|
المؤلف: لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي
الناشر: دار الفكر
الطبعة: الثانية، 1310 هـ
عدد الأجزاء: 6
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْفَرِدِ بِوَضْعِ الشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ الْمُسْتَبِدِّ بِرَفْعِ مَعَالِمِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الَّذِي ذَلَّلَ لِجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ جُمُوحَ الدِّرَايَةِ وَشُمُوسَهَا فَأَنَارُوا أَقْمَارَ الرِّوَايَةِ مِنْ شُمُوسِهَا وِقَايَةً عَنْ الزَّلَلِ فِي عُمُومِ الْبَلْوَى وَهِدَايَةً إلَى الصَّوَابِ لَدَى الْفَتْوَى
وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُصَلَّى مِضْمَارِ الرِّسَالَةِ بِعْثَةً وَزَمَانًا، وَمُجَلِّي مَيْدَانِ الدَّلَالَةِ رُتْبَةً وَمَكَانًا، فَاتِحِ رِتَاجِ السُّبُلِ وَلَاقِحِ نِتَاجِ الرُّسُلِ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ حُجَّةً عَلَى الْجَاحِدِينَ وَخَتَمَ بِهِ بَابَ النُّبُوَّةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ الْكِرَامِ وَأَصْحَابِهِ الْعِظَامِ كُلِّهِمْ أَجْمَعِينَ.
(وَبَعْدُ) فَإِنَّ الْفِقْهَ حَدٌّ حَاجِزٌ بَيْنَ الْهِدَايَةِ وَالضَّلَالِ وَقِسْطَاسٌ مُسْتَقِيمٌ لِمَعْرِفَةِ مَقَادِيرِ الْأَعْمَالِ وَعَيَالِمُهُ الزَّاخِرَةُ لَا يُوجَدُ لَهَا قَرَارٌ وَأَطْوَادُهُ الشَّامِخَةُ لَا يُدْرَكُ فُنُونُهَا بِالْأَبْصَارِ.
إلَّا أَنَّ الْكُتُبَ الْمُصَنَّفَةَ الْمُتَدَاوَلَةَ وَالصُّحُفَ الْمُؤَلَّفَةَ الْمُتَنَاوَلَةَ فِي هَذَا الْفَنِّ لَا تَشْفِي الْعَلِيلَ وَلَا يُفْأَمُ مِنْهَا الْغَلِيلُ إذْ بَعْضُهَا طَارِحٌ لِشَطْرِ الْمَسَائِلِ وَأَكْثَرُهَا مُنْطَوٍ عَلَى الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمُتَعَارِضَةِ الدَّلَائِلِ فَيَشْجُرُ الْمُبْتَغِي لِلتَّمَسُّكِ بِالْأَلْيَقِ وَالْأَقْوَى كَمَنْ هَامَ فِي الْهَيْمَاءِ فِي اللَّيْلِ الْأَهْيَمِ وَيَضْجَرُ الْمُسْتَهْتِرُ بِأَخْذِ مَا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى كَفَاقِدٍ الْعَيْهَمَ فِي الْغَيْهَمِ حَتَّى عَشَا أَكْثَرُهُمْ عَنْ أَضْوَاءِ السُّنَّةِ إلَى نِيرَانِ الْأَهْوَاءِ وَرَكَنُوا إلَى طِرْمِسَاءِ الْبِدَعِ وَأَبَاطِيلِ الْآرَاءِ فَلَا يُمَيِّزُ الصَّدُوقَ عَنْ الطِّبْرِسِ وَلَا يَفْصِلُ الْمُحِقَّ وَالطِّمْرِسَ وَذَهَبُوا فِي وَادِ تِيهٍ بَعْدَ تِيهٍ.
وَلَمْ يَجِدُوا دَلِيلًا عَلَى مَرَامِهِمْ إلَّا سَفِيهًا غِبَّ سَفِيهٍ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِاسْتِنَارَةِ صَدِيعِ سَلْطَنَةِ الْمَلِكِ السَّمَيْدَعِ الصِّلْهَامِ وَانْفِلَاقِ صُبْحِ دَوْلَةِ السُّلْطَانِ الْهَمَيْسَعِ الْقَمْقَامِ الْقَرْمِ الْمِقْرَمِ وَالْقَذْمِ الْقَلَهْذَمِ رِزْمِ آجَامِ الْوَغَى وَقُفْصُلِ غِيَاضِ الْمُزْدَحِمِ الْمُطَيَّمِ عَلَى الْعَدْلِ وَالشَّجَاعَةِ وَالنَّدَى وَالْمَفْطُورِ تِقْنُهُ مِنْ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ وَالتَّقْوَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَئِيسِ الْمُسْلِمِينَ إمَامِ الْغُزَاةِ وَرَأْسِ الْمُجَاهِدِينَ أَبُو الْمُظَفَّرِ مُحْيِي الدِّينِ مُحَمَّدٌ أورنك زيب بهادر عالم كيربادشاه غَازِي أَبَّدَ اللَّهُ تَعَالَى سُلْطَانَهُ
(1/2)
وَعَمَّ عَلَى الْبَرِيَّةِ كَافَّةُ إحْسَانِهِ وَجَعَلَهُ يَوْمَ يُحَاسَبُ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ إلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَبْعَدَهُ عَمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ مَذْمُومًا مَدْحُورًا.
وَقَدْ أُلْهِمَ تَأْلِيفَ كِتَابٍ يَفْرُغُ مِنْ التَّهْذِيبِ الْأَنِيقِ فِي قَالَبِ الْكَمَالِ وَيَلْبَسُ مِنْ حُسْنِ التَّرْتِيبِ حُلَّةَ الْجَمَالِ عَارِيًّا عَنْ الْإِطْنَابِ وَالْإِمْلَالِ حَاوِيًا لِمُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ مُشْتَمِلًا عَلَى جُلِّ الدِّرَايَاتِ النَّجِيحَةِ، يُبَيِّنُ الْغَثَّ مِنْ السَّمِينِ وَيُمَيِّزُ الضَّعِيفَ مِنْ الْمَتِينِ لَا يُشْتَبَهُ فِيهِ اللُّجَيْنُ بِاللُّجَيْنِ وَالْهِجَانُ بِالْهَجِينِ غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْخَطْبَ الْعَظِيمَ وَالْأَمْرَ الْجَسِيمَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا مَنْ عَرَفَ الْحَيَّ مِنْ اللَّيِّ وَتَبَيَّنَ عِنْدَهُ الرُّشْدُ مِنْ الْغَيِّ فَحَشَدَ الْحُذَّاقَ فِي هَذَا الْفَنِّ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْغَائِصِينَ عَلَى فَرَائِدِهِ وَكَلَدَ الْكُتُبَ الْمُدَوَّنَةَ الْجَامِعَةَ لِفَوَائِدِهِ فَأَوْعَزَ إلَيْهِمْ بِالْكَدْشِ فِي مَخَايِلِ هَذَا الْفَنِّ وَدَلَائِلِهِ وَاللَّمْشِ عَنْ تَفَاصِيلِهِ وَتَنْقِيرِ وُجُوهِ مَسَائِلِهِ.
وَأَنْ يُؤَلِّفُوا كِتَابًا حَامِشًا لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا وَأَفْتَى بِهَا الْفُحُولُ وَيَجْمَعُوا فِيهِ مِنْ النَّوَادِر مَا تَلَقَّتْهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ كَيْ لَا يَفُوتَ الِاحْتِيَاطُ فِي الْعَمَلِ وَالِاجْتِنَابُ عَنْ الْخَطَلِ وَالزَّلَلِ فَطَفِقُوا فِي اسْتِخْرَاجِ جَوَاهِرَ مِنْ مَعَادِنِهِ وَإِبْرَازِ لَطَائِفِهِ مِنْ مَكَامِنِهِ وَالْتِقَاطِ جُمَانِهِ وَفَرَائِدِهِ وَاقْتِنَاصِ شَوَارِدِهِ وَأَوَابِدِهِ، وَمَيَّزُوا ثَجِيرَهُ وَعَصِيرَهُ وَفَصَّلُوا قَبِيلَهُ وَدَبِيرَهُ وَنَظَمُوا تُوَمَهُ الْمَنْثُورَةَ وَرَتَّبُوا فَوَائِدَهُ الْمَأْثُورَةَ.
وَاخْتَارُوا فِي تَرْتِيبِ كُتُبِهَا تَرْتِيبَ الْهِدَايَةِ وَسَلَكُوا فِي تَوْضِيحِهَا أَوْ تَنْقِيحِهَا أَقْصَى النِّهَايَةِ تَارِكِينَ لِمَا تَكَرَّرَ فِي الْكُتُبِ مِنْ الرِّوَايَاتِ وَالزَّوَائِدِ مُعْرِضِينَ عَنْ الدَّلَائِلِ وَالشَّوَاهِدِ إلَّا دَلِيلَ مَسْأَلَةٍ يُوَضِّحُهَا أَوْ يَتَضَمَّنُ مَسْأَلَةً أُخْرَى وَاقْتَصَرُوا فِي الْأَكْثَرِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَّا نَادِرًا إلَى النَّوَادِرِ وَالدِّرَايَاتِ وَذَلِكَ فِيمَا لَمْ يَجِدُوا جَوَابَ الْمَسْأَلَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ أَوْ وَجَدُوا جَوَابَ النَّوَادِرِ مَوْسُومًا بِعَلَامَةِ الْفَتْوَى وَنَقَلُوا كُلَّ رِوَايَةٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ بِعِبَارَتِهَا مَعَ انْتِمَاءِ الْحَوَالَةِ إلَيْهَا وَلَمْ يُغَيِّرُوا الْعِبَارَةَ إلَّا لِدَاعِي ضَرُورَةٍ عَنْ وَجْهِهَا وَلِإِشْعَارِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَشَارُوا إلَى الْأَوَّلِ بِكَذَا وَإِلَى الثَّانِي بِهَكَذَا وَإِذَا وَجَدُوا فِي الْمَسْأَلَةَ جَوَابَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا مَوْسُومٌ بِعَلَامَةِ الْفَتْوَى وَسِمَةِ الرُّجْحَانِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُعَلَّمًا بِمَا يُعْلَمُ بِهِ قُوَّةُ الدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ أَثْبَتُوهُمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُوَفِّقُ لِلسَّدَادِ وَالصَّوَابِ
[كِتَابُ الطَّهَارَةِ وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ]
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْوُضُوءِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي فَرَائِضِ الْوُضُوءِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّد الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)
وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ: الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي الْوُضُوءِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي فَرَائِضِ الْوُضُوءِ) قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] (وَهِيَ أَرْبَعٌ) . الْأَوَّلُ: غَسْلُ الْوَجْهِ الْغُسْلُ: هُوَ الْإِسَالَةُ وَالْمَسْحُ هُوَ الْإِصَابَةُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ تَسْيِيلَ الْمَاءِ شَرْطٌ فِي الْوُضُوءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ مَا لَمْ يَتَقَاطَرْ الْمَاءُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ التَّقَاطُرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَفِي مَسْأَلَةِ الثَّلْجِ إذَا تَوَضَّأَ بِهِ إنْ قَطَرَ قَطْرَتَانِ فَصَاعِدًا يَجُوزُ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ
وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ حَدَّ الْوَجْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي الْمُغْنِي الْوَجْهُ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ
(1/3)
إلَى مَا انْحَدَرَ مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ إلَى أُصُولِ الْأُذُنَيْنِ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
إنْ زَالَ شَعْرُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ بِالصَّلَعِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ. كَذَا فِي فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَالْأَقْرَعُ الَّذِي يَنْزِلُ شَعْرُهُ إلَى الْوَجْهِ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الشَّعْرِ الَّذِي يَنْزِلُ عَنْ الْحَدِّ الْغَالِبِ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَإِيصَالُ الْمَاءِ إلَى دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا يَتَكَلَّفُ فِي الْإِغْمَاضِ وَالْفَتْحُ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى الْأَشْفَارِ وَجَوَانِبِ الْعَيْنَيْنِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَعَنْ الْفَقِيهِ أَحْمَدَ بْنِ إبْرَاهِيمَ إنْ غَسَلَ وَجْهَهُ وَغَمَّضَ عَيْنَيْهِ تَغْمِيضًا شَدِيدًا لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْمَآقِي. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ رَمِدَتْ عَيْنُهُ فَرَمِصَتْ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ تَحْتَ الرَّمَصِ إنْ بَقِيَ خَارِجًا بِتَغْمِيضِ الْعَيْنِ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَأَمَّا الشَّفَةُ فَمَا يَظْهَرُ مِنْهَا عِنْدَ الِانْضِمَامِ فَهُوَ مِنْ الْوَجْهِ وَمَا يَنْكَتِمُ عِنْدَ الِانْضِمَامِ فَهُوَ تَبَعُ الْفَمِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الْعِذَارِ وَبَيْنَ شَحْمَتَيْ الْأُذُنِ يَجِبُ غَسْلُهُ عِنْدَ الْوُضُوءِ. هَكَذَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ قَالَ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَيَغْسِلُ شَعْرَ الشَّارِبِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَمَا كَانَ مِنْ شَعْرِ اللِّحْيَةِ عَلَى أَصْلِ الذَّقَنِ وَلَا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَنَابِتِ الشَّعْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّعْرُ قَلِيلًا تَبْدُو مِنْهُ الْمَنَابِتُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي النِّصَابِ وَإِذَا كَانَ شَارِبُ الْمُتَوَضِّئِ طَوِيلًا وَلَا يَصِلُ الْمَاءُ تَحْتَهُ عِنْدَ الْوُضُوءِ جَازَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بِخِلَافِ الْغُسْلِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
أَمَّا اللِّحْيَةُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَسْحُ رُبْعِهَا فَرْضٌ. كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجِبُ إمْرَارُ الْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ هُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَالشَّعْرُ الْمُسْتَرْسِلُ مِنْ الذَّقَنِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطَيْنِ.
وَإِنْ أَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى شَعْرِ الذَّقَنِ ثُمَّ حَلَقَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الذَّقَنِ وَكَذَا لَوْ حَلَقَ الْحَاجِبَ وَالشَّارِبَ أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ أَظَافِيرَهُ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَالثَّانِي غَسْلُ الْيَدَيْنِ) وَالْمِرْفَقَانِ يَدْخُلَانِ فِي الْغَسْلِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّ مَا كَانَ مُرَكَّبًا عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مِنْ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَالْكَفِّ الزَّائِدَةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ خُلِقَ لَهُ يَدَانِ عَلَى الْمَنْكِبِ فَالتَّامَّةُ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ يَجِبُ غَسْلُهَا وَالْأُخْرَى زَائِدَةٌ فَمَا حَاذَى مِنْهَا مَحَلَّ الْفَرْضِ يَجِبُ غَسْلُهُ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَلْ يُنْدَبُ غَسْلُهُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
فِي فَتَاوَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ إنْ بَقِيَ مِنْ مَوْضِعِ الْوُضُوءِ قَدْرُ رَأْسِ إبْرَةٍ أَوْ لَزِقَ بِأَصْلِ ظُفْرِهِ طِينٌ يَابِسٌ أَوْ رَطْبٌ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ تَلَطَّخَ يَدُهُ بِخَمِيرٍ أَوْ حِنَّاءٍ جَازَ
وَسُئِلَ الدَّبُوسِيُّ عَمَّنْ عَجَنَ فَأَصَابَ يَدَهُ عَجِينٌ فَيَبِسَ وَتَوَضَّأَ قَالَ: يُجْزِيهِ إذَا كَانَ قَلِيلًا. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَمَا تَحْتَ الْأَظَافِيرِ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِ عَجِينٌ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَأَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو نَصْرٍ الصَّفَّارُ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الظُّفُرَ إذَا كَانَ طَوِيلًا بِحَيْثُ يَسْتُرُ رَأْسَ الْأُنْمُلَةِ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا لَا يَجِبُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ طَالَتْ أَظْفَارُهُ حَتَّى خَرَجَتْ عَنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَجَبَ غَسْلُهَا قَوْلًا وَاحِدًا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ وَافِرِ الظُّفُرِ الَّذِي يَبْقَى فِي أَظْفَارِهِ الدَّرَنُ أَوْ الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلَ الطِّينِ أَوْ الْمَرْأَةِ الَّتِي صَبَغَتْ أُصْبُعَهَا بِالْحِنَّاءِ، أَوْ الصَّرَّامِ، أَوْ الصَّبَّاغِ قَالَ كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ يُجْزِيهِمْ وُضُوءُهُمْ إذْ لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ إلَّا بِحَرَجٍ وَالْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْمَدَنِيِّ وَالْقَرَوِيِّ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَا الْخَبَّازُ إذَا كَانَ وَافِرَ الْأَظْفَارِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ نَاقِلًا عَنْ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ.
وَالْخِضَابُ إذَا تَجَسَّدَ وَيَبِسَ يَمْنَعُ تَمَامَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْوَجِيزِ.
(1/4)
وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ تَحْرِيكُ الْخَاتَمِ سُنَّةٌ إنْ كَانَ وَاسِعًا وَفَرْضٌ إنْ كَانَ ضَيِّقًا بِحَيْثُ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ تَحْتَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَالثَّالِثُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ) وَيَدْخُلُ الْكَعْبَانِ فِي الْغَسْلِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَالْكَعْبُ هُوَ الْعَظْمُ النَّاتِئُ فِي السَّاقِ الَّذِي يَكُونُ فَوْقَ الْقَدَمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْمِرْفَقِ وَالْكَعْبِ شَيْءٌ سَقَطَ الْغُسْلُ وَلَوْ بَقِيَ وَجَبَ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَا غَسْلُ مَوْضِعِ الْقَطْعِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ الْخُجَنْدِيُّ عَنْ رَجُلٍ زَمِنَ رِجْلُهُ بِحَيْثُ لَوْ قُطِعَ لَا يُعْرَفُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ؟ قَالَ: نَعَمْ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا دَهَنَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَأَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى رِجْلَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلْ الْمَاءَ لِمَكَانِ الدُّسُومَةِ جَازَ الْوُضُوءُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إذَا كَانَ بِرِجْلِهِ شِقَاقٌ فَجَعَلَ فِيهِ الشَّحْمَ وَغَسَلَ الرِّجْلَيْنِ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ يَضُرُّهُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّهُ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ خَرَزَهُ جَازَ بِكُلِّ حَالٍ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إذَا كَانَ فِي أَعْضَائِهِ شِقَاقٌ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ غَسْلِهِ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْغُسْلِ وَيَلْزَمُ إمْرَارُ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ مِنْ إمْرَارِ الْمَاءِ يَكْفِيهِ الْمَسْحُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمَسْحِ سَقَطَ عَنْهُ الْمَسْحُ أَيْضًا فَيَغْسِلُ مَا حَوْلَهُ وَيَتْرُكُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ كَانَ بِهِ قُرْحَةٌ فَارْتَفَعَ جِلْدُهَا وَأَطْرَافُ الْقُرْحَةِ مُتَّصِلَةٌ بِالْجِلْدِ إلَّا الطَّرَفَ الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ الْقَيْحُ فَغَسَلَ الْجِلْدَةَ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَ الْجِلْدَةِ جَازَ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّ مَا تَحْتَ الْجِلْدَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَلَا يُفْتَرَضُ غَسْلُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا كَانَ عَلَى بَعْضِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ قُرْحَةٌ نَحْوُ الدُّمَّلِ وَشَبَهِهِ وَعَلَيْهِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ فَتَوَضَّأَ وَأَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى الْجِلْدَةِ ثُمَّ نَزَعَ الْجِلْدَةَ هَلْ يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَا تَحْتَ الْجِلْدَةِ؟ قَالَ: إنْ نَزَعَ الْجِلْدَةَ بَعْدَ مَا بَرَأَ بِحَيْثُ لَمْ يَتَأَلَّمْ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَإِنْ نَزَعَ قَبْلَ الْبُرْءِ بِحَيْثُ يَتَأَلَّمُ بِذَلِكَ إنْ خَرَجَ مِنْهَا شَيْءٌ وَسَالَ نَقَضَ الْوُضُوءَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْغَسْلُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَفِي فَوَائِدِ الْقَاضِي الْإِمَامِ رُكْنِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ إذَا كَانَ عَلَى بَعْضِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ خُرْءُ ذُبَابٍ أَوْ بُرْغُوثٍ فَتَوَضَّأَ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ جِلْدُ سَمَكٍ أَوْ خُبْزٌ مَمْضُوغٍ قَدْ جَفَّ فَتَوَضَّأَ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْهُ مُمْكِنٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ بَقِيَتْ عَلَى الْعُضْوِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَصَرَفَ الْبَلَلَ الَّذِي عَلَى ذَلِكَ الْعُضْوِ إلَى اللُّمْعَةِ جَازَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا حَوَّلَ بَلَّةَ عُضْوٍ إلَى عُضْوٍ فِي الْوُضُوءِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْغُسْلِ يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الْبَلَّةُ مُتَقَاطِرَةً. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
إذَا أَصَابَ الرَّجُلَ الْمَطَرُ أَوْ وَقَعَ فِي نَهْرٍ جَارٍ جَازَ وُضُوءُهُ وَغُسْلُهُ أَيْضًا إنْ أَصَابَ الْمَاءُ جَمِيعَ بَدَنِهِ وَعَلَيْهِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
(وَالرُّبَاعُ مَسْحُ الرَّأْسِ) وَالْمَفْرُوضُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ مِقْدَارُ النَّاصِيَةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُخْتَارُ فِي مِقْدَارِ النَّاصِيَةِ رُبْعُ الرَّأْسِ. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
الْوَاجِبُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِيهِ ثَلَاثَ أَصَابِعَ الْيَدِ عَلَى الْأَصَحِّ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ، فَلَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ مَسَحَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ مَفْتُوحَتَيْنِ فَيَضَعُهُمَا مَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْكَفِّ عَلَى رَأْسِهِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا أُصْبُعَانِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْكَفِّ قَدْرُ أُصْبُعٍ فَيَصِيرُ ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا مَسَحَ رَأْسَهُ بِرُءُوسِ أَصَابِعِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَقَاطِرًا لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ شَعْرٌ طَوِيلٌ فَمَسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ إلَّا أَنَّ الْمَسْحَ وَقَعَ عَلَى شَعْرِهِ إنْ وَقَعَ عَلَى شَعْرٍ تَحْتَهُ رَأْسٌ يَجُوزُ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى شَعْرٍ تَحْتَهُ جَبْهَةٌ أَوْ رَقَبَةٌ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ لَهُ ذُؤَابَتَانِ مَشْدُودَتَانِ حَوْلَ الرَّأْسِ كَمَا تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ
(1/5)
فَوَقَعَ مَسْحُهُ عَلَى رَأْسِ الذُّؤَابَةِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا بِالْجَوَازِ إذَا لَمْ يُرْسِلْهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَسَحَ عَلَى شَعْرٍ تَحْتَهُ الرَّأْسُ وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَرْسَلَهُمَا أَوْ لَمْ يُرْسِلْهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ لَا يَنُوبُ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ كَانَ فِي كَفِّهِ بَلَلٌ فَمَسَحَ بِهِ أَجْزَأَهُ سَوَاءٌ كَانَ أَخَذَ الْمَاءَ مِنْ الْإِنَاءِ أَوْ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَبَقِيَ بَلَلٌ فِي كَفِّهِ هُوَ الصَّحِيحُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَسَحَ رَأْسَهُ أَوْ خُفَّهُ وَبَقِيَ عَلَى كَفِّهِ بَلَلٌ فَمَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ أَوْ خُفَّهُ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا أَخَذَ الْبَلَلَ مِنْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ بِهِ مَغْسُولًا كَانَ ذَلِكَ الْعُضْوُ أَوْ مَمْسُوحًا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَمَنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِالثَّلْجِ أَجْزَأَهُ مُطْلَقًا وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ بَلَلٍ قَاطِرٍ أَوْ غَيْرِ قَاطِرٍ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْبُرْهَانِيَّةِ.
وَإِذَا غَسَلَ الرَّأْسَ مَعَ الْوَجْهِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْمَسْحِ وَلَكِنْ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا أُمِرَ بِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ بَعْضُ رَأْسِهِ مَحْلُوقًا فَمَسَحَ عَلَى غَيْرِ الْمَحْلُوقِ جَازَ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَفِي الْحُجَّةِ وَلَوْ لَمْ يَمْسَحْ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَلَكِنْ مَسَحَ مُؤَخَّرَهُ أَوْ يَمِينَهُ أَوْ يَسَارَهُ أَوْ وَسَطَهُ يَجُوزُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ وَالْعِمَامَةِ وَكَذَا لَوْ مَسَحَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الْخِمَارِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا بِحَيْثُ يَصِلُ إلَى الشَّعْرِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ ذَلِكَ عَنْ الشَّعْرِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَلَوَّنْ الْمَاءُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ تَمْسَحَ تَحْتَ الْخِمَارِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى رَأْسِهَا خِضَابٌ فَمَسَحَتْ عَلَى الْخِضَابِ إذَا اخْتَلَطَتْ الْبَلَّةُ بِالْخِضَابِ وَخَرَجَتْ عَنْ حُكْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ]
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ) وَهِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمُتُونِ.
(مِنْهَا التَّسْمِيَةُ) التَّسْمِيَةُ سُنَّةٌ مُطْلَقًا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالْمُسْتَيْقِظِ وَتُعْتَبَرُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ حَتَّى لَوْ نَسِيَهَا ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ غَسْلِ الْبَعْضِ وَسَمَّى لَا يَكُونُ مُقِيمًا لِلسُّنَّةِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
فَإِنْ نَسِيَهَا فِي أَوَّلِ الطَّهَارَةِ أَتَى بِهَا مَتَى ذَكَرَهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ حَتَّى لَا يَخْلُوَ الْوُضُوءُ عَنْهَا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُسَمِّي قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَبَعْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا يُسَمِّي فِي حَالِ الِانْكِشَافِ وَلَا فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَالْأُسْتَاذُ الْعَلَّامَةُ مَوْلَانَا فَخْرُ الدِّينِ الْمَايَمُرْغِيُّ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ فِي تَسْمِيَةِ الْوُضُوءِ بِاسْمِ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَالْحَمْدِ لِلَّهِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَفِي الْخَبَّازِيَّةِ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَلَوْ قَالَ فِي ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَوْ الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَوْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ صَارَ مُقِيمًا لِسُنَّةِ التَّسْمِيَةِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
(وَمِنْهَا) غَسْلُ الْيَدَيْنِ إلَى الرُّسْغَيْنِ ثَلَاثًا ابْتِدَاءً، وَقِيلَ: إنَّهُ فَرْضٌ وَتَقْدِيمُهُ سُنَّةٌ وَاخْتَارَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْمِعْرَاجِ وَالْخَبَّازِيَّةِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَكَيْفِيَّتُهُ، إنْ كَانَ الْإِنَاءُ صَغِيرًا أَنْ يَأْخُذَهُ بِشِمَالِهِ وَيَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى يَمِينِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ يَأْخُذَهُ بِيَمِينِهِ وَيَصُبَّهُ عَلَى يَسَارِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا كَالْحُبِّ إنْ كَانَ مَعَهُ إنَاءٌ صَغِيرٌ يَفْعَلُ مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدْخَلَ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُسْرَى مَضْمُومَةً فِي الْإِنَاءِ وَيَصُبُّ عَلَى كَفِّهِ الْيُمْنَى وَيُدَلِّكُ الْأَصَابِعَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ يُدْخِلَ الْيُمْنَى فِي الْإِنَاءِ وَيَغْسِلَ الْيُسْرَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى يَدِهِ نَجَاسَةٌ فَإِنْ كَانَتْ يَحْتَالُ بِحِيلَةٍ أُخْرَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَاخْتَلَفُوا أَنَّهُ يَغْسِلُ يَدَيْهِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَغْسِلُهُمَا مَرَّتَيْنِ مَرَّةً قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَمَرَّةً بَعْدَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ) وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ ثَلَاثًا أَوَّلًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ ثَلَاثًا وَيَأْخُذَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاءً جَدِيدًا فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَحَدُّ الْمَضْمَضَةِ اسْتِيعَابُ الْمَاءِ جَمِيعَ الْفَمِ وَحَدُّ الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ إلَى الْمَارِنِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إنْ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ أَثِمَ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ سُنَنِ
(1/6)
الْهُدَى وَتَرْكُهَا يُوجِبُ الْإِسَاءَةَ بِخِلَافِ السُّنَنِ الزَّوَائِدِ فَإِنَّ تَرْكَهَا لَا يُوجِبُ الْإِسَاءَةَ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ أَخَذَ الْمَاءَ بِكَفِّهِ وَرَفَعَ مِنْهُ بِفِيهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَتَمَضْمَضَ يَجُوزُ وَلَوْ رَفَعَ الْمَاءَ مِنْ الْكَفِّ بِأَنْفِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَاسْتَنْشَقَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ لَا الْمَضْمَضَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَخَذَ الْمَاءَ بِكَفِّهِ فَتَمَضْمَضَ بِبَعْضِهِ وَاسْتَنْشَقَ بِالْبَاقِي جَازَ وَلَوْ كَانَ عَلَى عَكْسِهِ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَمِنْهَا السِّوَاكُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السِّوَاكُ مِنْ أَشْجَارٍ مُرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يُطَيِّبُ نَكْهَةَ الْفَمِ وَيَشُدُّ الْأَسْنَانَ وَيُقَوِّي الْمَعِدَةَ وَلْيَكُنْ رَطْبًا فِي غِلَظِ الْخِنْصَرِ وَطُولِ الشِّبْرِ وَلَا يَقُومُ الْأُصْبُعُ مَقَامَ الْخَشَبَةِ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْخَشَبَةُ فَحِينَئِذٍ يَقُومُ الْأُصْبُعُ مِنْ يَمِينِهِ مَقَامَ الْخَشَبَةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالظَّهِيرِيَّةِ.
وَالْعِلْكُ يَقُومُ مَقَامَهُ لِلْمَرْأَةِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيُنْدَبُ إمْسَاكُهُ بِيَمِينِهِ بِأَنْ جَعَلَ الْخِنْصَرَ أَسْفَلَهُ وَالْإِبْهَامَ أَسْفَلَ رَأْسِهِ وَبَاقِيَ الْأَصَابِعِ فَوْقَهُ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
ثُمَّ وَقْتُ الِاسْتِيَاكِ هُوَ وَقْتُ الْمَضْمَضَةِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيَسْتَاكُ أَعَالِيَ الْأَسْنَانِ وَأَسَافِلَهَا وَيَسْتَاكُ عَرْضَ أَسْنَانِهِ وَيَبْتَدِئُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَمَنْ خَشِيَ مِنْ السِّوَاكِ تَحْرِيكَ الْقَيْءِ تَرَكَهُ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْتَاكَ مُضْطَجِعًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَمِنْهَا تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ) ذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَخْلِيلَ اللِّحْيَةِ بَعْدَ التَّثْلِيثِ سُنَّةً فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ أَخَذَ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يُدْخِلَ أَصَابِعَهُ فِيهَا وَيُخَلِّلَ مِنْ الْجَانِبِ الْأَسْفَلِ إلَى فَوْقٍ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْكُرْدِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
(وَمِنْهَا تَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ) وَهُوَ إدْخَالُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ بِمَاءٍ مُتَقَاطِرٍ وَهَذَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ اتِّفَاقًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ هَذَا إذَا وَصَلَ الْمَاءُ إلَى أَثْنَائِهَا وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بِأَنْ كَانَتْ مُنْضَمَّةً فَوَاجِبٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُغْنِي عَنْهُ إدْخَالُهَا فِي الْمَاءِ وَلَوْ غَيْرَ جَارٍ وَالْأَوْلَى فِي الْيَدَيْنِ التَّشْبِيكُ وَفِي الرِّجْلَيْنِ أَنْ يُخَلِّلَ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى خِنْصَرَ رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمَ بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَيُدْخِلَ الْأُصْبُعَ مِنْ أَسْفَلَ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
(وَمِنْهَا) تَكْرَارُ الْغَسْلِ ثَلَاثًا فِيمَا يُفْرَضُ غَسْلُهُ نَحْوُ الْيَدَيْنِ وَالْوَجْهِ وَالرِّجْلَيْنِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ السَّابِغَةُ فِي الْغَسْلِ فَرْضٌ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالثِّنْتَانِ سُنَّتَانِ مُؤَكَّدَتَانِ عَلَى الصَّحِيحِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَتَفْسِيرُ السُّبُوغِ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ إلَى الْعُضْوِ وَيَسِيلَ وَيَتَقَاطَرَ مِنْهُ قَطَرَاتٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَ الْأَعْضَاءَ كُلَّ مَرَّةٍ غَسْلًا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى جَمِيعِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ فَلَوْ غَسَلَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَبَقِيَ مَوْضِعٌ يَابِسٌ ثُمَّ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ يُصِيبُ الْمَاءُ بَعْضَهُ ثُمَّ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ يُصِيبُ مَوَاضِعَ فَهَذَا لَا يَكُونُ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً لِعِزَّةِ الْمَاءِ أَوْ لِلْبَرْدِ أَوْ لِحَاجَةٍ لَا يُكْرَهُ وَلَا يَأْثَمُ وَإِلَّا فَيَأْثَمُ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ لِطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ عِنْدَ الشَّكِّ أَوْ بِنِيَّةِ وُضُوءٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَمِنْهَا) مَسْحُ كُلِّ الرَّأْسِ مَرَّةً. كَذَا فِي الْمُتُونِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَضَعُ كَفَّيْهِ وَأَصَابِعَهُ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَيَمُدُّهُمَا إلَى قَفَاهُ عَلَى وَجْهٍ يَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الرَّأْسِ ثُمَّ يَمْسَحُ أُذُنَيْهِ بِأُصْبُعَيْهِ وَلَا يَكُونُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِهَذَا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِ اسْتِيعَابِ الرَّأْسِ بِغَيْرِ عُذْرٍ يَأْثَمُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
(وَمِنْهَا مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ) يَمْسَحُ مُقَدَّمَهُمَا وَمُؤَخَّرَهُمَا بِالْمَاءِ الَّذِي يَمْسَحُ بِهِ رَأْسَهُ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ أَخَذَ مَاءً جَدِيدًا مِنْ غَيْرِ فَنَاءِ الْبَلَّةِ كَانَ حَسَنًا. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ مَسَحَ مُقَدَّمَهُمَا مَعَ الْوَجْهِ وَمُؤَخَّرَهُمَا مَعَ الرَّأْسِ جَازَ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الْأَوَّلُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَيَمْسَحُ ظَاهِرَ الْأُذُنَيْنِ بِبَاطِنِ الْإِبْهَامَيْنِ وَبَاطِنِ الْأُذُنَيْنِ بِبَاطِنِ
(1/7)
السَّبَّابَتَيْنِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَمِنْهَا النِّيَّةُ) وَالْمَذْهَبُ أَنْ يَنْوِيَ مَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِالطَّهَارَةِ مِنْ الْعِبَادَةِ أَوْ رَفْعِ الْحَدَثِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَكَيْفِيَّتُهَا أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت أَنْ أَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ نَوَيْت رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ نَوَيْت الطَّهَارَةَ أَوْ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَأَمَّا وَقْتُهَا فَعِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَالتَّلَفُّظُ بِهَا مُسْتَحَبٌّ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
(وَمِنْهَا التَّرْتِيبُ) وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِذِكْرِهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ عَدَّ الْقُدُورِيُّ النِّيَّةَ وَالتَّرْتِيبَ وَالِاسْتِيعَابَ مِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ وَعَدَّهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُحِيطِ وَالتُّحْفَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالْوَافِي مِنْ السُّنَنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
(وَمِنْهَا الْمُوَالَاةُ) وَهِيَ التَّتَابُعُ وَحَدُّهُ أَنْ لَا يَخِفَّ الْمَاءُ عَلَى الْعُضْوِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ مَا بَعْدَهُ فِي زَمَانٍ مُعْتَدِلٍ وَلَا اعْتِبَارَ بِشِدَّةِ الْحَرِّ وَالرِّيَاحِ وَلَا شِدَّةِ الْبَرْدِ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا اسْتِوَاءُ حَالَةِ الْمُتَوَضِّئِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَإِنَّمَا يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ فِي الْوُضُوءِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَمَّا إذَا كَانَ بِعُذْرٍ بِأَنْ فَرَغَ مَاءُ الْوُضُوءِ فَيَذْهَبُ لِطَلَبِ الْمَاءِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفْرِيقِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهَكَذَا إذَا فَرَّقَ فِي الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ]
(الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُسْتَحَبَّاتِ) وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا فِي الْمُتُونِ اثْنَانِ.
(الْأَوَّلُ التَّيَامُنُ) وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِالْيَدِ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى وَبِالرِّجْلِ الْيُمْنَى قَبْلَ الْيُسْرَى وَهُوَ فَضِيلَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ فِي أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ عُضْوَانِ لَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْأَيْمَنِ مِنْهُمَا عَلَى الْأَيْسَرِ إلَّا الْأُذُنَانِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا يَدٌ وَاحِدَةٌ أَوْ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عِلَّةٌ وَلَا يُمْكِنُهُ مَسْحُهُمَا مَعًا يَبْدَأُ بِالْأُذُنِ الْيُمْنَى ثُمَّ بِالْيُسْرَى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
(وَالثَّانِي مَسْحُ الرَّقَبَةِ) وَهُوَ بِظَهْرِ الْيَدَيْنِ وَأَمَّا مَسْحُ الْحُلْقُومِ فَبِدْعَةٌ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَهَا هُنَا سُنَنٌ وَآدَابٌ ذَكَرَهَا الْمَشَايِخُ) وَالسُّنَّةُ عِنْدَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ الْإِنَاءَ بِيَمِينِهِ وَيَكُبَّهُ عَلَى مُقَدَّمِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَيُدَلِّكَهُ بِيَسَارِهِ فَيَغْسِلَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ يُفِيضَ الْمَاءَ عَلَى مُقَدَّمِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَيُدَلِّكَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمِنْ السُّنَنِ الْبُدَاءَةُ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْبُدَاءَةُ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ فِي الْمَسْحِ سُنَّةٌ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَالتَّرْتِيبُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ سُنَّةٌ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا سُنَّةٌ أَيْضًا. كَذَا فِي الْكَافِي وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَهِيَ فِي الْمَضْمَضَةِ بِالْغَرْغَرَةِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَضَعَ الْمَاءَ عَلَى مَنْخِرَيْهِ وَيَجْذِبَهُ حَتَّى يَصْعَدَ إلَى مَا اشْتَدَّ مِنْ أَنْفِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْأَصْلِ مِنْ الْأَدَبِ أَنْ لَا يُسْرِفَ فِي الْمَاءِ وَلَا يُقَتِّرَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَذَا إذَا كَانَ مَاءَ نَهْرٍ أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ فَإِنْ كَانَ مَاءً مَوْقُوفًا عَلَى مَنْ يَتَطَهَّرُ أَوْ يَتَوَضَّأُ حَرُمَتْ الزِّيَادَةُ وَالْإِسْرَافُ بِلَا خِلَافٍ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِيهِ بِكَلَامِ النَّاسِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَإِنْ دَعَتْ إلَى الْكَلَامِ حَاجَةٌ يُخَافُ فَوْتُهَا بِتَرْكِهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَرْكُ الْأَدَبِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَأَنْ يَقُومَ بِأَمْرِ الْوُضُوءِ بِنَفْسِهِ وَأَنْ تَقُولَ: بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمَدِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنْ لَا يَمْسَحَ سَائِرَ أَعْضَائِهِ بِالْخِرْقَةِ الَّتِي يَمْسَحُ بِهَا مَوْضِعَ الِاسْتِنْجَاءِ، وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ عِنْدَ الْوُضُوءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ، وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ أَوْ فِي خِلَالِ الْوُضُوءِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ، وَأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ وَأَنْ يَمْلَأَ آنِيَتَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ لِصَلَاةٍ أُخْرَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَنْ يَشْرَبَ قَطْرَةً مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قَائِمًا وَيَتَوَضَّأُ بِآنِيَةِ
(1/8)
الْخَزَفِ وَيَتَوَقَّى التَّقَاطُرَ عَلَى الثِّيَابِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَا يَنْفُضُ يَدَيْهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ بِالْيُمْنَى وَالِامْتِخَاطُ بِالْيُسْرَى. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ لِأَبِي اللَّيْثِ.
وَعَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ أَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي لِلْمُتَوَضِّئِ فِي الشِّتَاءِ أَنْ يَبُلَّ أَعْضَاءَهُ بِالْمَاءِ شِبْهَ الدُّهْنِ ثُمَّ يُسِيلَ الْمَاءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَتَجَافَى عَنْ الْأَعْضَاءِ فِي الشِّتَاءِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَمِنْ الْأَدَبِ دَلْكُ أَعْضَائِهِ، وَإِدْخَالُ خِنْصَرِهِ صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ وَتَقْدِيمُ الْوُضُوءِ عَلَى الْوَقْتِ، وَنَشْرُ الْمَاءِ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ لَطْمٍ، وَالْجُلُوسُ فِي مَكَان مُرْتَفِعٍ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيَغْسِلُ عُرْوَةَ الْإِنَاءِ ثَلَاثًا وَيَغْسِلُ الْأَعْضَاءَ بِالرِّفْقِ وَلَا يَسْتَعْجِلُ فِي الْوُضُوءِ وَيَسْتَقْصِي فِي الْغَسْلِ وَالتَّخْلِيلِ وَالدَّلْكِ وَيُجَاوِزُ حَدَّ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِيَسْتَيْقِنَ بِغَسْلِ الْحُدُودِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَيَبْدَأُ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ مِنْ أَعْلَاهُ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَالتَّوَضُّؤُ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ؛ لِأَنَّ لِمَاءِ الْوُضُوءِ حُرْمَةً. هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْمُضْمَرَاتِ.
وَجَعْلُ الْإِنَاءِ الصَّغِيرِ عَلَى يَسَارِهِ وَالْكَبِيرِ الَّذِي يَغْتَرِفُ مِنْهُ عَلَى يَمِينِهِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ نِيَّةِ الْقَلْبِ وَفِعْلِ اللِّسَانِ وَتَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ وَلْيَقُلْ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك، وَعِنْدَ الِاسْتِنْشَاقِ: اللَّهُمَّ أَرِحْنِي رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَلَا تُرِحْنِي رَائِحَةَ النَّارِ، وَعِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ: اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ وَعِنْدَ غَسْلِ يَدِهِ الْيُمْنَى اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا.
وَعِنْدَ غَسْلِ الْيُسْرَى: اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي وَلَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي، وَعِنْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ: اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّ عَرْشِك، وَعِنْدَ مَسْحِ أُذُنَيْهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، وَعِنْدَ مَسْحِ عُنُقِهِ: اللَّهُمَّ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنْ النَّارِ، وَعِنْدَ غَسْلِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى: اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ الْأَقْدَامُ، وَعِنْدَ غَسْلِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ذَنْبِي مَغْفُورًا وَسَعْيِي مَشْكُورًا وَتِجَارَتِي لَنْ تَبُورَ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ وَلَا يُنْقِصُ مَاءَ وُضُوئِهِ عَنْ مُدٍّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(الْوُضُوءُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ) فَرْضٌ وَهُوَ وُضُوءُ الْمُحْدِثِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ، وَوَاجِبٌ وَهُوَ الْوُضُوءُ لِلطَّوَافِ إنْ طَافَ بِالْبَيْتِ بِدُونِهِ جَازَ وَيَكُونُ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ، وَمَنْدُوبٌ وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْدُودٍ فَمِنْهَا الْوُضُوءُ لِلنَّوْمِ، وَمِنْهَا الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْوُضُوءِ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ كُلَّمَا أَحَدَثَ لِيَكُونَ عَلَى الْوُضُوءِ فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا، وَمِنْهَا الْوُضُوءُ بَعْدَ الْغَيْبَةِ وَبَعْدَ إنْشَادِ الشِّعْرِ وَمِنْهَا الْوُضُوءُ عَلَى الْوُضُوءِ وَمِنْهَا الْوُضُوءُ إذَا ضَحِكَ قَهْقَهَةً وَمِنْهَا الْوُضُوءُ لِغَسْلِ الْمَيِّتِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمَكْرُوهَاتِ]
(الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمَكْرُوهَاتِ) فَمِنْهَا التَّعْنِيفُ فِي ضَرْبِ الْمَاءِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِالْيَسَارِ وَالِامْتِخَاطُ بِالْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ لِأَبِي اللَّيْثِ وَمِنْهَا تَثْلِيثُ الْمَسْحِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَلَا بَأْسَ بِالتَّمَسُّحِ بِالْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَيُكْرَهُ أَنْ يَخُصَّ لِنَفْسِهِ إنَاءً يَتَوَضَّأُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُعَيِّنَ لِنَفْسِهِ فِي الْمَسْجِدِ مَكَانًا. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
[الْفَصْلُ الْخَامِسِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ]
(الْفَصْلُ الْخَامِسِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ) مِنْهَا مَا يَخْرُجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالرِّيحِ الْخَارِجَةِ مِنْ الدُّبُرِ وَالْوَدْيِ وَالْمَذْيِ وَالْمَنِيِّ وَالدُّودَةِ وَالْحَصَاةِ، الْغَائِطُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَكَذَلِكَ الْبَوْلُ وَالرِّيحُ الْخَارِجَةُ مِنْ الدُّبُرِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالرِّيحُ الْخَارِجَةُ مِنْ الذَّكَرِ وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُفْضَاةً فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا الْوُضُوءُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
بِهِ جَائِفَةٌ فَخَرَجَ مِنْهَا رِيحٌ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَالْجُشَاءِ الْمُنْتِنِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ نَزَلَ الْبَوْلُ إلَى قَصَبَةِ الذَّكَرِ لَمْ يَنْقُضْ الْوُضُوءَ وَلَوْ خَرَجَ إلَى
(1/9)
الْقُلْفَةَ نَقَضَ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ خَرَجَ الْبَوْلُ مِنْ الْفَرْجِ الدَّاخِلِ مِنْ الْمَرْأَةِ دُونَ الْخَارِجِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَالْمَجْبُوبُ إذَا خَرَجَ مِنْهُ مَا يُشْبِهُ الْبَوْلَ فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إمْسَاكِهِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَإِنْ شَاءَ أَرْسَلَهُ فَهُوَ بَوْلٌ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إمْسَاكِهِ لَا يَنْقُضْ مَا لَمْ يَسِلْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْفَتَاوَى إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْخُنْثَى رَجُلٌ فَالْفَرْجُ الْآخَرُ بِمَنْزِلَةِ الْجُرْحِ لَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهُ حَتَّى يَسِيلَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالذَّخِيرَةِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَكْثَرُ الْمُعْتَبَرَاتِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى إيجَابِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ هُوَ الْأَوَّلُ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَلَوْ كَانَ لِذَكَرِ الرَّجُلِ جُرْحٌ لَهُ رَأْسَانِ أَحَدُهُمَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَا يَسِيلُ فِي مَجْرَى الْبَوْلِ وَالثَّانِي يَخْرُجُ مِنْهُ مَا لَا يَسِيلُ فِي مَجْرَى الْبَوْلِ فَالْأَوَّلُ بِمَنْزِلَةِ الْإِحْلِيلِ إذَا ظَهَرَ الْبَوْلُ عَلَى رَأْسِهِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ وَلَا وُضُوءَ فِي الثَّانِي مَا لَمْ يَسِلْ إذَا خَافَ الرَّجُلُ خُرُوجَ الْبَوْلِ فَحَشَا إحْلِيلَهُ بِقُطْنَةٍ وَلَوْلَا الْقُطْنَةُ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ حَتَّى يَظْهَرَ الْبَوْلُ عَلَى الْقُطْنَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا خَرَجَ دُبُرُهُ إنْ عَالَجَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِخِرْقَةٍ حَتَّى أَدْخَلَهُ تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْتَزِقُ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ بِنَفْسِ خُرُوجِ الدُّبُرِ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
الْمَذْيُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَكَذَا الْوَدْيُ وَالْمَنِيُّ إذَا خَرَجَ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ بِأَنْ حَمَلَ شَيْئًا فَسَبَقَهُ الْمَنِيُّ أَوْ سَقَطَ مِنْ مَكَان مُرْتَفِعٍ يُوجِبُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَنِيُّ الرَّجُلِ خَاثِرٌ أَبْيَضُ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الطَّلْعِ فِيهِ لُزُوجَةٌ يَنْكَسِرُ الذَّكَرُ عِنْدَ خُرُوجِهِ، وَمَنِيُّ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ وَالْمَذْيُ رَقِيقٌ يَضْرِبُ إلَى الْبَيَاضِ يَبْدُو خُرُوجُهُ عِنْدَ الْمُلَاعَبَةِ مَعَ أَهْلِهِ بِالشَّهْوَةِ وَيُقَابِلُهُ مِنْ الْمَرْأَةِ الْقَذْيُ، وَالْوَدْيُ بَوْلٌ غَلِيظٌ وَقِيلَ مَاءٌ يَخْرُجُ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ مِنْ الْجِمَاعِ وَبَعْدَ الْبَوْلِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الدُّودَةُ إذَا خَرَجَتْ مِنْ الدُّبُرِ فَهُوَ حَدَثٌ وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ قُبُلِ الْمَرْأَةِ وَالذَّكَرِ فَكَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْحَصَاةُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا قَطَّرَ فِي إحْلِيلِهِ ثُمَّ خَرَجَ لَا يَنْقُضُ كَمَا فِي الصَّوْمِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ احْتَقَنَ بِالدُّهْنِ ثُمَّ سَالَ مِنْهُ يُعِيدُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكُلُّ مَا وَصَلَ إلَى الدَّاخِلِ مِنْ الْأَسْفَلِ ثُمَّ عَادَ نَقَضَ لِعَدَمِ انْفِكَاكِهِ عَنْ بَلَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الدُّخُولُ بِأَنْ كَانَ طَرَفُهُ فِي يَدِهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
(وَمِنْهَا) مَا يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ وَيَسِيلُ إلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ الدَّمِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وَالْمَاءِ لِعِلَّةٍ وَحَدُّ السَّيَلَانِ أَنْ يَعْلُوَ فَيَنْحَدِرَ عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. الدَّمُ إذَا عَلَا عَلَى رَأْسِ الْجُرْحِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَإِنْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْجُرْحِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ وُضُوءُهُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الدَّمُ وَالْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ وَمَاءُ الْجُرْحِ وَالنَّفَطَةِ وَالسُّرَّةِ وَالثَّدْيِ وَالْعَيْنِ وَالْأُذُنِ لِعِلَّةٍ سَوَاءٌ، عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَوْ صَبَّ دُهْنًا فِي أُذُنِهِ فَمَكَثَ فِي دِمَاغِهِ ثُمَّ سَالَ مِنْ أُذُنِهِ أَوْ مِنْ أَنْفِهِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ خَرَجَ مِنْ فَمِهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَمِ إلَّا بَعْدَمَا وَصَلَ إلَى الْمَعِدَةِ وَهِيَ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ فَصَارَ لَهُ حُكْمُ الْقَيْءِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ اسْتَعَطَ فَخَرَجَ السَّعُوطُ مِنْ الْفَمِ وَكَانَ مِلْءَ الْفَمِ نَقَضَ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْأُذُنَيْنِ لَا يَنْقُضُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ دَخَلَ الْمَاءُ أُذُنَ رَجُلٍ فِي الِاغْتِسَالِ وَمَكَثَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ أَنْفِهِ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النِّصَابِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَّا إذَا صَارَ قَيْحًا فَحِينَئِذٍ يَنْقُضُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَإِذَا خَرَجَ مِنْ أُذُنِهِ قَيْحٌ أَوْ صَدِيدٌ يَنْظُرُ إنْ خَرَجَ بِدُونِ الْوَجَعِ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ وَإِنْ خَرَجَ مَعَ الْوَجَعِ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا
(1/10)
خَرَجَ مَعَ الْوَجَعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْجُرْحِ. هَكَذَا حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالتَّبْيِينِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَصْلِ إذَا خَرَجَ مِنْ الْجُرْحِ دَمٌ قَلِيلٌ فَمَسَحَهُ ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا وَمَسَحَهُ فَإِنْ كَانَ الدَّمُ بِحَالٍ لَوْ تَرَكَ مَا قَدْ مَسَحَ مِنْهُ سَالَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَسِيلُ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ وَكَذَلِكَ إنْ أَلْقَى عَلَيْهِ رَمَادًا أَوْ تُرَابًا ثُمَّ ظَهَرَ ثَانِيًا وَتَرَّبَهُ ثُمَّ وَثُمَّ فَهُوَ كَذَلِكَ يُجْمَعُ كُلُّهُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ نَزَلَ الدَّمُ مِنْ الرَّأْسِ إلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ مِنْ الْأَنْفِ وَالْأُذُنَيْنِ نَقَضَ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ مِنْ الْأَنْفِ مَا لَانَ مِنْهُ. كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ نَفْسِ الْفَمِ تُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّيقِ فَإِنْ تَسَاوَيَا انْتَقَضَ الْوُضُوءُ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ اللَّوْنِ فَإِنْ كَانَ أَحْمَرَ انْتَقَضَ وَإِنْ كَانَ أَصْفَرَ لَا يَنْتَقِضُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالْمُتَوَضِّئُ إذَا عَضَّ شَيْئًا فَوَجَدَ فِيهِ أَثَرَ الدَّمِ أَوْ اسْتَاكَ بِسِوَاكٍ فَوَجَدَ فِيهِ أَثَرَ الدَّمِ لَا يَنْتَقِضُ مَا لَمْ يَعْرِفْ السَّيَلَانَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إذَا كَانَ فِي عَيْنِهِ قُرْحَةٌ وَوَصَلَ الدَّمُ مِنْهَا إلَى جَانِبٍ آخَرَ مِنْ عَيْنِهِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَى مَوْضِعٍ يَجِبُ غَسْلُهُ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
خَرَجَ دَمٌ مِنْ الْقُرْحَةِ بِالْعَصْرِ وَلَوْلَاهُ مَا خَرَجَ نَقَضَ فِي الْمُخْتَارِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَهُوَ الْأَوْجُهُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْحَلَبِيِّ.
وَإِنْ قُشِرَتْ نُقْطَةٌ وَسَالَ مِنْهَا مَاءٌ أَوْ صَدِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ إنْ سَالَ عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ نَقَضَ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ لَا يَنْقُضُ هَذَا إذَا قَشَرَهَا فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا عَصَرَهَا فَخَرَجَ بِعَصْرِهِ لَا يَنْقُضُ؛ لِأَنَّهُ مُخْرَجٌ وَلَيْسَ بِخَارِجٍ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
الرَّجُلُ إذَا اسْتَنْثَرَ فَخَرَجَ مِنْ أَنْفِهِ عَلَقٌ قَدْرَ الْعَدَسَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الْقُرَادُ إذَا مَصَّ عُضْوَ إنْسَانٍ فَامْتَلَأَ دَمًا إنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ كَمَا لَوْ مَصَّتْ الذُّبَابُ أَوْ الْبَعُوضُ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا يَنْقُضُ وَكَذَا الْعَلَقَةُ إذَا مَصَّتْ عُضْوَ إنْسَانٍ حَتَّى امْتَلَأَتْ مِنْ دَمِهِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْغَرْبُ فِي الْعَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْجُرْحِ فَمَا يَسِيلُ مِنْهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ كَانَ فِي عَيْنَيْهِ رَمَدٌ أَوْ عَمَشٌ يَسِيلُ مِنْهُمَا الدُّمُوعُ قَالُوا يُؤْمَرُ بِالْوُضُوءِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ صَدِيدًا أَوْ قَيْحًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الدُّودَةُ الْخَارِجَةُ عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْعَرَقُ الْمَدَنِيُّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (رشته) هُوَ بِمَنْزِلَةِ الدُّودَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَسِيلُ مِنْهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(وَمِنْهَا الْقَيْءُ) لَوْ قَلَسَ مِلْءَ فِيهِ مُرَّةً أَوْ طَعَامًا أَوْ مَاءً نَقَضَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْحَدُّ الصَّحِيحُ فِي مِلْءِ الْفَمِ أَنْ لَا يُمْكِنَهُ إمْسَاكُهُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ شَرِبَ مَاءً ثُمَّ قَاءَ صَافِيًا انْتَقَضَ الْوُضُوءُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى.
وَإِنْ قَاءَ مِلْءَ الْفَمِ بَلْغَمًا إنْ نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ لَمْ يَنْتَقِضْ وَإِنْ صَعِدَ مِنْ الْجَوْفِ لَمْ يَنْتَقِضْ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا قَاءَ بَلْغَمًا صِرْفًا فَإِنْ كَانَ مَخْلُوطًا بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مِلْءَ الْفَمِ يَكُونُ حَدَثًا وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ قَاءَ دَمًا إنْ كَانَ سَائِلًا نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ يَنْقُضُ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ عَلَقًا لَا يَنْقُضُ اتِّفَاقًا وَإِنْ صَعِدَ مِنْ الْجَوْفِ إنْ كَانَ عَلَقًا لَا يَنْقُضُ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَمْلَأَ الْفَمَ وَإِنْ كَانَ سَائِلًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَنْقُضُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْءَ الْفَمِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَصَحَّحَهُ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِنْ قَاءَ قَلِيلًا لَوْ جُمِعَ يَبْلُغُ مِلْءَ الْفَمِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ اتَّحَدَ السَّبَبُ جُمِعَ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا أَصَحُّ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
إذَا قَاءَ ثَانِيًا قَبْلَ سُكُونِ نَفْسِهِ مِنْ الْهَيَجَانِ وَالْغَثَيَانِ كَانَ السَّبَبُ مُتَّحِدًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ كَانَ السَّبَبُ مُخْتَلِفًا. كَذَا فِي الْكَافِي.
مَا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَدَثًا لَا يَكُونُ نَجَسًا كَالْقَيْءِ الْقَلِيلِ وَالدَّمِ
(1/11)
إذَا لَمْ يَسِلْ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْكَافِي.
(وَمِنْهَا النَّوْمُ) يَنْقُضُهُ النَّوْمُ مُضْطَجِعًا فِي الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِهَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَكَذَا النَّوْمُ مُتَوَرِّكًا بِأَنْ نَامَ عَلَى أَحَدِ وَرِكَيْهِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَكَذَا النَّوْمُ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ نَامَ قَاعِدًا وَاضِعًا أَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ شِبْهَ الْمُنْكَبِّ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ نَامَ مُسْتَنِدًا إلَى مَا لَوْ أُزِيلَ عَنْهُ لَسَقَطَ إنْ كَانَتْ مَقْعَدَتُهُ زَائِلَةً عَنْ الْأَرْضِ نَقَضَ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ زَائِلَةٍ فَالصَّحِيحُ أَنْ لَا يَنْقُضَ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَا يَنْقُضُ نَوْمُ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ وَلَوْ فِي السَّرْجِ أَوْ الْمَحْمِلِ وَلَا الرَّاكِعِ وَلَا السَّاجِدِ مُطْلَقًا إنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ خَارِجَهَا فَكَذَلِكَ إلَّا فِي السُّجُودِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَسْنُونَةِ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ رَافِعًا بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ مُجَافِيًا عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَإِنْ سَجَدَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْهَيْئَةِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ ثُمَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ غَلَبَتِهِ وَتَعَمُّدِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ النَّقْضُ فِي الثَّانِي وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرِيضِ إذَا كَانَ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا فَنَامَ فَالصَّحِيحُ أَنَّ وُضُوءَهُ يَنْتَقِضُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالتَّبْيِينِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَإِنْ نَامَ جَالِسًا وَهُوَ يَتَمَايَلُ وَرُبَّمَا تَزُولُ مَقْعَدَتُهُ عَنْ الْأَرْضِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَدَثًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ نَامَ قَاعِدًا فَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ أَوْ جَنْبِهِ إنْ انْتَبَهَ قَبْلَ سُقُوطِهِ أَوْ حَالَةَ سُقُوطِهِ أَوْ سَقَطَ نَائِمًا وَانْتَبَهَ مِنْ سَاعَتِهِ لَا يَنْتَقِضُ وَإِنْ اسْتَقَرَّ نَائِمًا ثُمَّ انْتَبَهَ يَنْتَقِضُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ نَامَ مُتَرَبِّعًا لَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ وَكَذَا لَوْ نَامَ مُتَوَرِّكًا بِأَنْ يَبْسُطَ قَدَمَيْهِ مِنْ جَانِبٍ وَيُلْصِقَ أَلْيَتَيْهِ بِالْأَرْضِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا نَامَ رَاكِبًا عَلَى دَابَّةٍ وَالدَّابَّةُ عُرْيَانَةٌ فَإِنْ كَانَ فِي حَالَةِ الصُّعُودِ وَالِاسْتِوَاءِ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ أَمَّا حَالَةُ الْهُبُوطِ يَكُونُ حَدَثًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ نَامَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فِي إكَافٍ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ وَإِنْ نَامَ عَلَى رَأْسِ التَّنُّورِ وَهُوَ جَالِسٌ قَدْ أَدْلَى رِجْلَيْهِ كَانَ مُحْدِثًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَأَمَّا النُّعَاسُ فِي حَالَةِ الِاضْطِجَاعِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ثَقِيلًا أَوْ خَفِيفًا فَإِنْ كَانَ ثَقِيلًا فَهُوَ حَدَثٌ وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا لَا يَكُونُ حَدَثًا وَالْفَاصِلُ بَيْنَ الْخَفِيفِ وَالثَّقِيلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَسْمَعُ مَا قِيلَ عِنْدَهُ فَهُوَ خَفِيفٌ وَإِنْ كَانَ يَخْفَى عَلَيْهِ عَامَّةُ مَا قِيلَ عِنْدَهُ فَهُوَ ثَقِيلٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(وَمِنْهَا الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ وَالْغَشْيُ وَالسُّكْرُ) الْإِغْمَاءُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَكَذَا الْجُنُونُ وَالْغَشْيُ وَالسُّكْرُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ لَا يَعْرِفَ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَالصَّحِيحُ مَا نُقِلَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ فِي بَعْضِ مِشْيَتِهِ تَحَرُّكٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(وَمِنْهَا الْقَهْقَهَةُ) وَحَدُّ الْقَهْقَهَةِ أَنْ يَكُونَ مَسْمُوعًا لَهُ وَلِجِيرَانِهِ وَالضَّحِكُ أَنْ يَكُونَ مَسْمُوعًا لَهُ وَلَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لِجِيرَانِهِ وَالتَّبَسُّمُ أَنْ لَا يَكُونَ مَسْمُوعًا لَهُ وَلَا لِجِيرَانِهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ الْقَهْقَهَةُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ فِيهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ تَنْقُضُ الصَّلَاةَ وَالْوُضُوءَ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَالضَّحِكُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا يُبْطِلُ الطَّهَارَةَ وَالتَّبَسُّمُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا الطَّهَارَةَ، وَلَوْ قَهْقَهَ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَوْ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ تُبْطِلُ مَا كَانَ فِيهَا وَلَا تَنْقُضُ الطَّهَارَةَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْقَهْقَهَةُ مِنْ الصَّبِيِّ فِي حَالِ الصَّلَاةِ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَهْقَهَ نَائِمًا فِي الصَّلَاةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُبْطِلُ الْوُضُوءَ وَلَا الصَّلَاةَ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ: فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَوُضُوءُهُ جَمِيعًا وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ احْتِيَاطًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَهْقَهَ فِي الصَّلَاةِ الْمَظْنُونَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ
(1/12)
يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ قَهْقَهَ فِيمَا يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ بِعُذْرٍ أَوْ رَاكِبًا يُومِئُ بِالنَّقْلِ أَوْ الْفَرْضِ بِعُذْرٍ انْتَقَضَ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْقَهْقَهَةُ تُبْطِلُ التَّيَمُّمَ كَمَا تُبْطِلُ الْوُضُوءَ وَلَا تُبْطِلُ طَهَارَةَ الِاغْتِسَالِ وَقَدْ قِيلَ تُبْطِلُ طَهَارَةَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فَالْمُغْتَسِلُ فِي الصَّلَاةِ إذَا قَهْقَهَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ جَدِيدٍ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
(وَمِنْهَا الْمُبَاشَرَةُ الْفَاحِشَةُ) إذَا بَاشَرَ امْرَأَتَهُ مُبَاشَرَةً فَاحِشَةً بِتَجَرُّدٍ وَانْتِشَارٍ وَمُلَاقَاةِ الْفَرْجِ بِالْفَرْجِ فَفِيهِ الْوُضُوءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - اسْتِحْسَانًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النِّصَابِ هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْيَنَابِيعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْمُلَامَسَةِ الْفَاحِشَةِ لَا يُعْتَبَرُ انْتِشَارُ آلَةِ الرَّجُلِ فِي انْتِقَاضِ طَهَارَةِ الْمَرْأَةِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
مَسُّ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ وَالْمَرْأَةِ الرَّجُلَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مَسُّ ذَكَرِهِ أَوْ ذَكَرِ غَيْرِهِ لَيْسَ بِحَدَثٍ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الزَّادِ.
وَالْمُبَاشَرَةُ الْفَاحِشَةُ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَالْغُلَامِ الْأَمْرَدِ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ. هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَكَذَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ الشَّكِّ) فِي الْأَصْلِ مَنْ شَكَّ فِي بَعْضِ وُضُوئِهِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا شَكَّ غَسَلَ الْمَوْضِعَ الَّذِي شَكَّ فِيهِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ كَثِيرًا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الشَّكُّ فِي خِلَالِ الْوُضُوءِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى ذَلِكَ وَمَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ فَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ وَلَوْ كَانَ مُحْدِثًا فَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ فَهُوَ عَلَى حَدَثِهِ وَلَا يَعْمَلُ بِالتَّحَرِّي. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْغُسْلِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي فَرَائِضِ الْغُسْل]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْغُسْلِ) (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي فَرَائِضِهِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: الْمَضْمَضَةُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ، وَغَسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ. وَحَدُّ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
الْجُنُبُ إذَا شَرِبَ الْمَاءَ وَلَمْ يَمُجَّهُ لَمْ يَضُرَّهُ وَيُجْزِيهِ عَنْ الْمَضْمَضَةِ إذَا أَصَابَ جَمِيعَ فَمِهِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَ سِنُّهُ مُجَوَّفًا فَبَقِيَ فِيهِ أَوْ بَيْنَ أَسْنَانِهِ طَعَامٌ أَوْ دَرَنٌ رَطْبٌ فِي أَنْفِهِ ثُمَّ غَسَلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُخْرِجَ الطَّعَامَ عَنْ تَجْوِيفِهِ وَيُجْرِيَ الْمَاءَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالدَّرَنُ الْيَابِسُ فِي الْأَنْفِ يَمْنَعُ تَمَامَ الْغُسْلِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَالْعَجِينُ فِي الظُّفْرِ يَمْنَعُ تَمَامَ الِاغْتِسَالِ وَالْوَسَخُ وَالدَّرَنُ لَا يَمْنَعُ وَالْقَرَوِيُّ وَالْمَدَنِيُّ سَوَاءٌ وَالتُّرَابُ وَالطِّينُ فِي الظُّفْرِ لَا يَمْنَعُ وَالصَّرَّامُ وَالصَّبَّاغُ مَا فِي ظُفْرِهِمَا يَمْنَعُ تَمَامَ الِاغْتِسَالِ وَقِيلَ كُلُّ ذَلِكَ يُجْزِيهِمْ لِلْحَرَجِ وَالضَّرُورَةِ، وَمَوَاضِعُ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى ظَاهِرِ بَدَنِهِ جِلْدُ سَمَكٍ أَوْ خُبْزٌ مَمْضُوغٌ قَدْ جَفَّ فَاغْتَسَلَ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ خُرْءُ ذُبَابٍ أَوْ بُرْغُوثٍ جَازَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ بِهِ جُدَرِيٌّ ارْتَفَعَ قِشْرُهَا وَجَوَانِبُهَا مُتَّصِلَةٌ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَنْقُضَ ضَفَائِرَهَا فِي الْغُسْلِ إذَا بَلَغَ الْمَاءُ أُصُولَ الشَّعْرِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا بَلُّ ذَوَائِبِهَا هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ كَانَ شَعْرُ الْمَرْأَةِ مَنْقُوضًا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى أَثْنَائِهِ وَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى أَثْنَاءِ اللِّحْيَةِ كَمَا يَجِبُ إلَى أُصُولِهَا وَإِلَى أَثْنَاءِ شَعْرِهِ وَإِنْ كَانَ ضَفِيرًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَلْزَقَتْ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا بِطِيبٍ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى أُصُولِ الشَّعْرِ وَجَبَ عَلَيْهَا إزَالَتُهُ لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَى أُصُولِهِ كَذَا
(1/13)
فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَجَبَ تَحْرِيكُ الْقُرْطِ وَالْخَاتَمِ الضَّيِّقَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قُرْطٌ فَدَخَلَ الْمَاءُ الثَّقْبَ عِنْدَ مُرُورِهِ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا أَدْخَلَهُ وَلَا يَتَكَلَّفُ فِي إدْخَالِ شَيْءٍ سِوَى الْمَاءِ مِنْ خَشَبٍ وَنَحْوِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى دَاخِلِ السُّرَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُدْخِلَ أُصْبُعَهُ فِيهَا لِلْمُبَالَغَةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْأَقْلَفُ إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ وَلَمْ يُدْخِلْ الْمَاءَ دَاخِلَ الْجِلْدَةِ جَازَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُدْخِلُ الْمَاءَ الْقُلْفَةَ اسْتِحْبَابًا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ غَسْلُ فَرْجِهَا الْخَارِجِ فِي الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَيُسَنُّ فِي الْوُضُوءِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ وَلَا تُدْخِلُ الْمَرْأَةُ أُصْبُعَهَا فِي فَرْجِهَا عِنْدَ الْغُسْلِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا دَهَنَ فَأَمَرَّ الْمَاءَ فَلَمْ يَصِلْ يُجْزِئُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سُنَنِ الْغُسْلِ]
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي سُنَنِ الْغُسْلِ) وَهِيَ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ إلَى الرُّسْغِ ثَلَاثًا ثُمَّ فَرْجَهُ وَيُزِيلَ النَّجَاسَةَ إنْ كَانَتْ عَلَى بَدَنِهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ إلَّا رِجْلَيْهِ هَكَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَتَقْدِيمُ غَسْلِ الْفَرْجِ فِي الْغُسْلِ سُنَّةٌ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَمْ لَا كَتَقْدِيمِ الْوُضُوءِ عَلَى غَسْلِ بَاقِي الْبَدَنِ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ حَدَثٌ أَوْ لَا. كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ.
وَلَا يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْسَحُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَسَائِرِ جَسَدِهِ ثَلَاثًا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ الْأُولَى فَرْضٌ وَالثِّنْتَانِ سُنَّتَانِ عَلَى الصَّحِيحِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَكَيْفِيَّةُ الْإِفَاضَةِ أَنْ يُفِيضَ الْمَاءَ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ ثَلَاثًا ثُمَّ عَلَى رَأْسِهِ وَسَائِرِ جَسَدِهِ ثَلَاثًا. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ ثُمَّ يَتَنَحَّى عَنْ مُغْتَسَلِهِ فَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا إذَا كَانَ فِي مُسْتَنْقَعِ الْمَاءِ فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى لَوْحٍ أَوْ حَجَرٍ لَا يُؤَخِّرُ غُسْلَهُمَا. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
(وَهَهُنَا سُنَنٌ وَآدَابٌ ذَكَرَهَا بَعْضُ الْمَشَايِخِ) يُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالنِّيَّةِ بِقَلْبِهِ وَيَقُولَ بِلِسَانِهِ نَوَيْت الْغُسْلَ لِرَفْعِ الْجَنَابَةِ أَوْ لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ يُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ ثُمَّ يَسْتَنْجِيَ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَأَنْ لَا يُسْرِفَ فِي الْمَاءِ وَلَا يُقَتِّرَ، وَأَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَقْتَ الْغُسْلِ وَأَنْ يَدْلُكَ كُلَّ أَعْضَائِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَأَنْ يَغْتَسِلَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ قَطُّ وَأَنْ يَمْسَحَ بِمِنْدِيلٍ بَعْدَ الْغُسْلِ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ.
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمَعَانِي الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ]
(الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمَعَانِي الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ) مِنْهَا الْجَنَابَةُ وَهِيَ تَثْبُتُ بِسَبَبَيْنِ أَحَدُهُمَا خُرُوجُ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الدَّفْقِ وَالشَّهْوَةِ مِنْ غَيْرِ إيلَاجٍ بِاللَّمْسِ أَوْ النَّظَرِ أَوْ الِاحْتِلَامِ أَوْ الِاسْتِمْنَاءِ.
كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَتُعْتَبَرُ الشَّهْوَةُ عِنْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ مَكَانِهِ لَا عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ رَأْسِ الْإِحْلِيلِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا احْتَلَمَ أَوْ نَظَرَ إلَى امْرَأَةٍ فَزَالَ الْمَنِيُّ عَنْ مَكَانِهِ بِشَهْوَةٍ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ حَتَّى سَكَنَتْ شَهْوَتُهُ ثُمَّ سَالَ الْمَنِيُّ عَلَيْهِ الْغُسْلُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
لَوْ اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ قَبْلَ أَنْ يَبُولَ أَوْ يَنَامَ وَصَلَّى ثُمَّ خَرَجَ بَقِيَّةُ الْمَنِيِّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَكِنْ لَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَ مَا بَالَ أَوْ نَامَ أَوْ مَشَى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ اتِّفَاقًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا احْتَلَمَ الرَّجُلُ وَانْفَصَلَ الْمَنِيُّ مِنْ مَوْضِعِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ عَلَى رَأْسِ الْإِحْلِيلِ لَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ بَالَ فَخَرَجَ مِنْ ذَكَرِهِ مَنِيٌّ إنْ كَانَ مُنْتَشِرًا عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَإِنْ كَانَ مُنْكَسِرًا عَلَيْهِ الْوُضُوءُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا اغْتَسَلَتْ بَعْدَ مَا جَامَعَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّ الزَّوْجِ فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ دُونَ الْغُسْلِ وَإِنْ اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ وَوَجَدَ عَلَى
(1/14)
فِرَاشِهِ أَوْ فَخِذِهِ بَلَلًا وَهُوَ يَتَذَكَّرُ احْتِلَامًا إنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَنِيٌّ أَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَذْيٌ أَوْ شَكَّ أَنَّهُ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ وَدْيٌ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَإِنْ رَأَى بَلَلًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَذَكَّرْ الِاحْتِلَامَ فَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ وَدْيٌ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَنِيٌّ يَجِبُ الْغُسْلُ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَذْيٌ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَإِنْ شَكَّ أَنَّهُ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ بِالِاحْتِلَامِ، وَقَالَا: يَجِبُ.
هَكَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ: ذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ الْبَلَلَ فِي إحْلِيلِهِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ حُلْمًا إنْ كَانَ ذَكَرُهُ مُنْتَشِرًا قَبْلَ النَّوْمِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَنِيٌّ وَإِنْ كَانَ ذَكَرُهُ سَاكِنًا قَبْلَ النَّوْمِ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يَكْثُرُ وُقُوعُهَا وَالنَّاسُ عَنْهَا غَافِلُونَ فَيَجِبُ أَنْ تُحْفَظَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ تَذَكَّرَ الِاحْتِلَامَ وَلَذَّةَ الْإِنْزَالِ وَلَمْ يَرَ بَلَلًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ مَنِيِّهَا إلَى فَرْجِهَا الْخَارِجِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
إذَا نَامَ الرَّجُلُ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا أَوْ مَاشِيًا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَوَجَدَ بَلَلًا فَهَذَا وَمَا لَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا سَوَاءٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا وُجِدَ فِي الْفِرَاشِ مَنِيٌّ وَيَقُولُ الزَّوْجُ: مِنْ الْمَرْأَةِ، وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ: مِنْ الزَّوْجِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الرَّجُلُ إذَا صَارَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ وَوَجَدَ مَذْيًا عَلَى فَخِذِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ وَلَيْسَ هَذَا كَالنَّوْمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَتَذَكَّرُ الِاحْتِلَامَ وَلَمْ يَرَ بَلَلًا وَمَكَثَ سَاعَةً فَخَرَجَ مَذْيٌ لَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ، احْتَلَمَ لَيْلًا ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَلَمْ يَرَ بَلَلًا فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ ثُمَّ نَزَلَ الْمَنِيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ.
كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَكَذَا لَوْ احْتَلَمَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يُنْزِلْ حَتَّى أَتَمَّهَا فَأَنْزَلَ لَا يُعِيدُهَا وَيَغْتَسِلُ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(السَّبَبُ الثَّانِي الْإِيلَاجُ) الْإِيلَاجُ فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ إذَا تَوَارَتْ الْحَشَفَةُ يُوجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِعُلَمَائِنَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ مَقْطُوعَ الْحَشَفَةِ يَجِبُ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِ مِقْدَارِهَا مِنْ الذَّكَرِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَالْإِيلَاجُ فِي الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ بِدُونِ الْإِنْزَالِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ الْإِيلَاجُ فِي مَحِلِّ الْجِمَاعِ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَلَمْ يَفُضَّهَا فَهِيَ مِمَّنْ يُجَامَعُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا جُومِعَتْ الْمَرْأَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَوَصَلَ الْمَنِيُّ إلَى رَحِمِهَا وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا لِفَقْدِ السَّبَبِ وَهُوَ الْإِنْزَالُ أَوْ مُوَارَاةُ الْحَشَفَةِ حَتَّى لَوْ حَبِلَتْ كَانَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِوُجُودِ الْإِنْزَالِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا حَبِلَتْ فَإِنَّمَا عَلَيْهَا الْغُسْلُ مِنْ وَقْتِ الْمُجَامَعَةِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهَا إعَادَةُ الصَّلَاةِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ: مَعِي جِنِّيٌّ يَأْتِينِي وَأَجِدُ فِي نَفْسِي مَا أَجِدُ إذَا جَامَعَنِي زَوْجِي لَا غُسْلَ عَلَيْهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
غُلَامٌ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ جَامَعَ امْرَأَةً بَالِغَةً فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ وَلَا غُسْلَ عَلَى الْغُلَامِ إلَّا أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ تَخَلُّقًا وَاعْتِيَادًا كَمَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ تَخَلُّقًا وَاعْتِيَادًا وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ بَالِغًا وَالْمَرْأَةُ صَغِيرَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَعَلَى الرَّجُلِ الْغُسْلُ وَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا وَجِمَاعُ الْخَصِيِّ يُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ لَفَّ عَلَى ذَكَرِهِ خِرْقَةً وَأَوْلَجَ وَلَمْ يُنْزِلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ الْغُسْلُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجِبُ. وَالْأَصَحُّ إنْ كَانَتْ الْخِرْقَةُ رَقِيقَةً بِحَيْثُ يَجِدُ حَرَارَةَ الْفَرْجِ وَاللَّذَّةِ وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِلَّا فَلَا وَالْأَحْوَطُ وُجُوبُ الْغُسْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ أَوْلَجَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ أَوْ دُبُرِهَا فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا وَكَذَا فِي فَرْجِ خُنْثَى مِثْلِهِ وَإِنْ أَوْلَجَ رَجُلٌ فِي فَرْجِ خُنْثَى مُشْكِلٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا
(1/15)
كَانَ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ وَجَبَ الْغُسْلُ بِالْإِنْزَالِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَمِنْهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ) يَجِبُ الْغُسْلُ عِنْدَ خُرُوجِ دَمِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ وَوُصُولِهِ إلَى فَرْجِهَا الْخَارِجِ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِخَارِجٍ وَلَا يَكُونُ حَيْضًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الْمَرْأَةُ إذَا وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ الدَّمَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(أَمَّا أَنْوَاعُ الْغُسْلِ فَتِسْعَةٌ) ثَلَاثَةٌ مِنْهَا فَرِيضَةٌ وَهِيَ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَوَاحِدٌ وَاجِبٌ وَهُوَ غُسْلُ الْمَوْتَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْكَافِرُ إذَا أَجْنَبَ ثُمَّ أَسْلَمَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ انْقَطَعَ دَمُ الْكَافِرَةِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا.
الصَّبِيَّةُ إذَا بَلَغَتْ بِالْحَيْضِ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ وَفِي الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ الْأَصَحُّ وُجُوبُ الْغُسْلِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالْأَحْوَطُ وُجُوبُ الْغُسْلِ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَأَرْبَعَةٌ سُنَّةٌ وَهِيَ غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِ الْعِيدَيْنِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَعِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَوَاحِدٌ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ غُسْلُ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يَكُنْ جُنُبًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَغُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ حَتَّى لَوْ اغْتَسَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ بِالْوُضُوءِ أَوْ اغْتَسَلَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ لَا يَكُونُ مُسْتَنًّا.
وَلَوْ اتَّفَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ الْعِيدِ وَجَامَعَ ثُمَّ اغْتَسَلَ يَنُوبُ عَنْ الْكُلِّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
فِي الْكَافِي لَوْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الصُّبْحِ وَصَلَّى بِهِ الْجُمُعَةَ نَالَ فَضْلَ الْغُسْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ لَا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَمِنْ الْمَنْدُوبِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - الِاغْتِسَالُ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَالْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَدُخُولِ مَدِينَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ وَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ بِالسِّنِّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) الْجُنُبُ إذَا أَخَّرَ الِاغْتِسَالَ إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ لَا يَأْثَمُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْهِنْدِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى الْمُحْدِثِ وَالْغُسْلُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ قَبْلَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ أَوْ إرَادَةِ مَا لَا يَحِلُّ إلَّا بِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ كَالصَّلَاةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَدْنَى مَا يَكْفِي مِنْ الْمَاءِ لِلِاغْتِسَالِ صَاعٌ لِلتَّوَضُّؤِ بِمُدٍّ.
قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - كَفَاهُ صَاعٌ إذَا تَرَكَ الْوُضُوءَ، وَأَمَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ مِنْ غَيْرِ الصَّاعِ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَقَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - الصَّاعُ كَافٍ لِلْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ جَمِيعًا وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ مَشَايِخُنَا: هَذَا بَيَانُ مِقْدَارِ أَدْنَى الْكِفَايَةِ وَلَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ بَلْ إنْ كَفَاهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ نَقَصَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ زَادَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا لَا إسْرَافَ وَلَا تَقْتِيرَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَكَذَلِكَ لَوْ تَوَضَّأَ بِدُونِ الْمُدِّ وَأَسْبَغَ وُضُوءَهُ جَازَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالتَّقْدِيرُ بِالْمُدِّ فِي الْوُضُوءِ إذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِنْجَاءِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ اسْتَنْجَى بِرَطْلٍ وَتَوَضَّأَ بِمُدٍّ.
وَإِنْ كَانَ لَابِسًا لِلْخُفِّ وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِنْجَاءِ يَكْفِيهِ رِطْلٌ وَكُلُّ هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ لِاخْتِلَافِ طِبَاعِ النَّاسِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.
وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا بَأْسَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَنَامَ وَيُعَاوِدَ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَإِنْ تَوَضَّأَ فَحَسَنٌ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَغْسِلَ يَدَيْهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمِيَاهِ وَفِيهِ فَصْلَانِ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمِيَاهِ وَفِيهِ فَصْلَانِ)
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) (الْأَوَّلُ الْمَاءُ الْجَارِي) وَهُوَ مَا يَذْهَبُ بِتِبْنِهِ. كَذَا فِي الْكَنْزِ وَالْخُلَاصَةِ وَهَذَا هُوَ الْحَدُّ الَّذِي لَيْسَ فِي دَرْكِهِ حَرَجٌ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ وَقِيلَ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ جَارِيًا
(1/16)
وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي النِّصَابِ وَالْفَتْوَى فِي الْمَاءِ الْجَارِي أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ مِنْ النَّجَاسَةِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَإِذَا أُلْقِيَ فِي الْمَاءِ الْجَارِي شَيْءٌ نَجَسٌ كَالْجِيفَةِ وَالْخَمْرِ لَا يَتَنَجَّسُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.
وَإِذَا سَدَّ كَلْبٌ عَرْضَ النَّهْرِ وَيَجْرِي الْمَاءُ فَوْقَهُ إنْ كَانَ مَا يُلَاقِي الْكَلْبَ أَقَلَّ مِمَّا لَا يُلَاقِيهِ يَجُوزُ الْوُضُوءُ فِي الْأَسْفَلِ وَإِلَّا لَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَلَى هَذَا أَدْرَكْتُ مَشَايِخِي، كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَدْ صَحَّحَهُ فِي التَّجْنِيسِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَحَدُ أَوْصَافِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَفِي النِّصَابِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَإِذَا كَانَتْ الْجِيفَةُ تُرَى مِنْ تَحْتِ الْمَاءِ لِقِلَّةِ الْمَاءِ لَا لِصَفَائِهِ كَانَ الَّذِي يُلَاقِيهَا أَكْثَرَ إذَا كَانَ سَدَّ عَرْضَ السَّاقِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُرَى أَوْ لَمْ تَأْخُذْ إلَّا الْأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ لَمْ يَكُنْ الَّذِي يُلَاقِيهَا أَكْثَرَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ عَذِرَةٌ فَوَقَعَ عَلَيْهِ الْمَطَرُ فَسَالَ الْمِيزَابُ إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عِنْدَ الْمِيزَابِ وَكَانَ الْمَاءُ كُلُّهُ يُلَاقِي الْعَذِرَةَ أَوْ أَكَثْرُهُ أَوْ نِصْفُهُ فَهُوَ نَجَسٌ وَإِلَّا فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ كَانَتْ الْعَذِرَةُ عَلَى السَّطْحِ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَمْ تَكُنْ عَلَى رَأْسِ الْمِيزَابِ لَا يَكُونُ نَجَسًا وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ الْجَارِي. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى قَالَ مَشَايِخُنَا: الْمَطَرُ مَا دَامَ يُمْطِرُ فَلَهُ حُكْمُ الْجَرَيَانِ حَتَّى لَوْ أَصَابَ الْعَذِرَاتِ عَلَى السَّطْحِ ثُمَّ أَصَابَ ثَوْبًا لَا يَتَنَجَّسُ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ.
الْمَطَرُ إذَا أَصَابَ السَّقْفَ وَفِي السَّقْفِ نَجَاسَةٌ فَوَكَفَ وَأَصَابَ الْمَاءُ ثَوْبًا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَطَرُ لَمْ يَنْقَطِعْ بَعْدُ فَمَا سَالَ مِنْ السَّقْفِ طَاهِرٌ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَغَيِّرًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَأَمَّا إذَا انْقَطَعَ الْمَطَرُ وَسَالَ مِنْ السَّقْفِ شَيْءٌ فَمَا سَالَ فَهُوَ نَجَسٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النَّوَازِلِ قَالَ مَشَايِخُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ: هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
مَاءُ النَّهْرِ أَوْ الْقَنَاةِ إذَا احْتَمَلَ عَذِرَةً فَاغْتَرَفَ إنْسَانٌ بِقُرْبِ الْعَذِرَةِ جَازَ وَالْمَاءُ طَاهِرٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ.
مَاءُ النَّهْرِ إذَا انْقَطَعَ مِنْ أَعْلَاهُ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ جَرَيَانِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْمُسَافِرُ إذَا كَانَ مَعَهُ مِيزَابٌ وَاسِعٌ وَمَعَهُ إدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ وَلَكِنْ لَا يَتَيَقَّنُ بِذَلِكَ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يَأْمُرُ أَحَدَ رُفَقَائِهِ حَتَّى يَصُبَّ الْمَاءَ فِي طَرَفٍ مِنْ الْمِيزَابِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فِي الْمِيزَابِ وَيَضَعَ عِنْدَ الطَّرَفِ الْآخَرِ مِنْ الْمِيزَابِ إنَاءً طَاهِرًا يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ فَإِنَّ الْمَاءَ الْمُجْتَمِعَ يَكُونُ طَاهِرًا وَطَهُورًا وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
حَوْضٌ صَغِيرٌ كَرَى مِنْهُ رَجُلٌ نَهْرًا وَأَجْرَى الْمَاءَ فِيهِ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ اجْتَمَعَ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي مَكَانٍ آخَرَ فَكَرَى مِنْهُ رَجُلٌ آخَرَ نَهْرًا آخَرَ وَأَجْرَى فِيهِ الْمَاءُ وَتَوَضَّأَ جَازَ وُضُوءُ الْكُلِّ إذَا كَانَ بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ مَسَافَةٌ وَإِنْ قَلَّتْ وَكَذَلِكَ حَفِيرَتَانِ يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْ إحْدَاهُمَا وَيَدْخُلُ فِي الْأُخْرَى فَتَوَضَّأَ فِيمَا بَيْنَهُمَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا جَلَسَ النَّاسُ صُفُوفًا عَلَى شَطِّ نَهْرٍ يَتَوَضَّئُونَ جَازَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.
وَإِذَا كَانَ الْحَوْضُ صَغِيرًا يَدْخُلُ فِيهِ الْمَاءُ مِنْ جَانِبٍ وَيَخْرُجُ مِنْ جَانِبٍ يَجُوزُ الْوُضُوءُ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَرْبَعًا فِي أَرْبَعٍ أَوْ أَقَلَّ فَيَجُوزُ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا يَجُوزُ كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَهَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
حَوْضٌ صَغِيرٌ تَنَجَّسَ مَاؤُهُ فَدَخَلَ الْمَاءُ الطَّاهِرُ فِيهِ مِنْ جَانِبٍ وَسَالَ مَاءُ الْحَوْضِ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ كَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: كَمَا سَالَ مَاءُ الْحَوْضِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الْحَوْضِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النَّوَازِلِ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
وَإِنْ دَخَلَ الْمَاءُ وَلَمْ يَخْرُجْ وَلَكِنَّ النَّاسَ يَغْتَرِفُونَ مِنْهُ اغْتِرَافًا مُتَدَارَكًا طَهُرَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَتَفْسِيرُ الْغَرْفِ الْمُتَدَارَكِ أَنْ لَا يَسْكُنَ وَجْهُ الْمَاءِ فِيمَا بَيْنَ الْغُرْفَتَيْنِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
(1/17)
مَاءُ حَوْضِ الْحَمَّامِ طَاهِرٌ عِنْدَهُمْ مَا لَمْ يُعْلَمْ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ فَإِنْ أَدْخَلَ رَجُلٌ يَدَهُ فِي الْحَوْضِ وَعَلَيْهَا نَجَاسَةٌ إنْ كَانَ الْمَاءُ سَاكِنًا لَا يَدْخُلُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ أُنْبُوبَةٍ وَلَا يَغْتَرِفُ مِنْهُ إنْسَانٌ بِالْقَصْعَةِ يَتَنَجَّسُ وَإِنْ كَانَ النَّاسُ يَغْتَرِفُونَ مِنْ الْحَوْضِ بِقِصَاعِهِمْ وَلَا يَدْخُلُ مِنْ الْأُنْبُوبَةِ مَاءٌ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ وَإِنْ كَانَ النَّاسُ يَغْتَرِفُونَ مِنْ الْحَوْضِ بِقِصَاعِهِمْ وَيَدْخُلُ الْمَاءُ مِنْ الْأُنْبُوبَةِ فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْمَاءُ الْجَارِي بَعْدَمَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ وَحُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ لَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ مَا لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ التَّغَيُّرُ بِأَنْ يَرِدَ عَلَيْهِ مَاءٌ طَاهِرٌ حَتَّى يُزِيلَ ذَلِكَ التَّغَيُّرَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(الثَّانِي الْمَاءُ الرَّاكِدُ) الْمَاءُ الرَّاكِدُ إذَا كَانَ كَثِيرًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجَارِي لَا يَتَنَجَّسُ جَمِيعُهُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِي طَرَفٍ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ وَعَلَى هَذَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَهَلْ يَتَنَجَّسُ مَوْضِعُ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فَفِي الْمَرْئِيَّةِ؟ يَتَنَجَّسُ بِالْإِجْمَاعِ وَيُتْرَكُ مِنْ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ قَدْرُ الْحَوْضِ الصَّغِيرِ ثُمَّ يُتَوَضَّأُ، وَفِي غَيْرِ الْمَرْئِيَّةِ عِنْدَ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ كَذَلِكَ وَعِنْدَ مَشَايِخِ بُخَارَى يُتَوَضَّأُ مِنْ مَوْضِعِ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَمِقْدَارُ الْحَوْضِ الصَّغِيرِ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ فِي أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ. هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْغَدِيرَ الْعَظِيمَ كَالْجَارِي لَا يَتَنَجَّسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْفَاصِلُ بَيْنَ الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ بِحَيْثُ يَخْلُصُ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ بِأَنْ تَصِلَ النَّجَاسَةُ مِنْ الْجُزْءِ الْمُسْتَعْمَلِ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَهُوَ قَلِيلٌ وَإِلَّا فَكَثِيرٌ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْجُوزَجَانِيُّ إنْ كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ فَهُوَ مِمَّا لَا يَخْلُصُ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْمُعْتَبَرُ فِي عُمْقِهِ أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ لَا يَنْحَسِرُ بِالِاغْتِرَافِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُعْتَبَرُ ذِرَاعُ الْكِرْبَاسِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ ذِرَاعُ الْعَامَّةِ سِتُّ قَبَضَاتٍ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ كَانَ الْحَوْضُ مُدَوَّرًا يُعْتَبَرُ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ فِي الْحَوْضِ الْكَبِيرِ الْمُنْتِنِ إذَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْفَتَاوَى غَدِيرٌ كَبِيرٌ لَا يَكُونُ فِيهِ الْمَاءُ فِي الصَّيْفِ وَتَرُوثُ فِيهِ الدَّوَابُّ وَالنَّاسُ ثُمَّ يُمْلَأُ فِي الشِّتَاءِ وَيُرْفَعُ مِنْهُ الْجَمْدُ إنْ كَانَ الْمَاءُ الَّذِي يَدْخُلُهُ يَدْخُلُ عَلَى مَكَان نَجَسٍ فَالْمَاءُ وَالْجَمْدُ نَجَسٌ وَإِنْ كَثُرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ دَخَلَ فِي مَكَان طَاهِرٍ وَاسْتَقَرَّ فِيهِ حَتَّى صَارَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ ثُمَّ انْتَهَى إلَى النَّجَاسَةِ فَالْمَاءُ وَالْجَمْدُ طَاهِرَانِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي أَجَمَةِ الْقَصَبِ أَوْ مِنْ أَرْضٍ فِيهَا زَرْعٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إنْ كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ يَجُوزُ وَاتِّصَالُ الْقَصَبِ بِالْقَصَبِ لَا يَمْنَعُ اتِّصَالَ الْمَاءِ بِالْمَاءِ وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي حَوْضٍ وَعَلَى وَجْهِ جَمِيعِ الْمَاءِ الطُّحْلُبُ الَّذِي يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ جغزباره إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ حُرِّكَ يَتَحَرَّكُ يَجُوزُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي حَوْضٍ انْجَمَدَ مَاؤُهُ إلَّا أَنَّهُ رَقِيقٌ يَنْكَسِرُ بِتَحْرِيكِ الْمَاءِ جَازَ الْوُضُوءُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْجَمْدُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ قِطَعًا قِطَعًا إنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يَتَحَرَّك بِتَحْرِيكِ الْمَاءِ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا يَتَحَرَّك بِتَحْرِيكِ الْمَاءِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ جَمَدَ حَوْضٌ كَبِيرٌ فَنَقَبَ فِيهِ إنْسَانٌ فَتَوَضَّأَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِبَاطِنِ النَّقْبِ لَا يَجُوزُ وَإِلَّا جَازَ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ خَرَجَ الْمَاءُ مِنْ النَّقْبِ وَانْبَسَطَ عَلَى وَجْهِ الْجَمْدِ بِقَدْرِ مَا لَوْ رَفَعَ الْمَاءَ بِكَفِّهِ لَا يَنْحَسِرُ مَا تَحْتَهُ مِنْ الْجَمْدِ جَازَ فِيهِ الْوُضُوءُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي النَّقْبِ كَالْمَاءِ فِي الطَّسْتِ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْوُضُوءُ إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْبُ عَشْرًا فِي عَشْرٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْمَشْرَعَةُ كَالْحَوْضِ إذَا انْجَمَدَ مَاؤُهَا لَوْ كَانَ الْمَاءُ مُنْفَصِلًا عَنْ
(1/18)
أَلْوَاحِ الْمَشْرَعَةِ وَإِنْ قَلَّ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ مُتَّصِلًا لَا يَجُوزُ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ كَانَ أَعْلَى الْحَوْضِ أَقَلُّ مِنْ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ وَأَسْفَلَهُ عَشْرٌ فِي عَشْرٍ أَوْ أَكْثَرَ فَوَقَعَتْ نَجَاسَةٌ فِي أَعْلَى الْحَوْضِ وَحُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْأَعْلَى ثُمَّ اُنْتُقِصَ الْمَاءُ وَانْتَهَى إلَى مَوْضِعٍ هُوَ عَشْرٌ فِي عَشْرٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ وَالِاغْتِسَالُ فِيهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْحَوْضُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ لَكِنَّهُ عَمِيقٌ فَوَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ ثُمَّ انْبَسَطَ وَصَارَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ فَهُوَ نَجِسٌ وَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ وَهُوَ عَشْرٌ فِي عَشْرٍ ثُمَّ اُنْتُقِصَ فَصَارَ أَقَلَّ فَهُوَ طَاهِرٌ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَنَّ الْغَدِيرَ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ ثُمَّ نَضَبَ مَاؤُهُ وَجَفَّ أَسْفَلُهُ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ وَإِنْ دَخَلَهُ مَاءٌ ثَانِيًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ نَجِسًا. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(الثَّالِثُ مَاءُ الْآبَارِ) مَا يُنْزَحُ مَاءُ الْبِئْرِ بِوُقُوعِهِ قِسْمَانِ (الْأَوَّلُ مَا يَجِبُ نَزْحُ الْمَاءِ بِوُقُوعِهِ) إذَا وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ نَجَاسَةٌ نُزِحَتْ وَكَانَ نَزْحُ مَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ طَهَارَةً لَهَا بِإِجْمَاعِ السَّلَفِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَبَعْرُ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ لَا يُفْسِدُ مَا لَمْ يَكْثُرْ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْكَثِيرَ مَا اسْتَكْثَرَ النَّاظِرُ وَالْقَلِيلَ مَا اسْتَقَلَّهُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْبَعْرُ الْكَثِيرُ مَا لَا يَخْلُو دَلْوٌ مِنْهُ وَالْقَلِيلُ بِخِلَافِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالنِّهَايَةِ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْمُنْكَسِرِ وَالرَّطْبِ وَالْيَابِسِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّوْثِ وَالْخِثْيِ وَالْبَعْرِ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ آبَارٍ الْمِصْرِ وَالْفَلَوَاتِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ قَدْ تَقَعُ فِي الْجُمْلَةِ فِي الْمِصْرِ أَيْضًا كَمَا فِي الْحَمَّامَاتِ وَالرِّبَاطَاتِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ مَاتَ فِيهَا شَاةٌ أَوْ كَلْبٌ أَوْ آدَمِيٌّ أَوْ انْتَفَخَ حَيَوَانٌ أَوْ تَفَسَّخَ يُنْزَحُ جَمِيعُ مَا فِيهَا صَغُرَ الْحَيَوَانُ أَوْ كَبُرَ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَكَذَا إذَا تَمَعَّطَ شَعْرُهُ فَهُوَ كَالتَّفَسُّخِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ وَقَعَ نَحْوُ شَاةٍ وَأُخْرِجَ حَيًّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ نَجِسَ الْعَيْنِ وَلَا فِي بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يُدْخِلْ فَاهُ فِي الْمَاءِ يَتَنَجَّسُ وَإِنْ أَدْخَلَ فَاهُ فِيهِ فَمُعْتَبَرٌ بِسُؤْرِهِ فَإِنْ كَانَ سُؤْرُهُ طَاهِرًا فَالْمَاءُ طَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا فَنَجِسٌ فَيُنْزَحُ كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَ مَشْكُوكًا فَمَشْكُوكٌ فَيُنْزَحُ جَمِيعُهُ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا فَمَكْرُوهٌ فَيُسْتَحَبُّ نَزْحُهَا، وَإِنْ كَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ كَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ فَاهُ وَالصَّحِيحُ مِنْ سِبَاعِ الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ لَا يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ إذَا أُخْرِجَ حَيًّا وَلَمْ يُدْخِلْ فَاهُ فِي الصَّحِيحِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْكَافِرُ الْمَيِّتُ نَجَسٌ قَبْلَ الْغُسْلِ وَبَعْدَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْمَيِّتُ الْمُسْلِمُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْغُسْلِ أَفْسَدَهُ وَبَعْدَهُ لَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَالسَّقْطُ إذَا اسْتَهَلَّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْكَبِيرِ إنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ بَعْدَمَا غُسِّلَ لَا يُفْسِدُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ يُفْسِدُ الْمَاءَ وَإِنْ غُسِّلَ غَيْرَ مَرَّةٍ.
وَلَوْ وَقَعَ الشَّهِيدُ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ لَا يُفْسِدُهُ إلَّا إذَا سَالَ مِنْهُ الدَّمُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا وَجَبَ نَزْحُ جَمِيعِ الْمَاءِ وَلَمْ يُمْكِنْ فَرَاغُهَا لِكَوْنِهَا مَعِينًا يُنْزَحُ مِائَتَا دَلْوٍ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا أَيْسَرُ. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَالْأَصَحُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِ رَجُلَيْنِ لَهُمَا بَصَارَةٌ فِي أَمْرِ الْمَاءِ فَأَيُّ مِقْدَارٍ قَالَا: إنَّهُ فِي الْبِئْرِ يُنْزَحُ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالْفِقْهِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَشَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالتَّبْيِينِ.
إنْ مَاتَ فِيهَا الدَّجَاجَةُ وَالسِّنَّوْرُ وَالْحَمَامَةُ وَنَحْوُهَا وَلَمْ يَكُنْ مُنْتَفِخًا وَلَا مُتَفَسِّخًا يُنْزَحُ أَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسُونَ دَلْوًا. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
إذَا مَاتَتْ فَأْرَةٌ أَوْ عُصْفُورٌ فِي بِئْرٍ فَأُخْرِجَتْ حِينَ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْتَفِخَ فَإِنَّهُ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا إلَى ثَلَاثِينَ بَعْدَ إخْرَاجِ الْفَأْرَةِ وَالْعُصْفُورِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا عِبْرَةَ لِلنَّزَحِ قَبْلَ إخْرَاجِ الْفَأْرَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ
(1/19)
تَمُوتَ الْفَأْرَةُ فِي الْبِئْرِ أَوْ خَارِجَهَا وَتُلْقَى فِيهَا وَكَذَا سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ قُطِعَ ذَنَبُ الْفَأْرَةِ وَأُلْقِيَ فِي الْبِئْرِ نُزِحَ جَمِيعُ الْمَاءِ وَإِنْ جُعِلَ عَلَى مَوْضِعِ الْقَطْعِ شَمْعَةٌ لَمْ يَجِبْ إلَّا مَا فِي الْفَأْرَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَإِنْ وَقَعَ فِيهَا حَلَمَةٌ وَمَاتَتْ فِيهَا يُنْزَحُ مِنْهَا فِي رِوَايَةٍ عِشْرُونَ أَوْ ثَلَاثُونَ دَلْوًا إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ سَامُّ أَبْرَصَ وَمَاتَ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالصَّعْوَةُ بِمَنْزِلَةِ الْفَأْرَةِ وَالْوَرَشَانُ بِمَنْزِلَةِ السِّنَّوْرِ يُنْزَحُ مِنْهَا أَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسُونَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَمَا كَانَ بَيْنَ الْفَأْرَةِ وَالدَّجَاجَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْفَأْرَةِ وَمَا كَانَ بَيْنَ الدَّجَاجَةِ وَالشَّاةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّجَاجَةِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. كَذَا التَّتَارْخَانِيَّة وَهَكَذَا يَكُونُ أَبَدًا حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَصْغَرِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
ثُمَّ بِطَهَارَةِ الْبِئْرِ يَطْهُرُ الدَّلْوُ وَالرِّشَاءُ وَالْبَكَرَةُ وَنَوَاحِي الْبِئْرِ وَالْيَدِ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ خَشَبَةٌ نَجِسَةٌ أَوْ قِطْعَةُ ثَوْبٍ نَجِسٍ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهَا وَتَغَيَّبَتْ فِيهَا طَهُرَتْ الْخَشَبَةُ وَالثَّوْبُ تَبَعًا لِطَهَارَةِ الْبِئْرِ. كَذَا فِي فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِئْرٌ وَجَبَ فِيهَا نَزْحُ عِشْرِينَ دَلْوًا فَنُزِحَ الدَّلْوُ الْأَوَّلُ وَصُبَّ فِي بِئْرٍ طَاهِرَةٍ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ تَطْهُرُ بِمَا تَطْهُرُ الْأُولَى حِينَ كَانَ الدَّلْوُ الْمَصْبُوبُ فِيهَا وَلَوْ صُبَّ الدَّلْوُ الثَّانِي يُنْزَحُ تِسْعَةَ عَشَرَ دَلْوًا وَلَوْ صُبَّ الدَّلْوُ الْعَاشِرُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ يُنْزَحُ أَحَدَ عَشَرَ دَلْوًا وَهُوَ الْأَصَحّ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِنْ أُخْرِجَتْ الْفَأْرَةُ وَأُلْقِيَتْ فِي الْبِئْرِ الْأُخْرَى وَصُبَّ فِيهَا أَيْضًا عِشْرُونَ دَلْوًا فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُ الْفَأْرَةِ وَنَزْحُ عِشْرِينَ دَلْوًا مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِمْ فِي الْأُولَى. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
بِئْرَانِ وَجَبَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَزْحُ عِشْرِينَ فَنُزِحَ عِشْرُونَ مِنْ إحْدَاهُمَا وَصُبَّ فِي الْأُخْرَى يُنْزَحُ عِشْرُونَ وَلَوْ وَجَبَ مِنْ إحْدَاهُمَا نَزْحُ عِشْرِينَ وَمِنْ الْأُخْرَى نَزْحُ أَرْبَعِينَ فَنُزِحَ مَا وَجَبَ مِنْ إحْدَاهُمَا وَصُبَّ فِي الْأُخْرَى يُنْزَحُ أَرْبَعُونَ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا وَجَبَ النَّزَحُ مِنْهَا وَإِلَى مَا صُبَّ فِيهَا فَإِنْ كَانَا سَوَاءً تَدَاخَلَا وَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ أَكْثَرَ دَخَلَ الْقَلِيلُ فِي الْكَثِيرِ وَعَلَى هَذَا ثَلَاثُ آبَارٍ وَجَبَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ نَزْحُ عِشْرِينَ فَنُزِحَ الْوَاجِبُ مِنْ الْبِئْرَيْنِ وَصُبَّ فِي الثَّالِثَةِ يُنْزَحُ أَرْبَعُونَ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ صُبَّ فِيهَا مِنْ إحْدَى الْبِئْرَيْنِ عِشْرُونَ وَمَنْ الثَّانِيَةِ عَشَرَةٌ يُنْزَحُ مِنْهَا ثَلَاثُونَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ وَجَبَ مِنْ إحْدَاهُمَا نَزْحُ عِشْرِينَ وَمَنْ الْأُخْرَى نَزْحُ أَرْبَعِينَ فَصُبَّ الْوَاجِبَانِ فِي بِئْرٍ طَاهِرَةٍ يُنْزَحُ أَرْبَعُونَ لِمَا قُلْنَا مِنْ الْأَصْل وَلَوْ نُزِحَ دُنُوٌّ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَصُبَّ فِي الْعِشْرِينَ يُنْزَحُ أَرْبَعُونَ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَفِي النَّوَادِرِ فَأْرَةٌ مَاتَتْ فِي حُبِّ مَاءٍ فَأُرِيقَ الْمَاءُ فِي الْبِئْرِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُنْزَحُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمَصْبُوبِ وَمَنْ عِشْرِينَ دَلْوًا وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي الْفَتَاوَى إذَا وَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءٍ ذَلِكَ الْحُبِّ فِي بِئْرٍ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ تَفَسَّخَتْ فِي الْحُبِّ صُبَّ ثَمَّ قَطْرَةٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فِي الْبِئْرِ يُنْزَحُ جَمِيعُ الْمَاءِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
بِئْرُ الْمَاءِ إذَا كَانَتْ بِقُرْبِ الْبِئْرِ النَّجِسَةِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا يُقَدَّرُ هَذَا بِالذُّرْعَانِ حَتَّى إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ وَكَانَ يُوجَدُ فِي الْبِئْرِ أَثَرُ الْبَالُوعَةِ فَمَاءُ الْبِئْرِ نَجَسٌ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا ذِرَاعٌ وَاحِدٌ وَلَا يُوجَدُ أَثَرُ الْبَالُوعَةِ فَمَاءُ الْبِئْرِ طَاهِرٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا وُجِدَ فِي الْبِئْرِ فَأْرَةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَلَا يُدْرَى مَتَى وَقَعَتْ وَلَمْ تَنْتَفِخْ أَعَادُوا صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إذَا كَانُوا تَوَضَّئُوا مِنْهَا وَغَسَلُوا كُلَّ شَيْءٍ أَصَابَهُ مَاؤُهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ انْتَفَخَتْ أَوْ تَفَسَّخَتْ أَعَادُوا صَلَاةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَا: لَيْسَ عَلَيْهِمْ إعَادَةُ شَيْءٍ حَتَّى يَتَحَقَّقُوا مَتَى وَقَعَتْ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ عُلِمَ وَقْتُ وُقُوعِهَا يُعِيدُونَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ وَمَا عُجِنَ مِنْ الْعَجِينِ
(1/20)
بِذَلِكَ الْمَاءِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ إنْ كَانَتْ مُتَفَسِّخَةً لَا يُؤْكَلُ مَا عُجِنَ بِذَلِكَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَفَسِّخَةٍ لَا يُؤْكَلُ مُنْذُ يَوْمٍ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْمُحِيطِ
(وَالثَّانِي مَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ نَزْحُ الْمَاءِ) إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَأْرَةٌ يُسْتَحَبُّ نَزْحُ عِشْرِينَ دَلْوًا وَفِي السِّنَّوْرِ وَالدَّجَاجَةِ الْمُخَلَّاةِ نَزْحُ أَرْبَعِينَ؛ لِأَنَّ سُؤْرَ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ مَكْرُوهٌ وَالْغَالِبُ أَنَّ الْمَاءَ يُصِيبُ فَمَ الْوَاقِعِ حَتَّى لَوْ تَيَقَّنَّا أَنَّ الْمَاءَ لَمْ يُصِبْ فَمَ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ لَا يُنْزَحُ شَيْءٌ مِنْ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَتْ الدَّجَاجَةُ غَيْرَ مُخَلَّاةٍ لَا يُنْزَحُ مِنْهَا شَيْءٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلُّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ النَّزْحُ مُسْتَحَبًّا لَا يَنْقُصُ عَنْ عِشْرِينَ دَلْوًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ فِي النَّوَادِرِ بِرِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ عَنْهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيُسْتَحَبُّ فِي الْمَاءِ الْمَكْرُوهِ نَزْحُ عَشْرِ دِلَاءٍ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالنِّهَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَفِي الْبَدَائِعِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى وَلَوْ وَقَعَتْ الشَّاةُ وَخَرجَتْ حَيَّةً يُنْزَحُ عِشْرُونَ دَلْوًا لِتَسْكِينِ الْقَلْبِ لَا لِلتَّطْهِيرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَنْزَحْ وَتَوَضَّأَ جَازَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا لَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ]
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا لَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ) لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَاءِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْقَثَدِ وَلَا بِمَاءِ الْوَرْدِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا مِنْ الْمَائِعَاتِ نَحْوِ الْخَلِّ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا بِمَاءِ الْمِلْحِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا بِمَاءِ الصَّابُونِ وَالْحَرَضِ إذَا ذَهَبَتْ رِقَّتُهُ وَصَارَ ثَخِينًا فَإِنْ بَقِيَتْ رِقَّتُهُ وَلَطَافَتُهُ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا بِمَاءٍ يَسِيلُ مِنْ الْكَرْمِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمُحِيطِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَوْجُهُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالنَّهْرِ الْفَائِقِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ أَوْصَافُهُ الثَّلَاثَةُ بِوُقُوعِ أَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ فِيهِ وَقْتَ الْخَرِيفِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ عِنْدَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَالتَّوَضُّؤُ بِمَاءِ الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْدِ وَالْعُصْفُرِ يَجُوزُ إنْ كَانَ رَقِيقًا وَالْمَاءُ غَالِبٌ وَإِنْ غَلَبَتْ الْخُمْرَةُ وَصَارَ مُتَمَاسِكًا لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا طُرِحَ الزَّاجُ أَوْ الْعَفْصُ فِي الْمَاءِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ إنْ كَانَ لَا يَنْقُشُ إذَا كُتِبَ فَإِذَا نَقَشَ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ التَّجْنِيسِ.
وَلَوْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ بِالطِّينِ أَوْ بِالتُّرَابِ أَوْ بِالْجِصِّ أَوْ بِالنُّورَةِ أَوْ بِطُولِ الْمُكْثِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءِ السَّيْلِ يَجُوزُ وَإِنْ خَالَطَهُ التُّرَابُ إذَا كَانَ الْمَاءُ غَالِبًا رَقِيقًا فُرَاتًا أَوْ أُجَاجًا وَإِنْ كَانَ ثَخِينًا كَالطِّينِ لَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ.
وَكَذَا التَّوَضُّؤُ بِالْمَاءِ الَّذِي أُلْقِيَ فِيهِ الْحِمَّصُ أَوْ الْبَاقِلَاءُ لِيَبْتَلَّ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ وَلَكِنْ لَمْ تَذْهَبْ رِقَّتُهُ وَلَوْ طُبِخَ فِيهِ الْحِمَّصُ أَوْ الْبَاقِلَاءُ وَرِيحُ الْبَاقِلَاءِ يُوجَدُ فِيهِ لَا يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ طَبَخَ بِالْمَاءِ مَا يَقْصِدُ بِهِ الْمُبَالَغَةَ فِي النَّظَافَةِ كَالْأُشْنَانِ وَالصَّابُونِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا إذَا صَارَ ثَخِينًا فَلَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
إذَا بَلَّ الْخُبْزَ بِالْمَاءِ وَبَقِيَتْ رِقَّتُهُ جَازَ التَّوَضُّؤُ بِهِ وَإِنْ صَارَ ثَخِينًا لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْمَاءُ الْمُطْلَقُ إذَا خَالَطَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَائِعَاتِ الطَّاهِرَةِ كَالْخَلِّ وَاللَّبَنِ وَنَقِيعِ الزَّبِيبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الَّذِي يُخَالِطُهُ مِمَّا يُخَالِفُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَاءِ كَاللَّبَنِ وَمَاءِ الْعُصْفُرِ وَالزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ تُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ فِي اللَّوْنِ وَإِنْ كَانَ لَا يُخَالِفُهُ فِيهِ وَيُخَالِفُهُ فِي الطَّعْمِ كَعَصِيرِ الْعِنَبِ الْأَبْيَضِ وَخَلِّهِ تُعْتَبَرُ فِي الطَّعْمِ وَإِنْ كَانَ لَا يُخَالِفُهُ فِيهِمَا تُعْتَبَرُ فِي الْأَجْزَاءِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْأَجْزَاءِ لَمْ يُذْكَرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقَالُوا حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ الْمَغْلُوبِ احْتِيَاطًا. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَلَا يَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ هَكَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ
(1/21)
وَهَكَذَا فِي أَكْثَرِ الْمُتُونِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ يَتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَإِنْ تَيَمَّمَ مَعَهُ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِالنَّبِيذِ بِحَالٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا أَيُّهُمَا تَرَكَ لَا يَجُوزُ وَأَيُّهُمَا قُدِّمَ وَأُخِّرَ جَازَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَرَوَى أَسَدُ بْنُ نَجْمٍ وَنُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَالْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْآخَرُ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْإِمَامِ قَاضِي خَانْ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ.
وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ حُلْوًا أَوْ قَارِصًا أَمَّا إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزُّبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْكِرًا هَذَا إذَا كَانَ نِيئًا. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ طَبَخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ حُلْوًا كَانَ أَوْ مُرًّا أَوْ مُسْكِرًا وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ نَاقِلًا عَنْ الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ.
وَقَالَ أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ فِي الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ الْمَاءُ الَّذِي أُلْقِيَ فِيهِ تُمَيْرَاتٌ فَصَارَ حُلْوًا وَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ وَهُوَ رَقِيقٌ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ.
وَلَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْأَنْبِذَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَكَذَا إذَا كَانَ النَّبِيذُ غَلِيظًا كَالدِّبْسِ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ. كَذَا فِي الْكَافِي.
وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي الِاغْتِسَالِ بِالنَّبِيذِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقَالَ فِي الْمُفِيدِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاغْتِسَالُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ الْحَدَثَيْنِ وَالضَّرُورَةُ فِي الْجَنَابَةِ دُونَهَا فِي الْوُضُوءِ فَلَا يُقَاسَ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْحُسَامِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ مَعَ وُجُودِ مَاءٍ مُطْلَقٍ وَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً مُطْلَقًا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ. وَلَوْ قَدَرَ عَلَى مَاءٍ مَكْرُوهٍ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى مَاءٍ مَشْكُوكٍ وَعَلَى النَّبِيذِ التَّمْرِ وَالصَّعِيدُ يَتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا غَيْرَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ الْمَشْكُوكِ وَيَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجْمَعُ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَلَوْ تَرَكَ وَاحِدًا لَا يَجُوزُ وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِيهِ سَوَاءٌ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ لَيْسَ بِطَهُورٍ حَتَّى لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي طَهَارَتِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُوَ طَاهِرٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْمَاءُ الَّذِي أُزِيلَ بِهِ حَدَثٌ أَوْ اسْتَعْمَلَ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَمَا زَايَلَ الْعُضْوَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَدَثُ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ. هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ حَتَّى إذَا غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَغَسَلَهَا بِذَلِكَ الْمَاءِ لَا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا أَدْخَلَ الْمُحْدِثُ أَوْ الْجُنُبُ أَوْ الْحَائِضُ الَّتِي طَهُرَتْ يَدَهُ فِي الْمَاءِ لِلِاغْتِرَافِ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا لِلضَّرُورَةِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا إذَا وَقَعَ الْكُوزُ فِي الْحُبِّ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ إلَى الْمِرْفَقِ لِإِخْرَاجِ الْكُوزِ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ أَوْ رِجْلَهُ لِلتَّبَرُّدِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُشْتَرَطُ إدْخَالُ عُضْوٍ تَامٍّ لِصَيْرُورَةِ الْمَاءِ مُسْتَعْمَلًا فِي الرِّوَايَةِ الْمَعْرُوفَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَبِإِدْخَالِ الْأُصْبُعِ أَوْ الْأُصْبُعَيْنِ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا وَبِإِدْخَالِ الْكَفِّ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(1/22)
وَالْجُنُبُ إذَا انْغَمَسَ فِي الْبِئْرِ لِطَلَبِ الدَّلْوِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الرَّجُلُ بِحَالِهِ وَالْمَاءُ بِحَالِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كِلَاهُمَا طَاهِرٌ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كِلَاهُمَا نَجِسٌ وَعَنْهُ أَنَّ الرَّجُلَ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمَ الِاسْتِعْمَالِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَهُوَ أَوْفَقُ الرِّوَايَاتِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ انْغَمَسَ لِلِاغْتِسَالِ لِلصَّلَاةِ يُفْسَدُ الْمَاءُ بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَوْ وَقَعَتْ الْحَائِضُ فِي الْبِئْرِ إنْ كَانَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَلَيْسَ عَلَى أَعْضَائِهَا نَجَاسَةٌ فَهِيَ كَالْجُنُبِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَهِيَ كَالرَّجُلِ الطَّاهِرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْحَيْضِ بِهَذَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ غَسَلَ عُضْوًا سِوَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ كَمَا إذَا غَسَلَ فَخِذَهُ أَوْ جَنْبَهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِخِلَافِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا غَسَلَ رَأْسَهُ لِيَحْلِقَ شَعْرَهُ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ تَوَضَّأَ الطَّاهِرُ لِإِزَالَةِ الطِّينِ أَوْ الْعَجِينِ أَوْ الدَّرَنِ أَوْ اغْتَسَلَ الطَّاهِرُ لِلتَّبَرُّدِ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْمُحْدِثُ إذَا تَوَضَّأَ لِلتَّبَرُّدِ أَوْ لِلتَّعْلِيمِ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْحُسَامِيِّ صَبِيٌّ تَوَضَّأَ هَلْ يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ عَاقِلًا وَإِلَّا فَلَا. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
إذَا غَسَلَ يَدَهُ لِلطَّعَامِ أَوْ مِنْهُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْمَرْأَةُ إذَا وَصَلَتْ شَعْرَ غَيْرِهَا بِشَعْرِهَا ثُمَّ غَسَلَتْ الشَّعْرَ الَّذِي وَصَلَتْ لَمْ يَصِرْ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا وَإِنْ غَسَلَتْ شَعْرَهَا صَارَ مُسْتَعْمَلًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ غُسِلَ رَأْسُ إنْسَانٍ مَقْتُولٍ قَدْ بَانَ مِنْهُ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا. كَذَا فِي السَّرَخْسِيِّ.
جُنُبٌ اغْتَسَلَ فَانْتَضَحَ مِنْ غُسْلِهِ شَيْءٌ فِي إنَائِهِ لَمْ يُفْسِدْ عَلَيْهِ الْمَاءَ. أَمَّا إذَا كَانَ يَسِيلُ مِنْهُ سَيَلَانًا أَفْسَدَهُ، وَكَذَا حَوْضُ الْحَمَّامِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُفْسِدُهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ يَعْنِي لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الطَّهُورِيَّةِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
غُسَالَةُ الْمَيِّتِ نَجِسَةٌ أَطْلَقَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأَصْلِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّمَا أَطْلَقَ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَخْلُو عَنْ النَّجَاسَةِ غَالِبًا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ تَوَضَّأَ بِالْخَلِّ أَوْ بِمَاءِ الْوَرْدِ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا عِنْدَ الْكُلِّ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ لَا يُفْسِدُهُ إلَّا إذَا غَلَبَ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) عَرَقُ كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِسُؤْرِهِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ عَرَقُ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَلُعَابُهُمَا إذَا وَقَعَا فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَفْسَدَاهُ وَإِنْ قَلَّا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أَصَابَ الثَّوْبَ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَإِنْ فَحُشَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
سُؤْرُ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْكَافِرُ إلَّا سُؤْرَ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَنْ دُمِيَ فُوهُ إذَا شَرِبَ عَلَى فَوْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ نَجَسٌ وَإِنْ ابْتَلَعَ رِيقَهُ مِرَارًا طَهُرَ فَمُهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا كَانَ شَارِبُ شَارِبِ الْخَمْرِ طَوِيلًا يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ وَإِنْ شَرِبَ بَعْدَ سَاعَةٍ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.
وَكَرَاهَةُ سُؤْرِ الْمَرْأَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ كَسُؤْرِهِ لَهَا لَيْسَ لِعَدَمِ طَهَارَتِهِ بَلْ لِلِاسْتِلْذَاذِ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَسُؤْرُ الْفَرَسِ طَاهِرٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي الْأَصَحِّ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ
وَكَذَا سُؤْرُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الدَّوَابِّ وَالطُّيُورِ طَاهِرٌ مَا خَلَا الدَّجَاجَةَ الْمُخْلَاةَ وَالْإِبِلَ وَالْبَقَرَ الْجَلَّالَةَ فَسُؤْرُهَا يُكْرَهُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الدَّجَاجَةُ مَحْبُوسَةً بِحَيْثُ لَا يَصِلُ مِنْقَارُهَا تَحْتَ قَدَمَيْهَا لَا يُكْرَهُ وَإِنْ وَصَلَ فَهِيَ بِمَعْنَى الْمُخَلَّاةِ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَسُؤْرُ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ مِمَّا يَعِيشُ
(1/23)
فِي الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ طَاهِرٌ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَسُؤْرُ حَشَرَاتِ الْبَيْتِ كَالْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ وَالسِّنَّوْرِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ هُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ تَلْحَسَ الْهِرَّةُ فِي كَفِّ إنْسَانٍ ثُمَّ يُصَلِّي قَبْلَ غَسْلِهَا أَوْ يَأْكُلَ مِنْ بَقِيَّةِ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلَتْ مِنْهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْغَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى بَدَلِهِ أَمَّا فِي حَقِّ الْفَقِيرِ فَلَا يُكْرَهُ لِلضَّرُورَةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
فَإِنْ أَكَلْت فَأْرَةٌ وَشَرِبَتْ الْمَاءَ مِنْ فَوْرِهَا يَتَنَجَّسُ وَإِنْ مَكَثَتْ سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ ثُمَّ شَرِبَتْ لَا يَتَنَجَّسُ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَسُؤْرُ سِبَاعِ الطَّيْرِ مَكْرُوهٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَحْبُوسَةً يَعْلَمُ صَاحِبُهَا أَنَّهُ لَا قَذَرَ عَلَى مِنْقَارِهَا لَا يُكْرَهُ وَاسْتَحْسَنَ الْمَشَايِخُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَكَذَا سُؤْرُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الطَّيْرِ طَاهِرٌ مَكْرُوهٌ اسْتِحْسَانًا. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.
الْمَاءُ الْمَكْرُوهُ إذَا تَوَضَّأَ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ كَانَ مَكْرُوهًا وَعِنْدَ عَدَمِهِ لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَسُؤْرُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ نَجَسٌ. كَذَا فِي الْكَنْزِ.
حُبُّ الْمَاءِ إذْ تَرَشَّحَ مِنْهُ الْمَاءُ فَجَاءَ كَلْبٌ فَلَحِسَ الْحُبَّ فَالْمَاءُ الَّذِي فِي الْحُبِّ طَاهِرٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ ثَلَاثًا. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَسُؤْرُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ مَشْكُوكٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي طَهُورِيَّتِهِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا تَوَضَّأَ بِهِمَا وَتَيَمَّمَ وَأَيَّهُمَا قَدِمَ جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا يَجُوزُ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ بِهِ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ اخْتَلَفُوا فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْوِيَ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ وَقَعَ سُؤْرُ الْحِمَارِ فِي الْمَاءِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
بَوْلُ الْخُفَّاشِ وَخُرْؤُهُ لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ وَالثَّوْبَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَوْتُ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فِي الْمَاءِ لَا يُنَجِّسُهُ كَالْبَقِّ وَالذُّبَابِ وَالزَّنَابِيرِ وَالْعَقَارِبِ وَنَحْوِهَا.
وَمَوْتُ مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ فِيهِ لَا يُفْسِدُهُ كَالسَّمَكِ وَالضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ وَفِي غَيْرِ الْمَاءِ قِيلَ غَيْرُ السَّمَكِ يُفْسِدُهُ وَقِيلَ لَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالضُّفْدَعُ الْبَحْرِيُّ وَالْبَرِّيُّ سَوَاءٌ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا فَرْقَ فِي الصَّحِيحِ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ فِي الْمَاءِ أَوْ خَارِجَ الْمَاءِ ثُمَّ يُلْقَى فِيهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَسْتَوِي الْجَوَابُ بَيْنَ الْمُتَفَسِّخِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ شُرْبُ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ إجْزَائِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَأْكُولٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ مَا يَكُونُ تَوَالُدُهُ وَمَثْوَاهُ فِي الْمَاءِ وَمَائِيُّ الْمَعَاشِ دُونَ مَائِيِّ الْمَوْلِدِ يُفْسِدُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا عِبْرَةَ لِلْغُبَارِ النَّجِسِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ إنَّمَا الْعِبْرَةُ لِلتُّرَابِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
خَشَبَةٌ أَصَابَتْهَا نَجَاسَةٌ أَوْ سِرْقِينٌ فَاحْتَرَقَتْ فَصَارَتْ رَمَادًا فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ لَا يُفْسِدُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
شَعْرُ الْمَيْتَةِ وَعَظْمُهَا طَاهِرَانِ وَكَذَا الْعَصَبُ وَالْحَافِرُ وَالْخُفُّ وَالظِّلْفُ وَالْقَرْنُ وَالصُّوفُ وَالْوَبَرُ وَالرِّيشُ وَالسِّنُّ وَالْمِنْقَارُ وَالْمِخْلَبُ وَكَذَا شَعْرُ الْإِنْسَانِ وَعَظْمُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ هَذَا إذَا كَانَ الشَّعْرُ مَحْلُوقًا أَوْ مَجْزُوزًا أَمَّا إذَا كَانَ مَنْتُوفًا فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجَسًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْفَحَةُ الْمَيْتَةِ وَلَبَنُهَا فِي ضَرْعِهَا وَقِشْرُ الْبَيْضَةِ الْخَارِجَةِ وَالسَّخْلَةُ السَّاقِطَةُ مِنْ أُمِّهَا وَهِيَ مُبْتَلَّةٌ طَاهِرَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَنَافِجَةُ الْمِسْكِ إنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَوْ أَصَابَهَا الْمَاءُ لَمْ تَفْسُدْ فَهِيَ طَاهِرَةٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ بِكُلِّ حَالٍ وَمِنْ الذَّكِيَّةِ طَاهِرَةٌ بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
أَمَّا الْخِنْزِيرُ فَجَمِيعُ أَجْزَائِهِ نَجِسَةٌ. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
لَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ عَظْمُ الْمَيْتَةِ وَعَلَيْهِ لَحْمٌ أَوْ دَسَمٌ تَنَجَّسَ وَإِلَّا لَا. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
جِلْدُ الْإِنْسَانِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ أَوْ قِشْرُهُ
(1/24)
إنْ كَانَ قَلِيلًا مِثْلَ مَا يَتَنَاثَرُ مِنْ شُقُوقِ الرِّجْلِ وَنَحْوِهَا لَا يَفْسُدُ الْمَاءُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يَعْنِي قَدْرَ الظُّفْرِ يُفْسِدُهُ وَالظُّفْرُ لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
كُلُّ إهَابٍ دُبِغَ دِبَاغَةً حَقِيقِيَّةً بِالْأَدْوِيَةِ أَوْ حُكْمِيَّةً بِالتَّتْرِيبِ وَالتَّشْمِيسِ وَالْإِلْقَاءِ فِي الرِّيحِ فَقَدْ طَهُرَ وَجَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ وَالْوُضُوءُ مِنْهُ إلَّا جِلْدُ الْآدَمِيِّ وَالْخِنْزِيرِ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَوْ أَصَابَهُ مَاءٌ بَعْدَ الدِّبَاغَةِ الْحَقِيقِيَّةِ لَا يَعُودُ نَجِسًا وَبَعْدَ الْحُكْمِيَّةِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ نَجِسًا. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَمَا طَهُرَ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ طَهُرَ جِلْدُهُ بِالذَّكَاةِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ تَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ إلَّا الدَّمَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْكُوزُ الَّذِي يُوضَعُ فِي نَوَاحِي الْبَيْتِ لِيُغْتَرَفَ بِهِ مِنْ الْحُبِّ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ وَيَتَوَضَّأَ مِنْهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ بِهِ قَذَرًا.
إذَا فَرَّتْ الْفَأْرَةُ مِنْ الْهِرَّةِ وَمَرَّتْ عَلَى قَصْعَةِ مَاءٍ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْهِرَّةَ إنْ جَرَّتْهَا تَنْجُسُ الْقَصْعَةُ وَإِلَّا لَا وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ تَنْجُسُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا تَبُولُ غَالِبًا مِنْ خَوْفِ الْهِرَّةِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ الْحَوْضِ الَّذِي يَخَافُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ قَذَرٌ وَلَا يَتَيَقَّنُ بِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ، وَلَا يَدَعُ التَّوَضُّؤَ مِنْهُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّ فِيهِ قَذَرًا لِلْأَثَرِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ ظَنَّهُ نَجِسًا فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ طَاهِرٌ يَجُوزُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
سَبُعٌ مَرَّ بِالرَّكِيَّةِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ شُرْبُهُ مِنْهَا يَتَنَجَّسُ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْمُبْتَغَى.
فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ وَجَدَ فِي الصَّحْرَاءِ مَاءً قَلِيلًا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ وَيَتَوَضَّأَ فَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ نَجِسَةً وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْتَرِفُ بِهِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُوقِعُ مِنْدِيلًا وَإِذَا سَالَ الْمَاءُ عَلَى يَدِهِ مِنْ الْمِنْدِيلِ طَهُرَتْ وَإِنْ وَجَدَ عَلَى شَطِّهِ عَلَامَةَ دُخُولِ الْكَلْبِ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْمَاءِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الشُّرْبِ مِنْهُ لَا يَتَوَضَّأُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ يَجُوزُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ أَنَّ الصِّبْيَانَ وَأَهْلَ الرُّسْتَاقِ يَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ فَالدَّلْوُ وَالرِّشَاءُ طَاهِرَانِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مَا لَمْ يُعْلَمْ تَيَقُّنًا بِالنَّجَاسَةِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
إذَا أَدْخَلَ الصَّبِيُّ يَدَهُ فِي كُوزِ مَاءٍ أَوْ رِجْلَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ يَدَهُ طَاهِرَةٌ بِيَقِينٍ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ أَوْ نَجِسَةٌ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِغَيْرِهِ وَمَعَ هَذَا لَوْ تَوَضَّأَ أَجْزَأَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا خَاضَ الرَّجُلُ فِي الْمَاءِ الْمَصْبُوبِ عَلَى وَجْهِ الْحَمَّامِ بَعْدَ مَا غَسَلَ قَدَمَيْهِ وَخَرَجَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِي الْحَمَّامِ جُنُبًا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ قَدَمَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ جُنُبًا قَدْ اغْتَسَلَ فَعَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَغْسِلَ وَهُوَ الظَّاهِرُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا مَسَحَ أَعْضَاءَهُ بِالْمِنْدِيلِ وَابْتَلَّ حَتَّى صَارَ كَثِيرًا أَوْ تَقَاطَرَ الْمَاءُ مِنْ أَعْضَائِهِ عَلَى ثَوْبٍ مِقْدَارَ الْكَثِيرِ الْفَاحِشِ جَازَتْ الصَّلَاةُ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ طَاهِرٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَعِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ نَجِسًا لَكِنْ سَقَطَ اعْتِبَارُ نَجَاسَتِهِ هَهُنَا لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَيُكْرَهُ شُرْبُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
فِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ إذَا تَنَجَّسَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ إنْ تَغَيَّرَتْ أَوْصَافُهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْبَوْلِ وَإِلَّا جَازَ سَقْيُ الدَّوَابِّ وَبَلُّ الطِّينِ وَلَا يُطَيَّنُ بِهِ الْمَسْجِدُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
الْبَوْلُ فِي الْمَاءِ الْجَارِي مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
حَوْضٌ فِيهِ عَصِيرٌ فَوَقَعَ الْبَوْلُ فِيهِ إنْ كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ لَا يُفْسِدُهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَفْسَدَهُ كَمَا فِي الْمَاءِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي التَّيَمُّمِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أُمُورٍ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي التَّيَمُّمِ]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي التَّيَمُّمِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ)
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أُمُورٍ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي التَّيَمُّمِ) .
مِنْهَا النِّيَّةُ وَكَيْفِيَّتُهَا أَنْ يَنْوِيَ عِبَادَةً مَقْصُودَةً لَا تَصِحُّ
(1/25)
إلَّا بِالطَّهَارَةِ وَنِيَّةُ الطَّهَارَةِ أَوْ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ تَقُومُ مَقَامَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَا يَجِبُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ يُرِيدُ بِهِ الْوُضُوءَ جَازَ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي النِّصَابِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
لَوْ تَيَمَّمَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَجْزَأَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْمَكْتُوبَةَ بِلَا خِلَافٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ تَيَمَّمَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ أَوْ عَنْ الْمُصْحَفِ أَوْ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ أَوْ لِدَفْنِ الْمَيِّتِ أَوْ لِلْأَذَانِ أَوْ لِلْإِقَامَةِ أَوْ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ أَوْ لِخُرُوجِهِ بِأَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ ثُمَّ أَحْدَثَ أَوْ لَمَسَ الْمُصْحَفَ وَصَلَّى بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ تَيَمَّمَ لِسَجْدَةِ قُرْبَةٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لَهُمَا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ تَيَمَّمَ لِلسَّلَامِ أَوْ لِرَدِّ السَّلَامِ لَا يَجُوزُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ تَيَمَّمَ يُرِيدُ بِهِ تَعْلِيمَ الْغَيْرِ وَلَا يُرِيدُ بِهِ الصَّلَاةَ لَمْ يُجْزِئْهُ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْكَافِرُ إذَا تَيَمَّمَ لِلْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
مَرِيضٌ يُيَمِّمُهُ غَيْرُهُ فَالنِّيَّةُ عَلَى الْمَرِيضِ دُونَ الْمُيَمِّمِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
(وَمِنْهَا الضَّرْبَتَانِ) يَمْسَحُ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى يَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَمْسَحُ الْمِرْفَقَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْحِلْيَةِ يَمْسَحُ مِنْ وَجْهِهِ ظَاهِرَ الْبَشَرَةِ وَظَاهِرَ الشَّعْرِ عَلَى الصَّحِيحِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَهَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَسْحُ الْعِذَارِ شَرْطٌ عَلَى مَا حُكِيَ عَنْ أَصْحَابِنَا وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَهَلْ يَمْسَحُ الْكَفَّ؟ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ وَضَرْبُ الْكَفِّ يَكْفِي. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَإِنْ مَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُجْزِيهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ مَسَحَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى إحْدَى يَدَيْهِ أَجْزَأَهُ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدِ الْأُولَى وَيُعِيدُ الضَّرْبَ لِلْيَدِ الْأُخْرَى. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِذَا أَرَادَ التَّيَمُّمَ فَتَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ وَدَلَكَ بِهِ جَسَدَهُ كُلَّهُ إنْ كَانَ التُّرَابُ أَصَابَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُصِبْ لَمْ يَجُزْ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ مِنْ الرُّسْغِ يَمْسَحُ ذِرَاعَيْهِ وَمَقْطُوعُ الذِّرَاعَيْنِ يَمْسَحُ مَوْضِعَ الْقَطْعِ، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ فَوْقَ الْمِرْفَقِ لَا يَجِبُ الْمَسْحُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ شُلَّتْ يَدَاهُ يَمْسَحُ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَوَجْهَهُ عَلَى الْحَائِطِ وَيُجْزِيهِ وَلَا يَدَعُ الصَّلَاةَ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ قُبَيْلَ فَصْلِ التَّيَمُّمِ.
