النكت للسرخسي/ شرح النكت لأبي نصر العتابي
____________________
(1/1)
باب طلاق السنة الذي بالوكالة وبالجعل وغيره
قال الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس الأئمة أبو بكر محمد بن
هامش بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمده والصلاة على رسوله محمد عبده وخير وفده
باب من طلاق السنة بالجعل وغيره
بناه على أن الوكيل بالتنجيز لا يملك التعليق لأنهما ضدان والتطليق
____________________
(1/19)
أبي سهل السرخسي رحمه الله املاء ابتدأت املآء نكت زيادات الزيادات بالحمد لله ولي الحمد ومستحقه ثم بالصلاة على خير مولود دعا إلى خير معبود ثم بالإقتداء بالسلف رحمهم الله في الاكتفاء بذكر المؤثرات من النكات مع ترك التطويل بكثرة العبارة كما هو طريقة الماضين من علماء الدين رحمهم الله فنقول بدأ محمد رحمه الله هذا الباب بما بدأ به كتاب الطلاق من بيان طلاق السنة في حق المدخول بها فقال ( طلاق سنتها أن يطلقها تطليقة إذا طهرت من حيضها قبل أن يجامعها ) لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي
هامش بالسنة في وقت السنة تنجيز وفي غير وقته تعليق فأما الزوج يملكه تنجيزا وتعليقا لأنه يتصرف في ملكه وأن الوكيل متى عجز عن الإتيان بالمأمور به ينعزل حكما قال محمد رضي الله عنه إذا قال لرجل طلق امرأتي تطليقا للسنة فقال لها الوكيل أنت طالق للسنة فإن كان في طهر خال عن الطلاق
____________________
(1/20)
الله عنهما إنما السنة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلقها لكل قرء تطليقة فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن تطلق لها النساء وهو إشارة إلى قوله تعالى { فطلقوهن لعدتهن } ولأن الطلاق مباح مبغض شرعا قال عليه الصلاة والسلام إن أبغض المباحات إلى الله عز وجل الطلاق وإباحة الإيقاع للحاجة إليه عند عدم موافقة الأخلاق فكان مختصا بزمان توفر الدواعي إليها وذلك طهر لما يجامعها فيه لأنه زمان رغبته فيها طبعا وتمكنه من غشيانها شرعا فلا يختار فراقها على صحبتها في هذا
هامش والجماع عقيب حيض خال عن الطلاق والجماع يقع لأنه وقت السنة فيكون تنجيزا وإن كان في الحيض أو في طهر جامعها أو طلقها الزوج فيه لم يقع به شيء أبدا لأنه تعليق ولم يأمره به ألا ترى أنه لو قال طلق امراتي إذا حاضت وطهرت فقال إذا حضت وطهرت فأنت طالق فحاضت وطهرت لا يقع شيء أو قال طلق امرأتي غدا فقال أنت طالق غدا فجاء غد لا يقع شيء لأنه مأمور بالتنجيز لا بالإضافة والتعليق ولو قال له طلق امرأتي ثلاثا للسنة فقال لها في الطهر أنت طالق ثلاثا للسنة تقع واحدة لأن هذا الكلام في حق الواحدة تنجيز وفي حق الثانية والثالثة تعليق بخلاف قوله طلقها واحدة فطلقها ثلاثا حيث لا يقع شيء عند أبي حنيفة رضي الله عنه لأنه تنجيز في حق الثلاث ولأن الاعتبار في التوكيل هو الموافقة من حيث
____________________
(1/21)
الزمان إلا لعدم موافقة الأخلاق ( فإن قال لغيره طلقها تطليقة للسنة فقال لها أنت طالق للسنة فإن كان في طهر لم يجامعها فيه طلقت ) لأن إيقاع الوكيل كإيقاع المؤكل وإن كانت حائضا أو في طهر قد جامعها فيه لم يقع عليها شيء في الحال ولا إذا جاء وقت السنة بخلاف الموكل إذا قال ذلك بنفسه لأن تصرف الموكل بحكم الملك وهو يملك التنجيز والتعليق والإضافة بحكم الملك فإن صادف كلامه زمان الطهر كان تنجيزا وإلا كان إضافة إلى وقت السنة فأما الوكيل نائب يتصرف بالأمر والأمر يتقيد بالتقييد فإذا كان مأمورا بالتنجيز تلغو منه
هامش اللفظ ألا ترى أنه لو قال له طلق امرأتي نصف تطليقة فطلقها تطليقة لا تقع وإن كانا في الحكم سواء وكذلك لو قال طلقها ألفا فطلقها ثلاثا لا يقع وإن كانا في الحكم سواء وإن طلق في كل طهر خال عن الطلاق والجماع واحدة تقع لأن تطليق الثلاث بالسنة تنجيزا لا يكون إلا هكذا ولو قال الزوج لامرأته أنت طالق ثلاثا للسنة بألف درهم فقبلت فإن كانت طاهرة من غير جماع وطلاق تقع واحدة بثلث الألف وبانت لأنه قابل الألف بالثلاث فيقابل كل واحدة بثلث الألف والزوج رضي به حيث يعلم أن الطهر الواحد لا
____________________
(1/22)
الإضافة والتعليق فلهذا لايقع بمجيء وقت السنة شيء ألا ترى أنه لو قال للوكيل طلقها إذا حاضت وطهرت فقال لها الوكيل إذا حضت وطهرت فأنت طالق أو قال له طلقها غدا فقال لها الوكيل أنت طالق غدا لم يقع عليها بهذا الكلام شيء لأنه أتى بغير ما أمر به فهذا قياسه ولو قال طلقها ثلاثا للسنة فقال لها الوكيل في طهر لم يجامعها فيه الزوج أنت طالق ثلاثا للسنة وقعت تطليقة واحدة للسنة ففي حق الواحدة منجز كما أمر به وفي الثانية والثالثة مضيف إلى وقت السنة وذلك لغو
هامش يسع فيه إلا واحدة بثلث الألف فإذا حاضت وطهرت تقع أخرى بغير شيء لأن شرط وجوب المال حصول البينونة لها بمقابلة المال ولم تحصل لحصولها بالأولى والزوج رضي به حيث يعلم أن الثانية تقع في الطهر الثاني بغير شيء إلا إذا تزوجها قبل مجيء الطهر الثاني فحينئذ تقع الثانية بثلث الأف لوجود شرطه وكذا الثالثة على هذا ولو قال لرجل طلق امرأتي ثلاثا للسنة بألف درهم فطلقها للسنة ثلاثا بألف أو واحدة بثلث الألف في غير وقت السنة فهو باطل لما مر أنه أتى بالتعليق وقد أمر بالتنجيز وإن طلقها
____________________
(1/23)
منه بخلاف الموكل بنفسه لو قال لها ذلك طلقت في كل طهر واحدة لأن الإضافة منه صحيحة بحكم الملك كالتنجيز قيل هذا قول أبي يوسف ومحمد أما عند أبي حنيفة رحمه الله ينبغي أن لا يقع عليها شيء لأنه مأمور بإيقاع الواحدة في هذا الفصل ومن أصل أبي حنيفة أن المأمور بإيقاع الواحدة إذا أوقع ثلاثا لم يقع شيء والأصح أن هذا
هامش واحدة بثلث الألف أو ثلاثا بألف في وقت السنة فقبلت تقع واحدة بثلث الألف وبانت لما مر أن هذا الكلام في حق الواحدة تنجيز وفي حق الثانية والثالثة تعليق فإذا حاضت وطهرت وطلقها واحدة بثلث آخر فقبلت تقع بغير شيء لفقد شرطه وكان ينبغي أن لا تقع لأن الزوج أمره بطلاق ببدل لكن يقال له إنه طلق ببدل لكن لم يجب المال لفقد شرطه والزوج رضي به حيث علم أن الثانية تقع بغير بدل كما إذا أبانها الزوج ثم قال طلق امرأتي
____________________
(1/24)
قولهم جميعا لأن أبا حنيفة يعتبر موافقة الوكيل لفظا حتى قال إذا قال الزوج للوكيل طلقها نصف تطليقة فطلقها الوكيل تطليقة لا يقع شيء لمخالفته في اللفظ ولو قال طلقها ثلاثا فطلقها ألفا لم يقع شيء ولو قال طلقها ألفا فطلقها ألفا يقع ثلاث للموافقة لفظا وهنا الوكيل وافق أمر الآمر لفظا فلهذا وقعت الواحدة وبهذا الفصل تبين الفرق بين إيقاع الوكيل وبين إيقاع الموكل بنفسه فإن الموكل لو طلق امرأته ألفا يقع ثلاث لأن تصرفه بحكم الملك فبقدر ما وجد الملك عمل الإيقاع والمأمور بإيقاع الثلاث إذا أوقع ألفا لم يقع شيء لأنه متصرف بحكم الأمر وقد خالف أمر الآمر قال قال رجل لامرأته أنت طالق ثلاثا للسنة بألف درهم فقبلت المرأة ذلك فإن كان في طهر لا جماع فيه وقعت تطليقة بثلث الألف لأن الطهر الواحد كما لا يقع فيه إلا تطليقة واحدة للسنة بغير جعل فكذلك بالجعل ثم الألف مذكور بدلا عن التطليقات الثلاث لأن حرف الباء تصحب الإبدال فيكون بمقابلة كل تطليقة ثلث الألف فإذا وقعت الواحدة بقبولها وجب عليها ثلث الألف والطلاق بجعل لايكون إلا بائنا فإذا حاضت وطهرت وقعت تطليقة أخرى بغير
هامش بألف فقال طلقتك بألف وقبلت يقع الطلاق ولا يجب المال ألا ترى أنه إذا أمره ان يبيع عبده بألف وقيمته خمس مائة فباعه بيعا فاسدا بألف وسلمه ومات لا يجب إلا خمس مائة ولا يصير به مخالفا فإن تزوجها ثم طلقها الوكيل أخرى بثلث الألف في وقت السنة وقبلت تقع أخرى بثلث الألف وكذا الثالثة ولو قال له طلق امرأتي بألف وهي منكوحته فأبانها الزوج أو طلقها
____________________
(1/25)
شيء لأن الزوج في حق الثانية والثالثة كان مضيفا إلى وقت السنة فقد وجد وشرط وقوع الطلاق بجعل وجود القبول لا وجوب المقبول كما لو طلق الصغيرة بمال فقبلت أو طلق المبانة بمال فقبلت أو أكرهت على قبول الجعل وقع الطلاق وإن لم يجب الجعل وإنما امتنع وجوب الجعل هنا لأن الزوج إنما يملك المال عوضا فلا بد أن يزول عن ملكه بمقابلته شيء وبوقوع الثانية لم يزل عن ملكه شيء لأن زوال الملك قد تم بالأولى فإن قيل المال في باب الطلاق إما أن يكون عوضا وبدلا عن الطلاق عن البينونة فإن كان بدلا
هامش بهن حتى بانت انعزل الوكيل حكما علم به أو لم يعلم لأنه أمره بطلاق ببدل في حال أمكن أن يجب فيه البدل ويوقعه بحيث يجب به البدل فانصرف إليه فإذا عجز عنه بإبانة الزوج انعزل حتى لو تزوجها الزوج ثم طلقها الوكيل بألف وقبلت لا يقع شيء لأن هذا ملك آخر وقد أمره بإزالة ذلك الملك ولو أبانها الزوج ثم أمره بأن يطلقها بألف فطلقها في العدة بألف
____________________
(1/26)
عن الطلاق فينبغي أن يجب بوقوع الثانية ثلثا الألف وإن كان بدلا عن البينونة فينبغي أن يجب جميع الألف بوقوع الأولى لحصول البينونة قلنا المال عوض عن الطلاق كما سماه الزوج لكن شرط استحقاقه إزالة ملكه عنها أو صيرورتها أحق بنفسها ليجب عليها العوض وذلك غير حاصل عند وقوع الثانية والثالثة فلهذا لم يجب المال فإن تزوجها بعد وقوع التطليقة الأولى عليها ثم حاضت وطهرت وقعت الثانية عليها بثلت الألف لأن ما هو شرط وجوب العوض وهو زوال ملك الزوج عنها عند وقوع كل تطليقة موجود وهو إنما أوقع كل تطليقة بثلث الألف وهذا الجواب بناء على الروايات الظاهرة فأما على ما روي عن
هامش فقبلت يقع الطلاق ولا يجب المال لأنه رضي به حيث يعلم أنه لا يجب المال فيكون مأمورا بالطلاق ببدل لفظا وقد أتى به إلا إذا تزوجها الزوج في العدة قبل أن يطلقها الوكيل ثم طلقها بألف فقبلت يقع بالألف لأنه طلقها بألف في هذا الملك قبل انقضاء العدة فإن انقضت عدتها ثم تزوجها الزوج ثم طلقها الوكيل بألف لا يقع لأنه ملك آخر وقد انعزل حكما بانقضاء العدة ولو وكل رجلين كل واحد أن يطلق امرأته للسنة فطلقاها للسنة في الطهر
____________________
(1/27)
أبي حنيفة رحمه الله إذا تخلل بين كل طلاقين رجعة أو نكاح فالطهر الواحد يكون محلا لوقوع الثلاث على وجه السنة فكما تزوجها ها هنا يقع عليها الطلاق قبل الحيض وكذلك إذا تزوجها ثالثا وقعت التطليقة الثالثة كما تزوجها ولو قال لرجل طلقها ثلاثا للسنة بألف درهم فقال لها الوكيل في حيضها أنت طالق ثلاثا للسنة بألف درهم فقبلت المرأة لم يقع عليها شيء لأن كلام الوكيل ليس بتنجيز لما مر لكن بهذا الكلام لايصير رادا للأمر ومع بقاء الأمر لايخرج عن عهدته إلا بالامتثال فإذا طهرت فقال لها أنت طالق ثلاثا للسنة بألف درهم فقبلت ذلك طلقت واحدة بثلث الألف لأن كلامه في حق الواحدة تنجيز والألف مذكور عوضا عن الثلاث فيكون بمقابلة كل واحدة ثلث الألف وكذلك لو قال لها حين طهرت أنت طالق واحدة بثلث الألف فقبلت وقعت واحدة بائنة بثلث الألف لأن بالكلام الأول وإن كان مخالفا لما أمر به لم يخرج الأمر من يده فإذا امتثل بعد ذلك نفذ تصرفه كالوكيل بالبيع بألف درهم
هامش فإن طلق أحدهما ثم الآخر فالواقع طلاقه وكلام الآخر لغو لأنه يكون تعليق وهو على وكالته حتى لو طلقها في الطهر الثاني يقع ولو طلقاها معا يقع طلاق أحدهما لأن الطهر الواحد لا يسع للسنة أكثر من واحد وليس
____________________
(1/28)
إذا باع بخمسمائة ثم استرد المبيع وباعه بألف فإن تركها حتى حاضت أخرى وطهرت ثم قال لها أنت طالق بثلث الألف فقبلت وقعت تطليقة بغير شيء لأنه ممتثل للأمر فإنه مأمور بتنجيز الواحدة في كل طهر بعوض وقد فعل والطلاق بجعل يعهد وجود القبول لا وجوب المقبول ولم يوجد ما هو شرط وجوب البدل عند وقوع الثانية وهو زوال ملك الزوج عنها وكذلك لو قال لها مثل ذلك في الطهر الثالث
هامش للزوج خيار التعيين لعدم الفائدة فلو حاضت وطهرت وطلقها للسنة أحد الوكيلين لا يقع لأنه إن كان الواقع في الطهر الأول طلاقه لا يقع الثاني لأنه انعزل فلا يقع بالشك فإن قيل صار في تعيين الأول فائدة لأنه ربما يعين الأول غير الذي أوقع في الثاني فتقع الثانية كرجل له ثلاثة أعبد دخل عليه اثنان فقال أحدكما حر فخرج أحدهما ودخل آخر فقال أحدكما حر حيث يخير في الإيجاب الأول لأنه ربما يعين الخارج في الأول فيصح الإيجاب الثاني قيل له ثمة الإيجاب وقع لازما وقد تعلق ثمه به حق العبدين
____________________
(1/29)
فقبلت طلقت تطليقة ثالثة بغير شيء فإن قيل كيف يكون ممتثلا للأمر وهو إنما أمره بالأيقاع بعوض والثانية والثالثة هنا تقع بغير عوض قلنا هو موقع بعوض كما أمره وإنما امتنع وجوب العوض حكما لانعدام شرطه فلا يصير به مخالفا كالوكيل يبيع ما يساوي خمسمائة بألف درهم إذا باعه بيعا فاسدا بألف لم يكن مخالفا وإن كان المبيع يصير مضمونا على المشتري بخمسمائة لأنه سمى الألف كما أمر وإنما امتنع وجوبه حكما فلا يصير الوكيل به مخالفا ثم الزوج لما أمره بهذا مع علمه أن الثلاث للسنة لا تقع جملة وإن بعد حصول البينونة بوقوع الأولى لا يجب عند وقوع الثانية والثالثة شيء صار راضيا بما فعله الوكيل فإن كان الزوج تزوجها بعد وقوع الأولى فطلقها الوكيل الثانية في طهرها
هامش فيؤمر بالبيان أما هنا الوكالة ليست بلازمة فإنه يتمكن من عزل الوكيلين بعد الإيجاب الأول فلم يكن هذا الحق لازما فلا يجبر على البيان فلو طلقها الوكيل الآخر أيضا في الطهر الثاني تقع أخرى لأنا تيقنا بوقوعه بكلام أحدهما ولو وكل رجلا بأن يطلق امرأته للسنة فطلقها الوكيل والزوج للسنة فإن سبق الزوج فالواقع طلاقه وكلام الوكيل لغو لأنه يكون تعليقا إلا إذا طلقها الوكيل في الطهر الثاني فيقع وإن كان السابق هو الوكيل وقع طلاقه
____________________
(1/30)
بثلث الألف فقبلت وقعت بثلث الألف وكذلك لو تزوجها ثانيا ثم أوقع الثالثة في الطهر الثالث لأن شرط وجوب البدل قد وجد عند وقوع كل تطليقة فإن قيل هو مأمور بإزالة الملك الأول دون الملك الثاني الذي يحدث للزوج فينبغي أن لايقع عليها في الملك الثاني بإيقاع الوكيل شيء قلنا الزوج لما أمره بإيقاع كل تطليقة بثلث الألف مع علمه أنه لا يجب كل البدل بمقابلة كل تطليقة إلا بتخلل العقد بين التطليقتين فقد صار راضيا بزوال ملكه عنها عند إيقاع كل تطليقة بثلث الألف ولو قال لرجل طلقها تطليقة بألف درهم فلم يفعل الوكيل ذلك حتى طلقها الزوج تطليقة بألف درهم فقبلت ثم إن الوكيل طلقها في العدة تطليقة بألف درهم كما أمره الزوج فقبلت لم يقع عليها طلاق بذلك لأن الزوج حين أمره كان مالكا للاعتياض عن طلاقها فينفذ إيقاع الوكيل بما يستحق الزوج العوض بمقابلته وذلك لايحصل بعد البينونة فكان إبانة الزوج إياها عزلا منه للوكيل عن الإيقاع فانعزل الوكيل به علم بإيقاع الموكل أو لم يعلم لأنه عزل حكمي كما لو وكله
هامش وانعزل وطلاق الزوج يتوقف إلى أن يجيء الطهر الثاني لأنه يملكه تعليقا وإن طلقاها معا تقع طلقة بيقين ثم في الطهر الثاني لا يقع شيء لاحتمال أن الواقع في الطهر الأول طلاق الزوج فإن طلقها الوكيل في الطهر الثاني
____________________
(1/31)
بأن يزوجه امرأة بعينها ثم تزوج أختها كان عزلا للوكيل حكما فإن لم يوقع الوكيل عليها شيئا حتى تزوجها الزوج ثانيا ثم طلقها الوكيل تطليقة بألف لم يقع عليها شيء لأنه قد انعزل الوكيل بما صنعه الموكل فلا يعود وكيلا إلا بتوكيل مستقبل ولأنه أمره بإزالة الملك الموجود وقت التوكيل وهذا ملك متجدد سوى ذلك الملك فلا يملك إزالته بذلك الأمر كالوكيل بالبيع إذا باع الموكل بنفسه ما وكله ببيعه ثم اشتراه فباعه الوكيل لم ينفذ بيعه ولو طلق امرأته تطليقة بائنة ثم قال
هامش يقع لأن الواقع في الطهر الأول إن كان طلاق الزوج بقي الوكيل على وكالته فيصح إيقاعه في الطهر الثاني وإن كان الواقع في الطهر الأول طلاق الوكيل بقي طلاق الزوج معلقا بمجيء الطهر الثاني فيقع فإن قيل ينبغي أن يكون الواقع في الطهر الأول طلاق الزوج عند محمد رضي الله عنه لأنه يرجح
____________________
(1/32)
لغيره طلقها بألف درهم ففعل وقبلت المرأة وقع عليها تطليقة بغير شيء لأن المأمور هنا وكيل بالإيقاع بذكر العوض دون وجوب العوض فإن عند التوكيل هي مبانة ولا يستحق الزوج العوض على طلاق المبانة فكان الوكيل متمثلا أمره وصار إيقاعة كإيقاع الموكل بنفسه بخلاف الأول فإن عند التوكيل هناك كان الزوج مالكا للاعتياض عن طلاقها فإن قيل ينبغي في هذا الفصل أن يتوقف التوكيل على أن يتزوجها الموكل ثم يطلقها الوكيل بألف ليجب العوض بمقابلة الطلاق كما لو وكل رجلا بأن يزوجه امرأة وتحته أربع نسوة توقفت الوكالة على أن يفارق واحدة منهن ليزوجه الوكيل بعد ذلك قلنا هناك الموكل ليس
هامش جانب الأصالة على جانب النيابة قيل له نعم في موضع تكون العهدة على الوكيل كما في البيع أما هنا هو سفير محض فصارت عبارته كعبارة الموكل فاستويا فإن لم يطلقها الوكيل في الطهر الثاني لكن قال الزوج أنت طالق للسنة يقع وهذا ظاهر فإذا حاضت وطهرت لا يقع لأنه يحتمل أن الواقع في الطهر الأول والثاني طلاق الزوج إلا أن يطلقها أحدهما على ما مر ولو
____________________
(1/33)
بأهل لما أمر به للحال فإن حله لايسع إلا بأربع نسوة فلانعدام المحلية توقفت الوكالة على ظهور المحل ضرورة أما ها هنا هو ممكن من إيقاع ما أمر به للحال لأنه لو طلقها بنفسه تطليقة بألف وقعت تطليقة بغير شيء إذا قبلت فلا حاجة بنا إلى أن نجعل الوكالة موقوفة على أمر موهوم وهو تجديد العقد فصار هذا نظير ما لو وكل وكيلا بالبيع فجن الوكيل جنونا يعقل فيه البيع والشرى ثم باعه لا ينفذ بيعه ولو كان مجنونا بهذه الصفة حين وكله نفذ بيعه لأنه إذا كان صحيحا وقت التوكيل فإنما أمره بعقد يلزم الوكيل العهدة بحكم ذلك العقد وذلك لا يكون بعد جنونه وإذا كان مجنونا وقت التوكيل فإنما أمره بالعبارة دون إلزام العهدة فكذلك إذا كان الأمر في حال قيام النكاح ينعزل الوكيل بوقوع البينونة وإذا جعل الأمر للوكيل وهي مبانة
هامش قال الزوج لامرأته وقد دخل بها أنت طالق بائن للسنة يقع في وقت السنة فقد جعل البائن سنيا في رواية هذا الكتاب وفي الأصل ذكر انه أخطأ السنة لأن الحاجة تندفع بالطلاق الرجعي فصار ضم صفة البينونة كضم طلاق آخر وجه الرواية هنا أن البائن قد يحتاج إليه حتى لا يقع في ورطها بالرجعة
____________________
(1/34)
صح التوكيل على أن يوقع في العدة بجعل سواء وجب الجعل أو لم يجب فإن لم يطلقها الوكيل في الفصل الثاني حتى تزوجها الزوج في العدة ثم طلقها الوكيل بألف درهم فقبلت وقع الطلاق بألف لأن الوكيل كان مالكا للإيقاع عليها في العدة في وقت لا يجب عليها العوض بمقابلته فلان يبقى مالكا للإيقاع في وقت يجب عليها العوض بمقابلته كان أولى لما فيه من زيادة المنفعة للزوج فإن لم يتزوجها حتى انقضت عدتها ثم تزوجها فطلقها الوكيل بألف درهم فقبلت لم يقع عليها شيء لأنه حين انقضت عدتها فقد خرجت من أن تكون محلا لوقوع الطلاق عليها فانعزل الوكيل حكما لفوات
هامش وصار كالطلاق قبل الدخول بائنا وكان سنيا وكذا الخلع مباح لقوله تعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } وإن كان بائنا وذكر هنا أن الخلع في
____________________
(1/35)
المحل فلا يعود بعد ذلك وكيلا إلا بتوكيل مستقبل بخلاف الأول فإن هناك النكاح حصل في العدة وببقاء العدة بقيت محلا لوقوع الطلاق عليها قال ولو وكل رجلين كل واحد منهما بأن يطلقها تطليقة للسنة فلما طهرت قال لها كل واحد منهما أنت طالق تطليقة للسنة فإن سبق أحدهما بالكلام وقع طلاقة لمصادفة إيقاعه وقت السنة ثم لا تقع الثانية في الحال لأنه بوقوع الأولى خرج هذا الطهر من أن يكون محلا للتطليقة الأخرى للسنة ولا يصح الإيقاع من الوكيل إلا تنجيزا كما بينا فلم يقع عليها شيء وإن حاضت وطهرت فإن خرج الكلام من الوكيلين
هامش الحيض وفي طهر جامعها فيه مكروه لأنه ليس وقت للسنة وروي في غير رواية الأصول أنه غير مكروه لأن الخلع إنما يكون بعد النشوز منها وذلك دليل التنافر فلا يكره ولو وكل رجلا بأن يطلق امرأته تطليقة للسنة بألف درهم ووكل آخر بأن يطلقها تطليقة للسنة بمائة دينار فإن طلقها في غير وقت السنة فكله باطل لأنه تعليق وإن طلقاها معا في الطهر فقلبت طلاقهما وقعت تطليقة واحدة ولزمها أحد المالين وخيار التعيين إليها لأن التعيين إلى من عليه المال فإن اختارت الدراهم ثم حاضت وطهرت ثم طلقها الوكيل بالدنانير لم تقع أخرى لأن اختيارها الدراهم في الطهر الأول لم يصح في حق تعيين الطلاق لأن التعيين إلى الزوج لا إليها وتعيين الطلاق غير صحيح على ما ذكرنا وكذا إذا طلقها في الطهر الثاني لا يقع لأن الذي وقع
____________________
(1/36)
معا وقعت تطليقة واحدة لأن في حق الواحدة صادف الإيقاع وقت السنة فنتيقن بوقوع الواحدة عليها ولا خيار للزوج في تعيين طلاق أحد الوكيلين لأن الخيار لا يثبت شرعا إلا لفائدة ولا فائدة في هذا الخيار فإن حكم الطلاقين في حقه واحد فإن حاضت وطهرت لم يقع عليها شيء بذلك الإيقاع لأن أحد الوكيلين منجز والآخر مضيف إلى وقت السنة ولكن الإضافة من الوكيل بالتنجيز لغو فإن قال لها أحد الوكيلين في الطهر الثاني أنت طالق للسنة لم يقع عليها بهذا شيء أيضا لأنه إن كان الواقع في الطهر الأول طلاق هذا الوكيل لم يقع بإيقاعه في الطهر الثاني شيء لأنه انتهت وكالته وإن كان الواقع طلاق الوكيل الآخر وقع بإيقاعه في هذا الطهر أخرى ولكن الطلاق بالشك لا
هامش طلاقه في الطهر الأول انعزل وكذا الآخر انعزل أيضا بالبينونة لأنه وكله بطلاق يجب به البدل في حال أمكن أن يجب به البدل فإذا صارت بحال لا يجب به البدل انعزل وكذا لو تزوجها الزوج ثم طلقاها في الطهر الثاني لأن هذا ملك آخر والتوكيل بالطلاق كان لإزالة ذلك الملك ولو قال الزوج لرجل طلق امرأتي واحدة بألف درهم للسنة فطلقها الوكيل في الطهر بألف للسنة وطلقها الزوج بمائة دينار للسنة وقبلت الكل وقعت طلقة واحدة لأنه لا يسع
____________________
(1/37)
