا آخر ثمَّ أدّى فَعتق ثمَّ مَاتَ الْمولى بالجنايتين جَمِيعًا فان الَّذِي لم يُكَاتب يَأْخُذ من الَّذِي كَاتب نصف مَا أَخذ من الْمُكَاتبَة وَيرجع بذلك وَرَثَة الَّذِي كَاتب على العَبْد وللذي لم يُكَاتب أَن يستسعى العَبْد إِن شَاءَ(4/631)
وَإِن شَاءَ أعْتقهُ وَإِن شَاءَ ضمن الَّذِي كَاتب فِي مَاله إِن كَانَ ترك مَالا وَيُقَال لَهُ إِذا فعل إِحْدَى هَذِه الْخِصَال عَلَيْك أَن تدفع نصف قيمَة العَبْد إِلَى وَرَثَة الْمَيِّت بجنايتة وَيُقَال للْعَبد عَلَيْك أَن تسْعَى فِي الْأَقَل من نصف قيمتك وَربع الدِّيَة لوَرَثَة الْمكَاتب من قبل جنايتك
وَإِذا كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ فجنى على أَحدهمَا ففقأ عينه أَو قطع يَده ثمَّ إِن الآخر بَاعَ نصف نصِيبه من شَرِيكه وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ ثمَّ إِن العَبْد جنى عَلَيْهِ أَيْضا جِنَايَة أُخْرَى ثمَّ إِن الْمولى الَّذِي بَاعَ ربعه اشْترى ذَلِك الرّبع ثمَّ كَاتبه الَّذِي جنى عَلَيْهِ على نصِيبه مِنْهُ ثمَّ جنى عَلَيْهِ جِنَايَة أُخْرَى ثمَّ أدّى فَعتق ثمَّ مَاتَ الْمولى من الْجِنَايَات كلهَا فان الْمكَاتب يكون عَلَيْهِ نصف قِيمَته يجنايته وَهُوَ مكَاتب إِلَّا أَن يكون ربع الدِّيَة اقل من ذَلِك وَيكون على الشَّرِيك الَّذِي لم يُكَاتب سدس دِيَة صَاحبه وَربع سدس دِيَته وَنصف قيمَة العَبْد وَلَا يُؤَدِّي نصف الْقيمَة حَتَّى يعْتق أَو يسْعَى أَو يضمن إِلَّا أَن يكون سدس الدِّيَة وَربع سدس الدِّيَة اقل من نصف الْقيمَة فَيغرم الْأَقَل من ذَلِك وَقد بَطل نصف سدس الدِّيَة بِجِنَايَة الرّبع الَّذِي اشْترى الْمَجْنِي عَلَيْهِ فِي ملكه وَإِذا كَانَ العَبْد بَين اثْنَيْنِ فَقطع يَد رجل ثمَّ بَاعه أَحدهمَا من صَاحبه وَهُوَ يعلم ثمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَقطع يَد آخر وفقأ عين الأول ثمَّ مَاتَا جَمِيعًا من ذَلِك فانه يُقَال للشَّرِيك الأول الَّذِي كَانَ اشْترى ادْفَعْ نصيبك الَّذِي كَانَ فِي يَديك إِلَى أَوْلِيَاء القتينلين فَيكون بَينهمَا نِصْفَيْنِ أَو افده بِعشْرَة آلَاف لكل وَاحِد بِخَمْسَة آلَاف وَيُقَال للشَّرِيك البَائِع أول مرّة(4/632)
ادْفَعْ أَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة إِلَى ولي الْقَتِيل الأول وادفع إِلَيْهِ ثلث نصيبك أَو افده بِأَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة وادفع إِلَى ولي الْقَتِيل الآخر بِثُلثي نصيبك أَو افده بِخَمْسَة آلَاف
وَإِذا كَانَ العَبْد بَين اثْنَيْنِ فجرح رجلا جرحا خطأ فكاتبه أحد الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ يعلم بذلك ثمَّ جرح الرجل أَيْضا خطأ فكاتبه الثَّانِي وَهُوَ يعلم بذلك ثمَّ جرح الرجل الثَّالِث وَهُوَ مكَاتب لَهما على حَاله ثمَّ مَاتَ الرجل من ذَلِك فان على الْمولى الَّذِي كَاتب أَولا ربع الدِّيَة وعَلى الْمولى الَّذِي كَاتب أخيرا نصف الْقيمَة إِلَّا أَن يكون ربع الدِّيَة أقل من ذَلِك وعَلى الْمكَاتب أَن يسْعَى فِي قِيمَته إِلَّا أَن يكون نصف الدِّيَة أقل من ذَلِك فَيكون عَلَيْهِ نصف الدِّيَة وَهَذَا الْبَاب كُله قِيَاس قَول أبي حنيفَة
- بَاب جِنَايَة الْمُدبر
- وَإِذا قتل الْمُدبر رجلا خطأ فان على مَوْلَاهُ قِيمَته يَوْم قتل مُدبرا لأولياء الْقَتِيل وَلَا يكون على العَبْد شَيْء من ذَلِك وَلَا يكون على الْعَاقِلَة لِأَنَّهُ حَال بَينهم وَبَين العَبْد بِالتَّدْبِيرِ فان جنى الْمُدبر جِنَايَة فَقتل رجلا آخر خطأ فانهم يشتركون فِي تِلْكَ الْقيمَة الأولى لَا يكون على الْمولى شَيْء سوى الْقيمَة الأولى وَدفعه الْقيمَة الأولى بِمَنْزِلَة دَفعه العَبْد بِالْجِنَايَةِ وَلَو كَانَ بَين الجنايتين وَبَين قبض الْقيمَة عشرُون سنة أَو أَكثر من ذَلِك كَانَ لأهل الْجِنَايَة الْآخِرَة أَن يشركوهم فِي الْقيمَة فان كَانَت الْجِنَايَة الْآخِرَة غير نفس كَانَت قطع يَد أَو فَقَأَ عين فانهم يشتركون مَعَ(4/633)
أَصْحَاب الْجِنَايَة الأولى فَيكون لأَصْحَاب قطع الْيَد ثلث الْقيمَة ولأصحاب الْقَتِيل الأول ثلثا الْقيمَة
وَإِذا اكْتسب الْمُدبر مَالا أَو وهب لَهُ هبة فانه لَا يكون لأَصْحَاب الْجِنَايَة من ذَلِك شَيْء
وَإِذا جنى الْمُدبر وَقِيمَته الف دِرْهَم فَقتل رجلا خطأ ثمَّ عمى أَو ذهبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ فان على الْمولى قِيمَته صَحِيحا يَوْم جنى لأهل الْجِنَايَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ازْدَادَ خيرا وَلم يصبهُ ذَلِك الْبلَاء وَلكنه زَادَت قِيمَته فانما يكون على الْمولى قِيمَته صَحِيحا يَوْم جناه وَإِذا دفع الْمولى الْقيمَة يَوْم جنى بِغَيْر أَمر القَاضِي ثمَّ جنى جِنَايَة ثَانِيَة فَقتل قَتِيلا خطأ فانهما يتبعان أهل الْجِنَايَة الأولى فيأخذوا مِنْهُم نصف الْقيمَة وَإِن شاءا تبعوا بذلك الْمولى وَرجع بِهِ الْمولى على الَّذِي أَخذ مِنْهُ الْقيمَة وَإِن كَانَ الْمولى دَفعه بِقَضَاء قَاض فَلَا ضَمَان على الْمولى وَلَكِن أهل الْجِنَايَة الْآخِرَة يتبعُون أهل الْجِنَايَة الأولى وَلَا يضمنُون الْمولى شَيْئا فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ نصف الْقيمَة وَأم الْوَلَد فِي جيمع مَا ذكرنَا من جِنَايَة الْمُدبر بِمَنْزِلَة الْمُدبر فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد قَضَاء القَاضِي وَغير قَضَاء القَاضِي سَوَاء وَلَا ضَمَان على الْمولى فِي شَيْء من ذَلِك إِذا دفع الْقيمَة وَإِذا قتل الْمُدبر قَتِيلا خطأ وَقِيمَته ألف دِرْهَم ثمَّ زَادَت قِيمَته(4/634)
حَتَّى صَار يُسَاوِي أَلفَيْنِ ثمَّ قتل آخر خطأ ثمَّ نقص أَو دخله عيب حَتَّى صَار يُسَاوِي خَمْسمِائَة ثمَّ قتل آخر خطأ فان على مَوْلَاهُ ألفي دِرْهَم أَكثر قِيمَته فَيكون ألف دِرْهَم مِنْهَا لوَلِيّ الْقَتِيل الْأَوْسَط لِأَنَّهُ قَتله وَقِيمَته أَلفَانِ وَتَكون خَمْسمِائَة من الْألف الْبَاقِيَة بَين ولي الْقَتِيل الأول والأوسط فَيضْرب فِيهَا الْأَوْسَط بِتِسْعَة آلَاف وَالْأول بِعشْرَة آلَاف وَيكون الْخَمْسمِائَةِ الْبَاقِيَة بَينهمَا جَمِيعًا يضْرب فِيهَا الآخر بِعشْرَة آلَاف وَيضْرب الأول بِعشْرَة آلَاف إِلَّا مَا أَخذ وَيضْرب الْأَوْسَط بِعشْرَة آلَاف إِلَّا مَا أَخذ
وَإِذا قتل الْمُدبر قَتِيلا خطأ وَقِيمَته ألف دِرْهَم فَدَفعهَا الْمولى بِقَضَاء قَاض ثمَّ نقص الْمُدبر أَو دخله عيب فَصَارَ يُسَاوِي خَمْسمِائَة دِرْهَم ثمَّ قتل آخر فانه لَا شَيْء على الْمولى الآخر وَخَمْسمِائة مِمَّا أَخذ للْأولِ خَاصَّة والخمسمائة الْبَاقِيَة يضْرب فِيهَا الآخر بِعشْرَة آلَاف وَالْأول بِعشْرَة آلَاف إِلَّا خَمْسمِائَة وَذَلِكَ لِأَنَّهُ جنى على الأول وَقِيمَته ألف فَكَانَت خَمْسمِائَة لَهُ خَالِصَة وجنى على الآخر وَقِيمَته خَمْسمِائَة فَلَا يكون جِنَايَة الآخر فِي الْألف كلهَا إِنَّمَا جنايتهما فِي خَمْسمِائَة مِنْهَا على قدر قيمَة الْمُدبر يَوْم جنى عَلَيْهِ وَإِذا اجْتمع مُدبر وَأم الْوَلَد وَعبد ومكاتب فَقتلُوا رجلا خطأ فانه يُقَال لمولى العَبْد ادفعه أَو افده بِربع الدِّيَة وَيُقَال للْمكَاتب اسع(4/635)
فِي الْأَقَل من قيمتك وَربع الدِّيَة فيسعى فِي الْأَقَل من ذَلِك وَأنْظر إِلَى ربع الدِّيَة وَإِلَى قيمَة الْمُدبر فَيكون على الْمولى الْأَقَل من ذَلِك وَكَذَلِكَ أم الْوَلَد
وَإِذا أفسد الْمُدبر مَتَاعا أَو عقر دَابَّة أَو اسْتهْلك مَالا أَو هدم دَارا فان ذَلِك كُله يسْعَى فِيهِ بَالغا مَا بلغ وَلَيْسَ على الْمولى من هَذَا شَيْء من قبل أَنه لَو كَانَ غير مُدبر كَانَ على الْمولى أَن يَبِيعهُ فِي هَذَا وَالْجِنَايَة فِي النَّاس لَا يُبَاع فِيهَا إِنَّمَا يدْفع أَو يفْدي فَلذَلِك اخْتلفَا
وَإِذا جنى الْمُدبر فَقتل قَتِيلا خطأ أَو اسْتهْلك مَالا فان على الْمولى قِيمَته لأولياء الْقَتِيل يَدْفَعهَا إِلَى أَوْلِيَاء الْقَتِيل وعَلى الْمُدبر أَن يسْعَى فِيمَا اسْتَهْلكهُ من المَال وَلَا يتبع أَصْحَاب المَال أَوْلِيَاء الْقَتِيل بِمَا أخذُوا وَلَا يشركونهم فِيهِ من قبل أَنَّهَا جِنَايَة وَالَّذِي لَهُم دين وَلم أَن يستسعوا الْمُدبر وَلَا يُحَال بَينهم وَبَين ذَلِك وَإِذا مَاتَ الْمولى وَترك مُدبرا قد كَانَ قتل قَتِيلا خطأ وأفسد مَتَاعا وَلَا مَال لمَوْلَاهُ غَيره وَلم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء فان على مَوْلَاهُ قِيمَته لأَصْحَاب الْجِنَايَة وعَلى الْمُدبر الَّذِي أفسد الْمَتَاع مَا أفسد من ذَلِك فَيُقَال للمدبر اسع فِي قيمتك فَيكون ذَلِك لَهُم دون أَصْحَاب الْجِنَايَة من قبل أَن هَذَا دين فِي عُنُقك وجنايته فِي عنق الْمولى وَلَا يسْعَى للْمولى فِي شَيْء من قبل أَن قِيمَته قد استغرقت دينه فان كَانَ دينه أقل من الْقيمَة سعى(4/636)
لَهُم فِي بَقِيَّة الْقيمَة فَيكون ذَلِك قَضَاء فيستوفي أهل الدّين دينهم وَمَا بَقِي كَانَ لأهل الْجِنَايَة من دين الْمولى وَإِن كَانَ قد قضي على الْمولى وعَلى الْمُدبر قبل أَن يَمُوت الْمولى أَو لم يقْض فَهُوَ بِمَنْزِلَة هَذَا وَكَذَلِكَ أم الْوَلَد فِي جَمِيع مَا ذكرنَا إِلَّا فِي خصْلَة وَاحِدَة لَا تسْعَى لأَصْحَاب الْجِنَايَة فِي شَيْء
- بَاب جِنَايَة العَبْد على مَوْلَاهُ
-
وَإِذا جنى الْمُدبر على مَوْلَاهُ جِنَايَة تبلغ النَّفس أَو لَا تبلغ النَّفس فَلَا شَيْء على الْمُدبر فِي ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يكون على عَبده دين لَهُ وَكَذَلِكَ هَذِه الْجِنَايَة لَو كَانَت فِي عبد للْمولى أَو أمة فبلغت النَّفس أَو دونهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِيهِ
وَإِذا قتل الْمُدبر مَوْلَاهُ خطأ فان عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي قِيمَته من قبل أَنه لَا وَصِيَّة لَهُ لِأَنَّهُ قَاتل وَلَا شَيْء عَلَيْهِ من قبل الْجِنَايَة لِأَنَّهُ عَبده وَلَو كَانَت أم ولد وَقتلت مَوْلَاهَا خطأ لم يكن عَلَيْهَا أَن تسْعَى فِي شَيْء لِأَن عتقهَا لَيْسَ بِوَصِيَّة وَلَيْسَ عَلَيْهَا من الْجِنَايَة شَيْء لِأَنَّهَا أمته وَإِذا قتل الْمُدبر مَوْلَاهُ عمدا فَعَلَيهِ السّعَايَة فِي قِيمَته من قبل أَنه لَا وَصِيَّة لَهُ وَعَلِيهِ الْقصاص فان كَانَ لَهُ ابْنَانِ لَا وَارِث لَهُ غَيرهمَا فَعَفَا أَحدهمَا عَن الْمُدبر فعلى الْمُدبر أَن يسْعَى فِي نصف قِيمَته للَّذي لم يعف مَعَ الْقيمَة الَّتِي عَلَيْهِ لَهما جَمِيعًا
وَإِذا قتلت أم الْوَلَد مَوْلَاهَا عمدا فان لم يكن لَهَا مِنْهُ ولد فعلَيْهَا الْقصاص وَلَا سِعَايَة عَلَيْهَا فان كَانَ لَهَا مِنْهُ ولد فَلَا قصاص عَلَيْهَا(4/637)
من قبل أَنه لَا قصاص لولد من وَالِد وَلَا وَالِدَة وَقد صَار لابنها الْقصاص وَعَلَيْهَا أَن تسْعَى فِي الْقيمَة من قبل الْجِنَايَة لِأَنَّهُ كَانَ لابنها عَلَيْهَا الْقصاص فَلَمَّا صَار لابنها فِيهِ حق صَار بِمَنْزِلَة الصُّلْح وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وَإِذا قتل العَبْد مَوْلَاهُ عمدا وَلَيْسَ بمدبر فَعَلَيهِ الْقصاص وَلَا سِعَايَة عَلَيْهِ وَلَا يعْتق فان كَانَ لَهُ وليان فَعَفَا أَحدهمَا عَن الدَّم فَهُوَ عبد على حَاله بَينهمَا وَلَا شَيْء عَلَيْهِ للَّذي لم يعف فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَأما فِي قَول أبي يُوسُف فعلى الَّذِي عَفا للَّذي لم يعف ربع العَبْد أَو يفْدِيه بِربع الدِّيَة وَإِذا كَانَ الْقَتْل خطأ من العَبْد فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَا سِعَايَة
- بَاب جِنَايَة الْمُدبر فِي الْبِئْر وَغَيره وعَلى مَوْلَاهُ
- وَإِذا قتل الْمُدبر مَوْلَاهُ خطأ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ من قبل الْجِنَايَة لِأَنَّهُ مَاله وَعَبده فَلَا يلْزم عَبده دين عَلَيْهِ وَلَكِن عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي قِيمَته من قبل أَنه لَا وَصِيَّة لَهُ وجنايته مَا دَامَ يسْعَى وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ مثل جِنَايَة العَبْد فِي قَول أبي حنيفَة وَهُوَ مثل جِنَايَة الْحر فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو قتل مَوْلَاهُ عمدا كَانَ عَلَيْهِ الْقصاص وَعَلِيهِ قِيمَته من قبل أَنه لَا وَصِيَّة لَهُ فان بَدَأَ بِالْقَتْلِ فَقَتَلُوهُ فَالْقيمَة دين عَلَيْهِ وَإِن بدؤا بالسعاية حَتَّى يستوفوا المَال ثمَّ قَتَلُوهُ فَلهم ذَلِك فان كَانَ للْمولى ابْنَانِ فَعَفَا أَحدهمَا عَن الدَّم كَانَ عَفوه جَائِزا وَلَا قصاص على الْمُدبر بعد الْعَفو وعَلى الْمُدبر أَن يسْعَى فِي قِيمَته وَنصف قِيمَته من ذَلِك(4/638)
من قبل أَنه لَا وَصِيَّة لَهُ فَقيمته بَين الْوَارِثين وَنصف قِيمَته للَّذي لم يعف أوجبت لَهُ حِين عَفا أَخُوهُ وَإِنَّمَا أوجبت نصف قِيمَته لِأَن الْمُدبر جنى وَهُوَ بِمَنْزِلَة العَبْد فِي الْجِنَايَة مَا دَامَ يسْعَى وَإِن كَانَ على الْمولى دين فَهَذِهِ الْقيمَة وَالنّصف للْغُرَمَاء هم أَحَق بذلك من الْوَرَثَة فان بَقِي مِنْهَا شَيْء فَهُوَ بَين الْوَارِثين للَّذي عَفا من ذَلِك الثُّلُث وللذي لم يعف من ذَلِك الثُّلُثَانِ على قدر مَا كَانَ لَهما إِن لم يكن عَلَيْهِ دين وَإِذا أفسد الْمُدبر مَتَاعا لمَوْلَاهُ أَو جنى عَلَيْهِ جِنَايَة لم تبلغ النَّفس ثمَّ مَاتَ الْمولى من غير تِلْكَ الْجِنَايَة فَلَا شَيْء على الْمُدبر من ذَلِك لِأَنَّهُ عبد للْمولى لَا يلْزمه لمَوْلَاهُ دين وَيعتق الْمُدبر من الثُّلُث وَإِذا قتل الْمُدبر مَوْلَاهُ عمدا وللمولى وارثان هما عصبَة الْمولى واحدهما ابْن الْمُدبر فان على الْمُدبر أَن يسْعَى فِي قيمتين قيمَة من قبل أَنه لَا وَصِيَّة لَهُ وَقِيمَة من قبل الْقَتْل لِأَنَّهُ كَانَ عمدا فَعَلَيهِ الْقصاص وَإِنَّمَا يبطل الْقصاص حِين ورث ابْن الْمُدبر وَلَيْسَ هَذَا كَالْعَبْدِ فِي الْبَاب الأول وَإِذا احتفر الْمُدبر بِئْرا فِي طَرِيق أَو أحدث فِيهِ شَيْئا فَأصَاب ذَلِك الْمولى فَقتله فَلَا شَيْء على الْمُدبر من ذَلِك وَيعتق من الثُّلُث وَإِنَّمَا(4/639)
جَازَت الْوَصِيَّة من قبل أَن الْمُدبر لَيْسَ بِقَاتِل بِيَدِهِ أَلا ترى أَنه لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ إِنَّمَا يحرم الْوَصِيَّة الْقَاتِل الَّذِي يجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة
- بَاب جِنَايَة الْمُدبر على غير مَوْلَاهُ
-
وَإِذا قتل الْمُدبر رجلا خطأ فعلى الْمولى قيمَة الْمُدبر يقْضِي بهَا القَاضِي عَلَيْهِ وَلَيْسَ على الْمُدبر شَيْء من ذَلِك فان قتل آخر بعد ذَلِك شرك الأول فِي تِلْكَ الْقيمَة الأولى كَأَنَّهُ دفع العَبْد بِنَفسِهِ إِلَيْهِم وَلَو لم يكن دفع الْقيمَة الأولى وَلم يقْض بِهِ القَاضِي حَتَّى قتل الثَّانِي كَانَت الْقيمَة كَذَلِك بَينهمَا نِصْفَيْنِ فان كَانَت قِيمَته يَوْم قتل الأول ألف دِرْهَم وَقِيمَته يَوْم قتل الثَّانِي أَلفَانِ فعلى الْمولى أَلفَانِ يَأْخُذ الآخر إِحْدَاهمَا ويقتسمان الْأُخْرَى يضْرب فِيهَا الآخر بِتِسْعَة آلَاف وَالْأول بِعشْرَة آلَاف من قبل أَن الآخر أَخذ ألفا فَلَا يضْرب بِأَكْثَرَ من تِسْعَة آلآف وَإِذا قتل الْمُدبر رجلا خطأ وفقأ عين آخر فان على الْمولى قِيمَته لولى الْقَتِيل مِنْهَا الثُّلُثَانِ وَلِصَاحِب الْعين الثُّلُث وَإِذا قتل آخر بعد ذَلِك شركهم فَكَانَ لَهُ خمْسا مَا أَخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا ولولى الْقَتِيل الأول خمسى الْقيمَة يَأْخُذهُ مِنْهَا وَلِصَاحِب الْعين خمسها(4/640)
وَإِذا قتل الْمُدبر رجلا وَقِيمَة الْمُدبر ألف دِرْهَم ثمَّ فَقَأَ رجل عين الْمُدبر فغرم خَمْسمِائَة دِرْهَم ثمَّ قتل الْمُدبر آخر فان الْخَمْسمِائَةِ ارش الْعين للْمولى لَا شَيْء لوَاحِد من أَوْلِيَاء الْجِنَايَة فِيهَا وعَلى الْمولى ألف دِرْهَم خَمْسمِائَة مِنْهَا للْأولِ وَخَمْسمِائة مِنْهَا يضْرب فِيهَا الأول بِالدِّيَةِ إِلَّا خَمْسمِائَة وَيضْرب فِيهَا الآخر بِالدِّيَةِ وَإِذا قتل الْمُدبر رجلا خطأ ثمَّ فَقَأَ عبد عينه فَدفع بذلك ثمَّ قتل الْمُدبر آخر فان على الْمولى قِيمَته صَحِيحا نصفهَا للْأولِ وَالنّصف الْبَاقِي بَينهمَا على دِيَة الأول إِلَّا مَا أَخذ ودية الآخر وَالْعَبْد الَّذِي يَأْخُذ فِي عينه للْمولى وَلَا سَبِيل عَلَيْهِ لأولياء الْجِنَايَة أَلا ترى أَنه لَو بَاعه أَو وهبه وَلم يَأْخُذهُ فِي الْجِنَايَة لم يضمن ذَلِك لأَصْحَاب الْجِنَايَة وَكَانَ على الْمولى قيمَة الْمُدبر صَحِيحا
وَإِذا جنى الْمُدبر جِنَايَة فِي دَابَّة أَو مَتَاع أَو مَال فَلَيْسَ على مَوْلَاهُ من ذَلِك شَيْء وَهُوَ على الْمُدبر دين فِي عُنُقه بَالغا مَا بلغ فان أعْتقهُ الْمولى لم يضمن الْمولى من ذَلِك شَيْئا وَكَانَ ذَلِك دينا على الْمُدبر يتبع بِهِ وَلَيْسَ هَذَا كالجناية فِي النَّاس لِأَن الْجِنَايَة فِي النَّاس يدْفع العَبْد بهَا وَمَا سوى ذَلِك لَا يدْفع بِهِ
وَإِذا قتل الْمُدبر رجلا خطأ واستهلك لرجل ألف دِرْهَم فان على الْمولى قِيمَته لأهل الْجِنَايَة وعَلى الْمُدبر أَن يسْعَى فِي ألف دِرْهَم لأَصْحَاب الدّين فان لم يقْض القَاضِي فِي شَيْء من ذَلِك حَتَّى مان الْمولى(4/641)
وَلَا مَال لَهُ غير الْمُدبر وَقِيمَته ألف دِرْهَم فان على الْمُدبر أَن يسْعَى لأَصْحَاب الدّين فِي الْألف وَلَا شَيْء لأَصْحَاب الْجِنَايَة من قبل أَن دين أَصْحَاب الْجِنَايَة على الْمولى وَدين أَصْحَاب الْمُدبر فِي الْألف على الْمُدبر فهم أولى بسعايته
وَكَذَلِكَ لَو أَن رجلا قتل الْمُدبر فغرم قِيمَته كَانَ لأَصْحَاب الدّين دون أَصْحَاب الْجِنَايَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمُدبر جنى وَإِذا قتل الْمُدبر رجلا خطأ فَدفع الْمولى قِيمَته بِغَيْر قَضَاء قَاض ثمَّ قتل آخر فانه يتبع الثَّانِي الأول بِنصْف الْقيمَة وَلَا شَيْء على الْمولى من قبل أَنه دفع ذَلِك يَوْم دَفعه وَهُوَ للْأولِ فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأما فِي قَول ابي حنيفَة فان الآخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمن الْمولى نصف الْقيمَة وَإِن شَاءَ ابتع الأول يَأْخُذ نصف مَا فِي يَدَيْهِ فان هُوَ ضمن نصف الْقيمَة رَجَعَ الْمولى بهَا على الأول وَلَو كَانَ الْمولى دفع الْقيمَة بِقَضَاء قَاض لم يكن على الْمولى شَيْء وابتع الآخر الأول
وَإِذا قتل الْمُدبر عبدا خطأ فان على الْمولى أَن يدْفع الْأَقَل من قيمَة الْقَتِيل وَقِيمَة الْمُدبر وَكَذَلِكَ لَو قتل مُدبرا أَو أم ولد أَو مكَاتبا أَو مُكَاتبَة وَإِذا قتل الْمُدبر رجلَيْنِ أَحدهمَا عمدا وَالْآخر خطأ فعلى الْمولى قِيمَته لأَصْحَاب الْخَطَأ فان عَفا أحد ولي الْعمد فان الْقيمَة بَينهم أَربَاعًا للَّذي لم يعف ربع الْقيمَة وَلِصَاحِب الْخَطَأ ثَلَاثَة أرباعها(4/642)
فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأما فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة فَالْقيمَة بَينهم أَثلَاثًا للَّذي لم يعف ثُلُثَاهُ وَالثلث لأولياء الْخَطَأ
وَإِذا احتفر الْمُدبر بِئْرا فِي طَرِيق الْمُسلمين فَوَقع فِيهَا رجل فَمَاتَ فعلى الْمولى الْقيمَة فان قتل الْمُدبر آخر بِيَدِهِ خطأ فانهم يشتركون فِي تِلْكَ الْقيمَة وَكَذَلِكَ إِن عطب رجل بِحجر وَضعه الْمُدبر فِي الطَّرِيق فَمَاتَ فَهُوَ شريكهم فِي تِلْكَ الْقيمَة وَهُوَ بَينهم أَثلَاثًا
وَإِذا قتل الْمُدبر رجلا عمدا ثمَّ عَفا أحد الوليين فللآخر نصف الْقيمَة فان قتل آخر خطأ فللآخر نصف الْقيمَة على الْمولى وَله نصف مَا أَخذ الأول فَيكون لوَلِيّ الْقَتِيل الآخر ثَلَاثَة أَربَاع الْقيمَة وللآول ربع الْقيمَة وَلَيْسَ هَذَا كالنفس وَالْعين لِأَن الْعين فِي رَقَبَة العَبْد كُله وَنصف الدِّيَة الَّذِي لم يعف فِي نصف العَبْد لَيْسَ فِي كُله فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
- بَاب الْغَصْب فِي الْمُدبر
- وَإِذا قتل الْمُدبر رجلا خطأ ثمَّ إِن رجلا اغتصب الْمُدبر فَقتل عِنْده آخر خطأ ثمَّ رده على الْمولى فان على الْمولى قِيمَته لولى الْقَتِيلين بَينهمَا سَوَاء وَيرجع الْمولى على المغتصب بِنصْف قِيمَته فيؤديها إِلَى الأول وَلَا يرجع بهَا على الْغَاصِب
وَإِذا اغتصب رجل مُدبرا لرجل فَقتل عِنْده قَتِيلا خطأ ثمَّ رده إِلَى الْمولى فَقتل عِنْد الْمولى آخر خطأ فعلى الْمولى قِيمَته بَينهمَا وَيرجع الْمولى بِنصْف قِيمَته على المغتصب فيؤديها إِلَى الأول ثمَّ يرجع بهَا على المغتصب أَيْضا فِي قَول ابي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَأما فِي قَول زفر وَمُحَمّد فان(4/643)
الْمولى يرجع على الْغَاصِب بِنصْف قيمَة الْمُدبر فَيسلم لَهُ وَلَا يدْفع إِلَى ولى الْجِنَايَة الأولى شَيْئا وَإِذا اغتصب رجل مُدبرا فَقتل عِنْده قَتِيلا ثمَّ رده إِلَى الْمولى وَقتل اثْنَيْنِ عِنْد الْمولى خطأ فان على الْمولى قيمَة تَامَّة بَينهم أَثلَاثًا وَيرجع الْمولى على المغتصب بِثلث الْقيمَة ويدفعها إِلَى الأول ثمَّ يرجع بِثلث الْقيمَة فيدفعها إِلَى الأول أَيْضا ثمَّ يرجع بِمثلِهِ على المغتصب فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَإِذا اغتصب الرجل مُدبر فَقتل عِنْده رجلا واغتصب مَالا عِنْده ثمَّ رده إِلَى الْمولى فَقتل عِنْد الْمولى آخر فان على الْمولى قِيمَته لوَلِيّ الْقَتِيلين بَينهمَا نِصْفَانِ وَيسْعَى لأَصْحَاب الدّين فِي دينهم وَيتبع الْمولى الْغَاصِب بِنصْف الْقيمَة فيدفعها إِلَى الأول وَيرجع عَلَيْهِ بِمثل ذَلِك النّصْف فِي قَول أبي حنيفَة وابي يُوسُف وَلَا شَيْء لأَصْحَاب الدّين من ذَلِك إِنَّمَا دينهم فِي عنق العَبْد يسْعَى فِيهِ وَإِذا سعى الْمُدبر فِي قِيمَته للْغُرَمَاء رَجَعَ الْمولى بذلك على الْغَاصِب وَيسْعَى وَيسْعَى العَبْد فِيمَا بَقِي من الدّين وَلَا يرجع بِهِ على الْمولى أَلا ترى أَن الْمولى لَا يغرم من دينهم شَيْئا
وَإِذا قتل الْمُدبر رجلا خطأ ثمَّ نقصت قيمَة الْمُدبر أَو زَادَت أَو كَانَت الْمُدبر أمة فَولدت بعد فانما على الْمولى قيمَة الْمُدبر يَوْم جنت وَلَا يلْحقهُ(4/644)
من الْوَلَد وَلَا من الزِّيَادَة شَيْء وَكَذَلِكَ لَا يحط عَنهُ الْعَيْب الَّذِي حدث فِيهَا شَيْء وَإِذا قتل ولد الْمُدبرَة رجلا خطأ فان على الْمولى قِيمَته وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة أمة
وَإِذا قتل الْمُدبر قَتِيلا عمدا فانه يقتل بِهِ وَلَا شَيْء على الْمولى لِأَن هَذَا قصاص وَإِن صَالح الْمولى أحد الوليين أَو عَفا بِغَيْر صلح فان للْآخر نصف الْقيمَة وَإِذا قتل الْمُدبر رجلا ثمَّ اغتصبه رجل فَقتل عِنْده رجلا عمدا ثمَّ إِنَّه رده إِلَى الْمولى فانه يقتل وعَلى الْمولى قِيمَته لصَاحب الْخَطَأ وَيرجع الْمولى بِقِيمَتِه على الْغَاصِب فان عَفا أحد ولي الْعمد كَانَت الْقيمَة بَينهم أَربَاعًا لصَاحب الْخَطَأ ثَلَاثَة أرباعها وَلِصَاحِب الْعمد الَّذِي لم يعف ربعهَا فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَيرجع الْمولى على الْغَاصِب بذلك الرّبع فيدفعه إِلَى صَاحب الْخَطَأ وَإِذا اغتصب الرجل مُدبرا فَقتل عِنْده رجلا عمدا ثمَّ رده فَقتل عِنْد الْمولى رجلا خطأ بعد عَفْو أحد ولي الْعمد فان عَلَيْهِ قِيمَته بَينهم أَربَاعًا على مَا وصفت لَك فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد ثمَّ يرجع على الْغَاصِب بِربع الْقيمَة فيدفعها إِلَى صَاحب الَّذِي لم يعف ثمَّ يرجع عَلَيْهِ بِمثل ذَلِك ايضا فِي قِيَاس قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف فِيمَا يرجع بِهِ فِي الْجِنَايَة فِي الْغَصْب
وَإِذا اغتصب الرجل مُدبرا فَأقر عِنْده بقتل رجل عمدا وَزعم أَن(4/645)
ذَلِك كَانَ عِنْد الْمولى أَو زعم أَن ذَلِك كَانَ عِنْد الْغَاصِب ثمَّ إِن الْغَاصِب رده على الْمولى فانه يقتل بذلك وعَلى الْغَاصِب الْقيمَة فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا من قبل أَنه أقرّ عِنْده بِشَيْء أتْلفه وَلَو عَفا أحد ولي الْعمد لم يكن للْبَاقِي شَيْء من قبل أَن هَذَا كَانَ باقرار العَبْد وَقد صَار أرشا فَلَا يصدق على مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عبدا غير مُدبر
وَإِذا اغتصب الرجل عبدا مُدبرا فَأقر عِنْده بِسَرِقَة أَو ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام ثمَّ أَنه رده فَقتل فِي تِلْكَ الرِّدَّة فعلى الْغَاصِب قِيمَته فان قطع فِي سَرقَة فعلى الْغَاصِب نصق فيمته وَقِيَاس هَذَا عِنْدِي البيع لَو بَاعَ رجلا عبدا مُرْتَدا عَن الْإِسْلَام وكتمه ذَلِك فَقتل عِنْد المُشْتَرِي رَجَعَ المُشْتَرِي على البَائِع بِالثّمن الَّذِي كَانَ نَقده وَكَذَلِكَ لَو بَاعه وَقد أقرّ بقتل عمد فَهُوَ سَوَاء فِي قَول ابي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فِي البيع خَاصَّة فانه يقوم مُرْتَدا أَو سَارِقا وَيقوم صَحِيحا لَا شَيْء بِهِ من ذَلِك ثمَّ يرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِحِصَّة ذَلِك من الثّمن إِن كَانَ أعطَاهُ إِيَّاه وَإِذا اغتصب الرجل مُدبرا فَقتل عِنْده قَتِيلا خطأ أَو أفسد عِنْده مَتَاعا ثمَّ إِن رجلا قتل العَبْد خطأ فعلى الْقَاتِل قيمَة العَبْد على عَاقِلَته فَيكون لأَصْحَاب الدّين وعَلى الْمولى قيمَة العَبْد لوَلِيّ الْقَتِيل الَّذِي قَتله وَيرجع بذلك كُله على الْغَاصِب
وَإِذا اغتصب رجل مُدبرا فَقتل عِنْده قَتِيلا خطأ واستهلك عِنْده مَالا يُحِيط بِقِيمَتِه ثمَّ إِنَّه مَاتَ عِنْده فعلى الْمولى قِيمَته لأَصْحَاب الْجِنَايَة وَيرجع بهَا على الْغَاصِب وَيرجع بِقِيمَة أُخْرَى على الْغَاصِب بِمَوْتِهِ فيدفعها(4/646)
