المضاربة بل يبطل الشرط وتبقى المضاربة صحيحة هذا هو المعنى من سوق الكلام ومقتضى الكلام
ولكن اعترض عليه بأن شرط العمل على رب المال شرط ليس بواحد منهما فلم يطرد هذا الضابط الكلي
أقول دفعه على ما نسقه المصنف ظاهر لأنه ذكر هذا الشرط أولا وأتى بالضابط الكلي بعده فيحمل على غير هذا لشرط بقرينة المقابلة
وأما على ما هو ترتيب صاحب الهداية حيث أخر ذكر هذا الشرط عن ذلك فيكون مخصصا لعمومه بل يكون بمنزلة الاستثناء به عنه ونظائره أكثر من أن تحصى كما لا يخفى على من تدرب هذا ولبعض الشراح هنا جواب عنه ولبعضهم اعتراض عليه ولذلك تركناه وما ذكرناه أولى
وما يقال في دفع الاعتراض من أن الشرط الذي يوجب جهالة الربح ليس فساد المضاربة به لمقارنة شرط فاسد بل لانعدام صحتها وهو معلومية الربح وكذا فسادها بشرط العمل على رب المال ليس لكونه شرطا مفسدا بل لتضمنه انتفاء شرط صحة المضاربة وهو تسليم المال إلى المضارب
أقول كون كل من هذين الشرطين متفرعا على شرط من الشروط الستة لا يمنع ورود ذلك الشرط على هذا الضابط الكلي لأنه في بيان الشرط وغير المفسد والفرق بينهما
وأقول الأمر أقرب من ذلك كله فيقال هذه الكلية غير صحيحة ويزاد فيما يفسد المضاربة اشتراط العمل الخ
تأمل
قوله ( يفسدها ) فللعامل أجر مثل عمله لأنه لم يرض بالعمل مجانا ولا سبيل إلى المسمى المشروط للفساد فيصار إلى أجر المثل ضرورة والربح لرب المال لأنه نماء ملكه
درر
قوله ( وإلا ) أي وإلا يكن واحد منهما أي لم يوجب الشرط جهالة في الربح ولا قطعا في الشركة بطل الشرط كاشتراط الخسران على المضارب وكذا على رب المال أو عليهما كما في التحفة
قوله ( وصح العقد اعتبارا بالوكالة ) لأن الخسران جزء هالك من المال فلا يجوز أن يلزم غير رب المال لكنه شرط زائد لا يوجب قطع الشركة في الربح والجهالة فيه لا تفسد المضاربة بالشروط الفاسدة كالوكالة ولأن صحتها تتوقف على القبض فلا تبطل بالشرط كالهبة
درر
قوله ( ولو ادعى المضارب فسادها ) الأخصر الأوضح أن يقول والقول لمدعي الصحة منهما
قوله ( الأصل أن القول لمدعي الصحة في العقود ) قيده في الذخيرة بما إذا اتحد العقد
أما لو اختلف العقد فالقول لرب المال إلا إذا اتفقا على ما يكفي لصحة المضاربة وادعى رب المال شرط الزيادة ليوجب فساد العقد فلا يقبل
وبيانه أنه لو ادعى المضارب اشتراط ثلث الربح وادعى رب المال استثناء عشرة منه فالقول لرب المال لأن المضارب يدعي صحة المضاربة ورب المال يدعي الإجارة الفاسدة وهما مختلفان فصار كما لو أقر بالإجارة الفاسدة وادعى الآخر الشراء الصحيح منه كان القول لرب المال لاختلاف العقدين
أما لو ادعى المضارب أن المشروط ثلث الربح وادعى رب المال الثلث وعشرة دراهم كان القول للمضارب لأنه يدعي شرطا زائدا يوجب فساد العقد فلا يقبل قوله كما في البيع إذا اتفقا عليه وادعى أحدهما أجلا مجهولا يوجب فساد العقد وأنكر الآخر بخلاف
قوله ( اشترطت لك ثلث الربح إلا عشرة ) لأن هناك اتفقا على ما يكفي لصحة العقد لأن الكلام المقرون بالاستثناء تكلم بما وراء المستثنى وذلك مجهول يمنع صحة العقد
قوله ( ولو فيه فسادها ) لأنه يمكن أن لا يظهر ربح إلا العشرة فاستثناؤها مؤد إلى قطع الشركة في الربح
قوله ( إلا إذا قال رب المال شرطت لك ثلث الربح ) قيل عليه لا يظهر استثناء هذا الفرع من القاعدة لأن رب المال يدعي الفساد والمضارب الصحة
____________________
(8/286)
والقول لمدعيها فهو داخل تحت القاعدة كما لا يخفى
أقول ليست القاعدة على إطلاقها بل هي مقيدة بما إذا لم يدفع مدعي الفساد بدعوى الفساد استحقاق مال على نفسه كما هنا فحينئذ يكون القول
قوله كما قدمناه عن الذخيرة وحينئذ لا صحة لقول المصنف فالقول للمضارب والصواب فالقول لرب المال لأنه المدعي للفساد ليدفع بدعواه الفساد استحقاق مال عن نفسه وحينئذ يتم الاستثناء ولا وجه لما قيل إن القول في هذه الصورة قول مدعي الصحة حيث كانت القاعدة مقيدة بما ذكرناه
ا هـ
كلام الحموي فلما كان في كلام الأشباه ما يقتضي عدم صحة الاستثناء على ما ذكره المصنف موافقا لما في الخانية والذخيرة البرهانية في الفصل الرابع عشر منها من المضاربة ومخالفا للصواب حيث قال فالقول للمضارب والصواب فالقول لرب المال على ما ذكره الحموي مستندا لعبارة الذخيرة التي نقله عنها
قال الشارح وما في الأشباه فيه اشتباه فليحرر ما يكشف ذلك الاشتباه
والذي نقله الحموي عنالذخيرة هو ما ذكره في البيوع في الفصل العاشر وهو أن ما ذكر في عبارته كما نقله عنه ما إذا قال المضارب لرب المال شرطت لي نصف الربح إلا عشرة ورب المال يدعي جواز المضاربة بأن قال شرطت لك نصف الربح
وقد صرح صاحب الذخيرة في كتاب المضاربة بأنه لو قال المضارب شرطت لي نصف الربح وزيادة عشرة أن القول فيه للمضارب وعلله بأن رب المال يدعي شرطا زائدا يوجب فساد العقد فلا يقبل كما تقدم في عبارته فلا يتم ما قاله المحشي الحموي لمجرد تعليل صاحب الذخيرة مع نصه أن الحكم خلاف ذلك ولا سيما أن ما ذكره الفقيه في غير بابه فالحق ما جرى عليه في المنح
تأمل
قوله ( وما في الأشباه ) من قوله القول قول مدعي الصحة إلا إذا قال رب المال شرطت لك الثلث وزيادة عشرة وقال المضارب الثلث فالقول للمضارب كما في الذخيرة ا هـ
قوله ( فيه اشتباه ) فإنه ظن أن الفرع خارج عن القاعدة مع أنه داخل فيها لأنا جعلنا القول فيه لمدعي الصحة وهو المضارب المدعي وقوعها بالثلث فلا يصح قوله إلا إذا قال رب المال الخ
كذا في المنح
وذكر نحوه أنه الشيخ صالح في حاشيته عليها وحينئذ فلا وجه لما ذكره الحموي في حل هذه العبارة ونصه قوله أي صاحب الأشباه القول لمدعي الصحة ليس هذا على إطلاقه بل هو مقيد بما إذا لم يدفع مدعي الفساد بدعوى الفساد استحقاق مال عن نفسه كما إذا ادعى المضارب فساد العقد بأن قال رب المال شرطت في الربح إلا عشرة ورب المال بدعي جواز المضاربة بأن قال شرطت لك نصف الربح فالقول قول رب المال لأن المضارب بدعوى الفساد لا يدفع استحقاقا عن نفسه لأن المستحق على المضارب منافعه والمستحق له على رب المال جزء من الربح وإنه عين المال والمال خير من المنفعة والاستحقاق بعوض هو خير كالاستحقاق فلم يكن المضارب بدعوى الفساد دافعا عن نفسه استحقاقا فلا يقبل قوله
ورب المال إذا ادعى فساد المضاربة بأن قال للمضارب شرطت نصف الربح إلا عشرة والمضارب ادعى جواز المضاربة بأن قال شرطت لي نصف الربح فالقول لرب المال لأنه بدعوى الفساد يدفع عن نفسه استحقاق مال لأن ما يستحق لرب المال منفعة المضارب وما يستحق على رب المال عين مال وهو خير من الربح والعين خير من المنفعة وإن كان كذلك كان رب المال بدعوى الفساد دافعا عن نفسه استحقاق زيادة المال فكان القول قوله
كذا في الذخيرة
قوله ( في المطلقة ) بسكون الطاء المهملة كأن يقول
____________________
(8/287)
دفعت إليك هذا المال مضاربة ولم يزد عليه
قوله ( التي لم تقيد بمكان ) أما لو قيده في البلد فليس له أن يسافر عنها كما لو قيده ببلدة أخرى فيتعين السفر ولا يبيع في بلده للزوم القيد وكلام المؤلف على حذف أي التفسيرية فهو بيان للمطلقة
قوله ( أو زمان ) فلو قيد بالشتاء فليس له أن يبيع بالصيف كعكسه
قوله ( أو نوع ) فلو قيد بالبر ليس له أن يتجر في الرقيق مثلا وينبغي أن يزاد أو شخص من المعاملين بعينه كما سيذكره فإنها حينئذ من المقيدة كما حققه قاضي زاده ثم لا يجوز للمضارب أن يعمل في غير ذلك المقيد
شلبي
قوله ( البيع ) قال الشهاب الشلبي في شرحه اشترى المضارب أو باع بما لا يتغابن الناس فيه يكون مخالفا قال له رب المال اعمل برأيك أو لا لأن الغبن الفاحش تبرع وهو مأمور بالتجارة لا بالترع
ولو باع مال المضاربة بما لا يتغابن فيه أو بأجل غير متعارف جاز عند الإمام خلافا لهما كالوكيل بالبيع اه
وإنما يبيع ويشتري من غير أصوله وفروعه
كذا في سري الدين عن الولوالجية ط
قوله ( ولو فاسدا ) لأن المبيع فيه يملك بالقبض فيحصل الربح بعقد المعاوضة وهو صنيع التجار بخلاف الباطل كما في الأشباه وليس المراد منه أنه يجوز له مباشرته لحرمته بل المراد أنه لا يكون به مخالفا فلا يكون غاصبا فلا يخرج المال عن كونه في يده أمانة
أبو السعود
قوله ( ونسيئة ) النسيئة بالهمز والنساء بالمد التأخر ولو اختلفا في النقد والنسيئة فالقول للمضارب في المضاربة وللموكل في الوكالة كما مر متنا في الوكالة
قوله ( متعارفة ) احترز به عما إذا باع إلى أجل طويل
زيلعي أي كسنتين في عرفنا أو أجل لم يعهد عند التجار كعشرين سنة كما مر في الدرر وإنما جاز له النسيئة لأنه عسى لا يحصل له الربح إلا بالنسيئة حتى لو شرط عليه البيع بالنقد لا يجوز له أن يبيع بنسيئة
وفي شرط النسيئة يجوز له أن يبيع بالنقد
وفي الهندية عن المبسوط قالوا وهذا إذا باعه بالنقد بمثل قيمته أو أكثر أو بمثل ما سمي له من الثمن فإن كان بدون ذلك فهو مخالف ولو قال لا تبعه بأكثر من ألف فباع بأكثر جاز لأنه خير لصاحبه
كذا في الحاوي
لو كانت المضاربة مطلقة فخصها رب المال بعد عقد المضاربة نحو إن قال له لا تبع بالنسيئة أو لا تشتر دقيقا ولا طعاما أو لا تشتر من فلان أو لا تسافر فإن كان التخصيص قبل أن يعمل المضارب أو بعدما عمل فاشترى وباع وقبض الثمن وصار المال ناضجا جاز تخصيصه وإن كان التخصيص بعد ما عمل وصار المال عرضا لا يصح
وكذا لو نهاه عن السفر فعلى الرواية التي يملك السفر في المضاربة المطلقة إن كان المال عرضا لا يصح نهيه
كذا في فتاوي قاضيخان
فإذا اشترى ببعض المال شيئا ثم قال لا تعمل به إلا في الحنطة لم يكن له أن يشتري بالباقي إلا الحنطة فإذا باع ذلك الشيء وصار نقدا لم يشتر به إلا الحنطة
كذا في الحاوي انتهى
قوله ( والشراء ) أي نقدا أو نسيئة بغبن يسير فلو اشترى بغبن فاحش فمخالف وإن قال له اعمل برأيك كما في الذخيرة والإطلاق مشعر بجواز تجارته مع كل أحد لكن في النظم أنه لا يتجر مع امرأته وولده الكبير العاقل ووالديه عنده خلافا لهما ولا يشتري من عبده المأذون وقيل من مكاتبه بالاتفاق
قهستاني
قوله ( والتوكيل ) لأنه دون المضاربة وجزء منه المضاربة تتضمن الإذن به
قوله ( بهما ) أي بالبيع والشراء
قوله ( والسفر برا وبحرا ) إلا أن ينهاه عنه نصا مطلقا على الأصح كما في الظهيرية
____________________
(8/288)
وفي الخانية له أن يسافر برا وبحرا في ظاهر الرواية في قول أبي حنيفة ومحمد هو الصحيح وعن أبي حنيفة أنه لا يسافر وهو قول أبي يوسف كما في المقدسي
وفي القهستاني ولا يسافر سفرا مخوفا يتحابى عنه الناس في قوتهم
قال الرحمتي وله السفر برا وبحرا أي في وقت لا يغلب فيه الهلاك وفي مكان كذلك
قوله ( ولو دفع له المال في بلده على الظاهر ) وعن أبي يوسف عن الإمام أنه إن دفع إليه المال في بلده ليس له أن يسافر به وإن دفع إليه في غربة كان له أن يسافر به إلى بلده لأن الظاهر أن صاحبه رضي به إذ الإنسان لا يقيم في دار الغربة دائما فإعطاؤه المال في هذه الحالة ثم علمه بحاله يدل على رضاه به
وجه الظاهر أن المضاربة مشتقة من الضرب في الأرض فيملكه بمطلق العقد إذ اللفظ دال عليه ولا نسلم أنه تعريض على الهلاك لأن الظاهر فيه السلامة ولا معتبر بالموهوم كما في الزيلعي
قوله ( ولو لرب المال ) أراد بالإبضاع له استعانة فيكون ما اشتراه وما باعه على المضاربة لا ما هو المتعارف من أن يكون المال للمبضع والعمل من الآخر كما في البرجندي
قوله ( ولا تفسد به المضاربة ) لأن حق التصرف للمضارب فيصلح أن يكون رب المال وكيلا عنه في التصرف خلافا لزفر لأن رب المال عنده حينئذ متصرف لنفسه وهو لا يصلح أن يكون وكيلا فيه فيكون مستردا وقول العيني ويكون الربح للعامل صوابه ولا يكون أن يحمل العامل على المضارب الذي وجد منه الإبضاع وإن لم يعمل بالفعل
كذا ذكره الشيخ شاهين
وليس المراد بالربح الذي يكون للمضارب في كلام الشيخ شاهين دون رب المال إذا دفع إليه المال بضاعة أصل الربح بل ما يخصه منه فتنبه
أبو السعود قوله ( كما يجيء ) أي في أول المتفرقات قوله ( والرهن والارتهان ) قال في البحر وله أن يرهن ويرتهن بها ولو أخذ نخلا أو شجرا معاملة على أن ينفق في تلقيحها وتأبيرها من المال لم يجز عليها وإن قال له اعمل برأيك فإن رهن شيئا من المضاربة ضمنه ولو أخر الثمن جاز على رب المال ولا يضمن بخلاف الوكيل الخاص لو حط بعض الثمن إن لعيب طعن المشتري فيه وما حط حصته أو أكثر يسيرا جاز وإن كان لا يتغابن الناس في الزيادة يصح ويضمن ذلك من ماله لرب المال وكان رأس المال ما بقي على المشتري ويحرم عليه وطء الجارية ولو بإذن رب المال ولو تزوجها بتزويج رب المال جاز إن لم يكن في المال ربح وخرجت الجارية عن المضاربة وإن كان فيه ربح لا يجوز وليس له أن يعمل ما فيه ضرر ولا ما لا يعمله التجار وليس لأحد المضاربين أن يبيع أو يشتري بغير إذن صاحبه ولو اشترى بما لا يتغابن الناس في مثله يكون مخالفا وإن قيل له اعمل برأيك ولو باع بهذه الصفة جاز خلافا لهما كالوكيل بالبيع المطلق
وإذا اشترى بأكثر من المال كانت الزيادة له ولا يضمن بهذا الخلط الحكمي ولو كان المال دراهم فاشترى بغير الأثمان كان لنفسه وبالدنانير للمضاربة لأنهما جنس هنا انتهى
قوله ( والاستئجار ) أي استئجار العمال للأعمال والمنازع لحفظ الأموال والسفن والدواب كما في الخانية والإيجار كذلك
عبد الحليم
قوله ( فلو استأجر الخ ) كان هذا في عرفهم أنه من صنيع التجار وفي عرفنا ليس هو من صنيعهم فينبغي أن لا يملكه قوله ( أي قبول الحوالة ) هذا ليس معنى الاحتيال لأن الاحتيال كونه محتالا وذلك برضا المحيل والمحال عليه والمحال وإنما اقتصر عليه
____________________
(8/289)
لأنه المقصود هنا ط
قوله ( من صنيع التجار ) أي عملهم وفي بعض النسخ صناع جمع صنعة بمعنى مصنوعة
قوله ( لا يملك المضاربة ) هذا إذا كانت المضاربتان صحيحتين
أما إذا كان إحداهما فاسدة أو كلتاهما فلا يمنع منه المضارب
قاله سري الدين
وهذا أيضا إذا كانت مع غير رب المال
أما إذا كانت معه فهي صحيحة كما تقدم عن الإسبيجابي
قال الصدر الشهيد التصرفات في المضاربة ثلاثة أقسام قسم هو من باب المضاربة وتوابعها فيملكها بمطلق الإيجاب وهو الإيداع والإبضاع والإجارة والاستئجار والرهن والارتهان وما أشبه ذلك
وقسم آخر ليس من المضاربة المطلقة لكنه يحتمل أن يلحق بها عند وجود الدلالة وهو إثبات الشركة في المضاربة بأن يدفع إلى غيره مضاربة أو يخلط مال المضاربة بماله أو بمال غيره فإنه لا يملك هذا بمطلق المضاربة لأن رب المال لم يرض بشركة غيره وهو أمر زائد على ما تقوم به التجارة فلا يتناوله مطلق عقد المضاربة لكن يحتمل أن يلحقها بالتعميم
وقسم لا يمكن أن يلحق بها وهو الإقراض والاستدانة على المال لأن الإقرار ليس بتجارة وكذا الاستدانة على المال بل تصرف بغير رأس المال والتوكيل مقيد برأس المال انتهى
قوله ( والشركة ) لأنها فوقها
قوله ( والخلط بمال نفسه ) وكذا بمال غيره كما في البحر أي لأنه شركة إلا أن تكون معاملة التجار في تلك البلد أن المضاربين يخلطون ولا ينهونهم فإن غلب التعارف في مثله وجب أن لا يضمن كما في التاترخانية
وفيها من الثاني عشر دفع إلى رجل ألفا بالنصف ثم ألفا أخرى كذلك فخلط المضارب المالين فهو على ثلاثة أوجه أما إن قال المضارب في كل من المضاربتين اعمل برأيك أو لم يقل فيهما أو قال في إحداهما فقط وعلى كل فإما أن يكون قبل الربح في المالين أو بعده فيهما أو في أحدهما
ففي الوجه الأول لا يضمن مطلقا
وفي الثاني إن خلط قبل الربح فيهما فلا ضمان أيضا وإن بعده فيهما ضمن المالين وحصة رب المال من الربح قبل الخلط وإن بعد الربح في أحدهما فقط ضمن الذي لا ربح فيه
وفي الثالث إما أن يكون قوله اعمل برأيك في الأولى أو يكون في الثانية وكل على أربعة أوجه إما أن يخلطهما قبل الربح فيهما أو بعده في الأولى فقط أو بعده في الثانية فقط أو بعده فيهما قبل الربح فيهما أو بعده في الثانية فإن قال في الأولى لا يضمن الأول ولا الثاني فيما لو خلط قبل الربح فيهما ا هـ
قال في مشتمل الأحكام وفي فتاوى أبي الليث إذا دفع إلى رجل دراهم مضاربة ولم يقل اعمل في ذلك برأيك والحال أن معاملة التجار في تلك البلدة يخلطون الأموال وأرباب الأموال لا ينهونهم عن ذلك وقد غلب التعارف في مثل هذا رجوت أن لا يضمن ويكون الأمر محمولا على ما تعارفوا
قوله ( إلا بإذن أو اعمل برأيك ) وفي المقدسي ومما تفارق المضاربة فيه الوكالة لو قال اعمل برأيك فللمضارب أن يضارب ويقول للثاني اعمل برأيك ويكون للثاني أن يضارب بخلاف الوكيل الثاني
ومنها لو رام رد عبد بعيب فنكل عن اليمين أنه ما رضي به بقي العبد على المضاربة بخلاف الوكيل
وفي الأشباه إذا قال له اعمل برأيك ثم قال له لا تعمل برأيك صح نهيه إلا إذا كان بعد العمل
ا هـ
قوله ( إذ الشيء لا يتضمن مثله ) هذا إنما يظهر علة لنفي المضاربة لا لنفي الشركة منه والخلط فالأولى أن يقول ولا أعلى منه لأن الشركة والخلط أعلى من المضاربة لأنها شركة في أصل المال
____________________
(8/290)
وأورد على قولهم إذ الشيء لا يتضمن مثله المأذون فإنه يأذن لعبده والمكاتب له أن يكاتب والمستأجر له أن يؤجر والمستعير له أن يعير ما لم يختلف بالاستعمال
وأجيب بأن هؤلاء يتصرفون بطريق الملكية لا النيابة والكلام في الثاني
أما المأذون فلأن الإذن فك الحجر ثم بعد ذلك يتصرف العبد بحكم الملكية الأصلية والمكاتب صار حرا يدا والمستأجر والمستعير ملكا المنفعة والمضارب يعمل بطريق النيابة فلا بد من التنصيص عليه أو التفويض المطلق إليه ط
بزيادة من الكفاية
قوله ( ولا الإقراض والاستدانة ) قال في شرح الأقطع لا يجوز للمضارب أن يستدين على المضاربة وإن فعل ذلك لم يجز على رب المال ألا ترى أنه إذا اشترى برأس المال فهلك قبل التسليم يرجع المضارب عليه بمثله وإذا كان كذلك فرب المال لم يرض أن يضمن إلا مقدار رأس المال فلو جوزنا الاستدانة لزمه ضمان ما لم يرض به وذلك لا يصح وإذا لم يصح استدامته على رب المال لزمه العين خاصة وقد قالوا ليس للمضارب أن يأخذ سفتجة لأن ذلك استدانة وهو لا يملك الاستدانة وكذا لا يعطى سفتجة لأن ذلك قرض وهو لا يملك القرض ولو قال له اعمل برأيك انتهى ط
عن الشلبي مختصرا
وإذا لم تصح الاستدانة لزم الدين خاصة وأطلق الاستدانة فشمل الاستدانة على مال المضاربة والاستدانة على إصلاح مال المضاربة كالاستئجار على حمله أو على قصارته وهو متطوع في ذلك
وفي القهستاني عن شرح الطحاوي صورتها كما إذا اشترى سلعة بثمن دين وليس عنده من مال المضاربة شيء من جنس ذلك الثمن فلو كان عنده من جنسه كان شراء على المضاربة ولم يكن من الاستدانة في شيء والظاهر أن ما عنده إذا لم يوف فما زاد عليه استدانة وقدمنا عن البحر إذا اشترى بأكثر من المال كانت الزيادة له ولا يضمن بهذا الخلط الحكمين
وفي البدائع كما لا تجوز الاستدانة على مال المضاربة لا تجوز على إصلاحه فلو اشترى بجميع مالها ثيابا ثم استأجر على حملها أو قصرها أو قتلها كان متطوعا عاقدا لنفسه
ط عن الشلبي وهذا ما ذكره المصنف بقوله فلو شرى بمال المضاربة ثوبا الخ فأشار بالتفريع إلى الحكمين
قوله ( أي اعمل برأيك ) أشار إلى أن اسم الإشارة راجع له خاصة لا له وللإذن فإن بالإذن الصريح يملك ذلك كما سيقول ما لم ينص عليهما
قوله ( ما لم ينص المالك عليهما ) قال في البزازية وكذا الأخذ بالشفعة لا يملكه إلا بالنص ويملك البيع الفاسد لا الباطل
نقله في الأشباه
قوله ( وإذا استدان كانت شركة الخ ) أي استدان بالإذن وما اشترى بينهما نصفان وكذا الدين عليهما ولا يتغير موجب المضاربة فربح مالهما على ما شرط قهستاني
أقول وشركة الوجوه هي أن يتفقا على الشراء نسيئة وبكون المشتري عليهما أثلاثا أو أنصافا والربح يتبع هذا الشرط ولو جعلاه مخالفا ولم يوجد ما ذكر فيظهر لي أن يكون المشتري بالدين للآمر لو المشتري معينا أو مجهولا جهالة نوع وسمي ثمنه أو جهالة جنس وقد قيل له اشتر ما تختاره وإلا فللمشتري كما تقدم في الوكالة لكن ظاهر المتون أنه لرب المال وربحه على حسب الشرط ويغتفر في الضمني ما لا يغتفر في الصريح وقوله كانت شركة أي بمنزلة شركة الوجوه كما في الهداية
وصورة الاستدانة أن يشتري بالدراهم شيئا أو الدنانير بعدما اشترى برأس المال سلعة أو يشتري بمكيل أو موزون ورأس المال في يده دراهم أو دنانير لأنه اشترى بغير رأس المال فكان استدانة بخلاف ما لو
____________________
(8/291)
اشترى بدنانير ورأس المال في يده دراهم أو بدراهم ورأس المال في يده دنانير لأن الدراهم والدنانير جنس في الثمنية فلا يكون هذا اشتراء بدين
كذا في شرح الوافي
واستفيد مما ذكره الشارح أن شركة الوجوه لا يلزم فيها الخلو عن المال أصلا بل أن يشتريا بالنسيئة سواء كان مع ذلك شراء بمال كما هنا أو بالنسيئة فقط
قوله ( وحينئذ ) أي حين لا يملك القرض والاستدانة وكان الأولى تقديمه
على
قوله ( ما لم ينص عليهما )
قوله ( فلو اشترى ) تفريع على عدم جواز الاستدانة كما ذكرنا
قوله ( أو حمل متاع المضاربة ) أي أعطى أجرة الحمال من عند نفسه لا بمالها
كذا في أخي جلبي
قوله ( بماله ) متعلق بكل من قصر وحمل
قوله ( وقد قيل له ذلك ) أي اعمل برأيك
منح
قوله ( فهو متطوع ) أي بما زاد فليس له حصته من الثمن
قوله ( لأنه لا يملك الاستدانة بهذه المقالة ) وهي اعمل برأيك
قلت والمراد بالاستدانة نحو ما قدمناه عن القهستاني فهذا يملكه إذا نص أما لو استدان نقودا فالظاهر أنه لا يصح لأنه توكيل بالاستقراض وهو باطل كما مر في الوكالة
وفي الخانية من فصل شركة العنان ولا يملك الاستدانة على صاحبه ويرجع المقرض عليه لا على صاحبه لأن التوكيل بالاستدانة توكيل بالاستقراض وهو باطل لأنه توكيل بالتكدي إلا أن يقول الوكيل للمقرض إن فلانا يستقرض منك كذا فحينئذ يكون على الموكل لا الوكيل انتهى أي لأنه رسالة لا وكالة كما قدمناه في باب الوكالة والظاهر أن المضاربة كذلك كما قلنا فليراجع
قوله ( فشريك بما زاد الصبغ ) أي والنشاء
والأولى أن يقول فشريك بقدر قيمة الصبغ حتى لو بيع ينقسم الثمن على قيمة الصبغ والثوب الأبيض كما يأتي قريبا
قوله ( كالخلط ) أي يصير شريكا به أيضا فلا يضمن به لما سلف أنه يملك الخلط بالتعميم وفي بعض النسخ
قوله ( بالخلط ) أي بسبب خلط ماله وهو الصبغ أو النشاء بمال المضاربة وكلاهما صحيح
قوله ( وكان له حصة قيمة صبغه الخ ) أي إذا بيع الثياب كان حصة قيمة الصبغ في الثوب للمضارب وحصة الثوب الأبيض في مال المضارب قاله أبو الطيب أي فلو كان الثوب على تقدير أنه أبيض يساوي خمسة وعلى تقدير كونه أحمر يساوي ستة كان له سدس الثمن وخمسة الأسداس للمضاربة رأس المال لصاحبه والربح بينهما على ما شرطا
قوله ( في مالها ) أي مال المضاربة فيجريان فيه على ما اشترطا في الربح
قوله ( بل غاصبا ) فيخرج مال المضاربة عن أن يكون أمانة فيضمن ويكون الربح له على ما مر وسيأتي في كتاب الغصب أنه إذا غصب ثوبا فصبغه فالمالك بالخيار إن شاء ضمنه الثوب أبيض أو أخذ الثوب وأعطاه قيمة الصبغ
قوله ( نقص عند الإمام ) وعندهما كالأحمر وهو المفتى به وقد مر أنه اختلاف زمان لا برهان وفي زماننا لا يعد نقصا بل هو من أحسن الألوان فيدخل في اعمل برأيك سائر الألوان كالحمرة
قوله ( ولا يملك أيضا تجاوز بلد ) أشار به إلى أنه لو عين سوقا من بلد لم يصح التعيين لأن البلد مع تباين أطرافه كبقعة واحدة إلا إذا صرح بنهي سوق منه أو قال لا تعمل بغير هذا السوق منه فحينئذ يصح كما في الهداية ويأتي قريبا
ثم مجموع صور قيدت المضاربة فيها بالمكان ثمانية ستة
____________________
(8/292)
منها يفيد التقييد فيها واثنتان لا فالذي يفيد ستة وهي دفعت المال إليك مضاربة بكذا في الكوفة أو على أن تعمل به فيها أو لتعمل به فيها أو تعمل به رفعا أو خذه تعمل به فيها جزما أو فاعمل به فيها واللذان لا يفيدان وهما دفعت إليك مضاربة اعمل به فيها أو واعمل به
والأصل أنه متى عقب بما لا يبتدأ به ويمكن بناؤه على ما قبله يجعل مبنيا عليه كما في الألفاظ الستة وإن صح الابتداء به لا يبنى على ما قبله ويجعل مبتدأ ومستقلا كما في اللفظين الأخيرين وحينئذ تكون الزيادة شورى وكان له أن يعمل بالكوفة وغيرها كما في الهندية عن الكافي
واعترض عليه أن صورة تعمل به الرفع بالرفع ينبغي أن تكون مما لا يفيد التخصيص
لأن تعمل كما يحتمل أن يكون حالا يحتمل أن يكون استئنافا
وأجيب عنه في الشروح بأجوبة أحسنها أن قوله اعمل بدون الواو استئناف قطعا وبالواو استئناف أو عطف لا يحتمل الحال لأن الإنشاء لا يقع حالا صرح به في محله والسوق يقتضي كون تعمل به حالا وهو المتبادر فيحمل عليه
قوله ( أو سلعة ) بأن قال له خذ هذا المال مضاربة على أن تشتري به الطعام مثلا أو الرقيق كما في المحيط
قوله ( أو وقت ) بأن وقت للمضاربة وقتا بعينه بأن قال له اعمل بالصيف أو الخريف أو الليل كما في القهستاني
ويمكن أن المراد بالوقت أيضا توقيتها بمدة سنة مثلا حتى يبطل العقد بمضيه كما في الهندية عن الكافي
قوله ( أو شخص عينه المالك ) بأن قال على أن يشتري به من فلان ويبيع منه صح التقييد وليس أن يشتري ويبيع من غيره كما في الهندية عن الكافي لأنه لم يملك التصرف إلا بتفويضه فيتقيد بما فوض إليه وهذا التقييد مفيد لأن التجارات تختلف باختلاف الأمكنة والأمتعة والأوقات والأشخاص وكذا ليس له أن يدفعه مضاربة إلى من يخرجه من تلك البلدة لأنه لا يمكن أن يتصرف بنفسه في غير هذا البلد فلا يمكن أن يستعين بغير أيضا
درر
قال مسكين لا يتجاوز عما عينه من هذه الأشياء كما لا يتعدى أحد الشريكين في الشركة المقيدة مع شيء فيها والمراد بالشخص شخص معين لأنه لو قال على أن تشتري من أهل الكوفة أو قال على أن تعمل في الصرف وتشتري في الصيارفة وتبيع منهم فباع في الكوفة من رجل ليس من أهل الكوفة أو من غير الصيارفة جاز
ا هـ
فقول على أن تشتري من أهل الكوفة الخ كذا لو قال خذ هذا المال تعمل به في الكوفة لأنه تفسير له أو قال فاعمل به في الكوفة لأن الفاء للوصل أو قال خذه بالنصف بالكوفة لأن الباء للإلصاق أو قال خذه مضاربة بالنصف في الكوفة لأن في للظرف وإنما يكون ظرفا فإذا حصل الفعل فيه أو قال على أن تعمل بالكوفة لأن على للشرط فيتقيد به بخلاف ما لو قال خذ هذا المال واعمل به في الكوفة حيث كان له أن يعمل فيها وفي غيرها لأن الواو للعطف فيصير بمنزلة المشورة
زيلعي
أقول وهذا معنى التخصص وقوله جاز لأن المقصود من هذا الكلام التقييد بالمكان أو بالنوع حتى لا يجوز له أن يخرج من الكوفة في الأول ويبيع فيها من أهلها أو من غير أهلها ولا يجوز له أن يعمل في غير الصرف في الثاني ويشتري ويبيع من الصيارفة وغيرهم لأن التقييد بالمكان والنوع مفيد ولا يفيد التقييد بأهل الكوفة والصيارفة لأن كل واحد منهما جمع كثير لا يمكن إحصاؤه
زيلعي قوله ( لأن المضاربة تقبل التقييد المفيد ) أي كما في الشركة
بحر
فأفاد أن الشركة تكون بالأولى في قبول التقييد المفيد
____________________
(8/293)
وفي الذخيرة لو نهاه عن التصرف والمال عرض فباعه بعرض آخر لا يعمل نهيه فلو باع بالدراهم يعمل النهي
ا هـ
قال وفي الهندية الأصل أن رب المال متى شرط على المضارب شرطا في المضاربة إن كان شرطا لرب المال فيه فائدة فإنه يصح ويجب على المضارب مراعاته والوفاء به وإذا لم يف به صار مخالفا وعاملا بغير أمره وإن كان شرطا لا فائدة فيه لرب المال فإنه لا يصح ويجعل كالمسكوت عنه كذا في المحيط
قوله ( ولو بعد العقد ) قبل التصرف في رأس المال أو بعد التصرف ثم صار المال ناضا فإنه يصح تخصيصه لأنه يملك عزله فيملك تخصيصه والنهي عن السفر يجري على هذا كما في المنح
قوله ( ما لم يضر المال عرضا الخ ) قيل لعل العلة في ذلك ظهور كون ما اشترى من البضاعة يروج كمال الرواج في بلدة كذا فإذا ظهر له ذلك فالمصلحة حينئذ في السفر إلى تلك البلدة ليكون الربح أوفر ا هـ
قال في الفتاوى الظهيرية والأصح أن نهيه عن السفر عامل على الإطلاق ا هـ
قوله ( لا يملك عزله ) ولا نهيه منح
قوله ( فلا يملك تخصيصه ) قدمنا قريبا عن الزيلعي معنى التخصيص
قوله ( كنهيه عن بيع الحال ) يعني ثم باعه بالحال بسعر ما يباع بالمؤجل كما في العيني
وقد يكون في بيع المؤجل ربح وفائدة
منها أنه يباع بربح أكثر من الحال عادة ولذا قدم في الوكالة أنه لو أمره بالنسيئة فباع بالنقد جاز إن عين له الثمن أفاد أنه عند عدم تعيين الثمن لا يجوز لأن النسيئة يكون الثمن أزيد
قال في الهندية ولو أمره أن يبيع بالنسيئة ولا يبيع بالنقد فباع بالنقد فهو جائز
قالوا وهذا إذا باعه بالنقد بمثل قيمته أو أكثر أو بمثل ما سمي له من الثمن فإن كان بدون ذلك فهو مخالف
كذا في المبسوط
لو قال لا تبعه بأكثر من ألف فباع بأكثر جاز لأنه خير لصاحبه كذا في الحاوي ا هـ
وقدمناه قريبا
أقول لكن هذا القيد لا يظهر على ما في الشرح من عدم اعتباره أصلا ومقتضاه الإطلاق نعم ذكروا ذلك في تقييد الوكيل كما سمعت وهو مفيد هناك فيلزم أن لا يبيع بدون الثمن الذي عينه له وهو ثمن النسيئة فإن باع نقدا بثمنها صح إذ لا يبقى بعده إلا التقييد بالنسيئة وهو غير مفيد بانفراده قطعا
تأمل
قوله ( فإن صرح بالنهي ) مثل لا تبع في سوق كذا
قوله ( صح وإلا لا ) وهذا بخلاف ما إذا قال على أن تشتري في سوق الكوفة حيث لا يصح التقييد إلى آخر ما قدمناه
قوله ( فإن فعل ) أي تجاوز بأن خرج إلى غير ذلك البلد فاشترى سلعة غير ما عينه أو في وقت غير ما عينه أو بايع أو اشترى مع غير من عينه
قوله ( ضمن بالمخالفة ) وهل يضمن بنفس الإخراج الصحيح نعم لكن بالشراء يتقرر الضمان لزوال احتمال الرد إلى البلد الذي عينه كما في الهداية
قوله وكان ذلك الشراء له وله ربحه وعليه خسرانه لأنه تصرف في مال غيره بغير أمره درر أي لأنه فضولي فيه فينفذ عليه حيث أمكن تنفيذه أما لو باع مال المضاربة مخالفا لرب المال كان بيعه موقوفا على إجارته كما هو عقد الفضولي
قال الإتقاني
ولكن يتصدق بالربح عندهما
وعند أبي يوسف يطيب له أصله المودع إذا تصرف فيها وربح
قوله ( ولو لم ينصرف فيه ) أشار إلى أن أصل الضمان واجب بنفس المخالفة لكنه غير
____________________
(8/294)
قادر إلا بالشراء فإنه على عرضية الزوال بالوفاق
وفي رواية الجامع أنه لا يضمن إلا إذا اشترى والأول هو الصحيح كما في الهداية قهستاني
قلت والظاهر أن ثمرته فيما لو هلك بعد الإخراج قبل الشراء يضمن على الأول لا على الثاني
قوله ( عادت المضاربة ) أي لو تجاوز بلدا عينها رب المال أو هم بشراء سلعة غير التي عينها أو في وقت أو مع شخص كذلك ثم عاد للوفاق بأن رجع للبلد واشترى السلعة التي عينها وانتظر الوقت وعامل مع ذلك الشخص صح تصرفه لعدم المخالفة ففي قوله ( عادت المضاربة ) تسامح لأن العود لا يكون بعد الانصراف والانصراف عن المضاربة يفسخها ولم يوجد ما يقتضيه ولم فسخت لم تعد لأن المفسوخ لا يعود جائزا بدون عقد جديد
كذا أفاده الرحمتي
وقد يقال المراد بالعود الإبراء عن الضمان لأنه أمين خالف ثم عاد إلى الوفاق ورجع مع مال المضاربة على حاله لأن المال باقي في يده بالعقد السابق كما في المنح وهو يفيد أنه لا يتصور العود إذا خالف في سلعة عينها أو في شخص عينه
نعم يظهر في مخالفته في المكان
تأمل
وحاصل المعنى أنه إذا عين له بلدا فتجاوز إلى أخرى خرج المال عن المضاربة خروجا موقوفا على شرف الزوال فإن رجع إلى ما عينه رب المال زال الضمان ورجع إلى الوفاق وبقيت المضاربة على حالها كالمودع إذا خالف في الوديعة ثم ترك فإذا حمل على هذا فلا إشكال
تأمل
قوله ( وكذا لو عاد ) أي إلى الوفاق في البعض أي بعض المال بعد المخالفة في البعض الآخر فإن ما اشتراه مع المخالفة وقع لنفسه وما بقي لم تحصل به المخالفة فإذا عاد إلى الوفاق صح تصرفه فيه لأن ذلك إذا كان حكم كل المال كان حكم جزئه اعتبارا للجزء بالكل وحكم ما باعه مع المخالفة حيث إنه عقد فضولي والفضولي يملك الفسخ قبل إجازة المالك كما تقدم فلو عاد فيه إلى الوفاق صح تصرفه فيه لأن الفسخ بعدم البيع
قال الإتقاني فإن اشترى ببعضه في غير الكوفة ثم بما بقي في الكوفة فهو مخالف في الأول وما اشتراه بالكوفة فهو على المضاربة لأن دليل الخلاف وجد في بعضه دون بعضه انتهى
قوله ( ولا يملك تزويج قن من مالها ) أي لا يملك المضارب تزويج عبد أو أمة من مال المضاربة كالشريك عنانا أو مفاوضة كما في البحر
وعن أبي يوسف أن للمضارب تزويج الأمة لأنه من الاكتساب لأنه يصل إلى المهر وإلى سقوط نفقتها بخلاف تزويج العبد فإن فيه إشغال رقبته في الدين واستحقاق بيعه به
ولهما أنه ليس من باب التجارة فلا يدخل تحت الإطلاق لأن لفظ المضاربة يدل على تحصيل المال بطريق التجارة لا بأي طريق كان ألا ترى أنه ليس له أن يكاتب ولا يعتق على مال وإن كان بأضعاف قيمته على أن في تزويج الأمة خطرا وهو الحمل وعدم الخلاص منه كما في المنبع بخلاف المكاتب حيث يجوز له أن يزوج الأمة دون العبد لأن الكتابة تقتضي الاكتساب دون التجارة ولهذا كان له أن يكاتب فيملك تزويج الأمة أيضا ونظيرها الأب والوصي حيث يملكان تزويج الأمة والمكاتبة دون تزويج العبد لأن تصرفهما مقيد بالنظر للصغير فمهما كان فيه نظر للصغير فعلاه وما لا فلا
ذكره الزيلعي
قال القهستاني وفيه إشارة إلى أنه لا يحل للمضارب وطء جارية المضاربة ربح أو لا وأذن به أو لا كما في المضمرات انتهى
قوله ( بقرابة ) كابنه وأبيه لكونه مخالفا للمقصود
____________________
(8/295)
قوله ( أو يمين ) بأن قال إن ملكته فهو حر لأن المضاربة إذن بتصرف يحصل به الربح وهذا إنما يكون بشراء ما يمكن بيعه وهذا ليس كذلك
درر ونظير المضاربة الشريك شركة عنان أو مفاوضة حتى كان تزويجه الأمة على الخلاف
زيلعي
قوله ( فإنه يملك ذلك ) لأن التوكيل مطلق فيجري على إطلاقه
قال الشمني والفرق بينه وبين المضارب حيث يصح شراء الوكيل لمن يعتق على الموكل ولا يصير به مخالفا إذ الوكالة في الوكيل بالشراء مطلقة فتجري على إطلاقها وفي المضاربة مقيدة بما يظهر فيه الربح بالبيع فإذا اشترى ما لا يقدر على بيعه خالف انتهى
وكذا لو وجد في الوكالة أيضا ما يدل على التقييد بأن قال اشتر لي عبدا أبيعه أو جارية أطؤها كان الحكم كذلك كما ذكره المصنف بقوله ( عند عدم القرينة ) فلو اشترى من يعتق على رب المال صار مشتريا لنفسه ويضمن لأنه نقد الثمن من مال المضاربة
وعند مالك لو كان عالما موسرا ضمن وإلا فلا
كذا ذكره العيني ومقتضاه الضمان عندنا مطلقا موسرا أو لا
قوله ( ولا من يعتق عليه ) لأنه يعتق نصيبه ويفسد بسببه نصيب رب المال أو يعتق على الخلاف بين الإمام وصاحبيه
قوله ( إذا كان في المال ربح هو هنا الخ ) قال الزيلعي والمراد من ظهور الربح المذكور أن تكون قيمة العبد المشتري أكثر من رأس المال سواء كان في جملة مال المضاربة ربح أو لم يكن لأنه إذا كان قيمة العبد مثل رأس المال أو أقل لا يظهر ملك المضارب فيه بل يجعل مشغولا برأس المال حتى إذا كان رأس المال ألفا وصار عشرة آلاف ثم اشترى المضارب من يعتق عليه وقيمته ألف أو أقل لا يعتق عليه وكذا كان له ثلاثة أولاد أو أكثر وقيمة كل واحد ألف أو أقل فاشتراهم لا يعتق شيء منهم لأن كل واحد مشغول برأس المال ولا يملك المضارب منهم شيئا حتى يزيد قيمة كل عين على رأس المال على حدة من غير ضمنه إلى آخر
ا هـ
لأنه يحتمل أن يهلك منهم اثنان فيتعين الباقي لرأس المال ولعدم الأولوية
وقال في المنح والمراد من الربح هنا أن تكون قيمة العبد المشتري أكثر من رأس المال سواء كان في جملة مال المضاربة ربح أو لم يكن حتى لو كان المال ألفا فاشترى بها المضارب عبدين قيمة كل واحد منهما ألف فأعتقهما المضارب لا يصح عتقه وأما بالنسبة إلى استحقاق المضارب فإنه يظهر في الجملة ربح حتى لو أعتقهما رب المال في هذه الصورة صح وضمن نصيب المضارب منهما وهو خمسمائة موسرا كان أو معسرا
كذا في الفتاوى الظهيرية
ا هـ
وإن لم يظهر ربح بالمعنى المذكور جاز شراؤه لعدم ملكه
بحر
قوله ( كما بسطه العيني ) عبارته هي عين التي نقلناها عن الزيلعي في المقولة السابقة
قوله ( وقع الشراء لنفسه ) لأن الشراء متى وجد نفاذا على المشتري ينفذ عليه
ا هـ
منح وضمن في الصورتين
ففي الوجه الأول يضمن جميع الثمن إذا دفع من مال المضاربة إذ ليس له فيه من نصيب لعدم ظهور الربح فيه بخلاف الوجه الثاني حيث يسقط عنه من ثمنه بحسب ما يخصه فيما يظهر فيه من الربح هذا ما ظهر لي وكأنهم تركوا التنبيه عليه لظهوره ا هـ
أبو السعود
قوله ( وإن لم يكن ربح ) أي في الصورة الثانية وهي ما إذا
____________________
(8/296)
اشترى المضارب من يعتق عليه
قوله ( كما ذكرنا ) أي من كون قيمته أكثر من رأس المال
قوله ( صح للمضاربة ) لعدم المفسد لأنه لا يعتق عليه شيء إذ لا ملك له فيه لكونه مشغولا برأس المال فيمكنه أن يبيعه للمضاربة فيجوز
قوله ( فإن ظهر الربح ) أي في صورة ما إذا اشترى المضارب من يعتق عليه ولم يكن فيه ربح ظاهر لأن قيمته لا تزيد على رأس المال ثم غلا سعره أو زادت أوصافه حتى غلت قيمته
قوله ( لعتقه لا بصنعه ) لأنه إنما أعتق عند الملك لا بصنع منه بل بسبب زيادة قيمته بلا اختيار فصار كما لو ورثه مع غيره بأن اشترت امرأة ابن زوجها ثم ماتت وتركت هذا الزوج وأخا عتق نصيب الزوج ولا يضمن شيئا لأخيها لعدم الصنع منه درر
تتمة شرى نصفه بمال المضاربة ولا فضل فيه ونصفه بماله صح لأن هذا النصف لا ربح فيه فلم يثبت العتق فيه وإنما دخل العتق فيه حكما لما اشتراه لنفسه فلم يصر مخالفا
زيلعي عن الكافي
قوله ( وسعى العبد المعتق الخ ) قال في الجوهرة وولاؤه بينهما على قدر الملك عند أبي حنيفة وعندهما عتق كله وسعى في رأس المال وحصة رب المال من الربح
ا هـ
وإنما سعى العبد لأنه احتسبت مالية العبد عند العبد فيسعى فيه
عناية
قوله ( من يعتق على الصغير ) ومثله المعتوه
حموي
قوله ( إذ لا نظر فيه للصغير ) أي في شراء الأب والوصي وهي علة قاصرة والعلة في الشريك هي المذكورة في المضارب من قصد الاسترباح ط
وأما الشريك فلأن الشركة تتضمن الوكالة والوكيل لا يشتري من يعتق على الموكل عند القرينة كما مر آنفا والشركة قرينة قصد الربح كالمضاربة
قوله ( وإلا ) بأن كان مستغرقا
قوله ( لا ) أي لا يعتق ما اشتراه من قريب المولى عند الإمام
قوله ( خلافا لهما ) وهذا الخلاف مبني على أن المولى هل يملك أكساب عبده المأذون المستغرق بالدين أو لا فعنده لا يملك وعندهما يملك أي فيعتق وإن كان المديون مستغرقا بالدين لماله ورقبته لأن السيد يملك ما في يده وإن أحاط الدين بذلك وحينئذ يملك السيد قيمة العبد المعتق لغرماء المديون عندهما وعند الكل إذا لم يكن مستغرقا
قوله ( زيلعي ) قال وإن كان فيه دين محيط برقبته وكسبه لا يعتق عنده وعندهما يعتق بناء على أنه هل يدخل في ملك الولي أم لا ا هـ
قوله ( بالنصف ) متعلق بمضارب
قوله ( اشترى أمة ) أي قيمتها ألف
قوله ( فولدت ) أي ووطئها المضارب فولدت
قوله ( ولدا مساويا له ) أي الولد وحده مساويا للألف فلو كانت قيمة الولد أكثر من الألف نفذت دعوته في الحال لظهور الربح فيه
قوله ( فادعاه موسرا ) لأنه ضمان عتق
قال منلا مسكين واعلم أنه قوله موسرا ليس بقيد لازم بل ذكره لأنه لما لم يضمن في الولد مع أنه موسر فلأن لا يضمن إذا كان معسرا أولى ا هـ
أي إنما قيد به لنفي الشبهة وهي أن الضمان بسبب دعوة المضارب وهو الإعتاق فيختلف باليسار والإعسار فكان الواجب أن يضمن المضارب إذا كان موسرا ومع ذلك لا يضمن لأن نفوذ العتق معنى حكمي لا صنع للمضارب فيه فلا يجب عليه الضمان لعدم التعدي إذ لا يجب ضمان العتق إلا بالتعدي
كما في أخي جلبي
____________________
(8/297)
والحاصل أنه لا يضمن لا موسرا ولا معسرا وإنما قيد به ليعلم أن الموسر لا يضمن بالطريق الأولى
قوله ( كما ذكرنا ) أي في قوله ( مساويا له ) فالكاف بمعنى مثل خبر صار وألفا بدل منه أو ألفا هو الخبر والجار والمجرور قبله حال منه
قوله ( نفذت دعوته ) بخلاف ما لو أعتقه فزادت قيمته لأنه إنشاء والدعوة إخبار فتتوقف على ظهور الربح
فإن قلت قد ظهر الربح بظهور الولد
قلنا هذا قول زفر
وأما المذهب فلا يظهر الربح إذا كان رأس المال أجناسا مختلفة كلها منها قدر رأس المال
قال الشيخ أبو الطيب وإنما لم تنفذ دعوته إلا بعد صيرورة قيمته ألفا ونصفه إذ كل واحد منهما رأس المال فلا يظهر الربح لما عرف أن مال المضاربة إذا صار أجناسا مختلفة كل واحد منها لا يزيد على رأس المال لا يظهر الربح عندنا خلافا لزفر لأن بعضها ليس بأولى من البعض فإذا كان كذلك لم يكن للمضارب نصيب في الأمة ولا في الولد وإنما الثابت له مجرد حق التصرف فلا تنفذ دعوته فإذا زادت قيمة الغلام وصارت ألفا وخمسمائة ظهر فيه في ذلك الوقت فملك المضارب منه نصف الزيادة فنفذت دعوته السابقة فيه لوجود شرطها وهو الملك
ا هـ
قوله ( فعتق ) قال في التبيين فإذا نفذت دعوته صار الغلام ابنا له وعتق بقدر نصيبه منه وهو ربعه ومن يضمن المضارب حصة رب المال من الولد لأن العتق ثبت بالملك والنسب فصارت العلة ذات وجهين والملك آخرهما وجودا فيضاف الحكم وهو العتق إليه لأن الحكم يضاف إلى الوصف الأخير أصله وضع القفة على السفينة والقدح الأخير ولا صنع للمضارب في الملك فلا يجب عليه الضمان لدعم التعدي إذ لا يجب ضمان العتق إلا بالتعدي
ا هـ
مختصرا
قال صاحب الكافي سفينة لا تحمل إلا مائة من فأوقع فيها رجل منا زائدا على المائة فغرقت كان الضمان كله عليه ا هـ
والقدح الأخير المسكر هو المحرم أي على قول الإمام دون ما قبله وإن كان المفتى به قول محمد أن ما أسكر كثيره فقليله حرام ط
قوله ( سعى ) حيث زاد الشارح نفذت يحتاج إلى واو العطف هنا بأن يقول وسعى عطفا على جواب المسألة التي زادها الشارح
قوله ( في الألف وربعه ) أي سعى الولد لرب المال في الألف وربعه وهو مائتان وخمسون لأن الألف مستحق له برأس المال ومائتان وخمسون نصيبه من الربح فإذا قبض منه ألف درهم صار مستوفيا لرأس ماله وظهر أن الأم كلها ربح لفراغها عن رأس المال فكانت بينهما نصفين ونفذ فيها دعوة المضاربة وصارت كلها أم ولد له ويجب نصف قيمتها لرب المال موسرا كان أو معسرا لأنه ضمان التملك وهو لا يختلف باليسار والإعسار ولا يتوقف على التعدي بخلاف ضمان الإعتاق فإنه ضمان الإفساد فلا يجب عليه بغير تعد ولا على معسر
عيني
فإن قيل لم لم يجعل المقبوض من الولد من الربح وهو ممكن بأن يجعل الولد كله ربحا والجارية مشغولة برأس المال على حالها قلنا المقبوض من جنس رأس المال فكان أولى بجعله رأس المال ولأن رأس المال مقدم على الربح إذ لا يسلم له شيء من الربح إلا بعد سلامة رأس المال لرب المال فكان جعله به أولى بعد وصوله إلى يده
ا هـ
تبيين
قوله ( أو أعتقه إن شاء ) أي رب المال لكونه قابلا للعتق فإن المستسعى كالمكاتب عناية
فيكون لرب المال الخيار إن شاء استسعى الغلام في ألف ومائتين وخمسين وإن شاء أعتقه
قوله ( بعد قبضه ألفه من الولد ) أي ولو حكما كما لو أعتقه فإن بإعتاقه يصير قابضا حكما إنما شرط قبض رب المال الألف من الغلام
____________________
(8/298)
حتى تصير الجارية أم ولد للمضارب لأنها مشغولة برأس المال فإذا قبضه من الغلام فرغت عن رأس المال وصارت كلها ربحا فظهر فيها ملك المضارب فصارت أم ولد له
زيلعي
قوله ( تضمين المدعي ) وهو المضارب
قوله ( لأنه ضمان تملك ) وهو لا يختلف باليسار والإعسار ولا يتوقف على التعدي زيلعي بخلاف ضمان الولد لأنه ضمان عتق وهو يعتمد التعدي ولم يوجد
قوله ( لظهور ) أي وقوع نفوذ دعوته صحيحة ظاهرا فيها بظهور ملكه فيها
قوله ( ويحمل على أنه تزوجها الخ ) بأن يحمل أن البائع زوجها منه ثم باعها منه وهي حبلى حملا لأمره على الصلاح لكن لا تنفذ هذه الدعوى لعدم الملك وهو شرط فيها إذ كل واحد من الجارية وولدها مشغول برأس المال فلا يظهر الربح فيه لما عرف أن مال المضاربة إذا صار أجناسا مختلفة كل واحد منها لا يزيد على رأس المال لا يظهر الربح عندنا لأن بعضها ليس بأولى به من البعض فحينئذ لم يكن للمضارب نصيب في الأمة ولا في الولد وإنما الثابت له مجرد حق التصرف فلا تنفذ دعوته فإذا زادت قيمته وصارت ألفا وخمسمائة ظهر الربح وملك المضارب منه نصف الزيادة فنفذت دعوته السابقة لوجود شرطها وهو الملك فسار ابنه وعتق بقدر نصيبه منه وهو سدسه ولم يضمن حصة رب المال من الولد لأن العتق ثبت بالملك والنسب فصارت العلة ذات وجهين والملك آخرهما وجودا فيضاف العتق إليه ولا صنع له في الملك فلا ضمان لعدم التعدي فإذا اختار الاستسعار استسعاه في ألف رأس ماله وفي سدسه نصيبه من الربح فإذا قبض الألف صار مستوفيا لرأس ماله وظهر أن الأم كلها ربح بينهما نصفين ونفذ فيها دعوة المضارب وصارت كلها أم ولد له لأن الاستيلاد إذا صادف محلا يحتمل النقل لا يتجزأ إجماعا ويجب نصف قيمتها لرب المال
هذا حاصل ما تقدم في هذه المسألة
قوله ( منه ) تنازع فيه كل من تزوجها واشتراها
قوله ( وضمن للمالك ألفا الخ ) لأنها لما زادت قيمتها ظهر فيها الربح وملك المضارب بعد الربح فنفذت دعوته فيها ويجب عليه لرب المال رأس ماله وهو ألف ويجب عليه أيضا نصيبه من الربح وهو مائتان وخمسون فإذا وصل إليه ألف درهم استوفى رأس المال وصار الولد كله ربحا فيملك المضارب منه نصفه فيعتق عليه وما لم يصل الألف إليه فالولد رقيق على حاله على نحو ما ذكرنا في الأم وبهذا علم أنها مسألة مستقلة موضوعها أنه لم يقبض الألف من الغلام فتدبر
وقوله ( ولو موسرا ) كذا وقع في البحر
والذي يستفاد من كلامهم أن الضمان عليه مطلقا لأنه ضمان تملك فصار ذلك الضمان ببدل والضمان إذا كان ببدل يستوي فيه اليسار والإعسار ويدل عليه قول المؤلف فلا سعاية عليها لأنه لا يضيع على المالك حقه وما لم يصل إلى رب المال رأس ماله فالولد رقيق ولذلك أطلقه العيني وحينئذ
فقوله ( لو موسرا ) لا مفهوم له لأنه لو كان معسرا فكذلك وتقدم أيضا ما يفيده
قوله ( وتمامه في البحر ) قال فيه ولو لم تزد قيمة الولد على ألف وزادت قيمة الأم حتى صارت ألفا وخمسمائة صارت الجارية أم ولد للمضارب ويضمن لرب المال ألفا ومائتين وخمسين إن كان موسرا وإن كان معسرا فلا سعاية عليها لأن أم الولد لا تسعى وما لم يصل إلى رب المال رأس ماله فالولد رقيق ثم يأخذ منه مائتين وخمسين على أنه نصيبه من الربح ولو زادت قيمتها عتق الولد وصارت الجارية أم ولد له لأن الربح ظهر في كل واحد منهما ويأخذ رأس المال من المضارب
____________________
(8/299)
لا ما وجب عليه أيسر المالين لأنه معجل وهو موسر والسعاية مؤجلة والعبد معسر ويأخذ منه أيضا ما بقي من نصيبه من الربح ويضمن أيضا نصف عقرها لأنه لما استوفى رأس المال ظهر أنه ربح لأن عقر مال المضاربة يكون للمضاربة ويسعى الغلام في نصيب رب المال ويسقط عنه نصيب المضارب ا هـ
مع إصلاح من عبارة الزيلعي
أما قوله ويضمن الخ تقدم أنه يحمل على الاستيلاد بالنكاح فكيف يجب العقر
كذا بحظ الحلبي نقلا عن قارىء الهداية
والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب المضارب يضارب يصح في باب التنوين وعدمه على أنه مضاف للمضارب وجملة يضارب حال من المضارب أو صفة لأن المضارب بمنزلة النكرة إذ الألف واللام فيه للجنس وهذا على جعلهما متضايفين أما على التنوين فالظاهر أن جملة يضارب خبر المضارب
والمعنى أن المضارب تقع منه المضاربة
ويرد على الحالية أن الحال لا يجيء من المضاف إلا في صور ثلاث وليس هذا منها
ويرد على القطع أن المضارب ممنوع منها إلا بإذن والباب معقود للمضاب خاصة
فتأمل ط
بزازية
قوله ( لما قدم المفردة شرع في المركبة ) لأن المركب يتلو المفرد طبعا فكذا وضعا حموي
ورده قاضي زاده بأنه مضاربة المضارب وإن كانت بعد مضاربة رب المال إلا أنها مفردة أيضا غير مركبة من المضاربتين ألا يرى أن الثاني يتلو الأول ولكنه ليس بمركب من الأول ومن نفسه قطعا وإنما المركب منهما الاثنان
واستوجه في المناسبة ما في النهاية ومعراج الدراية حيق قالا لما ذكر حكم المضاربة الأولى ذكر في هذا الباب حكم المضاربة الثانية إذ الثانية تلو الأولى أبدا فكذا بيان حكمها
ا هـ ط
قوله ( بلا إذن ) أي أو تفويض بأن لم يقل له رب المال اعمل برأيك لأنه إذا قال له ذلك يملك أن يضارب حينئذ ا هـ
شلبي أي لأن المضارب لا يملك أن يضارب إلا بإذن رب المال
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر الرواية عن الإمام وهو قولهما
وفي رواية الحسن عنه لم يضمن ما لم يربح لأنه يملك الإبضاع فلا يضمن بالعمل ما لم يربح فإذا ربح فقد ثبت له شركة في المال فيصير كخلط مالها بغيره فيجب الضمان
وجه ظاهر الرواية أن الربح إنما يحصل بالعمل فيقام سبب حصول الربح مقام حقيقة حصوله في صيرورة المال مضمونا به وهذا إذا كانت المضاربة الثانية صحيحة فإذا كانت فاسدة لا يضمن الأول وإن عمل الثاني لأنه أجير فيه والأجير لا يستحق شيئا من الربح فلا تثبت الشركة له بل له أجر مثله على المضارب الأول وللأول ما شرط له من الربح ا هـ
منح
قوله ( فإذا عمل تبين أنه مضاربة فيضمن ) لأنه حصل العمل في المال على وجه لم يرض به المالك فتحقق الخلاف فوجب الضمان فجعل الأمر مراعي أي موقوفا قبل العمل حتى إذا عمل الثاني وجب الضمان وإلا فلا ط
فإن قلت إنه بالعمل مستبضع ولا تظهر المخالفة إلا بظهور الربح يجاب بأنه لم يعمل مجانا حتى يكون
____________________
(8/300)
مستبضعا بل عمل على طمع الأجر وهو ما شرط له من الربح فتحصل المخالفة بمجرد العمل فيوجد سبب الضمان
قوله ( إلا إذا كانت الثانية فاسدة ) قال في البحر وإن كانت إحداهما فاسدة أو كلاهما فلا ضمان على واحد منهما وللعامل أجر المثل على المضارب الأول ويرجع به الأول على رب المال والوضيعة على رب المال والربح بين الأول ورب المال على الشرط بعد أخذ الثاني أجرته إذا كانت المضاربة الأولى صحيحة فللأول أجر مثله ا هـ أي لأنه حينئذ يكون الثاني أجيرا والمضارب له أن يستأجر
قال في التبيين هذا إذا كانت المضاربتان صحيحتين
وأما إذا كانت إحداهما فاسدة أو كلتاهما فلا ضمان على واحد منهما لأنه إن كان الثانية هي الفاسدة صار الثاني أجيرا وللأول أن يستأجر من يعمل في المال وإن كانت هي الأولى فكذلك لأن فسادها يوجب فساد الثانية لأن الأولى لما فسدت صارت إجارة وصار الربح كله لرب المال ولو صحت الثانية في هذه الحالة لصار الثاني شريكا وليس للأجير أن يشارك غيره فكانت فاسدة بالضرورة وكانا أجيرين وكذا إذا كانتا فاسدتين وإذا كانا أجيرين لا يضمن واحد منهما
ا هـ
بتصرف ما
والحاصل أن صحة الثانية فرع عن صحة الأولى فلا تصح الثانية إلا إذا كانت الأولى صحيحة فاشتراط صحة الثانية اشتراط لصحة الأولى
قوله ( على المضارب الأول ) ويرجع به الأولى على رب المال
قوله ( وللأول الربح المشروط ) يعني والربح بين الأول ورب المال على الشرط بعد أخذ الثاني أجرته إذا كانت المضاربة الأولى صحيحة وإلا فللأول أجر مثله أيضا وربح كله لرب المال كما ذكرنا
قوله ( ولو استهلكه الثاني ) قال الإتقاني والحاصل أنه لا ضمان على واحد منهما قبل عمل الثاني في ظاهر الرواية عند علمائنا الثلاثة وإذا عمل الثاني في المال إن عمل عملا لم يدخل تحت المضاربة بأن وهب المضارب الثاني المال من رجل أو استهلكه فالضمان على الثاني دون الأول وإن عمل عملا دخل تحت المضاربة بأن اشترى بالمال شيئا فإن ربح فعليهما الضمان وإن لم يربح فلا ضمان على واحد منهما في ظاهر الرواية ا هـ
وفيه تأمل ط
قوله ( فالضمان عليه خاصة ) والأشهر الخيار فيضمن أيهما شاء كما في الاختيار
قوله ( فإن عمل حتى ضمنه ) حتى للتفريع فإن الضمان مرتب بالعمل فقط وضمن بالبناء للمجهول فإن الضمان مرتبط بالعمل فقط
قوله ( خير رب المال ) قال في التبيين ثم رب المال بالخيار إن شاء ضمن الأول رأس ماله لأنه صار غاصبا بالدفع إلى غيره بغير إذنه وإن شاء ضمن الثاني لأنه قبض مال الغير بغير إذن صاحبه فإن ضمن الأول صحت المضاربة بين الأول والثاني والربح بينهما على ما شرطا لأنه بأداء الضمان ملكه من وقت خالف فصار كما لو دفع مال نفسه مضاربة إلى الثاني وإن ضمن الثاني يرجع بما ضمن على الأول لأنه التزم له سلامة المقبوض له عن الضمان فإذا لم يسلم رجع عليه بالمخالفة إذ هو مغرور من جهته كمودع الغاصب وصحت المضاربة بينهما لأنه لما كان قرار الضمان عليه ملك المدفوع مستندا إلى وقت التعدي فتبين أنه دفع مضاربة ملك نفسه ويكون الربح بينهما على ما شرطا لصحة المضاربة ويطيب للثاني ما ربح لأنه يستحقه بالعمل ولا خبث في عمله ولا يطيب للأول لأنه يستحقه برأس المال وملكه
____________________
(8/301)
فيه ثبت مستندا فلا يخلو عن شبهة فيكون سبيله التصدق ا هـ
لأن الثابت بالاستناد ثابت من وجه دون وجه فلا يثبت الملك من كل وجه فيتمكن الخبث في الربح فلا يطيب ا هـ
إتقاني
وفي البحر ولو دفع الثاني مضاربة إلى ثالث وربح الثالث أو وضع فإن قال الأول للثاني اعمل فيه برأيك فلرب المال أن يضمن أي الثلاثة شاء ويرجع الثالث على الثاني والثاني على الأول والأول لا يرجع على أحد إذا ضمنه رب المال وإلا لا ضمان على الأول وضمن الثاني والثالث
كذا في المحيط قوله وإلا لا ضمان على الأول أي إن لم يقل الأول للثاني اعمل فيه برأيك
قوله ( وإن شاء ضمن الثاني ) فيه إشعار بأنه إذا ضمن يرجع على الأول ويطيب الربح له دون الأول لأنه ملكه مستندا
قهستاني
قوله ( ليس له ذلك ) لأن المال بالعمل صار غصبا وليس للمالك إلا تضمين البدل عند ذهاب العين المغصوبة وليس له أن يأخذ الربح من الغاصب
كذا ظهر لي ط
قوله ( فإن أذن ) مفهوم قوله بلا إذن
قوله ( عملا بشرطه ) لأنه شرط نصف جميع الربح له
قوله ( الباقي ) أي الفاصل عما اشترطه للثاني لأن ما أوجبه الأول له ينصرف إلى نصيبه خاصة إذ ليس له أن يوجب شيئا لغيره من نصيب المالك وحيث أوجب للثاني الثلث من نصيبه وهو النصف يبقى له السدس
قال في البحر وطلب الربح للجميع لأن عمل الثاني عمل عن المضارب كالأجير المشترك إذا استأجر آخر بأقل مما استؤجر
قوله ( وللثاني الثلث المشروط ) لأن الدفع الثاني صحيح لأنه بأمر المالك وقد شرط لنفسه نصف جميع ما رزق الله وجعل الأول للثاني ثلثه فينصرف ذلك إلى نصيبه إلى آخر ما تقدم وكان المناسب أن يقول من كل المال عوضا عن قوله الباقي
قوله ( والباقي بين الأول والمالك نصفان ) لأن رب المال هنا شرط أن يكون ما رزق الله المضارب الأول بينهما نصفين والمرزوق للأول هو الثلثان لأن الثلث استحقه الثاني بشرط الأول وهو مأذون له فلم يكن من رزق الأول إلا الثلثان فيكون ذلك بينهما نصفين ويطيب لهم بلا شبهة أيضا
عيني
قوله ( باعتبار الكاف ) أي في قوله ما رزقك فقد جعل المناصفة فيما رزق المضارب الأول وهو لم يرزق إلا الثلثين فينصفان
قوله ( ونحو ذلك ) كما كان لك من فضل الله أو النماء أو الزيادة
قوله ( ولو قال له ) أي رب المال للمضارب
قوله ( واستويا فيما بقي ) لأن الأول شرط للثاني النصف وشرطه صحيح لأنه بإذن المالك واستويا فيما بقي وهو النصف لأن رب المال لم يشترط لنفسه هنا إلا نصف ما ربحه الأول ولم يربح الثاني الأول إلا النصف والنصف الآخر صار للثاني بشرطه فلم يكن من ربح الأول
عيني
أقول لا فرق بين هذه والتي تقدمت إلا من حيث اشتراط المضارب الثاني فإن في الأول شرط له الثلث فكان ما بقي بينهما وفي الثاني شرط له النصف فكان النصف الباقي بينهما
كذا في بعض الحواشي
قوله ( ولا شيء للأول ) لأن قول رب المال ما رزق الله أو ما كان من فضل ينصرف إلى جميع الربح فيكون له
____________________
(8/302)
النصف من الجميع وقد شرط المضارب الأول للثاني جميع الربح فلم يبق للأول شيء
عيني
قوله ( ضمن الأول للثاني سدسا ) لأن رب المال شرط لنفسه النصف من مطلق الربح فله ذلك واستحق المضارب الثاني ثلثي الربح بشرط الأول لأن شرطه صحيح لكونه معلوما لكن لا ينفذ في حق رب المال إذ لا يقدر أن يغير شرطه فيغرم له قدر السدس لأنه ضمن له سلامة الثلثين بالعقد لأنه غره في ضمن عقد المضاربة
عيني
قوله ( لأنه التزم سلامة الثلثين ) قال في الدرر لأنه شرط للثاني شيئا هو مستحق للمالك وهو السدس فلم ينفذ في حق المالك ووجب عليه الضمان بالتسمية لأنه التزم السلام فإذا لم يسلم رجع عليه كمن استأجر رجلا ليخيط له ثوبا بدرهم فاستأجر الأجير رجلا آخل ليخيط بدرهم ونصف فإنه يضمن له زيادة الأجر ا هـ
قوله ( وشرط لعبد المالك ) التقييد بعبد المالك ليس للاحتراز لأن عبد المضارب كذلك
وقيل التقييد به لدفع توهم أن يده للمولى فلم يحصل التخلية وعليه كلام الدرر
وقيل لما فيه خلاف بين أصحاب الشافعي والحنبلي وغيرهما لا لأحد وعبد المالك وعبد المضارب سواء في جواز الشرط والمضاربة لو شرط العمل وإن لم يشترط ففي عبد المالك كذلك وفي عبد المضارب كذلك عندهما وعلى قول أبي حنيفة لم يصح الشرط ويكون المشروط لرب المال كما لم يصح الشرط لأجنبي أو لمن لا يقبل شهادة المضارب أو شهادة رب المال له فيكون المشروط لرب المال
هذه زبدة ما في الذخيرة والبيانية
قال في البحر قيد بعبد رب المال لأن عبد المضارب لو شرط له شيء من الربح ولم يشترط عمله لا يجوز ويكون ما شرط له لرب المال إذا كان على العبد دين وإلا لا يصح سواء شرط عمله أو لا ويكون للمضارب
وقيد بكون العاقد المولى لأنه لو عقد المأذون له عقدها مع أجنبي وشرط عمل مولاه لا يصح إن لم يكن عليه دين وإلا صح كما يأتي وشمل قوله العبد ما لو شرط للمكاتب بعض الربح فإنه يصح وكذا لو كان مكاتب المضارب لكن بشرط أن يشترط عمله فيهما وكان المشروط للمكاتب له لا لمولاه وإن لم يشترط عمله لا يجوز وعلى هذا غيره من الأجانب فتصح المضاربة وتكون لرب المال ويبطل الشرط ا هـ
وسيأتي الكلام فيه
والمرأة والولد كالأجانب هنا
كذا في النهاية
وقيد باشتراط عمل العبد لأن اشتراط عمل رب المال مع المضارب مفسد لها كما سيأتي
قوله ( عادي ) أي اشتراط عمل العبد عادي فإن العادة في نحو ذلك أن يكون العبد معينا في العمل فهو اتفاقي لا احترازي
قوله ( وليس بقيد ) أي للصحة إذ لو اشترط له الثلث ولم يشترط عمله صح ويكون لمولاه لكن فائدة اشتراط عمله تظهر في أخذ غرمائه ما شرط له حينئذ وإلا فليس لهم بل للمولى
قال الزيلعي وهذا ظاهر لأنه باشتراط عمله صار مضاربا في مال مولاه فيكون كسبه له فيأخذه غرماؤه وإلا فهو للمولى الخ
واستفيد منه أنه إذا اشترط عمله فلم يعمل لم يكن للغرماء بل للمولى لأنه حيث لم يعمل لم يكن من كسبه
أبو السعود
قوله ( صح ) أي تقسيم الربح وشرط عمل العبد وعلة الأول ما ذكره المؤلف وعلة الثاني أن العبد أهل أن يضارب في مال مولاه وللعبد يد حقيقة ولو كان محجورا حتى يمنع السيد عن أخذ ما أودعه عبده المحجور والعبد هنا صار مأذونا باشتراط العمل عليه فلا يد لمولاه بعد تسليم المال
____________________
(8/303)
إليه فصحت المضاربة
زيلعي
قوله ( وفي نسخ المتن والشرح هنا خلط ) أي في تعبيره للمالك بثلثين أو في تعبيره في بعض النسخ بالثاني أما نسخ المتن فقد رأيت في نسخة منه ولو شرط للثاني ثلثيه ولعبد المالك ثلثه على أن يعمل معه ولنفسه ثلثه صح ا هـ
وهو فاسد كما ترى لعدم اجتماع أثلاث أربعة ولعدم وجود مضارب ثان في المسألة
وأما الشرح فنصه وقوله على أن يعمل معه عادي وليس بقيد بل يصح الشرط ويكون لسيده وإن لم يشرط عمله لا يجوز ا هـ
فإن الصواب حذف قوله لا يجوز لما علمت من العبارة السابقة
ا هـ
حلبي بإيضاح ط
أقول وسبق الشارح إلى التنبيه على ذلك محشي المنح العلامة الخير الرملي
قوله ( إن لم يكن عليه دين ) أي مستغرق لماله ورقبته لأنه به يخرج المال عن ملك سيده وهذا عند الإمام كما تقدم ويأتي لأن المولى لا يملك كسب عبده المديون فصار من أهل أن يعمل في مال المضاربة
وعندهما يملك سيده ما في يده وإن أحاط دينه بماله ورقبته فينبغي أن لا يصح اشتراط العمل على المولى عندهما مطلقا فليراجع
قوله ( لا يملك كسبه ) فصار السيد من أهل أن يعمل في مال المضاربة وهذا على الخلاف كما سمعت
قوله ( واشتراط عمل رب المال مع المضارب مفسد الخ ) لأن المضاربة لا بد فيها من عمل المضارب ولا يمكنه العمل مع عدم التخلية وهي العلة في المسألة الثانية والثالثة وهذه المسألة كالتعليل لما قبلها فكان الأولى تقديمها وتفريع الأولى عليها
قوله ( بخلاف مكاتب شرط عمل مولاه ) أي إذا دفع المكاتب مال مضاربة لآخر وشرط عمل مولاه فيها فإنه لا يفسد مطلقا سواء كان عليه دين أو لا لأنه لا يملك إكتابه لأنه يعامل معاملة الأحرار فيما في يده فإن عجز قبل العمل ولا دين عليه فسدت كما في البحر وكان الأنسب ذكره بعد مسألة المأذون
قوله ( كما لو ضارب مولاه ) فإنه يصح لما قلنا
قوله ( أو في الرقاب ) أي فكها من أسر الرق وفساد الشرط في الثلاثة لعدم اشتراط العمل كما سيظهر
قوله ( أو لامرأة المضارب أو مكاتبه الخ ) لكن عدم صحة الشرط في هذين إذا لم يشترط عملهما كما سيشير إليه بقوله ومتى شرط لأجنبي الخ ومر عن النهاية أن المرأة والولد كالأجنبي هنا
وفي التبيين ولو شرط بعض الربح لمكاتب رب المال أو المضارب إن شرط عمله جاز وكان المشروط لأنه صار مضاربا وإلا فلا لأن هذا ليس بمضاربة وإنما المشروط هبة موعودة فلا يلزم وعلى هذا غيره من الأجانب إن شرط له بعض الربح وشرط عمله عليه صح وإلا فلا
قوله ( ولم يصح الشرط ) وما في السراجية من الجواز فيما إذا شرط ثلث الربح لامرأة المضارب أو مكاتبه أو للمساكين أو في الرقاب أو الحج محمول على جواز عقد لا الشرط ويكون ذلك لرب المال فلا يخالف ما هنا ولا يحتاج إلى ما وجهه العلامة أبو السعود من أن المسألة خلافية لأنه لم يقف على هذا التوفيق هو ولا شيخه فجعل المسألة ذات خلاف ومحل عدم الشرط
____________________
(8/304)
في امرأة المضارب ومكاتبه إذا لم يشترط عملهما
قوله ( ويكون المشروط لرب المال ) لأنه لما بطل الشرط كان الربح تبعا لأصله وهو رأس المال وهو لرب المال فكذا ربحه
قوله ( لا يصح ) حيث لم يشرط عمله فوافق ما بعده
قوله ( إن شرط عليه عمله صح ) أي الاشتراط كالعقد
قوله ( وإلا لا ) أي إن شرط البعض للأجنبي ولم يشترط عمله لا يصح الاشتراط ويكون لرب المال أما العقد فصحيح
واستفيد من هذا الشرط أنه لا يشترط المساواة بين المضاربين في المال الواحد لأنه أطلق البعض فشمل ما إذا كان مثل ما شرط للمضارب أو أقل أو أكثر لأن أحدهما قد يكون أهدى للعمل أو فيه مرجح آخر كما في الشركة
والحاصل أن ما شرط لثالث إن كان يرجع إلى المضارب جاز ويكون للمضارب كاشتراطه لعبده غير المديون وإلا فهو لرب المال
والفرق أن شرط الربح لعبده كالشرط له فيصح له
بخلاف الشرط لزوجته ونحوها لأنه لا يثبت الملك له لأن الزوجة والولد كالأجنبي هنا كما قدمناه وفهم هذا من قول القهستاني وفيه إشارة إلى أنه إن شرط شيء لعبد المضارب أو لأجنبي ليعمل مع المضارب صح والمشروط للمضارب يعني في الأولى وللأجنبي يعني في الثانية وإلى أنه لو لم يشترط عمل أحد منهم صح العقد والمشروط للمالك سواء كان على العبد دين أو لا
وتمامه في الذخيرة
فليت الشارح سلك هذا النظام ولم يغير التحرير والبيان
قوله ( لكن في القهستاني ) لا محل للاستدراك مع هذا التقرير لأن قوله ( يصح مطلقا ) أي عقد المضاربة صحيح سواء شرط عمل الأجنبي أو لا غير أنه إن شرط عمله فالمشروط له وإلا فلرب المال لأنه بمنزلة المسكوت عنه ولو كان المراد أن المشروط صحيح مطلقا نافي قوله ( وإلا ) أي وإن لم يشترط عمله فللمالك
قوله ( وإلا فللمالك ) أي وإن لم يشترط عمله فللمالك
قال في النهاية معزيا للذخيرة إذا شرط في المضاربة بعض الربح لغير المضارب فإن كان لأجنبي وشرط عمله فالمضاربة جائزة والشرط جائز ويصير رب المال دافعا المال مضاربة لرجلين وإن لم يشترط عمل الأجنبي فالمضاربة جائزة والشرط باطل ويجعل المشروط للأجنبي كالمسكوت عنه فيكون لرب المال
ا هـ
قوله ( خلافا للبرجندي ) كلامه في العبد لا في الأجنبي كما يعلم بمراجعة شرح الملتقى
قوله ( جاز ) قال في البحر وإذا كان الاشتراط للعبد اشتراطا لمولاه فاشتراط بعض الربح لقضاء دين المضارب أو لقضاء دين رب المال جائز بالأولى إلى آخر ما هنا
قوله ( ويكون ) أي البعض
قوله ( قضاء دينه ) اسم يكون ضمير يعود على البعض والجار والمجرور هو الخبر وقضاء دينه نائب فاعل المشروط
والمعنى ويكون ذلك البعض للذي شرط له قضاء دينه من المضارب أو المالك
واستفيد مما مر أنه لا بد أن يكون البعض شائعا في جميع المال كالثلث والربع والسدس أما لو كانت دراهم معينة فإنه تفسد به المضاربة لأنه يؤدي لقطع الشركة في الربح وإنما أطلقه هنا اعتمادا على ما قدمه بأن
____________________
(8/305)
لا يشترط لأحدهما دراهم مسماة من الربح
قوله ( ولا يلزم ) أي كل من المالك والمضارب
وعبارة البحر ولا يجبر على دفعه لغرمائه
قوله ( بموت أحدهما ) سواء علم المضارب بموت رب المال أم لم يعلم حتى لا يملك الشراء بعد ذلك بمال المضاربة ولا يملك السفر ويملك بيع ما كان عرضا لنض المال لأنه عزل حكمي
قاضيخان
قوله وحجر يطرأ على أحدهما بجنون أو سفه أو حجر مأذون
قوله ( وبجنون أحدهما مطبقا ) هو داخل تحت قوله وحجر إلا أنه ذكره لتقييده بالإطباق
قوله ( باعها وصيه ) أي وصي المضارب لأن العزل لا يمكن حينئذ في المضارب فلا يجري على وصيه
وقيل إن ولاية البيع تكون لرب المال ووصي المضارب كليهما وهو الأصح لأن الحق كان للمضارب ولكن الملك لرب المال فصار بمنزلة مال مشترك بين اثنين فيكون الأمر إليهما
ا هـ
قلت فلو لم يكن له وصي هل يستبدل المالك بالبيع أو ينصب القاضي وصيا يبيع معه الظاهر نعم
حموي
والذي في الهندية فإن لم يكن له وصي جعل القاضي له وصيا يبيعها فيوفى رب المال رأس ماله وحصته من الربح ويعطى حصة المضارب من الربح غرماءه أي إن كان له غرماء فغرماء المضارب لا يأخذون عروضها لأنها مال الغير ط
قوله ( تبطل في حق التصرف ) أي ولا تبطل في حق كونه وديعة
قوله ( تبطل في حق المسافرة ) أي إلى غير بلد رب المال فلو أتى مصرا واشترى شيئا فمات رب المال وهو لا يعلم فأتى بالمتاع مصرا آخر فنفقة المضارب في مال نفسه وهو ضامن لما هلك في الطريق فإن سلم المتاع جاز بيعه لبقائها في حق البيع ولو خرج من ذلك المصر قبل موت رب المال ثم مات لم يضمن نفقته في سفره
ا هـ
بزازية
وقوله فأتى بالمتاع مصرا يعني غير مصر رب المال فإنه لو أخرجه يعني بعد موت رب المال إلى مصر رب المال لا يضمن لأنه يجب عليه تسليمه فيه
ذكره فيها أيضا وذكره قاضيخان لكن تقدم أن التخصيص يصح قبل صيرورتها عروضا لا بعده وكل موضع صح العزل فيه صح التخصيص فيه وما لا فلا
ونقل في النهاية أنه لا يصح نهيه عن المسافرة في الرواية المشهورة وإن نهاه لم يتعلق بنهيه حكم حتى ينض ثمنه نحو أن يقول لا تبع نسيئة لأن حق التصرف ثابت له لأنه يحتاج إلى أن يبيعه ليظهر الربح فإذا نهاه عن ذلك فقد أبطل حقه في التصرف فلم يصح
وإذا لم يملك عزله حتى ينض لم يملك تخصيص الإذن أيضا عزل من وجه
وأما إذا نهاه عن المسافرة لم يصح على الروايات المشهورة لأنه يملك المسافرة بإطلاق العقد
ثم قال وفي الذخيرة وكل جواب عرفته في الفصول كلها إذا منع رب المضارب عن التصرف فهو الجواب فيما إذا مات رب المال ا هـ
فعلم منه أن ما نقله الشارح هنا من بطلانها في حق المسافرة على غير الروايات المشهورة فتدبر
قوله ( فله بيعه ) أي مال المضاربة بعرض وتقدم ثم يكون العرض الثاني كالأول فله بيعه بعرض أيضا إلى أن يصير مال المضاربة مثل رأس المال وإن كان مال المضاربة من جنس رأس المال من حيث الثمنية إلا أنه
____________________
(8/306)
من خلاف جنسه من حيث الحقيقة بأن كان رأس المال دراهم ومال المضاربة دنانير أو على العكس بعمل نهى رب المال إياه عما هو شر من كل وجه حتى لا يملك شراء العروض به ويملك صرفه بما هو من جنس رأس المال أي مال المضاربة وعلى هذا موت رب المال في بيع العروض يعني إذا مات رب المال والمال عروض فللمضارب أن يبيع العروض حتى ينض رأس المال ونحوها بأن كان رأس المال دراهم والمال دنانير كان له أن يبيع الدنانير كما في العزل
نهاية
قوله ( وبالحكم بلحوق المالك مرتدا ) أي إذا حكم بلحوقه من يوم ارتد وانتقل ملكه إلى ورثته فإن كان المال يومئذ قائما في يده لم يتصرف فيه ثم اشترى بعد ذلك فما اشتراه له ربحه وعليه وضيعته لأنه قد انعزل عن المضاربة وزال ملك الأمر عن المال فصار متصرفا في ملك الورثة بغير أمره وإن كان المال مشاعا أو عروضا أو غير الدراهم والدنانير من سائر الأموال فبيع المضارب وشراؤه فيه جائز حتى يحصل رأس المال كما في السراج الوهاج وإنما بطلت لأن اللحوق بمنزلة الموت ولهذا يورث ماله ويعتق أولاده ومدبروه زيلعي والمراد بالمالك خصوص الرجل
ولهذا قال في غاية البيان ولو كان رب المال امرأة فارتدت فهي بمنزلة المسلمة لأنها لا تقتل فلم تنعقد الردة سبب التلف في حقها ا هـ
وسيشير الشارح إليه قريبا
قوله ( فإن عاد الخ ) ينبغي أن يكون هذا إذا لم يحكم بلحوقه أما إذا حكم بلحوقه فلا تعود المضاربة لأنها بطلت كما هو ظاهر عبارة الإتقاني في غاية البيان لكن في العناية أن المضاربة تعود سواء حكم بلحاقه أم لا فتأمل
ونص عبارته وإذا ارتد رب المال عن الإسلام ولحق بدار الحرب بطلت المضاربة يعني إذا لم يعد مسلما
أما إذا عاد مسلما قبل القضاء أو بعده كانت المضاربة كما كانت ا هـ
أقول لكن يشكل على ما ذكر بأن الباطل لا يعود صحيحا فكيف تصح المضاربة بعد الحكم بلحوقه بعوده والحال أنها بطلت بالحكم بلحوقه إلا أن يجاب بأن البطلان موقوف إلى حال التبيين فإذا تبين رجوعه بقيت على أصلها ويدل لذلك عبارة غاية البيان كانت المضاربة كما كانت فيكون
قوله بطلت أي بطلانا موقوفا إن تبين وإلا فباتا
تأمل
قوله ( حكم بلحاقه أم لا ) أما قبل الحكم فلأنه بمنزلة الغيبة وهي لا توجب بطلان المضاربة وأما بعده فلحق المضارب كما لو مات حقيقة
ط عن الشرنبلالية
قوله ( بخلاف الوكيل ) أي إذا ارتد الموكل وحكم بلحاقه فإن الوكالة تبطل ولا تعود بعوده إلى الإسلام لأن محل التصرف خرج عن ملك الموكل ولم يتعلق به حق الوكيل
قوله ( بخلاف المضارب ) فإن له حقا فإذا عاد المالك فهي على حالها والأولى حذفه لأنه مستفاد مما تقدم فلا حاجة إليه
قوله ( ولو ارتد المضارب فهي على حالها ) عندهما حتى لو تصرف وربح ثم قتل كان ربحه بينهما على ما شرطا ا هـ
برهان
فإن لحق وباع واشترى هناك ثم رجع مسلما فله جميع ما اشترى وباع في دار الحرب ولا ضمان عليه في شيء من ذلك
هندية
وذلك لأن تصرفات المرتد إنما توقفت بالنظر إلى ملكه ولا ملك للمضارب في مال المضاربة وله عبارة صحيحة فلا توقف في ملك المالك فبقيت المضاربة على حالها
قال في العناية وتوقف تصرف المرتد لتعلق حق الورثة ولا توقف في ملك رب المال لعدم تعلقه به
____________________
(8/307)
أي فلا يعطى له حكم الموت بالنسبة إليه وظاهره سواء لحق ولم يحكم به أولا كما في الدرر وصدر الشريعة
قوله ( وما تصرف نافذ الخ ) أي حيث كانت المضاربة باقية على حالها في قولهم جميعا فجميع ما فعل ذلك جائز والربح بينهما على ما شرطا خلا أن ما يلحقه من العهدة فيما باع واشترى حيث يكون على رب المال في قول أبي حنيفة لأن حكم العهدة يتوقف بردته لأنه لو لزمته لقضى من ماله ولا تصرف له فيه فكان كالصبي المحجور إذا توكل عن غيره بالبيع والشراء وفي قولهما حاله في التصرف بعد الردة كهي فيه قبلها فالعهدة عليه ويرجع على رب المال كما في العناية وكان الأولى تقديم هذه العبارة على
قوله ( فإن مات )
والحاصل فرق بين الارتدادين قبل اللحوق وبعده لا فرق بينهما
قوله ( ولو ارتد المالك فقط ) محترز قوله وبلحوق المالك وعلى هذا لا فرق بين المالك والمضارب فلو قال وبلحوق أحدهما ثم قال ولو ارتد أحدهما فقط الخ لكان أخصر وأظهر تأمل
لكن الفرق أنه إذا ارتد المضارب فتصرفه نافذ
قوله ( أي ولم يلحق ) ومثله إذا لحق ولم يحكم بلحاقه
قوله ( فتصرفه ) أي المضارب موقوف عند الإمام أي لتعلق حق ورثة المالك بالمال لزوال ملكه بالردة فإن عاد إلى الإسلام عاد ملكه ونفذ تصرف المضارب وإن مات أن قتل أو حكم بلحاقه عاد المال إلى الورثة ويبطل تصرف المضارب وعليه لا فرق بين المالك والمضارب لا بالتصرف فإن تصرف المضارب نافذ دون المالك وعليه فالأخضر أن يقول وبلحوق أحدهما ثم يقول ولو ارتد أحدهما فقط الخ
قوله ( وردة المرأة غير مؤثرة ) سواء كانت هي صاحبة المال أو المضاربة إلا أن تموت أو تلحق بدار الحرب فيحكم بلحاقها لأن ردتها لا تؤثر في أملاكها فكذا لا تؤثر في تصرفاتها
منح
قوله ( إن علم به ) أي ولو العزل حكما فلا ينعزل في الحكمي إلا بالعلم بخلاف الوكيل حيث ينعزل في الحكمي وإن لم يعلم كذا قالوا
فإن قلت ما الفرق بينهما قلت قد ذكروا أن الفرق بينهما أنه لا حق له بخلاف المضارب
منح
والذي في الهندية عن الخانية تبطل المضاربة بموت رب المال علم بذلك أو لم يعلم حتى لا يملك الشراء بعد ذلك بمال المضاربة ولا يملك السفر
ا هـ
وتقدم ذكره قوله ( مطلقا ) أي وإن لم يكونا عدلين بأن كانا فاسقين أو مستورين قوله ( أو فضولي عدل ) كان الأنسب أن يقول أو واحد عدل بقرينة السياق وكأنه راعي ما تقدم في باب عزل الوكيل من أن العزل يثبت بمشافهة وكتابة ورسالة وإخبار فضولي ويعتبر فيه أحد شطري الشهادة من العدد أو العدالة
قوله ( مميز ) أي ولو رقيقا أنثى غير بالغ ولا عدل لأن الرسول والوكيل كالأصيل وهذا عند الإمام
وعندهما لا فرق بين الرسول وغيره كما في أخواتها
قوله ( ولو حكما ) كموت المالك أي ولو كان العزل حكما فإنه يشترط فيه العلم على ما سلف لأنه عزل حكمي
قوله ( ولو حكما ) كارتداده مع الحكم باللحوق وجنونه مطبقا
قوله ( فالدراهم والدنانير هنا جنسان ) التفريع غير ظاهر لأنهما قد يكونان جنسا واحدا في كثير من المسائل وحينئذ فالأولى الواو كما في البحر والمنح فإن كان رأس المال دراهم وعزله معه دنانير فله بيعها بالدراهم استحسانا وبالعكس بعد العلم بالعزل حتى يكون من جنس رأس المال ليتميز الربح فيتبين حظه
____________________
(8/308)
منه لكن تقدم في البيع الفاسد أن الدراهم والدنانير جنس واحد في ثمان مسائل منها في المضاربة ابتداء وانتهاء وبقاء
ا هـ
وكتب سيدي الوالد رحمه الله تعالى ثمة قوله ومضاربة ابتداء وانتهاء وبقاء لم يذكر ذلك التقسيم في العمادية وإنما ذكر صورتين في المضاربة
إحداهما ما إذا كانت المضاربة دراهم فمات رب المال أو عزل المضارب عن المضاربة وفي يده دنانير لم يكن للمضارب أن يشتري بها شيئا ولكن يصرف الدنانير بالدراهم ولو كان ما في يده عروضا أو مكيلا أو موزونا له أن يحوله إلى رأس المال ولو باع المتاع بالدنانير لم يكن له أن يشتري بها إلا الدراهم
ثانيتهما لو كانت المضاربة دراهم في يد المضارب فاشترى متاعا بكيلي أو وزني لزمه ولو اشترى بالدنانير فهو على المضاربة استحسانا عندهما ا هـ
ملخصا فالصورة الأولى تصلح مثالا للانتهاء والثانية للبقاء لكن لم يظهر لي كون الأولى مما نحن فيه إذ لو كانت الدراهم والدنانير فيها جنسا واحدا ما كان يلزمه أن يصرف الدنانير بالدراهم
تأمل
ثم رأيت الشارح في باب المضاربة جعلها جنسين في هذه المسألة وهذا عين ما فهمته ولله تعالى الحمد
وأما مسألة المضاربة ابتداء فقد زادها الشارح وقال ط صورته عقد معه المضاربة على ألف دينار وبين الربح فدفع له دراهم قيمتها من الذهب تلك الدنانير صحت المضاربة والربح على ما شرطا أولا
كذا ظهر لي
ا هـ
كلام سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( باعها ) أي له بيعها ولا يمنعه العزل من ذلك
إتقاني
قوله ( وإن نهاه عنها ) أي عن النسيئة ولا يملك المالك فسخها في هذه الحالة كما لا يصح نهيه عن المسافرة في الروايات المشهورة وكما لا يملك عزله لا يملك تخصيص الإذن لأنه عزل من وجه
بحر عن النهاية وسيأتي
وإنما لا يملك ذلك لأن له حقا في الربح
قوله ( ثم لا يتصرف في ثمنها ) أي إذا كان من جنس رأس مالها لأن البيع بعد العزل كان للضرورة حتى يظهر الربح إن كان فيه ولا حاجة إليه بعد النص فصار كما إذا عزله بعد ما نص وصار من جنس رأس المال زيلعي
قوله ( ولا في نقد ) أي لا يتصرف إذا كان رأس المال فضة بفضة ولو أجود كما يفيده عمومه ط
قوله ( ويبدل خلافه به ) أي له أن يبدل خلاف رأس المال من النقد برأس المال
قوله ( استحسانا ) والقياس لا يبدل لأن النقدين من جنس واحد من حيث الثمنية
قوله ( لوجوب رد جنسه ) أي إلى رب المال إن امتنع المالك من أخذ خلاف الجنس كما يفيده ما قدمناه عن الإتقاني
وفي الهندية عن الكافي له أن يبيعها بجنس المال استحسانا وهو يفيد الجواز فإن حمل على عدم التنازع زال الإشكال
ط بزيادة
قوله ( وليظهر الربح ) جعله في العيني والدرر علة لبيع الضرورة حيث قال لأن له حقا في الربح ولا يظهر ذلك إلا بالنص فيثبت له حق البيع ليظهر ذلك وموته وارتداده مع اللحوق وجنونه مطبقا والمال عروض كعزله والمال عروض
زيلعي
قوله ( ولا يملك الخ ) هذا معطوف على باعها عطف علة على معلول وليته قدمه على ثم لا يتصرف ولا تنسى ما مر في موت المضارب والمال عروض
ويفهم منه أنه فسخها والمال عروض يبيعها بالنقد
فرع قال في القنية من باب المضاربة أعطاه دنانير مضاربة ثم أراد القسمة له أن يستوفي دنانير وله أن يأخذ من المال بقيمتها وتعتبر قيمتها يوم القسمة لا يوم الدفع ا هـ
____________________
(8/309)
وفي شرح الطحاوي من المضاربة ويضمن لرب المال مثل ماله وقت الخلاف بيري في بحث القول بثمن المثل
وهذه فائدة طالما توقفت فيها فإن رب المال يدفع دنانير مثلا بعدد مخصوص ثم تغلو قيمتها ويريد أخذها لا بمثل القيمة تأمل
والذي يظهر من هذا أنه لو علم عدد المدفوع ونوعه فله أخذه ولو أراد أن يأخذ القيمة من نوع آخر يأخذه بالقيمة الواقعة يوم الخلاف أي يوم النزاع والخصام وكذا إذا لم يعلم نوع المدفوع كما يقع كثيرا في زماننا حيث يدفع أنواعا ثم يجهل فيضطر إلى أخذ قيمتها لجهالتها فيأخذ بالقيمة يوم الخصام تأمل
والله تعالى أعلم
قوله ( ولا تخصيص الإذن ) أفاده بقوله آنفا وإن نهاه عنها
قوله ( صح ) أي الفسخ والربح بعد ذلك للعامل كما سلف في الشركة
قوله ( افترقا ) أي فسخا المضاربة أو انتهت
قوله ( وفي المال ديون ) أي وقد باع المضارب عروضا بثمن لم يقبضه من المشترين
قوله ( على اقتضاء الديون ) أي أخذها واستخلاصها
قوله ( إذ حينئذ يعمل بالأجرة ) عبارة البحر لأنه كالأجير والربح كالأجرة وطلب الدين من تمام تكملة العمل فيجبر عليه
وظاهره ولو كان الربح قليلا
قال في شرح الملتقى ومفاده أن نفقة الطلب على المضارب وهذا لو الدين في المصر وإلا ففي مال المضاربة
قال في الهندية وإن طال سفر المضارب ومقامه حتى أتت النفقة في جميع الدين فإن فضل على الدين حسب له النفقة مقدار الدين وما زاد على ذلك يكون على المضارب
كذا في المحيط
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يكن في المال ربح
قوله ( لا جبر لأنه حينئذ متبرع ) أي لأنه وكيل محض ولا جبر على المتبرع على إنهاء ما تبرع به ولهذا لا يجبر الواهب على التسليم
زيلعي
ولا يقال الرد واجب عليه وذلك إنما يكون بالتسليم كما أخذه
لأنا نقول الواجب عليه رفع الموانع وذلك بالتخلية لا بالتسليم حقيقة
ط عن أبي السعود
قوله ( لأنه ) أي المالك غير العاقد فالحقوق لا ترجع إليه بل إلى العاقد الذي هو المضارب فقبض الثمن له لا للمالك ولا يلزم التقاضي لأنه متبرع فيؤمر بتوكيل المالك ليقدر على تحصيل الديون كما في العيني
قوله ( وحينئذ ) أي حين إذ كان المتبرع لا يجبر على الاقتضاء والأولى أن يقول ولهذا كان الوكيل الخ
قوله ( والسمسار ) بكسر السين الأولى المهملة وهو المتوسط بين البائع والمشتري ليبيع بأجر من غير أن يستأجر والدلال الواسطة بين المتبايعين ا هـ
وفي منلا مسكين السمسار الدلال قوله ( يجبر على التقاضي ) أي طلب الثمن إن عقد البيع لأنه يبيع ويشتري للناس عادة بأجرة فجعل ذلك بمنزلة الإجارة الصحيحة بحكم العادة فيجب التقاضي والاستيفاء لأنه وصل إليه بدل عمله فصار كالمضارب إذا كان في المال ربح
زيلعي
قوله ( وكذا الدلال ) مقتضى كلام الشارح أن الدلال غير السمسار كما في القهستاني بأن الدلال يحمل السلعة إلى المشتري ويخبر بالثمن ويبيع بخلاف السمسار فإنه لم يكن في يده شيء ومقتضى ما مر عن مسكين عدم الفرق بينهما
وفي الدرر كالدلال فإنه يعمل بالأجرة
والسمسار هو الذي يجلب إليه العروض والحيوانات لبيعها بأجر من غير أن يستأجر إلى آخر ما فيه
قوله ( لعدم قدرته عليه ) لأن الشراء أو البيع لا يتم
____________________
(8/310)
إلا بمساعدة غيره وهو البائع أو المشتري فلا يقدر على تسليمه
زيلعي
قوله زيلعي وتمام كلامه وإنما جازت هذه الحيلة لأن العقد يتناول المنفعة وهي معلومة ببيان قدر المدة وهو قادر على تسليم نفسه في المدة ولو عمل من غير شرط وأعطاه شيئا لا بأس به لأنه عمل معه حسنة فجازاه خيرا وبذلك جرت العادة وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ا هـ
قوله ( وما هلك من مال المضاربة يصرف إلى الربح )
أقول وكذلك ما هلك من مال الشركة فيصرف إلى الربح والباقي من الربح يصرف على ما شرطا ورأس المال على حكمه فإذا زاد الهالك على الربح فهو عليهما بقدر ماليهما وبه علم حكم حادثة الفتوى
مطلب في حكم حادثة الفتوى شريكان مالهما متفاوت والعمل مشروط عليهما والربح سوية بينهما هلك بعد الربح شيء من المال وبقي شيء من الربح فما الحكم الجواب ما فضل من الربح على ما شرطا ورأس المال على حكمه والهالك عليهما وهو ظاهره
ذكره الخير الرملي
قوله ( لأنه تبع ) أي ورأس المال أصل وصرف الهالك إلى ما هو تابع أولى كما يصرف إلى العفو في الزكاة ولأن الربح فرع عن رأس المال فلا يثبت له حكم قبل ثبوت أصله كما في العيني
مطلب القول للشريك والمضارب في مقدار الربح والخسران وفي الضياع والرد للشريك والقول للشريك والمضارب في مقدار الربح والخسران مع يمينه ولا يلزمه أن يذكر الأمر مفصلا والقول قوله في الضياع والرد للشريك نهر في الشركة
تتمة هلك مال المضاربة قبل أن يشتري به شيئا بطلت وإن استهلكه المضارب ضمنه ولم يكن له الشراء بعد ذلك لصيرورته ضمينا وإن استهلكه غيره فأخذه منه كان له الشراء على المضاربة
حموي عن الأقطع
قوله ( لم يضمن ) لكونه أمينا سواء كان من عمله أو لا
بحر
قوله ( ولو فاسدة ) لأنها أمانة عند الإمام
وعندهما إن كانت فاسدة فالمال مضمون
قوله ( من عمله ) ولو الهلاك من عمله المسلط عليه عند التجار
وأما التعدي فيظهر أنه ضمن به
سائحاني أي سواء كانت المضاربة صحيحة أو فاسدة
وسواء كان الهلاك من عمله أو لا ويقبل
قوله في هلاكه وإن لم يعلم ذلك كما يقبل في الوديعة
منح بزيادة ولم أر زيادة من علمه في العيني ولا في الدرر وحواشيه
فليتأمل معنى قوله ( من عمله ) ولو اقتصر على قوله ( ولو فاسدة ) لكان المعنى أظهر
ثم رأيت في فروق المحبوبي ما نصه وإذا عمل في المضاربة الفاسدة وربح كان كل الربح لرب المال وللمضارب أجر مثل عمله ولا ضمان إذا هلك المال في يده ا هـ
قوله ( لأنه أمين ) علة لعدم الضمان ويقبل
قوله في الهلاك وإن لم يعلم ذلك كما يقبل في الوديعة
منح
أقول وينبغي أن يضمن ما تلف بعمله لأنه أجير مشترك
وعلى قولهما يضمن ما تلف في يده وإن لم يكن من عمله كما علم في باب ضمان الأجير ولعله محمول على ما إذا سافر بمال المضاربة فإنه يكون بمنزلة الأجير الخاص وليحرر
قوله ( ترادا الربح ) فيضمن المضارب ما أخذه على أنه ربح لأنه أخذه لنفسه بخلاف
____________________
(8/311)
ما بقي في يده لا يضمنه إذا لم يأخذه لنفسه
حموي
قوله ( ليأخذ المالك رأس ماله ) فيبدأ برأس المال ثم بالمنفعة ثم بالربح الأهم فالأهم اختيار فإن فضل شيء اقتسماه
ا هـ
در منتقى أي لأن الربح تابع كما ذكرنا فلا يسلم بدون سلامة الأصل
عيني
قوله ( وما فضل فهو بينهما ) لأن رب المال لم يبق له حق بعد استيفاء ماله إلا في الربح
عيني
قوله ( لم يضمن ) أي إن نقص الربح عن الهالك لم يضمن المضارب
قوله ( لما مر ) من أنه أمين فلا يكون ضمينا
قوله ( والمال في يد المضارب ) مثله في العزمية عن صدر الشريعة وهو نص على المتوهم وإلا فبالأولى إذا دفعه لرب المال بعد الفسخ ثم استرده وعقدا أخرى
قوله ( لأنه عقد جديد ) أي لأن المضاربة الأولى قد انتهت بالفسخ وثبوت الثانية بعقد جديد فهلاك المال في الثانية لا يوجب انتقاض الأولى فصار كما إذا دفع إليه مالا آخر
قوله ( وهذه هي الحيلة النافعة للمضارب ) أي لو خاف أن يسترد منه رب المال الربح بعد القسمة بسبب هلاك ما بقي من رأس المال وعلم مما مر آنفا أنه لا يتوقف صحة الحيلة على أن يسلم المضارب رأس المال إلى رب المال وتقييد الزيلعي به اتفاقي كما نبه عليه أبو السعود
والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في المتفرقات قوله ( لا تفسد الخ ) حتى لو اشترى رب المال به شيئا وباع فهو على المضاربة لأن الشرط هو التخلية وقد تحققت والإبضاع توكيل بالتصرف والتصرف حق المضارب فيصح التوكيل به
وقال زفر لا تفسد ولا يستحق المضارب من ربحه شيئا لأن رب المال تصرف في مال نفسه بفير توكيل ولم يصرح به فيكون مستردا للمال ولهذا لا يصح اشتراط العمل عليه ابتداء
ولنا أن الواجب له التخلية وقد تمت وصار التصرف حقا للمضارب وله أن يوكل رب المال صالحا لذلك والإبضاع توكيل لأنه استعانة ولما صح استعان المضارب بالأجنبي فرب المال أولى لكونه أشفق على المال فلا يكون استردادا بخلاف شرط العمل عليه ابتداء لأنه يمنع التخلية
فإن قلت رب المال لا يصح وكيلا لأن الوكيل من يعمل في مال غيره ورب المال لا يعمل في مال غيره بل في مال نفسه
قلت أجيب بأن المالك بعد التخلية صار كالأجنبي فجاز توكيله
فإن قلت الأمر كذلك لصحة المضاربة مع رب المال
قلت أجيب بأن المضاربة تنعقد شركة على مال رب المال وعمل المضارب ولا مال هنا فلو جوزناه أدى إلى قلب الموضوع ا هـ
قوله ( بدفع كل المال ) أفاد بالدفع أن المضارب لا بد أن يتسلم المال أولا حتى لو جعل المال بضاعة قبل أن يتسلمه لا يصح لأن التسليم شرط فيها ا هـ
مكي
قوله ( تقييد الهداية ) الأولى الإتيان بالفاء
قوله ( بضاعة ) المراد بالبضاعة هنا الاستعانة لأن الإبضاع الحقيقي هنا لا يتأتى لأن الربح جميعه فيه لرب المال وليس الأمر هنا كذلك
قوله ( لا مضاربة ) عطف على بضاعة المسلط عليه المنفي من عامله فالمعنى لا ينتفي الفساد بدفعها مضاربة بل تفسد لأن نفي النفي إثبات وقد تبع المؤلف ومفهومه أنه لو دفعه مضاربة تفسد الأولى مع أن الذي يفسد هو الثانية لا الأولى كما في الهداية قال في البحر
____________________
(8/312)
وتقييده بالبضاعة اتفاقي لأنه لو دفع المال إلى رب المال مضاربة لا تبطل الأولى بل الثانية لأن المضاربة به تنعقد شركة على مال رب المال وعمل المضارب ولا مال هنا فلو حوزناه يؤدي إلى قلب الموضوع وإذا لم يصح بقي عمل رب المال بأمر المضارب فلا تبطل الأولى كما تقدم عن الهداية وبه علم أنها بضاعة وإن سميت مضاربة لأن المراد بالبضاعة هنا الاستعانة لأن الإبضاع الحقيقي لا يتأتى هنا وهو أن يكون المال للمبضع والعمل من الآخر ولا ربح للعامل وفهم من مسألة الكتاب جواز الإبضاع كالأجنبي بالأولى وما وقع في الدرر من أنه لا تبطل بالدفع إلى المالك بضاعة أو مضاربة فإنه محمول على ما ذكرنا من عدم صحة المضاربة الثانية وإبقاء الأولى
قوله ( لما مر ) أي من أن الشيء لا يتضمن مثله
قوله ( وإن أخذه ) محترز قوله يدفع
قوله ( أي المالك الخ ) قال في المبسوط والحاصل أن كل تصرف صار مستحقا للمضارب على وجه لا يملك رب المال منعه فرب المال في ذلك يكون معينا له سواء باشره بأمره أو بغير أمره وكل تصرف يتمكن رب المال أن يمنع المضارب منه فرب المال في ذلك التصرف عامل لنفسه إلا أن يكون بأمر المضارب فحينئذ يكون معينا له
ا هـ
منح
قال الرملي في حاشيته عليها قوله وإن صار عرضا الخ أقول استفيد من ذلك جواز بيع المال عروض المضاربة وهي واقعة الفتوى
ا هـ
قلت وينطق به الحاصل الذي ذكره صاحب المنح لأن هذا التصرف صار مستحقا للمضارب على وجه لا يملك رب المال منعه فرب المال معينا له باشره بأمره أو بغير أمره فإن باشره حتى صار نقدا كان تصرفه بعد ذلك لنفسه ولتكن على ذكر مما تقدم أن النقد إذا لم يكن من جنس رأس مال المضاربة يملك المضارب تبديله من جنس رأس مال المضاربة فلو بدله المالك كان معينا للمضارب ولو بغير أمره
أما لو اشترى المالك بنقد ليس من جنس رأس مال المضاربة هل يكون ذلك للمضاربة أم لنفسه
يحرر
قوله ( ثم إن باع بعرض ) أي ما صار عرضا
قوله ( وإن بنقد بطلت ) قال في المنح فلو باع العروض بنقد ثم اشترى عروضا كان للمضارب حصته من ربح العروض الأولى لا الثانية لأنه لما باع العروض وصار المال نقدا في يده كان ذلك نقضا للمضاربة فشراؤه به بعد ذلك يكون لنفسه فلو باع العروض بعروض مثلها أو بمكيل أو موزون وربح كان بينهما على ما شرطا لأن رب المال لا يتمكن من نقض المضاربة ما دام المال عروضا ا هـ
ونقله ط عن حاشية المكي
قوله ( لما مر ) من أنه عامل لنفسه
قوله ( وإذا سافر ) أطلق السفر فشمل السفر للتجارة ولطلب الديون فيرجع بما أنفق بطلبه إلا إذا زاد على الدين فلا يرجع بالزيادة كما صرح به في المحيط وأطلق عمله في المصر فشمل عمله للتجارة ولاقتضاء الديون ولا رجوع له في ماله فيما أنفقه في الخصومة كما في المحيط
كذا في البحر
قوله ولو يوما لأن العلة في وجوب النفقة حبس نفسه لأجلها فعلم أن المراد من السفر هنا أن لا يمكنه أن يبيت في منزله وإن خرج من المصر وأمكنه أن يعود إليه في ليلة فهو في المصر لا نفقة له
منح
ثم نقل عن السراجية وإذا خرج بنية السفر قل أو كثر فنفقته في مال المضاربة إلا إذا كان يغدو إلى بعض نواحي المصر ا هـ