يقع ولا يخير الزوج هنا أيضا حتى إن اختار طلاق الوكيل الآخر لا يقع هذه التطليقة الثانية لأن عند الإيقاع لم يثبت له الخيار فلا يثبت بعد ذلك فإن قيل إنما لم يثبت الخيار عند الإيقاع لأنه لم يكن مفيدا والآن قد صار مفيدا فينبغي أن يخير كمن له ثلاثة أعبد دخل عليه اثنان فقال أحدكما حر فخرج أحدهما ودخل الآخر فقال أحدكما حر يخير في الكلام الأول حتى إذا اختار الخارج حينئذ يثبت له الخيار بحكم الكلام الثاني قلنا هناك الكلام الأول يلزم إياه وثبوت الخيار يبنى على ما يكون ملزما في حقه فأما هنا بعد الإيقاع في الطهر الأول كان هو متمكنا من عزل الوكيلين عن الإيقاع فلم يكن التخيير هاهنا مفيدا فلهذا لا يثبت له الخيار ولكن إن قال الوكيل الآخر
هامش فيه للسنة إلا واحدة ولزمها أحد المالين والتعيين إليها لما مر وصار كقول الزوج أنت طالق بألف درهم أو بمائة دينار فقبلت لزمها أحد المالين فإذا حاضت وطهرت لا يقع وكذا إذا قال لها الوكيل في الطهر الثاني أنت طالق بألف درهم فقبلت لا يقع لأن الوكيل انعزل أما إذا كان الواقع في الطهر الأول طلاقه فظاهر وكذا إذا كان الواقع طلاق الزوج لأنه عجز عن طلاق
____________________
(1/38)
أيضا في الطهر الثاني أنت طالق للسنة وقعت تطليقة ثانية لأنا تيقنا بوجود الإيقاع في الطهر الثاني ممن هو باق منهما على الوكالة فلهذا طلقت تطليقتين ولو قال لرجل واحد طلقها تطليقة للسنة فلما طهرت طلقها الوكيل والموكل فإن كان الوكيل هو الذي بدأ وقع طلاقه لمصادفة الإيقاع وقت السنة ثم إذا حاضت وطهرت وقعت أخرى لأن كلام الموكل كان إضافة للطلاق إلى وقت السنة وهو مالك لذلك وإن كان الزوج هو الذي بدأ لم يقع بإيقاع الوكيل شيء لأنه لا يمكن جعل كلامه تنجيزا بعدما أوقع الزوج في هذا الطهر واحدة ولا تصح منه الإضافة فلا تقع عليها الثانية إلا أن يطلقها الوكيل في الطهر الثاني تطليقة مستقبلة لأنه لم ينعزل بإيقاع الموكل التطليقة الواحدة ولا بالإيقاع الأول من الوكيل فإنه عير ممتثل لأمره في ذلك وإنما يخرج من الأمر بالامتثال ولو خرج الكلام من الوكيل
هامش يجب به البدل للبينونة ولو طلقها الوكيل في الطهر الأول للسنة بألف درهم وقال الزوج أنت طالق بمائة دينار ولم يقل للسنة فقبلت الكل وقع طلاق
____________________
(1/39)
والموكل معا طلقت تطليقة واحدة لوجود وقت السنة في حق الواحدة ولا يتعين طلاق الوكيل ولا طلاق الموكل كما في الفصل الأول إذا أوقع الوكيلان معا وهو سؤال أبي يوسف رحمه الله على محمد رحمه الله في مسئلة الوكيل بالشرى إذا لم تحضره البينة عند الشرى أنه يصير مشتريا لنفسه عند محمد رحمه الله لأن التصرف بحكم الملك أقوى فلا يعارضه التصرف بحكم النيابة فإن هنا الموكل يتصرف بحكم الملك أقوى فلا يعارضه التصرف بحكم النيابة فإن هنا الموكل يتصرف بحكم الملك ثم لم يتعين طلاقه للوقوع ولكن عند محمد أن الوكيل ههنا سفير محض لا يتعلق به شيء من العهدة فاستوى إيقاعه وإيقاع الموكل وهناك الوكيل يلتزم العهدة بمباشرته العقد لغيره والتزام العهدة بمباشرته العقد لنفسه أقوى فلهذا ترجح جانب الملك على جانب الوكالة فإن طهرت من الحيضة الثانية لم تقع عليها تطليقة أخرى لأنه إن كان الواقع في الطهر الاول طلاق الوكيل وقعت أخرى في الطهر الثاني بإيقاع الزوج وإن كان الواقع في الطهر الأول طلاق الموكل لم يقع في الطهر الثاني
هامش الزوج عليها بمائة دينار لأن طلاق الزوج ليس بسني فيقع تقدم أو تأخر وطلاق الوكيل للسنة لا يقع إلا إذا تقدم والأقوى أولى والوكيل انعزل بالبينونة ولا يقع طلاقه أبدا سواء تزوجها بعد ذلك أو لم يتزوجها ولو قال له طلق امرأتي للسنة ولم يذكر المال فطلقها الوكيل للسنة في الطهر وقال الزوج أنت طالق ولم يقل للسنة وخرج كلامهما معا يقع طلاق الزوج
____________________
(1/40)
شيء والطلاق بالشك لا يقع فإن قال لها الوكيل في الطهر الثاني أنت طالق تقع تطليقة أخرى لأنا نتيقن بوقوع الثانية الآن فإن الواقع في الطهر الأول إن كان طلاق الموكل يقع في الطهر الثاني بإيقاع الوكيل وإن كان الواقع في الطهر الأول طلاق الوكيل يقع طلاق الموكل كما طهرت فلهذا طلقت ثنتين ولو لم يطلقها الوكيل في الطهر الثاني ولكن الزوج قال لها في الطهر الثاني أنت طالق تطليقة للسنة وقعت عليها تطليقة أخرى لأنه إن كان الواقع في الطهر الأول
هامش وهذا ظاهر لكن هنا لا ينعزل الوكيل لعدم البينونة حتى لو أوقعها في الطهر الثاني للسنة يقع وكذا لو سبق الزوج بالإيقاع فأما لو سبق الوكيل ثم طلقها الزوج لغير السنة تقع طلقتان لأن وقوع الأول لا يمنع وقوع الأخرى إذا لم تتقيد بالسنة ولو وكل رجلا بأن يطلقها تطليقة بائنة للسنة
____________________
(1/41)
طلاق الموكل وقعت الثانية بإيقاعه الآن وأن كان الواقع في الطهر الأول طلاق الوكيل وقع طلاق الموكل كما طهرت فلا تقع الثانية بهذا الإيقاع من الزوج لأنه لم يصادف وقت السنة فلهذا لا يقع الاثنتين فإن طهرت من الحيضة الأخرى لم تقع عليها الثالثة لأن إن كان الواقع في الطهرين ما أوقعه الزوج لم تقع الثالثة في الطهر الثالث والطلاق بالشك لايقع فلهذا لم تطلق الثالثة إلا أن يوقعها الوكيل في هذا الطهر أو الزوج فحينئذ نتيقن بوقوع الثالثة فيصير مطلقا ثلاثا
قال رجل قال لامرأته وقد دخل بها أنت طالق تطليقة بائنة للسنة طلقت بائنة حين تطهر من حيضها لأن قوله للسنة معناه لوقت السنة والتطليقة البائنة للسنة تكون على رواية هذا الكتاب بخلاق ما قال في الأصل إن من طلق امرأته تطليقة بائنة فقد أخطأ السنة ووجه تلك الرواية أن إباحة الطلاق لأجل الحاجة ولا حاجة إلى إيقاع صفة
هامش والآخر أن يطلقها رجعية للسنة فطلقاها معا في الطهر كلاهما بائنا أو كلاهما رجعيا أو أحدهما بائنا والآخر رجيعا تقع طلقة واحد للسنة لأن
____________________
(1/42)
البينونة فكانت زيادة هذه الصفة كزيادة تطليقة أخرى بل أكثر لأن زيادة هذه الصفة تزيل الملك وضم الثانية إلى الأولى لا يزيل الملك ووجه هذه الرواية أن الصفة تتبع الأصل لأنها لا تقوم بنفسها فثبوت الإباحة في الأصل يقتضي ثبوت الإباحة في التبع ألا ترى أن إيقاع الطلاق قبل الدخول بها مباح ولا يتوقف الإباحة على وجود الدخول ليكون الواقع بعده رجعيا وكذلك الخلع مباح بقضية النص وهو قوله تعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } والواقع بالخلع تطليقة بائنة فدل أن البائنة تكون للسنة وذكر في الكتاب أن الخلع في حالة الحيض وفي طهر قد جامعها فيه مكروه اعتبارا للطلاق بعوض بالطلاق بغير عوض وعن أبي حنيفة في غير رواية الأصول أنه لا يكون مكروها لأن الخلع لا
هامش الطلاق يقع على الصفة التي أمر بها الزوج لكن شككنا في كون الواقع رجععيا أو بائنا والتعيين إلى الزوج لأن التعيين مفيد وصار كقول الزوج أنت طالق بائن أو رجعي فإذا حاضت وطهرت فقال لها الوكيل بالبائن أنت طالق بائن بانت بيقين ولا رجعة للزوج لأن الواقع في الطهر الأول إن كان طلاقه
____________________
(1/43)
يكون إلا عند النشوز والحاجة واعتبار زمان الطهر إنما يكون ليكون دليلا على عدم موافقة الأخلاق والخلع يكفي دليلا عليه فالطهر والحيض فيه سواء
ولو قال لرجل طلق امرأتي واحدة للسنة بألف درهم وقال لآخر طلقها واحدة للسنة بمائة دينار فطلقها كل واحد منهما معا في وقت السنة وقبلت هي منهما وقعت عليها تطليقة واحدة لما بينا أن الطهر الواحد لايكون محلا لأكثر من طلاق واحد للسنة وإيقاع الوكيلين فيما يتنجز في هذا الطهر كإيقاع الموكل بنفسه وإذا وقع عليها أحد التطليقتين لزمها أحد المالين ولا خيار في تعيينه إلى الوكيلين لأنهما كانا سفيرين خرجا من الوسط بالإيقاع ولا خيار للزوج أيضا لأن في جانبه إيقاع الطلاق فأي الطلاقين وقع فالحكم في جانبه سواء فلا خيار له كما لو كانا بغير عوض وإنما الخيار للمرأة لأن المال يجب عليها
هامش فقد بانت وإن كان الواقع طلاق صاحبه بقي هو وكيلا فتصح إبانته في الطهر الثاني لكن لا تقع طلقة أخرى لوقوع الشك فيها ولو كان الوكيل بالرجعي هو الذي ثنى في الطهر الثاني فللزوج الرجعة لوقوع الشك في صفة البينونة
____________________
(1/44)
فلها أن تعين ما التزمت من المال فإن اختارت الدراهم ثم طهرت من الحيضة الثانية فطلقها الوكيل بالطلاق بالدنانير فقبلت أو طلقها الوكيل الآخر أو طلقاها جميعا معا فذلك كله باطل لأن من وقع الطلاق منه في الطهر الأول لا يقع منه في الطهر الثاني شيء وقد انعزل الوكيل الآخر بوقوع البينونة لأن عند التوكيل كانت منكوحة وقد بينا أن الوكيل بالخلع ينعزل بوقوع الفرقة بعد التوكيل لأنه لو وقع الطلاق بإيقاعه وقع بغير جعل والزوج لم يرض بذلك فلهذا لم يقع عليها في الطهر الثاني شيء وكذلك إن تزوجها ثم طلقها أحدهما أو طلقاها لأن الوكيل قد انعزل كما بينا فلا يعود وكيلا إلا بنجديد عقد الوكالة وإنما كان وكيلا بإزالة الملك الأول وهذا ملك متجدد سوى الأول
ولو قال لوكيل واحد طلقها واحدة للسنة بألف درهم ففعل
هامش والخيار بحاله فإن اختار الزوج للبائن في الطهر الأول يقع الثاني في الطهر الثاني بإيقاع الوكيل بالرجعي لأنه بقي وكيلا والصريح يلحق البائن وإن اختار الرجعي في الطهر الأول لا يقع غيره لأن الوكيل بالرجعي انتهى وكالته فلا يصح إيقاعه في الطهر الثاني وإن أوقعا في الطهر الثاني معا أو على
____________________
(1/45)
الوكيل ذلك وطلقها الزوج واحدة للسنة بمائة دينار فقبلت ذلك كله وقد خرج الكلامان معا طلقت واحدة لما بينا وعليها أحد المالين لأن الواقع إحدى التطليقتين بغير عينها فإنه ليس طلاق الموكل بأقوى من طلاق الوكيل كما لو كانا بغير عوض والخيار إليها تعطيه أي المالين شاءت بمنزلة ما لو كان الزوج قال لها أنت طالق بألف درهم أو بمائة دينار فقبلت كان الخيار إليها تعطيه أي المالين شاءت والطلاق الواقع بائن لأنه وقع بحعل فإن طهرت من الحيضة الثانية لم يقع عليها شيء آخر لأنه إن كان الواقع في الطهر الأول طلاق الزوج لغا إيقاع الوكيل والطلاق بالشك لا يقع فإن قال لها الوكيل حين طهرت من الحيضة الثانية أنت طالق للسنة بألق درهم فقبلت لم يقع عليها شيء آخر أيضا لأنه إن كان الواقع في الطهر الأول طلاق الوكيل لم يقع بإيقاعه في الطهر الثاني شيء ولو كان الواقع في الطهر الأول طلاق
هامش التعاقب وقع تطليقتان وبانت بالأول أو بالثاني ولو أمره بان يطلقها بائنة للسنة ففعل الوكيل ذلك في الطهر وقال الزوج أنت طالق تطليقة رجعية للسنة
____________________
(1/46)
الموكل فقد انعزل الوكيل لأنها قد بانت بإيقاع الموكل فلهذا لا يقع شيء واختيار المرأة أداء الألف لا يكون دليلا على أن الواقع طلاق الوكيل وكذلك اختيارها أداء الدنانير لا يكون دليلا على أن الواقع طلاق الموكل لأن المال ينفصل عن الطلاق أداء كما ينفصل وجوبا على ما بينا أنه لو طلق المبانة بمال وقع الطلاق ولا يجب المال ولأن المال تكثر أسباب وجوبه في الجملة وولاية التعيين لها في المال دون الطلاق فلا يكون تعيينها المال موجبا تعيين الطلاق ألا ترى أنه لو كان احد المالين ألف درهم والآخر ألفي درهم يلزمها أقل المالين لكونه متيقنا به ولا يكون ذلك دليلا على أن الواقع هو الطلاق الذي قوبل بأقل المالين فكذا إذا تعين أحد المالين بتعيينها ولو كان الوكيل قال لها حين طهرت أنت طالق واحدة للسنة بألف درهم وقال لها الزوج أنت طالق
____________________
(1/47)
واحدة بمائة دينار فقبلت ذلك كله طلقت التطليقة التي طلقها الزوج بمائة دينار لأن طلاق الزوج هنا أعم وقوعا فإنه واقع للسنة كانت أو للبدعة والأوجه هنا أن تقول طلاق الزوج واقع تقدم أو تأخر وطلاق الوكيل لا يقع إلا أن يتقدم ولم يوجد شرط التقدم هنا فكان طلاق الزوج أولى كنكاح الحرة مع الأمة إذا اجتمعا جاز نكاح الحرة لأنه يصح تقدم أو تأخر ولا يجوز نكاح الأمة إلا بشرط التقدم ولم يوجد فإن طهرت من الحيضة الثانية فأعاد الوكيل عليها القول فقبلت لم يقع عليها شيء لأنها بانت بما أوقعها الموكل فانعزل الوكيل عن الوكالة فلا يقع عليها بإيقاعة شيء تزوجها الزوج أو لم يتزوجها وكذلك هذه الصورة في الطلاقين بغير عوض ما أوقعه الزوج أولى لأنه مطلق غير مقيد بصفة السنة بخلاف طلاق الوكيل فإنه يتقيد بصفة السنة سواء أطلقه الوكيل أو قيده بهذه الصفة فإن طهرت من الحيضة الثانية لم يقع عليها شيء آخر إلا أن يجدد الوكيل القول فحينئذ يقع عليها تطليقة أخرى لأن الواقع من الزوج في الطهر الأول هنا رجعي غير ناف للوكالة فلا
____________________
(1/48)
ينعزل به الوكيل فإذت طلقها في الطهر الثاني كان ممتثلا للأمر بالإيقاع في وقت السنة وكذلك لو كان الزوج سبق بالإيقاع ثم ثنى به الوكيل فإن كان الوكيل بدأ بالإيقاع في الطهر الأول ثم ثنى الزوج وقعت التطليقات في الطهر الأول أما ما أوقعه الوكيل فلأنه ممتثل للأمر بالإيقاع بصفة السنة وأما ما أوقعه الموكل فلأنه مطلق غير مقيد بصفة السنة
ولو قال لغيره طلقها تطليقة بائنة للسنة وقال لآخر طلقها تطليقة رجعية للسنة فلما طهرت قال لها كل واحد منها أنت طالق أو قال كل واحد منها أنت طالق تطليقة بائنة أو قال كل واحد منهما أنت طالق تطليقة رجعية أو قال المأمور بالرجعي أنت طالق تطليقة بائنة
هامش وخرج كلامهما معا فالواقع أحدهما وخيار التعيين إلى الزوج لما مر فإن لم يختر شيئا حتى حاضت وطهرت فالخيار على حاله لوقوع الشك في البينونة فإن اختار طلاق الوكيل في الطهر الأول بانت وتعلق طلاق الزوج
____________________
(1/49)
والمأمور بالبائن قال أنت طالق تطليقة رجعية والكلام منهما معا وقعت تطليقة واحدة في الفصول كلها والخيار إلى الزوج في الصفة لأن الوكيل ممتثل بإيقاع أصل الطلاق ولا قول له في الصفة لأن الصفة تتبع الأصل ولأن الصفة متعينة في حقه بما نص عليه الموكل فلا حاجة إلى تعيينها بالذكر فكان تنصيصه على خلافه لغوا كما لو قال للوكيل قبل الدخول طلقها واحدة رجعية أو قال للوكيل بإيقاعة الثالثة طلقها واحدة رجعية يقع الطلاق بصفة البينونة لكونها معينة فكذا هاهنا الواقع طلاق أحد الوكيلين والخيار إلى الزوج لأن التخيير بين البائن والرجعي مفيد فيخير كما لو قال لها بنفسه أنت طالق بطليقة بائنة أو رجعية للسنة كان الخيار في ذلك إليه فإن لم يختر شيئا حتى
هامش بمجيء الطهر الثاني فيقع وإن اختار الزوج طلاق نفسه في الطهر الأول كان كلام الوكيل لغوا لكونه تعليقا وللزوج الرجعة فإن طلقها الوكيل في الطهر
____________________
(1/50)
طهرت من الحيضة الثانية فطلقها المأمور بالتطليقة البائنة تطلق تطليقة بائنة ويبطل خيار الزوج لأنه إن كان الواقع في الطهر الأول طلاق هذا الوكيل فهو بائن وإن كان الواقع طلاق الوكيل الآخر فطلاق هذا الوكيل يقع بإيقاعه في الطهر الثاني فقد تيقنا بالبينونة فلهذا يبطل خيار الزوج ولكن لا يقع إلا واحدة لأنه إن كان الواقع في الطهر الأول طلاق هذا الوكيل لم يقع إلا واحدة وإن كان الواقع طلاق الوكيل الآخر وقعت ثنتان لكن الطلاق بالشك لا يقع وإن كان الوكيل بالرجعي هو الذي طلقها في الطهر الثاني فالزوج على خياره لأنا إنما نتيقن بوقوع التطليقة الرجعية عند إيقاعه وذلك لا يقطع خيار الزوج فإن اختار الزوج الرجعي في الطهر الأول لم تقع إلا واحدة وإن اختار الزوج التطليقة البائنة طلقت ثننتين لأن اختياره التطليقة البائنة بيان
هامش الثاني يقع وبانت لأنه بقي وكيلا ولو وكله بأن يطلقها رجعية للسنة فطلقها الوكيل في الطهر وطلقها الزوج بائنة للسنة معا فالواقع واحدة والتعيين إلى
____________________
(1/51)
منه أن الواقع في الطهر الأول طلاق الوكيل الأول وذلك لا يوجب عزل الوكيل الثاني لأن الصريح يلحق البائن فيقع ما أوقعه في الطهر الثاني لبقائه على الوكالة ولو كان الزوج إنما خير قبل أن يطلقها واحد من الوكيلين في الطهر الثاني شيئا فاختار إيقاع التطليقة البائنة وقعت تلك التطليقة وبقي الآخر على وكالته حتى إذا طلقها في الطهر الثاني وقع عليها تطليقتان لما بينا
ولو كان الزوج وكل رجلا واحدا بأن يطلقها بطليقة بائنة للسنة فلما طهرت طلقها الوكيل واحدة وطلقها الموكل بطليقة رجعية للسنة فالواقع تطليقة واحدة بغير عينها والخيار إلى الزوج لأن إيقاع الوكيل كإيقاع الموكل بنفسه في هذا الفصل فإن كل واحد منهما مقيد بصفة السنة فإن لم يختر شيئا حتى طهرت من الحيضة الثانية فالزوج على خياره فإن اختار التطليقة البائنة التي طلقها الوكيل طلقت
____________________
(1/52)
ثنتين لأن باختياره تبين أن الواقع في الطهر الأول طلاق الوكيل فلم يلغ طلاق الموكل بل صار مضافا إلى وقت السنة فكما طهرت من الحيضة الثانية وجد وقت السنة فلهذا تطلق ثنتين وإن أوقع الزوج عليها التطليقة التي طلقها هو في الطهر الأول لم يقع بطهرها شيء آخر لأن الإضافة من الوكيل بالتنجيز لغو إلا أن يجدد الوكيل الإيقاع في الطهر الثاني فحينئذ تطلق ثنتين بائنتين لأن الوكيل ممتثل أمره وما أوقعه بائن وإذا كان أحد الطلاقين بائنا لا يتصور أن يكون الواقع الآخر رجعيا ولو كان إنما وكل الوكيل بتطليقة رحعية للسنة فطلقها الوكيل في الطهر فطلقها الموكل واحدة بائنة للسنة وخرج الكلامان معا فاخيار للزوج لما بينا أن الواقع إحدى التطليقتين فإن طهرت من الحيضة الثانية قبل أن يختار شيئا وقعت
هامش الزوج لما مر فإن لم يختر شيئا حتى حاضت وطهرت ثانيا بانت بيقين لأن الواقع في الطهر الأول إن كان طلاق الوكيل تعلق طلاق الزوج
____________________
(1/53)
التطليقة البائنة لأنه إن كان الواقع في الطهر الأول هذه التطليقة فهي بائنة وإن كان الواقع في الطهر الأول طلاق الوكيل كانت التطليقة البائنة من الموكل مضافا إلى وقت السنة وقد وجد فلهذا حكمنا بوقوع التطليقة البائنة وأبطلنا خيار الزوج ولا نوقع أكثر من واحدة لتمكن الشك في الثانية وإن اختار الزوج قبل أن تطهر التطليقة الرجعية التي أوقعها الوكيل ثم طهرت طلقت ثنتين بائنتين لأنه لما تعين باختيار الزوج طلاق الوكيل واقعا بقي طلاق الزوج مضافا إلى وقت السنة وقد وجد فلهذا تبين بالثنتين وإن اختار الزوج وقوع البائنة قبل أن تطهر ثم طهرت لم يقع عليها إلا تلك الواحدة إلا أن يطلقها الوكيل بعد ما تطهر فحينئذ تقع عليها تطليقة أخرى لأنه باق على وكالته لم ينعزل بوقوع التطليقة البائنة من الموكل وكذلك لو قال الزوج بنفسه لها
هامش بمجيء الطهر الثاني فتبين لكن لا تقع طلقة أخرى لوقوع الشك فيها فإن
____________________
(1/54)
في طهرها أنت طالق تطليقتين للسنة إحداهما بائنة وقعت واحدة للحال والخيار للزوج لأن البائنة تكون للسنة كالرجعية فإن لم يختر الزوج شيئا حتى طهرت من الحيضة الثانية طلقت ثنتين بائنتين لأن إحدى التطليقتين وقعت من الزوج في الطهر الأول والأخرى صارت مضافة إلى وقت السنة وقد وجد وكذلك لو اختار الزوج إحداهما قبل أن تطهر ثم طهرت وقعت الأخرى وكون إحداهما بائنة يكفي لزوال الملك فلا يراجعها إلا بنكاح جديد
ولو قال للمدخول بها أنت طالق تطليقة بائنة أو تطليقة رجعية
هامش اختار الزوج طلاق الوكيل في الطهر الأول تقع أخرى في الطهر الثاني بكلام الزوج وإن اختار طلاق نفسه في الطهر الأول فكلام الوكيل لغو إلا أن يطلق في الطهر الثاني فتقع أخرى لأنه على وكالته ولو أن الزوج قال لامرأته في الطهر أنت طالق اثنتين للسنة إحداهما بائنة تقع واحدة والتعيين إلى الزوج فإذا حاضت وطهرت تقع أخرى وبانت بيقين إما بالأول أو بالثاني أحدهما ناجز والآخر يعلق بمجيء الطهر الثاني
____________________
(1/55)
فالخيار إلى الزوج لإدخال حرف التخيير بين الإيقاعين وهو مفيد فإن لم يختر شيئا حتى قال لها أنت طالق بائن أو خلية أو برية أو بتة أو حرام فقال عنيت بهذا الكلام تطليقة مستقبلة كان هذا اختيارا منه لإيقاع التطليقة الرجعية بالكلام الأول لأن حمل كلام العاقل على الصحة واجب ما أمكن فإن عقله ودينه يمنعان عن التكلم بما هو لغو وعبث ولو كان الواقعع بالكلام الأول البائن لغا كلامه الثاني لأن البائن لا يلحق البائن ولو كان رجعيا صح كلامه الثاني فلهذا جعلنا هذا اختيارا منه للتطليقة الرجعية بالكلام الأول بمنزلة من أعتق أحد عبديه ثم باع أحدهما كان ذلك اختيارا منه للعتق في الآخر واستوضح هذا بما لو
هامش
ولو قال الزوج لامرأته وقد دخل بها أنت طالق تطليقة بائنة أو رجعية يخير فإن قال بعد ذلك أنت خلية أو بريئة أو بتة أو بائن أو خلعها بمال أو
____________________
(1/56)
خلعها وهي في العدة بمال كان ذلك اختيارا منه للتطليقة الرجعية بالكلام الأول حتى يصح الخلع ويجب المال عليها فكذلك إذا وقعت البائنة فطلقت في الفصلين ثنتين الرجعية بالكلام الأول والبائنة بالكلام الثاني أو بالخلع وكذلك لو كان وكل وكيلا بخلعها قبل الطلاق الأول أو بعده فخلعها الوكيل بعدما طلقها الزوج الأول لأن خلع الوكيل كخلع الموكل بنفسه فيكون ذلك دليلا على أن الواقع بالكلام الأول التطليقة الرجعية ولو قال لها الزوج بعد الطلاق الأول خلعتك بألف درهم أو طلقتك بألف درهم فقالت لا أقبل لا يقع عليها بهذا شيء وكان هذا اختيارا منه الرجعية بالكلام الأول لأن إقدامه على الإيقاع بجعل دليل اختياره الرجعي وهو يتفرد بهذا الاختيار فيحصل ذلك قبل قبولها فلا يبطل بردها ولو كان قال لها بعدالطلاق الأول أنت طالق لم يكن هذا اختيارا لشيء من الطلاق الأول لأن الصريح يلحق البائن كما يلحق الرجعي وكلامه الثاني صحيح مع بقائه على خياره بحكم الكلام الأول ولو قال لها أنت طالق تطليقة رجعية يريد طلاقا مستقبلا كان هذا اختيارا منه للرجعية بالكلام الأول لأن الواقع الثاني لا يكون
هامش طلقها بمال وقبلت تقع أخرى ويجب المال وذلك منه بيان أن الأول
____________________
(1/57)
رجعيا إلا بعد أن يكون الأول رجعيا وكما يجب حمل كلامه على الصحة في أصل الطلاق فكذلك في الصفة ولو كان قال لها أنت طالق تطليقة بائنة يريد طلاقا مستقبلا كان هذا اختيارا للرجعة بالكلام الأول لأنه إنما أبانها بالكلام الثاني ولا يتصور ذلك إلا وأن يكون الأول رجعيا فلهذا جعلناه اختيارامنه للتطليقة الرجعية بالكلام الأول ولكن إذا اتصفت إحدى التطليقتين بأنها بائنة فهما جميعا بائنتان واستوضح هذا بما لو كان قال لامرأتين له لم يدخل بهما إحداكما