إِلَى أَصْحَاب الدّين وَيرجع عَلَيْهِ بِقِيمَة أُخْرَى وَلَو اغتصب الرجل مُدبرا أَو عبدا غير مُدبرا فاستهلك عِنْده مَالا يُجَاوز قِيمَته ثمَّ إِنَّه رده على الْمولى فَمَاتَ عِنْد الْمولى فَلَا شَيْء لأَصْحَاب الدّين وَلَا شَيْء للْمولى على الْغَاصِب وَإِن مَاتَ عِنْد الْغَاصِب قبل أَن يردهُ فان على الْغَاصِب قِيمَته يَدْفَعهَا إِلَى الْمولى فيأخذها الْغُرَمَاء ثمَّ يرجع الْمولى عَلَيْهِ بِمثل ذَلِك فان كَانَ رده إِلَى املوى فَقتل عِنْده خطأ فَقيمته لأَصْحَاب الدّين على عَاقِلَة الْقَاتِل فاذا قبضهَا الْمولى أَخذهَا الْغُرَمَاء وَيرجع الْمولى على الْغَاصِب بِتِلْكَ الْقيمَة لِأَنَّهُ إِنَّمَا اسْتهْلك بِتِلْكَ الْقيمَة عِنْد الْغَاصِب
وَإِذا اغتصب الْمُدبر مَالا فاستهلكه وَهُوَ عِنْد الْمولى ثمَّ اغتصبه رجل آخر فخفر عِنْده بِئْرا فِي الطَّرِيق ثمَّ إِنَّه رده إِلَى الْمولى فَقتله رجل خطأ فغرم الْقيمَة للْمولى فَأَخذهَا أَصْحَاب الدّين ثمَّ وَقعت فِي الْبِئْر دَابَّة فعطبت وَقيمتهَا وَالدّين سَوَاء فانهم يشاركون أَصْحَاب الْقيمَة فَيَأْخُذُونَ نصفهَا وَيرجع الْمولى على الْغَاصِب بذلك ثمَّ يَدْفَعهُ إِلَى أَصْحَاب الدّين الأول فان وَقع فِي الْبِئْر إِنْسَان آخر فَمَاتَ فعلى الْمولى قيمَة الْمُدبر وَيرجع بذلك على الْغَاصِب
- بَاب جِنَايَة الْمُدبر بَين رجلَيْنِ
- وَإِذا كَانَ الْمُدبر بَين اثْنَيْنِ فَقتل أحد مولييه ورجلا خطأ بُدِئَ بِالرجلِ قبل الْمولى فان على الْمولى الْبَاقِي نصف قِيمَته وَفِي مَال الْمَقْتُول(4/647)
نصف قِيمَته فَيكون لمولى الْمَقْتُول ربع قِيمَته وَللْآخر ثَلَاثَة أَربَاع قِيمَته من قبل أَن مولى الْقَتِيل لَا حق لَهُ فِيمَا ضمن وَإِنَّمَا حَقه فِي النّصْف الآخر يضْرب فِيهِ بِخَمْسَة آلَاف وعَلى الْمُدبر أَن يسْعَى فِي قِيمَته
وَإِذا قتل الْمُدبر أحد مولييه عمدا ورجلا آخر خطأ بُدِئَ بِالرجلِ قبل الْمولى فان على مَوْلَاهُ الْبَاقِي وَفِي مَال الْمَقْتُول فيمته تَامَّة لولى الْقَتِيل الْخَطَأ وَيسْعَى الْمُدبر فِي قِيمَته بَين الموليين وَيقتل بالعمد فان عَفا أحد ولي الْعمد سعى الْمُدبر للَّذي لم يعف فِي نصف قِيمَته أَيْضا وَإِذا قتل الْمُدبر رجلا عمدا ثمَّ قتل أحد مولييه خطأ بعد مَا عَفا أحد ولي الْعمد فان على الْمولى الْبَاقِي نصف قِيمَته فَيكون نصف ذَلِك النّصْف لوَلِيّ الْمولى الْقَتِيل وَالنّصف الْبَاقِي من ذَلِك النّصْف بَينه وَبَين الَّذِي لم يعف وعَلى وَرَثَة الْمولى الْمَقْتُول ربع الْقيمَة للَّذي لم يعف وعَلى الْمُدبر أَن يسْعَى فِي قِيمَته تَامَّة للَّذي بَقِي من مَوْلَاهُ ولورثة الْمولى الْقَتِيل لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّة لَهُ لِأَنَّهُ قَاتل وَإِذا قتل الْمُدبر مولييه جَمِيعًا مَعًا خطأ فان عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي قِيمَته لورثتهما وَلَا شَيْء لوَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه
وَإِذا اغتصب الْمُدبر أحد مولييه فَقتل عِنْده قَتِيلا خطأ ثمَّ رده فَقتل رجلا عمدا لَهُ وليان فَعَفَا أَحدهمَا فان عَلَيْهِمَا قيمَة تَامَّة لصَاحب الْخَطَأ ثَلَاثَة أرباعها وَلِصَاحِب الْعمد الَّذِي لم يعف ربعهَا وَيرجع مولى الَّذِي لم يغصب على الْغَاصِب بِثَلَاثَة أَربَاع نصف قيمَة الْمُدبر فَيرد على صَاحب(4/648)
الْخَطَأ من ذَلِك ثمن قيمَة العَبْد وَيرجع بذلك على الْغَاصِب وَإِذا قطع رجل يَد الْمُدبر وَقِيمَته ألف فبرأ وَزَاد حَتَّى صَارَت قِيمَته أَلفَيْنِ ثمَّ فَقَأَ آخر عينه ثمَّ انتقضت الْيَد فَمَاتَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَالْمُدبر بَين اثْنَيْنِ فَعَفَا أَحدهمَا عَن الْيَد وَمَا يحدث فِيهَا وَعَفا الآخر عَن الْعين وَمَا يحدث فِيهَا فان للَّذي عَفا عَن الْيَد على صَاحب الْعين سَبْعمِائة وَخمسين درهما على عَاقِلَته إِن كَانَ ذَلِك كُله خطأ وَإِن كَانَ عمدا فَفِي مَاله وللذي عَفا عَن الْعين على صَاحب الْيَد ثَلَاثمِائَة وَاثنا عشر درهما وَنصف دِرْهَم على عَاقِلَته إِن كَانَ خطأ وَفِي مَاله إِن كَانَ عمدا من قبل أَن الْقَاطِع قطع يَده وَقِيمَته ألف فَكَانَ عَلَيْهِ نصف قِيمَته خَمْسمِائَة فَلَمَّا فَقَأَ الاخر عينه وَقِيمَته الفان صَار عَلَيْهِ نصف الْألف فَلَمَّا مَاتَ من الجنايتين جَمِيعًا صَار صَاحب الْيَد ضَامِنا للآلف والخمسمائة من قِيمَته لِأَنَّهُ ثَلَاثَة أَربَاع الْجِنَايَة وَإِنَّمَا ضمنت الْقَاطِع مائَة وَخَمْسَة وَعشْرين مَعَ الْخَمْسمِائَةِ الَّتِي عَلَيْهِ من قبل الْيَد لِأَن الفاقئ كَأَنَّهُ فَقَأَ عينه وَقِيمَته خَمْسمِائَة فَعَلَيهِ نصف قِيمَته خمسين ومائتي دِرْهَم فيبقي من النَّفس مِائَتَان وَخَمْسُونَ فَلَمَّا مَاتَ من جنايتهما صَار على كل وَاحِد مِنْهُم نصف ذَلِك وَهُوَ مائَة وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ فَلَمَّا عَفا أحد الموليين عَن صَاحب الْيَد سقط عَنهُ نصف أرش الْجِنَايَة وَكَذَلِكَ صَاحب الْعين(4/649)
وَجِنَايَة أم الْوَلَد فِي جَمِيع مَا ذكرنَا مثل جِنَايَة الْمُدبر إِذا كَانَ على غير الْمولى
- بَاب جِنَايَة أم الْوَلَد فِي الْبِئْر وَغَيرهَا
- وَإِذا جنت أم الْوَلَد فقتلت مَوْلَاهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهَا من قبل أَن عتقهَا لَيْسَ من الثُّلُث وَلَيْسَ بِوَصِيَّة فَتبْطل الْوَصِيَّة وَلَا جِنَايَة عَلَيْهَا لمولاها إِنَّمَا جنت عَلَيْهِ وَنهي مَمْلُوكَة لَهُ لَا يجب عَلَيْهَا دين وَإِذا قتلت أم الْوَلَد مَوْلَاهَا عمدا وَلَيْسَ لَهُ مِنْهَا ولد فعلَيْهَا الْقصاص وَلَا سِعَايَة عَلَيْهَا فان كَانَ للْمولى ابْنَانِ فَعَفَا أَحدهمَا سعت للْآخر فِي نصف قيمتهَا لِأَن الْجِنَايَة كَانَت وَهِي أمة فَلَا يلْزمهَا أَكثر من ذَلِك
وَكَذَلِكَ عبد قتل رجلا عمدا فَأعْتقهُ الْمولى ثمَّ عَفا أحد ولي الدَّم وَإِذا قتلت أم الْوَلَد مَوْلَاهَا عمدا وَله ابْنَانِ أَحدهمَا مِنْهَا وَالْآخر لَيْسَ مِنْهَا فان عَلَيْهَا أَن تسْعَى فِي قيمتهَا تَامَّة بَينهمَا نِصْفَانِ لِأَن الْقَتْل كَانَ عمدا فَلَمَّا صَار إِلَى ابْنهَا بَطل الْقصاص وَصَارَ مَالا عَلَيْهَا تسْعَى فِيهِ وَلَيْسَ هَذَا كالخطأ وَهِي حرَّة فِي جَمِيع أمورها وَلَيْسَ سعايتها هَذِه كالسعاية فِي شَيْء من الرَّقَبَة وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْحرَّة
وَإِذا كَاتب الرجل أم وَلَده أَو مُدبرَة لَهُ ثمَّ إِنَّهَا قتلت مَوْلَاهَا خطأ فَأَما أم الْوَلَد فانها تسْعَى فِي قيمتهَا من قبل الْجِنَايَة وَتبطل عَنْهَا الْمُكَاتبَة من قبل أَنَّهَا قد عتقت حِين مَاتَ مَوْلَاهَا وَإِنَّمَا وَجَبت عَلَيْهَا أَن تسْعَى فِي قيمتهَا بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّهَا جنت وَهِي مُكَاتبَة أَلا ترى أَنَّهَا(4/650)
لَو أفسدت لَهُ مَتَاعا أَو استقرضت مَالا ثمَّ مَاتَ الْمولى بطلت عَنْهَا الْمُكَاتبَة وعتقت ولزمها الدّين وَأما الْمُدبرَة فان عَلَيْهَا أَن تسْعَى فِي قيمتهَا من قبل الْجِنَايَة لِأَن عتقهَا وَصِيَّة وَلَا وَصِيَّة لَهَا لِأَنَّهَا قاتلة وَإِن كَانَت مكاتبتها أقل من قيمتهَا سعت فِي مكاتبتها وَإِذا أسلمت أم ولد النَّصْرَانِي فاستسعاها فِي قيمتهَا فَقتلته خطأ وَهِي تسْعَى فان عَلَيْهَا قيمتهَا من قبل الْجِنَايَة وَبَطل عَنْهَا سِعَايَة الرّقّ وتعتق فان كَانَ الْقَتْل عمدا فعلَيْهَا الْقصاص مَكَان الْقيمَة وَإِن كَانَ لَهَا مِنْهُ ولد فَلَا شَيْء لولدها فِي ذَلِك من قبل أَنه مُسلم مَعَ الْأُم فَلَا يَرث الْأَب فان عَفا بعض الْوَرَثَة عَن الدَّم بَطل عَنْهَا الْقصاص وَرفع عَنْهَا حِصَّة من عَفا وتسعى فِي حِصَّة من لم يعف من الْقيمَة
وَإِذا قتلت أم الْوَلَد مَوْلَاهَا عمدا وَلَيْسَ لَهَا مِنْهُ ولد وَهِي حُبْلَى مِنْهُ فَلَا قصاص لَهُ عَلَيْهَا من قبل خَصْلَتَيْنِ من قبل مَا فِي بَطنهَا لَعَلَّ أَن يكون وَارِثا وَمن قبل أَن الحبلى لَا تقتل بِالْقصاصِ فان ولدت ولدا حَيا ورث أَبَاهُ وَصَارَ عَلَيْهَا الْقيمَة لجَمِيع الْوَرَثَة وَإِن ولدت مَيتا كَانَ عَلَيْهَا الْقصاص فان كَانَ إِنْسَان ضرب بَطنهَا فألقته مَيتا فَعَلَيهِ غرَّة وَلها مِيرَاثهَا من تِلْكَ الْغرَّة وَمَا بَقِي فَهُوَ لإخوة الْجَنِين وَتقتل هِيَ(4/651)
بقتلها مَوْلَاهَا وَيَرِث نصِيبهَا من الْغرَّة بَنو مَوْلَاهَا لأَنهم عصبَة وَلَا يحرمُونَ الْمِيرَاث مِنْهَا لأَنهم قتلوها بِحَق
- بَاب جِنَايَة الْمكَاتب فِي الْخَطَأ
-
وَإِذا قتل الْمكَاتب رجلا خطأ وَقِيمَة الْمكَاتب ألف دِرْهَم فان على الْمكَاتب أَن يسْعَى فِي قِيمَته فان قتل آخر خطأ بعد مَا قضي عَلَيْهِ بِالْأولِ فان عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي قيمَة أُخْرَى فان قتل اثْنَيْنِ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ للآول فان عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي قيمَة وَاحِدَة لَهما جَمِيعًا فان كَانَت الْجِنَايَة كلهَا قتلا وَقطع يَد فَالْقيمَة بَينهم أَثلَاثًا لولى الْقَتِيل ثُلُثَاهُ وَلِصَاحِب الْيَد الثُّلُث
وَإِذا قتل الْمكَاتب عبدا خطأ فان عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي الْأَقَل من قِيمَته وَمن قيمَة الْمَقْتُول وَكَذَلِكَ لَو قتل مكَاتبا أَو مُدبرا أَو أم ولد فان قتل هَؤُلَاءِ جَمِيعًا وَقتل مَعَهم حرا فان عَلَيْهِ قِيمَته لَهُم جَمِيعًا على قدر قيمتهم ودية الْحر وَإِذا قتل الْمكَاتب رجلا خطأ ثمَّ عجز قبل أَن يقْضِي بِهِ قَاض فانه يُخَيّر مَوْلَاهُ فان شَاءَ دَفعه بِالْخِيَارِ وَإِن شَاءَ فدَاه بِالدِّيَةِ وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الْجِنَايَة دون النَّفس فِي عبد أَو حر فان مَوْلَاهُ يُخَيّر فِيهِ فان شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه بِأَرْش ذَلِك وَإِذا أفسد الْمكَاتب مَتَاعا أَو عقر دَابَّة أَو اسْتهْلك مَالا أَو مَتَاعا فَعَلَيهِ قيمَة ذَلِك وَعَلِيهِ المَال دينا بَالغا مَا بلغ وَلَيْسَ هَذَا كالجناية فِي النَّاس هَذَا لَا يدْفع بِهِ أبدا(4/652)
وَإِذا قتل الْمكَاتب رجلا خطأ ثمَّ إِنَّه قتل آخر ثمَّ إِنَّه قضي عَلَيْهِ لأَحَدهمَا بِنصْف الْقيمَة وَالْآخر غَائِب ثمَّ قتل رجلا آخر خطأ ثمَّ عجز وَاخْتَارَ مَوْلَاهُ دَفعه فانه يدْفع نصفه إِلَى الآخر وَيتبع الْمقْضِي لَهُ الأول بذلك النّصْف الْمَدْفُوع إِلَيْهِ فَيُبَاع فِيهِ وَيدْفَع النّصْف الْبَاقِي إِلَى الآخر والأوسط الَّذِي لم يقْض لَهُ فِيهِ بِشَيْء وَيضْرب فِيهِ الآخر بِخَمْسَة آلَاف والأوسط بِعشْرَة آلَاف
وَإِذا قتل الْمكَاتب رجلا خطأ وَله وليان فَقضى عَلَيْهِ القَاضِي لأَحَدهمَا بِنصْف الْقيمَة وَلم يقْض للْآخر بِشَيْء ثمَّ قتل آخر فجَاء آخر فخاصم إِلَى القَاضِي وَهُوَ مكَاتب بعد فانه يقْضِي لَهُ بِثَلَاثَة أَربَاع الْقيمَة من قبل أَن النّصْف الْبَاقِي الْمقْضِي فِيهِ للْأولِ لَا جِنَايَة فِيهِ فَيَقْضِي لَهُ بِنصْف الدِّيَة فِيهِ فَيصير لَهُ بذلك نصف الْقيمَة وَالنّصف الْبَاقِي يقْضِي لَهُ بِنصفِهِ وَإِن عجز الْمكَاتب وَجَاء الْأَوْسَط فانه يدْفع إِلَيْهِ ربع العَبْد أَو يفْدِيه مَوْلَاهُ بِنصْف الدِّيَة وَإِذا قتل الْمكَاتب رجلا خطأ ثمَّ اعور فَقتل آخر خطأ ثمَّ خاصما فان عَلَيْهِ قِيمَته صَحِيحا نصفهَا للآول وَنِصْفهَا بَينهمَا يضْرب فِيهِ الآخر بِالدِّيَةِ وَالْأول بِالدِّيَةِ إِلَّا مَا كَانَ أَخذ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فَقَأَ عينه إِنْسَان أَو نقصت الْقيمَة من سعر أَو عيب حَتَّى يذهب بعض ثمنه من أجل ذَلِك الْعَيْب
وَإِذا قتل الْمكَاتب رجلا خطأ وحفر بِئْرا فَوَقع فِيهَا إِنْسَان فَمَاتَ(4/653)
أَو أحدث شَيْئا فِي الطَّرِيق فقضي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ للَّذي وَقع فِي الْبِئْر ولولى الْقَتِيل وسعى فِيمَا بَينهم ثمَّ عطب بذلك الَّذِي أحدث فِي الطَّرِيق إِنْسَان فَمَاتَ فانه يشاركهم فِي الْقيمَة الَّتِي أخذُوا لِأَنَّهُ أحدث ذَلِك فِي الطَّرِيق قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ وَقع فِي الْبِئْر إِنْسَان آخر فَمَاتَ
وَلَو حفر بِئْرا أُخْرَى فِي الطَّرِيق بعد مَا قضي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ فَوَقع فِيهَا إِنْسَان فَمَاتَ قضي عَلَيْهِ القَاضِي بِقِيمَة أُخْرَى
وَلَو وَقع فِي الْبِئْر الأولى فرس فعطبت أَو بَهِيمَة كَانَ عَلَيْهِ قيمتهَا دينا فِي رقبته يسْعَى فِيهِ بَالغا مَا بلغ لَا يُشَارك أهل الْجِنَايَة وَلَا يشركونه أَلا ترى أَن مكَاتبا لَو قتل رجلا خطأ أَو اسْتهْلك مَالا فقضي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ فِي الْقَتْل وَقضي عَلَيْهِ بِالْمَالِ بَالغا مَا بلغ
وَإِذا قتل ابْن الْمكَاتب من أمته قَتِيلا خطأ فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمكَاتب يسْعَى فِي ذَلِك وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمكَاتب اشْتَرَاهُ شِرَاء وَكَذَلِكَ أَبوهُ وَأمه إِذا كَانُوا فِي ملكه وَكَذَلِكَ أم وَلَده يغرم قيمتهَا وَلَا يدْفع شَيْئا من هَؤُلَاءِ وَلَو كَانَ عبد لَهُ جنى جِنَايَة أَو أمة كَانَ عَلَيْهِ أَن يَدْفَعهُ أَو يفْدِيه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْقَتْل عمدا فَصَالح عَن عَبده كَانَ صلحه جَائِزا
وَلَو قتل هُوَ بِنَفسِهِ رجلا عمدا فَصَالح عَن نَفسه فَهُوَ جَائِز وَيلْزمهُ المَال فان عجز وَلم يؤد المَال بَطل عَنهُ المَال فِي قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَالْمَال لَهُ لَازم عجز أَو لم يعجز(4/654)
وَإِذا أقرّ الْمكَاتب بِالْجِنَايَةِ خطأ ثمَّ عجز فاقراره بَاطِل فان عتق كَانَ إِقْرَاره جَائِزا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِقْرَاره جَائِز عَلَيْهِ مَا لم يعجز وَإِذا أقرّ بقتل عمد فَهُوَ مُصدق على نَفسه فان عَفا اُحْدُ الْوَارِثين قضي عَلَيْهِ بِنصْف الْقيمَة للْآخر وَإِن عجز قبل أَن يُؤَدِّي بَطل ذَلِك عَنهُ فِي قَول أبي حنيفَة إِن كَانَ لم يؤد وَلَا يبطل ذَلِك عَنهُ فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِذا قضي بِهِ صَار دينا عَلَيْهِ يُبَاع بِهِ وَكَذَلِكَ كل عبد أَو مكَاتب أَو مُدبر يقر بقتل عمد أَو زنى أَو سَرقَة أَو قذف فانه يقْضِي عَلَيْهِ من ذَلِك مَا كَانَ فِيهِ الْقصاص وَالْحَد فاذا دخل الْعَفو وَصَارَ مَا بَقِي مَالا بَطل المَال فِي الدَّم وَالسَّرِقَة إِذا درئ فِيهَا الْحَد إِلَّا أَن يكون عبدا تَاجِرًا أَو مكَاتبا فَيُؤْخَذ بِالسَّرقَةِ فَيكون دينا فِي عُنُقه وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَإِذا قتل الْمكَاتب رجلا عمدا لَهُ وليان فَعَفَا أَحدهمَا سعى للْآخر فِي نصف الْقيمَة فان وَقع رجل فِي بِئْر أحدثها الْمكَاتب فِي الطَّرِيق قبل الْقَتْل فان عَلَيْهِ نصف قيمَة أُخْرَى لصَاحب الْبِئْر وشارك أَصْحَاب الْبِئْر مَعَ أَصْحَاب الْقَتْل الْعمد فَيَأْخُذ مِنْهُ نصف مَا أَخذ فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
وَإِذا قتل ابْن الْمكَاتب رجلا خطأ ثمَّ إِن الْمكَاتب قتل ابْنه وَهُوَ عبد وَقتل آخر خطأ فان عَلَيْهِ قِيمَته يسْعَى فِيهَا يضْرب فِيهَا أَوْلِيَاء الْقَتِيل الآخر بِالدِّيَةِ وَيضْرب فِيهَا أَوْلِيَاء قَتِيل الابْن بِقِيمَة الابْن
وَإِذا جنى الْمكَاتب جِنَايَة ثمَّ اخْتلف الْمكَاتب وَولى الْجِنَايَة فِي قيمَة الْمكَاتب وَقد علم أَن قِيمَته قد زَادَت أَو نقصت فَقَالَ الْمكَاتب(4/655)
كَانَت قيمتي ألفا يَوْم جنيت وَقَالَ الْوَلِيّ كَانَت قيمتك أَلفَيْنِ فَالْقَوْل قَول الْمكَاتب وعَلى ولي الْقَتِيل الْبَيِّنَة
وَكَذَلِكَ لَو فقئت عين الْمكَاتب فَقَالَ الْمكَاتب جنيت الْجِنَايَة بعد مَا فقئت عَيْني وَقَالَ الْمولى كَانَت الْجِنَايَة قبل أَن تفقأ عَيْنك فَالْقَوْل قَول الْمكَاتب وعَلى الْمولى الْبَيِّنَة آخر كتاب الدِّيات وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وصلواته على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي وَآله وَسلم
كتبه أَبُو بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد الطلحي الْأَصْفَهَانِي فِي صفر سنة تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة الْهِلَالِيَّة(4/656)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله الْوَاحِد الْعدْل
// كتاب الْعقل
//(4/657)
- بَاب من عقل الْجِنَايَات مَتى تُؤْخَذ وَفِي كم تُؤْخَذ ويتحول أَو لَا يتَحَوَّل
-
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن بلغنَا أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فرض الْعقل على أهل الدِّيوَان لِأَنَّهُ أول من وضع الدِّيوَان فَجعل فِيهِ الْعقل وَكَانَ الْعقل قبل ذَلِك على عشيرة الرجل فِي أَمْوَالهم فالعقل على أهل(4/658)
الدِّيوَان من الْمُقَاتلَة(4/659)
مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم فِي دِيَة الْخَطَأ وَشبه الْعمد فِي النَّفس على الْعَاقِلَة على أهل الدِّيوَان فِي ثَلَاثَة أَعْوَام فِي كل عَام الثُّلُث وَمَا كَانَ من جراحات الْخَطَأ فعلى الْعَاقِلَة على أهل الدِّيوَان إِذا بلغت الْجراحَة ثُلثي الدِّيَة فَفِي عَاميْنِ وَإِن كَانَ النّصْف فَفِي عَاميْنِ وَإِن كَانَ الثُّلُث فَفِي عَام وَذَلِكَ كُله على أهل الدِّيوَان وَلَيْسَ على الذُّرِّيَّة وَالنِّسَاء مِمَّن كَانَ لَهُ عَطاء فِي الدِّيوَان عقل لِأَنَّهُ بلغنَا أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَا يعقل مَعَ الْعَاقِلَة صبي وَلَا امْرَأَة(4/660)
مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر الْأَسْلَمِيّ قَالَ أخبرنَا عمر بن عُثْمَان ابْن سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة عَن عبد الله بن السَّائِب بن يزِيد عَن أَبِيه قَالَ(4/661)
سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول لَا يعقل مَعَ الْعَاقِلَة صبي وَلَا امْرَأَة وَإِنَّمَا جعل الْعقل فِيمَا نرى وَالله أعلم على عشيرة الرجل وَلم يجنوا وَلم يحدثوا حَدثا على وَجه العون لصَاحِبِهِمْ لأَنهم أهل يَد وَاحِدَة على غَيرهم وَأهل نصْرَة وَاحِدَة على غَيرهم وَلم يوضع ذَلِك على النّسَب لِأَن الْقَوْم كَانَ يعقل مَعَهم حليفهم وعديدهم ويعقلون عَنهُ وَلَيْسَ بَينه وَبينهمْ وَلَاء وَلَا قرَابَة فَلَمَّا صَارَت الدَّوَاوِين صَار أهل الدِّيوَان يتناصرون دون ذَوي الْقرَابَات وصاروا يدا على غَيرهم وَصَارَت أَمْوَالهم الأعطية فَفرض الْعقل على أهل الدِّيوَان لذَلِك فَهُوَ على أهل الدِّيوَان لذَلِك فَهُوَ على أهل الدِّيوَان دون الْقرَابَات لِأَن الْأَخَوَيْنِ أَحدهمَا يكونن ديوانه بِالْكُوفَةِ وَالْآخر ديوانه بِالشَّام فَلَا يعقل وَاحِد مِنْهُمَا عَن صَاحبه(4/662)
لِأَنَّهُمَا وَإِن اجْتمع نسبهما فان نصرتهما ويدهما مُخْتَلفَة فانما جعل التعاقل على النُّصْرَة وَالْيَد الْوَاحِدَة أَلا ترى أَن أهل ديوَان الشَّام لَا يعْقلُونَ عَن أهل ديوَان الْبَصْرَة وَأهل ديوَان الْبَصْرَة لَا يعْقلُونَ عَن أهل ديوَان الشَّام وَإِن قربت أنسابهم لأَنهم لَيْسُوا بِأَهْل نصْرَة وَلَا يَد وَاحِدَة وَإِنَّمَا وضعت المعاقل على مَا وصفت لَك من النُّصْرَة وَالْيَد الْوَاحِدَة والحيطة فَجعل الْعقل وَفْدًا لبَعْضهِم من بعض وعونا لبَعْضهِم من بعض قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن إِذا قتل الرجل قَتِيلا خطأ قضي عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ على عَاقِلَته فِي ثَلَاث سِنِين فَلَو مضى للقتيل سنتَانِ أَو ثَلَاث أَو أَكثر ثمَّ رفع إِلَى القَاضِي فانه يحكم بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاث سِنِين من يَوْم يقْضِي بذلك وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا مُضِيّ فان كَانَت الْعَاقِلَة أهل ديوَان قضي بذلك فِي أعطياتهم فَجعل الثُّلُث فِي أول عَطاء يخرج لَهُم بعد قَضَائِهِ وَإِن كَانَ لَيْسَ بَين الْقَتْل وقضائه وَبَين خُرُوج الْعَطاء إِلَّا شهر أَو أقل من ذَلِك فَالثُّلُث الأول فِيهِ وَيجْعَل الثُّلُث فِي الْعَطاء الآخر إِذا خرج إِن أَبْطَأَ بعد الْحول أَو عجل قبل السّنة وَيجْعَل الثُّلُث فِي الْعَطاء الثَّالِث فان عجل للْقَوْم الْعَطاء فأخرجت لَهُم ثَلَاثَة أعطية بِمرَّة وَاحِدَة وَهِي أعطية إِنَّمَا استحقوها بعد قَضَاء القَاضِي بِالدِّيَةِ فان الدِّيَة كلهَا تُؤْخَذ من تِلْكَ الأعطية الثَّلَاثَة فَيَقْضِي بِالدِّيَةِ على الْقَوْم حَتَّى يُصِيب الرجل فِي عطائه من الدِّيَة كلهَا أَرْبَعَة دَرَاهِم أَو ثَلَاثَة أَو أقل من ذَلِك فان قلت الْعَاقِلَة فَكَانَ الرجل يُصِيبهُ من الدِّيَة أَكثر(4/663)
من أَرْبَعَة دَرَاهِم ضم إِلَيْهِم أقرب الْقَبَائِل فِي النّسَب من أهل الدِّيوَان حَتَّى يُصِيب الرجل فِي عطائه من الدِّيَة مَا وصفت لَك أَو أقل من ذَلِك وَلَا يسْتَحق الْعَطاء عندنَا إِلَّا بآخر السّنة فَلذَلِك قُلْنَا إِن الرجل إِذا قضي بديته على الْعَاقِلَة ثمَّ خرج الْعَطاء بعد ذَلِك بِشَهْر أَو أقل من ذَلِك كَانَ ذَلِك الْعَطاء فِيهِ ثلث الدِّيَة
وَإِذا قتل رجل رجلا خطأ فَلم يقْض بذلك حَتَّى مَضَت سنُون ثَلَاث أَو أَكثر ثمَّ قضي على الْعَاقِلَة بِالدِّيَةِ وَلم يخرج للنَّاس عَطاء ثمَّ أَمر للنَّاس بأعطياتهم الْمَاضِيَة لم يكن فِيهَا من الدِّيَة قَلِيل وَلَا كثير واستقبل لصَاحب الدِّيَة الأعطية الْمُسْتَقْبلَة بعد الْقَضَاء بِالدِّيَةِ
وَلَو أَن رجلا كَانَت عَاقِلَته أَصْحَاب رزق يأخذونه فِي كل شهر قضي على عَاقِلَته بِالدِّيَةِ فِي أَرْزَاقهم فِي ثَلَاث سِنِين فِي كل سنة ثلث الدِّيَة فاذا قضي القَاضِي بذلك ثمَّ خرجت لَهُم الأرزاق لأشهر مَاضِيَة كَانَت قبل الْقَضَاء بِالدِّيَةِ لم يكن عَلَيْهِم من الدِّيَة فِي تِلْكَ الأرزاق قَلِيل وَلَا كثير وَإِنَّمَا الدِّيَة فِيمَا تجب من الأرزاق بعد قَضَاء القَاضِي بِالدِّيَةِ على الْعَاقِلَة فان خرج رزق شهر من الشُّهُور بعد قَضَاء القَاضِي وَقد قضي القَاضِي بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاث سِنِين وَقد بَقِي من ذَلِك الشَّهْر يَوْم أَو أَكثر أَخذ مِنْهُم من أَرْزَاقهم الَّتِي أرزقوها لذَلِك الشَّهْر لِأَن الرزق لَا يأخذونه لَا يجب إِلَّا بِكَمَال الشَّهْر فان كَانُوا يَأْخُذُونَ الأرزاق فِي كل سِتَّة أشهر أَو فِي كل شهر وَلم يكن لَهُم أعطية(4/664)
أَخذ من أَرْزَاقهم كلما خرجت على حِسَاب ذَلِك فان خرجت لكل سِتَّة أشهر أَخذ من أَرْزَاقهم فِي كل سِتَّة أشهر سدس الدِّيَة وَإِن كَانَت الأرزاق تخرج لَهُم فِي كل شهر أَخذ مِنْهُم فِي كل رزق نصف سدس ثلث الدِّيَة وَإِن كَانَ قوم لَهُم أرزاق فِي كل شهر وَلَهُم أعطية فِي سنة فرضت عَلَيْهِم الدِّيَة
فِي أعطياتهم وَلَا يعرض لأرزاقهم وَإِنَّمَا تفرض الدِّيَة فِي الأرزاق إِذا لم يكن لَهُم أعطية وَمن جنى من أهل الْبَادِيَة وَأهل الْيمن الَّذين لَا ديوَان لَهُم فرضت الدِّيَة على عواقلهم فِي أَمْوَالهم فِي ثَلَاث سِنِين على الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب مِنْهُم من يَوْم يقْضِي القَاضِي بِالدِّيَةِ عَلَيْهِم وَلَا ينظر القَاضِي إِلَى مَا مضى من السنين بعد الْقَتْل قبل الْقَضَاء بِالدِّيَةِ فَيُؤْخَذ الدِّيَة من أَمْوَالهم فِي كل سنة ثلث الدِّيَة عِنْد رَأس كل حول من يَوْم يقْضِي وَيضم إِلَيْهِم أقرب الْقَبَائِل فِي النّسَب حَتَّى يُصِيب الرجل فِي مَاله من الدِّيَة فِي السنين الثَّلَاثَة ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو أَرْبَعَة دَرَاهِم وَمن أقرّ بقتل خطأ جعلت الدِّيَة عَلَيْهِ فِي مَاله فِي ثَلَاث سِنِين فان لم يرتفعوا إِلَى القَاضِي حَتَّى يمْضِي سنُون ثمَّ ارتفعوا إِلَى الْحَاكِم قضي بهَا الحكم فِي مَاله فِي ثَلَاث سِنِين مُسْتَقْبلَة من يَوْم يقْضِي لِأَن الرجل(4/665)
بِمَا كَانَت عَلَيْهِ النَّفس وَلم يصر مَالا حَتَّى قضي بهَا وَكَذَلِكَ الْعمد الَّذِي لَا قصاص فِيهِ الْوَالِد يقتل الْوَلَد أَو الْعمد يخالطه الْخَطَأ وَإِن اجْتمعت القتلة فَكَانُوا مائَة كَانَت الدِّيَة على عواقلهم فِي ثَلَاث سِنِين وَالْقَاتِل الْوَاحِد وَالْجَمَاعَة فِي هَذَا سَوَاء وَلَيْسَ يعقل أهل مصر عَن أهل مصر لَا يعقل أهل الْبَصْرَة عَن أهل الْكُوفَة وَلَا يعقل أهل الشَّام عَن أهل الْكُوفَة لِأَن عاقلتهم على الدِّيوَان فالدواوين مُخْتَلفَة وَأهل الْكُوفَة يعْقلُونَ عَن أهل سوادهم وقراهم وَأهل الْبَصْرَة يعْقلُونَ عَن أهل سوادهم وقراهم وَكَذَلِكَ أهل الشَّام
وَمن كَانَ منزله الْبَصْرَة وديوانه بِالْكُوفَةِ فَأهل الْكُوفَة يعْقلُونَ عَنهُ وَيعْقل عَنْهُم وَإِن كَانَ أهل الْبَصْرَة أقرب إِلَيْهِ فِي النّسَب وَلَو أَن أَخَوَيْنِ لأَب وَأم أَحدهمَا ديوانه بِالْكُوفَةِ وَالْآخر ديوانه بِالْبَصْرَةِ لم يعقل أَحدهمَا عَن صَاحبه وعقل عَنهُ أهل ديوانه وَأهل الدِّيوَان يتعاقلون على الدَّوَاوِين وَإِن تَفَرَّقت أنسابهم وَلَو أَن قوما من أهل خُرَاسَان أهل ديوَان وَاحِد مُخْتَلفين فِي(4/666)