قوله ( فطعامه ) ولو فاكهة
حموي
أي معتادة واللحم كما كان يأكل كذا وروي عن
____________________
(8/313)
أبي يوسف وإنما لا تلزم نفقة غلمان المالك لأن نفقتهم كنفقة نفسه وهو لو سافر معه ليعينه على العمل في مال المضاربة لم يستوجب نفقة في مال المضاربة بهذا السبب فكذا نفقة غلمانه ودوابه بخلاف غلمان المضارب ودوابه ا هـ
مبسوط ط
قوله ( وركوبه ) أي في الطريق
شمني
وكذا فرش نومه
ملتقى وبحر عن المحيط
قوله ( بفتح الراء ) ويجوز أن يكون بالضم على أنه مصدر أريد به اسم المفعول وهو الجاري على الألسنة مكي عن الشلبي وكذا أجرة خادمه وعلف دابته
وأما نفقة عبيد المالك ودوابه لو سافر بهم المضارب فعلى المالك لا في مال المضاربة ولو أنفق عليهم المالك نفسه من المضاربة كان استردادا لرأس المال لا من الربح ا هـ
ط عن الحموي
قوله ( ولو بكراء ) هذا يفيد أن له أن يشتري دابة للركوب فإن لم يشتر واكترى لزمه الكراء فلو قال أو كراؤه كان أوضح ط
قوله ( وكان ما يحتاجه عادة ) قال الزيلعي ومن مؤنته الواجبة فيه غسل ثيابه وأجرة من يخدمه والدهن في موضع يحتاج إليه كالحجاز وأجرة الحمام والحلاق وقص الشارب كل ذلك من مال المضاربة لأن العادة جرت بها ولأن نظافة البدن والثياب يوجب كثرة من يعامله لأن صاحب الوسخ يعدونه الناس من المفاليس فيجتنبون معاملته فيطلق له كل ذلك بالمعروف حتى إذا زاد يضمن ولو رجع إلى بلده وفي يده شيء من النفقة رده إلى مال المضاربة كالحاج عن الغير إذا بقي شيء في يده رده على المحجوج عنه أو على الورثة وكالغازي إذا خرج من دار الحرب يرد إلى الغنيمة ما معه من النفقة وكالأمة إذا بوأها المولى منزلا مع الزوج ثم أخرجها إلى الخدمة وقد بقي شيء من النفقة في يدها استردها المولى
وعن الحسن عن أبي حنيفة أن الدواء أيضا يكون في مال المضاربة لأنه لا إصلاح دونه وتمكنه من العمل وصار كالنفقة
وجه الظاهر أن النفقة معلوم وقوعها والحاجة إلى الدواء من العوارض فكان موهوما فلا يجب كما في حق المرأة
وفي النهاية الشريك إذا سافر بمال الشركة فنفقته في ذلك المال روي ذلك عن محمد
قال في التاترخانية نقلا عن الخانية قال محمد هذا استحسان ا هـ أي وجوب نفقته في مال الشركة وحيث علمت أنه استحسان فالعمل عليه لما علمت أن العمل على الاستحسان إلا في مسائل ليست هذه منها
ذكره الخير الرملي
وذكر في الكافي بعدما ذكر وجوب النفقة للمضارب فقال بخلاف الشريك لأنه لم يجر التعارف أن الشريك العالم ينفق عن نفسه من مال الشريك الآخر ا هـ
قال في الشرنبلالية نقلا عن البزازية وكذا له الخضاب وأكل الفاكهة كعادة التجار ا هـ
قوله ( بالمعروف ) فإن جاوز المعروف ضمن الفضل كما سيأتي
قوله ( في مالها ) سواء كان المال قليلا أو كثيرا
حموي
لأن النفقة تجب جزاء الاحتباس كنفقة القاضي والمرأة والمضارب في المصر ساكن بالسكن الأصلي وإذا سافر صار محبوسا بالمضاربة فيستحق النفقة قيد بالمضارب لأن الأجير والوكيل والمستبضع لا نفقة لهم مطلقا لأن الأجير يستحق البدل لا محالة والوكيل والمستبضع متبرعان وكذا الشريك إذا سافر بمال الشركة لا نفقة له ظاهر الرواية وفي الاستحسان له النفقة كما علمت وسيأتي
قوله ( لا فاسدة ) كنفقة المضارب فيها من مال نفسه
منح
قوله ( لأنه أجير ) أي في الفاسدة
قوله ( كمستبضع ووكيل ) فهما متبرعان
وفي الإتقاني لا نفقة للمستبضع في مال البضاعة لأنه متطوع فيها إلا أن يكون أذن له فيها ا هـ
قوله ( وفي الأخير خلاف ) قال في المنح وكذا الشريك إذا سافر بمال الشركة لا نفقة له لأنه لم يجز التعارف به
ذكره النسفي في كافيه
وصرح في النهاية بوجوبها في مال الشركة ا هـ
وكأنه حبس نفسه للمالين فتكون النفقة على قدرهما وقدمنا قريبا أن الوجوب استحسان وأن العمل عليه هنا
لكن في ابن ملك ما يفيد أن المعتمد عدم الوجوب فإنه نقل الوجوب رواية عن محمد فقط
____________________
(8/314)
فالحاصل أن الذي عليه الفتوى الوجوب لا سيما وقد أفتى به في الحامدية وأقره سيدي المرحوم الوالد في تنقيحه على أن العرف الآن عليه فاغتنمه
قوله ( وإن عمل في المصر الخ ) لأنه لم يحبس نفسه لأجل المضاربة بل هو ساكن بالسكن الأصلي كما قدمناه قريبا
قوله ( كدوائه على الظاهر ) أي ظاهر الرواية يعني إذا مرض كان دواؤه من ماله مطلقا أي في السفر والحضر لأنه قد يمرض وقد لا يمرض فلا يكون من جملة النفقة برهان وغيره
وعن أبي حنيفة أن الدواء في مال المضاربة لأنه لإصلاح بدن وكذلك النورة والدهن في قولهما خلافا لمحمد في الدهن
وفي سري الدين عن المبسوط الحجامة والكحل كالدواء ا هـ
قوله ( فله النفقة ) فلو أخذ مالا بالكوفة وهو من أهل البصرة وكان قدم الكوفة مسافرا فلا نفقة في المال ما دام في الكوفة فإذا خرج منها مسافرا فله النفقة حتى يأتي البصرة لأنه خروج لأجل المال ولا ينفق من المال ما دام بالبصرة لأن البصرة وطن أصلي له فكانت إقامته فيه لأجل الوطن لا لأجل المال فإذا خرج من البصرة له أن ينفق من المال إلى أن يأتي الكوفة لأن خروجه من البصرة لأجل المال وله أن ينفق أيضا ما أقام بالكوفة حتى يعود إلى البصرة لأن وطنه بالكوفة كان وطن إقامة وأنه يبطله بالسفر الخ
قوله ( ما لم يأخذ مالا ) هذه العبارة تفيد أنه إذا أخذ مالا غير مال المضاربة بأن تركه في بلده وسافر بمال آخر وأقام بالكوفة فإنه لا نفقة له بدليل المقابلة والتعليل وليس الأمر كذلك وكأنه فهم ذلك من قوله المنح فلو أخذ مالا بالكوفة وهو من أهل البصرة وكان قدم الكوفة مسافرا فلا نفقة له
ا هـ
والمقصود من هذه العبارة هو ما لو نوى الإقامة بمصر ولم يتخذه دارا فله النفقة إلا إذا كان قد أخذ مال المضاربة في ذلك المصر فلا نفقة له ما دام فيه ويدل له ما في المبسوط ولو دفع المال إليه مضاربة وهما بالكوفة وليست الكوفة بوطن للمضارب لم ينفق على نفسه من المال ما دام بالكوفة لأن إقامته فيها ليست للمضاربة فلا يستوجب النفقة ما لم يخرج منها فإن خرج منها إلى وطنه ثم عاد إليها في تجارة أنفق في الكوفة من مال المضاربة لأن وطنه بها كان مستعارا وقد انتقض بالسفر فرجوعه بعد ذلك إلى الكوفة وذهابه إلى مصر آخر سواء
مكي
قال في البحر فلو أخذ مالا بالكوفة وهو من أهل البصرة وكان قدم الكوفة مسافرا فلا نفقة له في المال ما دام بالكوفة فإذا خرج منها مسافرا فله النفقة حتى يأتي البصرة لأن خروجه لأجل المال ولا ينفق من المال ما دام بالبصرة لأن البصرة وطن أصلي له فكان إقامته فيه لأجل الوطن لا لأجل المال فإذا خرج من البصرة له أن ينفق من المال إلى أن يأتي الكوفة لأن خروجه من البصرة لأجل المال وله أن ينفق أيضا ما أقام بالكوفة حتى يعود إلى البصرة لأن وطنه بالكوفة كان وطن إقامة وأنه يبطل بالسفر فإذا عاد إليها وليس له بها وطن فكأن إقامته فيها لأجل المال
كذا في البدائع والمحيط والفتاوى الظهيرية ا هـ ويظهر منه أنه لو كان له وطن في الكوفة أيضا ليس له الإنفاق إلا في الطريق ورأيت التصريح به في التاترخانية من الخامس
والحاصل أنه إذا أخذ مالا بالكوفة وهو من أهل البصرة وكان قدم الكوفة مسافرا قبل ذلك فلا نفقة له ما دام بها حتى يرتحل عنها وعليه فلا يخفى مما في كلام الشارح من الإيجاز الملحق بالألغاز
أقول وحق العبارة هكذا ما لم يأخذ مالها فيه لأنه لم يحبس به ويفيد بمفهومه أنه إذا احتبس بأن
____________________
(8/315)
سافر من البلدة التي أخذ المال فيها ثم عاد بالمال إليها كان له النفقة لأنه احتبس به حينئذ
قوله ( أو خلط الخ ) أو بعرف شائع كما قدمنا أنه لا يضمن به
قوله ( بإذن ) أي تصير شركة ملك فلا تنافي المضاربة ونظيره ما قدمناه لو دفع إليه ألفا نصفها قرض ونصفها مضاربة صح ولكل نصف حكم نفسه ا هـ
مع أن المال مشترط شركة ملك فلم يضمن المضاربة وبه ظهر أنه لا ينافي ما قدمه الشارح عن الكافي من أنه ليس للشريك نفقة فافهم
قوله ( أو بمالين لرجلين ) هذا مخصوص بأن لا يكون المال الآخر بضاعة
قال في المحيط البرهاني ولو كان أحدهما بضاعة فنفقته في المضاربة إلا أن يتفرغ للعمل في البضاعة ففي ماله إلا أن يأذن له المستبضع بالنفقة منها لأنه متبرع
تاترخانية في الخامس عشر فيها من العتابية ولو رجع المضارب من سفره بعد موت رب المال فله أن ينفق من المال على نفسه وعلى الرقيق وكذا بعد النهي ولو كتب إليه ينهاه وقد صار المال نقدا لم ينفق في رجوعه ا هـ
قوله ( رد ما بقي ) أي لو ميز مالا للنفقة فأنفق بعضه وبقي منه شيء حين قدم مصره رد ما بقي إلى المضاربة لأن الاستحقاق أمر ينتهي بانتهاء السفر
رحمتي عن ابن ملك
والظاهر أنه يرد ما زاد عنه مما اشتراه للنفقة من كسوة وطعام عند انتهاء السفر
قوله ( ولو أنفق من ماله ) أو استدان على المضاربة للنفقة
بحر
وهذا يفيد أن قولهم لا يملك الاستدانة مقيد بغير النفقة
قوله ( له ذلك ) وكذا لو استدان على المضاربة للنفقة لأن التدبير في الإنفاق إليه كالوصي إذا أنفق من مال نفسه على الصغير ا هـ
قوله ( ولو هلك ) أي مال المضاربة قبل أن يرجع
قوله ( لم يرجع على المالك ) لفوات محل النفقة
بحر
قوله ( ويأخذ الخ ) أي أن المالك يأخذ المال الذي أنفقه المضارب من رأس المال من المال الذي جاء به المضارب فإذا استوفى رب المال رأس ماله الذي دفعه إلى المضارب بما اشترى به البضاعة وما أنفقه وفضل شيء اقتسماه وإن لم يظهر ربح فلا شيء على المضارب عوضا عما أنفقه على نفسه
قوله ( من رأس المال ) متعلق بأنفق
قال في البحر وفيه إشارة إلى أن المضارب له أن ينفق على نفسه من مال المضاربة قبل الربح ا هـ
قيد بالنفقة لأنه لو كان في المال دين غيرها قدم إيفاؤه على رأس المال كما في المنح
وفي البحر أيضا وأطلق المضارب ليفيد أنه لا فرق بين المضارب ومضاربه إذا كان أذن له في المضاربة وإلا فلا نفقة للثاني
قوله ( إن كان ثمة ربح ) الأوضح أن يقول من الربح إن كان ثمة ربح
قوله ( وإن لم يظهر ربح فلا شيء عليه ) أي على المضارب عوضا عما أنفقه على نفسه
وحاصل المسألة أنه لو دفع له ألفا مثلا فأنفق المضارب من رأس المال مائة وربح مائة يأخذ المالك المائة الربح بدل المائة التي أنفقها المضارب ليستوفي المالك جميع رأس ماله فلو كان الربح في هذه الصورة مائتين يأخذ مائة بدل النفقة ويقتسمان المائة الثانية بينهما على ما شرطاه فتكون النفقة مصروفة إلى الربح ولا تكون مصروفة رأس المال لأن رأس المال أصل والربح تبع فلا يسلم لهما التبع حتى يسلم لرب المال الأصل
عيني
قوله ( حسب ما أنفق الخ ) وفي الكافي شرى بالمال ثيابا وهو ألف واستقرض مائة للحمل رابح بألف ومائة عند
____________________
(8/316)
الإمام وعندهما على مائة فقط ولو باعها بألفين قسم على أحد عشر جزءا سهم له والعشرة للمضاربة
قوله ( من الحملان ) قال في مجمع البحرين والحملان بالضم الحمل مصدر حمله والحملان أيضا أجر ما يحمل ا هـ
وهو المراد ط
قوله ( وأجرة السمسار ) هو تكرار مع ما تقدم في المتن
قوله ( وكذا يضم إلى رأس المال ما يوجب زيادة ) لأنها بالزيادة عن الثمن صارت كالثمن
زيلعي وهو مستغني عنه بما قبله ط
قوله ( حقيقة ) كالصبغ والخياطة وكسوة المبيع وغيره
قوله ( أو حكما ) كالقصارة وحمل الطعام وسوق الغنم وسقي الزرع وغيره
قوله ( وهذا هو الأصل نهاية ) أشار بهذا إلى ما مر في باب المرابحة بقوله وضابطه كل ما يزيد في المبيع أو في قيمته يضم واعتمد العيني عادة التجار بالضم فإذا جرت العادة بضم ذلك يضم
قوله ( على نفسه ) أي في السفر في الإقامة أولى
قوله ( لعدم الزيادة والعادة ) لما كان في عبارة المنح ما يشعر بأن بعض النفقة تكون سبا لزيادة الثمن لكن لم تجر العادة بضمها وهذا البحث يتعلق بباب المرابحة وقد تقدم تحقيقه وعلى كل فهو تكرار مع ما في المتن والأولى التمثيل بما يأخذه العشار
قوله ( بزا ) قال محمد في السير البز عند أهل الكوفة ثياب الكتان أو القطن لا ثياب الصوف أو الخز
منح عن المغرب
وقيل هو متاع البيت
ذكره مسكين
قوله ( أي ثيابا ) أطلقه إشارة إلى أن الحكم غير مقيد بحقيقة البز التي هي الكتان أو القطن أو متاع البيت
قوله ( فضاعا ) أي الألفان هلكا في يده من غير تقصير منه برهان
قوله ( غرم المضارب ربعهما ) لأن المال لما صار ألفين ظهر الربح في المال وهو ألف وكان بينهما نصفين فيصيب المضارب منه خمسمائة فإذا اشترى بالألفين عبدا صار مشتركا بينهما فربعه للمضارب وثلاثة أرباعه لرب المال ثم إذا ضاع الألفان قبل النقد كان عليهما ضمان العبد على قدر ملكهما في العبد فربعه على المضارب وهو خمسمائة وثلاثة أرباعه على رب المال وهو ألف وخمسمائة
منح
وهو مشكل لأن مال المضاربة في يده أمانة وما شراه إنما شراه للمضاربة ألا يرى أنه بعد اقتسام الربح قبل فسخ المضاربة لو وقع خسران يسترد منه الربح فعلمنا أن الربح لم يملكه بمجرد حصوله ولم يقع الشراء له فليتأمل وجهه
قوله ( وغرم المالك الباقي ) ولكن الألفان يجبان جميعا للبائع على المضارب ثم يرجع المضارب على رب المال بألف وخمسمائة لأن المضارب هو المباشر للعقد وأحكام العقد ترجع إليه
إتقاني
قوله ( لكونه مضمونا ) علة
لقوله خارجا عن المضاربة أي بين الضمان المفهوم من مضمون وبين الأمانة
قوله ( وباقيه لها ) لأن ضمان رب المال لا ينافي المضاربة
قوله ( ولو بيع العبد ) أي والمسألة
____________________
(8/317)
بحالها
قوله ( فحصتها ثلاثة آلاف ) ثمن ثلاثة أرباع العبد
قوبه ( لأن ربعه ) أي ربع العبد ملك للمضارب كما تقدم قوله ( بينهما ) أي والألف يختص بها المضارب كما مر
قوله ( ولو شرى من رب المال بألف عبدا ) أي قيمته ألف فالثمن والقيمة سواء وإنما قلنا ذلك لأنه لو كان فيهما فضل بأن اشترى رب المال عبدا بألف قيمته ألفان ثم باعه من المضارب بألفين بعد ما عمل المضارب في ألف المضاربة وربح فيها ألفا فإنه يبيعه مرابحة على ألف وخمسمائة حصة المضارب أما لو كان مال المضاربة ألفين فهي كالمسألة الأولى وكذا إذا كان في قيمة المبيع فضل دون الثمن بأن كان العبد يساوي ألفا وخمسمائة فاشتراه رب المال بألف وباعه من المضارب بألف يبيعه المضارب مرابحة على ألف ومائتين وخمسين وكذا عكسه بأن شرى عبدا قيمته ألف بألف فباعه منه بألف
فالمسألة رباعية قسمان لا يرابح فيهما إلا على ما اشترى رب المال وهما إذا كان لا فضل فيهما أو لا فضل في قيمة المبيع فقط
وقسمان يرابح عليه وعلى حصة المضارب وهما إذا كان فيهما فضل أو في قيمة المبيع فقط وهذا إذا كان البائع رب المال فلو كان المضارب فهو على أربعة أقسام أيضا كما يأتي
وتمامه في البحر عن المحيط
قوله ( شراه رب المال بنصفه ) صفة عبد
قوله ( رابح بنصفه ) جواب شراه أي فلا يجوز أن يبيعه مرابحة على ألف لأن بيعه من المضارب كبيعه من نفسه لأنه وكيله فيكون بيع ماله بماله فيكون كالمعدوم وهو لا يجوز
وفي حاشية الشلبي لأن عقد المرابحة عقد أمانة فيجب تنزيهه عن الخيانة وعن شبهة الخيانة والعقد الأول وقع لرب المال والثاني كذلك لأن شراء المضارب لا يخرج عن ملك رب المال إلا أنه صح العقد لزيادة فائدة وهي ثبوت اليد والتصرف للمضارب فبقي شبهة عدم وقوع العقد الثاني فبيعه مرابحة على الثمن الأول وذلك خمسمائة
قوله ( وكذا عكسه ) وهو ما لو كان البائع المضارب والمسألة بحالها بأن شرى رب المال بألف عبدا شراه المضارب بنصفه ورأس المال ألف فإنه يرابح بنصفه أي يبيعه مرابحة على خمسمائة لأن البيع الجاري بينهما كالمعدوم وهذا إذا كانت قيمته كالثمن لا فضل فيهما ومثله لو الفضل في القيمة فقط
أما لو كان فيهما فضل أو في الثمن فقط فإنه يرابح على ما اشترى به المضارب وحصة المضارب وبه علم أنه المسألة رباعية أيضا
وتمامه في البحر
قوله ( ومنه علم جواز شراء المالك من المضارب وعكسه ) أما شراء المالك من المضارب مال المضاربة فإنه وإن كان مال المالك لكنه لا يملك التصرف فيه بعد صيرورته عرضا وصحة العقد تحتمل حصول الثمرة وقد حصلت بملكه التصرف
وأما شراء المضارب من رب المال فهو صحيح لأن ما شراه لا يملك فيه العين ولا التصرف وهو وإن شراه للمالك لأنه وكيل عنه لكن في شرائه فائدة وهو حصول الربح له
وفيه فائدة للمالك أيضا لأنه ربما يعجز عن بيعه بنفسه
قوله ( ولو شرى ) أي من معه ألف بالنصف كما قيد به في الكنز
قوله ( لخروجه عن المضاربة بالفداء ) لأن الفداء مؤنة الملك فيتقدر
____________________
(8/318)
بقدره فإذا فدياه خرج العبد كله عن المضاربة
أما نصيب المضارب فإنه صار مضمونا عليه
وأما نصيب رب المال فبقضاء القاضي بانقسام الفداء عليهما لأن قضاءه بالفداء يتضمن قسمة العبد بينهما لأن الخطاب بالفداء يوجب سلامة المفدي ولا سلامة إلا بالقسمة
زيلعي
قال في البحر لأن الفداء مؤنة الملك وقد كان الملك بينهما أرباعا لأنه لما صار المال عينا واحدا ظهر الربح وهو ألف بينهما وألف لرب المال فإذا فدياه خرج عن المضاربة لأن نصيب المضارب صار مضمونا عليه ونصيب رب المال صار له بقضاء القاضي بالفداء عليهما وإذا خرج عنها بالدفع أو بالفداء غرما على قدر ملكهما
ا هـ
والفرق بين هذا وبين ما مر حيث لا يخرج هناك ما خص رب المال عن المضاربة وهنا يخرج لأن الواجب هنا ضمان التجارة وهو لا ينافي المضاربة وهنا ضمان الجناية وهو ليس من التجارة في شيء فلا يبقى على المضاربة
كفاية
قوله ( كما مر ) أي قريبا من أن ضمان المضارب ينافي المضاربة
قوله ( ولو اختار المالك الدفع الخ ) قال في البحر قيد بقوله قيمته ألفان لأنه لو كانت قيمته ألفا فتدبير الجناية إلى رب المال لأن الرقبة على ملكه لا ملك للمضارب فيها فإن اختار رب المال الدفع والمضارب الفداء مع ذلك فله ذلك لأنه يستبقي بالفداء مال المضاربة وله ذلك لأن الربح يتوهم
كذا في الإيضاح ا هـ
ونحوه في غاية البيان
ولا يخفى أن الربح في مسألة المصنف محقق بخلاف هذه فقد علل لغير مذكور على أن الظاهر أنه في مسألة المتن لا ينفرد أحدهما بالخيار لكون العبد مشتركا يدل عليه ما في غاية البيان ويكون الخيار لهما جميعا إن شاء فديا وإن شاء دفعا فتأمل
ا هـ
أقول لكن صدر عبارة البحر ينافي آخرها ولعلهما قولان الأول أن الخيار لرب المال لأن العبد ملكه وحده
والثاني أن الخيار للمضاربة لتوهم الربح ولاستبقاء المضاربة
ثم لا تنافي بين قوله هنا لاستبقاء المضاربة وقول الشارح فيما مر أنه يخرج عن المضاربة بالفداء لأن ما مر فيه للمضارب ربح فضمن قدر ربحه من الفداء والضمان ينافي المضاربة بخلاف ما هنا
تأمل
وفي البحر قال ثم اعلم أن العبد مشترك في المضاربة إذ جنى خطأ لا يدفع بها حتى يحضر المضارب ورب المال سواء كان الأرش مثل قيمة العبد أو أقل أو أكثر وكذا لو كانت قيمته ألفا لا غير لا يدفع إلا بحضرتهما لأن المضارب له فيه حق ملك حتى ليس لرب المال أن يأخذه ويمنعه من بيعه كالمرهون إذا جنى خطأ لا يدفع إلا بحضرة الراهن والمرتهن
والحاصل أنه يشترط حضرة رب المال والمضارب للدفع دون الفداء إلا إذا أبى المضارب الدفع والفداء وقيمته مثل رأس المال فلرب المال دفعه لتعنته فإن كان أحدهما غائبا وقيمة العبد ألف درهم ففداه الحاضر كان متطوعا لأنه أدى دين غيره بغير أمره وهو غير مضطر فيه فإنه لو أقام بينة على الشركة لا يطالب بحصة صاحبه لا بالدفع ولا بالفداء
كذا في النهاية
وذكر قاضيخان أن المضارب ليس له الدفع والفداء وحده لأنه ليس من أحكام المضاربة فلذا كان إليهما
ا هـ
قال المقدسي ولو اختار المضارب وحده الدفاع دفع حصته والمالك مخير في الباقي بين الدفع والفداء ا هـ
____________________
(8/319)
قوله ( اشترى ) أي المضارب
قوله ( ثم وثم ) فيه حذف المعطوف ودخول العاطف على مثله
حموي
قوله ( ورأس المال جميع ما دفع ) يعني لا يكون للمضارب شيء من الربح حتى يصل رب المال إلى جميع ما أوصله المضارب على أنه ثمن
أما إذا أراد المضارب أن يبيعه مرابحة لا يرابح إلا على ألف كما تقدم ا هـ شلبي
قوله ( بخلاف الوكيل ) إذا كان الثمن مدفوعا إليه قبل الشراء ثم هلك بعد الشراء فإنه لا يرجع إلا مرة لأنه أمكن جعله مستوفيا لأن الوكالة تجامع الضمان كالغاصب إذا وكل ببيع المغصوب ثم في الوكالة في هذه الصورة يرجع مرة
وفيما إذا اشترى ثم دفع الموكل إليه المال فهلك بعده لا يرجع لأنه ثبت له حق الرجوع بنفس الشراء فجعل مستوفيا بالقبض بعده
أما المدفوع إليه قبل الشراء أمانة في يده وهو قائم على الأمانة بعده فلم يصر مستوفيا فإذا هلك يرجع عليه مرة ثم لا يرجع لوقوع الاستيفاء
بحر
والحاصل أن الوكيل إذا قبض الثمن بعد الشراء ثم هلك فإنه لا يرجع لأنه ثبت له حق الرجوع بنفس الشراء فجعل مستوفيا بالقبض بعده
وأما لو دفع إليه قبل الشراء فهلك بعد الشراء يرجع مرة لأن المدفوع إليه قبل أمانة في يده وهو قائم على الأمانة بعده فإذا هلك يرجع عليه مرة ثم لا يرجع لوقوع الاستيفاء
أفاده المصنف
قوله ( لأن يده ثانيا يد استيفاء لا أمانة ) بيانه أن المال في يد المضارب أمانة ولا يمكن حمله على الاستيفاء لأنه لا يكون إلا بقبض مضمون فكل ما قبض يكون أمانة وقبض الوكيل ثانيا استيفاء لأن وجب له على الموكل مثل ما وجب عليه للبائع فإذا قبضه صار مستوفيا له فصار مضمونا عليه فيهلك عليه بخلاف ما إذا لم يكن مدفوعا إليه إلا بعد الشراء حيث لا يرجع أصلا لأنه ثبت له حق الرجوع بنفس الشراء فجعل مستوفيا بالقبض بعده إذ المدفوع إليه قبله أمانة وهو قائم على الأمانة بعده فلم يصر مستوفيا فإذا هلك يرجع مرة فقط لما قلنا
قوله ( معه ) أي المضارب
قوله ( فالقول للمضارب ) وقال زفر القول لرب المال وهو قول أبي حنيفة أولا لأن المضارب يدعي الربح والشركة فيه ورب المال ينكره
فالقول قول المنكر
ثم رجع وقال القول قول المضارب وهو قولهما بأن حاصل اختلافهما في المقبوض فالقول قول القابض في مقدار المقبوض ولو ضمنيا اعتبارا بما لو أنكره أصلا فإن القول له
قوله ( لأن القول في مقدار المقبوض للقابض ) لأنه أحق بمعرفة مقدار المقبوض
قوله ( أمينا ) أي كالمودع
قوله ( أو ضمنيا ) كالغاصب
قوله ( كما لو أنكره ) أي القبض أصلا فالقول قوله
قوله ( ولو كان الاختلاف مع ذلك ) أي مع الاختلاف في المقبوض الاختلاف في مقدار الربح بأن قال المال رب رأس المال ألفان وشرطت لك ثلث الربح وقال المضارب رأس المال ألف وشرطت لي نصف الربح كان القول للمضارب في قدر رأس المال لأنه القابض والقول لرب المال في مقدار الربح لأنه المنكر للزيادة وهو لو أنكر استحقاق الربح عليه بالكلية بأن ادعى البضاعة قبل منه فكذا في إنكاره الزيادة
____________________
(8/320)
ذكره الزيلعي
قوله ( فقط ) لا في رأس المال بل القول فيه للمضارب لأنه القابض كما علمت
قوله ( لأنه يستفاد من جهته ) أي من جهة رب المال من حيث إن الربح نماء ملكه
قوله ( وإن أقاماها الخ ) أي لأن بينة رب المال في زيادة رأس المال أكثر إثباتا ولأن بينة المضارب في زيادة الربح أكثر إثباتا كما في الزيلعي
ويؤخذ من هذا ومن الاختلاف في الصفة أن رب المال لو ادعى المضاربة وادعى من في يده المال أنها عنان وله في المال كذا وأقاما البينة فبينة ذي اليد أولى لأنها أثبتت حصة من المال وأثبتت الصفة
أقول لكن قد يقال إن كلتا البينتين أثبتت حصة وصفة وتزيد بينة رب المال بأنه خارج إلا أن يقال إن الصفة التي أثبتتها بينة القابض أقوى لأن شركة العنان أقوى من المضاربة فليتأمل
قوله ( في المقدار ) أي مقدار المقبوض
قوله ( لأنه لو كان في الصفة ) أي صفة الدفع هل هو مضاربة أو بضاعة وقال المالك بضاعة ولم أجعل لك من الربح شيئا وقال من في يده المال مضاربة وجعلت لي نصف الربح فالقول لرب المال لأن العامل يدعي عليه استحقاق أجر على عمله وهو ينكر والقول للمنكر وكان الأولى تقديم هذه المسألة على المسألة السابقة فيقول قيد بكونه في مقدار المقبوض لأنه لو كان في مقدار الربح أيضا أو في الصفة فالقول لرب المال
قال العلامة الرحمتي وقوله لأنه لو كان في الصفة ليس على إطلاقه لأنه لو ادعى المالك القرض والقابض المضاربة أو البضاعة أو الوديعة كان القول للقابض كما سيأتي متنا
قوله ( فقال ) أي المضارب
قوله ( وقال المالك ) الأولى ذو اليد
قوله ( فالقول للمالك ) لأنه منكر ولأن المضارب يدعي عليه تقويم عمله أو شرطا من جهته أو يدعي الشركة في الربح وهو ينكر
ذكره ابن الكمال
قوله ( ولو قال المضارب ) الأولى واضع اليد لأن المسألتين الأوليين اتفقا فيهما على عدم المضاربة
قوله ( هي قرض ) أي وجميع الربح لي
قوله ( أو وديعة ) إنما كان القول له وإن كان ا لربح ليس له منه شيء لما ذكره المؤلف من أنه يدعي عليه التمليك وهو ينكر
قوله ( والبينة بينة المضارب ) سواء أقامها وحده أو مع رب المال لأنها تثبت أمرا زائدا وهو التمليك بالقرض
قوله ( لأنه يدعي عليه التمليك ) أي تمليك بعض الربح فيما إذا ادعى المضاربة وتمليك عين المال فيما إذا ادعى القرض لأن المستقرض يملكه ولذا كان ربحه له
قوله ( لأنه ينكر الضمان ) أي ورب المال يدعيه والقول للمنكر فقد خرجت هذه عن قاعدة الاختلاف في الوصف لهذه العلة لأنها أكثر إثباتا لأنها تثبت عليه ضمان البدل ط
قوله ( فبينة رب المال أولى لأنها أكثر إثباتا ) لأنه يدعي عليه الضمان بالقرض وهذا معنى قوله لأنها أكثر إثباتا وهذا ظاهر فيما إذا ادعى المالك القرض لأنها تثبت الضمان على المستقرض
أما لو ادعى القابض القرض فينبغي أن تكون البينة له لأن بينته أكثر إثباتا وهو تملك المال المقبوض وكذا لو ادعى المضاربة لأنها تثبت استحقاقا في الربح
تأمل
____________________
(8/321)
والحاصل أن القول لمدعي المضاربة في الوجهين والبينة بينة مدعي القرض فيهما على ما ذكر
وفي البدائع قال دفعت لي ألفا مضاربة فهلكت فقال المقر له لا بل غصبتها مني فإن الهلاك قبل التصرف فلا ضمان وإن بعده يضمن يعني لأن التصرف في مال الغير سبب لوجوب الضمان في الأصل فكان دعوى الإذن دعوى البراءة عن الضمان فلا يثبت إلا بحجة
والظاهر أن هذا لا يجري فيما نحن فيه لأنه أقر بالقبض المبيح للتصرف
قوله ( وأما الاختلاف في النوع ) هذا مقابل قوله المار ( لأنه لو كان في الصفة ) وكان عليه أن يؤخر هذا إلى قوله ( ولو ادعى كل نوعا ) لأن الاختلاف في العموم والخصوص ليس من الاختلاف في النوع بل من الصفة فلا يتم التفريع الآتي عليه وهو قوله ( فإن ادعى المضارب الخ )
قال في البدائع فإن اختلفا في العموم والخصوص فالقول قول من يدعي العموم بأن ادعى أحدهما المضاربة في جميع التجارات أو في عموم الأمكنة أو مع عموم الأشخاص لأن قول من يدعي العموم يوافق المقصود بالعقد إذ المقصود هو الربح وهنا المقصود بالعموم أوفر وكذا لو اختلفا في الإطلاق والتقييد فالقول قول من يدعي الإطلاق حتى لو قال رب المال أذنت لك أن تتجر في الحنطة دون ما سواها وقال المضارب ما سميت لي تجارة بعينها فالقول قول المضارب مع يمينه لأن الإطلاق أقرب إلى المقصود بالعقد على ما بينا
وقال الحسن بن زياد القول قول رب المال في الفصلين فإن قامت لهما بينة فالبينة بينة من يدعي الخصوص في دعوى العموم والخصوص وفي دعوى الإطلاق والتقييد بينة من يدعي التقييد لأنها تثبت زيادة قيد وبينة الإطلاق ساكتة
ولو اتفقا على الخصوص لكنهما اختلفا في ذلك الخاص بأن قال رب المال دفعت المال إليك مضاربة في البر وقال المضارب في الطعام فالقول قول رب المال اتفاقا لأنه لا يمكن الترجيح هنا بالمقصود من العقد لاستوائهما في ذلك فترجع بالإذن وأنه يستفاد من رب المال فإن أقاما البينة فالبينة بينة المضارب لأن بينته مثبتة وبينة رب المال نافية لأنه لا يحتاج إلى الإثبات والمضارب يحتاج له لدفع الضمان عن نفسه فالبينة المثبتة للزيادة أولى
كذا في الحواشي الحموية
قوله فإن ادعى المضارب العموم أي في أنواع التجارات
قوله ( أو الإطلاق ) بأن قال أطلقت لي في السفر برا وبحرا
قوله ( وادعى المالك الخصوص ) أي بنوع من التجارة
والمناسب أو التقييد لتحسن المقابلة بأن قال قيدت لك السفر بالبر
قوله ( فالقول للمضارب ) لأن الأصل في المضاربة العموم إذ المقصود منها الاسترباح والعموم والإطلاق يناسبانه
وهذا إذا تنازعا بعد تصرف المضارب فلو قبله فالقول للمالك كما إذا ادعى المالك بعد التصرف العموم والمضارب الخصوص فالقول للمالك
در منتقى
ومثله في الخانية وغاية البيان والزيلعي والبحر وغيرهما وحكى ابن وهبان في نظمه قولين
وفي مجموعة الأنقروي عن محيط السرخسي لو قال رب المال هو قرض والقابض مضاربة فإن بعدما تصرف فالقول لرب المال والبينة بينته أيضا والمضارب ضامن وإن قبله فالقول قوله ولا ضمان عليه أي القابض لأنهما تصادقا على أن القبض كان بإذن رب المال ولم يثبت القرض لإنكار القابض ا هـ
ونقل فيها عن الذخيرة من الرابع مثله ومثله في كتاب القول لمن عن غانم البغدادي عن الوجيز وبمثله أفتى علي أفندي مفتي الممالك العثمانية وكذا قال في فتاوى ابن نجيم القول لرب المال
____________________
(8/322)
ويمكن أن يقال إن ما في الخانية والمصنف وما قدمناه عن الدار المنتقى فيما إذا كان قبل التصرف حملا للمطلق على المقيد لاتحاد الحادثة والحكم وبالله التوفيق كذا في مجموعة منلا علي ملخصا
قوله ( ولو ادعى كل نوعا ) بأن قال أحدهما في بز وقال الآخر في بر
قوله ( فالقول للمالك ) لأنهما اتفقا على الخصوص فكان القول قول من يستفاد من جهته الإذن والبينة بينة المضارب لحاجته إلى نفي الضمان وعدم حاجته إلى البينة
ذكره الزيلعي
قوله ( والبينة للمضارب فيقيمها على صحة تصرفه ) يعني أن البينة تكون حينئذ على صحة تصرفه لا على نفي الضمان حتى تكون على النفي فلا تقبل
قوله ( ولو وقتت البينتان ) بأن قال رب المال أديت إليك مضاربة أن تعمل في بز في رمضان وقال المضارب دفعت إلي لأعمل في طعام في شوال وأقاما البينة
قوله ( قضى بالمتأخرة ) لأن آخر الشرطين ينقض الأول
عناية
قوله ( وإلا ) أي إن لم يوقتا أو وقتت إحداهما دون الأخرى
قوله ( فبينة المالك ) لأنه يتعذر القضاء بهما معا للاستحالة وعلى التعاقب لعدم الشهادة على ذلك وإذا تعذر بهما القضاء فبينة رب المال أولى لأنها تثبت ما ليس بثابت
أفاده الأكمل
وهذا ينافي ما قدمه من أن البينة للمضارب إذ هو عند تعارض البينتين وإلا فهي لمن أقامها إلا أن يحمل على أن البينة أقامها المضارب فقط وهو بعيد لأنه إذا انفرد كل بإقامة البينة قبلت منه فلا وجه للتخصيص
وحاصله أنه لم يظهر وجه ما ذكره لأن المفهوم من تصوير صاحب الدرر والعزمية أنهما اتفقا على المضاربة واختلفا في الوقت وأقاما بينة وأرخت البينتان يقضي بالمتأخرة فلا يقال وإلا لأنهما إذا لم يوقتا لا حاجة إليهما بعد الاتفاق على المضاربة إلا أن يقال إلا أن الاختلاف في التوقيت مبني على الاختلاف في النوع لكن المفهوم خلافه
قال خير الدين الرملي وجهه أن المضارب بقوله ما سميت لي تجارة بعينها يدعي التعميم وهو أصل في المضاربة فالقول قول من يدعيه ورب المال بدعواه النوع ادعى التخصيص وهو خلاف الأصل فيها والبينة للإثبات والإثبات على من خالف الأصل
وأقول على هذا الاختلاف بين الوكيل والموكل في ذلك على العكس
تأمل
قال في البحر في الوكالة أمرتك بالاتجار في البر وادعى الإطلاق فالقول للمضارب لادعائه عمومه
وعن الحسن عن الإمام أنه لرب المال لأن الإذن يستفاد منه وإن برهنا فإن نص شهود العامل أنه أعطاه مضاربة في كل تجارة فهو أولى لإثباته الزيادة لفظا ومعنى وإن لم ينصوا على هذا الحرف فلرب المال
ا هـ
قوله ( جاز ) فيكون عاقدا من الجانبين كما في النكاح وهبة الأب من طفله
قوله ( وقيده الطرسوسي ) أي بحثا منه
ورده ابن وهبان بأنه تقييد لإطلاقهم برأيه مع قيام الدليل على الإطلاق
واستطهر ابن الشحنة ما قاله الطرسوسي نظرا للصغير أي ويكون هذا التقييد مراد من أطلق ليحصل به نفي التهمة لكن في جامع الفصولين عن الملتقط ليس للوصي في هذا الزمان أخذ مال اليتيم مضاربة فهذا يفيد المنع مطلقا
قوله ( بأن لا يجعل الوصي لنفسه من الربح أكثر مما يجعل لأمثاله ) بأن كان الغير يجعل لليتيم النصف منه فجعل الوصي الثلث له
قوله ( وتمامه في شرح الوهبانية ) أي لابن الشحنة لأنه إذا أطلق شرح الوهبانية ينصرف إليه كما إذا أطلق شرح الكنز ينصرف
____________________
(8/323)
للشارح الزيلعي وكذا شرح الوقاية للشارح الشمني وشرح الهداية لصاحب فتح القدير وشرح القدوري للجوهرة كما هو مقتضى كلامهم
وعبارة ابن الشحنة حيث قال بعد الذي ذكره الشارح حتى لو كان الناس يعتقدون المضاربة بالنصف حتى عقدها هو لنفسه في مال الصغير بالثلث لا يجوز له ذلك وقال إنه ما زاد ذلك إلا دفعا لما توهمه عبارة الذخيرة من الجواز للتعليل بالاستنماء وعدم الاستحقاق في مال الصغير وإنما هو من الربح الحاصل بعمل المضارب وقال إنه لم يقف على هذا التقييد في كلام الأصحاب ولكنه ينبغي أن يكون كذلك نظرا للصبي
وتعجب المصنف من تقييده بما أطلقه المشايخ برأيه مع قيام الدليل على الإطلاق لأنه نفع صرف ووثوق الوصي بنفسه ليس كوثوقه بغيره نعم لو جعله من باب الديانة والمروءة لكان حسنا لكن لو عقد بأقل صح ا هـ
قلت الأظهر عندي ما قاله الطرسوسي لأن تصرف الوصي إنما هو بالولاية النظرية ولا نظر للصبي في المضاربة في مال بأقل مما يفعله أمثال الوصي من الثقات بل النظر فيه لجانب الوصي فإنه يحصل لنفسه ربحا به يتعذر حصوله بدون مال اليتيم مع الحيف على اليتيم وإن كان مصلحة من حيث إنه يحصل الربح في الجملة اللهم إلا أن يقال يكفي حصول المصلحة في الجملة وإن أمكن ما هو أولى منها ا هـ
قال الشرنبلالي بعد نقل ما عن الطرسوسي ونازعه المصنف وارتضى الشارح ذلك القيد نظرا للصغير بحثا منه انتهى
أقول ولا تنس ما قدمناه عن جامع الفصولين عن الملتقط
قوله ( وفيها ) أي الوهبانية
قوله ( مات المضارب الخ ) وكذا المودع والمستعير وكل من كان المال في يده أمانة إذا مات قبل البيان ولا تعرف الأمانة بعينها فإنه يكون عليه دينا في تركته لأنه صار بالتجهيل مستهلكا للوديعة أي مثلا ولا يصدق ورثته على الهلاك والتسليم إلى رب المال ولو عين الميت في حال الحياة أو علم ذلك يكون ذلك أمانة في يد وصيه أو وارثه كما كان في يده ويصدقون على الهلاك والدفع إلى صاحبه كما يصدق الميت حال حياته انتهى
وسيأتي تمامه في الوديعة
قوله ( عاد دينا في تركته ) أي لأنه صار بالتجهيل مستهلكا كما علمت وأفتى به في الحامدية قائلا وبه أفتى قارىء الهداية
قوله ( لكن صرح في مجمع الفتاوى ) نقل في المنح عنه ما نصه قال الشيخ الإمام الأجل وكان شيخنا يقول الجواب في زماننا بخلاف هذا ولا ضمان على المضارب فيما يعطى من مال المضاربة لسلطان طمع فيه وقصد أخذه بطريق الغصب وكذا الوصي إذا صانع في مال اليتيم لأنهما يقصدان الإصلاح بهذه المصانعة فلو لم يفعل أخذ المصانع جميع المال فدفع البعض لإحراز ما بقي من جملة الحفظ في زماننا والأمين فيما يرجع إلى الحفظ لا يكون ضامنا أما في زمانهم فكانت القوة لسلاطين العدل
انتهى مختصرا
ويؤخذ من هذا أنه إذا دفع من مال نفسه يكون متبرعا فيضيع عليه ما دفع إلا إذا أشهد عند الدفع أنه يرجع ويحرر
قال الرحمتي لا يضمن في زماننا لغلبة أهل الظلم والرشوة إذا كانت لدفع الضرر عن نفسه وعن
____________________
(8/324)
رب المال كانت جائزة للدافع مأذونا فيها عادة من المالك وإن حرمت على الآخذ انتهى
قوله ( لأنهما يقصدان الإصلاح ) أي في هذه الرشوة فدفع البعض لإحراز ما بقي من جملة الحفظ والأمين فيما يرجع للحفظ لا يكون ضامنا منح
قوله ( وسيجيء آخر الوديعة ) ونصه إذا هدد وخاف تلف نفسه أو عضوه أو خشي أخذ ماله كله فلا ضمان وفيما سوى ذلك يضمن فتأمل
وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى
قوله ( وفيه لو شرى الخ ) نقله في المنح بأبسط من هذا حيث قال وفيه أيضا إذا اشترى المضارب بالمال متاعا فقال المضارب أنا أمسكه حتى أجد ربحا كثيرا وأراد رب المال بيعه فهذا على وجهين إما أن يكون في مال المضاربة فضل بأن كان رأس المال ألفا فاشترى به متاعا يساوي ألفين أو لم يكن في المال فضل بأن كان رأس المال ألفا واشترى به متاعا يساوي ألفا ففي الوجهين جميعا لا يكون للمضارب حق إمساك المتاع من غير رضا رب المال إلا أن يعطي رب المال رأس المال إن لم يكن فيه فضل ورأس المال وحصته من الربح إن كان فيه فضل فحينئذ له حق إمساكه وإن لم يعط ذلك ولم يكن له حق إمساكه هل يجبر على البيع إن كان في المال فضل يجبر المضارب على بيعه لأنه سلم له بدل عمله فيجبر على العمل إلا أن يقول لرب المال أعطيك رأس المال وحصتك من الربح إن كان في المتاع فضل أو يقول أعطيك رأس المال إن لم يكن فضل فإن اختار ذلك فحينئذ لا يجبر على البيع ويجبر رب المال على قبول ذلك نظرا من الجانبين وإن لم يكن في المال فضل لا يجبر على البيع ويقال لرب المال المتاع كله خالص ملكك فإما أن تأخذه برأس مالك أو تبيعه حتى تصل إلى رأس مالك
انتهى من مضاربة الذخيرة والمحيط
والحاصل أن الكلام هنا في موضعين الأول حق إمساك المضارب المتاع من غير رضا رب المال
والثاني إجبار المضارب على البيع حيث لا حق له في الإمساك
أما الأول فلا حق له فيه سواء كان في المال ربح أو لا إلا أن يعطى لرب المال رأس المال فقط إن لم يربح أو مع حصته من الربح فحينئذ له حق الإمساك
وأما الثاني وهو إجباره على البيع فهو أنه إن كان في المال ربح أجبر على البيع إلا أن يدفع للمالك رأس ماله مع حصته من الربح وإن لم يكن في المال ربح لا يجبر ولكن له أن يدفع للمالك رأس ماله أو يدفع له المتاع برأس ماله
هذا حاصل ما فهمته من عبارة المنح عن الذخيرة وهي عبارة معقدة كما سمعت وقد راجعت عبارة الذخيرة فوجدتها كما في المنح ونقلها في الهندية عن المحيط ومثله في الفتاوى العطائية
وبقي ما إذا أراد المالك أن يمسك المتاع والضارب يريد بيعه وهو حادثة الفتوى ويعلم جوابها مما مر قبيل الفصل من أنه لو عزله وعلم به والمال عروض باعها وإن نهاه المالك ولا يملك المالك فسخها ولا تخصيص الإذن لأنه عزل من وجه
قوله ( كما مر ) الذي مر تعليل لغير هذا وهو أنه يجبر على قضاء الدين إن كان في المال ربح
قوله يضمن حصة الهبة لأن هبة المشاع الذي يقبل القسمة غير صحيحة فتكون في ضمانه
قوله ( وهي تملك بالقبض على المفتى به ) قال السائحاني أقول لا تنافي بين الملك بالقبض والضمان ا هـ
ونص عليه في جامع الفصولين حيث قال
____________________
(8/325)
رامز الفتاوى الفضلي الهبة الفاسدة تفيد الملك بالقبض وبه يفتى ثم إذا هلكت أفتيت بالرجوع للواهب هبة فاسدة لذي رحم محرم منه إذ الفاسدة مضمونة فإذا كانت مضمونة بالقيمة بعد الهلاك كانت مستحقة الرد قبل الهلاك
ا هـ
فتنبه
قوله ( وأودعه عشرا ) بعده بيت متوقف عليه وهو له سبعة قالوا ونصفا إذا نوت له الخمسة الأخرى وفي الشرع ينشر قال الشرنبلالي صورتها رجل دفع لغيره عشرة دراهم وقال خمسة منها هبة لك وخمسة وديعة عندك فاستهلك القابض منها خمسة وهلكت الخمسة الباقية ضمن سبعة ونصفا لأن الخمسة الموهوبة مضمونة على القابض لأنها هبة مشاع يحتمل القسمة وهي فاسدة والخمسة التي استهلكها نصفها من الهبة ونصفها من الأمانة فيضمن هذه الخمسة والخمسة التي ضاعت نصفها من الهبة فيضمن نصفها فصار المضمون سبعة ونصفا
قلت وهذا على غير الصحيح لأن الهبة الفاسدة تملك بالقبض وقد سلطه المالك عليها فلا ضمان فيها وكذلك لا ضمان في الوديعة لما في البزازية دفع إليه ألفا نصفها هبة ونصفها مضاربة فهلكت يضمن حصة الهبة لا حصة المضاربة لأنها أمانة
وقوله يضمن حصة الهبة لا حصة المضاربة إنما هو على رواية عدم الملك وهو خلاف المفتى به أما على المفتى به فلا ضمان مطلقا لا في الوديعة ولا في الهبة الفاسدة لأنه ملكها بالقبض فلذا قال الشارح وبه يضعف قول الوهبانية ا هـ ح بتصرف وإصلاح من شرح العلامة عبد البر
ويضمن درهمين ونصفا من الأمانة التي استهلكها ط
أقول قوله وكذلك لا ضمان في الوديعة الخ فيه أن فرض مسألة الوهبانية في الاستهلاك وما استشهد به في الهلاك فينبغي أن يضمن درهمين ونصفا بناء على المفتى به لأن الخمسة التي استهلكها نصفها من الهبة فلا يضمن ونصفها من الأمانة فيضمن وأما الخمسة التي ضاعت فلا يضمن شيئا منها
تأمل
فروع سئل فيما إذا مات المضارب وعليه دين وكان مال المضاربة معروفا فهل يكون رب المال أحق برأس ماله وحصته من الربح الجواب نعم كما صرح به في الخانية والذخيرة البرهانية حامدية
وفيها عن قارىء الهداية من باب القضاء في فتاويه إذا ادعى أحد الشريكين خيانة في قدر معلوم وأنكر حلف عليه فإن حلف برىء وإن نكل ثبت ما ادعاه وإن لم يعين مقدارا فكذا الحكم لكن إذا نكل عن اليمين لزمه أن يعين مقدار ما خان فيه والقول قوله في مقداره مع يمينه لأن نكوله كالإقرار بشيء مجهول والبيان في مقداره إلى المقر مع يمينه إلا أن يقيم خصمه بينة على أكثر ا هـ
كل ما جاز للمضارب في المضاربة الصحيحة من شراء أو بيع أو إجارة أو بضاعة أو غير ذلك فهو جائز له في المضاربة الفاسدة ولا ضمان على المضارب وكذلك لو قال اعمل برأيك جاز له ما يجوز له في المضاربة الصحيحة كذا في الفصول العمادية
رجلان دفعا إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف ونهياه عن الشركة فانشق الكيس الذي فيه الدراهم واختلط بدراهم المضارب من غير فعله فله أن يشتري بذلك ولا ضمان عليه والشركة بينهما ثابتة وليس له أن يخص نفسه ببيع شيء من ذلك المتاع ولا يشتري بثمنه شيئا لنفسه دون صاحبه ولكن لو كان قبل أن يشتري بالمال شيئا اشترى للمضاربة متاعا بألف درهم وأشهد ثم نقدها من المال ثم اشترى لنفسه متاعا بألف درهم ونقدها من المال فهذا جائز
كذا في المحيط
هندية
____________________
(8/326)
لو كان رب المال ملك العبد بغير شيء فباعه من المضارب بألف المضاربة لم يبعه مرابحة حتى يبين أنه اشتراه من رب المال
هندية عن المبسوط
إذا دفع رجل إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف ثم دفع إلى آخر ألف درهم بالنصف فاشترى أجد المضاربين عبدا بخمسمائة من المضاربة فباعه من المضارب الآخر بألف فأراد الثاني أن يبيعه مرابحة يبيعه على أقل الثمنين ولو باعه الأول من الثاني بألفين ألف من المضاربة وألف من مال نفسه فإن الثاني يبيعه مرابحة على ألف ومائتين وخمسين لأن الثاني اشترى نصفه لنفسه وقد كان الأول اشترى ذلك النصف الثاني بمائتين وخمسين
كذا في البدائع ولو قال رب المال استقرض علي ألفا واتبع بها على المضاربة ففعل كان ذلك على نفسه حتى لو هلك في يده قبل أن يدفعه لرب المال لزمه ضمانه لأن الأمر بالاستقراض باطل
هندية عن الحاوي
وفيها كل مضاربة فاسدة لا نفقة للمضارب فيها على مال المضاربة فإن أنفق على نفسه من المال حسب من أجر مثل عمله وأخذ بما زاد إن كان ما أنفق منه أكثر من أجر المثل
كذا في المبسوط
لو قال المضارب لرب المال دفعت إليك رأس المال والذي في يدي ربح ثم قال لم أدفع ولكنه هلك فهو ضامن كذا في الحاوي
الأصل أن قسمة الربح قبل قبض رب المال رأس ماله موقوفة إن قبض رأس المال صحت القسمة وإن لم يقبض بطلت
كذا في محيط السرخسي
ولو دفع حربي إلى مسلم مال المضاربة ثم دخل المسلم دار الحرب بإذن رب المال فهو على المضاربة
كذا في خزانة المفتين
إذا دفع المسلم إلى النصراني مالا مضاربة بالنصف فهو جائز إلا أنه مكروه فإن اتجر في الخمر والخنزير فربح جاز على المضاربة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وينبغي للمسلم أن يتصدق بحصته من الربح
وعندهما تصرفه في الخمر والخنزير لا يجوز على المضاربة فإن اشترى ميتة فنقد فيه مال المضاربة فهو مخالف ضامن عندهم جميعا وإن أربى فاشترى درهمين بدرهم كان البيع فاسدا ولكن لا يصير ضامنا لمال المضاربة والربح بينهما على الشرط
ولا بأس بأن يأخذ المسلم مال النصراني مضاربة ولا يكره له ذلك فإن اشترى به خمرا أو خنزيرا أو ميتة ونقد مال المضاربة فهو مخالف ضامن فإن ربح في ذلك رد الربح على من أخذ منه إن كان يعرفه وإن كان لا يعرفه تصدق به ولا يعطي رب المال النصراني منه شيئا
ولو دفع المسلم ماله مضاربة إلى مسلم ونصراني جاز من غير كراهة كذا في المبسوط من باب شراء المضارب وهبته
والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
____________________
(8/327)
كتاب الإيداع كان القياس أن يقول كتاب الوديع بدون التاء لأنه فعيل بمعنى مفعول وفيه يستوي المذكر والمؤنث تقول رجل جريح وامرأة جريح وإنما عدل عن القياس لأنه جعل من عدد الأسماء تدخل عليه التاء كالذبيحة والنطيحة فتكون للنقل لا للتأنيث
نوح أفندي
وأصله أوداع وقعت الواو إثر كسرة قلبت ياء فصار إيداع ا هـ
سري الدين
واعلم أن الفقهاء يبحثون عن أفعال المكلف لكن الفقهاء يعنون بعض الكتب بها كقولهم كتاب النكاح كتاب البيع والهبة وفي بعضها بما يتعلق بتلك الأفعال ككتاب العارية والمأذون والوجه فيه غير ظاهر در
منتقى وحفظ الأمانة يوجب سعادة الدارين والخيانة توجب الشقاء فيهما قال عليه الصلاة والسلام الأمانة تجر الغنى والخيانة تجر الفقر
وروي أن زليخا لما ابتليت بالفقر وابيضت عيناها من الحزن على يوسف عليه السلام قامت له تنادي أيها الملك اسمع كلامي فوقف يوسف عليه السلام فقالت الأمانة أقامت المملوك مقام الملوك والخيانة أقامت الملوك مقام الملوك فسأل عنها فقيل إنها زليخا فتزوجها مرحمة عليها انتهى
زيلعي والإيداع والاستيداع بمعنى
وفي المغرب يقال أودعت زيدا مالا واستودعته إياه إذا دفعته إليه ليكون عنده فأنا مودع ومستودع بالكسر وزيد مودع ومستودع بالفتح والمال مودع ومستودع أي وديعة ا هـ
ط بزيادة
قوله ( وهو الأمانة ) قال الزيلعي وحكم الوديعة الحفظ على المستودع ووجوب الأداء عند الطلب وصيرورة المال أمانة في يده
وفي العناية وجه مناسبة هذا الكتاب لما تقدم قد مر في أول الإقرار وهو أن المال الثابت له إن حفظه بنفسه فظاهر وإن بغيره فوديعة ثم ذكر بعده العارية والهبة والإجارة للتناسب بالترقي من الأدنى إلى الأعلى لأن الوديعة أمانة بلا تمليك شيء والعارية أمانة مع تمليك المنفعة بلا عوض والهبة تمليك عين بلا عوض والإجارة تمليك المنفعة بعوض وهي أعلى من الهبة لأنه عقد لازم واللازم أقوى وأعلى مما ليس بلازم ا هـ
أي فكان في الكل الترقي من الأدنى إلى الأعلى فأول الغيث قطر ثم ينسكب قوله ( من الودع ) فالمزيد مشتق من المجرد
قال في الدر المنتقى
من ودع ودعا أي ترك وكلاهما مستعمل في القرآن والحديث
ذكره ابن الأثير
فلا ينبغي أن يحكم بشذوذهما انتهى
وفي الزيلعي من الودع وهو مطلق الترك وما ذكره النحاة من أن العرب أماتوا مصدر يدع رده قاضي زاده بأنه عليه الصلاة والسلام أفصح العرب وقد قال لينتهين أقوام عن ودعهم الجماعات أو ليختمن على قلوبهم أو ليكتبن من الغافلين أي عن تركهم إياها والمراد من الختم في الحديث أن يحدث في نفوسهم هيئة تمرنهم على عدم نفوذ الحق فيها كذا بخط شيخنا
وقوله ليختمن بضم الياء التحتية وفتح التاء المثناة من فوق وبفتح الميم أيضا
وقوله ليكتبن بضم الياء التحتية وفتح التاء المثناة من فوق
وبضم الباء الموحدة من تحت
كذا السماع من شيخنا أبي السعود
وقال تعالى 39 { ما ودعك ربك وما قلى } الضحى 3 قرىء بالتخفيف والتشديد
قوله ( وشرعا الخ ) الأنسب بالمعنى اللغوي أن يقول هو ترك ماله عند غيره لحفظه
قوله ( كأن انفتق ) عبر به لأنه لو فتقه مالكه وتركه فلا ضمان على أحد ولو فتقه غيره فالضمان على الفاتق
____________________
(8/328)
كذا ظهر لي ويحرر ط
قوله ( فأخذه رجل ) أما إذا لم يأخذه ولم يدن منه لا يضمن منح عنالمحيط
وهذا يفيد أنه إذا دنا منه لزمه وإن لم يأخذه والعلة تنافيه
قوله ( بغيبة مالكه ) أما إذا كان المالك حاضرا لم يضمن في الوجهين
منح أي في الأخذ وعدمه
قوله ( ثم تركه ضمن ) ما ذكره من التعريف ليس خاصا بالوديعة بل بشمل اللقطة لأنه إذا رفعها لزمه حفظها ومع هذا لا تسمى وديعة ثم في تعريفه على ما ذكره المصنف نظر لأن المذكور في المصنف التسليط وهو فعل المالك وهذا التزام وهو فعل الأمين ولم يكن بتسليط من المالك لا صريحا ولا دلالة وإنما التسليط دلالة فيما سيأتي وهو ما لو وضع ثوبا بين يدي رجل ولم يقل شيئا فتأمل
ويقرب من هذا ما ذكره في الأشباه في فن الحكايات عن أبي حنيفة قال كنت مجتازا فأشارت إلي امرأة إلى شيء مطروح في الطريق فتوهمت أنها خرساء وأن الشيء لها فلما رفعته إليها قالت احفظه حتى تسلمه لصاحبه فإنه لقطة انتهى
إلا أن يقال المراد تسليط الشرع فإنه بالأخذ التزم حفظه شرعا
تأمل
قوله ( لأنه بهذا الأخذ التزم حفظه دلالة ) علة
لقوله ( ضمن ) ووجه كونه من التسليط على الحفظ دلالة أن المالك يجب حفظ ماله ويجب المعاونة على حفظه فكأنه أمره بالحفظ والمؤلف جعل الدلالة من قبل المودع بالفتح وهو خلاف الموضوع فلو قال لأنه بهذا سلطه على حفظه دلالة لكان أليق ط
قوله ( والوديعة ما تترك عن الأمين ) أي للحفظ زاد البرجندي فقط
ليخرج العارية لأنها تترك للحفظ والانتفاع وإنما لم يقيد به تبعا لصاحب الكنز لاعتباره في تعريف الإيداع السابق
قوله ( وهي أخص من الأمانة ) لأن الأمانة اسم لما هو غير مضمون فيشمل جميع الصور التي لا ضمان فيها كالعارية والمستأجر والموصي بخدمته في يد الموصى له بها
والوديعة ما ودع للحفظ بالإيجاب والقبول فكانا متغايرين أي بالعموم والخصوص
والحكم في الوديعة أنه يبرأ عن الضمان إذا عاد إلى الوفاق ولا يبرأ عن الضمان إذا عاد الوفاق في الأمانة والفرق بين الوديعة والأمانة العموم والخصوص فإن كل وديعة أمانة والعكس ليس كذلك وحمل الأعم على الأخص يجوز كما فعله صاحب الدرر دون عكسه كما فعله القدوري لأن الأمانة تشمل ما إذا كان من غير قصد كما إذا هبت الريح في ثوب إنسان فألقته في حجر غيره
وما يقال من أن الوديعة قد تكون من غير صنع المودع على ما صرح به صاحب الهداية في آخر باب الاستثناء من كتاب الإقرار فدفعه بحمل الوديعة ثمة على معناها اللغوي لا الاصطلاحي ومثل هذا كثير لا يخفى على من تدرب
قوله ( كما حققه المصنف وغيره ) قال المصنف في منحه والفرق بينهما من وجهين
أحدهما أن الوديعة خاصة بما ذكرنا والأمانة عامة تشمل ما لو وقع في يده شيء من غير قصد بأن هبت الريح بثوب إنسان وألقته في حجر غيره وحكمها مختلف في بعض الصور لأن في الوديعة يبرأ من الضمان بعد الخلاف إذا عاد إلى الوفاق وفي الأمانة لا يبرأ عن الضمان بعد الخلاف
الثاني أن الأمانة علم لما هو غير مضمون فتشمل جميع الصور التي لا ضمان فيها كالعارية والمستأجر والموصي بخدمته في يد الموصى له بها والوديعة مما وضع للأمانة بالإيجاب والقبول فكانا متغايرين واختاره صاحب الهداية والنهاية ونقل الأول عن الإمام بدر الدين الكردي ا هـ
وقد أوسع الكلام في هذا المقام العلامتان صدر الشريعة وقاضي زاده
قوله ( وركنها الإيجاب صريحا ) أي قولا أو فعلا
قوله ( أو كناية ) المراد بها ما قابل الصريح مثل
____________________
(8/329)
كنايات الطلاق لا البيانية كما نذكره قريبا قوله ( كقوله لرجل أعطني الخ ) لو قال كقوله لرجل أعطيتك بعد قوله أعطني كان أوضح لأن الإيجاب هو قوله أعطيتك على أن قوله أعطني ليس بلازم في التصوير ط
قوله ( لأن الإعطاء يحتمل الهبة ) أي ويحتمل الوديعة
وفيه أن احتمال الوديعة في مثل هذه العبارة بعيد جدا لغة وعرفا فلماذا عدلوا عن المتبادر إلى غيره
قوله ( لكن الوديعة أدنى ) هذا التعليل ذكره في البحر أيضا ويشير إلى أن المراد بالكناية الكناية البيانية وهي إطلاق الملزوم وإرادة اللازم كقوله فلان طويل النجاد كثير الرماد على ما عرف في فن البيان وليس كذلك لعدم انتقاله من اللازم إلى الملزوم ولا عكسه فعلمنا أن المراد بالكناية ما احتملها وغيرها كما ذكرنا فلو قال صريحا أو احتمالا لكان أظهر
تأمل
قوله ( ولم يقل شيئا ) فلو ذهب وتركه ضمن إذا ضاع فهذا من الإيجاب دلالة كما أنه من القبول كذلك أما لو قال لا أقبل الوديعة لا يضمن إذ القبول عرفا لا يثبت عند الرد صريحا
قال صاحب جامع الفصولين أقول دل هذا أن البقار لا يصير مودعا في بقرة من بعثها إليه فقال البقار للرسول اذهب بها إلى ربها فإني لا أقبلها فذهب بها فينبغي أن لا يضمن البقار وقد مر خلافه
يقول الحقير قوله ينبغي لا ينبغي إذ الرسول لما أتى بها إليه خرج عن حكم الرسالة وصار أجنبيا فلما قال البقار ردها على مالكها صار كأنه ردها إلى أجنبي أو ردها مع أجنبي فلذا يضمن بخلاف مسألة الثوب
نور العين وتمامه فيه
وفيه أيضا عن الذخيرة ولو قال لم أقبل حتى لم يصر مودعا وترك الثوب ربه فذهب فرفعه من لم يقبل وأدخله بيته ينبغي أن يضمن لأنه لما ثبت الإيداع صار غاصبا برفعه
يقول الحقير فيه إشكال وهو أن الغصب إزالة يد المالك ولم توجد ورفعه الثوب لقصد النفع لا للضرر بل ترك المالك ثوبه إيداع ثان ورفع من لم يقبل قبول ضمنا فالظاهر أنه لا يضمن والله تعالى أعلم ا هـ
وفي البحر عن الخلاصة لو وضع عند قوم فذهبوا وتركوه ضمنوا إذا ضاع وإن قاموا واحدا بعد واحد ضمن الأخير لأنه تعين للحفظ فتعين للضمان ا هـ
فكل من الإيجاب والقبول فيه غير صريح كمسألة الخاني الآتية قريبا بل بطريق الدلالة
أقول لكن في النفس شيء من بحث نور العين في مسألة البقار وهو أن البقار لما لم يقبل البقرة لم يصر مودعا قطعا والرسول لما أدى الرسالة انتهت يده المأذون بها من المالك وصار كل منهما أجنبيا في حق حفظ البقرة والبقرة في حكم اللقطة حينئذ فإذا أمر أجنبيا برفع اللقطة وحفظها لربها لا يضمن
الآمر قطعا فكذا لا يضمن هنا
وأما تضمين الرسول فلا وجه له أيضا لأنه من قبيل من رد الضالة لربها وهو مأذون به عادة هذا ما ظهر لي فليراجع
فرع في جامع الفصولين لو أدخل دابته دار غيره وأخرجها رب الدال لم يضمن لأنها تضر بالدار ولو وجد دابة في مربطه فأخرجها ضمن
قوله ( فهو إيداع ) أي الوضع المرقوم إيداع
وفي الفصولين في الغصب والوديعة إذا وضع بين يدي المالك بارىء لا في الدين حتى يضعه في يده أو حجره ا هـ
فصار ابتداء الإيداع وانتهاؤه سواء
____________________
(8/330)
قوله ( أو دلالة كما لو سكت ) أي فإنه قبول
وبعد أن ذكر هذا في الهندية قال وضع شيئا في بيته بغير أمره فلم يعلم حتى ضاع لا يضمن لعدم التزام الحفظ
وضع عند آخر شيئا وقال احفظه فضاع لا يضمن لعدم التزام الحفظ ا هـ
ويمكن التوفيق بالقرينة الدالة على الرضا وعدمه
سائحاني
قوله ( دلالة ) أي حالية ولو قال لا أقبل لا يكون مودعا لأن الدلالة لم توجد ذكره المصنف والأولى ما في شرح المنتقى حيث قال لأن الدلالة لا تعارض الصريح ا هـ
ومثله في كثير من الكتب
فظهر من هذا سقوط ما في القنية من أول كتاب الوديعة وضع عنده شيئا وقال له احفظه حتى أرجع فصاح لا أحفظه وتركه صاحبه صار مودعا ويضمن إن ترك حفظه فهو مشكل لأن فيه تقديم الدلالة على الصريح بخلاف ما إذا قال ضعه في الجانب من بيتي إلا أني لا ألتزم حفظه حتى يصير مودعا لتعارض الصريحين فتساقط فبقي وديعة عنده
قوله ( بمرأى من الثيابي ) ولا يكون الحمامي مودعا ما دام الثيابي حاضرا فإذا كان غائبا فالحمامي مودع ا هـ
بحر
وفيه عن الخلاصة لبس ثوبا فظن الثيابي أنه ثوبه فإذا هو ثوب الغير ضمن وهو الأصح ا هـ
أي لأنه بترك السؤال والتفحص يكون مفرطا فلا ينافي ما يأتي من أن اشتراط الضمان على الأمين باطل
أفاده أبو السعود
والثيابي بكسر الثاء المثلثة هو حافظ الثياب في الحمام وهو المعروف في بلادنا بالناطور
قال في القاموس محمود بن عمر المحدث الثيابي كان يحفظ الثياب في الحمام ا هـ
وفي الذخيرة رجل دخل الحمام وقال لصاحب الحمام احفظ الثياب فلما خرج لم يجد ثيابه فإن أقر صاحب الحمام أن غيره رفعها وهو يراه ويظن أنه رفع ثياب نفسه فهو ضامن لأنه ترك الحفظ حيث لم يمنع القاصد وهو يراه وإن أقر إني رأيت واحدا قد رفع ثيابك إلا أني ظننت أن الرافع أنت فلا ضمان عليه لأنه لم يصر تاركا للحفظ لما ظن أن الرافع هو وإن سرق وهو لا يعلم به فلا ضمان عليه إن لم يذهب عن ذلك الموضع ولم يضيع وهو قول الكل لأن صاحب الحمام مودع في حق الثياب إذا لم يشترط له بإزاء حفظه الثياب أجرا أما إذا شرط له بإزاء حفظ الثياب أجرا وقال الأجرة بإزاء الانتفاع بالحمام والحفظ فحينئذ يكون على الاختلاف وإن دفع الثياب إلى الثيابي وهو الذي يقال بالفارسية جامه دار فعلى الاختلاف لا ضمان عليه فيما سرق عند أبي حنيفة خلافا لهما لأنه أجير مشترك
رجل دخل الحمام ونزع الثياب بين يدي صاحب الحمام ولم يقل بلسانه شيئا فدخل الحمام ثم خرج ولم يجد ثيابه إن لم يكن للحمام ثيابي يضمن صاحب الحمام ما يضمن المودع وإن كان للحمام ثيابي إلا أنه لم يكن حاضرا فكذلك وإن كان حاضرا لا يضمن صاحب الحمام لأن هذا استحفاظ إلا إذا نص على استحفاظ صاحب الحمام بأن قال له أين أضع الثياب فيصير صاحب الحمام مودعا فيضمن ما يضمن المودع
وفي التجنيس رجل دخل الحمام ونزع الثياب بمحضر من صاحب الحمام ثم خرج فوجد صاحب الحمام نائما وسرقت ثيابه إن نام قاعدا أو مضطجعا بأن وضع جنبه على الأرض ففي الوجه الأول لا يضمن وفي الوجه الثاني قال بعضهم يضمن
ا هـ
وفي الفصول العمادية رجل دخل حماما وقال للحمامي أين أضع ثيابي فأشار الحمامي إلى موضع فوضعه ثمة ودخل الحمام ثم خرج رجل ورفع الثياب فلم يمنعه الحمامي لما أنه ظنه صاحب الثوب ضمن الحمامي لأنه
____________________
(8/331)
استحفظه وقد قصر في الحفظ وهذا قول ابن سلمة وأبي نصير الدبوسي
وكان أبو القاسم يقول لا ضمان على الحمامي والأول أصح ا هـ
أقول وهو الموافق لما مر قريبا عن الذخيرة
وفي فتاوى الفضلي امرأة دخلت الحمام ودفعت ثيابها إلى المرأة التي تمسك الثياب فلما خرجت لم تجد عندها ثوبا من ثيابها قال محمد بن الفضل إن كانت المرأة دخلت أولا في هذا الحمام ودفعت ثيابها إلى التي تمسك الثياب فلا ضمان على الثيابية في قولهم إذا لم تعلم أنها تحفظ الثياب بأجر لأنها إذا دخلت أول مرة ولم تعلم بذلك ولم تشترط لها الأجر على الحفظ كان ذلك إيداعا والمودع لا يضمن عند الكل إلا بالتضييع وإن كانت هذه المرأة قبل هذه المرأة قد دخلت الحمام وكانت تدفع ثيابها إلى هذه الممسكة وتعطيها الأجر على حفظ الثياب فلا ضمان عليها عند أبي حنيفة خلافا لهما لأنها أجيرة مشتركة
والمختار في الأجير المشترك قول أبي حنيفة وقيل هو قول محمد والفتوى على قول أبي حنيفة أن الثيابي لا يضمن إلا بما ضمن المودع
وذكر قاضيخان أنه ينبغي أن يكون الجواب في هذه المسألة عندهما على التفصيل إن كان الثيابي أجير الحمامي يأخذ منه كل يوم أجرا معلوما بهذا العمل لا يكون ضامنا عند الكل بمنزلة تلميذ القصار والمودع
ا هـ
وفي منهوات الأنقروي دخل الحمام فوضع الحارس له الفوطة ليضع ثيابه عليها فنزع أثوابه ووضعها على الفوطة ودخل واغتسل وخرج ولم يجد عمامته هل يضمنها الحارس أجاب نعم يضمنها لأنه استحفظ وقد قصر في الحفظ
كذا في فتاوى ابن نجيم
وفي زماننا الثيابي أجير مشترك بلا شبهة والمختار في الأجير المشترك الضمان بالنصف فعلى هذا ينبغي أن يفتى في الثيابي بضمان النصف
تأمل
ا هـ
قوله ( كان إيداعا ) هذا من الإيجاب والقبول دلالة
قوله ( وهذا ) أي اشتراط القبول أيضا
قال في المنح وما ذكرنا من الإيجاب والقبول شرط في حق وجوب الحفظ وأما في حق الأمانة فتتم بالإيجاب ا هـ
والمراد بحق الأمانة أنه لا يكون مضمونا
قوله ( وإن لم يقبل ) قد مر أن القبول صريح ودلالة فنفيه هنا بمعنى الرد أما لو سكت فهو قبول دلالة
والحاصل أن المراد نفي القبول بقسميه فتأمل
قوله ( وشرطها كون المال قابلا الخ ) فيه تسامح إذ المراد إثبات اليد بالفعل وبه عبر الزيلعي ولا يكفي قبول الإثبات كما أشار إليه في الدرر
بقوله وحفظ شيء بدون إثبات اليد عليه محال ا هـ
وجرى عليه بعضهم كالحموي والشرنبلالي
وأجاب عنه العلامة أبو السعود بأنه ليس المراد من جعل القابلية شرطا عدم اشتراط إثبات اليد بالفعل بل المراد الاحتراز عما لا يقبل ذلك بدليل التعليل والتفريع اللذين ذكرهما الشارح فتدبر ا هـ
أقول لكن الذي قدمه في الدرر يفيد كفاية قبول وضع اليد فإن من وضع ثيابه بين يدي رجل ساكت كان إيداعا وكذلك وضع الثياب في الحمام وربط الدابة في الخان من أنه ليس فيه إثبات اليد بالفعل
وقوله وحفظ الشيء بدون إثبات اليد عليه معناه بدون إمكان إثباتها فتأمل
وعليه فيكون المراد بقبولها إثبات اليد وقت الإيداع والطائر ونحوه ساعة الإيداع غير قابل لذلك
قوله ( لم يضمن ) الأولى أن يقول لا يصح لأنه إذا وجده بعد ووضع يده عليه وهلك من غير تعد لم يضمن فتدبر ط
____________________
(8/332)
قال في الجوهرة أودع صبيا وديعة فهلكت منه لا ضمان عليه بالإجماع فإن استهلكها إن كان مأذونا في التجارة ضمنها إجماعا وإن كان محجورا عليه إن قبضها بإذن وليه ضمن أيضا إجماعا وإن قبضها بغير إذن وليه لا ضمان عليه عندهما لا في الحال ولا بعد الإدراك
وقال أبو يوسف يضمن في الحال وإن أودعه عبدا فقتله ضمن إجماعا
والفرق أن الصبي من عادته تضييع الأموال فإذا سلمه مع علمه بهذه العادة فكأنه رضي بالإتلاف فلم يكن له تضمينه وليس كذلك القتل لأنه ليس من عادة الصبيان فيضمنه ويكون قيمته على عاقلته وإن جنى عليه فيما دون النفس كان أرشه في مال الصبي ا هـ
قال العلامة الخير الرملي أقول يستثنى من إيداع الصبي ما إذا أودع صبي محجور مثله وهي ملك غيرهما فللمالك تضمين الدافع والأخذ
كذا في الفوائد الزينية
وأجمعوا على أنه لو استهلك مال الغير من غير أن يكون عنده وديعة ضمن في الحال
كذا في العناية لأنه محجور عليه في الأقوال دون الأفعال كما ذكر في الحجر وسيأتي مزيد تفصيل في المسألة في كتاب الجنايات قبل القسامة فأسطر فراجعه إن شئت ا هـ
قوله ( ولو عبدا محجورا ضمن بعد عتقه ) أي لو بالغا فلو قاصرا لا ضمان عليه أصلا
أبو السعود
وإنما لم يضمن في الحال لحق مالكه فإن المودع لما سلطه على الحفظ وقبله العبد حقيقة أو حكما كما لو كان ذلك بالتعاطي فكان من قبيل الأقوال والعبد محجور عنها في حق سيده فإذا عتق ظهر الضمان في حقه لتمام رأيه وهذا إذا لم تكن الوديعة عبدا فلو أودع صبيا عبدا فقتله الصبي ضمن عاقلته سواء قتله عمدا أو خطأ لأن عمده خطأ وليس مسلطا على القتل من جانب المولى لأن المولى لا يملك القتل فلا يملك التسليط عليه فإذا أودع العبد عند عبد محجور فقتله خطأ كان من قبيل الأفعال وهو غير محجور عنها ولم تكن من الأقوال لأن مولى العبد لا يملك تفويض قتله للمودع فكان على مولى العبد المودع القاتل أن يدفعه أو يفديه كما هو حكم الخطأ وإن قتله عمدا قتل به إلا أن يعفو وليه
رحمتي
قوله ( وهي أمانة ) هذا من قبيل حمل العام على الخاص وهو جائز كالإنسان حيوان ولا يجوز عكسه لأن الوديعة عبارة عن كون الشيء أمانة باستحفاظ صاحبه عند غيره قصدا والأمانة قد تكون من غير قصد والوديعة خاصة والأمانة عامة والوديعة بالعقد والأمانة أعم فتنفرد فيما إذا هبت الريح بثوب إنسان وألقته في حجر غيره وتقدم أنه يبرأ عن الضمان في الوديعة إذا عاد إلى الوفاق والأمانة غيرها لا يبرأ عن الضمان بالوفاق ط
ومثله في النهاية والكفاية
قال يعقوب باشا وفيه كلام وهو أنه إذا اعتبر في إحداهما القصد وفي الأخرى عدمه كان بينهما تباين لا عموم وخصوص
والأولى أن يقال والأمانة قد تكون بغير قصد كما لا يخفى انتهى
لكن يمكن الجواب بأن المراد
بقوله ( والأمانة ما يقع في يده من غير قصد كونها بلا اعتبار قصد ) لأن عدم القصد معتبر فيها حتى يلزم التباين بل هي أعم من الوديعة لأنها تكون بالقصد فقط والأمانة قد تكون بالقصد بغير تدبر
وما في العناية من أنه قد ذكرنا أن الوديعة في الاصطلاح هي التسليط على الحفظ وذلك يكون بالعقد والأمانة أعم من ذلك فإنها قد تكون بغير عقد فيه كلام وهو أن الأمانة مباينة للوديعة بهذا المعنى لا أنها أعم منها لأن التسليط على الحفظ فعل المودع وهو المعنى والأمانة عين من الأعيان فيكونان متباينين
والأول
____________________
(8/333)
أن يقول والوديعة ما تترك عند الأمين كما في هذا المختصر
داماد
قوله ( والأداء عند الطلب ) أي إلا في مسائل ستأتي منها ما إذا كانت سيفا وأراد قتل آخر ظلما كما في الدر المنتقى
قوله ( واستحباب قبولها ) قال الشمني وشرعية الإيداع
بقوله تعالى { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } النساء 58 وأداء الأمانة لا يكون إلا بعدها ولأن قبول الوديعة من باب الإعانة لأن يحفظها لصاحبها وهي مندوبة لقوله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى } المائدة 2 وقوله صلى الله تعالى عنه وسلم والله تعالى في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ا هـ
قال الزيلعي وقال عليه الصلاة والسلام على اليد ما أخذت حتى تؤديه رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن وحفظها يوجب سعادة الدارين والخيانة توجب الشقاء فيهما الخ
ومن محاسنها اشتمالها على بذل منافع بدنه وماله في إعانة عباد الله واستيجابه الأجر والثناء
حموي
والحاصل أنه يبتنى على الإيداع أربعة أشياء كون الوديعة أمانة ووجوب الحفظ على المودع ووجوب الأداء عند الطلب واستحباب قبولها
قوله ( فلا تضمن بالهلاك ) تفريع على كونها أمانة
قوله ( إلا إذا كانت الوديعة بأجر ) سيأتي أن الأجير المشترك لا يضمن وإن شرط عليه الضمان وبه يفتى
وأيضا قول المصنف قريبا واشتراط الضمان على الأمين باطل به يفتى فكيف يقال مع عدم الشرط أنه يضمن
وفي البزازية دفع إلى صاحب الحمام واستأجره وشرط عليه الضمان إذا تلف فذكر أنه لا أثر له فيما عليه الفتوى لكن قال الخير الرملي صرح الزيلعي في كتاب الإجارة في باب ضمان الأجير الوديعة إذا كانت بأجر تكون مضمونة وسيأتي مثله في الشرح ومثله في النهاية والكفاية وشرح الهداية وكثير من الكتب ا هـ
وعللوه بأن الحفظ حينئذ مستحق عليه كما قدمنا
فأفاد أن الأجرة تخرج الوديعة عن كونها أمانة إلى الضمان
وفي صدر الشريعة إذا سرق من الأجير المشترك والحال أنه لم يقصر في المحافظة يضمن عندهما كما في الوديعة التي تكون بأجر فإن الحفظ مستحق عليه
وأبو حنيفة يقول الأجرة في مقابلة العمل دون الحفظ فصار كالوديعة بلا أجر ا هـ
فأفاد أن الوديعة بأجر مضمونة اتفاقا وبلا أجر غير مضمونة اتفاقا وأما الأجير المشترك فيضمن عندهما لأن الأجرة في مقابلة العمل والحفظ ولا يضمن عنده لأنها في مقابلة العمل فقط فحصل الفرق بين المودع بأجر والأجير المشترك
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى وقد يفرق بأنه هنا متسأجر على الحفظ قصدا بخلاف الأجير المشترك فإنه مستأجر على العمل ا هـ
يؤيده ما سمعت وما قدمنا
والحاصل أن الأجير المشترك من يعمل لغيره عملا غير مؤقت ولا مخصوص كالحمامي والحارس فهو مستأجر لحفظ المكان الذي فيه المتاع فلم يكن مودعا بخلاف المودع بأجر فإنه يقال له احفظ هذه الوديعة ولك من الأجر كذا فينطبق عليه اسم المودع وهو تسليط الغير على حفظ ماله فتأمل
قوله ( معزيا للزيلعي ) ذكره في ضمان الأجير وعلل الضمان بأن الحفظ واجب عليه مقصودا ببدل ا هـ
قوله ( سواء أمكن التحرز عنه أم لا ) وليس منه النسيان كما لو قال وضعت عندي فنسيت وقمت بل يكون مفرطا بخلاف ما إذا قال ضاعت ولا أدري كيف ذهبت الوديعة من منزلي ولم يذهب من منزلي شيء فإن القول قوله مع يمينه ولا يضمن لأنه أمين ا هـ
حموي بتصرف ط
____________________
(8/334)
قال مؤيد زاده إذا قال ذهبت يقبل قوله مع يمينه واقعات
قوله ( لحديث الدارقطني ) قال في المنح وإنما كانت الوديعة أمانة لقوله ليس على المستعير غير المغل ضمان ولا على المستودع غير المغل ضمان والغلول والإغلال الخيانة إلا أن الغلول في المغنم خاصة والإغلال عام وهذا الحديث مسند عن عبد الله بن عمر عن النبي ا هـ ملخصا
ولأن شرعيتها لحاجة الناس إليها ولو ضمنا المودع امتنع الناس عن قبولها وفي ذلك تعطيل المصالح
قوله ( واشتراط الضمان إلخ ) ولو ضمن تسليمها صح أبو السعود
قوله ( كالحمامي ) أي معلم الحمام الذي يأخذ الأجرة في مقابلة انتفاع الداخل بالحمام أما من جرى العرف بأنه يأخذ في مقابلة حفظه شيئا وهو المسمى بالناطور في زماننا وهو الذي سماه الشارح الثيابي فإنه يضمن لأنه وديعة بأجرة كما تقدم لكن الفتوى على عدمه ويأتي تمامه
قوله ( والخاني ) أي فإنه لا نفع له غير الحفظ فينبغي أن يكون من قبيل الحافظ بالأجر إلا أن يقال قد يقصد الخان لدفع الحر والبرد ومنع الدابة عن الهروب فلم يكن مستأجر للحفظ
تأمل
قوله ( باطل به يفتى ) قال مؤيد زاده في أنواع الضمانات استأجر رجلا لحفظ خان أو حوانيت فضاع منها شيء قيل يضمن عندهما لو ضاع من خارج الحجرة لأنه أجير مشترك وقيل لا في الصحيح وبه يفتى
ولو ضاع من داخلها بأن نقب اللص فلا يضمن الحارس في الأصح وحارس السوق على هذا الخلاف واختار أبو جعفر أنه يضمن ما كان خارج السوق لا داخله
جامع الفصولين
وفي البزازية نقب حانوت رجل وأخذ متاعه لا يضمن حارس الحوانيت على ما عليه الفتوى لأن الأمتعة محروسة بأبوابها وحيطانها والحارس يحرس الأبواب
وعلى قول أبي حنيفة لا يضمن مطلقا وإن كان المال في يده لأنه أجير ا هـ
وفي المنية دفع الثوب إلى الحمامي ليحفظه فضاع لا يضمن إجماعا لأنه مودع لأن محل الأجر بإزاء الانتفاع بالحمام إلا أن يشترط بإزاء الانتفاع به الحفظ فحينئذ على الخلاف
وإذا دفع إلى من يحفظ بأجر كالثيابي فعلى الاختلاف
خلاصة و صدر الشريعة
قوله ( حفظها بنفسه ) قال في المنح وذلك بالحرز وباليد
أما الحرز فداره ومنزله وحانوته سواء كان ملكا أو إجارة أو عارية
قال الرملي أقول لا يخفى أن لفظ الحرز مشعر باشتراط كونه حصينا حتى لو لم يكن كذلك بحيث يعد الوضع فيه تضييعا يضمن ذلك كالدار التي ليس لها حيطان ولا لبيوتها أبواب
وقد سئلت عن خياطة في دار بهذه الصفة خرجت منها هي وزوجها ليلا لعرس جارتها فسرقت أثواب الناس منها فأفتيت بالضمان والحالة هذه لأن مثل ذلك يعد تضييعا
تأمل ا هـ
وفي الأنقروي من الوديعة سوقي قام من حانوته إلى الصلاة وفي حانوته ودائع فضاع شيء منها لا ضمان عليه لأنه غير مضيع لما في حانوته لأن جيرانه يحفظونه إلا أن يكون هذا إيداعا من الجيران فيقال ليس للمودع أن يودع لكن هذا مودع لم يضيع
واقعات في الوديعة قوله ليس للمودع أن يودع إلخ ذكر الصدر الشهيد ما يدل على الضمان فتأمل عند الفتوى
فصولين من الثالث والثلاثين
____________________
(8/335)
وفي البزازية قام من حانوته إلى الصلاة وفيه ودائع الناس وضاعت لا ضمان وإن أجلس على بابه ابنا له صغيرا فضاع إن كان الصبي يعقل الحفظ لا يضمن وإلا يضمن ا هـ
وقال قبيله والحاصل أن العبرة للعرف حتى لو ترك الحانوت مفتوحا أو علق الشبكة على بابه ونام ففي النهار ليس بتضييع وفي الليل إضاعة
وفي خوارزم لا يعد إضاعة في اليوم والليلة
أقول الذي يظهر في مسألة الحانوتي عدم الضمان سواء أجلس صبيا أو لا حيث جرى عرف أهل السوق لأنه غير مودع قصدا بل تركها في حرزها مع ماله فقد حفظها بما يحفظ به ماله
ولهذا نقل في جامع الفصولين بعد ما تقدم رامزا إلى فتاوى القاضي ظهير الدين أنه يبرأ على كل حال لأنه تركها في الحرز فلم يضيع ا هـ
والحاصل أنه يجب حرز كل شيء في حرز مثله بخلاف الحرز في السرقة فإن كل ما كان حرز النوع فهو حرز لسائر الأنواع فيقطع بسرقة لؤلؤة من اصطبل أما هنا فإن حرز كل شيء بحسبه
ففي البزازية لو قال وضعتها بين يدي وقمت ونسيتها فضاعت يضمن ولو قال وضعتها بين يدي في دار والمسألة بحالها إن مما لا يحفظ في عرصة الدار كصرة النقدين ضمن ولو كانت مما يعد عرصتها حصنا له لا يضمن ا هـ
وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى
قوله ( وعياله ) بالكسر جمع عيل بفتح فتشديد وهو من يقوته لكن المراد هنا في تفسير من في عياله أن يسكن معه سواء كان في نفقته أو لم يكن والعبرة في هذا للمساكنة إلا في حق الزوجة والولد الصغير والعبد لكن يشترط في الولد الصغير أن يقدر على الحفظ فعلى هذا التفسير ينبغي أن لا يضمن بالدفع إلى أجنبي يسكن معه
ذكره حفيد السعد في حواشي صدر الشريعة
ويؤيده ما في الولوالجية رجل أجر بيتا من داره إنسانا ودفع الوديعة إلى هذا المستأجر إن كان لكل واحد منهما غلق على حدة يضمن لأنه ليس في عياله ولا بمنزلة من في عياله وإن لم يكن لكل منهما غلق على حدة وكل واحد منهما يدخل على صاحبه بغير حشمة لا يضمن لأنه بمنزلة من في عياله
ا هـ
وفي الخلاصة مودع غاب عن بيته ودفع مفتاحه إلى غيره فلما رجع إلى بيته لم يجد الوديعة لا يضمن ويدفع المفتاح إلى غيره وبدفع المفتاح إلى غيره لم يجعل البيت في يد غيره ا هـ
ط قوله ( أو حكما ) تفسير لمن يسكن معه في عياله
قوله ( فلو دفعها ) تفريع على
قوله ( أو حكما ) وتفسير له كما تشعر به عبارة المنح
قوله ( المميز ) بشرط أن يكون قادرا على الحفظ
بحر قوله ( ولا يسكن معها ) لأنها في الحكم كأنها في مسكن زوجها
قوله ( خلاصة ) قال فيها وفي النهاية لو دفعها إلى ولده الصغير أو زوجته وهما في محلة والزوج يسكن في محلة أخرى لا يضمن ولو كان لا يجيء إليهما ولا ينفق عليهما لكن يشترط في الصغير أن يكون قادرا على الحفظ فإن الزوجة أي والولد الصغير وإن كانا في مسكن آخر إلا أنهما في الحكم كأنهما في مسكن الزوج والأب ا هـ
قال الرملي وقد زاد صاحب المجتبى العبد الذي لم يكن في منزله وكل ذلك يرجع إلى قولهم يحفظها بما يحفظ به ماله فتنبه لذلك ا هـ
قوله ( وقيل يعتبران معا ) أقول وعليه فيدخل عبده وأمته وأجيره الخاص كالمشاهرة بشرط أن يكون طعامه وكسوته عليه دون الأجير بالمياومة وولده الكبير إن كان في عياله كما ذكره بعضهم فتأمل
قوله ( عيني ) نصه وتعتبر المساكنة وحدها دون النفقة حتى أن المرأة لو دفعتها إلى زوجها لا تضمن وإن لم يكن الزوج في عيالها لأن العبرة في هذا الباب للمساكنة دون النفقة
وقيل تعتبر المساكنة مع النفقة ا هـ
____________________
(8/336)
قوله ( ضمن ) أي بدفعها له وكذا لو تركه في بيته الذي فيه ودائع الناس وذهب فضاعت ضمن
بحر عن الخلاصة
قال ط فلا يضمن في صورتين أما إذا علم أمانته وما إذا لم يعلم حاله أصلا
قوله ( الدفع لمن في عياله ) الضمير في عياله الأخير يصح أن يرجع للعيال الأول وبه صرح الشرنبلالي ويصح أن يرجع للمودع وبه صرح المقدسي
وفيه لا يشترط في الأبوين كونهما في عياله وبه يفتى
ولو أودع غير عياله وأجاز المالك خرج من البين ولو وضع في حرز غيره بلا استئجار يضمن لأن الوضع في الحرز وضع في يد من في يده الحرز فيكون كالتسليم إليه
زيلعي أي فيكون وديعة وليس للمودع أن يودع
رملي
وفي سكوتهم عن الدفع لعيال المودع بكسر الدال إشارة إلى أنه لا يملكه
ونقل العلامة أبو السعود اختلافا فقال والرد إلى عيال المالك كالرد إلى المالك فلا يكون إيداعا بخلاف الغاصب إذا رد إلى من في عيال المالك فإنه لا يبرأ
وفي الخلاصة إذا رد الوديعة إلى منزل المودع أو إلى من في عياله فضاعت لا يضمن
وفي رواية القدوري يضمن بخلاف العارية
قال في البحر والفتوى على الأول وهذا إذا دفع إلى المرأة للحفظ
أما إذا أخذت لتنفق على نفسها وهو دفع يضمن ا هـ
فعلى ما ذكر إذا كان ابنها في عيالها ولم يكن متهما يلزمها اليمين أنها دفعتها لابنها المذكور ويسأل المدفوع إليه ماذا صنع ويجعل كأنه نفس المودع ويجري الحكم الشرعي فيه
لما في فتاوى مؤيد زاده وصور المسائل عن الفصولين أتلفها من في عيال المودع ضمن المتلف صغيرا أو كبيرا لا المودع ا هـ
المودع إذا قال دفعت الوديعة إلى ابني وأنكر الابن ثم مات الابن فورث الأب مال ابنه كان ضمان الوديعة في تركة الابن خاينة
وفي فتاوى قاضيخان عشرة أشياء إذا ملكها إنسان ليس له أن يملك غيره لا قبل القبض ولا بعده المرتهن لا يملك أن يرهن والمودع لا يملك الإيداع والوكيل بالبيع لا يملك أن يوكل غيره ومستأجر الدابة أو الثوب لا يؤجر غيره والمستعير لا يعير ما يختلف بالمستعمل والمزارع لا يدفع الأرض مزارعة إلى غيره والمضارب لا يضارب والمستبضع لا يملك الإبضاع والمودع لا يملك الإيداع ا هـ
ولم يذكر العاشر في البحر
وذكره الخير الرملي فقال العاشر المساقي لا يساقي غيره بغير إذن كما في السراجية وشرح الوهبانية ا هـ
وفي الخلاصة والوديعة لا تودع ولا تعار ولا تؤجر ولا ترهن وإن فعل شيئا منها ضمن والمستأجر يؤجر ويعار ولم يذكر حكم الرهن وينبغي أن لا يرهن كما هو الصحيح من عبارة الخلاصة ويأتي بيانها في العارية موضحا
وفي التجريد وليس للمرتهن أن يتصرف بشيء في الرهن غير الإمساك لا يبيع ولا يؤجر ولا يعير ولا يلبس ولا يستخدم فإن فعل كان متعديا ولا يبطل الرهن انتهى
قوله ( بأن كان له عيال غيره ) أي غير البعض الذي نهاه عنه ضمن بدفعه إلى المنهي عنه وإن لم يكن له إلا ذلك البعض لا يضمن بدفعه إليه
قوله ( وإلا لا ) يعني مع كون المدفوع إليه أمينا لأنه شرط جواز الدفع كما مر
قوله ( وإن حفظها بغيرهم ضمن ) أي لأن
____________________
(8/337)
صاحبها لم يرض بيد غيره والأيدي تختلف بالأمانة ولأن الشيء لا يتضمن مثله كالمضارب لا يضارب
أبو السعود
قال الرملي إنما يضمن إذا كان بغير إذن صاحبها
ا هـ
فرع لو قال ادفعها لمن شئت يوصلها إلي فدفعها إلى أمين فضاعت قيل يضمن وقيل لا يضمن تاترخانية
آخر حضرتها الوفاة فدفعت الوديعة إلى جارتها فهلكت عند الجارة
قال البلخي إن لم يكن بحضرتها عند الوفاة أحد ممن يكون في عيالها لا تضمن كما لو وقع الحريق في مال المودع له دفعها لأجنبي خانية
قوله ( وعن محمد ) رحمه الله تعالى أن المودع إذا دفع الوديعة إلى وكيله وليس في عياله أو دفع إلى أمين من أمنائه من يثق في ماله وليس في عياله لا يضمن لأنه حفظه مثل ما يحفظ ماله وجعله مثله فلا يجب عليه أكثر من ذلك
ذكره في النهاية
ثم قال وعليه الفتوى وعزاه إلى التمرتاشي وهو إلى الحلواني
ثم قال وعلى هذا لم يشترط في التحفة في حفظ الوديعة العيال فقال ويلزم المودع حفظه إذا قبل الوديعة على الوجه الذي يحفظ ماله وذكر فيه أشياء حتى ذكر أن له أن يحفظ بشريك العنان والمفاوضة وعبده المأذون له الذي في يده ماله وبهذا يعلم أن العيال ليس بشرط في حفظ الوديعة ا هـ
وسيأتي ذكره ط
قوله ( كوكيله ) أتى بالكاف لأن أمينه كذلك وإن لم يكن في عياله وعليه الفتوى كما علمت وبه صرح في الذخيرة
وفي التاترخانية ولو قال ادفعها لمن شئت يوصلها إلي فدفعها إلى أمين فضاعت قيل يضمن وقيل لا يضمن
قوله ( واعتمده ابن الكمال ) حيث قال وله حفظها بنفسه وأمينه لم يقل وعياله لأن الدفع إلى العيال إنما يجوز بشرط الأمانة وعند تحققه لا حاجة إلى كونه عيالا
قال في الذخيرة لو دفعها إلى أمين من أمنائه ليس في عياله يجوز وعليه الفتوى ا هـ
قوله ( وأقره المصنف ) ونقله في البحر وقال قبله وظاهر المتون أن كون الغير في عياله شرط واختاره في الخلاصة وقال والأبوان كالأجنبي حتى يشترط كونهما في عياله لكن قد علمت ما قدمناه قريبا عن المقدسي من أن المفتى به عدم اشتراط كونهما في عياله فلا تنسه
قوله ( إلا إذا خاف الحرق أو الغرق ) الحرق بالسكون من النار وبالتحريك من دق القصار وقد روى فيه السكون
مغرب
وفي المصباح الحرق بفتحتين اسم من إحراق النار
ا هـ وللغرق بفتحتين مصدر غرق في الماء فهو غريق
مكي ومثل خوف الغرق والحرق خوف اللصوص
وفي الخلاصة فإن دفع لضرورة بأن احترق بيت المودع فدفعها إلى جاره وكذا فيما يشبه هذا ا هـ
إتقاني أي فإنه لا يضمن ط
قوله ( وكان غالبا محيطا ) لا حاجة إليه لأن فرض المسألة أنه خاف الحرق أو الغرق وهو إنما يكون عند كونه غالبا
محيط
إلا أن يراد الغالب الكثير وحينئذ فلا منافاة والمراد أن ذلك في بيت المودع
قال الحموي لا بد أن يكون غالبا محيط بمنزلة المودع
وفي القهستاني إلا إذا خاف الحرق أي حرقا يحيط بجميع محلها انتهى
قوله ( فلو غير محيط ضمن ) إذ الخوف منتف عند عدم الغلبة والإحاطة فتأمل
قاله الرملي
قال في الخلاصة أما إذا لم يكن محيطا يضمن بالدفع إلى الأجنبي ا هـ
قوله ( فسلمها إلى جاره ) الظاهر من
____________________
(8/338)
أساليب الكلام أنه لا يجب أن يسلمها إلى جاره حتى لو تركها في داره فحرقت لا يضمن وليحرر
أفاده سري الدين عن المجتبى لكن في الهندية عن التمرتاشي أنه يضمن ط
وفي التاترخانية عن التتمة وسئل حميد الوبري عن مودع احترق بيته ولم ينقل الوديعة إلى مكان آخر إن مع تمكنه منه فتركها حتى احترقت ضمن ا هـ
ومثله في الحاوي وجامع الفتاوى
ومثله ما لو تركها حتى أكلها العث خلافا لما يأتي في النظم
قال في الحاوي ويعرف من هذا كثير من الواقعات
وفي نور العين ذكر محمد في حريق وقع في دار المودع فدفعها إلى أجنبي لم يضمن فلو خرج من ذلك ولم يستردها ضمن كما لو دفعها إلى امرأته ثم طلقها ومضت عدتها فلو لم يستردها ضمن إذ يجب عليه الاسترداد ولأن الإيداع عقد غير لازم فكان لبقائه حكم الابتداء
وقال قاضيخان لا يضمن إذ المودع إنما ضمن بالدفع وحين دفع كان غير مضمون عليه فلا يضمن عليه
يقول الحقير هذا الدليل عليل إذ للبقاء حكم الابتداء فلو دفع الوديعة إلى أجنبي ابتداء ضمن فكذا إذا لم يستردها في كلتا المسألتين خصوصا في مسألة الحريق فإن الثابت بالضرورة يتقدر بقدرها فبعد زوال الحريق ارتفعت الضرورة فلم يستردها من الأجنبي فكأنه أودعها إياه ابتداء فالصواب أن يضمن في كلتا المسألتين كما ذكره صاحب المحيط
والله تعالى أعلم
وفي عدة الفتاوى لا يضمن بدفعها إلى جاره لضرورة كحريق
قال أبو جعفر في فتاويه هذا لو لم يجد بدا من الدفع إلى أجنبي أما لو أمكنه الدفع إلى من في عياله ضمن بدفعها إلى أجنبي
قال الإمام خواهر زاده هذا لو أحاط الحريق بالمنزل وإلا ضمن بدفعها إلى أجنبي ا هـ
وفي العتابية لا يشترط هذا الشرط في الفتوى
تاترخانية في الفصل الثاني من الوديعة
قوله ( إلا إذا أمكنه الخ ) أي وقت الحرق والغرق
قوله ( أو ألقاها ) أي أو ألقى الوديعة في السفينة فوقعت في البحر يضمن لأنها قد تلفت بفعله وإن كان ذلك بالتدحرج لأنه منسوب إليه فهو كفعله
والظاهر أن قيد في السفينة ساقط من النساخ لوجوده في الأصل
قال الزيلعي هذا إذا لم يمكنه أن يدفعها إلى من هو في عياله وإن أمكنه أن يحفظها في ذلك الوقت بعياله فدفعها إلى الأجنبي يضمن لأنه لا ضرورة فيه وكذا لو ألقاها في سفينة أخرى وهلكت قبل أن تستقر فيها بأن وقعت في البحر ابتداء بالتدحرج يضمن لأن الإتلاف حصل بفعله ا هـ
قوله ( صدق ) أي بيمينه كما هو الظاهر
أبو السعود
قوله ( أي بدار المودع ) كأن هذا من قبيل الاحتباك وأصلها أي الحرق أو الغرق
وقوله ( بدار المودع ) راجع إلى الحرق وحذف من الثاني أو سفينته الراجع إلى الغرق لدلالة كل مذكور على ما حذف بإزائه وهذا على ما نحاه الشارح في شرحه وأما على ما بينا من أصل عبارة الزيلعي فالأمر ظاهر وأما جوهر المتن على أنه يصدق إن علم دفعه لها عند خوف الحرق أو الغرق بالبينة وهو الذي ذكره الشارح بعد
قوله ( وإلا يعلم الخ )
وحاصله أن صاحب المتن ذكر أنه لا يصدق مدعي الدفع للحرق أو الغرق إلا ببينة والشارح صرف
____________________
(8/339)
كلامه وقال إن علم ذلك بالبينة على وقوعه في داره وفلكه أغنى عن البينة عن الدفع للخوف على نفس الوديعة وإن لم تقم البينة على وقوع الحرق والغرق في داره وفلكه فلا بد من البينة على الدفع لخوف ذلك على نفس الوديعة ثم إن الغرق كما يخشى منه على نفس السفينة قد يخشى منه على نفس الدار إذا كانت البيوت متصلة بطرف البحر أوالنهر أو مجرى السيل ومثل خوف الحرق والغرق لو خاف فسادها بخرير أسقفه من كثرة الأمطار وعند وقوع النهب في داره ودفعها إلى جاره عند توهم سلامتها عنده
قوله ( فحصل بين كلامي الخلاصة والهداية التوفيق وبالله التوفيق ) وقد ذكر أيضا صاحب الذخيرة عن المنتقى
قال المصنف فإن ادعاه أي ادعى المودع التسليم إلى جاره أو إلى فلك آخر صدق إن علم وقوعه ببينة أي بينة المودع وإلا لا أي وإن لم يعلم لا يصدق
وفي الهداية وشرح الكنز للزيلعي أنه لا يصدق على ذلك إلا ببينة لأن تسليم الوديعة إلى غيره يوجب الضمان ودعوى الضرورة دعوى مسقط فلا تقبل إلا ببينة كما إذا أتلفها في الصرف في حاجته بإذن صاحبها
وفي الخلاصة أنه إذا علم أن وقع الحريق في بيته قبل قوله وإلا فلا
ويمكن حمل كلام الهداية على ما إذا لم يعلم وقوع الحريق في بيته وبه يحصل التوفيق والذي أحوجه إلى ذلك حمل كلام صاحب الهداية والزيلعي قولهما لا يصدق على ذلك أي على تسليم الوديعة ولو حمل لا يصدق على ذلك أي على وقوع الحرق أو الغرق بدليل قولهما ودعوى الضرورة الخ فإن الضرورة إنما هي في الحرق والغرق لا في التسليم لا تحدث مع عبارة الخلاصة
تأمل
قوله ( فلو لحملها إليه لم يضمن ) لأن مؤنة الرد على المالك
حموي
وإنما الضمان بمنع التخلية بينه وبين الوديعة بعد الطلب أما لو كلفه حملها وردها إليه فامتنع عن ذلك لم يضمن لأنه لا يلزمه سوى التخلية فلو كان طلب المودع بكسر الدال بحملها إليه فامتنع المودع من ذلك لم يضمن هكذا صريح عبارة ابن ملك المنقول عنه
وأما ما وقع في نسخة الشيخ أبي الطيب فإنه تحريف
والنسخة التي كتب عليها فلو حملها إليه أي لو حمل المودع الوديعة إلى ربها يعني لو طلب استردادها من المودع فحملها إليه لم يضمن لأن حملها إليه يخرجه عن المنع
وفي القهستاني لو استردها فقال لم أقدر أحضر هذه الساعة فتركها فهلكت لم يضمن لأنه بالترك صار مودعا ابتداء ا هـ
وعزاه إلى المحيط
وفي البحر إن تركها عن رضا وذهب لا يضمن وإن كان من غير رضا يضمن
كذا في الخلاصة ولو قال له بعد طلبه اطلبها ثم ادعى ضياعها فإن قال ضاعت بعد الإقرار فلا ضمان وإلا ضمن
قوله ( ولو حكما كوكيله بخلاف رسوله ) سوى في التجنيس بين الوكيل والرسول وقال إذا منعها عنها لا يضمن
وفي العمادية ذكر الضمان في المنع من الرسول فالمسألة ذات خلاف فيهما واقتصار المصنف على ما ذكره يدل على اعتماده وقد نقله القهستاني عن المضمرات
وفي الخلاصة المالك إذا طلب الوديعة فقال المودع لا يمكنني أن أحضر الساعة فتركها وذهب إن تركها عن رضا فهلكت لا يضمن لأنه لما ذهب فقد أنشأ الوديعة وإن كان عن غير رضا يضمن ولو كان الذي يطلب الوديعة وكيل المالك يضمن لأنه ليس إنشاء للوديعة بخلاف المالك انتهى
وهذا صريح في أنه يضمن
____________________
(8/340)
بعدم الدفع إلى وكيل المالك كما لا يخفى وهو خلاف ما تقدم في كتاب الوكالة في باب الوكالة بالخصومة
ونصه قال إني وكيل بقبض الوديعة فصدقه المودع لم يؤمر بالدفع إليه على المشهور الخ
وكتب سيدي الوالد رحمه الله تعالى أن مقابل المشهور ما عن أبي يوسف ومحمد أنه يؤمر بالدفع فلعل ما هنا على هذه الرواية
وفي مجموعة مؤيد زاده ولو قال إني وكيل بقبض الوديعة فصدقه المودع لم يؤمر بتسليم الوديعة إليه لأنه مأمور بالحفظ فقط ثم قال قد جاء رسولك فدفعتها إليه وكذبه المالك ضمنها ولا يرجع بما ضمن على الرسول إن صدقه في كونه رسوله ولم يشترط عليه الرجوع وإن كذبه ودفع إليه أو لم يصدقه ولم يكذبه يرجع على الرسول وكذلك إن صدقه وشرط عليه الرجوع كما في الوجيز
ثم قال ولو دفعها إلى رسول المودع فأنكر المودع الرسالة ضمن ا هـ
وفي فصول العمادي معزيا إلى الظهيرية ورسول المودع إذا طلب الوديعة فقال لا أدفع إلا للذي جاء بها ولم يدفع إلى الرسول حتى هلك ضمن
وذكر في فتاوى القاضي ظهير الدين هذه المسألة وأجاب عنها نجم الدين أنه يضمن
وفيه نظر بدليل أن المودع إذا صدق من ادعى أنه وكيل بقبض الوديعة فإنه قال في الوكالة لا يؤمر بدفع الوديعة إليه ولكن لقائل أن يفرق بين الوكيل والرسول لأن الرسول ينطق على لسان المرسل ولا كذلك الوكيل ألا ترى أنه لو عزل الوكيل قبل علم الوكيل بالعزل لا يصح ولو رجع عن الرسالة قبل علم الرسول صح كذا في فتاواه ا هـ
منح
قال محشيها الرملي في حاشية البحر ظاهر ما في الفصول أنه لا يضمن في مسألة الوكيل كما هو منقول عن التجنيس فهو مخالف للخلاصة كما هو ظاهر ويتراءى لي التوفيق بين القولين بأن يحمل ما في الخلاصة على ما إذا قصد الوكيل إنشاء الوديعة عند المودع بعد منعه ليدفع له وقت آخر
وما في فتاوى القاضي ظهير الدين والتجنيس على ما إذا منع ليؤدي إلى المودع بنفسه ولذلك قال في جوابه لا أدفع إلا للذي جاء بها
وفي الخلاصة ما هو صريح في أن الوكيل لو تركها وذهب عن رضا بعد قول المودع لا يمكنني أن أحضرها الساعة أي وأدفعها لك في غير هذه الساعة فإذا فارقه فقد أنشأ الإيداع ليس له ذلك بخلاف قوله لا أدفعها إلا للذي جاء بها فإنه استبقاء للإيداع الأول لا إنشاء إيداع
فتأمل
ولم أر من تعرض لهذا التوفيق والله تعالى هو الموفق انتهى
فالحاصل أنه إذا منعها عن الرسول لا يضمن على ظاهر الرواية كما نقله عن البحر عن الخلاصة
وأما إذا منعها عن الوكيل ففيه اختلاف
ففي الخلاصة والقاعدية والوجيز والتاترخانية والحاوي الزاهدي والمضمرات أنه يضمن واختاره المصنف في منحه وتبعه الشارح هنا
وفي شرحه على الملتقى فتعين المصير إلى ما عليه الأكثر خصوصا والمضمرات شرح القدوري والشروح مقدمة
ففي مسألتنا منع المودع الوديعة من الوكيل ظلما ولم يقل له لم أدفعها إلا إلى الذي جاء بها حتى يكون استبقاء للإيداع الأول لأن قول الشارح كوكيله يقتضي المنع ظلما وبه يظهر أن ما ذكره في الفصول العمادية من الفرق المتقدم بين الوكيل والرسول مبني على خلاف ظاهر الرواية كما نبه عليه في نور العين
ثم اعلم أن كلام التاترخانية يفيد تفصيلا في مسألة الوكيل وذلك أن المودع إنما يضمن بالمنع عن الوكيل
____________________
(8/341)
إذا كان توكيله ثابتا بالمعاينة أو بالبينة أما إذا كان بتصديق المودع فإنه لا يضمن وكذا لو كذبه بالأولى
وانظر هل يجري على هذا التفصيل في مسألة الرسول أيضا ومقتضى ما نذكره في المقولة الآتية عن الخانية من قوله فجاء رجل وبين تلك العلامة فلم يصدقه المودع حتى هلكت الوديعة لا ضمان أنه لو صدقه يضمن فيخالف مسألة الوكيل