لَوْ ضَرَبَ يَدَيْهِ فَقَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ أَحْدَثَ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ بِتِلْكَ الضَّرْبَةِ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ غَسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَبِهِ قَالَ السَّيِّدُ أَبُو شُجَاعٍ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ يَجُوزُ كَمَنْ مَلَأَ كَفَّيْهِ مَاءً فَأَحْدَثَ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ التُّرَابَ. كَذَا اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(وَمِنْهَا الِاسْتِيعَابُ) اسْتِيعَابُ الْعُضْوَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ وَاجِبٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَمْسَحْ تَحْتَ الْحَاجِبَيْنِ وَفَوْقَ الْعَيْنَيْنِ لَا يُجْزِيهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا بُدَّ مِنْ نَزْعِ الْخَاتَمِ وَالسِّوَارِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَمْسَحُ الْوَتَرَةَ الَّتِي بَيْنَ الْمِنْخَرَيْنِ وَيَجِبُ تَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بَيْنَهَا غُبَارٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَمِنْهَا الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ) يَتَيَمَّمُ بِطَاهِرٍ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ كُلُّ مَا يَحْتَرِقُ فَيَصِيرُ رَمَادًا كَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهِمَا أَوْ مَا يَنْطَبِعُ وَيَلِينُ كَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَالزُّجَاجِ وَعَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَنَحْوِهَا فَلَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَمَا كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ جِنْسِهَا. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
فَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ وَالرَّمْلِ وَالسَّبْخَةِ الْمُنْعَقِدَةِ مِنْ الْأَرْضِ دُونَ الْمَاءِ وَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ وَالْكُحْلِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْمَغْرَةُ وَالْكِبْرِيتُ وَالْفَيْرُوزَجُ وَالْعَقِيقُ
(1/26)
وَالْبَلْخَشُ وَالزُّمُرُّدُ وَالزَّبَرْجَدُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَبِالْيَاقُوتِ وَالْمَرْجَانِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَبِالْآجُرِّ الْمَشْوِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَبِالْخَزَفِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ صَبْغٌ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. وَبِالْحَجَرِ عَلَيْهِ غُبَارٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ كَانَ مَغْسُولًا أَوْ أَمْلَسَ مَدْقُوقًا أَوْ غَيْرَ مَدْقُوقٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَبِالطِّينِ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ وَالْأَبْيَضِ.
كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْأَصْفَرِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَخْضَرِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَبِالْأَرْضِ النَّدِيَّةِ وَالطِّينِ الرَّطْبِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وبالمرداسنج الْمَعْدِنِيِّ دُونَ الْمُتَّخَذِ مِنْ شَيْءٍ آخَرَ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ أَمَّا الْمِلْحُ فَإِنْ كَانَ مَائِيًّا فَلَا يَجُوزُ بِهِ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ جَبَلِيًّا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَصُحِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
الْأَرْضُ إذَا احْتَرَقَتْ فَتَيَمَّمَ بِذَلِكَ التُّرَابِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ تَيَمَّمَ بِاللَّآلِئِ الْمَدْقُوقَةِ أَوْ غَيْرِ الْمَدْقُوقَةِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ تَيَمَّمَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنْ كَانَ مَسْبُوكًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْبُوكًا وَكَانَ مُخْتَلِطًا بِالتُّرَابِ وَالْغَلَبَةُ لِلتُّرَابِ جَازَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَجُوزُ بِالرَّمَادِ وَالْعَنْبَرِ وَالْكَافُورِ وَالْمِسْكِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا بِالْمَاءِ الْمُتَجَمِّدِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيَجُوزُ بِالْغُبَارِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّعِيدِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَصُورَةُ التَّيَمُّمِ بِالْغُبَارِ أَنْ يَضْرِبَ بِيَدَيْهِ ثَوْبًا أَوْ لِبَدًا أَوْ وِسَادَةً أَوْ مَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ الَّتِي عَلَيْهَا إغْبَارٌ فَإِذَا وَقَعَ الْغُبَارُ عَلَى يَدَيْهِ تَيَمَّمَ أَوْ يَنْفُضُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَرْتَفِعَ غُبَارُهُ فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْغُبَارِ فِي الْهَوَاءِ فَإِذَا وَقَعَ الْغُبَارُ عَلَى يَدَيْهِ تَيَمَّمَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَصَابَ الْغُبَارُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ فَمَسَحَ بِهِ نَاوِيًا لِلتَّيَمُّمِ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحُبُوبِ فَلَصِقَ بِيَدَيْهِ غُبَارٌ فَإِنْ بَانَ أَثَرُهُ جَازَ بِهِ التَّيَمُّمُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ لَمْ يَبِنْ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِذَا خَالَطَ التُّرَابُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ فَالْعِبْرَةُ لِلْغَلَبَةِ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ لَا يَجِدُ مَاءً وَلَا صَعِيدًا وَلَيْسَ فِي ثَوْبِهِ وَسَرْجِهِ غُبَارٌ يُلَطِّخُ ثَوْبَهُ أَوْ بَعْضَ جَسَدِهِ بِالطِّينِ فَإِذَا جَفَّ تَيَمَّمَ بِهِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَيَمَّمَ مَا لَمْ يَخَفْ ذَهَابَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَلَطُّخُ الْوَجْهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَيَصِيرُ بِمَعْنَى الْمُثْلَةِ وَإِنْ تَيَمَّمَ بِهِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِأَنَّ الطِّينَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْمَاءِ مُسْتَهْلَكٌ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ صَارَ الطِّينُ مَغْلُوبًا بِالْمَاءِ فَلَا يَجُوزُ بِهِ التَّيَمُّمُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا تَيَمَّمَ بِغُبَارِ الثَّوْبِ النَّجِسِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا وَقَعَ التُّرَابُ بَعْدَمَا جَفَّ الثَّوْبُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
الْأَرْضُ إذَا أَصَابَتْهَا النَّجَاسَةُ فَيَبِسَتْ وَذَهَبَ أَثَرُهَا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا الْمَسْحُ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ) لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ كَمَسْحِ الرَّأْسِ وَالْخُفَّيْنِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَمِنْهَا عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ) يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِمَنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ الْمَاءِ مِيلًا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي الْمِقْدَارِ سَوَاءٌ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ أَوْ فِيهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَسَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِعَدَمِ الْمَاءِ فِي الْمِصْرِ وَكَذَا الْقُرَى الَّتِي لَا يُفَارِقُهَا أَهْلُهَا أَوْ أَكْثَرُهُمْ نَهَارًا وَذُكِرَ عَنْ السُّلَمِيُّ جَوَازُ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَالْخِلَافُ بَعْدَ الطَّلَبِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ إجْمَاعًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَقْرَبُ الْأَقْوَالِ أَنَّ الْمِيلَ وَهُوَ ثُلُثُ الْفَرْسَخِ أَرْبَعَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ طُولُ كُلِّ ذِرَاعٍ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا وَعَرْضُ كُلِّ أُصْبُعٍ سِتُّ حَبَّاتِ شَعِيرٍ مُلْصَقَةٌ ظَهْرَ الْبَطْنِ.
هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُعْتَبَرُ الْمَسَافَةُ دُونَ خَوْفِ الْوَقْتِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ
وَيَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ سَبُعٍ أَوْ عَدُوٍّ سَوَاءٌ كَانَ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ. هَكَذَا
(1/27)
فِي الْعِنَايَةِ أَوْ لِخَوْفِ حَيَّةٍ أَوْ نَارٍ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَ الْمَاءِ لِصٌّ أَوْ ظَالِمٌ يُؤْذِيهِ يَتَيَمَّمُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي النُّتَفِ يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ ضَيَاعِ الْوَدِيعَةِ أَوْ قَصْدِ غَرِيمٍ لَا وَفَاءً بِدِينِهِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالْكِفَايَةِ.
وَكَذَا إذَا خَافَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا بِأَنْ كَانَ الْمَاءُ عِنْدَ فَاسِقٍ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالنَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَكَذَا إذَا خَافَ الْعَطَشَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ رَفِيقِهِ الْمُخَالِطِ لَهُ أَوْ آخَرَ مِنْ أَهْلِ الْقَافِلَةِ أَوْ دَابَّتِهِ أَوْ كِلَابِهِ لِمَاشِيَتِهِ أَوْ صَيْدِهِ فِي الْحَالِ أَوْ ثَانِي الْحَالِ وَكَذَا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لِلْعَجْنِ دُونَ اتِّخَاذِ الْمَرَقَةِ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ إذَا خَافَ الْجُنُبُ إذَا اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ أَنْ يَقْتُلَهُ الْبَرْدُ أَوْ يُمْرِضَهُ هَذَا إذَا كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ إجْمَاعًا فَإِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ فَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَدْخُلْ بِهِ الْحَمَّامَ فَإِنْ وَجَدَ لَمْ يَجُزْ إجْمَاعًا وَفِيمَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَسْخِينِ الْمَاءِ فَإِنْ قَدَرَ لَمْ يَجُزْ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ
وَإِذَا خَافَ الْمُحْدِثُ إنْ تَوَضَّأَ أَنْ يَقْتُلَهُ الْبَرْدُ أَوْ يُمْرِضَهُ يَتَيَمَّمُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَاخْتَارَهُ فِي الْأَسْرَارِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ جَوَازِهِ إجْمَاعًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ كَانَ يَجِدُ الْمَاءَ إلَّا أَنَّهُ مَرِيضٌ يَخَافُ إنْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ اشْتَدَّ مَرَضُهُ أَوْ أَبْطَأَ بُرْؤُهُ يَتَيَمَّمُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَدَّ بِالتَّحَرُّكِ كَالْمُشْتَكِي مِنْ الْعَرَقِ الْمَدَنِيِّ وَالْمَبْطُونِ أَوْ بِالِاسْتِعْمَالِ كَالْجُدَرِيِّ وَنَحْوِهِ أَوْ كَانَ لَا يَجِدُ مَنْ يُوَضِّئُهُ وَلَا يَقْدِرُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ وَجَدَ خَادِمًا أَوْ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ أَجِيرًا أَوْ عِنْدَهُ مَنْ لَوْ اسْتَعَانَ بِهِ أَعَانَهُ فَعَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ الْخَوْفُ إمَّا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ عَنْ أَمَارَةٍ أَوْ تَجْرِبَةٍ أَوْ إخْبَارِ طَبِيبٍ حَاذِقٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ ظَاهِرِ الْفِسْقِ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ.
وَإِنْ كَانَ بِهِ جُدَرِيٌّ أَوْ جِرَاحَاتٌ يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ مُحْدِثًا كَانَ أَوْ جُنُبًا فَفِي الْجَنَابَةِ يُعْتَبَرُ أَكْثَرُ الْبَدَنِ وَفِي الْحَدَثِ يُعْتَبَرُ أَكْثَرُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ صَحِيحًا وَالْأَقَلُّ جَرِيحًا يُغْسَلُ الصَّحِيحُ وَيُمْسَحُ عَلَى الْجَرِيحِ إنْ أَمْكَنَهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَسْحُ يَمْسَحُ عَلَى الْجَبَائِرِ أَوْ فَوْقَ الْخِرْقَةِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ.
وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْبَدَنِ صَحِيحًا وَالنِّصْفُ جَرِيحًا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي جَمْعِ الْعُلُومِ لَهُ التَّيَمُّمُ فِي كُلِّهِ لِخَوْفِ الْبَقِّ أَوْ مَطَرٍ أَوْ حَرٍّ شَدِيدٍ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالْكِفَايَةِ
الْمُسَافِرُ إذَا انْتَهَى إلَى بِئْرٍ وَلَيْسَ مَعَهُ دَلْوٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَكَذَا إذَا كَانَ مَعَهُ دَلْوٌ وَلَيْسَ مَعَهُ رِشَاءٌ قَالُوا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْدِيلٌ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مِنْدِيلٌ لَا يَتَيَمَّمُ وَلَوْ كَانَ مَعَ رَفِيقِهِ دَلْوٌ مَمْلُوكٌ لَهُ وَقَالَ لَهُ رَفِيقُهُ انْتَظِرْ حَتَّى أَسْتَقِيَ الْمَاءَ ثُمَّ أَدْفَعُهُ إلَيْك فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ وَإِنْ تَيَمَّمَ وَلَمْ يَنْتَظِرْ جَازَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَتَيَمَّمُ عِنْدَ وُجُودِ آلَةِ التَّقْوِيرِ فِي نَهْرٍ جَامِدٍ تَحْتَهُ مَاءٌ وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ وَفِي جَمَدٍ أَوْ ثَلْجٍ وَمَعَهُ آلَةُ الذَّوْبِ لَا يَتَيَمَّمُ وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا كَمَا لَا يَخْفَى. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
الْأَسِيرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا مَنَعَهُ الْكَافِرُ عَنْ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ ثُمَّ يُعِيدُ إذَا خَرَجَ، وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: إنْ تَوَضَّأْتَ حَبَسْتُك أَوْ قَتَلْتُك فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ يُعِيدُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْمَحْبُوسُ فِي السِّجْنِ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ وَيُعِيدُ بِالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ إنَّمَا تَحَقَّقَ بِصُنْعِ الْعِبَادِ وَصُنْعُ الْعِبَادِ لَا يُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ حُبِسَ فِي السَّفَرِ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ انْضَمَّ عُذْرُ السَّفَرِ إلَى الْعَجْزِ الْحَقِيقِيِّ وَالْغَالِبُ فِي السَّفَرِ عَدَمُ الْمَاءِ فَتَحَقَّقَ الْعَدَمُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ لُحُوقِ ضَرَرٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ وَمَا
(1/28)
زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ ضَرَرٌ فَلَا يَلْزَمْهُ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمِثْلِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَمِنْهَا الطَّلَبُ) مُسَافِرٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بِقُرْبِهِ مَاءً وَجَبَ الطَّلَبُ بِقَدْرِ غَلْوَةٍ وَلَا يَجِبُ الطَّلَبُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ غَلَبَةِ ظَنٍّ أَوْ إخْبَارٍ. كَذَا فِي الْكَافِي وَإِذَا شَكَّ يُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّلَبُ وَإِنْ لَمْ يَشُكَّ يَتَيَمَّمُ وَلَمْ يَكُنْ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْغَلْوَةُ أَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ بَعَثَ مَنْ يَطْلُبُهُ لَهُ كَفَاهُ عَنْ الطَّلَبِ بِنَفْسِهِ.
وَلَوْ تَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَصَلَّى ثُمَّ طَلَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِدْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ قَرُبَ مِنْ الْمَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ أَجْزَأَهُ التَّيَمُّمُ وَإِنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ فَلَمْ يَسْأَلْهُ حَتَّى تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ سَأَلَ فَأَخْبَرَهُ بِمَاءٍ قَرِيبٍ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ كَاَلَّذِي نَزَلَ بِالْعُمْرَانِ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَاءَ لَمْ يَجُزْ تَيَمُّمُهُ وَإِنْ سَأَلَهُ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَمْ يُخْبِرْهُ حَتَّى تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ أُخْبِرَ بِمَاءٍ قَرِيبٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ كَانَ مَعَ رَفِيقِهِ مَاءٌ فَظَنَّ أَنَّهُ إنْ سَأَلَهُ أَعْطَاهُ لَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يُعْطِيهِ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِعْطَاءِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى فَسَأَلَهُ وَأَعْطَاهُ يُعِيدُ. كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.
وَإِنْ مَنَعَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ وَأَعْطَاهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ لَمْ يُعِدْ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ثَمَنُهُ تَيَمَّمَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَيَمَّمْ وَإِنْ لَمْ يَبِعْ إلَّا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَهُوَ ضِعْفُ الْقِيمَةِ (1) تَيَمَّمَ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمَاءِ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَعِزُّ فِيهِ الْمَاءُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْمُتَيَمِّمُ الْمُصَلِّي رَأَى مَعَ رَفِيقِهِ مَاءً فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنْ يُعْطِيَهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ وَإِنْ كَانَ يَشُكُّ فِيهِ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ فَإِنْ أَتَمَّ يَسْأَلُهُ فَإِنْ أَعْطَاهُ تَوَضَّأَ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ أَبَى تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَعْطَاهُ بَعْدَمَا أَبَى لَمْ يَنْتَقِضْ مَا مَضَى. كَذَا فِي السَّرَخْسِيِّ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَنْقُضُ التَّيَمُّمَ]
يَنْقُضُ التَّيَمُّمَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَنْقُضُهُ الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْكَافِي الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَتِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
جُنُبٌ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ لُمْعَةٌ وَفَنِيَ مَاؤُهُ يَتَيَمَّمُ لِبَقَاءِ الْجَنَابَةِ فَإِنْ أَحْدَثَ تَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ فَإِنْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِيهِمَا صَرَفَهُ إلَيْهِمَا وَإِنْ كَفَى مُعَيَّنًا صَرَفَهُ إلَيْهِ وَالتَّيَمُّمُ لِلْآخَرِ بَاقٍ وَإِنْ كَفَى وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ صَرَفَهُ إلَى اللُّمْعَةِ وَأَعَادَ تَيَمُّمَهُ لِلْحَدَثِ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ (2) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُعِيدُ وَلَوْ صَرَفَهُ إلَى الْوُضُوءِ جَازَ وَتَيَمَّمَ لِجَنَابَتِهِ اتِّفَاقًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ قَبْلَ وُجُودِ هَذَا الْمَاءِ فَتَيَمَّمَ قَبْلَ غَسْلِ اللُّمْعَةِ لِلْحَدَثِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ وَاحِدًا بَقِيَ تَيَمُّمُهَا.
جُنُبٌ عَلَى بَدَنِهِ لُمْعَةٌ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَتَيَمَّمَ تَيَمَّمَ لَهُمَا وَاحِدًا نَاوِيًا لَهُمَا فَإِنْ تَيَمَّمَ لَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ صَرَفَهُ إلَى اللَّمْعَةِ وَيُعِيدُ التَّيَمُّمَ لِلْحَدَثِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ كَفَى لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ غَسَلَهُ وَيَبْقَى التَّيَمُّمُ فِي حَقِّ الْآخَرِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ.
وَلَوْ كَانَ عَلَى ظَهْرِهِ لُمْعَةٌ وَقَدْ نَسِيَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَالْمَاءُ يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا صَرَفَهُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ لَكِنَّ الصَّرْفَ إلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَحَبُّ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.
مُسَافِرٌ مُحْدِثٌ نَجِسُ الثَّوْبِ مَعَهُ مَاءٌ يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا يَغْسِلُ بِهِ النَّجَاسَةَ وَيَتَيَمَّمُ لِلْحَدَثِ وَلَوْ تَيَمَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ غَسَلَ النَّجَاسَةَ يُعِيدُ التَّيَمُّمَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ وَصَلَّى فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ جَازَ وَيَكُونُ مُسِيئًا فِيمَا فَعَلَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا زَالَ الْمَرَضُ الْمُبِيحُ يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ الْمُسَافِرُ إذَا تَيَمَّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا يُبِيحُ لَهُ لَوْ كَانَ مُقِيمًا لَمْ تَجُزْ لَهُ الصَّلَاةُ
(1/29)
بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ أَسْبَابِ الرُّخْصَةِ يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ بِالرُّخْصَةِ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ وَتَصِيرُ الْأُولَى كَأَنْ لَمْ تَكُنْ. كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي أَحْكَامِ الْمَرْضَى فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ.
وَلَوْ مَرَّ بِمَاءٍ وَهُوَ نَائِمٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ عِنْدَ الْكُلِّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَإِنْ مَرَّ عَلَى الْمَاءِ وَهُوَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَسْتَطِيعُ النُّزُولَ إلَيْهِ لِخَوْفِ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ لَمْ يَنْتَقِضْ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَكَذَا إذَا أَتَى بِئْرًا وَلَيْسَ مَعَهُ دَلْوٌ وَرِشَاءٌ أَوْ وَجَدَ مَاءً وَهُوَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْعَطَشَ لَا يَنْتَقِضُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا مَنَعَ وُجُودُهُ التَّيَمُّمَ نَقَضَ وُجُودُهُ التَّيَمُّمَ وَمَا لَا فَلَا. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ مَرَّ بِالْمَاءِ وَهُوَ مُتَيَمِّمٌ لَكِنَّهُ نَسِيَ أَنَّهُ مُتَيَمِّمٌ يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
مُتَيَمِّمُونَ قَالَ لَهُمْ رَجُلٌ: هَذَا الْمَاءُ يَتَوَضَّأُ بِهِ أَيُّكُمْ شَاءَ وَهُوَ يَكْفِي لِوَاحِدٍ بَطَلَ تَيَمُّمُهُمْ، وَلَوْ قَالَ: هَذَا الْمَاءُ لَكُمْ وَقَبَضُوهُ لَا يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُمْ. كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ أَذِنُوا لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ فِي قَوْلِهِمَا وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا وَالصَّحِيحُ فَسَادُ التَّيَمُّمِ إجْمَاعًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الْمُسَافِرُ إذَا مَرَّ فِي الْفَلَاةِ بِمَاءٍ مَوْضُوعٍ فِي حُبٍّ أَوْ نَحْوِهِ لَا يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ كَثِيرًا فَيُسْتَدَلُّ بِكَثْرَتِهِ عَلَى أَنَّهُ لِلشُّرْبِ وَالْوُضُوءِ جَمِيعًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْمُتَيَمِّمُ فِي السَّفَرِ إذَا وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ قَدْرَ مَا يَكْفِي لِغَسْلِ أَعْضَاءِ الْفَرِيضَةِ مَرَّةً مَرَّةً وَلَوْ غَسَلَ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ لَا يَكْفِيهِ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَاعْتِرَاضُ الرِّدَّةِ عَلَى التَّيَمُّمِ لَا يُبْطِلُ التَّيَمُّمَ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ وَصَلَّى بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ يَجُوزُ عِنْدَنَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي سُنَنُ التَّيَمُّمِ]
(الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ)
سُنَنُ التَّيَمُّمِ سَبْعٌ: إقْبَالُ الْيَدَيْنِ بَعْدَ وَضْعِهِمَا عَلَى التُّرَابِ، وَإِدْبَارُهُمَا، وَنَفْضُهُمَا، وَتَفْرِيجُ الْأَصَابِعِ، وَالتَّسْمِيَةُ فِي أَوَّلِهِ، وَالتَّرْتِيبُ، وَالْمُوَالَاةُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالنَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَكَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ: أَنْ يَضْرِبَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ يُقْبِلُ بِهِمَا وَيُدْبِرُ ثُمَّ يَرْفَعُهُمَا وَيَنْفُضُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ بِقَدْرِ مَا يَتَنَاثَرُ التُّرَابُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ يَضْرِبُ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَذَلِكَ وَيَمْسَحُ بِهِمَا ذِرَاعَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ مَشَايِخُنَا: وَيَمْسَحُ بِأَرْبَعِ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُسْرَى ظَاهِرَ يَدِهِ الْيُمْنَى مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِكَفِّهِ الْيُسْرَى بَاطِنَ يَدِهِ الْيُمْنَى إلَى الرُّسْغِ وَيُمِرُّ بَاطِنَ إبْهَامِهِ الْيُسْرَى عَلَى ظَاهِرِ إبْهَامِهِ الْيُمْنَى بِالْيَدِ الْيُسْرَى كَذَلِكَ وَهُوَ الْأَحْوَطُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ جَازَ عِنْدَنَا. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ الْوَاحِدِ مَا شَاءَ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَيُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ لِمَنْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَجِدُ الْمَاءَ فِي آخِرِهِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعٍ يَرْجُوهُ مِيلٌ. هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: يُؤَخِّرُ إلَى آخِرِ وَقْتِ الْجَوَازِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إلَى آخِرِ وَقْتِ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَمَعٍ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ لَا يُؤَخِّرُ وَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْكَافِي.
ثَلَاثَةٌ فِي السَّفَرِ جُنُبٌ وَحَائِضٌ طَهُرَتْ وَمَيِّتٌ وَثَمَّةَ مَاءٌ مِقْدَارُ مَا يَكْفِي لِأَحَدِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مِلْكًا لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ لَهُمْ جَمِيعًا لَا يُصْرَفُ إلَى أَحَدِهِمْ وَيُبَاحُ التَّيَمُّمُ لِلْكُلِّ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا كَانَ الْجُنُبُ أَوْلَى بِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْحَائِضِ مُحْدِثٌ يُصْرَفُ إلَى الْجُنُبِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ فَالْأَبُ أَوْلَى بِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ كَانَ مَعَ الْجُنُبِ مَا يَكْفِي لِلْوُضُوءِ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَجِبُ التَّوَضُّؤُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ مَعَ الْجَنَابَةِ حَدَثٌ يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَ الْمُحْدِثِ مَا يَكْفِي لِغَسْلِ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ مِنْ غَيْرِ غَسْلِهِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ.
(1/30)
تَيَمَّمَ وَفِي رَحْلِهِ مَاءٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَصَلَّى أَجْزَأَتْهُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا وَضَعَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَضَعَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ بِعِلْمِهِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ لَا يُعِيدُ اتِّفَاقًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالذِّكْرُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا ضَرَبَ خِبَاءَهُ عَلَى رَأْسِ بِئْرٍ قَدْ غُطِّيَ رَأْسُهَا وَفِيهَا مَاءٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَوْ كَانَ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى بِهِ جَازَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا شَكَّ أَوْ ظَنَّ أَنَّ مَاءَهُ قَدْ فَنِيَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ إجْمَاعًا
وَلَوْ كَانَ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ مُعَلَّقًا فِي عُنُقِهِ أَوْ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَسِيَهُ وَتَيَمَّمَ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ عَلَى الْإِكَافِ مُعَلَّقًا إنْ كَانَ رَاكِبًا وَالْمَاءُ فِي مُؤْخِرِ الرَّحْلِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ فِي مُقْدِمِهِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ سَائِقًا فَإِنْ كَانَ فِي مُؤْخِرِ الرَّحْلِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ فِي مُقْدِمِهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ قَائِدًا جَازَ كَيْفَمَا كَانَ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ الْمَرِيضُ عَلَى الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يُوَضِّئُهُ وَيُيَمِّمُهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي عِنْدَهُمَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَأَيْت فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْكَرْخِيِّ أَنَّ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذَا كَانَ بِوَجْهِهِ جِرَاحَةٌ يُصَلِّي بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَلَا تَيَمُّمٍ وَلَا يُعِيدُ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَنَّ الْمَحْبُوسَ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا نَظِيفًا لَا يُصَلِّي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَنْقُرَ الْأَرْضَ أَوْ الْحَائِطَ بِشَيْءٍ فَإِنْ أَمْكَنَهُ يَسْتَخْرِجُ التُّرَابَ وَيَتَيَمَّمُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْإِيضَاحِ إذَا كَانَ لَوْ تَوَضَّأَ سَلُسَ بَوْلُهُ وَإِنْ تَيَمَّمَ لَا يَسْلُسُ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
رَجُلٌ فِي الْبَادِيَةِ مَعَهُ مَاءُ زَمْزَمَ فِي الْقُمْقُمَةِ وَقَدْ رَصَّصَ رَأْسَهَا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ إذَا حَضَرَتْهُ جِنَازَةٌ وَالْوَلِيُّ غَيْرُهُ فَخَافَ إنْ اشْتَغَلَ بِالطَّهَارَةِ أَنْ تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا لِمَنْ أَمَرَهُ الْوَلِيُّ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلْوَلِيِّ إذَا كَانَ مَنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ حَاضِرًا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ الْفَوْتَ وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ إذَا أَذِنَ لِغَيْرِهِ بِالصَّلَاةِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ بِتَيَمُّمٍ ثُمَّ أُتِيَ بِأُخْرَى فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالْأُولَى مِقْدَارُ مُدَّةٍ يَذْهَبُ وَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَأْتِي وَيُصَلِّي أَعَادَ التَّيَمُّمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِقْدَارُ مَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ صَلَّى بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
التَّيَمُّمُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ قَبْلَ الشُّرُوعِ بِهَا لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إذَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَإِلَّا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا يَجُوزُ لِلْمُقْتَدِي إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الصَّلَاةِ لَوْ تَوَضَّأَ وَإِلَّا يَجُوزُ.
وَلَوْ أَحْدَثَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا بِالتَّيَمُّمِ تَيَمَّمَ وَبَنَى بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ بَعْدَ الشُّرُوعِ بِالْوُضُوءِ إنْ خَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ذَهَابَهُ فَإِنْ كَانَ يَرْجُو إدْرَاكَ الْإِمَامِ قَبْلَ الْفَرَاغِ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ إدْرَاكَهُ قَبْلَ الْفَرَاغِ تَيَمَّمَ وَبَنَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لَهُمَا. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يَفُوتُ فِيهِ الْأَدَاءُ لَا إلَى خُلْفٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَمَا يَفُوتُ إلَى خُلْفٍ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ كَالْجُمُعَةِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ تَيَمَّمَ اثْنَانِ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ جَازَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا تَيَمَّمَ مِرَارًا مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ جَازَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلْجُنُبِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَصَلَاةِ الْعِيدِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَمَنْ اسْتَيْقَنَ بِالتَّيَمُّمِ فَهُوَ عَلَى تَيَمُّمِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِالْحَدَثِ وَمَنْ اسْتَيْقَنَ بِالْحَدَثِ فَهُوَ عَلَى حَدَثِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِالتَّيَمُّمِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالتَّيَمُّمُ عَلَى التَّيَمُّمِ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يَطَأَ جَارِيَتَهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ الْمَاءَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الْمُصَلِّي إذَا قَالَ لَهُ نَصْرَانِيٌّ: خُذْ الْمَاءَ فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا يَقْطَعُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ قَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِهْزَاءِ فَلَا يَقْطَعُ بِالشَّكِّ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ
(1/31)
الصَّلَاةِ سَأَلَهُ إنْ أَعْطَاهُ أَعَادَ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فِي جَوَازِ الْمَسْحِ]
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)
الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ رُخْصَةٌ وَلَوْ أَتَى بِالْعَزِيمَةِ بَعْدَمَا رَأَى جَوَازَ الْمَسْحِ كَانَ أَوْلَى. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا الْبَابُ يَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ. (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فِي جَوَازِ الْمَسْحِ)
(مِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْخُفُّ مِمَّا يُمْكِنُ قَطْعُ السَّفَرِ بِهِ وَتَتَابُعُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ وَيَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ وَسَتْرُ مَا فَوْقَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ حَتَّى لَوْ لَبِسَ خُفًّا لَا سَاقَ لَهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ إنْ كَانَ الْكَعْبُ مَسْتُورًا.
وَيُمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبِ الْمُجَلَّدِ وَهُوَ الَّذِي وُضِعَ الْجِلْدُ عَلَى أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَالْمُنَعَّلِ وَهُوَ الَّذِي وُضِعَ الْجِلْدُ عَلَى أَسْفَلِهِ كَالنَّعْلِ لِلْقَدَمِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالثَّخِينِ الَّذِي لَيْسَ مُجَلَّدًا وَلَا مُنَعَّلًا بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَمْسِكَ عَلَى السَّاقِ بِلَا رَبْطٍ وَلَا يُرَى مَا تَحْتَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
إذَا لَبِسَ مُكَعَّبًا لَا يُرَى مِنْ كَعْبَيْهِ أَوْ قَدَمَيْهِ إلَّا مِقْدَارُ أُصْبُعٍ وَأُصْبُعَيْنِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخُفِّ الَّذِي لَا سَاقَ لَهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا لَبِسَ الْجُرْمُوقَيْنِ فَإِنْ لَبِسَهُمَا وَحْدَهُمَا فَإِنْ كَانَا مِنْ كِرْبَاسٍ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَا مِنْ أَدِيمٍ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ يَجُوزُ.
وَإِنْ لَبِسَهُمَا فَوْقَ الْخُفَّيْنِ فَإِنْ كَانَا مِنْ كِرْبَاسَ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَا رَقِيقَيْنِ يَصِلُ الْبَلَلُ إلَى مَا تَحْتَهُمَا وَإِنْ كَانَا مِنْ أَدِيمٍ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ أَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا لَبِسَهُمَا بَعْدَمَا أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَوْ بَعْدَمَا أَحْدَثَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَبِسَهُمَا قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا عِنْدَنَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ وَلَبِسَ أَحَدَ الْجُرْمُوقَيْنِ جَازَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفِّ الَّذِي لَا جُرْمُوقَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْجُرْمُوقِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُفُّ عَلَى الْخُفِّ كَالْجُرْمُوقِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ لَبِسَ خُفًّا ذَا طَاقَيْنِ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْخِفَافِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ اللُّبُودِ التُّرْكِيَّةِ؛ لِأَنَّ مُوَاظَبَةَ الْمَشْيِ فِيهَا سَفَرًا مُمْكِنٌ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ.
الْجَارُوقُ إنْ كَانَ يَسْتُرُ الْقَدَمَ وَلَا يُرَى مِنْ الْكَعْبِ وَلَا مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ إلَّا قَدْرُ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ جَازَ الْمَسْحُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنْ يَسْتُرُ الْقَدَمَ بِالْجِلْدِ إنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْجَارُوقِ بِالْخَرْزِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَإِنْ شَدَّهُ بِشَيْءٍ لَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْحَدِيدِ وَالزُّجَاجِ وَالْخَشَبِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَمْسُوحُ مِنْ ظَاهِرِ كُلِّ خُفٍّ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْيَدِ عَلَى الْأَصَحِّ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ أَصْغَرُهَا. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى بَاطِنِ الْخُفِّ أَوْ عَقِبِهِ أَوْ سَاقِهِ أَوْ جَوَانِبِهِ أَوْ كَعْبِهِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ مَسَحَ عَلَى رِجْلٍ قَدْرَ أُصْبُعَيْنِ وَعَلَى أُخْرَى قَدْرَ خَمْسَةٍ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَا يُعْتَبَرُ الْمَسْحُ عَلَى مَوْضِعٍ خَالٍ عَنْ الْقَدَمِ فَلَوْ جَعَلَ رِجْلَهُ فِي الْخَالِي وَمَسَحَ جَازَ وَإِنْ أَزَالَ رِجْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَعَادَ الْمَسْحَ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ كَانَتْ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ جِرَاحَةٌ لَا يَقْدِرُ بِهَا عَلَى الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْأُخْرَى.
وَكَذَا لَوْ قُطِعَتْ مِنْ فَوْقِ الْكَعْبِ وَإِنْ قُطِعَتْ مِنْ دُونِهَا وَبَقِيَ مِنْ مَوْضِعِ الْمَسْحِ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا وَإِلَّا لَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الْجُرْمُوقُ وَاسِعًا فَأَدْخَلَ فِيهِ يَدَهُ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفِّ لَمْ يَجُزْ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَسْحُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي.
حَتَّى لَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ
(1/32)
مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ مَاءً جَدِيدًا لَا يَجُوزُ وَلَوْ مَسَحَ بِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ وَأَخَذَ لِكُلِّ مَرَّةٍ مَاءً جَدِيدًا جَازَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ مَسَحَ بِالْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ إنْ كَانَتَا مَفْتُوحَتَيْنِ جَازَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ مَسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ مَوْضُوعَةً غَيْرَ مُمَدَّدَةٍ يَجُوزُ وَيَكُونُ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.
وَإِذَا مَسَحَ خُفَّهُ بِرُءُوسِ أَصَابِعِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا يَجُوزُ وَإِلَّا لَا. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ الْمَسْحِ مَاءٌ أَوْ مَطَرٌ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ أَوْ مَشَى فِي حَشِيشٍ مُبْتَلٍّ بِالْمَطَرِ يُجْزِيهِ وَالطَّلُّ كَالْمَطَرِ عَلَى الْأَصَحِّ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيَجُوزُ الْمَسْحُ بِبَلَلِ الْغُسْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَقَاطِرَةً أَوْ غَيْرَهَا وَلَا يَجُوزُ بِبِلَّةٍ بَقِيَتْ عَلَى كَفِّهِ بَعْدَ الْمَسْحِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَيْفِيَّةُ الْمَسْحِ أَنْ يَضَعَ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى مُقْدِمِ خُفِّهِ الْأَيْمَنِ وَيَضَعَ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى مُقْدِمِ خُفِّهِ الْأَيْسَرِ وَيَمُدَّهُمَا إلَى السَّاقِ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ وَيُفَرِّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
هَذَا بَيَانُ السُّنَّةِ حَتَّى لَوْ بَدَأَ مِنْ السَّاقِ إلَى الْأَصَابِعِ أَوْ مَسَحَ عَلَيْهِمَا عَرَضًا أَجْزَأَهُ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ وَضَعَ الْكَفَّ وَمَدَّهَا أَوْ وَضَعَ الْأَصَابِعَ وَمَدَّهَا كِلَاهُمَا حَسَنٌ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَمْسَحَ بِجَمِيعِ الْيَدِ وَلَوْ مَسَحَ بِظَاهِرِ كَفِّهِ جَازَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْسَحَ بِبَاطِنِ كَفِّهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِظْهَارُ الْخُطْوَةِ فِي الْمَسْحِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَكِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. هَكَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.
وَلَا يُسَنُّ فِيهِ التَّكْرَارُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِلْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
فَلَوْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَنَوَى التَّعْلِيمَ دُونَ الطَّهَارَةِ يَصِحُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْحَدَثُ بَعْدَ اللُّبْسِ طَارِئًا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ كَمُلَتْ قَبْلَ اللُّبْسِ أَوْ بَعْدَهُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
حَتَّى لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ أَوْ غَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ الْخُفَّ عَلَيْهَا ثُمَّ غَسَلَ الرِّجْلَ الْأُخْرَى وَلَبِسَ الْخُفَّ عَلَيْهَا ثُمَّ أَكْمَلَ الطَّهَارَةَ قَبْلَ الْحَدَثِ جَازَ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ الْإِكْمَالِ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ. كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ لَبِسَ خُفَّيْهِ مُحْدِثًا وَخَاضَ الْمَاءَ حَتَّى دَخَلَ الْمَاءُ وَانْغَسَلَتْ رِجْلَاهُ وَأَتَمَّ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ ثُمَّ أَحْدَثَ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
تَوَضَّأَ بِسُؤْرِ حِمَارٍ وَتَيَمَّمَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَتَيَمَّمَ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ.
وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ نَبِيذُ التَّمْرِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَفِي الْفَتَاوَى إذَا تَوَضَّأَ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ فَلَمْ يَتَيَمَّمْ حَتَّى أَحْدَثَ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَيَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لِلْمُحْدِثِ الْمُتَيَمِّمِ. هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ لِمَنْ أَجْنَبَ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفِّ أَوْ قَبْلَهُ إلَّا إذَا تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ وَتَوَضَّأَ لِلْحَدَثِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْهِ فَإِنَّهُ كُلَّمَا تَوَضَّأَ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ فِي الْمُدَّةِ فَإِنْ عَادَ جُنُبًا بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ فَكَأَنَّهُ أَجْنَبَ الْآنَ. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
الْجُنُبُ إذَا اغْتَسَلَ وَبَقِيَ عَلَى جَسَدِهِ لُمْعَةٌ فَلَبِسَ الْخُفَّ ثُمَّ غَسَلَ اللُّمْعَةَ ثُمَّ أَحْدَثَ يَمْسَحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ بَقِيَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَحْدَثَ قَبْلَ غَسْلِهَا لَا يَمْسَحُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ فِي الْمُدَّةِ وَهِيَ لِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ سَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ سَفَرَ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ يُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ بَعْدَ اللُّبْسِ حَتَّى إنْ تَوَضَّأَ فِي وَقْتِ الْفَجْرِ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَقْتَ الْعَصْرِ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَمُدَّةُ الْمَسْحِ بَاقِيَةٌ إلَى السَّاعَةِ الَّتِي أَحْدَثَ فِيهَا مِنْ الْغَدِ إنْ كَانَ مُقِيمًا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَمِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
مُقِيمٌ سَافَرَ فِي مُدَّةِ الْإِقَامَةِ يَسْتَكْمِلُ مُدَّةَ السَّفَرِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا اسْتَكْمَلَ
(1/33)
مَسْحَ الْإِقَامَةِ ثُمَّ سَافَرَ يَنْزِعُ خُفَّيْهِ وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْمُسَافِرُ إذَا أَقَامَ بَعْدَ مَا اسْتَكْمَلَ مُدَّةَ الْإِقَامَةِ يَنْزِعُ خُفَّيْهِ وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَإِنْ أَقَامَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ يُتِمُّ مُدَّتَهَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
الْمَعْذُورُ إذَا كَانَ عُذْرُهُ غَيْرَ مَوْجُودٍ وَقْتَ الْوُضُوءِ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ إلَى الْمُدَّةِ كَالْأَصِحَّاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ الْعُذْرُ مُقَارِنًا لِلْوُضُوءِ أَوْ لِلُّبْسِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ الْمَسْحُ فِي الْوَقْتِ لَا خَارِجَهُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونَ الْخَرْقُ فِي الْخُفِّ كَبِيرًا وَهُوَ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الرِّجْلِ أَصْغَرِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَبْدُوَ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ بِكَمَالِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ سَوَاءٌ كَانَ الْخَرْقُ فِي بَاطِنِ الْخُفِّ أَوْ فِي ظَاهِرِهِ أَوْ فِي نَاحِيَةِ الْعَقِبِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الْخَرْقُ فِي سَاقِ الْخُفِّ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْمَسْحِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْأَصْغَرُ إذَا انْكَشَفَ مَوْضِعٌ غَيْرُ مَوْضِعِ الْأَصَابِعِ، وَأَمَّا إذَا انْكَشَفَ الْأَصَابِعُ أَنْفُسُهَا فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ تَنْكَشِفَ الثَّلَاثُ أَيَّتُهَا كَانَتْ حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ الْإِبْهَامُ مَعَ جَارَتِهَا وَهُمَا قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ أَصْغَرِهَا يَجُوزُ الْمَسْحُ وَإِنْ كَانَ مَعَ جَارِيَتِهَا لَا يَجُوزُ وَفِي مَقْطُوعِ الْأَصَابِعِ يُعْتَبَرُ الْخَرْقُ بِأَصَابِعِ غَيْرِهِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالتَّبْيِينِ.
وَيَجْمَعُ الْخُرُوقَ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ لَا فِي خُفَّيْنِ حَتَّى إذَا كَانَ فِي أَحَدِ الْخُفَّيْنِ خَرْقٌ قَدْرَ أُصْبُعٍ وَفِي الْآخَرِ قَدْرَ أُصْبُعَيْنِ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا وَلَوْ كَانَ فِي الْخُفِّ وَاحِدٌ خَرْقٌ فِي مُقَدِّمِ الْخُفِّ قَدْرَ أُصْبُعٍ وَفِي الْعَقِبِ مِثْلُ ذَلِكَ وَفِي جَانِبِ الْخُفِّ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ الْخَرْقُ الَّذِي يُجْمَعُ أَقَلُّهُ مَا يُدْخِلُ فِيهِ الْمِسَلَّةَ وَمَا دُونَهُ لَا يُعْتَبَرُ إلْحَاقًا لَهُ بِمَوَاضِعِ الْخَرْزِ وَالْخَرْقُ الْمَانِعُ مِنْ الْمَسْحِ هُوَ الْمُنْفَرِجُ الَّذِي يَنْكَشِفُ مَا تَحْتَهُ أَوْ يَكُونُ مُنْضَمًّا لَكِنْ يَنْفَرِجُ عِنْدَ الْمَشْيِ وَيُظْهِرُ الْقَدَمَ. أَمَّا إذَا لَمْ يَنْكَشِفْ مَا تَحْتَهُ فَلَا يَمْنَعُ وَإِنْ كَانَ الْخَرْقُ طَوِيلًا.
وَلَوْ انْكَشَفَتْ الظِّهَارَةُ وَفِي دَاخِلِهَا بِطَانَةٌ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ مَخْرُوزَةٍ بِالْخُفِّ لَا يَمْنَعُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْخُفُّ أَوْ الْجَوْرَبُ أَوْ الْجَارُوقُ الْمَشْقُوقُ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ وَلَهُ أَزْرَارٌ وَسُيُورٌ يَشُدُّهُ عَلَيْهِ فَيَسْتُرُهُ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَشْقُوقِ وَإِنْ ظَهَرَ مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ شَيْءٌ فَهُوَ كَخُرُوقِ الْخُفِّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي نَوَاقِضِ الْمَسْحِ]
يَنْقُضُهُ نَاقِضُ الْوُضُوءِ وَنَزْعُ الْخُفِّ وَكَذَا نَزْعُ أَحَدِهِمَا وَمُضِيُّ الْمُدَّةِ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ هَذَا إذَا وُجِدَ الْمَاءُ أَمَّا إذَا لَمْ يَجِدْهُ لَمْ يَنْتَقِضْ مَسْحُهُ بَلْ تَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ حَتَّى إذَا انْقَضَتْ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالزَّاهِدِي وَالْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا نَزَعَ الْخُفَّ وَهُوَ طَاهِرٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا غَسْلُ رِجْلَيْهِ وَكَذَا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ خَافَ مِنْ نَزْعِ خُفَّيْهِ عَلَى ذَهَابِ قَدَمَيْهِ مِنْ الْبَرْدِ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ كَمَسْحِ الْجَبِيرَةِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَخُرُوجُ أَكْثَرِ الْقَدَمِ إلَى السَّاقِ نَزْعٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
لَوْ كَانَ الْخُفُّ وَاسِعًا إذَا رُفِعَ الْقَدَمُ يَخْرُجُ الْعَقِبُ وَإِذَا وُضِعَ عَادَ إلَى مَوْضِعِهِ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ أَعْرَجَ يَمْشِي عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَقَدْ ارْتَفَعَ الْعَقِبُ عَنْ مَوْضِعِ عَقِبِ الْخُفِّ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ مَا لَمْ يَخْرُجْ قَدَمُهُ إلَى السَّاقِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا مَسَحَ عَلَى خُفٍّ ذِي طَاقَيْنِ فَنَزَعَ أَحَدَ الطَّاقَيْنِ لَا يُعِيدُ الْمَسْحَ عَلَى الطَّاقِ الْآخَرِ وَكَذَا إذَا مَسَحَ عَلَى خُفٍّ مُشْعِرٍ ثُمَّ حَلَقَ الشَّعْرَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إذَا مَسَحَ فَقَشَرَ جِلْدَ ظَاهِرِهِمَا. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ نَزَعَ الْجُرْمُوقَيْنِ بَعْدَ مَا مَسَحَهُمَا يُعِيدُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ نَزَعَ أَحَدَهُمَا مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ الْبَادِي وَأَعَادَ الْمَسْحَ عَلَى الْجُرْمُوقِ الْبَاقِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ لَبِسَ
(1/34)
خُفَّيْهِ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ دَخَلَ الْمَاءُ فِي أَحَدِ خُفَّيْهِ إنْ بَلَغَ الْكَعْبَ حَتَّى صَارَ جَمِيعُ الرِّجْلِ مَغْسُولًا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ (1) الرِّجْلِ الْأُخْرَى. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا إذَا ابْتَلَّ أَكْثَرُ الْقَدَمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ تَوَضَّأَ وَرَبَطَ الْجَبِيرَةَ وَمَسَحَ عَلَيْهَا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ ثُمَّ أَحْدَثَ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى الْجَبَائِرِ وَالْخُفَّيْنِ.
وَإِنْ بَرِئَتْ الْجِرَاحَةُ قَبْلَ أَنْ تَنْتَقِضَ الطَّهَارَةُ الَّتِي لَبِسَ عَلَيْهَا الْخُفَّ فَإِنَّهُ يَغْسِلُ ذَلِكَ وَيَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَإِنْ بَرِئَتْ بَعْدَ أَنْ انْتَقَضَتْ تِلْكَ الطَّهَارَةُ فَعَلَيْهِ نَزْعُ الْخُفِّ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالظَّهِيرِيَّةِ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ)
وَهُوَ لَيْسَ بِفَرْضٍ بَلْ وَاجِبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنَّمَا يَمْسَحُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غَسْلِ مَا تَحْتَهَا وَمَسَحَهُ بِأَنْ تَضَرَّرَ بِإِصَابَةِ الْمَاءِ أَوْ حَلَّهَا. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ وَمِنْ ضَرَرِ الْحَلِّ أَنْ يَكُونَ فِي مَكَان لَا يَقْدِرُ عَلَى رَبْطِهَا بِنَفْسِهِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يَرْبِطُهَا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَإِنْ كَانَ يَضُرُّهُ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ وَلَا يَضُرُّهُ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَهُوَ الظَّاهِرُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ جَازَ تَرْكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا عِنْدَهُمَا وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا وَذُكِرَ فِي الْعُيُونِ وَالْحَقَائِقِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا احْتِيَاطًا. هَكَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ.
وَإِذَا زَادَتْ الْجَبِيرَةُ عَلَى نَفْسِ الْجِرَاحَةِ فَإِنْ ضَرَّهَا الْحَلُّ وَالْمَسْحُ يُمْسَحُ عَلَى مَا يُوَارِي الْجِرَاحَةَ وَمَا يُوَازِي مَوْضِعًا صَحِيحًا وَإِنْ ضَرَّهَا الْمَسْحُ لَا الْحَلُّ يَمْسَحُ عَلَى الْخِرْقَةِ الَّتِي عَلَى رَأْسِهَا وَيَغْسِلُ مَا حَوْلَهَا وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ الْمَسْحُ وَلَا الْحَلُّ غَسَلَ مَا حَوْلَهَا وَمَسَحَهَا نَفْسَهَا وَسِوَى ذَلِكَ بَيْنَ الْجِرَاحَةِ وَغَيْرِهَا مِثْلُ الْكَيِّ وَالْكَسْرِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَكْتَفِي بِالْمَسْحِ عَلَى أَكْثَرِ الْجَبِيرَةِ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى النِّصْفِ فَمَا دُونَهُ إجْمَاعًا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ
وَإِنْ مَسَحَ الْمُفْتَصِدُ عَلَى الْعِصَابَةِ دُونَ الْخِرْقَةِ أَجْزَأَهُ أَيْضًا وَعَلَى الِاعْتِمَادِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ أَنَّ الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى هَذَا. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ.
الْفُرْجَةُ الَّتِي تَبْقَى مِنْ الْيَدَيْنِ بَيْنَ عُقْدَتَيْ الْعِصَابَةِ يَكْفِيهَا الْمَسْحُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَفِي الصُّغْرَى وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا سَقَطَتْ الْجَبَائِرُ لَا عَنْ بُرْءٍ لَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ وَلَا يَبْطُلُ الْمَسْحُ وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ بَطَلَ الْمَسْحُ وَيَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ خَاصَّةً. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالْمُحِيطِ.
إذَا تَوَضَّأَ وَأَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى الدَّوَاءِ ثُمَّ سَقَطَ الدَّوَاءُ عَنْ بُرْءٍ يَلْزَمُ الْغَسْلُ وَإِلَّا لَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ فَجَعَلَ عَلَيْهِ دَوَاءً أَوْ عِلْكًا فَإِنْ كَانَ يَضُرُّهُ نَزْعُهُ مَسَحَ عَلَيْهِ وَإِنْ ضَرَّهُ الْمَسْحُ تَرَكَهُ، وَشُقُوقُ أَعْضَائِهِ يُمِرُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا مَسَحَ عَلَيْهَا إنْ قَدَرَ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَغَسَلَ مَا حَوْلَهَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
مَسَحَ عَلَى الْعِصَابَةِ فَسَقَطَتْ فَبَدَّلَهَا بِأُخْرَى فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُعِيدَ الْمَسْحَ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ بِأُصْبُعِهِ قُرْحَةٌ فَأَدْخَلَ الْمَرَارَةَ فِي أُصْبُعِهِ أَوْ الْمَرْهَمَ فَجَاوَزَ مَوْضِعَ الْقُرْحَةِ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهَا جَازَ إذَا اسْتَوْعَبَ الْمَسْحُ الْعِصَابَةَ وَكَذَا فِي حَقِّ الْمُفْتَصِدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
رَجُلٌ عَلَى ذِرَاعَيْهِ جَبَائِرُ فَغَمَسَهَا فِي إنَاءٍ يُرِيدُ الْمَسْحَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَأَفْسَدَ الْمَاءَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى أَصَابِعِ الْيَدِ وَالْكَفِّ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ وَلَا يَفْسُدُ الْمَاءُ وَإِنْ أَرَادَ الْمَسْحَ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَخِرْقَةِ الْقُرْحَةِ كَالْغَسْلِ لِمَا تَحْتَهَا وَلَيْسَ بِبَدَلٍ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْجَبِيرَةُ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ مَسَحَ عَلَيْهَا وَغَسَلَ الْأُخْرَى
(1/35)
هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَتَوَقَّفُ هَذَا الْمَسْحُ بِوَقْتٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشُدَّهُ عَلَى الْوُضُوءِ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْوُضُوءِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ وَالْأَكْبَرُ وَلَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي مَسْحِهَا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيَكْتَفِي بِالْمَسْحِ مَرَّةً وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَإِذَا زَالَتْ الْعِصَابَةُ الْفَوْقَانِيَّةُ لَا يَجِبُ إعَادَةُ الْمَسْحِ عَلَى التَّحْتَانِيَّةِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ غَسْلِ الْقَدَمِ وَمَسْحِ الْخُفِّ. كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلٌ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ جِرَاحَةٌ وَعَلَيْهَا جَبِيرَةٌ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَغَسَلَ الْأُخْرَى ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ عَلَى الصَّحِيحِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ وَلَوْ مَسَحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ بَثْرَةٌ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا وَصَلَّى صَلَوَاتٍ فَلَمَّا نَزَعَ الْخُفَّ وَجَدَ الْبَثْرَةَ قَدْ انْشَقَّتْ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْجُرْحِ قَدْ يَبِسَ وَكَانَ الرَّجُلُ لَبِسَ الْخُفَّ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَنَزَعَهُ بَعْدَ الْعِشَاءِ لَا يُعِيدُ الْفَجْرَ وَيُعِيدُ مَا بَعْدَهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْجُرْحِ مُبْتَلًّا بِالدَّمِ لَا يُعِيدُ شَيْئًا مِنْهَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَتْ جِرَاحَةٌ فَرَبَطَهَا فَابْتَلَّ ذَلِكَ الرِّبَاطُ إنْ نَفَذَ الْبَلَلُ إلَى الْخَارِجِ نُقِضَ الْوُضُوءُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ كَانَ الرِّبَاطُ ذَا طَاقَيْنِ فَنَفَذَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ.
وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْقُفَّازَيْنِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَمَرَ إنْسَانًا أَنْ يَمْسَحَ خُفَّيْهِ جَازَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الْمَرْأَةُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى الْمُجَوِّزِ لِلْمَسْحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي الدِّمَاءِ الْمُخْتَصَّةِ بِالنِّسَاءِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْحَيْضِ]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الدِّمَاءِ الْمُخْتَصَّةِ بِالنِّسَاءِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: حَيْضٌ وَنِفَاسٌ وَاسْتِحَاضَةٌ (وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ) (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْحَيْضِ) وَهُوَ دَمٌ مِنْ الرَّحِمِ لَا لِوِلَادَةٍ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَإِنْ رَأَتْهُ مِنْ الدُّبُرِ لَا يَكُونُ حَيْضًا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَتَوَقَّفُ كَوْنُهُ حَيْضًا عَلَى أُمُورٍ:
(مِنْهَا) الْوَقْتُ وَهُوَ مِنْ تِسْعِ سِنِينَ إلَى الْإِيَاسِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ الْإِيَاسُ مُقَدَّرٌ بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فَمَا رَأَتْ بَعْدَهَا لَا يَكُونُ حَيْضًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ مَا رَأَتْهُ إنْ كَانَ دَمًا قَوِيًّا كَانَ حَيْضًا. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَك
(وَمِنْهَا) خُرُوجُ الدَّمِ إلَى الْفَرْجِ الْخَارِجِ وَلَوْ بِسُقُوطِ الْكُرْسُفِ فَمَا دَامَ بَعْضُ الْكُرْسُفِ حَائِلًا بَيْنَ الدَّمِ وَالْفَرْجِ الْخَارِجِ لَا يَكُونُ حَيْضًا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
طَاهِرَةٌ رَأَتْ عَلَى الْكُرْسُفِ أَثَرَ الدَّمِ يُحْكَمُ بِحَيْضِهَا مِنْ حِينِ الرَّفْعِ.
وَالْحَائِضُ إذَا لَمْ تَجِدْ عَلَيْهِ أَثَرَ الدَّمِ حُكِمَ بِالِانْقِطَاعِ مِنْ حِينِ الْوَضْعِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّيَلَانُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ عَلَى لَوْنٍ مِنْ الْأَلْوَانِ السِّتَّةِ: السَّوَادُ وَالْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ وَالْخُضْرَةُ وَالتُّرْبِيَةُ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ اللَّوْنُ عَلَى الْكُرْسُفِ حِينَ يُرْفَعُ وَهُوَ طَرِيٌّ لَا حِينَ يَجِفُّ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَلَوْ رَأَتْ بَيَاضًا خَالِصًا عَلَى الْخِرْقَةِ مَا دَامَ رَطْبًا فَإِذَا يَبِسَ اصْفَرَّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيَاضِ.
وَكَذَا لَوْ رَأَتْ حُمْرَةً أَوْ صُفْرَةً فَإِذَا يَبِسَتْ ابْيَضَّتْ تُعْتَبَرُ حَالَةُ الرُّؤْيَةِ لَا حَالَةُ التَّغَيُّرِ. هَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ
(وَمِنْهَا) النِّصَابُ أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَثَلَاثُ لَيَالٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَمِنْهَا) تَقَدُّمُ نِصَابِ الطُّهْرِ وَفَرَاغِ الرَّحِمِ عَنْ الْحَبَلِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَالدِّمَاءِ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ يَكُونُ حَيْضًا
(1/36)
وَلَوْ خَرَجَ أَحَدُ الدَّمَيْنِ عَنْ مُدَّةِ الْحَيْضِ بِأَنْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَتِسْعَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا مَثَلًا لَا يَكُونُ حَيْضًا؛ لِأَنَّ الدَّمَ الْأَخِيرَ لَمْ يُوجَدْ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ.
وَلَا يَبْتَدِئُ الْحَيْضُ بِالطُّهْرِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَلَا يُخْتَمُ بِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَمْ يُفْصَلْ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَفْتَوْا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهَا أَسْهَلُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالْأَخْذُ بِهَذَا أَيْسَرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ رَأْيُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ فَالطُّهْرُ وَالدَّمُ كِلَاهُمَا حَيْضٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً أَوْ مُعْتَادَةً وَإِنْ جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَفِي الْمُبْتَدَأَةِ حَيْضُهَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَفِي الْمُعْتَادَةِ مَعْرُوفَتُهَا فِي الْحَيْضِ حَيْضٌ وَالطُّهْرُ طُهْرٌ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيَجُوزُ بُدَاءَةُ الْحَيْضِ بِالطُّهْرِ إذَا كَانَ قَبْلَهُ دَمٌ وَخَتَمَهُ بِهِ إذَا كَانَ بَعْدَهُ دَمٌ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا كَانَ الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ يُعْتَبَرُ فَاصِلًا فَيُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّمَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ حَيْضًا حَسْبَ مَا أَمْكَنَ مِنْ ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَأَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا غَايَةَ لِأَكْثَرِهِ إلَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَى نَصْبِ الْعَادَةِ كَمَا إذَا بَلَغَتْ مُسْتَمِرَّةَ الدَّمِ فَيُقَدَّرُ حَيْضُهَا بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَبَاقِيهِ طُهْرٌ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي النِّفَاسِ]
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي النِّفَاسِ) وَهُوَ دَمٌ يَعْقُبُ الْوِلَادَةَ كَذَا فِي الْمُتُونِ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي الْمُفِيدِ هُوَ الصَّحِيحُ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ بِخُرُوجِ النَّجَاسَةِ مَعَ الْوَلَدِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجِبُ الْغُسْلُ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ أَخَذُوا بِقَوْلِهِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَفِي الْفَتَاوَى هُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
لَوْ خَرَجَ أَكْثَرُ الْوَلَدِ تَكُونُ نُفَسَاءَ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا لَوْ انْقَطَعَ فِيهَا وَخَرَجَ أَكْثَرُهُ وَالسَّقْطُ إنْ ظَهَرَ بَعْضُ خَلْقِهِ مِنْ أُصْبُعٍ أَوْ ظُفْرٍ أَوْ شَعْرِ وَلَدٍ فَتَصِيرُ بِهِ نُفَسَاءَ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ فَلَا نِفَاسَ لَهَا فَإِنْ أَمْكَنَ جَعْلُ الْمَرْئِيِّ حَيْضًا يُجْعَلُ حَيْضًا وَإِلَّا فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ.
وَإِنْ رَأَتْ دَمًا قَبْلَ إسْقَاطِهِ وَدَمًا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ فَمَا رَأَتْهُ قَبْلَهُ لَا يَكُونُ حَيْضًا وَهِيَ نُفَسَاءُ فِيمَا رَأَتْهُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ فَمَا رَأَتْهُ قَبْلَ الْإِسْقَاطِ حَيْضٌ إنْ أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَيْضًا هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ قِبَلِ سُرَّتِهَا بِأَنْ كَانَ بِبَطْنِهَا جُرْحٌ فَانْشَقَّتْ وَخَرَجَ الْوَلَدُ مِنْهَا تَكُونُ صَاحِبَةُ جُرْحٍ سَائِلٍ لَا نُفَسَاءَ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالتَّبْيِينِ إلَّا إذَا خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ دَمٌ عَقِيبَ خُرُوجِ الْوَلَدِ مِنْ السُّرَّةِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ نِفَاسًا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَنِفَاسُ التَّوْأَمَيْنِ مِنْ الْأَوَّلِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَشَرْطُ التَّوْأَمَيْنِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرُ فَهُمَا حَمْلَانِ وَنِفَاسَانِ.
وَإِنْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكَذَلِكَ بَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لَكِنْ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُجْعَلُ حَمْلًا وَاحِدًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
أَقَلُّ النِّفَاسِ مَا يُوجَدُ وَلَوْ سَاعَةً وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَكْثَرُهُ أَرْبَعُونَ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَإِنْ زَادَ الدَّمُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَالْأَرْبَعُونَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ وَالْمَعْرُوفَةُ فِي الْمُعْتَادَةِ نِفَاسٌ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ فِي الْأَرْبَعِينَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ نِفَاسٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
ثُمَّ الْعَادَةُ فِي النِّفَاسِ تَنْتَقِلُ بِرُؤْيَةِ الْمُخَالِفِ مَرَّةً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الِاسْتِحَاضَةِ]
لَوْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فِي أَقَلِّ مُدَّةِ الطُّهْرِ فَمَا رَأَتْ بَعْدَ
(1/37)
الْأَكْثَرِ إنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً وَبَعْدَ الْعَادَةِ إنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً اسْتِحَاضَةٌ وَكَذَا مَا نَقَصَ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَكَذَا مَا رَأَتْهُ الْكَبِيرَةُ جِدًّا وَالصَّغِيرَةُ جِدًّا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَا مَا تَرَاهُ الْحَامِلُ ابْتِدَاءً أَوْ حَالَ وِلَادَتِهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْوَلَدِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ]
لَا يَثْبُتُ حُكْمُ كُلٍّ مِنْهَا إلَّا بِخُرُوجِ الدَّمِ وَظُهُورِهِ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا وَعَلَيْهِ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(الْأَحْكَامُ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ ثَمَانِيَةٌ)
(مِنْهَا) أَنْ يَسْقُطَ عَنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقْضِي. هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ الدَّمَ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ النَّوَازِلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا حَاضَتْ فِي الْوَقْتِ أَوْ نُفِسَتْ سَقَطَ فَرْضُهُ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُ أَنْ تُصَلِّيَ فِيهِ أَوْ لَا. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ افْتَتَحَتْ الصَّلَاةَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ ثُمَّ حَاضَتْ لَا يَلْزَمُهَا قَضَاءُ هَذِهِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَائِضِ إذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَنْ تَتَوَضَّأَ وَتَجْلِسَ عِنْدَ مَسْجِدِ بَيْتِهَا تُسَبِّحُ وَتُهَلِّلُ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهَا أَدَاءَ الصَّلَاةِ لَوْ كَانَتْ طَاهِرَةً. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَفِي الصُّغْرَى الْحَائِضِ إذَا سَمِعَتْ آيَةَ السَّجْدَةِ لَا سَجْدَةَ عَلَيْهَا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِمَا الصَّوْمُ فَتَقْضِيَانِهِ هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ إذَا شَرَعَتْ فِي صَوْمِ النَّفْلِ ثُمَّ حَاضَتْ يَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ احْتِيَاطًا. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْجُنُبِ الدُّخُولُ فِي الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ كَانَ لِلْجُلُوسِ أَوْ لِلْعُبُورِ. هَكَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَفِي التَّهْذِيبِ لَا تَدْخُلُ الْحَائِضُ مَسْجِدًا لِجَمَاعَةٍ وَفِي الْحُجَّةِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ مَاءٌ وَلَا تَجِدُ فِي غَيْرِهِ وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا خَافَ الْجُنُبُ أَوْ الْحَائِضُ سَبُعًا أَوْ لِصًّا أَوْ بَرْدًا فَلَا بَأْسَ بِالْمُقَامِ فِيهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَيَمَّمَ تَعْظِيمًا لِلْمَسْجِدِ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَسَطْحُ الْمَسْجِدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ الْمُتَّخَذُ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا بَأْسَ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
(وَمِنْهَا) حُرْمَةُ الطَّوَافِ لَهُمَا بِالْبَيْتِ وَإِنْ طَافَتَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ (1) . هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَكَذَا يَحْرُمُ الطَّوَافُ لِلْجُنُبِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَمِنْهَا) حُرْمَةُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْجُنُبُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ وَالْآيَةَ وَمَا دُونَهَا سَوَاءٌ فِي التَّحْرِيمِ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ لَا يُقْصَدَ بِمَا دُونَ الْآيَةِ الْقِرَاءَةُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ يُرِيدُ الشُّكْرَ أَوْ بِسْمِ اللَّهِ عِنْدَ الْأَكْلِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَا تَحْرُمُ قِرَاءَةُ آيَةٍ قَصِيرَةٍ تَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ عِنْدَ الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] أَوْ {وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3] . هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إنْ غَسَلَ الْجُنُبُ فَمَهُ لِيَقْرَأَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُكْرَهُ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ قِرَاءَةُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا حَاضَتْ الْمُعَلِّمَةُ فَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُعَلِّمَ الصِّبْيَانَ كَلِمَةً كَلِمَةً وَتَقْطَعُ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ وَلَا يُكْرَهُ لَهَا التَّهَجِّي بِالْقُرْآنِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُنُوتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالظَّهِيرِيَّةِ.
وَيَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ الدَّعَوَاتُ وَجَوَابُ الْأَذَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فِي السِّرَاجِيَّةِ.
(وَمِنْهَا) حُرْمَةُ مَسِّ الْمُصْحَفِ لَا يَجُوزُ لَهُمَا وَلِلْجُنُبِ وَالْمُحْدِثِ مَسُّ
(1/38)
الْمُصْحَفِ إلَّا بِغِلَافٍ مُتَجَافٍ عَنْهُ كَالْخَرِيطَةِ وَالْجِلْدِ الْغَيْرِ الْمُشَرَّزِ لَا بِمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ، هُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَالصَّحِيحُ مَنْعُ مَسِّ حَوَاشِي الْمُصْحَفِ وَالْبَيَاضِ الَّذِي لَا كِتَابَةَ عَلَيْهِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مَسِّ الْمُصْحَفِ بِمَا عَدَا أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ وَبِمَا غُسِلَ مِنْ الْأَعْضَاءِ قَبْلَ إكْمَالِ الْوُضُوءِ وَالْمَنْعُ أَصَحُّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِالثِّيَابِ الَّتِي هُمْ لَابِسُوهَا وَيُكْرَهُ لَهُمْ مَسُّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ وَالسُّنَنِ وَلَا بَأْسَ بِمَسِّهَا بِالْكُمِّ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَا يَجُوزُ مَسُّ شَيْءٍ مَكْتُوبٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ فِي لَوْحٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إذَا كَانَ آيَةً تَامَّةً. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ كَانَ الْقُرْآنُ مَكْتُوبًا بِالْفَارِسِيَّةِ يُكْرَهُ لَهُمْ مَسُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا عِنْدَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَمَسُّ مَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى سِوَى الْقُرْآنِ قَدْ أَطْلَقَهُ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَا يُكْرَهُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَيُكْرَهُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ أَنْ يَكْتُبَا الْكِتَابَ الَّذِي فِي بَعْضِ سُطُورِهِ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَا لَا يَقْرَآنِ الْقُرْآنَ وَالْجُنُبُ لَا يَكْتُبُ الْقُرْآنَ وَإِنْ كَانَتْ الصَّحِيفَةُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ مَا دُونَ الْآيَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَكْتُبَ وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ بُخَارَى. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَا بَأْسَ بِدَفْعِ الْمُصْحَفِ إلَى الصِّبْيَانِ وَإِنْ كَانُوا مُحْدِثِينَ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ
(وَمِنْهَا) حُرْمَةُ الْجِمَاعِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَلَهُ أَنْ يُقَبِّلَهَا وَيُضَاجِعَهَا وَيَسْتَمْتِعَ بِجَمِيعِ بَدَنِهَا مَا خَلَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
فَإِنْ جَامَعَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَمِنْهَا) وُجُوبُ الِاغْتِسَالِ عِنْدَ الِانْقِطَاعِ. هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
إذَا مَضَى أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَيْضِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ يَحِلُّ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ مُعْتَادَةً وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَطَأَهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ الْحَيْضِ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَجُزْ وَطْؤُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهَا آخِرُ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّذِي يَسَعُ الِاغْتِسَالَ وَالتَّحْرِيمَةَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهَا إذَا وَجَدَتْ مِنْ آخِرِ الْوَقْتِ هَذَا الْقَدْرَ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَأَمَّا مُضِيُّ كَمَالِ الْوَقْتِ بِأَنْ يَنْقَطِعَ دَمُهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيَدُومَ الِانْقِطَاعُ حَتَّى يَمْضِيَ الْوَقْتُ فَلَيْسَ بِمَشْرُوطٍ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
لَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا دُونَ عَادَتِهَا يُكْرَهُ قُرْبَانُهَا وَإِنْ اغْتَسَلَتْ حَتَّى تَمْضِيَ عَادَتُهَا وَعَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ وَتَصُومَ لِلِاحْتِيَاطِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ انْقَطَعَ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ تَجِدْ مَاءً فَتَيَمَّمَتْ لَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ حَتَّى تُصَلِّيَ فَإِنْ وَجَدَتْ الْمَاءَ بَعْدَهُ تَحْرُمُ الْقِرَاءَةُ لَا الْوَطْءُ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَمَتَى طَهُرَتْ الْمُبْتَدَأَةُ دُونَ الْعَشَرَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةُ دُونَ عَادَتِهَا أَخَّرَتْ الْوُضُوءَ وَالِاغْتِسَالَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ بِحَيْثُ لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
(وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الْمُخْتَصَّةُ بِالْحَيْضِ)
فَخَمْسَةٌ: انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ، وَالِاسْتِبْرَاءُ وَالْحُكْمُ بِبُلُوغِهَا، وَالْفَصْلُ بَيْنَ طَلَاقَيْ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَعَدَمُ قَطْعِ التَّتَابُعِ فِي الصَّوْمِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُضْمَرَاتِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ.
(وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ) كَالرُّعَافِ الدَّائِمِ لَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ وَلَا الصَّوْمَ وَلَا الْوَطْءَ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
انْتِقَالُ الْعَادَةِ يَكُونُ بِمَرَّةٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْكَافِي.
فَإِنْ رَأَتْ بَيْنَ طُهْرَيْنِ تَامَّيْنِ دَمًا لَا عَلَى عَادَتِهَا بِالزِّيَادَةِ أَوْ النُّقْصَانِ أَوْ بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ أَوْ بِهِمَا مَعًا انْتَقَلَتْ الْعَادَةُ إلَى أَيَّامِ دَمِهَا حَقِيقِيًّا كَانَ الدَّمُ أَوْ حُكْمِيًّا هَذَا إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ فَإِنْ جَاوَزَهَا فَمَعْرُوفَتُهَا حَيْضٌ وَمَا رَأَتْ عَلَى
(1/39)
غَيْرِهَا اسْتِحَاضَةٌ فَلَا تَنْتَقِلُ الْعَادَةُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَكَذَا النِّفَاسُ فَإِنْ رَأَتْ لَا عَلَى الْعَادَةِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْأَرْبَعِينَ انْتَقَلَتْ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ وَلَهَا عَادَةٌ فِي النِّفَاسِ رُدَّتْ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا سَوَاءٌ كَانَ خُتِمَ مَعْرُوفَتُهَا بِالدَّمِ أَوْ بِالطُّهْرِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الْمُعْتَادَةُ إذَا اسْتَمَرَّ دَمُهَا وَاشْتَبَهَ عَلَيْهَا كُلٌّ مِنْ عَدَدِ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَالْمَكَانِ وَالدُّورِ تَتَحَرَّى وَمَضَتْ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ رَأْيُهَا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَأْيٌ لَا يُحْكَمُ بِشَيْءٍ مِنْ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ عَلَى التَّعْيِينِ بَلْ تَأْخُذُ بِالْأَحْوَطِ فَتَجْتَنِبُ أَبَدًا مَا تَجْتَنِبُهُ الْحَائِضُ وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
فَتُصَلِّي الْمَكْتُوبَاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ وَلَا تُصَلِّي تَطَوُّعًا وَتَقْرَأُ الْقَدْرَ الْمَفْرُوضَ وَالْوَاجِبَ عَلَى الصَّحِيحِ وَتَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ الْمَكْتُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهَا الْبَعْضُ فَإِنْ تَرَدَّدَتْ بَيْنَ الطُّهْرِ وَبَيْنَ دُخُولِ الْحَيْضِ صَلَّتْ بِالْوُضُوءِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ تَرَدَّدَتْ بَيْنَ الطُّهْرِ وَبَيْنَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَيْضِ اغْتَسَلَتْ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ اسْتِحْسَانًا وَقَالَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا تُفْطِرُ فِي شَيْءٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَعَلَيْهَا قَضَاءُ أَيَّامِ الْحَيْضِ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ يَبْتَدِئُ بِاللَّيْلِ فَعَلَيْهَا قَضَاءُ عِشْرِينَ وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا بِالنَّهَارِ فَقَضَاءُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ احْتِيَاطًا وَإِنْ لَمْ تَدْرِ أَنَّهُ بِاللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ فَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا يَقُولُ يَلْزَمُهَا قَضَاءُ عِشْرِينَ وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَقُولُ تَقْضِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ احْتِيَاطًا قَضَتْهَا مَوْصُولًا بِالشَّهْرِ أَوْ مَفْصُولًا عَنْهُ هَذَا إذَا عَلِمَتْ أَنَّ دَوْرَهَا كَانَ يَكُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ يَبْتَدِئُ بِاللَّيْلِ تَقْضِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ احْتِيَاطًا قَضَتْهَا مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ كَانَ بِالنَّهَارِ تَقْضِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ احْتِيَاطًا لَوْ قَضَتْهَا مَوْصُولًا وَإِنْ قَضَتْهَا مَفْصُولًا فَثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ وَإِنْ لَمْ تَدْرِ فَإِنْ قَضَتْ مَوْصُولًا فَعَلَيْهَا قَضَاءُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَإِنْ قَضَتْ مَفْصُولًا فَثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ هَذَا إذَا كَانَ رَمَضَانُ كَامِلًا وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَسَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ.
الْمُعْتَادَةُ إذَا رَأَتْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ دَمًا وَنَسِيَتْ عَادَتَهَا فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ دَمُهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَطَهُرَتْ هِيَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ طُهْرًا كَامِلًا لَمْ تُعِدْ شَيْئًا مِمَّا تَرَكَتْ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَإِنْ جَاوَزَ الدَّمُ الْأَرْبَعِينَ أَوْ لَمْ يُجَاوِزْ وَلَكِنْ طَهُرَتْ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَعَلَيْهَا أَنْ تَتَحَرَّى فَإِنْ اسْتَقَرَّ رَأْيُهَا عَلَى عَدَدٍ كَانَ عَادَةُ نِفَاسِهَا ذَلِكَ مَضَتْ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَأْيٌ فِي ذَلِكَ احْتَاطَتْ فَقَضَتْ صَلَاةَ الْأَرْبَعِينَ كُلَّهَا فَإِنْ كَانَ دَمُهَا مُسْتَمِرًّا لِلْحَالِ انْتَظَرَتْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ قَضَتْ صَلَاةَ هَذِهِ الْأَرْبَعِينَ ثَانِيًا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَسْقَطَتْ فِي الْمَخْرَجِ مَا يُشَكُّ فِي أَنَّهُ مُسْتَبِينُ الْخَلْقِ أَوَّلًا وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ إنْ أَسْقَطَتْ أَوَّلَ أَيَّامِهَا تَرَكَتْ الصَّلَاةَ قَدْرَ عَادَتِهَا بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهَا إمَّا حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي عَادَتَهَا فِي الطُّهْرِ بِالشَّكِّ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا نُفَسَاءَ أَوْ طَاهِرَةً ثُمَّ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ قَدْرَ عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهَا إمَّا نُفَسَاءُ أَوْ حَائِضٌ ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي عَادَتَهَا فِي الطُّهْرِ بِيَقِينٍ إنْ كَانَتْ اسْتَوْفَتْ أَرْبَعِينَ مِنْ وَقْتِ الْإِسْقَاطِ وَإِلَّا فَبِالشَّكِّ فِي الْقَدْرِ الدَّاخِلِ فِيهَا وَبِيَقِينٍ فِي الْبَاقِي تَسْتَمِرُّ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ أُسْقِطَتْ بَعْدَ أَيَّامِهَا فَإِنَّهَا تُصَلِّي مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ قَدْرَ عَادَتِهَا فِي الطُّهْرِ بِالشَّكِّ ثُمَّ تَتْرُكُ قَدْرَ عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ بِيَقِينٍ وَحَاصِلُ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلشَّكِّ وَيَجِبُ الِاحْتِيَاطُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ أَحْكَامُ الْمَعْذُورِ) شَرْطُ ثُبُوتِ الْعُذْرِ ابْتِدَاءً أَنْ يَسْتَوْعِبَ اسْتِمْرَارُهُ وَقْتَ الصَّلَاةِ كَامِلًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَالِانْقِطَاعِ لَا يَثْبُتُ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْوَقْتَ كُلَّهُ حَتَّى لَوْ سَالَ دَمُهَا فِي بَعْضِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَتَوَضَّأَتْ
(1/40)
وَصَلَتْ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ وَدَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى وَانْقَطَعَ دَمُهَا فِيهِ أَعَادَتْ تِلْكَ الصَّلَاةَ لِعَدَمِ الِاسْتِيعَابِ.
وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى خَرَجَ لَا تُعِيدُهَا لِوُجُودِ اسْتِيعَابِ الْوَقْتِ.
وَشَرْطُ بَقَائِهِ أَنْ لَا يَمْضِيَ عَلَيْهِ وَقْتُ فَرْضٍ إلَّا وَالْحَدَثُ الَّذِي اُبْتُلِيَ بِهِ يُوجَدُ فِيهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ
الْمُسْتَحَاضَةُ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ أَوْ اسْتِطْلَاقِ الْبَطْنِ أَوْ انْفِلَاتِ الرِّيحِ أَوْ رُعَافٍ دَائِمٌ أَوْ جُرْحٍ لَا يُرْقَأُ يَتَوَضَّئُونَ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَيُصَلُّونَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ فِي الْوَقْتِ مَا شَاءُوا مِنْ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِنْ تَوَضَّأَ عَلَى السَّيَلَانِ وَصَلَّى عَلَى الِانْقِطَاعِ وَتَمَّ الِانْقِطَاعُ بِاسْتِيعَابِ الْوَقْتِ الثَّانِي أَعَادَ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ وَكَذَا إذَا انْقَطَعَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَتَمَّ الِانْقِطَاعُ. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَيَبْطُلُ الْوُضُوءُ عِنْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْمَفْرُوضَةِ بِالْحَدَثِ السَّابِقِ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ حَتَّى لَوْ تَوَضَّأَ الْمَعْذُورُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةِ الضُّحَى.
وَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً لِلظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ وَأُخْرَى فِيهِ لِلْعَصْرِ فَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ بِهِ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنَّمَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهَا إذَا تَوَضَّأَتْ وَالدَّمُ سَائِلٌ أَوْ سَالَ بَعْدَ الْوُضُوءِ فِي الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ تَوَضَّأَتْ وَالدَّمُ مُنْقَطِعٌ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهِيَ عَلَى وُضُوءٍ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَسِلْ أَوْ تُحْدِثْ حَدَثًا آخَرَ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إنْ تَوَضَّأَ فِي وَقْتِهِ بِلَا حَاجَةٍ فَسَالَ يَتَوَضَّأُ وَكَذَا إنْ تَوَضَّأَ لِحَدَثٍ آخَرَ غَيْرَ السَّيَلَانِ فَسَالَ كَذَا فِي الْكَافِي
رَجُلٌ بِهِ جُدَرِيٌّ مِنْهُ مَا هُوَ سَائِلٌ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ سَالَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ سَائِلًا نَقَضَ وُضُوءَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَكَذَا إذَا سَالَ الدَّمُ مِنْ أَحَدِ مَنْخِرَيْهِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ سَالَ مِنْ الْمَنْخِرِ الْآخَرِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
الْمُسْتَحَاضَةُ إذَا تَوَضَّأَتْ وَافْتَتَحَتْ الصَّلَاةَ النَّافِلَةَ فَلَمَّا صَلَّتْ مِنْهَا رَكْعَةً خَرَجَ الْوَقْتُ فَسَدَتْ الصَّلَاةُ وَلَزِمَهَا الْقَضَاءُ احْتِيَاطًا. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
مَتَى قَدَرَ الْمَعْذُورُ عَلَى رَدِّ السَّيَلَانِ بِرِبَاطٍ أَوْ حَشْوٍ أَوْ كَانَ لَوْ جَلَسَ لَا يَسِيلُ وَلَوْ قَامَ سَالَ وَجَبَ رَدُّهُ وَيَخْرُجُ بِرَدِّهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ عُذْرٍ بِخِلَافِ الْحَائِضِ إذَا مَنَعَتْ الدُّرُورَ فَإِنَّهَا حَائِضٌ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
النُّفَسَاءُ أَوْ الْمُسْتَحَاضَةُ إذَا احْتَشَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ أَنْ تَكُونَ نُفَسَاءَ أَوْ مُسْتَحَاضَةً. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ.
وَلَوْ كَانَ فِي عَيْنِهِ رَمَدٌ أَوْ عَمَشٌ يَسِيلُ دَمْعُهَا يُؤْمَرُ بِالْوُضُوءِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ صَدِيدًا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا كَانَ بِهِ جُرْحٌ سَائِلٌ وَقَدْ شَدَّ عَلَيْهِ خِرْقَةً فَأَصَابَهَا الدَّمُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدَّمِ أَوْ أَصَابَ ثَوْبَهُ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ غَسَلَهُ يَتَنَجَّسُ ثَانِيًا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ جَازَ أَنْ لَا يَغْسِلَهُ وَصَلَّى قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُ وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
رَجُلٌ رَعَفَ أَوْ سَالَ عَنْ جُرْحِهِ الدَّمُ يَنْتَظِرُ آخِرَ الْوَقْتِ فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
[الْبَابُ السَّابِعُ فِي النَّجَاسَةِ وَأَحْكَامِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَطْهِيرِ الْأَنْجَاسِ]
(الْبَابُ السَّابِعُ فِي النَّجَاسَةِ وَأَحْكَامِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ)
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَطْهِيرِ الْأَنْجَاسِ) مَا يَطْهُرُ بِهِ النَّجَسُ عَشْرَةٌ: (مِنْهَا) الْغُسْلُ يَجُوزُ تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ وَبِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ يُمْكِنُ إزَالَتُهَا بِهِ كَالْخَلِّ وَمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا إذَا عُصِرَ انْعَصَرَ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَمَا لَا يَنْعَصِرُ كَالدُّهْنِ لَمْ يَجُزْ إزَالَتُهَا بِهِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا الدِّبْسُ وَاللَّبَنُ وَالْعَصِيرُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَمِنْ الْمَائِعَاتِ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَإِزَالَتُهَا إنْ كَانَتْ مَرْئِيَّةً بِإِزَالَةِ عَيْنِهَا وَأَثَرِهَا إنْ كَانَتْ شَيْئًا يَزُولُ أَثَرُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَدُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلَوْ زَالَتْ عَيْنُهَا بِمَرَّةٍ اكْتَفَى بِهَا وَلَوْ لَمْ
(1/41)
تَزُلْ بِثَلَاثَةٍ تُغْسَلُ إلَى أَنْ تَزُولَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَتْ شَيْئًا لَا يَزُولُ أَثَرُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ بِأَنْ يُحْتَاجَ فِي إزَالَتِهِ إلَى شَيْءٍ آخَرَ سِوَى الْمَاءِ كَالصَّابُونِ لَا يُكَلَّفُ بِإِزَالَتِهِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا لَا يُكَلَّفُ بِالْمَاءِ الْمَغْلِيِّ بِالنَّارِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَعَلَى هَذَا قَالُوا لَوْ صَبَغَ ثَوْبَهُ أَوْ يَدَهُ بِصِبْغٍ أَوْ حِنَّاءَ نَجِسَيْنِ فَغَسَلَ إلَى أَنْ صَفَا الْمَاءُ يَطْهُرُ مَعَ قِيَامِ اللَّوْنِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَإِذَا غَمَسَ الرَّجُلُ يَدَهُ فِي السَّمْنِ النَّجِسِ أَوْ أَصَابَ ثَوْبَهُ ثُمَّ غَسَلَ الْيَدَ أَوْ الثَّوْبَ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ حِرْصٍ وَأَثَرُ السَّمْنِ بَاقٍ عَلَى يَدِهِ يَطْهُرُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْئِيَّةٍ يَغْسِلُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُشْتَرَطُ الْعَصْرُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فِيمَا يَنْعَصِرُ وَيُبَالِغُ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ حَتَّى لَوْ عَصَرَ بَعْدَهُ لَا يَسِيلُ مِنْهُ الْمَاءُ وَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ شَخْصٍ قُوَّتُهُ وَفِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ يَكْتَفِي بِالْعَصْرِ مَرَّةً وَهُوَ أَرْفَقُ. كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي النَّوَازِلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ عَصَرَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَقُوَّتُهُ أَكْثَرُ وَلَمْ يُبَالِغْ فِيهِ صِيَانَةً لِلثَّوْبِ لَا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إنْ غَسَلَ ثَلَاثًا فَعَصَرَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ثُمَّ تَقَاطَرَتْ مِنْهُ قَطْرَةٌ فَأَصَابَتْ شَيْئًا إنْ عَصَرَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ وَبَالَغَ فِيهِ بِحَيْثُ لَوْ عَصَرَهُ لَا يَسِيلُ مِنْهُ الْمَاءُ فَالثَّوْبُ وَالْيَدُ وَمَا تَقَاطَرَ طَاهِرٌ وَإِلَّا فَالْكُلُّ نَجِسٌ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَا لَا يَنْعَصِرُ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالتَّجْفِيفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّ لِلتَّجْفِيفِ أَثَرًا فِي اسْتِخْرَاجِ النَّجَاسَةِ وَحَدُّ التَّجْفِيفِ أَنْ يُخَلِّيَهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ التَّقَاطُرُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْيُبْسُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ هَذَا إذَا تَشَرَّبَتْ النَّجَاسَةُ كَثِيرًا وَإِنْ لَمْ تَتَشَرَّبْ فِيهِ أَوْ تَشَرَّبَتْ قَلِيلًا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
امْرَأَةٌ طَبَخَتْ الْحِنْطَةَ أَوْ اللَّحْمَ فِي الْخَمْرِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُطْبَخُ بِالْمَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَطْهُرُ أَبَدًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ النِّصَابِ وَالْكُبْرَى.
إذَا تَنَجَّسَ مَا لَا يَنْعَصِرُ بِالْعَصْرِ كَمَا إذَا تَشَرَّبَتْ النَّجَاسَةُ فِي الْمُصَابِ بِأَنْ مَوَّهَ السِّكِّينَ بِمَاءٍ نَجِسٍ أَوْ كَانَ الْخَزَفُ وَالْآجُرُّ جَدِيدَيْنِ وَقَدْ وَقَعَتْ الْخَمْرُ فِيهِمَا أَوْ الْحِنْطَةُ إذَا أَصَابَتْهَا خَمْرٌ وَتَشَرَّبَتْ فِيهَا وَانْتَفَخَتْ مِنْ الْخَمْرِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُمَوِّهُ السِّكِّينَ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ ثَلَاثًا وَيَغْسِلُ الْآجُرَّ وَالْخَزَفَ بِالْمَاءِ ثَلَاثًا وَيُجَفِّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَيَطْهُرُ وَالْحِنْطَةُ تُنْقَعُ فِي الْمَاءِ حَتَّى تَشْرَبَ الْمَاءَ كَمَا تَشَرَّبَتْ الْخَمْرُ ثُمَّ تُخَفَّفُ يَفْعَلُ كَذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا وَإِنْ لَمْ تَنْتَفِخْ تَطْهُرْ بِالْغُسْلِ ثَلَاثًا وَالتَّجْفِيفِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُوجَدَ طَعْمُ الْخَمْرِ وَلَا رِيحُهَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ الْآجُرُّ قَدِيمًا يَكْفِيهِ الْغُسْلُ ثَلَاثًا بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا تَنَجَّسَ الْعَسَلُ يُلْقَى فِي طَنْجِيرٍ وَيُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَيُغْلَى حَتَّى يَعُودَ إلَى مِقْدَارِهِ. هَكَذَا ثَلَاثًا فَيَطْهُرُ قَالُوا وَعَلَى هَذَا الدِّبْسُ.
الدُّهْنُ النَّجِسُ يُغْسَلُ ثَلَاثًا بِأَنْ يُلْقَى فِي الْخَابِيَةِ ثُمَّ يُصَبَّ فِيهِ مِثْلُهُ مَاءٌ وَيُحَرَّكَ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَعْلُوَ الدُّهْنُ فَيُؤْخَذَ أَوْ يَثْقُبَ أَسْفَلَ الْخَابِيَةِ حَتَّى يَخْرُجَ الْمَاءُ. هَكَذَا ثَلَاثًا فَيَطْهُرَ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
ثَوْبٌ نَجِسٌ غُسِلَ فِي ثَلَاثِ جِفَانٍ أَوْ فِي وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا وَعُصِرَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ طَهُرَ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْغَسْلِ. هَكَذَا فَلَوْ لَمْ يَطْهُرْ لَضَاقَ عَلَى النَّاسِ.
وَغَسْلُ عُضْوٍ فِي أَوَانِ وَغَسْلُ جُنُبٍ لَمْ يَسْتَنْجِ فِي آبَارٍ كَالثَّوْبِ وَيَتَنَجَّسُ الْمَاءُ وَالْأَوَانِي وَالْمَاءُ الرَّابِعُ مُطَهِّرٌ فِي الثَّوْبِ لَا الْعُضْوِ؛ لِأَنَّهُ أُقِيمَ بِهِ قُرْبَةٌ. كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمِيَاهُ الثَّلَاثَةُ نَجِسَةٌ مُتَفَاوِتَةٌ فَالْأَوَّلُ إذَا أَصَابَ شَيْئًا يَطْهُرُ بِالثَّلَاثِ وَالثَّانِي بِالْمُثَنَّى وَالثَّالِثُ بِالْوَاحِدِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
كَذَا فِي التَّنْوِيرِ وَيَكُونُ حُكْمُهُ فِي الثَّوْبِ الثَّانِي مِثْلُ حُكْمِهِ فِي الْأَوَّلِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتَطْهُرُ الْإِجَّانَةُ الثَّالِثَةُ تَبَعًا لِلْمَغْسُولِ كَعُرْوَةِ الْقُمْقُمَةِ وَحُبِّ الْخَمْرِ الَّتِي تَخَلَّلَتْ فِيهِ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
خُفُّ بِطَانَةٍ
(1/42)
سَاقُهُ مِنْ كِرْبَاسَ فَدَخَلَ فِي خُرُوقِهِ مَاءٌ نَجِسٌ فَغَسَلَ الْخُفَّ وَدَلَكَهُ بِالْيَدِ ثُمَّ مَلَأَهُ الْمَاءَ ثَلَاثًا وَأَرَاقَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ عَصْرُ الْكِرْبَاسِ فَقَدْ طَهُرَ الْخُفُّ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي النَّوَازِلِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُتْرَكُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ حَتَّى يَنْقَطِعَ التَّقَاطُرُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
الْخُفُّ الْخُرَاسَانِيُّ الَّذِي صَرْمُهُ مُوَشًّى بِالْغَزْلِ بِحَيْثُ صَارَ ظَاهِرُهُ كُلُّهُ غَزْلًا فَأَصَابَتْ النَّجَاسَةُ تَحْتَهَا فَإِنَّهُ يُغْسَلُ ثَلَاثًا وَيُجَفَّفُ كُلَّ مَرَّةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُغْسَلُ مَرَّةً وَيُتْرَكُ حَتَّى يَنْقَطِعَ التَّقَاطُرُ ثُمَّ يُغْسَلَ ثَانِيًا وَثَالِثًا كَذَلِكَ وَهَذَا أَصَحُّ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الْأَرْضُ أَوْ الشَّجَرُ إذَا أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ فَأَصَابَهُ الْمَطَرُ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ يَصِيرُ طَاهِرًا وَكَذَا الْخَشَبُ إذَا أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ فَأَصَابَهُ الْمَطَرُ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْغَسْلِ.
الْأَرْضُ إذَا تَنَجَّسَتْ بِبَوْلٍ وَاحْتَاجَ النَّاسُ إلَى غَسْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ رَخْوَةً يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهَا ثَلَاثًا فَتَطْهُرُ وَإِنْ كَانَتْ صُلْبَةً قَالُوا: يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهَا وَتُدَلَّكُ ثُمَّ تُنَشَّفُ بِصُوفٍ أَوْ خِرْقَةٍ يُفْعَلُ كَذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَتَطْهُرُ وَإِنْ صُبَّ عَلَيْهَا مَاءٌ كَثِيرٌ حَتَّى تَفَرَّقَتْ النَّجَاسَةُ وَلَمْ يَبْقَ رِيحُهَا وَلَا لَوْنُهَا وَتُرِكَتْ حَتَّى جَفَّتْ تَطْهُرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
حَصِيرٌ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ فَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ يَابِسَةً لَا بُدَّ مِنْ الدَّلْكِ حَتَّى تَلِينَ وَإِنْ كَانَتْ رَطْبَةً إنْ كَانَ الْحَصِيرُ مِنْ قَصَبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى شَيْءٍ آخَرَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَطْهُرُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَشِّفُ النَّجَاسَةَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَرْدِيٍّ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ يُغْسَلُ وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَيَطْهُرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي شَرْحِهَا لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ
الْبَرْدِيُّ إذَا أُلْقِيَ فِي الْمَاءِ النَّجِسِ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْمَشَايِخُ يُغْسَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُعْصَرُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَوْ يُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَيَطْهُرُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْحَمَّامِ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الْبِسَاطُ النَّجِسُ إذَا جُعِلَ فِي نَهْرٍ وَتُرِكَ لَيْلَةً حَتَّى جَرَى الْمَاءُ عَلَيْهِ طَهُرَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ.
الْكُوزُ إذَا كَانَ فِيهِ خَمْرٌ فَتَطْهِيرُهُ أَنْ يُجْعَلَ فِيهِ الْمَاءُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ مَرَّةٍ سَاعَةٌ إنْ كَانَ الْكُوزُ جَدِيدًا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
دَنُّ الْخَمْرِ إذَا غُسِلَ ثَلَاثًا وَكَانَ عَتِيقًا مُسْتَعْمَلًا يَطْهُرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ هَذَا إذَا لَمْ يَبْقَ رَائِحَةُ الْخَمْرِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْكُبْرَى.
الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ إنْ كَانَ صُلْبًا لَا يُنَشِّفُ النَّجَاسَةَ لِصَلَابَتِهِ يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ فِي قَوْلِهِمْ وَإِنْ كَانَ يُنَشِّفُ النَّجَاسَةَ إنْ أَمْكَنَ عَصْرُهُ يُغْسَلُ ثَلَاثًا وَيُعْصَرُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَيَطْهُرُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ عَصْرُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُغْسَلُ ثَلَاثًا وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا تَنَجَّسَ طَرَفٌ مِنْ أَطْرَافِ الثَّوْبِ وَنَسِيَهُ فَغَسَلَ طَرَفًا مِنْ أَطْرَافِ الثَّوْبِ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ حُكِمَ بِطَهَارَةِ الثَّوْبِ هُوَ الْمُخْتَارُ فَلَوْ صَلَّى مَعَ هَذَا الثَّوْبِ صَلَوَاتٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ النَّجَاسَةَ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّى مَعَ هَذَا الثَّوْبِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَغْسِلَ جَمِيعَ الثَّوْبِ وَكَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ أَصَابَ الْكُمَّ وَلَا يَدْرِي أَيَّ الْكُمَّيْنِ غَسَلَهُمَا. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الثَّوْبُ إذَا تَنَجَّسَ وَوَجَبَ غُسْلُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَغُسِلَ يَوْمًا مَرَّتَيْنِ جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ فِيمَا يَقَعُ فِي الْبِئْرِ.
(وَمِنْهَا الْمَسْحُ) إذَا وَقَعَ عَلَى الْحَدِيدِ الصَّقِيلِ الْغَيْرِ الْخَشِنِ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَالْمِرْآةِ وَنَحْوِهَا نَجَاسَةٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُمَوَّهَ بِهَا فَكَمَا يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ يَطْهُرُ بِالْمَسْحِ بِخِرْقَةٍ طَاهِرَةٍ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ وَلَا بَيْنَ مَا لَهُ جِرْمٌ وَمَا لَا جِرْمَ لَهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى. كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَلَوْ كَانَ خَشِنًا أَوْ مَنْقُوشًا لَا يَطْهُرُ بِالْمَسْحِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا مَسَحَ مَوْضِعَ الْمُحْجِمَةِ بِثَلَاثِ خِرْقَاتٍ رِطَابٍ نِظَافٍ أَجْزَأَهُ عَنْ
(1/43)
الْغُسْلُ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَ الْغَسْلِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَمِنْهَا) الْفَرْكُ فِي الْمَنِيِّ الْمَنِيُّ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ فَإِنْ كَانَ رَطْبًا يَجِبُ غَسْلُهُ وَإِنْ جَفَّ عَلَى الثَّوْبِ أَجْزَأَ فِيهِ الْفَرْكُ اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَبَقَاءُ أَثَرِ الْمَنِيِّ بَعْدَ الْفَرْكِ لَا يَضُرُّ كَبَقَائِهِ بَعْدَ الْغَسْلِ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَوْ كَانَ رَأْسُ ذَكَرِهِ نَجِسًا بِالْبَوْلِ لَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ أَصَابَ بَدَنَهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي الْكَافِي نَاقِلًا عَنْ الْأَصْلِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ قَالَ مَشَايِخُنَا يَطْهُرُ بِالْفَرْكِ؛ لِأَنَّ الْبَلْوَى فِيهِ أَشَدُّ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ نَفَذَ الْمَنِيُّ إلَى الْبِطَانَةِ يُكْتَفَى بِالْفَرْكِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَهَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
خُفٌّ أَصَابَهُ مَنِيٌّ إنْ كَانَ يَابِسًا يَجُوزُ فِيهِ الْفَرْكُ كَذَا فِي الْكَافِي.
الْمَنِيُّ إذَا فُرِكَ عَنْ الثَّوْبِ وَذَهَبَ أَثَرُهُ فَأَصَابَهُ مَاءٌ فِيهِ رِوَايَتَانِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ نَجِسًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَمِنْهَا) الْحَتُّ وَالدَّلْكُ الْخُفُّ إذَا أَصَابَهُ النَّجَاسَةُ إنْ كَانَتْ مُتَجَسِّدَةً كَالْعَذِرَةِ وَالرَّوْثِ وَالْمَنِيِّ يَطْهُرُ بِالْحَتِّ إذَا يَبِسَتْ وَإِنْ كَانَتْ رَطْبَةً فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذَا مَسَحَهُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ يَطْهُرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِعُمُومِ الْبَلْوَى. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ مُتَجَسِّدَةً كَالْخَمْرِ وَالْبَوْلِ إذَا الْتَصَقَ بِهَا مِثْلُ التُّرَابِ أَوْ أُلْقِيَ عَلَيْهَا فَمَسَحَهَا يَطْهُرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِلضَّرُورَةِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَفِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ الْفَرْوُ إذَا أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ الْمُتَجَسِّدَةُ وَيَبِسَتْ يَطْهُرُ بِالدَّلْكِ كَمَا يَطْهُرُ الْخُفُّ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
(وَمِنْهَا) الْجَفَافُ وَزَوَالُ الْأَثَرِ الْأَرْضُ تَطْهُرُ بِالْيُبْسِ وَذَهَابِ الْأَثَرِ لِلصَّلَاةِ لَا لِلتَّيَمُّمِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَفَافِ بِالشَّمْسِ وَالنَّارِ وَالرِّيحِ وَالظِّلِّ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيُشَارِكُ الْأَرْضَ فِي حُكْمِهَا كُلُّ مَا كَانَ ثَابِتًا فِيهَا كَالْحِيطَانِ وَالْأَشْجَارِ وَالْكَلَأِ وَالْقَصَبِ مَا دَامَ قَائِمًا عَلَيْهَا فَإِذَا انْقَطَعَ الْحَشِيشُ وَالْخَشَبُ وَالْقَصَبُ وَأَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغُسْلِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
الْآجُرَّةُ إذَا كَانَتْ مَفْرُوشَةً فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَرْضِ تَطْهُرُ بِالْجَفَافِ وَإِنْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً تُنْقَلُ وَتُحَوَّلُ لَا بُدَّ مِنْ الْغَسْلِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا الْحَجَرُ وَاللَّبِنَةُ. هَكَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي فَإِنْ قُلِعَ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَعُودُ نَجِسًا فِيهِ رِوَايَتَانِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْحَصَى حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَرْضِ إذَا كَانَ فِيهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَا يَطْهُرُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.
وَإِذَا طَهُرَتْ الْأَرْضُ بِالْجَفَافِ ثُمَّ أَصَابَهَا الْمَاءُ الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ نَجِسًا وَلَوْ رَشَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ وَجَلَسَ عَلَيْهَا لَا بَأْسَ بِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا) الْإِحْرَاقُ السِّرْقِينُ إذَا أُحْرِقَ حَتَّى صَارَ رَمَادًا فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا الْعَذِرَةُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
إذَا أُحْرِقَ رَأْسُ الشَّاةِ مُلَطَّخًا بِالدَّمِ وَزَالَ عَنْهُ الدَّمُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ.
الطِّينُ النَّجِسُ إذَا جُعِلَ مِنْهُ الْكُوزُ أَوْ الْقِدْرُ فَطُبِخَ يَكُونُ طَاهِرًا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَا اللَّبِنُ إذَا لُبِّنَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ وَأُحْرِقَ. كَذَا فِي فَتَاوَى الْغَرَائِبِ.
إذَا سَعَّرَتْ الْمَرْأَةُ التَّنُّورَ ثُمَّ مَسَحَتْهُ بِخِرْقَةٍ مُبْتَلَّةٍ نَجِسَةٍ ثُمَّ خَبَزَتْ فِيهِ فَإِنْ كَانَتْ حَرَارَةُ النَّارِ أَكَلَتْ بَلَّةَ الْمَاءِ قَبْلَ إلْصَاقِ الْخُبْزِ بِالتَّنُّورِ لَا يَتَنَجَّسُ الْخُبْزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
سُعِّرَ التَّنُّورُ بِالْأَخْثَاءِ وَالْأَرْوَاثِ يُكْرَهُ الْخُبْزُ فِيهِ وَلَوْ رَشَّهُ بِالْمَاءِ بَطَلَتْ الْكَرَاهَةُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
(وَمِنْهَا) الِاسْتِحَالَةُ تَخَلَّلَ الْخَمْرُ فِي خَابِيَةٍ جَدِيدَةٍ طَهُرَتْ بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
الْخُبْزُ الَّذِي عُجِنَ بِالْخَمْرِ لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ وَلَوْ صُبَّ فِيهِ الْخَلُّ وَذَهَبَ أَثَرُهَا يَطْهُرُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الرَّغِيفُ إذَا أُلْقِيَ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ طَاهِرٌ إذَا لَمْ يَبْقَ رَائِحَةُ الْخَمْرِ وَكَذَا فِي الْبَصَلِ إذَا أُلْقِيَ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ تَخَلَّلَ؛ لِأَنَّ
(1/44)
مَا فِيهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْخَمْرِ صَارَ خَلًّا. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْخَمْرُ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ أَوْ الْمَاءُ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ صَارَتْ خَلًّا طَهُرَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا صُبَّ الْخَمْرُ فِي الْمَرَقَةِ ثُمَّ الْخَلُّ إنْ صَارَتْ الْمَرَقَةُ كَالْخَلِّ فِي الْحُمُوضَةِ طَهُرَتْ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فَأْرَةٌ وَقَعَتْ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ اُسْتُخْرِجَتْ قَبْلَ التَّفَتُّتِ ثُمَّ صَارَتْ خَلًّا لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَإِنْ تَفَسَّخَتْ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ اُسْتُخْرِجْت ثُمَّ صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ.
وَكَذَا الْكَلْبُ إذَا وَلَغَ فِي عَصِيرٍ ثُمَّ تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ لُعَابَ الْكَلْبِ قَائِمٌ فِيهِ وَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ خَلًّا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا إذَا وَقَعَ الْبَوْلُ فِي الْخَمْرِ ثُمَّ تَخَلَّلَ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الْخَلُّ النَّجِسُ إذَا صُبَّ فِي خَمْرٍ فَصَارَ خَلًّا يَكُونُ نَجِسًا؛ لِأَنَّ النَّجِسَ لَمْ يَتَغَيَّرْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْحِمَارُ أَوْ الْخِنْزِيرُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَمْلَحَةِ فَصَارَ مِلْحًا أَوْ بِئْرِ الْبَالُوعَةِ إذَا صَارَ طِينًا يَطْهُرُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
دَنُّ الْعَصِيرِ إذَا غَلَا وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ وَسَكَنَ عَنْ الْغَلَيَانِ وَانْتَقَصَ ثُمَّ صَارَ خَلًّا إنْ تُرِكَ الْخَلُّ فِيهِ حَتَّى طَالَ مُكْثُهُ وَارْتَفَعَ بُخَارُ الْخَلِّ إلَى رَأْسِ الدَّنِّ يَصِيرُ طَاهِرًا وَكَذَا الثَّوْبُ الَّذِي أَصَابَهُ الْخَمْرُ إذَا غُسِلَ بِالْخَلِّ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
جُعِلَ الدُّهْنُ النَّجِسُ فِي الصَّابُونِ يُفْتَى بِطَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
(وَمِنْهَا) الدِّبَاغُ وَالذَّكَاةُ وَالنَّزْحُ وَقَدْ مَرَّ كُلٌّ مِنْهَا بِالتَّفْصِيلِ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) إذَا أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ بَعْضَ أَعْضَائِهِ وَلَحِسَهَا بِلِسَانِهِ حَتَّى ذَهَبَ أَثَرُهَا يَطْهُرُ وَكَذَا السِّكِّينُ إذَا تَنَجَّسَ فَلَحِسَهُ بِلِسَانِهِ أَوْ مَسَحَهُ بِرِيقِهِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ لَحِسَ الثَّوْبَ بِلِسَانِهِ حَتَّى ذَهَبَ الْأَثَرُ فَقَدْ طَهُرَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا قَاءَ مِلْءَ الْفَمِ وَتَوَضَّأَ وَلَمْ يَغْسِلْ فَاهُ حَتَّى صَلَّى جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَطْهُرُ بِالْبُزَاقِ.
الصَّبِيُّ إذَا قَاءَ عَلَى ثَدْيِ الْأُمِّ ثُمَّ مَصَّ الثَّدْيَ مِرَارًا يَطْهُرُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْمَحْلُوجُ النَّجِسُ إذَا نُدِفَ إنْ كَانَ الْكُلُّ أَوْ النِّصْفُ نَجِسًا لَا يَطْهُرُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَذْهَبَ بِهَذَا الْفِعْلِ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ كَالْكُدْسِ إذَا تَنَجَّسَ فَقُسِّمَ بَيْنَ الدِّهْقَانِ وَالْعَامِلِ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الْحِنْطَةُ تُدَاسُ بِالْحُمُرِ تَبُولُ وَتَرُوثُ وَيُصِيبُ بَعْضَ الْحِنْطَةِ وَيَخْتَلِطُ مَا أُصِيبَ مِنْهَا بِغَيْرِهِ قَالُوا: لَوْ عَزَلَ بَعْضَهَا وَغَسَلَ ثُمَّ خَلَطَ الْكُلَّ أُبِيحَ تَنَاوُلُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ عَزَلَ وَوَهَبَهُ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا أُذِيبَ الْقَلَعِيُّ النَّجِسُ طَهُرَ بِخِلَافِ الْمُومِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
الْفَأْرَةُ لَوْ مَاتَتْ فِي السَّمْنِ إنْ كَانَ جَامِدًا قُوِّرَ مَا حَوْلَهُ وَرُمِيَ بِهِ وَالْبَاقِي طَاهِرٌ يُؤْكَلُ وَإِنْ كَانَ مَائِعًا لَمْ يُؤْكَلْ وَيُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْأَكْلِ مِثْلُ الِاسْتِصْبَاحِ وَدَبْغِ الْجِلْدِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا دُبِغَ بِهِ يُؤْمَرُ بِالْغَسْلِ ثُمَّ إنْ كَانَ يَنْعَصِرُ يُغْسَلُ وَيُعْصَرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْعَصِرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُغْسَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَحَدُّ الْجَامِدِ أَنَّهُ إذَا أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَسْتَوِي مِنْ سَاعَتِهِ وَإِنْ كَانَ يَسْتَوِي فَهُوَ مَائِعٌ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى الْغَرَائِبِ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ]
وَهِيَ نَوْعَانِ (الْأَوَّلُ) الْمُغَلَّظَةُ وَعُفِيَ مِنْهَا قَدْرُ الدِّرْهَمِ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِالْوَزْنِ فِي النَّجَاسَةِ الْمُتَجَسِّدَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ قَدْرَ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ الْمِثْقَالِ وَبِالْمِسَاحَةِ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ قَدْرُ عَرْضِ الْكَفِّ (2) . هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْكَافِي وَأَكْثَرُ الْفَتَاوَى وَالْمِثْقَالُ وَزْنُهُ عِشْرُونَ قِيرَاطًا وَعَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ زَمَانٍ بِدِرْهَمِهِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا
(1/45)
عَنْ الْإِيضَاحِ كُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ مِمَّا يُوجِبُ خُرُوجُهُ الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ فَهُوَ مُغَلَّظٌ كَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وَالْقَيْءِ إذَا مَلَأَ الْفَمَ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَكَذَا دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَكَذَلِكَ بَوْلُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ أَكَلَا أَوْ لَا. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَكَذَلِكَ الْخَمْرُ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَلَحْمُ الْمَيْتَةِ وَبَوْلُ مَا لَا يُؤْكَلُ وَالرَّوْثُ وَأَخْثَاءُ الْبَقَرِ وَالْعَذِرَةِ وَنَجْوُ الْكَلْبِ وَخُرْءُ الدَّجَاجِ وَالْبَطِّ وَالْإِوَزِّ نَجِسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا خُرْءُ السِّبَاعِ وَالسِّنَّوْرِ وَالْفَأْرَةِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ بَوْلُ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُفْسِدُ إذَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ خُرْءُ الْحَيَّةِ وَبَوْلُهَا نَجِسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً وَكَذَا خُرْءُ الْعَلَقِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَدَمُ الْحَلَمَةِ وَالْوَزَغَةِ نَجِسٌ إذَا كَانَ سَائِلًا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَإِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَالثَّانِي الْمُخَفَّفَةُ) وَعُفِيَ مِنْهَا مَا دُونَ رُبْعِ الثَّوْبِ. كَذَا فِي أَكْثَرِ الْمُتُونِ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ اعْتِبَارِ الرُّبْعِ قِيلَ الْمُعْتَبَرُ رُبْعُ طَرَفٍ أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ كَالذَّيْلِ وَالْكُمِّ وَالدِّخْرِيصِ إنْ كَانَ الْمُصَابُ ثَوْبًا وَرُبْعُ الْعُضْوِ الْمُصَابِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ إنْ كَانَ بَدَنًا وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ التُّحْفَةِ وَالْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ وَالْمُجْتَبَى وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَفِي الْحَقَائِقِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَالْفَرَسُ وَخُرْءُ طَيْرٍ لَا يُؤْكَلُ مُخَفَّفٌ هَكَذَا فِي الْكَنْزِ.
وَخِفَّةُ النَّجَاسَةِ تَظْهَرُ فِي الثَّوْبِ دُونَ الْمَاءِ. كَذَا فِي الْكَافِي.
دَمُ الشَّهِيدِ مَا دَامَ عَلَيْهِ طَاهِرٌ وَإِذَا أُبِينَ مِنْهُ كَانَ نَجِسًا وَمَرَارَةُ كُلِّ شَيْءٍ كَبَوْلِهِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْبَوْلُ الْمُنْتَضِحُ قَدْرَ رُءُوسِ الْإِبَرِ مَعْفُوٌّ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ امْتَلَأَ الثَّوْبُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا قَدْرُ الْجَانِبِ الْآخَرِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ.
هَذَا إذَا كَانَ الِانْتِضَاحُ عَلَى الثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ أَمَّا إذَا انْتَضَحَ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُهُ وَلَا يُعْفَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْمَاءِ آكَدُ مِنْ طَهَارَةِ الْأَبَدَانِ وَالثِّيَابِ وَالْمَكَانِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُنْتَضَحُ مِثْلُ رَأْسِ الْمِسَلَّةِ مُنِعَ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) جِلْدُ الْحَيَّةِ نَجِسٌ وَإِنْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الدِّبَاغَةَ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَمِيصُ الْحَيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ طَاهِرٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لُعَابُ النَّائِمِ طَاهِرٌ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْفَمِ أَوْ مُنْبَعِثًا مِنْ الْجَوْفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَأَمَّا لُعَابُ الْمَيِّتِ فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ نَجِسٌ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
مَاءُ دُودِ الْقَزِّ وَعَيْنُهُ وَخُرْؤُهُ طَاهِرٌ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَذَرْقُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الطَّيْرِ طَاهِرٌ عِنْدَنَا مِثْلُ الْحَمَامِ وَالْعَصَافِيرِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَبَنَ الْأَتَانِ طَاهِرٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَكَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُؤْكَلُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ.
وَمَا يَبْقَى مِنْ الدَّمِ فِي عُرُوقِ الذَّكَاةِ بَعْدَ الذَّبْحِ لَا يُفْسِدُ الثَّوْبَ وَإِنْ فَحُشَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا الدَّمُ الَّذِي يَبْقَى فِي اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْفُوحٍ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَا لَزِقَ مِنْ الدَّمِ السَّائِلِ بِاللَّحْمِ فَهُوَ نَجِسٌ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.
دَمُ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ لَيْسَ بِنَجِسٍ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَدَمُ الْبَقِّ وَالْبَرَاغِيثِ وَالْقَمْلِ وَالْكَتَّانِ (1) طَاهِرٌ وَإِنْ كَثُرَ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَدَمُ السَّمَكِ وَمَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ لَا يُفْسِدُ الثَّوْبَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
بَعْرَةُ الْفَأْرَةِ وَقَعَتْ فِي وَقْرِ الْحِنْطَةِ فَطُحِنَتْ وَالْبَعْرَةُ فِيهَا أَوْ وَقَعَتْ فِي وَقْرِ دُهْنٍ لَمْ يَفْسُدْ الدَّقِيقُ وَالدُّهْنُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُمَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ وَفِي مَسَائِلِ أَبِي حَفْصٍ فِي بَعْرِ الْفَأْرَةِ إذَا وَقَعَ فِي الرُّبِّ أَوْ الْخَلِّ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ. هَكَذَا فِي
(1/46)
الْمُحِيطِ
وَلَوْ أَصَابَ الثَّوْبَ دُهْنٌ نَجِسٌ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ ثُمَّ انْبَسَطَ فَصَارَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَبِهِ أَخَذَ الْأَكْثَرُونَ.
هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَبِهِ يُؤْخَذُ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.
إذَا لَفَّ الثَّوْبَ النَّجِسَ فِي الثَّوْبِ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسُ رَطْبٌ فَظَهَرَتْ نَدَاوَتُهُ فِي الثَّوْبِ الطَّاهِرِ لَكِنْ لَمْ يَصِرْ رَطْبًا بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ يَسِيلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يَتَقَاطَرُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ نَجِسًا وَكَذَا لَوْ بَسَطَ الثَّوْبَ الطَّاهِرَ عَلَى الثَّوْبِ النَّجِسِ أَوْ عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ مُبْتَلَّةٍ وَأَثَّرَتْ تِلْكَ النَّجَاسَةُ فِي الثَّوْبِ لَكِنْ لَمْ يَصِرْ رَطْبًا بِحَالِ لَوْ عُصِرَ يَسِيلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَكِنْ يُعْرَفُ مَوْضِعُ النَّدْوَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ نَجِسًا. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ وَضَعَ رِجْلَهُ الْمَبْلُولَةَ عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ أَوْ بِسَاطٍ نَجِسٍ لَا يَتَنَجَّسُ وَإِنْ وَضَعَهَا جَافَّةً عَلَى بِسَاطٍ نَجِسٍ رَطْبٍ إنْ ابْتَلَّتْ تَنَجَّسَتْ وَلَا تُعْتَبَرُ النَّدَاوَةُ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى.
وَإِذَا جَعَلَ السِّرْقِينَ فِي الطِّينِ فَطَيَّنَ بِهِ السَّقْفَ فَيَبِسَ فَوَضَعَ عَلَيْهِ مِنْدِيلٌ مَبْلُولٌ لَا يَتَنَجَّسُ.
السِّرْقِينُ الْجَافُّ أَوْ التُّرَابُ النَّجِسُ إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ فَأَصَابَ ثَوْبًا لَا يَتَنَجَّسُ مَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَثَرَ النَّجَاسَةِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا مَرَّتْ الرِّيحُ بِالْعَذِرَاتِ وَأَصَابَتْ الثَّوْبَ الْمَبْلُولَ يَتَنَجَّسُ إنْ وُجِدَتْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ مَا يُصِيبُ الثَّوْبَ مِنْ بُخَارَاتِ النَّجَاسَاتِ لَا يَتَنَجَّسُ بِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
دُخَانُ النَّجَاسَةِ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ أَوْ الْبَدَنَ الصَّحِيحُ إنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَفِي الْفَتَاوَى إذَا أُحْرِقَتْ الْعَذِرَةُ فِي بَيْتٍ فَعَلَا دُخَانُهُ وَبُخَارُهُ إلَى الطَّابَقِ وَانْعَقَدَ ثُمَّ ذَابَ أَوْ عَرِقَ الطَّابَقُ فَأَصَابَ مَاؤُهُ ثَوْبًا لَا يَفْسُدُ اسْتِحْسَانًا مَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ النَّجَاسَةِ وَبِهِ أَفْتَى الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ.
كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ وَكَذَا الْإِصْطَبْلُ إذَا كَانَ حَارًّا وَعَلَى كُوَّتِهِ طَابَقٌ أَوْ بَيْتُ الْبَالُوعَةِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ طَابَقٌ فَعَرِقَ الطَّابَقُ وَتَقَاطَرَ وَكَذَا الْحَمَّامُ إذَا أُحْرِقَ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَعَرِقَ حِيطَانُهَا وَكَوَاهَا وَتَقَاطَرَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ وَلَمْ يَمْسَحْهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى فَسَا. عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَا حَوْلَهُ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَسْتَنْجِ وَلَكِنْ ابْتَلَّ السَّرَاوِيلُ بِالْعَرَقِ أَوْ بِالْمَاءِ ثُمَّ فَسَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَكَذَا إذَا دَخَلَ الْمَرْبِطَ فِي الشِّتَاءِ وَبَدَنُهُ مُبْتَلٌّ أَوْ أُدْخِلَ فِيهِ شَيْءٌ مُبْتَلٌّ فَجَفَّ مِنْ حَرِّهِ لَا يَتَنَجَّسُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَثَرُهُ كَصُفْرَةٍ ظَهَرَتْ فِي السَّرَاوِيلِ الْمُبْتَلِّ أَوْ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ إذَا يَبِسَ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا نَامَ الرَّجُلُ عَلَى فِرَاشٍ فَأَصَابَهُ مَنِيٌّ وَيَبِسَ فَعَرِقَ الرَّجُلُ وَابْتَلَّ الْفِرَاشُ مِنْ عَرَقِهِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ الْبَلَلِ فِي بَدَنِهِ لَا يَتَنَجَّسُ وَإِنْ كَانَ الْعَرَقُ كَثِيرًا حَتَّى ابْتَلَّ الْفِرَاشُ ثُمَّ أَصَابَ بَلَلُ الْفِرَاشِ جَسَدَهُ فَظَهَرَ أَثَرُهُ فِي جَسَدِهِ يَتَنَجَّسُ بَدَنُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
حِمَارٌ بَالَ فِي الْمَاءِ فَأَصَابَ مِنْ ذَلِكَ الرَّشَّاشِ ثَوْبَ إنْسَانٍ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَثُرَ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَنَّهُ بَوْلٌ وَكَذَا لَوْ رُمِيَتْ الْعَذِرَةُ فِي الْمَاءِ فَخَرَجَ مِنْهَا رَشَّاشٌ فَأَصَابَ ثَوْبًا إنْ ظَهَرَ أَثَرُهَا فِيهِ يَتَنَجَّسُ وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا أَوْ رَاكِدًا.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ إذَا كَانَ فِي رِجْلِ الْفَرَسِ نَجَاسَةٌ فَمَشَى فِي الْمَاءِ وَأَصَابَ مِنْهُ رَشَاشٌ ثَوْبَ الرَّاكِبِ صَارَ نَجِسًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ رَاكِدًا أَوْ جَارِيًا وَالْأَصَحُّ هُوَ الْأَوَّلُ لِلْقَاعِدَةِ الْمُطَّرِدَةِ أَنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ.
ذُبَابُ الْمُسْتَرَاحِ إذَا جَلَسَ عَلَى ثَوْبٍ لَا يُفْسِدُهُ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ وَيَكْثُرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ أَصَابَهُ طِينٌ أَوْ مَشَى فِيهِ وَلَمْ يَغْسِلْ قَدَمَيْهِ وَصَلَّى يُجْزِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ إلَّا أَنْ يَحْتَاطَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَرَاخَانِيٍّ نَاقِلًا عَنْ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.
التُّرَابُ الطَّاهِرُ إذَا جُعِلَ طِينًا بِالْمَاءِ النَّجِسِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ الصَّحِيحُ أَنَّ الطِّينَ نَجِسٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
التِّبْنُ النَّجِسُ إذَا جُعِلَ فِي الطِّينِ إذَا كَانَ التِّبْنُ قَائِمًا يُرَى عَيْنُهُ كَانَ
(1/47)
نَجِسًا إنْ كَانَ كَثِيرًا وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ يَبِسَ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْكَلْبُ إذَا أَخَذَ عُضْوَ إنْسَانٍ أَوْ ثَوْبَهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَثَرُ الْبَلَلِ رَاضِيًا كَانَ أَوْ غَضْبَانَ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي قَالَ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي شَرْحِهَا لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ.
إذَا نَامَ الْكَلْبُ عَلَى حَصِيرِ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ يَابِسًا لَا يَتَنَجَّسُ وَإِنْ كَانَ رَطْبًا وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ النَّجَاسَةِ فَكَذَلِكَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
عَظْمُ الْفِيلِ طَاهِرٌ هُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لُعَابُ الْفِيلِ نَجِسٌ كَلُعَابِ الْفَهْدِ وَالْأَسَدِ إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ بِخُرْطُومِهِ يُنَجِّسُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ جَرَّةُ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُ سِرْقِينِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَالشَّعِيرُ الَّذِي يُوجَدُ فِي بَعْرِ الْإِبِلِ وَالشَّاةِ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ بِخِلَافِ مَا يُوجَدُ فِي خِثْيِ الْبَقَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا صَلَابَةَ فِيهِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
خُبْزٌ وُجِدَ فِي خِلَالِهِ بَعْرُ الْفَأْرَةِ إنْ كَانَ الْبَعْرُ عَلَى صَلَابَتِهِ يُرْمَى الْبَعْرُ وَيُؤْكَلُ الْخُبْزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الْبَعْرُ إذَا وَقَعَ فِي الْمِحْلَبِ عِنْدَ الْحَلْبِ فَرُمِيَ مِنْ سَاعَتِهِ لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ تَفَتَّتَ الْبَعْرُ فِي اللَّبَنِ يَصِيرُ نَجِسًا لَا يَطْهُرُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا جُعِلَتْ التِّكَّةُ مِنْ شَعْرِ الْكَلْبِ لَا بَأْسَ بِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا أَصَابَ بَوْلُ الشَّاةِ وَبَوْلُ الْآدَمِيِّ تُجْعَلُ الْخَفِيفَةُ تَبَعًا لِلْغَلِيظَةِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ]
يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِنَحْوِ حَجَرٍ مُنَقٍّ كَالْمَدَرِ وَالتُّرَابِ وَالْعُودِ وَالْخِرْقَةِ وَالْجِلْدِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مُعْتَادًا أَوْ غَيْرَ مُعْتَادٍ فِي الصَّحِيحِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ دَمٌ أَوْ قَيْحٌ يَطْهُرُ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا.
وَصِفَةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ أَنْ يَجْلِسَ مُعْتَمِدًا عَلَى يَسَارِهِ مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ وَالرِّيحِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَعَهُ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ يُدْبِرُ بِالْأَوَّلِ وَيُقْبِلُ بِالثَّانِي وَيُدْبِرُ بِالثَّالِثِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ هَذَا فِي الصَّيْفِ أَمَّا فِي الشِّتَاءِ فَيُقْبِلُ بِالْأَوَّلِ وَيُدْبِرُ بِالثَّانِي وَيُقْبِلُ بِالثَّالِثِ وَالْمَرْأَةُ تَفْعَلُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ الرَّجُلُ فِي الشِّتَاءِ ثُمَّ اتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى سُقُوطِ اعْتِبَارِ مَا بَقِيَ مِنْ النَّجَاسَةِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فِي حَقِّ الْعَرَقِ حَتَّى إذَا أَصَابَهُ الْعَرَقُ مَنْ الْمَقْعَدَةِ لَا يَتَنَجَّسُ.
وَلَوْ قَعَدَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ يَحْبِسُهُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ
وَلَيْسَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ عَدَدٌ مَسْنُونٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ هُوَ الْإِنْقَاءُ حَتَّى لَوْ حَصَلَ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ يَصِيرُ مُقِيمًا لِلسُّنَّةِ وَلَمْ يَحْصُلْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا لِلسُّنَّةِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْأَحْجَارُ الطَّاهِرَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَضَعُ مَا اسْتَنْجَى بِهِ عَنْ يَسَارِهِ وَيَجْعَلُ وَجْهَ النَّجَسِ إلَى تَحْتٍ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ أَفْضَلُ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ يَسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ وَلَا يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ قِيلَ هُوَ سُنَّةٌ فِي زَمَانِنَا وَقِيلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
ثُمَّ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَحْجَارِ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا اقْتَصَرَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى مَوْضِعِ الْحَدَثِ فَأَمَّا إذَا تَعَدَّتْ مَوْضِعَهَا بِأَنْ جَاوَزَتْ الشَّرَجَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَا جَاوَزَ مَوْضِعَ الشَّرَجِ مِنْ النَّجَاسَةِ إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يُفْتَرَضُ غَسْلُهَا بِالْمَاءِ وَلَا يَكْفِيهَا الْإِزَالَةُ بِالْأَحْجَارِ وَكَذَلِكَ إذَا أَصَابَ طَرَفَ الْإِحْلِيلِ مِنْ الْبَوْلِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَجِبُ غَسْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَا جَاوَزَ مَوْضِعَ الشَّرَجِ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ أَوْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ضُمَّ إلَيْهِ مَوْضِعُ الشَّرَجِ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَأَزَالَهَا بِالْحَجَرِ وَلَمْ يَغْسِلْهَا بِالْمَاءِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الزَّادِ
وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَاسْتَجْمَرَ وَلَمْ
(1/48)
يَغْسِلْهَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا بَعْضُهُمْ قَالُوا إنْ مَسَحَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَنْقَاهُ جَازَتْ قَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
إذَا كَانَ عَلَى طَرَفِ إحْلِيلِهِ نَجَاسَةٌ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَعَلَى مَوْضِعٍ آخَرَ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَكِنْ لَوْ جُمِعَ الْكُلُّ يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ يُجْمَعُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَتْ مَقْعَدَتُهُ كَبِيرَةً وَكَانَ فِيهَا نَجَاسَةٌ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَمْ تُجَاوِزْ الْمَخْرَجَ عَنْ أَبِي شُجَاعٍ وَمِثْلُهُ عَنْ الطَّحَاوِيِّ يُجْزِيهِ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَحْجَارِ فَهَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِهِمَا وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
[كَيْفِيَّةُ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْبَوْلِ]
ِ (وَكَيْفِيَّةُ) الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْبَوْلِ أَنْ يَأْخُذَ الذَّكَرَ بِشِمَالِهِ وَيُمِرَّهُ عَلَى جِدَارٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ نَاتِئٍ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يَأْخُذُ الْحَجَرَ بِيَمِينِهِ وَكَذَا لَا يَأْخُذُ الذَّكَرَ بِيَمِينِهِ وَالْحَجَرَ بِشِمَالِهِ وَإِنْ اُضْطُرَّ يُمْسِكُ مَدَرًا بَيْنَ عَقِبَيْهِ وَيُمِرُّ الذَّكَرَ بِشِمَالِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ أَمْسَكَ الْحَجَرَ بِيَمِينِهِ وَلَا يُحَرِّكْهُ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَالِاسْتِبْرَاءُ وَاجِبٌ حَتَّى يَسْتَقِرَّ قَلْبُهُ عَلَى انْقِطَاعِ الْعَوْدِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْتَنْجِي بَعْدَمَا يَخْطُو خُطُوَاتٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَرْكُضُ بِرِجْلِهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَتَنَحْنَحُ وَيَلُفُّ رِجْلُهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَيَنْزِلُ مِنْ الصُّعُودِ إلَى الْهُبُوطِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ طِبَاعَ النَّاسِ مُخْتَلِفَةٌ فَمَتَى وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ تَمَّ اسْتِفْرَاغُ مَا فِي السَّبِيلِ يَسْتَنْجِي. هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَالْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ كَثِيرًا لَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَيَنْضَحُ فَرْجَهُ بِمَاءٍ حَتَّى لَوْ رَأَى بَلَلًا حَمَلَهُ عَلَى بَلَّةِ الْمَاءِ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
[صِفَةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ]
(وَصِفَةُ الِاسْتِنْجَاءِ) بِالْمَاءِ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى بَعْدَمَا اسْتَرْخَى كُلَّ الِاسْتِرْخَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ صَائِمًا وَيُصْعِدُ أُصْبُعَهُ الْوُسْطَى عَلَى سَائِرِ الْأَصَابِعِ قَلِيلًا فِي ابْتِدَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ وَيَغْسِلُ مَوْضِعَهَا ثُمَّ يُصْعِدُ بِنْصِرَه وَيَغْسِلُ مَوْضِعَهَا ثُمَّ يُصْعِدُ خِنْصَرَهُ ثُمَّ سَبَّابَتَهُ فَيَغْسِلُ حَتَّى يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ أَنَّهُ قَدْ طَهُرَ بِيَقِينٍ أَوْ غَلَبَهُ ظَنٌّ وَيُبَالِغُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا وَلَا يُقَدَّرُ بِالْعَدَدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوَسْوِسًا فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ بِالثَّلَاثِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ إلَّا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ أَصَابِعَ وَيَسْتَنْجِي بِعَرْضِ الْأَصَابِعِ لَا بِرُءُوسِهَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَصُبُّ الْمَاءَ بِالرِّفْقِ وَلَا يَضْرِبُ بِالْعُنْفِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَيُدَلِّكُ بِرِفْقٍ وَقَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ يَكْفِيهِ الْغُسْلُ بِكَفِّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَ أُصْبُعَهُ وَقَالَ عَامَّتُهُمْ: تَجْلِسُ الْمَرْأَةُ مُنْفَرِجَةً وَتَغْسِلُ مَا ظَهَرَ بِكَفِّهَا وَلَا تُدْخِلُ أُصْبُعَهَا. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ وَتَكُونُ أَفْرَجَ مِنْ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَفِي الْحُجَّةِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَغْسِلُ دُبُرَهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَغْسِلُ قُبُلَهُ بَعْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَغْسِلُ قُبُلَهُ أَوَّلًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَعَلَى قَوْلِهِمَا مَشَى الْغَزْنَوِيُّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَتَطْهُرُ الْيَدُ مَعَ طَهَارَةِ مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَيَغْسِلُ يَدَهُ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ كَمَا يَكُونُ يَغْسِلُهَا قَبْلَهُ لِيَكُونَ أَنْقَى وَأَنْظَفَ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «غَسَلَ يَدَهُ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ وَدَلَّكَ يَدَهُ عَلَى الْحَائِطِ» . كَذَا فِي التَّجْنِيسِ مَنْ اسْتَنْجَى فِي الصَّيْفِ يُبَالِغُ وَلَكِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الشِّتَاءِ أَهَمُّ وَأَبْلَغُ حَتَّى يَحْصُلَ النَّظَافَةُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَاءُ بَارِدًا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ سَخِينًا كَانَ كَمَنْ اسْتَنْجَى فِي الصَّيْفِ وَلَكِنَّ ثَوَابَهُ دُونَ ثَوَابِ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ الْبَارِدِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
الْمُسْتَحَاضَةُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الِاسْتِنْجَاءُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا بَوْلٌ أَوْ غَائِطٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
لَوْ شُلَّتْ يَدُهُ الْيُسْرَى وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِهَا إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَصُبُّ الْمَاءَ لَا يَسْتَنْجِي وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي يَسْتَنْجِي بِيَمِينِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الرَّجُلُ الْمَرِيضُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَلَا أَمَةٌ وَلَهُ ابْنٌ أَوْ أَخٌ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُوَضِّئُهُ ابْنُهُ أَوْ أَخُوهُ
(1/49)
غَيْرَ الِاسْتِنْجَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَمَسُّ فَرْجَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ الِاسْتِنْجَاءُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْمَرْأَةُ الْمَرِيضَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَعَجَزَتْ عَنْ الْوُضُوءِ وَلَهَا ابْنَةٌ أَوْ أُخْتٌ تُوَضِّئُهَا وَيَسْقُطُ عَنْهَا الِاسْتِنْجَاءُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَكُرِهَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا وَإِنْ غَفَلَ وَقَعَدَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَنْحَرِفَ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَخْتَلِفُ هَذَا عِنْدَنَا فِي الْبُنْيَانِ وَالصَّحْرَاءِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ.
وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُمْسِكَ وَلَدَهَا لِلْبَوْلِ وَالتَّغَوُّطِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْعَظْمِ وَالرَّوْثِ وَالرَّجِيعِ وَالطَّعَامِ وَاللَّحْمِ وَالزُّجَاجِ وَالْخَزَفِ وَوَرَقِ الشَّجَرِ وَالشَّعْرِ وَكَذَا بِالْيَمِينِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا كَانَ بِالْيُسْرَى عُذْرٌ يَمْنَعُ الِاسْتِنْجَاءَ بِهَا جَازَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِيَمِينِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَا يَسْتَنْجِي بِالْأَشْيَاءِ النَّجِسَةِ وَكَذَا لَا يَسْتَنْجِي بِحَجَرٍ اسْتَنْجَى بِهِ مَرَّةً هُوَ أَوْ غَيْرُهُ إلَّا إذَا كَانَ حَجَرًا لَهُ أَحْرُفَ لَهُ أَنْ يَسْتَنْجِيَ كُلَّ مَرَّةٍ بِطَرَفٍ لَمْ يَسْتَنْجِي بِهِ فَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَا يَسْتَنْجِي بِكَاغَدٍ وَإِنْ كَانَتْ بَيْضَاءَ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَيُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْآجُرِّ وَالْفَحْمِ وَشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ كَخِرْقَةِ الدِّيبَاجِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
[الِاسْتِنْجَاءُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]
(الِاسْتِنْجَاءُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ) وَاجِبَانِ أَحَدُهُمَا غَسْلُ نَجَاسَةِ الْمَخْرَجِ فِي الْغُسْلِ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ كَيْ لَا تَشِيعَ فِي بَدَنِهِ.
وَالثَّانِي إذَا تَجَاوَزَتْ مَخْرَجَهَا يَجِبُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَهُوَ الْأَحْوَطُ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ إذَا تَجَاوَزَ قَدْرَ الدِّرْهَمِ؛ لِأَنَّ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ لِجَوَازِ الِاسْتِجْمَارِ فِيهِ فَيَبْقَى الْمُعْتَبَرُ مَا وَرَاءَهُ.
وَالثَّالِثُ سُنَّةٌ وَهُوَ إذَا لَمْ تَتَجَاوَزْ النَّجَاسَةُ مَخْرَجَهَا.
وَالرَّابِعُ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ إذَا بَالَ وَلَمْ يَتَغَوَّطْ يَغْسِلُ قُبُلَهُ.
وَالْخَامِسُ بِدْعَةٌ وَهُوَ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ الرِّيحِ. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
إذَا أَرَادَ دُخُولَ الْخَلَاءِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِثَوْبٍ غَيْرِ ثَوْبِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ إنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَيَجْتَهِدُ فِي حِفْظِ ثَوْبِهِ عَنْ إصَابَةِ النَّجَاسَةِ وَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَيَدْخُلُ مَسْتُورَ الرَّأْسِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْخَلَاءِ وَمَعَهُ خَاتَمٌ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُسْتَحَبُّ لَهُ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي الْخَلَاءِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَعِنْدَ الْخُرُوجِ يُقَدِّمُ الْيُمْنَى. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ وَهُوَ قَائِمٌ وَيُوَسِّعُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَيَمِيلُ عَلَى الْيُسْرَى وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا يُشَمِّتُ عَاطِسًا وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ وَلَا يُجِيبُ الْمُؤَذِّنَ فَإِنْ عَطَسَ يَحْمَدْ اللَّهَ بِقَلْبِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَلَا يَنْظُرُ لِعَوْرَتِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ وَلَا يَنْظُرُ إلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا يَبْزُقُ وَلَا يَمْتَخِطُ وَلَا يَتَنَحْنَحُ وَلَا يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ وَلَا يَعْبَثُ بِبَدَنِهِ وَلَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ وَلَا يُطِيلُ الْقُعُودَ عَلَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيَقُولُ إذَا خَرَجَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي مَا يُؤْذِينِي وَأَبْقَى مَا يَنْفَعُنِي. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ فِي الْمَاءِ جَارِيًا كَانَ أَوْ رَاكِدًا وَيُكْرَهُ عَلَى طَرَفِ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ أَوْ فِي زَرْعٍ أَوْ فِي ظِلٍّ يُنْتَفَعُ بِالْجُلُوسِ فِيهِ.