هامش رجعي لأن البائن يلحق الرجعي دون البائن وكذا لو قال لها أنت طالق بألف فلم تقبل لم يقع شيء ويكون منه بيانا أن الأول رجعي وكذا لو وكل وكيلا بالخلع قبل طلاقه الأول أو بعده فخلعها الوكيل بعد طلاقه الأول فهو كخلعه ويكون بيانا أن الأول رجعي وكذا لو قال الزوج أنت طالق تطليقة رجعية فهو بيان أن الأول رجعي لأن الثاني لا يكون رجعيا إلا وأن يكون الأول رجعيا ولو قال أنت طالق فهذا لا يكون بيانا لأن الصريح يلحق البائن فإن اختار أن يكون الأول رجعيا فله الرجعة وإن اختار أن يكون الأول بائنا فلا
____________________
(1/58)
طالق ثم طلق إحداهما بعينها تطليقة مستقبلة كان ذلك بيانا منه أن المطلقة بغير عينها هي الأخرى لأن المبتوتة قبل الدخول لا يقع عليها الطلاق فلا يمكن تصحيح الإيقاع الثاني إلا بأن تجعل المطلقة بغير عينها الأخرى ولو قال لامرأته المدخول بها أنت طالق واحدة بائنة أو واحدة رجعية ثم قال أنت طالق واحدة رجعية وقال أردت بهذا اختيار التطليقة الأولى لا إيقاعا مستقبلا فالقول قوله وكذلك لو قال لها أنت طالق تطليقة بائنة وقال أردت إيقاع التطليقة البائنة بالكلام الأول فالقول قوله ولا يقع إلا واحدة لأن الاختيار
هامش رجعة ولو قال لها بعد طلاقه الأول أنت طالق تطليقة أملك الرجعة وقال أردت به بيان الأول والإخبار صدق وكذا لو قال أنت طالق تطليقة بائنة وقال أردت بيان الأول والإخبار صدق حتى لا تقع إلا واحدة في الوجهين لأن هذه اللفظة تحتمل الإخبار والإنشاء فيصدق أيهما أراد به
ولو قال لامرأتيه ولم يدخل بهما إحداكما طالق ثم طلق إحداهما بعينها فهو بيان أن المراد بالأول الأخرى والله تعالى أعلم
____________________
(1/59)
والإيقاع بصفة واحدة لا تختلف صيغة الكلام فيهما وبعد الكلام الأول هو مالك لكل واحد منهما فأيهما قال أردت وجب قبول قوله بشهادة الظاهر فإن قال أردت به البيان لم يقع إلا واحدة وإن قال أردت إيقاعا مستقبلا طلقت ثنتين كما بينا
____________________
(1/60)
باب من الطلاق والعتاق في الصحة والمرض
رجل قال لامرأته في صحته أنت طالق أو عبدي حر قيل له أوقع على أيهما شئت لأنه خير نفسه بين الإيقاعين بإدخال حرف أو بين الكلامين فيجبر على البيان فإن مات قبل أن يبين قال أبو حنيفة رضي الله عنه اعمل العتق في العبد ولا اعمل الطلاق في المرأة ولها جميع الصداق والميراث وعلى العبد السعاية في نصف قيمته و
هامش باب من الطلاق والعتاق في المرض والصحة
بناه على أن كلمة أو إذا دخل بين الطلاق والعتاق يكون المراد أحدهما ويؤمر بالبيان وإذا مات قبل البيان بطل الطلاق عند أبي حنيفة رضي الله
____________________
(1/61)
قال محمد رحمه الله اعمل كل واحد منهما وقول أبي يوسف رحمه الله كقول محمد رحمه الله وإن لم يذكر هنا وجه قولهما انه لو خير نفسه بين طلاقين أو عتقين شاع فيهما عند فوت البيان بالموت فكذلك إذا خير نفسه بين طلاق وعتاق وهذا لأن في حالة الحياة المساواة بين الإيقاعين ثابتة حتى يؤمر ببيان أحدهما فكذلك بعد الموت تثبت المساواة بينهما وليس لأحد أن يقول اعمل العتق بعد الموت دون الطلاق إلا ويقول الآخر اعمل الطلاق دون العتاق لا يدري بما يحتج به على هذا القائل سوى انه تحكم من غير معنى وليس لأحد أن يقول بأن الطلاق لا يتجزى فإن العتق عندنا لا يتجزى أيضا ثم التجزي إنما يظهر في حكم الميراث والمهر وهو محل للتجزي كما لو كان التردد بين الطلاقين وأبو حنيفة رضي الله عنه يقول الطلاق بعد الموت لا يجوز أن يكون معلقا ولا أن يكون واجب الإيقاع فإن من قال لغيره طلق امرأتي بعد موتي أو قال لها أنت طالق بعد موتي بيوم كان لغوا والعتق يجوز أن يبقى معلقا بعد الموت وأن يكون واجب الإيقاع
هامش عنه لأنه لا يقبل التنصيف وثبت نصف العتق لأنه ينصف وعند محمد رضي الله عنه تعتبر الأحوال والعبد يدعي أن الواقع عتق لأنه أنفع له
____________________
(1/62)
فإن من قال لعبده أنت حر بعد موتي بيوم أو قال اعتقوه بعد موتي وجب إعتاقه وإذا ظهر التفاوت بينهما فباحتمال التعليق والوقوع بعد الموت يرجع العتق على الطلاق في الاعمال والمعنى فيه ان محل العتق ملك الرقبة وملك اليمين يجوز إبقاؤه بعد الموت حكما لحاجة الميت كما يبقى لتنفيذ وصاياه وقضاء ديونه فأما ملك النكاح لا يبقى بعد الموت لأنه ملك ضروري لا يظهر إلا في استباحة الوطء وقد فات ذلك بالموت وإنما يظهر في الطلاق في الحياة للحاجة إلى التقصي من عهدة النكاح عند عدم موافقة الأخلاق وقد حصل ذلك بالموت وإذا لم يبق ملك النكاح حقيقة ولا حكما بعد الموت لا يمكن إعمال الطلاق فإن قيل ينبغي أن يعتق جميع العبد إذا لم يبق الطلاق مزاحما له كما لو ماتت المرأة في حالة الحياة قلنا تعذر اعمال الطلاق لفوات محله كما قررنا ولكن لا يزداد به الاستحقاق الثابت للعبد وقد كان العبد في حالة الحياة مستحقا للحرية في حال دون حال فإنما يكون مستحقا
هامش والإبن يدعي أن الواقع طلاق وينكر العتق لأنه أنفع له والمرأة تدعي الطلاق إن كان أنفع لها وتردد ان كان أنفع له بيانه إذا قال لامرأة وعبده هذه طالق أو هذا حر ولم يدخل بالمرأة يؤمر بالبيان فأي إيجاب اختيار ثبت ذلك وبطل الآخر وإن مات قبل البيان بطل الطلاق وثبت نصف العتق عند
____________________
(1/63)
للحرية في نصفه وتقرر ذلك المقدر له عند موت المولى فلا يزداد بعد ذلك بتعذر إعمال الطلاق وأما إذا ماتت المرأة في حالة الحياة فقد زالت مزاحمتها قبل تقرر الاستحقاق لأنه تقرر الاستحقاق عند سقوط خيار المولى فأما ما دام حيا كان خياره باقيا فلهذا استحق العبد هناك جميع الحرية وهنا لا يستحق إلا نصف الحرية وهذا بخلاف الطلاقين والعتقين لأن هناك لا يظهر ترجيج أحدهما على الآخر بعد الموت ولأن هناك التنحيير بكلام واحد يثبت بأن يقول إحداهما طالق أو أحدهما حر وها هنا لايثبت إلا بكلامين بأن يقول امرأته طالق أو عبده حر وقد ظهر الترجيح لأحد الكلامين فصار الكلام الآخر لغوا ولأنا لو أعملنا الطلاق يتعذر اعمال العتق لأن الطلاق لا يحتمل التجزيء فإذا وقع نصفه وقع كله وبعد وقوع كل الطلاق بهذا الكلام لا يبقى العتق عاملا كما لو بين في حياته وبالإجماع اعمال العتق واجب وذلك لا يمكن إلا بإلغاء الطلاق وقوله بأن العتق عندي غير متجز
هامش أبي حنيفة رضي الله عنه لأنه أمكن اعتبار الأحوال بعد موت المعتق لأنه تصح إضافة العتق إلى ما بعد موته كقوله أنت حر بعد موتي فأمكن إنزال نصف العتق بعد الموت لأنه تتجزى عنده بخلاف الطلاق لأنه لا يمكن
____________________
(1/64)
لاكذلك فإن العتق في الجملة يحتمل التجزي ألا ترى أن رجلين لو اعتقا عبدا بينهما كان كل واحد منهما معتقا نصفه ومثله في الطلاق لا يتصور وثبوت الحكم باعتبار السبب فإذا ثبت إلغاء الطلاق لأبي حنيفة رضي الله عنه بقي حكم العبد وهو يعتق في حال دون حال لأنه إن كان هو المراد عتق وإن كان مراد الزوج هو الطلاق لم يعتق العبد فيعتق نصفه من جميع المال لأنه عتق الصحة ويسعى في نصف قيمته ثم تأخذ المرأة من ذلك صداقها وميراثها لأن انتهاء النكاح بالموت
هامش اعتبار الأحوال فيه بعد موته ولا يمكن إنزاله بعد موته ألا ترى انه لو قال أنت طالق بعد موتي كان باطلا ولأن الطلاق لا يتجزى لو ثبت نصفه ثبت كله وعند محمد وقيل أبو يوسف رضي الله عنهما معه ثبت نصف العتق وسقط نصف الصداق كالطلاق بين المرأتين والعتق بين العبدين إذا مات
____________________
(1/65)
لما لم يعمل الطلاق وقد تم الباب على قول أبي حنيفة رضي الله عنه وإنما نفرع المسائل على قولهما خاصة فنقول رجل قال في صحته لعبده وقيمته ألف درهم أو ألفان أو أكثر ولا مرأته ولم يدخل بها وقد تزوجها على ألف درهم أنت طالق أو عبدي حر ثم مات قبل أن يبين ولم يترك مالا سوى العبد وترك ابنا لا وارث له غيره عتق نصف العبد من جميع المال ويسعى في نصف قيمته قنا فتأخذ المرأة من ذلك نصق مهرها والباقي كله للابن لأن المرأة مدعية للطلاق فلا تستحق إلا نصف الصداق وإنما قلنا ذلك لأن أنفع الوجهين لها دعوى الطلاق فإنها إن أنكرت الطلاق تصير مقرة لعتق العبد ضرورة وعتق
هامش الزوج والمولى قبل البيان والفرق لأبي حنيفة رضي الله عنه أن في الطلاق بين المرأتين لم يترجح أحدهما لأن في حق كل واحد لا يتجزى ولا كذلك في العتق بين عبدين لأنه في حق كل واحد يتجزى ولأن العتق بينهما والصلاق بينهما يثبت بكلام واحد وهو قوله أحدكما حر أو إحداكما
____________________
(1/66)
الصحة يعتبر من جميع المال فلا يلزمه السعاية في شيء وإذا ادعت الطلاق فوصلت من جهته إلى شيء والظاهر أن الإنسان يدعي ما هو أنفع له إذا ثبت هذا نقول العبد يعتق في حال دون حال فيعتق نصفه ويسعى في نصف قيمته ثم هذه السعاية تركة للميت فتأحذ المرأة من ذلك نصف الصداق لأنها تدعي الطلاق فقد أقرت بأنه ليس لها إلا نصف الصداق وأقرت انه لا حق لها في الميراث وإقرارها حجة في حقها فإذا أخذت نصف الصداق كان ما بقي كله ملك الإبن لأنه يدعي الميراث فإن كان للميت مع العبد ألف درهم او أكثر عتق نصف العبد ويسعى في نصف قيمته لما بينا ثم للمرأة ثلاثة أرباع صداقها أما قدر النصف وهو خمسمائة تأخذ من جميع التركة من
هامش طالق وما ثبت بكلام واحد لا يتأتى فيه الترجيح أما هنا العتق والطلاق ثبت بكلامين فأمكن ترجيح العتق بمرجح ثم إن كان قيمة العبد ألفا ولا مال للميت سوى العبد فعند أبي حنيفة رضي الله عنه لما بطل الطلاق تأخذ المرأة جميع صداقها من سعاية العبد في النصف وثمن الباقي بالإرث وما بقي فللابن وعند محمد رضي الله عنه لها نصف الصداق لأنها مدعية أن الواقع
____________________
(1/67)
سعاية العبد والألف المتروكة لأنها في استحقاق هذا النصف لا تحتاج إلى إنكار الطلاق ولا إلى دعواه فكانت السعاية في هذا والمال الآخر سواء فتأحذ نصف الصداق من الكل حتى إذا كانت السعاية ألفا وألف آخر أخذت من ذلك نصفين من كل ألف مائتين وخمسين ثم ما بقي من سعاية العبد وذلك سبعمائة وخمسون للإبن خاصة لأنها لا تدعي لنفسها حقا في هذا فإنها إن ادعت الطلاق فليس لها إلا نصف الصداق وقد استوفت ذلك وإن أنكرت الطلاق فقد زعمت أن العبد عتق كله ولا سعاية عليه فلهذا كان ما بقي من السعاية للإبن خاصة وتأخذ ربع صداقها مما بقي من الألف المتروكة لأنها في هذا المال منكرة للطلاق والطلاق يقع عليها في حال دون حال فيتوزع نصف الصداق على الأحوال نصفين فيكون لها من ذلك ربع الصداق ثم تأخذ مما بقي من الألف نصف الثمن ميراثا لها لأنها في حال ترث الثمن وهو أن يكون العتق واقعا على العبد وفي حال لا شيء لها من الميراث وهو أن يكون الطلاق واقعا عليها فلهذا كان لها نصق الثمن وإن كانت السعاية ألفين بأن كانت قيمة العبد أربعة آلاف درهم أخذت نصف صداقها عن جميع التركة ثلثاه من السعاية والثلث من الألف ثم ما
هامش هو الطلاق لكونه أنفع لها لأنها لو أنكرت الطلاق يتعين العتق ولا سعاية على العبد لكون العتق في الصحة فلا يصل إليها شيء ولو ترددت وقالت
____________________
(1/68)
بقي من السعاية فهو للإبن خاصة لأن المرأة ليست بمدعية حقا لنفسها في هذه السعاية فيسلم للابن بالميراث وأخذت المرأة ربع صداقها مما بقي من الألف ونصف الثمن مما بقي بعد ربع الصداق بالميراث وكذلك إن كانت قيمة العبد ستة آلاف درهم وسعى العبد في ثلاثة آلاف أخذت المرأة نصف الصداق من جميع التركة أرباعا ثلاثة أرباعه من سعاية العبد وربعه من المال الآخر وما بقي من السعاية للإبن خاصة ثم تأخذ ربع الصداق من الألف المتروكة سوى السعاية ونصف ثمن ما بقي بالميراث لاعتبار الأحوال في النصف الآخر من صداقها وميراثها كما بينا فإن قال لها العبد قد أخذت ربع الصداق ونصف الميراث باعتبار إنكارك الطلاق وهذا إقرار منك
هامش إن كان الواقع هو الطلاق فلي نصف الصداق وإن كان الواقع هو العتاق فلا بد أن تقول لا شيء لي لأنه لا مال له سوى العبد فيتنصف النصف وإذا ادعت الطلاق يجب على العبد نصف السعاية لأنه يعتق في حال دون حال فيصل إليها نصف الصداق فكان دعوى الطلاق أنفع لها بيقين ثم لا شيء
____________________
(1/69)
أن العتق واقع علي وأن السعاية أخذت مني بغير عتق فردي علي مما أخذت لما أقررت بأنه أخذ مني بغير حق فليس له ذلك قبلها لأن المرأة تقول إنما يتوجه لك على هذه الحجة ان لو أخذت هذا من سعايتك أو كان ذلك دينا لك على الميت ولا شيء لك على الميت وإنما أخذت هذا من تركة الميت لا من سعايتك إنما ظلمك الإبن باستيفاء ما ليس له حق الاستيفاء منك فهو دين لك عليه وبأن ظلمك ليس لك أن تظلمني فتأخذ من حقي فلهذا لا يرجع العبد عليها بشيء من ذلك
هامش لها بالإرث لزعمها انها مطلقة قبل الدخول فما بقي فللإبن ثم التفريع بعد هذا على قول محمد رحمه الله وإن ترك الميت ألفا أخرى سوى العبد فلها ثلاثة أرباع الصداق عند محمد رحمه الله لأن هنا المرأة تقول الواقع أحدهما إما الطلاق أو العتاق لكونه أنفع لها لأنها تقول إن كان الواقع هو الطلاق فلها نصف الصداق وإن كان الواقع هو العتاق فلها جميع الصداق من الأف المتروك فلها النصف في حال والكل في حال والنصف بيقين
____________________
(1/70)
قال فإن كان الزوج مريضا عند مقالته والمسألة بحالها ثم مات ولم يدع مالا سوى العبد وقيمته ألف درهم وصداق المرأة ألف درهم فعلى العبد أن يسعى في جميع قيمته لأن العتق في المرض وصية فيعتبر من الثلث بعد الذين ونحن نتيقن انه لا وصية للعبد ها هنا لأنه إن كان مراد المولى العتق فعليه قيمته ألف درهم صداق المرأة وذلك مثل التركة وإن كان مراده الطلاق فالعبد مملوك يباع فقد علمنا انه لا وصية له إلا أن رقه يفسد لتناول العتق إياه من وجه وعليه السعاية في جميع قيمته ثم المرأة تدعي انها غير مطلقة وأن جميع الألف لها والإبن يقول بل وقع عليك الطلاق ولك خمسمائة فمقدار خمسمائة لها بيقين وما زال على ذلك يثبت في حال دون حال فيتنصف فتأخد
هامش وفي النصف الآخر شك فيتنصف فلها ثلاثة أرباع الصداق فإن كان السعاية خمسمائة بأن كانت قيمة العبد ألفا تأخذ ثلث نصف الصداق الصداق وهو السدس من السعاية وثلثي النصف وذلك سدسان من
____________________
(1/71)
سبعمائة وخمسين بقي مائتان وخمسون فهو كله للإبن بالميراث لأن المرأة لا تدعي فيما بقي إرثا فإنها تزعم أن التركة مستغرقة بالدين فلا يمكنها أن تأخذ شيئا فيما بقى بطريق الإرث ولا بطريق الدين لأنها قد استوفت ما ثبت لها شرعا من الدين باعتبار الأحوال فلا تستحق الزيادة على ذلك فلهذا كان الباقي كله للابن فإن كان العبد يساوي ثلاثة آلاف درهم والمسألة بحالها فعلى العبد أن يسعى في مقدار ألف
هامش الألف المتروك لأنها تأخذ هذا النصف بحكم الطلاق فتأخذ من جميع تركة الميت بقي ربع الصداق فتأخذه من الألف المتروك لأنها تأخذ هذا الربع بحكم النكاح وعدم الطلاق وعلى هذا الاعتبار لا سعاية على العبد بزعمها فلهذا تأخذ من الألف المتروك وإن كانت السعاية ألفا بأن كانت قيمته ألفين تأخذ النصف من السعاية والأف المتروك نصفين والربع من الألف المتروك لما مر ولها من الميراث نصف ثمن ما بقي من الأف المتروك لأنها تأخذ الإرث على اعتبار ثبوت العتق وعدم الطلاق وعلى هذا الاعتبار لا سعاية على العبد بزعمها فكان تركة الميت الألف المتروك
____________________
(1/72)
درهم أولا لأن هذا القدر من مالية رقبته يستحق بالدين في زعم العبد والمرأة فلا وصية له فيه وإذا أدى ألف درهم أخذت المرأة من ذلك سبعمائة وخمسين والباقي وهو مائتان وخمسون للابن كما بينا بقي من رقبته ألفا درهم العبد يدعي استحقاق ثلث ذلك بالوصية والوارث يقول لا وصية لك إنما الطلاق هو الواقع على المرأة فينقسم هذا
هامش فما ذهب منها بالدين صار كالعدم فيكون لها نصف ثمن ما بقي لأن الثمن ثابت في حال دون حال فيتنصف وإن كان سعاية العبد ألفين بأن كانت قيمة العبد أربعة آلاف تأخذ ثلث نصف الصداق هو السدس من الألف المتروك وثلثا النصف من السعاية ثم تأخذ الربع الباقي من الألف المتروك ثم لها نصف ثمن ما بقي لما مر وإن كانت السعاية ثلاثة آلاف بأن كانت قيمته ستة آلاف فإنها تأخذ نصف الصداق أرباعا ثلاثة أرباعه من السعاية وربعه من الألف المتروك ثم الربع الباقي من الألف المتروك ثم نصف ثمن ما بقي بحكم الإرث على ما مر وليس للعبد أن يقول لها لما أخذت الإرث وشيئا من الصداق بحكم النكاح فقد أقررت بالعتق وأن لا سعاية علي فيقال له أقرت له بالعتق في حال دون حال فلهذا تأخذ نصف ثمن ما بقي وإن كان القول في المرض ثم مات ولا مال له سوى العبد وقيمته ألف درهم والمهر ألف فالعبد يسعى في جميع قيمته لأن العتق ثابت في حال دون حال ففسد رقه والعتق في المرض وصية وانه مؤخر عن الدين
____________________
(1/73)
الثلث نصفين باعتبار الأحوال نصفه للعبد وذلك ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث ونصفه للابن لأن المرأة لا تدعي ميراثا في هذا القدر بل تزعم انه سالم للعبد بطريق الوصية بقي من رقبته ألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث المرأة تدعي ثمن ذلك بالميراث والإبن يقول وقع الطلاق عليك فلا ميراث لك فكان لها نصف الثمن من ذلك وذلك ثلاثة وثمانون وثلث وللإبن ما بقي وذلك ألف ومائتان وخمسون ثم تأتي المرأة إلى العبد فتقول قد وصل إليك ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث وقد وافقتني أن الطلاق لم يقع علي وانه قد بقي من صداقي مائتان وخمسون فهو دين مقدم على الوصية والميراث فتضم ما في يدك بطريق الوصية إلى ما أخذته بطريق الميراث وذلك ثلاثة وثمانون وثلث لأستوفي من ذلك ما بقي من ديني أولا فلا تجد بدا من نعم فإذا جمعت ما في
هامش والدين مستغرق للتركة بزعم العبد لأنه يقول الواقع هو العتق دون الطلاق ووجب لها كل الصداق والمرأة تصدقه في ذلك لكنها تأخذ من السعاية ثلاثة أرباع الصداق لكون الطلاق ثابتا في حال دون حال على ما مر بقي مائتان وخمسون من السعاية وذلك للإبن لأن المرأة تدعي ذلك بجهة المهر لا بجهة الإرث لأنها إنما تدعي ذلك على اعتبار العتاق دون الطلاق وعلى اعتبار العتق الدين مقدم على الإرث والابن منكر لها وذلك لأنه يقول الواقع هو الطلاق دون العتق لأنه أنفع له وإن كانت قيمة العبد ثلاثة
____________________
(1/74)
أيديهما كان الكل أربعمائة وست عشر وثلثين أخذت المرأة من ذلك مائتين وخمسين وما بقي وهو مائة وستة وستون وثلثان يكون مقسوما بينهما أخماسا على مقدار حقهما وحق المرأة كان في ثلاثة وثمانين وثلث فاجعل ذلك سهما وحق العبد في ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث فيكون ذلك أربعة أسهم فلهذا كان ما بقي في أيديهما مقسوما على خمسة خمسه وهو ثلاثة وثلاثون وثلث للمرأة وأربعة أخماسه وهو مائة
هامش آلاف فإنه يسعى بقدر الدين وهو الألف بزعمه لكونه مقدما على الوصية تأخذ المرأة من ذلك ثلاثة أرباعها بحكم الصداق لما مر والباقي وذلك مائتان وخمسون للابن لأن المرأة تدعي ذلك بحكم الدين والابن ينكر لأنه يدعي الطلاق بقي من قيمة العبد ألفان فالعبد يدعي ثلث ذلك بحكم الوصية وذلك ستمائة وستة وستون وثلثان وانه ثابت في حال دون حال فيتنصف فللعبد نصفه وذلك ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث النصف الآخر للابن ولا حق للمرأة في ذلك لأنها تقول ان ذلك حق العبد لا حق لي فيه والابن يدعيه بقي من التركة ألف وثلث ألف تأخذ المرأة بحكم الإرث نصف ثمن ما بقي لما مر وذلك ثلاثة وثمانون وثلث الباقي وذلك ألف ومائتان وخمسون للابن ثم تجيء المرأة إلى العبد فتقول أخذت بحكم الوصية ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلثا وإني أخذت بحكم الإرث ثلاثة وثمانين وثلثا وقد بقي من ديني مائتنان وخمسون بزعمك وانه مقدم على الميراث والوصية فيضم ما أخذت بالإرث إلى وصية العبد فتكون الجملة أربعمائة وستة عشر وثلثين تأخذ المرأة من ذلك بقية دينها مائتين وخمسين وتبقى
____________________
(1/75)
وثلاثة وثلاثون وثلث للعبد وإن شئت قسمت بالسهام فقلت ما بقي من رقبته بعد الألف يجعل اثني عشرة سهما والعبد والمرأة يتصادقان وصية العبد من ذلك الثلث وهو أربعة وأن ميراث المرأة الثمن فيما بقي وهو سهم مما بقي من بعد الدين يضرب العبد فيه بأربعة والمرأة بسهم فلهذا كان مقسوما بينهما أخماسا ثم نقول جميع ما وصل إلى المرأة مرة سبعمائة وخمسون ومرة مائتنان وخمسون ومرة ثلاثة وثلاثون وثلث فذلك ألف وثلاثة وثلاثون وثلث والإبن أخذ مرة مائتين وخمسين ومرة ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث والإبن أخذ مرة مائتين وخمسين ومرة ثلاثمائة وثلاثة و ثلاثين وثلثا ومرة ألفا ومائتين وخمسين فيكون جميع ذلك ألفا وثماني مائة وثلاثة وثلاثين وثلثا
هامش مائة وستة وستون وثلثان يقسم ذلك بين العبد والمرأة أخماسا سهم من ذلك للمرأة وذلك ثلاثة وثلاثون وثلث والباقي للعبد فسقط عنه لأن حق المرأة كان في ثلاثة وثمانين وثلث فيجعل ذلك سهما واحدا وحق العبد كان في ثلثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث فيصير ذلك أربعة أسهم فالمرأة مرة أخذت سبع مائة وخمسين ومرة مائتين وخمسين ومرة ثلاثة وثلاثين وثلثا فجملته ألف وثلاثة وثلاثون وثلث والابن مرة أخذ مائتين وخمسين ومرة ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين
____________________
(1/76)
ووصل إلى العبد مائة وثلاثة وثلاثون وثلث وذلك جميع قيمة العبد وإن كانت قيمة العبد ألف درهم وترك الميت ألفي درهم سوى ذلك فنقول لا وصية للعبد بقدر الألف وللمرأة ثلاثة أرباع ذلك وربعه للابن كما بينا وثلث ما بقي وذلك ستمائة وستة وستون وثلثان المرأة لا تدعي في ذلك شيئا فللعبد نصف ذلك بطريق الوصية وذلك ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث ونصفه للابن بقي الألف وثلث ألف
هامش وثلثا ومرة ألفا ومائتين وخمسين فجملته ألف وثمانمائة وثلاثة وثلاثون وثلث وسلم للعبد مائة وثلاثة وثلاثون وثلث فذلك قيمة جميع العبد وإن كان قيمة العبد ألفا وترك الميت ألفي درهم سوى العبد فإن العبد يسعى أولا بقدر الدين وذلك ألف لكونه مقدما على الوصية تأخذ المرأة من ذلك الألف ثلاثة أرباعها والباقي للابن لما مر بقي ألفان نصف ثلثه للعبد وذلك ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث والنصف الآخر للابن لا حق للمرأة فيه لما مر بقي من التركة ألف وثلث ألف تأخذ المرأة بالإرث نصف ثمنه ويضم ذلك إلى وصية العبد ثم تأخذ من ذلك بقية مهرها مائتين وخمسين ويقسم الباقي بين العبد والمرأة أخماسا على ما مر