إلا أن يقال إن قوله فلم يصدقه ليس قيدا احترازيا فلا مفهوم له وهذا إن حمل على أنه رسول وكذا إن حمل على أنه وكيل يخالف ما ذكرنا من التفصيل
ثم قال في البحر وينبغي أن يكون محل هذا التفصيل أي في أصل المسألة فيما إذا ترك عن رضا وذهب لا يضمن وفيما إذا كان عن غير رضا يضمن ما إذا كان المودع يمكنه وكان كاذبا في قوله أما إذا كان صادقا فلا يضمن مطلقا لما قلنا انتهى
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى فيه نظر لما في التجنيس أنه لو طلبها بوكيله أو رسوله فحبسها لا يضمن فتأمل
وانظر إلى ما ذكره بعيده من قوله ولو بعلامة منه يحتج بأنه إنما منعه ليوصلها إلى الأصيل بنفسه لتكذيبه إياه وفرع الخلاصة فيه المنع للعجز عن التسليم والترك والذهاب عن رضا إلى وقت آخر وفيه إنشاء إيداع بخلاف الأول حتى لو كذبه في الفرع الذي تفقه فيه مع ذلك والمسألة بحالها لا يضمن فتأمل
قوله ( ولو بعلامة منه ) لإمكان إتيان غير الرسول بهذه العلامة إلا أن يبرهن أنها له كما في الخلاصة وغيرها
قال في الخانية رجل أودع عند إنسان وديعة وقال في السر من أخبرك بعلامة كذا وكذا فادفع إليه الوديعة فجاء رجل وبين تلك العلامة فلم يصدقه المودع حتى هلكت الوديعة قال أبو القاسم لا ضمان على المودع
ا هـ
وفي حاشية جامع الفصولين للخير الرملي وهل يصح هذا التوكيل ولا يضمن المودع بالدفع أم لا يصح لكون الوكيل مجهولا ويضمن بالدفع قال الزاهدي في حاويه رامزا فيه تفصيل لو كانا عن ذلك الاتفاق بمكان لا يمكن لأحد من الناس استماع كلامهما فالدفع لمن جاء إليه بتلك العلامة وأما استماعه ذلك من أجنبي فنادر وإن كان عند ذلك بمكان فيه أحد من الناس ممن يفهم اتفاقهما على ذلك أو بمكان يمكن فيه لأحد استماع اتفاقهما إلى ذلك خفية وهما لا يريانه فالوكالة باطلة والدفع مضمن
ا هـ
هذا ما نقله الرملي
قلت كثيرا ما يقع أن المالك بعد اتفاقه مع المودع على ذلك يبعث رجلا بتلك العلامة فيسمعه آخر فيسبق الأول ويخبر المودع بتلك العلامة
وقد يقال إن هذا لا ينافي صحة التوكيل بعد وجود شرطه المتقدم عند اتفاق المالك مع المودع والظاهر أن المالك إذا قال لم أذكر العلامة لهذا الرجل الذي جاء وإنما ذكرتها لغيره أن يكون القول له لأنه منكر فيضمن المودع فتأمل والله تعالى أعلم
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر المذهب وهو راجع إلى الوكيل والرسول وقال الثاني يضمن كما في الهندية وقد اختلفت الفتاوى في هذا وقد علمت المعتمد
قوله ( ضمن ) إن ضاعت لوجود التعدي بمنعه لأنه صار غاصبا وهذا لأنه لما طالبه لم يكن راضيا بإمساكه بعده فيضمنهما بحبسه عنه
داماد
قال في البحر ولو قال له بعد طلبه اطلبها غدا ثم ادعى ضياعها فإن قال ضاعت بعد الإقرار لا ضمان وإلا ضمن انتهى
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى قوله بعد الإقرار أي الإقرار ضمنا في قوله اطلبها غدا وقوله بعد الإقرار ظرف لضاعت لا لقال
وفي جامع الفصولين طلبها ربها فقال اطلبها غدا فقال في الغد تلفت فلو قال تلفت قبل قولي اطلبها غدا ضمن لا لو قال بعده للتناقض في الأول لا الثاني
____________________
(8/342)
قال ربها ادفعها إلى قني هذا فطلبها فأبى أو قال غدا يضمن ا هـ
أي لأنه كأنه وكل قنه بحضرة المودع والوكيل لا يملك ابتداء الإيداع في قوله غدا انتهى
والمسألة في الخانية أيضا
قوله ( بأن كان عاجزا ) أي عجزا حسيا كأن لا يستطيع الوصول إلى محل الوديعة أو معنويا وهو ما أشار إليه بقوله أو خاف على نفسه أي من ظالم أن يقتله أو دائن أن يحبسه وهو غير قادر على الوفاء أو كانت امرأة وخافت من فاسق أو خاف على ماله بأن كان مدفونا معهما فإذا ظهر اغتصبه منه غاصب فامتنع عن التسليم لذلك لا يضمن لأنه لم يكن ظالما
قوله ( أو خاف على نفسه أو ماله ) في المحيط لو طلبها أيام الفتنة فقال لم أقدر عليها هذه الساعة لبعدها أو لضيق الوقت فأغاروا على تلك الناحية فقال أغير عليها لم يضمن والقول له ا هـ
قوله ( كطلب الظالم ) أي وديعته ليظلم بها فإنه بمنعها لا يكون ظالما حتى لو ضاعت لا يكون ضامنا كمنعه منه وديعة عبده فإنه به لا يكون ظالما لأن المولى ليس له قبض وديعة عبده مأذونا كان أو محجورا ما لم يحضر ويظهر أنه من كسبه لاحتمال أنه مال الغير فإذا ظهر أنه للعبد بالبينة فحينئذ يأخذه
خلاصة ط
وإنما كان المراد بالظالم هنا المالك لأن الكلام في طلبه هو فما بعده مفرع عليه أعني قوله فلو كانت الوديعة سيفا الخ يدل عليه قول المصنف في المنح لما فيه من الإعانة على الظلم
قوله ( فلو كانت ) تفريع على عدم الضمان بالمنع عند طلب الظالم
وحاصله أنه لا يضمن بطلب صاحب الوديعة حيث كان ظالما بأن كانت الوديعة سيفا فطلبه ليقتل به رجلا مظلوما بغير حق ولو معاهدا أو امرأة أو صبيا فلو منعه لا يضمن لكون الطالب ظالما ومثل السيف كل مؤذ فيما يظهر
قوله ( ليضرب به رجلا ) أي مظلوما ولو معاهدا أو امرأة أو صبيا ط
قوله ( إلى أن يعلم الخ ) فلو شك فيما ذكر لا يعد بمنعه ظالما فلا يضمن بهلاكه
كذا يفاد من مفهومه ط
قوله ( كما لو أودعت ) أتى بالكاف ليفيد أنه مثال غير مخصص فمثله كل ما كان في معناه فيما يظهر
قال في الأشباه لا يجوز للمودع المنع بعد الطلب إلا في مسائل لو كان سيفا ليضرب به ظلما ولو كان كتابا فيه إقرار بمال الغير أو قبض ا هـ
قوله ( أي موت المودع ) بفتح الدال مجهلا أما بتجهيل المالك فلا ضمان والقول للمودع بيمينه بلا شبهة قال الحانوتي وهل من ذلك الزائد في الرهن على قدر الدين ا هـ
أقول الظاهر أنه منه لقولهم ما تضمن به الوديعة يضمن به الرهن فإذا مات مجهلا يضمن ما زاد وقد أفتيت به
رملي ملخصا
قال ط من الوديعة الزائد من الرهن على مقدار الدين فيضمن بالموت عن تجهيل وتكون الوديعة ونحوها كدين الصحة فيحاصص ربها الغرماء لأن اليد المجهولة عند الموت تنقلب يد ملك ولأنه لما مات ولم يبين صار بالتجهيل مستهلكا لها
ا هـ
قال في مجمع الفتاوى المودع أو المضارب أو المستعير أو المستبضع وكل من كان المال بيده أمانة إذا مات قبل البيان ولا تعرف الأمانة بعينها فإنه يكون دين عليه في تركته لأنه صار مستهلكا الوديعة بالتجهيل ومعنى موته مجهلا أن لا يبين حال الأمانة كما في الأشباه
____________________
(8/343)
وقد سئل عمر بن نجيم عما لو قال المريض عندي ورقة في الحانوت لفلان ضمنها دراهم لا أعرف قدرها فمات ولم توجد فأجاب بأنه من التجهيل
لقوله في البدائع هو أن يموت قبل البيان ولم يعرف الأمانة بعينها ا هـ
قال الحموي وفيه تأمل
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى ولينظر ما وجه التأمل
وفي نور العين لو مات المودع مجهلا ضمن يعني لو مات ولم يبين حال الوديعة أما إذا عرفها الوارث والمودع يعلم أنه يعرف المودع فمات لم يضمن فلو قال الوارث أنا علمتها وأنكر الطالب لو فسرها بأن كانت كذا وكذا وقد هلكت صدق لكونها عنده
وفي الذخيرة قال ربها مات المودع مجهلا وقالت ورثته كانت قائمة يوم موت المودع ومعروفة ثم هلكت بعد موته صدق ربها هو الصحيح إذ الوديعة صارت دينا في التركة في الظاهر فلا يصدق الورثة
ولو قال ورثته ردها في حياته أو تلفت في حياته لا يصدقون بلا بينة لموته مجهلا فيقر الضمان في التركة ولو برهنوا أن المودع قال في حياته رددتها يقبل إذ الثابت ببينة كالثابت بعيان
ا هـ
قوله ( إلا إذا علم ) بالبناء للفاعل وضميره للمودع بالفتح الذي مات مجهلا وإذا قال الوارث ردها في حياته أو تلفت في حياته لم يصدق بلا بينة ولو برهن أن المودع قال في حياته رددتها يقبل
قال الحموي في شرحه وقيد في الخلاصة ضمان المودع بموته مجهلا بأن لا يعرفها الوارث أما إذا عرفها والمودع يعلم أنه يعرف فمات ولم يبين لا يضمن ا هـ
وذلك بأن سئل عنها فقال عند فلان علمها
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى في تنقيحه في جواب سؤال والذي تحرر من كلامهم أن المودع إن أوصى بالوديعة في مرض موته ثم مات ولم توجد فلا ضمان في تركته وإن لم يوص فلا يخلو إما أن يعرفها الورثة أو لا فإن عرفوها وصدقهم صاحبها على المعرفة ولم توجد لا ضمان في التركة وإن لم يعرفوها وقت موته فلا يخلو إما أن تكون موجودة أو لا فإن كانت موجودة وثبت أنها وديعة إما ببينة أو إقرار الورثة أخذها صاحبها ولا يتوهم أنه في هذه الحالة مات مجهلا فصارت دينا فيشارك أصحاب الديون صاحبها لأن هذا عند عدم وجودها أما عند قيامها فلا شك أن صاحبها أحق بها فإن لم توجد فحينئذ هي دين في التركة وصاحبها كسائر غرماء الصحة وإن وجد بعضها وفقد بعضها فإن كان مات مجهلا أخذ صاحبها الموجود ورجع بالمفقود في التركة وإلا أخذ الموجود فقط وإن مات وصارت دينا فإن كانت من ذوات الأمثال وجب مثلها وإلا فقيمتها فعليك بحفظ هذا التحرير
والله سبحانه وتعالى أعلم نقل من فتاوى التمرتاشي
وأجاب قارىء الهداية عن سؤال بقوله إذا أقام المودع بينة على الإيداع وقد مات المودع مجهلا للوديعة ولم يذكرها في وصيته ولا ذكر حالها لورثته فضمانها في تركته فإن أقام بينة على قيمتها أخذت من تركته وإن لم تكن له بينة على قيمتها فالقول فيها قول الورثة مع يمينهم ولا يقبل قول الورثة إن مورثهم ردها لأنه لزمهم ضمانها فلا يبرؤن بمجرد قولهم من غير بينة شرعية على أن مورثهم ردها
ا هـ
وقال في جواب آخر ادعوا أن مورثهم ادعى قبل موته أنه رده إلى مالكه أو أنه تلف منه وأقاموا بينة على أنه قال ذلك في حياته تقبل بينتهم وكذلك إذا أقاموا بينة أنه حين موته كان المال المذكور قائما وأن مورثهم قال هذا المال لفلان عندي وديعة أو قرض أو قبضته لفلان بطريق الوكالة أو الرسالة لأدفعه إليه فادفعوه إليه ولكنه ضاع بعد ذلك من عندنا لا ضمان عليهم ولا في تركته ا هـ
____________________
(8/344)
أقول وفي قوله أو قرض نظر إن حمل على أن الميت استقرضه منه لأنه دخل في ملكه وصار مطالبا ببدله وإذا هلك يهلك عليه بعد قبضه إلا أن يحمل على أن المالك كان استقرضه ووضعه عند الميت أمانة فليتأمل هذا
وفي حاشية الأشباه للبيري عن منية المفتي ما نصه وارث المودع بعد موته إذا قال ضاعت في يد مورثي فإن كان هذا في عياله حين كان مودعا يصدق وإن لم يكن في عياله لا
ا هـ
قوله ( صدق ) يعني لو ادعى الطالب التجهيل بأن قال مات المودع مجهلا وادعى الوارث أنها كانت قائمة يوم مات وكانت معروفة ثم هلكت بعد موته فالقول للطالب في الصحيح إذ الوديعة صارت دينا في التركة في الظاهر فلا يصدق الوارث كما في جامع الفصولين والبزازية كما علمت
قوله ( وما لو كانت عنده ) أي عند المورث يعني أن الوارث كالمودع فيقبل
قوله ( في الهلاك إذا فسرها فهو مثله ) إلا أنه خالفه في مسألة وهي قوله الآتي إلا في مسألة وهي الخ
قوله ( إلا أنه إذا منعه ) أي المودع السارق يعني أن المودع بعد ما دل السارق على الوديعة فجاء السارق ليأخذها فمنعه فأخذها السارق قهرا لا يضمن
قال في الخلاصة المودع إنما يضمن إذا دل السارق على الوديعة إذا لم يمنعه من الأخذ حال الأخذ فإن منعه لم يضمن ا هـ
إلا إذا منعه أي المودع السارق فأخذ كرها
فصولين
وهو استثناء من قوله ( والمودع إذا دل ضمن )
قوله ( كما في سائر الأمانات ) ومنها الرهن إذا مات المرتهن مجهلا يضمن قيمة الرهن في تركته كما في الأنقروي والمراد بالضمان أي الزائد كما قدمناه عن الرملي وكذا الوكيل إذا مات مجهلا كما يؤخذ مما هنا وبه أفتى الحامدي بعد الخيري
وفي إجارة البزازية المستأجر يضمن إذا مات مجهلا ما قبضه ا هـ
سائحاني ومنها المأمور بالدفع إذا مات مجهلا كما في التنقيح لسيدي الوالد رحمه الله تعالى
وفيه الأب إذا مات مجهلا يضمن لكن صحح عدم ضمانه إذ الأب ليس أدنى حالا من الوصي بل هو أوفى حالا من الوصي حيث لا يضمن إلا إذا كان الأب ممن يأكل مهور البنات كالفلاحين والأعراب فالقول بتضمينه إذا مات مجهلا ظاهر لأنه غاصب من أول الأمر لأنه إنما قبض المهر لنفسه لا لبنته فليكن التعويل على هذا التفصيل ومثله الجد كما مر ا هـ
ملخصا
قوله ( فإنها تنقلب مضمونة بالموت عن تجهيل ) ويكون أسوة الغرماء
بيري على الأشباه
قوله ( ومفاوض ) عطف خاص وكمرتهن
أنقروي وتقدم عنه
قوله ( إلا في عشر على ما في الأشباه ) وعلى ما في الشرنبلالي على الوهبانية تسعة عشر كما تقف عليه
وفيه شبه اعتراض على المصنف حيث اقتصر في الاستثناء على ثلاثة والسبعة الباقية ذكرها في الأشباه صارت عشرة
وعبارة الأشباه الوصي إذا مات مجهلا فلا ضمان عليه كما في جامع الفصولين
والأب إذا مات مجهلا مال ابنه والوارث إذا مات مجهلا ما أودع عند مورثه وإذا مات مجهلا لما ألقته الريح في بيته أو لما وضعه مالكه في بيته بغير علمه وإذا مات الصبي مجهلا لما أودع عنده محجورا
ا هـ ملخصا
وقدمنا قريبا ذكر الأب والجد فلا تنسه ومن السبعة الباقية أحد المتفاوضين ويأتي للشارح اعتماد الضمان
ونذكر تمامه إن شاء الله تعالى
قوله ( ناظر أودع غلات الوقف ) عبارة الدرر قبض وهي أولى
تأمل
والذي في الأشباه الناظر إذا مات مجهلا غلات الوقف ثم كلام المصنف عام في غلات المسجد وغلات المستحقين
____________________
(8/345)
أقول هكذا أطلقت المسألة في كثير من الكتب ووقع فيها كلام وجهين الأول أن قاضيخان قيد ذلك بمتولي المسجد إذا أخذ غلات المسجد ومات من غير بيان أما إن كانت الغلة مستحقة لقوم بالشرط فيضمن مطلقا بدليل اتفاق كلمتهم فيما إذا كانت الدار وقفا على أخوين غاب أحدهما وقبض الحاضر غلتها تسع سنين ثم مات الحاضر وترك وصيا ثم حضر الغائب وطالب الوصي بنصيبه من الغلة
قال الفقيه أبو جعفر إذا كان الحاضر الذي قبض الغلة هو القيم على هذا الوقف كان للغائب أن يرجع في تركة الميت بحصته من الغلة وإن لم يكن هو القيم إلا أن الأخوين أجرا جميعا فكذلك وإن أجرا لحاضر كانت الغلة كلها له في الحكم ولا يطيب له انتهى كلامه
وهذا مستفاد من قولهم غلة الوقف وما قبض في يد الناظر ليس غلة الناظر بل هو مال المستحقين بالشرط قال في الأشباه من القول في الملك وغلة الوقف يملكها الموقوف عليه وإن لم يقبل انتهى
وينبغي أن يلحقه بغلة المسجد ما إذا شرط ترك شيء في يد الناظر للعمارة والله أعلم
كذا حرره شيخ مشايخنا منلا علي رحمه الله تعالى
الثاني أن الإمام الطرسوسي في أنفع الوسائل ذكر بحثا أنه يضمن إذا طالبه المستحق ولم يدفع له ثم مات بلا بيان أما إذا لم يطالب فإن محمودا معروفا بالأمانة لا يضمن وإلا ضمن وأقره في البحر على تقييد ضمانه بالطلب أي فلا يضمن بدونه
أما به فيضمن وهو ظاهر
وبه أفتى الشيخ إسماعيل الحائك لكن ذكر الشيخ صالح في زواهر الجواهر أنه يضمن وإن لم يطالبه المستحق لأن لما مات مجهلا فقد ظلم وقيده بحثا بما إذا لم يمت فجأة أما إذا مات على غفلة لا يضمن لعدم تمكنه من البيان بخلاف ما إذا مات بمرض ونحوه وأقره الشارح وعدم تمكنه من البيان لو مات فجأة إنما يظهر لو مات عقب قبضه الغلة كما يأتي
والحاصل أن المتولي إذا قبض غلة الوقف ثم مات مجهلا بأن لم توجد في تركته ولم يعلم ما صنع بها لا يضمنها في تركته مطلقا كما هو المستفاد من أغلب عباراتهم ولا كلام في ضمانه بعد طلب المستحق ولا في عدم ضمانه لو كانت الغلة لمسجد وإنما الكلام فيما لو كانت غلة وقف لها مستحقون مالكون لها هل يضمنها مطلقا على ما يفهم من تقييد قاضيخان أو إذا كان غير محمود ولا معروف بالأمانة كما بحثه الطرسوسي أو إذا كان موته بعد مرض لا فجأة كما بحثه في الزواهر فليتأمل وهذا كله في غلة الوقف
أما لو مات مجهلا لمال البدل أي لثمن الأرض المستبدلة أو لعين الوقف فإن يضمن بموته مجهلا بالأولى كما قال الشارح عن المصنف وبه يعلم أن إطلاق المصنف والشارح في محل التقييد فتنبه
قوله ( لأن الناظر لو مات مجهلا لمال البدل ضمنه ) أما لو علم ضياعه لا يضمن
قال في البحر عن المحيط لو ضاع الثمن من المستبدل لا ضمان عليه
ا هـ
وهذا صريح في جواز الاستبدال بالدراهم والدنانير فلا يشترط كون البدل عقارا وهو ينافي ما قدمه في الوقف من اشتراط كون البدل عقارا أفاده أبو السعود في حاشية الأشباه ط
أقول لكن قدم الشارح في الوقف عن الأشباه أنه لا يجوز استبدال العامر إلا في أربع
قلت لكن في معروضات المفتي أبو السعود أنه في سنة 951 ورد الأمر الشريف بمنع استبداله وأمر بأن يصير بأمر السلطان تبعا لترجيح صدر الشريعة ا هـ فليحفظ ا هـ
ونقله سيدي الوالد رحمه الله تعالى في تنقيحه
____________________
(8/346)
أقول وعليه المعول
قوله ( أشباه ) قال محشيه الحموي البدل بالدال المهملة ثمن أرض الوقف إذا باعها بمسوغ الاستبدال كما صرح به في الخانية قيد بالتجهيل إذ لو علم ضياعه لا يضمن
قال في الذخيرة إن المال في يد المستبدل أمانة لا يضمن بضياعه ا هـ
وإنما ضمن بالموت عن تجهيل لأنه الأصل في الأمانات إذا حصل الموت فيها عن تجهيل فافهم
ويستفاد من قولهم إذا مات مجهلا لمال البدل يضمن جواب واقعة الفتوى وهي أن المولى إذا مات مجهلا لعين الوقف كما إذا كان الوقف دراهم أو دنانير على القول بجوازه وعليه عمل الروم أن يكون ضامنا لأنه إذا كان يضمن بتجهيل مال البدل فبتجهيل عين الوقف أولى
ذكره المصنف في منحه مع زيادة إيضاح
قوله ( على القول بجوازه ) حيث جرت به العادة وعليه عمل أهل الروم كما علمت
قوله ( قاله المصنف ) أي في منحه
قوله ( وأقره ابنه ) الشيخ صالح
قوله ( وقيد ) أي صاحب الزواهر
قوله ( موته بحثا بالفجأة ) لعدم تمكنه من البيان فلم يكن حابسا ظلما
قلت هذا مسلم لو مات فجأة عقب القبض
تأمل
وهذا راجع إلى المتن في البحث في غلة المستحقين كما يفيده كلامه الذي رد به على الطرسوسي لا إلى مال البدل وعين الوقف حيث قال لكن يقول العبد الضعيف ينبغي أن يقال إذا مات فجأة على غفلة لا يضمن لعدم تمكنه من بيانها فلم يكن حابسا ظلما وإن مات بمرض ونحوه فإنه يضمن لأنه تمكن من بيانها ولم يبين وكان مانعا لها ظلما فيضمن ا هـ
وكان الأولى تقديم هذه المسألة هناك
قوله ( ورد ما بحثه في أنفع الوسائل ) كما سمعته قريبا وما ذكره ابن المصنف من الرد
وحاصل ما ذكره بحثا تفصيلا إن حصل طلب المستحقين منه المال وأخر حتى مات مجهلا يضمن وإن لم يحصل طلب منه ومات مجهلا ينبغي أن يقال أيضا إن كان محمودا بين الناس معروفا بالديانة والأمانة لا ضمان عليه وإن لم يكن كذلك ومضى زمان والمال في يده ولم يفرقه ولم يمنعه من ذلك مانع شرعي يضمن وما ذكره الشيخ صالح ابن المصنف هو قوله
أقول هو لما مات مجهلا فقد ظلم وقصر حيث لم يبين قبل موته فكان حابسا لها ظلما فيضمن سواء طلب منه أو لا ولا دخل لكونه محمودا أو غير محمود ولو كان محمودا لبينها قبل موته في مرضه وخلص نفسه فالحسن ما عليه المشايخ الأعلام ثم ذكر بحثه السابق
قال العلامة الرملي العمل بإطلاقهم متعين ولا نظر لما قاله الطرسوسي وينبغي أن يقال ذلك فيما قال ابن المصنف في زواهر
ا هـ
ثم إن هذا من المؤلف خلط مقام بمقام فإنه لا خلاف في عدم ضمانه بموته مجهلا غلات المسجد وأما إذا مات مجهلا استحقاق المستحقين ففيه اختلاف المشايخ وما عليه مشايخ المذهب أنه يضمن مطلقا خلافا لتفصيل الطرسوسي
والحاصل أن بحث الطرسوي وصاحب الزواهر في غلة المستحقين ولا تنس ما قدمناه قريبا من حاصل الكلام في هذه المسألة والسلام
قوله ( ومنها قاض مات مجهلا لأموال اليتامى ) قال المصنف في شرح تحفة الأقران إذا خلط الأمين بعض أموال الناس ببعض أو الأمانة بماله فإنه ضامن إلا في مسائل لا يضمن الأمين
____________________
(8/347)
بالخلط القاضي إذا خلط ماله بمال غيره أو مال رجل آخر والمتولي إذا خلط مال الوقف بمال نفسه وقيل يضمن
ا هـ
واعلم ما ذكره المصنف تبع فيه الأشباه من أن القاضي إذا مات مجهلا أموال اليتامى لا يضمن لكنه مخالف لما في جامع الفصولين من السابع والعشرين لو وضع قاض مال اليتيم في بيته ومات مجهلا ضمن لأنه مودع ولو دفعه القاضي إلى قوم ثقة ولا يدري إلى من دفع لم يضمن إذ المودع غيره
ا هـ
تأمل
وفيه أيضا ولا يضمن الوصي بموته مجهلا ولو خلطاه بماله ضمن وضمن الأب بموته مجهلا ولو وضع القاضي مال اليتيم في بيته ومات مجهلا ضمن لأنه مودع الخ
أقول لعل وجه الضمان كونها لا تتخطى الورثة فالغرم بالغنم ويظهر من هذا الوصي إذا وضع مال اليتيم في بيته ومات مجهلا يضمن لأن ولايته قد تكون مستمدة من القاضي أو الأب فضمانه بالأولى
وفي الخيرية وفي الوصي قول بالضمان
ويأتي تمام الكلام على ذلك قريبا إن شاء الله تعالى
وأقول وكذا الغاصب كما ذكره الكمال في فصل الشهادة على الإرث وكذا المستأجر كما في البزازية في مسائل موت أحد المتعاقدين أيضا
قوله ( ولا بد منه ) ويؤيده قول جامع الفصولين مات المودع ولا تدري الوديعة بعينها صارت دينا في ماله وكذا كل شيء أصله أمانه وتفصيل الأشباه وعبارة الظهيرية والفصولين
قوله ( لأنه وضعها في بيته ومات مجهلا ضمن ) وقدمنا وجهه وكذا إذا جن جنونا لا يرجى برؤه كذا في شرح البيري معزيا لخزانة الأكمل
أبو السعود
لكن ذكر قاضيخان عن إبراهيم بن رستم لو مات القاضي ولم يبين ما عنده من مال اليتيم لا يضمن
شرنبلالية وفي البزازية إذا قبض ماله ووضعه في منزله ولا يدري أين وضعه ومات يضمن إلا إذا قال للقاضي حال حياته ضاع أو أنفقته عليه لا يضمن
ا هـ
فتأمل
قوله ( ومنها سلطان أودع الخ ) وذلك إنما يكون قبل القسمة
أقول وكذا إذا مات مجهلا أموال اليتيم عنده كما في العمادية
قال ط ومنها الوصي إذا مات مجهلا فلا ضمان عليه كما في جامع الفصولين ومنها الأب إذا مات مجهلا مال ابنه
ومنها إذا مات الوارث مجهلا ما أودع عند مورثه وهذه لم يعزها صاحب الأشباه لأحد
ومنها إذا مات مجهلا ما ألقته الريح في بيته
ومنها إذا مات مجهلا لما وضعه مالكه في بيته بغير علمه كذا في الأشباه
قال السيد الحموي والصواب بغير أمره كما في شرح الجامع إذ يستحيل تجهيل ما لا يعلمه
ومنها إذا مات الصبي مجهلا لما أودع عنده محجورا لأنه لم يلتزم الحفظ وهي الستة تمام العشرة وكذلك إذا بلغ ثم مات إلا أن يشهدوا أنها في يده بعد البلوغ لزوال المانع وهو الصبا والمعتوه كالصبي في ذلك
وذكر البيري أنه إذا مات الصبي بعد البلوغ ولم يدر متى هلكت الوديعة ولم يعلم كيف حالها لم يوجب القاضي ضمانا في ماله بالعقد الموقوف حتى يقيم المدعى بينة يشهدون أنهم رأوها في يده بعد البلوغ ا هـ
قوله ( وليس منها مسألة أحد المتفاوضين ) ذكر محمد في كتاب شركة الأصل مسألة رابعة وهي أن أحد المتفاوضين إذا
____________________
(8/348)
مات ولم يبين المال الذي كان في يده لم يضمن نصيب شريكه كما في المنبع نقلا عن تهذيب الواقعات للحسام الشهيد
وهكذا في الولوالجية
ولكن في فتاوى قاضيخان وأما أحد المتفاوضين إذا كان المال عنده ولم يبين حال المال الذي كان عنده فمات ذكر بعض الفقهاء أنه لا يضمن وأحاله إلى شركة الأصل وذلك غلط بل الصحيح أنه يضمن نصيب صاحبه انتهى
والعلامة الكمال بن الهمام قال في كتاب الشركة الأمين إذا مات مجهلا يضمن إلا في ثلاث وجعل عدم ضمان المفاوض منها ثم صرح في كتاب الوقف بأن المستثنى ثلاث وسكت عن ضمان المفاوض وأورد بدله غيره فليوفق
أقول من الله التوفيق وغايته الحمل على اختلاف الروايتين
ولكن بدفعه تغليط قاضيخان عدم الضمان ويصحح ضمان نصيب صاحبه ويدل عليه ما نصه في القنية مات أحد المتفاوضين ومال الشركة ديون على الناس ولم يبين ذلك بل مات مجهلا يضمن كما لو مات مجهلا للعين انتهى
فظهر أن هذا هو المذهب وأن ما ذكره المحقق الكمال ضعيف
قال المصنف تبعا للبحر وأما أحد المتفاوضين إذا كان المال عنده ولم يبين حال المال الذي كان عنده فمات ذكر بعض الفقهاء أنه لا يضمن وأحاله إلى شركة الأصل وذلك غلط بل الصحيح أنه يضمن نصيب صاحبه كذا في الخانية من الوقف
وبه يتضح أن ما في الفتح وبعض الفتاوى ضعيف وأن الشريك يكون ضامنا بالموت عن تجهيل عنانا أو مفاوضة ومال المضاربة مثل الشركة إذا مات المضارب مجهلا لمال المضاربة أو للمشتري بمالها
قال في البزازية من النوع الخامس عشر في أنواع الدعاوى ما نصه وفي دعوى مال الشركة بسبب الموت مجهلا لا بد أن يبين أنه مات مجهلا لمال الشركة وأما المشتري بمالها ومال الشركة مضمون بالمثل والمشتري بمالها مضمون بالقيمة ومثله مال المضاربة إذا مات المضارب مجهلا بمال المضاربة أو للمشتري بمالها وهذا صريح في الضمان فإذا أقر في مرضه أنه ربح ألفا ثم مات من غير بيان لا ضمان إلا إذا أقر بوصولها إليه كما في قاضيخان من كتاب المضاربة
قوله ( لما نقله المصنف هنا وفي الشركة ) ونقله صاحب البحر في الشركة قوله ( أنه يضمن نصيب شريكه ) عنانا أو مفاوضة ومال المضاربة مثل مال الشركة إذا مات المضارب مجهلا كما علمت
قوله ( وأقره محشوها ) أي أقر الصواب
محشو الأشباه
قوله ( فبقي المستثنى تسعة ) أي بخروج الشريك من العشرة وهي الثلاثة المذكورة في المصنف والستة المذكورة في الأشباه
قوله ( وزاد الشرنبلالي في شرحه للوهبانية على العشرة ) أي بزيادة مسألة أحد المتفاوضين على ما تقدم
قوله ( الجد ) قلت يفهم من ذكر الأب فإن أحكامه أحكامه إلا فيما استثنى وهذه ليست منها وقدمنا ذكرهما
قوله ( ووصيه ووصي القاضي ) هما داخلان في الوصي في كلام الأشباه فلا وجه لزيادة ما ذكر إلا أن يقال حمله على وصي الأب لبيان التفصيل للإيضاح فتأمل
قوله ( وستة من المحجورين ) أي والسابع وهو الصبي المحجور عليه مذكور هنا
____________________
(8/349)
قلت هي تعلم من ذكر الصبي ط أي لو أودع عندهم وماتوا مجهلين فلا ضمان عليهم والستة من المحجورين وهم ما عدا الصغرى وإنما أسقطه لأنه مذكور في الأشباه ومراده الزيادة على ما في الأشباه فافهم
قوله ( لأن الحجر يشمل سبعة ) أي وقد قدمنا ما لو كان المودع صبيا وهي من الصور التي ذكرها في الأشباه ولم يذكرها شارحنا هنا
قوله ( فإنه ) أي الحجر لصغر مسألة الصغر من العشرة التي في الأشباه إلا أن يقول عدها هنا باعتبار قوله ( وإن بلغ ثم مات لا يضمن )
تأمل
أو يقال إن مراده مجرد المحجورين سبعة وأن مراده ستة منهم ما عدا الصغر لأنه مذكور في الأشباه ولذلك قال وستة من المحجورين
قوله ( ورق ) قال في الظهيرية لو أن عبدا محجورا عليه أودعه رجل مالا ثم أعتقه الولي ثم مات ولم يبين الوديعة فالوديعة دين في ماله سواء شهد الشهود بقيام الوديعة بعد العتق أم لا وإن مات وهو عبد فلا شيء على مولاه إلا أن تعرف الوديعة فترد على صاحبها
ا هـ
قوله ( ودين ) بفتح الدال وسكون الياء
قوله ( والمعتوه كصبي ) قال في تلخيص الجامع أودع صبيا محجورا يعقل ابن اثنتي عشرة سنة ومات قبل بلوغه مجهلا لا يجب الضمان انتهى
ولعله قصد بكاف التشبيه الإشارة إلى ما يأتي عن الوجيز تأمل
وعلل في الوجيز شرح الجامع الكبير عدم ضمانه بأنه لم يلتزم الحفظ ثم قال وإن بلغ ثم مات فكذلك إلا أن يشهدوا أنها في يده بعد البلوغ لزوال المانع وهو الصبا
والمعتوه كالصبي في ذلك فإن كان مأذونا لهما في ذلك ثم ماتا قبل البلوغ والإفاقة ضمنا ا هـ
وبه تتضح عبارة الشارح
قوله ( وإن بلغ ) أي الصبي ومثله إذا أفاق المعتوه كما يؤخذ مما سلف
قوله ( مأذونا لهما ) أي في التجارة كما في البيري عن خزانة الأكمل أو في قبول الوديعة كما في الوجيز فإن عبارته كما في الحموي فإن كانا مأذونا لهما في ذلك ثم ماتا قبل البلوغ والإفاقة ضمنا ا هـ
ونص في الهندية على ضمانه في الصورتين إجماعا ط
قوله ( ثم ماتا قبل البلوغ والإفاقة ضمنا ) هذا نشر على سبيل اللف وهذه ثمرة تشبيه الشارح المعتوه بالصبي دون غيره لا أن ثمرته جعل السبعة ستة بتداخل العته في الصغر لأن الصبي المحجور عليه من عشرة
الأشباه قوله ( شرح الجامع ) أي الكبير وقوله ( الوجيز ) بدل من شرح فإن اسمه الوجيز
قوله ( قال ) أي الشرنبلالي فبلغ أي المستثنى
قوله ( تسعة عشر ) أي بناء على عد المفاوض منها وهو غلط كما تقدم نقله عن قاضيخان
قوله ( ونظم الخ ) أي نظم التسعة وبقية عشرة
الأشباه
قوله ( وهي ) أي الأبيات الأربعة الأولان لابن وهبان
قوله ( والعين ) مفعول مقدم ليحصر والجملة حال أي كل أمين مات والحال أنه يحوز العين وما وجدت تلك العين بعينها فتصير دينا فضمير وجدت وتصير راجعان إلى العين وكلمة ما نافية وضمير يحصر للأمين ومعناه يحفظ
قوله ( وما وجدت ) أي العين الأمانة عينا أي معينة مشخصة
قوله ( تصير ) بالبناء للمجهول
قوله ( ثم مفاوض ) هذا على خلاف المعتمد كما قدمناه
قوله ( ومودع ) بكسر الدال اسم فاعل من أودع أي سوى مودع مال اليتيم يعني إذا خرج السلطان إلى الغزو وغنموا فأودع بعض الغنيمة عند الغانمين ومات ولم يبين عند من أودع لا ضمان عليه
قاله أبو الطيب
قوله ( وهو المؤمر ) أي الذي جعل أميرا على الجيش فإن ذلك له قبل القسمة فالمؤمر بصيغة اسم المفعول
____________________
(8/350)
قوله ( ألقت الريح ) أي في تلك الدار شيئا
قوله ( لو القاه ) بدرج الهمزة
قوله ( ملاك ) جمع مالك
قوله ( بها ) أي بالدار
قوله ( ليس يشعر ) تبع فيه صاحب الأشباه حيث قال لغير علمه واعترضه الحموي بأن الصواب بغير أمره كما في شرح الجامع إذ يستحيل تجهيل ما لا يعلمه ا هـ
وقدمناه قريبا فكان عليه أن يقول في النظم ليس يأمر
قوله ( جميعا ) يعني أن وصي الأب والجد والقاضي لا يضمن وليس المراد أن الجميع أوصوا إليه وقد مر الكلام على ذلك ويأتي قريبا إن شاء الله تعالى
قوله ( ومحجور ) بأنواعه السبعة فإن كان المراد من المحجور ستة كما قدمه يكون الموجود في النظم سبعة عشر
تأمل
قوله ( فوارث ) بغير تنوين أي إذا مات مجهلا لما أخبره المورث به من الوديعة
قوله ( يسطر ) خبر لمبتدأ محذوف أي وهذا يسطر لحفظه ويسطر مخفف
قال ابن الشحنة وفي التبيين قاعدة استثنى منها مسائل فالقاعدة قال في البدائع لو مات المضارب ولم يوجد مال المضاربة فإنه يعود دينا فيما خلف المضارب وكذا المودع والمستعير وكل من كان المال في يده أمانة إذا مات قبل البيان ولا تعرف الأمانة بعينها فإنه يكون عليه دينا في تركته لأنه صار بالتجهيل مستهلكا للوديعة ولا تصدق ورثته على الهلاك والتسليم إلى رب المال ولو عين الميت المال في حال الحياة أو علم ذلك تكون تلك الأمانة في يد وصيه أو يد وارثه كما كانت في يده ويصدقون على الهلاك والدفع إلى صاحبه كما يصدق الميت في حال حياته
والمسائل الثلاثة المستثناة ذكرها بعد القاعدة في التتمة ناقلا عن واقعات الناطفي الأمانات تنقلب مضمونة بالموت إذا لم يبين إلا في ثلاث مسائل إحداها متولي الأوقاف إذا مات ولم يعرف حال غلتها الذي أخذ ولم يبين لا ضمان عليه
الثانية إذا خرج السلطان إلى الغزو وغنموا فأودع بعض الغنيمة عند بعض الغانمين ومات ولم يبين عند من أودع لا ضمان عليه
الثالثة أن أحد المتفاوضين إذا مات وفي يده مال الشركة ا هـ
وقد علم ذلك مما قدمناه قريبا
قوله ( وكذا لو خلطها المودع ) خلط مجاورة كقمح بقمح أو ممازجة كمائع بمائع
اعلم أن الخلط على أربعة أوجه خلط بطريق المجاورة مع تيسر التمييز كخلط الدراهم البيض بالسود والدراهم بالدنانير والجوز باللوز وأنه لا يقطع حق المالك بالإجماع ولو هلك قبل التمييز هلك أمانة كما لو هلك قبل الخلط
وخلط بطريق المجاورة مع تعسر التمييز كخلط الحنطة بالشعير وذلك يقطع حق المالك ويوجب الضمان في الصحيح وقيل لا ينقطع حق المالك عن المخلوط بالإجماع هنا ويكون له الخيار
وقيل القياس أن يكون المخلوط ملكا للخالط عند أبي حنيفة وفي الاستحسان لا يصير
وخلط الجنس بخلافه ممازجة كخلط الخل بالشيرج وهو دهن السمسم والخل بالزيت وكل مائع بغير جنسه وإنه يوجب انقطاع حق المالك إلى الضمان بالإجماع
____________________
(8/351)
وخلط الجنس بالجنس ممازجة كخلط دهن اللوز بدهن اللوز أو دهن الجوز بدهن الجوز أو اللبن باللبن أو خلط الجنس بالجنس مجاورة كخلط الحنطة بالحنطة أو الشعير بالشعير أو الدراهم البيض بالدراهم البيض أو السود بالسود فعند أبي حنيفة هو استهلاك مطلقا لا سبيل لصاحبه إلا تضمين المودع مثله أو قيمته وصار المخلوط ملكا للخالط ولا يباح له قبل أداء الضمان ولا سبيل للمالك عليها عند أبي حنيفة ولو أبرأه سقط حقه من العين والدين وعندهما لا ينقطع ملك المالك عن المخلوط بل له الخيار إن شاء ضمن الخالط مثله وإن شاء شاركه في المخلوط بقدر دراهمه لأنه يمكنه الوصول إلى عين حقه صورة وأمكنه معنى بالقسمة فكان استهلاكا من وجه فيميل إلى أيهما شاء لأن القسمة فيما لا تتفاوت آحاده إفراز وتعيين حتى ملك كل واحد من الشريكين أن يأخذ حصته عينا من غير قضاء ولا رضا فكان إمكان الوصول إلى عين حقه قائما معنى فيخير
وله أنه استهلاك من كل وجه لأنه فعل يتعذر معه الوصول إلى عين حقه ولا يكون الاستهلاك من العباد أكثر من ذلك لأن إعدام المحل لا يدخل تحت قدرتهم فيصير ضامنا زيلعي ومسكين
وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه جعل الأقل تابعا للأكثر
وقال محمد رحمه الله تعالى يشاركه بكل حال وكذلك أبو يوسف رحمه الله تعالى في كل مائع خلطه بجنسه يعتبر الأكثر وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول بانقطاع حق المالك في الكل ومحمد رحمه الله تعالى بالتشريك في الكل
هندية
ولو خلط المتولي ماله بمال الوقف لم يضمن
وفي الخلاصة ضمن
وطريق خروجه من الضمان الصرف في حاجة المسجد أو الرفع إلى الحاكم
منتقى
القاضي لو خلط مال صبي بماله لم يضمن وكذا سمسار خلط مال رجل بمال آخر ولو بماله ضمن وينبغي أن يكون المتولي كذلك ولا يضمن الوصي بموته مجهلا ولو خلط بماله ضمن
يقول الحقير وقد مر نقلا عن المنتقى أيضا أن الوصي لو خلط ماله بمال اليتيم لم يضمن
وفي الوجيز أيضا قال أبو يوسف إذا خلط الوصي مال اليتيم بماله فضاع لا يضمن نور العين من أواخر السادس والعشرين
وبخط السائحاني عن الخيرية وفي الوصي قول بالضمان ا هـ
قلت فأفاد أن المرجح عدمه
والحاصل أن من لا يضمن بالخلط بماله المتولي والقاضي والسمسار بمال رجل آخر والوصي وينبغي أن الأب كذلك يؤيده ما في جامع الفصولين لا يصير الأب غاصبا بأخذ مال ولده وله أخذه بلا شيء لو محتاجا وإلا فلو أخذه لحفظه فلا يضمن إلا إذا أتلفه بلا حاجة ا هـ بل هو أولى من الوصي تأمل والمراد بقوله ولده الولد الصغير كما قيده في الفصول العمادية
وفي الهندية ولو خلطت الفضة بعد الإذابة صار من المائعات لأنه مائع حقيقة عند الخلط فيكون على الخلاف المذكور كذا في التبيين
وفي الفتاوى العتابية ولو كان عنده حنطة وشعير لواحد فخلطهما ضمنهما كذا في التاترخانية وإن كان الذي خلط الوديعة أحدا من هو في عياله كزوجته وابنه فلا ضمان عليه والضمان على الخالط
وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا سبيل للمودع والمودع على العين إذا خلطها الغير ويضمنان الخالط
وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى إن شاءا ضمنا الخالط وإن شاءا أخذا العين وكانا شريكين سواء كان الخالط كبيرا أو صغيرا
كذا في السراج الوهاج حرا كان أو عبدا
كذا في الذخيرة
____________________
(8/352)
وقد قالوا إنه لا يسع الخالط أكل هذه الدنانير حتى يؤدي مثلها إلى أربابها وإن غاب الذي خلطها بحيث لا يقدر عليه فإن تراضيا على أن يأخذها أحدهما وقد دفع قيمة مالا الآخر جاز وإن أبيا ذلك أو أبى أحدهما وقالا نبيع ذلك فباعاها ضرب كل واحد منهما في الثمن بحصته فإن كان المخلوط حنطة وشعيرا ضرب صاحب الحنطة بقيمتها حنطة مخلوطة وضرب صاحب الشعير بقيمة شعيره غير مخلوط
كذا في السراج الوهاج ا هـ
قوله ( بحيث لا تتميز ) أي أصلا كخلط الشيرج مع الزيت أو مع التعسر كما مثل به الشارح
بقوله ( بكلفة كحنطة ) واستفيد منه أن المراد بعدم التمييز عدمه على وجه التيسير لا عدم إمكانه مطلقا كما في البحر
قوله ( ضمنها لاستهلاكه بالخلط ) وإذا ضمنها ملكها ولا تباح له قبل أداء الضمان ولا سبيل للمالك عليها عند أبي حنيفة كما قدمناه
قوله ( وصح الإبراء ) فلو أبرأه سقط حقه من العين والدين كما قدمنا
قوله ( ولو خلطه ) أي الجيد قوله ( ضمنه ) أي الجيد أي ضمن مثل الجيد قوله ( وبعكسه ) أي لو خلط رديء الوديعة بجيدها
قوله ( شريك ) نقل نحوه المصنف عن المجتبى ونص عبارته لو خلط الوديعة بماله حتى لا تتميز يضمنها به ولا سبيل للمودع عليها
عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى
وعندهما يشركه إلى أن ذكر ولو صب الرديء على الجيد يضمن مثل الجيد لأنه تعيب وفي عكسه كان شريكا لأن الرديء لا يتعيب بالجيد ا هـ
فقد عرفه على قولهما القائلين بأن الخلط سبب الشركة ثم استثنى منها ما إذا خلط الرديء بالجيد وهو صحيح كما علمت مما قدمناه
وأما ما ذكره هنا مع اقتصاره على قول الإمام فإنه لا معنى له لأنه إذا خلطه ملكه ووجب ضمانه ولو أبرأه عنه طاب سواء خلطه بالجيد أو بالرديء أو بالمماثل إلا أن هذا في غير الوديعة أو قول مقابل لما سبق من أن الخلط في الوديعة يوجب الضمان مطلقا إذا كان لا يتميز
تأمل وتدبر
قوله ( لعدمه ) أي عدم التعدي وهو علة المحذوف أي ولا يضمن
قال في المنح فإن هلك بعضها هلك من مالهما جميعا ويقسم الباقي بينهما على قدر ما كان لكل واحد منهما كالمال المشترك ا هـ
قوله ( كأن انشق الكيس ) في صندوقه فاختلط بدراهمه اشتركا أي المودع والمودع في المخلوط حتى لو هلك بعضها هلك من ماليهما دراهم ويقسم الباقي بينهما على قدر ما كان لكل منهما
أبو السعود
قوله ( ولو خلطها غير المودع ) أي سواء كان أجنبيا أو من في عياله كما علمت
قوله ( ضمن الخالط ) عند الإمام
وقالا إن شاء ضمنها الخالط وإن شاء أخذ العين وكانا شريكين كما قدمناه عنالهندية
قوله ( ولو صغيرا ) لأنه من التعدي على أموال الناس كما لو كسر زجاجات الغير فإن الضمان عليه
قوله ( فرد مثله ) قال ابن سماعة عن محمد في رجل أودع رجلا ألف درهم فاشترى بها ودفعها ثم استردها بهبة أو شراء وردها إلى موضعها فضاعت لم يضمن
وروي عن محمد أو قضاها غريمه بأمر صاحب الوديعة فوجدها زيوفا فردها على المودع فهلكت ضمن
تاترخانية قوله ( خلطا لا يتميز ) أي الباقي مع الخلط
قوله ( لخلط ماله بها ) قال في البحر ضمن الكل البعض بالإنفاق والبعض بالخلط لأنه متعد بالإنفاق منها وما رده باق على ملكه
ا هـ
قوله ( فلو تأتي التمييز ) كخلط الدراهم السود بالبيض أو الدراهم بالدنانير فإنه لا يقطع حق المالك بإجماع كما قدمناه
____________________
(8/353)
قوله ( أو أنفق ولم يرد ) فهلك الباقي لا يضمن لأنه حافظ للباقي
قوله ( وهذا إذا لم يضره التبعيض ) مرتبط
بقوله أو أنفق ولم يرد كما في البحر
وفيه وقيد بقوله فرد مثلها لأنه لو لم يرد كان ضامنا لما أنفق خاصة لأنه حافظ للباقي ولم يتعيب لأنه مما لا يضره التبعيض لأن الكلام فيما إذا كانت الوديعة دراهم أو دنانير أو أشياء من المكيل والموزون ا هـ
قال الطحاوي ولم أر فيما إذا فعل ذلك فيما يضربه التبعيض هل يضمن الجميع أو ما أخذ ونقصان ما بقي فيحرر ا هـ
أقول وتحريره ما قاله العلامة أبو الطيب فردتا ظفار إذا باع أحدهما فعيب تعيب الثاني أو باع بعض الفردة فيضمن الكل ا هـ
قوله ( وإذا تعدى ) أي المودع عليها أما إذا هلكت من غير تعد فلا ضمان وشرط الضمان باطل كشرط عدمه في الرهن
أبو السعود في حاشية الأشباه
قوله ( أو ركب دابتها ) أو استخدم عبدها أو أودعها غيره
قوله ( حتى زال التعدي ) بأن رد الثوب إلى مكانه والدابة مربطها وأخذ البعض برده إلى يده وترك استخدام العبد واسترد الوديعة من الغير
قوله ( زال ما يؤدي إلى الضمان ) وهو التعدي ولا حاجة إلى هذه الزيادة لأنها أدت إلى ركاكة عبارة المصنف لأنه يصير المعنى ثم زال التعدي زال التعدي لأن ما يؤدي إلى الضمان هو التعدي فلو أسقطه لكان أحسن كما وقع في العيني والدرر حيث قالا وإن زال التعدي زال الضمان بمعنى أن الوديعة إذا ضاعت بعد العود إلى يده لم يضمن خلافا للشافعي
قال العيني لأن الضمان وجب دفعا للضرر الواقع وقد ارتفع بالعود إلى الوفاق فلا يضمن وهذا مقيد بما لم ينقصها الاستعمال فإن نقصها ضمن أي النقصان لصيرورته حابسا لجزء منها على وجه التعدي
وكذا في شرح تنوير الأذهان وإنما زال الضمان لأنه مأمور بالحفظ في كل الأوقات فإذا خالف في البعض ثم رجع أتى بالمأمور به كما إذا استأجره للحفظ شهرا فترك الحفظ في بعضه ثم حفظ في الباقي استحق الأجرة بقدره ا هـ
منح
قوله ( إذا لم يكن من نيته العود إليه ) فلو لبس ثوب الوديعة ونزعه ليلا ومن عزمه أن يلبسه نهارا ثم سرق ليلا لا يبرأ عن الضمان
بحر من الجنايات معزيا للظهيرية
ولم يذكر المصنف حكم دعواه العود هل يكتفي بمجرد دعواه العود وإن لم يصدقه صاحب الوديعة وهو مذكور في العمادية وعبارتها ولو أقر المودع أنه استعملها ثم ردها إلى مكانها فهلكت لا يصدق إلا ببينة
فالحاصل أن المودع إذا خالف في الوديعة ثم عاد إلى الوفاق إنما يبرأ عن الضمان إذا صدقه المالك في العود فإن كذبه لا يبرأ إلا أن يقيم البينة على العود إلى الوفاق
ورأيت في موضع آخر المودع إذا خالف ثم عاد إلى الوفاق فكذبه المودع فالقول قول المودع كما في الرهن بخلاف ما إذا جحد الوديعة أو منعها ثم اعترف فإنه لا يبرأ إلا بالرد على المالك كما في الحواشي الحموية
قوله ( أشباه ) عبارتها قالوا في المودع إذا لبس ثوب الوديعة ثم نزعه ومن نيته أن يعود إلى لبسه لم يبرأ من الضمان
ا هـ
قال البيري هذا عجيب من المؤلف حيث قال قالوا المشعر بأن ذلك
____________________
(8/354)
قول علمائنا كافة مع علمه بأن ذلك قول لصاحب الظهيرية وتخريجه وقد نقله عنه فيما يأتي ونصه عندي المودع إذا لبس قميص الوديعة بغير إذن المودع فنزعه بالليل للنوم فسرق القميص في الليل فإن كان من قصده أن يلبس القميص من الغد لا يعد هذا ترك الخلاف حتى لا يضمن ا هـ
وبه انتهى كلام البيري
أقول ويمكن أنه أتى بلفظ قالوا للتبري ويؤيد ذلك قول صاحب البحر عقب ذكره عبارة الخلاصة قوله فراجعه
لكن قال في الذخيرة لو وضع طبق وديعة على رأس الجب فوقع فيه إن وضع على وجه الاستعمال ضمن وإلا فلا
ا هـ
وفي جامع الفصولين وضع طبق الوديعة على رأس الخابية ضمن لو فيها شيء يحتاج إلى التغطية كماء ودقيق ونحوه لأنه استعمال صيانة لما فيها لا لو لم يكن فيها شيء ولو وضع ثوبا على عجين ضمن للاستعمال
وضع الطشت على رأس التنور ضمن لو قصد التغطية وإلا لا لأنه مستعمل في الأول لا في الثاني
ا هـ
وأنت خبير بأن ما في الذخيرة أعم فتأمل
مطلب رجل تناول مال إنسان بلا أمره في حياته ثم رده لورثته بعد موته فرع رجل تناول مال إنسان في حال حياته ثم رده إلى ورثته بعد موته يبرأ عن الدين ويبقى حق الميت في مظلمته إياه ولا يرجى له الخروج عنها إلا بالتوبة والاستغفار للميت والدعاء له
ا هـ
نور العين عن الخانية
قوله ( بخلاف المستعير والمستأجر ) يعني إذا تعدى في المستعار والمستأجر بأن استعار ثوبا ليلبسه فلبسه يومين ونزعه للتسليم أو استأجر الدابة ليركبها أياما معدودة أو ليحمل عليها أمنانا معلومة فركبها أو حملها أكثر منها ثم ردها كما كانت لم يبرأ خلافا لزفر رحمه الله تعالى فيهما لأن البراءة منه إنما تكون بإعادة يد المالك حقيقة أو حكما ولم يوجد ذلك لأن قبضهما لأنفسهما بخلاف المودع فإن يده يد المالك حكما لأنه عامل له في الحفظ زيلعي
وقيل إذا استأجر الدابة ذاهبا وجائيا يبرأ وإن ذاهبا فقط لا يبرأ لأن العقد انتهى بالوصول إلى ذلك المكان وبالعود إليه لا يعود العقد بينهما
شلبي
قال في جامع الفصولين مستأجر الدابة والمستعير لو نوى أن لا يردها ثم ندم لو كان سائرا عند النية ضمن لو هلكت بعد النية أما لو كان واقفا إذا ترك نية الخلاف عاد أمينا ا هـ
واعلم أن ما مشى عليه المصنف تبعا للكنز هو المفتي به كما في الشرنبلالية احترازا عما ذكره في الدرر من أن منهم من قال المستعير والمستأجر إذا خالفوا ثم عادوا إلى الوفاق برؤوا عن الضمان إذا كانت مدة الإيداع والإعارة باقية الخ
قوله ( فلو أزالاه ) أي التعدي
قوله ( لعملهما لأنفسهما ) وعلله البيري بأنهما مأموران بالحفظ تبعا للاستعمال أي المأذون فيه مقصودا فإذا انقطع الاستعمال المذكور لم يبق الحفظ ثابتا فلا يبرآن بالعود
ا هـ
ط
وفي جامع الفصولين ولو مأمورا بحفظ شهر فمضى شهر ثم استعملها ثم ترك الاستعمال وعاد إلى الحفظ ضمن إذا عاد والأمر بالحفظ قد زال
ا هـ
قوله ( بخلاف مودع ) لا حاجة إليه لأنه أصل المسألة المقصودة بالذكر ولكن إنما ذكره ليظهر عدها ويتضح الاستثناء في قوله إلا في هذه العشرة ط
قوله ( ووكيل بيع ) بأن استعمل ما وكل ببيعه ثم ترك وضاع لا يضمن
قوله ( أو حفظ ) تقدم صورته قريبا
قوله ( أو إجارة ) بأن وكله ليؤجر له دابته فركبها ثم ترك
قوله ( أو استئجار ) بأن دفع له دراهم ليستأجر له بيتا فدفعها في استئجار دكان
____________________
(8/355)
ثم استردها بعينها فهلكت فإنه لا يضمن
قوله ( ومضارب ومستبضع ) إذا خالف ودفع المال لنفقته ثم عاد إلى الوفاق صار مضاربا ومستبضعا
أبو السعود عن الشيخ صالح
قوله ( وشريك عنانا أو مفاوضة ) فإنهما يعودان أمينين بالعود إلى الوفاق
أبو السعود
أما شريك الملك فإنه إذا تعدى ثم أزال التعدي لا يزول الضمان كما هو ظاهر لما تقرر أنه أجنبي في حصة شريكه فلو أعار دابة الشركة فتعدى ثم أزال التعدي لا يزول الضمان ولو كانت في نوبته على وجه الحفظ فتعدى ثم أزاله يزول الضمان وهي واقعة الفتوى سئلت عنها فأجبت بما ذكرت وإن لم أرها في كلامهم للعلم بها مما ذكر إذ هو مودع في هذه الحالة
وأما استعمالها بلا إذن الشريك فهي مسألة مقررة مشهورة عندهم بالضمان ويصير غاصبا
رملي على المنح
قوله ( ومستعير رهن ) أي إذا استعار عبدا ليرهنه أو دابة فاستخدم العبد وركب الدابة قبل أن يرهنها ثم رهنها بمال بمثل القيمة ثم قضى بالمال ولم يقبضها حتى هلكت عند المرتهن لا ضمان على الراهن لأنه قد برىء عن الضمان حين رهنها فإذا كان أمينا خالف فقد عاد إلى الوفاق وإنما كان مستعير الرهن كالمودع لأن تسليمها إلى المرتهن يرجع إلى تحقيق مقصود المعير حتى لو هلك بعد ذلك يصير دينه مقضيا فيستوجب المعير الرجوع على الراهن بمثله فكان ذلك بمنزلة الرد عليه حكما فلهذا برىء عن الضمان كذا في البحر معزيا إلى المبسوط ا هـ
نقله في المنح وإنما قال ثم قضى المال ولم يقبضها لما ذكره أنه لو هلكت قبل أن يقضي المال كان قاضيا بها دينه فيضمن قيمتها لمالكها وقوله ثم رهنها بمال بمثل قيمتها الأولى أن يقول بما شرطه المرتهن لأنه لا يتجاوزه كما يأتي في بابه
تأمل
وقد علمت أن هذه المسألة مقيدة بما إذا تعدى ثم رهن فلو استعار ليرهن فتعدى ولم يرهن وضاعت فالضمان عليه ويكون داخلا في حكم المستعير المذكور في المصنف وأن هذه المسألة مستثناة من قول المصنف بخلاف المستعير كما أفاده في شرح ط
وقد سئل الخير الرملي عن المرتهن إذا مات مجهلا للرهن هل يضمنه كملا أم لا فأجاب نعم لأن الزائد عن الدين أمانة فتضمن كما هو ظاهر
ا هـ
قوله ( ثم أزاله ) أي التعدي
قوله ( إلا في هذه العشرة ) بعد الشريك صورتين
قوله ( لأن يده كيد المالك ) أي حكما لأنه عامل في الحفظ وهذه علة لمسألة الوديعة المذكورة في المصنف
والحاصل أن كل أمين خالف ثم عاد إلى الوفاق عاد أمينا لأن يده يد المالك حكما لأنه عامل في الحفظ إلا المستعير والمستأجر فإنهما ضامنان مطلقا لأن قبضهما العين كان لأنفسهما لاستيفاء المنافع فإذا ترك الخلاف لم يوجد الرد إلى صاحبها لا حقيقة ولا حكما بخلاف المودع وما عطف عليه فإن يده يد المالك حكما لأنه عامل في الحفظ كما ذكرنا
قوله ( فالقول له ) أي للمالك إلا أن يقيم المودع البينة على العود إلى الوفاق والأولى التصريح بذلك لدفع اللبس الواقع في العبارة فتأمل ط
قوله ( وقيل للمودع ) بفتح الدال لأنه ينفي الضمان عنه أي لا يشترط إقامة البينة على العود إلى الوفاق وظاهر كلامهم اعتماد الأول
قوله ( وبخلاف إقراره بعد جحوده ) بأن قال لم تودعني أما لو قال ليس له علي شيء ثم ادعى ردا أو تلفا صدق
أبو السعود عن الشرنبلالية
ومثله جحوده بلا إقرار بأن أقام بينة بعد الجحود كما في الدرر
وقوله ( وبخلاف إقراره ) معطوف على قوله
____________________
(8/356)
بخلاف المستعير والمستأجر
قوله ( حتى لو ادعى هبة أو بيعا ) يعني قيد
بقوله ( بعد جحوده ) لأنه لو ادعى أن المالك وهبها لو أو باعها منه وأنكر صاحبها ثم هلكت لا ضمان على المودع لأنهما اتفقا على اليد واختلفا في الجهة فيحمل على المحقق وهو يد الأمانة والملك للمالك
قوله ( وقيد بقوله بعد طلب ربها ) ومثله طلب امرأة الغائب وجيران اليتيم من الوصي لينفق عليه من ماله كما في الخانية ومثله في التاترخانية
وقوله بعد متعلق
بقوله ( بجحوده )
قوله ( فلو سأله عن حالها ) بأن قال ما حال وديعتي عندك ليشكره على حفظها
بحر
والأولى أن يقول لأنه الخ بدل الفاء وكذا يقال فيما يأتي
قوله ( فجحدها ) قال الرملي هذا ليس بجحود حقيقة وإنما هو حفظ فاستغنى في الكنز عن ذكره قوله ( لم يضمن ) لأن كتمان الوديعة أمكن في حفظها لأن بذكرها قد يتنبه لها الظالم والسارق فكان جحوده من باب الحفظ بخلاف ما إذا كان جحوده عند طلب المالك لها فإن بالطلب ينتهي الإيداع فإنه ما أودعها إلا ليسلمها له عند حاجته إليها فبالمنع يكون غاصبا فيضمن ولم تبق يده يد المالك فبإقراره بعد ذلك لم يحصل الرد إلى مالكها لا حقيقة ولا حكما فلذا لا يبرأ عن الضمان إلا بتسليمها إلى المالك حقيقة
قوله ( ونقلها من مكانها وقف الإنكار ) المراد به زمن الإنكار وليس المراد نقلها وقته حقيقة لأنه لا يتأتى في نادر من الصور
وعبارة الخلاصة وفي غصب الأجناس إنما يضمن إذا نقلها عن موضعها الذي كانت فيه حال الجحود وإن لم ينقلها وهلكت لا يضمن
ا هـ
وهو ظاهر وعليه فهو متعلق
بقوله ( مكانها ) وانظر ما لو كان نقلها قبله وفي نيته الجحود وقد نقل هذا التقييد الشرنبلالي عن الناطفي ونقل عن جامع الفصولين أنه يضمن بجحوده الوديعة كالعارية ولو لم يحولها
وقوله ( وكانت منقولا ) لا حاجة إليه بعد
قوله ( ونقلها من مكانها ) ولو قدمه عليه لكان أولى
قوله ( لأنه لو لم ينقلها وقته ) صادق بعدم النقل أصلا وبنقلها بعده وقبله وإنما اعتبر النقل ليتحقق الغصب في المنقول إذا الغصب إزالة اليد المحققة وإثبات اليد المبطلة وهو إنما يتحقق بنقلها من مكانها وقت الجحود لأن يده عليها يد أمانة لا ضمان فإذا جحدها فنقلها فقد أزال يد الأمانة وأثبت يد الغصب بخلاف ما إذا لم ينقلها فإن يد الأمانة باقية وقد نقل هذا القيد الشرنبلالي كما قدمناه
ونصه إذا جحد المودع الوديعة بحضرة صاحبها يكون ذلك فسخا للوديعة حتى لو نقلها المودع من المكان الذي كان فيه حالة الجحود يضمن وإن لم ينقلها عن ذلك المكان بعد الجحود فهلكت لا يضمن
ا هـ
ونقله في التاترخانية عن الخانية معزيا للناطفي لكن ذكر في جامع الفصولين أنه يضمن بجحود الوديعة كالعارية ولو لم يحولها
وفي المنتقى لو كانت العارية مما يحول يضمن بالإنكار وإن لم يحولها
وفي البدائع أن العقد ينفسخ بطلب المالك لأنه لما طلبها فقد عزله عن الحفظ أو لما جحده المودع بحضرة المالك فقد عزل نفسه عن الحفظ فبقي مال الغير في يده بغير إذنه فيكون مضمونا فإذا هلك تقرر الضمان
ا هـ
قال الخير الرملي لم يظهر لأصحاب المتون صحة هذا القول فلم ينظروا إليه فراجع المطولات يظهر لك ذلك ا هـ
فتأمل
قوله ( وكانت الوديعة منقولا ) أقول العقار مقرر عدم الضمان فيه لعدم تصور غصبه فلم
____________________
(8/357)
يصرح في الكنز بنفيه اكتفاء بذلك كما سيذكره في بابه أو لأن الأصح مذهب محمد فيه فأراد دخوله
تأمل
ذكره الخير الرملي
قوله ( لا يضمن بالجحود عندهما ) لعدم تصور غصبه
قوله ( خلافا لمحمد ) فإن الغصب يجري فيه عنده فلو جحده يكون ضامنا
قوله ( في الأصح ) أي قوله هو الأصح
قوله ( غصب الزيلعي ) أي ذكره الزيلعي في كتاب الغصب
قوله ( ولم يكن هناك من يخاف منه عليها ) أي لأنه لو جحدها في وجه عدو يخاف عليها التلف إن أقر ثم هلكت لا يضمنها لأنه إنما أراد حفظها
كذا في المنح
قوله ( فلو كان لم يضمن ) أي أقر ثم هلكت
قوله ( وقيد بقوله ولم يحضرها الخ ) أقول لم يصرح به في الكنز
والجواب عنه أنه حيث قلتم إنه إيداع جديد فما مدخله في مسألتنا فتأمله
ذكره الخير الرملي
قوله ( فإن أمكنه ) أي ربها أخذها عند إحضارها ليجعل قابضا لها
قوله ( لم يضمن لأنه إيداع جديد ) أي بقوله دعها فيكون إبقاؤها إيداعا جديدا قوله ( وإلا ) أي وإن لم يكن المالك أخذها عند إحضارها
قوله ( ضمنها ) لأنه لم يجعل قابضا لها فبقيت مضمونة على جاحدها
قوله ( لأنه لم يتم الرد ) أي ردها إلى المالك بإحضارها عند عدم تمكنه من أخذها فلا يصح الإيداع الجديد لأن الإيداع إنما يكون لعين ماله وهو إنما يستحق على المودع ضمانها فهو كالدين في ذمته والمضمون لا يصير أمانة إلا بعد الخروج عن عهدة ضمانه وذلك بالتسليم التام الذي يمكن المالك معه القبض والتسليم
قوله ( وقيد بقوله لمالكها ) أو وكيله كما في التاترخانية فاللام بمعنى عند ويؤيده قول الدرر أو جحودها عند مالكها
قال الخير الرملي لا حاجة إليه أي مالكها لأنه هو المراد لا غيره إذ الكلام فيه فلذا لم يذكره في الكنز
قوله ( فإذا تمت الشروط ) وهي طلب ردها ونقلها وكونه منقولا وعدم الخوف عليها وعدم إحضارها بعده جحودها وكون الجحود لمالكها لم يبرأ الخ
قوله ( إلا بعد جديد ولم يوجد ) والحاصل على ما ذكره المصنف أنه لا يضمن إلا بشروط أن يجحد عند سؤال ردها وأن ينقلها وأن يكون نقلها زمن إنكاره وأن تكون مما ينقل وأن لا يكون عند الإنكار من يخاف عليها منه وأن لا يحضرها بعد الجحود وأن يكون الجحود لمالكها
فإن وجدت هذه الشروط ضمن
وإلا بأن جحد عند غير صاحبها أو عنده حين يسأله عن حالها من غير أن يطلب منه الرد أو طلب منه الرد عند من يخاف منه فجحدها لا يضمن
قوله ( قبل ) لعدم تناقضه فإنه يقول إني بعد أن جحدتك الوديعة نسيانا أو ظلما ثم تذكرت أو رجعت عن الظلم كان مدعيا فإذا نور دعواه بالبينة قبلت فيبرأ عن الضمان
قوله ( كما لو برهن الخ ) هكذا نقله في الخانية والخلاصة
ونقل في البحر عن الخلاصة أنه لا يصدق لكن في عبارته سقط ويدل عليه أن الكلام في البينة لا في مجرد الدعوى حتى يقال لا يصدق
____________________
(8/358)
وعبارة الخلاصة بعد قوله لم يستودعني هكذا وفي الأقضية لو قال لم يستودعني ثم ادعى الرد أو الهلاك لا يصدق ففي عبارته سقط
قال في الخانية وذكر في المنتقى إذا جحد المودع الوديعة ثم ادعى أنه ردها بعد ذلك وأقام البينة قبلت بينته وكذا لو أقام البينة أنه ردها قبل الجحود وقال إنما غلطت الخ فظهر أن فيما نقله صاحب البحر عن الخلاصة سقط
وفي الخانية أيضا ولو جحد المودع الوديعة ثم أقام البينة على هلاكها قبل الجحود إن قال ليس لك عندي وديعة قبلت بينته ويبرأ عن الضمان
ولو قال نسيت في الجحود أو قال غلطت ثم أقام البينة أنه دفعها إلى صاحبها قبل الجحود برىء ا هـ
قوله ( وقال غلطت ) حال من الضمير في برهن الثانية التي هي على الرد قبل الجحود لأنه متناقض في دعواه ذلك لأنه حيث جحدها زعم أنه لا وديعة عنده فلا يتأتى الرد لنفي أصل الوديعة فيحتاج إلى التوفيق فإذا قال غلطت أي أردت أن أقول رددتها فقلت لا وديعة عندي أو لم تودعني شيئا لأن الوديعة التي قد أودعتها عندي قد انتهت بالتسليم إليك فصرت كأن لم تودع شيئا فيقبل حينئذ برهانه لارتفاع التناقض وكذا لو قال نسيت أي حين سألتني عن الوديعة بعد ردها إليك نسيت الإيداع والرد فلذلك قلت لك لم تودعني شيئا ثم تذكرت وهذه بينتي على الرد تقبل
قوله ( أو ظننت أني دفعتها ) أي وبعد الدفع لم أكن مودعا فأنا صادق في قولي لك لم تودعني لأني قد برئت من وديعتك بتسليمها إليك
قوله ( ولو ادعى هلاكها قبل جحودها حلف المالك الخ ) أي عند القاضي بطلب المودع عند عدم إقامة البينة على الضياع من المودع لأن كل من إذا أقر بشيء لزمه يحلف عند إنكاره والمالك لو أقر بهلاكها قبل جحود المودع انتفى الضمان فإذا أنكره يحلف فإذا حلف ضمنها المودع لعدم ثبوت مدعاه فيضمن بجحوده وإن نكل برىء المودع لأن النكول إقرار أو بذل على ما عرف
قوله ( ما يعلم ذلك ) لأنه تحليف على غير فعله فيكون على العلم وذلك عند عدم إقامة البينة على الضياع من المودع
أما إذا أقام بينة فإن كان قبل الجحود تقبل لعدم التعدي والتناقض وإن بعده لا تقبل لأنه بالجحود غاصب ولم يرد إلى المالك كما تقدم
قال في الهندية إذا أقام رب الوديعة البينة على الإيداع بعد ما جحد المودع وأقام المودع البينة على الضياع فإن جحد المودع الإيداع بأن يقول للمودع لم تودعني ففي هذا الوجه المودع ضامن وبينته على الضياع مردودة سواء شهد الشهود على الضياع قبل الجحود أو بعد الجحود
وإن جحد الوديعة بأن قال ليس لك عندي وديعة ثم أقام البينة على الضياع إن أقام البينة على الضياع بعد الجحود فهو ضامن وإن أقام بينته على الضياع قبل الجحود فلا ضمان وإن أقام بينته على الضياع مطلقا ولم يتعرضوا لكونه قبل الجحود أو بعده فهو ضامن
ا هـ
قوله ( فإن حلف ضمنه ) أي ضمن المالك المودع لعدم ثبوت مدعاه فيضمن بجحوده وإن نكل برىء أي المودع لأن النكول إقرار أو بذل كما سمعت
قوله ( وكذا العارية ) أي إذا ادعى المستعير هلاكها قبل جحوده فإن القاضي يحلفه على العلم
قوله ( ويضمن قيمتها يوم الجحود إن علم ) الأصوب علمت أي القيمة لأن الفاعل ضمير مؤنث متصل فتلزم التاء
____________________
(8/359)
ونقل في المنح قبله عن الخلاصة ضمان القيمة يوم الإيداع بدون تفصيل لكنه متابع في النقل عن الخلاصة لصاحب البحر وفيما نقله سقط كما قدمناه قريبا فإن ما رأيته في الخلاصة موافق لما في العمادية فتنبه
وأصل العبارة قضى عليه بقيمته يوم الجحود فإن قال الشهود لا نعلم قيمته يوم الجحود لكن قيمته يوم الإيداع كذا قضى عليه بقيمته يوم الإيداع
وعبارة العمادية أنه لو جحد الوديعة وهلكت ثم أقام المودع بينة على قيمتها يوم الجحود يقضي بقيمتها يوم الجحود وإن لم يعلم قيمتها يوم الجحود يقضي بقيمتها يوم الإيداع يعني إذا أثبت الوديعة
كذا ذكره في العدة ا هـ
ولذلك تعقب العلامة المقدسي صاحب البحر بأن الذي في الخلاصة يقضي عليه بقيمته الخ
قوله ( وإلا فيوم الإيداع ) قال مؤيد زاده إن لم تعلم قيمة الوديعة يوم الجحود يقضي بقيمتها يوم الإيداع
قوله ( بخلاف مضارب جحد ) أي قال لرب المال لم تدفع لي شيئا
قوله ( ثم اشترى ) أي بعد ما أقر ورجع عن الجحود بأن قال بلى قد دفعت إلي بخلاف ما لو أقر بعد الشراء فيضمن المتاع له
منح عن الخانية
قوله ( لم يضمن خانية ) عبارتها كما في المنح المضارب إذا قال لرب المال لم تدفع إلي شيئا ثم قال بلى قد دفعت إلي ثم اشترى بالمال ذكر الناطفي أن المشتري يكون على المضاربة وإن ضاع المال في يده بعدا لجحود وقبل الشراء فهو ضامن والقياس أن يضمن على كل حال
وفي الاستحسان إن جحد ثم أقر ثم اشترى برىء عن الضمان وإن جحدها ثم اشترى ثم أقر فهو ضامن والمتاع له وكذا الوكيل بشراء شيء بغير عينه بألف ودفع الموكل المال إلى الوكيل فإن كان العبد معينا فاشتراه في حالة الجحود أو بعدما أقر فهو للآمر
ولو دفع رجل عبدا إلى رجل ليبيعه فجحد المأمور ثم أقر به فباعه قال محمد بن سلمة جاز ويبرأ عن الضمان وقال غيره من المشايخ في قياس قوله ولو باعه بعد الجحود ثم أقر جاز أيضا
ا هـ
وبهذا يعلم ما في عبارته من حذف ما لا بد منه وهو قوله ثم أقر ثم اشترى الخ
فتأمل
وعليه فلو قال بخلاف مضارب جحد ثم أقر ثم اشترى لم يضمن لأصاب
قوله ( والمودع له السفر بها ) أي برا وأجمعوا أنه لو سافر بها بحرا يضمن هندية عن غاية البيان
قال في البحر ومن المخوف السفر بها في البحر لأن الغالب فيه العطب
ا هـ
وعزاه للاختيار
وتعقبه المقدسي بحثا منه رحمه الله تعالى بأن من المقرر أن النادر لا حكم له فلو العطب قليلا والسلامة أغلب فلا ضمان سواء سافر برا أو بحرا وبالعكس يضمن يعمل ذلك من هنا ومن قولهم للمضارب السفر برا أو بحرا ومن قولهم يجب الحج إذا كان الأغلب السلامة ولو بحرا وهذا يختلف باختلاف الزمان والمكان كما هو مشاهد فتدبر انتهى
وأجيب أيضا بأن التقييد مستفاد من تعليله
ا هـ
أقول وحيث كانت العلة الخوف وهو أيضا منتف بسفينة التجار في زماننا المعروفة بالبابور فإن الغالب فيها السلامة لأن التجار الآن لا تطمئن قلوبهم في إرسال أموالهم إلا بها بحرا وإذا انتفت العلة انتفى المعلول
على أنا قدمنا ويأتي أن العبرة في حفظ الوديعة العرف وحيث كان العرف كذلك فينبغي أن يقال لا فرق بين السفر بها برا أو بحرا في البابور فتأمل وراجع
وقيد بالمودع لأن الأب أو الوصي إذا سافر بمال اليتيم لا يضمن إجماعا
والوكيل بالبيع إذا سافر بما وكل ببيعه إن قيد الوكالة بمكان بأن قال له بعه بالكوفة فأخرجها
____________________
(8/360)
من الكوفة يصير ضامنا عندنا وإن أطلق للوكالة فسافر به إن كان شيء له حمل ومؤنة يكون ضامنا وإن لم يكن له حمل ومؤنة لا يصير ضامنا عندنا إذا لم يكن له بد من السفر وإن كان له بد من السفر لا يكون ضامنا عند أبي حنيفة طال الخروج أم قصر
وقال أبو يوسف إن طال الخروج يكون ضامنا وإن قصر لا يكون ضامنا
كذا في فتاوى قاضيخان ويأتي تمامه قريبا
قوله ( ولو لها حمل ) فسره في الجوهرة بما يحتاج في حمله إلى ظهر أو أجرة حمال ا هـ مكي
وفي الهندية عن المضمرات لو كانت طعاما كثيرا فسافر بها فهلك الطعام فإنه يضمن استحسانا ا هـ
وذكر في المنح ولا يضمن ولو كان الخروج طويلا ومؤنة الرد على المالك
قال في التبيين وما يلزم الآمر من مؤنة الرد ضرورة صحة أمره فلا يعد ذلك إضرارا به
ا هـ
قال الزيلعي وقال محمد لا يخرج بما له حمل ومؤنة ا هـ
وجعله في العناية قول الثاني أيضا
ثم قال لكن قيل عند الثاني إذا كان بعيدا وعند محمد مطلقا قريبا كان أو بعيدا ا هـ
واستثنى في شرح القدوري الطعام الكثير فإنه يضمن إذا سافر به استحسانا ونقله في البحر
وفيه عن قاضيخان للمودع أن يسافر بمال الوديعة إذا لم يكن له حمل ومؤنة
وتعقبه الحموي بأن ما في الخانية من اشتراط عدم الحمل والمؤنة مبني على قولهما أما على قول أبي حنيفة فيسافر بها مطلقا عند عدم النهي
قوله ( عند عدم نهي المالك وعدم الخوف عليها ) قال إذا لم يعين مكان الحفظ أو لم ينه عن الإخراج نصا بل أمره بالحفظ مطلقا فسافر بها فإن كان الطريق مخوفا فهلكت ضمن بالإجماع وإن كان آمنا ولا حمل لها ولا مؤنة لا يضمن بالإجماع وإن كان لها حمل ومؤنة فإن كان المودع مضطرا في المسافرة بها لا يضمن بالإجماع وإن كان له بد من المسافرة بها فلا ضمان عليه قربت المسافة أو بعدت
وعلى قول أبي يوسف إن بعدت يضمن وإن قربت لا
هذا هو الملخص والمختار
وهذا كله إذا لم ينه عنها ولم يعين مكان الحفظ نصا وإن نهاه نصا وعين مكانه فسافر بها وله منه بد ضمن
كذا في الفتاوى العتابية
إن أمكنه حفظ الوديعة في المصر الذي أمره بالحفظ فيها مع السفر بأن يترك عبدا له في المصر المأمور به أو بعض من في عياله فإذا سافر بها والحالة هذه ضمن وإن لم يمكنه ذلك بأن لم يكن له عيال أو كان إلا أنه احتاج إلى نقل العيال فسافر فلا ضمان
كذا في التاترخانية
هندية من الباب الثالث من كتاب الوديعة
قوله ( فإن له بد من السفر ) هذا التفصيل في الصورتين كما أفاده الزيلعي وقد علمته من عبارة الهندية
قوله ( فإن سافر بنفسه ضمن ) أي لو كان له أهل لم يسافروا معه لأن له بدا من السفر بها
فرع من استؤجر لحفظ عين أو وكل ببيعها ليس له أن يسافر بها وكذا إذا قيد الإيداع بمكان
وفي المقدسي عن النسفي للوكيل بالبيع أن يدفع العين إلى السمسار
قوله ( فإن سافر بنفسه ضمن وبأهله لا ) لأنه يمكنه أن يحفظها بعياله وقدمناه عن الهندية معزيا للتاترخانية
والحاصل أن عند أبي حنيفة له أن يسافر بها مطلقا أي سواء كان لها حمل ومؤنة أو لا وسواء له بد من السفر أو لا ولا فرق بين الطويل والقصير
وعندهما ليس له السفر بها إذا كان لها حمل ومؤنة وطالت مدة السفر وهذا الخلاف في خصوص ماله حمل ومؤنة مع طول مدة السفر أما ما ليس له حمل ولا مؤنة ولم تطل مدة سفره فله السفر بها اتفاقا عند عدم النهي والخوف وكذا مع النهي والخوف أيضا إن لم يكن له من السفر
____________________
(8/361)
بد كما سبق
وفي خصوص ما إذا أمكنه الحفظ في المصر بأن كان بعض عياله ثمة ولم يحتج إلى نقلهم
أما لو لم يمكنه بأن لم يكن أو كان ولكن احتاج إلى نقلهم لا يضمن بالإجماع وإن سافر بنفسه من غير عياله يضمن وبه صرح في البحر عن الخانية كما يستفاد ذلك من أبي السعود وهذا كله في سفر البر كما علمت
أما في البحر فليس له أن يسافر في قولهم جميعا إلا على ما بحثه أبو السعود وأيدناه بما تقدم قريبا فلا تنسه
قوله ( ولو أودعا شيئا مثليا أو قيميا ) لكن عدم جواز الدفع في القيمي بإجماع وفي المثلي خلاف الصاحبين فإنهما قالا بجواز دفع حظه له قياسا على الدين المشترك
وفرق أبو حنيفة بينهما بأن المودع لا يملك القسمة بينهما فكان تعديا على ملك الغير وفي الدين يطالبه بتسليم حقه إذ الديون تقضي بأمثالها فكان تصرفا في مال نفسه كما في البحر
قوله ( لم يجز ) قدره بناء على ما سيأتي من أنه لو دفع لم يضمن فلم يبق المراد بنفي الدفع إلا عدم الجواز وسيأتي ما فيه
وفي البحر وأشار بقوله ( لم يدفع ) إلى أنه لا يجوز له ذلك حتى لا يأمره القاضي بدفع نصيبه إليه في قول أبي حنيفة وإلى أنه لو دفع إليه لا يكون قسمة اتفاقا حتى إذا هلك الباقي رجع صاحبه على الآخذ بحصته وإلى أن لأحدهما أن يأخذ حصته منها إذا ظفر بها
ا هـ
قال المقدسي قلنا بل يطالبه بدفع حظ الغائب لأنه طلب المقرر وحقه مشاع ولا يتميز إلا بالقسمة ولا يملكها ولذا لا يقع دفعه قسمة فلو هلك الباقي رجع صاحبه وإذا لم يقع قسمة كان متعديا في النصف فيضمن وفي الدين يطالبه بتسليم حقه لأن الدين يقضي بمثله فتصرف في ملكه ولا قسمة
تتمة في أبي السعود الغريم المديون أن يأخذ وديعته إن ظفر بها وليس للمودع الدفع إليها شيخنا وإذا مات المودع بلا وارث كان للمودع صرفها إلى نفسه إن كان من المصارف وإلا صرفها إلى المصرف
ا هـ
وعزاه إلى الحموي عن البزازية
قوله ( ولو دفع هل يضمن ) أي نصيب الغائب وهو نصف المدفوع إن هلك الباقي في القسمة أو لا يضمن لأن لأحد الشريكين أن ينتفع بحصته في المثلى
قال بالأول الإمام وبالثاني الصاحبان
واعلم أنهم قالوا إذا دفع لا يكون قسمة اتفاقا حتى إذا هلك الباقي رجع الغائب على الآخذ بحصته
وفي الهندية إذا دفع المودع إلى الحاضر نصفها ثم هلك ما بقي وحصر الغائب
قال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن كان الدفع بقضاء فلا ضمان على أحد وإن كان بغير قضاء فإن الذي حضر اتبع الدافع بنصف ما دفع ويرجع به الدافع على القابض وإن شاء أخذ من القابض نصف ما قبض كذا في الذخيرة
فإن هلك ما في يد المودع هلك أمانة بالإجماع ينابيع
ولو هلك المقبوض في يد القابض فليس له أن يشارك فيما بقي غاية البيان فأفاد أن المودع لو دفع الكل لأحدهما بلا قضاء وضمنه الآخر حصته من ذلك فله الرجوع بما ضمنه على القابض وهذا على قول أبي يوسف
قوله ( في الدرر نعم ) أي يضمن في فتاوى قاضيخان ما يفيده ولفظه ثلاثة أودعوا رجلا مالا وقالوا لا تدفع المال إلى أحد منا حتى نجتمع فدفع نصيب أحدهم
قال محمد في القياس يكون ضامنا وبه قال أبو حنيفة وفي الاستحسان لا يضمن وهو قول أبي يوسف ا هـ
فلو لم يقل لا تدفع حتى نجتمع هل يضمن بالدفع أي بناء على الاستحسان الذي يأتي
____________________
(8/362)
ذكره قريبا ظاهر تقييدهم أنه لا يضمن إلا أن يأتيا بالوديعة حاملين لها وسلماها كذلك أما إذا سلمها أحدهما بحضرة الآخر فظاهر أنه يدفع لمن سلمه وحضور الآخر لا يقتضي كونه مودعا لجواز أن يكون شاهدا له ونحوه
كذا أفاده الحموي
من مناقب الإمام أن اثنين أودعا الحمامي شيئا فخرج أحدهما وأخذ الوديعة وانصرف فخرج الآخر وطلبها منه فلم يخبره الحمامي واستمهله وانطلق إلى الإمام رحمه الله تعالى فأخبره فقال له قل له أنا لا أعطي الوديعة إلا لكما معا فانصرف ولم يعد
زيلعي
قوله ( وفي البحر الخ ) أي في المثلي كالمثال الذي ذكره في البحر عن الخانية أما في القيمي فيضمن اتفاقا لأنه لا يقسم بدون حضور الشريك أو نائبه
قوله ( فكان هو المختار ) تعقبه المقدسي فقال كيف يكون هو المختار مع أن سائر المتون على قول الإمام
وقال الشيخ قاسم أختار قول الإمام النسفي والمحبوبي والموصلي وصدر الشريعة
وقال المقدسي وقول بعضهم عدم الضمان هو المختار مستدلا بكونه الاستحسان مخالف لما عليه الأئمة الأعيان بل غالب المتون عليه متفقون
كذا في حاشية أبي السعود عن الحموي
قوله ( اقتسماه ) أي الرجلان المودعان بفتح الدال وذكر الرجل استطرادي
قوله ( وحفظ كل ) أي كل واحد منهما نصفه لأنه لا يمكن الاجتماع على حفظها وحفظ كل واحد منهما للنصف دلالة والثابت بالدلالة كالثابت بالنص
قوله ( وعدلي رهن ) أي العدلين اللذين وضع عندهما الرهن فهو بفتح العين تثنية عدل كذلك فإنهما يقتسمان المثلي ويحفظ كل نصيبه فإن دفع أحدهما نصيبه إلى الآخر ضمن ما دفع
قوله ( ووكيلي شراء ) بأن دفع لهما ألفا يشتريان به عبدا اقتسما الألف فإن دفع أحدهما نصفه ضمن الدافع وأجمعوا أن المدفوع إليه لا يضمن لأنه مودع المودع
هندية قوله ( ضمن ) أي النصف فقط
قوله ( الدافع ) أي لا القابض لأنه مودع المودع
بحر
وهذا عند أبي حنيفة
وقالا لا يضمنان به
كذا أفاده مسكين ومثله في الهداية وقول أبي حنيفة أقيس لأن رضاه بأمانة اثنين لا يكون رضا بأمانة واحد فإذا كان الحفظ مما يتأتى منهما عادة لا يصير راضيا بحفظ أحدهما للكل كما في البيانية
قوله ( بخلاف ما لا يقسم ) فسر ما لا يقسم بالمكيلات والموزونات ومثلهما كل ما لا يتعيب بالتقسيم وما لا يقسم هو ما يتعيب بالتقسيم الحسي ا هـ مكي
قال السيد الحموي وإذا لم تمكن القسمة فيما لا يقسم كان لهما التهايؤ في الحفظ
كذا في الخلاصة
فلو دفعه زائدا على زمن التهايؤ ينظر ا هـ
قوله ( لجواز حفظ أحدهما بإذن الآخر ) أقول الصواب في التعليل أن يقول لأنه لما أودعهما مع علمه بأنهما لا يجتمعان على حفظها دائما كان راضيا بحفظ أحدهما
قوله ( فدفعها إلى ما لا بد منه ) من عياله وغيرهم كدفع الدابة إلى عبده وما يحفظه النساء إلى عرسه
درر
وهذا إنما يظهر في صورة ما إذا منعه عن الدفع إلى بعض معين من عياله لا في النهي عن الدفع إلى العيال مطلقا ثم عدم الضمان فيما إذا دفع إلى بعض عياله وقد نهى عن الدفع إليه محله إذا كانت الوديعة مما يحفظ في يد من منعه
أما لو كانت لا تحفظ عنده عادة فنهاه عن الدفع إليه فدفع ضمن كما لو كانت الوديعة فرسا فمنعه من دفعها إلى امرأته أو عقد جوهر فمنعه من دفعه إلى غلامه ودفع ضمن
أفاده الزيلعي
____________________
(8/363)
ومن حوادث الفتوى شرط على المودع الحفظ بنفسه فحفظ بزوجته هل يضمن للمخالفة أو لا والذي يظهر من كلامهم عدم الضمان
حموي
وأقول ينبغي أن يقيد عدم الضمان بالدفع إلى الزوجة بما إذا كانت الوديعة نحو عقد فلو كانت نحو فرس ضمن
أبو السعود
وفيه قوله وإن كان له منه بد هذه المسألة صادقة بصورتين
الأولى أن تكون الوديعة شيئا خفيفا يمكن المودع الحفظ بنفسه كالخاتم فإنه يضمن بدفعه إلى عياله
الثانية أن يكون له عيال سوى من منعه من الدفع إليه
بحر
فإن قلت هذا إنما يتجه أن لو منعه من الدفع إلى بعض معين من عياله وهو خلاف ما يستفاد من قول المصنف ولو قال لا تدفع إلى عيالك
قلت مبنى هذا الإشكال ما هو المتبادر من أن قوله وإن كان له منه بد مرتبط بقوله ولو قال لا تدفع إلى عيالك وليس كذلك ولهذا شرح العيني قول المصنف أي الكنز وإن كان له منه بد بقوله بأن نهاه أن يدفعها إلى امرأته فلانة وله امرأة أخرى أو نهاه أن يسلمها إلى غلامه فلان وله غلام آخر فخالفه ا هـ
قوله ( لم يضمن ) لأنه لا يمكنه الحفظ مع مراعاة شرطه لأن التقييد غير مفيد لأن الدار حرز واحد بدليل أن السارق إذا أخذ من بيت من الدار فنقل إلى بيت آخر لم يقطع لعدم هتك الحرز والحرز الواحد لا فائدة في تخصيص بعضه دون بعض وما لا فائدة في تخصيصه في الأمر يسقط في الإيداع كما لو قال احفظها بيمينك دون شمالك أو ضعها في يمين البيت دون يساره وكما لو قال في كيسك هذا فوضعها في غيره أو في الصندوق أو احفظ في الصندوق ولا تحفظ في البيت فحفظ بالبيت فإنه لا يضمن
لكن قد يفرق بين الحرز في السرقة والحرز في الوديعة وذلك أن المعتبر في قطع السارق هتك الحرز وذلك لا يتفاوت باعتبار المحروزات والمعتبر في ضمان المودع التقصير في الحفظ ألا ترى أنه لو وضعها في داره الحصينة فخرج وكانت زوجته غير أمينة يضمن ولو أحد سرقها يقطع لأن الدار حرز وإنما ضمن للتقصير في الحفظ ولو وضعها في الدار وخرج والباب مفتوح ولم يكن في الدار أحد أو في الحمام أو المسجد أو الطريق أو نحو ذلك وغاب يضمن مع أنه لا يقطع سارقها ونظائر هذا كثيرة فإذا اعتبرنا هنا الحرز المعتبر في السرقة لزم أن لا يضمن في هذه المسائل ونحوها فيلزم مخالفة ما أطبقوا عليه في هذا الباب فظهر يقينا صحة ما قلنا من الفرق والله تعالى أعلم
قال في البزازية ولو قال وضعتها بين يدي وقمت ونسيتها فضاعت يضمن
ولو قال وضعتها بين يدي في داري والمسألة بحالها إن مما لا يحفظ في عرصة الدار كصرة النقدين يضمن ولو كان مما بعد عرصتها حصنا له لا يضمن ا هـ
ومثله في الخلاصة والفصولين والذخيرة والخانية وغيرها
وظاهره أنه يجب كل شيء في حرز مثله وفي السرقة يعتبر في ظاهر المذهب كل ما كان حرزا لنوع فهو حرز لكل الأنواع
وعليه فقد ظهر الفرق بين الحرزين
ففي السرقة يقطع بسرقة لؤلؤة من إصطبل ولو كانت وديعة وضعها في الإصطبل وهلكت يضمن المودع لأن الإصطبل ليس حرز مثلها وبه ظهر جواب حادثة وهي أن مودعا وضع بقجة شال غالية الثمن في إصطبل فسرقت
والجواب أنه يضمن وإن قطع سارقها والله تعالى أعلم
قوله ( وإلا ضمن ) أي في المسألتين
____________________
(8/364)
وهي دفعها إلى من لا بد منه بأن دفعها إلى من له منه بد أي انفكاك وفرقة
والثانية حفظها في بيت آخر والبيوت مستوية بأن حفظها في بيت والبيوت مختلفة
قال في البدائع والأصل المحفوظ في هذا الباب ما ذكرنا أن كل شرط يمكن مراعاته ويفيد والعمل به ممكن فهو معتبر وكل شرط لا يمكن مراعاته ولا يفيد فهو هدر وهنا إنما ضمن لأن التقييد مفيد كما قال الشارح كما إذا ظهر البيت المنهي عنه إلى السكة كما في البحر أي فإنه يضمن لأنه متعد لأن من العيال من لا يؤتمن على المال أي فيما إذا نهاه عن الدفع إلى زوجته أو غلامه وللمودع زوجته أو غلام آخر ولتفاوت البيوت في الحفظ
بقي لو أمره بالحفظ في دار فحفظ في دار أخرى فالذي ذكره شيخ الإسلام الضمان وإن كانت الثانية أحرز
والذي في شرح الطحاوي إذا كانت الدار التي خبأها فيها والدار الأخرى في الحرز على السواء أو كانت التي خبأها فيها أحرز فلا ضمان عليه سواء نهاه عن الخبء فيها أو لم ينهه
كذا في المحيط
ولو قال احفظها في هذه البلدة ولا تحفظها في بلدة أخرى فحفظها في البلدة المنهية ضمن بالاتفاق ا هـ
هندية
قوله ( لأن التقييد مفيد ) أي والنهي عن الوضع في الدار الأخرى مفيد لأن الدارين يختلفان في الأمن والحفظ فصح الشرط وأمكن العمل به
وأما البيتان في دار واحدة فقلما يختلفان في الحرز فالمتمكن من الأخذ من أحدهما يتمكن من الأخذ من الآخر فصار الشرط غير مفيد وتعذر العمل به أيضا فلا يعتبر وكذا الصندوقان فإن تعيين الصندوق في هذه الصورة لا يفيد فإن الصندوقين في بيت واحد لا يتفاوتان ظاهر إلا أن يكون لهما أي للبيت والصندوق خلل ظاهر فحينئذ يفيد الشرط ويضمن بالخلاف وكذا لو كانت البيت أو الصندوق المأمور بالحفظ فيه أحرز من المنهي عن الوضع فيه فحينئذ يضمن أيضا كما بينا
وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده أنه يضمن بالحفظ المنهي عنه مطلقا كما في الظهيرية وعليه كلام الذخيرة كما علمته من كلام الهداية المار قريبا
قوله ( ولا يضمن مودع المودع ) أي بالهلاك عنده أما لو استهلكه ضمن ومودع الغاصب لو رده على الغاصب بريء كما أن غاصب الغاصب لو رد على الغاصب بريء كما سيذكره في الغصب ذكره الخير الرملي
قوله ( فيضمن الأول ) إذا دفع إلى غير من في عياله بغير إذن ولا ضرورة كحرق
در منتقى
وإنما ضمن الأول لأنه ترك الحفظ دون الثاني لأنه أخذ المال من أمين ولم يترك الحفظ وهذا قول الإمام
وعندهما يضمن المالك أيهما شاء فإن ضمن الأول لم يرجع على الثاني لأنه ملكه بالضمان فظهر أنه أودع ملك نفسه وإن ضمن الثاني رجع على الأول لأنه عامل له فيرجع عليه بما لحقه من العهد
لهما أن الأول جنى بالتسليم إلى الثاني بغير إذن المالك والثاني تعدى بالقبض بلا إذنه فيميل المالك إلى أيهما شاء
وللإمام أن الأول لا يضمن بالدفع إلى الثاني ما لم يفارقه لأن حفظه لا يفوت ما دام في مجلسه والمالك إنما رضي بحفظه ورأيه لا بصورة يده بدليل أنها لو هلكت قبل أن يفارقه لا يضمن واحد منهما بالإجماع فإذا فارق الأول الثاني ضمن لأنه صار مضيعا والثاني أمين استمر على الحالة الأولى ولم يوجد منه تعد ولم يكن متعديا من الابتداء بالقبض فلا ينقلب متعديا من غير إحداث فعل زيلعي
وهنا ضمن في إيداع قصدي لأنه لو كان ضمنيا قيل لا يضمن كما لو دخل الحمام ووضع دراهم الوديعة مع ثيابه بين يدي الثيابي قيل يضمن لأنه إيداع
____________________
(8/365)
المودع كما قدمناه عن جامع الفصولين معزيا للذخيرة
وفيه معزيا للمحيط لا يضمن لأنه إيداع ضمني وإنما يضمن بإيداع قصدي
ا هـ
ومن هذا القبيل ما في الدرر أودع حر عبدا محجورا فأودع المحجور محجورا مثله وضاع المودع ضمن الأول فقط بعد العتق لأنه سلطه على إتلافه وشرط عليه الضمان فصح التسليط وبطل الشرط في حق المولى ولا يضمن الثاني لأنه مودع المودع
وصورة المسألة أودع عند رجل وديعة فأودعها المودع عند شخص آخر من غير عياله فهلكت مسكين
قوله ( لا ضمان ) لأن حفظه لا يفوت ما دام في مجلسه الخ ولو استهلك الثاني الوديعة ضمن بالاتفاق ولصاحب الوديعة أن يضمن الأول ويرجع على الثاني وأن يضمن الثاني ولا يرجع ط
قوله ( لم يصدق ) لأنه يدعي زوال سبب الضمان بعد ثبوته والمالك ينكره فالقول للمالك بيمينه والبينة للمودع
قال في جامع الفصولين لم يصدق لأنه أقر بوجوب الضمان عليه ثم ادعى البراءة فلا يصدق إلا ببينة ا هـ
ووجوب الضمان عليه هنا كونه أودع عند الغير والإيداع إلى الغير موجب للضمان فلا يصدق في رفع الموجب
قوله ( وفي الغصب منه يصدق ) يعني لو غصب الوديعة من المودع غاصب وهلكت فأراد المالك أن يضمن الغاصب فقال المودع رده علي وهلك عندي وقال لا بل هلك عنده فالقول قول المودع إذا لم يفعل المودع ما يوجب الضمان فهو على ما كان أمين عنه الرد وقبله وبعده بخلاف دفعه للأجنبي لأنه موجب للضمان شائحاني
قوله ( لأنه أمين ) ولم يوجد منه تعد يوجب الضمان
قوله ( فكلاهما ضامن ) أي كل من القصار وقاطع الثوب وللمالك الخيار في تضمين أيهما شاء فإن ضمن القصار رجع بما ضمنه على قاطع الثوب وإن ضمن القاطع لا رجوع له على القصار
ونظير هذه المسألة ذكره مؤيد زاده عن جامع الفصولين لو دفع القصار إلى المالك ثوب غيره فأخذه على ظن أنه له ضمن والجهل فيه ليس بعذر
طلب ثوبه من قصار فقال دفعت ثوبك إلى رجل ظننت أنه ثوبه ضمن القصار كثيابي حمام سلم إليه رجل ثيابه ليحفظها فقال الثيابي خرج رجل ولبس ثيابك فظننت أنها له ا هـ
قوله ( فلربها تضمين من شاء ) المودع لتعديه لما لم يؤمر به والمعالج لمباشرته سبب الهلاك ط
قوله ( رجع على الأول ) في جامع الفصولين رامزا للذخيرة مرضت دابة الوديعة فأمر المودع إنسانا فعالجها ضمن المالك أيهما شاء فلو ضمن المودع لا يرجع على المعالج ولو ضمن المعالج رجع على المودع علم أنها للغير أو لا إلا إن قال المودع ليست لي ولم أومر بذلك فحينئذ لا يرجع ا هـ
تأمل
ومثله في نور العين رامزا للأستروشنية ومجموع النوازل
لكن قال في الهندية فإن ضمن المودع لا يرجع على أحد وإن ضمن المعالج إن علم أنها ليست له لا يرجع عليه وإن لم يعلم أنها لغيره أو ظنها رجع عليه ومثله في القهستاني وهذا هو المناسب لما هنا
وأما ما ذكره في الفصولين واستظهره صاحب الدرر من أنه يرجع وإن علم أن المودع غاصب في معالجة الوديعة بلا إذن صاحبها وما ذكره من قوله خلافا لما نقله
____________________
(8/366)
القهستاني الخ يوافق ما ذكره الشارح فيما لو عالج الوديعة بإذن المودع كما نبه عليه فليتأمل
اللهم إلا أن يحمل قوله إلا إن علم أي بإخبار المودع صراحة بأن قال للمعالج ليست لي ولم أومر بذلك
وأما إذا لم يقل ذلك فلا يعد عالما وبه يحصل التوفيق بين كلام الشارح والهندية وبين الجامع ونور العين وإن لم أره مسطورا في كلامهم والله تعالى أعلم
وأقول خلاصة ما ذكرناه أن صاب الدابة إذا ضمن من عالجها بأمر المودع فعطبت يرجع على المودع إلا إذا قال المودع حين دفعها للمعالج ليست لي ولم أومر بذلك على ما في الفصولين
ومثله في نور العين عن الأستروشنية
وفي الهندية عن الجوهرة والشارح عن المجتبى أن صاحب الدابة إذا ضمن من عالجها فعطبت يرجع على المودع إن لم يعلم أي المعالج أنها لغير المودع وإلا لم يرجع وهذا الذي يعول عليه حيث صرح في صدر عبارته بالرواية عن الإمام عن محمد رحمه الله تعالى فلا يعدل عنه والله تعالى أعلم
قوله ( بخلاف مودع الغاصب ) قال في البحر والفرق بينهما على قول أبي حنيفة أن مودع الغاصب غاصب لعدم إذن المالك ابتداء وبقاء وفي الأول ليس بغاصب لأنه لا يضمن المودع بمجرد الدفع ما لم يفارقه فإن فارقه صار مضيعا لها وقت التفريق لترك الحفظ الملتزم بالعقد والقابض منه لم يكن متعديا بالقبض بدليل عدم وجوب الضمان بالهلاك قبل أن يفارقه الأول وبعد الافتراق لم يحدث فعلا آخر بل هو مستمر على ذلك الفعل بل هو أمين فيه فلا يضمن ما لم يوجد منه تعد
ا هـ
قوله ( فيضمن أيا شاء ) قال في شرح الزيادات رجل غصب جارية فأودعها رجلا فأبقت منه ثم استحقت كان له الخيار يضمن أيهما شاء فإن ضمن الغاصب برىء المودع وكانت الجارية ملكا للغاصب وإن ضمن المودع كان للمودع أن يرجع على الغاصب بما ضمن لأنه عامل له وتصير الجارية بنفس تضمينه ملكا للغاصب حتى لو أعتقها الغاصب جاز ولو أعتقها المودع لا يجوز ولو كانت محرما من الغاصب عتقت عليه لا على المودع إذا ضمنها لأن قرار الضمان على الغاصب لأن المودع وإن جاز تضمينه فله الرجوع بما ضمن على الغاصب والمودع لكونه عاملا له فهو كوكيل الشراء
ولو اختار المودع بعد تضمينه أخذها بعد عودها ولا يرجع على الغاصب لم يكن له ذلك وإن هلكت في يده بعد العود من الإباق كانت أمانة وله الرجوع على الغاصب بما ضمن وكذا إذا ذهبت عينها وللمودع حبسها عن الغاصب حتى يعطيه ما ضمنه للمالك فإذا هلكت بعد الحبس هلكت بالقيمة وإن ذهبت عينها بعد الحبس لم يضمنها كالوكيل بالشراء لأن الغاية وصف وهو لا يقابله شيء ولكن يتخير الغاصب إن شاء أخذها وأدى جميع القيمة وإن شاء ترك كما في الوكيل بالشراء ولو كان الغاصب أجرها أو رهنها فهو والوديعة سواء وإن أعارها أو وهبها فإن ضمن الغاصب كان الملك له وإن ضمن المستعير أو الموهوب له كان الملك لهما لأنهما لا يستوجبان الرجوع على الغاصب فكان قرار الضمان عليهما فكان الملك لهما ولو كان مكانهما مشتر فضمن سلمت الجارية له وكذا غاصب الغاصب إذا ضمن ملكها لأنه لا يرجع على الأول فتعتق عليه لو كانت محرما منه وإن ضمن الأول ملكها فتعتق عليه لو كانت محرمه ولو كانت أجنبية فللأول الرجوع بما ضمن على الثاني لأنه ملكها فيصير الثاني غاصبا ملك الأول وكذا لو أبرأه المالك بعد التضمين أو وهبها له كان له الرجوع على الثاني وإذا ضمن المالك الأول ولم يضمن الأول الثاني حتى ظهر الجارية كانت ملكا للأول فإن قال أنا أسلمها للثاني وأرجع عليه لم يكن له ذلك لأن الثاني قدر على رد العين فلا يجوز تضمينه وإن رجع الأول على الثاني ثم ظهرت كانت للثاني ا هـ
وتمام التفريعات فيه فليراجعه من رامه
____________________
(8/367)
مطلب مودع الغاصب لو استهلكها لا يرجع على الغاصب إذا ضمنها وإذا ضمنها الغاصب يرجع على المودع قال المقدسي قلت فلو استهلكها مودع الغاصب فغرم الغاصب ينبغي أن يرجع ولو غرم هو لا يرجع
قوله ( درر ) وجزم به في البحر وأصله في التبيين
وعبارته ثم مودع الغاصب إن لم يعلم أنه غاصب رجع على الغاصب قولا واحدا وإن علم فكذلك في الظاهر
وحكى أبو اليسر لا يرجع وإليه أشار شمس الأئمة
ذكره في النهاية
قوله ( خلافا لما نقله القهستاني الخ ) أي من أنه لا يرجع وهو الموافق لما جزم به الشارح فيما لو عالج الوديعة بإذن المودع كما مر التنبيه عليه
وعبارة القهستاني وإنما يرجع على الغاصب إذا لم يعلم أنه غصب كما في العمادية ا هـ قوله ( فتنبه ) أشار بالتنبيه إلى ما حررناه قريبا
أقول والحاصل أن المودع لو دفع الوديعة إلى أجنبي بلا عذر فللمالك أن يضمنه فقط لا رجوع على الثاني إلا إذا استهلكها
وعندهما له أن يضمن أيا شاء فإن ضمن الثاني رجع على الأول
وأجمعوا على ذلك في الغاصب مع مودعه فللمالك تضمين أي شاء لكن إن ضمن الثاني رجع على الأول بما ضمن إن لم يعلم أنها غصب كما في القهستاني عن العمادية
قوله ( فنكل لهما ) أي أنكر وليس له عليهما بينة
وصور هذه المسألة ستة أقر لهما نكل لهما حلف لهما أقر لأحدهما ونكل للآخر أو حلف نكل لأحدهما وحلف للآخر
واعلم أنه إذا حلف لأحدهما لم يقض له حتى يحلفه الثاني لينكشف وجه القضاء بخلاف ما لو أقر لأحدهما ليحكم له إذا الإقرار حجة بنفسه والنكول حجة بالقضاء ولذا لو نكل فحلف برىء
مقدسي
وفيه ولو قال أودعنيها أحدكما فليس له الامتناع إن اصطلحا وليس عليه ضمان ولا استحلاف فإن لم يصطلحا فلكل أن يستحلف كما تقدم وتمام تفصيلها في الزيلعي
قوله ( فهو لهما ) لعدم الأولوية وعليه ألف آخر لإقراره به أو لبذله إياه على اختلاف الأصلين ولأيهما بدأ القاضي بالتحليف جاز لتعذر الجمع بينهما أو عدم الأولوية
والأولى عند التشاحن أن يقرع بينهما تطييبا لقلوبهما ونفيا لتهمة الميل فإن نكل للأول لا يقضى به لينكشف وجه القضاء هل هو لهما أو لأحدهما ولا ضرر عليه في التأخير لأنه لا يقضي للمتقدم حتى يحلف للمتأخر
قوله ( ولو حلف لأحدهما ) في التحليف للثاني يقول بالله ما هذه العين له ولا قيمتها لأنه لو أقر بها للأول ثبت الحق فيها فلا يفيد إقراره بها للثاني فلو اقتصر على الأول لكان صادقا
بحر
قوله ( فالألف لمن نكل له ) دون الآخر لوجود الحجة في حقه دونه ولو حلف لهما فلا شيء لهما لعدم الحجة
زيلعي
قوله ( دفع إلى رجل ألفا وقال ادفعها اليوم الخ ) أقول ذكر في الخانية قولين في المسألة إذا كان بعد الطلب قال مودع
____________________
(8/368)
قال له رب الوديعة إذا جاء أخي فرد عليه الوديعة فلما طلب أخوه منه قال له المودع بعد ساعة أدفعها إليك فلما عاد إليه قال له هلكت لا يصدق لأنه متناقض ويكون ضامنا
وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل إذا طلب المودع وقال اطلبها غدا فأعيد الطلب في الغد فقال قد ضاعت روي عن أصحابنا أنه يسأل المودع متى ضاعت إن قال ضاعت بعد إقراري لا يضمن وإن قال كانت ضائعة وقت إقراري لا يقبل قوله لأنه متناقض ويكون ضامنا لأن قوله اطلبها غدا إنما يكون للشيء القابل ا هـ
وقدمنا الكلام عليه بأوضح من ذلك
قوله ( فلم يدفعها الخ ) أي إذا لم يطلبها المأمور بدفعها إليه أما لو طلبها فمنعها منه فهو كما لو منعها من مالكها وقد تقدم الكلام فيه
فرع في البزازية له على رجل دين فأرسل الدائن إلى مديونه رجلا فقال المديون دفعته إلى الرسول وقال أي الرسول دفعته إلى الدائن وأنكره الدائن فالقول قول الرسول مع يمينه ا هـ
لكن الذي في نور العين القول للمرسل بيمينه فتأمل
وفي البزازية أيضا قال الدائن ابعث الدين مع فلان فضاع من يد الرسول ضاع من المديون
قوله ( احمل إلى ) أي اليوم كما في الهندية
ويؤخذ من السياق واللحاق
قوله ( وضاعت ) يعني غابت ولم تظهر ولا حاجة إليه
قوله ( صدق المودع مع يمينه ) أي في براءة ذمته من الوديعة لا في إلزام المدفوع إليه
قوله ( لا يضمن على الأصح ) مقتضاه أن الأجير المشترك لا يضمن لكن أفتى الخير الرملي بالضمان في حاشية الفصولين حيث قال وفي البزازية في متفرقات الإجارة من نوع في المتفرقات دفع إلى المشترك ثورا للرعي فقال لا أدري أين ذهب الثور فهو إقرار بالتضييع في زماننا
ا هـ
ولا يخفى أنه ليس مذهب أبي حنيفة وانظر إلى قوله في زماننا ا هـ
قوله ( بخلاف قوله لا أدري أضاعت أم لم تضع ) هذا مخالف لما في جامع الفصولين ونور العين وغيرهما من أنه لا يضمن على الأصح وهكذا رأيته في نسخة المنح لكن لفظة لا ملحقة بين الأسطر وكأنها ساقطة من النسخ فنقلها الشارح هكذا فتنبه
ثم نقل في العمادية بعدها ولو قال لا أدري أضيعتها أم لم أضيع يضمن لأنه نسب الإضاعة إلى نفسه فكان ذلك تعديا منه كما يأتي قريبا
قوله ( لا يضمن ) أي إن كان للكرم أو للدار باب وإن لم يكن لهما باب يضمن
هندية عن المحيط
وفي نور العين عن قاضيخان قال وضعتها في داري فنسيت المكان لا يضمنه
ولو قال وضعتها في مكان حصين فنسيت الموضع ضمن لأنه جهل الأمانة كما لو مات مجهلا
صع وقيل لا يضمن كقوله ذهبت ولا أدري كيف ذهبت ولو قال دفنت في داري أو في موضع آخر ضمن ولو لم يبين مكان الدفن ولكن قال سرقت من مكان دفنت فيه لم يضمن
____________________
(8/369)
عدة لو دفنها في الأرض يبرأ لو جعل هنالك علامة وإلا فلا
وفي المفازة ضمن مطلقا
ولو دفنها في الكرم يبرأ لو حصينا
بأن كان له باب مغلق
ولو وضعها بلا دفن برىء لو موضعا لا يدخل فيه أحد بلا إذن
ا هـ
أقول ولا تنس ما قدمناه من أنه إذا كان الموضع حرزا لتلك الوديعة وإلا يضمن مطلقا ومن أن العبرة للعرف كما نقلناه عن البزازية فتأمل