وَيُكْرَهُ بِجَنْبِ الْمَسَاجِدِ وَمُصَلَّى الْعِيدِ وَفِي الْمَقَابِرِ وَبَيْنَ الدَّوَابِّ وَفِي طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْعُدَ فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ وَيَبُولَ إلَى أَعْلَاهَا وَأَنْ يَبُولَ فِي جُحْرِ فَأْرَةٍ أَوْ حَيَّةٍ أَوْ نَمْلٍ أَوْ ثَقْبٍ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَبُولَ قَائِمًا أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ مُتَجَرِّدًا عَنْ ثَوْبِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبُولَ وَكَانَتْ الْأَرْضُ صُلْبَةً دَقَّهَا بِحَجَرٍ أَوْ حَفَرَ حَفِيرَةً حَتَّى لَا يَتَرَشْرَشَ عَلَيْهِ الْبَوْلُ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَبُولَ فِي مَوْضِعٍ وَيَتَوَضَّأَ فِيهِ أَوْ يَغْتَسِلَ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
[كِتَابُ الصَّلَاةِ وَفِيهِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ بَابًا]
(كِتَابُ الصَّلَاةِ)
الصَّلَاةُ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ لَا يَسَعُ تَرْكُهَا وَيَكْفُرُ جَاحِدُهَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يُقْتَلُ تَارِكُ الصَّلَاةِ عَامِدًا غَيْرَ
(1/50)
مُنْكِرٍ وُجُوبَهَا بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يُحْدِثَ تَوْبَةً. كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِابْنِ الْمَلَكِ الْوُجُوبُ يَتَعَلَّقُ عِنْدَنَا بِآخِرِ الْوَقْتِ بِمِقْدَارِ التَّحْرِيمَةِ حَتَّى أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَالصَّبِيَّ إذَا بَلَغَ وَالْمَجْنُونَ إذَا أَفَاقَ وَالْحَائِضَ إذَا طَهُرَتْ إنْ بَقِيَ مِقْدَارُ التَّحْرِيمَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَإِذَا اعْتَرَضَتْ هَذِهِ الْعَوَارِضُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ سَقَطَ الْفَرْضُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى الْقَابِلَةُ لَوْ اشْتَغَلَتْ بِالصَّلَاةِ تَخَافُ مَوْتَ الْوَلَدِ جَازَ لَهَا أَنْ تُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، وَتُؤَخَّرُ بِسَبَبِ اللِّصِّ وَنَحْوِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْمَوَاقِيتِ (وَفِيهِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ بَابًا) .
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ]
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْمَوَاقِيتِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ)
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ)
وَقْتُ الْفَجْرِ مِنْ الصُّبْحِ الصَّادِقِ وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُنْتَشِرُ فِي الْأُفُقِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْكَاذِبِ وَهُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَبْدُو طُولًا ثُمَّ يَعْقُبُهُ الظَّلَّامُ فَبِالْكَاذِبِ لَا يَدْخُلُ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَا يَحْرُمُ الْأَكْلُ عَلَى الصَّائِمِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ لِأَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي أَوْ لِاسْتِطَارَتِهِ وَانْتِشَارِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالثَّانِي أَوْسَعُ وَإِلَيْهِ مَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ. هَكَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَالْأَحْوَطُ فِي الصَّوْمِ وَالْعِشَاءِ اعْتِبَارُ الْأَوَّلِ وَفِي الْفَجْرِ اعْتِبَارُ الثَّانِي. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ.
وَوَقْتُ الظُّهْرِ مِنْ الزَّوَالِ إلَى بُلُوغِ الظِّلِّ مِثْلَيْهِ سِوَى الْفَيْءِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالزَّوَالُ ظُهُورُ زِيَادَةِ الظِّلِّ لِكُلِّ شَخْصٍ فِي جَانِبِ الْمَشْرِقِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ زَوَالِ الشَّمْسِ وَفَيْءِ الزَّوَالِ أَنْ تُغْرَزَ خَشَبَةٌ مُسْتَوِيَةٌ فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ فَمَا دَامَ الظِّلُّ فِي الِانْتِقَاصِ فَالشَّمْسُ فِي حَدِّ الِارْتِفَاعِ وَإِذَا أَخَذَ الظِّلُّ فِي الِازْدِيَادِ عُلِمَ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ زَالَتْ فَاجْعَلْ عَلَى رَأْسِ الظِّلِّ عَلَامَةً فَمِنْ مَوْضِعِ الْعَلَامَةِ إلَى الْخَشَبَةِ يَكُونُ فَيْءُ الزَّوَالِ فَإِذَا ازْدَادَ عَلَى ذَلِكَ وَصَارَتْ الزِّيَادَةُ مِثْلَيْ ظِلِّ أَصْلِ الْعُودِ سِوَى فَيْءِ الزَّوَالِ يَخْرُجُ وَقْتُ الظُّهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَذَا الطَّرِيقُ هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالُوا الِاحْتِيَاطُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ قَبْلَ صَيْرُورَةِ الظِّلِّ مِثْلَهُ وَيُصَلِّيَ الْعَصْرَ حِينَ يَصِيرُ مِثْلَيْهِ لِيَكُونَ الصَّلَاتَانِ فِي وَقْتَيْهِمَا بِيَقِينٍ.
وَوَقْتُ الْعَصْرِ مِنْ صَيْرُورَةِ الظِّلِّ مِثْلَيْهِ غَيْرُ فَيْءِ الزَّوَالِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مِنْهُ إلَى غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ وَهُوَ الْحُمْرَةُ عِنْدَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الشَّفَقُ هُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَلِي الْحُمْرَةَ. هَكَذَا فِي الْقُدُورِيِّ وَقَوْلُهُمَا أَوْسَعُ لِلنَّاسِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَحْوَطُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَابِ الصَّلَاةِ أَنْ لَا يَثْبُتَ فِيهَا رُكْنٌ وَلَا شَرْطٌ إلَّا بِمَا فِيهِ يَقِينٌ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ نَاقِلًا عَنْ الْأَسْرَارِ وَمَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ.
وَوَقْتُ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ مِنْ غُرُوبِ الشَّفَقِ إلَى الصُّبْحِ. كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَا يُقَدَّمُ الْوِتْرُ عَلَى الْعِشَاءِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ لَا لِأَنَّ وَقْتَ الْوِتْرِ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى لَوْ صَلَّى الْوِتْرَ قَبْلَ الْعِشَاءِ نَاسِيًا أَوْ صَلَّاهُمَا فَظَهَرَ فَسَادُ الْعِشَاءِ دُونَ الْوِتْرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوِتْرُ وَيُعِيدُ الْعِشَاءَ وَحْدَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِمِثْلِ هَذَا الْعُذْرِ.
وَمَنْ لَمْ يَجِدْ وَقْتَ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ بِأَنْ كَانَ فِي بَلَدٍ يَطْلُعُ الْفَجْرُ فِيهِ كَمَا يَغْرُبُ الشَّفَقُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ لَمْ يَجِبَا عَلَيْهِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ فَضِيلَةِ الْأَوْقَاتِ]
يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْفَجْرِ وَلَا يُؤَخِّرُهَا بِحَيْثُ يَقَعُ الشَّكُّ فِي طُلُوعِ
(1/51)
الشَّمْسِ بَلْ يُسْفِرُ بِهَا بِحَيْثُ لَوْ ظَهَرَ فَسَادُ صَلَاتِهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعِيدَهَا فِي الْوَقْتِ بِقِرَاءَةٍ مُسْتَحَبَّةٍ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا فِي الْأَزْمِنَةِ كُلِّهَا إلَّا صَبِيحَةَ يَوْمِ النَّحْرِ لِلْعَاجِّ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَإِنَّ هُنَاكَ التَّغْلِيسُ أَفْضَلُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ فِي الصَّيْفِ وَتَعْجِيلُهُ فِي الشِّتَاءِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي سَوَاءٌ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَحْدَهُ أَوْ بِجَمَاعَةٍ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ.
وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْعَصْرِ فِي كُلِّ زَمَانٍ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الشَّمْسُ وَالْعِبْرَةُ لِتَغَيُّرِ الْقُرْصِ لَا لِتَغَيُّرِ الضَّوْءِ فَمَتَى صَارَ الْقُرْصُ بِحَيْثُ لَا تَحَارُ فِيهِ الْعَيْنُ فَقَدْ تَغَيَّرَتْ وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ التَّغَيُّرِ فَمَدَّهُ إلَيْهِ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ.
وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الْمَغْرِبِ فِي كُلِّ زَمَانٍ. كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَالْوِتْرِ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ لِمَنْ يَثِقُ بِالِانْتِبَاهِ وَمَنْ لَمْ يَثِقْ أَوْتَرَ قَبْلَ النَّوْمِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي يَوْمِ الْغَيْمِ يُنَوِّرُ الْفَجْرَ كَمَا فِي حَالِ الصَّحْوِ وَيُؤَخِّرُ الظُّهْرَ لِئَلَّا يَقَعَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَيُعَجِّلُ الْعَصْرَ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَقَعَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَذَرًا عَنْ الْوُقُوعِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَيُعَجِّلُ الْعِشَاءَ كَيْ لَا يَمْنَعَ مَطَرٌ أَوْ ثَلْجٌ عَنْ الْجَمَاعَةِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
هَذَا فِي الْأَزْمِنَةِ كُلِّهَا وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا فِي السَّفَرِ وَلَا فِي الْحَضَرِ بِعُذْرٍ مَا عَدَا عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ وَتُكْرَهُ فِيهَا]
ثَلَاثُ سَاعَاتٍ لَا تَجُوزُ فِيهَا الْمَكْتُوبَةُ وَلَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَلَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ وَعِنْدَ الِانْتِصَافِ إلَى أَنْ تَزُولَ وَعِنْدَ احْمِرَارِهَا إلَى أَنْ يَغِيبَ إلَّا عَصْرَ يَوْمِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَدَاؤُهُ عِنْدَ الْغُرُوبِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ مَا دَامَ الْإِنْسَانُ يَقْدِرُ عَلَى النَّظَرِ إلَى قُرْصِ الشَّمْسِ فَهِيَ فِي الطُّلُوعِ.
كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا وَجَبَتْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ فِي وَقْتٍ مُبَاحٍ وَأُخِّرَتَا إلَى هَذَا الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعًا أَمَّا لَوْ وَجَبَتَا فِي هَذَا الْوَقْتِ وَأُدِّيَتَا فِيهِ جَازَ؛ لِأَنَّهَا أُدِّيَتْ نَاقِصَةً كَمَا وَجَبَتْ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ تَأْخِيرُهَا وَفِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ التَّأْخِيرُ مَكْرُوهٌ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَجُوزُ فِيهَا قَضَاءُ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ الْفَائِتَةِ عَنْ أَوْقَاتِهَا كَالْوِتْرِ. هَكَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى وَالْكَافِي.
وَالتَّطَوُّعُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ كَذَا فِي الْكَافِي وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ حَتَّى لَوْ شَرَعَ فِي التَّطَوُّعِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبِهَا ثُمَّ قَهْقَهَةَ كَانَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَوْ صَلَّى فَرِيضَةً سِوَى عَصْرِ يَوْمِهِ لَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ بِالْقَهْقَهَةِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَيَجِبُ قَطْعُهُ وَقَضَاؤُهُ فِي وَقْتٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ أَتَمَّهُ خَرَجَ عَنْ عُهْدَةِ مَا لَزِمَهُ بِذَلِكَ الشُّرُوعِ. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ
وَلَوْ قَضَاهُ فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ جَازَ وَقَدْ أَسَاءَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ فَأَدَّى فِيهِ يَصِحُّ وَيَأْثَمُ وَيَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي غَيْرِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
إذَا نَذَرَ مُطْلَقًا أَوْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ فِيهَا وَهُوَ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ.
تِسْعَةُ أَوْقَاتِ يُكْرَهُ فِيهَا النَّوَافِلُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا لَا الْفَرَائِضِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ فَيَجُوزُ فِيهَا قَضَاءُ الْفَائِتَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
مِنْهَا مَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ يُكْرَهُ فِيهِ التَّطَوُّعُ بِأَكْثَرَ مِنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ.
وَمَنْ صَلَّى تَطَوُّعًا فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً طَلَعَ الْفَجْرُ كَانَ الْإِتْمَامُ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ فِي التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْفَجْرِ لَا عَنْ قَصْدٍ وَلَا تَنُوبَانِ عَنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ
(1/52)
عَلَى الْأَصَحِّ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالتَّبْيِينِ.
وَلَوْ شَرَعَ أَرْبَعًا فَالشَّفْعُ الَّذِي بَعْدَ الطُّلُوعِ يَنُوبُ عَنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَمِنْهَا مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَلَوْ أَفْسَدَ سُنَّةَ الْفَجْرِ ثُمَّ قَضَاهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمِنْهَا مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ التَّغَيُّرِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ لَوْ افْتَتَحَ صَلَاةَ النَّفْلِ فِي وَقْتٍ مُسْتَحَبٍّ ثُمَّ أَفْسَدَهَا فَقَضَاهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ لَا يُجْزِيهِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمِنْهَا مَا بَعْدَ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَعِنْدَ الْإِقَامَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعِنْدَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ.
وَيُكْرَهُ التَّنَفُّلُ عِنْدَ خُطْبَةِ الْحَجِّ وَخُطْبَةِ النِّكَاحِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ.
وَيُكْرَهُ التَّطَوُّعُ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ لِلْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.
إذَا شَرَعَ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ خَرَجَ الْإِمَامُ لِلْخُطْبَةِ يُتِمُّ أَرْبَعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِلَيْهِ مَالَ الْإِمَامُ الصَّدْرُ الْأَجَلُّ الشَّهِيدُ الْأُسْتَاذُ حُسَامُ الدِّينِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَيُكْرَهُ التَّنَفُّلُ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ، وَقَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مُطْلَقًا وَبَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ لَا فِي الْبَيْتِ وَبَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيُكْرَهُ جَمِيعُ الصَّلَوَاتِ سِوَى الْوَقْتِيَّةِ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْمَكْتُوبَةِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ نَاقِلًا عَنْ الْحَاوِي.
وَيُكْرَهُ الصَّلَاةُ وَقْتَ مُدَافَعَةِ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ وَوَقْتَ حُضُورِ الطَّعَامِ إذَا كَانَتْ النَّفْسُ تَائِقَةً إلَيْهِ وَالْوَقْتَ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ مَا يَشْغَلُ الْبَالَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَيُخِلُّ بِالْخُشُوعِ كَائِنًا مَا كَانَ الشَّاغِلُ، وَيُكْرَهُ أَدَاءُ الْعِشَاءِ مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ وَفِيهِ فَصْلَانِ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ الْأَذَانِ وَأَحْوَالِ الْمُؤَذِّنِ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ وَفِيهِ فَصْلَانِ)
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي صِفَتِهِ وَأَحْوَالِ الْمُؤَذِّنِ)
الْأَذَانُ سُنَّةٌ لِأَدَاءِ الْمَكْتُوبَاتِ بِالْجَمَاعَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَقِيلَ: إنَّهُ وَاجِبٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. كَذَا فِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْإِقَامَةُ مِثْلُ الْأَذَانِ فِي كَوْنِهِ سُنَّةً لِلْفَرَائِضِ فَقَطْ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَيْسَ لِغَيْرِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ نَحْوِ السُّنَنِ وَالْوِتْرِ وَالتَّطَوُّعَاتِ وَالتَّرَاوِيحِ وَالْعِيدَيْنِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا لِلْمَنْذُورَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالضُّحَى وَالْإِفْزَاعِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ.
وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ فَإِنْ صَلَّيْنَ بِجَمَاعَةٍ يُصَلِّينَ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَإِنْ صَلَّيْنَ بِهِمَا جَازَتْ صَلَاتُهُنَّ مَعَ الْإِسَاءَةِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَنُدِبَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبِيدِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
تَقْدِيمُ الْأَذَانِ عَلَى الْوَقْتِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَكَذَا فِي الصُّبْحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ قُدِّمَ يُعَادُ فِي الْوَقْتِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرِ الرَّائِقِ لِابْنِ الْمَلَك وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْإِقَامَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا تَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ
حَضَرَ الْإِمَامُ بَعْدَ إقَامَةِ الْمُؤَذِّنِ بِسَاعَةٍ أَوْ صَلَّى سُنَّةَ الْفَجْرِ بَعْدَهَا لَا يَجِبُ إعَادَتُهَا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَأَهْلِيَّةُ الْأَذَانِ تَعْتَمِدُ بِمَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ وَالْعِلْمِ بِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ رَجُلًا عَاقِلًا صَالِحًا تَقِيًّا عَالِمًا بِالسُّنَّةِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَهِيبًا وَيَتَفَقَّدَ أَحْوَالَ النَّاسِ وَيَزْجُرَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ الْجَمَاعَاتِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَأَنْ يَكُونَ مُوَاظِبًا عَلَى الْأَذَانِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة وَأَنْ يَكُونَ
(1/53)
مُحْتَسِبًا فِي أَذَانِهِ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا فِي الصَّلَاةِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ هُوَ الْمُقِيمُ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ أَذَّنَ رَجُلٌ وَأَقَامَ آخَرُ إنْ غَابَ الْأَوَّلُ جَازَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَيَلْحَقُهُ الْوَحْشَةُ بِإِقَامَةِ غَيْرِهِ يُكْرَهُ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَا يُكْرَهُ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَذَانُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ صَحِيحٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَكِنْ أَذَانُ الْبَالِغِ أَفْضَلُ وَأَذَانُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ لَا يَجُوزُ وَيُعَادُ وَكَذَا الْمَجْنُونُ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَيُكْرَهُ أَذَانُ السَّكْرَانِ وَيُسْتَحَبُّ إعَادَتُهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَكُرِهَ أَذَانُ الْمَرْأَةِ فَيُعَادُ نَدْبًا. كَذَا فِي الْكَافِي.
وَيُكْرَهُ أَذَانُ الْفَاسِقِ وَلَا يُعَادُ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَكُرِهَ أَذَانُ الْجُنُبِ وَإِقَامَتُهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُعَادَ الْأَذَانُ وَلَا تُعَادَ الْإِقَامَةُ وَلَا يُكْرَهُ أَذَانُ الْمُحْدِثِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَكُرِهَ إقَامَتُهُ وَلَا تُعَادُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ الْأَذَانِ لَا يُعَادُ وَإِنْ أُعِيدَ فَهُوَ أَفْضَلُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِذَا ارْتَدَّ فِي الْأَذَانِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَبْتَدِئَ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْتَدِئْ غَيْرُهُ وَأَتَمَّهُ جَازَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيُكْرَهُ الْأَذَانُ قَاعِدًا وَإِنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ قَاعِدًا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالْمُسَافِرُ إذَا أَذَّنَ رَاكِبًا لَا يُكْرَهُ وَيَنْزِلُ لِلْإِقَامَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ وَأَقَامَ أَجْزَأَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَفْتَتِحَ الْأَذَانَ عَلَى الدَّابَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَفِي الْحَضَرِ يُكْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ رَاكِبًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يُعَادُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَجُوزُ أَذَانُ الْعَبْدِ الْقَرَوِيِّ وَأَهْلِ الْمَفَازَةِ وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْأَعْمَى وَمَنْ يُؤَذِّنُ فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ دُونَ بَعْضٍ بِأَنْ كَانَا فِي السُّوقِ نَهَارًا وَفِي السِّكَّةِ لَيْلًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لَكِنْ غَيْرُ هَؤُلَاءِ أَوْلَى. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَتَى كَانَ مَعَ الْأَعْمَى مَنْ يَحْفَظُ عَلَيْهِ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ فَتَأْذِينُهُ وَتَأْذِينُ الْبَصِيرِ سَوَاءٌ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَيُكْرَهُ أَدَاءُ الْمَكْتُوبَةِ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهُمَا لِمَنْ يُصَلِّي فِي الْمِصْرِ إذَا وُجِدَ فِي الْمَحَلَّةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَإِذَا لَمْ يُؤَذِّنْ فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ يُكْرَهُ لَهُ تَرْكُهُمَا وَلَوْ تَرَكَ الْأَذَانَ وَحْدَهُ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَرَكَ الْإِقَامَةَ يُكْرَهُ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
وَيُكْرَهُ لِلْمُسَافِرِ تَرْكُهُمَا وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ. هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ تَرَكَ الْإِقَامَةَ أَجْزَأَهُ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ فَهُوَ حَسَنٌ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَ وَلَمْ يُؤَذِّنْ. هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ فِي قَرْيَةٍ إنْ كَانَ فِي الْقَرْيَةِ مَسْجِدٌ فِيهِ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَسْجِدٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسَافِرِ. كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ شَرْحِ النُّقَايَةِ وَإِنْ كَانَ فِي كَرْمٍ أَوْ ضَيْعَةٍ يُكْتَفَى بِأَذَانِ الْقَرْيَةِ أَوْ الْبَلْدَةِ إنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا فَلَا وَحَدُّ الْقَرِيبِ أَنْ يَبْلُغَ الْأَذَانُ إلَيْهِ مِنْهَا. كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَإِنْ أَذَّنُوا كَانَ أَوْلَى. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ فِي الْمَفَازَةِ وَتَرَكُوا الْأَذَانَ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ تَرَكُوا الْإِقَامَةَ يُكْرَهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَهْلُ الْمَسْجِدِ إذَا صَلَّوْا بِأَذَانٍ وَجَمَاعَةٍ يُكْرَهُ تَكْرَارُ الْأَذَانِ وَالْجَمَاعَةِ فِيهِ
وَلَوْ صَلَّى بَعْضُ أَهْلِ الْمَسْجِدِ بِإِقَامَةٍ وَجَمَاعَةٍ ثُمَّ دَخَلَ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ وَبَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ فَالْجَمَاعَةُ الْمُسْتَحَبَّةُ لَهُمْ وَالْكَرَاهَةُ لِلْأَوْلَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ صَلَّى فِيهِ غَيْرُ أَهْلِهِ بِالْجَمَاعَةِ فَلَا بَأْسَ لِأَهْلِهِ أَنْ يُصَلُّوا فِيهِ بِالْجَمَاعَةِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ أَذَّنُوا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى وَجْهِ الْمُخَافَتَةِ بِحَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ غَيْرُهُمْ ثُمَّ حَضَرَ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا صَنَعَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ فَأَذَّنُوا عَلَى وَجْهِ الْجَهْرِ ثُمَّ عَلِمُوا مَا صَنَعَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ فَلَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا بِالْجَمَاعَةِ عَلَى وَجْهِهَا وَلَا
(1/54)
عِبْرَةَ لِلْجَمَاعَةِ الْأُولَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْأَذَانِ.
مَسْجِدٌ لَيْسَ لَهُ مُؤَذِّنٌ وَإِمَامٌ مَعْلُومٌ يُصَلِّي فِيهِ النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا بِجَمَاعَةٍ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ كُلُّ فَرِيقٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ عَلَى حِدَةٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْمَسْجِدِ.
قَوْمٌ ذَكَرُوا فَسَادَ صَلَاةٍ صَلَّوْهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي الْوَقْتِ قَضَوْهَا بِجَمَاعَةٍ فِيهِ وَلَا يُعِيدُونَ الْأَذَانَ وَلَا الْإِقَامَةَ وَإِنْ قَضَوْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ قَضَوْهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فِي وَقْتِهَا فَقَضَاهَا أَذَّنَ لَهَا وَأَقَامَ وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ أَذَّنَ لِلْأُولَى وَأَقَامَ وَكَانَ مُخَيَّرًا فِي الْبَاقِي إنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقَامَةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَحَسَنٌ لِيَكُونَ الْقَضَاءُ عَلَى سُنَنِ الْأَدَاءِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالتَّخْيِيرُ فِي الْبَوَاقِي إنَّمَا هُوَ إذَا قَضَاهَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَمَّا إذَا قَضَاهَا فِي مَجَالِسَ فَيُشْتَرَطُ كِلَاهُمَا. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالضَّابِطَةُ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ فَرْضٍ أَدَاءً كَانَ أَوْ قَضَاءً يُؤَذَّنُ لَهُ وَيُقَامُ سَوَاءٌ أَدَّاهُ مُنْفَرِدًا أَوْ بِجَمَاعَةٍ إلَّا الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ فَإِنَّ أَدَاءَهُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلْأُولَى وَيُقِيمُ لِلثَّانِيَةِ وَلَا يُؤَذِّنُ إذَا غُشِيَ عَلَى الْمُؤَذِّنِ فِي الْأَذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ يَسْتَقْبِلُ غَيْرُهُ وَكَذَا إذَا مَاتَ فِي أَحَدِهِمَا وَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي أَحَدِهِمَا فَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ يَسْتَقْبِلُ غَيْرُهُ أَوْ هُوَ إذَا رَجَعَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - الْأَوْلَى أَنْ يُتِمَّ الْأَذَانَ إنْ أَحْدَثَ فِيهِ وَأَتَمَّ الْإِقَامَةَ إنْ أَحْدَثَ فِيهَا ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَتَوَضَّأُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا حَصِرَ الْمُؤَذِّنُ فِي خِلَالِ الْأَذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُلَقِّنُهُ يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ وَكَذَا إذَا خَرِسَ فِي أَحَدِهِمَا وَعَجَزَ عَنْ الْإِتْمَامِ يَسْتَقْبِلُ غَيْرُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا وَقَفَ فِي خِلَالِ الْأَذَانِ يُعِيدُهُ إذَا كَانَتْ الْوَقْفَةُ بِحَيْثُ تُعَدُّ فَاصِلَةً وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً مِثْلَ التَّنَحْنُحِ وَالسُّعَالِ لَا يُعِيدُ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ.
وَيُكْرَهُ التَّنَحْنُحُ فِي الْأَذَانِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّلَامِ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ بَعْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ
وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْأَذَانِ أَوْ فِي الْإِقَامَةِ أَوْ يَمْشِيَ فَإِنْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يَسِيرٍ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ وَإِذَا انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ إلَى قَوْلِهِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَتَمَّهَا فِي مَكَانِهِ وَإِنْ شَاءَ مَشَى إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمُحِيطِ
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَكَيْفِيَّتِهِمَا]
الْأَذَانُ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَآخِرُهُ عِنْدَنَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهِيَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ، أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَالْإِقَامَةُ سَبْعَ عَشَرَةَ كَلِمَةً خَمْسَ عَشَرَةَ مِنْهَا كَلِمَاتُ الْأَذَانِ وَكَلِمَتَانِ قَوْلُهُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَزِيدُ بَعْدَ فَلَاحِ أَذَانِ الْفَجْرِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ. كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَا يُؤَذِّنُ بِالْفَارِسِيَّةِ وَلَا بِلِسَانٍ آخَرَ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ جَهْرًا رَافِعًا بِهِمَا صَوْتَهُ إلَّا أَنَّ الْإِقَامَةَ أَخْفَضُ مِنْهُ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْبَدَائِعِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى الْمِئْذَنَةِ أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلَا يُؤَذِّنَ فِي الْمَسْجِدِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي مَوْضِعٍ عَالٍ يَكُونُ أَسْمَعَ لِجِيرَانِهِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ وَلَا يُجْهِدُ نَفْسَهُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيُكْرَهُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَرْفَعَ
(1/55)
صَوْتَهُ فَوْقَ الطَّاقَةِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَيُقِيمُ عَلَى الْأَرْضِ. هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِي الْمَسْجِدِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا تَرْجِيعَ فِي الْأَذَانِ وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ مُخَافَتَةً ثُمَّ يَرْجِعُ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ خُفْيًا إلَى قَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَافِعًا صَوْتَهُ فَيُكَرِّرُ الشَّهَادَتَيْنِ فَيَقُولُ كُلًّا مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ مَرَّتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْفَاءِ وَمَرَّتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْجَهْرِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
وَيَتَرَسَّلُ فِي الْأَذَانِ وَيَحْدُرُ فِي الْإِقَامَةِ وَهَذَا بَيَانُ الِاسْتِحْبَابِ.
كَذَا فِي الْهِدَايَةِ حَتَّى لَوْ تَرَسَّلَ فِيهِمَا أَوْ حَدَرَ فِيهِمَا أَوْ تَرَسَّلَ فِي الْإِقَامَةِ وَحَدَرَ فِي الْأَذَانِ جَازَ. كَذَا فِي الْكَافِي وَقِيلَ: يُكْرَهُ وَهُوَ الْحَقُّ. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالتَّرَسُّلُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَقِفَ ثُمَّ يَقُولَ مَرَّةً أُخْرَى مِثْلَهُ، وَكَذَلِكَ يَقِفُ بَيْنَ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ وَالْحَدَرُ وَالْوَصْلُ وَالسُّرْعَةُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ وَيُسَكِّنُ كَلِمَاتِهِمَا عَلَى الْوَقْفِ لَكِنْ فِي الْأَذَانِ حَقِيقَةً وَفِي الْإِقَامَةِ يَنْوِي الْوَقْفَ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَالْمَدُّ فِي أَوَّلِ التَّكْبِيرِ كُفْرٌ وَفِي آخِرِهِ خَطَأٌ فَاحِشٌ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيُرَتِّبُ بَيْنَ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ كَمَا شُرِعَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا قَدَّمَ فِي أَذَانِهِ أَوْ فِي إقَامَتِهِ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ عَلَى بَعْضٍ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَبْلَ قَوْلِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَالْأَفْضَلُ فِي هَذَا أَنَّ مَا سَبَقَ عَلَى أَوَانِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ حَتَّى يُعِيدَهُ فِي أَوَانِهِ وَمَوْضِعِهِ وَإِنْ مَضَى عَلَى ذَلِكَ جَازَتْ صَلَاتُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيُوَالِي بَيْنَ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ حَتَّى لَوْ أَذَّنَ فَظَنَّ أَنَّهُ إقَامَةٌ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَمَا فَرَغَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعِيدَ الْأَذَانَ وَيَسْتَقْبِلَ الْإِقَامَةَ مُرَاعَاةً لِلْمُوَالَاةِ وَكَذَا إذَا أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ فَظَنَّ أَنَّهُ أَذَانٌ ثُمَّ عَلِمَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالْإِقَامَةِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْغَايَةِ لِلسُّرُوجِيِّ
وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا الْقِبْلَةَ وَلَوْ تَرَكَ الِاسْتِقْبَالَ جَازَ وَيُكْرَهُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا انْتَهَى إلَى الصَّلَاةِ وَالْفَلَاحِ حَوَّلَ وَجْهَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَقَدَمَاهُ مَكَانَهُمَا سَوَاءٌ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ حَتَّى قَالُوا فِي الَّذِي يُؤَذِّنُ لِلْمَوْلُودِ يَنْبَغِي أَنْ يُحَوِّلَ وَجْهَهُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً عِنْدَ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ الصَّلَاةُ فِي الْيَمِينِ وَالْفَلَاحُ فِي الشِّمَالِ، وَقِيلَ: الصَّلَاةُ فِي الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ وَالْفَلَاحُ كَذَلِكَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ اسْتَدَارَ فِي صَوْمَعَتِهِ عِنْدَ اتِّسَاعِهَا فَحَسَنٌ.
هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَيَسْتَدِيرُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْمِئْذَنَةِ عِنْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ وَيُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْ الْكُوَّةِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ مِنْ الْكُوَّةِ الْيُسْرَى وَيَقُولُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتِمَّ الْإِعْلَامُ مَعَ بَقَاءِ الْمُؤَذِّنِ فِي مَقَامِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَأَمَّا إذَا تَمَّ بِتَحْوِيلِ الرَّأْسِ يَمِينًا وَشِمَالًا فَيَكْتَفِي بِذَلِكَ فَلَا يُزَالُ الْقَدَمَانِ عَنْ مَكَانَيْهِمَا. كَذَا فِي شَاهَانْ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَيُكْرَهُ التَّلْحِينُ وَهُوَ التَّغَنِّي بِحَيْثُ يُؤَدِّي إلَى تَغَيُّرِ كَلِمَاتِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَك، وَتَحْسِينُ الصَّوْتِ لِلْأَذَانِ حَسَنٌ مَا لَمْ يَكُنْ لَحْنًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ.
وَيَجْعَلُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ أَصْلِيَّةٍ وَإِنَّمَا شَرْعٌ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِعْلَامِ وَإِنْ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ فَحَسَنٌ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَجَعْلُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ سُنَّةُ الْأَذَانِ لِيَرْفَعَ صَوْتَهُ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَالتَّثْوِيبُ حَسَنٌ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ إلَّا فِي الْمَغْرِبِ هَكَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَهُوَ رُجُوعُ الْمُؤَذِّنِ إلَى الْإِعْلَامِ بِالصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ.
وَتَثْوِيبُ كُلِّ بَلْدَةٍ عَلَى مَا تَعَارَفُوهُ إمَّا بِالتَّنَحْنُحِ أَوْ بِالصَّلَاةَ الصَّلَاةَ أَوْ قَامَتْ قَامَتْ؛ لِأَنَّهُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْإِعْلَامِ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِمَا تَعَارَفُوهُ. كَذَا فِي الْكَافِي.
وَيُؤَذِّنُ لِلْفَجْرِ ثُمَّ يَقْعُدُ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ عِشْرِينَ آيَةً ثُمَّ يُثَوِّبُ ثُمَّ يَقْعُدُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُقِيمُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَيَفْصِلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ
(1/56)
مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ نَحْوًا مِنْ عَشْرِ آيَاتٍ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالْوَصْلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مَكْرُوهٌ بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالْأَوْلَى لِلْمُؤَذِّنِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي قَبْلَهَا تَطَوُّعٌ مَسْنُونٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمَغْرِبِ فَالْمُسْتَحَبُّ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ يَسْكُتُ قَائِمًا مِقْدَارَ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْفَصْلَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِ أَيْضًا. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْفَصْلِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ يَسْكُتُ قَائِمًا سَاعَةً ثُمَّ يُقِيمُ، وَمِقْدَارُ السَّكْتَةِ عِنْدَهُ قَدْرُ مَا يُمْكِنُ فِيهِ مِنْ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ وَعِنْدَهُمَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجَلْسَةٍ خَفِيفَةٍ مِقْدَارَ الْجِلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ الْخِلَافَ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ حَتَّى إنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ جَلَسَ جَازَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَجْلِسَ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْعَكْسِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيَنْتَظِرُ الْمُؤَذِّنُ النَّاسَ وَيُقِيمُ لِلضَّعِيفِ الْمُسْتَعْجِلِ وَلَا يَنْتَظِرُ رَئِيسَ الْمَحَلَّةِ وَكَبِيرَهَا. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
يَنْبَغِي أَنْ يُؤَذِّنَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيُقِيمَ فِي وَسَطِهِ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُتَوَضِّئُ مِنْ وُضُوئِهِ وَالْمُصَلِّي مِنْ صَلَاتِهِ وَالْمُعْتَصِرُ مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.
إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ عِنْدَ الْإِقَامَةِ يُكْرَهُ لَهُ الِانْتِظَارُ قَائِمًا وَلَكِنْ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ إذَا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ قَوْلَهُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
إنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ غَيْرَ الْإِمَامِ وَكَانَ الْقَوْمُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَقُومُ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْ قِبَلِ الصُّفُوفِ فَكُلَّمَا جَاوَزَ صَفًّا قَامَ ذَلِكَ الصَّفُّ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْ قُدَّامِهِمْ يَقُومُونَ كَمَا رَأَى الْإِمَامَ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ وَاحِدٌ فَإِنْ أَقَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَالْقَوْمُ لَا يَقُومُونَ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْإِقَامَةِ وَإِنْ أَقَامَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَمَشَايِخُنَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَقُومُونَ مَا لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ الْمَسْجِدَ وَيُكَبِّرُ الْإِمَامُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ) يَجِبُ عَلَى السَّامِعِينَ عِنْدَ الْأَذَانِ الْإِجَابَةُ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ إلَّا فِي قَوْلِهِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ مَكَانَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَمَكَانَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ: مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي فَتَاوَى الْغَرَائِبِ وَكَذَا فِي قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ لَا يَقُولُ السَّامِعُ مِثْلَهُ وَلَكِنْ يَقُولُ: صَدَقْت وَبَرَرْت. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
سَمِعَ الْأَذَانَ وَهُوَ يَمْشِي فَالْأَوْلَى أَنْ يَقِفَ سَاعَةً وَيُجِيبَ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
وَإِجَابَةُ الْإِقَامَةِ مُسْتَحَبَّةٌ. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا بَلَغَ قَوْلَهُ قَامَتْ الصَّلَاةُ يَقُولُ السَّامِعُ: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا اللَّهُ مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَفِي سَائِرِ الْكَلِمَاتِ يُجِيبُ كَمَا يُجِيبُ فِي الْأَذَانِ. كَذَا فِي فَتَاوَى الْغَرَائِبِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَكَلَّمَ السَّامِعُ فِي خِلَالِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَلَا يَشْتَغِلُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْأَعْمَالِ سِوَى الْإِجَابَةِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْقِرَاءَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَ وَيَشْتَغِلَ بِالِاسْتِمَاعِ وَالْإِجَابَةِ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِالدُّعَاءِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَكْثَرُ مِنْ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ أَذَّنُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَالْحُرْمَةُ لِلْأَوَّلِ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ. .
(1/57)
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ فُصُولٌ أَرْبَعَةٌ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ]
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ)
وَهِيَ عِنْدَنَا سَبْعَةٌ: الطَّهَارَةُ مِنْ الْأَحْدَاثِ، وَالطَّهَارَةُ مِنْ الْأَنْجَاسِ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتُ وَالنِّيَّةُ وَالتَّحْرِيمَةُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَفِيهِ فُصُولٌ أَرْبَعَةٌ: (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ)
تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي وَثَوْبِهِ وَالْمَكَانِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ وَاجِبٌ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ فِي بَابِ الْأَنْجَاسِ هَذَا إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ قَدْرًا مَانِعًا وَأَمْكَنَ إزَالَتُهَا مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ مَا هُوَ أَشَدُّ حَتَّى لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إزَالَتِهَا إلَّا بِإِبْدَاءِ عَوْرَتِهِ لِلنَّاسِ يُصَلِّي مَعَهَا وَلَوْ أَبْدَاهَا لِلْإِزَالَةِ فَسَقَ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيُعْتَبَرُ ظَاهِرُ الْبَدَنِ حَتَّى لَوْ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ نَجِسٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ عَيْنِهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
النَّجَاسَةُ إنْ كَانَتْ غَلِيظَةً وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَغَسْلُهَا فَرِيضَةٌ وَالصَّلَاةُ بِهَا بَاطِلَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مِقْدَارَ دِرْهَمٍ فَغَسْلُهَا وَاجِبٌ وَالصَّلَاةُ مَعَهَا جَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدِّرْهَمِ فَغَسْلُهَا سُنَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ حَتَّى تَفْحُشَ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
سَتْرُ الْعَوْرَةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ إذَا قُدِرَ عَلَيْهِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْعَوْرَةُ لِلرَّجُلِ مِنْ تَحْتِ السُّرَّةِ حَتَّى تُجَاوِزَ رُكْبَتَيْهِ فَسُرَّتُهُ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَرُكْبَتُهُ عَوْرَةٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا جَمِيعًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
بَدَنُ الْحُرَّةِ عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَقَدَمَيْهَا. كَذَا فِي الْمُتُونِ وَشَعْرُ الْمَرْأَةِ مَا عَلَى رَأْسِهَا عَوْرَةٌ وَأَمَّا الْمُسْتَرْسِلُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ عَوْرَةٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالْأَمَةُ كَالرَّجُلِ وَبَطْنُهَا وَظَهْرُهَا عَوْرَةٌ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْجَوَابِ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُسْتَسْعَاةُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ إذَا كَانَ رَقِيقًا فَعَوْرَتُهُ عَوْرَةُ الْأَمَةُ وَإِنْ كَانَ حُرًّا أَمَرْنَاهُ أَنْ يَسْتُرَ جَمِيعَ بَدَنِهِ فَإِنْ سَتَرَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَلْزَمُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
مُرَاهِقَةٌ صَلَّتْ عُرْيَانَةً أَوْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ تُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ وَإِنْ صَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَصَلَاتُهَا تَامَّةٌ اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْغَيْرِ فَرْضٌ بِالْإِجْمَاعِ وَمِنْ نَفْسِهِ غَيْرُ فَرْضٍ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي شَاهَانْ
فَإِذَا صَلَّى فِي قَمِيصٍ بِغَيْرِ أَزْرَارٍ وَكَانَ لَوْ نَظَرَ رَأَى عَوْرَتَهُ مِنْ زِيقِهِ فَعِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَإِنْ صَلَّى فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ عُرْيَانًا وَلَهُ ثَوْبٌ طَاهِرٌ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ
وَالثَّوْبُ الرَّقِيقُ الَّذِي يَصِفُ مَا تَحْتَهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَكَانَ إذَا سَجَدَ لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتَهُ لَكِنْ لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ إنْسَانٌ مِنْ تَحْتِهِ رَأَى عَوْرَتَهُ فَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ قَلِيلِ الِانْكِشَافِ عَفْوٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَلْوَى وَلَا بَلْوَى فِي الْكَبِيرِ فَلَا يُجْعَلُ عَفْوًا الرُّبْعُ وَمَا فَوْقَهُ كَثِيرٌ وَمَا دُونَ الرُّبْعِ قَلِيلٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِي الْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ وَالْخَفِيفَةِ بِالرُّبْعِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
انْكِشَافُ مَا دُونَ الرُّبْعِ مَعْفُوٌّ إذَا كَانَ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ فِي عُضْوَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَجُمِعَ وَبَلَغَ رُبْعَ أَدْنَى عُضْوٍ مِنْهَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْجَمْعُ بِالْأَجْزَاءِ كَالْأَسْدَاسِ وَالْأَتْسَاعِ بَلْ بِالْقَدْرِ حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ مِنْ الْأُذُنِ تُسْعُهَا وَمِنْ السَّاقِ تُسْعُهَا يُمْنَعُ؛ لِأَنَّ الْمَكْشُوفَ قَدْرُ رُبْعِ الْأُذُنِ. هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِنْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فِي الصَّلَاةِ فَسَتَرَهَا بِلَا مُكْثٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ إجْمَاعًا وَإِنْ أَدَّى رُكْنًا مَعَ الِانْكِشَافِ فَسَدَتْ إجْمَاعًا وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهِ لَكِنْ مَكَثَ قَدْرَ مَا يُمْكِنُ الْأَدَاءُ تَفْسُدُ عِنْدَ
(1/58)
أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا نَصَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ
أَمَةٌ صَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَأُعْتِقَتْ فِي صَلَاتِهَا فَإِنْ لَمْ تَسْتَتِرْ مِنْ سَاعَتِهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهَا وَإِنْ سَتَرَتْ مِنْ سَاعَتِهَا بِعَمَلٍ قَلِيلٍ جَازَتْ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْعَمَلُ الْقَلِيلُ أَنْ تَأْخُذَهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَالذَّكَرُ يُعْتَبَرُ بِانْفِرَادِهِ وَكَذَا الْأُنْثَيَانِ هُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْأَلْيَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَوْرَةٌ عَلَى حِدَةٍ وَالدُّبُرُ ثَالِثُهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَهَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالرُّكْبَةُ إلَى آخِرِ الْفَخِذِ عُضْوٌ وَاحِدٌ حَتَّى لَوْ صَلَّى وَالرُّكْبَتَانِ مَكْشُوفَتَانِ وَالْفَخِذُ مُغَطًّى جَازَتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَكَذَا كَعْبُ الْمَرْأَةِ مَعَ سَاقِهَا. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ.
وَمَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَعَانَتِهِ عُضْوٌ عَلَى حِدَةٍ وَالْمُرَادُ مَا حَوْلَهُ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ فَإِذَا انْكَشَفَ رُبْعُهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالظَّهْرُ بِانْفِرَادِهِ عَوْرَةٌ وَالْبَطْنُ كَذَلِكَ وَكَذَا الصَّدْرُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ وَالْجَنْبُ تَبَعٌ لِلْبَطْنِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَثَدْيُ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً نَاهِدَةً فَهُوَ تَبَعٌ لِصَدْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً فَهُوَ عُضْوٌ عَلَى حِدَةٍ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُعْتَبَرُ كُلُّ وَاحِدٍ عَوْرَةً بِانْفِرَادِهِ وَكَذَا الْأُذُنَانِ حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ رُبْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسَدَتْ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَمَنْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا صَلَّى قَاعِدًا يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ قَائِمًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ الْأَوَّلُ أَفْضَلُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا فِي بَيْتٍ أَوْ صَحْرَاءَ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُودِ الْقُدْرَةُ فَإِنْ أُبِيحَ لَهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ
الْعَارِي إذَا كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ لَهُ كِسْوَةٌ فَإِنَّهُ يَسْأَلُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ صَلَّى عُرْيَانًا
وَلَوْ وَجَدَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ ثَوْبًا اسْتَقْبَلَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ السِّرَاجِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ يَرْجُو وُجُودَ الثَّوْبِ يُؤَخِّرْ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْوَقْتِ كَطَهَارَةِ الْمَكَانِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَيُصَلِّي الْعُرَاةُ وُحْدَانًا مُتَبَاعِدِينَ وَإِنْ صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ يَتَوَسَّطُهُمْ الْإِمَامُ وَيُرْسِلُ كُلُّ وَاحِدٍ رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَضَعُ يَدَيْهِ بَيْنَ فَخِذَيْهِ يُومِئُ إيمَاءً وَإِنْ أَوْمَأَ الْقَائِمُ أَوْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ الْقَاعِدُ جَازَ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
فِي الْحُجَّةِ إذَا وَجَدَ الْعَارِي حَصِيرًا أَوْ بِسَاطًا صَلَّى فِيهِ وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا وَكَذَا إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ بِالْحَشِيشِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
عُرْيَانٌ قَدَرَ عَلَى طِينٍ يُلَطِّخُ بِهِ عَوْرَتَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَدَرَ أَنْ يَخْصِفَ عَلَيْهِ وَرَقَ الشَّجَرَةِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بِهِ بَعْضَ الْعَوْرَةِ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ وَيَسْتُرُ بِهِ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ بِالِاتِّفَاقِ. هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ بِهِ أَحَدَهُمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْتُرُ بِهِ الدُّبُرَ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْتُرُ بِهِ الْقُبُلَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ الْقِبْلَةَ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبِ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ وَتَصِحُّ لِلنِّسَاءِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ يُصَلِّي فِيهِ لَا عُرْيَانًا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً صَلَّتْ قَائِمَةً يَنْكَشِفُ مِنْ عَوْرَتِهَا مَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَلَوْ صَلَّتْ قَاعِدَة لَا يَنْكَشِفُ شَيْءٌ مِنْهَا فَإِنَّهَا تُصَلِّي قَاعِدَةً. كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي الْعَتَّابِيَّةِ إذَا انْكَشَفَ رُبْعُ عَوْرَتِهَا عِنْدَ السُّجُودِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ: قَمِيصٍ، وَإِزَارٍ، وَعِمَامَةٍ. أَمَّا لَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَإِنْ صَلَّى فِي إزَارٍ وَاحِدٍ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَيْضًا قَمِيصٍ وَإِزَارٍ وَمِقْنَعَةٍ فَإِنْ صَلَّتْ فِي ثَوْبَيْنِ جَازَتْ صَلَاتُهَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ صَلَّتْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحَةً بِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا سَتَرَتْ بِهِ رَأْسَهَا وَجَمِيعَ جَسَدِهَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ صَلَّى رَجُلَانِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَاسْتَتَرَ كُلُّ وَاحِدٍ بِطَرَفٍ مِنْهُ أَجْزَأَهُ وَكَذَا لَوْ أَلْقَى أَحَدَ طَرَفَيْهِ عَلَى نَائِمٍ أَجْزَأَهُ
(1/59)
كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ يُغَطِّي جَسَدَهَا وَرُبْعَ رَأْسِهَا فَتَرَكَتْ تَغْطِيَةَ الرَّأْسِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ يُغَطِّي أَقَلَّ مِنْ الرُّبْعِ لَا يَضُرُّهَا تَرْكُهُ وَالسَّتْرُ أَفْضَلُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
عُرْيَانُ وَجَدَ قِطْعَةً تَسْتُرُ رُبْعَ أَصْغَرِ الْعَوْرَاتِ فَلَمْ يَسْتُرْ فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِنْ صَلَّى فِي الْمَاءِ إنْ كَانَ كَدِرًا صَحَّتْ وَإِنْ كَانَ صَافِيًا يُمْكِنُ رُؤْيَةُ عَوْرَتِهِ لَا تَصِحُّ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي طَهَارَةِ مَا يَسْتُرُ بِهِ الْعَوْرَةَ وَغَيْرِهِ]
وَجَدَ ثَوْبًا رُبْعُهُ طَاهِرٌ وَصَلَّى عَارِيًّا لَمْ يَجُزْ.
وَإِنْ كَانَ أَقَلُّ مِنْ رُبْعِهِ طَاهِرًا أَوْ كُلُّهُ نَجِسًا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ عَارِيًّا قَاعِدًا بِإِيمَاءٍ وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ قَائِمًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَهُوَ أَفْضَلُ. كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا جِلْدَ مَيْتَةٍ غَيْرَ مَدْبُوغٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتُرَ بِهِ عَوْرَتَهُ وَلَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ فِيهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ نَجَاسَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَتَخَيَّرُ مَا لَمْ يَبْلُغْ أَحَدُهُمَا رُبْعَ الثَّوْبِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَنْعِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ فِي أَقَلِّهِمَا نَجَاسَةً. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ كَانَ دَمُ أَحَدِهِمَا مَا قَدْرَ الرُّبْعِ وَدَمُ الْآخَرِ أَقَلَّ يُصَلِّي فِي أَقَلِّهِمَا دَمًا وَلَا يَجُوزُ عَكْسُهُ وَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْرُ الرُّبْعِ أَوْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ لَكِنْ لَا يَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ وَفِي الْآخَرِ قَدْرُ الرُّبْعِ صَلَّى فِي أَيِّهِمَا شَاءَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَقَلِّهِمَا نَجَاسَةً، وَلَوْ كَانَ رُبْعُ أَحَدِهِمَا طَاهِرًا وَالْآخَرُ أَقَلَّ مِنْ الرُّبْعِ يُصَلِّي فِي الَّذِي رُبْعُهُ طَاهِرٌ وَلَا يَجُوزُ الْعَكْسُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ كَانَ الدَّمُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الثَّوْبِ وَالطَّاهِرُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ بِثَوْبٍ طَاهِرٍ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا تَحَرَّكَ الطَّرَفُ الْآخَرُ أَوْ لَمْ يَتَحَرَّكْ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَانَ طَرَفُ أَحَدِهِمَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَّزِرُ بِهِ وَيُصَلِّي لَمْ يَجُزْ إلَّا ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ بِحَالٍ يَتَحَرَّكُ الطَّرَفُ الْآخَرُ أَوْ لَا يَتَحَرَّكُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ بِبَلِيَّتَيْنِ وَهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ يَأْخُذُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ اخْتَلَفَتَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ أَهْوَنَهُمَا. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الثَّوْبُ الطَّاهِرُ مِنْ النَّجِسِ تَحَرَّى وَصَلَّى وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلثِّيَابِ النَّجِسَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى ثَوْبٍ وَصَلَّى فِيهِ الظُّهْرَ ثُمَّ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى ثَوْبٍ آخَرَ فَصَلَّى فِيهِ الْعَصْرَ فَالْعَصْرُ فَاسِدَةٌ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ لَا يَعْلَمُ فِيهِمَا نَجَاسَةً فَصَلَّى الظُّهْرَ فِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْمَغْرِبَ فِي الْأَوَّلِ ثُمَّ الْعِشَاءَ فِي الثَّانِي ثُمَّ رَأَى فِي أَحَدِهِمَا نَجَاسَةً أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَا يَدْرِي أَيُّهُمَا الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي فَالظُّهْرُ وَالْمَغْرِبُ جَائِزَانِ وَالْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ فَاسِدَانِ وَهَذَا وَمَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي الْأَوَّلِ بِالتَّحَرِّي وَالْعَصْرَ فِي الثَّانِي وَفِي الْأَوَّلِ الْمَغْرِبَ وَفِي الثَّانِي الْعِشَاءَ سَوَاءٌ، ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا صَلَّى وَهُوَ لَابِسٌ مِنْدِيلًا أَوْ مُلَاءَةً وَأَحَدُ طَرَفَيْهِ نَجِسٌ وَالطَّرَفُ الَّذِي فِيهِ النَّجَاسَةُ عَلَى الْأَرْضِ إنْ كَانَ النَّجَسُ يَتَحَرَّكُ بِتَحَرُّكِ الْمُصَلِّي لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَرَّكُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ.
وَإِذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ نَجِسٌ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ طَاهِرٌ تَجُوزُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا كَانَ مَعَ الْعُرْيَانِ ثَوْبُ دِيبَاجٍ وَثَوْبُ كِرْبَاسَ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يُصَلِّي فِي الدِّيبَاجِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
الْمُصَلِّي إذَا رَأَى عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةً هِيَ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَغْسِلَ الثَّوْبَ وَيَسْتَقْبِلَ الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَ تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ بِجَمَاعَةٍ وَيَجِدُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَكَذَلِكَ وَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يَجِدَ الْجَمَاعَةَ أَوْ يَفُوتَهُ الْوَقْتُ مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ هَذَا إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَكِنْ انْتَهَى إلَى الْقَوْمِ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يَخْشَى إنْ غَسَلَهُ تَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَغْسِلَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
إنْ وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً مُغَلَّظَةً أَكْثَرَ
(1/60)
مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَا يَدْرِي مَتَى أَصَابَتْهُ لَا يُعِيدُ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ
وَلَوْ رَأَى فِي ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَاسَةً أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُقْتَدِي أَنَّ النَّجَاسَةَ الْقَلِيلَةَ لَا تَمْنَعُ الصَّلَاةَ وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ أَنَّهَا تَمْنَعُ فَصَلَّى الْإِمَامُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ جَازَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي وَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُمَا عَلَى الْعَكْسِ فَحُكْمُهُمَا عَلَى الْعَكْسِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ النَّجَاسَاتِ قَالَ نُصَيْرٌ: وَبِهِ نَأْخُذُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ
النَّجَاسَةُ لَوْ كَانَتْ عَلَى خُفَّيْنِ وَعَلَى الثَّوْبِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَكِنْ لَوْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا صَارَتَا أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يُجْمَعُ وَيُمْنَعُ جَوَازُ الصَّلَاةِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ فِي ثَوْبِ الْمُصَلِّي فِي مَوَاضِعَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ ذِي طَاقٍ وَاحِدٍ كَالْقَمِيصِ وَنَحْوِهِ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ قَدْ نَفَذَتْ النَّجَاسَةُ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَلَوْ جُمِعَتَا تَكُونَانِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِمْ وَلَيْسَتْ كَالنَّجَاسَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ
وَلَوْ صَلَّى فِي ثَوْبَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَجَاسَةٌ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَوْ جُمِعَتَا تَكُونَانِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَإِنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيُمْنَعُ جَوَازُ الصَّلَاةِ.
وَلَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ ذِي طَاقَيْنِ فَأَصَابَتْ النَّجَاسَةُ أَحَدَ الطَّاقَيْنِ وَنَفَذَتْ إلَى الْآخَرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ كَثَوْبٍ وَاحِدٍ لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَمْنَعُ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْسَعُ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحْوَطُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَلَوْ صَلَّى وَمَعَهُ دِرْهَمٌ تَنَجَّسَ جَانِبَاهُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا كَانَ مَوْضِعُ أَنْفِهِ نَجِسًا وَمَوْضِعُ جَبْهَتِهِ طَاهِرًا تَجُوزُ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَوْضِعُ أَنْفِهِ طَاهِرًا وَمَوْضِعُ جَبْهَتِهِ نَجِسًا وَسَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ
وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُ أَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ نَجِسًا ذَكَرَ الزَّنْدَوَسْتِيُّ فِي نَظْمِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ دُونَ جَبْهَتِهِ وَتَجُوزُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِجَبْهَتِهِ عُذْرٌ وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ إلَّا إذَا كَانَ بِجَبْهَتِهِ عُذْرًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ سَجَدَ بِهِمَا لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ تَحْتَ قَدَمَيْ الْمُصَلِّي مُنِعَ الصَّلَاةَ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكُرْدِيِّ وَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَوْضِعِ الْقَدَمَيْنِ نَجِسًا وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْأَصَابِعِ نَجِسًا وَإِذَا كَانَ مَوْضِعُ إحْدَى الْقَدَمَيْنِ طَاهِرًا وَمَوْضِعُ الْأُخْرَى نَجِسًا فَوَضَعَ قَدَمَيْهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ فَإِنْ وَضَعَ إحْدَى الْقَدَمَيْنِ الَّتِي مَوْضِعُهَا طَاهِرٌ وَرَفَعَ الْقَدَمَ الْأُخْرَى الَّتِي مَوْضِعُهَا نَجِسٌ وَصَلَّى فَإِنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ تَحْتَ يَدَيْهِ أَوْ رُكْبَتَيْهِ فِي حَالَةِ السُّجُودِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَاخْتَارَ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهَا تَفْسُدُ وَصَحَّحَهُ فِي الْعُيُونِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا صَلَّى عَلَى مَكَان طَاهِرٍ وَسَجَدَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا سَجَدَ تَقَعُ ثِيَابُهُ عَلَى أَرْضٍ نَجِسَةٍ يَابِسَةٍ أَوْ ثَوْبٍ نَجِسٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ تَحْتَ كُلِّ قَدَمٍ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَوْ جُمِعَتْ تَصِيرُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَإِنَّهَا تُجْمَعُ وَتَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ النَّجَاسَةِ الَّتِي تُصِيبُ الثَّوْبَ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَكَذَا يُجْمَعُ نَجَاسَةُ مَوْضِعِ السُّجُودِ وَمَوْضِعِ الْقَدَمِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا كَانَ فِي ثَوْبِ الْمُصَلِّي أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَتَحْتَ قَدَمَيْهِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَكِنْ لَوْ جُمِعَ يَبْلُغُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَا يُجْمَعُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا قَامَ الْمُصَلِّي عَلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ ثُمَّ تَحَوَّلَ إلَى مَكَانٍ نَجِسٍ ثُمَّ عَادَ إلَى الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَمْكُثْ عَلَى النَّجَاسَةِ مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ أَدَاءُ أَدْنَى رُكْنٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ النَّجَاسَةِ الَّتِي تُصِيبُ
(1/61)
الثَّوْبَ وَالْمَكَانَ.
وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ عَلَى مَكَانٍ نَجِسٍ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ وَعَلَى سَرْجِهَا نَجَاسَةٌ مِثْلُ الدَّمِ وَالْعَذِرَةِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُجْزِيهِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ وَفِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ نَجَاسَةٌ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ وَلَا فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ لَا تَمْنَعُ أَدَاءَ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ الْبِسَاطُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا بِحَيْثُ لَوْ حَرَّكَ أَحَدَ طَرَفَيْهِ يَتَحَرَّكُ الطَّرَفُ الْآخَرُ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَكَذَا الثَّوْبُ وَالْحَصِيرُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي الْحُجَّةِ الْبِسَاطُ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَا يَدْرِي فِي أَيِّ مَوْضِعٍ هِيَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَحَرَّى فَيُصَلِّيَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَطْمَئِنُّ قَلْبُهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى بِطَانَةِ مُصَلَّاهُ أَوْ فِي حَشْوِهَا جَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مَخِيطًا عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا مُضَرَّبًا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَخِيطَا عَلَى صَاحِبِهِ يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْخَيَّاطَةِ وَالتَّضْرِيبِ لَمْ يَصِرْ ثَوْبًا وَاحِدًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبًا وَصَلَّى إنْ كَانَ ثَوْبًا يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ مِنْ عَرْضِهِ ثَوْبًا كَالنَّهَالِيِّ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ لَا يَجُوزُ إنْ كَانَتْ يَابِسَةً جَازَتْ إذَا كَانَ يَصْلُحُ سَاتِرًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْفَتَاوَى إذَا ثَنَى ثَوْبَهُ وَالْأَعْلَى طَاهِرٌ دُونَ الْأَسْفَلِ يَجُوزُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ نَاقِلًا عَنْ الْمُبْتَغَى.
وَلَوْ قَامَ عَلَى النَّجَاسَةِ وَفِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ أَوْ جَوْرَبَانِ لَمْ تَجْزِ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ وَقَامَ عَلَيْهِمَا جَازَ سَوَاءٌ كَانَ مَا يَلِي الْأَرْضَ مِنْهُ نَجِسًا أَوْ طَاهِرًا إذَا كَانَ مَا يَلِي الْقَدَمَ طَاهِرًا وَالْآجُرُّ إذَا كَانَ أَحَدُ وَجْهَيْهِمَا نَجِسًا فَقَامَ عَلَى الْوَجْهِ الطَّاهِرِ وَصَلَّى جَازَ مَفْرُوشَةً كَانَتْ أَوْ مَوْضُوعَةً. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا صَلَّى عَلَى حَجَرِ الرَّحَى أَوْ عَلَى بَابٍ أَوْ بِسَاطٍ غَلِيظٍ أَوْ عَلَى مُكَعَّبٍ ظَاهِرُهُ طَاهِرٌ وَبَاطِنُهُ نَجِسٌ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالتَّرْجِيحِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَكَذَا اللِّبْدُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا الْخَشَبُ إذَا كَانَ غِلَظُهُ بِحَيْثُ يَقْبَلُ الْقَطْعَ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْأَرْضِ عَلَيْهَا نَجَاسَةٌ فَكَبَسَهَا بِالتُّرَابِ يَنْظُرُ إنْ كَانَ التُّرَابُ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَوْ اسْتَشَمَّهُ يَجِدُ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يَجِدُ الرَّائِحَةَ يَجُوزُ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا كَانَ عَلَى الثَّوْبِ الْمَبْسُوطِ نَجَاسَةٌ وَفَرَشَ عَلَيْهِ التُّرَابَ لَا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ بَسَطَ كُمَّهُ عَلَى مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ وَسَجَدَ عَلَيْهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ صَلَّى فِي جُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ فَوَجَدَ فِي حَشْوِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَأْرَةً مَيِّتَةً يَابِسَةً إنْ كَانَ لِلْجُبَّةِ ثُقْبٌ أَوْ خَرْقٌ أَعَادَ صَلَاةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعَادَ جَمِيعَ مَا صَلَّى فِي تِلْكَ الْجُبَّةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) إذَا صَلَّى وَفِي كُمِّهِ بَيْضَةٌ مَذِرَةٌ قَدْ حَالَ مُحُّهَا دَمًا جَازَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَا الْبَيْضَةُ الَّتِي فِيهَا فَرْخٌ مَيِّتٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي النِّصَابِ رَجُلٌ صَلَّى وَفِي كُمِّهِ قَارُورَةٌ فِيهَا بَوْلٌ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِي مَظَانِّهِ وَمَعْدِنِهِ بِخِلَافِ الْبَيْضَةِ الْمَذِرَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِهِ وَمَظَانِّهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ صَلَّى وَالشَّهِيدُ عَلَى عَاتِقِهِ وَعَلَى ثَوْبِهِ دَمٌ كَثِيرٌ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَانَ ثَوْبُ الشَّهِيدِ عَلَى عَاتِقِهِ دُونَ الشَّهِيدِ لَا تَجُوزُ
رَجُلٌ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَفِي كُمِّهِ فَرْخَةٌ حَيَّةٌ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ رَآهَا مَيِّتَةً فَإِنْ كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ أَنَّهَا مَاتَتْ فِي صَلَاتِهِ تَجِبُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبُ ظَنِّهِ ذَلِكَ كَانَ مُشَكَّكًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ أَعَادَ سِنَّهُ
(1/62)
جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَائِنَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ سِنَّ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ. هَكَذَا فِي الْكَافِي
وَلَوْ صَلَّى وَفِي عُنُقِهِ قِلَادَةٌ فِيهَا سِنُّ كَلْبٍ أَوْ ذِئْبٍ تَجُوزُ صَلَاتُهُ إذَا صَلَّى وَمَعَهُ فَأْرَةٌ أَوْ هِرَّةٌ أَوْ حَيَّةٌ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَقَدْ أَسَاءَ وَكَذَا كُلُّ مَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِسُؤْرِهِ وَإِنْ كَانَ فِي كُمِّهِ ثَعْلَبٌ أَوْ جِرْوُ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ سُؤْرَهُ نَجِسٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا وُضِعَ فِي حِجْرِ الْمُصَلِّي الصَّبِيُّ الْغَيْرُ الْمُسْتَمِكِ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ إنْ لَمْ يَمْكُثْ قَدْرَ مَا أَمْكَنَهُ أَدَاءُ رُكْنٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ مَكَثَ تَفْسُدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَمْسَكَ وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ وَكَذَا الْحَمَامَةُ الْمُتَنَجِّسَةُ إذَا جَلَسَتْ عَلَيْهِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَكَذَا الْجُنُبُ وَالْمُحْدِثُ إذَا حَمَلَهُ الْمُصَلِّي جَازَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي تِسْعِ مَوَاطِنَ) فِي قَوَارِعِ الطَّرِيقِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَالْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمَخْرَجِ وَالْمُغْتَسَلِ وَالْحَمَّامِ وَالْمَقْبَرَةِ وَسَطْحِ الْكَعْبَةِ وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ عَلَى الْحَشِيشِ وَالْحَصِيرِ وَالْبُسُطِ وَالْبَوَارِي. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ الْمُتَنَجِّسُ مُعَلَّقًا فَوْقَ رَأْسِهِ إذَا قَامَ الْمُصَلِّي يَصِيرُ عَلَى كَتِفِهِ فَصَلَّى رُكْنًا مَعَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَكَذَا لَوْ وُضِعَ عَلَيْهِ قَبَاءٌ نَجِسٌ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا رَأَى الرَّجُلُ فِي ثَوْبِ غَيْرِهِ نَجَاسَةً أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ إنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ يَغْسِلُ النَّجَاسَةَ فَإِنَّهُ يُخْبِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِهِ وَسِعَهُ أَنْ لَا يُخْبِرَهُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى هَذَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَاجِبٌ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ هَذَا التَّفْصِيلِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ]
لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَدَاءُ فَرِيضَةٍ وَلَا نَافِلَةٍ وَلَا سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَلَا صَلَاةِ جِنَازَةٍ إلَّا مُتَوَجِّهًا إلَى الْقِبْلَةِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْقِبْلَةَ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ عَيْنُ الْكَعْبَةِ فَيَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ إلَى عَيْنِهَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ مِنْ جِدَارٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
حَتَّى لَوْ صَلَّى مَكِّيٌّ فِي بَيْتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَتْ الْجُدْرَانُ يَقَعُ اسْتِقْبَالُهُ عَلَى شَطْرِ الْكَعْبَةِ. كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ صَلَّى مُسْتَقْبِلًا بِوَجْهِهِ إلَى الْحَطِيمِ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَنْ كَانَ خَارِجًا عَنْ مَكَّةَ فَقِبْلَتُهُ جِهَةُ الْكَعْبَةِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَجِهَةُ الْكَعْبَةِ تُعْرَفُ بِالدَّلِيلِ وَالدَّلِيلُ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى الْمَحَارِيبُ الَّتِي نَصَبَهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَعَلَيْنَا اتِّبَاعُهُمْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَالسُّؤَالُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَأَمَّا فِي الْبِحَارِ وَالْمَفَاوِزِ فَدَلِيلُ الْقِبْلَةِ النُّجُومُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْمُعْتَبَرُ التَّوَجُّهُ إلَى مَكَانِ الْبَيْتِ دُونَ الْبِنَاءِ وَفِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ الصَّلَاةُ فِي الْآبَارِ الْعَمِيقَةِ وَالْجِبَالِ وَالتِّلَالِ الشَّامِخَةِ وَعَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْقِبْلَةَ مِنْ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ إلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بِحِذَاءِ الْكَعْبَةِ إلَى الْعَرْشِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ صَلَّى فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ أَوْ عَلَى سَطْحِهَا جَازَ إلَى أَيِّ جِهَةٍ تَوَجَّهَ
وَلَوْ صَلَّى عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ فَإِنْ كَانَ وَجْهُهُ إلَى سَطْحِ الْكَعْبَةِ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مَرِيضٌ صَاحِبُ فِرَاشٍ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُحَوِّلَ وَجْهَهُ وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ أَحَدٌ يُوَجِّهُهُ يُجْزِيهِ صَلَاتُهُ إلَى حَيْثُمَا شَاءَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا إذَا كَانَ يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُهُ وَلَكِنْ يَضُرُّهُ التَّحْوِيلُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَمَنْ كَانَ خَائِفًا يُصَلِّي إلَى أَيِّ جِهَةٍ قَدِرَ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَيَسْتَوِي فِيهِ الْخَوْفُ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبْعٍ أَوْ لِصٍّ وَكَذَا إذَا كَانَ عَلَى خَشَبَةٍ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ يَخَافُ الْغَرَقَ إذَا انْحَرَفَ إلَى الْقِبْلَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَلِكَ إذَا صَلَّى الْفَرِيضَةَ بِالْعُذْرِ عَلَى دَابَّةٍ وَالنَّافِلَةَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى أَيِّ جِهَةٍ تَوَجَّهَ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي سَفِينَةٍ تَطَوُّعًا أَوْ فَرِيضَةً
(1/63)
فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُمَا كَانَ وَجْهُهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ حَتَّى لَوْ دَارَتْ السَّفِينَةُ وَهُوَ يُصَلِّي تَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ حَيْثُ دَارَتْ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ
وَإِنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْهَا اجْتَهَدَ وَصَلَّى. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَخْطَأَ بَعْدَمَا صَلَّى لَا يُعِيدُهَا وَإِنْ عَلِمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ اسْتَدَارَ إلَى الْقِبْلَةِ وَبَنَى عَلَيْهَا. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَإِذَا كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَكَانِ عَالِمٌ بِالْقِبْلَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْهَا فَلَمْ يَسْأَلْهُ وَتَحَرَّى وَصَلَّى فَإِنْ أَصَابَ الْقِبْلَةَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَحَدُّ الْحَضْرَةِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ صَاحَ بِهِ سَمِعَهُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ
وَلَوْ اشْتَبَهَتْ الْقِبْلَةُ فِي الْمَفَازَةِ فَوَقَعَ اجْتِهَادُهُ إلَى جِهَةٍ فَأَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَنَّ الْقِبْلَةَ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَا مُسَافِرَيْنِ لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِهِمَا أَمَّا إذَا كَانَا مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِمَا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ تَحَرَّى وَصَلَّى إلَى غَيْرِ جِهَةِ التَّحَرِّي يُعِيدُهَا وَإِنْ أَصَابَ الْقِبْلَةَ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.
وَلَوْ صَلَّى إلَى جِهَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشُكَّ فِي أَمْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَعْلَمَ فَسَادَهُ بِيَقِينٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
فَإِنْ ظَهَرَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ أَخْطَأَ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتِمُّ وَلَا يَسْتَقْبِلُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَلَوْ شَكَّ وَلَمْ يَتَحَرَّ وَصَلَّى مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ فَإِنْ زَالَ الشَّكُّ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ أَصَابَ وَأَخْطَأَ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ وَإِلَّا فَإِنْ ظَهَرَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ يُعِيدُ وَإِنْ ظَهَرَتْ الْإِصَابَةُ مَضَى الْأَمْرُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
تَحَرَّى فَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ قِيلَ يُؤَخِّرُ وَقِيلَ يُصَلِّي إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ وَقِيلَ يُخَيَّرُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْأَصْوَبُ الْأَدَاءُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فَإِنْ صَلَّى إلَى جِهَةٍ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ جَازَ وَكَذَا إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَخْطَأَ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
لَوْ دَخَلَ بَلْدَةً وَعَايَنَ الْمَحَارِيبَ الْمَنْصُوبَةَ يُصَلِّي إلَيْهَا وَلَا يَتَحَرَّى وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَة وَلَهُ عِلْمٌ بِاسْتِدْلَالِ النُّجُومِ عَلَى الْقِبْلَةِ لَا يَتَحَرَّى. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ دَخَلَ مَسْجِدًا لَا مِحْرَابَ لَهُ وَقِبْلَتُهُ مُشْكِلَةٌ فَصَلَّى بِالتَّحَرِّي ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَخْطَأَ كَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى السُّؤَالِ مِنْ الْأَهْلِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ جَازَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ سَأَلَهُمْ فَلَمْ يُخْبِرُوهُ وَتَحَرَّى وَصَلَّى جَازَ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ بِالتَّحَرِّي فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَعَ أَبْوَابَ النَّاسِ لِلسُّؤَالِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً بِالتَّحَرِّي ثُمَّ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ إلَى الْجِهَةِ الْأُولَى اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُتِمُّ صَلَاتَهُ إلَى الْجِهَةِ الْأُولَى وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ صَلَّى فِي مَفَازَةٍ بِالتَّحَرِّي فَاقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ إنْ أَصَابَ الْإِمَامُ الْقِبْلَةَ جَازَتْ صَلَاتُهُمَا وَإِنْ أَخْطَأَ جَازَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ دُونَ الْمُقْتَدِي. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
رَجُلٌ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ بِمَكَّةَ بِأَنْ كَانَ مَحْبُوسًا وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ فَصَلَّى بِالتَّحَرِّي ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَقْيَسُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فَصَلَّى رَكْعَةً بِالتَّحَرِّي فَتَحَوَّلَ رَأْيُهُ إلَى جِهَةٍ فَصَلَّى الثَّانِيَةَ إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ. هَكَذَا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَجُوزُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً بِالتَّحَرِّي إلَى جِهَةٍ ثُمَّ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى اخْتَلَفَ
(1/64)
الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِالتَّحَرِّي وَاجْتِهَادُهُ كَانَ خَطَأً وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ ثُمَّ عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ قَدْ عَلِمَ بِحَالِهِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ فِي صَلَاتِهِ فَصَلَاةُ الْأَوَّلِ جَائِزَةٌ وَصَلَاةُ الدَّاخِلِ فَاسِدَةٌ الْأَعْمَى إذَا صَلَّى رَكْعَةً إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَحَوَّلَهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَاقْتَدَى بِهِ إنْ كَانَ الْأَعْمَى حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَجَدَ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فَلَمْ يَسْأَلْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْأَلُهُ جَازَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَفَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِمْ الْقِبْلَةُ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَهُمْ فِي بَيْتٍ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِمْ أَحَدٌ عَدْلٌ يَسْأَلُونَهُ وَلَيْسَ ثَمَّةَ عَلَامَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ كَانُوا فِي الْمَفَازَةِ فَتَحَرَّوْا جَمِيعًا وَصَلَّوْا إنْ صَلَّوْا وُحْدَانًا جَازَتْ صَلَاتُهُمْ أَصَابُوا الْقِبْلَةَ أَوْ لَا وَلَوْ صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ يُجْزِيهِمْ أَيْضًا إلَّا صَلَاةَ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ أَوْ عَلِمَ بِمُخَالَفَةِ إمَامِهِ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ صَلَّى إلَى جَانِبٍ آخَرَ غَيْرَ مَا صَلَّى إمَامَهُ قَوْمٌ صَلَّوْا فِي مَفَازَةٍ بِالتَّحَرِّي وَفِيهِمْ مَسْبُوقٌ وَلَاحِقٌ فَلَمَّا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ قَامَا يَقْضِيَانِ فَظَهَرَ لَهُمَا الْقِبْلَةُ خِلَافَ مَا رَأَى الْإِمَامُ أَمْكَنَ لِلْمَسْبُوقِ إصْلَاحُ صَلَاتِهِ بِأَنْ يُحَوِّلَ إلَى الْقِبْلَةِ دُونَ اللَّاحِقِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَجُوزُ التَّحَرِّي لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ كَمَا يَجُوزُ لِلصَّلَاةِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ) صَحَّ فَرْضُ الصَّلَاةِ وَنَفْلُهَا فِي الْكَعْبَةِ وَلَوْ صَلَّوْا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ بِجَمَاعَةٍ وَاسْتَدَارُوا حَوْلَ الْإِمَامِ فَمَنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى الْإِمَامِ أَوْ جَعَلَ وَجْهَهُ إلَى ظَهْرِهِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَا إنْ جَعَلَ وَجْهَهُ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ وَمَنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِ الْإِمَامِ لَمْ يَجُزْ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَمَنْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ يَسَارِهِ جَازَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَقْرَبَ إلَى الْجِدَارِ الَّذِي تَوَجَّهَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ الْأَمَامِ. كَذَا فِي الزَّادِ وَهَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ
وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَتَحَلَّقَ النَّاسُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَصَلَّوْا صَلَاةَ الْإِمَامِ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ أَقْرَبَ إلَى الْكَعْبَةِ مِنْ الْإِمَامِ جَازَتْ صَلَاتُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي جَانِبِ الْإِمَامِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ فِي الْكَعْبَةِ وَتَحَلَّقَ الْمُقْتَدُونَ حَوْلَهَا جَازَ إذَا كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ وَقَفَتْ امْرَأَةٌ بِحِذَاءِ الْإِمَامِ وَنَوَى الْإِمَامُ إمَامَتَهَا فَإِنْ اسْتَقْبَلَتْ الْجِهَةَ الَّتِي اسْتَقْبَلَهَا الْإِمَامُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ اسْتَقْبَلَتْ الْجِهَةَ الْأُخْرَى لَا تَفْسُدُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
مَنْ صَلَّى فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ رَكْعَةً إلَى جِهَةٍ وَرَكْعَةً إلَى جِهَةٍ وَرَكْعَةً أُخْرَى إلَى جِهَةٍ أُخْرَى لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَدْبِرًا عَنْ الْجِهَةِ الَّتِي صَارَتْ قِبْلَةً بِيَقِينٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي النِّيَّةِ]
النِّيَّةُ إرَادَةُ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَالشَّرْطُ أَنْ يَعْلَمَ بِقَلْبِهِ أَيَّ صَلَاةٍ يُصَلِّي وَأَدْنَاهَا مَا لَوْ سُئِلَ لَأَمْكَنَهُ أَنْ يُجِيبَ عَلَى الْبَدِيهَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يُجِيبَ إلَّا بِتَأَمُّلٍ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ وَلَا عِبْرَةَ لِلذِّكْرِ بِاللِّسَانِ فَإِنْ فَعَلَهُ لِتَجْتَمِعَ عَزِيمَةُ قَلْبِهِ فَهُوَ حَسَنٌ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَمَنْ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِ الْقَلْبِ يَكْفِيهِ اللِّسَانُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيَكْفِيهِ مُطْلَقُ النِّيَّةِ لِلنَّفْلِ وَالسُّنَّةِ وَالتَّرَاوِيحِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْجَوَابِ وَاخْتِيَارُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالِاحْتِيَاطُ فِي التَّرَاوِيحِ أَنْ يَنْوِيَ التَّرَاوِيحَ أَوْ سُنَّةَ الْوَقْتِ أَوْ قِيَامَ اللَّيْلِ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَالِاحْتِيَاطُ فِي السُّنَنِ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ مُتَابِعًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ الْوَاجِبَاتُ وَالْفَرَائِضُ لَا تَتَأَدَّى بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ إجْمَاعًا. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ فَيَقُولُ نَوَيْتُ ظُهْرَ الْيَوْمِ أَوْ عَصْرَ الْيَوْمِ أَوْ فَرْضَ الْوَقْتِ أَوْ ظُهْرَ الْوَقْتِ. كَذَا فِي شَرْحِ مُقَدِّمَةِ أَبِي اللَّيْثِ
وَلَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِ وَإِذَا نَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ جَازَ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَلَوْ نَوَى الظُّهْرَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ قِيلَ
(1/65)
يَجُوزُ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنَّمَا يُجْزِيهِ أَنْ يَنْوِيَ فَرْضَ الْوَقْتِ إذَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ أَمَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ إذَا صَلَّى وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِخُرُوجِهِ فَنَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ نَوَى ظُهْرَ يَوْمِهِ يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ خَرَجَ وَهُوَ مَخْلَصٌ لِمَنْ يَشُكُّ فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَفِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَنْوِي الصَّلَاةَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ وَفِي الْعِيدَيْنِ يَنْوِي صَلَاةَ الْعِيدِ وَفِي الْوِتْرِ يَنْوِي صَلَاةَ الْوِتْرِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَفِي الْغَايَةِ أَنَّهُ لَا يَنْوِي فِيهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَكَذَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِي الْمَنْذُورِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَدُ الرَّكَعَاتِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ.
حَتَّى لَوْ نَوَاهَا خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَقَعَدَ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ أَجْزَأَهُ وَتَلْغُو نِيَّةُ الْخَمْسِ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ.
وَنِيَّةُ الْكَعْبَةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَيُحْتَاجُ إلَى التَّعْيِينِ فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا. هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ كَانَتْ الْفَوَائِتُ كَثِيرَةً فَاشْتَغَلَ بِالْقَضَاءِ يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَنَحْوِهِمَا وَيَنْوِي أَيْضًا ظُهْرَ يَوْمِ كَذَا وَعَصْرَ يَوْمِ كَذَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فَإِنْ أَرَادَ تَسْهِيلَ الْأَمْرِ يَنْوِي أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَهَكَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى.
وَيُعَيِّنُ قَضَاءَ مَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ النَّفْلِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَفِي الْقَضَاءِ نَوَى أَنَّهَا سَبْتِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ أَحَدِيَّةٌ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَفِي الْوَقْتِ يَجُوزُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
عَزَمَ عَلَى الظُّهْرِ وَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ الْعَصْرُ يُجْزِيهِ كَذَا فِي شَرْحِ مُقَدِّمَةِ أَبِي اللَّيْثِ وَهَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ افْتَتَحَ الْمَكْتُوبَةَ فَظَنَّ أَنَّهَا تَطَوُّعٌ فَصَلَّى عَلَى نِيَّةِ التَّطَوُّعِ حَتَّى فَرَغَ فَالصَّلَاةُ هِيَ الْمَكْتُوبَةُ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَالْجَوَابُ بِالْعَكْسِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ ثُمَّ نَوَى التَّطَوُّعَ أَوْ الْعَصْرَ أَوْ الْفَائِتَةَ أَوْ الْجِنَازَةَ وَكَبَّرَ يَخْرُجُ عَنْ الْأَوَّلِ وَيَشْرَعُ فِي الثَّانِي وَالنِّيَّةُ بِدُونِ التَّكْبِيرِ لَيْسَ بِمُخْرِجٍ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
وَإِذَا صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ ثُمَّ كَبَّرَ يَنْوِي الظُّهْرَ فَهِيَ هِيَ وَيَجْتَزِئُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ هَذَا إذَا نَوَى بِقَلْبِهِ أَمَّا إذَا نَوَى بِلِسَانِهِ وَقَالَ: نَوَيْتُ أَنْ أُصَلِّيَ الظُّهْرَ انْتَقَضَ ظُهْرُهُ وَلَا يَجْتَزِئُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ كَبَّرَ لِلتَّطَوُّعِ ثُمَّ كَبَّرَ يَنْوِي بِهِ الْفَرْضَ يَصِيرُ شَارِعًا فِي الْفَرِيضَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْمُنْفَرِدُ يَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثِ نِيَّاتٍ: الصَّلَاةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَتَعْيِينِ أَنَّهَا أَيَّةُ صَلَاةٍ وَيَنْوِي الْقِبْلَةَ حَتَّى يَكُونَ جَائِزًا عِنْدَ الْكُلِّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالْإِمَامُ يَنْوِي مَا يَنْوِي الْمُنْفَرِدُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْإِمَامَةِ حَتَّى لَوْ نَوَى أَنْ لَا يَؤُمَّ فُلَانًا فَجَاءَ فُلَانٌ وَاقْتَدَى بِهِ جَازَ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يَصِيرُ إمَامًا لِلنِّسَاءِ إلَّا بِالنِّيَّةِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ مُقْتَدِيًا يَنْوِي مَا يَنْوِي الْمُنْفَرِدُ وَيَنْوِي الِاقْتِدَاءَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ لَا يَجُوزُ بِدُونِ النِّيَّةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ نَوَى الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فِي صَلَاتِهِ يُجْزِيهِ وَكَذَا لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ لَا غَيْرُ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَلَوْ نَوَى صَلَاةَ الْإِمَامِ أَوْ فَرْضَ الْإِمَامِ لَا يُجْزِيهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ بَعْدَمَا قَالَ الْإِمَامُ: اللَّهُ أَكْبَرُ حَتَّى يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِالْمُصَلِّي وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ حِينَ وَقَفَ الْإِمَامُ مَوْقِفَ الْإِمَامَةِ تَجُوزُ نِيَّتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ إسْمَاعِيلُ وَالْحَاكِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْكَاتِبُ وَهُوَ أَجْوَدُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ نَوَى الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ لَمْ يَشْرَعْ بَعْدُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ يَصِيرُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ إذَا شَرَعَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ نَوَى الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ شَرَعَ وَهُوَ لَمْ يَشْرَعْ لَمْ يَجُزْ. كَذَا اخْتَارَهُ قَاضِي خَانْ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ.
إذَا اقْتَدَى
(1/66)
بِالْإِمَامِ يَنْوِي صَلَاةَ الْإِمَامِ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ الْإِمَامَ فِي أَيَّةِ صَلَاةٍ فِي الظُّهْرِ أَوْ فِي الْجُمُعَةِ أَجْزَأَهُ أَيَّتُهَا كَانَتْ وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ وَلَكِنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا نَوَى الظُّهْرَ فَإِذَا هِيَ الْجُمُعَةُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا أَرَادَ الْمُقْتَدِي تَيْسِيرَ الْأَمْرِ عَلَى نَفْسِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَالِاقْتِدَاءَ بِهِ أَوْ يَنْوِيَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ مَا يُصَلِّي الْإِمَامُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَنَوَى الظُّهْرَ وَالْجُمُعَةَ جَمِيعًا بَعْضُهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ وَرَجَّحُوا نِيَّةَ الْجُمُعَةِ بِحُكْمِ الِاقْتِدَاءِ وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ أَنَّهُ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو أَوْ يَرَى أَنَّهُ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ كَانَ الْمُقْتَدِي يَرَى شَخْصَ الْإِمَامِ فَقَالَ اقْتَدَيْتُ بِهَذَا إلَّا مَا الَّذِي هُوَ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ لَا يَرَى شَخْصَ الْإِمَامِ فَقَالَ اقْتَدَيْت الْإِمَامَ الَّذِي هُوَ قَائِمٌ فِي الْمِحْرَابِ الَّذِي هُوَ عَبْدُ اللَّهِ فَإِذَا هُوَ جَعْفَرٌ جَازَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو لَمْ يَجُزْ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيَنْبَغِي لِلْمُقْتَدِي أَنْ لَا يُعَيِّنَ الْإِمَامَ عِنْدَ كَثْرَةِ الْقَوْمِ وَكَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَيِّنَ الْمَيِّتَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْمُصَلُّونَ سِتَّةٌ: مَنْ عَلِمَ الْفَرَائِضَ مِنْهَا وَالسُّنَنَ، وَعَلِمَ مَعْنَى الْفَرْضِ أَنَّهُ مَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ بِفِعْلِهِ وَالْعِقَابَ بِتَرْكِهِ وَالسُّنَّةُ مَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ بِفِعْلِهَا وَلَا يُعَاقَبُ بِتَرْكِهَا فَنَوَى الظُّهْرَ أَوْ الْفَجْرَ أَجْزَأَتْهُ وَأَغْنَتْ نِيَّةُ الظُّهْرِ عَنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ، وَالثَّانِي: مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَيَنْوِي الْفَرْضَ فَرْضًا وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ مَا فِيهِ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ يُجْزِيهِ، وَالثَّالِثُ: يَنْوِي الْفَرْضَ وَلَا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ لَا يُجْزِيهِ، وَالرَّابِعُ: عَلِمَ أَنَّ فِيمَا يُصَلِّيهَا النَّاسُ فَرَائِضُ وَنَوَافِلَ فَيُصَلِّي كَمَا يُصَلِّي النَّاسُ وَلَا يُمَيِّزُ الْفَرَائِضَ مِنْ النَّوَافِلِ لَا يُجْزِيهِ، وَالْخَامِسُ: اعْتَقَدَ أَنَّ الْكُلَّ فَرْضٌ جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَالسَّادِسُ: لَا يَعْلَمُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَى عِبَادِهِ صَلَوَاتٍ مَفْرُوضَةً وَلَكِنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا لِأَوْقَاتِهَا لَمْ يُجْزِهِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
مَنْ لَا يَعْلَمُ الْفَرْضَ مِنْ النَّفْلِ وَيَنْوِي الْفَرْضَ فِي كُلِّ مَا يُصَلِّي يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي صَلَاةٍ لَيْسَ لَهَا سُنَّةٌ قَبْلَهَا مِثْلُهَا كَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلَا يَصِحُّ فِي كُلِّ صَلَاةٍ قَبْلَهَا سُنَّةٌ مِثْلُهَا كَصَلَاةِ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلشُّرُوعِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالنِّيَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى التَّكْبِيرِ كَالْقَائِمَةِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْطَعُهُ وَهُوَ عَمَلٌ لَا يَلِيقُ بِالصَّلَاةِ. كَذَا فِي الْكَافِي.
حَتَّى لَوْ نَوَى ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَشَى إلَى الْمَسْجِدِ فَكَبَّرَ وَلَمْ يَحْضُرْهُ النِّيَّةُ جَازَ وَلَا يُعْتَدُّ بِالنِّيَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ التَّكْبِيرِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الرِّيَاءُ لَا يَدْخُلُ فِي الْفَرَائِضِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ افْتَتَحَ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى ثُمَّ دَخَلَ فِي قَلْبِهِ الرِّيَاءُ فَهُوَ عَلَى مَا افْتَتَحَ وَالرِّيَاءُ أَنَّهُ لَوْ خَلَا عَنْ النَّاسِ لَا يُصَلِّي وَلَوْ كَانَ مَعَ النَّاسِ يُصَلِّي لِيُرَائِيَ النَّاسَ فَأَمَّا لَوْ صَلَّى مَعَ النَّاسِ يُحْسِنُهَا وَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ لَا يُحْسِنُهَا فَلَهُ ثَوَابُ أَصْلِ الصَّلَاةِ دُونَ الْإِحْسَانِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فِي بَاب النَّوَافِل نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
رَجُلٌ انْتَهَى إلَى الْمَسْجِدِ لِيُصَلِّيَ الظُّهْرَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ فِي الْقَعْدَةِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا الْقَعْدَةُ الْأُولَى أَوْ الْأَخِيرَةُ فَاقْتَدَى بِهِ وَنَوَى أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْأُولَى اقْتَدَيْت بِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَخِيرَةَ مَا اقْتَدَيْت لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ، وَكَذَا لَوْ نَوَى إنْ كَانَتْ الْأُولَى اقْتَدَيْت بِهِ فِي الْفَرِيضَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَخِيرَةَ اقْتَدَيْت بِهِ فِي التَّطَوُّعِ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ فِي الْفَرِيضَةِ وَلَوْ انْتَهَى إلَيْهِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ فِي الْعِشَاءِ أَوْ فِي التَّرَاوِيحِ فَاقْتَدَى بِهِ وَنَوَى أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ اقْتَدَيْت بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرَاوِيحِ مَا اقْتَدَيْت لَا يَصِحُّ وَلَوْ نَوَى أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ اقْتَدَيْت بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرَاوِيحِ اقْتَدَيْت بِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ فِي التَّرَاوِيحِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ.
لَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا الْفَرِيضَةُ أَوْ التَّرَاوِيحُ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ الْعِشَاءَ اقْتَدَيْت بِهِ وَإِنْ كَانَتْ التَّرَاوِيحَ مَا اقْتَدَيْت بِهِ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْعِشَاءِ أَوْ فِي التَّرَاوِيحِ وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ فِي الْعِشَاءِ
(1/67)
اقْتَدَيْت بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرَاوِيحِ اقْتَدَيْت بِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ فِي التَّرَاوِيحِ أَوْ فِي الْعِشَاءِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَهَذَا الْبَابُ يَشْتَمِلُ عَلَى خَمْسَةِ فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي فَرَائِضِ الصَّلَاةِ]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ هَذَا الْبَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى خَمْسَةِ فُصُولٍ)
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي فَرَائِضِ الصَّلَاةِ) وَهِيَ سِتٌّ
(مِنْهَا التَّحْرِيمَةُ) وَهِيَ شَرْطٌ عِنْدَنَا حَتَّى أَنَّ مَنْ يُحْرِمُ لِلْفَرَائِضِ كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ التَّطَوُّعَ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ لِتَرْكِ التَّحَلُّلِ عَنْ الْفَرْضِ بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَأَمَّا بِنَاءُ الْفَرْضِ عَلَى تَحْرِيمَةِ فَرْضٍ آخَرَ فَلَا يَجُوزُ إجْمَاعًا وَكَذَا بِنَاءُ الْفَرْضِ عَلَى تَحْرِيمَةِ النَّفْلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ
وَلَوْ أَحْرَمَ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ فَأَلْقَاهَا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا أَوْ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ فَسَتَرَهَا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّكْبِيرِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ أَوْ شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ قَبْلَ ظُهُورِ الزَّوَالِ ثُمَّ ظَهَرَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا أَوْ مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ فَاسْتَقْبَلَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا جَازَ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ شَرَعَ بِالتَّسْبِيحِ أَوْ بِالتَّهْلِيلِ صَحَّ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَشْرَعَ بِالتَّكْبِيرِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَهَلْ يُكْرَهُ الشُّرُوعُ بِغَيْرِهِ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالُوا: يُكْرَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَالظَّهِيرِيَّةِ.
ثُمَّ الْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مَا تَجَرَّدَ لِلتَّعْظِيمِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى جَازَ الِافْتِتَاحُ بِهِ نَحْوُ اللَّهُ إلَهٌ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ غَيْرُهُ وَتَبَارَكَ اللَّهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إذَا قَالَ: اللَّهُ أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ، أَوْ الرَّحْمَنُ أَكْبَرُ أَجْزَأَهُ عِنْدَهُمَا أَمَّا إذَا قَالَ ابْتِدَاءً أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ أَوْ أَكْبَرُ وَلَمْ يَقْرِنْ اسْمَ اللَّهِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا بِالْإِجْمَاعِ.
هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ، يَصِيرُ شَارِعًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْمُحِيطَيْنِ وَلَوْ ذَكَرَ الِاسْمَ دُونَ الصِّفَةِ بِأَنْ قَالَ اللَّهُ أَوْ الرَّحْمَنُ أَوْ الرَّبُّ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ يَصِيرُ شَارِعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ وَالْمَشَايِخُ أَنَّ الشُّرُوعَ عِنْدَهُ بِالْأَسْمَاءِ الْخَاصَّةِ أَوْ بِهَا وَبِالْمُشْتَرَكَةِ كَالرَّحِيمِ وَالْكَرِيمِ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِكُلِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ. كَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْمَرْغِينَانِيُّ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ
وَلَوْ افْتَتَحَ بِاللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْظِيمٍ خَالِصٍ بَلْ هُوَ مَشُوبٌ بِحَاجَةِ الْعَبْدِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَوْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ أَوْ إنَّا لِلَّهِ أَوْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ لَا يَصِيرُ شَارِعًا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَبَّرَ مُتَعَجِّبًا وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّعْظِيمَ أَوْ أَرَادَ بِهِ جَوَابَ الْمُؤَذِّنِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَإِنْ نَوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ مَعَ أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ بِالْكَافِ الْفَارِسِيَّةِ يَصِيرُ شَارِعًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يَصِيرُ شَارِعًا بِالتَّكْبِيرِ إلَّا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ أَوْ فِيمَا هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الرُّكُوعِ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ حَتَّى لَوْ كَبَّرَ قَاعِدًا ثُمَّ قَامَ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ وَيَجُوزُ افْتِتَاحُ التَّطَوُّعِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيُحْرِمُ مُقَارِنًا لِتَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا بَعْدَمَا أَحْرَمَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا هَكَذَا فِي الْمَعْدِنِ قِيلَ لَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُقَارَنَةُ عَلَى قَوْلِهِ كَمُقَارَنَةِ حَرَكَةِ الْخَاتَمِ وَالْأُصْبُعِ وَالْبُعْدِيَّةُ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ يُوصِلَ الْمُقْتَدِي هَمْزَةَ اللَّهِ بِرَاءِ أَكْبَرَ. كَذَا فِي الْمُصَفَّى فِي بَابِ الْحَنَفِيَّةِ
فَإِنْ قَالَ الْمُقْتَدِي اللَّهُ أَكْبَرُ وَوَقَعَ قَوْلُهُ اللَّهُ مَعَ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ أَكْبَرُ وَقَعَ قَبْلَ قَوْلِ الْإِمَامِ ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ
(1/68)
أَبُو جَعْفَرٍ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ شَارِعًا عِنْدَهُمْ.
وَكَذَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: اللَّهُ كَانَ فِي قِيَامِهِ وَقَوْلَهُ: أَكْبَرُ وَقَعَ فِي رُكُوعِهِ لَا يَكُونُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُقْتَدِيَ لَوْ فَرَغَ مِنْ قَوْلِهِ اللَّهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَاتِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
إنْ كَبَّرَ قَبْلَ إمَامِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ يَصِيرُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
أَمَّا فَضِيلَةُ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ فَتَكَلَّمُوا فِي وَقْتِ إدْرَاكِهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى فَقَدْ أَدْرَكَ فَضِيلَةَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ. كَذَا فِي الْحَصْرِ فِي بَابِ أَبِي يُوسُفَ
وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَكَبَّرَ قَائِمًا وَهُوَ يُرِيدُ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَغَتْ نِيَّتُهُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَبَّرَ بِالْفَارِسِيَّةِ جَازَ. هَكَذَا فِي الْمُتُونِ سَوَاءٌ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ يُحْسِنُهَا يُكْرَهُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ جَمِيعُ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ مِنْ التَّشَهُّدِ وَالْقُنُوتِ وَالدُّعَاءِ وَتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَكَذَا كُلُّ مَا لَيْسَ بِعَرَبِيَّةٍ كَالتُّرْكِيَّةِ وَالزِّنْجِيَّةِ وَالْحَبَشِيَّةِ وَالنَّبَطِيَّةِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ الْوَبَرِيُّ وَالْأَخْرَسُ وَالْأُمِّيُّ الَّذِي لَا يُحْسِنُ شَيْئًا يَصِيرُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ وَلَا يَلْزَمُهُ التَّحْرِيكُ بِاللِّسَانِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَمِنْهَا الْقِيَامُ) وَهُوَ فَرْضٌ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَالْوِتْرِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفَرْضُهُ يَتَأَدَّى بِأَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ. كَذَا فِي الْكَافِي فِي آخِرِ فَصْلِ الْقِرَاءَةِ وَحَدُّ الْقِيَامِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إذَا مَدَّ يَدَيْهِ لَا يَنَالُ رُكْبَتَيْهِ.
وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ عَلَى إحْدَى الْقَدَمَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ وَلِلْعُذْرِ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَمِنْهَا الْقِرَاءَةُ) وَفَرْضُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَتَأَدَّى بِآيَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَتْ قَصِيرَةً. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْمُكْتَفِي بِهَا مُسِيءٌ. كَذَا فِي الْوِقَايَةِ ثُمَّ عِنْدَهُ إذَا قَرَأَ آيَةً قَصِيرَةً هِيَ كَلِمَاتٌ أَوْ كَلِمَتَانِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} [المدثر: 20] {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ فَلَوْ قَرَأَ آيَةً هِيَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ كَ {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] أَوْ آيَةً هِيَ حَرْفٌ كَصَادْ نُونْ قَافْ فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمَشَايِخِ. كَذَا فِي الْمُصَفَّى وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ.
إذَا قَرَأَ آيَةً طَوِيلَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ نَحْوَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَآيَةِ الْمُدَايَنَةِ الْبَعْضَ فِي رَكْعَةٍ وَالْبَعْضَ فِي أُخْرَى عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْكَافِي وَمُنْيَةِ الْمُصَلِّي.
وَأَمَّا حَدُّ الْقِرَاءَةِ فَنَقُولُ تَصْحِيحُ الْحُرُوفِ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنْ صَحَّحَ الْحُرُوفَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ لَا يَجُوزُ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي النُّقَايَةِ وَعَلَى هَذَا نَحْوُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالْبَيْعِ.
وَأَمَّا مَحِلُّ الْقِرَاءَةِ فَفِي الْفَرَائِضِ الرَّكْعَتَانِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُنَائِيًّا كَانَ أَوْ ثُلَاثِيًّا أَوْ رُبَاعِيًّا وَسَوَاءٌ كَانَتَا أُولَيَيْنِ أَوْ أُخْرَيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَتَيْنِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُ أَوْ قَرَأَ فِي وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ شَرْحِ النُّقَايَةِ وَفِي الْوِتْرِ وَالنَّفَلِ الرَّكَعَاتُ كُلُّهَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَرَأَ فِي حَالَةِ النَّوْمِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِالْفَارِسِيَّةِ إلَّا بِعُذْرٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَبِهِ يُفْتَى. هَكَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَيَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْفَارِسِيَّةِ وَبِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيُرْوَى رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِمَا وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْأَسْرَارِ هُوَ اخْتِيَارِي
(1/69)
وَفِي التَّحْقِيقِ هُوَ مُخْتَارُ عَامَّةِ الْمُحَقِّقِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ.
(وَمِنْهَا الرُّكُوعُ) وَقَدْرُ الْوَاجِبِ مِنْ الرُّكُوعِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ حَدَّهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إذَا مَدَّ يَدَيْهِ نَالَ رُكْبَتَيْهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا لَمْ يَرْكَعْ وَذَهَبَ مِنْ الْقِيَامِ إلَى السُّجُودِ بِغَيْرِ السُّنَّةِ بِأَنْ خَرَّ كَالْجَمَلِ فَذَلِكَ الِانْحِنَاءُ يُجْزِئُ عَنْ الرُّكُوعِ وَالْأَحْدَبُ إذَا بَلَغَتْ حُدُوبَتُهُ الرُّكُوعَ يُشِيرُ بِرَأْسِهِ لِلرُّكُوعِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالتَّجْنِيسِ وَأَمَّا وَقْتُهُ فَبَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَمِنْهَا السُّجُودُ) السُّجُودُ الثَّانِي فَرْضٌ كَالْأَوَّلِ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ
وَكَمَالُ السُّنَّةِ فِي السُّجُودِ وَضْعُ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ جَمِيعًا وَلَوْ وَضَعَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ إنْ كَانَ مِنْ عُذْرٍ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ دُونَ أَنْفِهِ جَازَ إجْمَاعًا وَيُكْرَهُ إنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَا: لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ وَضَعَ خَدَّهُ أَوْ ذَقَنَهُ لَا يَجُوزُ لَا فِي حَالَةِ الْعُذْرِ وَلَا فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنَّهُ فِي حَالَةِ الْعُذْرِ بِهِمَا يُومِئُ إيمَاءً وَلَا يَسْجُدُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنَّمَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَنْفِ إذَا سَجَدَ عَلَى مَا صَلُبَ مِنْهُ وَأَمَّا إذَا سَجَدَ عَلَى مَا لَانَ مِنْهُ وَهُوَ الْأَرْنَبَةُ فَلَا يَجُوزُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ
وَلَوْ سَجَدَ عَلَى الْحَشِيشِ أَوْ التِّبْنِ أَوْ عَلَى الْقُطْنِ أَوْ الطَّنْفَسَةِ أَوْ الثَّلْجِ إنْ اسْتَقَرَّتْ جَبْهَتُهُ وَأَنْفُهُ وَيَجِدُ حَجْمَهُ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَسْتَقِرَّ لَا وَلَوْ سَجَدَ عَلَى الْعِجْلَةِ إنْ كَانَتْ عَلَى الْبَقَرَةِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْأَرْضِ يَجُوزُ كَالسَّجْدَةِ عَلَى السَّرِيرِ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى الْعِرْزَالِ (1) وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كَازَّهُ يَجُوزُ كَالسَّرِيرِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا سَجَدَ عَلَى الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ جَازَ وَإِنْ سَجَدَ عَلَى الذُّرَةِ أَوْ الْجَاوْرَسِ أَوْ الدُّخْنِ أَوْ الْأَرُزِّ لَا يَجُوزُ فَإِنْ كَانَ الْأَرُزُّ أَوْ الْجَاوْرَسُ أَوْ الذُّرَةُ أَوْ الدُّخْنُ أَوْ الْمَحْلُوجُ فِي الْجُوَالِقِ جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ هُوَ فِي الصَّلَاةِ يَجُوزُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَيْسَ فِي صَلَاتِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى فَخِذِهِ إنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لَا يَجُوزُ بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى كَفِّهِ وَهِيَ عَلَى الْأَرْضِ جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ الْمَيِّتِ وَعَلَيْهِ لِبَدٌ إنْ وَجَدَ حَجْمَ الْمَيِّتِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَجْمَهُ جَازَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا كَانَ مَوْضِعُ السُّجُودِ أَرْفَعُ مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمَيْنِ بِقَدْرِ لَبِنَةٍ أَوْ لَبِنْتَيْنِ مَنْصُوبَتَيْنِ جَازَ وَإِنْ زَادَ لَمْ يَجُزْ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَحَدُّ اللَّبِنَةِ رُبْعُ ذِرَاعٍ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
فِي الْحُجَّةِ لَوْ كَانَ بِمَوْضِعِ سُجُودِهِ شَوْكٌ كَثِيرٌ أَوْ قُرَاضَاتُ زُجَاجَةٍ فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ مَوْضِعِ السُّجُودِ وَوَضَعَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ جَازَ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ سَجْدَةً أُخْرَى بَلْ الْكُلُّ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَوْ تَرَكَ وَضْعَ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ جَازَتْ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ
وَلَوْ سَجَدَ وَلَمْ يَضَعْ قَدَمَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ وَضَعَ إحْدَاهُمَا جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَوَضْعُ الْقَدَمِ بِوَضْعِ أَصَابِعِهِ وَإِنْ وَضَعَ أُصْبُعًا وَاحِدَةً فَلَوْ وَضَعَ ظَهْرَ الْقَدَمِ دُونَ الْأَصَابِعِ بِأَنْ كَانَ الْمَكَانُ ضَيِّقًا إنْ وَضَعَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى تَجُوزُ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ قَامَ عَلَى قَدَمٍ وَاحِدَةٍ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
لَوْ سَجَدَ وَهُوَ نَائِمٌ أَعَادَ السَّجْدَةَ وَلَوْ نَامَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ لَا يُعِيدُ شَيْئًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى حَجَرٍ صَغِيرٍ إنْ وَضَعَ أَكْثَرَ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَمِنْهَا الْقُعُودُ الْأَخِيرُ) مِقْدَارُ التَّشَهُّدِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ
(1/70)
هُوَ الصَّحِيحُ حَتَّى لَوْ فَرَغَ الْمُقْتَدِي قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَتَكَلَّمَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَالْقَعْدَةُ الْأَخِيرَةُ فَرْضٌ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ حَتَّى لَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي آخِرِهِمَا وَقَامَ وَذَهَبَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَأَمَّا الْخُرُوجُ بِصُنْعِ الْمُصَلِّي فَلَيْسَ بِفَرْضٍ هُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَأَكْثَرِ الْكُتُبِ
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي وَاجِبَات الصَّلَاةِ]
يَجِبُ تَعْيِينُ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ الْمَكْتُوبَتَيْنِ لِلْقِرَاءَةِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ دُونَ الْأُولَيَيْنِ أَوْ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ سَاهِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَتَجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَضَمُّ السُّورَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ فِي الْأُولَيَيْنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَفِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ النَّفْلِ وَالْوِتْرِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْفَاتِحَةِ عَلَى السُّورَةِ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
إذَا نَسِيَ الْفَاتِحَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَقَرَأَ السُّورَةَ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثُمَّ يَقْرَأُ السُّورَةَ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَمَنْ قَرَأَ فِي الْعِشَاءِ فِي الْأُولَيَيْنِ السُّورَةَ وَلَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ لَمْ يُعِدْ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ.
وَإِنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ يَجْهَرُ بِهِمَا هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
إذَا لَمْ يَقْرَأْ بِشَيْءٍ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ يَقْرَأُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ يَجْهَرُ بِهِمَا فِي قَوْلِهِمْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ سُجُودِ السَّهْوِ
وَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُمَا. هَكَذَا فِي الْمُنْيَةِ وَإِذَا قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا الْفَاتِحَةَ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْوَلَاءِ يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ.
وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ السُّورَةَ ثُمَّ الْفَاتِحَةَ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ
وَيَجِبُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِي كُلِّ فِعْلٍ مُكَرَّرٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالسُّجُودِ أَوْ جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَعَدَدِ الرَّكَعَاتِ حَتَّى لَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَقَضَاهَا فِي آخِرِ الصَّلَاةِ جَازَ وَكَذَا مَا يَقْضِيهِ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ أَوَّلُ صَلَاتِهِ عِنْدَنَا وَلَوْ كَانَ التَّرْتِيبُ فَرْضًا كَانَ آخِرًا. أَمَّا مَا شُرِعَ غَيْرَ مُكَرَّرٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ أَوْ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَالْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فَالتَّرْتِيبُ فِيهَا فَرْضٌ حَتَّى لَوْ رَكَعَ قَبْلَ الْقِيَامِ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةً أَوْ نَحْوَهَا بَطَلَ الْقُعُودُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الِاعْتِدَالَ فِي قَوْمَةِ الرُّكُوعِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَكَذَا الطُّمَأْنِينَةُ فِي الْجِلْسَةِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي
وَأَمَّا الِاعْتِدَالُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَكُلِّ رُكْنٍ هُوَ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى قَوْلِهِمَا. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَتَعْدِيلُ الْأَرْكَانِ هُوَ تَسْكِينُ الْجَوَارِحِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَأَدْنَاهُ قَدْرُ تَسْبِيحَةٍ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَالنَّهْرِ الْفَائِقِ وَتَجِبُ الْقَعْدَةُ الْأُولَى قَدْرَ التَّشَهُّدِ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَالثَّلَاثِ هُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيَجِبُ التَّشَهُّدُ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَكَذَا فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَهُوَ الصَّحِيحُ.
هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالتَّشَهُّدُ أَنْ يَقُولَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَهَذَا تَشَهُّدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالْأَخْذُ بِهَذَا أَوْلَى مِنْ الْأَخْذِ بِتَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ
(1/71)
وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ بِأَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ مَعَانِيَهَا الَّتِي وُضِعَتْ لَهَا مِنْ عِنْدِهِ كَأَنَّهُ يُحَيِّي اللَّهَ وَيُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ وَعَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ
وَيَجِبُ لَفْظُ السَّلَامِ. هَكَذَا فِي الْكَنْزِ.
وَيَجِبُ قِرَاءَةُ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ هُوَ الصَّحِيحُ حَتَّى يَجِبَ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهَا وَيَجِبُ الْجَهْرُ فِيمَا يُجْهَرُ وَالْمُخَافَتَةُ فِيمَا يُخَافَتُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَيُجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إنْ كَانَ إمَامًا وَيُخْفِيهَا فِيمَا بَعْدَ الْأُولَيَيْنِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيُخْفِيهَا الْإِمَامُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَإِنْ كَانَ بِعَرَفَةَ وَيَجْهَرُ بِالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَكَذَا يَجْهَرُ فِي التَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ إنْ كَانَ إمَامًا وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا إنْ كَانَتْ صَلَاةً يُخَافَتُ فِيهَا يُخَافِتُ حَتْمًا هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةً يُجْهَرُ فِيهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَالْجَهْرُ أَفْضَلُ وَلَكِنْ لَا يُبَالِغْ مِثْلَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْمِعُ غَيْرَهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يُجْهِدُ الْإِمَامُ نَفْسَهُ بِالْجَهْرِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ فَوْقَ حَاجَةِ النَّاسِ فَقَدْ أَسَاءَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يَجْهَرُ لِإِسْمَاعِ الْقَوْمِ لِيَدَّبَّرُوا فِي قِرَاءَتِهِ لِيَحْصُلَ إحْضَارُ الْقَلْبِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَالذِّكْرُ إنْ كَانَ وَجَبَ لِلصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُجْهَرُ بِهِ كَتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ فَمَا وُضِعَ لِلْعَلَامَةِ فَإِنَّهُ يُجْهَرُ بِهِ كَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالِ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ إذَا كَانَ إمَامًا وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ وَالْمُقْتَدِي فَلَا يَجْهَرَانِ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ جُهِرَ بِهِ وَكَذَا الْقُنُوتُ فِي مَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ الْإِخْفَاءَ وَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَلَا يُجْهَرُ بِهِ مِثْلُ التَّشَهُّدِ وَآمِينَ وَالتَّسْبِيحَاتِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
إذَا تَرَكَ صَلَاةَ اللَّيْلِ نَاسِيًا فَقَضَاهَا فِي النَّهَارِ وَأَمَّ فِيهَا وَخَافَتَ كَانَ عَلَيْهِ السَّهْوُ وَإِنْ أَمَّ لَيْلًا فِي صَلَاةِ النَّهَارِ يُخَافِتُ وَلَا يَجْهَرُ فَإِنْ جَهَرَ سَاهِيًا كَانَ عَلَيْهِ السَّهْوُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَالْمُنْفَرِدُ إذَا قَضَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ فَفِي الْجَهْرِ فِيمَا يُجْهَرُ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْجَهْرَ أَفْضَلُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ قَاضِي خَانْ هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْأَصْلِ رَجُلٌ يُصَلِّي وَحْدَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ وَاقْتَدَى بِهِ بَعْدَمَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَهَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ ثَانِيًا وَيَجْهَرُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا نَوَافِلُ النَّهَارِ فَيُخْفِي فِيهَا حَتْمًا وَفِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ يَتَخَيَّرُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَدْنَى الْجَهْرِ أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ وَأَدْنَى الْمُخَافَتَةِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَعَلَى هَذَا يُعْتَمَدُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ تُجَاوِزُ شَفَتَيْهِ حَتَّى لَوْ قَرَّبَ إنْسَانٌ صِمَاخَهُ مِنْ فَمِهِ يَدْخُلُ صَوْتُهُ فِي أُذُنِهِ وَفَهِمَ مَا يَقْرَأُ فَهَذِهِ مَجْمَجَةٌ (1) . كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ وَآدَابِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا]
(سُنَنُهَا) رَفْعُ الْيَدَيْنِ لِلتَّحْرِيمَةِ، وَنَشْرُ أَصَابِعِهِ، وَجَهْرُ الْإِمَامِ بِالتَّكْبِيرِ، وَالثَّنَاءُ، وَالتَّعَوُّذُ، وَالتَّسْمِيَةُ، وَالتَّأْمِينُ سِرًّا، وَوَضْعُ يَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ تَحْتَ سُرَّتِهِ، وَتَكْبِيرُ الرُّكُوعِ وَتَسْبِيحُهُ ثَلَاثًا، وَأَخْذُ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ، وَتَفْرِيجُ أَصَابِعِهِ، وَتَكْبِيرُ السُّجُودِ وَالرَّفْعِ، وَكَذَا الرَّفْعُ نَفْسُهُ، وَتَسْبِيحُهُ ثَلَاثًا، وَوَضْعُ يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَافْتِرَاشُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصْبُ الْيُمْنَى، وَالْقَوْمَةُ، وَالْجِلْسَةُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَا الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِمَا قَدْرَ تَسْبِيحَةٍ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءُ.
(وَآدَابُهَا) نَظَرُهُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ حَالَ الْقِيَامِ وَإِلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ حَالَةَ الرُّكُوعِ وَإِلَى أَرْنَبَتِهِ حَالَةَ
(1/72)
السُّجُودِ وَإِلَى حِجْرِهِ حَالَةَ الْقُعُودِ وَعِنْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى إلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَعِنْدَ الثَّانِيَةِ إلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ وَكَظْمُ فَمِهِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ وَإِخْرَاجُ كَفَّيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ وَدَفْعُ السُّعَالِ مَا اسْتَطَاعَ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَكَيْفِيَّتُهَا) إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِإِبْهَامَيْهِ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ وَبِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ فُرُوعَ أُذُنَيْهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ عِنْدَ التَّكْبِيرِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَسْتَقْبِلُ بِبُطُونِ كَفَّيْهِ الْقِبْلَةَ وَيَنْشُرُ أَصَابِعَهُ وَيَرْفَعُهُمَا فَإِذَا اسْتَقَرَّتَا فِي مَوْضِعِ مُحَاذَاةِ الْإِبْهَامَيْنِ شَحْمَتَيْ الْأُذُنَيْنِ يُكَبِّرُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ عَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالرَّفْعُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ هُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَكَذَا تَكْبِيرَاتُ الْقُنُوتِ وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَلَا يَرْفَعُهُمَا فِي تَكْبِيرَةٍ سِوَاهَا. كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ فَلَوْ رَفَعَ عِنْدَنَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْمَرْأَةُ تَرْفَعُ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهَا هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَإِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ لَا يَضُمُّ أَصَابِعَهُ كُلَّ الضَّمِّ وَلَا يُفَرِّجُ كُلَّ التَّفْرِيجِ بَلْ يَتْرُكُهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَيْنَ الضَّمِّ وَالتَّفْرِيجِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَبَّرَ وَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ التَّكْبِيرِ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ التَّكْبِيرِ يَرْفَعُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَسْنُونِ رَفَعَهُمَا قَدْرَ مَا يُمْكِنُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى رَفَعَهَا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّفْعُ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى الْمَسْنُونِ رَفَعَهُمَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ مَدَّ أَلِفَ اللَّهِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا وَخِيفَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ إنْ كَانَ قَاصِدًا وَكَذَا لَوْ مَدَّ أَلِفَ أَكْبَرَ أَوْ بَاءَهُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا وَلَوْ مَدَّ هَاءَ اللَّهِ فَهُوَ خَطَأُ لُغَةٍ وَكَذَا لَوْ مَدَّ رَاءَهُ وَمَدُّ لَامِ اللَّهِ صَوَابٌ وَجَزْمُ الْهَاءِ خَطَأٌ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِذَا قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ بِمَدِّ هَمْزَةِ اللَّهِ أَوْ هَمْزَةِ أَكْبَرَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِمَكَانِ الشَّكِّ وَإِذَا وَسَّطَ الْأَلِفَ بَيْنَ الْبَاءِ وَالرَّاءِ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
(وَوَضْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى تَحْتَ السُّرَّةِ) كَمَا فَرَغَ مِنْ التَّكْبِيرِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ نَاقِلًا عَنْ الْإِمَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمَرْأَةُ تَضَعُهُمَا عَلَى ثَدْيَيْهَا. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ كُلُّ قِيَامٍ فِيهِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ فَالسُّنَّةُ فِيهِ الِاعْتِمَادُ كَمَا فِي حَالَةِ الثَّنَاءِ وَالْقُنُوتِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَكُلُّ قِيَامٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ كَمَا فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ فَالسُّنَّةُ فِيهِ الْإِرْسَالُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَالصَّدْرُ الْكَبِيرُ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُرْسِلُ اتِّفَاقًا فِي قَوْمَةِ الرُّكُوعِ إذْ الذِّكْرُ سُنَّةُ الِانْتِقَالِ لَا الْقَوْمَةِ. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ اسْتَحْسَنَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالْوَضْعِ.
كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْمُصَفَّى هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَضَعَ بَاطِنَ كَفِّهِ الْيُمْنَى عَلَى ظَاهِرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَيَأْخُذَ الرُّسْغَ بِالْخِنْصَرِ وَالْإِبْهَامِ وَيُرْسِلَ الْبَاقِيَ عَلَى الذِّرَاعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ فِي قِيَامِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ إمَامًا كَانَ أَوْ مُقْتَدِيًا أَوْ مُنْفَرِدًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْأَصْلِ وَلَا فِي النَّوَادِرِ وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَلَا يَأْتِي بِهِ فِي الْفَرَائِضِ.
وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُوَجَّهُ بَعْدَ التَّحْرِيمَةِ وَلَا بَعْدَ الثَّنَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْتِيَ بِالتَّوَجُّهِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ لِتَتَّصِلَ النِّيَّةُ بِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
(ثُمَّ يَتَعَوَّذُ) وَصُورَتُهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَبِهِ يُفْتَى. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالسُّنَّةُ فِيهِ الْإِخْفَاءُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ التَّعَوُّذُ تَبَعٌ لِلْقِرَاءَةِ دُونَ الثَّنَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ
(1/73)
تَعَالَى حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ الْمَسْبُوقُ إذَا قَامَ إلَى الْقَضَاءِ دُونَ الْمُقْتَدِي، وَيُؤَخَّرُ عَنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَكْثَرِ الْمُتُونِ وَالتَّعَوُّذُ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ لَا غَيْرُ فَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَنَسِيَ التَّعَوُّذَ حَتَّى قَرَأَ الْفَاتِحَةَ لَا يَتَعَوَّذُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(ثُمَّ يَأْتِي بِالتَّسْمِيَةِ) وَيُخْفِيهَا وَهِيَ مِنْ الْقُرْآنِ آيَةٌ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِيمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَتَأَدَّى بِهَا فَرْضُ الْقِرَاءَةِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَيَأْتِي بِهَا فِي أَوَّلِ كُلِّ رَكْعَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْحُجَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا يُسَمِّي بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ. هَكَذَا فِي الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
(ثُمَّ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ) . كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إذَا فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَالَ آمِينَ وَالسُّنَّةُ فِيهِ الْإِخْفَاءُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْمُنْفَرِدُ وَالْإِمَامُ سَوَاءٌ وَكَذَا الْمَأْمُومُ إذَا سَمِعَ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَفِي آمِينَ لُغَتَانِ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ وَمَعْنَاهُ اسْتَجِبْ وَالتَّشْدِيدُ خَطَأٌ فَاحِشٌ.
وَلَوْ قَالَ: آمِينَ، بِالْمَدِّ وَالتَّشْدِيدِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ لَوْ سَمِعَ الْمُقْتَدِي مِنْ الْإِمَامِ {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فِي صَلَاةٍ لَا يُجْهَرُ فِيهَا مِثْلِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا يُؤَمِّنُ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ يُؤَمِّنُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ إذَا سَمِعَ الْمُقْتَدِي مِنْ الْمُقْتَدِينَ التَّأْمِينَ قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ يُؤَمِّنُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى.
(ثُمَّ يَضُمُّ إلَى الْفَاتِحَةِ سُورَةً أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ) . هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَالْآيَةُ الطَّوِيلَةُ تَقُومُ مَقَامَهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَيَرْكَعُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ مُنْتَصِبٌ) هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَيُكَبِّرُ مَعَ الِانْحِطَاطِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ تَكْبِيرِهِ عِنْدَ أَوَّلِ الْخُرُورِ وَالْفَرَاغُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ لِلرُّكُوعِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَجْزِمُ الرَّاءَ مِنْ التَّكْبِيرِ.
كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيَعْتَمِدُ بِيَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيُفَرِّجُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَلَا يُنْدَبُ إلَى التَّفْرِيجِ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَا إلَى الضَّمِّ إلَّا فِي حَالَةِ السُّجُودِ وَفِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ يُتْرَكُ عَلَى الْعَادَةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَبْسُطُ ظَهْرَهُ حَتَّى لَوْ وُضِعَ عَلَى ظَهْرِهِ قَدَحٌ مِنْ مَاءٍ لَاسْتَقَرَّ وَلَا يُنَكِّسُ رَأْسَهُ وَلَا يَرْفَعُ يَعْنِي يُسَوِّي رَأْسَهُ بِعَجُزِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَحْنِيَ رُكْبَتَيْهِ شِبْهَ الْقَوْسِ وَالْمَرْأَةُ تَنْحَنِي فِي الرُّكُوعِ يَسِيرًا وَلَا تَعْتَمِدُ وَلَا تُفَرِّجُ أَصَابِعَهَا وَلَكِنْ تَضُمُّ يَدَيْهَا وَتَضَعُ عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَضْعًا وَتَحْنِي رُكْبَتَيْهَا وَلَا تُجَافِي عَضُدَيْهَا.
كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَيَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا وَذَلِكَ أَدْنَاهُ فَلَوْ تَرَكَ التَّسْبِيحَ أَصْلًا أَوْ أَتَى بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً يَجُوزُ وَيُكْرَهُ فَإِذَا اطْمَأَنَّ رَاكِعًا (رَفَعَ رَأْسَهُ) فَإِنْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ تَجُوزُ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ كَانَ إمَامًا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا يَأْتِي بِالتَّحْمِيدِ وَلَا يَأْتِي بِالتَّسْمِيعِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِمَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَجْمَعُ يَأْتِي بِالتَّسْمِيعِ حَالَ الِارْتِفَاعِ وَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا قَالَ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ.
كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ سُئِلَ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَمَّنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ الرَّفْعِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ لَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَمَا اسْتَوَى قَائِمًا وَكَذَا كُلُّ ذِكْرٍ يُؤْتَى بِهِ فِي حَالِ الِانْتِقَالِ لَا يُؤْتَى بِهِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ كَالتَّكْبِيرِ الَّذِي يُؤْتَى بِهِ عِنْدَ الِانْحِطَاطِ مِنْ الْقِيَامِ إلَى الرُّكُوعِ أَوْ مِنْ الرُّكُوعِ إلَى السُّجُودِ وَكَذَا لَا يَأْتِي بِبَقِيَّةِ تَسْبِيحَةِ
(1/74)
السُّجُودِ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ بَلْ الْوَاجِبُ أَنْ يُرَاعَى كُلُّ شَيْءٍ فِي مَحَلِّهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهْ يَقُولُ الْهَاءَ بِالْجَزْمِ وَلَا يُبَيِّنُ الْحَرَكَةَ فِي الْهَاءِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.
(ثُمَّ إذَا اسْتَوَى قَائِمًا كَبَّرَ وَسَجَدَ) . كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيُكَبِّرُ فِي حَالَةِ الْخُرُورِ وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَذَلِكَ أَدْنَاهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثَّلَاثِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بَعْدَ أَنْ يَخْتِمَ بِالْوِتْرِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَالْأَدْنَى فِيهِمَا ثَلَاثُ مَرَّاتٍ وَالْأَوْسَطُ خَمْسُ مَرَّاتٍ وَإِلَّا كَمَّلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. كَذَا فِي الزَّادِ وَإِنْ كَانَ إمَامًا لَا يَزِيدُ عَلَى وَجْهٍ يُمِلُّ الْقَوْمَ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالُوا إذَا أَرَادَ السُّجُودَ يَضَعُ أَوَّلًا مَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ أَنْفَهُ ثُمَّ جَبْهَتَهُ.
وَإِذَا أَرَادَ الرَّفْعَ يَرْفَعُ أَوَّلًا جَبْهَتَهُ ثُمَّ أَنْفَهُ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ حَافِيًا أَمَّا إذَا كَانَ مُتَخَفِّفًا فَلَا يُمْكِنُهُ وَضْعُ الرُّكْبَتَيْنِ أَوَّلًا فَيَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ وَيُقَدِّمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَضَعُ يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَكَذَا أَصَابِعُ رِجْلَيْهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَى رَاحَتَيْهِ وَيُبْدِي ضَبْعَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُجَافِي بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَرْأَةُ لَا تُجَافِي فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَتَقْعُدُ عَلَى رِجْلَيْهَا وَفِي السَّجْدَةِ تَفْتَرِشُ بَطْنَهَا عَلَى فَخِذَيْهَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ إلَّا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَهِيَ كَالرَّجُلِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُكَبِّرُ) وَالسُّنَّةُ فِيهِ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا وَلَيْسَ فِي هَذَا الْجُلُوسِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ عِنْدَنَا. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَوِ جَالِسًا وَسَجَدَ أُخْرَى أَجْزَأَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ رَفْعُ الرَّأْسِ مِنْ السَّجْدَةِ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَإِنَّمَا الرُّكْنُ هُوَ الِانْتِقَالُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَدَاءُ الثَّانِيَةِ إلَّا بِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِقَالُ إلَى الثَّانِيَةِ إلَّا بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ فَلَزِمَهُ رَفْعُهُ حَتَّى لَوْ أَمْكَنَهُ الِانْتِقَالُ مِنْ غَيْرِ رَفْعِ الرَّأْسِ بِأَنْ سَجَدَ عَلَى وِسَادَةٍ وَأُزِيلَتْ الْوِسَادَةُ حَتَّى وَقَعَتْ جَبْهَتُهُ عَلَى الْأَرْضِ أَجْزَأَهُ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الرَّفْعِ فَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ إنْ كَانَ إلَى الْأَرْضِ أَقْرَبَ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْهُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِقْدَارَ مَا يُسَمَّى رَافِعًا جَازَ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
(ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَنْحَطُّ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ) وَيُسَبِّحُ فِيهَا مِثْلَ مَا سَبَّحَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(ثُمَّ إذَا فَرَغَ مِنْ السَّجْدَةِ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ) وَلَا يَقْعُدُ وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ عِنْدَ قِيَامِهِ وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتَرْكُ الِاعْتِمَادِ مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ لَيْسَ بِهِ عُذْرٌ عِنْدَنَا عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ قَعَدَ وَاعْتَمَدَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَفْتِحُ وَلَا يَتَعَوَّذُ. كَذَا فِي الْقُدُورِيِّ.
(وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى) وَجَلَسَ عَلَيْهَا وَنَصَبَ الْيُمْنَى نَصْبًا وَوَجَّهَ أَصَابِعَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَبَسَطَ أَصَابِعَهُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَأْخُذُ الرُّكْبَةَ هُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ جَلَسَتْ عَلَى أَلْيَتِهَا الْيُسْرَى وَأَخْرَجَتْ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
(وَيَقْرَأُ تَشَهُّدَ ابْنِ مَسْعُودٍ) . كَذَا فِي الْكَافِي وَلَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا انْتَهَى إلَى قَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يُشِيرُ بِالْمُسَبِّحَةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُشِيرُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ الْكُبْرَى
(1/75)
وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ لَا يَرَوْنَ الْإِشَارَةَ وَكَرِهَهَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ قَامَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ) وَفِي الْجَلَّابِيِّ وَالْقِيَامُ مِنْ الْقَعْدَةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ كَالْقِيَامِ مِنْ السَّجْدَةِ وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْتَمِدَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَإِذَا قَامَ يَفْعَلُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي مَا فَعَلَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فَقَطْ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَإِنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ وَالتَّسْبِيحَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ وَلَا سَجْدَتَا السَّهْوِ إنْ كَانَ سَاهِيًا لَكِنَّ الْقِرَاءَةَ أَفْضَلُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَاتِ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالسُّكُوتُ مَكْرُوهٌ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَيَجْلِسُ فِي الْأَخِيرَةِ) كَمَا جَلَسَ فِي الْأُولَى. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَتَشَهَّدُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَسُئِلَ مُحَمَّدٌ عَنْ كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكَتْ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ مُحَمَّدًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَغْفِرُ لِنَفْسِهِ وَلِأَبَوَيْهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ وَهُوَ سُنَّةٌ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ يَقُولُ: رَبَّنَا آتِنَا إلَى آخِرِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَدْعُو بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ وَمَا لَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ كَقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ يُشْبِهُ كَلَامَهُمْ، وَمَا يَسْتَحِيلُ كَقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَقَوْلُهُ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَلَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِهَذَا اللَّفْظِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي مَالًا عَظِيمًا تَفْسُدُ، وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي الْعِلْمَ وَالْحَجَّ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ فِي الصَّلَاةِ بِدُعَاءٍ مَحْفُوظٍ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ مَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ يُفْسِدُ إنَّمَا يُفْسِدُ إذَا لَمْ يَقْعُدْ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا إذَا قَعَدَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَمِنْ الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ مَا رُوِيَ «عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي فَقَالَ: قُلْ اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتَ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَدْعُو بِكَلِمَاتٍ مِنْهُنَّ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ الْمُصَلِّي بَعْدَ ذِكْرِ الصَّلَاةِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقْبَلْ دُعَاءِ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.
(ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ) تَسْلِيمَةً عَنْ يَمِينِهِ وَتَسْلِيمَةً عَنْ يَسَارِهِ وَيُحَوِّلُ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَجْهَهُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ وَفِي التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْسَرِ وَفِي الْقُنْيَةِ هُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ الْمُخْتَارُ أَنْ يَكُونَ السَّلَامُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَكَذَلِكَ فِي التَّشَهُّدِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَا يَقُولُ فِي هَذَا السَّلَامِ فِي آخِرِهِ وَبَرَكَاتُهُ عِنْدَنَا وَالسُّنَّةُ فِي السَّلَامِ أَنْ تَكُونَ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ أَخْفَضُ مِنْ الْأُولَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ. كَذَا فِي
(1/76)
التَّبْيِينِ وَإِنْ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ فَقَامَ فَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ يَقْعُدُ وَيُسَلِّمُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ لَا يَأْتِي بِهَا. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
وَلَوْ سَلَّمَ أَوَّلًا عَنْ يَسَارِهِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَا يُعِيدُ السَّلَامَ عَنْ يَسَارِهِ.
وَلَوْ سَلَّمَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ يُسَلِّمُ عَنْ يَسَارِهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
اخْتَلَفُوا فِي تَسْلِيمِ الْمُقْتَدِي قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُخْتَارُ أَنْ يَنْتَظِرَ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ عَنْ يَمِينِهِ يُسَلِّمُ الْمُقْتَدِي عَنْ يَمِينِهِ وَإِذَا فَرَغَ عَنْ يَسَارِهِ يُسَلِّمُ الْمُقْتَدِي عَنْ يَسَارِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَنْوِي مَنْ عِنْدَهُ مِنْ الْحَفَظَةِ وَالْمُسْلِمِينَ فِي جَانِبَيْهِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَا يَنْوِي النِّسَاءَ فِي زَمَانِنَا وَلَا مَنْ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُقْتَدِي يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْإِمَامِ مَعَ نِيَّةِ مَنْ ذَكَرْنَا فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ نَوَاهُ فِيهِمْ وَإِنْ كَانَ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ نَوَاهُ فِيهِمْ وَإِنْ كَانَ بِحِذَائِهِ نَوَاهُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَنْوِيهِ فِيهِمَا.
كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الْفَتَاوَى هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْمُنْفَرِدُ يَنْوِي الْحَفَظَةَ لَا غَيْرُ وَلَا يَنْوِي فِي الْمَلَائِكَةِ عَدَدًا مَحْصُورًا. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كُرِهَ لَهُ الْمُكْثُ قَاعِدًا لَكِنَّهُ يَقُومُ إلَى التَّطَوُّعِ وَلَا يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِ الْفَرِيضَةِ وَلَكِنْ يَنْحَرِفُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً أَوْ يَتَأَخَّرُ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إلَى بَيْتِهِ يَتَطَوَّعُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا أَوْ يُصَلِّي وَحْدَهُ إنْ لَبِثَ فِي مُصَلَّاهُ يَدْعُو جَازَ وَكَذَلِكَ إنْ قَامَ إلَى التَّطَوُّعِ فِي مَكَانِهِ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ انْحَرَفَ يَمْنَةً وَيَسْرَةً جَازَ وَالْكُلُّ سَوَاءٌ وَفِي صَلَاةٍ لَا تَطَوُّعَ بَعْدَهَا كَالْفَجْرِ وَالْعَصْرِ يُكْرَهُ الْمُكْثُ قَاعِدًا فِي مَكَانِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سَمَّى هَذَا بِدْعَةً ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ذَهَبَ وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ فِي مِحْرَابِهِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهُوَ أَفْضَلُ وَيَسْتَقْبِلُ الْقَوْمَ بِوَجْهِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحِذَائِهِ مَسْبُوقٌ فَإِنْ كَانَ يَنْحَرِفُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَالصَّيْفُ وَالشِّتَاءُ سَوَاءٌ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْحُجَّةِ الْإِمَامُ إذَا فَرَغَ مِنْ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يَشْرَعُ فِي السُّنَّةِ وَلَا يَشْتَغِلُ بِأَدْعِيَةٍ طَوِيلَةٍ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْقِرَاءَةِ]
سُنَّتُهَا حَالَةَ الِاضْطِرَارِ فِي السَّفَرِ وَهُوَ أَنْ يَدْخُلَهُ خَوْفٌ أَوْ عَجَلَةٌ فِي سَيْرِهِ أَنْ يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَيِّ سُورَةٍ شَاءَ وَحَالَةَ الِاضْطِرَارِ فِي الْحَضَرِ وَهُوَ ضِيقُ الْوَقْتِ أَوْ الْخَوْفُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَنْ يَقْرَأَ قَدْرَ مَا لَا يَفُوتُهُ الْوَقْتُ أَوْ الْأَمْنُ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَسُنَّتُهَا حَالَةَ الِاخْتِيَارِ فِي السَّفَرِ بِأَنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ وَهُوَ فِي أَمْنَةٍ وَقَرَارٍ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْفَجْرِ سُورَةَ الْبُرُوجِ أَوْ مِثْلَهَا لِيَحْصُلَ الْجَمْعُ بَيْنَ مُرَاعَاةِ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ وَتَخْفِيفِهَا الْمُرَخَّصِ فِي السَّفَرِ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَفِي الظُّهْرِ مِثْلُهُ وَفِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ دُونَهُ وَفِي الْمَغْرِبِ بِالْقِصَارِ جِدًّا هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَسُنَّتُهَا فِي الْحَضَرِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسِينَ آيَةً سِوَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي الظُّهْرِ ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِثْلُ الْفَجْرِ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَوْ دُونَهُ وَفِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ عِشْرِينَ آيَةً سِوَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي الْمَغْرِبِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سُورَةً قَصِيرَةً. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاسْتَحْسَنُوا فِي الْحَضَرِ طِوَالَ الْمُفَصَّلِ فِي الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ وَأَوْسَاطَهُ فِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَقِصَارَهُ فِي الْمَغْرِبِ. كَذَا فِي الْوِقَايَةِ.