____________________
(1/77)
للمرأة من ذلك نصف الثمن كما بينا ثم تضم المرأة ذلك إلى ما في يد العبد فتستوفي منه بقية صداقها أولا والباقي مقسوم بينهما أخماسا كما بينا فكان السالم من رقبة العبد مائة وثلاثة وثلاثون وثلث ويسعى فيما بقي ثم التخريج كما بينا في المسألة الأولى
____________________
(1/78)
باب قسمة الكيلي من الصنفين بعضه شراء ببعض
رجلان بينهما أربعون قفيز حنظة وأربعون قفيز شعير بينهما نصفان فاقتسماها على أن يأخذ أحدهما ثلاثين قفيز حنطة وعشرة أقفزة شعير والآخر ثلاثين قفيز شعير وعشرة أقفزة حنطة فذلك جائز
هامش باب قسمة الكيل من الصنفين يكون بعضه شراء
بناه على أن الشريكين إذا اقتسما مكيلا من جنسين فما يأخذ أحدهما يكون ثلثه بقديم ملكه فبالاستحقاق لا يرجع على أحد وثلثه يأخذه
____________________
(1/79)
تقابضا أو لم يتقابضا لأن الذي أخذ ثلاثين قفيز حنطة ثلث ذلك وهو عشرة أخذ باعتبار قديم ملكه وثلثه وهو عشرة أخذه بالمقاسمة لأن صاحبه قد أخذ مثله وهو عشرة أقفزة حنطة وثلثه أخذ بالمعاوضة عوضا عما أخذ صاحبه من نصيبه من الشعير وأخذ من الشعير عشرة أقفزة كله بالمقاسمة لأنه دون نصيبه من الشعير وصاحبه قد أخذ ثلاثين قفيزا من الشعير عشرة بالمقاسمة كما أخذه هو وعشرة باعتبار قديم ملكه وعشرة بالمعاوضة فإنما تحقق بينهما معاوضة عشرة أقفزة حنطة بعشرة أقفزة شعير وذلك جائز تقابضا أو لم يتقابضا لأ ن التقابض في المجلس في بيع الطعام بالطعام ليس بشرط إذا كانا عينين فإن جاء المستحق واستحق خمسة عشر قفيزا من الحنطة من يد من أخذ ثلاثين قفيز
هامش بالمقاسمة وهو ما أخذ صاحبه مثله ويرجع بنصفه على شريكه ليكون ضرر الاستحقاق عليهما وثلثه يأخذه عوضا عما ترك لصاحبه من خلاف جنسه فبالاستحقاق يرجع بالمعوض بيانه رجلان بينهما أربعون قفيز حنطة وأربعون قفيز شعير نصفين فاقتسما على أن يأخذ أحدهما
____________________
(1/80)
حنطة بالبينة فإنه رجع على صاحبه بخمسة أقفزة شعير وقفيزين ونصف حنطة به أجاب في الكتاب وأورد المسألة بعينها في كتاب القسمة فقال يرجع بربع العشرة المخاتيم الشعير واتفقوا إن ذكر العشرة هناك غلط وقع من الكاتب وإنما الصحيح انه يرجع بربع المخاتيم الشعير وهو ربع ثلاثين قفيزا من شعير سبعة أقفزة ونصف وقيل ما ذكره في كتاب القسمة استحسان والقياس ما ذكر هاهنا وهو الأصح وجه هذه الرواية انه لو استحق جميع الحنطة من يده يرجع على صاحبه بعشرة أقفزة شعير وخمسة أقفزة حنطة لأن عشرة أقفزة من الحنطة عوضه عشرة أقفزة من الشعير واستحقاق أحد العوضين يثبت لصاحبه حق الرجوع بالعوض الآخر وعشرة أقفزة من الحنطة كان في يده بحكم المقاسمة وقد استحق فيكون ضرر المستحق على
هامش ثلاثين قفيز حنطة وعشرة أقفزة شعير والآخر ثلاثين قفيز شعير وعشرة أقفزة حنطة ثم استحق من الذي أخذ ثلاثين قفيز حنطة خمسة عشر قفيز حنطة يرجع على صاحبه بخمسة أقفزة شعير وقفيزين ونصف قفيز حنطة لأنه أخذ
____________________
(1/81)
الشريكين نصفين بقدر ملكهما فيرجع على صاحبه بخمسة أقفزة حنطة فإذا ظهر أن عند استحقاق الكل يرجع بهذا القدر فعند استحقاق النصف يرجع بنصفه اعتبارا للبعض بالكل أو نقول المستحق من يده خمسة عشر قفيزا ثلث ذلك مما كان في يده باعتبار ملكه القديم فلا يرجع به على أحد وثلثه مما أخذ بالمقاسمة فيرجع على شريكه بنصف ذلك وذلك قفيزان ونصف من الحنطة وثلثه مما أخذه بطريق المعاوضة فيرجح بعوضه وهو خمسة أقفزة من الشعير وجه رواية كتاب القسمة أن شيئا من المستحق لا يجعل من المأخوذ بطريق المقاسمة لأن القسمة للتمييز وقطع المنازعة فيجب إبقاؤها ما أمكن كما قالوا في دار بين رجلين اقتسماها وأخذ أحدهما النصف من المقدم والآخر النصف من المؤخر وصاحب المؤخر يمكنه أن يفتح بابه من جانب آخر فلا طريق له عن نصيب صاحب المقدم وسواء ذكر الحقوق
هامش ثلث الحنطة بحكم قديم ملكه وبالاستحقاق عليه لا يرجع على أحد وثلثه وهو عشرة بحكم المقاسمة لأن صاحبه أخذ مثله فبالاستحقاق يرجع بنصفه
____________________
(1/82)
والمرافق في القسمة أو لم يذكرا وبمثله لو باع النصف المؤخر من إنسان بحقوقه ومرافقه استحق الطريق في النصف المقدم وقيل القسمة للتمييز فيجب القول بتمييز نصيب أحدهما عن نصيب الآخر من كل وجه ما أمكن وذلك بأن لا يبقى له طريق في نصيب صاحبه فكذلك ها هنا يجب إبقاء القسمة بينهما ما أمكن فلا يجعل شيء من المستحق مما أخذه بالمقاسمة لإبقاء القسمة بينهما ولكن يجعل نصفه من المأخوذ بقديم ملكه فلا يرجع به على أحد ونصفه وهو سبعة أقفزة ونصف من المأخوذ بالمعاوضة فيرجع بعوضه وذلك سبعة أقفزة ونصف قفيز من شعير ولا خيار للمستحق عليه على الروايتين جميعا في نقض هذه المعاوضة لأن المكيل لا يضره التبعيض فاستحقاق البعض لا يثبت له خيارا فيما بقي وإن كان المرجوع إليه قد استهلك ما أخذه بتصرفه غرم لصاحبه مثله ولو كان المستحق
هامش على شريكه وثلثه وهو عشرة أخذها عوضا عن عشرة أقفزة شعير التي تركها لصاحبه فبالاستحقاق يرجع بالمعوض فهنا إذا استحق نصفه وهو خمسة عشر
____________________
(1/83)
عشرة أقفزة حنطة والمسألة بحالها رجع على صاحبه بقفيز وثلثي قفيز حنطة وثلاثة أقفزة وثلث قفيز شعير أما على الطريق الأول فلأن المستحق ثلث الحنطة ولو استحق الكل كان رجوعه بعشرة أقفزة شعير وخمسة أقفزة حنطة فإذا استحق الثلث يرجع بثلث ذلك وهو ثلاثة أقفزة وثلث قفيز شعير وقفيز وثلثا قفيز حنطة وأما على الطريق الآخر فلأن ثلث المستحق مما أخذه بقديم ملكه فلا يرجع به على غيره وثلثه مما أخذه بالمعاوضة فيرجع على صاحبه بعوضه وهو ثلاثة أقفزة وثلث قفيز شعير وثلثه مما أخذه بالمقاسمة فيرجع على صاحبه بنصفه وهو قفيز وثلثا قفيز حنطة ولو كان المستحق من يديه خمسة أقفزة حنطة رجع على شريكه بخمسة أسداس قفيز حنطة وبقفيز وثلثي قفيز شعير أما على طريق اعتبار البعض بالكل فلأن المستحق سدس الحنطة فإنما يرجع بسدس ما كان يرجع لو استحق الكل فسدس
هامش خمسة من ذلك ما أخذه بقديم ملكه فلا يرجع به على أحد وخمسة أخذ بالمقاسمة فيرجع بنصفه على شريكه وهو قفيزان ونصف قفيز حنطة وخمسة عوض من خمسة من الشعير فيرجع بعوضه وهو خمسة أقفزة شعير وذكر هذه المسألة بعينها في كتاب القسمة وقال يرجع على صاحبه بسبعة أقفزة
____________________
(1/84)
عشرة أقفزة شعير قفيز وثلثا قفيز وسدس خمسة أقفزة حنطة خمسة أسداس قفيز وعلى الطريق الآخر فثلث المستحق أخذه بقديم ملكه وثلثه وهو قفيز وثلثا قفيز أخذ بالمعاوضة فيرجع بعوضه على شريكه وهو قفيز وثلثا قفيز شعير وثلثه مما أخذه بالمقاسمة فيرجع على شريكه بنصفه وهو خمسة أسداس قفيز حنطة فإن لم يستحق من هذا الشريك من الحنطة وإنما استحق من يد الآخر نصف العشرة الأقفزة الحنطة رجع على شريكه بقفيزين ونصف من الحنطة لأن العشرة الأقفزة كلها في يده بالمقاسمة لا معاوضة عن شيء منها فإذا استحق خمسة أقفزة رجع على شريكه بنصفها قفيزين ونصف من الحنطة ليكون ضرر الاستحقاق عليهما جميعا ولأنه لو استحق كلها
هامش شعير ونصف قفيز شعير وصرف المستحق نصفه وهو سبعة ونصف إلى قديم ملكه فلا يرجع به ونصفه وهو سبعة نصف إلى الثلث الذي أخذه بالمعاوضة عن الشعير ولم يصرف شيئا من ذلك إلى ما أخذه من
____________________
(1/85)
رجع على صاحبه بنصفها خسمة أقفزة فكذا إذا استحق النصف اعتبارا للبعض بالكل ثم ذكر انه لو استحق من يد صاحبه من الأقفزة الشعير نصفها أو ثلثها وهو على التخريج الذي قلنا
رجلان بينهما أربعون قفيز حنطة وأربعون قفيز شعير لأحدهما ثلثاها فاقتسماها فأخذ صاحب الثلثين ثلاثين قفيز حنطة وعشرة أقفزة شعير وصاحب الثلث ثلاثين قفيز شعير وعشرة أقفزة حنطة فالقسمة جائزة لأن صاحب الثلثين أخذ ثلاثين قفيز حنطة عشرون منها بالمقاسمة فإن شريكه أخذ عشرة أقفزة حنطة وحقه ضعف حق شريكه فعرفنا انه أخذ عشرين قفيزا بالمقاسمة من الحنطة وعشرة أقفزة أخرى من الحنطة أخذ ثلثاها وهو ستة وثلثان بقديم ملكه وثلثها وهو ثلاثة أقفزة وثلث بالمعاوضة وعشرة أقفزة من الشعير أخذ كلها بالمقاسمة
____________________
(1/86)
وشريكه أخذ ثلاثين قفيز شعير خمسة أقفزة من ذلك بالمقاسمة لأن صاحب الثلثين أخذ من الشعير عشرة أقفزة فلصاحب الثلث نصف ذلك وهو خمسة اقفزة وخمسة وعشرون قفيزا من الشعير أخذ ثلثه بقديم ملكه وذلك ثمانية أقفزة وثلث وثلثاه بالمعاوضة أخذه عوضا مما أخذه صاحبه من نصيبه من الحنطة وذلك ثلاثة أقفزة وثلث قفيز فإنما تمكنت المعاوضة بينهما في ثلاثة أقفزة وثلث من حنطة بستة عشر قفيزا وثلثي قفيز من شعير وذلك جائز لاختلاف الجنس وإنما صرفنا الجنس إلى خلاف الجنس احتيالا لتصحيح العقد كما قلنا في بيع درهم ودينار بدرهمين ودينارين فإن استحق من الذي قبض ثلاثين قفيز حنطة خمسة عشرة قفيزا فلا خيار له فيما بقي لما قلنا أن المكيل مما يبعض فلا ضرر عليه في إبقاء المعاوضة فيما وراء المستحق ولكن يرجع على شريكه بثلاثة أقفزة وثلث قفيز حنطة وبثمانية أقفزة
هامش المقاسمة إبقاء للمقاسمة وما ذكر هنا أصح وإن استحق عشرة أقفزة حنطة فنقول ثلث منها وهو ثلاثة وثلث قديم ملكه فلا يرجع على أحد وثلاثة وثلث أخذه بالمقاسمة فيرجع بنصفه وذلك قفيز وثلثا قفيز وثلاثة وثلث
____________________
(1/87)
وثلث قفيز شعير لأنه لو استحق جميع الحنطة التي في يده كان رجوعه على شريكه بستة أقفزة وثلثي قفيز حنطة وبستة عشر قفيزا وثلثي قفيز شعير لأن عشرين قفيز حنطة في يده بالمقاسمة فعند الاستحقاق يرجع على شريكه بثلثه ليكون ضرر المستحق عليهما بقدر ملكهما وذلك ستة أقفزة حنطة وثلثا قفيز وعشرة أقفزة في يده ثلثاها بقديم ملكه فلا يرجع به على أحد وثلثها بالمعاوضة فيرجع بعوضه وذلك ستة عشر وثلثان من الشعير فإذا استحق النصف يرجع بنصف ذلك وذلك ثلاثة أقفزة وثلث قفيز حنطة وثمانية أقفزة وثلث قفيز شعير اعتبارا للبعض بالكل وعلى الطريقة الثانية عشرة أقفزة من المستحق مما أخذه بالمقاسمة فيرجع على شريكه بثلثها وهو ثلاثة أقفزة وثلث قفيز حنطة وثلاثة أقفزة وثلث قفيز مما أخذه بقديم ملكه فلا يرجع به على أحد وقفيز وثلثا قفيز ما أخذه بالعاوضة فيرجع بعوضها على شريكه
هامش بحكم المعاوضة فيرجع بالمعوض وهو ثلاثة أقفزة شعير وثلث قفيز شعير ولو كان المستحق خمسة أقفزة حنطة رجع بخمسة أسداس قفيز حنطة وقفيز شعير وثلثي قفيز شعير بالطريق الذي قلنا وإن لم يستحق من الذي أخذ ثلاثين قفيز حنطة شيء لكن استحق من شريكه نصف العشرة الأقفزة حنطة
____________________
(1/88)
وعوضها خمسة أمثالها من الشعير لما بينا أن المعاوضة بينهما لما كانت في ثلاثة أقفزة وثلث قفيز حنطة بستة عشر قفيزا وثلثي قفيز شعير فكان بإزاء كل قفيز من الحنطة خمسة أقفزة من الشعير وخمسة أمثال قفيز وثلثي قفيز ثمانية أقفزة وثلث فلهذا رجع من الشعير بهذا المقدار ولو كان المستحق من يده عشرة أقفزة حنطة والمسألة بحالها رجع على شريكه بقفيزين وتسعي قفيز من الحنطة وبخمسة أقفزة وخمسة أتساع قفيز من الشعير أما على الطريقة الأولى فلأن المستحق ثلث الحنطة فيرجع على شريكه بثلث ما يرجع لو استحق الكل وثلث ستة أقفزة وثلثي قفيز من الحنطة وتسعا قفيز وثلث ستة عشرة وثلثي قفيز شعير خمسة أقفزة وخمسة أتساع قفيز
هامش رجع على صاحبه بقفيزين ونصف قفيز حنطة لأنه أخذ الكل بالمقاسمة لأن شريكه أخذ مثله فيرجع بنصف ما استحق عليه ثم ذكر من جانبه انه لو استحق خمسة عشر قفيز شعير أو ثلثها فهو على التخريج الذي بينا
ولو كان لأحدهما الثلثان من الجنسين يعني ستة وعشرين وثلثين من الحنطة وستة وعشرين وثلثين من الشعير ولآخر الثلث ثلاثة عشر وثلث من
____________________
(1/89)
وعلى الطريقة الأخرى قلنا ثلثا العشرة مما في يده بالمقاسمة وهو ستة وثلثان فعند الاستحقاق يرجع على شريكه بثلث ذلك من الحنطة وهو قفيزان وتسعا قفيز بقي ثلاثة وثلث وقفيزان وتسعا قفيز من ذلك مما كان في يده بحكم قديم ملكه فلا يرجع به على أحد وقفيز وتسع مما أخذه بالمعاوضة فيرجع بعوضه وعوضه خمسة أمثاله من الشعير وذلك خمسة أقفزة وخمسة أتساع ولو كان المستحق من يده خمسة أقفزة حنطة رجع على شريكه من الحنطة بقفيز وتسع ومن الشعير بقفيزين وسبعة أتساع أما على طريق اعتبار البعض بالكل لأن المستحق سدس الكل فيرجع بسدس ما يرجع لو استحق الكل وسدس ستة أقفزة وثلثي قفيز حنطة قفيز وتسع وسدس ستة عشر وقفيزا وثلثي قفيز شعير قفيزان وسبعة أتساع فلهذا يرجع بهذا القدر وعلى الطريق الثاني فلأن ثلاثة أقفزة وثلث من الخمسة المتسحقة أخذه
هامش الحنطة وثلاثة عشر وثلث من الشعير فاقتسما على أن يأخذ أحدهما وهو صاحب الثلثين ثلاثين قفيز حنطة وعشرة أقفزة شعير وصاحب الثلث ثلاثين
____________________
(1/90)
بالمقاسمة فرجع على صاحبه بثلثه وهو قفيز وتسع بقي قفيز وثلثا قفيز ثلثاه وهو قفيز وتسع أخذه بقديم ملكه وثلثه وهو خمسة أتساع قفيز أخذه بالمعاوضة فرجع بعوضه وذلك خمسة أمثاله من الشعير وذلك قفيزان وسعبة أتساع لأن خمسة أمثال خمسة أتساع خمسة وعشرون تسعا فإذا جعلت كل تسعة قفيزا فثمانية عشر تكون قفيزين وسبعة أتساع إلى تمام خمسة وعشرين ولو كان المستحق مما في يده نصف الشعير وهو خمسة أقفزة رجع على شريكه بقفيز وثلثي قفيز شعير لأن العشرة الأقفزة كلها في يده بالمقاسمة ولو استحق الكل يرجع على شريكه بثلثها ثلاثة وثلث فإذا استحق النصف يرجع على شريكه
هامش قفيز شعير وعشرة أقفزة حنطة جاز بطريق صرف الجنس إلى خلاف الجنس فيما فيه معاوضة فلو استحق من صاحب الثلثين خمسة عشر قفيز حنطة يرجع إلى صاحبه بثلاثة أقفزة وثلث قفيز حنطة وثمانية أقفزة وثلث قفيز شعير لأن صاحب الثلثين أخذ عشرين قفيزا من الحنطة بالمقاسمة فإن
____________________
(1/91)
بنصف ذلك الثلث وهو قفيز وثلثا قفيز شعير ولو كان المستحق نصف العشرة الأقفزة الحنطة التي في يد الآخر رجع على شريكه بثلاثة أقفزة وثلث قفيزة حنطة لأن الكل في يده بالمقاسمة ولو استحق الكل من يده يرجع على شريكه بثلثيها ستة أقفزة وثلثي قفيز حنطة ليكون ضرر المستحق عليهما بقدر ملكهما فإذا استحق نصف ذلك رجع على شريكه بثلثي هذا النصف وهو ثلاثة أقفزة قفيز حنطة ليكون ضرر المستحق عليهما بقدر الملك
رجلان بينهما كر حنطة وكر شعير لأحدهما ثلاثة أربعاعهما وللآخر ربعهما فاقتسما واصطلحا على أن يأخذ صاحب ثلاثة الأرباع
هامش صاحبه أخذ عشرة وحقه ضعف حقه فكل ما استحق من الذي أخذ بالمقاسمة يكون عليهما أثلاثا ليكون الاستحقاق على قدر ملكهما فإذا
____________________
(1/92)
ثلاثين قفيز حنطة وعشرة أقفزة شعير وصاحب الربع ثلاثين قفيز شعير وعشرة أقفزة حنطة فالصلح على هذا جائز والسبيل في تخريج هذه أن نقول لا يجعل شيء مما أخذه كل واحد منهما له بالمقاسمة لأنه إن جعل كذلك أدى إلى الربا فإن صاحب ثلاثة الأرباع أخذ ثلاثة أرباع الحنطة وذلك بمقدار حقه والآخر أخذ ربع الحنطة وصاحب الربع أخذ ثلاثين قفيز شعير وحقه من ذلك عشرة أقفزة فيبقى عشرون قفيزا أخذه من نصيب صاحبه من غير أن يعطى صاحبه بمقابلته عوضا وهذا هو الربا بعينه فعرفنا انه لا وجه لجعل ما أخذ كل واحد منهما له بالمقاسمة ولكن الطريق فيه اعتبار المعاوضة وقديم الملك فصاحب الأرباع الثلاثة أخذ ثلاثين قفيز حنطة ثلاثة أرباع ذلك اثنان
هامش استحق خمسة عشر فالعشرة منه مما أخذه بالمقاسمة فيرجع على صاحبه بثلثه وهو ثلاثة وثلث بقي خمسة فثلثاه أخذه بقديم ملكه فلا يرجع على أحد وثلثه وذلك قفيز وثلثان عوضا عن خمسة أمثاله من الشعير وهو ثمانية وثلث فيرجع عليه بذلك لأن المعاوضة بينهما كان في ثلاثة أقفزة وثلث قفيز حنطة
____________________
(1/93)
وعشرون قفيزا ونصف حقه وربعه سبعة أقفزة ونصف أخذه من نصيب شريكه وأخذ أيضا عشرة أقفزة شعير ثلاثة أرباعه حقه وربعه قفيزان ونصف أخذه من نصيب صاحبه وصاحب الربع أخذ ثلاثين قفيزا ربعه سبعة أقفزة ونصف حقه واثنان وعشرون ونصف أخذه من نصيب صاحبه فيتحقق المعاوضة بينهما في سبعة أقفزة ونصف قفيز حنطة باثنين وعشرين قفيزا ونصف قفيز من شعير وأخذ أيضا عشرة أقفزة حنطة قفيزا ونصف حقه وسبعة أقفزة ونصف أخذه عوضا عن قفيزين ونصف قفيز من شعير الذي أخذ صاحبه وهذه معاوضة صحيحة وإنما صرفنا الجنس إلى خلاف الجنس احتيالا لتصحيح القعد كما هو مقصود المتعاقدين فإن استحق خمسة عشر قفيز حنطة
هامش وستة عشر قفيزا وثلثي قفيز شعير لأن الذي أخذ ثلاثين قفيز حنطة أخذ عشرين قفيز حنطة بالمقاسمة وستة وثلثين بقديم ملكه بقي ثلاثة وثلث
____________________
(1/94)
مما في يد صاحب الثلاثة الأرباع رجع على شريكه بأحد عشر قفيزا وربع قفيز شعير لأنه لو استحق جميع الحنطة في يده رجع على شريكه باثنين وعشرين قفيزا ونصف قفيز شعير فإذا استحق النصف رجع بنصف ذلك وعلى الطريق الآخر نقول المستحق خمسة عشر قفيزا ثلاثة أرباعه مما كان أخذه بقديم ملكه وربعه وهو ثلاثة اقفزة وثلاثة أرباع قفيز مما أخذه بطريق المعاوضة فيرجع بعوضه على شريكه وعوضه ثلاثة أمثال من الشعير لأن اثنين وعشرين قفيزا ونصفا ثلاثة أمثال سبعة أقفزة ونصف وثلاثة أمثال ثلاثة وثلاثة أرباع يكون
هامش أخذه بالمعاوضة والذي أخذ ثلاثين قفيز شعير أخذ خمسة بالمقاسمة لأن صاحبه أخذ عشرة أقفزة شعير وحقه نصف حقه بقي خمسة وعشرون وثلث أخذه بقديم ملكه وهو ثمانية وثلث بقي ستة عشر وثلثان أخذ عوضا عن ثلاثة أقفزة وثلث قفيز حنطة وذلك خمسة أمثاله ولو استحق عشرة أقفزة حنطة رجع على صاحبه بقفيزين وتسعي قفيز حنطه وخمسة أقفزة شعير
____________________
(1/95)
أحد عشر قفيزا وربع قفيز شعير فيرجع بذلك عليه ولو كان المستحق منه عشرة أقفزة حنطة رجع على شريكه بسبعة أقفزة ونصف قفيز شعير لأنه استحق جميع الحنطة رجع باثنين وعشرين قفيزا ونصف قفيز شعير فإذا استحق ثلاثة رجع بثلث ذلك ولأن ثلاثة أرباع المستحق مما كان أخذه بقديم ملكه وربعه أخذه بالمعاوضة وذلك قفيزان ونصف وعوضه ثلاثة أمثاله من الشعير كما بينا ولو كان المستحق منه خمسة أقفزة حنطة رجع على شريكه بثلاثة أقفزة وثلاثة أرباع قفيز شعير لأن المستحق سدس الحنطة فيرجع بسدس ما كان رجع لو استحق الكل وسدس اثنين وعشرين ونصف ثلاثة وثلاثة
هامش وخمسة أتساع قفيز شعير لأن العشرة المستحقة ثلثاه وذلك ستة وثلثان أخذ بحكم المقاسمة لما مر أن المأخوذ بالمقاسمة من جانبه الثلثان وقد استحق ذلك عليهما أثلاثا فيرجع بثلثه وذلك قفيزان وتسعا قفيز بقي ثلاثة وثلث قفيز فثلثا أخذه بقديم ملكه فلا يرجع على أحد وذلك قفيزان وتسعا قفيز بقي قفيز وتسع قفيز حنطة أخذه بالمعاوضة فيرجع بعوضه من الشعير وهو خمسة أمثاله وذلك خمسة أقفزة وخمسة أتساع قفيز شعير ولو كان المستحق خمسة أقفزة فنقول ثلثاه وذلك ثلاثة وثلث قفيز أخذه بحكم المقاسمة فيرجع بثلثه وذلك قفيز وتسع قفيز بقي قفيز وثلثا قفيز وذلك بالأجزاء خمسة عشر تسعا فثلثاه أخذ بقديم ملكه وذلك عشرة بقي خمسة أتساع أخذه عوضا عن خمسة أمثاله من الشعير وذلك قفيزان وسبعة أتساع قفيز شعير ولو كان المستحق
____________________
(1/96)
أرباع ولأن ربع المستحق وهو قفيز وربع أخذه بالمعاوضة فيرجع على صاحبه بعوضه وهو ثلاثة أمثاله من الشعير وذلك ثلاثة أقفزة وثلاثة أرباع قفيز ولو كان المستحق منه نصف العشرة الأقفزة الشعير رجع على شريكه بثلاثة أقفزة حنطة وثلاثة أرباع قفيز لأنه لو استحق الكل من يده رجع بسبعة أقفزة ونصف من الحنطة فإذا استحق النصف رجع بنصف ذلك وعلى الطريق الآخر نقول ربع المستحق وهو قفيز وربع أخذه بطرق المعاوضة فيرجع بعوضه وعوضه ثلاثة أمثاله من
هامش مما في يده نصف الشعير وهو خمسة أقفزة رجع على شريكه بقفيز وثلثي قفيز شعير لأن العشرة الأقفزة من الشعير في يده كلها بالمقاسمة لأن صاحبه أخذ مثل نصفه فالمستحق يكون عليهما أثلاثا على قدر ملكهما ثلثه على صاحبه فيرجع بذلك وهو ما قلنا ولو استحق من يد الذي أخذ ثلاثين قفيز شعير نصف الحنطة هو خمسة أقفزة رجع على صاحبه بثلاثة أقفزة وثلث قفيز حنطة لأن الكل في يده بالمقاسمة فثلثا المستحق وقع على صاحبه ورجع عليه بذلك وحكم استحقاق الشعير لم يذكره وتخريجه على ما ذكرنا
____________________
(1/97)
الحنطة وذلك ثلاثة أقفزة وثلاثة أرباع ولو استحق من صاحب الربع عشرة أقفزة شعير فإنه يرجع على شريكه بقفيزين ونصف قفيز حنطة لأنه لو استحق جميع الشعير من يده رجع بسبعة أقفزة ونصف قفيز حنطة فإذا استحق ثلث الشعير من يده رجع بثلث ذلك وذلك قفيزان ونصف ولأن ربع المستحق أخذه باعبتار ملكه القديم وثلاثة أرباعه أخذه بالمعاوضة فيرجع بعوضه وعوضه مثل ثلثه من الحنطة وثلث سبعة أقفزة ونصف قفيزان ونصف ولو استحق منه خمسة أقفزة
هامش
ولو كان الكران بينهما أرباعا ربعه لأحدهما وثلاثة أرباعه للآخر فاقتسما على أن يأخذ صاحب ثلاثة الأرباع ثلاثين قفيز حنطة وعشرة أقفزة شعير وصاحب الربع يأخذ ثلاثين قفيز شعير وعشرة أقفزة حنطة فهنا لا يمكن اعتبار المقاسمة لأنه يؤدي إلى الربا لأن صاحب ثلاثة الأرباع أخذ ثلاثين قفيز حنطة وهو مقدار حقه والآخر أخذ ربع الحنطة وهو عشرة وهو مقدار حقه أيضا وصاحب الربع أخذ ثلاثين قفيز شعير حقه من ذلك عشرة بقي عشرون أخذه من غير أن يعطي لصاحبه بمقابلته شيئا وهذا هو الربا
____________________
(1/98)
حنطة رجع على شريكه بقفيز وربع لأنه لو استحق من يده جميع ما في يده من الحنطة يرجع على شريكه بقفيزين ونصف قفيز من شعير فإذا استحق نصفه يرجع بنصف ذلك ولأن ربع المستحق أخذه بقديم ملكه وثلاثة أرباعه كان أخذه بالمعاوضة وذلك ثلاثة أقفزة وثلاثة أرباع فيرجع بعوضه على شريكه وعوضه مثل ثلثه من الشعير وهو قفيز وربع