وفيه توجهت اللصوص نحوه في مفازة فدفنها حذرا فلما رجع لم يظفر بمحل دفنه لو أمكنه أن يجعل فيه علامة ولم يفعل ضمن وكذلك لو أمكنه العود قريبا بعد زوال الخوف فلم يعد ثم جاء ولم يجدها لا لو دفنها بإذن ربها
فظ وضعها في زمان الفتنة في بيت خراب يضمن لو وضعها على الأرض لا لو دفنها ا هـ
وفي الهندية عن النوازل إذا قال المودع سقطت الوديعة أو وقعت مني لا يضمن
ولو قال أسقطت أو تركتها يضمن
قال الشيخ الإمام ظهير الدين المرغيناني رحمه الله تعالى لا يضمن في الوجهين لأن المودع لا يضمن بالإسقاط إذا لم يترك الوديعة ولم يذهب والفتوى عليه كذا في الخلاصة ولو قال لا أدري أضاعت أو لم تضع لا يضمن
ولو قال لا أدري أضيعتها أم لم أضيغ يضمن
كذا في الفصول العمادية ا هـ
وقدمنا وجهه لأنه نسب الإضاعة إلى نفسه فهذا وجه ما نقلناه وهي مسألة أخرى بخلاف قوله ذهبت ولا أدري كيف ذهبت وقوله أضاعت أم لم تضع الخ فلا فرق بينهما لأن مؤدى العبارتين واحد كما لا يخفى على من تأمل فتدبر
قال في نور العين ولو قال أسقطت أو تركتها ضمن كذا في ث
وطعنوا أن مجرد الإسقاط ليس بسبب ضمان إذ لو أسقطها فرفعها ولم يبرح حتى هلكت يبرأ فهنا لا يضمن بمجرد قوله أسقطت بل بشرط أن يقول أسقطت وتركت أو أسقطت وذهبت أو أسقطت في الماء ونحوه وقالوا في قوله سقطت أو وقعت ينبغي الضمان للسقوط بتقصير في الشد أو في جعلها في محل لا يحتملها فيكون كحمال
وذكر أنه ينبغي أن لا يضمن بمجرد قوله أسقطت أو تركت إذ لا يفرق العامة بين سقطت وأسقطت
ولو قال ضاعت فالقول له
ولو قال لم يذهب من مالي شيء لا يضمن
ولو قال ذهبت ولا أدري كيف ذهبت فالقول له بيمينه
ولو قال ابتداء لا أدري كيف ذهبت اختلف فيه المتأخرون والأصح أنه لا يضمن
ا هـ
أقول لكن قدمنا عن العلامة الخير الرملي أنه أفتى بالضمان معللا بأنه تضييع في زماننا فلا تنسه
وفيه المودع لو سقط شيء من يده على الوديعة يضمن ا هـ
وفيه نام ووضعها تحت رأسه أو بجنبه يبرأ وكذا بوضعه بين يديه في الصحيح قالوا يبرأ في الفصل الثاني لو نام قاعدا ولو مضطجعا ضمن في الحضر لا في السفر
عدة يبرأ لو قاعدا لا لو واضعا جنبه على الأرض وفي السفر لا يضمن ولو مضطجعا جعل ثياب الوديعة تحت جنبه لو قصد به السرقة ضمن لا لو للحفظ
ولو جعل الكيس تحت جنبه يبرأ مطلقا
جعل دراهم الوديعة في خفه ضمن في الأيمن لا في الأيسر لأنها في اليمين على شرف سقوط عند ركوبه وقيل يبرأ مطلقا وكذا لو ربطها في طرف كمه أو عمامته وكذا لو شدها في منديل ووضعه في كمه يبرأ ولو ألقاها في جيبه ولم تقع فيه وهو يظن أنها وقعت فيه لا يضمن خلاصة ضمن
____________________
(8/370)
ولو دخل الحمام وهي في جيبه وتركه في الساكودة فسرق قيل يضمن
قاضيخان
جعلها في جيبه وحضر مجلس فسق فضاعت بعد ما سكر بسرقة أو سقوط أو نحوهما قيل لا يضمن لأنه حفظها في محل يحفظ مال نفسه وقيل هذا إذا لم يزل عقله
أما إذا زال فلو بحيث لا يمكنه حفظ ماله يضمن لأنه عجز عن الحفظ بنفسه فيصير مضيعا أو مودعا غيره ا هـ
قوله ( إن خاف الخ ) ظاهر صنيعه أن المنظور إليه ما وقع عند المودع من خوف تلف نفسه أو عضوه أو حبسه أو أخذ ماله وإن كان التهديد مطلقا أما إذا كان صريحا بأحدها فالحكم ظاهر ط
قوله ( وإن خاف الحبس أو القيد ) أو التجريس كما في الهندية
قوله ( وإن خشي أخذ ماله كله فهو عذر ) لأنه يؤدي إلى تلف نفسه بخلاف ما لو أبقى له قوت الكفاية
وفي الهندية سلطان هدد المودع بإتلاف ماله إن لم يدفع إليه الوديعة ضمن إن بقي له قدر الكفاية وإن أخذ كل ماله فهو معذور ولا ضمان عليه
كذا في خزانة المفتين
قال ط ولم يبين ما المراد بقدر الكفاية هل كفاية يوم أو شهر أو العمر الغالب فيحرر
ا هـ
والظاهر أن المراد بها هنا كفاية شهر أو يوم
قوله ( كما لو كان الجائر هو الآخذ بنفسه فلا ضمان ) أي من غير تفصيل كما يؤخذ من المنح
قوله ( رفع الأمر للحاكم ) أي على سبيل الأولولة
قوله ( ليبيعه ) وإن لم يكن في البلد قاض باعها وحفظ ثمنها هندية ولو أنفق عليها بلا أمر قاض فهو متبرع ولو لم ينفق عليها المودع حتى هلكت يضمن لكن نفقتها على المودع
منلا علي عن حاوي الزاهدي
وفي التاترخانية غاب رب الوديعة ولا يدري أحي هو أو ميت يمسكها حتى يعلم موته ولا يتصدق بها بخلاف اللقطة وإن أنفق عليها بلا أمر القاضي فهو متطوع ويسأله القاضي البينة على كونها وديعة عنده وعلى كون المالك غائبا فإن برهن فلو مما يؤجر وينفق عليها من غلتها أمره به وإلا يأمره بالإنفاق يوما أو يومين أو ثلاثة رجاء أن يحضر المالك لا أكثر بل يأمره بالبيع وإمساك الثمن وإن أمره بالبيع ابتداء فلصاحبها الرجوع عليه به إذا حضر لكن في الدابة يرجع بقدر القيمة لا بالزيادة وفي العبد بالزيادة على القيمة بالغة ما بلغت ولو اجتمع من ألبانها شيء كثير أو كانت أرضا فأثمرت وخاف فساده فباعه بلا أمر القاضي فلو في المصر أو في موضع يتوصل إلى القاضي قبل أن يفسد ذلك ضمن
قوله ( فهلك حال القراءة ) نص على المتوهم فلا ضمان بعدها بالأولى
قوله ( لأن له ولاية هذا التصرف ) أي وهو القراءة وسيأتي آخر العارية ما نصه أما كتب العلم فينبغي أن يجوز النظر فيها إذا كانت لا تتضرر بالنظر والتقليب ويكون كالاستظلال بالحائط والاستضاءة بالنار لا سيما إذا كان مودعا وعادة الناس في ذلك المساهلة والمسامحة والاحتياط عدم النظر إلا بأمر
قوله ( وكذا لو وضع السراج ) أي سراج الوديعة على المنارة أي على محل النور فإنه لا يضمن إذا تلف
قوله ( أودع صكا )
____________________
(8/371)
أي له أما إذا كان لغيره وقد أودعه هو وجاء الذي له الصك يطلبه فلا يدفعه إليه وعليه الفتوى
هندية
قوله ( وأنكر الوارث ) أي وارث الطالب
قوله ( حبس المودع الصك ) لما فيه من الإضرار وقد تقدم نحو هذا في المصنف ولعله محمول على ما إذا كان المكتوب عليه يقر به إذا عرض عليه وإلا فمجرد الخط لا يثبت الحق ثم ظاهر كلامه يعم ما لو أنكر الوارث لكونه لا يعلم الدفع
قوله ( أبدا ) أن ما لم يقر الوارث بالأداء أي بما قبض مورثهم
قوله ( لا يبرأ مديون الميت بدفع الدين إلى الوارث ) الظاهر أن يقيد عدم البراءة بما إذا كان الدين مستغرقا لما دفعه أو لا وسواء كان الوارث مؤتمنا أو لا والظاهر أن يقيد عدم البراءة بما إذا كان الدين مستغرقا لما دفعه والوارث غير مؤتمن كما قيد بهما في المودع إذا دفع الوديعة للوارث
حموي
لكن قال في منية المفتي إذا كان للميت وديعة عند إنسان وفي التركة دين فدفع المودع الوديعة إلى الوارث بغير أمر القاضي يضمن
في يده ألف وديعة لرجل مات وعليه ألف درهم دين معروف أنه عليه وترك ابنا معروفا فقضى المستودع الألف للغريم لم يضمن لأنه قضى إلى من له الحق وهو غريم الميت وليس للابن ميراث حتى يقضي الدين
ا هـ
أقول ولعل عدم البراءة بدفع الدين إلى الوارث ديانة
قال في الفوائد الزينية ولو قضى المودع بها دين المودع ضمن على الصحيح فتأمل وراجع
فرع قال بعت الوديعة وقبضت ثمنها لا يضمن ما لم يقل دفعتها للمشتري
شرح تحفة الأقران
وفي منية المفتي لرجل على آخر دين فقضاه فمنعه ظلما فمات صاحب الدين فالخصوصة في الظلم بالمنع للميت وفي الدين للوارث هو المختار
وفيها ومن أخذ من السلطان مالا حراما فحق الخصومة في الآخرة لغاصب الحق مع السلطان ومع القابض إن لم يخلطه السلطان وبعد الخلط يكون مع السلطان عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى
قوله ( ليس للسيد أخذ وديعة العبد ) أي ولو غير مأذون لاحتمال أنه مال الغير إلا إذا أقام السيد بينة على أنه ماله وقد سلف
وفي البزازية الرقيق إذا اكتسب واشترى شيئا من كسبه وأودعه وهلك عند المودع فإنه يضمنه لكونه مال المولى مع أن للعبد يدا معتبرة حتى لو أودع شيئا وغاب فليس للمولى أخذه انتهى
هذا إذا لم يعلم أن الوديعة كسب العبد أو ماله أما إذا علم ذلك فله حق الأخذ بلا حضور العبد كما نقله في البزازية عن الذخيرة وقد تقدم ذلك
قوله ( العامل لغيره أمانة لا أجر له إلا الوصي ) أي وصي القاضي وقد نصبه بأجر وأما وصي الميت فلا يستحق الأجر كما في الأشباه من فن الجمع والفرق في الكلام على أجر المثل نقلا عن القنية
وقد علل الولوالجي عدم صحة الأجر له ولو جعله المتوفى له لينفذ له وصاياه بأنه بقبول الوصية صار العمل واجبا عليه والاستئجار على هذا لا يجوز انتهى
قال العلامة الخير الرملي ولا يخفى أن وصي الميت إذا امتنع عن القيام بالوصية إلا بأجر في مقابلة عمله
____________________
(8/372)
لا يجبر على العمل لأنه متبرع ولا جبر على المتبرع
وإذا رأى القاضي أن يعمل له أجرة على عمله وكانت أجرة المثل فما المانع قياسا واستحسانا وهي واقعة الفتوى وقد أفتيت به مرارا ولا ينافيه ما في الولوالجية كما هو ظاهر لأن الموضوع مختلف كما يظهر بأدنى تأمل
ا هـ
أقول إنما كان الموضوع مختلفا لأن موضوع مسألة الولوالجي في وجوب العمل بقبول الوصية وموضوع ما ذكره في عدم الجبر على العمل وهو لا ينافي الوجوب لكن قال الطحطاوي وفيه تأمل إذ بعد القبول لا يقال إنه متبرع
والحاصل أن وصي الميت لا أجر له إلا إذا كان محتاجا فله الأكل من مال اليتيم بقدر عمله وللقاضي أن يفرض له ذلك لكن للمستقبل لا لما مضى لشروعه فيه متبرعا
وأما وصي القاضي فإن كان محتاجا فكذلك وإلا فإن نصبه القاضي وجعل له أجرة المثل جاز وكذا إذا امتنع بعد النصب عن العمل حتى يجعل له أجرة لأن وصايته غير لازمة لأن له أن يعزل نفسه فله أن يمتنع عن المضي في العمل إلا بأجر وتمام الكلام على ذلك في باب الوصي آخر الكتاب فراجعه إن شئت
قوله ( إذا عملا ) فيستحقان أجرة المثل
أشباه
قال في القنية إذا عين القاضي له أجرا فهو له وإلا فلا وذكر أن له أجرة مثله ولو لم يعينه القاضي وتقدم ذلك في كتاب الوقف وذكره في الوصايا
قوله ( قلت ) القول لصاحب الأشباه
قوله ( فعلم منه أن لا أجر للناظر الخ ) أي من قوله ( إذا عملا ) أي إلا إذا كان مشروطا من جهة الواقف
أفاده أبو السعود
ووجه العمل أنه لا عمل حينئذ ط
والحاصل أن الواقف إن عين للناظر شيئا فهو له كثيرا كان أو قليلا على حسب ما شرطه عمل أو لم يعمل حيث لم يشترطه في مقابلة العمل وإن لم يعين له الواقف وعين له القاضي أجرة مثله جاز وإن عين أكثر يمنع عند الزائد عن أجرة المثل هذا إن عمل وإن لم يعمل لا يستحق أجرة وبمثله صرح في الأشباه في كتاب الدعوى
وإن نصبه القاضي ولم يعين له شيئا ينظر إن كان المعهود أن لا يعمل إلا بأجرة المثل فله أجرة المثل لأن المعهود كالمشروط وإلا فلا شيء له وبيان تفصيل ذلك مع أدلته في كتاب الوقف فارجع إليه
قوله ( ودافع ألف مقرضا ومقارضا ) قال ابن الشحنة مسألة البيت من البدائع
قال ولو قال خذ هذه الألف على أن نصفها عليك قرض على أن تعمل بالنصف الآخر مضاربة على أن ربح لي فهذا مكروه لأنه شرط لنفسه منفعة في مقابلة القرض وقد نهى رسول الله عن قرض جر نفعا فإن عمل هذا وربح فالربح بينهما نصفان لأن المضارب ملك نصف المال بالقرض فكان نصف الربح له والنصف الآخر بضاعة في يده فربحه لرب المال
قوله ( وربح القراض ) أي لرب المال خاصة
قوله ( الشرط جاز ) ويجعل النصف بضاعة ونماء النصف القرض للمستقرض لأن المضاربة لما فسدت باشتراط كل الربح لرب المال صارت بضاعة
قوله ( ويحذر ) للنهي عن قرض جر نفعا
وإذا علم صحة الشرط فالربح الحاصل من الألف لهما والخسران عليهما لأنهما شريكان في الألف
قوله ( وإن يدعي ذو المال قرضا وخصمه إلى آخر البيتين ) قال
____________________
(8/373)
الشارح قد اشتمل البيتان على ثلاث مسائل الأولى من الظهيرية لو قال المضارب دفعته إلى مضاربة وقال رب المال دفعته إليك قرضا فالقول قول رب المال ومع ذلك لو هلك المال قبل التصرف لا ضمان على ذي اليد لاتفاقهما على قول المالك دفعت فإنها لا تفيد ضمانا قبل التصرف وضمن بعده وإن أقاما بينة لرب المال فيكون كل من القول والبينة لرب المال
وفي النهاية وشرح التحرير أن القول قول المضارب والبينة على رب المال
قوله ( فرب المال قد قيل أجدر ) أي بقبول قوله وإن هلك المال فإن كان قبل العمل فلا ضمان عليه لاتفاقهما على لفظ الدفع كما تقدم
قوله ( وفي العكس ) وهذه المسألة الثانية من الظهيرية أيضا وهي عكس الأولى
إذا قال المضارب بعدما تصرف وربح أقرضتني هذا المال والربح كله لي وقال رب المال دفعته إليك مضاربة بالثلث أو قال دفعته إليك بضاعة أو قال مضاربة ولم أسم ربحا أو بربح مائة درهم فالقول في ذلك قول رب المال وعلى المضارب البينة
وفي دعوى البضاعة الربح لرب المال وفيما إذا لم يسم فالربح لرب المال وللمضارب أجر المثل وإن أقام البينة فالبينة للعامل وإن اختلفا قبل الربح يرد المال إلى مالكه لعدم لزوم العقد
قوله ( كذلك في الأبضاع ) بأن قال رب المال دفعته بضاعة والمضارب يدعي القرض فالقول لرب المال
ولو ادعى المضاربة ورب المال الغصب وضاع المال قبل العمل فلا ضمان وإن بعد العمل فهو ضامن وإن أقاما بينة فالبينة للمضارب في الوجهين وهذه هي المسألة الثالثة
قوله ( ما يتغير ) أي الحكم في هذه الصورة وقد قدمنا الكلام على هذين البيتين آخر كتاب المضاربة
قوله ( وإن قال قد ضاعت من البيت وحدها ) مسألة البيت من الواقعات وقد ذكرناها في هذا الباب وهي المودع إذا قال ذهبت الوديعة من منزلي ولم يذهب من مالي شيء قبل قوله مع يمينه كما في الهندية والكافي وجامع الفصولين ونور العين وغيرها
قوله ( فقد يتصور ) بأن يعجل السارق أن تكون هي المقصودة ومعنى يصح يصدق
قوله ( وتارك ) بغير تنوين
قوله ( لأمر ) متعلق بتارك أو بصحيفة والصحيفة مثال وهي قطعة من جلد أو قرطاس كتب فيه وقدمنا ذكر هذه المسألة
وذكر شارحها العلامة ابن الشحنة أن مسألة البيت من قاضيخان قال قوم جلوس في مكان فقام واحد منهم وترك كتابه ثم قام الباقون معا فهلك الكتاب ضمنوا جميعا لأن الأول لما ترك الكتاب عندهم فقد استحفظهم فإذا قاموا وتركوا الكتاب فقد تركوا الحفظ الملتزم فضمنوا جميعا وإن قام القوم واحدا بعد واحد كان الضمان على آخرهم لأن الآخر تعين للحفظ فتعين للضمان
قال المصنف وهذا ليس خاصا بالصحيفة بل يطرد في غيرها أيضا
قال ط وينبغي تقييد هذا الفرع بما لا يقسم فإنه إذا كان مما يقسم يكون القائم أولا مفرطا بعدم قسمة المودع للحفظ
ا هـ
قوله ( يضمن المتأخر ) لتعينه للحفظ فتعين للضمان ا هـ
عبد البر
ومفهومه أنهم إذا قاموا جملة ضمنوا جميعا وبه صرح قاضيخان
ويظهر لي أن كل ما لا يقسم كذلك
سائحاني قوله ( وتارك نشر الصوف صيفا الخ ) قد اشتمل البيتان على مسألتين من الظهيرية
قال في كتاب الوديعة إذا أفسدها الفأر وقد اطلع المودع على ثقب معروف إن كان أخبر صاحب
____________________
(8/374)
الوديعة أن هاهنا ثقب الفأر فلا ضمان وإن لم يخبره بعدما اطلع عليه ولم يسده ضمن وهي المسألة الثانية
والأولى ما قال في الظهيرية عن السيد الإمام أبي القاسم أن الإنسان إذا استودع عنده ما يقع فيه السوس في زمان الصيف فلم يبردها في الهواء حتى وقع السوس وفسد لا يضمن وهذا علم من صورة النظم إلا أنه يعلم من ذلك الحكم في نظيره
انتهى ما ذكره ابن الشحنة
قال في الهندية الوديعة إذا أفسدتها الفأرة وقد اطلع المودع على ثقب الفأرة إن أخبر صاحبها أن هاهنا ثقب الفأرة لا ضمان عليه وإن لم يخبر بعدما اطلع عليه ولم يسده يضمن
كذا في الفصول العمادية
وذكر بعدها عبارة الظهيرية
ثم قال وفي فتاوى أبي الليث إذا كانت الوديعة شيئا يخاف عليه الفساد وصاحب الوديعة غائب فإن رفع الأمر إلى القاضي حتى يبيعه جاز وهو الأولى وإن لم يرفع حتى فسدت لا ضمان عليه لأنه حفظ الوديعة على ما أمر به
كذا في المحيط
وإن لم يكن في البلد قاض باعها وحفظ ثمنها لصاحبها
كذا في السراج الوهاج انتهى
قوله ( فعث ) العث بالمثلثة السوس أو الأرضة وهي دويبة تأكل الصوف
قوله ( لم يضمن ) لأنه حفظ الوديعة كما أمر به
محيط
ويضمن بتشديد الميم
قوله ( وقرض الفأر ) الحاصل أنه إذا أودعه الوديعة فوضعها في محل لا ثقب فيه فقرضها الفأر أو أحرقتها النار أو أصابها بخس بالباء الموحدة بالتحتية ثم الخاء المعجمة أي نقص أو أصابها نخس بالنون ثم الخاء أي ثقب متسع فلا ضمان عليه
وأما إذا كان في المكان الموضوع فيه الوديعة ثقب قد اطلع عليه المودع إن أخبر صاحبها به فلا ضمان عليه وإن لم يخبره ولم يسده يضمن
أفاده صاحب الهندية قوله ( بالعكس يؤثر ) أي بالخلاف
قوله ( ولم يعلم ) الواو بمعنى أو فينتفي عنه الضمان بسده أو بإعلام المالك به وإن لم يسده لأن المالك حينئذ رضي بوضعه فيه على هذا الحال ويعلم بضم الياء
قوله ( وينبغي تفصيله ) البحث للطرسوسي حيث قال وينبغي أن يكون فيها التفصيل لأن الأمر دائر بين الإعلام للمودع أو السد بدونه وهو موجود أو ارتضاه
عبد البر وأقره الشرنبلالي
تتمة في ضمان المودع بالكسر في قاضيخان مودع جعل في ثياب الوديعة ثوبا لنفسه فدفعها إلى ربها ونسي ثوبه فيها فضاع عنده ضمن لأنه أخذ ثوب الغير بلا إذنه والجهل فيه لا يكون عذرا قال في نور العين ينبغي أن تقيد المسألة بما لو كان غير عالم ثم علم بذلك وضاع عنده وإلا فلا سبب للضمان أصلا فالظاهر أن قوله والجهل فيه لا يكون عذرا ليس على إطلاقه والله تعالى أعلم
ا هـ
ملخصا
قال في السراجية مؤنة الرد على المالك لا على المودع وإن نقلها في بلده من محلة فمؤنة الرد على صاحبها بالاتفاق وكذا إذا سافر فيما يجوز له السفر بها تكون الأجرة على المالك سراج أي أجرة الرد كما يؤخذ من سابقه
قال ط وانظر مؤنة حمله للإخراج هل هي على المودع أو المالك فروع ندت بقرة من الباقورة وترك الراعي اتباعا فهو في سعة من ذلك ولا ضمان عليه فيما ندت بالإجماع إن كان الراعي خاصا وإن كان مشتركا فكذلك عند أبي حنيفة
وعندهما يضمن
وإنما لا يضمن عنده وإن ترك الحفظ فيما ندت لأن الأمين إنما يضمن بترك الحفظ إذا ترك بغير عذر أما إذا ترك بعذر فإنه
____________________
(8/375)
لا يضمن كما لو دفع الوديعة لأجنبي حالة الحريق فإنه لا يضمن وإن ترك الحفظ لأنه ترك بعذر كذا هنا وإنما ترك الحفظ بعذر كي لا يضيع الباقي
وعندهما يضمن لأنه ترك بعذر يمكن الاحتراز عنه
قال صاحب الذخيرة ورأيت في بعض النسخ لا ضمان عليه فيما ندت إذا لم يجد من يبعثه ليردها أو يبعثه ليخبر صاحبها بذلك وكذلك لو تفرقت فرقا ولم يقدر على اتباع الكل فاتبع البعض وترك البعض لا يضمن
لأنه ترك حفظ البعض بعذر
وعندهما يضمن لأنه يمكن الاحتزاز عنه عمادية من ضمان الراعي
وفي فتاوى أبي الليث مكار حمل كرابيس إنسان فاستقبله اللصوص فطرح الكرابيس وذهب بالحمار قال إن كان لا يمكنه التخلص منهم بالحمار والكرابيس وكان يعلم أنه لو حمله أخذ اللصوص الحمار والكرابيس فلا ضمان عليه لأنه الم يترك الحفظ مع القدرة عليه
طرح الأمانة في السفينة وسبح في البحر خوفا من الأسر والقتل لا يضمن
في جامع الفصولين في ضمان الأجير المشترك رامزا للذخيرة قرية عادتهم أن البقار إذا أدخل السرح في السكك يرسل كل بقرة في سكة ربها ولا يسلمها إليه ففعل الراعي كذلك فضاعت بقرة قيل يبرأ إذ المعروف كالمشروط وقيل لو لم يعد ذلك خلافا يبرأ ا هـ
والظاهر أن القولين متقاربان إن لم يكونا بمعنى واحد لأن ذلك إذا كان معروفا لا يعد خلافا لأنه يكون مأذونا به عادة وقدمنا نحو هذه المسألة وهو ما لو أرسل الوكيل بالبيع الثمن إلى الموكل مع المكاري ونحوه مما جرت به العادة فإنه لا يضمن وبه أفتى الخير الرملي لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا ولا فرق بين أن تتلف أو تضيع أو يأكلها الذئب إلا إذا نهاه ربها عنه
قال الرملي ومثله الشريك والمزارع أيضا مثله وهو كالمودع وهذا إذا كانت العادة مطردة أما إذا لم تكن كذلك فلا شبهة في الضمان في صورة الضياع أو أكل الذئب تنبه وهذا أيضا إذا لم يخش عليها أما إذا خشي بأن كان على أهل القرية أعداء يقصدون نهب أموالهم أو إتلافها أو كانت كثيرة اللصوص فلا شبهة في الضمان فاعلم ذلك والله تعالى أعلم
ا هـ
رجل استعار دابة فنام في المفازة ومقودها في يده فجاء السارق وقطع المقود بالدابة لا يضمن المستعير لأنه لم يترك الحفظ ولو أن السارق مد المقود من يده وذهب بالدابة ولم يعلم به المستعير كان ضامنا لأنه إذا نام على وجه يمكن مد المقود من يده وهو لا يعلم به يكون مضيعا فإذا نام جالسا لا يضمن على كل لأنه لو نام جالسا ولم يكن المقود في يده ولكن الدابة تكون بين يديه لا يضمن فها هنا لا يضمن أولى ا هـ
وفي البزازية من الوديعة جعل الدابة الوديعة في كرم غير رفيع الحائط أو لم يكن له حائط ينظر إن نام المودع ووضع جنبه على الأرض ضمن إن ضاعت الوديعة وإن قاعدا لا يضمن وإن في السفر لا يضمن وإن نام مضطجعا ا هـ
ومثله في الذخيرة وعدة الفتاوى والعمادية
وفي البزازية أيضا في العارية ذكر ما ذكر في الخانية قائلا وهذا لا يناقض ما مر إذ نوم المضطجع في السفر ليس بترك للحفظ لأن ذا في نفس النوم وهذا في أمر زاد على النوم
ا هـ
كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله كالمودع إذا ادعى الرد
أشباه
ومثله ما تقدم متنا
المودع أو المستعير أو المضارب أو المستبضع أو المساوم أو المستأجر أو الأب في مال ابنه الصغير أو الوكيل أو الرسول أو القاضي أو أمين القاضي أو المحضر أو أمير العسكر أو المتولى أو القيم أو الدلال أو السمسار
____________________
(8/376)
أو البياع أو المرتهن أو العدل أو الملتقط أو آخذ الآبق أو الشريك أو الحاج عن الغير أو الأجير الخاص أو المشترك أو المرتهن أو نحوها إذا ادعى الهلاك بغير تعد أو ادعى الرد إلى صاحبها يصدق مع يمينه لأن كل واحد منهم أمين والقول قول الأمين مع اليمين إن لم يكن له بينة على الرد أو الهلاك وإن كان له بينة فلا يمين عليه وإنما طلبت البينة لدفع اليمين عنه
فالحاصل أن من تكون العين في يده أمانة إذا ادعى ردها إلى صاحبها أو ادعى الموت أو الهلاك يصدق مع يمينه بالاتفاق وهذا في الرهن قبل قبضه وما بعد قبضه فالقول للراهن كما سيأتي
( سائحاني )
حول الأجنبي الوديعة عن محلها ثم ردها ثم هلكت ضمن
قاضيخان
دفع إلى آخر قنا مقيدا بسلسلة وقال اذهب به إلى بيتك مع هذه السلسلة فذهب به بلا سلسلة فأبق القن لم يضمن إذا أمر بشيئين وقد أتى بأحدهما
فصولين
أقول أي أمر بالذهاب بالقن وأمر بالذهاب بالسلسلة فلا يضمن القن
وأقول المتبادر من كلامه أن يكون القن مصحوبا بها أي مسلسلا فكأنه قال اذهب به مسلسلا فهو مأمور بالذهاب به مسلسلا فالمأمور به واحد موصوف فينبغي الضمان
تأمل رملي
بعثه إلى ماشية فركب المبعوث دابة الباعث برىء لو بينهما انبساط في مثل ذلك وإلا ضمن
فصولين
وفيه دفع بعيره إلى رجل ليكريه ويشتري له شيئا بكرائه فعمي البعير فباعه وأخذ ثمنه فهلك ولو كان في موضع يقدر على الرفع للقاضي أو يستطيع إمساكه أو رده مع العمى ضمن قيمته وإلا برىء
أعاره حماره وقال خذ عذاره وسقه كذلك ولا تخل عنه فإنه لا يستمسك إلا هكذا فقال نعم فلما مضت ساعة خلى عذاره فأسرع في المشي فسقط ضمن إذ خالف شرطا مفيدا فغصبه
أعطاه درهما لينقده فغمزه فانكسر برىء لو أمره بغمزه وإلا ضمن وكذا لو أراه قوسا فمده فانكسر فهو على هذا ا هـ
وفيه معزيا إلى فوائد صاحب المحيط
قال له بعت دمي منك بفلس أو بألف فقتله الآخر يقاد لا لو قال اقتلني فقتله لأنه إطلاق فأورث شبهة وهو هدر في أصح الروايتين عند أبي حنيفة وتجب الدية في ماله في رواية
ولو قال اقطع يدي أو رجلي أو اقتل قني ففعل لم يجب شيء بالإجماع إذ الأطراف كأموال فيصح الأمر
وقعت ببخارى واقعة وهي رجل قال لآخر ارم السهم إلي حتى آخذه فرمى السهم إليه بأمره فأصاب عينه فذهبت قال قاضيخان لم يضمن كما لو قال له أجن علي فجنى عليه لم يضمن
وهكذا أفتى بعض المشايخ به وقاسوا على ما لو قال اقطع يدي الخ
وقال صاحب المحيط الكلام في وجوب القود أما لا شك أنه تجب الدية في ماله إذ ذكر في الكتاب لو تضاربا بالوكز أي النخس يقال له بالفارسية شت زون فذهبت عين أحدهما يجب القصاص إذا أمكن لأنه عمد
ص وإن قال كل واحد منهما للآخر ده ده وكذا لو بارزا في خانقاه على وجه التعليم أو الملاعبة فأصابت الخشبة عينه فذهبت يقاد لو أمكن
ا هـ
قال في مجمع الفتاوى ولو قال كل واحد منهما لصاحبه ده ده ووكز كل منهما صاحبه وكسر سنه فلا شيء عليه بمنزلة ما لو قال اقطع يدي فقطعها قاضيخان
ا هـ
____________________
(8/377)
والذي ظهر لي في وجه ما ذكر في الكتاب أنه ليس من لازم قوله ده ده إباحة عينه لاحتمال السلامة مع المضاربة بالوكزة كاحتماله مع رمي السهم فلم يكن قوله ارم السهم إلي وقوله ده ده صريحا في إتلاف عضوه بخلاف قوله اقطع يدي أو اجن علي فلم يصح قياس الواقعة عليه
والمصرح به أن الأطراف كالأموال يصح الأمر فيها وكأن في المسألة قولين
تأمل
في جامع الفصولين رامزا إلى كتاب الدعاوى والبينات لصاحب المحيط دفع ثوبه إلى دلال ليبيعه فساومه رب حانوت بثمن معلوم وقال أحضر رب الثوب لأعطيه الثمن فذهب وعاد فلم يوجد الثوب في الحانوت ورب الحانوت يقول أنت أخذته وهو يقول ما أخذته بل تركته عندك صدق الدلال مع يمينه لأنه أمين
وأما رب الحانوت فلو اتفقا على أنه أخذه رب الحانوت ليشتريه بما سمى من الثمن فقد دخل في ضمانه فلا يبرأ بمجرد دعواه فيضمن قيمته ولو لم يتفقا على ثمن لم يضمن إذ المقبوض على سوم الشراء إنما يضمن لو اتفقا على ثمنه قنية
لا يجب ضمان السوم إلا بذكر الثمن قيل هو قول أبي يوسف
ويكفي عند محمد أن يميل قلبهما
تجنيس
دفعه إلى دلال ليبيعه فدفعه الدلال إلى رجل على سوم الشراء ثم نسيه لم يضمن وهذا إذا أذن له المالك بالدفع للسوم إذ لا تعدى في الدفع حينئذ إيضاح أما إذا لم يأذن له فيه ضمن
ذكر في بعض الفتاوى عن فتاوى النسفي لو عرضه الدلال على رب دكان وتركه عنده فهرب رب الدكان وذهب به لم يضمن الدلال في الصحيح لأنه أمر لا بد منه في البيع
وذكر بعض المشايخ يضمن لأنه مودع وليس للمودع أن يودع قاضيخان
دفعه الدلال إلى من استام لينظر إليه ويشتري فذهب به ولم يظفر به الدلال قالوا لم يضمن لإذنه في هذا الدفع
قال وعندي أنه إنما لا يضمن لو لم يفارقه وأما لو فارقه ضمن كما لو أودعه أجنبي أو ترك عند من لا يريد الشراء
طلب المبيع رجل من الدلال بدراهم معلومة فوضعه عند طالبه ضمن قيمته لأخذه على سوم الشراء بعد بيان الثمن
قالوا ولا شيء على الدلال وهذا لو مأذونا بالدفع إلى من يريد الشراء قبل البيع فلو لم يكن مأذونا ضمن فروق الجامع
دلال معروف بيده ثوب تبين أنه مسروق فقال رددته على من أخذته منه يبرأ كغاصب الغاصب إذا رد على الغاصب يبرأ في الذخيرة إنما يبرأ لو أثبت رده بحجة في عدة الفتاوى هذا كغاصب الغاصب إذا قال رددت على الغاصب صدق بيمينه لا بدونها
منتقى
قال تلفت منذ عشرة أيام وبرهن ربها أنها كانت عنده منذ يومين فقال المودع وجدتها فتلفت تقبل ولم يضمن
ولو قال أولا ليست عندي وديعة ثم قال وجدتها فتلفت ضمن ا هـ
قنية
دلال دفع ثوبا إلى ظالم لا يمكن استرداده منه ولا أخذ الثمن يضمن إذا كان الظالم معروفا بذلك
ن خرج المودع وترك الباب مفتوحا ضمن لو لم يكن في الدار أحد ولم يكن المودع في مكان يسمع حس الداخل عدة
المودع لو حفظها ليس فيه مال ضمن والمراد حرز غيره أما لو استأجر بيتا لنفسه وحفظها فيه لم يضمن ولم يكن فيه ماله
____________________
(8/378)
مي مودع استأجر بيتا في مصر أودع فيه وأحرزها فيه وسافر وتركها فيه لم يضمن
صع تختم بخاتم الوديعة قيل ضمن في الخنصر والبنصر لا في غيرهما وبه يفتى
وقيل ضمن في الخنصر لا في غيره يماثله المرتهن
وتضمن المرأة مطلقا لأنه استعمال منها
خلاصة في الأقضية
ادعى وكالة بقبض دين أو وديعة فأقر المطلوب ففي الدين يؤمر بدفعه إليه وفي العين لا يؤمر في ظاهر الرواية
وذكر في محل آخر من الخلاصة في الفرق بينهما أن إقراره في الدين لا في ملك نفسه
وفي الوديعة لا في ملك غيره ا هـ
فلو أقر بالوكالة وأنكر المال لا يصير خصما ولا تقبل البينة على المال إلا أن تقع البينة على الوكالة أو لم يثبت كونه خصما بإقرار المطلوب لأنه ليس بحجة في حق الطالب وإن أقر بالمال وأنكر الوكالة لا يحلف الوكيل المطلوب على العلم بوكالته إذا الحلف يترتب على دعوى صحيحه ولم تصح إذ لم تثبت وكالته فلم يصر خصما إلا إذا قامت البينة على الوكالة والمال يقبل عند أبي حنيفة بناء على أن وكيل قبض الدين يملك الخصومة عنده
هد لا يؤمر بدفع الوديعة إلى الوكيل بقبضها لو صدقه إذا أقر بمال الغير بخلاف الدين
قن عن محمد لو صدقه يجبر بدفع عين كدين غر وكذا عند أبي يوسف
حشجي لو صدقه أو كذبه أو سكت لا يجبر بدفع الوديعة ولو دفعها لا يسترد فلو حضر ربها وكذبه في الوكالة لا يرجع المودع على الوكيل لو صدقه ولم يشترط عليه الضمان وإلا رجع بعينه لو قائما وبقيمته لو هالكا
قال صاحب جامع الفصولين أقول لو صدقه ودفعه بلا شرط ينبغي أن يرجع على الوكيل لو قائما إذ غرضه لم يحصل فله نقض قبضه على قياس ما مر عن الهداية من أن المديون يرجع بما دفعه إلى وكيل صدقه لو باقيا كذا هذا
شجع لو لم يؤمر بدفع الوديعة ولم يسلمها فتلفت قيل لا يضمن وكان ينبغي أن يضمن إذا المنع من الوكيل بزعمه كمنعه من المودع ولو سلمه إلى الوكيل لا يسترد لأنه سعى في نقض ما فعله ذخيرة
وكل زيدا الغائب بقبض وديعة فقبضها زيد قبل أن يبلغه ذلك فتلف يخير المالك ضمن زيدا أو الدافع ولو علم الدافع بالتوكيل لا زيد برئا إذ للمودع أن يدفعه
يقول الحقير الظاهر أنه يبرأ الدافع لا زيد لكونه قبضه حين قبض فضولا والله تعالى أعلم
عن وكله بقبض الوديعة في اليوم فله قبضه غدا ولو وكله بقبضه غدا لا يملك قبضه اليوم إذ ذكر اليوم للتعجيل فكأنه قال أنت وكيلي به الساعة فإذا ثبت وكالته الساعة دامت ضرورة ولا يلزم من وكالة الغد وكالة اليوم لا صريحا ولا دلالة وكذا لو قال اقبضه الساعة بدونهم فله قبضه بعدها ولو قال اقبضه بمحضر من فلان فقبضه بغيبته جاز
قال اقبضه بشهود فله قبضه بخلاف قوله لا تقبضه إلا بمحضر منه حيث لا يملك قبضه إذ نهى عن القبض واستثنى قبضا بمحضر منه ا هـ
ما في نور العين
وفي الهندية من ترك باب حانوته مفتوحا فقام واحد ثم واحد فضمان ما ضاع على آخرهم
كذا في الملتقط
رجل في يده ثوب قال له رجل أعطني هذا الثوب فأعطاه إياه كان هذا على الوديعة
كذا في الظهيرية
سئل ابن الفضل عمن دفع جواهر إلى رجل ليبيعها فقال القابض أنا أريها تاجرا لأعرف قيمتها فضاعت الجواهر
____________________
(8/379)
قبل أن يريها قال إن ضاعت أو سقطت بحركته ضمن وإن سرقت منه أو سقطت لمزاحمة أصابته من غيره لم يضمن
كذا في الحاوي للفتاوى
دفع إلى مراهق قمقمة ليسقي الماء فتغافل عنها فضاعت لا يضمن
كذا في القنية
قال خلف سألت أسدا عمن له على آخر درهم فدفع المطلوب إلى الطالب درهمين أو درهما ثم درهما وقال خذ درهمك فضاع الدرهمان قبل أن يعين درهما قال هلك على المطلوب وللطالب درهمه
ولو قال له حين دفع إليه الدرهم الأول هذا حقك فهو مستوف ولا ضمان عليه للدرهم الآخر كذا في التاترخانية
صبي يعقل البيع والشراء محجور عليه أودعه رجل ألف درهم فأدرك ومات ولم يدر ما حال الوديعة فلا ضمان في ماله إلا أن يشهد الشهود أنه أدرك وهي في يده فحينئذ يضمن بالموت عن تجهيل
كذا في الظهيرية
والحكم في المعتوه نظير الحكم في الصبي إذا أفاق ثم مات ولم يدر ما حال الوديعة لا ضمان في ماله إلا أن يشهد الشهود أنه أفاق وهي في يده وإن كان الصبي مأذونا له في التجارة والمسألة بحالها فهو ضامن للوديعة وإن لم تشهد الشهود أنه أدرك وهي في يده وكذا الحكم في المعتوه إذا كان مأذونا له في التجارة كذا في الذخيرة
إذا قال المستودع للمودع وهبت لي الوديعة أو بعتها مني وأنكر رب الوديعة ثم هلكت لا يضمن المودع
كذا في الخلاصة
سئل عمن أودع عند آخر أواني صفر ثم استردها بعد زمان فرد عليه ستة فقال المالك كانت سبعة فأين السابع فقال لا أدري أودعتني ستة أو سبعة ولا أدري ضاعت أو لم تكن عندي وتارة يقول لا أدري هل جاءني من عندك رسول فاستردها وحملها إليك أم لا هل يضمن قال لا لأنه لم يقر بإضاعته فلا يتناقض كذا في فتاوى النسفي
رجل استقرض من رجل خمسين درهما فأعطاه غلطا ستين فأخذ العشرة ليردها فهلكت في الطريق يضمن خمسة أسداس العشرة لأن ذلك القدر قرض والباقي وديعة
وكذا في السراج الوهاج وهو الأصح
هكذا في التاترخانية
وكذا لو هلك الباقي يضمن خمسة أسداسه
كذا في فتاوى قاضيخان
له على آخر خمسون فاستوفى غلطا ستين فلما علم أخذ عشرة للرد فهلكت يضمن خمسة أسداس العشرة لأن ذلك قبض والباقي أمانة
كذا في الوجيز للكردري
رجل له على رجل ألف درهم دين فأعطاه ألفين وقال ألف منهما قضاء من حقك وألف يكون وديعة فقبضها وضاعت قال هو قابض حقه ولا يضمن شيئا كذا في المحيط
أودعه بقرة وقال إن أرسلت ثيرانك إلى المرعى للعلف فاذهب ببقرتي أيضا فذهب بها دون ثيرانه فضاعت لا يضمن
كذا في القنية
أودع شاة فدفعها مع غنمه إلى الراعي للحفظ فسرقت الغنم يضمن إذا لم يكن الراعي خاصا للمودع
كذا في القنية
الوديعة إذا كانت قراما فأخذها المودع وصعد بها السطح وتستر بها فهبت بها الريح وأعادتها إلى المكان الذي كانت فيه من البيت لا يبرأ عن الضمان لأنه لم يوجد منه القصد إلى ترك التعدي
كذا في خزانة المفتين
____________________
(8/380)
في فتاوى النسفي طحان خرج من الطاحونة لينظر الماء فسرقت الحنطة ضمن إن ترك الباب مفتوحا وبعد من الطاحونة
كذا في الخلاصة بخلاف مسألة الخان وهي خان فيها منازل ولكل منزل مقفل فخرج وترك الباب مفتوحا فجاء سارق وأخذ شيئا لا يضمن كذا في الوجيز للكردري
قال المودع للمالك أنا ذاهب إلى المزرعة وأريد أن أضع وديعتك في بيت جاري فقال له المالك ضعها فوضعها وذهب إلى المزرعة ورجع فأخذها من الجار وجاء إلى بيته ووضعها ثمة فضاعت من داره هل يضمن المودع الأول أم لا ينبغي الضمان
كذا في الذخيرة معربا عن عبارة فارسية
ولو كان عنده كتاب وديعة فوجد فيه خطأ يكره أن يصلحه إذا كره ذلك صاحبه في الملتقط انتهى
أقول وهذا بخلاف إصلاح غلط المصحف إذا كان بخط يناسب فإنه يجب حينئذ كما يأتي في آخر العارية
وفي الهندية أودع عند رجل صك ضيعة والصك ليس باسمه ثم جاء الذي الصك باسمه وادعى تلك الضيعة والشهود الذين بذلوا خطوطهم أبوا أن يشهدوا حتى يروا خطوطهم فالقاضي يأمر المودع حتى يريهم الصك ليروا خطوطهم ولا يدفع الصك إلى المدعي وعليه الفتوى
كذا في الفتاوى العتابية
دفع إلى رجل مالا لينثره على العرس فإن كان المدفوع دراهم ليس له أن يحبس لنفسه شيئا ولو نثره بنفسه ليس له أن يلتقط منه كذا في محيط السرخسي وكذا ليس له أن يدفع إلى غيره لينثره
كذا في السراج الوهاج
ومثل المال السكر
كذا في الغياثية
وسئل عن أمة اشترت سوارين بمال اكتسبته في بيت مولاها فأودعتهما امرأة فقبضت تلك المرأة ولم يكن ذلك بإذن مولى الجارية فهكلت الوديعة هل تضمن فقال نعم لأن ذلك ملك المولى ولا إيداع بغير إذن فصارت غاصبة كذا في الفتاوى النسفية انتهى ما في الهندية والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
كتاب العارية مشروعيتها بالكتاب وهو قوله تعالى { ويمنعون الماعون } الماعون 7 والماعون ما يتعاورونه في العادة وقيل الزكاة فقد ذم الله تعالى على منع الماعون وهو عدم إعارته فتكون إعارته محمودة
وبالسنة وهي ما روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام استعار من أبي طلحة فرسا يسمى المندوب فركبه حين كان فزع في المدينة فلما رجع قال ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرا وبالإجماع فإن الأمة أجمعت على جوازها وإنما اختلفوا في كونها مستحبة وهو قول الأكثرين أو واجبة وهو قول البعض انتهى شمني
قوله ( لأن فيها تمليكا ) أي وإيداعا فتكون من الوديعة بمنزلة المفرد من المركب والمركب مؤخر عن المفرد ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما قدمنا في الوديعة من أنه من باب الترقي والأنسب في التركيب أن يقول ذكرها بعد الوديعة لاشتراكهما في الأمانة وأخرها لأن فيها تمليكا
قوله ( النيابة عن الله تعالى في إجابة المضطر ) أي إن المستعير مضطر وقال تعالى ( ) النمل 62 وقد أغاثه المعير فكأنه نائب عن الله تعالى في إغاثته وإن كان فعل المعير من الله تعالى فلا نيابة في الحقيقة ففاعلها قد تخلق بهذا الخلق وورد تخلفوا بأخلاق الله
قوله ( لأنها لا تكون إلا لمحتاج ) أي
____________________
(8/381)
غالبا
قوله ( والقرض بثمانية عشر ) حقق بعضهم أن ثواب الصدقة أكثر وأن إفرادها أكثر كيفا وإن كانت في القرض أكثر كما قال المناوي نقلا عن الطيبي القرض اسم مصدر والمصدر بالحقيقة الإقراض ويجوز كونه بمعنى المقروض
قال البلقيني فيه أي في الحديث أن درهم القرض بدرهمي صدقة لكن الصدقة لم يعد منها شيء والقرض عاد منه درهم فسقط مقابله وبقي ثمانية عشر ومن ثم لو أبرأ منه كان عشرون ثوابا بالأصل وهذا الحديث يعارضه حديث ابن حبان من أقرض درهما مرتين كان له كأجر صدقة مرة وجمع بعضهم بأن القرض أفضل من الصدقة ابتداء فامتيازه عنها يصون وجه من لم يعتد السؤال وهي أفضل انتهاء لما فيها من عدم رد المقابل
وعند تقابل الخصوصيتين ترجح الثانية باعتبار الأثر المترتب
والحق أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وعليه ينزل الأحاديث المتعارضة ا هـ ط
قوله ( مشددة ) كأنها منسوبة إلى العار لأن طلبها عار وعيب صحاح
ورده في النهاية بأنه باشر الاستعارة فلو كان العار في طلبها لما باشرها وعول على ما في المغرب من أنها اسم من الإعارة وأخذها من العار العيب خطأ ا هـ
ومثله في معراج الدراية
وذكر في البدرية أنه يحتمل أن تكون العارية اسما موضوعا لا نسبيا كالكرسي والدردي نظيره كعيت وكميت صيغة تصغير وليس بتصغير
وفي المبسوط قيل العارية مشتقة من التعاور وهو التناوب كأنه يجعل للغير نوبة في الانتفاع بملكه على أن تعود النوبة إليه بالاسترداد متى شاء ولهذا كانت الإعارة في المكيل والموزون قرضا لأنه لا ينتفع به إلا بالاستهلاك فلا تعود النوبة إليه في عنيه ليكون إعارة حقيقة وإنما تعود النوبة إليه في مثله وما يملك الإنسان الانتفاع به على أن يكون مثله مضمونا عليه يكون قرضا انتهى
ومثله في الكافي
قوله ( وتخفف ) قال الجوهري وقد تخفف منسوبة إلى العار
ورده الراغب بأن العار يائي والعارية واوي وبالمشتقات يقال استعاره منه واستعار الشيء على حذف من قوله ( إعارة الشيء قاموس ) قال في المنح عنه أعارة الشيء وأعاره منه وعاوره إياه وتعور واستعار طلبها واعتوروا الشيء وتعوروه تداولوه ا هـ
وفي المبسوط أنها من العرية تمليك الثمار بلا عوض ورده المطرذي لأنه يقال استعاره منه فأعاره واستعاره الشيء على حذف من والصواب أن المنسوب إليه العارة اسم من الإعارة ويجوز أن يكون من التعاور التناوب
قهستاني
قوله ( تمليك المنافع ) أشار به إلى رد ما قاله الكرخي من أنها إباحة نفع وما في المتن مختار أبي بكر الرازي وهو الصحيح وهو قول عامة أصحابنا كما في الهندية عن السراج وعليه المتون وأكثر الشروح ويشهد لما في المتن كثير من الأحكام من انعقادها بلفظ التمليك وجواز أن يعير مالا يختلف بالمستعمل ولو كان إباحة لما جاز لأن المباح له ليس له أن يبيح لغيره كالمباح له الطعام ليس له أن يبيح لغيره وانعقادها بلفظ الإباحة لأنه استعير للتمليك كما في البحر وإنما لا يفسد هذا التمليك الجهالة لكونها لا تفضي إلى المنازعة لعدم لزومها
كذا قال الشارحون والمراد بالجهالة جهالة المنافع المملكة لا جهالة العين المستعارة بدليل ما في الخلاصة لو استعار من آخر حمارا فقال ذلك الرجل لي حماران في الإصطبل فخذ أحدهما واذهب به يضمن إذا هلك ولو قال له خذ أحدهما أيهما شئت لا يضمن كما في المنح
قوله ( مجانا ) أي بلا عوض
قال في القاموس المجان ما كان بلا بدل
قوله ( لزوم الإيجاب والقبول ولو فعلا ) أي كالتعاطي كما في القهستاني وهذا مبالغة على القبول
وأما الإيجاب فلا يصح به وعليه يتفرع
____________________
(8/382)
ما سيأتي قريبا من قول المولى خذه واستخدمه والظاهر أن هذا هو المراد بما نقل عن الهندية ركنها الإيجاب من المعير
وأما القبول من المستعير فليس بشرط عند أصحابنا الثلاثة ا هـ
أي القبول صريحا غير شرط بخلاف الإيجاب ولهذا قال في التاترخانية إن الإعارة لا تثبت بالسكوت ا هـ
وإلا لزم أن لا يكون أخذها قبولا
قوله ( وحكمها كونه أمانة ) فإن هلكت من غير تعد لم يضمن وإن تعدى ضمن بالإجماع ولو شرط الضمان في العارية هل يصح
فالمشايخ مختلفون فيه
وفي خلاصة الفتاوى رجل قال لآخر أعرني فإن ضاع فأنا له ضامن قال لا يضمن
هندية عن غاية البيان ومثله في الأنقروي عن المضمرات قوله ( قابلية المستعار ) أي يمكن الانتفاع بالمعار مع بقاء عينه فلو أعاره مكيلا أو موزونا لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاكه كان كناية عن القرض
ولا يصح إعارة الأمة للوطء ولا من تحت وصايته للخدمة لعدم قابلية المعار لذلك الانتفاع لأن الإباحة لا تجري في الفروج ولا يجوز التبرع بمنافع الصغير ولم تجعل عارية الأمة نكاحا كما جعل في عارية المكيل والموزون قرضا للمشاكلة بين القرض والعارية لأن كلا منهما تبرع غير لازم لصاحبه أن يرجع به متى شاء والنكاح لازم فلا ينعقد بلفظ ما يدل على اللزوم ومن لازم النكاح البدل وهو المهر
وشرط العارية عدم ذكر البدل
قال في الهندية ومن شرائطها العقل فلا تصح الإعارة من المجنون والصبي الذي لا يعقل
وأما البلوغ فليس بشرط حتى تصح الإعارة من الصبي المأذون
ومنها القبض من المستعير ومنها أن يكون المستعار مما يمكن الانتفاع به بدون استهلاكه فإن لم يكن فلا تصح إعارة
كذا في البدائع
قال الحاكم الشهيد في الكافي وعارية الدراهم والدنانير والفلوس قرض وكذلك كل ما يكال أو يوزن أو يعد عدا مثل الجوز والبيض وكذلك الأقطان والصوف والإبريسم والكافور وسائر متاع العطر والصنادلة التي لا تقع الإجارة على منافعها قرض وهذا إذا أطلق العارية أما إذا بين الجهة كما إذا استعار الدراهم أو الدنانير ليعاير بها ميزانا أو يزين بها دكانا أو يتجمل بها أو غير ذلك مما لا ينقلب به عينه لا يكون قرضا بل يكون عارية تملك بها المنفعة المسماة دون غيرها ولا يجوز له الانتفاع بها على وجه آخر غير ما سماه
كذا في غاية البيان
إذا استعار آنية يتجمل بها أو سيفا محلى أو سكينا محلى أو منطقة مفضضة أو خاتما لم يكن شيء من هذا قرضا هكذا في الكافي
ولو قال لآخر أعرتك هذه القصعة من الثريد فأخذها وأكلها عليه مثلها أو قيمتها وهو قرض إلا إذا كان بينهما مباسطة حتى يكون ذلك دلالة الإباحة
كذا في الخلاصة
ويأتي في كلام الشارح في أثناء الكتاب عن الصيرفية في العيون استعار من آخر رقعة يرقع بها قميصه أو خشبة يدخلها في بنائه أو آجرة فهو ضامن لأن هذا ليس بعارية بل هو قرض وهذا إذا لم يقل لأردها عليك أما إذا قال لأردها عليك فهو عارية
كذا في المحيط انتهى
قوله ( لأنها تصير إجارة ) الأولى لأنها تصير به إجارة وقد نصوا أن الإجارة تنعقد بلفظ الإعارة
قوله ( وصرح في العمادية الخ ) أشار إلى إيراد وجواب وهو أن العارية إذا
____________________
(8/383)
كانت تمليك المنفعة فكيف يصح إعارة المشاع فإنه مجهول العين فأشار إلى الجواب بأن الجهالة المانعة من التمليك الجهالة المفضية إلى المنازعة وجهالة العين لا تفضي إليه ولذا جاز بيع المشاع وإيداعه
وقد نقل في البحر أن الذي لا يضر في العارية جهالة المنافع
أما جهالة العين فمضرة إذا كانت تفضي إلى المنازعة لما في الخلاصة لو استعار من آخر حمارا فقال ذلك الرجل لي حماران في الإصطبل فخذ أحدهما واذهب فأخذ أحدهما وذهب به يضمن إذا هلك ا هـ
وقدمنا تمامه قريبا
وفي العناية من الهبة وعقد التمليك يصح في المشاع وغيره كالبيع بأنواعه يعني الصحيح والفاسد والصرف والسلم فإن الشيوع لا يمنع تمام القبض في هذه العقود بالإجماع
قوله ( وبيعه ) وكذا إقراضه كما مر وكذا إيجاره من الشريك لا الأجنبي وكذا وقفه عند أبي يوسف خلافا لمحمد فيما يحتمل القسمة وإلا فجائز اتفاقا وأفتى الكثير بقول محمد واختار مشايخ بلخ قول أبي يوسف
وأما وديعته فجائزة وتكون مع الشريك
وأما قرضه فجائز كما إذا دفع إليه ألفا وقال خمسمائة قرض وخمسمائة شركة
كذا في النهاية هنا
وأما غصبه فمتصور
قال البزازي وعليه الفتوى وذكر له في الفصول صورا وأما صدقته فكهبته فإنها لا تجوز في مشاع يقسم إلا إذا تصدق بالكل على اثنين فإنه يجوز على الأصح
وتمامه في أوائل هبة البحر ويأتي إن شاء الله تعالى
قوله ( لا تفضي للجهالة ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها للمنازعة وهي أولى
وفي المقدسي ما يفيد رد هذا التعليل حيث قال وشرطها تعيين المستعار حتى لو قال لي حماران في الإصطبل إلى آخر ما قدمناه عن الخلاصة قوله ( لعدم لزومها ) لا حاجة إليه إذ جهالة عين المشاع لا تمنع في اللزوم أيضا ولذا جاز بيعه مع أن البيع لازم
والحاصل أن إعارة المشاع تصح كيفما كان أي في الذي يحتمل القسمة أو لا يحتملها من شريك أو أجنبي وكذا إعارة الشيء من اثنين أجمل أو فصل بالتنصيف أو بالأثلاث كما في القنية
قوله ( وقالوا علف الدابة على المستعير ) لأن نفعه له فنفقته عليه
قوله ( وكذا نفقة العبد ) أي مطلقة كانت أو مؤقتة كما في المنح
قوله أما كسوته فعلى المعير لأن العارية غير لازمة وللمعير الرجوع عنها في كل حين فكان زمنها غير مستطيل عادة والكسوة تكون في الزمان المستطيل ألا يرى أنه شرط في ثوب الكسوة في كفارة اليمين أن يمكن بقاؤه ثلاثة أشهر فصاعدا والمنافع تحدث في كل آن وتتجدد في آن غير آن وبقاؤه غير لازم وإن ذكر لها مدة فلو لزمت العارية بقدرها لخرجت عن موضوعها ولو صح رجوعه لتضرر المستعير بذهاب كسوته من غير حصول انتفاعه
قوله ( وهذا ) يعني إنما يكون تمليك منافع العبد عارية ونفقته على المستعير لو قال له أعطني عبدك ليخدمني أو أعرني عبدك أما لو قال المالك خذه واستخدمه كان إيداعا مأذونا بالانتفاع به والعبد وديعة فنفقته على المودع كما في الهندية والبزازية وغيرهما
قوله ( لأنه وديعة ) الأقرب أنه إباحة للانتفاع إذ لو كان وديعة لما جاز له الانتفاع بها
أو يقال إنها وديعة أباح له المالك الانتفاع بها
وفي الهندية عن القنية دفعت لك هذا الحمار لتستعمله وتعلفه من عندك عارية ا هـ
قوله ( لأنه صريح ) أي حقيقة
____________________
(8/384)
قال قاضي زاده الصريح عند علماء الأصول ما انكشف المراد منه في نفسه فيتناول الحقيقة الغير المهجورة والمجاز المتعارف ا هـ
فالأول أعرتك والثاني أطعمتك أرضي
قوله ( أي غلتها ) قال في البحر لأن الإطعام إذا أضيف إلى ما لا يؤكل عينه يراد به ما يستغل منه مجازا لأنه محله ا هـ
ولو قال أطعمتك هذا الجزور فهو عارية إلا أن يريد الهبة
هندية
وهذا يفيد تقييد الأرض بما إذا كان فيها غلة وإلا فلا صحة لهذا التركيب
وفيه أن المراد أنه أعارها له ليزرعها فإنه إذا عبر بالإطعام اختصت عاريتها بالانتفاع بزراعتها فلا يبني ولا يغرس كما سيأتي آخر الكتاب فقوله أي غلتها أي إنك تزرعها وتستغلها
قوله ( لأنه صريح مجازا الخ ) عبارة العيني والدرر لأن الإطعام إذا أضيف إلى ما لا يطعم كالأرض يراد به غلتها إطلاقا لاسم المحل على الحال
وحاصله أن الصريح ما لا يحتمل غيره وهو يكون حقيقة ومجازا لأن المعتبر فيه قرينة مانعة من المعنى الحقيقي فلذلك كان صريحا لا يحتمل غيره بخلاف الكناية فإنها لا يعتبر معها قرينة قوله ( ومنحتك ) أصله أن يعطي الرجل ناقة أو شاة ليشرب لبنها ثم يردها إذا ذهب درها ثم كثر ذلك حتى قيل في كل من أعطى شيئا منحتك وإذا أراد به الهبة أفاد ملك العين وإلا بقي على أصل وضعه ا هـ
زيلعي قوله ( ثوبي أو جاريتي هذه ) أتى باسم الإشارة ولم يكتف بإضافة الثوب والجارية إلى نفسه لأنه لا يلزم من الإضافة إليه أن يكون الثوب أو الجارية معينا لاحتمال أن يكون له أكثر من ثوب وجارية لأنه يشترط عدم جهالة العين المستعارة كما سبق وحينئذ سقط قول السيد الحموي ينظر ما الداعي إلى إقحام اسم الإشارة في هذا وما بعده وهلا أغنت الإضافة إلى نفسه عن ذلك قوله ( لأنه صريح ) هذا ظاهر في منحتك أما حملتك فقال الزيلعي إنه مستعمل فيهما
يقال حمل فلان فلانا على دابته يراد به الهبة تارة والعارية أخرى فإذا نوى إحداهما صحت نيته وإن لم تكن له نية حمل على الأدنى كي لا يلزمه الأعلى بالشك
ا هـ
وهذا يدل على أنه مشترك بينهما لكن إنما أريد به العارية عند التجرد عن النية لئلا يلزمه الأعلى بالشك ط
وفي الكافي للنسفي وقوله في الهداية ومنحتك هذا الثوب وحملتك على هذه الدابة
إذا لم يرد به الهبة لأنهما لتمليك العين وعند إرادته الهبة يحمل على تمليك المنافع تجوزا مشكل من وجوه أحدها قوله إذا لم يرد به الهبة وكان ينبغي أن يقول إذا لم يرد بها بدليل التعليل
ويمكن أن يجاب عنه بأن الضمير يرجع إلى المذكور كقوله تعالى 2 { عوان بين ذلك } البقرة 68
وثانيها أنه جعل هذين اللفظين حقيقة لتمليك العين ومجازا لتمليك المنفعة ثم ذكر في كتاب الهبة في بيان ألفاظها وحملتك على هذه الدابة إذا نوى بالحمل الهبة وعلل بأن الحمل هو الارتكاب حقيقة فيكون عارية لكنه يحتمل الهبة
وثالثها أنهما لما كانا لتمليك العين حقيقة والحقيقة تراد باللفظ بلا نية فعند عدم إرادة الهبة لا يحمل على تمليك المنفعة بل على الهبة
وفي المستصفى شرح النافع قلنا جاز أن يكون لتمليك العين حقيقة ولتمليك المنفعة مجازا وإلى هذا مال صاحب الهداية في كتاب العارية ويكون التقدير إذا لم يرد به الهبة وأراد به العارية أي لأنه إذا لم يرد به الهبة
____________________
(8/385)
وأراد به العارية أي لأنه إذا لم يرد الحقيقة لا يصار إلى المجاز إلا عند إرادته ويحتمل أن يكونا بالعكس وإليه إشار فخر الإسلام في مبسوطه وصاحب الهداية في كتاب الهبة ويكون قوله إذا لم يرد به الهبة للتأكيد أي لأن مطلق الكلام محمول على العارية فليس المراد به التقييد ويحتمل أن يكون المعنيان حقيقة لهما وإنما ترجح أحدهما لأنه أدنى الأمرين فيحمل عليه للتيقن اه
كذا في الكفاية موضحا
قوله ( بها ) أي بالنية لأن هذا اللفظ مستعمل فيها
يقال حمل فلان فلانا على دابته يراد به الهبة تارة والعارية أخرى فإذا نوى إحداهما صحت نيته وإن لم يكن له نية حمل على الأدنى
زيلعي
وأما منحتك فقد علمت أنه كذلك لأن معناه إذا لم يرد به الهبة العارية لأن المنح لتمليك العين عرفا
وعند عدم إرادته يحمل على تمليك المنافع وإن أراد به الهبة أفاد ملك العين وإلا بقي على أصل وضعه
قوله ( أي مجازا ) لا دليل في الثاني عليه لأنه لا يثبت أحدهما إلا بالنية وهي القرينة الحالية
قوله ( وأخدمتك عبدي ) إنما كان عارية لأنه أذن له في الاستخدام عيني وهو كحملتك على دابتي صريح في العارية كناية في الهبة وكان الأولى إقحام اسم الإشارة هنا وفيما بعده كما في الدرر للوجه الذي ذكرناه
قوله ( شهرا مجانا ) أي بلا عوض وكذا لو لم يقل شهرا وجعله عارية أحد قولين
وقيل لا يكون عارية وظاهر الهندية اعتماده ومثله في البحر عن الخانية أي بل إجارة فاسدة وقد قيل بخلافه
تاترخانية
وينبغي هذا لأنه إذا لم يصرح بالمدة ولا بالعوض فأولى أن يكون إعارة من جعله إعارة مع التصريح بالمدة دون العوض
كذا أفاده شيخ سيدي الوالد رحمه الله تعالى
ونقل الرملي في حاشية البحر عن إجارة البزازية لا تنعقد الإعارة بالإجارة حتى لو قال أجرتك منافعها سنة بلا عوض تكون إجارة فاسدة لا عارية اه
فتأمله مع هذا وسيأتي في أول الإجارة اه
قوله ( وداري لك إلخ ) لأن قوله داري لك وإن كان لتمليك العين ظاهرا فهل يحتمل تمليك المنفعة وقوله سكني محكم في العارية فحملنا المحتمل على المحكم
حموي
قوله ( تمييز ) أي عن النسبة إلى المخاطب أي ملكتها لك سكنى وهذا أولى مما في المغرب و القهستاني من أنه حال
نعم يجوز أن يكون خبرا ولك متعلق به أو بالنسبة بين المبتدأ والخبر كما في قوله تعالى { إن الدين عند الله الإسلام } آل عمران 19 حموي عن الحفيد على صدر الشريعة
قوله ( أي بطريق السكنى ) أي نسبة داري له بطريق سكناها لا تمليك عينها وهو حقيقة العارية
قوله ( مفعول مطلق ) أو ظرف أي مدة عمرك
قهستاني وهو ما أشار إليه الشارح بعد وهو وجه آخر لكنه مزج احتمالا باحتمال
قوله ( تمييزه ) أي تمييز عمري
قال الزيلعي لأن قوله داري لك يحتمل أن يكون له رقبتها ويحتمل أن يكون له منفعتها ولو قال هي لك لتسكنها كان تمليكا للدار لأنه أضاف التمليك إلى رقبة الدار وقوله لتسكنها مشورة فلا يتغير به قضية العقد اه
إتقاني
قوله ( يرجع المعير متى شاء ) لقوله عليه الصلاة والسلام المنحة مردودة والعارية مؤداة ووجه الاستدلال ظاهر وفيه تعميم بعد التخصيص لما عرف أن المنحة عارية خاصة عناية ولأن المنافع تحدث شيئا فشيئا ويثبت الملك فيها بحسب حدوثها فرجوعه امتناع عن تمليك ما لم يحدث وله ذلك
زيلعي
قوله ( ولو مؤقتة ) لكن يكره قبل تمام الوقت لأن فيه خلف الوعد
ابن كمال
أقول من هنا تعلم أن خلف الوعد مكروه لا حرام
وفي الذخيرة يكره تنزيها لأنه خلف الوعد
____________________
(8/386)
ويستحب الوفاء بالعهد لكن استظهر العلامة أبو السعود كراهة التحريم ووفق شيخه بحمل ما في الذخيرة ومن نحا نحوها بأن الكراهة للتنزيه على ما إذا وعد وكان من نيته الوفاء ثم طرأ الخلف فلا مخالفة اه
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى لا يلزم الوفاء بالوعد شرعا والمسألة في الأشباه من الحظر والإباحة وتفصيلها في حواشيه
قال في الهندية وأما أنواعها فأربعة أحدها أن تكون مطلقة في الوقت والانتفاع
وحكمه أن للمستعير أن ينتفع بها بأي نوع شاء وأي وقت شاء
والثاني أن تكون مقيدة فيهما فلا يتجاوز ما سماه المعير إلا إذا كان خلافا إلى خير
الثالث أن تكون مقيدة في حق الوقت مطلقة في الانتفاع
والرابع عكسه فلا يتعدى ما سماه له المعير
هكذا في السراج الوهاج
وفي فتاوى القاضي ظهير الدين إذا كانت العارية مؤقتة بوقت فأمسكها بعد الوقت فهو ضامن ويستوي فيه أن تكون العارية مؤقتة نصا أو دلالة حتى أن من استعار قدوما ليكسر الحطب فكسره وأمسك حتى هلك يضمن ا هـ
وفي البزازية من الرابع من العارية استعار قدرا لغسل الثياب ولم يسلمه حتى سرق ليلا ضمن
وفي جامع الفصولين العارية لو مؤقتة فأمسكها بعد الوقت مع إمكان الرد ضمن وإن لم يستعملها بعد الوقت هو المختار
وفي الحامدية والمكث المعتاد عفو وانظر ما يأتي عند قول المصنف فلو كانت مؤقتة فأمسكها بعده فهلكت ضمنها ا هـ
وانظر ما سنكتبه ثمة إن شاء الله تعالى والقول في إطلاق العارية وتقييدها قول المعير
قوله ( أو فيه ضرر ) يعني في رجوع المعير على المستعير
قوله ( فتبطل ) أي بالرجوع
قوله ( كمن استعار أمة لترضع ولده ) قيد بالأمة لأن الحرة لا تستعار وعلل المسألة في العدة بأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا ا هـ
قال في الخانية رجل استعار من رجل أمة لترضع ابنا له فأرضعته فلما صار الصبي لا يأخذ إلا ثديها قال المعير اردد علي خادمي قال أبو يوسف ليس له ذذلك أي طلب الرد وله أجر مثل خادمه إلى أن يفطم الصبي ا هـ
قوله ( فله أجر المثل ) أي للمعير والأولى فعليه أي فعلى المستعير
قوله ( إلى الفطام ) ومثله ما لو استعار دابة ليغزو عليها فطلبها بعد أن وصل إلى دار الشرك ولا يجد دابة يكتريها أو يشتريها في ذلك المحل بطلت العارية ولكنها تبقى في يده بأجر المثل إلى أن يجد كراء أو شراء
كذا في المنح
وينبغي أن يلحق بدار الحرب ما لو طلبها منه في المفازة ويراد بقوله إلى موضع يجد فيه كراء أو شراء أي بثمن وأجر المثل حتى لو كان في مكان أو وصل إليه وطلب أزيد من أجر المثل أو ثمن المثل في الشراء ينبغي أن لا يكلف وكذا لو وجد بثمن وأجر المثل لكن لم يوجد معه ثمة ما يشتري به أو يستأجر ولا يعطونه إلا حالا فليراجع
قوله وتمامه في الأشباه حيث ذكر مسألتين فيها فقال لو رجع في فرس الغازي قبل المدة في مكان لا يقدر على الشراء والكراء فله أجر المثل
وفيما إذا استعار أرضا للزراعة وزرعها لم تؤخذ منه حتى يحصد ولو لم يؤقت وتترك بأجر المثل ا هـ
وعزا ذلك للخانية
وعبارتها كان للمستعير أن لا يدفعه إليه لأنه ضرر بين وعلى المستعير أجر المثل من الموضع الذي طلب صاحبه إلى أدنى الموضع الذي يجد فيه شراء أو كراء ا هـ
ومنه يعلم ما في عبارة الأشباه من الإيجاز البالغ حد الإلغاز وكذا في قوله إذا استعار أرضا إلى قوله وتترك بأجر المثل
____________________
(8/387)
قال في الخانية ولو أن رجلا أعار أرضا ليزرعها ووقت لذلك وقتا أو لم يوقف ولم يقارب الحصاد له ذلك
وفي الاستحسان لا يكون له ذلك حتى يحصد الزرع لأن المستعير لم يكن مبطلا في الزراعة فتترك الأرض في يده إلى الحصاد بالإجارة وتصير الإعارة إجارة ا هـ
ومنه يعلم ما في كلام الأشباه من الإيجاز تأمل وسيأتي
قوله ( وفيها معزيا للقنية ) لم أجده في القنية في هذا المحل
وعبارة الأشباه تلزم العارية فيما إذا استعار جدار غيره لوضع جذوعه ووضعها ثم باع المعير الجدار فإن المشتري لا يتمكن من رفعها
وقيل لا بد من شرط ذلك وقت البيع
كذا في القنية
فكان الأولى حذف نعم
قوله ( لوضع جذوعه ) أو أرضا لحفر سرداب
قوله ( وقيل نعم ) مثل المشتري الوارث فيما ذكر لكن للوارث أن يأمر برفع الجذوع والسرداب بكل حال ا هـ بيري أي ولو مع شرط القرار وقت وضع الجذوع أو وقت حفر السرداب بخلاف المشتري حيث لا يتمكن من الرفع مع هذا الشرط ا هـ
أبو السعود
قوله ( إلا إذا شرطه وقت البيع ) أي إذا شرط البائع بقاء الجذوع والوارث في هذا بمنزلة المشتري إلا أن للوارث أن يأمره برفع البناء على كل حال كما في الهندية ومنه يعلم أن من أذن لأحد ورثته ببناء محل في داره ثم مات فلباقي الورثة مطالبته برفعه إن لم تقع القسمة أو لم يخرج في مقسمه
وفي جامع الفصولين استعار دارا فبنى فيها بلا أمر المالك أو قال له ابن لنفسك ثم باع الدار بحقوقها يؤمر الباني بهدم بنائه وإذا فرط في الرد بعد الطلب مع التمكن منه ضمن سائحاني
قوله ( قلت وبالقيل جزم في الخلاصة ) وكذا في الخانية كما قدمنا عبارته قبيل دعوى النسب وأفتى به الخير الرملي في فتاويه
قوله ( واعتمده محشيها في تنوير البصائر ) قال فيها ينبغي اعتماد القول بعدم لزومها في الصورة المذكورة وللمشتري المطالبة برفعها إلا إذا شرط قرارها وقت البيع لقولهم إن العارية غير لازمة كما في الخلاصة والبزازية وغيرهما
وقد جزم بذلك صاحب الخلاصة في الفرع المذكور فقال وعلى هذا لو استأذن رجلا في وضع الجذوع على الحائط أو حفر سردابا تحت داره ففعل ثم باع صاحب الدار داره فطلب المشتري رفع الجذوع له ذلك وكذا السرداب إلا إذا شرط وقت البيع قراره ومثله في جامع البزازي انتهى والمراد
بقوله إلا إذا شرط أي البائع إذ لا يعتبر الشرط من المستعير وفي صحة الاشتراط من البائع نظر
قال الشارح في باب البيع الفاسد لو شرط أن يسكنها فلان أو أن يقرضه البائع أو المشتري كذا فالأظهر الفساد
ذكره أخي زاده
وظاهر البحر ترجيح الصحة أي فيما إذا كان الشرط فيه نفع للأجنبي فما اعتمده صاحب تنوير البصائر من اشتراط إبقاء الجذوع على الحائط وحفر السرداب عارية أن يبقى ذلك في ملك المشتري بناء على ترجيح صاحب البحر من أن الشرط إذا كان للأجنبي لا يفسد البيع
تأمل وراجع البحر في باب البيع الفاسد فإن ظاهره لا يفسد البيع ولا يلزم الشرط
فالحاصل أنه لو شرط ما فيه نفع للأجنبي قال بعضهم يفسد البيع وقال البعض لا يفسد ولا يلزم الشرط بل يكون المشارط بالخيار إما أن يمضي البيع ويترك الشرط أو يفسخه ولم يقل أحد بلزوم الشرط والقول
____________________
(8/388)
بلزوم إبقاء الجذوع والسرداب مغاير للقولين
تأمل
وإنما قلنا وإبقاء السرداب عارية لأنه لو كان ملكه ذلك وباع الباقي صح ذلك وامتنع رجوعه لخروج العين عن ملك المملك فكذا المشتري لا يملك الرجوع فليحرر
قوله ( ولم يتعقبه ابن المصنف ) وكذا نقله السيد الحموي وأقره
قوله ( ولا تضمن بالهلاك ) ولو في حال الاستعمال وهذا إذا لم يتبين أنها مستحقة للغير فإن ظهر استحقاقها ضمنها ولا رجوع له على المعير لأنه متبرع وللمستحق أن يضمن المعير ولا رجوع له على المستعير بخلاف المودع والحالة هذه حيث يرجع على المودع لأنه عامل له
بحر
وإنما ضمنها حينئذ لأنه تبين أنها ليست بعارية لأن العارية تمليك المنفعة والتمليك إنما يكون من المالك وهذا غصب لأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه
أما إذا ضمن المالك المعير فإنه يملكها بالضمان مستندا إلى حين الإعارة فتبين أنه أعار ملكه فلذا لا يرجع على المستعير لتحقق العارية حينئذ وهي لا تضمن وإنما لا تضمن بالهلاك إذا كانت مطلقة فلو مقيدة كأن يعيره يوما فلو لم يردها بعد مضيه ضمن إذا هلكت كما في شرح المجمع وهو المختار كما في العمادية انتهى
قال في الشرنبلالية سواء استعملها بعد الوقت أو لا
وذكر صاحب المحيط وشيخ الإسلام إنما يضمن إذا انتفع بعد مضي الوقت لأنه حينئذ يصير غاصبا
أبو السعود
قوله ( من غير تعد ) أما لو تعدى ضمن إجماعا كما لو كبحها باللجام أو دخل المسجد وتركها في السكة فهلكت أو استعارها ليركبها فحبسها أو أخرجها ليسقيها في غير الجهة المعينة فهلكت وكذا إذا استعار ثورا ليحرث أرضه فقرنه بثور أعلى منه ولم تجر العادة بذلك فهلك ولو تركه يرعى في المرج فضاع إن كانت العادة هكذا فلا ضمان إن لم يعلم أو كانت العادة مشتركة ضمن
ولو نام في المفازة ومقود الدابة في يده فسرقت إن كان مضطجعا ضمن وإن كان جالسا لا يضمن وهذا في غير السفر
أما في السفر لا يضمن بالنوم مطلقا إذا كان المستعار تحت رأسه أو موضوعا بين يديه لا حواليه بحيث يعد حافظا عادة
بحر
قال في جامع الفصولين إذا استعار ثورا ليكرب أرضه فكرب أرضا أخرى يضمن إذا عطب وكذا لو قرنه بثور أعلى منه كما إذا كان الثور المستعار قيمته خمسون وثور المستعير قيمته مائة يبرأ لو كان الناس يفعلون مثل ذلك وإلا ضمن
أقول ينبغي أن لا يضمن لو كرب مثل الأرض المعينة أو أرخى منها كما لو استعار دابة للحمل وسمى نوعا فخالف لا يضمن لو حمل مثل المسمى أو أخف منه كما سيجيء انتهى
فتأمل
قوله ( وشرط الضمان باطل ) هو ما عليه الأكثر كما قدمناه
قوله ( كشرط عدمه ) أي عدم الضمان
قوله ( في الرهن ) أي إذا هلك
قوله ( خلافا للجوهرة ) حيث جزمت بصيرورتها مضمونة بشرط الضمان ولم تقل في رواية مع أن فيها روايتين كما يأخذ من عبارة الزيلعي ومما قدمناه عن الهندية
وفي البزازية أعرني هذا على أنه إن ضاع فأنا ضامن وضاع لا يضمن انتهى
وفي التحفة إذا شرط الضمان في العارية هل يصح فالمشايخ مختلفون فيه انتهى
____________________
(8/389)
قوله ( لأن الشيء لا يتضمن ما فوقه ) والإجارة أقوى للزومها
وأما الرهن فإنه إيفاء لدينه عند الهلاك أو الاستهلاك وليس له أن يوفي دينه من مال الغير بغير إذنه
قوله ( لا تؤجر ولا ترهن ) للعلة المذكورة وهي أن الإعارة دون الإجارة والرهن والشيء لا يتضمن ما فوقه
درر
لأن الإجارة لازمة والرهن إيفاء أي فيه إيفاء الدين بها من وجه فهو تمليك لها والعارية لا تمليك فيها وهذا بغير إذن المالك كما يأتي أما به فيصح ولأنها غير لازمة في الأصل والإجارة لازمة فلو ملك المستعير أن يؤجر العارية لوقت إجارته إما لازمة أو غير لازمة فإن وقعت غير لازمة يلزم عدم لزوم الإجارة وهو خلاف موضوعها وإن وقعت لازمة يلزم لزوم العارية وهو خلاف موضوعها وذلك لأن الإجارة إذا لزمت تصير العارية لازمة لعدم إمكان الاسترداد فيها ولا ترهن العارية أيضا لأنها غير لازمة والرهن
لازم فلو جاز للمسنعير أن يرهن العارية لزم لزوم ما لا يلزم وهو العارية أو عدم لزوم ما لا يلزم وهو الرهن ذكره الشمني
قوله ( ولا تودع ) أي كما أن الوديعة لا تتضمن ما فوقها كذلك لا تتضمن مثلها
قوله ( ولا تعار ) لأن العارية أقوى لأن فيها تمليك المنافع لأن المودع لا يملك الانتفاع والمعار يملكه
قوله ( بخلاف العارية ) أي فإنها تودع وتعار أي مطلقا عند الإطلاق
أما عند التقييد بمستعمل فليس له أن يعير إلا إذا كان الاستعمال لا يختلف كالسكنى والحمل والزراعة وإن شرط أن ينتفع هو بنفسه لأن التقييد فيما لا يختلف غير مفيد كما في شرح المجمع
قال المصنف في شرحه واختلفوا في إيداع المستعير
قال بعض المشايخ ليس له أن يودع مطلقا منهم الكرخي واستدلوا عليه بمسألة ذكرها في الجامع أن المستعير إذا بعث العارية إلى صاحبها على يد أجنبي فهلكت في يد الرسول ضمن المستعير العارية وليس ذلك إلا إيداعا منه
قال الباقلاني هذا القول أصح لأن الإيداع تصرف في ملك الغير وهو العين بغير إذنه قصدا فلا يجوز بخلاف الإعارة لأنه تصرف في المنفعة قصدا وتسليم العين من ضروراته فافترقا
وأكثرهم على أنه يجوز منهم مشايخ العراق وأبو الليث والشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل والصدر الكبير برهان الأئمة لأن الإيداع دون الإعارة والعين وديعة عند المستعير في العارية فإذا ملك الأعلى فالأولى أن يملك الأدنى
قال ظهير الدين المرغيناني وعليه الفتوى اه
وجعل الفتوى على هذا في السراجية أيضا
وفي الصيرفية أن القول بأن العارية تودع أو لا تودع محله ما إذا كان المستعير يملك الإعارة أما فيما لا يملكها لا يملك الإيداع والله تعالى أعلم
أقول ومن الصور التي لا تملك فيها الإعارة ما لو انتهت مدتها وهو ما ذكره المصنف
ومنها ما لو عين المعير للمستعير أن لا يعير فيما يختلف بالاستعمال كركوب الدابة ولبس الثوب لأنهما يختلفان باختلاف المستعملين كما سيذكره المصنف
قوله ( وأما المستأجر ) بفتح الجيم فيؤجر أي من غير مؤجره فلا تجوز وإن تخلل ثالث به يفتى للزوم تمليك المالك ولا يؤجره بأكثر مما استأجره أطلقه وهو مقيد بما لا يختلف الناس بالانتفاع به
قال في البزازية إعارة المستأجر تجوز إلا في شيئين استأجرها ليركبها بنفسه ليس له إركاب غيره لا ببدل ولا مجانا وكذا لو استأجره ليلبسه ليس له الإعارة ولا الإجارة لغيره لأنهما يختلفان باختلاف المستعملين حتى لو استأجر دابة للركوب مطلقا يقع على أول ما يوجد فإن ركب أو أركب تعين وليس له غيره بعد انتهى
____________________
(8/390)
وفي الحافظية وقولهم يؤجر المستأجر ويعير ويودع فيما لا يختلف الناس في الانتفاع به انتهى
وفي وديعة البحر عن الخلاصة والوديعة لا تودع ولا تعار ولا تؤجر ولا ترهن والمستأجر يؤجر ويعار ويودع ولم يذكر حكم الرهن وينبغي أن يرهن اه
وفي قول الخلاصة وينبغي نظر لأنه قد مر آنفا في مختارات النوازل لصاحب الهداية أن المستأجر لا يرهن اللهم إلا أن يكون في المسألة روايتان أو سقطت كلمة لا من عبارة أن يرهن في الخلاصة سهوا من قلم الناسخ
لا يقال لعل مراد صاحب الخلاصة من قوله ينبغي أن يرهن هو الرهن لا المستأجر
لأنا نقول لا مجال لذلك الاحتمال لأنه ذكر في الخلاصة أيضا في كتاب الرهن أن الرهن لا يرهن أفاده في نور العين ولذلك زدت في عبارته لا من غير تنبيه عليها في الوديعة عند قوله الدفع لمن في عياله
قوله ( ويودع ) لكن الأجير المشترك يضمن بإيداع ما تحت يده لقول الفصولين ولو أودع الدلال ضمن
سائحاني
قوله ( ويعار ) فيركب من شاء إذا استأجر له ويتعين أول راكب كما يأتي
قوله ( ولا يرهن ) لأن فيه إبقاء الدين وهو تمليك لعينه والمستأجر إنما ملكت منافعه لا عينه
قوله ( فكالوديعة ) فلا يؤجر ولا يرهن ولا يودع ولا يعار
قال في الأشباه الوديعة لا تودع ولا تعار ولا تؤجر ولا ترهن والمستأجر يؤجر ويعار ولا يرهن والعارية تعار ولا تؤجر وإنما جازت إعارة المعار والمؤجر للإطلاق في الانتفاع وهو معدوم في الإيداع
فإن قيل إن أعار فقد أودع
قلنا هذا ضمني لا قصدي والرهن كالوديعة لا يودع ولا يعار ولا يؤجر
وأما الوصي فيملك الإيداع والإجارة دون الإعارة كما في وصايا الخلاصة وكذا المتولي على الوقف والوكيل بقبض الدين يعد مودعا فلا يملك الثلاثة كما في جامع الفصولين
قوله ( ومالك أمر إلخ ) مالك مبتدأ وجملة لا يملكه صفة له وقوله وكيل إلخ هو الخبر
قال الشارح ابن الشحنة قد ذكرها قاضيخان مجموعة فقال الأولى الوكيل ليس له أن يوكل فيما وكل فيه لأنه فوض إليه التصرف دون التوكيل والناس متفاوتون في الآراء وقد رضي برأيه دون رأي غيره فلو أذن له في ذلك جاز
الثانية والثالثة المستعير والمستأجر وكل منهما ذكر له صورتين فالمستعير إذا استعار دابة ليركبها ليس له أن يعيرها لغيره إلا أن يكون أمره بذلك أو أباحه له
ولو استعار قباء أو قميصا ليلبسه له أن يعيره لغيره بدون أمره
والأصل في ذلك أن العارية إذا كانت مما يختلف باختلاف المستعملين ليس للمستعير أن يعير بدون أمر المعير وإن كانت لا تختلف يجوز
والمستأجر لو استأجر دابة ليركبها بنفسه ليس له أن يؤجرها للغير لا للركوب ولا للحمل إلا بأمر المؤجر ولو استأجر الثوب ليلبسه هو بنفسه ليس له أن يؤجره لغيره لما مر وإلى ذلك أشار بقوله ركوبا ولبسا فيهما أي في العارية والإجارة
الرابعة المضارب بفتح الراء ليس له أن يضارب غيره بغير إذن
____________________
(8/391)
الخامسة المرتهن لا يملك أن يرهن الرهن بغير إذن الراهن فإنه رضي بحبسه لا بحبس غيره فإن فعل فهلك عند الثاني كان للمالك أن يضمن أيهما شاء قيمة الرهن فإن ضمن الأول لا يرجع على واحد وإن ضمن الثاني له الرجوع على الأول
السادسة القاضي ليس له أن يستحلف بدون إذن الإمام ولم يذكر هذه المسألة قاضيخان هنا وذكرها في الهداية وهي مقيسة على الوكيل
السابعة المستودع لا يملك الإيداع عند أجنبي إلا أن يأذن له لأن المالك إنما رضي بيده دون يد غيره والأيدي تختلف في الأمانة
وأيضا الشيء لا يتضمن مثله كما مر
الثامنة المستبضع لا يملك الإبضاع فإن أبضع وهلك كان لرب المال أن يضمن أيهما شاء الخ
قوله ( ومزارع ) أي من أخذ الأرض مزارعة وكان المال أن يضمن أيهما شاء فإن سلم وحصل الربح كان لرب المال
التاسعة رجل أخذ أرضا وبذرا ليزرعها ولم يقل له صاحب الأرض اعمل فيها برأيك لا يدفع إلى غيره مزارعة فإن كان البذر من قبل الآخر كان له أن يدفع إلى غيره مزارعة على كل حال وقد عدها المصنف أحد عشر فإنه جعل الركوب واللبس مسألتين مستقلتين ولا يخفى أنهما صورتان تحت الإجارة والإعارة ا هـ
قوله ( بدون أمر ) أي من الأصيل ونصف البيت الواو من دون
قوله ( وكيل ) فليس له أن يوكل فيما وكل فيه لأنه فوض إليه التصرف دون التوكيل الخ
قوله ( مستعير ) أي إذا استعار دابة ليركبها ليس له أن يعيرها لغيره إلا أن يكون أمره بذلك أو استعار قميصا ليلبسه ليس له أن يعيره لغيره بدون أمر المعير الخ
قوله ( ومؤجر ) بفتح الجيم هو المستأجر بكسرها يعني لو استأجر دابة ليركبها بنفسه أو قميصا ليلبسه بنفسه ليس له أن يركب غيره ولا يحمل وكذا ليس له أن يلبس القميص إلا بأمر
قوله ( ركوبا ولبسا فيهما ) أي في المستعار والمؤجر أي للركوب واللبس فيهما فهو منصوب على المفعول لأجله وإنما لا يملك المستعير والمستأجر ذلك في الركوب واللبس ونحوهما للاختلاف بالمستعمل إلا بالإذن
أما ما لا يختلف فله ذلك بدون الإذن ولكن يخالف هذا ما يأتي متنا من قوله وله أن يعير ما اختلف استعماله أو لا
وقال في المنح ومثله المستأجر نعم هو صحيح فيما إذا عين المعير فإنه لا يعيره حينئذ بدون إذن فيما يختلف استعماله لكنه أطلق هنا المستعير والمؤجر ووافقه عليه الشرنبلالي في شرحه لكن الذي يظهر أنه هنا محمول على ما إذا قيد بلبسه وركوبه وليحرر
قوله ( ومضارب ) بكسر الراء فليس له أن يضارب بعير إذن
قوله ( ومرتهن ) فلا يملك أن يرهن بغير إذن الراهن لأنه رضي بحبسه لا بحبس غيره الخ
قوله ( وقاض يؤمر ) أي يستخلف فليس له أن يستخلف بدون إذن الإمام
قوله ( ومستودع ) بفتح الدال لا يملك الإيداع عند أجنبي إلا أن يأذن له المالك الخ
قوله ( ومستبضع ) فإنه لا يملك الإبضاع فإن أبضع وهلك كان لرب المال أن يضمن أيهما شاء الخ
قوله ( ومزارع ) أي من أخذ الأرض مزارعة وكان البذر من ربها لا يدفعها إلى غيره مزارعة بدون أمر فإن كان البذر من قبل المزارع كان له أن يدفع إلى غيره مزارعة مطلقا
قوله ( من عنده ) أي المزارع
قوله ( يبذر )
____________________
(8/392)
بالبناء للمجهول حال من البذر ومن عنده خبر أو هو خبر كان وقوله من عنده متعلق به
قوله ( وما للمساقي ) ذكره ابن وهبان في فصل المساقاة والمزارعة
ووجه المنع أن الدفع إلى غيره فيما فيه إثبات الشركة في مال غيره بغير إذنه فلا يصح
قوله ( وإن أذن المولى ) أي المالك فإنه من معانيه
قوله ( ضمنه ) بتشديد الميم مبني للفاعل والمعير فاعل والضمير في ضمنه راجع للمستعير
قوله ( أجر ملك نفسه ) أي وكذا رهن ملك نفسه في صورة الرهن
قوله ( ولا رجوع له على أحد ) عبارة مسكين على المستأجر وهذا فسره القهستاني وقال فلا فائدة في النكرة العامة
قال أبو السعود وتعقبه شيخنا بأن طلب الفائدة ممنوع لجواز كون قيمة الرهن عشرين وكان رهنا بعشرة فلا يرجع بالزائد على المرتهن
قوله ( ويتصدق بالأجرة ) أي عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لأنه صار بمنزلة الغاصب والغاصب إذا أجر يملك الأجرة ويتصدق بها لأنها حصلت بسبب خبيث وهو استعمال مال الغير فكان سبيله التصدق ا هـ
إتقاني بزيادة
قوله ( خلافا للثاني ) ينظر وجهه
قوله ( سكت عن المرتهن ) أي لو أن المستعير رهن العارية بدون إذن هل يضمن المرتهن أو لا لم يذكر حكمه
ونقل عن شرح الوهبانية أن المرتهن لا يملك الرهن فلو رهن وهلك الرهن للمالك الخيار إن شاء ضمن المرتهن الأول وإن شاء ضمن الثاني
فإن ضمن الثاني رجع على الأول لأنه غره في ضمن عقد
ويؤخذ منه جواب مسألتنا
لأن كلا من المستعير والمرتهن لا يملكان الرهن فكما أن المرتهن إذا رهن يخير المالك في تضمين أيهما شاء ويرجع الثاني على الأول إن ضمنه فكذلك الحكم في المستعير إذا رهن ومتى ضمن المرتهن الثاني والمرتهن من المستعير يرجع كل منهما بالدين على الراهن عنده لأنه تبين أن الدين لا رهن به لأنهما ملكاه بضمانه
وفي حاشية أبو السعود على مسكين قال الشرنبلالي وسكت عما لو ضمن المرتهن فينظر حكمه
قال شيخنا حكم المرتهن في هذه الصورة حكم الغاصب كما ذكره نوح أفندي لأنه قبض مال الغير بلا إذنه ورضاه فيكون للمعير تضمينه وبأداء الضمان يكون الرهن هالكا على ملك مرتهنه ولا رجوع له على الراهن المستعير بما ضمن لما علمت من كونه غاصبا ويرجع بدينه ا هـ
وتقييده بقوله ولا رجوع له على الراهن المستعير للاحتراز عما لو كان الراهن مرتهنا فإنه يرجع على الأول ا هـ
وهذا ما ذكره الشارح
بقوله ( وفي شرح الوهبانية الخ ) فليس بيانا لما سكت عنه المصنف كما يوهمه كلامه بل بيان لفائدة أخرى تأمل
ولكن بيانه الذي قدمناه قبل عبارة أبو السعود
والحاصل أن ما في شرح الوهبانية ليس مما نحن فيه إذ كلامنا في رهن المستعير وما فيه في رهن المرتهن وعليه فكان الأولى أن يقول لما سيأتي في كتاب الرهن من أنه إن قيده بقدر أو جنس لو مرتهنا تقيد فإن خالف ضمن المعير المستعير أو المرتهن إلا إذا خالف إلى خير فإن ضم المستعير ثم عقد الرهن وإن ضمن المرتهن يرجع بما ضمن وبالدين على الراهن وإن وافق وهلك عند المرتهن صار مستوفيا لدينه ووجب مثله للمعير على المستعير إن كان كله مضمونا وإلا ضمن قدر المضمون والباقي أمانة الخ
قوله ( الخامسة ) أي من
____________________
(8/393)
مسائل النظم المتقدم قريبا وقد سلف ما فيه
قوله ( أن يرهن ) أي بدون إذن الراهن
قوله ( ويرجع الثاني ) أي إن ضمن
قوله ( على الأول ) يعني أن المرتهن لا يهلك الرهن ولو رهن وهلك الرهن فللمالك الخيار إن شاء ضمن المرتهن الأول أي ولا يرجع على أحد كما في ابن الشحنة وإن شاء ضمن الثاني فإن ضمن الثاني رجع على الأول لأنه غره في ضمن عقد فهذا ليس بيانا لما سكت عنه المصنف كما يوهمه كلامه كما عرفت
قوله ( إذا لم يعلم بأنه عارية في يده ) بأن نص على الإطلاق كما سيذكره قريبا
أما إذا علم فلا رجوع لعدم الغرر
قوله ( ما اختلف استعماله أولا ) الأول كاللبس والركوب والزراعة والثاني كالسكنى والحمل والاستخدام
قوله ( إن لم يعين المعير منتفعا ) أي بأن نص على الإطلاق كما لو استعار دابة للركوب أو ثوبا للبس له أن يعيرها ويكون ذلك تعيينا للراكب واللابس فإن ركب هو بعد ذلك
قال الإمام علي البزدوي يكون ضامنا وقال السرخسي وخواهر زاده لا يضمن
كذا في فتاوى قاضيخان وصحح الأول في الكافي
بحر وسيأتي قريبا
أقول وهذا بظاهره يخالف ما تقدم عن الوهبانية والظاهر حمله على ما إذا لم يأمره المالك بذلك أو لم يبحه له أما إذا أمره بذلك أو أباحه له فيجوز كما هنا وقدمناه عن شارحها
وما في البحر عن المحيط استعار دابة ليركبها فركب وأركب غيره فعطبت ضمن نصف قيمتها معناه أنهما ركباها معا لأن سبب العطب ركوبهما معا وأحدهما مأذون فيه فلهذا ضمن النصف حتى لو أركب غيره فقط ضمن الكل هكذا استظهره العلامة أبو السعود
وقوله حتى لو أركب غيره يعني بعدما ركب هو لأن له أن يعير ما اختلف استعماله إن لم يعين منتفعا كما سمعت
قوله ( إن عين ) أي منتفعا
قوله ( وإن اختلف لا ) أي إن عين منتفعا واختلف استعماله لا يعير للتفاوت
قالوا الركوب واللبس مما اختلف استعماله والحمل على الدابة والاستخدام والسكنى مما لا يختلف استعماله
قاله أبو الطيب
وقال الشمني لأن التقييد بالمنتفع فيما لا يختلف استعماله لا يفيد لعدم التفاوت
بخلاف ما يختلف استعماله لأن المعير رضي بذلك المعين دون غيره ا هـ
مدني
قال الشرنبلالي أقول هذا القيد ليس باحترازي لقول الزيلعي وإن كان لا يختلف يعني النفع كالسكنى والحمل جاز أن يفعل بنفسه وبغيره في أي وقت شاء لأن التقييد بالانتفاع فيما لا يختلف لا يفيد إلا أن يقال إن للوصل وإن كان الأكثر استعمالها مقرونة بواو الحال على حد قوله تعالى { فذكر إن نفعت الذكرى } الأعلى 9 فإن فيه وصلية بدون واو وإن كان قليلا ا هـ
أقول هذا البحث ساقط غير وارد لأن المصنف قدم أنه يعير مطلقا إن لم يعين وأفاد ثانيا أنه إن عين يعير ما لا يختلف
وقال الشارح وإن اختلف لا فكان هذا تصريحا بالمفهوم وتفصيلا له والشارح رحمه الله تعالى لم يعول على هذا البحث لما ذكرنا وهذا إنما يرد على مثلعبارة العيني عند قول الكنز ويعير ما لا يختلف بالمستعمل أي باختلاف المستعمل كالسكنى والحمل هذا إذا صدرت مطلقة وإن كانت مقيدة بشيء تتقيد به ا هـ
فيرد
____________________
(8/394)
عليه ما قاله من التقييد بالانتفاع فيما لا يختلف لا يفيد
قوله ( ومثله المؤجر ) بفتح الجيم أي إذا أجر شيئا فإن لم يعين من ينتفع به فللمستأجر أن يعيره سواء اختلف استعماله أو لا وإن عين يعير ما لا يختلف استعماله لا ما اختلف
منح
قوله ( مطلقا ) بلا تقييد
أقول الظاهر أنه أراد بالإطلاق عدم التقييد بمنتفع معين لأنه سيذكر الإطلاق في الوقت والنوع وإلا لزم التكرار تأمل
قال في التبيين ينبغي أن يحمل هذا الإطلاق الذي ذكره هنا فيما يختلف باختلاف المستعمل كاللبس والركوب والزراعة على ما إذا قال على أن أركب عليها من أشاء كما حمل الإطلاق الذي ذكره في الإجارة على هذا ا هـ
فما أوهمه قول المؤلف بلا تقييد بالنظر لما يختلف لا يتم ط
قلت فعلى هذا يحمل قول المصنف سابقا إن لم يعين بالنسبة للمختلف على ما إذا نص على الإطلاق لا على ما يشمل السكوت لكن في الهداية لو استعار دابة ولم يسم شيئا له أن يحمل ويعير غيره للحمل ويركب غيره الخ فراجعها
قوله ( يحمل ما شاء ) أي من أي نوع كان لأن أمره بالانتفاع مطلقا والمطلق يتناول أي انتفاع شاء في أي وقت شاء وإليه التعيين بفعله إن شاء استعملها في الركوب أو في الحمل عليها وأي ذلك فعل لا يمكنه أن يفعل غيره بعد ذلك لأن المطلق إذا تعين بقيد لا يبقى مطلقا بعد ذلك ويشترط في الحمل أن تطيقه الدابة أما لو كان لا تطيقه فهلكت ضمن لأنه ليس له ذلك حتى في دابة نفسه
ط بزيادة
أقول الذي يظهر لي أن الإطلاق في غير الدواب المعدة للركوب خاصة أما هي كأصائل الخيل المعروفة بالقسرافات من خيل العرب كالمعنقية والجدرانية وكحيلة العجوز حتى السطة منها كالمسماة بسمار الخيل فإنها لا تحمل عادة وعرفا والمعروف عرفا كالمشروط شرطا فلو حمل عليها ولو قدر طاقتها مما يحمل عادة على غيرها من بقية الخيل التي تحمل عادة وعطبت ينبغي أن يضمن
تأمل وراجع
قوله ( ويركب ) بفتح أوله وضمه أي بنفسه ويعير له وحذفه للعلم به من سابقه
قوله ( وضمن بغيره الخ ) أي فيما يختلف بالمستعمل كما يفيد السباق واللحاق
سائحاني
وقدمنا عن الزيلعي أنه ينبغي تقييد عدم الضمان فيما يختلف بما إذا أطلق الانتفاع فافهم
قوله ( هو الصحيح ) فإن ركب وعطبت ضمن لأنه تعين بالفعل فيكون خلافه تعديا
قال شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده إنه لا يضمن وهذا أصح عندي لأن المستعير من المستعير إذا لم يضمن بالركوب أو اللبس لأنه استعمل العين بإذن المستعير وتمليكه فلأن لا يضمن إذا ركب بعد ذلك بنفسه بالطريق الأولى لأنه استعمله بالملك لأنه لو لم يملك لما ملك غيره وأقره الإتقاني
قوله ( ما شاء ) أي أي نوع شاء وأي فعل تعين
روى بشر عن أبي يوسف إذا استعار دابة أو ثوبا فاستعمل في المصر ثم خرج بها من المصر واستعمل فهو ضامن وإن لم يستعمل ففي الثوب لا يضمن لأن الخروج به حفظ وفي الدابة يضمن لأن الخروج بها تضييع معنى كما في الذخيرة
____________________
(8/395)
ومن استعار دابة ليركبها إلى مكان معلوم ففي أي طريق ذهب وكان مما يسلكه الناس لم يضمن وإن كان مما لا يسلكه الناس ضمن لأن مطلق الإذن ينصرف إلى المتعارف كما في الفصول العمادية
قوله ( لما مر ) من العمل بالإطلاق
قوله ( وإن قيده بوقت ) أي ولو التقييد معنى حتى لو استعار كتابا ليحضر فيه درس فلان فأتمه أو ترك الدرس وجب رده لأنه مقيد معنى بمدة قراءة الكتاب وهو يحضره وقدمنا مسألة استعارة القدوم وهي نظيرها
قال في البحر وإذا قيدها بوقت فهي مطلقة إلا في حق الوقت حتى لو لم يردها بعد الوقت مع الإمكان ضمن إذا هلكت سواء استعملها بعد الوقت أم لا ا هـ ولو كانت مقيدة بالمكان فهي مطلقة إلا من حيث المكان حتى لو جاوزه ضمن وكذا لو خالف ضمن وإن كان هذا المكان أقرب من المكان المأذون فيه خلاصة
وفي فتاوى قاضيخان إذا استعار دابة إلى موضع كذا كان له أن يذهب عليها ويجيء وإن لم يسم له موضعا ليس له أن يخرج بها من المصر ا هـ
ومثله في جامع الفصولين
قوله ( أو بهما ) أي فتتقيد من حيث الوقت كيفما كان وكذا من حيث الانتفاع فيما يختلف باختلاف المستعمل وفيما لا يختلف لا تتقيد لعدم الفائدة كما مر وقد قيد هذا الأخير كما في البدائع وقضى بالخلاف إلى مثل أو خير ولم يذكر التقييد بالمكان لكن أشار إليه الشارح في الآخر
وذكره المصنف قبل قوله ولا تؤجر فقال استعار دابة ليركبها في حاجة إلى ناحية سماها فأخرجها إلى النهر ليسقيها في غير تلك الناحية ضمن إذا هلكت وكذا إذا استعار ثورا ليكرب أرضه فكرب أرضا أخرى يضمن وكذا إذا كرى ثورا أعلى منه لم تجر العادة به
وفي البدائع اختلفا في الأيام أو المكان ما يحمل فالقول للمعير بيمينه
وفي الداماد وإن اختلفا فيما يحمل على الدابة أو في مسافة الركوب والحمل أو في الوقت فالقول في ذلك كله للمعير بيمينه
وفي جامع الفصولين استعارها شهرا فهو على المصر وكذا في إعارة خادم وإجارته وموصى له بخدمته ا هـ
قوله ( لا إلى مثل ) بأن استعار دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة من حنطة معينة فحمل عليها هذا القدر من حنطة أخرى أو ليحمل عليها حنطة نفسه فحمل عليها حنطة غيره
قوله ( أو خير ) بأن حمل قدر هذه الأقفزة المعينة من الشعير فإنه لا يكون ضامنا لأنه إنما يعتبر من تقييده ما يكون مفيدا حتى لو سمى مقدارا من الحنطة وزنا فحمل مثل ذلك الوزن من الشعير ففي القياس يضمن واختاره الإمام السرخسي لأنه يأخذ من ظهر الدابة أكثر مما تأخذه الحنطة كذا في النهاية
وصحح الولوالجي عدم الضمان وخواهر زاده سوى بين الكيل والوزن وهو الصحيح قال لأنه أقل ضررا بخلاف التبن لأنه يأخذ ما وراء موضع الحمل وهو أضعف من الحمل وهو الاستحسان وبه كان يفتي الصدر الشهيد كما في الفصول العمادية
قوله ( مثل العارية ) على تقدير أي
قوله ( والمعدود المتقارب ) مثل الجوز والبيض وكذلك الأقطان والصوف والإبريسم والمسك والكافور وسائر متاع العطر التي لا تقع الإعارة على منافعها قرض كما قدمناه
قوله ( عند الإطلاق ) هو عدم وجود ما يقتضي الانتفاع بها مع بقاء عينها الذي سيشير إليه بقوله حتى لو استعارها الخ
قوله قرض أي إقراض ولو كان قيميا
بحر
لأن العارية بمعنى الإعارة كما مر وهي
____________________
(8/396)
التمليك وتمامه في العزمية
قوله ( ضرورة استهلاك عينها ) يعني والعارية الحقيقية ما ينتفع بها مع قيام العين
قال في التبيين لأن الإعارة إذن في الانتفاع به ولا يتأتى الانتفاع بهذه الأشياء إلا باستهلاك عينها ولا يملك الاستهلاك إلا إذا ملكها فاقتضت تمليك عينها ضرورة وذلك بالهبة أو بالقرض والقرض أدناهما ضررا لكونه يوجب رد المثل وهو يقوم مقام العين ا هـ أي فوجب المصير إليه ولأن للقرض شبها بالعارية لأن فيها يسترد عينها بعد الانتفاع وفي القرض يسترد مثله والمثل يقوم مقام العين عند تعذرها ومثله في الدرر والعيني
قالوا هذا إذا أطلق الإعارة
وأما إذا عين الجهة بأن استعار دراهم ليعير بها ميزانا أو يزين بها دكانا لم يكن قرضا ولا يكون إلا المنفعة المسماة ذكره في الإيضاح
قوله ( فيضمن المستعير بهلاكها قبل الانتفاع ) وويصح بيعه من مقرضه لأنه باع ملك نفسه
ولو اشتراه من مقرضه لا يصح لأنه اشترى ملك نفسه ولو اشترى عليه من مقرض صح لأنه مقدور التسليم بكونه في ذمته وإن تفرقا قبل قبضه بدله فسد للافتراق عن دين بدين وإن نقد في المجلس صح ا هـ
عن الشلبي
قوله ( حتى لو استعارهما ) أي الثمنين وهو تفريع على مفهوم قوله عند الإطلاق
قوله ( ليعير الميزان ) أي بالدنانير مثلا
قال في القاموس وعير الدنانير وزنها واحدا بعد واحد
وفي المختار وعار المكيل والموازين عيارا ولا تقل عير
والمعيار بالكسر العيار والأصل عاير
والجهري نهى عن أن يقال عير
يعقوبية
قوله ( أو يزين ) بفتح الياء من زان وهو متعد ومنه الحديث ما دخل الرفق في شيءإلا زانه ط
أو بضم الياء مع تشديد الياء الثانية من الزينة ومنه قوله تعالى { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } النحل 8
قوله ( كان عارية ) لأنه أمكن العمل بحقيقة الإعارة وهو تمليك المنافع مع بقاء العين على ملك المعير ط
ولأنه عين الانتفاع وإنما تكون قرضا عند الإطلاق كما تقدم
قوله ( فقرض ) فعليه مثلها أو قيمتها
خلاصة ومنح
أقول وهو مشكل
لأن القرض لا يكون في القيميات ولا يضمن بالقيمة
وجوابه أن قرض القيمي فاسد وقدم الشارح أن المقبوض بقرض فاسد كالمقبوض ببيع فاسد أي فيكون مضمونا بالقيمة تأمل
وقدمناه
قوله ( فإباحة ) ولا ضمان لأنه يستهلكها على ملك المبيح
قال في الخانية أعرتك هذه القصعة من الثريد فأخذها وأكلها كان عليه مثلها أو قيمتها
قال الفقيه أبو الليث هذا إذا لم يكن بينهما دلالة الهبة والتهادي ا هـ كما قدمناه
قوله ( وتصح عارية السهم ) أي ليغزو دار الحرب لأنه ركن الانتفاع به في الحال وأنه يحتمل عوده إليه برمي الكفرة بعد ذلك
منح عن الصيرفية
ونقل عنها قبل هذا أنه استعار سهما ليغزو دار الحرب لا يصح وإن لرمي الهدف صح لأنه في الأول لا يمكن الانتفاع بعين السهم إلا بالاستهلاك وكل عارية كذلك تكون قرضا لا عارية
قوله ( لأن الرمي يجري مجرى الهلاك ) أي من غير تعد للإذن فيه فلا يكون ضامنا
قوله ( صيرفية ) عبارتها كما في المنح عنها استعار سهما إن استعار ليغزو دار الحرب لا يصح وإن استعار لرمي الهدف صح لأنه في الأول لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاك السهم وكل عارية لا يمكن الانتفاع بها إلا باستهلاك ذلك العين تكون قرضا لا عارية لأنه لو غزا في دار الحرب ورمي إلى عدو وقع السهم بينهم فلا يقدر على تخليصه فيكون مستهلكا فلا يصح
____________________
(8/397)
قلت قرد يصح لأنه يمكن الانتفاع به في الحال فإنه يحتمل عوده إليه برمي الكفرة بعد ذلك وأفتى قح بأنه يصح ثم قال ا هـ
وتصح عارية السلاح وذكر في السهم أنه لا يضمن كالقرض لأن الرمي يجري مجرى الهلاك ا هـ
وهذه النسخة التي نقلت منها هكذا والذي في نسخة مصححة عليها خطوط بعض العلماء وكان في الأصل مكتوبا لا يضمن فحك منها لفظة لا ويدل عليه تنظيره بقوله كالقرض ولكن كان الظاهر على هذا أن يقال في التعليل لأن الرمي يجري مجرى الاستهلاك فتعبيره بالهلاك يقتضي عدم الضمان فتأمل وراجع
وقوله إن استعار ليغزو دار الحرب لا يصح أي عارية بل يكون قرضا بدليل قوله بعد يكون قرضا لا عارية وأراد بالقرض الفساد لأنه غير مثلي فالذي نقله الشارح هو ملخص ما أشار إليه صاحبها بقوله قلت الخ
قوله ( والغرس ) بفتح الغين وكسرها كما في البحر عن المغرب
قوله ( للعلم بالمنفعة ) أي لأن منفعتها معلومة تملك بالأعارة
درر
بل الإعارة أولى لكونها تبرعا
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى وفي هذا التعليل تأمل ا هـ
أقول الظاهر أن وجه التأمل في التعليل كون العلم بالمنفعة في العارية لا يشترط بخلاف الإجارة حيث يشترط فيها أن تكون المنفعة معلومة لما تقدم عن الشارح أوائل الكتاب عن العمادية من جواز إعارة المشاع معللا بأن جهالة العين لا تفضي للمنازعة أو للجهالة لعدم لزومها ا هـ
ومثله ما نقلناه ثمة عن البحر بأن جهالة المنافع لا تضر في العارية
أما جهالة العين فمضرة إذا كانت تفضي إلى المنازعة ا هـ
وحيث لم يشترط العلم بالمنفعة لها لا يصلح تعليلا لها وبه علم وجه التأمل
قوله ( لما تقرر أنها غير لازمة ويكلفه قلعهما ) وأيهما طلب القلع أجيب