أنسابهم وَمِنْهُم من لَهُ وَلَاء وَمِنْهُم من الْعَرَب وَمِنْهُم من لَا وَلَاء لَهُ جنى بَعضهم جِنَايَة عقل عَنهُ أهل رايته وَأهل قيادته وَإِن كَانَ غَيرهم أقرب إِلَيْهِ فِي النّسَب فان كَانَ أهل رايته وقيادته قَلِيلا ضم إِلَيْهِم الإِمَام من رأى من أهل الدِّيوَان حَتَّى يجعلهم عَاقِلَة وَاحِدَة حَتَّى يُصِيب الرجل فِي أرزاقه من الدِّيَة أَرْبَعَة دَرَاهِم أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو أقل من ذَلِك وَأهل الدِّيوَان يتعاقلون دون أهل الْأَنْسَاب لَو كَانَ رجل من الْعَرَب أَو من الموَالِي مَعْرُوف ديوانه مَعَ قوم لَا وَلَاء لَهُم عقل عَنْهُم وعقلوا عَنهُ دون بنى عَمه ومواليه وَمن كَانَ لَا ديوَان لَهُ من أهل الْبَادِيَة وَنَحْوهم فانهم يتعاقلون على الْأَنْسَاب أقربهم نسبا يعقل عَنهُ وَإِن كَانَ بعيد الْمنزل مِنْهُ وَإِن اخْتلفت الباديتان وَلَا يعقل أهل الْبَادِيَة عَن أهل الْأَمْصَار الَّذِي عواقلهم فِي الْعَطاء وَلَا يعقل أهل الْعَطاء عَنْهُم وَإِن كَانُوا إخْوَة الْأَب وَأم
وَمن جنى جِنَايَة من أهل مصر وَلَيْسَ فِي عَطاء وَأهل الْبَادِيَة أقرب إِلَيْهِ ومسكنه فِي الْمصر عقل عَنهُ أهل الدِّيوَان من ذَلِك الْمصر وَإِن لم يكن لَهُ فيهم عَطاء كَمَا أَن صَاحب الْعَطاء لَا يعقل عَنهُ أهل الْبَادِيَة إِذا كَانَ فيهم نازلا وَأَصْحَاب الأرزاق الَّذِي لَا أعطيات لَهُم مثل أهل الْعَطاء فِي الْعقل فِي ذَلِك
وَمن كَانَ من أهل الذِّمَّة يتعاقلون لَهُم عواقل مَعْرُوفَة فَقتل(4/667)
أحدهم قَتِيلا خطأ فديته على عَاقِلَته فِي ثَلَاث سِنِين وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمُسلم وَمن لم يكن مِنْهُم لَهُ عَاقِلَة أَو لم يَكُونُوا يتعاقلون فَالدِّيَة فِي مَاله فِي ثَلَاث سِنِين من يَوْم يقْضِي بهَا القَاضِي وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا مضى من السنين بعد الْقَتْل وَإِن مضى سنُون كَثِيرَة وَلَا يعقل كَافِر عَن مُسلم وَلَا مُسلم عَن كَافِر وَالْكفَّار يتعاقلون فِيمَا بَينهم وَإِن اخْتلفت مللهم
وَمن قتل قَتِيلا وَهُوَ من أهل الْكُوفَة وَله بهَا عَطاء فَلم يقْض على عَاقِلَته بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاث سِنِين حَتَّى حول ديوانه فَجعل عطاؤه واسْمه فِي ديوَان أهل الْبَصْرَة ثمَّ رَجَعَ ذَلِك إِلَى القَاضِي فانه يقْضِي بِالدِّيَةِ على عَاقِلَته من أهل الْبَصْرَة وَلَو قضي القَاضِي بِالدِّيَةِ على عَاقِلَة أهل الْكُوفَة فِي ثَلَاث سِنِين وَأخذ مِنْهُم ثلث ب الدِّيَة لسنة أَو لم يُؤْخَذ إِلَّا أَنه قد قضي بهَا ثمَّ حول اسْمه عَنْهُم فَجعل فِي ديوَان أهل الْبَصْرَة كَانَت الدِّيَة على الْعَاقِلَة الَّذين قضي عَلَيْهِم لَا ينْتَقل ذَلِك عَنْهُم وَيُؤْخَذ مِنْهُ فِي عطائه بِالْبَصْرَةِ بِحِصَّتِهِ وَلَو قلوا بعد مَا قضي القَاضِي عَلَيْهِم بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاث سِنِين وَأخذ مِنْهُم الثُّلُث أَو الثُّلثَيْنِ ضم إِلَيْهِم أقرب الْقَبَائِل مِنْهُم فِي النّسَب حَتَّى يعقلوا عَنْهُم وَلَا يشبه قلَّة الْعَاقِلَة بعد الْقَضَاء بحول الرجل بعطائه من بلد إِلَى بلد لِأَن الَّذين يضافون إِلَيْهِم عَاقِلَة وَاحِدَة وَهَذِه عَاقِلَة مُسْتَقلَّة(4/668)
وَكَذَلِكَ لَو أَن رجلا لم يكن لَهُ عَطاء وَكَانَ مَسْكَنه الْكُوفَة فَقتل رجلا خطأ فَلم يقْض القَاضِي على الْعَاقِلَة بِالدِّيَةِ حَتَّى تحول عَن الْكُوفَة وأتى الْبَصْرَة فاتخدها دَارا وأوطنها ثمَّ رفع إِلَى القَاضِي فان القَاضِي يقْضِي على عَاقِلَته الَّذِي بِالْبَصْرَةِ بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاث سِنِين وَلَا يلْتَفت إِلَى عَاقِلَته بِالْكُوفَةِ
وَلَو كَانَ قضى بِالدِّيَةِ فِي الْكُوفَة فِي ثَلَاث سِنِين على عَاقِلَته بِالْكُوفَةِ ثمَّ انْتقل بعد ذَلِك قبل أَن يُؤْخَذ الدِّيَة إِلَى الْبَصْرَة فاتخذها دَارا لم تبطل الدِّيَة عَن عَاقِلَته بِالْكُوفَةِ وَكَذَلِكَ صَاحب الْعَطاء الْمُنْتَقل بعطائه إِلَى الْبَصْرَة وَكَذَلِكَ لَو أَن رجلا من أهل الْبَادِيَة قتل رجلا خطأ فَلم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء حَتَّى قدم مصرا من أَمْصَار الْمُسلمين فالتحق فِي الدِّيوَان والخذه مسكنا وَترك الْبَادِيَة ثمَّ رفع إِلَى القَاضِي فان القَاضِي يقْضِي على عَاقِلَته بِالدِّيَةِ من أهل الْمصر من أهل الدِّيوَان وَلَا يقْضِي على أهل الْبَادِيَة بِشَيْء وَلَو كَانَ القَاضِي قضي على عَاقِلَته بالبادية بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاث سِنِين فِي أَمْوَالهم ثمَّ صَارَت حَاله إِلَى مَا وصفت لَك لم يتَحَوَّل ذَلِك عَن أهل الْبَادِيَة بتحويل الرجل إِلَى الْمصر لِأَن الْجِنَايَة لم تجنها الْعَاقِلَة إِنَّمَا جناها الرجل فانما يكون على الْعَاقِلَة إِذا قضي بهَا عَلَيْهِم وَلَو أَن قوما من أهل الْبَادِيَة قضي عَلَيْهِم بِالدِّيَةِ فِي أَمْوَالهم فِي(4/669)
ثَلَاث سِنِين فأدوا الثُّلُث لسنه والثلثين وَبقيت بَقِيَّة أَو قضي عَلَيْهِم وَلم يؤدوا شَيْئا حَتَّى جعلهم الإِمَام فِي الْعَطاء صَارَت الدِّيَة فِي أعطياتهم وَإِن كَانَ القَاضِي قد قضي بهَا أول مرّة فِي أَمْوَالهم لِأَن الْعَطاء من أَمْوَالهم وَهُوَ مَال للمقاتلة وَلكنه يقْضِي عَلَيْهِم فِي أعطياتهم بِمَا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِم فِي الْبَادِيَة إِن كَانَ قضي عَلَيْهِم بِالْإِبِلِ لم يتَحَوَّل ذَلِك وَلَا يشبه هَذَا تحول الْعقل عَن الْعَاقِلَة إِلَى عَاقِلَة أُخْرَى بعد قَضَاء القَاضِي وعَلى هَذَا جَمِيع هَذَا الْوَجْه وَقِيَاسه فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَقَول مُحَمَّد ابْن الْحسن
- بَاب من الْوَلَاء الْمُنْتَقل وَالْعقل مَعَه أَو ينْتَقل الْوَلَاء وَيبقى الْعقل لَا ينْتَقل مَعَه
- وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فِي رجل لَا عَن امْرَأَته بِولد وَلزِمَ الْوَلَد أمه فجنى الْوَلَد جِنَايَة قتل قَتِيلا خطأ فقضي بِهِ القَاضِي على عَاقِلَة الْأُم فِي ثَلَاث سِنِين فَأخذ أَوْلِيَاء الْجِنَايَة الدِّيَة من عَاقِلَة الْأُم ثمَّ إِن الْأَب ادّعى الْوَلَد فانه يكون ابْنه وَيضْرب الْحَد وَيرجع عَاقِلَة الْأُم على عَاقِلَة الْأَب بِمَا أَدّوا من الدِّيَة وَهَذَا أَيْضا قَول أبي حنيفَة(4/670)
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن ترجع عَاقِلَة الْأُم على عَاقِلَة الْأَب بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاث سِنِين من يَوْم يقْضِي القَاضِي لعاقلة الْأُم على عَاقِلَة الْأَب بذلك وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا مُضِيّ من السنين مُنْذُ ادّعى الْأَب الْوَلَد وَكَذَلِكَ هَذَا فِي مكَاتب لَهُ امْرَأَة حرَّة مولاة لبني تَمِيم وَالْمكَاتب مكَاتب لهمدان فَمَاتَ الْمكَاتب وَترك وَفَاء وفضلا فَلم يؤد مُكَاتبَته حَتَّى جنى ابْنه جِنَايَة قتل قَتِيلا خطأ فقضي بِهِ القَاضِي على عَاقِلَة الْأُم بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاث سِنِين فَأخذت مِنْهُم ثمَّ إِن الْمكَاتب أدّى مَا عَلَيْهِ فان وَلَاء الْوَلَد يتَحَوَّل إِلَى مولى الْمكَاتب وَرجع عَاقِلَة الْأُم على عَاقِلَة الْأَب بِمَا أَدّوا فِي ثَلَاث سِنِين من يَوْم يقْضِي القَاضِي وَلَو أَن رجلا أَمر صَبيا أَن يقتل رجلا فَقتله فان القَاضِي يقْضِي على عَاقِلَة الصَّبِي بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاث سِنِين وَرجع بهَا عَاقِلَة الصَّبِي على عَاقِلَة الْآمِر فِي ثَلَاث سِنِين فان اجْتمعت العاقلتان وأولياء الْجِنَايَة جَمِيعًا عِنْد القَاضِي فقضي القَاضِي لأولياء الْجِنَايَة على عَاقِلَة الصَّبِي وَقضي لعاقلة الصَّبِي على عَاقِلَة الْآمِر فَكلما أَخذ أَوْلِيَاء الْجِنَايَة من عَاقِلَة الصَّبِي شَيْئا أخذت عَاقِلَة الصَّبِي من عاقة الْآمِر مثله فان قضي القَاضِي على عَاقِلَة(4/671)
الصَّبِي وَلم يخاصموا عَاقِلَة الْآمِر حَتَّى أَدّوا جَمِيع الدِّيَة ثمَّ خاصموا عَاقِلَة الْأُم بعد الْأَدَاء وَبعد مَا مضى بعد الْأَدَاء سنُون فان القَاضِي يقْضِي لعاقلة الصَّبِي على عَاقِلَة الْآمِر الدِّيَة فِي ثَلَاث سِنِين مُنْذُ يَوْم يقْضِي لَهُم عَلَيْهِم وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا مضى قبل ذَلِك من السنين وَلَو كَانَ الْآمِر أقرّ أَنه أَمر الصَّبِي وَلم يعلم بذلك إِلَّا بقوله قضي القَاضِي على الْآمِر فِي مَاله لعاقلة الصَّبِي بِالدِّيَةِ فِي ثَلَاث سِنِين من يَوْم يقْضِي بِالدِّيَةِ وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا مضى قبل ذَلِك من السنين وَلَو أَن ابْن الْمُلَاعنَة جنى جِنَايَة قتل قَتِيلا خطأ فقضي بِهِ القَاضِي على عَاقِلَة الْأُم فِي ثَلَاث سِنِين ثمَّ أدَّت عَاقِلَة الْأُم الثُّلُث فِي أول سنة ثمَّ إِن الْأَب ادّعى الْوَلَد فألزم الْوَلَد وَضرب الْحَد وَحَضَرت أَوْلِيَاء الْجِنَايَة والعاقلتان جَمِيعًا فان القَاضِي يقْضِي لعاقلة الْأُم بِالثُّلثِ الَّذِي أَدّوا على عَاقِلَة الْأَب فِي سنة مُسْتَقْبلَة من يَوْم يقْضِي وَيبدأ بهم على أَوْلِيَاء الْجِنَايَة وَيبْطل الْعقل الَّذِي بَقِي عَن عَاقِلَة الْأُم وَيَقْضِي بِهِ القَاضِي على عَاقِلَة الْأَب فِي سِنِين مستقبلتين بعد السّنة الأولى الَّتِي قضي لعاقلة الْأُم فِيهَا بِثلث الدِّيَة على عَاقِلَة الْأَب فَيَقْضِي بِالدِّيَةِ مُسْتَقْبلَة على عَاقِلَة الْأَب فِي ثَلَاث سِنِين الثُّلُث الأول لعاقلة الْأُم وَالثُّلُثَانِ لأولياء الْجِنَايَة وَلَا يُؤْخَذ من أَوْلِيَاء الْجِنَايَة مَا أخذُوا من عَاقِلَة الْأُم وَلكنه يبطل عَن عَاقِلَة الْأُم مَا بقى بِهِ الْأَوْلِيَاء الْجِنَايَة على عَاقِلَة الْأَب كَمَا وصفت وَكَذَلِكَ ابْن الْمكَاتب من الْمَرْأَة الْحرَّة إِذا مَاتَ الْمكَاتب وَترك(4/672)
وَفَاء فجنى ابْنه جِنَايَة ثمَّ أدّيت الْمُكَاتبَة فَهُوَ بِمَنْزِلَة ولد الْمُلَاعنَة فِي جَمِيع مَا وصفت لَك من هَذَا الْوَجْه
وَإِذا كَانَت الْمَرْأَة حرَّة وَهِي مولاة لبني تَمِيم تَحت عبد لرجل من هَمدَان فَولدت لَهُ غُلَاما فعاقلة الْغُلَام عَاقِلَة أمه بَنو تَمِيم فان جنى جِنَايَة فَلم يقْض بهَا القَاضِي على عَاقِلَة الْأُم حَتَّى أعتق الْأَب فان القَاضِي يحول وَلَاء الْغُلَام إِلَى مولى أَبِيه وَيجْعَل عَاقِلَته عَاقِلَة أَبِيه وَيَقْضِي بِالْجِنَايَةِ الَّتِي جناها على عَاقِلَة أمه وَلَا يحولها إِلَى عَاقِلَة أَبِيه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْغُلَام حفر بِئْرا قبل أَن يعْتق أَبوهُ ثمَّ عتق أَبوهُ فان القَاضِي يقْضِي بِالدِّيَةِ على عَاقِلَة الْأُم وَلَا يَجْعَل على عَاقِلَة الْأَب من ذَلِك شَيْئا والخصم فِي ذَلِك حَتَّى تثبت الدِّيَة على عَاقِلَة الْأُم الْجَانِي إِن كَانَ قد بلغ مبلغ الرِّجَال فان كَانَ صَغِيرا فالخصم فِي ذَلِك أَبوهُ الْمُعْتق لِأَنَّهُ الْقيم بأَمْره وَلَا يشبه هَذَا ابْن الْمُلَاعنَة وَلَا ابْن الْمكَاتب الَّذِي وصفت لَك لِأَن هَذَا وَلَاء حَادث حدث بعد الْجِنَايَة وَابْن الْمُلَاعنَة وَابْن الْمكَاتب لما ادّعى ابْن الْملَاعن أَبوهُ وَأديت الْمُكَاتبَة حكمنَا بِأَن الْوَلَد كَانَ وَلَده يَوْم جنى وَأَن الْمكَاتب كَانَ حرا يَوْم مَاتَ يُورث كَمَا يُورث الْحر
وَلَو أَن رجلا من أهل الْحَرْب أسلم ووالى رجلا من أهل الْإِسْلَام فِي دَار الْإِسْلَام ثمَّ جنى جِنَايَة عقلت عَنهُ عَاقِلَة الَّذِي وَالَاهُ فان عقلت عَنهُ لم يقدر على أَن يتَحَوَّل بولائه بعد الْجِنَايَة فان عقلت عَنهُ(4/673)
الْعَاقِلَة أَو لم يقْض بِهِ ثمَّ إِن أَبَاهُ أسر من دَار الْحَرْب فَاشْتَرَاهُ رجل فَأعْتقهُ كَانَ وَلَاؤُه لَهُ وجر وَلَاء وَلَده من الَّذِي وَالَاهُ حَتَّى يصير الْوَلَد مولى لموَالِي ابيه وَلَا يرجع عَاقِلَة الْمولى الَّذِي كَانَ وَالَاهُ على عَاقِلَة مولى الْأَب بِشَيْء لِأَن هَذَا وَلَاء حدث جر وَلَاء الْوَلَد وَهَذَا مثل الَّذِي أعتق أَبوهُ وَأمه مولاة لقوم آخَرين فِي جَمِيع مَا وصفت لَك وَلَو كَانَ الابْن الَّذِي أسلم على يَدي الرجل ووالاه جنى جِنَايَة فَلم يقْض بهَا أَو حفر بِئْرا فَلم يَقع فِيهَا أحد حَتَّى أسر أَبوهُ فَاشْتَرَاهُ رجل فَأعْتقهُ ثمَّ قضي بِالْجِنَايَةِ أَو وَقع فِي الْبِئْر الَّتِي حفر رجل فَمَاتَ فان القَاضِي يقْضِي بذلك على عَاقِلَة الَّذِي أسلم على يَدَيْهِ ووالاه وَلَا يقْضِي بهَا على عَاقِلَة مولى ابيه وَالَّذِي يَلِي الْخُصُومَة فِي ذَلِك الْجَانِي إِن كَانَ قد صَار مولى لقوم آخَرين وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أسلم فَلم يوال أحدا حَتَّى قتل قَتِيلا خطأ فَلم يقْض القَاضِي بذلك حَتَّى والى رجلا من بني تَمِيم وعاقده فجنى جِنَايَة أُخْرَى ثمَّ إِن أَوْلِيَاء الجنايتين الأولى وَالْآخِرَة رفعوا ذَلِك إِلَى القَاضِي فان القَاضِي يقْضِي بالجنايتين جَمِيعًا على بَيت المَال وَيجْعَل ولاءه لجَماعَة الْمُسلمين وَيبْطل مُوالَاة الرجل الَّذِي والى لِأَنَّهُ حِين جنى أول مرّة فقد وَجب عقل جِنَايَته على بَيت المَال فقد ثَبت وَلَاؤُه لجَماعَة الْمُسلمين فَلَيْسَ لَهُ أَن يَجعله لإِنْسَان وَاحِد بِعَيْنِه وَإِن مَاتَ وَرَثَة جمَاعَة الْمُسلمين وَجعل مِيرَاثه فِي بَيت مَالهم(4/674)
وَكَذَلِكَ
لَو رمى بِسَهْم أَو بِحجر خطأ قبل أَن يوالي أحدا فَلم يَقع الرَّمية حَتَّى والى رجلا وعاقده ثمَّ وَقعت الرَّمية فقتلت رجلا كَانَ هَذَا وَالْأول سَوَاء وَكَانَت موالاته بَاطِلا وَلَو أَنه حفر بِئْرا فِي طَرِيق الْمُسلمين فَلم يَقع فِيهَا أحد حَتَّى والى رجلا وعاقده ثمَّ وَقع فِي الْبِئْر رجلا وَمَات فان عَلَيْهِ فِي مَاله دِيَة الْقَتِيل فِي ثَلَاث سِنِين من يَوْم يقْضِي القَاضِي بذلك وَيكون وَلَاؤُه للَّذي وَالَاهُ وَلَا يعقل عَنهُ بَيت المَال وَلَا يعقل عَنهُ عَاقِلَة الرجل الَّذِي وَالَاهُ وَلَا يشبه هَذَا مَا مضى قبله من الرَّمية وَالْجِنَايَة لِأَن الْبِئْر لَيست بِجِنَايَة يجب لَهَا أرش حَتَّى يَقع فِيهَا الرجل فَعَطب فقد والى الرجل لَيْسَ فِي عُنُقه جِنَايَة فالمولاه جَائِزَة وَلَا يعقل عَنهُ عَاقِلَة الرجل الَّذِي والى وَلَا يعقل عَنهُ بَيت المَال لِأَنَّهُ إِن عقل عَنهُ بَيت المَال رد وَلَاؤُه إِلَى جمَاعَة الْمُسلمين وَلم يكن وَجب عَلَيْهِم عقل وَلَا جِنَايَة قبل خُرُوجه بولائه إِلَى هَذَا الرجل فَيجْعَل جِنَايَته فِي مَاله وَكَذَلِكَ الرجل يسلم فيوالي رجلا ثمَّ يجني أَو يَرْمِي أَو يحْفر بِئْرا ثمَّ ينْتَقل بولائه إِلَى رجل فَهُوَ بِمَنْزِلَة هَذَا فَمَا كَانَ يكون الْوَلَاء فِيهِ فِي الأول لجَماعَة الْمُسلمين فَهُوَ فِي هَذَا الرجل الآخر للْمولى الأول فَلَا ينْتَقل عَنهُ أبدا وَأما حفر الْبِئْر فالجناية فِيهَا عَلَيْهِ فِي مَاله وَوَلَاؤُهُ للْآخر أَلا ترى أَن حافر الْبِئْر لَو لم يَقع فِي الْبِئْر أحد حَتَّى يتَحَوَّل بولائه إِلَى رجل آخر فوالاه وعاقده ثمَّ جنى جنايات كَثِيرَة كَانَ عقلهَا على عَاقِلَة الْمولى(4/675)
الآخر علم بِحَفر الْبِئْر أَو لم يعلم لِأَن الْجِنَايَة لم تجب وَلم يجب بهَا عقل أَرَأَيْتُم إِن عقل عَنهُ عَاقِلَة الْمولى الآخر جنايات كَثِيرَة وعقل هُوَ عَنْهُم أَيْضا ثمَّ وَقع فِي الْبِئْر رجل أيتحول وَلَاؤُه إِلَى الْمولى الأول أَو إِلَى بَيت المَال وَيبْطل هَذَا كُله هَذَا لَا يَسْتَقِيم وَالْأَمر فِيهِ على مَا وصفت لَك
فان قَالَ قَائِل فَكيف لم يشبه الْوَلَاء للَّذي ينْتَقل بِعِتْق الْأَب يَعْنِي الرجل الَّذِي والى رجلا ثمَّ يحْفر بِئْرا ثمَّ يحول بولائه وَهَذَا مَا لم يقْض القَاضِي بِالْجِنَايَةِ على العاقلتين اللَّتَيْنِ تكون إِحْدَاهمَا عَاقِلَة لَهُ ثمَّ يتَحَوَّل إِلَى الْعَاقِلَة الْأُخْرَى وَقد قلت لَو أَن رجلا من أهل الْكُوفَة لَهُ عطاه بِالْكُوفَةِ وعاقلته أهل ديوَان الْكُوفَة جنى جِنَايَة فَلم يقْض بهَا القَاضِي حَتَّى حول الإِمَام ديوانه إِلَى أهل الْبَصْرَة فَصَارَ مَعَهم ثمَّ رَفعه أَوْلِيَاء الْجِنَايَة إِلَى القَاضِي أَنه يقْضِي بذلك على عَاقِلَته بِالْبَصْرَةِ فَكيف لم يكن الْوَلَاء الْمُنْتَقل مثل هَذَا قيل لَهُم لَا يشبه هَذَا الْوَلَاء لِأَن الرجل انْتقل من وَلَاء إِلَى وَلَاء فَصَارَت حَاله الثَّانِيَة غير حَالَته الأولى فَصَارَت حَاله حالتين فَمَا كَانَ فِي الْحَال الأولى من الْجِنَايَة فعلى الْعَاقِلَة الأولى وَمَا كَانَ فِي الْحَال الثَّانِيَة من الْجِنَايَة فعلى الْعَاقِلَة الثَّانِيَة وَإِن صَاحب العاقلتين لم يتَحَوَّل حَاله إِنَّمَا حَاله حَالَة وَاحِدَة وَإِنَّمَا تحولت عَاقِلَته وَإِنَّمَا مثل الْوَلَاء الْمُنْتَقل مثل امْرَأَة مسلمة مولاة لبني تَمِيم جنت جِنَايَة أَو حفرت بِئْرا فَلم يقْض القَاضِي بِالْجِنَايَةِ حَتَّى ارْتَدَّت عَن الْإِسْلَام وَلَحِقت بدار الْحَرْب مرتدة فسبيت فَصَارَت أمة ثمَّ اشْتَرَاهَا رجل من هَمدَان فَأعْتقهَا ثمَّ وَقع(4/676)
فِي الْبِئْر رجل فَمَاتَ فَرفع ذَلِك إِلَى القَاضِي فقضي بذلك وبالجناية الَّتِي كَانَ لم يقْض بهَا فانه يقْضِي بذلك على بني تَمِيم وَلَا يتَحَوَّل الْعقل عَنْهُم بتحول وَلَاء الْمَرْأَة إِلَى هَمدَان فَصَارَت حَال الْمَرْأَة حَالين فِي الْوَلَاء الأول وَالْوَلَاء الثَّانِي فَكَذَلِك الْوَلَاء هُوَ بِمَنْزِلَة هَذَا إِذا انْتقل والخصم فِي الْجِنَايَة حَتَّى تثبت على بني تَمِيم الْمَرْأَة أَنَّهَا هِيَ الجانية قَالُوا فَلم لَا تجْعَل العاقلتين هَكَذَا مَنْقُول إِذا جنى وعاقلته أهل عطاه الْكُوفَة ثمَّ حول إِلَى عَطاء الْبَصْرَة قبل أَن يقْضِي فالجناية لم يتَحَوَّل عَن أهل الْكُوفَة لِأَنَّهُ جنى وَهُوَ من أهل الْكُوفَة قيل لَهُم لَا يشبه هَذَا الْوَلَاء لِأَن الرجل إِذا قتل الْقَتِيل وَجَبت عَلَيْهِ نفس الْقَتِيل فَصَارَت عَلَيْهِ النَّفس وَلم يجب على الْعَاقِلَة حَتَّى يقْضِي بهَا بِبَيِّنَة وَلَو كَانَت وَجَبت على الْعَاقِلَة قبل أَن يقْضِي بهَا عَلَيْهِم بِبَيِّنَة لَكَانَ الرجل إِذا أقرّ بقتل خطأ لم يجب عَلَيْهِ بذلك شَيْء لِأَنَّهُ إِنَّمَا أقرّ على الْعَاقِلَة إِلَّا أَن يكون لَهُ مَعَهم ديوَان فَيكون عَلَيْهِ بِالْحِصَّةِ فَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء لِأَن الْعقل إِنَّمَا يجب على الْعَاقِلَة بِالْبَيِّنَةِ
أَرَأَيْتُم لَو أقرّ أَنه قتل ولي هَذَا الرجل خطأ وَأَنه خَاصم هَذَا الرجل إِلَى قَاضِي كورة كَذَا وَكَذَا فَقَامَتْ بذلك الْبَيِّنَة فقضي بِهِ القَاضِي على عَاقِلَته من أهل ديوَان الْكُوفَة فَقَالَ ولي الْجِنَايَة صدقت قد كَانَ هَذَا وَكذب بذلك الْعَاقِلَة أَكَانَ يجب على الرجل فِي مَاله شَيْء لَيْسَ يجب عَلَيْهِ فِي مَاله قَلِيل وَلَا كثير إِلَّا أَن يكون لَهُ عَطاء مَعَهم فَيكون(4/677)
عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ أَفلا ترَوْنَ أَن الدِّيَة إِنَّمَا تجب على الْعَاقِلَة بِقَضَاء القَاضِي بِالْبَيِّنَةِ وَأَن الْإِقْرَار مِنْهُ يخْتَلف قبل قَضَاء القَاضِي وَبعده وَقد كَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول لَو أَن رجلا قتل رجلا خطأ فَلم يقْض عَلَيْهِ القَاضِي بِالدِّيَةِ حَتَّى صَالحه على عشْرين ألف دِرْهَم أَو على مِائَتي بعير أَو على أَلفَيْنِ دِينَار أَو ثَلَاثَة آلَاف شَاة أَو ثَلَاثمِائَة بقرة لم يجز ذَلِك ورد ذَلِك إِلَى الدِّيَة وَكَانَ يَقُول لَو قضي القَاضِي بِأَلف دِينَار فَصَالح على عشْرين ألف دِرْهَم كَانَ جَائِزا وَكَذَلِكَ لَو صَالح على مِائَتي بعير بِأَعْيَانِهَا كَانَ جَائِزا لِأَنَّهُ يَقُول النَّفس لم تصر مَالا من هَذِه الْأَمْوَال حَتَّى يقْضِي بهَا القَاضِي أَو لَا ترَوْنَ أَيْضا لَو أَن رجلا أقرّ عِنْد القَاضِي بقتل رجل خطأ واقام ولي الْجِنَايَة عَلَيْهِ الْبَيِّنَة بِالدِّيَةِ قضينا بِالدِّيَةِ على الْعَاقِلَة وَلم نلتفت إِلَى إِقْرَار الْجَانِي فان قَالَ ولي الْجِنَايَة إِنِّي لَا أعلم أَن لي بَيِّنَة فَاقْض لي عَلَيْهِ فِي مَاله فَقضيت عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ فِي مَاله مَال الْجَانِي باقراره ثمَّ اصاب ولي الْجِنَايَة بَيِّنَة وَأَرَادَ أَن يحول ذَلِك إِلَى الْعَاقِلَة عَاقِلَة الْجَانِي لم يكن لَهُ ذَلِك لِأَنِّي قضيت بِهِ فِي مَاله فَلَا أحوله إِلَى غَيره وَلَو أَنه أقرّ فَقَالَ ولي الْجِنَايَة للْقَاضِي لَا تعجل بِالْقضَاءِ لي فِي مَاله لعلى أجد بَينه فَأَخَّرَهُ القَاضِي ثمَّ وجد بَيِّنَة قضي لَهُ القَاضِي على الْعَاقِلَة وَلَا يشبه قَضَاء القَاضِي على الْعَاقِلَة غير قَضَائِهِ لِأَن الْحق لَا يلْزم الْعَاقِلَة(4/678)
إِلَّا بِالْقضَاءِ
قَالُوا هَذَا كَمَا تَقول لَا يلْزم الْعَاقِلَة الْعقل إِلَّا بِالْقضَاءِ وَالْوَلَاء الْمُنْتَقل لَا يلْزم الْعَاقِلَة الْعقل فِيهِ إِلَّا بِالْقضَاءِ وَلَكِنَّك تقضي بِهِ على الْأَوَّلين فَكيف لم تقض بِهَذَا على الْأَوَّلين وتجعله مثل الْوَلَاء الْمُنْتَقل فَأَما الْوَلَاء الْمُنْتَقل فقد وضح بِالْمَرْأَةِ الْمُرْتَدَّة فَاجْعَلْ هَذَا بِمَنْزِلَة ذَلِك قيل لَهُم هَذَا لَا يشبه ذَلِك أرايتم رجلا من أهل الْبَادِيَة حفر بِئْرا فِي الْبَادِيَة ثمَّ إِن الإِمَام أَمر بِأَهْل الْبَادِيَة فنقلوا إِلَى الْأَمْصَار فَتَفَرَّقُوا فِيهَا فصاروا أَصْحَاب أعطية وعقلوا زَمَانا طَويلا ثمَّ إِن رجلا وَقع فِي تِلْكَ الْبِئْر أيعود الْعقل إِلَى أَن يكون على أهل الْبَادِيَة كَمَا كَانَ على الْأَنْسَاب فِي الْأَمْوَال وَتَكون عَلَيْهِم الْإِبِل إِن كَانُوا من أهل الْإِبِل أَو من أهل الْغنم أَو من أهل الْبَقر دون الأعطيات وَهِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير أَرَأَيْتُم أَن كَانَ رجل من أهل الْعَطاء فِي مصر من الْأَمْصَار فحفر بِئْرا ثمَّ إِن الإِمَام أبطل عَطاء ذَلِك الْمصر وردهم إِلَى أنسابهم فتعاقلوا عَلَيْهِم زَمَانا طَويلا ثمَّ وَقع فِي الْبِئْر رجل فَمَاتَ أيبطل دَمه لِأَن تِلْكَ الْعَاقِلَة قطّ بطلت حِين ذهب الدِّيوَان أَن الْعَاقِلَة إِنَّمَا جعلُوا عونا للرجل على جِنَايَته وَلم تجن الْعَاقِلَة شَيْئا فانما يكون ذَلِك عَلَيْهِم يَوْم يجب المَال الَّذِي يَنْبَغِي لَهُم أَن يعينوا فِيهِ وَالرجل لم يخرج من نسبه وَلم يتَحَوَّل إِلَى غير ذَلِك إِنَّمَا جعلت عَاقِلَته قوما ثمَّ صرفت تِلْكَ الْعَاقِلَة بِعَينهَا إِلَى عَاقِلَة أُخْرَى وَأَنا أَقُول أَيْضا أَشد من هَذَا لَو أَن أهل عَطاء الْكُوفَة جنى(4/679)
رجل مِنْهُم جِنَايَة فقضي بهَا على عَاقِلَته ثمَّ ألحق قوما من قومه من أهل الْبَادِيَة وَمن أهل الْمصر لم يكن لَهُم عَطاء فِي الدِّيوَان وَجعلُوا مَعَ قَومهمْ عقلوا مَعَهم ودخلوا مَعَهم فِيمَا لم يقْض بِهِ من الْجِنَايَة وَفِيمَا قضي بِهِ فان كَانَ الَّذِي قضي بِهِ قد أدّى بعضه دخلُوا فِيمَا بَقِي قَالُوا وَكَيف افترق هَذَا والعاقلتان المختلفان فِي قَضَاء القَاضِي قيل لَهُم لَا يشبه قَضَاء القَاضِي فِي العاقلتين الْعَاقِلَة الْوَاحِدَة أَلا ترى أَن القَاضِي لَو قضي بِالْعقلِ على قومه من أهل الْعَطاء فأدوا ثُلثي الدِّيَة ثمَّ مَاتُوا أوقتلوا فأجحف أَخذ مَا بَقِي مِنْهُم ضم إِلَيْهِم أقرب الْقَبَائِل مِنْهُم فِي النّسَب مِمَّن فِي الْعَطاء حَتَّى تعقلوا مَعَهم وَقد كَانُوا قبل ذَلِك لَيْسُوا مَعَهم وَكَذَلِكَ الَّذين ألْحقُوا فِي الدِّيوَان وَجعلُوا مَعَهم يدْخلُونَ مَعَهم فِيمَا قضي بِهِ وَفِيمَا لم يقْض بِهِ لِأَنَّهَا عَاقِلَة وَاحِدَة وأصل هَذَا إِذا كَانَت عاقلتين مختلفتين لَا يعقل إِحْدَاهمَا عَن صاحبتها أتعقل من عَاقِلَة إِلَى عَاقِلَة قبل الْقَضَاء فَرفع إِلَى القَاضِي وَهُوَ من أهل هَذِه الْعَاقِلَة الْآخِرَة قضي على عَاقِلَته الَّذِي هم عَاقِلَته يَوْم يقْضِي فان كَانَ قد قضي على الْأَوَّلين لم يحول قَضَاؤُهُ على الآخرين وَقد لزم الْأَوَّلين وَهَذَا بِمَنْزِلَة إِقْرَار الرجل إِذا قضي عَلَيْهِ فِي مَاله لم يتَحَوَّل على الْعَاقِلَة بِبَيِّنَة تقوم على ذَلِك وَمَا لم يقْض بِهِ(4/680)
القَاضِي فِي مَال الْمقر فان ولي الْجِنَايَة إِن اقام الْبَيِّنَة قضى بذلك القَاضِي على الْعَاقِلَة
وَإِذا كَانَت عَاقِلَة وَاحِدَة فالقضاء فِيهَا وَغير الْقَضَاء سَوَاء يقْضِي بذلك عَلَيْهِم فِي أعطياتهم الَّذين ألْحقُوا وَغَيرهم وَمِمَّا تبين لَك أَيْضا من العاقلتين أَن رجلا لَو جنى جِنَايَة وَهُوَ وَقَومه من أهل الْبَادِيَة من أهل الْإِبِل فَلم يقْض بِالْجِنَايَةِ حَتَّى نقل الإِمَام الرجل وَقَومه فَجعلُوا أهل عَطاء وَجعل عطاءهم الدَّنَانِير ثمَّ رفع ذَلِك إِلَى القَاضِي فقضي عَلَيْهِم بِالدِّيَةِ ألف دِينَار وَلم يقْض عَلَيْهِم بِالْإِبِلِ وَلَا بِقِيمَة الْإِبِل وَلَو كَانَ قضي عَلَيْهِم بِالْإِبِلِ بِمِائَة فِي ثَلَاث سِنِين ثمَّ إِن الإِمَام نقل الرجل وَقَومه فَفرض لَهُم وَجعلُوا أهل عَطاء وَجعلت أعطياتهم الدَّنَانِير قضي القَاضِي عَلَيْهِم بِالْإِبِلِ أَو بِقِيمَتِهَا على حَالهَا الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ فَأن لم يكن لَهُم غير الْعَطاء أَخذ مِنْهُم قيمَة الْإِبِل من أعطياتهم إِن قلت قيمَة الْإِبِل أَو كثرت وَلم يحولهم إِلَى الدَّنَانِير وَكَذَلِكَ الدَّرَاهِم وَالْغنم وَالْبَقر وَالْحلَل إِذا لم يقْض القَاضِي بذلك حَتَّى يَتَحَوَّلُوا من مَال إِلَى مَال آخر قضي عَلَيْهِم بِالدِّيَةِ من المَال الَّذِي تحولوا إِلَيْهِ وَإِذا قضي عَلَيْهِم بِالدِّيَةِ من مَال ثمَّ تحولوا قبل أَن يؤدوها حَتَّى يصيروا أهل مَال آخر لم يَتَحَوَّلُوا إِلَى غير مَا قضي بِهِ عَلَيْهِم أَفلا ترى أَن النَّفس إِنَّمَا هِيَ على الْجَانِي وَلم يصر على الْعَاقِلَة حَتَّى يقْضِي بهَا عَلَيْهِم على حَالهم يَوْم يقْضِي فَكَذَلِك الأول وعَلى هَذَا جَمِيع هَذَا الْوَجْه وَقِيَاسه فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَقَول مُحَمَّد بن الْحسن(4/681)