هامش بعينه ولكن الطريق فيه اعتبار المعاوضة وقديم الملك فنقول أخذ صاحب ثلاثة الأرباع ثلاثين قفيز حنطة ثلاثة أرباعه وذلك اثنان وعشرون ونصف بقديم ملكه والباقي وذلك سبعة ونصف أخذه عوضا عن اثنين وعشرين ونصف قفيز شعير لأن صاحب الربع أخذ ثلاثين قفيز شعير ربعه وذلك سبعة ونصف بقديم ملكه والباقي وذلك اثنان وعشرون ونصف عوضا فثبت بالبرهان أن المعاوضة تثبت بين سبعة ونصف من الحنطة وبين اثنين وعشرين ونصف من الشعير وهو ثلاثة أمثال الحنطة فلو استحق كل الحنطة من يد صاحب ثلاثة الأرباع يرجع باثنين وعشرين ونصف من الشعير ولو استحق نصف الحنطة رجع بأحد عشر وربع قفيز من الشعير ولو استحق
____________________
(1/99)
وإذا كان بينهما كر حنطة وكر شعير نصفين فاقتسما واصطلحا على أن يأخذ أحدهما خمسة وعشرين قفيز حنطة وخمسة عشر قفيز شعير وأخذ الآخر خمسة وعشرين قفيز شعير وخمسة عشر قفيز حنطة فالقسمة جائزة لأن الذي أخذ خمسة وعشرين قفيز حنطة أخذ عشرين قفيزا باعتبار قديم ملكه وخمسة أقفزة أخذ من نصيب صاحبه والآخر أخذ خمسة وعشرين قفيز شعير عشرون باعتبار قديم ملكه و خمسة أقفزة من نصيب صاحبه فإنما تمكنت المعاوضة بينهما في خمسة أقفزة حنطة بخمسة أقفزة شعير وذلك جائز فإن استحق من خمسة وعشرين قفيز حنطة عشرة أقفزة حنطة فإنه يرجع على شريكه
هامش سدسه وهو خسمة أقفزة فذلك سدس جميع الحنطة رجع بسدس اثنين وعشرين ونصف وذلك ثلاثة وثلاثة أرباع قفيز شعير ولو استحق من يد صاحب ثلاثة الأرباع نصف الشعير وهو خمسة رجع بثلاثة أقفزة وثلاثة أرباع قفيز حنطة لأنه أخذ ثلاثة أرباع الشعير بقديم ملكه بقي قفيز وربع قفيز أخذه عوضا عن ثلاثة أمثاله من الحنطة وذلك ما قلنا ولو استحق من يد صاحب الربع ثلث الشعير وهو عشرة أقفزة رجع بقفيزين ونصف من الحنطة لأنه أخذ الربع من الشعير بقديم ملكه وثلاثة أرباعه وهو سبعة ونصف عوضا عن مثل ثلثه من الحنطة وذلك ما قلنا
ولو كان الكران بينهما نصفين فاقتسما على أن يأخذ أحدهما خمسة وعشرين قفيز حنطة وخمسة عشر قفيز شعير ويأخذ الآخر خمسة وعشرين
____________________
(1/100)
بثلاثة أقفزة حنطة وبقفيزين من الشعير لأن هذه العشرة أربعة أخماسها من العشرين قفيزا بقديم ملكه وخمسها وذلك قفيزان من المأخوذ بالمعاوضة وعوضه قفيزان من الشعير فيرجع بذلك وأربعة أخماسه وذلك ثمانية أقفزة لما كان من العشرين قفيزا فقد بقي له مما أخذه من العشرين قفيزا اثنا عشر وإنما حقه في خمسة عشر لأنه لما استحق العشرة تبين أن الباقي بينهما ثلاثون قفيزا لكل واحد منهما خمسة عشر فإذا كان الباقي له من ذلك اثني عشر رجع على صاحبه
هامش قفيز شعير وخمسة عشر قفيز حنطة ثم استحق من يد صاحب خمسة وعشرين قفيز حنطة عشرة فإنه يرجع على صاحبه بثلاثة أقفزة حنطة وقفيزين من شعير لأن الذي أخذ خمسة وعشرين قفيز حنطة أخذ عشرين بقديم ملكه وخمسة عوضا وكذا صاحبه أخذ عشرين قفيز شعير بقديم ملكه وخمسة عوضا فكانت المعاوضة بين خمسة أقفزة حنطة وخمسة أقفزة شعير وانه جائز فإذا استحق من يد صاحب خمسة وعشرين قفيز حنطة عشرة أقفزة فخمسها وذلك قفيزان من العوض فيرجع بالمعوض وذلك قفيزان من شعير وأربعة أخماس المستحق وذلك ثمانية من العشرين الذي هو حقه فتبين انه سلم له اثنا عشر
____________________
(1/101)
بثلاثة أقفزة حتى تسلم له خمسة عشر كمال حقه أو نقول أن للمستحق خمسا ما في يده من الحنطة ولو استحق جميع الحنطة من يده رجع على شريكه بسبعة أقفزة ونصف قفيز حنطة وبخمسة أقفزة شعير فإذا استحق خمساه رجع بخمسي ذلك وخمسا سبعة أقفزة ونصف قفيز حنطة ثلاثة أقفزة وخمسا خمسة أقفزة شعير قفيزان فلهذا يرجع على شريكه بهذا المقدار والله أعلم
هامش بقديم ملكه وينبغي أن يكون له خمسة عشر لأن باستحقاق عشرة تبين أن حنطتها كانت ثلاثين قفيزا نصفين لكل واحد خمسة عشر وقد سلم له اثنا عشرة فيرجع بثلاثة فيكمل له خمسة عشر وقد سلم لصاحبه خمسة عشر من الحنطة معنى لأنه بقي له اثنا عشر من الحنطة وثلاثة وعشرون من الشعير عشرون من ذلك قديم ملكه وثلاثة عوض عن ثلاثة أقفزة حنطة
____________________
(1/102)
باب من المواريث التي تكون فيها وصية فتبطل وصيته ويبطل الميراث
مريض له ابنا عم اخوان مملوكان كان قيمتهما ألفا درهم فاشتراهما بألفي درهم ولا مال له غيرهما فالشراء جائز لأن اشتراءهما بمثل قيمتهما والمريض غير محجور عن الشراء بمثل القيمة وهما مملوكان له على حالهما لأن قرابة ابن العم قرابة بعيدة فلا توجب العتق عليه عند دخوله في ملكه فإن أعتق أحدهما بعينه ثم
هامش باب من المواريث التي تكون فيها الوصية فتبطل الوصية ويبطل الميراث
بناه على أن الإعتاق يتجزىء عنه أبي حنيفة رضي الله عنه وعندهما لا يتجزىء وأن العتق في المرض مقدم على سائر الوصايا وتصرف المريض إذا كان لا يتحمل النقص كالإعتاق يتوقف عنده يعني في الزيادة على الثلث دفعا
____________________
(1/103)
وهب الآخر له ثم مات المريض وله مولى أعتقه لا وارث له غيره ففي قياس قول أبي حنيفة رضي الله عنه لا يعتق ابن العم الموهوب بقرابته من أخيه لأن من أصله أن ما يحتمل النقض من تصرفات المريض يجعل نافذا للحال وما لا يحتمل النقض يجعل موقوفا لما في تيفيذه من إلحاق الضرر بالورثة ودفع الضرر واجب ولأن مريضه متردد بين أن يتعقبه برء فيكون بمنزلة حالة الصحة في نفوذ تصرفاته وبين أن يتصل به الموت فيكون بمنزلة حالة الموت فيتوقف تصرفه ما لا يحتمل النقض على ما يتبين في الثاني والعتق مما لا يحتمل النقض فكان إعتاقه أحد ابني عمه موقوفا فحين مات من مرضه تبين انه كان وصية فيتعبر من ثلث ماله والعتق في الثلث مقدم على الهبة وثلث ماله ثلثا رقبته فتجب عليه السعاية في ثلث قيمته والمستسعي بمنزلة المكاتب عند أبي حنيفة رضي الله عنه ولما وهب له أخاه جازت الهبة لأنه
هامش للضرر عن الورثة إلى أن يبرأ أو يموت لأن مرضه محتمل بيانه مريض اشترى ابني عمه بمثل قيمتهما ثم أعتق أحدهما بعينه ووهب الآخر له ثم مات وله مولى أعتقه ولا مال له غير ابني العم فعلى قياس قول أبي حنيفة
____________________
(1/104)
يحتمل النقض بعد وقوعه فإنما ملك المكاتب أخاه فلا يتكاتب عليه عند أبي حنيفة رضي الله عنه ولكنه بقي عبدا فترد الهبة فيه بعينه فصار الحاصل أن عليه رد الموهوب إلى مولى العتاقة وثلث قيمة نفسه بطريق السعاية ويسلم له بالوصية ثلثا رقبته وأما على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله فإعتاق المريض إياه نافذ سواء وجبت السعاية عليه أو لم تجب لأن المستسعي عندهما حر عليه دين ولما وهب أخاه صحت الهبة وعتق عليه بقرابته وصارا وارثين له لأن ابن العم مقدم على مولى العتاقة ولا وصية للوارث فتجب على المعتق السعاية في جميع قيمته لرد الوصية ووجب عليه قيمة أخيه أيضا لرد الهبة
هامش رضي الله عنه يسعى العبد في ثلث قيمته لمولى المريض ويرد الموهوب إليه لأن عنده يوقف الإعتاق لأنه لا يحتمل النقض فإذا مات المريض وانفذ وصية ينفذ العتق في ثلث ماله وهو ثلثا رقبة المعتق ويسعى في ثلثه وترد الهبة لأنه وصية والعتق مقدم عليه فيرد إلى مولى المريض لأن ابني العم لا يرثان لأن أحدهما معتق البعض عنده وانه بمنزلة المكاتب
____________________
(1/105)
وصارت القيمتان ميراثا بينهما نصفين يسقط عنه يصفه وذلك نصيبه من الميراث ويغرم لأخيه نصف قيمة نفسه ويصف قيمة أخيه فإن كان للمريض مال سوى هذا فذلك المال أيضا بينهما نصفان بالميراث وإن كان المعتق الأول معسرا أخذ أخوه نصف ذلك المال بالميراث والنصف الآخر حصة أخيه يأخذه بما استوجب عليه من نصف القيمتين إن كان من جنس حقه لأن صاحب الدين متى ظفر بجنس حقه من مال من عليه الدين أخذه وإن كان من خلاف جنس حقه رفعه إلى القاضي ليبيعه بدينه فإن من أصلهما أن القاضي يبيع على
هامش والمكاتب ليس بوارث والآخر عبد قن وعند أبي يوسف ومحمد رضي الله عنهما إعتاق المريض نافذ في الحال لقيام الملك وصح هبة المريض الأخ له فملكه وعتق عليه بالقرابة فإذا مات المريض كان وارثه ابني عمه دون مولى المريض وظهر أن الإعتاق والهبة كان وصية للوارث ولا وصية للوارث فيجب على المعتق جميع قيمته ردا للوصية ويجب عليه أيضا قيمة أخيه ردا للوصية فتكون القيمتان بينهما نصفين تسقط عن المعتق حصته وذلك نصف قيمته ونصف قيمة أخيه ويجب عليه لأخيه نصف قيمته ونصف قيمة أخيه
____________________
(1/106)
المديون ماله أما على قول أبي حنيفة رضي الله عنه إن كان ما ترك الميت من المال بحيث لا يخرج رقبة المعتق من الثلث فهذا وما تقدم سواء في التخريج وإنما يسلم للمعتق بقدر الثلث من رقبة وعليه السعاية فيما زاد على ذلك للمولى مع رقبة الآخر وما ترك الميت من المال وإن كان بحيث يخرج رقبة المعتق من الثلث عتق كله بغير سعاية وملك أخاه بالهبة فعتق عليه بالقرابة أيضا وكان الميراث بينهما إلا أن الثلث مستحق بالعتق وهو مقدم على الهبة فيجب عليه رد قيمة أخيه والمال المتروك بينهما نصفان فإذا كان هو معسرا أخذ أخوه نصف ذلك ميراثه ويأخذ من النصف الآخر نصف قيمة نفسه إن كان من جنس حقه وإن لم يكن من جنس حقه رفع الأمر إلى القاضي ليبيعه فإن للقاضي ولاية بيع التركة حتى يصل إلى صاحب الدين كمال
هامش فإن كان المعتق معسرا وترك الميت مالا آخر أخذ الأخ نصفه بالميراث ويأخذ من نصيب المعتق ما وجب له عليه من الدين إن كان من جنس حقه وإن كان عروضا رفع الأمر إلى القاضي فيبيعه بدينه وعلى قول أبي حنيفة
____________________
(1/107)
حقه ولأن المعتق الأول صار مستوفيا لنصيبه وذلك نصف قيمة الموهوب فلا يسلم ذلك له حتى يسلم ذلك لأخيه مثل ذلك فلهذا يرجع في تركة الميت بنصف قيمة نفسه حتى يستويا فإن قيل لما صار المعتق الأول وارثا كيف تسلم له رقبته بطريق الوصية ولا وصية للوارث قلنا نعم أبو حنيفة يجمع بين الميراث والوصية ها هنا لضرورة الدور لأنا لو لم ننفذ الوصية له وجب عليه السعاية في قيمته فيصير مكاتبا والمكاتب ليس بوارث فتصح الوصية له وإذا صحت الوصية سقطت السعاية فصار وارثا فلا يزال يدور هكذا وقطع الدور واجب فلهذه الضرورة جمع له بين الوصية والميراث كما قال في المبسوط
هامش رضي الله عنه إن ترك الميت مالا آخر ولا تخرج رقبة المعتق من الثلث فالجواب هكذا وإن كان يخرج رقبته من الثلث عتق كله بغير سعاية لكونه مقدما على سائر الوصايا وملك أخاه بالهبة منه وعتق عليه بالقرابة غير انه يجب على المعتق نصف قيمة أخيه لأن عتق المعتق استغرق جميع الثلث فإن كان المعتق معسرا أخذ الأخ نصف ما ترك الميت بالميراث ويأخذ ما
____________________
(1/108)
مريض اشترى ابنه وهو يخرج من ثلث ما له عتق عليه وورث في قول أبي حنيفة رضي الله عنه لضرورة الدور جمع بين الوصية والميراث فهذا مثله وكذلك لو كان الميت لم يدع وارثا غير ابني عم هذين فهذا والأول سواء في قول أبي يوسف رضي الله عنه وهو قول محمد رضي الله عنه لما بينا أن عندهما هما حران وهما الوارثان دون مولى العتاقة فوجود مولى العتاقة وعدمه سواء فأما عند أبي حنيفة رضي الله عنه إذا لم يدع وارثا غيرهما عتق الأول بإعتاقه لأن الوصية إنما تعتبر من الثلث ممن له وارث وحين أعتقه لم يكن له وارث فنفذ عتقه ولم يجب عليه السعاية في شيء فإذا ملك أخاه بالهبة
هامش وجب له على المعتق وهو نصف قيمته من نصيب أخيه على ما مر فإن قيل لما صار المعتق وارثا وعتقه وصية فكيف الجمع بين الوراثة والوصية قيل له أبو حنيفة رضي الله عنه يجوز ذلك ضرورة الدور لأنه لو بطلت الوصية يصير مستسعى وانه بمنزلة المكاتب فتصح له الوصية فإذا صحت له الوصية عتق كله بغير سعاية فيصير وارثا فلهذه الضرورة يجوز الجمع كالمريض إذا اشترى ابنه وهو يخرج من ثلث ما له عتق بغير سعاية ويكون وارثا عند أبي حنيفة رضي الله عنه وإن كان العتق وصية وإن لم يكن للميت مولى عتاقه فالجواب عندهما لا يتفاوت لأن إبني العم يعتقان ويرثان على ما مر فأما
____________________
(1/109)
فيعتق عليه وصارا وارثين له فيضمن لأخيه نصف قيمته لأن رد الهبة واجب وتعذر رده بالعتق وصار الموهوب له كالمستهلك فيضمن لأخيه حصته وذلك نصف قيمته ولا يضمن من قيمة نفسه له شيئا لضرورة الدور الذي قررناه ويستوي إن كان للميت مال آخر أو لم يكن لأنا لو أوجبنا عليه السعاية فيما زاد على قدر الثلث صارا غير وارثين له فلا تبطل الوصية فيما زاد على الثلث فلضرورة الدور قلنا لا سعاية عليه في شيء من قيمة نفسه
ولو ترك الميت ابن عم آخر حرا والمسألة بحالها ففي قياس قول أبي حنيفة رضي الله عنه إن كان للميت مال آخر يخرج المعتق الأول من ثلثه عتق المعتق الأول وعتق المعتق الثاني على أخيه
هامش عند أبي حنيفة رضي الله عنه إن لم يكن مولى عتاقه عتق المعتق كله بغير سعاية سواء كان له مال آخر أو لم يكن لأن اعتبار الثلث إنما يكون لحق وارث آخر و ملك أخاه بالهبة له وعتق بالقرابة ويجب على المعتق نصف قيمة أخيه لأخيه ردا للهبة ولا يجب عليه من قيمة نصيبه شيء لأنه يؤدي إلى الدور على ما مر ويستوى في ذلك إن كان له مال آخر أو لم يكن
____________________
(1/110)
بملكه إياه فصار الميراث بينهم أثلاثا ويضمن المعتق الأول ثلثي قيمة العبد الثاني بين المعتق الثاني وابن العم الحر نصفين ويسلم له رقبته بطريق الوصية لضرورة الدور على ما قلنا ولا يسلم له العبد الموهوب إما لأن العبد المعتق قد استغرق الثلث أو لأن هذه وصية للوارث ولا ضرورة في تنفيذ هذه الوصية له فوجب عليه رد الموهوب وقد تعذر رده فيجب عليه رد قيمته فيسلم له من ذلك الثلث ويغرم لشريكيه ثلثيه فإن لم يدع الميت مالا غيرهما
هامش
وإن كان للميت ابن عم آخر حر فإن كان له مال آخر مقدار ما يخرج رقبة المعتق من الثلث عتق المعتق بغير سعاية وعتق أخوه بالقرابة والميراث بينهم أثلاثا وضمن المعتق ثلثي قيمة الموهوب لأخيه ولابن العم الحر ردا للهبة وسقط عنه نصيبه وإن لم يكن للميت مال آخر يجب على المعتق الأول السعاية في ثلث قيمته وعتق ثلثاه لأنه ثلث مال الميت
____________________
(1/111)
وجب على المعتق الأول السعاية في ثلث قيمته وكان بمنزلة المكاتب فيرد العبد الموهوب عبدا قنا لابن العم الحر فإن كان أخوه عتق عليه بقرابة منه وإن لم يكن أخا له فهو عبده وأما على قول أبي يوسف ومحمد رضي الله عنهما فقد صارا حرين كما بينا ترك الميت مالا آخر أو لم يترك ويضمن المعتق الأول ثلثي قيمة نفسه وثلثي قيمة العبد الموهوب بين الموهوب وابن العم الحر بالميراث نصفين لأنهم جميعا ورثته فما ترك الميت يكون بينهم أثلاثا
هامش وتبطل الهبة في الأخ الموهوب ويكون عبدا قنا ويكون ملكا لابن العم الحر بالميراث دون المعتق الأول لأنه معتق البعض فلا يرث شيئا وعتق الأخ على ابن العم الحر إن كان أخاه بالقرابة وإن لم يكن فهو عبده وعلى قولهما الأخوان حران سواء كان للميت مال آخر أو لم يكن لما مر ويضمن المعتق ثلثي قيمة نفسه وثلثي قيمة الموهوب بين الموهوب وابن العم الحر
____________________
(1/112)
ولو كان الميت ترك أخا لأب وأم والمسألة بحالها ففي قياس قول أبي حنيفة رضي الله عنه إن كان المعتق الأول يخرج من الثلث بأن كان الميت ترك مالا آخر عتق المعتق الأول بالوصية ويعتق الموهوب بقرابته منه ويكون الميراث كله للأخ لأن الأخ مقدم على ابن العم فإن كان تخرج رقبتهما من الثلث فلا شيء على المعتق الأول وإن كان لا يخررج رقبتهما من الثلث فعلى المعتق الأول ضمان ما زاد على الثلث للأخ لأن السالم له بطريق الوصية قدر الثلث وإن لم يكن للميت مال سواهما فإنما عتق من المعتق الأول بقدر ثلثيه ولزمته السعاية في ثلث قيمته فكان بمنزلة المكاتب فلا يعتق عليه الموهوب ولكنه يرده على الأخ مع ثلث قيمته بطريق السعاية وعلى قول أبي يوسف
هامش نصفين لأنهما جميعا ورثته فما ترك الميت يكون بينهم أثلاثا تسقط حصته عنه
ولو كان الميت ترك أخا لأب وأم والمسألة بحالها فإن كان للميت مال آخر يخرج المعتق وأخوه من الثلث عتقا بغير شيء المعتق بالإعتاق
____________________
(1/113)
ومحمد رحمهما الله الجواب في الفصلين سواء وهما حران ويسلم للمعتق الأول قدر ثلث مال الميت بطريق الوصية من قيمة الرقبتين وعليه ما زاد على الثلث للأخ لأب وأم
فإن كان الموهوب لم يكن أخا للمعتق الأول ولكنه كان ابنه ولم يترك الميت مالا سواهما فعلى قول أبي حنيفة رضي الله عنه لا ينقض الهبة هنا في الموهوب لأن المعتق الأول لما وجب عليه
هامش وأخوه بالقرابة وإن لم يكن له مال آخر سواهما عتق ثلثاه وسعى في ثلث قيمته لأخ الميت وتبطل الهبة ويكون عبدا لأخ الميت دون ابن العم وعلى قولهما عتق المعتق وأخوه بكل حال على ما مر فإن لم يكن له مال آخر سعى فيما زاد على ثلث مال الميت لأخ الميت
____________________
(1/114)
السعاية في ثلث قيمته صار بمنزلة المكاتب والمكاتب إذا تملك ابنه يتكاتب عليه فتعذر نقض الهبة في رقبته ويصير الأول كالمستهلك فيضمن للأخ قيمة الموهوب مع ثلث قيمة نفسه ويسلم له ثلثا رقبته بطريق الوصية فإذا أدى ما وجب عليه من السعاية وهو ثلث قيمة رقبته عتق هو وابنه معه وقيمة ابنه دين عليه فإن مات المعتق الأول قبل أن يستسعي في ذلك سعى فيه ابنه لأنه قد دخل في كتابته فيقوم مقام أبيه بعد موت الأب فيما كان واجبا عليه وذلك ثلث قيمة المعتق الأول وجميع قيمة الابن وعلى قولهما لا يجب على
هامش
ولو كان مكان أخ المعتق ابنه فإن لم يكن له مال آخر سواهما فعلى قول أبي حنيفة رضي الله عنه عتق ثلثا المعتق ولا تبطل الهبة في ابنه لأن معتق البعض بمنزلة المكاتب والمكاتب إذا ملك ابنه يكاتب عليه لتعذر نقض الهبة فيصير الأول كالمستهلك له فيضمن لأخ الميت قيمة ابنه مع ثلث قيمة نفسه وسلم له ثلثا رقبته فإن مات قبل أن يؤدي شيئا قام ابنه مقامه فيما كان عليه وهو ثلث قيمته وجميع قيمة ابنه وعلى قولهما عتق المعتق الأول وابنه بكل حال لما مر ولا يجب على الابن شيء مما كان على الأب لأنهما حران ولا يجب على الابن الحر شيء من دين أبيه والله أعلم
____________________
(1/115)
المعتق الثاني مما وجب على المعتق الأول من السعاية قليل ولا كثير لأن عندهما هما حران والسعاية دين على المعتق الأول وليس على الابن أن يسعى في دين أبيه وعند أبي حنيفة رضي الله عنه هما بمنزلة المكاتبين وعلى الابن السعاية فيما كان واجبا على أبيه من بدل الكتابة والدين إذا كان داخلا في كتابته والله أعلم بالصواب
____________________
(1/116)
باب شراء الرجل ابنه بابنه وهما عبدان وغير ذلك
رجل له ابنان عبدان لرجلين فغصب الوالد أحد ابنيه من مولاه فاشترى به ابنه الآخر من مولاه فلم يتقابضا حتى بلغ المغصوب منه فأجاز البيع جاز لأن الإجازة في الانتهاء في حكم نفوذ
هامش باب من شراء الرجل ابنه بابنه وهما عبدان وغير ذلك
بناه على أن من اشترى عبدا بعبد غيره وأجاز ذلك الغير يثبت الملك للمشتري فيما اشترى وصار قاضيا ثمنه من مال غيره مستقرضا إياه من
____________________
(1/117)
العقد بمنزلة الإذن في الابتداء وبإذنه في الابتداء ينفذ هذا البيع فكذلك بإجازته في الانتهاء ويكون العبد الذي اشتراه الأب للأب لأن في بيع المقايضة كل واحد منهما مشتر لمملوك صاحبه بائع لما هو من جانبه من صاحبه والشراء يوجب الملك للمشتري وعند الإجازة إنما ينفذ العقد من وجه الذي توقف فإنما يتم الملك فيما إذا اشترى للمشتري وقد قررنا هذا فيما أمليناه من شرح الجامع وبينا الفرق بينه وبين البيع المحض وكذلك بينا الفرق بين الإذن في الابتداء والإجازة في الانتهاء في هذا الحكم وإذا كان مشتريا الابن لنفسه تم الملك له عند الإجازة فيعتق بقرابته منه لأنه ملك ولده ويكون
هامش مالكه من غير أن يثبت الملك في ذلك للمستقرض لكن يرجع المالك على المستقرض بقيمته بيانه رجل له ابنان مملوكان لرجلين فغصب الوالد أحدهما من مولاه واشترى به الابن الآخر من مولاه فبلغ المغصوب منه فأجاز ثبت الملك للأب في الابن الذي اشتراه وعتق عليه لأنه فيما اشترى بائع من
____________________
(1/118)
العبد الذي باعه الأب عبدا للذي باعه الابن الآخر ولا يعتق ذلك العبد لأن المولى حين أجاز البيع فيه فإنما خرج من ملكه إلى ملك الذي اشتراه ولم يدخل في ملك أبيه فلا يعتق عليه ومعنى هذا الكلام أن الأب صار قاضيا به ما التزمه عوضا عما اشتراه وليس من ضرورة قضاء ما عليه دخول ما يقضي به في ملكه ألا ترى أن من قضي دين إنسان بغير رضاه جاز ولا يملك أحد إدخال شيء في ملك الغير بغير رضاه وكذلك لو قضى دين ميت جاز والميت ليس من أهل الملك فإذا لم يدخل في ملكه لضرورة القضاء به لم يعتق عليه ولكنه صار كالمستقرض له من مولاه حين يشتري به لنفسه وهو بالإجازة صار كالمقرض له واستقراض الحيوان فاسد فيكون مضمونا بالقيمة فيغرم الأب قيمته للمغصوب منه فإن قيل بهذا الاستقراض وتقرر الضمان عليه يدخل في ملك الأب فينبغي أن يعتق عليه قلنا لا كذلك فإن هذا
هامش وجه مشتر من وجه كما هو حكم المقايضة فمن حيث انه شراء يكون مشتريا لنفسه وينفذ في الحال ومن حيث انه بيع يكون بائعا لمولاه يتوقف على إجازته فرجحنا جانب الشراء لأن حقه يفوت لا إلى خلف وحق المغصوب منه يفوت إلى خلف وهو القيمة وصار قاضيا ثمنه بعبد الغير فإذا أجاز المالك صح القضاء ورجع المغصوب منه عليه بقيمة المغصوب ولا يعتق الابن المغصوب لأنه صار قاضيا به ثمن المشتري بإجازة مالكه من غير أن يدخل
____________________
(1/119)
الاستقراض من ضرورة قضاء ما التزم به وقضاء الدين لا يستدعي حقيقة الملك بل يجوز بحق الملك كما يجوز بحقيقته فإن المكاتب يقضي الدين عليه من كسبه وليس له حقيقة ملك والثابت بالضرورة يتقدر بقدر الضرورة فإذا لم يتحقق الضرورة في إثبات حقيقة الملك لم يثبت فلا يعتق عليه وهو نظير ما أمليناه في شرح الزيادات فيمن تحته أمة تزوج على رقبتها حرة وأجاز مولى الأمة لا يفسد به نكاح الأمة لهذا المعنى وقد قررناه ثم بأبلغ من هذا
ولو لم يجز المولى البيع ولكنه طلب عبده فلم يجده فضمن به الغاصب قيمته عتق العبد الذي باعه الأب عليه وبطل البيع لأن تقرر ضمان المغصوب على الغاصب يوجب الملك له في المغصوب وملك الأب ولده موجب عتقه عليه بأي سبب كان وأما
هامش المغصوب في ملكه كمن تزوج حرة على رقبة أمة هي امرأته بإذن مولاها صارت الأمة ملكا للحرة ولا يفسد نكاح الزوج فيها لأن هذا استقراض ضروري يظهر في حق المقرض بقيمته لا في ثبوت الملك فيها