زيلعي ولا يضمن ما نقص من البناء والغرس لعدم الغرور عند عدم التوقيت لأنه شغل أرض المعير بهما فيؤمر بتفريغه إلا إذا شاء إن يأخذهما بقيمتهما فيما إذا كانت الأرض تستضر بالقلع فحينئذ يضمن له قيمتهما مقلوعين ويكونان له كي لا تتلف عليه أرضه ويستبد أي يستقل هو بذلك لأنه صاحب أصل بخلاف ما إذا كانت لا تستضر بالقلع حيث لا يجوز الترك إلا باتفاقهما بخلاف القلع حيث لا يشترط فيه اتفاقهما كما في الزيلعي
قوله ( فرجع قبله ) يكره الرجوع للخلف بالوعد لقوله المسلمون عند شروطهم إتقاني
وقيد بقوله قبله لأنه لو مضى الوقت فصاحب الوقت يقلع الأشجار والبناء ولا يضمن شيئا عندنا إلا أن يضر القلع بالأرض فيتملك البناء والغرس بالضمان ويعتبر في الضمان قيمته مقلوعا هندية عن المحيط
قوله ( وضمن المعير للمستعير ما نقص البناء والغرس ) لأنه لما وقت وقتا معلوما فالظاهر الوفاء بما وعد فقد اعتمد على قوله ووثق به فقد غره بخلفه فيضمن بخلاف غير الموقت هذا ما مشى عليه في الكنز والهداية
وذكر في البحر عن المحيط ضمان القيمة قائما إلا أن يقنعه المستعير ولا ضرر فإن ضمن فضمان القيمة مقلوعا
وعبارة المجمع وألزمناه الضمان فقيل ما نقصهما القلع وقيل قيمتهما ويملكهما وقيل إن ضر يخير المالك يعني المعير يخير بين ضمان ما نقص وضمان القيمة ومثله في درر البحار والمواهب والملتقى
وكلهم قدموا
____________________
(8/398)
الأول وبعضهم جزم به وعبر عن غيره بقيل فلذا اختاره المصنف وهو رواية القدوري والثاني رواية الحاكم الشهيد كما في غرر الأفكار
فإن قلت المغرور إنما يرجع بما لحقه من الضرر على الغار إذا كان في ضمن عقد المعاوضة وهنا العارية عقد تبرع سواء وقت أم لم يوقت فإنه بالتوقيت لا يلحق بالعقود اللازمة حتى أن المعير بعد التوقيت كان له الرجوع عن توقيته فيأخذ المستعار قبل مضي الوقت فكيف جاز رجوع المغرور على الغار في ضمن عقد التبرع ولا يرجع الموهوب له من ضمان الاستحقاق على الواهب لأنه ثبت في ضمن عقد تبرع
قلت قال في المبسوط الوجه فيه أن كلام العاقل محمول على الفائدة ما أمكن فلا حاجة إلى التوقيت في تصحيح العارية شرها ثم لما وقت المعير مع ذلك لا بد أن يكون لذكر الوقت فائدة وليس ذلك إلا التزام قيمة البناء والغرس
فكأنه أراد إخراجه قبله فصار تقرير كلامه كأنه قال ابن في هذه الأرض لنفسك على أن أتركها في يدك إلى كذا فإن لم أتركها فأنا ضامن لك ما تنفق في بنائك ويكون بناؤك لي فإن بدا له في الإخراج ضمن قيمة بنائه وغرسه ويكون كأنه بنى له بأمره من النهاية ملخصا وقوله وليس ذلك الخ بناء على ما ذكر الحاكم الشهيد
وأما على ما ذكره المصنف تبعا للكنز والقدوري يقال وليس ذلك إلا التزام ما نقص البناء والغرس بالقلع على الوجه المشروح وقول الشارح ما نقص البناء والغرس أي نقصانه على أن ما مصدرية ويجوز أن تكون موصولة ونقص حينئذ من نقص المتعدي فعلى هذا يكون البناء والغرس منصوبين وعلى الأول مرفوعين
كذا في العناية
قال قاضي زاده لا يظهر وجه صحة كون البناء والغرس منصوبين هاهنا لأن الذي نقص البناء والغرس إنما هو القلع فيصير المعنى على تقدير نصب البناء والغرس وضمن المعير قلع البناء والغرس وليس هذا بصحيح لأن القلع ليس من جنس ما يضمن بل هو سبب الضمان وإنما المضمون قيمة البناء المنتقصة بالقلع وتمنع أيضا صحة المعنى على ذلك التقدير إذ يصير المعنى حينئذ وضمن المعير القلع بالقلع ولا يخفى ما فيه فالوجه رفع البناء والغرس لا غير
حموي
قوله ( بأن يقول الخ ) بيانه إذا أعاره أرضا ليبني فيها أو يغرس مدة سنتين مثلا ثم رجع في العارية وأمره بقلع بنائه وغرسه فيسأل أرباب الخبرة بأن هذا البناء والغرس لو بقي المدة المذكورة كم تساوي قيمته الآن فإذا كان ألفا مثلا وقيمته الآن مقلوعا مائة فيضمن تسعمائة
قوله ( إلى المدة المضروبة ) فيضمن ما نقص عنها كما علمت
قوله ( وتعتبر القيمة ) أي ابتداؤها
قوله ( يوم الاسترداد ) أي يوم أراد رب الأرض استردادها لأن اعتبارها يوم الاسترداد أسهل كما في البحر عن الولوالجي
ومثله في أبي السعود
خلافا لمن اعتبر قيمتها وقت مضي المدة
قوله ( قبل أن يحصد الزرع ) الإحصاد أي يصير صالحا للحصاد حصد الزرع جزه حصدا وحصادا من باب طلب وضرب
كذا في المغرب
قال أبو السعود من الثلاثي المجرد قيل والأصح أن يقرأ بكسر الصاد من أحصد الزرع إذا حان حصاده
قوله ( وقتها أو لا ) يوقت استحسانا
قوله ( فتترك بأجر المثل ) فإذا حصد الزرع طالبه بأجر المثل وإن لم يعقد وكان الفقيه أبو إسحاق الحفاظ يقول إنما يجب الأجر إذا أجرها منه صاحبها أو القاضي وبدون ذلك لا يجب الأجر فإن أبي المزارع ضمان أجر المثل وكره القلع وأراد تضمين رب الأرض قيمة الزرع اختلف كلام صاحب المنتقى ففي موضع قال له ذلك إلا أن يرضى رب الأرض بترك الزرع حتى يستحصد وفي موضع
____________________
(8/399)
قال ليس له ذلك
هندية مختصرا مزيدا ط
ونص في البرهان على أن الترك بأجر المثل استحسان
ثم قال عن المبسوط ولم يبين في الكتاب أن الأرض تترك في يد المستعير إلى وقت إدراك الزرع بأجر أو بغير أجر قالوا وينبغي أن تترك بأجر المثل كما لو انتهت مدة الإجارة والزرع بقل بعد ا هـ
شرنبلالية ومثله في الزيلعي
أقول ونظيره ما سبق من إعارة أمة ترضع ولده وإعارة فرس للغزو الخ
قوله ( مراعاة للحقين ) حق صاحب الأرض المعارة لثبوت الرجوع له فيها وحق صاحب الزرع لأن مغرور بإذنه له في الزرع
قوله ( أشار إلى الجواز في المعنى ) وهو المختار كما في الغياثية
وفي البحر بعد نقل هذه المسألة وعزوها إلى النهاية ولو بنى حائطا في الدار المستعارة استرد المعير الدار فإذا أراد المستعير أن يرجع إليه بما أنفق ليس له ذلك وليس له أن يهدم الحائط إن كان البناء من تراب صاحب الأرض
كذا في الخلاصة
وفي المحيط لو استعار أرضا ليبني ويسكن وإذا خرج فالبناء لصاحب الأرض ولصاحب الأرض أجر مثلها مقدار السكنى والبناء للمستعير لأن هذه إجارة معنى لأن الإعارة تمليك المنافع بغير عوض ولما شرط البناء له كانت إجارة فاسدة لجهالة المدة والأجرة لأن البناء مجهول فوجب أجر المثل
ا هـ
قوله ( على المستعير ) لأنه قبض لمنفعة نفسه والرد واجب عليه
زيلعي قوله ( ضمنها ) أي سواء استعملها بعد الوقت أو لا وهو مختار السرخسي واختار صاحب المحيط وشيخ الإسلام أنه إنما يضمن إذا استعملها بعد الوقت أما إذا استعملها فلا ضمان كما في الشرنبلالية عن المجمع وفي الكافي أن العارية بعد مضي المدة تكون وديعة وصححه في المجتبى حيث قال والصحيح أن رد العارية لا يجب قبل الطلب وبعده يجب ا هـ
وهو حكم الوديعة ففي المسألة قولان مصححان
قال في البزازية أعاره إلى الليل فهلك قيل لا يضمن وإن هلك في اليوم الثاني ذكر في الكتاب أنه يضمن
قيل أراد به إن انتفع في اليوم الثاني به فيكون غاصبا مخالفا بالانتفاع بعد مضي الوقت أما إذا لم ينتفع لا يضمن كالمودع الموقت باليوم إذا أمسكها بعده لا يضمن وقال السرخسي يضمن على كل حال واختاره القاضي وفرق بين العارية والوديعة أن الإمساك في الوديعة للمالك لأنه بعد مضي الوقت بنى على القبض السابق وهو كان للمالك وفي العارية الإمساك بعد مضي الوقت لنفسه لأنه بنى على القبض السابق وذاك كان لنفسه وعدم الضمان في الوقت كان للإذن فلم يوجد بعد مضيه ولأن مؤنة رد العارية على المستعير بالتقصير منه وفي الوديعة على المالك ا هـ
ومثله في الخلاصة وجامع قارىء الهداية قال فيه وهذا هو الأصح وبه أفتى في الحامدية وأقره عليه سيدي الوالد رحمه الله تعالى في العقود الدرية وقدمنا أوائل الكتاب عند قوله ولعدم لزومها يرجع المعير متى شاء ولو موقتة
عن فتاوى القاضي ظهير الدين إذا كانت العارية موقتة بوقت فأمسكها بعد الوقت فهو ضامن ويستوي فيه أن تكون العارية موقتة نصا أو دلالة حتى أن من استعار قدوما ليكسر الحطب فكسره وأمسك حتى هلك يضمن وتمامه ثمة فراجعه
قوله ( لأن مؤنة الرد عليه ) أي أجرته عليه لأن قبض العين لمنفعة نفسه والرد واجب عليه عيني فيضمن إذا أمسكها بعد مضي الوقت لتقصيره فيكون مانعا بعد مضي الوقت فيضمن بخلاف
____________________
(8/400)
المستأجر لأنه لا يجب عليه الرد بل التخلية عند طلب المالك فلو لم يوجد لم يوجد المنع فلا يضمن ولا يخفى ما في كلام الشارح من التكرار بعد كون ما سلف مفرعا عليه
قوله ( إلا إذا استعارها ليرهنها ) أي فمؤنة الرد على المعير لأن فيها نفع المالك بصيرورتها مضمونة عند الهلاك فجعلنا حصول النفع بمنزلة حصول الأجرة للمؤجر ولذا قال فتكون كالإجارة
قوله ( فتكون كالإجارة ) فإنها تصير مضمونة في يد المرتهن وللمعير أن يرجع على المستعير بقيمته فكانت بمنزلة الإجارة ولأن هذه إعارة فيها منفعة لصاحبها كما في الخانية فقد حصل الفرق بين العارية للرهن وغيرها من وجهين الأول هذا
والثاني ما مر في الباب عند قوله بخلاف المستعير والمستأجر أن مستعير الرهن لو خالف ثم عاد للوفاق بريء عن الضمان بخلاف غيره أفاده في البحر عن النهاية
قوله ( مؤنة الرد عليه ) لأنه هو المنتفع بالعين ولوجوبه عليه ط
قال القاضي فخر الدين المارديني وهذا لا رواية فيه ويجب أن تكون على الموصى له بالخدمة لأن قبضه لمنفعة نفسه فصار كالعارية ا هـ
قوله ( وكذا المؤجر ) لأن العين المؤجرة مقبوضة لمنفعة المالك لأن الأجر له به فإذا أمسكها المستأجر بعد مضي المدة لا يضمنها ما لم يطالبه صاحبه
ا هـ
ولا يجب على المستأجر ردها وإنما يجب عليه التمكين والتخلية فلا يكون عليه مؤنة الرد
ولا يقال قبضه كان لمنفعة نفسه فوجب أن تكون المؤنة عليه
لأنا نقول إنما حصل له منفعة وهي عرض يفنى وما حصل للمؤجر عين تبقى فكان هو بالوجوب أولى ا هـ
زيلعي
قوله والغاصب أي عليه أجرة رد المغصوب لأن الرد إلى المالك واجب عليه والأجرة مؤنته فتجب عليه لأنه يجب عليه نسخ فعله وهو يردها إلى مالكها لأنه أزال يده عنها ففي ردها براءة فكان عاملا لنفسه
قوله ( والمرتهن ) لأن قبضه قبض استيفاء فكان قابضا لنفسه
زيلعي ومثله في الوجيز وهو الظاهر
وذكر في التحرير أنها على الراهن
وعبارته مؤنة رد الرد على الراهن لأن عينه أمانة في يد المرتهن ولهذا كان نفقته وكفنه على الراهن والمضمون عليه إنما هو المالية والرد تصرف في العين لا في المالية ومنفعة القبض وإن عادت على الراهن والمرتهن جميعا باعتبار قضاء الدين وحصول التوثقة لكن ترجيح جانب الراهن بحكم الملك ا هـ
ومثله في شرح الطحاوي للاسبيجابي وعليه فيحتاج إلى التوفيق بين الموضعين فتأمل
ثم رأيت الأستروشني في فتاواه ذكر كلا من القولين من غير ترجيح لأحدهما ولكن ذكر صاحب النهاية القول الأول فقط وشيد أركانه حيث قال لأن الغنم حصل له ولهذا اختص به من بين سائر الغرماء حتى يستوفي دينه منه أولا فكان الغرم عليه وتبعه في الدرر ولهذا تبعهم المصنف ولم يذكروا الوديعة ومؤنة ردها على المودع بكسر الدال كما في الكنز لأن منفعة حفظها عائدة إليه فكانت مؤنة ردها عليه
عيني
وفي مؤيد زاده مؤنة رد البيع فاسدا بعد الفسخ على القابض ومؤنة رد المبيع بخيار رؤية أو شرط على المشتري
ولو تقايلا البيع فعلى البائع مؤنة رد مبيع له حمل ومؤنة والرد في الأجير المشترك كقصار وصباغ ونساج على الأجير إذ الرد نقض القبض فيجب على من له منفعة القبض ومنفعة القبض هنا للأجير إذ له عين وهو الأجرة ولرد الثوب المنفعة والعين خير من المنفعة وكان الرد عليه بخلاف ما إذا آجر قنا أو دابة فإن الرد على المالك
____________________
(8/401)
إذ له العين وللمستأجر المنفعة ورمز لشيء في ضمان النساج من فصل الضمانات أن مؤنة الرد على الأجير المشترك أم لا فيه اختلاف
ولو شرطت على المالك فإنها عليه
كذا في الثالث والثلاثين من الفصولين
قوله ( هذا ) اسم الإشارة راجع إلى كون مؤنة الرد على المؤجر يعني إنما تكون عليه إذا أخرجه المستأجر بإذنه أما إذا أخرجه بغير إذنه فعلى المستأجر فيكون كالمستعير لو آجره العين وأذن له في نقلها إلى حيث شاء فيجب عليه أي على المستعير ردها لا على المستأجر
أما لو أخرجها بدون إذنه فيجب ردها على المستأجر أيضا لتعديه بالنقل والإخراج بدون إذن المالك
وفي المنح عن المحيط هذا إذا كان الإخراج بإذن رب المال ولو بلا إذن فمؤنة الرد عليه مستأجرا أو مستعيرا ا هـ
وكان الأولى ذكره قبل الغاصب لأنه راجع إلى كون مؤنة الرد على المؤجر
قوله ( لو الإخراج بإذن رب المال ) أي إلى بلد آخر مثلا والظاهر أن المراد بالإذن الإذن صريحا وإلا فالإذن دلالة موجود
تأمل
سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( بخلاف شركة ) أي رد رأس مال الشركة فيها وفي المضاربة والبضاعة واللقطة والآبق فإنها على صاحب المال
منح
وفي إجارة الظهيرية فإن شرط أجر الرد على المستأجر فسدت وحكي عن المرغيناني أنها جائزة ويجعل اشتراط الرد على المستأجر بمنزلة الزيادة ا هـ
والأصل أن مؤنة الرد تجب على من وقع القبض له
أبو السعود
قوله ( قضى بالرجوع ) أي فيها فإنها على الواهب
منح
والأولى للمؤلف أن يزيد لفظ فيها
قوله ( مجتبى ) الذي فيه مؤنة الرد فيها على مالكها وزاد اللقطة والآبق ورد نصف مهر المطلقة قبل الدخول وهو عين وليس فيه تعرض لما كان النقل فيه بإذن مالكه أولا
نعم ينبغي الإطلاق لأن مقتضى الشركة والمضاربة الإذن في النقل عند الإطلاق وكذا الهبة لأنه قد ملكه إياها وللمالك أن ينقل ملكه حيث شاء وكذا المرأة تملك المهر بالقبض لكن ينافيه ما قدمناه قريبا عن سيدي الوالد رحمه الله تعالى من أن الظاهر أن المراد بالإذن صريحا وإلا فالإذن دلالة موجود اللهم إلا أن يخص بما ذكر ثمة وأن المذكور هنا على ما ذكرنا فيحصل الفرق
تأمل
قوله ( وإن رد المستعير الدابة مع عبده ) كذا لو ردها إلى اصطبل مالكها أو رد العبد إلى دار سيده لأنه أتى بالتسليم المتعارف وهذا لأن الإصطبل أو الدار في يد المالك ولو ردهما على المالك كأن يردهما إلى الإصطبل أو الدار فكان الرد إليهما ردا على المالك ا هـ
زيلعي
وهذا في الاستحسان والقياس أنه يضمن لأنه لم يردهما إلى صاحبهما وإنما ضيعهم تضييعا وهو قول الثلاثة
عيني
وجه الاستحسان ما ذكرناه من أنه أتى بالتسليم المتعارف لأن رد العواري إلى دار الملاك متعارف كآلة البيت
بحر عن الهداية
وذكر التمرتاشي عن أبي سلمة أنه إذا كان الإصطبل خارج الدار لا يبرأ لأن الظاهر أنها تكون هناك بلا حافظ كما في المنبع
وقيل هذا في عادتهم كما في البيانية
قوله ( أو أجيره مشاهرة ) يعلم منه حكم الأجير مسانهة بالأولى لأنه يعد مع من في عيال المستعير
قهستاني
قوله ( لا مياومة ) عللوه بأنه لم يكن في عياله وهو يفيد أنه لو كان في عياله يبرأ لو هلك قبل الوصول من غير تعد ويحرر ط
قوله ( أو مع عبد ربها ) أي مع من في عيال المعير
قهستاني
قال في التبيين وجه الاستحسان أن كل واحد من المعير والمستعير يحفظ دوابه بسائسه والدفع إليه كالدفع
____________________
(8/402)
إلى صاحبها عادة ولو دفعها إلى المالك لدفعها هو إلى السائس وحفظه بسائسه كحفظه بنفسه فيكتفي منه بالتسليم إلى السائس أو من السائس إلى السائس أو من السائس إلى المالك ا هـ
قوله ( يقوم عليها أولا ) لأنه يدفع إليه في بعض الأوقات فيكون رضا المالك موجودا دلالة
وقيل لا يبرأ إلا إذا ردها على من يقوم بها أي يتعهدها كالسائس وقوله يقوم عليها الخ بيان للإطلاق في عبارة المصنف
قوله ( بخلاف نفيس ) هذا مفهوم التقييد بالدابة
قال في التبيين وهذا في الأشياء التي تكون في يد الغلمان عادة وأما إذا لم تكن في أيديهم عادة كعقد لؤلؤ ونحوه فردها المستعير إلى غلام صاحبها أو وضعها في داره أو إصطبله يضمن لأن العادة لم تجر به في مثله ا هـ ط
ويفهم منه أنه إذا كانت العادة تجري في تسليم مثل هذه الأشياء أنه يكفي تسليمه إلى غلامه كالمسمى بالخزاندار عند أصحاب الدول هل يكفي تسليمها إليه الذي يظهر نعم لأن العرف جرى بذلك عادة ومثله ما إذا كان له أحد ممن في عياله يقوم بسائر مصالحه من قبض وصرف وغيرهما وليراجع
قوله ( ثم بعثها مع الأجنبي ) معطوف على قوله بخلاف
قوله ( لتعديه بالإمساك بعد المدة ) حتى إذا هلكت في يده ضمن فكذا إذا تركها في يد الأجنبي
زيلعي
يؤخذ منه أن سبب الضمان ليس ردها مع الأجنبي لأن الدفع إلى الأجنبي إيداع والمستعير يملكه كما يملك الإعارة إذ الإعارة أقوى منه لأن الإعارة إيداع وتمليك المنفعة بل سببه انقضاء وقت العارية فإنه لو أمسكها بنفسه فهلكت في يده بعد مضي مدتها يضمنها كما قدمناه فكذا في يد الأجنبي ولذا قال لتعديه بالإمساك كما يؤخذ من عبارة الزيلعي
قوله ( وإلا فالمستعير يملك الإيداع ) إشارة إلى فائدة اشتراط التوقيت
قال الزيلعي وهذا أي قوله بخلاف الأجنبي يشهد لمن قال من المشايخ إن المستعير ليس له أن يودع
وعلى المختار تكون هذه المسألة محمولة على ما إذا كانت العارية مؤقتة فمضت مدتها ثم بعثها مع الأجنبي لأنه بإمساكها بعد يضمن لتعديه فكذا إذا تركها في يد الأجنبي ا هـ
وفي البرهان
وكذا يعني يبرأ لو ردها مع أجنبي على المختار بناء على ما قال مشايخ العراق من أن المستعير يملك الإيداع وعليه الفتوى لأنه لما ملك الإعارة مع أن فيها إيداعا وتمليك المنافع فلأن يملك الإيداع وليس فيه تمليك المنافع أولى وأولوا قوله وإن ردها مع أجنبي ضمن إذا هلكت بأنها موضوعة فيما إذا كانت العارية مؤقتة وقد انتهت باستيفاء مدتها وحينئد يصير المستعير مودعا والمودع لا يملك الإيداع بالاتفاق ا هـ
شرنبلالية
فالقول بعدم إيداع المستعير ذهب إليه الكرخي
قال البقالي وهذا أصح وما مشى عليه المصنف من أنه يملكه هو قول مشايخ العراق وبه أخذ أبو الليث والفضلي
قال في التمرتاشية وإليه أشار محمد في الأصل
وقال في الكافي وعليه الفتوى فبناء هذه المسألة على مذهب الكرخي ظاهر أما قول المفتى به فمحمول على انتهاء الإعارة لانقضاء المدة بأن كانت مؤقتة فمضت مدتها ثم بعثها مع الأجنبي كما في البحر
قلت لا فرق في إيجاب الضمان بين رد نفسه ورد غيره لو هلكت بعد مضي المدة فحينئذ قيد الأجنبي لا يفيد
تدبر
أو بأن استعارها فاستخدمها وبعد انقضاء العمل ردها مع الأجنبي فهلكت يضمن لما سبق
____________________
(8/403)
من أنه لو عمل بعمل يتعين ذلك وليس له أن يعمل آخر بعمل والإيداع عمل آخر فيضمن فيظهر منه أنه لو ردها معه قبل الاستخدام ينبغي أن لا يضمن فظهر أن هذا الحمل أولى
على أنه لما انتهى العمل والإعارة صارت وديعة عند المستعير فيصير مودعا وهو لا يملك الإيداع بالاتفاق ولذلك يضمن كما في الكافي وغيره
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى بعد كلام لكن تقدم متنا أنه يضمن في المؤقتة وفي جامع الفصولين لو كانت العارية مؤقتة فأمسكها بعد الوقت مع إمكان الرد ضمن وإن لم يستعملها بعد الوقت هو المختار سواء توقتت نصا أو دلالة حتى أن من استعار قدوما ليكسر حطبا فكسره فأمسك ضمن ولو لم يوقت ا هـ
فعلى هذا فضمانة ليس بالإرسال مع الأجنبي إلا أن يحمل على ما إذا لم يمكنه الرد
تأمل
ومع هذا يبعد هذا التأويل التقييد أولا بالعبد والأجير فإنه على هذا لا فرق بينهما وبين الأجنبي حيث لا يضمن الرد قبل المدة مع أي من كان ويضمن بعدها كذلك فهذا أدل دليل على قول من قال ليس له أن يودع وصححه في النهاية كما نقله عنه في التاترخانية
قوله ( فيما يملك الإعارة ) وهو ما لا يختلف وظاره أنه لا يملك الإيداع فيما يختلف وليس كذلك
وعبارة الزيلعي وهذا لأن الوديعة أدنى حالا من العارية فإذا كان يملك الإعارة فيما لا يختلف فالأولى أن ملك الإيداع علئى ما بينا ولا يختص بشيء دون شيء لأن الكل لا يختلف في حق الإيداع وإنما يختلف في حق الانتفاع ا هـ
اللهم إلا أن يقال ما عبارة عن الوقت أي في وقت يملك الإعارة وهو قبل مضي المدة إذا كانت موقتة وهو بعيد كما لا يخفى
تأمل
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( به يفتى ) لم يصرح الزيلعي بالفتوى وإنما قال المختار كما علمته من عبارته السابقة وصرح بها صاحب البحر فقال وقد تقدم أن المختار المفتى به جوازه إ هـ
قوله ( فتعين حمل كلامهم ) أي في الضمان بالدفع إلى الأجنبي
قوله ( على هذا ) أي على ما إذا دفعها له بعد مضي الوقت لكن لا يخفى أن الضمان حينئذ بسبب مضي المدة لا من كونها بعثها مع الأجنبي إذ لا فرق حينئذ بينه وبين غيره
قوله ( وبخلاف ) معطوف على قول المتن بخلاف وكان الأولى ذكره هناك
تأمل
قوله ( رد وديعة ومغصوب الخ ) لأن الوديعة للحفظ ولم يرض بحفظ غيره إذ لو رضي به لما أودعها عنده وبخلاف الغصب لأنه صار متعديا بإثبات يده في العين وبإزالة يد صاحبها فلا بد من إزالة يده وإثبات يد صاحبها وذلك بالتسليم حقيقة أما في الدفع إلى الغلام فيضمن بدفع الوديعة إلى غلام المالك لا إلى غلام نفسه
زيلعي مختصرا ط
قوله ( إلى دار المالك ) وكذا لعياله هداية والمستأجر كالوديعة
قوله ( فإنه ) كذا في الهداية
قوله ( ليس بتسليم ) لكن مسألة الغصب خلافية
ففي الخلاصة قال مشايخنا يجب أن يبرأ
قال في الجامع الصغير للإمام قاضيخان السارق والغاصب لا يبرآن بالرد إلى منزل ربها أو مربطه أو أجيره أو عبده ما لم يردها إلى مالكها ا هـ
قوله ( للزراعة ) قيد به لأنه لو استعارها لمطلق الانتفاع يكتب أعرتني على الظاهر لأنه أدل على العموم ط
قوله ( يكتب المستعير ) الظاهر أن هذا على سبيل الأولى وهذا عند أبي حنيفة لأن لفظة الإطعام أدل على المراد من الإعارة لأنها تختص بالزراعة وإعارة الأرض تارة تكون للزراعة وتارة تكون للبناء ونصب الفسطاط فكانت الكتابة بلفظ الإطعام أولى ليعلم أن غرضه الزراعة
وعندهما يكتب أنك أعرتني لأن الإعارة هي الموضوعة لهذا العقد والكتابة بالموضوع أولى
____________________
(8/404)
وفائدة الكتابة أمن جحود المستعير عند تطاول المدة أو موت المعير وأمن المستعير من لزوم الأجر بدعوى المعير أنه إنما آجره ا هـ
أبو السعود
قوله ( إنك أطعمتني ) بفتح الهمزة لأنها وقعت مفعولا ليكتب فهي مصدرية ويجوز كسرها على معنى أنه يكتب هذا اللفظ أعني قوله إنك أطعمتني أرضك أبو السعود
قوله ( لأزرعها ) اللام التعليل
قوله ( فيخصص ) قال في التبيين لأن الإطعام إذا أضيف إلى ما لا يؤكل يعرف منه المراد به الاستغلال بالتمكين من الزراعة بخلاف لفظ الإعارة فإنها تنتظم الزراعة والبناء والمراح ونصب الخيام وعلى هذا ينبغي أن يكتب في كل فصل ما هو أدل على المقصود فيقول في استعارة الأرض إنك إطعمتني كذا لأزرعها ما إشاء من غلة الشتاء والصيف ا هـ
بتصرف ط
قوله ( العبد المأذون يملك الإعارة ) لأنها من صنيع التجار وكذا الصبي المأذون
هندية
وفي البزازية استعار من صبي مثله كالقدوم ونحوه إن مأذونا وهو ماله لا ضمان وإن لغير الدافع المأذون يضمن الأول لا الثاني لأنه إذا كان مأذونا صح منه الدفع وكان التلف حاصلا بتسليطه وإن الدافع محجورا يضمن هو بالدفع والثاني بالأخذ لأنه غاصب انتهى
ويأتي تمامه قريبا قوله والمحجور الخ أشار إلى أن المأذون لو استعار يضمن للحال إذ الإذن شمل الإعارة والاستعارة فيظهر تصرفه في حق سيده وأما المحجور فلا يملك شيئا من ذلك لكنه إن استعار فقد سلطه المعير على العارية فلو استهلكها لا نظر في حق سيده لعدم إذنه في ذلك ويظهر في حق نفسه فيضمن بعد العتق هذا إذا كان المعير مطلق التصرف فلو كان عبدا محجورا ومثله الصبي المحجور والمجنون لم يصح تسليطه لحجره فباستهلاك المستعير صار متلفا مال الغير بغير إذن معتبر ولا تسليط صحيح والحجر إنما يكون عن الأقوال لا عن الأفعال كما يأتي فيضمنه في الحال
قوله ( بعد العتق ) لأن المعير سلطه على إتلافه وشرط عليه الضمان فصح تسليطه وبطل الشرط في حق المولى
درر
قوله ( ولو أعار عبد محجور عبدا محجورا مثله ) فعبد الأول فاعل أعار ومحجور صفته وعبد الثاني مفعول أعار ومحجورا صفته
قال في الهندية صبي استعار من صبي شيئا كالقدوم ونحوه وذلك الشيء لغير الدافع فهلك بيده إنكان الصبي الأول مأذونا لا يجب على الثاني وإنما يجب على الأول لأنه إذا كان مأذونا صح الدفع وكان الهلاك بتسليطه ولو كان ذلك الشيء للأول لا يضمن وإن كان الأول محجورا عليه يضمن هذا بالدفع ويضمن الثاني بالأخذ
ا هـ
والظاهر أن الحكم كذلك في العبدين فتأمل إلا أن يحمل ما هنا على أن المدفوع مال سيد الأول ط
قوله ضمن الثاني بالاستهلاك لأنه أخذه بغير إذن فكان غاصبا ولا عبرة للإعارة لأنها مال الغير فكأنه استهلكه من يد صاحبه وإنما يضمن الثاني للحال لعدم التسليط من مالكها فيكون دينا متعلقا برقبته للحال فيباع فيه بخلاف الأول لوجود التسليط من المالك
كذا في الأشباه من كتاب الحجر ذكره بعض الفضلاء
أقول الذي ذكره في الأشباه إذا أودع صبي محجور ومثله وهي ملك غيرهما فللمالك تضمين الدافع أو الآخذ
قال في جامع الفصولين وهي من مشكلات إيداع الصبي
قلت لا إشكال لأنه يضمنها الصبي لعدم التسليط من مالكها وهنا لم يوجد كما لا يخفى انتهى
فتأمل
____________________
(8/405)
قوله ( ولو استعار ذهبا ) أي حيث قامت القرينة على أنه يريد الانتفاع به مع بقاء عينه أما عند الإطلاق فيكون قرضا على ما تقدم فيضمنه بكل حال
قوله ( حفظ ) الأولى الإتيان به مضارعا بيانا ليضبط ط
قوله ( لم يضمن ) أي المستعير لأنه لم يضيع إذ للمستعير أن يعير
قوله ( وإلا ضمن ) لأنه ضيعه حيث وضعه عند من لا يعقل حفظه كذا في المحيط
درر
قوله ( لأنه إعارة ) تعليل لعدم الضمان وأما ضمانه فيما إذا كان الصبي لا يضبط فلأنه إضاعة فيكون به متعديا وهذا إذا فارق الصبي أما عند عدم المفارقة ينبغي أن لا يضمن لعدم التضييع إلا إذا كان بإتلاف الصبي
قوله ( والمستعير يملكها ) أي الإعارة فلا يكون مضيعا
قوله ( وضعها ) أي المستعير
قوله ( بين يديه ) أي يدي المستعير
قوله ( وضمن لو نام مضطجعا ) هذا في الحضر وأما في السفر لا يضمن نام قاعدا أو مضطجعا والمستعار تحت رأسه أو بين يديه أو بحواليه لأنه يعد حافظا وفي غير السفر لو جعله تحت رأسه لا يضمن لأنه حافظ ألا يرى أن السارق من تحت رأس النائم يقطع وإن كان في الصحراء كما في البزازية
قال في جامع الفصولين المستعير إذا وضع العارية بين يديه ونام مضطجعا ضمن في حضر لا في سفر ولو نام فقطع رجل مقود الدابة في يده لم يضمن في حضر وسفر ولو أخذ المقود من يده ضمن لو نام مضطجعا في الحضر وإلا فلا
ا هـ
وفي البزازية نام المستعير في المفازة ومقودها في يده فقطع السارق المقود لا يضمن وإن جذب المقود من يده ولم يشعر به يضمن
قال الصدر الشهيد هذا إذا نام مضطجا وإن جالسا لا يضمن في الوجهين وهذا لا يناقض ما مر أن نوم المضطج في السفر ليس بترك للحفظ لأن ذاك في نفس النوم وهذا في أمر زائد على النوم ا هـ
وفيها استعار مرا للسقي واضطجع ونام وجعل المر تحت رأسه لا يضمن لأنه حافظ ألا ترى أن السارق من تحت رأس النائم يقطع وإن كان في الصحراء وهذا في غير السفر وإن في السفر لا يضمن نام قاعدا أو مضطجعا والمستعار تحت رأسه أو بين يديه أو بحواليه يعد حافظا ا هـ
ومثله في الوجيز لكن زاد في الخانية بعد قوله ولو أن السارق حل المقود في يده وذهب بالدابة ولم يعلم به المستعير كان ضامنا لأنه إذا نام على وجه يمكن حل المقود من يده وهو لا يعلم يكون تضييعا الخ
أقول ولعل مراده بوجه التضييع النوم مضطجعا كما أشار إليه بعد وقدمناه موضحا فلا تنسه
قوله ( ليس للأب إعارة مال طفله ) هذا ما عليه العامة وأجازة بعضهم وليس له أن يعير نفس الولد كما ذكره شمس الأئمة في شرح كتاب الوكالة
وأما الصبي المأذون إذا أعار ماله صحت الإعارة كما في الخانية
وفي الهندية وذكر شمس الأئمة في أول شرح الوكالة أن الأب يعير ولده وهل له أن يعير مال ولده بعض المتأخرين من مشايخنا قالوا له ذلك وعامة المشايخ على أن ليس له ذلك
كذا في المحيط
فإن فعل وهلك كان ضامنا ا هـ
لكن في أحكام الصغار للأستروشني من مسائل العارية أن جواز إعارة ولده إذا كان في تعليم
____________________
(8/406)
الحرفة بأن دفعه إلى أستاذه ليعلمه الحرفة ويخدم أستاذه أما إذا كان بخلاف ذلك لا يجوز ا هـ
قوله ( لعدم البدل ) أي لأنه تصرف بلا بدل
قوله ( وكذا القاضي ) مخالف لما في الهندية حيث قال وفي شرح بيوع الطحاوي للقاضي أن يعير مال اليتيم
كذا في الملتقط
ولعل الفرق أن القاضي عنده قدرة الاستيفاء بخلاف الأب إلا أنه لا مصلحة للولد فيه بل يكون ضررا محضا بالهلاك فإنها لا تضمن به ا هـ ط
أقول وهذا نظير إقراض مال اليتيم فإن للقاضي ذلك دون أبيه وعللوه بما علل به الطحاوي فتأمل
قوله لكن في المجتبى وغيره أنه يضمن وبه جزم في البزازية حيث قال لأنه أخذ بلا إذنه ا هـ
أقول ووجهه ظاهر لأنه وعده بالإعارة ولم يعره ولم يأذن له بالأخذ
قال في البزازية ولو استعار من آخر ثوره غدا فقال نعم فجاء المستعير غدا وأخذه فهلك لا يضمن لأنه استعار منه غدا وقال نعم فانعقدت الإعارة وفي المسألة الأولى وعد الإعارة لا غير ا هـ
أقول وبهاتين الصورتين اللتين صورهما البزازي ظهر أنهما مسألتان مختلفتان لا مسألة واحدة فيها قولان أولاهما الضمان
وثانيهما عدمه لأن وجه الضمان في الأولى كما علمته أنه وعد ولا يجب الوفاء به فبأخذه يكون متعديا فيضمن ووجه عدم الضمان في الثانية أنه عقد الإعارة وبين وقت الإعطاء فبأخذه يكون مأذونا فلا يضمن ولعل ما قاله الطحطاوي على عبارة الشارح من أنهما قولان وعزا في الهندية الأول إلى مجموع النوازل والثاني إلى فتاوى أبي الليث على الصورة الثانية فليس هما قولين بل هما مسألتان كما علمت فتأمل
قوله ( جهز ابنته ) أي الكبيرة أما لو اشترى لها في صغرها فلا سبيل للورثة عليه ويكون للبنت خاصة
أفاده المصنف
قوله ( لا يقبل قوله ) يعني سواء كان ذلك في حياتها أو بعد موتها
قوله ( أو تارة وتارة ) عطفه بأو ليفيد أنه غير ما قبله وليس كذلك بل هو صادق بصورتين إذ الثانية تصدق بنفي الموضوع فمعناه لم يعرف أصلا أو عرف تارة وتارة أو أن أو بمعنى بل
قوله ( به يفتى ) وقيل لا يصدق في أنه عارية إلا أن يشهد بها عند التجهيز وقيل يصدق مطلقا لأنه هو الدافع فما لم يقر بالتمليك يكون القول قوله وقيل إن كان الأب من كرام الناس وأشرافهم لا يقبل قوله في الإعارة وإن كان من أوساط الناس كان القول قوله
والمختار للفتوى أنه إن كان العرف مستمرا أن الأب يدفع ذلك الجهاز ملكا لا إعارة لا يقبل قوله وإن كان العرف مشتركا فالقول قول الأب مع يمينه
وقد أفاده الشارح بقوله مما يجهز به مثلها وأفتى قارىء الهداية بقوله القول قول الأب والأم أنهما لم يملكاها وإنما هو عارية عندكم مع اليمين إلا أن تقوم دلالة أن الأب والأم يملكان مثل هذا الجهاز للابنة ا هـ
وتقدم الكلام على ذلك مستوفى في باب المهر فراجعه إن شئت
قوله ( فإن القول له ) ظاهره أن القول له حينئذ في الجميع لا في الزائد على جهاز المثل وليحرر سيدي الوالد رحمه الله تعالى لكن خالفه الرحمتي بقوله فإن القول له أي فيما زاد على ما يجهز به مثلها ا هـ
فتأمل وراجع
قوله ( وولي الصغيرة ) أي
____________________
(8/407)
إذا جهزها بجهاز
قوله ( فيما ذكر ) أي في اعتبار العرف وهذا الحكم في الأم والولي بحث لابن وهبان
قال العلامة عبد البر وفي الولي عندي نظر أي فإن الغالب من حاله العارية بخلاف الأبوين لمزيد شفقتهما ولكن حيث كان العرف مستمرا أن الولي يجهز من عنده فلا نظر وذكر المصنف في باب المهر أن الأم كالأب وأن حكم الموت كحكم الحياة ط
قوله ( وفيما يدعيه الأجنبي ) أي من أنه أعار المتوفى هذا الشيء لا يصدق إلا ببينة وله أن يحلف الوارث إن أنكر على العلم كما هو الحكم في نظائرها ط
والأظهر من هذا أن يقال والحكم فيما يدعيه الأجنبي كذلك أي لو جهزها الأجنبي ثم ادعى أنه عارية بعد موتها لا يقبل قوله إلا ببينة لأن الظاهر أنه لا يجهزها ويتركه في يدها إلى الموت إلا بمالها بخلاف الأب والأم فإنهما يجهزانها بمال أنفسهما لكن يكون ذلك تمليكا تارة وتارة عارية ولذا قال شارح الوهبانية وفي الولي عندي نظر الخ أي في جعله كالأب والأم لأن الظاهر في غيرهما أنه لا يجهزها إلا بمالها
قوله ( كالمودع إذا ادعى الرد ) وكذا الوصي إذا ادعى دفعها أي دفع الأمانة المعينة إلى ربها ولو أنكر لا يمين
حموي
أما المرتهن فلا يقبل قوله في الرد كما في جامع الفصولين
قوله ( والوكيل ) كالوكيل بالبيع مثلا إذا ادعى هلاك الأمانة أو تسليمها إلى ربها كان القول قوله مع اليمين ا هـ
بيري
والأولى أن يقول إذا ادعى هلاك المبيع أو الثمن أو ورد المبيع إلى الموكل ط
قوله ( والناظر ) قال بعض الفضلاء ينبغي أن يقيد ذلك بأن لا يكون الناظر معروفا بالخيانة كأكثر نظار زماننا بل يجب أن لا يفتوا بهذه المسألة قاتلهم الله ما ألعنهم ا هـ
قال بعض الفضلاء والتقييد بالموقوف عليهم ربما يفيد أنه إذا ادعى دفع ما هو كالأجرة مثل معلوم الفراش والمؤذن والبواب وغيرهم من أرباب الجهات لا يقبل قوله إلا ببينة وبه أفتى شيخ الإسلام أبو السعود العمادي مفتي السلطنة العلية
وصورة السؤال هل إذا ادعى المتولي دفع علة الوقف إلى من يستحقها شرعا هل يقبل قوله في ذلك أم لا الجواب إن ادعى الدفع إلى من عينه الواقف في الوقف كأولاده وأولاد أولاده يقبل قوله بيمينه وهو المراد بقولهم الموقوف عليهم لعدم ملاحظة جانب الإجارة فيهم وإن ادعى الدفع إلى الإمام بالجامع والبواب ونحوهما لا يقبل قوله كما لو استأجر شخصا للبناء بالجامع بأجرة معلومة ثم ادعى تسليم الأجرة له فإنه لا يقبل قوله ا هـ
قال الشيخ محمد الغزي التمرتاشي وهو تفصيل حسن خصوصا في زماننا ا هـ
وقال المولى عطاء الله أفندي في مجموعته سئل شيخ الإسلام زكريا أفندي عن هذه المسألة يعني مسألة قبول قوله فأجاب بأنه إن كانت الوظيفة في مقابلة الخدمة فهي أجرة لا يد للمتولي من إثبات الأداء بالبينة وإلا فهي صلة وعطية يقبل في أدائها قول المتولي مع يمينه
وأفتى من بعده من المشايخ الإسلامية إلى هذا الزمان على هذا متمسكين بتجويز المتأخرين الأجرة في مقابلة الطاعات لكن قال التمرتاشي في كتابه شرح تحفة الأقران بعد ذكر هذه الفتوى وهو فقه حسن غير أن علماءنا على الإفتاء بخلافه ا هـ
قلت فالمذكور في الإسعاف والخصاف ووقف الكرابيسي والأشباه من الأمانات والزاهدي عن وقف الناصحي وغيره أنه يقبل قوله في الدفع إلى الموقوف عليهم بدون تفصيل في ذلك إلا أن يحمل على الذرية لا على المرتزقة فيحصل التوفيق بين الكلامين بلامين وقد اعتمد تفصيل المولى أبي السعود ابن التمرتاشي المذكور
____________________
(8/408)
في كتاب الزواهر على الأشباه والنظائر لكن بدون عزو إلى كتاب كما ذكره الشارح هنا عن أخي زاده على صدر الشريعة بالزيادة التي ذكرها وهي أنه لا يضمن ما أنكروه بل يدفعه ثانيا من مال الوقف فليحفظ
قال العلامة الخير الرملي في حاشيته على البحر والجواب عما تمسك به العمادي أنها ليس لها حكم الإجارة من كل وجه وقد تقدم أن فيها شوب الأجرة والصلة والصدقة ومقتضى ما قاله أنه يقبل قوله في حق براءة نفسه لا في حق صاحب الوظيفة لأنه أمين فيما في يده فيلزم الضمان في الوقف لأنه عامل له وفيه ضرر بالوقف فالإفتاء بما قاله العلماء متعين وقول الغزي هو تفصيل في غاية الحسن فليعمل به في غير محله إذ يلزم منه تضمين الناظر إذا دفع لهم بلا بينة لتعديه فافهم ا هـ
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى تفصيل المولى أبي السعود في غاية الحسن باعتبار التمثيل بالأجرة إذا استعمل الناظر رجلا في عمارة يحتاج إلى البينة في الدفع له فهي مثلها وقول العلماء محمول على الموقوف عليهم من الأولاد لا أرباب الوظائف المشروط عليهم العمل ألا ترى أنهم إذا لم يعملوا لا يستحقون الوظيفة فهي كالأجرة لا محالة وهو كأنه أجير فإذا اكتفينا بيمين الناظر يضيع عليه الأجر لا سيما نظار هذا الزمان والله المستعان ا هـ
وهل يقبل قوله بعد عزله فقد أفتى بعض المحققين بأنه يقبل قوله في الدفع للمستحقين مع يمينه ما دام ناظرا ا هـ
لكن في حاشية الأشباه من كتاب الأمانات قال بعض الفضلاء إنه يقبل قوله في النفقة على الوقف بعد العزل ويخرج منه قبول قوله في الدفع للمستحقين بعد التأمل فإنه قال لم يتعرض المصنف لحكم المتولي بعد العزل هل يقبل قوله في النفقة على الوقف من المال الذي تحت يده أم لا لم أره صريحا لكن ظاهر كلامه أن قوله مقبول في ذلك إذا وافق الظاهر لتصريحهم بأن القول قول الوكيل بعد العزل في دعواه إنه باع ما وكل في بيعه وكانت العين هالكة وفيما إذا ادعى أنه دفع ما وكل بدفعه في براءة نفسه وأن الوصي لو ادعى بعد موت اليتيم أنه أنفق عليه كذا يقبل قوله وعللوه بأنه أسنده إلى حالة منافية للضمان وقد صرحوا بأن المتولي كالوكيل في مواضع
ووقع خلاف في أن المتولي وكيل الواقف أو وكيل الفقراء فقال أبو يوسف بالأول وقال محمد بالثاني
ومما هو صريح في قبول قول الوكيل ولو بعد العزل فرع في القنية قال وكله وكالة عامة بأن يقوم بأمره وينفق على أهله من مال الموكل ولم يعين شيئا للإنفاق بل أطلق ثم مات الموكل فطالبه الورثة ببيان ما أنفق ومصرفه فإن كان عدلا يصدق فيما قال وإن اتهموه حلفوه وليس عليه بيان جهات الإنفاق ومن أراد الخروج من الضمان فالقول قوله وإن أراد الرجوع فلا بد من البينة انتهى
هذا صريح في قبول قوله في دعوى الإنفاق ولو بعد العزل وتحقيقه أن العزل لا يخرجه عن كونه أمينا فينبغي أن يقبل قول الوكيل بقبض الدين أنه دفعه لموكله في حياته في حق براءة نفسه كما أفتى به بعض المتأخرين كما تقدم ا هـ ما في الحموي
ويستنبط من ذلك أن الناظر يصدق بيمينه في الدفع للمستحقين بعد عزله كالوكيل في قبض الدين إذا مات الموكل وصدقته الورثة في القبض وكذبوه في الدفع فالقول قوله بيمينه لأنه بالقبض صار المال في يده وديعة فتصديقهم له بعد اعترافهم بأنه مودع كاف فإن حلف برىء وإن نكل لزمه المال كما يأتي قريبا الكلام عليه
وقد أفتى المرحوم الوالد بأنه يصدق بيمينه ما دام ناظرا ولم يذكر نقلا والمسألة تحتاج إلى نقل صريح
____________________
(8/409)
من كتاب صحيح حتى يطمئن القلب في الجواب القبول أو عدمه بما يرى في الكتاب والله الموفق للصواب
قوله ( يعني من الأولاد والفقراء ) بيان للموقوف عليهم
قوله ( وأمثالهما ) كالعلماء والأشراف
وقيل المراد بالأمثال أولاد الأولاد النسل والعقب والأقارب والعنقاء
وقال بعض الفضلاء ينبغي أن يقيد بأن لا يكون الناظر معروفا بالخيانة كأكثر نظار زماننا بل يجب أن لا يفتوا بهذه المسألة كما قدمناه قريبا ونقله ط عن الحموي
قوله ( المرتزقة ) مثل الإمام والمؤذن والبواب والفراش لأن له شبها بالأجرة بخلاف الأولاد ونحوهم لأنه صلة محضة
قال ط والفرق أن استحقاق نحو الأولاد لم يكن بمقابلة عمل فكان صلة محضة بخلاف استحقاق الإمام ونحوه فإن له شبها بالأجرة وشبه المفتي أبو السعود ذلك بما إذا استأجر شخصا للبناء في الجامع بأجرة معلومة ثم ادعى تسليم الأجرة إليه فإنه لا يقبل قوله كما قدمناه آنفا
قوله ( لكن لا يضمن ما أنكروه له الخ ) أي عدم قبول قوله إنما هو في حقهم فلا يلزمهم وصول ما ادعى إيصاله إليهم بدون بينة لأن ما يأخذونه صلة من وجه وفيه شبه الأجرة فاعتباره لا يسقط حقهم بمجرد قوله لكنه أمين في حق ما في يده من المال فلا يلزمه الضمان وحينئذ يدفعه لهم ثانيا من مال الوقف لأن حيث لم يسقط حقهم وهو متعلق بالوقف ولم يضمن هو ما تلف في يده لكونه أمينا لم يبق إلا الرجوع على الوقف ثانيا
قوله ( وأقره ابنه ) بل قال في حاشية الأشباه وهو تفصيل حسن خصوصا في زماننا انتهى قوله ( مستحقها ) أي الأمانات أو بعد موته
أقول أو إلى وكيله قال الشارح في شرحه على الملتقى في أواخر الوقف وكذا يقبل قوله أي الناظر لو ادعى الدفع للموقوف عليهم ولو بعد موتهم إلا في نفقة زائدة خالفت الظاهر ا هـ
قال في شرح تحفة الأقران الوكيل بقبض الوديعة إذا قال له المودع دفعتها إليك والوكيل ينكر صدق في حق دفع الضمان عن نفسه لا في إزام الضمان على الوكيل
قوله ( إلا في الوكيل بقبض الدين ) أي من المدين والصواب إسقاط في قيل على ما تحرر أنه يقبل قول الوكيل المذكور في حق نفي الضمان عن نفسه لا في حق إيجاب الضمان على الغير لا يحتاج إلى استثناء هذه المسألة من الكلية إلا أن يقال استثناؤها بالاعتبار الثاني وقد وهم في هذه المسألة كثيرون وقد حررها الفاضل الحموي هنا وفي كتاب الوكالة بما لا مزيد عليه
قال بعض الفضلاء وأفاد الحصر قبول القول مع وكيل البيع يؤيده ما في وكالة الأشباه إذا قال بعد موت الموكل بعته من فلان بألف درهم وقبضتها وهلكت وكذبته الورثة في البيع فإنه لا يصدق إذا كان المبيع قائما بعينه بخلاف ما إذا كان هالكا ا هـ
قوله ( إذا ادعى بعد موت الموكل ) أما إذا ادعى القبض والدفع للموكل حال حياته فأنكر الموكل يقبل قوله ولو كان فيه إيجاب الضمان على الغير ويقبل قوله أيضا في نفي الضمان عن نفسه فلا يرجع الغريم عليه لأن قبضه منه بالنسبة إليه ثابت سواء صدقه في الدفع أو كذبه
ا هـ
أبو السعود
قوله ( لم يقبل قوله ) إذا كذبه الورثة في القبض والدفع وعدم قبوله حينئذ بالنسبة إلى إيجاب الضمان على
____________________
(8/410)
الميت لأن الديون تقضي بأمثالها فبادعائه الدفع إليه يوجب عليه مثل ما قبض ويلتقي قصاصا بماله على المدين وهو لا يملك ذلك لأنه بموت الموكل انعزل عن الوكالة وقد حكى أمرا لا يملك استئنافه وفيه إيجاب الضمان على الغير فلا يصدق في ذلك وصرحوا في كتاب الوكالة أنه إذا صدق المديون وكيل الغائب في الوكالة صار المال المدفوع إليه أمانة لتصديقه عليها فانتفى رجوعه عليه فلو أقام بينة على الدفع للوكيل قبلت واندفعت الورثة وإذا صدقه الورثة في القبض والدفع فالأمر ظاهر
وإذا صدقه الورثة في القبض أو ثبت ببينة وكذبوه في الدفع فالقول قوله لأنه مودع بعد القبض لما نصوا عليه من أن الوكيل بقبض الدين يصير مودعا بعد قبضه فيجري عليه أحكام المودع فإذا صدقوه في القبض صاروا مقرين بأن المال في يده وديعة ط
أقول وكذلك الوصي بعد عزله إذا قال قبضت ودفعته أو هلك مني وكذبه من له عليه الطلب شرعا في القبض لم يقبل قوله إلا ببينة لأنه بعد العزل لا يملك إنشاء القبض وفيه إيجاب الضمان على الغير إذ الديون تقضي بأمثالها ومن حكى أمرا لا يملك إنشاءه وفيه إيجاب الضمان على الغير لا يقبل قوله ولو لم يكن معزولا وكان له ولاية القبض بأن كان وصي الميت مطلقا أو القاضي وأذن له في القبض قبل قوله في ذلك فقد صرح في التاترخانية بأن الوصي إذا أقر باستيفاء الدين جاز وذلك لأنه يملك إنشاء القبض وقد قل من حرر هذه المسألة بل لم أطلع على من حررها غيري فتأمل
ذكره العلامة الرملي
فرع الوصي إذ وفي الدين بعد ثبوته وأذن القاضي ثم ظهر دين لا يرجع عليه وإنما يشارك
والله تعالى أعلم
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى في تنقيحه في الباب الثالث من كتاب الوقف
قوله ( بخلاف الوكيل بقبض العين ) هي أصل المسألة فلا يحتاج إلى هذه الزيادة
قوله ( في حياته ) أي الموكل
قوله ( لأنه ينفي الضمان عن نفسه ) أي وليس المقصود هنا الإيجاب على الموكل
قوله ( وهو ضمان مثل المقبوض ) الذي يقع به القصاص عما على المديون لأن الديون تقضي بأمثالها
قوله ( قلت وظاهره ) أي ظاهر ما في الولوالجية
قوله ( لا في حق نفسه ) أي فيضمن ولا يبرأ بدعواه الدفع إلى الميت وهذا غير ظاهر منها بل الظاهر من عبارته أنه لا يصدق في حق الموكل خاصة بقرينة تعليله بقوله لأنه يوجب الضمان على الميت ط
قوله ( ولا في حق الموكل ) في إيجاب الضمان عليه بمثل المقبوض
قوله ( وقد أفتى بعضهم ) هو من معاصري صاحب المنح كما ذكره فيها
وذكر الرملي في حاشيتها أنه هو الذي لا محيد عنه وليس في كلام أئمتنا ما يشهد لغيره
تأمل ا هـ
قال في الأشباه كل أمين يدعي إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله كالمودع والوكيل والناظر إلا في الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه قبضه ودفعه في حياته لم يقبل إلا ببينة بخلاف الوكيل بقبض العين والفرق في الولوالجية ا هـ
وأقول تعقبه الشرنبلالي أخذا من كلام الولوالجية وغيرها من كتب المذهب بأن دعوى الوكيل الإيصال تقبل لبراءته بكل حال
وأما سراية قوله على موكله ليبرأ غريمه فهو خاص مما إذا ادعى الوكيل حال حياة
____________________
(8/411)
موكله وأما بعد موته فلا تثبت براءة الغريم إلا ببينة أو تصديق الورثة إلى آخر ما ذكره في الرسالة المسماة ( بمنة الجليل في قبول قول الوكيل ) كذا في حاشية أبي السعود
قلت وللعلامة المقدسي أيضا رسالة في هذه المسألة ذكرها الشرنبلالي في مجموعة رسائله عقب الرسالة التي ألفها واستشهد بها على ما ادعاه فارجع إلى تينك الرسالتين فقد أشبعا الكلام فيهما جزاهما الله تعالى خيرا وقدمنا ذلك في الوكالة فارجع إليه إن شئت وقدمنا أن الغريم إن صدق أنه وكيل لا يرجع عليه إن ضاع إلا إذا ضمنه وقت الدفع للقدر المأخوذ ثانيا أو قال له قبضت منك على أني أبرأتك من الدين
والحاصل أنه أمين فيصدق في نفي الضمان عن نفسه فلا رجوع للورثة عليه بالدين ولا للدافع بعد حلفه لأنه إنما دفع إليه بناء على أنه أمين لأنه وكيل الدائن في القبض ولا ضمان عليه ولا يسقط دين الموكل عن مديونه لأن معنى قضاء الدين لزوم مثله للمديون على دائنه بدفعه إياه عند القضاء فتقع المقاصة بذلك لأن الدين وصف بالذمة لا يمكن قضاؤه فلا يصدق في دعواه لزوم الدين في ذمة موكله بمجرد دعواه إذ الأمين يقبل قوله في دفع الضمان لا في إلزام الغير وهذه نظيرة ما تقدمت من عدم نفاذ قول المتولي دفعت إلى أرباب الوظائف ولا ضمان عليه
ثم بعد كتابتي هذا المحل وجدت سؤالا رفع إلى الخير الرملي مذكورا في فتاويه سئل فيما إذا وكلت زوجها في قبض مال فقبضه ودفعه لها ثم ماتت فهل يقبل قوله بيمينه في دفع ذلك أم لا أجاب إن كان الموكل فيه قبض وديعة ونحوها من الأمانات فالقول قوله بيمينه في القبض والدفع لها وإن كان قبض دين وأقرت بقية الورثة بالقبض وأنكرت الدفع فكذلك القول قوله بيمينه في الدفع وإن أنكرت القبض والدفع لا يقبل قوله إلا ببينة وإذا لم تقم بينة رجعت الورثة بحصتها منه على المديون ولا يرجع المديون على الزوج لأن قوله في براءة نفسه مقبول لا في إيجاب الضمان على الميت والزوج فيما يخبر يوجب في ذمة الزوجة مثل دينها على الغريم لما تقرر أن الديون تقضى بأمثالها وقد عزل عن الوكالة بموتها فهو لا يملك استئناف القبض بخلاف ما إذا كانت حية أو كان الموكل فيه وديعة لأنه في الأول يملك الاستئناف فملك الإخبار
وفي الثاني ليس فيه إيجاب الضمان عليها وهذه المسألة قد زلت فيها أقدام وانعكست فيها أفهام
وقد ذكر بعض معاصري مشايخنا أنها تحتاج إلى التحرير واعتذر بعضهم عنه بضيق الوقت لا بالتقصير فقال كان يختلج بخاطري كثيرا أن أجمع في تحريرها كلاما يزيل إشكالا ويوضح مراما لكن الوقت يضيق عن كمال التحقيق ولكنني بفضل الله تعالى ومنته وفقت لتحريرها على الأوجه الأتم وأنزلت كل فرع منها منزلته في أصله وكتبت على بعض حواشي بعض الكتب ما حاصله اعلم أولا أن الوكيل بقبض الدين يصير مودعا بعد قبضه فتجري عليه أحكام المودع وأن من أخبر بشيء يملك استئنافه يقبل قوله وما لا فلا وأن الوكيل ينعزل بموت الموكل وأن من حكى أمرا لا يملك استئنافه إن كان فيه إيجاب الضمان على الغير لا يقبل قوله على ذلك الغير وإلا يقبل ومن حكى أمرا يملك استئنافه يقبل وإن كان فيه إيجاب الضمان على الغير
فإذا علمت ذلك فاعلم أنه متى ثبت قبض الوكيل من المديون ببينة أو تصديق الورثة له فالقول قوله بالدفع بيمينه لأن مودع بعد القبض ولو كذبه الورثة في الدفع لأنهم بتصديقهم له في القبض صاروا مقرين بأن المال
____________________
(8/412)
في يده وديعة وإذا لم يثبت القبض بأن أنكروا القبض والدفع لا يقبل قوله في إيجاب الضمان على الميت ويقبل قوله في براءة نفسه فترجع الورثة على الغريم ولا يرجع الغريم عليه لأنه لا يملك استئناف القبض لعزله بالموت وقبضه لدى الغريم ثابت فهو بالنسبة إليه مودع والقول قول المودع في الدفع بيمينه وذلك لأنه مصدق له معه في الوكالة وقد صرحوا في كتاب الوكالة أن المدين إذا صدق وكيل الغائب في الوكالة صار المال المدفوع إليه أمانة لتصديقه عليها فانتفى رجوعه عليه فلو أقام المدين بينة على الدفع للوكيل قبل واندفعت الورثة وإن صدق ورثة الوكيل في القبض والدفع فالأمر ظاهر عدم مطالبة الغريم وقد برئت ذمته بتصديقهم فتأمل ذلك واغتنمه فإنه مفرد
ولو أراد الوكيل تحليف الورثة على نفي العلم بالقبض والدفع أو أراد المديون ذلك فله ذلك ولو ضمنوا المديون بعد الحلف وأراد أن يحلف الوكيل على الدفع للموكل الظاهر أن له ذلك لما تقرر أن الوكيل بالقبض خصم ومن أن المال في يده أمانة وكل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها فالقول قوله وأن كل من قبل قوله فعليه اليمين وقوله في حق براءة نفسه مقبول وإن لم يقبل في حق إيجاب الضمان على غيره
وأيضا كل من أقر بشيء يلزمه فإنه يحلف إذا هو أنكره إلى غير ذلك من الضوابط والقواعد ولأن المديون له أحد المالين إما الذي دفعه للوكيل وإما للورثة والذي دفعه للورثة إذا عادوا إلى تصديق الوكيل يسترده وكذلك الذي دفعه للوكيل إذا أقر الوكيل بعد أن دفعه المديون للورثة بأنه لم يدفعه للموكل وأنه باق عنده أو استهلكه يرده على الدافع
هذا ما ظهر لي من كلامهم وتفقهت فيه ولم أر من أشبع القول في المسألة ولا من أعطاها حقها في الاستقصاء وأرجو الله تعالى أن يكون هذا التفقه صوابا والله تعالى أعلم
ا هـ
قوله ( أنه يصدق في حق نفسه ) أي فيبرأ
قوله ( لا في حق الموكل ) أي فلا يجب عليه شيء حتى يلتقي قصاصا بما على المديون ويلزم من هذا أن المديون لا يبرأ لعدم تصديق الوكيل في حق الموكل وليس للمديون الرجوع على الوكيل حيث صدقه في الوكالة كما سلف
قوله ( فيتأمل عند الفتوى ) هذا إنما يحتاج إليه إذا كان ظاهر الولوالجية ما ذكره وليس بظاهرها فيتعين ما أفتى به البعض فتأمل
قوله ( ليس للورثة الرجوع ) أي على المستعير الموصى له سواء كانت مطلقة أو مؤقتة ومحله إذا كانت تخرج الرقبة من الثلث وقيل بعد موت الموصي فلو لم يقبل بعده بطلت كما ذكروه في الوصية بالخدمة والسكنى
قوله ( تفسخ بموت أحدهما ) فلورثة المعير الرجوع وليس لورثة المستعير الانتفاع حتى لو استعلموها فهلكت ضمنوا وهذه فائدة الفسخ كما لا يخفى ط
قوله ( بغير عينها ) يعني لم تعلم عينها أي بأن مات مجهلا لها
قوله ( فالتركة بينهم ) أي بين المعير والغرماء بالحصص إن لم توف التركة بالكل لأنها صارت مضمونة عليه فكانت كبقية الديون
قوله ( استأجر بعيرا إلى مكة فعلى الذهاب ) لأن إلى للغاية وجعل غاية الاستئجار مكة ولو قال له أعرني هذا البعير لأذهب به إلى مكة كان على المستعير أن يرد العارية إلى المعير حيث أخذها منه وكانت العارية على الذهاب والرجوع عرفا
رحمتي
____________________
(8/413)
أقول الفرق بين الإجارة والاستعارة أن الاستعارة تمليك المنفعة بلا عوض وفي التبرع تجري المسامحة فأما الإجارة فتمليك بعوض ومبني ذلك المضايقة
كذا في فروق المحبوبي
قوله ( لأن ردها عليه ) أي وهو لا يتمكن من الرد إلا بالمجيء بخلاف الإجارة فإن مؤنة الرد على المالك وهذا فرق آخر غير الذي قدمناه قريبا عن المحبوبي
وفي الهندية لو استعارها ليحمل عليها كذا منا من الحنطة إلى البلد وهلكت الحنطة في الطريق فله أن يركبها إلى البلد وفي العود أيضا إلى منزل المعير ا هـ
قوله ( لأنه أعارها للذهاب لا للإمساك ) أي فكان به متعديا لكن قد يقال إنه خالف إلى خير فلا يكون متعديا إلا أن يقال إن إمساك الدابة في المكان ضرر بها عادة فتأمل
قوله ( لأنه عارية عرفا ) أي وهلكت من غير تعد من المستعير فلا تضمن لأن القرض إنما يكون في المثليات واستقراض غيرها فاسد يحرم تعاطيه وفعل المسلم يحمل على الصلاح ما أمكن والعارية والقرض ينوب كل منهما عن الآخر استعمالا فكما أن عارية المثلي الذي لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاكه قرض فكذا استقراض العين التي ينتفع بها ثم ترد إلى صاحبها عارية وهي أمانة لا تضمن
أفاده بعض الفضلاء
قوله ( بلا عوض ) أي وهنا قد جعل له عوضا وهو كون البناء الذي أحدثه المستعير له
قوله ( بجهالة المدة ) وكذا البدل لأن قدر ما ينفقه في العمارة غير معلوم حال عقد الإعارة والفاسد يجب فيه أجر المثل بالانتفاع وقد حصل
وعبارة البحر عن المحيط لجهالة المدة والأجرة لأن البناء مجهول فوجب أجر المثل ا هـ
فأفاد أن الحكم كذلك لو بين المدة لبقاء جهالة الأجرة وهو ظاهر ا هـ
قال في البزازية دفع داره على أن يسكنها ويرمها ولا أجر فهي عارية لأن المرمة من باب النفقة وهي على المستعير وفي كتاب العارية بخلافه ا هـ
أقول الذي يظهر التفرقة بين استعارة الأرض ليبني فيها ويكون البناء للمالك فهي إجارة فاسدة يجب فيها أجر المثل والبناء لصاحبه وبين استعارة الدار ليسكنها ويرمها فهي عارية لما ذكر والوجه ظاهر
قوله ( وكذا لو شرط الخراج ) أي خراج المقاسمة أو الموظف على المستعير فإنها تكون إجارة فاسدة لأن الخراج على المعير فإذا شرطه على المستعير فقد جعله بدلا عن المنافع فقد أتى بمعنى الإجارة والعبرة للمعاني في العقود وتكون إجارة فاسدة لأن قدر الخراج مجهول
أما إذا كان خراج المقاسمة فظاهر لأنه بعض الخارج والخارج يزيد وينقص
وأما إذا كان خراجا موظفا فإنه وإن كان مقدرا إلا أن الأرض إذا لم تحتمل ذلك القدر ينقص عنه وجهالة البدل في الإجارة تفسد الإجارة ا هـ
منح عن مجمع الفتاوى
قوله ( والحيلة ) أي في صحة كون الخراج على المستعير قوله ( أن يؤجره ) أي من أراد العارية
قوله ( منه ) أي من ذلك البدل فإنه جائز فإنه وكله بأداء ما عليه
____________________
(8/414)
من مال له عليه ا هـ
منح
قوله ( إن علم رضا صاحبه ) فإن علم عدم رضاه ينبغي أن لا يصلحه لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه
قال ابن وهبان ولا شك أن خطه ذلك إن كان يناسب خط الكتاب وهو يقطع أن الصواب فيما يصلحه وأصلحه لا يكره صاحب الكتاب ذلك إن كان عاقلا وينبغي للمستعير إذا لم يكن خطه مناسبا أن يكتب الإصلاح في ورقة ويضعها في الكتاب ويعلم عليه ليعلم به صاحبه فيصلحه لأن إصلاح كتب العلم من القربات وإلا فلا يفعل فلو فعل ينبغي أن يضمن وإن لم يقطع بالغلط راجع أعلم منه أو نسخة أصح ا هـ
ومثل المستعير المستأجر
وفي الحديث من نظرء في كتاب أخيه بغير إذنه فكأنما نظر في النار وهو محمول عند أهل العلم على كتب الرسائل أما كتب العلم فينبغي أن يجوز النظر فيها إذا كانت لا تتضرر بالنظر والتقليب وعادة الناس في ذلك المساهلة والمسامحة والاحتياط عدم النظر إلا بأمر ا هـ
عبد البر
قوله ( بخط مناسب ) يفهم منه أنه لا يصلحه بخط رديء ينقص قيمته لأنه لم يتعين إصلاحه به بل يمكن إصلاحه بمن له خط يناسبه وهذا في زمانهم
أما في زماننا فلا يصلحه إلا بعد تحقق فساد ما يريد إصلاحه لا بمجرد فهمه القاصر وإن اعتقد أنه مصيب لأنه سبب الجهل يظن المستقيم خطأ فيفسده بإصلاحه وقد عايناه كثيرا
والحاصل أنه إن علم أن صاحبه يكره إصلاحه لا يفعل لأن التصرف في ملك الغير لا يجوز وإن علم أنه لا يكره إصلاحه وكان خطه يناسب الكتاب وهو يقطع بالصواب فيما يصلحه له ذلك وإلا راجع من هو أعلم منه أو نسخة صحيحة أو كتب في ورقة ويضعها في الكتاب ليكتب بخط مناسب لأن إصلاح كتب العلم من القربات ولا يأثم بترك الإصلاح إلا في القرآن العظيم لأنه واجب الإصلاح بخط مناسب
قوله ( ففي الوهبانية ) في نسخ بالفاء ولا يظهر تفريعه إلا بالنظر إلى أول المسألة وهو قوله استعار كتابا الخ
وفي نسخ بالواو وهي ظاهرة وثبت في بعض النسخ بعد البيت الأول وفي معاياتها وأي معير ليس يملك أخذ ما أعار وفي غير الرهان التصور قوله ( وسفر ) بكسر السين اسم الكتاب المستعار فإنه تقدم الكلام عليه قريبا
قوله ( وأي معير الخ ) يعني أي معير أعار ملكه لغير الرهن ولا يملك استرجاعه
فالجواب أنها أرض أجرها المالك للزراعة ثم أعارها من المستأجر وقد زرعها فإنه لا يملك استرجاعها لما فيه من الضرر وتفسخ الإجارة من حين الإعارة ويلزم المزارع أجرة المثل من وقت الرجوع كما في شرح الشرنبلالي عليها
وكذا معير أمة لإرضاع الصغير ولا يجد غيرها أو لا يأخذ إلا ثديها فلا يستردها إلى أن يتم الرضاع وله أجر مثلها
وكذا من أعار دابة وطلبها من مكان لا يجد فيه ما يكتري وقد تقدم ذلك كله وإنما قيد بغير الرهن لأن
____________________
(8/415)
من أعار متاعه ليرهنه المستعير لا يسترده إلا بعد قضاء دين المرتهن كما تقدم ويأتي في الرهن ا هـ
قوله ( وهل واهب لابن ) أي من النسب
قوله ( يجوز رجوعه ) أي رجوع الأب فيما وهب لابنه
وصورته وهب لابنه الرقيق شيئا فإنه يجوز له الرجوع فيه لأن الرقيق لا يملك وتقع الهبة لسيده فتكون لأجنبي فيثبت له حق الرجوع وتمام هذا البيت
ومن غارم إطعام عبد قراضه وإيجار قوم للحمولة محظر وصورته استأجر قوما لحمل جنازة وهناك من يحملها بغير أجر فتحظر هذه الإجارة
قوله ( وهل مودع ما ضيع المال يخسر ) هو ما إذا دفع المال لرجل وقال ادفعه لفلان بعد موتي وصية مني إليه وكان المذكور وارثا له فدفعها إليه بعد موته ضمن
ومثله لو قال ادفع لقاتلي لعدم صحة الوصية إليهما فصار المال للورثة بموت المودع وكان الأمر فيه لهم لا له فبدفعه صار دافعا بغير إذن المالك وقت الدفع والآذن قد بطل إذنه بموته قوله ( ما ضيع المال ) فيه تسامح لأنه دفعه بغير إذن مالكه وهو تضييع لانقضاء إذن الآذن بموته وخروج المال عن ملكه ودخوله في ملك الوارث لعدم صحة الوصية للوارث والقاتل ومن انتقل المال إلى ملكه لم يأذن له بالدفع لكنه حيث دفع للوارث ينبغي أن يضمن ما زاد على قدر نصيبه فليتأمل
والظاهر أن له الرجوع على من دفع إليه وهذا عجز بيت وصدره ومن غارم إطعام عبد قراضه وصورته مضارب اشترى عبدا بألفين ومال المضاربة ألف فإنه بإنفاقه عليه يكون متبرعا لأنه لم يبق في يده شيء من المال فالنفقة استدانة على المال وإنه لا يملكها إلا أن يرفع الأمر إلى القاضي فيأذن له فيكون له الرجوع
فروع إذا مات المستعير أو المعير تبطل الإعارة
خانية
استعار من آخر شيئا فدفعه ولده الصغير المحجور عليه إلى غيره بطريق العارية فضاع يضمن الصبي الدافع وكذا المدفوع إليه
تاترخانية عن المحيط
رجل استعار كتابا فضاع فجاء صاحبه وطالبه فلم يخبر بالضياع ووعده بالرد ثم أخبره بالضياع قال في بعض المواضع إن لم يكن آيسا من رجوعه فلا ضمان عليه وإن كان آيسا ضمن لكن هذا خلاف ظاهر الرواية
قال في الكتاب يضمن لأنه متناقض
ولوالجية
وفيها دخل بيت بإذنه فأخذ إناء لينظر إليه فوقع لا يضمن ولو أخذه بلا إذنه بخلاف ما لو دخل سوقا يباع فيه الإناء يضمن ا هـ
جاء رجل إلى مستعير وقال إني استعرت دابة عند حر من ربها فلان فأمرني بقبضها فصدقه ودفعها ثم أنكر المعير أمره ضمن المستعير ولا يرجع القابض فلو كذبه أو لم يصدقه أو شرط عليه الضمان فإنه يرجع
قال وكل تصرف هو سبب للضمان لو ادعى المستعير أنه فعله بإذن المعير وكذبه المعير ضمن المستعير ما لم يبرهن
فصولين
وفيه استعاره وبعث قنه ليأتي به فركبه قنه فهلك به ضمن القن ويباع فيه حالا بخلاف قن محجور أتلف وديعة قبلها بلا إذن مولاه ا هـ
لو ذهب إلى مكان غير المسمى ضمن ولو أقرب منه وكذا لو أمسكها في بيته ولم يذهب إلى المسمى ضمن لأنه أعارها للذهاب لا للإمساك في البيت
____________________
(8/416)
يقول الحقير يرد على المسألتين إشكال وهو أن المخالفة فيهما إلى خير لا إلى شر فكأن الظاهر أن لا يضمن فيهما ولعل في المسألة الثانية روايتين
إذ قد ذكر في التجريد لو استأجر قدوما لكسر الحطب فوضعه في بيته فتلف بلا تقصير قيل وقيل لا والمكث المعتاد عفو
نور العين
استعار دابة غدا إلى الليل فأجابه صاحب الدابة بنعم ثم استعارها غدا آخر إلى الليل فأجاب بنعم فإن الحق يكون للسابق منهما وإن استعارا معا فهي لهما جميعا هندية عن خزانة الفتاوى
وفيها استعار دابة ليحمل عليها حنطة فبعث المستعير الدابة مع وكيله ليحمل عليها حنطة فحمل وكيله طعاما لنفسه لم يضمن نص عليه في كتاب الشركة وهذا عجيب
هكذا في الصغرى
ولو أدخل المستعير الحمل في بيته وترك الدابة المستعارة في السكة فهلكت فهو ضمان سواء ربطها أو لم يربطها لأنه لما غيبها عن بصره فقد ضيعها حتى لو تصور أنه إذا دخل المسجد أو البيت والدابة لا تغيب عن بصره لا يجب الضمان وعليه الفتوى
كذا في خزانة المفتين
لو كان يصلي في الصحراء فنزل عن الدابة وأمسكها فانفلتت منه فلا ضمان عليه وهذه المسألة دليل على أن المعتبر أن لا يغيبها عن بصره
كذا في الظهيرية
رجل استعار دابة ليشيع جنازة إلى موضع كذا فلما انتهى إلى المقبرة دفعها إلى إنسان ودخل ليصلي فسرقت الدابة
قال محمد رحمه الله تعالى لا يكون ضامنا كذا في فتاوى قاضيخان وصار الحفظ بنفسه في هذا الوقت يستثنى عن العقد
كذا في التاترخانية
قال أعرت دابتي أو ثوبي هذا لفلان لم يكن حاضرا ولم يسمع فجاء وذهب به يضمن إلا إذا سمع هو أو رسوله أو أخبره فضولي قد سمع قال ينبغي أن لا يضمن إن كان عدلا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى كذا في التاترخانية
ولو زلق الرجل في السراويل فتخرق لم يضمن
كذا في الينابيع
وفي فتاوى الديناري إذا انتقص عين المستعار في حال الاستعمال لا يجب الضمان بسبب النقصان إذا استعمله استعمالا معهودا
كذا في الفصول العمادية
ولو استعار ثوبا ليبسطه فوقع عليه من يده شيء أو عثر فوقع عليه فتخرق لا يكون ضامنا
كذا في فتاوى قاضيخان
رجل استعار من امرأة شيئا مما كان ملك الزوج فأعارت فهلك إن كان شيئا في داخل البيت وما يكون في أيديهن عادة لا ضمان على أحد أما في الثور والفرس فيضمن المستعير والمرأة
كذا في الخلاصة
إذا وضع العارية ثم قام وتركها ناسيا فضاعت ضمن
كذ في السراجية
رجل دخل الحمام فسقطت قصعة الحمام من يده وانكسرت في الحمام أو انكسر كوز الفقاعي من يده قال أبو بكر البلخي لا يكون ضامنا قيل هذا إذا لم يكن من سوء إمساكه فإن كان من سوء إمساكه يكون ضامنا
كذا في فتاوى قاضيخان
____________________
(8/417)
أعار فارسا أو سيفا ليقاتل فتلف لا يضمن كذا في التاترخانية
استعار فأسا وضربه في الحطب ويبست في الحطب فأتى بفأس ثانية وضرب رأس تلك الفأس فانكسر يضمن كذا في القنية وبه أفتى القاضي جمال الدين
وقال القاضي بديع الدين إن كان الضرب معتادا فلا
كذا في التاترخانية
وإذا طلب المعير العارية فمنعها المستعير عنه فهو ضامن وإن لم يمنعها ولكن قال لصاحبها دعها عندي إلى غد ثم أردها عليك فرضي بذلك ثم ضاعت لا ضمان عليه
كذا في المحيط
طلبها فقال نعم أدفع ومضى شهر حتى هلكت إن كان عاجزا وقت الطلب عن الرد
لا يضمن وإن كان قادرا إن صرح المعير بالكراهة والسخط في الإمساك وأمسك يضمن وكذا إن سكت وإن صرح بالرضا بأن قال لا بأس لا يضمن وإن لم يطلب وهو لم يردها حتى ضاعت وإن كانت العارية مطلقة لا يضمن وإن قيدها بوقت ومضى الوقت ولم يردها ضمن وقد مر ذلك
وفي المنتقى رجل قال لغيره أعرتني هذه الدار أو هذه الأرض لأبنيها أو أغرس فيها ما بدا من النخل والشجر فغرستها هذا النخيل وبنيتها هذا البناء وقال المعير أعرتك الدار والأرض وفيها هذا البناء والغراس فالقول قول المعير وإن أقاما البينة فالبينة بينة المعير أيضا
كذا في المحيط
رجلان يسكنان في بيت واحد كل واحد في زاوية فاستعار أحدهما من صاحبه شيئا فطلب المعير بالرد فقال المستعير وضعته في الطاق الذي في زاويتك وأنكر المعير فإن كان البيت في أيديهما لا ضمان عليه
كذا في محيط السرخسي
قال لآخر خذ عبدي واستخدمه واستعمله من غير أن يعيره المدفوع إليه فنفقة هذا العبد على مولاه
كذا في الوجيز للكردري
وصح التكفيل برد العارية والمغصوب ولو توكل بالرد لا يجبر الوكيل على النقل إلى منزله بل يدفعه إليه حيث يجده كذا في الكافي
رجل دخل كرم صديق له وتناول شيئا بغير إذنه إن علم أن صاحب الكرم لو علم لا يبالي بهذا أرجو أن يكون به بأس
كذا في الخلاصة
أراد أن يستمد من محبرة غيره إن استأذنه له ذلك وإن علم فكذلك إن لم ينهه وإن لم يفعل شيئا من ذلك إن كان بينهما انبساط فلا بأس به أيضا وإن لم يكن أحب أن لا يفعل ذلك
كذا في الوجيز للكردري
رجل رهن عند رجل خاتما وقال للمرتهن تختم فهلك الخاتم لا يهلك بالدين ويكون الدين على حاله لأنه صار عارية ولو تختم ثم أخرج الخاتم من أصبعه ثم هلك يهلك بالدين لأنه عاد رهنا
قالوا هذا إذا أمره أن يتختم به في خنصره فإن أمره أن يتختم به في السبابة فهلك حالة التختم يهلك بالدين ولو أمره بأن يتختم به في خنصره ويجعل الفص من جانب الكف فجعل الفص من الخارج على ظهر الأصبع كان إعارة وهو وما لو أمره بأن يتختم به في الخنصر ولم يأمره أن يجعل الفص في جانب الكف سواء ويكون إعارة هو الصحيح
كذا في فتاوى قاضيخان
وفي رهن الأصل لو رهن عبدا قيمته ألف بألف ثم استعار الراهن ثم رده عليه وقيمته خمسمائة فهلك يهلك
____________________
(8/418)
بجميع الدين تعتبر قيمته في الرهن يوم القبض الأول ولو كان مكانه غصب فعلى الغاصب قيمته حين غصب ثانيا كذا في الفصول العمادية
استعار منشارا فانكسر في النشر نصفين فدفعه إلى الحداد فوصله بغير إذن المعير ينقطع حقه وعلى المستعير قيمته منكسرا وكذا الغاصب إذا غصبه منكسرا
كذا في القنية في كتاب الغصب انتهى
هندية
وفيها ولو استعار فرسا ليركبها إلى موضع كذا فركبها وأردف معه آخر فأسقطت جنينا فلا ضمان عليه في الجنين ولكن إن انتقصت الأم بسبب ذلك فعليه نصف النقصان وهذا إذا كان الفرس بحال يمكن أن يركبها اثنان
وأما إذا كان لا يمكن فهو إتلاف فيضمن جميع النقصان
كذا في العمادية ا هـ
وفي الهندية من الباب الثاني استعار دابة ليركبها بنفسه فركهبا وأردف غيره فعطبت يضمن نصف القيمة كذا في غاية البيان هذا إذا أردف رجلا فإن أردف صبيا يضمن قدر الثقل هذا إذا كانت الدابة تطيق حملهما فإن كانت لا تطيق يضمن جميع القيمة
كذا في شرح الجامع الصغير لقاضيخان ا هـ
استعار محملا أو فسطاطا وهو في المصر فسافر به لم يضمن
ولو سافر بسيف استعاره للضرب أو عمامة استعارها للتعميم ضمن
والفرق أن المحمل كالفسطاط يستعمل خارج المصر عادة فيكون إعارتهما إذنا للسفر بهما بخلاف السيف والعمامة لكن على قياس مسألة الإخراج بالثوب بأن استعار ثوبا ودابة حتى وقع على الاستعمال في المصر ثم خرج بهما عن المصر فإن استعملهما ضمن إن لم يستعملهما ففي الثوب لم يضمن لأنه حافظ له خارج المصر كما في المصر وضمن في الدابة لأنها بمجرد الخروج تصير عرضة للتلف فيكون إخراجها تضييعا لها معنى كما في الفصولين ينبغي أن لا يضمن بهما أي المحمل والفسطاط أيضا
وعلى قياس مسألتهما ينبغي أن يلزمه الضمان في الثوب أيضا كما في إخراج دابة العارية
قال في الذخيرة ويجوز أن يفرق بينهما وبين مسألة الثوب بالتأمل فليتأمل فيه أنقروي
إن المستأجر والمستعير لو خالف ثم عاد إلى الوفاق لا يبرأ عن الضمان على ما عليه الفتوى فصولين
والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
كتاب الهبة قال ط هي من صفات الكمال فإن الله تعالى وصف بها نفسه بقوله عز وجل { أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب } ص 9 والبشر إذا باشرها فقد اكتسب من أشرف الصفات لما فيها من استعمال الكرم وإزالة شح النفس وإدخال السرور في قلب الموهوب له وإيراث المحبة والمودة بينهما وإزالة الضغينة والحسد ولهذا من باشرها كان من المفلحين قال تعالى { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } الحشر 9 ا هـ
تبيين
قال الشمني هي الأصل مصدر محذوف الأول معوض هاء التأنيث وأصلها وهب بتسكين الهاء وتحريكها ا هـ
مكي
علة كعدة
عيني
ويتعدى الفعل بنفسه وباللام وبمن كما في أحاديث كثيرة خلافا للمطرزي في أنه خطأ
وللتفتازاني في أنه عبارة الفقهاء ا هـ
قهستاني
قال المولى عبد الحليم يقال وهب مالا وهبا وهبة وموهبة
والهبة قد تطلق على الموهوب
قوله ( وجه المناسبة ظاهر ) هو أن كلا منهما تمليك بلا عوض ووجه تأخير الهبة عن العارية هو أنها تمليك عين ومنفعة
____________________
(8/419)
بلا عوض والعارية تمليك المنفعة بلا عوض فكانت العارية كالمفرد والهبة كالمركب والمفرد مقدم على المركب طبعا فقدم وضعا
قوله ( هي لغة التفضل على الغير ) أي بما ينتفع به مطلقا
قوله ( ولو غير مال ) قال الراغب الهبة أن تجعل ملكك لغيرك بغير عوض
قال عز وجل { ووهبنا له إسحاق ويعقوب } الأنعام 84 ا هـ
وقال تعالى { فهب لي من لدنك وليا } مريم 5 وقال تعالى { يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور } الشورى 49 والأولى أن يقول ولو بغير مال
قوله ( تمليك العين مجانا ) هذا الحد غير مانع إذ يصدق على الوصية فإنها تمليك العين بلا عوض والصدقة وغيرهما اللهم إلا أن يقال إن المصنف جرى على طريقة المتقدمين من جواز التعريف بالأعم والأخص ا هـ
سري الدين عن المجتبى وزاد ابن الكمال قوله للحال لإخراج الوصية وخرج الإباحة والعارية والإجارة والبيع وهبة الدين ممن عليه فإنه إسقاط وإن كان بلفظ الهبة
منح
قوله ( أي بلا عوض ) أي بلا شرط عوض على حذف مضاف لكن هذا يظهر لو قال بلا عوض كما في الكنز لأن معنى مجانا عدم العوض لا عدم اشتراطه
على أنه اعترضه الحموي كما في أبي السعود بأن
قوله بلا عوض نص في اشتراط عدم العوض والهبة بشرط العوض نقيضه فكيف يجتمعان ا هـ
أي فلا يتم المراد بما ارتكبه وهو شمول التعريف للهبة بشرط العوض لأنه يلزم خروجها عن التعريف حينئذ كما نبه عليه في العزمية أيضا
قلت والتحقيق أنه إن جعلت الباء للملابسة متعلقة بمحذوف حالا من تمليك لزم ما ذكر أما لو جعل المحذوف خبرا بعد خبر أي هي كائنة بلا شرط عوض على معنى أن العوض فيها غير مشروط بخلاف البيع والإجارة فلا يرد ما ذكر فتدبر
قوله ( إلا أن عدم العوض شرط فيه ) وإلا لما شمل الهبة بشرط العوض
والحاصل أن المعتبر في الهبة تمليك العين سواء كان بعوض أو بلا عوض لما سيأتي من أن الهبة بشرط العوض صحيحة فليس عدم العوض شرطا في تحققها فمعناه أن الهبة تتحقق ولا يشترط فيها العوض وليس عدم العوض شرطا فإنه يقتضي أنها لا تتحقق مع العوض وليس كذلك
وقد فرقوا بين الوجود بلا شرط شيء وبين الوجود بشرط لا شيء بأن الأول أعم من الثاني وعليه فإن العوض لا يشترط في تعريفها بل قد تكون بعوض كما إذا شرطه وقد تكون بلا عوض فمعنى قوله بلا عوض أي ليس العوض من لازمها ومطردا فيها بخلاف البيع فإنه لا بد فيه من العوض حتى لو باعه بلا عوض فسد ولو أسقط هذا النفي لكان تعريفا للهبة من كل وجه وهي الهبة بلا عوض مشروط ويكون معنى قوله بلا عوض أي بلا شرط عوض سواء عوضه من تلقاء نفسه أو لا أما الهبة بشرط العوض فهي هبة ابتداء بيع انتهاء كما سيأتي بيانه وهذا كله على جعل الباء للملابسة الخ
قوله ( وأما تمليك الدين الخ ) هذا جواب على سؤال مقدر وهو أن تقييده بالعين مخرج لتمليك الدين من غير من عليه مع أنه هبة إذا أمره بقبضه فيخرج عن التعريف
فأجاب بأنه يكون عينا مالا فالمراد بالعين في التعريف ما كان عينا حالا أو مالا وهو خارج عن القياس إذ الهبة لا تصح إلا في الملك والعين غير مملوكة له وقت الهبة وهو نظير الحمل ولا يصح هبته مع أنه سيصير عينا مملوكة وقد يفرق بأن تمام الحمل غير متحقق إذ هو متوقف على إتمام الله تعالى له وفصله عن أمه والعبد لا يقدر عليه والدين ثابت في ذمة المديون مأمور بدفعه لربه وصاحبه قادر على قبضه شرعا فيقدر على تسليمه
قال بعض الفضلاء ولهذا لا يلزم إلا إذا قبض وله الرجوع قبله فله منعه حيث
____________________
(8/420)
كان بحكم النيابة عن القبض وعليه تبتني مسألة موت الواهب قبل قبض الموهوب له في هذه فتأمل
بقي هل الإذن يتوقف على المجلس الظاهر نعم فليراجع
ولا ترد هبة الدين ممن عليه لأنها مجاز عن الإسقاط والفرد المجازي لا ينقض والله سبحانه أعلم
قال في البحر عن المحيط ولو وهب دينا له على رجل وأمره أن يقبضه فقبضه جازت الهبة استحسانا فيصير قابضا للواهب بحكم النيابة ثم يصير قابضا لنفسه بحكم الهبة وإن لم يأذن بالقبض لم يجز ا هـ
وفي أبي السعود عن الحموي ومنه يعلم أن تصيير معلومة المتجمد للغير بعد فراغه له غير صحيح ما لم يأذنه بالقبض وهي واقعة الفتوى
لكن قال في الأشباه تصح ويكون وكيلا قابضا للموكل ثم لنفسه ومقتضاه أن له عزله عن التسليط قبل قبضه ا هـ
وهل منه ما تعورف في زماننا من بيع أوراق الجامكية وكذا أوراق الكميالي والقنصليد إلى غريمه أو إلى غيره أو لمن عليه أموال أميرية أو لغيره فإنه غير مديون لعين ولعدم تعينه لقضاى الجامكية
قال المصنف في فتاواه سئل عن بيع الجامكية وهو أن يكون لرجل جامكية في بيت المال ويحتاج إلى دراهم معجلة قبل أن تخرج الجامكية فيقول له رجل بعني جامكيتك التي قدرها بكذا أنقص من حقه في الجامكية فيقول له بعتك فهل البيع المذكور صحيح أم لا لكونه بيع الدين بنقد أجاب إذا باع الدين من غير من هو عليه كما ذكر لا يصح
قال مولانا في فوائده وبيع الدين لا يجوز ولو باعه من المديون أو وهبه جاز ا هـ
أقول وكان الأولى للشارح أن يقول ولا يرد تمليك الدين وقد أمر بقبضه لرجوعه إلى تمليك العين بسبب الأمر بقبضه
قوله ( فإن أمره بقبضه صحت ) ويكون وكيلا قابضا للموكل ثم لنفس كما تقدم
قال في الحاوي القدسي فإن قال الدين الذي لي على زيد هو لعمرو ولم يسلطه على القبض ولكن قال واسمي في كتاب الدين عارية صح ولو لم يقل هذا لا يصح
وفي البزازية المرأة وهبت مهرها الذي على زوجها لابنها الصغير من هذا الزوج إن أمرت بالقبض صحت وإلا لا لأنه هبة الدين من غير من عليه الدين
ذكره الحموي
قوله ( إرادة الخير للواهب ) يقصد بها دفع شر الموهوب له وقد يراد به الخير للموهوب له
قوله ( دنيوي ) بضم الدال وكسرها كما هما في دنيا
قوله ( كعوض ) يشمل المال والمنفعة والدعاء لما ورد في الحديث من أسدى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تقدروا فادعوا له فكان الدعاء عوضا عن العجز
قوله ( ومحبة ) أي من الموهوب له للواهب لما ورد في الحديث تهادوا تحابوا ولأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها بل الفعل الجميل محبب حتى لغير من وصل إليه الجميل عند النفوس الكريمة
قوله ( وحسن ثناء ) لأن الواهب يوصف بالجود ومكارم الأخلاق وينتفي عنه سيمة البخل بالجود الذي هو دواء الداءات
قوله ( وأخروي ) أي وهو الثواب إن حسنت النية وحذفه للعلم به
وصرح به في شرح الملتقى فقال أو الأخروي كالنعيم المقيم ولأن منه امتثال أمر الله تعالى في قوله { وتعاونوا على البر والتقوى } المائدة 2 وأمر النبي في قوله تهادوا واتباعا للسنة لما كان عليه النبي وأصحابه من التهادي وإيثار الإخوان على النفس وهو واجب على المؤمن أن يفعله ويعلمه ولده لما نقله الشارح عن الإمام أبي منصور وفاعل
____________________
(8/421)
الواجب يثاب في الآخرة
قوله ( قال الإمام أبو منصور ) بيان للأخروي
قوله ( يجب على المؤمن ) الذي تفيده هذه العبارة أن هذا التعليم فرض عين ط
قال بعض الحكماء أصل المحاسن كلها الكرم وأصل الكرم نزاهة النفس عن الحرام وسخاؤها بما ملكت على الخاص والعام وجميع خصال الخير من فروعه
قال عليه الصلاة والسلام تجافوا عن ذنب السخي فإن الله آخذ بيده كلما عثر وفاتح له كلما افتقر وعن جابر بن عبد الله قال ما سئل رسول الله شيئا فقال لا وعنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد من النار
والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار وقال بعض السلف منع الجود سوء ظن بالمعبود وتلا { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين } سبأ 39 وقال علي كرم الله وجهه ما جمعت من المال فوق قوتك فإنما أنت فيه خازن لغيرك
ومما يحكى في الجواد والإيثار ما روي عن حذيفة العدوي أنه قال انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عم لي في القتلى ومعي شيء من الماء وأنا أقول إن كان به رمق سقيته فإذا أنا به بين القتلى فقلت أسقيك فأشار إلي أن نعم فإذا برجل يقول آه فأشار إلي ابن عمي أن انطلق إليه فإذا هو هشام بن العاص فقلت أسقيك فأشار إلي أن نعم فسمع آخر يقول آه فأشار إلي أن انطلق إليه فجئته فإذا هو قد مات فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات فرجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات رحمهم الله تعالى
قوله ( إذ حب الدنيا الخ ) علة لمحذوف تقديره ولا يتركه من غير تعليم ما ذكر فيشب على حب الدنيا وهو مذموم إذ هو رأس كل خطيئة أي فبهذا التعليم يخلص من هذه الآفة
قوله ( وهي ) أي الهبة
قوله ( وقبولها سنة ) أي إلا لعارض كأن علم أنه مال حرام أو أنه يمتن عليه بما أهداه إليه
قوله ( تهادوا ) بفتح الدال وضمها خطأ وبسكون الواو لأنه صيغة خطاب للجماعة من التهادي وأصله تهاديوا لأنك تقول تهادى تهاديا تهاديوا قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت لالتقاء الساكنين فصار تهادوا كما في مادة تعالوا أصله تعاليوا قال تعالى { تعالوا إلى كلمة سواء } آل عمران 64 والأصل أن فعل الأمر إذا لحقته واو الجماعة ينظر إلى مضارعه فإن ختم بألف كيتهادى يفتح ما قبل الواو وإن ختم بياء كيرمي أو واو كيدعو يضم ما قبلها
قوله ( تحابوا ) بتشديد الباء المضمومة وهو أيضا صيغة خطاب للجماعة وأصله تحابوا ولكن سقطت النون لأنه جواب الأمر وأصله تحاببوا لأنه من التحابب من المحبة أدغمت الباء في الباء
وقال الحاكم تحابوا إما بتشديد الباء من الحب وإما بالتخفيف من المحاباة
قلت رجح الأول الذي هو المشهور ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن صفية بنت حرب عن أم حكيم بنت وداع أو قال وداع قالت سمعت رسول الله يقول تهادوا يزيد في القلب حبا وفي رواية تهادوا تحابوا تذهب الشحناء بينكم وقال عليه الصلاة والسلام الهدية مشتركة وقال عليه الصلاة والسلام من سألكم بالله فأعطوه ومن استعاذكم فأعيذوه ومن أهدى إليكم كراعا فاقبلوه وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يقبل الهدية ويثبت عليها ما هو خير منها
وفسر بعضهم ( ) النساء 86 بالهدية
وفي الأمثال إذا قدمت من سفرك فأهد إلى أهلك ولو حجرا
وقال الفضل بن سهل ما استرضي الغضبان ولا استعطف السلطان ولا سلت السخائم ولا دفعت المغارم ولا استميل المحبوب ولا توقي
____________________
(8/422)
المحذور بمثل الهدية
وفي كلام بعضهم يفرح بالهدية خمسة المهدي إذا وفق للفضل والمهدى إليه إذا أهل لذلك والحمال إذا حملها والملكان إذ يكتبان الحسنات كذا في بعض كتب الأدب
قوله ( وشرائط صحتها في الواهب ) قال في الهندية وأما ركنها فقول الواهب وهبت لأنه تمليك وإنما يتم بالمالك وحده والقبول شرط ثبوت الملك للموهوب له حتى لو حلف لا يهب فوهب ولم يقبل الآخر حنث
كذا في محيط السرخسي
وأما شرائطها فأنواع يرجع بعضها إلى نفس الركن وبعضها يرجع إلى الواهب وبعضها يرجع إلى الموهوب
أما ما يرجع إلى نفس الركن فهو أن لا يكون معلقا بما له خطر الوجود والعدم من دخول زيد وقدوم خالد ونحو ذلك ولا مضافا إلى وقت بأن يقول وهبت هذا الشيء منك غدا أو رأس شهر
كذا في البدائع
وأما ما يرجع إلى الواهب فهو أن يكون الواهب من أهل الهبة وكونه من أهلها أن يكون حرا عاقلا بالغا مالكا للموهوب حتى لو كان عبدا أو مكاتبا أو مدبرا أو أم ولد أو من في رقبته شيء من الرق أو كان صغيرا أو مجنونا أو لا يكون مالكا للموهوب لا يصح
هكذا في النهاية
ا هـ
قوله ( العقل ) للحجر على المجنون والمعتوه وعدم صحة تصرف الصبي ومن في حكمه كالمعتوه المأذون والمراد بالعقل ولو حكما فتصح هبة السكران
قال العلامة أبو السعود وإنما قلنا ولو حكما ليشمل السكران
قوله ( فلا تصح هبة صغير ) والأولى ذكر المجنون
قوله ( ورقيق ) لعدم ملكه
قوله ( ولو مكاتبا ) أو مدبرا أو أم ولد أو من في رقبته شيء من الرق
قوله ( وشرائط صحتها ) أي بقائها على الصحة كما سيأتي
قال في الهندية وأما ما يرجع إلى الموهوب فأنواع منها أن يكون موجودا وقت الهبة فلا يجوز هبة ما ليس بموجود وقت العقد بأن وهب ما تثمر نخيله العام وما تلد أغنامه السنة ونحو ذلك وكذلك لو وهب ما في بطن هذه الجارية أو ما في بطن هذه الشاة أو ما في ضرعها وإن سلطه على القبض عند الولادة والحلب وكذلك لو وهب زبدا في لبن أو دهنا في سمسم أو دقيقا في حنطة لا تجوز وإن سلطه على قبضه عند حدوثه لأنه معدوم للحال فلم يوجد محل حكم العقد وهو الأصح هكذا في جواهر الأخلاطي
إذا وهب صوفا على ظهر غنم وجزه وسلمه فإنه يجوز
ومنها أن يكون مالا منقولا فلا تجوز هبة ما ليس بمال أصلا كالحر والميتة والدم وصيد الحرم والخنزير وغير ذلك ولا هبة ما ليس بمال مطلق كأم الولد والمدبر والمطلق والمكاتب ولا هبة ما ليس بمال متقوم كالخمر كذا في البدائع
ومنها أن يكون الموهوب مقبوضا حتى لا يثبت الملك للموهوب له قبل القبض وأن يكون الموهوب مقسوما إذا كان مما يحتمل القسمة وأن يكون الموهوب متميزا عن غير الموهوب ولا يكون متصلا ولا مشغولا بغير الموهوب حتى لو وهب أرضا فيها زرع للواهب دون الزرع أو عكسه أو نخلا فيها ثمرة
____________________
(8/423)
للواهب معلقة به دون الثمرة أو عكسه لا تجوز وكذا لو وهب دارا أو ظرفا فيها متاع للواهب
كذا في النهاية
ومنها أن يكون مملوكا فلا تجوز هبة المباحات لأن تمليك ما ليس بمملوك محال
ومنها أن يكون مملوكا للواهب فلا تجوز هبة مال الغير بغير إذنه لاستحالة تمليك ما ليس بمملوك للواهب كذا في البدائع
وهي نوعان تمليك وإسقاط وعليهما الإجماع كذا في خزانة المفتين
قوله ( أن يكون مقبوضا ) فلا يثبت الملك للموهوب له قبل القبض كما قدمنا
وفي الزيلعي وأما القبض فلا بد منه لثبوت الملك إذ الجواز ثابت قبل القبض بالاتفاق ا هـ
سري الدين وهذا يفيد أن القبض شرط لثبوت الملك لا للصحة خلاف ما يعطيه كلام المصنف
قوله ( غير مشاع ) هذا شرط الجواز في محتمل القسمة لا في غيره كما يأتي وهذا في الهبة وأما إذا تصدق بالكل على اثنين فإنه يجوز على الأصح بحر أي بخلاف ما إذا تصدق بالبعض على واحد فإنه لا يصح كما يأتي آخر المتفرقات لكن سيأتي أيضا أنه لا شيوع في الأولى
قال في جامع الفصولين لو وهب من اثنين ما يقبل القسمة لم يجز عند أبي حنيفة رواية واحدة من غير اختلاف على قوله
وفي الصدقة اختلف المشايخ على قوله فقيل لا يجوز وقيل فيه روايتان لا يجوز على رواية الأصل ويجوز على رواية الجامع الصغير وهو الصحيح كذا حشى
وفي هد لو تصدق بعشرة دراهم على محتاجين يجوز وكذا لو وهبها لهما
ولو تصدق بها على غنيين أو وهبها لهما لم يجز
وقالا يجوز لغنيين أيضا فرق بين الصدقة والهبة في الحكم وسوى في الأصل
وقال إذا الشيوع مانع فيهما لتوقفهما على القبض
والفرق أن الصدقة يراد بها وجه الله تعالى وهو واحد فلا شيوع ويراد بالهبة وجه الغني وهما اثنان وقيل هذا هو الصحيح والمراد بما ذكر في الأصل التصدق على غنيين فقط
والأظهر أن في المسألة روايتين
بح قيل جاز التصدق على غنيين لأنهما محل صدقة التطوع
مق لا يجوز
وعند أبي يوسف يجوز بشرط المساواة
وعند محمد يجوز في الحالين
ا هـ
وفيه وهبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة تجوز من شريكه ومن غيره وفيما يحتملها لم تجز لا من شريكه ولا من أجنبي وطرو الشيوع لا يفسد الهبة بالاتفاق
ولو وهب الكل من اثنين فإن أجمل بأن قال وهبت منكما لم يجز عند أبي حنيفة
وعندهما يجوز
ولو فصل بالتنصيف فهو على هذا الخلاف ولو بالتثليت يجوز عند محمد لا عندهما انتهى
قال الخير الرملي قوله وفيما يحتملها الخ
أقول في شرح الغزي وفي الزاهد العتابي أنها تجوز
أقول وفي الفتاوى التاجية أنها تجوز من شريكه قال وهو المختار ا هـ
ولا يخفى عليك أنه خلاف المشهور انتهى كلام الغزي
قال المقدسي ولو عليه ألف جيدة وألف غلة فقال ربه وهبتك أحد المالين قال محمد جازت وله البيان وكذا وارثه من بعده
____________________
(8/424)
وفي منية المفتي قال وهبت نصيبي من هذه الدار والموهوب له لا يعلم كم نصيبه صحت انتهى
ولعل المتفاحشة جهالته لا تصح هبته كقوله وهبتك شيئا من مالي أو من كذا وبذا يتضح ما يأتي من اشتراط كون الموهوب معلوما فيما يتم بمجرد العقد
وفي الهندية عن البحر ويشترط في صحة المشاع الذي لا يحتمل القسمة أن يكون قدرا معلوما حتى لو وهب نصيبه من عبد ولم يعلم به لم يجز فإن علمه الموهوب له ينبغي أن يجوز عند الإمام دونهما
وفيها قبل ذلك جميع ما أملكه لفلان يكون هبة لا تجوز بدون القبض ومر ذلك متنا في الإقرار
وفي الفصولين أيضا وهبا من واحد دارا جاز إذا سلماه جملة وقبض فلا شيوع
ولو وهبه واحد من اثنين لم يصح عند أبي حنيفة
وقالا يصح لأن هذه هبة الجملة منهما لتوحيد التمليك فلا شيوع كرهن من رجلين وله أنها هبة النصف لكل منهما
وكذا لو فيما لا يقسم فقبل أحدهما صح ولأن الملك ثبت لكل في النصف فكذا التمليك لأنه حكمه فتحقق الشيوع بخلاف الرهن انتهى
وفيه التسليم يمكن في الشائع وهو رفع الموانع عن القبض ا هـ
وسيأتي الكلام على أحكام المشاع مفصلا قريبا إن شاء الله تعالى
قوله ( مميزا غير مشغول ) هو بمعنى غير مشاع ولعله أراد محوزا أي مجموعا احترازا عن الثمر على الشجر أو المراد مميزا عن غير الموهوب وغير مشغول بغير الموهوب حتى لو وهب أرضا فيها زرع للواهب دون الزرع أو عكسه أو نخلا فيها ثمرة للواهب معلقة به دون الثمر أو عكسه لا يجوز وكذا لو وهب دارا أو ظرفا فيها متاع للواهب
هندية
قوله هو الإيجاب والقبول لأنها عقد كسائر العقود
بحر
لكن في الثاني خلاف
ففي القهستاني وتصح الهبة بوهبت وفيه دلالة على أن القبول ليس بركن كما أشار إليه في الخلاصة وغيرها وقدمنا عن الهندية أن ركنها قول الواهب وهبت لأنه تمليك وإنه يتم بالمالك وحده فحينئذ لا بد من القبض لثبوت الملك وذكر الكرماني أن الإيجاب في الهبة عقد تام وفي المبسوط أن القبض كالقبول في البيع ولذا لو وهب الدين من الغريم لم يفتقر إلى القبول كما في الكرماني لكن في الكافي والتحفة أنه ركن وذكر في الكرماني أنها تفتقر إلى الإيجاب لأن ملك الإنسان لا ينقل إلى الغير بدون تمليكه وإلى القبول لأنه إلزام الملك على الغير وإنما يحنث إذا حلف أن لا يهب فوهب ولم يقبل لأن الغرض عدم إظهار الجود ولقد وجد الإظهار ولعل الحق الأول فإن التأويلات التصريح بأنه غير لازم ولذا قال أصحابنا لو وضع ماله في طريق ليكون ملكا للرافع جاز
ا هـ
لكن يمكن الجواب بأن القبول كما يكون بالصريح يكون بالدلالة فيكون أخذه قبولا دلالة كما يأتي
وفي أبي السعود وركنها الإيجاب والقبول ولو دلالة وإنما حنث لو حلف لا يهب فوهب ولم يقبل الموهوب له لأنه إنما منع نفسه عما هو في وسعه ويقضي بالبيع
وأجاب المقدسي بأن الهبة عقد تبرع فتتم بالمتبرع بخلاف البيع
ا هـ
وفيه واختلف في أن ركنها الإيجاب والقبول أو الإيجاب فقط وإلى الثاني ذهب صاحب الهداية والوقاية
واعلم أن المراد بالإيجاب خصوص ما يوجد من طرف الواهب واستدل له بما نقلناه عن القهستاني عن الخلاصة
____________________
(8/425)
بما نقلناه عن الكرماني ثم قال فقولهم الإيجاب ما يتلفظ به أولا ليس علي إطلاقه بل بالنسبة لعقود المعاوضات ا هـ
وفيه والقبول ولو فعلا ومنه ما قدمناه لو قال قد وهبت جاريتي هذه لأحدكم فليأخذها من شاء فأخذها رجل منهم تكون له وكان أخذها قبولا وما في المحيط من أنه أن لا يشترط في الهبة القبول مشكل
بحر
وأقول يمكن الجواب بأن المراد بالقبول القبول بالقول
وفي الولوالجية قال وهبت منك هذه العين فقبضها الموهوب له بحضرة الواهب ولم يقل قبلت صح لأن القبض في باب الهبة جار مجرى الركن فصار كالقبول ا هـ
وفي شرح المجمع لابن مالك عن المحيط لو كان أمره بالقبض حين وهب لا يتقيد بالمجلس ويجوز قبضه بعده
ا هـ
وفي البحر وكذا بقوله أذنت للناس جميعا في ثمر نخلي من أخذ شيئا فهو له فبلغ الناس من أخذ شيئا يملكه
كذا في الملتقى وظاهره أن من أخذه ولم يبلغه مقالة الواهب لا يكون له كما لا يخفى
ا هـ
وأقول في جامع الفتاوى عن القنية لو قال رجل من يتناول من مالي فهو مباح فتناول رجل من غير أن يعلم إباحته جاز الخ فتأمل
قال في خزانة الفتاوى إذا دفع لابنه مالا فتصرف فيه الابن يكون للأب إلا إذا دلت دلالة التمليك
بيري
قلت قد أفاد أن التلفظ بالإيجاب والقبول لا يشترط بل تكفي القرائن الدالة على التمليك كمن دفع لفقير شيئا وقبضه ولم يتلفظ واحد منهما بشيء وكذا يقع في الهدية ونحوها فاحفظه ومثله ما يدفعه لزوجته وغيرها وعليه فتصح الهبة بالتعاطي وسيأتي تمامه قريبا إن شاء الله تعالى
قوله ( وحكمها ) أي الأثر المترتب عليها
منح
قوله ( غير لازم ) أي إلا في الصور السبعة
قوله ( فله الرجوع ) أي مع كراهة التحريم كما يأتي
قوله ( والفسخ ) عطف خاص فإن الفسخ من الألفاظ الدالة على الرجوع
قوله ( وعدم صحة خيار الشرط فيها ) الأولى وعدم صحتها بخيار الشرط بقرينة التفريع وإلا فمفاده أنها صحيحة مطلقا والشرط باطل لأنه يمنع تمام القبض وهي لا تتم إلا به وهذا لو شرط للمالك فلو للموهوب له لا إلا إن اختار قبل التفرق أو أبرأه صح لانتفاء المانع من صحة القبض
قوله ( فلو شرطه ) بأن وهبه على أن الموهوب له بالخيار ثلاثة أيام
وقوله وكذا لو أبرأه هذا فيما لو كان شرط الخيار من جانب الواهب كما علمت وكان عليه أن يذكرها كما في المنح
ولو أبرأه على أنه بالخيار ثلاثة أيام صح الإبراء وبطل الخيار
قوله ( إن اختاره قبل تفرقهما ) لانتفاء المانع من صحة القبض