هَذَا آخر كتاب أبي نصر زَكَرِيَّا بن يحيى فِي المعاقل وَهَذَا الْبَاقِي زِيَادَة فِي كتاب ابْن سِنَان قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أسلم فوالي رجلا وعاقده كَانَ مَوْلَاهُ فان جنى الْمولى الَّذِي أسلم جِنَايَة خطأ بِبَيِّنَة فَلم يقْض بهَا القَاضِي على الْعَاقِلَة حَتَّى أَبْرَأ أَوْلِيَاء الْمَجْنِي عَلَيْهِ الْجَانِي من الْجِنَايَة فللجاني أَن يتَحَوَّل بولائه عَن الَّذِي والى وَإِن كَانَ للْقَاضِي قضي على الْعَاقِلَة بِالدِّيَةِ فَلم يؤدوها حَتَّى أَبْرَأ الْأَوْلِيَاء الْعَاقِلَة من الدِّيَة لم يكن للْمولى أَن يتَحَوَّل بولائه عَن الَّذِي والى لِأَن المَال لما صَار على الْعَاقِلَة كَانَ أَخذه مِنْهُم وهبته لَهُم سَوَاء وَكَذَلِكَ لم يكن لَهُ أَن يتَحَوَّل بولائه عَن الَّذِي والى وَلَو أقرّ الْجَانِي بِالْجِنَايَةِ إِقْرَارا وَلم يقم بَيِّنَة بهَا فقضي بهَا القَاضِي على الْجَانِي فِي مَاله فِي ثَلَاث سِنِين فأداها ثمَّ اراد أَن يتَحَوَّل بولائه عَن الَّذِي وَالَاهُ فَلهُ أَن يتَحَوَّل لِأَن الْعَاقِلَة لم تعقل عَنهُ شَيْئا وَلم يجب عَلَيْهَا بِجِنَايَتِهِ شَيْء وَلَو لم يجن وَلكنه الْتحق مَعَهم فِي ديوانهم فَصَارَ الْعَاقِلَة مَعَهم فجنى بضهم جِنَايَة فعقل عَنْهُم مَعَهم ثمَّ أَرَادَ أَن يتَحَوَّل بولائه عَنْهُم أَلا ترى أَن مَوْلَاهُ الَّذِي وَالَاهُ لَيْسَ يحوله إِذا عقل عَنْهُم فَكَذَلِك لَيْسَ لَهُ أَن يتَحَوَّل أَلا ترى أَن الْمولى لَو عقل عَنهُ لم يكن لَهُ أَن يحوله عَنهُ بولائه كَمَا لَيْسَ لَهُ أَن يتَحَوَّل وَقد كَانَ(4/682)
لكل وَاحِد مِنْهُمَا قبل الْعقل أَن يحول الْوَلَاء عَن صَاحبه فاذا لم يكن لأَحَدهمَا أَن يحول الْوَلَاء لم يكن للْآخر أَن يحوله وَإِذا كَانَ لأَحَدهمَا أَن يحول الْوَلَاء كَانَ للْآخر أَن يحوله وَقد قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا والى الرجل رجلا وعاقده فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يحول الْوَلَاء عَن نَفسه مَا لم يعقل الْمولى الْأَسْفَل وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالا لَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يخرج من وَلَاء صَاحبه إِلَّا بِمحضر مِنْهُ إِلَّا فِي خصْلَة وَاحِدَة للْمولى الْأَسْفَل إِن والى غير مَوْلَاهُ الْأَعْلَى كَانَ خَارِجا من وَلَاء الأول وَإِن لم يحضر ذَلِك الأول وَهَذَا مالم يعقل عَن الْمولى الْأَسْفَل أَو يعقل الْأَسْفَل عَن مَوْلَاهُ الْأَعْلَى فاذا عقل أَحدهمَا عَن صَاحبه أَو مَعَه لم يكن لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يحول الْوَلَاء عَن صَاحبه وَلَكِن الْمولى الْأَسْفَل لَو اكتتب مَعَ عَاقِلَة الْأَعْلَى فِي الدِّيوَان وَأخذ مَعَهم الْعَطاء إِلَّا أَنه لم يعقل عَن أحد مِنْهُم ولاءهم أَيْضا عقلوا عَنهُ فَلِكُل وَاحِد من الموليين أَن يحول الْوَلَاء لِأَن الْعقل لم يجب على وَاحِد مِنْهُمَا
آخر كتاب الْعقل وَالْحَمْد الله رب الْعَالمين وَصلَاته على سيدنَا مُحَمَّد وَآله كتبه إبو بكر بن مُحَمَّد بن أَحْمد الطلحي الْأَصْفَهَانِي فِي صفر سنة تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة(4/683)
.. أرى آثَاركُم فأذوب شوقا ... وأسكب فِي مواطنكم دموعي ... وأسأل من بفرقتكم بلاني ... بِمن على مِنْكُم بِالرُّجُوعِ ... خَاتِمَة الطَّبْع
انْتهى بِحَمْد الله تَعَالَى وَمِنْه وَكَرمه طبع الْجُزْء الرَّابِع من كتاب الأَصْل للامام مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ يَوْم الأثنين 17 من ربيع الثَّانِي من شهور سنة 1393 هـ وَالْحَمْد لله على ذَلِك وَصلَاته وَسَلَامه على رَسُوله الْكَرِيم وعَلى آله الأخيار وَصَحبه الْأَبْرَار(4/684)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله الْوَاحِد الْعدْل
// كتاب الْبيُوع وَالسّلم
//
1 - أَحْمد بن حَفْص قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الذَّهَب بِالذَّهَب مثل بِمثل يَد بيد وَالْفضل رَبًّا وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ مثل بِمثل يَد بيد وَالْفضل رَبًّا(5/1)
وَالْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ مثل بِمثل يَد بيد وَالْفضل رَبًّا وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ مثل بِمثل يَد بيد وَالْفضل رَبًّا وَالْملح بالملح مثل بِمثل يَد بيد وَالْفضل رَبًّا
2 - مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ أسلم مَا يُكَال فِيمَا يُوزن وَأسلم مَا يُوزن فِيمَا يُكَال وَلَا تسلم مَا يُوزن فِيمَا يُوزن وَلَا مَا يُكَال فِيمَا يُكَال وَإِذا اخْتلف النوعان فِيمَا لَا يُكَال وَلَا يُوزن فَلَا بَأْس بِهِ اثْنَان بِوَاحِد يَد بيد وَلَا بَأْس يه نَسِيئَة وَإِن كَانَ من نوع وَاحِد مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن فَلَا بَأْس بِهِ اثْنَان بِوَاحِد يَد بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
3 - وَإِذا أسلم الرجل فِي الطَّعَام كَيْلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وَضَربا من الطَّعَام وسطا أَو جيدا أَو رديئا وَاشْتِرَاط الْمَكَان الَّذِي يُوفيه إِيَّاه فِيهِ فَهَذَا جَائِز وَإِن ترك شَيْئا من هَذَا لم يَشْتَرِطه فالسلم فَاسد(5/2)
4 - وَإِن كَانَ رَأس المَال دَرَاهِم غير مَعْلُومَة فالسلم فَاسد لِأَنَّهُمَا إِن تتاركا لم يدر مَا هُوَ بدين عَلَيْهِ أَو وجد فِيهَا درهما زائفا لم يدر مَا هُوَ من الثّمن فِي قَول أبي حنيفَة
5 - وَإِذا اشْترط طَعَام قَرْيَة أَو أَرض خَاصَّة وَلَا يبْقى طعامها فِي أَيدي النَّاس فالسلم فَاسد لِأَنَّهُ أسلم فِيمَا يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس
6 - وَلَا بَأْس بِأَن تَأْخُذ بعض رَأس مَالك وَبَعض مَا أسلمت فِيهِ إِذا حل الْأَجَل مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن أبي عمر عَن ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ ذَلِك الْمَعْرُوف الْحسن الْجَمِيل
7 - فالسلم فِي جَمِيع مَا يُكَال وَجَمِيع مَا يُوزن مِمَّا لَا يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس جَائِز وَالشعِير وَالْحِنْطَة والسمسم وَالزَّيْت وَالزَّبِيب وَالسمن وَمَا أشبهه من الْكَيْل وَالْوَزْن فَلَا بَأْس بِهِ(5/3)
8 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الزَّعْفَرَان والمسك والعنبر وَمَا أشبهه مِمَّا لَا يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس إِذا اشْترط وزنا مَعْلُوما وَضرب لَهُ أَََجَلًا مَعْلُوما وسمى صنفا مَعْلُوما فَذَلِك جَائِز
9 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي كل مَا يُكَال من الحنا والورد والوسمة والرياحين الْيَابِسَة إِذا اشْترط كَيْلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وَصِنْفًا مَعْلُوما
10 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْحَدِيد والرصاص والصفر وَمَا أشبهه مِمَّا يُوزن إِذا اشْترط أَََجَلًا مَعْلُوما ووزنا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما
11 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي القت وزنا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما
12 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الرّطبَة وَلَا فِي الْحَطب حزما أَو جرزا لِأَن هَذَا مَجْهُول لَا يعرف أَلا ترى أَنه لَا يعرف طوله وَلَا عرضه وَلَا غلظه فَإِن عرف فَهُوَ جَائِز(5/4)
13 - وَلَا خير فِي السّلم فِي جُلُود الْغنم وَالْبَقر وَالْإِبِل وَلَا فِي الْوَرق وَلَا فِي الْأدم لِأَنَّهُ مَجْهُول فِيهِ الصَّغِير وَالْكَبِير إِلَّا أَن يشْتَرط من الْوَرق والصحف والأدم ضربا مَعْلُوما والطول والجودة وَالْعرض
14 - وَلَا خير فِي السّلم فِي شَيْء من الْحَيَوَان بلغنَا ذَلِك عَن عبد الله ابْن مَسْعُود أَلا ترى إِنَّه مُخْتَلف مَجْهُول لَا يعرف وقته وَلَا قدره
15 - وَلَو اشْترط جذعا أَو ثنيا كَانَ ذَلِك بَاطِلا لَا خير فِيهِ من قبل أَن الجذعان والثنيان مُخْتَلفَة
16 - وَلَا بَأْس بالسلم بالحرير والزطى واليهودي والسابري والقوهي والمروي والبتوت والطيالسة وَالثيَاب كلهَا بعد أَن يشْتَرط ضربا مَعْلُوما وطولا مَعْلُوما وعرضا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وَصفَة مَعْلُومَة(5/5)
17 - وكل شَيْء من السّلم لَهُ حمل وَمؤنَة فَلَا بُد من أَن يشْتَرط الْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ فَإِن لم يشْتَرط ذَلِك فسد السّلم فِي قَول أبي حنيفَة
18 - وَلَا خير فِي السّلم فِي كل شَيْء يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس
19 - وكل شَيْء لَيْسَ لَهُ حمل وَلَا مُؤنَة فَلَا بَأْس بالسلم فِيهِ وَلَا يشْتَرط الْمَكَان الَّذِي يُوفيه
قَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد مَا كَانَ لَهُ حمل وَمؤنَة وَمَا لم يكن لَهُ حمل وَلَا مُؤنَة سَوَاء فَهُوَ جَائِز وَإِن لم يشْتَرط الْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ وَإِلَّا فَعَلَيهِ أَن يُوفيه فِي الْمَكَان الَّذِي أسلم إِلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة الأول ثمَّ رَجَعَ عَنهُ وَقَالَ لَا يجوز
20 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الْفَاكِهَة كلهَا فِي غير حينها وَإِذا كَانَ حينها الَّذِي تكون فِيهِ فَلَا بَأْس بالسلم فِيهَا ضربا مَعْلُوما وَكيلا مَعْلُوما وأجلا(5/6)
مَعْلُوما قبل أَن يَنْقَطِع فَإِن جعلت أَََجَلًا بعد انْقِطَاعه فَلَا خير فِي السّلم فَإِذا جعلت أَََجَلًا قبل انْقِطَاعه ثمَّ لم يجد مِنْهُ مَا عَلَيْهِ حَتَّى يَنْقَطِع فَصَاحب السّلم بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ رَأس مَاله وَإِن شَاءَ أخر السّلم حَتَّى يَجِيء حِينه الَّذِي يكون فِيهِ فَيَأْخُذ مَا أسلم فِيهِ
21 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الرُّمَّان وَلَا فِي السفرجل وَلَا فِي الْبِطِّيخ وَلَا فِي القثاء وَلَا فِي البقل وَلَا فِي الْخِيَار وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن لِأَنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ الصَّغِير وَالْكَبِير
22 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْجَوْز وَالْبيض عددا وَلَا بَأْس بالجوز كَيْلا مَعْرُوفا
23 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْفُلُوس عددا
24 - وَلَا خير فِي السّلم فِي اللَّحْم لِأَنَّهُ مُخْتَلف فِي قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أسلم فِي مَوضِع مِنْهُ مَعْلُوم وسمى صفة مَعْلُومَة فَهُوَ جَائِز(5/7)
25 - وَلَا خير فِي السّلم فِي السّمك الطري فِي غير حِينه من قبل أَنه يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس وَلِأَنَّهُ مُخْتَلف وَإِن أسلم فِيهِ فِي حِينه فَهُوَ جَائِز وَأما السّمك المالح فَلَا بَأْس بالسلم فِيهِ وزنا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وَإِن أأسلمت فِيهِ عددا فَلَا خير فِيهِ
26 - وَإِذا أسلم الرجل فِي الْجُذُوع ضربا مَعْلُوما وطولا مَعْلُوما وغلظا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما فَلَا بَأْس بِهِ إِن اشْترط الْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ
27 - وَكَذَلِكَ الساج والصنوف من العيدان والخشب والقصب إِذا اشْترط طولا مَعْلُوما وغلظا مَعْلُوما ومكانا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما فَلَا بَأْس بذلك
28 - إِذا استصنع الرجل عِنْد الرجل عِنْد الرجل خُفَّيْنِ أَو قلنسوة أَو تورا أَو كوزا أَو قمقما أَو آنِية من آنِية النّحاس وَاشْترط من ذَلِك صناعَة مَعْرُوفَة(5/8)
وَلم يضْرب لذَلِك أَََجَلًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا فرغ الرجل من ذَلِك لِأَنَّهُ اشْترى مَا لم ير فَإِن شَاءَ الَّذِي استصنعه أَخذه وَإِن شَاءَ تَركه فَإِن ضرب لَهُ أَََجَلًا وَكَانَت تِلْكَ الصِّنَاعَة مَعْرُوفَة وَاشْترط مِنْهَا وزنا مَعْرُوفا من النّحاس فَهُوَ بِمَنْزِلَة السّلم وَهُوَ جَائِز لَيْسَ لَهُ خِيَار فِي قَول أبي حنيفَة وَإِن كَانَت مَجْهُولَة فَهُوَ فَاسد لَا يجوز
قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ جَائِز وَصَاحبه بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ إِن شَاءَ أَخذه وَإِن شَاءَ تَركه وَلَا يكون بِمَنْزِلَة السّلم
29 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي اللَّبن فِي حِينه الَّذِي يكون فِيهِ إِذا اشْترط وزنا مَعْلُوما أَو كَيْلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما قبل انْقِطَاعه وَكَذَلِكَ ألبان الْبَقر وَغَيرهَا
30 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي اللَّبن والآجر إِذا اشْترط من ذَلِك شَيْئا مَعْرُوفا وَجعل لَهُ أَََجَلًا مَعْلُوما ومكانا مَعْلُوما وَإِن كَانَ ذَلِك لَا يعرف فَلَا خير فِيهِ
31 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الأليات إِذا اشْترط وزنا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما
32 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي شَحم الْبَطن إِذا اشْترط من ذَلِك وزنا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما(5/9)
33 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي التِّبْن إِذا كَانَ كَيْلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وفيمانا مَعْلُومَة وَإِذا كَانَ ذَلِك لَا يعرف لَهُ قيمَة فَلَا خير فِيهِ
34 - وَلَا خير فِي السّلم فِي رُؤُوس الْغنم والأكارع لِأَنَّهَا مُخْتَلفَة فِيهَا الصَّغِيرَة والكبيرة
35 - وَلَا خير فِي السّلم فِي كل شَيْء يُوزن أَو يُكَال إِذا اشْترط بِمِكْيَال غير مَعْرُوف وَلَو اشْترط بِإِنَاء بِعَيْنِه غير أَن ذَلِك الْإِنَاء لَا يعرف وَزنه وَلَا يكون رطلا فَلَا خير فِيهِ أَلا ترى لَو أَن ذَلِك الْإِنَاء هلك لم يعرف مَا أسلم فِيهِ وَكَذَلِكَ الطَّعَام وَغَيره إِذا اشْترط بِإِنَاء مَجْهُول لَا يعرف قدره(5/10)
وَإِذا اشْترى بذلك الْإِنَاء يدا بيد فَلَا بَأْس مَا كَانَ قَائِما بِعَيْنِه
36 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْعصير فِي حِينه الَّذِي يكون فِيهِ بعد أَن يكون أَجله قبل انْقِطَاعه وَاشْترط من ذَلِك وزنا وَكيلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما ومكانا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما فِي حِينه فَإِن ذهب حِين الْعصير كَانَ صَاحبه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ رَأس مَاله وَإِن شَاءَ أَخّرهُ حَتَّى يَجِيء حِينه فَيَأْخُذ مَا أسلم فِيهِ
37 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْخلّ إِذا اشْترط كَيْلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما من الْخلّ وَصِنْفًا مَعْلُوما
38 - وَإِذا أسلم الرجل فِي تمر وَلم يسم فارسيا وَلَا دقلا فَلَا خير فِي السّلم فِيهِ لِأَن الْفَارِسِي مُخَالف للدقل
وَإِن كَانَ اشْترط فارسيا فَلَا بُد من أَن يُقَال جيدا أَو وسطا أَو رديئا(5/11)
39 - وَلَا خير فِي السّلم فِي شَيْء من الطير وَلَا فِي لحومها
40 - وَلَا خير فِي السّلم فِي شَيْء من الْجَوَاهِر وَلَا اللُّؤْلُؤ لِأَنَّهُ مُخْتَلف مَجْهُول
41 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الجص والنورة إِذا اشْترط من ذَلِك كَيْلا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما ومكانا مَعْلُوما وَكَذَلِكَ مَا أشبهه مِمَّا يُكَال أَو يُوزن
42 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الزّجاج إِلَّا أَن يكون مكسورا فليشترط من ذَلِك وزنا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما
43 - وَإِن كَانَت آنِية وَاشْترط من ذَلِك شَيْئا مَعْرُوفا لَا يجهل فَلَا بَأْس بِهِ
وَإِن كَانَ هَذَا مَجْهُولا فَاشْترط من ذَلِك عددا وَفِي ذَلِك الصَّغِير وَالْكَبِير فَلَا خير فِيهِ
44 - وَإِذا أسلم الرجل ألف دِرْهَم إِلَى رجل فِي طَعَام خَمْسمِائَة دِرْهَم من ذَلِك كَانَت دينا عَلَيْهِ وَخَمْسمِائة نقدها إِيَّاه فَإِنَّهُ يُجزئ ذَلِك(5/12)
من حِصَّة النَّقْد وَهُوَ النّصْف وَيبْطل من ذَلِك حِصَّة الدّين وَهُوَ النّصْف قَالَ وبلغنا ذَلِك عَن أأبي حنيفَة عَن ابْن عَبَّاس أَلا ترى أَنه أسلم دينا فِي دين
45 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل مائَة دِرْهَم فِي كرّ حِنْطَة وكر شعير وَلم يبين رَأس مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا فَلَا خير فِي ذَلِك وَهُوَ مَرْدُود وَهَذَا قَول أبي حنيفَة قَالَ وبلغنا ذَلِك عَن عبد الله بن عمر
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ جَائِز
46 - وَإِذا أسلم الرجل الدَّرَاهِم إِلَى رجل فِي طَعَام على أَن أَحدهمَا بِالْخِيَارِ فَلَا يجوز السّلم فِي هَذَا وَالسّلم فَاسد وَهُوَ بِمَنْزِلَة الصّرْف إِلَّا أَن يبطل صَاحب الْخِيَار قبل أَن يَتَفَرَّقَا فَيجوز ذَلِك
47 - وَكَذَلِكَ لَو أسلم إِلَيْهِ دَرَاهِم فِي طَعَام فَافْتَرقَا قبل أَن يقبض الدَّرَاهِم
48 - قلت وَكَذَلِكَ لَو أسلم إِلَيْهِ دَرَاهِم فِي طَعَام فَأعْطَاهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا افْتَرقَا وجدهَا زُيُوفًا فَإِنَّهُ يردهَا وينتقض السّلم(5/13)
وَإِن أعلمهُ أَنَّهَا زيوف وَقَبضهَا على ذَلِك فَلَيْسَ أَن يردهَا وَالسّلم جَائِز
فَإِن لم يعلم ثمَّ وجد فِيهَا درهما زائفا فَإِنِّي أستحسن أَن يردهُ عَلَيْهِ وَيَأْخُذ غَيره لِأَنَّهُ قَبضه
وَإِن كَانَ ستوقا رده وأحصى وَحط عَنهُ بِقَدرِهِ فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن كَانَ زُيُوفًا كلهَا فَإنَّا نستحسن أَن يبدلها لَهُ وَالسّلم على حَاله
49 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل فِي طَعَام وَأَعْطَاهُ دَرَاهِم لَا يعلم مَا وَزنهَا أَو فضَّة أَو ذَهَبا لَا يعلم مَا وَزنه فَإِن السّلم فَاسد لَا يجوز من قبل(5/14)
أَنه لَا يعلم مَا رَأس مَاله وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف هُوَ جَائِز
50 - وَلَو أسلم ثوبا فِي طَعَام فَإِن هَذَا جَائِز فِي قَول أبي حنيفَة وَإِن لم يعلم مَا قيمَة الثَّوْب من أجل أَن الثِّيَاب تخْتَلف فِي الغلاء والرخص فِي الْبلدَانِ وَإِنَّمَا تقوم بِالظَّنِّ والحرز وَأما الْفضة وَالذَّهَب وَالدَّرَاهِم فَإِنَّهُ يقدر على أَن يزنه حَتَّى يعلم مَا هُوَ فَهَذَا مُخَالف لذَلِك
51 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل فِي طَعَام وَأخذ كَفِيلا ثمَّ صَالح الْكَفِيل على رَأس مَاله فَإِن الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام بِالْخِيَارِ فَإِن شَاءَ أجَاز الصُّلْح وَأَعْطَاهُ رَأس المَال وَإِن شَاءَ رد الصُّلْح وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى الصُّلْح جَائِزا على الْكَفِيل وَلَا يلْزم الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام من الصُّلْح شَيْء إِنَّمَا يكون عَلَيْهِ طَعَام مثل ذَلِك يردهُ على الْكَفِيل وَهَذَا بِمَنْزِلَة رجل كفل لرجل بِأَلف دِرْهَم فَصَالحه على خَادِم أَو ثِيَاب فَالصُّلْح جَائِز وَيرجع الْكَفِيل على الْمَكْفُول عَنهُ بِأَلف دِرْهَم
52 - وَإِذا أسلم الرّجلَانِ إِلَى رجل فِي طَعَام فَصَالحه أَحدهمَا على رَأس المَال وأبى الآخر أَن يُجِيز ذَلِك فَإِن الصُّلْح لَا يجوز من قبل أَنه لَا يكون لأَحَدهمَا دَرَاهِم وَللْآخر طَعَام فَإِن رَضِي الشَّرِيك بذلك كَانَ(5/15)
مَا أَخذ الآخر من رَأس المَال وَمَا بَقِي من الطَّعَام بَينهمَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى الصُّلْح جَائِزا على الَّذِي صَالح وَإِن أَبى شَرِيكه كَانَ للَّذي صَالح رَأس مَاله وَكَانَ لشَرِيكه طَعَامه على حَاله فَإِن توى رَجَعَ على شَرِيكه بِنصْف مَا أَخذ وَهُوَ بِمَنْزِلَة رجلَيْنِ لَهما على رجل مائَة دِرْهَم فَصَالحه أَحدهمَا من حِصَّته على ثوب وأبى الآخر أَن يرضى فالمصالح الثَّوْب وَللْآخر خَمْسُونَ درهما على الْمَطْلُوب فَإِن تويت فَلهُ أَن يدْخل مَعَ صَاحب الثَّوْب فِي الثَّوْب فَيكون لَهُ نصفه إِلَّا أَن يرضى صَاحب الثَّوْب أَن يرد عَلَيْهِ خَمْسَة وَعشْرين درهما وَلَا يكون لَهُ من الثَّوْب شَيْء وَالْخيَار فِي ذَلِك إِلَى صَاحب الثَّوْب وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْكر السّلم
53 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل دَرَاهِم فِي طَعَام فَصَالحه على رَأس مَاله ثمَّ أَرَادَ أَن يَشْتَرِي بِرَأْس مَاله مِنْهُ بيعا قبل أَن يقبضهُ فَلَا خير فِي ذَلِك وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يَشْتَرِي شَيْئا وَلَا يَأْخُذ إِلَّا سلمه بِعَيْنِه أَو رَأس مَاله بلغنَا ذَلِك عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ(5/16)
54 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل دَرَاهِم فِي طَعَام ودنانير فِي طَعَام قد علم وزن الذَّهَب وَلم يعلم وزن الدَّرَاهِم فَلَا خير فِي هَذَا حَتَّى يعلم وزنهما جَمِيعًا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ جَائِز
55 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل عشرَة دَرَاهِم فِي ثَوْبَيْنِ يهوديين إِلَى أجل مَعْلُوم وَاشْترط طولا مَعْلُوما وعرضا مَعْلُوما ورقعة مَعْلُومَة فَهُوَ جَائِز وَلَا يضرّهُ أَن لَا يُسَمِّي رَأس مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا على حِدة وأكره لَهُ أَن يَبِيع وَاحِدًا مِنْهُمَا مُرَابحَة على خَمْسَة دَرَاهِم لِأَنَّهُ إِنَّمَا يقومها بِالظَّنِّ والحزر وَلَا بَأْس أَن يبيعهما جَمِيعًا مُرَابحَة على عشرَة دَرَاهِم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا بَأْس بِأَن يَبِيع أَحدهمَا مُرَابحَة على خَمْسَة دَرَاهِم(5/17)
56 - وَإِذا أسلم الرجل عشرَة دَرَاهِم فِي ثوب يَهُودِيّ وثوب سابري وَلم يسم رَأس مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا فالسلم فَاسد وَلَيْسَ هَذَا كالثوبين الْيَهُودِيين لِأَن هذَيْن من صنفين مُخْتَلفين وَذَلِكَ من صنف وَاحِد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف هُوَ جَائِز
57 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل دَرَاهِم فِي شَيْء يجوز فِيهِ السّلم ثمَّ تفَرقا قبل أَن يقبض الَّذِي أسلم إِلَيْهِ الدَّرَاهِم فَإِن السّلم فَاسد
58 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي المسوح والأكسية والعباء والكرابيس إِذا اشْترطت طولا مَعْلُوما وغرضا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما ورقعة مَعْلُومَة من صنف مَعْرُوف
59 - وَلَا بَأْس بِالرَّهْنِ وَالْكَفِيل فِي السّلم بلغنَا ذَلِك عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ
وبلغنا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه اشْترى من يَهُودِيّ طَعَاما بنسيئة وَرَهنه درعه(5/18)
وَإِذا أسلم الرجل فِي شَيْء من الثِّيَاب فَاشْترط طولا وعرضا بِذِرَاع رجل مَعْرُوف فَلَا خير فِي ذَلِك أَلا ترى أَنه لَو مَاتَ ذَلِك الرجل لم يدر صَاحب السّلم مَا حَقه
61 - وَإِذا اشْترط كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا فَهُوَ جَائِز وَله ذِرَاع وسط
62 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي حَرِير وَاشْترط وزنا مَعْلُوما وَلم يشْتَرط الطول وَالْعرض فَلَا خير فِيهِ أَلا ترى أَنه لَا يدْرِي مَا أسلم فِيهِ
63 - وَإِذا اشْترط طولا وعرضا بفيمان غير الذِّرَاع فَإِن كَانَ فيمانا مَعْرُوفا من فيامين التُّجَّار فَهُوَ جَائِز وَإِن كَانَ مَجْهُولا فَهُوَ فَاسد
64 - وَإِذا اشْترط الرجل فِي سلمه ثوبا جيدا فَأَتَاهُ الَّذِي عَلَيْهِ الثَّوْب بِثَوْب ليعطيه إِيَّاه فَقَالَ رب السّلم لَيْسَ هَذَا بجيد وَقَالَ الآخر هُوَ جيد فَإِنَّهُ ينظر إِلَى رجلَيْنِ عَدْلَيْنِ من أهل تِلْكَ الصِّنَاعَة فَإِن اجْتمعَا على أَنه جيد مِمَّا يَقع عَلَيْهِ اسْم الْجيد أجْبرهُ رب الثَّوْب على أَخذه وَإِن كَانَ لَيْسَ بجيد لَا يجْبر رب السّلم على أَخذه
65 - وَإِن كَانَ اشْترط وسطا فَأَتَاهُ الآخر بجيد فَقَالَ خُذ هَذَا وزدني درهما فَلَا بَأْس بذلك إِن فعله وَكَذَلِكَ لَو أَتَاهُ بِثَوْب أطول مِمَّا اشْترط عَلَيْهِ أَو أعرض فَلَا بَأْس بذلك إِن فعله(5/19)
66 - وَإِن كَانَ شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن فَأَتَاهُ بِمثل ذَلِك الْكَيْل الَّذِي عَلَيْهِ غير أَنه أَجود مِمَّا اشْترط فَقَالَ خُذ هَذَا وزدني درهما لم يكن فِي هَذَا خير وَلَا يجوز أَلا ترى أَنه لَا يصلح مختوم حِنْطَة بمختوم حِنْطَة وَزِيَادَة دِرْهَم وَكَذَلِكَ كل مَا يُكَال أَو يُوزن فَأَما الثِّيَاب فَلَا بَأْس أَن يَأْخُذ ثوبا وَيُعْطِي مثله وَزِيَادَة دِرْهَم
67 - وَإِذا أسلم الرجل فِي ثوب قوهي فَأَتَاهُ بِثَوْب أطول مِنْهُ على مثل رقعته أَو مثل طوله غير أَنه أَجود مِنْهُ فَقَالَ خُذ هَذَا وزدني درهما فَلَا بَأْس بذلك لِأَن فضل مَا بَينهمَا دِرْهَم