وَطِوَالُ الْمُفَصَّلِ مِنْ الْحُجُرَاتِ إلَى الْبُرُوجِ وَالْأَوْسَاطُ مِنْ سُورَةِ الْبُرُوجِ إلَى لَمْ يَكُنْ وَالْقِصَارُ مِنْ سُورَةِ لَمْ يَكُنْ إلَى الْآخِرِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْوِقَايَةِ وَمُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَفِي الْيَتِيمَةِ إذَا كَانَ يُؤَدِّي الْعَصْرَ فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَسْتَوْفِي الْقِرَاءَةَ الْمَسْنُونَةَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَمْ يَتَوَقَّفْ فِي الْوِتْرِ شَيْءٌ سِوَى الْفَاتِحَةِ.
كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فَمَا قَرَأَ فِيهِ فَهُوَ حَسَنٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ
(1/77)
لَكِنْ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَوْتَرَ بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» فَيَقْرَأُ أَحْيَانًا هَذَا لِلتَّبَرُّكِ وَأَحْيَانًا غَيْرَ ذَلِكَ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ هِجْرَانِ بَاقِي الْقُرْآنِ. كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَلَا يَزِيدُ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَلَا يُثْقِلُ عَلَى الْقَوْمِ وَلَكِنْ يُخَفِّفُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّمَامِ وَالِاسْتِحْبَابِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ الطَّحَاوِيِّ.
وَإِطَالَةُ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ الْفَجْرِ مَسْنُونَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُطَوِّلَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَفِي الْحُجَّةِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ لِلْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدَانِ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَبَعْدَ هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، الثُّلُثَانِ فِي الْأُولَى وَالثُّلُثُ فِي الثَّانِيَةِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى بِثَلَاثِينَ آيَةً وَفِي الثَّانِيَةِ بِقَدْرِ عَشْرِ آيَاتٍ أَوْ عِشْرِينَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا لِبَيَانِ الْأَوْلَى وَأَمَّا لِبَيَانِ الْحُكْمِ فَالتَّفَاوُتُ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا بِأَنْ قَرَأَ فِي الْأُولَى سُورَةً طَوِيلَةً وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ لَا بَأْسَ بِهِ.
كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا خِلَافَ أَنَّ إطَالَةَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى مَكْرُوهَةٌ إنْ كَانَتْ بِثَلَاثِ آيَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَتْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ التَّطْوِيلُ يُعْتَبَرُ بِالْآيِ إنْ كَانَتْ مُتَقَارِبَةً وَإِنْ كَانَتْ الْآيَاتُ مُتَفَاوِتَةً مِنْ حَيْثُ الطُّولِ وَالْقِصَرِ يُعْتَبَرُ بِالْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَيُكْرَهُ أَنْ يُوَقِّتَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ لِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ وَالْإِسْبِيجَابِيّ هَذَا إذَا رَآهُ حَتْمًا وَاجِبًا بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ أَوْ رَأَى قِرَاءَةَ غَيْرِهِ مَكْرُوهَةً وَأَمَّا إذَا قَرَأَ لِأَجْلِ الْيُسْرِ عَلَيْهِ أَوْ تَبَرُّكًا بِقِرَاءَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا كَرَاهِيَةَ فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقْرَأَ غَيْرُهُ أَحْيَانًا لِئَلَّا يَظُنَّ الْجَاهِلُ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يَجُوزُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً كَامِلَةً فِي الْمَكْتُوبَةِ فَإِنْ عَجَزَ الْآنَ يَقْرَأُ السُّورَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ فِي رَكْعَةٍ وَالْبَعْضَ فِي رَكْعَةٍ قِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ وَلَوْ فَعَلَ لَا بَأْسَ بِهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ وَسَطِ سُورَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ سُورَةٍ وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِنْ وَسَطِ سُورَةٍ أُخْرَى أَوْ مِنْ آخِرِ سُورَةٍ أُخْرَى لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَلَكِنْ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ.
كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْحُجَّةِ لَوْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى آخِرَ سُورَةٍ وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سُورَةً قَصِيرَةً كَمَا لَوْ قَرَأَ {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة: 285] فِي رَكْعَةٍ وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فِي رَكْعَةٍ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قِرَاءَةُ آخِرِ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ بِتَمَامِهَا إنْ كَانَ آخِرُهَا أَكْثَرَ آيَةً مِنْ السُّورَةِ وَإِنْ كَانَتْ السُّورَةُ أَكْثَرَ آيَةً فَقِرَاءَتُهَا أَفْضَلُ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً طَوِيلَةً مِثْلَ آيَةِ الْمُدَايَنَةِ أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ قِرَاءَةَ ثَلَاثِ آيَاتٍ أَوْلَى إذَا بَلَغَتْ الْآيَاتُ مِقْدَارَ أَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ سُورَتَيْنِ بَيْنَهُمَا سُوَرٌ أَوْ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ يُكْرَهُ وَأَمَّا فِي رَكْعَتَيْنِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُوَرٌ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَتْ السُّورَةُ طَوِيلَةً لَا يُكْرَهُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ كَمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سُورَتَانِ قَصِيرَتَانِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُكْرَهُ أَصْلًا وَإِذَا قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ سُورَةً وَفِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى أَوْ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ سُورَةً فَوْقَ تِلْكَ السُّورَةِ يُكْرَهُ وَكَذَا إذَا قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ آيَةً ثُمَّ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى أَوْ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ آيَةً أُخْرَى فَوْقَ تِلْكَ الْآيَةِ وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ آيَتَيْنِ بَيْنَهُمَا آيَاتٌ أَوْ آيَةٌ وَاحِدَةٌ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي رَكْعَتَيْنِ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي السُّوَرِ
(1/78)
كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
هَذَا كُلُّهُ فِي الْفَرَائِضِ وَأَمَّا فِي السُّنَنِ فَلَا يُكْرَهُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ سُورَةً وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى سُورَةً أُخْرَى بَيْنَهُمَا سُورَةٌ أَوْ قَرَأَ سُورَةً فَوْقَ تِلْكَ السُّورَةِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَمْضِي فِي قِرَاءَتِهَا وَلَا يَتْرُكُ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ افْتَتَحَ سُورَةً وَقَصَدَ سُورَةً أُخْرَى فَلَمَّا قَرَأَ آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ السُّورَةَ وَيَفْتَتِحَ الَّتِي أَرَادَهَا يُكْرَهُ وَكَذَا لَوْ قَرَأَ أَقَلَّ مِنْ آيَةٍ وَإِنْ كَانَ حَرْفًا وَلَوْ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْقِرَاءَةِ لَا بَأْسَ مَا لَمْ يَرْكَعْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَحْدَهَا فِي الصَّلَاةِ أَوْ الْفَاتِحَةَ وَمَعَهَا آيَةٌ أَوْ آيَتَيْنِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ مَنْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي الصَّلَاةِ إذَا فَرَغَ مِنْ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ يَرْكَعُ ثُمَّ إذَا قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَشَيْءٍ مِنْ الْبَقَرَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْحُجَّةِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالْقِرَاءَاتِ السَّبْعَةِ وَالرِّوَايَاتِ كُلِّهَا جَائِزَةٌ وَلَكِنِّي أَرَى الصَّوَابَ أَنْ لَا يَقْرَأَ الْقِرَاءَةَ الْعَجِيبَةَ بِالْإِمَالَاتِ وَالرِّوَايَاتِ الْغَرِيبَةِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
صَلَّى التَّطَوُّعَ قَاعِدًا فَإِذَا أَرَادَ الرُّكُوعَ قَامَ وَرَكَعَ فَالْأَفْضَلُ حِينَ قَامَ أَنْ يَقْرَأَ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ وَاسْتَوَى قَائِمًا وَرَكَعَ جَازَ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا وَرَكَعَ لَمْ يَجُزْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي زَلَّةِ الْقَارِئِ]
(مِنْهَا) وَصْلُ حَرْفٍ مِنْ كَلِمَةٍ بِحَرْفٍ مِنْ كَلِمَةٍ أُخْرَى إنْ وَصَلَ حَرْفًا مِنْ كَلِمَةٍ بِحَرْفٍ مِنْ كَلِمَةٍ أُخْرَى نَحْوَ إنْ قَرَأَ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَوَصَلَ الْكَافَ بِالنُّونِ أَوْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَوَصَلَ الْبَاءَ بِالْعَيْنِ أَوْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَوَصَلَ الْهَاءَ مِنْ اللَّهِ بِاللَّامِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَمِنْهَا) ذِكْرُ حَرْفٍ مَكَانَ حَرْفٍ إنْ ذَكَرَ حَرْفًا مَكَانَ حَرْفٍ وَلَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى بِأَنْ قَرَأَ إنْ الْمُسْلِمُونَ إنْ الظَّالِمُونَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى فَإِنْ أَمْكَنَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ كَالطَّاءِ مَعَ الصَّادِ فَقَرَأَ الطَّالِحَاتِ مَكَانَ الصَّالِحَاتِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ كَالظَّاءِ مَعَ الضَّادِ وَالصَّادِ مَعَ السِّينِ وَالطَّاءِ مَعَ التَّاءِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ أَفْتَوْا بِهِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ وَالْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَاصِمٍ: إنْ تَعَمَّدَ فَسَدَتْ وَإِنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ أَوْ كَانَ لَا يَعْرِفُ التَّمَيُّزَ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقَاوِيلِ وَالْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ بَعْضَ الْحُرُوفِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْهَدَ وَلَا يُعْذَرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَا يَنْطِقُ لِسَانُهُ فِي بَعْضِ الْحُرُوفِ إنْ لَمْ يَجِدْ آيَةً لَيْسَ فِيهَا تِلْكَ الْحُرُوفُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَلَا يَؤُمُّ غَيْرَهُ وَإِنْ وَجَدَ آيَةً لَيْسَ فِيهَا تِلْكَ الْحُرُوفِ فَقَرَأَهَا جَازَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ قَرَأَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا تِلْكَ الْحُرُوفُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَمِنْهَا) حَذْفُ حَرْفٍ إنْ كَانَ الْحَذْفُ عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَازِ وَالتَّرْخِيمِ فَإِنْ وَجَدَ شَرَائِطَهُ نَحْوَ أَنْ قَرَأَ وَنَادَوْا يَا مَالُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْإِيجَازِ وَالتَّرْخِيمِ فَإِنْ كَانَ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ بِتَرْكِ التَّاءِ مِنْ جَاءَتْ وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ فَمَا لَهُمْ يُؤْمِنُونَ فِي لَا يُؤْمِنُونَ بِتَرْكِ لَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ هُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَنَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ فَرَأَيْت فَحَذَفَ الْأَلِفَ مِنْ أَفَرَأَيْت وَوَصَلَ نُونَ يُظْلَمُونَ بِفَاءِ أَفَرَأَيْت، وَأَنْ يَقْرَأَ {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104] فَحَذَفَ الْأَلِفَ مِنْ أَنَّهُمْ وَوَصَلَ النُّونَ بِالنُّونِ لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلٍ فِي حَذْفِ مَا هُوَ مُظْهَرٌ وَفِي إظْهَارِ مَا هُوَ مَحْذُوفٌ.
(وَمِنْهَا) زِيَادَةُ حَرْفٍ إنْ زَادَ حَرْفًا فَإِنْ كَانَ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَانْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ بِزِيَادَةِ الْيَاءِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا
(1/79)
فَيَجْزِمُ الْمِيمَ مِنْ هُمْ وَيُظْهِرُ الْأَلِفَ مِنْ الَّذِينَ وَكَانَتْ الْأَلِفُ مَحْذُوفَةً فَلَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ وَكَذَا نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فَأَظْهَرَ الْأَلِفَ وَكَانَتْ مَحْذُوفَةً وَأَظْهَرَ اللَّامَ وَكَانَتْ مُدْغَمَةً فِي الذَّالِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَزَرَابِيبُ مَبْثُوثَةٌ مَكَانَ وَزَرَابِيُّ أَوْ مَثَانِينَ مَكَانَ مَثَانِيَ أَوْ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَإِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، وَإِنَّك بِزِيَادَةِ الْوَاوِ تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَمِنْهَا) ذِكْرُ كَلِمَةٍ مَكَانَ كَلِمَةٍ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ إنْ كَانَتْ الْكَلِمَةُ الَّتِي قَرَأَهَا مَكَانَ كَلِمَةٍ يَقْرُبُ مَعْنَاهَا وَهِيَ فِي الْقُرْآنِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ نَحْوُ إنْ قَرَأَ مَكَانَ الْعَلِيمِ الْحَكِيمَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ فِي الْقُرْآنِ لَكِنْ يَقْرُبُ مَعْنَاهَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَفْسُدُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْسُدُ نَحْوُ إنْ قَرَأَ التَّيَّابِينَ مَكَانَ التَّوَّابِينَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ فِي الْقُرْآنِ وَلَا تَتَقَارَبَانِ فِي الْمَعْنَى تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ إذَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ تَسْبِيحًا وَلَا تَحْمِيدًا وَلَا ذِكْرًا وَإِنْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ وَلَكِنْ لَا تَتَقَارَبَانِ فِي الْمَعْنَى نَحْوُ إنْ قَرَأَ وَعْدًا عَلَيْنَا إنَّا كُنَّا غَافِلِينَ مَكَان فَاعِلِينَ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَوْ اعْتَقَدَهُ يَكْفُرُ تَفْسُدُ عِنْدَ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ نَسَبَ إلَى غَيْرِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ مَرْيَمَ ابْنَةَ غَيْلَانَ تَفْسُدُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ مَرْيَمَ ابْنَةَ لُقْمَانَ وَمُوسَى بْنِ عِيسَى لَا تَفْسُدُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَلَوْ قَرَأَ عِيسَى بْنَ لُقْمَانَ تَفْسُدُ وَلَوْ قَرَأَ مُوسَى بْنَ لُقْمَانَ لَا؛ لِأَنَّ عِيسَى لَا أَبَ لَهُ وَمُوسَى لَهُ أَبٌ إلَّا أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي الِاسْمِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
(وَمِنْهَا) زِيَادَةُ كَلِمَةٍ لَا عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ الْكَلِمَةُ الزَّائِدَةُ إنْ غَيَّرَتْ الْمَعْنَى وَوُجِدَتْ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَكَفَرُوا بِاَللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [آل عمران: 178] وَإِجْمَالًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْ الْمَعْنَى فَإِنْ كَانَتْ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ إنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا لَا تَفْسُدُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَتُفَّاحٌ وَرُمَّانٌ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ
(وَمِنْهَا) تَكْرَارُ الْحَرْفِ أَوْ الْكَلِمَةِ إنْ كَرَّرَ حَرْفًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ إظْهَارُ تَضْعِيفٍ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ وَمَنْ يَرْتَدَّ وَإِنْ كَانَ زِيَادَةً نَحْوَ أَنْ يَقْرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِثَلَاثِ لَامَاتٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَرَّرَ الْكَلِمَةَ فَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَعْنَى لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ رَبِّ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْ مَالِكِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(وَمِنْهَا) الْخَطَأُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ إنْ قَدَّمَ كَلِمَةً عَلَى كَلِمَةٍ أَوْ أَخَّرَ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَعْنَى لَا تَفْسُدُ نَحْوُ إنْ قَرَأَ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَعْنَى نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ إنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي جَحِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي نَعِيمٍ فَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهَا تَفْسُدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ قَدَّمَ كَلِمَتَيْنِ عَلَى كَلِمَتَيْنِ فَفِي مَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْمَعْنَى تَفْسُدُ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ إنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَخَافُوهُمْ وَلَا تَخَافُونِ، وَفِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ لَا تَفْسُدُ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ يَوْمَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ وَتَبْيَضُّ وُجُوهٌ، وَلَوْ قَدَّمَ حَرْفًا عَلَى حَرْفٍ إنْ تَغَيَّرَ الْمَعْنَى تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَعَفْصٍ مَكَانَ عَصْفٍ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَا تَفْسُدُ كَمَا إذَا قَرَأَ غُثَاءً أَوْحَى مَكَان أَحْوَى هُوَ الْمُخْتَارُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَمِنْهَا ذِكْرُ آيَةٍ مَكَانَ آيَةٍ) لَوْ ذَكَرَ آيَةً مَكَانَ آيَةٍ إنْ وَقَفَ وَقْفًا تَامًّا ثُمَّ ابْتَدَأَ بِآيَةٍ أُخْرَى أَوْ بِبَعْضِ آيَةٍ لَا تَفْسُدُ كَمَا لَوْ قَرَأَ {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الإِنْسَانَ} [العصر: 1 - 2] ثُمَّ قَالَ {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: 13] ، أَوْ قَرَأَ {وَالتِّينِ} [التين: 1] إلَى قَوْلِهِ {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ} [التين: 3] وَوَقَفَ ثُمَّ قَرَأَ {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4] أَوْ قَرَأَ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البينة: 7] وَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ {أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6] لَا تَفْسُدُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَقِفْ وَوَصَلَ - إنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى - نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الكهف: 107] فَلَهُمْ جَزَاءً
(1/80)
الْحُسْنَى مَكَانَ قَوْلِهِ {كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا} [الكهف: 107] لَا تَفْسُدُ. أَمَّا إذَا غَيَّرَ الْمَعْنَى بِأَنْ قَرَأَ " إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ " إلَى قَوْلِهِ " خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ " تَفْسُدُ عِنْدَ عَامَّةِ عُلَمَائِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَمِنْهَا الْوَقْفُ وَالْوَصْلُ وَالِابْتِدَاءُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا) إذَا وَقَفَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْوَقْفِ أَوْ ابْتَدَأَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الِابْتِدَاءِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ الْمَعْنَى تَغَيُّرًا فَاحِشًا نَحْوَ أَنْ يَقْرَأَ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البينة: 7] وَوَقَفَ ثُمَّ ابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ {أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] لَا تَفْسُدُ بِالْإِجْمَاعِ بَيْنَ عُلَمَائِنَا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إنْ وَصَلَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْوَصْلِ كَمَا لَوْ لَمْ يَقِفْ عِنْدَ قَوْلِهِ أَصْحَابِ النَّارِ بَلْ وَصَلَ بِقَوْلِهِ {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} [غافر: 7] لَا تَفْسُدُ لَكِنَّهُ قَبِيحٌ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ تَغَيَّرَ بِهِ الْمَعْنَى تَغَيُّرًا فَاحِشًا نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ} [آل عمران: 18] وَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ: {إِلا هُوَ} [آل عمران: 18] لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ عَامَّةِ عُلَمَائِنَا وَعِنْدَ الْبَعْضِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ بِكُلِّ حَالٍ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ السَّعِيدُ النَّجِيبُ أَبُو بَكْرٍ إذَا فَرَغْت مِنْ الْقِرَاءَةِ وَتُرِيدُ أَنْ تُكَبِّرَ لِلرُّكُوعِ، إنْ كَانَ الْخَتْمُ بِالثَّنَاءِ فَالْوَصْلُ بِاَللَّهِ أَكْبَر أَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالثَّنَاءِ فَالْفَصْلُ أَوْلَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكوثر: 3] . هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
(وَمِنْهَا اللَّحْنُ فِي الْإِعْرَابِ) إذَا لَحَنَ فِي الْإِعْرَابِ لَحْنًا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى بِأَنْ قَرَأَ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتُكُمْ بِرَفْعِ التَّاءِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى تَغْيِيرًا فَاحِشًا بِأَنْ قَرَأَ وَعَصَى آدَمَ رَبُّهُ بِنَصْبِ الْمِيمِ وَرَفْعِ الرَّبِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ تَعَمَّدَ بِهِ يَكْفُرُ. إذَا قَرَأَ خَطَأً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيّ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. وَمَا قَالَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ أَحْوَطُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ يَكُونُ كُفْرًا وَمَا يَكُونُ كُفْرًا لَا يَكُونُ مِنْ الْقُرْآنِ وَمَا قَالَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَوْسَعُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ إعْرَابٍ وَإِعْرَابٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَبِهِ يُفْتَى. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
(وَمِنْهَا تَرْكُ التَّشْدِيدِ وَالْمَدِّ فِي مَوْضِعِهِمَا) لَوْ تَرَكَ التَّشْدِيدَ فِي قَوْلِهِ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أَوْ قَرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَسْقَطَ التَّشْدِيدَ عَلَى الْبَاءِ. الْمُخْتَارُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ أَنَّهَا تَفْسُدُ وَأَمَّا تَرْكُ الْمَدِّ إنْ كَانَ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى بِأَنْ قَرَأَ أُولَئِكَ بِلَا مَدٍّ وَإِنَّا أَعْطَيْنَاك بِدُونِ الْمَدِّ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ يُغَيِّرُ بِأَنْ قَرَأَ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ الْمَدِّ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ دُعَاءً وَنِدَاءً الْمُخْتَارُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ كَمَا فِي تَرْكِ التَّشْدِيدِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ شَدَّدَ فِي {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ} [الزمر: 32] قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَفْسُدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
(وَمِنْهَا تَرْكُ الْإِدْغَامِ وَالْإِتْيَانُ بِهِ) إذَا أَتَى بِالْإِدْغَامِ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يُدْغِمْهُ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ وَيُقَبِّحُ الْعِبَارَةَ وَيُخْرِجُهَا عَنْ مَعْرِفَةِ مَعْنَى الْكَلِمَةِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} [آل عمران: 12] بِإِدْغَامِ الْغَيْنِ فِي اللَّامِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَتَى بِالْإِدْغَامِ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يُدْغِمْهُ أَحَدٌ إلَّا أَنَّ الْمَعْنَى لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ وَيُفْهِمُ مَا يُفْهَمُ مَعَ الْإِظْهَارِ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {قُلْ سِيرُوا} [الأنعام: 11] بِإِدْغَامِ اللَّامِ فِي السِّينِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِذَا تَرَكَ الْإِدْغَامَ نَحْوُ أَنْ يَقْرَأَ {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] بِفَكِّ الْإِدْغَامِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ فَحُشَ مِنْ حَيْثُ الْعِبَارَةُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَمِنْهَا الْإِمَالَةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا) إذَا قَرَأَ {بِسْمِ اللَّهِ} [الفاتحة: 1] بِالْإِمَالَةِ أَوْ قَرَأَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] بِالْإِمَالَةِ وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَمِنْهَا الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ مَا فِي الْمُصْحَفِ الَّذِي جَمَعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ بِغَيْرِ مَا فِي الْمُصْحَفِ الْمَعْرُوفِ مَا لَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ إذَا لَمْ يَكُنْ دُعَاءً وَلَا ثَنَاءً فِي نَفْسِهِ وَإِنْ قَرَأَ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ فَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا تَفْسُدُ
(1/81)
وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْسُدُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ فِي هَذَا أَنَّهُ إذَا قَرَأَ بِمَا فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ أَمَّا صَلَاتُهُ فَلَا تَفْسُدُ حَتَّى لَوْ قَرَأَ مَعَ ذَلِكَ شَيْئًا مِمَّا فِي مُصْحَفِ الْعَامَّةِ مِقْدَارَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ
(وَمِنْهَا ذِكْرُ بَعْضِ الْحُرُوفِ مِنْ الْكَلِمَةِ) إذَا ذَكَرَ بَعْضَ الْكَلِمَةِ وَمَا أَتَمَّهَا إمَّا لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ أَوْ لِأَنَّهُ نَسِيَ الْبَاقِيَ ثُمَّ تَذَكَّرَ الْبَاقِي نَحْوُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَلَمَّا قَالَ أَلْ انْقَطَعَ نَفَسُهُ أَوْ نَسِيَ الْبَاقِيَ ثُمَّ تَذَكَّرَ وَقَالَ حَمْدُ لِلَّهِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَاقِي نَحْوُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَالسُّورَةَ ثُمَّ نَسِيَ قِرَاءَتَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ فَلَمَّا قَالَ أَلْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ قَرَأَ فَتَرَكَ ذَلِكَ وَرَكَعَ أَوْ ذَكَرَ بَعْضَ الْكَلِمَةِ وَتَرَكَ تِلْكَ الْكَلِمَةَ وَذَكَرَ كَلِمَةً أُخْرَى فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا أَوْ مَا شَاكَلَهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ إنْ ذَكَرَ شَطْرَ كَلِمَةٍ لَوْ ذَكَرَ كُلَّهَا يُوجِبُ ذَلِكَ فَسَادَ الصَّلَاةِ فَذِكْرُ شَطْرِهَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ وَإِنْ ذَكَرَ شَطْرَ كَلِمَةٍ لَوْ ذَكَرَ كُلَّهَا لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ فَذِكْرُ شَطْرِهَا لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ.
هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَلِلشَّطْرِ حُكْمُ الْكُلِّ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنْ كَانَ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الشَّطْرِ وَجْهٌ صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ وَلَا يَكُونُ لَغْوًا وَلَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوجِبَ فَسَادَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ الشَّطْرُ الْمَقْرُوءُ لَا مَعْنَى لَهُ وَيَكُونُ لَغْوًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَغْوًا وَلَكِنْ يَكُونُ مُغَيِّرًا لِلْمَعْنَى يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَصَارَ كَالتَّنَحْنُحِ الْمَدْفُوعِ فِي الصَّلَاةِ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ إذَا خَفَضَ بَعْضَ حُرُوفِ الْكَلِمَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَلْوَى الْعَامَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي الصَّلَاةِ بِالْأَلْحَانِ إنْ غَيَّرَ الْكَلِمَةَ تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي حُرُوفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ لَا تَفْسُدُ إلَّا إذَا فَحُشَ وَإِنْ قَرَأَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ وَعَامَّتُهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَكَرِهُوا الِاسْتِمَاعَ أَيْضًا. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الصَّلَاةَ إذَا جَازَتْ مِنْ وُجُوهٍ فَسَدَتْ مِنْ وَجْهٍ يَحْكُمُ بِالْفَسَادِ احْتِيَاطًا إلَّا فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ لِلنَّاسِ عُمُومَ الْبَلْوَى. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(وَمِنْهَا إدْخَالُ التَّأْنِيثِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى) إذَا قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210] بِالتَّاءِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَدِيبُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ التَّأْنِيثَ لَا يَجُوزُ إدْخَالُهُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] وَقَوْلِهِ {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3] وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ وَحَكَى عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهَا لَا تُفْسِدُ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ هَا هُنَا فِعْلُ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا صَحَّحُوا مَا ذَكَرَهُ الْفَضْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ ذَكَرَ فِي الْفَوَائِدِ لَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ بِخَطَأٍ فَاحِشٍ ثُمَّ رَجَعَ وَقَرَأَ صَحِيحًا قَالَ عِنْدِي صَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَكَذَلِكَ الْإِعْرَابُ وَلَوْ قَرَأَ النَّصْبَ مَكَانَ الرَّفْعِ وَالرَّفْعَ مَكَانَ النَّصْبِ أَوْ الْخَفْضَ مَكَانَ الرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. .
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْإِمَامَةِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجَمَاعَةِ]
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْإِمَامَةِ)
وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجَمَاعَةِ) الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. كَذَا فِي الْمُتُونِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحِيطِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَفِي الْغَايَةِ قَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: إنَّهَا وَاجِبَةٌ وَفِي الْمُفِيدِ وَتَسْمِيَتُهَا سُنَّةً لِوُجُوبِهَا بِالسُّنَّةِ وَفِي الْبَدَائِعِ تَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ الْعُقَلَاءِ الْبَالِغِينَ الْأَحْرَارِ الْقَادِرِينَ عَلَى الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ، وَإِذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ لَا يَجِبُ
(1/82)
عَلَيْهِ الطَّلَبُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا لَكِنْ إنْ أَتَى مَسْجِدًا آخَرَ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَحَسَنٌ وَإِنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ فَحَسَنٌ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَجْمَعُ فِي أَهْلِهِ وَيُصَلِّي بِهِمْ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ مَسْجِدَ حَيِّهِ أَنْ يَتْبَعَ الْجَمَاعَاتِ وَإِنْ دَخَلَهُ صَلَّى فِيهِ.
وَتَسْقُطُ الْجَمَاعَةُ بِالْأَعْذَارِ حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُقْعَدِ وَالزَّمِنِ وَمَقْطُوعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ وَمَقْطُوعِ الرِّجْلِ وَالْمَفْلُوجِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ الْعَاجِزِ وَالْأَعْمَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْمَطَرِ وَالطِّينِ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ وَالظُّلْمَةِ الشَّدِيدَةِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَتَسْقُطُ بِالرِّيحِ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ وَأَمَّا بِالنَّهَارِ فَلَيْسَتْ الرِّيحُ عُذْرًا وَكَذَا إذَا كَانَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ كَانَ إذَا خَرَجَ يَخَافُ أَنْ يَحْبِسَهُ غَرِيمَهُ فِي الدَّيْنِ أَوْ يُرِيدُ سَفَرًا وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَيَخْشَى أَنْ تَفُوتَهُ الْقَافِلَةُ أَوْ كَانَ قَيِّمًا لِمَرِيضٍ أَوْ يَخَافُ ضَيَاعَ مَالِهِ وَكَذَا إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ صَلَاتُهُ وَنَفْسُهُ تَتُوقُ إلَيْهِ، وَكَذَا إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَنَفْسُهُ تَتُوقُ إلَيْهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الْمَسْجِدُ إذَا كَانَ لَهُ إمَامٌ مَعْلُومٌ وَجَمَاعَةٌ مَعْلُومَةٌ فِي مَحِلِّهِ فَصَلَّى أَهْلُهُ فِيهِ بِالْجَمَاعَةِ لَا يُبَاحُ تَكْرَارُهَا فِيهِ بِأَذَانٍ ثَانٍ أَمَّا إذَا صَلَّوْا بِغَيْرِ أَذَانٍ يُبَاحُ إجْمَاعًا وَكَذَا فِي مَسْجِدِ قَارِعَةِ الطَّرِيقِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ إذَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَهُوَ جَمَاعَةٌ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ صَبِيٌّ عَاقِلٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ
التَّطَوُّعُ بِالْجَمَاعَةِ إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي يُكْرَهُ وَفِي الْأَصْلِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ أَمَّا إذَا صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: إنْ كَانَ سِوَى الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ لَا يُكْرَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْأَرْبَعِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ]
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ) الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ أَعْلَمُهُمْ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ هَذَا إذَا عَلِمَ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَدْرَ مَا تَقُومُ بِهِ سُنَّةُ الْقِرَاءَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَمْ يُطْعَنْ فِي دِينِهِ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَيَجْتَنِبُ الْفَوَاحِشَ الظَّاهِرَةَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَوْرَعَ مِنْهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَإِنْ كَانَ مُتَبَحِّرًا فِي عِلْمِ الصَّلَاةِ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَظٌّ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ فَهُوَ أَوْلَى. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ تَسَاوَوْا فَأَقْرَؤُهُمْ أَيْ أَعْلَمُهُمْ بِعِلْمِ الْقِرَاءَةِ يَقِفُ فِي مَوْضِعِ الْوَقْفِ وَيَصِلُ فِي مَوْضِعِ الْوَصْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ التَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَغَيْرِهِمَا. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
فَإِنْ تَسَاوَوْا فَأَوْرَعُهُمْ فَإِنْ تَسَاوَوْا فَأَسَنُّهُمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فِي السِّنِّ فَأَحْسَنُهُمْ خُلُقًا فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَأَحْسَبُهُمْ فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَأَصْبَحُهُمْ وَجْهًا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَيْ أَكْثَرُهُمْ صَلَاةً بِاللَّيْلِ. كَذَا فِي الْكَافِي فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْحُسْنِ فَأَشْرَفُهُمْ نَسَبًا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَكْمَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَثْرَةُ الْجَمَاعَةِ وَرَغْبَةُ النَّاسِ فِيهِ أَكْثَرَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِنْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ فِي رَجُلَيْنِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا أَوْ الْخِيَارُ إلَى الْقَوْمِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
جَمَاعَةٌ فِي دَارِ أَضْيَافٍ فَصَاحِبُ الدَّارِ أَوْلَى بِأَنْ يَتَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ ذُو سُلْطَانٍ أَوْ قَاضٍ فَإِنْ قَدَّمَ الْمَالِكُ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَكَبَّرَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ وَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمْ جَازَ دَارٌ فِيهَا مُسْتَأْجِرُهَا وَمَالِكُهَا وَضَيْفٌ فَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ بِالْإِذْنِ وَالِاسْتِئْذَانُ مِنْهُ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَكَذَا الْمُسْتَعِيرُ أَوْلَى مِنْ الْمُعِيرِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
دَخَلَ الْمَسْجِدَ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ إمَامِ الْمَحَلَّةِ فَإِمَامُ الْمَحَلَّةِ أَوْلَى. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَالْأَخْرَسُ إذَا أَمَّ قَوْمًا خُرْسًا فَصَلَاةُ الْكُلِّ جَائِزَةٌ وَإِذَا أَمَّ أُمِّيًّا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْأَخْرَسَ مَعَ الْأُمِّيِّ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ كَانَ الْأُمِّيُّ أَوْلَى
(1/83)
بِالْإِمَامَةِ وَالْأُمِّيُّ إذَا أَمَّ الْأَخْرَسَ فَصَلَاتُهُمَا جَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي الْمُتَيَمِّمُ مِنْ الْجَنَابَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُتَيَمِّمِ مِنْ الْحَدَثِ. كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
قَوْمٌ جُلُوسٌ فِي الْمَسْجِدِ الدَّاخِلِ وَقَوْمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْخَارِجِ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ إمَامٌ مِنْ أَهْلِ الْخَارِجِ فَأَمَّهُمْ وَقَامَ إمَامٌ مِنْ أَهْلِ الدَّاخِلِ فَأَمَّهُمْ مَنْ يَسْبِقُ بِالشُّرُوعِ فَهُوَ وَالْمُقْتَدُونَ بِهِ لَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهِمْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلَانِ فِي الْفِقْهِ وَالصَّلَاحِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَقْرَأُ فَقَدَّمَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ غَيْرَ الْأَقْرَإِ فَقَدْ أَسَاءُوا وَإِنْ اخْتَارَ بَعْضُهُمْ الْأَقْرَأَ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ غَيْرَهُ فَالْعِبْرَةُ لِلْأَكْثَرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
لَيْسَ فِي الْمَحَلَّةِ إلَّا وَاحِدٌ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ لَا تَلْزَمُهُ وَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَنْ يَصْلُحُ إمَامًا لِغَيْرِهِ]
(الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَنْ يَصْلُحُ إمَامًا لِغَيْرِهِ) قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ صَاحِبِ هَوًى وَبِدْعَةٍ وَلَا تَجُوزُ خَلْفَ الرَّافِضِيِّ وَالْجَهْمِيِّ وَالْقَدَرِيِّ وَالْمُشَبِّهَةِ وَمَنْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَحَاصِلُهُ إنْ كَانَ هَوًى لَا يَكْفُرُ بِهِ صَاحِبُهُ تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَإِلَّا فَلَا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَمَنْ أَنْكَرَ الْمِعْرَاجَ يُنْظَرُ إنْ أَنْكَرَ الْإِسْرَاءَ مِنْ مَكَّةَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَهُوَ كَافِرٌ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمِعْرَاجَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا يَكْفُرُ وَلَوْ صَلَّى خَلْفَ مُبْتَدِعٍ أَوْ فَاسِقٍ فَهُوَ مُحْرِزٌ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ لَكِنْ لَا يَنَالُ مِثْلَ مَا يَنَالُ خَلْفَ تَقِيٍّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالِاقْتِدَاءُ بِشَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ يَتَحَامَى مَوَاضِعَ الْخِلَافِ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ الْخَارِجِ النَّجِسِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ كَالْفَصْدِ وَأَنْ لَا يَنْحَرِفَ عَنْ الْقِبْلَةِ انْحِرَافًا فَاحِشًا. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ فِي بَابِ الْوِتْرِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا جَاوَزَ الْمَغَارِبَ كَانَ فَاحِشًا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا يَكُونُ مُتَعَصِّبًا وَلَا شَاكًّا فِي أَيْمَانِهِ وَأَنْ لَا يَتَوَضَّأَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ الْقَلِيلِ وَأَنْ يَغْسِلَ ثَوْبَهُ مِنْ الْمَنِيِّ وَيَفْرُكَ الْيَابِسَ مِنْهُ وَأَنْ لَا يَقْطَعَ الْوِتْرَ وَأَنْ يُرَاعِيَ التَّرْتِيبَ فِي الْفَوَائِتِ وَأَنْ يَمْسَحَ رُبْعَ رَأْسِهِ.
هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ فِي بَابِ الْوِتْرِ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ الْقَلِيلِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفِ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَعْلَمْ مِنْهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِيَقِينٍ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَيُكْرَهُ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَالنِّهَايَةِ.
وَلَوْ عَلِمَ الْمُقْتَدِي مِنْ الْإِمَامِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ عَلَى زَعْمِ الْإِمَامِ كَمَسِّ الْمَرْأَةِ أَوْ الذَّكَرِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْإِمَامُ لَا يَدْرِي بِذَلِكَ تَجُوزُ صَلَاتُهُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَجُوزُ وَجْهُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَرَى جَوَازَ صَلَاةِ إمَامِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ رَأْيُ نَفْسِهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
قَالَ الْفَضْلِيُّ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْحَنَفِيِّ فِي الْوِتْرِ بِمَنْ يَرَى مَذْهَبَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ الْمُتَيَمِّمُ الْمُتَوَضِّئِينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمُتَوَضِّئِينَ مَاءٌ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَإِنَّهُ لَا يَؤُمُّ الْمُتَوَضِّئِينَ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَأَمَّا اقْتِدَاءُ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَجَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمَعْذُورِ بِالْمَعْذُورِ إنْ اتَّحَدَ عُذْرُهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ فَلَا يَجُوزُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّي مَنْ بِهِ انْفِلَاتُ رِيحٍ خَلْفَ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَا لَا يُصَلِّي مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ خَلْفَ مَنْ بِهِ انْفِلَاتُ رِيحٍ وَجُرْحٌ لَا يُرْقَأُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ صَاحِبُ عُذْرَيْنِ وَالْمَأْمُومُ صَاحِبُ عُذْرٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَا يُصَلِّي الطَّاهِرُ خَلْفَ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَلَا الطَّاهِرَاتُ خَلْفَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَهَذَا إذَا قَارَنَ الْوُضُوءُ الْحَدَثَ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْغَاسِلِ بِمَاسِحِ الْخُفِّ وَبِالْمَاسِحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَكَذَا إمَامَةُ الْمُفْتَصِدِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَصِحَّاءِ إذَا كَانَ يَأْمَنُ خُرُوجَ الدَّمِ وَالرَّاكِبُ عَلَى الدَّابَّةِ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ
(1/84)
عَلَى دَابَّةٍ وَالْمُومِئُ لِمِثْلِهِ وَالْعَارِي لِلْعُرَاةِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعُرَاةُ وُحْدَانًا قُعُودًا بِالْإِيمَاءِ وَيَتَبَاعَدُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فَإِنْ صَلَّوْا جَمَاعَةً وَقَفَ الْإِمَامُ وَسَطَهُمْ كَالنِّسَاءِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ الَّذِي يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لَا اقْتِدَاءُ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ بِالْمُومِئِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَؤُمُّ الْأَحْدَبُ الْقَائِمَ كَمَا يَؤُمُّ الْقَاعِدَ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي النَّظْمِ إنْ ظَهَرَ قِيَامُهُ مِنْ رُكُوعِهِ جَازَ بِالِاتِّفَاقِ وَإِلَّا فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ
وَلَوْ كَانَ لِقَدَمِ الْإِمَامِ عِوَجٌ وَقَامَ عَلَى بَعْضِهَا يَجُوزُ وَغَيْرُهُ أَوْلَى. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُصَلِّي الْمُتَنَفِّلُ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَمْعِ الْجَوَامِعِ.
وَإِنْ اقْتَدَى مُتَنَفِّلٌ بِمُفْتَرِضٍ فَأَفْسَدَهُ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ الْفَرْضِ وَنَوَى قَضَاءَ مَا لَزِمَهُ بِالْإِفْسَادِ جَازَ عِنْدَنَا قَضَاءً. هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ وَلَا بِالسَّكْرَانِ فَإِنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي زَمَانِ الْإِفَاقَةِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ الْفَقِيهُ وَفِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ فِي زَمَانِ الْإِفَاقَةِ وَبِهِ نَأْخُذُ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ فِي الْوَقْتِ وَخَارِجَ الْوَقْتِ وَكَذَا اقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ فِي الْوَقْتِ لَا خَارِجَ الْوَقْتِ الْمُقِيمُ إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَجَاءَ مُسَافِرٌ وَاقْتَدَى بِهِ هَذَا الْعَصْرَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ.
وَمُصَلِّي رَكْعَتِي الظُّهْرِ إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يُصَلِّي الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ يَجُوزُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَتَجُوزُ إمَامَةُ الْأَعْرَابِيِّ وَالْأَعْمَى وَالْعَبْدِ، وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْفَاسِقِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا أَنَّهَا تُكْرَهُ. هَكَذَا فِي الْمُتُونِ.
إمَامَةُ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ جَائِزَةٌ إذَا نَوَى الْإِمَامُ إمَامَتَهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْخَلْوَةِ أَمَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الْخَلْوَةِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَهُنَّ أَوْ لِبَعْضِهِنَّ مُحْرِمًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمَرْأَةِ بِالرَّجُلِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهَا وَكَذَا فِي الْعِيدَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَيُكْرَهُ إمَامَةُ الْمَرْأَةِ لِلنِّسَاءِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا مِنْ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ إلَّا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ فَإِنْ فَعَلْنَ وَقَفَتْ الْإِمَامُ وَسَطَهُنَّ وَبِقِيَامِهَا وَسَطَهُنَّ لَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِنَّ إمَامُهُنَّ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُنَّ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَصَلَاتُهُنَّ فُرَادَى أَفْضَلُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِمَامَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ لِلنِّسَاءِ جَائِزَةٌ إنْ تَقَدَّمَهُنَّ وَإِنْ قَامَ وَسَطَهُنَّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ الْمُحَاذَاةِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ رَجُلًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلِلرِّجَالِ وَلِخُنْثَى مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ.
وَإِمَامَةُ الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ لَصِبْيَانٍ مِثْلِهِ يَجُوزُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَى قَوْلِ أَئِمَّةِ بَلْخٍ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالصِّبْيَانِ فِي التَّرَاوِيحِ وَالسُّنَنِ الْمُطْلَقَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ
وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْأَخْرَسِ إذَا صَلَّى مُنْفَرِدًا وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِمَامَةُ الْأُمِّيِّ قَوْمًا أُمِّيِّينَ جَائِزَةٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
إذَا أَمَّ أُمِّيٌّ أُمِّيًّا وَقَارِئًا فَصَلَاةُ الْجَمِيعِ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا صَلَاةُ الْقَارِئِ وَحْدَهُ، وَأَمَّا إذَا صَلَّوْا وُحْدَانًا فَقِيلَ: إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ: يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِلْمُصَنَّفِ لَوْ افْتَتَحَ الْأُمِّيُّ ثُمَّ حَضَرَ الْقَارِئُ قِيلَ تَفْسُدُ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ لَا وَلَوْ حَضَرَ الْأُمِّيُّ عَلَى قَارِئٍ يُصَلِّي فَلَمْ يَقْتَدِ بِهِ وَصَلَّى اخْتَلَفُوا فِيهِ الْأَصَحُّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ.
الْقَارِئُ إذَا كَانَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ
(1/85)
أَوْ بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ وَالْأُمِّيُّ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي وَحْدَهُ فَصَلَاةُ الْأُمِّيِّ جَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ إذَا كَانَ الْقَارِئُ فِي صَلَاةٍ غَيْرِ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ جَازَ لِلْأُمِّيِّ أَنْ يُصَلِّيَ وَحْدَهُ وَلَا يَنْتَظِرَ فَرَاغَ الْقَارِئِ بِالِاتِّفَاقِ ذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيِّ يَجِبُ أَنْ لَا يَتْرُكَ الْأُمِّيُّ اجْتِهَادَهُ فِي آنَاءِ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ حَتَّى يَتَعَلَّمَ مِقْدَارَ مَا يَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَإِنْ قَصَّرَ لَمْ يُعْذَرْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ وَبِالْأَخْرَسِ وَكَذَا لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْأُمِّيِّ بِالْأَخْرَسِ وَالْكَاسِي بِالْعَارِي وَالْمَسْبُوقِ فِي قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِمِثْلِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا اقْتِدَاءُ اللَّاحِقِ بِاللَّاحِقِ وَالنَّازِلِ بِالرَّاكِبِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُصَلِّي الظُّهْرِ بِمُصَلِّي الْعَصْرِ وَمُصَلِّي ظُهْرِ يَوْمِهِ بِمُصَلِّي ظُهْرِ أَمْسِهِ وَبِمُصَلِّي الْجُمُعَةِ وَكَذَا عَكْسُهُ وَلَا اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَالنَّاذِرِ بِالنَّاذِرِ إلَّا إذَا أَنْذَرَ أَحَدُهُمَا صَلَاةَ صَاحِبِهِ فَاقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَلَا اقْتِدَاءُ مَنْ أَفْسَدَ تَطَوُّعَهُ بِمَنْ أَفْسَدَ تَطَوُّعَهُ إلَّا إذَا اشْتَرَكَا فِي نَافِلَةٍ وَأَفْسَدَهَا ثُمَّ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْحَالِفِ بِالْحَالِفِ وَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ النَّاذِرِ بِالْحَالِفِ وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْحَالِفِ بِالنَّاذِرِ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْعَارِي إذَا أَمَّ الْعُرَاةَ وَاللَّابِسِينَ تَجُوزُ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْعَارِينَ وَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ اللَّابِسِينَ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الصَّحِيحِ الَّذِي ثَوْبُهُ نَجِسٌ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ بِالْمُبْتَلَى بِالْحَدَثِ الدَّائِمِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا يَجُوزُ إمَامَةُ الْأَلْثَغِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّكَلُّمِ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ إلَّا لِمِثْلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى التَّكَلُّمِ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْقَوْمِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى التَّكَلُّمِ بِهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ وَمَنْ يَقِفُ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهِ وَلَا يَقِفُ فِي مَوَاضِعِهِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَؤُمَّ وَكَذَا مَنْ يَتَنَحْنَحُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ كَثِيرًا، وَمَنْ كَانَ بِهِ تَمْتَمَةٌ وَهُوَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالتَّاءِ مِرَارًا أَوْ فَأْفَأَةٌ وَهُوَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْفَاءِ مِرَارًا، وَأَمَّا الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِ الْحُرُوفِ إلَّا بِالْجَهْدِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ فَإِذَا أَخْرَجَ الْحُرُوفَ أَخْرَجَهَا عَلَى الصِّحَّةِ لَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي زَلَّةِ الْقَارِئِ.
الْقَارِئُ إذَا اقْتَدَى بِالْأُمِّيِّ لَا يَصِيرُ شَارِعًا حَتَّى لَوْ كَانَ فِي التَّطَوُّعِ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ هُوَ الصَّحِيحُ وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْتَهُ فِي الْقَارِئِ إذَا اقْتَدَى بِالْأُمِّيِّ ثُمَّ أَفْسَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي رَجُلٍ يَقْتَدِي بِالْمَرْأَةِ أَوْ الصَّبِيِّ أَوْ الْمُحْدِثِ أَوْ الْجُنُبِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ حَالَ الْإِمَامِ إنْ كَانَ مِثْلَ حَالِ الْمُقْتَدِي أَوْ فَوْقَهُ جَازَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ دُونَ حَالِ الْمُقْتَدِي صَحَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ أُمِّيًّا وَالْمُقْتَدِي قَارِئًا أَوْ كَانَ أَخْرَسَ وَالْمُقْتَدِي أُمِّيًّا فَلَا يَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَيْضًا. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ إنَّمَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا عَلِمَ أَنَّ خَلْفَهُ قَارِئًا أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ قَالَا وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَصْلَ بَيْنَ حَالَةِ الْعِلْمِ وَحَالَةِ الْجَهْلِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
رَجُلَانِ افْتَتَحَا الصَّلَاةَ مَعًا وَنَوَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لِصَاحِبِهِ فَصَلَاتُهُمَا تَامَّةٌ وَإِنْ نَوَى كُلٌّ أَنْ يَأْتَمَّ بِصَاحِبِهِ فَصَلَاتُهُمَا فَاسِدَةٌ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ وَعَلَى بَدَنِهِ تَصَاوِيرُ؛ لِأَنَّهَا مَسْتُورَةٌ بِالثِّيَابِ وَكَذَا لَوْ صَلَّى وَفِي أُصْبُعِهِ خَاتَمٌ فِيهِ صُورَةٌ صَغِيرَةٌ أَوْ صَلَّى وَمَعَهُ دَرَاهِمُ عَلَيْهَا تَمَاثِيلُ؛ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ وَلَا يَؤُمُّ أَهْلَ مَحَلَّتِهِ وَيَؤُمُّ أَهْلَ مَحَلَّةٍ أُخْرَى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ إلَى تِلْكَ الْمَحَلَّةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَلَوْ ذَهَبَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الْفَاسِقُ إذَا كَانَ يَؤُمُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعَجَزَ الْقَوْمُ عَنْ مَنْعِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُقْتَدَى بِهِ فِي الْجُمُعَةِ وَلَا تُتْرَكُ الْجُمُعَةُ بِإِمَامَتِهِ وَفِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ يَجُوزُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَلَا يَأْتَمَّ بِهِ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ
(1/86)
أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ إنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِفَسَادٍ فِيهِ أَوْ لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ لَا يُكْرَهُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكُرِهَ تَطْوِيلُ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُطَوِّلَ بِهِمْ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْقَدْرِ الْمَسْنُونِ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُرَاعِيَ حَالَ الْجَمَاعَةِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا شَهْرًا ثُمَّ قَالَ: كُنْت مَجُوسِيًّا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ وَيُضْرَبُ ضَرْبًا شَدِيدًا وَكَذَا لَوْ قَالَ: صَلَّيْت بِكُمْ الْمُدَّةَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَهُوَ مَاجِنٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَاحْتُمِلَ أَنَّهُ قَالَ عَلَى وَجْهِ التَّوَرُّعِ وَالِاحْتِيَاطِ أَعَادُوا صَلَاتَهُمْ وَكَذَا إذَا قَالَ كَانَ فِي ثَوْبِي قَذَرٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا إذَا بَانَ أَنَّ الْإِمَامَ كَافِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ خُنْثَى أَوْ أُمِّيٌّ أَوْ صَلَّى بِغَيْرِ إحْرَامٍ أَوْ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ وَمَا لَا يَمْنَعُ]
الْمَانِعُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ.
(مِنْهَا) طَرِيقٌ عَامٌ يَمُرُّ فِيهِ الْعَجَلَةُ وَالْأَوْقَارُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ الْمُقْتَدِي طَرِيقٌ إنْ كَانَ ضَيِّقًا لَا يَمُرُّ فِيهِ الْعَجَلَةُ وَالْأَوْقَارُ لَا يَمْنَعُ وَإِنْ كَانَ وَاسِعًا يَمُرُّ فِيهِ الْعَجَلَةُ وَالْأَوْقَارُ يَمْنَعُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً عَلَى الطَّرِيقِ أَمَّا إذَا اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ وَلَوْ كَانَ عَلَى الطَّرِيقِ وَاحِدٌ لَا يَثْبُتُ بِهِ الِاتِّصَالُ بِالثَّلَاثِ يَثْبُتُ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْمَثْنَى خِلَافٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ فِي الطَّرِيقِ وَاصْطَفَّ النَّاسُ خَلْفَهُ فِي الطَّرِيقِ عَلَى طُولِ الطَّرِيقِ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ مَنْ خَلْفَهُ فِي الطَّرِيقِ مِقْدَارُ مَا يَمُرُّ فِيهِ الْعَجَلَةُ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ وَكَذَا فِيمَا بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْمَانِعُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ فِي الْفَلَوَاتِ قَدْرُ مَا يَسَعُ فِيهِ صَفَّيْنِ وَفِي مُصَلَّى الْعِيدِ الْفَاصِلُ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ وَإِنْ كَانَ يَسَعُ فِيهِ الصَّفَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَفِي الْمُتَّخَذِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَفِي النَّوَازِلِ جَعَلَهُ كَالْمَسْجِدِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَمِنْهَا نَهْرٌ عَظِيمٌ) لَا يُمْكِنُ الْعُبُورُ عَنْهُ إلَّا بِالْعِلَاجِ كَالْقَنْطَرَةِ وَغَيْرِهَا. هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ نَهْرٌ كَبِيرٌ يَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ وَالزَّوَارِقُ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا تَجْرِي فِيهِ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ هُوَ الْمُخْتَارُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى النَّهْرِ جِسْرٌ وَعَلَيْهِ صُفُوفٌ مُتَّصِلَةٌ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ لِمَنْ كَانَ خَلْفَ النَّهْرِ وَلِلثَّلَاثَةِ حُكْمُ الصَّفِّ بِالْإِجْمَاعِ وَلَيْسَ لِلْوَاحِدِ حُكْمُ الصَّفِّ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْمَثْنَى اخْتِلَافٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي الطَّرِيقِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا بِرْكَةٌ أَوْ حَوْضٌ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي جَانِبٍ يَتَنَجَّسُ الْجَانِبُ الْآخَرُ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَنَجَّسُ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ
(وَمِنْهَا صَفٌّ تَامٌّ مِنْ النِّسَاءِ) . هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا كَانَ صَفٌّ تَامٌّ مِنْ النِّسَاءِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَوَرَاءَهُنَّ صُفُوفٌ مِنْ الرِّجَالِ فَسَدَتْ صَلَاةُ تِلْكَ الصُّفُوفِ كُلِّهَا اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ
قَوْمٌ صَلَّوْا عَلَى ظَهْرِ ظُلَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَتَحْتَهُمْ قُدَّامَهُمْ نِسَاءٌ أَوْ طَرِيقٌ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ فَإِنْ كُنَّ ثَلَاثًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَفْسُدُ صَلَاةُ ثَلَاثَةٍ مِنْ الرِّجَالِ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْبَاقِينَ وَإِنْ كُنَّ صَفًّا وَاحِدًا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ فَوْقَ الظُّلَّةِ بِحِذَائِهِمْ مِنْ تَحْتِهِمْ نِسَاءٌ جَازَتْ صَلَاةُ مَنْ كَانَ عَلَى الظُّلَّةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَسَائِلِ الشَّكِّ.
وَفِي فَوَائِدِ الشَّيْخِ الزَّاهِدِ أَبِي الْحَسَنِ الرُّسْتُفْغَنِيِّ إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ رَفٌّ وَعَلَى الرَّفِّ صَفٌّ مِنْ النِّسَاءِ اقْتَدَيْنَ بِالْإِمَامِ وَتَحْتَ الرَّفِّ صُفُوفٌ مِنْ الرِّجَالِ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ وَقَفَ خَلْفَ النِّسَاءِ قَالَ لَا تَفْسُدُ.
إمَامٌ يُصَلِّي بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَصَفُّ النِّسَاءِ بِحِذَاءِ صَفِّ الرِّجَالِ تَفْسُدُ صَلَاةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ الَّذِي بَيْنَ
(1/87)
الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَصَارَ ذَلِكَ كَسُتْرَةٍ أَوْ حَائِطٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُنَّ أَلَا يُرَى لَوْ كَانَ بَيْنَ صَفِّ النِّسَاءِ وَصَفِّ الرِّجَالِ سُتْرَةٌ قَدْرَ مُؤَخَّرِ الرِّجْلِ كَانَ ذَلِكَ سُتْرَةً لِلرِّجَالِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ حَائِطٌ قَدْرَ الذِّرَاعِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ سُتْرَةً فَإِنْ كَانَتْ النِّسَاءُ مِنْ فَوْقِ ذَلِكَ الْحَائِطِ الَّذِي هُوَ قَدْرُ الذِّرَاعِ فَلَيْسَ بِسُتْرَةٍ وَإِنْ كَانَ قَدْرَ قَامَةٍ فَهُوَ سُتْرَةٌ لِمَنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الرِّجَالِ وَلَا يَكُونُ سُتْرَةً لِمَنْ كَانَ عَلَى الْحَائِطِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ إنْ كَانَ كَبِيرًا يَمْنَعُ الْمُقْتَدِي الْوُصُولَ إلَى الْإِمَامِ لَوْ قَصَدَ الْوُصُولَ إلَيْهِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ أَوْ لَمْ يَشْتَبِهْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيَصِحُّ إنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَمْنَعُ أَوْ كَبِيرًا وَلَهُ ثُقْبٌ لَا يَمْنَعُ الْوُصُولَ وَكَذَا إذَا كَانَ الثُّقْبُ صَغِيرًا يَمْنَعُ الْوُصُولَ إلَيْهِ لَكِنْ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ سَمَاعًا أَوْ رُؤْيَةً هُوَ الصَّحِيحُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَائِطُ صَغِيرًا يَمْنَعُ وَلَكِنْ لَا يُخْفِي حَالَ الْإِمَامِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ بَابٌ مَسْدُودٌ قِيلَ: لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ الْوُصُولِ وَقِيلَ: يَصِحُّ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْبَابِ لِلْوُصُولِ فَيَكُونُ الْمَسْدُودُ كَالْمَفْتُوحِ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمَسْجِدُ وَإِنْ كَبُرَ لَا يَمْنَعُ الْفَاصِلُ فِيهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي أَقْصَى الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ فِي الْمِحْرَابِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِنْ قَامَ عَلَى سَطْحِ دَارِهِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَسْجِدِ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى رَأْسِ حَائِطِ الْمَسْجِدِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ قَامَ عَلَى الْجِدَارِ الَّذِي بَيْنَ دَارِهِ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ وَلَا يَشْتَبِهُ حَالُ الْإِمَامِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَلَوْ قَامَ عَلَى دُكَّانٍ خَارِجَ الْمَسْجِدِ مُتَّصِلٍ بِالْمَسْجِدِ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ لَكِنْ بِشَرْطِ اتِّصَالِ الصُّفُوفِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ جَارِ الْمَسْجِدِ بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ طَرِيقٌ عَامٌّ وَإِنْ كَانَ طَرِيقٌ عَامٌّ وَلَكِنْ سَدَّتْهُ الصُّفُوفُ جَازَ الِاقْتِدَاءُ لِمَنْ فِي بَيْتِهِ بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.
وَلَوْ قَامَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَاقْتَدَى بِإِمَامٍ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ لِلسَّطْحِ بَابٌ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ لَا يَصِحُّ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَابٌ فِي الْمَسْجِدِ لَكِنْ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ الْإِمَامِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ أَيْضًا وَكَذَا لَوْ قَامَ فِي الْمِئْذَنَةِ مُقْتَدِيًا بِإِمَامِ الْمَسْجِدِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ مَقَامِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ]
(الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ مَقَامِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ) إذَا كَانَ مَعَ الْإِمَامِ رَجُلٌ وَاحِدٌ أَوْ صَبِيٌّ يَعْقِلُ الصَّلَاةَ قَامَ عَنْ يَمِينِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْإِمَامِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى يَسَارِهِ جَازَ وَقَدْ أَسَاءَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ وَقَفَ خَلْفَهُ جَازَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ الْكَرَاهِيَةَ نَصًّا وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ هُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ
وَإِذَا كَانَ مَعَهُ اثْنَانِ قَامَا خَلْفَهُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ أَقَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُ وَإِنْ كَانَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ أَقَامَ الرَّجُلَيْنِ خَلْفَهُ وَالْمَرْأَةُ وَرَاءَهُمَا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ رَجُلَانِ وَقَامَ الْإِمَامُ وَسَطَهُمَا فَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ.
رَجُلَانِ صَلَّيَا فِي الصَّحْرَاءِ وَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَقَامَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ فَجَاءَ ثَالِثٌ وَجَذَبَ الْمُؤْتَمَّ إلَى نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ لِلِافْتِتَاحِ حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ طَرْخَالَ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّ جَذَبَهُ الثَّالِثُ إلَى نَفْسِهِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ أَوْ بَعْدَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ.
كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلَانِ أَمَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَجَاءَ ثَالِثٌ وَدَخَلَ فِي صَلَاتِهِمَا فَتَقَدَّمَ حَتَّى جَاوَزَ مَوْضِعُ سُجُودِهِ مِقْدَارَ مَا يَكُونُ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْإِمَامِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ جَاوَزَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اجْتَمَعَ
(1/88)
الرِّجَالُ وَالصِّبْيَانُ وَالْخَنَاثَى وَالْإِنَاثُ وَالصَّبِيَّاتُ الْمُرَاهِقَاتُ يَقُومُ الرِّجَالُ أَقْصَى مَا يَلِي الْإِمَامَ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ الْإِنَاثُ ثُمَّ الصَّبِيَّاتُ الْمُرَاهِقَاتُ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ
وَكُرِهَ لَهُنَّ حُضُورُ الْجَمَاعَةِ إلَّا لِلْعَجُوزِ فِي الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالْفَتْوَى الْيَوْمُ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ لِظُهُورِ الْفَسَادِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيَنْبَغِي لِلْقَوْمِ إذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَتَرَاصُّوا وَيَسُدُّوا الْخَلَلَ وَيُسَوُّوا بَيْنَ مَنَاكِبِهِمْ فِي الصُّفُوفِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ بِذَلِكَ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ بِإِزَاءِ الْوَسَطِ فَإِنْ وَقَفَ فِي مَيْمَنَةِ الْوَسَطِ أَوْ فِي مَيْسَرَتِهِ فَقَدْ أَسَاءَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِحِذَاءِ الْإِمَامِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ.
كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْقِيَامُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ مِنْ الثَّانِي وَفِي الثَّانِي أَفْضَلُ مِنْ الثَّالِثِ وَإِنْ وَجَدَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فُرْجَةً دُونَ الصَّفِّ الثَّانِي يَخْرِقُ الصَّفَّ الثَّانِيَ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَأَفْضَلُ مَكَانِ الْمَأْمُومِ حَيْثُ يَكُونُ أَقْرَبَ إلَى الْإِمَامِ فَإِنْ تَسَاوَتْ الْمَوَاضِعُ فَفِي يَمِينِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مُحَاذَاةُ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ مُفْسِدَةٌ لِصَلَاتِهِ وَلَهَا شَرَائِطُ:
(مِنْهَا) أَنْ تَكُونَ الْمُحَاذِيَةُ مُشْتَهَاةً تَصْلُحُ لِلْجِمَاعِ وَلَا عِبْرَةَ لِلسِّنِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ صَبِيَّةً لَا تُشْتَهَى وَهِيَ تَعْقِلُ الصَّلَاةَ فَحَاذَتْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْكَافِي.
(وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ مُطْلَقَةً وَهِيَ الَّتِي لَهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّيَانِ بِالْإِيمَاءِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ مُشْتَرَكَةً تَحْرِيمَةً وَأَدَاءً وَنَعْنِي بِالشَّرِكَةِ تَحْرِيمَةً أَنْ يَكُونَا بَانِيَيْنِ تَحْرِيمَتَهُمَا عَلَى تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ حَقِيقَةً وَنَعْنِي بِالشَّرِكَةِ أَدَاءً أَنْ يَكُونَ لَهُمَا إمَامٌ فِيمَا يُؤَدِّيَانِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا فَالْمُدْرِكُ بَانٍ تَحْرِيمَتَهُ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ وَبَانٍ أَدَاءَهُ عَلَى أَدَائِهِ حَقِيقَةً وَاللَّاحِقُ بَانٍ تَحْرِيمَتَهُ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ حَقِيقَةً وَبَانٍ أَدَاءَهُ فِيمَا يَقْضِيهِ عَلَى أَدَاءِ الْإِمَامِ تَقْدِيرًا وَالْمَسْبُوقُ بَانٍ فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِيهِ فَلَوْ حَاذَتْ الرَّجُلَ الْمَرْأَةُ فِيمَا يَقْضِيَانِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَا فِي مَكَان وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الرَّجُلُ عَلَى الدُّكَّانِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى الْأَرْضِ وَالدُّكَّانُ مِثْلُ قَامَةِ الرَّجُلِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَا بِلَا حَائِلٍ حَتَّى لَوْ كَانَا فِي مَكَان مُتَّحِدٍ بِأَنْ كَانَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى الدُّكَّانِ إلَّا أَنَّ بَيْنَهُمَا أُسْطُوَانَةً لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَأَدْنَى الْحَائِلِ قَدْرُ مُؤَخَّرِ الرَّحْلِ وَغِلَظُهُ غِلَظُ الْأُصْبُعِ وَالْفُرْجَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْحَائِلِ وَأَدْنَاهُ قَدْرُ مَا يَقُومُ فِيهِ الرَّجُلُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ تَصِحُّ مِنْهَا الصَّلَاةُ حَتَّى أَنَّ الْمَجْنُونَةَ إذَا حَاذَتْهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَذَا فِي الْكَافِي.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامُ إمَامَتَهَا أَوْ إمَامَةَ النِّسَاءِ وَقْتَ الشُّرُوعِ لَا بَعْدَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ النِّسَاءِ لِصِحَّةِ نِيَّتِهِنَّ.
(وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ الْمُحَاذَاةُ فِي رُكْنٍ كَامِلٍ حَتَّى لَوْ كَبَّرَتْ فِي صَفٍّ وَرَكَعَتْ فِي آخَرَ وَسَجَدَتْ فِي ثَالِثٍ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ عَنْ يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا وَخَلْفَهَا مِنْ كُلِّ صَفٍّ.
(وَمِنْهَا) أَنْ تَكُونَ جِهَتُهُمَا مُتَّحِدَةً حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَتْ لَا تَفْسُدُ وَلَا يُصَوَّرُ اخْتِلَافُ الْجِهَةِ إلَّا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ أَوْ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَصَلَّى كُلٌّ بِالتَّحَرِّي إلَى جِهَةٍ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُحَاذَاةِ السَّاقُ وَالْكَعْبُ عَلَى الصَّحِيحِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمَرْأَةُ تَتَنَاوَلُ الْأَجْنَبِيَّةَ وَالْمُحَرَّمَةَ وَالْحَلِيلَةَ وَالصَّغِيرَةَ وَالْمُشْتَهَاةَ وَالْكَبِيرَةَ الَّتِي يَنْفِرُ عَنْهَا الرِّجَالُ. هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ ثُمَّ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ تُفْسِدُ صَلَاةَ ثَلَاثَةٍ وَاحِدٍ عَنْ يَمِينِهَا وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهَا وَآخَرَ خَلْفَهَا وَلَا تُفْسِدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْمَرْأَتَانِ صَلَاةَ أَرْبَعَةٍ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهِمَا وَآخَرُ عَنْ يَسَارِهِمَا وَاثْنَانِ خَلْفَهُمَا بِحِذَائِهِمَا وَإِنْ كُنَّ ثَلَاثًا أَفْسَدَتْ صَلَاةَ وَاحِدٍ عَنْ يَمِينِهِنَّ وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِنَّ وَثَلَاثَةً خَلْفَهُنَّ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ وَهَذَا جَوَابُ الظَّاهِرِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ
(1/89)
وَمُحَاذَاةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ لَا تُفْسِدُ صَلَاتَهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي فَصْلِ بَيَانِ مَقَامِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ.
[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِيمَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ وَفِيمَا لَا يُتَابِعُهُ]
(الْفَصْلُ السَّادِسُ فِيمَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ وَفِيمَا لَا يُتَابِعُهُ) إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ وَقَامَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمُقْتَدِي أَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمُقْتَدِي التَّشَهُّدَ فَالْمُخْتَارُ أَنْ يُتِمَّ التَّشَهُّدَ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ أَجْزَأَهُ.
وَلَوْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْمُقْتَدِي مِنْ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ التَّشَهُّدَ كَمَا لَوْ سَلَّمَ.
وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ عَمْدًا قَبْلَ فَرَاغِ الْمُقْتَدِي مِنْ التَّشَهُّدِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ الْإِمَامُ إذَا تَشَهَّدَ وَقَامَ مِنْ الْقَعْدَةِ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ فَنَسِيَ بَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ التَّشَهُّدَ حَتَّى قَامُوا جَمِيعًا فَعَلَى مَنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ أَنْ يَعُودَ وَيَتَشَهَّدَ ثُمَّ يَتْبَعَ إمَامَهُ وَإِنْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْمُقْتَدِي مِنْ الدُّعَاءِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ.
وَلَوْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يُسَبِّحَ الْمُقْتَدِي ثَلَاثًا الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتَابِعُ الْإِمَامَ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا رَفَعَ الْمُقْتَدِي رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ وَلَا يَصِيرُ رُكُوعَيْنِ وَسُجُودَيْنِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَطَالَ الْإِمَامُ السُّجُودَ فَرَفَعَ الْمُقْتَدِي رَأْسَهُ بِظَنِّ أَنَّهُ سَجَدَ ثَانِيًا فَسَجَدَ مَعَهُ إنْ نَوَى الْأُولَى أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ تَكُونُ عَنْ الْأُولَى وَكَذَا إنْ نَوَى الثَّانِيَةَ وَالْمُتَابَعَةَ وَإِنْ نَوَى الثَّانِيَةَ لَا غَيْرُ كَانَتْ عَنْ الثَّانِيَةِ فَإِنْ شَارَكَهُ الْإِمَامُ فِيهَا جَازَ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ رَفَعَ الْمُقْتَدِي رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَضَعَ الْإِمَامُ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ وَكَانَ عَلَيْهِ إعَادَةُ تِلْكَ السَّجْدَةِ وَلَوْ لَمْ يُعِدْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَطَالَ الْمُؤْتَمُّ السُّجُودَ فَسَجَدَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ فَرَفَعَ الْمُؤْتَمُّ رَأْسَهُ وَظَنَّ أَنَّ الْإِمَامَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى فَسَجَدَ ثَانِيًا يَكُونُ عَنْ الثَّانِيَةِ وَإِنْ نَوَى الْأُولَى لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تُصَادِفْ مَحِلَّهَا لَا بِاعْتِبَارِ فِعْلِهِ وَلَا بِاعْتِبَارِ فِعْلِ الْإِمَامِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(خَمْسَةُ أَشْيَاءَ إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ تَرَكَ الْمُقْتَدِي أَيْضًا وَتَابَعَ) تَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ، وَالْقَعْدَةُ الْأُولَى، وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، وَالسَّهْوُ، وَالْقُنُوتُ إذَا خَافَ فَوْتَ الرُّكُوعِ. هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ يَقْنُتُ ثُمَّ يَرْكَعُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَأَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ إذَا تَعَمَّدَ الْإِمَامُ لَا يُتَابِعُهُ الْمُقْتَدِي) زَادَ فِي صَلَاتِهِ سَجْدَةً عَمْدًا، أَوْ زَادَ عَلَى أَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، أَوْ كَبَّرَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خَمْسًا، أَوْ قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ سَاهِيًا. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ وَعَادَ وَسَلَّمَ سَلَّمَ الْمُقْتَدِي مَعَهُ وَإِنْ قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ سَلَّمَ الْمُقْتَدِي وَلَوْ لَمْ يَقْعُدْ الْإِمَامُ عَلَى الرَّابِعَةِ وَقَامَ إلَى الْخَامِسَةِ سَاهِيًا وَتَشَهَّدَ الْمُقْتَدِي وَسَلَّمَ ثُمَّ قَيَّدَ الْإِمَامُ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَتِسْعَةُ أَشْيَاءَ إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ أَتَى بِهَا الْمُؤْتَمُّ) تَرْكُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّحْرِيمَةِ، أَوْ الثَّنَاءِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْفَاتِحَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السُّورَةِ لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِلثَّانِي وَتَرْكِ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ التَّسْبِيحِ فِيهِمَا أَوْ التَّسْمِيعِ أَوْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ أَوْ تَرْكِ السَّلَامِ أَوْ تَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ أَتَى بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا قَضَى رَكْعَةً بِلَا قِرَاءَةٍ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَإِذَا سَجَدَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَأَدْرَكَهُ الْإِمَامُ فِيهَا جَازَ وَلَكِنْ يُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ.
[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْمَسْبُوقِ وَاللَّاحِقِ]
(الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْمَسْبُوقِ وَاللَّاحِقِ) الْمَسْبُوقُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ وَلَهُ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(مِنْهَا) أَنَّهُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا لَا يَأْتِي بِالثَّنَاءِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا
(1/90)
أَوْ لَا يَسْمَعُ لِصَمَمِهِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِذَا قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ يَأْتِي بِالثَّنَاءِ وَيَتَعَوَّذُ لِلْقِرَاءَةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ.
وَفِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ يَأْتِي بِهِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَسْكُتُ الْمُؤْتَمُّ عَنْ الثَّنَاءِ إذَا جَهَرَ الْإِمَامُ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي فَصْلِ مَا يَفْعَلُهُ الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ.
وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ يَتَحَرَّى إنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ أَدْرَكَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ يَأْتِي بِهِ قَائِمًا وَأَلَّا يُتَابِعَ الْإِمَامَ وَلَا يَأْتِي بِهِ وَإِذَا لَمْ يُدْرِكْ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ لَا يَأْتِي بِهِمَا وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقَعْدَةِ لَا يَأْتِي بِالثَّنَاءِ بَلْ يُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ ثُمَّ لِلِانْحِطَاطِ ثُمَّ يَقْعُدُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ يُصَلِّي أَوَّلًا مَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يَقْضِي مَا سَبَقَ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِذَا بَدَأَ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ قِيلَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَالْأَظْهَرُ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ يَقُومُ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَ قَدْرِ التَّشَهُّدِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ إذَا خَافَ الْمَسْبُوقُ الْمَاسِحُ زَوَالَ مُدَّتِهِ أَوْ صَاحِبُ الْعُذْرِ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ أَوْ خَافَ الْمَسْبُوقُ فِي الْجُمُعَةِ دُخُولَ وَقْتِ الْعَصْرِ أَوْ دُخُولَ وَقْتِ الظُّهْرِ فِي الْعِيدَيْنِ أَوْ فِي الْفَجْرِ طُلُوعَ الشَّمْسِ أَوْ خَافَ أَنْ يَسْبِقَهُ الْحَدَثُ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ فَرَاغَ الْإِمَامِ وَلَا سُجُودَ السَّهْوِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ يُتَابِعُ وَكَذَا إذَا خَافَ الْمَسْبُوقُ أَنْ يَمُرَّ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَوْ انْتَظَرَ سَلَامَ الْإِمَامِ قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ قَبْلَ فَرَاغِهِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ قَامَ فِي غَيْرِهَا بَعْدَ قَدْرِ التَّشَهُّدِ صَحَّ وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ قَامَ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لَمْ يَجُزْ.
وَلَوْ فَرَغَ الْمَسْبُوقُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَتَابَعَ الْإِمَامَ فِي السَّلَامِ قِيلَ: تَفْسُدُ، وَقِيلَ: لَا تَفْسُدُ وَبِهِ يُفْتَى. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ لَا يَقُومُ إلَى الْقَضَاءِ بَعْدَ التَّسْلِيمَتَيْنِ بَلْ يَنْتَظِرُ فَرَاغَ الْإِمَامِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَيَمْكُثُ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ إلَى تَطَوُّعِهِ إنْ كَانَ صَلَاةٌ بَعْدَهَا تَطَوَّعَ أَوْ يَسْتَدْبِرُ الْمِحْرَابَ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ يَنْتَقِلُ عَنْ مَوْضِعِهِ أَوْ يَمْضِي مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ سَهْوٌ لَسَجَدَ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ.
(وَمِنْهَا) أَنَّ الْمَسْبُوقَ بِبَعْضِ الرَّكَعَاتِ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَإِذَا أَتَمَّ التَّشَهُّدَ لَا يَشْتَغِلُ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ الدَّعَوَاتِ ثُمَّ مَاذَا يَفْعَلُ تَكَلَّمُوا فِيهِ وَعَنْ ابْنِ شُجَاعٍ أَنَّهُ يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ أَيْ قَوْلَهُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَتَرَسَّلُ فِي التَّشَهُّدِ حَتَّى يَفْرُغَ عِنْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا أَوْ قَبْلَهُ لَا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَإِنْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ مَعَ الْإِمَامِ فَهُوَ عَمْدٌ فَتَفْسُدُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ نَاسِيًا فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ فَكَبَّرَ وَنَوَى الِاسْتِقْبَالَ يَصِيرُ خَارِجًا بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ إذَا شَكَّ فَكَبَّرَ يَنْوِي الِاسْتِقْبَالَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ يَقْضِي أَوَّلَ صَلَاتِهِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَآخِرَهَا فِي حَقِّ التَّشَهُّدِ حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ قَضَى رَكْعَتَيْنِ وَفَصَلَ بِقَعْدَةٍ فَيَكُونُ بِثَلَاثِ قَعَدَاتٍ وَقَرَأَ فِي كُلٍّ فَاتِحَةً وَسُورَةً وَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي إحْدَاهُمَا تَفْسُدُ.
وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِيهَا الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ وَيَتَشَهَّدُ وَيَقْضِي رَكْعَةً أُخْرَى كَذَلِكَ وَلَا يَتَشَهَّدُ وَفِي الثَّالِثَةِ بِالْخِيَارِ وَالْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ قَضَى رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ وَلَوْ تَرَكَ فِي إحْدَاهُمَا فَسَدَتْ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَقْضِي قِرَاءَةً تَرَكَهَا فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي فَأَدْرَكَهُ فِيهِ وَاقْتَدَى بِهِ يَأْتِي بِالْقِرَاءَةِ فِيمَا
(1/91)
يَقْضِي حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا فِيهِ تَفْسُدُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي (إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ) :
(إحْدَاهَا) أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِدَاؤُهُ وَلَا الِاقْتِدَاءُ بِهِ فَلَوْ اقْتَدَى مَسْبُوقٌ بِمَسْبُوقٍ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي قَرَأَ أَوْ لَمْ يَقْرَأْ دُونَ الْإِمَامِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ نَسِيَ أَحَدُ الْمَسْبُوقَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ كَمِّيَّةَ مَا عَلَيْهِ فَقَضَى مُلَاحِظًا لِلْآخَرِ بِلَا اقْتِدَاءٍ بِهِ صَحَّ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ ظَنَّ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سَهْوًا فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ فَتَابَعَهُ الْمَسْبُوقُ فِيهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَهْوٌ فَأَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ صَلَاةَ الْمَسْبُوقِ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى فِي مَوْضِعِ الِانْفِرَادِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: فِي زَمَانِنَا لَا تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِهِمْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ هُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ يُفْتِي أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ. كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى الْخَامِسَةِ فَتَابَعَهُ الْمَسْبُوقُ إنْ قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ لَمْ تَفْسُدْ حَتَّى يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ فَإِذَا قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(ثَانِيهَا) أَنَّهُ لَوْ كَبَّرَ نَاوِيًا لِلِاسْتِئْنَافِ يَصِيرُ مُسْتَأْنِفًا قَاطِعًا لِلْأُولَى بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ.
(ثَالِثُهَا) أَنَّهُ لَوْ قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ وَعَلَى الْإِمَامِ سَجْدَتَا سَهْوٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ فَيَسْجُدَ مَعَهُ مَا لَمْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ حَتَّى سَجَدَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ لَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ لِسَهْوِ غَيْرِهِ.
(رَابِعُهَا) أَنَّهُ يَأْتِي بِتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي السَّهْوِ وَلَا يُتَابِعُهُ فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّلْبِيَةِ فَإِنْ تَابَعَهُ فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّلْبِيَةِ فَسَدَتْ وَإِنْ تَابَعَهُ فِي التَّكْبِيرِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَسْبُوقٌ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْمُرَادُ مِنْ التَّكْبِيرِ تَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَمِنْهَا) أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ تَذَكَّرَ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ وَعَادَ إلَى قَضَائِهَا إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْمَسْبُوقُ رَكْعَتَهُ بِسَجْدَةٍ يُرْفَضُ ذَلِكَ وَيُتَابِعُ فِيهَا وَيَسْجُدُ مَعَهُ لِلسَّهْوِ ثُمَّ يَقُومُ إلَى الْقَضَاءِ وَلَوْ لَمْ يُعِدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ تَابَعَهُ بَعْدَ تَقْيِيدِهَا بِالسَّجْدَةِ فِيهَا فَسَدَتْ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ فَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْأَصْلِ تَفْسُدُ أَيْضًا. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الطَّحَاوِيِّ وَالْمُضْمَرَاتِ وَشَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَعُدْ إلَى سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فَصَلَاةُ الْمَسْبُوقِ تَامَّةٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً وَعَادَ إلَيْهَا يُتَابِعُهُ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ فَسَدَتْ وَإِنْ قَيَّدَ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ تَفْسُدُ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا عَادَ أَوْ لَمْ يَعُدْ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا اقْتَدَى فِي مَوْضِعِ الِانْفِرَادِ أَوْ انْفَرَدَ فِي مَوْضِعِ الِاقْتِدَاءِ تَفْسُدُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ
اللَّاحِقُ وَهُوَ الَّذِي أَدْرَكَ أَوَّلَهَا وَفَاتَهُ الْبَاقِي لِنَوْمٍ أَوْ حَدَثٍ أَوْ بَقِيَ قَائِمًا لِلزِّحَامِ أَوْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ لَا يَقْرَأُ وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَلَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ لِلسَّهْوِ لَا يُتَابِعُهُ اللَّاحِقُ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
اللَّاحِقُ إذَا عَادَ بَعْدَ الْوُضُوءِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ أَوَّلًا بِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ يَقُومُ مِقْدَارَ قِيَامِ الْإِمَامِ وَرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَلَوْ زَادَ أَوْ نَقَصَ فَلَا يَضُرُّهُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِذَا كَبَّرَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ نَامَ حَتَّى صَلَّى الْإِمَامُ رَكْعَةً ثُمَّ انْتَبَهَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ.
هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَلَكِنْ يُتَابِعُ الْإِمَامَ أَوَّلًا ثُمَّ قَضَى مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ جَازَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا. هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
الْمُسَافِرُ اللَّاحِقُ إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ فِي حَالِ أَدَاءِ مَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ أَحْدَثَ فَدَخَلَ مِصْرَهُ يُتِمُّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(1/92)
هَذَا إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَفْرُغْ بَعْدُ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي الْمُصَفَّى.
وَالْإِمَامُ إذَا تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأُولَى فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ نَاسِيًا وَخَلَفَهُ لَاحِقٌ بِأَنْ نَامَ فَانْتَبَهَ أَوْ سَبَقَهُ حَدَثٌ فَذَهَبَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ وَقَدْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِرَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ فِي مَوْضِعِ الْقُعُودِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ. هَكَذَا فِي الْحَصْرِ
(الْمَسْبُوقُ يُخَالِفُ اللَّاحِقَ فِي الْقَضَاءِ فِي سِتَّةِ أَشْيَاءَ) فِي مُحَاذَاةِ الْمَرْأَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالسَّهْوِ وَالْقَعْدَةِ الْأُولَى إذَا تَرَكَهَا الْإِمَامُ وَفِي ضَحِكِ الْإِمَامِ فِي مَوْضِعِ السَّلَامِ وَفِي نِيَّةِ الْإِمَامِ الْإِقَامَةَ إذَا قَيَّدَ الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
رَجُلٌ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ فِي صَلَاةٍ هِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَنَامَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ ثُمَّ انْتَبَهَ يَأْتِي بِمَا عَلَيْهِ فِي حَالِ نَوْمِهِ وَلَا يَقْرَأُ فِيهَا ثُمَّ يَقْعُدُ مُتَابَعَةً لِلْإِمَامِ ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي رَكْعَةً بِقِرَاءَةٍ وَيَقْعُدُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ.
وَلَوْ نَامَ فِي رَكْعَتَيْنِ وَشَكَّ فِي رَكْعَةٍ هَلْ أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ يَأْتِي بِالرَّكْعَةِ الَّتِي هُوَ شَاكٌّ فِيهَا فِي آخِرِ الصَّلَاةِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ أَوْ بَيْنَ الْقَوْمِ) لَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ فَقَالَ الْقَوْمُ: صَلَّيْت ثَلَاثًا وَقَالَ الْإِمَامُ: صَلَّيْت أَرْبَعًا إنْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى الْيَقِينِ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ بِقَوْلِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى يَقِينٍ يُعِيدُ الصَّلَاةَ بِقَوْلِهِمْ.
وَلَوْ اخْتَلَفَ الْقَوْمُ قَالَ بَعْضُهُمْ: صَلَّى ثَلَاثًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَلَّى أَرْبَعًا وَالْإِمَامُ مَعَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَاحِدٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْإِمَامِ وَاحِدٌ وَأَعَادَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ وَأَعَادَ الْقَوْمُ مَعَهُ مُقْتَدِينَ بِهِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُمْ بِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ اسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْمِ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا وَاسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا وَالْإِمَامُ وَالْقَوْمُ فِي شَكٍّ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ شَيْءٌ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ الْإِعَادَةُ وَعَلَى الْمُتَيَقِّنِ بِالنُّقْصَانِ الْإِعَادَةُ.
وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا وَوَاحِدٌ اسْتَيْقَنَ بِالتَّمَامِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ بِالْقَوْمِ وَلَا إعَادَةَ عَلَى الَّذِي تَيَقَّنَ بِالتَّمَامِ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْمِ بِالنُّقْصَانِ وَشَكَّ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ أَعَادُوهَا احْتِيَاطًا وَإِنْ لَمْ يُعِيدُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ إلَّا إذَا اسْتَيْقَنَ عَدْلَانِ بِالنُّقْصَانِ وَأَخْبَرَا بِذَلِكَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إمَامٌ صَلَّى بِقَوْمٍ وَذَهَبَ قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الظُّهْرُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الْعَصْرُ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَهِيَ الظُّهْرُ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ فَهِيَ الْعَصْرُ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا جَازَ لِلْفَرِيقَيْنِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ) مَنْ سَبَقَهُ حَدَثٌ تَوَضَّأَ وَبَنَى. كَذَا فِي الْكَنْزِ.
وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي حَقِّ حُكْمِ الْبِنَاءِ سَوَاءٌ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يُعْتَدُّ بِاَلَّتِي أَحْدَثَ فِيهَا وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ. كَذَا فِي الْمُتُونِ وَهَذَا فِي حَقِّ الْكُلِّ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَقِيلَ هَذَا فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ قَطْعًا وَأَمَّا الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ إنْ كَانَا يَجِدَانِ جَمَاعَةً فَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَا لَا يَجِدَانِ فَالْبِنَاءُ أَفْضَلُ صِيَانَةً لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَصُحِّحَ هَذَا فِي الْفَتَاوَى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ
(ثُمَّ لِجَوَازِ الْبِنَاءِ شُرُوطٌ) :
(مِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْحَدَثُ مُوجِبًا لِلْوُضُوءِ وَلَا يَنْدُرُ وُجُودُهُ وَأَنْ يَكُونَ سَمَاوِيًّا لَا اخْتِيَارَ لِلْعَبْدِ فِيهِ وَلَا فِي سَبَبِهِ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
فَإِذَا أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ رُعَافٍ مُتَعَمِّدًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَبْنِي وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ فَإِنْ كَانَ الْحَدَثُ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلْوُضُوءِ فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْآدَمِيِّ فَكَذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ مِلْءَ الْفَمِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَفِي التَّقَيُّؤِ لَا يَبْنِي. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ
(1/93)
وَلَوْ أَصَابَ الْمُصَلِّي حَدَثٌ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَمَا لَوْ أَصَابَتْهُ بُنْدُقَةٌ أَوْ رَمَاهُ إنْسَانٌ بِحَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ فَشَجَّ رَأْسَهُ أَوْ مَسَّ أَحَدٌ قُرْحَهُ فَأَدْمَاهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ سَقَطَ مِنْ السَّطْحِ مَدَرٌ أَوْ لَوْحٌ فَشَجَّ رَأْسَهُ إنْ كَانَ بِمُرُورِ الْمَارِّ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ كَانَ لَا بِمُرُورِ الْمَارِّ فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ يَبْنِي بِلَا خِلَافٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَسَقَطَتْ مِنْهَا ثَمَرَةٌ فَجَرَحَتْهُ وَلَوْ دَخَلَ الشَّوْكُ فِي رِجْلِ الْمُصَلِّي أَوْ سَجَدَ فَدَخَلَ الشَّوْكُ فِي جَبْهَتِهِ فَسَالَ مِنْهُ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ لَا يَبْنِي وَكَذَلِكَ لَوْ عَضَّهُ زُنْبُورٌ فَسَالَ مِنْهُ الدَّمُ وَلَوْ عَطَسَ فَسَبَقَهُ الْحَدَثُ مِنْ عُطَاسِهِ أَوْ تَنَحْنَحَ فَخَرَجَ بِقُوَّتِهِ رِيحٌ قِيلَ لَا يَبْنِي وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ سَقَطَ مِنْ الْمَرْأَةِ الْكُرْسُفُ بِغَيْرِ صُنْعِهَا مَبْلُولًا بَنَتْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَبِتَحْرِيكِهَا تَبْنِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَبْنِي. كَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَإِنْ سَالَ مِنْ دُمَّلٍ بِهِ دَمٌ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ وَبَنَى وَلَوْ عَصَرَ الدُّمَّلَ حَتَّى سَالَ أَوْ كَانَ فِي مَوْضِعِ رُكْبَتَيْهِ دُمَّلٌ فَانْفَتَحَ مِنْ اعْتِمَادِهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فِي سُجُودِهِ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْحَدَثِ الْعَمْدِ فَلَا يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أُغْمِيَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ جُنَّ أَوْ قَهْقَهَ يَتَوَضَّأُ وَيَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ إذَا نَامَ فِي صَلَاتِهِ وَاحْتَلَمَ يَسْتَقْبِلُ وَلَا يَبْنِي اسْتِحْسَانًا وَإِذَا نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ فَأَنْزَلَ لَا يَبْنِي أَوْ انْتَضَحَ الْبَوْلُ عَلَى ثَوْبِ الْمُصَلِّي أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَانْصَرَفَ فَغَسَلَهَا لَا يَبْنِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ سَاعَتِهِ حَتَّى لَوْ أَدَّى رُكْنًا مَعَ الْحَدَثِ أَوْ مَكَثَ مَكَانَهُ قَدْرَ مَا يُؤَدِّي رُكْنًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ قَرَأَ ذَاهِبًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَآيِبًا لَا وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَالصَّحِيحُ الْفَسَادُ فِيهِمَا وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ فِي الْأَصَحِّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ أَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ، وَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ مُرِيدًا بِهِ أَدَاءُ رُكْنٍ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَدَاءَ الرُّكْنِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. هَكَذَا فِي الْكَافِي.
إمَامٌ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي السُّجُودِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا فَسَدَتْ وَإِنْ رَفَعَ بِلَا تَكْبِيرٍ لَا تَفْسُدُ فَيَسْتَخْلِفُ. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ أَحْدَثَ نَائِمًا ثُمَّ انْتَبَهَ بَعْدَ سَاعَةٍ يَبْنِي وَإِنْ مَكَثَ يَقْظَانَ سَاعَةً تَفْسُدُ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَفْعَلَ بَعْدَ الْحَدَثِ فِعْلًا مُنَافِيًا لِلصَّلَاةِ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَحْدَثَ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ كَانَ مِنْ ضَرُورَاتِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ مِنْ تَوَابِعِهِ وَتَتِمَّاتِهِ حَتَّى إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا أَوْ قَهْقَهَ أَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ وَكَذَا إذَا جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ أَجْنَبَ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ فَأَمْنَى. هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ اسْتَقَى مِنْ الْإِنَاءِ أَوْ الْبِئْرِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَتَوَضَّأَ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ وَلَوْ اسْتَنْجَى فَإِنْ كَانَ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ بَطَلَ الْبِنَاءُ وَإِنْ اسْتَنْجَى تَحْتَ ثِيَابِهِ بِحَيْثُ لَا تَنْكَشِفُ عَوْرَتُهُ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ. هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
الْمُصَلِّي إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فِي الْوُضُوءِ أَوْ كَشَفَهَا هُوَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ إنْ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَإِذَا كَشَفَتْ الْمَرْأَةُ ذِرَاعَيْهَا لِلْوُضُوءِ بَطَلَتْ صَلَاتُهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَإِذَا تَوَضَّأَ يَتَوَضَّأُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَيَسْتَوْعِبُ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ وَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ وَيَأْتِي بِسَائِرِ السُّنَنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ أَمَّا لَوْ غَسَلَ أَرْبَعًا أَرْبَعًا يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إنْ أَحْدَثَ وَالْمَاءُ بَعِيدٌ وَالْبِئْرُ قَرِيبٌ اخْتَارَ أَقَلَّ مُؤْنَةٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الذَّهَابِ وَالنَّزْحِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا نَزَحَ اسْتَأْنَفَ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
أَحْدَثَ وَفِي مَنْزِلِهِ مَاءٌ فَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَقَصَدَ الْحَوْضَ وَالْبَيْتُ أَقْرَبُ مِنْ الْحَوْضِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَلِيلٌ مِنْ قَدْرِ صَفَّيْنِ لَمْ تَفْسُدْ
(1/94)
صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ تَفْسُدُ وَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِهِ مَاءٌ إنْ كَانَ عَادَتُهُ التَّوَضُّؤَ مِنْ الْحَوْضِ فَنَسِيَ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْبَيْتِ وَذَهَبَ إلَى حَوْضٍ وَتَوَضَّأَ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ وَجَدَ فِي الْحَوْضِ مَوْضِعًا لِلتَّوَضُّؤِ فَتَجَاوَزَ إلَى مَوْضِعٍ إنْ كَانَ بِعُذْرٍ كَضِيقِ الْمَكَانِ الْأَوَّلِ يَبْنِي وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ تَوَضَّأَ وَتَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ بِرَأْسِهِ فَذَهَبَ وَمَسَحَ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ وَلَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى قَامَ إلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ اسْتَقْبَلَ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ نَسِيَ ثَوْبَهُ فَرَجَعَ وَرَفَعَ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَفِي الْمَسْجِدِ مَاءٌ فِي إنَاءٍ فَتَوَضَّأَ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَحَمَلَ الْإِنَاءَ إلَى مَوْضِعِ صَلَاتِهِ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ إنْ كَانَ حَمْلُ الْإِنَاءِ عَلَى يَدٍ وَاحِدَةٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَبَابُهُ مُغْلَقٌ فَفَتَحَهُ وَتَوَضَّأَ فَإِذَا خَرَجَ يُغْلَقُ إنْ خَافَ السَّارِقَ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ مَلَأَ الْإِنَاءَ وَحَمَلَهُ بِيَدَيْنِ لَا يَبْنِي وَإِنْ حَمَلَهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَإِنْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ فَغَسَلَهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ سَبْقِ الْحَدَثِ مِنْهُ بَنَى وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَارِجٍ لَا يَبْنِي خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ كَانَتْ مِنْ خَارِجٍ وَمِنْ سَبْقِ الْحَدَثِ لَا يَبْنِي وَإِنْ كَانَتَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَلَوْ أَصَابَتْ ثَوْبَهُ نَجَاسَةٌ إنْ أَمْكَنَهُ النَّزْعُ بِأَنْ وَجَدَ ثَوْبًا آخَرَ فَنَزَعَ مِنْ سَاعَتِهِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ النَّزْعُ مِنْ سَاعَتِهِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا آخَرَ فَإِنْ أَدَّى جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ ذَلِكَ الثَّوْبِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ وَلَكِنْ مَكَثَ كَذَلِكَ لَمْ تَفْسُدْ، وَإِنْ طَالَ وَإِنْ أَمْكَنَهُ النَّزْعُ مِنْ سَاعَتِهِ بِأَنْ كَانَ يَجِدُ ثَوْبًا آخَرَ فَلَمْ يَنْزِعْ وَلَمْ يُؤَدِّ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الصَّلَاةِ فَانْصَرَفَ لِيَتَوَضَّأَ فَأَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَظْهَرَ حَدَثُهُ السَّابِقُ بَعْدَ الْحَدَثِ السَّمَاوِيِّ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَالْمَاسِحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَوْ أَحْدَثَ وَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ فَذَهَبَ وَقْتُ مَسْحِهِ فِي خِلَالِ وُضُوئِهِ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ الْمُتَيَمِّمُ فِي الصَّلَاةِ فَذَهَبَ فَوَجَدَ الْمَاءَ لَمْ يَبْنِ وَكَذَا الْمُسْتَحَاضَةُ إذَا أَحْدَثَتْ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ ذَهَبَتْ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا مَاسِحُ الْجَبِيرَةِ إذَا بَرِئَتْ جِرَاحَتُهُ أَوْ صَاحِبُ الْجُرْحِ السَّائِلِ إذَا خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
(وَمِنْهَا) إذَا كَانَ مُقْتَدِيًا أَنْ يَعُودَ إلَى الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَرَغَ الْإِمَامُ وَكَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ يَمْنَعُ جَوَازَ الِاقْتِدَاءِ وَلَوْ فَرَغَ إمَامُهُ لَا يَعُودُ وَلَوْ عَادَ اخْتَلَفُوا فِي فَسَادِ صَلَاتِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَانِعٌ فَلَهُ الِاقْتِدَاءُ مِنْ مَكَانِهِ مِنْ غَيْرِ عَوْدٍ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْمُنْفَرِدُ بَعْدَ مَا تَوَضَّأَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ إتْمَامِ الصَّلَاةِ فِي بَيْتِهِ وَالرُّجُوعِ إلَى مُصَلَّاهُ وَالرُّجُوعُ أَفْضَلُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالْإِمَامُ كَالْمُنْفَرِدِ إنْ فَرَغَ إمَامُهُ وَإِلَّا عَادَ وَيُتِمُّ خَلْفَ خَلِيفَتِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَتَذَكَّرَ فَائِتَةً عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَدَثِ السَّمَاوِيِّ وَهُوَ صَاحِبُ تَرْتِيبٍ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَمِنْهَا) إذَا كَانَ إمَامًا أَنْ لَا يَسْتَخْلِفَ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فَلَوْ اسْتَخْلَفَ امْرَأَةً اسْتَقْبَلَ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
[فَصْلٌ فِي الِاسْتِخْلَافِ]
(فَصْلٌ فِي الِاسْتِخْلَافِ) فِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَمَا لَا يَصِحُّ لَهُ مَعَهُ الْبِنَاءُ فَلَا اسْتِخْلَافَ فِيهِ وَكُلُّ مَنْ يَصْلُحُ إمَامًا لِلْإِمَامِ الَّذِي سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الِابْتِدَاءِ يَصْلُحُ خَلِيفَةً لَهُ وَمَنْ لَا يَصْلُحُ إمَامًا لَهُ فِي الِابْتِدَاءِ لَا يَصْلُحُ خَلِيفَةً لَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَصُورَةُ الِاسْتِخْلَافِ أَنْ يَتَأَخَّرَ مُحْدَوْدِبًا وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ قَدْ رَعَفَ وَيُقَدِّمُ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ بِالْكَلَامِ بَلْ بِالْإِشَارَةِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الصُّفُوفَ فِي الصَّحْرَاءِ وَفِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا أَحْدَثَ وَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ
(1/95)
وَالصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ بِصُفُوفِ الْمَسْجِدِ لَمْ يَصِحَّ اسْتِخْلَافُهُ وَتَفْسُدُ صَلَاةُ الْقَوْمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَفِي فَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ هُوَ الْفَسَادُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْأَوْلَى لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يَسْتَخْلِفَ الْمَسْبُوقَ وَإِنْ اسْتَخْلَفَهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ وَإِنْ قَبِلَ جَازَ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
وَلَوْ تَقَدَّمَ يَبْتَدِئُ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى إلَيْهِ الْإِمَامُ وَإِذَا انْتَهَى إلَى السَّلَامِ يُقَدِّمُ مُدْرِكًا يُسَلِّمُ بِهِمْ فَلَوْ أَنَّهُ حِينَ أَتَمَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ قَهْقَهَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ تَامَّةٌ وَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ فَرَغَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ تَفْسُدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ تَرَكَ رُكُوعًا يُشِيرُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى رُكْبَتِهِ أَوْ سُجُودًا يُشِيرُ بِوَضْعِهَا عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ قِرَاءَةً يُشِيرُ بِوَضْعِهَا عَلَى فَمِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ يُشِيرُ بِأُصْبُعٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ اثْنَتَيْنِ فَبِأُصْبُعَيْنِ وَلِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ يَضَعُ أُصْبُعَهُ عَلَى الْجَبْهَةِ وَاللِّسَانِ وَلِلسَّهْوِ عَلَى قَلْبِهِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْخَلِيفَةُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا حَاجَةَ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
رَجُلٌ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ وَقَدَّمَ هَذَا الرَّجُلَ وَالْمُقْتَدِي لَا يَدْرِي أَنَّهُ كَمْ صَلَّى الْإِمَامُ وَكَمْ بَقِيَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُقْتَدِيَ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَقَعَدَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ احْتِيَاطًا.
كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْمَسْبُوقِ.
وَلَوْ اسْتَخْلَفَ لَاحِقًا فَلِلْخَلِيفَةِ أَنْ يُشِيرَ لِقَوْمٍ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ يُتِمَّ بِهِمْ الصَّلَاةَ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَمَضَى عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ وَأَخَّرَ مَا عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى إلَى مَوْضِعِ السَّلَامِ وَاسْتَخْلَفَ مَنْ سَلَّمَ بِهِمْ جَازَ عِنْدَنَا. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَالْإِمَامُ الْمُحْدِثُ عَلَى إمَامَتِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ يَسْتَخْلِفْ رَجُلًا وَيَقُومُ الْخَلِيفَةُ فِي مَقَامِهِ يَنْوِي أَنْ يَؤُمَّ النَّاسَ أَوْ يَسْتَخْلِفَ الْقَوْمُ غَيْرَهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَتَوَضَّأَ مِنْ جَانِبِ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْمُ يَنْتَظِرُونَهُ وَرَجَعَ إلَى مَكَانِهِ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ بِهِمْ أَجْزَأَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْإِمَامُ وَلَا الْقَوْمُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ وَيَتَوَضَّأُ الْإِمَامُ وَيَبْنِي؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَالْمُنْفَرِدِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ تَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمِ أَحَدٍ وَقَامَ مَقَامَ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ جَازَ وَلَوْ خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ هَذَا الرَّجُلُ إلَى الْمِحْرَابِ وَيَقُومَ مَقَامَهُ فَسَدَتْ صَلَاةُ الرَّجُلِ وَالْقَوْمُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْأَوَّلِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ شَخْصٌ وَاحِدٌ وَأَحْدَثَ الْإِمَامُ تَعَيَّنَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ لِلْإِمَامَةِ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ بِالنِّيَّةِ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ.
وَلَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ رَجُلًا وَالْقَوْمُ رَجُلًا فَالْإِمَامُ مَنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْقَوْمُ أَنْ يَأْتَمُّوا بِالْأَخِيرِ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ وَلَوْ قَدَّمَ كُلُّ طَائِفَةٍ رَجُلًا فَالْعِبْرَةُ لِلْأَكْثَرِ وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْكُلِّ وَإِنْ تَقَدَّمَ رَجُلًا فَالسَّابِقُ إلَى مَكَانِ الْإِمَامِ تَعَيَّنَ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي التَّقْدِيمِ وَاقْتَدَى بَعْضُهُمْ بِهَذَا وَبَعْضُهُمْ بِهَذَا فَصَلَاةُ الَّذِي يَأْتَمُّ بِهِ الْأَكْثَرُ صَحِيحَةٌ وَصَلَاةُ الْأَقَلِّ فَاسِدَةٌ وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ لَا يُمْكِنُ التَّرْجِيحُ فَتَفْسُدُ صَلَاةُ الطَّائِفَتَيْنِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مِنْ آخِرِ الصُّفُوفِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إنْ نَوَى الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ مِنْ سَاعَتِهِ صَارَ إمَامًا فَتَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ كَانَ يَتَقَدَّمُهُ دُونَ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَمَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فِي صَفِّهِ وَمَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ إمَامًا إذَا قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَخَرَجَ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْخَلِيفَةُ إلَى مَكَانِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ.
وَشَرْطُ جَوَازِ صَلَاةِ الْخَلِيفَةِ وَالْقَوْمِ أَنْ يَصِلَ الْخَلِيفَةُ إلَى الْمِحْرَابِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ اسْتَخْلَفَ فَاسْتَخْلَفَ الْخَلِيفَةُ غَيْرَهُ وَقَالَ الْفَضْلِيُّ إنْ لَمْ يَخْرُجْ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَأْخُذْ الْخَلِيفَةُ مَكَانَهُ حَتَّى اسْتَخْلَفَ جَازَ وَيَصِيرُ كَأَنَّ الثَّانِيَ تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ أَوْ قَدَّمَهُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
لَوْ أَحْدَثَ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى جَاءَ مَنْ أَتَمَّ بِهِ ثُمَّ خَرَجَ كَانَ
(1/96)
الثَّانِي خَلِيفَةَ الْأَوَّلِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إذَا حُصِرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْرَأْ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوْ اعْتَرَاهُ خَجَلٌ أَوْ خَوْفٌ فَحُصِرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ أَمَّا إذَا قَرَأَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَلَا يَسْتَخْلِفُ بَلْ يَرْكَعُ وَيَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ فَلَوْ اسْتَخْلَفَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا نَسِيَ الْقِرَاءَةَ أَصْلًا لَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ
مُسَافِرٌ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَ مُقِيمًا لَمْ يَلْزَمْ الْمُسَافِرَ الْإِتْمَامُ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مُسَافِرًا فَنَوَى الْخَلِيفَةُ الْإِقَامَةَ لَمْ يَلْزَمْ الْقَوْمَ الْإِتْمَامُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي فَصْلِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ فَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ يُصَلِّي مَا بَقِيَ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ افْتَتَحَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ كَانَ مَاسِحًا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَظَنَّ أَنَّ مُدَّةَ مَسْحِهِ قَدْ انْقَضَتْ أَوْ كَانَ مُتَيَمِّمًا فَرَأَى سَرَابًا فَظَنَّهُ مَاءً أَوْ كَانَ فِي الظُّهْرِ فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ أَوْ رَأَى حُمْرَةً فِي ثَوْبِهِ فَظَنَّهَا نَجَاسَةً فَانْصَرَفَ حَيْثُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَالدَّارُ وَالْجَبَّانَةُ وَمُصَلَّى الْجِنَازَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ وَمَكَانِ الصُّفُوفِ فِي الصَّحْرَاءِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ تَقَدَّمَ قُدَّامَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سُتْرَةٌ يَعْتَبِرُ قَدْرَ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَالْحَدُّ السُّتْرَةُ.
كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي وَحْدَهُ فَمَوْضِعُ سُجُودِهِ كَكَوْنِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَذَلِكَ يَمِينُهُ وَشِمَالُهُ وَخَلْفَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمَرْأَةُ إنْ نَزَلَتْ عَنْ مُصَلَّاهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَلِهَذَا تَعْتَكِفُ فِيهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ خَافَ الْمُصَلِّي سَبْقَ الْحَدَثِ فَانْصَرَفَ ثُمَّ سَبَقَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ فِي مَسَائِلَ) إذَا طَلَعَ الشَّمْسُ فِي الْفَجْرِ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ عَنْ بُرْءٍ أَوْ زَالَ عُذْرُ الْمَعْذُورِ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا أَوْ قَدَرَ مُومِئٌ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ كَانَ مَاسِحًا عَلَى الْخُفَّيْنِ فَتَمَّتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ وَكَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لَهُ لَا تَبْطُلُ وَقِيلَ تَبْطُلُ أَوْ نَزَعَ خُفَّيْهِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ بِأَنْ كَانَا وَاسِعَيْنِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِمَا إلَى الْمُعَالَجَةِ فِي النَّزْعِ وَأَمَّا إذَا كَانَ النَّزْعُ بِفِعْلٍ عَنِيفٍ تَمَّتْ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ تَعَلَّمَ أُمِّيٌّ سُورَةً بِأَنْ تَذَكَّرَهَا أَوْ حَفِظَهَا بِالسَّمَاعِ مِمَّنْ يَقْرَأُ مِنْ غَيْرِ اشْتِغَالٍ بِالتَّعَلُّمِ أَمَّا لَوْ تَعَلَّمَ حَقِيقَةً تَمَّتْ صَلَاتُهُ هَذَا إذَا كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إمَامًا حَيْثُ تَجُوزُ إمَامَتُهُ أَمَّا إذَا كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ قَارِئٍ فَعِنْدَ عَامَّتِهِمْ أَنَّهَا تَفْسُدُ وَاخْتَارَ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ.
هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَوْ وَجَدَ عَارٍ ثَوْبًا تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَتْ فِيهِ وَعِنْدَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ وَلَكِنَّ رُبْعَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ طَاهِرٌ وَهُوَ سَاتِرٌ لِلْعَوْرَةِ أَوْ كَانَ الْمُصَلِّي مُتَيَمِّمًا فَقَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ أَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْقُطْ التَّرْتِيبُ بَعْدُ فَلَوْ كَانَ مُتَوَضِّئًا يُصَلِّي خَلْفَ مُتَيَمِّمٍ فَرَأَى الْمُؤْتَمُّ الْمَاءَ أَوْ مُؤْتَمًّا وَعَلَى الْإِمَامِ فَائِتَةٌ فَتَذَكَّرَ الْمُؤْتَمُّ الْفَائِتَةَ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّ وَحْدَهُ.
كَذَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ إذَا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ وَهُوَ مَا إذَا تَذَكَّرَ فَائِتَةً أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ. هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ وَقَدْ زِيدَ عَلَيْهَا مَسَائِلُ:
(مِنْهَا) إذَا كَانَ يُصَلِّي بِالثَّوْبِ النَّجِسِ فَوَجَدَ مَا يَغْسِلُ بِهِ (وَمِنْهَا) إذَا كَانَ يُصَلِّي الْقَضَاءَ فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ الْأَوْقَاتُ الْمَكْرُوهَةُ مِنْ الزَّوَالِ وَتَغَيُّرِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ أَوْ طُلُوعِهَا (وَمِنْهَا) إذَا صَلَّتْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَأُعْتِقَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ تَسْتُرْ عَوْرَتَهَا مِنْ سَاعَتِهَا فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا إذَا عَرَضَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ كَانَ خَلْفَهُ لَوْ كَانَ إمَامًا وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فَعَرَضَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا
(1/97)
فَإِنْ سَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ سَلَّمَ الْقَوْمُ قَبْلَ الْإِمَامِ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ دُونَ الْقَوْمِ وَكَذَا إذَا سَجَدَ هُوَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يَسْجُدْ الْقَوْمُ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ
[الْبَابُ السَّابِعُ فِيمَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا وَفِيهِ فَصْلَانِ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُفْسِدُهَا]
(الْبَابُ السَّابِعُ فِيمَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا وَفِيهِ فَصْلَانِ)
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُفْسِدُهَا) الْمُفْسِدُ لِلصَّلَاةِ نَوْعَانِ: قَوْلٌ وَفِعْلٌ.
(النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي الْأَقْوَالِ) إذَا تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا خَاطِئًا أَوْ قَاصِدًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا تَكَلَّمَ لِإِصْلَاحِ صَلَاتِهِ بِأَنْ قَامَ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعِ الْقُعُودِ فَقَالَ لَهُ الْمُقْتَدِي اُقْعُدْ أَوْ قَعَدَ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ فَقَالَ لَهُ قُمْ أَوْ لَا لِإِصْلَاحِ صَلَاتِهِ وَيَكُونُ الْكَلَامُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ عِنْدَنَا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ هَذَا إذَا تَكَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَذَا إذَا تَكَلَّمَ عَلَى وَجْهٍ يُسْمَعُ مِنْهُ فَأَمَّا إذَا تَكَلَّمَ عَلَى وَجْهٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ وَصَحَّحَ الْحُرُوفَ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَفِي النَّوَازِلِ إذَا تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ فِي النَّوْمِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
يُفْسِدُهَا السَّلَامُ لِلصَّلَاةِ عَمْدًا وَأَمَّا غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الصَّلَاةَ تَامَّةٌ فَغَيْرُ مُفْسِدٍ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا لِلصَّلَاةِ فَمُفْسِدٌ وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ تَفْسُدُ مُطْلَقًا. كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ.
الْمَسْبُوقَ إذَا سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ مَعَ الْإِمَامِ فَهُوَ سَلَامٌ عَمْدٌ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي مِمَّا يَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الِاقْتِدَاءِ مَسَائِلُ الْمَسْبُوقِ وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ فِيمَنْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ.
وَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْقَضَاءِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْقَضَاءِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَامُ السَّاهِي فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ.
رَجُلٌ صَلَّى الْعِشَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَرْوِيحَةٌ أَوْ سَلَّمَ فِي الظُّهْرِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا جُمُعَةٌ أَوْ الْمُقِيمُ سَلَّمَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُسَافِرٌ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ.
وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا رَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالضَّابِطُ أَنَّ السَّهْوَ عَنْ السَّلَامِ إنْ وَقَعَ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ يُوجِبُ فَسَادَهَا وَإِنْ وَقَعَ فِي وَصْفِ الصَّلَاةِ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعَ عَشَرَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ.
وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى إنْسَانٍ سَاهِيًا فَلَمَّا قَالَ: السَّلَامُ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَسَكَتَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ صَافَحَ بِنِيَّةِ السَّلَامِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ مَعْنًى وَلَا يَرُدُّ بِالْإِشَارَةِ وَلَوْ أَشَارَ يُرِيدُ بِهِ رَدَّ السَّلَامِ أَوْ طَلَبَ مِنْ الْمُصَلِّي شَيْئًا فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ بِنَعَمْ أَوْ بِلَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُكْرَهُ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ.
رَجُلٌ عَطَسَ فَقَالَ الْمُصَلِّي: يَرْحَمُك اللَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطَيْنِ وَلَوْ قَالَ الْعَاطِسُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَخَاطَبَ نَفْسَهُ لَا يَضُرُّهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
وَلَوْ عَطَسَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: آخَرُ يَرْحَمُك اللَّهُ فَقَالَ الْمُصَلِّي: آمِينَ تَفْسُدُ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ عَطَسَ فَقَالَ لَهُ الْمُصَلِّي الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجَوَابٍ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ جَوَابَهُ أَوْ اسْتِفْهَامَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَفْسُدُ هَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَلَوْ قَالَ الْعَاطِسُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي نَفْسِهِ وَالْأَحْسَنُ هُوَ السُّكُوتُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ فَهَلْ يَحْمَدُ إذَا فَرَغَ؟ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْمَدُ فَإِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا لَا يَحْمَدُ سِرًّا وَلَا عَلَنًا فِي قَوْلِهِمْ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
رَجُلَانِ يُصَلِّيَانِ فَعَطَسَ أَحَدُهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ: يَرْحَمُك اللَّهُ فَقَالَا جَمِيعًا: آمِينَ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْعَاطِسِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْآخَرِ
(1/98)
لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُ لَهُ.
هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْفَتَاوَى، وَلَوْ قَالَ لَهُ: يَرْحَمُك اللَّهُ وَقَالَ الْآخَرُ: آمِينَ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ قَالَ لَهُ آمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُ لَهُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى يُرِيدُ خِطَابَ إنْسَانٍ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ أَوْ نَهَاهُ عَنْ شَيْءٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَإِنْ أَرَادَ تَنْبِيهَ مَنْ يَشْغَلُهُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَلَوْ عَرَضَ لِلْإِمَامِ شَيْءٌ فَسَبَّحَ الْمَأْمُومُ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ إصْلَاحُ الصَّلَاةِ وَلَا يُسَبِّحُ لِلْإِمَامِ إذَا قَامَ إلَى الْأُخْرَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ إذَا كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ فَلَمْ يَكُنْ التَّسْبِيحُ مُفِيدًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ فَتَحَ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ تَفْسُدُ إلَّا إذَا عَنَى بِهِ التِّلَاوَةَ دُونَ التَّعْلِيمِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْفَتْحِ مَرَّةً وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْرَارُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ فَتَحَ غَيْرُ الْمُصَلِّي فَأَخَذَ بِفَتْحِهِ تَفْسُدُ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَإِنْ فَتَحَ عَلَى إمَامِهِ لَمْ تَفْسُدْ ثُمَّ قِيلَ: يَنْوِي الْفَاتِحُ بِالْفَتْحِ عَلَى إمَامِهِ التِّلَاوَةَ وَالصَّحِيحُ أَنْ يَنْوِيَ الْفَتْحَ عَلَى إمَامِهِ دُونَ الْقِرَاءَةِ قَالُوا هَذَا إذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوْ بَعْدَمَا قَرَأَ وَلَمْ يَتَحَوَّلْ إلَى آيَةٍ أُخْرَى وَأَمَّا إذَا قَرَأَ أَوْ تَحَوَّلَ فَفَتَحَ عَلَيْهِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْفَاتِحِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْفَاتِحِ بِكُلِّ حَالٍ وَلَا صَلَاةُ الْإِمَامِ لَوْ أَخَذَ مِنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَيُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَفْتَحَ عَلَى إمَامِهِ مِنْ سَاعَتِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَتَذَكَّرَ مِنْ سَاعَتِهِ فَيَصِيرَ قَارِئًا خَلْفَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُلْجِئَهُمْ إلَى الْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ يُلْجِئُهُمْ إلَى الْقِرَاءَةِ خَلْفَهُ وَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ بَلْ يَرْكَعُ إنْ قَرَأَ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ وَإِلَّا يَنْتَقِلُ إلَى آيَةٍ أُخْرَى. كَذَا فِي الْكَافِي وَتَفْسِيرُ الْإِلْجَاءِ أَنْ يُرَدِّدَ الْآيَةَ أَوْ يَقِفَ سَاكِتًا. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
أُرْتِجَ عَلَى الْإِمَامِ فَفَتَحَ عَلَيْهِ مَنْ لَيْسَ فِي صَلَاتِهِ وَتَذَكَّرَ فَإِنْ أَخَذَ فِي التِّلَاوَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْفَتْحِ لَمْ تَفْسُدْ وَإِلَّا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ تَذَكُّرَهُ مُضَافٌ إلَى الْفَتْحِ وَفَتْحُ الْمُرَاهِقِ كَالْبَالِغِ وَلَوْ سَمِعَهُ الْمُؤْتَمُّ مِمَّنْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ فَفَتَحَهُ عَلَى إمَامِهِ يَجِبُ أَنْ يَبْطُلَ صَلَاةُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ التَّلْقِينَ مِنْ خَارِجٍ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْقُنْيَةِ.
أُخْبِرَ بِمَا يَسُوءُهُ فَاسْتَرْجَعَ أَوْ بِمَا يَسُرُّهُ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَرَادَ بِهِ جَوَابَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ جَوَابَهُ أَوْ أَرَادَ بِهِ إعْلَامَهُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَفْسُدْ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَإِذَا أُخْبِرَ بِمَا يُعْجِبُهُ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْجَوَابَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ فَسَدَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
وَلَوْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقِيلَ: لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَفِي النِّصَابِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ قَالَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ: رَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ عَوَّذَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ لِلْحُمَّى وَنَحْوِهَا تَفْسُدُ عِنْدَهُمْ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
مَرِيضٌ صَلَّى فَقَالَ عِنْدَ قِيَامِهِ أَوْ عِنْدَ انْحِطَاطِهِ: بِسْمِ اللَّهِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالْوَجَعِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَفِي قَوْلِهِ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ إذَا أَرَادَ الْجَوَابَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، أَوْ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْجَوَابَ أَمَّا إذَا أَرَادَ الْجَوَابَ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ الْكُلِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ
وَلَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لِغَيْرِهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ سَمِعَ اسْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ جَوَابًا لَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَلَوْ قَرَأَ رَجُلٌ {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] وَصَلَّى عَلَيْهِ رَجُلٌ فِي الصَّلَاةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ قَرَأَ ذِكْرَ الشَّيْطَانَ فَقَالَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَعَنَهُ اللَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ
(1/99)
وَلَوْ نَادَى رَجُلٌ فَقَالَ: اقْرَءُوا الْفَاتِحَةَ لِأَجْلِ الْمُهِمَّاتِ فَقَرَأَ الْمَسْبُوقُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَبِهِ يُفْتَى. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَنْشَدَ شِعْرًا يُوجَدُ عَيْنُهُ فِي الْقُرْآنِ مِثْلَ قَوْلِ الشَّاعِرِ
أَرَأَيْت الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّي ... نِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ
(2) ، وَقَوْلِهِ:
وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ... وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ
وَأَرَادَ بِهِ إنْشَادَ الشِّعْرِ تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ أَنْشَأَ شِعْرًا أَوْ خُطْبَةً وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِلِسَانِهِ لَا تَفْسُدُ وَقَدْ أَسَاءَ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي.
فِي الْفَتَاوَى وَلَوْ تَفَكَّرَ فِي صَلَاتِهِ فَتَذَكَّرَ حَدِيثًا أَوْ شِعْرًا أَوْ خُطْبَةً أَوْ مَسْأَلَةً يُكْرَهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ نَعَمْ فَإِنْ كَانَ يَعْتَادُ أَنْ يَجْرِيَ فِي كَلَامِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ الْقُرْآنِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: آرى فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ تَفْسُدُ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إنْ دَعَا بِمَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ مِثْلَ الْعَافِيَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرِّزْقِ بِأَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي الْحَجَّ أَوْ اغْفِرْ لِي لَا تَفْسُدُ، وَلَوْ دَعَا بِمَا لَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ مِثْلِ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ أَطْعِمْنِي أَوْ اقْضِ دَيْنِي أَوْ زَوِّجْنِي فَإِنَّهُ يَفْسُدُ، وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي فُلَانَةَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَفْسُدُ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ أَيْضًا مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ، وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ، وَلَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَخِي ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَضْلِ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ يُفْسِدُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ قَالَ: اغْفِرْ لِأُمِّي أَوْ لِعَمِّي أَوْ لِخَالِي أَوْ لِزَيْدٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ التَّرْغِيبِ أَوْ التَّرْهِيبِ فَقَالَ الْمُقْتَدِي: صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَتْ رُسُلُهُ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْمُصَلِّي كُلَّمَا يَقْرَأُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: 102] رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: لَبَّيْكَ سَيِّدِي فَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يَفْعَلَ وَلَوْ فَعَلَ قِيلَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
وَلَوْ لَبَّى الْحَاجُّ فِي صَلَاتِهِ تَفْسُدُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا أَذَّنَ فِي الصَّلَاةِ وَأَرَادَ بِهِ الْأَذَانَ فَسَدَتْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ فَقَالَ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ إنْ أَرَادَ بِهِ جَوَابَهُ تَفْسُدُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ تَفْسُدُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ وَسْوَسَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
إذَا نَسِيَ التَّشَهُّدَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ فَسَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ وَاشْتَغَلَ بِقِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ فَلَمَّا قَرَأَ الْبَعْضَ سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِ التَّشَهُّدِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ قُعُودَهُ الْأَوَّلَ ارْتَفَضَ بِالْعَوْدِ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ فَإِذَا سَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِ التَّشَهُّدِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ قُعُودَهُ الْأَوَّلَ لَا يَرْتَفِضُ كُلُّهُ بِالْعَوْدِ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ وَإِنَّمَا ارْتَفَضَ بِقَدْرِ مَا قَرَأَ أَوْ لَمْ يَرْتَفِضْ أَصْلًا؛ لِأَنَّ مَحِلَّ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ الْقَعْدَةُ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى رَفْضِهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَعَنْ هَذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي مَسْأَلَةٍ لَا رِوَايَةَ لَهَا إذَا نَسِيَ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ حَتَّى رَكَعَ فَتَذَكَّرَ فِي رُكُوعِهِ فَانْتَصَبَ قَائِمًا لِلْقِرَاءَةِ، ثُمَّ نَدِمَ فَسَجَدَ وَلَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَصَبَ قَائِمًا لِلْقِرَاءَةِ ارْتَفَضَ رُكُوعُهُ فَإِذَا لَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَرْتَفِضُ كُلُّ الرُّكُوعِ أَوْ لَمْ يَرْتَفِضْ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الرَّفْضَ كَانَ لِأَجْلِ الْقِرَاءَةِ فَإِذَا لَمْ يَقْرَأْ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَنَّ فِي صَلَاتِهِ أَوْ تَأَوَّهَ أَوْ بَكَى فَارْتَفَعَ بُكَاؤُهُ فَحَصَلَ لَهُ حُرُوفٌ فَإِنْ كَانَ مِنْ
(1/100)
ذِكْرِ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ تَأَوَّهَ لِكَثْرَةِ الذُّنُوبِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَلَوْ بَكَى فِي صَلَاتِهِ، فَإِنْ سَالَ دَمْعُهُ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَتَفْسِيرُ الْأَنِينِ أَنْ يَقُولَ: آهْ آهْ وَتَفْسِيرُ التَّأَوُّهِ أَنْ يَقُولَ: أَوَّهْ.
كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَلَوْ قَالَ: آخْ آخْ تَفْسُدُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْمُوعًا لَا تَفْسُدُ وَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَلَوْ نَفَخَ فِي التُّرَابِ مِنْ مَوْضِعِ سُجُودِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَسْمُوعٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَالتَّنَفُّسِ لَكِنْ إنْ تَعَمَّدَ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ مَسْمُوعًا بِأَنْ يَكُونَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ وَيَقْطَعُ الصَّلَاةَ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا سَاقَ الدَّابَّةَ بِقَوْلِهِ هِرْ أَوْ سَاقَ الْكَلْبَ بِقَوْلِهِ جِرْ يَقْطَعُ وَإِنْ سَاقَهَا بِمَا لَيْسَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَكَذَا إذَا دَعَا الْهِرَّةَ بِمَا لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَإِذَا دَعَاهَا بِمَا لَيْسَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَكَذَا إذَا نَفَّرَهَا بِمَا لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ قَطَعَ. هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَيُفْسِدُ الصَّلَاةَ التَّنَحْنُحُ بِلَا عُذْرٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ وَحَصَلَ مِنْهُ حُرُوفٌ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ حُرُوفٌ فَإِنَّهُ لَا يُفْسِدُ اتِّفَاقًا لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ بِأَنْ كَانَ مَدْفُوعًا إلَيْهِ لَا تَفْسُدُ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَكَذَا الْأَنِينُ وَالتَّأَوُّهُ إذَا كَانَ بِعُذْرٍ بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَصَارَ كَالْعُطَاسِ وَالْجُشَاءِ وَلَوْ عَطَسَ أَوْ تَجَشَّأَ فَحَصَلَ مِنْهُ كَلَامٌ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ تَنَحْنَحَ لِإِصْلَاحِ صَوْتِهِ وَتَحْسِينِهِ لَا تَفْسُدُ عَلَى الصَّحِيحِ وَكَذَا لَوْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فَتَنَحْنَحَ الْمُقْتَدِي لِيَهْتَدِيَ الْإِمَامُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَذُكِرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّ التَّنَحْنُحَ لِإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَيُفْسِدُهَا قِرَاءَتُهُ مِنْ مُصْحَفٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: لَا يُفْسِدُ لَهُ إنَّ حَمْلَ الْمُصْحَفِ وَتَقْلِيبَ الْأَوْرَاقِ وَالنَّظَرَ فِيهِ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَلِلصَّلَاةِ عَنْهُ بُدٌّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مَوْضُوعًا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى رَحْلٍ وَهُوَ لَا يَحْمِلُ وَلَا يُقَلِّبُ أَوْ قَرَأَ الْمَكْتُوبَ فِي الْمِحْرَابِ لَا تَفْسُدُ، وَلِأَنَّ التَّلَقُّنَ مِنْ الْمُصْحَفِ تَعَلُّمٌ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ وَهَذَا يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمَحْمُولِ وَغَيْرِهِ فَتَفْسُدُ بِكُلِّ حَالٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَقَرَأَهُ مِنْ مَكْتُوبٍ مِنْ غَيْرِ حَمْلِ الْمُصْحَفِ قَالُوا: لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ الْأَمْرَيْنِ وَلَمْ يَفْصِلْ فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَيْنَ مَا إذَا قَرَأَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا مِنْ الْمُصْحَفِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إنْ قَرَأَ مِقْدَارَ آيَةٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ قَرَأَ مِقْدَارَ الْفَاتِحَةِ تَفْسُدُ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ نَظَرَ إلَى مَكْتُوبٍ هُوَ قُرْآنٌ وَفَهِمَهُ لَا خِلَافَ لِأَحَدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْحُسَامِيّ لَوْ نَظَرَ فِي كِتَابٍ مِنْ الْفِقْهِ فِي صَلَاتِهِ وَفَهِمَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
إذَا كَانَ الْمَكْتُوبُ عَلَى الْمِحْرَابِ غَيْرَ الْقُرْآنِ فَنَظَرَ الْمُصَلِّي إلَى ذَلِكَ وَتَأَمَّلَ وَفَهِمَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَفْسُدُ وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُنَا وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَفْسُدُ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَفْهِمِ وَغَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَلَوْ قَرَأَ مِنْ الْإِنْجِيلِ أَوْ التَّوْرَاةِ أَوْ الزَّبُورِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْقُرْآنَ أَوْ لَا يُحْسِنُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ (1) . كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(النَّوْعُ الثَّانِي فِي الْأَفْعَالِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّلَاةِ)
الْعَمَلُ الْكَثِيرُ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَالْقَلِيلُ لَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ (الْأَوَّلُ) أَنَّ
(1/101)
مَا يُقَامُ بِالْيَدَيْنِ عَادَةً كَثِيرٌ وَإِنْ فَعَلَهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ كَالتَّعَمُّمِ وَلُبْسِ الْقَمِيصِ وَشَدِّ السَّرَاوِيلِ وَالرَّمْيِ عَنْ الْقَوْسِ وَمَا يُقَامُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ قَلِيلٌ وَإِنْ فُعِلَ بِيَدَيْنِ كَنَزْعِ الْقَمِيصِ وَحَلِّ السَّرَاوِيلِ وَلُبْسِ الْقَلَنْسُوَةِ وَنَزْعِهَا وَنَزْعِ اللِّجَامِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكُلُّ مَا يُقَامُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ يَسِيرٌ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَالثَّانِي) أَنْ يُفَوَّضَ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ وَهُوَ الْمُصَلِّي فَإِنْ اسْتَكْثَرَهُ كَانَ كَثِيرًا وَإِنْ اسْتَقَلَّهُ كَانَ قَلِيلًا وَهَذَا أَقْرَبُ الْأَقْوَالِ إلَى رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ نَاظِرٌ مِنْ بَعِيدٍ إنْ كَانَ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَهُوَ كَثِيرٌ مُفْسِدٌ وَإِنْ شَكَّ فَلَيْسَ بِمُفْسِدٍ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ أَحْسَنُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْعَامَّةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ
إنْ تَقَلَّدَ سَيْفًا أَوْ نَزَعَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَكَذَا إذَا تَرَدَّى بِرِدَاءٍ أَوْ حَمَلَ شَيْئًا خَفِيفًا يُحْمَلُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ حَمَلَ صَبِيًّا (2) أَوْ ثَوْبًا عَلَى عَاتِقِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ حَمَلَ شَيْئًا بِحَيْثُ يَتَكَلَّفُ بِحَمْلِهِ وَلَهُ مُؤْنَةٌ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إذَا كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ فَابْتَلَعَهُ إنْ كَانَ قَلِيلًا دُونَ الْحِمَّصَةِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ مِقْدَارَ الْحِمَّصَةِ فَسَدَتْ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى وَهَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْبَدَائِعِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ذَكَرَ الْبَقَّالِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ. هَكَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ وَلَوْ ابْتَلَعَ دَمًا بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَمْ تَفْسُدْ إذَا كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلرِّيقِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
فِي النِّصَابِ رَجُلٌ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَبَقِيَ فِي فَمِهِ فَضْلُ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ مَا بَقِيَ فِيهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا لَوْ كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ شَيْءٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَابْتَلَعَهُ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ مِقْدَارَ الْحِمَّصَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ ابْتَلَعَ دَمًا خَرَجَ مِنْ أَسْنَانِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِلْءَ الْفَمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَخَذَ سِمْسِمَةً مِنْ خَارِجٍ وَابْتَلَعَهَا فَسَدَتْ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْ الْحَلَاوَةِ وَابْتَلَعَ عَيْنَهَا فَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَدَ حَلَاوَتَهَا فِي فِيهِ فَابْتَلَعَهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَدْخَلَ الْفَانِيذَ أَوْ السُّكَّرَ فِي فَمِهِ وَلَمْ يَمْضُغْهُ لَكِنْ يُصَلِّي وَالْحَلَاوَةُ تَصِلُ إلَى جَوْفِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ مَضَغَ الْعِلْكَ كَثِيرًا فَسَدَتْ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا لَاكَ الفوفلة فَلَمْ يَنْفَصِلْ مِنْهَا شَيْءٌ إنْ كَثُرَ ذَلِكَ فَسَدَتْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهَا شَيْءٌ وَدَخَلَ حَلْقَهُ فَسَدَتْ وَلَوْ قَلَّ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَلُكْهَا وَدَخَلَ رِيقَهُ لَمْ تَفْسُدْ وَلَوْ وَقَعَ فِي فَمِهِ بَرَدَةٌ أَوْ قَطْرَةٌ أَوْ ثَلْجٌ فَابْتَلَعَهُ فَسَدَتْ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ رَفَعَ الْمُصَلِّي الْفَتِيلَةَ فِي الْمِسْرَجَةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ وَضَعَ الْفَتِيلَةَ فِي السِّرَاجِ وَهُوَ يُصَلِّي لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى.
إذَا قَاءَ مِلْءَ الْفَمِ تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَاءَ مِلْءَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ لَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَاءَ مِلْءَ الْفَمِ وَابْتَلَعَهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمْنَعَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْءَ الْفَمِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَتَفْسُدُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَحْوَطُ قَوْلُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ تَقَيَّأَ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ الْفَمِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ مِلْءَ الْفَمِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْمَشْيُ فِي الصَّلَاةِ إذَا كَانَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ لَا يُفْسِدُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَلَاحِقًا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَفِي الْفَضَاءِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الصُّفُوفِ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ وَإِذَا
(1/102)
اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ فَسَدَتْ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ مَشَى فِي صَلَاتِهِ مِقْدَارَ صَفٍّ وَاحِدٍ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَانَ مِقْدَارَ صَفَّيْنِ إنْ مَشَى دَفْعَةً وَاحِدَةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ مَشَى إلَى صَفٍّ وَوَقَفَ ثُمَّ إلَى صَفٍّ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَفْعُ الْيَدَيْنِ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ أَمَّا سَوْقُ الْحِمَارِ بِمَدِّ الرِّجْلَيْنِ يُفْسِدُ وَبِرِجْلٍ وَاحِدَةٍ لَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ حَرَّكَ رِجْلًا وَاحِدَةً لَا عَلَى الدَّوَامِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ حَرَّكَ رِجْلَيْهِ تَفْسُدُ وَاعْتَبَرَ هَذَا الْقَائِلُ الْعَمَلَ بِالرِّجْلَيْنِ بِالْعَمَلِ بِالْيَدَيْنِ وَالْعَمَلَ بِرِجْلٍ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ حَرَّكَ رِجْلَيْهِ قَلِيلًا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ حَوَّلَ الْقَادِرُ صَدْرَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ حَوَّلَ وَجْهَهُ دُونَ صَدْرِهِ لَا تَفْسُدُ. هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ هَذَا إذَا اسْتَقْبَلَ مِنْ سَاعَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِيَدَيْنِ وَإِنْ نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ لَمْ تَفْسُدْ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ رَفَعَ الْمُصَلِّي مِنْ مَكَانِهِ ثُمَّ وَضَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ وَضَعَهُ عَلَى الدَّابَّةِ تَفْسُدُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ فِي الصَّحْرَاءِ رَجُلٌ يُصَلِّي فَتَأَخَّرَ عَنْ مَوْضِعِ قِيَامِهِ مِقْدَارَ سُجُودِهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَيُعْتَبَرُ مِقْدَارُ سُجُودِهِ مِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَيُعْطَى هَذَا الْقَدْرُ حُكْمَ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي وَجْهِ الْقِبْلَةِ فَمَا لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ الْمَسْجِدِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْخَطُّ فِي هَذَا الْبَابِ حَتَّى لَوْ خَطَّ حَوْلَهُ خَطًّا وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْخَطِّ وَلَكِنْ تَأَخَّرَ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي بَيَانِ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ وَمَا لَا يَمْنَعُ.
وَلَوْ كَانَ فِي الصَّفِّ فُرْجَةٌ فَدَخَلَ رَجُلٌ فِي تِلْكَ الْفُرْجَةِ فَتَقَدَّمَ الْمُصَلِّي حَتَّى وَسَّعَ عَلَيْهِ الْمَكَانُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَهَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي مَنْزِلِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَاقْتَدَى بِهِ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ تَطَوُّعًا فَقَامَ الْإِمَامُ إلَى الرَّابِعَةِ نَاسِيًا وَلَمْ يَقْعُدْ عَلَى الثَّالِثَةِ وَتَابَعَهُ الْمُقْتَدِي قَالُوا: فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَنْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ.
