المكان مطلقا إلا أن هذا في الهالك وكلام المصنف في القائم
قال في نور العين وفي غصب غير المثلي وإهلاكه ينبغي أن يبين قيمته يوم غصبه في ظاهر الرواية
وفي رواية يتخير المالك أخذ قيمته يوم غصبه أو يوم هلاكه فلا بد من بيان أنها قيمة أي اليومين انتهى
وإن كان المدعى به هالكا لا تصح الدعوى إلا ببيان جنسه وسنه وصفته وحليته وقيمته لأنه لا يصير معلوما إلا بذكر هذه الأشياء
وشرط الخصاف بيان القيمة
وبعض القضاة لا يشترطون بيان القيمة كذا في محيط السرخسي
ا هـ
والحاصل أنه يجب بيان مكان الإيداع مطلقا لأن الرد غير واجب على المودع وليس مؤنته عليه بل على المالك والواجب عليه تسليمها له بمعنى عدم المنع فلو لم يبين المكان ربما لحق المودع ضرر وهو مرفوع بخلاف الغصب فإن رد العين المغصوبة في مكان غصبه واجب على الغاصب فلا بد من بيانه إن كان للمغصوب حمل ومؤنة لاختلاف القيمي باختلاف الأماكن بخلاف ما لا حمل له ولا مؤنة
قوله ( يوم غصبه على الظاهر ) بصيغة الفعل والمصدر وظاهره جريان خلاف
وسيأتي في الغصب ما نصه وتجب القيمة في القيمي يوم غصبه إجماعا
ا هـ
ط
وفي رواية يخير كما مر قريبا عن نور العين
تتمة قال في الهندية ودعوى الجمد حال انقطاعه لا تصح وإن كانت من ذوات الأمثال لعدم وجوب رد مثله لانقطاعه فله أن يطالبه بقيمته يوم الخصومة
كذا في الوجيز للكردري
وفي دعوى الرهن وأشباهه إن كانت الدعوى بسبب البيع يحتاج إلى الإحضار للإشارة إليه وإن كانت بسبب الاستهلاك أو بسبب القرض أو بسبب الثمنية لا يحتاج إلى الإحضار
كذا في خزانة المفتين ا هـ
قوله ( ويشترط التحديد في دعوى العقار ) لأنه تعذر التعريف بالإشارة لتعذر النقل فصير إلى التحديد في الدعوى والشهادة وجمعه عقارات
قال في المغرب العقار الضيعة وقيل كل ما له أصل كالدار والضيعة
ا هـ
وقد صرح مشايخنا في كتاب الشفعة بأن البناء والنخل من المنقولات وأنه لا شفعة فيهما إذا بيعا بلا عرصه فإن بيعا معها وجبت تبعا وقد غلط بعض العصرين فجعل النخيل من العقار ونبه فلم يرجع كعادته
بحر
وذكر بعده على قول الكنز وقيل لخصمه أعطه كفيلا الخ عن الفتاوى الصغرى لو طلب المدعي من القاضي وضع المنقول على يد عدل فإن كان المدعى عليه عدلا لا يجيبه وإن فاسقا أجابه وفي العقار لا يجيبه إلا في الشجر الذي عليه الثمر لأن الثمر نقلي
ا هـ
قال المؤلف هناك وظاهره أن الشجر من العقار وقدمنا خلافه
وفي حاشية أبي السعود هناك أقول نقل الحموي عن المقدسي التصريح بأن الشجر عقار
ا هـ
قلت ويؤيده كلام المصباح لأنه إذا قيل إنه عقار يبتنى عليه وجوب التحديد في الدعوى والشهادة وكيف يمكن ذلك في شجرة بستان بين أشجار كثيرة وفي حاشية أبي السعود وقوله لا شفعة فيها الخ يحمل على ما إذا لم تكن الأرض محتكرة وإلا فالبناء بالأرض المحتكرة تثبت فيه الشفعة لأنه لما له من حق القرار التحق بالعقار كما سيأتي في الشفعة
ا هـ
أقول لكن الذي اعتمده الشارح في بابها عدم ثبوت الشفعة فيه بقوله وأما ما جزم به ابن الكمال من أن البناء إذا بيع مع حق القرار يلتحق العقار فرده شيخنا الرملي وأفتى بعدمها تبعا للبزازية وغيرها فليحفظ ا هـ
وأقره سيدي الوالد رحمه الله تعالى وبالغ في الرد على استدلال أبي السعود فراجعه ثمة
قال في جامع الفصولين قال جماعة من أهل الشروط ينبغي أن يذكر في الحدود دار فلان ولا يذكر لزيق دار فلان وعندهما كلاهما سواء طحم يكتب في الحد ينتهي إلى كذا ويلاصق كذا أو لزيق كذا ولا يكتب أحد
____________________
(7/418)
حدوده كذا
وقد قال ح لو كتب أحد حدوده دجلة أو الطريق أو المسجد فالبيع جائز ولا تدخل الحدود في البيع إذ قصد الناس بها إظهار ما يقع عليه البيع لكن س قال البيع فاسد إذ الحدود فيه تدخل في البيع فاخترنا ينتهي أو لزيق أو يلاصق تحرزا عن الخلاف ولأن الدار على قول من يقول يدخل الحد في البيع في الموضع الذي ينتهي إليه فأما ذلك الموضع المنتهي إليه
فقد جعل حدا وهو داخل في البيع
وعلى قول من يقول لا يدخل الحد في البيع فالمنتهي إلى الدار لا يدخل تحت البيع ولكن عند ذكر قولنا بحدوده يدخل في البيع وفاقا
قالوا والصحيح من الجواب أن يقال لو ذكر في الحد لزيق أو ينتهي أو نحوه تصح الشهادة ولو ذكر دار فلان أو طريق مسجد لا تصح الشهادة ط
والشهادة كالدعوى فيما مر من الأحكام
فش كتب في الحد لزيق الزقيقة أو الزقاق وإليها المدخل أو الباب لا يكفي لكثرة الأزقة فلا بد أن ينسبها إلى ما تعرف به ولو كانت لا تنسب إلى شيء يقول زقيقة بها أي بالمحلة أو القرية أو الناحية ليقع به نوع معرفة
أقول دل هذا على أنه لا يكفي ذكر الثلاثة ويحتمل أن يكون غرضه من قوله لا يكفي فلا بد الخ أنه في بيان الرابع لا بد منه كذا وهذا لا يدل على أن بيان الرابع لا بد منه إذ بين قولنا بيان الرابع لا بد منه وبين قولنا الرابع لا يبين إلا بكذا فرق بين فلا دلالة حينئذ والله أعلم بغرضه
وأقول أيضا بالحدود الثلاثة تتميز تلك الزقيقة من سائر الأزقة فلا تضر الكثرة وأيضا في قوله بها أي بالمحلة الخ نظر إذ المعرفة الحاصلة بذكر المحلة أو القرية تحصل بدون ذكرها إذ من المعلوم أن الزقيقة لا تكون إلا بالمحلة أو القرية فذكرها وعدمه سواء لكن يمنع أن الزقيقة لا تكون إلا بالمحلة أو القرية لجواز أن يكون مقابلها أو بقربها أو نحو ذلك فقط
لو كان الحد الرابع ملك رجلين لكل منهما أرض على حدة فذكر في الحد الرابع لزيق ملك فلان ولم يذكر الآخر يصح وكذا لو كان الرابع لزيق أرض أو مسجد فذكر الأرض لا المسجد يجوز
وقيل الصحيح أنه لا يصح الفصلان إذا جعل الحد الرابع كله لزيق ملك فلان فإذا لم يكن كله ملك فلان فدعواه لم تتناول هذا المحدود فلا يصح كما لو غلط في أحد الأربعة بخلاف سكوته عن الرابع
فش لو كان المدعي أرضا وذكروا أن الفاصل شجرة لا يكفي إذ الشجرة لا تحيط بكل المدعى به والفاصل يجب أن يكون محيطا بكل المدعى به حتى يصير معلوما
فش الشجرة والمسناة تصلح فاصلا
والحاصل أن الشجرة تصلح فاصلا إذا أحاطت وإلا لا
أقول ومثل الشجرة البئر وعين الماء عدة
المقبرة لو كانت ربوة تصلح حدا وإلا فلا أي بأن كانت تلاط
لو ذكر في الحد لزيق أرض الوقف لا يكفي وينبغي أن يذكر أنها وقف على الفقراء أو على مسجد كذا ونحوه أو في يد من أو ذكر الواقف
أقول ينبغي أن يكون هذا وما يتلوه من جنسه على تقدير عدم المعرفة إلا به وإلا فهو تضييق بلا ضرورة
جف ذكر اسم جد المالك للحد شرط وكذا ذكر جد الواقف لو كان الحد وقفا إلا إذا كان مشهورا معروفا لا يلتبس به غيره
طذ لو ذكر لزيق ملك ورثة فلان لا يكفي إذ الورثة مجهولون منهم ذو فرض وعصب وذو رحم فجهلت جهالة فاحشة ألا يرى أن الشهادة بأن هذا وارث فلان لا تقبل لجهالة في الوارث
____________________
(7/419)
فش لو ذكر لزيق دار ورثة فلان لا يحصل التعريف بذكر الاسم والنسب
وقيل يصح ذكره حدا لأنه من أسباب التعريف عدة
لو كتب لزيق أرض ورثة فلان قبل القسمة
قيل يصح وقيل لا
ش كتب لزيق دار من تركة فلان يصح حدا
كتب لزيق أرض مبان وهي لا تكفي
كذا ذكره الشارح وقال لأن أرض مبان وهي قد تكون للغائب وقد تكون أرضا تركه مالكه على أهل القرية بالخراج وقد تكون أرضا تركت لرعي دواب القرية من وقت الفتح فهي مبان فبهذا القدر ما يحصل التعريف
أقول فيه نظر لأن أرض مبان وهو لو كان معروفا في نفسه ينبغي أن يحصل به التعريف والجهالة في مالكه وفي جهة تركه لا يضر التعريف
ط لو جعل الحد طريق العامة لا يشترط فيه ذكر أنه طريق القرية أو البلدة لأن ذكر الحد لإعلام ما ينتهي إليه المحدود وقد حصل العلم حيث انتهى إلى الطريق
ط الطريق يصلح حدا ولا حاجة فيه إلى بيان طوله وعرضه إلا على قول شح فإنه قال تبين الطريق بالذراع والنهر لا يصلح حدا عند البعض وكذا السور وهو رواية عن ح
وظاهر المذهب أنه يصلح حدية والخندق كنهر فإنه يصلح حدا عندهما
واختار من قولهما ولا عبرة لمن قال إن النهر يزيد وينقص وإن السور يخرب وإن الطريق يترك السلوك فيه لأن تبدل دار فلان أسرع من تبدل السور ونحوه فينبغي أن يكون ذلك أولى أي بصلاحيتها حدا
ذ ولو حد بأنه لزيق أرض فلان ولفلان في هذه القرية التي فيها المدعاة أراض كثيرة متفرقة مختلفة تصح الدعوى والشهادة
ا هـ
بزيادة وبعض تغيير
قوله ( كما يشترط في الشهادة عليه ) لأنه بها يصير معلوما عند القاضي
قوله ( ولو كان العقار مشهورا ) لأنه يعرف به مع تعذر الإشارة إليه وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهو الصحيح
كذا في الهندية عن السراج الوهاج
لأن قدرها لا يصير معلوما إلا بالتحديد
درر
قوله ( خلافا لهما ) أي فإن عندهما إذا كان العقار مشهورا شهرة الرجل فلا يحتاج إلى تحديده
قوله ( إلا إذا عرف ) بتشديد الراء الشهود الدار بعينها أي بأن أشاروا إليها حاضرة وقالوا نشهد أن هذه الدار لفلان فافهم
قوله ( فلا يحتاج إلى ذكر حدودها ) قال شمس الأئمة السرخسي يشترط في شراء القرية الخالصة أن يذكر حدود المستثنيات من المساجد والمقابر والحياض للعامة ونحوها وأن يذكر مقاديرها طولا وعرضا وكان يرد المحاضر والسجلات والصكوك التي فيها استثناء هذه الأشياء مطلقة فلا تحديد ولا تقرير
وكان أبو شجاج لا يشترط ذلك
قال في البحر وما يكتبون في زماننا وقد عرف المتعاقدان جميع ذلك وأحاطا به علما فقد استرذله بعض مشايخنا وهو المختار إذ البيع لا يصير به معلوما للقاضي عند الشهادة فلا بد من التعيين ا هـ
أي بذكر حدوده أو بالإشارة إليه في محله
قوله ( كما لو ادعى ثمن العقار الخ ) ظاهره ولو غير مقبوض
وفي جامع الفصولين لو ادعى ثمن مبيع لم يقبض لا بد من إحضار المبيع مجلس الحكم حتى يثبت البيع عند القاضي بخلاف لو ادعى ثمن مبيع قبض فإنه لا يجب إحضاره لأنه دعوى الدين حقيقة
ا هـ
ومقتضاه أن يفصل في العقار وذكر حدوده تقام مقام إحضاره
قوله ( ولا بد من ذكر بلدة بها الدار ) ذكر شيخ الإسلام الفقيه أحمد أبو النصر محمد السمرقندي في شروطه
وفي دعوى العقر لا بد أن يذكر بلدة فيها الدار ثم المحلة ثم السكة فيبدأ أولا بذكر الكورة ثم المحلة اختيارا
____________________
(7/420)
لقول محمد فإن مذهبه أن يبدأ بالأعم ثم بالأخص
وقيل يبدأ بالأخص ثم بالأعم فيقول دار في سكة كذا في محلة كذا وقاسه على النسب حيث يقال فلان ثم يقال ابن فلان ثم يذكر الجد بما هو أقرب فيترقى إلى الأبعد وقول محمد أحسن إذ العام يعرف بالخاص لا بالعكس وفصل النسب حجة عليه إذ الأعم اسمه فإن أحمد في الدنيا كثير فإن عرف وإلا ترقى إلى الحد
كذا في جامع الفصولين برمز ط
والذي في شرح أدب القاضي يجب على المدعي وعلى الشهود الإعلام بأقصى ما يمكن وهو في الدار بالبلدة ثم المحلة التي فيها الدار في تلك البلدة ثم يبين حدود الدار لأن أقصى ما يمكن في التعريف هذا ا هـ
والشارح تبع ما في جامع الفصولين
قال ط والذي يظهر الأول
ا هـ
تأمل
وذكر بعض الأفاضل على هامش الدر قوله ولا بد من ذكر بلدة بها الدار الخ
وقال بعضهم لا يلزم
وذكر المرغيناني أنه لو سمع قاض تصح هذه الدعوى
وقال القهستاني ويشترط تحديد الدار بما لا يتغير كالدور والأراضي والسور والطريق فخرج النهر لأنه يزيد وينقص ويعمر ولو لم تحد وقضى بحصة ذلك نفذ
ا هـ
أقول لكن قد علمت مما قدمناه قريبا عن الفصولين أنه لا عبرة لمن قال إن النهر يزيد وينقص الخ فلا تنسه
وأقول لكن المشاهد في ديارنا دمشق الشام وبعض أنهارها في بعض المحلات كنهر بردى فإنه كثيرا ما يترك أرضه ويمشي في أرض أخرى مملوكة للغير
ويمر على ذلك أعوام كثيرة بسبب انحدار الماء إلى تلك الأرض ويسفلها ويجعلها له طريقا آخر فتتغير الحدود وتصير نسيا منسيا وعليه فالنهر لا يصلح أن يكون حدا إلا إذا كان جريانه في أرض لا يمكن للماء نحرها وتغيير محله بأن كانت حافتاه مبنيتين بالآجر والأحجار والمؤنة أو كان جريانه في أرض مثقوبة من صخر أو نحو ذلك والله تعالى أعلم
قوله ( كما في النسب ) أي إذا ادعى على رجل اسمه جعفر مثلا فإن عرف وإلا ترقى إلى الأخص فيقول ابن محمد فإن عرف وإلا ترقى إلى الجد
قوله ( ويكتفي بذكر ثلاثة ) لأن للأكثر حكم الكل
زيلعي
فيجعل الرابع بإزاء الثالث حتى ينتهي إلى مبدأ الجد الأول
فصولين
وفي الحموي وقال زفر لا بد من ذكر الحدود الأربعة لأن التعريف لا يتم إلا بها ولنا أن للأكثر حكم الكل على أن الطول يعرف بذكر الحدين والعرض بأحدهما وقد يكون بثلاثة
روى عن أبي يوسف يكفي الاثنان وقيل الواحد والفتوى على قول زفر
ولذا لو قال غلطت في الرابع لا يقبل وبه قالت الثلاثة
وهذه إحدى المسائل التي يفتي بها بقول زفر كما أشرت إلى ذلك في منظومتي فيما يفتى به من أقوال زفر بقولي دعوى العقار بها لا بد أربعة من الحدود وهذا بين وجلي ا هـ ط بزيادة
لكن قال سيدي عبد الغني النابلسي في شرحه على المحبية بعد كلام طويل فإذا كانت الحدود الثلاثة كافية عند الأئمة الثلاثة كان الفتوى على ذلك فقول زفر لأنه لا بد من الحدود الأربعة غير مفتى به ا هـ
أقول وكون الفتوى على قول زفر لم أجده في كتب المذهب ولا في نظم سيدي الوالد رحمه الله تعالى المسائل العشرين التي يفتى بها على قول زفر
قوله ( فلو ترك ) أي المدعي أو الشاهد الرابع صح فحكمها في الترك والغلط واحد
قوله ( وإن ذكره ) أي الحد الرابع وغلط فيه لا أي لا يصح وهو المفتوى به ط
لأنه يختلف المدعي ولا كذلك بتركه ونظيره إذا ادعى شراء بثمن منقود فإن الشهادة تقبل وإن سكتوا عن بيان جنس الثمن ولو ذكروه
____________________
(7/421)
واختلفوا فيه لم تقبل
كذا في الزيلعي
قوله ( بإقرار الشاهد ) كذا في البحر وفي الحموي والغلط إنما يثبت بإقرار المدعي أنه غلط الشاهد والظاهر أن الغلط يثبت بهما أما لو ادعى المدعى عليه الغلط لا تسمع هذه الدعوى ولو أقام بينة لا تقبل وبيانه في البحر وغيره
قوله ( فصولين ) وعبارته وإنما يثبت الغلط بإقرار الشاهد إني غلطت فيه أما لو ادعاه المدعى عليه لا تسمع ولا تقبل بينته لأن دعوى غلط الشاهد من المدعى عليه إنما تكون بعد دعوى المدعي
وجواب المدعى عليه حين أجاب المدعي فقد صدقه أن المدعي بهذه الحدود فيصير بدعوى الغلط مناقضا بعده
أو نقول تفسير دعوى الغلط أن يقول المدعى عليه أحد الحدود ليس ما ذكره الشاهد أو يقول صاحب الحد ليس بهذا الاسم كل ذلك نفي والشهادة على النفي لا تقبل
ا هـ
قال العلامة الرملي في عبارة الفصولين إسقاط من أصل النسخة ولا بد منه وهو بعد قوله بدعوى الغلط بعده مناقضا فينبغي أن يفصل أيضا ويمكن أن يغلط لمخالفته لتحديد المدعي فلا تناقض
ثم قال أو نقول الخ وقد كتبت على نسختي جامع الفصولين في هذا المحل كتابة حسنة فراجعها فإنها مفيدة وفي جامع الفصولين أيضا
أقول لو قال بعض حدوده كذا لا ما ذكره الشاهد والمدعي ينبغي أن تقبل بينته عليه من حيث إثباته أن بعض حدوده كذا فينفي ما ذكره المدعي ضمنا فيكون شهادة على الإثبات لا على النفي ويدل عيه مسألة ذكرت في فصل التناقض أنه ادعى دارا محدودة فأجاب المدعى عليه أنه ملكي وفي يدي ثم ادعى أن المدعي غلط في بعض حدوده لم يسمع لأن جوابه إقرار بأنه بهذه الحدود وهذا إذا أجاب بأنه ملكي
أما لو أجاب بقوله ليس لهذا ملكك ولم يزد عليه يمكن الدفع بعده بخطأ الحدود
كذا حكى عن ط أنه لقن المدعى عليه الدفع بخطأ الحدود
أقول دل على هذا أن المدعى عليه لو برهن على الغلط يقبل فدل على ضعف الجوابين المذكورين فالحق ما قلت من أنه ينبغي أن يكون على هذا التفصيل والله تعالى أعلم
ا هـ
قال في نور العين جميع ما ذكره المعترض في هذا البحث محل نظر كما لا يخفى على من تأمل وتدبر
ا هـ
أقول والملخص كما ذكره السائحاني أن يقول المدعى عليه هذا المحدود ليس في يدي فيلزم أن يقول الخصم بل في يدك ولكن حصل غلط فيمنع به ولو تدارك الشاهد الغلط في المجلس يقبل أو في غيره إذا وفق
قال في البزازية ولو غلطوا في حد واحد أو حدين ثم تداركوا في المجلس أو في غيره يقبل عند إمكان التوفيق بأن يقول كان اسمه فلانا ثم صار اسمه فلانا أو باع فلان واشتراه المذكور
ا هـ
وفيه مسائل أحببت ذكرها هنا تتميما للفائدة
وفي ذ بين حدوده ولم يبين أنه كرم أو أرض أو دار وشهدا كذلك قيل لا تسمع الدعوى ولا الشهادة وقيل تسمع لو بين المصر والمحلة والموضع
ادعى عشر دبرات أرض وحد التسع لا الواحدة لو كانت هذه الواحدة في وسط التسع تقبل ويقضي بالجملة لا لو على طرف
جف ادعى سكنى دار ونحوه وبين حدوده لا يصح إذ السكنى نقلي فلا يحد بشيء
فش وإن كان السكنى نقليا لكن لما اتصل بالأرض اتصال تأييد كان تعريفه بما به تعريف الأرض
____________________
(7/422)
إذ في سائر النقليات إنما لا يعرف بالحدود لإمكان إحضاره فيستغني بالإشارة إليه عند الحد أما السكنى فنقله لا يمكن لأنه مركب في البناء تركيب قرار فالتحق بما لا يمكن نقله أصلا
ا هـ
أقول والمراد بالسكنى ما ركب في الأرض كما ظهر في كلامه أي لأنه منقول تعسر إحضاره فلا يكفي تحديده ولا بد من الإشارة إليه عند الدعوى والشهادة والحكم عليه
وقوله وإن كان السكنى نقليا الخ هذا قول آخر نقله عن فتوى رشيد الدين أي فيكفي تحديده وإن كان نقليا لأنه التحق بالعقار لاتصاله بالأرض اتصال قرار
أقول ومنه يظهر حكم حادثة الفتوى وهي ما لو أراد متولي أرض وقف معلومة انتزاعها من يد مستأجرها بعد مضي مدة الإجارة ورفع يده عنها وكان قد غرس وبنى فيها المستأجر بإذن متوليها بحق القرار فأثبت بناءه وأشجاره الموضوعة في الأرض على الوجه المذكور لدى الحاكم الشرعي بذكر حدود الأرض فقط من غير إشارة إلى البناء والأشجار وحكم له الحاكم الشرعي بحق القرار فيها فإنه يصح على هذا القول الثاني سيما وقد اتصل بحكم الحاكم
وأقول أيضا قد تأيد ذلك بأمر السلطان نصره الرحمن كما سمعته في المنقول الذي يحتاج نقله إلى مصرف وقد تأيد ذلك عندي بعده بفتوى من مفتي الأنام بوأهم الله دار السلام أفتوا فيها بصحة حجج الاحترام طبق هذا المرام هذا ما ظهر لي في هذا المقام فتأمله منصفا بكمال الإلمام
وفيه برمز طظه شرى علو بيت ليس له سفل يحد السفل لا العلو إذ السفل مبيع من وجه من حيث إن قرار العلو عليه فلا بد من تحديده وتحديده يغني عن تحديد العلو إذ العلو عرف بتحديد السفل ولأن السفل أصل والعلو تبع فتحديد الأصل أولى
قال طى هذا إذا لم يكن حول العلو حجرة فلو كانت ينبغي أن يحد العلو لأنه هو المبيع فلا بد من إعلامه وهو يحد العلو لأنه هو المبيع فلا بد من إعلامه وهو يحده وقد أمكن
قوله ( وأسماء أنسابهم ) جمعنسب بمعنى منسوب إليه
قال في البحر المقصود الإعلام
ا هـ
وفي الملتقط ربما لا يحد إلا بذكر الجد وإذا لم يعرف جده لا يتميز عن غيره إلا بذكر مواليه أو ذكر حرفته أو وطنه أو دكانه أو حليته إنما التمييز هو المقصود فيحصل بما قل أو كثر
ا هـ
ولو ذكر مولى العبد وأبا مولاه يكفي على المفتى به ط
مطلب المقصود التمييز لمعرفة الحد قوله ( وإلا اكتفى باسمه لحصول المقصود ) قال في الفصولين أما الدار فلا بد من تحديده ولو مشهورا عند أبي حنيفة وتمام حده بذكر جد صاحب الحد
وعندهما التحديد ليس بشرط في الدار المعروف كدار عمر بن الحرث بكوفة فعلى هذا لو ذكر لزيق دار فلان ولم يذكر اسمه ونسبه وهو معروف يكفيه إذ الحاجة إليهما لإعلام ذلك الرجل وهذا مما يحفظ جدا
ا هـ
وفيه ولو جعل أحد الحدود أرض المملكة يصح وإن لم يذكر أنه في يد من لأنها في يد السلطان بواسطة يد نائبه
ا هـ
وهذا إذا كان الأمير واحدا فلو كان اثنين لا بد أن يبين اسم الأمير ونسبه كما في الخلاصة
رجل ادعى دارا في يد رجل فقال له القاضي هل تعرف حدود الدار قال لا ثم ادعاها وبين الحدود لا تسمع
أما إذا قال لا أعرف أسامي أصحاب الحدود ثم ذكر في المرة الثانية فتسمع ولا حاجة إلى التوفيق
كذا في الهندية عن الخلاصة
____________________
(7/423)
وفيها ولو أنه قال لا أعرف الحدود ثم ذكر الحدود بعد ذلك ثم قال عنيت بقولي لا أعرف الحدود ولا أعرف أسماء أصحاب الحدود قبل ذلك منه وتسمع دعواه
كذا في الذخيرة
رجل ادعى محدودة وذكر حدودها وقال في تعريفها وفيها أشجار وكانت المحدودة بتلك الحدود ولكنها خالية عن الأشجار لا تبطل الدعوى وكذا لو ذكر مكان الأشجار الحيطان ولو كان المدعي قال في تعريفها ليس فيها شجر ولا حائط فإذا فيها أشجار عظيمة لا يتصور حدوثها بعد الدعوى إلا أن حدودها توافق الحدود التي ذكر تبطل دعواه
ولو ادعى أرضا ذكر حدودها وقال هي عشر دبرات أرض أو عشر جرب فكانت أكثر من ذلك لا تبطل دعواه وكذا لو قال هي أرض يبذر فيها عشر مكاييل فإذا هي أكثر من ذلك أو أقل إلا أن الحدود وافقت دعوى المدعي لا تبطل دعوى المدعي لأن هذا خلاف يحتمل التوفيق وهي غير محتاجة إليه
كذا في فتاوى قاضيخان
وفي الهندية رجل ادعى على رجل أنه وضع على حائطه له خشبا أو أجرى على سطحه ماء أو داره ميزابا أو ادعى أنه فتح في حائط له بابا أو بنى على حائط له بناء أو ادعى أنه رمى التراب أو الزبل في أرضه أو دابة ميتة في أرضه أو غرس شجرا أو ما فيه فساد الأرض وصاحب الأرض يحتاج إلى رفعه ونقله وصححه دعواه بأن بين طول الحائط وعرضه وموضعه وبين الأرض بذكر الحدود وموضعها فإذا صحت دعواه وأنكر المدعى عليه يتسحلفه على السبب ولو كان صاحب الخشب هو المدعي فقدم صاحب الحائط إلى القاضي وقال كان لي على حائط هذا الرجل خشب فوقع أو قلعته لأعيده وأن صاحب الحائط يمنعني عن ذلك لا تسمع دعواه ما لم يصح وتصحيح الدعوى بأن يبين موضع الخشب وأن له حق وضع خشبة أو خشبتين أو ما أشبه ذلك وبين غلظ الخشبة وخفتها فإذا صحت الدعوى وأنكر المدعى عليه يحلفه القاضي على الحاصل بالله ما لهذا في هذا الحائط وضع الخشب الذي يدعي وهو كذا وكذا في موضع كذا من الحائط في مقدم البيت أو مؤخره حق واجب له فإذا نكل ألزمه القاضي حقه
ا هـ
قوله ( وذكر أنه أي العقار في يده الخ ) أي لأن المدعى عليه لا يكون خصما إلا إذا كان العقار في يده فلا بد من ذكره وإنما خصصه في الذكر لأن الكلام فيه وإلا فالمنقول كذلك ولذا جعل صاحب البحر الضمير راجعا إلى المدعي الشامل للمنقول والعقار
قال ولم أخصصه بالعقار كما فعل الشارح لكونه شرطا فيهما
ا هـ
وفي كلامه إشارة إلى أن ذلك في الدعوى أما إذا شهدوا بمنقول أنه في ملك المدعي تقبل وإن لم يشهدوا أنه في يد المدعى عليه بغير حق لأنهم شهدوا بالملك له وملك الإنسان لا يكون في يد غيره إلا بعارض والبينة تكون على مدعي العارض ولا تكون على صاحب الأصل
وقال بعضهم ما لم يشهدوا أنه في يد المدعى عليه بغير حق لا تقطع يد المدعى عليه والأول أصح
وفيما سوى العقار لا يشترط أن يشهدوا أنه في يد المدعى عليه لأن القاضي يراه في يده فلا حاجة إلى البيان
كذا في الخانية
بحر
قوله ( إن كان منقولا ) هذا تكرار لا حاجة إليه مع قوله فيما تقدم في المنقول ذكر أنه في يده بغير حق إلا أن يقال إنما ذكره مع ما تقدم ليشير أن في العقار لا يتأتى ذلك لأن اليد لا تستولي عليه ولذا لا يثبت فيه الغصب
تأمل
قوله ( لما مر ) أي من احتمال كونه مرهونا في يده أو محبوسا بالثمن في يده أي ليصير خصما
____________________
(7/424)
أقول هذا يشمل العقار فالتقييد لا يفيد وهكذا قال صدر الشريعة
وفي القهستاني ويزيد أيضا في العقار عند بعض المشايخ كما في قاضيخان وهو المختار عند كثير من أهل الشروح ومثله في الخزانة
قوله ( ولا تثبت يده ) أي يد المدعى عليه بتصادقهما لأن اليد فيه غير مشاهدة ولعله في يد غيرهما تواضعا فيه ليكون لهما ذريعة إلى أخذه بحكم الحاكم
عيني
وسيشير إليه الشارح لكن اعترض على تعليل العيني بأنه لا يشمل ما لا يمكن حضوره إلى مجلس الحكم كصبرة بر ورحى كبيرة ونحو ذلك فينبغي أن يلحق بالعقار لمشابهتها له
أقول هذا الاعتراض في غاية السقوط لما سبق وسيجيء أن ما تعذر نقله من المنقول يحضره القاضي أو يبعث أمينا أو نائبه فيسمع ويقضي ثم يمضي القاضي ففي صورة الحضور مشاهد أيضا وفي صورة بعث القاضي كالمشاهد ولذلك أمضى قضاءه بخلاف العقار فإن كونه في يد المدعى عليه قد لا يشاهده القاضي وإن حضر عنده ولذلك صرحوا بأن ثبوت يده عليه بالبينة لا غير
أقول وهذا مما يقع كثيرا ويغفل عنه كثير من قضاة زماننا حيث يكتب في الصكوك فأقر بوضع يده على العقار المذكور فلا بد أن يقول المدعي إنه واضع يده على العقار ويشهد له شاهدان ولذا نظم سيدي الوالد رحمه الله تعالى ذلك بقوله واليد لا يثبت في العقار مع التصادق فلا تماري بل يلزم البرهان إن لم يدع عليه غصبا أو شراء مدعي قوله ( بل لا بد من بينة ) أي من المدعي تشهد أنهم عاينوه في يده أي لصحة القضاء بالملك ولا يشترط ذلك لصحة الدعوى
قال في الخانية قال أبو بكر لا تقبل بينة المدعي على الملك ما لم يقم البينة أنها في يد ذي اليد ومثله في القهستاني بأوضح بيان
ثم قال وإذا شهدوا أنه في يده يسألهم القاضي أنهم شهدوا عن سماع أو معاينة لأنهم ربما سمعوا إقراره أنه في يده وهذا لا يختص به فإنهم لو شهدوا على البيع مثلا يسألهم عن ذلك لأنها شهادة بالملك للبائع والملك لا يثبت بالإقرار
قوله ( أو علم قاض ) هذا بناء على أن القاضي يقضي بعلمه وكثيرا ما يذكرونه في المسائل والمفتى به أنه لا يقضي بعلمه فعليه لا بد من البينة
قوله ( لاحتمال تزويرهما ) هو الصحيح اعترضه صدر الشريعة بأن تهمة المواضعة ثابتة مع إقامة البينة أيضا فإن الدار مثلا إذا كانت أمانة في يد المدعى عليه فتواضعا على أن لا يقر بالأمانة فيقيم البينة على اليد ثم إنها ملكه فيقضى عليه
وأجيب بأن تهمة المواضعة في صورة الإقرار ظاهرة وقريبة بل أكثر وفي صورة إقامة البينة خفية وبعيدة بل نادرة وأبعد لأن مبنى ذلك على مواضعة الخصمين وشاهدي زور وارتكاب ضرر فإن المدعى عليه إذا حكم عليه وأخرجت من يده يتضرر فتدبر
وعند البعض يكفي تصديق المدعى عليه أنها في يده ولا يحتاج إلى إقامة البينة لأنه إن كان في يده وأقر بذلك فالمدعي يأخذ منه إن ثبت ملكيته بالبينة أو بإقرار ذي اليد أو نكوله وإن لم يكن في يده لا يكون للمدعي ولاية الأخذ من ذي اليد لأن البينة قامت على غير خصم فالضرر لا يلحق إلا بذي اليد على أن التزوير يوجد لو كانت في يده أمانة ولم يذكر إلا مجرد أنها في يده كما علمت
قوله ( لمعاينة يده ) قدمنا قريبا الاعتراض على هذا التعليل وإن الاعتراض الذكور في غاية السقوط فلا تنسه
قوله ( ثم هذا ) أي عدم ثبوت اليد بالتصادق
____________________
(7/425)
قوله ( ملكا مطلقا ) أي بلا بيان سبب الملك
قوله ( فلا يفتقر لبينة ) أي أنه في يده بغير حق كما في العمادية وغيرها وظاهره أنه يصح دعوى العقار بلا بيان سبب
وقال في البحر فظهر بما ذكرناه وأطلقه أصحاب المتون أنه يصح دعوى الملك المطلق في العقار بلا بيان سبب الملك
ثم نقل عن البزازية أن صحة دعوى الملك المطلق في العقار في بلاد لم يقدم بناؤها أما في بلد قدم بناؤه فلا تسمع فيه دعوى الملك المطلق لوجوه بينها فيه
وظاهره اعتماد الأول
هذا خلاصة كلامه
وقيد بالدعوى لأن الشاهد إذا شهد أنه ملكه ولم يقل في يده بغير حق اختلفوا فيه والصحيح الذي عليه الفتوى أنه يقبل في حق القضاء بالملك لا في حق المطالبة بالتسليم حتى لو سأل القاضي الشاهد أهو في يد المدعى عليه بغير حق فقال لا أدري يقبل على الملك نص عليه في المحيط كما في شهادة البزازية فظهر أن المدعي لو ادعى أنه في يد المدعى عليه بغير حق وطالبه وشهد شاهداه أنه ملك المدعي وأنه في يده المدعى عليه عن معاينة يقضي القاضي بالملك والتسليم إذ لا فرق في ذلك بين أن يثبت كلا الحكمين بشهادة فريق واحد أو فريقين كما في غاية البيان مفصلا
قوله ( لأن دعوى الفعل ) أشار بهذا إلى الفرق بين دعوى الملك المطلق ودعوى الفعل
وحاصله أن دعوى الفعل كما تصح على ذي اليد تصح على غيره أيضا فإنه يدعي عليه التمليك والتملك وهو كما يتحقق من ذي اليد يتحقق من غيره أيضا فعدم ثبوت اليد لا يمنع صحة الدعوى
أما دعوى الملك المطلق فدعوى ترك التعرض بإزالة اليد وطلب إزالتها لا يتصور إلا من صاحب اليد وبإقراره لا يثبت كون ذا يد لاحتمال المواضعة
أفاده في البحر
قوله ( وذكر أنه يطالبه به ) أي سواء كان عينا أو دينا منقولا أو عقارا فلو قال لي عليه عشرة دراهم ولم يزد على ذلك لم يصح ما لم يقل للقاضي مره حتى يعطيه وقيل تصح وهو الصحيح
قهستاني
قال العلامة أبو السعود وليس المراد لفظ وأطالبه به بل هو أو ما يفيده من قوله مره ليعطيني حقي وأما أصحاب الفتاوى كالخلاصة جعلوا اشتراطه قولا ضعيفا فالصحيح على ما في الفتاوى عدم اشتراط المطالبة أصلا
كذا بخط شيخنا ا هـ
ومثله في العمدة وسيأتي في دعوى الدين قريبا
قوله ( لتوقفه ) أي توقف دعوى العقار ذكر الضمير وإن كان المرجع مؤنثا لاكتسابه التذكير من المضاف إليه
قوله ( ولاحتمال رهنه أو حبسه بالثمن ) أو لدفع التأجيل في نحو الدين وكل ذلك يزول بالمطالبة
قوله ( وبه ) أي بذكر أنه يطالبه لأنه لا مطالبة له إذا كان محبوسا بحق
قوله ( استغنى عن زيادة بغير حق ) فرجع الكلام إلى موافقة صدر الشريعة في التسوية بين المنقول والعقار
قوله ( فافهم ) أشار به إلى أن ذكر كونه بغير حق غير لازم في العقار والمنقول لأن المطالبة تغني عنه
قوله ( ولو كان ما يدعيه دينا ) أي في الذمة
قوله ( مكيلا أو موزونا ) إنما قيد به لأنه هو الذي يمكن ثبوته في الذمة ويلحق به المذروع إذا استوفى شروط السلم وكذا العددي المتقارب كالجوز والبيض واللبن الذي سمي فيه ملبنا معلوما ونحو ذلك مما يمكن ثبوته في الذمة
قوله ( نقدا أو غيره ) تعميم في الموزون
قوله ( ذكر وصفه ) أنه جيد أو رديء لأنه لا يعرف إلا به وإنما يحتاج إلى ذكر وصفه إذا كان في البلد نقود مختلفة أما إذا كان في البلد نقد واحد فلا
حموي
زاد في الكنز وأنه يطالبه به
____________________
(7/426)
قال في البحر هكذا جزم به في المتون والشروح وأما أصحاب الفتاوى فجعلوا اشتراطه قولا ضعيفا كما في العمدة انتهى
ولا يخفى أنه كان ينبغي للمصنف ذكره هنا أي في دعوى الدين كما ذكره في دعوى العقار لما قالوا إن ما في المتون والشروح مقدم على ما في الفتاوى لكن هذا عند التصريح بتصحيح كل من القولين أو عدم التصريح أصلا أما لو ذكرت مسألة في المتون ولم يصرحوا بتصحيحها بل صرحوا بتصحيح مقابلها فقد أفاد العلامة قاسم ترجيح الثاني لأنه تصحيح صريح وما في المتون تصحيح التزامي والتصحيح الصريح مقدم على التصحيح الالتزامي أي التزام المتون ذكر ما هو الصحيح في المذهب كما تقدم في رسم المفتي أول الكتاب
قال ط ولو استغنى عن ذكر الدين وأدخله في جملة المثليات التي ذكر حكمها بعد لكان أخضر
قوله ( من ذكر الجنس ) كحنطة والنوع كبلدية أو حورانية والصفة كجيدة والقدر كعشرة أقفزة إن كان كيليا وعشرة أرطال إن كان وزنيا
قوله ( وسبب الوجوب ) بأن يقول بسبب بيع صحيح جرى بينهما
قوله ( لم تسمع ) وكذا لو ادعى مالا بسبب له كحساب جرى بينهما لا يصح لأن الحساب لا يصلح سببا لوجوب المال كما في مشتمل الأحكام والهندية عن الخلاصة
وفي الأشباه لا يلزم المدعي بيان السبب وتصح بدونه إلا في المثليات ودعوى المرأة لدين على تركة زوجها فلو ادعى مكيلا مثلا فلا بد من بيان سبب الوجود لاختلاف الأحكام باختلاف الأسباب حتى من أسلم يحتاج إلى بيان مكان الإيفاء تحرزا عن النزاع
وكذا لو ادعت المرأة على تركة الزوج لم تسمع ما لم تبين السبب لجواز أن يكون دين النفقة وهي تسقط بموته جملة
ا هـ
وفي الظهيرية وإن وقعت الدعوى في الدين فلا بد من بيان السبب لأنه لا يجب في الذمة إلا بالاستهلاك بخلاف دعوى الأملاك والأعيان فلا يحتاج
مطلب فيما يجب ذكره في دعوى العقد قوله ( في مكان عيناه ) هذا عند الإمام وعندهما في مكان العقد وهذا فيما له حمل ومؤنة وما لا حمل له كمسك لا يشترط فيه بيان مكان الإيفاء اتفاقا ويوفي حيث شاء كما تقدم في السلم
وينبغي على قولهما أن يذكر في الدعوى مكان العقد فيما له حمل ومؤنة لأن عندهما يجب تسليمه فيه يراجع
وقدمنا في هذا الباب أنه يذكر في السلم شرائطه من إعلام جنس رأس المال وغيره ونوعه وصفته وقدره بالوزن إن كان وزنيا وانتقاد بالمجلس حتى يصح الخ فراجعه
قوله ( وفي نحو قرض الخ ) أي وفي دعوى نحو القرض الخ ولا بد أن يذكر أنه أقرضه كذا من مال نفسه لجواز أن يكون وكيلا بالإقراض والوكيل بالإقراض سفير ومعبر لا يطالب بالأداء ويذكر أيضا أنه صرف ذلك إلى حاجة نفسه ليصير ذلك دينا عليه إجماعا لأن القرض عند أبي يوسف لا يصير دينا في ذمة المستقرض إلا بصرفه في حوائج نفسه هـ
فلو كان باقيا عند المستقرض لا يصير دينا عنده ونحو القرض ثمن المبيع فإنه يتعين مكان العقد للإيفاء ط
قال صدر الإسلام لا يشترط بيان مكان الإيفاء في القرض وتعيين مكان العقد
هندية عن الوجيز الكردي
قوله ( وغصب واستهلاك في مكان القرض ) وهذا فيما له حمل ومؤنة وإلا فلا كما تقدم قريبا
قوله ( ونحوه ) أي من الغصب والاستهلاك فيتعين مكانهما للتسليم وقد مثل ذلك في البحر بالحنطة لما أن محل ذلك فيما له حمل ومؤنة
____________________
(7/427)
مطلب في كلام المتون والشروح في الدعوى قصور إذا لم يبينوا بقية الشروط قال في البحر ثم اعلم أن في كلام أصحاب المتون والشروح في دعوى قصورا فإنهم لم يبينوا بقية شرائط دعوى الدين ولم يذكروا دعوى العقد
أما الأول ففي دعوى البضاعة والوديعة بسبب موته مجهلا لا بد أن يبين قيمته يوم موته إذ هو يوم الوجوب وفي المضاربة بموت المضارب مجهلا لا بد من ذكر أن مال المضاربة يوم موته نقد أو عرض لأن العرض يدعي قيمته وفي مال الشركة لا بد من ذكر أنه مات مجهلا لمال الشركة أو للمشتري بمالها إذ مالها يضمن بمثله والمشتري بمالها يضمن بالقيمة
ولو ادعى مالا بكفالة لا بد من بيان المال بأي سبب لجواز بطلانها إذ الكفالة بنفقة المرأة إذا لم تذكر مدة معلومة لا تصح إلا أن يقول ما عشت أو دمت في نكاحه والكفالة بمال الكتابة لا تصح وكذا بالدية على العاقلة ولا بد أن يقول وأجاز المكفول له الكفالة في مجلس الكفالة حتى لو قال في مجلسه لم يجز ولا يشترط بيان المكفول عنه كما في الخانية
ولو ادعت امرأة مالا على ورثة الزوج لم يصح ما لم تبين السبب لجواز أن يكون دين النفقة وهي تسقط بموته
وفي دعوى الدين على الميت لو كتب توفي بلا أدائه وخلف من التركة بيد هذا الوارث ما يفي تسمع هذه الدعوى وإن لم يبين أعيان التركة وبه يفتى
لكن إنما يأمر القاضي الوارث بأداء الدين لو ثبت وصول التركة إليه ولو أنكر وصولها إليه لا يمكن إثباته إلا بعد بيان أعيان التركة في يده لما يحصل به الإعلام
ولو ادعى الدين بسبب الوراثة لا بد من بيان كل ورثته وفي دعوى السعاية به إلى الحاكم لا يجب ذكر قابض المال ولكن في محضر دعواها لا بد أن يبين السعاية لينظر أنه هل يجب الضمان عليه لجواز أنه سعى بحق فلا يضمن
ولو ادعى الضمان على الآمر أنه أمر فلانا وأخذ منه كذا تصح الدعوى على الأمر لو سلطانا وإلا فلا
مطلب في شروط دعوى العقد وأما دعوى العقد من بيع وإجارة ووصية وغيرها من أسباب الملك لا بد من بيان الطوع والرغبة بأن يقول باع فلان منه طائعا أو راغبا في حال نفاذ تصرفه لاحتمال الإكراه
وفي ذكر التخارج والصلح عن التركة لا بد من بيان أنواع التركة وتحديد العقار وبيان قيمة كل نوع ليعلم أن الصلح لم يقع على أزيد من قيمة نصيبه لأنهم لو استهلكوا التركة ثم صالحوا المدعي على أزيد من نصيبه لم يجز عندهم كما في الغصب إذا استهلكوا الأعيان وصالحوا وفي دعوى البيع مكرها لا حاجة إلى تعيين المكره
هذا ما حررته من كلامهم
ا هـ
قلت إنما تركوا ذكر ذلك لذكرهم حكم كل واحد في بابه وفي كتب الشروط استوفوا هذا
قال في الهندية وإن ادعى الحنطة أو الشعير بالأمناء فالمختار للفتوى أنه يسأل المدعي عن دعواه فإن ادعى بسبب القرض والاستهلاك لا يفتى بالصحة وإن ادعى بسبب بيع عين من أعيان ماله بحنطة في الذمة أو بسبب السلم يفتى بالصحة هكذا في الذخيرة
وإن ادعى مكايلة حتى صحت الدعوى بلا خلاف وأقام البينة على إقرار المدعى عليه بالحنطة أو بالشعير ولم يذكر الصفة في إقراره قبلت البينة في حق الجبر على البيان لا في حق الجبر على الأداء
كذا في المحيط
____________________
(7/428)
وفي الذرة والمج يعتبر العرف
كذا في الفصول العمادية
إذا ادعى الدقيق بالقفيز لا تصح ومتى ذكر الوزن حتى صحت دعواه لا بد أن يذكر منخول أو غير منخول مخبوز أو غير مخبوز والجودة والوساطة والرداءة
هكذا في الظهيرية
وإذا ادعى على آخر مائة عدالية غصبا وهي منقطعة عن أيدي الناس يوم الدعوى ينبغي أن يدعي قيمته غير أن عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى تعتبر القيمة يوم الدعوى والخصومة
وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى يوم الغصب وعند محمد رحمه الله تعالى يوم الانقطاع ولا بد من بيان سبب وجوب الدراهم في هذه الصورة
كذا في الذخيرة
وفي الدين لو ادعى المديون أنه بعث كذا من الدراهم إليه أو قضى فلان دينه بغير أمره صحت الدعوى ويحلف ولو ادعى عليه قرض ألف درهم وقال وصل إليك بيد فلان وهو مالي لا تسمع دعواه كما في العين
كذا في الخلاصة
وفي دعوى مال الإجارة المفسوخة بموت الآخر إذا كانت الأجرة دراهم أو عدالية ينبغي أن يذكر كذا دراهم كذا عدالية رائجة من وقت العقد إلى وقت الفسخ
كذا في الذخيرة
وفي دعوى مال الإجارة المفسوخة لا يشترط تحديد المستأجر وكذا ثمن مبيع مقبوض ولم يبين البيع أو محدود ولم يحدده وهو الأصح
ولو ادعى على آخر أنه استأجر المدعي لحفظ عين معين سماه ووصفه كل شهر بكذا وقد حفظه مدة كذا فوجب عليه أداء الأجرة المشروطة ولم يحضر ذلك العين في مجلس الدعوى ينبغي أن تصح الدعوى ا هـ
واختلفوا في اشتراط حضرة المستعير مع المعير في دعوى المستعار وحضرة المودع مع المودع في دعوى الوديعة وكذا في اشتراط حضور المزارع مع رب الأرض في دعوى الأرض
بزازية
قال في الهندية تشترط حضرة الراهن والمرتهن في دعوى عين رهن والعارية والإجارة كالرهن وأما حضرة المزارع فهل هي شرط في دعوى الضياع إن كان البذر من المزارع فهو كالمستأجر يشترط حضوره وإن لم يكن البذر منه إن نبت الزرع فكذلك وإن لم ينبت لا يشترط
هذا في دعوى الملك المطلق
أما إذا ادعى على آخر غصب ضيعته وأنها في يد المزارع فلا تشترط حضرة المزارع لأنه يدعي عليه الفعل ولو كانت الدار في يد البائع بعد البيع فجاء مستحق واستحقها لا يقضي بالدار له إلا بحضرة البائع والمشتري
كذا في الخلاصة
ولو ادعى مسيل ماء في دار الآخر لا بد أن يبين أنه مسيل ماء المطر أو ماء الوضوء وينبغي أن يبين موضع المسيل أنه في مقدم البيت أو مؤخره
ولو ادعى طريقا في دار الآخر ينبغي أن يبين طوله وعرضه وموضعه في الدار
جامع الفصولين
وفيه وفي دعوى الإكراه على بيع وتسليم ينبغي أن يقول بعته مكرها وسلمته مكرها ولي حق فسخه فافسخه ولو قبض ثمنه يذكر وقبضت ثمنه مكرها ويبرهن على كل ذلك
أما لو ادعى عليه أنه ملكي وفي يده بغير حق لا تسمع إذ بيع المكره يفيد الملك بقبضه فالاسترداد بسبب فساد البيع ينبغي أن يكون كذلك
وفيها لو ادعى فساد البيع يستفسر عن سبب فساده لجواز أن يظن الصحيح فاسدا وفي دعوى البيع مكرها لا حاجة إلى تعيين المكره كما لو ادعى السعاية فلا حاجة إلى تعيين العون
قوله ( ويسأل القاضي ) أي بطلب المدعي وقيل إن كان المدعي جاهلا يسأل القاضي المدعى عليه بدون طلبه
ا هـ
سراجية
وفيها إذا حضر الخصمان لا بأس أن يقول ما لكما وإن شاء سكت حتى يبتدئاه بالكلام وإذا تكلم
____________________
(7/429)
المدعي يسكت الآخر ويسمع مقالته فإذا فرغ يقول للمدعي عليه بطلب المدعي ماذا تقول
وقيل إن المدعي إذا كان جاهلا فإن القاضي يسأل المدعى عليه بدون طلب المدعي
ا هـ
وفي شهادات الخزانة يجوز للقاضي أن يأمر رجلا يعلم المدعي الدعوى والخصومة إذا كان لا يقدر عليها ولا يحسنها
ا هـ
قوله ( بعد صحتها ) أي إذا جازت وقامت دعوى المدعي برعاية ما سبق من شروط صحتها
قوله ( لعدم وجوب جوابه ) الأولى أن يعلل بعدم الباعث على السؤال فتأمل ط
قوله ( قوله فيها ) إنما قدره فرارا من استعمال قضى الآتي في كلام المصنف في حقيقته ومجازه لأن الإقرار حجة ملزمة بنفسه ولا يحتاج فيه إلى القضاء فإطلاق اسم القضاء فيه مجاز عن الأمر بالخروج عما لزمه بالإقرار كما صرح به في التبيين ا هـ ح
بخلاف البينة فإن الشهادة خبر محتمل بالقضاء تصير حجة وسقط احتمال الكذب
كذا في التبيين
فقول الشارح فيها أي فبالقضية المطلوبة حصل المقصود ولزمه الحق سواء قضى به القاضي أو لا وبالقضاء لا يثبت أمر زائد ألا يرى أنه يلزمه الحق بإقراره عند غير القاضي أو أنكر الخصم فبرهن المدعي قضى عليه بالبينة ولزمه الحق بالقضاء ويثبت حكم البينة به أما بدون القضاء فلا يثبت بالبينة حكم وكذا لا تعتبر في غير مجلس القاضي
قال في الأشباه لا يجوز للمدعى عليه الإنكار إذا كان عالما بالحق إلا في دعوى العيب فإن للبائع إنكاره ليقيم المشتري البينة عليه ليتمكن من الرد على بائعه وفي الوصي إذا علم بالدين
كذا في بيوع النوازل
قال في البحر وظاهر ما في الكتاب أن القاضي لا يمهل المدعى عليه إذا استمهله وليس كذلك ففي البزازية ويمهله ثلاثة أيام إن قال المطلوب لي دفع وإنما يمهله هذه المدة لأنهم كانوا يجلسون في كل ثلاثة أيام أو جمعة فإن كان يجلس كل يوم ومع هذا أمهله ثلاثة أيام جاز فإن مضت لمدة ولم يأت بالدفع حكم ا هـ
قوله ( أو أنكر فبرهن ) ظاهره أن البينة لا تقام على مقر
قال في البحر وظاهر ما في الكتاب أن البينة لا تقام إلا على منكر فلا تقام على مقر
وكتبنا في فوائد كتاب القضاء أنها تقام على المقر في وارث مقر بدين على الميت فتقام عليه للتعدي وفي مدعى عليه أقر بالوصاية فبرهن الوصي وفي مدعى عليه أقر بالوكالة فيثبتها الوكيل ثم زدت الآن رابعا من جامع الفصولين من فصل الاستحقاق قال المرجوع عليه عند الاستحقاق لو أقر الاستحقاق ومع ذلك برهن الراجع على الاستحقاق كان له أن يرجع على بائعه إذ الحكم وقع ببينة لا بإقرار لأنه محتاج إلى أن يثبت عليه الاستحقاق ليمكنه الرجوع على بائعه
وفيه لو برهن المدعي ثم أقر المدعى عليه بالملك له يقضي له بالإقرار لا ببينة إذا البينة إنما تقبل على المنكر لا على المقر
وفيه من موضع آخر فهذا يدل على جواز إقامتها مع الإقرار في كل موضع يتوقع الضرر من غير المقر لولاها فيكون هذا أصلا
ا هـ
قوله ( بلا طلب المدعي ) وإعلامه المدعى عليه أنه يريد القضاء عليه أدب غير لازم وتقدم في القضاء أنه متى قامت البينة العادلة وجب على القاضي الحكم بلا تأخير
مطلب لا يجوز للقاضي تأخير الحكم بعد شرائطه إلا في ثلاث قال في الأشباه لا يجوز للقاضي تأخير الحكم بعد شرائطه إلا في ثلاث مواضع الأولى رجاء الصلح بين الأقارب
الثانية إذا استمهل المدعي
الثالثة إذا كان عنده ريبة ا هـ
قوله ( وإلا حلفه الحاكم ) لأنه لا بد أولا
____________________
(7/430)
من سؤال القاضي المدعي بعد إنكار الخصم عن البينة ليتمكن من الاستحلاف لأن النبي قال للمدعي ألك بينة فقال لا فقال لك يمينه سأل ورتب اليمين على عدم البينة وإنما تعتبر إقامتها بعد الإنكار والاستشهاد من المدعي حتى لو شهدوا بعد الدعوى والإنكار بدون طلب المدعي الشهادة لا تسمع عند الطحاوي وعند غيره تسمع كما في العمادية
وفيها ثم بعد صحة الدعوى إنما يستحلف فيها سوى القصاص بالنفس في موضع يجوز القضاء بالنكول
وفي موضع لا يجوز القضاء بالنكول لا يجوز الاستحلاف
وتحليف الأخرس أن يقال له عليك عهد الله وميثاقه أنه كان كذا فيشير بنعم
بحر
وإنما يظهر لو كان يسمع
وانظر حكم الأخرس الذي لا يسمع ولا يستحلف الأب في مال الصبي ولا الوصي في مال اليتيم ولا المتولي في مال الوقف وسيأتي في كلام المصنف ويذكر تمامه إن شاء الله تعالى
قوله ( بعد طلبه ) قيد به لأن الحلف حقه ولهذا أضيف إليه بحرف اللام في الحديث وهي للتمليك وإنما صار حقا له لأن المنكر قصد إتواء حقه على زعمه بالإنكار فمكنه الشارع من إتواء نفسه باليمين الكاذبة وهي الغموس إن كان كاذبا كما يزعم وهو أعظم من إتواء المال وإلا يحصل للحالف الثواب بذكر الله تعالى وهو صادق على وجه التعظيم ولا بد أن يكون النكول في مجلس القضاء لأن المعتبر يمين قاطع للخصومة ولا عبرة لليمين عند غيره
ولو حلفه القاضي بغير طلبه ثم طلب المدعي التحليف فله أن يحلفه ثانيا كما في العمادية
ولو حلف بطلب المدعي بدون تحليف القاضي لم يعتبر وإن كان بين يديه لأن التحليف حق القاضي بطلب المدعي كما في القنية
ويأتي تمامه في كلام المصنف
وأطلق الحالف فيشمل المسلم والكافر ولو مشركا إذ لا ينكر أحد منهم الصانع فيعظمون اسم الله تعالى ويعتقدون حرمته لا الدهرية والزنادقة وأهل الإباحة وهؤلاء أقوام لم يتجاسروا على إظهار نحلهم في عصر من الأعصار إلى يومنا هذا ونرجو من فضل الله تعالى على أمة حبيبه أن لا يقدرهم على إظهار ما انتحلوه إلى انقضاء الدنيا كما في البدائع
ثم إذا حلف لا يبطل حقه بيمينه لكنه ليس له أن يخاصم ما لم يقم البينة على وفق دعواه فإن وجدها أقامها وقضي له بها
درر
قال الزيلعي وهل يظهر كذب المنكر بإقامة البينة والصواب أنه لا يظهر حتى لا يعاقب عقوبة شاهد الزور
ا هـ
وفيه أيضا أنه لا يحنث لو كان حلفه بالطلاق ونحوه
وقيل عند أبي يوسف يظهر كذبه
وعند محمد لا يظهر
ا هـ
وفي الخانية وفي رواية عن محمد يظهر أيضا والفتوى على أنه يحنث وهكذا في الولوالجية وذكر في المنبع
والفتوى في مسألة الدين أنه لو ادعاه بلا سبب فحلف ثم برهن ظهر كذبه وإن ادعاه بسبب فحلف أنه لا دين عليه ثم برهن على السبب لا يظهر كذبه لجواز أنه وجد القرض مثلا ثم وجد الإبراء أو الإيفاء
ا هـ
وهكذا في جامع الفصولين فظهر أن ما اختاره الزيلعي وتبعه في الدرر من الصواب خلاف ما يفتى به سيما وقع في أمر الدين
تدبر قوله ( إذ لا بد من طلب اليمين في جميع الدعاوى ) قال في الأشباه الأصح أنه لا تحليف في الدين المؤجل قبل حلوله لأنه لا تسوغ له المطالبة حتى يترتب على إنكاره التحليف
ا هـ
وإذا أراد تحليفه ينبغي للمدعى عليه أن يسأل القاضي إن المدعي يدعي حالة أم نسيئة فإن قال حالة يحلف بالله ما له علي هذه الدراهم التي يدعيها ويسعه ذلك كما في البحر
مطلب يحلف بلا طلب في أربعة مواضع قوله ( إلا عند الثاني في أربع ) قال في البحر ثم اعلم أنه لا تحليف إلا بعد طلب عندهما في جميع الدعاوى
____________________
(7/431)
وعند أبي يوسف يستحلف بلا طلب في أربعة مواضع في الرد بالعيب يستحلف المشتري على عدم الرضا به والشفيع على عدم إبطاله الشفعة والمرأة إذا طلبت فرض النفقة على زوجها الغائب تستحلف أنها لم يطلقها زوجها ولم يترك لها شيئا ولا أعطاها النفقة والرابع المستحق يحلف بالله تعالى ما بعت وهذا بناء على جواز تلقين الشاهد
ا هـ
والأولى أن يحلف على أنه لم يستوفه كلا أو بعضا بالذات أو بالواسطة ولم يبرئه منه ولم يكن عنده به رهن أو بشيء منه وقوله بالله ما بعت فيه قصور والأولى أن يحلف بالله ما خرج عن ملكك ليشمل ما لو خرج عن ملكه بالبيع وغيره وانظر للمدعى عليه وكذا يحلف القاضي البكر الطالبة للتفريق أنها اختارت الفرقة حين بلغت وإن لم يطلبه الزوج كما في جامع الفصولين
قال في التتمة ولو ادعى دعاوى متفرقة لا يحلفه القاضي على كل شيء منها بل يجمعها ويحلفه يمينا واحدة على كلها إذا برهن فإنه يحلف كما وصفنا وهي في الخلاصة
قوله ( قال ) أي البزازي
قوله ( وأجمعوا على التحليف ) أي وإن أقر به المريض في مرض موته كما في الأشباه عن التاترخانية وقدمه الشارح قبيل باب التحكيم من القضاء
قوله ( في دعوى الدين ) قال في البحر ولا خصوصية لدعوى الدين بل في كل موضع يدعي حقا في التركة وأثبته بالبينة فإنه يحلف من غير خصم بل وإن أبى الخصم كما صرح به في البزازية لأنه حق الميت أنه ما استوفى حقه وهو مثل حقوق الله تعالى يحلف من غير دعوى
كذا في الولوالجية
ا هـ
وقيد بإثباته بالبنية لأنه لو أقر به الوارث أو نكل عن اليمين المتوجهة عليه لا يحلف كما يعلم من مسألة إقرار الورثة بالدين ومما قدمناه من كون الإقرار حجة بنفسه بخلاف البينة
تأمل
لكن ذكر في خزانة أبي الليث خمسة نفر جائز للقاضي تحليفهم ثم قال ورجل ادعى دينا في التركة يحلفه القاضي بالله العظيم جل ذكره ما قبضته
ا هـ
فهذا مطلق وما هنا مقيد بما إذا أثبته بالبينة وتعليلهم بأنه حق الميت ربما يعكر على ما تقدم
وقد يقال التركة ملكهم خصوصا عند عدم دين على الميت وقد صادف إقرارهم ملكهم فأنى يرد بخلاف البينة فإنها حجة قائمة من غيرهم عليهم فيحتاط فيها وأما الإقرار فهو حجة منهم على أنفسهم فلا يتوقف على شيء آخر
وأقول ينبغي أن يحلفه القاضي مع الإقرار فيما إذا كان في التركة دين مستغرق لعدم صحة إقرارهم فيها والحال هذه فيحلفه القاضي بطلب الغرماء إذا أقام بينة وبغير طلبهم لكن إذا صدقوه شاركهم لأنهم أقروا بأن هذا الشيء الذي هو بينهم خاص بهم لهذا فيه شركة معنا بقدر دينه
تأمل
قال في البحر ولم أر حكم من ادعى أنه دفع للميت دينه وبرهن هل يحلف وينبغي أن يحلف احتياطا
ا هـ
قال الرملي ينبغي أن لا يتردد في التحليف أخذا من قولهم الديون تقضى بأمثالها لا بأعيانها وإذا كان كذلك فهو قد ادعى حقا للميت
ا هـ
ذكره الغزي
وأقول ينبغي أن يقال بدل اللام على كما هو ظاهر
وأقول قد يقال إنما يحلف في مسألة مدعي الدين على الميت احتياطا لاحتمال أنهم شهدوا باستصحاب الحال وقد استوفى في باطن الأمر
وأما في مسألة دفع الدين فقد شهدوا على حقيقة الدفع فانتفى الاحتمال المذكور فكيف يقال ينبغي أن لا يتردد في التحليف تأمل
وسيأتي ذلك في أواخر دعوى النسب
قوله ( بل يحبس ) أي يحبسه القاضي لأنه
____________________
(7/432)
ظالم فجزاؤه الحبس
قوله ( ليقرأ وينكر ) هذا عند أبي حنيفة وقالا يستحلفه كما في المجمع وجه قولهما إن كلاميه تعارضا وتساقطا فكأنه لم يتكلم بشيء فكان ساكتا والسكوت بلا آفة نكول فيستحلفه القاضي ويقضي بالنكول كما في المنبع
وفي البدائع هو الأشبه
قوله ( وكذا لو لزم السكوت بلا آفة عند الثاني ) أي فإنه يحبس لأنه نكول حكما وهو قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وعند أبي يوسف السكوت ليس بإنكار فحبس إلى أن يجيب
صرح به السرخسي
وقولهما هو الأشبه كما في البدائع وهو الصحيح كما في المنبع وصرح في روضة الفقهاء أن السكوت ليس بإنكار بلا خلاف
وفي القنية والبزازية الفتوى على قول أبي يوسف فلو سكت الخصم بلا آفة وقضى صح وكذا لو نكل مرة لأن اليمين واجبة عليه لقوله عليه الصلاة والسلام البينة على المدعي واليمين على من أنكر ترك هذا الواجب بالنكول دليل على أنه باذل ومقر وإلا قدم على اليمين تفصيا عن عهدة الواجب ودفعا للضرر عن نفسه ببذل المدعي أو الإقرار به والشرع ألزمه التورع عن اليمين الكاذبة دون الترفع عن اليمين الصادقة فترجح هذا الجانب أي جانب كون الناكل باذلا أو مقرا على جانب التورع في نكوله
كذا في الدرر
وسيأتي تمامه
قوله ( عند الثاني ) وعندهما إذا لزم السكوت يؤخذ منه كفيل ثم يسأل جيرانه عسى أن يكون به آفة في لسانه أو سمعه فإن أخبروا أنه لا آفة به يحضر مجلس الحكم فإن سكت ولم يجب ينزله منكرا أي فيحلف من غير حبس ط
قوله ( لما أن الفتوى على قول الثاني ) أقول ظهر مما هنا ومما تقدم أنه قد اختلف التصحيح والترجيح ولكن الأرجح قول أبي يوسف لما يقال فيه وعليه الفتوى وقد مر غير مرة ويأتي
قوله ( ثم نقل عن البدائع الخ ) راجع إلى قول المتن وإذا قال الخ
قال في البحر وفي المجمع ولو قال لا أقر ولا أنكر فالقاضي لا يستحلفه
قال الشارح بل يحبس عند أبي حنيفة حتى يقر أو ينكر وقالا يستحلف
وفي البدائع الأشبه أنه إنكار
ا هـ
وهو تصحيح لقولهما فإن الأشبه من ألفاظ التصحيح كما في البزازية
فحاصل ما في البحر اختيار قول الثاني لو لزم السكوت بلا آفة فإنه يحبس حتى يقر أو ينكر واختيار قولهما فيما إذا قال لا أقر ولا أنكر يقتضي اختيار جعله إنكارا في مسألة السكوت بالأولى فكان نقل صاحب البحر تصحيح الثاني رجوعا عما أفتى به أولا في مسألة السكوت فلذا قال الشارح ثم نقل الخ ليفيد أن تصحيح ما في البدائع يقتضي تصحيح قول الإمامين في الأولى ولا يشكل ما قدمناه عن روضة الفقهاء من أن السكوت ليس بإنكار بلا خلاف لأن الكلام هما فيما إذا لزم السكوت وما هناك لا يعد نكولا بمجرد سكوته فيقضى عليه وشتان ما بينهما قوله ( اصطلحا على أن يحلف الخ ) سيذكر الشارح لو قال إذا حلفت فأنت بريء من المال فحلف ثم برهن على الحق قبل لكن هنا اليمين من المدعي وسيأتي الكلام عليه ثمة
قوله ( لأن اليمين حق القاضي مع طلب الخصم ) الأولى كما في البحر عن القنية لأن التحليف حق القاضي ا هـ
حتى لو أبرأه الخصم عنه لا يصح
بزازية
وكما أن التحليف عند غير القاضي لا يعتبر فكذلك
____________________
(7/433)
النكول عند غيره لا يوجب الحق لأنص المعتبر يمين قاطعة للخصومة واليمين عند غير القاضي غير قاطعة
درر
وكذلك لا عبرة لها عنده بلا تحليفه كما قيده بقوله مع طلب الخصم لكن الذي يشير إليه كلام الدرر والعيني أن اليمين حق المدعي
واستدل له في الدرر بقوله ولهذا أضيف إليه بحرف اللام في الحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام لك يمينه قال ووجه كونه حقا له أن المنكر قصد إتواء حقه الخ وكان الأولى له أن يعلل المسألة بقوله لأن المعتبر يمين قاطعة للخصومة الخ ثم يستدرك بما نقله المصنف عن القنية الآتي ذكره فلو فعل ذلك لسلم من التكرار
قوله ( ولا عبرة الخ ) أي ولا يعتبر إبراؤه المعلق بهذا الشرط لأن الإبراء من الدين لا يصح تعليقه بالشرط كما تقدم
قوله ( فلو برهن عليه أي على حقه يقبل ) هذا لا يصلح تفريعا على ما قبله فإنه لو حلف عند قاض ثم برهن المدعي يقبل كما سيأتي ح
إلا أن يقال إنما فرعه عليه باعتبار قوله وإلا يحلف ثانيا عند قاض أي حيث لم يعتبر حلفه عند غير القاضي له تحليفه عند القاضي عند عدم البينة بخلاف ما لو حلفه عند قاض فإنه لا يحلف ثانيا لأن الحلف الأول معتبر وهذا معنى قوله إلا إذا كان حلفه الخ
قوله ( إلا إذا كان حلفه الأول عنده ) أي عند قاض فيكفي أي لا يحتاج إلى التحليف ثانيا
هذا وموقع للاستثناء كما لا يخفى ح أي لأنه استثناء منقطع لأن فرض المسألة في أن الحلف الأول عند غير قاضي اللهم إلا أن يكون المراد عنده قبل تقلده القضاء
تأمل وراجع
قوله درر عبارتها يحلفه القاضي لو لم يكن حلفه الأول حين الصلح عنده
قوله ( ونقل المصنف عن القنية هذه المسألة تغاير المتقدمة في المتن
فإن تلك فيما إذا حلف عند غير قاض وهذه فيما إذا حلف عند القاضي باستحلاف المدعي لا القاضي ح أي وكما أنه لا يصح التحليف إلا عند القاضي لا يصح إلا تحليف القاضي حتى لو أن الخصم حلف خصمه في مجلس القاضي لا يعتبر لأن التحليف حق القاضي لا حق الخصم
قوله ( وكذا لو اصطلحا الخ ) في الواقعات الحسامية قبيل الرهن
وعن محمد قال لآخر لي عليك ألف درهم فقال له الآخر إن حلفت أنها لك أديتها إليك فحلف فأداها إليه المدعى عليه إن كان أداها إليه على الشرط الذي شرط فهو باطل وللمؤدي أن يرجع بما أدى لأن ذلك الشرط باطل لأنه على خلاف حكم الشرع لأن حكم الشرع أن اليمين على من أنكر دون المدعي إ هـ بحر
قوله ( لم يضمن ) ولو أدى له على هذا الشرط رجع بما أدى لأن هذا الشرط باطل كما علمت
قوله ( لحديث البينة على المدعي ) تتمته واليمين على ما أنكر والدليل منه من وجهين الأول أنه عليه الصلاة والسلام قسم بينهما والقسمة تنافي الشركة وجعل جنس الأيمان على المنكرين وليس وراء الجنس شيء
الثاني أن أل في اليمين للاستغراق لأن لام التعريف تحمل على الاستغراق وتقدم على تعريف الحقيقة إذا لم يكن هناك معهود فيكون المعنى أن جميع الأيمان على المنكرين فلو رد اليمين على المدعي لزم المخالفة لهذا النص
____________________
(7/434)
الثالث إن قوله البينة على المدعي يفيد الحصر فيقتضي أن لا شيء عليه سواه
قال القسطلاني والحكمة في كون البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه إن جانب المدعي ضعيف لأن دعواه خلاف الظاهر فكانت الحجة القوية عليه وهي البينة لأنها لا تجلب لنفسها نفعا ولا تدفع عنها ضررا فيتقوى بها ضعف المدعي وجانب المدعى عليه قوي لأن الأصل فراغ ذمته فاكتفى فيه بحجة ضعيفة وهي اليمين لأن الحالف يجلب لنفسه النفع ويدفع عنها الضرر فكان ذلك في غاية الحكمة ا هـ
وهذا من حيث ما ذكره ظاهر أي من ضعف اليمين وإلا فاليمين إذا كانت غموسا مهلكة لصاحبها فتأمل
قوله ( وحديث الشاهد واليمين ) هو ما روي أنه عليه الصلاة والسلام قضعى بشاهد ويمين حلبي عن التبيين
قوله ( عيني ) عبارته ولأنه يرويه ربيعة عن سهل بن أبي صالح وأنكره سهل فلا يبقى حجة بعد ما أنكره الراوي فضلا عن أن يكون معارضا لصحاح المشاهير
ا هـ
قوله ( وطلب من القاضي ) يعني المدعى عليه
قوله ( أن يحلف المدعي ) المناسب أو الشهود ويأتي بضميرهم بعد بدل الاسم الظاهر ط
قوله ( أو على أن الشهود ) أي أو طلب المدعى عليه من القاضي أن يحلف الشهود على أنهم صادقون كما يدل عليه اللحاق ح
قوله ( لا يجيبه القاضي ) كما لا يجيب ذا اليد إذا طلب منه استحلاف المدعي ما تعلم أني بنيت بناء هذه الدار
قنية أي لأن خلاف الشرع
قوله ( إلى طلبته ) بكسر اللام ما طلبه والطلبة بالضم السفرة البعيدة والطلاب اسم مصدر طالب كالطلبة بالكسر قاموس
قوله ( لأن الخصم ) فيه أنه لم يتقدم منه حلف فالأولى أن يعلل بقوله لأنه خلاف الشرع ويجعل هذا التعليل للثانية وهو تحليف الشهود على الصدق أو أنهم محقون لا يجيبه لأن الخصم لا يحلف مرتين فكيف الشاهد
قوله ( لأن لفظ أشهد عندنا يمين ) وإن لم يقل بالله فإذا طلب منه الشهادة في مجلس القضاء وقال أشهد فقد حلف
قوله ( لأنا أمرنا بإكرام الشهود ) أي وفي التحليف تعطيل هذا الحق
قوله ( لأن لا يلزمه ) أي الأداء حينئذ
قوله ( وبينة الخارج ) أي الذي ليس ذا يد
قوله ( وفي الملك المطلق ) قيد به لما سيأتي وأطلقه وهو مقيد بما إذا لم يؤرخا أو أرخا وتاريخ الخارج مساو أو أسبق أما إذا كان تاريخ ذي اليد أسبق فإنه يقضي له كما سيأتي بخلاف ما إذا ادعى الخارج الملك المطلق وذو اليد الشراء من فلان وبرهنا وأرخا وتاريخ ذي اليد أسبق فإنه يقضي للخارج كما في الظهيرية وهذا بخلاف المقيد لأن البينة قامت على ما لا يدل عليه فاستويا وترجحت بينة ذي اليد باليد فيقضى له
هذا هو الصحيح
بحر
قوله ( وهو الذي لم يذكر له سبب ) السبب كشراء وارث فالمطق ما يتعرض للذات دون الصفات لا بنفي ولا إثبات ط
قوله ( أحق من بينة ذي اليد ) أي أولى بالقبول منها لأن الخارج أكثر إثباتا وإظهارا لأن ملك ذي اليد ظاهر فلا حاجة إلى البينة يعني لو ادعى خارج دارا أو منقولا ملكا مطلقا وذو اليد ادعى ذلك وبرهنا ولم يؤرخا أو أرخا تاريخا واحدا لا تقبل بينة ذي اليد ويقضي للخارج أما إذا كان تاريخ ذي اليد أسبق يقضى لذي اليد ثم يستوي الجواب بين أن يكون الخارج مسلما أو ذميا أو مستأمنا أو عبدا أو حرا أو امرأة أو رجلا وبقولنا في هذه المسألة قال الإمام أحمد وقال الإمام مالك والشافعي وزفر بينة ذي اليد
____________________
(7/435)
أولى
ط باختصار
قوله ( لأنه المدعي ) أي وذو اليد مدعى عليه لانطباق تعريف المدعي والمدعى عليه عليهما
قوله ( بخلاف المقيد بسبب ) أي لا يتكرر
قوله ( كنتاج ) صورته أقام كل منهما بينة على أنها ولدت عنده فذو اليد أولى لأن بينته قد دلت على ما دلت عليه بينة الخارج أي نظيره ومعه ترجيح اليد فكان أولى
عيني
قوله ( ونكاح ) صورته أقام كل منهما بينة أنه نكحها فذو اليد أولى فالمراد بالملك ما يعم الحكمي
قوله ( فالبينة لذي اليد ) أي في الصورتين
قوله ( إجماعا ) لأن بينته قامت على أولوية ملكه فلا يثبت للخارج إلا بالتلقي منه كما سيأتي بيانه مفصلا
قوله ( كما سيجيء ) أي فيما يدعيه الرجلان والأولى ذكر هذه المسألة في مقامها
قوله ( وقضى القاضي الخ ) أي قضى عليه بما ادعاه المدعي وأفاد أن النكول لا يوجب شيئا إلا إذا اتصل به القضاء وبدونه لا يوجب شيئا وهو بذل على مذهب الإمام وإقرار على مذهب صاحبيه وحيث لم يقدم على اليمين دل على أنه بذل الحق أو أقر وإذا بذل أو أقر وجب على القاضي الحكم به فكذا إذا نكل
قوله ( حقيقة ) الأولى ذكره بعد قوله مرة لأن المتصف بكونه حقيقة وحكما أو صريحا ودلالة إنما هو النكول كما في العيني
قوله ( أو حكما كأن سكت )
أقول تقدم أنه منكرا على قولهما وعلى قول أبي يوسف يحبس إلى أن يجيب ولكن الأول فيما إذا لزم السكوت ابتداء ولم يجب على الدعوى بجواب وهذا فيما إذا أجاب بالإنكار ثم لزم السكوت تأمل
كذا أفاده الخير الرملي
ومفاد ذكر المصنف للحكمي بالسكوت تصحيح لقولهما أيضا منقول عن السراج كما تقدم اقتضاء تصحيحه عن البحر بعد أن أفتى بخلافه
قوله ( من غير آفة ) أما إذا كان بها فهو عذر كما في الاختيار ويأتي قريبا بيانه
قوله ( كخرس ) وآفة باللسان تمنع الكلام أصلا
قوله ( وطرش ) يقال طرش يطرش طرشا من باب علم أي صار أطروشا وهو الأصم
قوله ( في الصحيح ) أي على قول الثاني الذي عليه الفتوى كما تقدم
وقيل إذا سكت يحبسه حتى يجيب وأما إذا كان به آفة الخرس فإنه إما أن يحسن الكتابة أو يسمع أو لا يحسن شيئا فإذا لم يسمع وله إشارة معروفة فإشارته كالبيان وإن كان مع ذلك أعمى نصب القاضي له وصيا ويأمر المدعي بالخصومة معه إن لم يكن له أب أو جد أو وصيهما وإذا كان يسمع يقول له القاضي عليك عهد الله وميثاقه إن كان كذا فإن أومأ برأسه أن نعم فإنه يصير حالفا في هذا الوجه ولا يقول له بالله إن كان كذا لأنه إن أشار برأسه أن نعم لا يصير حالفا بهذا الوجه بل مقرا كما في شرح الوهبانية
قوله ( وعرض ) مبتدأ خبره قوله ثم القضاء
قوله ( أحوط ) أي على وجه الندب وإنما لم يعرج عليه المصنف لأنه غير ظاهر الرواية
قال في الكافي ينبغي للقاضي أن يقول إني أعرض عليك اليمين ثلاث مرات فإن حلفت وإلا قضيت عليك بما ادعى وهذا الإنذار لإعلامه بالحكم إذ هو مجتهد فيه فكأنه مظنة الخفاء
ا هـ
وعن أبي يوسف ومحمد أن التكرار حتم حتى لو قضى القاضي بالنكول مرة لا ينفذ والصحيح أنه ينفذ وهو نظير إمهال المرتد كما في التبيين
قال القهستاني لو كان مع الخصم بينة ولم يذكرها وطلب يمين المنكر يحل له إن ظن أنه ينكل
وأما إذا ظن أنه يحلف كاذبا لم يعذر في التحليف ثم على الأحوط ذكر في الخانية ولو أن القاضي عرض عليه اليمين فأبى ثم قال قبل القاضي أنا أحلف بحلفه ولا يقضي عليه بشيء وهذا الأحوط جعله صدر الشريعة متنا
فتنبه
لكن جعله ابن ملك
____________________
(7/436)
مستحبا في موضع الخفاء ويترجح ما في الخانية بكون المتن منع الحلف بعد القضاء فافهم أنه قبله لا يمنع منه
قوله ( وهل يشترط ) الأولى وهي يفترض
قوله ( على فور النكول خلاف ) أي فيه خلاف ولم يبين الفور بماذا يكون
حموي
قال ط قلت هو ظاهر وهو أن يقضي عقبه من غير تراخ قبل تكراره أو بعده على القولين
قوله ( قلت قدمنا ) أي في كتاب القضاء أي وجزمهم هناك به مطلقا حيث شمل كلامهم هناك ما بعد البينة والإقرار والنكول ترجيح لزوم الفور الذي هو أحد القولين وكأن المصنف غفل عنه حيث قال فيه لم أر فيه ترجيحا إلا أن الحموي في حاشية الأشباه قال اعلم أنه يجب على القاضي الحكم بمقتضى الدعوى عند قيام البينة على سبيل الفور وعزاه لجامع الفصولين وقد خصه بالبينة كما ترى فلا يفيد ترجيح أحد القولين في لزوم القضاء فورا بعد النكول وحينئذ فما ذكر من الاستدراك فمحله بعد البينة أو اليمين فتدبر
قوله ( إلا في ثلاث ) قدمنا أنها أن يرتاب القاضي في طريق القضاء كالبينة وأن يستمهل الخصم أي المدعي وأن يكون لرجاء الصلح بين الأقارب وظاهره أنه لا خلاف
قوله ( لا يلتفت إليه ) لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض به القضاء قيد بالقضاء لأنه قبله إذا أراد أن يحلف يجوز ولو بعد العرض كما في الدرر أما لو أقام البينة بعد النكول فإنها تقبل كما يأتي قريبا
قوله ( فبلغت طرق القضاء ثلاثا ) بينة وإقرار ونكول وهو تفريع على قوله فإن أقر أو أنكر الخ
قوله ( سبعا ) فيه أن القضاء بالإقرار مجاز كما تقدم والقسامة داخلة في اليمين وعلم القاضي مرجوح والقرينة مما انفرد بذكرها ابن الغرس فرجعت إلى ثلاث فتأمل ط
قوله ( بينة ) لا شك أن البينة طريق للقضاء وأن الحكم لا يثبت بالبينة حتى يقضي بها كما تقدم
قوله ( وإقرار ) تقدم أن الحق يثبت به بدون حكم وإنما يأمره القاضي بدفع ما لزمه بإقراره وليس لزوم الحق بالقضاء كما لو ثبت بالبينة فجعل الإقرار طريقا للقضاء إنما هو ظاهرا وإلا فالحق ثبت به لا بالقضاء
قوله ( ويمين ) ليس اليمين طريقا للقضاء لأن المنكر إذا حلف وعجز المدعي عن البينة يترك المدعي في يده لعدم قدرة المدعي على إثباته لا قضاء له بيمينه كما صرحوا به ولذا لو جاء المدعي بعد ذلك بالبينة يقضي له بها ولو ترك المال في يده قضاء له لم ينقض فجعله طريقا للقضاء إنما هو ظاهر باعتبار أن القضاء يقطع النزاع وهذا يقطعه لأن الإتيان بالبينة بعد العجز عنها نادر
قوله ( ونكول عنه ) الفرق بين النكول والإقرار أن الإقرار موجب للحق بنفسه لا يتوقف على قضاء القاضي فحين الإقرار يثبت الحق كما ذكرنا وأما النكول فليس بإقرار صريحا ولا دلالة لكن يصير إقرارا بقضاء القاضي بإنزالة مقرا وعليه يظهر كونه رابعا
أما لو أرجعناه إلى الإقرار فلا يظهر كونه رابعا كما في المحيط
قوله ( وقسامة ) قال المصنف وسيأتي أن القسامة من طرق القضاء بالدية
قوله ( وعلم قاض على المرجوح ) وظاهر ما في جامع الفصولين أن الفتوى أنه لا يقضي بعلمه لفساد قضاة الزمان
بحر
قوله ( والسابع قرينة ) ذكر ذلك ابن الغرس
قال في البحر ولم أره إلى الآن لغيره
ا هـ
قال بعض الأفاضل صريح قول ابن الغرس فقد قالوا إنه منقول عنهم لا بأنه قاله من عند نفسه وعدم
____________________
(7/437)
رؤية صاحب البحر له لا يقتضي عدم وجوده في كلامهم والمثبت مقدم
لكن قال الخير الرملي ولا شك أن ما زاده ابن الغرس غريب خارج عن الجادة فلا ينبغي التعويل عليه ما لم يعضده نقل من كتاب معتمد فلا تغتر به والله تعالى أعلم
ا هـ
والحق أن هذا محل تأمل ولا يظن أن في مثل ذلك يجب عليه القصاص مع أن الإنسان قد يقتل نفسه وقد يقتله آخر ويفر
وقد يكون أراد قتل الخارج فأخذ السكين وأصاب نفسه فأخذها الخارج وفر منه وخرج مذعورا وقد يكون اتفق دخوله فوجده منقولا فخاف من ذلك وفر وقد يكون السكين بيد الداخل فأراد قتل الخارج ولم يتخلص منه إلا بالقتل فصار دفع الصائل فلينظر التحقيق في هذه المسألة
والحاصل أن القضاء في الإقرار مجاز والقسامة داخلة في اليمين وعلم القاضي مرجوح والقرينة مما انفرد بها ابن الغرس فرجعت إلى ثلاث فتأمل
لكن في المجلة مادة 1741 قد اعتبر القرينة القاطعة البالغة حد اليقين وصدر الأمر السلطاني بالعمل بموجبها
قوله ( ينبغي ) أي تورعا ندبا بدليل قوله تحرزا لأن اتقاء الشبهات مندوب لا واجب وهو عند من يضن بدينه منزلة الواجب خوفا من اليمين الفاجرة التي تدع الديار بلاقع أي خالية عن أهلها وخوفا من أكل مال الغير لكن قد يقال أن التحرز عن الحرام واجب لا مندوب
تأمل
قوله ( وإن أبى خصمه ) هذه غير مسألة الشك وقوله بأن غلب على ظنه أنه محق تقدم أن الشك نظيره
قوله ( حلف ) لجواز بناء الأحكام والحلف على غالب الظن وإلا سلم أن لا يفعل بذلا للدنيا لحفظ الدين بل لو تحقق إبطال المدعي الأولى في حقه أن يبذل له ما يدعيه ولا يحلف كما فعله السلف الصالح منهم عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه
قوله ( بأن غلب على ظنه ) ظاهر هذه العبارة مشكل لأنه يقتضي أنه إذا استوى عنده الطرفان أنه يحلف وليس كذلك بل لا يجوز له الحلف إلا إذا غلب على ظنه أنه محق والشارح هنا تبع المصنف في هذه العبارة
والذي نقله في البحر عن البزازية أن أكبر رأيه أن المدعي محق لا يحلف وإن مبطل ساغ له الحلف وهو في غاية الحسن
قوله ( وتقبل البينة الخ ) لإمكان التوفيق بالنسيان ثم بالتذكر بخلاف ما لو قال ليس لي حق ثم ادعى حقا لم تسمع للتناقض
قوله ( خلافا لما في شرح المجمع ) عبارة ابن ملك فيه
وفي المحيط إذا قال ليس لي بينة على هذا ثم أقام البينة عليه لا تقبل عند أبي حنيفة لأنه كذب بينته وتقبل عند محمد لأنه يحتمل أنه كان له بينة ونسيها انتهى
فقد ذكر خلافا في المسألة لكنه لم يتعرض لليمين ورجح في السراجية قول محمد
وفي الدرر قال لا بينة لي ثم برهن أولا شهادة ثم شهد فيه روايتان في رواية لا تقبل لظاهر التناقض وفي رواية تقبل والأصح القبول
وحينئذ فلا منافاة بين ما ذكره وبين ما في المجمع بل حكى قولين
تأمل
لكن الآن قد صدر أمر السلطان نصره الرحمن بالعمل بموجب المجلة من أنه إذا قال المدعي لا بينة لي أبدا ثم أحضر بينة لا تقبل أو قال ليس لي بينة سوى فلان وفلان وأتى بغيرهما لا تقبل كما هو مصرح به في المجلة في مادة 1753
قوله ( بعد يمين المدعى عليه ) لأن حكم اليمين انقطاع الخصومة للحال مؤقتا إلى غاية إحضار البينة عند العامة وهو الصحيح
وقيل انقطاعها مطلقا ط
وقوله بعد اليمين متعلق بتقبل أي لو حلف المدعى عليه عند عدم حضور البينة من المدعي سواء قال
____________________
(7/438)
لا بينة لي أو لا ثم أتى بها تقبل
قوله ( كما تقبل البينة بعد القضاء بالنكول ) أي لو نكل المدعى عليه عن اليمين وقضى عليه بالنكول ثم جاء المدعي بالبينة يقضي بها أي كما يقضي بها مع الإقرار في مسائل وقد مرت فإن قيل ما فائدة قبولها بعده وقد لزم حق المدعي بالقضاء
قلت فائدتها التعدي إلى غيره في الرد بالعيب لأن النكول إقرار وهو حجة قاصرة بخلاف البينة
قوله ( خانية ) قال في البحر ثم اعلم أن القضاء بالنكول لا يمنع المقضى عليه من إقامة البينة بما يبطله لما في الخانية من باب ما يبطل دعوى المدعي رجل اشترى من رجل عبدا فوجد به عيبا فخاصم البائع فأنكر البائع أن يكون العيب عنده فاستحلف فنكل فقضى عليه وألزمه العبد ثم قال البائع بعد ذلك قد كنت تبرأت إليه من هذا العيب وأقام البينة قبلت بينته
ا هـ
أقول إن كان مبني ما ذكره من القاعدة هو ما نقله عن الخانية ففيه نظر فإن نكوله عن الحلف بذل أو إقرار بأن العيب عنده فإقامته البينة بعده على أنه تبرأ إليه من هذا العيب مؤكد لما أقر به في ضمن نكوله أما لو ادعى عليه مالا ونكل عن اليمين فقضى عليه به يكون إقرارا به وحكما به فإذا برهن على أنه كان قضاه إياه يكون تناقضا ونقضا للحكم فبين المسألتين فرق فكيف تصبح قاعدة كلية ثم لا يخفى أن كلام البحر في إقامة المقضى عليه البينة وظاهر كلام الشارح أن المدعي هو الذي أقام البينة كما يدل عليه السياق فلا يدل عليه ما في الخاني من هذا الوجه أيضا
وعبارة صاحب البحر في الأشياء وتسمع الدعوى بعد القضاء بالنكول كما في الخانية
قال محشيها الحموي في الخانية في باب ما يبطل دعوى المدعي ما يخالف ما ذكره وعبارته ادعى عبدا في يد رجل أنه له فجحد المدعى عليه فاستحلفه فنكل وقضى عليه بالنكول ثم إن المقضى عليه أقام البينة أنه كان فاشترى هذا العبد من المدعي قبل دعواه لا تقبل هذه البينة إلا أن يشهد أن كان اشتراه منه بعد القضاء
وذكر في موضع آخر أن المدعى عليه لو قال كنت اشتريته منه قبل الخصومة وأقام البينة قبلت بينته ويقضي له انتهى
قلت وذكر في البحر في فصل رفع الدعوى عن البزازية وكان يصح الدفع قبل البرهان يصح بعد إقامته أيضا وكذا يصح قبل الحكم كما يصح بعده ودفع الدفع ودفعه وإن كثر صحيح في المختار وسنذكر تمامه هناك إن شاء الله تعالى
لكن ذكر في البحر في أول فصل دعوى الخارجين عن النهاية ما نصه ولو لم يبرهنا حلف صاحب اليد فإن حلف لهما تترك في يده قضاء ترك لا قضاء استحقاق حتى لو أقاما البينة بعد ذلك يقضي بها وإن نكل لهما جميعا يقضي به بينهما نصفين ثم بعده إذا أقام صاحب اليد البينة أنه ملكه لا يقبل وكذا لو ادعى أحد المستحقين على صاحبه وأقام بينة أنها ملكه لا تقبل لكونه صار مقضيا عليه
ا هـ
ولعله مبني على القول الآخر المقابل للقول المختار
تأمل
قوله ( عند العامة وهو الصحيح ) راجع إلى القضاء بالبينة بعد اليمين بدليل تعليله بقول سيدنا شريح إذ لا يمين فاجرة مع النكول وبدليل قوله ولأن اليمين الخ والمراد بالعامة الكافة لا ما قابل الخاصة
قوله ( ويظهر كذبه ) فيعاقب معاقبة شاهد الزور ولو ألحق بيمينه يمين طلاق أو عتاق يقع عليه
قوله ( بلا سبب ) تقدم أنه لا يصح دعوى إلا بعد ذكر سببه والحلف لا بد أن يكون بعد صحة الدعوى
____________________
(7/439)
تأمل
فكيف يقال لو ادعاه بلا سبب والحلف لا بد أن يكون بعد صحة الدعوى
تأمل
فكيف يقال لو ادعاه بلا سبب اللهم إلا أن يقال إن هذا في دعوى عين لا دين
قوله ( حتى يحنث في يمينه ) أي لو كان بطلاق أو عتاق لأنه هو الذي يدخل تحت القضاء
قوله ( وعليه الفتوى ) وهو قول أبي يوسف
قوله ( طلاق الخانية ) وعبارتها ادعى عليه ألفا فقال المدعى عليه إن كان لك علي ألف فامرأتي طالق وقال المدعي إن لم يكن لي عليك ألف فامرأتي طالق فأقام المدعي بينة على حقه وقضى القاضي به وفرق بين المدعى عليه وبين امرأته
وهذا قول أبي يوسف وإحدى الروايتين عن محمد وعليه الفتوى
فإن أقام المدعى عليه البينة بعد ذلك أنه كان أوفاه ألف درهم تقبل دعواه ويبطل تفريق القاضي بين المدعى عليه وبين امرأته وتطلق امرأة المدعي إن زعم أنه لم يكن له على المدعى عليه إلا ألف درهم وإن أقام المدعي البينة على إقرار المدعى عليه بألف قالوا لم يفرق القاضي بين المدعى عليه وبين امرأته
أقول ظهر لك مما نقلناه ومن عبارة الشارح أن عبارة الشارح غير محررة لأن الذي نقله في البحر عن طلاق الخانية والوالولجية من الحنث مطلق عن التقييد بالسبب وعدمه
وما في الدرر من عدم الحنث مطلقا جعلوه إحدى الروايتين عن محمد والذي جعلوا الفتوى عليه هو الرواية الثانية عنه وهو قول أبي يوسف والتفصيل المذكور في المتن ذكره في جامع الفصولين وسنذكر قريبا إن شاء الله تعالى
قوله ( خلافا لإطلاق الدرر ) تبعا للتبيين وعبارتها وهل يظهر كذب المنكر بإقامة البينة والصواب أنه لا يظهر كذبه حتى لا يعاقب عقاب شاهد الزور
ا هـ
ومثله في العيني تبعا للزيلعي
وقيل عند أبي يوسف يظهر كذبه وعند محمد لا يظهر لجواز أن يكون له بينة أو شادة فنسيها ثم ذكرها أو كان لا يعلمها ثم علمها
وقيل تقبل إن وفق وفاقا
ذكره في الملتقط
وكذا إذا قال لا دفع لي ثم أتى بدفع ففيه روايتان
وقيل تقبل إن وفق وفاقا
ذكره في الملتقط
وكذا إذا قال لا دفع لي ثم أتى بدفع ففيه روايتان
وقيل لا يصح دفعه اتفاقا لأن معناه ليس لي دعوى الدفع ومن قال لا دعوى لي قبل فلان ثم ادعى عليه لا تسمع كذا ها هنا
وبعضهم قال يصح وهو الأصح لأن الدفع يحصل بالبينة على دعوى الدفع لا بدعوى الدفع فيكون قوله لا دفع لي بمنزلة قوله لا بينة لي
كذا في العمادية
قوله ( وإن ادعاه بسبب ) كقرض
قوله ( أنه لا دين عليه ) ظاهره أنه لو حلف أنه لم يقرضه يحنث وهو ظاهر ط
قوله ( ثم أقامها المدعي ) سيعيد الشارح المسألة في أثناء هذا الباب
قوله ( ثم وجد الإبراء أو الإيفاء ) بحث فيه العلامة المقدسي بأن الأصل في الثابت أن يبقى على ثبوته وقد حكمتهم لمن شهد له بشيء أنه كان له أن الأصل بقاؤه وإذا وجد السبب ثبت والأصل بقاؤه انتهى
وأجاب عنه سيدي الوالد رحمه الله تعالى بأن إثبات كون الشيء له يفيد ملكيته له في الزمن السابق واستصحاب هذا الثابت يصلح لدفع من يعارضه في الملكية بعد ثبوتها له وقد قالوا الاستصحاب يصلح للدفع لا للإثبات وإذا أثبتنا الحنث بكون الأصل بقاء القرض يكون من الإثبات بالاستصحاب وهو لا يجوز فالفرق ظاهر
فتأمل
قوله ( وعليه الفتوى ) أي على التفصيل الذي في المصنف ومقابله إطلاق الدرر تبعا للزيلعي بل هو الذي عن إطلاق الخانية كما يفيده سياق المنح ويستغني بعبارته هنا عن قوله أولا وعليه الفتوى
طلاق الخانية ط
قوله ( فصولين ) قال في البحر وفي الجامع والفتوى في مسألة الدين أنه لو ادعاه بلا سبب فحلف ثم برهن ظهر كذبه ولو ادعاه بسبب وحلف أنه لا دين عليه ثم برهن على السبب لا يظهر كذبه لجواز أنه وجد القرض ثم وجد الإبراء أو الإيفاء ا هـ
____________________
(7/440)
فإن قلت هل يقضي بالنكول عن اليمين لنفي التهمة كالأمين إذا ادعى الرد أو الهلاك فحلف ونكل عن اليمين التي للاحتياط في مال الميت كما قدمناه
قلت أما الأول فنعم كما في القنية وأما الثاني فلم أره إ هـ
وعبارة البحر قال الرملي والوجه يقتضي القضاء بالنكول فيها أيضا إذ فائدة الاستحلاف القضاء بالنكول كما هو ظاهر
تأمل
قال في نور العين حلف أن لادين عليه ثم برهن عليه المدعي فعند محمد لا يظهر كذبة في يمنه إذ البينة حجة من حيث الظاهر وعند أبي يوسف يظهر كذبه فيحنث
والفتوى في مسألة الدين أنه لو ادعاه بلا سبب فحلف ثم برهن عليه يظهر كذبه ولو ادعاه بسبب وحلف أن لا دين عليه ثم برهن على السبب لا يظهر كذبه لجواز أن وجد القرض ثم وجد الإيفاء أو الإبراء
قلت حلف بطرق أو عتق ماله عليه شيء فشهدا عليه بدين له وألزمه القاضي وهو ينكر
قال أبو يوسف يحنث وقال محمد لا يحنث لأنه لا يدري لعله صادق والبينة حجة من حيث الظاهر فلا يظهر كذبه في يمينه
ذكر محمد في ح قال امرأته طالق إن كان لفلان عليه شيء فشهدا أن فلانا أقرضه كذا قبل يمينه وحكم بالمال لم يحنث ولو شهدا أن لفلان عليه شيئا وحكم به حنث لأنه جعل شرط حنثه وجوب شيء من المال عليه وقت اليمين وحين شهدا بالقرض لم يظهر كون المال عليه وقت الحلف بخلاف ما لو شهدا أن المال عليه
يقول الحقير قوله بخلاف ما لو شهدا محل نظر إذ كيف يظهر كون المال عليه إذا شهدا بأن المال عليه بعد أن مر آنفا أن البينة حجة ظاهرا فلا يظهر كذبه في يمينه وأيضا يرد عليه أن يقال فعلى ما ذكر ثم ينبغي أن يحنث في مسألة الحلف بطلاق أو عتق أيضا إذ لا شك أن الحلف عليهما لا يكون إلا بطريق الشرط أيضا
والحاصل أنه ينبغي أن يتحد حكم المسألتين نفيا أو إثباتا والفرق تحكم فالعجب كل العجب من التناقض بين كلامي محمد رحمه الله تعالى مع أنه إمام ذوي الأدب والأرب إلا أن تكون إحدى الروايتين عنه غير صحيحة إ هـ
ما قاله في أواخر الخامس عشر
قوله ( ولا تحليف في نكاح ) أي مجرد عن المال عند الإمام رحمه الله تعالى بأن ادعى رجل على امرأة أو هي عليه نكاحا والاخر ينكر ما إذا ادعت المرأة تزوجها على كذا وادعت النفقة وأنكر الزوج يستحلف اتفاقا
وهذه المسائل خلافية بين الإمام وصاحبيه والخرف بينهم مبني على تفسير الإنكار فقالا إن النكول إقرار لأنه يدل على كونه كاذبا في الإنكار فكان إقرار أو بدلا عنه والإقرار يجري في هذه الأشياء
وقال الإمام إنه بذل والبدل لا يجري في هذه الأشياء لأنه إنما يجري في الأعيان
وفائدة الاستحلاف القضاء بالنكول فلا يستحلف
وأنما قلنا إن البدل لا يجري في هذه المسائل لأنها لو قالت المرأة لا نكاح بيني وبينك ولكن بذلت نفسي لك لم يصح ولو قال في دعوى الولاء عليه لست أنا مولاه بل أنا حر أو معتق فلان آخر ولكن أبحت له ولائي لا يكون له عليه ولاء وكذا سائر الأمثلة
وسيأتي بيانه قريبا بأوضح من هذا
وصورة الاستحلاف في النكاح على قولهما أن يقول في يمينه ما هي بزوجة لي وإن كانت زوجة لي فهي طالق بائن لأنها إن كانت صادقة لا يبطل النكاح بجحوده فإذا حلفت تبقى معطلة إن لم يقل ما ذكر ولا يلزمه مهر فإن أبى الحلف على هذه الصورة أجبره القاضي
بحر عن البدائع
وسيأتي أنه بالنكول عن الحلف يثبت ما ادعته من الصداق أو النفقة دون النكاح
فإن كان مدعي النكاح وهو الزوج لم يجز له تزوج أختها أو أربع سواها ما لم يطلقها وإن كانت الزوجة وأنكره الزوج فليس لها التزوج بسواه والمخلص لهاما ذكرناه إن كانت زوجة لي الخ
وفي القنية يستحلف في دعوى الإقرار بالنكاح
قال في البحر وظاهره أنه باتفاق إ هـ
____________________
(7/441)
أقول وهذا إذا لم يجعل الإقرار سببا لدعوى النكاح بأن ادعى أنها زوجته لأنها أقرت بالزوجية لي أما لو ادعى نكاحها وأنها أقرت له به فإنها تسمع
قال في الهندية وكما لا تصح دعوى المال بسبب الإقرار لا تصح دعوى النكاح أيضا
قوله ( أنكره هو أو هي ) قال في البحر ثم الدعوى في هذه الأشياء تتصور من أحد الخصمين أيهما كان إلا في الحد واللعان والاستيلاد وقد فرعوا على قول الإمام في هذه المسائل محل بيانها المطولات
قوله ( بعدة عدة ) قيد للثاني كما في الدرر أما قبل مضي العدة يثبت بقوله وإن كذبته لأنه أمر يملك استئنافه للحال ولو ادعتها هي فيها فهي من مواضع الخلاف ولو ادعاها بعد مضيها وصدقته ثبت بتصادقهما
بحر
ولو كذبته ولا بينة فعلى قوليهما يحلف لا على قوله وهي مسألة المتن وكذا لو ادعت أنه راجعها وكذبها
قوله ( وفي إيلاء ) زاد الشارح لفظة إيلاء لتوضيح المسألة وإلا فالفيء لا يستعمل في عرف الفقهاء إلا في الإيلاء فهو بمنزلة الحقيقة العرفية
قوله ( بعد المدة ) لو فيها ثبت بقوله لأنه يملك الاستئناف لو كان المدعي الزوج ولو كانت هي فهي من مواضع الخلاف
وصورة المسألة لو حلف لا يقر بها أربعة أشهر ثم قال فئت وأنكرت فلو ادعاه في مدة الإيلاء ثبت بقوله لأن من ملك الإنشاء مالك الإقرار ولو بعد مضيها فإن صدقته ثبت وإلا لا أما لو ادعت أنه فاء إليها وأنكر الزوج فلا يثبت سواء كانت في المدة أو بعدها
والحاصل أن التقييد به لا يظهر إلا فيما إذا ادعى عليها رجعة فأنكرت لأنه إذا ادعى في العدة الرجعة كان رجعة وأما إذا ادعت هي الرجعة فأنكر فلا لأن دعواها في العدة وبعدها سواء
قوله ( تدعيه الأمة ) بأنها ولدت منه ولدا وقد مات أو أسقطت سقطا مستبين الخلق وصارت أم ولد وأنكره المولى فهو على هذا الخلاف
ابن كمال
قوله ( لثبوته بإقرار ) ولا يعتبر إنكارها وكذا الحد واللعان بخلاف سائر الأشياء المذكورة إذ يتأتى فيها الدعوى من الجانبين
شيخنا عن الدرر وعزمي زاده
وقوله وكذا الحد واللعان أي لا يتصور أن يكون المدعي إلا المقذوف والأمة أي المقذوف بالنسبة للحد واللعان والأمة بالنسبة للاستيلاد فما في الزيلعي من قوله والمولى سبق قلم والصواب والأمة
بقي أن يقال ظاهر كلام الشارح كغيره أنها ادعت الاستيلاد مجردا عن دعوى اعترافه والذي في صدر الشريعة ادعت أنها ولدت منه هذا الولد وادعاه أي ادعت أنه ادعاه فهو من تتمة كلامها كما ذكره أخي جلبي
والذي يظهر أن التقييد به ليس احترازيا بل يبتني على ما هو المشهور من أنه يشترط لثبوت نسب ولد الأمة وجود الدعوى من السيد وعلى غير المشهور لا يشترط ذلك بل يكفي عدم نفيه
وكذا ظاهر كلامهم ادعت أمة يفيد الاحتراز عن دعوى الزوجه ويخالفه قول القهستاني بعد قول المتن واستيلاد بأن ادعى أحد من الأمة والمولى والزوجة والزوج أنها ولدت منه ولدا حيا أو ميتا كما في قاضيخان
ولكن في المشاهير أن دعوى الزوج والمولى لا تتصور لأن النسب يثبت بإقراره ولا عبرة لإنكارها بعده ويمكن أن يقال إنه بحسب الظاهر لم يدع النسب كما يدل عليه تصويرهم
ا هـ
أبو السعود
قال البرجندي ويمكن تصوير العكس فيه أيضا بأن حبلت من المولى فأعتقها قبل وضع الحمل وبعد قرب الولادة قتلت الولد وادعى المولى دية الولد عليها ولا بد من ثبوت الولد فأنكرت الأمة ذلك ا هـ
وفيه تأمل
قوله ( ونسب ) قال في المنظومة وولاد قال في الحقائق لم يقل ونسب لأنه إنما يستحلف في النسب المجرد عندهما إذا كان يثبت بإقراره كالأب والابن في حق الرجل والأب في حق المرأة
____________________
(7/442)
ابن كمال
قوله ( وبالعكس ) بأن ادعى مجهول الحال على رجل أنه مولاه وأنكر المولى أو ادعى مجهول الحال عليه أنه أبوه وهذا في دعوى نسب مجرد عن المال أما إذا ادعى مالا بدعوى النسب بأن ادعى رجل على رجل أنه أخوه وقد مات الأب وترك مالا في يد هذا وطلب الميراث أو ادعى على رجل أنه أخوه لأبيه وطلب من القاضي أن يفرض له النفقة وأنكر المدعى عليه ذلك فالقاضي يحلفه اتفاقا فإن نكل ثبت الحق ولا يثبت النسب إن كان مما لا يثبت بالإقرار وإن كان منه فعلى الخلاف المذكور وحينئذ فيلغز أي شخص أخذ الإرث ولم يثبت نسبه