68 - وَلَو أَتَاهُ بأنقص من ثَوْبه فَقَالَ خُذ هَذَا وأرد عَلَيْك درهما من رَأس مَالك لم يجز هَذَا من قبل أَنه لَا يدْرِي كم رَأس مَال مَا أَخذ وَمَا ترك لِأَن الثَّوْب مُخْتَلف
وَكَذَلِكَ فِي الطَّعَام وَلَو أَتَاهُ بِمثل طَعَامه فِي الْكَيْل وَهُوَ دونه فَقَالَ خُذ هَذَا وأرد عَلَيْك درهما كَانَ ذَلِك بَاطِلا لَا يجوز
69 - وَإِذا اخْتلف الرّجلَانِ فِي السّلم فَقَالَ الطَّالِب شرطت لي(5/20)
جيدا وَقَالَ الْمَطْلُوب شرطته لَك وسطا من صنف قد سميناه جَمِيعًا فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول الْمَطْلُوب مَعَ يَمِينه ويتحالفان ويترادان البيع إِلَّا أَن تقوم للطَّالِب الْبَيِّنَة فَيُؤْخَذ بَينته
70 - وَإِذا اخْتلف الطَّالِب وَالْمَطْلُوب فَقَالَ الطَّالِب أسلمت إِلَيْك فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ الْمَطْلُوب أسلمت إِلَيّ فِي كرّ شعير أَو قَالَ الطَّالِب فِي ثوب قوهى وَقَالَ الْمَطْلُوب فِي ثوب يَهُودِيّ وَلَا بَيِّنَة بَينهمَا فَإِنَّهُمَا يترادان السّلم وَيَأْخُذ الطَّالِب رَأس مَاله بعد أَن يحلف كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى صَاحبه فَالَّذِي يبْدَأ بِهِ فِي الْحلف الْمَطْلُوب وَهَذَا قَول أبي يُوسُف الأول ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك الَّذِي يبْدَأ بِهِ بِالْيَمِينِ الطَّالِب وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَزفر
فَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة جَمِيعًا على مَا ادّعَيَا أخذت بَيِّنَة الطَّالِب لِأَنَّهُ هُوَ الْمُدَّعِي وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يَأْخُذ بالبينتين جَمِيعًا ويجعلهما سلمين فَإِن كَانَا لم يفترقا قضى على رب السّلم بثمنين وَقضى على الْمُسلم إِلَيْهِ بِالْحِنْطَةِ وَالشعِير جَمِيعًا
71 - فَإِن لم يختلفا فِي السّلم ولكنهما اخْتلفَا فِي الْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ فَقَالَ الطَّالِب شرطت لي مَكَان كَذَا وَكَذَا وَقَالَ الْمَطْلُوب(5/21)
بل شرطت لَك مَكَان كَذَا وَكَذَا لمَكَان آخر وَلَيْسَت بَينهمَا بَيِّنَة فَالْقَوْل قَول الْمَطْلُوب مَعَ يَمِينه فَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة على مَا قَالَا أخذت بَيِّنَة الطَّالِب لِأَنَّهُ يَدعِي
72 - وَلَو أَنَّهُمَا لم يختلفا فِي الْمَكَان ولكنهما اخْتلفَا فِي الْأَجَل فَقَالَ الطَّالِب شرطت لي كَذَا وَكَذَا من الْأَجَل وَقد حل الْأَجَل وَقَالَ الْمَطْلُوب بل شرطت لي كَذَا وَكَذَا من الْأَجَل أبعد من ذَلِك وَلم يحل ذَلِك بعد فَالْقَوْل قَول الطَّالِب مَعَ يَمِينه بِاللَّه على ذَلِك وَلَو قَامَت لَهما بَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة الْمَطْلُوب لِأَنَّهُ الْمُدَّعِي
73 - وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا اخْتلفَا فِي الْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ السّلم فانهما يَتَحَالَفَانِ ويترادان السّلم(5/22)
74 - وَإِذا اخْتلفَا فِي الْأَجَل فَقَالَ الطَّالِب أجلتك شهرا وَقد مضى وَقَالَ الْمَطْلُوب لم يمض بعد إِنَّمَا أخذت السّلم مِنْك السَّاعَة وَلَا بَيِّنَة بَينهمَا فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول الْمَطْلُوب مَعَ يَمِينه وعَلى الطَّالِب الْبَيِّنَة فَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة أخذت بَيِّنَة الْمَطْلُوب لِأَن شُهُوده قد أكذبوا الطَّالِب حَيْثُ ادّعى أَنه أَجله شهرا وَقد مضى وَلِأَن الْمَطْلُوب هُوَ الْمُدَّعِي للفضل هَهُنَا فَالْقَوْل هَهُنَا قَوْله وَالْبَيِّنَة بَينته
75 - وَإِذا اخْتلفَا فِي الْأَجَل فَقَالَ أَحدهمَا لم يكن لَهُ أجل وَقَالَ الآخر بلَى قد كَانَ لَهُ أجل فَالْقَوْل قَول الَّذِي زعم أَن لَهُ أَََجَلًا أَيهمَا مَا كَانَ وَلَا يصدق الآخر لِأَنَّهُ يُرِيد أَن يفْسد السّلم فَلَا يصدق على إفساده
وَأما فِي الْقيَاس فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون القَوْل قَول الَّذِي قَالَ لَيْسَ لَهُ أجل وَأَن يكون السّلم فَاسِدا وعَلى الَّذِي يَدعِي أَََجَلًا الْبَيِّنَة وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَانَ الَّذِي يَقُول ذَلِك الَّذِي لَهُ السّلم
76 - وَإِذا قبض صَاحب السّلم رَأس مَاله وتتاركا ثمَّ اخْتلفَا فِي رَأس المَال فَقَالَ الْمَطْلُوب إِن رَأس مَالك خَمْسَة دَرَاهِم وَقَالَ الطَّالِب بل كَانَ رَأس مَالِي عشرَة دَرَاهِم فَإِن القَوْل فِي ذَلِك 24(5/23)
قَول الْمَطْلُوب مَعَ يَمِينه فَإِن قَامَت للطَّالِب بَيِّنَة على مَا يَدعِي من الْفضل أَخذ لَهُ بذلك
وَإِذا تتاركا السّلم فَقَالَ الْمَطْلُوب كَانَ رَأس مَالك هَذَا الثَّوْب وَقَالَ الطَّالِب بل كَانَ رَأس مَالِي عشرَة دَرَاهِم أَو دِينَار أَو ثوب هُوَ أَجود من هَذَا فَإِن القَوْل فِي ذَلِك قَول الْمَطْلُوب مَعَ يَمِينه إِلَّا أَن يقوم للطَّالِب بَيِّنَة على مَا يَدعِي فَيُؤْخَذ لَهُ بِدَعْوَاهُ
77 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَيّ الرجل دَرَاهِم فَوجدَ فِيهَا درهما زائفا بعد مَا افْتَرقَا بِهِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن يرد الدِّرْهَم وَيبْطل من السّلم بِحِسَاب ذَلِك فَإِن أنكر رب السّلم أَن يكون ذَلِك من دَرَاهِمه فَالْقَوْل قَول الْمَطْلُوب الْمُسلم إِلَيْهِ مَعَ يَمِينه وعَلى الطَّالِب الْبَيِّنَة إِنَّه أعطَاهُ جيادا فِي قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يستبدله إِذا كَانَ زائفا إِذا أقرّ بِهِ صَاحبه وَلَا ينْتَقض وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يفترقا
78 - فَإِذا أسلم إِلَيْهِ حَتَّى يقبض رَأس المَال فَإِن افْتَرقَا قبل أَن يقبض رَأس المَال فالسلم فَاسد لَا يكون دينا 25(5/24)
فِي دين إِن أسلم إِلَيْهِ دَرَاهِم
79 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل دَرَاهِم فِي شَيْء مِمَّا ذكرت لَك إِلَى أجل مَعْلُوم وَجعل للدراهم أَََجَلًا يُعْطِيهَا إِيَّاه ثمَّ افْتَرقَا فالسلم فَاسد وَلَا يكون دينا فِي دين
80 - فَإِن أسلم إِلَيْهِ دَرَاهِم فِي طَعَام فَقبض بَعْضًا وأحال بِبَعْض على آخر وَبَقِي عِنْده بعض ثمَّ تفَرقا فَإِنَّمَا لَهُ من السّلم بِحِسَاب مَا قبض من المَال فَأَما مَا أَحَالهُ بِهِ أَو بَقِي عِنْده لم ينقده إِيَّاه فَلَا خير فِيهِ وَيرجع رب السّلم بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي أَحَالهُ بهَا على الْمُحْتَال عَلَيْهِ
81 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل جَارِيَة أَو غُلَاما أَو إبِلا أَو بقرًا أَو ثوبا من صنوف الثِّيَاب فِي شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن وَاشْترط 26(5/25)
مَا ذكرت لَك من ذَلِك من الْكَيْل الْمَعْلُوم وَالْأَجَل الْمَعْلُوم وَضَربا من ذَلِك مَعْلُوما فَهُوَ جَائِز
82 - وَكَذَلِكَ إِذا أسلم ثوبا قوهيا فِي ثوب مَرْوِيّ أَو ثوبا هرويا فِي ثوب قوهي أَو ثوبا يَهُودِيّا فِي ثوب زطي أَو بت فِي طيلسان أَو طيلسان فِي بت أَو كسَاء من صوف فِي ثوب أَو طيلسان أَو ثوب كتَّان فِي ثوب قطن وَاشْترط من ذَلِك ذرعا مَعْلُوما فِي الْعرض والطول والرقعة فَهُوَ جَائِز
وَإِن كَانَ هَذَا قطنا كُله أَو كتانا فَلَا بَأْس بالسلم فِيهِ لِأَن مُخْتَلف
83 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْكَتَّان وزنا مَعْلُوما وَكَذَلِكَ الْقطن والقز والإبريسم وَلَا بَأْس فِي ذَلِك كُله
84 - وَإِذا اشْترط رب السّلم أَن يُوفيه السّلم فِي مَدِينَة كَذَا وَكَذَا أَو فِي مصر كَذَا وَكَذَا فَقَالَ رب السّلم ادفعه إِلَى فِي نَاحيَة كَذَا من الْمصر وَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ بل ادفعه إِلَيْك فِي نَاحيَة أُخْرَى لَيْسَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَة قَالَ فَحَيْثُ مَا دَفعه إِلَيْهِ الَّذِي عَلَيْهِ السّلم من ذَلِك الْمصر وَتلك الْمَدِينَة فَذَلِك لَهُ وَهُوَ بَرِيء وَلَيْسَ لرب السّلم مَا ادّعى من ذَلِك 27(5/26)
85 - وَلَا خير فِي السّلم فِي المسابق وَالْفراء إِلَّا أَن يشْتَرط من ذَلِك شَيْئا مَعْرُوف الطول وَالْعرض والتقطيع وَالصّفة فَإِن كَانَ يعرف شَيْئا من هَذَا فَهُوَ جَائِز
86 - وَلَا خير فِي السّلم بالحطب أَو قارا وَلَا أحمالا لِأَن هَذَا مَجْهُول غير مَعْرُوف فَلَا خير فِيهِ وَكَذَلِكَ كل سلم اشْترط فِيهِ أَو قارا أَو أحمالا فَلَا خير فِيهِ
87 - وَإِذا اشْترط على الرجل الَّذِي عَلَيْهِ السّلم أَن يحمل السّلم إِلَى منزل صَاحب السّلم بعد مَا يُوفيه إِيَّاه فِي الْمَكَان الَّذِي اشْترط فَلَا خير فِي السّلم على هَذَا الشَّرْط
88 - وَإِذا اشْترط رب السّلم فِي سلمه أَن يُوفيه إِيَّاه فِي منزله فَلَا بَأْس بِهِ وَهَذَا حمله فِي الْقيَاس سَوَاء غير أَنا نَأْخُذ فِي حمله إِلَى منزله بِالْقِيَاسِ ونأخذ فِي هَذَا بالاستحسان
89 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الْحَطب عددا لِأَنَّهُ مَجْهُول لَا يعرف فِيهِ الصَّغِير وَالْكَبِير 28(5/27)
90 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الْجُبْن والمصل إِذا اشْترط من ذَلِك ضربا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما ومكانا مَعْلُوما يُوفيه فِيهِ
91 - وَلَا خير فِي السّلم فِي القصيل وَلَا فِي الْحَشِيش احمالا وَلَا أوقارا وَلَا حزما
92 - وَإِذا اخْتلف الرّجلَانِ فِي السّلم فَقَالَ الَّذِي أسلم أسلمت إِلَيْك فِي ثوب يَهُودِيّ وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ السّلم بل هُوَ زطى وَلَيْسَ بَينهمَا بَيِّنَة فَإِن الَّذِي عَلَيْهِ السّلم يحلف بِاللَّه مَا هُوَ يَهُودِيّ فَإِن نكل عَن الْيَمين لزمَه ثوب يَهُودِيّ وَإِن حلف برِئ وعَلى الطَّالِب أَن يحلف بِاللَّه مَا هُوَ زطى على مَا ادّعى الآخر فَإِن نكل عَن الْيَمين لزمَه دَعْوَى صَاحبه وَإِن حلف برِئ ورد عَلَيْهِ رَأس مَاله
وَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة أخذت بَيِّنَة الطَّالِب فِي قَول آبي يُوسُف
93 - وَإِن اتفقَا أَنه ثوب يَهُودِيّ غير أَنَّهُمَا اخْتلفَا فِي الصّفة فَقَالَ الْمَطْلُوب طوله خَمْسَة أَذْرع فِي ثَلَاثَة أَذْرع وَقَالَ الطَّالِب بل هُوَ سِتَّة أَذْرع فِي ثَلَاثَة أَذْرع واتفقا على مَا سوى ذَلِك فَإِن هَذَا وَالْأول فِي الْقيَاس سَوَاء يَتَحَالَفَانِ ويترادان السّلم وبالقياس نَأْخُذ 29(5/28)
وَأما الِاسْتِحْسَان فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون القَوْل هَهُنَا قَول الْمَطْلُوب مَعَ يَمِينه إِلَّا أَن يقوم للطَّالِب بَيِّنَة وبالقياس نَأْخُذ
94 - وَإِذا اخْتلفَا فِي السّلم بِعَيْنِه أَو فِي رَأس المَال وَلم يقبض رَأس المَال وَلم يَتَفَرَّقَا فَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ أسلمت إِلَى هَذِه الْجَارِيَة فِي مائَة مختوم حِنْطَة وَقَالَ رب السّلم بل أسلمت إِلَيْك هَذَا العَبْد فِي مِائَتي مختوم حِنْطَة وَلَيْسَ بَينهمَا بَيِّنَة فَإِنَّهُ يحلف كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى صَاحبه ثمَّ يترادان السّلم وَأيهمَا نكل عَن الْيَمين لزمَه دَعْوَى صَاحبه قبله
وَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة لَزِمته الْجَارِيَة بِمِائَة مختوم حِنْطَة وَلَزِمَه العَبْد بِمِائَتي مختوم حِنْطَة
95 - وَلَا بَأْس بِأَن يسلم الْحَيَوَان فِي كل مَا يُكَال أَو يُوزن ويذرع من الثِّيَاب إِلَى أجل مَعْلُوم أَلا ترى أَنه لَا بَأْس بِبيع الْحَيَوَان بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير إِلَى أجل مَعْلُوم
وَكَذَلِكَ لَو أسلمت جَارِيَة فِي عشرَة أكرار حِنْطَة وشعير
96 - وَلَو أسلمت فِيهَا عبدا أَو دَابَّة أَو ثوبا كَانَ ذَلِك جَائِزا وَلَا يَضرك أَن لَا يُسمى رَأس مَال الْحِنْطَة من ذَلِك وَلَا رَأس مَال الشّعير
97 - وَلَو أسلمت ثوبا فِي عشرَة أكرار حِنْطَة وشعير وَلم يسم رَأس 30(5/29)
مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا لم يَضرك ذَلِك وَكَانَ ذَلِك جَائِزا وَكَانَ رَأس مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا على حِسَاب قيمَة ذَلِك لِأَنَّك لَا تقدر على تقويمه إِلَّا بِالظَّنِّ والحزر وَلَو كَانَت دَرَاهِم لم تصلح لِأَنَّهُ يقدر على وزن حِصَّة كل وَاحِد مِنْهُمَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ يَعْقُوب هما سَوَاء وَالسّلم جَائِز
98 - وَإِذا بَاعَ الرجل جَارِيَة بِأَلف مِثْقَال فضَّة وَذهب جِيَاد أَو دَنَانِير ودراهم كَانَ لَهُ من كل وَاحِد خَمْسمِائَة مِثْقَال وَهَذَا جَائِز
99 - وَإِذا اسْتَأْجر الرجل أَرضًا أَو دَارا أَو عبدا أَو ثوبا أَو دَابَّة أَو أمة أَو شقّ محمل أَو شقّ زاملة إِلَى مَكَّة بِشَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن كَيْلا مَعْلُوما أَو وزنا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما وسمى الْمَدِينَة الَّتِي اسْتَأْجر إِلَيْهَا وَالْأَرْض وَالدَّار وَالْخَادِم وَالْحمام وسمى من ذَلِك الْكَيْل صنفا مَعْرُوفا فَإِن هَذَا كُله جَائِز 31(5/30)
وَكَذَلِكَ لَو اسْتَأْجر ذَلِك بِثَوْب يَهُودِيّ وَبَين طوله وَعرضه ورقعته وأجله فَهُوَ جَائِز
100 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل عشرَة دَرَاهِم فِي عشْرين مختوم شعير أَو عشرَة مخاتيم حِنْطَة وَوَقع السّلم على هَذَا وَالشّرط على هَذَا أَن يُعْطِيهِ أَيهمَا شَاءَ رب السّلم أَو الْمُسلم إِلَيْهِ فَلَا خير فِي هَذَا لِأَن السّلم لم يَقع على شَيْء مَعْلُوم
وَكَذَلِكَ إِن قَالَ إِن أَعْطَيْتنِي إِلَى شهر فَهُوَ عشرَة مخاتيم وَإِن أَعْطَيْتنِي إِلَى شَهْرَيْن فَهُوَ عشرُون مَخْتُومًا كَانَ هَذَا فَاسِدا لَا يجوز السّلم فِيهِ
101 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل دَرَاهِم فِي حِنْطَة فَقَالَ رجل لرب السّلم ولني هَذَا السّلم فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيع أَن يوليه ذَلِك السّلم وَلَا يجوز من قبل أَن التَّوْلِيَة بيع وَلَا يجوز أَن يَبِيع مَا لم يقبض وَقد جَاءَ قي الْأَثر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن بيع الرجل مَا لم يقبض 32(5/31)
102 - وَإِذا قَالَ الرجل لرجل قد أسلمت الى عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة وَسكت ثمَّ قَالَ بعد مَا سكت وَلَكِنِّي لم أَقبض الدَّرَاهِم مِنْك وَقَالَ رب السّلم بلَى قد قبضتها مني كَانَ القَوْل قَول رب السّلم مَعَ يَمِينه من قبل أَن الْمُسلم إِلَيْهِ قد أقرّ بِالْقَبْضِ حَيْثُ قَالَ أسلمت إِلَى فَهَذَا مِنْهُ قبض إِذا قَالَ قد أسلمت إِلَى فَهَذَا مثل قَوْله قد أَعْطَيْتنِي عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة أَلا ترى أَنه لَو قَالَ أقرضتني عشرَة دَرَاهِم قرضا برؤوسها وأسلفتني عشرَة دَرَاهِم برؤوسها سلفا ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك لم أَقبض مِنْك شَيْئا لم أصدقه وألزمته الدَّرَاهِم وَكَانَ هَذَا إِقْرَارا مِنْهُ بِالْقَبْضِ
وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ أسلمت إِلَى ثوبا فِي كرّ حِنْطَة فَهُوَ مثل ذَلِك
وَهُوَ اسْتِحْسَان منا وَلَيْسَ بِالْقِيَاسِ وَكَانَ يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَلا يكون قَابِضا حَتَّى يَقُول قد قبضت الثَّوْب وَالدَّرَاهِم
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لفُلَان على ألف دِرْهَم إِلَى سنة أَو حَاله من ثمن جَارِيَة باعنيها ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك لم أقبضها وَقَالَ الآخر قد قبضت كَانَ المَال عَلَيْهِ أَلا ترى أَن لَا يلْزمه المَال إِلَّا بِالْقَبْضِ فَإِقْرَاره بِالْمَالِ إِقْرَار بِالْقَبْضِ وصل أَو قطع وَهُوَ قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد القَوْل قَول الْمَطْلُوب أَنه لم يقبض إِذا أقرّ 33(5/32)
الطَّالِب أَن ذَلِك من بيع وَهَذَا قَول أبي يُوسُف الآخر وَكَانَ يَقُول مرّة إِن وصل صدق وَإِن قطع لم يصدق
103 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل فِي كرّ حِنْطَة ثمَّ أعطَاهُ كرا بِغَيْر كيل لَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يَبِيعهُ وَلَا يَأْكُلهُ حَتَّى يكيله وَإِن بَاعه المُشْتَرِي فَالْبيع فَاسد أَلا ترى أَنه بَاعَ مَا لم يقبض
وَلَو هلك الْكر عِنْد المُشْتَرِي وَهُوَ مقرّ بِأَنَّهُ كرّ واف غير أَنه لم يكتله فَهُوَ مستوف
104 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل فِي كرّ حِنْطَة فَاشْترى الَّذِي عَلَيْهِ الْكر كرّ حِنْطَة من رجل آخر ثمَّ قَالَ اقبضه قبل أَن يكتاله من المُشْتَرِي فَلَيْسَ يَنْبَغِي لرب السّلم أَن يقبضهُ حَتَّى يكاله المُشْتَرِي ثمَّ يكتاله رب السّلم وَلَا يصلح لَهُ أَن يَأْخُذهُ بكيله حَتَّى يَأْخُذهُ بكيل مُسْتَقْبل لنَفسِهِ
105 - وَإِذا وَقع الَّذِي عَلَيْهِ السّلم إِلَى رب السّلم دَرَاهِم فَقَالَ اشْتَرِ بهَا طَعَاما فاقبضه لي بكيل ثمَّ اكتله لنَفسك بكيل آخر مُسْتَقْبل كَانَ جَائِزا
106 - وَإِن قَالَ رب السّلم الَّذِي عَلَيْهِ السّلم كَانَ مَا لي(5/33)
عَلَيْك من الطَّعَام فاعزله فِي بَيْتك أَو فِي غرائرك فَفعل ذَلِك الَّذِي عَلَيْهِ السّلم وَلَيْسَ رب السّلم بحاضر فَلَا يجوز وَلَا يكون هَذَا قبضا من رب السّلم
وَكَذَلِكَ لَو كاله فِي غَرَائِر لرب السّلم بأَمْره غير أَن رب السّلم لَيْسَ بحاضر لم يحضر الْكَيْل لم يكن هَذَا قبضا
وَإِن وكل رب السّلم يقبض ذَلِك غُلَام الَّذِي عَلَيْهِ السّلم أَو ابْنه فَهُوَ جَائِز
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ زن مَا عَلَيْك من الدَّرَاهِم فاعزلها لي فِي بَيْتك فَفعل ذَلِك لم يكن هَذَا قبضا من الطَّالِب
وَقَالَ مُحَمَّد كَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول لَو أَن رجلا اشْترى من رجل طَعَاما بِعَيْنِه على أَنه كرّ ثمَّ دفع إِلَيْهِ غَرَائِر فَأمره أَن يكيله فِيهَا وَلَيْسَ المُشْتَرِي بحاضر فَفعل انه قبض وَله أَن يَبِيعهُ وَلَو لم يكن اشْتَرَاهُ وَلَكِن أسلم إِلَيْهِ فِيهِ فَدفع إِلَيْهِ غَرَائِر يكيله فِيهَا فكاله وَهُوَ غَائِب عَنهُ لم يكن قبضا وَلم يجز وَفرق مَا بَينهمَا وَقَالَ أَلا ترى(5/34)
أَنه إِذا اشْتَرَاهُ بِعَيْنِه أَنه لَهُ فَإِذا أمره بكيله فِي غرائره فَكَأَنَّهُ أمره أَن يطحنه فَيجوز ذَلِك وَيكون قبضا مِنْهُ لِأَنَّهُ شَيْء بِعَيْنِه يملكهُ أحدث فِيهِ عملا بأَمْره فَصَارَ قَابِضا وَالسّلم دين لَا يملكهُ بِعَيْنِه فَأَما مَا طحنه وكاله فَهُوَ من مَال الَّذِي عَلَيْهِ وَلَا يكون قَابِضا من حنطه دَقِيقًا فِي السّلم وهما مُخْتَلِفَانِ
107 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي كرّ حِنْطَة ثمَّ أسلم الآخر إِلَيْهِ فِي كرّ حِنْطَة وأجلهما وَاحِد وصفتهما وَاحِدَة أَو مُخْتَلفَة فَلَا يكون شَيْء من ذَلِك قصاصا وَإِن تقاصا بِهِ فَلَا يجوز أَلا ترى أَنه يَبِيع مَا لم يقبض كل وَاحِد مِنْهُمَا لَيْسَ يقبض من كره كرا يَأْخُذهُ إِنَّمَا يَأْخُذ بِهِ دينا عَلَيْهِ وَلَا يجوز أَن يَأْخُذ إِلَّا رَأس مَاله أَو الَّذِي أسلم فِيهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ لَيْسَ مِمَّا أسلم فِيهِ وَلَا رَأس مَاله
108 - وَإِذا كَانَ الأول مِنْهُمَا سلما وَالْآخر قرضا فَلَا بَأْس أَن يكون قصاصا إِذا كَانَ سَوَاء
وَإِن كَانَ الأول قرضا وَالْآخر سلما فَلَا يكون قصاصا وَإِن تَرَاضيا بذلك(5/35)
وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الصّرْف إِذا بَاعَ دِينَارا بِعشْرَة(5/36)
دَرَاهِم ثمَّ اسْتقْرض مِنْهُ يكون قصاصا لِأَن الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير من الْأَثْمَان
109 - وَإِن كَانَ للَّذي عَلَيْهِ السّلم قرض على رجل أم لم يكن لَهُ(5/37)
فَاسْتقْرض من رجل كرا فَقَالَ كُله لصَاحب السّلم فاكتاله صَاحب السّلم كَيْلا وَاحِدًا فَهُوَ قبض وَهُوَ جَائِز من قبل أَن أصل الطَّعَام على الْمَطْلُوب وَلَيْسَ قرض وَلَيْسَ بيع أَلا ترى لَو أَن رجلا كال كرا من الطَّعَام فاستقرضه رجل مِنْهُ على كَيْله كَانَ جَائِزا وَله أَن يَبِيعهُ من قبل أَن يكتاله فَإِن الْقَرْض لَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى كيل فَهُوَ يَأْخُذهُ قرضا لَيْسَ يكيله لَهُ إِنَّمَا هُوَ كيل للْبَائِع لِأَن الْقَرْض لَا يُفْسِدهُ أَن لَا يُكَال فَإِذا اشْترى رجل كرا من طَعَام مكايلة فاكتاله فَلَا يَبِيعهُ حَتَّى يكتاله وَإِذا كَانَ كرّ سلم على رجل فَاشْترى من رجل كرا ووكل رب السّلم أَن يقبضهُ لَهُ وَيَأْخُذهُ من سلمه فَلَا يجْزِيه كيل وَاحِد فِي بيع واقتضاء
110 - وَإِذا تتاركا السّلم وَرَأس المَال ثوب فَهَلَك الثَّوْب عِنْد الْمَطْلُوب قبل أَن يقبض الطَّالِب فعلى الْمَطْلُوب قِيمَته وَكَذَلِكَ لَو تتاركا السّلم بعد هَلَاك الثَّوْب كَانَ على الْمَطْلُوب قِيمَته وَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول الْمَطْلُوب وعَلى الطَّالِب الْبَيِّنَة على مَا يَدعِي من فضل الْقيمَة وَإِن لم يكن لَهُ بَيِّنَة حلف الْمَطْلُوب على الْقيمَة الَّتِي أقرّ بهَا وأداها
أَلا ترى لَو أَن رجلا اشْترى من رجل جَارِيَة بِعَبْد وَتقَابَضَا فَمَاتَ(5/38)
أَحدهمَا فِي يَدَيْهِ ثمَّ تناقضا أَنه جَائِز وَهُوَ بِمَنْزِلَة الرَّد بِالْعَيْبِ أَلا ترى أَنه لَو أصَاب بِهِ عَيْبا بعد موت الآخر فَقبله بِغَيْر قَضَاء قَاض إِنَّهَا إِقَالَة وَلَو أصَاب بِهِ عَيْبا وَقد هلك الآخر أَو رده بِخِيَار رُؤْيَة فان ذَلِك جَائِز
وَكَذَلِكَ الأول فِي السّلم لِأَن السّلم بيع وَلَا يشبه هَذَا الْأَثْمَان الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم
وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الصّرْف وَلَو كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا بِعَيْنِه فتقايلا كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يُعْطي غير الَّذِي اشْترى
111 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة فَوجدَ فِيهَا دَرَاهِم ستوقة فجَاء يردهَا فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ السّلم هَذَا نصف رَأس المَال فقد بَطل نصف السّلم وَقَالَ رب السّلم بل هُوَ ثلث رَأس المَال فان القَوْل فِي ذَلِك قَول الَّذِي عَلَيْهِ السّلم مَعَ يَمِينه(5/39)
وعَلى رب السّلم الْبَيِّنَة على مَا يَدعِي لِأَن السّلم لم يتم فِي الْكر فَالْقَوْل قَول الَّذِي عَلَيْهِ السّلم مَعَ يَمِينه فِيمَا تمّ مِنْهُ
112 - وَإِذا اخْتلفَا فِي السّلم فَقَالَ رب السّلم أسلمت إِلَيْك ثوبا فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ بل أسلمت إِلَى فِي كرّ شعير وَلَيْسَ بَينهمَا بَيِّنَة فان يحلف كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى صَاحبه ثمَّ يترادان السّلم
فَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة رب السّلم لِأَنَّهُ مُدع للفضل
113 - فَإِن اخْتلفَا فَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ أسلمت إِلَى هذَيْن الثَّوْبَيْنِ فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ رب السّلم بل أسلمت إِلَيْك هَذَا الثَّوْب بِعَيْنِه فِي كرّ حِنْطَة فَإِن لم يكن لَهما بَيِّنَة فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ ويترادان وَإِن كَانَت لَهما بَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة الْمُسلم إِلَيْهِ وَكَانَ الثوبان جَمِيعًا بكر حِنْطَة لِأَنَّهُ مُدع للفضل أَلا ترى أَن شهودهما قد اتَّفقُوا على كرّ وثوب وَإِن بَيِّنَة الْمُسلم إِلَيْهِ قد شهدُوا على فضل ثوب فَهُوَ للْمُدَّعِي
114 - وَإِذا اخْتلفَا فَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ أسلمت إِلَى ثَوْبَيْنِ فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ رب السّلم بل أسلمت إِلَيْك أَحدهمَا وَهُوَ هَذَا بِعَيْنِه فِي كرّ حِنْطَة وكر شعير فأقاما جَمِيعًا الْبَيِّنَة فَإِنَّهُ يقْضِي للْمُسلمِ إِلَيْهِ بالثوبين جَمِيعًا وَيَقْضِي عَلَيْهِ بكر حِنْطَة وكر شعير من قبل أَن بَيِّنَة رب السّلم(5/40)
قد شهدُوا على كرّ شعير فضل وَشهِدت شُهُود الْمُسلم إِلَيْهِ بِفضل ثوب
115 - وَإِذا أسلم الرجل فُلُوسًا فِي كرّ طَعَام أَو شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن فَهُوَ جَائِز
116 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة فَأَقَامَ رب السّلم بَيِّنَة أَنَّهُمَا تفَرقا قبل أَن يقبض الْمُسلم إِلَيْهِ رَأس المَال وَأقَام الْمُسلم إِلَيْهِ الْبَيِّنَة أَنه قد قبض رَأس المَال قبل أَن يَتَفَرَّقَا فالسلم جَائِز وَيُؤْخَذ بِبَيِّنَة الْمُسلم إِلَيْهِ
وَلَو كَانَت الدَّرَاهِم فِي يَدي رب السّلم بِأَعْيَانِهَا فَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ أودعتها إِيَّاه أَو غصبنيها بعد قبضي إِيَّاهَا وَقد قَامَت الْبَيِّنَة بِالْقَبْضِ كَانَ القَوْل كَمَا قَالَ وَيَقْضِي لَهُ بِالدَّرَاهِمِ وَالسّلم جَائِز
117 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل ثوبا أَو دَابَّة أَو عبدا أَو أمة أَو شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن إِلَى أجل ثمَّ تفَرقا قبل أَن يقبض رَأس المَال كَانَ السّلم فَاسِدا وَلَا يجوز إِن أَرَادَ أَن يعود إِلَى ذَلِك إِلَّا باستقبال السّلم(5/41)