قَتْلُ الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ سَوَاءٌ حَصَلَ بِضَرْبَةٍ أَوْ بِضَرَبَاتٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ فَإِنْ وَقَعَ هَذَا لِلْمُقْتَدِي فَأَخَذَ النَّعْلَ بِيَدِهِ وَمَشَى إلَيْهِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ صَارَ قُدَّامَ الْإِمَامِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَسْتَوِي فِيهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْحَيَّاتِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنَّمَا يُبَاحُ قَتْلُ الْحَيَّةِ أَوْ الْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ إذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَخَافَ أَنْ يُؤْذِيَهُ فَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَخَافُ الْأَذَى فَيُكْرَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ رَمَى ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ عَلَى الْوَلَاءِ أَوْ قَتَلَ الْقَمَلَاتِ عَلَى الْوَلَاءِ أَوْ نَتَفَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ عَلَى الْوَلَاءِ أَوْ اكْتَحَلَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْحُجَّةِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إذَا رَمَى حَجَرًا وَبَسَطَ ذِرَاعَهُ وَمَدَّهَا بِطَاقَتِهِ وَرَمَى نَحْوَ الْهَوَاءِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَعَنْ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمُصَلِّي عَلَى الدَّابَّةِ إذَا ضَرَبَهَا لِاسْتِخْرَاجِ السَّيْرِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: إنْ ضَرَبَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ ضَرَبَهَا ثَلَاثًا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ يُرِيدُ إذَا ضَرَبَهَا عَلَى الْوَلَاءِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَلَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِسَوْطٍ تَفْسُدُ. كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَلَوْ رَمَى طَائِرًا بِحَجَرٍ لَمْ تَفْسُدْ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ خَلَعَ الْخُفَّ وَهُوَ وَاسِعٌ لَا تَفْسُدُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ لَبِسَ الْخُفَّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ
وَلَوْ أَلْجَمَ دَابَّتَهُ أَوْ أَسْرَجَهَا أَوْ نَزَعَ السَّرْجَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ كَتَبَ قَدْرَ ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ فِي صَلَاتِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَا وَفِي الْفَتَاوَى تَقْدِيرُ ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ كَتَبَ عَلَى الْهَوَاءِ أَوْ عَلَى بَدَنِهِ شَيْئًا لَا يَسْتَبِينُ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَثُرَ. كَذَا
(1/103)
فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ فَتَحَ الْبَابَ الْمُغْلَقَ تَفْسُدُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
صَبِيٌّ مَصَّ ثَدْيَ امْرَأَةٍ مُصَلِّيَةٍ إنْ خَرَجَ اللَّبَنُ فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى خَرَجَ اللَّبَنُ يَكُونُ إرْضَاعًا وَبِدُونِهِ لَا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ مَصَّ ثَلَاثَ مَصَّاتٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهَا وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ اللَّبَنُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الصَّلَاةِ فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهَا وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ مِنْهَا بَلَّةٌ وَكَذَا لَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ أَمَّا لَوْ قَبَّلَتْ الْمَرْأَةُ الْمُصَلِّي وَلَمْ يَشْتَهِهَا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا عَنْ شَهْوَةٍ يَصِيرُ مُرَاجِعًا وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فِي رِوَايَةٍ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ دَهَنَ رَأْسَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ أَوْ جَعَلَ مَاءٍ الْوَرْدِ عَلَى رَأْسِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ قِيلَ: هَذَا إذَا تَنَاوَلَ الْقَارُورَةَ فَصَبَّ الدُّهْنَ عَلَى رَأْسِهِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ أَوْ بِلِحْيَتِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ سَرَّحَ لِحْيَتَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إذَا حَكَّ ثَلَاثًا فِي رُكْنٍ وَاحِدٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ هَذَا إذَا رَفَعَ يَدَهُ فِي كُلٍّ مَرَّةٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَرْفَعْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَلَا تَفْسُدُ وَلَوْ كَانَ الْحَكُّ مَرَّةً وَاحِدَةً يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ مَرَّ مَارٌّ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ أَثِمَ وَتَكَلَّمُوا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُكْرَهُ الْمُرُورُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَوْضِعُ صَلَاتِهِ مِنْ قَدَمِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
قَالَ مَشَايِخُنَا: إذَا صَلَّى رَامِيًا بَصَرَهُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ فَلَمْ يَقَعْ بَصَرُهُ عَلَيْهِ لَمْ يُكْرَهْ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ إلَى الصَّوَابِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ هَذَا حُكْمُ الصَّحْرَاءِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَإِنْسَانٍ أَوْ أُسْطُوَانَةٍ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَالْمَسْجِدُ صَغِيرٌ كُرِهَ فِي أَيِّ مَكَان كَانَ وَالْمَسْجِدُ الْكَبِيرُ كَالصَّحْرَاءِ. كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي الدُّكَّانِ فَإِنْ كَانَتْ أَعْضَاءُ الْمَارِّ تُحَاذِي أَعْضَاءَ الْمُصَلِّي يُكْرَهُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ مَرَّ رَجُلَانِ مُتَحَاذِيَانِ فَالْكَرَاهَةُ تَلْحَقُ الَّذِي يَلِي الْمُصَلِّيَ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ قَالُوا: حِيلَةُ الرَّاكِبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَمُرَّ أَنْ يَصِيرَ وَرَاءَ الدَّابَّةِ وَيَمُرَّ فَتَصِيرَ الدَّابَّةُ سُتْرَةً وَلَا يَأْثَمُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ مَرَّ اثْنَانِ يَقُومُ أَحَدُهُمَا أَمَامَهُ وَيَمُرُّ الْآخَرُ وَيَفْعَلُ الْآخَرُ. هَكَذَا وَيَمُرَّانِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَيَنْبَغِي لِمَنْ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ أَنْ يَتَّخِذَ أَمَامَهُ سُتْرَةً طُولُهَا ذِرَاعٌ وَغِلَظُهَا غِلَظُ الْأُصْبُعِ وَيَقْرُبَ مِنْ السُّتْرَةِ وَيَجْعَلَهَا عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ وَالْأَيْمَنُ أَفْضَلُ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِنْ تَعَذَّرَ غَرَزَ الْعُودَ لَا يُلْقِي. كَذَا فِي الْكَافِي وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفِي الْخُلَاصَةِ هُوَ الْأَصَحُّ وَفِي الْقُنْيَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ.
فَإِنْ وَضَعَهَا وَضَعَهَا طُولًا لَا عَرْضًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ خَشَبَةٌ أَوْ شَيْءٌ يُغْرَزُ أَوْ شَيْءٌ يُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ هَلْ يَخُطُّ خَطًّا؟ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخُطُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَخُطُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَيْضًا وَاَلَّذِينَ قَالُوا بِالْخَطِّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْخَطِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَخُطُّ طُولًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَخُطُّ كَالْمِحْرَابِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ السُّتْرَةِ إذَا أَمِنَ الْمُرُورَ وَلَمْ يُوَاجِهْ الطَّرِيقَ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَسُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِلْقَوْمِ وَيَدْرَأُ الْمَارَّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ أَوْ مَرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِالتَّسْبِيحِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالُوا هَذَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ أَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّهُنَّ يُصَفِّقْنَ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يُضْرَبَ بِظُهُورِ الْأَصَابِعِ الْيُمْنَى عَلَى صَفْحَةِ الْكَفِّ مِنْ الْيُسْرَى. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ.
وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْإِشَارَةِ وَالتَّسْبِيحِ يُكْرَهُ وَالْإِشَارَةُ بِالرَّأْسِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا زَادَ فِي صَلَاتِهِ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ وَكَذَلِكَ إذَا زَادَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ الرُّكُوعَانِ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ زَادَ فِيهَا رَكْعَةً تَامَّةً قَبْلَ إتْمَامِ صَلَاتِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ.
لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ
(1/104)
وَسَجَدَ سَجْدَةً وَرَفَعَ رَأْسَهُ عَنْهَا فَجَاءَ رَجُلٌ وَدَخَلَ مَعَهُ وَرَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ فَإِنَّهَا تُفْسِدُ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ زِيَادَةً رَكْعَةً وَهُوَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَإِنَّهَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا فَافْتَتَحَ الْعَصْرَ أَوْ التَّطَوُّعَ بِتَكْبِيرَةٍ جَدِيدَةٍ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ شُرُوعُهُ فِي غَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ وَهُوَ التَّطَوُّعُ فِيمَا إذَا نَوَاهُ أَوْ نَوَى الْعَصْرَ وَكَانَ صَاحِبَ تَرْتِيبٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ أَوْ بِضِيقِ الْوَقْتِ فَيَخْرُجُ عَمَّا هُوَ فِيهِ ضَرُورَةٌ وَكَذَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فَافْتَتَحَ الْفَرْضَ أَوْ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ فَافْتَتَحَ الظُّهْرَ أَوْ بِالْعَكْسِ يَخْرُجُ عَمَّا هُوَ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ فَكَبَّرَ يَنْوِي الِاسْتِئْنَافَ لِلظُّهْرِ بِعَيْنِهِ فَلَا يَفْسُدُ مَا أَدَّاهُ فَيَحْسِبُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْعُدْ فِيمَا بَقِيَ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ بِاعْتِبَارِهَا فَسَدَتْ الصَّلَاةُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ هَذَا إذَا نَوَى بِقَلْبِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ: نَوَيْت أَنْ أُصَلِّيَ الظُّهْرَ بَطَلَ الظُّهْرُ وَلَا يَحْسِبُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ. هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ افْتَتَحَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ فَافْتَتَحَ ثَانِيًا لِأَجْلِهِ فَهُوَ عَلَى الِافْتِتَاحِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّاخِلُ امْرَأَةً. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَوْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ ثُمَّ كَبَّرَ يَنْوِي الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ فِيهَا بَطَلَ الْأَوَّلُ وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ صَلَّاهَا بِجَمَاعَةٍ لَمْ يَبْطُلْ الْمُؤَدَّى. كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا فَلَمَّا سَلَّمَ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْهَا سَاهِيًا ثُمَّ قَامَ وَاسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ وَصَلَّى أَرْبَعًا وَسَلَّمَ فَسَدَ ظُهْرُهُ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ دُخُولِهِ فِي الظُّهْرِ ثَانِيًا وَقَعَ لَغْوًا فَإِذَا صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً فَقَدْ خَلَطَ الْمَكْتُوبَةَ بِالنَّافِلَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَمَنْ صَلَّى مِنْ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَزَعَمَ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ فَكَبَّرَ وَنَوَى الدُّخُولَ فِي سُنَّةِ الْمَغْرِبِ وَقَدْ سَجَدَ لِلسُّنَّةِ أَوَّلًا فَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُنْتَقِلًا مِنْ الْفَرْضِ إلَى النَّفْلِ قَبْلَ فَرَاغِهَا أَمَّا إذَا سَلَّمَ وَتَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ فَحَسِبَ أَنَّ صَلَاتَهَا فَسَدَتْ فَقَامَ وَكَبَّرَ لِلْمَغْرِبِ ثَانِيًا وَصَلَّى ثَلَاثًا إنْ صَلَّى رَكْعَةً وَقَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَجْزَأَهُ الْمَغْرِبُ وَإِلَّا فَلَا.
وَلَوْ افْتَتَحَ الْمَغْرِبَ وَصَلَّى رَكْعَةً فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُكَبِّرْ لِلِافْتِتَاحِ فَافْتَتَحَهَا وَصَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَفْتَتِحْ فَافْتَتَحَهَا وَصَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَفِي كِتَابِ رَزِينٍ هَذَا إذَا لَمْ يَقْعُدْ بَعْدَ رَكْعَةٍ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ وَانْتَقَلَ إلَى النَّفْلِ قَبْلَ تَمَامِ الْفَرْضِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَمَا لَا يُكْرَهُ]
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَمَا لَا يُكْرَهُ) يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَعْبَثَ بِثَوْبِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ أَوْ جَسَدِهِ وَأَنْ يَكُفَّ ثَوْبَهُ بِأَنْ يَرْفَعَ ثَوْبَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ أَوْ مِنْ خَلْفِهِ إذَا أَرَادَ السُّجُودَ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْفُضَ ثَوْبَهُ كَيْ لَا يَلْتَفَّ بِجَسَدِهِ فِي الرُّكُوعِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْسَحَ جَبْهَتَهُ مِنْ التُّرَابِ وَالْحَشِيشِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ وَقَبْلَهُ إذَا كَانَ يَضُرُّهُ ذَلِكَ وَيَشْغَلُهُ عَنْ الصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ يُكْرَهُ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ وَلَا يُكْرَهُ قَبْلَ التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالتَّرْكُ أَفْضَلُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْسَحَ الْعَرَقَ عَنْ جَبْهَتِهِ فِي الصَّلَاةِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ كُلُّ عَمَلٍ هُوَ مُفِيدٌ لَا بَأْسَ بِهِ لِلْمُصَلِّي وَقَدْ صَحَّ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سَلَتَ الْعَرَقَ عَنْ جَبْهَتِهِ وَكَانَ إذَا قَامَ مِنْ سُجُودِهِ نَفَضَ ثَوْبَهُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً» وَمَا لَيْسَ بِمُفْسِدٍ يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
ظَهَرَ مِنْ أَنْفِهِ ذَنِينٌ (1) فِي الصَّلَاةِ فَمَسْحُهُ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَقْطُرَ مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَيُكْرَهُ عَدُّ الْآيِ وَالتَّسْبِيحُ بِالْيَدِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِذَلِكَ ثُمَّ قِيلَ الْخِلَافُ فِي الْفَرَائِضِ وَيَجُوزُ فِي النَّوَافِلِ بِالْإِجْمَاعِ وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي النَّوَافِلِ
(1/105)
وَلَا يَجُوزُ فِي الْفَرَائِضِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُلِّ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
قَالَ مَشَايِخُنَا: وَإِنْ احْتَاجَ الْمَرْءُ إلَى الْعَدِّ عَدَّهُ إشَارَةً لَا إنْصَاصًا وَيَعْمَلُ الْمُضْطَرُّ بِقَوْلِهِمَا. كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَالُوا إنْ غَمَزَ بِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَاخْتَلَفُوا فِي عَدِّ التَّسْبِيحِ خَارِجَ الصَّلَاةِ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى لَا يُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي الصَّحِيحِ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُكْرَهُ عَدُّ السُّوَرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَكُرِهَ تَقْلِيبُ الْحَصَى إلَّا أَنْ لَا يُمَكِّنَهُ مِنْ السُّجُودِ فَيُسَوِّيَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُسَوِّيهِ مَرَّةً. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُشَبِّكَ أَصَابِعَهُ وَأَنْ يُفَرْقِعَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْفَرْقَعَةُ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَرِهَهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيُكْرَهُ عَقْصُ شَعْرِهِ وَهُوَ جَمْعُ الشَّعْرِ عَلَى الرَّأْسِ وَشَدُّهُ بِشَيْءٍ حَتَّى لَا يَنْحَلَّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ فَقِيلَ أَنْ يَجْمَعَهُ وَسَطَ رَأْسِهِ ثُمَّ يَشُدَّهُ وَقِيلَ أَنْ يَلُفَّ ذَوَائِبَهُ حَوْلَ رَأْسِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ وَقِيلَ أَنْ يَجْمَعَهُ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا وَيُمْسِكَهُ بِخَيْطٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُكْرَهُ التَّخَصُّرُ أَيْضًا خَارِجَ الصَّلَاةِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَلْتَفِتَ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً بِأَنْ يُحَوِّلَ بَعْضَ وَجْهِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ فَأَمَّا أَنْ يَنْظُرَ بِمُؤْقِ عَيْنِهِ وَلَا يُحَوِّلَ وَجْهَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَرْفَعَ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُقْعِيَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْإِقْعَاءُ أَنْ يَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَنْصِبَ رُكْبَتَيْهِ نَصْبًا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالنِّهَايَةِ نَاقِلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ وَالْإِقْعَاءُ أَنْ يَقْعُدَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقِيلَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَقِيلَ أَنْ يَجْمَعَ رُكْبَتَيْهِ إلَى صَدْرِهِ وَقِيلَ هَذَا وَيَعْتَمِدُ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّلَامِ بِيَدِهِ وَالتَّرَبُّعُ بِلَا عُذْرٍ. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَفْتَرِشَ ذِرَاعَيْهِ وَأَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ وَأَنْ يُسْدِلَ ثَوْبَهُ كَذَا فِي الْمُنْيَةِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ كَتِفَيْهِ فَيُرْسِلَ جَوَانِبَهُ وَمِنْ السَّدْلِ أَنْ يَجْعَلَ الْقَبَاءَ عَلَى كَتِفَيْهِ وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَهُ قَمِيصٌ أَوْ لَا. كَذَا فِي النِّهَايَةِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالنِّصَابِ الْمُصَلِّي إذَا كَانَ لَابِسَ شُقَّةٍ أَوْ فَرْجِي وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي الْكُمَّيْنِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ قَالُوا: وَمَنْ صَلَّى فِي قَبَاءٍ يَنْبَغِي أَنْ يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ وَيَشُدَّهُ بِالْمِنْطَقَةِ مَخَافَةَ السَّدْلِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي كَرَاهَةِ السَّدْلِ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الدِّرَايَةِ وَصَحَّحَ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْكَرَاهَةِ إنَّهُ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ حَاسِرًا رَأْسَهُ إذَا كَانَ يَجِدُ الْعِمَامَةَ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ تَكَاسُلًا أَوْ تَهَاوُنًا بِالصَّلَاةِ وَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا فَعَلَهُ تَذَلُّلًا وَخُشُوعًا بَلْ هُوَ حَسَنٌ. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ صَلَّى مَعَ السَّرَاوِيلِ وَالْقَمِيصُ عِنْدَهُ يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْبُرْنُسِ وَلَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ فِي الْحَرْبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
وَلَوْ صَلَّى رَافِعًا كُمَّيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ كُرِهَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَتُكْرَهُ الصَّمَّاءُ وَهُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ بِثَوْبِهِ فَيُجَلِّلَ بِهِ جَسَدَهُ كُلَّهُ مِنْ رَأْسِهِ إلَى قَدَمِهِ وَلَا يَرْفَعُ جَانِبًا يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْهُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَتُكْرَهُ لِبْسَةُ الصَّمَّاءِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الثَّوْبَ تَحْتَ الْإِبِطِ الْأَيْمَنِ وَيَطْرَحَ جَانِبَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيُكْرَهُ الِاعْتِجَارُ وَهُوَ أَنْ يُكَوِّرَ عِمَامَتَهُ وَيَتْرُكَ وَسَطَ رَأْسِهِ مَكْشُوفًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ الْإِمَامُ الْوَلْوَالِجِيُّ وَهُوَ يُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْضًا. هَكَذَا
(1/106)
فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ
وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ. كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَيُكْرَهُ التَّلَثُّمُ وَهُوَ تَغْطِيَةُ الْأَنْفِ وَالْفَمِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّثَاؤُبُ فَإِنْ غَلَبَهُ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ غَلَبَهُ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ كُمَّهُ عَلَى فَمِهِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُكْرَهُ تَرْكُ تَغْطِيَةِ الْفَمِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ. هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ ثُمَّ إذَا وَضَعَ يَدَهُ يَضَعُ ظَهْرَ يَدِهِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ.
وَيُغَطِّي فَاهُ بِيَمِينِهِ فِي الْقِيَامِ وَفِي غَيْرِهِ بِالْيَسَارِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيُكْرَهُ التَّمَطِّي وَتَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ وَأَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ وَإِنْ شَغَلَهُ قَطَعَهَا وَكَذَا الرِّيحُ وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ وَقَدْ أَسَاءَ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ يَفُوتُهُ يُصَلِّي؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْلَى مِنْ الْقَضَاءِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُرَوِّحَ عَلَى نَفْسِهِ بِمِرْوَحَةٍ أَوْ بِكُمِّهِ وَلَا تَفْسُدُ بِهِ الصَّلَاةُ مَا لَمْ يَكْثُرْ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُكْرَهُ السُّعَالُ وَالتَّنَحْنُحُ قَصْدًا وَإِنْ كَانَ مَدْفُوعًا إلَيْهِ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَبْزُقَ فِي الصَّلَاةِ.
وَكَذَا تَرْكُ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ أَنْ لَا يُقِيمَ صُلْبَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا فِي الْقَوْمَةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا وَفِي الْجِلْسَةِ الَّتِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ
وَيُكْرَهُ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَقُومَ فِي خِلَالِ صُفُوفِ الْجَمَاعَةِ فَيُخَالِفَهُمْ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَكَذَا لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَقُومَ خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَهُ إذَا وَجَدَ فُرْجَةً فِي الصُّفُوفِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً فِي الصُّفُوفِ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ وَحُسْنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فَإِنْ جَرَّ أَحَدًا مِنْ الصَّفِّ إلَى نَفْسِهِ وَقَامَ مَعَهُ فَذَلِكَ أَوْلَى. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا حَتَّى لَا تَفْسُدَ الصَّلَاةُ عَلَى نَفْسِهِ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَفِي الْحَاوِي وَإِنْ كَانَتْ الْقُبُورُ مَا وَرَاءَ الْمُصَلِّي لَا يُكْرَهُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَبْرِ مِقْدَارَ مَا لَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَيَمُرُّ إنْسَانٌ لَا يُكْرَهُ فَهَهُنَا أَيْضًا لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فَوْقَ رَأْسِهِ أَوْ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ عَلَى يَسَارِهِ أَوْ فِي ثَوْبِهِ تَصَاوِيرُ وَفِي الْبِسَاطِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ عَلَى الْبِسَاطِ إذَا لَمْ يَسْجُدْ عَلَى التَّصَاوِيرِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الصُّورَةُ كَبِيرَةً تَبْدُو لِلنَّاظِرِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا تَبْدُو لِلنَّاظِرِ إلَّا بِتَأَمُّلٍ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ قَطَعَ الرَّأْسَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَقَطْعُ الرَّأْسِ أَنْ يَمْحِيَ رَأْسَهَا بِخَيْطٍ يُخَاطُ عَلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ لِلرَّأْسِ أَثَرٌ أَصْلًا وَلَوْ خَيَّطَ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ مِنْ الطُّيُورِ مَا هُوَ مُطَوَّقٌ وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةً أَنْ تَكُونَ أَمَامَ الْمُصَلِّي ثُمَّ فَوْقَ رَأْسِهِ ثُمَّ يَمِينَهُ ثُمَّ يَسَارَهُ ثُمَّ خَلْفَهُ. هَكَذَا فِي الْكَافِي وَفِي التَّهْذِيبِ وَلَوْ كَانَتْ عَلَى وِسَادَةٍ مَنْصُوبَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ يُكْرَهُ وَلَوْ كَانَتْ مُلْقَاةً عَلَى الْأَرْضِ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا يُكْرَهُ تِمْثَالُ غَيْرِ ذِي الرُّوحِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَيُكْرَهُ تَكْرَارُ السُّورَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْفَرَائِضِ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي التَّطَوُّعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا كَرَّرَ آيَةً وَاحِدَةً مِرَارًا فَإِنْ كَانَ فِي التَّطَوُّعِ الَّذِي يُصَلِّي وَحْدَهُ فَذَلِكَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْعُذْرِ وَالنِّسْيَانِ فَلَا بَأْسَ. هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَكَذَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ يُخَافَتُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ فِي السَّهْوِ.
وَيُكْرَهُ وَضْعُ الْيَدِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ إذَا سَجَدَ وَرَفْعُهُمَا قَبْلَهُمَا إذَا قَامَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ.
وَيُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَسْبِقَ الْإِمَامَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فِيهِمَا قَبْلَ الْإِمَامِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيُكْرَهُ الْجَهْرُ بِالتَّسْمِيَةِ وَالتَّأْمِينِ، وَإِتْمَامُ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ، وَالْأَذْكَارُ بَعْدَ تَمَامِ الِانْتِقَالِ، وَالِاتِّكَاءُ عَلَى الْعَصَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فِي الْفَرَائِضِ دُونَ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
صَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ صَبِيًّا جَازَتْ صَلَاتُهُ وَيُكْرَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَحْفَظُهُ وَيَتَعَهَّدُهُ وَهُوَ يَبْكِي فَلَا يُكْرَهُ هَكَذَا
(1/107)
فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيُكْرَهُ نَزْعُ الْقَمِيصِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَلُبْسُهُمَا وَخَلْعُ الْخُفِّ فِي الصَّلَاةِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ رَفَعَ الْعِمَامَةَ مِنْ رَأْسِهِ وَوَضَعَهَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ رَفَعَهَا مِنْ الْأَرْضِ وَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِهِ لَا يُفْسِدُ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ إنَّمَا يُكْرَهُ إذَا لَمْ يَمْنَعْ وِجْدَانَ حَجْمِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَوْ مَنَعَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَصْلًا. كَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ.
إذَا بَسَطَ كُمَّهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ إنْ بَسَطَ لِيَقِيَ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ كُرِهَ وَإِنْ بَسَطَ لِيَقِيَ التُّرَابَ عَنْ عِمَامَتِهِ وَثِيَابِهِ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
رَجُلٌ يُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ وَيَسْجُدُ عَلَى خِرْقَةٍ وَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَقِيَ بِهَا الْحَرَّ لَا بَأْسَ بِهِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ سَتَرَ قَدَمَيْهِ فِي السَّجْدَةِ يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا بَأْسَ لِلْمُتَطَوِّعِ الْمُنْفَرِدِ أَنْ يَتَعَوَّذَ مِنْ النَّارِ وَيَسْأَلَ الرَّحْمَةَ عِنْدَ آيَةِ الرَّحْمَةِ أَوْ يَسْتَغْفِرَ وَإِنْ كَانَ فِي الْفَرْضِ يُكْرَهُ وَأَمَّا الْإِمَامُ الْمُقْتَدَى فَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْفَرْضِ وَلَا فِي النَّفْلِ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ.
وَيُكْرَهُ التَّمَايُلُ عَلَى يُمْنَاهُ مَرَّةً وَعَلَى يُسْرَاهُ أُخْرَى. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَيُكْرَهُ التَّرَاوُحُ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِعُذْرٍ وَكَذَا الْقِيَامُ بِإِحْدَى الْقَدَمَيْنِ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ عِنْدَ النُّهُوضِ وَيُسْتَحَبُّ الْهُبُوطُ بِالْيَمِينِ وَالنُّهُوضُ بِالشِّمَالِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَشُمَّ طِيبًا أَوْ رَيْحَانًا. كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَحْرِفَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي السُّجُودِ وَغَيْرِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيُكْرَهُ قِيَامُ الْإِمَامِ وَحْدَهُ فِي الطَّاقِ وَهُوَ الْمِحْرَابُ وَلَا يُكْرَهُ سُجُودُهُ فِيهِ إذَا كَانَ قَائِمًا خَارِجَ الْمِحْرَابِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَإِذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ بِمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقُومَ فِي الطَّاقِ. كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْبُرْهَانِيَّةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ عَلَى الدُّكَّانِ وَكَذَا الْقَلْبُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ مَعَهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ ثُمَّ قَدْرُ الِارْتِفَاعِ قَامَةٌ وَلَا بَأْسَ بِمَا دُونَهَا ذَكَرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ وَقِيلَ: إنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمَا يَقَعُ بِهِ الِامْتِيَازُ، وَقِيلَ: بِمِقْدَارِ الذِّرَاعِ اعْتِبَارًا بِالسُّتْرَةِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ هُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى سَطْحِ الْكَعْبَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ التَّعْظِيمِ وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَخُصَّ لِنَفْسِهِ مَكَانًا فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي فِيهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ صَلَّى إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْمَعْدِنِ وَلَوْ صَلَّى إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ وَبَيْنَهُمَا ثَالِثٌ ظَهْرُهُ إلَى وَجْهِ الْمُصَلِّي لَمْ يُكْرَهْ. كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
الِاسْتِقْبَالُ إلَى الْمُصَلِّي مَكْرُوهٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ.
وَلَوْ صَلَّى إلَى ظَهْرِ رَجُلٍ يَتَحَدَّثُ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ إلَّا إذَا رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِحَيْثُ يَخَافُ الْمُصَلِّي أَنْ يَزِلَّ فِي الْقِرَاءَةِ فَحِينَئِذٍ يُكْرَهُ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ نِيَامٌ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ تَوَجَّهَ فِي صَلَاتِهِ إلَى تَنُّورٍ فِيهِ نَارٌ تَتَوَقَّدُ أَوْ كَانُونٍ فِيهِ نَارٌ يُكْرَهُ وَلَوْ تَوَجَّهَ إلَى قِنْدِيلٍ أَوْ إلَى سِرَاجٍ لَمْ يُكْرَهْ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فَوْقَ رَأْسِهِ مُصْحَفٌ أَوْ سَيْفٌ مُعَلَّقٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا سَمِعَ الْإِمَامُ حِسَّ جَاءٍ وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ فَطَوَّلَ لِيُدْرِكَ الْجَائِي فَإِنْ عَرَفَ الَّذِي يَجِيءُ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ مِقْدَارَ تَسْبِيحَةٍ أَوْ تَسْبِيحَتَيْنِ. كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى.
وَقِيَامُ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ مُحَاذَاةِ الصَّفِّ مَكْرُوهٌ. هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَفِي فِيهِ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَيُكْرَهُ لَوْ صَلَّى وَفِي يَدِهِ مَالٌ يُمْسِكُهُ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَقُدَّامَهُ عَذِرَةٌ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَخْطُوَ خُطُوَاتٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَوَقَفَ بَعْدَ كُلِّ خُطْوَةٍ وَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَيُكْرَهُ أَنْ يُكَبِّرَ خَلْفَ الصَّفِّ ثُمَّ يَلْحَقَ بِهِ. كَذَا
(1/108)
فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيُكْرَهُ أَنْ لَا يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ فِي السُّجُودِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَتُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ
وَيُكْرَهُ تَنْكِيسُ الرَّأْسِ وَرَفْعُهُ، وَمُجَاوَزَةُ الْيَدَيْنِ عَنْ الْأُذُنَيْنِ، وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ تَحْتَ الْمَنْكِبَيْنِ، وَإِلْصَاقُ الْبَطْنِ بِالْفَخِذَيْنِ، وَقِيَامُ الْقَوْمِ إلَى الصَّفِّ عِنْدَ الْإِقَامَةِ وَالْإِمَامُ غَائِبٌ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُعَجِّلَهُمْ عَنْ إكْمَالِ السُّنَّةِ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ فِي الْحُجَّةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَذُبَّ بِيَدِهِ الذُّبَابَ وَالْبَعُوضَ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ بِعَمَلٍ قَلِيلٍ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَكُلُّ عَمَلٍ قَلِيلٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَقَلِّدًا لِلْقَوْسِ وَالْجَعْبَةِ إلَّا أَنْ يَتَحَرَّكَا عَلَيْهِ حَرَكَةً تَشْغَلُهُ فَحِينَئِذٍ مَكْرُوهٌ وَيُجْزِيهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الصَّلَاةُ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ جَائِزَةٌ وَلَكِنْ يُعَاقَبُ بِظُلْمِهِ فَمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى يُثَابُ وَمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِبَادِ يُعَاقَبُ. كَذَا فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى الصَّلَاةُ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَتُعَادُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ وَهُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْكَرَاهَةُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ تَجِبُ الْإِعَادَةُ أَوْ تَنْزِيهٍ تُسْتَحَبُّ فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ التَّحْرِيمِيَّةَ فِي رُتْبَةِ الْوَاجِبِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) الْمُصَلِّي إذَا دَعَاهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ لَا يُجِيبُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ صَلَاتِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَغِيثَ بِهِ لِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ إذَا خَافَ أَنْ يَسْقُطَ مِنْ سَطْحٍ أَوْ تُحْرِقَهُ النَّارُ أَوْ يَغْرَقَ فِي الْمَاءِ وَاسْتَغَاثَ بِالْمُصَلِّي وَجَبَ عَلَيْهِ قَطْعُ الصَّلَاةِ.
رَجُلٌ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ فَسُرِقَ مِنْهُ شَيْءٌ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ وَيَطْلُبَ السَّارِقَ سَوَاءٌ كَانَتْ فَرِيضَةً أَوْ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ مَالٌ.
امْرَأَةٌ تُصَلِّي فَفَارَ قِدْرُهَا جَازَ لَهَا قَطْعُ الصَّلَاةِ لِإِصْلَاحِهَا وَكَذَا الْمُسَافِرُ إذَا نَدَّتْ دَابَّتُهُ أَوْ خَافَ الرَّاعِي عَلَى غَنَمِهِ الذِّئْبَ وَلَوْ رَأَى أَعْمَى عِنْدَ الْبِئْرِ فَخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَقَعَ فِيهَا قَطَعَ الصَّلَاةَ لِأَجْلِهِ. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ جَاءَ ذِمِّيٌّ فَقَالَ لِلْمُصَلِّي: اعْرِضْ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ يَقْطَعُ وَإِنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ إلَّا بِذِكْرِ الْخَيْرِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الصَّلَاةُ بِنِيَّةِ الْخُصُومَةِ لَا تُفْعَلُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(فَصْلٌ) كُرِهَ غَلْقُ بَابِ الْمَسْجِدِ: وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِغَلْقِ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ أَوَانِ الصَّلَاةِ صِيَانَةً لِمَتَاعِ الْمَسْجِدِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
وَكُرِهَ الْوَطْءُ فَوْقَ الْمَسْجِدِ وَالْبَوْلُ وَالتَّخَلِّي لَا فَوْقَ بَيْتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ وَاخْتَلَفُوا فِي مُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ كَالْمَسْجِدِ لِكَوْنِهِ مَكَانًا وَاحِدًا. كَذَا فِي التَّبْيِينِ
وَفِنَاءُ الْمَسْجِدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ حَتَّى لَوْ قَامَ فِي فِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَاقْتَدَى بِالْإِمَامِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً وَلَا الْمَسْجِدُ مَلْآنَ، إلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابِ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ فِي الطَّاقَاتِ وَالسُّدَدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً وَلَا يَصِحُّ فِي دَارِ الصَّيَارِفَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ لِمَنْ قَامَ عَلَى الدَّكَاكِينِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ فِنَاءِ الْمَسْجِدِ مُتَّصِلَةً بِالْمَسْجِدِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يُكْرَهُ نَقْش الْمَسْجِدِ بِالْجِصِّ وَمَاءِ الذَّهَبِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَذَا إذَا فَعَلَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَمَّا الْمُتَوَلِّي يَفْعَلُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ مَا يَرْجِعُ إلَى أَحْكَامِ الْبِنَاءِ دُونَ مَا يَرْجِعُ إلَى النَّقْشِ حَتَّى لَوْ فَعَلَ يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِنْ اجْتَمَعَتْ أَمْوَالُ الْمَسْجِدِ وَخَافَ الضَّيَاعَ بِطَمَعِ الظَّلَمَةِ لَا بَأْسَ بِهِ حِينَئِذٍ. كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَيْسَ بِمُسْتَحْسَنٍ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْمَحَارِيبِ وَالْجُدَرَانِ لِمَا يُخَافُ مِنْ سُقُوطِ الْكِتَابَةِ وَأَنْ تُوطَأَ وَفِي جَمْعِ النَّسَفِيِّ مُصَلَّى أَوْ بِسَاطٌ فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى يُكْرَهُ بَسْطُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ فِي شَيْءٍ وَكَذَا يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ
(1/109)
عَنْ مِلْكِهِ إذَا لَمْ يَأْمَنْ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْغَيْرِ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُوضَعَ فِي أَعْلَى مَوْضِعٍ لَا يُوضَعُ فَوْقَهُ شَيْءٌ، وَكَذَا يُكْرَهُ كِتَابَةُ الرِّقَاعِ وَإِلْصَاقُهَا بِالْأَبْوَابِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهَانَةِ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
وَتُكْرَهُ الْمَضْمَضَةُ وَالْوُضُوءُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّةَ مَوْضِعٌ أُعِدَّ لِذَلِكَ وَلَا يُصَلِّي فِيهِ وَلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فِي إنَاءٍ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَبْزُقُ عَلَى حِيطَانِ الْمَسْجِدِ وَلَا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْحَصَى وَلَا فَوْقَ الْبَوَارِي وَلَا تَحْتَهَا، وَكَذَا الْمُخَاطُ وَلَكِنْ يَأْخُذُ بِثَوْبِهِ وَإِنْ كَانَ فَعَلَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ كَانَ الْإِلْقَاءُ فَوْقَ الْحَصِيرِ أَهْوَنَ مِنْ الْإِلْقَاءِ تَحْتَهُ؛ لِأَنَّ الْبَوَارِيَ لَيْسَتْ بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً وَمَا تَحْتَهَا مَسْجِدٌ حَقِيقَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ الْبَوَارِي يَدْفِنْهُ فِي التُّرَابِ وَلَا يَتْرُكْهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ مَشَى فِي الطِّينِ كُرِهَ أَنْ يَمْسَحَهُ بِحَائِطِ الْمَسْجِدِ أَوْ بِأُسْطُوَانَتِهِ وَإِنْ مَسَحَ بِحَصِيرِ الْمَسْجِدِ لَا بَأْسَ بِهِ وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ وَإِنْ مَسَحَ بِتُرَابٍ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ التُّرَابُ مَجْمُوعًا لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مُنْبَسِطًا يُكْرَهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ مَسَحَ بِخَشَبَةٍ مَوْضُوعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا يُحْفَرُ فِي الْمَسْجِدِ بِئْرُ مَاءٍ وَلَوْ كَانَتْ الْبِئْرُ قَدِيمَةً تُتْرَكُ كَبِئْرِ زَمْزَمَ.
وَيُكْرَهُ غَرْسُ الشَّجَرِ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْبِيعَةِ وَتَشْغَلُ مَكَانَ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمَسْجِدِ بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ نَزَّةً لَا تَسْتَقِرُّ أَسَاطِينُهَا فَيُغْرَسُ فِيهِ الشَّجَرُ لِيَقِلَّ النَّزُّ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَّخِذَ فِي الْمَسْجِدِ بَيْتًا تُوضَعُ فِيهِ الْبَوَارِي. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
مَسْجِدٌ بُنِيَ عَلَى سُورِ الْمَدِينَةِ قَالُوا لَا يُصَلَّى فِيهِ؛ لِأَنَّ السُّوَرَ حَقُّ الْعَامَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَبَنَى مَسْجِدٌ بِإِذْنِ الْإِمَامِ جَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ الطَّرِيقَ مَسْجِدًا فَهَذَا أَوْلَى.
رَجُلٌ يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ وَيَتَّخِذُ طَرِيقًا إنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ وَبِعُذْرٍ يَجُوزُ ثُمَّ إذَا جَازَ يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً لَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ.
الْخَيَّاطُ إذَا كَانَ يَخِيطُ فِي الْمَسْجِدِ يُكْرَهُ إلَّا إذَا جَلَسَ لِدَفْعِ الصِّبْيَانِ وَصِيَانَةِ الْمَسْجِدِ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَا الْكَاتِبُ إذَا كَانَ يَكْتُبُ بِأَجْرٍ يُكْرَهُ وَبِغَيْرِ أَجْرٍ لَا، وَأَمَّا الْمُعَلِّمُ الَّذِي يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ بِأَجْرٍ إذَا جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ لِضَرُورَةِ الْحَرِّ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُكْرَهُ وَفِي نُسْخَةِ الْقَاضِي الْإِمَامِ وَفِي إقْرَارِ الْعُيُونِ جَعَلَ مَسْأَلَةَ الْمُعَلِّمِ كَمَسْأَلَةِ الْكَاتِبِ وَالْخَيَّاطِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
دَارٌ فِيهَا مَسْجِدٌ إنْ كَانَتْ الدَّارُ إذَا أُغْلِقَتْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ كَانَ فِي الدَّارِ فَهُوَ مَسْجِدُ جَمَاعَةٍ تَثْبُتُ فِيهَا أَحْكَامُ الْمَسْجِدِ مِنْ حُرْمَةِ الدُّخُولِ لِلْجُنُبِ إذَا كَانُوا لَا يَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ إذَا أُغْلِقَتْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَمَاعَةٌ وَإِذَا فُتِحَ بَابُهَا كَانَ لَهَا جَمَاعَةٌ فَلَيْسَ هَذَا مَسْجِدًا وَإِنْ كَانُوا لَا يَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَحْمِلُ الرَّجُلُ سِرَاجَ الْمَسْجِدِ إلَى بَيْتِهِ وَيَحْمِلُ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْمَسْجِدِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتْرُكَ سِرَاجَ الْمَسْجِدِ فِي الْمَسْجِدِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَلَا يَتْرُكُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ أَوْ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا تَعَلَّقَ بِثِيَابِهِ بَعْضُ مَا يُلْقَى فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْبَوَارِي فَأَخْرَجَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الرَّدُّ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ بَنَى مَسْجِدًا وَجَعَلَهُ لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِمَرَمَّتِهِ وَعِمَارَتِهِ وَبَسْطِ الْبَوَارِي وَالْحُصُرِ وَالْقَنَادِيلِ، وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْإِمَامَةِ إنْ كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالرَّأْيُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ لَكِنْ لَوْ تَلِفَ بِهِ شَيْءٌ يَضْمَنُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ]
(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ) عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْوِتْرِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ فِي رِوَايَةٍ فَرِيضَةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَفِي
(1/110)
رِوَايَةٍ وَاجِبٌ وَهِيَ آخِرُ أَقْوَالِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ كَانَ سُنَّةً تَبَعًا لِلْعِشَاءِ لَكُرِهَ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ كَمَا يُكْرَهُ تَأْخِيرُ سُنَّتِهَا تَبَعًا لَهَا هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوتِرَ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَعَلَى رَاحِلَتِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِتَرْكِهِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَلَا يَجُوزُ بِدُونِ نِيَّةِ الْوِتْرِ. كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَمَتَى قُضِيَ الْوِتْرُ قُضِيَ بِالْقُنُوتِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ وَلَا يُكْرَهُ كَمَا يُكْرَهُ تَأْخِيرُ سُنَّةِ الْعِشَاءِ تَبَعًا لَهَا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالْوِتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لَا يُفْصَلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَالْقُنُوتُ وَاجِبٌ عَلَى الصَّحِيحِ. كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ إذَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ، وَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، وَمِقْدَارُ الْقِيَامِ فِي الْقُنُوتِ قَدْرُ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] . هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَاخْتَلَفُوا أَنَّهُ يُرْسِلُ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ أَمْ يَعْتَمِدُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَعْتَمِدُ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمُخْتَارُ فِي الْقُنُوتِ الْإِخْفَاءُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ. هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيُخَافِتُهُ الْمُنْفَرِدُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِابْنِ مَلَكٍ.
وَلَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقْرَأَ " اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك " وَيَقْرَأُ بَعْدَهُ " اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْت " وَمَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْقُنُوتَ يَقُولُ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] . كَذَا فِي الْمُحِيطِ أَوْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي اللَّيْثِ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ نَسِيَ الْقُنُوتَ فَتَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقْنُتُ فِي الرُّكُوعِ وَلَا يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ. هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَإِنْ عَادَ إلَى الْقِيَامِ وَقَنَتَ وَلَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ أَمَّا إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى قِرَاءَةِ مَا نَسِيَ بِالِاتِّفَاقِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَإِنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَتَرَكَ السُّورَةَ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَقْرَأُ السُّورَةَ وَيُعِيدُ الْقُنُوتَ وَالرُّكُوعَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَكَذَا إذَا قَرَأَ السُّورَةَ وَتَرَكَ الْفَاتِحَةَ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَيُعِيدُ السُّورَةَ وَالْقُنُوتَ وَيُعِيدُ الرُّكُوعَ وَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ أَجْزَأَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الْإِمَامُ إذَا تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ فِي الْوِتْرِ أَنَّهُ لَمْ يَقْنُتْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ إلَى الْقِيَامِ وَمَعَ هَذَا إنْ عَادَ وَقَنَتَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَ الرُّكُوعَ وَمَعَ هَذَا إنْ أَعَادَ الرُّكُوعَ وَالْقَوْمُ مَا تَابَعُوهُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا تَابَعُوهُ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي أَوْ عَلَى الْقَلْبِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقُنُوتِ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِنَا. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْمُقْتَدِي يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ فَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْمُقْتَدِي مِنْ الْقُنُوتِ فَإِنَّهُ يُتَابِعُ الْإِمَامَ.
وَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَقْرَأْ الْقُنُوتَ وَلَمْ يَقْرَأْ الْمُقْتَدِي مِنْ الْقُنُوتِ شَيْئًا إنْ خَافَ فَوْتَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ يَقْنُتُ ثُمَّ يَرْكَعُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي أَجْنَاسِهِ لَوْ شَكَّ أَنَّهُ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِقَعْدَتَيْنِ وَيَقْنُتُ فِيهِمَا احْتِيَاطًا، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لَا يَقْنُتُ فِي الْكُلِّ أَصْلًا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْقُنُوتَ وَاجِبٌ وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْبِدْعَةِ يَأْتِي بِهِ احْتِيَاطًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْمَسْبُوقُ يَقْنُتُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَقْنُتُ بَعْدَهُ. كَذَا فِي الْمُنْيَةِ فَإِذَا قَنَتَ مَعَ الْإِمَامِ لَا يَقْنُتُ ثَانِيًا فِيمَا يَقْضِي. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَإِذَا أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ فِي الرُّكُوعِ وَلَمْ يَقْنُتْ مَعَهُ لَمْ يَقْنُتْ فِيمَا يَقْضِي. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يَقْنُتُ فِي غَيْرِ الْوِتْرِ. كَذَا فِي الْمُتُونِ.
وَلَوْ صَلَّى الْوِتْرَ بِمَنْ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي الْقَوْمَةِ وَالْمُقْتَدِي لَا يَرَى ذَلِكَ تَابَعَهُ فِيهِ. هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إنْ قَنَتَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَسْكُتُ مَنْ خَلْفُهُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ
(1/111)
وَيَقِفُ قَائِمًا وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
[الْبَابُ التَّاسِعُ فِي النَّوَافِلِ]
(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي النَّوَافِلِ) سُنَّ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ رَكْعَتَانِ وَقَبْلَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا أَرْبَعٌ. كَذَا فِي الْمُتُونِ وَالْأَرْبَعُ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ صَلَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ عَنْ السُّنَّةِ.
أَقْوَى السُّنَنِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ ثُمَّ سُنَّةُ الْمَغْرِبِ ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ مَشَايِخُنَا: الْعَالِمُ إذَا صَارَ مَرْجِعًا فِي الْفَتْوَى يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ سَائِرِ السُّنَنِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى فَتْوَاهُ إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ اللَّيْلَ بَاقٍ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ كَانَ طَلَعَ ذَكَرَ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ مَحْمُودٍ النَّسَفِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَلَفَاتِ أَنَّهُ لَا رِوَايَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ: يُجْزِيهِ عَنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الصَّلَاةِ ظَاهِرُ الْجَوَابِ أَنَّهُ يَجْزِيهِ عَنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ حَصَلَ فِي الْوَقْتِ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَهَا قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَلِهَذَا قِيلَ: إنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْ الْوَاجِبِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ النَّافِعِ وَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
السُّنَّةُ لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ وَأَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَفِي بَيْتِهِ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهُمَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَوْ وَافَقَ شُرُوعُهُ فِيهِمَا طُلُوعَ الْفَجْرِ يَجُوزُ وَلَوْ شَكَّ فِي الطُّلُوعِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ الطُّلُوعِ فَالسُّنَّةُ آخِرُهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمَكْتُوبَةِ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا صَلَاةٌ، وَالسُّنَّةُ مَا تُؤَدِّي مُتَّصِلًا بِالْمَكْتُوبَةِ
وَالسُّنَنُ إذَا فَاتَتْ عَنْ وَقْتِهَا لَمْ يَقْضِهَا إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إذَا فَاتَتَا مَعَ الْفَرْضِ يَقْضِيهِمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى وَقْتِ الزَّوَالِ ثُمَّ يَسْقُطُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. هَكَذَا فِي الْبَحْر الرَّائِقِ وَإِذَا فَاتَتَا بِدُونِ الْفَرْضِ لَا يُقْضَى عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَمَّا الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ إذَا فَاتَتْهُ وَحْدَهَا بِأَنْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِالْأَرْبَعِ فَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِيهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الظُّهْرِ مَادَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْحَقَائِقِ يُقَدِّمُ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقَدِّمُ الْأَرْبَعَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
ثُمَّ قِيلَ: لَا بَأْسَ بِتَرْكِ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ تَرْكُهُمَا بِكُلِّ حَالٍ وَهَذَا أَحْوَطُ
رَجُلٌ تَرَكَ سُنَنَ الصَّلَاةِ إنْ لَمْ يَرَ السُّنَنَ حَقًّا فَقَدْ كَفَرَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَهَا اسْتِخْفَافًا وَإِنْ رَآهَا حَقًّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ الْوَعِيدُ بِالتَّرْكِ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ صَلَّى الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَلَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ جَازَ اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَنُدِبَ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَبَعْدَهَا وَالسِّتُّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. كَذَا فِي الْكَنْزِ وَخَيَّرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ الْأَرْبَعِ وَالرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْعِشَاءِ وَالْأَفْضَلُ الْأَرْبَعُ فِي كِلَيْهِمَا. هَكَذَا فِي الْكَافِي.
[مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ صَلَاةُ الضُّحَى]
(وَمِنْ الْمَنْدُوبَاتِ صَلَاةُ الضُّحَى) وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى زَوَالِهَا.
(وَمِنْهَا) تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَهِيَ رَكْعَتَانِ.
(وَمِنْهَا) رَكْعَتَانِ عَقِيبَ الْوُضُوءِ.
(وَمِنْهَا) صَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ وَهِيَ رَكْعَتَانِ.
(وَمِنْهَا) صَلَاةُ الْحَاجَةِ وَهِيَ رَكْعَتَانِ.
(وَمِنْهَا) صَلَاةُ اللَّيْلِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَمُنْتَهَى تَهَجُّدِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَأَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ. كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَاقِلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ وَأَمَّا صَلَاةُ التَّسْبِيحِ فَذِكْرُهَا فِي الْمُلْتَقَطِ يُكَبِّرُ وَيَقْرَأُ الثَّنَاءَ ثُمَّ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ
(1/112)
أَكْبَرُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ يَتَعَوَّذُ وَيَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً ثُمَّ يَقْرَأُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ عَشْرًا وَفِي الرُّكُوعِ عَشْرًا وَفِي الْقِيَامِ عَشْرًا وَفِي كُلِّ سَجْدَةٍ عَشْرًا وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ عَشْرًا وَيُتِمُّهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ هَلْ تَعْلَمُ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ السُّورَةَ قَالَ نَعَمْ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ وَالْعَصْرُ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ قَالَ الْمُعَلَّى وَيُصَلِّيهَا قَبْلَ الظُّهْرِ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ
التَّطَوُّعُ الْمُطْلَقُ يُسْتَحَبُّ أَدَاؤُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَكُرِهَ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ فِي نَوَافِلِ النَّهَارِ وَعَلَى ثَمَانٍ لَيْلًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا رُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ أَدْوَمُ تَحْرِيمَةً فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَشَقَّةً وَأَزْيَدَ فَضِيلَةً وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَعَلَى الْقَلْبِ يَخْرُجُ. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الْأَفْضَلُ فِي السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ الْمَنْزِلُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْمَنْزِلِ أَفْضَلُ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» ثُمَّ بَابُ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْخَارِجُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الدَّاخِلِ وَالدَّاخِلُ إنْ كَانَ فِي الْخَارِجِ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ وَاحِدٌ فَخَلْفَ أُسْطُوَانَةٍ وَكُرِهَ خَلْفَ الصُّفُوفِ بِلَا حَائِلٍ، وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةً أَنْ يُصَلِّيَ فِي الصَّفِّ مُخَالِطًا لِلْقَوْمِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ أَمَّا قَبْلَ الشُّرُوعِ فَيَأْتِي بِهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ فَأَمَّا السُّنَنُ الَّتِي بَعْدَ الْفَرَائِضِ فَيَأْتِي بِهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي مَكَان صَلَّى فِيهِ فَرْضَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَخَطَّى خُطْوَةً وَالْإِمَامُ يَتَأَخَّرُ عَنْ مَكَان صَلَّى فِيهِ فَرْضَهُ لَا مَحَالَةَ. كَذَا فِي الْكَافِي وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ الْأَفْضَلُ أَنْ يُؤَدِّيَ كُلَّهُ فِي الْبَيْتِ إلَّا التَّرَاوِيحَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَجْعَلُ ذَلِكَ أَحْيَانًا فِي الْبَيْتِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ سَوَاءٌ فَلَا تَخْتَصُّ الْفَضِيلَةُ بِوَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ مَا يَكُونُ أَبْعَدَ مِنْ الرِّيَاءِ وَأَجْمَعَ لِلْإِخْلَاصِ وَالْخُشُوعِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَفِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَلَا يَسْتَفْتِحُ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ بِخِلَافِ سَائِرِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مِنْ النَّوَافِلِ. كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَاشْتَغَلَ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ السُّنَّةَ أَمَّا بِأَكْلِ لُقْمَةٍ وَشَرْبَةٍ لَا تَبْطُلُ السُّنَّةُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ هَلْ تَسْقُطُ السُّنَّةُ؟ قِيلَ: تَسْقُطُ، وَقِيلَ: لَا وَلَكِنَّ ثَوَابَهُ أَنْقَصُ مِنْ ثَوَابِهِ قَبْلَ التَّكَلُّمِ. كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ التَّطَوُّعِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ فَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَسَدَ ذَلِكَ الشَّفْعُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَإِنْ شَرَعَ فِي النَّافِلَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا عَلَيْهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ فَأَفْسَدَهَا لَمْ يَقْضِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ الشُّرُوعَ فِي التَّطَوُّعِ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَالِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا نَوَى الْأَرْبَعَ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
نَوَى أَنْ يَتَطَوَّعَ أَرْبَعًا وَشَرَعَ فَهُوَ شَارِعٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَطَوُّعًا وَلَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ عَامِدًا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَفِي الْقِيَاسِ تَفْسُدُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ صَلَّى التَّطَوُّعَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَوْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ أَوْ ثَمَانِي رَكَعَاتٍ بِقَعْدَةٍ وَاحِدَةٍ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الصَّفَّارُ فِي نُسْخَتِهِ مِنْ الْأَصْلِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْعُدْ حَتَّى قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعُودُ وَيَقْعُدُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعُودُ وَيَلْزَمُهُ السَّهْوُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هَذَا إذَا نَوَى أَرْبَعًا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ أَرْبَعًا وَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ يَعُودُ إجْمَاعًا وَتَفْسُدُ إنْ لَمْ يَعُدْ كَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ.
وَالْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ حُكْمُهَا حُكْمُ التَّطَوُّعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَفِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَالْوِتْرُ حُكْمُهُ حُكْمُ التَّطَوُّعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(1/113)
وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَفِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَفْسُدُ وَفِي الْقِيَاسِ يَفْسُدُ عِنْدَهُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي صَلَاتِهِ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ شُرُوعُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَتَنَفَّلَ الْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ قَاعِدًا بِلَا كَرَاهَةٍ فِي الْأَصَحِّ. كَذَا فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِابْنِ الْمَلِكِ.
وَإِذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ قَائِمًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقْعُدَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اسْتِحْسَانًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا تَطَوَّعَ قَائِمًا فَأَعْيَا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَوَكَّأَ عَلَى عَصًا أَوْ حَائِطٍ. هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْحُسَامِيِّ.
وَلَوْ صَلَّى التَّطَوُّعَ بِالْإِيمَاءِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ.
وَلَوْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ إنْ خَرَجَ بِهِ مِنْ التَّحْرِيمَةِ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ أَوْ تَكَلَّمَ لَا يَصِحُّ بِنَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ يَصِحُّ بِنَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ عَلَيْهِ. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا فِي التَّطَوُّعِ أَوْ الْفَرِيضَةِ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ فَإِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ جَلَسَ مُحْتَبِيًا فِي حَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ مُتَرَبِّعًا. كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَقْعُدُ كَمَا يَقْعُدُ فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ وَأَدَّى الْبَعْضَ قَاعِدًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَقُومَ فَقَامَ وَصَلَّى الْبَعْضَ قَائِمًا أَجْزَأَهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَا يُكْرَهُ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَنْ صَلَّى التَّطَوُّعَ قَاعِدًا فَإِذَا أَرَادَ الرُّكُوعَ قَامَ وَرَكَعَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا إذَا قَامَ فَإِنْ قَامَ مُسْتَوِيًا وَلَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا وَرَكَعَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا وَرَكَعَ لَا يُجْزِيهِ. كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَقَضَى رَكْعَتَيْنِ لَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَأَفْسَدَهُ بَعْدَ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ أَوْ قَبْلَهُ. كَذَا فِي الْكَنْزِ وَعَلَى هَذَا سُنَّةُ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ وَقِيلَ يَقْضِي أَرْبَعًا احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَهُوَ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَنَصَّ صَاحِبُ النِّصَابِ عَلَى أَنَّهُ الْأَصَحُّ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ قَامَ الْمُتَطَوِّعُ إلَى الثَّالِثَةِ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْعُدْ يَعُودُ وَإِنْ كَانَتْ سُنَّةَ الظُّهْرِ وَعَنْ عَلِيٍّ الْبَزْدَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَعُودُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ أَرْبَعًا وَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ يَعُودُ إجْمَاعًا وَتَفْسُدُ إنْ لَمْ يَعُدْ. كَذَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ
وَلَوْ قَعَدَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ وَسَلَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ، وَلَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَلَمْ يَقْرَأْ فِيهِنَّ شَيْئًا أَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَقَطْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْأُولَيَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقْضِي أَرْبَعًا، وَلَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ أَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِي أَرْبَعًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِي الْأُولَيَيْنِ.
وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ أَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا غَيْرُ، أَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُولَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ وَالْأَصْلُ فِيهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ فِي إحْدَاهُمَا يُبْطِلُ التَّحْرِيمَةَ إذَا قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ فَلَا يَصِحُّ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَرْكُ الْقِرَاءَةِ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ التَّحْرِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ زَائِدٌ بِدَلِيلِ وُجُودِ الصَّلَاةِ بِدُونِهَا فِي الْجُمْلَةِ كَصَلَاةِ الْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ وَالْمُقْتَدِي لَكِنْ يُوجِبُ فَسَادَ الْأَدَاءِ وَهُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهِ فَلَا يُبْطِلُ التَّحْرِيمَةَ فَيَصِحُّ شُرُوعُهُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَرْكُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ يُوجِبُ بُطْلَانَ التَّحْرِيمَةِ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى وُجُوبِهَا فَلَا يَصِحُّ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَفِي إحْدَاهُمَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَحُكْمُنَا بِبُطْلَانِهَا فِي حَقِّ لُزُومِ الْقَضَاءِ وَبِبَقَائِهَا فِي حَقِّ لُزُومِ الشَّفْعِ الثَّانِي احْتِيَاطًا. هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ
الدَّاخِلُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ التَّطَوُّعِ إذَا تَكَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ إمَامُهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْأُولَيَانِ عِنْدَهُمَا وَلَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَمَا قَامَ الْإِمَامُ إلَى الْأُخْرَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأَرْبَعِ
(1/114)
يَقْضِي أَرْبَعًا وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَصَلَّاهُمَا مَعَ الْإِمَامِ قَضَى الْأُولَيَيْنِ.
اقْتَدَى الْمُتَطَوِّعُ بِمُصَلِّي الظُّهْرِ فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ قَضَى أَرْبَعًا اقْتَدَى الْمُتَطَوِّعُ بِمُصَلِّي الظُّهْرِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ قَطَعَهَا وَاسْتَأْنَفَ التَّكْبِيرَ لِلظُّهْرِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.
رَجُلٌ يُصَلِّي الظُّهْرَ فَقَالَ آخَرُ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ خَلْفَ هَذَا الرَّجُلِ هَذِهِ الصَّلَاةَ تَطَوُّعًا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ فَدَخَلَ مَعَهُ يَنْوِي الظُّهْرَ أَجْزَأَتْهُ عَنْ الظُّهْرِ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ شَيْءٍ.
رَجُلٌ صَلَّى أَرْبَعًا تَطَوُّعًا فَاقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ فِي الْخَامِسَةِ ثُمَّ أَفْسَدَهَا يَقْضِي الْمُقْتَدِي سِتًّا، وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَرَعَفَ الْمُقْتَدِي فَانْطَلَقَ يَتَوَضَّأُ فَصَلَّى إمَامُهُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَكَلَّمَ الْمُقْتَدِي ثُمَّ أَتَمَّ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ سِتًّا يَقْضِي الْمُقْتَدِي أَرْبَعًا. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) لَوْ نَذَرَ السُّنَنَ وَأَتَى بِالْمَنْذُورِ بِهِ فَهُوَ السُّنَّةُ، وَقَالَ تَاجُ الدِّينِ أَبُو صَاحِبِ الْمُحِيطِ لَا يَكُونُ آتِيًا بِالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا الْتَزَمَهَا صَارَتْ أُخْرَى فَلَا تَنُوبُ مَنَابَ السُّنَّةِ. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ يَوْمًا فَعَلَيْهِ رَكْعَتَانِ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَلَوْ نَذَرَ صَلَوَاتِ شَهْرٍ فَعَلَيْهِ صَلَوَاتُ شَهْرٍ كَالْمَفْرُوضَاتِ مَعَ الْوِتْرِ دُونَ السُّنَّةِ لَكِنَّهُ يُصَلِّي الْوِتْرَ وَالْمَغْرِبَ أَرْبَعًا. كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
رَجُلٌ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ تَلْزَمُهُ صَلَاةٌ بِقِرَاءَةٍ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ نِصْفَ رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَةً يَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ يَلْزَمُهُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ الظُّهْرَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الظُّهْرُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فَصَلَّاهُمَا قَاعِدًا جَازَ وَعَلَى الدَّابَّةِ لَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا يَلْزَمُهُ قَائِمًا وَيُكْرَهُ الِاعْتِمَادُ عَلَى شَيْءٍ. كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ الْيَوْمَ فَلَمْ يُصَلِّهِمَا قَضَاهُمَا، وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ لَأُصَلِّيَنَّ الْيَوْمَ رَكْعَتَيْنِ فَلَمْ يُصَلِّهِمَا كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.
إذَا نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَصَلَّاهَا فِي مَكَانٍ دُونَهُ جَازَ خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
[فَصْلٌ فِي التَّرَاوِيحِ]
(فَصْلٌ فِي التَّرَاوِيحِ) وَهِيَ خَمْسُ تَرْوِيحَاتٍ كُلُّ تَرْوِيحَةٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَتَيْنِ. كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَلَوْ زَادَ عَلَى خَمْسِ تَرْوِيحَاتٍ بِالْجَمَاعَةِ يُكْرَهُ عِنْدَنَا. هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ وَقْتَهَا مَا بَعْدَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعِشَاءَ صَلَّاهَا بِلَا طَهَارَةٍ دُونَ التَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ أَعَادَ التَّرَاوِيحَ مَعَ الْعِشَاءِ دُونَ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْعِشَاءِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ تَابِعٍ لِلْعِشَاءِ فِي الْوَقْتِ عِنْدَهُ، وَالتَّقْدِيمُ إنَّمَا وَجَبَ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ وَذَلِكَ يَسْقُطُ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ فَيَصِحُّ إذَا أَدَّى قَبْلَ الْعِشَاءِ بِالنِّسْيَانِ بِخِلَافِ التَّرَاوِيحِ فَإِنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ أَدَاءِ الْعِشَاءِ فَلَا يُعْتَدُّ بِمَا أُدِّيَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَعِنْدَهُمَا الْوِتْرُ سُنَّةُ الْعِشَاءِ كَالتَّرَاوِيحِ فَابْتِدَاءُ وَقْتِهِ بَعْدَ أَدَاءِ الْعِشَاءِ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ إذَا أُدِّيَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَإِنْ كَانَ بِالنِّسْيَانِ عِنْدَهُمَا كَالتَّرَاوِيحِ وَبِالْجُمْلَةِ إعَادَةُ الْوِتْرِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَأَمَّا إعَادَةُ التَّرَاوِيحِ وَسَائِرِ سُنَنِ الْعِشَاءِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهَا إذَا كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُسْتَحَبُّ الْجُلُوسُ بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ قَدْرَ تَرْوِيحَةٍ وَكَذَا بَيْنَ الْخَامِسَةِ وَالْوِتْرِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَهَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَ الْخَامِسَةِ وَالْوِتْرِ يَثْقُلُ عَلَى الْقَوْمِ لَا يَجْلِسُ. هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ ثُمَّ هُمْ مُخَيَّرُونَ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ إنْ شَاءُوا سَبَّحُوا وَإِنْ شَاءُوا قَعَدُوا سَاكِتِينَ، وَأَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ أُسْبُوعًا وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يُصَلُّونَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فُرَادَى. كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالِاسْتِرَاحَةُ عَلَى خَمْسِ تَسْلِيمَاتٍ تُكْرَهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. كَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْخُلَاصَة
وَالْمُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ
(1/115)
وَاخْتَلَفُوا فِي أَدَائِهَا بَعْدَ النِّصْفِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ.
وَهِيَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ: هِيَ سُنَّةُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَهِيَ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَنَفْسُ التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ عِنْدَنَا كَمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقِيلَ: تُسْتَحَبُّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ أَدَّى التَّرَاوِيحَ بِغَيْرِ جَمَاعَةٍ أَوْ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ يَكُونُ تَرَاوِيحَ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَلَوْ تَرَكَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ كُلُّهُمْ الْجَمَاعَةَ فَقَدْ أَسَاءُوا وَأَثِمُوا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْ النَّاسِ وَصَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ فَقَدْ تَرَكَ الْفَضِيلَةَ وَلَا يَكُونُ مُسِيئًا وَلَا تَارِكًا لِلسُّنَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَتَكْثُرُ الْجَمَاعَةُ بِحُضُورِهِ وَتَقِلُّ عِنْدَ غَيْبَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ صَلَّى بِجَمَاعَةٍ فِي الْبَيْتِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ فَضِيلَةً وَلِلْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَضِيلَةً أُخْرَى فَإِذَا صَلَّى فِي الْبَيْتِ بِجَمَاعَةٍ فَقَدْ حَازَ فَضِيلَةَ أَدَائِهَا بِالْجَمَاعَةِ وَتَرَكَ الْفَضِيلَةَ الْأُخْرَى، هَكَذَا قَالَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ أَدَاءَهَا بِالْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ وَكَذَلِكَ فِي الْمَكْتُوبَاتِ وَلَوْ كَانَ الْفَقِيهُ قَارِئًا فَالْأَفْضَلُ وَالْأَحْسَنُ يُصَلِّي بِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ وَلَا يَقْتَدِي بِغَيْرِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ الْإِمَامُ: إذَا كَانَ إمَامُهُ لَحَّانًا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتْرُكَ مَسْجِدَهُ وَيَطُوفَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ غَيْرُهُ أَخَفَّ قِرَاءَةً وَأَحْسَنَ صَوْتًا وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَخْتِمُ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ مَسْجِدَ حَيِّهِ وَيَطُوفَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَا يَنْبَغِي لِلْقَوْمِ أَنْ يُقَدِّمُوا فِي التَّرَاوِيحِ الخوشخوان (1) وَلَكِنْ يُقَدِّمُوا الدرشخوان فَإِنَّ الْإِمَامَ إذَا قَرَأَ بِصَوْتٍ حَسَنٍ يَشْغَلُهُ عَنْ الْخُشُوعِ وَالتَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيُوتِرُ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ الْوِتْرُ فِي رَمَضَانَ بِالْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ أَدَائِهَا فِي مَنْزِلِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَفْضَلُ أَنْ يُوتِرَ فِي مَنْزِلِهِ مُنْفَرِدًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ أَنْ يَسْتَأْجِرُوا رَجُلًا يَؤُمُّهُمْ فِي بَيْتِهِمْ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْإِمَامِ فَاسِدٌ.
(2) وَلَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ مَرَّتَيْنِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ يُكْرَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إمَامٌ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ فِي مَسْجِدَيْنِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ عَلَى الْكَمَالِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْفَتْوَى عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَالْمُقْتَدِي إذَا صَلَّاهَا فِي مَسْجِدَيْنِ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُوتِرَ فِي الْمَسْجِدِ الثَّانِي وَلَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا ثَانِيًا فُرَادَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالتَّرَاوِيحَ وَالْوِتْرَ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا آخَرِينَ فِي التَّرَاوِيحِ وَنَوَى الْإِمَامَةَ كُرِهَ وَلَا يُكْرَهُ لِلْقَوْمِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ أَوَّلًا وَشَرَعَ فِي الرُّكُوعِ وَاقْتَدَى بِهِ النَّاسُ فِي التَّرَاوِيحِ لَمْ يُكْرَهْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ صَلَّوْهَا بِإِمَامَيْنِ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ انْصِرَافُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى كَمَالِ التَّرْوِيحَةِ فَإِنْ انْصَرَفَ عَلَى تَسْلِيمَةٍ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ وَإِذَا جَازَتْ التَّرَاوِيحُ بِإِمَامَيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرِيضَةَ أَحَدُهُمَا وَيُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ الْآخَرُ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَؤُمُّهُمْ فِي الْفَرِيضَةِ وَالْوِتْرِ وَكَانَ أُبَيٌّ يَؤُمُّهُمْ فِي التَّرَاوِيحِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِمَامَةُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي
(1/116)
التَّرَاوِيحِ وَالنَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ تَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَلَا تَجُوزُ عِنْدَ عَامَّتِهِمْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا فَاتَتْ التَّرَاوِيحُ لَا تُقْضَى بِجَمَاعَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا تَذَكَّرُوا أَنَّهُ فَسَدَ عَلَيْهِمْ شَفْعٌ مِنْ اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ فَأَرَادُوا الْقَضَاءَ بِنِيَّةِ التَّرَاوِيحِ يُكْرَهُ وَلَوْ تَذَكَّرُوا تَسْلِيمَةً بَعْدَ أَنْ صَلَّوْا الْوِتْرَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: لَا يُصَلُّونَهَا بِجَمَاعَةٍ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلُّوهَا بِجَمَاعَةٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فِي تَرْوِيحَةٍ فَقَالَ: بَعْضُ الْقَوْمِ صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَأْخُذُ الْإِمَامُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ عَلَى يَقِينٍ يَأْخُذُ بِقَوْلِ مَنْ كَانَ صَادِقًا عِنْدَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِذَا شَكُّوا فِي عَدَدِ التَّسْلِيمَاتِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْإِعَادَةِ وَعَدَمِهَا بِجَمَاعَةٍ أَوْ فُرَادَى، وَالصَّحِيحُ أَنْ يُعِيدُوا فُرَادَى، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
صَلَّى الْعِشَاءَ وَحْدَهُ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَوْ تَرَكُوا الْجَمَاعَةَ فِي الْفَرْضِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا التَّرَاوِيحَ بِجَمَاعَةٍ وَإِذَا صَلَّى مَعَهُ شَيْئًا مِنْ التَّرَاوِيحِ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ صَلَّاهَا مَعَ غَيْرِهِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ مَعَهُ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِذَا فَاتَتْهُ تَرْوِيحَةٌ أَوْ تَرْوِيحَتَانِ فَلَوْ اشْتَغَلَ بِهَا يَفُوتُهُ الْوِتْرُ بِالْجَمَاعَةِ يَشْتَغِلُ بِالْوِتْرِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا فَاتَ مِنْ التَّرَاوِيحِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ.
لَوْ وَجَدَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا الْفَرِيضَةُ أَوْ التَّرَاوِيحُ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ الْعِشَاءَ اقْتَدَيْتُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ التَّرَاوِيحَ مَا اقْتَدَيْتُ بِهِ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْعِشَاءِ أَوْ فِي التَّرَاوِيحِ وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ فِي الْعِشَاءِ اقْتَدَيْتُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّرَاوِيحِ اقْتَدَيْتُ بِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ فِي التَّرَاوِيحِ أَوْ فِي الْعِشَاءِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ مُقْتَدِيًا بِمَنْ يُصَلِّي مَكْتُوبَةً أَوْ وِتْرًا أَوْ نَافِلَةً الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ مُخَالِفٌ لِعَمَلِ السَّلَفِ وَلَوْ اقْتَدَى مَنْ يُصَلِّي التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى بِمَنْ يُصَلِّي التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ بِمَنْ يُصَلِّي الْأَرْبَعَ قَبْلَهُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ اقْتَدَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ السُّنَّةَ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِمَنْ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ وَنَوَى سُنَّةَ الْعِشَاءِ جَازَ.
وَهَلْ يَحْتَاجُ لِكُلِّ شَفْعٍ مِنْ التَّرَاوِيحِ أَنْ يَنْوِيَ التَّرَاوِيحَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ (2) ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِذَا صَلَّى التَّرَاوِيحَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يُجَدِّدْ لِكُلِّ شَفْعٍ نِيَّةً جَازَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
إذَا لَمْ يُسَلِّمْ فِي الْعِشَاءِ حَتَّى بَنَى عَلَيْهِ التَّرَاوِيحَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَإِذَا بَنَى التَّرَاوِيحَ عَلَى سُنَّةِ الْعِشَاءِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
السُّنَّةُ فِي التَّرَاوِيحِ إنَّمَا هُوَ الْخَتْمُ مَرَّةً فَلَا يُتْرَكُ لِكَسَلِ الْقَوْمِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
بِخِلَافِ مَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ مِنْ الدَّعَوَاتِ فَإِنَّهُ يَتْرُكُهَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُثْقِلُ عَلَى الْقَوْمِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْخَتْمُ مَرَّتَيْنِ فَضِيلَةٌ وَالْخَتْمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَفْضَلُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الْأَفْضَلُ تَعْدِيلُ الْقِرَاءَةِ بَيْنَ التَّسْلِيمَاتِ فَإِنْ خَالَفَ لَا بَأْسَ بِهِ أَمَّا فِي التَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ فَلَا يُسْتَحَبُّ تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا لَا يُسْتَحَبُّ فِي سَائِرِ الصَّلَاةِ وَلَوْ طَوَّلَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الْقِرَاءَةِ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَتُسْتَحَبُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُطَوِّلُ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ وَنَحْوَهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُكْرَهُ الْإِسْرَاعُ فِي الْقِرَاءَةِ
(1/117)
وَفِي أَدَاءِ الْأَرْكَانِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَكُلَّمَا رَتَّلَ فَهُوَ حَسَنٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْأَفْضَلُ فِي زَمَانِنَا أَنْ يَقْرَأَ بِمَا لَا يُؤَدِّي إلَى تَنْفِيرِ الْقَوْمِ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِكَسَلِهِمْ؛ لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْمُتَأَخِّرُونَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي زَمَانِنَا بِثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ حَتَّى لَا يَمَلَّ الْقَوْمُ وَلَا يَلْزَمُ تَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ وَهَذَا أَحْسَنُ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ
وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا أَرَادَ الْخَتْمَ أَنْ يَخْتِمَ فِي لَيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ يُكْرَهُ أَنْ يُعَجِّلَ خَتْمَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ قَبْلَهَا وَحُكِيَ أَنَّ الْمَشَايِخَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلُوا الْقُرْآنَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ رُكُوعًا وَأَعْلَمُوا ذَلِكَ فِي الْمَصَاحِفِ حَتَّى يَحْصُلَ الْخَتْمُ فِي لَيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْبَلَدِ كَانَتْ الْمَصَاحِفُ مُعْمَلَةً بِعَشْرٍ مِنْ الْآيَاتِ وَجَعَلُوا ذَلِكَ رُكُوعًا لِيَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ التَّرَاوِيحِ الْقَدْرَ الْمَسْنُونَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ حَصَلَ الْخَتْمُ لَيْلَةَ التَّاسِعَ عَشَرَ أَوْ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ لَا تُتْرَكُ التَّرَاوِيحُ فِي بَقِيَّةِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ التَّرْكُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِذَا غَلِطَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي التَّرَاوِيحِ فَتَرَكَ سُورَةً أَوْ آيَةً وَقَرَأَ مَا بَعْدَهَا فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْمَتْرُوكَةَ ثُمَّ الْمَقْرُوءَةَ لِيَكُونَ عَلَى التَّرْتِيبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا فَسَدَ الشَّفْعُ وَقَدْ قَرَأَ فِيهِ لَا يَعْتَدُّ بِمَا قَرَأَ فِيهِ وَيُعِيدُ الْقِرَاءَةَ لِيَحْصُلَ لَهُ الْخَتْمُ فِي الصَّلَاةِ الْجَائِزَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْتَدُّ بِهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَالنَّاسُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ تَرَكُوا الْخَتْمَ لِتَوَانِيهِمْ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ ثُمَّ بَعْضُهُمْ اخْتَارَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَبَعْضُهُمْ اخْتَارَ قِرَاءَةَ سُورَةِ الْفِيلِ إلَى آخِرِ الْقُرْآنِ وَهَذَا أَحْسَنُ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ عَدَدُ الرَّكَعَاتِ وَلَا يَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِحِفْظِهَا، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ.
اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَدَاءَ التَّرَاوِيحِ قَاعِدًا لَا يُسْتَحَبُّ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَوَازِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَّا أَنَّ ثَوَابَهُ يَكُونُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ فَإِنْ صَلَّى الْإِمَامُ التَّرَاوِيحَ قَاعِدًا بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَاقْتَدَى بِهِ قَوْمٌ قِيَامٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ عِنْدَ الْكُلِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاءُ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا يُسْتَحَبُّ لِلْقَوْمِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْعُدُوا احْتِرَازًا عَنْ صُورَةِ الْمُخَالَفَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ أَدَاءِ التَّرَاوِيحِ قَاعِدًا.
فِي الْفَتَاوَى وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا لَمْ تَفْسُدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تَنُوبُ الْأَرْبَعُ عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ فِي التَّرَاوِيحِ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ: إنْ تَذَكَّرَ فِي الْقِيَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ وَيَقْعُدَ وَيُسَلِّمَ وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَمَا سَجَدَ لِلثَّالِثَةِ فَإِنْ أَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْبَعُ عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ قَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَعَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ يَجُوزُ عَنْ تَسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا صَلَّى التَّرَاوِيحَ عَشْرَ تَسْلِيمَاتٍ، كُلُّ تَسْلِيمَةٍ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ عَلَى رَأْسِ الثَّانِيَةِ فِي الْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ قَضَاءُ التَّرَاوِيحِ لَا غَيْرُ. وَأَمَّا فِي الِاسْتِحْسَانِ فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَنْ التَّرَاوِيحِ عَلَيْهِ قَضَاءُ التَّرَاوِيحِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ لِلثَّالِثَةِ شَيْءٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَلْزَمُهُ سَاهِيًا كَانَ أَوْ عَامِدًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ سَاهِيًا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ مَعَ التَّرَاوِيحِ عِشْرُونَ رَكْعَةً أُخْرَى لِكُلِّ ثَالِثَةٍ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: يَجُوزُ عَنْ التَّرَاوِيحِ فِي قَوْلِهِمَا هَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ شَيْءٍ آخَرَ إنْ كَانَ
(1/118)
سَاهِيًا لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ عِشْرِينَ رَكْعَةً، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ أَوْ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ أَوْ عَشْرَ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَعَدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ يَجُوزُ كُلُّ رَكْعَتَيْنِ عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ كُلَّهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ قَعَدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ يَجُوزُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَقَعَدَ فِي آخِرِهَا فَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ يُجْزِيهِ عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَقْعُدَ فِي التَّرَاوِيحِ فَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَرْكَعَ يَقُومُ وَكَذَا إذَا غَلَبَهُ النَّوْمُ يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ بَلْ يَنْصَرِفَ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ؛ لِأَنَّ فِي الصَّلَاةِ مَعَ النَّوْمِ تَهَاوُنًا وَغَفْلَةً وَتَرْكَ التَّدَبُّرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ شَرَعَ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ مَعَ الْإِمَامِ فَلَمَّا قَعَدَ الْإِمَامُ نَامَ هُوَ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ فَأَتَى بِالشَّفْعِ الْآخِرِ وَقَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ فَانْتَبَهَ الرَّجُلُ إنْ عَلِمَ ذَلِكَ يُسَلِّمُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَيُوَافِقُهُ فِي التَّشَهُّدِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ يَقُومُ وَيَأْتِي بِالرَّكْعَتَيْنِ سَرِيعًا وَيُسَلِّمُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الشَّفْعِ الثَّالِثِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ]
(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ) إنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ فَأُقِيمَ يَقْطَعُ وَيَقْتَدِي وَكَذَا يَقْطَعُ الثَّانِيَةَ مَا لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ وَإِذَا قَيَّدَهَا بِهَا لَمْ يَقْطَعْهَا وَإِذَا أَتَمَّهَا لَمْ يَشْرَعْ مَعَ الْإِمَامِ لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْوِتْرِ فِي النَّفْلِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ أَوْ مُخَالَفَةِ إمَامِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكُلُّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ فَإِنْ شَرَعَ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ مُوَافَقَةَ السُّنَّةِ أَحَقُّ مِنْ مُوَافَقَةِ الْإِمَامِ، هَكَذَا فِي الْكَافِي وَهُوَ مُسِيءٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَيَقْضِي أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهَا لَزِمَتْهُ بِالِاقْتِدَاءِ، كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ، وَلَوْ اقْتَدَى هَذَا الْمُتَنَفِّلُ بِمَنْ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَقْرَأْ فِي الثَّالِثَةِ إنْ قَرَأَ الْمُقْتَدِي تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ فَكَذَلِكَ بِتَبَعِيَّةِ الْإِمَامِ، كَذَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْأُسْتَاذِ خَانِي.
وَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ إلَى الرَّابِعَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا الثَّالِثَةُ فَتَابَعَهُ الْمُقْتَدِي فِي الرَّابِعَةِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ أَوْ لَمْ يَقْعُدْ هُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ صَارَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ نَفْلًا عِنْدَهُمَا لَكِنْ كَانَتْ فَرْضًا ثُمَّ صَارَ مُتَنَقِّلًا مِنْ الْفَرْضِ إلَى النَّفْلِ فَصَارَ كَأَنَّهُ صَلَّى صَلَاتَيْنِ بِتَحْرِيمَتَيْنِ فَيَصِيرُ الْمُقْتَدِي مُصَلِّيًا صَلَاةً وَاحِدَةً بِإِمَامَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرِ الْحَدَثِ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهَا قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْ وَكَذَا لَوْ شَرَعَ فِي الْمَنْذُورَةِ أَوْ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ وَفِيمَا يَفْعَلُ الْمُقْتَدِي.
وَمَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ ثُمَّ أُقِيمَتْ يُصَلِّي رَكْعَةً ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ يَقْطَعُ وَيَشْرَعُ مَعَ الْإِمَامِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ أَرَادَ بِالْإِقَامَةِ شُرُوعَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ لَا إقَامَةَ الْمُؤَذِّنِ فَإِنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَالرَّجُلُ لَمْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ بِالرَّكْعَتَيْنِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَوْ أُقِيمَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي فِي الْبَيْتِ مَثَلًا فَأُقِيمَتْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ فَأُقِيمَتْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا مِنْ الظُّهْرِ يُتِمُّ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ بَعْدُ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ حَيْثُ يَقْطَعُهَا وَيَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ عَادَ إلَى الْقُعُودِ لِيُسَلِّمَ وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ قَائِمًا يَنْوِي الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُسَلِّمْ قَائِمًا، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالتَّخْيِيرُ هُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَقِيلَ: يَقْطَعُ قَائِمًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْقَعْدَةَ مَشْرُوطَةٌ لِلتَّحَلُّلِ وَهَذَا قَطْعٌ وَلَيْسَ بِتَحَلُّلٍ فَإِنَّ
(1/119)
التَّحَلُّلَ عَنْ الظُّهْرِ لَا يَكُونُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَيَكْفِيهِ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَكَذَلِكَ فِي الْعِشَاءِ وَالْعَصْرِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا فِي الْعَصْرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَيَكُونُ مُدْرِكًا فَضْلَ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَإِنْ أَدْرَكَ ثَلَاثًا مَعَ الْإِمَامِ كَانَ مُصَلِّيًا مَعَ الْإِمَامِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ شَرَعَ فِي التَّطَوُّعِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الْمَكْتُوبَةُ أَتَمَّ الشَّفْعَ الَّذِي فِيهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَانَ فِي السُّنَّةِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ فَأُقِيمَ أَوْ خَطَبَ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ قِيلَ: يُتِمُّهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَمَنْ انْتَهَى إلَى الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إنْ خَشِيَ أَنْ يَفُوتَهُ رَكْعَةٌ وَيُدْرِكُ الْأُخْرَى يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَدْخُلُ وَإِنْ خَشِيَ فَوْتَهُمَا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَرْجُو إدْرَاكَ الْقَعْدَةِ كَيْفَ يَفْعَلُ فَظَاهِرُ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إنْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ إدْرَاكَ التَّشَهُّدِ عِنْدَهُمَا كَإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
وَأَمَّا بَقِيَّةُ السُّنَنِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ أَتَى بِهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ شَرَعَ مَعَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي يَتْرُكُ السُّنَّةَ وَيُتَابِعُ الْإِمَامَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
دَخَلَ مَسْجِدًا قَدْ أُذِّنَ فِيهِ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ حَتَّى يُصَلِّيَ فَإِنْ كَانَ رَجُلًا مُؤَذِّنًا أَوْ إمَامَ مَسْجِدٍ وَتَتَفَرَّقُ الْجَمَاعَةُ بِسَبَبِ غَيْبَتِهِ لَا بَأْسَ بِالْخُرُوجِ هَذَا إذَا لَمْ يُصَلِّ فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى مَرَّةً فَفِي الْعِشَاءِ وَالظُّهْرِ لَا بَأْسَ بِالْخُرُوجِ مَا لَمْ يَأْخُذْ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ فَإِنْ أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى قَضَاهُمَا تَطَوُّعًا وَفِي الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ يَخْرُجُ فَإِنْ مَكَثَ وَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ يُكْرَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَنْ انْتَهَى إلَى الْإِمَامِ فِي رُكُوعِهِ فَكَبَّرَ وَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَا يَصِيرُ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَكَذَا لَوْ انْحَطَّ وَلَمْ يَقِفْ لَكِنْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ قَالَ الْمَحْبُوبِيُّ: دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَنْبَغِي أَنْ يُكَبِّرَ وَيَرْكَعَ ثُمَّ يَمْشِيَ حَتَّى يَلْتَحِقَ بِالصَّفِّ كَيْ لَا يَفُوتَهُ الرُّكُوعُ وَعِنْدَنَا لَوْ مَشَى ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ تَبْطُلُ وَإِلَّا يُكْرَهُ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ لِكَيْ لَا يَحْتَاجَ إلَى الْمَشْيِ فِي الصَّلَاةِ ذَكَرَ الْجَلَّابِيُّ فِي صَلَاتِهِ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَكَبَّرَ قَائِمًا ثُمَّ شَرَعَ فِي الِانْحِطَاطِ وَشَرَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّفْعِ الْأَصَحُّ أَنْ يُعْتَدَّ بِهَا إذَا وُجِدَتْ الْمُشَارَكَةُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِيمَ قَائِمًا وَإِنْ قَلَّ، هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ انْتَهَى إلَى الْإِمَامِ وَهُوَ قَائِمٌ فَكَبَّرَ وَلَمْ يَرْكَعْ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ ثُمَّ رَكَعَ أَنَّهُ يَصِيرُ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي قَوْمَةِ الرُّكُوعِ لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا يُحْرِمُ قَائِمًا وَكَبَّرَ وَيَأْتِي بِالثَّنَاءِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ قَائِمًا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَإِنْ خَشِيَ أَنْ يَفُوتَهُ الرُّكُوعُ يَرْكَعُ وَلَا يَأْتِي بِالتَّكْبِيرَاتِ وَكَبَّرَ فِي رُكُوعِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ.
وَمُدْرِكُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَكْبِيرَتَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَلَوْ نَوَى بِتِلْكَ التَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ الرُّكُوعَ لَا الِافْتِتَاحَ جَازَ وَلَغَتْ نِيَّتَهُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
الْمُقْتَدِي إذَا أَتَى بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً وَاحِدَةً بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَيُتِمَّ
(1/120)
صَلَاتَهُ وَإِنْ رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ رَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَسَجَدَ مَعَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَإِنْ رَكَعَ بَعْدَ الْإِمَامِ وَسَجَدَ بَعْدَهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي آخِرِهِمَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ أَتَى مَسْجِدًا قَدْ صَلَّى فِيهِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَطَوَّعَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ مَا بَدَا لَهُ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضِيقٌ يَتْرُكُهُ قِيلَ: هَذَا فِي غَيْرِ سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْفَجْرِ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَصَاحِبِ الْمُحِيطِ وَقَاضِي خَانْ والتمرتاشي وَالْمَحْبُوبِيِّ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ، وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقِيلَ: هَذَا فِي الْجَمِيعِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَدْرِ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
وَالْأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَهَا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ سَوَاءٌ صَلَّى الْفَرْضَ بِجَمَاعَةٍ أَوْ لَا إلَّا إذَا خَافَ فَوْتَ فَرْضِ الْوَقْتِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
[الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]
(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ) كُلُّ صَلَاةٍ فَاتَتْ عَنْ الْوَقْتِ بَعْدَ وُجُوبِهَا فِيهِ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا سَوَاءٌ تَرَكَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ بِسَبَبِ نَوْمٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْفَوَائِتُ كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً فَلَا قَضَاءَ عَلَى مَجْنُونٍ حَالَةَ جُنُونِهِ لِمَا فَاتَهُ فِي حَالَةِ عَقْلِهِ كَمَا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ عَقْلِهِ لِمَا فَاتَهُ حَالَةَ جُنُونِهِ وَلَا عَلَى مُرْتَدٍّ مَا فَاتَهُ زَمَنَ رِدَّتِهِ وَلَا عَلَى مُسْلِمٍ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُصَلِّ مُدَّةً لِجَهْلِهِ بِوُجُوبِهَا وَلَا عَلَى مُغْمًى عَلَيْهِ وَمَرِيضٍ عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ مَا فَاتَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَزَادَتْ الْفَوَائِتُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَنْ حُكْمُهُ أَنَّ الْفَائِتَةَ تَقْضِي عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي فَاتَتْ عَنْهُ لِعُذْرٍ وَضَرُورَةٍ فَيَقْضِي مُسَافِرٌ فِي السَّفَرِ مَا فَاتَهُ فِي الْحَضَرِ مِنْ الْفَرْضِ الرُّبَاعِيِّ أَرْبَعًا وَالْمُقِيمُ فِي الْإِقَامَةِ مَا فَاتَهُ فِي السَّفَرِ مِنْهَا رَكْعَتَيْنِ وَالْقَضَاءُ فَرْضٌ فِي الْفَرْضِ وَوَاجِبٌ فِي الْوَاجِبِ سُنَّةٌ فِي السُّنَّةِ ثُمَّ لَيْسَ لِلْقَضَاءِ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ بَلْ جَمِيعُ أَوْقَاتِ الْعُمُرِ وَقْتٌ لَهُ إلَّا ثَلَاثَةً، وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتَ الزَّوَالِ، وَوَقْتَ الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
رَجُلٌ صَلَّى فَارْتَدَّ فَأَسْلَمَ فِي الْوَقْتِ يُعِيدُ، كَذَا فِي الْكَافِي.
صَبِيٌّ صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ نَامَ وَاحْتَلَمَ وَانْتَبَهَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَقْضِي الْعِشَاءَ بِخِلَافِ الصَّبِيَّةِ إذَا بَلَغَتْ بِالْحَيْضِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَا يَلْزَمُهَا قَضَاءُ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَوْ طَرَأَ عَلَى الْوُجُوبِ أَسْقَطَ الْوُجُوبَ فَإِذَا قَارَنَهُ أَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ وَإِنْ بَلَغَتْ بِالسِّنِّ تَلْزَمُهَا الْعِشَاءُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ قِيلَ: يَقْضِي الْعِشَاءَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوُجُوبُ مِنْ الْوَقْتِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَتَى قَضَى الْفَوَائِتَ إنْ قَضَاهَا بِجَمَاعَةٍ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةً يُجْهَرُ فِيهَا يَجْهَرُ فِيهَا الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ وَإِنْ قَضَاهَا وَحْدَهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ وَالْجَهْرُ أَفْضَلُ كَمَا فِي الْوَقْتِ وَيُخَافِتُ فِيمَا يُخَافَتُ فِيهِ حَتْمًا وَكَذَا الْإِمَامُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْفَوَائِتِ مُسْتَحَقٌّ، كَذَا فِي الْكَافِي حَتَّى لَا يَجُوزَ أَدَاءُ الْوَقْتِيَّةِ قَبْلَ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا بَيْنَ الْفُرُوضِ وَالْوِتْرِ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ.
وَلَوْ صَلَّى الْفَجْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُوتِرْ فَهِيَ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً فِي تَطَوُّعِهِ لَمْ يَفْسُدْ تَطَوُّعُهُ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ عُرِفَ وَاجِبًا فِي الْفَرْضِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ وَصَلَّى صَلَاةً فِي وَقْتِهَا يَصِيرُ صَاحِبَ تَرْتِيبٍ كَالْمَرْأَةِ إذَا بَلَغَتْ وَرَأَتْ دَمًا صَحِيحًا تَصِيرُ صَاحِبَةَ عَادَةٍ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَأَمَّا التَّرْتِيبُ فِي بَعْضِ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ بِفَرْضٍ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ حَتَّى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَنَامَ خَلْفَهُ أَوْ سَبَقَهُ
(1/121)
الْحَدَثُ فَسَبَقَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ انْتَبَهَ أَوْ تَوَضَّأَ وَعَادَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ أَوَّلًا مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ يُتَابِعَ إمَامَهُ إذَا أَدْرَكَهُ فَلَوْ تَابَعَ الْإِمَامَ أَوَّلًا ثُمَّ قَضَى بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ جَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَكَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إذَا زَاحَمَهُ النَّاسُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَدَاءِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ وَبَقِيَ قَائِمًا وَأَمْكَنَهُ أَدَاءَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَأَدَّى أَوَّلًا الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْأُولَى ثُمَّ قَضَى الْأُولَى بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ جَازَ عِنْدَنَا، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي فَصْلِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ.
ثُمَّ التَّرْتِيبُ يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ وَبِمَا هُوَ فِي مَعْنَى النِّسْيَانِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ تَذَكَّرَ صَلَاةً قَدْ نَسِيَهَا بَعْدَ مَا أَدَّى وَقْتَيْهِ جَازَتْ الْوَقْتِيَّةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ يُعِيدُ الظُّهْرَ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِي فِي حَقِّ الظُّهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ بِوُضُوءٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ يُعِيدُهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَصْرَ ثَمَّةَ تَبَعٌ لِلظُّهْرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا صَلَّى الظُّهْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ فَسَدَ ظُهْرُهُ ثُمَّ قَضَى الْفَجْرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ يَجُوزُ الْعَصْرُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَاءِ الْعَصْرِ وَهُوَ ظَنٌّ مُعْتَبَرٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَوْ شَكَّ فِي الظُّهْرِ أَنَّهُ هَلْ صَلَّى الْفَجْرَ أَمْ لَا فَلَمَّا فَرَغَ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ يُعِيدُ الْفَجْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَنْ تَذَكَّرَ صَلَوَاتٍ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَذْهَبَ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ قَالَ: وَلَكِنْ لَا تَفْسُدُ حِينَ ذَكَرَهَا بَلْ يُتِمُّهَا رَكْعَتَيْنِ وَيَعُدُّهُمَا تَطَوُّعًا سَوَاءٌ كَانَ قَدِيمًا أَوْ حَدِيثًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَنَّ مُصَلِّيَ الْجُمُعَةِ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَجْرَ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ قَطَعَهَا وَاشْتَغَلَ بِالْفَجْرِ تَفُوتُهُ الْجُمُعَةُ وَلَا يَفُوتُهُ الْوَقْتُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقْطَعُ الْجُمُعَةَ وَيُصَلِّي الْفَجْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُتِمُّ الْجُمُعَةَ وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا قَضَى الْفَجْرَ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَشْتَغِلُ بِالْفَجْرِ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ إذَا قَطَعَ الْجُمُعَةَ وَاشْتَغَلَ بِالْفَجْرِ يَفُوتُهُ الْوَقْتُ أَتَمَّ الْجُمُعَةَ إجْمَاعًا ثُمَّ يُصَلِّي الْفَجْرَ بَعْدَهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ جَازَ وَأَتَمَّ، هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ ثُمَّ تَفْسِيرُ ضِيقِ الْوَقْتِ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْهُ مَا لَا يَسَعُ فِيهِ الْوَقْتِيَّةَ وَالْفَائِتَةَ جَمِيعًا حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْعِشَاءِ مَثَلًا وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِقَضَائِهِ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ صَلَّى الْفَجْرَ فِي الْوَقْتِ وَقَضَى الْعِشَاءَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُرَاعَى التَّرْتِيبُ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤَدِّي الْوَقْتِيَّةَ عَلَى وَجْهِ الْأَفْضَلِ كَمَا لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوَقْتِيَّةَ إلَّا مَعَ تَخْفِيفِهَا وَقَصْرِ الْقِرَاءَةِ وَالْأَفْعَالِ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى أَقَلِّ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيّ ثُمَّ ضِيقُ الْوَقْتِ يُعْتَبَرُ عِنْدَ الشُّرُوعِ حَتَّى لَوْ شَرَعَ فِي الْوَقْتِيَّةِ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ وَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ حَتَّى ضَاقَ الْوَقْتُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَشْرَعَ فِيهَا وَلَوْ شَرَعَ نَاسِيًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ثُمَّ تَذَكَّرَهَا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُعْتَبَرُ ضِيقُ الْوَقْتِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِحَسَبِ ظَنِّهِ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، حَتَّى لَوْ ظَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْعِشَاءُ أَنَّ وَقْتَ الْفَجْرِ قَدْ ضَاقَ فَصَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ بَطَلَ الْفَجْرُ فَإِذَا بَطَلَ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ يَسَعُهَا صَلَّاهُمَا وَإِلَّا أَعَادَ الْفَجْرَ وَهَكَذَا يَفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْعِشَاءِ وَلَمْ يُعِدْ الْفَجْرَ فَطَلَعَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي الْعِشَاءِ صَحَّ فَجْرُهُ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَكَذَا إذَا ذَكَرَ الْفَجْرَ فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَوَقَعَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْوَقْتَ لَا يَحْتَمِلُ الصَّلَاتَيْنِ فَافْتَتَحَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ بَعْضُهُ نَظَرَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مَا بَقِيَ مِنْ
(1/122)
وَقْتِ الظُّهْرِ مَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ الْفَجْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ لَمْ تُجْزِئْهُ الَّتِي صَلَّى وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ الْفَجْرَ ثُمَّ يُعِيدَ الظُّهْرَ وَكَذَلِكَ إنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي الْفَجْرَ وَيُصَلِّي مِنْ الظُّهْرِ رَكْعَةً، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.
وَإِنْ كَانَتْ الْمَتْرُوكَةُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَالْوَقْتُ يَسَعُ فِيهِ بَعْضَهَا مَعَ الْوَقْتِيَّةِ لَا تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَا لَمْ يَقْضِ ذَلِكَ الْبَعْضَ حَتَّى لَوْ تَذَكَّرَ فِي وَقْتِ الْفَجْرِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْعِشَاءَ وَالْوِتْرَ وَبَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُ فِيهِ إلَّا خَمْسَ رَكَعَاتٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِي الْوِتْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الْفَجْرَ ثُمَّ يَقْضِي الْعِشَاءَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.
وَكَذَا لَوْ تَذَكَّرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا مَا يَسَعُ فِيهِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فَإِنَّهُ يَقْضِي الظُّهْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَإِنْ كَانَ لَا يَسَعُ فِيهِ إلَّا سِتَّ رَكَعَاتٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْفَجْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الْفَائِتَةَ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْعِبْرَةُ فِي الْعَصْرِ لِآخِرِ الْوَقْتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَبْسُوطِ إنْ أَمْكَنَهُ أَدَاءُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ أَدَاءُ الصَّلَاتَيْنِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ الْعَصْرِ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَدَاءُ الظُّهْرِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ وَتَقَعُ الْعَصْرَ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا بَعْدَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ إلَّا عَلَى قَوْلِ حَسَنِ بْنِ زِيَادٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ مَا بَعْدَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ لَيْسَ بِوَقْتِ الْعَصْرِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَوْ كَانَ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ قَدْرُ مَا لَا يَسَعُ فِيهِ الظُّهْرَ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ افْتَتَحَ الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ وَأَطَالَهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ فَلَهُ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى صَلَاتِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ
وَلَوْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ لِضِيقِ الْوَقْتِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ لَا يَعُودُ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى لَوْ خَرَجَ فِي خِلَالِ الْوَقْتِيَّةِ لَا تَفْسُدُ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ مُؤَدٍّ عَلَى الْأَصَحِّ لَا قَاضٍ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَا يَظْهَرُ حُكْمُ التَّرْتِيبِ عِنْدَ النِّسْيَانِ مَا دَامَ نَاسِيًا وَإِذَا تَذَكَّرَ يَلْزَمُهُ، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْخُلَاصَةِ.
وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ عِنْدَ كَثْرَةِ الْفَوَائِتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَحَدُّ الْكَثْرَةِ أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا بِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ اعْتَبَرَ دُخُولَ وَقْتِ السَّادِسَةِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ تَبْلُغَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلِّلَةُ مُذْ فَاتَتْهُ سِتَّةً وَإِنْ أَدَّى مَا بَعْدَهَا فِي أَوْقَاتِهَا وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْفَوَائِتُ سِتًّا وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا تَرَكَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مَثَلًا الظُّهْرُ مِنْ يَوْمٍ وَالْعَصْرُ مِنْ يَوْمٍ وَالْمَغْرِبُ مِنْ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيَّتَهَا أَوْلَى فَعَلَى الْأَوَّلِ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّلَةَ بَيْنَ الْفَوَائِتِ كَثِيرَةٌ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْفَوَائِتَ بِنَفْسِهَا يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ سِتًّا فَيُصَلِّي سَبْعَ صَلَوَاتٍ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَهُوَ أَوْسَعُ وَبِالثَّانِي قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَهُوَ أَحْوَطُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَكَثْرَةُ الْفَوَائِتِ كَمَا تُسْقِطُ التَّرْتِيبَ فِي الْأَدَاءِ تُسْقِطُ فِي الْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ صَلَاةَ شَهْرٍ ثُمَّ قَضَى ثَلَاثِينَ فَجْرًا ثُمَّ ثَلَاثِينَ ظُهْرًا ثُمَّ هَكَذَا صَحَّ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
التَّرْتِيبُ إذَا سَقَطَ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ ثُمَّ قَضَى بَعْضَ الْفَوَائِتِ وَبَقِيَتْ الْفَوَائِتُ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَعُودُ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
حَتَّى لَوْ تَرَكَ صَلَاةَ شَهْرٍ فَقَضَاهَا إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً ثُمَّ صَلَّى الْوَقْتِيَّةَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهَا جَازَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَالْفَوَائِتُ نَوْعَانِ قَدِيمَةٌ وَحَدِيثَةٌ) .
فَالْحَدِيثَةُ تُسْقِطُ التَّرْتِيبَ اتِّفَاقًا وَفِي الْقَدِيمَةِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَذَلِكَ كَمَنْ تَرَكَ صَلَوَاتِ شَهْرٍ ثُمَّ صَلَّى مُدَّةً وَلَمْ يَقْضِ تِلْكَ الصَّلَوَاتِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ صَلَاةً ثُمَّ صَلَّى أُخْرَى ذَاكِرًا لِلْفَائِتَةِ الْحَدِيثَةِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ الْبَعْضِ وَقِيلَ: يَجُوزُ
(1/123)
وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا أَخَّرَ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ عَنْ وَقْتِ التَّذَكُّرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقَضَاءِ هَلْ يُكْرَهُ فَالْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ التَّذَكُّرِ إنَّمَا هُوَ وَقْتُ الْفَائِتَةِ وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا مَكْرُوهٌ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ صَلَّى الْعَصْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ فَهُوَ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ لَكِنْ إذَا فَسَدَتْ الْفَرِيضَةُ لَا يَبْطُلُ أَصْلُ الصَّلَاةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَبْطُلُ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَرْضِيَّةُ الْعَصْرِ تَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا حَتَّى لَوْ صَلَّى سِتَّ صَلَوَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يُعِدْ الظُّهْرَ عَادَ الْعَصْرَ جَائِزًا لَا يَجِبُ إعَادَتُهُ وَعِنْدَهُمَا تَفْسُدُ فَسَادًا بَاتًّا لَا جَوَازَ لَهَا بِحَالٍ فَالْأَصْلُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ كَمَا تَسْقُطُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ تَسْقُطُ بِكَثْرَةِ الْمُؤَدَّى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ نَسِيَ صَلَاةً وَلَا يَدْرِيهَا وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُعِيدُ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ.
وَكَذَا لَوْ نَسِيَ صَلَاتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَيَّ صَلَاتَيْنِ أَعَادَ صَلَاةَ يَوْمَيْنِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَوْ نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ تَرَكَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهُمَا تَرَكَ أَوَّلًا تَحَرَّى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ يُعِيدُ مَا أَدَّى أَوَّلًا مَرَّةً أُخْرَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذْ يُمْكِنُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ بِطَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ وَالِاحْتِيَاطُ وَاجِبٌ فِي الْعِبَادَاتِ وَقَالُوا لَا نَأْمُرَهُ إلَّا بِالتَّحَرِّي وَيَسْقُطُ عَنْهُ التَّرْتِيبُ لِعَجْزِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ مَرَّتَيْنِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فَإِنْ بَدَأَ بِالظُّهْرِ ثُمَّ بِالْعَصْرِ ثُمَّ بِالظُّهْرِ كَانَ أَفْضَلَ وَإِنْ بَدَأَ بِالْعَصْرِ ثُمَّ بِالظُّهْرِ ثُمَّ بِالْعَصْرِ يَجُوزُ أَيْضًا مُصَلِّي الْعَصْرِ إذَا تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً وَاحِدَةً وَلَا يَدْرِي أَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُتِمُّ الْعَصْرَ وَيَسْجُدُ سَجْدَةً وَاحِدَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَهَا مِنْ الْعَصْرِ ثُمَّ يُعِيدُ الظُّهْرَ احْتِيَاطًا ثُمَّ يُعِيدُ الْعَصْرَ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ) فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ شَرَعَ فِي الْعَصْرِ ثُمَّ غَرَبَتْ الشَّمْسُ خِلَالَهُ ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فِي هَذَا الْعَصْرِ هَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ فَقَالَ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ مُقِيمًا وَالْمُقْتَدِي مُسَافِرًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ إذَا صَارَ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ وَقَدْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ فِي وَقْتِ كَانَ شَافِعِيًّا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَارَ حَنَفِيًّا يَقْضِي عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ يَرَى التَّيَمُّمَ إلَى الرُّسْغِ وَالْوِتْرَ رَكْعَةً ثُمَّ رَأَى التَّيَمُّمَ إلَى الْمِرْفَقِ وَالْوِتْرَ ثَلَاثًا لَا يُعِيدُ مَا صَلَّى وَإِنْ صَلَّى كَذَلِكَ عَنْ جَهْلٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا ثُمَّ سَأَلَ وَأُمِرَ بِالثَّلَاثِ يُعِيدُ مَا صَلَّى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ امْرَأَةٌ تَرَكَتْ صَلَاةً فَحَاضَتْ وَطَهُرَتْ فَصَلَّتْ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ قَالَ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالشَّرَائِعِ مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهِمَا ثُمَّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ أَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالشَّرَائِعِ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي آخِرِ بَابِ مَا يَكُونُ إسْلَامًا مِنْ الْكَافِرِ وَمَا لَا يَكُونُ.
فَإِنْ بَلَّغَهُ رَجُلٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَلْزَمُهُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا لَمْ يُخْبِرْهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَا يَلْزَمُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فِي الْعَتَّابِيَّةِ عَنْ أَبِي نَصْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ يَقْضِي صَلَوَاتِ عُمُرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ الِاحْتِيَاطَ فَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ وَالْكَرَاهَةِ فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ لَا يَفْعَلُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ لِشُبْهَةِ الْفَسَادِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَيَقْرَأُ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا الْفَاتِحَةَ مَعَ السُّورَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَفِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ يَقْضِي
(1/124)
الْفَوَائِتَ فَإِنَّهُ يَقْضِي الْوِتْرَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَيْقِنْ أَنَّهُ هَلْ بَقِيَ عَلَيْهِ وِتْرٌ أَوْ لَمْ يَبْقَ فَإِنَّهُ يُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَيَقْنُتُ ثُمَّ يَقْعُدُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى فَإِنْ كَانَ وِتْرًا فَقَدْ أَدَّاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقَدْ صَلَّى التَّطَوُّعَ أَرْبَعًا وَلَا يَضُرُّهُ الْقُنُوتُ فِي التَّطَوُّعِ.
وَفِي الْحُجَّةِ الِاشْتِغَالُ بِالْفَوَائِتِ أَوْلَى وَأَهَمُّ مِنْ النَّوَافِلِ إلَّا السُّنَنَ الْمَعْرُوفَةَ وَصَلَاةَ الضُّحَى وَصَلَاةَ التَّسْبِيحِ وَالصَّلَوَاتِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي الْأَخْبَارِ فِيهَا سُوَرٌ مَعْدُودَةٌ وَأَذْكَارٌ مَعْهُودَةٌ فَتِلْكَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَغَيْرُهَا بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ
وَلَا يَقْضِي الْفَوَائِتَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا يَقْضِيهَا فِي بَيْتِهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
فِي الْمُلْتَقِطِ وَلَوْ أَمَرَ الْأَبُ ابْنَهُ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ صَلَوَاتٍ وَصِيَامَ أَيَّامٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَائِتَةٌ فَأَوْصَى بِأَنْ تُعْطَى كَفَّارَةُ صَلَوَاتِهِ يُعْطَى لِكُلِّ صَلَاةٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَلِلْوِتْرِ نِصْفَ صَاعٍ وَلِصَوْمِ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا يَسْتَقْرِضُ وَرَثَتُهُ نِصْفَ صَاعٍ وَيُدْفَعُ إلَى مِسْكِينٍ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ الْمِسْكِينُ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى يُتِمَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ مَا ذَكَرْنَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ لِوَرَثَتِهِ وَتَبَرَّعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يَجُوزُ وَيُدْفَعُ عَنْ كُلِّ صَلَاةٍ نِصْفُ صَاعِ حِنْطَةٍ مَنَوَيْنِ، وَلَوْ دُفِعَ جُمْلَةً إلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ، جَازَ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَلَوْ دُفِعَ عَنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ تِسْعُ أَمْنَانٍ لِفَقِيرٍ وَاحِدٍ وَمَنًّا لِفَقِيرٍ وَاحِدٍ اخْتَارَ الْفَقِيهُ أَنَّهُ يَجُوزُ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ وَلَا يَجُوزُ عَنْ الصَّلَاةِ الْخَامِسَةِ.
وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ الْفِدْيَةِ عَنْ الصَّلَوَاتِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ هَلْ يَجُوزُ فَقَالَ: لَا، وَسُئِلَ حِمْيَرُ الْوَبَرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ الشَّيْخِ الْفَانِي هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ عَنْ الصَّلَوَاتِ كَمَا تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ الصَّوْمِ وَهُوَ حَيٌّ فَقَالَ: لَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ رَجُلٌ صَلَّى خَمْسَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ إحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلَا يَعْلَمُ تِلْكَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْفَجْرَ وَالْمَغْرِبَ احْتِيَاطًا وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَدْرِي مِنْ أَيَّةِ صَلَاةٍ تَرَكَهَا قَالُوا يُعِيدُ صَلَاةَ الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي رَكْعَتَيْنِ يُعِيدُ صَلَاةَ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْوِتْرِ وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يُعِيدُ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَلَا يُعِيدُ الْوِتْرَ وَالْفَجْرَ وَالْمَغْرِبَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
تَارِكُ الصَّلَاةِ عَمْدًا لَا يُقْتَلُ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ.
[الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]
(الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ) وَهُوَ وَاجِبٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْوُجُوبُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْوَقْتُ صَالِحًا حَتَّى إنَّ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إذَا لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ بَعْدَ السَّلَامِ الْأَوَّلِ سَقَطَ عَنْهُ السُّجُودُ وَكَذَا إذَا سَهَا فِي قَضَاءِ الْفَائِتَةِ فَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى احْمَرَّتْ وَكُلُّ مَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ إذَا وُجِدَ بَعْدَ السَّلَامِ يُسْقِطُ السَّهْوَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ بَنَى النَّفَلَ عَلَى فَرْضٍ سَهَا فِيهِ لَمْ يَسْجُدْ، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَمَحِلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ.
وَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَجْزَأَهُ عِنْدَنَا هَكَذَا رِوَايَةُ الْأُصُولِ وَيَأْتِي بِتَسْلِيمَتَيْنِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَالصَّوَابُ أَنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْأَصْلِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَيُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يُكَبِّرَ بَعْدَ سَلَامِهِ الْأَوَّلِ وَيَخِرَّ سَاجِدًا وَيُسَبِّحَ فِي سُجُودِهِ ثُمَّ يَفْعَلَ ثَانِيًا كَذَلِكَ ثُمَّ يَتَشَهَّدَ ثَانِيًا ثُمَّ يُسَلِّمَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءِ فِي قَعْدَةِ السَّهْوِ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ: يَأْتِي بِهِمَا فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُصَلِّيَ
(1/125)
فِي الْقَعْدَتَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَحُكْمُ السَّهْوِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، قَالَ فِي الْفَتَاوَى: الْقَعْدَةُ بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لَيْسَتْ بِرُكْنٍ وَإِنَّمَا أُمِرَ بِهَا بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لِيَقَعَ خَتْمُ الصَّلَاةِ بِهَا حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا فَقَامَ وَذَهَبَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، كَذَا قَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّة الْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْمَتْرُوكَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ فَرْضٌ وَسُنَّةٌ وَوَاجِبٌ فَفِي الْأَوَّلِ أَمْكَنَهُ التَّدَارُكُ بِالْقَضَاءِ يَقْضِي وَإِلَّا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَفِي الثَّانِي لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ قِيَامَهَا بِأَرْكَانِهَا وَقَدْ وُجِدَتْ وَلَا يُجْبَرُ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَفِي الثَّالِثِ إنْ تَرَكَ سَاهِيًا يُجْبَرُ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَإِنْ تَرَكَ عَامِدًا لَا، كَذَا التَّتَارْخَانِيَّة.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ السُّجُودُ فِي الْعَمْدِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ جَبْرًا لِنُقْصَانِهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا يَجِبُ السُّجُودُ إلَّا بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ تَأْخِيرِهِ أَوْ تَأْخِيرِ رُكْنٍ أَوْ تَقْدِيمِهِ أَوْ تَكْرَارِهِ أَوْ تَغْيِيرِ وَاجِبٍ بِأَنْ يَجْهَرَ فِيمَا يُخَافَتُ وَفِي الْحَقِيقَةِ وُجُوبُهُ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ تَرْكُ الْوَاجِبِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَا يَجِبُ بِتَرْكِ التَّعَوُّذِ وَالْبَسْمَلَةِ فِي الْأُولَى وَالثَّنَاءِ وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا يَجِبُ بِتَرْكِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْعِيدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ سَلَّمَ عَنْ الشِّمَالِ أَوَّلًا سَاهِيًا وَلَوْ تَرَكَ الْقَوْمَةَ سَاهِيًا بِأَنْ انْحَطَّ مِنْ الرُّكُوعِ سَاجِدًا فَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَنَّ عَلَيْهِ السُّجُودَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(ثُمَّ وَاجِبَاتُ الصَّلَاةِ أَنْوَاعٌ) (مِنْهَا) قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ السَّهْوُ وَإِنْ قَرَأَ أَكْثَرَ الْفَاتِحَةِ وَنَسِيَ الْبَاقِيَ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَإِنْ بَقِيَ الْأَكْثَرُ كَانَ عَلَيْهِ السَّهْوُ إمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ تَرَكَهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا يَجِبُ إنْ كَانَ فِي الْفَرْضِ وَإِنْ كَانَ فِي النَّفْلِ أَوْ الْوِتْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ كَرَّرَهَا فِي الْأُولَيَيْنِ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ السُّورَةِ أَوْ كَرَّرَهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ إلَّا حَرْفًا أَوْ قَرَأَ أَكْثَرَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا سَاهِيًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَحْدَهَا وَتَرَكَ السُّورَةَ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَكَذَا لَوْ قَرَأَ مَعَ الْفَاتِحَةِ آيَةً قَصِيرَةً، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَآيَتَيْنِ فَخَرَّ رَاكِعًا سَاهِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ عَادَ وَأَتَمَّ ثَلَاثَ آيَاتٍ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَخَّرَ الْفَاتِحَةَ عَنْ السُّورَةِ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ لَا يَلْزَمُهُ السَّهْوُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ قَرَأَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ أَوْ تَشَهُّدِهِ يَلْزَمُهُ وَهَذَا إذَا بَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ بِالتَّشَهُّدِ وَإِنْ بَدَأَ بِالتَّشَهُّدِ ثُمَّ بِالْقِرَاءَةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي لَا سَهْوَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى، وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَلَمْ يُسَبِّحْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ أَسَاءَ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا كَانَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - أَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي السَّهْوِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ سَهَا عَنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الْأُولَى أَوْ فِي الثَّانِيَةِ وَتَذَكَّرَ بَعْدَ مَا قَرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ يَعُودُ فَيَقْرَأُ بِالْفَاتِحَةِ ثُمَّ بِالسُّورَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ السُّورَةِ وَكَذَلِكَ إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ السُّورَةِ أَوْ فِي الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْفَاتِحَةِ ثُمَّ يُعِيدُ السُّورَةَ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا رَكَعَ وَلَمْ يَقْرَأْ السُّورَةَ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَرَأَ السُّورَةَ وَأَعَادَ الرُّكُوعَ وَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةً وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سُورَةً قَبْلَهَا فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ الْمُصَلِّي إذَا تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ وَنَسِيَ أَنْ
(1/126)
يَسْجُدَ لَهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا وَسَجَدَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِلْوَصْلِ وَهُوَ وَاجِبٌ وَقِيلَ: لَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ فِي صَلَاتِهِ سُورَةً فَأَخْطَأَ فَقَرَأَ سُورَةً أُخْرَى لَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا) تَعْيِينُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ (وَمِنْهَا) رِعَايَةُ التَّرْتِيبِ فِي فِعْلٍ مُكَرَّرٍ فَلَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ فَتَذَكَّرَهَا فِي آخِرِ الصَّلَاةِ سَجَدَهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ لِتَرْكِ التَّرْتِيبِ فِيهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا قَبْلَهَا وَلَوْ قَدَّمَ الرُّكُوعَ عَلَى الْقِرَاءَةِ لَزِمَهُ السُّجُودُ لَكِنْ لَا يَعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ فَيَفْرِضُ إعَادَتَهُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَمِنْهَا) تَعْدِيلُ الْأَرْكَانِ وَهُوَ الطُّمَأْنِينَةُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ السُّجُودِ بِتَرْكِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ وَالْمَذْهَبُ الْوُجُوبُ وَلُزُومُ السُّجُودِ بِتَرْكِهِ سَاهِيًا وَصَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(وَمِنْهَا) الْقَعْدَةُ الْأُولَى حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّهْوُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَمِنْهَا) التَّشَهُّدُ فَإِذَا تَرَكَهُ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى أَوْ الْأَخِيرَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَكَذَا إذَا تَرَكَ بَعْضَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ قَرَأَ التَّشَهُّدَ فِي الْقِيَامِ إنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ تَشَهَّدَ فِي قِيَامِهِ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَبَعْدَهَا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ مَحِلُّ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فَإِذَا تَشَهَّدَ فِيهِ فَقَدْ أَخَّرَ الْوَاجِبَ وَقَبْلَهَا مَحِلُّ الثَّنَاءِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ تَشَهَّدَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ السَّهْوُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَإِذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ مَكَانَ التَّشَهُّدِ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَكَذَلِكَ إذَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ التَّشَهُّدَ كَانَ عَلَيْهِ السَّهْوُ، كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْوَاقِعَاتِ النَّاطِفِيَّةِ وَذُكِرَ هُنَاكَ إذَا بَدَأَ فِي مَوْضِعِ التَّشَهُّدِ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ تَشَهَّدَ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَلَوْ بَدَأَ بِالتَّشَهُّدِ ثُمَّ بِالْقِرَاءَةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَرَأَ التَّشَهُّدَ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا لَا سَهْوَ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَرَّرَ التَّشَهُّدَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى فَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَكَذَا لَوْ زَادَ عَلَى التَّشَهُّدِ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ بِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُولَ: وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَوْ كَرَّرَهُ فِي الْقَعْدَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا نَسِيَ قِرَاءَةَ التَّشَهُّدِ حَتَّى سَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ عَادَ وَتَشَهَّدَ وَعَلَيْهِ السَّهْوُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَجِبُ إذَا قَعَدَ فِيمَا يُقَامُ أَوْ قَامَ فِيمَا يُجْلَسُ فِيهِ وَهُوَ إمَامٌ أَوْ مُنْفَرِدٌ أَرَادَ بِالْقِيَامِ إذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا أَوْ كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ عَادَ إلَى الْقُعُودِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَقْعُدُ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِالنِّصْفِ الْأَسْفَلِ مِنْ الْإِنْسَانِ إنْ كَانَ النِّصْفُ الْأَسْفَلُ مُسْتَوِيًا كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ وَإِلَّا لَا، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَفِي رِوَايَةٍ إذَا قَامَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِيَنْهَضَ يَقْعُدُ وَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْقَعْدَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَإِنْ رَفَعَ أَلْيَتَيْهِ وَرُكْبَتَاهُ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَرْفَعْهُمَا لَا سَهْوَ عَلَيْهِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَكَذَا إذَا سَجَدَ فِي مَوْضِعِ الرُّكُوعِ أَوْ رَكَعَ فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ أَوْ كَرَّرَ رُكْنًا أَوْ قَدَّمَ الرُّكْنَ أَوْ أَخَّرَهُ فَفِي هَذِهِ الْفُصُولِ كُلِّهَا يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ وَفِي الْقُدُورِيِّ وَمَنْ تَرَكَ مِنْ صَلَاتِهِ فِعْلًا وُضِعَ فِيهِ ذِكْرٌ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ إذَا وُضِعَ فِيهِ ذِكْرٌ فَذَلِكَ أَمَارَةُ كَوْنِهِ مَقْصُودًا
(1/127)
فِي نَفْسِهِ فَتَمَكَّنَ بِتَرْكِهِ النَّقْصَ فِي صَلَاتِهِ فَيَجِبُ جَبْرُهُ بِسَجْدَةِ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَمْ يُوضَعْ فِيهِ ذِكْرٌ فَلَيْسَ فِيهِ سُجُودُ السَّهْوِ كَوَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ وَالْقَوْمَةِ الَّتِي بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
وَإِذَا قَعَدَ الْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا حَتَّى شَغَلَهُ ذَلِكَ عَنْ التَّسْلِيمِ ثُمَّ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ فَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ بَعْدَمَا سَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَإِذَا أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ وَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ فَوَقَعَ لَهُ هَذَا الشَّكُّ حَتَّى شَغَلَهُ عَنْ الْوُضُوءِ سَاعَةً فَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَمِنْهَا الْقُنُوتُ) فَإِذَا تَرَكَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّهْوُ، وَتَرْكُهُ يَتَحَقَّقُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَةَ الَّتِي بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ الْقُنُوتِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ؛ وَلِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَمِنْهَا تَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: إذَا تَرَكَهَا أَوْ نَقَصَ مِنْهَا أَوْ زَادَ عَلَيْهَا أَوْ أَتَى بِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيَسْتَوِي فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا سَهَا الْإِمَامُ عَنْ تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَذَكَرَ فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَهَا عَنْ التَّكْبِيرَاتِ حَتَّى رَكَعَ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالتَّكْبِيرَاتِ فِي الرُّكُوعِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ الثَّانِي فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّهْوُ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ تَبَعًا لِتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ بِخِلَافِ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُلْحَقَةً بِهَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ السَّهْوُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْمَكْتُوبَةِ وَالتَّطَوُّعِ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ مَشَايِخَنَا قَالُوا لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ؛ لِئَلَّا يَقَعَ النَّاسُ فِي فِتْنَةٍ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ الْمُحِيطِ.
(وَمِنْهَا الْجَهْرُ وَالْإِخْفَاءُ) .
حَتَّى لَوْ جَهَرَ فِيمَا يُخَافَتُ أَوْ خَافَتَ فِيمَا يُجْهَرُ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا يَجِبُ بِهِ السَّهْوُ مِنْهُمَا قِيلَ: يُعْتَبَرُ فِي الْفَصْلَيْنِ بِقَدْرِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْمُنْفَرِدُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّهْوُ بِالْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ خَصَائِصِ الْجَمَاعَةِ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ جَهَرَ بِالتَّعَوُّذِ أَوْ بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ بِالتَّأْمِينِ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
[فَصْلٌ سَهْوُ الْإِمَامِ يُوجِبُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ السُّجُودَ]
(فَصْلٌ) سَهْوُ الْإِمَامِ يُوجِبُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ السُّجُودَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِهِ وَقْتَ السَّهْوِ حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ مَا سَهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ الْإِمَامِ تَبَعًا لَهُ وَلَوْ دَخَلَ مَعَهُ بَعْدَمَا سَجَدَ سَجْدَةَ السَّهْوِ يُتَابِعُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يَقْتَضِي الْأَوَّلُ وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ بَعْدَمَا سَجَدَهُمَا لَا يَقْضِيهِمَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
سَهْوُ الْمُؤْتَمِّ لَا يُوجِبُ السَّجْدَةَ وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ سُجُودَ السَّهْوِ فَلَا سَهْوَ عَلَى الْمَأْمُومِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمَسْبُوقُ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ ثُمَّ يَقُومُ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ وَلَا يُعِيدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ.
وَاللَّاحِقُ إذَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ مَعَ الْإِمَامِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ وَيَنْبَغِي لِلْمَسْبُوقِ أَنْ يَمْكُثَ سَاعَةً بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ لَمْ يُتَابِعْ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَقَامَ إلَى الْقَضَاءِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَيَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ.
وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فَقَامَ الْمَسْبُوقُ ثُمَّ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سَهْوًا فَسَجَدَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفُضَ ذَلِكَ وَيَعُودَ إلَى مُتَابَعَتِهِ ثُمَّ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إلَى الْقَضَاءِ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَلَوْ لَمْ يَعُدْ إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَمَضَى عَلَى قَضَائِهِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ فَرَاغِهِ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ بَعْدَمَا قَيَّدَ هَذَا الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ فَإِنْ عَادَ إلَى مُتَابَعَتِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ سَهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ تَابَعَهُ فِيهِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَإِنَّمَا يَسْجُدُونَ بَعْدَ
(1/128)
الْفَرَاغِ مِنْ الْإِتْمَامِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَاللَّاحِقُ لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ فِيمَا يَقْضِي وَالْمَسْبُوقُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ فِيمَا يَقْضِي وَلَوْ سَهَا إمَامُهُ وَلَمْ يَسْجُدْ الْمَسْبُوقُ مَعَهُ وَسَهَا هُوَ فِيمَا يَقْضِي يَكْفِيهِ سَجْدَتَانِ وَالْمُقِيمُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْبُوقِ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ.
الْإِمَامُ إذَا سَهَا ثُمَّ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ مَسْبُوقًا أَتَمَّهَا إلَّا السَّلَامَ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ رَجُلًا أَدْرَكَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ فَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَيَسْجُدُ مَعَهُ الْمَسْبُوقُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ قَامَ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ بِهِ وَيَسْجُدُ كُلُّ وَاحِدٍ لِسَهْوِهِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَقَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ أَنَّهَا الْخَامِسَةُ عَادَ إلَى الْقَعْدَةِ وَسَلَّمَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَمَا قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ أَنَّهَا الْخَامِسَةُ لَا يَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ وَلَا يُسَلِّمُ بَلْ يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى حَتَّى يَصِيرَ شَفْعًا وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالرَّكْعَتَانِ نَافِلَةٌ وَلَا تَنُوبَانِ عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ عَلَى الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ قَالُوا فِي الْعَصْرِ لَا يَضُمُّ إلَيْهَا سَادِسَةً وَقِيلَ: يَضُمُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ إنَّمَا يُكْرَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ إذَا كَانَ عَنْ اخْتِيَارٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ اخْتِيَارٍ فَلَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْفَجْرِ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَقَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ لَا يَضُمُّ إلَيْهَا رَابِعَةً، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَصَرَّحَ فِي التَّجْنِيسِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى رِوَايَةِ هِشَامٍ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ الضَّمِّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِذَا لَمْ يَقْعُدْ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي الْفَجْرِ بَطَلَ فَرْضُهُ بِتَرْكِ الْقُعُودِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ، وَالتَّنَفُّلُ قَبْلَ الْفَجْرِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مَكْرُوهٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ فِي الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ فِي الرَّابِعَةِ وَقَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ حَيْثُ يَضُمُّ إلَيْهَا سَادِسَةً؛ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ قَبْلَ الْعَصْرِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ حَتَّى قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ عَادَ إلَى الْقَعْدَةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِنْ قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ فَسَدَ ظُهْرُهُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَتَحَوَّلَتْ صَلَاتُهُ نَفْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضُمُّ إلَيْهَا رَكْعَةً سَادِسَةً وَلَوْ لَمْ يَضُمَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي وَقْتِ الْفَسَادِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا وَضَعَ رَأْسَهُ لِلسُّجُودِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ حَتَّى يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ فَفَرْضُ السُّجُودِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَتَأَدَّى بِوَضْعِ الرَّأْسِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْوَضْعِ وَالرَّفْعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَحْدَثَ فِي هَذِهِ السَّجْدَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُمْكِنُهُ إصْلَاحُهَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُمْكِنُ فَيَذْهَبُ وَيَتَوَضَّأُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيَقْعُدُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَإِنْ سَلَّمَ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّهْوُ فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ إنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَإِلَّا لَا عِنْدَهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ فَبَعْدَ السَّلَامِ إنْ اقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ صَحَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُطْلَقًا وَعِنْدَهُمَا صَحَّ إنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَإِنْ قَهْقَهَ انْتَقَضَ الْوُضُوءُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ إجْمَاعًا وَسَقَطَ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ انْقَلَبَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا عِنْدَهُ وَيَسْجُدُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ
(1/129)
وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْقَلِبُ أَرْبَعًا وَسَقَطَ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ؛ إذْ إيجَابُهُ يُوجِبُ إبْطَالَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ.
وَمَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا فَسَهَا فِيهِمَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ أُخْرَيَيْنِ لَمْ يَبْنِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ بَنَى صَحَّ لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ وَيُعِيدُ سُجُودَ السَّهْوِ فِي الْمُخْتَارِ وَكَذَا الْمُسَافِرُ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ مَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ يَلْزَمُهُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَيُعِيدُ سُجُودَ السَّهْوِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
رَجُلٌ صَلَّى الْعِشَاءَ فَسَهَا فِيهَا وَقَرَأَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ فَلَمْ يَسْجُدْهَا وَتَرَكَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ ثُمَّ سَلَّمَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إنْ كَانَ نَاسِيًا لِلْكُلِّ أَوْ عَامِدًا لِلْكُلِّ أَوْ نَاسِيًا لِلتِّلَاوَةِ وَعَامِدًا لِلصُّلْبِيَّةِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ هَذَا سَلَامُ السَّهْوِ وَسَلَامُ السَّهْوِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ سَلَامَ الْعَمْدِ يُخْرِجُهُ عَنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَفِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
السَّهْوُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ لَا يُوجِبُ السَّهْوَ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاهَى، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَلَوْ سَهَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ عَمِلَ بِالتَّحَرِّي وَلَوْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ مِرَارًا يَكْفِيهِ سَجْدَتَانِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَمَّ فِي التَّطَوُّعِ فِي اللَّيْلِ فَخَافَتَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ أَسَاءُوا إنْ كَانَ سَاهِيًا فَعَلَيْهِ السَّهْوُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَفِي الْيَتِيمَةِ إذَا تَرَكَ الْجَهْرَ فِي الْوِتْرِ وَفِي التَّرَاوِيحِ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَقَدْ سَهَا فَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا يَسْجُدُ خَلِيفَتُهُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ سَهَا خَلِيفَتُهُ فِيمَا يُتِمُّ أَيْضًا كَفَاهُ سَجْدَتَانِ لِسَهْوِهِ وَلِسَهْوِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ سَهَا الْأَوَّلُ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ سَهَا وَإِنَّمَا سَهَا الْخَلِيفَةُ لَزِمَ الْأَوَّلَ سُجُودُ السَّهْوِ لِسَهْوِ خَلِيفَتِهِ وَلَوْ سَهَا الْأَوَّلُ بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ لَا يُوجِبُ سَهْوُهُ شَيْئًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْأَصْلِ إذَا سَلَّمَ فِي الرَّابِعَةِ سَاهِيًا بَعْدَ قُعُودِهِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ وَلَمْ يَقْرَأْ التَّشَهُّدَ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ ثُمَّ يُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ يَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[مَسَائِلُ الشَّكِّ وَالِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي مِقْدَارِ الْمُؤَدَّى]
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ الشَّكِّ وَالِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي مِقْدَارِ الْمُؤَدَّى) مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا عَرَضَ لَهُ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ الِاسْتِقْبَالُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِالْخُرُوجِ عَنْ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ بِالسَّلَامِ أَوْ الْكَلَامِ أَوْ عَمَلٍ آخَرَ مِمَّا يُنَافِي الصَّلَاةَ، وَالسَّلَامُ قَاعِدًا أَوْلَى وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ يَلْغُو وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ أَوَّلَ مَا عَرَضَ لَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ السَّهْوَ لَيْسَ بِعَادَةٍ لَهُ لَا أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فِي عُمُرِهِ قَطُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَوَّلُ سَهْوٍ وَقَعَ لَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ كَثُرَ شَكُّهُ تَحَرَّى وَأَخَذَ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ شَيْءٌ بَعْدَ الطَّلَبِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ فَيَجْعَلُهَا وَاحِدَةً فِيمَا لَوْ شَكَّ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَثَانِيَةً لَوْ شَكَّ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ وَثَالِثَةً لَوْ شَكَّ أَنَّهَا رَابِعَةٌ وَعِنْدَ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَقَلِّ يَقْعُدُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَحِلُّ قُعُودٍ فَرْضًا كَانَ الْقُعُودُ أَوْ وَاجِبًا كَيْ لَا يَصِيرَ تَارِكًا فَرْضَ الْقَعْدَةِ أَوْ وَاجِبَهَا.
فَإِنْ وَقَعَ فِي رُبَاعِيٍّ أَنَّهَا الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ يَجْعَلُهَا الْأُولَى ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَيَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَيَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً فَيَأْتِي بِأَرْبَعِ قَعَدَاتٍ قَعْدَتَانِ مَفْرُوضَتَانِ وَهِيَ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَقَعْدَتَانِ وَاجِبَتَانِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِذَا شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ قَبْلَ السَّلَامِ لَكِنْ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ يُحْكَمُ بِالْجَوَازِ وَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّكُّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ شَكَّ فِي صَلَاةٍ أَنَّهُ صَلَّاهَا أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ ثُمَّ شَكَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ فِي الْقِيَامِ أَنَّهَا الثَّالِثَةُ أَوْ الْأُولَى لَا يُتِمُّ رَكْعَةً بَلْ يَقْعُدُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَيَرْفُضُ الْقِيَامَ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً ثُمَّ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ.
(1/130)
وَإِنْ شَكَّ وَهُوَ سَاجِدٌ فَإِنْ شَكَّ فِي أَنَّهَا الرَّكْعَةُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُ يَمْضِي فِيهَا سَوَاءٌ شَكَّ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ الْأُولَى لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةَ يَلْزَمُهُ تَكْمِيلُهَا وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ يَقْعُدُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً.
وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي سُجُودِهِ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إنْ كَانَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى أَمْكَنَهُ إصْلَاحُ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ إتْمَامُ هَذِهِ الرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّهَا ثَانِيَةٌ فَيَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ ثَالِثَةً مِنْ وَجْهٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِأَنَّهُ لَمَّا تَذَكَّرَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى ارْتَفَعَتْ تِلْكَ السَّجْدَةُ وَصَارَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَمَا لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْخَامِسَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ (زه) وَإِنْ كَانَ هَذَا الشَّكُّ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ شَكَّ فِي الْفَجْرِ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ أَمْ ثَالِثَةٌ فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا يَقْعُدُ فِي الْحَالِ ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي رَكْعَةً وَيَقْعُدُ وَإِنْ كَانَ قَاعِدًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَتَحَرَّى وَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ وَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ تَحَرَّى فِي الْقَعَدَاتِ إنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ أَيْضًا وَكَذَا فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ إذَا شَكَّ أَنَّهَا الرَّابِعَةُ أَوْ الْخَامِسَةُ وَلَوْ شَكَّ أَنَّهَا خَامِسَةٌ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْفَجْرِ فَيَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَيَقْعُدُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ.
وَلَوْ شَكَّ فِي الْوِتْرِ وَهُوَ قَائِمٌ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ يُتِمُّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَقْنُتُ فِيهَا وَيَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَيَقْنُتُ فِيهَا أَيْضًا هُوَ الْمُخْتَارُ إلَى هُنَا عِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ.