ط عن الحموي بزيادة وفيه عن الإتقاني يثبت الاستحلاف عند أبي يوسف ومحمد في النسب المجرد بدون دعوى حق آخر ولكن يشترط أن يثبت النسب بإقرار المقر أي يكون النسب بحيث يثبت بالإقرار
أما إذا كان بحيث لا يثبت النسب بإقرار المقر فلا يجري الاستحلاف في النسب المجرد عندهما أيضا بيانه أن إقرار الرجل يصح بخمسة بالوالدين والولد والزوجة والمولى لأنه إقرار بما يلزمه وليس فيه تحميل النسب على الغير ولا يصح إقراره بما سواهم ويصح إقرار المرأة بأربعة بالوالدين والزوج والمولى ولا يصح بالولد ومن سوى هؤلاء لأن فيه تحميل النسب على الغير إلا إذا صدقها الزوج في إقرارها بالولد أو تشهد بولادة الولد قابلة
قوله ( وولاء عتاقة ) أي بأن ادعى على معروف الرق أنه معتقه أو مولاه
قوله ( أو موالاة ) أي ادعى عليه أنه مولاه
قوله ( ادعاه الأعلى أو الأسفل ) بأن ادعى على رجل معروف أنه مولاه أو ادعى المعروف ذلك وأنكر الآخر
قال أبو السعود وأشار إلى عدم الفرق في دعوى الولاء بين المعروف والمجهول بخلاف دعوى الرق والنسب فإن مجهولية نسب المدعي على رقه ونسبه شرط صحة الدعوى شيخنا
قلت ولهذا قال الشمني في جانب دعوى الولاء بأن ادعى رجل على آخر بأن له عليه ولاء عتاقة أو موالاة أو العكس
ا هـ
ولم يقيد بالمجهول
قوله ( وحد ولعان ) هذان مما لا يحلف فيهما اتفاقا أما على قول الإمام فظاهر وأما على قولهما فإن النكول وإن كان إقرارا عندهما لكنه إقرار فيه شبهة والحدود تندرىء بالشبهات واللعان في معنى الحد ط
قوله ( والفتوى الخ ) هو قول الصاحبين
قال الزيلعي وهو قولهما والأول قول الإمام
قال الرملي ويقضي عليه بالنكول عندهما
قوله ( في الأشياء السبعة ) أي السبعة الأولى من التسعة وعبر عنها في جامع الفصولين بالأشياء السبعة
وفيه ادعى نكاحها فحيلة دفع اليمين عنها على قولهما أن تتزوج فلا تحلف لأنها لو نكلت فلا يحكم عليها لأنها لو أقرت بعد ما تزوجت لم يجز إقرارها
وكذا لو أقرت بنكاح لغائب قيل يصح إقرارها لكن يبطل بالتكذيب ويندفع عنها اليمين وقيل لا يصح إقرارها فلا يندفع عنها اليمين
ا هـ
وفي الولوالجية رجل تزوج امرأة بشهادة شاهدين ثم أنكرت وتزوجت بآخر وما شهود الأول ليس للزوج الأول أن يخاصمها لأنها للتحليف والمقصود منه النكول ولو أقرت صريحا لم يجز إقرارها لكن يخاصم الزوج الثاني ويحلفه فإن حلف برىء وإن نكل فله أن يخاصمها ويحلفها فإن نكلت يقضي بها للمدعي وهذا الجواب على قولهما المفتى به
ا هـ
قوله ( بالنسب ) نظرا إلى دعوى الأمة
قوله ( أو الرق ) نظرا إلى إنكار المولى
قوله ( حد قذف ولعان ) بأن ادعت المرأة على زوجها أنه قذفها بالزنا وعليك اللعان وهو منكر وفي الحد بأن ادعى على آخر بأنك قد قذفتني بالزنا عليك الحد وهو ينكر وهاتان الصورتان مما لا يمكن تصويرهما إلا من جانب واحد كما تقدم
قوله ( في الكل ) لأن هذه حقوق تثبت بالشبهات فيجري فيها الاستحلاف كالأموال واختار
____________________
(7/443)
المتأخرون أنه إن كان المنكر متعنتا يستحلف أخذا بقولهما وإن كان مظلوما لا يستحلف أخذا بقول الإمام زيلعي
صورة الاستحلاف على قولهما كما تقدم ما هي بزوجة لي وإن كانت زوجة لي فهي طالق بائن إلى آخر ما قدمناه
وقال بعضهم يستحلف على النكاح فإن حلف يقول القاضي فرقت بينكما كما في البدائع قوله ( فلا يمين إجماعا ) يرد عليه ما في البدائع من قوله وأما في دعوى القذف إذا حلف على ظاهر الرواية فنكل يقضي بالحد في ظاهر الأقاويل لأنه بمنزلة القصاص في الطرف عند أبي حنيفة وعندهما بمنزلة النفس
وقال بعضهم بمنزلة سائر الحدود لا يقضي فيه بشيء ولا يحلف
وقيل يحلف ويقضي فيه بالتعزير دون الحد كما في السرقة يحلف ويقضي بالمال دون القطع
شرنبلالية
قوله ( إلا إذا تضمن ) أي دعوى الحد حقا أي حق عبد
قوله ( بأن علق ) كأن قال إن زنيت فعبدي حر فادعى العبد زناه وأنكر حقا أي حق عبد
قوله ( فللعبد تحليفه ) أي على السبب بالله ما زنيت بعدما حلفت بعتق عبدك هذا
بحر
قال العلامة سعدي وينبغي أن يقول العبد أنه قد أتى بما علق عيه عتقي ولا يقول زنى كيلا يكون قاذفا إ هـ
قال الرحمتي ولا حد على العبد لأنه غير قاصد القذف وإنما يريد إثبات عتقه
قوله ( وكذا يستخلف السارف لأجل المال ) يعني كما أن مولى العبد يستحلف على الزنا لأجل عتق العبد لا لإقامة الحد
كذا يستحلف السارق لأجل المال لا للقطع
قال ط هو من جملة المستثني قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يستخلف في شيء من الحدود لا في الزنا ولا في السرقة ولا القذف ولا شرب الخمر ولا السكر إلا إن طالب المسروق منه بضمان المال استحلفه فإن نكل على اليمين ضمنه المال ولم يقطعه وذلك لأن الدعوى تتضمن أمرين الضمان والقطع والضمان لا يستوفي النكول فوجب إثبات أحدهما وإسقاط الآخر إ هـ
وكذا يحلف في النكاح إن ادعت المال أي إن ادعت المرأة النكاح وغرضها المال كالمهر والنفقة فأنكر الزوج يحلف فإن نكل يلزم المال ولا يثبت الحل عنده لأن المال يثبت بالبذل لا الحل
وفي النسب إذا ادعى حقا مالا كان كالإرث والنفقة أو غير مال كحق الحضانة في اللقيط والعتق بسبب الملك وامتناع الرجوع في الهبة فإن نكل ثبت الحق ولا يثبت النسب إن كان مما لا يثبت بالإقرار وإن كان منه فعلى الخلاف المذكور وكذا منكر القود الخ
ابن كمال
وإنكار القود سيذكره المصنف
وفي صدر الشريعة فيلغز أما امرأة تأخذ نفقة غير معتدة ولا حائضة ولا نفساء ولا يحل وطؤها وفيه يلغز اللغز المتقدم
والحاصل أن هذه الأشياء لا تحليف فيها عند الإمام ما لم يدع معها مالا فإنه يحلف وفاقا
قوله ( لأجل المال ) أي بطلب المسروق منه فلو لن يطلب المال لا يحلف لأن اليمين لا تلزم إلا بطلب الخصم
قوله ( فإن نكل ضمن ولم يقطع ) اعترض بأنه ينبغي أن يصح قطعه عند أبي حنيفة لأنه بدل كما في قود الطرف
والحاصل أن النكول في قطع الطرف النكول في السرقة ينبغي أن يتحدا في إيجاب القطع وعدمه ويمكن الجواب بأن قود الطرف حق العبد فيثبت بالشبهة كالأموال بخلاف القطع في السرقة فإنه خالص حق الله تعالى وهو لا يثبت بالشبهة فظهر الفرق فليتأمل
يعقوبية
قوله ( وقالوا يستحلف في التعزير )
لأنه محض حق العبد ولهذا يملك العبد بإسقاطه بالعفو وحقوق العباد مبنية على المشاحة لا تسقط بالشبهة فلو كان التعزير لمحض حق الله تعالى كما لو ادعى عليه أنه قبل امرأة برضاها فإنه إذا أثبت عليه ذلك بالبينة يعزران وإذا أنكر ينبغي أن لا يستحلفا
قوله ( كما بسطه في الدرر ) ونصه ويحلف في التعزير يعني إذا ادعى على آخر ما يوجب التعزير
____________________
(7/444)
وأراد تحليفه إذا أنكر فالقاضي يحلفه لأن التعزير محض حق العبد ولهذا يملك العبد إسقاطه بالعفو ولا يمنع الصغر وجوبه ومن عليه التعزير إذا أمكن صاحب الحق منه أقامه لو كان حق الله تعالى لكانت هذه الأحكام على عكس هذا والاستحلاف يجري في حقوق العباد سواء كانت عقوبة أو مالا إ هـ
وتعليله هنا بأن التعزير محض حق العبد مخالف لما سبق له في فصل التعزير أن حق العبد غالب فيه ولهذا قال عزمي زاده بين كلامه تدفع إ هـ
قلت لا يخلو حق العبد من حق الله فلا يستقل عبد بحق لأن الذي جعله حقه هو الحق تعالى الآمر الناهي فكلامه الثاني مؤول بالأول
قوله ( وفي الفصول ) قدمنا هذه المسألة قريبا بأوضح مما هنا مع فروع أخر
قوله ( فحيلة دفع يمينها ) أي على قولهما
قوله ( أن تتزوج ) أي على قولهما
قوله ( أن تتزوج ) أي بآخر
قوله ( فلا تحلف ) لأنها لو نكلت لا يحكم عليها ولو أقرت بعدما تزوجت لم يجز إقرارها وكذا لو أقرت بنكاح غائب فإنه يصح إقرارها على أحد قولين ولكن يبطل بالتكذيب وتندفع عنها اليمين
قال بعض الأفاضل هذه الحيلة ظاهرة لو تزوجته أما لو تزوجت غيره فالظاهر عدم صحة العقد إلا إذا حلفت نعم لو تزوجت قبل الرفع إلى القاضي ربما يظهر
ا هـ
تأمل
قوله ( في إحدى وثلاثين مسألة ) تقدمت في الوقف وذكرها في البحر هنا
قوله ( في الاستحلاف ) يعني يجوز أن يكون شخص نائبا عن آخر له حق على غيره في طلب اليمين على المدعى عليه إذا عجز عن إقامة البينة فالسين والتاء في قوله الاستحلاف للطلب كما يفيده كلامه بعد وهذا الذي ذكره المصنف ضابط كلي أفاده عماد الدين في فصوله في مواضع إجمالا تارة وتفصيلا أخرى في الفصل السادس عشر والمصنف لخصه كما نرى
وابن قاضي سماوة لخصه في جامع الفصولين أخصر منه كما هو دأبه وهذا من المسائل التي أوردها المصنف في كتابه ولم يؤت بها في المتون المشهور سوى الغرر وليس في كلامه ما يخالف الأصل إلا في تعميم الشارح ضمير إقرار ففيه نوع حزازة لأن كلا من الوصي ومن بعده ليسوا كالوكيل في صحة إقرارهم تارة وعدمها أخرى وأيضا ليس الوكيل مطلقا كذلك كما أفاده التقييد
فلو قال إلا إذا كان الوكيل وكيلا بالبيع أو الخصومة في الرد بالعيب لصحة إقراره بدل قوله أو صح إقراره الخ لكان سالما ثم إنه لا يلزم من عدم التحليف عدم سماع الدعوى بل يجعل كل منهم خصما في حق سماع الدعوى وإقامة البينة عليه من غير استحلاف كما في العمادية
قوله ( لا الحلف ) يعني لا يجوز أن يكون شخص نائبا عن شخص توجه عليه اليمين ليحلف من قبله ويخالفه ما يأتي عن شرح الوهبانية من أن الأخرس الأصم الأعمى يحلف وليه عنه وهو المستثنى من الضابط المذكور كما صرح به العلامة أبو السعود
قوله ( وفرع على الأول ) الأولى إسقاطه وأن يقول وفرع عليهما باعتبار المعطوف والمعطوف عليه فعلى الأول قوله فالوكيل الخ وعلى الثاني قوله فلا يحلف أحد منهم
قوله ( فله طلب ) أي ظاهرا وإلا ففي الحقيقة خصمه الأصيل
قوله ( ولا يحلف ) لو قال وفرع على الثاني بقوله ولا يحلف الخ لكان أسبك
قوله ( أحد منهم ) أشار بذلك إلى جواب ما يرد على قوله يملك الاستحلاف حيث وقع خبرا عن قوله فالوكيل الخ حيث وقع خبرا عن المبتدأ وما عطف عليه وهو جملة فيجب اشتماله على ضمير مطابق فيقال يملكون ولا يحلفون فأجاب بأنه
____________________
(7/445)
مؤول أي يملك كل واحد منهم الاستحلاف ولا يحلف وكما يصح التأويل في الخبر يصح في المبتدأ والسر في أنه يملك الاستحلاف ولا يحلف أحد منهم وذلك أن الوكيل وما عطف عليه لما كان له الطلب وقد عجز عن البينة فيحلف خصمه إذ لا مانع من ذلك
وأما إذا ادعى عليهم فإن الحلف يقصد به النكول ليقضي به والنكول إقرار أو بذل كما علم ولا يملك واحد منهم الإقرار على الأصيل ولا بذل ماله وهو نائب في الدعوى قد يعلم حقيقتها وقد لا يعلم فكيف يحلف على ما لا علم له به تأمل
قوله ( إلا إذا ادعى عليه العقد ) أي عقد بيع أو شراء أو إجارة لأنه يكون حينئذ أصلا في الحقوق فتكون اليمين متجهة عليه لا على الأصيل فلا نيابة في الحلف فالاستثناء منقطع وهو شامل للأربعة
والمراد بالعقد ما ذكر أما عقد النكاح فغير مراد هنا لأن الشارح قدم أنه لا تحليف في تزويج البنت صغيرة أو كبيرة وعندهما يستحلف الأب الصغير
تأمل
أفاده الخير الرملي
قوله ( أو صح إقراره ) مختص بالوكيل فقط كما أشار إليه بقوله كالوكيل الخ
قوله ( فيستحلف ) الأولى في المقابلة فيحلف
قوله ( حينئذ ) لا حاجة إليه
قوله ( كالوكيل بالبيع ) هو داخل تحت قوله إذا ادعى عليه العقد فكان الأول مغنيا عنه
تأمل
نعم كان الأولى بهذا الوكيل بالخصومة فإنه يصح إقراره على الموكل فكان ينبغي أن يستحلف على مقتضى قوله أو صح إقراره وليس كذلك
بقي هل يستحلف على العلم أو على البتات ذكر في الفصل السادس والعشرين من نور العين أنه الوصي إذا باع شيئا من التركة فادعى المشتري أنه معيب فإنه يحلف على البتات بخلاف الوكيل فإنه يحلف على عدم العلم
ا هـ
فتأمله
والحاصل أن كل من يصح إقراره كالوكيل يصح استحلافه بخلاف من لا يصح إقراره كالوصي
قوله ( فإن إقراره صحيح ) لم يبين إقراره بأي شيء
وليحرر
ط
أقول الظاهر أن إقراره فيما هو من حقوق العقد كالإقرار بعيب أو أجل أو خيار للمشتري
قوله ( إلا في ثلاث ذكرها ) هي الوكيل بالشراء إذا وجد بالمشتري عيبا فأراد أن يرده بالعيب وأراد البائع أن يحلفه بالله ما يعلم أن الموكل رضي بالعيب لا يحلف فإن أقر الوكيل لزمه ذلك ويبطل حق الرد
الثانية لو ادعى على الآمر رضاه لا يحلف وإن أقر لزمه
الثالثة الوكيل بقبض الدين إذا ادعى المديون أن الموكل أبرأه عن الدين وطلب يمين الوكيل على العلم لا يحلف وإن أقر به لزمه
ا هـ
منح قوله ( والصواب في أربع وثلاثين ) أي بضم الثلاثة إلى ما في الخانية لكن الأوى منها مذكورة في الخانية
قوله ( لابن المصنف ) وهو الشيخ شرف الدين عبد القادر وهو صاحب تنوير البصائر وأخوه الشيخ صالح صاحب الزواهر
قوله ( ولولا خشية التطويل لأوردتها كلها ) هذه ونظائرها تقتضي أنه لم يقدمها وأخواتها قبيل البيوع مع أن ذكرها هناك لا مناسبة له وهو مفقود في بعض النسخ الصحيحة ولعل الشارح جمعها في ذلك المحل بعد تتميم الكتاب وبلغت هناك إحدى وستين مسألة
مسائل الخانية إحدى وثلاثون ومسائل الخلاصة ثلاث ومسائل البحر ستة وزيادة تنوير البصائر أربعة عشر وزيادة زواهر الجواهر 447
____________________
(7/446)
سبعة وزاد عليها سيدي الوالد رحمه الله تعالى ثمان مسائل من جامع الفصولين فصارت تسعة وستين فراجعها ثمة إن شئت في آخر كتاب الوقف قبيل البيوع
قوله ( أي القطع ) في بعض كتب الفقه البت بدل البتات وهو أولى
وقد ذكر في القاموس أن البت القطع وأن البتات الزاد والجهاز ومتاع البيت والجميع أبتة ط
قوله ( بأنه ليس كذلك ) هذا في النفي أو أنه كذلك في الإثبات
قوله ( على العلم ) أي على نفيه
قوله ( لعدم علمه بما فعل غير ظاهرا ) فلو حلف على البتات لامتنع عن اليمين مع كونه صادقا فيتضرر به فطولب بالعلم فإذا لم يقبل مع الإمكان صار باذلا أو مقرا وهذا أصل مقرر عند أئمتنا
درر
قوله ( يتصل به ) أي يتعلق حكمه به بحيث يعود إلى فعله
قوله ( أو إباقه ) ليس المراد بالإباق الذي يدعيه المشتري الإباق الكائن عنده إذ لو أقر به البائع لا يلزمه شيء لأن الإباق من العيوب التي لا بد فيها من المعاودة بأن يثبت وجوده عند البائع ثم عند المشتري كلاهما في صغره أو كبره على ما سبق في محله
أبو السعود
وفي الحواشي السعدية قوله يحلف على البتات بالله ما أبق
أقول الظاهر أنه يحلف على الحاصل بالله ما عليك حق الرد فإن في الحلف على السبب يتضرر البائع أو قد يبرأ المشتري عن العيب
قوله ( وأثبت ذلك ) أي على ما سبق في محله من وجوده عند البائع ثم عند المشتري الخ
قوله ( يحلف البائع على البتات ) يعني أن مشتري العبد إذا ادعى أنه سارق أو آبق وأثبت إباقه أو سرقته في يد نفسه وادعى أنه أبق أو سرق في يد البائع وأراد التحليف يحلف البائع بالله ما أبق بالله ما سرق في يدك وهذا تحليف على فعل الغير
درر
قوله ( فرجع إلى فعل نفسه ) وهو تسليمه سليما
قوله ( لأنها آكد ) أي لأن يمين البتات آكد من يمين العلم حيث جزم في الأولى ولم يجزم في الثانية مع أن في الأولى إنما حلف على علمه أيضا إذ غلبة الظن تبيح له الحلف لكنه إذا جزم بها كانت آكد صورة
قوله ( ولذا تعتبر مطلقا ) أي في فعل نفسه وفعل غيره فلو حلف على البتات في فعل غيره أجزأه بالأولى لأنه قد أتى بالآكد
قوله ( بخلاف العكس ) يعني أن يمين العلم لا تكفي في فعل نفسه ح
قال في البحر ثم في كل موضع وجبت فيه اليمين على العلم فحلف على البتات كفى وسقطت عنه وعلى عكسه لا ولا يقضي بنكوله عما ليس واجبا عليه
ا هـ
قال في الدرر واعلم أن في كل موضع اليمين فيه على البتات فحلف على العلم لا يكون معتبرا حتى لا يقضى عليه بالنكول ولا يسقط اليمين عنه وفي كل موضع وجب اليمين فيه على العلم فحلف على البتات يعتبر اليمين حتى يسقط اليمين عنه ويقضي عليه إذا نكل لأن الحلف على البتات آكد فيعتبر مطلقا بخلاف العكس
ذكره الزيلعي
ا هـ
واستشكل الثاني العمادي
قال الرملي وجه الإشكال أنه كيف يقضي عليه مع أنه غير مكلف إلى البت ويزول الإشكال بأنه مسقط لليمين الواجبة عليه فاعتبر فيكون قضاء بعد نكول عن يمين مسقطة للحلف عنه بخلاف عكسه ولهذا يحلف فيه ثانيا لعدم سقوط الحلف عنه بها فنكوله عنه لعدم اعتباره والاجتزاء به فلا يقضي عليه بسبب
تأمل
أقول يشكل قول الرملي بأنه يزول الإشكال الخ مع أنه لا يزول بذلك بعد قول البحر ولا يقضي
____________________
(7/447)
بنكوله عما ليس واجبا عليه
تأمل
واستشكل في السعدية الفرع الأول بأنه ليس كما ينبغي بل اللائق أن يقضي بالنكول فإنه إذا نكل عن الحلف على العلم ففي البتات أولى
وأجاب عنه بالمنع لأنه يجوز أن يكون نكوله لعلمه بعدم فائدة اليمين على العلم فلا يحلف حذرا عن التكرار وهو بمعنى ما ذكره الرملي واستشكل الثاني أيضا بأنه محل تأمل فإنه إذا لم يجب عليه كيف يقضي عليه إذا نكل ولم يجب عنه بجواب واستشكله الخادمي أيضا بأن البتات أعم تحققا من العلم ويعتبر في اليمين انتفاؤهما وانتفاء الأعم أخص من انتفاء الأخص فكيف يقضي بالنكول عن البتات في موضع يجب عليه الحلف على العلم فإنه بعد هذا النكول يحتمل أن يحلف على العلم
ا هـ
قال الفاضل يعقوب باشا بعد نقله عن النهاية وفيه كلام وهو أن الظاهر عدم الحكم بالنكول لعدم وجوب اليمين على البتات كما لا يخفى فتأمل
ا هـ
قال عزمي زاده وفي هذا المقام كلام
ا هـ
فليراجع
فرع مما يحلف فيه على العلم ما إذا قال في حال مرضه ليس لي شيء في الدنيا ثم مات عن زوجة وبنت ورثة فللورثة أن يحلفوا زوجته وابنته على أنهما لا يعلمان بشيء من تركة المتوفي بطريقه اه
بحر عن القنية
قوله ( عنه ) أي عن الزيلعي
قوله ( هذا إذا قال المنكر أيضا ) حكى هذا القهستاني بقيل
قوله ( كمودع إلخ ) صورته قال رب الوديعة أودعتك كذا فرده علي فقال المودع سلمته إليك فالقول للمودع لأنه ينفي الضمان عن نفسه ويمينه على البتات بأن يقول والله سلمته إليك إذ معناه النفي وهو أنك لا تستحق عندي شيئا ومثله وكيل البيع إذا ادعى قبض الموكل الثمن وكما لو قال إن لم يدخل فلان اليوم الدار فامرأته طالق ثم قال إنه دخل يحلف على البتات بالله أنه دخل اليوم مع أنه فعل الغير لكونه ادعى علما بذلك
أفاده في البحر
قوله ( سبق الشراء ) أي من عمرو ومثلا
قوله ( وهو بكر ) صوابه وهو زيد لأن بكرا هو المدعي والذي يحلف زيد المدعى عليه وكأنه جعله تفسيرا للهاء في خصمه فيكون المعنى وهو خصم بكر وخصم بكر هو زيد والأولى أن يقول أي خصم بكر هو زيد
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى تبع الشارح في هذا المصنف وصاحب الدرر
قال بعض مشايخنا صوابه زيد لأنه هو المنكر واليمين عليه ويمكن أن يقال إن يحلف بالبناء للفاعل لا للمفعول ومعناه أن يطلب من القاضي تحليفه لأن ولاية التحليف له فيكون قوله وهو بكر تفسيرا للضمير في خصمه لكن فيه ركاكة ا هـ
قوله ( لما مر ) أي من أنه يحلف في فعل الغير على العلم ولا حاجة إليه لعلمه من التفريع
قوله ( كذا إدا ادعى دينا ) بأن يقول رجل لآخر إن لي على مورثك ألف درهم فمات وعليه الدين ولا بينة له فيحلف الوارث على العلم
درر أي لا على البتات وهذا لو قبض الدين على ما اختاره الفقيه وقاضيخان خلافا للخصاف
قهستاني
وفي البحر وحاصل ما ذكره الصدر في دعوى الدين على الوارث أن القاضي يسأله أولا عن موت أبيه ليكون خصما فإن أقر بموته سأله عن الدين فإن أقر به يستوفيه المدعي من نصيبه فقط لأنه لا يصح إقرارا على الميت فيبقى إقرارا في حق نفسه وإن أنكر فبرهن المدعي استوفاه من التركة لأن أحد الورثة ينتصب خصما عن الباقين فيما يدعي على الميت وإلا يبرهن المدعي وطلب يمين المدعى عليه استحلفه على العلم أي بالله ما تعلم أن لفلان بن فلان هذا على أبيك هذا المال الذي ادعاه بوهو ألف درهم ولا شيء منه قضى عليه فيستوفي من نصيبه إن أقر
____________________
(7/448)
بوصول نصيبه من الميراث إليه وإلا يقر بوصوله إليه فإن صدقه المدعي فلا شيء عليه وإلا استحلف على البتات ما وصل إليه قدر مال المدعي ولا بعضه فإن نكل لزمه القضاء وإلا لا هذا إذا حلفه على الدين أولا فإن حلفه على الوصول أولا فحلف فله تحليفه على الدين ثانيا أي على العلم لاحتمال ظهور ماله فكان فيه فائدة منتظرة
وإن لم يصل المال إليه فإنه متى استحلفه وأقر أو نكل وثبت الدين فإذا ظهر للأب مال من الوديعة أو البضاعة عند إنسان لا يحتاج إلى الإثبات فهذه الفائدة المنتظرة ولو أراد المدعي استحلافه على الدين والوصول معا فقيل له ذلك وعامتهم إنه يحلف مرتين ولا يجمع وإن أنكر موته حلفه على العلم فإن نكل حلف على الدين أي على العلم أيضا
مطلب دعوى الوصية على الوارث كدعوى الدين إذا أنكرها يحلف على العلم ودعوى الوصية على الوارث كدعوى الدين فيحلف على العلم لو أنكرها ومدعي الدين على الميت إذا ادعى على واحد من الورثة وحلفه فله أن يحلف الباقي لأن الناس يتفاوتون في اليمين وربما لا يعلم الأول به ويعلم الثاني
ولو ادعى أحد الورثة دينا على رجل للميت وحلفه ليس للباقي تحليفه لأن الوارث قائم مقام المورث وهو لا يحلفه إلا مرة
انتهى ملخصا بزيادة
قوله ( أو عينا على وارث ) صورته أن يقول إن هذا العبد الذي ورثته عن فلان ملكي وبيدك بغير حق ولا بينة له فإن الوارث يحلفه على العلم يخصص التقييد بذلك بصورة العين كما يظهر من العمادية فإن جريان ذلك في الدين مشكل
عزمي
وهذا بناء على أن القاضي يقضي بعلمه والمفتى به لا فيكون علمه كعدمه
قال العلامة أبو الطيب أقول في قوله فإن جريان ذلك في الدين مشكل نظر لما قال في نور العين نقلا عن المحيط البرهاني إنما يحلف على العلم في الإرث لو علم القاضي بالإرث أو أقر به المدعي أو برهن عليه وإلا يحلف بتا وكذا لو ادعى دينا على الوارث يحلف على العلم
اه
قوله ( أو أقر به المدعي ) هو كما سبق في التصوير
قوله ( أو برهن الخصم ) وهو المدعى عليه
قوله ( فيحلف ) أي الوارث على العلم فإن لم يعلم القاضي حقيقة الحال ولا أقر المدعي بذلك ولا أقام المدعى عليه بينة يحلف على البتات بالله ما عليك تسليم هذا العين إلى المدعي
عمادية
قال ط يمكن تصوير بأن ادعى مدع على شخص إن هذه العين له وعجز عن إقامة البينة فطلب يمينه على البت فقال إنها إرث وأراد اليمين على العلم فأنكر المدعي ذلك فأقام الوارث بينة على مدعاه فإنه يحلف على العلم أي فالشرط في تحليفه الوارث على العلم في دعوى العين أحد هذه الثلاثة
قوله ( والعين ) الواو بمعنى أو
قوله ( الوارث ) أي إنهما حق موروث وأنكر الخصم
قوله ( يحلف المدعى عليه على البتات ) أي إنهما ليسا بحق مورثه
قوله ( كموهوب وشراء
درر ) يعني لو وهب رجل لرجل عبدا فقبضه أو اشترى رجل من رجل عبدا فجاء رجل وزعم أن العبد عبده ولا بينة له فأراد استحلاف المدعى عليه يحلف على البتات
حلبي عن الدرر أي أنه ليس بعبده والأولى كموهوب ومشتري أو كهبة وشراء للموافقة لفظا وعلله الزيلعي بأن الهبة والشراء سبب موضوع للملك باختيار المالك ومباشرته ولو لم يعلم أنه ملك للملك له لما باشر السبب ظاهرا فيحلف على البتات فإذا امتنع عما أطلق له يكون باذلا أما الوارث فلأنه لا اختيار له في الملك
____________________
(7/449)
ولا يدعي ما فعل المورث فلم يوجد ما يطلق له اليمين على البتات ولأن الوارث حلف على المورث واليمين لا تجري فيها النيابة فلا يحلف على البتات والمشتري والموهوب له أصل بنفسه فيحلف عليه
ا هـ
قوله ( ويحلف جاحد القود ) أي منكر القصاص بأن ادعى رجل عليه قصاصا
عيني أي سواء كان في النفس أو الأطراف بالاتفاق
دامادا
قوله ( حبس ) أي ولا يقتص أما عنده فلأن النكول بذل ولا يجري في النفس ألا ترى أنه لو قتله بأمره يجب عليه القصاص في رواية وفي أخرى الدية ولو قطع يده بأمره لا يجب عليه شيء إلا أنه لا يباح لعدم الفائدة أما ما فيه فائدة كالقطع للأكلة وقع السن للوجع لا يأثم بفعله وأما عندهما فإنه وإن كان إقرارا إلا أن فيه شبهة فلا يثبت فيه القود لأنه كالحدود من وجه
قوله ( حتى يقر ) أي فيقتص منه
قوله ( أو يحلف ) أي عند الإمام فيبرأ من الدعوى
وفي الشلبي عن الإتقاني أو يموت جوعا لأن الأنفس لا يسلك بها مسالك الأموال فلا يجري فيها البذل الذي هو مؤدي الإنكار وإذا امتنع القصاص واليمين حق مستحق يحبس به كما في القسامة فإنهم إذا نكلوا عن اليمين يحبسون حتى يقروا أو يحلفوا
وفي الخانية في كيفية التحليف بالقتل روايتان في رواية يستحلف على الحاصل بالله ما له عليه دم ابنه فلان مثلا ولا قبلك حق بسبب هذا الدم الذي يدعي
وفي رواية يحلف على السبب بالله ما قتلت فلان بن فلان ولي هذا عمدا
وفيما سوى القتل من القطع والشجة ونحو ذلك يحلف على الحاصل بالله ما له عليك قطع هذا العبد ولا له عليك حق بسببها وكذلك في الشجاج والجراحات التي يجب فيها القصاص
ا هـ
قوله ( وفيما دونه ) أي دون القود من الأطراف
قوله ( يقتص ) منه أي عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى كما علم ما مر
قوله ( فيجري فيها الابتذال ) أي فتثبت بالنكول كما أن المال يثبت به والأولى البذل كما في بعض النسخ
قوله ( خلافا لهما ) فإنهما قالا يجب عليه الأرش فيهما ولا يقضي بالقصاص لأن القصاص فيما دون النفس عقوبة تدرأ بالشبهات ولا تثبت بالنكول كالقصاص في النفس ولأن النكول وإن كان إقرارا عندهما ففيه شبهة العدم فلا يثبت به القصاص ويجب به المال خصوصا إذا كان امتناع القصاص لمعنى من جهة من عليه خاصة كما إذا أقر بالخطأ والولي يدعي العمد وإذا امتنع القود تجب الدية وعند الثلاثة يقتص فيهما بعد حلف المدعي كما في العيني وأما إذا كان الامتناع من جانب من له كما إذا أقام على ما ادعى وهو القصاص رجلا وامرأتين أو الشهادة على الشهادة فإنه لا يقضي بشيء لأن الحجة قامت بالقصاص لكن تعذر استيفاؤه ولم يشبه الخطأ فلا يجب شيء ولا تفاوت في هذا المعنى بين النفس وما دونها كما في العناية
قوله ( قال المدعي لي بينة الخ ) أطلق حضورها فشمل حضورها في المصر بصفة المرض وظاهر ما في خزانة المفتين خلافه فإنه قال الاستحلاف يجري في الدعاوى الصحيحة إذا أنكر المدعى عليه ويقول المدعي لا شهود لي أو شهودي غيب أو في المصر
ا هـ
بحر
قوله ( في المصر ) أراد به حضورهما فيه أو محل بينه وبين محل المدعي دون مسافة القصر كما يفيده الكلام الآتي
وقيد في المصر وإن كان إطلاق كلام المصنف متناولا لما لو كانت حاضرة في المجلس لأنه المختلف فيه
قال في البحر أطلق في حضورها فشمل حضورها في مجلس الحكم ولا خلاف لا يحلف وحضورها في المصر وهو محل الاختلاف
قوله ( لم يحلف ) أي عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن ثبوت الحق في اليمين مرتب
____________________
(7/450)
على العجز عن إقامة البينة فلا تكون حقه دونه
عيني أي فلا تكون اليمين حقه دون العجز
قوله ( خلافا لهما ) لأن اليمين حقه بالحديث الشريف وهو قوله عليه الصلاة والسلام لك يمينه حين سأل المدعي فقال ألك بينة فقال لا فقال عليه الصلاة والسلام لك يمينه فقال يحلف ولا يبالي فقال ليس لك إلا هذا شاهداك أو يمينه فصار اليمين حقا له لإضافته إليه بلام التمليك فإذا طالبه به يجيبه
قال ط وفي الاستدلال به نظر لأنه إنما جعل له اليمين عند فقده البينة
قال في البحر اختلف النقل عن محمد فمنهم من ذكره مع أبي يوسف كالزيلعي والخصاف ومنهم من ذكره مع الإمام كالطحاوي
قوله ( وقدر في المجتبى الغيبة بمدة السفر ) قال فيه بينتي غائبة عن المصر حلف عند أبي حنيفة وقيل قدر الغيبة بمسيرة سفر
ا هـ
فقد خالف ما نقله المصنف عن ابن ملك من أن في الغائبة عن المصر يحلف اتفاقا
قوله ( ويأخذ القاضي ) أي بطلب المدعي كما في الخانية وفي الصغرى هذا إذا كان المدعي عالما بذلك أما إذا كان جاهلا فالقاضي يطلب
رواه ابن سماعة عن محمد
بحر
والمراد بأخذ القاضي كفيلا أي ممن عليه الحق لا بالحق نفسه وقد تقدم في كتاب الكفالة في كفالة النفس أنه لو أعطى كفيلا بنفسه برضاه جاز اتفاقا ولا يجبر عليه عند الإمام خلافا لهما فعندهما يجبر بالملازمة فحينئذ لا حاجة للتقييد بهذا وليس مذكورا في الدرر ولا في شرح الكنز
تأمل
قوله ( في مسألة المتن ) وهي قال المدعي لي بينة حاضرة الخ وقيد بها لأنه لو قال لا بينة لي أو شهودي غيب لا يكفل لعدم الفائدة
كذا في الهداية
قوله ( فيما لا يسقط بشبهة ) أما فيما يسقط بها كالحدود والقصاص فلا يجبر على دفع الكفيل كما تقدم
قال في البحر ادعى القاتل أن له بينة حاضرة على العفو أجل ثلاثة أيام فإن مضت ولم يأت بالبينة وقال لي بينة غائبة يقضي بالقصاص قياسا كالأموال
وفي الاستحسان يؤجل استعظاما لأمر الدم
ا هـ
قال الرملي ومقتضى الإطلاق أن دعوى الطلاق كدعوى الأموال وأن احتاطوا في الفروج لا تبلغ استعظام أمر الدماء ولذلك يثبت برجل وامرأتين
ا هـ
قوله ( كفيلا ثقة يؤمن هروبه ) وله أن يطلب وكيلا بخصومته
قال في الكافي وله أن يطلب وكيلا بخصومته حتى لو غاب الأصل يقيم البينة على الوكيل فيقضى عليه وإن أعطاه وكيلا أن يطالبه بالكفيل بنفس الوكيل وإذا أعطاه كفيلا بنفس الوكيل له أن يطالبه بالكفيل بنفس الأصيل لو كان المدعي دينا لأن الدين يستوفي من ذمة الأصيل دون الوكيل فلو أخذ كفيلا بالمال له أن يطلب كفيلا بنفس الأصيل لأن الاستيفاء من الأصيل قد يكون أيسر وإن كان المدعي منقولا له أن يطلب منه مع ذلك كفيلا بالعين ليحضرها ولا يغيبه المدعى عليه وإن كان عقارا لا يحتاج إلى ذلك لأنه لا يقبل التغييب وصح أن يكون الواحد كفيلا بالنفس ووكيلا بالخصومة لأن الواحد يقوم بهما فلو أقر وغاب قضى لأنه قضاء إعانة ا هـ
وفيه ولو أقيمت البينة فلم تزك فغاب المشهود عليه فزكيت لا يقضى عليه حال غيبته في ظاهر الرواية لأن له حق الجرح في الشهود وعن أبي يوسف أنه يقضى
ا هـ
واعلم أنه ينبغي أن يشترط في الوكيل ما سبق في الكفيل من كونه ثقة معروف الدار وفي البحر عن الصغرى لو أبى إعطاء الوكيل بالخصومة لم يجبر
ا هـ
قوله ( يؤمن هروبه ) تفسير للثقة
قال في البحر وفسره في الصغرى بأن لا يخفي نفسه ولا يهرب من البلد بأن يكون له دار معروفة وحانوت معروف لا يسكن في بيت بكراء ويتركه ويهرب منه وهذا شيء يحفظ جدا وينبغي أن يكون الفقيه ثقة بوظائفه بالأوقاف وإن لم يكن له
____________________
(7/451)
ملك في دار أو حانوت لأنه لا يتركها ويهرب ا هـ
وفسره في شرح المنظومة بأن يكون معروف الدار والتجارة ولا يكون لحوحا معروفا بالخصومة وأن يكون من أهل المصر لا غريبا
ا هـ
قال الحموي وكذا العسكري فإنه لا يهرب ويترك علوفته من الديوان
والحاصل أن المدار على الأمن من الهروب ا هـ
وفي البحر أيضا عن كفالة الصغرى القاضي أو رسوله إذا أخذ كفيلا من المدعى عليه بنفسه بأمر المدعي أولا بأمره فإن لم يضف الكفالة إلى المدعي بأن قال أعط كفيلا بنفسك ولم يقل للطالب ترجع الحقوق إلى القاضي ورسوله حتى لو سلم إليه الكفيل يبرأ ولو سلم إلى المدعي فلا وإن أضاف إلى المدعي كان الجواب على العكس ا هـ
وفيه عنها طلب المدعي من القاضي وضع المنقول على يد عدل ولم يكتف بكفيل النفس فإن كان المدعى عليه عدلا لا يجيبه القاضي ولو فاسقا يجيبه
وفي العقار لا يجيبه إلا في الشجر الذي عليه الثمر لأن الثمر نقلي
ا هـ
قال في البحر وظاهر أن الشجر من العقار وقدمنا خلافه
وفي أبي السعود عن الحموي عن المقدسي التصريح بأنه من العقار
ا هـ
أقول وقدمنا الصحيح من ذلك فلا تنسه
وفي الخزانة إذا أقام بينة ولم تزك في جارية يضعها القاضي على يد امرأة ثقة حتى يسأل عن الشهود ولا يتركها في يد المدعى عليه عدلا كان أو لا
هذا إن سأل المدعي من القاضي وضعها
ا هـ
وإنما أخذ الكفيل بمجرد الدعوى استحسانا لأن فيه نظرا للمدعي وليس فيه كثير ضرر بالمدعى عليه وهذا لأن الحضور مستحق عليه بمجرد الدعوى فصح التكفيل بإحضاره أي من غير جبر كما قدمنا
قوله ( ولو وجيها ) ضد الخامل والوجيه من له حظ ورتبة والخامل من خمل الرجل خمولا من باب قعد ساقط لنباهة لا حظ له
مصباح
قوله ( في ظاهر المذهب ) أي المعتمد
وعن محمد أن الخصم إذا كان معروفا أو المال حقيرا والظاهر من حاله أنه لا يخفي نفسه بذلك القدر من المال لا يجبر على إعطائه الكفيل
قوله ( في الصحيح ) قال في البحر ثم تأقيت الكفالة بثلاثة أيام ونحوها ليس لأجل أن يبرأ الكفيل عنها بعد الوقت فإن الكفيل إلى شهر لا يبرأ بعده لكن التكفيل إلى شهر للتوسعة على الكفيل فلا يطالب إلا بعد مضيه لكن لو عجل يصح وهنا للتوسعة على المدعي فلا يبرأ الكفيل بالتسليم للحال إذ قد يعجز المدعي عن إقامتها وإنما يسلم على المدعي فلا يبرأ الكفيل بالتسليم للحال إذ قد يعجز المدعي عن إقامتها وإنما يسلم إلى المدعي بعد وجود ذلك الوقت حتى لو أحضر البينة قبل الوقت يطالب الكفيل
قوله ( إلى مجلسه ) أي القاضي
قوله ( لازمه بنفسه ) أي دار معه حيث دار فلا يلازمه في مكان معين ولا يلازمه في المسجد لأنه بنى للذكر به يفتى
بحر
وفيه ويبعث معه أمينا يدور معه
ورأيت في الزيادات أن الطالب لو أمر غيره بملازمة مديونه فللمديون أن لا يرضى بالأمين عند أبي حنيفة خلافا لهما بناء على التوكيل بلا رضا الخصم لكنه لا يحبسه في موضع لأن ذلك حبس وهو غير مستحق عليه بنفس الدعوى ولا يشغله عن التصرف بل هو يتصرف والمدعي يدور معه
مطلب هل للطالب أن يمنعه من دخول داره إن لم يأذن له بالدخول معه وإذا انتهى المطلوب إلى داره فإن الطالب لا يمنعه من الدخول إلى أهله بل يدخل والملازم يجلس على باب داره
ا هـ
وفي الذخيرة ومن القضاة المتأخرين من أوجب حبس الخصم لأن المدعي يحتاج إلى طلب الشهود
____________________
(7/452)
وغيره
ا هـ
وفي البحر عن الزيادات أن المطلوب إذا أراد أن يدخل بيته فإما أن يأذن للمدعي في الدخول معه أو يجلس معه على باب الدار لأنه لو تركه حتى يدخل الدار وحده فربما يهرب من جانب آخر فيفوت ما هو المقصود منها
مطلب فيما لو كان المطلوب امرأة وفي تعليق أستاذنا لو كان المدعى عليه امرأة فإن الطالب لا يلازمها بنفسه بل يستأجر امرأة فتلازمها
وفي أول كراهية الواقعات رجل له على امرأة حق فله أن يلازمها ويجلس معها ويقبض على ثيابها لأن هذا ليس بحرام فإن هربت ودخلت خربة لا بأس بذلك إذا كان الرجل يأمن على نفسه ويكون بعيدا منها يحفظها بعينه لأن في هذه الخلوة ضرورة وأشار بملازمته إلى ملازمة المدعي لما في خزانة المفتين إذا كان المدعى عليه متلافا وأبى عطاء الكفيل بالمدعي
مطلب له ملازمة المدعي فللمدعي أن يلازم ذلك الشيء أن يعطيه كفيلا وإن كان المدعي ضعيفا عن ملازمته يضع ذلك الشيء على يد عدل
ا هـ
وظاهر ما في السراج الوهاج أنه لا يلازمه إلا بإذن القاضي وذكر فيه أن منها أن يسكن حيث سكن
وفي المصباح دار حول البيت يدور دورا ودورانا طاف به ودوران الفلك تواتر حركاته بعضها أثر بعض من غير ثبوت ولا استقرار
ومنه قولهم دارت المسألة أي كلما تعلقت بمحل توقف ثبوت الحكم على غيره فتنتقل إليه ثم يتوقف على الأول وهكذا
ا هـ
قوله ( مقدار مدة التكفيل ) فإن لم يأت ببينة أمره أن يخلي سبيله ولا يقبل دعوته إلا بإحضار البينة كما لا يخفى
قوله ( إلا أن يكون الخصم غريبا أي مسافرا ) وأي تفسير مراد وأشار به إلى أن حكم المقيم مريد السفر كالغريب
قال في المنح المراد من الغريب المسافر
قوله ( إلى انتهاء مجلس القاضي ) أطلق في مقدار القاضي فشمل ما إذا كان يجلس في كل خمسة عشرة يوما مرة
كذا في البزازية
قوله ( دفعا للضرر ) بأخذ الكفيل وبالملازمة أزيد من ذلك كذا علله في الهداية لأن في أخذ الكفيل والملازمة زيادة على ذلك إضرارا به يمنعه عن السفر ولا ضرر هذا المقدار ظاهرا
قوله ( حتى لو علم وقت سفره ) بأن قال أخرج غدا مثلا فلو علم أن السفر قبل انتهاء مجلس القاضي يكون التكفيل إلى وقت السفر دفعا للضرر
قوله ( إليه ) أي إلى وقت سفره
قوله ( أو يستخبر رفقاءه ) بأن يبعث إليهم أمينا فإن قالوا أعد للخروج معنا يكفله إلى وقت الخروج
بحر
قوله ( لا بينة لي الخ ) هذه المسألة من تتمة قوله وتقبل البينة لو أقامها بعد اليمين كما أشار إليه الشارح هناك بقوله وإن قال قبل اليمين لا بينة لي فكان المناسب أن يذكرها هناك ح
قوله ( قبل ذلك البرهان ) لأن اليمين
____________________
(7/453)
الفاجرة أحق بالرد من البينة العادلة كما مر
قوله ( فهي شهود زور ) لأن الشهادة تتعلق بالشهود ويجب عليهم أداؤها ويأثم كاتمها وهذا القول منه لا يثبت زور العدل لأنه قبل الشهادة ولأنه في غير معلوم ولأنه جرح مجرد ط
قوله ( أو قال ) أي المدعي
قوله ( حلفت ) بتاء الخطاب
قوله ( كما مر ) عند قول المصنف اصطلحا على أن يحلف عند غير قاض الخ لكن هناك اليمين من المدعي وقدمنا الكلام عليه هناك
قوله ( فأنكر المدعي ) أي مدعي الدين
قوله ( ولا بينة له ) أي لمدعي الإيصال
قوله ( فطلب يمينه ) أي يمين الدائن
قوله ( فقال المدعي ) أي مدعي الدين
قوله ( اجعل حقي في الختم ) المراد به والله تعالى أعلم المنقد فإنه قال في القاموس إن المختم كمنبر آلة ينقد بها فراجعه ط
أقول ولعله المعد الذي يعد عليه الصيارفة والتجار وفي بيت المال الدراهم والمقصود إحضار الحق
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى المراد بالختم الصك ومعناه اكتب الصك بالبينة ثم استحلفني أو المراد بإحضار نفس الحق في شيء مختوم وهو الأظهر وفي حاشية الفتال الأنقروية يعني احضر حقي ثم استحلفني ومثله في الحامدية
قوله ( لحديث من كان حالفا ) صدره كما في الحموي لا تحلفوا بإبائكم ولا بالطواغيت فمن كان حالفا الخ
ولما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام سمع عمر يحلف بأبيه فقال إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت رواه البخاري ومسلم وأحمد
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله لا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون رواه النسائي
عيني
قوله ( وظاهره ) أي ظاهر قول الخزانة من قوله وهو قوله والله إنه لو حلفه بغيره من أسماء الله أو صفة تعورف الحلف بها لم يكن يمينا يعني في باب الدعوى ويمكن أن يكون وجهه أن لفظ الجلالة جامع لجميع الأسماء والصفات حتى صحح بعضهم أنه الاسم الأعظم وقد ورد تحليف الشارع به فيقتصر عليه ويحتمل أنه ذكره على سبيل التمثيل لما علم في كتاب الأيمان أنه ينعقد الحلف بكل اسم من أسماء الله تعالى وكل صفة تعورف الحلف بها وقد صرحوا هنا بما يدل على ذلك
قال في خزانة المفتين متى حلفه بالله الرحمن الرحيم كان يمينا واحدا وإذا حلفه بالله والرحمن والرحيم يكون ثلاثة أيمان ا هـ
فهذا صريح بأن الرحمن والرحيم يمين
تأمل
ومثله في التبيين فإنه قال ويحترز عن عطف بعض الأسماء على بعض كيلا يتكرر عليه اليمين ولو أمره بالعطف فأتى بواحدة ونكل عن الباقي لا يقضي عليه بالنكول لأن المستحق عليه يمين واحدة وقد أتى بها
ا هـ
وسيصرح الشارح به في قوله ويجتنب العطف كي لا يتكرر اليمين وفي كتاب الأيمان والقسم بالله تعالى أو باسم من أسمائه كالرحمن والرحيم والحق أو بصفة يحلف بها من صفاته تعالى كعزة الله وجلاله وكبريائه وعظمته الخ فهذا كله يدل على كونه يمينا وكذا ما ثبت في الحديث ورب الكعبة ونحوه يقتضي أن الحلف بالرحمن والرحيم وغيره من أسمائه تعالى يكون يمينا على أنه صرح في روضة القضاة بأن اليمين يكون
____________________
(7/454)
بالرحمن والرحيم وسائر أسمائه تعالى
وأما الحصر في الحديث الشريف بالنسبة إلى الجبت والطاغوت ونحوهما
قوله ( بغيره ) كالرحمن والرحيم
بحر
قوله ( لم يكن يمينا ) قد علمت أن الحق أنه يمين ولا يشكل عليه ما يفهم من ظاهر عبارة الدرر من قوله والحلف بالله تعالى دون غيره وإن كان ظاهره أن هذا التركيب للحصر كما في الحمد لله لأن المراد أن لا يكون الحلف إلا بذاته تعالى أي باسم من أسمائه الذاتية أو الصفاتية فقد انتفى الإشكال على أنه هو المصرح به في عمدة الكتب بل عامتهم ولا يمكن أن يقال إن ما ذكروه في كتاب الأيمان فرق عن هنا أي الدعوى لأنه لم يصرح أحد يفرق أصلا
قوله ( ولم أره صريحا بحر ) حيث قال بعد نقله عبارة الخزانة وظاهره أنه لا تحليف بغير هذا الاسم فلو حلفه بالرحمن أو الرحيم لا يكون يمينا ولم أره صريحا ا هـ
قال العلامة المقدسي فيه قصور لوجود النص على خلافه فقد ذكر في كتاب الأيمان أنه لو قال والرحمن أو الرحيم أو القادر فكل ذلك يمين ويدل عليه قولهم فيما إذا غلظ بذكر الصفة يحتر عن الإتيان بالواو لئلا تتكرر اليمين ونصه هنا في تحليف الأخرس أن يقال له عهد الله عليك ولا فرق بينه وبين الصحيح بل صرح بهذا الصحيح وصرح في روضة القضاة بأن الرحمن الرحيم وسائر أسماء الله تعالى تكون يمينا ا هـ
أقول والعجب من المصنف حيث نقله وأقره عليه وكذا الشارح
قوله ( لا بطلاق وعتاق وإن ألح الخصم ) أي داوم على طلب اليمين بهما ومثل الطلاق والعتاق الحج كما في العناية وقد قصد بهذا مخالفة الكنز والدرر حيث قال إلا إذا ألح الخصم وحكاه في الكافي بقيل وكذا في الهداية فإن ما مشى عليه الشارح هو ظاهر الرواية
قوله ( لأن التحليف بهما حرام ) بل في القهستاني عن المضمرات اختلفوا في كفره إذا قال حلفه بالطلاق وقدمنا الكلام قريبا على ما لو حلف بالطلاق أنه لا مال عليه ثم برهن المدعي على المال وسيأتي في كلام الشارح
قوله ( وقيل إن مست الضرورة فوض إلى القاضي ) قال في المنية وإن مست الضرورة يفتي أن الرأي فيه للقاضي
قوله ( وظاهره أنه مفرع على قول الأكثر ) تبع فيه المصنف وصاحب البحر وهو عجيب فإن صاحب الخزانة صرح بأن ذلك على قول الأكثر فهو صريح لا ظاهر
قوله ( وإلا فلا فائدة ) قال العلامة المقدسي قد تكون فائدته اطمئنان خاطر المدعي إذا حلف فربما كان مشتبها عليه الأمر لنسيان ونحوه فإذا حلف له بهما صدقه ا هـ
وفي شرح الملتقى عن الباقلاني الإقرار بالمدعي إذا احترز عنه
ا هـ أي تظهر فائدته فيما إذا كان جاهلا بعدم اعتبار نكوله فإذا طلب حلفه به ربما يمتنع ويقر بالمدعي
قوله ( واعتمده المصنف ) حيث قال وهذا كلام ظاهر يجب قبوله والتعويل عليه لأن التحليف إنما يقصد لنتيجته وإذا لم يقض بالنكول عنه فلا ينبغي الاشتغال به وكلام العقلاء فضلا عن العلماء العظام يصان عن اللغو والله تعالى أعلم بالصواب ا هـ
لكن عبارة ابن الكمال فإن ألح الخصم قيل يصح بهما في زماننا لكن لا يقضي عليه بالنكول لأنه امتنع
____________________
(7/455)
عما هو منهي عنه شرعا ولو قضي عليه بالنكول لا ينفذ انتهت
واستشكل في السعدية بأنه إذا امتنع عما هو منهي عنه شرعا فكيف يجوز للقاضي تكليف الإتيان بما هو منهي عنه شرعا ولعل ذلك البعض يقول النهي تنزيهي ومثل ما في ابن الكمال في الزيلعي وشرح درر البحار وظاهره أن القائل بالتحليف بهما يقول إنه غير مشروع ولكن يعرض عليه لعله يمتنع فإن من له أدنى ديانة لا يحلف بهما كاذبا فإنه يؤدي إلى طلاق الزوجة وعتق الأمة أو إمساكهما بالحرام بخلاف اليمين بالله تعالى فإنه يتساهل به في زماننا كثيرا
تأمل
قوله ( لا يفرق ) أي بين الزوج والزوجة
قوله ( لأن السبب لا يستلزم قيام الدين ) لاحتمال وفائه أو إبرائه أو هبته منه وهذا التفصيل هو المفتى به كما في شرح عبد البر ط
قوله ( وقال محمد في الشهادة على قيام المال لا يحنث لاحتمال صدقه )
أقول تقدم قريبا قوله ويظهر كذبه بإقامتها لو ادعاه أي المال بلا سبب فحلف وإن ادعاه بسبب فحلف أن لا دين عليه ثم أقامها لا يظهر كذبه لجواز أنه وجد القرض ثم وجد الإبراء أو الإيفاء وعليه الفتوى ا هـ
وقد ذكرنا هناك الكلام وبحث المقدسي فيه والجواب عنه فراجعه إن شئت
قوله ( وقد تقدم ) أي في كلام المصنف حيث قال ويظهر كذبه بإقامتها لو ادعاه بلا سبب فحلف الخ وإنما أعاد هنا لأن هذه العبارة أوضح وأدل على المطلوب وفيها زيادة فائدة كذكر الخلاف بين محمد وأبي يوسف وهو كالشرح للعبارة المتقدمة فقد بين به أن إطلاق الدرر على قول أحد الشيخين ولا اعتراض على من أتى بالعبارة التامة بعد العبارة القاصرة كما قالوا في عطف العام على الخاص لا يحتاج إلى نكتة لما فيه من زيادة الفائدة
تأمل
مطلب مسائل ذكرها الخصاف في آخر كتاب الحيل قال العلامة الشلبي في حاشية الزيلعي ونذكر نبذا من مسائل ذكرها الخصاف في آخر كتاب الحيل إن قال كل امرأة لي طالق مثلا ونوى كل امرأة أتزوجها باليمين أو الهند أو بالسند أو في بلد من البلدان له نيته وإن ابتدأ اليمين يحتال ويقول هو الله ويدغم ذلك حتى لا يفهم المستحلف
فإن قال المستحلف إنما أحلفك بما أريد وقل أنت نعم ويريد أن يستحلفه بالله والطلاق والعتاق والمشي وصدقة ما يملك يقول نعم وينوي نعما من الأنعام وكذا لو قيل له نساؤك طوالق ونوى نساءه العور أو العميان أو العرجان أو المماليك أو اليهوديات فيكون له نيته
وإن أراد أن يحلف أنه لم يفعل كذا وأحصر المملوك ليحلف بعتقه قال يضع يده على رأس المملوك أو ظهره ويقول هذا حر يعني ظهره إن كان فعل فلا يعتق المملوك
وإن حلف بعتق المملوك أنه لم يفعل كذا ونوى بمكة أو في المسجد الحرام أو في بلد من البلدان لا يحنث إن كان فعله في غير ذلك الموضع
وإن حلف بطلاق امرأته ويقول امرأتي طالق ثلاثا وينوي عملا من الأعمال كالخبز والغسل أو أطالق من وثاق وينوي بقوله ثلاثا ثلاثة أيام أو أشهر أو جمع فلا حنث
ولو بلغ سلطانا عن رجل كلام فأراد السلطان أن يحلفه عليه فالوجه أن يقول ما الذي بلغك عني فإذا قال بلغني عنك كذا وكذا فإن شاء حلف له بالعتاق والطلاق أنه ما قال هذا الكلام الذي حكاه هذا ولا سمع به إلا هذه الساعة
____________________
(7/456)
فلا إثم عليه وإن شاء نوى في الطلاق والعتاق ما شرحناه وإن شاء نوى أنه لم يتكلم بهذا الكلام بالكوفة مثلا غير البلد الذي تكلم فيه به أو الموضع أو ينوي عدم التكلم ليلا وإن تكلمه نهارا أو عكسه أو ينوي زمنا غير الذي تكلم فيه
ا هـ ملخصا
أقول الظاهر في ذلك أن الحالف مظلوما أما لو كان ظالما فلا ينوي بل العبرة بظاهر اللفظ العرفي الذي حلف به لأن الأيمان مبنية على الألفاظ لا على الأغراض كما علم ذلك من كتاب الأيمان فراجعه
قوله ( ويغلظ بذكر أوصافه تعاى ) أي يؤكد اليمين بذكر أوصاف الله تعالى وذلك مثل قوله 95 { هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم } الحشر 22 الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ما لفلان هذا عليك ولا قبلك هذا المال الذي ادعاه ولا شيء منه لأن أحوال الناس شتى فمنهم من يمتنع عن اليمين بالتغليظ ويتجاسر عند عدمه فيغلظ عليه لعله يمتنع بذلك ولو لم يغلظ جاز وقيل لا تغليظ على المعروف بالصلاح ويغلظ على غيره وقيل يغلظ على الخطير من المال دون الحقير
عيني
قوله ( وقيده ) أي قيد بعضهم التغليظ
قوله ( بفاسق ) أي إذا كان المدعى عليه فاسقا
قوله ( ومال خطير ) أي كما ذكرنا كما بينه في خزانة المفتين وتبيين الحقائق
قوله ( والاختيار فيه ) أي في التغليظ لما علمت من أنه جائز ويجوز إرجاع الضمير إلى أصل اليمين أي الاختيار في اليمين بأن يقول له قل والله أو بالله أو الرحمن والقادر على ما سلف وقد صرحوا أن التحليف حق القاضي أي الاختيار في صفة التغليظ إلى القضاة يزيدون فيه ما شاؤوا أو ينقصون ما شاؤوا ولا يغلظون لو شاؤوا كما في البحر عن الخلاصة
قوله ( وفي صفته ) أي التغليظ التي ينطلق بها
قوله ( إلى القاضي ) أي تفويضه إلى القاضي
قوله ( ويجتنب العطف ) أي في اليمين فلا يذكره بحرف العطف ويحترز عن عطف بعض الأسماء على بعض وإلا لتعدد اليمين ولو أمره بالعطف فأتى بواحدة ونكل عن الباقي لا يقضي عليه بالنكول لأن المستحق يمين واحدة وقد أتى بها كما أفاده الزيلعي وقدمناه قريبا فلا تنسه
قوله ( لا يستحب ) وقيل لا يجب وقيل لا يشرع
وظاهر ما في الهداية أن المنفي وجوب التغليظ بهما فيكون مشروعا وظاهر ما في المحيط في موضع أن المنفي كونه سنة وفي موضع بعده عدم مشروعيته حيث قال لا يجوز التغليظ بالزمان والمكان وصرح في غاية البيان أن للحاكم فعله عندنا إن رأى ذلك وإنما الخلاف في كونه واجبا أو سنة
وفي البحر لا يجوز التغليظ بالمكان
قال في الكافي قيل لا يجب وقيل لا يشرع لأن في التغليظ بالزمان تأخير حق المدعي إلى ذلك الزمان
قال العلامة المقدسي وكذا في المكان لأن فيه التأخير إلى الوصول إلى ذلك المكان المغلظ به فلا يشرع
كذا في التبيين والكافي
ا هـ
قلت وهذا لا يظهر إذا كان على وفق مطلوبه ولو علل بمخالفته المشروع لكان أولى وعند الشافعي يستحب هذا التغليظ في قول ويجب في قول به قال مالك كما في البناية وغيره
أقول الظاهر أن المذهب عندنا عدم جواز هذا التغليظ وعليه دلائل مشايخنا المذكورة في الشروح وأما سلب حسن هذا لتغليظ تارة وسلب الوجوب أخرى في عبارتهم فمبني على نفي مذهب الخصم
تدبر
قوله ( بزمان ) مثل يوم الجمعة
قوله ( ولا بمكان ) مثل الجامع عند المنبر أو ما بين الركن والمقام وعند قبره عليه الصلاة والسلام وعند صخرة بيت المقدس
قوله ( وظاهره أنه مباح ) فيه أن المباح ما استوى طرفاه فكان يقول فهو خلاف الأولى
____________________
(7/457)
وأقول كيف يكون مباحا وفيه زيادة على النص وهو قوله اليمين على من أنكر وهو مطلق عن التقييد بزمان أو مكان والتخصيص بهما زيادة على النص وهو نسخ كما أفاده العيني
وفي شرح الملتقى للداماد وعند الأئمة الثلاثة يجوز أن تغلظ بهما أيضا إن كانت اليمين في قسامة ولعان ومال عظيم
قال القهستاني وعن أبي يوسف أنه يوضع المصحف في حجره ويقرأ الآية المذكورة وهي 3 { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } آل عمران 77 الآية ثم يحلف في مكان منها كما في المضمرات
قوله ( ويستحلف اليهودي ) قال في المصباح اليهودي نسبة إلى هود وهو اسم نبي عربي وسمي بالجمع والمضارع من هدى إذا رجع ويقال هم يهود وهو غير منصرف للعلمية ووزن الفعل وجاز تنوينه وقيل نسبة إلى يهود بن يعقوب
قوله ( بالله الذي أنزل التوراة على موسى ) لقوله عليه الصلاة والسلام لابن صوريا الأعور أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أن حكم الزنا في كتابكم هذا كما في البحر
قال في البدائع ولا يحلف على الإشارة إلى مصحف معين أي من التوراة بأن يقول بالله الذي أنزل هذه التوراة أو هذا الإنجيل لأنه ثبت تحريف بعضها فلا يؤمن أن تقع الإشارة إلى الحرف المحرف فيكون التحليف تعظيما لما ليس كلام الله تعالى شرنبلالية
أو من حيث إن المجموع ليس كلام الله تعالى ط
قوله ( والنصراني ) قال في المصباح رجل نصراني بفتح النون وامرأة نصرانية وربما قيل نصران ونصرانة ويقال هو نسبة إلى قرية يقال لها نصرة ولهذا قيل في الواحد نصري على القياس والنصارى جمعه مثل مهري ومهارى ثم أطلق النصراني على كل من تعبد بهذا الدين ا هـ
قوله ( والمجوسي ) قال في المصباح هي كلمة فارسية يقال تمجس إذا دخل في دين المجوس كما يقال تهود أو تنصر إدا دخل في دين اليهود والنصاري
قوله ( فيغلظ على كل بمعتقده ) لتكون ردعا له عن اليمين الكاذبة
قال في البحر وما ذكره من صورة تحليف المجوسي مذكور في الأصل
وروى عن أبي حنيفة أنه لا يحلف أحد أي من أهل الكفر إلا بالله خالصا تحاشيا عن تشريك الغير معه في التعظيم
وذكر الخصاف أنه لار يحلف غير اليهودي والنصراني إلا بالله واختاره بعض مشايخنا لما في ذكر النار من تعظيمها ولا ينبغي ذلك بخلاف الكتابين لأنهما من كتبه تعالى وظاهر ما في المحيط أن ما في الكتاب قول محمد وما ذكره الخصاف قولهما
فإن قلت إذا حلف الكافر بالله فقط ونكل عما ذكر هل يكفيه أم لا قلت لم أره صريحا وظاهر قولهم إن يغلظ به أنه ليس بشرط وأنه من باب التغليظ فيكفي بالله ولا يقضي عليه بالنكول عن الوصف المذكور
ا هـ
قوله ( اختيار ) قال فيه بعد قول المتن ويستحلف اليهودي الخ ولو اقتصر في الكل على قوله بالله فهو كاف لأن الزيادة للتأكيد كما قلنا في المسلم وإنما يغلظ ليكون أعظم في قلوبهم فلا يتجاسرون على اليمين الكاذبة
ا هـ
قوله ( والوثني ) الوثن الصنم سواء كان من خشب أو حجر أو غيره والجمع وثن مثل أسد وأسد وأوثان وينسب إليه من يتدين بعبادته على لفظه فيقال رجل وثني وأراد بالوثني المشرك سواء عبد صنما أو وثنا أو غيرهما
قوله ( لأنه يقر به وإن عبد غيره ) أي يعتقد أن الله تعالى خالقه لكنه يشرك معه غيره
قال تعالى { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله }
____________________
(7/458)
لقمان 25
قوله ( وجزم ابن الكمال بأن الدهرية ) بفتح الدال
أي الطائفة الذين يقولون بقدم الدهر وينكرون الصانع ويقولون إن هي إلا أرحام تدفع وأرض تبلع وما يهلكنا إلا الدهر
قال في القاموس الدهر قد يعد في الأسماء الحسنى والزمن الطويل والأمد الممدود وألف سنة والدهري ويضم القائل ببقاء الدهر
قوله ( لا يعتقدونه تعالى ) وإن قالوا يقدمه لأن قدمه عندهم بأنه قديم بالزمان وذلك لأن منهم من يقول القدماء خمسة الرب والدهر والفلك والعناصر والفراغ أي الخلاء وراء العام فالزهرا الخالق لها وهي قديمة بالزمان لا بالذات كما في حاشية الكبرى
قوله ( قلت وعليه فبماذا يحلفون ) قلت يحلفون بالله تعالى لما في معراج الدراية عن المبسوط الحر والمملوك والرجل والمرأة والفاسق والصالح والكافر والمسلم في اليمين سواء لأن المقصود هو القضاء بالنكول وهؤلاء في اعتقاد الحرمة في اليمين الكاذبة سواء
ا هـ
أقول والزنديق والمباحي داخلون تحت المشركين إذ قد سبق في صدر الكتاب من البدائع أنهم لم يتجاسروا في عصر من الأعصار على إظهار نحلهم سوء كفرهم فلما لم يقروا بالواجب الوجود لله تعالى تقدس عما يقول الظالمون ولا نبي من الأنبياء ولم يقدروا على إظهار مللهم ألحقوا بالمشركين فيعدون منهم حكما على أنه قد صرح في بعض الكتب أنهم يقرون به تعالى
ولكن ينفون القدر عنه تعالى فظهر أن الكفرة بأسرهم يعتقدون الله تعالى وتعمهم الآية الكريمة المتقدمة فيستحلفون بالله تعالى سواء كان المستحلف ممن يعتقد الله تعالى أو لا فإنه وإن لم يعلم الله تعالى يعلمه فإذا حلف به كاذبا فالله تعالى يقطع دابره ويجعل دياره بلاقع أي خالية وحينئذ فلا معنى لقول الشارح قلت الخ تأمل
أقول وهذا كله بخلاف الكتابيين كما مر من أنهم يحلفون بالله الذي أنزل التوراة أو الإنجيل وفي المقدسي لأنهما من كتبه تعالى
قال في شرح الأقطع أما الصابئة إن كانوا يؤمنون بإدريس عليه السلام استحلفوا بالذي أنزل الصحف على إدريس عليه السلام وإن كانوا يعبدون الكواكب استحلفوا بالذي خلق الكواكب
ا هـ
إتقاني
ولا تنس ما قررته
قوله ( أن يقول له القاضي عليك عهد الله ) ولا يقول له تحلف بالله ما لهذا عليك حق فإنه لا يكون يمينا ولو أشر بنعم لأنه يصير كأنه قال احلف وذلك لا يكون يمينا أفاده الإتقاني
قال في الشرنبلالية ولا يقول له بالله إن كان كذا لأنه إذا قال نعم إقرارا لا يمينا
ا هـ
قوله ( فإذا أومأ برأسه أي نعم صار حالفا ) وإن أشار بالإنكار صار نكولا ويقضي عليه قنية
قوله ( أن عرفه ) أي الخط
قوله ( وإلا فبإشارته ) ويعامل معاملة الأخرس
عبد البر
قوله ( ولو أعمى أيضا ) أي وهو أصم أخرى
قوله ( فأبوه الخ ) مراده به ما يعم الجد كما أن المراد بوصيه ما يشمل وصي الجد
أفاده عبد البر
وظاهره أنه يستحلف عنه فإن كان كذلك فإنه يكون مخصصا لما تقدم من قوله إن النيابة لا تجري في الحلف
كذا أفاده بعض الفضلاء
لكن صرح العلامة أبو السعود بأنه مستثنى من قولهم الحلف لا تجري فيه النيابة وهو ظاهر في أنه يحلف وهو ظاهر في أنه يحلف أبوه أو وصيه
تأمل
قوله ( أو من نصبه القاضي ) الصواب ثم من نصبه القاضي لأنه إنما ينصب عنه إذا فقد من سبق ذكره
____________________
(7/459)
عبد البر وهل يحلفون على العلم لكونه مما يتعلق به حق الغير أو على البت يحرر ط
قوله ( بحر ) قال فيه والقاضي لا يحضرها بل هو ممنوع عن ذلك
كذا في الهداية
ولو قال المسلم لا يحضرها لكان أولى لما في التاترخانية يكره للمسلم الدخول في البيعة والكنيسة من حيث إنه مجمع الشياطين والظاهر أنها تحريمية لأنها المرادة عند الإطلاق وقد أفتيت بتعزير مسلم لازم الكنيسة مع اليهود
ا هـ
قوله ( في دعوى سبب يرتفع ) أي سبب ملك ولو حكميا أو سبب ضمان وقيد به لأن الدعوى إذا وقعت مطلقة عن سبب بأن ادعى عبدا أنه ملكه فاليمين على الحكم بلا خلاف فيقال قل بالله ما هذا العبد لفلان هذا ولا شيء منه كما في العمادية
قوله ( يرتفع ) أي برافع كالإقالة والطلاق والرد
قوله ( أي على صورة إنكار المنكر ) وهو صورة دعوى المدعي
بحر هذا معناه الاصطلاحي أما معناه اللغوي فالحاصل من كل شيء ما بقي وثبت وذهب ما سواه كما في القاموس ويمكن اعتباره هنا فإنه يحلف على الثابت والمستقر الآن ويكون قوله أي على صورة الخ تفسير مراد وإنما كان على صورته لأن المنكر يقول لم يكن بيننا بيع ولا طلاق ولا غصب
والحاصل أن التحليف على الحاصل نوع آخر من كيفية اليمين وهو الحلف على الحاصل والسبب والضابط في ذلك أن السبب إما أن يكون مما يرتفع برافع أو لا فإن كان الثاني فالتحليف على السبب بالإجماع وإن كان الأول فإن تضرر المدعي بالتحليف على الحاصل عند الطرفين وعلى السبب عند أبي يوسف كما سيأتي مفصلا
قال في نور العين النوع الثالث في مواضع التحليف على الحاصل والتحليف على السبب جغ
ثم المسألة على وجوه إما أن يدعي المدعى دينا أو ملكا في عين أو حقا في عين وكل منها على وجهين إما أن يدعيه مطلقا أو بناء على سبب فلو ادعى دينا ولم يذكر سببه يحلف على الحاصل ما له قبلك ما ادعاه ولا شيء منه وكذا لو ادعى ملكا في عين حاضر أو حقا في عين حاضر ادعاه مطلقا ولم يذكر له سببا يحلف على الحاصل ما هذا لفلان ولا شيء منه ولو ادعاه بناء على سبب بأن ادعى دينا بسب قرض أو شراء أو ادعى ملكا بسبب بيع أو هبة أو ادعى غصبا أو وديعة أو عارية يحلف على الحاصل في ظاهر الرواية لا على السبب بالله ما غصبت ما استقرضت ما أودعك ما شريت منه
كافي
وعن أبي يوسف يحلف على السبب في هذه الصور المذكورة إلا عند تعريض المدعى عليه نحو أن يقول أيها القاضي قد يبيع الإنسان شيئا ثم يقيل فحينئذ يحلف القاضي على الحاصل صح
وذكر شمس الأئمة الحلواني رواية أخرى عن أبي يوسف إن المدعى عليه لو أنكر السبب يحلف على السبب ولو قال ما علي ما يدعيه يحلف على الحاصل
قاضيخان
وهذا أحسن الأقاويل عندي وعليه أكثر القضاة
يقول الحقير وكذا في مختارات النوازل لصاحب الهداية ا هـ
وقال فخر الإسلام البزدوي اللائق أن يفوض الأمر إلى القاضي فيحلف على الحاصل أو السبب أيهما رآه مصلحة كما في الكافي وما في المتن ظاهر الرواية كما في الشروح واعترض على رواية عن أبي يوسف بأني اللائق التحليف على السبب دائما ولا اعتبار للتعريض لأنه لو وقع فعلى المدعي البينة وإن عجز فعلى المدعى عليه اليمين
وأجيب بأنه قد لا يقدر عليها والخصم ممن يقدم على اليمين الفاجرة فاللائق التحليف على الحاصل كي لا يبطل الحق
قال البرجندي ما ذكره المعترض اعتراض على قول أبي يوسف بأنه لا فرق في ذلك بين التعريض وعدمه وذا لا يندفع بهذا الجواب
قوله ( أي بالله ما بينكما نكاح قائم )
____________________
(7/460)
بإدخال النكاح في المسائل التي يحلف فيها على الحاصل عندهما غفلة من صاحب الهداية والشارحين لأن أبا حنيفة لا يقول بالتحليف بالنكاح إلا أن يقال إن الإمام فرع على قولهما كتفريعه في المزارعة على قولهما
بحر
أو يقال إنه محمول على ما إذا كان مع النكاح دعوى المال كما نقل عن المقدسي ولكن ذكره في اليعقوبية أيضا ثم قال وهذا بعيد لأن الظاهر أنه يحلف عنده في تلك الصورة على عدم وجوب المال لا على عدم النكاح فليتأمل
ا هـ
قوله ( وما بينكما بيع قائم الآن ) هذا قاصر والحق ما في الخزانة من التفصيل
قال المشتري إذا ادعى الشراء فإن ذكر نقد الثمن فالمدعى عليه يحلف بالله ما هذا العبد ملك المدعي ولا شيء منه بالسبب الذى ادعى ولا يحلف بالله ما بعته وإن لم يذكر المشتري نقد الثمن يقال له أحضر الثمن فإذا أحضره استحلفه بالله ما يملك قبض هذا الثمن ولا تسليم هذا العبد من الوجه الذي ادعى وإن شاء حلفه بالله ما بينك وبين هذا شراء قائم الساعة
والحاصل أن دعوى الشراء مع نقد الثمن دعوى المبيع ملكا مطلقا وليست بدعوى العقد ولهذا تصح مع جهالة الثمن فيحلف على ملك المبيع ودعوى البيع مع تسليم المبيع ودعوى الثمن معنى وليست بدعوى العقد ولهذا تصح مع جهالة المبيع فيحلف على ملك الثمن
قوله ( وما يجب عليك رده الآن ) الصواب ما في الخلاصة ما يجب عليك رده ولا مثله ولا بدله ولا شيء من ذلك انتهى
وإلى بعض ذلك أشار الشارح بقوله أو بدله لأن المغصوب لو كان هالكا لا يجب على الغاصب رد عينه لتعذر ذلك بل يجب عليه رد مثله لو مثليا أو قيمته لو قيميا فلو حلفه بالله ما يجب عليك رده وكان ذلك بعد هلاكه وحلف على ذلك لم يحنث لعدم وجوب رده ح
بل يحلفه بالله ما يجب عليك رده ولا رد بدله ليعم حاله قيام المغصوب وهلاكه فلو ادعى عليه قيام المغصوب حلفه بالله ما يجب عليك رده وإن ادعى عليه أن المغصوب قد هلك في يده ويريد تضمينه حلف بالله ما يجب عليك بدله وإنما عبر بالبدل ليعم المثل لو مثليا والقيمة لو قيميا
قوله ( وما هي بائن منك الآن ) هذا في البائن الواحد وأما إذا كان بالثلاث يحلف بالله ما طلقتها ثلاثا في النكاح الذي بينكما وفي الرجعي يحلف بالله تعالى ما هي طالق في النكاح الذي بينكما وهو معنى قوله الآن قال الإسبيجابي يحلف بالله ما طلقتها ثلاثا في النكاح الذي بينكما
قوله ( وما بعت ) أي أو ما غصبت أو ما طلقت لاحتمال أنه رده أو جدد النكاح بعد الإبانة
قال في البحر ولم يستوف المؤلف رحمه الله تعالى المسائل المفرعة على هذا الأصل فمنها الأمانة والدين وقد ذكرناهما
وفي منية المفتي المدعى عليه الألف يحلف بالله ما له قبلك ما يدعي ولا شيء منه لأنه قد يكون عليه الألف إلا درهما فيكون صادقا
ا هـ
وفيما ذكره الإسبيجابي في التحليف على الوديعة إذا أنكرها المدعى عليه يحلف على صورة إنكاره بالله ليس له عندك شيء ولا عليك دين وعند أبي يوسف بالله ما أودعه ولا باعه ولا أقرضه قصور والصواب ما في الخزانة
وفي دعوى الوديعة إذا لم تكن حاضرة يحلف بالله ما له هذا المال الذي ادعاه في يديك وديعة ولا شيء
____________________
(7/461)
منه ولا له قبلك حق منه لأنه متى استهلكها أو دل إنسانا عليها لا تكون في يديه ويكون عليه قيمتها فلا يكتفي بقوله في يديك بل يضم إليه ولا له قبلك حق منه احتياطا
ا هـ
ومنها دعوى الملك المطلق فإن كان في ملك منقول حاضر في المجلس يحلف بالله ما هذا العين ملك المدعي من الوجه الذي يدعيه ولا شيء منه وإن كان غائبا من المجلس إن أقر المدعى عليه أنه في يده وأنكر كونه ملك المدعي كلف إحضاره ليشير إليه وإن أنكر كونه في يده فإنه يستحلف بعد صحة الدعوى ما لهذا في يديك كذا ولا شيء منه ولا شيء عليك ولا قبلك ولا قيمة وهي كذا ولا شيء منها
كذا في الخزانة
ومنها دعوى إجارة الضيعة أو الدار أو الحانوت أو العبد أو دعوى مزارعة في أرض أو معاملة في نخل بالله ما بينك وبين هذا المدعي إجارة قائمة تامة لازمة اليوم في هذا العين المدعي ولا له قبلك حق بالإجارة التي وصفت
كذا في الخزانة
ومنها ما لو ادعت امرأة على زوجها أنه جعل أمرها بيدها وإنها اختارت نفسها وأنكر الزوج فالمسألة على ثلاثة أوجه إما أن ينكر الزوج الأمر والاختيار جميعا وفيه لا يحلف على الحاصل بلا خلاف لأنه لو حلف ما هي بائن منك الساعة ربما تأول قول بعض العلماء إن الواقع بالأمر باليد رجعي فيحلف على السبب ولكنه يحتاط فيه للزوج بالله ما قلت لها منذ آخر تزوج تزوجتها أمرك بيدك وما تعلم أنها اختارت نفسها بحكم ذلك الأمر وإن أقر بالأمر وأنكر اختيارها يحلف بالله ما تعلم أنها اختارت نفسها وإن أقر بالاختيار وأنكر الأمر يحلف بالله ما جعلت أمر امرأتك هذه بيدها قبل أن تختار نفسها في ذلك المجلس وكذا إن ادعت أن الزوج حلف بطلاقها ثلاثا أن لا يفعل كذا وقد فعل فهو على التفصيل
كذا في الخزانة
ومنها أن ما ذكره في حلف البيع قاصر والحق ما في الخزانة وقد قدمناه قريبا
ومنها في دعوى الكفالة إذا كانت صحيحة بأن ذكر أنها منجزة أو معلقة بشرط متعارف وأنها كانت بإذنه أو أجازها في المجلس وإذا حلفه يحلفه بالله ما له قبلك هذه الألف بسبب هذه الكفالة التي يدعيها حتى لا يتناوله كفالة أخرى وكذا إذا كانت كفالة بعرض بالله ما له قبلك هذا الثوب بسبب هذه الكفالة وفي النفس بالله ما له قبلك تسليم نفس فلان بسبب هذه الكفالة التي يدعيها
كذا في الخزانة
ومنها تحليف المستحق
قال في الخزانة رجل أعار دابة أو أجرها أو أودعها فجاء مدع وأقام بينة أنها له لا يقضي له بشيء حتى يحلف بالله ما بعت ولا وهبت ولا أذنت فيهما ولا هي خارجة عن ملكك للحال
ومنها إذا ادعى غريم الميت إيفاء الدين له وأنكر الوارث يحلف ما تعلم أنه قبضه ولا شيء منه ولا برىء إليه منه
كذا في الخزانة وقدمنا كيفية تحليف مدعيه على الميت
وفي جامع الفصولين أقول قوله ولا برىء الخ لا حاجة إليه لأنه يدعي الإيفاء لا البراءة فلا وجه لذكره في التحليف إ هـ
وأوجبت عنه فيما كتبناه عليه بجواز أن الميت أبرأه ولم يعلم المديون أنه لا يتوقف على قبوله إ هـ
أقول وأجاب عنه أيضا في نور العين حيث قال قوله لا حاجة إليه محل نظر لأن المدعي هو إيفاء مجموع الدين فلو أريد تسويته بالمحلوف عليه لاكتفى في الحلف بلفظ ما تعلمون أن أباكم قبضه فزيادة لفظ ولا شيء منه تدل قطعا على أن المراد إنما هو دفع جميع الوجوه المحتملة في جانب المورث نظرا للغريم وشفقة
____________________
(7/462)
عليه ويجوز أن يكون وجه زيادة ولا برىء إليه احتمال أن الغريم تجوز فأراد بالإيفاء الإبراء نظرا إلى اتحاد مآلها وهو خلاص الذمة إ هـ
وفي البحر أيضا ومنها في دعوى الإتلاف قال في الخزانة ادعى على آخر أنه خرق ثوبه واحضر معه إلى القاضي لا يحلفه ما خرقت لاحتمال أنه خرقه وأداه ضمانه ثم ينظر في الخرق إن كان يسيرا وضمن النقصان يحلف ما له عليك هذا القدر من الدراهم التي تدعي ولا أقل منه وإن لم يكن الثوب حاضرا كلفه القاضي بيان قيمته ومقدار النقصان ثم تترتب عليه اليمن وكذلك هذا في هدم الحائط أو فساد متاع أو ذبح شاة أو نحوه ا هـ
ثم اعلم أنه تكرر منهم في بعض صور التحليف تكرار لا في لفظ اليمين خصوصا في تحليف مدعي دين على الميت فإنها تصل إلى خمسة وفي الاستحقاق إلى أربعة مع قولهم في كتاب الإيمان اليمين تتكرر بتكرار حرف العطف مع قوله لا كقوله لا آكل طعاما ولا شرابا ومع قولهم هنا في تغليظ اليمين يجب الاحتراز عن العطف لأن الواجب يمين واحدة فإذا عطف صارت إيمانا ولم أر عنه جوابا بل ولا من تعرض له ا هـ
قال الرملي إذا تأمل المتأمل وجد التكرار لتكرار المدعي فليتأمل
إ هـ يعني أن المدعي وإن ادعى شيئا واحدا في اللفظ لكنه مدع لأشياء متعددة ضمنا فيحلف الخصم عليها احتياطا
قوله ( خلافا للثاني ) فقال اليمين تستوفى لحق المدعي فيجب مطابقتها لدعواه والمدعي هو السبب إلا إذا عرض المدعى عليه بما ذكرنا بأن يقول المطلوب عند طلب يمينه قد يبيع الشخص شيئا ثم يقايل فيحلف حينئذ على الحاصل ط
وقدمنا الكلام عليه مستوفى
قوله ( نظرا للمدعى عليه ) أي كما هو نظر للمدعي
وهذا تعليل لقول الإمام والثالث وهو ما مشى عليه في المتن من التحليف على الحاصل يعني إنما يحلفه على الحاصل لا على السبب لاحتمال طلاقه بعد النكاح وإقالته بعد البيع أي وأدائه أو إبرائه بعد الغصب وتزوجه بعد الإبانة ولو بعد زوج آخر في الحرمة الغليظة فلو حلف على السبب لكان حانثا ولو ادعى الواقع بعد السبب لكلف إثباته فيتضرر بذلك فكان في التحليف على الحاصل نظر للمدعى عليه
قوله ( لاحتمال طلاقه ) أي في دعوى النكاح
قوله ( وإقالته ) أي في البيع وإدانته أو إبرائه بعد الغصب وتزوجه بعد الإبانة
والحاصل أن اليمين كما تقدم شرعت لرجاء النكول فإذا حلف على السبب الذي يرتفع برافع فنكل وأقر بالسبب ثم ادعى الرافع لا يقبل منه قيتضرر بخلاف ما إذا حلف على الحاصل فإن فيه نظرا إليها
قوله ( على السبب ) بأن يحلفه بالله ما اشتريت هذه الدار وما هي مطلقة منك بائنا في العدة وتقدم تفصيله موضحا فارجع إليه
قوله ( كدعوى شفعة بالجوار ونفقة مبتوتة ) قيد بهما لأن في الشفعة بالشركة ونفقة الرجعي يستحلف على الحاصل عندهما وعند أبي يوسف على السبب إلا إذا عرض كما سبق
أبو السعود
قوله ( لكونه شافعيا ) ظاهر كلام الخصاف والصدر الشهيد أن معرفة كون المدعى عليه شافعيا إنما هو بقول المدعي ولو تنازعا فالظاهر من كلامهم أنه لا اعتبار بقول المدعى عليه
بحر أي سواء كان في جميع المسائل أو في هذه المسألة فقط حتى لو كان حنفيا لحلف على السبب لاحتمال أن يقصد تقليد الشافعي في هذه المسألة عند الحلف
____________________
(7/463)
لأن الشافعي يحلف على الحاصل معتقدا مذهبه أنها لا تستحق نفقة ولا شفعة مثلا فيضيع النفع فإذا حلف أنه ما أبانها وما اشترى ظهر النفع ورعاية جانب المدعي أولى لأن السبب إذا ثبت ثبت الحق واحتمال سقوطه بعارض موهوم والأصل عدمه حتى يقوم الدليل على العارض
قال تاج الشريعة حكى عن القاضي أبي علي النسفي أنه قال خرجت حاجا فدخلت على القاضي أبي عاصم فإنه كان يدرس وخليفته يحكم فوافق جلوسي أن امرأة ادعت على زوجها نفقة العدة وأنكر الزوج فحلفه بالله ما عليك تسليم النفقة من الوجه الذي تدعي فلما تهيأ الرجل ليحلف نظرت إلى القاضي فعلم أني لماذا نظرت فنادى خليفته فقال سل الرجل من أي محلة هو حتى إن كان من أصاب الحديث حلفه بالله ما هي معتدة منك لأن الشافعي لا يرى النفقة للمبتوتة وإن كان من أصحابنا حلفه بالله ما لها عليك تسليم النفقة إليها من الوجه الذي تدعى نظرا لها أ هـ
قوله ( فيتضرر المدعي ) فإن قلت التحليف على السبب روعي فيه جانب المدعي ولا نظر فيه للمدعى عليه لأنه قد يثبت البيع والشراء ولا شفعة بأن يسلمها المدعي أو يسكت عن الطلب
والجواب أن القاضي لا يجد بدا من إلحاق الضرر بأحدهما ورعاية جانب المدعي أولى لأن سبب وجوب الحق له وهو الشراء إذا ثبت ثبت الحق له وثبوته إنما يكون بأسباب عارضة فصح التمسك بالأصل حتى يقوم دليل على العارض كما قدمناه قريبا
قوله ( وأما مذهب المدعي ففيه خلاف ) فقيل لا اعتبار به أيضا وإنما الاعتبار لمذهب القاضي فلو ادعى شافعي شفعة الجوار عند حنفي سمعها وقيل لا
قوله ( والأوجه أن يسأله ) أي المدعي
قوله ( هل تعتقد وجوب شفعة الجوار أو لا ) فإن قال اعتقدها يحلف على الحاصل وإن كان لا يعتقدها يحلف على السبب
قوله ( واعتمده المصنف ) أي تبعا للبحر والذي يظهر القول بأنه لا اعتبار بمذهب المدعى عليه بل لمذهب القاضي كما هو أحد الأقوال الثلاثة حتى لو ادعى شافعي شفعة الجوار عند حنفي سمعها ألا يرى أن أهل الذمة إذا تحاكموا إلينا نحكم عليهم بمعتقدنا فهذا أولى فليتأمل
على أن قضاة زماننا مأمورون بالحكم بمذهب سيدنا أبي حنيفة رحمه الله تعالى من السلطان عز نصره
قوله ( لعدم تكرر رقه ) لأن المرتد لا يسترق وإن لحق بدار الحرب لأنه لو ظفر به فموجبه القتل فقط إن لم يسلم كما مر في بابه والظاهر أنه يكتفي بإسلامه حال ادعوى عملا باستصحاب الحال كما في مسألة الطاحون
قوله ( على الحاصل ) فيحلف السيد على أنه بينكما عتق قائم الآن لا ما أعتقته لجواز أنه أعتقه فلحق ثم عاد إلى رقه فيتضرر بصورة هذا اليمين وكذا يقال في الأمة ط
قوله ( وصح فداء اليمين ) أي بمثل المدعي أو أقل
حموي
مثاله إذا توجه حلف على المدعى عليه أعطى المدعي مثل المدعي أو أقل صح
قوله ( والصلح منه ) أي على شيء أقل من المدعي لأن مبنى الصلح على الحطيطة
حموي
فيكون الفداء أعم من الصلح وحينئذ فيحتاج إلى نكتة وظاهر
____________________
(7/464)
ما قرره الشارح أن أخذ المال في الفداء والصلح عن اليمين إنما يحل إذا كان المدعي محقا ليكون المأخوذ في حقه بدلا كما في الصلح عن إنكار فإن كان مبطلا لم يجز
ا هـ
بحر
قوله ( لحديث ذبوا عن أعراضكم بأموالكم ) قال الحموي لما روي عن حذيفة رضي الله تعالى عنه أنه افتدى يمينه بمال وكذا عثمان رضي الله تعالى عنه افتدى يمينه حين ادعى عليه أربعون درهما فقيل ألا تحلف وأنت صادق فقال أخاف أن يوافق قدر يميني فيقال هذا بيمينه الكاذبة
ولأن فيه صون عرضه وهو مستحسن عقلا وشرعا ولأنه لو حلف يقع في القيل والقال فإن الناس بين مصدق ومكذب فإذا افتدى بيمينه فقد صان عرضه وهو حسن
قال عليه الصلاة والسلام ذبوا عن أعراضكم بأموالكم
قوله ( أي ثابت ) الأولى أن يقال أي لازم من جهة الحزم والمروءة وصيانة العرض أي متأكد الفعل بمنزلة الواجب العرفي لا الشرعي كما هو المتبادر من العبارة
نعم هو غير واجب شرعا لما علل به
قوله ( بدليل جواز الحلف صادقا ) وقد وقع من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تعليما وتشريعا
قوله ( ولا يحلف ) بالتشديد من التحليف أي ليس للمدعي أن يحلفه بعده
قوله ( لأنه ) أي لأن المدعي أسقط حقه في اليمين بأخذ الفداء أو الصلح عنه
قوله ( أسقط ) الذي في البحر لأنه أسقط خصومته بأخذ المال منه
قوله ( حقه ) أي حق خصومته بأخذ المال منه
قوله ( لو أسقطه أي اليمين ) ذكر باعتبار كون اليمين قسما وإلا فهي مؤنثة
قوله ( أو تركته عليه ) الأوضح أو تركته لك ليناسب الخطاب قبله ولا يظهر التعبير بعلى
قوله ( بخلاف البراءة عن المال ) أي فإنها له فيستقل بالبراءة منه وكذا عن الدعوى أي فيصح لأنه حقه
قوله ( لأن التحليف للحاكم ) أي هو حق الحاكم حتى لو حلفه المدعي ولو عند الحاكم لا يعتبر كما تقدم فلا يصح الإبراء عن حق غيره وإنما صح في الفداء والصلح استحسانا على خلاف القياس بالحديث الذي ذكره ولأن بالفداء والصلح يأخذه المدعي على أنه هو ما يدعيه على زعمه أو صلحا عنه فتسقط دعواه فيسقط اليمين ضمنا لا قصدا
قوله ( لعدم ركن البيع ) وهو مبادلة المال بالمال فلم يجز لكن لا يظهر تعليل الشارح فيما ذكر لأن الذي سبق له في أول البيع بأن المال محل البيع على أن عبارة الدرر خلية عن ذلك حيث قال لأن الشراء عقد تمليك المال بالمال واليمين ليست بمال وحينئذ فعبارة الدرر أظهر
فتأمل
ولأنه إسقاط لليمين قصدا والمدعي لا يملكه لأنه لس حقا له بل للقاضي كما مر بخلاف الأول فإن الفداء والصلح وقع عن المدعي وهو حق المدعي على زعمه
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يكن عند حاكم أو محكم لأنه حينئذ غير معتبر وكذا إذا كان عند أحدهما لكن بتحليف المدعي لا الحاكم أو لم يبرهن لعدم ثبوت التحليف
قوله ( فله تحليفه ) أي تحليف المدعي لما سبق من أن التحليف للحاكم فإذا وقع عند غيره لا يبنى عليه حكم دينوي
قال في نور العين أراد تحليفه فبرهن أن المدعي حلفني على هذه الدعوى عند قاضي كذا يقبل ولو لا بينة له فله تحليف المدعي لأنه يدعي بقاء حقه في اليمين ولو ادعى أن المدعي أبرأني عن هذه الدعوى ليس
____________________
(7/465)
له تحليفه إن لم يبرهن إذ المدعي بدعواه استحق الجواب على المدعى عليه والجواب إما إقرار أو إنكار
وقوله أبرأني الخ ليس بإقرار ولا إنكار فلا يسمع ويقال له أجب خصمك ثم ادع ما شئت وهذا بخلاف ما لو قال أبرأني عن هذا الألف فإنه يحلف إذ دعوى البراءة عن المال إقرار بوجوبه والإقرار جواب ودعوى الإبراء مسقط فيترتب عليه اليمين
ومنهم من قال الصواب أن يحلف على دعوى البراءة كما يحلف على دعوى التحليف وإليه مال مح وعليه أكثر قضاة زماننا ا هـ
وعبارة الدرر ولو لم يكن له بينة واستحلفه أي أراد تحليف المدعي جاز انتهت
وبه علم ما في عبارة الشارح من الإيهام فتنبه
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
ونقل أيضا عن البحر عن البزازية ولو قال المدعى عليه حين أراد القاضي تحليفه أنه حلفني على هذا المال عنه قاض آخر أو أبرأني عنه إن برهن قبل واندفع عنه الدعوى وإلا قال الإمام البزدوي انقلب المدعي مدعى عليه فإن نكل اندفع الدعوى وإن حلف لزمه المال لأن دعوى الإبراء عن المال إقرار بوجوب المال عليه بخلاف دعوى الإبراء عن دعوى المال
ا هـ
وظاهر هذا أن قول الشارح وإلا فله تحليفه أي وإلا يبرهن فله تحليفه أي تحليف المدعي الأول تأمل
قوله ( قلت ولم أر الخ ) قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى وجدت في هامش نسخة شيخنا بخط بعض العلماء ما نصه قد رأيتها في أواخر القضاء قبيل كتاب الشهادة من فتاوى الكرنبشي معزيا الأول قضاء جواهر الفتاوى
وعبارته رجل ادعى على آخر دعوى وتوجهت عليه اليمين فلما عرض القاضي اليمين عليه فقال إني حلفت بالطلاق أن لا أحلف أبدا والآن لا أحلف حتى لا يقع علي الطلاق فإن القاضي يعرض عليه اليمين ثلاثا ثم يحكم عليه بالنكول ولا يسقط عنه اليمين بهذا اليمين
ا هـ
قوله ( فليحرر ) هو محرر لأنه ناكل عن اليمين ولا يسقط عنه اليمين بهذا اليمين
ا هـ
قوله ( فليحرر ) هو محرر لأنه ناكل عن اليمين فيقضي عليه به لأن الذي تقدم أن الآفة إنما هي قيد في السكوت لا في قوله لا أحلف فيقضي عليه به لأن الذي تقدم أن الآفة إنما هي قيد في السكوت لا في قوله لا أحلف لو فرض أن هذا من الآفة
وسبق عن العناية أن القاضي لا يجد بدا من إلحاق الضرر بأحدهما في الاستحلاف على الحاصل أو على السبب فمراعاة جانب المدعي أولى فعلى هذا لا يعزر بدعواه بالحلف بالطلاق ويقضي عليه بالنكول على أن ذلك يكون بالأولى لأنه هو الذي ألحق الضرر بنفسه بإقدامه على الحلف بالطلاق كما أفاده أبو السعود
وأقول لو كان ذلك حجة صحيحة لتحيل به كل من توجهت عليه يمين فيلزم ضياع حق المدعي ومخالفة نص الحديث واليمين على من أنكر فتدبر والله تعالى أعلم واستغفر الله العظيم
باب التحالف التحالف من الحلف بفتح الحاء وهو القسم واليمين فيكون معناه التقاسم وأما الحلف بالكسر فهو العهد
وفي البحر عن القاموس تحالفوا تعاهدوا
وفي المصباح الحليف المعاهد يقال منه تحالفا تعاهدا وتعاقدا على أن يكون أمرهما واحدا في النصرة والحماية وليس بمراد هنا وإنما المراد حلف المتعاقدين عند الاختلاف يريد به أن كلا منهما لم يذكر التحالف بمعنى التقاسم وهذا اصطلاح جديد من الفقهاء ولا يذهب عليك أن هذا غفلة عن دأب أهل اللغة فإنهم يذكرون أصل المادة في كل كلمة ثم يفرعون عليها المزيدات تارة
____________________
(7/466)
ولا يفرعون أخرى وهنا كذلك حيث فرعوا بالمزيد على الحلف بالكسر ولم يفرعوا به على الحلف بالفتح تدرب كما لا يخفى
قوله ( ذكر يمين الاثنين ) ليناسب الوضع الطبع
قوله ( في قدر ثمن ) دخل فيه رأس المال في السلم كما دخل المسلم فيه في المبيع
بحر
قوله ( أو وصفه ) بأن ادعى البائع أنه بدراهم رائجة وادعى المشتري أنه بدراهم فاسدة
قوله ( أو جنسه ) بأن ادعى البائع أنه بالدنانير والمشتري بالدراهم وكذا لو اختلفا في جنس العقد كالهبة والبيع على المختار فيهما
قوله ( أو في قدر مبيع ) ولم يتعرض للاختلاف في وصفه أو جنسه لأنه لا يوجب التحالف بل القول فيه للبائع مع يمينه صرح بالأول في الظهيرية على ما سنذكره إن شاء الله تعالى عند ذكر الشارح له ولم أر من صرح بالثاني ولكن يدخل تحت الاختلاف في أصل البيع
تدبر
قوله ( لأنه نور دعواه بالحجة ) وبقي في الآخر مجرد الدعوى والبينة أقوى لأنها تلزم الحكم على القاضي بخلاف الدعوى
وفي البحر عن المصباح البرهان الحجة وإيضاحها
قيل النون زائدة وقيل أصلية
وحكى الأزهري القولين فقال في باب الثلاثي النون زائدة وقوله برهن فلان مولد والصواب أن يقال أبرأه إذا جاء بالبرهان كما قال ابن الأعرابي
وقال في باب الرباعي برهن إذا أتى بحجة ا هـ
قوله ( وإن برهنا فلمثبت الزيادة ) بائعا كان أو مشتريا
حموي
إذ لا معارضة أي في الزيادة أي إن برهن كل منهما في الصورتين حكم لمن أثبت الزيادة وهو البائع إن اختلفا في قدر الثمن والمشتري إن اختلفا في قدر المبيع هذا مقتضى ظاهر كلامه
وكذا إذا اختلفا في وصف الثمن أو جنسه وبرهن كل على ما ادعاه حكم لمثبت وصف أو جنس اقتضى زيادة وهذا مقتضى سياق كلامه وسياقه أيضا حيث صرح في بيان اختلاف الأجل بأن التحالف يجري في الاختلاف في وصف الثمن أو جنسه تدبر
قوله ( إذ البينات للإثبات ) ومثبت الأقل لا يعارض مثبت الأكثر ولأن النافي منكر ويكفيه اليمين فلا حاجة لبينته بخلاف مدعي الزيادة لأنه مدع حقيقة ولا يعطى بدعواه بلا برهان
وفي الزيلعي قال البائع بعتك هذه الجارية بعبدك هذا وقال المشتري اشتريتها منك بمائة دينار وأقاما البينة فبينة البائع أولى لأنها تثبت الحق له فيه والأخرى تنفيه والبينة للإثبات دون النفي
قوله ( وإن اختلفا فيهما ) أي الثمن والمبيع جميعا بأن ادعى البائع أكثر مما يدعيه المشتري من الثمن وادعى المشتري أكثر مما يقر البائع من المبيع في حالة واحدة فبينة البائع أولى في الثمن وبينة المشتري أولى في المبيع لأن حجة البائع في الثمن أكثر إثباتا وحجة المشتري في المبيع أكثر إثباتا
درر
وصورة في العناية بما إذا قال البائع بعتك هذه الجارية بمائة دينار وقال المشتري بعتنيها وأخرى معها بخمسين دينارا وأقاما البينة فبينة البائع أولى في الثمن وبينة المشتري أولى في المبيع نظرا إلى إثبات الزيادة فهما جميعا للمشتري بمائة دينار
قيل هذا قول أبي حنيفة آخرا وكان يقول أولا وهو قول زفر يقضي بهما للمشتري بمائة وخمسة وعشرين دينارا
قوله ( لو في الثمن ) يجب إسقاط لو هنا وفي قوله لو في المبيع ح
لأن في زيادة لو هنا في الموضعين خللا وعبارة الهداية ولو كان الاختلاف في الثمن والمبيع جميعا فبينة البائع في الثمن أولى وبينة المشتري في المبيع أولى نظرا إلى زيادة الإثبات
مدني
قوله ( في الصور الثلاث ) فيهما
____________________
(7/467)
أو في أحدهما
قوله ( فإن رضي كل بمقالة الآخر فيها ) بأن رضي البائع بالثمن الذي ذكره المشتري عند الاختلاف فيه أو رضي المشتري بالمبيع الذي ذكره البائع إن كان الاختلاف فيه أو رضي كل بقول الآخر إن كان الاختلاف فيهما
والأولى في التعبير أن يقول فإن تراضيا على شيء بأن رضي البائع بالثمن الذي ادعاه المشتري أو رضي المشتري بالمبيع الذي ادعاه البائع عند الاختلاف في أحدهما أو رضي كل بقول الآخر عند الاختلاف فيهما لأن ما ذكره الشارح لا يشمل إلا صورة الاختلاف فيهما فتأمل
قول ( وإن لم يرض واحد منهما بدعوى الآخر تحالفا ) قيد به للإشارة إلى أن القاضي يقول لكل منهما إما أن ترضى بدعوى صاحبك وإلا فسخنا البيع لأن القصد قطع المنازعة وقد أمكن ذلك برضا أحدهما بما يدعيه الآخر فيجب أن لا يعجل القاضي بالفسخ حتى يسأل كلا منهما بما يختاره كما في الدرر وهذا قياسي إن كان قبل القبض لأن كلا منهما منكر واستحساني بعده لأن المشتري لا يدعي شيئا لأن المبيع سلم له
بقي دعوى البائع في زيادة الثمن والمشتري ينكره فكان يكفي حلفه لكن عرفناه بحديث إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة بعينها تحالفا وترادا
قال في الأشباه ويستثنى من ذلك ما إذا كان المبيع عبدا فحلف كل بعتقه على صدق دعواه فلا تحالف ولا فسخ ويلزم البيع ولا يعتق واليمين على المشتري كما في الواقعات
ا هـ
ويلزم من الثمن ما أقر به المشتري لأنه منكر الزيادة لأن البائع قد أقر أن العبد قد عتق
قوله ( تحالفا ) أي اشتركا في الحلف
قهستاني
وظاهر كلامهم وما سيأتي أنه يقع أيضا على الحلف منهما
قوله ( ما لم يكن فيه خيار ) أي لأحدهما
قال الحموي وأشار بعجزهما إلى أن البيع ليس فيه خيار لأحدهما ولهذا
قال في الخلاصة إذا كان للمشتري خيار رؤية أو خيار عيب أو خيار شرط لا يتحالفان
ا هـ
والبائع كالمشتري وظاهره أنه يتعين عليه الفسخ فلو أبى يجبر ويحرر
والمقصود أن من له الخيار متمكن من الفسخ فلا حاجة إلى التحالف ولكن ينبغي أن البائع إذا كان يدعي زيادة الثمن وأنكرها المشتري فإن خيار المشتري يمنع التحالف وأما خيار البائع فلا
ولو كان المشتري يدعي زيادة المبيع والبائع ينكرها فإن خيار البائع يمنعه لتمكنه من الفسخ وأما خيار المشتري فلا هذا ما ظهر لي تخريجا لا نقلا
بحر
وحاصله أن من له الخيار لا يتمكن من الفسخ دائما فينبغي تخصيص الإطلاق