وَلَو بَاعَ جَارِيَة أَو عبدا أَو ثوبا بِشَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن إِلَى أجل ثمَّ تفَرقا قبل أَن يقبض جَارِيَته غير أَن البَائِع لم يمنعهُ من قبض ذَلِك كَانَ البيع جَائِزا وَكَانَ لَهُ أَن يقبض مَتى مَا شَاءَ
وَهَذَا وَالسّلم فِي الْقيَاس سَوَاء غير أَنِّي أخذت فِي السّلم بالاستحسان أَلا ترى أَنه لَو بَاعَ ثوبا بحنطة كَيْلا مُسَمّى وَضَربا مُسَمّى وَلم يَجْعَل لذَلِك أَََجَلًا كَانَ جَائِزا وَلَو أسلم هَذَا الثَّوْب فِي كرّ حِنْطَة على هَذِه الصّفة وَلم يَجْعَل لَهُ أَََجَلًا كَانَ فَاسِدا
118 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي طَعَام فَقَالَ لَهُ رجل آخر بعد مَا نقد وتفرقا أَو قبل أَن يَتَفَرَّقَا أشركني فِيهِ فَإِن الشّركَة لَا تجوز لِأَن الشّركَة بيع وَهَذَا بيع مَا لم يقبض
119 - وَإِذا أَخذ الرجل بالسلم رهنا يكون فِيهِ وَفَاء بالسلم فَهَلَك الرَّهْن فقد بَطل السّلم لِأَن الرَّهْن بِمَا فِيهِ
وَلَو لم يهْلك الرَّهْن حَتَّى يَمُوت الْمُسلم إِلَيْهِ وَعَلِيهِ دين كَانَ صَاحب السّلم أَحَق بِالرَّهْنِ يُبَاع لَهُ فِي حَقه يَسْتَوْفِي
وَلَو كَانَ الرَّهْن أقل من قيمَة السّلم ثمَّ هلك رَجَعَ رب السّلم بِالْفَضْلِ وَبَطل من سَلمَة بِقدر قيمَة الرَّهْن(5/42)
وَلَو كَانَ الرَّهْن أَكثر من السّلم بَطل السّلم كُله وَكَانَ الْمُرْتَهن فِي فضل الرَّهْن أَمينا
وَهَذَا القَوْل فِي الرَّهْن قَول أبي حنيفَة مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم وَبِه كَانَ يَأْخُذ أَبُو حنيفَة
وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
120 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي طَعَام فَلم يَتَفَرَّقَا وَلم يقبض الْمُسلم إِلَيْهِ الثّمن حَتَّى اخْتلفَا فَقَالَ هَذَا أسلمت إِلَى عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ رب السّلم بل أسلمت إِلَيْك خَمْسَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة فَإِنَّهُ يحلف كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى صَاحبه ويترادان السّلم
فان كَانَت لَهما بَيِّنَة على مَا قَالَا أخذت بِبَيِّنَة الْمُسلم إِلَيْهِ وأقضى لَهُ بِعشْرَة لِأَنَّهُ مُدع للفضل وَهَذَا قَول أبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد هَذَانِ سلمَان مُخْتَلِفَانِ وأقضى لَهُ بِخَمْسَة عشر درهما وَاجعَل عَلَيْهِ كرين كرا بِعشْرَة دَرَاهِم وكرا بِخَمْسَة دَرَاهِم
121 - وَلَو كَانَا اخْتلفَا فِي السّلم فَقَالَ رب السّلم أسلمت إِلَيْك خَمْسَة دَرَاهِم فِي كري حِنْطَة وَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ بل أسلمت إِلَى عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة وَلَا بَيِّنَة بَينهمَا حلف كل وَاحِد مِنْهُمَا(5/43)
على دَعْوَى صَاحبه فان حلفا جَمِيعًا ترادا وَأيهمَا نكل عَن الْيَمين لزمَه دَعْوَى صَاحبه
وَإِن قَامَت لَهما بَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة الْمُسلم إِلَيْهِ بِالْعشرَةِ وببينة الطَّالِب فِي الكرين فِي قَول أبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد هما سلمَان اقضي بهما جَمِيعًا
122 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي طَعَام ثمَّ وكل رب السّلم وَكيلا يدْفع إِلَيْهِ الدَّرَاهِم أَو عبدا لَهُ أَو ابْنا لَهُ أَو شَرِيكا لَهُ مفاوضا أَو غير مفاوض وَقَامَ رب السّلم الَّذِي أسلم فَذهب قبل أَن يقبض الْمُسلم إِلَيْهِ رَأس المَال فان السّلم فَاسد أَلا ترى أَنَّهُمَا قد تفَرقا قبل أَن يقبض الْمُسلم إِلَيْهِ
123 - وَإِذا وكل الْمُسلم إِلَيْهِ أحدا من هَؤُلَاءِ بِقَبض رَأس المَال من رب السّلم ثمَّ فَارقه الْمُسلم إِلَيْهِ قبل أَن يقبض رَأس المَال فَإِن السّلم فَاسد
124 - وَإِذا كفل الرجل بالسلم فاستوفى الْكَفِيل السّلم من الْمُسلم إِلَيْهِ على وَجه الِاقْتِضَاء مِنْهُ ثمَّ بَاعه وَربح فِيهِ أَو أكله ثمَّ قضى رب السّلم طَعَاما مثله وَفضل فِي يَده فضل من ذَلِك فَهُوَ لَهُ حَلَال(5/44)
لِأَنَّهُ قَبضه على وَجه الِاقْتِضَاء مِنْهُ
125 - وَلَو كَانَ قَبضه على وَجه الرسَالَة فَإِنَّهُ رَسُول فِيهِ حَتَّى يَدْفَعهُ إِلَى رب السّلم فَإِن فعل بِهِ شَيْئا من ذَلِك كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يتَصَدَّق بِالرِّبْحِ وَكَانَ لَا يحل الْفضل
126 - وَإِن قضى الْكَفِيل السّلم من مَاله قبل أَن يقبضهُ من الْمَكْفُول عَنهُ ثمَّ صَالح الْمَكْفُول عَنهُ على دَرَاهِم أَو شعير أَو على غير ذَلِك مِمَّا يُكَال أَو يُوزن أَو على عرُوض أَو على حَيَوَان غير أَن ذَلِك يَد بيد فَهُوَ جَائِز من قبل أَن الْكَفِيل هَهُنَا مقرض للمكفول عَنهُ وَلَيْسَ بِمَنْزِلَة رب السّلم أَلا ترى أَن لَهُ قرضا على الْمَكْفُول عَنهُ فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيع الْقَرْض بِبَعْض مَا ذكرنَا
127 - وَلَيْسَ لرب السّلم أَن يَبِيع السّلم بِشَيْء من ذَلِك لَا يَأْخُذ إِلَّا طَعَامه أَو رَأس مَاله وَلَا يَنْبَغِي لَهُ مَعَ ذَلِك ان صَالح على رَأس مَاله أَن يَشْتَرِي بِهِ شَيْئا حَتَّى يقبضهُ قَالَ أخبرنَا أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد بن الْحسن عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم بذلك(5/45)
128 - فَإِذا كفل الْكَفِيل لرب السّلم بِرَأْس مَاله قبل أَن يترادا فَهَذِهِ الْكفَالَة بَاطِلَة لَا تجوز لِأَنَّهُ كَفِيل بِغَيْر حَقه
129 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي بعض الأدهان فِي البنفسج أَو الخيرى أَو غَيره من السّمن وَالْعَسَل إِذا اشْترط من ذَلِك وزنا مَعْلُوما وَكيلا مَعْلُوما وَضَربا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما فَلَا بَأْس
وكل شَيْء وَقع عَلَيْهِ اسْم الْكَيْل الرطل فَهُوَ مَوْزُون
130 - وَإِذا أسلم النَّصْرَانِي فِي خمر بكيل مَعْلُوم وَأجل مَعْلُوم وَضرب مَعْلُوم فَهُوَ جَائِز فِيمَا بَينهمَا فَأَيّهمَا أسلم قبل أَن يقبض السّلم فان السّلم فَاسد لَا يجوز وَيكون على الْمُسلم إِلَيْهِ أَن يرد رَأس المَال أَلا ترى أَن الْمُسلم إِن كَانَ هُوَ الطَّالِب فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يَأْخُذهَا فان كَانَ الْمَطْلُوب فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُعْطي الْخمر
وَإِن كَانَا أسلما جَمِيعًا فَكَذَلِك أَيْضا
131 - وان كَانَ قبض بعض الْخمر قبل أَن يسلما ثمَّ أسلما فَمَا قبض فَهُوَ لَهُ وَمَا بَقِي فِيهِ رَأس المَال بِحِصَّتِهِ(5/46)
132 - وَإِذا أسلم نَصْرَانِيّ ثوبا فِي خمر ثمَّ أسلما فالسلم فَاسد
فان اخْتلفَا فِي رَأس المَال فان القَوْل قَول الْمُسلم إِلَيْهِ فان قَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ هُوَ زطي وَقَالَ الآخر بل هُوَ هروي فَهُوَ زطي كَمَا قَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ وعَلى الْمَطْلُوب يَمِين بِاللَّه انه زطي كَمَا قَالَ
133 - وان كَانَ الثَّوْب قد هلك فَاخْتَلَفُوا فِي الْقيمَة فَالْقَوْل قَول الْمُسلم إِلَيْهِ مَعَ يَمِينه وان قَامَت لرب السّلم بَيِّنَة على مَا يَدعِي أخذت بِبَيِّنَتِهِ
134 - وان بَاعه ثوبا بِخَمْر إِلَى أجل وهما نصرانيان فَهُوَ جَائِز فان أسلما أَو أسلم أَحدهمَا فَالْبيع فَاسد وَيرد عَلَيْهِ رَأس مَاله وَإِن كَانَ قد هلك فَعَلَيهِ قِيمَته
135 - وَإِذا أسلم النَّصْرَانِي إِلَى النَّصْرَانِي فِي خِنْزِير إِلَى أجل فانه لَا يجوز لِأَنَّهُ حَيَوَان(5/47)
136 - وَإِذا أسلم إِلَيْهِ فِي عصير فِي غير حِينه فانه لَا يجوز
وَالنَّصْرَانِيّ وَالْمُسلم فِي جَمِيع السّلم سَوَاء مَا خلا الْخمر فَإِنِّي أجيزها بَين أهل الْكفَّار وَلَا أجيزها بَين أهل الْإِسْلَام
137 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل فِي طَعَام جيد من طَعَام الْعرَاق وَالشَّام فَهُوَ جَائِز لِأَنَّهُمَا لَا ينقطعان من أَيدي النَّاس
وَلَو أسلم إِلَيْهِ فِي طَعَام قَرْيَة أَو أَرض خَاصَّة أَو قراح كَانَ السّلم فَاسِدا لِأَنَّهُ يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس
138 - وَكَذَلِكَ إِذا أسلم إِلَيْهِ فِي تمر نحل مَعْلُوم فالسلم فَاسد لِأَنَّهُ يَنْقَطِع من أَيدي النَّاس
139 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي الصُّوف صنفا مَعْلُوما ووزنا مَعْلُوما إِلَى أجل مَعْلُوم إِذا اشْترط مِنْهُ ضربا مَعْلُوما وان اشْترط كَذَا وَكَذَا جزة بِغَيْر وزن فَلَا خير فِي السّلم فِي ذَلِك
140 - وَإِذا أسلمت فِي صوف غنم لرجل بِعَينهَا فَلَا خير فِيهِ وَكَذَلِكَ إِذا أسلمت فِي أَلْبَانهَا أَو فِي سمن من أسمانها لِأَن هَذَا لَا يبقي فِي أَيدي النَّاس(5/48)
وَكَذَلِكَ إِن أسلم فِي سمن الأَرْض لَا يبقي مِنْهَا فِي أَيدي النَّاس
وَكَذَلِكَ الزَّبِيب وَمَا أشبه ذَلِك
141 - وَكَذَلِكَ إِذا أسلمت فِي سمن حَدِيث أَو حَدِيث زَيْت فِي غير حِينه فَلَا خير فِيهِ
142 - وَلَا خير فِي السّلم فِي المسوح وَلَا فِي الجوالق إِلَّا أَن يشْتَرط من ذَلِك ضربا مَعْلُوما وطولا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما
143 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الْحِنْطَة الحديثة من قبل أَنَّك لَا تَدْرِي أَن يكون ذَلِك فِي تِلْكَ السّنة أم لَا فَهِيَ مُنْقَطِعَة من أَيدي النَّاس يَوْم أسلمت فِيهَا
وَكَذَلِكَ الْأَشْيَاء كلهَا(5/49)
144 - وَإِذا أسلم الرجل فِي حِنْطَة هراة خَاصَّة وَهِي تَنْقَطِع من أَيدي النَّاس فَلَا خير فِيهِ
145 - وَإِذا أسلمت فِي ثوب هروي فَلَا بَأْس بِهِ لِأَن الثَّوْب الْهَرَوِيّ من الثِّيَاب بِمَنْزِلَة الْحِنْطَة من الْحُبُوب أَلا ترى أَنَّك لَو أسلمت فِي حِنْطَة جَيِّدَة علمت مَا أسلمت فِيهِ وَلَو أسلمت فِي ثوب جيد وَلم تنسبه إِلَى أَرض لم يعلم مَا أسلمت فِيهِ وَالثَّوْب الْهَرَوِيّ لَا يصنع بِغَيْر تِلْكَ الْبِلَاد وَهُوَ اسْمه لَا يَسْتَطِيع أَن يُسَمِّيه بِغَيْرِهِ
146 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي البواري طولا مَعْلُوما وعرضا مَعْلُوما وَصِنْفًا مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما
وَكَذَلِكَ الْحَصِير(5/50)
147 - وَلَا خير فِي السّلم فِي الطّلع
148 - وَلَا بَأْس بالسلم فِي نصول السيوف إِذا كَانَ النصل مَعْلُوم طوله وَعرضه وَصفته
149 - وَإِذا كَانَ السّلم بَين رجلَيْنِ فاقتسماه وَهُوَ دين فَلَا يجوز وَلَا خير فِيهِ
وَكَذَلِكَ كل دين لَا يجوز قسمته حَتَّى يقبض
150 - وَإِذا اشْترط رب السّلم أَن يُوفيه إِيَّاه فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ السّلم خُذْهُ فِي غير ذَلِك الْمَكَان وَخذ مني الْكِرَاء إِلَى ذَلِك الْمَكَان فَأَخذه مِنْهُ كَانَ أَخذه جَائِزا وَلَا يجوز لَهُ الْكِرَاء يرد الْكِرَاء إِلَى الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ السّلم وَالَّذِي أَخذ الْمُسلم بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ تمّ أَخذه الْمُسلم وَلم يكن لَهُ غير ذَلِك وَإِن شَاءَ رده بِمَا اشْترط من الْأجر حَتَّى يُوفيه إِيَّاه بِالْمَكَانِ الَّذِي اشْترط لَهُ فِي أصل السّلم
فان كَانَ قبض قد هلك فِي يَدَيْهِ فَلَا شَيْء لَهُ(5/51)
151 - وَلَا خير فِي أَن يسلم الْعرُوض فِي تُرَاب الْمَعَادِن لِأَنَّهُ مَجْهُول لَا يعرف
152 - وَلَا بَأْس بِأَن يسلم الْحِنْطَة وكل مَا يُبَاع من الْحُبُوب فِي السّمن وَالزَّيْت وَالْعَسَل وَمَا أشبه ذَلِك مِمَّا يُوزن ويكال بالرطل
والكيل بالرطل عندنَا هُوَ الْوَزْن
153 - وَلَا بَأْس بِأَن يسلم مَا يُكَال فِيمَا يُوزن وَمَا يُوزن فِيمَا يُكَال وَلَا يسلم مَا يُكَال فِيمَا يُكَال وَلَا مَا يُوزن فِيمَا يُوزن وَإِن اخْتلف النوعان
وَتَفْسِير ذَلِك أَنَّك لَا تسلم الْحِنْطَة فِي الشّعير وَلَا الشّعير فِي السمسم وَلَا يسلم بِشَيْء من الْحُبُوب فِي غَيره مِمَّا يُكَال فانه لَا خير فِي ذَلِك لِأَنَّهُ كيل
فَكَذَلِك الْوَزْن إِذا أسلمت بعضه فِي بعض
وَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِي ذَلِك يدا بيد وَاحِدًا بِوَاحِد واثنين بِوَاحِد
وَإِن كَانَ نوعا وَاحِدًا فَلَا خير فِيهِ إِلَّا مثلا بِمثل وَلَا خير فِي وَاحِد بِاثْنَيْنِ
وَإِن كَانَ نوعا وَاحِدًا مِمَّا يُوزن سمن أَو عسل فَلَا بَأْس بذلك وَاحِدًا بِوَاحِد لَا فضل فِيهِ وَلَا يجوز نَسِيئَة(5/52)
154 - وَلَا بَأْس بالبنفسج بالخيرى رطلين برطل يدا بيد وَكَذَلِكَ البنفسج بالزنبق والورد لِأَن هذَيْن مُخْتَلِفَانِ فَلَا بَأْس بِهِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
155 - وَكَذَلِكَ ألبان الْبَقر بألبان الْغنم وَكَذَلِكَ ألبان الْإِبِل وَكَذَلِكَ لحم الْبَقر بِلَحْم الْغنم اثْنَيْنِ بِوَاحِد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة أَلا ترى أَنه مُخْتَلف وَأَن هَذَا غير هَذَا
156 - وَلَا خير فِي الْحِنْطَة بالدقيق لِأَنَّهُ من شَيْء وَاحِد وَلَا يعلم أَيهمَا أَكثر وَكَذَلِكَ السويق بالدقيق فَلَا خير فِيهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد السويق بالدقيق لَا بَأْس بِهِ يدا بيد وَإِن كَانَ أَحدهمَا أَكثر من صَاحبه فَلَا بَأْس بِهِ من قبل أَنه قد اخْتلف وَلَا يعود وَاحِد مِنْهُمَا أَن يكون مثل صَاحبه
157 - وَلَا خير فِي الزَّيْت بالزيتون لِأَنَّهُ لَا يدْرِي لَعَلَّ مَا فِي الزَّيْتُون أَكثر مِمَّا أَخذ من الزَّيْت فَإِن كَانَ مَا فِي الزَّيْتُون من الزَّيْت يعلم ذَلِك فَلَا بَأْس بِهِ وَيكون الْفضل الَّذِي فِي الزَّيْت بِمَا بَقِي من ثفل الزَّيْتُون(5/53)
158 - وَكَذَلِكَ دهن السمسم بالسمسم وَكَذَلِكَ الْعصير بالعنب وَكَذَلِكَ اللَّبن بالسمن وَكَذَلِكَ الرطب بالدبس وَلَا خير فِي شَيْء من هَذَا حَتَّى تعلم أَنْت مَا فِي السمسم من الدّهن وَمَا فِي الْعِنَب من الْعصير وَمَا فِي اللَّبن من السّمن وَمَا فِي الرطب من الدبس أقل مِمَّا يُعْطي حَتَّى يكون مَا يفضل من اللَّبن بعد مَا يخرج من السّمن مِنْهُ وثفل السمسم وثفل الْعِنَب وثفل الرطب بعد مَا يخرج من الدبس بِالْفَضْلِ الَّذِي كَانَ فِيمَا أعطَاهُ الآخر
وَلَا خير فِي شَيْء من هَذَا نَسِيئَة
159 - وَلَا بَأْس بخل الْخمر بخل السكر اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
160 - وَإِذا اشْترى الرجل شَاة حَيَّة بصوف وعَلى ظهرهَا من الصُّوف أَكثر مِمَّا يُعْطي كَانَ هَذَا فَاسِدا لَا يجوز حَتَّى يكون(5/54)
مَا على ظهرهَا من الصُّوف أقل مِنْهُ
161 - فَإِذا اشْتَرَاهَا بِلَحْم أقل من لَحمهَا فَهُوَ فِي الْقيَاس يَنْبَغِي أَن يكون فَاسِدا وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس ونجيزه فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد إِن هَذَا فَاسد الشَّاة بِاللَّحْمِ إِلَّا أَن يكون اللَّحْم أَكثر من لحم الشَّاة فَيكون الْفضل بالصوف وَالْجَلد والسقط للأثر الَّذِي جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ
وَالْأول قَول أبي حنيفَة
162 - وَكَذَلِكَ لَو اشْتَرَاهَا بِلَبن وَفِي ضرْعهَا من اللَّبن فِيمَا يرى أَكثر مِنْهُ كَانَ هَذَا فَاسِدا
163 - وَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِي الْحَدِيد بِالنُّحَاسِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد والنحاس بالرصاص اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ
وَلَا خير فِي شَيْء من ذَلِك نَسِيئَة لِأَنَّهُ وزن كُله
164 - وَإِذا أسلم الرجل حِنْطَة فِي شعير وزيت إِلَى أجل مَعْلُوم فَلَا يجوز ذَلِك فِي الشّعير وَيجوز فِي الزَّيْت فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن(5/55)
وَيبْطل ذَلِك كُله فِي قَول أبي حنيفَة من قبل أَنه أسلم كَيْلا فِي كيل
165 - وَإِذا أسلم الرجل دَرَاهِم فِي فضَّة وَذهب كَانَ ذَلِك فَاسِدا
166 - وَإِذا أسلم الرجل شَيْئا من الْحَدِيد والصفر والنحاس والرصاص فِي شَيْء مِمَّا يُوزن من الأدهان من الزَّيْت وَالسمن وَالْعَسَل وَأَشْبَاه ذَلِك أَو شَيْء مِمَّا يُوزن فَلَا خير فِيهِ لِأَنَّهُ وزن كُله
167 - وَإِذا أسلم الْفُلُوس فِي شَيْء من ذَلِك فَلَا بَأْس بِهِ لِأَن الْفُلُوس قد خرجت من الْوَزْن إِلَّا الصفر وَحده فَإِنِّي لَا أُجِيز أَن يسلم الرجل فِيهِ الْفُلُوس
168 - وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ سَيْفا بِشَيْء مِمَّا يُوزن إِلَى أجل أَو أسلم السَّيْف فِي شَيْء مِمَّا يُوزن إِلَى أجل كَانَ ذَلِك جَائِزا لِأَن السَّيْف قد خرج من الْوَزْن إِلَّا الْحَدِيد فَإِنَّهُ نوع وَاحِد
وَكَذَلِكَ كل مَتَاع أَو إِنَاء مصوغ من حَدِيد أَو نُحَاس قد خرج من الْوَزْن وَلَا بَأْس بِأَن يسلم فِيمَا يُوزن من السّمن وَالزَّيْت وَالْعَسَل وَأَشْبَاه ذَلِك من الأدهان وَلَا بَأْس بِأَن يَبِيعهُ نَسِيئَة بِشَيْء من ذَلِك(5/56)
169 - وَلَا بَأْس بِأَن يَبِيع إِنَاء مصوغا من ذَلِك بِإِنَاء مصوغ يدا بيد فِيهِ أَكثر مِمَّا فِيهِ من الْوَزْن إِذا كَانَ ذَلِك الْإِنَاء لَا يُبَاع وزنا
170 - وَكَذَلِكَ الْفُلُوس لَا بَأْس بِأَن يسْتَبْدل فلسًا بفلسين أَو أَكثر يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة وَهَذَا قَول أبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجوز ذَلِك يدا بيد وَلَا نَسِيئَة لِأَن الْفُلُوس ثمن إِن ضَاعَ مِنْهَا شَيْء قبل الْقَبْض وَجب على صَاحبه مَكَانَهُ لِأَنَّهُ من نَوعه
وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن ضَاعَ الْفلس قبل أَن يَدْفَعهُ فَقبض الفلسين لم يجز أَن يدْفع أَحدهمَا قَضَاء مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْفُلُوس لَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِي فلسًا بفلسين أَو أَكثر يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
171 - وَكَذَلِكَ الْخَزّ لَا بَأْس بِأَن يسْتَبْدل شقة من خَز بشقة هِيَ أكبر مِنْهَا أَو أَكثر وزنا
172 - وَكَذَلِكَ الطيالسة والمسوح والأكسية والبتوت وأصناف الثِّيَاب كلهَا لِأَن هَذَا قد خرج من الْوَزْن فَلَا بَأْس بِأَن يسْتَبْدل هَذَا بِشَيْء هُوَ أَكثر وزنا مِنْهَا لِأَن هَذَا لَا يُوزن(5/57)
173 - وَكَذَلِكَ الصُّوف بالإبريسم لَا بَأْس بِهِ
174 - وَلَا خير فِي أَن يَبِيع شَيْئا من الدّهن بالزيت لِأَنَّهُ وزن يُوزن
وَلَا خير فِي أَن يسلم أَحدهمَا فِي صَاحبه لِأَن هَذَا وزن كُله
وَلَا بَأْس بِأَن يسلم هَذَا فِيمَا يُكَال أَو أَن يسلم مَا يُكَال فِي هَذَا إِذا اشْترطت ذَلِك على مَا وصفت لَك
175 - وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بِالتَّمْرِ بالرطب مثلا بِمثل وَإِن كَانَ الرطب ينقص إِذا جف
وَكَذَلِكَ الْحِنْطَة الرّطبَة بِالْحِنْطَةِ الْيَابِسَة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا خير فِي الرطب بِالتَّمْرِ مثلا بِمثل يدا بيد لِأَن الرطب ينقص إِذا جف قَالَ بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك
وَكَذَلِكَ الْحِنْطَة المبلولة بِالْحِنْطَةِ الْيَابِسَة فِي قَول مُحَمَّد(5/58)
وَأَجَازَ ذَلِك أَبُو يُوسُف كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة
176 - وَلَا خير فِي الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ الَّتِي قد قليت وطحنت وَالْحِنْطَة بالسويق لَا خير فِيهِ مثلا بِمثل وَلَا اثْنَيْنِ بِوَاحِد
وَلَو كَانَ مَعَ ذَلِك ذهب أَو فضَّة فَلَا خير فِيهِ بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن الشّعبِيّ إِلَّا فِي الْخصْلَة الْوَاحِدَة إِلَّا أَن يكون السويق بِالْحِنْطَةِ مثلا بِمثل وَالْحِنْطَة أَكثر وَمَعَ السويق دَرَاهِم أَو ذهب فَتكون الدَّرَاهِم وَالذَّهَب بِفضل الْحِنْطَة
177 - وَإِذا كَانَ نوعا وَاحِدًا مِمَّا لَا يُكَال أَو يُوزن فَلَا بَأْس بِهِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد أَو أَكثر من ذَلِك أَو أقل يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
وَإِن صرف إِلَى ذَلِك شَيْئا من غير ذَلِك الصِّنْف فَأسلم قوهية فِي قوهية وهروية نَسِيئَة فَلَا خير فِيهِ كُله فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة(5/59)
وَلَا خير فِيهِ فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فِي القوهية خَاصَّة
وَهُوَ جَائِز فِي الهروية إِن كَانَت القوهية مُعجلَة والهروية نَسِيئَة فَلَا بَأْس بِهِ
178 - وَكَذَلِكَ لَو أسلم ثوبا قوهيا فِي ثوب هروي فَعجل فضل دَرَاهِم أَو تعجل شَيْئا من الْمَتَاع سوى مَا أسلم أَو سوى مَا أعْطى هُوَ إِن تعجله أَيْضا من صَاحبه فَهَذَا جَائِز لَا بَأْس بِهِ
179 - وَكَذَلِكَ لَو أعطَاهُ ثوبا فِي حِنْطَة وشعير فَجعل نصفه عَاجلا وَنصفه إِلَى أجل فَذَلِك جَائِز
180 - وَلَو أعطَاهُ ثوبا قوهيا فِي ثوب قوهي نَسِيئَة فَهُوَ مَرْدُود سلما كَانَ أَو بيعا مقايضة أَو قرضا فَلَا خير فِي شَيْء من ذَلِك لِأَنَّهُ نوع وَاحِد فَلَا خير فِيهِ
وَإِن زَاد فِيهِ درهما مَعَ الثَّوْب الَّذِي عجل أَو زَاد الآخر مَعَ الثَّوْب الآخر درهما عَاجلا أَو آجلا كَانَ ذَلِك كُله فَاسِدا لَا يجوز لِأَنَّهُ نوع وَاحِد فَلَا يجوز أَن يزِيد فِيهِ شَيْئا(5/60)
وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الزِّيَادَة دَنَانِير أَو ثوبا يَهُودِيّا أَو حِنْطَة أَو شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن
181 - وَإِذا كَانَ الثوبان من نَوْعَيْنِ مُخْتَلفين فَأعْطَاهُ ثوبا يَهُودِيّا فِي ثوب زطي أَو أعطَاهُ ثوبا مرويا فِي ثوب هروي وَزِيَادَة دِرْهَم من عِنْده عَاجلا أَو زَاده الآخر درهما عَاجلا أَو آجلا فَذَلِك كُله جَائِز بعد أَن يكون الْأَجَل مَعْلُوما والرقعة والطول وَالْعرض من قبل أَن النَّوْعَيْنِ قد اخْتلفَا
182 - وَكَذَلِكَ إِذا أسلم طَعَاما فِي شَيْء مِمَّا يُوزن وَزَاد مَعَ ذَلِك درهما أَو دِينَارا أَو ثوبا عجله فَهُوَ جَائِز
وَإِن جعل الشَّيْء من ذَلِك مُؤَجّلا فَلَا خير فِيهِ
وَإِن كَانَت الزِّيَادَة من الَّذِي عَلَيْهِ السّلم أَو كَانَت دَرَاهِم أَو دَنَانِير أَو ثوبا أَو شَيْئا مِمَّا يُوزن فعجله وسمى وزن الَّذِي عجله كَانَ ذَلِك جَائِزا(5/61)
وَإِذا جعل ذَلِك كُله إِلَى أجل فَهُوَ جَائِز إِذا علم ذَلِك
183 - وَلَو أسلم رجل طَعَاما فِي شَيْء مِمَّا يُوزن أَو ثِيَاب مَعْلُومَة من أَصْنَاف مَعْلُومَة مُخْتَلفَة وَفِي أَشْيَاء مَعْلُومَة من صنوف الْوَزْن وَاشْترط كل ضرب من ذَلِك على حَاله مَعْلُوما وَزنه وذرعه وَصفته وَجعل لَهَا أَََجَلًا وَاحِدًا أَو آجالا مُخْتَلفَة وسمى لكل صنف من ذَلِك رَأس مَال من الطَّعَام فان ذَلِك جَائِز
وان كَانَ لم يسم رَأس مَال كل صنف فَهُوَ فَاسد فِي قَول أبي حنيفَة
184 - وَإِذا أسلم الرجل شَيْئا مِمَّا يُكَال فِي شَيْء مِمَّا يُوزن أَو يذرع ذرعا على هَذِه الصّفة فَهُوَ جَائِز
وَإِن أَدخل فِي ذَلِك شَيْئا من الْكَيْل فَأسلم فِيهِ مَعَ الْوَزْن والذرع فسد السّلم كُله فِي قَول أبي حنيفَة
وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فانه يفْسد فِي نوع رَأس المَال وَيجوز فِيمَا بَقِي لِأَن رَأس المَال مِمَّا يُكَال(5/62)
185 - وَلَا بَأْس أَن يَشْتَرِي الرجل الشَّاة الْحَيَّة بِالشَّاة المذبوحة يدا بيد من قبل أَن الشَّاة الْحَيَّة لَا توزن وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
186 - وَلَو كَانَتَا شَاتين مذبوحتين قد سلختهما اشتراهما رجل بِشَاة مذبوحة لم تسلخ كَانَ ذَلِك جَائِزا يكون لحم الشَّاة الْوَاحِدَة بِلَحْم إِحْدَى الشاتين وجلدها بِلَحْم الشَّاة الْأُخْرَى
وَلَو كَانَت الشَّاة لَيست مَعهَا جلد كَانَ ذَلِك فَاسِدا إِلَّا أَن يكون مثلا بِمثل لِأَن اللَّحْم هُوَ وزن كُله
187 - وَلَا بَأْس بكر حِنْطَة وكر شعير بِثَلَاثَة أكرار كرّ حِنْطَة وكر شعير يدا بيد فَتكون حِنْطَة هَذَا بشعير هَذَا وشعير هَذَا بحنطة هَذَا وَكَذَلِكَ كرّ حِنْطَة وكر شعير بِنصْف كرّ حِنْطَة وَنصف كرّ شعير فَتكون الْحِنْطَة بِالشَّعِيرِ وَالشعِير بِالْحِنْطَةِ
وَلَا خير فِي شَيْء من هَذَا نَسِيئَة
188 - وَإِن اشْترى الرجل قفيز حِنْطَة بِنصْف قفيز حِنْطَة هُوَ أَجود مِنْهُ أَو قفيز شعير بِنصْف قفيز شعير هُوَ أَجود مِنْهُ فَلَا خير فِيهِ(5/63)
وَلَو أَعْطَيْت قَفِيزا من حِنْطَة وقفيزا من شعير بقفيزين من تمر لم يكن بذلك بَأْس يدا بيد
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَعَ التَّمْر قفيز من حِنْطَة فَلَا بَأْس
189 - وَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِي الكفري بِمَا شِئْت من التَّمْر يَد بيد لِأَن الكفري لَيْسَ بِتَمْر وَلَا يُكَال
وَلَا خير فِيهِ إِذا كَانَ الكفري بنسيئة من قبل أَن هَذَا شَيْء مَجْهُول لَا يعرف وَفِيه الصَّغِير وَالْكَبِير
190 - وَلَا خير فِي التَّمْر بالبسر اثْنَيْنِ بِوَاحِد وَإِن كَانَ الْبُسْر لم يحمر وَلم يصفر من قبل أَن أَصله وَاحِد
وَكَذَلِكَ القسب بِالتَّمْرِ لَا خير فِيهِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة وَكَذَلِكَ كل صنف من صنوف التَّمْر والقسب والبسر فَهَذَا كُله وَاحِد وَلَا خير فِي بعضه بِبَعْض إِلَّا يدا بيد مثلا بِمثل
191 - وَلَا خير فِي أَن يبْتَاع حِنْطَة مجازفة بحنطة مجازفة(5/64)
وَكَذَلِكَ كل شَيْء يُكَال أَو يُوزن
192 - فَكَذَلِك التَّمْر فِي رُؤُوس النّخل لَا خير فِيهِ أَن يبتاعه بِالتَّمْرِ كَيْلا أَو مجازفة بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