قوله ( وكذا لو أبرأه ) أي كما تصح إن اختار الهبة وسقط الخيار وكذا لو أبرأه عن كل حق له عليه فيشمل حق الخيار فيصح الإبراء ويبطل الشرط لدخوله في عموم الإبراء وكذا لو أبرأه عن خصوص شرط الخيار لكن في اشتراط كونه قبل التفرق نظر لأنها تتم بالقبض ولا يشترط كونه في المجلس فلم لا تنقلب صحيحة بعد سقوط الخيار ولو بعد المجلس
يتأمل
قال الحلبي والصواب إسقاط كذا كما عبر به في المنح وإلا فالتشبيه غير صحيح
ا هـ
أقول لا غبار عليه لأن التشبيه في عدم صحة خيار الشرط ولا يخفى حسنه بل الصواب ما فعله الشارح
____________________
(8/426)
قوله ( صح الإبراء وبطل الشرط ) لدخوله في عموم الإبراء وهذا موافق لما تقدم في باب خيار الشرط من أن الشرط يدخل في الإبراء بأن قال أبرأتك على أني بالخيار ذكره فخر الإسلام من بحث الهزل
بحر قال في الأشباه إن الإبراء عن الدين يثبت فيه خيار الشرط ا هـ
وفي الشرنبلالية عن الواقعات أنه لو أبرأه عن حقه على أنه بالخيار صح الإبراء وبطل الخيار لأن الإبراء دون الهبة في كونه تمليكا ولو وهب عينا على أنه بالخيار صحت الهبة وبطل الخيار فهذا أولى
ا هـ
لكن نقل الحموي عن العمادية لو أبرأه من الدين على أنه بالخيار فالخيار باطل ولعل في المسألة خلافا وبالثاني جزم الشارح
قوله ( وحكمها أنها لا تبطل بالشروط الفاسدة ) قال في الخلاصة من البيع بشرط من كتاب البيوع تعليق الهبة بالشرط باطل إن ذكر بكلمة إن وإن ذكر بكلمة على إن كان ملائما بأن قال وهبتك هذا على أن تعوضني كذا صحت الهبة والشرط وإن كان الشرط مخالفا صحت الهبة وبطل الشرط ا هـ
أنقروي
وفي منهواته معزيا للبحر من الشروط المفسدة في البيع وقيد بعلى لأن الشرط لو كان بإن فإن البيع يفسد في جميع الوجوه إلا في مسألة ما إذا قال إن رضي أبي أو فلان في ثلاثة أيام والظاهر من كلامهم أن كلمة بشرط كذا بمنزلة على لا إن ا هـ
أقول والظاهر الفرق بين البيع والهبة
قال في الهندية في البقالي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا قال لغيره هذه العين لك إن شئت ودفعها إليه فقال شئت يجوز وعن محمد رحمه الله تعالى في الثمر إذا طلع فقال صاحب الثمر لغيره هو لك إن أدرك أو قال إذا كان غد فهو جائز بخلاف دخول الدار
كذا في الذخيرة
لو وهب غلاما أو شيئا على أن الموهوب له بالخيار ثلاثة أيام إن أجاز قبل الافتراق جاز وإن لم يجز حتى افترقا لم يجز
ولو وهب شيئا على أن الواهب بالخيار ثلاثة أيام صحت الهبة وبطل الخيار لأن الهبة عقد غير لازم فلا يصح فيها شرط الخيار
كذا في فتاوى قاضيخان
رجل له على آخر ألف درهم فقال إذا جاء غد فالألف لك أو قال أنت بريء منه أو قال إذا أديت إلي نصف المال فأنت بريء من النصف الباقي أو قال فلك النصف الباقي فهو باطل
وكذا في الجامع الصغير ا هـ
وسيأتي لذلك فروع آخر الباب إن شاء الله تعالى
قوله ( وتصح بإيجاب ) عبر في الإصلاح بتنعقد
قال في الإيضاح لم يقل وتصح لأن الصحة أمر آخر وراء الانعقاد لها شرائط إن صادفتها تصح وإلا تنعقد فاسدة والكلام هاهنا في بيان انعقادها بألفاظ مخصوصة ا هـ
وقد يقال المقصد انعقادها على وجه الصحة لأنه هو الذي يخلو عن الإثم
ط
قال العلامة الرملي أقول إذا أطلقت الهبة يراد بها تمليك العين لا لإرادة الثواب من غير حمل على وجه الهداية فإن ما يراد به الثواب يسمى صدقة وما يحمل يسمى هدية
ويدخل في مسمى الهبة لغة ولكن لا يشترط في هذين الإيجاب والقبول وأن كل واحد منهما هبة
تأمل
ا هـ
قوله ( كوهبت ) فإنه أصل فيها
____________________
(8/427)
قال في الهندية وأما الألفاظ التي تقع بها الهبة فأنواع ثلاثة نوع تقع به الهبة وضعا
ونوع تقع به الهبة كناية وعرفا
ونوع يحتمل الهبة والعارية مستويا
أما الأول فكقوله وهبت هذا الشيء لك أو ملكته منك أو جعلته لك أو هذا لك أو أعطيتك أو نحلتك هذا فهذا كله هبة
وأما الثاني فكقوله كسوتك هذا الثوب أو أعمرتك هذه الدار فهو هبة كذا لو قال هذه الدار لك عمري أو عمرك أو حياتي أو حياتك فإذا مت فهو رد علي جازت الهبة وبطل الشرط
وأما الثالث فكقوله هذه الدار لك رقبى أو لك حبس ودفعها إليه فهو عارية عندهما
وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى هي هبة كذا في محيط السرخسي
ولو قال أطعمتك هذا الطعام فإن قال فاقبضه فهو هبة وإن لم يقل فاقبضه يكون هبة أو عارية فقد اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى في شروحهم
كذا في المحيط
ولو قال حملتك على هذه الدابة يكون عارية إلا أن ينوي الهبة
وقيل هو من السلطان هبة
كذا في الظهيرية
والأصل في هذه المسائل أنه إذا أتى بلفظ ينبىء عن تمليك الرقبة يكون هبة وإذا كان منبئا عن تمليك المنفعة يكون عارية وإذا احتمل هذا وذاك ينوي في ذلك كذا في المستصفى شرح النافع
وكل ما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه يكون هبة كقوله منحتك هذا الطعام أو هذه الدراهم أو هذه الدنانير فإن أضافها إلى ما يمكن الانتفاع به مع قيامه حملناها على العارية لأنها الأدنى وإن أضافها إلى ما لا يمكن الانتفاع به إلا بالاستهلاك حملناها على الهبة
كذا في محيط السرخسي ا هـ
قوله ( ونحلت ) لكثرة استعماله فيه
قال في مختصر الصحاح نحل بالكسر أعطى عن طيب نفس من غير مطالبة وقيل من غير أن يأخذ عوضا ا هـ
والنخلة العطية
مغرب
قوله ( وأطعمتك هذا الطعام ) زاد صاحب الدرر فأقبضه تبعا لما تقدم عن المحيط فقال إضافة الإطعام إلى ما يطعم عينه يحتمل التمليك والإباحة فإذا احتمل الأمرين فإذا قال اقبضه دل ذلك على أن المراد التمليك الخ
قوله ( ولو ذلك على وجه المزاح ) نقله في البحر عن الخلاصة
ورده المقدسي عليه بأنه ليس في الخلاصة ما يفيد دعواه
والذي فيها أنه طلب الهبة مزاحا لا جدا فوهبه جدا وسلم صحت الهبة لأن الواهب غير مازح وقد قبل الموهوب له قبولا صحيحا
كذا في حاشية أبي السعود عن الحموي
قلت وليس في كلام البحر ما يقتضي أن المزاح وقع في الإيجاب إذ عبارته أطلقها فشمل ما إذا كان على وجه المزاح فإن الهبة صحيحة وعزاه إلى الخلاصة لأن قوله أطلقها أي أطلق الهبة
قوله ( فشمل ما إذا كان ) أي طلبه لها
تأمل
وعبارة الخلاصة قال هب لي على وجه المزاح فوهب وقبل وسلم صح وهذا لا يدل على ذلك إذ المزاح إنما وقع في طلبها وهي وقعت بلا مزاح مستجمعة للشرائط وما نقله المصنف عن الخزانة مستدلا به على ما في متنه لا يفيده أيضا فإنه نحو ما في الخلاصة
وكذا ما في القهستاني لا يفيده أيضا ونصه ويدخل فيه ما يكون على وجه المزاح فلو قال وهبت لي كذا فقال وهبت وقال الآخر قبلت وسلم إليه جاز
ا هـ
____________________
(8/428)
على أن الهبة تمليك والتمليك يعتمد الرضا والرضا غير حاصل في الهزل
نعم ذكر في المنح أنه أخذه مما روي عن عبد الله بن المبارك أنه مر بقوم يضربون الطنبور فوقف عليهم وقال هبوه مني حتى تروا كيف أضرب فدفعوه إليه فضربه على الأرض وكسره فقال رأيتم كيف أضرب قالوا أيها الشيخ خدعتنا وذكر هذه الواقعة في الخانية
ثم قال وإنما قال لهم ذلك احترازا عن قول أبي حنيفة فإن عنده كسر الملاهي يوجب الضمان وهذا دليل على ما مر من أن هبة المازح جائزة
كذا في فتاوى قاضيخان
والذي مر هو قوله رجل قال لآخر هب لي هذا الشيء مزاحا فقال وهبت وسلم
قال أبو نصر إنما يجوز ذلك ا هـ
فهذه هبة صحيحة وقعت مزاحا لأن ابن المبارك بزهده وجلالة قدره لا يناسبه هبة الملاهي فالظاهر أن ذلك وقع على سبيل المزاح وكأنه أخذ الهزل من قولهم خدعتنا لأنهم لو وهبوه قصدا لم يروه خداعا منه وفيه تأمل لأن الإنسان يسمح بالهبة لمن يحتاج الشيء ولا يسمح به لمن يريد كسره فقد رأوه خداعا لهم حيث أوهمهم أنه يستمنح كرمهم وهو يريد إزالة منكرهم على أن فعل ابن المبارك لو سلم أنه كان على طريق الهزل ليس بحجة بل لا بد له من دليل يستند إليه فليطلب ذلك الدليل
قوله ( بخلاف أطعمتك أرضي الخ ) مفهوم قوله هذا الطعام
وقدمنا عن الهندية لو قال منحتك هذه الأرض أو هذه الدار أو هذه الجارية فهو إعارة
ولو قال منحتك هذا الطعام أو هذه الدراهم أو الدنانير وكل ما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه يكون هبة
قوله ( فإنه عارية لرقبتها ) بهجر الحقيقة لأن الأرض لا تطعم فهو كمسألة النخلة فإن اليمين تنعقد على ثمرتها وهنا التمليك ينعقد على منفعتها فيكون عارية
قوله ( وإطعام لغلتها ) أي التي يزرعها المستعير كما تقدم ما يفيده
قوله ( أو الإضافة الخ ) معطوف على محذوف مأخوذ من الكلام السابق وهو قوله كوهبت الخ فإن الأفعال الثلاثة واقعة على الطعام وهو كل فكأنه قال بإيجاب بإضافة الكل وهو المشار إليه بقوله كوهبت الخ أو الإضافة إلى ما يعبر به عن الكل
وظاهر عبارة المصنف أنه معطوف على مزاح
والأوضح في التعبير ولو بالإضافة أي ولو صدر الإيجاب بالإضافة الخ
تأمل
قوله ( وجعلته لك ) معطوف على مدخول الكاف في قوله كوهبت
قوله ( لأن اللام للتمليك ) ولأن الجعل عبارة عن التمليك
قاله قاضيخان
قوله ( بخلاف جعلته باسمك ) فإنه يحتمل الهبة ويستعمله البياع كثيرا يريد إني خبأته لك البيع وكذا هي لك حلال يحتمل أن يكون بالعارية أو الهبة أو البيع فلا تثبت الهبة مع الاحتمال إلا بالقرينة وهي التي عناها بقوله إلا أن يكون الخ
قال في البحر قيد بقوله لك لأنه لو قال جعلته باسمك لا يكون هبة ولهذا قال في الخلاصة لو غرس لابنه كرما إن قال جعلته لابني يكون هبة ولو باسم ابني لا يكون هبة
ولو قال اغرس باسم ابني فالأمر متردد وهو إلى الصحة أقرب
ا هـ
قال في المنح وفي الخانية قال جعلته لابني فلان يكون هبة لأن الجعل عبارة عن التمليك وإن قال اغرسه باسم ابني لا يكون هبة وإن قال جعلته باسم ابني يكون هبة لأن الناس يريدون به التمليك والهبة ا هـ
وفيه مخالفة لما في الخلاصة كما لا يخفى
قال الرملي في حاشية المنح ما في الخانية أقرب لعرف الناس ا هـ
ورأيت في الولوالجية ما نصه رجل له ابن صغير فغرس كرما له فهذا على ثلاثة أوجه إن قال اغرس هذا الكرم باسم ابني فلان أو قال جعلته
____________________
(8/429)
لابني فلان هبة لأن الجعل إثبات فيكون تمليكا وإن قال جعلته باسم ابني فالأمر متردد وهو أقرب إلى الوجه الأول ا هـ
ولتراجع نسخة أخرى تأمل نعم جرى عرف الناس بالتمليك مطلقا
تأمل
بقي ما لو قال ملكتك هذا الثوب مثلا فإن قامت قرينة على الهبة صحت وإلا فلا فإن التمليك أعم من الهبة لصدقه على البيع والوصية والإجارة وغيرها وفي الكازروني أنها هبة لكن في الحامدية عن الخير الرملي ناقلا عن جامع الفصولين في خليل المحاضر والسجلات برمز التتمة عرض علي محضر كتب فيه ملكه تمليكا صحيحا ولم يبين أنه ملكه بعوض أو بلا عوض
قال أجبت أنه لا تصح الدعوى ثم رمز لشروط الحاكم اكتفى به في مثل هذا بقوله وهب له هبة صحيحة وقبضها ولكن ما أفاد في التتمة أجود وأقرب إلى الاحتياط ا هـ
قوله ( فإنه ليس بهبة ) هذا أحد قولين وهو غير الأظهر
قال في الهندية أبو الصغير غرس كرما أو شجرا ثم قال جعلته لابني فهو هبة وإن قال جعلته باسم ابني لا يكون هو الأظهر وعليه أكثر مشايخنا غياثية وإن لم يرد الهبة يصدق ملتقط ولو قال اغرسه باسم ابني لا يكون هبة
خانية
قال الأب جميع ما هو حقي وملكي فهو ملك لولدي هذا الصغير فهذا كرامة لا تمليك بخلاف ما لو عينه فقال حانوتي الذي أملكه أو داري لابني الصغير فهو هبة ويتم بكونها في يد الأب
قنية
ولو قال هذا الشيء لولدي الصغير فلان جاز ويتم من غير قبول
تاترخانية ا هـ
فقولهم القبول شرط لثبوت الملك في الموهوب يستثنى منه الهبة للصغير من أبيه
قوله ( وكذا هي لك حلال ) لأنه إن كان أمة يحتمل حل النكاح أو الإباحة ولا إباحة في الفروج
فروع قال لغيره أنت في حل مما أكلت من مالي له أن يأكل إلا إذا قامت أمارة النفاق
ولوقال من أكل من شجرتي فهو في حل يأكل منها الغني والفقير على المختار
ولو قال حللني من كل حق هو لك علي ففعل وأبرأ إن كان صاحب الحق عالما به بريء حكما وديانة وإن لم يكن عالما به برىء حكما إجماعا وديانة عند الثاني وعليه الفتوى والمباح له لا يحل له التناول حتى يعلم بالإذن والإباحة ولو تناول قبل ذلك تناول حراما
وفي البزازية لو قال أنت في حل مما أكلت من مالي أو أخذت أو أعطيت حل له الأكل والأخذ والإعطاء ا هـ
ولو قال المغصوب منه أنت في حل مما غصبت مني والمغصوب قائم فذلك على البراءة من ضمانها والعين للمغصوب منه
ا هـ
وفي الخانية رجل أضل لؤلؤة فوهبها لآخر وسلطه على طلبها وقبضها متى وجدها
قال أبو يوسف هذه هبة فاسدة لأنها على خطر والهبة لا تصح مع الخطر
وقال زفر تجوز
قال المقدسي فكأنه قاسها على من سيب دابة
قوله ( إلا أن يكون قبله كلام يفيد الهبة ) كأن يقول أتهبني ذلك أو إن نفسي رغبت في إعطاء هذا الشيء أو أنت لم تهبني شيئا قبل هذا ط
قوله ( وأعمرتك هذا الشيء ) هي أن يملكها له طول عمره فإذا مات ترد على المعمر وهذا كان قبل الإسلام ثم جاء في الحديث من أعمر عمرى فهي للمعمر له ولورثته من بعده
ولأنها تمليك شرط فيه الاسترداد بعد الموت وهو شرط فاسد لا تبطل به الهبة بل يبطل الشرط كما في الزيلعي قوله ( وحملتك على هذه الدابة ) لأن الحمل على الدابة إركاب وهو تصرف في منافعها لا في عينها فتكون
____________________
(8/430)
عارية إلا أن يقول صاحبها أردت الهبة لأنه نوى محتمل كلامه وفيه تشديد عليه ومثله أخدمتك هذه الجارية
بحر
ولا يخفى أن التعيين باسم الإشارة في هذا وما قبله وما بعده تحرزا عن الجهالة إذا كان للمعمر ومن بعده غيره
قوله ( ناويا بالحمل الهبة ) لأن الحمل يستعمل في الهبة والعارية وإن كان أصله العارية لأن الحمل تصرف في المنفعة فإذا نوى الهبة صحت لوجود استعماله في التمليك يقال حمل الأمير فلانا على دابة إذا ملكه إياها ط
قوله ( كما مر ) أي في العارية من قوله ومنحتك ثوبي وجاريتي وحملتك على دابتي
قوله ( وكسوتك هذا الثوب ) لأنه يراد به التمليك
قال تعالى { أو كسوتهم } المائدة 89 فإن المراد به تمليك العين لأن الكفارة لا تتأدى بالمنافع ويقال كسا الأمير فلانا ثوبا إذا ملكه لا إذ أعاره
وفي الخلاصة لو دفع إلى رجل ثوبا وقال ألبس نفسك ففعل يكون هبة
ولو دفع إليه دراهم وقال أنفقها تكون قرضا ا هـ
ولو قال متعتك بهذا الثوب أو بهذه الدراهم فهي هبة كذا في المحيط
بحر
قوله ( وداري لك ) مبتدأ وخبر قوله ( هبة ) نصب على الحال من ضمير الظرف واللام في لك للتمليك ا هـ
درر قوله ( مشورة ) بتسكين الشين وفتح الواو وبضم الشين وسكون الواو بمعنى الشورى وهي استخراج رأي على غالب الظن ا هـ
إتقاني
قوله ( لا تفسير ) لأن الفعل لا يصلح تفسيرا للاسم وهذا لا ينافي الهبة بل ينبه على المقصود بمنزلة هذا الطعام لك تأكله كما يأتي قريبا قوله ( فقد أشار عليه في ملكه ) كقوله هذا الطعام لك تأكله وهذا الثوب لك تلبسه بحر
وقد تقدم أن العمري كالهبة فقوله هنا هبة ليس بقيد بل لو قال داري لك عمري تسكنها كان كذلك نص عليه في الهداية ولذا نص عليه الشارح رحمه الله تعالى
قوله ( لا لو قال هبة سكنى ) أي داري لك هبة سكنى بنصب هبة على الحال كما تقدم وسكنى منصوب على التمييز لما في قوله داري لك من الإبهام يعني أنها عارية فيهما لأن السكني محكم في تمليك المنفعة فكان عارية قدم لفظ الهبة أو أخره ولو ذكر بدل سكنى عارية كان عارية بالأولى ولو قال هي لك هبة إجارة كل شهر بدرهم أو إجارة هبة فهي غير لازمة فيملك كل فسخها بعد القبض ولو سكن وجب الأجر
كذا في البحر عن المحيط
قوله ( أخذ بالمتيقن ) برفع أخذ على أنه خبر مبتدأ محذوف كما في بعض النسخ وفي النسخة التي بيدي أخذا بالنصب
قوله ( إن أنبأ عن تمليك الرقبة ) أي فقط وكذا يقال فيما بعد
قوله ( اعتبر النية ) وعند عدم النية يثبت الأدنى وهو العارية وهذه المسألة أعني داري لك هبة سكنى على تزد تعريف الهبة بأنها تمليك العين الخ لأنه بالنسبة للهبة المطلقة بأن كانت غير مقيدة فلهذا كانت لتمليك المنفعة بخلاف تسكنها حيث لا ينافي ثبوت الملك في العين لأنه للتنبيه على ما هو المقصود فلم يكن للتقييد وأما هبة الدين ممن عليه فمجاز عن الإسقاط كما سبق فالتعريف المذكور بالنسبة للحقيقة وكذا لا يرد على التعريف الوصية لأن المتبادر من تعريفها بأنها تمليك العين أي حالا
على أن الكرماني ذكر أنها هبة معلقة بالموت
ثم رأيت في القهستاني ما يفيد كون العارية من أفراد الهبة حيث قال بعد أن عرف الهبة بأنها تمليك العين ما نصه ويخرج عنه الإجارة والعارية والمهايأة لكن في النظم أن الهبة لعموم التمليك حتى لو قال وهبت لك هذه الدار والثوب لتسكن فيها أو تلبسه شهرا فقبل يصح انتهى
لكن اللائق بالتعريف الذي ذكره المصنف ما قدمناه
____________________
(8/431)
من الجواب بأن سكنى للتقييد
قوله ( وفي البحر الخ ) نقله عن الخلاصة والذي في الهندية عن فتاوى قاضيخان أنه لا يكون هبة وعليه الاعتماد وقدمنا الكلام فيه قريبا
وأقول قوله جعلته باسمك ليس بصحيح كما مر فكيف يكون ما هو أدنى رتبة منه أقرب إلى الصحة على أن الغرس باسم فلان يقصد به في عرفنا التبرك
وقد يفرق بأن ما مر ليس خطابا لابنه بل لأجنبي وما هنا مبني على العرف تأمل
قال في جامع الفتاوى قطع ثوبا لولده الصغير صار واهبا له بالقطع له مسلما له قبل الخياطة ولو كان كبيرا لا تصح الهبة إلا بعد الخياطة والتسليم
وفي البزازية اتخذ لولده ثيابا ليس له أن يدفعها إلى غيره إلا إذا بين وقت الاتخاذ أنها عارية وكذا لو اتخذ لتلميذه ثيابا فأبق التلميذ فأراد أن يدفعها إلى غيره انتهى
لكن فرق في الخانية بين التلميذ والولد الصغير بأن بمجرد اتخاذ الأب لولده الصغير تصير ملكا له أما التلميذ وولده الكبير فلا بد من التسليم كما ذكرنا
ثم إن قوله إن بين وقت الاتخاذ الخ يفيد أنه لو سلمها لتلميذه ولم يبين أنها إعارة ليس له دفعها إلى غيره ولعل وجهه أنه جعلها في مقابلة خدمته له فلا تكون هبة خالصة فلا يمكنه الرجوع فيها وإلا فما المانع منه
تأمل
قوله ( وتصح بقبول ) أي ولو فعلا ومنه وهبت جاريتي هذه لأحدكما فليأخذها من شاء فأخذها رجل منهما تكون له وكان أخذه قبولا كما قدمنا وكذا ما ذكره المقدسي دفع له ثوبين فقال أيما شئت لك والآخر لابنك فلان إن بين الذي له قبل التفريق جاز وإلا لا
ا هـ
وما في البحر عن المحيط من أنها تدل على أنه لا يشترط في الهبة القبول مشكل انتهى
قلت يظهر لي أنه أراد بالقبول قولا وعليه يحمل كلام غيره أيضا وبه يظهر التوفيق بين القولين باشتراط القبول وعدمه والله تعالى الموفق وتقدم نظيره في العارية نعم القبول شرط لو كان الموهوب في يده كما يأتي
قال في التاترخانية وفي الذخيرة قال أبو بكر رحمه الله تعالى إذا قال الرجل لغيره وهبت عبدي هذا منك والعبد حاضر فقبض الموهوب له العبد ولم يقل قبلت جازت الهبة كذلك لو كان العبد غائبا فذهب وقبضه ولم يقل قبلت جازت الهبة
قال الفقيه أبو الليث وبقول أبي بكر نأخذ
وفي التهذيب ولو قال قبضته قال أبو بكر جازت الهبة من غير قوله قبلت ويصير قابضا في قول محمد وقال أبو يوسف لا يصير قابضا ما لم يقبض انتهى وقد سبق عن القهستاني أنه لا يشترط القبول فإن من وضع ماله في الطريق ليكون لمن رفعه جاز لكن قال المقدسي وفي الخانية ما يخالف ما اختاره
قال رجل قال لختنه بالفارسية ابن زمين ترا أي هذه الأرض لك فذهب وزرعها إن قال الختن عندما قال هذه المقالة قبلت صارت الأرض له فإن لم يقل قبلت لا شيء له ا هـ
وما مر ويأتي من مسألة العبد يخالف هذه المسألة في الجواب فليتأمل
فرع في التاترخانية رجل مات فوهبت له امرأته مهرها جاز لأن قبول المديون ليس بشرط ولو وهب الغريم والدين من الوارث صح بلا خلاف
____________________
(8/432)
وقال قاضيخان رجل له على آخر دين فبلغه أنه مات فقال جعلته في حل أو قال أبرأته ثم ظهر أنه حي ليس للطالب أن يأخذ منه لأنه وهب له بغير شرط ا هـ
قوله ( لأنه تبرع ) أي وعقود التبرع يكفي فيها الإيجاب وحده بالنظر للموجب
قوله ( حتى لو حلف ) تقدم الكلام عليه وقد أطال الكلام في ذلك قاضي زاده
قوله ( بخلاف البيع ) أي إذا حلف أنه يبيع لفلان كذا فباع ولم يقبل فإنه يحنث لأن البيع عقد معاوضة لا يتم إلا بالإيجاب والقبول فما لم يوجد القبول لا يقال إنه باع وهذا تعرض لصاحب الدرر حيث قال وقبول عطف على إيجاب فإنها كالبيع لا تصح إلا بالإيجاب والقبول ا هـ
وكأنه اقتفى فيه أثر صاحب الكافي والكفاية والتحفة
وقال الإمام خواهر زاده في مبسوطه ركنها مجرد إيجاب الواهب والقبول شرط ثبوت الملك للموهوب له ومال إليه أكثر الشراح وتبعهم الشارح
وفي البدائع القبول ليس بركن استحسانا
والقياس أن يكون ركنا وهو قول زفر
وذكر في المنبع إنما عدل القدوري عن لفظ تنعقد إلى لفظ تصح لأن الهبة تتم من جانب الواهب لأنه تمليك من جانب واحد وباقي التفصيل في التكملة فراجعه
قوله ( وتصح بقبض ) قال في المنح أفاد أنه لا بد من القبض فيها لثبوت الملك لا للصحة لما في المجتبى فأما القبض فشرط لثبوت الملك ا هـ
قوله ( فإنه هنا كالقبول ) فاختص بالمجلس وهذا استحسان والقياس أنه لا يجوز إلا بإذنه
وجه الاستحسان أن القبض كالقبول في الهبة ولهذا لا يملك بها قبله ويغني عن القبول والمقصود من الإيجاب إثبات الملك فيكون تسليطا على القبض دلالة إذ ملكه لا يتصور إلا به فيتقيد ذلك بالمجلس كالقبول لأنه بمنزلته ا هـ
زيلعي
قوله وبعده به لأن الإذن ثبت نصا والثابت نصا ثابت من كل وجه فيثبت في المجلس وبعد المجلس شلبي
قوله ( لا يتقيد بالمجلس ) لما ذكر أن الإذن ثبت نصا الخ
قال في الهندية ولا يتم حكم الهبة إلا مقبوضة ويستوي فيه الأجنبي والولد إذا كان بالغا
هكذا في المحيط والقبض الذي يتعلق به تمام الهبة وثبوت حكمها القبض بإذن المالك والإذن تارة يثبت نصا وصريحا وتارة يثبت دلالة فالصريح أن يقول اقبضه إذا كان الموهوب حاضرا في المجلس ويقول اذهب واقبضه إذا كان غائبا عن المجلس
ثم إذا كان الموهوب حاضرا وقال له الواهب اقبضه فقبضه في المجلس أو بعد الافتراق عن المجلس صح قبضه وملكه قياسا واستحسانا
ولو نهاه عن القبض بعد الهبة لا يصح قبضه لا في المجلس ولا بعد الافتراق عن المجلس وإن لم يأذن له بالقبض صريحا ولم ينهه عنه إن قبضه في المجلس صح قبضه استحسانا لا قياسا وإن قبضه بعد الافتراق عن المجلس لا يصح فبضه قياسا واستحسانا ولو كان الموهوب غائبا فذهب وقبض إن كان القبض بإذن الواهب جاز استحسانا لا قياسا وإن كان بغير إذنه لا يجوز قياسا واستحسانا هكذا في الذخيرة
لو وهب شيئا حاضرا من رجل فقال الموهوب له قبضته صار قابضا عند محمد رحمه الله تعالى خلافا لأبي يوسف رحمه الله تعالى
كذا في السراجية
____________________
(8/433)
وفي البقالي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذ قال اقبضه فقال قبضت والموهوب حاضر جاز إذا لم يبرح الموهوب له قبل قوله قبضت ولا يكفي قوله قبلت
وإذا لم يقل اقبضه فإنما القبض أن ينقله فإذا لم يقل قبلت لم يجز وإن نقل إلا أن تكون الهبة بمسألته
كذا في المحيط
ولو قال لرجل هب لي هذا العبد فقال وهبت تمت الهبة كذا في الينابيع انتهى وتقدم الكلام عليه قريبا فلا تنسه
قوله ( والتمكن من القبض ) أي العادي لا العقلي وموضوع هذا فيما إذا قبض الموهوب له وغيره
وأما التمكن بالتخلية فقد ذكره بعد ط
قوله ( كالقبض ) ولهذا قال في الاختيار ولو وهب من رجل ثوبا فقال قبضته صار قابضا عند أبي حنيفة وجعل تمكنه من القبض كالقبض كالتخلية في البيع
وقال أبو يوسف لا بد من القبض بيده ا هـ
بحر
قال ابن الكمال قبض كل شيء بما يناسبه فقبض مفتاح الدار قبض لها وقبض ما يحتمل القسمة يكون بها وقبض ما لا يحتملها يكون بقبض كله ا هـ
قال في التاترخانية قد ذكرنا أن الهبة لا تتم إلا بالقبض والقبض نوعان حقيقي وأنه ظاهر
وحكمي وذلك بالتخلية وقد أشار في هذه المسألة أي مسألة التمكن من القبض قبض إلى القبض الحكمي وهو القبض بطريق التخلية وهذا قول محمد خاصة
وعند أبي يوسف التخلية ليست بقبض وهذا الخلاف في الهبة الصحيحة
فأما الهبة الفاسدة فالتخلية ليست بقبض اتفاقا ا هـ
قوله ( والمختار صحته ) أي القبض بالتخلية ظاهرة وإن لم يقبضه الموهوب له وهو خلاف ما في حاشية الشلبي عن شرح الإسبيجابي أنه إذا كان العبد حاضرا فقال الواهب قد خليت بينك وبين الهبة فاقبضها فانصرف الواهب فقبضه الموهوب له جاز لأن التخلية إقباض منه فإذا قبضه بإذنه تم العقد أما البيع فينزل قابضا بمجرد التخلية وإن لم يباشر القبض
والفرق أن القبض واجب عليه في البيع والبائع محتاج إلي إخراج نفسه من عهدة المبيع فإذا أتى بما وسعه فقد برىء وليس في وسعه إلا التخلية وأما الهبة فإن التسليم ليس بواجب عليه فيها فإذا لم يسلمه إليه ويقبضه لا يعد مسلما ا هـ بتصرف
ونقل بعده عن المحيط ما نصه ومن النوادر رجل وهب من رجل ثوبا وهو حاضر فقال الموهوب له قبضته
قال أبو حنيفة صار قابضا لأنه متمكن من قبضه فأقيم تمكنه مقام قبضه كالتخلية في باب البيع
وقال أبو يوسف لا يصير قابضا ما لم يقبضه بنفسه لأنه غير قابض حقيقة
ا هـ
فعلى هذا محمد مع أبي حنيفة رحمهم الله تعالى والقبض حقيقة عنده بالنقل من ذلك المكان ا هـ ط
وفي الخانية الأصح أن الإقرار بالهبة لا يكون إقرارا بالقبض ا هـ
فرع لو وهب الغائب دراهم وأرسلها فقال الموهوب له تصدق بها عليك أو على غني لا يجوز وإن تصدق يضمن للواهب
فرع آخر اختلف الواهب والموهوب له في القبض القول للموهوب له إن قال وهبته لي وقبضته بإذنك
____________________
(8/434)
وإن قال كان بمنزلنا لا بحضرتنا فأمرتني بقبضه فقبضته لا
قوله ( وفي النتف الخ ) عبارتها أحدها الهبة والصدقة والرهن والوقف في قول محمد بن الحسن والأوزاعي وابن شبرمة وابن أبي ليلى والحسن بن صالح والعمري والنحلة والحبيس والصلح ورأس المال في السلم والبدل في السلم إذا وجد بعضه زيوفا فإذا لم يقبض بدلها قبل الافتراق بطل حصتها من السلم والحادي عشر الصرف والثاني عشر إذا باع الكيلي بالكيلي والجنس مختلف مثل الحنطة بالشعير جاز فيها التفاضل ولا تجوز النسيئة والثالث عشر إذا باع الوزني بالوزني مختلفا مثل الحديد بالصفر أو الصفر بالنحاس أو النحاس بالرصاص جاز فيها التفاضل ولا يجوز فيها النسيئة
وقوله الحبيس بالحاء المهملة والياء الموحدة بعدها ياء تحتية وبالسين المهملة كما هو مثبت بخط السائحاني في هامش الدر نقلا عن المنح وقد راجعت المنح بخط الشيخ محفوظ ابن المصنف رحمهما الله تعالى فوجدته ترك لها بياضا ولم يثبت شيئا وفي بعض النسخ قال السابع الجنس بالجنس بالجيم والنون والسين وفي ظاهرة وفي بعضها الجنين وظاهره أنه يصح إذا قبضه بعد الولادة لكن نص المصنف فيما يأتي أنه لو وهب الحمل وسلمه لا يجوز لأن في وجوده احتمالا فصار كالمعدوم
ا هـ
فظهر أنهما نسختان الأولى الجنس بالجنس والثانية الحبيس وهي الموافقة لما في نسختي النتف لكنها داخلة في الوقف لأن الحبيس من الخيل الموقوف في سبيل الله تعالى كما في القاموس فتأمل
ثم رأيت في الخانية ما نصه ولو قال هذه الدار لك حبيس فدفعها إليه كان باطلا في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف هي هبة جائزة وقوله حبيس أو رقبي باطل ا هـ
قوله ( لأن الصريح أقوى من الدلالة ) وهذا الصريح أفاد الرجوع عن الهبة قال شيخ الإسلام لأن نهي الواهب الموهوب له عن القبض رجوع عن الإيجاب لأن القبض في باب الهبة بمنزلة القبول في باب البيع
والبائع لو نهى المشتري عن القبول بعد الإيجاب كان ذلك رجوعا منه عن الإيجاب دلالة فكذلك هذا ولو رجع ثم قبض لا يصح قبضه فكذلك هذا
ا هـ
والحاصل أنه إن أذن بالقبض صريحا صح قبضه في المجلس وبعده ولو نهاه لم يصح قبضه له في المجلس ولا بعده لأن الصريح أقوى من الدلالة ولو لم يأذن ولم ينه صح قبضه في المجلس لا بعده ولو كان الموهوب غائبا فذهب وقبض إن كان بإذن صح وإلا لا ذكره القهستاني ط
قوله ( وتتم الهبة بالقبض الكامل ) قدمنا قريبا عن ابن الكمال بيانه وهو أن قبض كل شيء بما يناسبه الخ
قال في الدرر والقبض الكامل في المنقول بما يناسبه وفي العقار بما يناسبه فقبض مفتاح الدار قبض لها والقبض الكامل فيما يحتمل القسمة بالقسمة حتى يقع القبض على الموهوب بالأصالة من غير أن يكون بتبعية قبض الكل وفيما لا يحتمل القسمة بتبعية الكل
ا هـ
وكذا الحكم من غير فرق في الصدقة والقرض والرهن والبيع الفاسد لأنها كالهبة في الافتقار إلى القبض كما في المنبع هذا الذي ذكره في هبة العين
أما إذا وهب الدين فإنه لم يجز ما لم يأذن في قبضه وقبضه في المجلس بحضرته لا يجدي نفعا كما في الشروح وتقدم ذلك ويأتي
وفي الخانية وكل الموهوب له رجلين بقبض الدار فقبضاها جاز
قوله ( ولو الموهوب شاغلا لملك الواهب لا مشغولا به ) قال الشمني ولو وهب دارا بمتاعها وسلمها فاستحق المتاع صحت الهبة في الدار لأن الاستحقاق تظهر به أن يده في المتاع كانت يد غصب وصار كما لو غصب الدار والمتاع
____________________
(8/435)
وهب المالك له الدار أو أودعه الدار والمتاع ثم وهب له الدار فإنه يصح ولو وهب أرضا وزرعها وسلمها فاستحق الزرع بطلت الهبة في الأرض لأن الزرع مع الأرض بحكم الاتصال كشيء واحد فإذا استحق أحدهما صار كأنه استحق البعض الشائع فيما يحتمل القسمة فتبطل الهبة في الباقي ا هـ
وفي الهندية واشتغال الموهوب بملك غير الواهب هل يمنع تمام الهبة ذكر صاحب المحيط في الباب الأول من هبة الزيادات أنه لا يمنع فإنه قال لو أعار داره من إنسان ثم المستعير غصب متاعا ووضعه في الدار ثم وهب المعير الدار من المستعير صحت الهبة في الدار وكذلك لو أن المعير هو الذي غصب المتاع ووضعه في الدار ثم وهب الدار من المستعير كانت الهبة تامة وإن تبين أن الدار مشغولة بما ليس بموهوب لما أنها لم تكن مشغولة بملك الواهب وهو المانع من تمام الهبة
كذا في الفصول العمادية
لو أودعه الدار والمتاع ثم وهب الدار صحت الهبة فإن هلك المتاع ولم يحوله ثم جاء مستحق واستحق المتاع كان له أن يضمن الموهوب له وذكر ابن رستم أن هذا قول محمد رحمه الله تعالى
أما في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لو استحق وسادة منها تبطل الهبة في الدار كذا في التاترخانية ومثله في البحر عن المحيط ا هـ
لكن صرح في زيادات قاضيخان أن الاشتغال بملك غير الموهوب له يمنع صحة الهبة
سواء كان ملك الواهب أو غيره لكن الهبة إنما تمتنع إذا كان الاشتغال بمتاع في يد الواهب أو في يد غير الموهوب له أما إذا كان المتاع في يد الموهوب له بغصب أو عارية أو غير ذلك فلا تمتنع
واستدل عليه بمسائل الإجارة والغصب والاستحقاق فظهر أن الأصل أن الهبة إذا كانت مشغولة بملك الواهب أو بملك غير الموهوب له تمنع الهبة إذا لم يكن في يد الموهوب له كما في جامع الفصولين وأقره في نور العين فتأمل
قوله ( والأصل أن الموهوب إن مشغولا بملك الواهب منع تمامها وإن شاغلا لا ) عبارة العمادية هبة الشاغل تجوز وهبة المشغول لا تجوز والأصل في جنس هذه المسائل أن اشتغال الموهوب بملك الواهب يمنع تمام الهبة لأن القبض شرط
وأما اشتغال ملك الواهب بالموهوب فلا يمنع تمام الهبة
مثاله وهب جرابا فيه طعام لا يجوز ولو وهب طعاما في جراب جازت وعلى هذا نظائره ا هـ
قال الزيلعي واعلم أن الدار التي فيها المتاع والجوالق الذي فيه الدقيق كالمشاع لأن الموهوب مشغول بمتاع الواهب حتى لو نزع وسلم صح ا هـ
وكلامه يعطي أن هبة المشغول فاسدة والذي في العمادية أنها غير تامة
قال السيد الحموي في حاشية الأشباه فيحتمل أن في المسألة روايتين كما وقع الاختلاف في هبة المشاع المحتمل للقسمة هل هي فاسدة أو غير تامة والأصح كما في البناية أنها غير تامة فكذلك هنا
كذا بخط شيخنا
ومنه يعلم ما وقعت الإشارة إليه في الدر المختار حيث قال والأصل أن الموهوب إن مشغولا الخ فأشار إلى أحد القولين بما ذكره أولا من عدم التمام وإلى القول الثاني بما ذكره آخرا من عدم الصحة
فتدبر
أبو السعود
واعلم أن الضابط في هذا المقام أن الموهوب إذا اتصل بملك الواهب اتصال خلقة وأمكن فصله لا تجوز هبته ما لم يوجد الانفصال والتسليم كما إذا وهب الزرع أو الثمر بدون الأرض والشجر أو بالعكس وإن اتصل اتصال مجاورة فإن كان الموهوب مشغولا بحق الواهب لم يجز كما إذا وهب السرج على الدابة لأن استعمال السرج إنما يكون للدابة فكانت للواهب عليه يد مستعملة فتوجب نقصانا في القبض وإن لم يكن
____________________
(8/436)
مشغولا جاز كما إذا وهب دابة مسرجة دون سرجها لأن الدابة تستعمل بدونه
ولو وهب الدابة وعليها حمل لم يجز لأنها مستعملة بالحمل ولو وهب الحمل عليها دونها جاز لأن الحمل غير مستعمل بالدابة
ولو وهب دارا دون ما فيها من متاعه لم يجز وإن وهب مافيها وسلمها دونها جاز
كذا في المحيط شرح المجمع
قوله ( منع تمامها ) ولا يعد قبضها حينئذ قبضا وفاعل منع ضمير يعود على الشغل
قوله ( وإن شاغلا لا ) وذلك أن المظروف يشغل الظرف وأما الظرف فلا يشغل المظروف
قال في جامع الفصولين تجوزهبة الشاغل لا المشغول
قال العلامة خير الدين في حاشيته عليه أقول هذا ليس إطلاقه فإن الزرع والشجر في الأرض شاغل ما مشغول ومع ذلك لا تجوز هبته لاتصاله بها تأمل
ا هـ
وما في الضابط الذي ذكرنا
كفاية
قوله ( فلو وهب جرابا ) بكسر الجيم ومن لطائف الكلام لا تفتح الجراب والخزانة ولا تكسر القنديل والقصعة
قوله ( وسلمها كذلك لا تصح ) قال صاحب جامع الفصولين فيه نظر إذ الدابة شاغلة للسرج واللجام لا مشغولة
يقول الحقير صل أي الأصل عكس في هذا والظاهر أن هذا هو الصواب يؤيده ما في قاضيخان وهب أمة لرجل عليها حلي وثياب وسلمها جاز وكذا الصدقة ويكون الحلي وما فوق ما يستر عورتها من الثياب للواهب لمكان العرف ولو وهب الحلي والثياب دونها لا يجوز حتى ينزعهما ويدفعهما إلى الموهوب له لأنها ما داما عليها يكون تبعا لها ومشغولا بالأصل فلا تجوز هبته
نور العين
وفي البحر عن المحيط إن وهب دارا فيها متاع وسلمها كذلك ثم وهب المتاع منه أيضا جازت في المتاع خاصة وإن بدأ فهوهب له المتاع وقبض الدار والمتاع ثم وهب الدار جازت الهبة فيهما لأنه حين هبة الدار لم يكن للواهب فيها شيء وحين هبة المتاع في الأولى زال المانع عن قبض الدار لكن لم يوجد بعد ذلك فعل في الدار ليتم قبضه فيها فلا ينقلب القبض الأول صحيحا في حقها
ا هـ
قوله ( وتصح في الطعام الخ ) كان عليه أن يقول يصح القبض لأن العقد صحيح حتى في المشاع وإنما الكلام في القبض حتى لو وهب الكل وسلم النصف لا يجوز ولو وهب النصف ثم الآخر وسلم الكل يصح القبض ولو وهب الشاغل وسلم بالظرف صح لأن اليد على المظروف يد على المتبوع فهي أقوى من قيام اليد على الظرف لأنه تابع كهبة أمة بحلى دونه يصح القبض فيها معه لا عكسه وتعليل الشارح عليل لأنه علل الصحة في الشاغل دون المشغول بأنه شاغل لا مشغول ويأتي قريبا ما هو أوضح من هذا فتأمل
قوله ( شاغل لملك الواهب لا مشغول به ) أقول الذي في البحر والمنح وغيرهما تصوير المشغول بملك الغير بما إذا ظهر المتاع مستحقا أو كان غصبه الواهب أو الموهوب له قال في الزيادات جاز هبة المشغول بملك غير الواهب فلو أعار بيتا فوضع فيه المعير أو المستعير متاعا غصبه ثم وهب البيت من المستعير جاز وكذا لو وهب بيتا بما فيه أو جوالق بما فيه من المتاع وسلمه ثم استحق المتاع جاز في الدار والجوالق إذ يد الواهب كانت ثابتة على البيت والمتاع جميعا حقيقة فصح التسليم ثم بالاستحقاق ظهر أن المتاع لغيره ولم يظهر أن البيت مشغول بملك الواهب وهو المانع
وكذا الرهن والصدقة إذ القبض شرط تمامها كالهبة وقدمنا تمامه عن جامع الفصولين وأقره نور العين كما علمت فلا تنسه
قوله ( لأن شغله بغير ملك واهبه ) هذا تعليل لمفاد من كلام المصنف كأنه يقول وإنما قيد عدم التمام بكونه
____________________
(8/437)
مشغولا بملك الواهب لأن شغله الخ
وفي نسخة لا شغله أي لا يمنع تمامها شغله الخ وعليها يضيع فائدة قوله لا يمنع تمامها ط
أقول ولعل في عبارة الشارح سقطا وهو قيد الشغل بملك الواهب الخ ثم رأيت المصنف ذكر هذه المسألة حيث قال واشتغال الموهوب بملك غير الواهب هل يمنع تمام الهبة ذكر صاحب المحيط في الباب الأول من هبة الزيادات أنه لا يمنع إلى آخر ما قدمناه قريبا عن الهندية وهو سالم من النقد
قوله ( كرهن وصدقة ) فإنهما لا يتمان إلا بالقبض الكامل ويضر كونه مشغولا بملك الراهن والمتصدق لا شاغلا لهما فالتشبيه راجع إلى كلام المصنف
قال في المنح وكل جواب عرفته في هبة الدار والجوالق بما فيها من المتاع فهو الجواب في الرهن والصدقة لأن القبض شرط تمامها كالهبة انتهى أي كما أن شغل الرهن والصدقة بملك غير الراهن وغير المتصدق لا يمنع تمامها كما في المحيط وغيره
مدني
قوله ( وفي الأشباه هبة المشغول لا تجوز الخ ) قال الحموي وذلك كما لو كان لرجل دار وفيها أمتعة فوهبها من رجل لا يجوز لأن الموهوب مشغول بما ليس بموهوب فلا يصح التسليم فرق بين هذا وبين ما إذا وهبت المرأة دارها من زوجها وهي ساكنة فيها ولها أمتعة فيها والزوج ساكن معها حيث يصح والفرق أنها وما في يدها في الدار في يده فكانت الدار مشغولة بعياله وهذا لا يمنع صحة قبضه كذا في الولوالجية انتهى
وقد أوضح المقام في هذه المسألة سيدي الوالد رحمه الله تعالى في تنقيحه فراجعه إن شئت
قوله ( إلا إذا وهب الأب لطفله ) كأن وهبه دارا والأب ساكنها أو له فيها متاع لأنها مشغولة بمتاع القابض لكنه مخالف لما في الخانية فقد جزم أولا بأن لا تجوز ثم قال وعن أبي حنيفة في المجرد تجوز ويصير قابضا لابنه
تأمل
قال في الولوالجية رجل تصدق على ابنه الصغير بدار والأب ساكنها قال الإمام لا يجوز وقال أبو يوسف يجوز وعيه الفتوى انتهى لأن الشرط قبض الواهب هبتها وكون الدار مشغولة بمتاع الواهب لا يمنع قبض الواهب
وفي البزازية وهب لابنه الصغير دارا وفيها متاع الواهب أو تصدق لابنه الصغير بدار وفيها متاع الأب والأب ساكن فيها يجوز وعليه الفتوى أو أسكنها غيره بلا أجر والأم كالأب لو ميتا والابن في يدها وليس له وصي وكذا من يعوله والصدقة في هذا كله كالهبة كما في التبيين ويفهم من قوله بلا أجر أن الغير لو كان يسكنها بالأجر لم تجز الصدقة وبه صرح البزازي ووجهه في الذخيرة بأنه إذا كان يسكنها بأجر فيده على الموهوب ثابتة بصفة اللزوم فيمنع قبض غيره تمام الهبة بخلاف ما إذا كان بغير أجر ا هـ
قوله ( قلت وكذا الدار المعارة ) بأن أعار داره إنسانا ثم إن المستعير أو المعير غصب متاعا ووضعه في الدار ثم وهب المعير الدار من المستعير صحت الهبة في الدار لأنه تبين أن الشاغل ملك غير الواهب ط
وقدمنا قريبا نحوه عن الزيادات
ونقل في الخانية بما لو وهب طفله دارا يسكن فيها قوم بغير أجر جاز ويصير قابضا لابنه لا لو كان
____________________
(8/438)
بأجر وهو مستدرك بأن الشغل هنا بغير ملك الواهب والمراد شغله بملكه وكأن الشارح قصد به تكملة عبارة الأشباه وعليه فما نقله في الخانية أولى وانظر إذا وهبها لغير الصغير هل يصح تقدم أن شغلها بملك غير الواهب لا يمنع تمامها فتأمل
قوله ( والتي وهبتها لزوجها ) تقدمت صورتها قريبا من أنها تصح الهبة وهو المذهب خلافا لما عن أبي يوسف من أنه لا يجوز لأن يد الواهب ثابتة على الدار كما في الذخيرة
قوله ( المحرر ) أي هذا هو المحرر المعول عليه وبيت الأصل ومن وهبت للزوج دارا لها بها متاع وهم فيها فقولان يزبر قول ( أن يودع الشاغل أولا ) قال في الجوهرة ولو وهب دارا فيها متاع الواهب وسلم الدار إليه أو سلمها مع المتاع لم يصح
والحيلة فيه أن يودع المتاع أولا عند الموهوب له ويخلي بينه وبينه ثم يسلم الدار إليه فتصح الهبة وبعكسه لو وهب المتاع دون الدار وخلى بينه وبينه صح وإن وهب له الدار والمتاع جميعا وخلي بينه وبينهما صح فيهما جميعا
قوله ( ثم يسلمه الدار ) فلو سلمها ثم وهبه المتاع صح فيه خاصة ولو عكس صح فيهما أي لأن اليد إذا كانت على المظروف تكون على الظرف بخلاف العكس
وأقول هذا مشكل جدا لأنه لما صح في المظروف لم لا يصح في الظرف تبعا مع أن عقد الهبة الأولى باق إلا أن يقال هذا قول من جعل أن القبض في الهبة الفاسدة غير مفيد للملك بل عليه الضمان فصارت يده يد ضمان فلا ترتفع بيد الهبة التي هي عقد تبرع خصوصا وأن القبض فيه تبعي وأما على القول بأن هذا القبض غير موجب للضمان فيجب أن يصح العقد والقبض في المشغول لو وهبه الشاغل الذي في يده أمانة بعد ذلك
قوله ( متعلق بتتم ) الأولى أن يؤخره بعد
قوله محوز لأن المتعلق المجرور
قوله ( محوز ) أي مجموع المراد به أن يكون مفرغا عن ملك الواهب وحقه واحترز به عن هبة الثمر على النخل ا هـ
درر
وكصوف على غنم وزرع في أرض فقوله مفرغ تفسير لمحوز إلا أن فيه شائبة تكرار مع قوله لا مشغولا به والأولى أن يفسر المحوز بالمجموع لأنه من حازه إذا جمعه لأجل أن يظهر لقوله متميزا فائدة فإنه أفاد به أنه لو حازه غير مقسوم بأن حاز الثمر مع النخل لا تتم به الهبة بل حتى يقسم
وفي القاموس الحوز الجمع وضم الشيء كالحيازة والاحتياز ا هـ المراد منه ط
قوله ( ومشاع ) أي غير مقسوم في الصحاح سهم شائع أي غير مقسوم
واعلم أن الشائع على قسمين شائع يحتمل القسمة كنصف الدار ونصف البيت الكبير وشائع لا يحتملها كنصف قن ورحى وحمام وثوب وبيت صغير والفاصل بينهما حرف واحد وهو أن القاضي لو أجبر أحد الشريكين على القسمة بطلب الآخر فهو من القسم الأول ولو لم يجبر فهو من الثاني إذ الجبر آية القبول
وأمهات مسائل الشيوع سبع بيع الشائع إجارته وإعارته ورهنه وهبته وصدقته ووقفه أما هبته فيما لا يحتمل القسمة جائزة من شريكه ومن غيره وفيما يحتملها لم تجز من شريكه ولا من أجنبي
وفي شرح الغزي وفي الزاهد العتابي أنها تجوز
____________________
(8/439)
أقول وفي الفتاوى التاجية أنها تجوز من شريكه
قال وهو المختار ا هـ
ولا يخفى عليك أنه خلاف المشهور ا هـ كلام الغزي
أفاده خير الدين الرملي
وطرو الشيوع لا يفسد الهبة بالاتفاق
ولو وهب الكل من اثنين
فإن أجمل بأن قال وهبت منكما لم يجز عند ح وعند سم يجوز
ولو فصل بالتنصيف فهو على هذا الخلاف
ولو بالتثليث يجوز عند م لا عندهما وتقدمت
هد وهبا من واحد دارا جاز إذا سلماه جملة وقبض جملة فلا شيوع ولو وهبه واحد من اثنين لم يصح عند ح وقالا يصح لأن هذه هبة الجملة منهما لتوحد التمليك فلا شيوع كرهن من رجلين وله أنها هبة النصف لكل منهما
وكذا لو فيما لا يقسم فقبل أحدهما صح لأن الملك ثبت لكل في النصف فكذا التمليك لأنه حكمه فتحقق الشيوع بخلاف الرهن لأن حكمه الحبس وهو ثبت لكل منهما كملا إذ لا تضايق فيه ولذا لو قضى دين أحدهما لا يسترد شيئا من الرهن ولو نص على التبعيض لم يجز عند حسن
وفي التنصيف روايتان عند س
ولو رهن عند رجلين ونص على الأبعاض لم يجز وفاقا ولو وهب مشاعا تفسد فلو قسمه وسلمه جاز إذ تمامه بالقبض وعنده لا شيوع فقط
قال لهما وهبت لكما هذه الدار لذا نصفها ولذا نصفها لم يجز ولو وهب لهما درهما فالصحيح أنه يجوز وهبة المشاع الفاسدة لا تفيد الملك ولو قبض الجملة فروى عن ح ولو وهب دقيقا في بر أو دهنا في سمسم أو سمنا في لبن لم يجز إذ الموهوب معدوم ولذا لو استخرجه الغاصب يملكه ولو طحن وسلم لم يجز بخلاف المشاع
والفرق أن المشاع محل للتمليك والخلل في القبض ويزول بالقسمة
وبخلاف ما إذا وهب لبنا في ضرع أو صوفا على ظهر غنم أو نخلا أو زرعا في أرض أو ثمرا في شجر أو أرضا فيها نخل أو زرع دونهما أو دارا أو ظرفا فيها متاع الواهب لزوال الخلل بالتفريغ والفرق بين لبن في ضرع وبين هبة ولد في بطن
فإنها لم تجز بتسليمه بعد الولادة في الصحيح إذ لا يمكن الوقوف على الولد إذ ليس في وسعه فيكون كتعليقه بالخطر ويمكن الوقوف على اللبن بالحلب لأنه في وسعه فكان كتأخير هذه الجملة
في هد والتصدق بالشائع كهبته في كل ما مر إلا أنه لو وهب من اثنين ما يقبل القسمة لم يجز عند أبي حنيفة رواية واحدة من غير اختلاف على قوله
وفي الصدقة اختلف المشايخ على قوله فقيل لا يجوز وقيل فيه روايتان لا يجوز على رواية الأصل ويجوز على رواية الجامع الصغير وهو الصحيح
كذا حش
وفي هد لو تصدق بعشرة دراهم على محتاجين يجوز وكذا لو وهبها لهما
ولو تصدق بها على غنيين أو وهبها لهما لم يجز وقالا يجوز لغنيين أيضا فرق بين الهدية والصدقة في الحكم وسوى في الأصل وقال إذ الشيوع مانع فيهما لتوقفهما على القبض
والفرق أن الصدقة يراد بها وجه الله تعالى وهو واحد فلا شيوع ويراد بالهبة وجه الغني وهما اثنان
وقيل هذا هو الصحيح والمراد بما ذكر في الأصل التصدق على غنيين فقط والأظهر أن في المسألة روايتين
بخ قيل جاز التصدق على غنيين لأنهما محل صدقة التطوع
مق لا تجوز وعند س تجوز بشرط المساواة وعند م تجوز في الحالين
جامع الفصولين
____________________
(8/440)
وتمام تفاصيل المشاع وما يتعلق به فيه في الفصل الحادي والثلاثين فراجعه إن شئت وقد مر بعض ما ذكرناه ويأتي بعضه
قال في البحر وأما إجارته فإن كان من شريكه فهو جائز وإن من أجنبي لا يجوز مطلقا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهي فاسدة على قوله فيجب أجر المثل على الأصح خلافا لمن قال ببطلانها فلم يوجب شيئا وأما الشيوع الطارىء ففي ظاهر الرواية لا يفسد الإجارة وأما إعارته فجائزة إن كانت من شريكه وإلا فإن سلم الكل فهي إعارة مستأنفة للكل وإلا لا يجبر
وأما رهنه فهو فاسد فيما ينقسم أولا من شريكه أو من أجنبي بخلاف الرهن من اثنين فإنه جائز
وأما وقفه فهو جائز عند أبي يوسف خلافا لمحمد فيما يحتملها وإن كان مما لا يحتملها فجائز اتفاقا وأفتى الكثير بقول محمد واختار مشايخ بلخ قول أبي يوسف وأما وديعته فجائزة وتكون مع الشريك
وأما قرضه فجائز كما إذا دفع إليه ألفا وقال خمسمائة قرض وخمسمائة شركة
كذا في النهاية هنا
وأما غصبه فمتصور
قال البزازي وعليه الفتوى وذكر له في الفصول صورا
وأما صدقته فكهبته إلا إذا تصدق بالكل على اثنين فإنه يجوز على الأصح وإذا عرف هذا فهبة المشاع فيما لا ينقسم تفيد الملك للموهوب له على وجه لا يستحق المطالبة بالقسمة لأنها لا تمكن
وأما المهايأة فلا تجب في ظاهر الرواية لأنها إعارة فإن كل واحد منهما يصير معيرا نصيبه من صاحبه
والجبر على الإعارة غير مشروع وفي رواية يجب وهو الذي يفيده كلام الزيلعي لأنها قسمة المنافع والتبرع وقع في العين فيكون إيجابا في غير ما تبرع به فلا يبالي به وإنما المحظور الإيجاب ففي عين ما تبرع به
وقال قاضي زاده بعد نقل إن المهايأة لا تجب مع علته عن صاحب غاية البيان لعل هذا الجواب غير صحيح لأن التهايؤ يجب ويجري ففيه جبر القاضي إذا طلبه أحد الشركاء لا سيما فيما لا يقسم
نص عليه في عامة الكتب
وأما دعوى الشائع إذا ادعى رجل ثلاثة أسهم من عشرة أسهم من دار وقال هذه الثلاثة الأسهم من العشرة الأسهم من الدار المحدودة ملكي وحقي وفي يد هذا الرجل بغير حق ولم يذكر أن جميع هذه الدار في يده وكذلك لم يشهد شهوده أن جميع هذه الدار في يده فإن الدعوى صحيحة والشهادة مقبولة
وأما استحقاق الشائع إذا استحق نصف الدار شائعا أو ثلثها أو ربعها فالمشتري بالخيار عندنا إن شار رد ما بقي ورجع بكل ثمنه وإن شاء أمسك ما بقي ورجع بثمنه على بائعه انتهى بزيادة
قوله ( لا يبقى منتفعا به بعد أن يقسم ) أي ليس من شأنه أن يقسم بمعنى أنه لا يبقى منتفعا به بعد القسمة أصلا كعبد واحد ودابة واحدة أو لا يبقى منتفعا به بعد القسمة من جنس الانتفاع الذي كان قبل القسمة كالبيت الصغير والحمام الصغير انتهى
درر أي فإن البيت الصغير إذا قسم ربما ينتفع به مخزنا أو مربطا للحمار ولكنه لا ينتفع به للبينونة كالانتفاع السابق فهو مما لا يقسم فيصح هبة بعضه مشاعا وكذا الحمام الصغير إذا قسم يمكن أن يجعل بيتا أو مربطا للدواب ولكن لا يمكن أن يبقى حماما كما كان فهو مما لا يقسم بخلاف الحمام الكبير الذي يمكن أن يقسم ويجعل له موقد ثان أو أكثر فإن هبة بعضه مشاعا لا تصح
واحتياجه إلى موقد ثان لا يخرجه عن كونه قابلا للقسمة حيث أمكن أن يتخذ له موقدا كالمقسم الذي يحتاج إلى طريق أو مسيل ويمكن فيه ذلك فإنه قابل للقسمة فكذا هذا
وفي أول
____________________
(8/441)
كتاب القسمة من البزازية لا يقسم حمام وحائط وبيت ودكان صغير لأنه لو قسم لا يبقى لكل فائدة وانتفاع فيما يخصه وإن بقي فائدة يقسم بينهما ا هـ
قال في الحامدية لا يقسم الحمام والحائط والبيت الصغير والدكانة الصغيرة وهذا إذا كان بحال لو قسم لا يبقى لكل واحد بعد القسمة موضع يعمل فيه وإن كان فيقسم
خزانة الفتاوى ومثله في الخلاصة والبزازية انتهى
أقول وعليه فينبغي أن يقيد الحمام بالصغير خلافا لما فهمه الحلبي من أن الحمام لا يقسم مطلقا وفسر سيدي الوالد رحمه الله تعالى الحمام الكبير بما إذا كان له خزانتان والرحى بما إذا كانت ذات حجرين فتأمل
وإنما صح فيه الهبة لأن القبض لا يتصور فيه إلا بالقبض الناقص وهو قبض الكل فاكتفى به
قال في البحر هبة المشاع فيما لا يقسم تفيد الملك للموهوب له على وجه لا يستحق المطالبة بالقسمة لأنها لا تمكن وأما المهايأة فلا تجب في ظاهر الرواية وفي رواية تجب انتهى
وقدمنا قريبا أن التهايؤ يجب ويجري فيه جبر القاضي إذا طلبه أحد الشركاء لا سيما فيما لا يقسم نص عليه في عامة الكتب فلا تنسه
وفي البحر ويشترط في صحة هبة المشاع الذي لا يحتملها أن يكون قدرا معلوما حتى لو وهب نصيبه من عبد ولم يعلم به لم يجز لأنها جهالة توجب المنازعة ا هـ
قال في الهندية لو وهب نصيبه من عبد ولم يعلم به لم يجز فإن علمه الموهوب له ينبغي أن يجوز عند الإمام دونهما وفيها قبل ذلك جميع ما أملكه لفلان يكون هبة لا تجوز بدون القبض
وفي منية المفتي قال وهبت نصيبي من هذه الدار والموهوب له لا يعلم كم نصيبه صحت ا هـ
ولعل المتفاحش جهالته لا تصح هبته كقوله وهبتك شيئا من مالي أو من كذا
وفي التاترخانية مثل ما في المنية فتأمل
قوله ( كبيت وحمام صغيرين ) الحد الفاصل بين ما يحتمل القسمة وبين ما لا يحتملها أن ما لا يبقى منتفعا به بعد القسمة أصلا كعبد واحد ودابة واحدة أو لم ينتفع بها انتفاعا قبل القسمة كالحمام والطاحونة والبيت الصغير فإنها لا تصح وكل ما يوجب قسمته نقصانا فهو مما لا يقسم وإلا فمما يقسم واختار الأول أكثر الشراح والثاني صاحب الذخيرة فإذا وهب درهما صحيحا لرجلين لا يصح لأن تنصيف الدرهم لا يوجب نقصانا فهو مما يقسم والصحيح أنه يصح لأن الصحيح لا يكسر عادة فهو مما لا يقسم انتهى
وذكره الشارح آخر الباب فتأمل
قوله ( لأنها لا تتم ) لا موقع لهذا التعليل إلا بتقدير وإنما قيدنا بمشاع لا يقسم لأنها الخ ط
بل لو قال لأنه لا يتأتى القبض في مثل ذلك إلا بقبض الكل ولا تتم بذلك فيما يقسم الخ لكان حسنا
وفي العناية الهبة فيما يقسم جائزة ولكن غير مثبتة للملك قبل تسليمه مفرزا
قوله ( لا تتم بالقبض فيما يقسم ) قال علماؤنا هبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا تتم ولا تفيد الملك قبل القسمة وبعض أصحابنا قال إنها فاسدة والأصح الأول كالهبة قبل القبض ا هـ
شلبي عن الإتقاني
وأشار الشارح أنه إنما شرط أن يكون الموهوب مقسوما أو مشاعا لا يقبل القسمة لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض والقبض إنما يكون في المقسوم وكذا في المشاع الذي لا يقسم لأن قبض كل شيء بحسبه والمشاع الذي لا يقبل القسمة لا يكون قبضه إلا مشاعا فاكتفى به كذلك وتمت به الهبة أما المشاع الذي يقبل القسمة فإنه يمكن تسليمه بعد قسمته ويكون قبضه كاملا فلا يكتفي بتسليمه مشاعا ولا يعد قابضا له مع الشيوع ولا فرق أن يكون وهبه
____________________
(8/442)
لشريكه أو لأجنبي خلافا لما في الصيرفية من جوازه من الشريك وذكر أنه المختار ووجهه ظاهر لتصور قبض الشريك له مع شيوعه لأن نصيب الشريك في يده فيمكنه قبض الشقص الثاني مشاعا ولكنه لما كانت عامة الكتب على إطلاق المنع وهي موضوعة لنقل المذهب كما قال فكان هو المذهب فوجب العمل به سواء ظهر وجهه أو لا لأن المقلد عليه اتباع ما قاله إمامه سواء وقف على دليله أو لا والله تعالى أعلم
قوله ( ولو هبة لشريكه ) لو وصلية أي ولو كانت الهبة لشريك الواهب
قوله ( أو لأجنبي ) الأولى إسقاطه لأنه مفهوم من لو ولا خلاف فيه إنما الخلاف في الشريك كما مر ويأتي
قوله ( لعدم تصور القبض الكامل ) أي فيما يتصور فيه
قوله ( كما في عامة الكتب ) وصرح به الزيلعي وصاحب البحر
منح
قوله ( فكان هو المذهب ) راجع لمسألة الشريك كما في المنح
قوله ( وهو المختار ) الظاهر من عباراتهم اعتماد الأول حتى نسب الثاني شيخ الإسلام إلى ابن أبي ليلى بعدما حكي الإطلاق عن أهل المذهب
وفي مؤيد زاده وهب مشاعا ينقسم لشريكه لا يجوز خلافا لابن أبي ليلى ا هـ
قال الرملي وجد بخط المؤلف يعني صاحب المنح بإزاء هذا ما صورته ولا يخفى عليك أنه خلاف المشهور
قوله ( فإن قسمه ) أي الواهب بنفسه أو نائبه أو أمر الموهوب له بأن يقسم مع شريكه كل ذلك تتم به الهبة كما هو ظاهر لمن عنده أدنى فقه
تأمل رملي
قوله ( صح لزوال المانع ) وهو الإشاعة فإنها زالت بالقسمة والتسليم لأنه كان عاجزا عن القبض الكامل الذي تتم به الهبة ومعناه أنها تملك بذلك لا أن الصحة متوقفة على القسمة ولو كان شرطا للصحة لاحتيج إلى تجديد العقد
بحر بزيادة
قوله ( ولو سلمه شائعا ) بأن سلمه الكل
قوله ( لا يملكه ) لعدم وجود القبض الكامل فيما يتصور فيه
قوله ( فيضمنه ) أي بعد إتلافه ويجب عليه رده قبله ولا يمتنع الرد ببيعه لعدم نفاذه
قوله ( لكن فيها عن الفصولين الخ ) قال في التاترخانية بعد نقل هذا القول وفي السراجية وبه يفتى
ا هـ
ومع إفادتها للملك يحكم بنقضها للفساد كالبيع الفاسد ينقض له
تأمل رملي
قوله ( الهبة الفاسدة الخ ) ظاهره أن هبة المشاع قبل القسمة فاسدة مع أنها صحيحة غير تامة
ولذا قال الشلبي قوله لأنه لو صح هبة المشاع فيما يقسم ظاهره كما ترى يشعر بعدم الصحة وقد قدمت قريبا أن الأصح أنها صحيحة غير تامة لا فاسدة كما قال به بعض مشايخنا والله تعالى أعلم
ا هـ
ويدل عليه كلام صاحب البحر المتقدم وعبارة الهندية الآتية تفيد أن الفتوى على الفساد ط
قال في الفتاوى الخيرية ولا تفيد الملك في ظاهر الرواية
قال الزيلعي ولو سلمه شائعا لا يملكه حتى لا ينفذ تصرفه فيه فيكون مضمونا عليه وينفذ فيه تصرف الواهب
ذكره الطحاوي وقاضيخان
وروي عن ابن رستم مثله وذكر عصام أنها تفيد الملك وبه أخذ بعض المشايخ
ا هـ
ومع إفادتها للملك عند هذا البعض أجمع الكل على أن للواهب استردادها من الموهوب له ولو كان ذا رحم محرم من الواهب
قال في جامع الفصولين رامزا لفتاوى الفضلي ثم إذا هلكت أفتيت بالرجوع للواهب هبة فاسدة لذي رحم محرم منه إذ الفاسدة مضمونة على ما مر فإذا كانت مضمونة بالقيمة بعد الهلاك كانت مستحقة الرد
____________________
(8/443)
قبل الهلاك
ا هـ
وكما يكون للواهب الرجوع فيها يكون لوارثه بعد موته لكونها مستحقة الرد وتضمن بعد الهلاك كالبيع الفاسد إذا مات أحد المتبايعين فلورثته نقضه لأنه مستحق الرد ومضمون بالهلاك ثم من المقرر أن القضاء يتخصص فإذا ولى السلطان قاضيا ليقضي بمذهب أبي حنيفة لا ينفذ قضاؤه بمذهب غيره لأنه معزول عنه بتخصيصه فالتحق فيه بالرعية نص على ذلك علماؤنا رحمهم الله تعالى
ا هـ ما في الخيرية
وأفتى به في الحامدية أيضا والتاجية وبه جزم في الجوهرة والبحر ونقل عن المبتغى بالغين المعجمة أنه لو باعه الموهوب له لا يصح وفي نور العين عن الوجيز الهبة الفاسدة مضمونة بالقبض ولا يثبت الملك فيها إلا عند أداء العوض نص عليه محمد في المبسوط وهو قول أبي يوسف إذ الهبة تنقلب عقد معاوضة
ا هـ
وذكر قبله هبة المشاع فيما يقسم لا تفيد الملك عند أبي حنيفة وفي القهستاني لا تفيد الملك وهو المختار كما في المضمرات وهذا مروي عن أبي حنيفة وهو الصحيح
ا هـ
فحيث علمت أن ظاهر الرواية وأنه نص عليه محمد ورواه عن أبي حنيفة ظهر أنه الذي عليه العمل وإن صرح بأن المفتى به خلافه ولا سيما أنه يكون ملكا خبيثا كما يأتي ويكون مضمونا كما علمته فلا يجدي نفعا للموهوب فاغتنمه
وإنما أكثرت النقل في مثل هذه لكثرة وقوعها وعدم تنبه أكثر الناس للزوم الضمان على قول المخالف ورجاء لدعوة نافعة في الغيب
قوله ( بالقبض ) لكن ملكا خبيثا
وبه يفتى
قهستاني أي وهو مضمون كما علمت آنفا فتنبه
قوله ( وبه يفتى ) قال في الهندية هبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا تجوز سواء كانت من شريك أو من غير شريك ولو قبضها هل يفيد الملك ذكر حسام الدين رحمه الله تعالى في كتاب الواقعات أن المختار أنه لا يفيد الملك وذكر في موضع آخر أنه يفيد الملك ملكا فاسدا وبه يفتى
كذا في السراجية ا هـ
قوله ( ومثله في البزازية ) عبارتها وهل يثبت الملك بالقبض قال الناطفي عند الإمام لا يفيد الملك
وفي بعض الفتاوى يثبت فيها فاسدا وبه يفتى
ونص في الأصل أنه لو وهب نصف داره من آخر وسلمها إليه فباعها الموهوب له لم يجز وأنه لا يملك حيث أبطل البيع بعد القبض ونص في الفتاوى أنه هو المختار
ا هـ
ورأيت بخط بعض الأفاضل على هامش المنح بعد نقله ذلك وأنت تراه عزا رواية إفادة الملك بالقبض والإفتاء بها إلى بعض الفتاوى فلا تعارض رواية الأصل ولذا اختارها قاضيخان
وقوله لفظ الفتوى الخ قد يقال يمنع عمومه لا سيما مثل هذه الصيغة في مثل سياق البزازي فإذا تأملته تقضي برجحان ما دل عليه الأصل ا هـ
قوله ( على خلاف ما صححه في العمادية ) أي عن العدة بلفظ هو المختار
قوله ( لكن لفظ الفتوى ) استدراك على ما يستفاد من قوله ما صححه ففي العمادية من أن القولين سواء وحيث كان لفظ الفتوى آكد فيكون العمل على ما في الفصول والبزازية لأنه قال وبه يفتى وهو آكد من الصحيح الذي في العمادية فحينئذ يمتنع الرجوع بعد بيعه لتعلق حق المشتري به كما تقدم نظيره في البيع الفاسد
قوله ( مع بقية أحكام المشاع ) من بيعه فإنه جائز فيما يقسم وما لا يقسم ومن إجارته ومن إعارته وغير ذلك كما قدمناه قريبا
قوله ( قال في الدرر نعم ) عبارتها قال بعض المشايخ كانت المسألة واقعة الفتوى وفرقت بين الهبة الصحيحة والفاسدة وأفتيت أي في الفاسدة بالرجوع وقال الإمام الأسروشني والإمام عماد الدين هذا الجواب مستقيم
____________________
(8/444)
أما على قول من لا يرى الملك بالقبض في الهبة الفاسدة فظاهر وما على قول من يرى الملك فلأن المقبوض في حكم الهبة الفاسدة مضمون على ما تقرر فإذا كان مضمونا بالقيمة بعد الهلاك كان مستحق الرد قبل الهلاك فيملك الرجوع والاسترداد انتهى
قوله ( وتعقبه في الشرنبلالية ) حيث قال قوله وأما على قول من يرى الملك فلأن المقبوض بحكم الهبة الفاسدة مضمون الخ هذا غير ظاهر لأن قوله فلأن المقبوض بحكم الهبة الفاسدة مضمون لا يكون متجها إلا على القول بعدم الملك وإلا فكيف يكون مالكا وضامنا انتهى
ونظر فيه الشيخ شاهين بأن المقبوض في البيع الفاسد مملوك بالقبض مضمون بقيمته فلا يبعد كون الشخص مالكا وضامنا فكان الجواب مستقيما وكان القول بالضمان متجها حتى على قول من قال يملك الموهوب فاسدا ا هـ
ذكره أبو السعود وفيه أن هذا قياس مع الفارق فإن المبيع فاسدا مقبوض في عقد معاوضة فلا بد من العوض وقد ألغينا الثمن لعدم الصحة
وأوجبنا القيمة عوضا وإلا لزم أخذ ما عقد للمعاوضة بلا عوض
أما المقبوض في الهبة الفاسدة فهو مقبوض بغير عوض أصلا وقد قال القائل بالملك فيها والملك في الموهوب بلا عوض
أما لو نظرنا إلى كونه ملكا خبيثا كما قال المؤلف في شرح الملتقى وقيل يملكه بالقبض لكنه ملك خبيث وبه يفتى
قهستاني عن المضمرات يكون موجبه التصدق بقيمته هالكا كما قيل به في نظائره فليتأمل
ويتفرع على القول بثبوت الملك بالقبض في الهبة الفاسدة ما في البحر عن الإسعاف من أنه إذا وقف الأرض التي وهبت له هبة فاسدة صح وعليه قيمتها انتهى
وهذا يؤيد ما ذكره الشيخ شاهين تبعا للإمامين الأسروشني والعمادي
وفي أبي السعود عن القهستاني وكما لا يمنع الرجوع في الهبة الفاسدة القرابة فكذا غيرها من الموانع انتهى
ويؤيد ذلك أيضا ما قدمناه عن الخيرية ونور العين فلا تنسه
قوله ( من تمام القبض ) أي كون القبض تاما
قوله ( لا طارىء ) بالهمز لأنه حدث بعد وجود القبض وتمام الهبة فلا يؤثر شيئا
أقول ومنه لو وهب دارا في مرضه وليس له سواها ثم مات ولم تجز الورثة الهبة بقيت الهبة في ثلثها وتبطل في الثلثين كما صرح به في الخانية
قوله كأن يرجع في بعضها شائعا فإنه لا يفسدها اتفاقا ونظيره ما قالوا إن الردة لا تبطل التيمم لأن الإسلام شرط لوجود النية التي هي شرط لصحة التيمم فإذا صح التيمم بوجود شرطه وهو النية من المسلم ثم طرأ عليه الكفر بعد ذلك والعياذ بالله تعالى لم يبطل تيممه لأنه قد تم بوجود شرطه
وكذلك هنا الشائع لا تصح هبته لفقد شرطه وهو القبض الكامل فإذا وهب غير الشائع وتمت الهبة بقبضه الكامل ثم طرأ عليه الشيوع بعد استيفاء شرطه ولم يبق إلا مجرد الملك للموهوب في الهبة والشيوع لا ينافي الملك كما أن الكفر لا ينافي رفع الحدث فكما أن التيمم لا يبطل بالردة كذلك الهبة لا تبطل بطرو الشيوع بعد تمامها
قوله ( حتى لو وهب الخ ) وهذا بخلاف ما إذا وهب دارا بمتاعها وسلمها فاستحق المتاع صحت في الدار إذ بالاستحقاق ظهر أن يده في المتاع كانت يد غصب وقد تقدم أن الهبة المشغولة بملك الغير تصح بخلاف المشغولة بملك الواهب وإنما بطلت الهبة في مسألتنا وخالفت مسألة الدار والمتاع لأن الزرع مع الأرض بحكم الاتصال كشيء واحد فإذا استحق أحدهما صار كأنه استحق البعض الشائع فيما يحتمل القسمة فتبطل الهبة
____________________
(8/445)
في الباقي
كذا في الكافي
درر
ويدل لهذا التعليل قول المؤلف الآتي كمشاع قال في الخانية والزرع لا يشبه المتاع
قوله ( لاستحقاق البعض الشائع ) أي حكما كما علمت
قوله ( إذا ظهر بالبينة الخ ) انظر ما لو ثبت الاستحقاق بإقرار الواهب والظاهر أنه لغو لأنه أقر بملك الغير وما لو أقر به الموهوب له والظاهر أنه يعامل بإقراره فيثبت الزرع لمستحقه وهل تبطل الهبة يحرر ط
قوله ( فيكون مقارنا لها لا طارئا ) هذا الذي في الظهيرية والذي في دعوى النهاية والكرماني جعله على الطارىء
قال القهستاني فلعل في المسألة روايتين وبه تعلم أن صدر الشريعة وابن الكمال لهما سلف فيما ذهبا إليه
والحاصل أن صدر الشريعة جعل المفسد هو الشيوع المقارن لأن الشيوع الطارىء كما إذا وهب ثم رجع بالبعض الشائع واستحق البعض الشائع
ورد عليه صاحب الدرر والمصنف حيث قال في الدرر أقول عدة صور الاستحقاق من أمثلة الشيوع الطارىء غير صحيح والصحيح ما ذكر في الفصولين والكافي وعبارة الفصولين أن الشيوع الطارىء لا يفسد الهبة بالاتفاق وهو أن يرجع ببعض الهبة شائعا أما الاستحقاق فيفسد الكل لأنه مقارن لا طارىء
كذا ذكره شيخ الإسلام أبو بكر في المحيط ا هـ
قوله ( كمشاع ) قال في شرح الدرر هذه نظائر المشاع لا أمثلته فلا شيوع في شيء منها لكنها في حكم المشاع حتى إذا فصلت وسلمت صح
قال الخير الرملي أقول لا يذهب عنك أنه لا يلزم أن يأخذ حكمه في كل شيء وإلا لزم أن لا تجوز هبة النخل من صاحب الأرض وكذا عكسه والظاهر خلافه والفرق بينهما أنه ما من جزء من المشاع وإن دق إلا وللشريك فيه ملك فلا تصح هبته ولو من الشريك لأن القبض الكامل لا يتصور وأما نحو النخل في الأرض والثمر في النخل والزرع في الأرض لو كان كل واحد منها لشخص فوهب صاحب النخل نخله كله لصاحب الأرض أو عكسه فإن الهبة تصح لأن ملك كل منهما متميز عن الآخر فيصح قبضه بتمامه ولم أر من صرح به لكن يؤخذ الحكم من كلامهم وقد صرحوا بأن المانع إنما يعتبر وقت القبض لا وقت العقد
هذا وقد قدم عن الصيرفية لو وهب نصيبه من الدار لشريكه أو من شيء يحتمل القسمة فإنه يجوز إجماعا
وفي فتاوى الزاهد العتابي لو وهب النصف من شريكه من دار لم يجز وقيل يجوز هو المختار وراجعت الصيرفية فرأيته قال وفي فتاوى زين لو وهب النصف من شريكه الخ فإذا كان هذا في المشاع فما بالك في المتصل الممكن فصله ولا أدري ما يمنع من ذلك ولكن النقل إذا وجد لا يسعنا معه إلا التسليم
ا هـ
أقول ومثال مشاع يقبل القسمة كنصف دار كبيرة وربع صبرة معينة ونحوهما مما سبق من الأمثلة وإنما أورد النظائر لاهتمام الإفادة وللتنبيه على أن الحكم فيها بالطريق الأولى كما هو حال التشبيه ظاهرا غايته التساوي فيكون من قبيل تشبيه أحد المتساويين في الحكم بالآخر والأول هو الظاهر
قال في العمادية إن هبة اللبن في الضرع في رواية لا تجوز وفي رواية تجوز إذا سلطه على الحلب انتهى
____________________
(8/446)
وفي التاترخانية وهبة اللبن في الضرع لا تجوز في إحدى الروايتين من كتاب الهبة وإن سلط على الحلب هو الصحيح ا هـ
لعل صحة عدم الجواز لأن الحلب يقبل التفاوت فيؤدي إلى النزاع على أن القبض لم يوجد إذ اللبن في الضرع عند الهبة وهو متصل بملك الواهب
هذا وقال في الكافي ولو وهب زرعا في أرض أو ثمرا في شجر أو حلية في سيف أو بناء في دار أو قفيزا من صبرة وأمره بالحصاد والجذاذ والنزع والنقض والكيل وفعل صح استحسانا ويجعل كأنه وهبه بعد الحصاد والجذاذ ونحوهما
ا هـ
لعل وجه الاستحسان أن الحصاد ونحوه لا يقبل التفاوت فلا يؤدي إلى النزاع هذا فيكون كطعام في جرابه إلا أنه لما كان اتصال كل منها بملك الواهب خلقة عد من قبيل المشاع فتأمل
قوله ( ولو فصله وسلمه جاز ) إنما جاز في اللبن وإن كان في وجوده شك لأنه قد يكون ريحا أو دما لترجح جانب الوجود بالتصرف فيه فإنه بانفصاله تيقن وجوده بخلاف هبة الحمل فإنه لا يصح ولو سلمه بعد الولادة لعدم إمكان التصرف وقت الهبة
قوله ( ظاهر الدرر نعم ) فإنه قال وكذا يجوز هبة البناء دون العرصة إذا أذن له أي للموهب له الواهب في نقضه وهبة أرض فيها زرع دونه أي دون الزرع ونخل فيها ثمر دونه أي دون الثمر إذا أمره أي الواهب الموهوب له بالحصاد في الزرع والجذاذ في الثمر لزوال اشتغال الموهوب بملك الواهب انتهى بتصرف
وأفاد عزمي زاده أنه صحيح في الأول دون الأخيرين فإنه لا يصح فيهما مطلقا لأنه متصل به اتصال خلقة فكان بمنزلة المشاع الذي يحتمل القسمة فلا تتم بدون الإفراز والحيازة
نعم الحكم صحيح في عكسهما وهو هبة زرع بدون أرضه وهبة ثمر بدون شجرة فإنه يصح استحسانا إن أمره بالحصاد والجذاذ وفعله انتهى وعلى كل فما ذكره الشارح صحيح وبحث عزمي زاده في التمثيل ط
أقول ويحتمل أن الشارح فهم من قول الدرر حتى إذا فصلت هذه الأشياء عن ملك الواهب وسلمت صح هبتها كما في المشاع ما إذا فصلها الواهب أو الموهوب له بإذنه
وقال الخير الرملي في حاشيته على المنح قوله ولو فصله وسلمه أي الواهب فلو فصله الموهوب له بغير إذن الواهب لا يملكه إلا بعقد جديد
ا هـ
فقوله بغير إذن الواهب إنه لو كان بإذنه كان كفصله بنفسه ويحتمل أنه أخذه الشارح من العبارة التي ذكرناها أولا عن الطحطاوي وكأن الشارح رأى أنه لا فرق بينهما وإن كانت العلة التي ذكرها في الدرر لا تجري هنا لأنه علل بأن المانع الاشتغال بملك الواهب فإذا أذن بالجذاذ والحصاد وفعل الموهوب له ذلك زال المانع فجازت الهبة وهنا يقال المانع هو شبه الشيوع فإذا زال بإذن المالك زال المانع والله أعلم
قال في الخانية ولو وهب زرعا بدون الأرض أو ثمرا بدون النخل وأمره بالحصاد والجذاذ ففعل الموهوب له ذلك جاز لأن قبضه بالإذن يصح في المجلس وبعده
ا هـ
ومثله في الحامدية عن جامع الفتاوى وهو نظير ما فهمه الشارح أولا
قوله ( حيث لا يصح أصلا ) أي سواء أفرزها وسلمها أو لا
درر
قوله ( لأنه معدوم ) قال في الدرر لأنه في حكم المعدوم وسره أن الحنطة استحالت وصارت دقيقا وكذا غيرها وبعد الاستحالة هو عين أخرى على ما عرف في الغصب
ا هـ
وأما الوصية فتجوز بهذه الأشياء لأنها تجوز بالمعدوم كما ذكره العيني
قوله ( فلا يملك إلا بعقد جديد ) لأنه بعد الاستحالة عين أخرى بخلاف المشاع لأنه محل
____________________
(8/447)
للملك إلا أنه لا يمكن تسليمه فإذا زال المانع جاز
درر ومنح
قوله ( وملك بالقبول ) إنما اشترط القبول نصا لأنه إذا لم يوجد كذلك يقع الملك في الهبة بغير رضاه لأنه لا حاجة إلى القبض ولا يجوز أن يقع الملك للموهوب له بغير رضاه لما فيه من توهم الضرر بخلاف ما إذا وهب عبدا له لم يكن في يده وأمره بقبضه فإنه يصح إذا قبض
ولا يشترط القبول لأن العبد ليس في يده حال الهبة فكان الموهوب له محتاجا إلى إحداث قبض حتى يملك الهبة فإذا أقدم على القبض كان ذلك إقداما على القبول ورضا منه بوقوع الملك له فيملكه
قوله ( بلا قبض ) أي بأن يرجع إلى الموضع الذي فيه العين وينقضي وقت يتمكن فيه من قبضها قهستاني
قوله ( لو الموهوب في يد الموهب له ) لأن القبض ثابت فيها وهو الشرط سواء كانت في يده أمانة أو مضمونة لأن قبض الأمانة ينوب عن مثله لا عن المضمون والمضمون ينوب عنهما والأصل أنه متى تجانس القبضان ناب أحدهما عن الآخر وإن اختلفا ناب الأقوى عن الأضعف دون العكس هذا إذا كان الموهوب مضمونا في يده كالغصب والمرهون والمقبوض على سوم الشراء لا إشكال فيه لأن القبض فيه حقيقة وحكما فيبرأ عن الضمان بمجرد قبول الهبة وكذا إذا كان في يده عارية أو إجارة لأنه قبضها لنفسه ويده ثابتة فيه
وأما إذا كانت في يده بطريق الوديعة فمشكل لأن يده يد المالك لكن لما لم يكن عاملا للمالك بعد الهبة اعتبرت يده الحقيقة
زيلعي
واعلم أن في قول الزيلعي فيبرأ عن الضمان إشارة إلى أن العين المرهونة تكون مضمونة في يد الموهوب له بمثلها أو قيمتها احترازا عما إذا كانت العين مضمونة بغيرها كالمبيع المضمون بالثمن وكالرهن المضمون بالدين فلا بد من قبض مستأنف بعد عقد الهبة ومضي وقت يتمكن من قبضها لأن العين وإن كانت في يده مضمونة إلا أن هذا الضمان لا تصح البراءة منه مع وجود القبض الموجب له فلم تكن الهبة براءة وإذا كان كذلك لم يوجد القبض المستحق بالهبة فلم يكن بد من تجديد قبض آخر
غاية عن شرح الأقطع
قوله ( لأنه حينئذ ) أي حين إذ قبل عامل لنفسه أي بسبب وضع يده على ملكه
قوله ( والأصل أن القبضين إذا تجانسا ) كأن كان عنده وديعة فأعاره له فإن كان القبضين قبض أمانة فيصح من غير قبض مستأنف أو غصب شيئا فباعه المالك منه
قوله ( وإذا تغايرا ) كأن غصبه منه وأخذه ثم وهبه منه
قوله ( ناب الأعلى عن الأدنى ) أي ولا يحتاج إلى قبض فناب المغصوب عن قبض الهبة لأن في الأعلى مثل ما في الأدنى وزيادة وليس في الأدنى ما في الأقوى وكذا لو كان مقبوضا في يده بطريق البيع الفاسد لأنه قبض ضمان
أما المبيع فاسدا فإنه يملك بقبض الضمان كما لو كان في يده مغصوبا قبل الشراء الفاسد ولا يقبض الأمانة لأن قبض الأمانة دون قبض الضمان فلا ينوب عنه
قوله ( لا عكسه ) وهو أن قبض الأمانة لا ينوب عن قبض الضمان كما في البيع والرهن فقبض الوديعة مع قبض الهبة يتجانسان لأنهما قبض أمانة ومع قبض الشراء يتغايران لأنه قبض ضمان فلا ينوب الأول عنه كما في المحيط ومثله في شرح الطحاوي لكن ليس على إطلاقه فإنه إذا كان مضمونا بغيره كالبيع المضمون بالثمن والمرهون المضمون بالدين لا ينوب قبضه عن القبض الواجب كما في المستصفى ومثله في الزاهدي فلو باع من المودع احتاج إلى قبض جديد وتمامه في العمادي قهستاني
قال الأقطع في شرحه والأصل في ذلك أن العين الموهوبة إذا كانت في يد الموهوب أمانة كالوديعة والعارية ملكها بعقد الهبة من غير تجديد قبض استحسانا لا قيا
____________________
(8/448)
وجه الاستحسان أن الهبة تقف صحتها على مجرد القبض فلا يتلف إلى قبض بصفة ومجرد القبض موجود عقب العقد فصحت الهبة ولا يشبه هذا بيع الوديعة ممن هي في يده لأن البيع يقتضي مبيعا مضمونا وقبض المودع عقب العقد قبض أمانة فلا بد من تجديد القبض وذلك لا يكون إلا بالتخلية بينه وبين الوديعة
وأما إذا كانت العين في يد الموهوب له مضمونة فهو على وجهين إن كانت مضمونة بمثلها أو بقيمتها كالعين المغصوبة والمقبوضة على وجه السوم فإنه يملكه بالعقد ولا يحتاج إلى تجديد قبض وذلك لأن القبض الذي تقتضيه الهبة قد وجد وزيادة وهو الضمان وذلك الضمان تصح البراءة منه ألا ترى أنه لو أبرأ الغاصب من ضمان الغصب جاز وسقط فصارت الهبة براءة من الضمان فبقي قبض من غير ضمان فتصح الهبة وإن كانت العين مضمونة بغيرها كالبيع المضمون بالثمن وكالرهن المضمون بالدين فلا بد من قبض مستأنف بعد الهبة وهو أن يرجع إلى الموضع الذي فيه العين ويمضي وقت يتمكن فيه من قبضها وذلك لأن العين وإن كانت في يده مضمونة إلا أن هذا الضمان لا تصح البراءة منه مع وجود القبض الموجب له فلم تكن الهبة براءة وإذا كان كذلك لم يوجد القبض المستحق بالهبة فلم يكن بد من تجديد قبض
ا هـ
قوله ( وهبة الخ ) هو من إضافة المصدر إلى فاعله أي أن يهب من له الولاية على الطفل للطفل يتم بالعقد ولا يفتقر إلى القبض لأنه هو الذي يقبض له فكان قبضه كقبضه وصار كمن وهب لآخر شيئا وكان الموهوب في يد الموهوب له فإنه لا يحتاج إلى قبض جديد كما مر قبيل هذه المسألة
قوله ( في الجملة ) أي وإن لم يكن له تصرف في ماله وقوله على الطفل أخرج به الولد الكبير فإن الهبة لا تتم إلا بقبضه ولو كان في عياله ولا يملك المولى قبض ما وهب لعبده المحجور وإذا قبضه العبد ملكه المولى لأنه كسب عبده ط
قوله ( فدخل الأخ ) الأولى نحو الأخ لما سيأتي من أن الأم والملتقط ممن يعوله لو في حجرهما
قوله ( عند عدم الأب ) لأن تصرفهم كان للضرورة ولا ضرورة مع حضوره والمراد بعدم الأب ما يعم الغيبة المنقطعة
أفاده في البحر
وأفاد المؤلف أن قبض غير الأب مشروط بشرطين عدم الأب وكون الصغير في عياله
والظاهر أن القول الصحيح الآتي في أنه لا يشترط عدم الأب في الهبة الصادرة من الأجنبي يأتي هنا والمراد بالأب من له ولاية التصرف في ماله ط
قوله ( تتم بالعقد ) أي بالإيجاب فقط كما يشير إليه الشارح فلو أرسل العبد في حاجة أو كان آبقا في دار الإسلام فوهبه من ابنه صحت ولو لم يرجع العبد حتى مات الأب لا يصير ميراثا عن الأب
تاترخانية
لكن يعكر على صحة الهبة في الآبق ما قدمناه من أنها لو سقطت لؤلؤة فوهبها لرجل وسلطه على قبضها وطلبها فطلب وقبضها فالهبة باطلة لأن في قيامها وقت الطلب خطرا
ووجهه أن الآبق في وجوده خطر اللهم إلا أن يحمل على ما إذا علم وجوده وقت الهبة أو لأن يد المولى باقية عليه حكما لقيام يد أهل الدار عليه فيمنع ظهور يده تملكهم إن دخل فيها ولو وهبه بعد دخوله فيها لم يجز
ذكره الشراح في باب استيلاء الكفار فتأمل
وإذا وهب أحد لطفل ينبغي أن يشهد وهذا إذا أعلمه يشهد عليه والإشهاد للتحرز عن الجحود بعد موته والإعلام لازم لأنه بمنزلة القبض
بزازية ويأتي قريبا
قوله ( لو الموهوب معلوما ) إذ لا يصح تمليك المجهول كنحو وهبت شيئا من مالي ويأتي في قوله وضعوا هدايا الختان بين يد الصبي الخ وهل يشترط فيه أن يكون محوزا مقسوما كما هو الشرط في الهبة أو يقال إنما شرط ذلك لأجل تمام القبض
____________________
(8/449)
وهذا مقبوض لولي القبض فلا يفتقر إلى ذلك الظاهر نعم لأن من أودع إنسانا داره الكبيرة وسلمه إياها ثم وهبه نصفها فإنها لا تصح الهبة مع أنها مقبوضة بيده وإن كان قبضا غير كامل
قال محمد رحمه الله تعالى كل شيء وهبه لابنه الصغير وأشهد عليه وذلك الشيء معلوم في نفسه فهو جائز والقصد أن يعلم ما وهبه له والإشهاد ليس بشرط لازم فإن الهبة تتم بالإعلام
تاترخانية
قوله ( وكان في يده أو يد مودعه ) وكذا في يد مستعيره لا مستأجره وغاصبه أو مرتهنة أو المشتري منه بشراء فاسد
بزازية قال الطحطاوي واحترز بما ذكر أي كونه في يده أو يد مودعه عما إذا كانت في يد الغاصب من الولي أو المرتهن أو المستأجر حيث لا تجوز الهبة لعدم قبضه لأن قبضهم لأنفسهم ا هـ
واستظهر السائحاني أنه إذا انقضت الإجارة أو ارتد الغصب تتم الهبة كما تتم في نظائره
قوله ( والأصل أن كل عقد الخ ) منه بيع الأب ماله لابنه الصغير
ا هـ ذخيرة وتاترخانية والأولى أن يقول ويكفي الإيجاب وحده والأصل الخ
قوله ( وهو أحد أربعة ) قال الشارح في كتاب المأذون عند قول المصنف وإن أذن للصبي الذي يعقل البيع والشراء وليه الخ المراد بالولي ولي له التصرف في المال وهو أبوه ثم وصي الأب ثم جده أبو أبيه ثم وصي جده ثم الولي ثم القاضي ووصي القاضي ا هـ
سري الدين
وتقدم أن الذي يتصرف في ماله تسعة الأب والجد والقاضي ووصيهم ووصي وصيهم ومقتضاه أن قبض هؤلاء جميعا ينوب عن قبضه ثم رأيت صاحب الهندية نقله عن غاية البيان ط
ومر قبيل الوكالة في الخصومة
قوله ( وعند عدمهم ) ولو بالغيبة المنقطعة
قوله ( تتم بقبض من يعوله ) لأن له ولاية التصرف النافع لثبوت يدهم عليه حتى لا يكون لغيرهم نزعه من أيديهم فكانوا أحق بحفظه وتحصيل المال من ضرورات حفظه لصرفه في قوته وملبوسه ط
قوله ( ولو ملتقطا ) لأن له ولاية التصرف النافع أيضا
قوله ( لو في حجرهما ) بالفتح والكسر والجمع حجور
صحاح
وحجر الإنسان حضنه وهو ما دون إبطه إلى الكشح ومعنى كونه في حجره أنه في كنفه ومنعته ا هـ
أبو السعود الحموي
وفي الكشف الحجر الكنف والتربية ط
قوله ( وإلا لا ) أي إن لم يكن في الحجر لا تتم بقبضه وإن كان ذا رحم محرم منه
قوله ( يعقل التحصيل ) أي تحصيل المال وهو بيان لتمييزه
قوله ( لأنه في النافع المحض ) أي لأنه جعل في التصرف النافع الذي لا يحتمل ضررا كالبالغ فينفذ نظرا له وجاز تصرف الولي له في هذه الحالة نظرا له أيضا حتى ينفتح له سبب تحصيل النفع بطريقين
قوله ( حتى لو وهب له أعمى ) تفريع على التقييد بقوله النافع
أقول وكذا لو وهب له ترابا في داره لا يصح وقيل إن كان يشتري ذلك منه بشيء فإنه يصح قبوله ولا يرد
وإن كان لا يشتري ويلزمه مؤنة النقل ونفقة العبد فإنه يرد كما في جامع الصغار للأسروشني
قوله ( لكن ففي البرجندي ) استدراك على قوله وعند عدمهم ح
قوله ( وظاهر القهستاني الخ ) حيث قال كما جاز قبض هبة
____________________
(8/450)
الأجنبي لطفل ممن يربيه من الجد أو الأخ أو العم أو الأم أو وصيه أو أجنبي وهو في عياله وإن لم يكن عاقلا وكان أبوه حاضرا في هذه الصور على ما قالوا منهم فخر الإسلام
وقال بعضهم لم يجز قبض غير الزوج حال حضرة الأب والأول المختار كما في المضمرات ا هـ
ونقل صاحب الهندية عن الخانية أنه الصحيح وأنه به يفتى عن الفتاوى الصغرى ا هـ
والوصي كالأب والأم كذلك لو الصبي في عيالها إن وهبت له أو وهب له تملك الأم القبض وهذا إذا لم يكن للصبي أب ولا جد ولا وصيهما
وذكر الصدر أن عدم الأب لقبض الأم ليس بشرط وذكر في الرجل إذا زوج ابنته الصغيرة من رجل فزوجها يملك قبض الهبة لها ولا يجوز قبض الزوج قبل الزفاف وبعد البلوغ
وفي التجريد قبض الزوج يجوز إذا لم يكن الأب حيا فلو أن الأب ووصيه والجد ووصيه غاب غيبة منقطعة جاز قبض الذي يتولاه ولا يجوز قبض غير هؤلاء الأربعة مع وجود واحد منهم سواء كان الصغير في عياله أو لا وسواء كان ذا رحم محرم أو أجنبيا وإن لم يكن واحد من هؤلاء الأربعة جاز قبض من كان الصبي في حجره ولم يجز قبض من لم يكن في عياله
بزازية
قال في البحر والمراد بالوجود الحضور
ا هـ
وفي غاية البيان ولا تملك الأم وكل من يعول الصغير مع حضور الأب
وقال بعض مشايخنا يجوز إذا كان في عيالهم كالزوج وعنه احترز في المتن بقوله في الصحيح ا هـ
ويملك الزوج القبض لها مع حضور الأب بخلاف الأم وكل من يعولها غير الزوج فإنهم لا يملكونه إلا بعد موت الأب أو غيبته غيبة منقطعة في الصحيح لأن تصرف هؤلاء للضرورة لا بتفويض الأب ومع حضور الأب لا ضرورة
جوهرة
وإذا غاب أحدهم غيبة منقطعة جاز قبض الذي يتلوه ففي الولاية لأن التأخير إلى قدوم الغائب تفويت المنفعة للصغير
فتنقل الولاية إلى من يتلوه كما في الإنكاح ولا يجوز قبض غير هؤلاء مع وجود أحدهم ولو في عيال القابض أو رحما ما منه كالأخ والعم والأم
بدائع ملخصا
ولو قبض له من هو في عياله مع حضور الأب قيل لا يجوز وقيل يجوز وبه يفتى
مشتمل الأحكام
والصحيح هو الجواز كما لو قبض الزوج والأب حاضر خانية والفتوى على أنه يجوز
أسروشني
فقد علمت أن الهداية الجوهرة على تصحيح عدم جواز قبض من يعوله مع عدم غيبة الأب وبه جزم صاحب البدائع وقاضيخان وغيره من أصحاب الفتاوى صححوا خلافه وهو تصحيح جواز قبض من يعول الصغير ولو مع حضرة الأب وكن على ذكر مما قاله العلامة قاسم من أنه لا يعدل عن تصحيح قاضيخان لأنه أجل من يعتمد على تصحيحه فإنه فقيه النفس ولا سيما وفيه هنا نفع للصغير ويشهد له صحة قبول الصغير بنفسه إذا كان مميزا ولو كان الأب حاضرا وأيضا قد وجدت دلالة تفويض الأب أمور الصبي إلى من يعوله كما يأتي في الزوجة الصغيرة بعد الزفاف فليكن العمل على هذا القول ولا سيما وقد صحح بلفظ الفتوى وهو آكد ألفاظ التصحيح وظاهر كلام الشارح اختياره حيث نقل تصحيحه عن البرجندي مستدركا على ظاهر عبارة المصنف فتأمل عند الفتوى
وإنما أكثرت من النقول لأنه واقعة الفتوى وبعض هذه النقول نقلتها من خط منلا علي التركماني واعتمدت في عزوها عليه فإنه ثقة ثبت رحمه الله تعالى
كذا بخط سيدي الوالد رحمه الله تعالى ( قوله لكن متنه يحتمله ) أي الجواز أي كون الأم والأجنبي لهم القبض مع وجود الأب يفيد المدعي الذي هو القبض مع خصوص الحضور لأن الحضور فرد من أفراد الوجود
قوله ( بوصل ولو ) أي بسبب
____________________
(8/451)
وصل قوله المصنف ولو مع وجود أبيه
قوله ( بأمه والأجنبي ) الجار متعلق بوصل يعني يحتمله إذا وصل قول المتن ولو مع وجود أبيه بقوله وأمه وأجنبي
ا هـ أي وبقبضه ولو مع وجود أبيه لكنه خلاف ظاهر المتن وخلاف ما أوضحه المصنف في شرحه بأن وصله إنما هو بقبضه فقط منقطع عن قوله وأمه وأجنبي
قوله ( أيضا ) أي كما وصل بقوله ولو مميزا
قوله ( وصح رده ) أي رد الصبي وانظر حكم رد الولي والظاهر أنه لا يصح حتى لو قبل الصبي بعد رد وليه صح وهل يكره ذلك لأنه لا مصلحة فيه الظاهر نعم ط
قوله ( لها ) أي للهبة
قوله ( كقبوله ) أقول وكذا قبول العبد المحجور صحيح كما في رمز المقدسي حيث قال فيه وهب لعبد محجور ونحوه فالقبول والقبض له لأن ذلك نافع للمولى والعبد مالك لمثله كالاحتطاب والملك للمولى وكذا المكاتب لكنه لا يملكه المولى
ا هـ
قلت ولم يذكر الرد والظاهر أن له الرد وأطلق صحة القبول منه فشمل ما إذا كان الأب حيا أو ميتا كما في الخلاصة
وفي المبسوط وهب للصغير شيئا ليس له أن يرجع فيه وليس للأب التفويض
ا هـ
وفي الخانية ويبيع القاضي ما وهب للصغير حتى لا يرجع الواهب في هبته ا هـ
وهو مخالف لما تقدم عن المبسوط ويأتي في كلام الشارح عن الخانية وكذا في باب الرجوع في الهبة مع التكلم على ذلك وقيد بالهبة لأن المديون لو دفع ما عليه للصبي ومستأجره لو دفع الأجرة إليه لا يصح وأفاد أنه لا تصح الهبة للصغير الذي لا يعقل ولا تتم بقبضه
وأشار بإطلاقه إلى أن الموهوب له لو كان مديونا للصغير تصح الهبة ويسقط الدين كما في الخانية
قوله ( حسنات الصبي له ) أي فيثاب عليها وترفع درجات إذ لا ذنوب عليه حتى تكفر بها وهذا هو المعتمد وقيل لوالديه وعليه فهل يتساويان أو للأم الثلثان منه قيل وقيل
قوله ( ولأبويه ) عبر بعضهم بوليه وهو أعم
قال الأسروشني في جامع أحكام الصغار حسنات الصبي قبل أن يجري عليه قلم له لقوله تعالى { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } النجم 39 وهذا قول عامة المشايخ وقال بعضهم ينتفع المرء بعلم ولده بعد مدته لما روي عن أنس بن مالك أنه قال من جملة ما ينتفع به المرء بعد موته أن يترك ولدا علمه القرآن أو العلم فيكون لوالده أجر ذلك من غير أن ينقص من أجر الولد شيء ا هـ
ومثله في كتاب الكراهية للعلامي ويؤيده قوله إذا مات ابن آدم نقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ا هـ
قوله ( أجر التعليم ) أي إن علماه بزازية قوله ( ونحوه ) كالإرشاد والتسبب للوجود والبقاء كذا في المنح
قوله ( ويباح لوالديه ) التقييد بهما مخرج غيرهما
قوله ( من مأكول وهب له ) لأن الإهداء إليهما وذكر الصبي لاستصغار الهدية هندية
قال في التاترخانية روي عن محمد نصا أنه يباح
وفي الذخيرة وأكثر مشايخ بخارى على أنه لا يباح
وفي فتاوي سمرقند إذا أهدى الفواكه للصغير يحل للأبوين الأكل منها إذا أريد بذلك الأبوان لكن أهدى للصغير استصغارا للهدية ا هـ
قلت وبه يحصل التوفيق ويظهر ذلك بالقرائن وعليه فلا فرق بين المأكول وغيره بل غيره أظهر فتأمل
قوله ( وقيل لا ) قاله أكثر أئمة بخارى
قوله ( فأفاد ) أصله لصاحب البحر وتبعه المصنف في منحه
قوله ( إلا لحاجة ) كفقر الوالدين وذلك على وجهين أما إن كان في المصر واحتاج لفقره أكل بغير شيء وإن كان في المفازة
____________________
(8/452)
واحتاج إليه لانعدام الطعام معه أكل بالقيمة كما في التاترخانية
وذكره الحموي عن الخانية
قوله ( فما يصلح له ) كثياب الصبيان وكشيء يستعمله الصبيان مثل الصولجان والكرة فالهدية له لأن هذا تمليك للصبي عادة
هندية
قوله ( فالهدية له ) الأولى أن يقول فهو له
قوله ( وإلا ) بأن كانت الهدية لا تصلح للصبي عادة كالدراهم والدنانير هندية وكالحيوان ومتاع البيت ينظر إلى المهدي الخ منح تنبيه في الفتاوى الخيرة سئل فيما اعتاده الناس في الأفراح والأعراس والرجوع من الحج من إعطاء الثياب والدراهم وينتظرون بدله عندما يقع لهم مثل ذلك ما حكمه أجاب إن كان العرف سائعا فيما بينهم أنهم يعطون ذلك ليأخذوا بدله كان حكمه حكم القرض فاسده كفساده وصحيحه كصحيحه إذ المعروف عرفا كالمشروط شرطا فيطالب به ويحبس عليه وإن كان العرف خلاف ذلك بأن كانوا يدفعونه على وجه الهبة وينظرون في ذلك إلى إعطاء البدل فحكمه حكم الهبة في سائر أحكامه فلا رجوع فيه بعد الهلاك أو الاستهلاك والأصل فيه أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا ا هـ
قلت والعرف في بلادنا مشترك نعم في بعض القرى يعدونه كالقرض حتى أنهم في كل وليمة يحضرون الخطيب يكتب لهم جميع ما يهدى فإذا فعل المهدي وليمة يراجع المهدي إليه دفتر الخطيب فيهدي الأول للثاني مثل ما أهدى إليه
قوله ( أو من معارف الأم ) الأولى زيادة أقاربها كما في الأب وبه صرح في البزازية
قوله ( فللأم ) لأن التمليك هنا من الأم عرفا وهناك من الأب فكان التعويل على العرف حتى لو وجد سبب أو وجه يستدل به على غير ما قلنا يعتمد على ذلك
هندية
فلو كان من معارف كل منهما أو أقاربه هل يقسم بينهما يراجع
قوله ( قال هذا للصبي أولا ) أي لا عبرة بهذا العقول لأنهم اعتادوا إرادة بر الوالدين والتستر بمثل هذه العبارة تعظيما لقدر الأبوين وهذا إذا لم يمكن استطلاع الحقيقة أما لو أمكن الاستخبار من المعطي فالعبرة لما يبينه كما قال الشارح
ولو قال أهديت الخ قال في الهندية عن الظهيرية وهذا كله إذا لم يقل المهدي شيئا وتعذر الرجوع إلى قوله أما إذا قال أهديت إلى الأب أو الأم أو الزوج أو المرأة فالقول للمهدي ا هـ
أقول ولا ينافي هذا قوله هذا الصبي أو لا لما سمعته من أنه لا عبرة بهذا القول لأنهم اعتادوا بر الوالدين والتستر الخ
أما هنا فأراد إظهار حقيقة الحال فيعتبر قوله لأنه هو المملك وهو أدرى لمن وهب فافهم
قوله ( وكذا زفاف البنت ) أي وكذلك إن اتخذ وليمة لزفاف ابنته فأهدى الناس هدايا فهو على ما ذكرنا من التفصيل بأن كان من أقرباء الزوج أو المرأة أو قال المهدي أهديت للزوج أو المرأة كما في التاترخانية والزفاف بكسر الزاي مصدر زففت المرأة أزفها زفا وزفافا ا هـ
نوح أفندي
والمراد بالزفاف بعثها إلى بيته
قهستاني
قوله ( اتخذ لولده ) أي الصغير وأما الكبير فلا بد من التسليم كما قدمنا ومثله في جامع الفتاوى وأما التلميذ فلو كبيرا فكذلك ويملك الرجوع عن الهبة له لو أجنبيا مع الكراهة ويمكن حمل قوله ليس له ذلك عليه ونظير ذلك ما يأتي لو سيب دابته وقال هي لمن أخذها ليس له الرجوع
قوله ( أو لتلميذه ) مسألة التلميذ مفروضة بعدما دفع الثياب إليه
____________________
(8/453)
قال في الخانية اتخذ شيئا لتلميذه فأبق التلميذ بعدما دفع إليه إن بين وقت الاتخاذ أنه أعارة يمكنه الدفع إلى غيره فافهم
قوله ( ليس له ذلك ) أي بعدما دفع الثياب إليه
قال في الهندية اشترى ثوبا فقطعه لولده الصغير صار واهبا له بالقطع مسلما إليه قبل الخياطة ولو كان كبيرا لم يصر مسلما إليه إلا بعد الخياطة والتسليم
ا هـ
قنية وهذا يفيد تفصيلا بين الولد الصغير والكبير فالاتخاذ يكفي في الصغير بدون تسليم لا في الكبير فيحمل كلامه على الصغير
وفي البزازية اتخذ لولده الصغير ثيابا يملكها وكذا الكبير بالتسليم وينظر الوجه في التلميذ فإن ذلك في حقه هبة وهي لا تتم إلا بالقبض ولم يحصل بمجرد الاتخاذ إلا أن يحمل الاتخاذ في حقه على التسليم فإنه إذا سلمه ثم هرب التلميذ فليس له أن يعطيها لغيره
وعبارة البزازية وكذا لو اتخذ لتلميذه ثيابا فأبق التلميذ فأراد أن يدفعها لغيره وإن أراد الاحتياط يبين وقت الاتخاذ أنها عارية ليمكنه الدفع إلى غيره فقوله إنها عارية يفيد التسليم لأن العارية لا تتحقق إلا بالتسليم ط
قوله ( ما لم يبين الخ ) قال في البحر وإن أراد الاحتياط يبين أنها عارية حتى يمكنه أن يدفع إلى غيره ا هـ
وفي الحاوي الزاهدي برمز بم دفع لولده الصغير قرضا فأكل نصفه ثم أخذه منه ودفعه لآخر يضمن إذا كان دفعه لولده على وجه التمليك وإذا دفعه على وجه الإباحة لا يضمن قال عرف به أن مجرد الدفع من الأب إلى الصغير لا يكون تمليكا وأنه حسن ا هـ
تأمل
قوله ( وفي المبتغى الخ ) عبارته كما في البحر من صنع لولده ثيابا قبل أن يولد ليوضع عليها نحو الملحفة والوسادة ثم ولدته امرأته ووضع عليها ثم مات الولد لا تكون الثياب ميراثا ما لم يقر أن الثياب ملك الولد بخلاف ثياب البدن فإنه يملكها إذا لبسها كمن قال إن فلانا كان لابسا فهو إقرار له بخلاف ما إذا كان قاعدا على هذا البساط أو نائما عليه لا يكون مقرا له بذلك ا هـ