____________________
(1/120)
بطلان البيع فلأن نفوذ البيع ها هنا بعدما دخل في ملكه لأن البيع ينفذ من جهته فيقترن نفوذ البيع بنفوذ العتق والعتق يمنع البيع إذا اقترن به فإذا أبطل البيع في هذا بطل في الآخر لأنه لو نفذ البيع فيه إنما ينفذ بلا عوض وذلك لا يجوز فإذا بطل البيع في الآخر كان عبدا لمولاه على حاله بخلاف الإجازة لأن التمليك هناك فيما باعه من جهة المجيز وهو المغصوب منه فلا يدخل في ملك الغاصب فلهذا لايعتق عليه
ولو أن المغصوب منه لم يجز البيع ولم يضمن الأب القيمة حتى قبض الابن المغصوب من اشتراه ولم يقبض الغاصب الابن الآخر فهذا وما سبق سواء في الفصلين على ما بينا ولو تقابضا العبدين أو قبض الأب ما اشترى ولم يدفع ما باعه فالجواب في الفصلين واحد
هامش للمستقرض ولهذالا يشترط لصحته القبض وصح ضمنا للشراء مع أن استقراض الحيوان لا يصح إذا كان مقصودا
ولو أن المغصوب منه لم يجز البيع ولكن طلب عبده ولم يجده وضمن الوالد قيمته بطل الشراء لأن الأب ملك الابن المغصوب بأداء الضمان مستندا إلى وقت الغصب وهو في الحال محل للعتق فيثبت العتق في
____________________
(1/121)
والذي قبضه الغاصب يعتق عليه لأن شراءه فيه فاسد فإنه اشتراه من مالكه ببدل مستحق والمشتري بالمستحق يصير مملوكا للمشتري بالقبض لأن استحقاق البدل يؤثر في فساد البيع والبيع الفاسد موجب للملك عند القبض فيعتق عليه ما اشترى وينتقض البيع فيما باعه لأنه حين نفذ العتق من جهته فيما اشترى وجب عليه ضمان قيمته لبائعه لتعذر رده بحكم فساد البيع وبعد ما تقرر ضمان القيمة بسبب البيع لا يتحول إلى ضمان الثمن لما بينا من المنافاة ولأنه اعترض قبل الإجازة ما يمنع ابتداء البيع وهو حرمة أحد العوضين والمعترض بعد البيع قبل الإجازة كالمقترن بالعقد دليله هلاك المبيع وكما أن اقتران عتق أحد العوضين بالبيع يمنع جواز البيع فكذلك اقترانه بالإجازة فإذا بطل البيع أخذ المغصوب منه عبده أجاز البيع أو لم يجز فإن لم يجد عبده
هامش الحال ويستند فعتق عليه من ذلك الوقت من وجه فظهر انه اشترى عبدا بحر من وجه فكان باطلا
ولو ان المغصوب منه لم يضمن الوالد ولم يجز البيع فإن تقابضا أو قبض الوالد ما اشترى عتق عليه ما اشترى لأنه اشتراه ببدل مستحق فيكون
____________________
(1/122)
فضمن أباه القيمة بغصب إياه عتق العبد المغصوب على أبيه أيضا لأنه يملكه بضمان القيمة فيعتق الابنان جميعا من جهته ويضمن لكل واحد منهما قيمة عبده
ولو كان المغصوب منه أمر الغاصب أن يبيعه بابنه الآخر ففعل الأب ذلك جاز البيع فيهما ولم يعتق واحد منهما لأن المغصوب خرج من ملك مولاه بالبيع إلى ملك من اشترى فإن بيع وكيله كبيعة نفسه
هامش الشراء فاسدا فإذا اتصل به القبض ثبت الملك و عتق عليه وضمن قيمته لبائعه لتعذر رده والعبد المغصوب لمولاه يسترده ممن كان في يده فإن لم يسترده لكن طلبه فلم يجده وضمن الأب قيمته عتق عليه أيضا لأنه ملكه بأداء الضمان من وقت الغصب على ما مر
ولو أن المغصوب منه قال للغاصب اشتر ابنك الذي في يد فلان لنفسك بابنك الذي غصبتني فاشترى جاز وعتق ما اشترى عليه وعليه قيمة المغصوب للمغصوب منه لأنه صار مقرضا للمغصوب من الغاصب على ما مر في الإجازة
____________________
(1/123)
والمشتري خرج من ملك بائعه إلى ملك المغصوب منه بشرائه بخلاف الأول على ما بينا فلهذا لا يعتق واحد منهما
وكذلك لو كان المغصوب منه قال للغاصب اشتر ابنك الآخر بالمغصوب فهذا والأول سواء
هامش
ولو قال اشتر لي ابنك الذي في يد فلان بابنك الذي غصبته مني أو لم يقل لي فاشترى صار مشتريا للآمر وولا يعتق ما اشترى لأنه لم
____________________
(1/124)
ولو كان قال له اشتر ابنك فلانا لنفسك بالمغصوب أو بع الابن الذي غصبتني لنفسك بابنك فلان ففعل الأب ذلك جاز البيع وعتق الابن المشترى على الغاصب لأنه صرح بالإذن بشرائه لنفسه فيكون هو في شرائه مباشرا العقد لنفسه لا وكيلا فيعتق عليه بقرابته ويصير المغصوب منه كالمقرض للمغصوب من الغاصب لهذا الابن فعليه قيمته للمغصوب منه ولا يعتق العبد المغصوب لما بينا في المسألة الأولى ولو لم يأمره المغصوب منه بشيء ولكنه باعه الغاصب بابنه الآخر وتقابضا فمات العبد المغصوب عند المشتري ثم أجاز مولاه البيع أو ضمن الأب قيمته لم يجز البيع فيه أبدا لما قلنا أن الأب حين قبض ما اشترى عتق عليه وتعين جهته البطلان في هذا البيع للمعنيين
هامش يملكه الأب بل ملكه الموكل والعبد المغصوب صار ملكا لمشتريه
ولو لم يأمره المغصوب منه بشيء حتى اشترى الغاصب ابنه الذي في يد صاحبه بابنه الذي هو مغصوب أو باع ابنه المغصوب بابنه الآخر وتقابضا
____________________
(1/125)
اللذين ذكرناهما ويغرم الأب قيمة ما اشترى لبائعه لتعذر رد عينه عليه ويكون للمغصوب منه الخيار إن شاء ضمن الغاصب قيمة المغصوب وإن شاء ضمن المشتري لأن كل واحد منهما غاصب في حقه الأب بغصبه والمشتري بقبضه على طريق التملك لنفسه فضمن قيمته أيهما شاء
وإن كان الأب لم يقبض ابنه الذي اشترى ولكنه دفع الابن الذي باع فمات في يد الذي اشتراه ثم إن مولى العبد المغصوب ضمن الأب قيمة عبده جاز البيع لأن المغصوب في الحال هالك ليس بمحل للملك حقيقة بالبيع ولا بضمان القيمة في الحال ولكنه فيما سبق كان محلا له وهو في الحال أيضا غير محل للعتق ولا فيما سبق كان محلا له من جهة الغاصب فكان تنفيذ البيع باعتبار الحالة السابقة أولى من تنفيذ العتق وإنما قلنا ذلك لأن الغاصب إذا ضمن القيمة استبدله
____________________
(1/126)
حكم الملك إلى وقت الغصب لا حقيقة الملك ولهذا سلم الكسب له ولا يسلم الولد له لأن حكم الملك يكفي لسلامة الكسب دون الولد ألا ترى أن المكاتب يملك كسبه ولا يملك ولده بل يكون ولده مملوكا للمولى وحكم الملك يكفي لنفوذ البيع ولا يكفي لنفوذ العتق كما في حق المكاتب ينفذ بيعه في كسبه ولا ينفذ عتقه ولهذا المعنى لو كان الغاصب أعتق ثم ضمن القيمة لا ينفذنا البيع بخلاف ما إذا كان المغصوب في يد المشتري قائما فإن هناك تنفيذ العتق للحال ممكن لأيه ملك بضمان القيمة في الحال وهو محل العتق فلهذا نفذنا العتق ثمة وإذا جاز البيع هنا عتق العبد المشترى من مال الأب وإن كان لم يقبضه لأن المانع من ثبوت الملك له بنفس العقد فساد البيع وقد زال ذلك فصار مملوكا له فلهذا عتق عليه
هامش ومات المغصوب في يد الذي اشتراه بعد لم يجز البيع فيه أبدا وقد ذكرنا انه عتق ما اشترى الأب حين قبضه لأن البيع وقع فاسدا لأنه اشترى ببدل مستحق ثم لو أجازا لمغصوب منه البيع أو ضمن الغاصب القيمة لا يعمل إجازته لأنه عتق بحكم ملك فاسد وتقرر الفساد وتقرر عليه قيمة ما
____________________
(1/127)
ولو كان المغصوب منه لم يضمن الأب قيمته ولكن أجاز البيع لم يجز البيع لأن المغصوب هالك وكما لا ينعقد البيع في الهالك فكذلك لا ينفذ بالإجازة في الهالك
ولو كان الابنان ابني رجلين متفرقين فغصب أحدهما ابن صاحبه من مولاه فباعه من مولى ابنه بابنه ولم يتقابضا حتى بلغ مولى المغصوب وأجاز البيع كان جائزا وعتق ابنه الذي اشتراه لأن في ابنه كان عقده شراء لنفسه وانعقد موجبا للملك له عند نفوذه فلا يتغير ذلك بالإجازة وكان المغصوب عبدا لمن اشتراه من الغاصب لأنه لا قرابة بينهما وضمن الغاصب قيمة العبد الذي غصب لمولاه لأنه صار كالمستقرض للمغصوب على ما بينا
هامش اشترى لصاحبه والمغصوب منه بالخيار إن شاء ضمن الغاصب قيمة المغصوب وإن شاء ضمن مشتري المغصوب على ما عرف
ولو أن الأب دفع المغصوب إلى مشتريه ومات في يده ولم يقبض الابن الذي اشتراه حتى ضمن المغصوب منه قيمة المغصوب الأب جاز البيع وعتق على الأب ما اشتراه قبض أو لم يقبض لأنه ملك المغصوب بأداء
____________________
(1/128)
ولو لم يجز المغصوب منه البيع ولكن ضمن الغاصب قيمة عبده فهذا والأول سواء لأن الغاصب إإنما ملك المغصوب هنا بالضمان ولا قرابة بينه وبين المغصوب فنفذ البيع فيه من جهته ودخل ما اشترى في ملكه فعتق المشتري عليه بقرابته وصار العبد المغصوب لمولى الابن الذي باعه بخلاف ما تقدم فإن هناك المغصوب ابنه فيعتق عليه بضمان القيمة ويبطل البيع فيه كما بينا
ولو لم يجز المغصوب منه البيع ولم يضمن الغاصب القيمة حتى تقابضا بعدما تبايعا فقد صار ابن الغاصب حرا حين قبضه لأنه صار مالكا بالقبض بعد الشراء الفاسد ووجب عليه قيمته لبائعه فإذا أجاز المغصوب منه كان أجازته باطلا لتقرر ضمان القيمة ونفوذ العتق في أحد العوضين
فإن لم يجز البيع ولكنه ضمن الغاصب القيمة أخذ الغاصب العبد فكان له وضمن لمولى ابنه قيمته كما بينا وعتق ابنه لقرابته منه فكان
هامش الضمان مستنداإلى وقت الغصب فظهر انه باع ملك نفسه فإن قيل لما ملكه مستندا إلى وقت الغصب يعتق عليه من ذلك الوقت فكيف يمكن تنفيذ البيع فيه قيل له الملك المستند ثابت من وجه من وقت الغصب وذلك يكفي
____________________
(1/129)
العبد الآخر عبدا له لا يجوز البيع فيه بضمان القيمة لأنه لما ملك ابنه بالقبض عتق عليه وتقرر ضمان القيمة فلا يتصور نفوذ البيع فيه بعد ذلك وإن ملك المغصوب بضمان القيمة كما لا يتصور نفوذ البيع فيه بالإجازة وإذا تعين البطلان للبيع كان المغصوب ملك الغاصب بتقرر ضمان القيمة عليه
ولو كان الأب لم يغصب العبد الذي ليس بابنه ولكنه غصب ابنه فباعه بالعبد الآخر فتقابضا أو لم يتقابضا ثم أجاز المغصوب منه البيع فالبيع جائز أما قبل القبض فلا إشكال وكذلك بعد القبض لأن الغاصب هنا تملك ما اشترى بالقبض والمشتري أجنبي عنه فلم يعتق عليه ولم يتقرر عليه ضمان قيمته فلهذا نفذ البيع بإجازة المغصوب منه بخلاف ما سبق ثم ما اشتراه الغاصب يكون مملوكا له والمغصوب يكون مملوكا لمن اشتراه ويغرم الأب قيمة ابنه لمولاه لأنه صار كالمستقرض منه حين قضى به ما لزمه من العوض
هامش لنفاذ البيع أما لا يكفي لنفاذ العتق كملك المكاتب ألا ترى أن الغاصب إذا باع المغصوب ثم ملكه بأداء الضمان ينفذ بيعه ولو أعتقه ثم ملكه بأداء الضمان لا ينفذ عتقه بخلاف ما إذا كان المغصوب قائما في يد مشتريه لأن ثمه في الحال محل للعتق فيثبت العتق في الحال ثم يستند أما هنا المغصوب ميت للحال فلا يثبت العتق فيه للحال حتى يستند وإن لم يضمنه
____________________
(1/130)
ولو كان المغصوب منه ضمن الغاصب قيمة ابنه عتق ابنه لتقرر الملك له بضمان القيمة وبطل البيع فيه لما بينا فيأخذ بائع العبد الآخر ما باعه من الغاصب إن كان سلمه إليه
ولو كان العبد الذي ليس بابن الغاصب مات في يد الذي اشتراه ثم إن المغصوب منه ضمن الغاصب قيمة ابنه عتق الابن وضمن الغاصب قيمة العبد الآخر لمولاه لأنه قبضه بكحم شراء فاسد وقد تعذر رده بالهلاك في يده فيلزمه قيمته
ولو مات العبدان جميعا بعدما تقابضا ثم إن المغصوب منه ضمن الأب قيمته لم يجز البيع لأن ما اشتراه الغاصب وهلك ليس بمحل لنفوذ الشراء فيه بالإجازة وقد تقرر ضمان قيمته على الغاصب فلا يتحول بعد ذلك إلى غيره وهذا بخلاف ما إذا مات المغصوب بعدما قبضه من اشتراه لأن هناك يستند للغالب فيه حكم الملك بضمان القيمة لا حقيقة الملك فينفذ بيعه فيه على ما قلنا
هامش المغصوب منه لكن أجاز البيع لم تصح إجازته لأن المغصوب ميت فلم يبق محلا للبيع فلا تصح الإجازة كما لا يصح الإذن ببيعه ابتداء
قال عبدان لرجلين قال رجل غير الموليين إذا ما ملكت هذين العبدين
____________________
(1/131)
ولو مات أحدهما أيهما كان أو ماتا جميعا ثم إن المغصوب منه أجاز البيع فيه لم يجز البيع فيه أبدا لما بينا أن هلاك أحدهما كما يمنع انعقاد البيع ابتداء يمنع نفوذ البيع بالإجازة انتهاء
عبدان لرجلين قال رجل غير الموليين إذا ملكت هذين العبذين فهما حران فغصب أحدهما من مولاه ثم باعه من مولى الآخر بالعبد الآخر فتقابضا أو لم يتقابضا حتى أجاز المغصوب منه البيع جاز البيع أما قبل التقابض فغير مشكل وكذلك بعد التقابض لأن الغاصب إنما ملك ما اشتراه بالقبض ولم يعتق عليه لأن شرط حنثه ملك العبدين جميعا فبملك أحدهما لا يعتق عليه شيء فلهذا نفذ البيع بالإجازة بخلاف ما
هامش فهما حران فغصب الحالف أحدهما واشترى به العبد الآخر من مولاه ثم أجاز المغصوب منه البيع ملك الحالف ما اشتراه ولا يعتق لأن شرط العتق
____________________
(1/132)
سبق في الابن فإن الأب كما ملك ابنه بالقبض يعتق عليه وإذا جاز البيع هنا فما اشتراه الغاصب مملوك له وما باعه الغاصب مملوك لمن اشتراه ويضمن الغاصب قيمة المغصوب لاستقراضه إياه ولا يعتق واحد منهما لما بينا أن الغاصب بالاستقراض لا يثبت له الملك حقيقة فلا يتم به شرط حنثه فلهذا لا يعتق واحد منهما
ولو لم يجز المغصوب منه البيع حتى مات أحدهما ثم أجاز البيع لم يجز أبدا لهلاك أحدهما كما بينا فإن كان العبد المغصوب هو الحي أخذه مولاه وغرم الغاصب قيمة العبد الآخر لمولاه إن كان مات في يده لأنه قبضه على وجه التملك وقد تعذر رده فلزم قيمته وإن كان المغصوب هو
هامش ملكهما ولم يوجد وعليه قيمة المغصوب لمولاه بحكم الإقراض على ما مر
وإن لم يجز المغصوب منه البيع حتى مات أحدهما بعدما تقابضا فإن كان الحي هو المغصوب أخذه المغصوب منه وضمن الحالف قيمة ما اشتراه
____________________
(1/133)
لميت فمولاه بالخيار إن شاء ضمن الغاصب قيمته وإن شاء ضمن المشتري إن كان مات في يده فإن ضمن الغاصب تم البيع من جهة استناد الملك له إلى وقت الغصب وكان ما اشتراه الغاصب للغاصب ولا يعتق عليه باليمين لعدم إتمام شرط الحنث وإن ضمن قيمته يرجع على الغاصب فيأخذ منه عبده لأن ما اشتراه لم يسلم له من جهته وصار استرداد قيمته منه كاسترداد عينه فيرجع بعوضه
فإن كان المغصوب منه لم يجز البيع ولم يمت واحد من العبدين ولكن الغاصب قبض ما اشترى فضمنه المغصوب قيمة عبده لأنه لم يقدر على عينه فقد عتق العبدان جميعا من مال الغاصب لأن ما اشتراه
هامش وقبضه ومات في يده لأنه وجب عليه رده على بائعه وقد عجز عن رده فتجب عليه قيمته وإن كان المغصوب هو الميت وقد مات في يد مشتريه فالمغصوب منه بالخيار فإن ضمن الغاصب قيمته نفذ البيع لاستناد الملك فيه إلى وقت الغصب ولا يعتق ما اشتراه لعدم تمام شرط العتق فإن قيل
____________________
(1/134)
صار مملوكا بالقبض والمغصوب صار ملكا له بضمان القيمة لأنه قائم على حاله فتم ملكه في العبدين جميعا فعتقا عليه لتمام شرط الحنث ولا ينفذ البيع في الذي ضمن قيمته لاقتران العتق بحالة نفوذ البيع وعليه قيمة ما اشترى لبائعه لأنه تعذر رده عليه لنفوذ عتقه فيه ولو لم يتقابضا أو لم يقبض الغاصب ما اشتراه حتى ضمنه المغصوب منه قيمة عبده جاز البيع لأنه حين ملك المغصوب بضمان القيمة لم يتم شرط حنثه وكان البيع فيه من جهة الغاصب وما اشتراه الغاصب يصير مملوكا له بنفوذ البيع بالإجازة فيعتق عليه ما اشتراه لأن شرط حنثه قد تم فإن شرط حنثه ملك العبدين لا ملكه إياهما جميعا وقد كان ملك بضمان القيمة ما نفذ فيه بيعه ثم صار ملكا للآخر بنفوذ شرائه فيه فتم شرط الحنث الآن والمغصوب خارج عن ملكه فإنما يعتق عليه ما في ملكه عند تمام شرط الحنث
هامش ثمة تم به شرط العتق لأنه ملك ما اشتراه بنفوذ البيع وملك المغصوب بأداء الضمان قيل له المغصوب ميت في الحال وإنما يثبت الملك من وقت
____________________
(1/135)
ولو تقابضا حين تبايعا فمات المغصوب في يد من اشتراه ثم إن مولاه ضمن الغاصب قيمته جاز البيع لما بينا أن حكم الملك يثبت للغاصب فيه بنفوذ البيع فيه من جهته ويسلم له ما اشترى ولا يعتق عليه لأن شرط حنثه لم يوجد فإن ما ضمن قيمته لم يملكه ههنا حقيقة لكونه هالكا وإنما نفذ بيعه بحكم الملك وذلك لايكفي لتمام شرط الحنث وكذلك لو لم يقبض الغاصب ما اشتراه لأنه حين نفذ بيعه صار مالكا لما اشترى قبضه أو لم يقبضه فلهذا كان الجواب في الفصلين سواء
هامش الغصب من وجه وذلك يكفي لنفاذ البيع إما لا يكفي لشرط الحنث لأن شرط الحنث الملك من كل وجه
وإن لم يمت واحد منهما ولم يجز البيع حتى تقابضا أو قبض الحالف ما اشتراه ثم ضمته المغصوب منه قيمة المغصوب بأن طلبه ولم يجده عتق العبدان على الغاصب لأنه تم شرط الحنث وهما في ملكه إما الذي اشتراه لأنه ملكه بالقبض بحكم عقد فاسد وإما المغصوب لأنه ملكه بأداء الضمان من كل وجه لأنه حي قائم وعليه قيمة ما اشتراه لبائعه لعجزه عن رده فلا يصح البيع لاستناد العتق في المغصوب إلى وقت الغصب من وجه على ما مر وإن لم يقبض الغاصب ما اشتراه حتى ضمن المغصوب منه الغاصب قيمة عبده جاز البيع لأنه لم يعتق المغصوب لأن استناد الملك من
____________________
(1/136)
ولو كان الغاصب قبض ما اشترى فمات في يده ثم إن المغصوب منه ضمن الغاصب قيمة عبده لم يجز بيعه لأن ما اشتراه هالك في يده فلا يمكن تنفيذ البيع فيه بعدما تقرر عليه ضمان قيمته بالهلاك في يده ويكون العبد المغصوب للغاصب بضمان القيمة ويضمن قيمة ما اشترى لمولاه أيضا بهلاكه في يده فيعتق عليه العبد المغصوب لأنه قد ملكهما جميعا حقيقة إما ما اشتراه لضمان القيمة وإما المغصوب فلأنه قائم حين ضمن
هامش وجه أوجب نفوذ البيع فيه فصار ملكا لمشتريه وعتق على الغاصب ما اشتراه قبض أو لم يقبض لأنه تم شرط العتق وهو الملك فيهما من كل وجه أما الذي اشتراه بنفوذ البيع وأما المغصوب فلأنه حي قائم فيثبت الملك فيه عند أداء الضمان من كل وجه واستند من وجه حتى نفذ البيع
ولو تقابضا بحكم البيع ثم مات المغصوب في يد مشتريه وضمن مولاه الغاصب قيمته نفذ البيع ولا يعتق ما اشتراه لفقد تمام الشرط لأن عند أداء الضمان المغصوب ميت فلم يملكه من كل وجه
ولو أن الغاصب قبض ما اشتراه ومات في يده ثم ضمنه المغصوب منه قيمة عبده بأن لم يجده لم يجز البيع لأن ما اشتراه الغاصب هلك في يده بحكم عقد فاسد وتقرر عليه ضمان القيمة وعتق المغصوب على
____________________
(1/137)
قيمته فتم شرط حنثه فيعتق عليه ما هو قائم في ملكه لأن شرط الحنث لا يعتبر وجوده جملة ألا ترى انه لو ملك أحدهما ثم باعه ثم ملك الآخر عتق عليه الآخر لتمام شرط حنثه وإن ملكهما على التعاقب فكذلك ما سبق من الملك لضمان القيمة
هامش الغاصب لأنه تم شرط العتق وهو ملكهما من كل وجه أما الذي اشتراه فبالقبض بعقد فاسد وأما المغصوب فبأداء الضمان وانه حي قائم وعليه قيمة ما اشتراه لبائعه لعجزه عن رده والله أعلم
____________________
(1/138)
باب الولد يكون بين الرجلين الكافرين أحدهما تغلبي والآخر ليس بتغلبي
قال أبو حنيفة رضي الله عنه ليس على التغلبي النصراني خراج رأسه لأن عمر رضي الله عنه صالحهم على الصدقة المضعفة ونفذ ذلك الصلح بعده عثمان رضي الله عنه فلزم ذلك أول الأمه وآخرها
واعلم أن بني تغلب قوم من نصارى العرب كانوا بقرب الروم فلما أراد عمر رضي الله عنه أن يوظف عليهم الجزية أبوا وقالوا نحن قوم من
هامش باب الولد يكون بين الرجلين الكافرين أحدهما تغلبي والآخر ليس بتغلبي
بناه على أن الأصل أن يكون على كل كافر جزية لقوله تعالى { حتى يعطوا الجزية } إلا أنا توافقنا على وجوب الصدقة المضعفة في حق التغلبي من كل وجه لصالح عمر رضي الله عنه فمن كان تغلبيا من وجه تجب الجزية عليه بقضية الأصل وان الصدقة المضعفة على التغلبي صدقة في حق التغلبي حتى
____________________
(1/139)
العرب نأنف من أداء الجزية فإن وظفتها علينا لحقنا بأعدائك من الروم وإن رأيت أن تأخذ منا ما يأخذ بعضكم من بعض وتضعفه علينا قبلنا ذلك وكان الذي يسعى بينه وبينهم كردوس التغلبي فقال لعمر رضي الله عنه صالحهم فإنك إن تناجزهم لم تطقهم فشاور الصحابة رضي الله عنهم في ذلك وصالحهم على الصدقة المضعفة وشرط عليهم أن لا يصبغوا أولادهم في النصرانية ومعنى هذا انهم كانوا يأخذون ماء من عين بقرب ميلاد عيسى عليه السلام يسمونه ماء العمودية يجعلون ذلك في قدر ثم يغمسون أولادهم فيزعمون انهم يتطهرون بذلك عن كل شوب إلا النصرانية وهذا الفعل لم يكن أعظم مما هم عليه من
هامش تجب على نساءهم وتسقط بهلاك المال جزية في حق الآخر بقول عمر رضي الله عنه هذه جزية سموها ما شئتم حتى تصرف إلى المقاتلة ولا توضع موضع الصدقات
بيانه جارية بين نصراني تغلبي وبين نصراني ليس بتغلبي جاءت
____________________
(1/140)
إنكار نبوة محمد عليه الصلاة والسلام وعبادة الصليب وإنما خص هذا بالشرط إظهارا منه لكراهية هذا الصلح وانه مضطر إلى ذلك وعلما منه انهم لايوفون بهذا الشرط حتى إذا أراد أحد من الأئمة بعده نقض هذا الصلح تمكن منه بعلة انهم تركوا الوفاء بالشرط ولهذا هم علي رضي الله عنه بنقض الصلح في خلافته ثم لم ينقض تحرزا من أن ينسب إليه مخالفة عمر رضي الله عنه في شيء صنعه ولما هم الرشيد رحمه الله بنقضه سأل عن ذلك محمدا رحمه الله فقال ليس لك ذلك فقال لم قال لأنه نفذه إمام وأمضاه إمام فقال أليس أن عليا رضي
هامش بولد فادعياه معا ثبت نسبه منهما يرثهما ويرثانه كما في المسلمين فإن كبر هذا الولد فعليه الجزية دون الصدقة المضعفة لأنه ليس بتغلبي من كل وجه بيقين لأنه إن خلق من ماء التغلبي فهو تغلبي وإن خلق من ماء غير تغلبي فهو ليس بتغلبي فتجب عليه الجزية بقضية الدليل ولا يقال ينبغي أن تجب عليه نصف الجزية ونصف الصدقة المضعفة اعتبارا للأحوال كولد من جارية بين نجراني و غير نجراني يوضع على الولد إذ كبر نصف خراج النجراني من الحلل كما صالح عمر رضي الله عنه معهم ونصف الجزية قيل له ثمة كلاهما جزية في الذمة تؤخذان بطريق الصغار فأمكن الجمع أما هنا تعذر الجمع لأن الجزية واجبة في الذمة تؤخذ بطريق الصغار وتجب الصدقة في المال ولا تؤخذ بصفة الصغار
____________________
(1/141)
الله عنه هم بنقضه فقال أليس انه لم ينقض فقال فرجت عني فرج الله عنك ثم الأصل أن كل ما يبتدأ به المسلم كالعشر وصدقة السوائم وغيرها يضعف عليهم وما لا يبتدأ به المسلم كخراج الأراضي لا يضعف عليهم وما يؤخذ منهم من الصدقة المضعفة في حقهم مشبه بالصدقة لأنهم التزموه بعدما أبوا الجزية ولهذا تؤخذ من نسائهم وفي حقنا هو جزية هكذا قال عمر رضي الله عنه انها جزية فسموها ما شئتم ولهذا تصرف إلى المقاتلة ولا توضع موضع الزكاة