قوله ( فيفسخ ) لأنه يستغني عن التحالف حينئذ
قوله ( وبدأ ) أي القاضي بيمين المشتري أي في الصور الثلاث كما في شرح ابن الكمال وكذا في صورتي الاختلاف في الوصف والجنس
قوله ( لأنه البادىء بالإنكار ) لأنه يطالب أولا بالثمن وهو ينكره ولاحتمال أن ينكل فتتعجل فائدة نكوله بإلزامه الثمن ولو بدأ بيمين البائع فنكل تأخرت مطالبته بتسليم المبيع حتى يستوفي الثمن وهذا ظاهر في التحالف في الثمن أما في المبيع مع الاتفاق على الثمن فلا يظهر لأن البائع هو المنكر فالظاهر البداءة به ويشهد له ما سيأتي أنه إذا اختلف المؤجر والمستأجر في قدر المدة بدىء بيمين المؤجر وإلى ذلك أومأ القهستاني وبحث مثل هذا العلامة الرملي
قوله ( هذا ) أي البدء بيمين المشتري
قوله ( مقايضة ) وهي بيع سلعة بسلعة
قوله ( أو صرفا ) هو بيع ثمن بثمن
قوله ( فهو مخير ) لأن
____________________
(7/468)
كلا منهما فيهما مشتر من وجه فاستويا فيخير القاضي ولأنهما يسلمان معا فلم يكن أحدهما سابقا
قوله ( وقيل يقرع ابن ملك ) هذا راجع إلى ما قبل فقط لا إلى المقايضة والصرف لأنه لم يحك فيهما خلافا
قال العيني وبدأ بيمين المشتري عند محمد وأبي يوسف وزفر وهو رواية عن أبي حنيفة وعليه الفتوى وعن أبي يوسف أنه يبدأ بيمين البائع وهو رواية عن أبي حنيفة وقيل يقرع بينهما في البداءة
ا هـ
قوله ( ويقتصر على النفي ) بأن يقول البائع والله ما باعه بألف ويقول المشتري والله ما اشتراه بألفين ولا يزيد الأول ولقد بعته بألفين ولا يزيد الثاني ولقد باعني بألف لأن الأيمان على ذلك وضعت ألا ترى أنه اقتصر عليه في القسامة بقولهم ما قتلنا ولا علمنا له قاتلا
والمعنى أن اليمين تجب على المنكر وهو النافي فيحلف على هيئة النفي إشعارا بأن الحلف وجب عليه لإنكاره وإنما وجب على البائع والمشتري لأن كلا منهما منكر
قوله ( في الأصح ) إشارة إلى تضعيف ما في الزيادات بضم الإثبات إلى النفي تأكيدا وعبارته يحلف البائع بالله ما باعه بألف ولقد باعه بألفين ويحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين ولقد اشتراه بألف
قال في المنح والأصح الاقتصار على النفي لأن الأيمان على ذلك وضعت
قوله ( بطلب أحدهما ) وهو الصحيح لأنهما لما حلفا لم يثبت مدعي كل منهما فبقي بيعا بثمن مجهول فيفسخه القاضي قطعا للمنازعة
وفرع عليه في المبسوط بقوله فلو وطىء المشتري الجارية المبيعة بعد التحالف وقبل الفسخ يحل لأنها لم تخرج عن ملكه ما لم يفسخ القاضي
درر
وفسخ القاضي ليس شرط حتى لو فسخاه انفسخ لأن الحق لهما وظاهره أن فسخ أحدهما لا يكفي وإن اكتفى بطلبه
بحر وحموي
وقوله في الدرر لو وطىء المشتري الجارية الخ يفيد أن وطأه لا يمنع من ردها بعد الفسخ للتحالف بخلاف ما لو ظهر بها عيب قديم بعد الوطء حيث لا يملك ردها وإنما يرجع بالنقصان إلا إذا وطء لاختبار بكارتها فوجدها ثيبا ونزع من ساعته ولم يلبث ا هـ
فيفرق بين هذا واللعان وهو أن الزوجين إذا تلاعنا فالقاضي يفرق بينهما طلبا التفريق أو لم يطلباه لأن حرمة المحل قد ثبتت شرعا للعان على ما قاله عليه الصلاة والسلام المتلاعنان لا يجتمعان أبدا وهذه الحرمة حق الشرع وأما العقد وفسخه فحقهما بدليل قوله عليه الصلاة والسلام تحالفا وترادا
قوله ( أو طلبهما ) لا حاجة إليه لعلمه بالأولى
قوله ( ولا ينفسخ بالتحالف ) في الصحيح أي بدون فسخ القاضي لأنهما لما حلفا لم يثبت مدعاهما فيبقى بيعا مجهولا فيفسخه القاضي قطعا للمنازعة أو أنه لما لم يثبت بدل يبقى بيعا بلا بدل وهو فاسد في رواية ولا بد من الفسخ في الفاسد ا هـ
حموي
قوله ( ولا بفسخ أحدهما ) لبقاء حق الآخر ولا ولاية لصاحبه عليه بخلاف القاضي فإن له الولاية العامة
قوله ( بل بفسخهما ) أي بلا توقف على القاضي لأن لهما الفسخ بدون اختلاف فكذا معه فكما ينعقد البيع بتراضيهما ينفسخ به ولا يحتاج إلى قضاء
قال في البحر وظاهر ما ذكره الشارحون أنهما لو فسخاه انفسخ بلا توقف على القاضي وإن فسخ أحدهما لا يكفي وإن اكتفى بطلب أحدهما
قوله ( لزمه دعوى الآخر ) لأنه جعل باذلا فلم تبق دعواه معارضة لدعوى الآخر فلزم القول بثبوته
منح أي بثبوت مدعي الآخر
قوله ( بالقضاء ) متعلق بقوله لزم أي لا بمجرد النكول
____________________
(7/469)
بل إذا اتصب به القضاء
قال في التبيين لأنه بدون اتصال القضاء به لا يوجب شيئا أما على اعتبار البذل فظاهر وأما على اعتبار أنه إقرار فلأنه إقرار فيه شبهة البذل فلا يكون موجبا بانفراده
ا هـ
قوله ( والسلعة قائمة ) احتراز عما إذا هلكت وسيأتي متناف
قوله ( وهذا كله ) أي من التحالف والفسخ
قوله ( كاختلافهما في الزق ) أي الظرف بأن باعه التمر في زق ووزنه مائة رطل ثم جاءز بالزق فارغا ليرده على صاحبه وزنه عشرون فقال البائع ليس هذا زقي وقال المشتري هو زقك فالقول قول المشتري سواء سمى لكل رطل ثمنا أو لم يسم فجعل هذا اختلافا في المقبوض
وفيه القول قول القابض وإن كان في ضمنه اختلاف في الثمن لم يعتبر في إيجاب التحالف لأن الاختلاف فيه وقع مقتضى اختلافهما في الزق
قوله ( فالقول للمشتري ) لأن القول قول القابض أمينا كان أو ضمينا
قوله ( ولا تحالف ) وإن لزم في ضمنهما الاختلاف في الثمن فالبائع يجعله تسعين والمشتري ثمانين لكنه ليس مقصودا بل وقع في ضمن اختلافهما في الزق
وفي البحر من البيع الفاسد ولو رد المشتري الزق وهو عشرة أرطال فقال البائع الزق غيره وهو خمسة أرطال فالقول قول المشتري مع يمينه لأنه إن اعتبر اختلافا في تعيين الزق المقبوض فالقول قول القابض ضمينا كان أو أمينا وإن اعتبر اختلافا في الثمن فيكون القول للمشتري لأنه ينكر الزيادة ا هـ
قوله ( كما لو اختلفا في وصف المبيع ) محترز قوله سابقا أو وصفه أي الثمن
والحاصل أنهما إذا اختلفا في الوصف فإن كان وصف الثمن تحالفا وإن كان وصف المبيع فالقول للبائع ولا تحالف
قوله ( فالقول للبائع ولا تحالف ) لأن اختلافهما ليس في البدل لكن المشتري يدعي اشتراط أمر زائد والبائع ينكره والقول للمنكر بيمينه
قوله ( لكونه لا يختل به قوام العقد ) لأنه اختلاف في غير المعقود عليه وبه فأشبه الاختلاف في الحط والإبراء
قوله ( نحو أجل ) أطلقه فشمل الاختلاف في أصله وقدره فالقول لمنكر الزائد بخلاف ما لو اختلفا في الأجل في السلم فإنهما يتحالفان كما قدمناه في بابه وخرج الاختلاف في مضيه فإن القول فيه للمشتري لأنه حقه وهو منكر استيفاء حقه
كذا في النهاية
بحر
قال في البدائع وقوله والأجل أي في أصله أو في قدره أو في مضيه أو في قدره ومضيه ففي الأولين القول قول البائع مع يمينه
وفي الثالث القول قول المشتري
وفي الرابع القول قول المشتري في المضي وقول البائع في القدر
وباقي التفصيل فيها وفي غاية البيان
ومنه ما لو ادعى عليه أنه اشترى بشرط كونه كاتبا أو خبازا فلا حاجة إلى تقديمه
وفي البحر أيضا ويستثنى من الاختلاف في الأجل ما لو اختلفا في الأجل في السلم بأن ادعاه أحدهما ونفاه الآخر فإن القول فيه لمدعيه عند الإمام لأنه فيه شرط وتركه فيه مفسد للعقد وإقدامهما عليه يدل على الصحة بخلاف ما نحن فيه لأنه لا تعلق له بالصحة والفساد فيه فكان القول لنا فيه
ا هـ
وفيه عن الظهيرية قال محمد بن الحسن في رجلين تبايعا شيئا واختلفا في الثمن فقال المشتري اشتريت هذا الشيء بخمسين درهما إلى عشرين شهرا على أن أؤدي إليك كل شهر درهمين ونصفا وقال البائع بعتكه بمائة درهم إلى عشرة أشهر على أن تؤدي
____________________
(7/470)
إلي كل عشرة دراهم وأقاما البينة
قال محمد تقبل شهادتهما ويأخذ البائع من المشتري ستة أشهر كل شهر عشرة وفي الشهر السابع سبعة ونصفا ثم يأخذ بعد ذلك كل شهر درهمين ونصفا إلى أن تتم له مائة لأن المشتري أقر له بخمسين درهما على أن يؤدي إليه كل شهر درهمين ونصفا وبرهن دعواه بالبينة وأقام البائع البينة بزيادة خمسين على أن يأخذ من هذه الخمسين مع ما أقر له به المشتري في كل شهر عشرة فالزيادة التي يدعيها البائع في كل شهر سبعة ونصف وما أقر به المشتري له في كل شهر درهمان ونصف فإذا أخذ في كل شهر عشرة فقد أخذ في كل ستة أشهر مما ادعاه خمسة وأربعين ومما أقر به المشتري خمسة عشر
بقي إلى تمام ما يدعيه من الخمسين خمسة فيأخذها البائع مع ما يقر به المشتري في كل شهر وذلك سبعة ونصف ثم يأخذ بعد ذلك في كل شهر درهمين ونصفا إلى عشرين شهرا حتى تتم المائة
وهذه مسألة عجيبة يقف عليها من أمعن النظر فيما ذكرناه ا هـ
قوله ( وشرط رهن ) أي بالثمن من المشتري
قوله ( أو خيار ) فالقول لمنكره على المذهب وقد ذكر القولين في باب خيار الشرط والمذهب ما ذكروه هنا لأنهما يثبتان بعارض الشرط والقول لمنكر العوارض
بحر
ولا فرق بين أصل شرط الخيار وقدره عند علمائنا الثلاثة ويتحالفان عند زفر والشافعي ومالك كما في البناية
قوله ( أو ضمان ) أي ضمان الثمن بأن قال بعتكه بشرط أن يتكفل لي بالثمن فلان وأنكر المشتري ومثله ضمان العهدة
حموي
فالقول قول المنكر
قوله ( وقبض بعض ثمن ) أو حط البعض أو إبراء الكل وقيد بالبعض مع أن كل الثمن كذلك لدفع وهم وهو أن الاخلاف في أصل بعض الثمن لما أوجب التحالف كما سبق ذهب الوهم إلى أن الاختلاف في قبض بعضه يوجب التحالف أيضا فصرح بذكره دفعا له كما في البرجندي فظهر أن القيد ليس للاحتراز بل لدفع الوهم وأراد بالقبض الاستيفاء فيشمل الأخذ والحط والإبراء ولو كلا كما في معراج الدراية
قوله ( والقول للمنكر بيمينه ) لأنه اختلاف في غير المعقود عليه وبه فأشبه الاختلاف في الحط والإبراء وهذا لأن بانعدامه لا يختل ما به قوام العقد بخلاف الاختلاف في وصف الثمن أو جنس فإنه بمنزلة الاختلاف في القدر في جريان التحالف لأن ذلك يرجع إلى نفس الثمن فإن الثمن دين وهو يعرف بالوصف ولا كذلك الأجل فإنه ليس بوصف ألا ترى أن الثمن موجود بعد مضيه فالقول لمنكر الخيار والأجل مع يمينه لأنهما يثبتان بعارض الشرط والقول لمنكر العوارض
بحر
قال العلامة المقدسي ولأن أصل الثمن حق البائع والأجل حق المشتري ولو كان وصفا له لتبع الأصل وكان حقا للبائع ولقائل أن يقول هذا خلاف المعقول لأنه استدلال ببقاء الموصوف على بقاء الصفة والصفة قد تزول مع بقاء الموصوف بأن تنزل صفاته فعندكم البيع يقع بثمن ثم يزاد أو ينقص مع بقائه
ا هـ
تأمل
قوله ( وقال زفر والشافعي يتحالفان ) أي في المسائل الثلاثة وهي الأجل والشرط وقبض بعض الثمن وعليه صاحب المواهب بقوله وإن اختلفا في الأجل أو شرط أو قبض الثمن لم يتحالفا عندنا واكتفيا بيمين المنكر حيث أشار بعندنا إلى خلاف مالك والشافعي وباكتفيا إلى خلاف زفر فكان على الشارح أن يزيد مالكا وجعل العيني الخلاف قاصرا على الأجل حيث قال وعند زفر والشافعي ومالك يتحالفان في الأجل إذا اختلفا في أصله وقدره
قوله ( بعد هلاك البيع ) أي عند المشتري إما إذا هلك عند البائع قبل قبضه انفسخ البيع ط ومعراج وأفاد أنه في الأجل وما بعده لا فرق
____________________
(7/471)
بين كون الاختلاف بعد الهلاك أو قبله
قوله ( أو تعيبه بما لا يرد به ) هذا داخل في الهلاك لأنه منه
تأمل
ثم إن عباراتهم هكذا أو صار بحال لا يقدر على رده بالعيب قال في الكفاية بأن زاد زيادة متصلة أو منفصلة إ هـ أي زيادة من الذات كسمن وولد وعقر
قال في غرر الأفكار أو تغير إلى زيادة منشؤها الذات بعد القبض متصلة كانت أو منفصلة كولد وأرش وعقر وإذا تحالفا عند محمد يفسخ على القيمة إلا إذا اختار المشتري رد العين مع الزيادة ولو لم تنشأ من الذات سواء كانت من حيث السعر أو غيره كانت قبل القبض أو بعده يتحالفات اتفاقا ويكون الكسب للمشتري اتفاقا إ هـ
قال الرملي وقد صرحوا بأن الزيادة المتصلة بالمبيع التي تتولد من الأصل مانعة من الرد كالغرس والبناء وطحن الحنطة وشي اللحم وخبر الدقيق فإذا جد شيء من ذلك لا تحالف عندهما خلافا لمحمد والله تعالى أعلم
لم يذكر غالب الشارحين وأصحاب الفتاوى اختلافهما بعد الزيادة ولا بعد موت المتعاقدين أو أحدهما مع شدة الحاجة إلى ذلك وقد ذكر ذلك مفصلا في التاترخانية فارجع إليبه إن شئت ثم بحثت في الكتب فرأيت ابن ملك قال في شرح المجمع اعلم أن مسألة التغير مذكورة في المنظومة وقد أهملها المصنف ثم تغيره إلى زيادة إن كان من حيث الذات بعد القبض متصلة كانت أو منفصلة متولدة من عينها كالولد أو بدل العين كالأرض والعقر يتحالفان عند محمد خلافا لهما وإذا تحالفا يترادان القيمة عنده إلا إن شاء المشتري أن يرد العين مع الزيادة وقيل يترادان إن رضي المشتري أو لا
قيدنا الزيادة بقولنا من حيث الذات لأنها لو كانت من حيث السعر يتحالفان سواء كان قبل القبض أو بعده وقيدنا بقولنا متولدة من عينها لأنها لو لم تكن كذلك يتحالفان اتفاقا ويكون الكسب للمشتري عندهم جميعا
وفي التاترخانية وفي التجريد وإن وقع الاختلاف بين ورثتهما أو بين ورثة أحدهما وبين الحي فإن كان قبل قبض السلعة يتحالفان بالإجماع وفي شرح الطحاوي إلا أن اليمن على الورثة على العلم
وإن كان القبض فكذلك عند محمد وعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف يتحالفان وفي شرح الطحاوي والقول قول المشتري أو قول ورثته بعد وفاته
وفيها وفي الخلاصة رجل اشترى شيئا فمات البائع أو المشتري ووقع الاختلاف في الثمن بين الحي وورثة الميت إن مات البائع فإن كانت السلعة في يد الورثة يتحالفان وإن كانت السلعة في يد الحي لا يتحالفان عندهما
وقال محمد يتحالفان هذا إذا مات البائع فإن مات المشتري والسلعة في بد البائع يتحالفان عند الكل وإن كانت السلعة في يد ورثة المشتري عندهما لا يتحالفان وعلى قول محمد يتحالفان وهلاك العاقد بمنزلة المعقود عليه وممن ذكر مسألة بالزيادة والنقص الاختيار والمنهاج والتغير بالزيادة والنقص الاختيار والمنهاج والتغير بالعيب الدرر والغرر والله تعالى أعلم
واقعة الحال اختلف المشتري مع الوكيل بقبض الثمن هل يجري التحالف بينهما وقد كتبت الجواب لا يجري إذ الوكيل بالقبض لا يحلف وإن ملك الخصومة عند الإمام فيدفع الثمن الذي أقر به له وإذا حضر الموكل المباشر للعقد وطلبه بالزيادة يتحالفان حينئذ إ هـ
ثم إن الشارح تبع الدرر
ولا يخفى أن ما قالوه أولى لما علمت من شموله العيب وغيره
تأمل
قوله ( وحلف المشتري ) لأنه ينكر زيادة الثمن فلو ادعى البائع أن ما دفعه إليه بعض منه هو المبيع والباقي وديعة ينبغي أن يكون القول فوله لأنه منكر لتمليك الباقي وليراجع
قوله ( إلا إذا استهلكه البائع الخ ) أي فإنهما يتحالفان لقيان القيمة مقام العين بخلاف ما إذا كان المستهلك المشتري فإنه يجعل
____________________
(7/472)
قابضا باستهلاكه ويلزمه المبيع وصار كما لو هلك في يده فلا تحالف والقول له في أنكار الزيادة بيمينه ولو استهلكه البائع كان فسخا للبيع كما لو هلك بنفسه فلا حاجة إلى التحالف ولذا قاضي زاده في قوله بعد هلاك المبيع لو عند المشتري وأراد بغير المشتري الأجنبي فإنهما يتحالفان على قيمة المبيع كما في التبيين والبحر
قوله ( وقال محمد والشافعي يتحالفان ويفسخ على قيمة الهالك ) وهل تعتبر قيمته يوم التلف أو القبض أو أقلهما يراجع
قوله ( وهذا ) أي الاقتصار على يمين المشتري
قوله ( لو الثمن دينا ) بأن كان دراهم أو دنانير أو مكيلا أو موزونا وإن كان عينا بأن كان العقد مقايضة فاختلفا بعد هلاك أحد البدلين يتحالفان بالاتفاق كما صرح به الشارح
قوله ( فلو مقايضة تحالفا ) وإن اختلفا في كون البدل دينا أو عينا إن ادعى المشتري إنه كان عينا يتحالفان عندهما وإن ادعى البائع أنه كان عينا وادعى المشتري أنه كان دينا لا يتحالفان والقول قول المشتري كفاية
قوله ( لأن المبيع كل منهما ) أي فكان العقد قائما ببقاء الباقي منهما
قوله ( ويرد مثل الهالك ) إن كان مثليا وقيمته إن كان قيميا
قوله ( كما لو اختلفا في جنس الثمن الخ ) كألف درهم وألف دينار وهذا تشبيه بالمقايضة فإنهما يتحالفان بلا خلاف وإنما كان كذلك لأنهما لم يتفقا على ثمن فلا بد من التحالف للفسخ كما في البحر وبهذا تعلم أن الاختلاف في جنس الثمن كالاختلاف في قدره إلا في مسألة وهي ما إذا كان المبيع هالكا
والحاصل أنه إذا هلك المبيع لا تحالف عندهما خلافا لمحمد إذا كان الثمن دينا واختلفا في قدره أو وصفه أما إذا اختلفا في جنسه أو لم يكن دينا فلا خلاف في التحالف
قوله ( ولاتحالف بعد هلاك بعضه ) أي هلاكه بعد القبض كما سيذكره قريبا لأن التحالف بعد القبض ثبت بالنص على خلاف القياس وورلاد الشرع به في حال قيام السلعة والسلعة اسم لجميعها فلا تبقى بعد فوات جزء منها ولا يمكن التحالف في القائم إلا على اعتبار حصته من الثمن ولا بد من القسمة على قيمتهما والقيمة تعرف بالظن والحزر فيؤدي إلى التحليف مع الجهل وذلك لا يجوز
قوله ( عند المشتري ) أي قبل نقد الثمن
قوله ( بعد قبضهما ) فلو قبله يتحالفان في موتهما وموت أحدهما وفي الزيادة لوجود الإنكار من الجانبين
كفاية
ولو عند البائع قبل القبض تحالفا على القائم عندهم
قوله ( لم يتحالفا عند أبي حنيفة ) أي والقول قول المشتري بيمينه لأن التحالف مشروط بعد القبض بقيام السلعة وهي اسم لجميع المبيع كما تقدم فإذا هلك بعضه انعدم الشرط
وقال أبو يوسف يتحالفان في الحي ويفسخ العقد فيه ولا يتحالفان في الهالك ويكون القول في ثمنه قول المشتري وقال محمد يتحالفان عليهما ويفسخ العقد فيهما ويرد الحي وقيمة الهالك كما في العيني
قوله ( إلا أن يرضى البائع بترك حصة الهالك أصلا ) أي لا يأخذ من ثمن الهالك شيئا أصلا ويجعل الهالك كأن لم يكن وكأن العقد لن يكن إلا على الحي فحينئذ يتحالفان في ثمنه ويكون الثمن كله في مقابلة الحي و بنكول أيهما لزم دعوى الآخر كما في غرر الأفكار
قوله ( يتحالفان ) أي على ثمن الحي فإن حلفا فسخ العقد فيه وأخذه ولا يؤخذ من ثمن الهالك ولا في قيمته شيء وأيهما نكل لزمه دعوى الآخر كما في التبيين
قوله ( هذا على تخريج الجمهور ) أي صرف الاستثناء إلى التحالف ولفظ المبسوط يدل
____________________
(7/473)
على هذا لأن المستثنى منه عدم التحالف حيث قال لم يتحالفا إلا أن يرضى الخ
قوله ( وصرف مشايخ بلخ الاستثناء ) أي المقدر في الكلام لأن المعنى ولا تحالف بعد هلاكه بعضه بل اليمين على المشتري
قال في غرر الأفكار بعد ذكره ما قدمناه وقيل الاستثناء ينصرف إلى حلف المشتري المفهوم من السياق يعني يأخذ من ثمن الهالك قدر ما أقر به المشتري وحلف لا الزائد إلا أن يرضى البائع أن يأخذ القائم ولا يخاصمه في الهالك فحينئذ لا يحلف المشتري إذا البائع أخذ القائم صلحا عن جميع ما ادعاه على المشتري فلم يبق حاجة إلى تحليف المشتري
وعن أبي حنيفة أنه يأخذ من ثمن الهالك ما أقر به المشتري لا الزيادة فيتحالفان ويترادان في القائم إ هـ
قوله ( إلى يمين المشتري ) اعلم أن المشايخ اختلفوا في هذا الاستثناء فالعامة على أنه منصرف إلى التحالف لأنه المذكور في كلام القدوري فتقدير الكلام لم يتحالفا إلا إذا ترك البائع حصة الهالك فيتحالفان
وقال بعضهم إنه منصرف إلى يمين المشتري المقدر في الكلام لأن المعنى ولا تحالف بعد هلاك بعضه بل اليمين على المشتري إلا أن يرضى الخ أي فحينئذ لا يمين على المشتري لأنه لما أخذ البائع بقول المشتري وصدقه لا يحلف المشتري ويكون القول قوله بلا يمين وهذا إنما يظهر أن لو كان الثمن مفصلا أو كانت قيمة العبدين سواء أو متفاوتة معلومة أما إذا كانت قيمة الهالك مجهولة وتنازعا في القدر المتروك لها فلم أره والظاهر أن القول قول المشتري في تعيين القدر ويحرر
ط
والحاصل أنه إذا هلك بعض المبيع أو أخرجه المشتري عن ملكه لا تحالف والقول للمشتري بيمينه إلا أن يرضى البائع بترك حصة الهالك فيتحالفان فيحلف البائع أنه ما باعه بما يقول للمشتري ويحلف المشتري بأنه ما اشتراه بما يقوله البائع ويفسخ العقد بينهما ويأخذ البائع القائم فقط ولا شيء له سواه لأنه رضي بإسقاط حصة الهالك هذا ما تفيده عبارة المبسوط وجعله الشارح تبعا للزيلعي تخريج الجمهور والذي تفهمه عبارة الجامع الصغير اختاره مشايخ بلخ عدم التحالف مطلقا وأن القول للمشتري بيمينه إلا أن يرضى البائع بترك حصة الهالك وأخذ القائم صلحا عما يدعيه من جملة الثمن ولا شيء له سواه لرضاه به والله تعالى أعلم
قوله ( ولا في قدر بدل كتابة ) أي إذا اختلف المولى والمكاتب فلا تحالف عند الإمام لأن التحالف في المعاوضات اللازمة وبدل الكتابة غير لازم على المكاتب مطلقا فلم يكن في معنى البيع ولأن فائدة النكول ليقضى عليه والمكاتب لا يقضى عليه ولأن البدل في الكتابة مقابل بفك الحجر وهو ملك التصرف واليد فيه للحالف وقد سلم ذلك له ولا يدعي على مولاه شيئا وقد بينا أن التحالف بعد القبض على خلاف القياس فلا يتحالفان فيكون القول قول العبد لكونه منكرا وإنما يصير مقابلا بالعتق عند الأداء وقبله لا يقابله أصلا
فتعليل الشارح تبع فيه المصنف حيث علل للإمام القائل بعدم التحالف في الكتابة بأن التحالف في المعاوضات اللازمة وبدل الكتابة غير لازم على المكاتب مطلقا فلم يكن في معنى البيع
وقالا يتحالفان وتفسخ الكتابة كالبيع وإن أقام أحدهما بينة قبلت وإن أقاماها فبينة المولى أولى لإثباتها الزيادة لكن يعتق بأداء قدر ما برهن عليه ولا يمتنع وجوب بدل الكتابة بعد عتقه كما لو كاتبه على ألف على أنه إذا أدى خمسمائة عتق وكما لو استحق البدل بعد الأداء كما في التبيين
قوله ( وقدر رأس مال بعد إقالة عقد السلم ) أي بأن اختلف رب السلم والمسلم إليه في قدر رأس المال بعد إقالة السلم فقال رب السلم رأس المال عشرة وقال المسلم إليه خمسة
____________________
(7/474)
لم يتحالفا لأن التحالف موجبه رفع الإقالة وعود السلم أي مع أنه دين وقد سقط والساقط لا يعود ولأنها ليست ببيع بل هي إبطال من وجه فإن رب السلم لا يملك المسلم فيه بالإقالة بل يسقط فلم يكن فيها معنى البيع حتى يتحالفا واعتبر حقيقة الدعوى والإنكار والمسلم إليه هو المنكر فكان القول قوله وقيد بالاختلاف بعدها لأنهما لو اختلفا قبلها في قدره تحالفا كالاختلاف في نوعه وجنسه وصفته كالاختلاف في المسلم فيه في الوجوه الأربعة على ما قدمناه
قوله ( بل القول للعبد والمسلم إليه ) مع يمينهما
بحر
قوله ( ولا يعود السلم ) لأن الإقالة في باب السلم لا تحتمل النقض لأنه إسقاط فلا يعود بخلاف البيع كما سيأتي
وينبغي أخذا من تعليلهم أنهما لو اختلفا في جنسه أو نوعه أو صفته بعدها فالحكم كذلك ولم أره صريحا
بحر
وفيه وقد علم من تقريرهم هنا أن الإقالة تقبل الإقالة إلا في إقالة السلم وأن الإبراء لا يقبلها وقد كتبناه في الفوائد
قوله ( وإن اختلفا في مقدار الثمن الخ ) بأن اشترى أمة بألف درهم وقبضها ثم تقايلا البيع حال قيام الأمة ثم اختلفا في مقدار الثمن بعد الإقالة قبل أن يقبض البائع الأمة بحكم الإقالة تحالفا ويعود البيع الأول
قوله ( ولا بينة ) أما إذا وجدت لأحدهما عمل بها له وإن برهنا فبينة مثبت الزيادة مقدمة وهذا قياس ما تقدم ط
قوله ( وعاد البيع ) حتى يكون البائع في الثمن وحق المشتري في المبيع كما كان قبل الإقالة لأن التحالف قبل القبض موافق للقياس لما أن كل واحد منهما مدع ومنكر فيتعدى إلى الإقالة ولا بد من الفسخ منهما أو من القاضي
أبي السعود
قوله ( لو كان كل من المبيع والثمن مقبوضا ) فلو لم يكونا مقبوضين أو أحدهما فلا يعود البيع والقول قول منكر الزيادة مع يمينه
هذا ما ظهر لي ط
وفي مسكين والقول للمنكر
قوله ( خلافا لمحمد ) لأنه يرى النص معلولا بعد القبض أيضا وهما قالا كان ينبغي أن لا تحالف مطلقا لأنه إنما ثبت في البيع المطلق بالنسبة والإقالة فسخ في حقهما إلا أنه قبل القبض على وفق القياس فوجب القياس عليه كما قسنا الإجارة على البيع قبل القبض والوارث على العاقد والقيمة على العين فيما إذا استهلكه في يد البائع غير المشتري
بحر
قوله ( وإن اختلفا في قدر المهر ) كألف وألفين
هذه المسألة وقعت مكررة لأنها ذكرت في باب المهر وتبع فيه صاحب الهداية والكنز ولذلك لم يذكرها هنا صاحب الوقاية لأن محلها الأنسب ثمة إلا أن المصنف ذكر هذه المسألة على تخريج الكرخي هنا وعلى تخريج الرازي ثمة وهكذا في الكنز وقصد منه نكتة تخرجها عن حد التكرار على ما تقف عليه الآن إن شاء الله تعالى
وقيد بقدر المهر لأن الاختلاف لو كان في أصله يجب مهر المثل لما سبق في بابه والاختلاف في جنسه كالاختلاف في قدره إلا في فصل واحد وهو أنه إذا كان مهر مثلها كقيمة ما عينته المرأة مهرا أو أكثر فلها قيمته لا عينه كما يأتي ذكره في الهداية وغيرها
قوله ( أو جنسه ) كما إذا ادعى أن مهرها هذا العبد وادعت أنه هذه الجارية فحكم القدر والجنس واحد إلا في صورة وهو أنه إذا كان مهر مثلها مثل قيمة الجارية أو أكثر فلها قيمة الجارية لا عينها
بحر
وفيه لم يذكر حكمه بعد الطلاق قبل الدخول وحكمه كما في الظهيرية أن لها نصف ما ادعاه الزوج وفي مسألة العبد والجارية لها المتعة إلا أن يتراضيا على أن تأخذ نصف الجارية ا هـ
قوله ( قضى لمن أقام البرهان ) لأنه نور
____________________
(7/475)
دعواه بها أما قبول بينة المرأة فظاهر لأنها تدعي الألفين ولا إشكال وإنما يرد على قبول بينة الزوج لأنه منكر للزيادة فكان عليه اليمين لا البينة فكيف تقبل بينته
قلنا هو مدع صورة لأنه يدعي على المرأة تسليم نفسها بأداء ما أقر به المهر وهي تنكر والدعوى كافية لقبول البينة كما في دعوى المودع رد الوديعة
معراج
قوله ( بأن كان كمقالته أو أقل ) لأنها تثبت الزيادة وبينة الزوج تنفي ذلك والمثبت أولى ولأن الظاهر يشهد له وبينة المرأة تثبت خلاف الظاهر وهذا هو المعتبر في البينات
قوله ( فبينته أولى ) هذا ما قاله بعض المشايخ وجزم به في الملتقى وكذا الزيلعي هنا وفي باب المهر
وقال بعضهم تقدم بينتها أيضا لأنها أظهرت شيئا لم يكن ظاهرا بتصادقهما كما في البحر
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قلت بقي ما إذا لم يعلم مهر المثل كيف يفعل والظاهر أنه يكون القول للزوج لأنه منكر للزيادة كما تقدم فيما إذا لم يوجد من يماثلها
تأمل
قوله ( لإثباتها خلاف الظاهر ) علة للمسألتين أي والظاهر مع من شهد له مهر المثل
قوله ( وإن كان غير شاهد لكل منهما بأن كان بينهما ) ليس المراد أنه متوسط بينهما بل المراد أنه أقل مما ادعته وأكثر مما ادعاه وبه عبر في الدرر
قوله ( فالتهاتر ) أي التساقط أي فالحكم حينئذ التهاتر مع الهتر بكسر الهاء وهو السقط من الكلام أو الخطأ فيه
عناية
قوله ( للاستواء ) أي في الإثبات لأن بينتها تثبت الزيادة وبينته تثبت الحط وليس أحدهما بأولى من الآخر
درر
قوله ( ويجب مهر المثل على الصحيح ) قيد للتهاتر
قال في البحر والصحيح التهاتر ويجب مهر المثل
قوله ( تحالفا ) أي عند أبي حنيفة وأيهما نكل لزمه دعوى الآخر لأنه صار مقرا بما يدعيه خصمه أو باذلا
درر
وعند أبي يوسف لا يتحالفان والقول قول الزوج مع يمينه إلا أن يأتي بشيء مستنكر لا يتعارف مهرا لها
وقيل هو أن يدعي ما دون عشرة دراهم كما في الجوهرة
وقال الإمام جواهر زاده هو أن يدعي مهرا لا يتزوج مثلها عليه عادة كما لو ادعى النكاح على مائة درهم ومهر مثلها ألف
وقال بعضهم المستنكر ما دون نصف المهر فإذا جاوز نصف المهر لم يكن مستنكرا
عيني
قوله ( ولم يفسخ النكاح لتبعية المهر ) لأن أثر التحالف في انعدام التسمية وذا لا يخل بصحة النكاح أي لأن يمين كل منهما يبطل ما يدعيه صاحبه من التسمية وهو لا يفسد النكاح إذ المهر تابع فيه
بخلاف البيع فإن عدم تسميته الثمن يفسده كما مر ويفسخه القاضي قطعا للمنازعة بينهما
قوله ( ويبدأ بيمينه ) نقل الرملي عن مهر البحر عن غاية البيان أنه يقرع بينهما استحبابا لأنه لا رجحان لأحدهما على الآخر
واختار في الظهيرية وكثيرون أنه يبدأ بيمينه لأن أول التسليمين عليه فيكون أول اليمينين عليه كتقديم المشتري على البائع والخلاف في الأولوية
قوله ( لأن أول التسليمين ) التسليمان هما تسليم الزوج المهر وتسليم المرأة نفسها والسابق فيهما تسليم معجل المهر وما ذكر تخريج الكرخي فيقدم التحالف عند العجز عن البرهان في الوجوه كلها يعني فيما إذا كان مهر المثل مثل ما اعترف به الزوج أو أقل منه أو مثل ما ادعته المرأة أو أكثر منه أو كان بينهما خمسة أوجه
وأما على تخريج الرازي فلا تحالف إلا في وجه واحد وهو ما إذا لم يكن
____________________
(7/476)
مهر المثل شاهدا لأحدهما وفيما عداه فالقول قوله بيمينه إذا كان مهر المثل مثل ما يقول أو أقل وقولها مع يمينها إذا كان مثل ما ادعته أو أكثر
أبو السعود عن العناية
وحاصله أن التحالف فيما إذا خالف قولهما أما إذا وافق قول أحدهما فالقول له وهو المذكور في الجامع الصغير وعلى تخريج الكرخي يتحالفان في الصور الثلاث ثم يحكم مهر المثل
وصححه في المبسوط والمحيط به جزم في الكنز
قال في البحر ولم أر من رجح الأول وتعقبه في النهر بأن تقديم الزيلعي وغيره له تبعا للهداية يؤذن بترجيحه وصححه في النهاية
وقال قاضيخان أنه الأولى ولم يذكر في شرح الجامع الصغير غيره والأولى البداءة بتحليف الزوج وقيل يقرع بينهما
قوله ( وحيكم بالتشديد ) وهذا أعني التحالف أولا ثم التحكيم قول الكرخي لأن مهر المثل لا اعتبار له مع وجود التسمية وسقوط اعتبارها بالتحالف فلهذا يقدم في الوجوه كلها وأما على تخريج الرازي فالتحكيم قبل التحالف وقد قدمناه في المهر مع بيان اختلاف التصحيح وخلاف أبي يوسف
بحر
قال العلامة أبو السعود ولقائل أن يقول ما بالهم لا يحكمون قيمة المبيع إذا اختلف المتبايعان في الثمن لمعرفة من يشهد له الظاهر كما في النكاح فإنه لا محظور فيه ويمكن أن يجاب عنه بأن مهر المثل أمر معلوم ثابت بيقين فجاز أن يكون حكما بخلاف القيمة فإنها تعلم بالحزر والظن فلا تفيد المعرفة فلا جعل حكما
عناية
قوله ( ولو اختلفا الخ ) وجه التحالف أن الإجارة قبل قبض المنفعة كالبيع قبل قبض المبيع في كون كل من المتعاقدين يدعي على الآخر وهو ينكر وكون كل من العقدين معاوضة يجري فيها الفسخ فالتحقت به
واعترض بأن قيام المعقود عليه شرط لصحة التحالف والمنفعة معدومة وأجيب بأن الدار مثلا أقيمت مقام المنفعة في حق إيراد العقد عليها فكأنها قائمة تقديرا
درر
قوله ( في بدل الإجارة ) أي في قدرها بأن ادعى المؤجر أنه آجر شهرا بعشرة وادعى المستأجر أنه آجره بخمسة
قوله ( أو في قدر المدة ) بأن ادعى المؤجر أنه آجر شهرا والمستأجر شهرين
قوله ( قبل الاستيفاء للمنفعة ) لأن التحالف في البيع قبل القبض على وفق القياس والإجارة قبل الاستيفاء نظيره
بحر
وفيه المراد بالاستيفاء التمكن منه في المدة وبعدمه عدمه لما عرف أنه قائم مقامه في وجوب الأجر ا هـ
فلو أبدل المصنف قوله قبل الاستيفاء بقوله قبل التمكن من الاستيفاء لكان أولى وأشار في البحر بقوله في وجوب الأجر إلى الاحتراز عن الإجارة الفاسدة فإن أجر المثل إنما يجب بحقيقة الاستيفاء لا بمجرد التمكن على ما سيأتي
قوله ( تحالفا ) وأيهما نكل لزمه دعوى صاحبه وأيهما برهن قبل
قوله ( وبدىء بيمين المستأجر ) لأنه هو المنكر للزيادة
فإن قيل كان الواجب أن يبدأ بيمين الآجر لتعجيل فائدة النكول فإن تسليم المعقود عليه واجب
وأجيب بأن الأجرة إن كانت مشروطة التعجيل فهو الأسبق إنكارا فيبدأ به وإن لم يشترط لا يمنع الآجر من تسليم العين المستأجرة لأن تسليمه لا يتوقف على قبض الأجرة
أبو السعود
قوله ( والمؤجر لو في المدة ) وإن كان الاختلاف فيهما قبلت بينة كل منهما فيما يدعيه من الفضل نحو أن يدعي هذا شهرا بعشرة
____________________
(7/477)
ولمستأجر شهرين بخمسة فيقضي بشهرين بعشرة
بحر
قوله ( وإن برهنا فالبينة للمؤجر في البدل ) نظرا إلى إثبات الزيادة ولو اختلفا فيهما فتقدم حجة كل في زائد يدعيه
قوله ( وللمستأجر في المدة ) نظرا إلى إثبات الزيادة
قوله ( وبعده ) أي بعد الاستيفاء لا تحالف والمراد من الاستيفاء التمكن كما تقدم
قوله ( والقول للمستأجر ) أي إذا كان الاختلاف في الأجرة فلو كان الاختلاف في المدة كأن ادعى المستأجر بعد الاستيفاء مدة أكثر مما ادعاه المؤجر لا يكون القول للمستأجر بل للمؤجر وكأنهم تركوا التنبيه على ذلك لظهوره
أبو السعود
قوله ( وفسخ العقد في الباقي ) لأنه من الاختلاف في العقد
قوله ( والقول في الماضي للمستأجر ) لأنه من الاختلاف في الدين وهذا بالإجماع فأبو يوسف مر على أصله في هلاك بعض المبيع فإن التحالف فيه يتقدر بقدر الباقي عنده فكذا هنا وهماخالفا أصلهما في المبيع والفرق لمحمد ما بيناه في استيفاء الكل من أن المنافع لا تتقوم إلا بالعقد فلو تحالفا لا يبقى العقد فلم يمكن إيجاب شيء والفرق لأبي حنيفة أن العقد في الإجارة ينعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنافع فيصير كل جزء من المنافع كالمعقود عليه عقدا مبتدأ على حدة فلا يلزم من تعذر التحالف في الماضي التعذر فيما بقي إذ هما في حكم عقدين مختلفين فيتحالفان بخلاف ما إذا هلك بعض المبيع حيث يمنع التحالف فيه عنده لأنه عقد واحد فإذا امتنع في البعض امتنع في الكل ضرورة كي لا يؤدي إلى تفريق الصفقة على البائع
زيلعي
قوله ( لانعقادها ساعة فساعة ) أي على حسب حدوث المنفعة المعقود عليها في الإجارة
قوله ( فكل جزء كعقد ) أي فيصير كل جزء من المنفعة كالمعقود عليه ابتداء
قوله ( بخلاف البيع ) أي بخلاف ما إذا هلك بعض المبيع لأن كل جزء ليس بمعقود عليه عقدا مبتدأ بل الجملة معقودة بعقد واحد فإذا تعذر العقد في بعضه بالهلاك تعذر في كله ضرورة
قوله ( وإن اختلف الزوجان الخ ) قيد باختلافهما للاحتراز عن اختلاف نساء الزوج دونه فإن متاع النساء بينهن على السواء إن كن في بيت واحد وإن كانت كل واحدة منهن في بيت على حدة فما في بيت كل امرأة بينها وبين زوجها على ما ذكر بعد ولا يشترك بعضهن مع بعض
كذا في خزانة الأكمل والخانية
وللاحتراز عن اختلاف الأب والابن فيما في البيت
قال في خزانة الأكمل قال أبو يوسف إذا كان الأب في عيال الابن في بيته فالمتاع كله للابن كما لو كان الابن في بيت الأب وعياله فمتاع البيت للأب
ا هـ
وانظر هل يأتي التفصيل هنا كما ذكروه في الزوجين بأن يكون أحدهما عالما مثلا والآخر جاهلا وفي البيت كتب ونحوها مما يصلح لأحدهما فقط وكذا لو كانت البنت في عيال أبيها فهل لها ثياب النساء ويقع كثيرا إن البنت يكون لها جهاز فيطلقها زوجها فتسكن في بيت أبيها فهل تكون كمسألة الزوجين أو كمسألة الإسكاف والعطار الآتية لم أره فليراجع
قال في البحر قال محمد رجل زوج ابنته وهي وختنه في داره وعياله ثم اختلفوا في متاع البيت فهو للأب لأنه في بيته وفي يده ولهم ما عليهم من الثياب انتهى
لكن قال العلامة المقدسي وهو مخالف لما مر عن خزانة الأكمل من عدم اعتبار البيت بل اليد هي المعتبرة كما سيذكره الشارح عنها
أقول ويظهر من هذا جواب المسألة المذكورة هي لو طلقت البنت ولها جهاز وسكنت عند أبيها
____________________
(7/478)
فتأمل
وللاحتراز عن إسكاف وعطار اختلفا في آلة الأساكفة أو آلة العطارين وهي في أيديهما فإنه يقضي بها بينهما ولا ينظر إلى ما يصلح لأحدهما لأنه قد يتخذه لنفسه أو للبيع فلا يصلح مرجحا وللاحتراز عما إذا اختلف المؤجر والمستأجر في متاع البيت فإن القول فيه للمستأجر لكون البيت مضافا إليه بالسكنى وللاحتراز عن اختلاف الزوجين في غير متاع البيت وكان أيديهما فإنهما كالأجنبيين يقسم بينهما وقد ذكر المؤلف بعد بعض ما ذكر
قوله ( ولو مملوكين ) أي أو حرين أو مسلمين أو كافرين أو كبيرين وأما إذا كان أحدهما حرا والآخر مملوكا فسيأتي وأشار باختلافهما أنهما حيان ولذلك فرع عليه بعد حكم موت أحدهما
قوله ( والصغير يجامع ) قيد بالجماع ليكون القول قوله في الصالح لهما لأن المرأة لا تكون مع ما في يدها في يد الزوج إلا بذلك بخلاف الصغير الذي لم يبلغ حد الجماع فإنه لا يد له على زوجته أما في الصالح له فالقول لوليه فيه سواء كان يجامع أو لا
ثم معنى كون القول للصغير أن القول لوليه لأن عبارته غير معتبرة
قوله ( أو ذمية ) لأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا في المعاملات
قوله ( قام النكاح أو لا ) بأن طلقها مثلا ويستثني ما إذا مات بعد عدتها كما سيأتي
قال الرملي أي سواء وقع الاختلاف بينهما حال قيام النكاح أو بعده وما هنا هو الذي مشى عليه الشراح وإن كان في لسان الحكام ما يخالف ذلك
قوله ( في متاع ) متعلق باختلف
قوله ( هو هنا ما كان في البيت ) الأولى أن يقول البيت وما كان فيه بدليل ما ذكره في البحر عن خزانة الأكمل معزيا للإمام الأعظم من أن المنزل والعقار والمواشي والنقود مما يصلح لهما
تأمل
وسيذكر الشارح أن البيت للزوج إلا أن يكون لها بينة أي لكونه ذا يد وهو تبع له في السكنى وهي خارجة معنى كما علل به في الخانية والمتاع لغة كل ما ينتفع به كالطعام والبز وأثاث البيت وأصله ما ينتفع به من الزاد وهو اسم من متعته بالتثقيل إذا أعطيته ذلك والجمع أمتعة
كذا في المصباح
بحر
قال الرملي أقول الذي يظهرأن المراد بقوله في متاع هو هنا ما كان في البيت أي ما ثبت وضع أيديهما عليه أو تصرفهما فيه بأن كانت أيديهما تتعاقب عليه وتختلف بالتصرف يدل عليه التعليل في مسائل هذا الباب باليد وعدمها في الأخذ بقول المدعي وعدمه
تأمل
ا هـ
قوله ( ولو ذهبا أو فضة ) أقول جعل الشارح في الدر المنتقى النقود مما يصلح لهما ومثله في القهستاني
قوله ( فيما صلح له ) أي لكل منهما مع يمينه فالصالح له العمامة والقباء والقلنسوة والطيلسان والسلاح والمنطقة والكتب والفرس والدرع الحديد والصالح لها الخمار والدرع والأساور وخواتيم النساء والحلي والخلخال ونحوها وهذا كله إذا لم تقر المرأة أن هذا المتاع اشتراه فإن أقرت بذلك سقط قولها لأنها أقرت بأن الملك للزوج ثم ادعت الانتقال إليها فلا يثبت الانتقال إلا بالبينة ولا شك أنه لو برهن على شرائه كان كإقرارها به فلا بد من بينة على انتقاله لها
ا هـ
بدائع
وكذا إذا ادعت أنها اشترته منه مثلا فلا بد من بينة على الانتقال إليها منه بهبة أو نحو ذلك لا يكون استمتاعها بمشريه ورضاه بذلك دليلا على أنه ملكها ذلك كما تفهمه النساء والعوام وقد أفتيت بذلك مرارا
بحر
أقول وظاهر قوله وهذا كله إذا لم تقر المرأة الخ شامل لما يختص بالنساء
تأمل
وينبغي تقييده بما لم يكن من ثياب الكسوة الواجبة على الزوج
تأمل
وفي البحر عن القنية من باب ما يتعلق بتجهيز البنات افترقا وفي بيتها جارية نقلها معها واستخدمتها سنة والزوج عالم به ساكت ثم ادعاها فالقول له لأن يده كانت ثابتة ولم يوجد المزيل
ا هـ
وبه علم أن سكوت الزوج عند نقلها ما يصلح لهما لا يبطل دعواه ا هـ
____________________
(7/479)
أقول قوله لا يبطل دعواه أي ولا دعواها لأن الجارية صالحة لهما
قوله ( فيما صلح له ) أي لكل منهما مع يمينه وتقدم الفرق بين الصالح له والصالح لها
قوله ( فالقول له ) أي للذي يفعل أو يبيع من الزوجين
قال الشرنبلالي ليس هذا على ظاهره لأن المرأة وما في يدها في يد الزوج والقول في الدعاوى لصاحب اليد بخلاف ما يختص بها لأنه عارض يد الزوج ما هو أقوى منها وهو الاختصاص بالاستعمال كما في العناية لكنه خلاف ما عليه الشروح فقد صرح العيني بخلافه
قوله ( لتعارض الظاهرين ) أي ظاهر صالحيته لهما وظاهر اصطناعه أو بيعه له فتساقطا ورجعنا إلى اعتبار اليد وهي وما في يدها في يده
وبهذا الحل ظهر أنه لا وجه لتوقف سيدي أبي السعود فإنه قال واعلم أن في التعليل بتعارض الظاهرين تأملا لأنه حيث استويا في القوة لا يصلح أن يكون تعارضهما مرجحا لأحدهما هكذا توقفت برهة ثم راجعت عبارة الدرر فلم أجد فيها التعليل المذكور
ا هـ
فإنه يجعل التعارض مرجحا أي بل هو مسقط والمرجح اليد فليتأمل
والحاصل أن ما علل به الشارح لا يصلح علة لوجهين
الأول إذا كان الزوج يبيع ما يصلح له يشهد له ظاهران اليد والبيع لا ظاهر واحد فلا تعارض وكذلك إذا كانت هي تبيع ذلك لا يترجح ملكها إلا إذا كان مما يصلح لها على أن التعارض لا يقتضي الترجيح بل التهاتر
الثاني أنه إذا كان الزوج يبيع فلا تعارض وإن كانت هي تبيع فكذلك وحينئذ الأوجه في التعليل أن يقال لأن ظاهر الذي يفعل ويبيع أظهر وأقوى كما أن ظاهرها فيما يختص بها أظهر وأقوى من ظاهره مع أن له يد عليه
تأمل
قوله ( درر وغيرها ) عبارة الدرر إلا إذا كان كل منهما يفعل أو يبيع ما يصلح للآخر ا هـ
أي إلا أن يكون الرجل صائغا وله أساور وخواتيم النساء والحلي والخلخال ونحوها فلا يكون لها وكذا إذا كانت المرأة دلالة تبيع ثياب الرجال أو تاجرة تتجر في ثياب الرجال أو النساء أو ثياب الرجال وحدها
كذا في شروح الهداية
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى قول الدرر وكذا إذا كانت المرأة دلالة الخ معناه أن القول فيه للزوج أيضا إلا أنه خرج منه ما لو كانت تبيع ثياب النساء بقوله قبله فالقول لكل منهما فيما يصلح له ويمكن حمل كلام الشارح على هذا المعنى أيضا بجعل الضمير في قوله فالقول له راجعا إلى الزوج ثم قوله لتعارض الظاهرين لا يصلح علة سواء حمل الكلام على ظاهره أو على هذا المعنى
أما الأول فلأنه إذا كان الزوج يبيع يشهد له ظاهران اليد والبيع لا ظاهر واحد فلا تعارض إلا إذا كانت هي تبيع فلا يرجح ملكها لما ذكره الشرنبلالي إلا إذا كان مما يصلح لها على أن التعارض لا يقتضي الترجيح بل التهاتر
وأما الثاني فلأنه إذا كان الزوج يبيع فلا تعارض كما مر وأما إذا كانت تبيع هي فكذلك لما مر أيضا فتنبه
أقول وما ذكره في الشرنبلالية عن العناية صرح به في النهاية لكن في الكفاية ما يقتضي أن القول للمرأة حيث قال إلا إذا كانت المرأة تبيع ثياب الرجال وما يصلح للنساء كالخمار والدرع والملحفة والحملى فهو للمرأة أي القول قولها فيها لشهادة الظاهر
ا هـ
ومثله في الزيلعي قال وكذا إذا كانت المرأة تبيع ما يصلح للرجال لا يكون القول قوله في ذلك
ا هـ
فالظاهر أن في المسألة قولين فليحرر
ا هـ
____________________
(7/480)
أقول والحاصل أن القول للرجل فيما يختص به وفي المتشابه سواء كانت المرأة دلالة أو لا وإذا كان يصنع أو يبيع ثياب النساء وحليهن فالقول له في الأجناس كلها في المشهور
قوله ( والقول له في الصالح لهما ) أي القول له في متاع يصلح للرجل وللمرأة
قوله ( لأنها وما في يدها في يد الزوج ) أي والقول في الدعاوي لصاحب اليد وشمل كلامه ما إذا كان في ليلة الزفاف فيكون القول له لكن قال الأكمل في الخزانة لو ماتت المرأة في ليلة زفافها في بيته لا يستحسن أن يجعل متاع البيت من الفرش وحلي النساء وما يليق بهن للزوج والطنافس والقماقم والأباريق والفرش والخدم واللحف للنساء وكذا ما يجهز مثلها إلا أن يكون الرجل معروفا بتجارة جنس منها فهو له
واستثنى أبو يوسف من كون ما يصلح لهما له ما إذا كان موتها ليلة الزفاف فكذا إذا اختلفا حال حياتهما فيما يصلح لهما فالقول له وإذا كان الاختلاف في ليلة الزفاف فالقول لها في الفرش ونحوها لجريان العرف غالبا من الفرش والصناديق والخدم تأتي به المرأة وينبغي اعتماده للفتوى إلا أن يوجد نص في حكمه ليلة الزفاف عن الإمام بخلافه فيتبع بحر
لكن قال العلامة المقدسي بعد نقله عبارة الأكمل فينبغي أن يتأمل فيه
ا هـ
قوله ( بخلاف ما يختص بها الخ ) جواب سؤال ورد على الكلام السابق تقريره إذا كان القول في الدعاوى لذي اليد والمرأة وما في يدها في يد الزوج يكون القول للزوج أيضا في المختص بها لأنه في يده ط
قوله ( وهو ) أي ظاهرها
قوله ( لأنها خارجة ) أي عن اعتبار الظاهر إذ الظاهر أنه له لأنه في يده وبينة الخارج مقدمة على بينة ذي اليد لكن تقدم أن هذا مقيد بما إذا كانت البينة على الملك المطلق فإن كانت على النتاج وسبب ملك لا يتكرر كانت البينة لذي اليد فينبغي أن يجري هذا هنا
قوله ( والبيت للزوج ) أي لو اختلفا في البيت فهو له لأنه من الصالح لهما وفي يده حتى لو برهنا قضى ببرهانها خارجة
خانية
وفيها إن كان غير الزوجة في عيال أحد كابن في عيلة أب أو القلب كان المتاع عند الاشتباه للذي يعول
قوله ( إلا أن يكون لها بينة ) أي فيكون البيت لها وكذا لو برهنت على كل ما صلح لهما أو له والبيت المسكن وبيت الشعر معروف
مصباح
والبيت اسم لمسقف واحد
مغرب
ولم يذكر الدار وإن كان داخلا في العقار فالظاهر أن حكمه مثل البيت بدليل ما نقله سيدي الوالد رحمه الله تعالى في باب الدخول والخروج وكذا صاحب البحر عن الكافي أن العرف الآن أن الدار والبيت واحد فيحنث إن دخل صحن الدار وعليه الفتوى
ا هـ
إلا أن يفرق بين هذا وبين اليمين
أقول والذي نقله الشارح هنا عن البحر أنها للزوج على قولهما ويؤيده ما قدمناه ولله الحمد
قال في البحر إذا اختلف الزوجان في غير متاع البيت وكان في أيديهما فإنهما كالأجنبيين يقسم بينهما
ا هـ
وبه علم أن العقار إذا لم يكونا ساكنين فيه لم يدخل في مسمى متاع البيت لأن الكلام في متاع البيت فقط وقد علمت تفسير متاع البيت مما قدمناه من أن الأولى في تفسيره بالبيت وبما كان فيه لما ذكرناه من الاختلاف في نفس البيت كذلك فعلم أن قول البحر وإذا اختلف الزوجان في غير متاع البيت المراد به ما كان خارجا عن سكناهما فيقسم بينهما فيتعين تقييد العقار بما كانا ساكنين فيه فليتأمل
قوله ( وهذا ) أي ما تقدم لو حيين
قوله ( في المشكل ) والجواب
____________________
(7/481)
في غير المشكل على ما مر
حموي أي أن القول لكل منهما فيما يختص به ط
قوله ( الصالح لهما ) بيان للمراد بالمشكل على حذف أي التفسيرية
قوله ( فالقول فيه للحي ) أي بيمينه إذ لا يد للميت
در منتقى
وأما ما يصلح لأحدهما ولا يصلح للآخر فهو على ما كان قبل الموت ويقوم ورثته مقامه فيه
عيني
وأفاد قوله يقوم وارثه مقامه أنه يعمل ببينة وارث الزوجة في الصالح لهما
قوله ( ولو رقيقا ) لأن الرقيق له يد وهذا لا يناسب المقام لأن الكلام فيما إذا كانا حرين وأما إذا كان أحدهما مملوكا فهي المسألة الآتية وعليه فلو حذفه واستغنى بما يأتي في المتن لكان أولى
قوله ( وهي المسبعة ) أي التي فيها سبعة أقوال لأرباب الاجتهاد
قوله ( تسعة أقوال ) الأول ما في الكتاب وهو قول الإمام
الثاني قول أبي يوسف للمرأة جهاز مثلها والباقي للرجل يعني في المشكل في الحياة والموت
الثالث قول ابن أبي ليلى المتاع كله له ولها ما عليها فقط
الرابع قول ابن معن وشريك هو بينهما
الخامس قول الحسن البصري كله لها وله ما عليه
السادس قول شريح البيت للمرأة
السابع قول محمد إن المشكل للزوج في الطلاق والموت ووافق الإمام فيما لا يشكل
الثامن قول زفر المشكل بينهما
التاسع قول مالك رضي الله تعالى عنه لكل بينهما
هكذا حكى الأقوال في خزانة الأكمل ولا يخفى أن التاسع هو الرابع
حلبي عن البحر
قال في الكفاية وعلى قول الحسن البصري إن كان البيت بيت المرأة فالمتاع كله لها إلا ما على الزوج من ثياب بدنه وإن كان البيت للزوج فالمتاع كله له ا هـ
قوله ( ولو أحدهما مملوكا فالقول للحر في الحياة وللحي في الموت ) كما في عامة شروح الجامع
وذكر السرخسي أنه سهو والصواب أنه للحر مطلقا
وفي المصفى ذكر فخر الإسلام أن القول هنا في الكل لا في خصوص المشكل لكن اختار في الهداية قول العامة فاققتفى أصحاب المتون أثره وهو قول الإمام وعندهما المأذون والمكاتب كالحر كما في الداماد شرح الملتقى
قوله ( هما كالحر ) لأن لهما يدا معتبرة وله أن يد الحر أقوى وأكثر تصرفا فتقدمت
قوله ( فالقول للحر ) قال القهستاني وقوله الكل مشير إلى وقوع الاختلاف في مطلق المتاع على ما ذكر فخر الإسلام كما في المصفى لكن في الحقائق قيده بما إذا كان الاختلاف في الأمتعة المشكلة ا هـ بتصرف
ذكره أبو السعود
وللحي في الموت حرا كان أو رقيقا إذ لا يد للميت فبقيت يد الحي بلا معارض هكذا ذكره في الهداية و الجامع الصغير للصدر الشهيد وصدر الإسلام وشمس الأئمة الحلواني وقاضيخان
وفي رواية محمد والزعفراني للحر منهما بالراء ا هـ
درر
قوله ( لأن يد الحر أقوى ) علة للمسألة الأولى وقوله ولا يد للميت علة للمسألة الثانية وهي كون القول للحي فيما إذا مات أحدهما سواء كان الحي الحر أو العبد لأنها إنما تظهر قوية يد الحر إذا كان حيين أما الميت فلا يد له حرا كان أو عبدا فلذا كان القول للحي منهما وفيه لف ونشر مرتب وبحث فيه صاحب اليعقوبية فليراجع
قوله ( واختارت نفسها ) أي لم ترض ببقائها في نكاحه فاختارت نفسها
قوله ( فهو للرجل ) لتحققه عنده وهي رقيقة والرقيق لا ملك له
قوله ( قبل أن تختار نفسها ) الظاهر أنه قيد اتفاقي بل الحكم
____________________
(7/482)
كذلك ولو بعد الاختيار لأنه لا يشترط قيام النكاح كما تقدم وعليه فلا فرق وإن وقع الاختلاف بعد الفرقة أو بعد انقضاء المدة
تأمل ط بزيادة
قوله ( فهو على ما وصفناه في الطلاق ) يعني المشكل للزوج ولها ما صلح لها لأنها وقته حرة كما هو معلوم من السياق واللحاق
ويؤيده قول السراج ولو كان الزوج حرا والمرأة مكاتبة أو أمة أو مدبرة أو أم ولد وقد أعتقت قبل ذلك ثم اختلفا في متاع البيت فما أحدثا قبل العتق فهو للرجل وما أحدثاه بعده فهما فيه كلاحرين ا هـ
وقال في البحر ثم اعلم أن هذا أي جميع ما مر إذا لم يقع التنازل بينهما في الرق والحرية والنكاح وعدمه فإن وقع قال في الخانية ولو كانت الدار في يد رجل وامرأة فأقامت المرأة البينة أن الدار لها وأن الرجل عبدها وأقام الرجل البينة أن الدار له والمرأة امرأته تزوجها بألف درهم ودفع إليها ولم يقم البينة أنه حر يقضي بالدار والرجل للمرأة ولا نكاح بينهما لأن المرأة أقامت البينة على رق الرجل والرجل لم يقم البينة على الحرية فيقضي بالرق وإذا قضى بالرق بطلت بينة الرجل في الدار والنكاح ضرورة وإن كان الرجل أقام بينة أنه حر الأصل والمسألة بحالها يقضي بحرية الرجل ونكاح المرأة ويقضي بالدار للمرأة لأنا لما قضينا النكاح صار الرجل في الدار صاحب يد والمرأة خارجة فيقضي بالدار لها كما لو اختلف الزوجان في دار في أيديهما كانت الدار للزوج في قولهما ولو اختلفا في المتاع والنكاح فأقامت البينة أن المتاع لها وأنه عبدها وأقام أن المتاع له وأنه تزوجها بألف ونقدها فإنه يقضي به عبدا لها وبالمتاع أيضا لها وإن برهن على أنه حر الأصل قضى له بالحرية وبالمرأة والمتاع إن كان متاع النساء وإن كان مشكلا قضى بحريته وبالمرأة وبالمتاع لها ا هـ
قوله ( طلقها ومضت العدة فالمشكل للزوج ) قد استفيد هذا من التعميم السابق في قوله قام النكاح أو لا وصاحب البحر إنما فرض المسألة فيما إذا مات الزوج بعد انقضاء العدة وجعل المشكل لوارث الزوج ولا اعتبار للزوجة وإن كانت حية لأنها صارت أجنبية إلى آخر ما يأتي عن المنح قريبا
ولما شرطية والجواب فكذا يكون القول لوارثه ط
قوله ( لأنها صارت أجنبية ) تعليل لقوله ولورثته بعده يعني إنما قلنا أن القول للحي لو مات وهي في نكاحه أما بعد انقضاء العدة فقد صارت أجنبية فلم يبق لها يد على الصالح لهما فكان القول فيه لورثة الزوج لأن المتاع في يدهم بعد مورثهم وفيه تأمل
أو هو محمول على ما إذا انتقلت وتركت المتاع بالبيت أما لو بقيت ساكنة بعد انقضاء العدة فالظاهر أن المتاع باق في يدها فيكون القول قولها في الصالح لهما فليحرر
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى ويستفاد من التعليل أنهما لو ماتا فكذلك
قوله ( ولما ذكرنا الخ ) الأولى إسقاطه لعلمه من قوله ولورثته بعده ولذا لم يذكره في البحر
قوله ( أما لو مات الخ ) لعله محمول على ما إذا كان الطلاق في مرض الموت بدليل تعليله بقوله بدليل إرثها قال في المنح قيد بكونهما زوجين للاحتراز عما إذا طلقها في المرض ومات الزوج بعد انقضاء العدة فإن المشكل لوارث الزوج لأنها صارت أجنبية لم يبق لها يد وإن مات قبل انقضاء العدة كان المشكل للمرأة في قول أبي حنيفة لأنها ترث فلم تكن أجنبية فكان هذا بمنزلة ما لو مات الزوج قبل الطلاق كذا في الخانية
____________________
(7/483)
مطلب تورك على عبارة الشارح وهذه العبارة هي التي نقلها الشارح هنا إلا أنه أخل بقوله طلقها في المرض ثم نقل المصنف بعدها عن البحر وإن علم أنه طلقها ثلاثا في صحته أو في مرضه وقد مات بعد انقضاء عدتها فما كان من متاع الرجال والنساء فهو لورثة الزوج وإن مات في عدة المرأة فهو للمرأة كأنه لم يطلق
ا هـ
فيمكن أن يرجع قوله وإن مات في عدة المرأة الخ إلى قوله أو مرضه ليوافق ما نقله عن الخانية ولظهور وجهه حينئذ
تأمل
قوله ( فالقول للمستأجر بيمينه ) لأن البيت مضاف إليه بالسكنى وقد سبق ذلك في المحترزات
مطلب تورك على كلام الشارح قوله ( في آلات الأساكفة وآلات العطارين لعل الواو بمعنى أو أي اختلفا في آلات الأساكفة منفردة أو آلات العطارين منفردة لأن ما اختلفا فيه في أيديهما فيقسم بينهما كما لو اختلفا في سفينة في أيديهما أو في دقيق في أيديهما وكان أحدهما ملاحا والآخر بائع الدقيق فإن كلا من السفينة والدقيق يقسم بينهما لما ذكرنا بخلاف ما إذا اختلفا فيهما مجتمعين فإنه يعطي لكل منهما ما يناسبه كما لو اختلفا في سفينة ودقيق وهي التي تأتي في المتن
أما لو لم نحمل الواو على معنى أو وتركنا العبارة على ظاهرها وأعطينا الإسكاف نصف آلات العطار والعطار نصف آلات الإسكاف فنكون تركنا الاستصحاب والعمل بالظاهر من الحال ويكون خالف هذا الفرع ما قبله وما بعده ويعكر علينا ذلك لأن تلك الفروع تقتضي أن لكل ما عرف به فتأمل وراجع
قوله ( فهي بينهما الخ ) لأنه قد يتخذه لنفسه أو البيع فلا يصلح مرجحا
تأمل وتفطن
قوله ( وعلى عنقه بدرة ) هي كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف دينار
ا هـ
قاموس
والظاهر أن المراد بها المال الكثير
قوله ( وذلك بداره ) يفهم مفهومه بالأولى
قوله ( فهو للمعروف باليسار ) وهذا كالذي بعده مما عمل فيه الأصحاب بظاهر الحال
مطلب استنبط صاحب البحر أن من شرط صحة الدعوى أن يكذب المدعي ظاهر حاله وقد تقدم تحقيقه أول الدعوى قال في البحر وقد استنبطت من فرع الغلام أن من شرط سماع الدعوى أن لا يكذب المدعي ظاهر حاله كما هو مصرح به في كتب الشافعية فلو ادعى فقير ظاهر الفقر على رجل أموالا عظيمة قرضا أو ثمن مبيع لا تسمع فلا جواب لها وقدمنا تحقيق ذلك أوائل الدعوى
قوله ( وعلى عنقه قطيفة ) القطيفة دثار مخمل والجمع قطائف وقطف مثل صحيفة وصحف كأنها جمع قطيف وصحيف ومنه القطائف التي تؤكل صحاح
قوله ( الذي هي ) هكذا
____________________
(7/484)
في نسختي التي بيدي وهي الصحيحة وفي بعض النسخ كنسخة الطحطاوي الذي هو بضمير المذكر وكتب عليها الأولى وهي بضمير المؤنثة وكذا يقال في ادعاه
قوله ( وآخر ممسك ) الظاهر أنه ماسك الدفة التي هي للسفينة بمنزلة اللجام للدابة
قوله ( وآخر يجذب ) بحبلها على البر
قوله ( وآخر يمدها ) أي يجريها بمقدافها
قوله ( ولا شيء للماد ) لأنه لا يد له فيها أو أجبرهم على العمل بخلاف الباقين لأنهم المتصرفون فيها التصرف المعتاد
قوله ( وآخر راكب ) أي بعيرا منها
قوله ( إن على الكل متاع الراكب ) أي إن كان على جميع الإبل متاع الراكب فجميع الإبل للراكب وإن لم يكن على الإبل شيء من الحمل فللراكب البعير الذي هو راكب عليه مع ما عليه وباقي الإبل للقائد
قاله أبو الطيب
والظاهر أن الحكم كذلك لو كان على الكل متاع القائد فإن اختلفا في المتاع كيف يكون ويراجع
مطلب تورك على كلام الشارح قوله ( بخلاف البقر والغنم ) أي إذا كان عليها رجلان أحدهما قائد والآخر سائق فهي للسائق إلا أن يقود شاة معه فتكون له تلك الشاة وحدها
بحر عن نوادر المعلى أي إلا أن يكون السائق للبقر أو الغنم معه شاة يقودها أي أو بقرة فيكون له تلك الشاة أو البقرة وحدها وانقطع حكم السوق ويكون الباقي لقائدها وعليه فكلام الشارح غير تام
قوله ( وتمامه في خزانة الأكمل ) ويأتي تمام تفاريع هذه المسائل في الفصل الآتي
وذكر في المنح مسائل من هذا القبيل قال دخل رجل في منزل يعرف الداخل أنه ينادي ببيع الذهب والفضة أو المتاع ومعه شيء من ذلك فادعياه فهو لمن يعرف ببيعه ولا يصدق رب المنزل وإن لم يكن كذلك القول قول رب المنزل
رجل خرج من دار إنسان وعلى عنقه متاع رآه قوم وهو معروف ببيع مثله من المتاع فقال صاحب الدار ذلك المتاع متاعي والحامل يدعيه فهو للذي يعرف به وإن لم يعرف به فهو لصاحب الدار
ا هـ
____________________
(7/485)
مطلب لا تسمع الدعوى بعد مضي المدة قال في البحر عن ابن الغرس رجل ترك الدعوى ثلاثا وثلاثين سنة ولم يكن له مانع من الدعوى ثم ادعى لم تسمع دعواه لأن ترك الدعوى مع التمكن يدل على عدم الحق ظاهرا وقدمنا عنهم أن من القضاء الباطل القضاء بسقوط الحق بمضي سنين لكن ما في المبسوط لا يخالفه فإنه ليس فيه قضاء بالسقوط وإنما فيه عدم سماعها
مطلب نهى السلطان عن سماع حادثة لها خمس عشرة سنة وقد كثر السؤال بالقاهرة عن ذلك مع ورود النهي من السلطان أيده الله تعالى بعدم سماع حادثة لها خمس عشرة سنة وقد أفتيت بعدم سماعها عملا بنهيه على ما في خزانة المفتين والله سبحانه وتعالى أعلم
ا هـ
مطلب لا تسمع الدعوى بعد مضي ثلاثين سنة إذا كان الترك بلا عذر شرعي من كون المدعي غائبا أو صبيا أو مجنونا وليس لهما ولي أو المدعى عليه ذا شوكة أو أرض وقف ليس لها ناظر وفي الحامدية عن الولوالجية رجل تصرف زمانا في أرض ورجل آخر رأى الأرض والتصرف ولم يدع ومات على ذلك لم تسمع بعد ذلك دعوى ولده فتترك على يد المتصرف لأن الحال شاهد
ا هـ
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى في عقود الدرية بعد كلام أقول والحاصل من هذه النقول أن الدعوى بعد مضي ثلاثين سنة أو بعد ثلاثة وثلاثين لا تسمع إذاكان الترك بلا عذر من كون المدعي غائبا أو صبيا أو مجنونا وليس لهماولي أو المدعى عليه أميرا جائرا يخاف منه أو أرض وقف ليس لها ناظر لأن تركها هذه المدة مع التمكن يدل على عدم الحق ظاهرا كما مر عن المبسوط وإذا كان المدعي ناظرا ومطلعا على تصرف المدعى عليه إلى أن مات المدعى عليه لا تسمع الدعوى على ورثته كما مر عن الخلاصة
وكذا لو مات المدعي لا تسمع دعوى ورثته كما مر عن الولوالجية
والظاهر أن الموت ليس بقيد وأنه لا تقدير بمدة مع الاطلاع على التصرف لما ذكره المصنف والشارح في مسائل شتى آخر الكتاب
مطلب باع عقارا أو غيره وزوجته أو قريبه حاضر ساكت يعلم البيع لا تسمع دعواه باع عقارا أو حيوانا أو ثوبا وابنه وامرأته أو غيرهما من أقاربه حاضر يعلم به ثم ادعى الابن مثلا أنه ملكه لا تسمع دعواه
كذا أطلقه في الكنز والملتقى وجعل سكوته كالإفصاح قطعا للتزوير والحيل
مطلب لا يعد سكوت الجار رضا بالبيع إلا إذا سكت عند التسليم والتصرف بخلاف الأجنبي فإن سكوته ولو جارا لا يكون رضا إلا إذا سكت الجار وقت البيع والتسليم وتصرف المشتري فيه زرعا وبناء فحينئذ لا تسمع دعواه على ما عليه الفتوى قطعا للأطماع الفاسدة
ا هـ
وقوله لا تسمع دعواه أي دعوى الأجنبي ولو جارا كما في حاشية الخير الرملي على المنح وأطال في تحقيقه في فتاويه الخيرية من كتاب الدعوى فقد جعلوا في هذه المسألة مجرد السكوت عند البيع مانعا من دعوى القريب ونحوه كالزوجة بلا تقييد باطلاع على تصرف المشتري كما أطلقه في الكنز والملتقى
وأما دعوى الأجنبي ولو جارا فلا يمنعها مجرد السكوت عند البيع بل لا بد من الاطلاع على تصرف المشتري ولم يقيدوه بمدة ولا بموت كما ترى
مطلب ما يمنع صحة دعوى المورث يمنع صحة دعوى وارثه لأن ما يمنع صحة دعوى المورث يمنع صحة دعوى الوارث لقيامه مقامه كما في الحاوي الزاهدي وغيره فتأمل
ثم إن ما في الخلاصة والولوالجية يدل على أن البيع غير قيد بالنسبة إلى الأجنبي ولو جارا بل مجرد الاطلاع على التصرف مانع من الدعوى وإنما فائدة التقييد هي الفرق بين القريب والأجنبي فإن القريب للبائع لا تسمع دعواه إذا سكت عند البيع بخلاف الأجنبي فإنه لا تسمع إذا اطلع على تصرف المشتري وسكت
____________________
(7/486)
فالمانع لدعواه هو السكوت عند الاطلاع على التصرف لا السكوت عند البيع فلأجل الفرق بينهما صوروا المسألة بالبيع ووجه الفرق بينهما مع تمام بيان هذه المسألة محرر في حواشينا رد المحتار على الدر المختار
ثم رأيت في فتاوى المرحوم العلامة الغزي صاحب التنوير ما يؤيد ذلك ونصه سئل عن رجل له بيت في دار يسكنه مدة تزيد على ثلاث سنوات وله جار بجانبه والرجل المذكور يتصرف في البيت المزبور هدما وعمارة مع اطلاع جاره على تصرفه في المدة المذكورة فهل إذا ادعى البيت أو بعضه بعدما ذكر من تصرف الرجل المذكور في البيت هدما وبناء في المدة المذكورة تسمع دعواه أو لا أجاب لا تسمع دعواه على ما عليه الفتوى إ هـ
فانظر كيف أفتى بمنع سماعها من غير القريب بمجرد التصرف مع عدم سبق البيع وبدون مضي خمس عشرة سنة أو أكثر
ثم اعلم أن عدم سماع الدعوى بعد مضي ثلاثين سنة أو بعد الإطلاع على التصرف ليس مبنيا على بطلان الحق في ذلك وإنما هو مجرد منع للقضاة عن سماع الدعوى مع بقاء الحق لصاحبه حتى لو أقر به الخصم يلزمه ولو كان ذلك حكما ببطلانه لم يلزمه ويدل على ما قلناه تعليلهم للمنع بقطع التزوير والحيل كما مر فلا يرد ما في قضاء الأشباه من أن الحق لا يسقط بتقادم الزمان ثم رأيت التصريح بما نقلناه في البحر قبيل قضاته دفع الدعوى وليس أيضا مبنيا على المنع السلطاني حيث منع السلطان عز نصره قضاته من سماع الدعوى بعض خمس عشرة سنة في الأملاك وثلاثين سنة في الأوقاف بل هو حكم اجتهادي نص عليه الفقهاء كما رأيت فاغتنم تحرير هذه المسألة فإنه من مفردات هذا الكتاب والحمد لله المنعم الوهاب إ هـ
أقول وعلى هذا لو ادعى على آخر دارا مثلا وكان المدعى عليه متصرفا فيها هدما وبناء أو مدة ثلاثين سنة وسواء فيه الوقف والملك ولو بلا نهي سلطاني أو خمس عشرة سنة ولو بلا هدم وبناء فيهما والمدعى مطلع على التصرف في الصور الثلاث مشاهد له في بلدة واحدة ولم يدع ولم يمنعه من الدعوى مانع شرعي لا تسمع دعواه عليه
أما الأول فاطلاعه على تصرفه هدما وبناء وسكوته وهو مانع من الدعوى كما عرفت
وأما الثاني فلتركه الدعوى للمدة المزبورة وسكوته وهو دليل على عدم الحق له ولأن صحة الدعوى شرط لصحة القضاء والمنع منه حكم اجتهادي كما علمت
وأما الثالث فللمنع من السلطان نصره الرحمن قضاته في سائر ممالكه عن سماعها بعد خمس عشرة سنة إذا كان تركها لغير عذر شرعي في الملك لا لكون التقادم يبطل الحق بدليل أن الحق باق ويلزمه لو أقر به في مجلس القاضي فلو قال لا أسلمها لمضي هذه المدة مع عدم دعواه علي وهو مانع منها لا يلتفت إلى تعلله وتنزع من يده فلو ادعى أن المدعى عليه أقر لي بها في أثناء هذه المدة وهو ينكره ينبغي أن تسمع أيضا لأن لما كان المنع من سماع أصل الدعوى ففرعها وهو الإقرار أولى بالمنع لما أن النهي مطلق فيشملهما إلا إذا كان الإقرار عند القاضي كما عرفت فتنزع من يده لإبطاله ملكه ولإلزامه الحجة على نفسه وهي الإقرار بعدم صحة تصرفه
مطلب لو ترك دعواه المدة ثم أقام بينة على أن المدعى عليه أقر له بها تسمع لكن يعارض ذلك إطلاق عبارة الإسماعيلية حيث قال فيما إذا كانت دار بين زيد وهند فوضع زيد يده على الدار المزبورة مدة تزيد على خمس عشرة سنة وطلبت هند منه في أثناء المدة أن يقسم لها حصتها وأجابها
____________________
(7/487)
إلى ذلك ومات ولم يقسم لها فطالبت أولاده بحصتها في الدار فذكروا بأن والدهم تصرف أكثر من خمس عشرة سنة ولم تدع عليه هند ولم يمنعها من الدعوى مانع شرعي فلا تسمع دعواها بذلك فهل تسمع دعواها حيث كان معترفا بأن لها في الدار حصة أجاب تسمع دعواها حيث كان معترفا بأن لها حصة إ هـ
إلى غير ذلك من الأجوبة إلا أنه لم يعز ذلك لأحد كما هو عادته في فتاواه لكن يؤيد إطلاق التنقيح أيضا فتأمل وراجع يظهر لك الحق
أما عدم ترك الدعوى في مدة الخمس عشرة سنة فيشترط كون الدعوى عند القاضي فإن ادعى عند القاضي مرارا في أثناء المدة التي هي خمس عشرة سنة إلا أن الدعوى لم تفصل فإن دعواه تسمع ولا يمنع مرور الزمان أما لو كان المدعي أو المدعى عليه غائبا مسافة لسفر ثم حضر مرارا في أثناء المدة التي هي خمس عشرة سنة وسكت ثم أراد أن يدعي بعد ذلك فلا تسمع دعواه
كذا في فتاوى علي أفندي وإذا كان المانع شوكة المدعى عليه وزالت فلا يمنع الدعوى إلا إذا استدام زوال شوكته خمس عشرة سنة فلو زالت شوكته أقل من خمس عشرة سنة ثم صار ذا شوكة لا يمنع بعد ذلك من الدعوى لأنه لم يصدق أنه ترك الدعوى في مسألة زوال الشوكة خمس عشرة سنة وإنما قيدت بقولي عند القاضي فلو ترك المدة المزبورة إلا أنه في أثناء ذلك ادعى مرارا عند غير القاضي لا تعتبر دعواه كما في تنقيح سيدي الوالد رحمه الله تعالى هذا ما ظهر لي تفقها أخذا من مفهوم عبارات السادة الأعلام بوأهم الله تعالى دار السلام
وأقول لكن المعتبر الآن ما تقرر في المجلة الشرعية في الأحكام العدلية وصدر الأمر الشريف السلطاني بالعمل بمواجبه أن دعوى الإقرار بعد مضي مدة المنع من سماع الدعوى لا تسمع إذا ادعى أنه أقر له بها من جمعة أو سنة مثلا إلا إذا كان الإقرار عند القاضي أو تحرر به سند شرعي بإمضاء المقر أو سنة مثلا إلا إذا كان الإقرار عند القاضي أو تحرر به سند شرعي بإمضاء المقر أو ختمه المعروفين وكان بمحضر من الشهود وشهدوا بذلك فإنها تسمع حينئذ إذا لم يمض على الإقرار خمس عشرة سنة أو كان دعوى الإقرار على عقار وكان يستأجره المدعى عليه مدة تزيد على خمس عشرة سنة والمستأجر يدعي التصرف وينكر الاستئجار وأثبت المدعي الاستئجار ومواصلة الأجرة في كل سنة وكان ذلك معروفا بين الناس فإنها تسمع الدعوى حينئذ وليس للمدعى عليه حق في دعوى التصرف المدة الممنوع من سماع الدعوى بها وأيضا فإن أول ابتداء مدة المنع من حين زوال العذر كما تقدم
ودعوى المرأة مهرها المؤجل إذا تركت دعواه والوقف المرتب بثم إذا كان المدعى محجوبا بالطبقة إذا استحق بزوالها وترك دعواه فإنه يعتبر مدة الترك من حين الوفاة أو الطلاق وزوال الدرجة لو كان خمس عشرة سنة لا تسمع
ودعوى الدين على معسر أيسر إذا تركها المدة المذكورة من حين اليسار
ومدة عدم سماع الدعوى في الوقف ست وثلاثون سنة إذا كان بدون عذر شرعي وكان للوقف متول
وأما دعوى الأراضي الأميرية فمن بعد مرور عشر سنين لا تسمع الدعوى بها ولا بشيء من حقوقها
وأما الدعوى في المنافع العامة كالطريق العام والنهر العام والمرعى وأمثال ذلك إذا تصرف بها أحد أي مدة كانت فإنها تسمع الدعوى عليه بها
وأن القاصر إذا ادعى عقارا إرثا عن والده مثلا بعد بلوغه وأثبته بالبينة الشرعية فلا يسري سماع الدعوى لبقية الورثة الباقين البالغين التاريكين للدعوى مدة المنع ومثله من كان مسافرا
وأنه إذا ترك شخص الدعوى عشر سنين مثلا بلا عذر شرعي ومات وترك دعواها وارثه أيضا البالغ
____________________
(7/488)
عشر سنين أو خمس سنين فلا تسمع دعوى الوارث حينئذ لأن مجموع المدتين مدة المنع وأيضا المالك والمشتري منه إذا تركا الدعوى كذلك لا تسمع دعوى المشتري فيما يتعلق بحقوق المبيع إذا كان مجموع المدتين خمس عشرة سنة كما في الباب الثاني من كتاب الدعوى من المجلة وفيها من المادة ( 1830 ) لو أقر المدعى عليه ثم غاب قبل الحكم عليه وكان الإقرار لدى القاضي فله أن يحكم عليه في غيابه وكذلك لو ثبت الحق عليه بالبينة الشرعية وغاب قبل التزكية والحكم فللحاكم أن يزكي الشهود ويحكم عليه في غيبته وفيها من المادة ( 1834 ) لو أقيمت البينة على وكيل المدعى عليه ثم حضر المدعى عليه بالذات فللحاكم أن يحكم عليه وكذا بالعكس يحكم على الوكيل وكذلك لو أقيمت البينة على أحد الورثة بحق ثم غاب فللحاكم أن يحضر وارثا آخر ليحكم عليه وفيها في المادة المذكورة إذا طلب الحاكم الشرعي الخصم بطلب المدعي وامتنع عن الحضور بلا عذر فللحاكم إحضاره جبرا وإذا لم يمكن إحضاره فبعد طلبه بورثة الإحضار ثلاث مرات في ثلاثة أيام ولم يمكن إحضاره فللحاكم أن ينصب عنه وكيلا لتقام عليه الدعوى والبينة ويحكم عليه
مطلب في أمر ذكره خدمة سيده لفسقه فادعى السيد عليه مبلغا سماه وقامت الأمارات على السيد بأن غرضه استبقاؤه لا تسمع دعواه فرع سئل في شاب أمرد كره خدمة من هو في خدمته لمعنى هو أعلم بشأنه وحقيقته فخرج من عنده فاتهمه أنه عمد إلى سبته وكسره في حال غيبته وأخذ منه كذا المبلغ سماه وقامت أمارة عليه بأن غرضه منه بذلك استبقاؤه واستقراره في يده على ما يتوخاه هل يسمع القاضي والحالة هذه عليه دعواه ويقبل شهادة من هو متقيد بخدمته وأكله وشربه من طعامه ومرقته والحال أنه معروف بحب الغلمان الجواب ولكم فسيح الجنان
الجواب قد سبق لشيخ الإسلام أبي السعود العمادي رحمه الله تعالى في مثل ذلك فتوى بأنه يحرم على القاضي سماع مثل هذه الدعوى معللا بأن مثل هذه الحيلة معهود فيما بين الفجرة واختلاقاتهم فيما بين الناس مشتهرة وفيها من لفظه رحمه الله تعالى لا بد للحاكم أن لا يصغوا لمثل هذه الدعاوي بل يعزروا المدعي ويحجزوه عن التعرض لمثل ذلك الغمر المنخدع وبمثله أفتى صاحب تنوير الأبصار لانتشار ذلك في غالب القرى والأمصار ويؤيد ذلك فروع ذكرت في باب الدعوى تتعلق باختلاف حال المدعي وحال المدعى عليه ويزيد ذلك بعد إشهاده من بعشاه يتعشى وبغداه يتغدى فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن والله تعالى أعلم
فتاوي الخيرية
وعبارة المصنف في فتاويه بعد ذكره فتوى أبي السعود وأنا أقول إن كان الرجل معروفا بالفسق وحب الغلمان والتحيل لا تسمع دعواه ولا يلتفت القاضي لها وإن كان معروفا بالصلاح والفلاح فله سماعها والله تعالى أعلم واستغفر الله العظيم
____________________
(7/489)
مطلب دفع الدعوى صحيح وكذا دفع الدفع وما زاد عليه قبل الحكم وبعده على الصحيح إلا في المخمسة فصل في دفع الدعاوى قال في الأشباه دفع الدعوى صحيح وكذا دفع الدفع وما زاد عليه يصح هو المختار وكما يصح الدفع قبل إقامة البينة يصح بعدها وكما قبل الحكم يصح بعده إلا في المسألة المخمسة كما كتبناه في الشرح وكما يصح عند الحاكم الأول يصح عند غيره وكما يصح قبل الاستمهال يصح بعده هو المختار إلا في ثلاث الأولى إذا قال لي دفع ولم يبين وجهه لا يلتفت إليه
الثانية لو بينه لكن قال بينتي غائبة عن البلد لم تقبل
الثالثة لو بين دفعا فاسدا ولو كان الدفع صحيحا وقال بينتي حاضرة في المصر يمهله إلى المجلس الثاني
كذا في جامعي الفصولين
والإمهال هو المفتى به كما في البزازية
وعلى هذا لو أقر بالدين فادعى إيفاءه أو الإبراء فإن قال بينتي في المصر لا يقضى عليه بالدفع وإلا قضي عليه الدفع بعد الحكم صحيح إلا في المسألة المخمسة كما ذكرته في الشرح
مطلب لا يصح الدفع من غير المدعى عليه إلا إذا كان أحد الورثة الدفع من غير المدعى عليه لا يصح إلا إذا كان أحد الورثة ا هـ أي فإنه يسمع دفعه وإن ادعى على غيره لقيام بعضهم مقام الكل حتى لو ادعى مدع على أحد الورثة فبرهن الوارث الآخر أن المدعي أقر بكونه مبطلا في الدعوى تسمع كما في البحر لأن أحد الورثة ينتصب خصما عن الباقين فيما لهم وعليهم
قوله ( ذكر من لا يكون خصما ) لأن معرفة الملكات قبل معرفة الإعدم فإن قيل الفصل مشتمل على ذكر من يكون خصما أيضا قلت نعم من حيث الفرق لا من حيث القصد الأصلي
عناية
قوله ( هذا الشيء أو دعنيه الخ ) أطلق قوله هذا فشمل أنه قال ذلك وبرهن عليه قبل تصديقه المدعي في أن الملك له أو بعد تصديقه كما في تلخيص الجامع أو أنكر كونه ملكا له فطلب من المدعي البرهان فأقامه ولم يقض القاضي حتى دفعه المدعي بأحد هذه الأشياء كما في الشروح فظهر أن قوله في التصوير زيد لغائب بناء لما في الشروح فيحمل على التمثيل لكن في نور العين برمز قش ادعى ذو اليد وديعة ولم يمكنه إثباتها حتى حكم للمدعي ونفذ حكمه ثم لو برهن على الإيداع لا يقبل فلو قدم الغائب فهو على حجته
مطلب لا تندفع الدعوى لو كان المدعي هالكا يقول الحقير فيه إشكال لما سيأتي في أواخر هذا الفصل نقلا عن الذخيرة أنه كما يصح الدفع قبل الحكم يصح بعده أيضا ولعله بناء على أن الدفع بعد الحكم لا يسمع وهو خلاف القول المختار كما سيأتي أيضا هناك والله تعالى أعلم
ا هـ
وأشار بقوله هذا الشيء إلى أن المدعي به قائم كما صرح به الشارح إذ لو كان هالكا لا تندفع الخصومة فيقضي بالقيمة على ذي اليد للمدعي ثم إن حضر الغائب فصدقه فيما قال ففي الوديعة والرهن والإجارة والمضاربة والشركة يرجع المدعى عليه على الغائب بما ضمن ولا يرجع المستعير والغاصب والسارق
____________________
(7/490)
كما في العمادية وإلى أنه أعم من أن يكون منقولا أو عقارا كما صرح به الشارح أيضا كما في المبسوط وظاهر هذا القول على أن ذا اليد ادعى إيداع الكل أو عاريته أو رهنه الخ
مطلب قال النصف لي والنصف وديعة لفلان هل تبطل الدعوى في الكل وفي النصف ولو ادعى أن نصفه ونحوه ملكه ونصفه الآخر وديعة في يد لفلان الغائب قيل لا تبطل دعوى المدعي إلا في النصف وإليه الإشارة في بيوع الجامع الكبير كما في الذخيرة
وقيل تبطل في الكل لتعذر التمييز وعليه كلام المحيط والخانية والبحر واختار في الاختيار
ولكن قال صاحب العمادية في هذا القول نظر فيظهر منه أن المختار عنده عدم البطلان في النصف
ونقل في جامع الفصولين هذا النظر من غير تعرض وكذا صاحب نور العين واقتصر المصنف على الدفع بما ذكر للاحتراز عما إذا زاد وقال كانت داري بعتها من فلان وقبضها ثم أودعنيها أو ذكر هبة وقبضا لم تندفع إلا أن يقر المدعي بذلك ولو أجاب المدعى عليه بأنها ليست لي أو هي لفلان ولم يزد لا يكون دفعا
حموي ملخصا
قال في البحر وأشار بقوله وبرهن عليه أي على ما قال إلى أنه لو برهن على إقرار المدعي أنه لفلان ولم يزيدوا فالخصومة بينهما قائمة كما في خزانة الأكمل
ا هـ
لكن يخالفه ما ذكره بعد عن البزازية أنها تندفع في هذه الصورة وكذا مخالف لما قدمه قبل أسطر عن خزانة الأكمل لكن ما قدمه فيه الشهادة على إقرار المدعي أن رجلا دفعه إليه وما هنا على إقرار بأنه لفلان بدون التصريح بالدفع فتأمل
مطلب حيلة إثبات الرهن على الغائب قوله ( أو رهننيه ) هذه مما تصلح حيلة لإثبات الرهن في غيبة الراهن كما في حيل الولوالجية
مطلب لا بد من تعيين الغائب في الدفع والشهادة قوله ( زيد الغائب ) أتى باسم العلم لأنه لو قال أودعينه رحل لا أعرفه لن تندفع فلا بد من تعيين الغائب في الدفع وكذا في الشهادة كما يذكره الشارح فلو ادعاه من مجهول وشهدا بمعين ألأ عكسه لم تندفع
بحر
وفيه عن حزانة الأكمل والخانية لو أقر المدعي أن رجلا دفعه إليه أو شهدوا على إقراره بذلك فلا خصومة بينهما
مطلب أطلق في الغائب فشمل البعيد والقريب وأطلق في الغائب فشمل ما إذا كان بعيدا معروفا يتعذر الوصول إليه أو قريبا قوله ( أو غصبته منه ) المراد أم المدعي ادعى ملكا مطلقا في العين ولم يدع فعلا
وحاصل جواب المدعي عليه أنه ادعى أن يده يد أمانة أو مضمونة والملك لغيره
قوله ( وبرهن عليه ) مراده بالبرهان أي بعد إقامة المدعي البرهان على مدعاه لأنه لما ادعى الملك أنكره المدعي عليه فطلب منه البرهان ولم يقض للقاضي به حتى دفعه المدعي عليه بما ذكرنا وبرهن على الدفع ولا بد من ذلك حتى لو قضي للمدعى لم يسمع برهان ذي اليد كما في البحر
لكن قدمنا عن نور العين معزيا للذخيرة أن المختار خلافه وهو أنه كما يصح الدفع قبل الحكم يصح بعده أيضا فلا تنسه وقد يجاب بأنه إذا لم يدع الإيداع أو ادعاه ولم يبرهن عليه لم يظهر أن يده ليست يد خصومة فتوجهت عليه دعوى الخارج وصح الحكم بها بعد إقامة البينة على الملك لأنها قامت على خصم ثم إذا أراد المدعي عليه أن يثبت
____________________
(7/491)
الإيداع لا يمكنه لأنه صار أجنبيا يريد إثبات الملك الغائب وإيداعه فلم تتضمن دعواه إبطال القضاء السابق والدفع إنما يصح إذا كان فيه برهان على إبطال القضاء ولما لم يقبل برهانه ولا دعواه لما قلنا لم يظهر بطلان القضاء وعلى هذا لا نرد المسألة وعلى القول المختار فليتأمل
قال في نور العين ادعى ملكا مطلقا فقال المدعي عليه اشتريته منك فقال المدعي قد أقلت البيع فلو قال الآخر إنك أقررت أني ما أشتريته يسمع إذا ثبتت العدالة إذ ويصح الدفع قبل إقامة البينة وبعدها وقبل الحكم وبعده ودفع الدفع وإن كثر صحيح في المختار حتى لو برهن عل مال وحكم له فبرهن خصمه أن المدعي أقر قبل الحكم أنه ليس عليه بطل الحكم
قال صاحب جامع الفصولين أقول ينبغي أن لا يبطل الحكم لو أمكن التوفيق بحدوثه بعد إقراره على ما سيأتي قريبا في فش أنه لم يبطل الحكم الجائز بشك
يقول الحقير قوله ينبغي محل نظر لأن ما في ذلك بناء على اختيار اشتراط التوفيق وعدم الاكتفاء بمجرد إمكان التوفيق كما مر مرارا فغقط متقدمو مشايخنا جوزوا دفع الدفع وبعض متأخريهم على أنه لا يصح وقيل يصح ما لم يظهر احتيال وتلبيس
فش حكم له بمال ثم رفعه إلى قاض آخر جاء المدعي عليه بالدفع يسمع ويبطل حكم الأول وفيه لو أتى بالدفع بعد الحكم في بعض المواضع لا يقبل نحو أن يبرهن بعد الحكم أن المدعي أقر قبل الدعوى أنه لا حق له في الدار لا يبطل الحكم لجواز التوفيق بأنه شراه بخيار فلم يملكه في ذلك الزمان ثم مضى وقتا الحكم فملكه فلما احتمل هذا لم يبطل الحكم الجائز بشك ولو برهن قبل الحكم يقبل ولا يحكم إذ الشك يدفع الحكم ولا يرفعه
يقول الحقير الظاهر أنه لو برهن قبل الحكم فيما لم يكن التوفيق خفيا ينبغي أن لا يقبل ويحكم على مذب من جعل إمكان التوفيق كافيا إذ لا شك حينئذ لأن إمكانه كتصريحه عندهم والله تعالى أعلم
ا
هـ
ثم نقل عن البزازية المقتضي عليه لا تسمع دعواه بعده فيه إلا أن يبرهن على إبطال القضاء بأن ادعى دارا بالإرث وبرهن وقضى ثمن ادعى المقضي عليه الشراء من مورث أو ادعى الخارج الشراء من فلان وبرهن المدعى عليه من شرائه من فلان أو من المدعي قبله أو يقضي عليه بالدابة فبرهن على نتاحها عنده
اه
مطلب أراد بالبرهان الحجة سواء كانت بينة أو إقرار المدعي ومراده بالبرهان وجود حجة على ما قال واء كانت بينة أو إقرار الندعي كما في البحر وقدمنا ما يدل عليه قريبا لكن لا تشترط المطابقة لعين ما ادعاه لما في البحر أيضا عن خزانة الإكمل قال شهدوا أن فلانا دفعه إليه ولا ندري لمن هو فلا خصومة بينهما ولو لك يبرهن المدعي عليه وطلب يمين المدعي استحلفه القاضي فإن حلف على العلم كان خصما وإن نكل فلا خصوة
ا
هـ
وفي الخزانة ولو لم يبرهن المدعي عليه وطلب يمين المدعي استحلفه القاضي فإن حلف على العلم كان خصما وإن نكل فلا خصومة ا
هـ
وإن ادعى أن الغائب أودعه عنده يحلفه الحاكم بالله لقد أودعها إليه على البتات لا على العلم لأنه وإن كان فعل الغير لكن تمامه به وهو القبول
بزازية
قال البدر العيني والشرط إثبات هذه الأشياء دون الملك حتى لو شهدوا بالملك للغائب دون هذه الأشياء
____________________
(7/492)
لم تندفع الخصومة وبالعكس تندفع قوله ( والعين قائمة ) مفهومة أنها لا تندفع لو كان المدعي هالكا وسيأتي وبه صرح في العناية أخدا من خزانة الأكمل فقال عبد هلك في يد رجل أقام رجل البينة أنه عبده وأقام الذي مات في يده أنه أودعه فلان أو غصبه أو آجره ولم يقبل وهو خصم فإنه يدعي القيمة عليه وإيداع الدين لا يمكن ثم إذا حضر الغائب وصدقه في الإيداع والإجارة والرهن رجع عليه بما ضمن للمدعي أما لو كان غصبا لم يرجع
وكذا في العارية والإباق مثل الهلاك هاهنا فإن عاد العبد يوما يكون عبدا لمن استقر عليه الضمان
ا هـ
وكأن الشارح أخذ التقييد من الإشارة بقوله المار هذا الشيء لأن الإشارة الحسية لا تكون إلا إلى موجود في الخارج كما أفاده في البحر وأشرنا إليه فيما سبق
قوله ( وقال الشهود نعرفه ) أي الغائب المودع باسمه ونسبه
قال في البحر لا بد من تعيين الغائب في الدفع والشهادة فلو ادعاه من مجهول وشهدا بمعين أو عكسه لم تندفع
قوله ( أو بوجهه ) فمعرفتهم وجهه فقط كافية عند الإمام كما في البزازية
قوله ( وشرط محمد معرفته بوجهه أيضا ) صواب العبارة وشرط محمد معرفته بوجهه واسمه ونسبه أيضا أو يقول ولم يكتف محمد بمعرفة الوجه فقط
قال في المنح فعنده لا بد من معرفته بالوجه والاسم والنسب
ا هـ
ومحل الاختلاف فيما إذا ادعاه الخصم من معين بالاسم والنسب فشهدا بمجهول لكن قالا نعرفه بوجهه أما لو ادعاه من مجهول لم تقبل الشهادة إجماعا
كذا في شرح أدب القاضي للخصاف
قوله ( فلو حلف لا يعرف فلانا ) لا يخفى أن التفريع غير ظاهر فكان الأولى أن يقول ولم يكتف محمد بمعرفة الوجه فقط يدل عليه قول الزيلعي
والمعرفة بوجهه فقط لا تكون معرفة ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام لرجل أتعرف فلانا فقال نعم فقال هل تعرف اسمه ونسبه فقال لا فقال إذا لا تعرفه وكذا لو حلف لا يعرف فلانا وهو لا يعرفه إلا بوجهه لا يحنث
قوله ( ذكره الزيلعي ) عبارته وهذا كله فيما إذا قال الشهود نعرف صاحب المال وهو المودع أو المعير باسمه ونسبه ووجهه لأن المدعي يمكنه أن يتبعه وإن قالوا لا نعرفه بشيء من ذلك لا يقبل القاضي شهادتهم ولا تندفع الخصومة عن ذي اليد بالإجماع لأنهم ما أحالوا المدعي على رجل معروف تمكن مخاصمته ولعل المدعي هو ذلك الرجل ولو اندفعت لبطل حقه ولأنه لو كان المدعي هو المودع لا يبطل وإن كان غيره يبطل فلا يبطل بالشك والاحتمال دفعا للضرر عنه إلا إذا أحاله على معروف يمكن الوصول إليه كي لا يتضرر المدعي والمعرفة بوجهه فقط لا تكون معرفة الخ
والحاصل على ما يؤخذ من كلامهم إذا قالوا نعرفه باسمه ونسبه ووجهه تندفع اتفاقا وإن قالوا نعرفه بوجهه ولا نعرفه باسمه ونسبه تندفع عند أبي حنيفة ولا تندفع عند محمد وأبي يوسف فإنهما يشترطان معرفته باسمه ووجهه وأما معرفته باسمه دون وجهه فلا تكفي كما في الشرنبلالية
قوله ( وفي الشرنبلالية ) وفي المنح تبعا للبحر وتعويل الأئمة على قول محمد
قوله ( دفعت خصومة المدعي ) أي حكم القاضي بدفعها لأنه أثبت ببينته
____________________
(7/493)
أن يده ليست يد خصومة بخلاف ما إذا ادعى الفعل عليه كالغصب وغيره لأن ذا اليد صار خصما للمدعي باعتبار دعوى الفعل عليه فلا تندفع الخصومة بإقامة البينة أن العين ليس للمدعي
زيلعي
وأفاد أنه لو أعاد المدعي الدعوى عند قاض آخر لا يحتاج المدعى عليه إلى إعادة الدفع بل يثبت حكم القاضي الأول كما صرحوا به وظاهر قوله دفعت أنه لا يحلف للمدعي أنه لا يلزمه تسليمه إليه ولم أره الآن
بحر
وفيه نظر فإنه بعد البرهان كيف يتوهم وجوب الحلف أما قبله فقد نقل عن البزازية أنه يحلف على البتات لقد أودعها إليه لا على العلم ثم نقل عن الذخيرة أنه لا يحلف لأنه مدع الإيداع ولو حلف لا تندفع بل يحلف المدعي على عدم العلم اللهم إلا أن يقال إن صاحب البحر لاحظ أنه يمكن قياسه على مديون الميت
تأمل
قال ط وأطلق في اندفاعها فشمل ما إذا صدقه ذو اليد على دعوى الملك ثم دفعه بما ذكر فإنها تندفع كما في البزازية ولم يشترط أحد من أئمتنا لقبول الدفع إقامة المدعي البينة فقول صاحب البحر ولا بد من البرهان من المدعي غير مسلم لأنه لم يستند فيه إلى نقل أبو السعود ا هـ
قال في جامع الفصولين شح قال ذو اليد أنه للمدعي إلا أنه أودعني فلان تندفع الخصومة لو برهن وإلا فلا
فش لا تندفع الخصومة إذا صدقه
أقول فعلى إطلاقه يقتضي أن لا تندفع ولو برهن على الإيداع وفيه نظر
ا هـ
قوله ( للملك المطلق ) أي من غير زيادة عليه واحترز به عما إذا ادعى عبدا أنه ملكه وأعتقه فدفعه المدعى عليه بما ذكر وبرهن فإنه لا تندفع الخصومة ويقضي بالعتق على ذي اليد فإن جاء الغائب وادعى وبرهن أنه عبده أو أنه أعتقه يقضى به فلو ادعى على آخر أنه عبده لم يسمع
وكذا في الاستيلاد والتدبير
ولو أقام العبد بينة أن فلانا أعتقه وهو يملكه فبرهن ذو اليد على إيداع فلان الغائب بعينه يقبل وبطلت البينة العبد فإذا حضر الغائب قيل للعبد أعد البينة عليه فإن أقامها قضينا بعتقه وإلا رد عليه ولو قال العبد أنا حر الأصل قبل قوله ولو برهن ذو اليد على الإيداع ولا ينافيه دعوى حرية الأصل فإن الحر قد يودع وكذا الإجارة والإعارة
وأما في الرهن قال بعضهم الحر قد برهن