193 - وَكَذَلِكَ الزَّرْع إِذا كَانَ قد أدْرك وَبلغ وَهُوَ حِنْطَة فَلَا خير فِي ذَلِك أَن يبتاعه بحنطة كَيْلا أَو مجازفة لِأَنَّك لَا تَدْرِي أَي ذَلِك أَكثر
194 - وَلَا بَأْس بِأَن يبتاعه وَهُوَ قصيل من قبل أَن يكون حِنْطَة بكيل أَو بِغَيْر كيل بعد أَن يكون طَعَاما بِعَيْنِه
فَإِذا اشْترط عَلَيْهِ أَن يتْرك القصيل فِي أرضه حَتَّى يدْرك فَلَا خير فِي البيع(5/65)
195 - وَلَا بَأْس أَن يبْتَاع زرع الْحِنْطَة بعد مَا أدْرك بِدَرَاهِم أَو بِشَيْء مِمَّا يُكَال غير الْحِنْطَة أَو بِشَيْء مِمَّا يُوزن مجازفة أَو غير مجازفة من قبل أَنَّهُمَا نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ
196 - وَإِذا كَانَ الشَّيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن بَين رجلَيْنِ فاقتسما مجازفة أَخذ أَحدهمَا أحد النَّوْعَيْنِ وَأخذ الآخر النَّوْع الآخر أَو أَخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف نوع واصطلحا على ذَلِك مجازفة بِغَيْر كيل كَانَ ذَلِك جَائِزا لِأَن كل نوع مِنْهُمَا يصير بِنَوْع الآخر
197 - وَلَا خير فِي شِرَاء ألبان الْغنم فِي ضروعها كَيْلا وَلَا مجازفة بِدَرَاهِم وَلَا غير ذَلِك وَكَذَلِكَ أَوْلَادهَا فِي بطونها
وبلغنا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن شِرَاء حَبل الحبلى وَنهى عَن بيع الْغرَر وَهَذَا عندنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شِرَاء اللَّبن فِي الضروع وَشِرَاء حَبل الحبلة(5/66)
198 - وَكَذَلِكَ شِرَاء أصوافها على ظُهُورهَا لِأَن هَذَا غرر لَا يعرف
199 - وَكَذَلِكَ كل شَيْء اشْتريت من الثِّمَار مِمَّا يُكَال وَهُوَ فِي الشّجر بِنصْف غَيره فَلَا بَأْس بِهِ يدا بيد إِذا كَانَ قد أدْرك
فَإِن اشْترطت عَلَيْهِ أَن يتْركهُ فِي الشّجر حَتَّى يدْرك فَلَا خير فِيهِ
وَإِن كَانَ لم يدْرك فَهُوَ سَوَاء
وَإِن لم يشْتَرط عَلَيْهِ تَركه فَهُوَ جَائِز
فَإِذا اشْتريت لتقطعه مَكَانك فَلَا بَأْس بِهِ
وَإِن أذن لَك بعد الشِّرَاء أَن تتركه فتركته حَتَّى يبلغ فَهُوَ جَائِز
200 - وَإِذا اشْترى الرجل طَعَاما بِطَعَام مثله فعجله كُله وَترك الَّذِي اشْترى وَلم يقبضهُ فَهُوَ جَائِز لِأَنَّهُ حَاضر وَلَيْسَ لَهُ أجل
وَإِن قَبضه بعد ذَلِك بِيَوْم أَو أَكثر فَلَا بَأْس بِهِ
وَلَيْسَ هَذَا كالصرف وَلَا كالسلم
201 - وَكَذَلِكَ لَو أَن رجلا اشْترى عبدا بعبدين أَو شَاة بشاتين يدا بيد فَقبض أَحدهمَا وَلم يقبض الآخر إِلَّا بعد ذَلِك بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ فَهُوَ جَائِز أَلا ترى أَن الرجل يَشْتَرِي الْجَارِيَة أَو الشَّاة أَو الطَّعَام أَو الشَّيْء من الْعرُوض وينقد الدَّرَاهِم وَلَا يقبض ذَلِك يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ فَيكون ذَلِك جَائِزا فَلَا بَأْس بِهِ وَلَيْسَ هَذَا بنسيئة(5/67)
وَلَو جعل فِيهِ أجل يَوْم أَو أَكثر من ذَلِك كَانَ هَذَا فَاسِدا من قبل أَنه اشْترى شَيْئا بِعَيْنِه فَلَا يجوز فِيهِ الْأَجَل
202 - وَإِذا اشْترى الرجل طَعَاما بِطَعَام أَو بِغَيْرِهِ مِمَّا يُكَال أَو يُوزن وَاشْترط عَلَيْهِ أَن يُوفيه إِيَّاه فِي منزله وهما فِي الْمصر الَّذِي فِيهِ الْمنزل فَذَلِك جَائِز مَا خلا الطَّعَام فَإِنَّهُ قد أَخذ طَعَاما بِطَعَام وَفضل فَلَا خير فِيهِ
203 - وَإِذا اشْترى طَعَاما بِدَرَاهِم أَو بعروض بِعَينهَا على أَن يحملهَا إِلَى منزله فَلَا خير فِيهِ وَكَذَلِكَ لَو اشْترط عَلَيْهِ أَن يُوفيه إِيَّاه فِي منزله كَانَ فَاسِدا
غير أَنِّي أستحسن فِي هَذَا خصْلَة وَاحِدَة إِذا كَانَ فِي مصر وَاحِدَة وَاشْترط عَلَيْهِ أَن يُوفيه إِيَّاه فِي منزله فَلَا بَأْس بِهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد هَذَا كُله فَاسد
204 - وَإِذا اشْترى الرجل شعرًا بصوف(5/68)
مُتَفَاضلا فَلَا بَأْس بِهِ يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
205 - وَلَا بَأْس بالقطن والكتان وَالْحَدِيد والنحاس وَمَا أشبه ذَلِك أَن يَشْتَرِيهِ وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ بعضه بِبَعْض إِذا اخْتلف النوعان يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
وَلَا خير فِي أَن يسلم فِي شَيْء من هَذَا فِي شَيْء مِمَّا يُكَال بالأرطال لِأَنَّهُ وزن كُله
206 - وَإِذا اسْلَمْ الرجل ثوبا أَو جَارِيَة أَو شَيْئا من الْعرُوض أَو الْحَيَوَان فِي نَوْعَيْنِ من الْكَيْل وَالْوَزْن مُخْتَلفين فَلَا بَأْس بذلك وَإِن لم يبين رَأس مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا من قبل أَن رَأس مَاله لَا ينقص وَلَيْسَ هَذَا كالطعام فِي قَول أبي حنيفَة الَّذِي ينقص ويوزن ويكال
207 - وَإِذا أسلم الرجل إِلَى الرجل فِي حِنْطَة وسطا فَأعْطَاهُ الآخر طَعَاما جيدا أَو أسلم فِي تمرد قل فَأعْطَاهُ الآخر فارسيا فَلَا بَأْس بذلك(5/69)
وَكَذَلِكَ لَو أعطَاهُ دون شَرطه فَأَخذه كَانَ ذَلِك جَائِزا
208 - وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اشْترى الرجل عَبْدَيْنِ وقبضهما فَمَاتَ أَحدهمَا فِي يَدَيْهِ ثمَّ اخْتلفَا فِي الثّمن فان القَوْل فِي ذَلِك قَول المُشْتَرِي إِلَّا أَن يَشَاء البَائِع أَن يَأْخُذ الْحَيّ وَلَا يَأْخُذ من ثمن الْمَيِّت شَيْئا
وفيهَا قَول آخر قَول أبي يُوسُف أَن القَوْل قَول المُشْتَرِي فِي حِصَّة الْمَيِّت ويتحالفان ويترادان فِي الْحَيّ مِنْهُمَا وَهَذَا قَول أبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد يَتَحَالَفَانِ ويترادان فِي الْحَيّ وَفِي حِصَّة الْهَالِك وَالْقَوْل فِي قيمَة الْهَالِك قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه(5/70)
- 1 بَاب الْوكَالَة فِي السّلم
-
1 - وَإِذا وكل الرجل رجلا أَن يسلم لَهُ عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة فأسلمها إِلَى رجل وَاشْترط ضربا من الْحِنْطَة مَعْلُوما وأجلا مَعْلُوما فِي كيل مُسَمّى وَالْمَكَان الَّذِي يُوفيه فِيهِ فَهُوَ جَائِز
وللوكيل أَن يقبض الطَّعَام إِذا حل الْأَجَل
2 - وَإِن كَانَ الْوَكِيل نقد الدَّرَاهِم من عِنْده وَلم يدْفع الَّذِي وكل شَيْئا فَهُوَ جَائِز وَالطَّعَام للَّذي وَكله وَالدَّرَاهِم للْوَكِيل دين على الْمُوكل
فَإِذا قبض الْوَكِيل الطَّعَام فَلهُ أَن يحْبسهُ عِنْده حَتَّى يَسْتَوْفِي الدَّرَاهِم من الْمُوكل وَهَذَا بِمَنْزِلَة الرجل أَمر رجلا أَن يَشْتَرِي لَهُ خَادِمًا بِعَينهَا فاشتراها وَلم يدْفع إِلَيْهِ الثّمن وَنقد الْوَكِيل الثّمن من عِنْده وَقبض الْخَادِم فللوكيل أَن يحبسها حَتَّى يَسْتَوْفِي المَال من الْمُوكل فان هَلَكت الْجَارِيَة عِنْد الْوَكِيل بعد مَا حَبسهَا وأبى أَن يَدْفَعهَا إِلَى الْمُوكل حَتَّى طلبَهَا فَهِيَ من مَال الْوَكِيل وَالثمن دين على الْمُوكل فَكَذَلِك السّلم فِي الطَّعَام
3 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِأَن يسلم لَهُ فِي حِنْطَة وَدفع إِلَيْهِ دَرَاهِم فأسلمها وَأخذ بهَا رهنا فَهُوَ جَائِز
5 - وَكَذَلِكَ لَو أَخذ بهَا كَفِيلا فَهُوَ جَائِز على الْمُوكل(5/71)
4 - وَإِن حل الْأَجَل فَأخر الْوَكِيل السّلم فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِ خَاصَّة وَهُوَ ضَامِن للطعام للْمُوكل
6 - وَكَذَلِكَ لَو أَبْرَأ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام أَو وهبه لَهُ كَانَ جَائِزا عَلَيْهِ وَكَانَ الْوَكِيل ضَامِنا للطعام للْمُوكل
وَلَو لم يفعل الْوَكِيل شَيْئا من ذَلِك وَلَكِن احتال بِهِ على رجل وَأَبْرَأ الأول فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِ خَاصَّة
وان كَانَ الْمُحْتَال عَلَيْهِ مليئا أَو غير مَلِيء فالوكيل ضَامِن للطعام للْمُوكل لِأَنَّهُ أَبرَأَهُ من طَعَامه بِغَيْر قبض
7 - فان اقْتضى الْوَكِيل طَعَاما دون شَرطه وَكَانَ شَرطه جيدا فَاقْتضى مِنْهُ وسطا أَو رديئا فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِ وللموكل أَن يضمنهُ طَعَاما مثل طَعَامه وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد
وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يجوز شَيْء من هَذَا إِلَّا فِي الْكَفِيل وَالرَّهْن
8 - وَإِذا وكل الرجل رجلا بِأَن يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام ثمَّ إِن الْوَكِيل تَارِك السّلم وَقبض رَأس المَال فَهُوَ جَائِز وَهُوَ ضَامِن للطعام مثله لرب السّلم لِأَن الطَّعَام قد وَجب للْآمِر وَهَذَا قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد(5/72)
وَأما فِي قَول أبي يُوسُف فَلَا يجوز إِبْرَاء الْوَكِيل وَلَا هِبته وَلَا متاركته وَلَا تَأْخِيره وللموكل أَن يرجع بطعامه اسْتحْسنَ ذَلِك وادع الْقيَاس فِيهِ
9 - وَإِذا وكل الرجل رجلا فَأسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَامه ثمَّ فَارق الْوَكِيل الْمُسلم إِلَيْهِ وَأسلم وَأمر الْوَكِيل الْمُوكل أَن يدْفع إِلَيْهِ الدَّرَاهِم فان السّلم قد فسد وانتقض من قبل أَن الْوَكِيل هُوَ الَّذِي ولى الصَّفْقَة وفارقه قبل أَن ينقده
وَإِن نقد الْمُوكل الدَّرَاهِم رَجَعَ بهَا على الَّذِي أَخذهَا مِنْهُ
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ السّلم وكل وَكيلا أَيْضا فَهُوَ سَوَاء
10 - وَإِذا وكل رجل رجلا أَن يسلم لَهُ عشرَة دَرَاهِم فِي حِنْطَة فأسلمها فِي قفيز حِنْطَة فَهَذَا جَائِز على الْوَكِيل وَلَا يجوز على رب السّلم وَالْوَكِيل ضَامِن للدراهم للْمُوكل
وَلَو أسلمها فِي أَكثر من ذَلِك من الْحِنْطَة أَو كَانَ حط عَنهُ شَيْئا يتَغَابَن النَّاس فِيهِ كَانَ ذَلِك جَائِزا على الْمُوكل
11 - وَإِذا وكل رجل رجلا أَن يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام فالطعام عندنَا الْحِنْطَة يستحسن ذَلِك فان أسلم فِي شعير أَو فِي تمر أَو فِي سمسم فَهُوَ جَائِز على الْوَكِيل وَلَا يجوز على الْمُوكل(5/73)
وَإِن رَجَعَ الْآمِر على الَّذِي أسلم إِلَيْهِ بدراهمه كَانَ لَهُ ذَلِك فان كَانَ الَّذِي أسلم إِلَيْهِ قد فَارق صَاحب السّلم انْتقض السّلم وَإِن كَانَ لم يُفَارِقهُ حَتَّى أعطَاهُ دَرَاهِم مثلهَا كَانَ ذَلِك جَائِزا مُسْتَقِيمًا
وَالْوَكِيل ضَامِن للدراهم إِن شَاءَ أَخذه وَلم يتبع بهَا الْمُسلم إِلَيْهِ
12 - وَإِن أسلم الدَّرَاهِم فِي دَقِيق حِنْطَة فَهُوَ جَائِز
13 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِأَن يَأْخُذ لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام مُسَمّى إِلَى أجل فَأخذ الْوَكِيل الدَّرَاهِم ثمَّ دَفعهَا إِلَى الَّذِي وَكله فان الطَّعَام على الْوَكِيل
وَإِنَّمَا للْوَكِيل على الَّذِي وَكله دَرَاهِم قرض لِأَن الْوَكِيل حَيْثُ أسلم إِلَيْهِ فِي طَعَام صَار عَلَيْهِ وَحَيْثُ دفع الدَّرَاهِم إِلَى الَّذِي وَكله لم يُسَلِّمهَا إِلَيْهِ فِي طَعَام فَصَارَت قرضا عَلَيْهِ
وَقد كَانَ للْوَكِيل أَن يمْنَعهَا إِيَّاه أَلا ترى أَن رب السّلم لَيْسَ لَهُ على الْمُوكل شَيْء
14 - وَإِذا وكل رجل رجلا وَدفع إِلَيْهِ عشرَة دَرَاهِم يُسَلِّمهَا فِي ثوب وَلم يسم جنسه فأسلمها الْوَكِيل فِي ثوب وسمى طوله وَعرضه ورقعته وجنسه وأجله فَهُوَ جَائِز على الْوَكِيل وَالْوَكِيل ضَامِن للدراهم للْآمِر(5/74)
وَلَا يجوز هَذَا على الْآمِر من قبل انه لم يسم جنس الثَّوْب
ولرب الدَّرَاهِم أَن يضمن مَاله الْمُسلم إِلَيْهِ فان ضمن الدَّرَاهِم الْمُسلم إِلَيْهِ انْتقض السّلم وَإِن ضمنهَا الْوَكِيل بَقِي السّلم وَكَانَ للْوَكِيل على الْمُسلم إِلَيْهِ ثوب
15 - وَإِذا أمره أَن يسلم الدَّرَاهِم فِي الثَّوْب الْيَهُودِيّ فَأسلم فِي ثوب يَهُودِيّ وَاشْترط طوله وَعرضه ورقعته وأجله فَهُوَ جَائِز
وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ أسلمها فِي ثوب قوهي أَو مَرْوِيّ إِذا سمى لَهُ جِنْسا من الثِّيَاب كَانَ ذَلِك على الْآمِر
فان خَالف الْوَكِيل فَأسلم فِي غير ذَلِك فلرب الدَّرَاهِم أَن يضمن الْوَكِيل الدَّرَاهِم فان ضمنهَا إِيَّاه جَازَ السّلم للْوَكِيل وَإِن ضمنهَا الْمُسلم إِلَيْهِ بَطل السّلم
16 - وَإِذا وكل رجل رجلا أَن يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي حِنْطَة وَدفعهَا إِلَيْهِ فأسلمها إِلَيْهِ وَلم يشْهد على الْمُسلم إِلَيْهِ بِقَبض المَال وَلَا بِالِاسْتِيفَاءِ ثمَّ جَاءَ الْمُسلم إِلَيْهِ بدرهم يردهُ إِلَيْهِ وَقَالَ وجدته زائفا فَإِنَّهُ يصدق وَيَقْضِي على الْوَكِيل بِبَدَلِهِ وَيرجع بِهِ الْوَكِيل على الْمُوكل
وَكَذَلِكَ لَو وجد دِرْهَمَيْنِ(5/75)
فَإِن وجد النّصْف زُيُوفًا رد ذَلِك وَبَطل من السّلم بِحِسَاب ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة
وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فانه يسْتَبْدل
فان كَانَت كلهَا زُيُوفًا استبدلها
وَإِن كَانَ قد أشهد عَلَيْهِ أَنه استوفى رَأس المَال لم يصدق الْمُسلم إِلَيْهِ على الدَّرَاهِم الزُّيُوف وَلم تقبل مِنْهُ الْبَيِّنَة على ذَلِك وَلم يكن لَهُ يَمِين على الْوَكِيل
17 - وَإِذا وكل رجل رجلا أَن يسلم لَهُ عشرَة دَرَاهِم من الدّين الَّذِي عَلَيْهِ فِي الطَّعَام فأسلمها لَهُ فان هَذَا لَا يكون سلما للْآمِر فِي قَول أبي حنيفَة وَهُوَ من مَال الْوَكِيل الْمَأْمُور حَتَّى يقبض الطَّعَام ويدفعه إِلَى الْآمِر
وَهُوَ فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد جَائِز
وَكَذَلِكَ ألف دِرْهَم على رجل فَقَالَ اصرفها لي بِدَنَانِير أَو اشْتَرِ لي بهَا عدلا زطيا(5/76)
18 - وَإِذا وكل رجل رجلَيْنِ أَن يسلما لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام فَأسلم أَحدهمَا دون الآخر فانه لَا يجوز على الْآمِر لِأَنَّهُ لم يرض برأى هَذَا وَحده
وَإِن أسلما جَمِيعًا الدَّرَاهِم فِي طَعَام فَهُوَ جَائِز على الْآمِر
وَإِن تَارِك أَحدهمَا الْمُسلم إِلَيْهِ فانه لَا يجوز فِي قَول أبي حنيفَة وَلَا فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَالطَّعَام على حَاله دين
19 - وَإِذا وكل رجل رجلا أَن يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام فأسلمها لَهُ ثمَّ إِن الْآمِر اقْتضى الطَّعَام وَقَبضه فَهُوَ جَائِز
وَكَذَلِكَ لَو تَارِك السّلم وَقبض رَأس المَال فَهُوَ جَائِز
وَالَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام بَرِيء
وَلَو لم يفعل ذَلِك وَأَرَادَ قبض الطَّعَام وأبى الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام أَن يَدْفَعهُ إِلَيْهِ فَلهُ أَن يمْتَنع مِنْهُ وَلَا يُعْطِيهِ شَيْئا لِأَنَّهُ لم يسلم إِلَيْهِ فِي شَيْء
20 - وَإِذا وكل رجل رجلا فَدفع إِلَيْهِ دَرَاهِم يُسَلِّمهَا لَهُ فِي الْحِنْطَة فقاول الْوَكِيل رجلا وَبَايَعَهُ وَلم يكن لَهُ نِيَّة فِي دفع دَرَاهِمه وَلَا فِي دفع(5/77)
دَرَاهِم الْآمِر ثمَّ دفع إِلَيْهِ دَرَاهِم الْآمِر فَهُوَ جَائِز وَهِي للْآمِر وَإِن دفع إِلَيْهِ دَرَاهِم لنَفسِهِ فالطعام لَهُ ودراهم الْآمِر عِنْد الْوَكِيل حَتَّى يُسَلِّمهَا وَهُوَ قَول يَعْقُوب إِذا لم تكن النِّيَّة فِي ذَلِك لنَفسِهِ وَلَا للْآمِر
وفيهَا قَول آخر قَول مُحَمَّد انه لَازم للْوَكِيل إِلَّا أَن يكون نَوَاه للْآمِر عِنْد عقدَة الشِّرَاء فان نوى ذَلِك لم يَسعهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى أَن يَأْخُذهُ لنَفسِهِ
فان تكاذبا فِيمَا قَالَ الْوَكِيل من نِيَّته فَالَّذِي اشْترى للَّذي نقد مَاله أَيهمَا كَانَ
وَإِذا أسلم الرجل إِلَى رجل دَرَاهِم فِي طَعَام ثمَّ وكل رجلا أَن يدْفع إِلَيْهِ الدَّرَاهِم وَقَامَ هُوَ فَذهب فقد انْتقض السّلم وَبَطل
فَإِن دفع الْوَكِيل الدَّرَاهِم وَالرجل حَاضر فَهُوَ جَائِز وَإِذا وكل الْمُسلم إِلَيْهِ رجلا يقبض الدَّرَاهِم من رب السّلم وفارقه فَذهب فقد انْتقض السّلم وَبَطل
وان لم يذهب وَلم يُفَارِقهُ حَتَّى قبض الْوَكِيل الدَّرَاهِم فَهُوَ جَائِز فالدراهم للْمُسلمِ إِلَيْهِ وَالطَّعَام عَلَيْهِ لِأَنَّهُ ولى صَفْقَة البيع(5/78)
22 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِثَوْب يَبِيعهُ بِدَرَاهِم فأسلمه فِي طَعَام إِلَى أجل فانه لَا يجوز فان ضمن رب الثَّوْب الْوَكِيل جَازَ السّلم وَكَانَ لَهُ وان ضمن الْمُسلم إِلَيْهِ الثَّوْب بَطل السّلم وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
23 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِثَوْب يَبِيعهُ وَلم يسم لَهُ الثّمن فأسلمه فِي طَعَام إِلَى أجل فَهُوَ جَائِز على الْآمِر لِأَن هَذَا بيع أَرَأَيْت لَو بَاعه بِدَرَاهِم نَسِيئَة ألم تجزه أَرَأَيْت لَو بَاعه بِدَرَاهِم يدا بيد ألم تجزه وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَأما أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فانهما قَالَا لَا يجوز إِلَّا أَن يَبِيع ذَلِك بِدَرَاهِم أَو دَنَانِير
24 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِطَعَام يَبِيعهُ فَبَاعَهُ بِزَيْت أَو سمن فَهُوَ جَائِز وَإِن أسلمه فِي زَيْت فَهُوَ جَائِز على الْآمِر
وَقَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد لَا يجوز إِلَّا أَن يَبِيعهُ بِدَرَاهِم أَو دَنَانِير لِأَنَّهُمَا الثّمن الَّذِي تجْرِي عَلَيْهِ بياعات النَّاس
25 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِأَن يسلم لَهُ دَرَاهِم إِلَى رجل بِعَيْنِه فِي طَعَام فأسلمها إِلَى غَيره فانه لَا يجوز(5/79)
فَإِن فعل ذَلِك فالطعام لَهُ وَلَا يجوز على الْآمِر
26 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِدَرَاهِم أَن يُسَلِّمهَا فِي طَعَام فأسلمها وَأدْخل فِي السّلم شرطا يُفْسِدهُ فان السّلم بَاطِل
وَلَا يضمن الْوَكِيل من الْفساد الَّذِي دخل فِيهِ شَيْئا
27 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِدَرَاهِم أَن يُسَلِّمهَا لَهُ وَالْوَكِيل ذمِّي فَإِنِّي أكره لَهُ ذَلِك وأجيزه على الْآمِر
وَإِذا وكل الذِّمِّيّ الْمُسلم أَن يسلم دَرَاهِم فِي طَعَام فَهُوَ جَائِز
28 - وَكَذَلِكَ لَو وكل الْحر العَبْد بِدَرَاهِم فَهُوَ جَائِز
وَإِذا وكل العَبْد التَّاجِر الرجل الْحر بذلك فَهُوَ جَائِز
29 - وَإِذا وكل الرجل الْحر الْمكَاتب فَهُوَ جَائِز
وَإِذا وكل الْمكَاتب الْحر فَهُوَ جَائِز
30 - وَإِذا وكل الْمضَارب رجلا يسلم لَهُ فِي طَعَام فَهُوَ جَائِز وان كَانَت من دَرَاهِم الْمُضَاربَة فَهُوَ جَائِز
31 - وَإِذا وكل رجل رجلا يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام فَهُوَ جَائِز وَلَيْسَ للْوَكِيل أَن يُوكل بذلك غَيره لِأَنَّهُ لم يُفَوض ذَلِك إِلَيْهِ(5/80)
فان قَالَ الَّذِي وَكله مَا صنعت فِي ذَلِك من شَيْء فَهُوَ جَائِز فَلهُ أَن يُوكل غَيره وَيجوز على الْآمِر
32 - وَإِذا وكل الذِّمِّيّ الْمُسلم أَن يسلم فِي خمر إِلَى ذمِّي فَفعل الْمُسلم ذَلِك فان ذَلِك لَا يجوز من قبل أَن الْمُسلم ولى عقدَة السّلم
وَإِذا وكل الْمُسلم الذِّمِّيّ أَن يسلم لَهُ فِي خمر فأسلمها إِلَى ذمِّي فَهُوَ جَائِز لِأَن الذِّمِّيّ ولى الصَّفْقَة وَالَّذِي بَاعَ ذمِّي وَيَنْبَغِي للْمُسلمِ أَن يخللها فِي قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يكون الْخمر للْمُسلمِ على حَال وَلكنهَا للذِّمِّيّ
33 - وَإِذا كَانَ الْمكَاتب كَافِرًا ومولاه مُسلما فَوكل الْمكَاتب كَافِرًا فَأسلم لَهُ فِي خمر إِلَى كَافِر فَهُوَ جَائِز
وَكَذَلِكَ العَبْد التَّاجِر الْكَافِر
34 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِدَرَاهِم يُسَلِّمهَا لَهُ فصرفها الْوَكِيل بِدَرَاهِم غَيرهَا فان الْوَكِيل قد خَالف وَهُوَ ضَامِن لدراهم الْآمِر
35 - وَإِذا دفع الرجل إِلَى رجل دِينَارا فَقَالَ أسلمه لي فِي طَعَام فَصَرفهُ بِدَرَاهِم ثمَّ أسلمها فِي طَعَام فَهُوَ للْوَكِيل(5/81)
وَالْوَكِيل ضَامِن لدينار الْآمِر
36 - وَإِذا وكل رجلَانِ رجلا وَاحِدًا أَن يسلم لَهما فِي طَعَام كل وَاحِد مِنْهُمَا بدراهمه على حِدة فَأسلم الدَّرَاهِم كلهَا إِلَى رجل وَاحِد فِي طَعَام وَاحِد فَهُوَ جَائِز وَلَا يضمن الْوَكِيل لِأَنَّهُ لم يخلط الدَّرَاهِم بِالدَّرَاهِمِ
وَالطَّعَام بَين الرجلَيْن مَا قبض مِنْهُ فَهُوَ لَهما وَمَا توى مِنْهُ فعلَيْهِمَا وَلَو كَانَ الْوَكِيل خلط الدَّرَاهِم ثمَّ أسلمها لَهما كَانَ السّلم لَهُ وَكَانَ ضَامِنا للدراهم لَهما
وَلَو لم يخلطها وَلكنه أسلم دَرَاهِم كل وَاحِد مِنْهُمَا وَحدهَا كَانَ جَائِزا فان اقْتضى شَيْئا فَقَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا هَذَا من مَالِي فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الطَّعَام فان قَالَ هُوَ من هَذَا الصَّك فَهُوَ مِنْهُ فان كَانَ غَائِبا فَالْقَوْل قَول الْوَكِيل فان قدم الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام فاكذب الْوَكِيل فَالْقَوْل قَول الَّذِي عَلَيْهِ الصَّك(5/82)
37 - وَإِذا وكل رجل رجلا بِأَن يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام فأسلمها إِلَى نَفسه فَإِنَّهُ لَا يجوز
وَكَذَلِكَ لَو أسلمها إِلَى عَبده أَو مكَاتبه فَإِنَّهُ لَا يجوز على الْآمِر
فَإِن أسلمها إِلَى أَبِيه أَو ابْنه أَو إِلَى أمه أَو زَوجته فَإِنَّهُ لَا يجوز فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة
وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد جَائِز
38 - فَإِن أسلمها إِلَى شريك لَهُ مفاوض لم يجز أَيْضا
وَإِن أسلمها إِلَى شريك لَهُ عنان جَازَ ذَلِك إِذا لم يكن ذَلِك من تجارتهما
39 - وَإِذا وكل رجل رجلا فَأسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام ثمَّ إِن الْوَكِيل وكل بِقَبض ذَلِك الطَّعَام وَكيلا فَقَبضهُ وَكيل الْوَكِيل فقد برِئ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام
فَإِن كَانَ وَكيل الْوَكِيل عبد الْوَكِيل الأول أَو ابْنه فِي عِيَاله أَو أَجِيرا لَهُ فَهُوَ جَائِز على الْآمِر
وَإِن كَانَ أَجْنَبِيّا فالوكيل الأول ضَامِن للطعام إِن ضَاعَ فِي يَدي(5/83)
الْوَكِيل الثَّانِي فَإِن وصل إِلَى الْوَكِيل الأول برِئ الْوَكِيل الأول وَالثَّانِي من الضَّمَان وَكَانَ الطَّعَام للْآمِر
40 - وَإِذا وكل رجل رجلا فَأسلم لَهُ دَرَاهِم فِي الطَّعَام إِلَى امْرَأَة فَهُوَ جَائِز
وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْوَكِيل امْرَأَة فَهُوَ جَائِز وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْآمِر امْرَأَة فَهُوَ جَائِز(5/84)
- 2 بَاب الْبيُوع الْفَاسِدَة
-
1 - وَإِذا بَاعَ الرجل رجلا عدل زطي أَو جراب هروي على أَن فِيهِ خمسين ثوبا بِأَلف دِرْهَم فَوجدَ فِيهِ وَاحِدًا وَخمسين ثوبا كَانَ هَذَا البيع بَاطِلا لَا يجوز
أَلا ترى أَنه لَو قَالَ ابتعت مِنْك خمسين مِمَّا فِي هَذَا الْعدْل وَفِيه أَكثر من ذَلِك كَانَ هَذَا فَاسِدا لِأَنَّهُ لَا يدْرِي مَا اشْترى من ذَلِك أَرَأَيْت لَو قَالَ المُشْتَرِي آخذ جِيَاد الْعدْل وَقَالَ البَائِع بل أُعْطِيك شرار الْعدْل أَلا ترى أَن هَذَا فَاسد
2 - وَإِذا اشْترى الرجل عدل بز بِأَلف دِرْهَم على أَن فِيهِ خمسين ثوبا فَإِذا فِيهِ تِسْعَة وَأَرْبَعُونَ ثوبا فَإِن البيع فَاسد من قبل انه لَا يدْرِي بكم يقوم الثَّوْب الذَّاهِب مِنْهَا
3 - وَلَو كَانَ سمى لكل ثوب عشرَة دَرَاهِم فَكَانَ فِي الْعدْل وَاحِد وَخَمْسُونَ ثوبا كَانَ أَيْضا فَاسِدا لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أَي ثوب(5/85)
مِنْهَا يرد وأيها يَأْخُذ
وَإِن كَانَت الثِّيَاب تنقص ثوبا وَقد سمى لكل ثوب ثمنا فان البيع جَائِز وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ كل ثوب بِمَا سمى وَإِن شَاءَ ترك
4 - وَإِذا اشْترى الرجل عَبْدَيْنِ صَفْقَة وَاحِدَة فَإِذا أَحدهمَا حر فان البيع فَاسد لَا يجوز فِي العَبْد مِنْهُمَا لِأَنَّهُ صَفْقَة وَاحِدَة أَرَأَيْت لَو بَاعه عبدا وخنزيرا أَو ميتَة ألم يبطل البيع كُله فَكَذَلِك الْحر لَا يجوز بَيْعه
5 - وَإِذا اشْترى الرجل عَبْدَيْنِ فَإِذا أَحدهمَا مكَاتب أَو مُدبر أَو اشْترى أمتين فَإِذا إِحْدَاهمَا أم ولد وَقد قبض المُشْتَرِي الْمَبِيع فَإِنَّهُ يرد الْمكَاتب وَالْمُدبر وَأم الْوَلَد فِي ذَلِك بِحِصَّتِهِ وَيلْزم الآخر بِحِصَّتِهِ من الثّمن وَلَا يشبه هَذَا الْحر أَلا ترى أَن بعض الْفُقَهَاء يُجِيز بيع أم الْوَلَد وَالْمُدبر وَإِن هَؤُلَاءِ رَقِيق بعد لم يعتقوا وَلَيْسَ للْمُشْتَرِي خِيَار فِي الْبَاقِي مِنْهُمَا إِذا علم بذلك يَوْم اشْترى
6 - وَإِذا اشْترى الرجل شَاتين مذبوحتين فَإِذا إِحْدَاهمَا ذَبِيحَة(5/86)
مَجُوسِيّ أَو ذَبِيحَة مُسلم ترك التَّسْمِيَة عمدا أَو ميتَة فَعلم بذلك قبل الْقَبْض أَو بعده فَالْبيع فَاسد فِي ذَلِك كُله
وَكَذَلِكَ دنين من خل فَإِذا أَحدهمَا خمر كَانَ البيع فَاسِدا بَاطِلا لَا يجوز وَاحِد مِنْهُمَا وَالْقَبْض فِي هَذَا وَغير الْقَبْض سَوَاء
أَلا ترى أَن مُسلما لَو قَالَ لمُسلم أبيعك هَذَا الْخمر وَهَذَا الْخلّ بِدَرَاهِم أَو أبيعك هَذَا اللَّحْم وَهَذِه الْميتَة بِدَرَاهِم كَانَ هَذَا فَاسِدا لَا يجوز وَكَذَلِكَ الَّذِي يُجِيز بعض هَذَا قد أجَاز مَا لم يحل بَيْعه لمُسلم وَلَا شِرَاؤُهُ
7 - وَإِذا اشْترى الرجل غنما أَو بقرًا أَو إبِلا أَو رَقِيقا أَو عدل زطي أَو جراب هروي فَقَالَ قد أخذت كل وَاحِد من هَذَا بِكَذَا وَكَذَا درهما وَلم يسم جمَاعَة ذَلِك الشَّيْء فَإِن البيع فِي هَذَا فَاسد لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَقع على شَيْء وَاحِد لَا يدْرِي ايما هُوَ فِي قَول أبي حنيفَة