إذا ثبت هذا نقول جارية نصرانية بين تغلبي وغير تغلبي من النصارى جاءت بولد فادعياه جميعا فهو ابنهما يرثهما ويرثانه كما قضى عمر رضي الله عنه في المسلمين فإن أدرك فعلية الجزية دون الصدقة لأن الأصل في الصدقة المضعفة صلح عمر رضي الله عنه و إنما كان صلحه مع من هو من بين تغلب من كل وجه وهذا
هامش
قال تغلبي تزوج أمة نصرانية لمسلم أو تغلبي أوغير تغلبي فجاءت بولد وكبر الولد وأعتقه مولاه فعليه الجزية لأنه إن كان معتقه غير
____________________
(1/142)
تغلبي من وجه وليس بتغلبي من وجه فإنا نعلم انه ابن أحدهما لأن الواحد لا يكون مخلوقا من مائين ولكن للاشتباه جعلناه ابنا لهما في الأحكام فلم يكن من جملة ما تناوله صلح عمر رضي الله عنه فيرد إلى أصل الوظيفة في حق الكفار هو الجزية فإن قيل كان ينبغي أن يلزم نصف الجزية ونصف الصدقة المضعفة كما قلتم في جارية بين نجراني وغير نجراني ولدت فادعياه ثم أدرك فعليه نصف خراج أهل نجران من الحلل كما وقع الصلح عليه ونصف الجزية اعتبارا للحالين جميعا فكذلك هنا قلنا الجمع بين الوظيفتين هنا غير ممكن لأن الجزية
هامش التغلبي فهو ليس بتغلبي ولاء والولاء لحمة كلحمة النسب فلم يكن تغلبيا من كل وجه وإن كان معتقه تغلبيا فهو من وجه تغلبي ولاء ومن وجه نسبا وصلح عمر رضي الله عنه تناول تغلبيا نسبا محضا لا ولاء فبقي على الأصل ولأن مولى التغلبي لا يكون أعلى من مولى المسلم إذا كان نصرانيا وثمة تجب الجزية فهذا أولى وبه تبين أن المولى غير ملحق بالأصل في الصدقة المضعفة وقوله عليه الصلاة والسلام وإن مولى القوم منهم ورد في حرمان أخذ الزكاة ولا يكون هذا الولد ولا الولد الذي ليس بتغلبي من كل وجه
____________________
(1/143)
تجب بطريق الصغار والصدقة المضعفة عليهم ليس بطريق الصغار فإنهم أنفوا مما هو صغار فيتعذر الجمع بينهما بخلاف وظيفة أهل نجران مع الجزية فإن كل واحد من الوظيفتين واجبة بطريق الصغار فيمكن الجمع بينهما في حق من تردد حاله لاعتبار الأحوال وهنا لما تعذر الجمع بينهما رجحنا حالة الجزية لأن وجوبها بنص بين والصدقة المضعفة وجبت بصلح عن ضرورة فلا يقع بينهما تعارض ولأن الجزية خلف عن الإسلام في أحكام الدنيا ولهذا يصير به من أهل دارنا على التأبيد فكان أقرب إلى الإسلام من الصدقة المضعفة وهو نظير المولود بين يهودي ومجوسي يجعل تبعا لليهودي لأنه أقرب إلى حكم الإسلام في حكم الذبيحة والنكاح والحاصل أن وظيفة الجزية في حق كل كافر ثبتت بالنص فلا يخرج من هذا النص إلا ما قام الدليل على تخصيصه والتخصيص صلح عمر رضي الله عنه وذلك كان مع بني تغلب من كل وجه فمن كان تغلبيا من وجه دون وجه لم يكن هذا دليل الخصوص في حقه فبقيت الوظيفة الأصلية وهي الجزية لازمة عليه بالنص فإن قيل كان ينبغي أن يترجح الصدقة المضعفة لأنها أنفع للمسلمين فإنها أكثر قلنا ليس كذلك بل الجزية أنفع لأنها لا تسقط بهلاك المال بعد وجوبها والصدقة المضعفة تسقط
____________________
(1/144)
ولو أن عربيا من بني تغلب تزوج أمة نصرانية لمسلم أو لنصراني تغلبي أو غير تغلبي فولدت وكبر الولد وأعتقه مولاه فعليه الجزية لأنه منسوب إلى معتقه بالولاء والولاء بمنزلة النسب قال عليه الصلاة والسلام الولاء لحمة كلحمة المسب فإن كان المعتق مسلما أو غير تغلبي فهذا المعتق كافر منسوب إلى غير التغلبي بالولاء فعليه الجزية فإن قيل أليس أن نسبته إلى التغلبي قلنا نعم ولكن النسبة في الأحكام لا تظهر مع الولاء ألا ترى أنه لو جنى جناية عقل عنه مولاه دون بني تغلب فإن قيل إذا كان مولاه من بني تغلب ينبغي أن يكون عليه الصدقة
هامش كفوا لامرأة تغلبية من كل وجه حتى كان لأوليائها حق التفريق وذكر في كتاب النكاح أن الكفاءة غير معتبرة بين أهل الذمة إلا أن يكون أمرا يخاف الفتنة فيحمل ما ذكر هنا على ذلك أو بعد إسلامها وإلا تكون فيه روايتان
عبد نصراني تزوج تغلبية حرة نصرانية بإذن مولاه فولدت ولدا وكبر الولد فعليه الصدقة المضعفة لأنه لا نسبة له من جانب الأب في حق الأحكام لكونه عبدا فيكون الولد تغلبيا تبعا للأم لأنه يحدث على صفة الأم ألا ترى انه لو جنى كانت عاقلته عاقلة الأم فإن عتق الأب بعد السنة تجب الجزية على الولد في المستقبل وحكم الصدقة المضعفة في السنة الماضية
____________________
(1/145)
المضعفة قلنا وإن كان فعليه خراج رأسه لأن صلح عمر رضي الله عنه كان مع التغلبي نسبا لا ولاء وهذا التغلبي له ولاء والولاء كالنسب من وجه دون وجه فلم يتناوله الصلح من كل وجه فلهذا كان عليه الجزية ألا ترى أن مولى التغلبي لا يكون أعلى من مولى المسلم ومولى المسلم إإذا كان كافرا يجب عليه الجزية فمولى التغلبي أولى ولو أسلم هذا التغلبي المعتق فتزوج عربية من بني تغلب لم يجر عليها رق لم يكن كفوا لها وللأولياء أن يفرقوا ببينهما إنما أورد هذا الفصل ليتبين أن من جرى عليه الرق من بني تغلب ليس بنظير لمن لم يجر عليه الرق وكذلك الولد الأول الذي بين النبطي والتغلبي لا يكون كفوا
هامش لا يبطل فلا ينقلب ذلك جزية ولكن في المستقبل يؤخذ بالجزية لأنه يحول ولاؤه إلى الأب لأنه صار له ولاء ولو عتق أبوه قبل تمام السنة بيوم بطلت عنه الصدقة لأن وجوبها تعلق بتمام الحول وإذا تم الحول تجب عليه الجزية ولو أن هذا العبد كان تغلبيا بأن لحق بدار الحرب فأسره
____________________
(1/146)
للتغلبية من كل وجه وقد ذكرنا في النكاح أن الكفاءة بين أهل الذمة غير معتبرة إلا أن يكون نسبا مشهورا يخاف منه الفتنة فيحتمل أن يكون هذا التفاوت من الأمر المشهور باعتبار عادتهم أو يكون مراده أن لا يكون كفوا لامرأة مسلمة تغلبية ولهذا ذكر إسلامه في الابتداء وبعد الإسلام الكفاءة معتبرة
عبد نصراني تزوج تغلبية حرة نصرانية فولدت ابنا فعلى الابن إذا كبر الصدقة المضعفة لأن الولد جزء من أجزائها ولهذا يتبعها في
هامش المسلمون واسترقوه ثم اشتراه تغلبي فأعتقه أو اشتراه أبوه وهو حر حتى عتق عليه وصار الولاء له كان على المعتق الجزية لأن المولى غير داخل في صلح عمر رضي الله عنه وكذا إذا كان معتق أبيه من بني تغلب لأنه ينسب إليهم بالولاء والولاء في هذا الباب يغلب على النسب
وتجب هذه الصدقة المضعفة على نساء بني تغلب لما مر ولا تجب على الصغير كما في المسلم ولو أن الذمي مرض في بعض السنة بأن كان صحيحا في أكثرا السنة تجب عليه الجزية لأن قليل المرض ليس بمانع لأن الآدمي لا يخلو عنه
____________________
(1/147)
الرق والحرية لأن ماء الفحل يصير مستهلكا بحضانتها في رحمها ولا نسبة لهذا الولد من جهة أبيه لأنه عبد فكان منسوبا إلى قوم أمه كالولد من الزنا وإذا كان منسوبا إليها كان تغلبها من كل وجه فعليه الصدقة المضعفة كما هو عليها فإن أعتق أبوه بعد ذلك فإن الولد يصير مولى لمولى أبيه لأن النسبة إلى أمه لعدم الولاء في جانب الأب فكان ظهور الولاء في جانبه كظهور النسب بإكذاب الملاعن نفسه فلهذا صار منسوبا إلى مولى الأب وتسقط عنه الصدقة المضعفة فيما يستقبل فيؤخذ منه خراج رأسه كما يؤخذ من سائر الكفار وكذلك حكم أولاده ولكن لا تعرض لشيء مما أخذ منه فيما مضى لأن الولاء إنما يثبت
هامش عادة والكثير يخلو عنه عادة فكانت العبرة للأكثر حتى لو كان أكثر السنة مريضا لا تجب الجزية
نصراني تغلبي له جارية ولدت غلاما فلم يدعه المولى فهو عبده كما في المسلم وإن كبر الغلام وتزوج معتقه مولاه لبني تغلب أو غيرهم فجاءت بولد فكبر الولد فعليه الجزية لأنه مولى لموالي الأم فإن تمت السنة ثم ادعى المولى نسب الغلام صار ابنه حر الأصل من صلبه تغلبيا من كل وجه فعليه الصدقة المضعفة وكذا على ولده الكبير الصدقة المضعفة في السنة المستقبلة لأنهما تغلبيان من كل وجه نسبا محضا والجزية
____________________
(1/148)
لقوم الأب عليه في الحال بسبب غير مؤثر فيما سبق ألا ترى انه لو كان جنى جناية وعقله قوم الأم لم يرجعوا به على مولى الأب فهو لم يخرج بهذا من أن يكون تغلبيا فيما مضى وكذلك إن كان أبوه وجده وأعمامه من بني تغلب لما بينا أن الولاء يغلب على النسب فإنما هذا منسوب إلى مولى أبيه الذي أعتقه فيسقط اعتبار نسبته إلى بني تغلب وكذلك إن كان معتق أبيه من بني تغلب لأنه منسوب إليهم بالولاء فلا يكون داخلا فيمن صالحهم عمر رضي الله عنه فلهذا كان عليهم الجزية وكذلك لو أن تغلبيا نقض العهد ولحق بدار الحرب فأسره المسلمون فهو عبد لهم فإن اشتراه أبوه عتق عليه فكان عليه الجزية دون الصدقة المضعفة كما لو اشتراه غير أبيه فأعتقه لأن الولاء يثبت
هامش الماضية على الولد في السنة الماضية بحالها لأنها وجبت حقا للمسلمين فلا تسقط بدعوة المولى فأمكن إبقاؤها لأنه كافر من أهل أن تؤخذ منه بطريق الصغار بخلاف ما لو أسلم حيث تسقط لما عرف انه تعذر أخذها بوجه الصغار وإن كان دعوة المولى التغلبي الغلام قبل تمام السنة بيوم لا تجب الجزية لأن وجوبها بتمام السنة وإذا تمت السنة تجب الصدقة المضعفة على الأب والولد جميعا لما مر
ولو ان مكاتبا نصرانيا تزوج تغلبية حرة نصرانية فولدت ولدا
____________________
(1/149)
للقريب الذي عتق عليه قريبه بالقرابة كما يثبت بالاعتاق وإذا ثبت الولاء عليه كان الحكم للولاء دون النسب
والصدقة المضعفة تجب على نساء بني تغلب كما تجب على الرجال لأنها في حقهم صدقة والرجال والنساء من المسلمين في الصدقات سواء فأما التغلبي الصغير فلا شيء عليه في سائمته كما لا صدقة في سائمة الصغير المسلم ولو ان الأب الذي ذكرنا كبر حتى وجبت عليه الصدقة المضعفة لتمام السنه ثم عتق أبوه حتى تحول إلى الجزية في المستقبل لم يسقط عنه ما كان واجبا من الصدقة في الماضي لأن ذلك حق تقرر وجوبه والولاء الثابت بالعتق غير مؤثر فيما تقرر وجوبه في الماضي وهذا بخلاف ما لو أسلم قبل أن يؤخذ منه الصدقة المضعفة فإن ذلك يسقط عنه لأن أخذ المسلمين منه إنما يكون بطريق الجزية والجزية لا تؤخذ بعد الإسلام فكذلك الصدقة المضعفة واما بظهور الولاء من جانب الأب لم يخرج من أن يكون أهلا لأخذ الجزية منه فلهذا يؤخذ الصدقة المضعفة لما مضى وهذا لأنا لو لم نأخذ منه الصدقة احتجناإلى أخذ الجزية اعتبارا للماضي
هامش وكبر الولد فعليه الصدقة المضعفة لما قلنا في العبد وإن مات المكاتب وترك ولدا ولد في كتابته ومضى سنون فأدى الولد مكاتبه أبيه ولم يؤخذ من ولده شيء للسنة الماضية فإنه يؤخذ منه لما مضى من السنين الصدقة دون
____________________
(1/150)
بالمستقبل فكان أخذ ما تقرر وجوبه أولى أما بعد الإسلام لو لم نأخذ منه الصدقة المضعفة لانحتاج إلى أخذ شيء آخر منه ولو كان بقي من الحول يوم أو يومان فاعتق أبوه بطلت عنه الصدقة المضعفة لأن وجوبها باعتبار كمال الحول وعند كمال الحول هو ليس من بني تغلب فيمتنع وجوب الصدقة عليه بخلاف الأول فإن الوجوب هناك قد تقرر بكمال الحول ولأن ما بقي من الحول يوم أو يومان صار معتبرا في إيجاب الجزية فلا يمكن اعتبارها في إيجاب الصدقة المضعفة فلهذا لا تجب ولكن يستقبل له الحول من حين عتق أبوه فإذا تم كان عليه وعلى بنيه الكبار الجزية وليس على بناته شيء كسائر أهل الذمة
ولو مرض الذمي في بعض السنة فإن كان صحيحا في أكثر السنة فعليه الجزية وإن كان مريضا في أكثر السنة فليس عليه الجزية لأن الذمي لا يخلو عن مرض يعتريه في بعض الأوقات فيقام الصحة في أكثر السنة مقام الصحة في جميع السنة فإن قيل ففي المسألة الأولى لماذا لا تجعل كونه تغلبيا في اكثر السنة ككونه تغلبيا في جميع
هامش الجزية لأن المكاتب إذا خلف ولدا ولد في كتابته فإنما يحكم بالعتق مقصورا على وقت الاداء كأن المكاتب حي وأدى بنفسه لأن الولد جزؤه فلا ضرورة إلى إسناد العتق إلى آخر حياة المكاتب فبقي الولد تغلبيا إلى الآن تبعا
____________________
(1/151)
السنة قلنا لأن هناك يتحول من خراج إلى خراج فإذا كان ما بقي من السنة معتبرا لإيجاب خراج لا يمكن اعتباره لإيجاب خراج آخر بخلاف المرض فإنه لا يتحول به من خراج إلى خراج
تغلبي نصراني ولدت جاريته غلاما فلم يدعه فهو عبده لأن الفراش لا يثبت للأمة إلا بدعوة النسب فإن كبر الغلام فتزوج حرة نصرانية مولاة لبني تغلب أو غيرهم فجاءت بولد وكبر ولدها فعليه الجزية لأنه حر بمنزلة أمه فهو حر مولى لمولى الأم فعليه الجزية فإن تمت السنة ثم ادعى التغلبي العبد الذي ولد في ملكه انه ابنه ثبت النسب منه وعتق فكان عليه الصدقة المضعفة وكذلك يتحول ابنه إلى الصدقة المضعفة في المستقبل لأن دعوة الاستيلاد توجب حرية الأصل فكان هو وأبوه من صلبي بني تغلب نسبا فعليهم الصدقة
هامش لأمه وإنما صار مولى لموالي الأب في الحال فكان الواجب في السنين الماضية الصدقة المضعفة وهذا إنما يتأتى على قول أبي يوسف ومحمد رضي الله عنهما أما عند أبي حنيفة رضي الله عنه لا تؤخذ منه الصدقة إلا لسنة واحدة على قياس الموانيذ في الجزية لأنها جزية في حق الأخذ وحكم
____________________
(1/152)
المضعفة في المستقبل فأما في السنة الماضية فالجزية باقية عليه لأن ذلك قد تقرر وجوبه حقا للمسلمين وحق المسلمين لا يسقط بدعوته فجعل في حق ما تقرر وجوبه كان الدعوى لم توجد وهذا لأنه بثبوت نسبه لم يخرج من أن يكون كافرا وأخذ الجزية من الكافر بطريق الصغار فإذا أمكن أخذها كما وجبت يبقى الواجب على ما كان بخلاف ما إذا أسلم فقد صار به من أهل التوقير ويخرج من أن يكون أهل الصغار وإن كانت دعوة التغلبي لابنه قبل أن يتم السنة فليس عليه الجزية لأن وجوبها عند تمام السنة وقد تمت وهو تغلبي ولأن ما بقي من السنة وجب اعتبارها لأخذ الصدقة المضعفة فلا يمكن اعتبارها لأخذ الجزية
تغلبية تزوجت مكاتبا نصرانيا فولدت فكبر الولد فهو تغلبي
هامش الجزية عند أبي حنيفة رضي الله عنه هكذا فهذا كذلك وإن أدى الولد المولود في الكتابة بدل الكتابة قبل تمام السنة الأولى ثم تمت السنة تجب الجزية لما مر
____________________
(1/153)
نصراني تبعا لأمه فإن أدى المكاتب فعتق صار ابنه مولى لمولى المكاتب وعليه خراج رأسه لظهور الولاء من جانب الأب وتبعية الأم كان قبل أن يظهر له ولاء من جانب الأب فإن لم يؤد المكاتب حتى مات فهو على وجهين إما أن يكون ترك ابنا مولودا في الكتابة ولم يترك وفاء أو ترك وفاء فإن كان ترك ابنا فعقد الكتابة باق لبقاء الولد ولهذا يسعى على النجوم لأنه جزء من أجزاء الأب فبقاؤه حيا في إبقاء حكم الكتابة بمنزلة بقاء الأب حتى إذا مضت سنون ثم أدى بدل الكتاب يحكم بحريته وحرية المكاتب غير مستند إلى حال حياته لأن الإسناد إلى وقت قبل الأداء يكون لضرورة ولا ضرورة هنا فإن الجزء منه لما كان حيا جعل كأنه بنفسه حي وهما كالتوأم في هذا الموضع وفي التوأم بقاء أحدهما حيا يجعل كبقائهما جميعا في حكم ثبوت النسب بالدعوة وفي حكم ثبوت الحرية فكذلك هنا فإن كان
هامش وإن لم يترك ولدا ولد في كتابته لكن ترك وفاء وغاب المولى سنين ثم حضر فأديت كتابته فهنا يحكم بحريته في آخر حياته وكان الواجب على الولد
____________________
(1/154)
المصدق لم يأخذ من الابن الصدقة المضعفة للسنين الماضية أخذ ذلك كله لأنه إنما صار مولى لمولى الأب الآن فبقي تغلبيا فيما مضى من السنين فعليه الصدقة المضعفة وهذا بناء على قولهما فأما عند أبي حنيفة رحمه الله لا يستوفى منه إلا لسنة واحدة على قياس الموانيذ في الجزية فإن عند أبي حنيفة رحمه الله لا يستوفي ذلك كذلك هنا لأن المسلمين إنما يأخذون هذا من بني تغلب على وجه الجزية فلا نطالبهم بالموانيذ وإن كان إنما أدى بدل الكتابة في بعض السنة بطلت عنه الصدقة المضعفة لأنها لا تجب إلا بكمال الحول وقد صار ما بقي من الحول معتبرا لإيجاب الجزية فلا يمكن اعتباره لإيجاب الصدقة المضعفة
هامش للسنين الماضية الجزية دون الصدقة وظهر أن الولد كان مولى لموالي أبيه وهذا عندهما وأما عند أبي حنيفة رضي الله عنه لا تجب إلا لسنة واحدة على ما مر وهذا إذا لم يؤخذ منه الصدقة في السنين الماضية فأما إذا اخد منه الصدقة في السنين ثم أدى بدل الكتابة لا يبطل حكم المأخوذ لأن حكمه قد تقرر وانتهى بالأخذ ونظيره في المسلم إذا عجل بنت لبون عن ستة وثلاثين إبلا ثم انتقص من النصاب قبل الحول وتم الحول لا يسترد كل بنت
____________________
(1/155)
وإن كان المكاتب لم يترك ولدا ولكنه ترك وفاء بمكاتبته وكان مولاه غائبا فلم يؤد مكاتبته حتى مضت سنون ثم حضر المولى فأديت المكاتبة فإنه يحكم بحريته مستندا إلى حال حياته لأن إبقاء العقد ببقاء المال غير ممكن حين لا يبقى الأجل وهذا لأن المال ليس بجزء منه ولا هو محل للحرية ليجعل بقاؤه كبقاء المكاتب فدعت الضرورة إلى إسناد الحرية إلى حال حياته وبهذا الإسناد تبين أن الولد مولى لموالي أبيه في تلك السنين فإن لم يؤخذ عنه الصدقة المضعفة في تلك السنين أخذ منه الجزية في تلك السنين في قول أبي يوسف ومحمد رضي الله عنهما أما على قول أبي حنيفة رضي الله عنه لا يؤخذ منه شيء للسنين الماضية بناء على قوله في الموانيذ وإن كان أخذ منه الصدقة المضعفة للسنين الماضية فالصدقة ماضية لا ترد عليه لأنها قد تمت بالأخذ وهو كان تغليبا في ذلك الوقت ظاهرا فلا ترد بعد ذلك بخلاف ما لم تؤخذ ونظيره ما تقدم في الزيادات إذا عجل بنت لبون من نصابه ثم وجب عليه بنت
____________________
(1/156)
مخاض عند كمال الحول يسترد الفضل على قيمة بنت مخاض من الساعي إذا كان باقيا في يده ولا يسترد الكل لأن الصدقة في قدر ما و جبت قد تمت فهذا مثله فإذا جعل الزمان الماضي محسوبا عليه في أخذ الصدقة المضعفة لا يمكن أن يؤخذ منه الجزية فيها فلهذا لا تلزمه الجزية في السنين الماضية عندهم جميعا واستوضح هذه الفصول بعقل الجناية فإن هذا الابن لو جنى جناية فعقل جنايته عاقلة الأم ثم أدى الولد المولود في الكتابة بدل الكتابة لم ترجع عاقلة الأم على عاقلة الأب بما أدوا عنه ولو كان ترك وفاء ولم يترك ولدا فعقل جناية هذا الولد عاقلة الأم فإن لم يؤدوا عنه حتى عتق المكاتب بأداء بدل الكتابة كان عقل جنايته على عاقلة الأب وإن كان أدى عاقلة الأم لم يستردوا ذلك من المجني عليه لأن ذلك قد تم بالأداء ولكن يرجع عاقلة الأم على عاقلة الأب بما أدوا لأنه تبين أنه كان مولى لمولى الأب حين جنى وإن عاقلة الأم كانوا مضطرين عند الأداء فلم يكونوا متبرعين في ذلك ولكنهم يرجعون على عاقلة الأب بما أدوا فكذلك فيما سبق فإن قيل فكما أن عاقلة الأم يرجعون على عاقلة الأب بما أدوا فكذلك ينبغي أن يرجع التغلبي على بيت المال بما أدى من الصدقة المضعفة ويؤدي الجزية للسنين الماضية قلنا هناك عاقلة الأم أدوا عن
هامش لبون لكن يمسك الساعي قدر بنت مخاض ويرد الفضل وكذا حكم العقل إذا وجب جنايته على عاقلة الأم وتحملوا ذلك ثم أدى بدل كتابته لا يسترد
____________________
(1/157)
عاقلة الأب ما عليهم فيستقيم أن يرجعوا به عليهم أما هنا التغلبي إنما أدى عن نفسه الصدقة المضعفة فلو رجع رجع على نفسه إنما يرجع على بيت المال إن لو كان الوجوب في بيت المال وكان إداؤه عن بيت المال وليس كذلك فلهذا لا يرجع هنا بشيء
نصراني من أهل نجران ممن صالحهم رسول الله صلى الله علي وسلم على الحلل كان بينه وبين نبطي جارية فجاءت بولد فادعياه ثم كبر الولد نصرانيا فعليه الجزية نصف ذلك من خراج أهل نجران ونصفه من خراج
هامش ذلك من ولي الجناية بكل حال لكن هل يرجع عاقلة الأم على عاقلة الأب بما عقلوا ففيما إذا لم يترك ولدا وترك وفاء يرجعون بما عقلوا لأنه ظهر بها انهم تحملوا عنهم وكانوا مضطرين في الاداء عنهم فلم يكونوا متبرعين وفيما إذ ترك ولدا ولد في كتابته لا يرجعون لأنه حين جني كانت عاقلته عاقلة الأم
ولو كانت جارية بين نجراني ونبطي جاءت بولد وكبر الولد فعليه نصف خراج النجراني من الحلل ونصف خراج غير النجراني على ما مر وكذا الولد من جارية بين الشامي الذي خراجه دنانير وبين العراقي الذي خراجه إثنا عشر درهما فكبر فعليه من كل خراج نصفه
وإن كان عبد بين نجراني ونبطي اعتقاه فعليه نصف جزية النبطي
____________________
(1/158)
أهل السواد لأن كلتا الوظيفتين جزية في حق المأخوذ منه والآخذ جميعا وقد تردد حال هذا الولد بين الأب النجراني والنبطي فلهذا جعل الجزية عليه نصفين بخلاف ما تقدم من التغلبي وقد قررنا هذا الفرق وأشار إلى فرق آخر فقال هناك محل الواجب في الصدقة المضعفة المال وفي الجزية الذمة وهنا محل الواجبين واحد فأمكن اعتبار الأحوال والتوزيع هنا وهو نظير المولود بين الأبوين أحدهما شامي جزيته دينار والآخر عراقي جزيته اثنا عشر درهما يكون على الولد نصف كل واحد من الجزيتين لاتحاد المحل
وإن كان بين النجراني والنبطي عبد فاعتقاه فعليه الجزية نصف ذلك مثل جزية مولاه النبطي وفي النصف الآخر يضع الإمام عليه ما يرى
هامش وفي النصف الآخر يضع الإمام عليه ما يرى من الخراج لأنه منسوب إلى النجراني بالولاء وصلح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحلل كان على النجراني نسبا لا ولاء ولانا لو وضعنا على موالي النجراني خراجهم من الحلل
____________________
(1/159)
من الخراج لأنه منسوب إلى النجراني بالولاء والحلل على من كان من بني نجران نسبا لا ولاء فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح بني نجران على الحلل فإنما يتناول ذلك من يكون منهم نسبا ولا يدخل المولى في ذلك كما لا يدخل مولى التغلبي مع التغلبي في الصدقة المضعفة هذا لأنا لو أدخلنا المولى في خراج أهل نجران أدى إلى أمر شنيع فإنهم يشترون عبيدا فيعتقونهم حتى يقل الجزية عليهم لأنه مال مقدر مسمى لا وجه للزيادة عليه عند كثرة الرؤوس ولا يجوز أن يتمكن الكافر من أن يتقلل جزيته مع إصراره على كفره فإذا لم تدخل موالي بني نجران في الحلل كان الرأي في النصف الذي هو مولى النجراني إلى الإمام فيما وضع عليه من الجزية بخلاف الابن على ما بيناه واستوضح فصل الولد بفصل الجناية إن هذا الولد لو جنى كان نصف جنايته على عاقلة أبيه النجراني ونصفه على عاقلة أبيه النبطي فكذلك حكم الخراجين في حقه وهو نظير أهل المدينتين صالح الإمام أحدهما على ألف دينار في كل سنة و الآخر على ألفي دينار ثم ولد بين رجلين من أهل المدينتين ولد من أمة لهما فادعياه ثم كبر فإن الإمام جعل نصفه مع أحد الأبوين في خراج مدينته والنصف الآخر مع الأب الآخر إذ ليس أحدهما به أولى من الآخر أرأيت لو كان فيهم عشرة آلاف ولد هكذا