وَمِمَّا لَا يَنْبَغِي إغْفَالُهُ أَنَّهُ يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الشَّكِّ سَوَاءٌ عَمِلَ بِالتَّحَرِّي أَوْ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَإِذَا شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا وَتَفَكَّرَ فِي ذَلِكَ كَثِيرًا ثُمَّ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَفَكُّرُهُ شَغَلَ عَنْ أَدَاءِ رُكْنٍ بِأَنْ يُصَلِّيَ وَيَتَفَكَّرَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ طَالَ تَفَكُّرُهُ حَتَّى شَغَلَهُ عَنْ رَكْعَةٍ أَوْ سَجْدَةٍ أَوْ يَكُونُ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فَيَطُولُ تَفَكُّرُهُ فِي ذَلِكَ وَتَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ بِالتَّفَكُّرِ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ اسْتِحْسَانًا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ أَحْدَثَ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ تَيَقَّنَ بِذَلِكَ لَا شَكَّ لَهُ فِيهِ ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ أَوْ أَنَّهُ قَدْ مَسَحَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ كَانَ أَدَّى رُكْنًا حَالَ التَّيَقُّنِ بِالْحَدَثِ أَوْ بِعَدَمِ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ وَإِلَّا يَمْضِي فِيهَا، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ أَدَّى رُكْنًا وَشَكَّ أَنَّهُ كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ أَوَّلًا أَوْ هَلْ أَحْدَثَ أَوَّلًا أَوْ هَلْ أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ ثَوْبَهُ أَوَّلًا أَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ أَمْ لَا اسْتَقْبَلَ إنْ كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَّا مَضَى وَلَا يَلْزَمُ الْوُضُوءُ وَلَا غَسْلُ ثَوْبِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ لَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ مُقِيمٌ يُصَلِّي أَرْبَعًا وَيَقْعُدُ عَلَى الثَّانِيَةِ احْتِيَاطًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ صَلَّى بِقَوْمٍ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَسَجَدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ شَكَّ فِي الرَّابِعَةِ وَالثَّالِثَةِ فَلَحَظَ إلَى مَنْ خَلْفَهُ لِيَعْلَمَ بِهِمْ إنْ قَامُوا قَامَ هُوَ مَعَهُمْ وَإِنْ قَعَدُوا قَعَدَ يَعْتَمِدُ بِذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا شَكَّ الْإِمَامُ فَأَخْبَرَهُ عَدْلَانِ يَأْخُذُ بِقَوْلِهِمَا رَجُلٌ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ صَلَّى بِقَوْمٍ فَلَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ عَدْلٌ إنَّكَ صَلَّيْتَ الظُّهْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ قَالُوا إنْ كَانَ عِنْدَ الْمُصَلِّي أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ الْمُخْبِرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا أَنَا فَأُعِيدُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ عَدْلٍ بِكُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ شَكَّ الْمُصَلِّي فِي الْمُخْبِرِ أَنَّهُ صَادِقٌ أَوْ كَاذِبٌ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا وَإِنْ شَكَّ فِي قَوْلِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ أَعَادَ صَلَاتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ عَدْلًا لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ. إمَامٌ صَلَّى بِقَوْمٍ وَذَهَبَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
(1/131)
هِيَ الظُّهْرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الْعَصْرُ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فَهِيَ الظُّهْرُ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ فَهِيَ الْعَصْرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لِمَنْ يَدَّعِي مَا يُوَافِقُهُ الْوَقْتُ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا جَازَ لِلْفَرِيقَيْنِ فِي الْقِيَاسِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ]
(الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ) سُجُودُ التِّلَاوَةِ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
فِي آخِرِ الْأَعْرَافِ عِنْدَ قَوْلِهِ (1) {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206] . وَالرَّعْدِ عِنْدَ قَوْلِهِ: (2) {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الرعد: 15] (3) وَالنَّحْلِ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [النحل: 49] (4) وَبَنِي إسْرَائِيلَ عِنْدَ قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: 107] {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا} [الإسراء: 108] (5) وَمَرْيَمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] (6) وَالْأُولَى فِي الْحَجِّ عِنْدَ قَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] (7) وَالْفُرْقَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: 60] .
(8) وَالنَّمْلِ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [النمل: 25] (9) وَ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] عِنْدَ قَوْلِهِ: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] (10) وَ (ص) عِنْدَ قَوْلِهِ: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] (11) وَحُمَّ السَّجْدَةُ عِنْدَ قَوْلِهِ: {لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] (12) وَالنَّجْمِ عِنْدَ قَوْلِهِ {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62] (13) وَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] عِنْدَ قَوْلِهِ: {فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق: 20] {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] (14) وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ.
وَالسَّجْدَةُ وَاجِبَةٌ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ عَلَى التَّالِي وَالسَّامِعِ سَوَاءٌ قَصَدَ سَمَاعَ الْقُرْآنِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
رَجُلٌ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ لَا يَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ بِتَحْرِيكِ الشَّفَتَيْنِ وَإِنَّمَا تَجِبُ إذَا صَحَّحَ الْحُرُوفَ وَحَصَلَ بِهِ صَوْتٌ سَمِعَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ إذَا قَرَّبَ أُذُنَهُ إلَى فَمِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ إلَّا الْحَرْفَ الَّذِي فِي آخِرِهَا لَا يَسْجُدُ وَلَوْ قَرَأَ الْحَرْفَ الَّذِي يَسْجُدُ فِيهِ وَحْدَهُ لَا يَسْجُدُ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ أَكْثَرَ آيَةِ السَّجْدَةِ بِحَرْفِ السَّجْدَةِ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ لَوْ قَرَأَ وَاسْجُدْ وَسَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ وَاقْتَرِبْ يَلْزَمُهُ السُّجُودُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
رَجُلٌ سَمِعَ آيَةَ السَّجْدَةِ مِنْ قَوْمٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَرْفًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهَا مِنْ تَالٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ السَّجْدَةِ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ إمَّا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً كَانَ أَهْلًا لِوُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَمَنْ لَا فَلَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ التَّالِي كَافِرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ عَقِيبَ الطُّهْرِ دُونَ الْعَشَرَةِ وَالْأَرْبَعِينَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ وَكَذَا السَّامِعُ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَوْ سَمِعَ مِنْهُمْ مُسْلِمٌ عَاقِلٌ بَالِغٌ تَجِبُ عَلَيْهِ لِسَمَاعِهِ وَلَوْ قَرَأَ الْمُحْدِثُ أَوْ الْجُنُبُ أَوْ سَمِعَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا وَكَذَا الْمَرِيضُ.
وَلَا تَجِبُ إذَا سَمِعَهَا مِنْ طَيْرٍ هُوَ الْمُخْتَارُ وَمِنْ النَّائِمِ الصَّحِيحُ أَنَّهَا تَجِبُ وَإِنْ سَمِعَهَا مِنْ الصَّدَى لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
النَّائِمُ إذَا أُخْبِرَ أَنَّهُ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي حَالِ النَّوْمِ تَجِبُ عَلَيْهِ وَفِي النِّصَابِ هُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ قَرَأَهَا سَكْرَانُ تَجِبُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَمِعَهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْمَرْأَةُ إذَا قَرَأَتْ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي صَلَاتِهَا وَلَمْ تَسْجُدْ لَهَا حَتَّى حَاضَتْ سَقَطَتْ عَنْهَا السَّجْدَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مُصَلِّي التَّطَوُّعِ إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ تِلْكَ السَّجْدَةِ
(1/132)
وَكَذَا الْمُسْلِمُ إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ تِلْكَ السَّجْدَةُ.
وَلَا تَجِبُ السَّجْدَةُ بِكِتَابَةِ الْقُرْآنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَمِعَهَا السَّجْدَةُ فَهَمَّ السَّامِعُ أَوَّلًا إذَا أَخْبَرَ السَّامِعُ أَنَّهُ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ السَّامِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ يَلْزَمُهُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَقِيلَ: تَجِبُ بِالْإِجْمَاعِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ قَرَأَ بِالْعَرَبِيَّةِ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا لَكِنْ يُعْذَرُ بِالتَّأْخِيرِ مَا لَمْ يَعْلَمْ.
وَإِنْ تَلَاهَا وَهُوَ أَصَمُّ فَلَمْ يَسْمَعْ وَجَبَ عَلَيْهِ السَّجْدَةُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ بِالْهِجَاءِ لَمْ تَجِبْ السَّجْدَةُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَإِذَا تَلَا الْإِمَامُ آيَةَ السَّجْدَةِ سَجَدَهَا وَسَجَدَ الْمَأْمُومُ مَعَهُ سَوَاءٌ سَمِعَهَا مِنْهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ أَوْ الْمُخَافَتَةِ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْرَأَهَا فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ وَلَوْ سَمِعَهَا مِنْ الْإِمَامِ أَجْنَبِيٌّ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ لَزِمَهُ السُّجُودُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
سَمِعَ مِنْ إمَامٍ فَدَخَلَ مَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ سَجَدَ مَعَهُ وَإِنْ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ بَعْدَمَا سَجَدَهَا الْإِمَامُ لَا يَسْجُدُهَا وَهَذَا إذَا أَدْرَكَهُ فِي آخِرِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ أَمَّا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى يَسْجُدُهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَإِنْ تَلَا الْمَأْمُومُ لَمْ يَلْزَمْ الْإِمَامَ وَلَا الْمُؤْتَمَّ السُّجُودُ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ سَمِعَ الْمُصَلِّي مِنْ أَجْنَبِيٍّ يَسْجُدُ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَلَوْ سَجَدَ فِي الصَّلَاةِ لَا يُجْزِيهِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
هَذَا إذَا لَمْ يَقْرَأْ الْمُصَلِّي السَّامِعُ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ فَإِنْ قَرَأَهَا أَوَّلًا ثُمَّ سَمِعَهَا فَسَجَدَهَا لَمْ يُعِدْهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ سَمِعَهَا أَوَّلًا ثُمَّ تَلَاهَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَجَزَمَ فِي السِّرَاجِ بِأَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا، كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَإِنْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَتْ فِي وَسَطِ السُّورَةِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَسْجُدَ ثُمَّ يَقُومَ وَيَخْتِمَ السُّورَةَ وَيَرْكَعَ وَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ وَرَكَعَ وَنَوَى السَّجْدَةَ يُجْزِيهِ قِيَاسًا وَبِهِ نَأْخُذُ وَلَوْ لَمْ يَرْكَعْ وَلَمْ يَسْجُدْ وَأَتَمَّ السُّورَةَ ثُمَّ رَكَعَ وَنَوَى السَّجْدَةَ لَا يُجْزِيهِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالرُّكُوعِ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا بِالسُّجُودِ مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ بَعْدَ آيَةِ السَّجْدَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ يَنْقَطِعُ الْفَوْرُ وَلَا يَنُوبُ الرُّكُوعُ عَنْ السَّجْدَةِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا يَنْقَطِعُ مَا لَمْ يَقْرَأْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ كَانَتْ بِخَتْمِ السُّورَةِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَرْكَعَ بِهَا وَلَوْ سَجَدَ وَلَمْ يَرْكَعْ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا مِنْ السُّورَةِ الْأُخْرَى بَعْدَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَلَوْ رَفَعَ وَلَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا وَرَكَعَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ وَلَمْ يَسْجُدْ وَتَجَاوَزَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَعَ بِهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ كَانَتْ السَّجْدَةُ فِي آخِرِ السُّورَةِ وَبَعْدَهَا آيَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَكَعَ بِهَا وَإِنْ شَاءَ سَجَدَ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ بِهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَخْتِمَ السُّورَةَ وَيَرْكَعَ وَلَوْ سَجَدَ بِهَا ثُمَّ قَامَ يَخْتِمُ السُّورَةَ وَيَرْكَعُ فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى فَهُوَ أَفْضَلُ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَإِذَا سَجَدَ وَرَكَعَ لَهَا عَلَى حِدَةٍ عَلَى الْفَوْرِ يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُعْقِبَهُ بِالرُّكُوعِ بَلْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ ثُمَّ يَرْكَعُ، كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ.
وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ فَأَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ بِهَا يُحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ عِنْدَ الرُّكُوعِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ النِّيَّةُ عِنْدَ الرُّكُوعِ لَا يُجْزِيهِ عَنْ السَّجْدَةِ.
وَلَوْ نَوَى فِي رُكُوعِهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُجْزِيهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُجْزِيهِ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ، وَفِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ نَوَى بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ لَا يُجْزِيهِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ نَوَاهَا فِي الرُّكُوعِ عَقِيبَ التِّلَاوَةِ وَلَمْ يَنْوِهَا الْمُقْتَدِي
(1/133)
لَا يَنُوبُ عَنْهُ وَيَسْجُدُ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ وَيُعِيدُ الْقَعْدَةَ وَلَوْ تَرَكَهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ
أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ تَتَأَدَّى بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لِلتِّلَاوَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الْمُصَلِّي إذَا نَسِيَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ فِي مَوْضِعِهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ فِي الْقُعُودِ فَإِنَّهُ يَخِرُّ لَهَا سَاجِدًا ثُمَّ يَعُودُ إلَى مَا كَانَ فِيهِ وَيُعِيدُهُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يُعِدْ جَازَتْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي فَصْلِ السَّهْوِ.
إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ السَّجْدَةِ وَبَعْضُ الْقَوْمِ فِي الرَّحْبَةِ فَكَبَّرَ الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ وَحَسِبَ مَنْ كَانَ فِي الرَّحْبَةِ أَنَّهُ كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَرَكَعُوا ثُمَّ قَامَ الْإِمَامُ مِنْ السَّجْدَةِ فَكَبَّرَ فَظَنَّ الْقَوْمُ أَنَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَكَبَّرُوا وَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ إنْ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمْ.
الْمُصَلِّي إذَا سَمِعَ آيَةَ السَّجْدَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَسَجَدَ مَعَ التَّالِي إنْ قَصَدَ بِهِ اتِّبَاعَ التَّالِي تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَنْ يَسْجُدَ السَّامِعُ مَعَ التَّالِي وَلَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ أَنْ يَتَقَدَّمَ التَّالِي وَيُصَفُّ الْقَوْمُ خَلْفَهُ فَيَسْجُدُونَ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْلُحُ إمَامًا لِلرَّجُلِ فِيهَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَمِنْ حُكْمِ هَذِهِ السَّجْدَةِ التَّدَاخُلُ حَتَّى يَكْتَفِيَ فِي حَقِّ التَّالِي بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ اجْتَمَعَ فِي حَقِّهِ التِّلَاوَةُ وَالسَّمَاعُ وَشَرْطُ التَّدَاخُلِ اتِّحَادُ الْآيَةِ وَاتِّحَادُ الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ وَاتَّحَدَتْ الْآيَةُ أَوْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ وَاخْتَلَفَتْ الْآيَةُ لَا تَتَدَاخَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ تَبَدَّلَ مَجْلِسُ السَّامِعِ دُونَ التَّالِي يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ وَلَوْ تَبَدَّلَ مَجْلِسُ التَّالِي دُونَ السَّامِعِ يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ لَا عَلَى السَّامِعِ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
وَالْمَجْلِسُ وَاحِدٌ وَإِنْ طَالَ أَوْ أَكَلَ لُقْمَةً أَوْ شَرِبَ شَرْبَةً أَوْ قَامَ أَوْ مَشَى خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ أَوْ انْتَقَلَ مِنْ زَاوِيَةِ الْبَيْتِ أَوْ الْمَسْجِدِ إلَى زَاوِيَةٍ إلَّا إذَا كَانَتْ الدَّارُ كَبِيرَةً كَدَارِ السُّلْطَانِ وَإِنْ انْتَقَلَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مِنْ زَاوِيَةٍ إلَى زَاوِيَةٍ لَا يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ وَإِنْ انْتَقَلَ فِيهِ مِنْ دَارٍ إلَى دَارٍ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ يُجْعَلُ كَمَكَانٍ وَاحِدٍ وَسَيْرُ السَّفِينَةِ لَا يَقْطَعُ الْمَجْلِسَ بِخِلَافِ سَيْرِ الدَّابَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ رَاكِبُهَا فِي الصَّلَاةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالتَّسْبِيحِ أَوْ التَّهْلِيلِ أَوْ الْقِرَاءَةِ لَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ الْمَجْلِسِ وَلَوْ قَرَأَهَا ثُمَّ رَكِبَ عَلَى الدَّابَّةِ ثُمَّ نَزَلَ قَبْلَ السَّيْرِ لَمْ يَنْقَطِعْ أَيْضًا وَلَوْ قَرَأَهَا فَسَجَدَ ثُمَّ قَرَأَ الْقُرْآنَ بَعْدَ ذَلِكَ طَوِيلًا ثُمَّ أَعَادَ تِلْكَ السَّجْدَةِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ أُخْرَى وَلَوْ قَرَأَهَا فِي مَكَان ثُمَّ قَامَ فَرَكِبَ الدَّابَّةَ ثُمَّ قَرَأَهَا مَرَّةً أُخْرَى قَبْلَ أَنْ تَسِيرَ فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ يَسْجُدُهَا عَلَى الْأَرْضِ وَلَوْ سَارَتْ ثُمَّ تَلَاهَا يَلْزَمُهُ سَجْدَتَانِ وَكَذَا إذَا قَرَأَهَا رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ قَبْلَ أَنْ تَسِيرَ فَقَرَأَهَا فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ يَسْجُدُهَا عَلَى الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَاعْتُبِرَ تَبَدُّلُ الْمَجْلِسِ دُونَ الْإِعْرَاضِ حَتَّى لَوْ قَالَ: لَا أَقْرَأُ ثَانِيًا ثُمَّ قَرَأَ فِي مَجْلِسِهِ كَفَتْهُ سَجْدَةٌ وَيَتَكَرَّرُ فِي تَسْدِيَةِ الثَّوْبِ وَالدِّيَاسَةِ وَكَرْبِ الْأَرْضِ، هَكَذَا فِي الْكَافِي، وَفِي الِانْتِقَالِ مِنْ غُصْنٍ إلَى غُصْنٍ فِي أَصَحِّ الْأَقْوَالِ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ قَرَأَهَا وَهُوَ مَاشٍ يَلْزَمُهُ بِكُلِّ قِرَاءَةٍ سَجْدَةٌ وَكَذَا إنْ كَانَ يُسَبِّحُ فِي الْمَاءِ فِي بَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ عَظِيمٍ أَمَّا إذَا كَانَ يُسَبِّحُ فِي حَوْضٍ أَوْ غَدِيرٍ لَهُ حَدٌّ مَعْلُومٌ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ وَكَذَا لَوْ قَرَأَهَا حَوْلَ الرَّحَى فِي الطَّاحُونَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ عَمِلَ عَمَلًا كَثِيرًا بِأَنْ أَكَلَ كَثِيرًا أَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ بَاعَ أَوْ نَحْوَهُ تَجِبُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ تَبَدَّلَ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ اسْمًا فَصَارَ مُضَافًا إلَيْهَا عُرْفًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالسَّجْدَةُ الَّتِي وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ لَا تُؤَدَّى خَارِجَ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي، وَيَكُونُ آثِمًا بِتَرْكِهَا، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ هَذَا إذَا لَمْ يُفْسِدْهَا قَبْلَ السُّجُودِ فَإِنْ أَفْسَدَهَا قَضَاهَا خَارِجَهَا وَلَوْ بَعْدَمَا سَجَدَهَا لَا يُعِيدُهَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ لَا يَلْزَمُهُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَعِنْدِي أَنَّهَا تَجِبُ
(1/134)
وَلَكِنْ تَتَأَدَّى فِيهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَرَأَهَا فَسَجَدَ ثُمَّ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مَكَانَهُ ثُمَّ قَرَأَهَا ثَانِيًا فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى وَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْجُدْ لِلْأُولَى عَلَيْهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ حَتَّى لَوْ لَمْ يُؤَدِّهَا تَسْقُطُ وَلَوْ تَلَاهَا فِي رَكْعَةٍ فَسَجَدَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ لَا تَجِبُ ثَانِيًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْمُصَلِّي إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الْأُولَى ثُمَّ أَعَادَهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَسَجَدَ لِلْأُولَى لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ وَسَجَدَ ثُمَّ قَرَأَهَا بَعْدَ السَّلَامِ فِي مَكَانِهِ مَرَّةً أُخْرَى يَسْجُدُ سَجْدَةً أُخْرَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قِيلَ: هَذَا إذَا سَلَّمَ وَتَكَلَّمَ ثُمَّ قَرَأَ وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى سَلَّمَ فَقَرَأَهَا مَرَّةً أُخْرَى سَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْأُولَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي رَكْعَةٍ ثُمَّ أَحْدَثَ فَانْصَرَفَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ عَادَ وَسَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ سَجْدَتَانِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ سَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَسَجَدَ لَهَا ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ وَبَنَى ثُمَّ سَمِعَهَا مِنْهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى وَيَسْجُدُ إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ وَبَنَى ثُمَّ تَلَا تِلْكَ الْآيَةَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ تَلَاهَا فِي وَقْتٍ مُبَاحٍ فَسَجَدَهَا فِي أَوْقَاتٍ مَكْرُوهَةٍ لَمْ تَجُزْ وَلَوْ تَلَاهَا فِي أَوْقَاتٍ مَكْرُوهَةٍ فَسَجَدَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ جَازَ وَلَوْ قَرَأَهَا نَازِلًا ثُمَّ أَصَابَهُ خَوْفٌ فَرَكِبَ فَسَجَدَ أَجْزَأَهُ فِي حَالَةِ الْخَوْفِ وَلَا يُجْزِيهِ فِي حَالَةِ الْأَمْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَشَرَائِطُ هَذِهِ السَّجْدَةِ شَرَائِطُ الصَّلَاةِ إلَّا التَّحْرِيمَةَ وَرُكْنُهَا وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ الْإِيمَاءِ لِلْمَرَضِ أَوْ الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ وَمَا وَجَبَ مِنْ السَّجْدَةِ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ وَمَا وَجَبَ عَلَى الدَّابَّةِ يَجُوزُ عَلَى الْأَرْضِ
وَيُفْسِدُهَا مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ مِنْ الْحَدَثِ الْعَمْدِ وَالْكَلَامِ وَالْقَهْقَهَةِ وَعَلَيْهِ إعَادَتُهَا كَمَا لَوْ وُجِدَتْ فِي سَجْدَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فِي الْقَهْقَهَةِ وَكَذَا مُحَاذَاةُ الْمَرْأَةِ لَا تُفْسِدُهَا وَلَوْ نَامَ فِيهَا لَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَسُنَّتُهَا التَّكْبِيرُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ هُوَ الظَّاهِرُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِذَا أَرَادَ السُّجُودَ كَبَّرَ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ رَأْسَهُ وَلَا تَشَهُّدَ عَلَيْهِ وَلَا سَلَامَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الثَّلَاثِ كَمَا فِي الْمَكْتُوبَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا شَيْئًا يُجْزِيهِ كَمَا فِي الْمَكْتُوبَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ يَقُومُ ثُمَّ يَقْعُدُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ إذَا أَرَادَ السُّجُودَ يَنْوِيهَا بِقَلْبِهِ وَيَقُولُ بِلِسَانِهِ: أَسْجُدُ لِلَّهِ تَعَالَى سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ وَأَدَاؤُهَا لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ حَتَّى لَوْ أَدَّاهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ، يَكُونُ مُؤَدِّيًا لَا قَاضِيًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذَا فِي غَيْرِ الصَّلَاتِيَّةِ أَمَّا الصَّلَاتِيَّةُ إذَا أَخَّرَهَا حَتَّى طَالَتْ الْقِرَاءَةُ تَصِيرُ قَضَاءً وَيَأْثَمُ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
الْقَارِئُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ قَوْمٌ إنْ كَانُوا مُتَأَهِّبِينَ لِلسُّجُودِ وَيَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَدَاءُ السَّجْدَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ جَهْرًا وَإِنْ كَانُوا مُحْدِثِينَ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ وَلَا يَسْجُدُونَ أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَدَاءُ السَّجْدَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ السُّورَةَ وَيَدَعَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَإِنْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَحْدَهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَا يُكْرَهُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ مَعَهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ مَعَهَا شَيْئًا لَمْ يَضُرَّهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
[مَسَائِلُ سَجْدَةِ الشُّكْرِ]
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ سَجْدَةِ الشُّكْرِ) وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا عِبْرَةَ لَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا وَتَرْكُهَا أَوْلَى.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ
(1/135)
وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ قُرْبَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا وَصُورَتُهَا عِنْدَهُمَا أَنَّ مَنْ تَجَدَّدَتْ عِنْدَهُ نِعْمَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَدًا أَوْ مَالًا أَوْ وَجَدَ ضَالَّةً أَوْ انْدَفَعَتْ عَنْهُ نِقْمَةٌ أَوْ شُفِيَ مَرِيضٌ لَهُ أَوْ قَدِمَ لَهُ غَائِبٌ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَحْمَدُ اللَّهَ فِيهَا وَيُسَبِّحُهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ كَمَا فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
قَالَ فِي الْحُجَّةِ: وَلَا يُمْنَعُ الْعِبَادُ مِنْ سَجْدَةِ الشُّكْرِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخُضُوعِ وَالتَّعَبُّدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْجُدَ شُكْرًا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكْرَهُ فِيهِ النَّفَلُ وَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَأَمَّا إذَا سَجَدَ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَلَا مَكْرُوهٍ وَمَا يَفْعَلُ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْجُهَّالُ يَعْتَقِدُونَهَا سُنَّةً أَوْ وَاجِبَةً وَكُلُّ مُبَاحٍ يُؤَدِّي إلَيْهِ فَمَكْرُوهٌ، هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
[الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ]
(الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ) إذَا عَجَزَ الْمَرِيضُ عَنْ الْقِيَامِ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ فِي تَفْسِيرِ الْعَجْزِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْقِيَامِ ضَرَرٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا خَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ إبْطَاءَ الْبُرْءِ بِالْقِيَامِ أَوْ دَوَرَانِ الرَّأْسِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ أَوْ يَجِدُ وَجَعًا لِذَلِكَ فَإِنْ لَحِقَهُ نَوْعُ مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ تَرْكُ ذَلِكَ الْقِيَامِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ دُونَ تَمَامِهِ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَقُومَ قَدْرَ مَا يَقْدِرُ حَتَّى إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ لِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ دُونَ تَمَامِهَا يُؤْمَرُ بِأَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا وَيَقْرَأَ قَدْرَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدَ إذَا عَجَزَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ وَلَوْ تَرَكَ هَذَا خِفْتُ أَنْ لَا تَجُوزَ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مُتَّكِئًا الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا مُتَّكِئًا وَلَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ لَوْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى عَصًا أَوْ عَلَى خَادِمٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيَتَّكِئُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الْمَرِيضُ إذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ وَإِذَا خَرَجَ لَا يَسْتَطِيعُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ قَائِمًا وَبِهِ يُفْتَى، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
ثُمَّ إذَا صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا كَيْفَ يَقْعُدُ الْأَصَحُّ أَنْ يَقْعُدَ كَيْفَ يَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ مُسْتَوِيًا وَقَدَرَ مُتَّكِئًا أَوْ مُسْتَنِدًا إلَى حَائِطٍ أَوْ إنْسَانٍ يَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَّكِئًا أَوْ مُسْتَنِدًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُضْطَجِعًا عَلَى الْمُخْتَارِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ يُصَلِّي قَاعِدًا بِإِيمَاءٍ وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ حَتَّى لَوْ سَوَّى لَمْ يَصِحَّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَكَذَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا بِإِيمَاءٍ وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا بِإِيمَاءٍ جَازَ عِنْدَنَا، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْمُومِئُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بِالْإِيمَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُكْرَهُ لِلْمُومِئِ أَنْ يَرْفَعَ إلَيْهِ عُودًا أَوْ وِسَادَةً لِيَسْجُدَ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ يَنْظُرُ إنْ كَانَ يُخْفِضُ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ ثُمَّ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ جَازَتْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيَكُونُ مُسِيئًا هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَإِنْ كَانَ لَا يُخْفِضُ رَأْسَهُ لَكِنْ يُوضَعُ الْعُودُ عَلَى جَبْهَتِهِ لَمْ يَجُزْ هُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ كَانَتْ الْوِسَادَةُ مَوْضُوعَةً عَلَى الْأَرْضِ وَكَانَ يَسْجُدُ عَلَيْهَا جَازَتْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ كَانَ بِجَبْهَتِهِ جُرْحٌ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِئْهُ الْإِيمَاءُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى أَنْفِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَى أَنْفِهِ وَأَوْمَأَ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ تَعَذَّرَ الْقُعُودُ أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ وَجَعَلَ رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ تَحْتَ
(1/136)
رَأْسِهِ وِسَادَةٌ حَتَّى يَكُونَ شَبِيهَ الْقَاعِدِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِنْ اضْطَجَعَ عَلَى جَنْبِهِ وَوَجْهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَأَوْمَأَ جَازَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، كَذَا فِي الْكَافِي وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ فَعَلَى الْأَيْسَرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ شَرَعَ صَحِيحٌ فِي الصَّلَاةِ قَائِمًا فَحَدَثَ بِهِ مَرَضٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِيَامِ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُومِئًا قَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُضْطَجِعًا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ثُمَّ صَحَّ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ قَائِمًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -.
وَإِنْ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ بِالْإِيمَاءِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ اسْتَأْنَفَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ هَذَا إذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَمَا رَكَعَ وَسَجَدَ مَا إذَا قَدَرَ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ قَبْلَ الْأَدَاءِ صَحَّ لَهُ الْبِنَاءُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَإِذَا عَجَزَ الْمَرِيضُ عَنْ الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الصَّلَاةِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْإِيمَاءُ بِالْعَيْنَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ ثُمَّ إذَا خَفَّ مَرَضُهُ هَلْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ زَادَ عَجْزُهُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ كَمَا فِي الْإِغْمَاءِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ جَالِسًا فَلَمَّا قَعَدَ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ مِنْهَا قَرَأَ وَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَتَشَهَّدَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقِيَامِ وَيَمْضِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْحَاوِي وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَلَوْ كَانَ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ نَوَى الْقِيَامَ وَلَمْ يَقْرَأْ ثُمَّ عَلِمَ يَعُودُ وَيَتَشَهَّدُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
مَرِيضٌ صَلَّى جَالِسًا فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ ظَنَّ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ بِالْإِيمَاءِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَانَ فِي الثَّالِثَةِ وَظَنَّ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ فَأَخَذَ فِي الْقِرَاءَةِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ لَا يَعُودُ إلَى التَّشَهُّدِ بَلْ يَمْضِي فِي قِرَاءَتِهِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي التَّجْرِيدِ وَيَفْعَلُ الْمَرِيضُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّشَهُّدِ مَا يَفْعَلُهُ الصَّحِيحُ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ تَرَكَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
مُفَارَقَةُ الْمَرِيضِ لِلصَّحِيحِ فِيمَا هُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ فَأَمَّا فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ الْقِبْلَةَ وَلَكِنْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُحَوِّلُهُ إلَى الْقِبْلَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُصَلِّي كَذَلِكَ وَلَا يُعِيدُ فَإِنْ وَجَدَ أَحَدًا يُحَوِّلُهُ إلَى الْقِبْلَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُ حَتَّى يُحَوِّلَهُ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ وَصَلَّى عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى فِرَاشٍ نَجِسٍ إنْ كَانَ لَا يَجِدُ فِرَاشًا طَاهِرًا أَوْ يَجِدُهُ لَكِنْ لَا يَجِدُ أَحَدًا يُحَوِّلُهُ إلَى فِرَاشٍ طَاهِرٍ يُصَلِّي عَلَى الْفِرَاشِ النَّجِسِ وَإِنْ كَانَ يَجِدُ أَحَدًا يُحَوِّلُهُ إلَى فِرَاشٍ طَاهِرٍ يَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُ حَتَّى يُحَوِّلَهُ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ وَصَلَّى عَلَى الْفِرَاشِ النَّجِسِ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مَرِيضٌ تَحْتَهُ ثِيَابٌ نَجِسَةٌ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُبْسَطُ شَيْءٌ إلَّا وَيَتَنَجَّسُ مِنْ سَاعَتِهِ يُصَلِّي عَلَى حَالِهِ وَكَذَا إذَا لَمْ يَتَنَجَّسْ الثَّانِي لَكِنْ يَلْحَقُهُ زِيَادَةُ مَشَقَّةٍ بِالتَّحْوِيلِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ قَضَى وَلَوْ أَكْثَرَ لَا يَقْضِي وَالْجُنُونُ كَالْإِغْمَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ثُمَّ الْكَثْرَةُ تُعْتَبَرُ مِنْ حَيْثُ الْأَوْقَاتُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ هَذَا إذَا دَامَ الْإِغْمَاءُ وَلَمْ يُفِقْ فِي الْمُدَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ يُفِيقُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ مِثْلُ أَنْ يَخِفَّ عَنْهُ الْمَرَضُ عِنْدَ الصُّبْحِ مَثَلًا فَيُفِيقَ قَلِيلًا ثُمَّ يُعَاوِدَهُ فَيُغْمَى عَلَيْهِ تُعْتَبَرُ هَذِهِ الْإِفَاقَةُ فَيَبْطُلُ مَا قَبْلَهَا مِنْ حُكْمِ الْإِغْمَاءِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ لَكِنَّهُ يُفِيقُ بَغْتَةً فَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الْأَصِحَّاءِ ثُمَّ يُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا عِبْرَةَ بِهَذِهِ الْإِفَاقَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بِفَزَعٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ آدَمِيٍّ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ بِالْإِجْمَاعِ
وَلَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ حَتَّى ذَهَبَ عَقْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَسْقُطُ
(1/137)
وَلَوْ شَرِبَ الْبَنْجَ أَوْ الدَّوَاءَ حَتَّى ذَهَبَ عَقْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَسْقُطُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ نَامَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ يَقْضِي رَجُلٌ إنْ صَامَ فِي رَمَضَانَ صَلَّى قَاعِدًا وَإِنْ أَفْطَرَ يُصَلِّي قَائِمًا يَصُومُ وَيُصَلِّي قَاعِدًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ صَلَّى الْمَرِيضُ قَبْلَ الْوَقْتِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً مَخَافَةَ أَنْ يَشْغَلَهُ الْمَرَضُ عَنْ الصَّلَاةِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ لَمْ يُجْزِئْهُ أَيْضًا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِرَاءَةِ يُومِئُ إيمَاءً بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ مَرِيضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوُضُوءِ فَعَلَى الْمَوْلَى أَنْ يُوَضِّئَهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ مَرِيضَةٌ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَضِّئَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
كُلُّ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ رُكْنٍ إلَّا بِحَدَثٍ يَسْقُطُ عَنْهُ ذَلِكَ الرُّكْنُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ حَتَّى لَوْ كَانَ بِهِ جِرَاحَةٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْجُدَ إلَّا وَتَسِيلُ جِرَاحَتُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ يُصَلِّي قَاعِدًا وَيُومِئُ إيمَاءً وَلَوْ صَلَّى بِالرُّكُوعِ وَقَعَدَ وَأَوْمَأَ بِالسُّجُودِ أَجْزَأَهُ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَا إنْ صَلَّى قَائِمًا سَلُسَ بَوْلُهُ أَوْ سَالَ جُرْحُهُ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا لَمْ يُصِبْهُ شَيْءٌ يُصَلِّي قَاعِدًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَمَنْ خَافَ الْعَدُوَّ إنْ صَلَّى قَائِمًا أَوْ كَانَ فِي خِبَاءٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ فِيهِ وَإِنْ خَرَجَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ الطِّينِ وَالْمَطَرِ يُصَلِّي قَاعِدًا.
الْمَرِيضُ إذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فَقَضَاهَا فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ فَعَلَ كَمَا يَفْعَلُ الْأَصِحَّاءُ وَلَوْ قَضَاهَا كَمَا فَاتَتْ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ قَضَى فِي الْمَرَضِ فَوَائِتَ الصِّحَّةِ قَضَاهَا كَمَا قَدَرَ قَاعِدًا أَوْ مُومِئًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
مُصَلٍّ أَقْعَدَ عِنْدَ نَفْسِهِ إنْسَانًا فَيُخْبِرُهُ إذَا سَهَا عَنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ يُجْزِيهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا بِهَذَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ إلَى أَنْ يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُؤَخِّرْ يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
[الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]
(الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ) أَقَلُّ مَسَافَةٍ تَتَغَيَّرُ فِيهَا الْأَحْكَامُ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ الْأَحْكَامُ الَّتِي تَتَغَيَّرُ بِالسَّفَرِ هِيَ قَصْرُ الصَّلَاةِ وَابَاحَةُ الْفِطْرِ وَامْتِدَادُهُ مُدَّةَ الْمَسْحِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَسُقُوطُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَحُرْمَةُ الْخُرُوجِ عَلَى الْحُرَّةِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ
وَالْمُعْتَبَرُ السَّيْرُ الْوَسَطُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَهُوَ سَيْرُ الْإِبِلِ وَمَشْيُ الْأَقْدَامِ فِي أَقْصَرِ أَيَّامِ السَّنَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ سَيْرُ كُلِّ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ اخْتَلَفُوا فِيهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حَتَّى لَوْ بَكَّرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَمَشَى إلَى الزَّوَالِ وَبَلَغَ الْمَرْحَلَةَ وَنَزَلَ وَبَاتَ فِيهَا ثُمَّ بَكَّرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، كَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَذَلِكَ يَصِيرُ مُسَافِرًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْفَرَاسِخِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا يُعْتَبَرُ السَّيْرُ فِي الْبَرِّ بِالسَّيْرِ فِي الْبَحْرِ وَلَا السَّيْرُ فِي الْبَحْرِ بِالسَّيْرِ فِي الْبَرِّ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْهُمَا مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَتُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ أَخَذَ فِيهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ فَإِذَا قَصَدَ بَلْدَةً وَإِلَى مَقْصِدِهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا وَالْآخَرُ دُونَهَا فَسَلَكَ الطَّرِيقَ الْأَبْعَدَ كَانَ مُسَافِرًا عِنْدَنَا، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ سَلَكَ الْأَقْصَرَ يُتِمُّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَهُ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا فِي الْمَاءِ وَهُوَ يُقْطَعُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالثَّانِي فِي الْبَرِّ وَهُوَ يُقْطَعُ فِي يَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا ذَهَبَ فِي طَرِيقِ الْمَاءِ يَقْصُرُ وَفِي الْبَرِّ لَا يَقْصُرُ وَلَوْ كَانَ إذَا سَارَ فِي الْبَرِّ وَصَلَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِذَا سَارَ فِي الْبَحْرِ وَصَلَ فِي يَوْمَيْنِ قَصَرَ فِي الْبَرِّ وَلَا يَقْصُرُ فِي الْبَحْرِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْبَحْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي رِيحٍ
(1/138)
مُسْتَوِيَةٍ غَيْرِ غَالِبَةٍ وَلَا سَاكِنَةٍ كَمَا فِي الْجَبَلِ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَيْضًا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَإِنْ كَانَ فِي السَّهْلِ تُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا وَلَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ ثَلَاثًا بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ فَسَارَ إلَيْهَا عَلَى الْفَرَسِ جَرْيًا حَثِيثًا فَوَصَلَ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ أَقَلَّ قَصَرَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَفَرْضُ الْمُسَافِرِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ رَكْعَتَانِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْقَصْرُ وَاجِبٌ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا وَقَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَجْزَأَتْهُ وَالْأُخْرَيَانِ نَافِلَةٌ وَيَصِيرُ مُسِيئًا لِتَأْخِيرِ السَّلَامِ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَهَا بَطَلَتْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَكَذَا إذَا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ فِي رَكْعَةٍ مِنْهُمَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة الْقَصْرُ ثَابِتٌ فِي حَقِّ كُلِّ مُسَافِرٍ، سَفَرُ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَكَذَا الرَّاكِبُ وَالْمَاشِي، هَكَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَلَا قَصْرَ فِي السُّنَنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَبَعْضُهُمْ جَوَّزُوا لِلْمُسَافِرِ تَرْكَ السُّنَنِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهَا فِي حَالِ الْخَوْفِ وَيَأْتِي بِهَا فِي حَالِ الْقَرَارِ وَالْأَمْنِ، هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْصُرُ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ مِصْرِهِ وَيُخَلِّفُ دُورَ الْمِصْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة الصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ عُمْرَانِ الْمِصْرِ لَا غَيْرُ إلَّا إذَا كَانَ ثَمَّةَ قَرْيَةٌ أَوْ قُرًى مُتَّصِلَةٌ بِرَبَضِ الْمِصْرِ فَحِينَئِذٍ تُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْقُرَى بِخِلَافِ الْقَرْيَةِ الَّتِي تَكُونُ مُتَّصِلَةً بِفِنَاءِ الْمِصْرِ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ تِلْكَ الْقَرْيَةَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَا إذَا عَادَ مِنْ سَفَرِهِ إلَى مِصْرِهِ لَمْ يُتِمَّ حَتَّى يَدْخُلَ الْعُمْرَانَ وَلَا يَصِيرُ مُسَافِرًا بِالنِّيَّةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَيَصِيرُ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ثُمَّ الْمُعْتَبَرَةُ الْمُجَاوَزَةُ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى لَوْ جَاوَزَ عُمْرَانَ الْمِصْرِ قَصَرَ وَإِنْ كَانَ بِحِذَائِهِ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ أَبْنِيَةٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ كَانَ فِي الْجَانِبِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَحَلَّةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْمِصْرِ وَفِي الْقَدِيمِ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْمِصْرِ لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُجَاوِزَ تِلْكَ الْمَحَلَّةَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا بُدَّ لِلْمُسَافِرِ مِنْ قَصْدِ مَسَافَةٍ مُقَدَّرَةٍ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَتَّى يَتَرَخَّصَ بِرُخْصَةِ الْمُسَافِرِينَ وَإِلَّا لَا يَتَرَخَّصُ أَبَدًا وَلَوْ طَافَ الدُّنْيَا جَمِيعَهَا بِأَنْ كَانَ طَالِبَ آبِقٍ أَوْ غَرِيمٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ الْقَصْدِ غَلَبَةُ الظَّنِّ يَعْنِي إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُسَافِرُ قَصَرَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّيَقُّنُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ حَتَّى أَنَّ صَبِيًّا وَنَصْرَانِيًّا إذَا خَرَجَا إلَى السَّفَرِ وَسَارَا يَوْمَيْنِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ فَالصَّبِيُّ يُتِمُّ وَالْمُسْلِمُ يَقْصُرُ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَا يَزَالُ عَلَى حُكْمِ السَّفَرِ حَتَّى يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ فِي بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
هَذَا إذَا سَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَسِرْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَعَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ يَصِيرُ مُقِيمًا وَإِنْ كَانَ فِي الْمَفَازَةِ وَنِيَّةُ الْإِقَامَةِ إنَّمَا تُؤْثَرُ بِخَمْسِ شَرَائِطَ: تَرْكُ السَّيْرِ حَتَّى لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ وَهُوَ يَسِيرُ لَمْ يَصِحَّ، وَصَلَاحِيَّةُ الْمَوْضِعِ حَتَّى لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ أَوْ جَزِيرَةٍ لَمْ يَصِحَّ، وَاتِّحَادُ الْمَوْضِعِ وَالْمُدَّةُ، وَالِاسْتِقْلَالُ بِالرَّأْيِ، هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: عَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ إذَا قَصَدُوا مَوْضِعًا وَمَعَهُمْ أَخْبِيَتُهُمْ وَخِيَامُهُمْ وَفَسَاطِيطُهُمْ فَنَزَلُوا مَفَازَةً فِي الطَّرِيقِ وَنَصَبُوا الْأَخْبِيَةَ وَالْفَسَاطِيطَ وَعَزَمُوا فِيهَا عَلَى إقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَمْ يَصِيرُوا مُقِيمِينَ؛ لِأَنَّهَا حُمُولَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَسَاكِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي الَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِي الْخِيَامِ وَالْأَخْبِيَةِ فِي الْمَفَازَاتِ مِنْ الْأَعْرَابِ وَالتَّرَاكِمَةِ هَلْ صَارُوا مُقِيمِينَ بِالنِّيَّةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي إحْدَاهُمَا لَا وَفِي الْأُخْرَى قَالَ: يَصِيرُونَ مُقِيمِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
وَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَصَرَ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ بَقِيَ فِي الْمِصْرِ سِنِينَ عَلَى عَزْمِ أَنَّهُ إذَا قَضَى حَاجَتَهُ يَخْرُجُ وَلَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَصَرَ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
الْحُجَّاجُ إذَا وَصَلَّوْا بَغْدَادَ وَلَمْ يَنْوُوا الْإِقَامَةَ وَعَزَمُوا أَنْ
(1/139)
لَا يَخْرُجُوا إلَّا مَعَ الْقَافِلَةِ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ بَيْنَ هَذَا الْوَقْتِ وَبَيْنَ خُرُوجِ الْقَافِلَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا يُتِمُّونَ أَرْبَعًا.
وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي مَوْضِعَيْنِ فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلًا بِنَفْسِهِ نَحْوَ مَكَّةَ وَمِنًى وَالْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ حَتَّى تَجِبَ الْجُمُعَةُ عَلَى سُكَّانِهِ يَصِيرُ مُقِيمًا.
وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِقَرْيَتَيْنِ النَّهَارُ فِي إحْدَاهُمَا وَاللَّيْلُ فِي الْأُخْرَى يَصِيرُ مُقِيمًا إذَا دَخَلَ الَّتِي نَوَى الْبَيْتُوتَةَ فِيهَا، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَا يَصِيرُ مُقِيمًا بِدُخُولِهِ أَوَّلًا فِي الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ أَنَّ الْحَاجَّ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ وَنَوَى الْإِقَامَةَ نِصْفَ شَهْرٍ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَاتٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ تَفَقُّهِ عِيسَى بْنِ أَبَانَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا بِطَلَبِ الْحَدِيثِ قَالَ: فَدَخَلْتُ مَكَّةَ فِي أَوَّلِ الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ مَعَ صَاحِبٍ لِي وَعَزَمْتُ عَلَى الْإِقَامَةِ شَهْرًا فَجَعَلْتُ أُتِمُّ الصَّلَاةَ فَلَقِيَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: أَخْطَأْتَ فَإِنَّكَ تَخْرُجُ إلَى مِنًى وَعَرَفَاتٍ فَلَمَّا رَجَعْتُ مِنْ مِنًى بَدَا لِصَاحِبِي أَنْ يَخْرُجَ وَعَزَمْتُ عَلَى أَنْ أُصَاحِبَهُ وَجَعَلْتُ أَقْصُرُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لِي صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَخْطَأْتَ فَإِنَّكَ مُقِيمٌ بِمَكَّةَ فَمَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْهَا لَا تَصِيرُ مُسَافِرًا فَقُلْتُ أَخْطَأْتُ فِي مَسْأَلَةٍ فِي مَوْضِعَيْنِ فَرَحَلْتُ إلَى مَجْلِسِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاشْتَغَلْتُ بِالْفِقْهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
حَاصَرَ قَوْمٌ مَدِينَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَهْلُ الْبَغْيِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِي غَيْرِ مِصْرٍ وَنَوَوْا الْإِقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا قَصَرُوا؛ لِأَنَّ حَالَهُمْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ قَرَارٍ وَفِرَارٍ فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُمْ وَإِنْ نَزَلُوا فِي بُيُوتِهِمْ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَاجِرٍ دَخَلَ مَدِينَةً لِحَاجَةٍ نَوَى أَنْ يُقِيمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِقَضَاءِ تِلْكَ الْحَاجَةِ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا؛ لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ فَيَرْجِعَ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَقْضِيَ فَيُقِيمَ فَلَا تَكُونُ نِيَّتُهُ مُسْتَقِرَّةً وَهَذَا الْفَصْلُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ يَقُولُ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى مَكَان وَيُرِيدُ أَنْ يَتَرَخَّصَ بِرُخَصِ السَّفَرِ يَنْوِي مَكَانًا أَبْعَدَ مِنْهُ وَهَذَا غَلَطٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعِ الْإِقَامَةِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِهِمْ فَعَلِمُوا بِإِسْلَامِهِ وَطَلَبُوهُ لِيَقْتُلُوهُ فَخَرَجَ هَارِبًا يُرِيدُ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ مُسَافِرٌ وَإِنْ أَقَامَ فِي مَوْضِعٍ مُخْتَفِيًا شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُحَارِبًا لَهُمْ وَكَذَا الْمُسْتَأْمَنُ إذَا غَدَرَ وَطَلَبُوهُ لِيَقْتُلُوهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مُقِيمًا بِمَدِينَةٍ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَلَمَّا طَلَبُوهُ لِيَقْتُلُوهُ اخْتَفَى فِيهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُقِيمًا بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ فَلَا يَصِيرُ مُسَافِرًا مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَهْلُ مَدِينَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَسْلَمُوا فَقَاتَلَهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ وَهُمْ مُقِيمُونَ فِي مَدِينَتِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ وَكَذَلِكَ إنْ غَلَبَهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى مَدِينَتِهِمْ فَخَرَجُوا مِنْهَا يُرِيدُونَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ فَإِنَّهُمْ يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ وَإِنْ خَرَجُوا يُرِيدُونَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَصَرُوا الصَّلَاةَ فَإِنْ عَادُوا إلَى مَدِينَتِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ الْمُشْرِكُونَ عَرَضُوا لِمَدِينَتِهِمْ أَتَمُّوا فِيهَا الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ غَلَبُوا عَلَى مَدِينَتِهِمْ وَأَقَامُوا فِيهَا ثُمَّ إنَّ الْمُسْلِمِينَ رَجَعُوا إلَيْهَا وَخَلَّى الْمُشْرِكُونَ عَنْهَا فَإِنْ كَانُوا اتَّخَذُوهَا دَارًا أَوْ مَنْزِلًا لَا يَبْرَحُونَهَا فَصَارَتْ دَارَ سَلَامٍ يُتِمُّونَ فِيهَا الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانُوا لَا يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوهَا دَارًا وَلَكِنْ يُقِيمُونَ فِيهَا شَهْرًا ثُمَّ يَخْرُجُونَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ فِيهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَالْأَسِيرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا انْفَلَتَ مِنْهُمْ وَوَطَنَ عَلَى الْإِقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي غَارٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَصِرْ مُقِيمًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي التَّجْنِيسِ عَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ إذَا دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ وَغَلَبُوا فِي مَدِينَةٍ إنْ اتَّخَذُوهَا دَارًا يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذُوهَا دَارًا وَلَكِنْ أَرَادُوا الْإِقَامَةَ بِهَا شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُمْ يَقْصُرُونَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
(1/140)
وَكُلُّ مَنْ كَانَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ يَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ يَصِيرُ مُقِيمًا بِإِقَامَتِهِ وَمُسَافِرًا بِنِيَّتِهِ وَخُرُوجِهِ إلَى السَّفَرِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَيَصِيرُ الْجُنْدِيُّ مُقِيمًا فِي الْفَيَافِي بِنِيَّةِ إقَامَةِ الْأَمِيرِ فِي الْمِصْرِ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ الْأَصْلُ أَنَّ مَنْ يُمْكِنُهُ الْإِقَامَةُ بِاخْتِيَارِهِ يَصِيرُ مُقِيمًا بِنِيَّةِ نَفْسِهِ وَمَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْإِقَامَةُ بِاخْتِيَارِهِ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا بِنِيَّةِ نَفْسِهِ حَتَّى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مَعَ زَوْجِهَا فِي السَّفَرِ وَالرَّقِيقَ مَعَ مَوْلَاهُ وَالتِّلْمِيذَ مَعَ أُسْتَاذِهِ وَالْأَجِيرَ مَعَ مُسْتَأْجِرِهِ وَالْجُنْدِيَّ مَعَ أَمِيرِهِ فَهَؤُلَاءِ لَا يَصِيرُونَ مُقِيمِينَ بِنِيَّةِ أَنْفُسِهِمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ثُمَّ الْمَرْأَةُ إنَّمَا تَكُونُ تَبَعًا لِلزَّوْجِ إذَا أَوْفَاهَا مَهْرَهَا الْمُعَجَّلَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوفِهَا فَلَا تَكُونُ تَبَعًا لَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْجُنْدِيُّ إنَّمَا يَكُونُ تَبَعًا لِلْأَمِيرِ إذَا كَانَ يُرْزَقُ مِنْ الْأَمِيرِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ أَرْزَاقُهُمْ مِنْ أَمْوَالِ أَنْفُسِهِمْ فَالْعِبْرَةُ لِنِيَّتِهِمْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْمَحْبُوسُ بِالدَّيْنِ وَالْمُلَازَمُ بِهِ يُعْتَبَرُ فِيهِ نِيَّةُ صَاحِبِ الدَّيْنِ إنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ مُعْسِرًا أَوْ إنْ كَانَ مُوسِرًا يُعْتَبَرُ فِيهِ نِيَّةُ الْمَطْلُوبِ حَتَّى لَوْ عَزَمَ أَنْ لَا يَقْضِيَ دَيْنَهُ فَهُوَ كَالْمُعْسِرِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
الْعَبْدُ إذَا كَانَ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ فِي السَّفَرِ فَنَوَى أَحَدُهُمَا الْإِقَامَةَ دُونَ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَا تَهَايَآهُ فِي خِدْمَتِهِ فَالْعَبْدُ يُتِمُّ يَوْمَ خِدْمَتِهِ وَيَوْمَ خِدْمَةِ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا تَهَايَآهُ قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا اعْتِبَارًا لِلْأَصْلِ وَيَقْعُدَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ لَا مَحَالَةَ احْتِيَاطًا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
إنْ لَمْ يَعْلَمْ التَّبَعُ بِإِقَامَةِ الْأَصْلِ قِيلَ: يَصِيرُ مُقِيمًا. وَقِيلَ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ فِي لُزُومِ الْحُكْمِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ حَرَجًا وَضَرَرًا وَهُوَ مَدْفُوعٌ شَرْعًا. الْعَبْدُ إذَا خَرَجَ مَوْلَاهُ سَأَلَهُ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا أَيَّامًا وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَخْبَرَهُ مَوْلَاهُ أَنَّهُ قَصَدَ مَسِيرَةَ سَفَرٍ حِينَ خَرَجَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا لِمَا بَيَّنَّا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا أَمَّ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسَافِرِينَ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً وَنَوَى الْمَوْلَى الْإِقَامَةَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ فِي حَقِّهِ وَفِي حَقِّ الْعَبْدِ وَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْقَوْمِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُصَلِّي الْعَبْدُ رَكْعَتَيْنِ وَيُقَدِّمُ وَاحِدًا مِنْ الْمُسَافِرِينَ لِيُسَلِّمَ بِالْقَوْمِ ثُمَّ يَقُومُ الْمَوْلَى وَالْعَبْدُ وَيُتِمُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَلَاتَهُ أَرْبَعًا ثُمَّ بِمَاذَا يَعْلَمُ الْعَبْدُ أَنَّ الْمَوْلَى نَوَى الْإِقَامَةَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَقُومُ الْمَوْلَى بِإِزَاءِ الْعَبْدِ فَيَنْصِبُ أُصْبُعَيْهِ أَوَّلًا وَيُشِيرُ بِأُصْبُعَيْهِ ثُمَّ يَنْصِبُ أَرْبَعَ أَصَابِعَ وَيُشِيرُ بِأَصَابِعِهِ الْأَرْبَعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ أَتَمَّهَا مُنْفَرِدًا كَانَ أَوْ مُقْتَدِيًا مَسْبُوقًا كَانَ أَوْ مُدْرِكًا فَإِنْ كَانَ لَاحِقًا فَنَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ فَرَاغِ إمَامِهِ لَمْ يُتِمَّهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَإِنْ تَكَلَّمَ اللَّاحِقُ بَعْدَمَا نَوَى الْإِقَامَةَ صَلَّى أَرْبَعًا إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَنَوَى الْإِقَامَةَ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ إلَى الْأَرْبَعِ فِي حَقِّ تِلْكَ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
الْمُسَافِرُ إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ مَا سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَهْوٌ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ الْخُرُوجِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ تَصِحُّ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ وَيَنْقَلِبُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا وَتَصِيرُ السَّجْدَةُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ فَيَبْطُلُ وَإِنْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَتَصِيرُ صَلَاتُهُ أَرْبَعًا سَوَاءٌ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ سَجْدَةً وَاحِدَةً أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي السَّجْدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ عَادَتْ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِيهَا وَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إنْ صَلَّى صَلَاةَ السَّفَرِ ثُمَّ أَقَامَ فِي الْوَقْتِ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى أَقَامَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ يَنْقَلِبُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا قَدْرُ مَا يَسَعُ فِيهِ بَعْضَ الصَّلَاةِ وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ الْوَقْتِ يَقْضِي صَلَاةَ السَّفَرِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ سَافَرَ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ تَرَكَ
(1/141)
السَّفَرَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ يُصَلِّي الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ أَرْبَعًا وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
مُسَافِرٌ أَمَّ قَوْمًا مُسَافِرِينَ فَأَحْدَثَ وَاسْتَخْلَفَ مُسَافِرًا فَنَوَى الثَّانِي الْإِقَامَةَ لَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُ مَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ نَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ بَعْدَمَا أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ يَصِيرُ فَرْضُهُ وَفَرْضُ الْقَوْمِ أَرْبَعًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
مُسَافِرٌ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فَاسْتَخْلَفَ مُقِيمًا لَمْ يَلْزَمْ الْمُسَافِرَ الْإِتْمَامُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ اقْتَدَى مُسَافِرٌ بِمُقِيمٍ أَتَمَّ أَرْبَعًا وَإِنْ أَفْسَدَهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ ثُمَّ أَفْسَدَ حَيْثُ يَلْزَمُ الْأَرْبَعُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ صَلَّى الْمُسَافِرُ بِالْمُقِيمِينَ رَكْعَتَيْنِ سَلَّمَ وَأَتَمَّ الْمُقِيمُونَ صَلَاتَهُمْ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَصَارُوا مُنْفَرِدِينَ كَالْمَسْبُوقِ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ فِي الْأَصَحِّ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ: أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمُ سَفْرٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
الْخَلِيفَةُ إذَا سَافَرَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْمُسَافِرِينَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَا يُكْرَهُ الْخُرُوجُ لِلسَّفَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِصْرِهِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ وَيُكْرَهُ لَهُ الْخُرُوجُ قَبْلَ أَدَائِهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَا فَوْقَهَا وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ وَكَذَا الْمَعْتُوهُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي يَعْقِلُ مَحْرَمٌ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ وَالْكَرَاهَةِ.
وَإِذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ مِصْرَهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ فِيهِ سَوَاءٌ دَخَلَهُ بِنِيَّةِ الِاخْتِيَارِ أَوْ دَخَلَهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
عِبَارَةُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْأَوْطَانَ ثَلَاثَةٌ: وَطَنٌ أَصْلِيٌّ وَهُوَ مَوْلِدُ الرَّجُلِ أَوْ الْبَلَدُ الَّذِي تَأَهَّلَ بِهِ، وَوَطَنُ سَفَرٍ وَقَدْ سُمِّيَ وَطَنَ إقَامَةٍ وَهُوَ الْبَلَدُ الَّذِي يَنْوِي الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ، وَوَطَنُ سُكْنَى وَهُوَ الْبَلَدُ الَّذِي يَنْوِي الْإِقَامَةَ فِيهِ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَعِبَارَةُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْوَطَنَ وَطَنَانِ وَطَنٌ أَصْلِيٌّ وَوَطَنُ إقَامَةٍ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا وَطَنَ السُّكْنَى وَطَنًا وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
وَيَبْطُلُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ بِالْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ إذَا انْتَقَلَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَهْلِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ بِأَهْلِهِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْدَثَ أَهْلًا بِبَلْدَةٍ أُخْرَى فَلَا يَبْطُلُ وَطَنُهُ الْأَوَّلُ وَيُتِمُّ فِيهِمَا وَلَا يَبْطُلُ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ بِإِنْشَاءِ السَّفَرِ وَبِوَطَنِ الْإِقَامَةِ وَوَطَنُ الْإِقَامَةِ يَبْطُلُ بِوَطَنِ الْإِقَامَةِ وَبِإِنْشَاءِ السَّفَرِ وَبِالْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ انْتَقَلَ بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ إلَى بَلَدٍ وَبَقِيَ لَهُ دُورٌ وَعَقَارٌ فِي الْأَوَّلِ قِيلَ: بَقِيَ الْأَوَّلُ وَطَنًا لَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ ثُمَّ تَقَدُّمُ السَّفَر لَيْسَ بِشَرْطٍ لِثُبُوتِ الْوَطَنِ الْأَصْلِيِّ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَهَلْ مِنْ شَرْطِ وَطَنِ الْإِقَامَةِ تَقَدُّمُ السَّفَرِ عَلَيْهِ، فِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ السَّفَرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالثَّانِيَةُ يَكُونُ وَطَنًا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ سَفَرٌ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَشَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ.
الْمُسَافِرُ إذَا خَافَ اللُّصُوصَ أَوْ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ وَلَا يَنْتَظِرُ الرُّفْقَةَ جَازَ لَهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ بِعُذْرٍ مِنْهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى الْغَرَائِبِ.
[التَّطَوُّعُ عَلَى الدَّابَّةِ وَالسَّفِينَةِ]
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى الدَّابَّةِ وَالسَّفِينَةِ) يَجُوزُ التَّطَوُّعُ عَلَى الدَّابَّةِ خَارِجَ الْمِصْرِ وَيُومِئُ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ الدَّابَّةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ صَلَّى إلَى غَيْرِ مَا تَوَجَّهَتْ الدَّابَّةُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُسَافِرَ وَغَيْرَ الْمُسَافِرِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ خَارِجَ الْمِصْرِ حَتَّى أَنَّ مَنْ خَرَجَ إلَى ضِيَاعِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ التَّطَوُّعَ عَلَى الدَّابَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، تَكَلَّمُوا فِي حَدِّ خَارِجِ الْمِصْرِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ
(1/142)
مُقَدَّرٌ بِمَا يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ فِيهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَكَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْإِيمَاءِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي الْحُجَّةِ يُصَلِّي قَاعِدًا عَلَى السَّرْجِ أَوْ الْإِكَافِ وَيَقْرَأُ وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى شَيْءٍ سَائِرَةً دَابَّتُهُ أَوْ وَاقِفَةً، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ وُضِعَ عِنْدَهُ أَوْ عَلَى سَرْجِهِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُومِئَ عَلَى أَيِّ الدَّوَابِّ شَاءَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيَسْتَوِي الْجَوَابُ عِنْدَنَا بَيْنَ أَنْ يَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْتَتِحَهَا مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْحُجَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُصَلُّونَ فُرَادَى فَإِنْ صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ خَارِجَ الْمِصْرِ هَلْ لَهُ أَنْ يَسُوقَ الدَّابَّةَ؟ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ السِّيَرِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تَنْسَاقُ بِنَفْسِهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسُوقَهَا فَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَنْسَاقُ بِنَفْسِهَا فَسَاقَهَا هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ قَالَ: إنْ كَانَ مَعَهُ سَوْطٌ فَهَيَّبَهَا وَنَخَسَهَا بِهِ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ قَلِيلٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَالسُّنَنُ الرَّوَاتِبُ نَوَافِلُ حَتَّى تَجُوزَ عَلَى الدَّابَّةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ عَلَى الدَّابَّةِ خَارِجَ الْمِصْرِ ثُمَّ دَخَلَهُ قَبْلَ الْفَرَاغِ أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَنْزِلُ وَيُتِمُّهَا نَازِلًا وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
وَإِذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ عَلَى الْأَرْضِ فَأَتَمَّهَا رَاكِبًا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ افْتَتَحَهَا رَاكِبًا فَأَتَمَّهَا نَازِلًا جَازَ، كَذَا فِي الْمُتُونِ.
رَجُلَانِ فِي مَحْمَلٍ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فِي التَّطَوُّعِ أَجْزَأَهُمَا وَكَذَلِكَ فِي الْفَرْضِ حَالَةَ الضَّرُورَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَا فِي شِقٍّ أَوْ شِقَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ، فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى دَابَّةٍ لَمْ تَجُزْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي؛ لِأَنَّ بَيْنَ الدَّابَّتَيْنِ طَرِيقًا مُسْتَطْرَقًا وَأَنَّهُ مَانِعٌ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا تَجُوزُ الْمَكْتُوبَةُ عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَكَذَا الْوَاجِبَاتُ مِثْلُ الْوِتْرِ وَالْمَنْذُورِ وَالْمَشْرُوعِ الَّذِي أَفْسَدَهُ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ الَّتِي تُلِيَتْ عَلَى الْأَرْضِ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ
وَمِنْ الْأَعْذَارِ أَنْ يَخَافَ لَوْ نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى ثِيَابِهِ أَوْ دَابَّتِهِ لِصًّا أَوْ سَبُعًا أَوْ عَدُوًّا أَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ جَمُوحًا لَوْ نَزَلَ عَنْهَا لَا يُمْكِنُهُ الرُّكُوبُ إلَّا بِمُعِينٍ أَوْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْكَبَ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُرْكِبُهُ أَوْ كَانَ فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ لَا يَجِدُ عَلَى الْأَرْضِ مَكَانًا يَابِسًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
هَذَا إذَا كَانَ الطِّينُ بِحَالٍ يَغِيبُ وَجْهُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لَكِنَّ الْأَرْضَ نَدِيَّةٌ مُبْتَلَّةٌ صَلَّى هُنَاكَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ إذَا اسْتَطَاعَ النُّزُولَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الْمَعْذُورُ إنْ أَمْكَنَهُ إيقَافُ الدَّابَّةِ يُوقِفُ وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَلَوْ لَمْ يُوقِفْهَا لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْعَجَلَةِ فَإِنْ كَانَ طَرَفُهَا عَلَى الدَّابَّةِ وَهِيَ تَسِيرُ أَوْ لَا تَسِيرُ فَهِيَ صَلَاةٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السَّرِيرِ وَكَذَا لَوْ رَكَزَ تَحْتَ الْمَحْمَلِ خَشَبَةً حَتَّى بَقِيَ قَرَارُهُ عَلَى الْأَرْضِ لَا عَلَى الدَّابَّةِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَا تَضُرُّ النَّجَاسَةُ عَلَى الدَّابَّةِ وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ عَلَى السِّرَاجِ أَوْ الرِّكَابَيْنِ تَمْنَعُ وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ عَلَى الرِّكَابَيْنِ لَا تَمْنَعُ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ.
أَمَّا الصَّلَاةُ فِي السَّفِينَةِ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ السَّفِينَةِ لِلْفَرِيضَةِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فِي السَّفِينَةِ وَهِيَ تَجْرِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ تَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا تَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ السَّفِينَةُ مَشْدُودَةً لَا تَجْرِي لَا تَجُوزُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَلَوْ صَلَّى فِيهَا فَإِنْ كَانَتْ مَشْدُودَةً عَلَى الْجَدِّ (1) مُسْتَقِرَّةً عَلَى الْأَرْضِ فَصَلَّى قَائِمًا أَجْزَأَهُ
(1/143)
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَقِرَّةً وَيُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ عَنْهَا لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ فِيهَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ كَانَتْ مُوَثَّقَةً فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ وَهِيَ تَضْطَرِبُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الرِّيحُ تُحَرِّكُهَا تَحْرِيكًا شَدِيدًا فَهِيَ كَالسَّائِرَةِ وَإِنْ حَرَّكَتْهَا قَلِيلًا فَهِيَ كَالْوَاقِفَةِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَالٍ يَدُورُ رَأْسُهُ لَوْ قَامَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا قَاعِدًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَيَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ إلَى الْقِبْلَةِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي الْكَافِي فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ.
وَكُلَّمَا دَارَتْ السَّفِينَةُ يُحَوِّلُ وَجْهَهُ إلَيْهَا وَلَوْ تَرَكَ تَحْوِيلَ وَجْهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ لَا يُجْزِيهِ وَلَوْ صَلَّى فِيهَا بِالْإِيمَاءِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا يُجْزِيهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ. وَلَا يَصِيرُ مُقِيمًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِيهَا وَكَذَلِكَ صَاحِبُ السَّفِينَةِ وَالْمَلَّاحُ إلَّا أَنْ تَكُونَ السَّفِينَةُ بِقُرْبٍ مِنْ بَلْدَتِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُقِيمًا بِإِقَامَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فِي السَّفِينَةِ حَالَةَ إقَامَتِهِ فِي طَرَفِ الْبَحْرِ فَنَقَلَتْهَا الرِّيحُ وَهُوَ فِي السَّفِينَةِ فَنَوَى السَّفَرَ يُتِمُّ صَلَاةَ الْمُقِيمِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي الْحُجَّةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - احْتِيَاطًا.
وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا وَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي السَّفِينَةِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَجَرَتْ السَّفِينَةُ حَتَّى دَخَلَ الْمِصْرَ يُتِمُّ أَرْبَعًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّفِينَةِ بِإِمَامٍ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ السَّفِينَتَانِ مَقْرُونَتَيْنِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي النَّوَازِلِ إذَا كَانَ بِحَالٍ يَقْدِرُ أَنْ يَثِبَ مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَقْرُونَتَيْنِ وَتَجُوزُ صَلَاةُ الطَّائِفَتَيْنِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَمَنْ اقْتَدَى عَلَى الْجَدِّ بِإِمَامٍ فِي السَّفِينَةِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ طَائِفَةٌ مِنْ النَّهْرِ لَمْ يَجُزْ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ يَجُوزُ.
وَإِذَا وَقَفَ عَلَى الْأَطْلَالِ يَقْتَدِي بِالْإِمَامِ فِي السَّفِينَةِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَامَ الْإِمَامِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اسْتَوْثَقَ السَّفِينَةَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ اسْتَقْبَلَهَا؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
[الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]
(الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) وَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ (ثُمَّ لِوُجُوبِهَا شَرَائِطُ فِي الْمُصَلِّي) وَهِيَ الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَالْإِقَامَةُ وَالصِّحَّةُ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْمَشْيِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَالْبَصَرُ، هَكَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ، حَتَّى لَا تَجِبَ الْجُمُعَةُ عَلَى الْعَبِيدِ وَالنِّسْوَانِ وَالْمُسَافِرِينَ وَالْمَرْضَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا عَلَى الْمُقْعَدِ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَحْمِلُهُ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَلَا عَلَى الْأَعْمَى وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي ضَعُفَ مُلْحَقٌ بِالْمَرِيضِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَالْمَطَرُ الشَّدِيدُ وَالِاخْتِفَاءُ مِنْ السُّلْطَانِ الظَّالِمِ مُسْقِطٌ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ عَبْدَهُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ وَالْعِيدِ.
وَعَلَى الْمُكَاتَبِ الْجُمُعَةُ وَكَذَلِكَ مُعْتَقُ الْبَعْضِ إذَا كَانَ يَسْعَى وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي يُؤَدِّي الضَّرِيبَةَ جُمُعَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْعَبْدِ الَّذِي حَضَرَ بَابَ الْجَامِعِ مَعَ مَوْلَاهُ لِحِفْظِ الدَّابَّةِ خِلَافٌ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُصَلِّي إذَا لَمْ يُخِلَّ بِحِفْظِ دَابَّتِهِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْنَعَ الْأَجِيرَ عَنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ فِي الْمِصْرِ وَلَكِنْ يُسْقِطُ عَنْهُ الْأَجْرَ بِقَدْرِ اشْتِغَالِهِ بِذَلِكَ إنْ كَانَ بَعِيدًا وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا لَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يُطَالِبَ مِنْ الْمَحْطُوطِ بِمِقْدَارِ اشْتِغَالِهِ بِالصَّلَاةِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَظَاهِرُ الْمُتُونِ يَشْهَدُ لِلدَّقَّاقِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ إنْ
(1/144)
أَدَّاهَا جَازَ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ، كَذَا فِي الْكَنْزِ.
(وَلِأَدَائِهَا شَرَائِطُ فِي غَيْرِ الْمُصَلِّي) . مِنْهَا الْمِصْرُ هَكَذَا فِي الْكَافِي، وَالْمِصْرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مُفْتٍ وَقَاضٍ يُقِيمُ الْحُدُودَ وَيُنَفِّذُ الْأَحْكَامَ وَبَلَغَتْ أَبْنِيَتُهُ أَبْنِيَةَ مِنًى، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمَعْنَى إقَامَةِ الْحُدُودِ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا، هَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
وَكَمَا يَجُوزُ أَدَاءُ الْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ يَجُوزُ أَدَاؤُهَا فِي فِنَاءِ الْمِصْرِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْمِصْرِ مُتَّصِلًا بِالْمِصْرِ وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَوْضِعٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِصْرِ فُرْجَةٌ مِنْ الْمَزَارِعِ وَالْمَرَاعِي نَحْوُ الْقَلَعِ بِبُخَارَى لَا جُمُعَةَ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِنْ كَانَ النِّدَاءُ يَبْلُغُهُمْ وَالْغَلْوَةُ وَالْمِيلُ وَالْأَمْيَالُ لَيْسَ بِشَيْءٍ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
هَكَذَا رَوَى الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْقَرَوِيُّ إذَا دَخَلَ الْمِصْرَ وَنَوَى أَنْ يَمْكُثَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ فِي حَقِّ هَذَا الْيَوْمِ وَإِنْ نَوَى أَنْ يَخْرُجَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ صَلَّى مَعَ ذَلِكَ كَانَ مَأْجُورًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالتَّجْنِيسِ وَالْمُحِيطِ.
وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى وَالْبَوَادِي لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالْمُسَافِرُونَ إذَا حَضَرُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي مِصْرٍ يُصَلُّونَ فُرَادَى وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْمِصْرِ إذَا فَاتَتْهُمْ الْجُمُعَةُ وَأَهْلُ السِّجْنِ وَالْمَرَضِ وَيُكْرَهُ لَهُمْ الْجَمَاعَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَجَازَتْ بِمِنًى فِي الْمَوْسِمِ لِلْخَلِيفَةِ أَوْ لِأَمِيرِ الْحِجَازِ لَا لِأَمِيرِ الْمَوْسِمِ، كَذَا فِي الْوِقَايَةِ.
سَوَاءٌ كَانَ أَمِيرُ الْمَوْسِمِ مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا إلَّا إذَا كَانَ مَأْذُونًا مِنْ جِهَةِ أَمِيرِ الْعِرَاقِ أَوْ أَمِيرِ مَكَّةَ وَقِيلَ: إنْ كَانَ مُقِيمًا تَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا لَا تَجُوزُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَا تَجُوزُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا جُمُعَةَ بِعَرَفَاتٍ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَتُؤَدَّى الْجُمُعَةُ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ وَذَكَرَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ نَأْخُذُ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
إذَا أَصَابَ النَّاسَ مَطَرٌ شَدِيدٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهُمْ فِي سَعَةٍ مِنْ التَّخَلُّفِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَقَعَ الشَّكُّ فِي جَوَازِ الْجُمُعَةِ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي الْمِصْرِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَقَامَ أَهْلُهُ الْجُمُعَةَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلُّوا بَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَنْوُوا بِهَا الظُّهْرَ حَتَّى لَوْ لَمْ تَقَعْ الْجُمُعَةُ مَوْقِعَهَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ فَرْضِ الْوَقْتِ بِيَقِينٍ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي نِيَّتِهَا قِيلَ: يَنْوِي آخِرَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَقُولَ: نَوَيْتُ آخِرَ ظُهْرٍ أَدْرَكْتُ وَقْتَهُ وَلَمْ أُصَلِّهِ بَعْدُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَفِي فَتَاوَى (آهُو) يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ فِي الْأَرْبَعِ الَّتِي يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَفِي دِيَارِنَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
(وَمِنْهَا السُّلْطَانُ) عَادِلًا كَانَ أَوْ جَائِرًا، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ النِّصَابِ أَوْ مَنْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ وَهُوَ الْأَمِيرُ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْخُطَبَاءُ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ حَتَّى لَا تَجُوزَ إقَامَتُهَا بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ وَأَمْرِ نَائِبِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ حَاضِرٌ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
مَرِضَ الْأَمِيرُ فَصَلَّى الشُّرْطِيُّ لَمْ تَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْجَوَامِعِ.
الْعَبْدُ إذَا قُلِّدَ عَمَلَ نَاحِيَةٍ فَصَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ جَازَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
صَلَاةُ الْجُمُعَةِ خَلْفَ الْمُتَغَلِّبِ الَّذِي لَا مَنْشُورَ لَهُ مِنْ الْخَلِيفَةِ تَجُوزُ إنْ كَانَتْ سِيرَتُهُ سِيرَةَ الْأُمَرَاءِ يَحْكُمُ فِيمَا بَيْنَ رَعِيَّتِهِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ.
الْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ سُلْطَانَةً يَجُوزُ أَمْرُهَا بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ لَا إقَامَتُهَا، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
الصَّحِيحُ فِي زَمَانِنَا أَنَّ صَاحِبَ الشُّرَطِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى شِحْنَةً وَالْوَالِي وَالْقَاضِي لَا يُقِيمُونَ
(1/145)
الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُوَلَّوْنَ ذَلِكَ إلَّا إذَا جُعِلَ ذَلِكَ فِي عَهْدِهِمْ وَكُتِبَ فِي مَنْشُورِهِمْ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ، وَالِي مِصْرٍ مَاتَ فَصَلَّى بِهِمْ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ أَوْ صَاحِبُ الشُّرَطِ أَوْ الْقَاضِي جَازَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ فَصَلَّى بِهِمْ جَازَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ تَعَذَّرَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ الْإِمَامِ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ يُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ جَازَ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَلَوْ مَاتَ الْخَلِيفَةُ وَلَهُ وُلَاةٌ وَأُمَرَاءُ عَلَى أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فَهُمْ عَلَى وِلَايَتِهِمْ يُقِيمُونَ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ يُعْزَلُوا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذْنُ الْأَمِيرِ فِي الْخُطْبَةِ إذْنٌ فِي الْجُمُعَةِ وَإِذْنُهُ فِي الْجُمُعَةِ إذْنٌ فِي الْخُطْبَةِ وَلَوْ قَالَ: اُخْطُبْ لَهُمْ وَلَا تُصَلِّ أَجْزَأَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَوْ اُسْتُعْمِلَ صَبِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ عَلَى مِصْرٍ فَأَسْلَمَ هَذَا أَوْ بَلَغَ ذَلِكَ لَا يُقِيمَانِ الْجُمُعَةَ إلَّا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ إلَّا إذَا قَالَ لَهُمَا الْخَلِيفَةُ: إذَا أَسْلَمْتَ فَصَلِّ وَإِذَا بَلَغْتَ فَصَلِّ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
الْخَلِيفَةُ إذَا سَافَرَ وَهُوَ فِي الْقُرَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بِالنَّاسِ وَلَوْ مَرَّ بِمِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ وِلَايَتِهِ فَجَمَعَ بِهَا وَهُوَ مُسَافِرٌ جَازَ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ أَوْلَى وَلَوْ أَنَّ إمَامًا مَصَّرَ مِصْرًا ثُمَّ نَفَرَ النَّاسُ عَنْهُ لِخَوْفِ عَدُوٍّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ عَادُوا إلَيْهِ فَإِنَّهُمْ لَا يَجْمَعُونَ إلَّا بِإِذْنٍ مُسْتَأْنَفٍ مِنْ الْإِمَامِ.
الْإِمَامُ إذَا مَنَعَ أَهْلَ الْمِصْرِ أَنْ يَجْمَعُوا لَمْ يَجْمَعُوا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا نَهَاهُمْ مُجْتَهِدًا بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِصْرًا فَأَمَّا إذَا نَهَاهُمْ مُتَعَنِّتًا أَوْ ضِرَارًا بِهِمْ فَلَهُمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى رَجُلٍ يُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الْإِمَامُ إذَا عُزِلَ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بِالنَّاسِ إلَى أَنْ يَأْتِيَهُ الْكِتَابُ بِعَزْلِهِ أَوْ يَقْدُمَ عَلَيْهِ الْأَمِيرُ الثَّانِي فَإِذَا جَاءَ الْكِتَابُ بِعَزْلِهِ أَوْ عَلِمَ بِقُدُومِ الْأَمِيرِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ افْتَتَحَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ ثُمَّ حَضَرُوا لِآخَرَ فَإِنَّهُ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
بِلَادٌ عَلَيْهَا وُلَاةٌ كُفَّارٌ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ وَيَصِيرُ الْقَاضِي قَاضِيًا بِتَرَاضِي الْمُسْلِمِينَ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَلْتَمِسُوا وَالِيًا مُسْلِمًا، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
(وَمِنْهَا وَقْتُ الظُّهْرِ) حَتَّى لَوْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ تَفْسُدُ الْجُمُعَةُ وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ الظُّهْرَ عَلَيْهَا لِاخْتِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الْمُقْتَدِي إذَا نَامَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَنْتَبِهْ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ انْتَبَهَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَالْوَقْتُ دَائِمٌ أَتَمَّهَا جُمُعَةً، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَمِنْهَا الْخُطْبَةُ قَبْلَهَا) حَتَّى لَوْ صَلَّوْا بِلَا خُطْبَةٍ أَوْ خَطَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْكَافِي.
الْخُطْبَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى فَرْضٍ وَسُنَّةٍ فَالْفَرْضُ شَيْئَانِ الْوَقْتُ وَهُوَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ خَطَبَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَالثَّانِي ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَفَتْ تَحْمِيدَةٌ أَوْ تَهْلِيلَةٌ أَوْ تَسْبِيحَةٌ، كَذَا فِي الْمُتُونِ.
هَذَا إذَا كَانَ عَلَى قَصْدِ الْخُطْبَةِ أَمَّا إذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ مُتَعَجِّبًا مِنْ شَيْءٍ لَا يَنُوبُ عَنْ الْخُطْبَةِ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
خَطَبَ وَحْدَهُ أَوْ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَلَوْ حَضَرَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ وَخَطَبَ وَصَلَّى بِالثَّلَاثَةِ جَازَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ خَطَبَ وَالْقَوْمُ نِيَامٌ أَوْ صُمٌّ جَازَتْ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
(وَأَمَّا سُنَنُهَا فَخَمْسَةَ عَشَرَ) أَحَدُهَا الطَّهَارَةُ حَتَّى كُرِهَتْ لِلْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ (وَثَانِيهَا) الْقِيَامُ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ خَطَبَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا جَازَ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَثَالِثُهَا) اسْتِقْبَالُ الْقَوْمِ بِوَجْهِهِ (وَرَابِعُهَا) التَّعَوُّذُ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ (وَخَامِسُهَا) أَنْ يُسْمِعَ الْقَوْمَ الْخُطْبَةَ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ أَجْزَأَهُ (وَسَادِسُهَا) الْبُدَاءَةُ بِحَمْدِ اللَّهِ (وَسَابِعُهَا) الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ (وَثَامِنُهَا) الشَّهَادَتَانِ (وَتَاسِعُهَا) الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
(1/146)
وَعَاشِرُهَا) الْعِظَةُ وَالتَّذْكِيرُ (وَالْحَادِيَ عَشَرَ) قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَتَارِكُهَا مُسِيءٌ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَمِقْدَارُ مَا يَقْرَأُ فِيهَا مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثُ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٌ طَوِيلَةٌ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ (وَالثَّانِي عَشَرَ) إعَادَةُ التَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ (وَالثَّالِثَ عَشَرَ) زِيَادَةُ الدُّعَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ (وَالرَّابِعَ عَشَرَ) تَخْفِيفُ الْخُطْبَتَيْنِ بِقَدْرِ سُورَةٍ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَيُكْرَهُ التَّطْوِيلُ (وَالْخَامِسَ عَشَرَ) الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَمِقْدَارُ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا مِقْدَارُ ثَلَاثِ آيَاتٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي تَقْدِيرِ الْجَلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ: إنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ فِي مَوْضِعِ جُلُوسِهِ وَاسْتَقَرَّ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ فِي مَوْضِعِهِ قَامَ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ وَلُبْثٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكُونُ مُسِيئًا بِتَرْكِ الْجَلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَالْقُعُودُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ سُنَّةٌ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ، وَأَمَّا الْخَطِيبُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَتَأَهَّلَ لِلْإِمَامَةِ فِي الْجُمُعَةِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَكُونَ الْخَطِيبُ عَلَى مِنْبَرٍ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ أَنْ يَرْفَعَ الْخَطِيبُ صَوْتَهُ وَأَنْ يَكُونَ الْجَهْرُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ. . . إلَخْ " وَذِكْرُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْعَمَّيْنِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - مُسْتَحْسَنٌ، بِذَلِكَ جَرَى التَّوَارُثُ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَيُكْرَهُ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ غَيْرُ الْخَطِيبِ، كَذَا فِي الْكَافِي إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا إنْ شَهِدَ الْخَلِيفَةُ الْخُطْبَةَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ جَازَ كَيْفَمَا كَانَ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ فَلَا صَلَاةَ وَلَا كَلَامَ وَقَالَا: لَا بَأْسَ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ وَإِذَا فَرَغَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالصَّلَاةِ كَذَا فِي الْكَافِي سَوَاءٌ كَانَ كَلَامُ النَّاسِ أَوْ التَّسْبِيحُ أَوْ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ أَوْ رَدُّ السَّلَامِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَأَمَّا دِرَاسَةُ الْفِقْهِ وَالنَّظَرُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَكِتَابَتُهُ فَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ وَإِذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِلِسَانِهِ وَلَكِنَّهُ أَشَارَ بِيَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ نَحْوُ أَنْ رَأَى مُنْكَرًا مِنْ إنْسَانٍ فَنَهَاهُ بِيَدِهِ أَوْ أَخْبَرَ بِخَبَرٍ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَالنَّائِي عَنْ الْإِمَامِ فِي اسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ كَالْقَرِيبِ وَالْإِنْصَاتُ فِي حَقِّهِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَهُوَ الْأَحْوَطُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَقِيلَ: يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَقِيلَ: يَسْكُتُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيَحْرُمُ فِي الْخُطْبَةِ مَا يَحْرُمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى لَا يَنْبَغِيَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ وَالْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْخَطِيبَ بِوَجْهِهِ هَذَا إذَا كَانَ أَمَامَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ قَرِيبًا مِنْ الْإِمَامِ يَنْحَرِفُ إلَى الْإِمَامِ مُسْتَعِدًّا لِلسَّمَاعِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا أَنَّ عَلَى الْقَوْمِ أَنْ يَسْمَعُوا الْخُطْبَةَ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَالدُّنُوُّ مِنْ الْإِمَامِ أَفْضَلُ مِنْ التَّبَاعُدِ عَنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ لِلدُّنُوِّ مِنْ الْإِمَامِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّخَطِّي مَا لَمْ يَأْخُذْ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ وَيُكْرَهُ إذَا أَخَذَ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَيَدْنُوَ مِنْ الْمِحْرَابِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ لِيَتَّسِعَ الْمَكَانُ عَلَى مَنْ يَجِيءُ بَعْدَهُ وَيَنَالَ فَضْلَ الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ الْأَوَّلُ فَقَدْ
(1/147)
ضَيَّعَ ذَلِكَ الْمَكَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَكَانَ لِلَّذِي جَاءَ بَعْدَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَكَانَ وَأَمَّا مَنْ جَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ مَشْيَهُ وَتَقَدُّمَهُ عَمَلٌ فِي حَالَةِ الْخُطْبَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَأَمَّا تَخَطِّي السُّؤَالِ فَمَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ الْمُخْتَارُ أَنَّ السَّائِلَ إذَا كَانَ لَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَلَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ إلْحَافًا وَيَسْأَلُ لِأَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ لَا بَأْسَ بِالسُّؤَالِ وَالْإِعْطَاءِ وَلَا يَحِلُّ إعْطَاءُ سُؤَالِ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَكُونُوا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
إذَا شَهِدَ الرَّجُلُ عِنْدَ الْخُطْبَةِ إنْ شَاءَ جَلَسَ مُحْتَبِيًا أَوْ مُتَرَبِّعًا أَوْ كَمَا تَيَسَّرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَلَاةٍ عَمَلًا وَحَقِيقَةً، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْعُدَ فِيهَا كَمَا يَقْعُدُ فِي الصَّلَاةِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
إنْ كَانَ فِي النَّفْلِ ثُمَّ شَرَعَ الْخَطِيبُ فِي الْخُطْبَةِ يَقْطَعُ قَبْلَ السَّجْدَةِ وَبَعْدَهَا عِنْدَ الرَّكْعَتَيْنِ، هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ ذَكَرَ فِي الْجُمُعَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَجْرَ فَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ فَوْتَ الْجُمُعَةِ يَقْطَعُهَا وَيَبْدَأُ بِالْفَجْرِ وَلَوْ فَاتَ الْوَقْتُ يُتِمُّ الْجُمُعَةَ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِضِيقِ الْوَقْتِ أَمَّا لَوْ خَافَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ لَا الْوَقْتِ فَعِنْدَهُمَا يَبْدَأُ بِالْفَجْرِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُتِمُّ الْجُمُعَةَ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَخْطُبَ مُتَّكِئًا عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيَتَقَلَّدُ الْخَطِيبُ السَّيْفَ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ فُتِحَتْ بِالسَّيْفِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
(وَمِنْهَا الْجَمَاعَةُ) وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ سِوَى الْإِمَامِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ مِمَّنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ خَطَبَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَنَفَرَ النَّاسُ وَجَاءَ آخَرُونَ وَصَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ أَجْزَأَهُمْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالشَّرْطُ فِيهِمْ أَنْ يَكُونُوا صَالِحِينَ لِلْإِمَامَةِ أَمَّا إذَا كَانُوا لَا يَصْلُحُونَ لَهَا كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَتَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِائْتِمَامِ الْعَبِيدِ وَالْمُسَافِرِينَ وَالْمَرْضَى وَكَذَا بِالْأُمِّيِّينَ وَالْخُرْسِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ لِلْجُمُعَةِ وَالْقَوْمُ حُضُورٌ وَلَمْ يَشْرَعُوا مَعَهُ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمْ إذَا كَبَّرُوا قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا اسْتَقْبَلَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. وَلَوْ كَبَّرُوا مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ نَفَرُوا وَخَرَجُوا مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ جَاءُوا وَكَبَّرُوا قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ أَجْزَأَتْهُمْ الْجُمُعَةُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ وَمَعَهُ قَوْمٌ مُتَوَضِّئُونَ فَلَمْ يُكَبِّرُوا مَعَهُ حَتَّى أَحْدَثُوا ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ وَذَهَبَ الْأَوَّلُونَ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ كَانُوا مُحْدِثِينَ فَكَبَّرَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ اسْتَقْبَلَ التَّكْبِيرَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ إنْ نَفَرُوا بَعْدَ الِافْتِتَاحِ قَبْلَ التَّقْيِيدِ بِالسَّجْدَةِ لَمْ يَجْمَعْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
وَإِنْ نَفَرُوا بَعْدَ مَا قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ صَلَّى الْجُمُعَةَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
(وَمِنْهَا الْإِذْنُ الْعَامُّ) وَهُوَ أَنْ تُفْتَحَ أَبْوَابُ الْجَامِعِ فَيُؤْذَنَ لِلنَّاسِ كَافَّةً حَتَّى أَنَّ جَمَاعَةً لَوْ اجْتَمَعُوا فِي الْجَامِعِ وَأَغْلَقُوا أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَجَمَعُوا لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ السُّلْطَانُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بِحَشَمِهِ فِي دَارِهِ فَإِنْ فَتَحَ بَابَ الدَّارِ وَأَذِنَ إذْنًا عَامًّا جَازَتْ صَلَاتُهُ شَهِدَهَا الْعَامَّةُ أَوْ لَمْ يَشْهَدُوهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُكْرَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ لَمْ يَفْتَحْ بَابَ الدَّارِ وَأَجْلَسَ الْبَوَّابِينَ عَلَيْهَا لَمْ تَجُزْ لَهُمْ الْجُمُعَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرِيضِ أَنْ يَؤُمُّوا فِي الْجُمُعَةِ، كَذَا فِي الْقُدُورِيِّ.
وَمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَهَا كُرِهَ، كَذَا فِي الْكَنْزِ.
وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَأَهْلِ السِّجْنِ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ إلَى فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُؤَخَّرْ يُكْرَهُ فِي الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
إنْ أَدَّى الظُّهْرَ ثُمَّ سَعَى إلَى الْجُمُعَةِ فَأَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ بَطَلَ ظُهْرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعْذُورًا كَالْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ وَالْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا فَإِنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ وَالْإِمَامُ فَرَغَ مِنْهَا لَا يَبْطُلُ إجْمَاعًا وَإِنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ وَالْإِمَامُ فِيهَا فَقَبْلَ
(1/148)
أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ فَرَغَ مِنْهَا بَطَلَ ظُهْرُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا وَإِنْ خَرَجَ لَا يُرِيدُ الْجُمُعَةَ لَا يَبْطُلُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ سَعَى إلَى الْجُمُعَةِ وَكَانَ سَعْيُهُ مُقَارِنًا لِفَرَاغِهِ لَا يَبْطُلُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ تَوَجَّهَ إلَيْهَا وَلَمْ يُؤَدِّهَا الْإِمَامُ بَعْدُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْجُو إدْرَاكَهَا لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ بَطَلَ ظُهْرُهُ فِي قَوْلِ الْبَلْخِيِّينَ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
فَإِنْ كَانَ تَوَجَّهَ إلَيْهَا وَلَمْ يُصَلِّ الْإِمَامُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ اخْتَلَفُوا فِي بُطْلَانِ ظُهْرِهِ. الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا تَوَجَّهَ إلَيْهَا وَالنَّاسُ فِيهَا إلَّا أَنَّهُمْ خَرَجُوا قَبْلَ إتْمَامِهَا لِنَائِبِهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْطُلُ ظُهْرُهُ، هَكَذَا فِي الْكِفَايَةِ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي السَّعْيِ الِانْفِصَالُ عَنْ دَارِهِ فَلَا يَبْطُلُ قَبْلَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ كَانَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ مَا صَلَّى الظُّهْرَ لَا يَبْطُلُ حَتَّى يَشْرَعَ مَعَ الْإِمَامِ اتِّفَاقًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَالْمَرِيضُ إذَا وَجَدَ خِفَّةً بَعْدَ مَا صَلَّى الظُّهْرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ رَاحَ إلَى الْجُمُعَةِ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ انْتَقَضَ ظُهْرُهُ وَانْقَلَبَ نَفْلًا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَمَنْ أَدْرَكَهَا فِي التَّشَهُّدِ أَوْ فِي السُّجُودِ أَتَمَّ جُمُعَةً عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكُرِهَ فِي الْمِصْرِ ظُهْرُ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ كَالْمَسْجُونِ وَالْمُسَافِرِ جَمَاعَةً قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَبَعْدَهُ وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ الظُّهْرَ لِأَهْلِ الْمِصْرِ إذَا لَمْ يَجْمَعُوا الْمَانِعَ وَأَمَّا أَهْلُ الْقُرَى فَلَهُمْ ذَلِكَ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ، هَكَذَا فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْوِقَايَةِ لِأَبِي الْمَكَارِمِ.
وَيَجِبُ السَّعْيُ وَتَرْكُ الْبَيْعِ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: يَجِبُ السَّعْيُ وَيُكْرَهُ الْبَيْعُ عِنْدَ أَذَانِ الْمِنْبَرِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْأَذَانُ عَلَى الْمَنَارَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلَّ أَذَانٍ يَكُونُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَالْمُعْتَبَرُ أَوَّلُ الْأَذَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ عَلَى الزَّوْرَاءِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَسُرْعَةُ الْمَشْيِ وَالْعَدْوُ إلَى الْمَسْجِدِ لَا تَجِبُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي اسْتِحْبَابِهِ وَالْأَصَحُّ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَإِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أُذِّنَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأُقِيمَ بَعْدَ تَمَامِ الْخُطْبَةِ بِذَلِكَ جَرَى التَّوَارُثُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَيِّ سُورَةٍ شَاءَ وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا كَبَّرَ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ لِلزِّحَامِ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ حَتَّى يَقُومَ النَّاسُ فَإِنْ وَجَدَ فُرْجَةً سَجَدَ وَإِنْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ آخَرَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ وَجَدَ فُرْجَةً وَمَعَ هَذَا سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ آخَرَ لَمْ يُجْزِئْهُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَوْ زَحَمَهُ النَّاسُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ السُّجُودَ فَوَقَفَ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَهُوَ لَاحِقٌ حَتَّى يَمْضِيَ فِي صَلَاتِهِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
لَوْ سُبِقَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ قَامَ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ كَانَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ جَهَرَ وَإِنْ شَاءَ خَافَتَ كَالْمُنْفَرِدِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَضَرَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ أَنْ يَدْهُنَ وَيَمَسَّ طِيبًا إنْ وَجَدَهُ وَيَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ إنْ كَانَ وَتُسْتَحَبُّ الثِّيَابُ الْبِيضُ وَيَجْلِسَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
[الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]
(الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ) وَهِيَ وَاجِبَةٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَيُسْتَحَبُّ يَوْمَ الْفِطْرِ لِلرَّجُلِ الِاغْتِسَالُ وَالسِّوَاكُ وَلُبْسُ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ جَدِيدًا كَانَ أَوْ غَسِيلًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيُسْتَحَبُّ التَّخَتُّمُ وَالتَّطَيُّبُ وَالتَّبْكِيرُ وَهُوَ سُرْعَةُ الِانْتِبَاهِ وَالِابْتِكَارُ وَهُوَ الْمُسَارَعَةُ إلَى الْمُصَلَّى وَأَدَاءُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَصَلَاةُ الْغَدَاةِ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ وَالْخُرُوجُ إلَى الْمُصَلَّى مَاشِيًا وَالرُّجُوعُ فِي طَرِيقٍ آخَرَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَا بَأْسَ بِالرُّكُوبِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْمَشْيُ أَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَاسْتُحِبَّ فِي عِيدِ الْفِطْرِ
(1/149)
أَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى تُمَيْرَاتٍ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا وَإِلَّا مَا شَاءَ مِنْ أَيِّ حُلْوٍ كَانَ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ.
وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا يَأْثَمُ وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ بَعْدَهَا إلَى الْعِشَاءِ رُبَّمَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ وَالْأَضْحَى كَالْفِطْرِ فِيهَا إلَّا أَنَّهُ يَتْرُكُ الْأَكْلَ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِيدَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَفِي الْكُبْرَى الْأَكْلُ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْأَضْحَى هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ تَنَاوُلِهِمْ مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ الَّتِي هِيَ ضِيَافَةُ اللَّهِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
الْخُرُوجُ إلَى الْجَبَّانَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ سُنَّةٌ وَإِنْ كَانَ يَسَعُهُمْ الْمَسْجِدُ الْجَامِعُ، عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَتَجُوزُ إقَامَةُ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَأَمَّا إقَامَتُهَا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يُخْرَجُ الْمِنْبَرُ إلَى الْجَبَّانَةِ يَوْمَ الْعِيدِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي بِنَاءِ الْمِنْبَرِ فِي الْجَبَّانَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُكْرَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ مَاشِيًا إلَى الْمُصَلَّى عَلَى السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبْصِرَ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَيُكَبِّرُ فِي الطَّرِيقِ فِي الْأَضْحَى جَهْرًا يَقْطَعُهُ إذَا انْتَهَى إلَى الْمُصَلَّى وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ وَفِي الْفِطْرِ الْمُخْتَارُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ أَمَّا سِرًّا فَمُسْتَحَبٌّ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
تَجِبُ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى كُلِّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَيُشْتَرَطُ لِلْعِيدِ مَا يُشْتَرَطُ لِلْجُمُعَةِ إلَّا الْخُطْبَةَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، فَإِنَّهَا سُنَّةٌ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا وَإِنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ جَازَ وَيُكْرَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَا تُعَادُ الْخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بَعْدَ الرُّجُوعِ إلَى مَنْزِلِهِ، كَذَا فِي الزَّادِ.
إذَا قَضَى صَلَاةَ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ الْفَجْرِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَكَذَا يَجُوزُ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ الْقَدِيمَةِ قَبْلَهَا لَكِنْ لَوْ قَضَاهَا بَعْدَهَا فَهُوَ أَحَبُّ وَأَوْلَى، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.
وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ حِينِ تَبْيَضُّ الشَّمْسُ إلَى أَنْ تَزُولَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَكَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعَجَّلَ الْأَضْحَى وَيُؤَخَّرَ الْفِطْرُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُصَلِّي الْإِمَامُ رَكْعَتَيْنِ فَيُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْرَأُ جَهْرًا ثُمَّ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ فَإِذَا قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ قَرَأَ ثُمَّ كَبَّرَ ثَلَاثًا وَرَكَعَ بِالرَّابِعَةِ فَتَكُونُ التَّكْبِيرَاتُ الزَّوَائِدُ سِتًّا ثَلَاثًا فِي الْأُولَى وَثَلَاثًا فِي الْأُخْرَى، وَثَلَاثٌ أَصْلِيَّاتٌ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَتَانِ لِلرُّكُوعِ فَيُكَبِّرُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَيُوَالِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ بِهَا أَخَذَ أَصْحَابُنَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الزَّوَائِدِ وَيَسْكُتُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مِقْدَارَ ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَبِهِ أَفْتَى مَشَايِخُنَا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَيُرْسِلُ الْيَدَيْنِ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ وَلَا يَضَعُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُطْبَتَيْنِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا جَلْسَةً خَفِيفَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ لَا يَجْلِسُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَيَخْطُبُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْتَتِحَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ تَتْرَى وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَيُعَلِّمَ النَّاسَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَأَحْكَامَهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ: عَلَى مَنْ تَجِبُ؟ وَلِمَنْ تَجِبُ؟ وَمَتَى تَجِبُ؟ وَكَمْ تَجِبُ؟ وَمِمَّ تَجِبُ؟ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَفِي عِيدِ النَّحْرِ يُكَبِّرُ الْخَطِيبُ وَيُسَبِّحُ وَيَعِظُ النَّاسَ وَيُعَلِّمُهُمْ أَحْكَامَ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ وَالْقُرْبَانِ، كَذَا فِي
(1/150)
التَّتَارْخَانِيَّة وَيُعَلِّمُ تَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ، كَذَا فِي الزَّادِ.
وَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ بِالْخُطْبَةِ يُكَبِّرُ الْقَوْمُ مَعَهُ وَإِذَا صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي النَّاسُ فِي أَنْفُسِهِمْ (1) امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ وَسُنَّةِ الْإِنْصَاتِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.
إذَا اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَرَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُخَالَفَةٌ يَسِيرَةٌ فَلَا تَخْلُ بِالْمُتَابَعَةِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَهَذَا الرَّجُلُ يَرَى تَكْبِيرَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَكَبَّرَ الْإِمَامُ غَيْرَ ذَلِكَ اتَّبَعَ الْإِمَامَ إلَّا إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرًا لَمْ يُكَبِّرْهُ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَحِينَئِذٍ لَا يُتَابِعُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَكِنْ هَذَا إذَا كَانَ بِقُرْبِ الْإِمَامِ يَسْمَعُ التَّكْبِيرَاتِ مِنْهُ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِبُعْدٍ مِنْهُ يَسْمَعُ مِنْ الْمُكَبِّرِينَ يَأْتِي بِجَمِيعِ مَا يَسْمَعُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ أَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ لِجَوَازِ أَنَّ الْغَلَطَ مِنْ الْمُكَبِّرِينَ فَلَوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا رُبَّمَا كَانَ الْمَتْرُوكُ مَا أَتَى بِهِ الْإِمَامُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكَبِيرِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَعْدَمَا كَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - سِتَّ تَكْبِيرَاتٍ فَدَخَلَ مَعَهُ وَهُوَ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرَّجُلُ يَرَى تَكْبِيرَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ حَالَ مَا يَقْرَأُ الْإِمَامُ وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يَتْبَعُ رَأْيَ الْإِمَامِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ انْتَهَى رَجُلٌ إلَى الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ فِي الْعِيدَيْنِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ قَائِمًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّكْبِيرَاتِ وَيُدْرِكَ الرُّكُوعَ فَعَلَ وَيُكَبِّرُ عَلَى رَأْيِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَكَعَ وَاشْتَغَلَ بِالتَّكْبِيرَاتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا أَتَى بِتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فِي الرُّكُوعِ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ بَعْدَمَا أَدَّى بَعْضَ التَّكْبِيرَاتِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُتَابِعُ الْإِمَامَ وَتَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْبِيرَاتُ الْبَاقِيَةُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ أَدْرَكَهُ فِي الْقَوْمَةِ لَا يَقْضِي فِيهَا؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ التَّكْبِيرَاتِ وَاللَّاحِقُ يُكَبِّرُ بِرَأْيِ إمَامِهِ كَمَنْ شَرَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَنَامَ فَانْتَبَهَ يُكَبِّرُ بِرَأْيِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ بَعْدَ مَا تَشَهَّدَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ أَوْ بَعْدَمَا سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ أَوْ بَعْدَمَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيَقْضِي صَلَاةَ الْعِيدِ.
وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ الْمَذْكُورُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِيرُ مُدْرِكًا كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فِي الْأَنْفَعِ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ (2) فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ وَاجِبَةٌ وَفِي النَّافِعِ وَكَذَا تَجِبُ رِعَايَةُ لَفْظِ التَّكْبِيرِ فِي الِافْتِتَاحِ حَتَّى يَجِبَ سُجُودُ السَّهْوِ إذَا قَالَ: اللَّهُ أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ دُونَ غَيْرِهَا (3) وَإِذَا نَسِيَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ حَتَّى قَرَأَ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ أَوْ فِي الرُّكُوعِ مَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَتُؤَخَّرُ صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ إلَى الْغَدِ إذَا مَنَعَهُمْ مِنْ إقَامَتِهَا عُذْرٌ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ الْهِلَالُ وَشُهِدَ عِنْدَ الْإِمَامِ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ قَبْلَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ جَمْعُ النَّاسِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ صَلَّاهَا فِي يَوْمِ غَيْمٍ فَظَهَرَ أَنَّهَا وَقَعَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَا تُؤَخَّرُ إلَى بَعْدِ الْغَدِ وَالْإِمَامُ لَوْ صَلَّاهَا مَعَ
(1/151)
الْجَمَاعَةِ وَفَاتَتْ بَعْضَ النَّاسِ لَا يَقْضِيهَا مَنْ فَاتَتْهُ خَرَجَ الْوَقْتُ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا حَدَثَ عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى صَلَّاهَا مِنْ الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ وَلَا يُصَلِّيهَا بَعْدَ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ ثُمَّ الْعُذْرُ هَهُنَا لِنَفْيِ الْكَرَاهَةِ حَتَّى لَوْ أَخَّرُوهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ جَازَتْ الصَّلَاةُ وَقَدْ أَسَاءُوا وَفِي الْفِطْرِ لِلْجَوَازِ حَتَّى لَوْ أَخَّرُوهَا إلَى الْغَدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَوَقْتُهَا مِنْ الْغَدِ كَوَقْتِهَا مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إمَامٌ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدِ يَوْمَ الْفِطْرِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ الزَّوَالِ خَرَجَ مِنْ الْغَدِ وَصَلَّى فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ لَمْ يَخْرُجْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي عِيدِ الْأَضْحَى فَعَلِمَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ ذَبَحَ النَّاسُ جَازَ ذَبْحُ مَنْ ذَبَحَ وَيَخْرُجُ مِنْ الْغَدِ وَيُصَلِّي وَكَذَا إنْ عَلِمَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي صَلَّى بِالنَّاسِ مَا لَمْ تَزُلْ الشَّمْسُ فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَمَا زَالَتْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يُصَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ نَادَى فِي النَّاسِ بِالصَّلَاةِ وَجَازَ ذَبْحُ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْعِلْمِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الْعِلْمِ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَتُقَدَّمُ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا اجْتَمَعَتَا وَتُقَدَّمُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَالتَّعْرِيفُ وَهُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ تَشَبُّهًا بِالْوَاقِفِينَ بِعَرَفَةَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
[تَكْبِيرَاتُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ]
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ تَكْبِيرَاتُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) (الْكَلَامُ فِي تَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ فِي مَوَاضِعَ) الْأَوَّلُ فِي صِفَتِهِ وَالثَّانِي فِي عَدَدِهِ وَمَاهِيَّتِهِ وَالثَّالِثُ فِي شُرُوطِهِ وَالرَّابِعُ فِي وَقْتِهِ، أَمَّا صِفَتُهُ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ.
وَأَمَّا عَدَدُهُ وَمَاهِيَّتُهُ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ مَرَّةً وَاحِدَةً: اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَأَمَّا شُرُوطُهُ فَإِقَامَةٌ وَمِصْرٌ وَمَكْتُوبَةٌ وَجَمَاعَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ وَالسُّلْطَانُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى الْأَصَحِّ، هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَأَمَّا وَقْتُهُ فَأَوَّلُهُ عَقِيبَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَآخِرُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عَقِيبَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَالْفَتْوَى وَالْعَمَلُ فِي عَامَّةِ الْأَمْصَارِ وَكَافَّةِ الْأَعْصَارِ عَلَى قَوْلِهِمَا، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُكَبِّرَ مُتَّصِلًا بِالسَّلَامِ حَتَّى لَوْ تَكَلَّمَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا سَقَطَ، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَلَا يُكَبِّرُ عَقِيبَ الْوِتْرِ وَعَقِيبَ صَلَاةِ الْعِيدِ.
وَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَذَكَرَهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ قَضَاهَا وَكَبَّرَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةٌ قَبْلَ هَذِهِ الْأَيَّامِ فَقَضَاهَا فِيهَا لَا يُكَبِّرُ وَكَذَا لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَضَاهَا فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ قَضَاهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ قَابِلٍ لَا يُكَبِّرُ عَقِيبَهَا وَبِالِاقْتِدَاءِ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ، وَالْمَرْأَةُ تُخَافِتُ بِالتَّكْبِيرِ وَكَذَا يَجِبُ عَلَى الْمَسْبُوقِ وَيُكَبِّرُ بَعْدَمَا مَضَى مَا فَاتَهُ وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ التَّكْبِيرَ يُكَبِّرُ الْمُقْتَدِي وَيَنْتَظِرُ الْمُقْتَدِي الْإِمَامَ حَتَّى يَأْتِيَ بِشَيْءٍ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ وَهِيَ الْأَشْيَاءُ الَّتِي تَقْطَعُ الْبِنَاءَ كَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْحَدَثِ الْعَمْدِ وَالْكَلَامِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكَبِّرُ وَلَا يَخْرُجُ لِلطَّهَارَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]
(1/152)
وَهِيَ سُنَّةٌ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهَا تُؤَدَّى بِجَمَاعَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ أَدَائِهَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كُلُّ رَكْعَةٍ بِرُكُوعٍ وَسَجْدَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ يَقْرَأُ فِيهِمَا مَا أَحَبَّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُطَوِّلَ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا، كَذَا فِي الْكَافِي وَيَدْعُو بَعْدَ الصَّلَاةِ حَتَّى تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ كَمَالَ الِانْجِلَاءِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيَجُوزُ تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ وَتَخْفِيفُ الدُّعَاءِ وَتَطْوِيلُ الدُّعَاءِ وَتَخْفِيفُ الْقِرَاءَةِ فَإِذَا خَفَّفَ أَحَدَهُمَا طَوَّلَ الْآخَرَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَا يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ بِجَمَاعَةٍ إلَّا الْإِمَامُ الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَةَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: فَإِنْ عَدِمَ الْإِمَامُ الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ وُحْدَانًا فِي مَسَاجِدِهِمْ إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يُصَلُّوا بِجَمَاعَةٍ يَؤُمُّهُمْ فِيهَا إمَامُ حَيِّهِمْ فِي مَسْجِدِهِمْ وَلَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ خُطْبَةٌ وَهَذَا مَذْهَبُنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْجَبَّانَةُ أَوْ الْمَسْجِدُ الْجَامِعُ وَلَوْ صَلَّوْا فِي مَنْزِلٍ آخَرَ جَازَ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ وَلَوْ صَلَّوْا وُحْدَانًا فِي مَنَازِلِهِمْ جَازَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا وَدَعَوْا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصَلُّوا أَجْزَأَهُمْ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَا يَصْعَدُ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ لِلدُّعَاءِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ الْإِمَامُ فِي هَذَا الدُّعَاءِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ جَلَسَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَدَعَا وَإِنْ شَاءَ قَامَ وَدَعَا وَإِنْ شَاءَ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَدَعَا وَيُؤَمِّنُ الْقَوْمُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ وَلَوْ قَامَ وَاعْتَمَدَ عَلَى عَصًا لَهُ أَوْ عَلَى قَوْسٍ لَهُ وَدَعَا ذَلِكَ حَسَنًا أَيْضًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى انْجَلَتْ لَمْ يُصَلِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ انْجَلَى بَعْضُهَا جَازَ أَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ فَإِنْ سَتَرَهَا سَحَابٌ أَوْ حَائِلٌ وَهِيَ كَاسِفَةٌ صَلَّى وَإِنْ غَرَبَتْ كَاسِفَةً أَمْسَكَ عَنْ الدُّعَاءِ وَاشْتَغَلَ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَإِنْ اجْتَمَعَ الْكُسُوفُ وَالْجِنَازَةُ بَدَأَ بِالْجِنَازَةِ وَإِنْ كَسَفَتْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُنْهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا لَمْ يُصَلِّ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
[الصَّلَاةُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ]
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ) يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ وُحْدَانًا، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَدَّتْ الْأَهْوَالُ وَالْأَفْزَاعُ كَالرِّيحِ إذَا اشْتَدَّتْ وَالسَّمَاءُ إذَا دَامَتْ مَطَرًا أَوْ ثَلْجًا أَوْ احْمَرَّتْ وَالنَّهَارُ إذَا أَظْلَمَ وَكَذَا إذَا عَمَّ الْمَرَضُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَكَذَا فِي الزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ وَانْتِثَارِ (1) الْكَوَاكِبِ وَالضَّوْءِ الْهَائِلِ بِاللَّيْلِ وَالْخَوْفِ الْغَالِبِ مِنْ الْعَدُوِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ فِي مَنَازِلِهِمْ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
[الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ]
(الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ صَلَاةٌ مَسْنُونَةٌ فِي جَمَاعَةٍ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَا خُطْبَةَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ دُعَاءٌ وَاسْتِغْفَارٌ وَإِنْ صَلَّوْا وُحْدَانًا فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَيْسَ فِيهِ قَلْبُ رِدَاءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَقَالَا: يَخْرُجُ الْإِمَامُ وَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَيَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَيَسْتَقْبِلُ النَّاسَ بِوَجْهِهِ قَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ لَا عَلَى الْمِنْبَرِ وَيَفْصِلُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِجَلْسَةٍ وَإِنْ شَاءَ خَطَبَ خُطْبَةً وَاحِدَةً وَيَدْعُو اللَّهَ وَيُسَبِّحُهُ وَيَسْتَغْفِرُ
(1/153)
لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ قَوْسًا فَإِذَا مَضَى صَدْرٌ مِنْ خُطْبَتِهِ قَلَبَ رِدَاءَهُ (1) ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَصِفَةُ تَقْلِيبِ الرِّدَاءِ إنْ كَانَ مُرَبَّعًا جَعَلَ أَسْفَلَهُ أَعْلَاهُ وَأَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَإِنْ كَانَ مُدَوَّرًا جَعَلَ الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ وَلَكِنَّ الْقَوْمَ لَا يَقْلِبُونَ أَرْدِيَتَهُمْ، هَكَذَا فِي الْكَافِي وَالْمُحِيطِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي التُّحْفَةِ وَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الْخُطْبَةِ يَجْعَلُ ظَهْرَهُ إلَى النَّاسِ وَوَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَقْلِبُ رِدَاءَهُ ثُمَّ يَشْتَغِلُ بِدُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ قَائِمًا وَالنَّاسُ قُعُودٌ مُسْتَقْبِلُونَ وَوُجُوهُهُمْ إلَى الْقِبْلَةِ فِي الْخُطْبَةِ وَالدُّعَاءِ فَيَدْعُوَا اللَّهَ تَعَالَى وَيَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُجَدِّدُونَ التَّوْبَةَ وَيَسْتَغْفِرُونَ ثُمَّ عِنْدَ الدُّعَاءِ إنْ رَفَعَ يَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ فَحَسَنٌ وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ فَحَسَنٌ وَكَذَا النَّاسُ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الدُّعَاءِ بَسْطُ الْيَدَيْنِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَيُنْصِتُ الْقَوْمُ لِخُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ثُمَّ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ بِالنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، كَذَا فِي الزَّادِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُخْرَجُ فِيهِ الْمِنْبَرُ وَيَخْرُجُونَ مُشَاةً فِي ثِيَابٍ خَلِقَةٍ أَوْ غَسِيلَةٍ أَوْ مُرَقَّعَةٍ مُتَذَلِّلِينَ خَاشِعِينَ مُتَوَاضِعِينَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَاكِسِي رُءُوسِهِمْ ثُمَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ يُقَدِّمُونَ الصَّدَقَةَ قَبْلَ الْخُرُوجِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَفِي التَّجْرِيدِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْإِمَامُ أَمَرَ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ وَإِنْ خَرَجُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ جَازَ.
وَلَا يَخْرُجُ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي ذَلِكَ مَعَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِنْ خَرَجُوا مَعَ أَنْفُسِهِمْ إلَى بِيَعِهِمْ أَوْ إلَى كَنَائِسِهِمْ أَوْ إلَى الصَّحْرَاءِ لَمْ يُمْنَعُوا عَنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَإِنَّمَا يَكُونُ الِاسْتِسْقَاءُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ لَهُمْ أَوْدِيَةٌ وَلَا أَنْهَارٌ وَآبَارٌ يَشْرَبُونَ مِنْهَا وَيَسْقُونَ مَوَاشِيَهُمْ أَوْ زُرُوعَهُمْ أَوْ يَكُونُ لَهُمْ وَلَا يَكْفِيهِمْ ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَهُمْ أَوْدِيَةٌ وَآبَارٌ وَأَنْهَارٌ فَإِنَّ النَّاسَ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الِاسْتِسْقَاءِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ شِدَّةِ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]
(الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ) لَا خِلَافَ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ كَانَتْ مَشْرُوعَةً فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا بَعْدَهُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بَقِيَتْ مَشْرُوعَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي الزَّادِ وَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ جَعَلَ الْإِمَامُ النَّاسَ طَائِفَتَيْنِ طَائِفَةً إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَطَائِفَةً خَلْفَهُ، كَذَا فِي الْقُدُورِيِّ.
وَصُورَةُ اشْتِدَادِ الْخَوْفِ أَنْ يَحْضُرَ الْعَدُوُّ بِحَيْثُ يَرَوْنَهُ فَخَافُوا إنْ اشْتَغَلُوا جَمِيعًا بِالصَّلَاةِ يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ فَلَوْ رَأَوْا سَوَادًا وَظَنُّوهُ عَدُوًّا وَصَلَّوْهَا فَإِنْ تَبَيَّنَ كَمَا ظَنُّوا جَازَتْ وَإِنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا ظَهَرَ بَعْدَ مَا انْصَرَفَتْ الطَّائِفَةُ مِنْ نَوْبَتِهَا فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ تَتَجَاوَزَ الصُّفُوفَ فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَبْنُوا اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْقَوْمِ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لِعَدَمِ الْمُفْسِدِ فِي حَقِّهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَكَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ مُسَافِرِينَ فَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعْ الْقَوْمُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَهُ فَالْأَفْضَلُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ الْقَوْمَ طَائِفَتَيْنِ فَيَأْمُرَ طَائِفَةً لِيَقُومُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَيُصَلِّيَ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ تَمَامَ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَأْمُرَ رَجُلًا مِنْ الطَّائِفَةِ الَّتِي بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ تَمَامَ صَلَاتِهِمْ أَيْضًا وَإِنْ تَنَازَعَ كُلُّ طَائِفَةٍ فَقَالُوا إنَّا نُصَلِّي مَعَكَ يَجْعَلُ الْقَوْمَ طَائِفَتَيْنِ يَقِفُ إحْدَاهُمَا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَيُصَلِّي مَعَ الطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ تَذْهَبُ هَذِهِ الطَّائِفَةُ إلَى الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ يَنْتَظِرُهُمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ الرَّكْعَةَ الْأُخْرَى ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ
(1/154)
وَلَا يُسَلِّمُ مَعَهُ مَنْ خَلْفَهُ وَلَكِنْ يَذْهَبُونَ إلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى مَكَانَ صَلَاتِهِمْ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَإِذَا صَلَّوْا رَكْعَةً قَعَدُوا قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَيُسَلِّمُونَ وَيَذْهَبُونَ إلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مَكَانَ صَلَاتِهِمْ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً بِقِرَاءَةٍ.
وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ مُقِيمِينَ وَالصَّلَاةُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ تَقُومُ طَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَيَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَيَقْعُدُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ تَذْهَبُ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ يَنْتَظِرُ مَجِيئَهُمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَلَا يُسَلِّمُ مَعَهُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بَلْ يَذْهَبُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَيُسَلِّمُونَ وَيَقِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُقِيمًا وَالْقَوْمُ مُسَافِرِينَ أَوْ مُقِيمِينَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ الْكُلُّ مُقِيمِينَ.
وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا وَالْقَوْمُ مُقِيمِينَ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ رَكْعَةً وَسَلَّمَ ثُمَّ تَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَيُصَلُّونَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ مُدْرِكُونَ فَإِذَا أَتَمَّتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى صَلَاتَهُمْ انْصَرَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ إلَى مَكَانِ صَلَاتِهِمْ فَيُصَلُّونَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ مَسْبُوقُونَ فِيهَا وَالْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ.
وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا وَالْقَوْمُ مُقِيمِينَ وَمُسَافِرِينَ صَلَّى الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً فَمَنْ كَانَ مُسَافِرًا خَلْفَ الْإِمَامِ بَقِيَ إلَى تَمَامِ صَلَاتِهِ رَكْعَةً وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بَقِيَ إلَى تَمَامِ صَلَاتِهِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَرْجِعُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى إلَى مَكَانِ الْإِمَامِ فَمَنْ كَانَ مُسَافِرًا يُصَلِّي رَكْعَةً بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُدْرِكٌ أَوَّلَ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا يُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِذَا أَتَمَّتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى صَلَاتَهُمْ يَنْصَرِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ إلَى مَكَانِ صَلَاتِهِمْ فَمَنْ كَانَ مُسَافِرًا يُصَلِّي رَكْعَةً بِقِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا يُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَسْبُوقًا فِيهَا وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَوْ مُسْتَدْبِرَهَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالْأُولَى رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا فَصَلَاةُ الْكُلِّ فَاسِدَةٌ وَأَصْلُهُ أَنَّ الِانْحِرَافَ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ مُفْسِدٌ وَتَرْكَهُ فِي أَوَانِهِ غَيْرُ مُفْسِدٍ.
فَعَلَى هَذَا لَوْ جَعَلَهُمْ أَرْبَعَ طَوَائِفَ فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً فَصَلَاةُ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فَاسِدَةٌ وَصَلَاةُ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ صَحِيحَةٌ.
وَإِنْ عَادَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ صَلَّوْا الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ وَالرَّابِعَةَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ ثُمَّ يَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِقِرَاءَةٍ ثُمَّ تَرْجِعُ الطَّائِفَةُ الرَّابِعَةُ فَتُصَلِّي ثَلَاثًا بِقِرَاءَةٍ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَيَقْعُدُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ أُخْرَى بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَلَا يَقْعُدُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ رَكْعَةً ثَالِثَةً بِالْفَاتِحَةِ لَا غَيْرُ وَيَقْعُدُونَ وَيُسَلِّمُونَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَمَنْ دَخَلَ فِي قِسْمِ غَيْرِهِ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمُ ذَلِكَ الْغَيْرِ إلَّا إذَا دَخَلَ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ قِسْمِ نَفْسِهِ فَإِنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَانْصَرَفُوا إلَّا رَجُلًا بَقِيَ حَتَّى صَلَّى الثَّلَاثَةَ ثُمَّ انْصَرَفَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ دَخَلَ فِي قِسْمِ الثَّانِيَةِ لَكِنْ لَمْ يَصِرْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ فَرَغَ مِنْ قِسْمِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْمَغْرِبِ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً وَلَوْ أَخْطَأَ وَصَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ جَمِيعًا وَلَوْ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً فَانْصَرَفُوا ثُمَّ بِالْأُولَى الثَّالِثَةَ فَصَلَاةُ الْأُولَى فَاسِدَةٌ وَصَلَاةُ الثَّانِيَةِ جَائِزَةٌ وَيَقْضُونَ رَكْعَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَالثَّانِيَةَ
(1/155)
بِقِرَاءَةٍ وَلَوْ جَعَلَهُمْ فِي الْمَغْرِبِ ثَلَاثَ طَوَائِفَ فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً فَصَلَاةُ الْأُولَى فَاسِدَةٌ وَصَلَاةُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ جَائِزَةٌ وَتَقْضِي الثَّانِيَةُ رَكْعَتَيْنِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَالطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ تَقْضِي رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
ثُمَّ الْخَوْفُ مِنْ عَدُوٍّ وَمِنْ سَبُعٍ سَوَاءٌ وَالْخَوْفُ لَا يُوجِبُ قَصْرَ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْمَشْيُ فِي الصَّلَاةِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَا يُقَاتِلُونَ فِي حَالِ الصَّلَاةِ فَإِنْ قَاتَلُوا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّ الْقِتَالَ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ وَكَذَا مَنْ رَكِبَ حَالَ انْصِرَافِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
سَوَاءٌ كَانَ انْصِرَافُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ إلَى الْعَدُوِّ أَوْ مِنْ الْعَدُوِّ إلَى الْقِبْلَةِ.
وَلَا يُصَلِّي سَابِحًا فِي الْبَحْرِ وَلَا مَاشِيًا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَإِنْ كَانَ مَاشِيًا هَارِبًا مِنْ الْعَدُوِّ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْوُقُوفُ لِيُصَلِّيَ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي مَاشِيًا عِنْدَنَا بَلْ يُؤَخِّرُ وَإِذَا سَهَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَجَبَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا رُكْبَانًا فُرَادَى يُومِئُونَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءُوا إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى التَّوَجُّهِ إلَى الْقِبْلَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَاشْتِدَادُ الْخَوْفِ هُنَا أَنْ لَا يَدَعَهُمْ الْعَدُوُّ بِأَنْ يُصَلُّوا نَازِلِينَ بَلْ يَهْجُمُوهُمْ بِالْمُحَارَبَةِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَا يُصَلُّونَ بِجَمَاعَةٍ رُكْبَانًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ وَالْمُقْتَدِي عَلَى دَابَّةٍ فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُقْتَدِي بِهِ وَإِذَا صَلَّى بِالْإِيمَاءِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ فِي الْوَقْتِ وَخَارِجِ الْوَقْتِ وَالرَّاجِلُ يُومِئُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّاكِبُ إذَا كَانَ طَالِبًا لَا يُصَلِّي عَلَى الدَّابَّةِ وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الدَّابَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ثُمَّ كُلُّ مَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْزِلَ فَصَلَّى رَاكِبًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ حَصَلَ الْأَمْنُ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ بِأَنْ ذَهَبَ الْعَدُوُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتِمُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ وَلَكِنْ يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْأَمْنِ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَمَنْ حَوَّلَ مِنْهُمْ وَجْهَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ بَعْدَمَا انْصَرَفَ الْعَدُوُّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَمَنْ حَوَّلَ مِنْهُمْ وَجْهَهُ قَبْلَ انْصِرَافِ الْعَدُوِّ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ ثُمَّ ذَهَبَ الْعَدُوُّ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الزِّيَادَاتِ: إمَامٌ صَلَّى الظُّهْرَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَهُمْ مُقِيمُونَ فَلَمَّا صَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ انْحَرَفُوا إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ وَلَكِنْ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ فَعَلِمَ أَنَّهُ أَسَاءَ فِيمَا صَنَعَ وَانْحَرَفَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوْ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ انْحَرَفَ بَعْدَمَا قَعَدَ مَعَ الْإِمَامِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ.
فَإِنْ افْتَتَحَ الْإِمَامُ بِهِمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَهُمْ مُسَافِرُونَ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً أَقْبَلَ الْعَدُوُّ وَانْحَرَفَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَلِّينَ وَوَقَفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَبَقِيَتْ طَائِفَةٌ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى أَتَمُّوا فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ أَمَّا صَلَاةُ مَنْ بَقِيَ مَعَ الْإِمَامِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا صَلَاةُ مَنْ انْحَرَفَ؛ فَلِأَنَّ هَذَا الِانْحِرَافَ فِي أَوَانِهِ وَالضَّرُورَةَ مُتَحَقِّقَةٌ.
وَلَوْ افْتَتَحَ الْإِمَامُ بِهِمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَهُمْ مُقِيمُونَ فَأَقْبَلَ الْعَدُوُّ وَانْحَرَفَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَلِّينَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ انْحَرَفُوا بَعْدَمَا صَلَّوْا رَكْعَةً فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ حَضَرَ الْعَدُوُّ بَعْدَ مَا صَلَّى الظُّهْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَانْصَرَفَتْ طَائِفَةٌ لِيَقِفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ لَا ذِكْرَ لِهَذَا الْفَصْلِ فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ؛ لِأَنَّ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّطْرِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ الْإِمَامُ أَوَانُ الِانْحِرَافِ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
صَلَاةُ الْخَوْفِ تَجُوزُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
فَإِذَا قَابَلَ الْإِمَامُ الْعَدُوَّ يَوْمَ الْعِيدِ فِي الْمِصْرِ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ يَجْعَلُ النَّاسَ طَائِفَتَيْنِ وَيُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى مَذْهَبَ ابْنِ مَسْعُودٍ تَابَعَتْهُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ رَأْيُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ خِلَافَ رَأْيِ الْإِمَامِ إلَّا إذَا تُيُقِّنَ بِخَطَأِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ
(1/156)
مِنْ صَلَاتِهِ وَانْحَرَفَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَجَاءَتْ الْأُولَى يَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَيَقِفُونَ قَدْرَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ يُكَبِّرُونَ الزَّوَائِدَ وَيَرْكَعُونَ بِالرَّكْعَةِ كَمَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ إذَا أَتَمُّوا انْحَرَفُوا وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَيَقْضُونَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِقِرَاءَةٍ وَيَبْدَءُونَ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ بِالتَّكْبِيرِ فِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ وَالْجَامِعِ وَالسِّيَرِ الْكَبِيرِ وَإِحْدَى رِوَايَتَيْ النَّوَادِرِ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْجَنَائِزِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُحْتَضَرِ]
(الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْجَنَائِزِ وَفِيهِ سَبْعَةُ فُصُولٍ) ، (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُحْتَضَرِ) إذَا اُحْتُضِرَ الرَّجُلُ وُجِّهَ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَهُوَ السُّنَّةُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَشُقَّ تُرِكَ عَلَى حَالِهِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَعَلَامَاتُ الِاحْتِضَارِ أَنْ تَسْتَرْخِيَ قَدَمَاهُ فَلَا تَنْتَصِبَانِ وَيَتَعَوَّجَ أَنْفُهُ وَيَنْخَسِفَ صُدْغَاهُ وَتَمْتَدَّ جِلْدَةُ الْخُصْيَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَتَمْتَدُّ جِلْدَةُ وَجْهِهِ فَلَا يُرَى فِيهَا تَعَطُّفٌ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلُقِّنَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَصُورَةُ التَّلْقِينِ أَنْ يُقَالَ عِنْدَهُ فِي حَالَةِ النَّزْعِ قَبْلَ الْغَرْغَرَةِ جَهْرًا وَهُوَ يَسْمَعُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَلَا يُقَالُ لَهُ قُلْ وَلَا يُلَحُّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهَا مَخَافَةَ أَنْ يَضْجَرَ فَإِذَا قَالَهَا مَرَّةً لَا يُعِيدُهَا عَلَيْهِ الْمُلَقِّنُ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ غَيْرِهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَهَذَا التَّلْقِينُ مُسْتَحَبٌّ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا التَّلْقِينُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يُلَقَّنُ عِنْدَنَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَنَحْنُ نَعْمَلُ بِهِمَا عِنْدَ الْمَوْتِ وَعِنْدَ الدَّفْنِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُلَقِّنُ غَيْرَ مُتَّهَمٍ بِالْمَسَرَّةِ بِمَوْتِهِ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْتَقَدُ فِيهِ الْخَيْرُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
قَالُوا وَإِذَا ظَهَرَتْ مِنْ الْمُحْتَضَرِ كَلِمَاتٌ تُوجِبُ الْكُفْرَ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ وَيُعَامَلُ مُعَامَلَةَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَحُضُورُ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ مَرْغُوبٌ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَةِ يس عِنْدَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِابْنِ أَمِيرٍ الْحَاجِّ، وَيُحْضَرُ عِنْدَهُ مِنْ الطِّيبِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَلَا بَأْسَ بِجُلُوسِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ عِنْدَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَإِذَا مَاتَ شَدُّوا لَحْيَيْهِ وَغَمَّضُوا عَيْنَيْهِ وَيَتَوَلَّى أَرْفَقُ أَهْلِهِ بِهِ إغْمَاضَهُ بِأَسْهَلَ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيُشَدُّ لَحْيَاهُ بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ يَشُدُّهَا فِي لَحْيِهِ الْأَسْفَلِ وَيَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَيَقُولُ مُغَمِّضُهُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ يَسِّرْ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَسَهِّلْ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَأَسْعِدْهُ بِلِقَائِكَ وَاجْعَلْ مَا خَرَجَ إلَيْهِ خَيْرًا مِمَّا خَرَجَ عَنْهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ وَيَرُدُّ ذِرَاعَيْهِ إلَى عَضُدَيْهِ ثُمَّ يَمُدُّهُمَا وَيَرُدُّ أَصَابِعَ يَدَيْهِ إلَى كَفَّيْهِ ثُمَّ يَمُدُّهَا وَيَرُدُّ فَخِذَيْهِ إلَى بَطْنِهِ وَسَاقَيْهِ إلَى فَخِذَيْهِ ثُمَّ يَمُدُّهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْزِعَ عَنْهُ ثِيَابَهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَيُسَجَّى جَمِيعُ بَدَنِهِ بِثَوْبٍ وَيُتْرَكُ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ مِنْ لَوْحٍ أَوْ سَرِيرٍ؛ لِئَلَّا يُصِيبَهُ نَدَاوَةُ الْأَرْضِ فَيَتَغَيَّرُ رِيحُهُ وَيُجْعَلُ عَلَى بَطْنِهِ حَدِيدَةٌ أَوْ طِينٌ رَطْبٌ؛ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْلَمَ جِيرَانُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ حَتَّى يُؤَدُّوا حَقَّهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ النِّدَاءَ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يُسَارَعَ إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ وَإِبْرَائِهٍ مِنْهُ وَيُبَادَرُ إلَى تَجْهِيزِهِ وَلَا يُؤَخَّرُ فَإِنْ مَاتَ فَجْأَةً تُرِكَ حَتَّى يُتَيَقَّنَ بِمَوْتِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَيُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَهُ حَتَّى يُغَسَّلَ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
امْرَأَةٌ مَاتَتْ وَالْوَلَدُ يَضْطَرِبُ فِي بَطْنِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُشَقُّ بَطْنُهَا وَيُخْرَجُ الْوَلَدُ لَا يَسَعُ إلَّا ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(1/157)
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ]
الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْغُسْلِ) غُسْلُ الْمَيِّتِ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى الْأَحْيَاءِ بِالسُّنَّةِ وَاجِمَاعِ الْأُمَّةِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَلَكِنْ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَالْوَاجِبُ هُوَ الْغُسْلُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالتَّكْرَارُ سُنَّةٌ حَتَّى لَوْ اكْتَفَى بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ غَمْسَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَاءٍ جَارٍ جَازَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَيُجَرَّدُ الْمَيِّتُ إذَا أُرِيدُ غُسْلُهُ وَهَذَا مَذْهَبُنَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَيُوضَعُ عَلَى سَرِيرٍ مُجْمَرٍ وِتْرًا قَبْلَ وَضْعِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ تُدَارَ الْمِجْمَرَةُ حَوَالَيْ السَّرِيرِ إمَّا مَرَّةً أَوْ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْعَيْنِيِّ شَرْح الْكَنْزِ.
وَكَيْفِيَّةُ الْوَضْعِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا الْوَضْعُ طُولًا كَمَا فِي حَالَةِ الْمَرَضِ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ بِإِيمَاءٍ وَمِنْهُمْ مَنْ اخْتَارَ الْوَضْعَ كَمَا يُوضَعُ فِي الْقَبْرِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوضَعُ كَمَا تَيَسَّرَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْتَرَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ الْمَيِّتُ فَلَا يَرَاهُ إلَّا غَاسِلُهُ أَوْ مَنْ يُعِينُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَتُسْتَرُ عَوْرَتُهُ بِخِرْقَةٍ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنْ يُسْتَرَ عَوْرَتُهُ الْغَلِيظَةُ دُونَ الْفَخِذَيْنِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَيُسْتَنْجَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَصُورَةُ اسْتِنْجَائِهِ أَنْ يَلُفَّ الْغَاسِلُ عَلَى يَدَيْهِ خِرْقَةً وَيَغْسِلَ السَّوْأَةَ؛ لِأَنَّ مَسَّ الْعَوْرَةِ حَرَامٌ كَالنَّظَرِ إلَيْهَا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى فَخِذِ الرَّجُلِ عِنْدَ الْغُسْلِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ لَا تَنْظُرُ إلَى فَخِذِ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
ثُمَّ يُوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ إلَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا لَا يُصَلِّي فَلَا يُوَضَّأُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَيَبْدَأُ بِغَسْلِ وَجْهِهِ لَا بِغَسْلِ الْيَدَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَبْدَأُ بِالْمَيَامِنِ اعْتِبَارًا بِمَا لَوْ اغْتَسَلَ فِي حَيَاتِهِ وَلَا يُمَضْمِضُ وَلَا يَسْتَنْشِقُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ يَجْعَلُ الْغَاسِلُ عَلَى أُصْبُعِهِ خِرْقَةً رَقِيقَةً وَيُدْخِلُ الْأُصْبُعَ فِي فَمِهِ وَيَمْسَحُ بِهَا أَسْنَانَهُ وَشَفَتَيْهِ وَلَهَاتَهُ وَلِثَتَهُ وَيُنَقِّيهَا وَيُدْخِلُ فِي مَنْخِرَيْهِ أَيْضًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَسْحِ رَأْسِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَلَا يُؤَخِّرُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالْغُسْلُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ أَفْضَلُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيُغْلَى الْمَاءُ بِالسِّدْرِ أَوْ بِالْحُرْضِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْمَاءُ الْقَرَاحُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَيُغَسِّلُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْخِطْمِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِالصَّابُونِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَهُ هَذَا إذَا كَانَ فِي رَأْسِهِ شَعْرٌ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْحَيَاةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَيَكْفِيهِ الْمَاءُ الْقَرَاحُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
ثُمَّ يُضْجَعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيُغَسِّلُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ حَتَّى يَرَى أَنَّ الْمَاءَ قَدْ وَصَلَ إلَى مَا يَلِي التَّخْتَ مِنْهُ ثُمَّ يُضْجَعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيُغَسِّلُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ حَتَّى يَرَى أَنَّ الْمَاءَ قَدْ وَصَلَ إلَى مَا يَلِي التَّخْتَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ هِيَ الْبُدَاءَةُ بِالْمَيَامِنِ ثُمَّ يُجْلِسُهُ وَيَسْنُدُهُ إلَيْهِ وَيَمْسَحُ بَطْنَهُ مَسْحًا رَفِيقًا تَحَرُّزًا عَنْ تَلْوِيثِ الْكَفَنِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ غَسَلَهُ وَلَا يُعِيدُ غَسْلَهُ وَلَا وُضُوءَهُ ثُمَّ يُنَشِّفُهُ بِثَوْبٍ كَيْ لَا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ.