وفيهَا قَول آخر وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد أَن البيع جَائِز كُله وَإِن جَمِيع ذَلِك الشَّيْء عدل هَذَا ان كَانَ قد رَآهُ
8 - وَإِذا اشْترى الرجل دَارا كل ذِرَاع مِنْهَا بِكَذَا وَكَذَا وَلم يسم جمَاعَة الذرعان فَالْبيع فِي هَذَا فَاسد أَلا ترى أَنه لَا يدْرِي مَا جمَاعَة(5/87)
الثّمن وَإِن بعض الدَّار أفضل من بعض
وَكَذَلِكَ الثَّوْب والخشبة يَشْتَرِيهَا الرجل كل ذِرَاع بِكَذَا وَكَذَا درهما وَلم يسم جمَاعَة الذرعان فَهُوَ فَاسد لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَقع البيع على شَيْء وَاحِد مِنْهَا وَهِي مُخْتَلفَة أَلا ترى أَنه لَا يعلم جماعتها فِي قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد فِي هَذَا هُوَ جَائِز كُله إِذا كَانَ قد رَآهُ وان لم يره فَهُوَ بِالْخِيَارِ ان رَآهُ
وَإِن ذرع ذَلِك كُله قبل أَن يَتَفَرَّقَا ان شَاءَ أَخذه وَإِن شَاءَ تَركه فَهَذَا قَول أبي حنيفَة
9 - وَإِذا اشْترى الرجل غنما أَو بقرًا أَو إبِلا أَو عدل زطي كل اثْنَيْنِ من ذَلِك بِعشْرَة دَرَاهِم فَهُوَ بَاطِل لَا يجوز من قبل أَنَّهَا مُخْتَلفَة أَلا ترى أَنَّهَا الغالي والرخيص والجيد والرديء فَأَي شَيْء يضم(5/88)
مَعَ الْجيد رديئا أم جيدا أَو بِمَا يرد إِذا وجد عَيْبا فَهَذَا بَاطِل لَا يجوز
10 - وَإِذا اشْترى الرجل عدل زطي أَو جراب هروي بِقِيمَتِه أَو بِحكمِهِ فَالْبيع فِي هَذَا فَاسد لَا يجوز لِأَنَّهُ اشْترى بِمَا لَا يعرف
11 - وَإِذا اشْترى بِأَلف دِرْهَم ونحلة يَمِينه فَإِن البيع فِي هَذَا فَاسد لَا يجوز لِأَن نحلة الْيَمين مَجْهُولَة
12 - وَإِذا اشْترى بِأَلف دِرْهَم إِلَّا دِينَارا أَو بِمِائَة دِينَار إِلَّا درهما كَانَ البيع فِي هَذَا فَاسِدا
وَكَذَلِكَ لَو اشْتَرَاهُ بِأَلف دِرْهَم إِلَّا كرّ حِنْطَة أَو بِأَلف دِرْهَم إِلَّا شَاة(5/89)
فانه لَا يجوز البيع فِي هَذَا أَلا ترى أَنه اسْتثْنى شَيْئا لَا يدْرِي كم هُوَ وَلَا يدْرِي كم هُوَ من الثّمن
13 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا كرّ حِنْطَة أَو فرق سمن أَو زَيْت أَو ثوبا أَو غير ذَلِك من جَمِيع الْأَصْنَاف فَقَالَ قد أخذت مِنْك هَذَا بِمثل مَا يَبِيع النَّاس فَهَذَا فَاسد وَهُوَ ضَامِن لمثله ان اسْتَهْلكهُ إِن كَانَ مِمَّا يُكَال ويوزن
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أخذت مِنْك هَذَا بِمثل مَا أَخذ فلَان من الثّمن فَهُوَ فَاسد وَإِن علم قبل أَن يَتَفَرَّقَا فَهُوَ بِمَنْزِلَة الدَّار إِذا قَالَ قد اشْتَرَيْتهَا كل ذِرَاع بدرهم فِي قَول أبي حنيفَة وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا علم ثمنهَا إِن شَاءَ أَخذهَا وَإِن شَاءَ تَركهَا(5/90)
14 - وَإِذا بَاعَ مَتَاع غَيره ثمَّ اشْتَرَاهُ أَو وَرثهُ فَإِن البيع الَّذِي كَانَ قبل ذَلِك لَا يجوز لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَا يملك
15 - وَإِذا بَاعَ الرجل بيعا فَقَالَ هُوَ بِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا وبالنقد بِكَذَا كَذَا أَو قَالَ هُوَ إِلَى أجل كَذَا بِكَذَا وَكَذَا وَإِلَى أجل كَذَا بِكَذَا وَكَذَا فَافْتَرقَا على هَذَا فَإِنَّهُ لَا يجوز بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه نهى عَن شرطين فِي بيع قَالَ مُحَمَّد حَدثنَا بذلك أَبُو حنيفَة رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
16 - وَإِذا بَاعَ الرجل بيعا قد كَانَ اشْتَرَاهُ قبل أَن يقبضهُ أَو اشْترك فِيهِ أَو ولاه فَإِن هَذَا مَرْدُود لَا يجوز(5/91)
قَالَ مُحَمَّد حَدثنَا بذلك أَبُو حنيفَة رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه نهى عَن بيع مَا لم يقبض
17 - وَإِذا بَاعَ الرجل عبدا آبقا لَيْسَ فِي يَدَيْهِ حِين بَاعه فَإِن هَذَا لَا يجوز لِأَن هَذَا غرر بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه نهى عَن بيع الْغرَر وَعَن بيع العَبْد الْآبِق
18 - وَإِذا بَاعَ الرجل جَارِيَة قد كَانَ أعتق مَا فِي بَطنهَا من الْوَلَد وَهِي حَامِل فَإِن البيع فَاسد لَا يجوز
وَكَذَلِكَ إِن كَانَ لم يعْتق مَا فِي بَطنهَا وَلَكِن بَاعَ مَا فِي بَطنهَا دونهَا فَهُوَ فَاسد
وَكَذَلِكَ لَو بَاعهَا وَاسْتثنى مَا فِي بَطنهَا فَإِن البيع فَاسد فِي هَذَا كُله لَا يجوز لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لم يعرف وَاسْتثنى مَا لم يعرف
19 - وَإِذا بَاعَ الرجل عبدا قد اغتصبه إِيَّاه رجل آخر فَذهب بِهِ أَو بَاعه المغتصب من آخر فَإِن البيع مَوْقُوف(5/92)
فَإِن جحد الْغَاصِب الْمولى عَبده وَلم يكن لَهُ بَيِّنَة لم يجز البيع وَإِن أقرّ بِهِ فَإِن سلمه تمّ البيع وَإِن لم يُسلمهُ حَتَّى يتْلف فقد انْتقض البيع
20 - وَكَذَلِكَ لَو كَانَ العَبْد رهنا فَبَاعَهُ الرَّاهِن فَأبى الْمُرْتَهن أَن يُجِيز البيع فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يجوز البيع وَهُوَ مَوْقُوف
21 - وَإِذا بَاعَ سمكًا مَحْظُورًا فِي أجمة فان البيع بَاطِل لَا يجوز بلغنَا نَحوا من ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب وبلغنا أَيْضا عَن عبد الله ابْن مَسْعُود انه قَالَ لَا تبتاعوا السّمك فِي المَاء فَإِنَّهُ غرر
وَكَذَلِكَ كل شَيْء من السّمك لَا يُؤْخَذ إِلَّا بصيد فانه لَا يجوز البيع فِيهِ
وَإِن كَانَ فِي وعَاء أَو جب يقدر على أَخذه بِغَيْر صيد فَالْبيع(5/93)
جَائِز وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ وَلَيْسَ الَّذِي قد أحرزه صَاحبه وَيَأْخُذهُ مَتى شَاءَ مَا شَاءَ كَالَّذي لَا يَأْخُذهُ إِلَّا بصيد
22 - وَإِذا اشْترى الرجل صوف الْغنم وَهُوَ على ظُهُورهَا وَأَلْبَانهَا وَهُوَ فِي ضروعها فان ذَلِك لَا يجوز بلغنَا ذَلِك عَن عبد الله بن عَبَّاس
وَكَذَلِكَ الْأَوْلَاد مَا فِي بطونها
23 - وَكَذَلِكَ شِرَاء لحومها قبل أَن تذبح وَشِرَاء التَّمْر قبل أَن يخرج وأشباهه فان هَذَا كُله فَاسد لِأَنَّهُ يبْتَاع مَا لم يكن بعد أَو لم يدر مَا هُوَ
وَقد بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه نهى عَن بيع الْغرَر وَهَذَا عندنَا من الْغرَر
24 - وَكَذَلِكَ شِرَاء الزَّيْت فِي الزَّيْتُون قبل أَن يعصر وَشِرَاء دهن السمسم قبل أَن يعصر وَشِرَاء السّمن قبل أَن يسلا فَهَذَا كُله فَاسد لَا يجوز البيع فِيهِ(5/94)
25 - وَشِرَاء التَّمْر كُله إِذا خرج وَالْأَعْنَاب والفواكه والزروع جَائِز إِذا اشْترط على المُشْتَرِي أَن يَأْخُذهُ ساعتئذ
فَإِن اشْترط تَركه حَتَّى يبلغ فَلَا خير فِيهِ وَالْبيع فَاسد مَرْدُود
26 - وَكَذَلِكَ شِرَاء الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة فَاسد لَا يجوز
27 - وَكَذَلِكَ الْمَرْوِيّ بالمروي وكل صنف من الثِّيَاب بِصفة فَلَا يجوز البيع فِيهِ نَسِيئَة مثل بِمثل وَلَا أَكثر من ذَلِك وَلَا أقل
28 - وَكَذَلِكَ الطَّعَام بِالطَّعَامِ
وَكَذَلِكَ كل ضرب مِمَّا يُكَال بِصفة فَلَا يجوز شَيْء مِنْهُ بِشَيْء مِنْهُ نَسِيئَة مثل بِمثل وَلَا أقل من ذَلِك وَلَا أَكثر
وَكَذَلِكَ كل مَا يُوزن
29 - وَإِذا اشْترى الرجل فصا على أَنه ياقوت فَإِذا هُوَ غير ذَلِك فَإِن البيع فَاسد وعَلى المُشْتَرِي قِيمَته إِذا اسْتَهْلكهُ(5/95)
وَكَذَلِكَ لَو اشْترى ثوبا على أَنه هروي فَإِذا هُوَ من صنف آخر لِأَن البيع لم يَقع على هَذَا قطّ
أَلا ترى أَنه لَو اشْترى عبدا مَمْلُوكا فَوَجَدَهُ جَارِيَة أَو اشْترى قلب فضَّة فَإِذا هُوَ رصاص أَو فص ياقوت فَوَجَدَهُ زجاجا كَانَ هَذَا بَاطِلا لَا يجوز وَلَا يَقع فِي شَيْء مِنْهُ البيع لِأَن البيع لم يَقع قطّ على هَذَا فَإِن اسْتَهْلكهُ المُشْتَرِي فَهُوَ ضَامِن لقيمته(5/96)
- 3 بَاب الْبيُوع إِذا كَانَ فِيهَا شَرط يُفْسِدهَا
-
1 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا على أَن لَا يَبِيع وَلَا يهب وَلَا يتَصَدَّق فَهَذَا بيع فَاسد وَلَا يجوز
وَكَذَلِكَ لَو اشْترى الرجل عبدا على أَن يعتقهُ وَكَذَلِكَ إِذا اشْترى الرجل جَارِيَة على أَن يتخذها أم ولد لَهُ فَهَذَا كُله فَاسد لَا يجوز
وَإِذا اسْتهْلك المُشْتَرِي البيع فَهُوَ ضَامِن لقيمته إِلَّا فِي الْعتْق خَاصَّة فَإِنِّي أستحسن أَن أجعَل عَلَيْهِ الثّمن إِذا أعْتقهُ
2 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل بيعا على أَن يقْرضهُ قرضا أَو يهب لَهُ هبة أَو على أَن يُعْطِيهِ عَطِيَّة أَو على أَن يتَصَدَّق عَلَيْهِ صَدَقَة أَو على أَن يَبِيعهُ كَذَا وَكَذَا بِكَذَا وَكَذَا من الثّمن فَهَذَا كُله فَاسد
وَأيهمَا اشْترط هَذَا على صَاحبه فَهُوَ فَاسد لَا يجوز البيع فِي شَيْء من ذَلِك(5/97)
وكل شَيْء فسد فِيهِ البيع فَالْمُشْتَرِي إِذا اسْتَهْلكهُ ضَامِن لقيمته بَالِغَة مَا بلغت
3 - وَإِذا اشْترى الرجل ثوبا على أَنه إِن لم ينقده الثّمن إِلَى أَرْبَعَة أَيَّام أَو إِلَى شهر فَلَا بيع بَينهمَا فَالْبيع فِي هَذَا فَاسد لَا يجوز
وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْخِيَار إِلَى هَذِه الْمدَّة فِي قَول أبي حنيفَة
وَأما فِي قَول مُحَمَّد فَهُوَ جَائِز
وكل شَيْء رده المُشْتَرِي على البَائِع بِهِبَة أَو صَدَقَة أَو بيع أَو بِوَجْه من الْوُجُوه وَوَقع فِي يَدي البَائِع فَهُوَ متاركة للْبيع وَبرئ المُشْتَرِي من ضَمَانه
4 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا وَشرط على البَائِع أَن يحملهُ إِلَى منزله أَو على أَن يطحن الْحِنْطَة أَو على أَن يخيط الثَّوْب فَهَذَا كُله فَاسد لَا يجوز لما دخل فِيهِ من الشَّرْط
وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ دَارا على أَن يسكنهَا البَائِع شهرا أَو أقل أَو أَكثر فَهُوَ فَاسد
وَإِذا اشْترط الرجل طَعَاما على أَن يُوفيه إِيَّاه فِي منزله فَهُوَ(5/98)
فَاسد غير أَنِّي أستحسن فِيهِ خصْلَة إِذا كَانَ فِي مصر أجزناه وَإِذا كَانَ خَارِجا من الْمصر كَانَ فَاسِدا لَا يجوز البيع فِيهِ
5 - وَإِذا اشْترى الرجل بيعا على أَن يرهنه رهنا وَلم يسمه أَو على أَن يُعْطِيهِ كَفِيلا بِنَفسِهِ سَمَّاهُ أَو لم يسمه فَلَا خير فِي هَذَا البيع لِأَنِّي لَا أَدْرِي أيتكفل بِهِ الْكَفِيل أم لَا
غير أَنِّي أستحسن إِذا كَانَ الْكَفِيل حَاضرا عِنْد عقدَة البيع وان لم يسمه لم أجزه لِأَنَّهُ لَا يعرف مَا هُوَ وَإِذا كَانَ الْكَفِيل غَائِبا عَن ذَلِك فَلَا يجوز
وَإِن سَمَّاهُ الرَّاهِن أجزت البيع على الرَّاهِن وان لم يسمه لم أجزه لِأَنَّهُ لَا يعرف مَا هُوَ
6 - وَإِذا بَاعَ الرجل بقرة أَو نَاقَة أَو شَاة أَو خَادِمًا وَهن حوامل وَاسْتثنى مَا فِي بطونها فان البيع على هَذَا فَاسد لَا يجوز
7 - وَإِذا اشْترى الرجل غنما على أَن يرد مِنْهَا شَاة أَو أَكثر(5/99)
من ذَلِك وَلم يبين أيتهن هِيَ فَالْبيع على هَذَا فَاسد لَا يجوز
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ البَائِع اشْترط أَن يَأْخُذ مِنْهَا شَاة غير مُسَمَّاة فَهَذَا بَاطِل لَا يجوز
وَكَذَلِكَ إِذا بَاعَ الرجل نخلا وَاشْترط مِنْهَا نَخْلَة أَو نخلتين مجهولتين فَالْبيع على هَذَا فَاسد لَا يجوز
وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ عدل بز ثمَّ قَالَ لي مِنْهَا ثوب أَو ثَوْبَان فَهَذَا أَيْضا بَاطِل لَا يجوز إِذا لم يعرف الَّذِي اسْتثْنى بِعَيْنِه فَالْبيع على هَذَا فَاسد لَا يجوز
وَكَذَلِكَ كل شَيْء مَجْهُول فِي بيع فانه يفْسد البيع فِيهِ
8 - وَكَذَلِكَ لَو اشْترى شَاة وَاشْترط أَنَّهَا حَامِل أَو أَنَّهَا تحلب كَانَ البيع على هَذَا فَاسد لِأَنَّهُ لَا يدْرِي لَعَلَّ الشَّرْط بَاطِل
وَلَو كَانَ البَائِع بَاعَ الْخَادِم وتبرأ من الْحَبل فَكَانَ بهَا حَبل أَو لم يكن كَانَ هَذَا جَائِز وَلَيْسَ الْبَرَاءَة فِي هَذَا كالشرط(5/100)
9 - وَإِذا اشْترى الرجل من الرجل حِنْطَة وَشرط لَهُ أَن يطحن لَهُ مِنْهَا كَذَا وَكَذَا مَخْتُومًا مِنْهَا دَقِيقًا فَهَذَا فَاسد لَا يجوز
وَكَذَلِكَ لَو اشْترى سمسما أَو زيتونا وَشرط لَهُ البَائِع أَن فِيهِ من الدّهن كَذَا وَكَذَا رطلا فَالْبيع فَاسد لَا يجوز
وَكَذَلِكَ كل شَيْء مَا يكون على هَذَا
10 - وَإِذا اشْترى الرجل جَارِيَة بجاريتين إِلَى أجل فَأخذ الْجَارِيَة فَذَهَبت عينهَا عِنْده من عمله أَو غير عمله فَللْبَائِع أَن يَأْخُذ جَارِيَته وَله أَن يَأْخُذ من المُشْتَرِي نصف قيمتهَا
وَلَو فَقَأَ عينهَا غَيره كَانَ للْبَائِع أَن يَأْخُذ جَارِيَته وَإِن شَاءَ اتبع الفاقئ بِنصْف قيمتهَا وَإِن شَاءَ أَخذ ذَلِك من المُشْتَرِي وَاتبع المُشْتَرِي الفاقئ
11 - وَلَو كَانَت كَمَا هِيَ غير أَنَّهَا قد ولدت وَلدين فَمَاتَ أَحدهمَا فَإِن للْبَائِع أَن يَأْخُذ جَارِيَته وَوَلدهَا الْبَاقِي فَإِن كَانَت الْولادَة قد نقصتها فَكَانَ فِي الْوَلَد الْبَاقِي وَفَاء بِالنُّقْصَانِ فَلَيْسَ لَهُ شَيْء غَيره وَإِلَّا فعلى المُشْتَرِي تَمام ذَلِك
وَإِن كَانَ الْوَلَد الْمَيِّت مَاتَ من عمل المُشْتَرِي أَو جنى عَلَيْهِ(5/101)
فَهُوَ ضَامِن لقيمته يردهَا مَعَ الْأُم فَإِن كَانَ فِي قيمَة الْوَلَد الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَالْبَاقِي وَفَاء لنُقْصَان الْولادَة فَهُوَ لَهُ وَإِن لم يكن وَفَاء ضمن المُشْتَرِي تَمام ذَلِك النُّقْصَان
وَلَو كَانَ الْولدَان حيين جَمِيعًا وَمَاتَتْ الْأُم عِنْد المُشْتَرِي من عمله أَو غير عمله أَخذ البَائِع الْوَلَدَيْنِ وَضمن قيمَة الْأُم يَوْم قبضهَا
وَهَذَا القَوْل هَكَذَا فِي كل بيع فَاسد
12 - وَلَو أعتق المُشْتَرِي الْجَارِيَة بعد قَبضه إِيَّاهَا جَازَ عتقه
وَكَذَلِكَ لَو بَاعهَا أَو وَهبهَا وَقَبضهَا الْمَوْهُوب لَهُ أَو دبرهَا أَو كاتبها أَو وَطئهَا فعلقت مِنْهُ كَانَ هَذَا استهلاكا مِنْهُ جَائِز مَا صنع من ذَلِك وَعَلِيهِ الْقيمَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْوَطْء مهر لِأَنِّي قد جَعلتهَا لَهُ
وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعه وعتقه لِأَن البَائِع قد سلطه على ذَلِك
13 - وَإِن وَهبهَا فَعَلَيهِ قيمتهَا فَإِن لم يقبضهَا قبل أَن يضمنهُ القَاضِي قيمتهَا ردهَا عَلَيْهِ
وَكَذَلِكَ إِن عجزت عَن الْمُكَاتبَة وَكَذَلِكَ إِن رَجَعَ فِي الْهِبَة(5/102)
أَو رد عَلَيْهِ بِعَيْب فِي البيع بِقَضَاء قَاض قبل أَن يقْضِي القَاضِي بِالْقيمَةِ على المُشْتَرِي فَإِنَّهَا ترد على البَائِع
14 - وَلَو أَنه أجرهَا فَلهُ أَن ينْقض الْإِجَارَة ويردها لِأَن هَذَا عذر فِي الْإِجَارَة
وَكَذَلِكَ كل بيع فَاسد
أَلا ترى أَنه لَو بَاعهَا إِلَى الْعَطاء وَقَبضهَا المُشْتَرِي فَوَطِئَهَا فَولدت مِنْهُ أَو أعْتقهَا كَانَ ذَلِك جَائِزا وَكَانَ عَلَيْهِ قيمَة الْجَارِيَة فقبيح أَن يرد وَلَده رَقِيقا
15 - وَإِذا اشْتَرَاهَا بِأَلف دِرْهَم وَهُوَ بِالْخِيَارِ أَرْبَعَة أَيَّام أَو اشْتَرَاهَا بِأَلف دِرْهَم ونحلة الْيَمين ثمَّ قبض وَأعْتق جَازَ عتقه(5/103)
وَلَو اشْتَرَاهَا بِخَمْر أَو خِنْزِير كَانَ هَذَا بَاطِلا وان اعْتِقْ جَازَ عتقه أَلا ترى أَنِّي أُجِيز بيعهَا بِالْخمرِ وَالْخِنْزِير من أهل الذِّمَّة وَلم يدْخل فِي ذَلِك اسْتِهْلَاك وَلَا عتق
وَلَو اشْتَرَاهَا بميتة أَو دم أَو بِشَيْء من ذَلِك مِمَّا لَيْسَ لَهُ ثمن أَو بَحر وَقبض وَأعْتق أبطل عتقه لِأَن هَذَا لَيْسَ لَهُ ثمن وَلَا يتبايع النَّاس لَهُ فِيمَا بَينهم والمسلمون خَاصَّة(5/104)
- 4 بَاب الْبيُوع الْجَائِزَة وَمَا اخْتلف مِنْهَا فِي الثّمن وَمَا اخْتلف فِيهَا مِمَّا قبض أَو لم يقبض
-
1 - وَإِذا اشْترى الرجل سمنا فِي زق أَو عسلا أَو زيتا فِي زق فاتزنه كُله بزقه فَإِذا فِيهِ مائَة رَطْل ثمَّ جَاءَ بالزق ليَرُدهُ وَفِيه عشرُون رطلا فَقَالَ البَائِع لَيْسَ فِي هَذَا زقي وَقَالَ المُشْتَرِي بل هُوَ زقك فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وعَلى البَائِع الْبَيِّنَة لِأَنَّهُ مُدع
2 - وَإِذا ابْتَاعَ الرجل عَبْدَيْنِ فَقبض أَحدهمَا وَمَات الآخر فِي يَدي البَائِع وَمَات العَبْد الَّذِي قبض المُشْتَرِي ثمَّ اخْتلفَا فِي ذَلِك فَقَالَ المُشْتَرِي قبضت عبدا يُسَاوِي ألف دِرْهَم وَمَات عبد فِي يَديك يُسَاوِي ألف دِرْهَم وَقَالَ البَائِع بل قبضت عبدا يُسَاوِي أَلفَيْنِ وَبَقِي الَّذِي مَاتَ عِنْدِي وَهُوَ يُسَاوِي خَمْسمِائَة دِرْهَم فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وعَلى البَائِع الْبَيِّنَة(5/105)
أَلا ترى أَنه لَو اشْترى كرّ حِنْطَة فَقبض طَائِفَة ثمَّ انه هلك مَا بَقِي من الْكر فَقَالَ المُشْتَرِي قبضت ثلثه وَقَالَ البَائِع بل قبضت نصفه فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه
وَكَذَلِكَ كل شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن
وَكَذَلِكَ الْعرُوض وَالْحَيَوَان
3 - وَلَو كَانَ قبض الْعَبْدَيْنِ كليهمَا ثمَّ مَاتَ أحد الْعَبْدَيْنِ عِنْد المُشْتَرِي وَجَاء يرد أَحدهمَا بِعَيْب فاختلفا فِي قيمَة الْمَيِّت فَقَالَ البَائِع كَانَت قِيمَته ألف دِرْهَم وَقَالَ المُشْتَرِي كَانَت قِيمَته خَمْسمِائَة فَإِن القَوْل فِي ذَلِك قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة لِأَن الثّمن قد لزم المُشْتَرِي فَهُوَ يُرِيد أَن يبرأ مِنْهُ فَلَا يصدق على الْبَرَاءَة بقوله ذَلِك
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عدلا من زطي أَو جراب هروي فَأَرَادَ أَن يرد مِنْهُ ثوبا بِعَيْب وَقد هلك مَا بَقِي فَأَما الَّذِي يردهُ بِعَيْب فَإِنَّهُ يقوم قيمَة عدل وَلَيْسَ بِهِ عيب وَيقوم الَّذِي هلك بقول البَائِع مَعَ يَمِينه ثمَّ يقسم الثّمن على ذَلِك كُله فَيرد الَّذِي بِهِ الْعَيْب بِمَا أَصَابَهُ(5/106)
وَلَو أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة على قيمَة الْمَيِّت أخذت بِبَيِّنَة البَائِع لأَنهم شهدُوا على الْفضل فإمَّا الْبَيِّنَة بِبَيِّنَتِهِ أَو القَوْل قَوْله
4 - وَإِذا اخْتلف البَائِع وَالْمُشْتَرِي فِي الثّمن والسلعة قَائِمَة بِعَينهَا فِي يَدي البَائِع أَو المُشْتَرِي فَإِن القَوْل فِي ذَلِك قَول البَائِع بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ الْيَمين بِاللَّه فَإِن نكل عَن الْيَمين لزمَه البيع بِمَا ادّعى المُشْتَرِي فَإِن حلف اسْتحْلف المُشْتَرِي على دَعْوَى البَائِع
وَأيهمَا قَامَت بَينته على مَا ادّعى أخذت بِبَيِّنَتِهِ وَإِن كَانَت لَهما جَمِيعًا الْبَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة البَائِع لأَنهم شهدُوا على أَكثر مِمَّا شهد بِهِ الْآخرُونَ وَهَذَا قَول أبي يُوسُف الأول ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ الَّذِي يبْدَأ بِهِ فِي الْيَمين المُشْتَرِي وَهُوَ قَول مُحَمَّد
5 - وَإِن كَانَ البَائِع قد مَاتَ فَاخْتلف فِي الثّمن وَرَثَة البَائِع(5/107)
وَالْمُشْتَرِي فَإِن القَوْل قَول وَرَثَة البَائِع إِن كَانَ الْمَبِيع فِي أَيْديهم وَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي إِن كَانَ الْمَبِيع فِي يَدَيْهِ
وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ المُشْتَرِي وَبَقِي البَائِع كَانَ القَوْل قَول الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ مِنْهُم وَهَذَا لَيْسَ بِقِيَاس إِنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَان
وَالْقِيَاس فِي هَذَا وَفِي الأول أَن يكون القَوْل قَول المُشْتَرِي فِي ذَلِك كُله وَإِنَّمَا تركنَا ذَلِك للأثر الَّذِي جَاءَ فِيهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف
وَقَالَ مُحَمَّد يَتَحَالَفَانِ ويترادان الْقيمَة وموتهما وحياتهما سَوَاء
6 - وَإِذا كَانَت السّلْعَة فِي يَدي المُشْتَرِي فازدادت خيرا ثمَّ اخْتلفَا فِي الثّمن فَإِن القَوْل قَول المُشْتَرِي لِأَنَّهَا قد زَادَت خيرا فِي يَدَيْهِ وتغيرت وَعَلِيهِ الْيَمين بِاللَّه وعَلى البَائِع الْبَيِّنَة على مَا يَدعِي من الْفضل
7 - وَإِذا كَانَت السّلْعَة قد نقصت فاختلفا فِي الثّمن فَإِن القَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه إِلَّا أَن يرضى البَائِع أَن يَأْخُذهَا نَاقِصَة
8 - وَإِذا اخْتلفَا وَقد ولدت عِنْد المُشْتَرِي أَو جنى عَلَيْهَا جِنَايَة فَأخذ المُشْتَرِي أَرْشهَا وَلم تَلد فَالْقَوْل فِي الثّمن قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه
وَإِذا كَانَ هُوَ الَّذِي جنى عَلَيْهَا وَلم تَلد فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي(5/108)
إِلَّا أَن يرضى البَائِع أَن يَأْخُذهَا نَاقِصَة بِغَيْر أرش وَلَيْسَ هَذَا كالباب الأول لَهَا أرش لَا يَسْتَطِيع البَائِع أَن يَأْخُذهُ وَلَا يَسْتَقِيم لَهُ أَخذه وَالْبَاب الآخر لَيْسَ مَعهَا أرش
9 - وَإِذا اخْتلفَا فِي الثّمن وَقد خرجت السّلْعَة من ملك المُشْتَرِي فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه
وَإِن رجعت إِلَيْهِ السّلْعَة بشرَاء أَو هبة أَو مِيرَاث أَو بِوَجْه من الْوُجُوه بِغَيْر الَّذِي خرجت بِهِ من يَدَيْهِ ثمَّ اخْتلفَا فِي الثّمن فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه أَيْضا لِأَنَّهَا فِي ملكه بِغَيْر الْملك الأول
10 - وَإِن كَانَ البَائِع قد بَاعَ من رجلَيْنِ فَبَاعَ أَحدهمَا نصِيبه من شَرِيكه ثمَّ اخْتلفَا فِي الثّمن فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي الَّذِي بَاعَ مَعَ يَمِينه فِي نصِيبه ويتحالفان فِي حِصَّة الآخر الَّذِي لم يبع
11 - فَإِذا اخْتلفَا فِي الْأَجَل فَقَالَ البَائِع الْأَجَل شهر وَقَالَ المُشْتَرِي بل شَهْرَان فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول البَائِع مَعَ يَمِينه
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ البَائِع بِعْتُك حَالا كَانَ البيع حَالا وَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة(5/109)
فَإِذا اخْتلفَا فِي الْأَجَل فَقَالَ البَائِع قد مضى الْأَجَل وَقَالَ المُشْتَرِي لم يمض فَإِن القَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وعَلى البَائِع الْبَيِّنَة انه قد مضى
12 - وَإِذا اخْتلفَا فِي الثّمن فَقَالَ البَائِع بِعْتُك بِمِائَة دِينَار وَقَالَ المُشْتَرِي بل اشْتريت مِنْك بِخَمْسِينَ دِينَارا وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة البَائِع لِأَنَّهُ مُدع للفضل
وَلَو قَالَ بِعْتُك هَذِه الْجَارِيَة وَحدهَا بِمِائَة دِينَار وَأقَام الْبَيِّنَة وَقَالَ المُشْتَرِي بعتني هَذِه الْجَارِيَة بِخَمْسِينَ دِينَارا وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة أخذت بِبَيِّنَة البَائِع لِأَنَّهُ الْمُدَّعِي للفضل
وَلَو قَالَ المُشْتَرِي بعتني مَعهَا هَذَا الوصيف وهما جَمِيعًا بِخَمْسِينَ دِينَارا وَأقَام الْبَيِّنَة وَقَالَ البَائِع بِعْتُك وَحدهَا بِمِائَة دِينَار وَأقَام الْبَيِّنَة فَإِنَّهُمَا يكونَانِ جَمِيعًا للْمُشْتَرِي بِمِائَة دِينَار(5/110)
أخذت بِبَيِّنَة البَائِع فِي الثّمن وَأخذت بِبَيِّنَة المُشْتَرِي فِي الْمَبِيع
وَكَذَلِكَ لَو قَالَ بِعْتُك هَذِه الْخَادِم بِأَلف دِرْهَم وَأقَام الْبَيِّنَة على ذَلِك وَقَالَ المُشْتَرِي اشْتريت مِنْك هَذِه الْخَادِم وَهَذِه الْأُخْرَى مَعهَا بِخَمْسِمِائَة دِرْهَم وَأقَام على ذَلِك الْبَيِّنَة فَإِنَّهُمَا جَمِيعًا يلزمانه بِالْألف
13 - وَلَو قَالَ البَائِع بِعْتُك هَذِه الْخَادِم بعبدك هَذَا وَأقَام على ذَلِك بَيِّنَة وَقَالَ المُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا مِنْك بِمِائَة دِينَار وَأقَام الْبَيِّنَة على ذَلِك لزمَه البيع بِالْعَبدِ
14 - وَإِذا اشْترى الرجل عبدا بثوبين وَقبض كل وَاحِد مِنْهُمَا وتفرقا ثمَّ وجد بِالْعَبدِ عَيْبا فَرده أَو اسْتحق العَبْد وَقد هلك أحد الثَّوْبَيْنِ وَبَقِي الآخر فَإِنَّهُ يَأْخُذ الثَّوْب الْبَاقِي وَقِيمَة الَّذِي هلك
وَكَذَلِكَ لَو هلكا جَمِيعًا أَخذ قيمتهمَا وَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول الَّذِي كَانَا فِي يَدَيْهِ وعَلى الطَّالِب الْبَيِّنَة على مَا يَدعِي من الْفضل
وَلَو بَاعَ عبدا بِمَال وقبضا جَمِيعًا ثمَّ اسْتحق العَبْد فَرجع بِالْمَالِ على البَائِع كَانَ القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وعَلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة على مَا يَدعِي من الْفضل(5/111)
15 - وَلَو كَانَ الثّمن جَارِيَة ولدت من غير السَّيِّد ثمَّ اسْتحق العَبْد كَانَ لصَاحب الْجَارِيَة أَن يَأْخُذهَا وَيَأْخُذ الْوَلَد فان كَانَت الْجَارِيَة قد دَخلهَا عيب ينقصها عور وَنَحْوه أَخذهَا وَأخذ وَلَدهَا وَأخذ النُّقْصَان
وَلَو كَانَ المُشْتَرِي قد أعْتقهَا كَانَ عتقه جَائِزا وَكَانَ عَلَيْهِ الْقيمَة وَيَأْخُذ البَائِع الْوَلَد مَعَ الْقيمَة إِن كَانَت قد ولدت قبل الْعتْق
وَكَذَلِكَ البيع الْفَاسِد فِي هَذَا الْوَجْه
وَلَو كَانَ العَبْد حرا فَأعتق المُشْتَرِي الْجَارِيَة كَانَ عتقه بَاطِلا
وَكَذَلِكَ لَو بَاعهَا أَو أمهرها أَو وَهبهَا كَانَ ذَلِك بَاطِلا كُله لَا يجوز من قبل أَنه اشْتَرَاهَا بِشَيْء لَيْسَ لَهُ ثمن
وَإِذا اشْترى الرجل عبدا بثوبين فَهَلَك الثوبان قبل أَن يقبضهما وَقد كَانَ قبض العَبْد فان كَانَ قد اسْتَهْلكهُ فَعَلَيهِ قِيمَته إِذا فعل ذَلِك بعد هَلَاك الثَّوْبَيْنِ(5/112)