وقال بعضهم لا يرهن فتعتبر العادة
كذا في خزانة الأكمل
ا هـ
لكن قال الرملي قالوا الحر لا يجوز رهنه لأنه غير مملوك
وأقول فلو رهن رجل قرابته كابنه أو أخيه على ما جرت به عادة السلاطين فلا حكم له لقوله تعالى { فرهان مقبوضة } البقرة 283
والحر لا تثبت عليه اليد
قال بعضهم ورأيت في مصنف ابن أبي شيبة عن إبراهيم وهو النخعي قال إذا رهن الرجل الحر فأقر بذلك كان رهنا حتى يفكه الذي رهنه أو يفك نفسه
وجه كلام النخعي المؤاخذة بإقراره ا هـ
ومن الملك المطلق دعوى الوقف ودعوى غلبته
قال في البحر لو ادعى وقفية ما في يد آخر وبرهن فدفعه ذو اليد بأنه مودع فلان ونحوه فبرهن فإنها تندفع خصومة المدعي كما في الإسعاف
قوله ( وقال أبو يوسف أن عرف ذو اليد بالحيل ) بأن يأخذ مال إنسان غصبا ثم يدفعه سرا إلى مريد سفر ويودعه بشهادة الشهود حتى إذا جاء المالك وأراد أن يثبت ملكه فيه أقام ذو اليد بينة على أن فلانا أودعه فيبطل حقه
أفاده الحلبي
قوله ( وبه يؤخذ ملتقى ) واختاره في المختار
قال في التبيين فيجب على القاضي أن ينظر في أحوال الناس ويعمل بمقتضى حالهم فقد رجع أبو يوسف إلى هذا القول بعد
____________________
(7/494)
ما ولي القضاء وابتلي بأمور الناس وليس الخبر كالعيان ا هـ
ومثله في معراج الدراية
قوله ( لأن فيها أقوال خمسة علماء ) الأول ما في الكتاب
الثاني قول أبي يوسف إن كان المدعى عليه صالحا فكما قال الإمام وإن كان معروفا بالحيل لم تندفع عنه
الثالث قول محمد إنه لا بد من معرفة الاسم والنسب
والوجه الرابع قول ابن شبرمة إنها لا تندفع عنه مطلقا لأنه تعذر إثبات الملك للغائب لعدم الخصم عنه ودفع الخصومة بناء عليه
الخامس قول ابن أبي ليلى تندفع بدون بينة لإقرار بالملك للغائب وقد علم مما ذكر من قول محمد إن الخلاف لم يتوارد على مورد واحد
وشبرمة بضم الشين المعجمة وسكون الباء الموحدة وضم الراء واسمه عبد الله بن صبية بفتح الصاد وتشديد الباء الموحدة ابن الطفيل أحد فقهاء الكوفة ونظمها بعضهم فقال إذا قال إني مودع كان دافعا لمن يدعي ملكا لدى ابن أبي ليلى كذا عندنا إن جاء فيه بحجة ولم تندفع عند ابن شبرمة الدعوى ويكفي لدى النعمان قول شهوده بأنا عرفنا ذلك المرء بالمرأى كذاك لدى الثاني إذا كان مصلحا وآخرهم يأبى إذا لم يكن سمى قوله أو لأن صورها خمس هي المذكورة في المتن
قوله ( عيني ) لم يقتصر العيني على هذا الوجه وإنما ذكر الاحتمالين
قوله ( وفيه نظر الخ ) فيه نظر لأن وكلني يرجع إلى أودعنيه وأسكنني إلى أعارنيه وسرقته منه إلى غصبته منه وضل منه فوجدته إلى أودعنيه وهي في يد مزارعة إلى الإجارة أو الوديعة فلا يزاد على الخمس بحسب أصولها وإلا فبحسب الفروع أحد عشر كما ذكره الشارح وبه يندفع التنظير ويندفع ما أورده صاحب البحر على البزازية ونسبة الذهول إليه كما في المقدسي
قوله ( أو أسكنني فيها زيد الغائب الخ ) هي وما قبلها ألحقهما في البحر بالأمانة أي الوديعة والعارية
وفي الكافي ادعى دارا أنها داره فبرهن ذو اليد أن فلانا أسكنه بها فهذا على أربعة أوجه إن شهدا بإسكان فلان وتسليمه أو بإسكانه وكانت في يد ساكن يومئذ أولا في يد الساكن تندفع وإن قالوا كانت يومئذ في يد ثالث لا تقبل
أما الأول فلأنهما شهدا على إسكان صحيح لأن الصحيح يكون فيه تسليم وتسلم
وكذا الثاني لأن القبض الموجود عقب العقد يضاف إليه
وكذا الثالث لأن تحكيم الحال لمعرفة المقدار أصل مقرر والرابع فاسد
قوله ( أو سرقته منه ) هي والتي بعدها ألحقهما في البحر بالغصب
قوله ( أو انتزعته منه ) عبر في البحر بدل بدله بقوله أو أخذته منه والحكم واحد ط
قوله ( بحر ) ذكر فيه بعد هذا نا نصه وإلا ولأن راجعان إلى الأمانة والثلاثة الأخيرة إلى الضمان لم يشهد في الأخيرة وإلا فإلى الأمانة فالصور عشر وبه علم أن الصور لم تنحصر في الخمس
ا هـ
وقد علمت أن عدم انحصارها بحسب فروعها وإلا فعلى ما قرره من رجوع الخمسة المزيدة إلى الخمسة الأصول فهي منحصرة فالمراد انحصار أصولها في الخمسة ولا يخفى أنه بعد رجوع ما زاده لي ما ذكر لا محل للاعتراض بعدم الانحصار
تأمل
قوله ( أو هي في يدي مزارعة ) مقتضى كلامها أن هذه ليست في البحر مع أنها والتي بعدها فيه ح
قوله ( ألحق ) بصيغة الماضي المعلوم
قوله ( المزارعة بالإجارة ) من حيث إن العامل إذا دفع
____________________
(7/495)
البذر منه كان مستأجرا لها وذلك فيما إذا كانت الأرض لواحد والبذر والعمل للآخر فإنه يجعل كأنه أجره أرضه بما شرطه من الخارج
قوله ( أو الوديعة ) من حيث عدم الضمان لنصيب صاحبه إذا ضاع منه من غير تعد كما إذا كان العمل لواحد والباقي لآخر أو العمل والبقر فإنه يجعل كأنه استأجره أو استأجره مع بقره ليعمل له في أرضه ببذر صاحب الأرض وصارت الأرض والبذر في يد العامل بمنزلة الوديعة
قوله ( قل ) أي في البزازية
قوله ( فلا يزاد على الخمس ) أي لا تزاد مسألة المزارعة التي زادها البزازي وقد علمت مما في البحر أنه لا يزاد لباقية أيضا لكن في البزازية لم يبين إلا إلحاق المزارعة وما في البحر من رجوع الأولين إلى الأمانة والثلاثة الباقية إلى الضمان ليس فيه بيان إلحاق لأن الأمانة والضمان ليستا من المسائل الخمس غايته أنه بين أن بعضها راجع إلى الأمانة والأمانة أنواع وكذا الضمان
نعم قوله أسكنني فيها راجع إلى العارية وهي من الصور الخمس وانتزعته منه راجع إلى الغصب وهو كذلك فألحق أنها ثمان صور أو تسع لأن المزارعة وإن رجعت إلى غيرها لكنها تميزت باسم على حدة وكذا بأحكام فإن الإجارة بالمجهول وإعطاء الأجير من عمله مشروطة له ذلك لا يصح وفيها يصح
قوله ( وقد حررته في شرح الملتقى ) حيث عمم قوله غبته منه بقوله ولو حكما فأدخل فيه بقوله أو سرقته منه أو انتزعته منه وكذا عمم قوله أودعنيه بقوله ولو حكما فأدخل فيه الأربعة الباقية ولا يخفى أنه محرر أحسن مما هنا فإنه هنا أرسل الاعتراض ولم يجب عنه إلا في مسألة المزارعة فأوهم خروج ما عداها عما ذكروه مع أنه داخل فيه كما علمت فافهم
مطلب إذا حضر الغائب وصدق المدعى عليه في الإيداع والإجارة والرهن رجع عليه بما ضمن للمدعي وحاصل ما يقال أنه إذا حضر الغائب وصدقه في الإيداع والإجارة والرهن رجع عليه بما ضمن للمدعي لأنه هو الذي أوقعه في هذه المسائل لأنه عامل له أما في الإيداع فظاهر
وأما في الإجارة فلأنه لما أخذ البدل صار كأنه هو المستوفي للمنفعة باستيفائه بدلها فصار المستأجر عاملا له وكذا الراهن فإنه موف لدينه بالرهن والمرتهن مستوف به دينه فأشبه عقد المعارضة فإن منفعة الرهن له ليحصل به غرضه عن وصوله إلى الدين أما لو كان غصبا فلأن ضمان المغصوب عليه وقد أداه فلا يرجع به على غيره لكن ظاهر كلام المنح أنه ليس للمقر له رجوع عليه بالقيمة بعد استيفاء المدعي لأنه صار مكذبا شرعا في إقراره للغائب وكذا العارية لا يرجع فيها على المعير لأن المستعير عامل لنفسه والمعير محسن وما على المحسنين من سبيل فلا رجوع له على معيره
وينبغي أن يرجع عليه لأنه عامل له والمسروق منه كالمغصوب منه
وينظر في اللقطة هل يرجع عليه لأنه عامل له يتأمل في ذلك
والمزارعة كالإجارة
قوله ( وإن كان هالكا ) محترز قوله والعين قائما وقد سبق أنه يدعي الدين عليه وهو قيمة الهالك وإيداع الدين لا يمكن وكذا أخوات الإيداع
قوله ( أو قال الشهود أودعه من لا نعرفه ) لأنهم ما أحالوا المدعي على رجل تمكن مخاصمته ولعل المدعي هو ذلك الرجل ولو اندفعت لبطل حقه كما مر
لكن قد يقال إن مقتضى البينة لشيئين ثبوت الملك للغائب ولا خصم فيه فلم يثبت ودفع خصومة المدعي وهو خصم فيثبت
وكذا ينبغي أن يقال في المجهول أن لا يثبت للمجهول وتندفع
____________________
(7/496)
خصومة المدعي
تأمل
قوله ( أو أقر ذو اليد بيد الخصومة ) كيد الملك فإن القاضي يقضي ببرهان المدعي لأن ذا اليد لما زعم أن يده يد ملك اعترف بكونه خصما
قال في البزازية ولو برهن بعده على الوديعة لم تسمع
قوله ( قال ذو اليد اشتريته ) ولو فاسدا مع القبض كما في البحر وأطلق في الشراء فعم الفاسد كما في أدب القاضي وأشار إلى أن المراد من الشراء الملك المطلق ولو هبة كما يذكر
وحاصل هذه إن المدعي ادعى في العين ملكا مطلقا فأنكره المدعى عليه فبرهن المدعي على الملك فدفعه ذو اليد بأنه اشتراها من فلان الغائب وبرهن عليه لم تندفع عنه الخصومة يعني فيقضي القاضي ببرهان المدعي لأنه لما زعم أن يده يد ملك اعترف بكونه خصما
بحر
وفيه عن الزيلعي وإذا لم تندفع في هذه المسألة وأقام الخارج البينة فقضى له ثم جاء المقر له الغائب وبرهن تقبل بينته لأن الغائب لم يصر مقضيا عليه وإنما قضى على ذي اليد خاصة
ا هـ
لكن فيه أن القضاء على ذي اليد قضاء على من تلقى ذو اليد الملك منه أيضا فلا تسمع دعواه أيضا إلا إذا ادعى النتاج ونحوه كما تقدم في باب الاستحقاق
تأمل
وحينئذ فيجب تصويرها فيما إذا قال المدعى عليه هذا الشيء ملك فلان الغائب ولم يزد على ذلك فإنه لا تندفع الدعوى عنه بذلك فإذا جاء المقر له الخ فبناؤها على ما قبلها غير صحيح وهو خلط مسألة بمسألة
تأمل
قوله ( أو اتهبته من الغائب ) أي وقبضته ومثلها الصدقة كما في البحر وهذا كما ترى ليس فيه إلا دعوى ما ذكر من غير أن يدعي ذو اليد أن المدعي باعها من الغائب فلو ادعى ذلك أي وبرهن تقبل وتندفع الخصومة وكذا إذا ادعى ذو اليد ذلك وإن لم يدع تلقى الملك من الغالب ط
قوله ( أو لم يدع الملك المطلق ) الضمير في يدعي يرجع إلى المدعي لا إلى ذي اليد والأوضح إظهاره لدفع التشتيت وقد سبق بيانه
قوله ( بل ادعى عليه ) أي على ذي اليد الفعل وقيد به للاحتراز عن دعواه على غيره فدفعه ذو اليد لواحد مما ذكر وبرهن فإنها تندفع كدعوى الملك المطلق كما في البزازية
بحر
وأشار الشارح إلى هذا أيضا بقوله بخلاف قوله غصب مني الخ لكن قوله وبرهن ينافيه ما سننقله عن نور العين من أنه لا يحتاج إلى البينة وكذا مسألة الشراء التي ذكرها المصنف وهي مسألة المتون بأن قال المدعي غصبته مني أو سرق مني ذكر الغصب والسرقة تمثيل والمراد دعوى فعل عليه فلو قال المدعي أودعتك إياه أو اشتريته منك وبرهن ذو اليد كما ذكرنا على وجه لا يفيد ملك الرقبة له لا يدفع
كذا في البزازية
بحر
فكان الأولى أن يقول كأن قال سرق مني
قوله ( وبناه للمفعول للستر عليه ) والأولى لدرء الحد عنه لأن الستر يحتاج إليه كل من السارق والغاصب لأن فعلهما معصية لكن الغصب لا حد فيه والسرقة فيها الحد ويعلم بالأولى حكم ما إذا بناه للفاعل فقد نص على الموهوم وموضع الخلاف فإن محمدا يجعلها كالغصب فلو بناه للفاعل فهو محل اتفاق على عدم صحة الدفع
قوله ( فكأنه قال سرقته مني ) فإنه لا تندفع الخصومة اتفاقا لأنه يدعي عليه الفعل وأما سرق مني فهو عند الإمام الأول والثاني
ومحمد يقول تندفع الخصومة لأنه لم يدع عليه الفعل فهو كقوله غصب مني وقولهما استحسان لأنه في معنى سرقته مني وإنما بناه للمفعول
____________________
(7/497)
لما قدمناه لدرء الحد الخ
قوله ( بخلاف غصب مني ) أي بالبناء للمفعول فإن الخصومة تندفع فيه لاحتمال أن الغاصب غير ذي اليد
قال في الهندية وكذا أخذ مني
ا هـ
ومفاده أن الأخذ كالغصب كما تقدم
قوله ( أو غصبه مني فلان الخ ) قال في البحر وقيد بدعوى الفعل على ذي اليد للاحتراز عن دعواه على غيره فدفعه ذو اليد بواحد مما ذكرناه وبرهن فإنها تندفع كدعوى الملك المطلق كما في البزازية
قوله ( وهل تندفع ) أي خصومة المدعي بالمصدر بأن قال المدعي هذا ملكي وهو في يد المدعى عليه غصب فبرهن ذو اليد عن الإيداع ونحوه قيل تندفع لعدم دعوى الفعل عليه والصحيح أنها لا تندفع
أما في السرقة فيجب أن لا تندفع كما في بنائه للمفعول
خير الدين على المنح
ومثال السرقة أن يقول هذا ملكي في يده سرقة
قوله ( الصحيح لا ) أي لا تندفع بل تتوجه الخصومة عليه لما قلنا
وقيل تندفع لعدم دعوى الفعل عليه
قوله ( بزازية ) قال ادعى أنه ملكه وفي يده غصب فبرهن ذو اليد على الإيداع قيل تندفع لعدم دعوى الفعل عليه والصحيح أنها لا تندفع
بحر
قوله ( أودعنيه ) ظاهر البزازية أو الوديعة مثال
وعبارتها لو برهن المدعي أنها له سرقت منه لا يندفع وإن برهن المدعى عليه على الوصول إليه بهذه الأسباب
قوله ( وبرهن عليه ) أراد بالبرهان إقامة البينة فخرج الإقرار لما في البزازية معزيا إلى الذخيرة من صار خصما لدعوى الفعل عليه إن برهن على إقرار المدعي بإيداع الغائب منه تندفع وإن لم تندفع بإقامة الإيداع بثبوت إقرار المدعي أن يده ليست يد خصومة
بحر
قوله ( لا تندفع في الكل ) أي فيقضي ببرهان المدعي
قوله ( لما قلنا ) أي من أنه أقر ذو اليد بيد الخصومة أما في مسألتي المتن فأشار إلى علة الأولى بقوله أو أقر ذو اليد بيد الخصومة وإلى علة الثانية بقوله ادعى عليه الفعل أي فإنه صار خصما بدعوى الفعل عليه لا بيده بخلاف دعوى الملك المطلق لأنه خصم فيه باعتبار يده كما في البحر
وأما علة ما إذا كان هالكا فلم يشر إليها وهي أنه يدعي الدين ومحله الذمة فالمدعى عليه ينتصب خصما بذمته وبالبينة أنه كان في يده وديعة لا يتبين أن ما في ذمته لغيره فلا تندفع كما في المعراج وكذا علة ما إذا قال الشهود أودعه من لا نعرفه وهي أنهم ما أحالوا المدعي على رجل تمكن مخاصمته
كذا قيل
قوله ( قال ) أي ذو اليد
قوله ( ثم قال في مجلسه ) أي مجلس الحكم
قوله ( ولو برهن المدعي ) قال الطحطاوي تطويل من غير فائدة والأخضر الأوضح أن يقول إلا إذا برهن المدعي على ذلك الإقرار ومحصله إن ادعاه المدعي إقراره في غير مجلس الحكم لا يقبل إلا إذا برهن عليه
قوله ( يجعله الخ ) أي يجعل الحاكم ذا اليد خصما فيحكم عليه بإثباته للمدعي
قوله ( لسبق إقرار ) بإضافة سبق إلى إقرار ويمنع فعل مضارع والدفع مفعوله ولا يخفى ما فيه من التعقد
قوله ( يمنع الدفع ) أي دفع ذي اليد بأنه عارية مثلا من فلان
قوله ( ذلك ) أي المذكور في كلام المدعي الذي يدعي الشراء منه وقيد به للاحتراز عما لو ادعى الشراء من فلان الغائب المالك وبرهن ذو اليد على إيداع غائب آخر منه لا تندفع
ذكره في البحر
قوله ( أي بنفسه ) تقييد لقوله أودعنيه لا تفسير لقوله ذلك ح
____________________
(7/498)
قوله ( لم تندفع ) أي الخصومة بلا بينة لأنه لم يثبت تلقي اليد ممن اشترى هو منه لإنكار ذي اليد ولا من جهة وكيله لإنكار المشتري
بحر
ولأن الوكالة لا تثبت بقوله
معراج
قوله ( دفعت الخصومة ) جواب إن
قوله ( وإن لم يبرهن ) لم يذكر يمين ذي اليد وفي البناية ولو طلب المدعي يمينه على الإيداع يحلف على البتات انتهى
بحر
قوله ( لتوافقهما أن أصل الملك للغائب ) فيكون وصولها إلى يده من جهته فلم تكن يده يد خصومة
قوله ( إلا إذا قال ) أي المدعي
قوله ( اشتريته ) أي من الغائب
قوله ( ووكلني بقبضه ) أي منك أعني واضع اليد فيأخذه لكونه أحق بالحفظ
عيني
قوله ( وبرهن ) أي فحينئذ يصح دعواه
والحاصل أنه بدعوى الوديعة يندفع المدعي إلا إذا ادعى أنه اشتراه من الغائب وأن البائع أمره بالقبض
قوله ( بإقراره ) أي بإقرار ذي اليد والإقرار حجة قاصرة لا تسري على المالك
وحاصل هذه المسألة أن المدعي ادعى الملك بسبب من جهة الغائب فدفعه ذو اليد بأن يده من الغائب فقد اتفقا على أن الملك فيه للغائب فيكون وصولها إلى ذي اليد من جهته فلم تكن يده يد خصومة إلا أن يقيم المدعي بينة أن فلانا وكله بقبضه لأنه أن يقيم المدعي بينة أن فلانا وكله بقبضه لأنه أثبت ببينته كونه كونه أحق بإمساكها ولو صدقه ذو اليد في شرائه منه لا يأمره القاضي بالتسليم إليه حتى لا يكون قضاء على الغائب
قوله ( وهي عجيبة ) سبقه على التعجب الزيلعي ولا عجب أصلا لأن إقراره على الغير غير مقبول لأن الإقرار حجة قاصرة لا تتعدى إلى غير المقر وقد اتفقا على أن المدعى به ملك الغائب فلا ينفذ إقرار مودعه عليه ولها نظائر كثيرة كمتولي الوقف وناظر اليتيم فإنه يلزمه بالبرهان لا بالإقرار وتقدمت هذه بعينها في كتاب الوكالة أن المودع لو أقر له أن المودع وكله بقبض الوديعة لا يؤمر بالدفع إليه لعدم نفوذ إقرار المودع على المودع في إبطال يده ولو برهن على الوكالة أمر بالدفع إليه بخلاف ما لو كان مديون الغائب وادعى عليه شخص الوكالة بالقبض وصدقه فإنه يدفع إليه لأن الديون تقضي بأمثالها فكان إقرارا على نفسه لا على الغائب ويمكن أن يقال في وجه العجب أن في كل من المسألتين قضاء على الغائب وقد أمر بالتسليم في الأولى دون الثانية ولأنا نلزمه بالتسليم بالبرهان لا بالإقرار
تأمل
قوله ( ولو ادعى أنه له ) قلت وكذا لو ادعى أنه أعاره لفلان كما يظهر من العلة
قوله ( اندفعت ) أي بلا بينة
نور العين
قوله ( ولو كان مكان الغصب سرقة لا تندفع ) أي دعوى سرقة الغائب وفيه أنهما توافقا أن اليد لذلك الرجل
قال صاحب البحر وقد سألت بعد تأليف هذا المحل بيوم عن رجل أخذ متاع أخته من بيتها ورهنه وغاب فادعت الأخت به على ذي اليد
فأجاب بالرهن فأجبت إن ادعت الأخت غصب أخيها وبرهن ذو اليد على الرهن اندفعت وإن ادعت السرقة لا والله تعالى أعلم أي لا تندفع
وظاهره أنها ادعت سرقة أخيها مع أنا قدمنا عنه أن تقييد دعوى الفعل على ذي اليد للاحتراز عن دعواه على غيره فإنه لو دفعه ذو اليد بواحد مما ذكر وبرهن تندفع كدعوى
____________________
(7/499)
الملك المطلق فيجب أن يحمل كلامه هنا على أنها ادعت أنه سرق منها مبنيا للمجهول لتكون الدعوى على ذي اليد وإن أبقى على ظاهره يكون جريا على مقابل الاستحسان الآتي قريبا لكن ينافي الحمل المذكور قولها إن أخاها أخذه من بيتها
تأمل وقيد بقوله غصبه منه أو سرقه للاحتراز عن قوله إنه ثوبي سرقه مني زيد وقال ذو اليد أودعنيه زيد ذلك لا تندفع الخصومة استحسانا
يقول الحقير لعل وجه الاستحسان هو أن الغصب إزالة اليد المحققة بإثبات اليد المبطلة كما ذكر في كتب الفقه فاليد للغاصب في مسألة الغصب بخلاف مسألة السرقة إذ اليد فيها لذي اليد إذ لا يد للسارق شرعا ثم إن في عبارة لا يد للسارق نكتة لا يخفى حسنها على ذوي النهي
نور العين
وهذا أولى مما قاله السائحاني يجب حمله على ما إذا قال سرق مني أما لو قال سرقه الغائب مني فإنها تندفع لتوافقهما أن اليد للغائب وصار من قبيل دعوى الفعل على غير ذي اليد وهي تندفع كما في البحر لكن ذكر بعده هذه المسألة وأفاد أنها مبنية للفاعل وصرح بذلك في الفصولين فلعل في المسألة قولين قياسا واستحسانا انتهى
قوله ( استحسانا ) قدمنا وجهه قريبا عن نور العين ولعل وجهه أيضا دفع إفساد السراق لأن الضرورة في السرقة أعظم من غيرها لأنها تكون خفية ولذا شرع فيها الحد
قوله ( لم يكن الثاني خصما للأول ) أي ما لم يدع عليه فعلا أو حتى يحضر المالك بمنزلة المستعير لأنه لا يدعي ملك العين فلا يكون خصما للأول
ا هـ
عبد البر
ولا يحتاج في دفع هذه إلى البينة لاتفاقهما على ملك زيد وأنه صاحب اليد
قوله ( ولا لمدعي رهن أو شراء ) لما ذكرنا من العلة
قوله ( أما المشتري فخصم للكل ) وكذلك الموهوب له أي من يدعي الشراء أو الهبة مع القبض إذا برهن يكون خصما للمستأجر ولمدعي الرهن ولمدعي الشراء
قال في البزازية بيده دار زعم شراءها من فلان الغائب أو صدقة مقبوضة وهبة منذ شهر أو أمس وبرهن أولا وبرهن آخرا أن ذلك الغائب رهنها منذ شهر وأجرها أو أعارها وقبضها يحكم بها للمستعير والمستأجر والمرتهن ثم ذو اليد بالخيار إن شاء سلم المدعي وتربص إلى انقضاء المدة أو فك الرهن وإن شاء نقض البيع وإن كان المدعي برهن أن الدار له أعارها أو أجرها أو رهنها من الغائب أو اشتراها الغائب منه ولم ينقد الثمن قبل أن يشتريها ذو اليد يقضي بها للمدعي في الوجوه كلها أما في الإعارة فلعدم اللزوم وأما في الإجارة فلأنه عذر في الفسخ لأنه يريد إزالتها عن ملكه وأما في الشراء فلأن له حق الاسترداد لاستيفاء الثمن فإذا دفع الحاكم الدار إلى المدعي فإن كان أجرها ولم يقبض الأجرة أخد منه كفيلا بالنفس إلى انقضاء المدة وإن كان قبض الأجرة أو كان ادعى رهنا لا تدفع للمدعي توضع على يد عدل
وفي القنية فلو ادعى ذو اليد أن المدعي باع العين للغائب وبرهن ذكر في أجناس الناطفي أنها تقبل وتندفع الخصومة
قوله ( يمهل إلى المجلس الثاني ) أي مجلس القاضي وظاهر الإطلاق يعم ما طال فصله وقصر وهذا بعد السؤال عنه وعلمه بأنه دفع صحيح كما تقدم قبيل التحكيم
قوله ( للمدعي تحليف مدعي الإيداع على البتات )
____________________
(7/500)
يعني إذا ادعى شراء شيء من زيد وادعى ذو اليد إيداعه منه فإنها تندفع الخصومة من غير برهان لاتفاقهما على أن أصل الملك الغائب لكن لمدعي الشراء تحليف دي اليد على الأيداع على البت لا على العلم لأنه وإن كان فعل الغير لكن تمامه به وهو القبول
وفي الذخيرة لا يحلف ذو اليد على الأيداع لأنه مدعي الإيداع ولا حلف على المدعي ولو حلف أيضا لا تندفع ولكن له أن يحلف المدعي على عدم العلم
ا هـ
فأفاد بذكر عبارة الذخيرة أن ما نقله أولا معناه أن حقه لو حلف يحلف على البتات ولكنه بحلفه لا تندفع الدعوى كما هو ظاهر ولذا قال في الدرر الظاهر أن التحليف يقع على التوكيل لا على الإيداع فإن طلب مدعي الإيداع يمين مدعي التوكيل بناء على ما ادعى من الإيداع وعجز عن إقامة البرهان عليه حلف على البتات يعني على عدم توكيله إياه لا على عدم علمه بتوكيله إياه
وعبارة الدرر غير صحيحة لأنه جعل اليمين على مدعي التوكيل وإنما هي على المدعى عليه أي مدعي الإيداع كما هو ظاهر من قول الكافي فإن طلب المدعي أي مدعي الشراء يمينه أي يمين مدعي الإيداع
كذا في الشرنبلالية
وحاصله أنه لو ادعى الشراء من المالك وأنه وكله بقبضه فأنكر ذو اليد الوكالة وعجز المدعي عن إثباتها للمدعي أن يحلف ذا اليد على أنه لم يوكله بقبض ما باعه إياه مما هو تحت يد المدعى عليه على البتات ولكن في تحليفه حينئذ على البتات
تأمل
لأنه تحليف على فعل الغير فلذا اضطربت عباراتهم في هذه المسألة وحاصل كلام الشارح للمدعي أي مدعي الشراء من الغائب وتوكيله إياه بالقبض إذا جحد مدعي الإيداع توكيله إياه وعجز عن البرهان أن يحلف مدعي الإيداع بالله ما وكله الغائب بقبض ما باعه إياه على البتات لا على العلم لكن ينظر هل هذا موافق لعبارة الدرر فيصح عزوه إليها ويمكن حمل كلام الدرر على ما إذا ادعى الشراء والتوكيل بالقبض فإن برهن قبل برهانه وله أخذه فإن عجز عن البرهان وطلب يمين مدعي الإيداع على ما ادعى من الإيداع حلف على البتات
قال عزمي وهو صريح عبارة التسهيل حيث قال وحلف ذو اليد على الإيداع بطلب مدعي البيع إذا لم يكن له بينة على التوكيل
ا هـ
وعليه فكان على الشارح أن يذكر هذا الفرع في محله كما نقله صاحب الدرر
فتأمل
وحاصله أنه لو ادعى الشراء من المالك وأنه وكله بقبضه فأنكر ذو اليد الوكالة وعجز المدعي عن إثباتها للمدعي أن يحلف ذا اليد على أنه لم يوكله بقبض ما باعه إياه مما هو تحت يد المدعى عليه على البتات
قوله ( وتمامه في البزازية ) وعبارتها كما في البحر وإن ادعى ذو اليد الوديعة ولم يبرهن عليها وأراد أن يحلف أن الغائب أودعه عنده يحلف الحاكم المدعي عليه بالله تعالى لقد أودعها إليه على البتات لا على العلم لأنه وإن كان فعل الغير لكنه تمامه به وهو القبول وإن طلب المدعى عليه يمين المدعي فعلى العلم بالله تعالى ما يعلم إيداع فلان عنده لأنه فعل الغير ولا تعلق له به
ا هـ
قوله ( ابن ملك ) ذكر ذلك في جواب سؤال ورد على دفع الدعوى بأحد الأمور المتقدمة ونصه فإن قيل ذو اليد خصم ظاهرا ودفع الخصومة عن نفسه تابع لثبوت الملك للغائب وهذه البينة لم تثبته فكيف يثبت التابع بلا ثبوت الأصل قلنا هذه البينة تقتضي أمرين أحدهما الملك للغائب وهو ليس يخصم فيه إذ لا ولاية له في إدخال شيء في ملك غيره بلا رضاه
وثانيهما دفع الخصومة عنه وهو
____________________
(7/501)
خصم فيه فكانت مقبولة كمن وكل وكيلا ينقل أمته فأقامت بينة أنه أعتقها تقبل في قصر يد الوكيل عنها ولا تقبل في وقوع العتاق ما لم يحضر الغائب والله تعالى أعلم
ا هـ
أقول وكذا إذا وكله بنقل امرأته فأقامت البينة أنه طلقها ثلاثا تقبل في قصر يد الوكيل عنها ولا تقبل في وقوع الطلاق ما لم يحضر الغائب كما في الكافي
فروع في يديه وديعة لرجل جاء رجل وادعى أنه وكيل المودع بقبضها وأقام على ذلك بينة وأقام الذي في يديه الوديعة بينة أن المودع قد أخرج هذا من الوكالة قبلت بينته وكذا إذا أقام بينة أن شهود الوكيل عبيد
كذا في المحيط
ادعى على آخر دارا فقال ذو اليد إنها وديعة من فلان في يدي وأقام البينة عليه حتى اندفعت عنه الخصومة ثم حضر الغائب وسلمها ذو اليد إليه وأعاد المدعي والدعوى في الدار فأجاب أنها وديعة في يدي من فلان وأقام البينة عليه قال تندفع الخصومة عنه أيضا كما في الابتداء
كذا في محيط السرخسي إذا ادعى على ذي اليد فعلا لم تنته أحكامه بأن ادعى الشراء منه بألف ولم يذكر أنه نقد الثمن ولا قبض منه فأقام الذي في يديه البينة أنه لفلان الغائب أودعنيه أو غصبته منه لا تندفع عنه الخصومة في قولهم وإن ادعى عليه عقدا انتهت أحكامه بأن ادعى أنه اشترى منه هذه الدار أو هذا العبد ونقده الثمن وقبض منه المبيع ثم أقام المدعى عليه البينة أنه لفلان الغائب أودعنيه اختلفوا فيه
قال بعضهم تندفع عنه الخصومة وهو الصحيح
كذا في فتاوى قاضيخان في دعوى الدور والأراضي
عبد أقام البينة أن فلانا أعتقه وأقام صاحب اليد البينة أن فلانا ذلك أودعه تقبل وتبطل بينة العبد ولا يحال بينه وبين العبد قياسا ويحال استحسانا ويؤخذ من العبد كفيل بنفسه استيثاقا حتى لا يهرب فإذا حضر الغائب فإن أعاد البينة عتق وإلا فهو عبد
كذا في محيط السرخسي
وكذا لو أقام ذو اليد البينة أن فلانا آخر أودعه إياه كذا في الخلاصة
لو ادعى العبد أنه حر الأصل فإن أقام ذو اليد البينة على الملك وإيداعه تقبل وإن أقام على إيداعه فحسب لا تقبل بخلاف الدار وإن برهن على الملك والإيداع وبرهن العبد على حرية الأصل حيل بينهما بكفيل
كذا في الكافي
عبد في يد رجل ادعى رجل أنه قتل وليا له خطأ وأقام ذو اليد البينة أن العبد لفلان أودعه اندفعت عنه الخصومة
كذا في الخلاصة
رجل ادعى على آخر أنه باعه جارية فقال لم أبعها منك قط فأقام المشتري البينة على الشراء فوجد بها أصبعا زائدة وأراد ردها وأقام البائع البينة أنه برىء إليه من كل عيب لم تقبل بينة البائع
وذكر الخصاف رحمه الله تعالى هذه المسألة في آخر أدب القاضي وقال على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى تقبل بينته
كذا في شرح الجامع للصدر الشهيد
ادعى على آخر محدودا في يده وقال هذا ملكي باعه أبي منك حال ما بلغت وقال ذو اليد باعه مني حال صغرك فالقول قول المدعي
كذا في الفصول العمادية
اشترى دارا لابنه الصغير من نفسه وأشهد على ذلك شهودا وكبر الابن ولم يعلم بما صنع الأب ثم إن الأب
____________________
(7/502)
باع تلك الدار من رجل وسلمها إليه ثم إن الابن استأجر الدار من المشتري ثم علم بما صنع الأب فادعى الدار على المشتري وقال إن أبي كان اشترى هذه الدار من نفسه في صغري وإنها ملكي وأقام على ذلك بينة فقال المدعى عليه في دفع دعوى المدعي إنك متناقض في هذه الدعوى لأن استئجارك الدار مني إقرار بأن الدار ليست لك فدعواك بعد ذلك الدار لنفسك يكون تناقضا فهذه المسألة صارت واقعة الفتوى
مطلب واقعة الفتوى وقد اختلفت أجوبة المفتين في هذا والصحيح أن هذا لا يصلح دفعا لدعوى المدعي ودعوى المدعي صحيحة وإن ثبت التناقض إلا أن هذا تناقض فيما طريقه طريق الخفاء
كذا في الذخيرة
ادعى دارا بسبب الشراء من فلان فقال المدعى عليه إني اشتريت من فلان ذلك أيضا وأقام بينة وتاريخ الخارج أسبق فقال المدعى عليه إن دعواك باطلة لأن في التاريخ الذي اشتريت هذه الدار من فلان كانت رهنا عند فلان ولم يرض بشرائك وأجاز شرائي لأنه كان بعد ما فك الرهن وأقام البينة لا يصح هذا الدفع
كذا في الفصول العمادية
ولو كان المدعي ادعى إن هذا العين كان لفلان رهنه بكذا عندي وقبضته وأقام البينة وأقام المدعى عليه في دفع دعواه أنه اشتريته منه ونقدته الثمن كان ذلك دفعا لدعوى الرهن
كذا في فتاوى قاضيخان في باب اليمين
ادعى عليه دارا في يده إرثا أو هبة فبرهن المدعى عليه على أنه اشتراها منه وبرهن المدعي على إقالته صح دفع الدفع
كذا في الوجيز للكردري
دار في يد رجل وادعى أن أباه مات وترك هذه الدار ميراثا له وأقام بينة شهدوا أن أباه مات وهذه الدار في يديه وأخذ هذا الرجل هذه الدار من تركته بعد وفاته أو أخذها من أبي هذا المدعي في حال حياته وأقام ذو اليد البينة أن الوارث أو أباه أقر أن الدار ليست له فالقاضي يقضي بدفع الدار إلى الوارث
هكذا في المحيط
رجل ادعى على آخر ضيعة فقال الضيعة كانت لفلان مات وتركها ميراثا لأخته فلانة ثم ماتت فلانة وأنا وارثها وأقام البينة تسمع فلو قال المدعى عليه في الدفع إن فلانة ماتت قبل فلان مورثها صح الدفع
كذا في الخلاصة
رجل ادعى على آخر مائة درهم فقال المدعى عليه دفعت إليك منها خمسين درهما وأنكر المدعي قبض ذلك منه فأقام المدعى عليه البينة أنه دفع إلى المدعي خمسين درهما فإنه لا يكون دفعا ما لم يشهدوا أنه دفع إليه أو قضى هذه الخمسين التي يدعي
كذا في جواهر الفقه
ادعى على غيره كذا كذا دينارا أو دراهم فادعى المدعى عليه الإيفاء وجاء بشهود شهدوا أن المدعى عليه دفع هذا المال كذا كذا درهما من الدراهم ولكن لا يدري بأي جهة دفع هل يقبل القاضي هذه الشهادة وهل تندفع بها دعوى المدعي عن بعض مشايخنا رحمهم الله تعالى أنه يقبل وتندفع بها دعوى المدعي وهو الأشبه والأقرب إلى الصواب
هكذا في المحيط الكل من الهندية من الباب السادس فيما تدفع به دعوى المدعي
وفي نور العين ادعى إرثا له ولأخيه فقال المدعى عليه إنك أقررت إن أخي باعه منك وسلم وهذا إقرار بأنه ملك الأخ فلا يصح بالبيع فقط ومن أقر أن فلانا
____________________
(7/503)
باعه ثم ادعى أنه ملكه يسمع إلا إذا أقر أنه باع بيعا صحيحا جائزا فحينئذ لا يسمع دعواه بعده
وقيل لو باع والدار بيده وقت البيع أو قال باع وسلم فهذا يكفي لأنه مما يدل على الملك
وفيه لو برهن ذو اليد على إقرار الوصي بأنه بوصاية قالوا لا يقبل لا أن يشهدوا أنه وصى من جهة المورث أو القاضي إذ الوصاية لا تثبت بإقراره إ هـ
الإبراء العام في ضمن عقد فاسد لا يمنع الدعوى
أبرأه عن الدعاوى ثم ادعى مالا بالوكالة أو الوصاية يقبل
لا تسمع دعواه في شيء من الأشجار بعد ما ساقى عليها
التناقض يمنع الدعوى لغيره كما يمنعه لنفسه
من أقر بعين لغيره فكما لا يملك أن يدعيه لنفسه لا يملك أن يدعيه لغيره بوكالة أو وصاية لا ينفذ القضاء بالدفع قبل يمين الاستظهار
الدعوى على بعض الورثة صحيحة
لا تسمع دعوى الموقوف عليهم إلا بإذن القاضي أو كون المدعي ناظرا
الخصم في إثبات النسب خمسة الوارث والوصي والموصى له والغريم للميت أو على الميت كما تقدم
دعوى الملك لا تصح على غير ذي اليد
ادعى أنه عم الميت لا بد أن يفسر أنه لأبيه أو لأمه وأن يقول هو وارثه ولا وارث له غيره بعد أن ينسب الشهود الميت والمدعي لبنوة العمومة حتى يلتقيا إلى أب واحد بعد دعوى المال
العبد إذا انقاد للبيع لا تسمع دعواه حرية الأصل بدون بينة
الابن إذا كان في عيال الأب يكون معينا له فيما يصنع
ما اكتسبه الابن يكون لأبيه إذا اتحدت صنعتهما ولم يكن مال سابق لهما وكان الابن في عيال أبيه لأن مدار الحكم كونه معينا لأبيه
القول للدافع لأنه أعلم بجهة الدفع
دفع إلى ابنه مالا فأراد أخذه صدق في أنه دفعه قرضا
يصح إثبات الشراء في وجه مدعي دين في التركة المستغرقة
التناقض لا يمنع دعوى الحرية سواء كانت أصلية أو عارضة
لا تسمع الدعوى بالعين أنها له بعد ما ساومه عليها
لا تسمع الدعوى بعد الإبراء العام إلا ضمان الدرك وإلا إذا ظهر شيء للقاصر بعد إبرائه وصيه بعد بلوغه ولم يكن يعلمه
يدخل في قوله لا حق لي قبله كل عين ودين وكفالة وجناية وإجارة وحبس
لا تسمع دعوى الكفالة بعد الإبراء العام
ادعى نكاح امرأة لها زوج يشترط حضرة الزوج الظاهر
السباهي لا ينتصب خصما لمدعي الأرض ملكا أو وقفا
____________________
(7/504)
الاستيداع يمنع دعوى الملك
لأحد الورثة حق الاستخلاص من التركة المستغرقة بأداء قيمته إلى الغرماء إذا امتنع الباقون
ليس له الدعوى على وكيله بقبض الرسومات بما أخذه من الرسومات له بل الدعوى لهم عليه
إذا برهن على مديون مديونه لا يقبل وليس له أخذه منه بدون وكالة أو حوالة
لا يجوز الإبراء عن الأعيان ويجوز عن دعواها
الإرث جبري لا يسقط بالإسقاط
هل يشترط حضرة الراهن والمرتهن في دعوى الرهن قولان
هل يشترط حضرة المودع في إثبات الوديعة فيه اختلاف المشايخ
ادعى الشراء ثم ادعى الإرث تقبل وبعكسه لا
كل ما كان مبنيا على الخفاء يعفى فيه التناقض فالمديون بعد قضاء الدين لو برهن على إبراء الدائن والمختلعة بعد أداء بدل الخلع لو برهنت على طلاق الزوج قبل الخلع يقبل وكذلك الورثة إذا قاسموا مع الموصى له بالمال ثم ادعوا رجوع الموصي يصح لانفراد الموصي بالرجوع
التناقض إذا كان ظاهرا والتوفيق خفيا لا يكفي إمكان التوفيق بل لا بد من بيانه وإلا يكفي الإمكان
جحد الأمين الأمانة ثم اعترف وادعى الرد لا يقبل إلا ببينة
التصديق إقرار إلا في الحدود
إذا ثبت استحقاقه فطلبه على من تناول الغلة لا على الناظر
لا تصح دعوى التمليك ما لم يبين أنه بعوض أو بلا عوض
إذا ادعى المأذون بالإنفاق أو الدفع يصدق إن كان المال أمانة وإن كان دينا في ذمته فلا
الدعوى متى فصلت مرة بالوجه الشرعي لا تنقض ولا تعاد ما لم يكن في إعادتها فائدة بأن أتى بها مع دفع أقام عليه البينة فإنها تسمع
غلط الاسم لا يضر لجواز أن يكون له اسمان
لا يلزم الابن وفاء دين أبيه من استحقاقه المنتقل إليه عنه في وقت أهلي
ادعى بعد ما أقر بالمال إن بعضه قرض وبعضه ربا يسمع
مات لا عن وارث وعليه دين لزيد أثبته زيد في وجه وصيي نصبه القاضي له أخذه من التركة
لا يكلف الأب إحضار ابنه البالغ لأجل دعوى عليه
لا تصح الدعوى على جميع الضاربين بالبندق إذا أصابت واحدا بندقة فقتلته إذا لم يعلم الضارب
العبد إذا ادعى حرية الأصل ثم العتق العارض تسمع والتناقض لا يمنع الصحة
وفي حرية الأصل لا تشترط الدعوى
وفي الإعتاق المبتدأ تشترط الدعوى عند أبي حنيفة
وعندهما ليست بشرط
وأجمعوا على أن دعوى الأمة ليست بشرط لأنها شهادة بحرمة الفرج فهي حسبة الكل من التنقيح لسيدي الوالد رحمه الله تعالى
كفل بثمن أو مهر ثم برهن الكفيل على فساد البيع أو النكاح لا يقبل لأن إقدامه على التزام المال إقرار منه بصحة سبب وجود المال فلا يسمع منه بعده دعوى الفساد ولو برهن على إيفاء الأصيل أو على إبرائه لا يقبل لأنه تقرير للوجوب السابق
____________________
(7/505)
ادعى دارا فأنكر ذو اليد فصالحه على ألف على أن يسلم الدار لذي اليد ثم برهن ذو اليد على صلح قبل هذا الصلح صح الصلح الأول وبطل الثاني
في وقال كل صلح بعد صلح فالثاني باطل ولو شراه ثم بطل الأول ونفذ الثاني
ولو صالح ثم شرى جاز الشراء وبطل أي في الصلح الذي هو بمعنى أما إذا كان الصلج على عوض ثم اصطلحا على عوض آخر فالثاني هو الجائز وانفسخ الأول كالمبيع
يقبل عذر الوارث والوصي والمتولي بالتناقض للجهل
الإقرار المتأخر يرفع الإنكار المتقدم والإقرار المتقدم يمنع الإنكار المتأخر
ادعى مالا فصالح ثم ظهر أنه لا شيء عليه بطل الصلح
من دفع شيئا على ظن أنه عليه ثم تبين أنه ليس عليه له الرجوع بما دفع
دعوى الدفع من المدعى عليه ليس بتعديل للشهود حتى لو طعن في الشاهد أو في الدعوى يصح من نور العين ومن أراد استيفاء المقصود من مسائل الدفوع فليرجع إليه الفصل الثامن عشر
وذكر في المجلة في مادة 188 البيع بشرط متعارف بين الناس في البلد صحيح والشرط معتبر وإن كان فيه نفع لأحد المتعاقدين أو لهما وإن كان لا يلائم العقد
وفي 192 الإقالة بالتعاطي القائم مقام الإيجاب والقبول صحيحة
وفي 220 بيع الصبرة كل مد بقرش يصح في جميع الصبرة
وفي 389 كل شيء تعومل بيعه بالاستصناع يصح فيه على الإطلاق إذا وصف المصنوع وعرفه على الوجه الموافق المطلوب ويلزم وليس لأحدهما الرجوع إذا كان على الأوصاف المطلوبة وإذا خالف يكون المشتري مخيرا
وأما ما لا يتعامل استصناعه إذا بين فيه المدة صار سلما فتعتبر فيه حينئذ شرائط السلم وإذا لم يبين فيه المدة كان من قبيل الاستصناع أيضا
وفي 398 إذا شرط في بيع الوفاء أن يكون قدر من منافع المبيع للمشتري صح ويلزم الوفاء بالشرط
وفي 440 الإجارة المضافة صحيحة لازمة قبل حلول وقتها وقد صدر الأمر الشريف السلطاني بالعمل بمقتضى ذلك كله فاحفظه والسلام والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم 8
____________________
(7/506)
باب دعوى الرجلين لا يخفى عليك أن عقد الباب لدعوى الرجلين على ثالث وإلا فجميع الدعاوى لا تكون إلا بين اثنين وحينئذ لا تكون هذه المسألة من مسائل هذا الكتاب فلذلك ذكره صاحب الهداية والكنز في أوائل كتاب الدعوى
وقلت ولعل صاحب الدرر إنما أخرها إلى هذا المقام مقتفيا في ذلك أثر صاحب الوقاية لتحقق مناسبة بينها وبين مسائل هذا الباب بحيث تكون فاتحة لمسائله وإن لم تكن منه عزمي
قوله ( تقدم حجة خارج ) هو الذي لم يكن ذا يد والخارج المدعي لأنه خارج عن يده فأسند إلى المدعي تجوزا وإنما قدمت بينة الخارج لأن الخارج هو المدعي والبينة بينة المدعي بالحديث وفيه خلاف الشافعي وإنما كان الخارج مدعيا لصدق تعريفه عليه
قوله ( في ملك مطلق ) أي ملك المال بخلاف ملك النكاح فإن ذا اليد مقدم ولو بلا برهان ما لم يسبق تاريخ الخارج كما سيأتي وقيد الملك بالمطلق احترازا عن المقيد بدعوى النتاج وعن المقيد بما إذا ادعيا تلقي الملك من واحد وأحدهما قابض وبما إذا ادعيا الشراء من اثنين وتاريخ أحدهما أسبق فإن في هذه الصور
____________________
(8/3)
تقبل بينة ذي اليد بالإجماع كما سيأتي درر أي ولم يلزم انتقاض مقتضى القسمة لأن قبول بينة ذي اليد إنما هو من حيث ما ادعى من زيادة النتاج وغيره فهو مدع من تلك الجهة والمراد بالقبض التلقي من شخص مخصوص مع قبضه فلا يرد ما قيل كون المدعي في يد القابض أمر معاين لا يدعيه ذو اليد فضلا عن إقامة البينة عليه وقبولها بالإجماع
فإن قلت هل يجب على الخارج اليمين لكونه إذ ذاك مدعى عليه قلت لا لأن اليمين إنما يجب عند عجز المدعي عن البينة وهنا لم يعجز كما في العناية
أو رد عليه بأن مراد السائل هل يجب على الخارج اليمين عند عجز ذي اليد عن البينة وإلا فلا تمشية لسؤاله أصلا ا هـ
يريد به أن الجواب لم يدفع السؤال بل هو باق ولم يتصد للجواب عنه
أقول الظاهر أن يجب اليمين على الخارج عند عجز ذي اليد عن بينة فيما إذا ادعى الزيادة لأنه مدع بالنسبة إليها ولهذا لزم عليه البرهان فيكون المدعي مدعى عليه بالنسبة إليها فيلزم عليه اليمين عند العجز عن البرهان وبينة المدعي لم تعمل ما لم تسلم من دفع ذي اليد إذ هو معارض لها ودعوى ذي اليد لم تسقط بعجزه عن البرهان عليها بل تتوجه اليمين على من كان في مقابله كما هو شأن الدعوى فيحلف على عدم العلم بتلك الزيادة فإن حلف يحكم للمدعي ببينته لكونها سالمة عن المعارض وإن نكل يكون مقرا أو باذلا فيمنع ويبقى المدعى في يد ذي اليد نعم لا يجبر الخارج على الجواب عن دعوى ذي اليد لو ترك دعواه لعدم كونه ذا يد لا لقصور في كون ذي اليد مدعيا فيما ادعاه كما توهمه صاحب التكملة هذا هو التحقيق تدبر
عبد الحليم قوله ( أي لم يذكر له سبب ) أي معين أو مقيد بتاريخ كما سيأتي وكذا لو ذكر له سبب يتكرر فإن ذكر له سبب لا يتكرر قدم ببينة ذي اليد كما يأتي أيضا ومن هذا القبيل ما في منية المفتي أقاما بينة على عبد في يد رجل أحدهما بغصب والآخر بوديعة فهو بينهما أي لأن المودع بالجحود يصير غاصبا
قال في جامع الفصولين الخارج وذو اليد لو ادعيا إرثا من واحد فذو اليد أولى كما في الشراء هذا إذا ادعى الخارج وذو اليد تلقي الملك من جهة واحدة فلو ادعيا من جهة اثنين يحكم للخارج إلا إذا سبق تاريخ ذي اليد بخلاف ما لو ادعياه من واحد فإنه هنا يقضي لذي اليد إلا إذا سبق تاريخ الخارج
والفرق في الهداية ولو كان تاريخ أحدهما أسبق فهو أولى كما لو حضر البائعان وبرهنا وأرخا وأحدهما أسبق تاريخا والمبيع في يد أحدهما يحكم للأسبق ا هـ من الثامن وتمامه فيه
وفي الأشباه قبيل الوكالة إذا برهن الخارج وذو اليد على نسب صغير قدم ذو اليد إلا في مسألتين في الخزانة
الأولى لو برهن الخارج على أنه ابنه من امرأته هذه وهما حران وأقام ذو اليد بينة أنه ابنه ولم ينسبه إلى أمه فهو للخارج
الثانية لو كان ذو اليد ذميا والخارج مسلما فبرهن الذمي بشهود من الكفار وبرهن الخارج قدم الخارج سواء برهن بمسلمين أو بكفار ولو برهن الكافر بمسلمين قدم على المسلم مطلقا ا هـ
قوله ( وإن وقت أحدهما فقط ) إن وصلية ومقتضاها العموم أي إن لم يوقتا أو وقتا متساويا أو مختلفا أو وقت أحدهما وعليه مؤاخذة وهو أنه إذا وقتا واختلف تاريخهما فالعبرة للسابق منهما على ما تقدم لأن للتاريخ عبرة في دعوى الملك المطلق إذا كان من الطرفين عند أبي حنيفة ووافقاه في رواية وخالفاه في أخرى فكان عليه أن يقول إن لم يوقتا
____________________
(8/4)
أو وقتا وأحدهما مساو للآخر أو وقت أحدهما فقط
قال في الغرر حجة الخارج في الملك المطلق أولى إلا إذا أرخا وذو اليد أسبق قوله ( وقال أبو يوسف ذو الوقت أحق ) أي فيما لو وقت أحدهما فقط لأن التاريخ من أحد الطرفين معتبر عنده
والحاصل أن الخارج في الملك المطلق أولى إلا إذا أرخا وذو اليد أسبق
قوله ( وثمرته ) أي ثمرة الخلاف المعلوم من المقام
قوله ( هذا العبد لي ) تقدمت المسألة متنا قبيل السلم
قوله ( تاريخ غيبة ) أي غيبة العبد عن يده لأن قوله ( منذ شهر ) متعلق بغاب فهو قيد للغيبة
قوله ( منذ سنة ) متعلق بما تعلق به
قوله ( لي ) أي ملك لي منذ سنة فهو قيد للملك وتاريخ والمعتبر تاريخ الملك ولم يوجد من الطرفين
قوله ( فلم يوجد التاريخ ) أي تاريخ الملك
قوله ( من الطرفين ) بل وجد من طرف ذي اليد والتاريخ حالة الانفراد لا يعتبر عند الإمام فكان دعوى صاحب اليد مطلق الملك كدعوى الخارج فيقضي ببينة الخارج
قوله ( وقال أبو يوسف ) أي فيما لو وقت أحدهما فقط قوله ( ولو حالة الانفراد ) أي قال أبو يوسف يقضى للمؤرخ سواء أرخا معا وكذا لو أرخا حالة الانفراد لأن التاريخ حالة الانفراد معتبر عنده والحكم فيما لو أرخا معا أولى بالحكم حالة الانفراد لأنه متفق عليه والثاني مذهبه فقط كما هي القاعدة في لو الوصلية أي الحكم في المقدر قبلها أولى بالحكم مما بعدها والمراد بما إذا أرخا معا سبق تاريخ أحدهما أما لو استوى تاريخهما فهو كما لو لم يؤرخا لتساقطهما والفقهاء يطلقون العبارة عند ظهور المعنى وحينئذ فقول بعض المحشين الأول إسقاط لو لأن الكلام في حالة الانفراد وكلامه ينحل أنه يقضى للمؤرخ حال صدور التاريخ منهما
وفي حالة الانفراد ولا معنى للقضاء للمؤرخ فيما إذا أرخا لتحققه منهما بل القضاء للسابق ا هـ غير لازم لأن إعمال الكلام أولى من إهماله
قوله ( كذا في جامع الفصولين ) حيث قال استحق حمارا فطلب ثمنه من بائعه فقال البائع للمستحق من كم مدة غاب عنك هذا الحمار فقال منذ سنة فبرهن البائع أنه ملكه منذ عشر سنين قضى به للمستحق لأنه أرخ غيبته لا الملك والبائع أرخ الملك ودعواه دعوى المشتري لتلقيه من جهته فصار كأن المشتري ادعى ملك بائعه بتاريخ عشر سنين غير أن التاريخ لا يعتبر حالة الانفراد عند أبي حنيفة فبقي دعوى الملك المطلق فحكم للمستحق
أقول يقضى بها للمؤرخ عند أبي يوسف لأنه يرجع المؤرخ حالة الانفراد ا هـ ملخصا
قوله ( وأقره المصنف ) وناقشه الخير الرملي بأن صاحب الفصولين ذكره في الفصل الثامن عشر وقدم في الثامن الصحيح المشهور عن الإمام أنه لا عبرة للتاريخ في الملك المطلق حالة الانفراد وحاصله أن صاحب الفصولين في الثامن في دعوى الخارجين نقل أن الصحيح المشهور عن الإمام عدم اعتباره حالة الانفراد وفي الثامن عشر في الاستحقاق قال ينبغي أن يفتى بقول أبي يوسف من اعتباره لأنه أوفق وأظهر وما ذكره الفقيه في بابه أولى بالاعتبار وهو ما ذكره في الثامن ولا سيما أنه نقله جازما به وأقره والثاني في غير بابه وعبر عنه بينبغي مع ما قالوا أنه يفتى بقول الإمام قطعا ولا سيما إذا كان معه غيره كما هنا فإنه وافقه محمد
تأمل
قوله ( ولو برهن خارجان على شيء ) يعني إذا ادعى اثنان عينا في يد غيرهما وزعم كل واحد منهما أنها ملكه ولم يذكرا سبب الملك
____________________
(8/5)
ولا تاريخه قضى بالعين بينهما لعدم الأولوية وأطلقه فشمل ما إذا ادعيا الوقف في يد ثالث فيقضى بالعقار نصفين لكل وقف النصف وهو من قبيل دعوى الملك المطلق باعتبار ملك الواقف ولهذا قال في القنية دار في يد رجل أقام عليه رجل بينة أنها وقفت عليه وأقام قيم المسجد بينة أنها وقف المسجد فإن أرخا فهي للسابق منهما وإن لم يؤرخا فهي بينهما نصفين ا هـ ولا فرق في ذلك بين أن يدعي ذو اليد الملك فيها أو الواقف على جهة أخرى
مطلب دعوى الوقف من قبيل دعوى الملك المطلق والحاصل أن دعوى الوقف من قبيل دعوى الملك المطلق ولهذا لو ادعى وقفية ما في يد آخر وبرهن فدفعه ذو اليد بأنه مودع فلان ونحوه وبرهن فإنها تندفع خصومة المدعي كما في الإسعاف فدعوى الوقف داخل في المسألة المخمسة وكما تقسم الدار بين الوقفين كذلك لو برهن كل على أن الواقف جعل له الغلة ولا مرجح فإنها تكون بينهما نصفين لما في الإسعاف من باب إقرار الصحيح بأرض في يده أنها وقف لو شهد اثنان على إقرار رجل بأن أرضه وقف على زيد ونسله وشهد آخران على إقراره بأنها وقف على عمرو ونسله تكون وقفا على الأسبق وقتا إن علم وإن لم يعلم أو ذكروا وقتا واحدا تكون الغلة بين الفريقين أنصافا ومن مات من ولد زيد فنصيبه لمن بقي منهم وكذلك حكم أولاد عمرو
وإذا انقرض أحد الفريقين رجعت إلى الفريق الباقي لزوال المزاحم ا هـ
وقيد بالبرهان منهما إذ لو برهن أحدهما فقط فإنه يقضى له بالكل فلو برهن الخارج الآخر يقضى له بالكل لأن المقضي له صار ذا يد بالقضاء له وإن لم تكن العين في يده حقيقة فتقدم بينة الخارج الآخر عليه ولو لم يبرهنا حلف صاحب اليد فإن حلف لهما تترك في يده قضاء ترك لا قضاء استحقاق حتى لو أقاما البينة بعد ذلك يقضى بها وإن نكل لهما جميعا يقضى به بينهما نصفين ثم بعده إذا أقام صاحب اليد البينة أنه ملكه لا تقبل وكذا إذا ادعى أحد المستحقين على صاحبه وأقام بينة أنها ملكه لا تقبل لكونه صار مقضيا عليه
بحر لكن قدمنا عن الأشباه أنها تسمع الدعوى بعد القضاء بالنكول كما في الخانية ونقلنا عن محشيها الحموي ما يخالف ما ذكر من أن المدعى عليه لو نكل عن اليمين للمدعي وقضي عليه بالنكول ثم إن المقضي عليه أقام البينة أنه كان اشترى هذا المدعي من المدعى قبل دعواه لا تقبل هذه البينة إلا أن يشهد أنه كان اشتراه منه بعد القضاء وقدمنا أنه كما يصح الدفع قبل البرهان يصح بعد إقامته أيضا وكذا يصح قبل الحكم كما يصح بعده ودفع الدفع ودفعه وإن كثر صحيح في المختار ولعل ما مشي عليه صاحب البحر هنا مبني على القول الآخر المقابل للقول المختار
تأمل
قوله ( قضى به لهما ) لما روي عن أبي موسى أن رجلين ادعيا بعيرا على عهد رسول الله فبعث كل واحد منهما بشاهدين فقسمه رسول الله بينهما نصفين رواه أبو داود ولأن البينات من حجج الشرع فيجب العمل بها ما أمكن وقد أمكن هنا لأن الأيدي قد تتوالى في عين واحدة في أوقات مختلفة فيعتمد كل فريق ما شاهد من السبب المطلق للشهادة وهو اليد فيحكم بالتنصيف بينهما
وتمامه في الزيلعي
قوله ( فإن برهنا في دعوى نكاح ) أي معا لأنه لو برهن مدعي نكاحها وقضي له به ثم برهن الآخر على نكاحها لا يقبل كما في الشراء إذا ادعاه من فلان وبرهن عليه وحكم له به ثم ادعى آخر شراءه من فلان أيضا لا تقبل ويجعل الشراء المحكوم به سابقا ولا وجه للتفريع فالأولى الإتيان بإلا الاستثنائية
قوله ( سقطا ) الضمير للخارجين فلو أحدهما خارجا والآخر ذا يد فالخارج أحق قياسا على الملك وقيل ذو اليد أولى
____________________
(8/6)
على كل حال ويأتي تمامه قريبا إن شاء الله تعالى
قوله ( لتعذر الجمع ) أي اجتماع الزوجين على زوجة واحدة فإنه متعذر شرعا لأن النكاح لا يقبل الاشتراك فتتهاتر البينتان ويفرق القاضي بينهما حيث لا مرجح وإن كان ذلك قبل الدخول فلا شيء على كل واحد منهما كما في البحر
قوله ( لو حية ) أي هذا الحكم كما ذكر لو حية ولو ميتة قضى به أي بالنكاح بينهما سواء أرخا واستوى تاريخهما أو أرخ أحدهما فقط أو لم يؤرخا وفائدة القضاء تظهر فيما يترتب عليه ولا يلزم جمع على وطء لأنه حينئذ دعوى مال وهو الميراث أو دعوى نسب ويمكن ثبوته منهما كما هو المعروف في المذهب وسيأتي في باب دعوى النسب أنهما لو ادعيا نسب مجهول كان ابنهما بتصديقه وهنا ثبوت الفراش يقوم مقام التصديق
قوله ( وعلى كل نصف المهر ) ولو مات قبل الدخول لأن الموت متمم للمهر
فإن قلت كل منهما مدعي الزوجية معترف بأن عليه المهر كاملا فينبغي أن يلزمه ذلك المسمى إن أثبت تسميته وإلا فمهر المثل
فالجواب أنه لما قضى بدعوى رفيقه في النصف صار مكذبا شرعا بالنسبة إلى نصف المهر فوجب عليه النصف فقط
قوله ( ويرثان ميراث زوج واحد ) لأنه داخل تحت أول المسألة فإن كلا منهما يدعي الميراث كاملا فينصف بينهما
قوله ( ولو ولدت ) أي الميتة قبل الموت وظاهر العبارة أنها ولدت بعده ولكن لينظر هل يقال له ولادة استظهر بعض الفضلاء عدم اتصاف الميتة بالولادة الحقيقية وأن المراد بالولادة انفصال الولد منها بنفسه أو غيره من الأحياء
قوله ( يثبت النسب منهما ) أي لو ادعيا بعد الموت أنها كانت زوجة لهما قبل الولادة أو ولدت بعد الموت وقد ادعى كل منهما أنها زوجته
قوله ( وتمامه في الخلاصة ) وهو أنهما يرثان منه ميراث أب واحد ويرث من كل منهما ميراث ابن كامل
منح وما لو كان البرهانان بلا تاريخ أو بتاريخ مستو أو من أحدهما كما في الخلاصة
وفي المنية ولا يعتبر فيه الإقرار واليد فإن سبق تاريخ أحدهما يقضى له ولو ادعيا نكاحها وبرهنا ولا مرجح ثم ماتا فلها نصف المهر ونصف الميراث من كل منهما ولو ماتت قبل الدخول فعلى كل واحد منهما نصف المسمى ولو مات أحدهما فقالت هو الأول لها المهر والميراث
مقدسي عن الظهيرية
قوله ( وهي لمن صدقته ) أي إن لم يسبق تاريخ الآخر لأن النكاح مما يحكم به بتصادق الزوجين فيرجع إلى تصديقها إلا إذا كانت في بيت أحدهما أو دخل بها أحدهما فيكون هو أولى ولا يعتبر قولها لأن تمكنه من نقلها أو من الدخول بها دليل على سبق عقده إلا أن يقيم الآخر البينة أنه تزوجها قبله فيكون هو أولى لأن الصريح يفوق الدلالة
زيلعي
وفي البحر عن الظهيرية لو دخل بها أحدهما وهي في بيت الآخر فصاحب البيت أولى وأطلق في التصديق فشمل ما إذا سمعه القاضي أو برهن عليه مدعيه بعد إنكارها له
قال في التبيين حاصله أنهما إذا تنازعا في امرأة وأقاما البينة
فإن أرخا وكان تاريخ أحدهما أقدم كان أولى وإن لم يؤرخا أو استوى تاريخهما فإن كان مع أحدهما قبض كالدخول بها أو نقلها إلى منزله كان أولى وإن لم يوجد شيء من ذلك يرجع إلى تصديق المرأة
____________________
(8/7)
وفي البحر والحاصل أن سبق التاريخ أرجح من الكل ثم اليد ثم الدخول ثم الإقرار ثم ذو التاريخ ا هـ
ثم اعلم أن بعضهم عبر بإقرارها وبعضهم بتصديقها فالظاهر أنهما سواء هنا ولكن فرقوا بينهما فقال الزيلعي في باب اللعان فإن أبت حبست حتى تلاعن أو تصدقه
وفي بعض نسخ القدوري أو تصدقه فتحد وهو غلط لأن الحد لا يجب بالإقرار مرة وهو لا يجب بالتصديق أربع مرات لأن التصديق ليس بإقرار قصدا لكنه إقرار ضمنا فلا يعتبر في حق وجوب الحد ويعتبر في درئه فيندفع به اللعان ولا يجب به الحد ا هـ
وتقدم في حد القذف أنه لو قال لرجل يازاني فقال له غيره صدقت حد المبتدىء دون المصدق ولو قال صدقت هو كما قلت فهو قاذف أيضا ا هـ
وإنما وجب في الثانية للعموم في كاف التشبيه لا للتصديق فعلم بهذا أن الحد لا يجب بالتصديق
قال في البزازية قال لي عليك كذا فقال صدقت يلزمه إذا لم يقل على وجه الاستهزاء ويعرف ذلك بالنغمة ا هـ فهو صريح فيما ذكرنا
وأقول لو اختلفا في كونه صدر على وجه الاستهزاء أم لا فالقول لمنكر الاستهزاء بيمينه والظاهر أنه على نفي العلم لا على فعل الغير
تأمل
وفي شرح أدب القضاء وإن شهدا عليه فقال بعدما شهدا عليه الذي شهد به فلان علي هو الحق ألزمه القاضي ولم يسأل عن الآخر لأن هذا إقرار منه وإن قال قبل أن يشهدا عليه الذي يشهد به فلان علي حق أو هو الحق فلما شهدا قال للقاضي سل عنهما فإنهما شهدا علي بباطل وما كنت أظنهما يشهدان لم يلزمه وسأل عنهما لأنه إقرار معلق بالخطر فلا يصح ا هـ
قوله ( إذا لم تكن في يد من كذبته ) فلو وجد أحدهما لا يعتبر قولها كما علمت
قوله ( ولم يكن دخل من كذبته بها ) لأن الدخول صار ذا يد وذلك دليل سبق عقده ظنا بالمسلم خيرا وحملا لأمره على الصلاح ولأهل الذمة ما لنا في المعاملات
قوله ( هذا إذا لم يؤرخا ) مثل عدم التأريخ منهما إذا أرخا تأريخا مستويا أو أرخ أحدهما
بحر قوله ( فالسابق أحق بها ) أي وإن صدقت الآخر أو كان ذا يد أو دخل بها لأنه لا يعتبر مع السبق وضع يد ولا دخول لكونه صريحا وهو يفوق الدلالة كما علمت
قوله ( فهي لمن صدقته ) إن لم يكن لأحدهما يد أي أو دخول
قوله ( أو لذي اليد ) أي إن كانت يد ولا يعتبر تصديق معه أي إن أرخ أحدهما وللآخر يد فإنها لذي اليد
قوله ( وعلى ما مر عن الثاني ) أي من أنه يقضي للمؤرخ حالة الانفراد على ذي اليد فيقضي هنا للمؤرخ وإن كان الآخر ذا يد لترجح جانب المؤرخ حالة الانفراد عند أبي يوسف وقدمنا عن الزيلعي أنه لو برهن أنه تزوجها قبله فهو أولى وسيأتي متنا
قوله ( ولم أر من نبه على هذا ) ذكره في البحر بحثا حيث قال فالحاصل كما في البزازية إنه لا يترجح أحدهما إلا بسبق التاريخ أو باليد أو بإقرارها بدخول أحدهما ا هـ
وكان يبتغي أن يزيد أو بتاريخ من أحدهما فقط كما علمته ا هـ
ولعل وجه عدم التنبيه أنهما إذا أرخ أحدهما وللآخر يد فاليد دليل على العقد والتأريخ ليس بدليل عليه
قوله ( فتأمل ) أي هل يجري قوله هنا ويعتبر التأريخ من جانب واحد أو لا يعتبر احتياطا في أمر الفروج والذي يظهر الثاني فراجعه
قوله ( وإن أقرت ) أي المرأة لمن لا حجة له فهي له لما عرفت من أن النكاح يثبت
____________________
(8/8)
بتصادق الزوجين
قوله ( وإن برهن الآخر ) أي بعد الحكم للأول بموجب الإقرار والأولى أن يقول فإن لم تقم حجة فهي لمن أقرت له ثم إن برهن الآخر قضي له
قوله ( قضى له ) لأنه أقوى من التصادق لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة ويثبت في حق الكل بخلاف الإقرار فإنه حجة قاصرة يثبت في حق المقر فقط فإقرارها إنما نفذ عليها لا على من أقام البرهان على أنها زوجته وإنما قلنا في حق الكل لأن القضاء لا يكون على الكافة إلا في القضاء بالحرية والنسب والولاء والنكاح ولكن في النكاح شرط هو أن لا يؤرخا فإن أرخ المحكوم له ثم ادعاها آخر بتاريخ أسبق فإنه يقضي له ويبطل القضاء الأول ويشترك ذلك أيضا في الحرية الأصلية كما في البحر
وقوله ( ولكن في النكاح الخ ) أي القضاء في النكاح إنما يكون على الكافة إذا لم يؤرخا ويحمل على ما إذا ترجحت بينته بمرجح آخر غير التاريخ كالقبض والتصديق وإلا فلا يتصور القضاء له لاستوائهما في عدم التاريخ
قوله ( لم يقض له ) لتأكد الأول بالقضاء
قوله ( إلا إذا ثبت سبقه ) أي سبق الخارج بالتاريخ بأن أرخ الأول تاريخا مع البرهان وأرخ الثاني تاريخا سابقا وأقام البرهان فإنه يقدم
قال المقدسي ونظيره الشراء من زيد لو حكم به ثم ادعاه آخر من زيد وبرهن وكذا النسب والحرية بخلاف الملك المطلق
ا هـ يعني الحكم فيه لمن برهن بعد الحكم لآخر وإن لم يثبت السبق
قوله ( لأن البرهان مع التاريخ ) أي السابق بدليل ما قال في المتن إلا إذا ثبت سبقه ولأن من المعلوم أنه إنما يكون أقوى بالسبق
قوله ( أقوى منه بدونه ) أي بدون التاريخ السابق
وصورة المسألة ادعى أنه تزوجها العام وأقام بينة على ذلك فقضى له ثم ادعى آخر نكاحها قبل العام تسمع ويقضي له لسبقه لأن السبق لا يتحقق إلا عند التاريخ منهما لكن لما كان الثاني سابقا فكأن الأول لم يؤرخ أصلا
قوله ( ظهر نكاحه ) أي ثبت نكاحه وظهوره إنما يكون بالبينة
وفيه إشارة إلى أن ذا اليد لو برهن بعدما قضى للخارج يقبل
وقال بعضهم إن لم يقض له
قوله ( إلا إذا ثبت سبقه ) أي سبق نكاحه أي سبق الخارج بالتاريخ فإنه يقدم على ما علم مما ذكرناه من الحاصل عن التبيين و البحر وقد تبع المصنف صاحب الدرر في ذكر هذه العبارة
وقال الشرنبلالي وهي موجودة في النسخ بصورة المتن ولعله شرح إذ ليس فيه زيادة على المتقدم ا هـ
واعلم أنه إذا ادعى نكاح صغيرة بتزويج الحاكم لا تسمع إلا بشروط أن يذكر اسم الحاكم ونسبه وأن السلطان فوض إليه التزويج وأنه لم يكن لها ولي كما في البزازية
ثم اعلم أن يوم الموت لا يدخل تحت القضاء ويوم القتل يدخل هكذا في الظهيرية والعمادية والولوالجية والبزازية وغيرها
وفرعوا على الأول ما لو برهن الوارث على موت مورثه في يوم ثم برهنت امرأة على أن مورثه كان نكحها بعد ذلك اليوم يقضي لها بالنكاح وعلى الثاني لو برهن الوارث على أنه قتل يوم كذا فبرهنت امرأة على أن هذا المقتول نكحها بعد ذلك اليوم لا تقبل
وعلى هذا جميع العقود والمداينات
وكذا لو برهن الوارث على أن مورثه قتل يوم كذا فبرهن المدعى عليه أنه كان مات قبل هذا بزمان لا يسمع ولو برهن على أن مورثه قتل يوم كذا فبرهن المدعى عليه أنه قتله فلان قبل هذا بزمان يكون دفعا لدخوله
____________________
(8/9)
تحت القضاء هذه عبارة البزازية
وزاد الولوالجي موضحا لدعوى المرأة النكاح بعد ثبوت القتل في يوم كذا
بقوله ألا ترى أن امرأة لو أقامت البينة أنه تزوجها يوم النحر بمكة فقضى بشهودها ثم أقامت أخرى بينة أنه تزوجها يوم النحر بخراسان لا تقبل بينة المرأة الأخرى لأن النكاح يدخل تحت القضاء فاعتبر ذلك التاريخ فإذا ادعت امرأة أخرى بعد ذلك التاريخ بتاريخ لم يقبل ا هـ
أقول وجه الشبه بين المسألتين أن تاريخ برهان المرأة على نكاح المقتول مخالف لتاريخ القتل إذ لا يتصور بعد قتله أن ينكح كما أن نكاح الثانية له يوم النحر بخراسان لا يتصور مع نكاح الأولى له يومه بمكة فهو مخالف من هذه الحيثية فأشبهت هذه المسألة الأولى في المخالفة وكل من النكاح والقتل يدخل تحت الحكم فتأمل
وفي الظهيرين ادعى ضيعة في يد رجل أنها كانت لفلان مات وتركها ميراثا لفلانة لا وارث له غيرها ثم إن فلانة ماتت وتركتها ميراثا لي لا وارث لها غيري وقضى القاضي له بالضيعة فقال المقضي عليه دفعا للدعوى إن فلانة التي تدعي أنت الإرث عنها لنفسك ماتت قبل فلان الذي تدعي الإرث عنه لفلانة اختلفوا
بعضهم قالوا إنه صحيح وبعضهم قالوا إنه غير صحيح بناء على أن يوم الموت لا يدخل تحت القضاء ا هـ
وإذا كان الموت مستفيضا علم به كل صغير وكبير وكل عالم وجاهل لا يقضى له ولا يكون بطريق أن القاضي قبل البينة على ذلك الموت بل يكون بطريق التيقن بكذب المدعي
قال في التاترخانية في الفصل الثامن في التهاتر نقلا عن الذخيرة فيما لو ادعى المشهود عليه أن الشهود محدودون في قذف من قاضي بلد كذا فأقام الشهود أنه أي القاضي مات في سنة كذا الخ أنه لا يقضي به إلا إذا كان موت القاضي قبل تاريخ شهود المدعى عليه مستفيضا ا هـ مع غاية الاختصار فراجعه إن شئت والله تعالى الموفق
وتمام التفاريع على هذه المسألة في جامع الفصولين ونور العين والبحر وغيرها وقد مر تحقيقه في فصل الحبس فراجعه إن شئت
قوله ( وإن ذكرا ) هو مقابل لقوله وإن برهن الخارجان معطوف عليه أي إن برهنا على مطلق الملك فقد تقدم حكمه وإن ذكرا سبب الملك فحكما هذا
قوله ( بأن برهنا على شراء شيء من ذي يد ) مثله ما إذا برهن الخارجان على ذي يد أن كلا أودعه الذي في يده فإنه يقضي به بينهما نصفين وكذا الإرث فلو ادعى كل من خارجين الميراث عن أبيه وبرهن قضى به بينهما وأفاد المصنف باقتصار كل على دعوى الشراء مجردة أنه لو ادعى أحدهما شراء وعتقا والآخر شراء فقط يكون مدعي العتق أولى فإن العتق بمنزلة القبض
ذكره في خزانة الأكمل
وفيه إشارة إلى أنه لو أرخ أحدهما فهو له وفي قوله ( من ذي يد ) إشارة إلى أنه لو في يد أحدهما فهو أولى وإن أرخ الخارج
نعم لو تلقياه من جهتين كان الخارج أحق وهذا أوضح مما في المتن
قوله ( فلكل نصفه ) لاستوائهما في السبب لكنه يخير كما ذكره بعد فصار كفضوليين باع كل منهما من رجل وأجاز المالك البيعين فإن كلا منهما يخير أنه تغير عليه شرط عدم عقده فلعل رغبته في تملك الكل ا هـ
قوله ( بنصف الثمن ) أي الذي عينه أحدهما وإن كان ما عينه الآخر كأن ادعى أحدهما أنه اشتراه بمائة والآخر بمائتين أخذ الأول نصفه بخمسين والآخر نصفه بمائة وقيد بالشراء من ذي اليد لأنه لو ادعيا الشراء من ذي اليد فإنه يأتي حكمه
قوله ( لتفريق الصفقة عليه ) فلعل رغبته في تملك الكل
قوله ( وإن ترك أحدهما بعدما قضى لهما )
____________________
(8/10)
أفاد أنه بالقضاء له بالنصف لا يجبر على أخذه لما فيه من الضرر
قوله ( لانفساخه ) أي انفساخ البيع في النصف بالقضاء أي لأنه صار مقضيا عليه بالنصف لصاحبه فانفسخ البيع فيه فلا يكون له أن يأخذه بعد الانفساخ لأن العقد متى انفسخ بقضاء القاضي لا يعود إلا بتجديده ولم يوجد
قوله ( فلو قبله ) أي فلو ترك أحدهما قبل القضاء به بينهما فللآخر أن يأخذه كله لأنه أثبت ببينته أنه اشترى الكل وءنما يرجع إلى النصف بالمزاحمة ضرورة القضاء به ولم يوجد ونظيره تسليم أحد الشفيعين قبل القضاء ونظير الأول تسليمه بعد القضاء كما في البحر قوله ( للسابق تأريخا إن أرخا ) أي لأنه أثبت الشراء في زمن لا ينازعه فيه أحد فاندفع الآخر به وهذا كما علمت فيما إذا ادعيا الشراء من واحد فلو اختلف بائعهما لم يترجح أسبقهما تاريخا ولا المؤرخ فقط لأن ملك بائعهما لا تاريخ له
قوله ( فيرد البائع ما قبضه ) أي الثمن
قوله ( وهو لذي يد ) أي المدعي بالفتح إن لم يؤرخا الخ
لما ذكر ما إذا ادعى الخارجان الشراء من ذي اليد وفيه لا يترجح واحد إلا بسبق التاريخ أخذ يتكلم على ما إذا ادعى خارج وذو يد الشراء من واحد ويترجح ذو اليد لأنها دليل سبقه ولأنهما استويا في الإثبات وترجيح ذي اليد بها وليس للثاني ما يعارضها فلا يساويه ولأن يد الثابت لا تنقص بالشك
ويكون الترجيح أيضا في هذه المسألة بسبق التاريخ فيترجح ذو اليد في أربع ما إذا سبق تاريخه وهو ظاهر وما إذا لم يؤرخا لما ذكر وما إذا كان التاريخ من جانب لأنه غير معتبر كما لو لم يؤرخا وما إذا استوى التاريخان لتعارضهما فصار كما لو لم يؤرخا ويترجح الخارج في واحدة وهو ما إذا سبق تاريخه
ويمكن أن تجعل هذه المسألة من تفاريع ما إذا ادعى الخارجان الشراء من ذي اليد وأثبت أحدهما بالبينة قبضه فيما مضى من الزمان على ما نقله في البحر عن المعراج
ويشكل عليه ما ذكره بعد عن الذخيرة من أن ثبوت اليد بأحدهما بالمعاينة
ويمكن أن يقال ما ثبت بالبينة معاينة لأن المعاينة لا تكفي من القاضي لأنه لا يقضي بعلمه فلم يبق إلا معاينة الشهود
قال في البحر ولي إشكال في عبارة الكتاب وهو أن أصل المسألة مفروض في خارجين تنازعا فيما في يد ثالث فإذا كان مع أحدهما قبض كان ذا يد تنازع مع خارج فلم تكن المسألة
ثم رأيت في المعراج ما يزيله من جواز أنه أثبت بالبينة قبضه فيما مضى من الزمان وهو الآن في يد البائع انتهى
إلا أنه يشكل ما ذكره بعد عن الذخيرة بأن ثبوت اليد لأحدهما بالمعاينة انتهى والحق أنها مسألة أخرى وكان ينبغي إفرادها
وحاصلها أن خارجا وذا يد ادعى كل الشراء من ثالث وبرهنا قدم ذو اليد في الوجوه الثلاثة والخارج في وجه واحد انتهى كلام البحر
وفيه الإشكال الذي ذكره عن الذخيرة
وأجاب المقدسي بأن قوله ( وهو لذي يد إن لم يؤرخا ) يرجع إلى مطلق مدعيين لا بقيد كونهما خارجين وقد أشار المصنف إلى ما قدمنا من أن الحق أنها مسألة أخرى وكان ينبغي إفرادها حيث ذكر قوله ولذي وقت ولكن كان عليه أن يقدمه على قوله ولذي يد لأنه من تتمة المسألة الأولى ويكون قوله ولذي استئناف مسألة أخرى
فرع لو برهنا على ذي يد بالوديعة يقضي بها لهما نصفين ثم ذا أقام أحدهما البينة على صاحبه أنه له لم يسمع
____________________
(8/11)
ولو برهن أحدهما وأقام الآخر شاهدين ولم يزكيا قضى به لصاحب البينة ثم أقام الآخر بينة عادلة أنه ملكه أودعه عند الذي في يده أو لم يذكروا ذلك فقضى به له على المقضي له أولا وهذا يخالف الشراء فإن فيه لا يحكم للثاني ولعله لأن الإيداع من قبيل المطلق
قوله ( وهو لذي وقت الخ ) الأولى تقديمها على قوله ( وهو لذي يد ) لأنها من تتمة الأولى وإنما كان القول له لثبوت ملكه في ذلك الوقت مع احتمال الآخر أن يكون قبله أو بعده فلا يقضي له بالشك وإنهما اتفقا على أن الملك للبائع ولم يثبت الملك لهما إلا بالتلقي منه وأن شراءهما حادث والحادث يضاف إلى أقرب الأوقات إلا إذا ثبت التاريخ فيثبت تقدمه فلهذا كان المؤرخ أولى بخلاف ما إذا اختلف بائعهما على ما بينا وبخلاف ما إذا ادعى الملك ولم يدع الشراء من ذي اليد حيث لم يكن التاريخ أولى عند أبي حنيفة ومحمد
تبيين قال المدني أقول التاريخ في الملك المطلق لا عبرة به من طرف واحد بخلافه في الملك بسبب كما هو معروف ا هـ
وفيه عن القهستاني عن الخزانة أنه لو وقت أحدهما شهرا والآخر ساعة فالساعة أولى والتاريخ هو قلب التأخير
واصطلاحا هو تعريف وقت الشيء بأن يسند إلى وقت حدوث أمر شائع كظهور دولة أو غيره كطوفان وزلزلة لينسب إلى ذلك الوقت الزماني الآتي وقيل هو يوم معلوم نسب إليه ذلك الزمان وقيل هو مدة معلومة بين حدوث أمر ظاهر وبين أوقات حوادث أخر كما في نهاية الإدراك
قوله ( والحال أنه لا يد لهما ) بأن كان المبيع في يد ثالث
قوله ( وإن لم يوقتا الخ ) لا حاجة إليه
قوله ( والشراء أحق من هبة ) أي لو برهن خارجان على ذي يد أحدهما على الشراء منه والآخر على الهبة منه كان الشراء أولى لأنه أقوى لكونه معاوضة من الجانبين ولأنه يثبت الملك بنفسه والملك في الهبة يتوقف على القبض فلو أحدهما ذا يد والمسألة بحالها يقضى للخارج أو للأسبق تاريخا وإن أرخت إحداهما فلا ترجيح ولو كل منهما ذا يد فهو لهما أو للأسبق تاريخا كدعوى ملك مطلق ولو اختلف المملك استويا لأن كلا منهما خصم عن مملكه في إثبات ملكه وهما سواء بخلاف ما لو اتحد لاحتياجهما إلى إثبات السبب وفيه يقدم الأقوى وأطلق في الهبة وهي مقيدة بالتسليم وبأن لا تكون بعوض وإلا كانت بيعا وأشار إلى استواء الصدقة والهبة المقبوضتين للاستواء في التبرع ولا ترجيح للصدقة باللزوم لأنه يظهر في ثاني الحال وهو عدم التمكن من الرجوع في المستقبل والهبة قد تكون لازمة كهبة محرم والصدقة قد لا تلزم بأن كانت لغني كذا في البحر ملخصا
وفيه ولم أر حكم الشراء الفاسد مع القبض والهبة مع القبض فإن الملك في كل متوقف على القبض وينبغي تقديم الشراء للمعاوضة
ورده المقدسي بأن الأولى تقديم الهبة لكونها مشروعة والبيع الفاسد منهي عنه ولم يذكر ما لو اختلفا في الشراء مع الوقف فحكمه ما في مشتمل الأحكام عنالقنية قال ادعى على رجل أن هذه الدار التي في يده وقف مطلق وذو اليد ادعى أن بائعي اشتراها من الوقف وأرخا وأقاما البينة فبينة الوقف أولى ثم إذا أثبت ذو اليد تاريخا سابقا على الوقف فبينته أولى وإلا فبينه الوقف أولى ا هـ
وفي فتاوى مؤيد زاده ادعى عليه دارا أنه باعها مني منذ خمس عشرة سنة وادعى الآخر أنها وقف عليه مسجل وأقاما بينة فبينة مدعي البيع أولى وإن ذكر الواقف بعينه فبينة الوقف أولى لأنه يصير مقضيا عليه
____________________
(8/12)
قوله ( وصدقة ) قال في البحر الصدقة المقبوضة والهبة كذلك سواء للتبرع فيهما ولا ترجيح للصدقة باللزوم لأن أثر اللزوم يظهر في ثاني الحال وهو عدم التمكن من الرجوع في المستقبل والترجيح يكون بمعنى قائم في الحال والهبة قد تكون لازمة بأن كانت لمحرم والصدقة قد لا تلزم بأن كانت لغني
قوله ( ورهن ولو مع قبض ) إنما قدم الشراء عليه لأنه يفيد الملك بعوض للحال والرهن لا يفيد الملك للحال فكان الشراء أقوى وقد علمت أن الهبة بعوض كالشراء فتقدم عليه وقوله ولو مع قبض راجع إلى الرهن فقط لأن دعوى الهبة أو الصدقة غير المقبوضة لا تسمع
قوله ( واتحد المملك ) أما إذا كان المملك مختلفا فلا يعتبر فيه سبق التاريخ
أبو السعود
بل يستويان كما يأتي قال في البحر أطلقه وهو مقيد بأن لا تاريخ لهما إذ لو أرخا مع اتحاد المملك كان للأسبق فأخذه منه وذكر ما ذكر من خلل صاحب الكنز بهذا القيد مع جواز الاعتذار بحمل المطلق على الخالي من التاريخ إذ الأصل عدمه فتأمل
أفاده الرملي
قوله ( ولو أرخت إحداهما ) أي إحدى البينتين لما تقدم فيما إذا أرخت إحدى بينتي مدعي الشراء من واحد
قوله ( فالمؤرخة أولى ) لأنهما اتفقا على الملك والملك لا يتلقى إلا من جهة المملك وهو واحد فإذا أثبت أحدهما تاريخا يحكم له به درر
قوله ( استويا ) لأن كلا منهما خصم عن مملكه في إثبات ملكه وهما فيه سواء بخلاف ما إذا اتحد لاحتياجهما إلى إثبات السبب وفيه يقدم الأقوى كما في البحر أي فينصف المدعي بين مدعي الشراء ومدعي الهبة والصدقة وهذا ظاهر في غير الرهن أما فيه فينبغي أن لا يصح فيه مطلقا لعدم صحة رهن المشاع شيوعا مقارنا أو طارئا على حصة شائعة يقسم أو لا كما سيأتي في بابه
وأما طروه على حصة مفروزة فلا يبطله كما نبه عليه المقدسي فتنبه
وفي البحر لو ادعى الشراء من رجل وآخر الهبة والقبض من غيره والثالث الميراث من أبيه والرابع الصدقة من آخر قضى بينهم أرباعا لأنهم يلتقون الملك من مملكهم فيجعل كأنهم حضروا وأقاموا البينة على الملك المطلق
قوله ( وهذا ) أي الاستواء
اعلم أن صاحب البحر والهندية جعلا ذلك فيما إذا كانت العين في أيديهما
وعبارة البحر بعد أن صرح بأن مدعي الشراء والهبة مع القبض خارجان ادعيا على ثالث نصها وقيد بكونهما خارجين للاحتراز عما إذا كانت في يد أحدهما والمسألة بحالها فإنه يقضى للخارج إلا في أسبق التاريخ فهو للأسبق وإن أرخت إحداهما فلا ترجيح لها كما في المحيط وإن كانت في أيديهما فيقضي بينهما إلا في أسبق التاريخ فهي له كدعوى ملك مطلق وهذا إذا كان المدعى مما لا يقسم كالعبد والدابة
وأما فيما يقسم كالدار فإنه يقضى لمدعي الشراء لأن مدعي الهبة أثبت بالبينة الهبة في الكل ثم استحق الآخر نصفه بالشراء واستحقاق نصف الهبة في مشاع يحتمل القسمة يبطل الهبة بالإجماع
فلا تقبل بينة مدعي الهبة فكان مدعي الشراء منفردا بإقامة البينة
ا هـ
ونقلاها عن المحيط
وكلام المؤلف يفيد أن ذلك فيما إذا اختلف المملك واستويا والحكم واحد لأن الإشاعة تتحقق في حال اختلافه أيضا
قوله ( لأن الاستحقاق ) أي استحقاق مدعي الشراء النصف وهو جواب عما قاله في العمادية من أن الصحيح أنهما سواء لأن الشيوع الطارىء لا يفسد الهبة ويفسد الرهن ا هـ
وأقره في البحر وصدر الشريعة
قال المصنف نقلا عن الدرر عده صورة الاستحقاق من أمثلة الشيوع الطارىء غير صحيح
والصحيح ما في
____________________
(8/13)
الكافي والفصولين فإن الاستحقاق إذا ظهر بالبينة كان مستندا إلى ما قبل الهبة فيكون مقارنا لها لا طارئا عليها انتهت أي وحيث كانت من قبيل المقارن وهو يبطل الهبة إجماعا ينفرد مدعي الشراء بالبرهان فيكون أولى
قوله ( من قبيل الشيوع المقارن ) أي وهو يبطل الهبة بالإجماع كما علمت فينفرد مدعي الشراء بإقامة البينة فيكون أولى
قوله ( لا الطارىء ) لأنه لا يفسد الهبة والصدقة بخلاف المقارن كما علمت وهذا جواب عما قاله العمادي كما تقدم والرجوع ببعض الهبة كالشيوع الطارىء
قوله ( هبة الدرر ) ومثله في التبيين والمنح
قوله ( والشراء والمهر سواء ) يعني إذا ادعى أحدهما الشراء من ذي يد وادعت امرأة أنه تزوجها عليه فهما سواء لاستوائهما في القوة فإن كل واحد منهما معاوضة يثبت الملك بنفسه وهذا عندهما
وقال محمد الشراء أولى
قوله ( وترجع هي ) أي على الزوج بنصف القيمة لاستحقاق نصف المسمى
قوله ( وهو بنصف الثمن ) أي إن كان نقده
قوله ( أو يفسخ ) بالبناء للمجهول ليشمل المهر والمشتري لأن كلا منهما دخل عليه عيب تفريق الصفقة فللمرأة أن ترده وترجع بجمع القيمة والمشتري بجميع الثمن قوله ( لما مر ) أي من تفرق الصفقة عليه
قوله ( أو أرخا واستوى تاريخهما الخ ) قال في ترجيح البينات للبغدادي قامت بينة على المال وبينة على البراءة وأرخا فإن كان تاريخ البراءة سابقا يقضي بالمال وإن كان لاحقا يقضي بالبراءة وإن لم يؤرخا أو أرخت إحداهما دون الأخرى أو أرخا وتاريخهما سواء فالبراءة أولى لأن البراءة إنما تكتب لتكون حجة صحيحة ولا صحة لها إلا بعد وجوب المال والظاهر أنه كان بعد وجوب المال ا هـ
قوله ( قيد بالشراء ) أي في جعله مع المهر سواء لأن الهبة وأخواتها لا تساوي المهر ولذا قال الشارح لأن النكاح أحق
قوله ( لأن النكاح أحق من هبة أو رهن أو صدقة ) انظر ما معنى هذه العبارة مع قوله المار والشراء والمهر سواء فلم يظهر لي فائدتها سوى أنه تكرار محض
تأمل
قوله ( والمراد من النكاح ) أي في قول العمادي لأن النكاح الخ المهر
قال في البحر ناقلا عن جامع الفصولين لو اجتمع نكاح وهبة يمكن أن يعمل بالبينتين لو استويتا بأن تكون منكوحة لذا وهبة للآخر بأن يهب أمته المنكوحة فينبغي أن لا تبطل بينة الهبة حذرا من تكذيب المؤمن وكذا الصدقة مع النكاح وكذا الرهن مع النكاح ا هـ
وهو وهم لأنه فهم أن المراد لو تنازعا في أمة أحدهما ادعى أنها ملكه بالهبة والآخر أنه تزوجها وليس مرادهم وإنما المراد من النكاح المهر كما عبر به في المحيط في الكتاب ولذا قال في المحيط والشراء أولى من النكاح عند محمد
وعند أبي يوسف هما سواء
لمحمد أن المهر صلة من وجه قد أطلق النكاح وأراد المهر ومما يدل على ما ذكرناه أن العمادي بعدما ذكر أن النكاح أولى قال ثم إن كانت العين في يد أحدهما فهو أولى إلا أن يؤرخا وتاريخ الخارج أسبق فيقضي للخارج ولو كانت في أيديهما يقضى بها بينهما نصفين إلا أن يؤرخا وتاريخ أحدهما أسبق فيقضي له ا هـ
وكيف يتوهم أن الكلام في المنكوحة بعد قوله تكون بينهما نصفين وينبغي لو تنازعا في الأمة ادعى أحدهما أنها ملكه والآخر أنها منكوحته وهما من رجل واحد وبرهنا ولا مرجح أن يثبتا لعدم المنافاة فتكون ملكا لمدعي الملك هبة أو شراء منكوحة للآخر كما بحثه في الجامع ولم أره صريحا
ا هـ
____________________
(8/14)
فالحاصل أن صاحب البحر استحسن بحث صاحب الفصولين ولكنه لم يره منقولا ووهمه في حمله قولهم النكاح أولى من الهبة أن المراد ادعاء أحدهما نكاح الأمة والآخر هبتها بدليل ما ذكره في العمادية أنها لو كانت في أيديهما ولا مرجح يقضي بينهما ولا يصح ذلك في المدعي نكاحها وأن صاحب المحيط أطلق النكاح وأراد المهر كما بينه
قوله ( المهر ) فيكون من إطلاق الشيء وإرادة أثره المترتب عليه
قوله ( كما حرره في البحر مغلطا للجامع ) أي جامع الفصولين في قوله لو اجتمع نكاح وهبة إلى آخر ما قدمناه
قوله ( نعم الخ ) هذا الذي جعله صاحب البحر بحثا لصاحب الفصولين وذكر أنه لم يره منقولا كما تقدم وهو استدراك على قوله والمراد من النكاح المهر
قوله ( لو تنازعا في الأمة ) أي وبرهنا
قوله ( ولا مرجح ) كسبق التاريخ
قوله ( فتكون مملكا له الخ ) لعدم المنافاة
قوله ( ورهن مع قبض الخ ) أي إن لم يكن مع واحد منهما تاريخ
قوله ( معه ) أي مع القبض
قال المصنف في منحه قولي بلا عوض هو قيد لازم أخل به صاحب الكنز والوقاية قال الرملي هو لصاحب البحر مع أنه لا يضر تركه إذا الهبة إذا أطلقت يراد بها الخالية عن العوض كما هو ظاهر
بل لقائل أن يقول ذكرها ربما يشبه التكرار لأنها بيع انتهاء حتى جرت أحكام البيع عليها فيعلم حكمها منه
تأمل
قوله ( استحسانا ) وجه الاستحسان أن الرهن مضمون فكذا المقبوض بحكم الرهن والهبة أمانة والمضمون أقوى فكان أولى
والقياس أن الهبة أولى لأنها تثبت الملك والرهن لا يثبته
قوله ( ولو العين معهما استويا ) يعني أن ما تقدم فيما إذا كان خارجين فإن كانت في يديهما فهما سواء وإن كانت في يد أحدهما فهو أولى إلا أن يؤرخا وتاريخ الخارج أسبق فيقضي له
وبحث فيه العمادي بأن الشيوع الطارىء يفسد الرهن فينبغي أن يقضي بالكل لمدعي الشراء لأن مدعي الرهن أثبت رهنا فاسدا فلا تقبل بينته فصار كأن مدعي الشراء انفرد بإقامة البينة ولهذا قال شيخ الإسلام خواهر زاده إنه إنما يقضي به بينهما فيما إذا اجتمع الشراء والهبة إذا كان المدعي مما لا يحتمل القسمة كالعبد والدابة أما إذا كان شيئا يحتملها يقضي بالكل لمدعي الشراء قال لأن مدعي الشراء قد استحق النصف على مدعي الهبة واستحقاق نصف الهبة في مشاع يحتمل القسمة يوجب فساد الهبة فلا تقبل بينة مدعي الهبة غير أن الصحيح ما أعلمتك من أن الشيوع الطارىء لا يفسد الهبة والصدقة ويفسد الرهن والله تعالى أعلم
بحر
قلت وعلى ما مر من أن الاستحقاق من الشيوع المقارن ينبغي أن يقضي لمدعي الشراء بالأولى فالحكم بالاستواء على كل من القولين مشكل فليتأمل
قال المصنف في المنح هذا الكلام من العمادي يشير إلى أن الاستحقاق من قبيل الشيوع الطارىء وليس كذلك بل هو من الشيوع المقارن المفسد كما صرح به في جامع الفصولين وصححه في شرح الدرر والغرر ونقله في الكنز في كتاب الهبة وأقره
قوله ( وإن برهن خارجان على ملك مؤرخ الخ ) قيد بالملك لأنه لو أقامها على أنها في يده منذ سنين ولم يشهد أنها له قضى بها للمدعي لأنها شهدت باليد لا بالملك كما في البحر
وفيه ومن أهم مسائل هذا الباب معرفة الخارج من ذي اليد
____________________
(8/15)
وفي جامع الفصولين ادعى كل أنه في يده فلو برهن أحدهما يقبل ويكون الآخر خارجا ولولا بينة لهما لا يحلف واحد منهما
ولو برهن أحدهما على اليد وحكم بيده ثم برهن على الملك لا تقبل إذ بينة ذي اليد على الملك لا تقبل
مطلب من أهم مسائله دعوى الرجلين معرفة الخارج من ذي اليد أخذ عينا من يد آخر وقال إني أخذته من يده لأنه كان ملكي وبرهن على ذلك تقبل لأنه وإن كان ذا يد بحكم الحال لكنه لما أقر بقبضه منه فقد أقر أن ذا اليد في الحقيقة هو الخارج
ولو غصب أرضا وزرعها فادعى رجل أنها له وغصبها منه فلو برهن على غصبه وإحداث يده يكون هو ذا يد والزراع خارجا ولو لم يثبت إحداث يده فالزارع ذو يد والمدعي هو الخارج
بيده عقار أحدث الآخر عليه يده لا يصير به ذا يد فلو ادعى عليه أنك أحدثت اليد وكان بيدي فأنكر يحلف ا هـ
وبه علم أن اليد الظاهر لا اعتبار بها
ثم اعلم أن الرجلين إذا ادعيا عينا فإما أن يدعيا ملكا مطلقا أو ملكا بسبب متحد قابل للتكرار أو غير قابل أو مختلف أحدهما أقوى من الآخر أو مستويان من واحد أو من متعدد أو يدعي أحدهما الملك المطلق والآخر الملك بسبب أو أحدهما ما يتكرر والآخر ما لا يتكرر فهي تسعة وكل منهما إما أن يبرهن أو يبرهن أحدهما فقط أو لا برهان لواحد منهما ولا مرجح أو لأحدهما مرجح فهي أربعة صارت ستا وثلاثين وكل منها إما أن يكون المدعي في يد ثالث أو في يدهما أو في يد أحدهما فهي أربعة صارت مائة وثمانية وعشرين وكل منها على أربعة إما أن لا يؤرخا أو أرخا واستويا أو سبق أحدهما أو أرخ أحدهما صارت خمسمائة واثني عشر ا هـ
وقد أوصلها في التسهيل لجامع الفصولين إلى سبعة آلاف وستمائة وسبعين مسألة وأفردها برسالة خاصة وقد تخرج مع هذا العاجز الحقير زيادة على ذلك بكثير حررته في ورقة حين اطلاعي على تلك الرسالة وسأجمع في ذلك رسالة حافلة إن شاء الله تعالى ولكن ذكر ذلك هنا يطول ولا حاجة إلى ذكره بل اقتصر على ما ذكره العلامة عبد الباقي أفندي أسيري زاده حيث جعل لها ميزانا إلا أنه أوصل الصور إلى ستة وتسعين فقال اعلم أن الرجلين إذا ادعيا عينا وبرهنا فلا يخلو إما أن ادعى كلاهما ملكا مطلقا أو ادعى كلاهما بسبب واحد بأن ادعيا إرثا أو شراء من اثنين أو من واحد أو ادعى أحدهما ملكا مطلقا والآخر نتاجا أو ادعى كلاهما نتاجا أو ادعى كلاهما ملكا وأنه إما أن يكون المدعى به في يد ثالث أو في يد أحدهما
وكل وجه على أربعة أقسام إما إن لم يؤرخا أو أرخا تاريخا واحدا أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق أو أرخ أحدهما لا الآخر وجملة ذلك ستة وتسعون فصلا كما سيجيء إن شاء الله تعالى وهي هذه كما ترى أحببت ذكرها تسهيلا للمراجعة وتقريبا وإن كان في المصنف والشارح شيء كثير منها لكن بهذه الصورة يقرب المأخذ وإن تكرر فإن المكرر للحاجة يحلو
____________________
(8/16)
ادعيا عينا ملكا مطلقا والعين في يد ثالث ( 1 ) إن لم يؤرخا يقضي بينهما
( 2 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي بينهما
( 3 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق عندهما يقضي للأسبق
وعند محمد في رواية يقضي بينهما
( 4 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر عند أبي حنيفة يقضي بينهما وعند أبي يوسف للمؤرخ
وعند محمد لمن أطلق ومشايخنا أفتوا بقول أبي حنيفة ولو ادعيا ملكا مطلقا والعين في يد ثالث ولم يؤرخا أو أرخا تاريخا واحدا وبرهنا يقضي بينهما لاستوائهما في الحجة
وإن أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي للأسبق لأنه أثبت الملك لنفسه في زمان لا ينازعه فيه غيره فيقضي بالملك له ثم لا يقضي بعده لغيره إلا إذا تلقى الملك منه ومن ينازعه لم يتلق الملك منه فلا يقضي له به
مطلب تستحق الزوائد المتصلة والمنفصلة ولو أرخ أحدهما لا الآخر فعند أبي حنيفة لا عبرة للتاريخ ويقضي بينهما نصفين لأن توقيت أحدهما لا يدل على تقدم ملكه لأنه يجوز أن يكون الآخر أقدم منه ويحتمل أن يكون متأخرا عنه فيجعل مقارنا رعاية للاحتمالين
وعند أبي يوسف للمؤرخ لأنه أثبت لنفسه الملك في ذلك الوقت يقينا ومن لم يؤرخ ثبت للحال يقينا وفي ثبوته في وقت تاريخ صاحبه شك ولا يعارضه
وعند محمد يقضي لمن أطلق لأن دعوى الملك المطلق من الأصل ودعوى الملك المؤرخ يقتصر على وقت التاريخ ولهذا يرجع الباعة بعضهم على بعض أو تستحق الزوائد المتصلة والمنفصلة فكان المطلق أسبق تاريخا فكان أولى هذا إذا كان المدعي في يد ثالث
وفي الخلاصة من الثالث عشر من الدعوى يقضي للأسبق لأنه أثبت الملك لنفسه في زمان لا ينازعه فيه غيره فيقضي بالملك له ثم لا يقضي بعده لغيره إلا إذا تلقى الملك منه ومن ينازعه لم يتلق الملك منه فلا يقضي له به
من المحل المزبور فعند أبي حنيفة لا عبرة للتاريخ ويقضي بينهما نصفين لأن توقيت أحدهما لا يدل على تقدم ملكه لأنه يجوز أن يكون الآخر أقدم منه ويحتمل أن يكون متأخرا عنه فجعل مغايرا رعاية للاحتمالين
من المحل المزبور وعند أبي يوسف للمؤرخ لأنه أثبت لنفسه الملك في ذلك الوقت يقينا ومن لم يؤرخ ثبت للحال يقينا وفي ثبوته في وقت تاريخ صاحبه شك فلا يعارضه
من المحل المزبور وعند محمد يقضي لمن أطلق لأن دعوى الملك المطلق دعوى الملك من الأصل ودعوى الملك المؤرخ تقتصر على وقت التاريخ
ادعيا ملكا مطلقا والعين في أيديهما ( 5 ) لم يؤرخا يقضي بينهما
( 6 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي بينهما
( 7 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق عندهما يقضي للأسبق
وعند محمد في رواية يقضي بينهما ومشايخنا أفتوا بأولوية الأسبق على قول الإمامين
( 8 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر عند أبي حنيفة يقضي بينهما
وعند أبي يوسف للمؤرخ وعند محمد لمن أطلق ومشايخنا أفتوا على قول أبي حنيفة
ولو ادعيا ملكا مطلقا فإن كانت العين في أيديهما فكذلك الجواب أي كما كانت العين في يد ثالث لأنه
____________________
(8/17)
لم يترجح أحدهما على الآخر باليد ولم ينحط حاله عن حال الآخر باليد
جامع الفصولين من الفصل الثامن