وَلَا يُسَرَّحُ شَعْرُ الْمَيِّتِ وَلَا لِحْيَتُهُ وَلَا يُقَصُّ ظُفْرُهُ وَلَا شَعْرُهُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُقَصُّ شَارِبُهُ وَلَا يُنْتَفُ إبِطُهُ وَلَا يُحْلَقُ شَعْرُ عَانَتِهِ وَيُدْفَنُ بِجَمِيعِ مَا كَانَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَ ظُفْرُهُ مُنْكَسِرًا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْقُطْنَ عَلَى وَجْهِهِ وَأَنْ يُحَشِّيَ بِهِ مَخَارِقَهُ كَالدُّبُرِ وَالْقُبُلِ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْفَمِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الْمَيِّتُ إذَا وُجِدَ فِي الْمَاءِ لَا بُدَّ مِنْ غُسْلِهِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِالْغُسْلِ تَوَجَّهَ عَلَى بَنِي آدَمَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ بَنِي آدَمَ فِعْلٌ إلَّا أَنْ يُحَرِّكَهُ فِي الْمَاءِ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَهَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مُتَفَسِّخًا يَتَعَذَّرُ مَسْحُهُ كَفَى صَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ وَحُكْمُ الْمَرْأَةِ فِي الْغُسْلِ كَحُكْمِ الرَّجُلِ وَلَا يُرْسَلُ شَعْرُهَا عَلَى ظَهْرِهَا
(1/158)
كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَمَنْ اسْتَهَلَّ بَعْدَ الْوِلَادَةِ سُمِّيَ وَغُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ أُدْرِجَ فِي خِرْقَةٍ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَيُغَسَّلُ فِي غَيْرِ الظَّاهِرِ مِنْ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالِاسْتِهْلَالُ مَا يُعْرَفُ بِهِ حَيَاةُ الْوَلَدِ مِنْ صَوْتٍ أَوْ حَرَكَةٍ وَلَوْ شَهِدَتْ الْقَابِلَةُ أَوْ الْأُمُّ عَلَى اسْتِهْلَالِ الْوَلَدِ فَإِنَّ قَوْلَهُمَا مَقْبُولٌ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
السِّقْطُ الَّذِي لَمْ تَتِمَّ أَعْضَاؤُهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَالْمُخْتَارُ أَنْ يُغَسَّلَ وَيُدْفَنَ مَلْفُوفًا فِي خِرْقَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ وُجِدَ أَكْثَرُ الْبَدَنِ أَوْ نِصْفُهُ مَعَ الرَّأْسِ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَإِذَا صُلِّيَ عَلَى الْأَكْثَرِ لَمْ يُصَلَّ عَلَى الْبَاقِي إذَا وُجِدَ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.
وَإِنْ وُجِدَ نِصْفُهُ مِنْ غَيْرِ الرَّأْسِ أَوْ وُجِدَ نِصْفُهُ مَشْقُوقًا طُولًا فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ وَيُدْفَنُ فِيهَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَمَنْ لَا يُدْرَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَا الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي بِقَاعِ دَارِ الْإِسْلَامِ يُغَسَّلُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ إذَا اخْتَلَطُوا بِمَوْتَى الْكُفَّارِ أَوْ قَتْلَى الْمُسْلِمِينَ بِقَتْلَى الْكُفَّارِ إنْ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَامَةٌ يُعْرَفُونَ بِهَا يُمَيَّزُ بَيْنَهُمْ وَعَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ الْخِتَانُ وَالْخِضَابُ وَلُبْسُ السُّودِ فَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَامَةٌ إنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْمُسْلِمِينَ يُصَلَّى عَلَى الْكُلِّ وَيُنْوَى بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى الْكُلِّ وَلَكِنْ يُغَسَّلُونَ وَيُكَفَّنُونَ وَلَكِنْ عَلَى وَجْهِ غُسْلِ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَتَكْفِينِهِمْ وَيُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي دَفْنِهِمْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُتَّخَذُ لَهُمْ مَقْبَرَةٌ عَلَى حِدَةٍ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَإِنْ سُبِيَ صَبِيٌّ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ مَاتَ لَا يُغَسَّلُ حَتَّى يُقِرَّ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ يَعْقِلُ أَوْ يُسْلِمَ أَحَدُهُمَا وَفِي الْأَجْدَادِ اخْتِلَافٌ وَإِنْ سُبِيَ وَحْدَهُ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَوْ مَاتَ الرَّجُلُ فِي السَّفِينَةِ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُثَقَّلُ وَيُرْمَى فِي الْبَحْرِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَمَنْ قُتِلَ لِبَغْيٍ وَقَطْعِ طَرِيقٍ لَا يُغَسَّلَانِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمَا وَقِيلَ: هَذَا إذَا قُتِلَا فِي حَالَةِ الْمُحَارَبَةِ قَبْلَ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا أَمَّا إذَا قُتِلَا بَعْدَ ثُبُوتِ يَدِ الْإِمَامِ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُمَا يُغَسَّلَانِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمَا، وَهَذَا حَسَنٌ أَخَذَ بِهِ الْكِبَارُ مِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَمَنْ يَقْتُلُ النَّاسَ خَنْقًا لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَمَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلُوا حُكْمَ الْمَقْتُولِينَ بِالْعَصَبِيَّةِ حُكْمَ أَهْلِ الْبَغْي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَالْمُكَابِرُونَ فِي الْمِصْرِ بِالسِّلَاحِ بِاللَّيْلِ بِمَنْزِلَةِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ غَاسِلُ الْمَيِّتِ عَلَى الطَّهَارَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَوْ كَانَ الْغَاسِلُ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ كَافِرًا جَازَ وَيُكْرَهُ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَلَوْ كَانَ مُحْدِثًا لَا يُكْرَهُ اتِّفَاقًا هَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْغَاسِلِ أَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ النَّاسِ إلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْغُسْلَ فَأَهْلُ الْأَمَانَةِ وَالْوَرَعِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ ثِقَةً يَسْتَوْفِي الْغُسْلَ وَيَكْتُمُ مَا يَرَى مِنْ قَبِيحٍ وَيُظْهِرُ مَا يَرَى مِنْ جَمِيلٍ فَإِنْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ مِنْ تَهَلُّلِ وَجْهِهِ وَطِيبِ رَائِحَتِهِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ النَّاسَ وَإِنْ رَأَى مَا يُكْرَهُ مِنْ سَوَادِ وَجْهِهِ وَنَتْنِ رَائِحَتِهِ وَانْقِلَابِ صُورَتِهِ وَتَغَيُّرِ أَعْضَائِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ أَحَدًا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُبْتَدِعًا مُظْهِرًا لِبِدْعَتِهِ وَرَأَى الْغَاسِلُ مِنْهُ مَا يُكْرَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُحَدِّثَ بِهِ النَّاسَ لِيَكُونَ زَجْرًا لَهُمْ عَنْ الْبِدْعَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ الْغَاسِلِ مِجْمَرَةٌ فِيهَا بَخُورٌ؛ لِئَلَّا يَظْهَرَ مِنْ الْمَيِّتِ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ فَتَضْعُفُ نَفْسُ الْغَاسِلِ وَمَنْ يُعِينُهُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُغَسَّلَ الْمَيِّتُ مَجَّانًا وَإِنْ ابْتَغَى الْغَاسِلُ
(1/159)
الْأَجْرَ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ غَيْرُهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْأَجْرِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَيُغَسِّلُ الرِّجَالَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ النِّسَاءَ وَلَا يُغَسِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا لَا يُشْتَهَى جَازَ أَنْ يُغَسِّلَهُ النِّسَاءُ وَكَذَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى جَازَ لِلرِّجَالِ غُسْلُهَا وَالْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ فِي ذَلِكَ كَالْفَحْلِ وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُغَسِّلَ زَوْجَهَا إذَا لَمْ يَحْدُثْ بَعْدَ مَوْتِهِ مَا يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ مِنْ تَقْبِيلِ ابْنِ زَوْجِهَا أَوْ أَبِيهِ وَإِنْ حَدَثَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَجُزْ لَهَا غُسْلُهُ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُغَسِّلُهَا عِنْدَنَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ تُغَسِّلُهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ مَاتَ فِي آخِرِ عِدَّتِهَا قَبْلَ الِانْقِضَاءِ ثُمَّ انْقَضَتْ بَعْدَ الْوَفَاةِ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُغَسِّلَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لَوْ كَانَ حَيًّا بِالنِّكَاحِ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ، وَالْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ كَالْمُسْلِمَةِ فِي غُسْلِ زَوْجِهَا لَكِنَّهُ أَقْبَحُ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
إذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ يُيَمِّمُهَا بِالْيَدِ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَبِخِرْقَةٍ عَلَى يَدِهِ وَيَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ ذِرَاعَيْهَا وَكَذَا الرَّجُلُ فِي امْرَأَتِهِ إلَّا فِي غَضِّ الْبَصَرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَلَوْ مَاتَتْ أُمُّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرَتُهُ أَوْ مُكَاتَبَتُهُ أَوْ جَارِيَتُهُ لَا يُغَسِّلُهَا الْمَوْلَى وَكَذَا عَلَى الْعَكْسِ.
وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ النِّسَاءِ تُيَمِّمُهُ ذَاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَوْ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ بِغَيْرِ ثَوْبٍ وَغَيْرُهَا بِثَوْبٍ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَلَوْ مَاتَ الرَّجُلُ فِي السَّفَرِ وَمَعَهُ نِسَاءٌ وَرَجُلٌ كَافِرٌ فَإِنَّهُنَّ يُعَلِّمْنَهُ الْغُسْلَ وَيُخْلِينَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يُغَسِّلَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ وَكَانَتْ صَبِيَّةٌ صَغِيرَةٌ لَا تَشْتَهِي وَأَطَاقَتْ أَنْ تُغَسِّلَهُ عَلَّمْنَهَا الْغُسْلَ وَيُخْلِينَ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُغَسِّلَهُ وَإِنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِي السَّفَرِ وَمَعَهَا امْرَأَةٌ كَافِرَةٌ أَوْ صَبِيٌّ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ بِهَا كَمَا ذَكَرْنَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ الْمُرَاهِقُ لَا يُغَسِّلُ رَجُلًا وَلَا امْرَأَةً وَلَمْ يُغَسِّلْهَا رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ وَيُيَمِّمُ وَرَاءَ ثَوْبٍ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَإِنْ مَاتَ الْكَافِرُ وَلَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ يُغَسِّلُهُ وَيُكَفِّنُهُ وَيَدْفِنُهُ وَلَكِنْ يُغَسِّلُ غُسْلَ الثَّوْبِ النَّجِسِ وَيَلُفُّ فِي خِرْقَةٍ وَيَحْفِرُ حَفِيرَةً مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ سُنَّةِ التَّكْفِينِ وَاللَّحْدِ وَلَا يُوضَعُ فِيهِ بَلْ يُلْقَى، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ الْأَبُ الْكَافِرُ مِنْ الْقِيَامِ بِغُسْلِ ابْنِهِ الْمُسْلِمِ إذَا مَاتَ بَلْ يَفْعَلُهُ الْمُسْلِمُونَ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ فِي فَصْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ.
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فِي السَّفَرِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَاءٌ طَاهِرٌ يُيَمَّمُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً فَيَمَّمُوهُ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدُوا مَاءً غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ثَانِيًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي التَّكْفِينِ]
(الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي التَّكْفِينِ) وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ كَفَنُ الرَّجُلِ سُنَّةً إزَارٌ وَقَمِيصٌ وَلِفَافَةٌ وَكِفَايَةً إزَارٌ وَلِفَافَةٌ وَضَرُورَةً مَا وُجِدَ، هَكَذَا فِي الْكَنْزِ.
وَالْإِزَارُ مِنْ الْقَرْنِ إلَى الْقَدَمِ وَاللِّفَافَةُ كَذَلِكَ وَالْقَمِيصُ مِنْ أَصْلِ الْعُنُقِ إلَى الْقَدَمِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ بِلَا جَيْبٍ وَدِخْرِيصٍ وَكُمَّيْنِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَيْسَ فِي الْكَفَنِ عِمَامَةٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي الْفَتَاوَى اسْتَحْسَنَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ لِمَنْ كَانَ عَالِمًا وَيُجْعَلُ ذَنَبُهَا عَلَى وَجْهِهِ بِخِلَافِ حَالِ الْحَيَاةِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَكَفَنُ الْمَرْأَةِ سُنَّةً دِرْعٌ وَإِزَارٌ وَخِمَارٌ وَلِفَافَةٌ وَخِرْقَةٌ يُرْبَطُ بِهَا ثَدْيَاهَا وَكِفَايَةً إزَارٌ وَلِفَافَةٌ وَخِمَارٌ، هَكَذَا فِي الْكَنْزِ، وَعَرْضُ الْخِرْقَةِ مَا بَيْنَ الثَّدْيِ إلَى السُّرَّةِ، هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَالتَّبْيِينِ.
وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْخِرْقَةُ مِنْ الثَّدْيَيْنِ إلَى الْفَخِذِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَوْبَيْنِ لَهَا وَكَذَا لِلرَّجُلِ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ إلَّا لِلضَّرُورَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ.
وَالصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ فِي التَّكْفِينِ كَالْبَالِغِ وَالْمُرَاهِقَةُ كَالْبَالِغَةِ وَأَدْنَى مَا يُكَفَّنُ بِهِ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَالصَّبِيَّةُ ثَوْبَانِ
(1/160)
كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالْخُنْثَى يُكَفَّنُ كَمَا تُكَفَّنُ الْمَرْأَةُ احْتِيَاطًا وَيُجَنَّبُ الْحَرِيرُ وَالْمُعَصْفَرُ وَالْمُزَعْفَرُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَيُكَفَّنُ بِكَفَنٍ مِثْلِهِ وَهُوَ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مِثْلِ ثِيَابِهِ فِي الْحَيَاةِ لِخُرُوجِ الْعِيدَيْنِ وَفِي الْمَرْأَةِ يُنْظَرُ إلَى مَا تَلْبَسُ إذَا خَرَجَتْ إلَى زِيَارَةِ أَبَوَيْهَا، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَلَا بَأْسَ بِالْبُرُودِ وَالْكَتَّانِ وَالْقَصَبِ (1) وَفِي حَقِّ النِّسَاءِ بِالْحَرِيرِ وَالْإِبْرَيْسَمِ وَالْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ ذَلِكَ وَأَحَبُّ الْأَكْفَانِ الثِّيَابُ الْبِيضُ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْخَلِقُ وَالْجَدِيدُ فِي التَّكْفِينِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَكُلُّ مَا يُبَاحُ لِلرِّجَالِ لُبْسُهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ يُبَاحُ تَكْفِينُهُ بَعْدَ الْوَفَاةِ وَمَا لَا يُبَاحُ لَهُ لُبْسُهُ حَالَ الْحَيَاةِ لَا يُبَاحُ تَكْفِينُهُ بَعْدَ الْوَفَاةِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَإِنْ كَانَ بِالْمَالِ كَثْرَةٌ وَبِالْوَرَثَةِ قِلَّةٌ فَكَفَنُ السُّنَّةِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَكَفَنُ الْكِفَايَةِ أَوْلَى، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْوَرَثَةُ فِي التَّكْفِينِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكَفَّنُ فِي ثَوْبَيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي ثَلَاثَةٍ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّهُ الْمَسْنُونُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ
وَكَيْفِيَّةُ التَّكْفِينِ أَنْ يُبْسَطَ لِلرَّجُلِ اللِّفَافَةُ ثُمَّ يُبْسَطَ عَلَيْهَا إزَارٌ ثُمَّ يُوضَعَ الْمَيِّتُ عَلَى الْإِزَارِ وَيُقَمَّصَ وَيُوضَعَ الْحَنُوطُ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَسَائِرِ جَسَدِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا بَأْسَ بِسَائِرِ الطِّيبِ غَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.
وَيُوضَعُ الْكَافُورُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ وَيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَقَدَمَيْهِ ثُمَّ يُعْطَفُ الْإِزَارُ عَلَيْهِ قِبَلَ الْيَسَارِ ثُمَّ مِنْ قِبَلِ الْيَمِينِ ثُمَّ اللِّفَافَةُ كَذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ خِيفَ انْتِشَارُ الْكَفَنِ يُعْقَدُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتُبْسَطُ لَهَا اللِّفَافَةُ وَالْإِزَارُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا لِلرَّجُلِ ثُمَّ تُوضَعُ عَلَى الْإِزَارِ تُلْبَسُ الدِّرْعَ وَيُجْعَلُ شَعْرُهَا ضَفِيرَتَيْنِ عَلَى صَدْرِهَا فَوْقَ الدِّرْعِ ثُمَّ يُجْعَلُ الْخِمَارُ فَوْقَ ذَلِكَ ثُمَّ يُعْطَفُ الْإِزَارُ وَاللِّفَافَةُ كَمَا بَيَّنَّا فِي الرَّجُلِ ثُمَّ الْخِرْقَةُ بَعْدَ ذَلِكَ تُرْبَطُ فَوْقَ الْأَكْفَانِ فَوْقَ الثَّدْيَيْنِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَتُجْمَرُ الْأَكْفَانُ قَبْلَ أَنْ يُدْرَجَ الْمَيِّتُ فِيهَا وِتْرًا وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ وَجَمِيعُ مَا يُجْمَرُ فِيهِ الْمَيِّتُ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ لِإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَعِنْدَ غُسْلِهِ وَعِنْدَ تَكْفِينِهِ وَلَا يُجْمَرُ خَلْفَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالْمُحْرِمُ وَغَيْرُ الْمُحْرِمِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ يُطَيَّبُ وَيُغَطَّى وَجْهُهُ وَرَأْسُهُ وَتُجْمَرُ الْأَمَةُ كَمَا تُجْمَرُ الْحُرَّةُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْكَفَنُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَيُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِرْثِ إلَى قَدْرِ السُّنَّةِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِ مَالِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَالرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَالْكَفَنُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ إلَّا الزَّوْجَ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجِبُ الْكَفَنُ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ تَرَكَتْ مَالًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا وَلَهُ امْرَأَةٌ مُوسِرَةٌ فَلَيْسَ عَلَيْهَا كَفَنُهُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَكَفَنُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ تَكْفِينُهُ فَإِنْ عَجَزُوا سَأَلُوا النَّاسَ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ غُسِّلَ وَجُعِلَ عَلَيْهِ الْإِذْخِرُ وَدُفِنَ وَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ مَاتَ فِي مَسْجِدِ قَوْمٍ فَقَامَ أَحَدُهُمْ وَجَمَعَ الدَّرَاهِمَ فَفَضَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إنْ عَرَفَ صَاحِبَ الْفَضْلِ رَدَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ كَفَّنَ بِهِ مُحْتَاجًا آخَرَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى صَرْفِهِ إلَى الْكَفَنِ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ سُرِقَ كَفَنُهُ وَهُوَ طَرِيٌّ كُفِّنَ كَفَنًا ثَانِيًا مِنْ مَالِهِ فَإِنْ قُسِمَ فَعَلَى الْوَرَثَةِ دُونَ الْغُرَمَاءِ وَأَصْحَابِ الْوَصَايَا وَلَوْ لَمْ تَفْضُلْ التَّرِكَةُ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْغُرَمَاءُ دُيُونَهُمْ بُدِئَ بِالْكَفَنِ وَإِنْ قَبَضُوا لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُمْ شَيْءٌ وَإِنْ تَفَسَّخَ كَفَاهُ
(1/161)
ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَإِنْ أَكَلَهُ السَّبُعُ وَبَقِيَ الْكَفَنُ عَادَ إلَى التَّرِكَةِ وَلَوْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ قَرِيبُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَعُودُ إلَى الْمُكَفِّنِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ]
(الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ) سُنَّ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ أَرْبَعَةٌ مِنْ الرِّجَالِ، كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ إذَا حَمَلُوهُ عَلَى سَرِيرٍ أَخَذُوهُ بِقَوَائِمِهِ الْأَرْبَعِ، بِهِ وَرَدَتْ السُّنَّةُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
ثُمَّ إنَّ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ شَيْئَيْنِ نَفْسَ السُّنَّةِ وَكَمَالَهَا أَمَّا نَفْسُ السُّنَّةِ أَنْ تَأْخُذَ بِقَوَائِمِهَا الْأَرْبَعِ عَلَى طَرِيقِ التَّعَاقُبِ بِأَنْ تَحْمِلَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ عَشْرَ خُطُوَاتٍ وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْجَمْعِ وَأَمَّا كَمَالُ السُّنَّةِ فَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي وَاحِدٍ وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ الْحَامِلُ بِحَمْلِ يَمِينِ مُقَدَّمِ الْجِنَازَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
فَيَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْمُؤَخَّرُ الْأَيْمَنُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْمُقَدَّمُ الْأَيْسَرُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ الْمُؤَخَّرُ الْأَيْسَرُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُكْرَهُ حَمْلُهَا بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ بِأَنْ يَحْمِلَهَا رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا مُقَدَّمُهَا وَالْآخَرُ مُؤَخَّرُهَا إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ مِثْلُ ضِيقِ الْمَكَانِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَ السَّرِيرَ بِيَدِهِ أَوْ يَضَعَ عَلَى الْمَنْكِبِ وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَضَعَ نِصْفَهُ عَلَى الْمَنْكِبِ وَنِصْفَهُ عَلَى أَصْلِ الْعُنُقِ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ الصَّبِيَّ الرَّضِيعَ أَوْ الْفَطِيمَ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا إذَا مَاتَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَلَى يَدَيْهِ وَيَتَدَاوَلَهُ النَّاسُ بِالْحَمْلِ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى يَدَيْهِ وَهُوَ رَاكِبٌ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا يُحْمَلُ عَلَى الْجِنَازَةِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيُسْرَعُ بِالْمَيِّتِ وَقْتَ الْمَشْيِ بِلَا خَبَبٍ وَحَدُّهُ أَنْ يُسْرَعَ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَضْطَرِبُ الْمَيِّتُ عَلَى الْجِنَازَةِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الْأَفْضَلُ لِلْمُشَيِّعِ لِلْجِنَازَةِ الْمَشْيُ خَلْفَهَا وَيَجُوزُ أَمَامَهَا إلَّا أَنْ يَتَبَاعَدَ عَنْهَا أَوْ يَتَقَدَّمَ الْكُلُّ فَيُكْرَهُ وَلَا يَمْشِي عَنْ يَمِينِهَا وَلَا عَنْ شِمَالِهَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي حَالَةِ الْمَشْيِ بِالْجِنَازَةِ يُقَدَّمُ الرَّأْسُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ أَفْضَلُ مِنْ النَّوَافِلِ إذَا كَانَ لِجِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ صَلَاحٍ مَشْهُورٍ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا بَأْسَ بِالرُّكُوبِ فِي الْجِنَازَةِ وَالْمَشْيُ أَفْضَلُ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْجِنَازَةَ رَاكِبًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيُكْرَهُ النَّوْحُ وَالصِّيَاحُ وَشَقُّ الْجُيُوبِ فِي الْجِنَازَةِ وَمَنْزِلِ الْمَيِّتِ فَأَمَّا الْبُكَاءُ مِنْ غَيْرِ رَفْعِ الصَّوْتِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالصَّبْرُ أَفْضَلُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا يُتْبَعُ بِنَارٍ فِي مِجْمَرَةٍ وَلَا شَمْعٍ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا يَنْبَغِي لِلنِّسَاءِ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْجِنَازَةِ وَإِذَا كَانَ مَعَ الْجِنَازَةِ نَائِحَةٌ أَوْ صَائِحَةٌ زُجِرَتْ فَإِنْ لَمْ تَنْزَجِرْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْشِيَ مَعَهَا؛ لِأَنَّ اتِّبَاعَ الْجِنَازَةِ سُنَّةٌ فَلَا يَتْرُكُهُ لِبِدْعَةٍ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَقُومُ لِلْجِنَازَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَشْهَدَهَا، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ.
وَكَذَا إذَا كَانَ الْقَوْمُ فِي الْمُصَلَّى وَجِيءَ بِجِنَازَةٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَقُومُونَ إذَا رَأَوْهَا قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ عَنْ الْأَعْنَاقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَعَلَى مُتَّبِعِي الْجِنَازَةِ الصَّمْتُ وَيُكْرَهُ لَهُمْ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ يَذْكُرُهُ فِي نَفْسِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ عَلَى الْأَرْضِ عِنْدَ الْقَبْرِ فَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَجْلِسَ مَا لَمْ يُسَوُّوا عَلَيْهِ التُّرَابَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا نَزَلُوا بِهِ لِلصَّلَاةِ يُوضَعُ عَرْضًا لِلْقِبْلَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى حَمْلِ الْجِنَازَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]
(الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ) الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ وَإِذَا تَرَكَ الْكُلُّ أَثِمُوا، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ تَتَأَدَّى بِأَدَاءِ الْإِمَامِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَشَرْطُهَا إسْلَامُ
(1/162)
الْمَيِّتِ وَطَهَارَتُهُ مَا دَامَ الْغُسْلُ مُمْكِنًا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ دُفِنَ قَبْلَ الْغُسْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِالنَّبْشِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى قَبْرِهِ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ الْغُسْلِ ثُمَّ دُفِنَ تُعَادُ الصَّلَاةُ لِفَسَادِ الْأُولَى، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَطَهَارَةُ مَكَانِ الْمَيِّتِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَيُصَلَّى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مَاتَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا إلَّا الْبُغَاةَ وَقُطَّاعَ الطَّرِيقِ وَمَنْ بِمِثْلِ حَالِهِمْ وَإِنْ مَاتَ حَالَ وِلَادَتِهِ فَإِنْ كَانَ خَرَجَ أَكْثَرُهُ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَقَلُّهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَإِنْ خَرَجَ نِصْفُهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى نِصْفِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَالصَّبِيُّ إذَا وَقَعَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْجُنْدِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَحْدَهُ وَمَاتَ هُنَاكَ صُلِّيَ عَلَيْهِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْيَدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَنْ يَقْتُلُ عَلَى مَتَاعٍ يَأْخُذُهُ، هَكَذَا فِي الْإِيضَاحِ.
وَمَنْ قَتَلَ أَحَدَ أَبَوَيْهِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إهَانَةً لَهُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ خَطَأً بِأَنْ نَاوَلَ رَجُلًا مِنْ الْعَدُوِّ لِيَضْرِبَهُ بِالسَّيْفِ فَأَخْطَأَ وَأَصَابَ نَفْسَهُ وَمَاتَ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ عَمْدًا يُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَمَنْ قُتِلَ بِحَقٍّ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْقَوَدِ وَالرَّجْمِ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُصْنَعُ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْمَوْتَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَلَّذِي صَلَبَهُ الْإِمَامُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ رَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَوْلَى النَّاسِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ إنْ حَضَرَ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَالْقَاضِي ثُمَّ إمَامُ الْحَيِّ ثُمَّ الْوَالِي، هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الْمُتُونِ.
ذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَهُوَ الْخَلِيفَةُ أَوْلَى إنْ حَضَرَ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَإِمَامُ الْمِصْرِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَالْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَصَاحِبُ الشُّرَطِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَإِمَامُ الْحَيِّ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَالْأَقْرَبُ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالْعِنَايَةِ.
وَالْأَوْلِيَاءُ عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَّا الْأَبَ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ قِيلَ: هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا الِابْنُ أَوْلَى، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَهَكَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَا حَقَّ لِلنِّسَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا لِلصِّغَارِ وَلِلْأَقْرَبِ أَنْ يُقَدِّمَ عَلَى الْأَبْعَدِ مَنْ شَاءَ فَإِنْ غَابَ الْأَقْرَبُ فِي مَكَان تَفُوتُ الصَّلَاةُ بِحُضُورِهِ فَالْأَبْعَدُ أَوْلَى فَإِنْ قَدَّمَ الْغَائِبُ غَيْرَهُ بِكِتَابٍ كَانَ لِلْأَبْعَدِ أَنْ يَمْنَعَهُ، وَالْمَرِيضُ فِي الْمِصْرِ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ يُقَدِّمُ مَنْ شَاءَ وَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ أَنْ يَمْنَعَهُ فَإِنْ تَسَاوَى وَلِيَّانِ فِي دَرَجَةٍ فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا أَوْلَى وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُقَدِّمَ غَيْرَ شَرِيكِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ قَدَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلًا كَانَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْأَكْبَرُ أَوْلَى، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَفِي الْكُبْرَى الْمَيِّتُ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فُلَانٌ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
عَبْدٌ مَاتَ وَاخْتَصَمَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الْمَوْلَى وَأَبُو الْعَبْدِ أَوْ ابْنُهُ وَهُمَا حُرَّانِ فَالْمَوْلَى أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَا وِلَايَةَ لِلزَّوْجِ عِنْدَنَا لِانْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ بِالْمَوْتِ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلِيٌّ فَالزَّوْجُ أَوْلَى ثُمَّ الْجِيرَانُ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَلَهَا زَوْجٌ وَابْنٌ عَاقِلٌ بَالِغٌ مِنْهُ فَالْوِلَايَةُ لِلِابْنِ دُونَ الزَّوْجِ لَكِنْ يُكْرَهُ لِلِابْنِ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَاهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَهُ فَإِنْ كَانَ لَهَا ابْنُ زَوْجٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَتَعْظِيمُ زَوْجِ أُمِّهِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَيِّتٍ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَالتَّنَفُّلُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، كَذَا فِي الْإِيضَاحِ، وَلَا يُعِيدُ الْوَلِيُّ إنْ صَلَّى الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ السُّلْطَانُ أَوْ الْوَالِي أَوْ الْقَاضِي أَوْ إمَامُ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ
(1/163)
أَوْلَى مِنْهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ لَهُ أَنْ يُعِيدَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ وَلَوْ أَرَادَ السُّلْطَانُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ
وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ وَلِلْمَيِّتِ أَوْلِيَاءُ أُخَرُ بِمَنْزِلَتِهِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، فَإِنْ صَلَّى غَيْرُ الْوَلِيِّ أَوْ السُّلْطَانِ أَعَادَ الْوَلِيُّ إنْ شَاءَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
رَجُلٌ صَلَّى صَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَالْوَلِيُّ خَلْفَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ إنْ تَابَعَهُ فَصَلَّى مَعَهُ جَازَ وَلَا يُعِيدُ الْوَلِيُّ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى غَيْرِ الطَّهَارَةِ وَتُعَادُ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى طَهَارَةٍ وَالْقَوْمُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا صَلَّى الْمَرِيضُ عَلَى جِنَازَةٍ قَاعِدًا وَهُوَ وَلِيُّهَا وَالْقَوْمُ خَلْفَهُ قِيَامٌ جَازَ رَجُلٌ مَاتَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ ثُمَّ جَاءَ أَهْلُهُ فَحَمَلُوهُ إلَى مَنْزِلِهِ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي لَا تُعَادُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
حَضَرَتْ وَقْتَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ جِنَازَةٌ تُقَدَّمُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى سُنَّةِ الْمَغْرِبِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ رَاكِبًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكُلُّ مَا يُعْتَبَرُ شَرْطًا لِصِحَّةِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ مِنْ الطَّهَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَالْحُكْمِيَّةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالنِّيَّةِ يُعْتَبَرُ شَرْطًا لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
فَالْإِمَامُ وَالْقَوْمُ يَنْوُونَ وَيَقُولُونَ نَوَيْتُ أَدَاءَ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ عِبَادَةً لِلَّهِ تَعَالَى مُتَوَجِّهًا إلَى الْكَعْبَةِ مُقْتَدِيًا بِالْإِمَامِ وَلَوْ تَفَكَّرَ الْإِمَامُ بِالْقَلْبِ أَنَّهُ يُؤَدِّي صَلَاةَ الْجِنَازَةِ يَصِحُّ وَلَوْ قَالَ الْمُقْتَدِي: اقْتَدَيْتُ بِالْإِمَامِ يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَمِنْ الشُّرُوطِ حُضُورُ الْمَيِّتِ وَوَضْعُهُ وَكَوْنُهُ أَمَامَ الْمُصَلِّي فَلَا تَصِحُّ عَلَى غَائِبٍ وَلَا عَلَى مَحْمُولٍ عَلَى دَابَّةٍ وَلَا عَلَى مَوْضُوعٍ خَلْفَهُ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَتَفْسُدُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِمَا تَفْسُدُ بِهِ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ إلَّا مُحَاذَاةَ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
إذَا كَانَ الْقَوْمُ سَبْعَةً قَامُوا ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ يَتَقَدَّمُ وَاحِدٌ وَثَلَاثَةٌ بَعْدَهُ وَاثْنَانِ بَعْدَهُمْ وَوَاحِدٌ بَعْدَهُمَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
يَقُومُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِحِذَاءِ الصَّدْرِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَوَاقِفَ الْإِمَامِ مِنْ الْمَيِّتِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَإِنْ وَقَفَ فِي غَيْرِهِ جَازَ.
وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ وَلَوْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهَا لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ، هَكَذَا فِي الْكَافِي.
فَيُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ وَيَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ إلَخْ، ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى وَيَدْعُو لِلْمَيِّتِ وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ فِيهَا دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ» فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا ذُخْرًا وَأَجْرًا اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا شَافِعًا وَمُشَفِّعًا هَذَا إذَا كَانَ يُحْسِنُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ يَأْتِي بِأَيِّ دُعَاءٍ شَاءَ ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ وَلَيْسَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ قَبْلَ السَّلَامِ دُعَاءٌ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.
وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، هَكَذَا فِي الْكَافِي وَيُخَافِتُ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي التَّكْبِيرَاتِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنَ وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ بِنِيَّةِ الدُّعَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ قَرَأَهَا بِنِيَّةِ الْقِرَاءَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الدُّعَاءِ دُونَ الْقِرَاءَةِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ، وَالْإِمَامُ وَالْقَوْمُ فِيهِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَا يَنْوِي الْمَيِّتَ فِي التَّسْلِيمَتَيْنِ بَلْ يَنْوِي بِالْأُولَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَبِالثَّانِيَةِ مَنْ عَنْ شِمَالِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا فَالْمُقْتَدِي لَا يُتَابِعُ ثُمَّ مَاذَا يَصْنَعُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمْكُثُ حَتَّى يُسَلِّمَ مَعَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا جَاءَ رَجُلٌ وَقَدْ كَبَّرَ الْإِمَامُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى وَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا انْتَظَرَهُ حَتَّى يُكَبِّرَ الثَّانِيَةَ وَيُكَبِّرَ مَعَهُ فَإِذَا
(1/164)
فَرَغَ الْإِمَامُ كَبَّرَ الْمَسْبُوقُ التَّكْبِيرَةَ الَّتِي فَاتَتْهُ قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا إنْ جَاءَ وَقَدْ كَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ وَقَدْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أَرْبَعًا وَلَمْ يُسَلِّمْ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ مُتَتَابِعًا لِادِّعَاءٍ فِيهَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ رُفِعَتْ بِالْأَيْدِي وَلَمْ تُوضَعْ عَلَى الْأَكْتَافِ ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ فَتَغَافَلَ وَلَمْ يُكَبِّرْ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ كَانَ فِي النِّيَّةِ بَعْدُ فَأَخَّرَ التَّكْبِيرَ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ وَلَا يَنْتَظِرُ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ الثَّانِيَةَ فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُسْتَعِدًّا جُعِلَ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَارِكِ، كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.
وَإِنْ كَبَّرَ مَعَ الْإِمَامِ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى وَلَمْ يُكَبِّرْ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ يُكَبِّرُهُمَا ثُمَّ يُكَبِّرُ مَعَ الْإِمَامِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ نَاسِيًا كَبَّرَ الرَّابِعَةَ وَيُسَلِّمُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الْجَنَائِزُ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى الْكُلِّ دُفْعَةً بِالنِّيَّةِ عَلَى الْجَمِيعِ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَهُوَ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِهِمْ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ وَضَعَهُمْ بِالطُّولِ سَطْرًا وَاحِدًا وَيَقِفُ عِنْدَ أَفْضَلِهِمْ وَإِنْ شَاءَ وَضَعَهُمْ وَاحِدًا وَرَاءَ وَاحِدٍ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَتَرْتِيبُهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِمَامِ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَلْفَهُ حَالَةَ الْحَيَاةِ فَيُقَرَّبُ مِنْهُ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ فَيُصَفُّ الرِّجَالُ إلَى جِهَةِ الْإِمَامِ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ ثُمَّ الْمُرَاهِقَاتُ وَلَوْ كَانَ الْكُلُّ رِجَالًا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُوضَعُ أَفْضَلُهُمْ وَأَسَنُّهُمْ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَلَوْ اجْتَمَعَ حُرٌّ وَعَبْدٌ فَالْمَشْهُورُ تَقْدِيمُ الْحُرِّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ عَلَى جِنَازَةٍ فَجِيءَ بِأُخْرَى مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ عَلَى الْأُولَى فَإِذَا فَرَغَ اسْتَأْنَفَ عَلَى الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ لَمَّا وَضَعُوا كَبَّرَ التَّكْبِيرَةَ الْأُخْرَى يَنْوِيهِمَا فَهِيَ لِلْأُولَى أَيْضًا وَلَا تَكُونُ لِلثَّانِيَةِ وَإِنْ كَبَّرَ الثَّانِيَةَ يَنْوِي الثَّانِيَةَ وَحْدَهَا فَهِيَ لِلثَّانِيَةِ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْأُولَى فَإِذَا فَرَغَ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْأُولَى، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَقَدَّمَ غَيْرَهُ جَازَ هُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ دُفِنَ الْمَيِّتُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ بَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَمَزَّقَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ
وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْجَبَّانَةِ وَالْأَمْكِنَةِ وَالدُّورِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مَكْرُوهَةٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ وَالْقَوْمُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْمُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ الْإِمَامُ مَعَ بَعْضِ الْقَوْمِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْمُ الْبَاقِي فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَيِّتُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ وَالْقَوْمُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا تُكْرَهُ بِعُذْرِ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ، هَكَذَا فِي الْكَافِي تُكْرَهُ فِي الشَّارِعِ وَأَرَاضِي النَّاسِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ أَمَّا الْمَسْجِدُ الَّذِي بُنِيَ لِأَجْلِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَلَا تُكْرَهُ فِيهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ مِنْ جِنَازَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَبَعْدَمَا صَلَّى لَا يَرْجِعُ إلَّا بِإِذْنِ أَهْلِ الْجِنَازَةِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَ الدَّفْنِ يَسَعُهُ الرُّجُوعُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْقَبْرِ وَالدَّفْنِ وَالنَّقْلِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ]
(الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْقَبْرِ وَالدَّفْنِ وَالنَّقْلِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ) دَفْنُ الْمَيِّتِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالسُّنَّةُ هُوَ اللَّحْدُ دُونَ الشَّقِّ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَصِفَةُ اللَّحْدِ أَنْ يُحْفَرَ الْقَبْرُ بِتَمَامِهِ ثُمَّ يُحْفَرَ فِي جَانِبِ الْقِبْلَةِ مِنْهُ حَفِيرَةٌ فَيُوضَعَ فِيهِ الْمَيِّتُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَالْبَيْتِ الْمُسَقَّفِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً فَلَا بَأْسَ بِالشَّقِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَصِفَةُ الشَّقِّ أَنْ
(1/165)
تُحْفَرَ حَفِيرَةٌ كَالنَّهْرِ وَسَطَ الْقَبْرِ وَيُبْنَى جَانِبَاهُ بِاللَّبِنِ أَوْ غَيْرِهِ وَيُوضَعَ الْمَيِّتُ فِيهِ وَيُسَقَّفَ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ عُمْقِ الْقَبْرِ إلَى صَدْرِ رَجُلٍ وَسَطِ الْقَامَةِ وَكُلَّمَا زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - طُولُ الْقَبْرِ عَلَى قَدْرِ طُولِ الْإِنْسَانِ وَعَرْضُهُ قَدْرَ نِصْفِ قَامَتِهِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ جَوَّزَ اتِّخَاذَ التَّابُوتِ فِي بِلَادِنَا لِرَخَاوَةِ الْأَرْضِ قَالَ: وَلَوْ اُتُّخِذَ تَابُوتٌ مِنْ حَدِيدٍ لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُفْرَشَ فِيهِ التُّرَابُ وَيُطَيَّنَ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِمَّا يَلِي الْمَيِّتَ وَيُجْعَلُ اللَّبِنُ الْخَفِيفُ عَلَى يَمِينِ الْمَيِّتِ وَعَلَى يَسَارِهِ لِيَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ اللَّحْدِ وَيُكْرَهُ الْآجُرُّ فِي اللَّحْدِ إذَا كَانَ يَلِي الْمَيِّتَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي تُسَمَّى فَسَاقَى، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَالشَّفْعُ كَالْوِتْرِ فِيمَنْ دَخَلَ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونُوا أَقْوِيَاءَ أُمَنَاءَ وَصُلَحَاءَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَذُو الرَّحِمِ الْمُحَرَّمُ أَوْلَى بِإِدْخَالِ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَكَذَا ذُو الرَّحِمِ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا بَأْسَ لِلْأَجَانِبِ وَضْعُهَا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ النِّسَاءِ الْقَبْرَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيُدْخَلُ الْمَيِّتُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَذَلِكَ أَنْ يُوضَعَ فِي جَانِبِ الْقِبْلَةِ مِنْ الْقَبْرِ وَيُحْمَلُ الْمَيِّتُ مِنْهُ وَيُوضَعَ فِي اللَّحْدِ، فَيَكُونُ الْآخِذُ لَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَالَةَ الْأَخْذِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَيَقُولُ وَاضِعُهُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، كَذَا فِي الْمُتُونِ.
وَيُوضَعُ فِي الْقَبْرِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَتُحَلُّ الْعُقْدَةُ وَيُسَوَّى اللَّبِنُ وَالْقَصَبُ لَا الْآجُرُّ وَالْخَشَبُ وَيُسَجَّى قَبْرُهَا لَا قَبْرُهُ وَيُهَالُ التُّرَابُ، كَذَا فِي الْمُتُونِ.
وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُهِيلُوا بِأَيْدِيهِمْ أَوْ بِالْمَسَاحِي وَبِكُلِّ مَا أَمْكَنَ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُزَادَ عَلَى التُّرَابِ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْ الْقَبْرِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ.
وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ شَهِدَ دَفْنَ الْمَيِّتِ أَنْ يَحْثُوَ فِي قَبْرِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ التُّرَابِ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا وَيَكُونُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِ الْمَيِّتِ وَيَقُولُ فِي الْحَثْيَةِ الْأُولَى: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِي الثَّانِيَةِ: وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَفِي الثَّالِثَةِ: وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَا بَأْسَ بِالدَّفْنِ بِاللَّيْلِ وَلَكِنَّهُ بِالنَّهَارِ أَمْكَنُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُسْنَمُ الْقَبْرُ قَدْرَ الشِّبْرِ وَلَا يُرَبَّعُ وَلَا يُجَصَّصُ وَلَا بَأْسَ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ أَوْ يُقْعَدَ أَوْ يُنَامَ عَلَيْهِ أَوْ يُوطَأَ عَلَيْهِ أَوْ تُقْضَى حَاجَةُ الْإِنْسَانِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ يُعَلَّمَ بِعَلَامَةٍ مِنْ كِتَابَةٍ وَنَحْوِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا خَرِبَتْ الْقُبُورُ فَلَا بَأْسَ بِتَطْيِينِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَمَنْ حَفَرَ قَبْرًا لِنَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَيُؤْجَرُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة رَجُلٌ حَفَرَ قَبْرًا فَأَرَادُوا دَفْنَ مَيِّتٍ آخَرَ فِيهِ إنْ كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ وَاسِعَةً يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَتْ ضَيِّقَةً جَازَ وَلَكِنْ يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ صَاحِبُهُ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَالْأَفْضَلُ الدَّفْنُ فِي الْمَقْبَرَةِ الَّتِي فِيهَا قُبُورُ الصَّالِحِينَ وَيُسْتَحَبُّ إذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ أَنْ يَجْلِسُوا سَاعَةً عِنْدَ الْقَبْرِ بَعْدَ الْفَرَاغِ بِقَدْرِ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقَسَّمُ لَحْمُهَا يَتْلُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ لِلْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْقُبُورِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُكْرَهُ وَمَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذُوا بِقَوْلِهِ وَهَلْ يَنْتَفِعُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَنْتَفِعُ، هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ مَسْجِدٌ أَوْ غَيْرُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَيُكْرَهُ عِنْدَ الْقَبْرِ مَا لَمْ يُعْهَدْ مِنْ السُّنَّةِ وَالْمَعْهُودُ مِنْهَا لَيْسَ إلَّا زِيَارَتُهُ وَالدُّعَاءُ عِنْدَهُ قَائِمًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ فَيُوضَعُ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ ثُمَّ خَلْفَهُ الْغُلَامُ ثُمَّ خَلْفَهُ الْخُنْثَى ثُمَّ خَلْفَهُ الْمَرْأَةُ وَيُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ مَيِّتَيْنِ حَاجِزٌ مِنْ التُّرَابِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَا رَجُلَيْنِ يُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ أَفْضَلُهُمَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ
(1/166)
وَكَذَا إذَا كَانَتَا امْرَأَتَيْنِ، هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ بَلَى الْمَيِّتُ وَصَارَ تُرَابًا جَازَ دَفْنُ غَيْرِهِ فِي قَبْرِهِ وَزَرْعُهُ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُسْتَحَبُّ فِي الْقَتِيلِ وَالْمَيِّتِ دَفْنُهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي مَاتَ فِي مَقَابِرِ أُولَئِكَ الْقَوْمِ وَإِنْ نُقِلَ قَبْلَ الدَّفْنِ إلَى قَدْرِ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَكَذَا لَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ فَإِنْ نُقِلَ إلَى مِصْرٍ آخَرَ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يَنْبَغِي إخْرَاجُ الْمَيِّتِ مِنْ الْقَبْرِ بَعْدَ مَا دُفِنَ إلَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مَغْصُوبَةً أَوْ أُخِذَتْ بِشُفْعَةٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ الْمَيِّتِ وَإِنْ شَاءَ سَوَّى الْأَرْضَ وَزَرَعَ فِيهَا، كَذَا فِي التَّجْنِيسِ.
وَلَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ أَوْ جُعِلَ رَأْسُهُ مَوْضِعَ رِجْلَيْهِ وَأُهِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ لَمْ يُنْبَشْ وَلَوْ سُوِّيَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ وَلَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ نُزِعَ اللَّبِنُ وَرُوعِيَ السُّنَّةُ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْقَبْرِ مَتَاعٌ فَعُلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ مَا أَهَالُوا عَلَيْهِ التُّرَابَ يُنْبَشُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، قَالُوا وَلَوْ كَانَ الْمَالُ دِرْهَمًا، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيُكْرَهُ قَطْعُ الْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ مِنْ الْمَقْبَرَةِ فَإِنْ كَانَ يَابِسًا لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْمَشْيُ فِي الْمَقَابِرِ بِنَعْلَيْنِ لَا يُكْرَهُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
[مَسَائِلُ فِي التَّعْزِيَةُ]
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) التَّعْزِيَةُ لِصَاحِبِ الْمُصِيبَةِ حَسَنٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ إذَا عَزَّى أَهْلَ الْمَيِّتِ مَرَّةً فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَزِّيَهُ مَرَّةً أُخْرَى، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَوَقْتُهَا مِنْ حِينِ يَمُوتُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيُكْرَهُ بَعْدَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعَزِّي أَوْ الْمُعَزَّى إلَيْهِ غَائِبًا فَلَا بَأْسَ بِهَا وَهِيَ بَعْدَ الدَّفْنِ أَوْلَى مِنْهَا قَبْلَهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يُرَ مِنْهُمْ جَزَعٌ شَدِيدٌ فَإِنْ رُئِيَ ذَلِكَ قُدِّمَتْ التَّعْزِيَةُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُمَّ بِالتَّعْزِيَةِ جَمِيعَ أَقَارِبِ الْمَيِّتِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ وَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً شَابَّةً فَلَا يُعَزِّيهَا إلَّا مَحَارِمُهَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ لِصَاحِبِ التَّعْزِيَةِ: غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَيِّتِكَ وَتَجَاوَزَ عَنْهُ وَتَغَمَّدَهُ بِرَحْمَتِهِ وَرَزَقَكَ الصَّبْرَ عَلَى مُصِيبَتِهِ وَآجَرَكَ عَلَى مَوْتِهِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.
وَأَحْسَنُ ذَلِكَ تَعْزِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى» وَيُقَالُ فِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ وَفِي تَعْزِيَةِ الْكَافِرِ بِالْمُسْلِمِ أَحْسَنَ اللَّهُ عَزَاءَكَ وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ وَلَا يُقَالُ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ وَفِي تَعْزِيَةِ الْكَافِرِ بِالْكَافِرِ أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَلَا نَقَصَ عَدَدَكَ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَا بَأْسَ لِأَهْلِ الْمُصِيبَةِ أَنْ يَجْلِسُوا فِي الْبَيْتِ أَوْ فِي مَسْجِدٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالنَّاسُ يَأْتُونَهُمْ وَيُعَزُّونَهُمْ وَيُكْرَهُ الْجُلُوس عَلَى بَابِ الدَّارِ وَمَا يُصْنَعُ فِي بِلَادِ الْعَجَمِ مِنْ فَرْشِ الْبُسُطِ وَالْقِيَامِ عَلَى قَوَارِعِ الطُّرُقِ مِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَالْجُلُوسُ لِلْمُصِيبَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ رُخْصَةٌ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ، كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَأَمَّا النَّوْحُ الْعَالِي فَلَا يَجُوزُ وَالْبُكَاءُ مَعَ رِقَّةِ الْقَلْبِ لَا بَأْسَ بِهِ وَيُكْرَهُ لِلرِّجَالِ تَسْوِيدُ الثِّيَابِ وَتَمْزِيقُهَا لِلتَّعْزِيَةِ وَلَا بَأْسَ بِالتَّسْوِيدِ لِلنِّسَاءِ وَأَمَّا تَسْوِيدُ الْخُدُودِ وَالْأَيْدِي وَشَقُّ الْجُيُوبِ وَخَدْشُ الْوُجُوهِ وَنَشْرُ الشُّعُورِ وَنَثْرُ التُّرَابِ عَلَى الرُّءُوسِ وَالضَّرْبُ عَلَى الْفَخِذِ وَالصَّدْرِ وَإِيقَادُ النَّارِ عَلَى الْقُبُورِ فَمِنْ رُسُومِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْبَاطِلِ وَالْغُرُورِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُتَّخَذَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا يُبَاحُ اتِّخَاذُ الضِّيَافَةِ عِنْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الشَّهِيدِ]
وَهُوَ فِي الشَّرْعِ مَنْ قَتَلَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ وَالْبَغْيِ وَقُطَّاعُ الطَّرِيقِ أَوْ وُجِدَ فِي مَعْرَكَةٍ وَبِهِ جُرْحٌ أَوْ يَخْرُجُ الدَّمُ مِنْ عَيْنَيْهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ جَوْفِهِ أَوْ بِهِ أَثَرُ الْحَرْقِ أَوْ وَطِئَتْهُ دَابَّةُ الْعَدُوِّ وَهُوَ رَاكِبُهَا أَوْ سَائِقُهَا أَوْ كَدَمَتْهُ أَوْ صَدَمَتْهُ بِيَدِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا أَوْ نَفَرُوا دَابَّتَهُ بِضَرْبٍ أَوْ زَجْرٍ فَقَتَلَتْهُ أَوْ طَعَنُوهُ فَأَلْقَوْهُ فِي مَاءٍ
(1/167)
أَوْ نَارٍ أَوْ رَمَوْهُ مِنْ سُوَرٍ أَوْ أَسْقَطُوا عَلَيْهِ حَائِطًا أَوْ رَمَوْا نَارًا فِينَا أَوْ هَبَّتْ بِهَا رِيحٌ إلَيْنَا أَوْ جَعَلُوهَا فِي طَرَفِ خَشَبٍ رَأْسُهَا عِنْدَنَا أَوْ أَرْسَلُوا إلَيْنَا مَاءً فَاحْتَرَقَ أَوْ غَرِقَ مُسْلِمٌ أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ ظُلْمًا وَلَمْ تَجِبْ بِهِ دِيَةٌ كَذَا فِي الْكَافِي وَكَذَا إنْ قَتَلَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَوْ الْمُسْتَأْمَنُونَ هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ بِصُلْحٍ أَوْ بِقَتْلِ الْأَبِ ابْنَهُ لَا تَسْقُطُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقِصَاصُ لَكِنَّهُ سَقَطَ بِالصُّلْحِ أَوْ الشُّبْهَةِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ.
وَمَنْ قُتِلَ مُدَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِأَيِّ آلَةٍ قُتِلَ بِحَدِيدٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ خَشَبٍ فَهُوَ شَهِيدٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي سَفِينَةٍ فَرَمَاهُمْ الْعَدُوُّ بِالنَّارِ فَاحْتَرَقُوا مِنْ ذَلِكَ وَتَعَدَّى إلَى سَفِينَةٍ أُخْرَى فِيهَا الْمُسْلِمُونَ فَاحْتَرَقُوا كُلُّهُمْ شُهَدَاءُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَحُكْمُهُ أَنْ لَا يُغَسَّلَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيُدْفَنُ بِدَمِهِ وَثِيَابِهِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَلَوْ كَانَ فِي ثَوْبِ الشَّهِيدِ نَجَاسَةٌ تُغْسَلُ، كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ.
وَيُنْزَعُ عَنْهُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَفَنِ نَحْوُ السِّلَاحِ وَالْجُلُودِ وَالْفَرْوِ وَالْحَشْوِ وَالْخُفِّ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالسَّرَاوِيلِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السَّرَاوِيلَ إلَّا فِي السَّيْرِ وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ يَقُولُ الْأَشْبَهُ: أَنْ لَا يُنْزَعَ السَّرَاوِيلُ وَوَافَقَهُ فِي ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيُزَادُ حَتَّى يَتِمَّ الْكَفَنُ وَيُنْقَصُ إنْ كَانَ زِيَادَةً عَلَى سُنَّةِ الْكَفَنِ، كَذَا فِي الْكَافِي وَيُجْعَلُ الْحَنُوطُ لِلشَّهِيدِ كَمَا فِي الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيُغَسَّلُ إنْ قُتِلَ جُنُبًا أَوْ صَبِيًّا مَجْنُونًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا تُغَسَّلُ إنْ قُتِلَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ إنْ طَهُرَتَا وَتَمَّ الِانْقِطَاعُ فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ تُغَسَّلُ إنْ صَلُحَ الْمَرْئِيُّ حَيْضًا فِي الْأَصَحِّ، هَكَذَا فِي الْكَافِي.
أَمَّا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ قُتِلَتْ لَا تُغَسَّلُ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَيُغَسَّلُ مَنْ اُرْتُثَّ وَهُوَ مَنْ صَارَ خَلْقًا فِي حُكْمِ الشَّهَادَةِ لِنَيْلِ مَرَافِقِ الْحَيَاةِ وَهُوَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يَنَامَ أَوْ يُدَاوَى أَوْ يُنْقَلَ مِنْ الْمَعْرَكَةِ حَيًّا إلَّا إذَا حُمِلَ مِنْ مَصْرَعِهِ كَيْ لَا تَطَأَهُ الْخُيُولُ وَلَوْ آوَاهُ فُسْطَاطٌ أَوْ خَيْمَةٌ أَوْ بَقِيَ حَيًّا حَتَّى مَضَى وَقْتُ الصَّلَاةِ وَهُوَ يَعْقِلُ فَهُوَ مُرْتَثٌّ، هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَمِنْ الِارْتِثَاثِ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وُجِدَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَأَمَّا قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَلَا يَكُونُ مُرْتَثًّا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُغَسَّلُ إنْ أَوْصَى بِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ أَوْ قُتِلَ فِي الْمِصْرِ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ قُتِلَ بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ، وَكَذَا لَوْ قَامَ مِنْ مَكَانِهِ أَوْ تَحَوَّلَ إلَى مَكَان آخَرَ، هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ انْفَلَتَتْ دَابَّةُ مُشْرِكٍ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَوَطِئَتْ مُسْلِمًا أَوْ رَمَى مُسْلِمٌ إلَى الْمُشْرِكِينَ فَأَصَابَ مُسْلِمًا أَوْ نَفَرَتْ دَابَّةُ مُشْرِكٍ فَرَمَتْهُ أَوْ هَرَبَ الْمُسْلِمُونَ فَأَلْجَأَهُمْ الْكُفَّارُ إلَى نَارٍ أَوْ خَنْدَقٍ أَوْ جَعَلَ الْمُسْلِمُونَ الْحَسَكَ حَوْلَهُمْ فَمَشَوْا عَلَيْهَا وَمَاتُوا يُغَسَّلُونَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ عَثَرَتْ دَابَّةُ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقِتَالِ فَرَمَتْ بِهِ فَقَتَلَتْهُ غُسِّلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ رَأَتْ دَوَابُّ الْمُسْلِمِينَ رَايَاتِ الْمُشْرِكِينَ فَنَفَرَتْ مِنْ ذَلِكَ دَابَّةٌ مِنْ غَيْرِ تَنْفِيرِ الْمُشْرِكِينَ وَرَمَتْ صَاحِبَهَا وَقَتَلَتْهُ غُسِّلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَا لَوْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ تَحَصَّنُوا فِي مَدِينَةٍ فَصَعِدَ الْمُسْلِمُونَ بِسُوَرِهَا فَمَالَتْ رِجْلُ إنْسَانٍ مِنْهُمْ فَوَقَعَ وَمَاتَ غُسِّلَ عِنْدَهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ فَوَطِئَتْ دَابَّةُ مُسْلِمٍ مُسْلِمًا وَصَاحِبُهَا عَلَيْهَا أَوْ سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ غُسِّلَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ نَقَبُوا الْحَائِطَ فَوَقَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ نَقْبِهِمْ غُسِّلُوا لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَلِكَ إذَا حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ فَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ تَرَاءَى الْفَرِيقَانِ وَلَمْ يَتَقَاتَلَا غُسِّلَ مَنْ وُجِدَ مَيِّتًا حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ قُتِلَ بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ وُجِدَ
(1/168)
فِي الْمَعْرَكَةِ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ أَثَرُ الْقَتْلِ مِنْ جِرَاحَةٍ أَوْ خَنْقٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ خُرُوجِ دَمٍ لَمْ يَكُنْ شَهِيدًا وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ مَوْضِعٍ يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ آفَةٍ فِي الْبَاطِنِ كَالْأَنْفِ وَالذَّكَرِ وَالدُّبُرِ وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ فَمِهِ نَازِلًا مِنْ رَأْسِهِ، هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ صَارَ مَقْتُولًا فِي قِتَالِ ثَلَاثٍ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ الْبُغَاةِ أَوْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ بِمَعْنَى مُضَافِ الْعَدُوِّ وَسَوَاءٌ كَانَ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ التَّسْبِيبِ كَانَ شَهِيدًا وَكُلُّ مَنْ صَارَ مَقْتُولًا بِمَعْنًى غَيْرِ مُضَافٍ إلَى الْعَدُوِّ لَا يَكُونُ شَهِيدًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي السَّجَدَاتِ]
ِ مَسَائِلُهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أُصُولٍ (مِنْهَا) السَّجْدَةُ مَتَى أُدِّيَتْ فِي مَحِلِّهَا تَصِحُّ بِغَيْرِ النِّيَّةِ وَمَتَى فَاتَتْ عَنْ مَحِلِّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ ثُمَّ إنَّمَا تَصِيرُ فَائِتَةً عَنْ مَحِلِّهَا إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَحِلِّهَا رَكْعَةٌ تَامَّةٌ.
(وَمِنْهَا) مَتَى وَقَعَ الشَّكُّ فِي تَرْكِ الرَّكْعَةِ أَوْ السَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهَا لِيَخْرُجَ عَمَّا عَلَيْهِ بِيَقِينٍ وَيُقَدِّمَ السَّجْدَةَ عَلَى الرَّكْعَةِ، وَلَوْ قَدَّمَ الرَّكْعَةَ عَلَيْهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ.
(وَمِنْهَا) أَنَّ مَا تَرَدَّدَ بِهِ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْبِدْعَةِ يَأْتِي بِهِ احْتِيَاطًا، وَمَا تَرَدَّدَ بِهِ بَيْنَ الْبِدْعَةِ وَالسُّنَّةِ يَتْرُكُ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى الْمَتْرُوكَةِ مِنْ السَّجَدَاتِ وَإِلَى الْمُؤَدَّاةِ فَأَيُّهَا أَقَلُّ فَالْعِبْرَةُ لَهُ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْأَقَلِّ أَسْهَلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ فَتَذَكَّرَ فِي آخِرِهَا قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا ثُمَّ يَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَغَالِبُ رَأْيِهِ ذَلِكَ يَنْوِي الْقَضَاءَ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ الثَّانِيَةِ لَا يَنْوِي الْقَضَاءَ، وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْهَا سَجْدَتَيْنِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَهُمَا مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهُمَا وَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ ثُمَّ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَهُمَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَيْفَ تَرَكَهُمَا يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ يَنْوِي الْقَضَاءَ مِنْ الْأُولَى ثُمَّ يُصَلِّيَ رَكْعَةً، وَمَنْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّ السَّجْدَتَيْنِ تُضَمَّانِ إلَى الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ هَذَا فِي رِوَايَةٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ تُضَمَّانِ إلَى الرُّكُوعِ الثَّانِي فَيَصِيرُ مُدْرِكًا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ مِنْ أَيِّهِمَا تَرَكَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ أَوَّلًا وَيَتَشَهَّدُ، وَلَا يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي رَكْعَةً وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْهَا ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَةً وَيُصَلِّي رَكْعَةً ثُمَّ يَتَشَهَّدُ، وَلَا يَنْوِي الْقَضَاءَ فِي السَّجْدَةِ، وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْهَا أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَيَضُمُّ إلَى الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ إلَى الرُّكُوعِ الثَّانِي وَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا صَلَّى صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَتَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً يَأْتِي بِالسَّجْدَةِ وَحْدَهَا وَيَنْوِي مَا عَلَيْهِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَإِنْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْهَا يُؤْمَرُ بِالْعَمَلِ بِالتَّحَرِّي إنْ لَمْ يَدْرِ أَنَّهُمَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَأْخُذُ بِالِاحْتِيَاطِ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ يَنْوِي بِهِمَا جَمِيعًا مَا عَلَيْهِ أَوْ الْقَضَاءَ وَيَتَشَهَّدُ بَعْدَهُمَا ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، وَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ يُؤْمَرُ بِالتَّحَرِّي عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَسْجُدُ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ وَيَجْلِسُ بَعْدَهَا جُلُوسًا مُسْتَحَقًّا لَوْ تَرَكَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَةً ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ.
وَإِنْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَلَمْ يَدْرِ كَيْفَ تَرَكَهُنَّ مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَيَجْلِسُ جِلْسَةً مُسْتَحَقَّةً ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّيَ رَكْعَةً وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُصَلَّى رَكْعَةً أُخْرَى وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَإِنْ تَرَكَ خَمْسَ
(1/169)
سَجَدَاتٍ فَالْمُؤَدَّى سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ فَيُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى فَتَمَّ لَهُ رَكْعَةٌ ثُمَّ يُصَلَّى رَكْعَةً وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُصَلَّى الثَّالِثَةَ وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ هَذَا إذَا نَوَى بِهَا عَنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ الْوَاحِدَةِ حَتَّى لَا تُلْتَحَقَ بِرُكُوعٍ آخَرَ بَعْدَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ أَمَّا إذَا سَجَدَ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَنْوِ يَجِبُ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ وَحُكْمُ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ كَحُكْمِ ذَوَاتِ الِاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ، وَلَوْ تَرَكَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
وَإِنْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَلَا يَدْرِي كَيْفَ تَرَكَ يَسْجُدُ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَيَجْلِسُ جِلْسَةً مُسْتَحَقَّةً، وَلَوْ تَرَكَهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً وَيَقْعُدُ وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي أُخْرَى وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَإِنْ تَرَكَ خَمْسَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ ثَلَاثًا، وَلَا يَقْعُدُ بَعْدَهَا وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقْعُدُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ احْتِيَاطًا. وَإِنْ تَرَكَ سِتًّا سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ لَا يَقْعُدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقْعُدُ يُصَلِّي رَكْعَةً. وَإِنْ تَرَكَ سَبْعًا سَجَدَ سَجْدَةً وَصَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ قَالُوا: هَذَا إذَا نَوَى بِالسَّجْدَةِ الرَّكْعَةَ الَّتِي قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ، وَإِنْ سَجَدَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ سَاهِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ يَأْتِي بِسَجْدَتَيْنِ وَيَنْوِي بِإِحْدَاهُمَا مَا عَلَيْهِ حَتَّى تُلْتَحَقَ إحْدَاهُمَا بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَصَارَ مُصَلِّيًا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ إذَا صَلَّى ثَلَاثًا وَتَشَهَّدَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الثَّلَاثِ ثُمَّ صَلَّى الرَّابِعَةَ جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ تَرَكَ ثَمَانِ سَجَدَاتٍ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ.
وَلَوْ صَلَّى الْفَجْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ قَعَدَ وَتَرَكَ سَجْدَةً، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ تَرَكَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. وَلَوْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَفْسُدُ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ، وَلَوْ تَرَكَ أَرْبَعًا لَا تَفْسُدُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً.
وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَتَرَكَ سَجْدَةً فَسَدَتْ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ فِي الْأَصَحِّ أَوْ تَرَكَ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا، وَلَوْ تَرَكَ سِتًّا لَمْ تَفْسُدْ وَهُوَ كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَتَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَرَكَ سَبْعًا لَمْ تَفْسُدْ وَيَسْجُدُ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ تَرَكَ ثَمَانِ سَجَدَاتٍ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ تَرَكَ تِسْعَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ سَجْدَةً ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً ثُمَّ يَقْعُدُ وَهَذِهِ الْقَعْدَةُ سُنَّةٌ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقْعُدُ مُسْتَحَقًّا. وَإِنْ تَرَكَ مِنْهَا عَشْرَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. .
وَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَرْبَعًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَلَوْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ فِيهِ قَوْلَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، وَلَوْ تَرَكَ خَمْسًا لَا تَفْسُدُ وَيَسْجُدُ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ وَيُصَلِّي رَكْعَةً، وَلَوْ تَرَكَ سِتًّا سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَمَا لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
[كِتَابُ الزَّكَاةِ وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ]
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الزَّكَاةِ وَصِفَتِهَا وَشَرَائِطِهَا]
(كِتَابُ الزَّكَاةِ) (وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ)
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَصِفَتِهَا وَشَرَائِطِهَا)
أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَهِيَ تَمْلِيكُ الْمَالِ مِنْ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ، وَلَا مَوْلَاهُ بِشَرْطِ قَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمُمَلِّكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِلَّهِ - تَعَالَى - هَذَا فِي الشَّرْعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَأَمَّا صِفَتُهَا فَهِيَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ يَكْفُرُ جَاحِدُهَا وَيُقْتَلُ مَانِعُهَا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ حَتَّى يَأْثَمَ بِتَأْخِيرِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَفِي رِوَايَةِ الرَّازِيّ عَلَى التَّرَاخِي حَتَّى يَأْثَمَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَأَمَّا شَرْطُ أَدَائِهَا فَنِيَّةٌ مُقَارِنَةٌ لِلْأَدَاءِ أَوْ لِعَزْلِ مَا وَجَبَ هَكَذَا فِي الْكَنْزِ فَإِذَا نَوَى أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ، وَلَمْ يَعْزِلْ شَيْئًا فَجَعَلَ يَتَصَدَّقُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى آخِرِ السَّنَةِ، وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ لَمْ يُجْزِ عَنْ الزَّكَاةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ إذَا كَانَ فِي وَقْتِ التَّصَدُّقِ بِحَالٍ لَوْ سُئِلَ عَمَّا إذَا تُؤُدِّيَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُجِيبَ مِنْ غَيْرِ فِكْرَةٍ فَذَلِكَ يَكُونُ نِيَّةً مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ
(1/170)
مَا تَصَدَّقْت إلَى آخِرِ السَّنَةِ فَقَدْ نَوَيْت عَنْ الزَّكَاةِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
إذَا وَكَّلَ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ أَجْزَأَتْهُ النِّيَّةُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ التَّوْكِيلِ وَنَوَى عِنْدَ دَفْعِ الْوَكِيلِ جَازَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ فِي الزَّكَاةِ دُونَ الْوَكِيلِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فَلَوْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَدَفَعَ، وَلَمْ يَنْوِ عِنْدَ الدَّفْعِ جَازَ. وَلَوْ دَفَعَهَا إلَى الذِّمِّيِّ لِيَدْفَعَهَا إلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ لِوُجُودِ النِّيَّةِ مِنْ الْآمِرِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ تَجَدَّدَ لِلْمُوَكِّلِ نِيَّةٌ أُخْرَى بَعْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ قَبْلَ دَفْعِ الْوَكِيلِ إلَى الْفَقِيرِ كَانَ عَمَّا نَوَى أَخِيرًا حَتَّى لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ فَلَمْ يَدْفَعْ الْمَأْمُورُ حَتَّى نَوَى الْآمِرُ أَنْ يَكُونَ عَنْ نَذْرِهِ وَقَعَتْ عَنْ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ فَدَخَلَ وَهُوَ يَنْوِي عِنْدَ الدُّخُولِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ الزَّكَاةِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الزَّكَاةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَ الْمُودَعِ فَدَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى صَاحِبِهَا وَهُوَ فَقِيرٌ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ يُرِيدُ بِهِ الزَّكَاةَ لَا يُجْزِيهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ.
وَإِذَا دَفَعَ إلَى الْفَقِيرِ بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ نَوَاهُ عَنْ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِ الْفَقِيرِ أَجْزَأَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالزَّاهِدِيِّ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْعَيْنِيِّ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ.
رَجُلٌ أَدَّى زَكَاةَ غَيْرِهِ عَنْ مَالِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَأَجَازَهُ الْمَالِكُ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِ الْفَقِيرِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَمَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ نِصَابِهِ وَلَا يَنْوِي الزَّكَاةَ سَقَطَ فَرْضُهَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ النَّفَلَ أَوْ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ.
وَلَوْ دَفَعَ جَمِيعَ النِّصَابِ إلَى الْفَقِيرِ يَنْوِي بِهِ عَنْ النَّذْرِ أَوْ وَاجِبٍ آخَرَ يَقَعُ عَمَّا نَوَى وَيَضْمَنُ قَدْرَ الْوَاجِبِ.
وَلَوْ وَهَبَ بَعْضَ النِّصَابِ مِنْ الْفَقِيرِ يَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ الْمُؤَدِّي عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِثْلُهُ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى فَقِيرٍ فَأَبْرَأَهُ عَنْهُ سَقَطَ عَنْهُ زَكَاتُهُ نَوَى بِهِ عَنْ الزَّكَاةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ كَالْهَلَاكِ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَعْضِ سَقَطَ زَكَاةُ ذَلِكَ الْبَعْضِ لِمَا قُلْنَا وَزَكَاةُ الْبَاقِي لَا تَسْقُطُ، وَلَوْ نَوَى بِهِ إلَّا الْأَدَاءَ عَنْ الْبَاقِي كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ غَنِيًّا فَوَهَبَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ يَضْمَنُ قَدْرَ الزَّكَاةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَمَرَ فَقِيرًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى آخَرَ وَنَوَاهُ عَنْ زَكَاةِ عَيْنٍ عِنْدَهُ جَازَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ وَهَبَ دَيْنَهُ مِنْ فَقِيرٍ وَنَوَى زَكَاةَ دَيْنٍ آخَرَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَوْ نَوَى زَكَاةَ عَيْنٍ لَهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَأَدَاءُ الْعَيْنِ عَنْ الْعَيْنِ وَعَنْ الدَّيْنِ جَائِزٌ، وَأَدَاءُ الدَّيْنِ عَنْ الْعَيْنِ وَعَنْ دَيْنٍ يُقْبَضُ لَا يَجُوزُ، وَأَدَاءُ الدَّيْنَ عَنْ دَيْنٍ لَا يُقْبَضُ يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَدَاءَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ قَالُوا الْأَفْضَلُ الْإِعْلَانُ وَالْإِظْهَارُ، وَفِي التَّطَوُّعَاتِ الْأَفْضَلُ هُوَ الْإِخْفَاءُ وَالْإِسْرَارُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ أَعْطَى مِسْكِينًا دَرَاهِمَ وَسَمَّاهَا هِبَةً أَوْ قَرْضًا وَنَوَى الزَّكَاةَ فَإِنَّهَا تُجْزِيهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْمُبْتَغَى وَالْقُنْيَةِ (وَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهَا فَمِنْهَا)
الْحُرِّيَّةُ حَتَّى لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ، وَأَمَّا الْمُسْتَسْعَى فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَمِنْهَا الْإِسْلَامُ حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَى الْكَافِرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ الْإِسْلَامُ كَمَا هُوَ شَرْطُ الْوُجُوبِ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ وُجُوبِهَا سَقَطَتْ كَمَا فِي الْمَوْتِ فَلَوْ بَقِيَ عَلَى ارْتِدَادِهِ سِنِينَ فَبَعْدَ إسْلَامِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِتِلْكَ السِّنِينَ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قَالَ الصَّيْرَفِيُّ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَقَامَ سِنِينَ هُنَاكَ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ الْأَخْذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ، وَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ حَتَّى يُفْتَى
(1/171)
بِالدَّفْعِ إنْ كَانَ عَلِمَ بِالْوُجُوبِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَيُفْتَى بِالدَّفْعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَا يُفْتَى بِالدَّفْعِ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِنَا فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَمِنْهَا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) فَلَيْسَ الزَّكَاةُ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ إذَا وُجِدَ مِنْهُ الْجُنُونُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ فَلَوْ أَفَاقَ فِي جُزْءٍ مِنْ السَّنَةِ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ فِي أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ يَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
قَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ هَذَا فِي الْجُنُونِ الْعَارِضِيِّ بِأَنْ جُنَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَمَّا فِي الْأَصْلِيِّ بِأَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ الْإِفَاقَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَا الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ بُلُوغِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَتَجِبُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَوْعَبَ الْإِغْمَاءُ حَوْلًا كَامِلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
(وَمِنْهَا كَوْنُ الْمَالِ نِصَابًا) فَلَا تَجِبُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ رَجُلٌ أَدَّى خَمْسَةً مِنْ الْمِائَتَيْنِ بَعْدَ الْحَوْلِ إلَى الْفَقِيرِ، أَوْ إلَى الْوَكِيلِ لِأَجْلِ الزَّكَاةِ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهَا دِرْهَمٌ سَتُّوقَةٌ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْخَمْسَةُ زَكَاةً لِنُقْصَانِ النِّصَابِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْخَمْسَةَ مِنْ الْفَقِيرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْوَكِيلِ إنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمِنْهَا الْمِلْكُ التَّامُّ وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْمِلْكُ وَالْيَدُ وَأَمَّا إذَا وُجِدَ الْمِلْكُ دُونَ الْيَدِ كَالصَّدَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ وُجِدَ الْيَدُ دُونَ الْمِلْكِ كَمِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَالْمَدْيُونِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَمَّا الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقِيلَ لَا يَكُونُ نِصَابًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ نِصَابًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِي عَبْدِهِ الْمُعَدِّ لِلتِّجَارَةِ إذَا أَبَقَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ. وَلَا عَلَى الزَّوْجِ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفٍ، وَلَمْ يُقْبِضْهَا سِنِينَ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَا عَلَى الرَّاهِنِ إذَا كَانَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِكَسْبِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَكَسْبُهُ لِمَوْلَاهُ وَعَلَى الْمَوْلَى زَكَاتُهُ إذَا تَمَّ الْحَوْلُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْأَخْذِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْأَخْذِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَلَى ابْنِ السَّبِيلِ زَكَاةُ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَائِبِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَالِ التِّجَارَةِ.
(وَمِنْهَا فَرَاغُ الْمَالِ) عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَيْسَ فِي دُورِ السُّكْنَى وَثِيَابِ الْبَدَنِ وَأَثَاثِ الْمَنَازِلِ وَدَوَابِّ الرُّكُوبِ وَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَسِلَاحِ الِاسْتِعْمَالِ زَكَاةٌ، وَكَذَا طَعَامُ أَهْلِهِ وَمَا يَتَجَمَّلُ بِهِ مِنْ الْأَوَانِي إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَذَا الْجَوْهَرُ وَاللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ والبلخش وَالزُّمُرُّدُ وَنَحْوُهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى فُلُوسًا لِلنَّفَقَةِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَكَذَا كُتُبُ الْعِلْمِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَآلَاتُ الْمُحْتَرِفِينَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ هَذَا فِي الْآلَاتِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِنَفْسِهَا، وَلَا يَبْقَى أَثَرُهَا فِي الْمَعْمُولِ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَبْقَى أَثَرُهَا فِي الْمَعْمُولِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الصَّبَّاغُ عُصْفُرًا أَوْ زَعْفَرَانًا لِيَصْنَعَ ثِيَابَ النَّاسِ بِأَجْرٍ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا، وَكَذَا كُلُّ مَنْ ابْتَاعَ عَيْنًا لِيَعْمَلَ بِهِ وَيَبْقَى أَثَرُهُ فِي الْمَعْمُولِ كَالْعَفْصِ وَالدُّهْنِ لِدَبْغِ الْجِلْدِ فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِذَلِكَ الْعَيْنِ أَثَرٌ فِي الْمَعْمُولِ كَالصَّابُونِ وَالْحُرْضِ لَا زَكَاةَ فِيهِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
(وَمِنْهَا الْفَرَاغُ عَنْ الدَّيْنِ) قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: كُلُّ دَيْنٍ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ لِلْعِبَادِ كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ الْبَيْعِ وَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَأَرْشِ الْجِرَاحَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ النُّقُودِ أَوْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ أَوْ الثِّيَابِ أَوْ الْحَيَوَانِ وَجَبَ بِخُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ عَنْ دَمِ عَمْدٍ، وَهُوَ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ أَوْ لِلَّهِ - تَعَالَى - كَدَيْنِ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ
(1/172)
زَكَاةَ سَائِمَةٍ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْعَيْنِ بِأَنْ كَانَ الْعَيْنُ قَائِمًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ بِاسْتِهْلَاكِ النِّصَابِ، وَإِنْ كَانَ زَكَاةَ الْأَثْمَانِ وَزَكَاةَ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَفِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي السَّوَائِمُ.
وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ خَرَاجَ أَرْضٍ يُمْنَعُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِقَدْرِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ خَرَاجًا يُؤْخَذُ بِحَقٍّ، وَكَانَ تَمَامَ الْحَوْلِ بَعْدَ إدْرَاكِ الْغَلَّةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ إدْرَاكِهَا فَلَا، وَمَا يُؤْخَذُ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ إذَا أَخْرَجَتْ طَعَامًا وَاسْتَهْلَكَهُ وَضَمِنَ مِثْلَهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ عَلَى الدَّرَاهِمِ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى الدَّرَاهِمِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَكَذَلِكَ الْمَهْرُ يَمْنَعَ مُؤَجَّلًا كَانَ أَوْ مُعَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الْبَزْدَوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ مَهْرٌ مُؤَجَّلٌ لِامْرَأَتِهِ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ: لَا يُجْعَلُ مَانِعًا مِنْ الزَّكَاةِ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْعَادَةِ، وَأَنَّهُ حَسَنٌ أَيْضًا هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
وَأَمَّا نَفَقَاتُ الزَّوْجَاتِ فَمَا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا إمَّا بِفَرْضِ الْقَاضِي أَوْ بِالتَّرَاضِي لَا تَمْنَعُ وَتَسْقُطُ إذَا لَمْ يُوجَدْ قَضَاءُ الْقَاضِي أَوْ التَّرَاضِي، وَكَذَا نَفَقَةُ الْمَحَارِمِ إذَا فَرَضَهَا الْقَاضِي فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ نَحْوَ مَا دُونَ الشَّهْرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا بَلْ تَسْقُطُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَمَّا إذَا لَحِقَهُ الدَّيْنُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَلَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَأَمَّا الدَّيْنُ الْمُعْتَرِضُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ فَذَكَرَ فِي الْعُيُونِ أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَمْنَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ لِلتِّجَارَةِ وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْعَبْدِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ، وَكَفَلَ بِهَا رَجُلٌ بِأَمْرِ الْمَدْيُونِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِهِمَا لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَلَوْ اغْتَصَبَ رَجُلٌ أَلْفًا مِنْ رَجُلٍ فَجَاءَ آخَرُ وَاغْتَصَبَ الْأَلْفَ مِنْ الْغَاصِبِ وَاسْتَهْلَكَهَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِ الْغَاصِبَيْنِ كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ زَكَاةُ أَلْفِهِ، وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَصْرُوفٌ إلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ مُعَدٌّ لِلتَّقَلُّبِ وَالتَّصَرُّفِ فَكَانَ الدَّيْنُ مَصْرُوفًا إلَيْهِ، فَأَمَّا الدَّارُ وَالْخَادِمُ فَمَشْغُولَتَانِ بِحَاجَتِهِ فَلَا يَصْرِفُ الدَّيْنَ إلَيْهِ، وَمَالِكُ الدَّارِ وَالْخَادِمِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ حَاجَتَهُ بَلْ يَزِيدُ فِيهَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: إنَّ الصَّدَقَةَ كَانَتْ تَحِلُّ لِلرَّجُلِ، وَهُوَ صَاحِبُ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ قِيلَ، وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ يَكُونُ لَهُ الدَّارُ وَالْخَادِمُ وَالسِّلَاحُ، وَكَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ ذَلِكَ وَعَنْ هَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ الْفَقِيهَ إذَا كَانَ يَمْلِكُ مِنْ الْكُتُبِ مَا يُسَاوِي مَالًا عَظِيمًا، وَلَكِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ إلَّا أَنْ يَمْلِكَ فَضْلًا عَنْ حَاجَتِهِ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْفَاضِلُ عَنْ حَاجَتِهِ مِنْ كُلِّ تَصْنِيفٍ نُسْخَتَانِ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَإِذَا سَقَطَ الدَّيْنُ كَأَنْ أَبْرَأَ الدَّائِنُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ اُعْتُبِرَ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ حِينِ سُقُوطِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. وَكُلُّ دَيْنٍ لَا مُطَالِبَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ كَدُيُونِ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ النُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَوُجُوبِ الْحَجِّ لَا يَمْنَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَضَمَانُ
(1/173)
اللُّقَطَةِ لَا يَمْنَعُ، وَكَذَا ضَمَانُ الدَّرْكِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَمْنَعُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقَالُوا فِيمَنْ ضَمِنَ الدَّرْكَ فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْحَوْلِ يَمْنَعُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ الْحَوْلِ لَا يَمْنَعُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ نُصُبٌ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ وَسَوَائِمُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ صُرِفَ الدَّيْنُ إلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوَّلًا فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُمَا صُرِفَ إلَى الْعُرُوضِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهَا فَإِلَى السَّوَائِمِ فَإِنْ كَانَتْ السَّوَائِمُ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً صُرِفَ إلَى أَقَلِّهَا زَكَاةً، وَإِنْ اسْتَوَتْ فِيهَا صُرِفَ إلَى أَيِّمَا شَاءَ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَهَذَا إذَا حَضَرَ الْمُصَدِّقُ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ فَالْخِيَارُ لِرَبِّ الْمَالِ إنْ شَاءَ صَرَفَ الدَّيْنَ إلَى السَّائِمَةِ، وَأَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ السَّائِمَةِ؛ لِأَنَّ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْمَالِ هُمَا سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي حَقِّ الْمُصَدِّقِ فَإِنَّ لَهُ وِلَايَةَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ السَّائِمَةِ دُونَ الدَّرَاهِمِ فَلِهَذَا صَرَفَ الدَّيْنَ إلَى الدَّرَاهِمِ، وَأَخَذَ الزَّكَاةَ مِنْ السَّائِمَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. لَهُ مِائَتَانِ وَوَصِيفٌ وَتَزَوَّجَ عَلَى مِثْلِهِ وَاسْتَقْرَضَ بُرًّا لِحَاجَةٍ وَبَقِيَ لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ صُرِفَ إلَى النُّقُودِ وَالْمَالِ الْفَارِغِ، وَقَالَ زُفَرُ يَجِبُ صَرْفُ الدَّيْنِ إلَى الْجِنْسِ كَذَا فِي الْكَافِي.
(وَمِنْهَا كَوْنُ النِّصَابِ نَامِيًا) حَقِيقَةً بِالتَّوَالُدِ وَالتَّنَاسُلِ وَالتِّجَارَةِ أَوْ تَقْدِيرًا بِأَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ بِكَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ نَائِبِهِ وَيَنْقَسِمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى قِسْمَيْنِ خِلْقِيٌّ، وَفِعْلِيٌّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ فَالْخِلْقِيُّ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلِانْتِفَاعِ بِأَعْيَانِهِمَا فِي دَفْعِ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِمَا نَوَى التِّجَارَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ أَصْلًا أَوْ نَوَى النَّفَقَةَ وَالْفِعْلِيُّ مَا سِوَاهُمَا وَيَكُونُ الِاسْتِنْمَاءُ فِيهِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ أَوْ الْإِسَامَةِ، وَنِيَّةُ التِّجَارَةِ وَالْإِسَامَةِ لَا تُعْتَبَرُ مَا لَمْ تَتَّصِلْ بِفِعْلِ التِّجَارَةِ أَوْ الْإِسَامَةِ ثُمَّ نِيَّةُ التِّجَارَةِ قَدْ تَكُونُ صَرِيحًا وَقَدْ تَكُونُ دَلَالَةً فَالصَّرِيحُ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ عَقْدِ التِّجَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَمْلُوكُ لِلتِّجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْدُ شِرَاءً أَوْ إجَارَةً وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ مِنْ النُّقُودِ أَوْ الْعُرُوضِ.
وَأَمَّا الدَّلَالَةُ فَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ عَيْنًا مِنْ الْأَعْيَانِ بِعُرُوضِ التِّجَارَةِ أَوْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ بِعَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَتَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التِّجَارَةَ صَرِيحًا لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ الِاخْتِلَافَ فِي بَدَلِ مَنَافِعِ عَيْنٍ مُعَدَّةٍ لِلتِّجَارَةِ فَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الْأَصْلِ أَنَّهُ لِلتِّجَارَةِ بِلَا نِيَّةٍ، وَفِي الْجَامِعِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّوَقُّفِ عَلَى النِّيَّةِ فَكَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَمَشَايِخُ بَلْخٍ كَانُوا يُصَحِّحُونَ رِوَايَةَ الْجَامِعِ وَمَا مَلَكَهُ بِعَقْدٍ لَيْسَ فِيهِ مُبَادَلَةٌ أَصْلًا كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ أَوْ مَلَكَهُ بِعَقْدٍ هُوَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَبَدَلِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ وَرِثَهُ فَنَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ لَا يَكُونُ لَهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَفِي السَّائِمَةِ، وَمَالِ التِّجَارَةِ إنْ نَوَى الْوَرَثَةُ الْإِسَامَةَ أَوْ التِّجَارَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ تَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوُوا قِيلَ تَجِبُ وَقِيلَ لَا تَجِبُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً لِلتِّجَارَةِ وَنَوَاهَا لِلْخِدْمَةِ بَطَلَتْ عَنْهَا الزَّكَاةُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ بِكَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ نَائِبِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مِثْلُ مَالُ الضِّمَارِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ كُلُّ مَا بَقِيَ أَصْلُهُ فِي مِلْكِهِ وَلَكِنْ زَالَ عَنْ يَدِهِ زَوَالًا لَا يُرْجَى عَوْدُهُ فِي الْغَالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَمِنْ مَالِ الضِّمَارِ الدَّيْنُ الْمَجْحُودُ وَالْمَغْصُوبُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِمَا بَيِّنَةٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ إلَّا فِي غَصْبِ السَّائِمَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا، وَمِنْهُ الْمَفْقُودُ وَالْآبِقُ وَالْمَأْخُوذُ مُصَادَرَةً وَالسَّاقِطُ فِي الْبَحْرِ وَالْمَدْفُونُ فِي الصَّحْرَاءِ الْمَنْسِيُّ مَكَانُهُ، وَأَمَّا الْمَدْفُونُ فِي حِرْزٍ، وَلَوْ دَارَ غَيْرِهِ إذَا نَسِيَهُ فَلَيْسَ مِنْهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِنْ كَانَ مَدْفُونًا فِي أَرْضِهِ أَوْ كَرْمِهِ قِيلَ تَجِبُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ حَفْرَ جَمِيعِ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ مُمْكِنٌ وَقِيلَ لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ حَفْرَ جَمِيعِهَا مُتَعَسِّرٌ بِخِلَافِ الْبَيْتِ وَالدَّارِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الدَّارُ عَظِيمَةً
(1/174)
لَا يَنْعَقِدُ نِصَابًا، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى جَاحِدٍ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ غَيْرُ عَادِلَةٍ قِيلَ لَا تَجِبُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَجِبُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَالدَّيْنُ الْمَجْحُودُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ صَارَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بَعْدَ سِنِينَ بِأَنْ أَقَرَّ عِنْدَ النَّاسِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا بِالدَّيْنِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ مَا مَضَى، وَفِي مُقِرٍّ بِهِ تَجِبُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْسِرًا أَوْ مُفْلِسًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مُفْلِسٍ فَلَّسَهُ الْقَاضِي فَوَصَلَ إلَيْهِ بَعْدَ سِنِينَ كَانَ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَا مَضَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.
وَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ يُقِرُّ فِي السِّرِّ وَيَجْحَدُ فِي الْعَلَانِيَةِ لَمْ يَكُنْ نِصَابًا، وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا فَلَمَّا قَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي جَحَدَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَمَضَى زَمَانٌ فِي تَعْدِيلِ الشُّهُودِ ثُمَّ عُدِّلُوا سَقَطَتْ عَنْهُ الزَّكَاةُ مِنْ يَوْمِ جَحَدَ عِنْدَ الْقَاضِي إلَى أَنْ عُدِّلَ الشُّهُودُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ هَرَبَ غَرِيمُهُ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى طَلَبِهِ أَوْ التَّوْكِيلِ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَمَّا سَائِرُ الدُّيُونِ الْمُقِرِّ بِهَا فَهِيَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ضَعِيفٌ، وَهُوَ كُلُّ دَيْنٍ مَلَكَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَا بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ نَحْوُ الْمِيرَاثِ أَوْ بِفِعْلِهِ لَا بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ كَالْوَصِيَّةِ أَوْ بِفِعْلِهِ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ وَبَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا زَكَاةَ فِيهِ عِنْدَهُ حَتَّى يَقْبِضَ نِصَابًا وَيَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. وَوَسَطٌ، وَهُوَ مَا يَجِبُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ كَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَثِيَابِ الْبِذْلَةِ إذَا قَبَضَ مِائَتَيْنِ زَكَّى لِمَا مَضَى فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَقَوِيٌّ، وَهُوَ مَا يَجِبُ بَدَلًا عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ إذَا قَبَضَ أَرْبَعِينَ زَكَّى لِمَا مَضَى كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
(وَمِنْهَا حَوَلَانُ الْحَوْلِ عَلَى الْمَالِ) الْعِبْرَةُ فِي الزَّكَاةِ لِلْحَوْلِ الْقَمَرِيِّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَإِذَا كَانَ النِّصَابُ كَامِلًا فِي طَرَفَيْ الْحَوْلِ فَنُقْصَانُهُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اسْتَبْدَلَ مَالَ التِّجَارَةِ أَوْ النَّقْدَيْنِ بِجِنْسِهَا أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا لَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ الْحَوْلِ، وَلَوْ اسْتَبْدَلَ السَّائِمَةَ بِجِنْسِهَا أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ الْحَوْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَنْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ فَاسْتَفَادَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ مَالًا مِنْ جِنْسِهِ ضَمَّهُ إلَى مَالِهِ وَزَكَّاهُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ نَمَائِهِ أَوَّلًا وَبِأَيِّ وَجْهٍ اسْتَفَادَ ضَمَّهُ سَوَاءٌ كَانَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْغَنَمِ مَعَ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ لَا يَضُمُّ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. فَإِنْ اسْتَفَادَ بَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ لَا يَضُمُّ وَيَسْتَأْنِفُ لَهُ حَوْلٌ آخَرُ بِالِاتِّفَاقِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. ثُمَّ إنَّمَا يُضَمُّ الْمُسْتَفَادُ عِنْدَنَا إلَى أَصْلِ الْمَالِ إذَا كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا فَأَمَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ فَإِنَّهُ لَا يُضَمُّ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَتَكَامَلُ بِهِ النِّصَابُ وَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَيْهِمَا حَالَ وُجُودِ النِّصَابِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ كَانَ مَعَهُ نِصَابٌ مِنْ السَّائِمَةِ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَزَكَّاهَا ثُمَّ بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ، وَمَعَهُ نِصَابٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَدْ مَضَى عَلَيْهِ نِصْفُ الْحَوْلِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضُمُّ إلَيْهِ ثَمَنَ السَّائِمَةِ بَلْ يَسْتَأْنِفُ حَوْلًا جَدِيدًا وَعِنْدَهُمَا يَضُمُّهُ وَيُزْكِيهِمَا جَمِيعًا، وَهَذَا إذَا كَانَ ثَمَنُ السَّائِمَةِ يَبْلُغُ نِصَابًا بِانْفِرَادِهِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَبْلُغُ نِصَابًا ضَمَّهُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَأَمَّا ثَمَنُ الطَّعَامِ الْمَعْشُورِ، وَثَمَنُ الْعَبْدِ الَّذِي أَدَّى صَدَقَةَ فِطْرِهِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ إجْمَاعًا، وَلَوْ بَاعَ الْمَاشِيَةَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِمَاشِيَةٍ ضَمَّ الثَّمَنَ إلَى جِنْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ بِأَنْ يَضُمَّ الدَّرَاهِمَ إلَى الدَّرَاهِمِ، وَالْمَاشِيَةَ إلَى الْمَاشِيَةِ، وَإِنْ جَعَلَ الْمَاشِيَةَ بَعْدَ مَا زَكَّاهَا عَلُوفَةً ثُمَّ بَاعَهَا ضَمَّ ثَمَنَهَا إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ فَأَدَّى خَرَاجَهَا ثُمَّ بَاعَهَا ضَمَّ ثَمَنَهَا إلَى أَصْلِ النِّصَابِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَدَّى زَكَاةَ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا سَائِمَةً وَعِنْدَهُ مِنْ جِنْسِهَا سَائِمَةٌ لَمْ يَضُمَّهَا إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مَالٍ أُدِّيَتْ الزَّكَاةُ عَنْهُ، وَلَوْ وُهِبَ لَهُ أَلْفٌ ثُمَّ أَفَادَ أَلْفًا قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي
(1/175)
الْهِبَةِ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الْأَلْفِ الْفَائِدَةِ حَتَّى يَمْضِي حَوْلٌ مُنْذُ مَلَكَهَا؛ لِأَنَّهُ بَطَلَ حَوْلُ الْأَصْلِ، وَهُوَ الْمَوْهُوبُ فَيَبْطُلُ فِي حَقِّ التَّبَعِ.
رَجُلٌ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَحَالَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إلَّا يَوْمًا ثُمَّ أَفَادَ خَمْسَةً يُزَكِّي لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ خَمْسَةً لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَصَ النِّصَابُ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بِدَيْنِ الزَّكَاةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. .
رَجُلٌ لَهُ غَنَمٌ لِلتِّجَارَةِ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَمَاتَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ فَسَلَخَهَا وَدَبَغَ جِلْدَهَا حَتَّى بَلَغَ جِلْدُهَا نِصَابًا فَتَمَّ الْحَوْلُ كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَصِيرٌ لِلتِّجَارَةِ فَتَخَمَّرَ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ صَارَ خَلًّا يُسَاوِي نِصَابًا فَتَمَّ الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ فِيهِ قَالُوا: لِأَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الصُّوفُ الَّذِي بَقِيَ عَلَى ظَهْرِ الشَّاةِ مُتَقَوِّمٌ فَيَبْقَى الْحَوْلُ بِبَقَائِهِ، وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي هَلَكَ كُلُّ الْمَالِ فَبَطَلَ حُكْمُ الْحَوْلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الْحَوْلُ مُنْعَقِدًا عَلَيْهِ وَقْتَ التَّعْجِيلِ. وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ الَّذِي أَدَّى عَنْهُ كَامِلًا فِي آخِرِ الْحَوْلِ. وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يَفُوتَ أَصْلُهُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ لَهُ النِّصَابُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ أَقَلَّ مِنْ الْمِائَتَيْنِ فَعَجَّلَ الزَّكَاةَ ثُمَّ كَمَّلَ النِّصَابَ أَوْ كَانَتْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ عُرُوضٌ لِلتِّجَارَةِ قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِالْخَمْسَةِ عَنْ الزَّكَاةِ وَانْتَقَصَ النِّصَابُ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ نَاقِصٌ أَوْ كَانَ النِّصَابُ كَامِلًا وَقْتَ التَّعْجِيلِ ثُمَّ هَلَكَ جَمِيعُ الْمَالِ صَارَ مَا عَجَّلَ بِهِ تَطَوُّعًا هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَكَمَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ بَعْدَ مِلْكِ نِصَابٍ وَاحِدٍ عَنْ نِصَابٍ وَاحِدٍ يَجُوزُ عَنْ نُصُبٍ كَثِيرَةٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَلْفٍ فَإِنْ اسْتَفَادَ مَالًا أَوْ رَبِحَ صَارَ أَلْفًا ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ وَعِنْدَهُ أَلْفٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّعْجِيلُ وَسَقَطَ عَنْهُ زَكَاةُ الْأَلْفِ، وَإِنْ تَمَّ الْحَوْلُ، وَلَمْ يَسْتَفِدْ شَيْئًا ثُمَّ اسْتَفَادَ فَالْمُعَجَّلُ لَا يُجْزِئُ عَنْ زَكَاتِهَا فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ مِنْ حِينِ الِاسْتِفَادَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يُزَكِّيَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لِوُجُودِ السَّبَبِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ أَلْفَيْنِ، وَلَهُ أَلْفٌ فَقَالَ إنْ أَصَبْت أَلْفًا أُخْرَى قَبْلَ الْحَوْلِ فَهِيَ عَنْهُمَا، وَإِلَّا فَهِيَ عَنْ هَذِهِ الْأَلْفِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَجْزَأَهُ رَجُلٌ لَهُ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَظَنَّ أَنَّ عِنْدَهُ خَمْسَمِائَةٍ فَأَدَّى زَكَاةَ خَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ عَلِمَ فَلَهُ أَنْ يَحْسِبَ الزِّيَادَةَ لِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ لَهُ نِصَابَا ذَهَبٍ، وَفِضَّةٍ عَجَّلَ عَنْ أَحَدِهِمَا يَقَعُ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَغْوٌ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ بِدَلِيلِ الضَّمِّ، وَإِنْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ مَلَكَ نُصُبًا مِنْ حَيَوَانَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَعَجَّلَ زَكَاةَ الْبَعْضِ فَهَلَكَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لَا يَقَعُ عَنْ الْبَاقِي كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ عَجَّلَ أَدَاءَ الزَّكَاةِ إلَى فَقِيرٍ ثُمَّ أَيْسَرَ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ مَاتَ أَوْ ارْتَدَّ جَازَ مَا دَفَعَهُ عَنْ الزَّكَاةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. .
قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ بِمَوْتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[الْبَابُ الثَّانِي فِي صَدَقَةِ السَّوَائِمِ وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُقَدِّمَةِ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي صَدَقَةِ السَّوَائِمِ)
وَفِيهِ خَمْسَةُ فُصُولٍ. (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُقَدِّمَةِ)
تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي ذُكُورِهَا، وَإِنَاثِهَا، وَمُخْتَلَطِهِمَا وَالسَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تُسَامُ فِي الْبَرَارِي لِقَصْدِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَالزِّيَادَةِ فِي السِّمَنِ وَالثَّمَنِ حَتَّى لَوْ أُسِيمَتْ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ لَا لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَكَذَا لَوْ أُسِيمَتْ لِلَّحْمِ، وَلَوْ أُسِيمَتْ لِلتِّجَارَةِ فَفِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ دُونَ السَّائِمَةِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِنْ كَانَتْ تُسَامُ فِي بَعْضِ السَّنَةِ وَتُعْلَفُ فِي الْبَعْضِ فَإِنْ أُسِيمَتْ فِي أَكْثَرِهَا فَهِيَ سَائِمَةٌ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ حَتَّى لَوْ عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ لَا تَكُونُ سَائِمَةً، وَلَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ كَذَا فِي
(1/176)
التَّبْيِينِ.
وَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَرَعَاهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَكُنْ سَائِمَةً إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَجْعَلَهَا سَائِمَةً بِمَنْزِلَةِ عَبْدِ التِّجَارَةِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْدُمَهُ سِنِينَ فَيَسْتَخْدِمُهُ فَهُوَ لِلتِّجَارَةِ عَلَى حَالِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ التِّجَارَةِ وَيَجْعَلَهُ لِلْخِدْمَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ السَّائِمَةِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا أَوْ يَعْلِفَهَا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ كَانَ فِيهَا زَكَاةُ السَّائِمَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ جَعَلَهَا سَائِمَةً يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ مِنْ وَقْتِ الْجَعْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ]
لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَجِبُ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَالشَّاةُ مِنْ الْغَنَمِ مَا لَهَا سَنَةٌ وَطَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ، وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ، وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الرَّابِعَةِ إلَى سِتِّينَ فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الْخَامِسَةِ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ إلَى تِسْعِينَ فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
ثُمَّ تَجِبُ فِي كُلِّ خَمْسٍ يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ شَاةٌ إلَى مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتُ مَخَاضٍ، وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ ثُمَّ تَجِبُ فِي كُلِّ خَمْسٍ يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ شَاةٌ إلَى مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ مَخَاضٍ، وَفِي مِائَةٍ وَسِتٍّ وَثَمَانِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَسِتٍّ وَتِسْعِينَ أَرْبَعُ حِقَاقٍ إلَى مِائَتَيْنِ هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
إنْ شَاءَ أَدَّى عَنْ الْمِائَتَيْنِ أَرْبَعَ حِقَاقٍ عَنْ كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةً، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ عَنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتَ لَبُونٍ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ثُمَّ تُسْتَأْنَفُ الْفَرِيضَةُ أَبَدًا كَمَا تُسْتَأْنَفُ فِي الْخَمْسِينَ الَّتِي بَعْدَ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ، وَهَذَا عِنْدَنَا وَالْبُخْتُ وَالْعِرَابُ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَأَدْنَى السِّنِّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْإِبِلِ السَّائِمَةِ بِنْتُ مَخَاضٍ فَصَاعِدًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَيُحْسَبُ الصَّغِيرُ وَالْأَعْمَى فِي الْعَدَدِ، وَلَا يُؤْخَذَانِ فِي الزَّكَاةِ، وَلَا يَأْخُذُ الرُّبَّى وَهِيَ الْمُرَبِّيَةُ وَلَدَهَا وَالْأَكُولَةُ الَّتِي تُسَمَّنُ لِلْأَكْلِ وَالْحَامِلُ وَالْفَحْلُ وَخِيَارُ السَّائِمَةِ يُؤْخَذُ مِنْ أَوْسَاطِهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَجَبَ مُسِنٌّ، وَلَمْ يُوجَدْ دَفَعَ أَعْلَى مِنْهَا، وَأَخَذَ الْفَضْلَ أَوْ دُونَهَا وَرَدَّ الْفَضْلَ أَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ إلَّا أَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِلْمُصَدِّقِ أَنْ لَا يَأْخُذَ وَيَطْلُبَ عَيْنَ الْوَاجِبِ أَوْ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ، وَلَا جَبْرَ عَلَى الشِّرَاءِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يُجْبَرُ حَتَّى يُجْعَلَ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبِيعُ بَلْ هُوَ دَفْعٌ بِالْقِيمَةِ كَذَا فِي الْكَافِي.
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ]
(الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ) لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ صَدَقَةٌ فَإِذَا كَانَتْ ثَلَاثِينَ سَائِمَةً فَفِيهَا تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ، وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ثُمَّ لَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنٌّ أَوْ مُسِنَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ. فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَجَبَتْ فِي الزِّيَادَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ إلَى سِتِّينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَفِي الْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ رُبُعُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ، وَفِي الِاثْنَتَيْنِ نِصْفُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ، وَهَذَا رِوَايَةُ الْأَصْلِ ثُمَّ فِي السِّتِّينَ تَبِيعَانِ أَوْ تَبِيعَتَانِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَبَعْدَ السِّتِّينَ يُعْتَبَرُ الْأَرْبَعِينَاتُ وَالثَّلَاثِينَاتُ فَيَجِبُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنٌّ أَوْ مُسِنَّةٌ، وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ فَفِي سَبْعِينَ مُسِنٌّ وَتَبِيعٌ، وَفِي ثَمَانِينَ مُسِنَّتَانِ، وَفِي تِسْعِينَ ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ، وَفِي مِائَةٍ مُسِنَّةٌ وَتَبِيعَتَانِ هَكَذَا فِي
(1/177)
شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَإِنْ احْتَمَلَ تَقْدِيرَ الْمُسِنَّةِ وَالتَّبِيعَةِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مَثَلًا إنْ شَاءَ أَدَّى ثَلَاثَ مُسِنَّاتٍ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى أَرْبَعَةَ أَتْبِعَةٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْجَامُوسُ كَالْبَقَرِ وَعِنْدَ الِاخْتِلَاطِ يَجِبُ ضَمُّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ أَغْلِبْهَا إنْ كَانَ بَعْضُهَا أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُؤْخَذُ أَعْلَى الْأَدْنَى، وَأَدْنَى الْأَعْلَى كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَفِي النَّافِعِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي هَذَا الْبَابِ سَوَاءٌ، وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ الْأَفْضَلُ فِي الْبَقَرِ أَنْ يُؤَدَّى مِنْ الذَّكَرِ التَّبِيعُ، وَمِنْ الْأُنْثَى التَّبِيعَةُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَأَدْنَى السِّنِّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْبَقَرِ تَبِيعٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ]
لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ السَّائِمَةِ صَدَقَةٌ فَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ سَائِمَةً وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا شَاةٌ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ. فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا شَاتَانِ إلَى مِائَتَيْنِ فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ هَكَذَا وَرَدَ الْبَيَانُ فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعَلَيْهِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ، وَأَدْنَى السِّنِّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْغَنَمِ هُوَ الثَّنِيُّ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأُمُّ فَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَيُكَمَّلُ بِهِ النِّصَابُ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْبَقَرِ الْأَهْلِيِّ وَالْوَحْشِيِّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِيمَا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ]
لَا شَيْءَ فِي الْخَيْلِ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْعُرُوضِ يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهَا نِصَابًا سَوَاءٌ كَانَتْ سَائِمَةً أَوْ عَلُوفَةً كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَالْحَمِيرُ وَالْبِغَالُ وَالْفَهْدُ وَالْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ إنَّمَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ لَيْسَ فِي الْحِمْلَانِ وَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ صَدَقَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ آخِرُ أَقْوَالِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
وَإِذَا كَانَتْ فِيهَا وَاحِدٌ مِنْ الْمَسَانِّ جُعِلَ الْكُلُّ تَبَعًا لَهُ فِي انْعِقَادِهَا نِصَابًا دُونَ تَأْدِيَةِ الزَّكَاةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ حَمَلًا إلَّا وَاحِدَةً مُسِنَّةً تَجِبُ شَاةٌ وَسَطٌ فَإِنْ كَانَتْ الْمُسِنَّةُ وَسَطًا أَوْ دُونَهُ أَخَذَ، وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمَا. وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ خَمْسُونَ فَصِيلًا إلَّا حِقَّةً وَسَطًا تَجِبُ هِيَ فَإِنْ هَلَكَ نِصْفُ الْفُصْلَانِ سَقَطَ نِصْفُ الْحِقَّةِ، وَبَقِيَ نِصْفُهَا كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَا يُجْزِيهِ أَخْذُ وَاحِدَةٍ مِنْ الصِّغَارِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ، وَلَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ وَالْحَوَامِلِ وَالْعَلُوفَةِ صَدَقَةٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْعُرُوضِ وَفِيهِ فَصْلَانِ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْعُرُوضِ) ، وَفِيهِ فَصْلَانِ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ)
تَجِبُ فِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَفِي كُلِّ عِشْرِينَ مِثْقَالِ ذَهَبٍ نِصْفُ مِثْقَالٍ مَضْرُوبًا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَصُوغًا أَوْ غَيْرَ مَصُوغٍ حُلِيًّا كَانَ لِلرِّجَالِ أَوْ لِلنِّسَاءِ تِبْرًا كَانَ أَوْ سَبِيكَةً كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا أَنْ يَكُونَ الْمُؤَدَّى قَدْرَ الْوَاجِبِ وَزْنًا، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - حَتَّى لَوْ أَدَّى عَنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ جِيَادٍ خَمْسَةً زُيُوفًا قِيمَتُهَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٍ جَازَ عِنْدَهُمَا وَيُكْرَهُ، وَلَوْ أَدَّى أَرْبَعَةً جِيَادًا قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ رَدِيئَةٌ عَنْ خَمْسَةٍ رَدِيئَةٍ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ إبْرِيقُ فِضَّةٍ وَزْنُهُ مِائَتَانِ وَقِيمَتُهُ لِصِيَاغَتِهِ ثَلَثَمِائَةٍ إنْ أَدَّى مِنْ الْعَيْنِ يُؤَدِّي رُبُعَ عُشْرِهِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ قِيمَتُهَا سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ
(1/178)
وَإِنْ أَدَّى خَمْسَةً قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ جَازَ، وَلَوْ أَدَّى مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ يُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكَذَا فِي حَقِّ الْوُجُوبِ يُعْتَبَرُ أَنْ يَبْلُغَ وَزْنُهُمَا نِصَابًا، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ إبْرِيقُ فِضَّةٍ، وَزْنُهَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَقِيمَتُهَا مِائَتَانِ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ.
وَفِي الْيَنَابِيعِ إنْ كَمُلَتْ الْمِائَتَانِ فِي الْعَدَدِ وَنَقَصَتْ فِي الْوَزْنِ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ قَلَّ النُّقْصَانُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُعْتَبَرُ فِي الذَّهَبِ وَزْنُ الْمَثَاقِيلِ، وَفِي الدَّرَاهِمِ وَزْنُ سَبْعَةٍ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ تَزِنَ كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَ مَثَاقِيلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمِثْقَالُ هُوَ الدِّينَارُ عِشْرُونَ قِيرَاطًا وَالدِّرْهَمُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَالْقِيرَاطُ خَمْسُ شَعِيرَاتٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. الدَّرَاهِمُ إذَا كَانَتْ مَغْشُوشَةً فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْفِضَّةَ فَهِيَ كَالدَّرَاهِمِ الْخَالِصَةِ.
وَإِنْ غَلَبَ الْغِشُّ فَلَيْسَ كَالْفِضَّةِ كَالسَّتُّوقَةِ فَيَنْظُرُ إنْ كَانَتْ رَائِجَةً أَوْ نَوَى التِّجَارَةَ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا فَإِنْ بَلَغَتْ نِصَابًا مِنْ أَدْنَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَهِيَ الَّتِي غَلَبَتْ فِضَّتُهَا وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَثْمَانًا رَائِجَةً، وَلَا مَنْوِيَّةً لِلتِّجَارَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا فِيهَا مِنْ الْفِضَّةِ يَبْلُغُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِأَنْ كَانَتْ كَثِيرَةً وَتَتَخَلَّصُ مِنْ الْغِشِّ فَإِنْ كَانَ مَا فِيهَا لَا يَتَخَلَّصُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَحُكْمُ الذَّهَبِ الْمَغْشُوشِ كَالْفِضَّةِ الْمَغْشُوشَةِ، وَلَوْ اسْتَوَيَا فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَاخْتَارَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةُ الْوُجُوبَ احْتِيَاطًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَالذَّهَبُ الْمَخْلُوطُ بِالْفِضَّةِ إنْ بَلَغَ الذَّهَبُ نِصَابَ الذَّهَبِ وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاةُ الذَّهَبِ، وَإِنْ بَلَغَتْ الْفِضَّةُ نِصَابَ الْفِضَّةِ وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاةُ الْفِضَّةِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ غَالِبَةً، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مَغْلُوبَةً فَهُوَ كُلُّهُ ذَهَبٌ؛ لِأَنَّهُ أَعَزُّ، وَأَعْلَى قِيمَةً كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
. وَأَمَّا الْفُلُوسُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَإِنْ بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ مِثْقَالًا زَكَاةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا لَمْ تَبْلُغْ الزِّيَادَةُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. ثُمَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعَةِ مَثَاقِيلَ قِيرَاطَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَتُضَمُّ قِيمَةَ الْعُرُوضِ إلَى الثَّمَنَيْنِ وَالذَّهَبُ إلَى الْفِضَّةِ قِيمَةً كَذَا فِي الْكَنْزِ. حَتَّى لَوْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَوْ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ دَنَانِيرَ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا أَوْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا تُضَمُّ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشْرُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَجِبُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ فَضَلَ مِنْ النِّصَابَيْنِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ مَثَاقِيلَ، وَأَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَإِنَّهُ تُضَمُّ إحْدَى الزِّيَادَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى حَتَّى يُتِمَّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ ذَهَبًا كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَوْ ضَمَّ أَحَدَ النِّصَابَيْنِ إلَى الْأُخْرَى حَتَّى يُؤَدِّيَ كُلَّهُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ مِنْ الْفِضَّةِ لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّقْوِيمُ
بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ قَدْرًا وَرَوَاجًا
، وَإِلَّا فَيُؤَدِّي مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعَ عُشْرِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْعُرُوض]
الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ كَائِنَةً مَا كَانَتْ إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا مِنْ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيُقَوَّمُ بِالْمَضْرُوبَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عِنْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا فِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْغَالِبِ عَلَيْهَا الْفِضَّةُ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ ثُمَّ فِي تَقْوِيمِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ التَّخْيِيرُ يَقُومُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ إلَّا إذَا كَانَتْ لَا تَبْلُغُ بِأَحَدِهِمَا نِصَابًا فَحِينَئِذٍ تَعَيَّنَ التَّقْوِيمُ بِمَا يَبْلُغُ نِصَابًا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. إذَا كَانَ لَهُ مِائَتَا قَفِيزٍ حِنْطَةً لِلتِّجَارَةِ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَتَمَّ
(1/179)
الْحَوْلُ ثُمَّ زَادَ السِّعْرُ أَوْ انْتَقَصَ فَإِنْ أَدَّى مِنْ عَيْنِهَا أَدَّى خَمْسَةَ أَقْفِزَةٍ، وَإِنْ أَدَّى الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهُمَا وَلِهَذَا يُجْبَرُ الْمُصَدِّقُ عَلَى قَبُولِهِ وَعِنْدَهُمَا يَوْمَ الْأَدَاءِ.
وَكَذَا كُلُّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الذَّاتِ بِأَنْ ذَهَبَتْ رُطُوبَتُهُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوُجُوبِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ بَعْدَ الْحَوْلِ لَا يُضَمُّ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ ذَاتًا بِأَنْ ابْتَلَّتْ يُعْتَبَرُ يَوْمُ الْأَدَاءِ عِنْدَهُمْ كَذَا فِي الْكَافِي وَيُقَوِّمُهَا الْمَالِكُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ حَتَّى لَوْ بَعَثَ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَحَالَ الْحَوْلُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَلَوْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي أَقْرَبِ الْأَمْصَارِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى. وَيُضَمُّ بَعْضُ الْعُرُوضِ إلَى بَعْضٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَ أَجْنَاسُهَا.
وَأَمَّا الْيَوَاقِيتُ وَاللَّآلِئُ وَالْجَوَاهِرُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ حُلِيًّا إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى قُدُورًا مِنْ صُفْرٍ يُمْسِكُهَا وَيُؤَاجِرُهَا لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ كَمَا لَا تَجِبُ فِي بُيُوتِ الْغَلَّةِ، وَلَوْ دَخَلَ مِنْ أَرْضِهِ حِنْطَةٌ تَبْلُغُ قِيمَتُهَا قِيمَةَ نِصَابٍ وَنَوَى أَنْ يُمْسِكَهَا أَوْ يَبِيعَهَا فَأَمْسَكَهَا حَوْلًا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَنَّ نَخَّاسًا يَشْتَرِي دَوَابَّ أَوْ يَبِيعُهَا فَاشْتَرَى جَلَاجِلَ أَوْ مَقَاوِدَ أَوْ بَرَاقِعَ فَإِنْ كَانَ بَيْعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَعَ الدَّوَابِّ فَفِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ لِحِفْظِ الدَّوَابِّ بِهَا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَلِكَ الْعَطَّارُ لَوْ اشْتَرَى الْقَوَارِيرَ، وَلَوْ اشْتَرَى جُوَالِقَ لِيُؤَاجِرَهَا مِنْ النَّاسِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْغَلَّةِ لَا لِلْمُبَايَعَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْخَبَّازُ إذَا اشْتَرَى حَطَبًا أَوْ مِلْحًا لِأَجْلِ الْخُبْزِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِذَا اشْتَرَى سِمْسِمًا يُجْعَلُ عَلَى وَجْهِ الْخُبْزِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. مُضَارِبٌ ابْتَاعَ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا لَهُ وَحُمُولَةً زَكَّى الْكُلَّ بِخِلَافِ رَبِّ الْمَالِ حَيْثُ لَا يُزَكِّي الثَّوْبَ وَالْحُمُولَةَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ طَعَامًا لِنَفَقَةِ عَبِيدِ التِّجَارَةِ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَالْمَالِكُ لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا لِنَفَقَةِ عَبِيدِ التِّجَارَةِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ الْمَالُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَدَّى زَكَاتَهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ أَدَّى قَدْرَ قِيمَةِ الْوَاجِبِ إجْمَاعًا، وَكَذَا إذَا أَدَّى زَكَاتَهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَانَ مِمَّا لَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا، وَأَمَّا إذَا أَدَّى مِنْ جِنْسِهِ، وَكَانَ رِبَوِيًّا فَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَعْتَبِرَانِ الْقَدْرَ لَا الْقِيمَةَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الزَّكَاةِ]
(مَسَائِلُ شَتَّى) وَلَوْ شَكَّ رَجُلٌ فِي الزَّكَاةِ فَلَمْ يَدْرِ أَزَكَّى أَوْ لَمْ يُزَكِّ فَإِنَّهُ يُعِيدُهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالسِّرَاجِيَّةِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْوَاقِعَاتِ.
الزَّكَاةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي النِّصَابِ دُونَ الْعَفْوِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَفْوُ، وَبَقِيَ النِّصَابُ بَقِيَ كُلُّ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ تَبَعٌ لِلنِّصَابِ، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُصْرَفُ الْهَلَاكُ بَعْدَ الْعَفْوِ إلَى النِّصَابِ الْأَخِيرِ ثُمَّ إلَى الَّذِي يَلِيهِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ، وَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ، وَفِي هَلَاكِ الْبَعْضِ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اُسْتُهْلِكَ النِّصَابُ لَا يَسْقُطُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَاسْتِبْدَالُ مَالِ التِّجَارَةِ بِمَالِ التِّجَارَةِ لَيْسَ اسْتِهْلَاكًا بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ اسْتَبْدَلَهَا بِجِنْسِهَا أَوْ بِخِلَافِ جِنْسِهَا إلَّا أَنَّهُ إذَا حَابَى فِيهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ زَكَاةَ قَدْرِ الْمُحَابَاةِ. وَإِقْرَاضُ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ لَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ، وَإِنْ تَوَى الْمَالَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِنْ حَبَسَ السَّائِمَةَ عَنْ الْعَلَفِ وَالْمَاءِ حَتَّى هَلَكَتْ فَقِيلَ هُوَ اسْتِهْلَاكٌ فَيَضْمَنُ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ أَزَالَ مِلْكَ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْهِبَةِ أَوْ بِعِوَضٍ لَيْسَ بِمَالٍ كَالْأَمْهَارِ أَوْ لَيْسَ بِمَالِ الزَّكَاةِ كَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ صَارَ مُسْتَهْلِكًا ضَامِنًا قَدْرَ الزَّكَاةِ بَقِيَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ أَوْ لَمْ يَبْقَ، وَلَوْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بِقَضَاءٍ وَقَبْضٍ زَالَ الضَّمَانُ، وَكَذَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ سَائِمَةِ بَنِي تَغْلِبَ ضَعْفُ
(1/180)
مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ فُقَرَائِهِمْ، وَلَا مِنْ مَوَالِيهِمْ إلَّا الْجِزْيَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَيْسَ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ فِي سَائِمَتِهِ شَيْءٌ وَعَلَى الْمَرْأَةِ مَا عَلَى الرَّجُلِ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
قَالَ فِي الْكِتَابِ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. فَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ثَمَانُونَ شَاةً تَجِبُ فِيهَا شَاةٌ، وَلَا يُفَرَّقُ كَأَنَّهَا لِرَجُلَيْنِ فَيُؤْخَذُ شَاتَانِ، وَإِنْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ وَجَبَتْ شَاتَانِ، وَلَا يُجْمَعُ كَأَنَّهَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُؤْخَذُ شَاةٌ وَاحِدَةٌ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الْخَلِيطَانِ فِي الْمَوَاشِي كَغَيْرِ الْخَلِيطَيْنِ فَإِنْ كَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَبْلُغُ نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ كَانَتْ شَرِكَتُهُمَا عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً أَوْ شَرِكَةُ مِلْكٍ بِالْإِرْثِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي مَرْعًى وَاحِدٍ أَوْ فِي مَرَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنْ كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا يَبْلُغُ نِصَابًا وَنَصِيبُ الْآخَرِ لَا يَبْلُغُ نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَى الَّذِي يَبْلُغُ نُصِيبُهُ نِصَابًا دُونَ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ إذَا بَلَغَ نَصِيبُهُ نِصَابًا، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَمَانِينَ رَجُلًا ثَمَانُونَ شَاةً كُلُّ شَاةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ عَلَى حِدَةٍ فَصَارَ لَهُ مِنْ كُلِّ شَاةٍ نِصْفُهَا حَتَّى صَارَ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَكَذَا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سِتِّينَ رَجُلًا سِتُّونَ بَقَرَةً كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَمَا كَانَ بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ إحْدَى وَسِتُّونَ مِنْ الْإِبِلِ لِأَحَدِهِمَا سِتٌّ وَثَلَاثُونَ وَلِلْآخَرِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ فَأَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِنْهُمَا بِنْتَ مَخَاضٍ وَبِنْتَ لَبُونٍ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّةِ مَا أَخَذَ السَّاعِي مِنْ مِلْكِهِ زَكَاةَ شَرِيكِهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الرَّجُلُ إذَا كَانَ لَهُ سَوَائِمُ فَجَاءَهُ الْمُصَدِّقُ يُرِيدُ أَخْذَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ لَيْسَتْ هِيَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ طَلَبَ الْإِمَامُ الزَّكَاةَ فَمَنَعَهُ حَتَّى هَلَكَ الْمَالُ لَا يَضْمَنُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ عَامَّتُهُمْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا أَخَذَ الْخَوَارِجُ الْخَرَاجَ وَصَدَقَةَ السَّوَائِمِ لَا يُثْنَى عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي التُّحْفَةِ الْوَاجِبُ فِي الْإِبِلِ الْأُنُوثَةُ حَتَّى لَا يَجُوزَ سِوَى الْإِنَاثِ، وَلَا يَجُوزُ الذُّكُورُ إلَّا بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَيُؤْخَذُ مِنْ زَكَاةِ الْغَنَمِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الشَّاةِ يَنْتَظِمُهُمَا بِخِلَافِ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ خَاصٌّ، وَهُوَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيَجُوزُ دَفْعُ الْقِيَمَ فِي الزَّكَاةِ عِنْدَنَا، وَكَذَا فِي الْكَفَّارَاتِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْعُشْرِ وَالنَّذْرِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَلَوْ أَدَّى ثَلَاثَ شِيَاهٍ سِمَانٍ عَنْ أَرْبَعٍ وَسَطٍ أَوْ بَعْضِ بِنْتِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ جَازَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ مِائَتَا قَفِيزٍ حِنْطَةً قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَدَّى زَكَاتَهَا مِنْ الْعَيْنِ، وَهِيَ خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى زَكَاتَهَا مِنْ الْقِيمَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
إذَا بَاعَ السَّائِمَةَ فَإِنْ كَانَ الْمُصَدِّقُ حَاضِرًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْوَاجِبِ مِنْ الْبَائِعِ وَتَمَّ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْوَاجِبَ مِنْ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَاةِ وَبَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَضَرَ وَقْتَ الْبَيْعِ وَحَضَرَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ عَنْ الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ قِيمَةَ الْوَاجِبِ مِنْ الْبَائِعِ. وَلَوْ بَاعَ طَعَامًا وَجَبَ فِيهِ الْعُشْرُ فَالْمُصَدِّقُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ حَضَرَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
رَجُلٌ آجَرَ أَرْضَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ كُلُّ سَنَةٍ ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَحِينَ مَضَى ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَيَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَإِذَا مَضَى حَوْلٌ بَعْدَ ذَلِكَ يُزَكِّي ثَمَانِمِائَةٍ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ زَكَاةِ خَمْسِمِائَةٍ.
رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا اسْتَأْجَرَ بِهَا دَارًا عَشْرَ سِنِينَ لِكُلِّ سَنَةٍ مِائَةٌ فَدَفَعَ الْأَلْفَ، وَلَمْ يَسْكُنْهَا حَتَّى مَضَتْ السُّنُونَ وَالدَّارُ فِي يَدِ الْآخَرِ يُزَكِّي الْآجِرُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى عَنْ تِسْعِمِائَةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَنْ ثَمَانِمِائَةٍ
(1/181)
إلَّا زَكَاةَ السَّنَةِ الْأُولَى ثُمَّ سَقَطَ لِكُلِّ سَنَةٍ زَكَاةُ مِائَةٍ أُخْرَى، وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ، وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بِنُقْصَانِ نِصَابِهِ فِي الْأُولَى وَعَدَمِ تَمَامِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَيُزَكِّي فِي الثَّالِثَةِ ثَلَثَمِائَةٍ ثُمَّ يُزَكِّي لِكُلِّ سَنَةٍ مِائَةً أُخْرَى، وَمَا اسْتَفَادَ قَبْلَهَا إلَّا أَنَّهُ يُرْفَعُ عَنْهُ زَكَاةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ.
وَلَوْ كَانَ آجَرَ الدَّارَ بِجَارِيَةٍ لِلتِّجَارَةِ قِيمَتُهَا أَلْفٌ - وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا - فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْآجِرِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْجَارِيَةِ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً وَالِاسْتِحْقَاقُ بِمَنْزِلَةِ الْهَلَاكِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ زَكَاةٌ كَمَا وَصَفْنَا، وَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجَارِيَةِ، وَلَوْ سَلَّمَ الدَّارَ، وَلَمْ يَقْبِضْ الْأُجْرَةَ يَنْقَلِبُ فَيَصِيرُ حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ كَحُكْمِ الْمُؤَجِّرِ وَحُكْمُ الْمُؤَجِّرِ حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِمِائَتَيْنِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ، وَلَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدَ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ فَمَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةٌ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ، وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
بَاعَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ بِأَلْفٍ فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى الثَّمَنِ فَرُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا زَكَّى الثَّمَنَ، وَلَوْ بَاعَ بِعَرَضٍ لِلتِّجَارَةِ فَرُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ حَوْلٍ بِقَضَاءٍ لَمْ يُزَكِّ الْبَائِعُ الْعَرْضَ وَالْعَبْدَ، وَلَمْ يُزَكِّ الْمُشْتَرِي الْعَرْضَ وَزَكَّى الْبَائِعُ الْعَرْضَ إنْ رُدَّ بِلَا قَضَاءٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَيْعِ الْجَدِيدِ، وَإِنْ نَوَى الْخِدْمَةَ ضَمِنَ زَكَاةَ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَخَّرَ زَكَاةَ الْمَالِ حَتَّى مَرِضَ يُؤَدَّى سِرًّا مِنْ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ، وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ إذَا اسْتَقْرَضَ، وَأَدَّى الزَّكَاةَ وَاجْتَهَدَ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ كَانَ الْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ فَإِنْ اسْتَقْرَضَ، وَأَدَّى، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ حَتَّى مَاتَ يُرْجَى أَنْ يَقْضِيَ اللَّهُ - تَعَالَى - دَيْنَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ إذَا اسْتَقْرَضَ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ كَانَ الْأَفْضَلُ لَهُ أَلَّا يَسْتَقْرِضَ؛ لِأَنَّ خُصُومَةَ صَاحِبِ الدَّيْنِ كَانَ أَشَدَّ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ وَدَفَعَ إلَيْهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا أَمَةٌ فَحَالَ الْحَوْلُ عِنْدَهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَرُدَّ الْأَلْفُ عَلَى الزَّوْجِ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ حَلَقَ لِحْيَةَ إنْسَانٍ فَقَضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ وَدَفَعَ الدِّيَةَ فَحَالَ الْحَوْلُ ثُمَّ نَبَتَتْ لِحْيَتُهُ وَرُدَّتْ الدِّيَةُ لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِدَيْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَ الْأَلْفَ إلَيْهِ ثُمَّ تَصَادَقَا بَعْدَ الْحَوْلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ، وَهَبَ لِرَجُلٍ أَلْفًا وَدَفَعَ الْأَلْفَ إلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَاسْتُرِدَّتْ الْأَلْفُ لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
رَجُلٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ فَأَفْرَزَ خَمْسَةً مِنْ مَالِهِ ثُمَّ ضَاعَتْ مِنْهُ تِلْكَ الْخَمْسَةُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ، وَلَوْ مَاتَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَمَا أَفْرَزَ كَانَتْ الْخَمْسَةُ مِيرَاثًا عَنْهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَرْبَعِينَ شَاةً سَائِمَةً وَقُبِضَتْ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ عَلَيْهِ زَكَاةُ النِّصْفِ الْبَاقِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَالِ التِّجَارَةِ.
وَإِذَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَى رَجُلٍ، وَهُوَ لَا يُؤَدِّيهَا لَا يَحِلُّ لِلْفَقِيرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَإِنْ أَخَذَ كَانَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَسْتَرِدَّ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا يَضْمَنُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
السُّلْطَانُ إذَا أَخَذَ الْجِبَايَاتِ أَوْ مَالًا بِطَرِيقِ الْمُصَادَرَةِ وَنَوَى صَاحِبُ الْمَالِ عِنْدَ الدَّفْعِ الزَّكَاةَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَسْقُطُ كَذَا قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلِلْبَدَلِ حُكْمُ الْمُبْدَلِ حَتَّى لَوْ تَقَايَضَا عَبْدًا بِعَبْدٍ، وَلَمْ يَنْوِيَا شَيْئًا فَإِنْ كَانَا لِلتِّجَارَةِ فَهُمَا لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَا لِلْخِدْمَةِ فَهُمَا لِلْخِدْمَةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ وَالْآخَرُ لِلْخِدْمَةِ
(1/182)
فَبَدَلُ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ لِلتِّجَارَةِ وَبَدَلُ مَا كَانَ لِلْخِدْمَةِ لِلْخِدْمَةِ.
تَقَايَضَا عَبْدًا بِعَبْدٍ فِي نِصْفِ الْحَوْلِ، وَهُمَا لِلتِّجَارَةِ وَقِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَلْفٌ وَقِيمَةُ الْآخَرِ مِائَتَانِ وَتَمَّ حَوْلُهُمَا وَظَهَرَ بِالْأَوْكَسِ عَيْبٌ يُنْقِصُهُ مِائَةً لَمْ يُزَكِّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ فِي طَرَفَيْ الْحَوْلِ فَإِنْ تَمَّ الْحَوْلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ زَكَّى سَيِّدُ الْأَرْفَعِ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ فِي يَدِهِ أَلْفٌ حَوْلًا، وَلَمْ يُزَكِّ الْآخَرُ لِعَدَمِ النِّصَابِ فَإِنْ رُدَّ الْمَعِيبُ بِلَا قَضَاءٍ لَمْ يُزَكِّ الرَّادُّ، وَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَزَكَّى الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ أَلْفًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فَصَارَ مُسْتَهْلَكًا، وَإِنْ رُدَّ بِقَضَاءٍ زَكَّى الْمَرْدُودُ، وَلَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ بِالْأَرْفَعِ يُنْقِصُ مِائَتَيْنِ بَعْدَ نِصْفِ حَوْلٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ، وَلَا عَيْبَ بِالْآخَرِ فَرُدَّ بِقَضَاءٍ أَوْ بِرِضًا زَكَّى الرَّادُّ الْمَرْدُودَ وَزَكَّى الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ الْمَأْخُوذَ كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلَانِ دَفَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا زَكَاةَ مَالِهِ إلَى رَجُلٍ لِيُؤَدِّيَ عَنْهُ فَخَلَطَ مَالَهُمَا ثُمَّ تَصَدَّقَ ضَمِنَ الْوَكِيلُ مَالَ الدَّافِعَيْنِ، وَكَانَتْ الصَّدَقَةُ عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ وَضَعَ الزَّكَاةَ عَلَى كَفِّهِ فَانْتَهَبَهَا الْفُقَرَاءُ جَازَ، وَلَوْ سَقَطَ مَالُهُ مِنْ يَدِهِ فَرَفَعَهُ فَقِيرٌ فَرَضِيَ بِهِ جَازَ إنْ كَانَ يَعْرِفُهُ وَالْمَالُ قَائِمٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَنْ يَمُرُّ عَلَى الْعَاشِرِ]
وَهُوَ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ عَلَى الطَّرِيقِ لِيَأْخُذَ الصَّدَقَاتِ وَيَأْمَنَ التُّجَّارُ بِهِ مِنْ اللُّصُوصِ، وَكَمَا يَأْخُذُ الْعَاشِرُ صَدَقَاتِ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ يَأْخُذُ صَدَقَاتِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ الَّتِي تَكُونُ مَعَ التَّاجِرِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُشْتَرَطُ فِي الْعَامِلِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْغَايَةِ. وَإِذَا مَرَّ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُ بِمَالِ التِّجَارَةِ أَخَذَ مِنْهُ رُبُعَ الْعُشْرِ عَلَى شَرَائِطِ الزَّكَاةِ مِنْ النِّصَابِ وَالْحَوْلِ يَضَعُهُ مَوْضِعَ الزَّكَاةِ، وَإِنْ مَرَّ عَلَيْهِ الذِّمِّيُّ يَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ الْعُشْرِ وَيَضَعُهُ مَوْضِعَ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ، وَلَا يُسْقِطُ عَنْهُ جِزْيَةَ رَأْسِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ فِي الْحَوْلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَمَنْ مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِأَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا آخَرَ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِمَالٍ فَقَالَ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَالٌ آخَرُ مِنْ جِنْسِ هَذَا الْمَالِ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ أَوْ قَالَ عَلَيَّ دَيْنٌ مُطَالَبٌ مِنْ الْعِبَادِ أَوْ أَدَّيْتهَا أَنَا إلَى الْفُقَرَاءِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ إلَى السَّفَرِ أَوْ أَدَّيْت إلَى عَاشِرٍ آخَرَ، وَكَانَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عَاشِرًا آخَرَ وَحَلَفَ صُدِّقَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إخْرَاجَ الْبَرَاءَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مُصَدِّقٌ آخَرُ لَا يُصَدَّقُ، وَكَذَا إذَا ادَّعَى الْأَدَاءَ إلَى الْفُقَرَاءِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ إلَى السَّفَرِ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِذَا أَتَى بِالْبَرَاءَةِ عَلَى خِلَافِ اسْمِ ذَلِكَ الْمُصَدِّقِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى جَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ أَدَّى إلَى سَاعٍ آخَرَ فَظَهَرَ كَذِبُهُ بَعْدَ سِنِينَ يُؤْخَذُ مِنْهُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْجَوَامِعِ.