هامش وذلك مقدر لايزيد بزيادة الرؤوس فيشترون عبيدا ويعتقونهم فتقل الجزية ولا
____________________
(1/160)
أكان الإمام يرجح أهل إحدى المدينتين في حق الأولاد وفيه اضرار بأهل المدينة الأخرى أو يجعل على الأولاد جزية أخرى وفيه اضرار بأهل المدينتين فعرفنا انه لا بد من القول بالتوزيع بالنصفين ليندفع الضرر
ولو كان الولد بين تغلبي ونجراني ادعياه فعليه نصف خراج النجراني اعتبارا بأبيه النجراني وفي النصف الآخر يضع الإمام عليه ما يرى من الخراج لما بينا انه بعد ما وضع عليه شيئا من الخراج لا يمكنه أن يجعل في ماله الصدقة المضعفة عليه ولأن ذلك على التغلبي من كل وجه وهذا تغلبي من وجه دون وجه فلا يمكن إيجاب الصدقة المضعفة عليه فلهذا وضع الإمام عليه ما يرى باعتبار جانب أبيه التغلبي
ولو أن مسلمين كانت لهما جارية فجاءت بولد فادعياه ثم مر يوم الفطر فعلى كل واحد منهما صدقة تامة عند أبي يوسف رضي الله عنه
هامش يجوز أن يمكن الكافر على تقليل جزيته مع إصراره على الكفر بخلاف الولد على ما مر ألا ترى أن الولد لو كان بين رجل من أهل مدينة صالحهم
____________________
(1/161)
لأنه ابن لكل واحد منهما بكماله فإن البنوة يحتمل الوصف بالتجزي ألا ترى انه يرث من كل واحد منهما ميراث ابن كامل فكان على كل واحد منهما صدقة كاملة وعلى قول محمد رضي الله عنه صدقة واحدة بينهما نصفين لأن الأب أحدهما في الحقيقة ولكن لأجل المعارضة جعلناه ابنا لهما في الأحكام وصدقة الفطر إنما تجب على الوالد عن ولده فلهذا يجب عليهما صدقة واحدة ألا ترى انه لو مات الابن يرثان منه ميراث أب واحد بينهما نصفين لأن الأب أحدهما
هامش الإمام على ألفي دينار فكبر الولد فعليه من خراج كل مدينة نصفه
ولو كان الولد بين تغلبي ونجراني ادعياه فكبر الولد فعليه نصف خراج النجراني وفي النصف الآخر يضع الإمام من الخراج ما شاء دون الصدقة المضعفة لتعذر الجمع على ما مر
ولو كان الولد بين مسلمين ادعياه فمضى عليه يوم الفطر فعلى كل واحد من الأبوين صدقة فطره تامة في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رضي الله عنهما لأنه ابن كامل لكل واحد منهما ألا ترى انه يرث من كل واحد
____________________
(1/162)
فكذلك حكم صدقة الفطر ولو مات أحد الأبوين فصدقة فطره على الآخر لأنه ابن للباقي منهما هكذا قال عمر رضي الله عنه ألا ترى ان ميراث الأب كله له لأن مزاحمة الآخر زال بموته فكذلك في حكم صدقة الفطر وكذلك لو كان أحدهما معسرا فصدقة الفطر كله على الآخر لأن المعسر منهما كالميت في حكم صدقة الفطر إذ لا مزاحمة بينه وبين الموسر فلهذا كانت الصدقة عليه وأما عن الأم لا تجب الصدقة على كل واحد منهما لأنها أم ولد بينهما والمملوك إذا كان بين رجلين لا يجب على كل واحد منهما عنه صدقة الفطر لأن كل واحد منهما لا يملك ما يسمى أمة أو عبدا والله أعلم
هامش ميراث ابن كامل وعند محمد رضي الله عنه عليهما صدقة واحدة لأن الأب أحدهما لكن ليس أحدهما بأولى من الآخر فيكون بينهما ألا ترى انهما يرثانه ميراث أب واحدولو مات أحدهما فصدقة الفطر على الآخر لأنه تعين أبا وكذلك لو كان أحدهما معسرا فصدقة الفطر على الموسر لأن المعسر كالعدم في حق وجوب صدقة الفطر ولا صدقة عليهما لأجل الأم لأنها مملوكة بينهما والله أعلم
____________________
(1/163)
صفحة فارغة
____________________
(1/164)
باب من صلاة التطوع التي تستقيم أن تكون بإمام أو لا تستقيم
رجل قال لله علي أن أصلي ركعتين تطوعا وقال الآخر لله علي أن أصلي ركعتين تطوعا فأم أحدهما صاحبه أجزى صلاة الإمام ولم يجز للمأموم لأن أحد الصلاتين غير الأخرى فإن وجوب كل
هامش باب من صلاة التطوع أن تستقيم بإمام واحد أو لا تستقيم
بناه على أن صلاة الإمام مع صلاة المقتدي إذا اختلفت لا يصح الاقتداء واختلاف الصلاة باختلاف سببها بيانه إذا قال الرجل لله علي أن أصلي ركعتين وقال الآخر لله علي أن أصلي ركعتين فاقتدى أحدهما بالآخر
____________________
(1/165)
واحد منهما بسبب غير السبب الآخر وهو النذر لأن نذر أحدهما غير نذر الآخر ألا ترى أن الناذر لو كان واحدا فقال لله علي أن أصلي ركعتين ثم قال لله علي أن أصلي ركعتين كانت الثانية غير الأولى فكذلك إذا كان الناذر مختلفا وهذا لأن المنكر إذا أعيد منكرا كان الثاني غير الأول إذا ثبتت المغائرة قلنا ما وجب عليهما بإيجابهما مثل ما وجب بإيجاب الله تعالى وتغاير الفرضين فيما هو واجب بإيجاب الله تعالى يمنع صحة الاقتداء فكذلك فيما وجب بإيجابهما وكذلك لو افتتح كل واحد منهما ركعتين تطوعا ثم أفسدا صلاتهما فأم أحدهما صاحبه في القضاء لم تجز صلاة المقتدي لأن الوجوب بالشروع كالوجوب بالنذر وشروع أحدهما غير شروع الآخر حتى لو حصل من واحد كانا غيرين بأن شرع في ركعتين ثم أفسد ثم شرع في ركعتين ثم أفسد فعليه قضاء الصلاتين جميعا فإذا ثبتت المغائرة لم يجز اقتداء المقتدي بمن يصلي غير صلاته فإذا قطعها لم يكن عليه قضاؤها وأشار هنا إلى انه لم يصر شارعا في الصلاة حتى قال إذا قهقه لم
هامش لا يصح الاقتداء لأنهما تغايرا لأن نذر كل واحد منهما غير نذر صاحبه ألا ترى انه لو كان النذران من شخص واحد كانا غيرين فصار كاختلاف الفرضين إلا إذا قال الثاني لله علي أن أصلي تلك الركعتين اللتين هو نذر
____________________
(1/166)
يكن عليه وضوء وبنحوه أجاب في باب الحدث من كتاب الصلاة وأجاب في باب الأذان فقال يصير شارعا في الصلاة تطوعا فقيل ما ذكر هنا قول محمد رضي الله عنه لأن عنده للصلاة جهة واحدة إذا بطلت لم يبق أصل الصلاة وما ذكر في باب الأذان قول أبي حنيفة وابي يوسف رضي الله عنهما لأن عندهما بفساد الجهة لا يصير خارجا من الصلاة ولكن مع هذا لو قطع عندهما لا قضاء عليه بسبب هذا الشروع لأنه إنما شرع فيها ليسقط عن نفسه ما كان واجبا عليه فلا يصير به ملتزما شيئا
وكذلك لو طاف رجلان كل واحد منهما بالبيت أسبوعا وجب على كل واحد منهما ركعتان لقوله عليه الصلاة والسلام وليصل
هامش بهما فحينئذ يصح الاقتداء لأنهما اتحدا ألا ترى انه لو كان ذلك من شخص واحد كان نذرا واحدا وكذا لو شرع أحدهما في نفل
____________________
(1/167)
الطائف لكل أسبوع ركعتين فإن أم أحدهما صاحبه فيها لم يجز صلاة المقتدي لأن سبب الوجوب للصلاة عليه غير سبب الوجوب على الإمام فإن السبب الموجب في حق كل واحد منهما طوافه فلهذا لم يجز اقتداء أحدهما بالآخر
ولو ام قوما في التطوع في قيام رمضان فلما صلى ركعة تكلم فسدت صلاته وصلاة القوم وعليه إعادة الركعتين فإن أمهم الإمام فيها أو بعض المأمومين جازت صلاتهم جميعا بخلاف ما سبق لأن في هذا الموضع الصلاة في حقهم واحدة وهي شفع من التراويح وسببه الشروع على سبيل المشاركة ولو أتموا كما شرعوا أجاز عنهم فكذا إذا قضوا بعد الإفساد وفيما تقدم سبب الوجوب مختلف ألا ترى أن الشروعين هنا لو حصل من واحد بأن أفسد شفعا من التراويح ثم شرع فيه ثانيا وأدى لم يلزمه شيء آخر فكذلك ما سبق
هامش ركعتين وشرع الآخر في مثله ثم أفسدا وقضيا واقتدى أحدهما بالآخر لا يصح الاقتداء فلو قطعها المقتدي لا يلزمه القضاء وهو إشارة إلى انه لا يصير شارعا في صلاة نفسه حتى لو ضحك قهقهة لا تنتقض طهارته
____________________
(1/168)
ولو اقتدى المتطوع بالركعتين بالناذر جازت صلاتهما بخلاف ما لو اقتدى الناذر بالمتطوع وهو نظير اقتداء المفترض بالمتنفل لا يجوز واقتدار المتنفل بالمفترض صحيح فكذلك ما سبق
قال وأكره أن يصلي القوم التطوع جماعة إلا في قيام رمضان خاصة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤد التطوعات بالجماعة مع حرصه على أداء الصلاة بالجماعة ولأنه لا يؤذن لها ولا يقام ولأن الإخفاء في التطوعات سنة وفي الأداء بالجماعة معنى الإظهار فلهذا كره ذلك وأما قيام رمضان فقد أدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجماعة ليلة أو ليلتين واتفق عليه الصحابة رضي الله عنهم بعده وإن صلوا التطوع بالجماعة ثم أفسدوا فعليهم القضاء لوجود الإفساد بعد صحة الشروع وفي القضاء إذا أدوا بالجماعة أجزاهم كما في الأداء
ولو اقتدى المتطوع بالناذر فتلكم الإمام ثم قام إلى قضائها فأم أحدهما صاحبه أجزاهما ذلك سواء أم الإمام أو الآخر لأنها قد وجبت على الآخر بالشروع وهي صلاة واحدة في حقهما فإن الشارع إنما يلتزم صلاة الإمام لا غير فلهذا جاز اقتداء أحدهما بالآخر وكذلك لو قال رجل لله علي أن أصلي ركعتين فقال الآخر لله على أن أصلي الركعتين اللتين أوجبت على نفسك فأم أحدهما صاحبه أجزأته ذلك لأن الصلاة واجبة عليهما بالنذر وهي صلاة واحدة ألا ترى انه لو حصل
____________________
(1/169)
النذران من واحد بأن قال لله على ركعتان ثم قال لله علي تلك الركعتان لم تلزمه إلا صلاة واحدة وعند اتحاد الصلاة واستوائهما في صفة الوجوب اقتداء أحدهما بالآخر صحيح
ولو صلى الإمام بقوم ركعتين تطوعا وإمام آخر صلى بقوم ركعتين تطوعا ثم قطع رجلان من المأمومين صلاتهما فأم أحدهما صاحبه في القضاء لم تجز صلاة المأموم لاختلاف الصلاتين فإن الشروع في الصلاة خلف زيد غير الشروع فيها خلف عمرو ألا ترى انه لو أفسد الإمامان صلاتهما لم يجز أن يؤم أحدهما صاحبه في القضاء فكذلك إذا أفسد من قوم كل واحد منهما رجل
ولو صلى الظهر في مسجد ثم أقيمت لتلك الصلاة فيه كرهت له أن يخرج حتى يصلي معهم لأنه بالخروج يعرض نفسه للتهمة ويظهر مخالفة الإمام والجماعة وذلك مكروه وكذلك في العشاء لأنه لا بأس بالتطوع بعد هاتين الصلاتين وأما في الفجر والعصر يخرج ولا يصلي معهم لأن النفل بعد هاتين الصلاتين مكروه وفي الخروج وإن كان يتهمه الناس لكن بسبب هذه التهمة يحترز عما لا يحل له
هامش وهكذا ذكر في باب الحدث في كتاب الصلاة وذكر في باب الأذان انه يصير شارعا في التطوع حتى لو ضحك تنتقض طهارته قيل ما ذكر هنا قول محمد رضي الله عنه لأن عنده إذا بطلت صفة الصلاة لا يبقى أصل الصلاة وما ذكر
____________________
(1/170)
وذلك غير مذموم ولأنه لو جلس كذلك طال مخالفته للجماعة ولو خرج كانت المخالفة في لحظة واحدة ومن ابتلى ببليتين يختار أونهما وكذلك في صلاة المغرب لا يدخل هكذا روي عن عمر رضي الله عنه ولأنه لو دخل كان متنفلا بثلاث ركعات ولو اكتفى بركعتين كان قد فرغ قبل إمامه وذلك لا يجوز فلهذا لا يدخل ولو دخل فعليه أن يتم أربعا بعد سلام الإمام لأنه التزم بالشروع ثلاث ركعات قدر صلاة الإمام فكأنه التزم ذلك بالنذر ومن نذران يصلي ثلاث ركعات يلزمه أربع ركعات فكذلك إذا شرع فيه فإن سلم مع الإمام استقبل التطوع أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة لأن الكل صلاة واحدة في حقه كما في حق الإمام وإذا أفسدها قبل الإمام كان عليه قضاء الكل كمن نذر أن يصلي أربع ركعات بتسليمة واحدة ثم أفسدها بعدما صلى ثلاث ركعات
ولو دخل مع الإمام في الظهر بنية التطوع ثم أفسدها فعليه قضاء أربع ركعات إن كان إمامه مقيما وركعتين إن كان إمامه مسافرا لأنه
هامش في باب الأذان قولهما لأن عندهما يبقى أصل الصلاة لكن عندهما لو قطعها لا يلزمه القضاء لأنه شرع مسقطا الواجب لا ملتزما لغير الواجب
ولو طاف رجلان بالبيت اسبوعا حتى وجب على كل واحد ركعتا الطواف فاقتدى أحدهما بالآخر لا يجوز الاقتداء لأن سبب وجوب صلاة كل واحد طوافه وهما غيران
____________________
(1/171)
بالشروع صار ملتزما صلاة الإمام فعليه عند الإفساد أن يقضي مقدار صلاة الإمام فإن كان الإمام مقيما فعلى هذا إذا قضي أن يقرأ في كل ركعة بفاتحة وسورة لأن ما لزمه تطوع وفي التطوع يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة فإنما يعتبر صلاته بصلاة الإمام في عدد الركعات لا في صفة القراءة فإن كان حين أفسدها دخل ثانيا مع ذلك الإمام فيها جاز ذلك إن نوى القضاء أو لم تحضره النية لأنه كان ملتزما تلك الصلاة وقد أداها ألا ترى انه لو أتمها بالشروع الأول لم يلزمه شيء آخر فكذلك إذا أفسدها ثم قضى خلف ذلك الإمام ولا حاجة له إلى نية القضاء لكونها متعينة ونية التعيين فيها غير معتبرة وإن نوى الشروع الثاني تطوعا غير الأول كان كما نوى وعليه قضاء أربع ركعات بالشروع الأول وهو نظير من دخل مع الإمام في صلاة الظهر وهو ينوي صلاة الإمام جازت صلاته من الظهر ولو نوى عند دخول التطوع لم يجز من الظهر فكذلك ما سبق ولو كان الإمام هو الذي
هامش
ولو ان رجلا صلى بقوم قيام شهر رمضان فلما صلى ركعة تكلم الإمام فسدت صلاة الكل فلو أمهم فيها جاز لأن الكل واحد لأن
____________________
(1/172)
أفسد صلاته ففسد به صلاة من خلفه ثم عاد الإمام في الظهر وعاد معه الرجل يريد قضاء ما عليه أو لم تحضره نية جاز ذلك عنه لأن القضاء بعد الإفساد معتبر بالأداء ولو أداها خلفه في الابتداء جاز فكذلك إذا قضاها بعد الإفساد إلا أن ينوي بالاقتداء تطوعا آخر فيكون عما نوى
وكذلك لو ائتم بالإمام رجلان بنية التطوع ثم أفسدا صلاتهما ثم أم أحدهما صاحبه أجزأهما لأنهما بالشروع الأول التزما صلاة الإمام فكانت الصلاة واحدة في حقهما
وكذلك لو أن الإمام سبقه الحدث واستخلف رجلا أو قدم القوم رجلا ممن يصلي الفريضة وصلى هذا المتطوع الذي أفسد صلاته خلف الإمام الأول مقتديا بهذا الثاني يريد قضاء ما عليه أو لم يحضره نية جازت صلاته لأن الثاني خليفة الأول في هذه الصلاة فكان
هامش شروعهم كان على سبيل الشركة ألا ترى انه لو أفسد واحد من القوم صلاته ثم شرع مع الإمام وصلى لا يلزمه شيء آخر
ويجوز اقتداء المتنفل بالناذر لأنه اقتداء المتنفل بالمفترض وعلى العكس لا يجوز
____________________
(1/173)
اقتداؤه بالثاني كاقتدائه بالأول ولو أن هذا الذي قطع صلاته شرع فيها مع إمام آخر يصلي الظهر ينوي قضاء تلك الصلاة أو لم تكن له نية جازت صلاته أيضا كما لو شرع فيها خلف الأول وهذا لأن الظهر صلاة واحدة في حق الكل بخلاف المتطوع إذا شرع ركعتين تطوعا خلف متطوع ثم أفسدها وقضاها خلف متطوع آخر لا يجزيه لأن صلاة الإمامين هناك مختلفة ألا ترى انهما لو أفسدا لم يجز اقتداء أحدهما بالآخر في قضائها فكذلك هذا الذي أفسد خلف أحدهما لا يكون له أن يقضي ما لزمه خلف الآخر وفي الظهر لو أن الإمامين أفسدا ثم أم أحدهما صاحبه في القضاء جازت صلاتهما فكذلك الذي أفسد خلف أحدهما إذا قضاها خلف الاخر جاز وكان وزان الإمامين المتطوعين من الفريضة رجلين فات من أحدهما ظهر يومه والآخر أمسه فقاما
هامش
ويكره التطوع بالجماعة إلا قيام شهر رمضان لأن الإخفاء أبعد من الرياء ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل التطوع بالجماعة مع حرصه على الجماعة ولو لم يكن مكروها لفعل وفي قيام رمضان صلى بالجماعة ليلتين واتفق عليه الصحابة بعده ولو صلوا التطوع بالجماعة ثم أفسدوها ثم قضوا بالجماعة أجزأهم
ولو اقتدى المتطوع بالناذر فتكلم الإمام ثم قاما ليقضيا فاقتدى أحدهما
____________________
(1/174)
يقضيان فاقتدى متطوع بأحدهما وأفسد ثم قضى خلف الآخر لا يجوز لأن صلاة الإمامين هنا مختلفة ألا ترى انه لا يستقيم أن يؤم أحدهما صاحبه فيها فكذلك في حق المقتديين بهما
ولو صلى الظهر في منزله ثم إن رجلا يريد أن يصلي الظهر فقال لله علي أن أصلي صلاتك هذه تطوعا ثم صلاها خلفه جاز لأنه بالنذر أوجب تلك الصلاة ولو التزمها بالشروع جاز له اداؤها خلفه وقضاؤها بعد الإفساد خلفه فكذلك إذا التزم بالنذر
ولو أن مقيما افتتح الظهر فاقتدى به رجل بنية التطوع ثم أفسد الإمام صلاته ثم سافر وهو في الوقت فعلى الإمام أن يصلي الظهر ركعتين لأنه صار مسافرا مع بقاء الوقت وبالشروع الأول ما لزمه شيء لأنه شرع فيها مسقطا لا ملتزما ولكن على المقتدي أربع ركعات لأنه
هامش بالآخر جاز سواء أئتم الإمام أو المقتدي لأن هذه صلاة واحدة في حقهما لأن المقتدي شرع في صلاة الإمام
ولو صلى إمام بقوم ركعتين وإمام آخر ركعتين فتكلما فاقتدى أحد الفريقين بالآخر لا يصح لأن شروع كل فريق في صلاة أخرى
ثم ذكر ان من صلى صلاة الظهر أو العشاء ثم أقيمت وهو في المسجد يدخل مع الإمام ويكره له الخروج لأن التطوع بعدهما مشروع أما في العصر لا يدخل ويخرج لأن التطوع بعده مكروه ولو مكث وجلس يصير مخالفا للإمام فيخرج لهذا وفي المغرب لا يدخل مع الإمام لأنه إن سلم مع الإمام يكون منتفلا بثلاث ركعات وانه مكروه وإن أتم الرابعة يصير
____________________
(1/175)
شرع ملتزما لصلاة الإمام وقد كانت صلاته أربع ركعات حين شرع هذا الرجل معه
فإن افتتح الإمام بعدما سافر صلاته واقتدى به هذا الرجل ينوي قضاء ما عليه أجزأتهما صلاتهما لاتحاد الصلاة فإن الظهر في حق المسافر والمقيم صلاة واحدة وهي فرض الوقت وإن اختلف عدد الركعات
هامش مخالفا لإمامه لكن لو دخل معه يتم أربعا لأن من أوجب على نفسه ثلاث ركعات يلزمه إتمام الأربع ولو سلم مع الإمام فعليه أن يقضي أربعا كما في النذر
ولو دخل مع الإمام المقيم في الظهر بنية التطوع ثم أفسد فعليه قضاء الأربع لأنه بالشروع التزم صلاة الإمام ويقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة لأنه قضاء التطوع والقضاء مثل الاداء وانه مثل صلاة الإمام من حيث عدد الركعات لا في صفتها وإن كان الإمام مسافرا فعليه قضاء ركعتين سواء نوى ركعتين أو أربعا لأن صلاة الإمام ركعتان فصلاته تكون كذلك فإن أفسدها ثم دخل مع الإمام في تلك الصلاة وأتمها جاز ولا شيء عليه ولا يحتاج إلى نية القضاء لأنه متعين فإن نوى بالشروع صلاة أخرى غير الأولى فعليه كقضاء الأولى لأن ما أدى مع الإمام ليس ما وجب عليه بالإفساد
____________________
(1/176)
فإذا سلم الإمام على رأس الركعتين قام المؤتم فأتم صلاته بمنزلة المقيم خلف المسافر إلا أن عليه أن يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة لأن صلاته تطوع فإن ترك القراءة في ركعة مما يقضى فسدت صلاته وعليه أن يستقبل أربع ركعات لا يفصل بينهن بسلام فإن فصل بينهم بسلام استقبل أربع ركعات لأن أصل ما التزم كان أربعا بتسليمة واحدة فلا يجوز قضاؤها إلا بتسليمة واحدة لأن كل شفع من التطوع وإن كان صلاة على حدة فالوصل بين الشفعين يجب بالالتزام كالتتابع في الصوم يجب عند الالتزام وإن كان لا يجب بمطلق النية أو النذر فكذا الوصل هنا والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وصلى الله على محمد وآله
هامش ولو أفسدها الإمام ثم عاد الإمام إلى الظهر فدخل معه الذي كان أفسد الأول جاز لأن القضاء يعتبر بالاداء إلا إذا نوى بالاقتداء تطوعا آخر غير الأول على ما مر
ولو اقتدى رجلان بإمام ونويا التطوع ثم أفسدا وقضيا واقتدى أحدهما بالآخر جاز لاتحاد الصلاة
____________________
(1/177)
قال الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة رحمه الله هذا ما جاد به الخاطر ودل عليه الفقه الظاهر مما فهمته عند التأمل في إشارات محمد بن الحسن رحمه الله وعباراته المذكورة في زيادات الزيادات أمليتها وأنا في السجن محبوس وعن أسباب الخلاص في الدنيا مأيوس بسبب كلمة كنت فيها من الناصحين سالكا فيها طريق الراسخين ليكون لي ذخيرة يوم الدين وأكون فيه من الفائزين وإنما يتقبل الله عز وجل من المتقين وهو يتولى الصالحين ولا يهدي كيد الخائنين ولا يضيع أجر المحسنين والحمدلله قبل وبعد
هامش
ولو اقتدى بإمام ينوي التطوع ثم أفسد المقتدي ثم احدث الإمام واستخلف رجلا خلفه أو استخلفه القوم فدخل الذي أفسد صلاته في صلاة الخليفة نوى قضاء تلك الصلاة أو لم ينو جاز كما لو دخل مع الإمام الأول وكذا لو دخل هذا الذي أفسد في صلاة إمام آخر يصلي ذلك الظهر جاز كما لو دخل مع الإمام الأول لأن كليهما ظهر واحد بخلاف ما إذا اقتدى بمتطوع وأفسد ثم دخل في صلاة متطوع آخر حيث لا يجوز لأن ثمة اختلف ألا ترى أن الإمامين في الظهر لو أفسدا واقتدى أحدهما بالآخر يجوز حتى لو اقتدى هذا الذي أفسد بإمام يصلي ظهر أمسه لا يجوز كالإمامين إذا أفسدا واقتدى احدهما بالآخر لا يجوز لأن الظهر قد اختلف
ولو أن رجلا صلى الظهر في منزله ثم أتى إماما يصلي الظهر فقال لله علي أن أصلي صلاتك هذه تطوعا وصلاها خلفه جاز لأنه التزم بالنذر تلك
____________________
(1/178)
وكان في آخر أصل ولي الدين جار الله رقم 679 تم بحمد الله وحسن توفيقه والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله أجمعين على يد العبد الضعيف الراجي إلى رحمة ربه اللطيف يعقوب بن يوسف كلنعلي الحنفي الفرسدي يوم الإثنين في حادي عشر من جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وستمائة رحم الله من نظر فيه وقرأ ودعا لكاتبه
هامش الصلاة ولو التزمها بالشروع وصلى معه جاز فكذا إذا التزمها بالنذر وصلى معه يجوز
ولو أن مقيما افتتح الظهر فاقتدى به رجل بنية التطوع فأفسد الإمام صلاته ثم سافر في الوقت فإنه يصلي الظهر ركعتين وعلى الذي اقتدى به للتطوع قضاء الأربع لأنه بالشروع التزم صلاة الإمام أربعا
فلو ان هذا المقتدي دخل قي صلاته بعدما سافر ينوي القضاء أو لم تحضره النية جاز لأنه عين ذلك الظهر في حق الإمام لكن الإمام إذا سلم فإنه لا يسلم هو ويقوم ويصلي اخروين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة لأنه تطوع ولو أفسد يقضي أربعا بتسليمة واحدة يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة بمنزلة من أوجب على نفسه أربع ركعات بتسليمة واحدة والله أعلم بالصواب
وكان في آخر الأصل حامد الله تعالى ومصليا على نبيه وصحبه قد وقع الفراغ من تحريره يوم الجمعة من شهر الله المعظم رجب سنة إحدى وستين
____________________
(1/179)
وكان في آخر نسخة الفاتح رقم 1555 تم بحمد الله وحسن توفيقه في سنة إحدى وثمانين وستمائة
هامش وسبعمائة اغفر لكاتبه ولمؤلفه ولقارئه والحمد لله رب العالمين وكان في آخر نسخة شهيد علي باشا رقم 808 أتممت نسخ زيادات الزيادات حمدي له أبدا في كل حالات
فرغنا من طبعهما بحمد الله ومنه في 27 صفر سنة 1378 والصلاة على رسوله وآله
____________________
(1/180)