ادعيا ملكا مطلقا والعين في يد أحدهما ( 9 ) لم يؤرخا يقضي للخارج
( 10 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي للخارج
( 11 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق عندهما يقضي لأسبقهما وعند محمد يقضي للخارج أفتى مشايخنا بأولوية الأسبق على قول الإمامين
( 12 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر عند أبي يوسف يقضي للمؤرخ وعند محمد يقضي للخارج أفتى مشايخنا على قول محمد
ولو ادعيا ملكا مطلقا فإن كانت العين في يد أحدهما فإن كانا أرخا سواء أو لم يؤرخا فهو للخارج لأن بينته أكثر إثباتا وإن أرخا وأحدهما أسبق فهو لأسبقهما
وعن محمد أنه رجع عن هذا القول وقال لا تقبل بينة ذي اليد على الوقت ولا على غيره لأن البينتين قامتا على الملك المطلق ولم يتعرضا لجهة الملك فاستوى التقدم والتأخر فيقضي للخارج
مطلب البينة مع التاريخ تتضمن معنى بينة دفع الخارج ولهما أن البينة مع التاريخ تتضمن الدفع فإن الملك إذا ثبت للشخص في وقت فثبوته لغيره بعده لا يكون إلا بالتلقي منه فصارت بينة ذي اليد بذكر التاريخ متضمنة دفع بينة الخارج على معنى أنها لا تصح إلا بعد إثبات التلقي من قبله وبينته على الدفع مقبولة وعلى هذا إذا كانت الدار في أيديهما فصاحب الوقت الأول أولى عندهما وعنده يكون بينهما
وإن أرخ أحدهما لا الآخر فعند أبي يوسف يقضي للمؤرخ لأن بينته أقدم من المطلق كما لو ادعى رجلان شراء من آخر وأرخ أحدهما لا الآخر كان المؤرخ أولى
وعند أبي حنيفة ومحمد يقضي للخارج ولا عبرة للوقت لأن بينة ذي اليد إنما تقبل إذا كانت متضمنة معنى الدفع وهنا وقع الاحتمال في معنى الدفع لوقوع الشك في وجوب التلقي من جهته لجواز أن شهود الخارج لو وقتوا لكان أقدم فإذا وقع الشك في تضمنه معنى الدفع فلا يقبل مع الشك والاحتمال جامع الفصولين من الفصل الثامن
قال الرملي أقول هذه المسألة المنقولة عن الخلاصة ليست من باب دعوى الملك المطلق
وفي الخلاصة إذا ادعيا تلقي الملك من رجلين والدار في يد أحدهما فإنه يقضي للخارج سواء أرخا أو لم يؤرخا أو أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر إلا إذا كان تاريخ صاحب اليد أسبق ا هـ
قال رجل ادعى دارا أو عقارا أو منقولا في يد رجل ملكا مطلقا وأقام البينة على الملك المطلق وأقام ذو اليد بينة أيضا أنه ملكه فبينة الخارج أولى عند علمائنا الثلاثة وهذا إذا لم يذكرا تاريخا
وأما إذا ذكراه وتاريخهما سواء فكذلك يقضي ببينة الخارج وإن كان تاريخ أحدهما أسبق فلأسبقهما تاريخا سواء كان خارجا أو صاحب يد وهو قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف قول محمد أولا وعلى قول أبي يوسف أولا وهو قول محمد آخرا لا عبرة فيه للتاريخ بل يقضي للخارج وإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر فكذلك يقضي للخارج
من صرة الفتاوي نقلا من الذخيرة حجة الخارج في الملك المطلق أولى من حجة ذي اليد لأن الخارج هو المدعي والبينة بينة المدعي بالحديث إلا إذا كانا أرخا وذو اليد أسبق لأن للتاريخ عبرة عند أبي حنيفة في دعوى الملك المطلق
____________________
(8/18)
إذا كان من الطرفين وهو قول أبي يوسف آخرا وقول محمد أولا
وعلى قول أبي يوسف أولا وهو قول محمد آخرا لا عبرة له بل يقضي للخارج درر
ادعيا ملكا إرثا من أبيه والعين في يد ثالث ( 13 ) لم يؤرخا يقضي بينهما نصفين
( 14 ) أو أرخا تاريخا واحدا
يقضي بينهما نصفين
( 15 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق عند علمائنا الثلاثة يقضي للأسبق إن كان تاريخهما لملك مورثهما وإن كان تاريخهما لموت مورثهما عند محمد يقضي بينهما نصفين
( 16 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي بينهما إجماعا
ولو ادعى كل واحد منهما إرثا من أبيه فلو كان العين في يد ثالث ولم يؤرخا أو أرخا سواء فهو بينهما نصفين لاستوائهما في الحجة وإن أرخا وأحدهما أسبق فهو لأسبقهما عند أبي حنيفة وأبي يوسف
وكان أبو يوسف يقول أولا يقضي به بينهما نصفين في الإرث والملك المطلق ثم رجع إلى ما قلنا
وقال محمد في رواية أبي حفص كما قاله أبو حنيفة
وقال في رواية أبي سليمان لا عبرة للتاريخ في الإرث فيقضي بينهما نصفين وإن سبق تاريخ أحدهما لأنهما لا يدعيان الملك لأنفسهما ابتداء بل لمورثهما ثم يجرانه إلى أنفسهما ولا تاريخ لملك المورثين فصار كما لو حضر المورثان وبرهنا على الملك المطلق حتى لو كان لملك المورثين تاريخ يقضي لأسبقهما
أقول ينبغي أن يكون حكم هذا كحكم دعوى الشراء من اثنين لأن المورثين كبائعين في تلقي الملك منهما فمن لم يعتبر التاريخ في الشراء من البائعين ينبغي أن لا يعتبر التاريخ في الإرث أيضا فرد الإشكال على من خالف فيشكل التفصي أي التخلص إلا بالحمل على الروايتين
والحاصل أن في اعتبار تاريخ تلقي الملك من البائعين اختلاف الروايات على ما سيجيء فكذا الإرث فلا فرق بينهما في الحكم فلا إشكال حينئذ وإن أرخ أحدهما لا الآخر يقضي بينهما نصفين إجماعا لأنهما ادعيا تلقي الملك من رجلين فلا عبرة للتاريخ
وقيل يقضي للمؤرخ عند أبي يوسف جامع الفصولين من الفصل الثامن
وفي كتاب الدعوى من الخلاصة وإن أرخا لملك مورثهما يعتبر سبق التاريخ في قولهم جميعا ا هـ أي بأن أقام أحدهما بينة أن أباه مات منذ سنة وتركها ميراثا له وأقام الآخر بينة أن أباه مات منذ سنتين وتركها ميراثا له ففي هذا الوجه خالف محمد أنقروي في دعوى الإرث
ادعيا ملكا إرثا من أبيهما والعين في أيديهما أي ادعى كل منهما الإرث من أبيه ( 17 ) لم يؤرخا يقضي بينهما نصفين
( 18 ) أو أرخا تاريخا يقضي بينهما نصفين
( 19 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق عند علمائنا الثلاثة يقضي للأسبق إن كان تاريخهما لموت مورثهما وإن كان تاريخهما لملك مورثهما عند محمد يقضي بينهما نصفين ورجح صاحب جامع الفصولين قول محمد هنا
( 20 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي بينهما إجماعا
أي كما لو كانت العين في يد ثالث ولو ادعيا ملكا إرثا
فإن كانت العين في أيديهما فكذلك الجواب
في أول الثامن الفصولين ملخصا
____________________
(8/19)
ادعيا ملكا إرثا لأبيه والعين في يد أحدهما ( 21 ) لم يؤرخا يقضي للخارج
( 22 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي للخارج
( 23 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق عندهما يقضي للخارج ومشايخنا أفتوا بأولوية الأسبق على قول الإمامين
( 24 ) أو أرخ أحدهما الآخر يقضي للخارج إجماعا
ولو ادعيا ملكا إرثا لأبيه إن كانت العين في يد أحدهما ولم يؤرخا أو أرخا سواء يقضي للخارج وإن أرخا وأحدهما أسبق فهو لأسبقهما
وعند محمد للخارج لأنه لا عبرة للتاريخ هنا وإن أرخ أحدهما لا الآخر فهو للخارج إجماعا وقيل يقضى للمؤرخ عند أبي يوسف من جامع الفصولين في الثامن
أقول أو أرخا وتاريخ الخارج أسبق وإن أرخا وتاريخ ذي اليد أسبق فهو له
والحاصل أنه للخارج إلا إذا سبق تاريخ ذي اليد كما سيأتي ووضع المسألة في تلقي الملك عن اثنين خير الدين
وفي الخلاصة من الثالث عشر من الدعوى ولو ادعيا الميراث كل واحد منهما يقول هذا لي ورثته من أبي لو كان في يد أحدهما فهو للخارج إلا إذا كان تاريخ ذي اليد أسبق فهو أولى عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر فهو للخارج بالإجماع
قال في الرابع من الأستروشنية والثامن من العمادية نقلا عن التجريد لو ادعى صاحب اليد الإرث عن أبيه وادعى خارج مثل ذلك وأقام البينة يقضي للخارج في قولهم جميعا ولو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق قضى للأسبق عند أبي حنيفة وأبي يوسف وعند محمد يقضي للخارج ا هـ
قال في غاية البيان نقلا عن المبسوط لخواهر زاده إن ادعيا ملكا بسبب بأن ادعى كل تلقي الملك من اثنين بالميراث أو بالشراء فالجواب عنه كالجواب في الملك المطلق على التفصيل الذي ذكرناه ا هـ
وقد ذكر أن العين في الملك المطلق إن كانت في يد أحدهما وأرخا وتاريخ أحدهما أسبق فعلى قول أبي حنيفة وقول أبي يوسف الآخر وهو قول محمد الأول يقضي لأسبقهما تاريخا وعلى قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد الآخر يقضي للخارج من هامش الأنقروي في نوع دعوى الإرث من كتاب الدعوى
ادعيا الشراء من اثنين والعين في يد ثالث ( 25 ) لم يؤرخا يقضي بينهما نصفين
( 26 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي بينهما نصفين
( 27 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق عند علمائنا الثلاثة للأسبق إن كان تاريخهما لملك بائعهما وإن كان تاريخهما لوقت اشترائهما عند محمد يقضي بينهما نصفين ورجح صاحب الفصولين قول محمد
( 28 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي بينهما اتفاقا
وإن ادعيا الشراء من اثنين والدار في يد الثالث فإن لم يؤرخا أو أرخا وتاريخهما على السواء قضى بالدار بينهما وإن أرخا وتاريخ أحدهما أسبق فهو على الاختلاف الذي ذكرنا في الميراث يعني أن فيه ثلاثة أقوال وإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر فهو على ما ذكرنا في الميراث أيضا
وأما إذا ادعيا الشراء من اثنين وأرخا الشراء وتاريخ أحدهما أسبق فقد روى عن محمد أنهما إذا لم يؤرخا ملك البائعين يقضي بينهما نصفين كما في فصل الميراث فعلى هذه الرواية لا يحتاج إلى الفرق بين الشراء والميراث وفي ظاهر الرواية يقضي
____________________
(8/20)
في فصل الشراء لأسبقهما تاريخا عند محمد وعلى ظاهر رواية محمد يحتاج إلى الفرق
أنقروي من نوع في دعوى الشراء والبيع
وفي جامع الفصولين وإن ادعيا الشراء من واحد ولم يؤرخا أو أرخا سواء فهو بينهما نصفين لاستوائهما في الحجة وإن أرخا وأحدهما أسبق يقضي لأسبقهما اتفاقا بخلاف ما لو ادعيا الشراء من رجلين لأنهما يثبتان الملك لبائعهما ولا تاريخ بينهما لملك البائعين فتاريخه لملكه لا يعتد به وصارا كأنهما حضرا وبرهنا على الملك بلا تاريخ فيكون بينهما
أما هنا فقد اتفقا على أن الملك كان لهذا الرجل وإنما اختلفا في الملتقي منه وهذا الرجل أثبت التلقي لنفسه في وقت لا ينازعه فيه صاحبه فيقضي له به ثم لا يقضي به لغيره بعد إلا إذا تلقى منه وهو لا يتلقى منه انتهى
وفيه أيضا أقول يتراءى لي أن الأصوب هو أن لا يعتبر سبق التاريخ في صورة التلقي من اثنين إذ لا تاريخ لابتداء ملك البائعين فتاريخ المشتري لملكه لا يعتد به مع تعدد البائع فصارا كأنهما حضرا وبرهنا على الملك المطلق بلا تاريخ ا هـ
ادعيا شراء من اثنين والعين في أيديهما ( 29 ) لم يؤرخا
يقضي بينهما نصفين
( 30 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي بينهما نصفين
( 31 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لأسبقهما
( 32 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي بينهما نصفين
وفي الرابع من دعوى المحيط في نوع في دعوى صاحب اليد تلقي الملك من جهة غيرهما ادعيا تلقي الملك من جهة واحدة ولم يؤرخا أو أرخا وتاريخهما على السواء يقضي بالعين بينهما وكذلك إذا أرخ أحدهما دون الآخر يقضي بينهما بالدار وإن أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لأسبقهما تاريخا وإن ادعيا تلقي الملك من جهة اثنين فكذلك الجواب على التفصيل الذي قلنا فيما إذا ادعيا التلقي من جهة واحدة
أنقروي في آخر دعوى الشراء والبيع
ادعيا عينا شراء من اثنين والعين في يد أحدهما ( 33 ) لم يؤرخا يقضي للخارج
( 34 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي للخارج ( 35 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لأسبقهما
( 36 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي للخارج إذا ادعيا تلقي الملك من رجلين والدار في يد أحدهما فإنه يقضي للخارج سواء أرخا أو لم يؤرخا أو أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر إلا إذا كان تاريخ صاحب اليد أسبق
خلاصة من الثالث عشر من كتاب الدعوى
وفي البزازية عبد في يد رجل برهن رجل على أنه كان لفلان اشتراه منه عشرة أيام وبرهن ذو اليد على أنه كان لآخر اشتراه منه منذ شهر بكذا وسماه فعلى قول الثاني في قوله الثاني هو لأسبقهما تاريخا وهو ذو اليد
وقال محمد في قوله الآخر هو للمدعي وعلى قياس قول الثاني أولا هو للمدعي ا ه
____________________
(8/21)
أقول فعلى هذا ينبغي أن يفتى لأسبقهما تاريخا كما لو ادعيا الشراء من واحد لأن العمل بظاهر الرواية أولى
ادعيا عينا شراء من واحد والعين في يد ثالث ( 37 ) لم يؤرخا يقضي بينهما نصفين
( 38 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي للخارج
( 39 ) أو أرخا وتاريخ أحداهما أسبق يقضي لأسبقهما ( 40 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي للخارج وإن ادعيا الشراء من واحد ولم يؤرخا أو أرخا سواء فهو بينهما نصفين لاستوائهما في الحجة وإن أرخا وأحدهما أسبق يقضي لأسبقهما اتفاقا وإن أرخ أحدهما أي وهما خارجان لا الآخر فهو للمؤرخ اتفاقا
من الفصولين من الثامن
ولو ادعيا الشراء والدار في يد ثالث إن ادعى كل واحد منهما الشراء من صاحب اليد ولم يؤرخا وأقاما البينة يقضي بينهما نصفين لكل واحد منهما النصف بنصف الثمن ولهما الخيار إن شاء قبض كل واحد منهما النصف بنصف الثمن وإن شاء ترك فإن ترك أحدهما إن ترك قبل القضاء فالآخر يأخذه بجميع الثمن بلا خيار وإن ترك بعد القضاء لا يقبض إلا النصف بنصف الثمن
ولو ادعيا الشراء من غير صاحب اليد فهي بينهما نصفين هذا إذا لم يؤرخا أو أرخا تاريخا واحدا ولو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق فأسبقهما تاريخا أولى بالإجماع فإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر يقضي لصاحب التاريخ
خلاصة من الثالث عشر من الدعوى
ولو كان المبيع في يد بائعه فبرهن أحدهما على الشراء وأنه قبضه منذ شهر وبرهن آخر على الشراء وأنه قبضه منذ عشرة أيام فذو الوقت الأولى أولى
جامع الفصولين
ادعيا شراء من واحد والعين في أيديهما ( 41 ) لم يؤرخا يقضي بينهما نصفين
( 42 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي بينهما نصفين
( 43 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لأسبقهما
( 44 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي بينهما نصفين
وإن ادعيا الشراء من واحد والعين في أيديهما فهو بينهما إلا إذا أرخا وأحدهما أسبق فيحنئذ يقضي لأسبقهما
من جامع الفصولين من الثامن ملخصا
إذا ادعيا تلقي الملك من جهة واحدة ولم يؤرخا أو أرخا وتاريخهما على السواء يقضي بالعين بينهما وكذلك إذا أرخ أحدهما دون الآخر يقضي بينهما وإن أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لأسبقهما تاريخا
في الرابع من دعوى المحيط
وفي باب بيان اختلاف البينات في البيع والشراء من دعوى المحيط إن كانت العين في أيديهما يقضي بينهما في الفصول إلا إذا أرخا وتاريخ أحدهما أسبق
وفي غاية البيان عن مبسوط خواهر زاده إن كانت العين في أيديهما إن لم يؤرخا أو أرخ سواء أو أرخ أحدهما دون الآخر يقضي بينهما نصفين أما في الأولين فلا إشكال فيه
وأما إذا أرخ أحدهما دون الآخر فكذلك يقضي بينهما نصفين لأنه لا عبرة للتاريخ حالة الانفراد إذا كانت العين المؤرخ بيدهما معا ألا ترى أنه لو كان في يد أحدهما فأرخ الخارج لا يكون تاريخ أحدهما عبرة لا تنقض يد ذي اليد بالاحتمال فكذا لا يكون التاريخ عبرة إذا كان في أيديهما حتى لا ينقض ما يثبت من يد الآخر في النصف وإن لم يكن للتاريخ حالة الانفراد عبرة بمقابلة اليد صار وجود التاريخ وعدمه بمنزلة ولو عدم يقضي بالدار بينهما نصفين
من هامش الأنقروي في أول دعوى الشراء والبيع
____________________
(8/22)
ادعيا عينا شراء من واحد والعين في يد أحدهما ( 45 ) لم يؤرخا يقضي لذي اليد
( 46 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي لذي اليد
( 47 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لأسبقهما
( 48 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي لذي اليد
وإن ادعيا الشراء من واحد والعين في يد أحدهما فهو لذي اليد سواء أرخ أو لم يؤرخ إلا إذا أرخا وتاريخ الخارج أسبق فيقضي به للخارج في أول الفصل الثامن من الفصولين
وفيه في أواسط الفصل المذكور ولو ادعى الخارج وذو اليد بسبب بهذا السبب نحو شراء وإرث وشبهه فلا يخلو إما أن يدعيا تلقي الملك من جهة واحد أو من جهة اثنين فلو ادعياه من جهة واحد وبرهنا حكم به لذي اليد لو لم يؤرخا أو أرخا سواء فلو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق فهو أولى ولو أرخ أحدهما فذو اليد أولى إذ وقت الساكت محتمل فلا ينقض قبضه بشك ا هـ
وفيه أيضا في المحل المزبور بإشارة المبسوط وأجمعوا أن الخارج وذا اليد لو أثبتا الشراء من واحد وأرخ أحدهما لا الآخر فذو التاريخ أولى ( فش ) ذو اليد أولى ( فث ) إذ تاريخ الخارج في حقه مخبر به والقبض في حق ذي اليد معاين وهو دليل على سبق عقده والمعاينة أقوى من الخبر إلا إذا أرخا وتاريخ الخارج أسبق يحكم للخارج ا هـ
وفي بعده مسألة ولو برهن من ليس بيده على أنه قبضه منذ شهر وبرهن ذو اليد على قبضه بلا توقيت أو برهن على الشراء ولم يذكر شهوده القبض فالمبيع له إذ يده في الحال تدل على ما سبق قبضه وقد ثبت له التاريخ ضمنا ولا يدري أنه قبل قبض الخارج أو بعده فلغت البينتان وترجح ذو اليد بيده القائمة في الحال ا هـ
ادعيا عينا أحدهما ملكا مطلقا والآخر نتاجا والعين في يد ثالث ( 49 ) لم يؤرخا يقضي لصاحب النتاج
( 50 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي لصاحب النتاج
( 51 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لصاحب النتاج
( 52 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي لصاحب النتاج
ادعيا عينا ملكا مطلقا والآخر نتاجا والعين في أيديهما ( 53 ) لم يؤرخا يقضي لصاحب النتاج
( 54 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي لصاحب النتاج
( 55 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لصاحب النتاج
( 56 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي لصاحب النتاج
ادعيا عينا أحدهما ملكا مطلقا والآخر نتاجا والعين في أيديهما ( 57 ) لم يؤرخا يقضي لصاحب النتاج
( 58 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي لصالح النتاج
( 59 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لصاحب النتاج
( 60 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي لصاحب النتاج
في باب دعوى الرجلين من الدرر والغرر ولو برهن أحدهما من الخارج وذي اليد على الملك المطلق والآخر على النتاج فذو النتاج أولى
وفي الباب المزبور من الملتقي ولو برهنا على الملك والآخر على النتاج فهو أولى وكذا لو كانا خارجين ا هـ
وفي باب ما يدعيه الرجلان من شرح المجمع لو أقام أحد المدعيين بينة على الملك والآخر على النتاج
____________________
(8/23)
قدم صاحب النتاج سواء كان خارجا أو ذا يد لأن صاحب النتاج يثبت أولية الملك فلا يملكه الغير إلا بالتلقي منه ا هـ
وقال أبو السعود العمادي في تحريراته قد علم من هذه النقول أنه لا فرق في أولوية صاحب النتاج بين أن تكون العين في يد أحدهما أو في يد ثالث فإن كانت العين في يدهما فكذلك صاحب النتاج أولى لأن كل واحد من صاحب اليد ذو يد في نصفه وخارج في النصف الآخر كذي اليد مع الخارج
والحاصل إذا برهن المدعيان أحدهما على الملك المطلق والآخر على النتاج تقدم بينة النتاج سواء كان العين في يد أحدهما أو في يدهما أو في يد ثالث كما بين في الأصول ا هـ
وقال في البحر الرائق في القضاء أطلقوا هذه العبارة وهي قولهم تقدم بينة النتاج على بينة الملك المطلق فشمل ما إذا أرخا واستويا أو سبق أحدهما أو أرخ أحدهما أو لم يؤرخا أصلا فلا اعتبار للتاريخ مع النتاج إلا من أرخ تاريخا مستحيلا بأن لم يوافق سن المدعي لوقت ذي اليد ووافق وقت الخارج فحينئذ يحكم للخارج ولو خالف سنه للوقتين لغت البينتان عند عامة المشايخ ويترك في يد ذي اليد على ما كان
والنتاج بكسر النون ولادة الحيوان ووضعه عند من نتجت عنده بالبناء للمفعول ولدت ووضعت كما في المغرب والمراد ولادته في ملكه أو ملك بائعه أو مورثها ا هـ
والمراد لكون التاريخ مستحيلا في دعوى النتاج عدم موافقة التاريخ لسن المولود
ودعوى النتاج دعوى سبب الملك بالولادة في ملكه لأن سبب ذلك نوعان أحدهما لا يمكن تكرره والثاني يمكن تكرره فما لا يمكن تكرره هو النتاج فوقوع النتاج في الخارج مرتين محال يعني لا يتصور عود الولد إلى بطن أمه ثم خروجه مرة بعد أخرى فإذا كان الأمر كذلك الولد لا يعاد ولادته بعد الولادة مرة أخرى وما كان من المتاع كذلك ولا يصنع مرة أخرى بعد نقضه فلا يكون نحو النتاج كما صرح به في المفصلات ا هـ
فدعوى النتاج دعوى ما لا يتكرر كما صرح به قاضيخان في آخر دعوى المنقول ودعوى النتاج دعوى أولية الملك كما ذكروا في آخر الفصل الثامن من الفصولين فيكون كل دعوى أولية الملك كالنتاج وعلى هذا اتفاق الأئمة الفحول في الفروع والأصول كما حققه جوى زاده
فكل سبب للملك من المتاع ما لا يتكرر يعني لا يعاد ولا يصنع مرة بعد أخرى بعد نقضه فهو في معنى النتاج ودعوى الملك بهذا السبب كدعواه بالنتاج فإن مثله في عدم التكرر فحكمه كحكمه في جميع أحكامه وأما كل سبب للملك من المتاع ما يتكرر يعني يعاد ويصنع مرة بعد أخرى بعد نقضه فهو لا يكون بمعنى النتاج بل يكون في منزلة الملك المطلق كما صرح به في المحيط والمبسوط والزيلعي والظهيرية وغيرها ا هـ
مثال ما لا يتكرر كنسخ ثياب قطنية أو كتانية لا تنسج إلا مرة فنسج ثوب قطن أو كتان سبب للملك لا يتكرر فهو كالنتاج فلو أقام خارج وذو يد على أن هذا الثوب ملكه وأنه نسخ عنده في ملكه كان ذو اليد أولى كما في الخانية والبزازية وغيرهما ا هـ
وكحلب لبن فحلب لبن سبب للملك لا يتكرر فهو كالنتاج
____________________
(8/24)
فلو برهن كل من خارج وذي يد على أن هذا اللبن حلب في ملكه كان ذو اليد أولى كما نقله شارح الملتقي وحدتي عثمان أفندي الأسكوبي
ومثال ما يتكرر كالمنطقة المصنوعة من الذهب والفضة وغيرهما كالبناء والشجر والمغروس والبر المزروع وسائر الحبوب ونحوها مثلا فهو مما يتكرر ويعاد له بعد النقض مرة أخرى فلو برهن كل من الخارج وذي اليد أن المنطقة صنعت في ملكه وأن الشجر المغروس له في ملكه وأن البر له زرعه والحبوب المملوكة له كان الخارج أولى لاحتمال أن الخارج فعله أولا ثم غصبه ذو اليد منه ونقضه وفعل ثانيا فيكون ملكا له بهذا الطريق فلم يكن في معنى النتاج بل يكون بمنزلة الملك المطلق كما ذكره ابن ملك على المجمع فإن الذهب المصنوع والفضة المصنوعة والبناء ينقض ويعاد ثانيا والشجر يغرس ثم يقطع من الأرض ويغرس ثانيا والحبوب تزرع ثم تغربل مع التراب فتميز ثم تزرع ثانيا وكذلك المصحف الشريف مما يتكرر فلو أقام كل من الخارج وذي اليد البينة أنه مصحفه كتبه في مكله فإنه يقضي به للمدعي لأن الكتابة مما يتكرر يكتب ثم يمحى ثم يكتب كما في دعوى المنقول من قاضيخان
وفي الخلاصة في الثالث عشر من الدعوى أما لسيف فمنه ما يضرب مرتين ومنه ما يضرب مرة واحدة فيسأل علماء الصياقلة إن قالوا يضرب مرتين يقضي للمدعي وإن قالوا مرة يقضي لذي اليد فإن أشكل عليهم أو اختلفوا ففي رواية أبي سليمان يقضي به لذي اليد وفي رواية حفص يقضي للخارج
وفي الوجيز للسرخسي وإن كان مشكلا فالأصح أنه ملحق بالنتاج ا هـ
وفي الدرر فإن أشكل يرجع إلى أهل الخبرة لأنهم أعرف به فإن أشكل عليهم قضى به للخارج لأن القضاء ببينة هو الأصل والعدول عنه بحديث النتاج فإذا لم يعلم يرجع إلى الأصل ا هـ
ادعيا عينا نتاجا والعين في يد ثالث ( 61 ) لم يؤرخا إن ا دعيا الملك بسبب عملهما فيما لا يتكرر قضى به بينهما نصفين وإن ادعيا الملك بسبب الولادة من الحيوان والرقيق يقضي به بينهما نصفين
( 62 ) أو أرخا تاريخا واحدا إن ادعيا الملك بسبب عملهما فيما لا يتكرر من المتاع يقضي به بينهما نصفين ولا يعتبر التاريخ فيه إن ادعيا الملك بسبب الولادة من الحيوان والرقيق إن وافق سن المولود للوقت الذي ذكر قضى به بينهما وإن لم يوافق بأن أشكل عليهما قضى به بينهما كذلك نصفين وإن خالف منه الوقت الذي ذكرا بطلت البينتان عند البعض ويقضى به بينهما عند البعض وهو الأصح على ما قاله الزيلعي وحققه صاحب الدرر
( 63 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق إن ادعيا الملك بسبب عملهما فيما لا يتكرر من المتاع يقضي به بينهما نصفين ولا يعتبر التاريخ فيه وإن ادعيا الملك بسبب الولادة من الحيوان والرقيق إن وافق سن المولود لتاريخ أحدهما قضى به إن وافق سنه وقته وإن لم يوافق بأن أشكل عليهما يقضي بينهما نصفين وإن أشكل على أحدهما
قضى به لمن أشكل عليه وإن خالف للوقتين يطلب البيان عند البعض وهو الأصح على ما قاله الزيلعي وحققه صاحب الدرر
وإن خالف سن المولود لأحد الوقتين قضى به للآخر
( 64 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر إن ادعيا الملك بسبب عملهما فيما لا يتكرر من المتاع يقضى به بينهما نصفين ولا يعتبر التاريخ فيه وإن ادعيا الملك بسبب الولادة من الحيوان أو الرقيق إن وافق سن المولود التاريخ المؤرخ قضى به للمؤرخ وإن لم يوافق بأن أشكل عليهما يقضي به
____________________
(8/25)
بينهما نصفين وإن خالف سنه لوقت المؤرخ يقضي به لمن لم يؤرخ لأنه إذا كان سن الدابة مخالفا لأحد الوقتين وهو مشكل في الوقت الآخر قضي بها لمن أشكل عليه وهو من لم يؤرخ
ادعيا نتاجا والعين في أيديهما ( 65 ) لم يؤرخا إن ادعيا الملك بسبب عملهما فيما لا يتكرر من المتاع يقضي به بينهما نصفين وإن ادعيا الملك بسبب الولادة من الحيوان والرقيق يقضي به بينهما نصفين
( 66 ) أو أرخا تاريخا واحدا وإن ادعيا الملك بسبب عملهما فيما لا يتكرر من المتاع يقضي به بينهما نصفين ولا يعتبر التاريخ فيه وإن ادعيا الملك بسبب الولادة من الحيوان والرقيق إن وافق سن المولود للوقت الذي ذكر قضى به بينهما وإن لم يوافق بأن أشكل عليهما قضى به بينهما كذلك نصفين وإن خالف سنه للوقت الذي ذكرا بطلت البينتان عند البعض ويقضي به بينهما عند البعض وهو الأصح على ما قاله الزيلعي وحقه صاحب الدرر
( 67 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق إن ادعيا بسبب عملهما فيما لا يتكرر من المتاع يقضي به بينهما نصفين ولا يعتبر التاريخ فيه وإن ادعيا الملك بسبب الولادة من الحيوان والرقيق إن وافق سن المولود لتاريخ أحدهما قضى به لمن وافق سنه وقته وإن لم يوافق بأن أشكل عليهما يقضي بينهما نصفين وإن أشكل على واحد منهما قضى به لمن أشكل عليه وإن خالف سنه للوقتين بطلت البينتان عند البعض وهو الأصح على ما قاله الزيلعي وحققه صاحب الدرر
وإن خالف سن المولود لأحد الوقتين قضى به للآخر
( 68 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر إن ادعيا الملك بسبب عملهما فيما لا يتكرر من المتاع يقضى به بينهما نصفين ولا يعتبر التاريخ فيه وإن ادعيا الملك بسبب الولادة من الحيوان والرقيق وإن وافق سن المولود لتاريخ المؤرخ قضى به للمؤرخ وإن لم يوافق بأن أشكل يقضي بينهما نصفين وإن خالف الوقت المؤرخ يقضى به لمن لم يؤرخ انتهى
لأنه إذا كان سن الدابة مخالفا لأحد الوقتين وهو أشكل الوقت الآخر قضى به لمن أشكل عليه وهو من لم يؤرخ
في أواخر الفصل الثامن من الفصولين التاريخ في دعوى النتاج لغو على كل حال أرخا سواء أو مختلفين أو لم يؤرخا أو أرخ أحدهما فقط انتهى
وفيه برهن الخارجان على النتاج فلو لم يؤرخا أو أرخا سواء أو أرخ أحدهما لا الآخر فهو بينهما لفقد المرجح ولو أرخا وأحدهما أسبق فلو وافق سنه لأحدهما فهو له لظهور كذب الآخر ولو خالفهما أو أشكل فهو بينهما لأنه لم يثبت الوقت فكأنهما لم لظهور كذب الآخر ولو خالفهما أو أشكل فهو بينهما لأنه لم يثبت الوقت فكأنهما لم يؤرخا
وقيل فيما خالفهما بطلت البينتان لظهور كذبهما فلا يقضي لهما ا هـ
واعلم أنه إذا تنازعا في دابة وبرهنا على النتاج عنده أو عند بائعه ولم يؤرخا يحكم بها لذي اليد إن كانت في يد أحدهما أو يحكم لهما إن كانت في أيديهما أو في يد ثالث كما ذكره الزيلعي
وفي الثامن عشر من دعوى التاترخانية وإن أرخا سواء ينظر إلى سن الدابة إن كان موافقا للوقت الذي ذكرا يقضي بها بينهما وإن أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لصاحب الوقت الذي سن الدابة عليه ا هـ
يعني قضى لمن وافق سنها وقته وإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر ووافق سن الدابة الوقت المؤرخ قضى به للمؤرخ أيضا لأنه إذا كان أحدهما أسبق قضى به لمن وافق سنها وقته فإذا كان الأمر كذلك إن أرخ أحدهما
____________________
(8/26)
ولم يؤرخ الآخر كان وقت غير المؤرخ مبهما لعدم ذكر التاريخ فإن فرض المؤرخ سابقا أو غير سابق يستقيم على صورة مسألة سبق أحد التاريخين وفي ذلك قضى لمن وافق سنها فهنا كذلك قضى للمؤرخ لموافقة تاريخه سنها وإن فرض المؤرخ مساويا لغير المؤرخ قضى للمؤرخ أيضا لأن في موافقة غير المؤرخ شكا فلا يعارضه لموافقته المؤرخ
كذا حققه جوي زاده في تحريراته ا هـ
فلا فرق للقضاء لمن وافق سنها بين أن تكون الدابة في يد أحدهما أو في يديهما أو في يد ثالث لأن المعنى لا يختلف وإن خالف سنها للوقتين أو أشكل يقضي بها بينهما إن كانت في أيديهما أو في يد ثالث
وإن كانت في يد أحدهما قضى بها لذي اليد كما حققه صاحب الدرر نقلا عن الزيلعي وأيده بقوله وهو الأصح ا هـ
ثم اعلم أن هذا إذا كان سن الدابة مخالفا للوقتين أما إذا كان سن الدابة مخالفا لأحد الوقتين وهو مشكل في الوقت الآخر قضى بالدابة لصاحب الوقت الذي أشكل سن الدابة عليه كذا في الثاني عشر من دعوى التاترخانية ا هـ
هذا إن أرخا كلاهما وإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر وكان سن الدابة مخالفا لتاريخ المؤرخ يقضي لمن لم يؤرخ لأنه بالطريق الأولى في أن يكون مشكلا على من لم يؤرخ لأن من لم يؤرخ أبهم وقته فتحقق الإشكال بينه وبين سن الدابة بالطريق الأولى فيقضى بالدابة لمن أشكل عليه سن الدابة وهو من لم يؤرخ
كذا حققه جوي زاده في تحريراته انتهى
وإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر وكان سن الدابة مشكلا عليهما قضى بينهما كما في الثاني عشر والثالث عشر من دعوى التاترخانية انتهى
هذا إذا كانت الدابة في أيديهما أو في يد ثالث
وأما إذا كانت في يد أحدهما قضى بها لذي اليد إن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر وكان سن الدابة مشكلا عليهما كما حققه جوى زاده في تحريراته
والمراد من المخالفة بين السن والوقتين كون الدابة أكبر من الوقتين أو أصغر منهما كما في الثامن عشر من دعوى المحيط
وفي عبارة دعوى التتمة في فصل ما يترجح به إحدى البينتين إذا كان سن الدابة دون الوقتين أو فوقهما يكون مخالفا للوقتين والمراد بالإشكال عدم ظهور سن الدابة كما قال ابن مالك على المجمع في باب ما يدعيه الرجلان فإن أشكل أي إن لم يظهر سن الدابة ا هـ
واختلفت عبارات بعض النسخ فيما إذا خالف سن الدابة للوقتين
قال في الهداية في باب ما يدعيه الرجلان وإن خالف سن الدابة للوقتين بطلت البينتان
كذا ذكره الحاكم وتبعه في الكافي والنهاية وغاية البيان والبدائع
وقال محمد والأصح أن تكون الدابة بينهما لأنه إذا خالف سن الدابة للوقتين أو أشكل يسقط اعتبار ذكر الوقت فينظر إلى مقصودهما وهو إثبات الملك في الدابة وقد استويا في الدعوى والحجة فوجب القضاء بها بينهما نصفين
كذا في الكافي كما حققه جوي زاده في تحريراته
وفي آخر الفصل الثامن من الفصولين التاريخ في دعوى النتاج لغو على كل حال أرخا سواء أو مختلفين أو لم يؤرخا أو أرخ أحدهما فقط
قال المولى قاضي زاده أخذا من كلام صاحب الدرر والبدائع بأن مخالفة السن للوقتين مكذب الوقتين لا مكذب البينتين فاللازم منه سقوط اعتبار ذلك الوقت لا سقوط اعتبار أصل البينتين لأنا لم نتيقن بكذب إحدى البينتين لجواز أن يكون سن الدابة موافقا للوقتين ولا يعرف الناظر كما أشار إليه السرخسي في محيطه وقد يشاهد أن بعض أهل النظر نظر في سن فرس وقال إن سنه اثنان ونصف وكان سنه ثلاثا ونصفا
____________________
(8/27)
فإذا تقرر هذا فاعلم أنه إذا لم يثبت الوقت صار كما لو لم يوقت على ذكر شيخ الإسلام الإسبيجابي في شرح الكافي لأن الأصل عدم اعتبار التاريخ في النتاج كما مر آنفا من الفصولين كذا حققه جوي زاده في تحريراته
وقال قال قاضيخان في أواخر دعوى المنقول وإن خالف سن الدابة الوقتين في رواية يقضى لهما وفي رواية يبطل البينتان ا هـ
وكذا في خزانة الأكمل
وفي الثامن من العمادية
وفي الرابع عشر من الأستروشنية كما في الخانية والظاهر من كلام قاضيخان أنه رجح القضاء بينهما لأنه قال في أول كتابه وفيما كثرت فيه الأقاويل من المتأخرين اختصرت على قول أو قولين وقدمت ما هو الأظهر وافتتحت بما هو الأشهر
وقال الزيلعي في شرح الكنز نقلا من المبسوط والأصح أنهما لا تبطلان بل يقضي بينهما إذا كانا خارجين أو كانت في أيديهما وإن كانت في يد أحدهما يقضي بها لذي اليد وهكذا ذكر محمد
وأما ما ذكره الحاكم بقوله بطلت البينتان وهو قول بعض المشايخ وهو ليس بشيء ا هـ
واعتمد صاحب الدرر ما في الزيلعي
وقال كما في الزيلعي وقول الزيلعي ظاهر الرواية وهو اختيار الأئمة الثلاثة كما في معراج الدراية
وفي رضاع البحر الفتوى إذا اختلفت كان الترجيح بظاهر الرواية تمت النقول من تحريرات المرحوم أنقروي أفندي رحمه الله تعالى
ادعيا عينا نتاجا والعين في يد أحدهما ( 69 ) لم يؤرخا إن ادعيا الملك بسبب عملهما فيما لا يتكرر من المتاع قضى به لذي اليد وإن أقام كل منهما بينة على النتاج فصاحب اليد أولى
كذا أفتى المولى علي أفندي
وإن ادعيا الملك بسبب الولادة من الحيوان والرقيق قضى به لذي اليد من باب دعوى الرجلين في دعوى الهندية
( 70 ) أو أرخا تاريخا واحدا إن ادعيا الملك بسبب عملهما فيما لا يتكرر من المتاع قضى به لصاحب اليد ولا يعتبر التاريخ فيه إن ادعيا الملك بسبب الولادة من الحيوان والرقيق إن وافق سن المولود للوقت الذي ذكرا قضى به لذي اليد وإن لم يوافق بأن أشكل أو خالفهما قضى به لذي اليد كذلك
( 71 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق إن ادعيا الملك بسبب عملهما فيما لا يتكرر من المتاع قضى به لصاحب اليد ولا يعتبر التاريخ فيه إن ادعيا الملك بسبب الولادة من الحيوان والرقيق إن وافق سن الدابة لتاريخ أحدهما قضى به لمن وافق سنه وإن لم يوافق بأن أشكل عليهما قضى به لذي اليد وإن أشكل على أحدهما قضى به لمن أشكل عليه وإن خالف سنه للوقتين قضى به لذي اليد وإن خالف لأحد الوقتين قضى به للآخر
( 72 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر إن ادعيا أن الملك بسبب عملهما فيما لا يتكرر من المتاع قضى به لصاحب اليد ولا يعتبر التاريخ فيه إن ادعيا الملك بسبب الولادة من الحيوان والرقيق إن وافق سن المولود لتاريخ المؤرخ قضى به للمؤرخ وإن لم يوافق بأن أشكل عليهما قضى به لذي اليد وإن خالف سنه لوقت المؤرخ يقضي به لمن لم يؤرخ لأنه إذا كان سن الدابة مخالفا لأحد الوقتين وهو مشكل في الوقت الآخر قضى به لمن أشكل عليه وهو من لم يؤرخ
قال محمد في الأصل إذا ادعى الرجل دابة في يد إنسان أنها ملكه نتجت عنده وأقام بينة عليه وأقام صاحب اليد بينة بمثل ذلك القياس يقضى بها للخارج
وفي الاستحسان يقضي به لصاحب اليد سواء أقام صاحب اليد البينة على دعواه قبل القضاء بها للخارج أو بعده وفي الهداية وهذا هو الصحيح في أوائل الثاني عشر من دعوى التاترخانية
هذا إذا لم يؤرخا وإن
____________________
(8/28)
أرخا قضى بها لصاحب اليد إلا إذا كان سن الدابة مخالفا لوقت صاحب اليد موافقا لوقت الخارج فحينئذ يقضي للخارج في الثاني عشر من دعوى المحيط
ولا عبرة للتاريخ مع النتاج إلا إذا أرخا وقتين مختلفين ووافق سن الدابة تاريخ الخارج فإنه يقضى بها للخارج وإن وافق تاريخ ذي اليد أو كان مشكلا أو خالفهما قضى بها لذي اليد كما في دعوى الوجيز
فاعلم هذا إذا كان سن الدابة مخالفا للوقتين
أما إذا كان سن الدابة مخالفا لأحد الوقتين فلا يخلو من أن يكون موافقا أو مخالفا أو مشكلا للآخر فإن كان موافقا فكما مر حكمه آنفا قضى لمن وافق وإن كان مخالفا للوقتين قضى بها لذي اليد كما مر وإن كان مشكلا قضى بها لمن أشكل عليه لما ذكر في التاترخانية والمحيط مطلقا إذا كان سن الدابة مخالفا لأحد الوقتين وهو مشكل في الوقت الآخر قضى بالدابة لصاحب الوقت الذي أشكل سن الدابة عليه ا هـ
هذا إذا كانا أرخا كلاهما وإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر وكان سن الدابة مخالفا لتاريخ المؤرخ يقضي لمن لم يؤرخ لأنه بالطريق الأولى من أن يكون مشكلا على من لم يؤرخ لأن من لم يؤرخ أبهم وقته فتحقق الإشكال بينه وبين سنة الدابة بالطريق الأولى فيقضي بالدابة لمن أشكل عليه سن الدابة وهو من لم يؤرخ وإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر وكان سن الدابة مشكلا عليهما قضى بها لذي اليد كما حققه جوي زاده ا هـ
وفي باب دعوى الرجلين في ملتقى الأبحر وإن برهن خارج وذو اليد على النتاج فذو اليد أولى وكذا لو برهن كل من تلقى الملك من آخر على النتاج عنده ا هـ
يعني لو كان النتاج ونحوه عند بائعه فذو اليد أولى كما لو كان النتاج ونحوه عند نفسه فإن كلا منهما إذا تلقى الملك من رجل وأقام البينة على سبب ملك عنده لا يتكرر فهو بمنزلة من أقامها على ذلك السبب عند نفسه لأن بينة ذي اليد قامت على أوليه الملك فلا يثبت للخارج إلا بالتلقي منه كما صرح به في الدرر والغرر في باب دعوى الرجلين ا هـ
وفي الهداية في باب ما يدعيه الرجلان ولو تلقى كل واحد منهما الملك من رجل على حدة وأقام البينة على النتاج عنده فهو بمنزلة إقامتها على النتاج عند نفسه ا هـ
وسواء تلقى كل واحد منهما بشراء أو إرث أو هبة أو صدقة مقبوضتين كما أشار إليه في الثامن من شهادات البزازية
وفي آخر دعوى المنقول من قاضيخان عبد في يد رجل أقام رجل البينة أنه عبده اشتراه من فلان آخر وأنه ولد في ملك بائعه فلان فإنه يقضي بالعبد لذي اليد لأن كل واحد منهما ادعى نتاج بائعه ودعوى نتاج بائعه كدعوى نتاج نفسه فيقضي ببينة ذي اليد انتهى
لأن كل واحد من الخارج وذي اليد خصم في إثبات نتاج بائعه كما أنه خصم في إثبات الملك له ولو حضر البائعان وأقاما البينة على النتاج كان صاحب النتاج أولى فكذا من قام مقامهما كما صرح به الزيلعي انتهى
وفي الدرر في باب دعوى الرجلين قال في الذخيرة والحاصل أن بينة ذي اليد على النتاج إنما تترجح على بينة الخارج على النتاج أو على مطلق الملك بأن ادعى ذو اليد النتاج وادعى الخارج النتاج أو ادعى الخارج الملك المطلق إذا لم يدع الخارج على ذي اليد فعلا نحو الغصب أو الوديعة أو الإجارة أو الرهن أو العارية ونحوها فأما إذا ادعى الخارج فعلا مع ذلك فبينة الخارج أولى
وقال في العمادية بعد نقل كلام الذخيرة ذكر الفقيه أبو الليث في باب دعوى النتاج من المبسوط ما يخالف المذكور في الذخيرة فقال دابة في يد رجل أقام آخر بينة أنها دابته آجرها من ذي اليد أو أعارها منه أو رهنها
____________________
(8/29)
إياه وذو اليد أقام بينة أنها دابته نتجت عنده فإنه يقضي بها لذي اليد لأنه يدعي النتاج والآخر يدعي الإجارة أو الإعارة والنتاج أسبق منهما فيقضي لذي اليد وهذا خلاف ما نقل عنه ا هـ
وفي البرهاني في الفصل الثاني عشر من كتاب الدعوى إذا ادعى ذو اليد النتاج وادعى الخارج أنه ملكه غصبه منه ذو اليد كانت بينة الخارج أولى وكذا إذا ادعى ذو اليد النتاج وادعى الخارج أنه ملكه أجره أو أودعه أو أعاره كانت بينة الخارج أولى
قال شيخ الإسلام الحاصل أن بينة ذي اليد على النتاج إنما تترجح على بينة الخارج على النتاج أو على الملك المطلق بأن ادعى ذو اليد النتاج وادعى الخارج الملك المطلق أو النتاج إذا لم يدع الخارج على ذي اليد فعلا نحو الغصب أو الوديعة أو الإجارة أو الرهن أو العارية أو ما أشبه ذلك
أما إذا ادعى الملك المطلق ومع ذلك فعلا فبينة الخارج أولى وأشار محمد ثمة إلى هذا المعنى لأن بينة الخارج في هذه الصورة أكثر إثباتا انتهى
هكذا في الظهيرية في النوع الثاني من كتاب الدعوى
تمت النقول
وأفتى مشايخنا بمسألة المحيط يعني يفتي بترجيح بينة الخارج في الصورة المذكورة
ادعيا ملكا بسببين مختلفين من واحد والعين في يد ثالث ( 73 ) لم يؤرخا يقضى لمدعي الشراء
( 74 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي لمدعي الشراء
( 75 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي للأسبق
( 76 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي للمؤرخ
ادعيا ملكا بسببين مختلفين من واحد والعين في يدهما ( 77 ) لم يؤرخا يقضي بينهما
( 78 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي بينهما
( 79 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي للأسبق
( 80 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي بينهما
ادعيا ملكا بسببين من واحد والعين في يد أحدهما ( 81 ) لم يؤرخا يقضي لذي اليد
( 82 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي لذي اليد
( 83 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي للأسبق
( 84 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي لذي اليد
ادعيا ملكا بسببين مختلفين من اثنين والعين في يد ثالث ( 85 ) لم يؤرخا يقضي بينهما كما في الملك المطلق
( 86 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي بينهما كما في الملك المطلق
( 87 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق عند الإمامين يقضي للأسبق
وعند محمد يقضي بينهما كما في الملك المطلق
____________________
(8/30)
ومشايخنا أفتوا على قول الإمامين
( 88 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر يقضي بينهما عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف يقضي للمؤرخ
وعند محمد لمن أطلق كما في الملك المطلق
ومشايخنا أفتوا على قبول أبي حنيفة
ادعيا ملكا بسببين مختلفين من اثنين والعين في يدهما ( 89 ) لم يؤرخا يقضي بينهما كما في الملك المطلق
( 90 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي بينهما كما في الملك المطلق
( 91 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق
عند الإمامين يقضي للأسبق
وعند محمد يقضي بينهما كما في الملك المطلق
ومشايخنا أفتوا على قول الإمامين
( 92 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر عند أبي حنيفة يقضي بينهما
وعند أبي يوسف يقضي للمؤرخ وعند محمد لمن أطلق كما في الملك المطلق
ومشايخنا أفتوا على قول أبي حنيفة
ادعيا ملكا بسببين مختلفين من اثنين والعين في يد أحدهما ( 93 ) لم يؤرخا يقضي للخارج كما في الملك المطلق
( 94 ) أو أرخا تاريخا واحدا يقضي للخارج كما في الملك المطلق
( 95 ) أو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق عند الإمامين يقضي للأسبق
وعند محمد يقضي للخارج كما في الملك المطلق
ومشايخنا أفتوا على قول الإمامين
( 96 ) أو أرخ أحدهما لا الآخر عند محمد يقضي للخارج
وعند أبي يوسف يقضى للمؤرخ كما في الملك المطلق
ومشايخنا أفتوا على قول محمد
ادعيا عينا في يد آخر فبرهن أحدهما أنه اشتراه من زيد وبرهن الآخر أنه ارتهنه من زيد ولم يؤرخا أو أرخا سواء فالشراء أولى وإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر فالمؤرخ أولى
ولو أرخا وأحدهما أقدم فهو أولى ولو كانت العين في يد أحدهما فهو أولى إلا إذا سبق تاريخ الخارج فهو للخارج ولو ادعى أحدهما هبة وقبضا من زيد وادعى الآخر شراء من زيد ولم يؤرخا أو أرخا سواء فالشراء أولى وكذا جميع ما مر في الرهن
ولو كانت العين بيدهما فهو بينهما إلا أن يؤرخ وأحدهما أقدم فهو أولى والصدقة مع الشراء كالهبة مع الشراء ولو اجتمعت الهبتان فحكمه حكم ما اجتمع الشراءان
في أواخر الفصل الثامن من الفصولين وإذا اجتمعت الهبة مع القبض والصدقة مع القبض فالجواب فيه كالجواب فيما إذا اجتمع الشراءان
من أنقروي
في دعوى الرجلين بسببين مختلفين من كتاب الدعوى نقلا في الرابع من دعوى التاترخانية
هذا لو ادعيا تلقي الملك من جهة واحد بسببين مختلفين فلو ادعياه من جهة اثنين بسببين مختلفين بأن ادعى أحدهما هبة والآخر شراء لو كانت العين بيد ثالث أو بيدهما أو بيد أحدهما فحكمه كحكم ما إذا ادعيا ملكا مطلقا إذ كل منهما يثبت الملك المطلق لمملكه ثم يثبت الانتقال إلى نفسه فكأن المملكين ادعيا ملكا مطلقا وبرهنا ففي كل موضع ذكرنا في دعوى الملك المطلق أن يقضي بينهما فكذا هنا كذا ذا
وفي يس عين بيده وبرهن آخر أنه شراه من زيد وبرهن آخر أن بكرا وهبه فهو بينهما ولو برهنا على التلقي من واحد فالشراء أولى إذا تصادقا على أنه لواحد فبقي النزاع في السبق فالشراء أسبق لأنه لما لم يبين سبق أحدهما جعلا كأنهما وافقا معا ولو تقارنا كان الشراء أسرع نفاذا من الهبة لأنها لا تصح إلا بقبض والبيع يصح بدونه
هذا وإن ادعى أحدهما الشراء من زيد والآخر هبة وقبضا من الآخر والعين في يد ثالث قضى بينهما وكذا لو ادعى ثالث ميراثا عن أبيه وادعى رابع صدقة وقبضا من آخر قضى بينهم أرباعا عند استواء الحجة إذ تلقوا الملك من مملكهم فكأنهم حضروا وبرهنوا على الملك المطلق
فصولين من أواخر الثامن
وإن ادعى أحدهما شراء من زيد والآخر الهبة من الآخر والعين في يد ثالث قضى بينهما وكذا إن ادعى ثالث ميراثا عن أبيه وادعى رابع صدقة من آخر قضى بينهم أرباعا وإن كانت العين في يد أحدهما يقضى للخارج إلا في أسبق التاريخ وإن كان في أيديهما يقضى بينهما إلا في أسبق التاريخ فهو له وهذا إذا كان
____________________
(8/31)
المدعي مما لا يقسم كالعبد والدابة
وأما ما يقسم كالدار والعقار فإنه يقضي لمدعي الشراء
أنقروي
وإنما يصح أن يقضى بينهما لو كان المدعي مما لا يحتمل القسمة أما المحتمل فيقضي بكله لمدعي الشراء
والصحيح في الهبة أن يقضي بينهما احتمل القسمة أو لا إذ الشيوع الطارىء لا يفسد الهبة والصدقة في الصحيح ويفسد الرهن
كذا في أواخر الفصل الثامن من الفصولين
وهذا آخر ما وجدته ونقلته من نسخة محرفة تحريفا كليا بعد أن صححت ما ظهر لي من الغلط بالرجوع إلى أصوله التي هي في يدي ومتى ظفرت ببقية الأصول المنقول عنها تمم تصحيحهما إن شاء الله تعالى
قوله ( أو شراء مؤرخ ) أشار بذكره بعد ذكر الملك إلى أنه لا فرق بين دعوى الملك المطلق والذي بسبب
قال العيني وأما الصورة الثانية أي صورة الشراء فلأنهما لما ادعيا الشراء من شخص واحد فقد اتفقا أن الملك له فمن أثبت منهما التلقي من جهته في زمان لا يزاحمه فيه أحد كان أولى ا هـ
فقوله وإن برهن خارجان الخ يشتمل على ثمان مسائل من الصور المتقدمة
قوله ( من واحد غير ذي يد ) إنما قيد به تبعا للهداية لأن دعوى الخارجين الشراء من ذي يد قد تقدمت في قوله ولو برهن خارجان على شيء قضى به لهما فلا فائدة في التعميم
بحر
وفيه وقيد بالبرهان على التاريخ أي منهما في الأولى لأنه لو أرخت إحداهما دون الأخرى فهو سواء كما لم يؤرخا عنده
وقال أبو يوسف المؤرخ أولى
وقال محمد المبهم أولى بخلاف ما إذا أرخت إحداهما فقط في الثانية فإن المؤرخ أولى
والحاصل أنهما إذا لم يؤرخا أو أرخا واستويا فهي بينهما في المسألتين وإن أرخا وسبق أحدهما فالسابق أولى فيهما وإن أرخت إحداهما فقط فهي الأحق في الثانية لا في الأولى وقدمنا أن دعوى الوقف كدعوى الملك المطلق فيقدم الخارج والأسبق تاريخا
قوله ( وذو يد على ملك ) قيد بالملك لأنها لو أقامها على أنها في يده منذ سنتين ولم يشهدا أنها له قضى بها للمدعي لأنها شهدت باليد لا بالملك
قوله ( فالسابق أحق ) لأنه أثبت أنه أول المالكين فلا يتلقى الملك إلا من جهته ولم يتلق الآخر منه وقيد بالتاريخ منهما لأنه إذا لم يؤرخا أو استويا فهي بينهما في المسألتين الأوليين وإن سبقت إحداهما فالسابقة أولى فيهما وإن أرخت إحداهما فقط فهي الأحق في الثانية لا الأولى وأما في الثانية فالخارج أولى في الصور الثلاث
وتمامه في البحر
قوله ( متفق ) يجوز أن يقرأ بالرفع خبر لمبتدأ محذوف أي هو أي الشأن متفق ويجوز النصب على الحال من فاعل برهنا
قوله ( أو مختلف عيني ) ومثله في الزيلعي تبعا للكافي
وادعى في البحر أنه سهو وأنه يقدم الأسبق في دعوى الشراء من شخص واحد فإنه يقدم الأسبق تاريخا ورده الرملي بأنه هو الساهي فإن في المسألة اختلاف الرواية
ففي جامع الفصولين ولو برهنا على الشراء من اثنين وتاريخ أحدهما أسبق اختلف الروايات في الكتب فما ذكر في الهداية يشير إلى أنه لا عبرة لسبق التاريخ
وفي المبسوط ما يدل على أن الأسبق أولى ثم رجح صاحب جامع الفصولين الأول ا هـ ملخصا
وفي نور العين عن قاضيخان ادعيا شراء من اثنين يقضي بينهما نصفين وإن أرخا وأحدهما أسبق فهو
____________________
(8/32)
أحق من ظاهر الرواية
وعن محمد لا يعتبر التاريخ يعني يقضي بينهما وإن أرخ أحدهما فقط يقضي بينهما نصفين وفاقا فلو لأحدهما يد فالخارج أولى خلاصة إلا إذا سبق تاريخ ذي اليد هداية
برهن خارجان على شراء شيء من اثنين وأرخا فهما سواء لأنهما يثبتان الملك لبائعهما فيصير كأنهما حضرا وادعيا ثم يخير كل منهما كما في مسألة دعوى الخارجين شراء من ذي اليد كفاية
لو برهنا على شراء من اثنين وتاريخ أحدهما أسبق اختلفت روايات الكتب فما في الهداية يشير إلى أنه لا عبرة لسبق التاريخ بل يقضي بينهما وفي المبسوط ما يدل صريحا أن الأسبق أولى
يقول الحقير ويؤيده ما مر عن قاضيخان أنه ظاهر الرواية فما في الهداية اختيار قول محمد ا هـ
ثم قال ودليل ما في المبسوط وقاضيخان وهو أن الأسبق تاريخا يضيف الملك إلى نفسه في زمان لا ينازعه غيره أقوى من دليل ما في الهداية وهو أنهما يثبتان الملك لبائعهما فكأنهما حضرا أو ادعيا الملك بلا تاريخ ووجه قوة الأول غير خاف على من تأمل ويرجحه أنه ظاهر الرواية ا هـ
وكذا بحث في دليل ما في الهداية في الحواشي السعدية فراجعها وبه علم أن تقييد المصنف باتفاق التاريخ مبني على ظاهر الرواية فهو أولى مما فعله الشارح متابعا للدرر وإن وافق الكافي والهداية وأما الحكم عليه بالسهو كما تقدم عن البحر فمما لا ينبغي
قوله ( من رجل آخر ) أي غير الذي يدعي الشراء منه صاحبه زيلعي
قوله ( استويا ) لأنهما في الأول يثبتان الملك لبائعهما فكأنهما حضرا ولو وقت أحدهما فتوقيته لا يدل على تقدم الملك لجواز أن يكون الآخر أقدم بخلاف ما إذا كان البائع واحدا لأنهما اتفقا على أن الملك لا يتلقى إلا من جهته فإذا أثبت أحدهما تاريخا يحكم به حتى يتبين أنه تقدمه شراء غيره
بحر ثم قال وإذا استويا في مسألة الكتاب يقضي به بينهما نصفين ثم يخير كل واحد منهما إن شاء أخذ نصف العبد بنصف الثمن وإن شاء ترك ا هـ
قوله ( وإن اتحد الخ ) ذكرنا الكلام عليه آنفا وتقدمت في هذا الباب في محلها عن السراج قوله ( ما يفيد ملك بائعه ) بأن يشهدوا أنه اشتراها من فلان وهو يملكها
قال في البحر ثم اعلم أن البينة على الشراء لا تقبل حتى يشهدوا أنه اشتراها من فلان وهو يملكها كما في خزانة الأكمل
وفي السراج الوهاج لا تقبل الشهادة على الشراء من فلان حتى يشهدوا أنه باعها منه وهو يومئذ يملكها أو يشهدوا أنها لهذا المدعي اشتراها من فلان بكذا ونقده الثمن وسلمها إليه لأن الإنسان قد يبيع ما لا يملك لجواز أن يكون وكيلا أو متعديا فلا يستحق المشتري الملك بذلك فلا بد من ذكر ملك البائع أو ما يدل عليه ا هـ
قلت إذا كان البائع وكيلا فكيف يشهدون بأنه باعها وهو يملكها فليتأمل ا هـ
أقول إذا عرف الشهود أن البائع وكيل فالظاهر أنهم يقولون باعها بالوكالة عمن يملكها لأن خصوص وهو يملكها غير لازم
قال في نور العين في آخر الفصل السادس رامزا للمبسوط لا تقبل بينة الشراء من الغائب إلا بالشهادة بأحد الثلاثة إما بملك بائعه بأن يقولوا باع وهو يملكه وإما بملك مشتريه بأن يقولوا هو للمشتري اشتراه من فلان وإما بقبضه بأن يقولوا هو للمشتري اشتراه منه وقبضه ا هـ
____________________
(8/33)
وفيه رامز الفتاوى القاضي ظهير ادعى إرثا ورثه من أبيه وادعى آخر شراءه من الميت وشهوده شهدوا بأن الميت باعه منه ولم يقولوا باعه منه وهو يملكه قالوا لو كانت الدار في يد مدعي الشراء أم مدعي الإرث فالشهادة جائزة لأنها على مجرد البيع إنما لا تقبل إذا لم تكن الدار في يد المشتري أو الوارث أما لو كانت فالشهادة بالبيع كالشهادة ببيع وملك ا هـ
وفي البحر عن البزازية إذا كان المبيع في يد البائع تقبل من غير ذكر ملك البائع وإن كان في يد غيره والمدعي يدعيه لنفسه أن ذكر المدعي وشهوده أن البائع يملكها أو قالوا سلمها إليه وقال سلمها إلي أو قال قبضت وقالوا قبض أو قال ملكي اشتريتها منه وهي لي تقبل فإن شهدوا على الشراء والنقد ولم يذكروا القبض ولا التسليم ولا ملك البائع ولا ملك المشتري لا تقبل الدعوى ولا الشهادة ولو شهدوا باليد للبائع دون الملك اختلفوا ا هـ
قوله ( إن لم يكن المبيع في يد البائع ) أي وهو يدعي الشراء منه وبرهن فإنه لا يحتاج إلى شهادة الشهود بملك البائع لمعاينة وضع يده
قوله ( ولو شهدوا بيده ) أي بيد البائع دون الملك أي والمبيع ليس في يده
قوله ( فقولان ) ينبغي أن يعتمد عدم صحة ذلك لأن اليد تتنوع إلى يد ملك ويد غصب ويد أمانة وبيان العام لا يحقق الخاص وهو المطلوب الذي هو الملك
تأمل
قوله ( وذو اليد على الشراء منه ) صورته عبد في يد زيد ادعاه بكر أنه ملكه وبرهن عليه وبرهن زيد على الشراء منه فذو اليد أولى لأن الخارج إن كان يثبت أولية الملك فذو اليد يتلقى الملك منه فلا تنافي فيه فصار كما إذا أقر بالملك له ثم ادعى الشراء منه وكذا لو برهن الخارج على الإرث فصولين
ولو برهن على الشراء من أجنبي فالخارج أحق
مطلب لا اعتبار بالتاريخ مع النتاج إلا من أرخ تاريخا مستحيلا قوله ( أو برهنا ) أي الخارج وذو اليد
وفي البحر أطلقه فشمل ما إذا أرخا واستوى تاريخهما أو سبق أو لم يؤرخا أصلا أو أرخت إحداهما فلا اعتبار للتاريخ مع النتاج إلا أن من أرخ تاريخا مستحيلا بأن لم يوافق من المدعي لوقت ذي اليد ووافق وقت الخارج فحينئذ يحكم للخارج ولو خالف سنه للوقتين لغت البينتان عند عامة المشايخ يترك في يد ذي اليد على ما كان وهو بينهما نصفين كذا في رواية
كذا في جامع الفصولين
وفيه برهن الخارج أن هذه أمته ولدت هذا القن في ملكي وبرهن ذو اليد على مثله يحكم بها للمدعي لأنهما ادعيا في الأمة ملكا مطلقا فيقضي بها للمدعي ثم يستحق القن تبعا ا هـ
مطلب يقدم ذو اليد في دعوى النتاج إن لم يكن النزاع في الأم وبهذا ظهر أن ذا اليد إنما يقدم في دعوى النتاج على الخارج إن لم يتنازعا في الأم أما لو تنازعا فيها في الملك المطلق وشهدوا به وبنتاج ولدها فإنه لا يقدم وهذه يجب حفظها ا هـ
تعريف النتاج قوله ( كالنتاج ) هو ولادة الحيوان من نتجت عنده بالبناء للمفعول ولدت ووضعت كما في المغرب
____________________
(8/34)
مطلب المراد بالنتاج ولادته في ملكه أو ملك بائعه أو مورثه والمراد ولادته في ملكه أو ملك بائعه أو مورثه
مطلب هذا الولد ولدته أمته ولم يشهدوا بالملك له لا يقضى له قال في خزانة الأكمل لو أقام ذو اليد أن هذه الدابة نتجت عنده أو نسج هذا الثوب عنده أو أن هذا الولد ولدته أمته ولم يشهدوا بالملك له فإنه لا يقضي له ا هـ
وكذا لو شهدوا أنها بنت أمته لأنهم إنما شهدوا بالنسب
كذا في الخزانة
وفي جامع الفصولين برهن كل من الخارج وذي اليد على نتاج في ملك بائعه حكم لذي اليد إذ كل منهما خصم عن بائعه فكأن بائعيهما حضرا وادعيا ملكا بنتاج لذي اليد ا هـ
وإنما حكم لذي اليد لأن البينة قامت على ما لا تدل عليه اليد وترجحت بينة ذي اليد باليد فقضى له وهذا هو الصحيح
والقضاء ببينة الخارج هو الأصل وإنما عدلنا عنه بخبر النتاج وهو ما روى جابر بن عبد الله أن رجلا دعى ناقة في يد رجل وأقام البينة أنها ناقته نتجت عنده وأقام الذي هي في يده بينة أنها ناقته نتجها فقضى بها رسول الله للذي هي في يده وهذا حيث مشهور صحيح فصارت مسألة النتاج مخصوصة كما في المحيط
وفي القنية كما تقدم بينة ذي اليد إذا أثبتت أولية الملك بالنتاج عنده فكذا إذا ادعاه عند مورثه ا هـ
ولو برهن أنه له ولد في ملكه وبرهن ذو اليد أنه له ولد في ملك بائعه حكم به لذي اليد لأنه خصم عمن تلقى الملك منه ويده يد الملتقي منه فكأنه حضر وبرهن على النتاج والمدعي في يده يحكم له به
كذا هذا ا هـ
مطلب لا يترجح نتاج في ملكه على نتاج في ملك بائعه وبه ظهر أنه لا يترجح نتاج في ملكه على نتاج في ملك بائعه
مطلب لا يشترط أن يشهدوا أن أمه في ملكه ولا يشترط أن يشهدوا بأن أمه في ملكه لكن لو شهدت بينة بذلك دون أخرى قدمت عليها لما في الخزانة عبد في يد رجل أقام رجل البينة أنه عبده ولد في ملكه وأقام آخر البينة أنه عبده ولد في ملكه من أمته هذه قضى للذي أمه في يده فإن أقام صاحب اليد البينة أنه عبده ولد في ملكه من أمة أخرى فصاحب اليد أولى
مطلب برهن كل من خارجين أنه عبده ولد من أمته وعبده هذين ينصف وهو ابن عبدين وأمتين عبد في يد رجل أقام رجل البينة أنه عبده ولد من أمته هذه من عبده هذا وأقام رجل آخر البينة بمثل ذلك فيكون بينهما نصفين فيكون ابن عبدين وأمتين
وقال صاحباه لا يثبت نسبه منهما ا هـ
ومحل تقديم بينة ذي اليد في النتاج إذا لم يدع الخارج نتاجا وعتقا وإلا كان الخارج أولى لأن بينة النتاج معا لعتق أكثر إثباتا لأنها أثبتت أولية الملك على وجه لا يستحق عليه أصلا وبينة ذي اليد أثبتت الملك على وجه يتصور استحقاق
____________________
(8/35)
ذلك عليه بخلاف ما إذا ادعى الخارج العتق مع مطلق الملك وذو اليد ادعى النتاج فبينة ذي اليد أولى
مطلب رأى دابة تتبع دابة وترتضع يشهد بالملك والنتاج وفي شهادات البزازية الشاهد عاين دابة تتبع دابة وترتضع له أن يشهد بالملك والنتاج ا هـ
قال في الخلاصة وعلى هذا لو شهد شاهدان على النتاج لزيد وآخران على النتاج لعمرو ويتصور هذا بأن رأى الشاهدان أنه ارتضع من لبن أنثى كانت في ملكه وآخران رأيا أنه ارتضع من لبن أنثى في ملك آخر فتحل الشهادة للفريقين ا هـ
قوله ( وما في معناه ) مما لا يتكرر
قوله ( كنسج لا يعاد ) كالثياب القطني
قوله ( وحلب لبن ) واتخاذ الجبن واللبد والمرعزاء وجز الصوف فإذا ادعى خارج وذو يد أن هذه ثيابي نسجت عندي أو لبني حلب عندي أو جبني أو لبدي اتخذ عندي أو صوفي جز عندي فإنه يقدم ذو اليد كما في النتاج والعلة ما في النتاج والجبن بضمة وبضمتين كقبل قاموس
والمرعزاء إذا شددت الزاي قصرت وإذا خففت مدت والميم والعين مكسورتان وقد يقال مرعزاء بفتح الميم مخففا ممدودا وهي كالصوف تحت شعر العنز
مغرب
قال أبو السعود هو الشعر الخفيف الذي ينتف من ظهر المعز ويعمل منه الأقمشة الرفيعة ا هـ
أقول ويوجد جنس مخصوص يسمى المرعز يعمل من صوفه الشال اللاهور والفرماش وهو يشبه المعز في الخلقة والغنم في الصوف إلا أنه ألين من صوف الغنم ولعله هو هو
قال في البحر ولا بد من الشهادة بالملك مع السبب الذي لا يتكرر كالنتاج ا هـ ط
قوله ( ولو عند بائعه ) أو عند مورثه كما تقدم أي لا فرق بين أن يدعي كل منهما النتاج ونحوه عنده أو عند بائعه فحكم النتاج يجري على ما في معناه من كل غير متكرر
قوله ( فذو اليد أحق ) أطلقه فشمل ما إذا أرخا واستوى تاريخهما أو سبق أحدهما إلى آخر ما قدمناه قريبا عن البحر قوله ( إلا إذا ادعى الخارج الخ ) أي حيث تكون بينة الخارج أولى وإن ادعى ذو اليد النتاج لأن بينة الخارج في هذه الصور أكثر إثباتا لأنها تثبت الفعل على ذي اليد وهو الغصب وأشباهه إذ هو غير ثابت أصلا وأولية الملك إن لم يكن ثابتا باليد فأصل الملك ثابت بها ظاهرا فكان ثابتا باليد من وجه دون وجه فكان إثبات غير الثابت من كل وجه أولى إذ البينة للإثبات كما في التبيين
بقي ما إذا ادعى الخارج فعلا ونتاجا يقدم بالأولى
ويمكن إدخالها في عبارته بأن يقال دابة في يد رجل أقام آخر بينة أنها دابته ملكا أو نتاجا أخذها من ذي اليد
تأمل
قوله ( فعلا ) أي وإن لم يدع الخارج النتاج
تأمل
مطلب ادعى الخارج الفعل على ذي اليد المدعي النتاج فالخارج أولى قوله ( كغصب أو وديعة ) قال في البحر وقد يكون كل منهما مدعيا للملك والنتاج فقط إذ لو ادعى الخارج الفعل على ذي اليد كالغصب والإجارة والعارية فبينة الخارج أولى وإن ادعى ذو اليد النتاج لأن بينة الخارج في هذه الصور أكثر إثباتا لإثباتها الفعل على ذي اليد إذ هو غير ثابت أصلا كما ذكره الشارح ا هـ
قوله ( في رواية ) الأولى أن يقول في قول كما في الشرنبلالية وإنما قال ذلك لما قال في العماية بعد نقل كلام الذخيرة ذكر الفقيه أبو الليث في باب دعوى النتاج عن المبسوط ما يخالف المذكور في الذخيرة فقال
____________________
(8/36)
دابة في يد رجل أقام آخر بينة أنها دابته آجرها من ذي اليد أو أعارها منه أو رهنها إياه وذو اليد أنها دابته نتجت عنده فإنه يقضي بها لذي اليد لأنه يدعي ملك النتاج والآخر يدعي الإجارة أو الإعارة والنتاج أسبق منهما فيقضي لذي اليد
وهذا خلاف ما نقل عنه درر
واستظهر في نور العين أن ما في الذخيرة هو الأصح والأرجح وبه ظهر عدم الاختلاف بين العبارتين بأن يحمل الأول على أن كلا منهما ادعى النتاج ونحوه وزاد دعوى الفعل وما نقله عن أبي الليث أن الخارج إنما ادعى الفعل فقط بدون النتاج لكن تعليل الزيلعي يقتضي أن المثبت للفعل أكثر إثباتا سواء كان معه دعوى نتاج أو لا فلذلك حكم صاحب الدرر أنها رواية ثانية وعليها اقتصر في البحر وشراح الهداية
وعبارة الزيلعي بعد تعليل تقديم ذي اليد في دعوى النتاج بأن اليد لا تدل على أولية الملك فكان مساويا للخارج فيها فبإثباتها يندفع الخارج وبينة ذي اليد مقبولة للدفع ولا يلزم ما إذا ادعى الخارج الفعل على ذي اليد حيث تكون بينته أرجح وإن ادعى ذو اليد النتاج لأنه في هذه أكثر إثباتا لإثباتها ما هو غير ثابت أصلا
ا هـ ملخصا ويؤيدها ما نذكره قريبا إن شاء الله تعالى عند قول المصنف قضى بها لذي اليد ويستثنى أيضا ما إذا تنازعا في الأم كما مر وما إذا ادعى الخارج إعتاقا على النتاج كما مر ويأتي
فروع في البحر شاتان في يد رجل إحداهما بيضاء والأخرى سوداء فادعاهما رجل وأقام البينة أنهما له وأن هذه البيضاء ولدت هذه السوداء في ملكه وأقام ذو اليد البينة أنهما له وأن هذه السوداء ولدت هذه البيضاء في ملكه فإنه يقضي لكل واحد منهما بالشاة التي ذكرت شهوده أنها ولدت في ملكه أي فيقضي للأول بالسوداء وللثاني بالبيضاء
قال في التاترخانية هكذا ذكر محمد وهذا إذا كان سن الشاتين مشكلا فإن كانت واحدة منهما تصلح أما للأخرى والأخرى لا تصلح أما لهذه كانت علامة الصدق ظاهرة في شهادة شهود أحدهما فيقضي بشهادة شهوده
وعن أبي يوسف فيما إذا كان سن الشاتين مشكلا إني لا أقبل بينتهما وأقضي بالشاة لكل واحد منهما بالشاة في يده وهذا قضاء ترك لا قضاء استحقاق
ولو أقام الذي في يده البيضاء أن البيضاء شاتي ولدت في ملكي والسوداء التي في يد صاحبي شاتي ولدت من هذه البيضاء وأقام الذي السوداء في يده أن السوداء ولدت في ملكي والبيضاء التي في يد صاحبي ملكي ولدت من هذه السوداء فإنه يقضي لكل واحد منهما بما في يده ا هـ
وإن كان في يد رجل حمام أو دجاج أو طير مما يفرخ أقام رجل البينة أنه له فرخ في ملكه وأقام صاحب اليد البينة على مثل ذلك قضى به لصاحب اليد
ولو ادعى لبنا في يد رجل أنه له ضربه في ملكه وبرهن ذو اليد يقضي به للخارج ولو كان مكان اللبن آجر أو جص أو نورة يقضي به لصاحب اليد وغزل القطن لا يتكرر فيقضي به لذي اليد بخلاف غزل الصوف وورق الشجر وثمرته بمنزلة النتاج بخلاف غصن الشجرة والحنطة لا بد من الشهادة بالملك مع السبب الذي لا يتكرر كالنتاج
لو برهن الخارج على أن البيضة التي تفلقت عن هذه الدجاجة كانت له لم يقض له بالدجاجة ويقضي على صاحب الدجاجة ببيضة مثلها لصاحبها لأن ملك البيضة ليس لملك الدجاجة فإن من غصب بيضة
____________________
(8/37)
وحضنها تحت دجاجة له كان الفرخ للغاصب وعليه مثلها بخلاف الأمة فإن ولدها لصاحب الأم وجلد الشاة يقضي به لصاحب اليد والجبة المحشوة والفرو وكل ما يقطع من الثياب والبسط والأنماط والثوب المصبوغ بعصفر أو زعفران يقضي بها للخارج ا هـ
قوله ( أو كان سببا يتكرر ) عطف على ادعى يعني أن ذا اليد أحق في كل حال إلا في حال ما إذا ادعى غصبا أو كان سببا يتكرر فإنه يقضي للخارج بمنزلة الملك المطلق قوله ( كبناء ) أي كما إذا ادعى ذو اليد أن هذا الآجر ملكي بنيت به حائطي وادعى الخارج كذلك يقدم الخارج لأنه يمكن تكرره
قوله ( وغرس ) قال الحموي والحنطة مما يتكرر فإن الإنسان قد يزرع في الأرض ثم يغربل التراب فيميز الحنطة منها ثم يزرع ثانية فإذا ادعى كل أنها حنطته زرعها وأقاما برهانا فإنه يقدم الخارج والنخل يغرس غير مرة فإذا تنازعا في أرض ونخيل أي كل يدعي غرسه وبرهنا فإنه يقضي للخارج بهما وكذا الأرض المزروعة يعني أنها أرضه زرعها كل يدعي ذلك أما إذا كان الزرع مما يتكرر فظاهر وإلا كان تبعا للأرض كما في الخلاصة
والحاصل أن المنظور إليه في كونه يتكرر أولا يتكرر هو الأصل لا التبع كما في البحر قوله ( ونسج خز ) الخز اسم دابة ثم سمى الثوب المتخذ من وبره خزا
قيل هو نسج إذا بلى يغزل مرة ثانية ثم ينسج
عزمي
قوله ( أو أشكل على أهل الخبرة ) قال في البحر ونصل السيف يسأل عنه فإن أخبروا أنه لا يضرب إلا مرة كان لذي اليد وإلا للخارج أي فإذا ادعى خارج وذو يد أن هذا النصل له ضربه بيده وأقاما برهانا فهو على هذا ا هـ
قال أبو السعود فإن أشكل على أهل الخبرة قضى به للخارج والواحد منهم يكفي والاثنان أحوط
عزمي وزيلعي
وذكر في غاية البيان أنه إذا أشكل على أهل الخبرة اختلفت الرواية ففي رواية أبي سليمان يقضي لذي اليد
وفي رواية أبي حفص يقضي للخارج ا هـ
قوله ( لأنه الأصل ) أي كون المدعي للخارج المبرهن لأن القضاء ببينة هو الأصل فإذا لم يعلم يرجع إلى الأصل
قوله ( وإنما عدلنا عنه بحديث النتاج ) سبق ما فيه قال الخير الرملي النتاج بالكسر مصدر يقال نتجت الناقة بالبناء للمفعول نتاجا ولدت قال شيخ الإسلام زكريا النتاج بكسر النون من تسمية المفعول بالمصدر يقال نتجت الناقة بالبناء للمفعول نتاجا ولدت ا هـ
وقال ابن الملقن في ضبط كلام المنهاج النتاج بفتح النون ورأيت بخط المصنف في الأصل بكسرها في ثلاثة مواضع ا هـ
قال الهيتمي ضبطه المصنف يعني النووي بكسر النون وضبطه الأستاذ بالفتح ا هـ
تتمة المقضي عليه في حادثة لا تسمع دعواه بعده إلا إذا برهن على إبطال القضاء أو على تلقي الملك من المقضي له أو على النتاج كما في العمادية والبزازية
قال الرملي والظاهر أن ما في خزانة الأكمل هو الراجح كما يشهد له الاقتصار عليه في العمادية والبزازية وغيرهما فازدد نقلا في المسألة إن شئت وقدمنا الكلام عليه في دفع الدعوى
قوله ( من الآخر ) أي من خصمه الآخر
قوله ( بلا وقت ) قيد به لأنهما لو أرخا يقضي به لصاحب الوقت الأخير كذا في خزانة الأكمل
قوله ( وترك المال المدعى به في يد من معه ) أي لا على وجه القضاء بل عملا بالأصل لأنه لما تهاترت البينتان رجع إلى الأصل وهو أن وضع اليد من أسباب الملك
____________________
(8/38)
قوله ( وقال محمد يقضي للخارج ) أي لإمكان العمل بالبينتين وبأن يجعل ذو اليد كأنه اشترى من الآخر وقبض ثم باع لأن القبض دليل الشراء فيؤمر بالدفع إليه لأن تمكنه من القبض دليل السبق
ولا يعكس الأمر لأن البيع قبل القبض لا يجوز وإن كان في العقار عنده وهذا فيما إذا كانت في يد أحدهما كما يظهر من تقرير كلامه
وجه قولهما كما في البحر أن الإقدام على الشراء إقرار منه بالملك للبائع فصار كأنهما قامتا على الإقرارين
وفيه التهاتر بالإجماع
كذا هنا
ولأن السبب يراد لحكمه وهو الملك ولا يمكن القضاء لذي اليد إلا بملك مستحق فبقي القضاء بمجرد السبب وأنه لا يفيده ثم لو شهدت البينتان على نقد الثمن فالألف بالألف قصاص عندهما إذا استويا لوجود قبض المضمون من كل جانب وإن لم يشهدوا على نقده الثمن فالقصاص مذهب محمد للوجوب عنده
قوله ( قلنا الإقدام ) أي من الخارج على الشراء الذي ادعاه والإقدام من ذي اليد على الشراء الذي ادعاه
قوله ( إقرار منه ) أي من القادم بالملك له للآخر فصارت بينة كل واحد منهما كأنها قامت على إقرار الآخر وفيه التهاتر بالإجماع لتعذر الجمع
قوله ( ولو أثبتا قبضا تهاترتا اتفاقا ) لأن الجمع غير ممكن عند محمد لجواز كل واحد من البيعين بخلاف الأول وهذا في غير العقار أما في العقار فإن وقتت البينتان ولم يثبتا قبضا فإن كان وقت الخارج أسبق يقضي لصاحب اليد عندهما فيجعل كأن الخارج اشترى أولا ثم باع قبل القبض من صاحب اليد وهو جائز في العقار عندهما
وعند محمد يقضي للخارج لأنه لا يصح بيعه قبل القبض فبقي على ملكه وإن أثبتا قبضا يقضي بها لصاحب اليد بالإجماع وإن كان وقت صاحب اليد أسبق يقضي بها للخارج سواء شهدوا بالقبض أو لم يشهدوا كما في البحر عن الهداية
وفيه وفي المبسوط ما يخالفه كما علم من الكافي ا هـ
أقول ثم رأيت في الشرنبلالية ما يكون تأييدا لكلام الهداية حيث قال وعند محمد يقضي بالبينتين يعني إن ذكروا القبض الخ
تأمل
وفي البحر أيضا عن الكافي دار في يد زيد برهن عمرو على أنه باعها من بكر بألف وبرهن بكر على أنه باعها من عمرو بمائة دينار وجحد زيد ذلك كله قضى بالدار بين المدعيين ولا يقضي بشيء من الثمنين لأنه تعذر القضاء بالبيع لجهالة التاريخ ولم يتعذر القضاء بالملك
وعند محمد يقضي بها بينهما
ولكل واحد نصف الثمن على صاحبه لأنه لم يسلم لكل واحد إلا نصف المبيع
ولو ادعت امرأة شراء الدار من عمرو بألف وعمرو ادعى أنه اشتراها منها بألف وزيد وهو ذو اليد يدعي أنها له اشتراها من عمرو بألف وأقاموا البينة قضى لذي اليد لتعارض بينتي غيره فبقيت بينته بلا معارض
وعند محمد يقضي بالدار لذي اليد بألف عليه للخارج ويقضي لها على الخارج بألف لأن ذا اليد والمرأة ادعيا التلقي من الخارج فيجعل كأنها في يده ا هـ
مطلب برهن كل على إقرار الآخر أنها له تهاترا وأشار المؤلف إلى أنه لو برهن كل على إقرار الآخر أن هذا الشيء له فإنهما يتهاتران ويبقى في يد ذي اليد
كذا في الخزانة
قوله ( ولا ترجح ) يحتمل أن يقرأ الفعل بالتذكير أو التأنيث فعلى الأولى يعود الضمير المستتر على الحكم وعلى الثاني يعود على الدعوى
إلى هذا أشار العيني
قوله ( فإن الترجيح عندنا ) أي وعند الشافعي في القديم وبعض المالكية يرجحون بكثرة العدد
قوله ( بقوة الدليل ) بأن يكون أحدهما متواترا والآخر من
____________________
(8/39)
الآحاد أو كان أحدهما مفسرا والآخر مجملا فيرجح المفسر على المجمل والتواتر على الآحاد لقوة فيه وكذا لا يرجح أحد القياسين ولا الحديث بحديث آخر وشهادة كل شاهدين علة تامة فلا تصليح للترجيح كما في البحر
وسيأتي قريبا تمامه
قوله ( لا بكثرته ) ولذا لا ترجح الآية بآية أخرى ولا الخبر بالخبر ولا أحد القياسين بقياس آخر
قال في غاية البيان لأن الترجيح يكون بقوة العلة لا بكثرة في العلل ولذلك قلنا إن الخبرين إذا تعارضا لا يترجح أحدهما على الآخر بخبر آخر بل بما به يتأكد معنى الحجة فيه وهو الاتصال برسول الله حتى يترجح المشهور بكثرة رواته على الشاذ لظهور زيادة القوة فيه من حيث الاتصال برسول الله ويترجح بفقه الراوي وحسن ضبطه وإتقانه لأنه يتقوى به معنى الاتصال برسول الله على الوجه الذي وصل إلينا بالنقل وكذلك الآيتان إذا وقعت المعارضة بينهما لا تترجح إحداهما بآية أخرى بل بقوة في معنى الحجة وهو أنه نص مفسر والآخر مؤول وكذلك لا يترجح أحد الخبرين بالقياس فعرفنا أن ما يقع به الترجيح هو ما لا يصلح علة للحكم ابتداء بل ما يكون مقويا لما به صارت العلة موجبة للحكم ا هـ
قال المولى عبد الحليم قوله فلأن الترجيح لا يقع بكثرة العلل بل الترجيح يقع بقوة العلة ولذلك ترجح شهادة العدل على شهادة المستور كما يرجح كون أحد الخبرين أو الآيتين مفسرا أو محكما على الآخر ا هـ
قوله ( فهما سواء في ذلك ) أي في الإقامة المأخوذة من أقام أي في حكمها
قال شيخ مشايخنا ينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يصل إلى حد التواتر فإنه يفيد حينئذ العلم فلا ينبغي أن يجعل كالجانب الآخر ا هـ
أقول ظاهر ما في الشمني والزيلعي يفيد ذلك حيث قال ولنا أن شهادة كل شاهدين علة تامة كما في حالة الانفراد والترجيح لا يقع بكثرة العلل بل بقوتها بأن يكون أحدهما متواترا والآخر آحادا أو يكون أحدهما مفسرا والآخر مجملا فيرجح المفسر على المجمل والمتواتر على الآحاد ا هـ
بيري
وفي شرح المفتي أن عدد الشهود إذا بلغ حد التواتر ينبغي أن يرجح على من لم يبلغه قياسا على الخبر من أنه يرجح كون أحد الخبرين إلى آخر ما قدمناه قريبا ولم أظفر على الرواية ا هـ أقول قد ذكر في التحرير وشرحه ما حاصله فرق بين الشهادة والخبر لأن السمع ورد في الشهادة على خلاف القياس بأن يكون نصابها اثنين فلا يكون لكثرتهم قوة زائدة تمنع ما اعتبره السمع في الطرف الآخر بخلاف الرواية في الخبر فإن الحكم فيه نيط برواية كل من الراوي فلا شك أن كثرتهم تزيد الظن والقوة وفيه فافترقا على أن ما ورد فيه النص لا يؤثره القياس
تدبر
قوله ( لأن المعتبر أصل العدالة ) بل المعتبر فيه الولاية بالحرية والناس فيه سواء والعدالة شرطت لظهور أثر الصدق حتى وجب على القاضي القضاء ولذلك لم يلتفت إلى زيادة قوة في العدالة وباقي التفصيل في شرح المفتي الشارح الهندي
قوله ( ولا حد للأعدلية ) أي فلا يقع الترجيح بها لاحتمال أن يجد الآخر ما هو أعدل فلا يستقر الحكم على حالة
قوله ( بطريق المنازعة )
____________________
(8/40)
اعلم أن أبا حنيفة رحمه الله تعالى اعتبر في هذه المسألة طريق المنازعة وهو أن النصف سالم لمدعي الكل بلا منازعة بقي النصف الآخر وفيه منازعتهما على السواء فينصف فلصاحب الكل ثلاثة أرباع ولصاحب النصف الربع وهما اعتبرا طريق العول والمضاربة وإنما سمي بهذا لأن في المسألة كلا ونصفا فالمسألة من اثنين وتعول إلى ثلاثة فلصاحب الكل سهمان ولصاحب النصف سهم هذا هو العول
وأما المضاربة فإن كل واحد يضرب بقدر حقه فصاحب الكل له ثلثان من الثلاثة فيضرب الثلثان في الدار وصاحب النصف له ثلث من الثلاثة فيضرب الثلث في الدار فحصل ثلث الدار لأن ضرب الكسور بطريق الإضافة فإنه إذا ضرب الثلث في الستة معناه ثلث الستة وهو اثنان
منح
قال في الهداية إن لهذه المسألة نظائر وأضدادا لا يحتملها هذا المختصر وقد ذكرناها في الزيادات ا هـ
وسيأتي الكلام عليها قريبا إن شاء الله تعالى عن شرح الزيادات لقاضيخان
قوله ( بطريق العول ) هو في اللغة الزيادة والارتفاع
وعند أهل الحساب أن يزاد على المخرج من أخواته إذا ضاق عن فرض ذي السهم
قوله ( فالمسألة من اثنين ) لوجود كسر مخرجه ذلك وهو النصف
قوله ( وتعول إلى ثلاثة ) فلصاحب الكل سهمان ولصاحب النصف سهم فيقسم أثلاثا بينهما
والأصل أنه إذا وقعت الدعوى في شيء معين كانت القسمة بطريق المنازعة ومتى كانت الدعوى في جزء غير معين وكان باسم السهم والنصيب كانت القسمة بطريق العول فالوجه لهما أن الدعوى وقعت في جزء غير معين وهو النصف فيقسم على طريق العول كما في المواريث
وله أن الدعوى وقعت في العين وإن كانت باسم النصف شائعا لكن الدعوى لا تصح إلا بالإضافة والإشارة إلى محل معين كأن يقول نصف هذه الدار فإذا صحت الدعوى على تعيين المحل الذي وقعت الدعوى فيه أخذ حكم دعوى شيء معين والعين قط لا تعول فيقسم على طريق المنازعة بخلاف المواريث والديون لأن المنازع فيه ابتداء هو الديون في ذمة الميت دون العين وكذا المواريث أنصباء غير معينة بل هي شائعة في ا لتركة
كذا في الكافي شرح المنظومة
قوله ( ميراث ) يعني إذا اجتمعت سهام الفرائض في التركة وضاقت التركة عن الوفاء بها تقسم على طريق العول فإن ماتت وتركت زوجا وأختا شقيقة وأختا لأم فالمسألة من ستة وتعول إلى سبعة
قوله ( وديون ) بأن كان عليه مائتان وترك مائة فيعطي لكل ذي مائة خمسون فلو كان لأحدهما مائة وللآخر خمسون قسمت المائة ثلاثة أسهم اثنان لصاحب المائة وواحد لصاحب الخمسين
قوله ( ووصية ) أي بما دون الثلث كما قيده الزيلعي إذا اجتمعت وزادت على الثلث كما لو أوصي لرجل بسدس ماله ولآخر بثلثه ولم تجز الورثة يقسم الثلث بطريق العول فيجعل الثلث ثلاثة أسهم سهم لصاحب السدس وسهمان لصاحب الثلث
قوله ( ومحاباة ) أي الوصية بالمحاباة بأن أوصى بأن يباع عبد يساوي مائة بخمسين وعبد يساوي مائتين بمائة ولم يترك غيرهما ولم تجز الورثة كان ثلث المال مائة والمحاباة مائة وخمسين فتجعل المائة ثلاثة أسهم سهمان للمحابي بمائة وسهم للمحابي بخمسين
قوله ( ودراهم مرسلة ) أي مطلقة غير مقيدة بثلث أو نصف أو نحوهما كما إذا أوصى لرجل بمائة ولآخر بمائتين ولم يترك إلا ثلثمائة فكان ثلث المال مائة ولم تجز الورثة تقسم المائة ثلاثة أسهم سهم لصاحب
____________________
(8/41)
المائة وسهمان لصاحب المائتين
قوله ( وسعاية ) بأن أوصى بعتق عبدين أو أعتقهما في مرض موته ولم يترك غيرهما ولم تجز الورثة يسعى كل بثلثي قيمته فلو أعتق واحدا ونصف الآخر أو أوصى بعتقهما كذلك وقيمتهما سواء وكان ذلك جميع التركة ولم تجز الورثة وقيمة العبد مائة وقيمة نصف العبد خمسون وثلث والمال خمسون يجعل الخمسون ثلاثة أسهم سهمان للعبد ويسعى في باقي قيمته وسهم لنصف العبد ويسعى في الباقي
قوله ( وجناية رقيق ) أدخل في هذه صورتين جناية العبد الرقيق غير المدبر والمدبر
وصورة الأولى عبد فقأ عين رجل وقتل آخر خطأ فإنه يدفع لهما بطريق العول فأولياء المقتول يريدونه كله وصاحب العين يريد نصفه والكل نصفان مع نصف صاحب العين فيجعل ثلاثة أسهم سهمان لولي المقتول وسهم للمقلوع عينه
وصورة الثانية جناية المدبر إذا جنى على هذا الوجه فإنه يدفع السيد قيمته ثلثاها لولي المقتول وثلثها لصاحب العين وكأنها سقطت من الكاتب فإنها لم توجد في نسخ الدر
وبقي من الصور الوصية بالعتق وبها تتم الثمان
قوله ( وهي مسألة الفضوليين ) بأن باع فضولي عبد إنسان بمائة وفضولي آخر نصف ذلك العبد بخمسين وأجاز المالك البيعين كان لصاحب الكل ثلاثة أرباع العبد أو ترك وصاحب النصف ربعه أو ترك بطريق المنازعة عندهم جميعا
قوله ( وإذا أوصى لرجل بكل ماله ) أي ولآخر بنصفه وأجازت الورثة ذلك فعند أبي حنيفة صاحب النصف لا ينازع صاحب الكل في أحد النصفين فيسلم له ويتنازعان في النصف الثاني فيقتسمانه
وعندهما للموصى له بالكل نصفان وللموصى له بالنصف واحد فيجعل المال ثلاثة أسهم سهمان للموصى له بالكل وسهم للموصى له بالنصف وكذا الموصى له بالعبد ثلاثة أرباعه عنده وللموصى له بالنصف ربعه
وعندهما يجعل ثلاثة أسهم
قوله ( وهو خمس ) الأولى عبد مأذون بين رجلين أدانه أحد الموليين مائة يعني باعه شيئا نسيئة بمائة وأدانه أجنبي مائة فبيع العبد بمائة عند أبي حنيفة يقسم ثمن العبد بين المولى الدائن وبين الأجنبي أثلاثا ثلثاه للأجنبي وثلثه للمولى لأن إدانته تصح في نصيب شريكه لا في نصيبه
الثانية إذا أدانه أجنبي مائة وأجنبي آخر خمسين وبيع العبد عند أبي حنيفة يقسم الثمن بينهما أثلاثا وعندهما أرباعا
الثالثة عبد قتل رجلا خطأ وآخر عمدا وللمقتول عمدا وليان فعفا أحدهما يخير مولى العبد بين الدفع والفداء فإن فدى المولى يفدي بخمسة عشر ألفا خمسة آلاف لشريك العافي وعشرة آلاف لولي الخطأ فإن دفعه يقسم العبد بينهما أثلاثا عند أبي حنيفة وعندهما أرباعا
الرابعة لو كان الجاني مدبرا والمسألة بحالها ودفع المولى القيمة
الخامسة أم ولد قتلت مولاها وأجنبيا عمدا ولكل واحد منهما وليان فعفا أحد ولي كل واحد منهما على التعاقب سعت في ثلاثة أرباع قيمتها وكان للساكت من ولي الأجنبي ربع القيمة ويقسم نصف القيمة بينهما بطريق
____________________
(8/42)
العول أثلاثا عند أبي حنيفة
وعندهما أرباعا بطريق المنازعة
كذا في البحر
والذي في التبيين فيعطى الربع لشريك العافي آخرا والنصف الآخر بينه وبين شريك العافي أولا أثلاثا ثلثاه لشريك العافي أولا والثلث لشريك العافي آخرا عنده وعندهما أرباعا
مطلب جنس مسائل القسمة أربعة قوله ( وتمامه في البحر ) نقله عن شرح الزيادات لقاضيخان حيث قال وجنس مسائل القسمة أربعة منها ما يقسم بطريق العول والمضاربة عند الكل
ومنها ما يقسم بطريق المنازعة عندهم
ومنها ما يقسم بطريق المنازعة عند أبي حنيفة وعندهما بطريق العول والمضاربة
ومنهما ما يقسم على عكس ذلك
مطلب ما يقسم بطريق العول عندهم ثمانية أما ما يقسم بطريق العول عندهم فثمانية
إحداها الميراث إذا اجتمعت سهام الفرائض في التركة وضاقت التركت عن الوفاء بها تقسم التركة بين أرباب الديون بطريق العول
والثانية إذا اجتمعت الديون المتفاوتة وضاقت التركة عن الوفاء بها تقسم التركة بين أرباب الديون بطريق العول
والثالثة إذا أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بربعه ولآخر بسدس ماله ولم يجز الورثة حتى عادت الوصايا إلى الثلث يقسم الثلث بينهم على طريق العول
والرابعة الوصية بالمحاباة إذا أوصى بأن يباع العبد الذي قيمته ثلاثة آلاف درهم من هذا الرجل بألفي درهم وأوصى لآخر بأن يباع العبد الذي يساوي ألفي درهم بألف حتى حصلت المحاباة لهما بألفي درهم كان الثلث بينهما بطريق العول
والخامسة الوصية بالعتق إذا أوصى بأن يعتق من هذا العبد نصفه وأوصى بأن يعتق من هذا الآخر ثلثه وذاك لا يخرج من الثلث يقسم ثلث المال بينهما بطريق العول ويسقط من كل واحد منهما حصته من السعاية
والسادسة الوصية بألف مرسلة إذا أوصى لرجل بألف ولآخر بألفين كان الثلث بينهما بطريق العول
والسابعة عبد فقأ عين رجل وقتل آخر خطأ فدفع بها يقسم الجاني بينهما بطريق العول ثلثاه لولي القتيل وثلثه للآخر
والثامنة مدبر جنى على هذا الوجه ودفعت القيمة إلى أولياء الجناية كانت القيمة بينهما بطريق العول
____________________
(8/43)
مطلب ما يقسم بطريق المنازعة مسألة واحدة وأما ما يقسم بطريق المنازعة فمسألة واحدة ذكرها في الجامع فضولي باع عبدا من رجل بألف درهم وفضولي آخر باع نصفه من آخر بخمسمائة فأجاز المولى البيعين جميعا خير المشتريان فإن اختارا الأخذ أخذا بطريق المنازعة ثلاثة أرباعه لمشتري الكل وربعه لمشتري النصف عندهم جميعا
مطلب ما يقسم بطريق المنازعة عنده وبطريق العول عندهما ثلاث مسائل وأما ما يقسم بطريق المنازعة عند أبي حنيفة وعندهما بطريق العول فثلاث مسائل
إحداها دار تنازع فيها رجلان أحدهما يدعي كلها والآخر يدعي نصفها وأقاما البينة عند أبي حنيفة تقسم الدار بينهما بطريق المنازعة ثلاثة أرباعها لمدعي الكل والربع لمدعي النصف
وعندهما أثلاثا ثلثاها لمدعي الكل وثلثها لمدعي النصف
والثانية إذا أوصى بجميع ماله لرجل ونصفه لآخر وأجازت الورثة عند أبي حنيفة المال بينهما أرباعا وعندهما أثلاثا
والثالثة إذا أوصى بعبد بعينه لرجل وبنصفه لآخر وهو يخرج من ثلثه أو لا يخرج وأجازت الورثة كان العبد بينهما أرباعا عند أبي حنيفة وعندهما أثلاثا
مطلب ما يقسم بطريق العول عنده وبطريق المنازعة عندهما خمس مسائل وأما ما يقسم بطريق العول عند أبي حنيفة وعندهما بطريق المنازعة فخمس مسائل
منها ما ذكره في المأذون عبد مأذون بين رجلين أدانه أحد الموليين مائة يعني باعه شيئا بنسيئة وأدانه أجنبي مائة فبيع العبد بمائة عند أبي حنيفة يقسم ثمن العبد بين المولى المدين وبين الأجنبي أثلاثا ثلثاه للأجنبي وثلثه للمولي لأن إدانته تصح في نصيب شريكه لا في نصيبه