وَكُلُّ شَيْءٍ صُدِّقَ فِيهِ الْمُسْلِمُ صُدِّقَ فِيهِ الذِّمِّيُّ كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَلَا يُمْكِنُ إجْرَاؤُهُ عَلَى عُمُومِهِ فَإِنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّ جِزْيَةٌ، وَفِي الْجِزْيَةِ لَا يُصَدَّقُ إذَا قَالَ أَدَّيْتهَا أَنَا؛ لِأَنَّ فُقَرَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَيْسُوا بِمَصَارِفَ لِهَذَا الْحَقِّ، وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الصَّرْفِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَهُوَ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ قَالَ فِي السَّوَائِمِ أَدَّيْت أَنَا إلَى الْفُقَرَاءِ فِي الْمِصْرِ لَا يُصَدَّقُ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا، وَإِنْ عَلِمَ الْإِمَامُ بِأَدَائِهِ. وَالزَّكَاةُ هُوَ الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ يَنْقَلِبُ نَفْلًا هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي جَامِعِ أَبِي الْيُسْرِ لَوْ أَجَازَ الْإِمَامُ إعْطَاءَهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يُعْطِيَ الْفُقَرَاءَ بِنَفْسِهِ جَازَ فَكَذَا إذَا أَجَازَ بَعْدَ الْإِعْطَاءِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. مَرَّ بِسَوَائِمَ أَوْ نُقُودٍ فَقَالَ لَيْسَتْ هِيَ لِي صُدِّقَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِعُرُوضٍ
(1/183)
فَقَالَ لَيْسَتْ هِيَ لِلتِّجَارَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ مَرَّ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِضَاعَةً لَمْ يَعْشُرْهَا، وَكَذَا الْمُضَارَبَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ يَبْلُغُ نَصِيبُهُ نِصَابًا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا لَوْ مَرَّ عَبْدٌ مَأْذُونٌ بِمَالٍ فَإِنْ كَانَ مَالُ الْمَوْلَى لَا يَأْخُذُ، وَإِنْ كَانَ كَسْبُهُ فَكَذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ مَعَهُ يَأْخُذُ مِنْهُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ مَرَّ الذِّمِّيُّ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ، وَهُمَا يُسَاوَيَانِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا عَشَّرَ الْخَمْرَ مِنْ قِيمَتِهَا، وَلَمْ يَعْشُرْ الْخَنَازِيرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حُكْمَ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إذَا مَرَّ بِهَا الذِّمِّيُّ عَلَى الْعَاشِرِ قَالُوا وَيَنْبَغِي لِعَاشِرٍ أَنْ يَعْشِرَهَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَأْخُذُ مِنْ الْحَرْبِيِّ الْعُشْرَ إلَّا أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ تُجَّارِنَا أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوا مِنَّا شَيْئًا لَمْ نَأْخُذْ مِنْهُمْ شَيْئًا مُجَازَاةً لَهُمْ عَلَى صَنِيعِهِمْ، وَإِنْ أَخَذُوا مِنَّا جَمِيعَ الْمَالِ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ جَمِيعُ الْمَالِ إلَّا قَدْرَ مَا يُبَلِّغْهُ إلَى مَأْمَنِهِ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مُكَاتَبِي الْحَرْبِيِّينَ وَصِبْيَانِهِمْ إلَّا إذَا أَخَذُوا مِنْ صِبْيَانِنَا، وَمُكَاتَبِينَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يُصَدَّقُ الْحَرْبِيُّ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِي فِي الْجَوَارِي أَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ، وَفِي الْغِلْمَانِ أَنَّهُمْ أَوْلَادُهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالنَّسَبِ وَأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ صَحِيحٌ فَانْعَدَمَتْ صِفَةُ الْمَالِيَّةِ فَإِنْ قَالَ هُمْ مُدَبَّرُونَ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ فَإِنْ مَرَّ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونُوا يَأْخُذُونَ مِنْ تُجَّارِنَا مِنْ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ هَلْ يَعْشِرُونَنَا أَمْ لَا أَوْ نَعْلَمُ، وَلَكِنْ لَا نَعْلَمُ قَدْرَ مَا يَأْخُذُونَ مِنَّا أَخَذْنَا مِنْهُمْ الْعُشْرَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ مَرَّ الْحَرْبِيُّ عَلَى الْعَاشِرِ فَعَشَرَهُ ثُمَّ مَرَّ مَرَّةً أُخْرَى لَمْ يَعْشُرْهُ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ، وَإِنْ عَشَرَهُ فَرَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ عَشَرَهُ أَيْضًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ مَرَّ حَرْبِيٌّ بِعَاشِرٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْعَاشِرُ حَتَّى خَرَجَ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يَعْشُرْهُ لِمَا مَضَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ مَرَّ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ عَلَى الْعَاشِرِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا ثُمَّ عَلِمَ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي يَأْخُذُ مِنْهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ مَرَّ عَلَيْهِ بِأَرْبَعِينَ شَاةً وَقَدْ حَالَ عَلَيْهَا حَوْلَانِ أَخَذَ مِنْهُ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ نِصْفُ الْعُشْرِ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ عِوَضٌ عَنْ الْجِزْيَةِ، وَلَوْ مَرَّ صَبِيٌّ أَوْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ بِمَالٍ فَلَيْسَ عَلَى الصَّبِيِّ شَيْءٌ وَعَلَى الْمَرْأَةِ مَا عَلَى الرَّجُلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَمَنْ مَرَّ بِعَاشِرِ الْخَوَارِجِ وَعَشَرُوهُ ثُمَّ مَرَّ عَلَى عَاشِرِ أَهْلِ الْعَدْلِ عَشَرَهُ ثَانِيًا بِخِلَافِ مَا إذَا غَلَبَ الْخَوَارِجُ عَلَى بَلَدٍ، وَأَخَذُوا زَكَاةَ سَوَائِمِهِمْ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي.
مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِمَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَالْفَوَاكِهِ وَالرِّطَابِ وَالْبُقُولِ وَاللَّبَنِ وَقِيمَتُهُ نِصَابٌ لَمْ يَعْشُرْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَعْشُرُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْكَافِي.
وَلَوْ مَرَّ بِمَوَاشٍ سَائِمَةٍ دُونَ النِّصَابِ، وَفِي بَيْتِهِ مَا يُكْمِلُهُ نِصَابًا أُخِذَ مِنْهُ الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ دَاخِلٌ تَحْتَ الْحِمَايَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ]
مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَعَادِنِ ثَلَاثَةٌ مُنْطَبِعٌ بِالنَّارِ، وَمَائِعٌ، وَمَا لَيْسَ بِمُنْطَبِعٍ، وَلَا مَائِعٍ أَمَّا الْمُنْطَبِعُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالصُّفْرِ فَفِيهِ الْخُمُسُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ سَوَاءٌ أَخْرَجَهُ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ امْرَأَةٌ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأَخْذِ وَالْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا عَمِلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَإِنْ عَمِلَ بِإِذْنِهِ فَلَهُ مَا شَرَطَ وَسَوَاءٌ وُجِدَ فِي أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ أَوْ خَرَاجِيَّةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. إذَا عَمِلَ رَجُلَانِ فِي طَلَبِ
(1/184)
الرِّكَازِ فَأَصَابَهُ أَحَدُهُمَا كَانَ لِلْوَاجِدِ، وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ لِلْعَمَلِ فِي الْمَعْدِنِ فَالْمُصَابُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَأَمَّا الْمَائِعُ كَالْقِيرِ وَالنَّفْطِ وَالْمِلْحِ، وَمَا لَيْسَ بِمُنْطَبِعٍ، وَلَا مَائِعٍ كَالنُّورَةِ وَالْجِصِّ وَالْجَوَاهِرِ وَالْيَوَاقِيتِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَيَجِبُ الْخُمُسُ فِي الزِّئْبَقِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَا يَجِبُ فِيمَا وُجِدَ فِي دَارِهِ، وَأَرْضِهِ مِنْ الْمَعْدِنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَا يَجِبُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمَنْ وَجَدَ كَنْزًا فِي دَارٍ الْإِسْلَامِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ كَالْفَلَاةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى ضَرْبِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ كَالْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى ضَرْبِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كَالدَّرَاهِمِ الْمَنْقُوشِ عَلَيْهَا الصَّلِيبُ وَالصَّنَمُ فَفِيهِ الْخُمُسُ، وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِلْوَاجِدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ اشْتَبَهَ الضَّرْبُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْعَلَامَاتِ يُجْعَلُ جَاهِلِيًّا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الْوَاجِدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا لَا يُعْطَى لَهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَرْبِيُّ عَمِلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَشَرْطِهِ، وَمُقَاطَعَتِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ بِالشَّرْطِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ وُجِدَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ اتَّفَقُوا جَمِيعًا عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ فِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ لِصَاحِبِ الْخُطَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ إذَا كَانَ صَاحِبُ الْخُطَّةِ ذِمِّيًّا فَلَا شَيْءَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الْمُخْتَطُّ لَهُ، وَلَا وَرَثَتُهُ يُصْرَفُ إلَى أَقْصَى مَالِكٍ فِي الْإِسْلَامِ يُعْرَفُ لَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَوْ لِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْبَدَائِعِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِلَّا يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ وَجَدَ مُسْلِمٌ رِكَازًا أَوْ مَعْدِنًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ، وَلَا خُمُسَ فِيهِ، وَلَوْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِ بَعْضِهِمْ فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ بِأَمَانٍ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَرُدَّ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ يَكُونُ مِلْكًا لَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ، وَلَوْ بَاعَهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَكِنْ لَا يَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَسَبِيلُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِنْ دَخَلَ بِغَيْرِ أَمَانٍ يَكُونُ لَهُ مِنْ غَيْرِ خُمُسٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمَتَاعُ مِنْ السِّلَاحِ وَالْآلَاتِ، وَأَثَاثِ الْمَنَازِلِ وَالْفُصُوصِ وَالْقُمَاشِ فِي هَذَا كَالْكَنْزِ حَتَّى يُخَمَّسَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا شَيْءَ فِيمَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ الْبَحْرِ كَالْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالسَّمَكِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ، وَلَوْ أَخْرَجَ النَّقْدَيْنِ مِنْ الْبَحْرِ لَا شَيْءَ فِيهِمَا كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَلَيْسَ فِي الْفَيْرُوزَجِ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْجِبَالِ خُمُسٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي زَكَاةِ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ]
وَهُوَ فَرْضٌ وَسَبَبُهُ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ بِالْخَارِجِ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْخَرَاجِ فَإِنَّ سَبَبَهُ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا بِالتَّمَكُّنِ فَلَوْ تَمَكَّنَ، وَلَمْ يَزْرَعْ وَجَبَ الْخَرَاجُ دُونَ الْعُشْرِ، وَلَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ لَمْ يَجِبْ وَرُكْنُهُ التَّمْلِيكُ وَشَرْطُ أَدَائِهِ مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ وَشَرْطُ وُجُوبِهِ نَوْعَانِ الْأَوَّلُ شَرْطُ الْأَهْلِيَّةِ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ فَإِنَّهُ شَرْطُ ابْتِدَاءٍ، فَلَا يُبْتَدَأُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ بِلَا خِلَافٍ وَالْعِلْمُ بِالْفَرْضِيَّةِ، وَأَمَّا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ فَلَيْسَا مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ حَتَّى يَجِبَ الْعُشْرُ فِي أَرْضِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ وَلِهَذَا جَازَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ جَبْرًا، وَيَسْقُطَ عَنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ إلَّا أَنَّهُ لَا ثَوَابَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ وَالطَّعَامُ قَائِمٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، وَكَذَا مِلْكُ الْأَرْضِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْوُجُوبِ؛ لِوُجُوبِهِ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ، وَيَجِبُ فِي أَرْضِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي شَرْطُ الْمَحَلِّيَّةِ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ عُشْرِيَّةٍ فَلَا عُشْرَ فِي الْخَارِجِ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ، وَوُجُودُ الْخَارِجِ، وَأَنْ
(1/185)
يَكُونَ الْخَارِجُ مِنْهَا مِمَّا يُقْصَدُ بِزِرَاعَتِهِ نَمَاءُ الْأَرْضِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
فَلَا عُشْرَ فِي الْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَالْقَصَبِ وَالطَّرْفَاءِ وَالسَّعَفِ؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ لَا تَسْتَنِمِي بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَلْ تُفْسِدُهَا حَتَّى لَوْ اسْتَنْمَتْ بِقَوَائِمِ الْخِلَافِ وَالْحَشِيشِ وَالْقَصَبِ وَغُصُونِ النَّخْلِ أَوْ فِيهَا دُلْبٌ أَوْ صَنَوْبَرٌ وَنَحْوُهَا، وَكَانَ يَقْطَعُهُ وَيَبِيعُهُ يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيَجِبُ الْعُشْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كُلِّ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالدُّخْنِ وَالْأَرْزِ، وَأَصْنَافِ الْحُبُوبِ وَالْبُقُولِ وَالرَّيَاحِينِ وَالْأَوْرَادِ وَالرِّطَابِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَالذَّرِيرَةِ وَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْعُصْفُرِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ ثَمَرَةٌ بَاقِيَةٌ أَوْ غَيْرُ بَاقِيَةٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ سَوَاءٌ يُسْقَى بِمَاءِ السَّمَاءِ أَوْ سَيْحًا يَقَعُ فِي الْوَسْقِ أَوْ لَا يَقَعُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَيَجِبُ فِي الْكَتَّانِ وَبَذْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ. وَيَجِبُ فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْكَمُّونِ وَالْكُزْبَرَةِ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَيَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْعَسَلِ إذَا كَانَ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ، وَكَذَا لِمَنْ إذَا أُسْقِطَ عَلَى الشَّوْكِ الْأَخْضَرِ فِي أَرْضِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَمَا يُجْمَعُ مِنْ ثِمَارِ الْأَشْجَارِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَةٍ كَأَشْجَارِ الْجِبَالِ يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَا عُشْرَ فِيمَا هُوَ تَابِعٌ لِلْأَرْضِ كَالنَّخْلِ وَالْأَشْجَارِ وَكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الشَّجَرِ كَالصَّمْغِ وَالْقَطِرَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الِاسْتِغْلَالُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَا يَجِبُ فِي الْبُذُورِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ إلَّا لِلزِّرَاعَةِ وَالتَّدَاوِي كَبَذْرِ الْبِطِّيخِ والنانخواه وَالشُّونِيزِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَلَا يَجِبُ فِي الْقُنَّبِ وَالصَّنَوْبَرِ وَشَجَرِ الْقُطْنِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْكُنْدُرِ وَالْمَوْزِ وَالتِّينِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَلَوْ كَانَ فِي دَارٍ رَجُلٍ شَجَرَةٌ مُثْمِرَةٌ لَا عُشْرَ فِيهَا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ.
وَمَا سُقِيَ بِالدُّولَابِ وَالدَّالِيَةِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَإِنْ سُقِيَ سَيْحًا وَبِدَالِيَةٍ يُعْتَبَرُ أَكْثَرُ السَّنَةِ فَإِنْ اسْتَوَيَا يَجِبُ نِصْفُ الْعُشْرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. .
وَوَقْتُهُ وَقْتُ خُرُوجِ الزَّرْعِ وَظُهُورِ الثَّمَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَلَوْ عَجَّلَ عُشْرَ أَرْضِهِ قَبْلَ الزَّرْعِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ عَجَّلَ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ بَعْدَ النَّبَاتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ عَجَّلَ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ قَبْلَ النَّبَاتِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ عَجَّلَ عُشْرَ الثِّمَارِ إنْ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِهَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِهَا لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَيَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَبِهَلَاكِ الْبَعْضِ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُ الْمَالِكِ أَخَذَ الضَّمَانَ مِنْهُ، وَأَدَّى عُشْرَهُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمَالِكُ ضَمِنَ عُشْرَهُ وَصَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَيَسْقُطُ بِالرِّدَّةِ وَبِمَوْتِ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ إذَا كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
تَغْلِبِيٌّ لَهُ أَرْضٌ عُشْرِيَّةٌ عَلَيْهِ الْعُشْرُ مُضَاعَفًا، وَإِنْ اشْتَرَاهَا ذِمِّيٌّ مِنْ تَغْلِبِيٍّ فَهِيَ عَلَى حَالِهَا عِنْدَهُمْ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَاهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ أَوْ أَسْلَمَ التَّغْلِبِيُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَ التَّضْعِيفُ أَصْلِيًّا أَوْ حَادِثًا، وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِمُسْلِمٍ بَاعَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ غَيْرِ تَغْلِبِيٍّ وَقَبَضَهَا فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ بِالشُّفْعَةِ أَوْ رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ فَهِيَ عُشْرِيَّةٍ كَمَا كَانَتْ، وَفِي أَرْضٍ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ التَّغْلَبِيَّيْنِ مَا فِي أَرْضِ الرَّجُلِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمَجُوسِيِّ فِي دَارِهِ شَيْءٌ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِنْ جَعَلَ مُسْلِمٌ دَارِهِ بُسْتَانًا فَمُؤْنَتُهُ تَدُورُ مَعَ مَائِهِ فَإِنْ سَقَاهُ بِمَاءِ الْعُشْرِ فَهُوَ عُشْرِيٌّ، وَإِنْ سَقَاهُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَهُوَ خَرَاجِيٌّ بِخِلَافِ مَا إذَا جَعَلَ الذِّمِّيُّ دَارِهِ بُسْتَانًا حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ كَيْفَمَا كَانَ وَدَارُهُ حُرَّةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكَذَا الْمَقَابِرُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَلَوْ أَنَّ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ سَقَاهُ مَرَّةً بِمَاءِ الْعُشْرِ، وَمَرَّةً بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَالْمُسْلِمُ أَحَقُّ بِالْعَشْرِ، وَالذِّمِّيُّ بِالْخَرَاجِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ ثُمَّ مَاءُ الْعُشْرِ مَاءُ الْبِئْرِ حُفِرَتْ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ، وَمَاءُ الْعَيْنِ الَّتِي تَظْهَرُ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ، وَكَذَلِكَ مَاءُ السَّمَاءِ، وَمَاءُ الْبِحَارِ الْعِظَامِ
(1/186)
عُشْرِيٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَاءُ أَنْهَارٍ شَقَّهَا عَجَمٌ، وَمَاءُ بِئْرٍ حُفِرَتْ فِي أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ خَرَاجِيٌّ، وَأَمَّا مَاءُ سَيَحُونَ وَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ فَخَرَاجِيٌّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ آجَرَ أَرْضًا عُشْرِيَّةً كَانَ الْعُشْرُ عَلَى الْآجِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ هَلَكَ الْخَارِجُ قَبْلَ الْحَصَادِ لَا يَجِبُ الْعُشْرُ عَلَى الْآجِرِ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَصَادِ لَا يَسْقُطُ عَنْ الْآجِرِ، وَعِنْدَهُ لَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْحَصَادِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَهْلَكُ بِمَا فِيهِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ أَعَارَهَا مِنْ مُسْلِمٍ فَزَرَعَهَا فَالْعُشْرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَلَوْ أَعَارَهَا مِنْ كَافِرٍ فَالْعُشْرُ عَلَى الْمُعِيرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْكَافِرِ، وَلَكِنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عُشْرٌ وَاحِدٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عُشْرَانِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَفِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى قَوْلِهِمَا الْعُشْرُ عَلَيْهَا بِالْحِصَّةِ وَعَلَى قَوْلِهِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لَكِنْ يَجِبُ فِي حِصَّتِهِ فِي عَيْنِهِ، وَفِي حِصَّةِ الْمَزَارِعِ يَكُونُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ هَلَكَ الْخَارِجُ سَقَطَ الْعُشْرُ عَنْهُمَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَبْلَ الْحَصَادِ كَذَلِكَ وَبَعْدَهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ عُشْرُ حِصَّةِ الْمَزَارِعِ، وَيَسْقُطُ فِي حِصَّتِهِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ رَجُلٌ بَعْدَ الِاسْتِقْصَاءِ قَبْلَ الْحَصَادِ أَوْ سَرَقَهُ فَلَا عُشْرَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْمُسْتَهْلِكُ الضَّمَانَ فَيَجِبُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ عُشْرُ الْبَدَلِ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا عُشْرِيَّةً فَزَرَعَهَا إنْ لَمْ تُنْقِصْهَا الزِّرَاعَةُ فَلَا عُشْرَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ نَقَصَتْهَا الزِّرَاعَةُ كَانَ الْعُشْرُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا بَاعَ الْأَرْضَ الْعُشْرِيَّةَ، وَفِيهَا زَرْعٌ قَدْ أُدْرِكَ مَعَ زَرْعِهَا أَوْ بَاعَ الزَّرْعَ خَاصَّةً فَعُشْرُهُ عَلَى الْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ بَاعَهَا وَالزَّرْعُ بَقْلٌ إنْ فَصَلَهُ الْمُشْتَرِي فِي الْحَالِ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ تَرَكَهُ حَتَّى أُدْرِكَ فَعُشْرُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَإِذَا بَاعَ الطَّعَامَ الْمَعْشُورَ فَلِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ عُشْرَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ تَفَرَّقَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ عُشْرَ الطَّعَامِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ عُشْرَ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَابَى فِيهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَلَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ إلَّا أَخْذُ عُشْرِ الطَّعَامِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ أَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ عُشْرَ طَعَامِ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ مِقْدَارَ قِيمَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَهْلَكَهُ فَالْمُصَدِّقُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ مِثْلَ عُشْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتْلِفٌ حَقَّهُ، وَلَوْ بَاعَ الْعِنَبَ أَخَذَ الْعُشْرَ مِنْ ثَمَنِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اتَّخَذَهُ عَصِيرًا ثُمَّ بَاعَهُ فَعَلَيْهِ عُشْرُ ثَمَنِ الْعَصِيرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَلَا تُحْسَبُ أُجْرَةُ الْعُمَّالِ وَنَفَقَةُ الْبَقَرِ، وَكَرْيُ الْأَنْهَارِ، وَأُجْرَةُ الْحَافِظِ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَيَجِبُ إخْرَاجُ الْوَاجِبِ مِنْ جَمِيعِ مَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ عُشْرًا أَوْ نِصْفًا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.، وَلَا يَأْكُلُ شَيْئًا مِنْ طَعَامِ الْعُشْرِ حَتَّى يُؤَدِّيَ عُشْرَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ أَفْرَزَ الْعُشْرَ يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ الْبَاقِي وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا أَكَلَ مِنْ الثَّمَرَةِ أَوْ أَطْعَمَ غَيْرَهُ ضَمِنَ عُشْرَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَا يُحْتَسَبُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ.
[الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْمَصَارِفِ]
(مِنْهَا الْفَقِيرُ) وَهُوَ مَنْ لَهُ أَدْنَى شَيْءٍ وَهُوَ مَا دُونَ النِّصَابِ أَوْ قَدْرُ نِصَابٍ غَيْرُ نَامٍ وَهُوَ مُسْتَغْرَقٌ فِي الْحَاجَةِ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْفَقِيرِ مِلْكُ نُصُبٍ كَثِيرَةٍ غَيْرِ نَامِيَةٍ إذَا كَانَتْ مُسْتَغْرَقَةً بِالْحَاجَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. التَّصَدُّقُ عَلَى الْفَقِيرِ الْعَالِمِ أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ عَلَى الْجَاهِلِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
(وَمِنْهَا الْمِسْكِينُ) وَهُوَ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ
(1/187)
فَيَحْتَاجُ إلَى الْمَسْأَلَةِ لِقُوَّتِهِ أَوْ مَا يُوَارِي بَدَنَهُ وَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ لَهُ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمَنْ يَمْلِكُ قُوتَ يَوْمِهِ بَعْدَ سُتْرَةِ بَدَنِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(وَمِنْهَا الْعَامِلُ) وَهُوَ مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ لِاسْتِيفَاءِ الصَّدَقَاتِ وَالْعُشُورِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيُعْطِيهِ مَا يَكْفِيهِ، وَأَعْوَانَهُ بِالْوَسَطِ مُدَّةَ ذَهَابِهِمْ، وَأَيَّابِهِمْ مَا دَامَ الْمَالُ بَاقِيًا إلَّا إذَا اسْتَغْرَقَتْ كِفَايَتَهُ الزَّكَاةُ فَلَا يُزَادُ عَلَى النِّصْفِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِنْ حَمَلَ رَجُلٌ زَكَاةَ مَالِهِ بِنَفْسِهِ إلَى الْإِمَامِ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ، وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَحِلُّ لِلْعَامِلِ الْهَاشِمِيِّ تَنْزِيهًا لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شُبْهَةِ الْوَسَخِ وَتَحِلُّ لِلْغَنِيِّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ فَإِنْ عَمِلَ الْهَاشِمِيُّ عَلَيْهَا وَرُزِقَ مِنْ غَيْرِهَا لَا بَأْسَ بِهِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْعَامِلِ أَوْ ضَاعَ سَقَطَ حَقُّهُ، وَأَجْزَأَهُ عَنْ الزَّكَاةِ عَنْ الْمُؤَدِّينَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْمُصَدِّقُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُعَجِّلَ حَقَّ عِمَالَتِهِ قَبْلَ الْوُجُوبِ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَأْخُذَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَمِنْهَا الرِّقَابُ) هُمْ الْمُكَاتَبُونَ وَيَعَاوَنُونَ فِي فَكِّ رِقَابِهِمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى مُكَاتَبٍ غَنِيٍّ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا يَجُوزُ لِمُكَاتَبٍ هَاشِمِيٍّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ لِلْمَوْلَى مِنْ وَجْهٍ وَالشُّبْهَةُ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَمِنْهَا الْغَارِمُ) ، وَهُوَ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ، وَلَا يَمْلِكُ نِصَابًا فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلَى النَّاسِ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالدَّفْعُ إلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْلَى مِنْ الدَّفْعِ إلَى الْفَقِيرِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
(وَمِنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ، وَهُمْ مُنْقَطِعُو الْغُزَاةِ الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُنْقَطِعُو الْحَاجِّ الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
(وَمِنْهَا ابْنُ السَّبِيلِ) ، وَهُوَ الْغَرِيبُ الْمُنْقَطِعُ عَنْ مَالِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. جَازَ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ قَدْرَ حَاجَتِهِ، وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَتِهِ وَأُلْحِقَ بِهِ كُلُّ مَنْ هُوَ غَائِبٌ عَنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ ثُمَّ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا فَضَلَ فِي يَدِهِ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَالِهِ كَالْفَقِيرِ إذَا اسْتَغْنَى كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالِاسْتِقْرَاضُ لِابْنِ السَّبِيلِ خَيْرٌ مِنْ قَبُولِ الصَّدَقَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فَهَذِهِ جِهَاتُ الزَّكَاةِ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ، وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالدَّفْعُ إلَى الْوَاحِدِ أَفْضَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُوعُ نِصَابًا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى رَجُلٍ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا، وَإِنْ دَفَعَهُ جَازَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْفَقِيرُ مَدْيُونًا فَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا فَدَفَعَ إلَيْهِ مِقْدَارَ مَا لَوْ قَضَى بِهِ دَيْنَهُ لَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ أَوْ يَبْقَى دُونَ الْمِائَتَيْنِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مُعِيلًا جَازَ أَنْ يُعْطَى لَهُ مِقْدَارُ مَا لَوْ وُزِّعَ عَلَى عِيَالِهِ يُصِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دُونَ الْمِائَتَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَنُدِبَ الْإِغْنَاءُ عَنْ السُّؤَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَأَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ بِالِاتِّفَاقِ وَيَجُوزُ صَرْفُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إلَيْهِمْ بِالِاتِّفَاقِ، وَاخْتَلَفُوا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالنُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ إلَّا أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ أَحَبُّ إلَيْنَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ فَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ إلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ وَيَجُوزُ صَرْفُ التَّطَوُّعِ إلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَ بِالزَّكَاةِ الْمَسْجِدَ، وَكَذَا الْقَنَاطِرُ وَالسِّقَايَاتُ، وَإِصْلَاحُ الطَّرَقَاتِ، وَكَرْيُ الْأَنْهَارِ وَالْحَجُّ وَالْجِهَادُ وَكُلُّ مَا لَا تَمْلِيكَ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَفَّنَ بِهَا مَيِّتٌ، وَلَا يُقْضَى بِهَا دَيْنُ الْمَيِّتِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَا يُشْتَرَى بِهَا عَبْدٌ يُعْتَقُ، وَلَا يَدْفَعُ إلَى أَصْلِهِ، وَإِنْ عَلَا، وَفَرْعِهِ، وَإِنْ سَفَلَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَا يُعْطَى لِلْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ
(1/188)
وَلَا الْمَخْلُوقِ مِنْ مَائِهِ بِالزِّنَا كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَلَا يَدْفَعُ إلَى امْرَأَتِهِ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَنَافِعِ عَادَةً، وَلَا تَدْفَعُ الْمَرْأَةُ إلَى زَوْجِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى عَبْدِهِ، وَمُكَاتَبِهِ، وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ، وَلَا إلَى مُعْتَقِ الْبَعْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصُورَتُهُ أَنْ يَعْتِقَ مَالِكُ الْكُلِّ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهُ أَوْ يُعْتِقَهُ شَرِيكُهُ فَيَسْتَسْعِيهِ السَّاكِتُ فَيَكُونُ مُكَاتَبًا لَهُ أَمَّا إذَا اخْتَارَ التَّضْمِينَ أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْعَبْدِ جَازَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الزَّكَاةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَمُكَاتَبِ الْغَيْرِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى مَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا أَيَّ مَالٍ كَانَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ سَوَائِمَ أَوْ عُرُوضًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَهِيَ مَسْكَنُهُ، وَأَثَاثُ مَسْكَنِهِ وَثِيَابُهُ وَخَادِمُهُ، وَمَرْكَبُهُ وَسِلَاحُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ النَّمَاءُ إذْ هُوَ شَرْطُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ لَا الْحِرْمَانِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَيَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى مَنْ يَمْلِكُ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مُكْتَسَبًا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَا يَدْفَعُ إلَى مَمْلُوكٍ غَنِيٍّ غَيْرِ مُكَاتَبِهِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى وَلَدِ الْغَنِيِّ الصَّغِيرِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا فَقِيرًا جَازَ، وَيَدْفَعُ إلَى امْرَأَةِ غَنِيٍّ إذَا كَانَتْ فَقِيرَةً، وَكَذَا إلَى الْبِنْتِ الْكَبِيرَةِ إذَا كَانَ أَبُوهَا غَنِيًّا؛ لِأَنَّ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَا يُغْنِيهَا وَبِغِنَى الْأَبِ وَالزَّوْجِ لَا تُعَدُّ غَنِيَّةً كَذَا فِي الْكَافِي.
وَيَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى الْأَبِ الْمُعْسِرِ، وَإِنْ كَانَ ابْنُهُ مُوسِرًا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَيَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ السُّؤَالُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ نِصَابًا، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ كُتُبٌ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِلتَّدْرِيسِ أَوْ التَّحَفُّظِ أَوْ التَّصْحِيحِ يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سَوَاءٌ كَانَتْ فِقْهًا أَوْ حَدِيثًا أَوْ أَدَبًا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَصَاحِفِ، وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ حَوَانِيتُ أَوْ دَارُ غَلَّةٍ تُسَاوِي ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَغَلَّتُهَا لَا تَكْفِي لِقُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ كَانَ لَهُ ضَيْعَةٌ تُسَاوِي ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَلَا تُخْرِجُ مَا يَكْفِي لَهُ وَلِعِيَالِهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ فِيهَا بُسْتَانٌ، وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَالُوا: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبُسْتَانِ مَا فِيهِ مَرَافِقُ الدَّارِ مِنْ الْمَطْبَخِ وَالْمُغْتَسَلِ وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَهُ مَتَاعٌ وَجَوَاهِرُ وَاَلَّذِي لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى إنْسَانٍ إذَا احْتَاجَ إلَى النَّفَقَةِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الزَّكَاةَ قَدْرَ كِفَايَتِهِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ فَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُعْسِرًا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ فِي أَصَحِّ الْأَقَاوِيلِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ مُوسِرًا مُعْتَرِفًا لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ، وَكَذَا إذَا كَانَ جَاحِدًا، وَلَهُ عَلَى الدَّيْنِ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا مَا لَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيُحَلِّفُهُ فَإِذَا حَلَّفَهُ وَحَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا يَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ الْكُلَّ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَا يُدْفَعُ إلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَهُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَبَّاسٍ وَآلُ جَعْفَرِ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ الْحَارِثِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَذُرِّيَّةِ أَبِي لَهَبٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُنَاصِرُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. هَذَا فِي الْوَاجِبَاتِ كَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ وَالْعُشْرِ وَالْكَفَّارَةِ فَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَيَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي، وَكَذَا لَا يُدْفَعُ إلَى مَوَالِيهِمْ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ. وَيَجُوزُ صَرْفُ خُمُسِ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ إلَى فُقَرَاءِ بَنِي هَاشِمٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَالْوَكِيلُ إذَا أَعْطَى وَلَدَهُ الْكَبِيرَ أَوْ الصَّغِيرَ أَوْ امْرَأَتَهُ، وَهُمْ مَحَاوِيجُ جَازَ، وَلَا يُمْسِكُ شَيْئًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
إذَا شَكَّ وَتَحَرَّى
(1/189)
فَوَقَعَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ مَحَلُّ الصَّدَقَةِ فَدَفَعَ إلَيْهِ أَوْ سَأَلَ مِنْهُ فَدَفَعَ أَوْ رَآهُ فِي صَفِّ الْفُقَرَاءِ فَدَفَعَ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مَحَلُّ الصَّدَقَةِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَظْهَرْ حَالُهُ عِنْدَهُ، وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ هَاشِمِيٌّ أَوْ كَافِرٌ أَوْ مَوْلَى الْهَاشِمِيِّ أَوْ الْوَالِدَانِ أَوْ الْمَوْلُودُونَ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ مُدَبَّرُهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ أَوْ مُكَاتَبُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا الْمُسْتَسْعَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَإِذَا دَفَعَهَا، وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ أَنَّهُ مَصْرِفٌ أَمْ لَا فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مَصْرِفٍ، وَإِذَا دَفَعَهَا إلَيْهِ، وَهُوَ شَاكٌّ، وَلَمْ يَتَحَرَّ أَوْ تَحَرَّى، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّهُ مَصْرِفٌ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَصْرِفٍ فَهُوَ عَلَى الْفَسَادِ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَصْرِفٌ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَيُكْرَهُ نَقْلُ الزَّكَاةِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ إلَّا أَنْ يَنْقُلَهَا الْإِنْسَانُ إلَى قَرَابَتِهِ أَوْ إلَى قَوْمٍ هُمْ أَحْوَجُ إلَيْهَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ، وَلَوْ نَقَلَ إلَى غَيْرِهِمْ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ نَقْلُ الزَّكَاةِ إذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ فِي حِينِهَا بِأَنْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ أَمَّا إذَا كَانَ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ حِينِهَا فَلَا بَأْسَ بِالنَّقْلِ وَالْأَفْضَلُ فِي الزَّكَاةِ وَالْفِطْرِ وَالنَّذْرِ الصَّرْفُ أَوَّلًا إلَى الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ ثُمَّ إلَى الْجِيرَانِ ثُمَّ إلَى أَهْلِ حِرْفَتِهِ ثُمَّ إلَى أَهْلِ مِصْرِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي الزَّكَاةِ مَكَانُ الْمَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ هُوَ فِي بَلَدٍ، وَمَالُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ يُفَرَّقُ فِي مَوْضِعِ الْمَالِ، وَفِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ يُعْتَبَرُ مَكَانُهُ لَا مَكَانُ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَعَبِيدِهِ فِي الصَّحِيحِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَأَمَّا أَخْذُ ظَلَمَةِ زَمَانِنَا مِنْ الصَّدَقَاتِ وَالْعُشُورِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِبَايَاتِ وَالْمُصَادَرَاتِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ جَمِيعُ ذَلِكَ عَنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ إذَا نَوَوْا عِنْدَ الدَّفْعِ التَّصَدُّقَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ الزَّكَاةِ.
وَلَوْ قَضَى دَيْنَ الْفَقِيرِ بِزَكَاةِ مَالِهِ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَجُوزُ وَسَقَطَ الدَّيْنُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَارًا لِيَسْكُنَهَا عَنْ الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
نَوَى الزَّكَاةَ بِمَا يَدْفَعُ لِصِبْيَانِ أَقْرِبَائِهِ أَوْ لِمَنْ يَأْتِيهِ بِالْبِشَارَةِ أَوْ يَأْتِي بِالْبَاكُورَةِ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ بِمَا يَدْفَعُ الْمُعَلِّمُ إلَى الْخَلِيفَةِ، وَلَمْ يَسْتَأْجِرْهُ إنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ بِحَالٍ لَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ أَيْضًا أَجْزَأَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا مَا يَدْفَعُهُ إلَى الْخَدَمِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ إذَا دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى الْفَقِيرِ لَا يَتِمُّ الدَّفْعُ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا أَوْ يُقْبِضُهَا لِلْفَقِيرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ نَحْوَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ يَقْبِضَانِ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. أَوْ مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ الْأَجَانِبِ الَّذِينَ يَعُولُونَهُ وَالْمُلْتَقِطُ يَقْبِضُ لِلَّقِيطِ. وَلَوْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى مَجْنُونٍ أَوْ صَغِيرٍ لَا يَعْقِلُ فَدَفَعَ إلَى أَبَوَيْهِ أَوْ وَصِيِّهِ قَالُوا لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ وَضَعَ عَلَى دُكَّانٍ ثُمَّ قَبَضَهَا فَقِيرٌ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ قَبَضَ الصَّغِيرُ، وَهُوَ مُرَاهِقٌ جَازَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يَعْقِلُ الْقَبْضَ بِأَنْ كَانَ لَا يَرْمِي، وَلَا يُخْدَعُ عَنْهُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى فَقِيرٍ مَعْتُوهٍ جَازَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
[فَصْلٌ مَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ الزَّكَاة]
(فَصْلٌ مَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ) . (الْأَوَّلُ) زَكَاةُ السَّوَائِمِ وَالْعُشُورِ، وَمَا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَصَارِفِ.
(وَالثَّانِي) خُمُسُ الْغَنَائِمِ وَالْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ وَيُصْرَفُ الْيَوْمَ إلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.
(وَالثَّالِثُ) الْخَرَاجُ وَالْجِزْيَةُ، وَمَا صُولِحَ عَلَيْهِ بَنُو نَجْرَانَ مِنْ الْحُلَلِ وَبَنُو تَغْلِبَ مِنْ الصَّدَقَةِ الْمُضَاعَفَةِ، وَمَا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ وَتُجَّارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَتُصْرَفُ تِلْكَ إلَى عَطَايَا الْمُقَاتِلَةِ وَسَدِّ الثُّغُورِ وَبِنَاءِ الْحُصُونِ ثَمَّةَ، وَإِلَى مَرَاصِدِ الطَّرِيقِ
(1/190)
فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حَتَّى يَقَعَ الْأَمْنُ عَنْ قَطْعِ اللُّصُوصِ الطُّرُقَ، وَإِلَى إصْلَاحِ الْقَنَاطِرِ وَالْجُسُورِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِلَى كَرْيِ الْأَنْهَارِ الْعِظَامِ الَّتِي لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهَا كَالْجَيْحُونِ وَالْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَإِلَى بِنَاءِ الرِّبَاطَاتِ وَالْمَسَاجِدِ وَسَدِّ الْبَثْقِ (1) وَتَحْصِينِ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْبَثْقُ، وَإِلَى أَرْزَاقِ الْوُلَاةِ، وَأَعْوَانِهِمْ وَالْقُضَاةِ وَالْمُفْتِينَ وَالْمُحْتَسِبِينَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمُعَلِّمِينَ وَالْمُتَعَلِّمِينَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُصْرَفُ إلَى كُلِّ مَنْ تَقَلَّدَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِلَى مَا فِيهِ صَلَاحُ الْمُؤْمِنِينَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَالرَّابِعُ) اللُّقَطَاتُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَا أُخِذَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الَّذِي مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا أَوْ تَرَكَ زَوْجًا وَزَوْجَةً، وَهَذَا النَّوْعُ يُصْرَفُ إلَى نَفَقَةِ الْمَرْضَى، وَأَدْوِيَتِهِمْ، وَهُمْ فُقَرَاءُ، وَإِلَى كَفَنِ الْمَوْتَى الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ، وَإِلَى اللَّقِيطِ وَعَقْلِ جِنَايَتِهِ، وَإِلَى نَفَقَةِ مَنْ هُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْكَسْبِ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ بَيْتَ الْمَالِ أَرْبَعَةً لِكُلِّ نَوْعٍ بَيْتًا؛ لِأَنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ حُكْمًا يَخْتَصُّ بِهِ لَا يُشَارِكُهُ مَالٌ آخَرُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَعْضِهَا شَيْءٌ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَيْهِ مِمَّا فِيهِ مَالٌ فَإِنْ اسْتَقْرَضَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ فَإِذَا أَخَذَ الْخَرَاجَ يَقْضِي الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْخَرَاجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَاتِلَةُ فُقَرَاءَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَظًّا فِيهَا فَلَا يَصِيرُ قَرْضًا، وَإِنْ اسْتَقْرَضَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الصَّدَقَاتِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ وَصَرَفَهُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا يَصِيرُ قَرْضًا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ لَهُ حُكْمُ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَلِلْفُقَرَاءِ حَظٌّ فِيهَا، وَإِنَّمَا لَا يُعْطَى لَهُمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِالصَّدَقَاتِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْوَاجِبُ عَلَى الْأَئِمَّةِ أَنْ يُوصِلُوا الْحُقُوقَ إلَى أَرْبَابِهَا، وَلَا يَحْبِسُونَهَا عَنْهُمْ، وَلَا يَحِلُّ لِلْإِمَامِ، وَأَعْوَانِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ إلَّا مَا يَكْفِيهِمْ وَعَائِلَتَهُمْ، وَلَا يَجْعَلُونَهَا كُنُوزًا، وَمَا فَضَلَ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ قُسِّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ قَصَّرَ الْأَئِمَّةُ فِي ذَلِكَ فَوَبَالُهُ عَلَيْهِمْ وَالْأَفْضَلُ لِلْإِمَامِ وَالْمُصَدِّقِ أَنْ لَا يَتَعَجَّلَ رِزْقَهُ لِشَهْرٍ ثَانٍ بَلْ يَأْخُذُ رِزْقَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَدْخُلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَا شَيْءَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَرَى الْإِمَامُ ذِمِّيًّا يَهْلِكُ جُوعًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ عَلَيْهِ إحْيَاؤُهُ، وَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَمَنْ لَهُ حَظٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ ظَفَرَ بِمَا هُوَ وَجْهٌ لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ دِيَانَةً وَلِلْإِمَامِ الْخِيَارُ فِي الْمَنْعِ وَالْإِعْطَاءُ فِي الْحُكْمِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ]
، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْمَالِكِ لِمِقْدَارِ النِّصَابِ فَاضِلًا عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَصْفُ النَّمَاءِ وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا النِّصَابِ وُجُوبُ الْأُضْحِيَّةِ، وَوُجُوبُ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنَّمَا تَجِبُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَهِيَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ، وَدَقِيقُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَسَوِيقُهُمَا مِثْلُهُمَا وَالْخُبْزُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَأَمَّا الزَّبِيبُ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ نِصْفَ صَاعٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَاعٌ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا ثُمَّ قِيلَ يَجُوزُ أَدَاؤُهُ بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُرَاعَى فِيهِ الْقِيمَةُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ثُمَّ الدَّقِيقُ أَوْلَى مِنْ
(1/191)
الْبُرِّ، وَالدَّرَاهِمُ أَوْلَى مِنْ الدَّقِيقِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ، وَمَا سِوَاهُ مِنْ الْحُبُوبِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْقِيمَةِ وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ أَدَاءَ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْ عَيْنِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ أَدَّى رُبُعَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ يَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْهَا أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ جَيِّدٍ مَكَانَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ لَا يَجُوزُ عَنْ الْكُلِّ بَلْ يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ تَكْمِيلُ الْبَاقِي، وَكَذَا لَا يَجُوزُ رُبُعُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ عَنْ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنَّ أَدَّى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ وَنِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَمَنًا وَاحِدًا مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ نِصْفَ صَاعِ شَعِيرٍ وَرُبُعَ صَاعِ حِنْطَةٍ جَازَ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالصَّاعُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْبَغْدَادِيِّ وَالرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ عِشْرُونَ أَسْتَارًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْأَسْتَارُ أَرْبَعَةُ مَثَاقِيلَ وَنِصْفُ مِثْقَالٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ. ثُمَّ يُعْتَبَرُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ غَيْرِهِ بِالْوَزْنِ فِيمَا رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الصَّاعِ بِأَنَّهُ كَمْ رِطْلًا، وَهُوَ إجْمَاعٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِالْوَزْنِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَوَقْتُ الْوُجُوبِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ فَمَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَمَنْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهُ وَجَبَتْ وَمَنْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ لَمْ تَجِبْ، وَكَذَا الْفَقِيرُ إذَا أَيْسَرَ قَبْلَهُ تَجِبُ، وَلَوْ افْتَقَرَ الْغَنِيُّ قَبْلَهُ لَمْ تَجِبْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا افْتَقَرَ بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَإِنْ قَدَّمُوهَا عَلَى يَوْمِ الْفِطْرِ جَازَ، وَلَا تَفْضِيلَ بَيْنَ مُدَّةٍ، وَمُدَّةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ لَمْ تَسْقُطْ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ عَجَّلَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ قَبْلَ النِّصَابِ ثُمَّ مَلَكَهُ صَحَّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَفِي تَجْنِيسِ الْمُلْتَقِطِ مَنْ سَقَطَ عَنْهُ صَوْمُ الشَّهْرِ لِكِبَرٍ أَوْ لِمَرَضٍ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَالْمُسْتَحَبُّ لِلنَّاسِ أَنْ يُخْرِجُوا الْفِطْرَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَأَمَّا وَقْتُ أَدَائِهَا فَجَمِيعُ الْعُمُرِ عِنْدَ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَتَجِبُ عَنْ نَفْسِهِ وَطِفْلِهِ الْفَقِيرِ كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ بِمَنْزِلَةِ الصَّغِيرِ سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ أَصْلِيًّا أَوْ عَارِضِيًّا، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ مَالٌ فَإِنَّ الْأَبَ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ جَدُّهُمَا أَوْ وَصِيُّهُ يُخْرِجُ صَدَقَةَ فِطْرِ أَنْفُسِهِمَا وَرَقِيقِهِمَا مِنْ مَالِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُؤَدِّي عَنْ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حَيَاتَهُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَيْسَ عَلَى الْأَبِ أَنْ يُؤَدِّيَ الصَّدَقَةَ عَنْ مَمَالِيكِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَكَذَا الْمَعْتُوهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَيْسَ عَلَى الْجَدِّ أَنْ يُؤَدِّيَ الصَّدَقَةَ عَنْ أَوْلَادِ ابْنِهِ الْمُعْسِرِ إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَالْوَلَدُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةٌ تَامَّةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا أَوْ مَيِّتًا فَعَلَى الْآخَرِ صَدَقَةٌ تَامَّةٌ، وَلَا صَدَقَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَجْلِ أُمِّ هَذَا الْوَلَدِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ يَوْمَ الْفِطْرِ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَيُؤَدِّي عَنْ مَمْلُوكِهِ لِلْخِدْمَةِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا وَيَجِبُ عَنْ مُدَبَّرِيهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ عِنْدَنَا وَتَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ عَبْدِهِ الْمُسْتَأْجَرِ وَعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ دَيْنٌ مُسْتَغْرَقٌ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُوصًى بِخِدْمَتِهِ كَانَ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ، وَكَذَا عَبْدُ الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ إنَّمَا يَزُولُ بِالدَّفْعِ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ لَا قَبْلَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَعَنْ الْمَرْهُونِ تَجِبُ فِي الْمَشْهُورِ إنْ فَضَلَ بَعْدَ الدَّيْنِ قَدْرُ النِّصَابِ
(1/192)
وَكَذَا بِسَبَبِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا تَجِبُ عَنْ عَبِيدِهِ لِلتِّجَارَةِ عِنْدَنَا، وَلَا عَنْ عَبِيدِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يُخْرِجُ عَنْ مُكَاتَبِهِ لِقُصُورِ الْمِلْكِ فِيهِ، وَلَا يُخْرِجُ الْمُكَاتَبُ أَيْضًا عَنْ نَفْسِهِ لِفَقْرِهِ، وَلَا يُخْرِجُ الْمَوْلَى عَنْ رَقِيقِ مُكَاتَبِهِ، وَلَا يُخْرِجُ الْمُكَاتَبُ أَيْضًا عَنْهُ، وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ كَالْمُكَاتَبِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ وَعِنْدَهُمَا كَحُرٍّ مَدْيُونٍ فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى زَكَاةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ، وَلَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ إذَا كَانَ لِلْخِدْمَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا تَجِبُ عَنْ عَبْدِهِ أَوْ عَبِيدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ آبِقٌ أَوْ مَأْسُورٌ أَوْ مَغْصُوبٌ مَجْحُودٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَنْ نَفْسِهِ بِسَبَبِهِمْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
فَإِنْ عَادَ الْآبِقُ عَنْ الْإِبَاقِ أَوْ رُدَّ الْمَغْصُوبُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا مَضَى يَوْمُ الْفِطْرِ كَانَ عَلَيْهِ صَدَقَةُ مَا مَضَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ فَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مَوْقُوفَةٌ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ تَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ فُسِخَ فَعَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ إنْ رَدَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ تَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ الْقَبْضِ تَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعَقْدٍ بَاتٍّ فَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي إنْ قَبَضَ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَبِيعًا بَيْعًا فَاسِدًا فَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي، وَأَعْتَقَهُ فَالصَّدَقَةُ عَلَى الْبَائِعِ، وَكَذَا إذَا مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ، وَهُوَ مَقْبُوضٌ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ الْبَائِعُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ الْبَائِعُ، وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَصَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَتَجِبُ عَنْ عَبْدِهِ الْمَنْذُورِ بِالتَّصَدُّقِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَالْعَبْدُ الْمَجْعُولُ مَهْرًا إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ قَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَلَا صَدَقَةَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَلَا صَدَقَةَ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا جَاءَ يَوْمُ الْفِطْرِ فَأَنْت حُرٌّ فَجَاءَ يَوْمُ الْفِطْرِ عَتَقَ الْعَبْدُ وَتَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ قَبْلَ الْعِتْقِ بِلَا فَصْلٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يُؤَدِّي عَنْ زَوْجَتِهِ، وَلَا عَنْ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ، وَإِنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ، وَلَوْ أَدَّى عَنْهُمْ أَوْ عَنْ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ أَجْزَأَهُمْ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ عَنْ غَيْرِ عِيَالِهِ إلَّا بِأَمْرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.، وَلَا يُؤَدِّي عَنْ أَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ وَنَوَافِلِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ الْفِطْرَةُ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَإِنْ كَانَا فِي عِيَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا كَالْأَوْلَادِ الْكِبَارِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَلَا يَجِبُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ أَخَوَاتِهِ الصِّغَارِ، وَلَا عَنْ قَرَابَتِهِ، وَإِنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْأَصْلُ أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ وِلَايَتُهُ، وَمُؤْنَتُهُ وَنَفَقَتُهُ فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَيَجِبُ دَفْعُ صَدَقَةِ فِطْرِ كُلِّ شَخْصٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ فَرَّقَهُ عَلَى مِسْكِينَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ وَيَجُوزُ دَفْعُ مَا يَجِبُ عَلَى جَمَاعَةٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ أَوْ فِطْرَةٌ أَوْ كَفَّارَةٌ أَوْ نَذْرٌ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ تَرِكَتِهِ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ وَرَثَتُهُ بِذَلِكَ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فَإِنْ امْتَنَعُوا لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ يَجُوزُ وَيَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
الْمَرْأَةُ إذَا أَمَرَهَا زَوْجُهَا بِأَدَاءِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَخَلَطَتْ حِنْطَتَهُ بِحِنْطَتِهَا بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ
(1/193)
فَدَفَعَتْ إلَى الْفَقِيرِ جَازَ عَنْهَا لَا عَنْ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ لَهُ أَوْلَادٌ وَامْرَأَةٌ فَكَالَ الْحِنْطَةَ لِأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَتَّى يُعْطِيَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ ثُمَّ جَمَعَ وَدَفَعَ إلَى الْفَقِيرِ بِنِيَّتِهِمْ يَجُوزُ عَنْهُمْ، وَمَصْرِفُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ مَا هُوَ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
[كِتَابُ الصَّوْمِ وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ]
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِهِ وَتَقْسِيمِهِ وَسَبَبِهِ وَوَقْتِهِ وَشَرْطِهِ]
(كِتَابُ الصَّوْمِ)
(وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ)
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِهِ وَتَقْسِيمِهِ وَسَبَبِهِ وَوَقْتِهِ وَشَرْطِهِ) .
أَمَّا تَفْسِيرُهُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ مِنْ الصُّبْحِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ بِنِيَّةِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَأَنْوَاعُهُ فَرْضٌ وَوَاجِبٌ وَنَفْلٌ. وَالْفَرْضُ نَوْعَانِ: مُعَيَّنٌ كَرَمَضَانَ، وَغَيْرُ مُعَيَّنٍ كَالْكَفَّارَاتِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ، وَالْوَاجِبُ نَوْعَانِ: مُعَيَّنٌ كَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَغَيْرُ مُعَيَّنٍ كَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ، وَالنَّفَلُ كُلُّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَسَبَبُهُ مُخْتَلِفٌ فَفِي الْمَنْذُورِ النَّذْرُ، وَفِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ أَسْبَابُهَا مِنْ الْحِنْثِ وَالْقَتْلِ وَسَبَبُ الْقَضَاءِ هُوَ سَبَبُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَأَمَّا سَبَبُ صَوْمِ رَمَضَانَ فَذَهَبَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَصَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ إلَى أَنَّهُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ كَذَا فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَهُوَ الْحَقُّ عِنْدِي وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ الْهِنْدِيُّ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
فَإِذَا أَفَاقَ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى ثُمَّ أَصْبَحَ مَجْنُونًا وَاسْتَوْعَبَ الشَّهْرَ كُلَّهُ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَعَلَى هَذَا إذَا أَفَاقَ فِي لَيْلَةٍ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ ثُمَّ أَصْبَحَ مَجْنُونًا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَالْإِفَاقَةُ بِزَوَالِ جَمِيعِ مَا بِهِ مِنْ الْجُنُونِ فَأَمَّا إذَا أَصَابَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ فَلَا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَوَقْتُهُ مِنْ حِينِ يَطْلُعُ الْفَجْرُ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُسْتَطِيرُ الْمُنْتَشِرُ فِي الْأُفُقِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ لِأَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي أَوْ لِاسْتِطَارَتِهِ وَانْتِشَارِهِ فِيهِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحْوَطُ وَالثَّانِي أَوْسَعُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِلَيْهِ مَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.
تَسَحَّرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ، وَهُوَ طَالِعٌ أَوْ أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ، وَلَمْ تَغْرُبْ قَضَاهُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَا تَعَمَّدَ الْإِفْطَارَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا شَكَّ فِي الْفَجْرِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَدَعَ الْأَكْلَ، وَلَوْ أَكَلَ فَصَوْمُهُ تَامٌّ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّهُ أَكَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَيَقْضِي حِينَئِذٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ تَسَحَّرَ وَالْفَجْرُ طَالِعٌ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ عَمَلًا بِغَالِبِ الرَّأْيِ، وَفِيهِ الِاحْتِيَاطُ وَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. هَذَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ، وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَكَلَ، وَالْفَجْرُ طَالِعٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَشَهِدَ اثْنَانِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطْلُعْ فَأَفْطَرَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ قَدْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ، وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِثْبَاتِ، وَلَا يُعَارِضُهَا الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُعْ فَأَكَلَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ طَلَعَ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ عَلَى الطُّلُوعِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ يَتَسَحَّرُ فَقَالُوا الْفَجْرُ طَالِعٌ فَقَالَ الرَّجُلُ إذَنْ لَمْ أَصِرْ صَائِمًا وَصِرْت مُفْطِرًا فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ أَكْلَهُ الْأَوَّلَ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَكْلَهُ الثَّانِيَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانُوا جَمَاعَةً وَصَدَّقَهُمْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ
(1/194)
لِأَنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ لَا تُقْبَلُ فِي مِثْلِ هَذَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ اُنْظُرِي أَنَّ الْفَجْرَ طَالِعٌ أَوْ لَا فَنَظَرَتْ وَرَجَعَتْ وَقَالَتْ لَمْ يَطْلُعْ فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْفَجْرَ كَانَ طَالِعًا قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ صَدَّقَهَا، وَهِيَ ثِقَةٌ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْكَفَّارَةُ إنْ أَفْطَرَتْ مَعَ الْعِلْمِ بِالطُّلُوعِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ شَكَّ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ لَا يَحِلُّ لَهُ الْفِطْرُ كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ أَكَلَ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَمُخْتَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لُزُومُ الْكَفَّارَةِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ أَفْطَرَ، وَأَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ النَّهَارَ كَانَ ثَابِتًا وَقَدْ انْضَمَّ إلَيْهِ أَكْبَرُ رَأْيِهِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. سَوَاءٌ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ الشَّمْسَ غَابَتْ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهَا لَمْ تَغِبْ فَأَفْطَرَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا لَمْ تَغِبْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَسَحَّرَ بِالتَّحَرِّي فَلَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ مُطَالَعَةُ الْفَجْرِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ مَنْ تَسَحَّرَ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَسَبِيلُهُ أَنْ يَدَعَ الْأَكْلَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَسَحَّرَ بِصَوْتِ الطَّبْلِ السَّحَرِيِّ فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ الصَّوْتُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَفِي جَمِيعِ أَطْرَافِ الْبَلْدَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْمَعُ صَوْتًا وَاحِدًا فَإِنْ عَلِمَ عَدَالَتَهُ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ يَحْتَطْ، وَلَا يَأْكُلْ. وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِدَ بِصِيَاحِ الدِّيكِ فَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ قَدْ جَرَّبَهُ مِرَارًا وَظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ يُصِيبُ الْوَقْتَ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِفْطَارُ بِالتَّحَرِّي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(أَمَّا شُرُوطُهُ) فَثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ. (شَرْطُ) وُجُوبِهِ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ. (وَشَرْطُ) وُجُوبِ الْأَدَاءِ الصِّحَّةُ وَالْإِقَامَةُ. (وَشَرْطُ) صِحَّةِ الْأَدَاءِ النِّيَّةُ وَالطَّهَارَةُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ كَذَا فِي الْكَافِي وَالنِّهَايَةِ.
وَالنِّيَّةُ مَعْرِفَتُهُ بِقَلْبِهِ أَنْ يَصُومَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. ثُمَّ عِنْدَنَا لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِكُلِّ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالتَّسَحُّرُ فِي رَمَضَانَ نِيَّةٌ ذَكَرَهُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ، وَكَذَا إذَا تَسَحَّرَ لِصَوْمٍ آخَرَ، وَإِنْ تَسَحَّرَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصْبِحُ صَائِمًا لَا يَكُونُ نِيَّةً، وَلَوْ نَوَى مِنْ اللَّيْلِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ نِيَّتِهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ صَحَّ رُجُوعُهُ فِي الصِّيَامَاتِ كُلِّهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ قَالَ نَوَيْت أَنْ أَصُومَ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - صَحَّتْ نِيَّتُهُ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ نَوَى أَنْ يُفْطِرَ غَدًا إنْ دُعِيَ إلَى دَعْوَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُدْعَ يَصُمْ لَا يَصِيرُ صَائِمًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ فَإِنْ أَصْبَحَ فِي رَمَضَانَ لَا يَنْوِي صَوْمًا، وَلَا فِطْرًا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَنْ رَمَضَانَ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي صَيْرُورَتِهِ صَائِمًا رِوَايَتَيْنِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ صَائِمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا نَوَى الصَّائِمُ الْفِطْرَ، وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا غَيْرَ النِّيَّةِ فَصَوْمُهُ تَامٌّ كَذَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ.
وَوَقْتُ النِّيَّةِ كُلُّ يَوْمٍ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ نَوَى قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَنْ يَكُونَ صَائِمًا غَدًا ثُمَّ نَامَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ غَفَلَ حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ نَوَى بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ جَازَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. جَازَ صَوْمُ رَمَضَانَ، وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ، وَالنَّفَلُ بِنِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ بِنِيَّةِ مُطْلَقِ الصَّوْمِ أَوْ بِنِيَّةِ النَّفْلِ مِنْ اللَّيْلِ إلَى مَا قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوَالِ
(1/195)
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ وَالصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنَّمَا تَجُوزُ النِّيَّةُ قَبْلَ الزَّوَالِ إذَا لَمْ يُوجَدْ قَبْلَ ذَلِكَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا يُنَافِي الصَّوْمَ، وَإِذَا وُجِدَ قَبْلَهُ مَا يُنَافِيهِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا فَلَا تَجُوزُ النِّيَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَإِذَا نَوَى مِنْ النَّهَارِ يَنْوِي أَنَّهُ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِهِ حَتَّى لَوْ نَوَى أَنَّهُ صَائِمٌ مِنْ حِينِ نَوَى لَا يَصِيرُ صَائِمًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ فِي يَوْمٍ مِنْهُ فَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَوَى الصَّوْمَ أَجْزَأَهُ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَكَذَا إذَا ارْتَدَّ رَجُلٌ عَنْ الْإِسْلَامِ أَوَّلَ الْيَوْمِ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَنَوَى الصَّوْمَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَهُوَ صَائِمٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُبَيِّتَ النِّيَّةَ فِي مَوْضِعٍ تَجُوزُ نِيَّتُهُ مِنْ النَّهَارِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَأَنْ يُعَيِّنَ النِّيَّةَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَإِذَا نَوَى وَاجِبًا آخَرَ فِي يَوْمِ رَمَضَانَ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا صَامَ الْمُسَافِرُ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ يَقَعُ عَنْهُ، وَلَوْ نَوَى النَّفَلَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَالصَّحِيحُ أَنَّ صَوْمَهُ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي الْكَافِي. وَلَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ مُطْلَقًا يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ إذَا صَامَهُ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَةِ كَانَ عَنْ الْوَاجِبِ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا نَذَرَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَشَرْطُ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَاتِ أَنْ يُبَيِّتَ وَيُعَيِّنَ كَذَا فِي النُّقَايَةِ. وَكَذَا النَّذْرُ الْمُطْلَقُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَى الْمَأْسُورِ شَهْرُ رَمَضَانَ فَصَامَ مُتَحَرِّيًا جَازَ إنْ كَانَ بَعْدَهُ وَنَوَى مِنْ اللَّيْلِ سِوَى يَوْمِ الْعِيدِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ صَوْمِ رَمَضَانَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَإِذَا وَافَقَ صَوْمُهُ شَوَّالًا فَإِنْ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ، وَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ كَامِلًا، وَشَوَّالٌ نَاقِصًا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ، وَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ نَاقِصًا، وَشَوَّالٌ كَامِلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَلَوْ وَافَقَ صَوْمُهُ ذَا الْحِجَّةِ فَإِنْ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا وَذُو الْحِجَّةِ كَامِلًا فَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ كَامِلًا وَذُو الْحِجَّةِ نَاقِصًا فَخَمْسَةُ أَيَّامٍ، وَإِنْ وَافَقَ صَوْمُهُ ذَا الْقِعْدَةِ أَوْ شَهْرًا آخَرَ فَإِنْ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ أَوْ الشَّهْرُ الْآخَرُ كَامِلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ كَامِلًا وَالْآخَرُ نَاقِصًا فَيَوْمٌ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ صَامَ رَمَضَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ سِنِينَ لَا يَجُوزُ صَوْمُ السَّنَةِ الْأُولَى بِالِاتِّفَاقِ، وَهَلْ يَجُوزُ صَوْمُ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ قَضَاءً عَنْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ قَضَاءً عَنْ الثَّانِيَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرِ إنْ نَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ مُبْهَمًا يَجُوزُ، وَإِنْ نَوَى عَنْ الثَّانِيَةِ مُفَسِّرًا لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ أَوَّلَ يَوْمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ مِنْ هَذَا الرَّمَضَانِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْأَوَّلَ يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَيْنِ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَلَوْ نَوَى الْقَضَاءَ لَا غَيْرُ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا أَفْطَرَ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا، وَهُوَ فَقِيرٌ فَصَامَ أَحَدًا وَسِتِّينَ يَوْمًا لِلْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ لِلْقَضَاءِ جَازَ كَذَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَتَى نَوَى شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْوَكَادَةِ وَالْفَرِيضَةِ، وَلَا رُجْحَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بَطَلَا، وَمَتَى تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ثَبَتَ الرَّاجِحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِذَا نَوَى عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ كَانَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ نَوَى النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ وَالتَّطَوُّعَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ نَوَى النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ، وَكَفَّارَةً مِنْ اللَّيْلِ يَقَعُ عَنْ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ بِالْإِجْمَاعِ
(1/196)
كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَكَفَّارَةَ الظِّهَارِ كَانَ عَنْ الْقَضَاءِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا نَوَى قَضَاءَ بَعْضِ رَمَضَانَ، وَالتَّطَوُّعُ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ نَوَى الصَّوْمَ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ أَوْ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَعَنْ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ يَقَعُ عَنْ الْقَتْلِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ نَوَى عَنْ كَفَّارَةِ تَطَوُّعٍ جَازَ عَنْ الْوَاجِبِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَوْ نَوَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْحَيْضِ ثُمَّ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ صَحَّ صَوْمُهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ نَوَى صَوْمَ الْقَضَاءِ، وَكَفَّارَةَ الْيَمِينِ لَمْ يَكُنْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلتَّعَارُضِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِمَكَانِ التَّنَافِي، وَلَكِنْ يَصِيرُ تَطَوُّعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا نَوَى الصَّوْمَ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى لَا تَصِحَّ نِيَّتُهُ عَنْ الْقَضَاءِ يَصِيرُ شَارِعًا فِي التَّطَوُّعِ فَإِنْ أَفْطَرَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
[الْبَابُ الثَّانِي فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ) . يَجِبُ أَنْ يَلْتَمِسَ النَّاسُ الْهِلَالَ فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَقْتَ الْغُرُوبِ فَإِنْ رَأَوْهُ صَامُوهُ، وَإِنْ غُمَّ أَكْمَلُوهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْتَمِسُوا هِلَالَ شَعْبَانَ أَيْضًا فِي حَقِّ إتْمَامِ الْعَدَدِ، وَهَلْ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْعُدُولِ مِمَّنْ يَعْرِفُ عِلْمَ النُّجُومِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُنَجِّمِ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِ نَفْسِهِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَتُكْرَهُ الْإِشَارَةُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. .
وَإِذَا رَأَوْا الْهِلَالَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يُصَامُ بِهِ، وَلَا يُفْطَرُ، وَهُوَ مِنْ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إنْ كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ فَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ مَقْبُولَةٌ إذَا كَانَ عَدْلًا مُسْلِمًا عَاقِلًا بَالِغًا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَكَذَا شَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى شَهَادَةِ الْوَاحِدِ وَشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ بَعْدَ التَّوْبَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَأَمَّا مَسْتُورُ الْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَبِهِ أَخَذَ الْحَلْوَانِيُّ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ.
وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ عَبْدٍ عَلَى شَهَادَةِ عَبْدٍ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرَاهِقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، وَلَا الدَّعْوَى، وَلَا حُكْمُ الْحَاكِمِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَسَمِعَ رَجُلٌ شَهَادَتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ وَجَبَ عَلَى السَّامِعِ أَنْ يَصُومَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَهَلْ يَسْتَفْسِرهُ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ: إنَّمَا تُقْبَلُ إذَا فَسَّرَ بِأَنْ قَالَ رَأَيْته خَارِجَ الْمِصْرِ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي الْبَلَدِ بَيْنَ خَلَلِ السَّحَابِ.
وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ بِدُونِ هَذَا، وَإِذَا رَأَى الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَشْهَدُ عِنْدَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ بِخِلَافِ هِلَالِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إذَا رَأَى الْوَاحِدُ الْعَدْلُ هِلَالَ رَمَضَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُشْهِدَ بِهَا فِي لَيْلَتِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، حَتَّى الْجَارِيَةُ الْمُخَدَّرَةُ تَخْرُجُ وَتَشْهَدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا، وَالْفَاسِقُ إذَا رَآهُ وَحْدَهُ يَشْهَدُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ رُبَّمَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ لَكِنَّ الْقَاضِيَ يَرُدُّهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. هَذَا فِي الْمِصْرِ، وَأَمَّا فِي السَّوَادِ إذَا رَأَى أَحَدُهُمْ هِلَالَ رَمَضَانَ يَشْهَدُ فِي مَسْجِدِ قَرْيَتِهِ، وَعَلَى النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا بِقَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَاكِمٌ يَشْهَدُ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ رَأَى هِلَالَ
(1/197)
رَمَضَانَ وَحْدَهُ فَشَهِدَ، وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ، وَإِنْ أَفْطَرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ أَفْطَرَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ شَهِدَ فَاسِقٌ وَقَبِلَهَا الْإِمَامُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ فَأَفْطَرَ هُوَ وَوَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ: تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَكْمَلَ هَذَا الرَّجُلُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَمْ يُفْطِرْ إلَّا مَعَ الْإِمَامِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا شَهَادَةُ جَمْعٍ كَثِيرٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ، وَهُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ رَمَضَانُ وَشَوَّالُ وَذُو الْحِجَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ إذَا جَاءَ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ، وَكَذَا إذَا كَانَ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَعَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ اعْتَمَدَ الْإِمَامُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَصَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى لَكِنْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ خَارِجِ الْمِصْرِ وَالْمِصْرِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَيُلْتَمَسُ هِلَالُ شَوَّالٍ فِي تَاسِعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ فَمَنْ رَآهُ وَحْدَهُ لَا يُفْطِرُ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَةِ فَإِنْ أَفْطَرَ قَضَاهُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. رَجُلٌ رَأَى هِلَالَ الْفِطْرِ وَشَهِدَ، وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ فَإِنْ أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ شَهِدَ هَذَا الرَّجُلُ عِنْدَ صَدِيقٍ لَهُ فَأَكَلَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إنْ صَدَّقَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ وَحْدَهُ أَوْ الْقَاضِي وَحْدَهُ هِلَالَ شَوَّالٍ لَا يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى، وَلَا يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ، وَلَا يُفْطِرُ لَا سِرًّا، وَلَا جَهْرًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ لَا تُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ، وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَإِذَا أَخْبَرَ رَجُلَانِ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ فِي السَّوَادِ وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ، وَلَيْسَ فِيهِ وَالٍ، وَلَا قَاضٍ فَلَا بَأْسَ لِلنَّاسِ أَنْ يُفْطِرُوا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَتُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ هَكَذَا فِي النُّقَايَةِ. وَلَا تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ، وَإِنْ تَابَ، وَإِنْ كَانَتْ مُصْحِيَةً لَا يُقْبَلُ إلَّا قَوْلُ الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ شَهَادَةَ الِاثْنَيْنِ تُقْبَلُ أَيْضًا إذَا جَاءَا مِنْ مَكَان آخَرَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْأَضْحَى كَالْفِطْرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَهِلَّةِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عُدُولٍ أَحْرَارٍ غَيْرِ مَحْدُودِينَ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
إذَا صَامُوا بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ، وَأَكْمَلُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَلَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ لَا يُفْطِرُونَ فِيمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِلِاحْتِيَاطِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمْ يُفْطِرُونَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَصَحُّ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَغَيِّمَةً فَإِنَّهُمْ يُفْطِرُونَ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَهُوَ الْأَشْبَهُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا شَهِدَ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ شَاهِدَانِ، وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ، وَقَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا وَصَامُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَلَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةً يُفْطِرُونَ مِنْ الْغَدِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ مُصْحِيَةً يُفْطِرُونَ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ قَبْلَ صَوْمِكُمْ بِيَوْمٍ إنْ كَانُوا فِي هَذَا الْمِصْرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا الْحِسْبَةَ، وَإِنْ جَاءُوا مِنْ مَكَان بَعِيدٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا عِبْرَةَ لِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَعَلَيْهِ فَتْوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ لَوْ رَأَى
(1/198)
أَهْلُ مَغْرِبٍ هِلَالَ رَمَضَانَ يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى أَهْلِ مَشْرِقٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ثُمَّ إنَّمَا يَلْزَمُ الصَّوْمُ عَلَى مُتَأَخِّرِي الرُّؤْيَةِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ رُؤْيَةُ أُولَئِكَ بِطَرِيقٍ مُوجِبٍ حَتَّى لَوْ شَهِدَ جَمَاعَةٌ أَنَّ أَهْلَ بَلْدَةٍ قَدْ رَأَوْا هِلَالَ رَمَضَانَ قَبْلَكُمْ بِيَوْمٍ فَصَامُوا، وَهَذَا الْيَوْمُ ثَلَاثُونَ بِحِسَابِهِمْ، وَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْهِلَالَ لَا يُبَاحُ فِطْرُ غَدٍ، وَلَا يُتْرَكُ التَّرَاوِيحُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا بِالرُّؤْيَةِ، وَلَا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا حَكَوْا رُؤْيَةَ غَيْرِهِمْ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ قَاضِيَ بَلْدَةِ كَذَا شَهِدَ عِنْدَهُ اثْنَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِي لَيْلَةِ كَذَا وَقَضَى بِشَهَادَتِهِمَا جَازَ لِهَذَا الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي حُجَّةٌ وَقَدْ شَهِدُوا بِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
إذَا صَامَ أَهْلُ مِصْرٍ شَهْرَ رَمَضَانَ عَلَى غَيْرِ رُؤْيَةٍ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ إنْ عَدُّوا شَعْبَانَ بِرُؤْيَتِهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَلَمْ يَرَوْا هِلَالَ رَمَضَانَ قَضَوْا يَوْمًا وَاحِدًا، وَإِنْ صَامُوا تِسْعًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ عَدُّوا هِلَالَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ هِلَالِ شَعْبَانَ ثُمَّ صَامُوا رَمَضَانَ قَضَوْا يَوْمَيْنِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا صَامَ أَهْلُ الْمِصْرِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا لِلرُّؤْيَةِ، وَفِيهِمْ مَرِيضٌ لَمْ يَصُمْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَذَا الرَّجُلُ مَا صَنَعَ أَهْلُ الْمِصْرِ صَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ وَمَا لَا يُكْرَهُ]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ، وَمَا لَا يُكْرَهُ) . يُكْرَهُ مَضْغُ الْعِلْكِ لِلصَّائِمِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهَكَذَا فِي الْمُتُونِ. قَالَ مَشَايِخُنَا: الْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْعِلْكُ مُلْتَئِمًا مُصْلَحًا فَطَّرَهُ، وَإِنْ كَانَ مُصْلَحًا مُلْتَئِمًا فَإِنْ كَانَ أَسْوَدَ فَطَّرَهُ، وَإِنْ كَانَ أَبْيَضَ لَمْ يُفَطِّرْهُ إلَّا أَنَّ فِي الْكِتَابِ لَمْ يُفَصِّلْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكُرِهَ ذَوْقُ شَيْءٍ، وَمَضْغُهُ بِلَا عُذْرٍ كَذَا فِي الْكَنْزِ. وَمِنْ الْعُذْرِ فِي الْأَوَّلِ مَا لَوْ كَانَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ وَسَيِّدُهَا سَيِّئَ الْخُلُقِ فَذَاقَتْ الْمَرَقَةَ، وَمِنْ الْعُذْرِ فِي الثَّانِي أَنْ لَا تَجِدَ مَنْ يَمْضُغُ الطَّعَامَ لِصَبِيِّهَا مِنْ حَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَا يَصُومُ، وَلَمْ تَجِدْ طَبِيخًا، وَلَا لَبَنًا حَلِيبًا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ أَنَّ كَرَاهَةَ الذَّوْقِ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا بَأْسَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَذُوقَ الْعَسَلَ أَوْ الدُّهْنَ لِيَعْرِفَ الْجَيِّدَ مِنْ الرَّدِيءِ عِنْدَ الشِّرَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ شِرَائِهِ أَوْ يَخَافُ الْغَبْنَ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَتَكْرَهُ لَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَكَذَا الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يُكْثِرَ إمْسَاكَ الْمَاءِ فِي فَمِهِ وَيَمْلَأَ لَا أَنْ يُغَرْغِرَ (1) كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ فَسَا الصَّائِمُ أَوْ ضَرَطَ فِي الْمَاءِ لَا يَفْسُدُ الصَّوْمُ وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَكُرِهَ الِاغْتِسَالُ وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ وَالِاسْتِنْقَاعُ فِي الْمَاءِ وَالتَّلَفُّفُ بِالثَّوْبِ الْمَبْلُولِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَجْمَعَ رِيقَهُ فِي فَمِهِ ثُمَّ يَبْتَلِعَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ فِي الْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ عِنْدَنَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُكْرَهُ الْمَبْلُولُ بِالْمَاءِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا الرَّطْبُ الْأَخْضَرُ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَا يُكْرَهُ كُحْلٌ، وَلَا دَهْنُ شَارِبٍ كَذَا فِي الْكَنْزِ. هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الزِّينَةَ فَإِنْ قَصَدَهَا كُرِهَ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُفْطِرًا أَوْ صَائِمًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَا بَأْسَ بِالْحِجَامَةِ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ
(1/199)
الضَّعْفَ أَمَّا إذَا خَافَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَى وَقْتِ الْغُرُوبِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ شَرْطَ الْكَرَاهَةِ ضَعْفٌ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْفِطْرِ، وَالْفَصْدُ نَظِيرُ الْحِجَامَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ بِالْقُبْلَةِ إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْجِمَاعِ وَالْإِنْزَالِ وَيُكْرَهُ إنْ لَمْ يَأْمَنْ وَالْمَسُّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَالْقُبْلَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَأَمَّا الْقُبْلَةُ الْفَاحِشَةُ، وَهِيَ أَنْ يَمُصَّ شَفَتَيْهَا فَتُكْرَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَالْجِمَاعُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَالْمُبَاشَرَةُ كَالْقُبْلَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. قِيلَ إنَّ الْمُبَاشَرَةَ الْفَاحِشَةَ تُكْرَهُ، وَإِنْ أَمِنَ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَالْمُبَاشَرَةُ الْفَاحِشَةُ أَنْ يَتَعَانَقَا، وَهُمَا مُتَجَرِّدَانِ وَيَمَسَّ فَرْجُهُ فَرْجَهَا، وَهُوَ مَكْرُوهٌ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا بَأْسَ بِالْمُعَانَقَةِ إذَا لَمْ يَأْمَنْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَمَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَوْ احْتَلَمَ فِي النَّهَارِ لَمْ يَضُرَّهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
التَّسَحُّرُ مُسْتَحَبٌّ، وَوَقْتُهُ آخِرُ اللَّيْلِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، وَهُوَ السُّدُسُ الْأَخِيرُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ تَأْخِيرُ السُّحُورِ مُسْتَحَبٌّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ السُّحُورِ إلَى وَقْتٍ يَقَعُ فِيهِ الشَّكُّ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَتَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ أَفْضَلُ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْطِرَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَمِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَبِك آمَنْت وَعَلَيْك تَوَكَّلْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت وَصَوْمُ الْغَدِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ نَوَيْت فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت، وَمَا أَخَّرْت كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ.
وَصَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ شَعْبَانَ إنْ نَوَاهُ عَنْ رَمَضَانَ أَوْ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ كُرِهَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فِي الْكَرَاهَةِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ثُمَّ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ عَنْهُ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ تَطَوُّعًا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أَفْطَرَ لَا قَضَاءَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَصِحُّ عَمَّا نَوَى، وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَقَعُ عَمَّا نَوَى بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ نَوَى التَّطَوُّعَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ كَانَ صَائِمًا عَنْهُ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ مُتَطَوِّعًا فَإِنْ أَفْطَرَ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ مُلْتَزِمًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ جَازَ عَنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ ضَجَعَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَصُومَ غَدًا إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ، وَلَا يَصُومُ إنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَصِيرُ صَائِمًا، وَإِنْ ضَجَعَ فِي وَصْفِ النِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ إنْ كَانَ الْغَدُ مِنْ رَمَضَانَ يَصُومُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ فَعَنْ وَاجِبٍ آخَرَ أَوْ يَنْوِيَ أَنْ يَصُومَ رَمَضَانَ إنْ كَانَ الْغَدُ مِنْهُ وَعَنْ التَّطَوُّعِ إنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ أَيْضًا ثُمَّ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ يَقَعُ عَنْهُ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ لَا يَسْقُطُ الْوَاجِبُ فِي الْأَوَّلِ وَصَارَ تَطَوُّعًا غَيْرَ مَضْمُونٍ فِيهِمَا، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
أَمَّا يَوْمُ الشَّكِّ فَهُوَ إذَا لَمْ يَرَ عَلَامَةَ لَيْلَةِ الثَّلَاثِينَ، وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ أَوْ شَاهِدَانِ فَاسِقَانِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا فَأَمَّا إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً، وَلَمْ يَرَ الْهِلَالَ أَحَدٌ فَلَيْسَ بِيَوْمِ الشَّكِّ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي يَوْمِ الشَّكِّ هَلْ صَوْمُهُ أَفْضَلُ أَوْ الْفِطْرُ قَالُوا: إنْ كَانَ صَامَ شَعْبَانَ أَوْ وَافَقَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ فَصَوْمُهُ أَفْضَلُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَكَذَا إنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَوْ لَمْ يُوَافِقْ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنْ يُفْتَى بِالتَّطَوُّعِ فِي حَقِّ الْخَوَاصِّ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَيُفْتَى الْعَوَامُّ بِالتَّلَوُّمِ إلَى مَا قَبْلَ الزَّوَالِ لِاحْتِمَالِ ثُبُوتِ الشَّهْرِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا صَوْمَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْفَاصِلُ بَيْنَ الْخَاصَّةِ
(1/200)
وَالْعَامَّةِ هُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْلَمُ نِيَّةَ الصَّوْمِ يَوْمَ الشَّكِّ فَهُوَ مِنْ الْخَوَاصِّ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْعَوَامّ، وَالنِّيَّةُ أَنْ يَنْوِيَ التَّطَوُّعَ مَنْ لَا يَعْتَادُ بِصَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَا يَخْطِرُ بِبَالِهِ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ فَمِنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. رَجُلٌ أَصْبَحَ يَوْمَ الشَّكِّ مُتَلَوِّمًا ثُمَّ أَكَلَ نَاسِيًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَنَوَى الصَّوْمَ ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ بَابِ النِّيَّةِ.
وَيُكْرَهُ صَوْمُ يَوْمِ الْعِيدَيْنِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَإِنْ صَامَ فِيهَا كَانَ صَائِمًا عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إنْ شَرَعَ فِيهَا ثُمَّ أَفْطَرَ كَذَا فِي الْكَنْزِ هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ الثَّلَاثَةِ وَعَنْ الشَّيْخَيْنِ وُجُوبُهُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَيُكْرَهُ صَوْمُ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مُتَفَرِّقًا كَانَ أَوْ مُتَتَابِعًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ كَرَاهَتُهُ مُتَتَابِعًا لَا مُتَفَرِّقًا لَكِنْ عَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتُسْتَحَبُّ السِّتَّةُ مُتَفَرِّقَةً كُلَّ أُسْبُوعٍ يَوْمَانِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي فَصْلِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي يُكْرَهُ فِيهَا الصَّوْمُ وَيُسْتَحَبُّ.
وَيُكْرَهُ صَوْمُ الْوِصَالِ، وَهُوَ أَنْ يَصُومَ السَّنَةَ كُلَّهَا، وَلَا يُفْطِرَ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَإِذَا أَفْطَرَ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَصُومَ أَيَّامًا لَا يُفْطِرُ فِيهِنَّ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا وَيُفْطِرَ يَوْمًا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ السَّبْتِ وَيَوْمِ الْأَحَدِ فَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ لَا يَعْتَقِدُ تَعْظِيمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَيُكْرَهُ صَوْمُ يَوْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ إذَا تَعَمَّدَ، وَلَمْ يُوَافِقْ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَمَّا الْكَلَامُ فِي أَفْضَلِيَّةِ الصَّوْمِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَإِنْ كَانَ يَصُومُ قَبْلَهُ تَطَوُّعًا فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَصُومَ، وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَصُومَ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ تَعْظِيمَ هَذَا الْيَوْمِ، وَأَنَّهُ حَرَامٌ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَيُكْرَهُ صَوْمُ الصَّمْتِ، وَهُوَ أَنْ يَصُومَ، وَلَا يَتَكَلَّمَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيُكْرَهُ أَنْ تَصُومَ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا أَوْ صَائِمًا أَوْ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَالْأَمَةِ أَنْ يَصُومَا تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى كَيْفَمَا كَانَ، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَإِنْ صَامَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ لِلزَّوْجِ أَنْ يُفْطِرَ الْمَرْأَةَ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يُفْطِرَ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ وَتَقْضِي الْمَرْأَةُ إذَا أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا أَوْ بَانَتْ وَيَقْضِي الْعَبْدُ إذَا أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى أَوْ أُعْتِقَ فَأَمَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مَرِيضًا أَوْ صَائِمًا أَوْ مُحْرِمًا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُ الزَّوْجَةِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَهَا أَنْ تَصُومَ، وَإِنْ نَهَاهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ فَإِنَّ لِلْمَوْلَى مَنْعَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَكُلُّ صَوْمٍ وَجَبَ عَلَى الْمَمْلُوكِ بِسَبَبٍ بَاشَرَهُ كَالتَّطَوُّعِ إلَّا صَوْمَ الظِّهَارِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَصُومُ الْأَجِيرُ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَ صَوْمُهُ يَضُرُّ بِهِ فِي الْخِدْمَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّهُ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَمَّا بِنْتُ الرَّجُلِ وَأُمُّهُ وَأُخْتُهُ فَيَتَطَوَّعْنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُكْرَهُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَصُومَ إذَا أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ رُفَقَاؤُهُ أَوْ عَامَّتُهُمْ مُفْطِرِينَ، فَإِنْ كَانَ رُفَقَاؤُهُ أَوْ عَامَّتُهُمْ مُفْطِرِينَ وَالنَّفَقَةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمْ فَالْإِفْطَارُ أَفْضَلُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ صَائِمًا فَدَخَلَ مِصْرَهُ أَوْ مِصْرًا آخَرَ فَنَوَى الْإِقَامَةَ كُرِهَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَلَا يُكْرَهُ صَوْمُ التَّطَوُّعِ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ أَيَّامِ الْبِيضِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَصَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِانْفِرَادِهِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْعَامَّةِ كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ وَالسَّبْتِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ حَرَامٍ، وَالْأَشْهُرُ الْحُرُمُ أَرْبَعَةٌ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ، وَوَاحِدٌ فَرْدٌ.
وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ تِسْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُكْرَهُ
(1/201)
صَوْمُ عَرَفَةَ لِلْحَاجِّ إنْ أَضْعَفَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَكَذَا صَوْمُ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ؛ لِأَنَّهُ يُعْجِزُهُ عَنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ.
(الْمَرْغُوبَاتُ مِنْ الصِّيَامِ أَنْوَاعٌ) أَوَّلُهَا صَوْمُ الْمُحَرَّمِ وَالثَّانِي صَوْمُ رَجَبٍ وَالثَّالِثُ صَوْمُ شَعْبَانَ وَصَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَالصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ الْمَسْنُونُ أَنْ يَصُومَ عَاشُورَاءَ مَعَ التَّاسِعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَيُكْرَهُ صَوْمُ عَاشُورَاءَ مُفْرَدًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَصَوْمُ أَيَّامِ الصَّيْفِ لِطُولِهَا وَحَرِّهَا أَدَبٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يُفْسِدُ وَمَا لَا يُفْسِدُ]
[النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ دُونَ الْكَفَّارَةِ]
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يُفْسِدُ، وَمَا لَا يُفْسِدُ) . وَالْمُفْسِدُ عَلَى نَوْعَيْنِ (النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ دُونَ الْكَفَّارَةِ) . إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ قِيلَ لِرَجُلٍ يَأْكُلُ إنَّك صَائِمٌ، وَهُوَ لَا يَتَذَكَّرُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ نَظَرَ إلَى صَائِمٍ يَأْكُلُ نَاسِيًا إنْ رَأَى فِيهِ قُوَّةً يُمْكِنُهُ أَنْ يُتِمَّ الصَّوْمَ إلَى اللَّيْلِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ لَا يُذَكِّرَهُ، وَإِنْ كَانَ يَضْعُفُ فِي الصَّوْمِ بِأَنْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا يَسَعُهُ أَنْ لَا يُخْبِرَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي فَصْلِ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ.
لَوْ أَكَلَ مُكْرَهًا أَوْ مُخْطِئًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمُخْطِئُ هُوَ الذَّاكِرُ لِلصَّوْمِ غَيْرُ الْقَاصِدِ لِلْفِطْرِ إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَالنَّاسِي عَكْسُهُ، هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ.
إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِنْ تَمَضْمَضَ أَوْ اسْتَنْشَقَ فَدَخَلَ الْمَاءُ جَوْفَهُ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ.
وَلَوْ رَمَى رَجُلٌ إلَى صَائِمٍ شَيْئًا فَدَخَلَ حَلْقَهُ فَسَدَ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُخْطِئِ، وَكَذَا إذَا اغْتَسَلَ فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
النَّائِمُ إذَا شَرِبَ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَلَيْسَ هُوَ كَالنَّاسِي؛ لِأَنَّ النَّائِمَ أَوْ ذَاهِبَ الْعَقْلِ إذَا ذَبَحَ لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ مَنْ نَسِيَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا ابْتَلَعَ مَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ، وَلَا يُتَدَاوَى بِهِ عَادَةً كَالْحَجَرِ وَالتُّرَابِ لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَوْ ابْتَلَعَ حَصَاةٌ أَوْ نَوَاةً أَوْ حَجَرًا أَوْ مَدَرًا أَوْ قُطْنًا أَوْ حَشِيشًا أَوْ كَاغِدَةً فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلَا كَفَّارَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا كَفَّارَةَ فِي السَّفَرْجَلِ إذَا لَمْ يُدْرِكْ وَلَمْ يَكُنْ مَطْبُوخًا، وَلَا ابْتِلَاعِ الْجَوْزَةِ الرَّطْبَةِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ ابْتَلَعَ جَوْزَةً يَابِسَةً أَوْ لَوْزَةً يَابِسَةً لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَوْ ابْتَلَعَ بَيْضَةً بِقِشْرِهَا أَوْ رُمَّانَةً بِقِشْرِهَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْفُسْتُقُ إنْ كَانَ رَطْبًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجَوْزِ، وَإِنْ كَانَ يَابِسًا إنْ مَضَغَهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا كَانَ فِيهِ لُبٌّ، وَإِنْ ابْتَلَعَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ مَشْقُوقَ الرَّأْسِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْعَامَّةِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَكَلَ قِشْرَ الْبِطِّيخِ إنْ كَانَ يَابِسًا أَوْ كَانَ بِحَالٍ يُتَقَذَّرُ مِنْهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ طَرِيًّا بِحَالٍ لَا يُتَقَذَّرُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
وَلَوْ أَكَلَ الْأَرُزَّ وَالْجَاوَرْسَ لَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَلَا كَفَّارَةَ بِأَكْلِ الْعَدَسِ وَالْمَاشِ هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَوْ أَكَلَ الطِّينَ الَّذِي يَغْسِلُ بِهِ الرَّأْسَ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَإِنْ كَانَ يَعْتَادُ أَكْلَ هَذَا الطِّينِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ أَكَلَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَمْ يُفْسِدْ إنْ كَانَ قَلِيلًا وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا يُفْسِدُ، وَالْحِمَّصَةُ وَمَا فَوْقَهَا كَثِيرٌ، وَمَا دُونَهَا قَلِيلٌ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ، وَأَخَذَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ أَكَلَ يَنْبَغِيَ أَنْ يُفْسِدَ كَذَا فِي الْكَافِي، وَفِي الْكَفَّارَةِ أَقَاوِيلُ قَالَ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا
(1/202)
ابْتَلَعَ سِمْسِمَةً بَيْنَ أَسْنَانِهِ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ، وَإِنْ ابْتَلَعَ مِنْ الْخَارِجِ يَفْسُدُ وَتَكَلَّمُوا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا تَجِبُ إذَا ابْتَلَعَهَا، وَلَمْ يَمْضُغْهَا كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ مَضَغَهَا لَا يَفْسُدُ إلَّا أَنْ يَجِدَ طَعْمَهَا فِي حَلْقِهِ، وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا فَلْيَكُنْ الْأَصْلَ فِي كُلِّ قَلِيلٍ مَضَغَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ مَضَغَ حَبَّةَ حِنْطَةٍ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهَا تَتَلَاشَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا كَفَّارَةَ فِي الظَّاهِرِ فِي ابْتِلَاعِ اللُّقْمَةِ الْمَمْضُوغَةِ لِغَيْرِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
إذَا بَقِيَتْ لُقْمَةُ السُّحُورِ فِي فِيهِ فَطَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ ابْتَلَعَهَا أَوْ أَخَذَ كِسْرَةَ خُبْزٍ لِيَأْكُلَهَا، وَهُوَ نَاسٍ فَلَمَّا مَضَغَهَا ذَكَرَ أَنَّهُ صَائِمٌ فَابْتَلَعَهَا مَعَ ذِكْرِ الصَّوْمِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ ابْتَلَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهَا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ ابْتَلَعَ بُزَاقَ غَيْرِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ بِغَيْرِ كَفَّارَةٍ إلَّا إذَا كَانَ بُزَاقَ صَدِيقِهِ فَحِينَئِذٍ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ ابْتَلَعَ بُزَاقَ نَفْسِهِ مِنْ يَدِهِ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ
تَرَطَّبَتْ شَفَتَيْهِ بِبُزَاقِهِ عِنْدَ الْكَلَامِ أَوْ غَيْرِهِ فَابْتَلَعَهُ لَا يَفْسُدُ لِلضَّرُورَةِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَوْ سَالَ لُعَابُهُ مِنْ فِيهِ إلَى ذَقَنِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقَطِعَ مِنْ دَاخِلِ فَمِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى فِيهِ وَابْتَلَعَهُ لَا يُفْطِرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ الْخُرُوجُ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَطَعَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ.
فِي الْحُجَّةِ رَجُلٌ لَهُ عِلَّةٌ يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْ فَمِهِ ثُمَّ يَدْخُلُ وَيَذْهَبُ فِي الْحَلْقِ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ بَقِيَ بَلَلٌ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ فَابْتَلَعَهُ مَعَ الْبُزَاقِ لَمْ يُفْطِرْهُ، وَلَوْ دَخَلَ الْمُخَاطُ أَنْفَهُ مِنْ رَأْسِهِ ثُمَّ اسْتَشَمَّهُ فَأَدْخَلَ حَلْقَهُ عَمْدًا لَمْ يُفْطِرْهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رِيقِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَكَلَ دَمًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَسْتَقْذِرُهُ الطَّبْعُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
الدَّمُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْأَسْنَانِ وَدَخَلَ حَلْقَهُ إنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْبُزَاقِ لَا يَضُرُّهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلدَّمِ يَفْسُدُ صَوْمُهُ، وَإِنْ كَانَا سَوَاءً أَفْسَدَ أَيْضًا اسْتِحْسَانًا.
صَائِمٌ عَمِلَ عَمَلَ الْإِبْرَيْسَمِ فَأَدْخَلَ الْإِبْرَيْسَمِ فِي فِيهِ وَخَرَجَتْ مِنْهُ خُضْرَةُ الصِّبْغِ أَوْ صُفْرَتُهُ أَوْ حُمْرَتُهُ وَاخْتَلَطَ بِالرِّيقِ فَصَارَ الرِّيقُ أَخْضَرَ أَوْ أَصْفَرَ أَوْ أَحْمَرَ فَابْتَلَعَهُ، وَهُوَ ذَاكِرٌ صَوْمَهُ فَسَدَ صَوْمُهُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
وَلَوْ مَصَّ الْهَلِيلِجَ فَدَخَلَ الْبُزَاقُ حَلْقَهُ لَمْ يُفْسِدْ مَا لَمْ يَدْخُلْ عَيْنَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ مَصَّ سُكَّرًا حَتَّى وَصَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بِالْأَكْلِ، وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالذُّبَابِ إذَا وَصَلَ إلَى جَوْفِ الصَّائِمِ لَمْ يُفْطِرْهُ كَذَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ وَلَوْ أَخَذَ الذُّبَابَ، وَأَكَلَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ تَثَاءَبَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَوَقَعَ فِي حَلْقِهِ قَطْرَةُ مَاءٍ انْصَبَّ مِنْ مِيزَابٍ فَسَدَ صَوْمُهُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَالْمَطَرُ وَالثَّلْجُ إذَا دَخَلَ حَلْقَهُ يُفْسِدُ صَوْمَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ غُبَارُ الطَّاحُونَةِ أَوْ طَعْمُ الْأَدْوِيَةِ أَوْ غُبَارُ الْهَرْسِ، وَأَشْبَاهُهُ أَوْ الدُّخَانُ أَوْ مَا سَطَعَ مِنْ غُبَارِ التُّرَابِ بِالرِّيحِ أَوْ بِحَوَافِرِ الدَّوَابِّ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ لَمْ يُفْطِرْهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الدُّمُوعُ إذَا دَخَلَتْ فَمَ الصَّائِمِ إنْ كَانَ قَلِيلًا كَالْقَطْرَةِ وَالْقَطْرَتَيْنِ أَوْ نَحْوِهَا لَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا حَتَّى وَجَدَ مُلُوحَتَهُ فِي جَمِيعِ فَمِهِ، وَاجْتَمَعَ شَيْءٌ كَثِيرٌ فَابْتَلَعَهُ يُفْسِدُ صَوْمَهُ، وَكَذَا عَرَقُ الْوَجْهِ إذَا دَخَلَ فَمَ الصَّائِمِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَمَا يَدْخُلُ مِنْ مَسَامِّ الْبَدَنِ مِنْ الدُّهْنِ لَا يُفْطِرُ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
وَمَنْ اغْتَسَلَ فِي مَاءٍ وَجَدَ بَرْدَهُ فِي بَاطِنِهِ لَا يُفْطِرُ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَلَوْ أَقْطَرَ شَيْئًا مِنْ الدَّوَاءِ فِي عَيْنِهِ لَا يُفْطِرُ صَوْمَهُ عِنْدَنَا، وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ، وَإِذَا بَزَقَ فَرَأَى أَثَرَ الْكُحْلِ، وَلَوْنَهُ فِي بُزَاقِهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا قَاءَ
(1/203)
أَوْ اسْتِقَاءَ مِلْءَ الْفَمِ أَوْ دُونَهُ عَادَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَعَادَ أَوْ خَرَجَ فَلَا فِطْرَ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا فِي الْإِعَادَةِ وَالِاسْتِقَاءِ بِشَرْطِ مِلْءِ الْفَمِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْقَيْءُ طَعَامًا أَوْ مَاءً أَوْ مُرَّةً فَإِنْ كَانَ بَلْغَمًا فَغَيْرُ مُفْسِدٍ لِلصَّوْمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا مَلَأَ الْفَمَ وَقَوْلُهُ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِمَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَمَنْ احْتَقَنَ أَوْ اسْتَعَطَ أَوْ أَقْطَرَ فِي أُذُنِهِ دُهْنًا أَفْطَرَ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَوْ دَخَلَ الدُّهْنُ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَطَّرَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَقْطَرَ فِي أُذُنِهِ الْمَاءَ لَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا أَقْطَرَ فِي إحْلِيلِهِ لَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سَوَاءٌ أَقْطَرَ فِيهِ الْمَاءَ أَوْ الدُّهْنَ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا وَصَلَ الْمَثَانَةَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِلْ بِأَنْ كَانَ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ بَعْدُ لَا يُفْطِرُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الْإِقْطَارِ فِي أَقْبَالِ النِّسَاءِ يُفْسِدُ بِلَا خِلَافٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَفِي دَوَاءِ الْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ وَالدِّمَاغِ لَا لِكَوْنِهِ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا حَتَّى إذَا عَلِمَ أَنَّ الْيَابِسَ وَصَلَ يُفْسِدُ صَوْمَهُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الرَّطْبَ لَمْ يَصِلْ لَمْ يُفْسِدْ هَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَحَدَهُمَا، وَكَانَ الدَّوَاءُ رَطْبًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُفْطِرُ لِلْوُصُولِ عَادَةٍ وَقَالَا لَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا يُفْطِرُ بِالشَّكِّ، وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَلَا فِطْرَ اتِّفَاقًا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَلَوْ طُعِنَ بِرُمْحٍ أَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ وَبَقِيَ فِي جَوْفِهِ فَسَدَ، وَإِنْ بَقِيَ طَرَفُهُ خَارِجًا لَا يُفْسِدُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَمَنْ ابْتَلَعَ لَحْمًا مَرْبُوطًا عَلَى خَيْطٍ ثُمَّ انْتَزَعَهُ مِنْ سَاعَتِهِ لَا يَفْسُدُ، وَإِنْ تَرَكَهُ فَسَدَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ ابْتَلَعَ خَشَبَةً وَطَرَفُهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ، وَلَوْ ابْتَلَعَ كُلَّهَا فَسَدَ صَوْمُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي اسْتِهِ أَوْ الْمَرْأَةُ فِي فَرْجِهَا لَا يَفْسُدُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ إلَّا إذَا كَانَتْ مُبْتَلَّةً بِالْمَاءِ أَوْ الدُّهْنِ فَحِينَئِذٍ يَفْسُدُ لِوُصُولِ الْمَاءِ أَوْ الدُّهْنِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. هَذَا إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلصَّوْمِ، وَهَذَا تَنْبِيهٌ حَسَنٌ يَجِبُ أَنْ يُحْفَظَ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ إنَّمَا يَفْسُدُ فِي جَمِيعِ الْفُصُولِ إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلصَّوْمِ، وَإِلَّا فَلَا، هَكَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَإِذَا خَرَجَ دُبُرُهُ، وَهُوَ صَائِمٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ مَقَامِهِ حَتَّى يُنَشِّفَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِخِرْقَةٍ كَيْ لَا يَدْخُلَ الْمَاءُ جَوْفَهُ فَيُفْسِدَ صَوْمَهُ وَلِهَذَا قَالُوا لَا يَتَنَفَّسُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ إذَا كَانَ صَائِمًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الِاسْتِجْمَارِ.
وَالصَّائِمُ إذَا اسْتَقْصَى فِي الِاسْتِنْجَاءِ حَتَّى بَلَغَ الْمَاءُ مَبْلَغَ الْحُقْنَةِ يُفْسِدُ صَوْمَهُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِذَا جَامَعَ مُكْرَهًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَكَذَا لَوْ أَكْرَهَتْهُ الْمَرْأَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا أَوْلَجَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَمَّا خَشِيَ الصُّبْحَ أَخْرَجَ، وَأَمْنَى بَعْدَ الصُّبْحِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ بَدَأَ بِالْجِمَاعِ نَاسِيًا أَوْ أَوْلَجَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ النَّاسِي تَذَكَّرَ إنْ نَزَعَ نَفْسَهُ فِي فَوْرِهِ لَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ بَقِيَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِذَا نَظَرَ إلَى امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ فِي وَجْهِهَا أَوْ فَرْجِهَا كَرَّرَ النَّظَرَ أَوَّلًا لَا يُفْطِرُ إذَا أَنْزَلَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَكَذَا لَا يُفْطِرُ بِالْفِكْرِ إذَا أَمْنَى هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِذَا قَبَّلَ امْرَأَتَهُ، وَأَنْزَلَ فَسَدَ صَوْمُهُ مِنْ غَيْرِ كَفَّارَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَكَذَا فِي تَقْبِيلِ الْأَمَةِ وَالْغُلَامِ وَتَقْبِيلِهَا زَوْجَهَا إذَا رَأَتْ بَلَلًا، وَإِنْ وَجَدَتْ لَذَّةً، وَلَمْ تَرَ بَلَلًا فَسَدَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَوْ قَبَّلَ بَهِيمَةً فَأَنْزَلَ لَا يَفْسُدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْمَسُّ وَالْمُبَاشَرَةُ وَالْمُصَافَحَةُ وَالْمُعَانَقَةُ كَالْقُبْلَةِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ مَسَّ الْمَرْأَةَ وَرَأَى ثِيَابَهَا فَأَمْنَى فَإِنْ وَجَدَ حَرَارَةَ جِلْدِهَا فَسَدَ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي
(1/204)
مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ
وَلَوْ مَسَّتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا حَتَّى أَنْزَلَ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ، وَلَوْ كَانَ يُكَلَّفُ بِذَلِكَ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ مَسَّ فَرْجَ بَهِيمَةٍ فَأَنْزَلَ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِذَا جَامَعَ بَهِيمَةً أَوْ مَيِّتَةً أَوْ جَامَعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَلَمْ يُنْزِلْ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ، وَإِنْ أَنْزَلَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الصَّائِمُ إذَا عَالَجَ ذَكَرَهُ حَتَّى أَمْنَى فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا عَالَجَ ذَكَرَهُ بِيَدِ امْرَأَتِهِ فَأَنْزَلَ فَسَدَ صَوْمُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ جُومِعَتْ النَّائِمَةُ أَوْ الْمَجْنُونَةُ جُنُونًا عَارِضِيًّا بَعْدَ نِيَّتِهَا حَالَةَ الْإِفَاقَةِ يَفْسُدُ صَوْمُهَا عِنْدَ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
فَإِنْ عَمِلَتْ امْرَأَتَانِ بِالسِّحَاقِ إنْ أَنْزَلَتَا أَفْطَرَتَا، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَا كَفَّارَةَ مَعَ الْإِنْزَالِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
[النَّوْعُ الثَّانِي مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ]
(النَّوْعُ الثَّانِي مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ) . مَنْ جَامَعَ عَمْدًا فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِنْزَالُ فِي الْمَحَلَّيْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَعَلَى الْمَرْأَةِ مِثْلُ مَا عَلَى الرَّجُلِ إنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً، وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ مُكْرَهَةً فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ طَاوَعَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ مَكَّنَتْ نَفْسَهَا مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ فَزَنَى بِهَا فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
إذَا أَكَلَ مُتَعَمِّدًا مَا يُتَغَذَّى بِهِ أَوْ يُتَدَاوَى بِهِ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَهَذَا إذَا كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ لِلْغِذَاءِ أَوْ لِلدَّوَاءِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ لَهُمَا فَلَا كَفَّارَةَ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ فَالصَّائِمُ إذَا أَكَلَ الْخُبْزَ أَوْ الْأَطْعِمَةَ أَوْ الْأَشْرِبَةَ أَوْ الْأَدْهَانَ أَوْ الْأَلْبَانَ أَوْ أَكَلَ إهْلِيلِجَةً أَوْ مِسْكًا أَوْ زَعْفَرَانًا أَوْ كَافُورًا أَوْ غَالِيَةً عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ عِنْدَنَا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَكَذَا إذَا أَكَلَ الْخَلَّ وَالْمُرَّى، وَمَاءَ الْعُصْفُرِ، وَمَاءَ الزَّعْفَرَانِ، وَمَاءَ الْبَاقِلَاءِ وَالْبِطِّيخِ، وَمَاءَ الْقِثَّاءِ وَالْقَنْدِ، وَمَاءَ الزَّرْجُونِ (1) وَالْمَطَرِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ. وَكَذَا إذَا أَكَلَ طِينًا يُؤْكَلُ لِلدَّوَاءِ كَالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ أَوْ الطِّينِ الَّذِي يُقْلَى فَيُؤْكَلُ أَوْ دَقِيقَ الذُّرَةِ إذَا لَتَّهُ بِسَمْنٍ أَوْ ابْتَلَعَ بِطِّيخَةً صَغِيرَةً، وَكَذَا إذَا أَكَلَ لَحْمًا غَيْرَ مَطْبُوخٍ أَوْ شَحْمًا غَيْرَ مَطْبُوخٍ عَلَى الْمُخْتَارِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِنْ ابْتَلَعَ شَعِيرًا إنْ كَانَ مَقْلِيًّا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْلِيٍّ لَا تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْلِيَّ يُؤْكَلُ عَادَةً، وَغَيْرَ مَقْلِيٍّ لَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي دَقِيقِ الذُّرَةِ إذَا لَتَّهُ بِالسَّمْنِ أَوْ الدِّبْسِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَكَذَا لَوْ أَكَلَ الْحِنْطَةَ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ أَكَلَ قَوَائِمَ الذُّرَةِ قَالَ الزَّنْدَوِيسِيُّ أَرَى أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّ فِيهَا حَلَاوَةً وَيُلْتَذُّ بِهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ أَكَلَ وَرَقَ الشَّجَرِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ كَوَرِقِ الْكَرْمِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ كَوَرَقِ الْكَرْمِ إذَا عَظُمَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ النَّبَاتَاتُ كُلُّهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ أَكَلَ حَبَّةَ عِنَبٍ إنْ مَضَغَهَا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ ابْتَلَعَهَا كَمَا هِيَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ثُفْرُوقُهَا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا ثُفْرُوقُهَا قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَقَالَ أَبُو سُهَيْلٍ لَا كَفَّارَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ ابْتَلَعَ لَوْزَةً رَطْبَةً تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ مَضَغَ لَوْزَةً أَوْ جَوْزَةً رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً وَابْتَلَعَهَا كَفَّرَ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَفِي الْمِلْحِ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إلَّا إذَا اعْتَادَ أَكْلَهُ وَحْدَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ أَكَلَ الْمِلْحَ تَجِبُ
(1/205)
الْكَفَّارَةُ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ.
(وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ) لَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ فَطَّرَهُ فَأَكَلَ مُتَعَمِّدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ صَوْمَهُ لَا يَفْسُدُ بِالنِّسْيَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَلْزَمُهُ هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَظَنَّ أَنَّهُ يُفَطِّرُهُ فَأَفْطَرَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفَطِّرُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِذَا احْتَلَمَ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَفْطَرَهُ فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ عَلِمَ حُكْمَ الِاحْتِلَامِ كَفَّرَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ احْتَجَمَ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفَطِّرُهُ ثُمَّ أَكَلَ مُتَعَمِّدًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ إلَّا إذَا أَفْتَاهُ فَقِيهٌ بِالْفَسَادِ، وَلَوْ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ وَاعْتَمَدَهُ فَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافُ ذَلِكَ، وَإِنْ عَرَفَ تَأْوِيلَهُ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا اكْتَحَلَ أَوْ دَهَنَ نَفْسَهُ أَوْ شَارِبَهُ ثُمَّ أَكَلَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إلَّا إذَا كَانَ جَاهِلًا فَأُفْتِيَ لَهُ بِالْفِطْرِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ مِصْرَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ شَيْئًا وَنَوَى الصَّوْمَ ثُمَّ جَامَعَ مُتَعَمِّدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا أَفَاقَ الْمَجْنُونُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَنَوَى الصَّوْمَ ثُمَّ جَامَعَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِذَا أَصْبَحَ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ ثُمَّ نَوَى قَبْلَ الزَّوَالِ ثُمَّ أَكَلَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ.
وَالصَّحِيحُ إذَا أَفْطَرَ ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الصَّوْمَ تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فَالْأَصْلُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا صَارَ فِي آخِرِ النَّهَارِ عَلَى صِفَةٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ اسْتَاكَ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَفْطَرَهُ فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ اغْتَابَ إنْسَانًا فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفْطِرُهُ ثُمَّ أَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ اسْتَفْتَى فَقِيهًا أَوْ تَأَوَّلَ حَدِيثًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَفْطَرَتْ الْمَرْأَةُ مُتَعَمِّدَةً ثُمَّ حَاضَتْ أَوْ مَرِضَتْ يَوْمَهَا ذَلِكَ قَضَتْ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا، وَكَذَا لَوْ أَفْطَرَ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ حَتَّى صَارَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ قِيلَ لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ جَامَعَ بَهِيمَةً أَوْ مَيِّتَةً فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَفْطَرَهُ فَأَكَلَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إنْ كَانَ عَالِمًا، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي دُبُرِهِ أَوْ سِلْكَةٍ قَدْ ابْتَلَعَهَا، وَلَمْ يُغَيِّبْهَا مِنْ يَدِهِ ثُمَّ أَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا.
وَلَوْ نَظَرَ إلَى مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ فَطَّرَهُ فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَالْقَيْءِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ أَكَلَ مَيْتَةً قَدْ تَدَوَّدَتْ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَلَا كَفَّارَةَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَدَوَّدَتْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قُدِّمَ لِيُقْتَلَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَاسْتَسْقَى رَجُلًا فَسَقَاهُ فَشَرَّبَهُ ثُمَّ عَفَا عَنْهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
إذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ طَوْعًا نَهَارًا مُتَعَمِّدًا ثُمَّ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ عَلَى السَّفَرِ فِي ظَاهِرِ الْأُصُولِ لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْأَعْذَارِ الَّتِي تُبِيحُ الْإِفْطَارَ]
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْأَعْذَارِ الَّتِي تُبِيحُ الْإِفْطَارَ) . (مِنْهَا السَّفَرُ) الَّذِي يُبِيحُ الْفِطْرَ وَهُوَ لَيْسَ بِعُذْرٍ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَنْشَأَ السَّفَرَ فِيهِ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. فَلَوْ سَافَرَ نَهَارًا لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَإِنْ أَفْطَرَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْطَرَ ثُمَّ سَافَرَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ أَكَلَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مُتَعَمِّدًا ثُمَّ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ عَلَى السَّفَرِ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَلَوْ
(1/206)
سَافَرَ بِاخْتِيَارِهِ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ سَافَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ لِيَحْمِلَ شَيْئًا نَسِيَهُ فَأَكَلَ بِمَنْزِلِهِ ثُمَّ خَرَجَ الْقِيَاسُ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ رَفَضَ سَفَرَهُ قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
(وَمِنْهَا الْمَرَضُ) الْمَرِيضُ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ أَوْ ذَهَابَ عُضْوٍ يُفْطِرُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ خَافَ زِيَادَةَ الْعِلَّةِ وَامْتِدَادَهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا أَفْطَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِ الْمَرِيضِ وَالِاجْتِهَادُ غَيْرُ مُجَرَّدِ الْوَهْمِ بَلْ هُوَ غَلَبَةُ ظَنٍّ عَنْ أَمَارَةٍ أَوْ تَجْرِبَةٍ أَوْ بِإِخْبَارِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ ظَاهِرِ الْفِسْقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى أَنْ يَمْرَضَ بِالصَّوْمِ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ كَانَ لَهُ نَوْبَةُ الْحُمَّى فَأَكَلَ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ الْحُمَّى لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَمَنْ كَانَ لَهُ حُمَّى غَبٌّ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الْمُعْتَادُ أَفْطَرَ عَلَى تَوَهُّمِ أَنَّ الْحُمَّى تُعَاوِدُهُ وَتُضْعِفُهُ فَأَخْلَفَتْ الْحُمَّى تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
(وَمِنْهَا حَبَلُ الْمَرْأَةِ، وَإِرْضَاعُهَا) الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ، وَلَدِهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(وَمِنْهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ) ، وَإِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ وَنَفِسَتْ أَفْطَرَتْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ الْمَرْأَةُ إذَا أَفْطَرَتْ عَلَى أَنَّهُ يَوْمُ الْحَيْضِ ثُمَّ إنَّهَا لَمْ تَحِضْ فِي يَوْمِهَا ذَلِكَ الْأَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ طَهُرَتْ لَيْلًا صَامَتْ الْغَدَ إنْ كَانَتْ أَيَّامُ حَيْضِهَا عَشَرَةً، وَإِنْ كَانَتْ دُونَهَا فَإِنْ أَدْرَكَتْ مِنْ اللَّيْلِ مِقْدَارَ الْغُسْلِ وَزِيَادَةَ سَاعَةٍ لَطِيفَةٍ تَصُومُ وَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ مَعَ فَرَاغِهَا مِنْ الْغُسْلِ لَا تَصُومُ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الِاغْتِسَالِ مِنْ جُمْلَةِ الْحَيْضِ فِيمَنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَمِنْهَا الْعَطَشُ وَالْجُوعُ كَذَلِكَ) إذَا خِيفَ مِنْهُمَا الْهَلَاكُ أَوْ نُقْصَانُ الْعَقْلِ كَالْأَمَةِ إذَا ضَعُفَتْ عَنْ الْعَمَلِ وَخَشِيَتْ الْهَلَاكَ بِالصَّوْمِ، وَكَذَا الَّذِي ذَهَبَ بِهِ مُوَكَّلُ السُّلْطَانِ إلَى الْعِمَارَةِ فِي الْأَيَّامِ الْحَارَّةِ إذَا خَشَى الْهَلَاكَ أَوْ نُقْصَانَ الْعَقْلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
(وَمِنْهَا: كِبَرُ السِّنِّ) فَالشَّيْخُ الْفَانِي الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا كَمَا يُطْعِمُ فِي الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْعَجُوزُ مِثْلُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَهُوَ الَّذِي كُلُّ يَوْمٍ فِي نَقْصٍ إلَى أَنْ يَمُوتَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. ثُمَّ إنْ شَاءَ أَعْطَى الْفِدْيَةَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ بِمَرَّةٍ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا إلَى آخِرِهِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الصِّيَامِ بَعْدَ مَا فَدَى بَطَلَ حُكْمُ الْفِدَاءِ الَّذِي فَدَاهُ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَوْ كَانَ صَوْمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَوْ صَوْمُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَعَجَزَ عَنْهُ وَصَارَ شَيْخًا فَانِيًا فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ صَوْمٍ إذَا كَانَ أَصْلًا بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ بَدَلًا عَنْ غَيْرِهِ جَازَ الْإِطْعَامُ بَدَلًا عَنْهُ إذَا وَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الصَّوْمِ، وَكُلَّ صَوْمٍ كَانَ بَدَلًا عَنْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَصْلًا بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ الْإِطْعَامُ عَنْهُ، وَإِنْ وَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ صَوْمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَيْرِهِ فَلَا يُجْزِئُ الْإِطْعَامُ عَنْهُ، وَأَمَّا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَكَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ لِفَقْرِهِ وَعَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لِكِبَرِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؛ لِأَنَّ هَذَا صَارَ بَدَلًا عَنْ الصِّيَامِ بِالنَّصِّ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ فَاتَ صَوْمُ رَمَضَانَ بِعُذْرِ الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ وَاسْتَدَامَ الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ حَتَّى مَاتَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ إنْ أَوْصَى بِأَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَيُطْعَمُ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنْ بَرِئَ الْمَرِيضُ أَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ، وَأَدْرَكَ مِنْ الْوَقْتِ بِقَدْرِ مَا فَاتَهُ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ جَمِيعِ مَا أَدْرَكَ فَإِنْ لَمْ يَصُمْ حَتَّى أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِالْفِدْيَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيُطْعِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَإِنْ لَمْ يُوصِ وَتَبَرَّعَ عَنْهُ الْوَرَثَةُ جَازَ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ غَيْرِ إيصَاءٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَصُومُ عَنْهُ الْوَلِيُّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
فَإِنْ صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ أَقَامَ الْمُسَافِرُ ثُمَّ مَاتَا
(1/207)
لَزِمَهُمَا الْقَضَاءُ بِقَدْرِ الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ، وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ جَاءَ الرَّمَضَانُ الثَّانِي، وَلَمْ يَقْضِ الْأَوَّلَ قُدِّمَ الْأَدَاءُ عَلَى الْقَضَاءِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
ذَكَرَ الرَّازِيّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْإِفْطَارَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ لَا يَحِلُّ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَالضِّيَافَةُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - عُذْرٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. قَالُوا وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ مِمَّنْ يَرْضَى بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ، وَلَا يَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ لَا يُفْطِرُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ يُفْطِرُ وَيَقْضِي وَقَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقَضَاءِ يُفْطِرُ دَفْعًا لِلْأَذَى عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقَضَاءِ لَا يُفْطِرُ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُ الْإِفْطَارِ أَذَى الْمُسْلِمِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْإِفْطَارُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُفْطِرُ إلَّا إذَا كَانَ فِي تَرْكِ الْإِفْطَارِ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَتَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّ الْمُضِيفِ وَالضَّيْفِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ الضِّيَافَةُ لَيْسَتْ بِعُذْرٍ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
الْمَجْنُونُ إذَا أَفَاقَ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا مَضَى، وَإِنْ اسْتَوْعَبَ جُنُونُهُ كُلَّ الشَّهْرِ لَمْ يَقْضِهِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْجُنُونِ الطَّارِئِ عَلَى الْبُلُوغِ وَالْمُقَارِنِ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَفَاقَ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَالنِّهَايَةِ.
وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ رَمَضَانَ كُلَّهُ قَضَاهُ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَبَقِيَ كَذَلِكَ أَيَّامًا لَمْ يَقْضِ يَوْمَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ نَوَى الصَّوْمَ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَظَاهِرُ حَالِهِ النِّيَّةُ وَالْعَمَلُ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَاجِبٌ حَتَّى لَوْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مُتَهَتِّكًا يَعْتَادُ الْفِطْرَ فِي رَمَضَانَ قَضَاهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ لَمْ يَدُلَّ عَلَى النِّيَّةِ، وَلَمْ يَنْوِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
الْغَازِي إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُقَاتِلُ الْعَدُوَّ فِي رَمَضَانَ، وَهُوَ يَخَافُ الضَّعْفَ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ الْقِتَالُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الْقِتَالِ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيمِ الْإِفْطَارِ لِيَتَقَوَّى، وَلَا كَذَلِكَ الْمَرَضُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ.
الْمُحْتَرِفُ الْمُحْتَاجُ إلَى نَفَقَتِهِ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِحِرْفَتِهِ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ مُبِيحٌ لِلْفِطْرِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ قَبْلَ أَنْ يَمْرَضَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي النَّذْرِ]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي النَّذْرِ) . الْأَصْلُ أَنَّ النَّذْرَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِشُرُوطٍ (أَحَدُهَا) أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ مِنْ جِنْسِهِ شَرْعًا فَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ النَّذْرُ بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ. (وَالثَّانِي) أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا لَا وَسِيلَةً فَلَمْ يَصِحَّ النَّذْرُ بِالْوُضُوءِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ. (وَالثَّالِثُ) أَنْ لَا يَكُونَ وَاجِبًا فِي الْحَالِ، وَفِي ثَانِي الْحَالِ فَلَمْ يَصِحَّ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَفْرُوضَاتِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَالرَّابِعُ) أَنْ لَا يَكُونَ الْمَنْذُورُ مَعْصِيَةً بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
فَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ أَفْطَرَ وَقَضَى، وَهَذَا النَّذْرُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ بِنَفْسِهِ مَنْهِيٌّ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ تَرْكُ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ - تَعَالَى -، وَإِنْ صَامَ فِيهِ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَحِيلَ الْكَوْنِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ أَمْسِ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ فَقَدِمَ فُلَانٌ بَعْدَمَا أَكَلَ أَوْ بَعْدَمَا حَاضَتْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ غَيْرِهِ
(1/208)
كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ فَقَدِمَ لَيْلًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ قَدِمَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَمْ يَأْكُلْ صَامَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ أَبَدًا فَقَدِمَ فُلَانٌ فِي يَوْمٍ قَدْ أَكَلَ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَيَلْزَمُهُ صَوْمُ كُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ، وَجَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يُعَافَى فِيهِ فُلَانٌ أَبَدًا فَعُوفِيَ فُلَانٌ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ فُلَانٌ فَعَلَيْهِ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَحْدَهُ أَبَدًا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمٍ وَتَعْيِينُ الْأَدَاءِ إلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي بِالْإِجْمَاعِ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ نِصْفِ يَوْمٍ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ عَشَرَةً لَزِمَهُ ذَلِكَ وَيُعَيِّنُ وَقْتًا يُؤَدِّي فِيهِ فَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ، وَإِنْ شَاءَ تَابَعَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّتَابُعَ عِنْدَ النَّذْرِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ مُتَتَابِعًا فَإِنْ نَوَى فِيهِ التَّتَابُعَ، وَأَفْطَرَ يَوْمًا فِيهِ أَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِي مُدَّةِ الصَّوْمِ اسْتَأْنَفَ وَاسْتَأْنَفَتْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مُتَفَرِّقًا فَصَامَ مُتَتَابِعًا أَجْزَأَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ فَصَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَفْطَرَ يَوْمًا لَا يَدْرِي أَنَّ يَوْمَ الْإِفْطَارِ مِنْ الْخَمْسَةِ أَوْ مِنْ الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ يَصُومُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ فَيُؤْخَذُ عَشَرَةٌ مُتَتَابِعَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمًا وَيَوْمًا فَعَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِذَلِكَ الْأَبَدَ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ لَزِمَهُ صَوْمُ يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ قَالَ صَوْمُ أَيَّامٍ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْأَكْثَرَ، وَلَوْ قَالَ صَوْمُ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَعَلَيْهِ صَوْمُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْأَيَّامِ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَعَلَيْهِ صِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَعِنْدَهُمَا سَبْعَةِ أَيَّامٍ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ كَذَا كَذَا يَوْمًا يَلْزَمُهُ صَوْمُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَوْ قَالَ كَذَا، وَكَذَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ جُمُعَةٍ لَزِمَهُ سَبْعَةُ أَيَّامٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ صَوْمُ الْجُمَعِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا عَلَى عَشَرَةِ جُمَعٍ، وَعِنْدَهُمَا عَلَى جَمِيعِ جُمَعِ الْعُمُرِ، وَلَوْ قَالَ جُمَعِ هَذَا الشَّهْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ يَمُرُّ فِي هَذَا الشَّهْرِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ.
إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ خَمِيسٍ إلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ صَوْمُهُ وَحْدَهُ، وَلَا يَجِبُ كُلُّ خَمِيسٍ يَأْتِي إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَ السَّبْتِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ سَبَّتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لَزِمَهُ سَبْعَةُ سُبُوتٍ؛ لِأَنَّ السَّبْتَ فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ لَا يَتَكَرَّرُ فَحُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الْعَدَدِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا نَذَرَ أَنْ يَصُومَ كُلَّ خَمِيسٍ يَأْتِي عَلَيْهِ فَأَفْطَرَ خَمِيسًا وَاحِدًا فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ حَتَّى صَارَ شَيْخًا فَانِيًا أَوْ كَانَ النَّذْرُ بِصِيَامِ الْأَبَدِ فَعَجَزَ لِذَلِكَ أَوْ بِاشْتِغَالِهِ بِالْمَعِيشَةِ لِكَوْنِ صِنَاعَتِهِ شَاقَّةً فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لِعُسْرَتِهِ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ لِشِدَّةِ الزَّمَانِ كَالْحَرِّ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيَنْتَظِرَ الشِّتَاءَ فَيَقْضِي كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ نَذَرَهُ بِالْأَبَدِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ صَوْمُ شَهْرٍ لَزِمَهُ صَوْمُ شَهْرٍ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ يَسْتَوِي فِيهِ الْقَصْدُ وَغَيْرُهُ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ لَزِمَهُ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَتَعْيِينُ الشَّهْرِ إلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ عَقِيبَ النَّذْرِ حَتَّى لَا يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ
(1/209)
عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الشَّهْرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَإِذَا نَوَى شَهْرًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا لَزِمَهُ التَّتَابُعُ، وَإِنْ أَطْلَقَ يُخَيَّرُ، وَإِنْ عَيَّنَ الشَّهْرَ فَأَفْطَرَ يَوْمًا قَضَاهُ، وَلَا يَسْتَقْبِلُ، وَإِنْ أَفْطَرَ كُلَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ التَّفَرُّقِ وَالتَّتَابُعِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَوَّالٍ وَذِي الْقِعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ فَصَامَهُنَّ بِالْأَهِلَّةِ، وَكَانَ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ ثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ وَشَوَّالٌ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ عَلَيْهِ صَوْمُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَعَيَّنَ لِلصَّوْمِ شَوَّالًا وَذَا الْقِعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ، وَكَانَ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ ثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَشَوَّالٌ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ سِتَّةِ أَيَّامٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا مِثْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ إنْ نَوَى الْمُمَاثَلَةَ فِي التَّتَابُعِ يَلْزَمُهُ صَوْمُ شَهْرٍ مُتَتَابِعٍ، وَإِنْ نَوَى الْمُمَاثَلَةَ فِي الْعَدَدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إنْ شَاءَ صَامَ مُتَفَرِّقًا، وَإِنْ شَاءَ مُتَتَابِعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي النَّوَازِلِ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ مِثْلَهُ فِي الْوُجُوبِ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ السَّنَةِ أَفْطَرَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَقَضَاهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ هَذَا إذَا قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَإِنْ قَالَهُ فِي شَوَّالٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْعِيدَيْنِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَاقِلًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْ يَصُومُ سَنَةً بِالْأَهِلَّةِ وَيَقْضِي خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ يَوْمًا ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِرَمَضَانَ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ قَضَاءً عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ مُتَتَابِعَةٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ السَّنَةِ بِعَيْنِهَا لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ الْمُتَتَابِعَةَ لَا تَخْلُو عَنْ شَهْرِ رَمَضَانَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
وَإِذَا أَوْجَبَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا صَوْمَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا قَضَتْ أَيَّامَ حَيْضِهَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ السَّنَةِ قَدْ تَخْلُو عَنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ فَصَحَّ الْإِيجَابُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ دَهْرًا فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ الدَّهْرَ فَعَلَى الْعُمُرِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا عَلَّقَ النَّذْرَ بِالصَّوْمِ بِشَرْطٍ، وَأَدَّاهُ قَبْلَ وُجُودِهِ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا، وَإِذَا كَانَ مُضَافًا إلَى وَقْتٍ، وَأَدَّاهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبًا فَصَامَ رَبِيعًا الْأَوَّلَ مَكَانَهُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ: إنْ عُوفِيتُ صُمْتُ كَذَا لَمْ يَجِبْ حَتَّى يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ، وَهَذَا قِيَاسٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيَاسًا، وَلَا اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَوْمَ شَهْرٍ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ شَهْرٌ يَلْزَمُهُ صَوْمُ شَهْرٍ حَتَّى يَلْزَمَهُ أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ فَيُطْعِمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ الْحِنْطَةِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرُ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ.
الْمَرِيضُ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ صَحَّ يَوْمًا لَزِمَهُ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِ الشَّهْرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَلْزَمُهُ الْإِيصَاءُ بِقَدْرِ مَا صَحَّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَآخِرِهِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبًا ثُمَّ صَامَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَحَدُهُمَا رَجَبٌ أَجْزَأَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَجَبٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ.
[الْبَابُ السَّابِعُ فِي الِاعْتِكَافِ]
(الْبَابُ السَّابِعُ فِي الِاعْتِكَافِ) لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ تَفْسِيرِهِ وَتَقْسِيمِهِ وَرُكْنِهِ وَشُرُوطِهِ وَآدَابِهِ، وَمَحَاسِنِهِ، وَمُفْسِدَاتِهِ، وَمَحْظُورَاتِهِ. (أَمَّا تَفْسِيرُهُ)
(1/210)
فَهُوَ اللَّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ نِيَّةِ الِاعْتِكَافِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَيَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبٍ، وَهُوَ الْمَنْذُورُ تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا، وَإِلَى سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ، وَهُوَ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِلَى مُسْتَحَبٍّ، وَهُوَ مَا سِوَاهُمَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
(وَأَمَّا شُرُوطُهُ) فَمِنْهَا النِّيَّةُ حَتَّى لَوْ اعْتَكَفَ بِلَا نِيَّةٍ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَمِنْهَا مَسْجِدُ الْجَمَاعَةِ فَيَصِحُّ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ لَهُ أَذَانٌ، وَإِقَامَةٌ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَأَفْضَلُ الِاعْتِكَافِ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثُمَّ فِي بَيْتِ الْمُقَدَّسِ ثُمَّ فِي الْجَامِعِ ثُمَّ فِيمَا كَانَ أَهْلُهُ أَكْثَرَ، وَأَوْفَرَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالْمَرْأَةُ تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا إذَا اعْتَكَفَتْ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا فَتِلْكَ الْبُقْعَةُ فِي حَقِّهَا كَمَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ لَا تَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اعْتَكَفَتْ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ جَازَ وَيُكْرَهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، وَمَسْجِدُ حَيِّهَا أَفْضَلُ لَهَا مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ، وَلَهَا أَنْ تَعْتَكِفَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ صَلَاتِهَا مِنْ بَيْتِهَا إذَا اعْتَكَفَتْ فِيهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهَا مَسْجِدٌ تَجْعَلُ مَوْضِعًا مِنْهُ مَسْجِدًا فَتَعْتَكِفُ فِيهِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَمِنْهَا الصَّوْمُ، وَهُوَ شَرْطُ الْوَاجِبِ مِنْهُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُهُمَا: إنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي التَّطَوُّعِ، وَلَيْسَ لِأَقَلِّهِ تَقْدِيرٌ عَلَى الظَّاهِرِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَنَوَى الِاعْتِكَافَ إلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ صَحَّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ أَوْ يَوْمٍ قَدْ أَكَلَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا بِغَيْرِ صَوْمٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَصُومَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ ذَاتِ الصَّوْمِ لَا الصَّوْمُ بِجِهَةِ الِاعْتِكَافِ حَتَّى إنَّ مَنْ نَذَرَ بِاعْتِكَافِ رَمَضَانَ صَحَّ نَذْرُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فَإِنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يَعْتَكِفْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ آخَرَ مُتَتَابِعًا وَيَصُومَ فِيهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ لَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ فَاعْتَكَفَ فِيهِ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لَمَّا فَاتَ عَنْ وَقْتِهِ وَصَارَ مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ وَالْمَقْصُودُ لَا يَتَأَدَّى بِغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ ثُمَّ اعْتَكَفَ رَمَضَانَ لَا يُجْزِيهِ، وَلَوْ أَفْطَرَ وَقَضَى صَوْمَ الشَّهْرِ مَعَ الِاعْتِكَافِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مِثْلُ الْأَدَاءِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْخُلَاصَةِ.
إذَا أَصْبَحَ الرَّجُل صَائِمًا مُتَطَوِّعًا ثُمَّ قَالَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ اعْتَكَفَ هَذَا الْيَوْمَ فَلَا اعْتِكَافَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ الْوَاجِبَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَالصَّوْمُ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ انْعَقَدَ تَطَوُّعًا فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ وَاجِبًا بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَمِنْهَا الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالطَّهَارَةُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ وَالْجُنُبَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ مَمْنُوعُونَ عَنْ الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فَيَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ، وَلَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ فَيَصِحُّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَالزَّوْجِ إنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
فَإِنْ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ بِالِاعْتِكَافِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ مَنَعَهَا لَا يَصِحُّ مَنْعُهُ وَالْمَوْلَى إذَا مَنَعَ الْمَمْلُوكَ بَعْدَ الْإِذْنِ صَحَّ مَنْعُهُ وَيَكُونُ مُسِيئًا فِي ذَلِكَ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ نَذَرَتْ الْمَرْأَةُ بِالِاعْتِكَافِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ إذَا نَذَرَا بِهِ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِذَا أَعْتَقَ فَعَلَيْهِ، وَإِنْ بَانَتْ قَضَتْ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى: وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِاعْتِكَافِ شَهْرًا فَأَرَادَتْ أَنْ تَعْتَكِفَ مُتَتَابِعًا فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْمُرَهَا بِالتَّفْرِيقِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي اعْتِكَافِ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَاعْتَكَفَتْ فِيهِ مُتَتَابِعًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَأَمَّا آدَابُهُ)
(1/211)
فَأَنْ لَا يَتَكَلَّمَ إلَّا بِخَيْرٍ، وَأَنْ يُلَازِمَ بِالِاعْتِكَافِ عَشَرًا مِنْ رَمَضَانَ، وَأَنْ يَخْتَارَ أَفْضَلَ الْمَسَاجِدِ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُلَازِمَ التِّلَاوَةَ وَالْحَدِيثَ وَالْعِلْمَ وَتَدْرِيسَهُ وَسِيَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَأَخْبَارَ الصَّالِحِينَ وَكِتَابَةَ أُمُورِ الدِّينِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِمَا لَا إثْمَ فِيهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
(وَأَمَّا مَحَاسِنُهُ فَظَاهِرَةٌ) فَإِنَّ فِيهِ تَسْلِيمَ الْمُعْتَكِفِ كُلِّيَّتَهُ إلَى عِبَادَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي طَلَبِ الزُّلْفَى وَتَبْعِيدِ النَّفْسِ مِنْ شُغْلِ الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ مَانِعَةٌ عَمَّا يَسْتَوْجِبُ الْعَبْدُ مِنْ الْقُرْبَى، وَاسْتِغْرَاقِ الْمُعْتَكِفِ أَوْقَاتَهُ فِي الصَّلَاةِ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ الْأَصْلِيَّ مِنْ شَرْعِيَّتِهِ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَاتِ، وَتَشْبِيهُ الْمُعْتَكِفِ نَفْسَهُ بِمَنْ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ وَبِاَلَّذِينَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ وَمِنْهَا اشْتِرَاطُ الصَّوْمِ فِي حَقِّهِ وَالصَّائِمُ ضَيْفُ اللَّهِ - تَعَالَى - هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
(وَأَمَّا مُفْسِدَاتُهُ) فَمِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا إلَّا بِعُذْرٍ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ سَاعَةً فَسَدَ اعْتِكَافُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سَوَاءٌ كَانَ الْخُرُوجُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ مِنْ مَسْجِدِ بَيْتِهَا إلَى الْمَنْزِلِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُعْتَكِفَةً فِي الْمَسْجِدِ فَطَلُقَتْ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ إلَى بَيْتِهَا وَتَبْنِي عَلَى اعْتِكَافِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَمِنْ الْأَعْذَارِ الْخُرُوجُ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ، وَأَدَاءِ الْجُمُعَةِ) فَإِذَا خَرَجَ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ وَيَرْجِعَ إلَى الْمَسْجِدِ كَمَا فَرَغَ مِنْ الْوُضُوءِ، وَلَوْ مَكَثَ فِي بَيْتِهِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ، وَإِنْ كَانَ سَاعَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ بَيْتُ صَدِيقٍ لَهُ لَمْ يَلْزَمْ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيْتَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْضِيَ إلَى الْبَعِيدِ فَإِنْ مَضَى بَطَلَ اعْتِكَافُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ كَانَ خَرَجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ لَهُ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى التُّؤَدَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَهَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
وَأَمَّا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالنَّوْمُ فَيَكُونُ فِي مُعْتَكَفِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قَضَاءُ هَذِهِ الْحَاجَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي الْخُرُوجِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَيَخْرُجُ لِلْجُمُعَةِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إنْ كَانَ مُعْتَكَفُهُ قَرِيبًا مِنْ الْجَامِعِ بِحَيْثُ لَوْ انْتَظَرَ زَوَالَ الشَّمْسِ لَا تَفُوتُهُ الْخُطْبَةُ وَالْجُمُعَةُ، وَإِذَا كَانَ بِحَيْثُ تَفُوتُهُ لَمْ يَنْتَظِرْ زَوَالَ الشَّمْسِ لَكِنَّهُ يَخْرُجُ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ الْجَامِعَ فَيُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْأَذَانِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ يَمْكُثُ بِقَدْرِ مَا يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ سِتًّا عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ كَذَا فِي الْكَافِي.
فَإِنْ مَكَثَ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ أَتَمَّ اعْتِكَافَهُ لَا يُفْسِدُهُ، وَيُكْرَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بِعُذْرٍ بِأَنْ انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ أَوْ أُخْرِجَ مُكْرَهًا فَدَخَلَ مَسْجِدًا آخَرَ مِنْ سَاعَتِهِ لَمْ يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَكَذَا لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَخَرَجَ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ خَرَجَ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ فَحَبَسَهُ الْغَرِيمُ سَاعَةً فَسَدَ اعْتِكَافُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعِنْدَهُمَا لَا يَفْسُدُ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ قَوْلُهُمَا أَيْسَرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ خَرَجَ لِجِنَازَةٍ يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ، وَكَذَا لِصَلَاتِهَا، وَلَوْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ أَوْ لِإِنْجَاءِ الْغَرِيقِ أَوْ الْحَرِيقِ أَوْ الْجِهَادِ إذَا كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا أَوْ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَكَذَا إذَا خَرَجَ سَاعَةً بِعُذْرِ الْمَرَضِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ شَرَطَ وَقْتَ النَّذْرِ الِالْتِزَامَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَحُضُورِ مَجْلِسِ الْعِلْمِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ.
وَلَوْ صَعِدَ الْمِئْذَنَةَ لَمْ يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ بَابُ الْمِئْذَنَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْمُؤَذِّنُ وَغَيْرُهُ
(1/212)