وفي الهندية قال أبو القاسم ولو جهزت المرأة لولدها الذي في بطنها ثيابا فولدت فإن وضع الولد على الثياب فالثياب ميراث
قال الفقيه وعندي أن الثياب لها ما لم تقر المرأة أنها جعلته ملكا للغير ألا ترى أنه لو كان الصبي مقدار عشر سنين أو نحو ذلك فبسطت له كل ليلة فراشا وبسطت عليه ملحفة أو لحافا لم يصر للولد ما لم تقل هذا لك كذلك هنا وليس هذا بمنزلة ثياب البدن
ا هـ أي فإنها تصير ميراثا عنه إذا لبسها للعرف بالتمليك منه ويفرق بينهما وبين مسألة الاتخاذ بأن هذه فيمن سيولد ومسألة الاتخاذ فيمن ولد ط
قوله ( يملكها بلبسها ) هذا إذا كانت مهيأة عند الأب ودفعها لولده أما لو قطعها لتخاط له فإن الولد يملكها بمجرد القطع لكن يشكل على ذلك ما قدمناه عن الحاوي الزاهدي
قوله ( بخلاف نحو ملحفة ووسادة ) لأن العرف أن الثياب تملك للولد بخلاف أثاث المنزل فإنه باق على ملك الأب أو الأم وإن انتفع به الأولاد
أقول والعرف في ديارنا أن أهل الأم يهيئون للولد السرير وفرشه ولبس الولد فإذا ولد ألبسوه الثياب ووضعوه في السرير المفروش وهذا لا شك في كونه للولد كما عليه العادة في بكرها فيورث ذلك عنه إذا مات
قوله ( لأنها عمل القلب ) وذلك غير مقدور له يدل عليه حديث القسم اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك والمراد بما لا يملك المحبة
قوله ( وكذا في العطايا ) ويكره ذلك عند تساويهم في الدرجة كما في المنح والهندية
أما عند عدم التساوي كما إذا كان أحدهم مشتغلا بالعلم لا بالكسب لا بأس أن يفضله على غيره كما في الملتقط أي ولا يكره
____________________
(8/454)
وفي المنح روي عن الإمام أنه لا بأس به إذا كان التفضيل لزيادة فضل له في الدين
وفي خزانة المفتين إن كان في ولده فاسق لا ينبغي أن يعطيه أكثر من قوته كيلا يصير معينا له في المعصية
ا هـ
وفي الخلاصة ولو كان ولده فاسقا فأراد أن يصرف ماله إلى وجوه الخير ويحرمه عن الميراث هذا خير من تركه ا هـ أي للولد وعلله في البزازية بالعلة المذكورة
قوله ( إذا لم يقصد به الإضرار ) أي فلا بأس بالتفضيل ومع قصده لا بأس بالمساواة ولا تجوز الزيادة
رملي
قوله ( وإن قصده ) مصدر قصد وعبارة المنح وإن قصد به الإضرار وهكذا رأيته في الخانية
قوله ( وعليه الفتوى ) أي على قول أبي يوسف من أن التنصيف بين الذكر والأنثى أفضل من التثليث الذي هو قول محمد
رملي
قال في البزازية الأفضل في هبة البنت والابن التثليث كالميراث وعند الثاني التنصيف وهو المختار ولو وهب جميع ماله من ابنه جاز قضاء وهو آثم نص عليه محمد ا هـ
فأنت ترى نص البزازية خاليا عن قصد الإضرار
وقال في الخانية ولو وهب رجل شيئا لأولاده في الصحة وأراد تفضيل البعض على البعض في ذلك لا رواية لهذا في الأصل عن أصحابنا وروي عن الإمام أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا بأس به إذا كان التفضيل له لزيادة فضل في الدين وإن كانا سواء يكره
وروى المعلى عن أبي يوسف أنه لا بأس به إذا لم يقصد به الإضرار وإن قصد به الإضرار سوى بينهم يعطي الابنة مثل ما يعطي الابن
وقال محمد رحمه الله يعطى للذكر ضعف ما يعطى للأنثى
والفتوى على قول أبي يوسف
قوله ( كل المال للولد ) أي وقصد حرمان بقية الورثة كما يتفق ذلك فيمن ترك بنتا وخاف مشاركة العاصب
قوله ( جاز ) أي صح لا ينقص
وفي بعض المذاهب يرد عليه قصده ويجعل متروكه ميراثا لكل الورثة ط
قوله ( ولو بعوض ) أي ولو كانت الهبة بعوض جاء للصبي قبل أو يحصل بعد وظاهره ولو العوض أكثر وأجازها محمد بعوض مساو كما يذكر آخر الباب الآتي
قوله ( ويبيع القاضي الخ ) لأنه من المصلحة للصبي وهذا مخالف لما في المبسوط
ونصه وهب للصغير شيئا ليس له أن يرجع فيه وليس للأب التعويض ا هـ
وفي المنية وهب للصغير فعوض الأول من مال الابن لا يجوز
وإذا لم يجز لم يجز للواهب أن يرجع وفيها عن السراجية وهب للصغير لا يملك الرجوع وقيل هذا إذا نوى الصدقة
ا هـ
أقول لكن في البزازية وهب للصغير فعوض أبوه من ماله لا يجوز وإن عوض فللواهب الرجوع لبطلان التعويض ا هـ
وقوله من ماله أي مال الصغير فلو من مال الأب صح لما سيأتي في الباب الآتي من صحة التعويض من الأجنبي وعليه فيتعين حمل عدم الرجوع فيما إذا عوض الأب أو الأجنبي من مالهما أو كان نوى الواهب عند الإعطاء الصدقة
فتأمل
قال ط وانظر ما حكمه وإن نظرنا إلى ما عللنا به كان واجبا إن تيقن الرجوع وكان الأب ونحوه في حكم القاضي ويحرر
قوله ( ولو قبض زوج الصغيرة ) سواء كانت ممن يجامع مثلها أو لا في الصحيح
بحر
قوله ( فالقبض لها )
____________________
(8/455)
لا لزوجها لا لأبيها
بحر
قوله ( ما وهب لها ) احترز به عن ديون لها فلا يملك قبضها مطلقا
بحر
قوله ( لنيابته عنه ) لأنه فوض أمورها إليه دلالة
قال الشمني لأنه حينئذ له عليها ولاية لكونه يعولها
وفي الذخيرة شرط بعض أصحابنا أن يكون يجامع مثلها
والصحيح أنه إذا كان يعولها يصح قبضه لها سواء كان يجامع مثلها أو لا لأنها لما زفت إليه أقام الأب الزوج مقام نفسه في حفظها وحفظ مالها وقبض الهبة من باب الحفظ
ا هـ
قوله ( فصح قبض الأب كقبضها مميزة ) تفريع على العلة لأن النائب إذا كان يملك قبض ذلك فالأصيل أولى وقيد به لأن الأم وكل من يعولها لا يملكون القبض إلا بعد موت الأب أو غيبته غيبة منقطعة لأن تصرف هؤلاء للضرورة لا بتفويض الأب ولا ضرورة مع الحضور
منح
وقدم المؤلف أن الصحيح جواز قبض من يعول الصغير ولو مع وجود الأب ط
لكن قدمنا عن الهداية والجوهرة تصحيح عدم جواز قبض من يعوله مع عدم غيبة الأب وبه جزم في البدائع وأن قاضيخان وغيره صححوا الجواز كما لو قبض الزوج والأب حاضر وأن الفتوى عليه لا سيما وفيه نفع للصغير
والحاصل أنه اختلف التصحيح في هذه المسألة كما سمعت لكن لا يعدل عن تصحيح قاضيخان كما قرروا لأنه فقيه النفس
قوله ( لعدم الولاية ) أي الاستيلاء عليها بالفعل لأن ولايته عليها إنما تكون بالدخول لأن به تصير هي وما في يدها في تصرفه عادة وإن لم يكن له عليها ولاية شرعية فإنه لا يتصرف في مالها وإنما يقبض هبتها بعد الدخول نيابة عن الأب
وقول الزيلعي لأنه يعولها أي يدخلها في عياله بالفعل
وتكون تحت تصرفه هو معنى ما يفهم من قول الشارح هنا لعدم الولاية أي قبل الزفاف فافهم أن له الولاية بعده
قال في الهندية ولو كانت الصغيرة في عيالة الجد أو الأخ أو الأم أو العم فوهب لها هبة فقبض الزوج جاز
كذا في التاترخانية فإن أدركت لم يجز قبض الأب ولا الزوج عليها إلا بإذنها
كذا في الجوهرة
صغيرة في عيال أجنبي عالها برضا أبيها والأب غائب فقبض الأجنبي لها صحيح دون قبض الأخ
كذا في السراجية ولو كان الصغير في عيال الجد أو الأخ أو الأم أو العم فوهب له هبة فقبض الهبة من كان الصغير في عياله والأب حاضر اختلف المشايخ فيه والصحيح الجواز
هكذا في فتاوى قاضيخان وبه يفتى هكذا في الفتاوى الصغرى ا هـ
قوله ( وهب اثنان دارا ) والمراد بها ما يقسم
قوله ( لعدم الشيوع ) لأنهما سلماه جملة وهو قد قبضها جملة فلا شيوع
بحر
وفيه إشعار بأن هبة الاثنين للاثنين لا تجوز كما يأتي
قوله ( وبقلبه ) وهو هبة واحد من اثنين
قوله ( لكبيرين ) أي غير فقيرين وإلا كانت صدقة فتصح كما يأتي
قوله ( لا عنده للشيوع ) هذا إذا لم يبين نصيب كل واحد منهما
أما إذا بين بأن قال لهذا ثلثاها ولهذا ثلثاها أو لهذا نصفها ولهذا نصفها لا يجوز عندهما وإن قبضه
وقال محمد يجوز إن قبضه
بحر
نظرا إلى أنه عقد واحد فلا شيوع كما إذا رهن من رجلين
ا هـ
داماد
وقوله للشيوع أي لأنه هبة النصف من كل واحد منهما بدليل أنه لو قبل أحدهما فيما يقسم صحت في حصته دون الآخر فعلم أنهما عقدان
قوله ( كالبيت ) أي الصغير الذي لا يمكن أن يصير بيتين
قوله ( قيدنا بكبيرين ) الأولى عدم ذكر هذا القيد لأنه لا فرق بين الكبيرين والصغيرين والكبير
____________________
(8/456)
والصغير عند أبي حنيفة وقد تبع الشارح والمصنف البحر في عبارته وظاهرها أنهما لو كانا صغيرين في عياله جاز عندهما وفي البزازية ما يدل عليه
ولكن هذا كله على قولهما لا على قوله كما صرح به في الخانية فراجعه إن شئت
وأصل الوهم أن صاحب المنتقى ذكر الحكم في مسألة الاثنين الصغير والكبير غير مضاف إلى أحد فتوهم أنه قول الكل ولو كان كذلك لبطل إطلاق المتون في قوله لا عكسه
تأمل
ا هـ
أقول نص عبارة الخانية هكذا ولو وهب دارا لابنين له أحدهما صغير في عياله كانت الهبة فاسدة عند الكل بخلاف ما لو وهب من كبيرين وسلم إليهما جملة فإن الهبة جائزة عند أبي يوسف ومحمد لأن في الكبيرين لم يوجد الشيوع لا وقت العقد ولا وقت القبض
وأما إذا كان أحدهما صغيرا فكما وهب يصير الأب قابضا حصة الصغير فيتمكن الشيوع وقت القبض
ا هـ
وأنت خبير بأن إظهار الفرق بين المسألتين مبني على قول الصاحبين القائلين بجوازها للكبيرين مع موافقتهما الإمام بعدم جوازها لكبير وصغير بدليل قوله كانت الهبة فاسدة عند الكل فليست مسألة الكبير والصغير مبنية على قولهما فقط فما فهمه صاحب البحر من عبارة صاحب المنتقى أنها قول الكل صحيح لا وهم فيه وعبارة المتون لا تنافيه كما لا يخفى على نبيه
نعم إذا قلنا إذا كان الولدان صغيرين تجوز الهبة يكون مخالفا لإطلاق المتون عدم جواز هبة واحد من اثنين ولكن إذا تأمل الفقيه في علة عدم الجواز على قول الإمام وهي تحقق الشيوع يجزم بتقييد كلام المتون بغير ما إذا كانا صغيرين لأن الأب إذا وهب منهما تحقق القبض منه لهما بمجرد العقد بخلاف ما إذا كان أحدهما كبيرا فإن قبض الكبير يتأخر عن العقد فيتحقق الشيوع عند قبضه كما مر عن الخانية وعبارة البزازية أوضح في إفادة المراد حيث قال لأن هبة الصغير منعقدة حال مباشرة الهبة لقيام قبض الأب مقام قبضه وهبة الكبير محتاجة إلى قبول فسبقت هبة الصغير فتمكن الشيوع والحيلة أن يسلم الدار إلى الكبير ويهبها منهما ا هـ أي فإذا سلمها إلى الكبير أولا ثم وهبها منهما تحقق القبضان معا وقت العقد فلم يتمكن الشيوع ومقتضاه أنه لو سلمها للكبيرين ثم وهبها منهما تصح فليراجع
فظهر أن الأولى عدم هذا القيد لأنه لا يفيد إلا الإشارة إلى خلافهما فكان الأولى أن لا يذكره لأنه لا فرق بين الكبيرين والصغيرين والكبير والصغير
ويقول أطلق الاثنين فأفاد أنه لا فرق بين أن يكونا كبيرين أو صغيرين أو أحدهما كبيرا والآخر صغيرا وفي الأولين خلافهما
تأمل
قال في الهندية وكل ما يتخلص به من الحرام أو يتصل به إلى الحلال من الحيل فهو حسن
ا هـ
قوله ( وصغير في عيال الكبير ) صوابه في عيال الواهب كما يدل عليه كلام البحر وغيره
والذي في البحر والمنح والصغير في عياله وعللاها تبعا للمحيط بأنه حين وهب صار قابضا حصة الصغير فبقي النصف الآخر شائعا
ا هـ
وهذا يدل على أن الضمير في عياله يرجع إلى الواهب خلافا لما تفيده عبارة المؤلف وهذه العلة تقال في المسألة المذكورة بعد
قوله ( لم يجز اتفاقا ) لتفرق القبض لأن الصغير تتم هبته بقول أبيه وهبته وينوب قبضه عن قبض الصغير فبقي نصيب الكبير شائعا فلا يصح وإذا لم تصح الهبة للكبير لم تصح للصغير أيضا لأنها لو صحت لكانت هبة مشاع وبهذا تبين أن هبة الأب لابنه يشترط فيها الإفراز وإلا لصحت الهبة للصغير وأفاد أنها للصغيرين تصح لعدم المرجح لسبق قبض أحدهما وحيث اتحد وليهما فلا شيوع في قبضه ويؤيده قول الخانية داري هذه لولدي الأصاغر يكون باطلا لأنها هبة فإذا لم يبين الأولاد كان باطلا
ا هـ
فأفاد أنه لو بين
____________________
(8/457)
صح ولا يرد على ما مر قوله
عن الخزانة
ولو تصدق بداره على ولدين له صغيرين لم يجز لأنه مخالف لما في المتون والشروح من قولهم إن الهبة لمن له عليه ولاية تتم بالعقد
سائحاني بزيادة
وفي التاترخانية عن التتمة سئل عمر النسفي عمن أمر أولاده أن يقتسموا أرضه التي في ناحية كذا بينهم وأراد به التمليك فاقتسموها وتراضوا على ذلك هل يثبت لهم الملك أم يحتاج إلى أن يقول لهم الأب ملكتكم هذه الأراضي أو يقول لكل واحد منهم ملكتك هذا النصيب المفرز فقال لا وسئل عنها الحسن فقال لا يثبت لهم الملك إلا بالقسمة
وفي تجنيس الناصري ولو وهب دارا لابنه الصغير ثم اشترى بها أخرى فالثانية لابنه الصغير خلافا لزفر
ولو دفع إلى ابنه مالا فتصرف فيه الابن يكون للابن إذا دلت دلالة على التمليك
ا هـ
وفيها وسئل الفقيه عن امرأة وهبت مهرها الذي لها على الزوج لابن صغير له وقبل الأب قال أنا في هذه المسألة واقف فيحتمل الجواز كمن كان له عبد عند رجل وديعة فأبق العبد ووهبه مولاه من المودع فإنه يجوز
وسئل مرة أخرى عن هذه المسألة فقال لا يجوز
وقال الفقيه أبو الليث وبه نأخذ
وفي العتابية وهو المختار
ا هـ
قوله ( لجواز الرهن ) إنما جاز الرهن منهما لأن حكمه الحبس الدائم وقد ثبت لكل واحد منهما كملا فلا شيوع فيه ألا ترى أنه لو قضى دين أحدهما بقي كله في يد الآخر
ا هـ
زيلعي
قوله ( والإجارة من اثنين اتفاقا ) بأن قال أجرت الدار منكما جاز بالاتفاق ولو فصل بقوله نصف منك أو نحوه كثلث أو ربع يجب أن يكون عند أبي حنيفة على اختلاف مر فيما إذا كان كله بينهما وأجر أحدهما النصف من أجنبي أنه يجوز في رواية لا في رواية إلى أن قال وأنت على علم من إطلاق المتون قاطبة فساد إجارة المشاع إلا من الشريك وإطلاق بعضهم صحتها من اثنين محمول على حالة الإجمال
حامدية ملخصا
ومثله في الخيرية ويأتي في الإجارة
قوله ( وإذا تصدق الخ ) هذه عبارة الجامع الصغير
قوله ( يراد بها وجه الله تعالى ) والفقير نائبه
زيلعي
قوله ( وهو ) أي الله سبحانه وتعالى جلت عظمته
قوله ( واحد ) أي لا ثاني له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله بل هو أحد فرد صمد
قوله ( فلا شيوع ) أشار بنفي الشيوع في هذه الصورة إلى أن الشيوع إذا تحقق في الصدقة يفسدها لأنها كالهبة في ذلك كما سيأتي أواخر الباب الآتي فإذا تصدق ببعض ما يحتمل القسمة على فقير واحد لم يصح لتحقق الشيوع بخلاف التصدق بكله على فقيرين لما علمته من عدم الشيوع
قال في المضمرات ولو قال وهبت منكما هذه الدار والموهوب لهما فقير أن صحت الهبة بالإجماع
تاترخانية لكن قال بعده وفي الأصل هبة الدار من رجلين لا تجوز وكذا في الصدقة على غنيين والأظهر أن في المسألة روايتين
ا هـ
قال في البحر وصحح في الهداية ما ذكره المصنف في الفرق وهو رواية الجامع الصغير وقد علم بما قدمناه أن المراد من نفي الصحة هنا نفي الملك فلو قسمها وسلمها صحت وملكاها كما لا يخفى والله تعالى أعلم
ا هـ
وفي الجوهرة هذا هو الصحيح يعني خلافا لهما في تجويزهما الهبة والصدقة للغنيين أيضا
قوله ( لا لغنيين ) أي لا تجوز الصدقة بعشرة دراهم أو هبتها لغنيين وهذا قوله وقالا تجوز وفي الأصل أن الهبة لا تجوز وكذا الصدقة
____________________
(8/458)
عنده ففي الصدقة عنه روايتان
خانية
قوله ( هبة ) قال في البحر والصدقة على الغني مجاز عن الهبة كالهبة من الفقير مجاز عن الصدقة لأن بينهما اتصالا معنويا وهو أن كل واحد منهما تمليك بغير بدل فيجوز استعارة أحدهما للآخر فالهبة للفقير لا تجوز الرجوع والصدقة على الغني تجوز الرجوع
قوله ( للشيوع ) لأن الهبة لهما يرادان بها وهما اثنان فحصل الشيوع
قوله ( أي لا تملك ) فالمراد من نفي الصحة في الملك على هذا الوجه
أفاده في البحر
وقد علمت أنهما قولان الأول أنها صحيحة ولا تفيد الملك قبل القسمة
والثاني أنها فاسدة وهي المفتى به وقدم أن المفتى به أن الفاسدة تملك بالقبض فهو مبني على ما قدمنا ترجيحه فكيف يفسر أحد القولين بالآخر فتأمل
قال في البحر عند قوله والصدقة كالهبة لا تصح غير مقبوضة ولا في مشاع يقسم
فإن قلت قدم أن الصدقة لفقيرين جائزة فيما يحتمل القسمة بقوله وصت تصدق عشرة لفقيرين
قلت المراد هنا من المشاع أن يهب بعضه لواحد فقط فحينئذ هو مشاع يحتمل القسمة بخلاف الفقيرين فإنه لا شيوع كما تقدم
ا هـ
قوله ( درهما ) قال في الهندية ولو وهب درهما صحيحا من رجلين اختلفوا فيه والصحيح أنه يجوز والدينار الصحيح قالوا ينبغي أن يكون بمنزلة الدرهم الصحيح
كذا في قاضيخان
قوله ( إن صحيحا صح ) لأنه هبة مشاع لا يقسم
قوله ( لكونه في حكم العروض ) هذا إذا لم تكن أثمانا رائجة أما إذا كانت كذلك فليست في حكم العروض
تأمل قوله ( إن استويا ) أي وزنا وجودة
خانية
قوله ( لم يجز ) لأنهما إذا استويا وزنا وجودة تكون هبة المشاع فيما يحتمل القسمة لأنه لا يجبر على القسمة
منح
قوله ( وإن اختلفا ) بأن كان أحدهما أثقل أو أجود
هندية
وظاهره أن هذا التفصيل يجري فيما لو قال له وهبت لك أحدهما وجعله في الهندية وعزاه إلى الخانية قاصرا على ما إذا قال نصفهما لك أما إذا قال أحدهما لك هبة لم يجز سواء كانا سواء أو مختلفين
ا هـ
ولعله لأنهما إذا كانا سواء كانا مما يحتمل القسمة وإن كانا مختلفين فللجهالة
والحاصل أن الهبة في الأولين تناولت أحدهما أما في قوله أحدهما فظاهر وأما في قوله نصفهما لأنه تجري فيه القسمة جبرا باتحاد الجنس فكان له أحدهما وهو مجهول فلا يجوز وفي الثاني تناولت قدر درهم منهما وهو مشاع لا يحتمل القسمة فيجوز وأن كلام الشارح بقوله وإن اختلفا جاز مخالف لما في الخانية كما علمت فإنه ذكر هذا التفصيل فيما إذا قال نصفهما ثم قال وإن قال أحدهما لك هبة لم يجز سواء كانا سواء أو مختلفين
قال في منية المفتي دفع ثوبين إلى رجلين فقال أيهما شئت فهو لك والآخر لفلان فإن بين الذي له قبل أن يفترقا جاز وإلا فلا
قوله ( ولذا ) أي لكونه مشاعا لا يقسم
قوله ( جاز ) هذا يفيد أن المراد بقوله سابقا أو نصفهما واحد منهما لا نصف كل وإلا فلا فرق بينه وبين الثلث في الشيوع بخلاف حمله على أن المراد
____________________
(8/459)
أحدهما فإنه مجهول فلا يصح
قوله ( مطلقا ) أي مستويين أو مختلفين
منح
قوله ( يدل الخ ) هذه الدلالة غير ظاهرة إذ لا يلزم من كون الحائط بين الدارين كون سقف الواهب عليه ولا كون البيت من الدار اختلاطه بحيطان الدار تأمل
قال ط فهذا يدل أي من حيث الإطلاق وإلا فلا صراحه في كلامه بذلك
وفي الهندية عن جواهر الأخلاطي إذا وهب نصيبا له في حائط أو طريق أو حمام وسمى وسلطه على القبض فهي جائزة كما لو وهب بيتا له لآخر مع جميع حدوده وحقوقه مقسوما مفروغا فقبضه الموهوب له بإذن الواهب لكن ممر البيت مشترك بينه وبين آخر جاز
ا هـ
وفي الذخيرة هبة البناء دون الأرض جائزة
وفي الفتاوى عن محمد فيمن وهب لرجل نخلة وهي قائمة لا يكون قابضا لها حتى يقطعها ويسلمها إليه وفي الشراء إذا خلى بينه وبينها صار قابضا لها كما في متفرقات التاترخانية وقدمنا نحوه عن حاشية الفصولين للرملي وسيأتي تمامه قريبا
قوله ( لا يمنع صحة الهبة ) المراد لا يمنع تملكها إذا قبضها كذلك ط
قال سيدي الوالد في تنقيحه في جواب سؤال حاصله إذا وهبت امرأة من أولادها حصة من بناء طاحونة هل تصح أم لا فأجاب أما هبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة فهي صحيحة كما صرح به في المعتبرات لكن في هذه المسألة وهبة البناء دون الأرض لا تصح إلا إذا سلطه الواهب على نقضه
قال في الدرر وكذا تجوز هبة البناء دون العرصة إذا أذن الواهب في نقضه وهبة أرض فيها زرع دونه أي دون الزرع أو نخل فيها ثمر دونه أي دون الثمر إذا أمره أي الموهوب له بالحصاد في الزرع والجذاذ في الثمر لأن المانع للجواز الاشتغال بملك المولى فإذا أذن المولى في النقض والحصاد والجذاذ وفعل الموهوب له زال المانع فجازت الهبة
ا هـ
ونقله في المنح عنها وأقره
وأفتى المرحوم عماد الدين عن سؤال رفع إليه وصورته فيما إذا كان لزيد عمارة قائمة في أرض الغير فملك زيد العمارة المزبورة لزوجته ولم يأذن لها بنقض العمارة فهل يكون التمليك غير صحيح أم لا الجواب نعم يكون التمليك غير صحيح فلينظر في مسألتنا هل سلطته على نقضه أم لا فعند ذلك يظهر الجواب والله أعلم بالصواب
قال في الفتاوى الهندية من الهبة ومنها أن يكون الموهوب مقبوضا حتى لا يثبت الملك للموهوب له قبل القبض وأن يكون مقسوما إذا كان مما يحتمل القسمة وأن يكون متميزا عن غير الموهوب ولا يكون متصلا ولا مشغولا بغير الموهوب حتى لو وهب أرضا فيها زرع للواهب دون الزرع أو عكسه أو نخلا فيها ثمرة للواهب معلقة به دون الثمرة أو عكسه لا يجوز وكذا لو وهب دارا أو ظرفا فيها متاع للواهب
كذا في النهاية ا هـ
وعلى هذا فقول البزازية وهب البناء لا الأرض يجوز يحمل إطلاقه على ما إذا أذن له الواهب في نقضه كما هو صريح الدرر وجامع الفتاوى كما تقدم لكن أفتى مفتي الروم علي أفندي بمقتضى إطلاق البزازية بالجواز من غير قيد كما في فتاواه التركية الشهيرة والله أعلم
____________________
(8/460)
أقول وما في البزازية نقل مثله في نور العين عن المنية ومثله في التاترخانية عن الذخيرة حيث قال هبة البناء دون الأرض جائزة ولو وهب لرجل نحلة وهي قائمة لا يكون قابضا لها حتى يقطعها ويسلمها إليه
ا هـ
هذا والموافق للمتون ما مر عن الدرر لقول الكنز وغيره تصح في محوز مقسوم ومشاع لا يقسم ويظهر لي التوفيق بين كلامهم بأن من قال كالدرر لا تصح إلا إذا سلطه الواهب على نقضه معناه لا تتم ولا تملك إلا إذا أذن له الواهب بالنقض ونقضه لأنه بعد النقض صار محوزا مسلما ومن قال تصح ولم يقيد بذلك أراد أنه يصح العقد وإن لم يغد الملك وحينئذ فلا تنافي بين الكلامين
اه
مختصرا
وتمام تحقيقه ثمة فراجعه والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب الرجوع في الهبة بمعنى الموهوب لأن الرجوع إنما يكون في حق الأعيان لا في حق الأقوال ولو وهب الدين من غيرمن عليه الدين وسلطه على قبضه وقبل وقبض له الرجوع لأن الهبة هنا تمليك لا إسقاط حموي
بخلاف هبته ممن هو عليه فلا رجوع فيها لأنها إسقاط والساقط لا يعود
درر منتقى
ويصح الرجوع فيها كلا أو بعضا ملتقى فلا يمنع الشيوع كما لو وهبا عبدا لأحدهما الرجوع وأطلق في الرجوع في الهبة فانصرف إلى الأعيان فلا رجوع في هبة الدين للمديون بعد القبول بخلافه قبله لكونه إسقاطا
بحر وسيأتي آخر الفصل عند الكلام على النظم عبارة البحر وأنه اشتبه عليه الرد بالرجوع فتأمل
وفي البحر لا يخفى حسن تأخير هذا الباب ودخل في الهبة الهدية فإن للمهدي الرجوع كما في المنية وغيرها
در منتقى
وأخرج بالهبة الصدقة أي للفقير فإنه لا يصح الرجوع فيها لأن القصد فيها الثواب وقد حصل حموي
والمراد بالهبة ما كان هبة لغني فلو كانت لفقير فلا رجوع لأنها صدقة
شرنبلالية
قوله ( صح الرجوع فيها ) أي في الهبة الصحيحة بعد القبض وأشار بذكر الصحة دون الجواز إلى أنه يكره الرجوع فيها كما يأتي وإنما صح لقوله عليه الصلاة والسلام الواهب أحق بهبته ما لم يثب أي يعوض
وقال الشافعي لا يصح إلا في هبة الوالد لولده لقوله عليه الصلاة والسلام لا يرجع الواهب في هبته إلا الوالد فيما وهب لولده ونحن نقول المراد نفي الاستبداد في الرجوع والتملك للحاجة
وفي المقدسي لا ينبغي أن يشتري الواهب الموهوب من الموهوب له لأنه يستحي فيأخذه بأقل من قيمته ا هـ
وقد سمعنا أن بعض قضاة الزمن السابق كان لا يشتري من بعض أهل محلته خوف المراعاة بخلاف بعض قضاة زماننا فإنهم متى أمكنهم الشراء بأنفسهم لا يعدلون عنه ليأخذوا الكثير بالقليل للمراعاة والخوف بل بعضهم له مكس على البياعين
قال في الهندية وألفاظ الرجوع رجعت في هبتي أو ارتجعتها أو رددتها إلى ملكي أو أبطلتها وأنقضتها فإن لم يتلفظ بذلك ولكنه باعها أو رهنها أو أعتق العبد الموهوب أو دبره لم يكن ذلك رجوعا وكذا لو صبغ الثوب أو خلط الطعام بطعام نفسه لم يكن رجوعا ولو قال إذا جاء رأس الشهر فقد ارتجعتها لم يصح
كذا في الجوهرة النيرة ا هـ
وفيها يجب أن يعلم بأن الهبة أنواع هبة لذي رحم محرم وهبة لأجنبي أو لذي
____________________
(8/461)
رحم ليس بمحرم
أو لمحرم ليس بذي رحم
وفي جميع ذلك للواهب حق الرجوع قبل التسليم
كذا في الذخيرة سواء كان حاضرا أو غائبا أذن له في قبضه أو لم يأذن له
كذا في المبسوط وبعد التسليم ليس له حق الرجوع في ذي الرحم المحرم وفيما سوى ذلك له حق الرجوع إلا أن بعد التسليم لا ينفرد الواهب بالرجوع بل يحتاج فيه إلى القضاء أو الرضا وقبل التسليم ينفرد الواهب بذلك
كذا في الذخيرة
قوله ( فلم تتم الهبة ) يعني لو وجد الإيجاب والقبول ثم امتنع عن التسليم فإنه لا يسمى رجوعا لأن الهبة لم تتم فلم يخرج الموهوب عن ملك واهبه فلا يقال إن له رجوعا فيه ولا فرق بين ذي الرحم والزوجين وغير ذلك والظاهر أنها لا تخلو عن الكراهة لأنها لا تنزل عن الوعد بل هي فوقه
قوله ( مع انتفاء مانعه الآتي ) المشار إليه بدمع خزقة
قوله ( وإن كره تحريما ) بهذا حصل الجمع بين قوله لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه وبين قوله عليه الصلاة والسلام من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها ا هـ
فبالثاني ثبت الرجوع وبالأول ثبتت كراهة التحريم ويثب بضم الياء التحتية وفتح المثلثة مضارع مجهول مجزوم من أثاب يثيب أي عوض
كذا ضبطه عزمي زاده
قال في الدرر المراد بالحديث الأول أن الواهب لا ينفرد بالرجوع بلا قضاء ولا رضا إلا الوالد إذا احتاج إلى ذلك فإنه ينفرد بالأخذ لحاجته أي للإنفاق وسمي ذلك رجوعا نظرا إلى الظاهر وإن لم يكن رجوعا حقيقة على أن هذا الحكم غير مختص بالهبة بل الأب إذا احتاج له الأخذ من مال ابنه ولو غائبا ولو لم يحتج لا يجوز له الأخذ
ا هـ ملخصا ط
أو المراد أنه لا يحل الرجوع بطريق الديانة والمروءة وهو كقوله عليه الصلاة والسلام لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت شبعان وجاره إلى جنبه طاو أي لا يليق ذلك بالديانة والمروءة وإن كان جائزا في الحكم
نهاية
وقال الزيلعي بعدما أجاب بما أجاب به صاحب الدرر على أنا لا نسلم أن الحديث الذي رواه ينافي الرجوع لأنه خبر عن قبحه فمعناه أنه لا يليق به أن يرجع فيه إلا الواهب فيما يهبه لولده ونظيره قوله عليه الصلاة والسلام المؤمن لا يكذب وقوله عليه الصلاة والسلام الزاني لا يزني وهو مؤمن أي لا يليق به أن يكذب أو يزني وهو مؤمن لا أنه ينافي صفة الإيمان به بل هو قبيح ومع الإيمان أقبح فكذا هذا الخ أي قبيح من حيث العادة لا الشرع لأن الشرع مكنه من الرجوع وبمذهب الإمام الشافعي قال الإمام مالك وأحمد في ظاهر مذهبه
عزمي زاده
قوله ( وقيل تنزيها ) أخذا من قول المبسوط إنه غير مستحب ولا دلالة فيه على أن الكراهة للتنزيه فإن المكروه تحريما والحرام غير مستحب وقول الزيلعي الرجوع قبيح صريح في أن الكراهة للتحريم إذ لا يقال للمكروه تنزيها قبيح لأنه من قبيل المباح أو قريب منه
قال في المنح وقد وصف الرجوع بالقبح الزاهدي والحدادي وكثير من الشارحين ومن ثم اخترنا كراهة التحريم
قال في الفتاوى الغياثية الرجوع في الهبة مكروه في الأحوال كلها ويصح
وكذا في التاترخانية انتهى
ودليل الكراهة التحريمية خاص من السنة وهو الحديث المتقدم وروى الكرخي عن أصحابنا أنه حرام
قوله ( فلا يسقط الخ ) علم من هذا أن الإسقاط لا يكون في كل حق فإن بعض الحقوق لا تسقط وإن أسقطها صاحبها
____________________
(8/462)
لا كهذا الحق كما في البزازية فهو نظير الميراث والاستحقاق في الوقف يثبت جبرا فلا يسقط بالإسقاط
قوله ( وكان عوضا الخ ) أي أن حق الرجوع لا يسقط بالإسقاط لا مجانا ولا بعوض وإنما يسقط الرجوع بجعل العوض عوضا عن الهبة والتعويض عن الهبة يمنع من الرجوع كما يأتي في الموانع
قوله ( لكن سيجيء ) أي نقلا عن المجتبى وسيقول الشارح إنه لم ير من صرح به غيره وإن فروع المذهب مطلقة ولا يخفى ما قاله ابن وهبان أن ما تفرد به الزاهدي لا يعول عليه مع أن كلا مؤول بأن العوض إذا لم ينص عليه أنه عوض عنها لا يكون مانعا من الرجوع ويكون لكل من الواهبين أن يرجع في هبته ويكون معنى قوله إذا كان مشروطا في العقد أي عقد التعويض ولذا قال بعده فأما إذا عوضه بعده فلا وهي هبة مبتدأة وهذا قد صرحوا به أنه عند عدم التصريح بالتعويض لكل منهما أن يرجع فتوافق عبارة المجتبى بقية نصوص الفقهاء وظاهر كلام الخير الرملي والخير بن إلياس في كتابتهما على منح الغفار تسليم ما في المجتبى من هذا الشرط وقد علمت أنه بهذا المعنى غير مسلم له لإطلاق المتون والشروح والفتاوى صحة التعويض من غير اشتراطه في عقد الهبة فيتعين تخطئته لو لم يحمل العقد على عقد العوض كما سمعت وهذا لا يمنع منه ظاهر عبارة المجتبى
قال في المنح بعد نقل عبارة الجوهرة وهو مخالف لما وقع في المجتبى معزيا إلى شرح القدوري من قوله إنما يسقط الرجوع إذا كان مشروطا في العقد فأما إذا عوضه بعده فلا وهي هبة مبتدأة
قال الرملي وقد يقال ما في الجواهر لم يدخل في كلام المجتبى إذ ما في الجواهر صلح عن حق الرجوع نصا وقد صح الصلح فلزم سقوطه ضمنا بخلاف ما لو أسقطه قصدا فكم من شيء يثبت ضمنا ولا يثبت قصدا وليس بحق مجرد حتى يقال يمنع الاعتياض عنه كما هو ظاهر وما في المجتبى مسألة أخرى فتأمله
قوله ( اشتراطه ) أي العوض لكن سيجيء البحث في هذا الاشتراط
قوله ( ويمنع الرجوع ) أي ومنع الرجوع في الهبة الموانع الآتي تفصيلها
قوله ( حروف دمع خزقة ) أي منحوتها أي مرموزها قيل هو من نظم الإمام النسفي وقيل لغيره
در منتقى
قال البرجندي هذا التركيب لمجرد الضبط وليس معه معنى يعتد به
ا هـ
وغاية ما يتكلف له أن يكون دمع خزقة فاعل يمنع وفي الصحاح خزقتهم بالنبل أصبتهم بها
ا هـ
فالمعنى إصابة دمع
وفي الدرر الخزق الطعن والخازق السنان فكأنه شبه الدمع بالسنان ا هـ
وهذا وما قبله يفيد تنوين دمع وأن خزق فعل ماض والهاء ضمير يرجع إلى الشخص
قال القهستاني والمعنى التركيبي أن دمعه لكثرته كأن أطرافه نصول تجرح وجعه وله ضوابط أخر كخزع قدمه أي تخلف ودنى عز خدمه وزعق خدمه أي صاح
وفي القهستاني عن العمادي أنه الرجوع يصح في الفاسدة وإن وجد أحد الموانع لأن المقبوض منها مضمون بعد الهلاك فله الرجوع قبله
ا هـ
فالمانع إنما هو في الصحيحة ط والنظم المنسوب للنسفي هو بيت مفرد وهو ويمنع الرجوع في فصل الهبة يا صاحبي حروف دفع خزقه قال الرملي قد نظم ذلك ولدي العلامة شيخ الإسلام محيي الدين فقال منع الرجوع من المواهب سبعة فزيادة موصولة موت عوض وخروجها عن ملك معوهوب له زوجية قرب هلاك قد عرض قوله ( يعني الموانع السبعة الآتية ) بقي ثامن وهو ما ذكره في المبسوط ومنية المفتي من أنه إذا وهب للصغير
____________________
(8/463)
شيئا لا يرجع به
ا هـ
لكن قدمنا عن البزازية عند قول الشارح ويبيع القاضي الخ أنه لو وهب للصغير فعوضه أبوه من ماله لا يجوز وإن عوض فللواهب الرجوع لبطلان التعويض وإن عدم الرجوع فيما إذا عوض الأب أو الأجنبي من مالهما أو كان نوى الواهب الصدقة عند الإعطاء فلا تنسه
قوله ( الزيادة في نفس العين ) قيد به لأنها لو كانت في قيمتها لا يمنع لأنها حينئذ لرغبة الناس إذا العين بحالها
ذكره الشمني
ومثله في الهندية وفيها وكذا إذا زاد في نفسه من غير أن يزيد في القيمة أي فله الرجوع ولو نقله من مكان إلى مكان حتى ازدادت قيمته واحتاج إلى مؤنة النقل ذكر في المنتقى أنه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ينقطع الرجوع ولو وهب عبدا كافرا فأسلم في يد الموهوب له أو وهب عبدا حلال الدم فعفا ولي الجناية في يد الموهوب له لا يرجع ولو كانت الجناية خطأ ففداه الموهوب له لا يمنع الرجوع ولا يسترد الفداء كذا في التبيين وإن رجع قبل أن يفديه فالجناية على العبد يدفعه الواهب بها أو يفديه
كذا في المبسوط
ولو قطعت يده وأخذ الموهوب له أرشه كان للواهب أن يرجع ولا يأخذ الأرش
كذا في البحر
ا هـ
وقيد بالزيادة لأن النقصان كالحبل وقطع الثوب سواء كان بفعل الموهوب له أو لا غير مانع
وفي الهندية عن المبسوط وإذا أراد الواهب الرجوع وهي حبلى فإن كانت قد ازدادت خيرا فليس له أن يرجع فيها وإن كانت قد ازدادت شرا فله أن يرجع فيها والجواري في هذا تختلف منهن إذا حبلت سمنت وحسن لونها فكان ذلك زيادة في عينها فيمتنع الرجوع ومنهن إذا حبلت اصفر لونها ودق ساقها فيكون ذلك نقصا فيها لا يمنع الواهب من الرجوع
ا هـ
وينبغي حمل هذا على ما إذا كان الحبل من غير السيد أي الموهوب له أما إذا كان منه فلا رجوع لأنها ثبت لها منه بالحمل وصف لا يمكن زواله وهو أنها تأهلت لكونها أم ولده كما إذا ولدت منه بالفعل كما ذكره أبو السعود عن شيخه وأقره الحموي وذكره بعض المتأخرين تفقها وقد ذكروا أن الموهوب له إذا أدبر العبد الموهوب انقطع الرجوع لكن قال في السراج الوهاج ولو وهب له جارية فحبلت في يد الموهوب له فأراد الرجوع فيها قبل انفصال الولد لم يكن له ذلك لأنها متصلة بزيادة لم تكن موهوبة لأن الولد يحدث جزءا فجزءا فلا يصل إلى الرجوع فيما وهب إلا بالرجوع فيما لم يهب كالزيادة المتصلة
ا هـ
وقد ذكر الزيلعي أن الحبل لو لم تزد به فللواهب الرجوع فيها لأنه نقصان
ا هـ
فتأمل ما بينهما
قلت وذكر في النهر في باب خيار العيب أن الحبل عيب في بنات آدم لا في البهائم
ا هـ
فتأمل
قوله ( الموجبة لزيادة القيمة ) بالرفع صفة لزيادة أما إذا كانت الزيادة في العين لا توجب الزيادة في القيمة أما المنقصة التي توجب نقصا في السعر كطول فاحش تنقص به القيمة وكبر طحال فإنه لا ينقطع به حق الرجوع كما في محيط السرخسي
أقول وينبغي أن يكون السمن المفرط كالطول الفاحش فإنه ينقص القيمة أيضا فلا ينقطع به حق الرجوع فتأمل
قال في البحر وخرج الزيادة في العين فقط كطول الغلام وفداء الموهوب له لو كان الموهوب جنى خطأ
ا هـ
وتمامه فيه
لكن سيأتي قريبا عن قاضيخان ما ينافيه
قوله ( المتصلة ) قيد بها لأن المنفصلة غير مانعة من الرجوع في الأصل والزيادة للموهوب له بخلاف الرد بالعيب حيث يمتنع بزيادة الولد كما يأتي
قوله ( وإن زالت قبل الرجوع كأن شب ثم شاخ ) فيه أنه من قبيل زوال المانع كما قاله الإسبيجابي ولهذا سموها موانع
____________________
(8/464)
وعبارة القهستاني مانع الزيادة إذا ارتفع كما إذا بنى ثم هدم عاد حق الرجوع كما في المحيط وغيره ومن الظن أنه ينافيه ما في النهاية أن حين زاد لا يعود حق الرجوع بعده لأنه قال ذلك فيما إذا زاد وانتقص جميعا كما صرح به نفسه
ا هـ
قلت في التاترخانية ولو كانت الزيادة بناء فانهدم يعود حق الرجوع والمانع من الرجوع الزيادة الباقية في العين كما ذكر شمس الأئمة السرخسي
ا هـ
وعبارة الشارح جملة شرطية سقط جوابها من قلمه سهوا والمسألة في شرح المجمع لابن ملك
ولو منع القاضي الرجوع لثبوت الزيادة ثم زالت عاد للواهب حق الرجوع كما في المحيط
ونقله في الدرر
قال في غاية البيان وقال في الكافي رجل وهب لرجل أيضا فبنى فيها الموهوب له بناء ثم أراد الواهب الرجوع فخاصمه إلى القاضي فقال له القاضي ليس لك أن ترجع فيها ثم هدمها الموهوب له كان للواهب أن يرجع فيها
قال شيخ الإسلام علاء الدين الإسبيجابي يريد به أن قول القاضي لم يقع قضاء حتى لا ينقض وإنما وقع فتوى بناء على مانع فإذا زال المانع تغير الحكم
ا هـ ومثله في التاترخانية عن المحيط
قوله ( لكن في الخانية ما يخالفه ) وكذا في الظهيرية
قال سري الدين في حاشية الزيلعي
وفي الظهيرية وقاضيخان وإذا قضى القاضي بإبطال الرجوع لمانع ثم زال المانع عاد حق الرجوع
بيانه إذا بنى في الدار الموهوبة بناء أبطل القاضي رجوع الواهب بسبب البناء ثم هدم الموهوب له البناء وصارت كما كانت فله الرجوع فيها ا هـ
وقد علمت أنه لزوال المانع لا نقض قضاء والمسألة المذكورة في المؤلف ذات خلاف أيضا
فقد قال في المحيط والذخيرة رجل وهب لرجل وصيفا فشب عند الموهوب وكبر وطال وشاخ وانتقصت قيمته ليس للواهب الرجوع لأنه زاد في بدنه وطال في جثته ثم انتقص من وجه آخر بشيخوخته وحين زاد سقط حق الرجوع فلا يعود بعد ذلك ولو كان طويلا يوم وهبه وطال عند الموهوب له وكان الطول نقصانا وكان ينتقص به فهذه ليست بزيادة حقيقة فلا يمنع الرجوع ويكون الشيء زيادة صورة نقصانا معنى كالإصبع الزائدة وما أشبه ذلك كما في الذخيرة
وذكر الناطفي في أجناسه ولو وهب أمة فسمنت وكبرت له أن يرجع وكذا جميع الحيوانات ا هـ
وفي الهندية عن المحيط ولو وهب أمة فشبت وكبرت لا يرجع وكذلك جميع الحيوانات ا هـ
فهما قولان للمشايخ ط
لكن الموافق لمافي قاضيخان أوفق حيث ذكر عدم الرجوع ولم يتعرض لخلافه كما يأتي قريبا فتأمل
قوله ( واعتمده القهستاني ) حيث قال وفيه إشعار بأن مانع الزيادة إذا ارتفع كما إذا بنى ثم هدم عاد حق الرجوع كما في المحيط ا هـ
قوله ( فليتنبه له ) بمنزلة قوله وفيه نظر وعلله بقوله لأن الساقط الخ
قوله ( لأن الساقط لا يعود ) وفيه أن هذا من باب زوال المانع كما إذ تزوجت المرأة وسقط حقها في الحضانة فإنها إذا بانت عاد حقها فيها لزوال المانع ولذا اعتمد في شرح الملتقى العود هكذا وجد في بعض النسخ وهي التي كتب عليها الحلبي وفي بعض النسخ تقديم العلة على قوله فليتنبه وعليها فهو تعليل لقوله وإن زالت الخ وهو الصواب وغيرها خطأ من الناسخ
والحاصل أن هذا من باب زوال المانع لا عود الساقط لما علمت من أن الزيادة المتصلة من موانع الرجوع فكان الوجه ما في الخانية وسيصرح به نقلا عن الدرر حيث قال قضى ببطلان الرجوع لمانع ثم زال المانع
____________________
(8/465)
عاد الرجوع فأفاد صحة الرجوع ولو بعد القضاء بعدمه عند وجود المانع إذا زال ذلك المانع لا من باب الساقط حتى لا يرجع حتى لو قضى ببطلان الرجوع لمانع ثم زال يعود الرجوع كما يأتي ويؤيده ما يأتي في المانع الرابع خروج الموهوب إلا إذا رجع الثاني فله الرجوع فكذلك هنا
قوله ( إن عدا زيادة ) قال في المنح إذا كان يوجب الزيادة في الأرض وإن كان يوجب لا يمنع الرجوع وإن كان يوجب في قطعة منها بأن كانت الأرض كبيرة بحيث لا يعد مثلها زيادة فيها كله امتنع في تلك القطعة دون غيرها
كذا في الرمز
وفي السراجية إذا وهب أرضا فبنى الموهوب له فيها بناء بطل الرجوع ولو زال البناء عاد في حق الرجوع انتهى
وفي المنهاج رجل وهب لرجل أرضا بيضاء أنبت في ناحية منها نخلا أو بنى بيتا أو دكانا أو داربا يعني معلفا للدواب كان ذلك زيادة فيها وليس له أن يرجع في شيء منها ا هـ
وفيها أما إذا لم يعد زيادة أصلا كبناء تنور الخبز في غير محله فإنه لا يمنع الرجوع
ا هـ
معزيا للزيلعي
قوله ( إلا ) راجع لقوله إن عدا زيادة فهو مفهومه وقوله ولو عدا في قطعة مفهوم قوله في كل الأرض
وفي الهندية عن الكافي إن وهب لآخر أرضا بيضاء فأنبت الموهوب له في ناحية منها نخلا أو بنى بناء أو دكانا وكان ذلك زيادة فيها فليس له أن يرجع في شيء منها فإن كان لا يعد زيادة أو يعد نقصانا فإنه لا يمنع الرجوع حتى لو بنى دكانا صغيرا بحيث لا يعد زيادة أصلا فلا عبرة به وإن كان الأرض عظيمة لا يعد ذلك زيادة في الكل إنما يعد زيادة في تلك القطعة فله أن يرجع في غيرها
ا هـ
قوله ( وسمن ) قيده في الحواشي اليعقوبية بالمعتدل وهو حسن
قال المصنف في منحه وكذا إذا غيره عن حاله بأن كان حنطة فطحنها أو دقيقا فخبزه أو سويقا فلته بسمن أو كان لبنا فاتخذه جبنا أو سمنا
ا هـ
قال محشيه الخير الرملي وفي الولوالجية رجل وهب سويقا فلته بالماء يرجع الواهب لأنه بقي الاسم وهذا نقصان كما وهب لرجل حنطة فلتها بالماء فرق بين هذا وبين ما إذا وهب ترابا فلته بالماء حيث لا يرجع والفرق أن هاهنا اسم التراب لم يبق فلم يبق الموهوب
ا هـ
أقول وكذا لو وهب عنبا فصيره زبيبا لعدم بقاء الاسم
تأمل ا هـ
قوله ( وخياطة ) أما إذا قطعه فلا يمتنع الرجوع ولو قطعه نصفين فخاط نصفه وبقي النصف الآخر له الرجوع في الآخر
قوله ( وصبغ ) ولو بأسود لأنه ربما ينفق على السواد أكثر مما ينفق على صبغ أخر
قاضيخان
أقول ولون الأسود في زماننا من أحسن الألوان ويزداد به قيمة عن غيره من الألوان وما نقل عن الإمام أنه مما ينقص الثمن فهو اختلاف زمان
قوله ( وقصر ثوب ) لزيادة قيمة الموهوب بها
قال في الهندية ولو وهب كرباسا فقصره الموهوب له لا يرجع لأنه زيادة متصلة وصفة متقومة ولو غسله يرجع
كذا في محيط السرخسي
وإن فتله لا يرجع إذا كان يزيد بذلك في الثمن
كذا في الوجيز للكردري
قوله ( وكبر صغير ) قد علمت أن فيه خلافا لكن مشى قاضيخان على عدم الرجوع ولم يتعرض للقول الآخر
وعبارته رجل وهب عبدا صغيرا فشب وصار رجلا طويلا لا يرجع الواهب فيه لأن الزيادة في البدن تمنع الرجوع وإن كانت تنقص القيمة ا هـ
وعلله أيضا في الاختيار بأنه زاد في بدنه ثم انتقص بوجه آخر فلا يرجع
____________________
(8/466)
قوله ( ومداواته ) أي من مرض كان عند الواهب
أما إذا مرض عند الموهوب له فداؤه لا يمنع الرجوع
هندية عن البحر
وكأنه أراد بالمداواة حصول أثرها وهو البرء أما بدونه فلم تحصل الزيادة والبرء بدون المداواة زيادة تأمل
قوله ( وعفو جناية ) أي صدرت من العبد كما إذا كان العبد حلال الدم فعفا الولي عنه وهو في يد الموهوب له لا يرجع وإن كانت الجناية خطأ ففداه الموهوب له لا يمنع من الرجوع ولا يسترد منه الفداء كما في الزيلعي
ولو جنى العبد على الموهوب له فللواهب الرجوع والجناية باطلة
هندية عن محيط السرخسي
قوله ( وتعليم قرآن أو كتابة الخ ) أو كانت أعجمية فعلمها أو شيئا من الحروف لا يرجع لحدوث الزيادة في العين كما في البحر ومثله في الهندية عن المضمرات بزيادة هو المختار
قال في التاترخانية معزيا لواقعات الناطفي رجل وهب لرجل جارية فعلمها القرآن أو الكتابة أو المشط ليس له أن يرجع هو المختار
ا هـ أي وإن كانت هذه الزيادة معنوية لكن في الزيلعي والعيني ما يخالفه فليراجع وما ذكر في منية المفتي نقلا عن السراجية أن الإسلام والتعليم ليس بزيادة مانعة عن الرجوع فمحمول على مروي عن محمد وإلا فيكون مخالفا لما في المعتبرات
قوله ( بإعرابه ) أي بيان إعرابه من رفع ونصب وخفض وجزم هذا إذا كان على الصواب أما لو كان خطأ فهو تنقيض فلا يمنع الرجوع وإنما امتنع الرجوع في هذه المسائل لحدوث الزيادة في العين عند أبي يوسف
قال الحموي وهو المختار
وعن محمد وزفر لا يمنع الرجوع لأن هذه ليست زيادة في العين فأشبهت الزيادة في السعر وروي الخلاف بالعكس كما في الزيلعي وعن أبي حنيفة روايتان كما في الشرنبلالية
قوله ( وحمل تمر من بغداد إلى بلخ مثلا ) فإن فيه زيادة القيمة بالنقل من مكان إلى مكان
بحر
قال في الهندية معزيا إلى التبيين ولو نقله من مكان إلى مكان حتى ازدادت قيمته واحتاج إلى مؤنة النقل ذكر في المنتقى أنه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ينقطع الرجوع
ا هـ
وفي ط وانطر حكم ما إذا لم تزد وقد علم أن محل كون زيادة السعر لا تمنع الرجوع إذا لم ينقل الهبة
قال الزيلعي ولو نقله من مكان إلى مكان حتى ازدادت قيمته واحتاج فيه إلى مؤنة النقل ذكر في المنتقى أن عندهما ينقطع الرجوع وعند أبي يوسف لا لأن الزيادة لم تحصل في العين فصار كزيادة السعر
ولهما أن الرجوع يتضمن إبطال حق الموهوب له في الكراء ومؤنة النقل بخلاف نفقة العبد لأنها ببدل وهو المنفعة والمؤنة بلا بدل ا هـ
وفي شرح السير الكبير للسرخسي أنه لو كانت الهبة في دار الحرب فأخرجها الموهوب له إلى موضع يقدر فيه على حملها لم يكن للواهب الرجوع لأنه حدث فيها زيادة بصنع الموهوب له فإنها كانت مشرفة على الهلاك في مضيعة وقد أحياها بالإخراج من ذلك الموضع انتهى
لكنه ذكر ذلك في صورة ما إذا ألقى شيئا وقال حين ألقاه من أخذه فهو له ذكره في التاسع والتسعين
قوله ( ونحوها ) أي المذكورات
وذكر في المنح مسائل من هذا الباب منها ما لو وهب له حلقة فركب فيها فصا إن كان لا يمكن نزعه إلا بضرر لا يرجع وإن أمكن نزعه بلا ضرر يرجع ا هـ
والتطيين والتجصيص وتحديد السكين ونحوها زيادة تمنع الرجوع كما في الدر المنتقى
قوله ( وفي البزازية والحبل إن زاد خيرا منع وإن نقص لا هذه الجملة موجودة في بعض النسخ دون بعض وما في البزازية جزم به في الخلاصة وقدمنا الكلام عليه عن الهندية لمناسبة ما إذا وهب حاملا قال فيها وإن وهب جارية حاملا فرجع
____________________
(8/467)
قبل الوضع إن كان رجوعه قبل أن تمضي مدة يعلم فيها زيادة الحمل جاز فلا ا هـ
قوله ( ففي المتولدة ككبر ) بأن قال الموهوب له وهبتها لي وهي صغيرة فكبرت عندي وقال الواهب وهبتها هكذا كبيرة
قوله ( القول للواهب ) لأنه ينكر لزوم العقد
قوله ( وفي نحو بناء وخياطة ) فقال الواهب وهبتها هكذا مبنية أو مخيطة وقال الموهوب له أحدثته
قوله ( لكنه استثنى الخ ) هذا ظاهر لتيقن كذب الموهوب له من حيث إن العادة تحيل إحداث هذا البناء في مثل هذه المدة والضمير في لكنه لصاحب المحيط
وفي المحيط لو قال رجل وهب لك مورثي هذا العبد فلم تقبضه في حياته بل بعد وفاته وقال الموهوب له قبضته في حياته والعبد في يد الوارث فالقول للوارث لأن القبض قد علم الساعة والميراث قد تقدم القبض
بحر
ومقتضى التقييد بكون العبد في يد الوارث أنه لو كان في يد الموهوب له لا يكون القول للوارث بل للموهوب له
قال في الهندية رجل وهب دارا فبنى الموهوب له في بيت الضيافة تنورا للخبز كان للواهب أن يرجع في هبته
كذا في الظهيرية
ولو وهب له حماما فجعله مسكنا أو وهب له بيتا فجعله حماما فإن كان البناء على حاله لم يزد فيه شيئا فله أن يرجع وإن كان زاد فيه بناء أو علق عليه بابا أو جصصه وأصلحه أو طينه فليس له أن يرجع في شيء فيه
كذا في المحيط
إن هدم البناء رجع في الأرض ولو استهلك البعض له أن يرجع في الباقي
كذا في الوجيز للكردري
ولو كانت الزيادة بناء فانهدم يعود حق الرجوع
كذا في التاترخانية
وهب عبدا فكاتبه فعجز ورده رقيقا فله الرجوع
ولو زالت الرقبة عن ملكه ثم عاد إليه بالفسخ فللواهب الرجوع
ولو جنى العبد على الموهوب له فللواهب الرجوع والجناية باطلة
هكذا في محيط السرخسي
رجل وهب شاة أو بدنة أو بقرة فأوجبها الموهوب له لأضحية أو هدي أو جزاء صيد أو نذر أو قلد البدنة أو البقرة أو أوجبها تطوعا فللواهب أن يرجع في الروايات الظاهرة
وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يرجع
كذا في محيط السرخسي
ولو وهب له شاة فذبحها فله أن يرجع فيها وهذا بلا خلاف ولو ضحى بها أو ذبحها في هدي المتعة لم يكن له أن يرجع فيها في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى
وقال محمد رحمه الله تعالى يرجع فيها وتجزئه الأضحية والمتعة ولم ينص على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى
واختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه
قال بعضهم إنه كقول محمد رحمه الله تعالى وهو الصحيح كذا في المحيط
ولو وهب درهما ثم استقرضه من الموهوب له فأقرضه إياه جاز وليس للواهب أن يرجع أبدا
كذا في خزانة المفتين
رجل وضع حبلا في المسجد أو علق قنديلا له الرجوع بخلاف ما إذا علق حبلا للقنديل
كذا في السراجية
قوله ( لا يمنع الزيادة المنفصلة ) فإن قيل ما الفرق بين الرد بالعيب والرجوع بالهبة حتى منعت الزيادة المنفصلة
____________________
(8/468)
الرد لا الرجوع والمتصلة بالعكس
قلنا هو إنه لا يجوز رد العين فقط لسلامة الزيادة للمشتري مجانا وهو ربا ولا مع الزيادة قصدا لعدم ورود العقد عليها والفسخ يرد على مورد العقد لا تبعا إذ الولد لا يتبع الأم بعد الانفصال بخلاف الهبة لعدم الربا فيها والرد في المتصلة حصل ممن حصلت الزيادة على ملكه فكان إسقاط حقه برضاه فلا يمنعه الزيادة بخلاف الرجوع لعدم حصوله برضاه ذلك فمنعه
يعقوبية
قوله ( كولد ) بنكاح أو سفاح بزازية
قوله ( وأرش ) أي أرش جناية على العبد كما إذا قطعت يده وأخذ الموهوب له أرشه كان للواهب أن يرجع ولا يأخذ الأرش
هندية
قوله ( حتى يستغني الولد عنها ) ولم يعتبر ذلك في الثمرة لأنه يجوز بيعها بدا صلاحها أو لا فكذا هنا يأخذها الموهوب له فتأمل
قوله ( لكن نقل البرجندي الخ ) يعني وعنده غير يرجع بها دون الولد وإن لم يستغن وحينئذ ينبغي أن تجبر على حضانته بأجر المثل فليراجع
قوله ( أنه قول أبي يوسف ) قال في الهندية قال بشر قلت وإن اختصموا في الرجوع والولد صغير ثم أدرك الصغير وقد كان القاضي أبطل الرجوع في الأم قال له الرجوع فيها
ا هـ
فأفادت أن القاضي يبطل الرجوع قبل كبر الولد
وهل على قوله يلزم الموهوب له الأجر مدة الرضاع ومقتضى القواعد أن ينظر إلى الولد تارة يقبل غير أمه وتارة لا فإن لم يقبل إلا إياها أمسكها للرضاع ولا أجر وامتنع أخذها وإن قبل غيرها لا تمنع إلا برضا الواهب وله الأجر ويحرر ط
ثم إن ظاهر الخانية اعتماد خلاف قول أبي يوسف حيث قال ولو ولدت الهبة ولدا كان للواهب أن يرجع في الأم في الحال
وقال أبو يوسف لا يرجع حتى يستغني الولد عنها ثم يرجع في الأم دون الولد ا هـ
قوله ( قال في السراج لا وقال الزيلعي نعم ) تقدم التوفيق من أن الحبل عيب في الآدمية لا في البهيمة وتقدم عن الهندية من أن الجواري تختلف فمنهن من تسمن به ويحسن لونها فيكون زيادة تمنع الرجوع ومنهن بالعكس فيكون نقصانا لا يمنع الرجوع ا هـ
ويؤيد هذا التوفيق ما قدمناه أيضا من أن الحبل إن زاد خيرا منع الرجوع وإن نقص لا فإذا كانت الموهوبة أمة وحبلت عند الموهوب له ونقصت بذلك كان للواهب الرجوع ولا يتبعها حملها بل إذا ولدت بعد الرجوع يسترده الموهوب له لكونه حدث على ملكه كما قالوا فيما لو بنى في الدار الموهوبة بناء منقصا كبناء تنور في بيت السكنى فإنه لا يمنع الرجوع كما في الخانية وللموهوب له أخذه فقد سقط ما قيل إن ما ذكره الشارح لا يوافق القولين فافهم
ثم لا يخفى أن هذا في الحبل العارض
أما لو وهبها حبلى ورجع بها كذلك صح وليس الكلام فيه خلافا لما فهمه الحموي
وبقي ما لو كان الحبل من الموهوب له فقد قدمنا عن الشيخ أبي السعود بحثا بأنه مانع من الرجوع
قوله ( مريض ) قال في المحيط يجب أن يعلم أن هبة المريض هبة عقد وليست بوصية واعتبارها من الثلث ما كان لأنها وصية ولكن لأن حق الورثة يتعلق بالمريض وقد تبرع بالهبة فيلزم تبرعه بقدر ما جعل الشرع له وهو الثلث وإذا كان هذا التصرف هبة عقد اشترط له سائر شرائط الهبة ومن جملتها قبض الموهوب قبل موت الواهب ا هـ
قوله ( وقد وطئت ) أطلق في وطئها فعم ما لو كان الواطىء الموهوب له أو غيره
قوله ( ردها مع عقرها ) لتعلق حق الغرماء فيها إذ الدين يتعلق بذمة المديون فإذا مرض مرض الموت تعلق بتركته وكانت هبته حينئذ وصية لا تنفذ مع استغراق التركة بالدين فلذا يلزمه عقرها لأنه لم يملكها قبل الموت حيث كانت وصية ولا بعد الموت لتعلق حق الغرماء ولم يجب الحد للشبهة فوجب العقر فلو حملت من ذلك الوطء يراجع حكمه
____________________
(8/469)
فروع وهب في مرضه ولم يسلم حتى مات بطلت الهبة لأنه وإن كان وصية حتى اعتبر فيه الثلث فهو هبة حقيقة فيحتاج إلى القبض
وهب المريض عبدا لا مال له غيره ثم مات وقد باعه الموهوب له لا ينقض البيع ويضمن ثلثيه وإن أعتقه الموهوب له والواهب مديون ولا مال غيره قبل موته جاز وبعد موت الواهب لا لأن الإعتاق في المرض وصية وهي لا تعمل حال قيام الدين وإن أعتقه الواهب قبل موته ومات لا سعاية على العبد لجواز الإعتاق ولعدم الملك يوم الموت
بزازية
ورأيت في مجموعة منلا على الصغير بخطه عن جواهر الفتاوى كان أبو حنيفة حاجا فوقعت مسألة الدور بالكوفة فتكلم كل فريق بنوع فذكروا له ذلك حيث استقبلوه فقال من غير فكر ولا روية أسقطوا السهم الدائر تصح المسألة
مثاله مريض وهب عبدا له من مريض وسلمه إليه ثم وهبه من الواهب الأول وسلمه إليه ثم ماتا جميعا ولا مال لهما غيره فإنه وقع فيه الدور متى رجع إليه شيء منه زاد في ماله وإذا زاد في ماله زاد في ثلثه وإذا زاد في ثلثه زاد فيما يرجع إليه وإذا زاد فيما يرجع إليه زاد في ثلثه ثم لا يزال كذلك فاحتيج إلى تصحيح الحساب
وطريقه أن تطلب حسابا له ثلث وللثلث ثلث وأقله تسعة ثم تقول صحت الهبة في ثلاثة منها ويرجع من الثلاثة سهم إلى الواهب الأول فهذا السهم هو سهم الدور فأسقطه من الأصل يبقى ثمانية فمنها تصح وهذا معنى قول أبي حنيفة أسقطوا السهم الدائر وتصح الهبة في ثلاثة من ثمانية والهبة الثانية في سهم فيحصل للواهب الأول ستة ضعف ما صححنا في هبته وصححنا الهبة الثانية في ثلث ما أعطينا فثبت أن تصحيحه بإسقاط سهم الدور وقيل دع الدور يدور في الهواء ا هـ ملخصا
قوله ( والميم موت أحد العاقدين ) يعني حرف الميم إشارة إلى أن موت أحدهما مانع إن كان بعد التسليم لأن بموت الموهوب له ينتقل الملك إلى ورثته فصار كما إذا انتقل حال حياته ولأن تبدل الملك كتبدل العين فصار كعين أخرى وإذا مات الواهب فوارثه أجنبي عن العقد إذ هو ما أوجبه وحق الرجوع مجرد خيار فلا يورث كخيار الشرط ولأن الشارع أوجبه للواهب والوارث ليس بواهب
فإن قلت إنه بالموت قد خرج الموهوب عن الملك فيستغني بذكر الخاء عن الميم
أجيب بأن الميت يعطى حكم الحي في أشياء كحق التجهيز والتكفين وقضاء الدين وتنفيذ الوصية فربما يظن أن الهبة من تلك الأشياء فكان النص صريحا على الموت أولى ولينظر ما لو حكم بلحاقه مرتدا ومفاد ما ذكر من التعليل أنه لو حكم بلحاقه مرتدا فالحكم كذلك وليراجع صريح النقل والله تعالى أعلم
قوله ( بعد التسليم ) قيد به لأنه لو مات أحدهما قبله بطلت لعدم الملك ورجوع المستأمن إلى دار الحرب بعد الهبة قبل القبض مبطل لها كالموت فإن كان الحربي أذن للمسلم في قبضه وقبضه بعد رجوعه إلى دار الحرب جاز استحسانا بخلاف قبضه بعد موت الواهب كذا في المبسوط
بحر
قوله ( بطل ) يعني عقد الهبة والأولى بطلت أي لانتقال الملك للوارث قبل تمام الهبة
قوله ( ولو اختلفا ) أي الشخصان لا بقيد الواهب والموهوب له وإن كان التركيب يوهمه بأن قال وارث الواهب ما قبضته في حياته وإنما قبضته بعد وفاته وقال الموهوب له بل قبضته في حياته والعبد في يد الوارث ط
قوله ( والعين في يد الوارث ) هذا ليس بقيد لما في الهندية عن الذخيرة قال المدعى
____________________
(8/470)
عليه وهب لك والدي هذا العين فلم تقبضه إلا بعد موته وقال الموهوب له قبضته في حياته والعين في يد الذي يدعي الهبة فالقول للوارث لأن القبض قد علم الساعة والميراث قد تقدم القبض ا هـ
منح وبحر
وفيه تأمل ط
وقدمناه قريبا ولم يظهر لي وجه التأمل
قوله ( وقد نظم المصنف الخ ) لم يذكره في المنح
قال الحلبي وهو من الطويل من الضرب الثالث منه والجزء الأول فيه الثلم والجزء الثاني مقبوض مع تسكين هاء ديه ولو زاد واوا وسكن الياء من ديه لسلم من العلل ط
ولو زاد الواو في أوله وشدد الياء مع سكون الهاء في ديه لكان أولى وفيه ما فيه لأن الواو يجوز حذفها ولو قال خراج ديات ثم كفارة كذا لاستقام وزنه وصح معناه أو قال زكاة كذا عشر خراج ورابع لاستقام أيضا قوله ( كفارة ) أطلق فيها فعم كل كفارة وظاهره أنها تسقط بالموت أصلا حتى لا يخرج عنه من ماله ولا يجب الوصية به وهذا خلاف ما نص عليه الشرنبلالي فإنه قال في نور الإيضاح وشرحه الصغير في أحكام إسقاط الصلاة ولزمه عليه الوصية بما قدر عليه وبقي في ذمته حتى أدركه الموت من صوم فرض وكفارة وظهار وجناية على إحرام ومنذور فيخرج عنه وليه من ثلث ما ترك وإن لم يوص لا يلزم الوارث الإخراج وعلى هذا دين صدقة الفطر أو النفقة الواجبة والخراج والجزية والكفارات المالية والوصية بالحج والصدقة المنذورة والاعتكاف المنذور عن صومه ا هـ مختصرا
فإن أراد أنه إذا مات لا يطالب الوارث بها من تركته صح أما الذي وجبت بإيصائه فيطالب بإخراجها شرعا ط
وفي شرح السراجية وإن كان الدين من حقوق الله تعالى كالزكاة والصلاة والصوم وحجة الإسلام والنذر والكفارة فإن أوصى به الميت وجب عندنا تنفيذه من ثلث ماله الباقي بعد دين العباد وإن لم يوص لم يجب ا هـ
وعليه فمعنى سقوطها بالموت عدم وجوب إخراجها من التركة بلا وصية أما إذا أوصى بها فيطالب بإخراجها شرعا
قوله ( دية ) أي على العاقلة أو على نفس القاتل إن لم يكن له عاقلة هكذا يفيد إطلاقه ط
قوله ( خراج ) يعم خراج الرأس والأرض وقد علمت من نقل الشرنبلالي أنه يوصي بهما ويخرجان من الثلث
قال المصنف في باب العشر من عليه عشر أو خراج إذا مات أخذ من تركته وفي رواية لا بل يسقط بالموت والأول ظاهر الرواية
قوله ( ضمان لعتق ) أي إذا أعتق أحد الشريكين حفظه من عبد موسرا فضمنه شريكه فمات المعتق سقط بموته
قوله ( هكذا نفقات ) أي غير المستدانة بأمر القاضي
وفي حاشية أبي السعود المراد من النفقة التي تسقط غير المستدانة بأمر القاضي أما هي فقد جزم في الظهيرية بعدم السقوط وصححه في الذخيرة ونسبه إلى كافي الحاكم وعلله بأن للقاضي ولاية عامة فكانت استدانتها بأمره بمنزلة استدانة الزوج بنفسه ولو استدان بنفسه لا يسقط ذلك الدين بموت أحدهما فكذا هذا وقد تقدم في النفقات الكلام على هذا مستوفى وكذا في رسالة سيدي الوالد رحمه الله تحرير النقود في نفقات الفروع والأصول فارجع إليها فإنها فريدة في بابها ولم يسبق على منوالها
قوله ( كذا هبة ) يعني إذا وهب ولم يسلم حتى مات فإنها تبطل
____________________
(8/471)
قوله ( لما أن الجميع صلات ) أي أو في حكمها كالخراج وقد علمت أنه ليس محصورا فيما ذكره من الخمسة كما علمت مما مر فتأمل ولأن الصلات لا تتم إلا بالتسليم وإذا مات قبل التسليم تسقط
فإن قيل لو كانت النفقة صلة كيف يجبر الزوج على التسليم
قلنا يجوز أن يجبر ألا ترى أن من أوصى أو يوهب عبده من فلان بعد موته فمات الموصي فإن الورثة يجبرون على تنفيذ الوصية في العبد وإن كان صلة ولو مات العبد تبطل الوصية وكذا الشفيع يستحق على المشتري تسليم الدار إليه بالشفعة والشفعة صلة شرعية ولو مات الشفيع بطلت الشفعة كما في شرح أدب القضاء
قوله ( بشرط أن يذكر لفظا الخ ) لأن حق الرجوع ثابت له ولا يسقط إلا بعوض يرضى به ولا يتم ذلك بدون رضاه
وفي الجوهرة ما يفيد أنه يكفي العلم بأنه عوض هبته ط
قال في الخانية وهب لرجل عبدا بشرط أن يعوضه ثوبا إن تقايضا جاز وإلا لا ا هـ
قوله ( خذه عوض هبتك ) أفاد أنه لو وهب له شيئا أو تصدق عليه ولم يذكر أنه عوض لا يسقط الرجوع بل لكل منهما أن يرجع في هبته
كذا في البحر
لكن يؤيد كلام الجوهرة المذكور ما يأتي عن اليعقوبية الآتي قريبا فتأمل
وفي أبي السعود بعد أن ذكر ما نقلناه عن البحر وهو صريح في عدم الفرق بين الهبة والصدقة فيخالف ما قدمناه من أنه إذا كان الموهوب له فقيرا ليس له الرجوع لأنها صدقة اللهم إلا أن يحمل ما هنا على أن المتصدق عليه غني فتزول المخالفة لأنها حينئذ تكون مجازا عن الهبة
قوله ( ونحو ذلك ) أي من كل لفظ يفيد التعويض
وفي الخانية إذا عوض بعد الهبة وقال هذا ثواب هبتك أو مكانها أو كافأتك أو أثبتك أو تصدقت بها عليك بدلا عن هبتك لا يبقى للواهب الرجوع
قوله ( سقط الرجوع ) أي رجوع الواهب والمعوض كما في الأنقروي وإليه يشير مفهوم الشارح
قوله ( ولو لم يذكر أنه عوض ) أي فيكون هبة مبتدأة كما في الزيلعي
قوله ( رجع كل بهبته ) برفع كل منونا عوضا عن المضاف إليه لأن التمليك المطلق يحتمل الابتداء ويحتمل المجازاة فلا يبطل حق الرجوع بالشك مستصفى لكن قد يقال إن الأصل أن المعروف كالملفوظ كما صرح به في الكافي وفي العرف يقصد التعويض ولا يذكر خذ بدل هبتك ونحوه استحياء فينبغي أن لا يرجع وإن لم يذكر البدلية
وفي الخانية بعث إلى امرأته هدايا وعوضت المرأة وزفت إليه ثم فارقها فادعى الزوج أن ما بعثه عارية وأراد أن يسترد وأرادت المرأة أن تسترد العوض فالقول للزوج في متاعه لأنه أنكر التمليك وللمرأة أن تسترد ما بعثته إذ تزعم أنه عوض للهبة فإذا لم يكن ذلك هبة لم يكن هذا عوضا فلكل منهما استرداد متاعه
وقال أبو بكر الإسكاف إن صرحت حين بعثت أنه عوض فكذلك وإن لم تصرح به ولكن نوت أن يكون عوضا كان ذلك هبة منها وبطلت نيتها ولا يخفى أنه على هذا ينبغي أن يكون في مسألتنا اختلاف
يعقوبية
قوله ( ولذا الخ ) قال ط الأولى حذف لذا لأنه جعله مرتبطا بما زاده وإبقاء المصنف على ظاهره لأنه يفيد
____________________
(8/472)
حكم ما ذكره الشارح بالأولى ا هـ
نعم هو تعليل لما يفهم من قوله رجع كل بهبته فإنه حيث سمى العوض هبة لأنه تمليك جديد وإن سمى عوضا شرط له ما يشترط للهبة
قوله ( وإفراز ) عن مال المعوض فإنه إن عوضه ثمرا على شجر لا يتم حتى يفرزه
وفي الهندية إن العوض المتأخر حكمه حكم الهبة يصح بما تصح به ويبطل بما تبطل به إلا في إسقاط الرجوع على معنى أنه يثبت حق الرجوع في الأول ولا يثبت في الثانية
ا هـ
وهذا يدل على أن العوض لا يشترط في عقد الهبة ط
قوله ( ولو العوض مجانسا ) أي من جنس الهبة ويسيرا أي أقل منها وذلك لأن العوض ليس ببدل حقيقة إذ لو كان كذلك لما جاز بالأقل للربا يحقق ذلك أن الموهوب له مالك للهبة والإنسان لا يعطي بدل ملكه لغيره وإنما عوضه ليسقط حقه في الرجوع وأيضا فإنه لما كان العوض تمليكا جديدا وفيه معنى الهبة المبتدأة ولذا شرط فيه شرائطها فيجوز بأقل من الموهوب ولو من جنسه لا فرق بين الأموال الربوية وغيرها ولو كان عوضا من كل وجه لامتنع في الأموال الربوية إلا مثلا بمثل يدا بيد عند اتحاد الجنس
قوله ( وهو تحريف ) لكن قد يقال على هذه النسخة إنه أراد بالعقد عقد الهبة فأل للعهد الحضوري ويراد به المعقود عليه
والحاصل أنه لا ملجىء إلى الحكم عليه بالتحريف مع إمكان صحته إذ الأصل في اللام أو تكون للعهد والعقد المعهود هو الذي بوب له وهو عقد الهبة فكان معنى النسختين معتمدا
تأمل
قوله ( ولا يجوز للأب الخ ) لأنه تبرع ابتداء وليس له أن يتبرع من مال الابن فإن عوض فللواهب أن يرجع في هبته لبطلان التعويض بزازية وهذه العلة تفيد أن الأب يرجع بما عوض لأنه هبة من كل وجه فصح الرجوع به والظاهر عدم كراهة الرجوع فيه لأنه لم يتبرع فيه ابتداء بل لقصد التعويض ولم يتم له فكان كما لو استحق الموهوب فإنه يرجع بالعوض فكذا هنا ولا يجوز له التعويض وإن كانت الهبة للصغير بشرط التعويض كما في الهندية
ومما يتفرع على كون العوض بمعنى الهبة أنه لا يجوز لأنها تبرع وليس للأب أن يتبرع بمال ابنه وله مندوحة عن رجوع الواهب في الهبة مع أن المسلم له مانع من دينه أن يرتكب المكروه ومع ذلك لو باع العين الموهوبة للصغير امتنع الرجوع وله ذلك في المنقول فإن جاز له ذلك في العقار للضرورة تزاد على المسائل التي يباع فيها عقار الصغير
قوله ( من ماله ) الضمير يرجع لأقرب مذكور لا سيما وقد علم من صريح عبارة البزازية ولو كان العوض من مال الأب صح لما مر وسيأتي من صحة التعويض من الأجنبي
قوله ( ولو وهب العبد ) أي وهب له شخص ووهب بضم الواو مبني للمجهول أي وهب له شخص شيئا
قوله ( ثم عوض ) أي عوض العبد عن هبته
قوله ( فلكل منهما الرجوع ) وجهه في العبد ظاهر لأن الهبة تبرع وهو ليس من أهله فإذا ملك العبد الرجوع لبطلان الهبة فكذا للموجب له الرجوع بالعوض لأن التعويض مبني على الهبة وقد بطلت أبو السعود
ويحتمل أن وهب مبني للفاعل وعوض مبني للمفعول
قال في الخانية العبد المأذون إذا وهب لرجل فعوضه الموهوب له كان لكل واحد منهما أن يرجع فيما دفع لأن هبة العبد باطلة مأذونا كان أو محجورا وإذا بطلت الهبة بطل التعويض
قوله ( من نصراني ) من هنا بمعنى اللام
قوله ( خمرا ) مفعول تعويض ومفعول هبة محذوف وهو من إضافة المصدر لفاعله والمعنى لا يجوز
____________________
(8/473)
أن يعوض المسلم خمرا أو خنزيرا إذا وهو له النصراني شيئا لأنا نهينا عن تمليك الخمر والخنزير وتملكهما فللذمي أن يرجع في هبته
قال الطحطاوي والظاهر أنه لو كانت المسألة بالعكس يكون الحكم كذلك يحرر
قال في الهندية وأهل الذمة في الهبة بمنزلة المسلمين لأنهم التزموا أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات إلا أنه لا تجوز المعاوضة بالخمر من الهبة فيما بين المسلم والذمي سواء كان المسلم هو المعوض الخمر أو الذمي ثم ذكر ذمي وهب لمسلم شيئا فعوضه خمرا له الرجوع في هبته
ا هـ
قوله ( بعض الموهوب ) قال في العناية مثل أن يكون الموهوب دارا والعوض بيت منها أو الموهوب ألفا والعوض درهم منها فإنه لا ينقطع به حق الرجوع لأنا نعلم بيقين أن قصد الواهب من هبته لم يكن ذلك فلا يحصل به خلافا لزفر فإنه قال التحق بذلك سائر أمواله وبالقليل من ماله ينقطع الرجوع فكذا هذا
وتمامه فيها
قوله ( فله الرجوع في الباقي ) لأن حقه كان ثابتا في الكل فإذا وصل إليه بعضه لا يسقط حقه في الباقي
زيلعي
قوله ( صح ) سواء كانا في مجلس أو مجلسين
بحر
قوله ( وإلا لا ) هي مسألة المصنف
قوله ( في هبة ) يعني إذا وهبه دراهم تعينت فلو أبدلها بغيرها كان إعراضا منه عنها
فلو أتى بغيرها ودفعه له فهو هبة مبتدأة وإذا قبضها الموهوب له وأبدلها بجنسها أو بغير جنسها لا رجوع عليه ومثل الدراهم والدنانير ط
قوله ( ورجوع ) أي ليس له أن يرجع إلا إذا كانت دراهم الهبة قائمة بعينها فلو أنفقها كان إهلاكا يمنع الرجوع ط
قوله ( لحدوثه بالطحن ) أي فهو غير الحنطة فلا يقال إنه عين الموهوب أو بعضه ولذا لو وهب الدقيق في الحنطة ثم طحنه وسلمه لم يصح لأنه لما وهبه كان معدوما حين الهبة كما قدمنا
قوله ( وكذا لو صبغ ) لأن الشيء مع غيره غيره مع نفسه فالثوب المصبوغ والسويق الملتوت بالسمن غيرهما خاليين عن الصبغ واللت ولأن ما في الثوب من الصبغ وما في السويق من السمن ونحوه يصلح عوضا
قوله ( ثم عوضه ) أي البعض أي جعله عوضا عن الهبة صح لحصول الزيادة فيه فكأنه شيء آخر
قوله ( امتنع الرجوع ) لأنه ليس له الرجوع في الولد فصح العوض
ا هـ
منح
والظاهر أن ذكر الجاريتين اتفاقي والأولى للمصنف التعبير بإحدى وهو كذلك في بعض النسخ ط
قوله ( وصح العوض من أجنبي ) أي دفعه لأن الموهوب له لا يحصل له بهذا العوض شيء لم يكن سالما له من قبل فيصح من الأجنبي كما يصح منه الخلع والصلح عن دم العمد
ا هـ
زيلعي
قوله ( كبدل الخلع ) أي كما يصح عن بدل الخلع من أجنبي وكان الأولى تقديمه على قوله وسقط كما فعل العيني
قوله ( ولا رجوع ) أي للمعوض على الموهوب له ولو كان شريكه سواء كان بإذنه أو لا لأن التعويض ليس بواجب عليه فصار كما لو أمره أن يتبرع الإنسان إلا إذا قال على أني ضامن بخلاف المديون إذا أمر رجلا بأن يقضي دينه حيث يرجع عليه وإن لم يضمن لأن الدين واجب عليه
منح
قوله ( ولو بأمره ) يعني لا رجوع للأجنبي على الموهوب له ولو كان بأمره
قوله ( لعدم وجوب التعويض )
____________________
(8/474)
علة لقوله ولا رجوع ولو بأمره
قوله ( بخلاف قضاء الدين ) أي حيث يرجع الأجنبي على المدين إذا قضى بأمره أي ولو لم يقل إني ضامن لأن الدين ثابت في ذمته وقد أمره أن يسقط مطالبته عنه فيكون أمرا بأن يملكه ما كان للطالب وهو الدين فصار كما لو أمره أن يملكه عينا
ذكره الزيلعي
قال الإتقاني والفقه فيه أنه لما أمره بقضاء الدين صار مستقرضا منه ذلك القدر وموكلا إياه بالصرف إلى غيره لأنا لو لم نجعله كذلك لا يتصور فراغ ذمته عما عليه لأن الذمة لا تفرغ إلا بالقضاء ولا يقع الفعل قضاء إلا إذا انتقل في المؤدي إلى من عليه الدين أو لا حتى إذا قبض رب الدين وجب للمديون مثل ما عليه فيلتقيان قصاصا وهذا لا يحتاج إليه في الهبة لأنه لا دين على الموهوب له حتى يحتاج إلى فراغ ذمته بتقدير الاستقراض فافترقا من هذا الوجه ا هـ
شلبي
قوله ( ما يطلب به الإنسان ) دخل فيه النفقة على الزوجة والأولاد
قوله ( بالحبس والملازمة ) خرج بذلك الأمر بالتكفير عنه وأداء النذر فإنه وإن كان يطالب بهما لكن لا بالحبس والملازمة فليتأمل
قوله ( لكن ) استدراك على قوله وما لا فلا
قوله ( بلا شرط رجوع ) كأنه لأن العرف قاض بضمان ما يدفع في ذلك وقد ذكر هذا البحث المصنف وشيخه في بحره
وأشار بقوله فتأمل إلى نظر في وجه الاستثناء لكن قد يقال إن فداء الأسير والإنفاق على بناء الدار ملحقان بمال له مطالب يحبس به ويلازم عليه أما الأسير إذا لم يفد فهو كالرقيق تحت أيدي المشركين بل أعظم بلاء يتعرضون لفتنته عن دينه ولا يقدر أن يتخلص إلا بالفداء فألحق بمال له مطالب وأما بناء الدار فإنه من جملة الحوائج الأصلية لأن عدم مكان يأوي إليه ويستر فيه أهله ويحفظ فيه ماله يؤدي إلى هلاكه فكان لا بد له منه فألحق بماله مطالب أيضا نظيره ما قالوا في الكفالة بالنوائب فهي صحيحة وإن كانت تؤخذ منه بغير حق لأنها تؤخذ منه فوق أخذ الحق فجازت الكفالة بها لدفع التضييق عليه فتأمل
أقول وقد ذكر الشارح قبل كفالة الرجلين أصلين آخرين أحدهما من قام عن غيره بواجب بأمره رجع بما دفع وإن لم يشترطه كالآمر بالإنفاق عليه وبقضاء دينه إلا في مسائل أمره بتعويض عن هبته وبإطعام عن كفارته وبأداء عن زكاة ماله وبأن يهب فلانا عني ألفا ثانيهما في كل موضع يملك المدفوع إليه المال مقابلا بملك مال فإن المأمور يرجع بلا شرط وإلا فلا فالمشتري أو الغاصب إذا أمر رجلا بأن يدفع الثمن أو بدل الغصب إلى البائع أو المالك كان المدفوع إليه مالكا للمدفوع بمقابلة مال هو المبيع أو المغصوب وظاهره أن الهبة لو كانت بشرط العوض فأمره بالتعويض عنها يرجع بلا شرط لوجود الملك بمقابلة مال بخلاف ما لو أمره بالإطعام عن كفارته أو بالإحجاج عنه ونحوه فإنه ليس بمقابلة مال فلا رجوع للمأمور على الآمر إلا بشرط الرجوع ويرد عليه الأمر بالإنفاق عليه فإنه قدم أنه يرجع بلا شرط مع أنه ليس بمقابلة مال فلا رجوع للمأمور على الآمر إلا بشرط الرجوع وكذا الأمر بأداء النوائب وبتخليص الأسير على ما مر
قال في النوازل قوم وقعت لهم مصادرة فأمروا رجلا أن يستقرض لهم مالا ينفقه في هذه المؤنات ففعل فالمقرض يرجع على المستقرض والمستقرض هل يرجع على الآمر إن شرط الرجوع يرجع وبدون الشرط لا يرجع والمختار أنه يرجع
تاترخانية في كتاب الوصايا
____________________
(8/475)
وفي مجموعة النقيب عن العمادية أن المأمور بالإنفاق من مال نفسه في حاجة الأمر قال بعضهم يوجب الرجوع إذا اشترطه وقال بعضهم يوجب الرجوع من غير اشتراطه وهو الأصح
ولو قال عوض عن هبتي أو أطعم عن كفارتي أو أد زكاة مالي أو وهب فلانا عني ألفا لا يرجع بلا شرط الرجوع كما في البزازية
وذكر في السراج الوهاج ضابطا آخر أن الواهب الذي سقط عن الآمر بدفع المأمور إن كان من أحكام الآخرة فقط لم يرجع بلا شرط الرجوع لأنه لو رجع بأكثر مما أسقط وإن كان من أحكام الدنيا رجع بلا شرط
ا هـ
وقيد هذا في الخلاصة بما إذا قال ادفع مقدار كذا إلى فلان عني فلا لم يقل عني أو ادفعه فإني ضامن فدفع المأمور إن كان شريك الآمر أو خليطه وتفسيره بأن يكون بينهما في السوق أخذوا عطاء ومواضعة فإنه يرجع على الآمر بالإجماع وكذا لو كان الآمر في عيال المأمور أو المأمور في عيال الآمر وإن لم يوجد واحد من هذه الثلاثة فلا رجوع عليه وعند أبي يوسف يرجع وهذا إذا لم يقل اقض عني فإن قال ثبت له حق الرجوع بالإجماع من مجموعة النقيب قال في الخانية ذكر في الأصل إذا أمر صيرفيا في المصارفة أن يعطي رجلا ألف درهم قضاء عنه أو لم يقل قضاء عنه ففعل المأمور فإنه يرجع على الآمر في قول أبي حنيفة فإن لم يكن صيرفيا لا يرجع إلا أن يقول عني ولو أمره بشرائه أو بدفع الفداء يرجع عليه استحسانا وإن لم يقل على أن ترجع علي بذلك وكذا لو قال أنفق من مالك على عيالي أو في بناء داري يرجع بما أنفق وكذا لو قال اقض ديني يرجع على كل حال ولو قضى نائبة غيره بأمره رجع عليه وإن لم يشترط الرجوع هو الصحيح ا هـ
والحاصل أنه إذا قال اقض ديني أو نائبتي أو اكفل لفلان بألف علي أو انقده بألف علي أو اقض ماله على أو أنفق على عيالي أو في بناء داري يرجع مطلقا شرط الرجوع أو لا قال عني أو لا وكذا لو قال ادفع إلى فلان كذا وكان المأمور صيرفيا أو خليطا للآمر أو في عياله وإلا فلا ما لم يقل عني أو على أني ضامن بخلاف ما لو قال هب لفلان عني ألفا أو أقرضه ألفا أو عوضه عني أو كفر عن يميني بطعامك أو أد زكاة مالي بمالك أو أحج عني رجلا أو أعتق عني عبدا عن ظهاري فلا رجوع إلا بشرطه وإن كان المأمور خليطا أو قال عني فجملة هذه المسائل أربعة أقسام الأول ما يرجع به المأمور مطلقا
الثاني ما يرجع إن كان صيرفيا أو خليطا له أو في عياله
الثالث ما يرجع إن قال عني
الرابع ما لا رجوع فيه إلا بشرط الرجوع وقد لخص سيدي الوالد رحمه الله تعالى هذا الحاصل من كلام الخانية والخلاصة فهذه المسائل منصوص عليها في الخانية والخلاصة وبها يستغنى عن الأصول المارة لأنها غير ضابطة وكذا الأصل ا لذي ذكرناه عن الشارح وهو من قام عن غيره بواجب بأمره رجع بما دفع الخ فإنه غير ضابط أيضا لأنه لا يشمل الأمر بالإنفاق في بناء داره وبشراء الأسير وقضاء النائبة ولشموله الواجب الأخروي كالأمر بأداء زكاته ونحوه
وفي نور العين عن مجمع الفتاوى أمر أحد الورثة إنسانا بأن يكفن الميت فكفن إن أمره ليرجع عليه
____________________
(8/476)
يرجع عليه كما في أنفق في بناء داري وهو اختيار شمس الإسلام وذكر السرخسي أن له أن يرجع بمنزلة أمر القاضي
وفيه عن الذخيرة قال ادفع إلى فلان قضاء له ولم يقل عني أو قال اقض فلانا ألفا ولم يقل عني ولا على أني ضامن لها أو كفيل بها فدفع فلو كان المأمور شريكا للآمر أو خليطا له رجع على آمره ومعنى الخليط أن يكون بينهما أخذ وإعطاء أو مواضعة على أنه متى جاء رسول هذا أو وكيله يبيع منه أو يقرضه فإنه يرجع على الآمر إجماعا إذ الضمان بين الخليطين مشروط عرفا إذا العرف أنه إذ أمر شريكه أو خليطه بدفع مال إلى غيره بأمره يكون دينا على الآمر والمعروف كالمشروط وكذا لو كان المأمور في عيال الآمر أو بالعكس يرجع إجماعا وإن لم يقل على أني ضامن ولم يشترط الرجوع ا هـ
وأفاد التعليل بالضمان عرفا أن ما جرى به العرف في الرجوع على الآمر يرجع وإن لم يكن خليطا ولا في عياله ولذا أثبتوا الرجوع للصيرفي فليحفظ
قوله ( وإن استحق نصف الهبة رجع بنصف العوض ) لأنه لم يدفعه إلا ليسلم له الموهوب كله فإذا فات بعضه رجع عليه بقدره كغيره من المعاوضات
درر
قال السمرقندي وهذا إذا استحق نصف معين أما إذا لم يكن معينا تبطل الهبة أصلا
كذا في الشرح إ هـ
وقال في الجوهرة وهذا أي الرجوع فيما إذا لم يحتمل القسمة وإن فيما حتملها إذا استحق بعض الهبة بطل في الباقي ويرجع في العوض أي لأن الموهوب له تبين أنه لم يملك ذلك البعض المستحق فبطل العقد فيه ن الأصل فلو جاز في الباقي كان هبة مشاع فيما يحتمل القسمة وذلك يمنع ابتداء التمليك بالهبة
أشار إليه سري الدين
قوله ( وعكسه لا ) أي إن استحق نصف العوض لا يرجع بنصف الهبة لأنه ليس عوضا حقيقة على ما تقدم ولأن النصف الباقي مقابل لكل الهبة فإن الباقي يصلح للعوض ابتداء فكذا بقاء إلا أنه يتخير
قوله ( ليسلم العوض ) الأولى أن يقول لأنه لن يسلم له العوض
فتأمل
قوله ( الغير المشروط ) أي في عقد الهبة قوله ( أما المشروط ) أي في العقد
قوله ( فيوزع ) لأنه بيع
قوله ( كما لو استحق ) تنظير لمفهوم قوله ما لم يرد ما بقي فإن مفهومه أنه إذا رد ما بقي رجع بكل الهبة
قوله ( لا إن كانت هالكة ) فإن استحق العوض والهبة هالكة لا يرجع الواهب على الموهوب له أصلا لأن هلاك الهبة مانع من الرجوع إ هـ
شلبي أي وقد هلكت على ملكه واستحال الرجوع فيه فاستوى في ذلك التعويض وعدمه ط
قوله ( لم يرجع ) أي الواهب على الموهوب له ببدل العوض لأن الزيادة مانعة من الرجوع كالهلاك
قوله ( رجع ما لم يعوض ) لأن المانع قد خص النصف
قوله ( ولا يضر الشيوع ) أي الحاصل بالرجوع في النصف
قال في البزازية عوضه في بعض هبته بأن كانت ألفا عوضه درهما منه فهو فسخ في حق الدرهم ويرجع
____________________
(8/477)
في الباقي وكذا البيت في حق الدار
قوله ( ولم أر من صرح به غيره ) قائله المصنف في منحه وفيه بل صرحوا بأن العوض قسمان
قال سري الدين جعل صاحب البدائع والمحيط العوض على نوعين عوض مشروط في العقد وسيأتي في كلام المصنف آخر مسألة من هذا الباب وعوض متأخر عن العقد وهو ما ذكره المصنف والعين للعوض أي المتأخر أ هـ وقد عقد صاحب الهندية بابا مستقلا لهما ويفرق بينهما بما ذكر هنا من أنه لم يكن مشروطا واستحق بعضه فإنه يمتنع الرجوع وإن كان مشروطا انقسم على الهبة ط
قال في مشتمل الأحكام ناقلا عن مختصر المحيط العوض المانع إن كان مشروطا في العقد فلكل واحد الامتناع ما لم يتقابضا فهو بمنزلة البيع يردان بعيب ويجب له الشفعة ولو كان العوض متأخرا عن العقد إن أضافه إلى الهبة بأن قال هذا عوض هبتك أو جاريتك يصح ويكون العوض هبة يصح بما تصح به الهبة ويبطل بما تبطل به الهبة ويتوقف الملك على القبض ولا يكون في معنى المعاوضة ابتداء ولا انتهاء
فأما إذا لم يضف العوض إلى الهبة فلكل واحد منهما الرجوع بما وهب
ونقل عن شرح مختصر القدوري العوض إذا لم يكن مشروطا في العقد فهو هبة في نفسه فيتوقف الملك على القبض ولا يصح الشيوع وفي حق الأول يعتبر عوضا ثم يسقط به الرجوع فما في مختصر المحيط موافق للمجتبى بأحد وجهيه
وفي غاية البيان قال أصحابنا إن العوض الذي يسقط به الرجوع ما شرط في العقد فأما إذا عوضه بعد العقد لم يسقط الرجوع لأنه غير مستحق على الموهوب له وإنما تبرع به ليسقط عن نفسه الرجوع فيكون هبة مبتدأة وليس كذلك إذا شرط في العقد لأنه يوجب أن يصير حكم العقد حكم البيع ويتعلق به الشفعة ويرد بالعيب فدل أنه قد صار عوضا عنها وقالوا أيضا يجب أن يعتبر في العوض الشرائط المعتبرة في الهبة وعدم الشيوع لأنه هبة
كذا في شرح الأقطع
وقال في التحفة فأما العوض المتأخر عن العقد فهو لإسقاط الرجوع ولا يصير في معنى المعارضة لا ابتداء ولا انتهاء وإنما يكون الثاني عوضا عن الأول بالإضافة إليه نصا كهذا عوض عن هبتك فإن هذا عوض إذا وجد القبض ويكون هبة يصح ويبطل بما تصح وتبطل به الهبة وأما إذا لم يضف إلى الأولى يكون هبة مبتدأة ويسقط حق الرجوع في الهبتين جميعا انتهى مع بعض اختصار
ومفاده إلى الأولى يكون هبة مبتدأة ويسقط حق الرجوع في الهبتين جميعا انتهي مع بعض اختصار
ومفاده أنهما قولان أو روايتان الأول لزوم اشتراطه في العقد
والثاني لا بل لزوم الإضافة إلى الأولى وهذا الخلاف في سقوط الرجوع
وأما كونه بيعا انتهاء فلا نزاع في لزوم اشتراطه في العقد
تأمل
وسنذكر آخر الفصل في الفروع بيان العوض مفصلا عن الهندية إن شاء الله تعالى فراجعه
قوله ( وفروع المذهب مطلقة كما مر ) من دقيق الحنطة وولد إحدى جاريتين
قال في المنح منها كما قدمناه من أن دقيق الحنطة يصلح عوضا منها ومنها ما تقدم من أنه لو عوضه ولد إحدى جاريتين موهوبتين وجد بعد الهبة فإنه يمتنع الرجوع اه
قوله ( فتدبر ) قال العلامة أبو السعود قلت الظاهر أن الاشتراط بالنظر لما سبق من توزيع البدل على المبدل لا مطلقا وحينئذ فما في المجتبى لا يخالف إطلاقه فروع المذهب فتأمل انتهى
لكن قال العلامة السائحاني أقول بل فروع المذهب صريحة في ضده كما قدمته عن الخانية وكما قدمه الشارح في قوله ومراده العوض الغير المشروط فلا تلتفت لما في المجتبى ثم ظهر أن المراد بعدم كونه
____________________
(8/478)
عوضا أنه لا يجعل الهبة بيعا انتهاء
ثم رأيت شيخنا أجاب بنظير هذا انتهى
فتأمل
قوله ( خروج الهبة ) لأنه حصل بتسليط الواهب فلا ينقضه أطلق في الخروج فشمل ما إذا وهب لإنسان دراهم ثم استقرضها منه فإنه لا يرجع فيها لاستهلاكها
خانية
وشمل أيضا ما لو وهب لمكاتب إنسان ثم عجز المكاتب لم يرجع المالك في الهبة عند محمد لانتقالها من ملك المكاتب إلى ملك مولاه خلافا لأبي يوسف كما في المنح
قوله ( سواء كان ) أي رجوع الثاني
قوله ( فسخ ) فإذا عاد إلى الواهب الثاني ملكه عاد بما كان متعلقا به
قوله ( لم يرجع الأول ) لأن حق الرجوع لم يكن ثابتا في هذا الملك
درر عن المحيط
قوله ( ولو باع نصفه الخ ) مرتبط بالمصنف ويظهر في صورة تكرر الهبة أيضا قال في المحيط البرهاني ولو وصل إلى الواهب الثاني بهبة أو إرث أو وصية أو شراء أو ما أشبه ذلك لم يكن للواهب الأول أن يرجع
قوله ( فلو ضحى الخ ) أما لو طبخها بعد أن ضحى بها أو بدون التضحية ينبغي أن لا يرجع لأنه بمنزلة الاستهلاك كما علم في باب الغصب
قوله ( لا يمنع الرجوع ) وتجزيه عن الأضحية والمتعة عند محمد وليس له الرجوع في قول أبي يوسف والصحيح أن قول الإمام كقول محمد
هندية عن المحيط
قال ط وسكت عن النذر والظاهر عدم الإجزاء لعدم الوفاء بالنذر ا هـ
قال السائحاني ويظهر أنها تجزىء عن النذر والقران أما على رواية أنها غير فسخ من الأصل إذا لم تكن بقضاء فظاهر وأما على غيرها فلأن هذه الأشياء غير محسوسة حتى يتأتى فيها النقض وصرحوا بأن الزكاة لا تعود وكذا الشفعة فيما لو وهب المال قبل الحول ثم رجع بعده وفيما لو رجع بعدما وهب الدار وبيعت دار بجوارها وسيأتي ووهب شاة راجع بعد ذبحها فيجزىء من ضحى عليها ويؤجر وهذا البيت تصريح ببعض ما ظهر لي
ا هـ
أقول ولأنه وإن لم يبح له أكل المنذور لكنه باق على ملكه بعدم الذبح ولذا يتصدق به والصدقة لا تكو إلا بما هو ملكه
تأمل
قوله ( والنذر ) لعله أراد به هنا المطلق فلا يتكرر مع المصنف
أو يقال إنما كررها بعد ذكر المتن لها لأنه نقل عبارة المجتبى برمتها تأييدا لما في المتن
قوله ( فجعله ) أي الموهوب له
قوله ( فله الرجوع ) ما لم يقبضه للمتصدق عليه ولو وهب له شيئا وقبضه فاختلسه الواهب واستهلكه غرم قيمته للموهوب له ولو كان شاة فذبحها الواهب بعد قبض الموهوب له يأخذ الشاة المذبوحة من غير تغريم بخلاف ما لو كان ثوبا فقطعه الواهب فإن الموهوب له يأخذ الثوب ويغرم الواهب له ما بين القطع والصحة
هندية
قوله ( خلافا للثاني ) أي فلا يمتنع الرجوع عنده والخلاف يجري أيضا في مسألة الأضحية وما عطف عليها كما هو في المجتبى
ولذا قال فيما لو ذبحها من غير تضحية له الرجوع اتفاقا أي لم يخالف فيها أبو يوسف
____________________
(8/479)
لأنها لم تخرج عن ملكه أصلا
وفي التضحية خرجت لله تعالى وهما يقولان وإن وقعت التضحية لله تعالى لكنها إنما وقعت القربة بإراقة الدم ولذا له أن يأكل لحمها فلم تخرج عن ملكه بالكلية وهذا ظاهر في الأضحية
وأما في النذر فكذلك كما علمت
قوله ( فله الرجوع اتفاقا ) لأنها لم تخرج عن ملكه أصلا
قوله ( سقط الدين والجناية ) كما قدمناه
وصورة المسألة رجل له على عبد دين فوهبه مولاه لصاحب الدين وقبله سقط دينه لأن بقبوله الهبة كان راضيا بإسقاط حقه في الدين وأرش الجناية لأنهما يتعلقان برقبة العبد ولا يرجع على العبد بشيء لأن السيد لا يستوجب حقا على عبده
قوله ( ثم لو رجع ) أي الواهب في هبته
قوله ( صح استحسانا ) وفي القياس لا يصح رجوعه في الهبة لأنه رضي بسقوط حقه ليسلم له العبد فكان بمنزلة العوض وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة والمعلى عن أبي يوسف وهشام عن محمد وعلى قول أبي يوسف إذا رجع في الهبة يعود الدين والجناية وأبو يوسف استفحش قول محمد وقال أرأيت لو كان على العبد دين لصغير فوهبه مولاه منه فقبل الوصي وقبض فسقط الدين فإن رجع بعد ذلك لو قلنا لا يعود الدين كان قبول الوصي الهبة تصرفا مضرا على الصغير ولا يملك ذلك ووجه الاستحسان أنه لم ينص على العوض فكان إسقاطا محضا وكانت الهبة خالية عن العوض لأن شرط العوض أن يقول هو عوض عن هبتك كما مر ولم يوجد
قال بعض الأفاضل والذي يظهر ما قاله أبو يوسف لأن الشيء ينتهي بانتهاء علته وعلة سقوط الدين الملك ولم يبق الملك فيعود الدين كمن له على آخر دين مؤجل فقضاه قبل الأجل فاستحق ذلك عاد الدين مؤجلا لأنه لما بطل القضاء بالاستحقاق بطل وهو سقوط الأجل فتأمل
ا هـ
فروع صبي له على مملوك وصيه دين فوهب الوصي عبده للصبي ثم أراد الوصي الرجوع في ظاهر الرواية له ذلك وعن محمد المنع
بزازية
قوله ( ورواية عن الإمام ) لأن الساقط لا يعود كماء قليل نجس دخل عليه الماء الجاري حتى كثر وسال ثم عاد إلى القلة لا يعود نجسا
وقال أبو يوسف يعود الدين حكما كما كان لأن زوال الدين كان حكما لملكه الموهوب له وقد بطل الملك كما في المنح
قوله ( كما لا يعود النكاح ) وذكر الصدر الشهيد أنه يعود
قال في الخانية وأما مسألة النكاح ففيها روايتان عن أبي يوسف
في رواية إذا رجع الواهب يعود النكاح
ا هـ
وفي الهندية بعد ما ذكره عن الصدر الشهيد وذكر محمد في الكتاب في مواضع أنه بالرجوع في الهبة يعود إلى الواهب قديم ملكه والمراد منه العود إلى قديم ملكه فيما يستقبل لا فيما مضى ألا ترى أن من وهب مال الزكاة من رجل قبل الحول وسلمه إليه ثم رجع في الهبة بعد الحول لا يجب على الواهب زكاة ما مضى ا هـ
فلم يجعل قديم ملكه عائدا إليه في حق زكاة ما مضى وكذلك من وهب من آخر دارا وسلمها إلى الموهوب له ثم بيعت دار بجنبها ثم رجع الواهب فيها لم يكن للواهب أن يأخذها بالشفعة ولو عاد إليه قديم ملكه فيما مضى وجعل كأن الدار لم تزل عن ملكه لكان له الأخذ بالشفعة ا هـ
وعزاه للذخيرة
قوله ( والزاي )
____________________
(8/480)
فيها لغات فمدها بعض العرب ومنهم من يقول زاي ومنهم من يقول زا فيقصرها ومنهم من ينون فيقول زا وهذا أقبح الوجوه لأنه لم يأت اسم على حرف ومنهم من يقول زي فيشدد الياء أبو السعود عن ابن عبدون قوله ( فلو وهب لامرأة الخ ) الأصل الزوجية نظير القرابة حتى يجري التوارث بينهما بلا حاجب وترد شهادة كل واحد للآخر فيكون المقصود من هبة كل منهما للآخر الصلة والتوادد دون العوض بخلاف الهبة للأجنبي فإن المقصود منها العوض ثم المعتبر في ذلك حالة الهبة فإن كانت أجنبية كان مقصوده العوض فثبت له الرجوع فيها فلا يسقط بالتزويج وإن كانت حليلته كان مقصوده الصلة دون العوض وقد حصل فسقط الرجوع فلا يعود بالإبانة ا هـ
زيلعي ملخصا
قوله ( لا ) أي لا يرجع ولو فارقها بعد ذلك لا يملك الرجوع لقيام الزوجية وقت الهبة
قوله ( كعكسه ) أي لو وهبته لرجل ثم نكحها رجعت ولو لزوجها لا وإن فارقها والأولى أن يقول كما إذا كانت هي الواهبة فيهما
قوله ( ولو في مرضه ) قال في الأصل ولا يجوز هبة المريض ولا صدقته إلا مقبوضة فإذا قبضت جازت من الثلث وإذا مات قبل التسليم بطلت
ويجب أن يعلم بأن هبة المريض هبة عقد أو ليست بوصية واعتبارها من الثلث ما كان لأنها وصية ولكن لأن حق الورثة يتعلق بالمريض وقد تبرع بالهبة فيلزم تبرعه بقدر ما جعل الشرع له وهو الثلث وإذا كان هذا التصرف هبة عقد اشترط له سائر شرائط الهبة ومن جملتها قبض الموهوب قبل موت الواهب ا هـ
محيط قوله ( ولا تنقلب وصية ) لما علمت أن هبة المريض هبة عقدا وهي ليست بأهل لقبضها لأنها لو قبضتها لكانت ملكا له ويستحيل أن يملك الإنسان لنفسه
وأيضا أفاد أن قولهم الهبة في مرض الموت وصية أنها تنعقد هبة وتنقلب وصية وشرط الهبة القبض وأم الولد محجورة لقيام الملك حال حياة المولى ولا يد للمحجور فلا يتأتى منها القبض ولا يمكن أن تصير مأذونة في تلك الهبة لأنها لا تملك ما دامت رقيقة أما لو أوصى لها فإنها تمليك بعد الموت وهي حرة بعد موت مولاها فتصح الوصية
قوله ( لعتقها بموته ) ويعتبر القول بعد الموت والتمليك واقع لها بعده
قوله ( والقاف القرابة ) أي القريبة إلا الوالد إذا احتاج إلى ذلك
قال في الدرر فإنه ينفرد بالأخذ لحاجته إلى الإنفاق ويسمى ذلك رجوعا نظرا إلى الظاهر وإن لم يكن رجوعا حقيقة على أن هذا الحكم غير مختص بالهبة بل الأب إذا احتاج فله الأخذ من مال ابنه ولو غائبا كما ذكر في باب النفقات
قال صدر الشريعة ونحن نقول به أي لا ينبغي أن يرجع إلى الوالد فإنه يتملك للحاجة فتوهم بعض الناس أن قوله ونحن نقول به أنى لأب أن يرجع فيما وهب لابنه عندنا يضا مطلقا وهو هم باطل منشؤه الغفلة عن قوله فإنه يتملكه للحاجة فإن مراده ما ذكرنا حتى لو لم يحتج لم يجز له الأخذ من مال ابنه فإن ما توهمه مخالف لتصريح علمائنا كقاضيخان وغيره أن قرابة الأولاد من جملة الموانع
ا هـ
ولهذا لم يتعرض الشارح رحمه الله تعالى لتخصيص القرابة بغير الأب بل تركه على العموم اتكالا على ما تقرر أن للأب أن يتناول من مال ابنه عند الحاجة بقدرها
قوله ( لذي رحم محرم ) خرج من كان ذا رحم وليس بمحرم ومن كان محرما وليس بذي رحم
درر
فالأول كابن العم فإن كان أخاه من الرضاع أيضا فهو خارج أيضا واحترز عنه بقوله نسيا فإنه ليس بذي رحم محرم من النسب كما في الشرنبلالية والثاني كالأخ رضاعا
____________________
(8/481)
قال السمرقندي الرحم صاحب القرابة والمحرم هو الذي يحرم مناكحته ا هـ
وإنما لا يرجع فيها لقوله عليه الصلاة والسلام إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجح فيها
ولأن المقصود منها صلة الرحم وقد حصل وفي الرجوع قطيعة الرحم ا هـ
زيلعي
قوله ( منه ) صفة محرم والضمير في منه للرحم فخرج الرحم غير المحرم كابن العم والمحرم غير الرحم كالأخ رضاعا والرحم المحرم الذي محرميته لا من الرحم كابن عم هو أخ رضاعا وعلى هذا لا حاجة إلى قوله نسبا
نعم يحتاج إليه لو جعل الضمير للواهب ليخرج به الأخير
تدبر
قوله ( نسبا ) حال من محرم فلو كان الرحم محرما من الرضاع أو المصاهرة لا يمتنع الرجوع لعدم وجوب صلته ولذا لا يجب إنفاقه عليه عند عجزه وإن كانت صلته مندوبا إليها
قوله ( ولو ذميا أو مستأمنا ) لأنه واجب الصلة ومحل للصدقة لقوله تعالى { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم } الممتحنة 8 ولقبول الذمة والأمان فقد ترك المقاتلة
قال القهستاني ومثلهما الحربي
قوله ( بلا رحم ) أي بلا رحم موجب للمحرمية وإن صار له رحم بالرضاع والمصاهرة فإنه لا يمنع الرجوع
قوله ( ولو ابن عمه ) أي ولو كان أخوه رضاعا ابن عمه وهذا خارج بقوله منه أو بقوله نسبا لأن محرميته ليست من النسب بل من الرضاع ولا يخفى أن وصله بما قبله غير ظاهر لأن قوله لمحرم بلا رحم لا يشمله لكونه رحما إلا أن يقال قوله بلا رحم الباء فيه للسببية أي لمحرم بسبب غير الرحم كالباء في قوله بعده بالمصاهرة
تأمل
قوله ( ولمحرم ) عطف على لمحرم فلا يمنع الرجوع
قوله ( كأمهات النساء والربائب ) ومثلهم أزواج البنين والبنات
خانية قوله ( وأخيه وهو عبد لأجنبي ) أي لأن الهبة لم تقع له حينئذ بل لمولاه لأن العبد لا يملك وإن تملك فهو وما في يده لسيده وفي ألغاز الأشباه أي أب وهب لابنه وله الرجوع فقل إذا كان الابن مملوكا لأجنبي