والثانية إذا أدانه أجنبي مائة وأجنبي آخر خمسين وبيع العبد عند أبي حنيفة يقسم الثمن بينهما أثلاثا وعندهما أرباعا
والثالثة عبد قتل رجلا خطأ وآخر عمدا وللمقتول عمدا وليان فعفا أحدهما يخير مولى العبد بين الدفع والفداء فإن هذا المولى يفدي بخمسة عشر ألفا خمسة آلاف لشريكه العافي وعشرة آلاف لولي الخطأ فإن دفع يقسم العبد بينهما أثلاثا عند أبي حنيفة وعندهما أرباعا
والرابعة لو كان الجاني مدبرا والمسألة بحالها ودفع المولى القيمة
والخامسة مسألة الكتاب أم ولد قتلت مولاها وأجنبيا عمدا ولكل واحد منهما وليان فعفا أحد وليي كل واحد منهما على التعاقب سعت في ثلاثة أرباع قيمتها كان للساكت من ولي الأجنبي ربع القيمة ويقسم نصف القيمة بينهما بطريق العول أثلاثا عند أبي حنيفة
وعندهما أرباعا بطريق المنازعة
والأصل لأبي يوسف ومحمد أن الحقين متى ثبتا على الشيوع في وقت واحد كانت القسمة عولية وإن ثبتا على وجه التمييز أو في وقتين مختلفين كانت القسمة نزاعية والمعنى فيه أن القياس يأبى القسمة بطريق العول لأن تفسير العول أن يضرب كل واحد منهما بجميع حقه أحدهما بنصف المال والآخر بالكل والمال الواحد لا يكون له كل ونصف آخر ولهذا قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من شاء باهلته إن الله تعالى لم يجعل في المال الواحد ثلثين ونصفا ولا نصفين وثلثا وإنما تركنا القياس في الميراث بإجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم فيلحق به ما كان في معناه وفي الميراث حقوق الكل ثبتت على وجه الشيوع في وقت واحد وهو حالة الموت وفي التركة إذا اجتمعت حقوق متفاوتة حق أرباب الديون وثبت في وقت واحد وهو حالة الموت
____________________
(8/44)
أو المرض فكانت في معنى الميراث وكذلك في الوصايا وفي العبد والمدبر إذا فقأ عين إنسان وقتل آخر خطأ حق أصحاب الجناية ثبت في وقت واحد وهو وقت دفع العبد الجاني أو قيمة المدبر لأن موجب جناية الخطأ لا يملك قبل الدفع ولهذا لا يجب فيه الزكاة قبل القبض ولا تصح به الكفالة
وإنما يملك التسليم ووقت الدفع واحد
وفي مسألة دعوى الدار الحق إنما يثبت بالقضاء ووقت القضاء واحد فكانت في معنى الميراث وفي مسألة بيع الفضولي وقت ثبوت الحقين مختلف لأن الملك ثبت عند الإجارة مستندا إلى قوت العقد ووقت العقد مختلف
وفي القسم الرابع وقت ثبوت الحقين مختلف أما في مسألة الإدانة فلأن الحق ثبت بالإدانة ووقت الإدانة مختلف
وفي العبد إذا قتل رجلا عمدا وآخر خطأ وللمقتول عمدا وليان فعفا أحدهما واختار المولى دفع العبد أو كان الجاني مدبرا والمسألة بحالها فدفع المولى القيمة عندهما يقسم بطريق المنازعة لأن وقت ثبوت الحقين مختلف لأن حق الساكت من ولي الدم كان في القصاص لأن مثل والمال بدل عن القصاص ووجوب البدل مضاف إلى سبب الأصل وهو القتل فكان وقت ثبوت حقه القتل وحق ولي الخطأ في القيمة إذ العبد المدفوع يثبت عند الدفع لا قبله لأنه صلة معنى والصلات لا تملك قبل القبض فكان وقت الحقين مختلفا فلم يكن في معنى الميراث وكانت القسمتين نزاعية
وفي جناية أم الولد وجوب الدية للذي لم يعف مضاف إلى القتل لما قلنا والقتلان وجدا في وقتين مختلفين فكانت القسمة نزاعية عندهما
والأصل لأبي حنيفة أن قسمة العين متى كانت بحق ثابت في الذمة أو بحق ثبت في العين على وجه الشيوع في البعض دون الكل كانت القسمة عولية ومتى وجب قسمة العين بحق ثبت على وجه التمييز أو كان حق أحدهما في البعض الشائع وحق الآخر في الكل كانت القسمة نزاعية
والمعنى فيه أن الحقوق متى وجبت في الذمة فقد استوت في القوة لأن الذمة متسعة فيضرب كل واحد منهما بجميع حقه في العين وكذا إذا كان حق كل واحد في العين لكن في الجزء الشائع فقد استوت في القوة لأن ما من جزء ثبت فيه حق أحدهما إلا وللآخر أن يزاحمه فكانت الحقوق مستوية في القوة
والأصل في قسمة العول الميراث كما قالا وثمة حق كل واحد منهما ثبت في البعض الشائع
وإذا ثبت الحقان على وجه التمييز لم يكن في معنى الميراث وكذا إذا كان حق أحدهما في البعض الشائع وحق الآخر في الكل لم يكن في معنى الميراث لأن صاحب الكل يزاحم صاحب البعض في كل شيء أما صاحب البعض فلا يزاحم صاحب الكل فلم يكن في معنى الميراث ولأن حق كل واحد منهما إذا كان في البعض الشائع وما يأخذ كل واحد منهما بحكم القسمة غير مقرر وأنه غير الشائع كان المأخوذ بدل حقه لا أصل حقه فيكون في معنى الميراث والتركة التي اجتمعت فيها الديون
وفي مسائل القسمة إنما وجبت بحق ثابت في الذمة لأن حق كل واحد منهما في موجب الجباية وموجب الجناية يكون في الذمة فكانت القسمة فيها عولية فعلى هذا تخرج المسائل
هذا إذا لم يكن لها ولد من المولى فإن كان لها ولد من المولى يرثه فلا قصاص عليها بدم المولى لأن الولد لا يستوجب القصاص على والديه ولهذا لو قتلت المرأة ولدها لا يجب عليها القصاص لأن الوالدة سبب لوجوده فلا يستحق قتلها ولهذا لا يباح له قتل واحد من أبويه وإن كان حربيا أو مرتدا أو زانيا محصنا
فإذا سقط حق ولدها سقط حق الباقي وانقلب الكل مالا لأن
____________________
(8/45)
القصاص تعذر استيفاؤه لا لمعنى من جهة القاتل بل حكما من جهة الشرع فانقلب الكل مالا بخلاف ما تقدم لأن ثمة العافي أسقط حق نفسه فلا ينقلب نصيبه مالا
فإن قيل إذا لم تكن هذه الجناية موجبة للقصاص عليها بدم المولى ينبغي أن تكون هدرا كما لو قتلته خطأ
قلنا الجناية وقعت موجبة للقصاص لأنه يجب للمقتول والمولى يستوجب القصاص على مملوكه وإنما سقط القصاص ضرورة الانتقال إلى الوارث وهي حرة وقت الانتقال فتنقلب مالا وتلزمها القيمة دون الدية اعتبارا بحالة القتل
هذا كمن قتل رجلا عمدا وابن القاتل وارث المقتول كان لابن المقتول الدية على والده القاتل كذلك هنا ولورثة الأجنبي القصاص كما كان لأن حقهما يمتاز عن حق ورثة المولى فكان لهما القصاص وإن شاءا أخرا حتى يؤدي القيمة إلى ورثة المولى وإن شاءا عجلا القتل لأنهما لو أخرا إلى أن يؤدي السعاية ربما لا يؤدي مخافة القتل فيبطل حقهما فكان لهما التعجيل فإن عفا أحد وليي الأجنبي وجب للساكت منهما نصف القيمة أيضا وجنايات أم الولد وإن كثرت لا توجب إلا قيمة واحدة فصارت القيمة مشتركة بين ورثة المولى ووارث الأجنبي
ثم عند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه تقسم قيمتها بينهما أثلاثا وعندهما أرباعا لما ذكرنا فإن كانت سعت في قيمتها لورثة المولى ثم عفا أحد وليي الأجنبي إن دفعت القيمة إلى ورثة المولى بقضاء القاضي لا سبيل لوارث الأجنبي عليها لأن الواجب عليها قيمة واحدة وقد أدت بقضاء القاضي فتفرغ ذمتها ويتبع وارث الأجنبي ورثة المولى ويشاركهم في تلك القيمة لأنهم أخذوا قيمة مشتركة وإن دفعت بغير قضاء عندهما كذلك
وعند أبي حنيفة
وارث الأجنبي بالخيار إن شاء يرجع على ورثة المولى وإن شاء يرجع على أم الولد
لهما أنهما فعلت عين ما يفعله القاضي لو رفع الأمر إليه فيستوي فيه القضاء وعدمه كالرجوع في الهبة لما كان فسخا بقضاء لو حصل بتراضيهما يكون فسخا
ولأبي حنيفة أن موجب الجناية في الذمة فإذا أدت فقد نقلت من الذمة إلى العين فيظهر أثر الانتقال في حق الكل إن كان بقضاء ولا يظهر إذا كان بغير قضاء فكان له الخيار إن شاء رضي بدفعها ويتبع ورثة المولى وإن شاء لم يرض ويرجع عليها بحقه وهو ثلث القيمة عند أبي حنيفة وترجع هي على ورثة المولى
هذا إذا دفعت القيمة إلى ورثة المولى ثم عفا ولي الأجنبي فإن عفا أحد وليي الأجنبي ثم دفعت القيمة قال بعضهم إن كان الدفع بغير قضاءء يتخيران وإرث الأجنبي عندهم وإن كان بقضاء عند أبي حنيفة يتخير
وعندهما لا يتخير
والصحيح أن هنا يتخير عند الكل سواء كان الدفع بقضاء أو بغير قضاء لأن قضاء القاضي بدفع الكل إلى ورثة الموى بعد تعلق حق الأجنبي وثبوته لا يصح بخلاف الوصي إذا قضى دين أحد الغريمين بأمر القاضي حيث لا يضمن لأن للقاضي أن يضع مال الميت حيث شاء أما هنا فبخلافه وإذا لم يصح قضاء القاضي فلأن لا يصح فعلها بغير قضاء أولى
قوله ( والأصل عنده ) أي عند أبي حنيفة أن القسمة أي قسمة العين
قوله ( في عين أو ذمة ) أي بحق ثابت في ذمة الأولى زيادة في البعض بأن يقول أو لأحدهما في البعض شائعا أي أو وجبت القسمة لأحدهما الخ أو أن يقول في ذمة أو عين شائعا لأنه لا يعقل التبعيض في الذمة
والأولى أن يقول شائعا في البعض دون الكل
وعبارة البحر والأصل لأبي حنيفة أن قسمة العين متى كانت بحق
____________________
(8/46)
ثابت الخ كما قدمناها قريبا
قوله ( شائعا ) أي على وجه الشيوع في بعض دون الكل
قوله ( فعولية ) أي كانت القسمة عولية
قوله ( أو مميزا ) أي ومتى وجب قسمة العين بحق ثابت على وجه التمييز دون الشيوع
قوله ( أو لأحدهما ) أي كان حق لأحدهما في البعض شائعا
قوله ( وللآخر في الكل ) أي وحق الآخر في الكل
قوله ( فمنازعة ) أي كانت القسمة نزاعية وقدمنا الحاصل على قول الإمام فلا تنسه
قوله ( وإلا ) أي بأن ثبتا في وقتين مختلفين أو على وجه التمييز فمنازعة فحقوق الكل في الميراث ثبتت على وجه الشيوع في وقت واحد وهو وقت الموت فتقسم بطريق العول وكذا التركة إذا اجتمعت فيها ديون متفاوتة فإن حقهم يثبت في وقت واحد وهو حالة الموت أو المرض فكانت في معنى الميراث وكذلك الوصايا وفي العبد والمدبر إلى آخر ما قدمناه عن البحر فلا تنسه
قوله ( فهي للثاني ) وهو مدعي الكل
قوله ( نصف لا بالقضاء ) لأن دعوى مدعي النصف منصرفة إلى ما بيده لتكون يده محقة فسلم النصف لمدعي الجميع بلا منازعة فيبقى ما في يده لا على وجه القضاء إذ لا قضاء بدون الدعوى واجتمع بينة الخارج وذي اليد فيما في يد صاحب النصف فتقدم بينة الخارج وسيأتي بيانه في المقولة الثانية موضحا
قوله ( ونصف به ) لأنه خارج يعني دعوى مدعي النصف منصرفة إلى ما بيده لتكون يده محقة لا يدعي شيئا مما في يد صاحبه فسلم النصف لمدعي الجميع بلا منازعة فيبقى ما في يده لا على وجه القضاء إذ لا قضاء بدون الدعوى
وأما مدعي الكل فإنه يدعي ما في يد نفسه وما في يد الآخر ولا ينازعه أحد فيما في يده فيترك ما في يده لا على وجه القضاء وقد اجتمعت بينة الخارج وذي اليد فيما في يد صاحب النصف فكانت بينته أولى فتقدم لأنه خارج فيه فيقضي له في ذلك النصف فسلم له كل الدار نصفها بالترك لا على وجه القضاء والنصف الآخر بالقضاء كما في العيني
قوله ( وآخر ثلثها ) الأولى ثلثيها كما سيتضح في المقولة الآتية
قوله ( وبيانه في الكافي ) هذه المسألة في المجمع وشرحه لإبن ملك حيث قال ولو ادعى أحد ثلاثة في يدهم دار كلها والآخر ثلثيها والآخر نصفها وبرهن كل على ما ادعاه فلنفرض اسم مدعي الكل كاملا ومدعي الثلثين ليثا ومدعي النصف نصرا فهي مقسومة بينهم
عند أبي حنيفة بالمنازعة من أربعة وعشرين لكامل خمسة عشر وهي خمسة أثمان الدار وربعها لليث وثمنها لنصر
بيانه أنا نجعل الدار ستة لاحتياجنا إلى النصف والثلثين وأقل مخرجهما ستة في يد كل منهم سهمان ومعلوم أن بينة كل منهم على ما في يده غير مقبولة لكونه ذا يد وإن بينة الخارج أولى في الملك المطلق فاجتمع كامل وليث على ما في يد نصر فكامل يدعي كله وليث نصفه وذلك لأنه يقول حقي في الثلثين ثلث في يدي وبقي لي ثلث آخر نصفه في يد كامل ونصفه في يد نصر فسلم لكامل نصف ما في يده وهو سهم بلا نزاع والنصف الآخر وهو سهم بينهما نصفان فيضرب مخرج النصف وهو اثنان في ستة فصارت اثني عشر ثم كامل ونصر اجتمعا على ما في يد ليث وهو أربعة فكامل يدعي كله ونصر ربعه لأنه يقول حقي في النصف ستة وقد أخذ الثلث أربعة وبقي لي سدس من الدار وهو سهمان سهم في يد الليث وسهم في يد كامل وثلاثة من الأربعة سلمت لكامل وتنازعا في سهم فيضرب مخرج النصف في اثني عشر فصارت الدار أربعة وعشرين في يد كل منهم ثمانية
اجتمع كامل وليث على الثمانية التي في يد نصر فأربعة سلمت لكامل بلا نزاع لأن ليثا يدعي الثلثين
____________________
(8/47)
وهو ستة عشر ثمانية منها في يده وأربعة في يد نصر وأربعة في يد كامل والأربعة بين كامل وليث نصفين لاستوائهما في المنازعة فحصل لكامل ستة ولليث سهمان ثم اجتمع كامل ونصر على ما في يد ليث فنصر يدعي ربع ما في يده وهو سهمان فسلمت ستة لكامل واستوت منازعتهما في سهمين فصار لكل واحد منهم سهم فحصل لكامل سبعة ولنصر سهم ثم اجتمع ليث ونصر على ما في يد كامل فليث يدعي نصف ما في يده أربعة ونصر يدعي ربع ما في يده سهمين وفي المال سعة فيأخذ ليث أربعة ونصر سهمين فيبقى ما في يد كامل سهمان فحصل لكامل مما في يد نصر ستة ومما في يد ليث سبعة ومما في يده سهمان فجميعه خمسة عشر وللثاني ستة وهي ربع الدار لأنه حصل له مما في يد نصر سهمان ومما في يد كامل أربعة فذاك ستة وللثالث وهو نصر ثلاثة وهي ثمن الدار لأنه حصل له مما في يد ليث سهم ومما في يد كامل سهمان وذا ثلاثة
وبالاختصار تكون المسألة من ثمانية خمسة أثمانها لكامل وربعها سهمان لليث وثمنها واحد لنصر وهذا قول الإمام وقالا بالعول تقسم
وبيانه أن الدار بينهم أثلاثا الكامل والليث اجتمعا على ما في يد نصر فكامل يدعي كله وليث نصفه فنأخذ أقل عدد له نصف وهو اثنان فيضرب الكامل بكله سهمين وليث بنصفه سهما فعالت إلى ثلاثة ثم الكامل والنصر اجتمعا على ما في يد ليث والكامل يدعي كله ونصر ربعه ومخرج الربع أربعة فيضرب بربعه سهم وكامل بكله أربعة فعالت إلى خمسة ثم ليث ونصر اجتمعا على ما في يد كامل فليث يدعي نصف ما في يده ونصر يدعي ربعه والنصف والربع يخرجان من أربعة فنجعل ما في يده أربعة لأن في المال سعة فنصفه سهمان لليث وربعه سهم لنصر وبقي ربع لكامل فحصل هنا ثلاثة وخمسة وأربعة وانكسر حساب الدار على هذا وهي متباينة فضربنا الثلاثة في الأربعة فصارت اثني عشر ضربناها في خمسة صارت ستين ضربناها في أصل المسألة ثلاثة بلغت مائة وثمانين في يد كل واحد ستون فلكامل مائة وثلاثة لأن ربع ما في يده وهو الخمسة عشر سلم له وأخذ من نصر ثلثي ما في يده وهو أربعون ومن ليث أربعة أخماسه وهي ثمانية وأربعون فصار المجموع مائة وثلاثة ولليث خمسون لأن ليثا أخذ نصف ما في يد كامل وهو ثلاثون وثلث في يد نضر وهو عشرون وللثالث وهو نصر سبعة وعشرون لأنه أخذ خمس ما في يد ليث وهو اثنا عشر وربع ما في يد كامل وهو خمسة ا هـ
حلبي بتصرف
وهذا كله اعتبار وتقدير ط وذكره في غرر الأفكار فراجعه
قوله ( ولو برهنا الخ ) يتصور هذا بأن رأي الشاهدان أنه ارتضع من لبن أنثى كانت في ملكه وآخران رأيا أنه ارتضع من لبن أنثى في ملك آخر فتحل الشهادة للفريقين
بحر عن الخلاصة
وقدمناه وقدمنا عنه أيضا أنه لا اعتبار بالتاريخ مع النتاج إلا من أرخ تاريخا مستحيلا الخ فتأمل
قوله ( تاريخه ) أي تاريخ البينة وإنما ذكر الضمير بتأويل البرهان
حموي
قوله ( بشهادة الظاهر ) لأن علامة الصدق ظهرت فيمن وافق تاريخه سنها فترجحت ببينته بذلك وفي الأخرى ظهرت علامة الكذب فيجب ردها منح
ولا فرق في ذلك بين أن تكون الدابة في أيديهما أو في يد أحدهما أو في يد ثالث لأن المعنى لا يختلف
بخلاف ما إذا كانت الدعوى في النتاج من غير تاريخ حيث يحكم بها لذي اليد كما صرح به المصنف إن كانت بيد أحدهما أو لهما إن كانت في أيديهما أو في يد ثالث
زيلعي
قوله ( قضى بها لذي اليد ) لأن ذا اليد مقدم على الخارج في دعوى النتاج
قال في الأشباه هكذا أطلق أصحاب المتون
____________________
(8/48)
قلت إلا مسألتين الأولى لو كان النزاع في عبد فقال الخارج إنه ولد في ملكي وأعتقه وبرهن وقال ذو اليد ولد في ملكي فقط قدم على ذي اليد أي لأن بينته أكثر إثباتا بخلاف ما لو قال الخارج كاتبته أو دبرته فإنه لا يقدم لكن في الأشباه أيضا الشهادة بحرية العبد بدون دعواه لا تقبل عند الإمام إلا في مسألتين إلى أن قال والصحيح عنده اشتراط دعواه في العارضة والأصلية ولا تسمع دعو الإعتاق من غير العبد إلا في مسألة الخ
وفي فتاوي الحانوتي جوابا عن سؤال حيث اعترف العبد بالعبودية لسيده بانقياده للبيع يكون عبدا له وسواء كان هناك بينة أم لا ولا عبرة بقول المنازع إنه حر الأصل مع عدم دعوى العبد لذلك لأن حرية العبد لا تثبت إلا بعد دعواه ولا تجوز فيها دعوى الحسبة بخلاف الأمة لأنها شهادة بحرمة الفرج إلى آخر ما قال
الثانية لو قال الخارج ولد في ملكي من أمتي هذه وهو ابني قدم على ذي اليد ا هـ
وقدمنا أنه إنما يقضي بالنتاج لذي اليد فيما إذا ادعى كل منهما النتاج فقط أما لو ادعى الفعل على ذي اليد كالغصب والإجارة والعارية فبينة الخارج أولى لأنها أكثر إثباتا لإثباتها الفعل على ذي اليد كما في البحر عن الزيلعي ونقله في نور العين عن الذخيرة على خلاف ما في المبسوط وقال الظاهر أن ما في الذخيرة هو الأصح والأرجح لما في الخلاصة من كتاب الولاء لخواهر زاده أن ذا اليد إذا ادعى النتاج وادعى الخارج أنه ملكه غصبه منه ذو اليد أو أودعه له أو أعاره منه كانت بينة الخارج أولى وإنما تترجح بينة ذي اليد على النتاج إذا لم يدع الخارج فعلا على ذي اليد أما لو ادعى فعلا كالشراء وغير ذلك فبينه الخارج أولى لأنها أكثر إثباتا لأنها تثبت الفعل عليه ا هـ
ولا تنس ما قدمناه عند قول الشارح في رواية
قال ط والظاهر أن حكم موافقتهما لسنها أنه يحكم بها لذي اليد
قوله ( ولهما أن في أيديهما ) لأن أحدهما ليس أولى من الآخر
قوله ( وإن لم يوافقهما بأن خالف أو أشكل ) أي فلو خالف السن تاريخهما كان كما لو لم يؤرخا وكذا إذا أشكل وقد تقدم أنه يحكم لذي اليد
قوله ( فلهما إن الخ ) لعدم ترجيح أحدهما
قوله ( قضى بها له ) لأنه لما أشكل أي أو خالف سقط التاريخان فصار كأنهما لم يؤرخا
قوله ( هو الأصح ) مقابله ما في الهداية إذا خالف سنها الوقتين بطلت البينتان لظهور كذب الفريقين فتترك في يد من كانت في يده
بقوله ( وهذا أولى مما وقع في الكنز ) أي ما ذكر المصنف
بقوله ( وإن لم يوافقهما ) لعمومه أولى مما في الكنز وما عطف عليه من تعبيره بقوله ( وإن أشكل )
أقول قد ذكره المصنف في شرح المنح تبعا للبحر حيث قال وإن لم يوافقهما يشمل ما إذا أشكل سنها بأن لم يعلم وما إذا خالف سنها تاريخهما فإنها تكون لهما على الأصح
قال الرملي الأولى من هذا التعبير وإن خالفها أو أشكل فلهما
على أن لنا أن لا نسلم عدم شمول ما في الكنز وشمول ما عبر به إذ الإشكال الالتباس
وفي الصورتين التباس الأمر على الحاكم وعدم موافقتهما غير عدم العلم أصلا لأنه للعلم بالمخالفة كما قرره الشراح فكيف يدخل فيه عدم العلم بشيء لأنه مع عدم العلم يحتمل الموافقة والمخالفة
والصور ثلاثة إما عدم العلم الموافقة لهما وهو المخالفة بأن تحقق مخالفته للتاريخين وإما الموافقة لأحدهما
____________________
(8/49)
فقط والمخالفة للآخر وأما عدم معرفة شيء وهي لا تدخل في صور المخالفة التي هي عدم الموافقة فلم يشملها
قوله ( وإن لم يوافقهما ) على أن الظاهر أن اختبار صاحب الكنز في صورة المخالفة بطلان البينتين والترك في يد ذي اليد كما أفصح عنه في الكافي فخص صورة الإشكال ليحترز به عن صورة المخالفة فتنبه لكلام هذا العالم النحرير يظهر لك منه حسن التعبير ا هـ
ثم الظاهر أن مراد صاحب البحر والمنح من
قوله ( وإن لم يوافقهما ) أي لم تظهر موافقة السن للتاريخين فشمل الصورتين لكنه تأويل فلذا قال العلامة الرملي الأولى من هذا التعبير ولم يقل الصواب
تأمل
قوله ( في الكنز والدرر والملتقي ) حيث قال وإن أشكل فلهما لأن قوله وإن لم يوافقهما أعم من قول الكنز كذا قول الكنز فلهما مقيد بما إذا لم يكن في يد أحدهما
وعبارة الملتقي والغرر وإن أشكل فلهما وإن خالفهما بطل
قال الشارح في شرح الملتقي فيقضي لذي اليد قضاء ترك كذا اختاره في الهداية والكافي
قلت لكن الأصح أنه كالمشكل كما جزم به في التنوير والدرر والبحر وغيرها
فليحفظ ا هـ
قلت نقل الشرنبلالي عن كافي الحاكم أن الأول هو الصحيح للتيقن بكذب البينتين فيترك في يد ذي اليد
وقال ومحصله اختلاف التصحيح ا هـ
قال المولى عبد الحليم بل اللائق على المصنف أن يقول هكذا وإن أشكل أو خالف الوقتين فلهما إن لم يكن في يد أحدهما فقط وإلا فلا
واعلم أن سن الدابة لو خالف الوقتين ففيه روايتان في رواية يقضي لهما وفي رواية تبطل البينتان صرح به الإمام قاضيخان في فتاواه من غير ترجيح إحداهما على الأخرى وبطلانهما رواية أبي الليث الخوارزمي
واختاره الحاكم الشهيد حيث قال وهو الصحيح وتبعه صاحب الهداية ومن تابعه والقضاء بينهما ظاهر الرواية
اختاره في المبسوط حيث قال وهو الأصح وتبعه الزيلعي ومن تابعه
وقد اختلف التصحيح والرجحان لظاهر الرواية وقد سبق غير مرة
هذا زبدة ما في الشروح والفتاوي فظهر أن المصنف اختار ما هو الأرجح ا هـ
قوله ( برهن أحد الخارجين ) على المدعي عليه وهو زيد
قوله ( من زيد ) هكذا وقع في النسخ وصوابه على الغصب من يده أي من يد أحد الخارجين
قال الزيلعي والمنح معناه إذا كان عين في يد رجل فأقام رجلان عليه البينة أحدهما بالغصب منه والآخر بالوديعة استوت دعواهما حتى يقضي بها بينهما نصفين لأن الوديعة تصير غصبا بالجحود حتى يجب عليه الضمان مدني والظاهر أنه أراد على الغصب الناشىء من زيد فزيد هو الغاصب فمن ليست صلة الغصب بل ابتدائية
تأمل
قوله ( والآخر ) أي برهن الآخر
قوله ( على الوديعة منه ) أي قال الآخر هو مالي أودعته من زيد وزيد ينكر ذلك
قوله ( استويا ) أي الخارجان في الدعوى لأنه لو كان كما يدعي الثاني وديعة من زيد صارت غصبا حيث جحدها المودع ولهذا قال الشارح لأنها أي الوديعة بالجحد تصير غصبا حتى يجب عليه الضمان ولا يسقط بالرجوع إلى الوفاق بالإقرار حتى يرد إلى صاحبه بخلاف ما إذا خالف بالفعل بلا جحود ثم عاد إلى الوفاق كما في الحموي فمن في
قوله ( من زيد ) للابتداء وفي قوله ( منه ) صلة الوديعة لأنها تتعدى بمن وإنما احتاج إليها في الأول لأن الغصب محلى بأل في عبارة المصنف فلم يمكنه إضافته
____________________
(8/50)
إلى زيد وحينئذ فما نقله بعض الأفاضل عن عزمي زاده من أن هذا التصوير سهو والأولى إسقاطه فيه ما فيه فراجعه
قوله ( الناس أحرار ) لأن الدار دار الحرية أو لأنهم أولاد آدم وحواء عليهما السلام وقد كانا حرين
قوله ( الشهادة ) أي فلا يكتفي فيها بظاهر الحرية بل يسأل عنه إذا طعن الخصم بالرق أما إذا لم يطعن فلا يسأل كما في التبيين لأن الحرية تثبت بطريق الظهور والظاهر يصلح للدفع لا للاستحقاق فلا يستحق المدعي إلزام المدعي عليه إلا بإثبات حرية شهوده وكذا لا يستحق الشاهد استحقاق الولاية على المشهود عليه ونفاذ شهادته عليه إلا بذلك فإن قال الشهود نحن أحرار لم نملك قط لم يقبل قولهما بالنسبة إلى قبول شهادتهما حتى يأتيا بالبينة على ذلك وإلا فهما مصدقان في قولهما إنا أحرار لم نملك قط بحسب الظاهر
وفي أبي السعود على الأشباه تفسيره في الشهادة إذا شهد شاهدان لرجل بحق من الحقوق فقال المشهود عليه هما عبدان وإني لا أقبل شهادتهما حتى أعلم أنهما حران
وتفسيره في الحد إذا قذف إنسانا ثم زعم القاذف أن المقذوف عبد فإنه لا يحد القاذف حتى يثبت المقذوف حريته بالحجة
وفي القصاص إذا قطع يد إنسان وزعم القاطع أن المقطوع يده عبد فإنه لا يقضي بالقصاص حتى يثبت حريته
وفي الدية إذا قتل إنسانا خطأ وزعمت العاقلة أنه عبد فإنه لا يقضي عليه بالدية حتى تقوم البينة على حريته
وفي البيري لو كان المدعي به حدا أو قصاصا سأل القاضي عنهم طعن الخصم أولا بالإجماع ا هـ
لأن في القذف أي مثلا إلزام الحد على القاذف وفي القصاص إيجاب العقوبة على القاطع وفي القتل خطأ إيجاب الدية على العاقلة وذلك لا يجوز إلا باعتبار حرية الشاهد فما لم تثبت الحرية بالحجة لا يجوز القضاء بشيء من ذلك ط
مطلب الأصل في الناس الفقر والرشد والأمانة والعدالة وإنما على القاضي أن يسأل عن الشهود سرا وعلنا قال الحموي وقد سئل شيخ مشايخنا الشيخ عبد الغني العبادي هل الأصل في الناس الرشد أو السفه وهل الأصل في الناس الفقر أو الغنى وهل الأصل في الناس الأمانة أو الخيانة وهل الأصل في الناس الجرح أو التعديل فأجاب الأصل الرشد والفقر والأمانة والعدالة وإنما على القاضي أن يسأل عن الشهود سرا وعلنا لأن القضاء مبني على الحجة وهي شهادة العدل فيتعرف عن العدالة وفيه صون قضائه عن لبطلان والله تعالى أعلم
وفي قوله صون قضائه عن البطلان نظر فتدبره ا هـ
ووجهه أنه إذا قضى بشهادة الفاسق يصح قضاؤه
مطلب منع السلطان عن نصرة قضاته عن الحكم بشهادة الشهود إلا بعد التزكية سرا وعلانية لكن في زماننا قد تكرر أمر السلطان نصره الله تعالى في منع قضاته في سائر مملكته أن يحكموا بعد الشهادة بدون تزكية السر والعلانية فافهم
قوله ( والحدود ) فلو أنكر القاذف حرية المقذوف لا يحد حتى يثبت حريته لأنه لا يستحق عليه الحد إلا بالحرية والظاهر لا يكفي للاستحقاق ولأن الحدود تدرأ بالشبهات فيحتاط
____________________
(8/51)
في إثباتها ولا تنس ما قدمناه عن البيري
قوله ( والقصاص ) أي في الأطراف فلو أنكر القاطع حرية المقطوع لا يقطع حتى يثبت حريته لأنه لا يستحق عليه القطع إلا بالحرية إذ لا قصاص بين طرفي حر وعبد لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال
قوله ( والقتل ) أي خطأ فلا تثبت الدية على العاقلة حتى تثبت حرية القاتل لأنه يريد استحقاق العقل عليه فلا يثبت بظاهر الحرية ولذا وقع في نسخة العقل يعني لا يثبت العقل إلا بعد ثبوت الحرية وهو معنى عبارة الأشباه من قوله ( والدية )
قوله ( وفي نسخة العقل ) هو في معنى الأول يعني لا يثبت العقل إلا بعد ثبوت الحرية ولو قال في الحرية وعدمها لكان أوضح
قوله ( وعبارة الأشباه والدية ) الثلاث بمعنى واحد في المآل
قوله ( أحر أم لا )
بيان لوجه جهالة حاله
ولو قال في الحرية وعدمها لكان أوضح
قوله ( لتمسكه بالأصل ) أي وهو دافع وظاهر الحال يكفي للدفع عيني
قوله ( واللابس للثوب الخ ) شروع في مسائل يصدق فيها واضع اليد بلا برهان وهل يصدق بيمينه ينظر ويأتي حكمه في التنبيه الآتي ط
وإنما كان اللابس أحق لأن تصرفه أظهر لاقتضائه الملك فكان صاحب يد والآخذ خارجا وذو اليد أولى بخلاف ما إذا أقام آخذ الكم البينة حيث يكون أولى والعلة المذكورة تجري فيما بعد
قال العلامة قاسم فيقضي له قضاء ترك لا استحقاق حتى لو أقام الآخر البينة بعد ذلك يقضي له
شرنبلالية
قوله ( ومن في السرج ) أي أولى من رديفه لأن تمكنه في ذلك الموضع دليل على تقدم يده
قال الشرنبلالي نقل الناطفي هذه الرواية عن النوادر وفي ظاهر الرواية هي بينهما نصفين بخلاف ما إذا كانا راكبين في السرج فإنها بينهما قولا واحدا كما في العناية
ويؤخذ منه اشتراكهما إذا لم تكن مسرجة ا هـ
أقول لكن في الهداية والملتقي مثل ما في المتن فتنبه وما في الهداية وهو على رواية النوادر ولو كان أحدهما متعلقا بذنبها والآخر ماسك بلجامها قالوا ينبغي أن يكون الماسك أولى
قوله ( ممن علق كوزه بها ) احترز بذكر الكوز عما لو كان له بعض حملها فلو كان لأحدهما من وللآخر مائة من كانت بينهما شرنبلالية عن التبيين والحمل بكسر الحاء ما يحمل على ظهر أو رأس حموي
قوله ( لأنه أكثر تصرفا ) علة لجميع المسائل
أقول لكن فيه أنه لا يعتبر الأكثر تصرفا كمسألة المن والمائة من والأولى أن يعلق بأنه لا يعد متصرفا عرفا كمسألة الهرادي الآتية
تأمل
قول ( والجالس على البساط والمتعلق به سواء ) لأن الجلوس ليس بيده عليه لأن اليد تثبت بكونه في بيته أو بنقله من موضعه بخلاف الركوب واللبس حيث يكون بهما غاصبا لثبوت يده ولا يصير غاصبا بالجلوس على البساط كما في الدرر لكن ينبغي أن يكون القاعد أحق من المتعلق
تأمل
وعبارة الدرر وينصف البساط بين جالسه والمتعلق به بحكم الاستواء بينهما لا بطريق القضاء الخ
وفي النهاية يقضي بينهما
واعترض عليه بأن بين الكلامين تدافعا وأجيب بأن المنفي قضاء الاستحقاق لا قضاء الترك
واعترض على هذا الجواب بأن قضاء الترك يقتضي ثبوت اليد على ما صرحوا به في مسألة التنازع في الحائط
وأجيب بأن قضاء الترك يتحقق في المنقول من غير ثبوت اليد المعتبرة شرعا بثبوت اليد ظاهرا فإن القاضي علم
____________________
(8/52)
حسا وعيانا أن هذا البساط ليس في يد غيرهما فقضى بينهما لانعدام مدع غيرهما عيانا باليد أو بالملك هذا
قوله ( وراكبي سرج ) أي فينصف بينهما أي في الصورتين
قوله ( وطرفه مع آخر ) فينتصف بينهما لأن يد كل منهما ثابتة فيه وإن كان يد أحدهما في الأكثر فلا يرجح به لما مر أنه لا ترجيح بالأكثرية درر أي كما في مسألة كثرة شهود أحد المدعيين هذا كله إذا لم يقم البينة فإذا أقاما البينة فبينة الخارج أولى من بينة ذي اليد كما مر
قوله ( لا هدبته ) ويقال له بالتركي سجق ويستعمل هذا اللفظ الآن في بلادنا
قوله ( الغير منسوجة ) الأولى أن يقول المنسوجة بالألف واللام لأن غير بمنزلة اسم الفاعل لا يضاف إلا لما فيه أل أو ما أضيف إلى ما فيه أل كالضارب رأس الجاني ط
قوله ( لأنها ليست بثوب ) فلم يكن في يده شيء من الثوب فلا يزاحم الآخر
قوله ( بخلاف جالسي دار ) كذا قال في العناية
ويخالفه ما في البدائع لو ادعيا دارا وأحدهما ساكن فيها فهي للساكن وكذلك لو كان أحدهما أحدث فيها شيئا من بناء أو حفر فهي له ولو لم يكن شيء من ذلك ولكن أحدهما داخل فيها والآخر خارج عنها فهي بينهما وكذا لو كانا جميعا فيها لأن اليد على العقار لا تثبت بالكون فيها وإنما تثبت بالتصرف ا هـ
أقول لكن الذي يفهم من التعليل ومما تقدم قريبا أنه لا يقضي لهما في مسألة كون أحدهما داخلا فيها والآخر خارجا عنها تأمل
تنبيه قال في البدائع كل موضع قضى بالملك لأحدهما لكون المدعي في يده يجب عليه اليمين لصاحبه إذا طلب فإن حلف برىء وإن نكل قضى عليه به ا هـ
شرنبلالية
قوله ( حيث لا يقضي لهما ) لا بطريق الترك ولا بغيره لأن الجلوس لا يدل على الملك
ا هـ درر
قوله ( وهنا ) أي في الجلوس على البساط إذا كانا جالسين عليه
قال في الزيلعي وكذا إذا كانا جالسين عليه فهو بينهما بخلاف ما إذا كانا جالسين في دار وتنازعا فيها حيث لا يحكم لهما بها لاحتمال أنها في يد غيرهما وهنا علم أنه ليس في يد غيرهما ا هـ
مطلب مسائل الحيطان قوله ( الحائط لمن جذوعه عليه ) جمع جذع بالجيم والذال المعجمة للنخلة وغيرها والمراد الأخشاب التي ترص على الجدران لأجل تركيب السقف عليها وذلك لأنه في يد صاحب الجذوع لأن يده يد استعمال والحائط ما بني إلا له فوضعه علامة ملكه ولو كان لكل منهما عليه ثلاثة جذوع فهو بينهما لاستوائهما في أصل العلة ولا يعتبر بالكثرة والقلة بعد أن تبلغ ثلاثا وإنما شرطت الثلاثة لأن الحائط يبني للتسقيف وذلك لا يحصل بما دون الثلاث غالبا فصار الثلاث كالنصاب له ولو كان عليه جذوع لأحدهما ثلاثة وللآخر أقل فهو لصاحب الثلاثة عند أبي حنيفة استحسانا
والقياس أن يكون بينهما نصفين وهو مروي عنه ولو كان لأحدهما جذع واحد ولا شيء للآخر قيل هما سواء وقيل صاحب الجذع أولى
عيني
وفي الفتاوي الخيرية من فصل الحيطان فلو كان لكل جذع مشترك فلو اختلفا وأقيمت البينة عمل بها وينظر في وضع الآخر فإن كان قديما يترك على قدميه إذ الأصل بقاء ما كان على ما كان للظن بأنه ما وضع إلا بوجه شرعي
____________________
(8/53)
مطلب حد القديم ما لا يحفظ الأقران وراءه وحد القديم أن لا يحفظ أقرانه وراء هذا الوقت كيف كان فيجعل أقصى الوقت الذي يحفظه الأقران حد القديم وإن كان حادثا يؤمر برفعه وإن سقط ليس له إعادته بغير رضا مالكه لأنه إن كان بإذنه فهو معير وللمعير أن يرجع متى شاء وإن كان بغير إذنه فهو غاصب
وإذااختلفا في الحدوث فإن ثبت بالبينة أمر برفعه وإزالته عن ملك الغير شرعا وإن لم يثبت بالبينة لا يهدم وتمامه فيه
والحاصل أن الحائط تارة يثبت بالبينة والبرهان وتارة بغيرها فإن أقام أحد الخصمين البينة قضى له ولو أقاما البينة قضى لهما قضاء الترك حتى لو أقام الآخر البينة قضى له كما في الفيض
وأما ما يثبت بغيرها فقال في المنتقى الأيدي في الحائط على ثلاث مراتب اتصال تربيع واتصال ملازقة ومجاورة ووضع جذوع ومحاذاة فأولاهم صاحب التربيع فإن لم يوجد فصاحب الجذوع فإن لم يوجد فصاحب اتصال الملازقة
بيانه حائط بين دارين يدعيانه فإن كان متصلا ببناء أحدهما دون الآخر فصاحب الاتصال أولى وإن كان متصلا ببنائهما اتصال تربيع أو ملازقة فهو بينهما وإن كان لأحدهما اتصال تربيع وللآخر اتصال ملازقة لصاحب التربيع أو للآخر عليه جذوع فالحائط لصاحب الاتصال ولصاحب الجذوع موضع جذوعه
وروى الطحاوي أن الكل لصاحب التربيع وإن لأحدهما اتصال ملازقة وللآخر جذوع فصاحب الجذوع أولى وسيأتي قريبا بأوضح من هذا
أقول ذكر الحنابلة في كتبهم أن المعتبر في التربيع أساس الحائط دون اللبن وهو حسن وكأنه لما يحصل له من التغير وظاهر نصوص أئمتنا الإطلاق كما ترى وكأنهم لم يعتبروا هذا لأنه عارض ويدرك عروضه
نعم لو كان التربيع في الأساس دون اللبن فالظاهر أن العبرة للأساس لأنه أقوى لما يعرض للبن من الإصلاح وهذا ولو كان لأحدهما التربيع في الأساس وللآخر في اللبن فالظاهر أنه لصاحب تربيع الأساس ولم أره
ثم قال صاحب المنتقى وإذا كان الحائط المتنازع فيه متصلا من جانب واحد يقع فيه الترجيح وهو الصحيح
ذكره الطحاوي
وذكر الكرخي أنه لا يقع به الترجيح ما لم يكن موصولا طرفاه بالحائطين
قلت وظاهر الرواية يشترط من جوانبه الأربع كما في الفيض وغيره لكن قالوا الأظهر ما قاله الطحاوي وعليه مشى في الخلاصة والبزازية وغيرهما من المعتمدات كالهندية والمحيط والخانية وغيرها
ثم ذكر أيضا حائط بين دارين يدعيه صاحب أحدهما ولم يكن متصلا ببناء أحدهما فإن كان لأحدهما عليه جذوع فهو أولى وإن كان لأحدهما عليه جذع واحد ولا شيء للآخر قيل هو بينهما وقيل لصاحب الجذع وإن كان لكل واحد منهما ثلاثة جذوع فهو بينهما ولا عبرة لكثرة الجذوع لأحدهما أي بعد الثلاثة
أقول بعدما كان لأحد الشريكين ثلاثة جذوع وللآخر أكثر لا يترجح بها ولكن في العمادية ما نصه وءن كان جذوع أحدهما أسفل وجذوع الآخر أعلى وتنازعا في الحائط فإن لصاحب الأسفل لسبق يده ولا ترفع جذوع الأعلى ا هـ
فالذي يظهر من كلام العمادية أن محل وجود الخشب على الحائط لكل موجب للاشتراك إذا لم يكن خشب
____________________
(8/54)
أحدهما أعلى وخشب الآخر أسفل أما إذا كان كذلك وتنازعا في الحائط فهو لصاحب الأسفل ولا ترفع جذوع الآخر وأنت خبير بأن هذا مقيد لكلامهم ولكن لا تظهر ثمرة ذلك إلا في التصرف في الحائط وعمارته فافهم
ثم قال صاحب المنتقى وإن كان لأحدهما ثلاثة وللآخر واحد فهو لصاحب الثلاثة إلا موضع الجذع الواحد وهو الأصح وما بين الجذوع قيل يكون بينهما نصفين وقيل يكون على أحد عشر جزءا
وإن كان الحائط طويلا وكل واحد منهما منفرد ببعض الحائط في الاتصال ووضع الجذوع قضى لكل واحد بما يوازي ساحته من الحائط وما بينهما من القضاء يقضي بكونه بينهما نصفين
لكل واحد منهما بوار وهو القصب فهو بينهما
لأحدهما عليه جذوع وللآخر عليه بوار يقضي به لصاحب الجذوع ولكن لا يؤمر برفع البواري
لأحدهما عليه خشب وللآخر عليه حائط سترة فالحائط الأسفل لصاحب الخشب ولصاحب السترة سترته ولو تنازعا في الحائط والسترة جميعا فهما لصاحب الخشب ا هـ ما في المنتقى
وقال برهان الدين الكركي في الفيض حائط ادعاه رجلان وغلق الباب إلى أحدهما يقضي بالحائط والباب بينهما نصفين عند أبي حنيفة وعندهما الحائط بينهما والباب للذي الغلق إليه وأجمعوا أنه إذا كان للباب غلقان في كل جانب واحد فهو بينهما
وذكر فيه أيضا رجلان ادعيا حائطا وليس الحائط متصلا ببناء أحدهما وليس لأحدهما جذوع أو غيرها يقضي به بينهما وإن كانت لأحدهما هرادي أو بوار فكذلك وإن كان لأحدهما عليه جذع واحد ولا شيء للآخر أو له عليه هرادي لم يذكر في الكتاب
قال بعضهم لا يترجح بجذع واحد
وقد روي عن محمد يقضي له ولو كان لأحدهما عليه خشبة وللآخر عليه عشر خشبات يقضي به لصاحب العشرة وللآخر موضع جذعه
والصحيح أن الحائط لصاحب الجذوع ولا ينزع جذع الآخر
أقول أي لأن الملك الثابت بكثرة الجذوع هاهنا ثابت بنوع الاستظهار فهو صالح للدفع لا لإبطال حق صاحب الجذع بخلاف ما لو أقام صاحب الجذوع البينة كان الحائط له البتة فإنه يرفع جذع الآخر كما بينه صاحب الذخيرة وسيأتيك بأوضح من هذا
وعن أبي يوسف أن الحائط بينهما على أحد عشر سهما
ولو كان لأحدهما عليه جذعان وللآخر عشرة اختلف المشايخ فيه
قال بعضهم جذعان بمنزلة جذع واحد
وقال بعضهم بمنزلة الثلاثة ولو كان لأحدهما ثلاثة وللآخر عشرة فهو بينهما وكذا لو كان لأحدهما خمسة وللآخر عشرة فهو بينهما نصفين وقيل أثلاثا
تنازعا في خص أو حائط بين داريهما ولا بينة والقمط أي الحبل الذي يشد به الخص والوجه أي وجه الحائط أو الطاقات أو أنصاف اللبن إلى أحدهما
قال أبو حنيفة هو بينهما إذ الإنسان كما يجعل المذكور إلى جانبه في ملكه الخاص يجعله إلى جانبه في المشترك أيضا إذا تولى العمل فلا يصلح حجة
وقالا هو لمن المذكور إلى جانبه إذ الظاهر يشهد له لأن الإنسان يزين وجه داره إلى نفسه لا إلى جاره وكذا القمط لأنه وقت العقد يقول على سطحه فيجعل القمط إليه
زاد في الهندية هذا إذا جعل وجه البناء حين بنى
وأما إذا جعل الوجه بعد البناء بالنقش والتطيين
____________________
(8/55)
فلا يستحق به الحائط في قولهم جميعا
كذا في غاية البيان شرح الهداية قوله ( أو متصل به ) الأوضح أن يقول أو هو متصل ببنائه اتصال تربيع
قوله ( بأن تتداخل أنصاف لبناته ) أي مثلا فدخل الآجر والحجر
واختلف في صفة اتصال التربيع فقال الكرخي صفته أن يكون الحائط المتنازع فيه متصلا بحائطين لأحدهما من الجانبين جميعا والحائطان متصلان بحائط له بمقابلة الحائط المتنازع فيه حتى يصير مربعا يشبه القبة فحينئذ يكون الكل في حكم شيء واحد
والمروي عن أبي يوسف أن اتصال جانبي الحائط المتنازع فيه بحائطين لأحدهما يكفي ولا يشترط اتصال الحائطين بحائط له بمقابلة الحائط المتنازع فيه
وعبارة الكافي هو أن يكون أحد طرفي الآخر في هذا الحائط والطرف الآخر في الحائط الآخر حتى يصير في معنى حائط واحد وبناء واحد فيكون ثبوت اليد على البعض ثبوتا على الكل وهو عين ما روي عن أبي يوسف ومعنى التربيع فيما قال الكرخي أظهر
وفي الهندية وذكر الطحاوي إن كان متصلا بحائط واحد يقع به الترجيح
قالوا والصحيح رواية الطحاوي ا هـ
وعزاه إلى محيط السرخسي
قوله ( ولو من خشب ) عطف على محذوف تقديره إذا كان الحائط من لبن ولو من خشب الخ
قوله ( لدلالة ) هذه علة لكون صاحب اتصال التربيع أولى
قوله ( على أنهما ) أي الحائط المتنازع فيه والحائطين المتصلين به
قوله ( ولذا سمي بذلك ) أي لكونهما بنيا معا سمى باتصال التربيع قد علمت تفسير اتصال التربيع على قول الكرخي وهو ظاهر وتسميته به على قول أبي يوسف باعتبار التربيع في حائطيه باللبنات
قوله ( يبنى مربعا ) هذا إنما يظهر على قول الكرخي
قوله ( لا لمن له اتصال ملازقة ) بأن يكون الحائط المتنازع فيه ملازقا لحائط أحدهما من غير إدخال فيه
قوله ( أو نقب وإدخال ) وهذا فيما لو كان من خشب أي بأن نقب وأدخلت الخشبة فيه وهذا محترز
قوله ( في حائط الخشب ) بأن تكون الخشبة مركبة في الأخرى
قال البدر العيني وإذا كان الجدار من خشب فالتربيع أن يكون ساج أحدهما مركبا على الآخر
وأما إذا نقب وأدخل فلا يكون مربعا فلا عبرة به ولا باتصال الملازقة من غير تربيع لعدم المداخلة فلا يدل على أنهما بنيا معا ا هـ
ومثله فيما يظهر النقب في جدار نحو اللبن
قوله ( أو هرادي ) جمع هردية قصبات تضم ملوية بطاقات من الكرم فترسل عليها قصبات الكرم كذا في ديوان الأدب وصحح فيها الحاء والهاء جميعا وأنكر الهاء صاحب الصحاح والرواية في الأصل والكافي للشهيد بالحاء
وفي الجامع الصغير وشرح الكافي بالهاء لا غير
شلبي في الحاشية ملخصا
وفي المنح هي خشبات توضع على الجذوع ويلقى عليها التراب
وفي الواني هي جمع هردي بكسر الهاء وسكون الراء وفتح الدال المهملتين وقصر الألف
وفي منهوات العزمية الهردية بضم الهاء وسكون الراء المهملة وكسر الدال المهملة والياء المشددة
والهرادي بفتح الهاء وكسر الدال نوع من النبت وقيل قصب يوضع فوق الحائط فهي كالزرب أو المكعب
ومثل الهرادي البواري وهي والبوري والبورية والبورياء والباري والبارياء والبارية الحصير المنسوج وإلى بيعه ينسب الحسن بن الربيع البواري شيخ البخاري
____________________
(8/56)
ومسلم كما في القاموس
قوله ( بل صاحب الجذع الواحد الخ ) قال في غاية البيان والثلاث هي المعتبرة حتى لو كان لأحدهما ذلك وللآخر أكثر لا اعتبار له فالحائط بينهما ولو كان لأحدهما جذع أو اثنان وللآخر ثلاثة أو أكثر فهو له وأما لصاحب ما دون الثلاثة فموضع جذوعه يعني ما تحته في رواية وله حق الوضع في رواية ا هـ
وفي نور العين ولو لأحدهما جذع واحد وللآخر هرادي أو لا شيء له لم يذكره محمد في ظاهر الرواية وقد قيل لا يقضي به له إذ الحائط لا يبنى لوضع جذع واحد
وعن محمد إنه لرب الجذع إذا له مع اليد نوع استعمال إذا وضعه استعمال حتى قضء لرب الجذع فيكون واحدها استعمالا للحائط بقدره وليس للآخر ذلك وقد يبنى الحائط لوضع جذع واحد لو كان البيت صغيرا وهذا كله لو لم يتصل الحائط ببنائهما فلو اتصل اتصال تربيع أو ملازقة قيقضى به نصفين بينهما إذا ستويا ا هـ
وفي الزيلعي وإذا كان لأحدهما جذع واحد ولا شيء للآخر اختلف المشايخ فيه فقيل هما سواء لأن الواحد لا يعتد به وقيل صاحب الجذع أولى لأن الحائط قد يبنى لجذع واحد وإن كان غير غالب
قال في شرح الملتقى للداماد والهرادي غير معتبرة وكذا البواري لأنه لم يكن استعمالا وضعا إذ الحائط لا يبنى لها بل للتسقيف وهو لا يمكن على الهرادي والبواري كما في الدرر انتهى
وفيه ولا معتبر بكثرة الجذوع وقتها بعد أن تبلغ ثلاثا لأن الترجيح بالقوة لا بالكثرة على ما بينا واشترط أن يبلغ الثلاث لأن الحائط يبنى للتسقيف وذلك لا يحصل بما دون الثلاث غلبا فصار الثلاث كالنصاب له ا هـ
فتأمل
قوله ( وقيل لذي الجذوع ) وصححه السرخسي وصحح الأول الجرجاني
وقال في المحيط الأيدي على ثلاث مراتب اتصال تربيع واتصال ملازقة ومجاورة ووضع جذوع محاذاة بناء
ولا علامة في الحائط سوى هذا فأولاهم صاحب التربيع فإن لم يوجد فصاحب الجذوع فإن لم يوجد فصاحب المحاذاة ا هـ
قال في الخلاصة وإن كان كلا الاتصالين اتصال تربيع أو اتصال مجاورة يقضى بينهما وإن كان لأحدهما تربيع وللآخر ملازقة يقضى لصاحب التربيع وإن كان لأحدهما تربيع وللآخر عليه جذوع فصاحب الاتصال أولى وصاحب الجذوع أولى من اتصال الملازقة ثم في اتصال التربيع هل يكفي من جانب واحد فعلى رواية الطحاوي يكفي وهذا أظهر وإن كان في ظاهر الرواية يشترط من جوانبه الأربع ولو أقاما البينة قضى لهما ولو أقام أحدهما البينة قضي له ا هـ
وقدمنا نحوه
قوله ( وتمامه في العيني وغيره ) قال العلامة العيني ولو كان لكل واحد منهما ثلاثة جذوع فهو بينهما لاستوائهما في أصل العلة ولا يعتبر بالكثرة والقلة بعد أن تبلغ ثلاثة وإنما شرطت الثلاثة لأن الحائط يبنى للتسقيف وذلك لا يحصل بدون الثلاثة غالبا فصارت الثلاثة كالنصاب له ولو لأحدهما ثلاثة وللآخر أقل فهو لصاحب الثلاثة
استحسنه الإمام
والقياس المناصفة وقد روي عنه أيضا
ثم لصاحب الجذع الواحد أو الاثنين حق الوضع لأنا حكمنا بالحائط لصاحب الجذوع أي الثلاثة فأكثر بالظاهر وهو يصلح حجة للدفع لا للاستحقاق فلا يؤمر بالقلع إلا إذا ثبت بالبينة أن الحائط لصاحب الجذوع فحينئذ يؤمر بالقلع ا هـ
وهل الحكم كذلك إذا أقر له به الظاهر نعم
____________________
(8/57)
قال في جامع الفصولين برمز ( جع ) جذوع أحدهما في أحد النصفين وجذوع الآخر في النصف فلكل منهما ما عليه جذوعه وما بين النصفين والجذوع أولى من السترة فالحائط لرب الجدوع وكذا السترة لو تنازعا فيها ولو توافقا أن السترة للآخر لا ترفع كمن له سفل وتنازعا في سقفه وما عليه فالكل لذي السفل ولو توافقا أن العلو للآخر لا يرفع إلا إذا برهن
ا هـ أي لأنه هو المتنازع فيه فإذا برهن ذو السفل أن السقف له رفع ما هو موضوع عليه بغير حق فتأمل
وإنما لم يرفع أولا قبل إقامة البينة لأن الظاهر أن وضعه بحق ولم يحكم له بالسفل لأن الظاهر يصلح للدفع لا للاستحقاق وهو لصاحب السفل كما هو صريح الخانية
فإن قلت ما الفرق بين ثبوته بالبينة حيث يرفع بها وبين ثبوته بظاهر اليد ولم يرفع قلت البينة كاسمها بينة وهي حجة متعدية فيلزم بها الرفع واليد حجة لصاحب الحال فصلحت للدفع لا للرفع فتأمل
ومما يتصل بمسائل الحيطان ما نقله في الهندية ولو كان لأحد المدعيين على الحائط المتنازع عليه أزج من لبن أو آجر أي ضرب من الأبنية فهو بمنزلة السترة
كذا في فتاوى قاضيخان
جذوع شاخصة إلى دار رجل ليس له أن يجعل عليها كنيفا إلا برضا صاحب الدار وليس لصاحب الدار قطعها إذا أمكنه البناء عليها وإن لم يمكن البناء عليها بأن كانت جذوعا صغارا أو جذعا واحدا ينظر إن كان قطعها يضر ببقية الجذوع ويضعفها لا يملك القطع وإن لم يضر بها يطالبه بالقطع ولو أراد صاحب الدار أن يعلق على أطراف هذه الجذوع شيئا ليس له ذلك
كذا في محيط السرخسي
جدار بين اثنين لهما عليه حمولة غير أن حمولة أحدهما أثقل فالعمارة بينهما نصفين
ولو كان لأحدهما عليه حمولة وليس للآخر عليه حمولة والجدار مشترك بينهما قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى للآخر أن يضع عليه بمثل حمولة صاحبه إن كان الحائط يحتمل ذلك ألا ترى أن أصحابنا رحمهم الله تعالى قالوا في كتاب الصلح لو كان جذوع أحدهما أكثر فللآخر أن يزيد في جذوعه إن كان يحتمل ذلك ولم يذكروا أنه قديم أو حديث
كذا في الخلاصة في كتاب الحيطان
وإن لم يكن لهما عليه خشب فأراد أحدهما أن يضع عليه خشبا له ذلك وليس للآخر أن يمنعه ويقال له ضع أنت مثل ذلك إن شئت
كذا في الفصول العمادية
لو كان لأحدهما عليه جذوع وليس للآخر عليه جذوع فأراد أن يضع والجدار لا يحتمل جذوع اثنين وهما مقران بأن الحائط مشترك بينهما يقال لصاحب الجذوع إن شئت فارفع ذلك عن الحائط لتستوي بصاحبك وإن شئت فحط عنه بقدر ما يمكن لشريكك من الحمل كذا في الخلاصة
جدار بين رجلين لأحدهما عليه بناء فأراد أن يحول جذوعه إلى موضع آخر قال إن كان يحول من الأيمن إلى الأيسر أو من الأيسر إلى الأيمن ليس له ذلك وإن أراد أنى يسفل الجذوع فلا بأس به وإن أراد أن يجعله أرفع عما كان لا يكون له ذلك
كذا في فتاوى قاضيخان
حائط بينهما وكان لكل واحد جذوع فللذي هو صاحب السفل أن يرفعها بحذاء صاحب الأعلى إن لم يضر بالحائط ولو أراد أحدهما أن ينزع جذوعه من الحائط له ذلك إن لم يكن في نزعه ضرر بالحائط هكذا في الفصول العمادية
إذا كانت جذوع أحدهما مرتفعة وجذوع الآخر متسفلة فأراد أن ينقب الحائط لينزل فيه الخشب هل له ذلك قيل ليس له ذلك
وكان أبو عبد الله الجرجاني يفتي بأن له ذلك
وقيل ينظر إن كان ذلك مما يوجب
____________________
(8/58)
فيه وهنا لم يكن له ذلك وإن كان مما لا يدخل فيه وهنا فله ذلك
كذا في محيط السرخسي
جدار بين رجلين أراد أحدهما أن يزيد في البناء لا يكون له ذلك إلا بإذن الشريك أضر الشريك ذلك أو لم يضر
كذا في فتاوى قاضيخان
قال أبو القاسم حائط بين رجلين انهدم جانب منه فظهر أنه ذو طاقين متلازقين فيريد أحدهما أن يرفع جداره ويزعم أن الجدار الباقي يكفيه للستر فيما بينهما قبل أن يتبين أنهما حائطان فكلا الحائطين بينهما وليس لأحدهما أن يحدث في ذلك شيئا بغير إذن شريكه وإن أقرا أن كل حائط لصاحبه فلكل واحد منهما أن يحدث فيه ما أحب
كذا في الفتاوى الصغرى في كتاب الحيطان
جدار بين اثنين وهى وأراد أحدهما أن يصلحه وأبى الآخر ينبغي أن يقول له ارفع حمولتك بعمد لأني أرفعه في وقت كذا ويشهد على ذلك فإن فعل فبها وإن لم يفعل فله أن يرفع الجدار فإن سقطت حمولته لا يضمن كذا في الخلاصة
وعن الشيخ الإمام أبي القاسم جدار بين رجلين لأحدهما عليه حمولة ليس للآخر شيء فمال الجدار إلى الذي لا حمولة فأشهد على صاحب الحمولة فلم يرفعه مع إمكان الرفع بعد الإشهاد حتى انهدم وأفسد شيئا قال إذا ثبت الإشهاد وكان مخوفا وقت الإشهاد يضمن المشهود عليه نصف قيمة ما أفسد من سقوطه
هكذا في فتاوى قاضيخان
قال أبو القاسم حائط بين رجلين لأحدهما عليه غرفة والآخر عليه سقف بيته فهدما الحائط من أسفله ورفعا أعلاه بالأساطين ثم اتفقا جميعا حتى بنيا فلما بلغ البناء موضع سقف هذا أبى صاحب السقف أن يبنى بعد ذلك لا يجبر أن ينفق فيما جاوز ذلك
كذا في الصغرى
رجل له ساباط أحد طرفي جذوع هذا الساباط على حائط دار رجل فتنازعا في حق وضع الجذوع فقال صاحب الدار جذوعك على حائطي بغير حق فارفع جذوعك عنه وقال صاحب الساباط هذه الجذوع على حائطك بحق واجب ذكر صاحب كتاب الحيطان الشيخ الثقفي أن القاضي يأمره برفع جذوعه
وقال الصدر الشهيد رحمه الله تعالى وبه يفتى
وإن تنازعا في الحائط يقضى بالحائط لصاحب الدار في ظاهر مذهب أصحابنا لأن الحائط متصل بملك صاحب الدار وبالاتصال تثبت اليد ولكن هذا إذا كان اتصال اتصال تربيع إما إذا كان اتصال ملازقة فصاحب الساباط أولى
وهكذا في المحيط في كتاب الحيطان
الكل الهندية
أقول ثم التصرف في الحائط المشترك بعد ثبوته شرعا قسمان ممتنع إلا بإذن شريكه وهو مقتضى شركة الملك والقياس
وجائز لضرورة منفعة الاشتراك لغير إذن شريكه
أما الممتنع فهو زيادة خشب على خشب شريكه أو اتخاذ ستر عليه أو فتح كوة أو باب وهو محل إطلاقهم الواقع في بعض عباراتهم من أنه ليس له أي الشريك أن يحدث في الحائط المشترك حدثا بغير إذن شريكه أو يزيد عليه
وأما الجائز بغير إذنه فله صور منها ما هو جائز باتفاق وهو ما إذا لم يكن عليه لواحد منهما خشب فأراد أحدهما أن يضع عليه خشبا له ذلك ولا يكون لصاحبه منعه ولكن يقال له ضع أنت مثل ذلك إن شئت
____________________
(8/59)
ومنها ما هو جائز بالاتفاق أيضا وهو ما إذا كان له جذوع ولشريكه أكثر منها فله المساواة باتفاق كلماتهم كما ستطلع عليه قريبا إن شاء الله تعالى كذا قالوا
وأقول هذه المسألة وهي ما إذا كانت حمولته محدثة ينبغي أن تكون عين المسألة الأولى الجائزة بالإنفاق فتأمل
ومنها ما هو مقيد على قول والراجح الإطلاق وهي ما إذا كان لأحدهما عليه حمولة وليس للآخر ذلك فأراد أن يحدث حمولة فالمرجح له أن يحدث إذا كان الحائط يحتمل ذلك
وقال بعضهم في هذه الصورة إن كانت حمولة صاحبه محدثة فله ذلك وإن كانت قديمة فليس له ذلك
ثم في هذه الصورة على الراجح قد صرحوا بأنه إن كان الحائط لا يحتمل حمولتين يؤمر الآخر برفع حمولته لتحصل التسوية مع صاحبه أو برفع البعض لتمكن شريكه من الحمل فهو كالمهايأة
ومنها ما هو مقيد بعدم المضرة وهو ما إذا كان لهما عليه حمولة وحمولة أحدهما أسفل من حمولة الآخر فأراد هو أن يرفع حمولته ويضعها بإزاء حمولة صاحبه فله ذلك وليس لصاحبه منعه وكذا لو كانت حمولة أحدهما في وسط الجدار وحمولة الآخر في أعلاه فأراد أن يضع حمولته في أعلى الجدار له ذلك إذا لم يدخل على الأعلى مضرة وكذا إذا أراد أن يسفل الجذوع وقيده بعضهم بما إذا انهدم أو هدماه لأنه إذا يحصل ذلك يحصل مضرة ولا بد والمدار في أجناس هذا على عدم الضرر
ومنها ما هو مختلف فيه وهو التعلي وهو أن يزيد في أعلى الجدار في هواء المشترك كان للآخر منعه لأنه تصرف في شيء مشترك وهو المروي عن محمد وقيل لا يمنع
أقول والحاصل أن في مسألة التعلي ثلاثة أقوال أحدها له التعلي مطلقا
ثانيها له بما إذا لم يكن خارجا عن الرسم المعتاد واعتمده ابن الشحنة والشرنبلالي
ثالثها المنع مطلقا واعتمده قاضيخان واقتصر عليه في الخيرية فكان عليه الاعتماد وبالعمل به صدر الأمر السلطاني وجرى عليه في المجلة في مادة ألف ومائتين وعشرة
قال في الذخيرة إذا كان الحائط بين رجلين وليس لواحد منهما فأراد أحدهما أن يضع عليه خشبا له ذلك ولا يكون لصاحبه أن يمنعه عن ذلك ولكن يقال أنت ضع مثل ذلك إن شئت هكذا حكى الإمام النيسابوري
وكان بين هذا وبين ما إذا كان لهما عليه خشب فأراد أحدهما أن يزيد عليه خشبا على خشب صاحبه وأراد أن يتخذ سترا أو يفتح كوة أو بابا حيث لا يكون له ذلك إلا بإذن صاحبه وكان لصاحبه ولاية المنع
والفرق أن القياس أن لا يكون له ولاية وضع الخشب من غير إذن شريكه لأنه تصرف في شيء مشترك إلا إذا تركنا القياس لضرورة أنا لو منعناه عن وضع الخشب من غير إذن شريكه ربما لا يأذن له شريكه في ذلك فتتعطل عليه منفعة الحائط
وهذه الصورة معدومة في زيادة الخشب وفتح الكوة فيرد لي القياس ا هـ
ومثله في البزازية وغيرها من الكتب المعتبرة لكنه مقيد في البزازية بما إذا كان الحائط يحتمل ذلك وهذا القيد لا بد منه في أمثال هذا
وعبارة الذخيرة أغفلته وقيدناه فيما أسلفناه لك فتنبه
قال السرخسي في الوجيز عن النوادر حائط بين رجلين ولأحدهما عليه عشر خشبات وللآخر أربع
____________________
(8/60)
فلصاحب الأربع أن يتم عشر خشبات مثل صاحبه وليس له الزيادة وإن كان لأحدهما عليه خشب ولا شيء للآخر عليه فأراد أن يحمل مثل خشب صاحبه قيل له ذلك وقيل ليس له ذلك ا هـ
فانظر كيف نقل الخلاف في الصورة الثانية ولم يحكه في الأولى والفرق بينهما واضح كما ستقف عليه
قال برهان الدين الكركي في الفيض من كتاب الحيطان حائط بين رجلين وكان لأحدهما عليه جذوع أكثر من جذوع الآخر فلصاحب القليل أن يزيد في جذوعه حتى تكون مثل جذوعه صاحبه ا هـ
وفي العمادية ولو كان جذوع أحدهما أكثر فللآخر أن يزيد في جذوعه إذا كان الحائط يحتمل ذلك ولم يفصلوا بين القديم والحديث ا هـ
قال في الخانية ولو كان الحائط بين داري رجلين كل واحد منهما يدعيه ولكل واحد منهما عليه جذوع يقضي بينهما نصفين هو المختار فإن كانت جذوع أحدهما أكثر فللآخر أن يزيد في جذوعه حتى تكون مثل جذوع الآخر وهذا إذا كان الحائط يحتمل الزيادة فإن كان لا يحتمل ليس له أن يزيد ا هـ
قلت وانظر إلى قوله وكل واحد يدعيه إلى قوله يقضي نجده صريحا في أنه لا يلزم في هذه الصورة أن يكون الحائط ثابتا بالبينة بينهما خلافا لمن وهم من أنها لا تثبت المساواة في وضع الجذوع إلا إذا ثبت الحائط لهما بالبينة ومنشؤه أخذا من عبارة الذخيرة وذلك من عدم التأمل بها
وحاصل عبارة الذخيرة أن الملك الثابت بنوع ظاهر كالاتصال والتربيع لا يصلح لإبطال حق الآخر لأنا هاهنا لم نبطل حق الآخر بل قصدنا المساواة نعم هذا يظهر من يثبت له الحائط بالتربيع وكان لصاحبه جذوع فليس له أن يرفع جذوع الآخر إلا إذا ثبت الحائط بالبينة فله رفع جذوع لآخر كما ستراه في عبارة الذخيرة هذا وقد اتفقت كلمتهم في كتاب الصلح على أنه لو كان جذوع أحدهما أكثر فللآخر أن يزيد في جذوعه إن كان يحتمل
ولما كانت هذه المسألة اتفاقية قاس عليها الفقيه أبو الليث المسألة الثالثة وهي ما إذا كان لأحدهما عليه جذوع وأراد الآخر أن يحدث جذوعا فرجع هو والحسام الشهيد وهما من أهل الترجيح جواز إحداث الجذوع أيضا مطلقا قديمة كانت الأولى أو لا وإن كان بعضهم قد أبدى فرقا بين الحديثة والقديمة كما ستطلع عليه
قال الحسام الشهيد في الفتاوى الصغرى ولو كان لأحدهما عليه حمولة وليس للآخر عليه حمولة ويريد الذي لا حمولة له أن يضع على هذا الجدار حمولة مثل حمولة شريكه إن كانت حمولته عليها محدثة فللآخر أن يضع عليه حمولة مثلها وإن كانت الحمولة التي له قديمة فليس للآخر أن يضع حمولة
قال الفقيه أبو الليث للآخر أن يضع عليه حمولة مثل حمولة صاحبه إن كان الحائط يحتمل مثل ذلك مطلقا أي سواء كانت حمولة صاحبه محدثة أو قديمة ألا ترى أن أصحابنا قالوا في كتاب الصلح لو كان جذوع أحدهما أكثر فللآخر أن يزيد في جذوعه إن كان يحتمل ذلك ولم يشترطوا لا قديما ولا حديثا
وقال أبو القاسم في حائط بين رجلين لأحدهما عليه جذوع فأراد الآخر أن ينصب عليه جذوعا فمنعه من ذلك صاحبه والجدار لا يحتمل ذلك أي الحملين يقال لصاحب الجذوع إن شئت فحط حملك لتستوي مع صاحبك وإن شئت فحط عنه ما يمكن شريكك من الحمل لأن البناء الذي عليه إن كان بغير رضا صاحبه فهو معتد ظالم وإن كان بإذن صاحبه فهو عارية ألا يرى أن دارا بين رجلين وأحدهما ساكنها فأراد الآخر أن يسكن معه والدار لا تسع لسكنهما فإنهما يتهايان بها كذا هنا قال الفقيه أبو الليث وروينا عن أبي بكر خلاف هذا وبقول أبي القاسم نأخذ
____________________
(8/61)
ووجه القائل بالمنع الفرق لجواز أن يكون هذا مستحقا لأحدهما من أصل الملك وذلك حال القسمة بأن يقع الحائط بنصيب أحدهما ويكون للآخر عليه حق الخشب أما تلك المسألة وهي ما لو كان لكل واحد منهما عليه خشبات ففيها دل على أن التصرف في الابتداء ثبت لهما فيثبت بعد ذلك لهما
كذا في شرح الوهبانية لابن الشحنة
أقول ومقتضى كلامه أن المسألة الثانية اتفاقية فافهم
والحاصل أن كلا الشريكين إذا لم يكن لهما عليه حمولة صاحبه كان لكل واحد منها وضع حمولة بلا إذن شريكه اتفاقا وأن أحد الشريكين إذا كان له حمولة أنقص من حمولة صاحبه كان له المساواة اتفاقا أيضا وأن أحد الشريكين إذا كان له حمولة والثاني لا حمولة له كان له أن يساوي مع صاحبه على ما رجحه أبو الليث والحسام الشهيد قياسا على المسألة الاتفاقية كما تقدم وأن أحد الشريكين إذا أراد أن يسفل الجذوع أو يعليها أو يتوسط بها للمساواة عند عدم الضرر له ذلك وأن أحد الشريكين إذا أراد أن يعلي بأن يزيد في الجدار في هواء مشترك لم يكن للآخر منعه والمروي عن محمد له المنع ولذا قدمه ابن وهبان في المنظومة بقوله وما لشريك أن يعلي حيطه وقيل التعلي جائز فيعمر وعلى المنع مطلقا مشى في الخانية فليكن هو المعول
وفي الفصولين ولو أراد أحدهما نزع جذوعه من الحائط فله ذلك لو لم يصر بالحائط
وفيه انهدم حائط بينهما فبنى أحدهما فإنه وجهين إما عليه حمولة أو لا
والأحكام ثلاثة أحدها طلب أحدهما قسمة عرصة الحائط وأبى الآخر
والثاني أراد أحدهما أن يبنى ابتداء بلا طلب القسمة وأبى الآخر
وثالثها لو بناه بلا إذن شريكة هل يرجع عليه بشيء
أما الوجه الأول وهو عدم الحمولة عليه فأما الحكم الأول وهو طلب القسمة وإباء الآخر فقد ذكر في بعض المواضع مطلقا أنه لا يجبر وبه نأخذ ص
أما لو لم تكن عرصة الحائط عريضة بحيث لو قسمت لا يصيب كلا منهما شيء يمكنه أن يبني فيه فظاهر لتعنته في طلب القسمة وأما لو عريضة بحيث يصيب كلا منهما ما يمكن البناء فيه فلأن القاضي لو قسم يقرع بينهما وربما يخرج في قرعة كل منهما ما يلي دار شريكه فلا ينتفع به فلا تقع القسمة مفيدة وإليه أشار م فيما روى عنه هشام انهدم حائط بينهما فقال أحدهما أقسم والآخر أبى قال لا أقسم بينهما إذ ربما يصيب كلا منهما ما يلي دار شريكه
وبعض المشايخ قالوا لو كان القاضي لا يرى القسمة إلا بإقراع لا يستقيم لما مر
وأما لو يراها بلا إقراع فيقسمه لو كانت العرصة عريضة على وجه مر ويجعل نصيب كل منهما مما يلي داره تتميما للمنفعة عليهما
مطلب لو كانت عرصة الحائط عريضة تقسم بينهما ويعطى كلا من جهة داره بلا قرعة ويجبر الآبي به يفتى وقال ص لو عريضة فالقاضي يجبر الآبي على كل حال وبه يفتى إذ العرصة لو عريضة على وجه مر فطالب القسمة طلب بها تتميم المنفعة عليه فيجبر شريكه عليه كدار وأرض
س يجبر الآبي على قسمة حائط بينهما وذكر الجبر بلا فصل بين العريضة وغيرها ا هـ
أقول يؤخذ من هذا جواب حادثة الفتوى وهي دار لزيد ودار أخرى مشتركة بينه وبين عمرو أراد
____________________
(8/62)
زيد قسمتها وأخذ حصته منها من جهة داره حيث لا يمكن الاتصال إليها إلا من داره والدار قابلة للقسمة والمعادلة ممكنة فللقاضي قسمتها على هذا الوجه وإن لم يرض عمرو بذلك ولا تلزم القرعة في هذا على أن القرعة ليست بواجبة على القاضي غاية ما في الباب أنهم قالوا وينبغي أن يقرع بينهما تطييبا لقلوبهما ولا نقول إن ينبغي هنا بمعنى يجب لما أنهم صرحوا في غير ما كتاب أنها مستحبة لا سيما وفيه رفع الضرر عن أحدهما وعدم الضرر بالآخر فتأمل وراجع
وفي الفصولين الحكم الثاني أراد أحدهما أن يبنى ابتداء بلا طلب القسمة وأبى الآخر فلو عرصة الحائط عريضة بحيث لو قسمت أصاب كل واحد منهما ما يمكنه أن يبني فيه حائطا لنفسه لا يجبر على البناء في ملك شريكه إلا إذا تضرر شريكه بتركه ولا ضرر هنا ولو غير عريضة فاختلف المشايخ قيل لا يجبر وقيل يجبر وهو الأشبه إذا بتركه يتضرر شريكه بتعطيل منافع الحائط والباني لا يتضرر إذ يحصل له بدل ما أنفق ومال إلى الثاني الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الفضل والشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة
الحكم الثالث لو بنى أحدهما بلا إذن شريكه هل يرجع على شريكه بشيء اختلف المشايخ فيه قيل لا يرجع مطلقا وهكذا ذكر في كتاب الأقضية وهكذا ذكر الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى في النوازل عن أصحابنا
وقيل لو عريضة على ما بينا لا يرجع لأنه غير مضطر فيه وإن كانت غير عريضة يرجع
قلت لأحدهما أن يمتنع من البناء إذ له أن يقاسم أرض الحائط نصفين ولو بنى أحدهما لا يرجع على شريكه إذ ليس له أخذه بالبناء
الوجه الثاني لو كان على الحائط حمولة بأن كان عليه جذوع فهو على وجهين أحدهما وهو ما لو كان لهما عليه جذوع وطلب أحدهما قسمة عرصة الحائط لا يجبر شريكه عليها إلا عن تراض منهما ولو عريضة على ما بينا إذ تعلق حق كل منهما بكل العرصة وهو وضع الجذوع على جميع الحائط فلو قسمت بلا رضا أحدهما يسقط عما حصل لشريكه بلا رضاه وأنه لم يجز فإذا أراد أحدهما البناء وأبى الآخر قال ض لا يجبر لو عريضة
وذكر شيخ الإسلام أنه لا يجبر بلا تفصيل
ذكر شح أنه يجبر من غير تفصيل وبه يفتى
إذا في عدم الجبر تعطيل حق شريكه إذ له حق وضع الجذوع على جميع الحائط
ولو بنى أحدهما بدون إذن شريكه قيل لو عريضة على ما فسرنا لا يرجع الباني ويكون متطوعا وكذا عن محمد وهو الصحيح إذ للثاني حق وضع الجذوع على جميع الحائط ولا يتوصل إليه إلا ببناء جميع الحائط فكان مضطرا في البناء فلا تبرع كما لو غير عريضة فبناه أحدهما ا هـ
وفي الهندية هكذا ذكر الخصاف في نفقاته
وبعض مشايخنا قالوا لا يكون متطوعا وإليه إشار في كتاب الأقضية وهكذا روي عن ابن سماعة في نوادره رحمه الله تعالى وهو الأصح
هكذا في المحيط
قال صاحب جامع الفصولين أقول مر أن الفتوى على أن شريكه يجبر على البناء ولا اضطرار فيما يجبر وسيجيء تحقيقه فينبغي أن تكون الفتوى على أنه متبرع والله تعالى أعلم
وإن كان بناه بإذنه ليس له أن يمنعه لكن يرجع عليه بنصف ما أنفق
كذا في فتاوي قاضيخان
صل انهدم حائطهما وعليه جذوع لأحدهما وطلب رب الجذوع البناء من شريكه لا يجبر عليه ويقال لهما إن شئتما اقتسما أرض الحائط ولو شاء رب الجذوع البناء وأراد الآخر القسمة يقسم بينهما نصفين
الوجه الثاني من هذا الوجه لو لأحدهما عليه حمولة وطلب هو القسمة وأبي الأخير يجبر الآبي لو عريضة كما مر وهو الصحيح وبه يفتي ولو أراد ذو الحمولة البناء وأبى الآخر فالصحيح أنه يجبر لما مر فيما لهما عليه
____________________
(8/63)
حمولة
ولو بنى ذو الحمولة فحكمه حكم مالهما عليه حمولة فالصحيح أنه يرجع لما مر ثمة أنه مضطر
ولو بناه الآخر وعرصة الحائط عريضة كما مر فهو متبرع إذا لم يضر في البناء إذ لا يجبر به حقا لنفسه ثم في كل محل لم يكن الباني متبرعا كما له أو لهما عليه حمولة كان للباني منع صاحبه من الانتفاع إلى أن يرد عليه ما أنفق أو قيمة البناء على ما اختلفوا فيه على ما يأتي إن شاء الله تعالى فلو قال صاحبه أنا لا أتمتع بالبناء هل يرجع الباني قيل لا يرجع وقيل يرجع
شجي رب العلو يرجع على رب السفل بقيمة السفل مبنيا لا بما أنفق
فض يرجع بما أنفق في السفل وأما في الحائط المشترك فيرجع بنصف ما أنفق
واستحسن بعض المتأخرين فقالوا لو بنى بأمر القاضي يرجع بما أنفق ولو بنى بلا أمر القاضي رجع بقيمة البناء
لأحدهما بناء وأبى جاره أن يبني لا يجبر قال ت هو القياس وهو قول علمائنا وقال بعضهم لا بد من بناء يكون سترا بينهما وبه نأخذ وإنما قال أصحابنا إنه لا يجبر لأنهم كانوا في زمن الصلاح أما في زماننا فلا بد من حاجز بينهما
جص جدار بين كرمين لرجلين انهدم فاستعدى أحدهما على السلطان لما أبى شريكه أن يبني فأمر السلطان بناء برضا المستعدي أن يبنيه على أن يأخذ الأجر منهما فله أخذه منهما
وقال أبو بكر انهدم جدار بينهما وأحدهما غائب فبناه الحاضر في ملكه من خشب وبقي موضع الحائط على حاله ثم قدم الغائب فأراد أن يبني على طرف الحائط مما يلي جاره ويجعل ساحة الحائط إلى ملكه ليس له ذلك ولو أراد أن يبني حائطا غلظه كالأول أو يبني أدق منه في وسط الأس ويدع الفضل من أسه مما يلي ملكه له ذلك
كذا في جامع الفصولين ومثله في نور العين
لكن قال في الهندية جدار بين رجلين انهدم وأحد الجارين غائب فبنى الحاضر في ملكه جدارا من خشب وترك موضع الحائط على حاله فقدم الغائب فأراد أن يبني الحائط في الموضع القديم ومنعه الآخر
قال الفقيه أبو بكر إن أراد الذي قدم أن يبني على موضع طرف الحائط مما يليه جاز وإن جعل ساحة أس الحائط إلى جانب نفسه ليس له ذلك وإن أراد أن يبني الحائط كما كان أو أدق منه ويترك الفضل من الجانبين سواء له ذلك
كذا في فتاوي قاضيخان في الحيطان
ا هـ
أقول وهذا أشبه بالقواعد ولم يظهر لي ما نقله في جامع الفصولين وتبعه في نور العين
وفي جامع الفصولين وقال في جدار بينهما ولكل منهما عليه حمولة فوهى الحائط فأراد أحدهما رفعه ليصلحه وأبى الآخر ينبغي أن يقول مريد الإصلاح للآخر ارفع حمولتك باسطوانات وعمد ويعلمه أنه يريد رفعه في وقت كذا ويشهد على ذلك فلو فعله وإلا فله رفع الجدار فلو سقط حمولته لم يضمن
فض حائط بينهما وهى وخيف سقوطه فأراد أحدهما نقضه وأبى الآخر يجبر على نقضه ولو هدما حائطا بينهما فأبى أحدهما عن بنائه يجبر ولو انهدم لا يجبر ولكنه يبنى الآخر فيمنعه حتى يأخذ نصف ما أنفق لو أنفق بأمر القاضي ونصف قيمة البناء لو أنفق بلا أمر القاضي انتهى
أقول قوله لا يجبر صريح في أنه ليس للآخر منعه من البناء لأن له غرضا في وصوله إلى حقه فلا يقال هو تصرف في المشترك فكان ينبغي أن لا يكون يجوز بدون رضا الشريك
وأقول قيد بقوله وهى لأنه لو لم يكن كذلك لا يملك هدمه وبناءه لأنه تصرف في المشترك ولا بد وأن
____________________
(8/64)
يكون معنى قوله ولكنه يبنى أي بغير النقض المشترك أما به لا لأنه تصرف في المشترك
تأمل رملي
وفي جامع الفصولين برمز ت قال أبو بكر في جدار بينهما وبيت أحدهما أسفل وبيت الآخر أعلى قدر ذراع أو ذراعين فانهدم فقال ذو الأعلى لذي الأسفل ابن لي حذاء أسي ثم نبني جميعا ليس له ذلك بل يبنيانه جميعا من أسفله إلى أعلاه
قالت ولو بيت أحدهما أسفل بأربعة أذرع أو نحوها قدر ما يمكن أن يتخذ بيتا فإصلاحه على ذي الأسفل حتى ينتهي إلى محل البيت الآخر لأنه كحائطين سفل وعلو وقيل يبنيان الكل
قال أبو القاسم في حائط بينهما عليه لأحدهما غرفة وللآخر سقف بيت فهدما الحائط من أسفله ورفعا أعلاه بأساطين ثم اتفقا حتى يبنيا فلما بلغ البناء موضع سقف هذا أبى رب السقف أن يبني بعمده لا يجبر أن ينفق فيما جاوزه
وقال حائط بينهما انهدم جانب منه فظهر أنه ذو طاقين متلاصقين فأراد أحدهما رفع جداره وزعم أن الجدار الباقي يكفي للآخر سترة بينهما وزعم الآخر أن جداره لو بقي ذا طاق يهي وينهدم فلو سبق منهما إقرار أن الحائط بينهما قبل أن يتبين أنه حائطان فكلاهما بينهما وليس لأحدهما أن يحدث في ذلك شيئا إلا بإذن الآخر ولو أقر أن كل حائط لصاحبه فلكل منهما أن يحدث فيه ما أحب
قاضيخان
حائط بين رجلين انهدم فبناه أحدهما عند غيبة شريكه
قال أبو القاسم إن بناه ينقض الحائط الأول فهو متبرع ولا يكون له أن يمنع شريكه من الحمل عليه وإن بناه بلبن أو خشب من قبل نفسه فليس للشريك أن يحمل على الحائط حتى يؤدي نصف قيمة الحائط
أراد أحدهما نقض جدار مشترك وأبى الآخر فقال له صاحبه أنا أضمن لك كل شيء ينهدم لك من بيتك وضمن ثم نقض الجدار بإذن شريكه فانهدم من منزل المضمون له شيء لا يلزمه ضمان ذلك وهو بمنزلة ما لو قال رجل لآخر ضمنت لك ما يهلك من مالك لا يلزمه شيء
خلاصة
حائط بين اثنين لهما عليه خشب فبنى أحدهما للباني أن يمنع الآخر من وضع الخشب على الحائط حتى يعطيه نصف البناء مبنيا
وفي الأقضية حائط بين اثنين أراد أحدهما نقضه وأبى الآخر لو بحال لا يخاف سقوطه لا يجبر ولو يخاف فعن الفضلي أنه يجبر فإن هدما وأراد أحدهما أن يبني وأبى الآخر لو أس الحائط عريضا يمكنه بناء حائطه في نصيبه بعد القسمة لا يجبر الشريك ولو لم يمكن يجبر وعليه الفتوى
وتفسير الجبر أنه إن لم يوافقه الشريك فهو ينفق على العمارة ويرجع على الشريك بنصف ما أنفق لو أس الحائط عريضا يمكنه بناء حائطه في نصيبه بعد القسمة لا يجبر الشريك ولو لم يمكن يجبر وعليه الفتوى وتفسير الجبر أنه إن لم يوافقه الشريك فهو ينفق على العمارة ويرجع على الشريك بنصف ما أنفق لو أس الحائط لا يقبل القسمة
وفي فتاوى الفضلي ولو هدماه وأبى أحدهما عن البناء يجبر ولو انهدم لا يجبر ولكن يمنع من الانتفاع به ما لم يستوف نصف ما أنفق فيه منه إن فعل ذلك بقضاء القاضي ولو بغير قضاء فنصف قيمة البناء وإن انهدم أو خيف وقوعه فهدم أحدهما لا يجبر الآخر على البناء
ولو كان الحائط صحيحا فهدمه أحدهما بإذن الآخر لا شك أنه يجبر الهادم على البناء إن أراد الآخر البناء كما لو هدماه
وعن ابن أبي سلمة لو لهما عليه حمولة وانهدم وأبى الآخر العمارة فبنى أحدهما يمنع الآخر من وضع الحمولة حتى يؤدي نصف ما أنفق وإن لم يكن عليه حمولة لا يجبر على العمارة ولا يرجع بشيء لأنه بمنزلة الستارة وهذا كله إذا أنفق في العمارة بغير إذن صاحبه فلو بإذنه أو بأمر الحاكم يرجع عليه بنصف ما أنفق
وفي البناء
____________________
(8/65)
المشترك لو أحدهما غائبا فهدم الآخر بإذن القاضي أو بلا إذنه لكن بنى بإذن القاضي فهو كإذن شريكه لو حاضرا فيرجع عليه بما أنفق لو حضر
كذا في نور العين
أقول أما قوله وإن لم يكن عليه حمولة لا يجبر الخ هذا على جواب المتقدمين
وأما على ما اختاره المتأخرون من أنه إذا كان له حرم فهو بمنزلة ما لو كان له عليه حمولة فتأمل وراجع
قوله ( فلا يسقط بإبراء ) أي عن رفع الجذوع لأن الإبراء لا يكون في الأعيان بل عما في الذمة
قوله ( ولا صلح ) بشيء عن الوضع لجهالة مدة الوضع
قوله ( وبيع ) أي إذا باع الواضع أو الموضوع على حائط داره فللمشتري حق المطالبة بالرفع
وذكر الحموي أن المراد بالبيع بيع الحائط الموضوع عليه الجذوع وإجارتها
قوله ( وإجارة ) أي إذا آجر داره منه لا تسقط المطالبة بالرفع بالإجارة
قوله ( أشباه من أحكام الساقط لا يعود ) صوابه لا يقبل الإسقاط من الحقوق وما لا يقبله وهو قبله ولذا قال ط ولم أقف عليه
وسيأتي للشارح في العارية عن الأشباه تلزم العارية فيما إذا استعار جدار غيره لوضع جذوعه فوضعها ثم باع المعير الجدار ليس للمشتري رفعها وقيل نعم إلا إذا شرطه وقت البيع
قلت وبالقيل جزم في الخلاصة والبزازية وغيرهما وكذا قاضيخان من باب ما يدخل في البيع تبعا من الفصل الأول ومثله في الأشباه من العارية لكن فيه أن الشرط إذا كان لا يقتضيه العقل لا يلائمه وفيه نفع لأحد المتعاقدين أو لآخر من أهل الاستحقاق ولم يتعارف بين الناس يفسد البيع فلو كان متعارفا كبيع نعل على أنه يحذوه البائع فالبيع صحيح للعرف
تأمل
قوله ( وذو بيت ) يعني إذا كان بيت من دار فيها بيوت كثيرة في يد رجل والبيوت الباقية في يد آخر
قوله ( في حق ساحتها ) بالحاء المهملة هي عرصة في الدار أو بين يديها
قال في شرح الطحاوي ولو كان العلو في يد أحدهما والسفل في يد آخر والساحة في أيديهما ولم يكن لهما بينة وحلفا وكل منهما يدعي الجميع يترك السفل في يد صاحبه والعلو كذلك والساحة لصاحب السفل ولصاحب العلو حق المرور في رواية وفي رواية أخرى الساحة بينهما نصفان
ا هـ
قوله ( فهي بينهما نصفين ) لأنهما استويا في استعمال الساحة في المرور ووضع الأمتعة وكسر الحطب ونحو ذلك ولم تكن في يد أحدهما دون الآخر وهما في ذلك سواء فتنصف بينهما كالطريق لأن الترجيح بالقوة لا بالكثرة
قال العلامة أبو السعود واعلم أن القسمة على الرؤوس في الساحة والشفعة وأجرة القسام والنوائب أي الهوائية المأخوذة ظلما والعاقلة وما يرمى من المركب خوف الغرق والحريق ا هـ
قوله ( كالطريق ) فإنه يستوي فيها صاحب البيت وصاحب المنزل وصاحب الدار
اتقاني
وصاحب بيت وصاحب بيوت
قال في القنية الطريق يقسم على عدد الرؤوس لا بقدر ساحة الأملاك إذا لم يعلم قدر الأنصباء وفي الشرب متى جهل قدر الأنصباء يقسم على قدر الأملاك لا الرؤوس ا هـ
واعترض بأن البيوت الكثيرة تجمع عادة جمعا كثيرا بالنسبة إلى البيت الواحد فيكون احتياجهم إلى نحو التوضي أكثر وقوعا فينبغي أن يرجح صاحبها ولا أقل أن يساوي
أقول المسألة من مسائل الجامع الصغير والمجتهد ليس بغافل عن مثل هذه الملاحظة فاللازم علينا أن نلاحظ وجه الاستنباط وذا هنا أنه ثبت في أصولهم أن الترجيح لا يقع بكثرة العلل فتفرع عليه مسائل جمة منها
____________________
(8/66)
هذه المسألة ومنها مسألة أنه لا يرجح صاحب الجراحات على صاحب جراحة واحدة فإنه إذا مات المجروح يجب القصاص عليهما في العمد والدية نصفين في الخطأ حيث لم يعتبروا عدد الجراحات مع إمكان اعتبار تقسيم الدية عليها فكذا لم يعتبروا تعدد البيوت في تقسيم الساحة عليها فضلا أن يرجح صاحبها ويحكم بكل الساحة له سوى حق المرور لصاحب البيت
تدبر
قوله ( بخلاف الشرب ) لأن الشرب يحتاج إليه لأجل سقي الأرض فعند كثرة الأراضي تكثر الحاجة إليه فيقدر بقدر الأراضي منح
وفي الثالث عشر من البزازية دار فيها عشرة أبيات لرجل وبيت واحد لرجل تنازعا في الساحة أو ثوب في يد رجل وطرف منه في يد آخر تنازعا فيه فذلك بينهما نصفان ولا يعتبر بفضل اليد كما لا اعتبار لفضل الشهود لبطلان الترجيح بكثرة الأدلة
ا هـ
وبه علم أن ذلك حيث جهل أصل الملك أما لو علم كما لو كانت الدار المذكورة كلها لرجل ثم مات عن أولاد تقاسموا البيوت منها فالساحة بينهم على قدر البيوت
قوله ( يقدر بالأرض بقدر سقيها ) فعند كثرة الأراضي تكثر الحاجة إليه فيتقدر بقدر الأراضي
بخلاف الانتفاع بالساحة فإنه لا يختلف باختلاف الأملاك كالمرور في الطريق
زيلعي
قوله ( برهنا أي الخارجان الخ ) أي إن لكل يد فيها ولعل معناه أنها كانت في أيديهما لأنهما في حالة الدعوى خارجان وعبارة الشارح هنا تبع فيها الدرر والمنح
وعبارة الزيلعي كغيرها تفيد أنهما ذو أيد
وفي الفصولين خ ادعى كل منهما أنه له وفي يده ذكر محمد في الأصل أن على كل منهما البينة وإلا فاليمين أذ كل منهما مقر بتوجه الخصومة عليه لما ادعى اليد لنفسه فلو برهن أحدهما حكم له باليد ويصير مدعى عليه والآخر مدعيا ولو برهنا يجعل المدعي في يدهما لتساويهما في إثبات اليد
وفي دعوى الملك في العقار لا تسمع إلا على ذي اليد ودعوى اليد تقبل على غير ذي اليد لو نازعه ذلك الغير في اليد فيجعل مدعيا لليد مقصودا ومدعيا للملك تبعا ا هـ
وفي الكفاية وذكر التمرتاشي فإن طلب كل واحد يمين صاحبه ما هي في يده حلف كل واحد منهما ما هي في يد صاحبه على البتات فإن حلفا لم يقض باليد لهما وبرىء كل عن دعوى صاحبه وتوقف الدار إلى أن يظهر الحال فإن نكلا قضى لكل بالنصف الذي في يد صاحبه وإن نكل أحدهما قضى عليه بكلها للحالف نصفها الذي كان في يده ونصفها الذي كان في يد صاحبه بنكوله وإن كانت الدار في يد ثالث لم تنزع من يده لأن نكوله ليس بحجة في حق الثالث ا هـ
فعلم أن الخارجين قيد اتفاقي فالأولى حذفه
قوله ( قضى بيدهما فتنصف ) لأن اليد فيها غير مشاهدة لتعذر إحضارها والبينة تثبت ما غاب عن علم القاضي
درر
وفيه إشارة إلى أن اليد لا تثبت في العقار بالتصادق وكذا بالنكول عن اليمين لاحتمال أنها في يد غيرهما
وإن ادعيا أنها في يد أحدهما فكذلك لأنهما يمكن أنهما تواضعا على ذلك ط
وأشار إلى أنه لو طلبا القسم لم يقسم بينهما ما لم يبرهنا على الملك
قيل هذا بالاتفاق وقيل هذا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى
وعندهما يقسم بينهما كما في الشروح
قوله ( بأن لبن أو بنى ) ولبن بتشديد الباء أي ضرب فيها البنا وهو الطوب النيء بخلاف المشوي فإنه آجر
قوله ( قضى بيده لوجود تصرفه ) لأن التمكن من هذه الأشياء دليل على أنها في يده ومحل ذلك إذا لم
____________________
(8/67)
يقم الآخر برهانا كما لا يخفى زيلعي
قوله ( لأن ما ثبت في زمان يحكم ببقائه ) فشهادتهم تثبت الملك في الحال والماضي
قوله ( فالقول له ) فلا تقبل دعوى أحد عليه أنه عبده عند إنكاره إلا ببينة
ا هـ
درر وهذا لأن الأصل أن يكون لكل إنسان يد في نفسه إبانة لمعنى الكرامة إذ كونه في يد غيره دليل الإهانة ومع قيام يده على نفسه لا تثبت يد الغير عليه للتنافي بين اليدين
حموي
قوله ( قضى به لذي اليد ) لا يقال الإقرار بالرق من المضار فلا يعتبر من الصبي
لأنا نقول لم يثبت بقوله بل بدعوى ذي اليد لعدم المعارض ولا نسلم أنه من المضار لإمكان التدارك بعده بدعوى الحرية
ولا يقال الأصل في الآدمي الحرية فلا تقبل الدعوى بلا بينة وكونه في يده لا يوجب قبول قوله عليه كاللقيط لا يقبل قوله الملتقط إنه عبده وإن كان في يده
لأنا نقول إذا اعترض على الأصل دليل خلافه بطل وثبوت اليد دليل الملك ولا نسلم أن اللقيط إذا عبر عن نفسه وأقر بالرق يخالفه في الحكم وإن لم يعبر فليس في يد الملتقط من كل وجه لأنه أمين
زيلعي ملخصا
حموي
قوله ( كمن لا يعبر عن نفسه ) مفهوم من يعبر
قوله ( لإقراره بعدم يده ) حيث أقر على نفسه بالملك وثبتت رقيته بدعوى ذي اليد الخالية عن المعارض لا بإقراره فكان ملكا لمن في يده كالقماش ومن لا يعبر بمنزلة المتاع فلا يقبل قوله أنا حر لكن هنا بعد أن صرح بأنه عبد فلان فيكون مقرا بما للغير فلا يسري إقراره عليه أي على الغير بخلاف ما إذا لم يكن بيد أحد حيث يصح إقراره لأنه حينئذ في يد نفسه
تأمل
قوله ( لا يمنع صحة الدعوى ) لا سيما وقد صدر الإقرار الأول حال عدم التكليف
فروع رحى ماء بينهما في بيت لهما فخربت كلها حتى صارت صحراء لم يجبرا على العمارة وتقسم الأرض بينهما أي بطلبهما أو بطلب أحدهما ولو قائمة ببنائها وأدواتها إلا أنه ذهب شيء منها يجبر الشريك على أن يعمر مع الآخر ولو معسرا قيل لشريكه أنفق أنت لو شئت فيكون نصفه دينا على شريكك وكذا الحمام لو صار صحراء تقسم الأرض بينهما ولو تلف شيء منه يجبر الآبي على عمارته
ن عن م في حمام بينهما انهدم بيت منه أو احتاج إلى قدر ومرمة وأبى أحدهما لا يجبر ويقال للآخر إن شئت فابنه أنت وخذ من غلته نفقتك ثم تستويان
ط عن بعض المتأخرين لو أبى أحدهما فالقاضي يخرج الحمام من أيديهما ويؤجره ثم يعمره فيأخذ نفقته من أجرته
كذا في جامع الفصولين
وفي الخانية من باب الحيطان دار بين رجلين انهدمت أو بيت بين رجلين انهدم فبناه أحدهما لا يرجع هو على شريكه بشيء لأن الدار تحتمل القسمة فإذا أمكنه أن يقسم يكون متبرعا في البناء والبيت كذلك إذا كان كبيرا يحتمل القسمة وكذلك الحمام إذا خرب وصار ساحة وكذلك البئر أراد به إذا امتلأت من الحمأة فله أن يطالب شريكه بالبناء فإذا لم يطالبه وأصلحها وفرغها كان متبرعا ا هـ
ومفاد هذا أن الدار لو كانت صغيرة لا تمكن قسمتها أنه لا يكون متبرعا لأنه حينئذ يكون مضطرا إلى البناء ليتوصل إلى الانتفاع بملكه بخلاف
____________________
(8/68)
ما إذا كانت كبيرة لأنه يمكنه أن يقسم حصته منها ثم يبني في حصته فإذا بنى قبل القسمة لم يكن مضطرا فيكون متبرعا ولذا قيد الحمام بما إذا خرب وصار ساحة لأنه حينئذ تمكن قسمته فإذا لم يقسم يكون متبرعا لكن في البئر ينبغي أن لا يكون متبرعا لكونه مما لا يقسم لكن أشار صاحب الخانية إلى الفرق بأن له أن يطالب شريكه بالبناء أي فيجبر شريكه عليه كما صرح به غيره
مطلب الأصل أن ما اضطر إلى بنائه مما لا يقسم لا يكون متبرعا وإذا أجبر لم يكن الآخر مضطرا فصار الأصل أن ما اضطر إلى بنائه بأن كان مما لا يقسم أو مما لا يجبر الشريك على بنائه فبناه أحدهما لم يكن متبرعا وإلا فهو متبرع لكن استشكل هذا في جامع الفصولين بأن من له حمولة على حائط لو بنى الحائط يرجع لأنه مضطر إذ لا يتوصل إلى حقه إلا به مع أن الشريك يجبر أيضا كالبئر فينبغي أن يتحد حكمهما
مطلب التبرع والرجوع دائر على الجبر وعدمه ثم قال والتحقيق أن الاضطرار يثبت فيما لا يجبر صاحبه كما سيجيء فينبغي أن يدور التبرع والرجوع على الجبر وعدمه إلى أن قال وهذا يخلصك من التحير بما وقع في هذا الباب من الاضطراب ويرشدك إلى الصواب ا هـ
لكن عبارة الخلاصة التي ذكرها المؤلف تدل على أن للقاضي أن يأمره ببناء الدار فإن كان كذلك لم يكن مضطرا إلى البناء أبى شريكه لأنه يمكنه استئذان القاضي
وقد يجاب بأن للقاضي ذلك إذا كان الشريك غائبا مثلا لأنه حينئذ لا يمكن طلب البناء منه ولا القسمة معه
فالحاصل أنه إذا كانت الدار تحتمل القسمة فإن أذن له شريكه بنى وإلا قسمها جبرا عليه ثم بنى في حصته فإن لم يكن استئذانه يبنى بإذن القاضي وفيما عدا ذلك فهو متطوع
وذكر سيدي الوالد رحمه الله تعالى في كتاب القسمة من تنقيحه أن في غير محتمل القسمة للطالب أن يبني ثم يؤجر ثم يأخذ نصف ما أنفق في البناء من الغلة
وذكر هناك عن الأشباه أنه يرجع بما أنفق لو بنى بأمر قاض إلا فبقيمة البناء وقت البناء ا هـ
وهذا هو المحرر كما قال في الوهبانية لكن هذا التفصيل إنما ذكروه في السفل إذا انهدم وعبارة الأشباه مطلقة
والذي يظهر الإطلاق إذ لا فرق يظهر فيجري ذلك في كل ما يضطر فيه أحدهما إلى البناء كالسفل والجدار والرحى والحمام والبيت والدار الصغيرة والله تعالى أعلم
وفي الهندية لو ادعى على آخر حق المرور ورقبة الطريق في داره فالقول قول صاحب الدار ولو أقام المدعي البينة أنه كان يمر في هذه الدار لم يستحق بهذا شيئا
كذا في الخلاصة
ولو شهد الشهود أن له طريقا في هذه الدار جازت شهادتهم وإن لم يجدوا الطريق وهو الصحيح كما في الخانية والمحيط لكن في المحيط عبر بالأصح إذا كان له باب مفتوح من داره على حائط في زقاق أنكر أهل الزقاق أن يكون له حق المرور في زقاقهم فلهم منعه إلا أن تقوم بينة على أن له طريقا ثابتا فيها
كذا في المحيط
إذا كان الميزاب منصوبا إلى دار رجل واختلفا في حق إجراء الماء وإسالته فإن كان في حال عدم جريان الماء لا يستحق إجراء الماء وإسالته إلا ببينة
هكذا في محيط السرخسي
وليس لصاحب الدار أيضا أن يقطع الميزاب
كذا في المحيط
____________________
(8/69)
وحكى الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى أنهم استحسنوا أن الميزاب إذا كان قديما وكان تصويب السطح إلى داره وعلم أن التصويب قديم وليس بمحدث أن يجعل له حق التسييل وإن اختلفا في حال جريان الماء قيل القول لصاحب الميزاب ويستحق إجراء الماء وقيل لا يستحق فإن أقام البينة على أن له حق المسيل وبينوا أنه لماء المطر من هذا الميزاب فهو لماء المطر وليس له أن يسيل ماء الاغتسال والوضوء فيه وإن بينوا أنه لماء الاغتسال والوضوء فهو كذلك وليس له أن يسيل ماء المطر فيه وإن قالوا له فيها حق مسيل ماء ولم يبنوا أنه لماء المطر أو غيره صح والقول لرب الدار مع يمينه أنه لما المطر أو لماء الوضوء والغسالة
وقال بعض مشايخنا لا تقبل هذه الشهادة في المسيل وفي الطريق تقبل
كذا في المحيط
ولو لم تكن للمدعي بينة أصلا استحلف صاحب الدار ويقضي فيه بالنكول
كذا في الحاوي
رجل له قناة خالصة عليها أشجار لقوم أراد صاحب القناة أن يصرف قناته من هذا النهر ويحفر له موضعا آخر ليس له ذلك ولو باع صاحب القناة القناة كان لصاحب الشجرة شفعة جوار كذا في الفصول العمادية في الفصل الرابع والثلاثين ا هـ
والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب دعوى النسب حقه التقديم بالنظر إلى أنه دعوى الأنفس إلا أن دعوى المال لما كانت كثيرة الوقوع والأنواع قدمها اهتماما
والدعوة إلى الطعام بالفتح وفي النسب بالكسر وقد يعكس وأما بالحرب فبالضم نهاية
قوله ( الدعوة نوعان ) زاد أبو السعود ثالثة وهي دعوى شبهة وهي دعوة الأب ولد أمة ابنه فيثبت منه النسب وإن لم يصدقه ابنه بشرط أن تكون الأمة في ملك ابنه من حين العلوق إلى حين الدعوة
قوله ( وهو أن يكون أصل العلوق في ملك المدعي ) أي حقيقة أو حكما كما إذا وطىء جارية ابنه فولدت فادعاه فإنه يثبت ملكه فيها ويثبت عتق الولد ويضمن قيمتها لولده كما تقدم وحينئذ فيكون النوع الثاني على قسمين دعوة الملك ودعوة شبهة الملك فتبقى الدعوة نوعين لا ثلاثة لكن الإتقاني جعلها ثلاثة كما قدمناه عن أبي السعود
قوله ( وهو بخلافه ) بأن لا يكون العلوق في ملك المدعي
قوله ( واستنادها لوقت العلوق ) عطف علة على معلول
قال في الدرر والأولى أولى لأنها أسبق لاستنادها
حلبي وأنت باعتبار المعنى
قوله ( مبيعة ) ولو بيعا بخيار للبائع أو المشتري أو لهما إلى وقت الولادة
حموي
والظاهر أنه على قولهما وإلا فمدة الخيار عنده ثلاثة أيام ط
قوله ( ولدت لأقل من ستة أشهر ) أفاد أنهما اتفقا على المدة وإلا ففي التاترخانية عن الكافي قال البائع بعتها منك منذ شهر والولد مني وقال المشتري بعتها مني لأكثر من ستة أشهر والولد ليس منك فالقول للمشتري بالاتفاق فإن أقاما البينة فالبينة للمشتري أيضا عند أبي يوسف
وعند محمد للبائع وسيذكره الشارح بقوله
قوله ( ولو تنازعا الخ ) وقيد بدعوى البائع إذ لو ادعاه ابنه وكذبه المشتري صدقه البائع أو لا فدعوته باطلة وتمامه فيها
قوله ( فادعاه البائع ) أي ولو أكثر من واحد
قهستاني
____________________
(8/70)
والأداء بالفاء يفيد أن دعوته قبل الولادة موقوفة فإن ولدت حيا ثبت وإلا فلا كما في الاختيار ويلزم البائع أن الأمة لو كانت بين جماعة فشراها أحدهم فولدت فادعوه جميعا ثبت منهم عنده وخصاه باثنين وإلا فلا كما في النظم وبالإطلاق أنه لو لم يصدق المشتري البائع وقال لم يكن العلوق عندك كان القول للبائع بشهادة الظاهر فإن برهن أحدهما فبينته وإن برهنا فبينة المشتري عند الثاني وبينة البائع عند الثالث كما في المنية شرح الملتقي
قوله ( ثبت نسبه ) صدقه المشتري أو لا كما في غرر الأفكار وأطلق في البائع فشمل المسلم والذمي والحر والمكاتب كذا رأيته معزوا للاختيار وشرط أبو السعود أن لا يسبقه المشتري في الدعوى
قوله ( استحسانا ) أي لا قياسا لأن بيعه إقرار منه بأنها أمة فيصير مناقضا
والقياس أن لا يثبت وبه قال زفر والشافعي لأن بيعه إقرار كما علمت
وجه الاستحسان أنه تناقض في محل الخفاء فيغتفر لأن النسب يبتني على العلوق وفيه من الخفاء ما لا يخفى
ونظيره المختلعة تدعي الطلاق وتريد الرجوع بالبدل مدعية أنه طلقها قبل الخلع تسمع دعواها وإن كانت متناقضة كما قدمناه لأن إقدامها على الخلع كالإقرار بقيام العصمة لكن لما كان التناقض في محل الخفاء جعل عفوا لأن الزوج يستقل بالطلاق فلعله طلق ولم تعلم فإذا أقامت البينة على الطلاق قبلت
قوله ( لعلوقها الخ ) قال في المنح ولنا أن مبني النسب فيه على الخفاء فيعفى فيه التناقض فتقبل دعوته إذا تيقن بالعلوق في ملكه بالولادة للأول فإنه كالبينة العادلة في إثبات النسب منه إذ الظاهر عدم الزنا منها وأمر النسب على الخفاء فقد يظن المرء أن العلوق ليس منه ثم يظهر أنه منه فكان عذرا في أسقاط اعتبار التناقض ا هـ
قوله ( وإذا صحت ) أي الدعوى
قوله ( فيفسخ البيع ) لعدم جواز بيع أم الولد
قوله ( ويرد الثمن ) لأن سلامة الثمن مبنية على سلامة المبيع
قوله ( ولكن إذا ادعاه المشتري الخ ) قال العلامة أبو السعود في حاشيته على مسكين والحاصل أن البائع إذا ادعى ولد المبيعة فلا يخلو إما أن تجيء به لأقل من ستة أشهر أم لا
والثاني لا يخلو إما أن تجيء به لأقل من سنتين أم لا ثم ذلك لا يخلو إما أن يصدقه المشتري في الدعوى أم لا وكل ذلك لا يخلو إما أن يسبقه المشتري في الدعوى أم لا بأن ادعاه مع البائع أو بعده أو لم يدع أصلا وكل ذلك لا يخلو إما أن يكون الولد المدعي نسبه حيا أو ميتا والأول لا يخلو إما أن يوقع المشتري به ما لا يمكن نقضه كالعتق والتدبير أو ما يمكن كالبيع والكتابة والرهن والإجارة والهبة أم لا وكذلك الأم على هذا التقسيم إما أن تكون وقت الدعوة حية أو ميتة فإن كانت حية فإما أن يكون المشتري أوقع بها ما لا يمكن نقضه وهو العتق والتدبير أو يمكن وهو البيع والكتابة والرهن والإجارة والهبة والتزويج
إذا عرف هذا فنقول إذا ادعى البائع ولد المبيعة ينظر إذا جاءت لأقل من ستة أشهر وهو حي لم يتصف بالعتق أو التدبير ولم يسبقه المشتري في الدعوة ثبت النسب من البائع مطلقا صدقه المشتري أم لا فالتقييد بالحياة للاحتراز عن الوفاة حيث لا يثبت نسبه لأن الحقوق لا تثبت للميت ابتداء ولا عليه والتقييد بعدم اتصافه بالعتق أو التدبير للاحتراز عما إذا كان الولد عند الدعوة عتيقا أو مدبرا بأن أعتقه المشتري أو دبره حيث لا يثبت نسبه أيضا لأن ثبوت نسبه يستلزم نقص عتقه أو تدبيره وكل منهما بعد وقوعه لا ينتقض بخلاف ما إذا ادعى نسبه بعد أن باعه المشتري أو كاتبه أو رهنه أو وهبه أو آجره حيث يثبت نسبه وتنقض
____________________
(8/71)
هذه التصرفات والتقييد بعدم سبق المشتري البائع في الدعوة للاحتراز عما إذا ادعاه قبله فإن النسب منه يثبت ولا يتصور بعده ثبوت النسب من البائع بخلاف ما إذا ادعاه معه أو قبله حيث لا تعتبر دعوة المشتري مع دعوة البائع لأن دعوة البائع أقوى لاستنادها إلى وقت العلوق بخلاف دعوة المشتري فإنها تقتصر ولا تستند لعدم كون العلوق في ملكه فيفرق بين ما إذا ادعاه بعد موته أو عتقه أو تدبيره وبين ما إذا ادعاه بعد كتابته أو رهنه أو نحو ذلك ففي الثاني يثبت النسب لا في الأول بخلاف ما إذا ادعاه بعد موت أمه أو عتقها أو تدبيرها حيث لا يفترق الحال في ثبوت النسب بين موتها وعتقها وتدبيرها وبين كتابتها وإجارتها وتزويجها ونحو ذلك مما سبق الكلام عليه بل يثبت نسب ولدها بالدعوة مطلقا ولا يمنع منه ثبوت هذه الأوصاف لأمه غير أنه في الوجه الأول أعني الموت وأخويه لا يثبت لها أمومية الولد أما في الموت فلما سبق من أن الميت لا يثبت له الحقوق ابتداء ولا عليه وأما في العتق ونحوه فلأن ثبوت أمومية ولد لها يستلزم نقض العتق وهو بعد وقوعه لا ينتقض في الوجه الثاني أعني الكتابة وأخواتها يثبت لها أمومية الولد بالتبعية لثبوت نسب الولد لعدم المانع لأن الكتابة ونحوها تنتقض ضمن ثبوت الاستيلاد لها
هذا كله إذا ادعى نسبه والحال أنها قد جاءت به لأقل من ستة أشهر فإن جاءت به لأكثر ردت دعوته إلا أن يصدقه المشتري فإن صدقه ثبت منه النسب سواء جاءت به لأقل من سنتين أو لأكثر منهما وهل يثبت لأمه الاستيلاد فينتقض البيع ويرد الثمن أم لا إن جاءت به لأقل من سنتين انتقض البيع وثبت لها الاستيلاد فتصير أم ولد البائع ويرد الثمن وإلا فلا
قوله ( قبله ) أي قبل ادعاء البائع
قوله ( لوجود ملكه ) وهو المجوز للدعوى ألا ترى أنه يجوز إعتاقه وإعتاق أمه
قوله ( وأميتها ) بالرفع عطف على فاعل ثبت
ح وهذا لو جهل الحال لما سبق في الاستيلاد أنه لو زنى بأمة فولدت فملكها لم تصر أم ولد وإن ملك الولد عتق عليه ومر فيه متنا استولد جارية أحد أبويه وقال ظننت حلها لي فلا نسب وإن ملكه عتق عليه
قال الشارح ثمة وإن ملك أمه لا تصير أم ولده لعدم ثبوت نسبه
قوله ( بإقراره ) ثم لا تصح دعوى البائع بعده لاستغناء الولد بثبوت نسبه من المشتري ولأنه لا يحتمل الإبطال زيلعي
قوله ( وقيل يحمل الخ ) أي حملا لحاله على الصلاح فإنه حيث لم يكن تحته حرة فنكاحه صحيح وإلا ففاسد وكلاهما يثبت به النسب ومع كل فدعوة البائع مقدمة لأن ملكه وقت العلوق محقق وملك المشتري مفروض فلا يعارضه
تأمل
ولم يذكر في المنح ولا في غيرها لفظه قيل
قوله ( لأن دعوته تحرير ) على أنه لما ثبت نسبه من البائع بطل البيع فلم يدخل في ملك المشتري فهو كأجنبي كما في المقدسي
قال ط فيه أنها دعوة استيلاد أيضا إلا أن يقال إنها دعوة تحرير بعد دعوة البائع قوله ( وكذا يثبت من البائع لو ادعاه بعد موت الأم ) أي وقد ولدت لأقل من ستة أشهر وذلك لأن الولد هو الأصل في النسب ولذلك تضاف إليه ويقال أم الولد والإضافة إلى الشيء أمارة أصالة المضاف إليه ولأنها تستنفيد منه الحرية ألا ترى إلى قوله أعتقها ولدها قاله حين قيل به وقد ولدت مارية القبطية إبراهيم من رسول الله ألا تعتقها فالثابت لها حق الحرية وله حقيقة الحرية والحقيقة أولى من الحق فيستتبع
____________________
(8/72)
الأدنى ولا يضره فوات التبع
قوله ( بخلاف موت الولد ) أي دون الأم لفوات الأصل وهو الولد أي وقد ولدت لدون الأقل فلا يثبت الاستيلاد في الأم لفوات الأصل لأنه استغنى بالموت عن النسب وكان الأولى للشارح التعليل بالاستغناء كما لا يخفى فتدبر
وعللوا لموت الولد بتعذر ثبوت النسب فيه لأن الحقوق لا تثبت للميت ولا عليه كما سبق وإذا لم يثبت النسب لم يثبت الاستيلاد لأنه فرع النسب وكانت الأم بحالها
إتقاني
قوله ( ويسترد المشتري كل الثمن ) لأنه تبين أنه باع أم ولده وماليتها غير متقومة عنده في العقد والغصب فلا يضمنها المشتري وعندهما متقومة فيضمنها هداية
قوله ( وقالا حصته ) أي الولد فقط ولا يرد حصة الأم لأنها متقومة عندهما فتضمن بالغصب والعقد فيضمنها المشتري فإذا رد الولد دونها يجب على البائع رد حصة ما سلم له وهو الولد كي لا يجتمع البدل والمبدل في ملكه ولا يجب رد حصة الأم
قال الزيلعي هكذا ذكروا الحكم على قولهما وكان ينبغي أن يرد البائع جمع الثمن عندهما أيضا ثم يرجع بقيمة الأم لأنه لما ثبت نسب الولد منه تبين أنه باع أم ولده وبيع أم الولد غير صحيح بالإجماع فلا يجب فيه الثمن ولا يكون لإجراء المبيع منه حصة بل يجب على كل واحد من المتعاقدين رد ما قبضه إن كان باقيا وإلا فبدله ا هـ
قال المقدسي لعل مرادهم ما ذكره بناء على أن الغالب تساوي الثمن والقيمة ا هـ
قوله ( وإعتاقهما أي إعتاق المشتري الأم والولد ) الواو بمعنى أو المجوزة للجمع
قوله ( كموتهما ) حتى لو أعتق الأم لا الولد فادعى البائع أنه ابنه صحت دعوته وثبت نسبه منه ولو أعتق الولد لا الأم لم تصح دعوته لا في حق الولد ولا في حق الأم كما في الموت أما الأول فلأنها إن صحت بطل إعتاقه وللعتق بعد وقوعه لا يحتمل البطلان
وأما الثاني فلأنها تبع له فإذا لم تصح في حق الأصل لم تصح في حق التبع ضرورة ا هـ
منح
فقوله أما الأول أي عدم صحته في حق الولد وقوله وأما الثاني أي عدم صحته في حق الأم
ويشكل على قوله والعتق بعد وقوعه إلى آخره ما سيأتي متنا في قوله باع أحد التوأمين إلى أن قال وبطل عتق المشتري
قال في المنح لأن الذي عنده ظهر أنه حر الأصل وقال الشارح بأمر فوقه وهو حرية الأصل فكذا يقال هنا فينبغي أن تصح دعوته بعد الإعتاق لأنه ظهر أنه أعتق حر الأصل فلم يصح أعتاقه
تأمل
وأجاب عنه العيني تبعا للزيلعي بأنه لو بطل فيه بطل مقصود الأجل دعوة البائع وأنه لا يجوز
وفي مسألة التوأمين تثبت الحرية في الذي لم يبع ثم يتعدى إلى آخر ضمنا وتبعا إذ يستحيل أن يلحقا من ماء واحد وأحدهما حر والآخر رقيق وكم من شيء يثبت ضمنا وإن لم يثبت مقصودا ا هـ
فإن قلت تحرير المشتري تبين أنه وقع في غير ملكه لأنه أعتق حر الأصل فلم يصح عتقه يجاب بأنه أعتق ملكه في وقت لا ينازعه فيه أحد فنفذ عتقه وثبت ولاؤه وكل من الولاء والإعتاق لا يحتمل النقض وبثبوت ذلك صار البائع مكذبا شرعا في ادعائه فلم تصح دعوته وتبين صحة عتق المشتري
قوله ( لأنه أيضا لا يحتمل الإبطال ) لثبوت بعض آثار الحرية كامتناع التمليك للغير
منح ويرد عليه ما ورد على ما قبله وعلم
____________________
(8/73)
جوابه مما مر عن العيني
والأولى أن يقول وإعتاقهما وتدبيرهما كموتهما إذا لا يظهر فائدة في تشبيه الإعتاق بالموت ثم تشبيه التدبير بالإعتاق
تأمل
قوله ( ويرد حصته اتفاقا ) أي فيما إذا أعتق المشتري الأم أو دبرها فقط دون الولد فيقسم الثمن على قيمة الأم وقيمة الولد فما أصاب الولد يرده وما أصاب الأم لا يرده وتعتبر قيمة الأم يوم القبض وقيمة الولد يوم الولادة لأنها دخلت في ضمانه بالقبض وصار له قيمة وبالولادة فتعتبر القيمة بذلك كما في صدر الشريعة والشرنبلالية
قوله ( وكذا حصتها أيضا ) أي في التدبير والإعتاق
وأما في الموت فيرد حصتها أيضا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى قولا واحدا كما يدل عليه كلام الدرر
قال وفيما إذا أعتق المشتري الأم أو دبرها يرد البائع على المشتري حصته من الثمن عندهما
وعنده يرد كل الثمن في الصحيح كما في الموت
كذا في الهداية ح
فصار الحاصل من هذا أن البائع يرد كل الثمن وهو حصة الأم وحصة الولد في الموت والعتق عند الإمام ويرد حصة الولد فقط فيهما عندهما
وعلى ما في الكافي يرد حصته فقط في الإعتاق عند الإمام كقولهما
قوله ( على الصحيح من مذهب الإمام ) لأن أم الولد لا قيمة لها عنده ولا تضمن بالعقد فيؤاخذ بزعمه
قوله ( ونقله في الدرر والمنح عن الهداية ) قال في الدرر وذكر في المبسوط يرد حصته من الثمن لا حصتها بالاتفاق وفرق على هذا بين الموت والعتق بأن القاضي كذب البائع فيما زعم حيث جعلها معتقة من المشتري فبطل زعمه ولم يوجد التكذيب في فصل الموت فيؤاخذ بزعمه فيسترد حصتها
كذا في الكافي
ا هـ
لكن رجح في الزيلعي كلام المبسوط وجعله هو الرواية فقال بعد نقل التصحيح عن الهداية
وهو يخالف الرواية وكيف يقال يسترد جميع الثمن والبيع لم يبطل في الجارية حيث لم يبطل إعتاقه بل برد حصة الولد فقط بأن يقسم الثمن على قيمتهما يعتبر قيمة الأم يوم القبض لأنها دخلت في ضمانه بالقبض وقيمة الولد يوم الولادة لأنه صار له القيمة بالولادة فتعتبر قيمته عند ذلك ا هـ
وقدمناه قريبا فلا تغفل عنه
قوله ( على خلاف ما في الكافي عن المبسوط ) من أنه لا يرد حصتها عنده أيضا وقد تقدم ذلك
قوله ( وقيل لا يرد حصتها في الإعتاق بالاتفاق ) هو المعتمد كما تقدم وهذا من تتمة عبارة المواهب فلا يعترض بأنه مكرر لأنه عين ما في المبسوط قوله ( لأكثر من حولين ) مثله تمام الحولين إذ لم يوجد اتصال العلوق بملكه يقينا وهو الشاهد والحجة
شرنبلالية
قوله ( ثبت النسب بتصديقه ) إذ عدم ثبوته لرعاية حقه
وإن صدقه زال ذلك المانع ولم يبطل بيعه بالجزم بأن العلوق ليس في ملكه فلا تثبت حقيقة العتق ولا حقه لأنها دعوة تحرير وغير المالك ليس من أهله
قال في التاترخانية وإن ادعاه المشتري وحده صح وكانت دعوة استيلاد وإن ادعياه معا أو سبق أحدهما صحت دعوة المشتري لا البائع
قوله ( على المعنى اللغوي ) أي إنها كانت زوجته وأتت منه بولد وليست أم ولد له بالمعنى الاصطلاحي وهي من استولدها في ملكه لما تقدم من تيقن أنها في غير ملكه
والحاصل أن الاستيلاد لا يصح في غير الملك بل لو ملكها بعد ذلك لصارت بعد ذلك أم ولده شرعا
____________________
(8/74)
أيضا
قوله ( نكاحا ) أي يحمل على أنه زوجه إياها المشتري وإلا كان زنا ويعطى الولد حكم ولد أمة الغير المنكوحة فيكون للمشتري والنسب ثابت من البائع
وفي الشرنبلالية ويبقى الولد عبدا فهو كالأجنبي إذا ادعاه لأنه بتصادقهما أن الولد من البائع لا يثبت كون العلوق في ملكه لأن البائع لا يدعي ذلك وكيف يدعي والولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين فكان حادثا بعد زوال ملك البائع وإذا لم يثبت العلوق في ملك البائع لا يثبت حقيقة العتق للولد ولا حق العتق للأمة ولا يظهر بطلان البيع ودعوى البائع هنا دعوة تحرير وغير المالك ليس بأهل لها ا هـ
قوله ( حملا لأمره على الصلاح ) علة
لقوله ( نكاحا ) أي فهو ولد نكاح لا زنا حملا الخ
والحاصل أنه لو ولدت لأكثر من سنتين من وقت البيع ردت دعوة البائع إلا إذا صدقه المشتري فيثبت النسب منه ويحمل أن البائع استولدها بحكم النكاح حملا لأمره على الصلاح ويبقى الولد عبدا للمشتري ولا تصير الأمة أم ولد للبائع كما لو ادعاه أجنبي آخر لأن بتصادقهما أن الولد من البائع لا يثبت كون العلوق في ملكه لأن البائع لا يدعي ذلك وكيف يدعي والولد لا يبقى في بطن أمه أكثر من سنتين فكان حادثا بعد زوال ملك البائع وإذا لم يثبت العلوق في ملك البائع لا يثبت حقيقة العتق للولد ولا حق العتق للأمة ولا يظهر بطلان البيع ودعوة البائع هنا دعوة تحرير غير المالك ليس بأهلها فلذا حول الشارح رحمه الله تعالى العبارة وحملها على المعنى اللغوي لكن إنما يتم هذا الحمل إذا لم يكن تحته حرة أما لو كان فإن نكاحه لا يصح ومع ذلك يثبت به النسب كما مر
قوله ( فيما بين الأقل والأكثر ) المراد بالأقل آخر الأقل من ستة أشهر ليشمل ما إذا ادعاه في ستة أشهر كما أفاده القهستاني
قوله ( فحكمه كالأول ) يعني نسبه وأميتها فيكون الولد حرا ويفسخ البيع ويرد الثمن لاحتمال أن يكون العلوق في ملك البائع
درر
قال أبو السعود والحاصل أن رد الدعوى فيما إذا جاءت به لأكثر من ستة أشهر لولا التصديق لا فرق فيه بين ما إذا جاءت به لأقل من سنتين أو لأكثر إلا من جهة ثبوت الاستيلاد للأم بعد التصديق ونقض البيع فيها ورد الثمن أي في الأقل منهما دون الأكثر ا هـ بتصرف ط
قوله ( لاحتمال العلوق قبل بيعه ) قال في التاترخانية هذا الذي ذكرنا إذا علمت المدة فإن لم تعلم أنها ولدت لأقل من ستة أشهر أو لأكثر إلى سنتين أو أكثر من وقت البيع فإن ادعاه البائع لا يصح إلا بتصديق المشتري وإن ادعاه المشتري يصح وإن ادعاه معا لا تصح دعوة واحد منهما وإن سبق أحدهما فلو المشتري صحت دعوته ولو البائع لم تصح دعوة واحد منهما
قوله ( وإلا لا ) أي لا يصدقه بأن كذبه ولم يدعه أو ادعاه أو سكت فإنه لا يجزي حكم الأول فيه فهو أعم من قوله ولو تنازعا
والحاصل أنه يثبت نسبه وتصير أم ولده شرعا لا على المعنى اللغوي كما في الصورة التي قبلها ويرد الثمن ويجري فيه ما تقدم من التفاريع كلها
قوله ( ولو تنازعا ) أي في كونه لأقل من ستة أشهر أو لأكثر بأن قال البائع بعتها لك منذ شهر والولد مني وقال المشتري لأكثر من ستة أشهر والولد ليس منك فالقول للمشتري لأنه مدعي الصحة فالظاهر شاهد له وكذا لو ادعى الولد صحت دعوته لوقوع العلوق في ملكه دون البائع تحكما للحال وأما إذا سكت فقد تقدم حكم سكوت المدعي عليه بعد الدعوى فإنه يجعل إنكارا فقوله ولو تنازعا
____________________
(8/75)
يشمل الصور الثلاث
قوله ( فالقول للمشتري اتفاقا ) لأنه ينكر دعوى البائع نقض البيع ولأنه واضع اليد فهو منكر والآخر خارج فهو مدع والبينة للمشتري
قوله ( وكذا البينة له عند الثاني ) لأنه أثبت زيادة مدة للشراء وهذا أمر حادث وهو صحة ملكه
قوله ( خلافا للثالث ) فقال البينة بينة البائع لأنه يثبت نسب الولد واستيلاد الأمة ونقض البيع
حموي عن الكافي أي وهو إثبات خلاف الظاهر كما هو شأن البينات لأن الظاهر وقوع العقد صحيحا وبينة البائع أثبتت فساده فكانت أولى بالقبول ولأن البائع يدعي فساد العقد والمشتري ينكره والبينة بينة المدعي والذي يظهر أوجهية قول محمد فليتأمل
قوله ( والآخر لأكثر ) أي وليس بينهما ستة أشهر
قوله ( ثبت نسبهما ) أي التوأمين من البائع لأنهما خلقا من ماء واحد
وإذا صحت الدعوى فيهما كانت في حكم أول مسألة من الفصل فيفسخ البيع ويرد الثمن فتأمل
وفي الإتقاني عن المغرب يقال هما توأمان كما يقال هما زوجان وقولهم هما توأم وهما زوج خطأ ا هـ
قوله ( لكون العلوق في ملكه ) أي فهو كالبينة الشاهدة له على مدعاه وهذا يفيد تقييد المصنف فقوله باع من ولد عنده أي وعلق عنده أما إذا كان العلوق عند غيره والوضح عنده فهي دعوة تحرير ط
قوله ( ورد بيعه ) لأنه تبين أنه باع حر الأصل وكذا يقال فيما بعده من كتابة الولد ورهنه أما في إجارته فالذي يرد نفاذها أما لو رأى الأب إجازتها فينبغي أن يجوز لأن للأب إجارته فكذا يملك إجازة له
قوله ( لأن البيع يحتمل النقض ) أي وماله من حق الدعوى لا يحتمله فينتقض البيع لأجله
قوله ( وكذا الحكم لو كاتب ) أي المشتري الولد أو رهنه منه كذا في نسخة ولا وجود للفظ منه فيما شرح عليه المصنف ولا في أصله الذي نقل عنه وهو الدرر والضمير في الأفعال راجع إلى المشتري
واعلم أن عبارة الهداية هكذا ومن باع عبدا ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعاه البائع الأول فهو ابنه وبطل البيع لأن البيع يحتمل النقض وماله من حق الدعوة لا يحتمله فينتقض البيع لأجله وكذلك إذا كاتب الولد أو رهنه أو آجره أو كاتب الأم أو رهنها أو زوجها ثم كانت الدعوة لأن هذه العوارض تحتمل النقض فينقض ذلك كله وتصح الدعوة بخلاف الإعتاق والتدبير على ما مر
قال صدر الشريعة ضمير كاتب إن كان راجعا إلى المشتري وكذا في قوله أو كاتب الأم يصير تقدير الكلام ومن باع عبدا ولد عنده وكاتب المشتري الأم وهذا غير صحيح لأن المعطوف عليه بيع الولد لا بيع الأم فكيف يصح قوله وكاتب المشتري الأم وإن كان راجعا إلى من في قوله ومن باع عبدا فالمسألة أن رجلا كاتب من ولد عنده أو رهنه أو آجره ثم كانت الدعوة فحينئذ لا يحسن قوله بخلاف الإعتاق لأن مسألة الإعتاق التي مرت ما إذا أعتق المشتري الولد لأن الفرق الصحيح أن يكون بين إعتاق المشتري وكتابته لا بين إعتاق المشتري وكتابة البائع إذا عرفت هذا فمرجع الضمير في كاتب الولد هو المشتري وفي كاتب الأم من في قوله من باع ا هـ
أقول الأظهر أن المرجع فيهما المشتري وقوله لأن المعطوف عليه بيع الولد لا بيع الأم مدفوع بأن
____________________
(8/76)
المتبادر بيعه مع أمه بقرينة الوقاية سوق الكلام ودليل كراهة التفريق بحديث سيد الأنام عليه الصلاة والسلام نعم كان مقتضى ظاهر عبارة الوقاية أن يقال بالنظر إلى قوله بعد بيع مشتريه وكذا بعد كتابة الولد ورهنه الخ لكنه سهو
إني على الدرر قوله ( أو كاتب الأم ) أي لو كانت بيعت مع الولد فالضمير في الكل للمشتري وبه سقط ما في صدر الشريعة
قوله ( وترد هذه التصرفات ) لأنه باع حر الأصل فتصرف المشتري في غير محله فينقض وهذا ظاهر في غير الإجارة أما فيها فالذي يرد نفاذها إلى آخر ما قدمناه قريبا
قوله ( بخلاف الإعتاق ) أي إعتاق المشتري ومثل الإعتاق التدبير كما في عزمي زاده
قال وكذلك إذا ادعاه المشتري أولا ثم ادعاه البائع حيث لا يثبت النسب من البائع كما مر
قوله ( باع أحد التوأمين المولودين يعني علقا وولدا ) لما كان لفظ المصنف وهو قوله المولودين عنده محتملا لشيئين كون العلوق عنده أو عند غيره بأن اشتراها بعد الولادة أو اشترى أمهما وهي حبلى بهما وكان الحكم مختلفا فسره بقوله يعني التي يؤتى بها إذا كان التفسير بغير الظاهر من اللفظ
قال في الرمز تبعا للتبيين هذا إذا كان العلوق في ملكه بأن اشتراهما بعد الولادة أو اشترى أمهما وهي حبلى بهما أو باعها فجاءت بهما لأكثر من سنتين يثبت نسبهما أيضا لأنهما لا يفترقان فيه لكن لا يعتق الذي ليس في ملكه وإن كان المشتري قد أعتقه لا يبطل عتقه لأن هذه الدعوى دعوة تحرير لعدم العلوق في الملك بخلاف المسألة الأولى وهو ما إذا كان العلوق في ملكه حيث يعتقان جميعا لأنها دعوة استيلاد فتستند ومن ضرورته عتقهما بدليل أنهما حرا الأصل فتبين أنه باع حرا
ا هـ
فقوله أو باعها فجاءت بهما الخ أي ثم ملك واحد منهما فادعاه وقوله علقا محترزه قوله حتى لو اشتراها حبلى الخ
قوله ( ثبت نسبهما ) أي التوأمين من البائع لأن دعوة البائع صحت في الذي لم يبعه لمصادفة العلوق والدعوى ملكه فيثبت نسبه ومن ضرورته ثبوت الآخر لأنهما من ماء واحد فيلزم بطلان عتق المشتري بخلاف ما إذا كان الولد واحدا
وتمامه في الزيلعي
قوله ( وهو حرية الأصل ) أي الثابتة بأصل الخلقة وأما حرية الإعتاق فعارضة وحرية الأصل هنا في الذي أعتقه لأن الذي عند البائع ظهر أنه حر الأصل فاقتضى كون الآخر أيضا كذلك إلى آخر ما قدمناه
قوله ( لأنهما علقا في ملكه ) أي وقد خلقا من ماء واحد وهذا كله يصلح جوابا لما يرد من أن نقض الإعتاق مخالفا لما سبق من أن العتق بعد وقوعه لا يحتمل الانتقاض والبطلان
وحاصله أن الممنوع هو انتقاض العتق إلى الرقية وهي دونه لا إلى شيء فوقه وهي الحرية أي لأنها ثابتة بأصل الخلقة كما أفاده عزمي وهذا لا يتم ولا يطرد فإن في السابقة وهي دعوة من ولد عند المشتري لأقل من ستة أشهر فأعتقه لا يقبل مع أنه انتقض العتق بأمر فوقه وهذا الأمر لا يتم في هذا المقام فإن حرية أحد التوأمين يظهر حرية الآخر وينعدم تأثير الإعتاق
وعبارة العيني فإذا ثبت نسبهما بطل عتق المشتري إياه لأن دعوة البائع بعده صحت في الذي لم يبع ومن ضرورة ذلك ثبوت نسب الآخر لأنهما من واحد فيلزم منه بطلان عتق المشتري لكونهما حري الأصل إذا يستحيل أن يكون أحدهما حر الأصل والآخر رقيقا وهما من ماء واحد بخلاف ما إذا كان الولد واحدا حيث لا يبطل فيه إعتاق المشتري لأنه لو بطل فيه بطل مقصودا لأجل حق الدعوى للبائع وأنه لا يجوز وهنا تثبت الحرية في الذي لم يبع ثم تتعدى إلى الآخر ضمنا وتبعا وكم
____________________
(8/77)
من شيء يثبت ضمنا وإن لم يثبت مقصودا ا هـ
فالشارح رحمه الله تعالى ذكر آخر عبارة الدرر وترك صدرها فكان الأولى في التعليل لأنهما علقا في ملكه من ماء واحد فإذا ثبتت حرية أحدهما ثبتت حرية الآخر تبعا والشيء قد يثبت تبعا وإن لم يثبت قصدا
قوله ( حتى لو اشتراها ) أي البائع حبلى وجاءت بهما لأكثر من سنتين
عيني
قوله ( لم يبطل عتقه ) قال الأكمل ونوقض بما إذا اشترى رجل أحد توأمين واشترى أبوه الآخر فادعى أحدهما الذي في يده بأنه ابنه يثبت نسبهما منه ويعتقان جميعا ولم تقتصر الدعوى
وأجيب بأن ذلك لموجب آخر وهو أن المدعي إن كان هو الأب فالابن قد ملك أخاه وإن كان هو الابن فالأب قد ملك حافده فيعتق ولو ولدت توأمين فباع أحدهما ثم ادعى أبو البائع الولدين وكذباه أي ابنه البائع والمشتري صارت أم ولده بالقيمة وثبت نسبهما وعتق الذي في يد البائع ولا يعتق المبيع لما فيه من إبطال ملكه الظاهر بخلاف النسب لأنه لا ضرر فيه
والفرق بينه وبين البائع إذا كان هو المدعي أن النسب ثبت في دعوى البائع بعلوق في ملكه وهنا حجة الأب شبهة أنت ومالك لأبيك تظهر في مال ابنه البائع فقط
وفي التاترخانية فإن باع الأمة مع أحد الوالدين ثم ادعى أبو البائع نسب الولدين جميعا وكذبه المشتري والبائع ففي قول محمد دعوى الأب باطلة وعند أبي يوسف ودعوى الأب لا تصح في حق الأمة ولا تصير أم ولد له وتصح دعوته في حق الولدين نسبا ولا يحكم بحرية المبيع والولد الثاني حر بالقيمة
وإن صدق المشتري وكذب البائع فالأمة تصير أم ولده اتفاقا وعليه قيمتها للابن ويثبت نسب الولدين منه والمبيع حر بالقيمة على الأب عند أبي يوسف وعند محمد حر بغير القيمة وإن صدقه البائع وكذبه المشتري ثبت نسب الولدين من أبي البائع فمن المشايخ من ظن أن ثبوت نسبهما من أبي البائع قول أبي يوسف وقول محمد ينبغي أن لا يثبت نسبهما منه والصحيح أن ما ذكره محمد قول الكل ولم يذكر محمد حكم الأم
وقال أبو حازم والقاضي أبو الهشيم على قياس أبي يوسف ومحمد يضمن البائع قيمتها للأب لا على قول أبي حنيفة
وقال أكثر مشايخنا لا يضمن شيئا لصاحبه بالاتفاق كذا في المقدسي
وفيه رجل حملت أمته عنده وولدت فكبر عنده فزوجه أمة له فولدت له ابنا فباع المولى هذا الابن وأعتقه المشتري فادعى البائع نسب الأكبر ثبت وبطل العتق وإن ادعى نسب الثاني لا تسمع ولو باع الأم مع أحدهما ثم ادعى الأب صحت عند أبي يوسف وثبت نسبهما والولد المبيع مع أمه بقيا على ملك المشتري وعند محمد لا تصح
قوله ( لأنها دعوة تحرير ) لعدم العلوق في ملكه
قوله ( فتقتصر ) بخلاف المسألة الأولى وهو ما إذا كان العلوق في ملكه حيث يعتقان جميعا لما ذكر أنها دعوة استيلاد فتستند ومن ضرورته عتقهما بطريق أنهما حرا الأصل فتبين أنه باع حرا
عيني
قوله ( فلا تصح دعواه أبدا ) أي وإن جحد العبد وهذا عند الإمام وعندهما تصح دعواه إن جحد العبد
ووجه قول الإمام أن الإقرار ابالنسب من الغير إقرار بما لا يحتمل النقض فلا تصح دعوة المقر بعد ذلك وإنما قلنا إنه لا يحتمل النقض لأن في زعم المقر أنه ثابت النسب من الغير والنسب إذا ثبت لا ينتقض بالجحود والتكذيب ولهذا لو عاد المقر له إلى تصديقه جاز وثبت النسب منه وصار كالذي لم يصدقه ولم يكذبه ط
____________________
(8/78)
قوله ( وقد أفاده ) أي أفاد نظيره لا عينه
قوله ( معه أو مع غيره ) أشار إلى أن ما وقع من التقييد بكونه معه ليس احترازيا
قال الزيلعي لا يشترط لهذا الحكم أن يكون الصبي في يده واشتراطه في الكتاب وقع اتفاقيا ا هـ شرنبلالية
قوله ( الغائب ) إتقاني أيضا
قوله ( خلافا لهما ) فقالا تصح دعوة المقر بعد جحود المقر له أن يكون ابنه لأن إقراره له بطل بجحود المقر له فصار كأنه لم يقر وقد تقدم توجيه قول الإمام وذكره المؤلف
وعبارة الدرر هما قالا إذا جحد زيد بنوته فهو ابن للمقر إذا صدقه زيد أو لم يدر تصديقه ولا تكذيبه لم تصح دعوة المقر عندهم
لهما أن الإقرار ارتد برد زيد فصار كأن لم يكن والإقرار بالنسب يرتد بالرد ولهذا إذا أكره على الإقرار بالنسب فأقر به لا يثبت وكذا لو هزل به وإن لم يحتمل النسب نفسه النقض وله أن النسب لا يحتمل النقض بعد ثبوته والإقرار بمثله لا يرتد بالرد أي بمثل ما لا يحتمل النقض إذ تعلق به حق المقر له حتى لو صدقه بعد التكذيب يثبت النسب منه
وأيضا تعلق به حق الولد فلا يرتد برد المقر له ا هـ
قال قاضيخان ومن جملة النسب لا يرتد بالرد في حق المقر لأن في زعمه أنه ثابت النسب من الغير فيصلح حجة في حق نفسه وإن لم يصلح على الغير كمن أقر بحرية عبد إنسان وكذبه المولي لا يبطل إقراره في حق نفسه حتى لو ملكه بعد ذلك يعتق عليه ا هـ
ولا يرتد بالرد في حق المقر ومن ذلك لو صدقه الخ ولا في حق الولد لاحتياجه إلى النسب
قوله ( بعد ثبوته ) وهنا أثبت من جهة المقر للمقر له
قوله ( حتى لو صدقه ) أي صدق المقر له المقر وفي التفريع خفاء لأنه ليس هذا متفرعا على ما زعمه بل على أن الإقرار بما لا يحتمل النقض لا يرتد بالرد إذا تعلق به حق الغير كمن أقر بحرية عبد غيره فكذبه مولاه فيبقى في حق المقر حرا ولا يرتد بالرد حتى لو ملكه عتق عليه وكمن شهد على رجل بنسب صغير فردت شهادته لتهمة فادعاه الشاهد لا تقبل
ولا يرد ما لو أقر المشتري على البائع بإعتاق المبيع قبل البيع وكذبه البائع ثم قال المشتري أنا أعتقه يتحول الولاء إليه لأنها من محل الخلاف ولو سلم فالنسب ألزم من الولاء لقبوله التحول من موالي الأم إلى موالي الأب أو إلى مولى آخر فيما لو ارتدت المعتقة ثم سبيت بعدما لحقت فاشتراها آخر وأعتقها
ولا يرد أيضا ما لو أقر أن عبده ابن الغير ثم ادعاه حيث يعتق لأن العتق ليس لثبوت نسبه منه بل لأن إقراره يسري على نفسه كقوله لعبد الثابت نسبه من غيره هو ابني
وعبارة الدرر كما سمعتها في المقولة السابقة
فظهر أنه مفرع على تعلق حق المقر له به
تأمل
قوله ( فلا حاجة إلى الإقرار به ثانيا ) بأن يقول هو ابني
قوله ( ولا سهو في عبارة العمادي ) عبارته هكذا هذا الولد ليس مني ثم قال هو مني صح إذ بإقراره بأنه منه ثبت نسبه فلا يصح نفيه
قال في الدرر هذا سهو لأن التعليل يقتضي أن هناك ثلاث عبارات إثبات ونفي وعود إلى الإثبات
قال الشرنبلالي والذي يظهر لي أن عوده إلى التصديق ليس له فائدة في ثبوت النسب لأنه بعد الإقرار لا ينتفي بالنفي
____________________
(8/79)
وأقول هذا يقرر مدعي الدرر وليس بجواب عن العمادي
وفي الزيلعي نفي النسب عن نفسه لا يمنع الإقرار به بعده بأن قال ليس هذا بابني ثم قال هو ابني ا هـ
وأقول ليس في عبارة العمادي سبق الإقرار على النفي وانظر تحقيقه فيما يأتيك في المقولة الآتية
قوله ( كما زعمه منلا خسرو ) راجع إلى المنفي الذي هو السهو ونصه قال هذا الولد مني ثم قال هذا الولد ليس مني ثم قال هو مني صح إذ بإقراره بأنه منه تعلق حق المقر له إذا ثبت نسبه من رجل معين حتى ينتفي كونه مخلوقا من ماء الزنا فإذا قال ليس مني هذا الولد لا يملك إبطال حق الولد فإذا عاد إلى التصديق صح
أقول قد وقعت العبارة في الأستروشنية كالعمادية هذا الولد ليس مني ثم قال هو مني صح إذ بإقراره أنه منه الخ الظاهر أنه سهو من الناسخ الأول يدل عليه التعليل الذي ذكره لأنه يقتضي أن يكون هنا ثلاث عبارات تفيد الأولى إثبات البنوة والثانية نفيها والثالثة العود إلى الإثبات والمذكور فيهما العبارتان فقط
قال الشرنبلالي والذي يظهر لي أن اللفظ الثالث وهو قوله ثم قال هو مني ليس له فائدة لثبوت النسب لأنه بعد الإقرار به لا ينتفي بالنفي ولا يحتاج إلى الإقرار به بعده فليتأمل ا هـ
ولذلك قال في الخلاصة
ولو قال هذا الولد ليس مني ثم قال مني صح ولو قال مني ثم قال ليس مني لا يصح النفي ا هـ
فاقتصر هنا على العبارتين كالعمادية والأستروشنية لكن كلام الشرنبلالي لا يدفع كلام صاحب الدرر لأن مناقشته إنما هي في إسقاط الأولى أما الثالثة فهي موجودة في عبارة العمادية والأستروشنية فصاحب الدرر ناقش في إسقاط الأولى والشرنبلالي في إسقاط الثالثة
تأمل
والحاصل أن الاعتبار إنما هو إلى وجدان الإقرار سواء تقدم عليه النفي أو تأخر عنه كما علم من صريح الخلاصة ومما ذكرنا فهر أنه الخلل في سبك تعليل الأستروشني وتبعه العمادي وأن منلا خسرو لم يتفطنه وظن أنه محتاج إلى عبارة أخرى وليس كذلك إذ الإقرار الواحد يكفي سواء وجد مقدما على النفي أو متأخرا عنه كما لا يخفى فتدبر
قوله ( كما أفاده الشرنبلالي ) راجع إلى النفي الذي هو عدم السهو
ط عن الحلبي
وتقدم نص عبارة الشرنبلالية ومقتضى ما يظهر لي أنه راجع إلى قوله فلا حاجة إلى الإقرار به ثانيا
قوله ( وهذا ) أي ثبوت النسب إذا صدقه الابن أما بدونه فلا لأنه إقرار على الغير بأنه جزؤه فلا يتم إلا بتصديق ذلك الغير وهذا التفصيل إنما يأتي في الإقرار بصبي يعبر عن نفسه أما لو كان صغيرا لا يعبر عن نفسه يصدق المقر استحسانا كما في الخلاصة
قوله ( أما بدونه فلا ) أي فلا يتم إلا بتصديق ذلك الغير
قوله ( لبقاء إقرار الأب ) لأن إقرار الأب لم يبطل لعدم تصديق الابن فيثبت النسب كما في الدرر
قوله ( قبل ) لأنه إقرار على نفسه بأنه جزؤه
درر
قوله ( فلا يقبل ) أي على الغير
قوله ( وبين جهة الإرث صح ) قال في جامع الفصولين إذ إثبات الوراثة لا يصح ما لم يعين جهة الإرث
قوله ( ولو ادعى بنوة العم ) عبارة الدرر ادعى الأخوة ولم يذكر راسم الجد صح بخلاف دعوى كونه ابن عمه حيث يشترط فيها ذكر اسم الجد كما في العمادية ح
____________________
(8/80)
وفي الخيرية ومما صرحوا به أن دعوى بنوة العم تحتاج إلى ذكر نسبة العم والأم إلى الجد ليصير معلوما لأنه لا يحصل العلم للقاضي بدون ذكر الجد وتحقق العمومة بأنواع منها العم لأم ذكره في كتاب الوقف
وفي التنقيح أن الشهود إذا شهدوا بنسب فإن القاضي لا يقبلهم ولا يحكم به إلا بعد دعوى مال إلا في الأب والابن وأن ينسب الشهود الميت والمدعي لبنوة العمومة حتى يلتقيا إلى أب واحد وأن يقول هو وارثه لا وارث له غيره كما صرح قاضيخان ولا بد أن يكون الأب الواحد الملتقي إليه معروفا للقاضي بالاسم والنسب بالأب والجد إذ الخصام فيه والتعريف بذلك عند الإمام الأعظم رحمه الله تعالى وعليه الفتوى
فإذا لم يوجد شرط من هذه الشروط لا تقبل ولا يصح القضاء بها وينبغي الاحتياط بالشهادة بالنسب سيما في هذا الزمن
قال الحامدي قلت هذا مناقض لما ذكره في الظهيرية والعمادية وغيرهما من أنه يشترط ذكر الجد الذي التقيا إليه وقد مثل له في الظهيرية مثالا ولم يذكر اسم أب الجد ولا اسم جده لكن أفتى الإمام أبو السعود باشتراط ذكر الأب كما ذكره اليشمقجي في فتاويه وأظن أن الرحيمية اشترط ذلك بناء على قولهم كصاحب التنوير وغيره إذا كانت الدعوى على غائب يشترط ذكر أبيه وجده وإن حكم بدون ذكر الجد نفذ وأنه ظن أن الدعوى على الجد الذي التقيا إليه والحال أن الدعوى على الميت الذي يطلبون إرثه فتنبه ا هـ
قال في الدرر قال أحد الورثة لا دعوى لي في التركة لا تبطل دعواه لأن ما ثبت شرعا من حق لازم لا يسقط بالإسقاط كما لو قال لست ابنا لأبي قال ذو اليد ليس هذا لي ونحوه
أي ليس ملكي ولا حق لي فيه ونحو ذلك ولا منازع ثمة ثم ادعاه فقال أي ذو اليد هو لي صح والقول قوله لأن هذا الكلام لم يثبت حقا لأحد لأن الإقرار للمجهول باطل والتناقض إنما يبطل إذا تضمن إبطال حق على أحد ولو كان ثمة منازع كان إقرارا له في رواية وهي رواية الجامع الصغير وفي أخرى لا وهي رواية دعوى الأصل لكن قالوا القاضي يسأل ذا اليد أهو ملك المدعي فإن أقر به أمره بالتسليم إليه وإن أنكر أمر المدعي بإقامة البينة عليه ولو قاله أي قال ليس هذا لي ونحوه الخارج لا يدعي ذلك الشيء بعده للتناقض وإنما لم يمنع ذو اليد على ما مر لقيام اليد
كما في العمادية
أقول لكن قيده في جامع الفصولين بما إذا قال ذلك مع وجود النزاع أما لو قاله قبل النزاع فعلى الخلاف على عكس ذي اليد وقوله لقيام اليد وهو دليل الملك فنفي الملك عن نفسه من غير إثبات للغير لغو
وفي الدرر أيضا ادعى العصوبة وبين النسب وبرهن الخصم أن النسب بخلافه إن قضى بالأول لم يقض به وإلا تساقطا للتعارض وعدم الأولولية
قوله ( ما لم يذكر اسم الجد ) بخلاف الأخوة فإنها تصح بلا ذكر الجد كما في الدرر
واعلم أن دعوى الأخوة ونحوها مما لو أقر به المدعي عليه لا يصح ما لم يدع قبله مالا
قال في الولوالجية ولو ادعى أنه أخوه لأبويه فجحد فإن القاضي يسأله ألك قبله ميراث تدعيه أو نفقة أو حق من الحقوق التي لا يقدر على أخذها إلا بإثبات النسب فإن كان كذلك يقبل القاضي ببينته على إثبات النسب وإلا فلا خصومة بينهما لأنه إذا لم يدع مالا لم يدع حقا لأن الأخوة المجاورة بين الأخوين في الصلب
____________________
(8/81)
أو الرحم ولو ادعى أنه أبوه وأنكر فأثبته يقبل وكذا عكسه وإن لم يدع قبله حقا لأنه لو أقر به صح فينتصب خصما هذا لأنه يدعي حقا فإن الابن يدعي حق الانتساب إليه والأب يدعي وجوب الانتساب إلى نفسه شرعا
وقال عليه الصلاة والسلام من انتسب إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
ا هـ ملخصا
قال في البزازية ادعى على آخر أنه أخوه لأبويه إن ادعى إرثا أو نفقة وبرهن تقبل ويكون قضاء على الغائب أيضا حتى ولو حضر الأب وأنكر لا يقبل ولا يحتاج إلى إعادة البينة لأنه لا يتوصل إليه إلا بإثبات الحق على الغائب
وإن لم يدع مالا بل ادعى الأخوة المجردة لا يقبل لأن هذا في الحقيقة إثبات البنوة على أب المدعى عليه والخصم فيه هو الأب لا الأخ
وكذا لو ادعى أنه ابن ابنه أو أبو أبيه والابن والأب غائب أو ميت لا يصح ما لم يدع مالا فإن ادعى مالا فالحكم على الغائب والحاضر جميعا كما مر بخلاف ما إذا ادعى رجل أنه أبوه أو ابنه وتمامه فيها
قوله ( ولو برهن الخ ) مكرر مع ما قدمه قريبا
قوله ( تقبل لثبوت النسب بإقراره ) أي ويزاحم الوارث المعروف ويظهر أن الأبوة مثل ذلك كما علمت مما مر
بقي فيما لم يثبت بإقراره فيشترط أن يدعي حقا آخر كإرث أو نفقة فلو برهنت أنه عمها مريدة النفقة منه فبرهن على زيد أنه أخوها برىء العم بخلاف دعوى الأبوة كما في الهندية
وقال في جامع الفصولين أقر ذو ابن بأن فلانا وارثه ثم مات الابن ثم المقر يأخذ المقر له المال يعني بحكم الوصية لأن هذا وصية
حتى لو قال هو قريبي ومات المقر عن زوجة أخذت الربع والباقي للمقر له ا هـ
وأشار بهذا إلى أنه لا يلزم معرفة جهة القرابة وإلا فإنه لو ادعى الإرث بالأخوة يلزم والله تعالى أعلم
قوله ( ولا تسمع ) أي بينة الإرث كما في الفصولين لكن في الأشباه تقبل الشهادة حسبة في النسب
ويمكن أن يوفق بينها وبين ما هنا فيما إذا لم يكن خصم كما لو ترك صغيرا وارثا فإن الشهادة حسبة تقبل ولا تكون التركة في بيت المال بخلاف ما إذا حصل خصام من الورقة مع المدعي فلا بد مما ذكر هنا
قوله ( وهو وارث ) وكذا على الوصي
نور العين قوله ( أو دائن ) أي على ما ذكره الخصاف وخالفه بعض المشايخ وانظر ما صورته ولعل صورته أنه يدعي دينا على الميت وينصب له القاضي من يثبت في وجهه دينه فحينئذ يصير خصما لمدعي الإرث ومثل ذلك يقال في الموصى له تأمل
ويمكن التصوير لهما أي الوارث والدائن بأن يكون دفع القاضي التركة للدائن بدينه ثم حضر مدعي الإرث ونازع الدائن بأنه يريد استلام التركة ودفع جميع الدين إليه فأنكر الدائن أن يكون المدعي وارث الميت يكون خصما في إثبات النسب
قوله ( فلو أقر ) أي المدعى عليه
قوله ( به ) أي بالبنوة بالموروث
قوله ( والدافع على الابن ) علي بمعنى من أو متعلق بمحذوف أي ويرجع الدافع على الابن
قوله ( ولو أنكر ) أي المدعي عليه دعوة النبوة
قوله ( والصحيح تحليفه ) أي تحليف المنكر على العلم أي على أنه لا يعلم أنك ابن فلان فإذا
____________________
(8/82)
أراد الولد أخذ المال كلف إقامة البينة على مدعاه
قوله ( على العلم ) أي على نفي العلم
قوله ( بأنه ابن فلان ) الظاهر أن تحليفه على أنه ليس بابن فلان إنما هو إذا أثبت المدعي الموت وإلا فلا فائدة في تحليفه إلا على عدم العلم بالموت
تأمل
قوله ( ثم يكلف الابن الخ ) أي إن حلف وإن نكل يكون مقرا فإن كان منكرا للمال يحلف عليه
قوله ( وتمامه في جامع الفصولين ) حيث قال ولو نكل يصير مقرا بنسب وموت وصار كما لو أقر بهما صريحا وأنكر المال ولو كان كذلك لا يجعل القاضي الابن خصما في إقامة البينة على إثبات المال ولكن يجعله خصما في حق التحليف على المال وأخذه منه فيحلفه بتا
قوله ( من الفصل السابع والعشرين ) صوابه الثامن والعشرين
قوله ( هو عبدي ) قيد به لأنه لو قال هو ابني يقدم المسلم
قوله ( والإسلام مالا ) لظهور دلائل التوحيد لكل عاقل وفي العكس يثبت الإسلام تبعا ولا يحصل له الحرية مع العجز عن تحصيلها درر
واستشكله الأكمل بمخالفته لقوله تعالى 2 { ولعبد مؤمن خير من مشرك } البقرة 211 ودلائل التوحيد وإن كانت ظاهرة لكن الألفة مع الكفار مانع قوي ألا ترى أن آباءه كفروا مع ظهور أدلة التوحيد ويؤيده أن الذمية المطلقة أحق بولدها المسلم ما لم يعقل الأديان أو يخف أن يألف الكفر للنظر قبل ذلك واحتمال الضرر بعده
وأجاب بأن قوله تعالى 33 { ادعوهم لآبائهم } الأحزاب 5 يوجب دعوة الأولاد لآبائهم ومدعي النسب أب لأن دعوته لا تحتمل النقض فتعارضت الآيتان وكفر الآباء جحود والأصل عدمه ألا ترى إلى انتشار الإسلام بعد الكفر في الآفاق
وأما الحضانة فتركها لا يلزم منه رق ا هـ
بخلاف ترك النسب هنا فإن المصير بعده إلى الرق وهو ضرر عظيم لا محالة ا هـ
أقول لكن بعد استدراك الشارح الآتي عن ابن كمال بأنه يكون مسلما فلا إشكال وإن اعترض عليه فإنك ستسمع الاعتراض والجواب
قال في شرح الملتقى وهذا إذا ادعياه معا فلو سبق دعوى المسلم كان عبدا له ولو ادعيا البنوة كان ابنا للمسلم إذ القضاء بنسبه من المسلم قضاء بإسلامه
قوله ( لكن جزم ابن الكمال بأنه يكون مسلما ) أي تبعا للدار وابنا للكافر بالدعوة كما صرح به فيه لأن حكمه حكم دار الإسلام وفيه أنه لا عبرة للدار مع وجود أحد الأبوين ح
قلت يخالفه ما ذكروا في اللقيط لو ادعاه ذمي يثبت نسبه منه وهو مسلم تبعا للدار وتقدم في كتابه عن الولوالجية ولا يقال إن تبعية الدار إنما تكون عند فقد الأبوين لأن تبعيته قبل ثبوت أن الذمي أب له حيث كان في يد المسلم والكافر يتنازعان فيه وهو قول في غاية الحسن وإن كان مخالفا الظاهر
تعليل الهداية وغيرها فليتبصر
قوله ( قال زوج امرأة لصبي معهما ) أي في يدهما احترز به عما لو كان في يد أحدهما
قال في التاترخانية وإن كان الولد في يد الزوج أو يد المرأة فالقول للزوج فيهما وقيد بإسناد كل منهما الولد إلى غير صاحبه لما فيها أيضا عن المنتقى صبي في يد رجل وامرأة قالت المرأة هذا ابني من هذا الرجل
____________________
(8/83)
وقال ابني من غيرها يكون ابن الرجل ولا يكون للمرأة فإن جاءت بامرأة شهدت على ولادتها إياه كان ابنها منه وكانت زوجته بهذه الشهادة وإن كان في يده وادعاه وادعت امرأته أنه ابنها منه وشهدت امرأة على الولادة لا يكون ابنها منه بل ابنه لأنه في يده واحترز عما فيها أيضا صبي في يد رجل لا يدعيه أقامت امرأة أنه ابنها ولدته ولم تسم أباه وأقام رجل أنه ولد في فراشه ولم يسم أمه يجعل ابنه من هذه المرأة ولا يعتبر الترجيح باليد كما لو ادعها رجلان وهو في يد أحدهما فإنه يقضي لذي اليد
قوله ( فهو ابنهما ) لأن كل واحد منهما أقر للولد بالنسب وادعى ما يبطل حق صاحبه ولا رجحان لأحدهما على الآخر لاستواء أيديهما فيه فيكون ابنهما هذا إذا كان لا يعبر عن نفسه وإلا فهو لمن صدقه
عيني
قوله ( إن ادعيا ) هذا إذا كان النكاح بينهما ظاهرا وإن لم يكن ظاهرا بينهما يقضي بالنكاح بينهما
هندية عن شرح الطحاوي
قوله ( وإلا ففيه تفصيل ابن كمال ) حيث قال وإلا فعلى التفصيل الذي في شرح الطحاوي ولم يبين ذلك التفصيل وظاهر إطلاق المتون والشروح أنه لا فرق بين أن يدعيا معا أو متعاقبا وهي الموضوعة لنقل المذهب فليكن العمل عليها ولأن ما يدعيه أحدهما غير ما يدعيه الآخر إذ هو يدعي أبوته وهي تدعي الأمومة ولا ينافي إحدى الدعوتين الأخرى غير أن كلا يكذب صاحبه في حق لا يدعيه لنفسه فيلغو قوله ولا يعتبر السبق فيه والله تعالى أعلم
قال في الهندية ولو ادعى الزوج أولا أنه ابنه من غيرها وهو في يديه يثبت النسب من غيرها فبعد ذلك إذا ادعت المرأة لا يثبت النسب منها وإن ادعت المرأة أولا أنه من غيره وهو في يدها فادعى الرجل أنه ابنه من غيرها بعد ذلك فإن كان بينهما نكاح ظاهر لا يقبل فهو ابنهما وإن لم يكن بينهما نكاح ظاهر فالقول قولها ويثبت نسبه منها إذا صدقها ذلك الرجل هذا إذا كان الغلام لا يعبر عن نفسه
أما إذا كان يعبر عن نفسه وليس هناك رق ظاهر فالقول قول الغلام أيهما صدقه يثبت نسبه منه بتصديقه
كذا في السراج الوهاج
وأوضحه في العناية أيضاحا حسنا حيث قال إذا ادعت امرأة صبيا أنه ابنها فإما أن تكون ذات زوج أو معتدة أو لا منكوحة ولا معتدة فإن كانت ذات زوج وصدقها فيما زعمت أنه ابنها منه ثبت النسب منهما بالتزامه فلا حاجة إلى حجة وإن كذبها لم تجز دعوتها حتى تشهد بالولادة امرأة لأنها تدعي تحميل النسب على الغير فلا تصدق إلا بالحجة وشهادة القابلة كافية لأن التعيين يحصل بها وهو المحتاج إليه إذ النسب يثبت بالفراش القائم وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام قبل شهادة القابلة على الولادة وإن كانت معتدة احتاجت إلى حجة كاملة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى أي وهي شهادة رجلين أو رجل وامرأتين إلا إذا كان هناك حبل ظاهر أو اعترف من قبل الزوج
وقالا يكفي في الجميع شهادة امرأة واحدة وقد مر في الطلاق وإن لم تكن ذات زوج ولا معتدة قالوا يثبت النسب بقولها لأن فيه إلزاما على نفسها دون غيرها
وفي هذا لا فرق بين الرجل والمرأة ومنهم من قال لا يقبل قولها سواء كانت ذات زوج أو لا
والفرق هو أن أصل أن كل من ادعى أمرا لا يمكنه إثباته بالبينة كان القول فيه قوله من غير بينة وكل من ادعى أمرا يمكن إثباته بالبينة لا يقبل قوله فيه إلا بالبينة والمرأة يمكنها إثبات النسب بالبينة لأن انفصال الولد منها مما يشاهد فلا بد لها من بينة والرجل لا يمكنه إقامة البينة على الإعلاق لخفاء فيه فلا يحتاج إليها والأول هو المختار لعدم التحميل على أحد فيهما ا هـ
قوله ( وهذا لو غير معبر ) أي إذا كان الغلام لا يعبر عن نفسه
قوله ( فهو لمن صدقه ) أي فالقول قول الغلام أيهما صدقه يثبت نسبه منه بتصديقه فلو لم يصدقهما جميعا
____________________
(8/84)
فالظاهر أن العبرة لقوله ط
قوله ( لأن الخ ) علة لقوله فهو ابنهما فكان الأولى تقديمه على قوله وإلا وأما كونه لمن كان صدقه إذا كان معبرا فعلته أنه في يد نفسه
قوله ( ولو ولدت أمة ) أي من المشتري وادعى الولد
حموي
قوله ( غرم الأب قيمة الولد ) ولا يغرم الولد حتى لو كان الأب ميتا تؤخذ من تركته وولاؤه للمستحق عليه لأنه علق حر الأصل وإنما قدر الرق ضرورة القضاء بالقيمة فلا تعدو محلها
قوله ( يوم الخصومة ) لا يوم القضاء ولا يوم الولادة
وقال الطحاوي يغرم قيمة الولد يوم القضاء وإليه يشير
قوله ( لأنه يوم المنع ) أي منع الولد من المستحق لكن في حاشية الشيخ حسن الشرنبلالي ما يخالفه حيث فسر يوم التخاصم بيوم القضاء واستدل عليه بعبارة الزيلعي وشرح الطحاوي ولا شك أن المغايرة بينهما أظهر لاحتمال تأخر القضاء عن التخاصم بأن لم يقم المستحق البينة في يوم دعوى الاستحقاق بل في يوم آخر وكان بين اليومين تفاوت بالقيمة يؤيده أن قول الطحاوي صريح في المغايرة بين يومي التخاصم والقضاء إلا أن يقال الجمع بينهما ممكن
تأمل
قوله ( وهو حر ) أطلقه ولكن هذا إذا كان حرا أما إذا كان مكاتبا أو عبدا مأذونا له في التزوج يكون ولده عبدا أي قنا للمستحق عند أبي حنيفة وأبي يوسف خلافا لمحمد وهو حر بالقيمة عنده وباقي التفصيل مذكور في بابه
قوله ( لأنه مغرور ) أي والأمة ملك للمستحق والولد جزؤها فاستوجب المستحق النظر إليه والمغرور معذور وقد بنى الأمر على سبب صحيح فوجب الجمع بين النظرين مهما أمكن وذلك بجعل الولد حر الأصل في حق الأب ورقيقا في حق المستحق لأن استحقاق الأصل سبب استحقاق الجزء فيضمن الأب قيمته يوم الخصومة
واعلم أن ولد المغرور حر الأصل من غير خلاف ولا خلاف أنه مضمون على الأب إلا أن السلف اختلفوا في كيفية الضمان فقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يفك الغلام بالغلام والجارية بالجارية يعني إذا كان الولد غلاما فعلى الأب غلام مثله وإن كان جارية فعليه جارية مثلها
وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قيمته وإليه ذهب أصحابنا فإنه قد ثبت بالنص أن الحيوان لا يضمن بالمثل وتأويل الحديث الغلام بقيمة الغلام والجارية بقيمة الجارية ولأن النظر من الجانبين واجب دفعا للضرر عنهما فيجعل الولد حر الأصل في حق أبيه رقيقا في حق مدعيه نظرا لهما
عناية
قوله ( فلذا قال ) أي لكون المغرور من اعتمد في وطئه على ملك يمين الخ أي ولم يقيد بالشراء فعلم أن قول المصنف أولا اشتراها اتفاقي
قوله ( وكذا الحكم لو ملكها بسبب آخر ) كما لو ملكها أجرة عين له آجرها أو اتهبها أو تصدق بها عليه أو أوصى له بها إلا أن رجوع المغرور بما ضمن لا يعم هذه الصور بل يقتصر على المشتراة والمجعولة أجرة والمنكوحة بشرط الحرية لا الموهوبة
والمتصدق بها والموصى بها
أفاده أبو السعود
قوله ( عيني ) حيث قال النظر من الجانبين واجب فيجعل الولد حر الأصل في حق الأب رقيقا في حق المستحق فيضمن قيمته يوم الخصومة لأنه يوم المنع ويجب على الأب دون الولد حتى لو كان الأب ميتا تؤخذ من تركته ولا ولاء للمستحق عليه لأنه علق حر الأصل وكذا إذا ملكها بسبب آخر غير الشراء وكذا إذا تزوجها على أنها حرة فولدت ثم استحقت روى ذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه في النكاح
وعن علي رضي الله تعالى عنه في الشراء بمحضر من الصحابة رضي الله تعالى عنهم
____________________
(8/85)
من غير نكير فكان إجماعا ا هـ
قوله ( كما لو تزوجها على أنها حرة ) أي بأن كان المزوج وليا أو وكيلا عنها وهذا بخلاف ما إذا أخبره رجل أنها حرة فتزوجها ثم ظهر أنها مملوكة فلا رجوع بقيمة الولد على المخبر إلا في ثلاث مسائل منها إذا كان الغرور بالشرط كما لو زوجه امرأة على أنها حرة ثم استحقت فإنه يرجع على المخبر بما غرمه للمستحق من قيمة الولد
وتمامه في باب المرابحة التولية وفي باب الاستحقاق
قوله ( غرم قيمة ولده ) أي ويرجع ذلك على المخبر كما مر في آخر باب المرابحة
قوله ( وإرثه له ) أي لو مات الولد وترك مالا فهو لأبيه ولا يغرم شيئا لأن الإرث ليس بعوض عن الولد فلا يقوم مقامه فلم يجعل سلامة الإرث كسلامته
قوله ( لأنه حر الأصل ) فإن قلت إنه ظهر منه أنه رقيق في حق المستحق فوجب أن تكون التركة بينهما قلت بل هو حر في حق المستحق أيضا حتى لو لم يكن له ولاء فيه وإنما جعل رقيقا ضرورة القضاء بالقيمة وما ثبت بالضرورة يتقدر بقدرها كما في الشروح فظهر أن معنى قوله لأنه حر الأصل في حقه أنه حر في جميع الأحكام من كل وجه في حق غير المستحق وفي حق المستحق إنما هو رقيق في حق الضمان
قوله ( فإن قتله أبوه ) إنما غرم لأن المنع تحقق بقتله
قوله ( غرم الأب قيمته للمستحق ) لوجود المنع منه فيما إذا كان هو القاتل ولقبضه بدله فيما إذا كان القاتل غيره فلذا لا يؤخذ منه فوق ما قبض كما سيأتي بخلاف ميراث الولد فإنه ليس بدلا عنه بل آل إليه خلافة عنه كما هو طريقة الإرث وهو حر الأصل في حقه والغرامة في ماله لو كان الولد حيا لا في مال الولد وهو لم يمنعه ولا بدله فلا شيء عليه
قوله ( لا شيء عليه ) لأن المنع لا يتحقق فيما لم يصل إليه
قوله ( لزمه بقدره ) اعتبارا للبعض بالكل
قوله ( في الصورتين ) أي صورتي الملك والتزوج أما في صورة الملك فلأن البائع صار كفيلا بما شرطه من البدل لوجوب سلامة البدلين في البيع ولما سلم الثمن للبائع وجب سلامة المبيع للمشتري وذلك بجعل البائع كفيلا لتملكه البدل لأنه ضمن سلامتها من عيب والاستحقاق عيب
وأما في صورة النكاح فلأن الاستيلاد مبني على التزوج وشرط الحرية كوصف لازم للتزوج فنزل أي المزوج قائلا أنا كفيل بما لزم في هذا العقد بخلاف ما إذا أخبره رجل أنها حرة أو أخبر به هي وتزوجها من غير شرط الحرية حيث يكون الولد رقيقا ولا يرجع على المخبر بشيء لأن الإخبار سبب محض لأن العقد حصل باختيار الرجل والمرأة وإنما يؤخذ حكم العلة بالغرور وذلك بأحد أمرين بالشرط أو بالمعاوضة كما في المقدسي وهذا ظاهر فيما إذا أرجعنا الصورتين إلى ما ذكرنا أما إذا أرجعنا الصورتين إلى قوله فإن قتله أبوه أو غيره كما في الشرنبلالي فلا يظهر فيما إذا قتله الأب لأنه ضمان إتلاف فكيف يرجع بما غرم وقد صرح الزيلعي بذلك أي بالرجوع فيما إذا قتله غيره وبعدمه بقتله والأولى إرجاع الصورتين إلى ما إذا استولدها وما إذا قتله غير الأب فتأمل
قوله ( ولو هالكة ) يعني إذا هلكت عند المشتري فضمنه أي المستحق قيمتها وقيمة الولد فإنه يرجع على البائع بثمنها وبقيمة الولد لا بما ضمن من قيمتها لأنه لما أخذ المستحق قيمتها صار كأنه أخذ عينها وفي أخذ العين لا يرجع إلا بالثمن فكذا في أخذ القيمة
____________________
(8/86)
والحاصل أن المستحق يأخذها لو قائمة وقيمتها لو كانت هالكة ويرجع بذلك على بائعه لأنه بعقد البيع ضمن له السلامة بخلاف الواهب أو المعير لو هلكت في يده فضمنه المستحق قيمتها لأنهما محسنان وما على المحسنين من سبيل فلا يرجع عليهما كما ذكرنا
قوله ( وكذا لو استولدها المشتري الثاني ) فإن المشتري الثاني يرجع على المشتري الأول بالثمن وبقيمة الولد
قوله ( لكن إنما يرجع المشتري الأول على البائع الأول بالثمن فقط ) ولا يرجع بقيمة الولد عند الإمام
وقالا يرجع عليه بقيمة الولد أيضا لأن البائع الأول ضمن للثاني سلامة الولد في ضمن البيع ولم يسلم له حيث أخذ منه قيمة الولد فيرجع به عليه كما في الثمن والرد بالعيب
ولأبي حنيفة أن البائع الأول ضمن للمشتري سلامة أولاده دون أولاد المشتري منه لأن ضمان السلامة إنما بثبت بالبيع والبيع الثاني لا يضاف إليه وإنما يضاف إلى البائع الثاني لمباشرته باختياره فينقطع به سبب الأول بخلاف الثمن لأن البائع الأول ضمن للبائع الثاني سلامة المبيع ولم يسلم له فلا يسلم للبائع الثمن وبخلاف الرد بالعيب لأن المشتري الأول استحقه سليما ولم يوجد ا هـ
منح
قوله ( كما في المواهب ) وعبارتها ولو استحقت أمة بعدما استولدها المشتري الثاني غرم العقر وقيمة الولد وقت الخصومة ويرجع بالثمن وقيمته على البائع وهو يرجع بالثمن فقط انتهى
قوله ( لا بعقرها ) أي لا يرجع بالعقر الذي أخذه منه المستحق لأنه لزمه باستيفاء منافعها أي منافع بضعها وهو الوطء وهي ليست من أجزاء المبيع فلم يكن البائع ضامنا لسلامته
صدر الشريعة
قوله باستيفاء منافعها على حذف مضاف أي منافع بضعها دل على ذلك قول الزيلعي العقر عوض عما استوفى من منافع البضع فلو رجع به سلم له المستوفي مجانا
وقال الشافعي يرجع بالعقر أيضا على البائع
قوله ( التناقض في موضع الخفاء عفو ) في الأشباه يعذر الوارث والوصي والمتولي للجهل ا هـ
لعله لجهله بما فعله المورث والموصي والمولى
وفي دعوى الأنقروي في التناقض المديون بعد قضاء الدين أو المختلعة بعد أداء بدل الخلع لو برهنت على طلاق الزوج قبل الخلع وبرهن على إبراء الدين يقبل ثم نقل أنه إذا استمهل في قضاء الدين ثم ادعى الإبراء لا يسمع
سائحاني
وقدمنا نظيره ومنه الإقرار بالرضاع فلو قال هذه رضيعتي ثم اعترف بالخطأ يصدق في دعواه الخطأ وله أن يتزوجها بعد ذلك وهذا مشروط بما إذا لم يثبت على إقراره بأن قال هو حق أو صدق أو كما قلت أو أشهد عليه بذلك شهودا أو ما في معنى ذلك من الثبات اللفظي الدال على الثبات النفسي واتفقت في ذلك مباحث طويلة الذيول لا يحتمل هذه الأوراق إيرادها والعذر للمقر في رجوعه عن ذلك لأنه مما يخفى عليه فقد يظهر بعد إقراره خطأ الناقل
ومنها تصديق الورثة الزوجة على الزوجية ودفع الميراث لها ثم دعواهم استرجاع الميراث بحكم الطلاق المانع منه حيث تسمع دعواهم لقيام العذر في ذلك لهم حيث استصحبوا الحال في الزوجية وخفيت عليهم البينونة
ومنها ما إذا أدى المكاتب بدل الكتابة ثم ادعى العتق قبل الكتابة قيل لأنه يخفى عليه العتق
ومنها ما إذا استأجر دارا ثم ادعى ملكها على المؤجر وأنها صارت إلى المستأجر ميراثا عن أبيه إذ هو مما يخفى
____________________
(8/87)
ومنها ما إذا استأجر ثوبا مطويا في جراب أو منديل أو غير ذلك فلما نشره قال هذا متاعي تسمع دعواه وتقبل بينته فالدعوى مسموعة مع التناقض في جميع هذه الصور مطلقا لمطلق العذر على الراجح المفتى به
ومن المشايخ من اعتبر الناقض في جميع هذه الصور فمنع سماع الدعوى إذا تقدم ما ينافيها إلا في مسألة الرضاع ومسألة إكذاب القاضي المدعي في التناقض السابق وهي ما إذا أمر إنسانا بقضاء دينه فزعم المأمور أنه قضاء عن أمره وصدقه الآمر وكان الإذن بالقضاء مشروطا بالرجوع فرجع المأمور على الآمر بالمال الذي صدقه على أدائه للدائن فجاء رب الدين بعد ذلك وادعى على الآمر المديون بدينه وأن المأمور لم يعطه شيئا وحلف على ذلك يقضي له القاضي على الآمر بأداء الدين فإذا أداه ثم ادعى الآمر على المأمور بما كان رجع به عليه بحكم تصديقه فهل الدعوى مسموعة مع التناقض لأن القاضي أكذب المدعي الذي هو الآمر فيما سبق منه من تصديق المأمور حيث قضى عليه بدفع الدين إلى الدائن والحال ما ذكر مانعا من الرجوع عليه بالمال ثم قال وهل يشترط في صحة سماع الدعوى إبداء المدعي عذره عند القاضي والتوفيق بين الدعوى وبين ما سبق أو لا يشترط ذلك ويكتفي القاضي بإمكان العذر والتوفيق وقدمنا الكلام عليه مستوفي فراجعه
ومما يتصل بهذا الفرع أعني قوله التناقض في موضع الخفاء عفو ما ذكره في جامع الفصولين قدم بلدة واستأجر دارا فقيل له هذه دار أبيك مات وتركها ميراثا فادعاها المستأجر وقال ما كنت أعلم بها لا تسمع للتناقض
أقول ينبغي أن تسمع فيه وفي أمثاله إذ التناقض إنما يمنع ما لم يوفق أو لم يمكن توفيقه
وأما إذا وفق فينبغي أن تسمع إذ لا تناقض حينئذ حقيقة أما لو أمكن توفيقه ولكن لم يوفق ففيه اختلاف ونص في هذا وغيره على أن الإمكان يكفي ا هـ
وقدمنا أنه في محل الخفاء لا يكفي الإمكان وإلا فلا بد منه
قال الخير الرملي والظاهر أن صاحب الفصولين لم يطلع على نص صريح يفيد سماعها وقد ظفرت به في البحر الرائق في باب الاستحقاق وفي شرح قوله لا الحرية والنسب والطلاق حيث قال وفي العيون قدم بلدة واشترى أو استأجر دارا ثم ادعاها قائلا بأنها دار أبيه مات وتركها ميراثا وكان لم يعرفه وقت الاستيام لا يقبل والقبول أصح
ا هـ
ذكره الغزي
أقول قول أقول الخ لا يدل على عدم اطلاعه بل هو اختيار منه لما هو الأصح وتعليل له
وأقول قوله واشترى يدل على أنه لو قاسم فهو كذلك وهي واقعة الفتوى
قاسم عمرو كرما ثم اطلع على أن الجميع لوالده غرسه بيده ثم مات وتركه له ميراثا ولم يعلم بذلك وقت القسمة وسيأتي ما هو أدل فليتأمل
والظاهر أن قوله قدم بلدة ليس بقيد بل لأنه غالبا محل الخفاء وإذا كان مقيما لا يخفى غالبا يؤيده ما قدمه من قوله شراه أبي في صغري فتأمل ا هـ
وفي الفصولين في الفصل الثامن والعشرين دفع الوصي جميع تركة الميت إلى وارثه وأشهد على نفسه أنه قبض منه جميع تركة والده ولم يبق من تركة والده قليل ولا كثير إلا استوفاه ثم ادعى دارا في يد الوصي أنها من تركة والدي ولم أقبضها قال أقبل ببينته وأقضي بها له أرأيت إن قال قد استوفيت جميع ما تركه والدي من دين على الناس وقبضت كله ثم ادعى دينا على رجل لأبيه ألا أقبل ببينته وأقضي له بالدين ا هـ
وفي البزازية لو أبرأ أحد الورثة الباقي ثم ادعى التركة وأنكر وإلا تسمع دعواه وإن أقروا بالتركة أمروا بالرد عليه
____________________
(8/88)
وفيها ولو قال تركت حقي من الميراث أو برئت منها ومن حصتي لا يصح وهو على حقه لأن الإرث جبري لا يصح تركه ا هـ
وفي الخانية وفي الوصايا من تصرفات الوصي أشهد اليتيم على نفسه بعد البلوغ أنه قبض من الوصي جميع تركة والده ولم يبق له من تركة والده عنده من قليل ولا كثير إلا قد استوفاه ثم ادعى في يد الوصي شيئا وقال هو من تركة والدي وأقام البينة قبلت بينته وكذا لو أقر الوارث أنه قد استوفى جميع ما ترك والده من الدين على الناس ثم ادعى لأبيه دينا على رجل تسمع دعواه ا هـ
وقول قاضيخان أشهد اليتيم على نفسه أنه قبض تركة والده
أقول ذكر الطرسوسي في شرح فوائده المنظومة قلت انتقض قولهم إن النكرة في سياق النفي تعم لأن قوله لم يبق حق نكرة في سياق النفي فعلى مقتضى القاعدة لا تصح دعواه بعد ذلك لتناقضه والمتناقض لا تسمع دعواه ولا بينته ا هـ
أقول إنما اغتفر مثله لأنه محل الخفاء بكونه لا يحيط علمه بما ترك والده بل قد يخفى عليه ذلك فيعفى التناقض تأمل
وأقول قد حرر سيدي الوالد رحمه الله تعالى المسألة برسالة سماها ( إعلام الأعلام بأحكام الإبراء العام ) وفق فيها بين عبارات متعارضة ورفع ما فيها من المناقضة
وحاصل ما فيها الفرق بين إقرار الابن للوصي وبين إقرار الورثة للبعض لما في البزازية عن المحيط لو أبرأ أحد الورثة الباقي إلى آخر عبارتها المتقدمة
ووجه الفرق بينهما أن الوصي هو الذي يتصرف في مال اليتيم بلا اطلاعه فيعذر إذا بلغ وأقر بالاستيفاء منه لجهله بخلاف بقية الورثة فإنهم لا تصرف لهم في ماله ولا في شيء من التركة إلا باطلاع وصية القائم مقامه فلا يعذر بالتناقض ومن أراد مزيد البيان ورفع الجهالة فعليه بتلك الرسالة ففيها الكفاية لذوي الدراية
قوله ( لا تسمع الدعوى ) أي من أي مدع كان كغريم دائن ومودع هذا
وقد تقدم أن دعوى أنه وارث تسمع على الدائن والمديون
قوله ( على غريم ميت ) بالإضافة والمراد به دائن الميت كما هو المتبادر من البيري واستظهر الحموي أنه مديون الميت
والحاصل أنه إذا ادعى قوم على الميت ديونا وأرادوا أن يثبتوا ذلك فليس لهم أن يثبتوا على غريم للميت عليه دين ولا على موصي له بل لا بد من حضور وارث أو وصي
قال في البزازية وإثبات الدين على من في يده مال الميت هل يصح اختلف المشايخ
وصورته المريض مرض الموت وهب كل ماله في مرضه أو أوصى بجميع ماله ثم ادعى رجل دينا على الميت قال السعدي نصب القاضي وصيا وسمع الخصومة عليه
وقال شمس الأئمة يسمع على من في يده المال
ا هـ
ومن هنا تعلم أن قوله الآتي زائدا صوابه ذا يد كما هو في أصل عبارة الأشباه
وفي البحر واختلف المشايخ في إثبات الدين على من في يده مال الميت وليس بوارث ولا وصي ولا تسمع دعوى دين على ميت على غريم الميت مديونا أو دائنا
ا هـ
وفي حاشية الأشباه للحموي واستثناء الموهوب له من غريم الميت منقطع إذ ليس هو من الغرماء حتى يكون متصلا
____________________
(8/89)
وفي البزازية تقبل بينة إثبات الدين على الميت على الموصى له أو مديون الميت أو الوارث أو الذي له على الميت دين ومثله في العطائية
وفي قاضيخان من الوصايا رجل مات وعليه دين محيط بماله
قال أبو بكر الوارث لا يصير خصما للغرماء لأنه لا يرث
وقال علي بن محمد الوارث يصير خصما ويقوم مقام الميت في الخصومة وبه نأخذ
ثم قال والصحيح أن يكون الوارث خصما لمن يدعي الدين على الميت وإن لم يملك شيئا
وفي البزازية أيضا والخصم في إثبات كونه وصي الوارث أو الموصى له أو مديون الميت أو دائنه وقيل الدائن ليس بخصم
قال في نور العين من الخامس لا تقبل دعوى من يدعي على ميت بحضرة رجل يدعي أنه وصي الميت وأقر المدعي عليه بالوصاية
ا هـ
فتبين من هذا أن الدعوى إنما تسمع على وصي محقق
وفيه من السادس في دعوى دين على الميت يكفي حضور وصيه أو وراثه ولا حاجة إلى ذكر كل الورثة
ا هـ
وعبارة الأشباه لا تسمع الدعوى بدين على ميت لا على وارث أو وصي موصى له ولا تسمع على غريم له كما في جامع الفصولين إلا إذا وهب جميع ماله لأجنبي وسلمه له فإنها تسمع عليه لكونه ذا يد كما في خزانة المفتين انتهى فعلى هذا
قوله غريم ميت تركيب إضافي بمعنى اللام
فرع قال في خزانة الأكمل لو مات رجل في بلد بعيد وترك مالا وادعى رجل عليه دينا وورثته في بلد منقطع عنه فإن القاضي ينصب له وصيا ويسمع ببينته ويقضي له بالدين ولو لم يكن منقطعا لا تسمع بينته على غير الوارث انتهى قوله ( إلا إذا وهب الخ ) صورته رجل وهب جميع ماله لإنسان وسلمه إياه ثم مات فادعى عليه آخر أن هذه العين له أو أنه له على الميت كذا من الدين فإنها تسمع دعواه عليه لأن في الأولى العين التي يدعيها في يد الموهوب له وفي الثانية الدين متعلق بالتركة وهي في يده لكن في الثانية يشترط أن تكون الهبة في مرض الموت لأن الدين إنما يتعلق بها فيه فعلم أن الاستثناء هنا منقطع لأن الموهوب له ليس بغريم
وفي البزازية أن الموصى له بجميع المال أو بما زاد على الثلث خصم لعدم الوارث لأن استحقاق الزائد على الثلث من خصائص الوارث فيلحق بالوارث
حموي
قوله ( لكونه زائدا ) أي علي الثلث كما تقدم وفي نسخة ذا يد أي صاحب يد وقد علمت توجيهه وإن كان الأول صوابا أيضا كما ذكر في البزازية
قوله ( لا يجوز للمدعي عليه الإنكار الخ ) قال بعض الفضلاء يلحق بهذا مدعي الاستحقاق للمبيع فإنه ينكر الحق حتى يثبت ليتمكن من الرجوع على بائعه ولو أقر لا يقدر
وأيضا ادعاء الوكالة أو الوصاية وثبوته لا يكون إلا على وجه الخصم الجاحد كما ذكره قاضيخان فإن أنكر المدعى عليه ليكون ثبوت الوكالة والوصاية شرعا صحيحا يجوز فيلحق هذا أيضا بهما ويلحق بالوصي أحد الورثة إذا ادعى عليه الدين فإنه لو أقر بالحق يلزمه الكل من حصته وإذا أنكر فأقيمت البينة عليه يلزم من حصته وحصتهم
حموي
قوله ( ليبرهن فيتمكن من الرد ) لأنه إن قبله بغير قضاء لم يكن له الرد والظاهر أن هذا فيما إذا كان بائعه تملكه بالشراء من آخر أما إذا كان موروثا أو موهوبا أو موصى به أو نتاجا فلا ينكر
____________________
(8/90)
البتة
وصورته أن لا يكون عالما بالعيب قبل البيع وإلا كان راضيا به فلا يتمكن من الرد
قوله ( إذا علم بالدين ) فإنه لو أقر يلزمه ولا يرجع بخلاف ما إذا أنكر وأقيمت البينة
زاد أبو السعود أو إذا علم الوصي بالنسب كما فهمه من عبارة الحانوتي في فتاواه
قوله ( لا تحليف مع البرهان ) قيل عليه لو قال مع البينة لكان صوابا إذ لا تحليف مع الإقرار بعين وهو برهان ا هـ
والجواب أن المطلق محمول على الفرد الكامل وهو البينة
ا هـ
قوله ( دعوى دين على ميت ) في أوائل دعوى التنقيح أجمعوا على أن من ادعى دينا على الميت يحلف بلا طلب وصي ووارث بالله ما استوفيت دينك منه ولا من أحد أداه عنه وما قبضه قابض ولا أبرأته ولا شيئا منه ولا أحلت به ولا بشيء منه على أحد ولا عندك ولا بشيء منه رهن فإذا حلف أمر بالدفع إليه وإن نكل لم يؤمر بالدفع إليه
خلاصة
فلو حكم القاضي بالدفع قبل الاستحلاف لم ينفذ حكمه وتمامه فيها
وفيها عن البحر ولم أر حكم من ادعى أنه دفع للميت دينه وبرهن هل يحلف وينبغي أن يحلف احتياطا لكن رده الرملي بأنه في مسألة دفع الدين شهدوا على حقيقة الدفع فانتقى احتمال أنهم شهدوا باستصحاب الحال وقد استوفى في باطن الأمر كما في مدعي الدين وارتضاه الوالد رحمه الله تعالى بقوله وكلام الرملي هو الأوجه كما لا يخفى على من تنبه وقدمناه بما لا مزيد عليه
قوله ( واستحقاق مبيع ) يعني إذا استحق المبيع بالبينة من المشتري فللمستحق عليه تحليف المستحق بالله ما بعته ولا وهبته ولا تصدقت به ولا خرجت العين عن ملكك بوجه من الوجوه
قوله ( ودعوى آبق ) أي دعوى تملك آبق
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى لعل صورتها فيما إذا ادعى على رجل أن هذا العبد عبدي أبق مني وأقام بينة على أنه عبده فليحلف أيضا لاحتمال أنه باعه
تأمل
ثم رأيت في شرح هذا الشرح نقل عن الفتح هكذا
وعبارته قال في الفتح يحلف مدعي الآبق مع البين بالله أنه باق على ملكك إلى الآن لم يخرج ببيع ولا هبة ولا نحوها
ا هـ
وصورة ط بما إذا حبس القاضي الآبق فجاء رجل وادعاه وأقام بينة أنه عبده يستحلف بالله أنه باق في ملكه ولم يخرج ببيع ولا هبة فإذا حلف دفعه إليه وذلك صيانة لقضائه عن البطلان ونظرا لمن هو عاجز عن النظر لنفسه من مشتر وموهوب له ويلحق بهذه المسائل ما إذا قامت البينة للغريم المجهول حاله بأنه معدم فلا بد من يمينه أنه ليس له مال ظاهر ولا باطن وإن وجد مالا يؤدي حقه عاجلا لأن البينة إنما قامت على الظاهر ولعله غيب ماله وما لو شهد الشهود أن له عليه دراهم سواء قالوا لا نعرف عددها أم لا تجعل ثلاثة ويحلف على نفي ما زاد عنها إذا كان المدعي يدعي الزيادة
ا هـ
قوله ( الإقرار لا يجامع البينة ) لأنها لا تقام إلا على منكر وذكر هذا الأصل في الأشباه في كتاب الإقرار عن الخانية واستثنى منه أربع مسائل وهي ما سوى دعوى الآبق وكذا ذكرها قبله في كتاب القضاء والشهادات ولم يذكر الخامسة بل زاد غيرها وأوصلها إلى سبع وتأتي هنا مفصلة مع زيادة ثلاثة أخر وعليه فتكون عشرة
قال في جامع الفصولين وهذا يدل على جواز إقامتها مع الإقرار في كل موضع يتوقع الضرر من المقر لولاها فيكون هذا أصلا
قوله ( إلا في أربع ) الذي ذكره هنا خمسة ولكنها سبعة كما في الحموي
ملخصها أنه لا تسمع البينة على مقر إلا على وارث مقر بدين على الميت فتقام البينة للتعدي وفي مدعي
____________________
(8/91)
عليه أقر بالوصاية فبرهن الوصي وفي مدعى عليه أقر بالوكالة فيثبتها الوكيل دفعا للضرر وفي الاستحقاق تقبل البينة به مع إقرار المستحق عليه ليتمكن من الرجوع على بائعه وفيما لو خوصم الأب بحق عن الصبي فأقر لا يخرج عن الخصومة ولكن تقام البينة عليه مع إقراره بخلاف الوصي وأمين القاضي إذا أقر خرج عن الخصومة وفيما لو أقر الوارث للموصى له فإنها تسمع البينة عليه مع إقراره
وفيما لو أجر دابة بعينها من رجل ثم من آخر فأقام الأول البينة فإن كان الآجر حاضرا عليه البينة وإن كان يقر بما يدعي
قوله ( وكالة ) يعني لو أقر بوكالة رجل بقبض دين عليه لموكله فإن الوكيل يقيم بينته إذ لو دفعه بلا بينة يتضرر إذ لا تبرأ ذمته إذا أنكر الموكل وكالته ا هـ
ط
زاد الفاضل الحموي ثامنة وتاسعة نقلهما عن البدائع من كتاب القسمة
الثامن الورثة إذا كانوا مقرين بالعقار لا بد من إقامة البينة على بعضهم على قول أبي حنيفة
التاسع الأب أو الوصي إذا أقر على الصغير لا بد من بينة مقام عليه مع كونه مقرا ا هـ
وزاد بعض الفضلاء عاشرا وهو ادعى على آخر عقارا أنه في يده وهو مستحق فأقر باليد تسمع بينته أنه ذو اليد مع إقراره ا هـ
قوله ( ووصاية ) يعني إذا أقر المدعى عليه بالوصاية
وصورته رجل قال للقاضي إن فلان بن فلان الفلاني أقامني وصيا ومات وله على هذا كذا أو في يد هذا كذا فصدقه المدعى عليه فالقاضي لا يثبت وصايته بإقراره حتى يقيم البينة عليها لأنه إذا دفع إليه المال اعتمادا على الإقرار فقط لا تبرأ ذمته من الدين إذا أنكر الوارث أما لو دفع بعد البرهان تبرأ ذمته
أفاده صاحب تنوير الأذهان
قوله ( وإثبات دين على ميت ) صورته ادعى على بعض الورثة دين على الميت فأقر الوارث بالدين فإنه يستوفي من نصيبه قدر ما يخصه من الدين وللطالب أن يقيم بينة على حقه ليكون حقه في كل التركة وكذا إذا أقر جميع الورثة تقبل بينته لأن المدعي يحتاج إلى إثبات الدين في حقهم وحق دائن آخر
وفي البيري اختلفوا فيما إذا أقر المدعى عليه بعد إقامة البينة هل يقضي عليه بالإقرار أو بالبينة
قيل يقضي بالبينة لأنه بالإنكار وإقامة البينة استحق عليه الحكم فلا يبطل الحق السابق بالإقرار اللاحق ولأن زيادة التعدي الثابتة بالبرهان حقه فلا يؤثر الإقرار اللاحق في بطلانه
ا هـ
موضحا ط
وقدمنا الكلام عليه
قوله ( واستحقاق عين من مشتر ) فإن المشتري إذا أقر بالاستحقاق للمستحق لا يتمكن من الرجوع بالثمن على بائعه فإذا أقيمت عليه البينة أمكنه ذلك وقد تقدم أنه يسوغ له الإنكار مع العلم لأجل هذا التمكن ط
لكن قد يقال مع الإقرار كيف يكون له الرجوع
تأمل
قوله ( ودعوى الآبق ) يعني إذا ادعى على شخص أن العبد الذي عنده أبق منه وأقر واضع اليد بذلك فله أن يطلب البينة على ذلك لاحتمال أن الغير تملكه منه
قوله ( لا تحليف على حق مجهول ) أي ادعى به مدع كما لو ادعى على شريكه خيانة مبهمة لم يحلف كما في الخانية
لكن أفتى قارىء الهداية بخلافه
وعبارته سئل إذا ادعى أحد الشريكين على آخر خيانة وطلب من الحاكم يمينه هل يلزم أو لا أجاب إذا ادعى عليه خيانة في قدر معلوم وأنكر فحلف عليه فإن حلف بريء وإن نكل ثبت ما ادعاه وإن لم يعين مقدارا فكذا الحكم لكن إذا نكل عن اليمين لزمه أن يبين مقدار ما كان فيه والقول في مقداره إلى
____________________
(8/92)
المقر مع يمينه لأن نكوله كالإقرار بشيء مجهول والبيان في مقداره إلى المقر مع يمينه إلا أن يقيم خصمه بينة على الأكثر ومثله المضارب مع رب المال
قوله ( إذا اتهم القاضي وصي يتيم ومتولي وقف ) ولم يدع عليه شيئا معلوما فإنه يحلف نظرا لليتم
والوقف
حموي
قوله ( وفي رهن مجهول ) أي لو ادعى الراهن رهنا مجهولا أي كثوب مثلا فأنكر المرتهن فإنه يحلف وقيده بعض الفضلاء عازيا إلى القنية بما إذا ذكر المدعي قدر الدين الذي وقع به الرهن ط
قوله ( ودعوى سرقة ) أقول فيه نظر لما نقل قاضيخان من أنه يشترط ذكر القيمة في الدعوى إذا كانت سرقة ليعلم أنها نصاب أو لا فأما فيما سوى ذلك فلا حاجة إلى بيانها
أبو السعود
ولعل ذلك في حق القطع لا الضمان كما يفيده كلامه ط
قال في جامع الفصولين ادعى أعيانا مختلفة الجنس والنوع والصفة وذكر قيمة الكل جملة ولم يذكر كلا على حدة اختلف فيه المشايخ قيل لا بد من التفصيل وقيل يكتفي بالإجمال وهو الصحيح إذ المدعي لو ادعى غصب هذه الأعيان لا يشترط لصحة دعواه بيان القيمة فلو ادعى أن الأعيان قائمة فيؤمر بإحضارها فتقبل البينة بحضرتها ولو قال إنها هالكة وبين قيمة الكل تسمع دعواه
وفي ج ولو ادعى أنه غصب أمته ولم يذكر قيمتها تسمع دعواه ويؤمر برد الأمة ولو هالكة فالقول في قدر القيمة للغاصب فلما صح دعوى الغصب بلا بيان القيمة فلأن يصح إذا بين قيمة الكل جملة أولى وقيل إنما يشترط ذكر القيمة لو كانت الدعوى سرقة ليعلم أن السرقة كانت نصابا وفي غيرها لا يشترط ذكره الحموي فظهر أن إيرادها في هذا المحل في حق الضمان لا القطع كما قدمناه عن ط
قوله ( وغصب ) قال في الدرر والغرر ولو قال غصب مني عين كذا ولا أدري أنه هالك أو قائم ولا أدري كم كانت قيمته وذكر في عامة الكتب أنها تسمع الدعوى لأن الإنسان ربما لا يعرف قيمة ماله فلو كلف بيان القيمة لتضرر
وفائدة صحة الدعوى مع هذه الجهالة الفاحشة توجه اليمين على الخصم إذا أنكر والجبر على البيان إذا أقر ونكل عن اليمين
ا هـ
وقدمناه في الدعوى مع ما عليه من الكلام فراجعه
قوله ( وخيانة مودع ) فإنه يحلف ما خان فيما ائتمن فإن حلف برىء وإن نكل يجبر على بيان قدر ما نكل عنه وقيل لا يستحلف حتى يقدر شيئا يستحلف عليه
وذكر بعض الفضلاء أن سماع الدعوى في مثل هذه المسائل مع الجهالة متفق عليه إلا في دعوى الوديعة ودعوى الغصب حيث يشترط لسماعها فيهما بيان القيمة عند بعض المشايخ ا هـ
وينبغي زيادة دعوى السرقة كما يعلم من الحموي
قال شمس الأئمة الحلواني الجهالة كما تمنع قول البينة تمنع الاستحلاف
إلا إذا اتهم القاضي وصي اليتيم الخ
وحينئذ فدعوى المجهول لا يستحلف عليها فلو ادعى على رجل أنه استهلك ماله وطلب التحليف من القاضي لا يحلفه وكذا لو قال بلغني أن فلان بن فلان أوصى لي ولا أدري قدره وأراد أن يحلف الوارث لا يجيبه القاضي وكذا المديون إذا قال قضيت بعض ديني ولا أدري كم قضيت أو قال نسيت قدره وأراد تحليف الطالب لا يلتفت إليه كما في الخانية
قوله ( إلا في مسألة في دعوى البحر الخ ) أي قبل قوله ولا ترد يمين على مدع
قوله ( وهي غريبة يجب حفظها ) ستأتي هذه المسألة في كتاب الغصب وكتب المحشي هناك على قوله فلو لم يبين فقال
____________________
(8/93)
الظاهر أن في النسخة خللا لأنه إذا لم يبين فما تلك الزيادة التي يحلف عليها أي على نفيها وفي ظني أن أصل النسخة فإن بين يعني أنه لو بين حلف على نفي الزيادة التي هي أكثر مما بينه وأقل مما يدعيه المالك هذا
وينبغي أن يقارب في البيان حتى لو بين قيمة فرس بدرهم لا يقبل منه كما تقدم نظيره
ا هـ
وكتب على قوله هناك ولو حلف المالك أيضا على الزيادة أخذها لم يظهر وجهه فليراجع ا هـ
قوله ( وألزم ببيانه ) لأنه أقر بقيمة مجهولة فإن أخبر بشيء يحلف على ما يدعيه المغصوب منه من الزيادة فإن حلف لا يثبت ما ادعاه المغصوب منه وإن نكل لا يثبت أيضا ما لم يحلف المدعي أن قيمته مائة فإن حلف أخذ من الغصب مائة وقوله يحلف على ما يدعيه المغصوب منه فيه أنه حلف أولا على ذلك فلو كانت هذه اليمين على ما ذكره من القيمة بأن يحلف أن قيمته ما ذكره
وحاصله أن يمين المدعى عليه أنها لم تكن قيمته مائة ويمين المدعي أن قيمته المائة
قوله ( يحلف على الزيادة ) أي التي يدعيها المالك فإن حلف لا يثبت ما ادعاه المغصوب منه وإن نكل لا يثبت أيضا ما لم يحلف المدعي أن قيمته مائة وإلى هذا أشار بقوله ثم يحلف المغصوب منه الخ والظاهر أن ثمرة هذا اليمين ثبوت الخيار له إذا ظهر
قوله ( ثم يحلف المغصوب منه أيضا أن قيمته مائة ) فإن حلف أخذ من الغاصب مائة لكن قد يقال إذا لم يبين فما تلك الزيادة التي يحلف عليها وعليه فالأولى أن يقول فإن بين حلف على نفي الزيادة التي هي أكثر مما بينه وأقل مما يدعيه المالك
تأمل
قوله ( ولو ظهر ) أي الثوب
قوله ( بين أخذه ) أي الثوب بما دفعه من الدراهم لا بقيمة الثوب في ذاته وإن كانت أنقص أو أزيد لأن المالك لم يرض إلا بدفعه بالمائة
قوله ( أو قيمته ) عطف على الضمير المجرور أي أو أخذ قيمته بأن يرده ويأخذ القيمة التي دفعها
وفي متفرقات إقرار التاترخانية ويجبر الغاصب على البيان لأنه أقر بقيمة مجهولة وإذا لم يبين يحلف على ما يدعي المالك من الزيادة فإن حلف ولم يثبت ما ادعاه المالك يحلف أن قيمته مائة ويأخذ من الغاصب مائة فإذا أخذ ثم ظهر الثوب خير الغاصب بين أخذه أو رده وأخذ القيمة
وحكى عن الحاكم أبي محمد العيني أنه كان يقول ما ذكر من تحليف المغصوب منه وأخذ المائة بثمنه من الغاصب هذا بالإنكار يصح وكان يقول الصحيح في الجواب أن يجبر الغاصب على البيان فإن أبى يقول له القاضي أكان قيمته مائة فإن قال لا يقول أكان خمسين فإن قال لا يقول خمسة وعشرين إلى أن ينتهي إلى ما لا تنقص عنه قيمته عرفا وعادة فيلزمه ذلك
ا هـ
لكن قال بعض الفضلاء الحصر ممنوع لأنهما إذا اختلفا في قدر الثمن أو المبيع ولا بينة تحالفا ولو اشترى أمة بألف وقبضها ثم تقايلا وقيل قبضها اختلفا في قدر الثمن تحالفا ولو اختلفا في الأجرة أو المنفعة أو فيهما قبل التمكن في الدمرة تحالفا
حموي
وفيه أن كلا منهما في هذه المسائل مدع ومدعى عليه
ط عن الطوري
ومثله في حاشية الحموي
تذنيب برهن أنه ابن عمه لأبيه وأمه وبرهن الدافع أنه ابن عمه لأمه فقط أو على إقرار الميت به أي بأنه ابن عمه لأمه فقط كان دفعا قبل القضاء بالأول لا بعده لتأكده بالقضاء
ادعى ميراثا بالعصوبة فدفعه أن يدعي خصمه قبل الحكم بإقراره بأنه من ذوي الأرحام إذ يكون حينئذ متناقضا
____________________
(8/94)
ادعى قيمة جارية مستهلكة فبرهن الخصم أنها حية رأيناها في بلد كذا لا يقبل إلا أن يجيء بها حية
الكفيل ينصب خصما عن الأصل بلا عكس لأن القضاء على الكفيل قضاء على الأصيل ولا عكس
إذا اشترك الدين بين شريكين لا بجهة الإرث فأحدهما لا ينتصب خصما عن الآخر الكل من الدرر
رجل غاب عن امرأته وهي بكر أو ثيب فتزوجت بزوج آخر وولدت كل سنة ولدا قال أبو حنيفة الأولاد للأول
وعنه أنه رجع عن هذا وقال لا يكون الأولاد للأول وإنما هم للثاني
وعليه الفتوى كما في الخانية
ولو ادعى عليه مهر امرأة فقال ما تزوجها ثم ادعى الإبراء عن المهر فهو دفع مسموع إن وفق كما في القنية
وفيها ادعى عليه شيئا فأمره القاضي بالمصالحة فقال لا أرضى بهذه المصالحة وتركته أصلا فهو إسقاط لما يدعيه عنك
إذا قال تركته أصلا فهو إبراء وعنه لو قال تركت دعواي على فلان وفوضت أمري إلى الآخرة لا تسمع دعواه بعده
أقول قيد القاضي اتفاقي كما لا يخفى
وفي الفتاوي النجدية رجل مات فقالت امرأة لابن الميت كنت امرأة أبيك محمد إلى يوم موته وطلبت المهر والميراث فأنكر الابن وقال اسم أبي لم يكن محمدا وإنما كان عمر ثم جاءت فادعت أنها امرأة أبيه عمر إلى يوم موته وطلبتهما تسمع دعواها وليس بتناقض لجواز أن يكون له اسمان شذ تسمع إذا وفق المدعي
أقول وجه التوفيق بأن تقول كنت أعلم أن لأبيه اسمين فادعيت بأحدهما فلما أنكر ادعيت بالآخر وفهم من هذه المسألة أن تسمع الدعوى على الميت بدون اسم أبيه ونسبه
تدبر
قال في التاترخانية في الخامس عشر من الدعوى غلط الاسم لا يضر لجواز أن يكون له اسمان ومثله في صور المسائل عن الفتاوى الرشيدية
وفي البزازية في السادس عشر من الاستحقاق وكذا في الخيرية من العشر والخراج وقدمناه عن التنقيح
ولنختم هذا الباب بمسألة ختم بها كتاب الدعوى في الجامع الصغير نسأل الله حسن الخاتمة
وهي أنه إذا قالت المرأة أنها أم ولد هذا الرجل وأرادت استحلافه ليس لها ذلك في قول أبي حنيفة خاصة لأن أمومية الولد تابع للنسب وهو لا يرى اليمين في النسب ا هـ
والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
كتاب الإقرار ثبت بالكتاب وهو قوله تعالى { وليملل الذي عليه الحق } البقرة 282 أمره بالإملال فلو لم يقبل إقراره لما كان للإملال معنى وقوله { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم } النساء 135 والمراد به إقرار
زيلعي
والسنة فقد قبل إقرار ماعز والغامدية والإجماع
فقد أجمعت الأمة على أن الإقرار حجة في حق نفسه حتى أوجبوا الحد والقصاص بإقراره وإن لم يكن حجة في حق غيره لعدم ولايته عليه فأولى المال والمعقول فإن العاقل لا يقر على نفسه كاذبا فيما فيه ضرر على نفسه أو ماله فترجحت جهة الصدق في حق نفسه لعدم التهمة وكمال الولاية ا هـ
بخلاف إقراره في حق غيره
حتى لو أقر مجهول النسب بالرق جاز ذلك على نفسه وماله ولا يصدق على أولاده وأمهاتهم ومدبريه ومكاتبيه بخلاف ما إذا ثبت بالبينة لأن البينة إنما تصير حجة بالقضاء والقضاء ولاية عامة فينفذ في حق الكل
أما الإقرار فحجة بنفسه ولا يحتاج فيه إلى القضاء فينفذ
____________________
(8/95)
عليه وحده الخ وقوله ولا يصدق على أولاده الخ لأنه ثبت لهم حق الحرية أو استحقاقها فلا يصدق عليهم كما في الدرر
قوله ( مناسبته ) أي للدعوى