قال الحموي وإنما قيد بكونه مملوكا لأجنبي لأنه إذ كان مملوكا لقريب ذي رحم محرم منه تكون الهبة واقعة للقريب والهبة للقريب لا رجوع فيها وإنما قيد القريب بكونه ذا رحم لإمكان تصور المسألة وإلا فلا يمكن تصورها
قوله ( أو لعبد أخيه ) أي وهو أجنبي لأنه لم يهب للأخ صورة وإن وقعت للأخ في الحقيقة لقيام الشك في المانع فلا يثبت مع الشك ولأن الملك لم يقع فيها للقريب من كل وجه بدليل أن العبد أحق بما وهب له إذا احتاج إليه وهذا عند أبي حنيفة وقالا يرجع في الأولى دون الثانية
منح عن البحر ومثله في شرح المجمع
قوله ( رجع ) أي في كل الصور عند الإمام وقالا يرجع في الأول لا في الثانية كما علمت لأن الملك يقع للمولى فكان هو المعتبر وللإمام أن الهبة تقع للمولى من وجه وهو ملك الرقبة وللعبد من وجه وهو ملك اليد ألا ترى أنه أحق به ما لم يفضل عن حاجته فباعتبار أحد الجانبين يلزم فيهما وباعتبار الجانب الآخر لا يلزم فيهما فلا يلزم بالشك ولأن الصلة قاصرة في حق كل واحد منهما لما ذكرنا في المعنى والصلة الكاملة هي المانعة من الرجوع فلا تتعدى إلى قاصرة
قوله ( ولو كان ذا رحم محرم من الواهب ) بأن كان أخوه لأبيه عبدا لأخيه من أمه
ا هـ
سري الدين عن المبسوط أي لأن الهبة في الصورة وقعت لذي الرحم وكذا في الحقيقة فامتنع الرجوع للوجهين ولو عجز قريبه المكاتب فعند محمد لا يرجع خلافا لأبي يوسف وإن أعتق لا رجوع
منح
فأفاد أنه لا يرجع ما دام مكاتبا اتفاقا لأنه حر يدا تصوير المسألة بأن يكون لرجل أختان لكل واحدة منهما ولد وأحد الولدين مملوك للآخر
قوله ( على الأصح ) وذكر الكرخي عن محمد أن قياس قول الإمام أن يرجع لأنه لم يكن لكل واحد منهما صلة كاملة
____________________
(8/482)
قوله ( لأن الهبة الخ ) أي فليس في المانع شك
قوله ( ما لا يقسم ) أي ما لا يقبلها مع بقاء الانتفاع السابق كما تقدم واحترز به عما وهب لهما ما يقسم فلا تصح لواحد منهما لأن هبة ما يحتمل القسمة لاثنين غير صحيحة لأنه وهب لكل منهما مشاعا كما تقدم قبيل باب الرجوع وبقلبه لا أي لو وهب لاثنين ما يحتمل القسمة لا يصح
قوله ( له الرجوع في حق الأجنبي ) اعتبارا للبعض بالكل
مبسوط
قوله ( هلاك العين الموهوبة ) أي تلف عينها أو عامة منافعها مع بقاء الملك فلو وهبه سيفا فجعله سكينا أو سيفا آخر لا يرجع لتعذر الرجوع بعد الهلاك إذ هو غير مضمون عليه بخلاف شاة ذبحها
زيلعي ومكي
لو استهلك البعض له أن يرجع بالباقي
بزازية والاستهلاك كالهلاك كما هو ظاهر صرح به أصحاب الفتاوى
رملي
وأما هلاك أحد العاقدين فقد قدمه
قوله ( لأنه ينكر الرد ) أي وجوبه عليه وهذه علة لقوله صدق ولأن دعواه الهلاك إخبار منه بهلاك ملكه وأنه لا يوجب يمينا
برهان
قال العيني فلو ادعى الموهوب له الهلاك صدق لأنه منكر لوجوب الرد عليه فأشبه المودع ا هـ
بقي قوله بلا حلف عزاه في الدرر وغيره إلى الكافي ولم يذكر العلة مع أن في الوهبانية قال إذا ادعى المودع ضياعها وحدها يستحلف وقد قال العيني فأشبه المودع على أن المقرر وإن كان القول قول المنكر لكنه بيمينه ولأن كل من أنكر ما لو أقر به لزمه يحلف عند إنكاره وهذا لو أقر بعدم الهلاك يلزمه الرد فلم لا يحلف عند إنكاره بدعوى الهلاك والظاهر أن العلة هي عدم تأكد ملك الواهب
قال في الخلاصة لو قال الموهوب له هلكت فالقول قوله ولا يمين عليه وعليه الكنز وسائر المتون
قوله ( حلف المنكر أنها ليست هذه ) أي ولا يحلف على الهلاك لما سبق
والحاصل أنه لا يمين عليه بدعوى الهلاك ما لم يعين الواهب عينا ويدعي أنها هي الهبة لا الهالكة ويريد استردادها وأنكر الموهوب له ذلك وادعى أن الموهوب غيرها حلف
قوله ( كما يحلف الواهب الخ ) قال في الهندية وإذا أراد الواهب الرجوع في الهبة فقال الموهوب له أنا أخوك أو قال عوضتك أو تصدقت به علي وكذبه الواهب فالقول للواهب
قوله ( الأخ ) الأولى الموهوب له
قوله ( مسبب النسب ) يعني المال لا النسب أي ولو كان المقصود النسب لا يجري فيه اليمين على قول الإمام خلافا لقول الصاحبين المفتى به من أن التحليف يجري في النسب
وحاصل التحقيق في هذه المسألة أنه لو ادعى بسبب النسب مالا لازما وكان المقصود إثباته دون النسب فيحلف عليه كما في المنح والطحطاوي وغيرهما حتى قال في البحر يستحلف الواهب عند الكل لأنه ادعى بسبب النسب مالا لازما فكان المقصود إثباته دون النسب وعزاه لفتاوى قاضيخان من باب الاستحلاف ونظر فيه الرحمتي بأن المال ليس بسبب النسب بل المعنى الصحيح أن يقال إن الأمر الذي بسببه النسب وهو مسبب عنه وهو
____________________
(8/483)
لزوم الهبة وعدم صحة الرجوع فيها وهذا يحلف منكره اتفاقا أما ما قاله الإمام من أنه لا تحليف في النسب أي إذا ادعى عليه نسبا لقصد إثباته أما هنا فالمقصود منه إثبات أمر آخر وهو لزوم الهبة فهو المدعي في الحقيقة
ا هـ
فتأمل
ومسبب بضم الميم وفتح السين وتشديد الباء الأولى وفتح الثانية
قوله ( ولا يصح الرجوع إلا بتراضيهما أو بحكم الحاكم ) فلو استردها بغير قضاء ولا رضا كان غاصبا حتى لو هلكت في يده يضمن قيمتها للموهوب له
شمني
قال قاضيخان وهب ثوبا لرجل ثم اختلسه منه فاستهلكه ضمن الواهب قيمة الثوب للموهوب له
لأن الرجوع في الهبة لا يكون إلا بقضاء أو رضا
ا هـ
وفيه الواهب إذا رجع في هبته في مرض الموهوب له بغير قضاء يعتبر ذلك من جميع مال الموهوب له أو من الثلث فيه روايتان ذكر ابن سماعة في القياس يعتبر من جميع ماله
ا هـ
قوله ( للاختلاف فيه ) أي بين العلماء فإن بعض المجتهدين يقول بعدم الرجوع فهو ضعيف لا يثبت حكمه إلا بأحد المذكورين وذكر في الحواشي اليعقوبية أنه لأن الشافعي يخالفنا وفيه كلام وهو أن خلافه متأخر فكيف يبني الحكم المتقدم على ما لم يتحقق بعد والأولى حمله على اختلاف الصحابة لو ثبت
ا هـ
قوله ( فيضمن بمنعه ) يعني لو سأله رد العين الموهوبة بعد قضاء القاضي بصحة الرجوع فيها فامتنع من تسليمها فهلكت لزمه ضمانها بمثلها إن كانت مثلية وإلا فبقيمتها لأنه متعد بالمنع بعد صحة الرجوع بقضاء القاضي أما قبل القضاء لو هلكت سقط الرجوع بالهلاك ولا ضمان عليه بالمنع لأنه غير متعد لأنه إنما منع ملكه إذ لم يصح الرجوع لعدم وجود القضاء ولا رضا مع المنع وقد ملكها بالهبة ولا يعتبر قوله بلسانه رضيت بردها لأن إمساكها ينقضه لكن قوله لا يشترط فيه قبض الواهب يفهم منه أنها تتم بقوله رضيت بردها فليحرر
أفاده بعض الأفاضل
قال ط وانظر ما لو منعه بعد الرجوع بالرضا وهلك والظاهر أنه يضمن لوجود التعدي كمنعه بعد القضاء
أقول وهذا يؤيد بعض ما فهمه بعض الأفاضل حيث ضمنه بالمنع ولم يعده رجوعا
تأمل
قوله ( بقضاء أو رضا ) على حذف أي
قوله ( كان فسخا ) خلافا لزفر في الرجوع بالتراضي كما يأتي
عناية
قوله ( وإعادة ) بالنصب عطفا على فسخا
قوله ( لا هبة للواهب ) أي كما قال زفر رحمه الله تعالى بأن الرجوع بالتراضي عقد جديد فيجعل بمنزلة الهبة المبتدأة
عيني
قال في البدائع ولو وهب الموهوب له للواهب قبل القضاء أو الرضا وقبله لا يملكه حتى يقبضه فإذا قبضه كان بمنزلة الرجوع بالتراضي أو بقضاء وليس للموهوب له أن يرجع فيه
ا هـ
قوله ( لا يشترط فيه قبض الواهب ) والموهوب يكون أمانة في يد الموهوب له حتى لو هلك لا يضمن
هندية
قوله ( وصح الرجوع في الشائع ) أي في البعض الشائع الذي يحتمل القسمة كما إذا وهب الدار ثم رجع في نصفها لأن الشيوع طارىء لا أثر له فيها
ذكره في العناية
قوله ( لما صح فيه ) أي في الشائع ولا يشترط قبض الواهب
قوله ( وللواهب رده ) أي بالعيب أي له بعد الرجوع منه رد الموهوب إذا كان اشتراه من رجل ثم بعد الرجوع اطلع على عيب فيه
قوله ( مطلقا ) حال من رجوع الواهب أي لأنه فسخ مطلقا بحكم خيار العيب يعني ولم يعلم بالعيب قبل الهبة
وصوره الطحطاوي بما لو اشترى شيئا ثم باعه ثم رد المشتري الثاني على الأول بعيب قديم فإن رده بقضاء كان فسخا فيثبت حق الرد للمشتري الأول على بائعه وإن كان برضا لا لأنه بمنزلة البيع الجديد
____________________
(8/484)
قوله ( بخلاف الرد بالعيب ) أي لو اشترى شيئا وباعه ورده المشتري الثاني بعد قبضه إياه على المشتري الأول بغير قضاء ليس للمشتري الأول أن يرده على بائعه كما تقدم في بابه لأن حق المشتري في وصف السلامة أي يستحق ما اشتراه سالما من العيوب فحيث وجد به عيبا رفع الأمر للقاضي فيطلب منه إيصاله إلى ما يستحقه من وصف السلامة وحيث كان المبيع معيبا ولم يمكن إيصاله إلى ما يستحقه يفسخ القاضي البيع وليس حقه في الفسخ فإذا تفاسخا بغير قضاء بل بتراضيهما كان إقالة وهي فسخ في حق المتعاقدين بيع جديد في حق ثالث والبائع الأول ثالثهما ففي حقه يفرض كأن المشتري الأول اشتراه من المشتري الثاني فليس له أن يرده عليه لأنه مشتري منه والمشتري لا يرد علي بائعه بالعيب إذا كان المبيع وصل إلى البائع من جهته ولا على البائع الأول لأن المشتري من شخص لا يرده على غيره وإنما قال بعد القبض لأن رده قبل القبض فسخ مطلقا فيرده على بائعه كما تقدم
قوله ( لأن حق المشتري في وصف السلامة لا في الفسخ ) ولهذا لو زال العيب امتنع الرد لوصول حقه إليه وإذا لم يكن سليما فات رضاه فيرجع بالعوض ويلزم منه فسخ العقد ضرورة من غير أن يثبت حقه في الفسخ فإذا لم يكن له حق الفسخ لم يصر مستوفيا حقه فيكون ملكا مبتدأ ضرورة غير أنه إذا حكم الحاكم بالرد عند عجزه عن تسليم حقه جعلناه فسخا لعموم ولايته ولا كذلك المتعاقدان لأنه لا ولاية لهما إلا على أنفسهما بخلاف الهبة فإنها تنعقد موجبة حق الفسخ وهو بالفسخ يكون مستوفيا حقا ثابتا له بالعقد لأن العقد وقع غير لازم فإن رفع رجع إليه عين ملكه كالعارية فيكون فسخا في حق الكل فلا يمكن أن يجعل هبة مبتدأة
ا هـ
منح بتصرف
وبهذا ظهر قول المؤلف فافترقا ط
قوله ( لا بطلان أثره أصلا ) أي فيما مضى
قوله ( وإلا لعاد المنفصل ) أي المتولد من الموهوب أي ولو قلنا ببطلان أثره في الماضي لأوجبنا رد الزوائد المنفصلة من الولد والثمر والأرش التي وجدت عند الموهوب له مع أنه لا يثبت للواهب الرجوع فيها ولأوجبنا عليه زكاة ماله الموهوب إذا رجع فيه لما مضى من السنين مع أنه لا يجب عليه كما سلف
والحاصل أنه لو كانت الهبة أمة مثلا فقبضها الموهوب لو ووطئها واستولدها وجنى عليها فقبض أرشها ووطئها غيره فأخذ عقرها ثم رجع عليه الواهب بقضاء أو رضا امتنع عليه وطؤها والتصرف بوجه من الوجوه بعد الفسخ وما أخذه من الأرش والعقر يطيب له لأنه نماء ملكه والولد ولده والواهب إنما يأخذ الأمة فقط وهذا معنى عدم ترتب الأثر في المستقبل لا فيما مضى
قوله ( من المواضع السبعة ) لا يظهر في الموت لأن الاتفاق حينئذ من الوارث والباقي أحد العاقدين ويكون الرجوع في العوض بالتراد وفي الهلاك برد البدل
قوله ( جاز هذا الاتفاق منهما ) أي على أنه هبة مبتدأة كما بينته عبارة المجتبى فيشترط فيه ما يشترط في الهبة مما تقدم في الشروط
ونقل المصنف في آخر الفصل عن المحيط رجل تصدق بصدقة فسلمها إليه ثم تقايلا الصدقة لم يجز حتى تقبض لأنها هبة مستقلة مستأنفة لأنه لا رجوع فيها وكذا الهبة إذا كانت لذي رحم محرم
ا هـ
____________________
(8/485)
والحاصل أنه تصح الإقالة في الهبة والصدقة في المحارم بالقبض مع أنه وجد فيها ما يمنع من الرجوع ومع ذلك جاز بتراضيهما لأنا جعلناه هبة مبتدأة ولذا شرط فيها ما يشترط للهبة وحينئذ فلا يظهر ما توقف به الطحطاوي
قوله ( في المحارم ) ظاهر تقييده بالمحارم يفيد أن القبض لا يشترط في غيرهم
وفي شرح المصنف وأطلق أبو يوسف في رواية ابن سماعة خلافه تصدق وسلم ثم استقاله فأقاله لم يجز حتى يقبض
ا هـ
وهذا يفيد ما ذكرنا ثم فائدة التقييد بالقبض أنه لو لم يقبضه وتصرف فيه الموهوب له صح تصرفه ونظيره يقال فيما بعده ط
قوله ( لأنها ) أي الإقالة هبة أي مستقلة
قوله ( وكل شيء يفسخه الحاكم إذا اختصما إليه فهذا حكمه ) أي يفتقر للقبض لكن الذي نحن فيه عدم فسخ القاضي والظاهر أن لفظة لا ساقطة وأصل الكلام وكل شيء لا يفسخه الحاكم كما هو الواقع في الخانية وبه يظهر المعنى ويكون المراد منه تعميم المحارم وغيرهم مما لا رجوع في هبتهم وسيجيء أن المعتمد الصحة ويمكن أن يراد بقوله وكل شيء يفسخه الحاكم الخ أي إن الهبة للمحارم والصدقة مطلقا إذا رفعت للحاكم وأراد صاحبها الرجوع فيها يفسخ دعواه الحاكم بمعنى أنه يبطلها ويحكم عليه بعدم صحتها فإن اتفقا عليها كانت هبة مبتدأ فيشترط لها شروط الهبة وكذا كل ما كان فيها مانع من موانع الرجوع فتأمل
قوله ( لأنه غير مقبوض ) لأن هبة الدين من غير من عليه الدين لا تجوز إلا بأن يسلطه على قبضه والصغير لا قبض له إلا بقبض وليه وهو من عليه الدين فلا يوجد القبض لكن سيجيء أن المعتمد الصحة ويفهم منه جواز عكسه وهو هبة الأب دينا على طفله لأنه مقبوض للأب إذا كان للطفل مال في يده
قوله ( قضى ببطلان الرجوع لمانع ) نقله صاحب الدرر من المحيط وهكذا في الذخيرة والخانية وذكر في التبيين وغيره أن الموهوب لو وصيفا فشب عند الموهوب له وكبر وطال ثم صار شيخا فقلت قيمته لم يرجع فيه وعلى هذا جميع الحيوان وعلل بأنه زاد من وجه وانتقص من وجه آخر وحين زاد سقط حق الرجوع فلا يعود وأنت خبير بأنه بين هذا وبين ما ذكر صاحب الذات لم يعد إلى حاله الأول ولكن ذكر الناطفي في أجناسه أنه يرجع ولعل وجهه أن الذات بعد زوال الزيادة هو الذات الأول
قوله ( ثم زال المانع ) مبني على ما قدمه في الخانية
واعتمده القهستاني لكن في كلامه هناك إشارة إلى اعتماد خلافه
قلت ولا يخفى ما في إطلاق الدرر فإن المانع قد يكون خروج الهبة من ملكه ثم تعود بسبب جديد وقد يكون للزوجية ثم تزول وفي ذلك لا يعود الرجوع كما صرحوا به فيما إذا بنى في الدار ثم هدم البناء وفيما إذا وهبها لآخر ثم رجع
ولعل المراد زوال المانع العارض فالزوجية وإن زالت لكنها مانع من الأصل والعود بسبب جديد بمنزلة تجدد ملك حادث من جهة غير الواهب فصارت بمنزلة عين أخرى غير الموهوبة بخلاف ما إذا عادت إليه بما هو فسخ هذا ما ظهر لي فتدبره
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
وكتب الطحطاوي لا يظهر في الزوجية والقرابة وهلاك العين والموت والعوض لأنه بيع انتهاء
وأما الخروج عن الملك فيزول إذا عاد إليه بفسخ
تأمل
ا هـ
والحاصل أن ما يمكن زواله من الموانع السبعة الزوجية والزيادة والعوض والخروج عن ملكه فبزوال
____________________
(8/486)
الزوجية لا يعود الرجوع وبزوال الثلاثة الباقية يعود الرجوع على ما فيه من التفصيل
قوله ( وضمن المستحق الموهوب ) ضمن بتشديد الميم فعل ماض والمستحق فاعله والموهوب مفعوله
قوله ( لأنها عقد تبرع ) أي وهو غير عامل له
قوله ( فلا يستحق فيه السلامة ) أي في عقد التبرع وهكذا حال المستعير بخلاف عقد المعاوضة لأن عقود المعاوضات يثبت فيها الغرور فللمشتري الرجوع على بائعه وكذا بكل عقد يكون للدافع كالوديعة والإجارة إذا هلكت الوديعة أو العين المستأجرة ثم جاء رجل واستحق الوديعة والمستأجرة وضمن المودع والمستأجر فإنهما يرجعان على الدافع بما ضمنا وكذا كل ما كان في معناهما
والحاصل أن المغرور يرجع بأحد أمرين إما بعقد المعاوضة أو بعقد يكون للدافع كما في المنح وقد انتفى الثاني هنا كما قال لأن قبض المستعير والمتهب كان لنفسه وقد عقد في الخانية فصلا لمسائل الغرور من البيع فراجعه وذكر في الذخيرة أن الواهب لو ضمن سلامة الموهوب للموهوب له نصا يرجع على الواهب
قوله ( ولا غرور ) أي موجب للضمان لأنه يكون موجبا بأحد أمرين وقد انتفيا هنا وكان حق العبارة أن يقول ولا غرور لأن قبض المستعير الخ لأن الغرور إنما يكون معتبرا بقبضه للدافع أو بعقد المعاوضة
قوله ( لعدم العقد ) أي عقد المعاوضة وإلا فالإعارة والهبة لا بد فيهما من عقد
قوله ( فيشترط التقابض ) أي في المجلس مطلقا أو بعده بإذنه مسكين ولا يثبت بها الملك قبل القبض ولكل واحد أن يمتنع من التسليم وكذا لو قبض أحدهما فقط فلكل الرجوع القابض وغيره سواء كما في غاية البيان
قوله ( في العوضين ) أي في العين الموهوبة والعوض عنها أما إذا كان العوض غير مشروط فهي هبة ابتداء وانتهاء فلا يثبت لها أحكام البيع وإن امتنع الرجوع حيث قال له خذه عوض هبتك ونحوه
قوله ( ويبطل العوض بالشيوع فيما يقسم ) هو مبني على اشتراط التقابض لأن القبض لا يتم مع الشيوع فيما يقسم
قوله ( بيع انتهاء ) أي إذا اتصل القبض بالعوضين
غاية البيان وهذا عندنا وعند زفر والشافعي بيع ابتداء وانتهاء لأن العبرة للمعاني ولنا أنه اشتمل على جهتين فيجمع بينهما ما أمكن عملا بالشبهين وتمامه في الدرر
وفي المقدسي والعبرة للمعاني كالكفالة بشرط براءة الأصيل حوالة وعكسه كفالة وبيع عبد لنفسه عتق وهبة تقع ببدل إجارة وهبة امرأة لزوجها نكاح وعكسه طلاق
قلنا ما اشتمل على جهتين يجب الجمع بينهما ما أمكن توفيرا على الشبهين حظهما كالإقالة بيع وفسخ وأمكن الجمع هنا باعتبار الهبة ابتداء والبيع انتهاء ولا تنافى بين حكميهما إذ البيع بتراخي حكمه بشرط الخيار والهبة تلزم بمانع وهبة المريض بطلت بالشيوع وبعدم القبض واعتبرت وصية من الثلث بعد الدين رعاية للشبهين وقد يترتب الملك على الهبة فلا فصل كما لو كانت في يد الموهوب له فلم يكن عدم اللزوم وعدم الترتيب من لوازمها على أن المستحيل الجمع في حالة واحدة لا في الابتداء أو الانتهاء بخلاف ما استشهد به لتعذر الجمع لتضاد الحكمين فلغا جانب اللفظ انتهى
وفي الشرنبلالية عن البرجندي أنه يصح العوض ولو كان أقل منها وهو من جنسها ولا ربا فيه انتهى
ولا تحالف لو اختلفا في قدر العوض لما في المقدسي عن الذخيرة اتفقا على أن الهبة بعوض واختلفا في قدره
____________________
(8/487)
ولم يقبض والهبة قائمة خير الواهب بين تصديق الموهوب له أو الرجوع في الهبة أو بقيمتها لو هالكة ولو اختلفا في أصل العوض فالقول للموهوب له في إنكاره وللواهب الرجوع لو قائما ولو مستهلكا فلا شيء له
ولو أراد الرجوع فقال أنا أخوك أو عوضتك أو إنما تصدقت بها فالقول للواهب استحسانا ا هـ ملخصا
قوله ( فترد بالعيب ) أي في العوض والمعوض أي يرد كل واحد من العوضين هذا هو الأوجه من الإرجاع إلى الهبة والتعميم وكذا يرد كل منهما بخيار الرؤية ويرجع في الاستحقاق على صاحبه بما في يده لو قائما وبمثله أو قيمته لو هالكا كما في المنبع
قوله ( على أن تعوضني ) لأن على للشرط
قوله ( وهبتك بكذا ) لأن الباء للمقابلة والمال المقابل بالمال بيع
قوله ( فهو بيع ابتداء وانتهاء ) فيثبت لكل منهما الملك في حقه ولا يمتنعان من التسليم ولا يشترط قبض ولا يضره شيوع
قوله ( بطل اشتراطه ) أي والهبة لا تبطل به
قوله ( فيكون ) أي المقبوض من الهبة وعوضها إذا دفع
قوله ( وهب الواقف أرضا بشرط استبداله ) في البحر نقلا عن القاضي الجامع بين وقف هلال والخصاف ولو وهب الواقف الأرض التي شرط الاستبدال به ولم يشترط عوضا لم يجز وإن شرط عوضا فهو كالبيع ا هـ
فقوله بشرط متعلق بالواقف وقوله بلا شرط متعلق بوهب وأعاد الضمير مذكرا على الأرض لتأويلها بالوقف أو العقار
قوله ( وإن شرط الخ ) ظاهره أنه يصح ولو كان البدل دراهم أو دنانير وقد تقدم في الوقف أنه لا بد أن يكون البدل عقارا وتقدم الكلام فيه فارجع إليه
قوله ( بشرط عوض مساو ) أي لقيمة مال الصغير وبالأولى إذا كان زائدا عليه
قوله ( بين الوقف ) أي الذي شرط استبداله حيث أجازه بشرط العوض
قوله ( ومال الصغير ) حيث لم يجوزاه مطلقا
قال الرملي يفرق بينهما بأن الواقف لما شرط الاستبدال وهو يحصل بكل عقد يفيد المعاوضة كانت الهبة بشرط العوض داخلة في شرطه بخلاف هبة الأب مال ابنه الصغير أي فإنها تبرع ابتداء وهو ممنوع عن مطلق التبرع في ماله انتهى
أقول وقد يقال إن المقصود من الاستبدال المنفعة في البدل لا في نفس الاستبدال وأما مال الصغير فيشترط في نفس العقد عليه ظهور المنفعة لأنه عقد تجارة أو أن الوقف من المستبدل فهو ملكه في الجملة بخلاف ملك ابنه فلعل أحد هذين الفرقين على قولهما الذي طلبه الشارح لأن الواقف له شائبة ملك حيث شرط الاستبدال لا سيما على قول الإمام بخلاف مال الطفل إذ لا ملك فيه ولا شائبة ملك فافترقا وهذا كله إذا كان ما نقله الناصحي على قول الإمام والصاحبين ويمكن أن يكون مشى على قول الإمام وأنهما يخالفان في الوقف كمال الصغير فلا يحتاجان للفرق فليراجع مذهبهما في ذلك والله تعالى أعلم واستغفر الله العظيم
____________________
(8/488)
فصل في مسائل متفرقة لما كانت المسائل المذكورة في هذا الفصل متعلقة بالهبة ذكرها في فصل على حدة
عناية
وأشار بقوله مسائل متفرقة إلى أن الأولى ترجمته بذلك
قوله ( وهب أمة إلا حملها ) اعلم أن استثناء الحمل ينقسم إلى ثلاثة أقسام في قسم يجوز التصرف ويبطل الاستثناء كالهبة والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد
وفي قسم لا يجوز أصل التصرف كالبيع والإجارة والرهن لأن هذه العقود تبطل بالشروط وكذا باستثناء الحمل
وفي قسم يجوز التصرف والاستثناء جميعا كالوصية لأن إفراد الحمل بالوصية جائز فكذا استثناؤه
يعقوبية
وباقي التفصيل في البيانية للعيني
قوله ( أو على أن يردها عليه ) أي بعد حين
وقوله أو يستولدها أي يتخذها أم ولد
قوله ( على أن يرد شيئا منها ) أي أو كرما على أن ينفق عليه من ثمرته كما في الخانية وهو متعلق بوهب أو تصدق على سبيل البدل
قوله ( ولو معينا ) أشار به إلى أنه لا فرق في التعويض ببعض الموهوب بين المجهول والمعلوم لأن الفساد ليس من جهة الجهالة بل من جهة كونه بعض الموهوب
قوله ( أو على أن يعوض في الهبة والصدقة شيئا منها ) أي شيئا مجهولا ح
وقيد بقوله منها فلو من غيرها أفسدها
قال في الخانية وهبه أرضا وشرط عليه أن ينفق عليه من الخارج فهي فاسدة
وقال في الصرة العوض المجهول إذا كان من غير عين الموهوب يفسد الهبة وتقدم لنا أن الفاسدة مضمونة وشرطوا لفسادها أن يكون الشرط في العقد لا بعد وحينئذ فالأولى مجازاة نقوط الأفراح بل ربما على عرف من يجعله كالقرض يجب كما تقدم
وفي بعض النسخ بل أكثرها عنها بدل منها
قوله ( صحت الهبة ) في الصور كلها لأنها لا تبطل بالشروط الفاسدة
درر
قال شيخ الإسلام أي التي تفسد البيع مع كونها غير آيلة إلى الهبة بشرط العوض كما يظهر ذلك في فتاوى قاضيخان وغيره وذلك كهبة مهرها بشرط أن يحج بها أو يحسن إليها أو يقطع لها في كل حول ثوبا مرتين فجعلوا اشتراط نفقة الحج والإحسان إليها وقطع الثوب بمنزلة شرط العوض بل جعل بعض المشايخ شرط ترك ظلمها في هبتها مهرها أو شرط المكث معها مثله في الحكم فحكموا ببطلان هبتها إذا ظلمها أو لم يمكث معها وهو المختار وكأنه لانتفاعها بهما لشبههما بالعوض في الجملة وإن لم يكونا عوضين حقيقة فكأنهم عملوا فيه بالشبهين فأفسدوا الهبة متى لم يحصل المشروط للواهب لشبهه بالعوض فإنه لا تتم الهبة إذا لم يحصل العوض وصححوها متى حصل النفع المشروط وإن كان مجهولا جهالة فاحشة كترك الظلم المجهول لجهالة مدته لأنه ليس بعوض حقيقة وهذا بخلاف الشروط المذكورة في الكتاب
وأما إذا شرط عوضا مجهولا جهالة فاحشة كما إذا شرط أن ينفق على الواهب ما يخرج من الأرض القراح الموهوبة فالهبة فاسدة مطلقا كما صرحوا به والظاهر أن الفساد لكونه تعليل الهبة بالخطر إذ الخروج موهوم هذا ما فهمت من كتب الفتاوى
كذا ذكره جوى زاده
وسيأتي تمامه آخر الفصل
قوله ( وبطل الاستثناء في الصورة الأولى ) لأن
____________________
(8/489)
الاستثناء لا يعمل إلا في محل يعمل فيه العقد والهبة لا تعمل في الحمل لكونه وصفا للجارية فانقلب شرطا فاسدا والهبة لا تبطل بالشروط الفاسدة
وقد أوسع الكلام على الحمل الإتقاني ونقله الشلبي عنه فراجعه إن شئت ط
وفي البحر وكذا الحكم في كل معاوضة مال بغير مال كالنكاح والخلع والصلح عن دم عمد والصدقة والعتق بخلاف المعاوضات المالية كالبيع والإجارة والرهن والكتابة لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع وشرط وبخلاف الوصية حيث تجوز في الأم دون الحمل وفي الحمل دون الأم لأن بابها أوسع
ولو أعتق حملها ثم وهبها صح لأن الجنين غير مملوك له فاشتغال بطنها به لا يوجب الفساد بخلاف ما إذا دبر الحمل ثم وهبها حيث لا تجوز الهبة لأن ملكه فيه باق فكانت هبة مشغول بخلاف الأول
ا هـ
ويأتي قريبا
قوله ( لأنه بعض ) وقد مر أنه يشترط أن لا يكون العوض بعض الموهوب وهو تعليل لقوله على أن يرد شيئا منها
قوله ( أو مجهول ) تعليل لقوله على أن يعوض في الهبة والصدقة شيئا عنها ولا يشمل الثلاث التي بعد الأولى فالأولى تعليل الهداية بأن هذه الشروط تخالف مقتضى العقد فكانت فاسدة والهبة لا تبطل بها إلا أن يقال قوله والهبة لا تبطل بالشروط من تتمة التعليل
قوله ( بالشروط ) أي الفاسدة
قوله ( ولا تنس ما مر ) أي فجهالته مفسده
قال في السراج والأصل في هذا أن كل عقد من شرطه القبض فإن الشرط لا يفسده كالهبة والرهن
ا هـ
ونبه الشارح بقوله ولا تنس إشارة إلى دفع ما قاله الزيلعي تبعا للنهاية من أن قوله أو على أن يعوض الخ فيه إشكال لأنه إن أراد به الهبة بشرط العوض فهي والشرط جائزان فلا يستقيم قوله بطل الشرط وإن أراد به أن يعوضه عنها شيئا من العين الموهوبة فهو تكرار محض لأنه ذكره بقوله على أن يرد عليه شيئا منها ا هـ
وحاصل الدفع أن المراد الأول وإنما بطل الشرط لجهالة العوض
كذا أفاده في البحر
ثم رأيت صدر الشريعة صرح به فقال مرادهم ما إذا كان العوض مجهولا وإنما يصح العوض إذا كان معلوما ا هـ
أقول وتابع صدر الشريعة صاحب الدرر حيث قال واعترض الزيلعي على قولهم أو يعوضه شيئا منها بأن المراد إما الهبة بشرط العوض فهي والشرط جائزان فلا يستقيم قوله بطل الشرط وإن أراد به أن يعوضه عنها شيئا من العين الموهوبة فهو تكرار محض لأنه ذكره بقوله على أن يرد عليه شيئا منها
أقول المختار الشق الأول وقوله فهي والشرط جائزان ممنوع وإنما يجوز إذا كان العوض معلوما
وأجاب العيني بأن قوله على أن يرد شيئا منها لا يستلزم أن يكون عوضا لأن كونه عوضا إنما هو بألفاظ مخصوصة فيجوز أن يكون ردا ولا يكون عرضا وأما قوله على أن يعوضه شيئا منها فتصريح بالعوض ولا شك أنهما متغايران
بقي أن يقال ما أجاب به في الدرر والبحر وسبقهما إليه صدر الشريعة متعقب فقد ذكر عزمي زاده ما نصه يفهم من كلام صاحب الدرر أنه إذا وهب دارا بشرط أن يعوضه شيئا معينا منها تصح الهبة والشرط مع أنه ليس كذلك فالصواب في الجواب أن يختار الشق الثاني ولا تكرار لأن الرد عليه لا يستلزم كونه عوضا وفي هذا المقام كلام يعلم بمراجعة تكملة قاضي زاده
وقال المولى عبد الحليم قوله بأن المراد ما الهبة بشرط العوض الخ أراد به عوضا لا من العين الموهوبة
____________________
(8/490)
أقول فيه بحث لأنه لم يرد به إذ المفروض أن يكون العوض شيئا منها وقوله وإن أراد به الخ هذا هو المراد ونمنع التكرار لأن رد الشيء منها لا يستلزم كونه مردودا على طريق العوض بل المتبادر من الرد أنه مردود لا بطريق العوض فيحمل عليه على أن العوض إنما يكون بألفاظ مخصوصة كما مر وأيضا لا بد في التعويض من الإضافة إلى الهبة
ثم التحقيق أن شرط العوض من العين الموهوبة لغو لا يمنع الرجوع سواء كان معلوما أو لم يكن دل عليه ما ذكر في التاترخانية وغيرها من أن الهبة لو كانت ألف درهم و العوض درهم منها أو كانت دارا والعوض بيت منها لم يكن عوضا وكان للواهب أن يرجع في الهبة استحسانا
وقال زفر يكون عوضا فظهر أن ما أجاب به المصنف قاصر كما لا يخفى
ا هـ
قوله ( من اشتراط معلومية العوض ) قال المصنف في منحه وقيدنا العوض في المختصر بكونه معينا وهو قيد لازم أخل به صاحب الكنز وغيره من أصحاب المتون
ا هـ
قال الرملي في حاشيته عليها قوله وهو قيد لازم أقول لا حاجة إليه بعد قوله بيع انتهاء الخ
إذ قوله فيرد ويأخذ صريح في أنه معين فالألف واللام في العوض بدل عنه فالتقدير عوض معين وهذا غالب في عبارات المختصرات
قال في البحر وأراد بالعوض العوض المعين إذ في اشتراط العوض المجهول تكون هبة ابتداء وانتهاء لبطلان اشتراطه كما سيأتي
ا هـ
فلم يقع من أصحاب المتون الخلل ا هـ
قوله ( أعتق حمل أمة الخ ) قيل فيه روايتان في رواية لا تجوز الهبة في الإعتاق والتدبير جميعا
وفي رواية جازت فيهما جميعا والصحيح ما في المتن
ووجه الفرق ما نذكره في المقولة الآتية بعد هذه عن الزيلعي كما في الخانية
قوله ( ولو دبره ثم وهبها لم يصح ) قال الزيلعي ولو أعتق ما في بطنها ثم وهبها جازت الهبة في الأم لأن الجنين غير مملوك واشتغال بطنها لا يوجب الفساد كما إذا وهب أرضه وفيها أبنيته بخلاف ما إذا دبر الحمل ثم وهبها حيث لا تجوز الهبة لأن ملكه فيه باق ولا يمكن إدخاله في الهبة لأن المدبر لا يقبل النقل من ملك إلى ملك ولا تصح الهبة في الأم بدونه لأنها مشغولة به فصار نظير هبة النخل بدون الثمر أو الجوالق بدون الدقيق من حيث إن كل واحد منهما يمنع القبض
ا هـ
قوله ( بشرط محض ) لما في الإبراء من معنى التمليك ولا يصح تعليق التمليكات بالشرط وقد تقدم في مسائل شتى من الدعوى
قوله ( فهو باطل ) قال في البحر لأن هبة الدين ممن عليه إبراء وهو تمليك من وجه فيرتد بالرد ولو بعد المجلس على خلاف فيه كما في النهاية وإسقاط من وجه فلا يتوقف على القبول والتعليق بالشروط مختص بالإسقاطات المحضة التي يحلف بها كالطلاق والعتاق فلا يصح تعليق التمليكات ولا الإسقاطات من وجه ولا الإسقاطات من كل وجه دون وجه ولا يحلف بها كالعفو عن القصاص وقيد بقوله إن أديت لأنه لو قال أنت بريء من النصف على أن تؤدي إلي النصف صح لأنه ليس بتعليق بل تقييد ولما قدمناه في باب التعليق أن المعلق بعلى هو ما بعدها لا ما قبلها وأشار بقوله لمديونه إن هبة الدين للكفيل تمليك من كل وجه حتى يرجع بالدين على المكفول عنه ولا يتم إلا بقبوله وإبراء الكفيل عن الدين إسقاط من كل وجه حتى لا يرتد بالرد
كذا
____________________
(8/491)
في النهاية ثم قولهم إن الإبراء لا يتوقف على القبول يستثنى منه ما إذا أبرأ رب الدين بدل الصرف والسلم أو وهبه له يتوقف على القبول لأن البراءة عنه توجب انفساخه لفوات القبض المستحق بعقد الصرف والسلم ولا ينفرد أحدهما بفسخه فلا بد من قبوله ا هـ
أقول فقوله والتعليق يختص بالإسقاطات المحضة التي يحلف بها إشارة إلى أن من الإسقاطات المحضة ما لا يحلف بها أي لا يقبل التعليق بالشرط كالحجر على المأذون وعزل الوكيل والإبراء عن الدين
قوله ( لأنه مخاطرة وتعليق ) لاحتمال موت الدائن قبل الغد أو قبل موت المديون ونحو ذلك لأن المعنى إن مت قبلي وإن جاء الغد والدين عليك فيحتمل أن يموت الدائن قبل الغد أو قبل موت المديون فكان مخاطرة
كذا قرره شيخ سيدي الوالد رحمه الله تعالى
وقال سيدي الوالد رحمه الله تعالى وأقول الظاهر أن المراد أنه مخاطرة في مثل إن مت من مرضك هذا وتعليق في مثل إن جاء الغد والإبراء لا يحتملهما وأن المراد بالشرط الكائن الموجود حالة الإبراء وأما قوله إن مت بضم التاء فإنما صح وإن كان تعليقا لأنه وصية وهي تحتمل التعليق فافهم
وتقدمت المسألة في متفرقات البيوع فيما يبطل بالشرط ولا يصح تعليقه به
أقول وهذا يقتضي أن المريض إذا قال في مرضه إن مت من مرضي هذا فعبدي وصية لفلان أنه باطل لأنه مخاطرة فلا يصح فليتأمل
فهل فرق بين المسألتين ويمكن أن يقال ما سمعته من أنه وإنما صح هنا وإن كان تعليقا لأنه وصية وهي تحتمل التعليق
قوله ( ليكون تنجيزا ) الأولى فيكون
قوله ( وكذا إن مت بضم التاء فأنت برىء منه أو في حل جاز ) فرق بينهما في الهندية ونصه لو قال رب الدين إن مت فأنت في حل منه فهو جائز
كذا في فتاوى قاضيخان ولو قال إن مت فأنت بريء من ذلك لا يبرأ وهو مخاطرة كقوله إن دخلت الدار فأنت بريء مما لي عليك لا يبرأ
كذا في وجيز الكردري
ا هـ
والتعليق موجود في كل
وقد فرق المؤلف بين قول الدائن إن مت من مرضي هذا وبين إن مت بلا قيد فجعل الأول تعليقا والثاني وصية ط
والحاصل أنه إنما لم يجز في الأول وجاز في الثاني مع أن التعليق موجود في كل لأن الأول مخاطرة وتعليق والثاني وصية
قوله ( جاز العمري ) بالضم اسم من الإعمار صحاح
يقال أعمرته الدار عمري أي جعلتها عليه يسكنها مدة عمره فإذا مات عادت إليه وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية
وفي الشريعة جعل نحو داره للمعمر له مدة عمره بشرط أن يردها على المعمر أو على ورثته إذا مات المعمر له أو المعمر ونحو أعمرتك داري هذه حياتك أو وهبتك هذا العبد حياتك فإذا مت فهو لورثتي
نقاية وشرحها
قال الشمني وصورتها أن يقول أعمرتك داري هذه أو هي لك عمري أو ما عشت أو مدة حياتك أو ما حييت فإذا مت فهي رد علي ا هـ
وقال الزيلعي والعمري هو أن يجعل داره له عمره فإذا مات ترد عليه فصح التمليك وبطل الشرط لما بينا أن الهبة لا تبطل بالشروط الفاسدة ويبطل الشرط انتهى
وقال في شرح المجمع العمري هي هبة شيء مدة عمر الموهوب له أو الواهب بشرط أن يعود إليه أو إلى ورثته إذا مات الموهوب له انتهى
فقول الشارح عمره
____________________
(8/492)
يصح أن يرجع الضمير إلى الواهب أيضا كما في الشرنبلالي
قوله ( لبطلان الشرط ) أي شرط الرد على المعمر أو ورثته
قوله ( لا تجوز الرقبى ) هي بالضم من المراقبة
وهي لغة أن تعطي إنسانا ملكا وتقول إن مت فهو لك وإن مت فلي
كذا في المبسوط وغيره
وشريعة أن يقول داري لك رقبى إن مت قبلك فهي لك ا هـ
ويعني إن مت قبلي فهي لي أي فكأنه قال له ارقب حياتي فإذا مت وأنت حي فهي لك فهو تعليق للتمليك بالشرط فلا يصح وإنما لم تكن وصية لأنه لم يعلقها بمطلق موته بل بشرط أن يموت والمرقب حي فكانت مخاطرة وهذا قول الإمام ومحمد والعلة في عدم الجواز ما ذكره الشارح
قال أبو يوسف إنها صحيحة لأنها تمليك في الحال والشرط باطل والأول هو الصحيح
مضمرات قوله ( وإذا لم تصح تكون عارية ) أي إذا سلمها إليه لتضمن الرقبى إطلاق الانتفاع
حموي عن الينابيع أي لأنه حينئذ قد أذن له بالانتفاع بها وإنما لم يقيد بذلك لأن الهبة المبوب لها من شرطها التسليم
قوله ( لمعمره ) بفتح الميم الثانية
قوله ( في حياته وموته ) يحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى المعمر بفتح الميم ومعنى كونها له في موته أنها من ماله المتروك عنه ويحتمل رجوع الضمير إلى من في قوله من
قوله ( فهو سبيل الميراث ) على تقدير مضاف في المبتدأ أي فطريق الشيء المرقب طريق الميراث عن المرقب بالكسر
وفي كافي الحاكم الشهيد باب الرقبى رجل حضرته الوفاة فقال داري هذه حبيس لم تكن حبيسا وهي ميراث وكذا إن قال داري هذه حبيس على عقبي من بعدي والرقبى هي الحبيس وليس بشيء
قال لرجلين عبدي هذا لأطولكما حياة أو قال عبدي هذا حبيس على أطولكما حياة فهذا باطل وهو الرقبى وكذلك لو قال لرجل داري لك حبيس وهذا قول أبي حنيفة ومحمد
وقال أبو يوسف أما أنا فأرى أنه إذا قال داري لك حبيس فهي له إذا قبضها وقوله حبيس باطل وكذلك إذا قال هي لك رقبى
ا هـ
وفيه أيضا قال داري هذه لك عمرى تسكنها وسلمها إليه فهي هبة وهي بمنزلة قوله طعامي هذا لك تأكله وهذا الثوب لك تلبسه
وإن قال وهبت لك هذا العبد حياتك وحياته فقبضه فهي جائزة
وقوله حياتك باطل
وكذلك لو قال أعمرتك داري هذه حياتك أو قال أعطيتكها حياتك فإذا مت فهي لي وإذا مت أنا فهي لوارثي
وكذا لو قال هو هبة لك ولعقبك من بعدك وإن قال أسكنتك داري هذه حياتك ولعقبك من بعدك فهي عارية وإن قال هي لك ولعقبك من بعدك فهي هبة له وذكر العقب لغو انتهى
قوله ( هدايا ) أي فيما يظهر وإلا فإنه يدعي العارية فالأولى حذفه قوله ( أولا ) لأن القرينة تدل أنها ما أرسلت إليه إلا مكافأة لصنيعه
قوله ( بعد الزفاف ) قيد لبيان الواقع لأن في مثل هذه الحالة يظهر التجاحد فلو ادعى ذلك من غير افتراق فالحكم كذلك لأنه هو الدافع فهو أعلم بجهة الدفع وإذا ظهر أنه لم يهد تبين أن عوضها لم يصادف محلها لأنها لم تقصد ابتداء البر بل مكافأة له على صنيعه وقد تبين أن لا صنيع منه فتسترد ما دفعت
تأمل
قوله ( وحلف ) إنما لم يطالب ببينة لاتفاقهما على الملك له فجهة التمليك لغيره تعلم منه فإذا تخالفا حلف
____________________
(8/493)
ومحله فيما يظهر إذا لم تقم بينة على مدعاها
قوله ( وأرادت هي الاسترداد أيضا ) فإذا لم ترد سقط حقها لا حقه
قوله ( فلا عوض ) لأنها إنما قصدت التعويض عن هبته فلما ادعى العارية ورجع لم يوجد التعويض من جهتها فلها الرجوع
قوله ( فلو استهلك أحدهما ) قيد به لإخراج الهلاك فإنه لا ضمان فيه إذ هو عارية وهذا إنما يظهر فيما للزوج أما هي فلم تدفعه إلا عوضا فيلزمه مطلقا فتأمل ط
قوله ( هبة الدين ممن عليه الدين ) يعني سواء كان عليه حقيقة أو حكما كما لو وهب غريم الميت الدين من وارثه ولو رد الوارث الهبة ترتد بالرد خلافا لمحمد وقيل لا خلاف هنا والخلاف فيما لو وهبه للميت فرده الوارث ولو وهب لبعض الورثة فالهبة لكلهم ولو أبرأ الوارث صح
أيضا كذا في البزازية
ذكره الحموي
قوله ( يتم من غير قبول ) لما فيه من معنى الإسقاط
قال المصنف في منحه فإن قلت هذا منقوض بدين الصرف والسلم فإن رب الدين إذا أبرأ المديون منه أو وهبه له توقف على قبوله
قلت أجيب عنه بأن توقفه على ذلك لا من حيث إنه هبة الدين بل من حيث إنه يوجب انفساخ العقد بفوات القبض المستحق بعقد الصرف وأحد العاقدين لا ينفرد بفسخه فلهذا توقف
ا هـ
قوله ( إذا لم يوجب انفساخ عقد صرف أو سلم ) أي إذا أبرأه عن أحد بدلي الصرف أو عن رأس مال السلم يتوقف على القبول لما علمت من كونه موجبا للفسخ فيهما لا لكونه هبة
قوله ( لكنه يرتد بالرد ) استدراك على قوله يتم من غير قبول يعني وإن تم من غير قبول لما فيه من معنى الإسقاط لكنه يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك ح
قال في الأشباه الإبراء يرتد بالرد إلا في مسائل
الأولى إذا أبرأ المحتال المحال عليه فرده لا يرتد
وكذا إذا قال المديون أبرئني فأبرأه
وكذا إذا أبرأ الطالب الكفيل وقيل يرتد الرابعة إذا قبله ثم رده لم يرتد ا هـ
وفي البحر أطلق الهبة فانصرفت إلى الأعيان فلا رجوع في هبة الدين للمديون بعد القبول بخلافه قبله لكونها إسقاطا ا هـ
قوله ( لما فيه من معنى الإسقاط ) تعليل للتعميم يعني وإنما صح الرد في غير المجلس لما فيه من معنى الإسقاط إذ التمليك المحض يتقيد رده بالمجلس وليس تعليلا لقوله يرتد بالرد لما علمت أن علته ما فيه من معنى التمليك فتنبه ح
والحاصل أن الإبراء عن الدين فيه معنى التمليك ومعنى الإسقاط وهبة الدين كالإبراء منه فمن حيث الإسقاط لا يتوقف على القبول على خلاف في الهبة ومن حيث التمليك يرتد بالرد
قال في الصيرفية رب الدين إذا وهب الدين من المديون فلم يقبل ولم يرد حتى افترقا فجاء بعد أيام ورد الصحيح أنه لا يرتد هذا الاختلاف بناء على أن الرجحان في هبة الدين من المديون بطريق الإسقاط أم بطريق التمليك فمن قال للتمليك قال يقتصر الجواب على المجلس ومن قال للإسقاط قال لا يقتصر انتهى
ويرد عليه أنه إذا ترجح جانب الإسقاط ينبغي أن لا يرتد مطلقا
تأمل
قوله ( لكن في الصيرفية ) استدراك على تضعيف
____________________
(8/494)
للعناية القول الثاني ح
وقد يقال هو وإن كان صحيحا فغيره أصح فتحصل أنهما قولان مصححان ط
قوله ( لكن في المجتبى ) استدراك على جعلهم كلا من الهبة والإبراء إسقاطا من وجه تمليكا من وجه وأنت خبير بأن هذا الاستدراك مخالف للمشهور ح
قوله ( تمليك ) أي فتحتاج إلى القبول كما صرح به في المجتبى وعزا التسوية بين الهبة والإبراء لزفر
قوله ( والإبراء إسقاط ) ومن قال للإسقاط لا يحتاج إليه
منح
قول ( تمليك الدين الخ ) قال المحشي الحموي يستثنى من ذلك ما في القنية من باب الأجر في القرض ولو قال الأجنبي للدائن هب دينه لي أو حلله لي أو قال اجعل ذلك لي فقال قد فعلت يبرأ استحسانا ولو وهبه له ابتداء لا يبرأ انتهى
قوله ( حوالة ) أي إذا كان المحال عليه مديون المحيل وقد أحال شخصا عليه فإن الدين ينتقل من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه والتعبير بالانتقال يفيد أن المحال لم يملك ما بذمة المحال عليه من الدين وإنما هو لما رضي بالحوالة فقد التزم الدفع له بأمر المحيل فإذا دفع عنه بأمره وقعت المقاصة بينهما فليتأمل
وأيضا المحال مسلط على قبضه من المحال عليه
ويقال في الوصية ليس فيها تمليك وإنما هو تسليط أيضا فرجع الأمر إلى التسليط في الكل
قوله ( ووصية ) أي بأن أوصى بالدين الذي له على زيد لعمرو فإنه يصح لأن الموصى له خليفة عن الميت وكذا إذا أوصى بثلث ماله مثلا وفي التركة ديون فإن الموصى له يملك من الديون بقدر وصيته أي يملك المطالبة وإنما يصير ملكا حقيقة إذا صار عينا
قوله ( وإذا سلطه على قبضه ) أي وقبضه فيصح يعني لأنه يصير حينئذ وكيلا عن الدائن في القبض من المديون ثم يقبض لنفسه كما ذكره الحموي ومقتضاه صحة عزله عن التسليط
أشباه
قال في جامع الفصولين هبة الدين ممن ليس عليه لم تجز إلا إذا وهبه وأذن له بقبضه فقبضه جاز صك لم يجز إلا إذا سلطه على قبضه فيصير كأنه وهبه حين قبضه ولا يصح إلا بقبضه انتهى
فتنبه لذلك
رملي قوله ( فيصح الخ ) وحينئذ يصير وكيلا في القبض عن الآمر ثم أصيلا في القبض لنفسه ومقتضاه صحة عزله عن التسليط قبل القبض وإذا قبض بدل الدراهم دنانير صح لأنه صار الحق للموهوب له فملك الاستبدال وإذا نوى في ذلك التصدق بالزكاة أجزأه كما في الأشباه
قوله ( ومنه ) أي مما استثنى
قوله ( ما لو وهبت من ابنها ما على أبيه ) أي وامرأته بالقبض
بزازية
وفي الأشباه في أحكام الدين وهبت مهرها من أبيها أو لابنها الصغير من هذا الزوج إن أمرت بالقبض صحت وإلا لا لأنها هبة الدين من غير من عليه الدين ومثله في مجموعة مؤيد زاده
قوله ( فالمعتمد الصحة للتسليط ) أي إذا سلطته على القبض كما يشير إليه قوله ومنه
وفي الخانية وهبت المهر لابنها الصغير الذي من هذا الزوج الصحيح أنه لا تصح الهبة إلا إذا سلطت ولدها على القبض فيجوز ويصير ملكا للولد إذا قبض
ا هـ
فقول الشارح للتسليط أي التسليط صريحا لا حكما وعادة كما فهمه السائحاني وغيره
قال في الحاوي القدسي إن سلطته علي قبضه وهو الصواب لكن ينظر فيما إذا كان الابن لا يعقل فإن القبض يكون لأبيه فهل يشترط أن يفرز الأب قدر المهر ويقبضه لابنه أو يكفي قبوله كما في هبة الدين ممن
____________________
(8/495)
عليه يراجع
قوله ( ويتفرع على هذا الأصل ) أي الذي ذكره المصنف
قوله ( لم يجز ) إلا أن يسلطه الدائن على المديون ويقبضه منه ونقل في الأشباه قولين بالجواز وعدمه وقدم الجواز وظاهره اعتماده
قال في القنية قضى دين غيره ليكون له ما على المطلوب فرضي جاز
وفي ط وصك بخلافه ا هـ
ومنه ومما في الأشباه يعلم أن التفريع على أحل القولين
قوله ( ولو كان وكيلا بالبيع ) أي فقضى للموكل الثمن ليصير ما بذمة المشتري له لا يصح فيكون القضاء على هذا فاسدا ويرجع البائع على الآمر بما أعطاه وكان الثمن على المشتري على حاله
أشباه
إلا أن يسلطه الموكل على القبض بعد الدفع
أما قبله فالولاية في الطلب له كما لا يخفى
قوله ( وليس منه ) أي من تمليك الدين من غير من عليه الدين
قوله ( حيث صح إقراره ) أي قضاء أما في الديانة فلا يحل له الدين إذا لم يكن له في نفس الأمر لأن الإقرار ليس سببا للملك مع أن التمليك هنا لا يفيد ما لم يأمره
قوله ( فللمقر له قبضه ) فإذا دفعه إليه برىء وكذا إذا دفع إلى المقر كما في المنح وأكثر النسخ كما هنا وفي بعضها فللمقر ولاية قبضه وهذا الموافق لما في البزازية فليراجع فإنه مهم
قوله ( وتمامه في الأشباه من أحكام الدين ) لعل الضمير راجع إلى الدين أي تمام بيان أحكامه وإلا فلم يتكلم في االأشباه على هذه المسألة ط
أقول وعبارتها وفي وكالة الواقعات الحسامية لو قال وهبت منك الدراهم إلي لي على فلان فاقبضها منه فقبض مكانها دنانير جاز لأنه صار الحق للموهوب له فملك الاستبدال
ا هـ
وهو مقتض لعدم صحة الرجوع عن التسليط لكن ينافيه ما قدمناه عن الأشباه
فتأمل
قوله ( لي على فلان ) أي وإن زاد لفظ لي ولذا استشكله الشارح
قوله ( بزازية الخ ) والبزازي تبع ما في الخلاصة وسبق في الإقرار الاعتراض عليها وسبق تأييد الاعتراض
قوله ( قلت هو مشكل الخ ) أقول هذا الإشكال ذكره المصنف في منحه أيضا
وأجاب عنه الرملي في حاشية المنح في كتاب الإقرار فقال بعد كلام طويل والحاصل أن الإقرار يصح مطلقا بلا قبول ولا يلزم لو كان المقر له غائبا ولعدم لزومه جاز أن يقر به لغيره قبل حضوره فاجتمعت كلمتهم على أن القبول ليس من شرط صحة الإقرار وأما لزومه فشيء آخر والمصنف لم يفرق بين الصحة واللزوم فاستشكل على الصحة المجتمعة عليها كلمتهم باللزوم
وأما ما أجاب به المجيب المذكور ففيه نظر إذ لو كان كما فهمه لما افترق الإقرار للغائب والحاضر مع أن الظاهر أن بينهما فرقا في الحكم ألا ترى إلى قوله في الخانية ولو أقر لولده الكبير الغائب أو أجنبي بعد قوله وأما الإقرار للحاضر فيلزم من جانب المقر حتى لا يصح إقراره لغيره به قبل رده ولا يلزم من جانب المقر له فصح رده
وأما الصحة فلا شبهة فيها في الجانبين بدون القبول كما يفهم من كلامهم فظهر الجواب وزال الإشكال بما قررناه والحمد لله تعالى ا هـ
قوله ( لأنه مع الإضافة إلى نفسه ) أي مع إسناد المال إليه
قوله ( فتأمله ) يمكن الجواب بأن المراد الدين الذي لي على فلان بحسب الظاهر هو لفلان أي في نفس الأمر فلا إشكال ا هـ
ح
لكن يقال فيه إنه متى أمكن الحقيقة فلا يعدل إلى المجاز وتقدم في الإقرار ما يقوي إشكال الشارح ولعل المراد بالإضافة في قوله الدين الذي لي على فلان إضافة نسبة لا ملك كما في قولهم جميع ما في بيتي لفلان فإنه إقرار وكذا جميع ما يعرف بي أو ينسب إلي
____________________
(8/496)
أقول ويمكن أن يكون مبنيا على الخلاف فإنه قال في القنية راقما لعلي السغدي إقرار الأب لولده الصغير بعين من ماله تمليك إن أضافة إلى نفسه في الإقرار وإن أطلق فإقرار كما في سدس داري وسدس هذه الدار ثم رقم لنجم الأئمة البخاري إقرار في الحالين لا تمليك ا هـ
قال في إقرار المنح فيفيد أن في المسألة خلافا ولكن الأصل المذكور هو المشهور وعليه فروع في الخانية وغيرها وقد مرت المسألة قبيل إقرار المريض وأجبنا عنها بجواب حسن فارجع إليه
قوله ( اصطلحا الخ ) مناسبة ذكر هذه المسألة كتابة اسم غير المستحق فإن المكتوب اسمه لا يستحق المكتوب
قوله ( فالعطاء لمن كتب اسمه ) عبارة البزازية له عطاء في الديوان ومات عن ابنين فاصطلحا على أن يكتب اسم أحدهما في الديوان ويأخذ العطاء هو والآخر لا شيء له من العطاء ويبذل من كان له العطاء مالا فالصلح باطل ويرد بدل الصلح والعطاء الذي جعل الإمام العطاء له لأن الاستحقاق للعطاء بإثبات الإمام لا دخل لرضا الغير وجعله غير أن السلطان إن منع المستحق فقد ظلم مرتين في قضية في حرمان المستحق وإثبات غير المستحق مقامه ا هـ
قوله ( والصدقة كالهبة الخ ) قال في العناية لما كانت الصدقة تشارك الهبة في الشروط وتخالفها في الحكم ذكرها في كتاب الهبة ا هـ
وقدم المصنف أحكام الهبة على الصدقة لعمومها في حق المسلم والكافر وكثرت تفاريعها كما في المفتاح وهو عكس ما هو المشهور من أن ما كثرت تفاريعه يؤخر لطول الكلام عليه
حموي
قوله ( لا تصح غير مقبوضة ) أي لا تتم
قوله ( ولا في مشاع يقسم ) قيد به لأنه لا تصح في مشاع لا يقسم
حموي
فإن قلت قدم أن الصدقة لفقيرين جائزة فيما يحتمل القسمة بقوله وصح تصدق عشرة لفقيرين
قلت المراد هنا من المشاع أن يهب بعضه لواحد فقط فحينئذ هو مشاع يحتمل القسمة بخلاف الفقيرين فإنه لا شيوع كما تقدم
بحر
قوله ( ولا رجوع فيها ) الأولى غير أنه لا رجوع فيها لأن عبارته توهم أنها مثلها فيه وقد ذكرها في الدرر مستقلة بلا تشبيه حيث قال تصدق على غني أووهبه لفقير لا يرجع اعتبار اللفظ في الأولى وللمعنى في الثانية
والحاصل أنها جملة مستأنفة وليست بداخلة تحت التثنية وإلا لفسد المعنى فليتأمل
وضمير فيها للصدقة
وفي القدوري الصدقة كالهبة لا تصح إلا بالقبض ولا يصح الرجوع في الصدقة بعد القبض ا هـ
قوله ( ولو على غني ) أي ولو تصدق على غني ليس له الرجوع واختاره في الهداية مقتصرا عليه لأنه قد يقصد بالصدقة على الغني الثواب لكثرة عياله
بحر
وهذا مخالف لما مر قبيل باب الرجوع من أن الصدقة على الغني هبة ولعلهما قولان
تأمل
قال القهستاني الفقير والغني يستويان في عدم العود
وقال بعضهم إن له العود على الغني
ا هـ
ثم رأيت الشمني ذكره حيث قال ولو تصدق على غني لا يعود استحسان والقياس أن يعود وبه قال بعض أصحابنا الخ
قوله ( لأن المقصود فيها الثواب ) وقد حصل قيل عليه أن حصول الثواب في الآخرة فضل من الله تعالى ليس بواجب عندنا خلافا للمعتزلة فلا يقطع بحصوله
ويمكن أن يقال حصول الوعد بالثواب
أخي جلبي
قوله ( فالقول للواهب ) لأنه الدافع فهو أدرى بجهة الدفع
____________________
(8/497)
أقول ونقل الرملي في حاشيته على المنح عن الزاهدي في كتابه المسمى بحاوي مسائل المنية رجل اشترى حليا ودفعه إلى امرأته واستعملته ثم ماتت ثم اختلف الزوج وورثتها أنها هبة أو عارية فالقول للزوج مع اليمين أنه دفع ذلك إليها عارية لأنه منكر للهبة
أقول وهذا صريح في رد كلام أكثر العوام أن تمتع المرأة يوجب التمليك ولا شك في فساده ا هـ
وسبقه إلى هذا صاحب البحر كما ذكرناه عنه في باب التحالف وكتبنا هناك عن البدائع أن المرأة إن أقرت أن هذا المتاع اشتراه لي سقط قولها لأنها أقرت بالملك لزوجها ثم ادعت الانتقال إليها فلا يثبت إلا بالبينة
ا هـ
وظاهره شمول ثياب البدن ولعله في غير الكسوة الواجبة وهو الزائد عليها
تأمل وراجع
ويدل عليه ما مر أول الهبة من قوله اتخذ لولده أو لتلميذه ثيابا الخ وكذا ما قدمناه ثمة عن الخزانة عند قول المصنف هو الإيجاب والقبول فحيث لا رجوع له هناك ما لم يصرح بالعارية فهنا أولى
مطلب في معنى التمليك تنبيه قال السيد الحموي اعلم أن التمليك يكون في معنى الهبة ويتم بالقبض وإذا عري عن القبض والتسليم اختلف العلماء فيه فقيل يجوز وقيل لا يجوز قياسا على الهبة
وأكثر المشايخ على أنه يجوز بدون التسليم وأنه غير الهبة لأن التمليك والهبة شيئان اسما وحكما أما الاسم فظاهر وأما حكما فلأنه لو وهب الثمار على رؤوس الأشجار لا يجوز ولو أقر بالتمليك يجوز فثبت أن التمليك يصح بدون التسليم وأنه غير الهبة وعليه الفتوى وعمل الناس وموت المقر بمنزلة التسليم بالاتفاق
كذا في المفتاح ا هـ
قال ط والمناسب في المقابلة أن يقول ولو ملكه لأن الإقرار بالملك
صورته أن يقول هذا الشيء لفلان وهو إخبار لا تمليك ا هـ
قوله ( جعلتها ملكا له ) هذا إنما يتم في أرض موات أو ملك السلطان أما إذا أقطعه من غير ذلك فللإمام أن يخرجه متى شاء كما سلف ذلك في العشر والخراج ط
قوله ( القياس نعم ) لأنه تمليك يحتاج إلى القبول في المجلس والقياس أن لا يكفي الأمر بالكتابة بل يقتضي أن يقول ملكته وقوله مقام حضوره الأولى مقام قبوله
قوله ( أعطت زوجها الخ ) ولو كانت تدفع إليه فضة عند الحاجة إلى النفقة أو شيئا آخر وهو ينفقه على عياله ليس لها أن ترجع بذلك عليه
قوله ( والقول قولها ) لأنها الدافعة فهي أدرى بجهة الدفع لأنها المملكة ولا يعلم إلا من جهتها ولأنها منكرة للتمليك والقول للمنكر بيمينه وفي الصورة الثانية القول للوارث لما في جامع الفصولين ادعى على الميت ألفا فبرهن وارثه أن الميت أعطاه ألفا يقبل والوارث يصدق بأنه أعطاه بجهة الدين لقيامه مقام مورثه فيصدق في جهة التمليك
قوله ( إن كانت وهبته أو أقرضته ) ذكر في أول الغصب رجل كان يتصرف في غلات امرأته ويدفع ذهبها بالمرابحة ثم ماتت فادعى ورثتها أنك كنت تتصرف في مالها بغير إذنها فعليك الضمان فقال الزوج بل بإذنها فالقول قول الزوج لأن الظاهر شاهد له أي والظاهر يكفي للدفع
حموي
____________________
(8/498)
قلت وسيأتي في شتى الوصايا فيما لو عمر دار زوجته أنه لو اختلفا في الإذن وعدمه فالقول للمنكر
تأمل
ا هـ
قوله ( لا له ) أي ليس للغريم أن يأخذ ذلك المال
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يعطه هبة بأن أعطاه قرضا أو دفع إليه ليعمل للأب
قوله ( فميراث ) فالأصل ميراث والربح له
قوله ( وتمامه في جواهر الفتاوى ) وعبارته أمير وهب جارية لرجل فأخبرته أنها كانت لتاجر قتله عدوه واستولى عليه وتداولتها الأيدي والموهوب له لا يجد ورثة المقتول وهو يعلم أنه لو خلاها ضاعت ولو أمسكها ربما يقع في فتنة فله أن يرفع الأمر إلى القاضي ليبيعها للغائب في ذي اليد حتى إذا ظهر المالك كان له على ذي اليد الثمن
ا هـ
قوله ( وإلا ) بأن كان فاكهة ونحوه مما لا يذهب التحويل لذاته
قوله ( فإن كان بينهما انبساط يباح أيضا ) أي كما يباح الأكل في إناء الثريد الذي تذهب لذته بالتحويل يباح أيضا إذا كان بينهما انبساط أي رفع كلفة كما تقدم من أن أحدهما يدخل بيت الآخر بدون إذنه ويأكل من طعامه ويتناول أوانيه وأشياءه وإلا فلا
وكذا تعتبر العادة والعرف في وعاء الهدية كما في زماننا فإن الحاج حين قدومه يرسل هدايا لأصحابه فيرسل لهم ماء زمزم بإناء ثمين من الصيني فإن العادة جرت أن يأخذها المهدي إليه مع وعائها بخلاف ما إذا أهدى رجل لآخر عنبا في قوصرة أو لبنا في وعاء فإنه يأخذ العنب واللبن دون القوصرة والوعاء
قال في الهندية ويقال إذا بعث إليه هدية في ظرف وإناء أو في العادة رد ذلك لم يملكهما كالقصاع والجراب وما أشبه ذلك وإن كان من العادة أن لا يرد الظرف كقواصير الثمر فالظرف هدية أيضا لا يلزمه رده ثم إذا لم يكن الظرف هدية كان أمانة في يد المهدي إليه وليس له أن يستعمله في غير الهدية وله أن يأكل الهدية فيه إذا لم تقتض العادة تفريغه فإن اقتضت تفريغه وتحويله لزمه تفريغه
ا هـ
قوله ( ليس لأهل خوان ) هو كغراب وكتاب ما يؤكل عليه الطعام
قاموس
قوله ( مناولة أهل خوان آخر ) ولو ناول من معه على خوانه لا بأس به
قال الفقيه هذا قياس
وفي الاستحسان أن كل من كان في تلك الضيافة إذا أعطاه جاز وبه نأخذ
كذا في الحاوي للفتاوى ا هـ
هندية
وفيها لو قال الوكيل لا أسلم من تناول مالك فقال الآمر أنت في حل من تناولك منه من درهم إلى مائة درهم ليس له أن يأخذ مائة أو خمسين جملة وله أن يتناول من المأكول والمشروب والدراهم ما لا بد منه ولو أهدى رجل إلى مقرضه شيئا
فإن لم يهد قبل القرض كره القبول
ا هـ
أقول أي كالقاضي فإنه ليس له أن يتناول هدية من ليس له عادة في مهاداته قبل تقلده القضاء
قوله ( ولا إعطاء سائل الخ ) هو ليس خاصا بأهل الأخونة بل مطلق الضيف فهو تعميم بعد تخصيص أما أهل الأخونة فإنه قد خص كل قوم بطعام أذن لهم فيه فإذا أطعم أهل خوان آخر فقد أباحه لغير من أباح له المضيف
____________________
(8/499)
وفيه إضرار بجماعته لأن حقهم قد تعلق به بإباحة رب المنزل إياهم وربما يكون الطعام لا يكفيهم ففي إطعام أهل الخوان الثاني تصرف في مال غيره بغير إذنه وإضرار برفقته فبالنظر إلى الشق الأول لو كان بينه وبين رب المنزل مباسطة بحيث يسوغ له إطعام طعامه بغير إذنه جاز له إطعام أهل الخوان الثاني وبالنظر لحق رفقائه لا يجوز
وأما إطعام أهل خوانه فجائز لأن رب المنزل أباحه لهم وأما إعطاء السائل فإنه افتيات على رب المنزل فلا يجوز إلا إذا كان بينهما مباسطة بحيث يعلم أنه يرضى بتصرفه في ماله كما قال تعالى 42 { أو صديقكم } النور 61 فإنه ذكر في تفسيره أن معناه والله أعلم له أن يدخل دار صديقه ويضيف من طعامه بغير إذنه إذا وثق برضاه بذلك فإطعام من ذكر بالأولى
قوله ( وخادم ) أي ممن هو قائم على رأس المائدة
جوهرة
فأفاد أن ذلك في خدمة رب المنزل فغيرهم أولى وقد صور هذه المسألة في الضيف وأدرجها المؤلف في مسألة أهل الخوان لأنهم ضيوف ط
قوله ( لغير رب المنزل ) فإن كانت هرة صاحب البيت جاز استحسانا
جوهرة
قوله ( وتمامه في الجوهرة ) وعبارتها رجل كتب إلى آخر كتابا وذكر فيه اكتب الجواب على ظهره لزمه رده وليس له التصرف فيه وإلا ملكه المكتوب إليه عرفا
رجل مات وبعث إلى ابنه كفنا ليكفنه فيه هل يملكه حتى يكون له أن يكفنه في غيره ويمسكه لنفسه إن كان الميت ممن يتبرك بتكفينه لفقه أو ورع فإن الابن لا يملكه وإن كفنه في غيره وجب عليه رده على صاحبه وإن لم يكن كذلك جاز للابن أن يصرفه إلى حيث أحب ا هـ
قوله ( لا جبر على الصلات ) بكسر الصاد جمع صلة وهي عبارة عن أداء مال ليس بمقابلة عوض مالي كالزكاة وغيرها من النذور والكفارات انتهى
معراج
لكن لا يظهر ذلك في الشفعة ط
قوله ( شفعة ) فيجب على المشتري تسليم العقار إلى الشفيع مع أنها صلة شرعية ولذا لو مات الشفيع بطلت الشفعة
أشباه
وإنما وجبت صلة للشفيع لجوازه بأحد الوجوه الثلاثة دفعها للضرر عنه ومع ذلك يأخذها جبرا من البائع إن كانت في يده أو من المشتري
قوله ( ونفقة زوجته ) لأنها وإن كانت صلة من وجه إلا أنها عوض من وجه آخر لأنها جزاء الاحتباس
ذخيرة
ويجبر عليها ولو بالحبس
بيري
ومثلها نفقة القرابة والولاد بل هي أولى من نفقة الزوجة لأنها صلة محضة أما نفقة الزوجة فلها شبه بالأجرة لأن فيها جزاء الاحتباس
قال الصدر الشهيد إذا مات الزوج بطل ما كان عليه واجبا من النفقة ولم تأخذ ذلك من ميراثه لأن أصل ذلك لم يكن مالا وإذا لم يكن مالا كانت النفقة في حق وصفية المالية صلة والصلات لا تتم إلا بالتسليم وإذا مات قبل التسليم تسقط
فإن قيل لو كانت صلة كيف يجبر الزوج على التسليم
قلنا يجوز أن يجبر ألا ترى أنه من أوصى أن يوهب عبده من فلان بعد موته فمات الموصي فإن الورثة يجبرون على تنفيذ الوصية في العبد وإن كانت صلة ولو مات العبد تبطل الوصية انتهى
أقول وقدمنا في أوائل باب الرجوع في الهبة عند قول المصنف والميم موت أحد العاقدين وذكر الشارح ثمة ما يسقط بالموت ونقلنا ثمة عن حاشية أبي السعود أن المراد من النفقة التي تسقط غير المستدانة بأمر القاضي أما هي فقد جزم في الظهيرية بعدم السقوط وصححه في الذخيرة إلى آخر ما قدمناه فارجع إليه
قوله ( وعين موصى بها ) فيجب على الوارث دفعها إلى الموصى له بعد موت الموصي
أشباه
ولم يجز الجبر فيها على الواصل
____________________
(8/500)
فإنها صلة من الموصي والجبر يجري على الوصي والوارث وليس هو ذا الصلة بل متعرض لمال غيره لأن الوصية مستحقة للموصى له وكذا مال الوقف فإن الصلة من الواقف والجبر على المتولي فلا خصوصية للجبر فيهما بل كان من كان في يده صلة من شخص لآخر يجبر على تسليمها إليه
قوله ( ومال وقف ) فإنه يجب على الناظر تسليمه للموقوف عليه مع أنه صلة محضة إن لم يكن في مقابلة عمل وإلا ففيه شائبتها انتهى
أشباه
ويزاد ما تؤديه العاقلة من الدية فإن الإيجاب على العاقلة بطريق الصلة
بيري
قوله ( وقد حررت أبيات الوهبانية ) ركب أشطار بيوت على أشطار بيوت أخر وحذف بعض ما يحتاج إليه منها وزاد فيها ما ليس منها وقوله لم يوف بإسكان الواو وقوله يؤخذ بإسكان الذال وقوله وعندي بفتح الياء ط
قوله ( ليس يرجع مطلقا ) أي سواء قبل المديون أو لم يقبل بل سكت فإن سكوته يكون قبولا حكما وسواء ثم كان مانع في الرجوع أولا لأنها إسقاط والساقط يكون متلاشيا فلا يتحقق الرجوع فيه كالإبراء وكما لو هلك الموهوب والإبراء يتم من غير تصريح بالقبول فيكون صريحا ودلالة
ومن المشايخ من جعل هبة الدين كالإبراء فتتم بلا صريح قبول ويرتد كل من الإبراء والهبة بالرد كما في الشرنبلالية
وقال ابن شجاع لا يعمل رده وجرى المصنف على إطلاق السقوط ويظهر لك مما في الشرنبلالية ما في كلام البحر حيث قال أول باب الرجوع وأطلق الهبة فانصرفت إلى الأعيان فلا رجوع في هبة الدين للمديون بعد القبول بخلافه قبله لكونها إسقاطا انتهى
وكأنه اشتبه عليه الرد بالرجوع
تأمل
وقدمناه أول باب الرجوع
قوله ( وإبراء ذي نصف يصح ) صورته لهما دين على رجل قال أحدهما له وهبتك نصيبي جاز فيه وإن قال وهبتك نصف الدين مطلقا عن إضافته إليه اختلفت الرواية في رواية ينفذ في الربع كما لو وهبه نصف العبد المشترك فيصرف إليه الهبة أو تصرف إلى الكل في إطلاق هبة نصف الدين وهو ظاهر الرواية
شرنبلالية
فلذا أطلق الشارح
قوله وإبراء ذي نصف ليشمل قوله وهبتك نصيبي وبه يسقط نصيبه بالاتفاق وكذا قوله أبرأتك عن نصف الدين في ظاهر الرواية
وحاصله أنه لو كان لاثنين دين مشترك على شخص فأبرأه أحدهما فتارة يقول أبرأتك من نصيبي فهو كما قال اتفاقا وتارة يقول وهبتك نصف الدين من غير إضافة وظاهر الرواية أنه كالأول وقيل يكون إبراء من نصف النصف وهو الربع
قوله ( المحرر ) أي هذا هو المحرر
قوله ( على حجها ) متعلق بوهبت
وصورته تركت مهرها للزوج على أن يحج بها فلم يحج فالمفتى به أنه لا يبرأ لأن الرضا بالهبة كان بشرط العوض فإذا انعدم العوض انعدم الرضا والهبة لا تصح بدون الرضا
قوله ( أو تركه ظلمه لها ) يعني لو قالت لزوجها وهبت مهري منك على أن لا تظلمني فقبل صحت الهبة فلو ظلمها بعد ذلك فالهبة ماضية كما في شرح الواقعات ونسبه إلى أبي بكر الإسكاف وأبي القاسم الصفار وعلله قاضيخان بأنه تعليق الهبة بالقبول فإذا قبل تمت الهبة فلا يعود المهر بعد ذلك وفي الأجناس وابن مقاتل قال مهرها عليه على حاله إن ظلمها لأنها لم ترض بالهبة إلا بهذا الشرط فإذا فات الشرط فات الرضا
ثم قال والحاصل أنه لا فرق على ما عليه الفتوى بين مسألة الظلم ومسألة الحج كما صرح به قاضيخان
____________________
(8/501)
عبد البر
قوله ( معلق تطليق الخ ) ليس هذا في الوهبانية أصلا وإنما هي مسألة سئل عنها الشرنبلالي ونظمها وهي قال لها متى نكحت عليك أخرى وأبرأتني من مهرك فأنت طالق فهل إذا ادعى أنه أوفاها المهر فلم يبق ما تبريه عنه وأنكرت يقيل في عدم الحنث وإن لم يقبل بالنظر لسقوط حقها كما يقبل قوله لو اختلفا في وجود الشرط
فأجاب أن رد الإبراء لم يحنث لأنه لو كان كما ادعت فرده أبطله وإن كما ادعى فالرد معتبر لبطلان الإبراء المقتضي للحنث وإنما اعتبر للرد مع دعوى الدفع لما يأتي إذا قبض دينه ثم أبرأ غريمه وقيل صح الإبراء ويرجع عليه بما قبض
ا هـ ملخصا أي ومفهومه لو لم يقبل لم يصح الإبراء أي فلم يحنث
قال وإنما سطرته دفعا لما يتوهم من الحنث بمجرد الإبراء ونقل الشارح آخر باب التعليق بقي ما يكتب في التعاليق متى نقلها أو تزوج عليها وأبرأته من كذا أو من باقي صداقها فلو دفع لها الكل هل تبطل الظاهر لا لتصريحهم بصحة براءة الإسقاط والرجوع بما دفعه
ا هـ
وكتب عليه سيدي ثمة قوله فلو دفع لها الكل أي كل الدين المعبر عنه بقوله من كذا أو كل باقي الصداق وقوله هل تبطل أي اليمين المذكورة ووجه التوقف أن الطلاق معلق على شرطين وهما النقل والإبراء أو التزوج والإبراء فإذا وجد أحدهما فلا بد من وجود الآخر وهو الإبراء مع أن المبرأ عنه قد دفعه لها وقوله لتصريحهم الخ
قال في الأشباه الإبراء بعد قضاء الدين صحيح لأن الساقط بالقضاء المطالبة لا أصل الدين فيرجع المديون بما أداه إذا أبرأه براءة إسقاط وإذا أبرأه براءة استيفاء فلا رجوع
واختلفوا فيما إذا أطلقها وعلى هذا لو علق طلاقها بإبرائها عن المهر ثم دفعه لها لا يبطل التعليق فإذا أبرأته براءة إسقاط وقع ورجع عليها
ا هـ
والحاصل أن الدين وصف في ذمة المديون والدين يقضى بمثله أي إذا أوفى ما عليه لغريمه ثبت له على غريمه مثل ما لغريمه عليه فتسقط المطالبة فإذا أبرأه غريمه براءة إسقاط سقط ما بذمته لغريمه فتثبت له مطالبة غريمه بما أوفاه فقد صحت البراءة بعد الدفع فلا يبطل اليمين بل يتوقف الوقوع على البراءة بخلاف ما إذا أبرأه براءة استيفاء لأنها بمعنى إقراره باستيفاء دينه وبابه لا مطالبة له عليه فلا يرجع عليه المديون لعدم سقوط ما بذمته بذلك وأما لو أطلق فينبغي في زماننا حملها على الاستيفاء لعدم فهمهم غيرها
قوله ( لو يرد فيظفر ) الأولى أن يقول فادعى الدفع يظفر
قوله ( وإن قبض الإنسان الخ ) أي قبض البائع الثمن وهو المراد بمال مبيعه أي مال بدلا عن مبيعه ثم أبرأ المشتري عنه يرجع المشتري على بائعه بما دفع عليه والدائن إذا قبض دينه ثم أبرأ المدين عنه صح ويرجع المديون على الدائن بما قبض منه
قال العلامة عبد البر صورة الأولى باع وقبض الثمن من المشتري ثم أبرأ البائع المشتري من الثمن بعد القبض يصح إبراؤه ويرجع المشتري على البائع بما كان دفعه إليه من الثمن
والثانية لو أبرأ الدائن المديون بعد إيفاء الدين وقبضه صح ورجع المديون عليه
والأصل فيه أن الديون تقضى بأمثالها لا بأعيانها فإذا أبرأ مما في الذمة بقي ما قبضه لا في مقابلة شيء فيستحق المطالبة ويلزمه رده إذا طالبه به ا هـ
____________________
(8/502)
أقول وفيه بحث لأنه لو حلف أن لا دين عليه أو له بعد القبض لا حنث لتقاضيه بما قبضه عماله
وفي فصول العمادي أن الرجوع بالإبراء بعد القبض اختيار
شمس الأئمة السرخسي والصدر الشهيد
وذكر خواهر زاده أنه لا يرجع وهو اختيار بعض المشايخ انتهى
فما ذكره في البيت فيه اختلاف أهل الترجيح كما ترى ولما تبع الشارح ابن وهبان اقتداء بمن نقل هذا القول عنهم عن أجلاء أئمة المذهب جعله هو الأظهر كما قال وأشرت بأظهر لما في العمادية الخ
قوله ( ومن دون ) متعلق هو وقوله في البناء بصحيحة وصحيحة خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي أي الهبة
قوله ( وعندي فيه وقفة ) أصلها للعلامة عبد البر بعد أن قال إن المسألة منقولة عن الذخيرة والمنية والتتمة وعلله في التتمة بما في كتاب الشفعة أن المشتري إذا قال اشتريت الأرض والبائع وهبني البناء وقال الشفيع بل اشتريتهما فالقول قول المشتري
ثم قال وعندي في الاستدلال به نظر لأنه قد يدعي أن الصحة هنا إنما جاءت من قبل تقدم ملكه للأرض وينبغي أن لا يصح هبة البناء بدون الأرض لأن القبض شرط في الهبة وهذا بمنزلة المشاع ألا تراهم قالوا إن هبة النخل بدون الأرض لا تصح لأن القبض شرط هبة المشاع وقد صرحوا في كتاب الرهن بأن رهن البناء دون الأرض وعكسه لا يصح لأنه بمنزلة المشاع انتهى
وفي الهندية عن الكافي لو وهب زرعا في أرض أو ثمرا في شجر أو حلية في سيف أو بناء في دار أو قفيزا من صبرة وأمره بالحصاد والجذاذ والنزع والنقض والكيل وفعل صح استحسانا ويجعل كأنه وهبه بعد الجذاذ والحصاد ونحوهما وإن لم يأذن له بالقبض وفعل ضمن انتهى
وتعين المصير إلى هذا التفصيل وتحمل الصحة على صحة العقد وإن لم يفد الملك وعدمها على عدم التمام والتملك إلا إذا أذن له الواهب بالنقض وما عطف عليه وفعل لأنه بعد الفعل صار محوزا مسلما كما قدمناه موضحا فارجع إليه
قوله ( وأشرت بأظهر ) أي في قوله سابقا كالدين أظهر أي وهذا أظهر
قوله ( أنه لا يرجع ) أي بالدين بعد الإبراء
قوله ( لما في العمادية ) هذا ما أشرنا إليه سابقا من مخالفة ما فيها وإن اختاره البعض
قوله ( أي بنكاح ضرتها ) أي ببقاء نكاحها مع نكاح ضرتها من غير طلاق يقع عليه أي فيما قدمناه في مسألة التعليق ورد الإبراء حيث كان المعلق طلاقها لا طلاق الضرة وفيما ذكره بعد قوله فلا حنث وعبارة الشرنبلالي أي لقهر المرأة لبقائها في نكاحه مع الضرة وهو الأنسب حيث كان المعلق طلاقها لا طلاق الضرة
قوله ( فلا حنث ) أي فلا يقع عليه طلاق
خاتمة قال الطحاوي إذا كانت الهدية لا تحتمل القسمة كالثوب أو مما لا يؤكل في الحال كاللحم ونحوه لم يجعل لأصحابه منه شيئا وإن كان مهيأ للأكل في الحال يجعل لأصحابه من ذلك حظا ويمسك البقية لأهله
كذا في التاترخانية
فروع قال جعلتك في حل الساعة أي في الدنيا برىء في الساعات كلها والدارين
خلاصة
لو قال لا أخاصمك ولا أطلبك مالي قبلك قالوا ليس هذا بشيء وحقه عليه على حاله
حاوي
رجل سيب دابته لعلة فأخذها إنسان وأصلحا فهي لمن سيبها وإن قال من شاء فليأخذها فأخذها رجل فهي له
____________________
(8/503)
قال الفقيه أبو الليث الجواب هكذا إذا قال لقوم معينين من شاء منكم فليأخذها وإن لم يقل ذلك لقوم معينين أو لم يقل ذلك أصلا فالدابة على ملك صاحبها وله أن يأخذها أين وجدها
وفي الفتاوى ذكر المسألة مطلقة من غير تفصيل بين ما إذا قال ذلك القول أو قال مطلقا
كذا في المحيط
غصب عينا فحلله مالكها من كل حق هو له قبله قال أئمة بلخ التحليل يقع على ما هو واجب في الذمة لا على عين قائم
كذا في القنية
وعن محمد رحمه الله تعالى إذا كان لرجل على آخر مال فقال قد حللته لك قال هو هبة وإن قال حللتك منه فهو براءة
كذا في الذخيرة
في نوادر هشام رحمه الله تعالى في سرقين لدابة في الخان إذا وهبها صاحبها فهي لمن أخذها ولا يكون صاحب الخان أولى بها
كذا في التاترخانية
رجل عليه دين فمات قبل القضاء فوهب صاحب الدين لوارث المديون صح سواء كانت التركة مستغرقة أم لم تكن
كذا في قاضيخان لأنه وهب ممن عليه الدين معنى لأنه يملك التركة إن لم تكن مستغرقة بالدين
وإن كانت فللوارث فيها حق وهو استحسان ولو رد الوارث الهبة ترد بالرد خلافا لمحمد رحمه الله تعالى
وقيل لا خلاف فيه وإنما الخلاف فيما إذا وهبه من الميت فرده وارثه وقال قبله غريم الميت أبرأ الميت عن دينه فرد وارثه لم يصح رده كما في جامع الفصولين ولو وهب لبعض الورثة فالهبة لكلهم ولو أبرأ الوارث صح أيضا
كذا في الوجيز للكردري
وفي فتاوى اهو لو أبرأ الغريم أحد الورثة من الدين صح في نصيبه
وفي الخزانة عقدان يكون الموت فيهما بمنزلة القبول في هبة الدين من المديون إذا لم يقبله حتى مات المديون والوصية إذا لم يقبلها الموصى له حتى مات الموصي تجب الهبة والوصية
رجل قال لمكاتبه وهبت لك مالي عليك فقال المكاتب لا أقبل عتق المكاتب والمال دين عليه
كذا في السراج الوهاج
وفي فتاوى اهو سئل برهان الدين عمن مات مفلسا وعليه دين فتبرع إنسان بقضاء دينه هل يسقط دينه قال لا لأن إسقاط الساقط لا يتصور لأنه سقط بموته مفلسا ولا يبطل حق المطالبة في الآخرة
كذا في التاترخانية
بقرة بين اثنين تراضيا على أن تكون عند كل واحد خمسة عشر يوما يحلب لبنها فهذه مهايأة باطلة ولا يحل فضل اللبن وإن جعل في حل إلا أن يستهلك صاحب الفضل فضله ثم جعله في حل فحينئذ يحل لأن الأول هبة المشاع فيما يحتمل القسمة فلم يجز والثاني هبة الدين وأنه يجوز وإن كان مشاعا
كذا في الفتاوى الحمادية
العوض في الهبة نوعان متأخر عن العقد ومشروط في العقد
أما العوض المتأخر عن العقد فالكلام فيه في موضعين أحدهما في بيان شرط جواز هذا التعويض وصيرورة الثاني عوضا
والثاني في بيان ماهية هذا التعويض أما الأول فله شرائط ثلاثة الأول مقابلة العوض بالهبة وهو أن يكون التعويض بلفظ يدل على المقابلة نحو أن يقول هذا عوض عن هبتك أو بدل عن هبتك أو مكان هبتك
____________________
(8/504)
أو نحلتك هذا عن هبتك أو تصدقت بهذا بدلا عن هبتك أو كافأتك أو جازيتك أو أثبتك أو ما يجري هذا المجرى حتى لو وهب الإنسان شيئا وقبضه الموهوب له ثم إن الموهوب له أيضا وهب شيئا للواهب ولم يقل عوضا عن هبتك ونحو ذلك مما ذكرنا لم يكن عوضا بل كان هبة مبتدأة لكل واحد منهما حق الرجوع
والثاني أن لا يكون العوض في العقد مملوكا بذلك العقد حتى لو عوض الموهوب له ببعض الموهوب لا يصح ولا يكون عوضا وإن كان الموهوب قد تغير عن حالة تغيرا يمنع الرجوع فإن بعض الموهوب يكون عوضا عن الباقي هذا إذا وهب شيئا واحدا أو شيئين في عقد واحد فعوض أحدهما عن الآخر فقد اختلف فيه
قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى يكون عوضا
ولو وهب له شيئا وتصدق عليه بشيء فعوضه الصدقة من الهبة كانت عوضا بالإجماع
والثالث سلامة العوض للواهب فإن لم يسلم أنه استحق من يده لم يكن عوضا وله أن يرجع في الهبة إن كان الموهوب قائما بعينه لم يهلك ولم يزدد خيرا أو لم يحدث فيه ما يمنع الرجوع فإن كان قد هلك أو استهلكه الموهوب له لم يضمنه كما لو هلك أو استهلكه قبل التعويض وكذا إذا ازداد خيرا لم يضمن
كذا في البدائع
وإن استحق بعض العوض فما بقي منه فهو عوض عن الهبة كلها وإن شاء رد ما في يده من العوض ويرجع بالهبة كلها إن كانت قائمة لم تخرج عن ملك الموهوب له ولم يزد في بدلها
كذا في السراج الوهاج وأما سلامة المعوض وهو الموهوب فشرط التعويض حتى لو استحق الموهوب كان له أن يرجع فيما عوض ولو استحق نصف الموهوب فللموهوب له أن يرجع في نصف العوض إن كان الموهوب مما يحتمل القسمة سواء زاد العوض أو نقص في السعر أو زاد في البدل أو زاد فيه كان له أن يأخذ نصفه ونصف النقصان
كذا في البدائع
وإن قال أرد ما بقي من الهبة وأرجع في العوض كله لم يكن له ذلك وإن كان العوض مستهلكا ضمن قابض العوض بقدر ما وجب الرجوع للموهوب له به من العوض
كذا في السراج الوهاج
وإذا استحق كل الهبة والعوض مستهلك يضمن كل قيمة العوض
كذا ذكر في الأصل من غير خلاف
كذا في البدائع
هذا إذا كان الموهوب أو العوض شيئا لا يحتمل القسمة فاستحق بعضه فأما إذا كان مما يحتمل القسمة فاستحق بعض أحدهما بطل العوض إن كان هو المستحق وكذا تبطل الهبة إن كانت هي المستحقة وإذا بطل العوض رجع في الهبة وإذا بطلت الهبة يرجع في العوض
هكذا في السراج الوهاج
الثاني بيان ماهيته فالتعويض المتأخر عن الهبة هبة مبتدأة بلا خلاف بين أصحابنا يصح بما تصح به الهبة وتبطل بما تبطل به الهبة لا يخالفها إلا في إسقاط الرجوع على معنى أنه يثبت حق الرجوع في الأولى ولا يثبت في الثانية فأما فيما وراء ذلك فهو في حكم هبة مبتدأة ولو وجد الموهوب له بالموهوب عيبا فاحشا لم يكن له أن يرد ويرجع في العوض وكذلك الواهب إذا وجد بالعوض عيبا لم يكن له أن يرد العوض ويرجع في الهبة فإذا قبض الواهب العوض فليس لكل واحد منهما أن يرجع على صاحبه فيما ملكه سواء عوضه
____________________
(8/505)
الموهوب له أو أجنبي بأمر الموهوب له أو بغير أمره
كذا في البدائع
ويشترط شرائط الهبة في الابتداء في العوض بعد الهبة من القبض والحيازة والإفراز
كذا في خزانة المفتين
ولا يكون في معنى المعاوضة ابتداء وانتهاء فلا يثبت للشفيع الشفعة ولا للموهوب له الرد بالعيب
كذا في محيط السرخسي
النوع الثاني العوض المشروط في عقد الهبة فإذا كانت الهبة بشرط العوض شرط لها شرائط الهبة حتى لا تصح في المشاع الذي يحتمل القسمة ولا يثبت بها الملك قبل القبض ولكل واحد منهما أن يمتنع من التسليم وبعد التقابض يثبت لها حكم البيع فلا يكون لأحدهما أن يرجع فيما كان له ويثبت بها الشفعة ولكل واحد منهما أن يرد بالعيب ما قبض والصدقة بشرط العوض بمنزلة الهبة بشرط العوض وهذا استحسان والقياس أن تكون الهبة بشرط العوض بيعا ابتداء وانتهاء
كذا في فتاوى قاضيخان
وهب دارا من رجلين بشرط عوض ألف درهم ينقلب بيعا جائزا بعد التقابض
كذا في القنية
ولو عوض عن جميع الهبة قليلا كان العوض أو كثيرا فإنه يمنع الرجوع ولو عوض عن بعض الهبة عن ملكه فله الرجوع فيما لم يعوض عنه وليس له الرجوع فيما عوض
كذا في شرح الطحاوي
إذا تصدق الموهوب له على الواهب بصدقة أو نحلة أو أعمره فقال هذا عوض هبتك جاز
كذا في الصغرى
ويجوز تعويض الأجنبي سواء كان بأمر الموهوب له أو بغير أمره وليس للأجنبي المعوض أن يرجع على الموهوب له سواء عوض بأمره أو بغير أمره إلا أن يقول الموهوب له عوض فلانا عني على أني ضامن وهو كما لو قال هب لفلان عبدك هذا عني فإن المأمور لا يرجع على الآمر إلا أن يقول له الآمر على أني ضامن
هكذا في فتاوى قاضيخان
والأصل في جنس هذه المسائل أن كل ما يطالب به الإنسان بالحبس والملازمة لا يكون الآمر بأدائه سببا للرجوع من غير اشتراط الضمان وكل ما لا يطالب به الإنسان بالحبس والملازمة لا يكون الأمر بأدائه سببا إلا بشرط الضمان كذا في الظهيرية
ولو وهب له هبة فعوضه عوضا على غير شرط فقبضه ثم استحق العوض فله أن يرجع في الهبة إن كانت قائمة في ملك الموهوب له ولم تزدد ولم يحدث فيها ما يمنع الرجوع فيها
كذا في السراج الوهاج
وإن استحق العوض وقد ازدادت الهبة لم يرجع
كذا في الخلاصة
وإن كانت الهبة قد هلكت أو استهلكها الموهوب له لم يضمنها في قولهم جميعا
كذا في السراج الوهاج
ولو وهب لرجل ألف درهم فعوضه الموهوب له درهما من تلك الدراهم لم يكن ذلك عوضا عندنا وكان له أن يرجع في هبته وكذا لو كانت الهبة دارا فعوضه بيتا منها
كذا في فتاوى قاضيخان
وفي الفتاوى العتابية ولو وهب دار بشرط عوض وقيمته ألف فباعها بألفين قبل نقد الثمن أخذها الشفيع بألفين ويدفع الموهوب له للواهب ما شرط أو قيمته ولو حضر الشفيع بعد ما دفع المشروط إلى الواهب أخذها به
كذا في التاترخانية
____________________
(8/506)
رجل وهب لرجل ثوبا وخمسة دراهم وسلم الكل إليه ثم عوضه الثوب أو الدراهم لم يكن عوضا عندنا استحسانا
كذا في فتاوى قاضيخان
الكل من الهندية وتمامه فيها
وإنما ذكرت ذلك للوعد به فيما تقدم وإن كان بعضه قد تقدم
وفيها رجل وهب لآخر أرضا على أن ما يخرج منها من زرع ينفق الموهوب له ذلك على الواهب قال أبو القاسم الصفار إن كان في الأرض كرم أو أشجار جازت الهبة ويبطل الشرط وإن كانت الأرض قراحا فالهبة فاسدة
كذا في فتاوى قاضيخان
ولو كان الموهوب كرما وشرط أن ينفق عليه من ثمره تصح الهبة ويبطل الشرط
كذا في محيط السرخسي
وفي الإسبيجابي رجل وهب لرجل هبة أو تصدق عليه بصدقة على أن يرد عليه ثلثها أو ربعها أو بعضها فالهبة جائزة ولا يرد عليه ولا يعوضه بشيء
كذا في التاترخانية
امرأة قالت لزوجها إنك تغيب عني كثيرا فإن مكثت معي ولا تغيب فقد وهبت لك الحائط الذي في مكان كذا فمكث معها زمانا ثم طلقها فالمسألة على خمسة وجوه الوجه الأول إذا كانت عدة منها لا هبة للحال ففي هذا الوجه لا يكون الحائط للزوج
الوجه الثاني إذا وهبت إليه وسلمت إليه ووعدها أن يمكث معها ففي هذا الوجه الحائط للزوج وإن لم تسلم الحائط إلى الزوج لا يكون له الحائط
الوجه الثالث إذا وهبت على شرط أن يمكث معها وسلمت إليه وقبل الزوج ففي هذا الوجه الحائط للزوج وهكذا ذكر الشيخ أبو القاسم رحمه الله تعالى وعلى قول نصير ومحمد بن مقاتل رحمهما الله تعالى وهو المختار لا يكون الحائط للزوج
الوجه الرابع إذا قالت وهبت لك إن مكثت معي ففي هذا الوجه لا يكون الحائط للزوج
الوجه الخامس إذا صالحته على أن يمكث معها على أن الحائط هبة ففي هذا الوجه لا يكون الحائط للزوج
كذا في المحيط
وهبته مهرها إن لم يظلمها فهو باطل بخلاف على أن لا يظلمها ثم إن ظلمها عاد لأنها لم ترض إلا بهذا الشرط فإذا فات فات الرضا والفتوى على هذا
ولو قالت له أولم فما أنفقت فيها أي الوليمة فانقصه من مهري فالأمر كما قالت ولو قال أبرئيني حتى أهب لك كذا فأبرأت وأبى يعود المهر
وسئل أبو جعفر عمن منع امرأته عن المسير إلى أبويها وهي مريضة فقال لها إن وهبت لي مهرك أبعثك إلى أبويك فقالت المرأة أفعل ثم قدمها إلى الشهود فوهبت بعض مهرها وأوصت بالبعض على الفقراء أو غير ذلك وبعد ذلك لم يبعثها إلى أبويها ومنعها قال الهبة باطلة
قال الفقيه رحمه الله تعالى لأنها بمنزلة المكرهة في الهبة
كذا في الحاوي للفتاوى
المرأة إذا أرادت أن يتزوجها الذي طلقها فقال لها المطلق لا أتزوجك حتى تهبيني مالك علي فوهبت مهرها على أن يتزوجها فالمهر باق على الزوج تزوجها أو لم يتزوجها لأنها جعلت المال على نفسها عوضا عن النكاح
وفي النكاح العوض لا يكون على المرأة
كذا في فتاوى قاضيخان
____________________
(8/507)
ولو قال لرب الدين إذا مت فأنت في حل فهو جائز
كذا في فتاوى قاضيخان
ولو قال إن مت فأنت بريء من ذلك لا يبرأ وهو مخاطرة كقوله إن دخلت الدار فأنت بريء مما لي عليك لا يبرأ
كذا في الوجيز للكردري
أبرأه عن الدين الذي عليه ليصلح مهمة عند السلطان لا يبرأ وهو رشوة
كذا في القنية ا هـ
وفي الأنقروي برمز عك حمل إلى خطيبة أمتعة من جنس ما يحمل إليهن في العادة ودفع أهل الخطيبة إليه مثل ما حمل إليهم فلا رجوع لهم فيه إذا افترقوا والمساهلة في مثل هذا عزيمة فيما بينهم
قنية
بعث إليهم شيئا معينا كما هو العادة ثم تزوجها ولم يدخل بها وخلعت نفسها منه بنصف المهر فليس له طلب ما بعث إليها إذا عوضته
مت صح له طلب المبعوث له مع طلب العوض إن لم تعوضه مع شش للسير الكبير الرشوة لا تملك عك وغيره قاض أو غيره
دفع إليه سحت لإصلاح المهم فأصلح ثم ندم يرد ما دفع إليه
بخ المعاشقان يدفع كل واحد منهما لصاحبه أشياء
فهي رشوة لا يثبت الملك فيها وللدافع استردادها
وفي خلاصة الغزي خطب امرأة في بيت أخيها فأبى أن يدفعها حتى يدفع إليه دراهم فدفع وتزوجها يرجع بما دفع لأنه رشوة
قنية
وكذا في الواقعات الحسامية
خاصم زوجته وأذاها بالضرب والشتم حتى وهبت الصداق منه ولم يعوضها فالبراءة باطلة قنية في الإكراه
ولو أكره على الهبة ووهب لا تصح
قاضيخان ا هـ
البكر البالغة يمنعها إخوتها التي هي في ضمنهم عن الدخول بزوجها حتى تهبهم أو تبيعهم حصتها من أبويها في الإرث أو تشهد لهم بشيء فهو باطل لأنها كالمكرهة في ذلك
رملي
وفيه عن شرح تحفة الأقران للمصنف لو زوج ابنته البكر من رجل فلما أرادت أن تخرج من بيته إلى زوجها منعها الأب إلا أن تشهد عليها أنها استوفت منه ما يعرف فيه من ميراث أمها فأقرت بذلك ثم أذن لها في الخروج فإن الظاهر أن الحكم فيه عدم صحة الإقرار لكونها في معنى المكرهة لما ذكر من المنع لا سيما والجبانة تغلب في الأبكار وبه أفتى شيخ الإسلام أبو السعود العمادي
ا هـ
من منهوات الأنقروي
رجل له على آخر مائة وخمسون درهما مائة حالة وخمسون مؤجلة فوهب رب الدين للمديون خمسين فذلك الموهوب ينصرف إلى الحال أم إلى المؤجل أفتى الإمام الأجل برهان الدين المرغيناني رحمه الله تعالى ينصرف إليهما وبه أفتى القاضي بديع الدين رحمه الله تعالى
كذا في التاترخانية
هبة المهر من الزوج الميت تصح استحسانا
كذا في السراجية
الوكيل في باب الهبة في معنى الرسول حتى يجعل العاقد هو الموكل دون الوكيل
وقي البقال التوكيل بالهبة توكيل بالتسليم وللوكيل بالتسليم أن يوكل غيره
بخلاف الوكيل بالقبض
كذا في المحيط
وفي الفتاوى العتابية ولو وكل الواهب رجلا بالتسليم ووكل الموهوب له رجلا بالقبض وغابا صح التسليم من الوكيل فإن امتنع وكيل الواهب خاصمه وكيل الموهوب له وينفرد أحد وكيلي التسليم به بخلاف وكيلي القبض لا ينفرد أحدهما
كذا في التاترخانية
____________________
(8/508)
وسئل أبو القاسم عمن أمر شريكه بأن يدفع ماله إلى ولده على وجه الهبة وكتب إليه كتابا بذلك وامتنع الشريك عن الأداء هل للابن خصومة معه قال هذا شيء لم يجب بعد ولا يجب له إلا بالقبض فليس للابن خصومة في ذلك
قال الفقيه رحمه الله تعالى ولو لم يكن على وجه الهبة فللابن أن يخاصم إذا كان مقرا بالمال وفي الوكالة
كذا في الحاوي للفتاوى
إذا دفع الرشوة لدفع الجور عن نفسه أو أحد من أهل بيته لم يأثم
إذا أجاز ملك دار الحرب لملك دار الإسلام جارية فهي له
ولو اهدى ملك العدو إلى أمير العسكر فهو لجميع العسكر
كذا في السراجية
وسئل محمد بن مقاتل عما يهدي أبو الصبي إلى المعلم أو إلى المؤدب في النيروز أو في المهرجان أو في العيد
قال إذا لم يسأل ولم يلح عليه فلا بأس به
كذا في الحاوي للفتاوى
أقول وهذا فيما إذا كان للأستاذ معلوم من بيت المال يكفيه وإلا فله أجر مثله وما تعورف من ثمن الحلو والعيدية والخميسية كما يأتي في كتاب الإجارة
وسئل الحلواني عمن علق كوزه أو وضعه في سطحه فأمطر السحاب وامتلأ الكوز من المطر فجاء إنسان وأخذ ذلك الكوز مع الماء هل لصاحب الكوز أن يسترد الكوز مع الماء فقال نعم
قال رضي الله تعالى عنه وجوابه في الكوز مما لا إشكال فيه فأما في الماي فإنه ينظر إن كان أعده لذلك حينئذ يسترده وإن لم يعده لذلك لا يسترده
كذا في التاترخانية
لقيط في يد ملتقط نقله وينفق عليه وليس لهذا الصغير أحد سواه جاز للأجنبي أن يقبض ما وهب من الصغير وإن كان الصغير من أهل أن يقبض بنفسه ولهذا الأجنبي أن يسلمه لتعليم الأعمال وليس لأجنبي آخر أن يسترد منه
نص عليه السرخسي في كتاب الهبة
وسئل علي بن أحمد رحمه الله تعالى عن رجل دخل الحمام وقد دفع إلى صاحب الحمام الأجرة فاغترف من الإناء بإناء دفعه إليه صاحب الحمام كما هو العادة في بلدنا هل يصير ذلك الماء ملكا للمغترف أم يكون ذلك لصاحب الحمام ويكون منه إباحة للداخلين فقال صار أحق به من غيره ولكن ما صار ملكا له
كذا في التاترخانية
يدخل في هبته الأرض ما يدخل في بيعها من الأبنية والأشجار من غير ذكر ا هـ
وكذا في الصلح على أرض أو عنها تدخل ولا يدخل الزرع في الصلح من غير ذكر
قال ركن الإسلام الصباغي الزرع يدخل في الرهن والإقرار والفيء بغير ذكر ولا يدخل في البيع والقسمة والوصية والإجارة والنكاح والوقف والهبة والصدقة وفي القضاء بالملك المطلق ولا يدخل الثمار والأوراق المتقومة في هبة الأشجار بغير ذكر فإذا لم يذكر وفيها ثمر وورق فسدت الهبة لأنه يمنع التسليم كما في القنية
أقر أنه وهب من فلان دارا كان هذا إقرارا صحيحا
في الغياثية الإقرار بالهبة لا يكون إقرارا بالقبض هو الأصح
كذا في جواهر الأخلاطي
أهل الذمة في حكم الهبة بمنزلة المسلمين لأنهم التزموا أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات إلا أنه لا تجوز
____________________
(8/509)
المعاوضة بالخمر عن الهبة فيما بين المسلم والذمي سواء كان المسلم هو المعوض للخمر أو الذمي وإن صارت الخمر خلا في يد القابض لم تصر عوضا ويرده إلى صاحبه
وتجوز المعاوضة بالخمر والخنزير فيما بين الذميين كما يجوز ابتداء المبايعة
ولا يجوز بالميتة والدم
كذا في المبسوط
وهب المرتد أو النصراني له على أن يعوضه خمرا فذلك باطل
كذا في محيط السرخسي
رجل وابنه في المفازة ومعهما من الماء ما يكفي أحدهما من أحق بالماء منهما قال الابن أحق به لأن الأب لو كان أحق لكان على الابن أن يسقي أباه وإن سقى أباه مات هو من العطش فيكون هذا منه إعانة على قتل نفسه وإن شرب هو لم يعن الأب على قتل نفسه فصار هذا كرجلين أحدهما قتل نفسه والآخر قتل غيره فقاتل نفسه أعظم إثما
قال عليه الصلاة والسلام من قتل نفسه بحديدة جاء يوم القيامة وفي يده تلك الحديد يجأ بها بطن نفسه والوجء الضرب بالسكين وأصله يوجأ
كذا في المحيط
ولو دفع إلى رجل ثوبا بنية الصدقة فأخذه المدفوع إليه ظانا أنه وديعة أو عارية فرده على الدافع لا يحل للدافع أخذه لأنه قد زال عن ملكه حين قبضه الرجل فإن أخذه لزمه رده
كذا في السراج الوهاج
محتاج معه دراهم فالإنفاق على نفسه أفضل من التصديق على الفقراء وإن آثرهم على نفسه فهو أفضل بشرط أن يعلم من نفسه حسن الصبر على الشدة وإن خاف أن لا يصبر ينفق على نفسه
كذا في الملتقط
وسئل بعضهم عن التصدق على المكدين الذين يسألون الناس إلحافا ويأكلون إسرافا قال ما لم يظهر لك أن من تتصدق عليه ينفق في المعصية أو هو غني لا بأس بالتصدق عليه وهو مأجور بما نوى من سد خلته
كذا في الحاوي للفتاوى
الصبي إذا تصدق بماله لا يصح
كذا في السراجية
التصدق بثمن العبد على المحتاجين أفضل من الإعتاق
كذا في السراجية
رجل تصدق على الميت أو دعا له فإنه يصل الثواب إلى الميت إذا جعل ثواب عمله لغيره من المؤمنين جاز
كذا في السراجية
تصدق على فقير بطازجة على ظن أنه فلس ليس له أن يستردها ظاهرا
قال القاضي عبد الجبار إن كان قال قد ملكت منه فلسا ثم ظهر أنه طازجة له أن يستردها وإن قال ملكت هذا لا يسترد
قال سيف السائلي لا يسترد في الحالين
كذا في القنية
رجل أخرج دراهم من الكيس أو من الجيب ليدفعها إلى مسكين ثم بدا له فلم يدفع فلا شيء عليه من حيث الحكم
كذا في السراجية
وعن الحسن البصري فيمن يخرج كسرة إلى مسكين فلم يجده قال يضعها حتى يجيء آخر وإن أكلها أطعم مثلها
وقال إبراهيم النخعي مثله
وقال عامر الشعبي هو بالخيار إن شاء قضاها وإن شاء لم يقضها لا تجوز الصدقة إلا بالقبض
وقال مجاهد من أخرج صدقة فهو بالخيار إن شاء أمضى وإن شاء لم يمض
وعن عطاء مثله
قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى وهو المأخوذ به
كذا في المحيط
اختلفوا في التصدق على سائل المجد
قالوا لا ينبغي أن يتصدق على السائل في المسجد الجامع لأن ذلك إعانة على أذى الناس
وعن خلف بن أيوب رحمه الله تعالى قال لو كنت قاضيا لم أقبل شهادة تصدق
____________________
(8/510)
على سائلي المسجد
وعن أبي بكر بن إسماعيل الزاهدي رحمه الله تعالى قال هذا فلس واحد يحتاج إلى سبعين فلسا لتكون تلك السبعون كفارة عن الفلس الواحد ولكن يتصدق قبل أن يدخل المسجد أو بعد ما يخرج منه
كذا في فتاوى قاضيخان
وفي فتاوى الناصري إذا قال السائل بحق الله تعالى أو بحق محمد صلى الله تعالى عليه وسلم أن تعطيني كذا لا يجب عليه في الحكم والأحسن في المروءة أن يعطيه
وعن ابن المبارك قال يعجبني إذا سأل سائل بوجه الله تعالى أن لا يعطي
كذا في التاترخانية
والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين وعلى جميع الأئمة التابعين والمجتهدين والعلماء العاملين وعلينا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين
اللهم اجعله خالصا لوجهك الكريم وموجبا للفوز العظيم في جنات النعيم يا مجيب الدعوات آمين
وكان الفراغ من تحرير هذه التكملة الشريفة والتتمة اللطيفة المسماة ب ( قرة عيون الأخيار لتكملة رد المحتار ) على يد جامعها أفقر العباد إلى عفو مولاه يوم التناد محمد علاء الدين ابن السيد محمد أمين ابن السيد عمر المدعو بابن عابدين كان الله تعالى له ولوالديه وغفر لهم ولأولاده ولمشايخه ولمن له حق عليه بجاه سيد الأنبياء والمرسلين في الضحوة الكبرى في الساعة الثالثة ونصف من يوم الثلاثاء العاشر من رجب الفرد الذي هو من شهور سنة تسعين ومائتين وألف من هجرة من خلقه الله تعالى على أكمل وصف صلى الله تعالى وسلم عليه وعلى آله الكرام وأصحابه العظام الذين نرجو باتباعهم حسن الختام
____________________
(8/511)