ووجه تأخيره عنها أن الدعوى تنقطع به فلا يحتاج بعده إلى شيء آخر حتى إذا لم يوجد يحتاج إلى الشهادة وركنه لفظ أو ما في حكمه دال عليه كقوله لفلان علي كذا أو ما يشبهه لأنه يقوم به ظهور الحق وانكشافه حتى لا يصح شرط الخيار فيه بأن أقر بدين أو بعين على أنه بالخيار إلى ثلاثة أيام فالخيار باطل وءن صدقه المقر له والمال لازم كما في محيط السرخسي وله شروط ستذكر في أثناء الكلام وهي العقل والبلوغ بلا خلاف والحرية في بعض الأحكام دون البعض حتى لو أقر العبد المحجور بالمال لا ينفذ في حق المولى ولو أقر بالقصاص يصح
كذا في المحيط ويتأخر إقراره بالمال إلى ما بعد العتق وكذا المأذون له يتأخر إقراره بما ليس من باب التجارة كإقراره بالمهر بوطء امرأة تزوجها بغير إذن مولاه وكذا إذا أقر بجناية موجبة للمال لا يلزمه بخلاف ما إذا أقر بالحدود والقصاص كما في التبيين وكون المقربة مما يجب تسليمه إلى المقر له حتى لو أقر أنه غصب كفا من تراب أو حبة حنطة لا يصح لأن المقر به لا يلزمه تسليمه إلى المقر له ومنها الطواعية والاختيار حتى لا يصح إقرار المكره في النهاية وإقرار السكران بطريق محظور صحيح إلا في حد الزنا وشرب الخمر مما يقبل الرجوع وإن كان بطريق مباح لا كما في البحر وحكمه ظهور المقر به أي لزومه على المقر بلا تصديق وقبول من المقر له فإنه يلزم على المقر ما أقر به لوقوعه دالا على المخبر به لا ثبوته ابتداء كما في الكافي لأنه ليس بناقل لملك المقر إلى المقر له فلذا فرع عليه ما سيأتي من صحة الإقرار بالخمر للمسلم حتى يؤمر بالتسليم إليه ولو كان تمليكا مبتدأ لما صح وكذلك لا يصح الإقرار بالطلاق والعتاق مع الإكراه والإنشاء يصح مع الإكراه كما في المحيط
وحاصله أن قول المقر إن هذا الشيء لفلان معناه أن الملك فيه ثابت لفلان وليس معناه أنه ملك للمقر وجعله للمقر له فهو إخبار دال على المخبر به فيلزمه الصدق ويحتمل الكذب فيجوز تخلف مدلوله عنه كما في الإقرار بالطلاق مكرها كما قلنا وسيأتي لقيام دليل الكذب وهو الإكراه ولو كان معناه الثبوت ابتداء لصح لكونه إنشاء والإنشاء لا يتخلف مدلوله عنه كما سيأتي تمامه قريبا
ولو أقر لغيره بمال والمقر له يعلم أنه كاذب في إقراره لا يحل له ديانة إلا أن يسلمه بطيب من نفسه فيكون هبة منه ابتداء كما في القنية وإنما يعتبر الإقرار إظهارا في حق ملكية المقر به حتى يحكم بملكيته للمقر له بنفس الإقرار ولا يتوقف على تصديق المقر له أما في حق الرد فيعتبر تمليكا مبتدأ كالهبة حتى يبطل برد المقر له وبعدما وجد التصديق من المقر له لا يعمل رده لو رد الإقرار بعد ذلك ثم الإقرار إنما يبطل برد المقر له إذا كان المقر له يبطل بالرد حق نفسه خاصة أما إذا كان يبطل حق غيره فلا يعمل رده كما إذا أقر لرجل أني بعت هذا العبد من فلان بكذا فرد المقر له إقراره وقال ما اشتريت منك شيئا ثم قال بعد ذلك اشتريت فقال البائع ما بعتكه لزم البائع البيع بما سمي لأنه جحد البيع بعد تمامه وجحود أحد المتعاقدين لا يضر حتى أن المشتري متى قال ما اشتريت وصدقه البائع وقال نعم ما اشتريت ثم قال لا بل اشتريت لا يثبت الشراء وإن أقام البينة على ذلك لأن الفسخ تم بجحودهما ثم في كل موضع بطل الإقرار برد المقر له لو أعاد المقر ذلك الإقرار فصدقه المقر له كان للمقر له أن يأخذه بإقراره وهذا استحسان
هكذا في المحيط
____________________
(8/96)
ثم اعلم أن السكوت نزلوه منزلة الإقرار في مسائل سيذكرها الشارح ونذكر تمامها إن شاء الله تعالى كذلك الإيماء بالرأس وسيذكره المصنف
قوله ( إما منكر أو مقر ) واللائق بحال المسلم الإقرار بالحق كي لا يحتاج المدعي إلى تدارك الشهود والملازمة في باب القاضي للإحضار ولا سيما وما يلزم عليه في هذا الزمان للتسبب بالوصول إلى سحت المحصول كما أن اللائق بالمدعي أن تكون دعواه حقا لئلا يلزم المدعى عليه الدفع لسحت المنع وقدمه أي الإقرار على ما بعده وهو الصلح لترتبه على الإنكار غالبا ثم إذا حصل بالصلح شيء إما إن يستربح فيه بنفسه وتقدم طريقه في البيع أو بغيره وهو المضاربة وإن لم يستربح فإما أن يحفظه بنفسه ولا يحتاج إلى بيان حكمه أو بغيره وهو الوديعة
قوله ( وهو ) أي الإقرار أقرب أي لحال المسلم
قوله ( لغلبة الصدق ) أي من المدعي في دعواه ومن المقر فيما أقر له لأن العاقل لا يقر على نفسه كاذبا فيما ضرر على نفسه أو ماله فترجحت جهة الصدق في حق نفسه لعدم التهمة وكمال الولاية بخلاف إقرار في حق غيره
قوله ( هو لغة ) فإذا كان حسيا يقال أقره وإذا كان قوليا يقال أقر به فالإقرار إثبات لما كان متزلزلا بين الجحود والثبوت
أبو السعود
وهو مشتق من القرار
درر
قال في المنح وهو في اللغة إفعال من قر الشيء إذا ثبت وأقره غيره إذا أثبته قوله ( وشرعا إخبار ) أي في الأصح وليس بإنشاء لصحته في ملك غيره ولو أقر مريض بماله لأجنبي صح من غير توقف على إجازة وارث
قال في الحواشي السعدية ولعله ينتقض بالإقرار بأن لا حق له على فلان وبالإبراء وإسقاط الدين ونحوه كإسقاط حق الشفعة ا هـ
وقد يقال فيه إخبار بحق عليه وهو عدم وجوب المطالبة
تأمل
وللقول بأنه إنشاء فروع تشهد له منها لو رد إقراره ثم قبل لا يصح وكذا الملك الثابت بالإقرار لا يظهر في حق الزوائد المستهلكة فلا يملكها المقر له حموي
أقول قوله ( لا يظهر في حق الزوائد المستهلكة يفيد بظاهره أنه يظهر في حق الزوائد الغير المستهلكة )
وهو مخالف لما في الخانية رجل في يده جارية وولدها أقر أن الجارية لفلان لا يدخل فيه الولد ولو أقام بينة على جارية أنها له يستحق أولادها ا هـ
والفرق أنه بالبينة يستحقها من الأصل ولذا قلنا إن الباعة يتراجعون فيما بينهم بخلاف الإقرار حيث لا يتراجعون
بقي أن يقال في قول السيد الحموي هو إخبار في الأصح وليس بإنشاء مخالفة لما صرح به في البحر وجرى عليه المصنف من أنه إخبار من وجه إنشاء من وجه فللأول يصح إقراره بمملوك الغير ويلزمه تسليمه إذا ملكه ولو أقر بالطلاق والعتاق مكرها لا يصح وللثاني لو رد إقراره ثم قبل لا يصح وكذا الملك الثابت بالإقرار لا يظهر في حق الزوائد المستهلكة فلا يملكها المقر له
ا هـ
من غير ذكر خلاف ومنه تعلم أن ما ذكره السيد الحموي مما يدل على ثبوت الخلاف فيه حيث صحح كونه إخبار الإنشاء لا يصح عزوه لصاحب البحر كما وقع في كلام بعضهم فتنبه
قوله ( بحق عليه للغير ) قيده بأن يكون عليه لأنه لو كان على غيره لغيره يكون شهادة ولنفسه يكون دعوى زيلعي وأطلق الحق في قوله هو إخبار بحق عليه ليشمل ما لو كان الحق المقر به من قبيل الإسقاطات كالطلاق والعتاق إذا الطلاق رفع القيد الثابت شرعا بالنكاح فإذا أقر بالطلاق يثبت للمرأة
____________________
(8/97)
من الحق ما لم يكن لها من قبل وكذا العبد يثبت له على سيده حق الحرية إذا أقر سيده بعتقه فما قيل من أنه يرد على التعريف الإقرار بالإسقاطات كالطلاق والعتاق لعدم الإخبار فيها عن ثبوت حق للغير غير سديد
قوله ( إنشاء من وجه ) هو الصحيح وقيل إنشاء وينبني عليه ما سيأتي لكن المذكور في غاية البيان عن الأستروشنية
قال الحلواني أختلف المشايخ في أن الإقرار سبب للملك أو لا قال ابن الفضل لا واستدل بمسألتين
إحداهما المريض الذي عليه دين إذا أقر بجميع ماله لأجنبي يصح بلا إجازة الوارث ولو كانت تمليكا لا ينفذ إلا بقدر الثلث عند عدم الإجازة
والثانية أن العبد المأذون إذا أقر لرجل بعين في يده يصح ولو كان تمليكا يكون تبرعا منه فلا يصح
وذكر الجرجاني أنه تمليك واستدل بمسائل منها إن أقر لوارثه بدين في المرض لا يصح ولو كان إخبارا لصح ا هـ
ملخصا فظهر أن ما ذكره المصنف وصاحب البحر جمع بين الطريقتين وكأن وجهه ثبوت ما استدل به الفريقان
تأمل أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
لكن لو كان إخبارا من وجه وإنشاء من وجه كما ذكره المصنف لعرف بحد يشملها ولا قائل به ولأنهم قالوا لو أقر بمال للغير لزمه تسليمه للمقر له إذا ملكه ولو أقر بالطلاق والعتاق الخ فأمثال هذه المسائل دلت على أن الإقرار إخبار لا إنشاء
إذ لو كان إنشاء لم تكن كذلك وما استدل به على كونه إنشاء مطلقا أو من وجه أنه لو أقر لرجل فرد إقراره ثم قبل لم يصح ولو كان إخبارا لصح وأنه لو ثبت الملك بسبب الإقرار لم يظهر في حق الزوائد المتقدم ذكرها ولو كان إخبارا لصارت مضمونة عليه
أقول أما الجواب عن الأول فهو أن ارتداده بالرد ناشىء من أن حكمه الظهور لا الثبوت ابتداء وذلك ناشىء من كونه حجة قاصرة فلما صار مرتدا بالرد جعل كأنه لم يكن فلذلك لم يصح قبوله بعده
على أن هذا الدليل مشترك الإلزام حيث إنه دليل على أنه ليس بإنشاء إذ الإنشاء مما لا يرتد بالرد فيما يكون من قبيل الإسقاطات كما لو قال هذا الولد مني يرتد برد الولد فهذا دليل على أن الإقرار إخبار ثم عاد الولد إلى التصديق يثبت النسب نظرا إلى احتياج المحل وقد سبق
وأما الجواب عن الثاني أن الإقرار لما كان حجة قاصرة اقتصر ثبوت الملك وظهوره على المقر به فلم يتعد إلى الزوائد المستهلكة كما مر ويأتي فتبين أنه ليس بإنشاء أصلا
تدبر
قوله ( لأنه لو كان لنفسه ) أي على الغير ولو للغير على الغير يكون شهادة كما قدمناه
قوله ( لا إقرارا ) ولا ينتقض إقرار الوكيل والولي ونحوهما لنيابتهم مناب المنوبات شرعا
شرح الملتقى
قوله ( ثم فرع على كل من الشبهين ) صوابه من الوجهين لأنه لم يقل الإقرار يشبه الإخبار ويشبهه الإنشاء بل قال من وجه ومن وجه أي إخبار من وجه بالنظر لترتب بعض أحكام الإخبارات عليه وإنشاء من وجه من حيث ترتب بعض أحكام الإنشاءات عليه وقد تبع الشارح المصنف فالمعنى أنه يعطى حكم الإخبار في بعض الجزئيات وحكم الإنشاء في بعض آخر وأما بالنظر للفظه فهو إخبار عن ثبوت حق عليه لغيره لا غير
قوله ( فللوجه الخ ) علة مقدمة على المعلول
قوله ( صح إقراره ) لأن الإخبار في ملك الغير صحيح لكم بالنظر للمقر وأفاد أنه لا يحتاج إلى القبول كما قدمناه
____________________
(8/98)
وفي المنح عن تتمة الفتاوي الإقرار يصح من غير قبول لكن البطلان يقف على الإبطال والملك للمقر له يثبت من غير تصديق وقبول لكن يبطل برده والمقر له إذا صدق المقر في الإقرار ثم رده لا يصح الرد وأفاد أيضا صحة الإقرار للغائب
وأيضا يستفاد هذا مما سيأتي من قوله هي أي الألف المعينة لفلان لا بل لفلان لا يجب عليه للثاني شيء أي لأنه أقر بها للأول ثم رجع وشهد بها للثاني فرجوعه لا يصح وشهادته لا تقبل وبهذا تبين ضعف ما في الخانية من قوله لو أقر لغائب ثم أقر لآخر قبل حضور الغائب صح إقراره للثاني لأن الإقرار للغائب لا يلزم بل يتوقف على التصديق انتهى
ويمكن أن يقال معنى صحته للثاني ليست لاحتياجه للتصديق وإنما لأجل أن يرتد بالرد فأفاد في الخانية أنه يأخذه الثاني فإذا جاء الأول وصادق قبل رده الإقرار يأخذه وإن قال ليس لي يكون ملكا للثاني ولكن أفاد في البدائع أنه إن دفع للأول بلا قضاء يضمن للثاني لأن إقراره بها صحيح في حق الثاني إذا لم يصح للأول ا هـ
وأنت خبير بأن هذا التعليل ربما يرد عليه وحينئذ فتعليل المنح ظاهر وهو الموافق لظواهر الكتب المعتمدة
وفي المنح في مسائل شتى فسر الرد بأن يقول ما كان لي عليك شيء أو يقول بل هو لك أو لفلان
قال العلامة الخير الرملي قولهم الإقرار صحيح بدون التصديق لا يعارض قول العمادي إن إقراره للغائب توقف عمله على تصديق الغائب إذ لا مانع من توقف العمل مع الصحة كبيع الفضولي يصح ويتوقف وكذا لا يعارض ما في الخانية من قوله وأما الإقرار للغائب لا يلزم بل يتوقف على التصديق إذ معناه يتوقف لزومه لا صحته وقوله فإن كان صحيحا يمتنع الإقرار به للغير غير مسلم لعدم الملازمة ألا ترى أن للفضولي قبل إجازة المالك أن يبيع المبيع الذي باعه الآخر ويتوقف فلم يلزم من صحته عدم صحة بيعه للآخر بل الإقرار بمال الغير يصح ويلزم تسليمه إذا ملكه وهذا يدل على أن الإقرار ليس بسبب للملك كما سيأتي فكيف يلزم من صحة إقراره لغائب لا يلزمه ذلك حتى كان له الرد عدم صحة الإقرار به للغير
والحاصل أن الإقرار يصح مطلقا بلا قبول ولا يلزم لو كان المقر له غائبا ولعدم لزومه جاز أن يقر به لغيره قبل حضوره فاجتمعت كلمتهم على أن القبول ليس من شرط صحة الإقرار وأما لزومه فشيء آخر والمصنف لم يفرق بين الصحة واللزوم فاستشكل في منحه على الصحة المجتمعة عليها كلمتهم باللزوم
وأما ما أجاب به المجيب المذكور ففيه نظر إذ لو كان كما فهمه لما افترق الإقرار للحاضر والغائب مع أن بينهما فرقا في الحكم ألا ترى إلى قوله في الخانية ولو أقر لولده الكبير الغائب أو أجنبي بعد قوله وأما الإقرار للغائب لا يلزم فالذي يظهر أن الإقرار للغائب لا يلزم من جانب المقر حتى صح إقراره لغيره كما لا يلزم من جانب المقر له حتى رده
وأما الإقرار للحاضر فيلزم من جانب المقر حتى لا يصح إقراره به لغيره قبل رده ولا يلزم من جانب المقر له فيصح رده وأما الصحة فلا شبهة فيها في الجانبين بدون القبول كما يفهم من كلامهم انتهى
وفيه ويشكل على ما في الفصول العمادية من قوله وإن ادعى الرجل عينا في يد رجل وأراد استحلافه فقال صاحب اليد هذه العين لفلان الغائب لا يندفع اليمين عنه ما لم يقم البينة على ذلك بخلاف ما إذا قال هذا لابني الصغير
والفرق أن إقراره للغائب توقف عمله على تصديق الغائب فلا يكون العين مملوكا له بمجرد إقرار ذي اليد فلا يندفع اليمين
وأما إقراره للصبي فلا يتوقف على تصديق الصبي فيصير العين ملكا للصبي
____________________
(8/99)
بمجرد إقراره فلا يصح إقراره بعد ذلك لغيره فلا يفيد التحليف لأن فائدته النكول الذي هو كالإقرار
أقول لا يشكل ذلك فإن قوله توقف عمله صريح في صحته ولكن لما توقف عمل وهو اللزوم على تصديقه لم تندفع اليمين بمجرده ما لم يقم البينة عليه
تأمل
قوله ( إذا ملكه برهة من الزمان ) أي قليلا من الزمان حتى لو تصرف فيه لغير المقر له بعد ملكه لا ينفذ تصرفه وينقض لتصرفه في ملك غيره كما يؤخذ من القواعد
ويؤخذ من هذا الفرع كما قال أبو السعود أنه لو ادعى شخص عينا في يد غيره فشهد له بها شخص فردت شهادته لتهمة ونحوها كتفرد الشاهد ثم ملكها الشاهد يؤمر بتسليمها إلى المدعي انتهى
قوله ( لما صح ) أي إقراره للغير أي ولو ملكه بعد
قوله ( لما صح ) ( ولا يرجع بالثمن ) على البائع أي لاقتصار إقراره عليه فلا يتعدى لغيره
قوله ( صارت وقفا ) بخلاف ما إذا غصب دارا من رجل فوقفها ثم اشتراها حيث لا يجوز وقفه
والفرق أن فعل الغاصب إنشاء في غير ملكه فلا يصح لأن شرط صحته ملكه له بخلاف الإقرار لكونه إخبارا لا إنشاء
قوله ( مكرها ) حال من الضمير المضاف إليه الإقرار وإنما لم يصح إقراره بها مكرها لقيام دليل الكذب وهو الإكراه والإقرار إخبار يحتمل الصدق والكذب فيجوز تخلف مدلوله الوضعي عنه
منح
قوله ( ولو كان إنشاء لصح لعدم التخلف ) أي تخلف مدلول الإنشاء عنه أي لأنه يمتنع في الإنشاء تخلف مدلول لفظه الوضعي عنه أي متى وجد اللفظ الدال على إنشاء الطلاق أو العتاق سواء وجد مدلوله في حال الطواعية أو الإكراه وهذا مخصوص فيما يصح مع الإكراه بخلاف ما لا يصح معه كالبيع فإنه يتخلف مدلوله عنه مع الإكراه أي وهو إثبات الملك غير مستحق الفسخ
قوله ( وصح إقرار العبد المأذون بعين في يده ) ولو كان إنشاء لا يصح لأنه يصير تبرعا منه وهو ليس أهلا له
قوله ( والمسلم بخمر ) حتى يؤمر بالتسليم إليه ولو كان تمليكا مبتدأ لما صح كما في الدرر
وفيه إشارة إلى أن الخمر قائمة لا مستهلكة إذ لا يجب بدلها للمسلم نص عليه في المحيط كما في الشرنبلالية
قوله ( وبنصف داره مشاعا ) أي الدار القابلة للقسمة فإنه يصح الإقرار بها لكونه إخبارا ولو كان إنشاء لكان هبة وهبة المشاع القابل للقسمة لا تتم ولو قبض بخلاف مالا يقسم كبيت وحمام صغيرين فإنها تصح فيه وتتم بالقبض
قوله ( والمرأة بالزوجية من غير شهود ) لأنه إخبار عن عقد سابق ولو كان إنشاء لما صح إقرارها بالزوجية من غير شهود لأن إنشاء عقد النكاح يشترط لصحته حضورهم كما مر في بابه
قوله ( ولا تسمع دعواه عليه بأنه أقر له بشيء معين بناء على الإقرار له بذلك ) يعني إذا ادعى عليه شيئا لما أنه أقر له به لا تسمع دعواه لأن الإقرار إخبار لا سبب للزوم المقر به على المقر وقد علل وجوب المدعي به على المقر بالإقرار وكأنه قال أطالبه بما لا سبب لوجوبه عليه أو لزومه بإقراره وهذا كلام باطل
منح
وبه ظهر أن الدعوى بالشيء المعين بناء على الإقرار كما هو صريح المتن لا بالإقرار بناء على الإقرار قوله بأنه أقر له لا محل له وفي إقحامه ركاكة
تأمل
قوله ( به يفتي ) مقابله أنها تسمع كما في جامع الفصولين
وحاصله أن الإقرار هل هو باق في الشرع أو هو إنشاء في المعنى فيكون سببا لذلك فمن جعله إنشاء سوغ
____________________
(8/100)
هذه الدعوى ومن جعله باقيا على معناه الأصلي لم يجوز سماعها وعليه الجمهور وجميع المتأخرين وهو الصحيح المعول عليه كما في الخلاصة
قوله ( لأنه إخبار ) أي لا سبب للزوم المقر به على المقر وهو قد جعل سبب وجوب المدعى به على المقر الإقرار فكأنه قال أطالبه بلا سبب لوجوبه عليه أو لزومه بإقراره وهذا باطل لما علم من كلام مشايخنا
قوله ( لم يحل له ) أي للمقر له أي لا يجوز له أخذه جبرا ديانة كإقراره لامرأته بجميع ما في منزله وليس لها عليه ا هـ
بحر أي ولو كان إنشاء يحل أخذه كما في الدرر وما نقله في القنية عن بعض المشايخ من أن الإقرار كاذبا يكون ناقلا للملك فخلاف المعتمد الصحيح من المذهب الذي إليه يذهب
قوله ( نعم لو سلمه برضاه كان ابتداء هبة وهو الأوجه ) هذا ظاهر إذا تعمد الكذب أما إذا كان يظن أنه واجب عليه يتعين الإفتاء بعدم الحل
فرع الإبراء والإقرار لا يحتاجان إلى القبول
أفاده السائحاني
قوله ( أو يقول لي عليه كذا وهكذا أقر به ) أي إنه لي عليه
وفي شرح تحفة الأقران وأجمعوا أنه لو قال هذا العين ملكي وهكذا أقر به المدعى عليه يقبل
قوله ( ثم لو أنكر الإقرار ) أي وقد ادعى ما أقر به لكونه ملكه ولم يبن على مجرد إقراره لما تقدم
قوله ( الفتوى أنه لا يحلف على الإقرار بل على المال ) قال ابن الغرس ثم لا يجوز أن يحلف أنه ما أقر به قولا واحدا لأن الصحيح أن الإقرار ليس بسبب للملك وقد علمت الحكم في الأسباب الشرعية المتفق على سببيتها وأن الصحيح أنه لا يحلف عليها فكيف الحال فيما سببيته قول مرجوح ا هـ
وقيل يحلف بناء على أنه إنشاء ملك
قوله ( وأما دعوى الإقرار في الدفع ) بأن أقام المدعى عليه بينة أن المدعي أقر أنه لا حق له قبل المدعى عليه أو أقام المدعى عليه بينة أن المدعي أقر أن هذه العين ملك المدعى عليه فتسمع وأما دعوى الإقرار بالاستيفاء فقيل لا تسمع لأنه دعوى الإقرار في طرف الاستحقاق إذ الدين يقضى بمثله
ففي الحاصل هذا دعوى الدين لنفسه فكان دعوى الإقرار في طرف الاستحقاق فلا تسمع جامع الفصولين معزيا للمحيط والذخيرة
ومثله في البزازية لكن زاد فيها وقيل يسمع لأنه في الحاصل يدفع أداء الدين عن نفسه فكان في طرف الدفع
ذكره في المحيط
وذكر شيخ الإسلام برهن المطلوب على إقرار المدعي بأنه لا حق له في المدعي أو بأنه ليس بملك له أو ما كانت ملكا له يندفع الدعوى إن لم يقر به لإنسان معروف وكذا لو ادعاه بالإرث فبرهن المطلوب على إقرار المورث بما ذكرنا وتمامه فيها
قوله ( فتسمع عند العامة ) كما في الدرر وشرح أدب القاضي والخانية وهذا مقابل قول المصنف ولا تسمع دعواه عليه
قوله ( لا يصح ) هذا في الإقرار بما يرتد أما فيما لا يرتد بالرد كالرق والنسب فإنه لو أقر به ثم ادعاه المقر له بعد رده يقبل مبسوط والعقود اللازمة مثل النكاح مما لا يرتد بالرد فلو قال لها تزوجتك أمس فقالت لا ثم قالت بلى وقال هو لا لزمه النكاح لأن إقراره لم يبطل إذ النكاح عقد لازم لا يبطل بمجرد جحود أحد الزوجين فيصح بتصديقها بعد التكذيب فيثبت ولا يعتبر إنكاره بعد ا هـ
سري الدين ملخصا ط
____________________
(8/101)
قال السيد الحموي قوله لا يصح محله فيما إذا كان الحق فيه لواحد مثل الهبة والصدقة أما إذا كان لهما مثل الشراء والنكاح فلا وهو إطلاق في محل التقييد ويجب أن يقيد أيضا بما إذا لم يكن المقر مقصرا على إقراره لما سيأتي من أنه لا شيء له إلا أن يعود إلى تصديقه وهو مصر ا هـ
وفي الخلاصة لو قال لآخر كنت بعتك العبد بألف فقال الآخر لم أشتره منك فسكت البائع حتى قال المشتري في المجلس أو بعده بلى اشتريته منك بألف فهو جائز وكذا النكاح وكل شيء يكون لهما جميعا فيه حق وكل شيء يكون الحق فيه لواحد مثل الهبة والصدقة لا ينفعه إقراره بعد ذلك
قوله ( وأما بعد القبول فلا يرتد بالرد ) يعني لأنه صار ملكه ونفى المالك ملكه عن نفسه عند عدم المنازع لا يصح
نعم لو تصادقا على عدم الحق صح لما تقدم في البيع الفاسد أنه طلب ربح مال ادعاه على آخر فصدقه على ذلك فأوفاه إياه ثم ظهر عدمه بتصادقهما إنه لم يكن عليه شيء فانظر كيف التصادق اللاحق نقض السابق مع أن ربحه طيب حلال
قوله ( لأنه إقرار آخر ) أي وقد صدقه فيه فيلزمه
قاله العلامة عبد البر
وفي التاترخانية وفي كل موضع بطل الإقرار برد المقر له لو عاد المقر إلى ذلك الإقرار وصدقه المقر له أن يأخذه بإقراره وهذا استحسان والقياس أن لا يكون له ذلك ا هـ
ووجه القياس أن الإقرار الثاني عين المقر به فالتكذيب في الأول تكذيب في الثاني
ووجه الاستحسان أنه يحتمل أنه كذبه بغير حق لغرض من الأغراض الفاسدة فانقطع عنه ذلك الغرض فرجع إلى تصديقه فقد جاء الحق وزهق الباطل
حموي قوله ( ثم لو أنكر إقراره الثاني ) أي وادعاه المقر له لكونه ملكه وأقام بينة عليه لا تسمع ولو أراد تحليفه لا يلتفت إليه للتناقض بين هذه الدعوى وبين تكذيبه الإقرار الأول
قوله ( قال البديع ) هو أستاذ صاحب القنية فإنه عبر فيها بقال أستاذنا
قال عبد البر يعني للقاضي البديع
وفي بعض النسخ قال في البدائع وليس بصواب ط
قوله ( والأشبه ) أي بالصواب والقواعد
قوله ( واعتمده ابن الشحنة وأقره الشرنبلالي ) وعبارته ولو أنكر المقر الإقرار الثاني لا يحلف ولا تقبل عليه بينة للتناقض من الكذب للإقرار الأول
وقال القاضي البديع ينبغي أن تقبل بينة المقر له على إقراره ثانيا وهو الأشبه بالصواب
وقال الشارح
أي عبد البر ناظما له وقد صوب القاضي البديع قبولها وعندي له الوجه الصحيح المنور ومن أراد المزيد فعليه بشرحه
قوله ( لا يظهر في حق الزوائد المستهلكة ) يفيد بظاهره أنه يظهر في حق الزوائد بغير المستهلكة وهو مخالف لما في الخانية كما قدمناه عنها وقيد بها في الأستروشنية ونقله عنها في غاية البيان وتقدم في الاستحقاق نظير ما قدمناه عن الخانية وأنه فرق في الاستحقاق لولد المستحقة بين الإقرار فلا يتبعها ولدها وبين الإثبات فيتبعها ولدها وكذا سائر الزوائد وهو عام يشمل المستهلكة وغيرها وهنا قد قيدها بالمستهلكة فافهم أن القائمة يظهر بها لإقرار فليحرر
ولعله أراد الاحتراز بالمستهلكة عن الهالكة بنفسها لأنها غير مضمونة مطلقا لأنها كزوائد المغصوب
تأمل قوله ( فلا يملكها المقر له ولو إخبارا لملكها ) قال في نور العين شرى أمة فولدت عنده لا باستيلاده ثم استحقت ببينة يتبعها ولدها ولو أقر
____________________
(8/102)
بها لرجل لا والفرق أنه بالبينة يستحقها من الأصل ولذا قلنا إن الباعة يتراجعون فيما بينهم بخلاف الإقرار حيث لا يتراجعون ف
ثم الحكم بأمة حكم بولدها وكذا الحيوان إذ الحكم حجة كاملة بخلاف الإقرار فإنه لم يتناول الولد لأنه حجة ناقصة وهذا الولد بيد المدعى عليه فلو في ملك آخر هل يدخل في الحكم اختلف المشايخ
ا هـ
ففيه مخالفة لمفهوم كلام المصنف ويشبه أن تكون هذه التفريعات كلها جامعا بين قول من قال إن الإقرار إخبار بحق لآخر لا إثبات وهو قول محمد بن الفضل والقاضي أبي حازم وقول من قال إنه تمليك في الحال وهو أبو عبد الله الجرجاني
قاله في الشرنبلالية
وذكر استشهاد كل على ما قال بمسائل ذكرت في الفصل التاسع من الأستروشنية
والحاصل أن الإقرار هل هو إخبار بحق لآخر أم تمليك في الحال على ما قدمناه من الخلاف وقد علمت أن الأكثر على الأول الذي عليه المعول وقد ذكروا لكل مسائل تدل على ما قال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال
قوله ( أقر حر مكلف ) أي بالغ عاقل
درر
قيد بالحر لأن العبد المحجور عليه يتأخر إقراره بالمال إلى ما بعد العتق وكذا المأذون له يتأخر إقراره بما ليس من باب التجارة كما قدمناه
وكذا إذا أقر بجناية موجبة للمال لا يلزمه لأن الإذن لم يتناول إلا التجارة بخلاف ما إذا أقر بالحدود والقصاص لأن العبد مبقى على أصل الحرية في حقهما
زيلعي قوله ( مكلف ) شرط التكليف لأن إقرار الصبي والمعتوه والمجنون لا يصح لانعدام أهلية الالتزام إلا إذا كان الصبي مأذونا له فيصح إقراره بالمال لكونه من ضرورات التجارة لأنه لو لم يصح إقراره لا يعامله أحد فدخل في الإذن كل ما كان طريقه التجارة كالديون والودائع والعواري والمضاربات والغصوب فيصح إقراره بها لالتحاقه في حقها بالبالغ العاقل لأن الإذن يدل على عقله بخلاف ما ليس من باب التجارة كالمهر والجناية والكفالة حيث لا يصح إقراره بها لأن التجارة مبادلة المال بالمال والمهر مبادلة مال بغير مال والجناية ليست بمبادلة والكفالة تبرع ابتداء فلا تدخل تحت الإذن والنائم والمغمى عليه كالجنون لعدم التمييز وإقرار السكران جائز إذا سكر بمحظور لأنه لا ينافي الخطاب إلا إذا أقر بما يقبل الرجوع كالحدود الخالصة وإن سكر بمباح كالشرب مكرها لا يلزمه شيء
زيلعي
والردة كالحدود الخالصة
حموي
قوله ( يقظان ) أخرج به النائم فلا يؤاخذ بما أقر به في النوم لارتفاع الأحكام عنه
قوله ( طائعا ) أخرج به المكره فلا يصح إقراره ولو بطلاق وعتاق كما تقدم أما طلاقه وعتاقه فيقعان
قوله ( إن أقروا بتجارة ) أي بمال فيصح وجوابه قول المصنف الآتي صح أي صح للحال
قوله ( كإقرار محجور ) أي عبد لأنه مبقى على أصل الحرية في الحدود والقصاص ولأنه غير متهم بهذا الإقرار لأن ما يدخل عليه بهذا الإقرار من المضرة أعظم مما يدخل على مولاه وليس هو عائدا إلى الصبي والمعتوه فإنه لا حد عليهما ولا قود لأن عمد الصبي خطأ والمعتوه كالصبي ويدل على تخصيصه بالعبد قول الشارح وإلا فبعد عتقه أي إلا يكن إقرار العبد المحجور بحد أو قود بل بمال فإنه لا ينفذ عليه في الحال لأنه وما في يده لمولاه والإقرار حجة قاصرة لا تتعدى لغير المقر فلا ينفذ على مولاه فإن عتق سقط حق المولى عنه فنفذ إقراره على نفسه والأولى أن يعبر بدل المحجور بالعبد وأن يؤخره بعد قوله الآتي صح
قوله ( بحد وقود ) أي مما لا تهمة فيه كما ذكرنا فيصح للحال
قوله ( وإلا ) أي بأن كان
____________________
(8/103)
مما فيه تهمة
قوله ( فبعد عتقه ) أي فتتأخر المؤاخذة به إلى عتقه وكذا المأذون رعاية لحق المولى
عيني قوله ( ونائم ) قصد بهذا كالذي قبله وبعده بيان المحترزات
قوله ( أو مجهول ) إنما صح الإقرار به لأن الحق قد يلزمه مجهولا بأن أتلف مالا لا يدري قيمته أو جرح جراحة لا يعلم أرشها والضمير في صح يرجع للإقرار المعلوم من أقر
قوله ( لأن جهالة المقر به لا تضر ) كما إذا أقر أنه غصب من رجل مالا مجهولا في كيس أو أودعه مالا في كيس صح الغصب والوديعة وثبت حكمهما لأن الحق قد يلزمه مجهولا الخ
قوله ( إلا إذا بين سببا تضره الجهالة كبيع ) أي لو قال له سهم من داري غير معين ولا معلوم مقداره لأني قد كنت بعته ذلك لا يصح لأن البيع المجهول فاسد وكذا لو كان الإقرار بإجارة كذلك
واعلم أن المقر بالمجهول تارة يطلق وتارة يبين سببا لا تضره الجهالة كالغصب والجناية وتارة يبين سببا تضره الجهالة فالأول يصح ويحمل على أن المقر به لزمه بسبب لا تضره الجهالة والثاني ظاهر والثالث لا يصح الإقرار به كالبيع والإجارة فإن من أقر أنه باع من فلان شيئا أو آجر من فلان شيئا أو اشترى من فلان كذا بشيء لا يصح إقراره ولا يجبر المقر على تسليم شيء
أفاده في الدرر والشرنبلالية
قوله ( كقوله لك على أحدنا ألف ) ظاهره أن القائل واحد من جماعة ولو يحصون وصدوره من أحدهم لا يعين أنه هو المطالب وأنه لا يجبر المتكلم على البيان قوله ( إلا إذا جمع بين نفسه وعبده فيصح ) هذا في حكم المعلوم لأن ما على عبده يرجع إليه في المعنى لكن إنما يظهر هذا فيما يلزمه في الحال أما ما يلزمه بعد الحرية فهو كالأجنبي فيه فإذا جمعه مع نفسه كان كقوله لك علي أو على زيد وهو مجهول لا يصح
حموي
قال في الأشباه إلا في مسألتين فلا يصح الأولى أن يكون العبد مديونا الثانية أن يكون مكاتبا فافهم
قوله ( وكذا تضر جهالة المقر له ) أي فتبطل فائدة الإقرار لعدم اعتباره
قوله ( وإلا لا ) أي لا تضر الجهالة إن لم تتفاحش على ما ذكر شيخ الإسلام في مبسوطه والناطفي في واقعاته وسوى شمس الأئمة بين المتفاحشة وغيرها في عدم الاعتبار لأن المجهول لا يصلح مستحقا إذ لا يمكنه جبره على البيان من غير تعيين المدعي فلا يفيد فائدته كما في المنح
قال الحموي أقول مثل شراح الهداية وغيرها للفاحشة بأن قال لواحد من الناس ولغير الفاحشة بأن قال لأحدكما ووقع تردد بدرس شيخ مشايخنا بين أهل الدرس لو قال لأحدكم وهم ثلاثة أو أكثر محصورون هل هو من الثاني أو الأول فمال بعضهم إلى أنه من قبيل غير الفاحشة وانتصر له بما في الخانية لو قال من بايعك من هؤلاء وأشار إلى قوم معينين معدودين فأنا قبيل بثمنه جاز ا هـ
قال السائحاني ويظهر لي أن المتفاحش مائة
أقول لكن الذي يظهر لي أن الفاحش ما زاد على المائة أخذا من قولهم في كتاب الشهادات من الباب الرابع فيمن تقبل شهادته من الهندية عن الخلاصة شهادة الجند للأمير لا تقبل إن كانوا يحصون وإن كانوا لا يحصون تقبل
نص في الصيرفية في حد الإحصاء مائة وما دونه وما زاد عليه فهؤلاء لا يحصون
كذا في جواهر الإخلاطي وقدمناه في الشهادات
قوله ( فيصح ) لأن صاحب الحق لا يعدو من ذكره وفي مثله يؤمر بالتذكر لأن المقر قد
____________________
(8/104)
ينسى صاحب الحق
منح
وهذا قول الناطفي
وقال السرخسي إنها تضر أيضا قوله ( ولا يجبر على البيان ) أي إن فحشت أو لا زاد الزيلعي ويؤمر بالتذكر لأن المقر قد ينسى صاحب الحق وزاد في غاية البيان أنه يحلف لكل واحد منهما إذا ادعى
وفي التاترخانية ولم يذكر أنه يستحلف لكل واحد منهما يمينا على حدة بعضهم قالوا نعم ويبدأ القاضي بيمين أيهما شاء أو يقرع وإذا حلف لكل لا يخلو من ثلاثة أوجه إن حلف لأحدهما فقط يقضي بالعبد للآخر فقط وإن نكل لهما يقضي به وبقيمة الولد بينهما نصفين سواء نكل لهما جملة بأن حلفه القاضي لهما يمينا واحدة أو على التعاقب بأن حلفه لكل على حدة وإن حلف فقد برىء عن دعوة كل فإن أراد أن يصطلحا وأخذا العبد منه لهما ذلك في قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد كما قبل الحلف ثم رجع أبو يوسف وقال لا يجوز اصطلاحهما بعد الحلف قالوا ولا رواية عن أبي حنيفة ا هـ
أقول والحاصل أن قول الشارح ولا يجبر على البيان موافق لما في البحر والزيلعي والعيني وشرح السيد حموي ويخالفه ما في الدرر عن الكافي حيث قال وإن لم يفحش بأن أقر أنه غصب هذا العبد من هذا أو من هذا فإنه لا يصح عند شمس الأئمة السرخسي لأنه إقرار للمجهول
وقيل يصح وهو الأصح لأنه يفيد وصول الحق إلى المستحق لأنهما إذا اتفقا على أخذه فلهما حق الأخذ ويقال له بين المجهول لأن الإجمال من جهته كما لو أعتق أحد عبديه وإن لم يبين أجبره القاضي على البيان إيصالا للحق إلى المستحق ا هـ
وكلام الشرنبلالية يفيد موافقة ما في الدرر من أنه يجبر على البيان حيث قال قوله كما لو أعتق أحد عبديه يعني من غير تعيين أما لو أعتق أحدهما بعينه ثم نسيه لا يجبر على البيان كما في المحيط ا هـ
وأقول قوله لأن الإجمال الخ هكذا في الهداية وعامة الشراح قاطبة ربطوا هذا الكلام على صحة الإقرار للمجهول وصاحب الدرر ظن أنه مرتبط بالإقرار بالمجهول وليس كذلك كما يظهر لمن نظر نظر التدبر في كلام صاحب الكافي أيضا وقد سبق أنه لا جبر على المقر لبيان المقر له عند كونه مجهولا غير متفاحش فاللائق عليه أن يأتي بهذا الكلام في شرح قوله ولزمه بيان ما جهل
أقول وإنما يجبره القاضي على البيان فيما إذا أعتق أحد عبديه من غير تعيين لأن الظاهر من حال المقر هو العلم بالحق الذي أقر به فيجب عليه البيان
لا يقال إنه تقدم عند
قوله ( أو مجهول ) أن المقر قد يتلف مالا لا يدري قيمته أو يجرح جراحة لا يعلم أرشها
لأنا نقول إن ذلك احتمال اعتبر هناك بتصحيح الإقرار بالمجهول ولا يلزم من ذلك أن يسمع قوله لا أدري في جميع ما أقر به بل على القاضي أن يعتمد على ظاهر الحال ولا يصدقه فيما هو محتمل
قوله ( لجهالة المدعي ) أي فيهما ولأنه قد يؤدي إلى إبطال الحق على المستحق والقاضي إنما نصب لإيصال الحق إلى مستحقه لا لإبطاله ا هـ
منح
قوله ( بحر ) تتمة عبارته ولكل منهما أن يحلفه
قوله ( ونقله في الدرر لكن باختصار مخل كما بينه عزمي زاده ) ليس في كلامه اختصار مخل بل زيادة مضرة ذكرها في غير موضعها وقد سمعت عبارته وصدرها ولم يصح الإقرار للمجهول إذا فحشت جهالته بأن يقول هذا العبد لواحد من الناس لأن المجهول لا يكون مستحقا وإن لم تفحش إلى آخر ما قدمنا عنها واعترضه عزمي زاده بأن قوله ويقال له بين المجهول مرتبط بصحة الإقرار مع جهالة المقر به لا بعدم الصحة في جهالة المقر له ولا مساغ لحمله على ذلك لأنه علل المسألة بأنه إقرار للمجهول ولا يفيد لأن فائدته الجبر على البيان وصاحب الحق مجهول وكان الواجب ذكر هذه المسألة في أثناء شرح قوله أقر بمجهول صح ليوافق كلامه كلامهم ومرامه مرامهم ا هـ
____________________
(8/105)
وحاصله أن ما ذكره صاحب الدرر من الجبر إنما هو فيما إذا جهل المقر به لا المقر له لقول الكافي لأنه إقرار للمجهول وأنه لا يفيد لأن فائدته الجبر على البيان ولا يجبر على البيان لأنه إنما يكون ذلك لصاحب الحق وهو مجهول
فرع لم يذكر الإقرار العام وذكره في البحر وفي المنح وصح الإقرار بالعام كما في يدي من قليل أو كثير أو عبد أو متاع أو جميع ما يعرف بي أو جميع ما ينسب إلي لفلان وإن اختلفا في عين أنها كانت موجودة وقت الإقرار أو لا فالقول قول المقر إلا أن يقيم المقر له البينة أنها كانت موجودة في يده وقته
واعلم أن القبول ليس من شرط صحة الإقرار لكنه يرتد برد المقر له
صرح في الخلاصة وكثير من الكتب المعتمدة واستشكل المصنف بناء على هذا قول العمادي وقاضيخان الإقرار للغائب يتوقف على التصديق
ثم أجاب عنه وبحث في الجواب الرملي ثم أجاب عن الإشكال بما حاصله أن اللزوم غير الصحة ولا مانع من توقف العمل مع صحته كبيع الفضولي فالمتوقف لزومه لا صحته فالإقرار للغائب لا يلزم حتى صح إقراره لغيره كما لا يلزم من جانب المقر له حتى صح رده وأما الإقرار للحاضر فيلزم من جانب المقر حتى لا يصح إقراره لغيره به قبل رده ولا يلزم من جانب المقر له فيصح رده وأما الصحة فلا شبهة فيها من الجانبين بدون القبول وقدمنا شيئا من ذلك فارجع إليه
قوله ( ولزمه بيان ما جهل ) أي يجبر عليه إذا امتنع كما في الشمني لأنه لزمه الخروج عما وجب عليه بالإقرار لأن كثيرا من الأسباب تتحقق مع الجهالة كالغصب والوديعة لأن الإنسان يغصب ما يصادف ويودع ما عنده من غير تحرير في قدره وجنسه ووصفه فيحمل عليه حتى لو فسره بالبيع أو الإجارة لا يصح إقراره لأن هذه العقود لا تصح مع الجهالة فلا يجبر على البيان
زيلعي
قال العلامة الخير الرملي أقول به استخرجت جواب حادثة الفتوى كرم وقف استهلك العامل عليه حصة الوقف مدة سنين أو مات العامل وأقر ورثته باستهلاك ثمرته في السنين المعينة إقرارا مجهولا في الغلة
فأجبت بأنهم يجبرون على البيان والقول لهم مع الحلف إلا أن يقيم المتولي بينة بأكثر فتأمل ا هـ
وقال أيضا ذكر صاحب البحر في البيع في شرح قوله وإن اختلفت النقود فسد البيع لو أقر بعشرة دنانير حمر وفي البلد نقود مختلفة حمر لا يصح بلا بيان بخلاف البيع فإنه يتصرف إلى الأروج
ا هـ
ولا ريب أن معنى قوله لا يصح بلا بيان أي لا يثبت به شيء بلا بيان بخلاف البيع فإنه يثبت الأروج بدون بيان إذ صحة الإقرار بالمجهول مقررة وعليه البيان
تأمل
وفي المقدسي ولو بين الغصب في عقار أو خمر مسلم صح لأنه مال فإن قيل الغصب أخذ مال متقوم محترم بغير إذن المالك على وجه يزيل يده وهو لا يصدق على العقار وخمر المسلم
وأجيب بأن ذلك حقيقة وقد تترك بدلالة العادة وفي خير مطلوب سواء عين في هذه البلدة أو غيرها ولو قال الدار التي في يد فلان صح بيانه ولا تؤخذ من يده ولا يضمن المقر شيئا لأنه أقر بغصبها وهي لا تضمن بالغصب ا هـ
أقول وإنما يلزمه بيان ما جهل هذا إذا لم يكن الحكم عليه من لخارج أما إذا أمكن فلا ويحكم عليه بالمتيقن ألا يرى أنه لو قال لا أدري له علي سدس أو ريع فإنه يلزم الأقل
وسيأتي ما يوضح ما ظهر لي
وفي المقدسي له علي عبد أو قال له شرك فيه أوجب أبو يوسف قيمة وسط في الأول والشطر في الثاني ومحمد البيان فيهما ولو قال له عشرة دراهم ودانق أو قيراط فهما من الدراهم وفي الخانية له علي ثوب أو عبد صح
____________________
(8/106)
ويقضي بقيمة وسط عند أبي يوسف
وقال محمد القول له في القيمة
وفي الأشباه الإقرار بالمجهول صحيح واعترضه الحموي بما في الملتقط إذا قال علي دار أو شاة قال أبو يوسف يلزمه الضمان بقيمة المقر به والقول قوله
وقال بشر تجب الشاة
ا هـ
ويمكن الجواب بمشي الأشباه على قول الإمام والخانية والملتقط على قول غيره ولعل المراد بالوسط أو القيمة من أقل المقر به لأنه مقر بأحدهما المبهم إلا بالاثنين وحينئذ فحلف بشر لفظي
كذا بخط العلامة السائحاني
قوله ( كشيء وحق ) بأن قال علي لفلان شيء أو حق لأن الحق قد يلزم مجهولا بأن يتلف مالا أو يجرح جراحة أو تبقى عليه باقية حساب لا يعرف قيمتها ولا أرشها ولا قدرها كما في العيني ولو قال في قوله علي حق أردت به حق الإسلام لم يصدق مطلقا سواء قاله موصولا أو مفصولا وهو ظاهر كلام الزيلعي والعيني والكفاية لأنه خلاف العرف فإذا بين بغير ذلك كان رجوعا فلا يصح وعليه المعول كما في التبيين
وفي تكملة قاضي زاده أنه إذا وصله صدق وإن فصله لا يصدق وعليه مشى في التاترخانية ونقله الحموي وكذا نقله صاحب الكفاية عن المحيط والمستزاد كما في الشلبي
قال السيد الحموي بقي لو مات قبل البيان توقف فيه الشيخ الحانوتي قال العلامة الشرنبلالي وينبغي أن يرجع فيه للورثة
ا هـ
وفيه أن الوارث إذا كان لا يعلم كيف يرجع إليه فليحرر بالنقل
وفيه أن الوارث قد يعلم فالرجوع إليه لاستكشاف ما عنده فإنه علمه وافق علم به
قال العلامة المقدسي ينبغي أن يصدق في حق الشفعة أو التطرق ونحوه
ا هـ
قوله ( والقول للمقر مع حلفه لأنه المنكر ) ولأنه لما كذبه فيما بين وادعى شيئا آخر بطل إقراره بتكذيبه وكان القول للمقر فيما ادعى عليه ا هـ
قوله ( ولا يصدق في أقل من درهم في علي مال ) لأن ما دونه من الكسور لا يطلق عليه اسم المال عادة وهو المعتبر زيلعي ومثله في الهندية
وهذا استحسان وفي القياس يصدق في القليل والكثير كما قال القدوري
قال ط وظاهر البحر أنه يلزمه درهم ولا يجبر على البيان وعبارته ولو قال لفلان علي دار أو عبد لا يلزمه شيء أو مال قليل أو درهم عظيم أو دريهم لزمه درهم
قوله ( ومن النصاب ) معطوف على قوله من درهم وكذا المعطوفات بعده
قوله ( أي نصاب الزكاة ) لأنه عظيم في الشرع حتى اعتبر صاحبه غنيا وأوجب عليه مواساة الفقراء وفي العرف حتى يعد من الأغنياء عادة
منح
قوله ( وقيل إن المقر فقيرا الخ ) قال في المنح والأصح أنه على قوله مبني على حال المقر في الفقر والغنى فإن القليل عند الفقير عظيم وأضعاف ذلك عند الغني ليس بعظيم وهو في الشرع متعارض فإن المائتين في الزكاة عظيم وفي السرقة والمهر العشرة عظيم فيرجع إلى حاله
كذا في النهاية
قوله ( في مال عظيم ) معطوف على قوله في علي مال المعمول ليصدق ففيه العطف على معمولين لعاملين مختلفين وهو لا يجوز والأولى أن يقول ولزم في علي مال درهم وفي علي مال عظيم نصاب وحينئذ ففيه العطف على معمولين لعامل واحد
تأمل
واعلم أن المال القليل درهم فإذا قال في له علي مال عظيم وسئل البيان فقال لا قليل ولا كثير لزمه مائتان
____________________
(8/107)
لأنه لما قال لا قليل لزمه الكثير
كذا عن محمد
ويظهر لي أن يلزمه عند الإمام عشرة إذ هي الكثير عنده ولو قال علي شيء من الدراهم أو من دراهم فعليه ثلاثة
قلت وعلى تقدير من تبعيضية لا يظهر مقدسي قوله ( قوله لو بينه الخ ) بأن قال مال عظيم من الذهب أو قال من الفضة لزمه النصاب من المقر به ومن الإبل أخذ نصابها أيضا فإن قال من ثياب أو كتب اعتبر النصاب بالقيمة
قوله ( ومن خمس وعشرين من الإبل ) أي ولا يصدق في أقل من خمس وعشرين لو قال مال عظيم من الإبل
قوله ( لأنها أدنى نصاب يؤخذ من جنسه ) جواب سؤال حاصله أن أدنى نصاب الإبل خمس فإنه يؤخذ فيها شاة
وحاصل الجواب أن ما دون الخمس والعشرين من الإبل لا يجب فيه الزكاة من جنسه وإن وجبت فيه الزكاة وتقرير ذلك أن الخمس من الإبل وإن كانت مالا عظيما فعظمه لمالكه نسبي فصار له جهتان جهة الغني بتملكها فأوجبنا الشاة فيها وجهة عدم العظم الحقيقي فقلنا بعدم جواز صدقة فيها منها
أفاده الحموي
والظاهر أنه يعتبر في البقر والغنم نصابهما إذا بين بهما كما يستفاد من المنح ط
قوله ( ومن ثلاثة نصب في أموال عظام ) لأن أقل الجميع ثلاثة فلا يصدق في أقل منه للتيقن به وينبغي على قياس قول الإمام أن يعتبر فيه حال المقر
منح
وفي الذخيرة ولو قال مال نفيس أو كريم أو خطير أو جليل قال الناطفي لم أجده منصوصا وكان الجرجاني يقول يلزمه مائتان
وروى ابن سماعة عن أبي يوسف أنه إذا قال علي دراهم مضاعفة فعليه ستة دراهم لأن أدنى الجمع ثلاثة وضعفها ستة ولو قال دراهم أضعاف مضاعفة يلزمه ثمانية عشر درهما لأن أضعافا لفظ الجمع وأقله ثلاثة فتصير تسعة ومضاعفة التسعة ثمانية عشر
ذكره الشمني
قوله ( ثلاثة ) لأنها أدنى الجمع
قوله ( عشرة ) عند الإمام وقالا نصاب والأصل أن رعاية الكثرة واجبة لكنه اعتبر العرف لغة وهما اعتبراه شرعا
قوله ( لأنها نهاية اسم الجمع ) الإضافة للبيان أي نهاية اسم هو الجمع وهو دراهم إذ هو جمع درهم وليس المراد اسم الجمع المصطلح عليه كما لا يخفى يعني أن العشرة أقصى ما يذكر بلفظ الجمع فكان هو الأكثر من حيث اللفظ فينصرف إليه وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقالا لا يصدق في أقل من نصاب والأصل فيه ما قدمنا من أن رعاية الكثرة واجبة الخ وهو أول ما يصدق عليه جمع الكثرة
أما تعليل الشارح فيوهم أن العبرة لأقل ما يصدق اللفظ لا لنهايته إذ هي مشكوكة والمال لا يثبت بالشك فتعين ما قلنا
تأمل قوله ( وكذا درهما درهم ) أي لا يصدق في أقل من درهم في قوله له علي كذا درهما لأنه تفسير للمبهم
كذا في الهداية وفيه ما سبق من مخالفة العطف
قال الإتقاني وينبغي أن يلزمه في هذا أحد عشرة لأنه أول العدد الذي يقع مميزه منصوبا هكذا نقل عن أهل اللغة فلا يصدق في بيانه بدرهم والقياس فيه ما قاله في مختصر الأسرار إذا قال له كذا درهم أنه يلزمه عشرون لأنه ذكر جملة وفسرها بدرهم منصوب
وذلك يكون من عشرين إلى تسعين فيجب الأقل وهو عشرون لأنه متيقن ا هـ
ومثله في الشرنبلالية
وفي السراج وإن قال كذا درهما لزمه عشرون وإن قال كذا درهم بالخفض لزمه مائة وإن قال كذا
____________________
(8/108)
درهم بالرفع أو بالسكون لزمه درهم واحد لأنه تفسير للمبهم
قوله ( على المعتمد ) لأن ما في المتون مقدم على ما في الفتاوى
شرنبلالية وفي التتمة والذخيرة درهمان لأن كذا كناية عن العدد وأقله اثنان إذ الواحد لا يعد حتى يكون معه شيء
وفي شرح المختار قيل يلزمه عشرون وهو القياس لأن أقل عدد غير مركب يذكر بعده الدرهم بالنصب عشرون
منح
قوله ( ولو خفضه لزمه درهم ) كذا روي عن محمد وإن قال كذا كذا درهم بالخفض لزمه ثلاثمائة والتوجيه في غاية البيان
قوله ( وفي دريهم الخ ) أي بالتصغير وكذا لو صغر الدينار يلزمه تاما لأن التصغير يكون لصغر الحجم وللاستحقار ولخفة الوزن فلا ينقص الوزن بالشك ط
قوله ( أو درهم عظيم ) إنما لزمه درهم لأن الدرهم معلوم القدر فلا يزداد قدره بقوله عظيم لأنه وصف ا هـ
تبيين
قال المقدسي ينبغي إذا كانت الدراهم مختلفة أن يجب من أعظمها عملا بالوصف المذكور حموي
قوله ( والمعتبر الوزن المعتاد إلا بحجة ) قال صاحب الهداية وينصرف إلى الوزن المعتاد أي بين الناس وذلك لأن المطلق من الألفاظ ينصرف إلى المتعارف وهو غالب نقد البلد
ولا يصدق في أقل من ذلك لأنه يريد الرجوع عما اقتضاه كلامه
قال في تحفة الفقهاء ولو قال علي ألف درهم فهو على ما يتعارفه أهل البلد من الأوزان أو العدد وإن لم يكن شيئا متعارفا يحمل على وزن سبعة فإنه الوزن المعتبر في الشرع وكذلك في الدينار يعتبر المثاقيل إلا في موضع متعارف فيه بخلافه ا هـ
شلبي
وفي الكافي وإن كان نقد البلد مختلفا فهو على الأقل من ذلك ا هـ
ولا يصدق إن ادعى وزنا دون ذلك ا هـ
بتصرف فقوله إلا بحجة إن أريد بها البيان فالأمر ظاهر وإن لم يكن بيانا فالحجة عرف البلد فتدبر
ط
قوله ( وكذا كذا درهما ) بالنصب
قوله ( أحد عشر ) لأنه ذكر عددين مبهمين بدون حرف العطف أقل ذلك من العدد المفسر أحد عشر وأكثره تسعة عشر والأقل يلزمه من غير بيان والزيادة تقف على بيانه
منح
وبالخفض ثلاثمائة وفي كذا وكذا درهما وكذا وكذا دينارا عليه من كل أحد عشر وفي كذا كذا دينارا ودرهما أحد عشر منهما جميعا ويقسم ستة من الدراهم وخمسة من الدنانير احتياطا ولا يعكس لأن الدراهم أقل مالية والقياس خمسة ونصف من كل لكن ليس في لفظه ما يدل على الكسر
غاية البيان ملخصا
أقول لكن مقتضى الاحتياط أن يلزمه دينار واحد وعشرة دراهم لأنه أقل ما يصدق عليه القول المذكور
تأمل
قوله ( لأن نظيره الخ ) لو قال لأن أقل نظير له واحد وعشرون لكان أولى
قال في المنح لأن فصل بينهما بحرف العطف وأقل ذلك من العدد المفسر أحد وعشرون وأكثره تسعة وتسعون والأقل يلزمه من غير بيان والزيادة تقف على بيانه ا هـ
قوله ( ولو ثلث ) بأن قال كذا كذا كذا درهما
قوله ( إذ لا نظير له ) وما قيل نظيره مائة ألف ألف فسهو ظاهر لأن الكلام في نصب الدرهم وتمييز هذا العدد مجرور ولينظر هل إذا جره يلزمه ذلك وظاهر كلامهم لا
قوله ( فحمل على التكرار ) أي تكرار لفظ كذا الأخير
قوله ( زيد ألف ) فيجب ألف ومائة وأحد وعشرون لأنه أقل ما يعبر عنه بأربعة أعداد مع
____________________
(8/109)
الواو
ط عن أبي السعود
قوله ( ولو خمس زيد عشرة آلاف ) هذا حكاه العيني بلفظ ينبغي لكنه غلط ظاهر لأن العشرة آلاف تتركب مع الألف بلا واو فيقال أحد عشر ألفا فتهدر الواو التي تعتبر مهما أمكن وهنا ممكن فيقال أحد وعشرون ألفا ومائة وأحد وعشرون درهما
نعم قوله ( ولو سدس الخ ) مستقيم
سائحاني
أي بأن قال مائة ألف وأحد وعشرون ألفا وأحد وعشرون درهما وكذا لو سبع زيد قبله ألف ألف وما ذكره أحسن من قول بعضهم قوله زيد عشرة آلاف فيه أنه يضم الألف إل العشرة آلاف فيقال أحد عشر والقياس لزوم مائة ألف وعشرة آلاف الخ
ا هـ
لأن أحد وعشرون ألفا أقل من مائة ألف وقد أمكن اعتبار الأقل فلا يجب الأكثر ويلزم أيضا اختلال المسائل التي بعده كلها فيقال لو خمس زيد مائة ألف ولو سدس زيد ألف ألف وهكذا بخلافه على ما مر فتدبر
قوله ( وهكذا يعتبر نظيره أبدا ) أي كلما زاد معطوفا بالواو زيد عليه ما جرت به العادة إلى ما لا يتناهى كما في البحر وفيه والمعتبر الوزن المعتاد في كل زمان أو مكان والنيف مجهول يرجع إليه فيه والبضعة للثلاثة
ا هـ
فلو قال عشرة ونيف فالبيان في النيف إليه فإن فسره بأقل من درهم جاز لأن النيف مطلق الزيادة ولو قال بضع وعشرون ففي البدائع البضع في عرف اللغة من الثلاثة إلى التسعة فيحمل على الأقل للتيقن
وفي البزازية اليضعة النصف
قوله ( لأن على للإيجاب ) قال الإتقاني أما قوله علي فإنما كان إقرارا بالدين بسبيل الاقتضاء وإن لم يذكر الدين صريحا لأن كلمة علي تستعمل في الإيجاب ومحل الإيجاب الذمة والثابت في الذمة الدين لا العين فصار إقراره بالدين مقتضى قوله علي والثابت اقتضاء كالثابت نصا ولو نص فقال لفلان علي ألف درهم دين كان مقرا بالدين لا بالعين فكذلك هنا ا هـ
قوله ( وقبلي للضمان غالبا ) قال الإتقاني لأن
قوله ( قبلي ) وإن كان يستعمل في الإيجابات والأمانات يقال لفلان قبلي وديعة وقبلي أمانة غلب استعماله في الإيجابات والمطلق من الكلام ينصرف إلى ما هو الغالب في الاستعمال
ا هـ
قال الزمخشري كل من تقبل بشيء مقاطعة وكتب عليه بذلك كتابا فالكتاب الذي يكتب هو القبالة بالفتح والعمل قبالة بالكسر لأنه صناعة ا هـ
وفي بعض النسخ وقبل عوض وقبلي
قوله ( وصدق إن وصل به هو وديعة ) أي بأن يقول له علي ألف درهم وديعة فلا تكون على للإلزام وكذا لو قال أردت به الوديعة متصلا عيني
قوله ( لأنه يحتمله مجازا ) وذلك لأن لفظ علي وقبلي ينشأن عن الوجوب وهو متحقق في الوديعة إذ حفظها واجب فقوله له علي كذا أي يجب له علي حفظ كذا فأطلق محل وجوب الحفظ وهو المال وأراد الحال فيه وهو وجوب حفظه وأما قبلي فقد تقدم أنها تستعمل في الأمانة ط
قوله ( لتقرره بالسكوت ) فلا يجوز تغييره بعد ذلك كسائر المغيرات من الاستثناء والشرط
ط قوله ( عندي ) أي له عندي وكذا يقال في الجميع
قوله ( عملا بالعرف ) لأن الكل إقرار بكون الشيء في يده وذا يكون أمانة لأنه قد يكون مضمونا وقد يكون أمانة وهذه أقلهما
وفي كفالة الخيرية عن التاترخانية لفظة عندي للوديعة لكنه بقرينة الدين تكون كفالة
وفي الزيلعي مطلقة يحتمل العرف وفي العرف إذا قرن بالدين يكون ضمانا وقد صرح بضمان بأن عند إذا استعملت في الدين يراد به الوجوب ا هـ
____________________
(8/110)
أقول وكأنه في عرفهم إقرار بالأمانة أما العرف اليوم في عندي ومعي الدين لكن ذكروا علة أخرى تفيد عدم اعتبار عرفنا ا هـ
قال المقدسي لأن هذه المواضع محل العين لا الدين إذ محله الذمة والعين يحتمل أن تكون مضمونة وأمانة والأمانة أدنى فحمل عليها والعرف يشهد له أيضا
فإن قيل له علي مائة وديعة دين أو دين وديعة لا تثبت الأمانة مع أنها أقلهما
أجيب بأن أحد اللفظين إذا كان للأمانة والآخر للدين فإذا اجتمعا في الإقرار يترجح الدين ا هـ
أي بخلاف اللفظ الواحد المحتمل لمعنيين كما هنا
تأمل
قال الخير الرملي والظاهر في كلمة عندي أنها عند الإطلاق للأمانة ولذا قال في التاترخانية إنها بقرينة الدين للكفالة ويستفاد من هذا أنها بقرينة الغصب تكون له كما لو قال غصبت مني كذا فقال عندي فتأمل
ويستفاد منه أيضا أنه لو سأل القاضي المدعي عليه عن جواب الدعوى فقال عندي يكون إقرارا بالمدعي وقد نص عليه السبكي من أئمة الشافعية ولا تأباه قواعدنا فتأمل ا هـ
قوله ( فهو هبة لا إقرار ) أي لأن ماله أو ما ملكه يمتنع أن يكون لآخر في ذلك الحال فلا يصح الإقرار واللفظ يحتمل الإنشاء فيحمل عليه ويكون هبة
قوله ( كان إقرار بالشركة ) قال الحموي لو قال له في مالي ألف درهم أو في دراهمي هذه فهو إقرار ثم إن كان مميزا فوديعة وإلا فشركة
ا هـ
فكان عليه أن يقول أو بالوديعة
قوله ( بخلاف الإقرار ) فإنه لو كان إقرارا لا يحتاج إلى التسليم والأوضح أن يقول بخلاف ما لو كان إقرارا كما أن الأوضح فلا بد فيها من التسليم
قوله ( والأصل أنه متى أضاف المقربة الخ ) ينبغي تقييده بما إذا لم يأت بلفظ في كما يعلم مما قبله
قوله ( كان هبة ) لأن إضافته إلى نفسه تنافي حمله على الإقرار الذي هو إخبار لا إنشاء فيجعل إنشاء فيكون هبة فيشترط فيه ما يشترط في الهبة منح
إذا قال اشهدوا أني قد أوصيت لفلان بألف وأوصيت أن لفلان في مالي ألفا فالأولى وصية والأخرى إقرار وفي الأصل إذا قال في وصيته سدس داري لفلان فهو وصية ولو قال لفلان سدس في داري فإقرار لأنه في الأول جعل له سدس دار جميعها مضاف إلى نفسه وإنما يكون ذلك بقصد التمليك وفي الثاني جعل دار نفسه ظرفا للسدس الذي سماه كان لفلان وإنما يكون داره ظرفا لذلك السدس إذا كان السدس مملوكا لفلان قبل ذلك فيكون إقرارا أما لو كان إنشاء لا يكون ظرفا لأن الدار كلها له فلا يكون البعض ظرفا للبعض
وعلى هذا إذا قال له ألف درهم من مالي فهو وصية استحسانا إذا كان في ذكر الوصية وإن قال في مالي فهو إقرار ا هـ
من النهاية
فقول المصنف فهو هبة أي إن لم يكن في ذكر الوصية وفي هذا الأصل خلاف كما ذكره في المنح وسيأتي في متفرقات الهبة عن البزازية وغيرها الدين الذي لي على فلان لفلان أنه إقرار واستشكله الشارح هناك وأوضحه سيدي الوالد ثمة فراجعه
قوله ( ولا يرد ) أي على منطوق الأصل المذكور فإن الإضافة موجودة ومع ذلك جعل إقرارا لكن الإضافة في الظرف لا المظروف وهو المقر به
قوله ( ما في بيتي ) أي فإنه إقرار وكذا ما في منزلي ويدخل فيه الدواب التي يبعثها في النهار وتأوي إليه بالليل وكذا العبيد كذلك كما في التاترخانية
____________________
(8/111)
قوله ( لأنها إضافة نسبة ) أي فإن أضاف الظرف لا المظروف المقر به كما علمت يعني أن الإضافة هنا كلا إضافة لاحتمال أن البيت أو الصندوق أو الكيس ملك غيره ومر في الإيمان أن المراد بالبيت ما ينسب إليه بالسكنى سواء كان بملك أو إجارة أو إعارة أو غير ذلك والمقر به هنا ما في البيت وهو غير مضاف أصلا فيكون قوله ما في بيتي إقرارا لا تمليكا لعدم وجود إضافة المقر به إلى ملكه بل جعله مظروفا فيما أضيف إليه نسبة
قوله ( ولا الأرض ) عطف على ما قبله
أي ولا يرد على عكس القاعدة قوله
قوله ( الأرض ) وهو أنه إذا لم يضفه كان إقرارا وإنما لا ورود لها على الأصل المتقدم إذ إضافة فيها إلى ملكه
نعم نقلهافي المنح عن الخانية على أنها تمليك ثم نقل عن المنتقى نظيرتها على أنها إقرار وكذا نقل عن القنية ما يفيد ذلك حيث قال إقرار الأب لولده الصغير بعين من ماله تمليك إن أضافه إلى نفسه في الإقرار وإن أطلق فإقرار كما في سدس داري وسدس هذه الدار ثم نقل عنها ما يخالفه ثم قال قلت بعض هذه الفروع يقتضي التسوية بين الإضافة وعدمها فيفيد أن في المسألة خلافا ومسألة الابن الصغير يصح فيها الهبة بدون القبض لأن كونه في يده قبض فلا فرق بين الإقرار والتمليك بخلاف الأجنبي
ولو كان في مسألة الصغير شيء مما يحتمل القسمة ظهر الفرق بين الإقرار والتمليك في حقه أيضا لافتقاره إلى القبض مفرزا ا هـ
ثم قال وهنا مسألة كثيرة الوقوع وهي ما إذا أقر لآخر إلى آخر ما ذكر الشارح مختصرا
وحاصله أنه اختلف النقل في قوله الأرض التي حددوها كذا لطفلي هل هو إقرار أو هبة وأفاد أنه لا فرق بينهما إلا إذا كان فيها شيء مما يحتمل القسمة فتظهر حينئذ ثمرة الاختلاف في وجوب القبض وعدمه وكأن مراد الشارح الإشارة إلى أن ما ذكره المصنف آخرا يفيد التوفيق بأن يحمل قول من قال إنها تمليك على ما إذا كانت معلومة بين الناس أنها ملكه فيكون فيها الإضافة تقديرا وقول من قال إنها إقرار على ما إذا لم تكن كذلك
قوله ولا الأرض أي ولا ترد مسألة الأرض التي الخ على الأصل السابق فإنها هبة أي لو كانت معلومة أنها ملكه للإضافة تقديرا لكن لا يحتاج إلى التسليم كما اقتضاه الأصل لأنها في يده وحينئذ يظهر دفع الورود
تأمل قوله ( وإن لم يقبضه ) قال في المنح ومسألة الابن الصغير يصح فيها الهبة بدون القبض لأن كونه في يده قبض له فلا فرق بين الإظهار أي الإقرار والتمليك بخلاف الأجنبي فإنه يشترط في التمليك القبض دون الإقرار
ا هـ
وإنما يتم في حق الصغير بدون قبض لأن هبة الأب لطفله تتم بقوله وهبت لطفلي فلان كذا ويقوم مقام الإيجاب والقبول ويكفي في قبضها بقاؤها في يده لأن الأب هو ولي طفله فيقوم إيجابه مقام إيجابه عن نفسه وقبوله لطفله لأنه هو الذي يقبل له وبقاؤها في يده قبض لطفله إلا إذا كان ما وهبه مشاعا يحتمل القسمة فلا بد من إفرازه وقبضه بعد القسمة لعدم صحة هبة المشاع
قوله ( إلا أن يكون مما يحتمل القسمة ) أي وقد ملكه بعضه
قوله ( مفرزا ) في بعض النسخ بعد هذا اللفظ لفظ ا هـ
وفي بعضها بياض
قوله ( للإضافة تقديرا ) علة
قوله ( ولا الأرض ) أي إنما كانت تمليكا في هذه المسألة وإن لم يوجد فيها إضافة صريحا لأن فيها إضافة تقديرية كأنه قال أرضي الخ والدليل عليها أن ملكه إياها معلوم للناس
فالحاصل أن الإضافة إلى نفسه التي تقتضي التمليك إما أن تكون صريحة أو تقديرية تعلم بالقرائن كأن
____________________
(8/112)
كان مشهورا بين الناس أنها ملكه وبهذا يظهر الجواب عن مسائل جعلوها تمليكا ولا إضافة فيها فلا حاجة إلى ما ادعاه المصنف من ثبوت الخلاف في المسألة حيث قال بعض هذه الفروع تقتضي التسوية أي في التمليك بين الإضافة وعدمها فيفيد أن في المسألة خلافا ا هـ
فليتأمل ط
ولا تنس ما قدمناه من إفادة التوفيق
قوله ( فهل يكون إقرارا أو تمليكا ) أقول المفهوم من كلامهم أنه إذا أضاف المقر به أو الموهوب إلى نفسه كان هبة وإلا يحتمل الإقرار والهبة فيعمل بالقرائن لكن يشكل على الأول ما عن نجم الأئمة البخاري أنه إقرار في الحالتين وربما يوفق بين كلامهم بأن الملك إذا كان ظاهرا للملك فهو تمليك وإلا فهو إقرار إن وجدت قرينة وتمليك أو وجدت قرينة تدل عليه فتأمل فإنا نجد في الحوادث ما يقتضيه رملي
وقال السائحاني أنت خبير بأن أقوال المذهب كثيرة والمشهور هو ما مر من قول الشارح والأصل الخ وفي المنح عن السعدي أن إقرار الأب لولده الصغير بعين ماله تمليك إن أضاف ذلك إلى نفسه فانظر لقوله بعين ماله ولقوله لولده الصغير فهو يشير إلى عدم اعتبار ما يعهد بل العبرة للفظ ا هـ
قلت ويؤيده ما مر من قوله ما في بيتي وما في الخانية جميع ما يعرف بي أو جميع ما ينسب إلي لفلان قال الإسكاف إقرار
ا هـ
فإن ما في بيته وما يعرف به وينسب إليه يكون معلوما لكثير من الناس أنه ملكه فإن اليد والتصرف دليل الملك وقد صرحوا بأنه إقرار وأفتى به في الحامدية وبه تأيد بحث السائحاني
ولعله إنما عبر في مسألة الأرض بالهبة لعدم الفرق فيها بين الهبة والإقرار إذا كان ذلك لطفله ولذا ذكرها في المنتقى في جانب غير الطفل مضافة للمقر حيث قال إذا قال أرضي هذه وذكر حدودها لفلان أو قال الأرض التي حدودها كذا لولدي فلان وهو صغير كان جائزا ويكون تمليكا فتأمل والله تعالى أعلم
أقول لعله إنما كما كذلك أي تمليكا من حيث إن الأرض مشهورة إنها ملك والده واستفادة الملك إنما تكون من جهته وذلك بالتمليك منه بخلاف الإقرار للأجنبي ولولده الكبير حيث يمكن أن تكون ملكهما من غير جهة المقر
تأمل
قوله ( فقال اتزنه ) أصله أو تزنه قلبت الواو تاء وأدغمت في التاء وهو أمر معناه خذ بالوزن الواجب لك علي
قوله ( ونحو ذلك ) كأحل بها غرماءك أو من شئت منهم أو أضمنها له أو يحتال بها علي أو قضي فلان عني
حموي
أو خذها أو تناولها أو استوفها
منح أو سأعطيكها أو غدا أعطيكها أو سوف أعطيكها أو قال ليست اليوم عندي أو أجلني فيها كذا أو أخرها عني أو نفسني فيها أو تبرأتني بها أو أبرأتني فيها أو قال والله لا أقضيكها أو لا أزنها لك اليوم أو لا تأخذها مني اليوم أو قال حتى يدخل علي مالي أو حتى يقدم علي غلامي أو لم يحل بعد أو قال غدا أو ليست بمهيأة أو ميسرة اليوم أو قال ما أكثر مما تتقاضى بها
هندية عن محيط السرخسي
قوله ( فهو إقرار له بها ) وكذا لا أقضيكها أو والله لا أعطيكها فإقرار
مقدسي
وكذا غممتني بها ولزمتني بها وأذيتني فيها
ذكره العيني
وفي المقدسي أيضا قال أعطني الألف التي لي عليك فقال اصبر أو سوف تأخذها لا يكون إقرارا وقوله اتزن إن شاء الله إقرار
وفي البزازية قوله عند دعوى المال ما قبضت منك بغير حق لا يكون إقرارا ولو قال بأي سبب دفعه إلي قالوا يكون إقرارا وفيه نظر ا هـ
قدمه إلى الحاكم قبل حلول الأجل وطالبه به فله أن يحلف ما له علي اليوم شيء وهذا الحلف لا يكون إقرارا
وقال
____________________
(8/113)
الفقيه لا يلتفت إلى قول من جعله إقرارا سائحاني
وفي الهندية رجل قال اقضني الألف التي لي عليك فقال نعم فقد أقر بها وكذلك إذا قال فاقعد فاتزنها فانتقدها فاقبضها
وفي نوار هشام قال سمعت محمدا رحمه الله تعالى يقول في رجل قال لآخر أعطني ألف درهم فقال اتزنها قال لا يلزمه شيء لأنه لم يقل أعطني ألفي كذا في المحيط ا هـ
قوله ( لرجوع الضمير إليها في كل ذلك ) فكان إعادة فكأنه قال اتزن الألف التي لك علي ونحوه
قوله ( فكان جوابا ) لا ردا ولا ابتداء فيكون إثباتا للأول
قوله ( وهذا إذا لم يكن على سبيل الاستهزاء ) ويستدل عليه بالقرائن
قوله ( أما لو ادعى الاستهزاء لم يصدق ) أفاد كلامه أن مجرد دعواه الاستهزاء لا تعتبر بل لا بد من الشهادة عليه ولا تعتبر القرينة كهز الرأس مثلا ويدل له ما سيأتي من أنه إذا ادعى الكذب بعد الإقرار لا يقبل ويحلف المقر له عند أبي يوسف
وفي الفتاوي الخيرية سئل عن دعوى النسيان بعد الإقرار لا تسمع دعواه النسيان كما هو ظاهر الرواية وعلى الرواية التي اختارها المتأخرون أن دعوى الهزل في الإقرار تصح ويحلف المقر له على أن المقر ما كان كاذبا في إقراره ا هـ
فلعل قول الشارح أما لو ادعى الاستهزاء لم يصدق جرى على ظاهر الرواية
نعم يرد عليه مسألة الصلح الآتية حيث قالوا تسمع دعواه بعين بعد الإبراء العام وقوله لا حق لي عنده أي مما قبضته فقد اكتفوا بالقرينة وسيأتي في عبارة الأشباه ما يفيد اعتبار القرينة لكن فيها عن القنية في قاعدة السؤال معاد في الجواب قال لآخر لي عليك ألف فادفعه إلي فقال استهزاء نعم أحسنت فهو إقرار عليه ويؤخذ به ا هـ
وقال في الهندية ولو قال أعطني الألف التي عليك فقال اصبر أو قال سوف تأخذها لم يكن إقرارا لأن هذا قد يكون استهزاء واستخفافا به ا هـ
معزيا للمحيط
وفيها عن النوازل إذا قال المدعي عليه كيسه بدون قبضي كن أي خيط الكيس واقبض لا يكون إقرارا وكذا قوله بكير أي أمسك لا يكون إقرارا لأن هذه الألفاظ تصلح للابتداء وكذا إذا قال كنش كيسه بدون شيء لا يكون إقرارا لأن هذه الألفاظ تذكر للاستهزاء
ثم ذكر مسائل بالفارسية أيضا وقال قد اختلف المشايخ والأصح أنه إقرار لأن هذه الألفاظ لا تذكر على سبيل الاستهزاء ولا تصح للابتداء فتجعل للبناء مربوطا
كذا في المحيط
ا هـ
فليتأمل
قال الخير الرملي ولو اختلفنا في كونه صدر على وجه الاستهزاء أم لا فالقول لمنكر الاستهزاء بيمينه والظاهر أنه على نفي العلم لا على فعل الغير كما سيأتي ذلك مفصلا في مسائل شتى قبيل الصلح إن شاء الله تعالى
قوله ( لعدم انصرافه ) الأولى في التعليل أن يقال لأنه يحتمل أنه أراد ما استقرضت من أحد سواك فضلا عن استقراضي منك وكذلك فيما بعدها وهو الظاهر في مثل هذا الكلام ويحتمل ما استقرضت من أحد سواك بل منك فلا يكن إقرارا مع الشك
قوله ( إلى المذكور ) أي انصرافا متعينا وإلا فهو محتمل
قوله ( والأصل أن الخ ) كالألفاظ المارة وعبارة الكافي بعد هذا كما في المنح فإن ذكر ضمير صلح جوابا لابتداء وإن لم
____________________
(8/114)
يذكره لا يصلح جوابا أو يصلح جوابا وابتداء فلا يكون إقرارا بالشك
قوله ( كل ما يصلح جوابا ) كما لو تقاضاه بمائة درهم فقال أبرأتني فإنه يصلح جوابا لأن الضمير يعود إلى كلام المدعي ولو كان ابتداء بقي بلا مرجع
قوله ( وما يصلح للابتداء ) كتصدقت علي ووهبت لي وما استقرضت من أحد سواك ونحوه
قوله ( لا للبناء ) أي على كلام سابق بأن يكون جوابا عنه
قوله ( أو يصلح لهما ) كاتزن
قوله ( لئلا يلزمه المال بالشك ) تعليل لما يصلح لهما وذلك كقوله ما استقرضت من أحد الخ كما تقدم
والحاصل أنه إن ذكر الضمير صلح جوابا للابتداء وإن لم يذكره لا يصلح جوابا أو يصلح جوابا وابتداء فلا يكون إقرارا بالشك لعدم التيقن بكون جوابا وبالشك لا يجب المال
قوله ( وهذا ) أي التفصيل بين ذكر الضمير وعدمه كما يستفاد مما نقلناه قبل
قوله ( إذا كان الجواب مستقلا ) أي بالمفهومية بأن يفهم معنى يحسن السكوت عليه فيتأتى فيه التفصيل المتقدم
قوله ( فلو غير مستقل ) بأن لا يتأتى فهمه إلا بالنظر إلى ما بني عليه
قوله ( كان إقرار مطلقا ) ذكره بضمير بأن يقول نعم هو علي بعد قوله لي عليك ألف أو لا كما مثل وحينئذ فلا يظهر ما قاله لأن نعم لا تستقل بالفهومية فإنها حرف جواب يقدر معها جملة السؤال فتكون إقرارا ولذلك لا يتأتى الإطلاق لأن فيه التفصيل إذ لا يمكن أن تكون ابتداء لا بناء ولا يصلح لهما لأنها وضعت للجواب
ففي لفظ الإطلاق هنا تسامح وفي الحموي عن المقدسي لقائل أن يقول نعم جواب في الخبر لا في الإنشاء وهذه الأمور إنشاء مع أنه قد يقوله ليستعيد الكلام فكأنه يقول ماذا تقول ويمكن أن يقال الكلام المذكور وإن كان إنشاء لكنه متضمن للخبر فنعم جواب له ا هـ
قوله ( بالعبد ) أي والثوب
حموي
قوله ( والدابة ) أي والسرج كما يفيده الحموي
قوله ( فهو إقرار له بها ) لأن بلى تقع جوابا لاستفهام داخل على نفي فتفيد إبطاله
قول ( وإن قال نعم ) لأن نعم تصديق للمستخبر بنفي أو إيجاب فقوله بلى بعد أليس لي عليك ألف إبطال للنفي فصار كأنه قال لك علي ألف فكان إقرارا بخلاف نعم بعد النفي كأنه قال نعم ليس لك علي ألف فيكون جحودا قوله ( وقيل نعم ) أي نعم يكون مقرا بقوله نعم بعد
قوله ( أليس الخ )
قوله ( لأن الإقرار يحمل على العرف ) لأن المتكلم يتكلم بما هو المتعارف عنده والعوام لا يدركون الفرق بين بلى ونعم والعلماء لا يلاحظون ذلك في محاوراتهم فيما يتكلمون به بين الناس وإنما يلاحظونه في مسائل العلم ولذلك كان مسائل الإقرار والوكالة والأيمان مبنية على العرف
قوله ( والفرق ) الأوضح تقديمه على قوله وقيل نعم وهذا على القول بالفرق بين بلى ونعم وهو ما مشى عليه المصنف وأما ما نقله الشارح عن الجوهرة فلا فرق
قوله ( أن بلى الخ ) ذكر في التحقيق أن موجب نعم تصديق ما قبلها من كلام منفي أو مثبت استفهاما كان أو خبرا كما إذا قيل لك قام زيد أو أقام زيد أو لم يقم زيد فقلت نعم كان تصديقا لما قبله وتحقيقا لما بعد الهمزة
____________________
(8/115)
وموجب بلى إيجاب ما بعد النفي استفهاما كان أو خبرا فإذا قيل لم يقم زيد فقلت بلى كان معناه قد قام إلا أن المعتبر في أحكام الشرع العرف حتى يقام كل واحد منهما مقام الآخر
ذكره في شرح المنار لابن نجيم
قوله ( من الناطق ) احترز به عن الأخرس فإن إشارته قائمة مقام عبارته في كل شيء من بيع وإجارة وهبة ورهن ونكاح وطلاق وعتاق وإبراء وإقرار وقصاص على المعتمد فيه إلا الحدود ولو حد قذف والشهادة وتعمل إشارته ولو قادرا على الكتابة على المعتمد ولا تعمل إشارته إلا إذا كانت معهودة وأما معتقل اللسان فالفتوى على أنه إن دامت العقلة إلى وقت الموت يجوز إقراره بالإشارة والإشهاد عليه وقد اقتصر في الأشباه وغيرها على استثناء الحدود
وزاد في التهذيب ولا تقبل شهادته أيضا وأما يمينه في الدعاوى فقدمناه وظاهر اقتصار المشايخ على استثناء الحدود فقط صحة إسلامه بالإشارة ولم أره الآن نقلا صريحا وكتابة الأخرس كإشارته
واختلفوا في أن عدم القدرة على الكتابة شرط للعمل بالإشارة أو لا والمعتمد لا
قال ابن الهمام لا يخفى أن المراد بالإشارة التي يقع بها طلاقه الإشارة المقرونة بتصويت منه إذ العادة منه ذلك فكانت بيانا لما أجمله الأخرس ا هـ
ولو أشار الأخرس بالقراءة وهو جنب ينبغي أن يحرم أخذا من قولهم يجب على الأخرس تحريك لسانه فجعلوا التحريك قراءة ولو علق رجل الطلاق بمشيئة أخرس فأشار بالمشيئة ينبغي الوقوع لوجود الشرط ولو علق بمشيئة رجل ناطق فخرس فأشار بالمشيئة ينبغي الوقوع أيضا
نور العين عن الأشباه
وفيه عن الهداية أخرس قرىء عليه كتاب وصية فقيل له نشهد عليك بما في هذا الكتاب فأومأ برأسه
أي نعم أو كتب فإذا جاء من ذلك ما يعرف أنه إقرار فهو جائز ولا يجوز ذلك في معتقل اللسان والفرق أن الإشارة إنما تعتبر إذا صارت معلومة وذلك في الأخرس لا في معتقل للسان حتى لو امتد الاعتقال وصارت له إشارة معلومة قالوا هذا بمنزلة الأخرس ولو كان الأخرس يكتب كتابا أو يومي إيماء يعرف به جاز نكاحه وطلاقه وبيعه وشراؤه ويقتص منه ولا يحد ولا يحد له والفرق أن الحد لا يثبت ببيان فيه شبهة
وأما القصاص ففيه معنى العوضية لأنه شرع جابرا فجاز أن يثبت مع الشبهة كالمعاوضات ا هـ
قوله ( بخلاف إفتاء ) أي لو سأل مفتيا عن حكم فقال أهكذا الحكم فأشار برأسه أي نعم كما نقله في القنية عن علاء الدين الزاهدي ونقل عن ظهير الدين المرغيناني أنه لا يعتبر قال لأن الإشارة من الناطق لا تعتبر
وفي مجمع الفتاوي تعتبر ومثله في تنقيح المحبوبي ونور العين وغيرهما لأن جواب المفتى به ليس بحكم متعلق باللفظ إنما اللفظ طريق معرفة الجواب عند المستفتي وإذا حصل هنا المقصود استفتى المستفتي عن اللفظ كما لو حصل الجواب بالكتابة بخلاف الشهادة والوصية فإنهما يتعلقان باللفظ والإشارة إنما تقوم مقام اللفظ عند العجز
وفي شرح الشافية أن جارية أريد إعتاقها في كفارة فجيء بها إلى رسول الله فسألها أين الله تعالى فأشارت إلى السماء فقال أعتقها فإنها مسلمة كما في الحواشي الحموية وغيرها
قوله ( ونسب ) بأن قيل له أهذا ابنك فأشار بنعم ط
قال أبو السعود قوله ( ونسب ) أي الإشارة من سيد الأمة تنزل منزلة صريح الدعوى
قوله ( وكفر ) بأن قال له قائل أتعتقد هذا المكفر فأشار بنعم
قوله ( وإشارة محرم لصيد ) فإذا أشار لشخص يدله على طير فقتله يجب جزاء على المشير
قوله ( والشيخ برأسه في رواية الحديث ) أي لو قيل له
____________________
(8/116)
أجزني برواية كذا عنك فأشار برأسه كفى أما لو قرأ عليه وهو ساكت فإنه يرويه عنه ولا يحتاج إلى إشارة ومسألة الشيخ ملحقة بمسألة الإفتاء
قوله ( والطلاق ) أي وإشارة عدد الطلاق المتلفظ به
قوله ( هكذا وأشار بثلاث ) فالإشارة مبينة لهذا المبهم فلو قال أنت طالق وأشار بثلاث لم يقع إلا واحدة
أشباه
قال فيها ولم أر الآن حكم أنت هكذا مشيرا بأصبعه ولم يقل طالق ا هـ
والظاهر عدم الوقوع لأنه ليس من صريح الطلاق ولا كنايته لأنه ليس لفظ يحتمله وغيره ط
أقول المفهوم من عبارة الشارح المنقولة عن الأشباه في قوله والطلاق في أنت طالق أي وبخلاف الطلاق الكائن في أنت طالق هكذا وأشار بثلاث فإن الإشارة بالرأس فيه كالنطق
لكن تقدم في كتاب الطلاق أنه لو قال هكذا وأشار بثلاث يقع ثلاث ولو لم يشر بالرأس فالظاهر أنه في هذه الصورة لا فائدة في إشارة الرأس
وقال في الأشباه ويزاد أخذا من مسألة الإفتاء بالرأس وإشارة الشيخ في رواية الحديث
وأمان الكافر أخذا من النسب لأنه محتاط فيه لحقن الدم ولذا يثبت بكتاب الإمام كما تقدم أو أخذا من الكتاب والطلاق إذا كان تفسيرا لمبهم كما لو قال أنت طالق هكذا وأشار بثلاث وقعت بخلاف ما إذا قال أنت وأشار بثلاث لم يقع ألا واحدة كما علم في الطلاق ا هـ
من أحكام الإشارة
نعم لو قيل مخالفة هذه المسألة لما قبلها في كونها تعتبر فيها الإشارة مطلقا كان الكلام منتظما كما قال أبو الطيب
أقول وعبارة المنح في كتاب الطلاق هكذا ولو قال أنت طالق وأشار بأصابعه ولم يقل هكذا فهي واحدة لفقد التشبيه لأن الهاء للتنبيه والكاف للتشبيه ا هـ
وفي البحر عن المحيط لو قالت لزوجها طلقني فأشار إليها بثلاث أصابع وأراد به ثلاث تطليقات لا يقع ما لم يقل هكذا لأنه لو وقع وقع بالضمير والطلاق لا يقع بالضمير ا هـ
وأنت خبير بأن اعتراض المحشي ليس في محله لأنه إذا أتى بقوله هكذا اعتبرت الإشارة فإذا قيل له أطلقت أمرأتك هكذا وأشار إليه بثلاث أصابع فأومأ برأسه أي نعم فإنه يقع الثلاث كما هو ظاهر
تأمل
قوله ( إشارة الأشباه ) أي كذا في أحكام الإشارة من الأشباه في الفن الثالث
قوله ( ويزاد اليمين الخ ) ظاهره أن جميع الإيمان يحنث فيها بالإشارة لأن المذكور أمثلة وليس كذلك فإنه إذا حلف ليضربن فأشار بالضرب لا يبرأ أو حلف لا يضرب فأشار بالضرب لا يحنث إذا كان مثله ممن يباشره
والذي في المنح عن إيمان البزازية إذا حلف لا يظهر سر فلان أو لا يفشى أو لا يعلم فلانا بسر فلان أو حلف ليكتمن سره أو ليخفينه أو ليسترنه أو حلف لا يدل على فلان فأخبر به بالكتابة أو برسالة أو كلام أو سأله أحد أكان سر فلان كذا أو أكان فلان بمكان كذا فأشار برأسه أي نعم حنث في جميع هذه الوجوه وكذا إذا حلف لا يستخدم فلانا فأشار إليه بشيء من الخدمة حنث في يمينه خدمه فلان أو لا يخدمه ا هـ ط
أقول وإنما حنث للعرف إذ الأيمان مبناها عليه وهو في العرف يكون بذلك مظهرا سره ومفشيه ومعلما به كما هو مقرر في محله وهذا هو السبب في خروجها عن الضابط المذكور فافهم
قوله ( وأشار حنث ) قال في الأشباه حلفه السراق أن لا يخبر بأسمائهم فالحيلة أن يعد عليه الأسماء فمن ليس بسارق يقول لا والسارق يسكت عن اسمه فيعلم الوالي السارق ولا يحنث الحالف ا هـ
وفي مسألتنا الحيلة أن يقال له أنا تذكر أمكنة
____________________
(8/117)
وأشياء من السر فما ليس بمكان فلان ولا سره فقل لا فإذا تكلمنا بسره أو مكانه فاسكت أنت ففعله واستدلوا به على سره ومكانه لا يحنث
قوله ( إلا في تسع ) ويدخل تحت اليمين منها ثلاث صور
ينبغي أن يزاد على التسع تعديل الشاهد من العالم بالإشارة فإنها تكفي كما قدمناه في الشهادات
فقال اعلم أن من القواعد الفقهية أنه لا ينسب إلى ساكت قول كما في مسائل منها رأى أجنبيا يبيع ماله ولم ينهه لا يكون وكيلا لسكون المالك
ومنها لو رأى القاضي الصبي أو المعتوه أو عبدهما يبيع ويشتري فسكت لا يكون إذنا في التجارة
ومنها لو رأى المرتهن راهنه يبيع الرهن فسكت لا يبطل الرهن ولا يكون مأذونا بالبيع وزاد في الأشباه
قوله ( في رواية )
ومنها لو رأى غيره يتلف ماله فسكت لا يكون إذنا بإتلافه
ومنها لو رأى عبده يبيع عينا من أعيان المالك فسكت لا يكون إذنا
ومنها لو سكت على وطىء أمته لم يسقط المهر وكذا عن قطع عضوه آخذا من سكوته عند إتلاف ماله
ومنها لو رأى قنه أو أمته يتزوج فسكت ولم ينهه لا يصير له آذنا في النكاح
ومنها لو زوجت غير كفء فسكت الولي عن مطالبة التفريق ليس برضا وإن طال ذلك لأن في الموانع كثرة إي ما لم تلد منه
ومنها سكوت امرأة العنين ليس برضا وإن أقامت معه سنين
ومنها الإعارة لا تثبت بسكوت
ومنها حلف لا يسلم شفعة فلم يسلمها ولكن سكت عن خصومة فيها حتى بطلت شفعته لا يحنث
ومنها حلف لا يؤخر عن فلان حقا له عليه شهرا فلم يؤخره شهرا وسكت عن تقاضيه حتى مضى الشهر لا يحنث
ومنها لو وهبت شيئا والموهوب له ساكت لا يصح ما لم يقل قبلت بخلاف الصدقة كما يأتي
ومنها لو أجر قنه أو عرضه للبيع أو ساومه أو زوجه فسكت القن لا يكون إقرارا برقه بخلاف ما لو باعه أو رهنه أو دفعه بجناية فسكت كما سيأتي أيضا
ومنها أحد شريكي عنان قال لصاحبه إني اشتريت هذه الأمة لنفسي خاصة فسكت صاحبه فشراها لا تكون له ما لم يقل صاحبه نعم
كذا في جامع الفصولين موافقا للخلاصة وغيرها
وزيد في مختارات النوازل فإذا قال نعم فهي له بغير شيء عند أبي حنيفة إذ الإذن يتضمن هبة نصيبه منه إذ الوطء لا يحل إلا بالملك بخلاف طعام وكسوة
يقول الحقير وفي الأشباه فسكت صاحبه لا تكون لهما وذكر هذه المسألة فيما يكون السكوت فيه كالنطق كل ذلك سهو واضح لمخالفته لما مر آنفا من المعتبرات واحتمال كون المسألة خلافية فيها روايتان بعيد إذ لو كانت كذلك لتعرض له أحد من أصحاب المعتبرات المنقول عنها
ثم اعلم أنه خرج عن القاعدة السابقة مسائل كثيرة صار السكوت فيها كالنطق أي يكون رضا
فمنها سكوت البكر عند استئمار وليها عنها قبل التزويج وبعده هذا لو زوجها الولي فلو زوج الجد مع
____________________
(8/118)
قيام الأب لا يكون سكوتها رضا
ومنها سكوتها عند قبض مهرها المهر أبوها أو من زوجها فسكتت يكون إذنا بقبضه إلا أن تقول لا تقبضه فحينئذ لم يجز القبض عليها ولا يبرأ الزوج
ومنها سكوت الصبية إذا بلغت بكرا يكون رضا ويبطل خيار بلوغها لا لو بلغت ثيبا
ومنها بكر حلفت أن لا تزوج نفسها فزوجها أبوها فسكتت حنثت في يمينها كرضاها بكلام ولو حلفت بكر أن لا تأذن في تزويجها فزوجها أبوها فسكتت لا تحنث إذ لم تأذن ولزم النكاح بالسكوت
ومنها تصدق على إنسان فسكت المتصدق عليه يثبت ولا يحتاج إلى قبوله قولا بخلاف الهبة
ومنها قبض هبة وصدقة بحضرة المالك وهو ساكت كان إذنا بقبضه
ومنها لو أبرأ مديونه فسكت المديون يبرأ ولو رد يرتد برده
ومنها الإقرار يصح ولو سكت المقر له ويرتد برده
ومنها لو وكله بشيء فسكت الوكيل وباشره صح ويرتد برده فلو وكله ببيع قنه فلم يقبل ولم يرد فباعه جاز ويكون قبولا
ومنها لو أوصى إلى رجل فسكت في حياته فلما مات باع الوصي بعض التركة أو تقاضى دينه فهو قبول للوصاية
ومنها الأمر باليد إذا سكت المفوض إليه صح يرتد برده
ومنها الوقف على رجل معين صح ولو سكت الموقوف عليه ولو رده قيل يبطل وقيل لا
ومنها تواضعا على تلجئة ثم قال أحدهما لصاحبه قد بدا لي أن أجعله بيعا صحيحا فسكت الآخر ثم تبايعا صح البيع وليس للساكت إبطاله بعد ما سمع قول صاحبه
ومنها سكوت المالك القديم حين قسم ماله بين الغانمين رضا كما لو أسر قن لمسلم فوقع في الغنيمة وقسم ومولاه الأول حاضر فسكت بطل حقه في دعوى قنه
ومنها لو كان المشتري مخيرا في قن شراه فرأى القن يبيع ويشتري فسكت بطل خياره ولو كان الخيار للبائع لا يبطل خياره
ومنها للبائع حبس المبيع لثمنه فلو قبضه المشتري ورآه البائع وسكت كان إذنا في قبضه الصحيح والفاسد فيه سواء في رواية وهو رضا بقبض في الفاسد لا في الصحيح في رواية
ومنها علم الشفيع بالبيع وسكت يبطل شفعته
ومنها رأى غير القاضي قنه يبيع ويشتري وسكت كان مأذونا في التجارة لا في بيع ذلك العين
ومنها لو حلف المولى لا يأذن لقنه فرآه يبيع ويشتري فسكت يحنث في ظاهر الرواية لا في رواية عن أبي يوسف
ومنها باع قن شيئا بحضرة مولاه ثم ادعاه المولى أنه له فلو كان مأذونا يصح دعوى المولي ولو محجورا صح
قال الأستروشني فإن قيل ألم يصر مأذونا بسكوت مولاه قلنا نعم ولكن أثر الإذن يظهر في المستقبل
ومنها باع قنا والق حاضر علم به وسكت وفي بعض الروايات فانقاد للبيع والتسليم ثم قال أنا حر لا يقبل
____________________
(8/119)
قوله
كذا في جامع الفصولين موافقا لما في فتاوي قاضيخان
وفي فوائد العتابي ولو سكت القن وهو يعقل فهو إقرار برقه وكذا لو رهنه أو دفعه بجناية والقن ساكت بخلاف ما لو آجره أو عرضه للبيع أو ساومه أو زوجه فسكوته هنا ليس بإقرار برقه
يقول الحقير قوله وفي بعض الروايات الخ ظاهره يشعر بضعف اشتراط الانقياد أو تساوي الاحتمالين لكن الأظهر أن الانقياد شرط لما ذكر في محل آخر من فتاوي قاضيخان رجل شرى أمة وقبضها فباعها من آخر والثاني من ثالث فادعت حريتها فردها الثالث على الثاني فقبلها ثم أراد ردها على الأول فلم يقبل له ذلك لو ادعت عتقا إذ العتق لا يثبت بقولها ولو ادعت حرية الأصل فلو كانت حين بيعت وسلمت انقادت لبيع وتسليم فكذلك إذ الانقياد إقرار بالرق وإن لم تنقد فليس للأول أن لا يقبل ا هـ
ومنها حلف لا ينزل فلانا داره وفلان نازل فيها فسكت الحالف حنث لا لو قال له اخرج فأبى أن يخرج فسكت
ومنها ولدت ولدا فهنأ الناس زوجها فسكت الزوج لزمه الولد وليس له نفيه كإقراره
ومنها أم ولد ولدت فسكت مولاها حتى مضى يومان لهذا الولد لا يملك نفيه بعده
ومنها السكون قبل البيع عند الإخبار بالعيب رضا به حتى لو قال رجل هذا الشيء معيب فسمعه وأقدم مع ذلك على شرائه فهو رضا لو المخبر عدلا لا لو فاسقا عند أبي حنيفة وعندهما هو رضا ولو فاسقا
ومنها سكوت بكر عند إخبارها بتزويج الولي على خلاف ما مر آنفا
ومنها باع عقارا وامرأته أو ولده أو بعض أقاربه حاضر فسكت ثم ادعاه على المشتري من كان حاضرا عند البيع أفتى مشايخ سمرقند أنه لا يسمع وجعل سكوته في هذه الحالة كإقرار دلالة قطعا للأطماع الفاسدة وأفتى مشايخ بخارى أنه ينبغي أن يسمع فينظر المفتي في ذلك فلو رأى أنه لا يسمع لاشتهار المدعي بحيلة وتلبيس وأفتى به كان حسنا سدا لباب التزوير
ومنها الحاضر عند البيع لو بعث البائع إلى المشتري وتقاضاه الثمن لا يسمع دعواه الملك لنفسه بعده لأنه يصير مجيزا للبيع بتقاضيه
ومنها رآه يبيع عرضا أو دارا فتصرف فيه المشتري زمانا وهو ساكت سقط دعواه
يقول الحقير وفي الفتاوى الولوالجية رجل تصرف أيضا زمانا ورجل آخر رأى الأرض والتصرف ولم يدع ومات على ذلك لا يسمع بعد ذلك دعوى ولده فيترك على يد المتصرف لأن الحال شاهد
ومنها لو قال الوكيل بشراء شيء بعينه لموكله إني أريد شراءه لنفسي فسكت موكله ثم شراه يكون للوكيل
يقول الحقير وجه الفرق بين هذه المسألة وبين ما مر نحو ورقة من مسألة شريكي العنان وهو ما ذكره صاحب الخلاصة بعد ذكر هاتين المسألتين بقوله والفرق أن الوكيل يملك عزل نفسه إذا علم الموكل رضي أو سخط بخلاف أحد الشريكين إذ لا يملك فسخ الشركة إلا برضا صاحبه
ومنها لي صبي عاقل رأى الصبي يبيع ويشتري فسكت يكون إذنا
ومنها سكوت رجل رأى غيره شق زقه حتى سال ما فيه يكون رضا
____________________
(8/120)
ومنها سكوت الحالف بأن لا يستخدم فلانا أي مملوكه ثم خدمه فلان بلا أمره ولم ينهه حنث
ومنها امرأة دفعت في تجهيزها لبنتها أشياء من أمتعة الأب والأب ساكت فليس له الاسترداد
ومنها أنفقت الأم في تجهيز بنتها ما هو معتاد فسكت الأب لا تضمن الأم
ومنها باع أمه وعليها حلي وقرطان ولم يشترط ذلك لكن تسلم المشتري الأمة وذهب بها وبالبائع ساكت كان سكوته بمنزلة التسليم فكان الحلي لها
ومنها القراءة على الشيخ وهو ساكت تنزل منزلة نطقه في الأصح
ومنها ما ذكر في قضاء الخلاصة ادعى على الآخر مالا فسكت ولم يجب أصلا يؤخذ منه كفيل ثم يسأل جيرانه عسى به آفة في لسانه أو سمعه فلو أخبروا أنه لا آفة به يحضر مجلس الحكم فإن سكت ولم يجب ينزل منزلة المنكر عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف يحبس حتى يجيب فإن فهم أنه أخرس يجيب بالإشارة انتهى
ومنها سكوت المزكي عند سؤاله عن حال الشاهد تعديل
ومنها سكوت الراهن عند قبض المرتهن العين المرهونة
يقول الحقير فصارت المسائل التي يكون السكوت فيها رضا أربعين مسألة ثلاثون منها ذكرت في جامع الفصولين وعشرة منها زيادة صاحب الأشباه والنظائر نقلها عن الكتب المعتبرة انتهى
الكل من نور العين
وقد ذكرنا بعض هذه فيما قدمنا محررا فراجعه إن شئت وتقدمت في كلام الشارح قبيل الدعوى آخر الوقف وزاد على ما هنا مسائل كثيرة وكتب عليها سيدي الوالد رحمه الله تعالى وزاد عليها فراجعها ثمة
قوله ( لزمه الدين حالا ) قال في الدرر لأنه أقر بحق على نفسه وادعى لنفسه حقا فيه فيصدق في الإقرار بلا حجة دون الدعوى ا هـ
قال في الواقعات هذا إذا لم يصل الأجل بكلامه أما إذا وصل صدق ا هـ
قوله ( لأنه دعوى بلا حجة ) قال الحموي لأنه أقر بحق على نفسه وادعى حقا على المقر له فإقراره حجة عليه ولا تقبل دعواه بلا حجة ا هـ
قوله ( لثبوته بالشرط ) الأوضح أن يقول يثبت بالشرط ويكون بيانا
لقوله ( عارض ) وعبارة الحموي والأجل عارض ولا يثبت بنفس العقد بل بالشرط والقول للمنكر في العارض
ا هـ
قوله ( والقول للمقر في النوع وللمنكر في العوارض ) أي فكانت من قبيل الإقرار بالنوع لا بالعارض لأن حقيقة النوع أن يكون الشيء من أصله موصوفا بتلك الصفة وكذلك الدين المؤجل المكفول به فإنه مؤجل بلا شرط بل من حين كفله كان مؤجلا فإذا أقر به لم يكن مقرا بالحال كما أن الدراهم السود من أصلها سود وليس السواد عارضا بالشرط فكان إقرارا بالنوع بخلاف الدين فإن الأصل فيه الحلول ولا يصير مؤجلا إلا بالشرط فكان الإقرار بالدين المؤجل إقرارا بالدين وادعاء لحصول العارض والمقر له ينكر العارض والقول للمنكر ومثله إجارة العبد كما أفاده بعض الأفاضل
والحاصل أن الأجل عارض لا يثبت بنفس العقد بل بالشرط والقول للمنكر في العارض
قوله ( لثبوته في كفالة المؤجل بلا شرط ) فالأجل فيها نوع فكانت الكفالة المؤجلة أحد نوعي الكفالة فيصدق لأن إقراره بأحد النوعين
____________________
(8/121)
لا يجعل إقرارا بالنوع الآخر لأن حقيقة النوع أن يكون للشيء من أصله موصوفا بتلك الصفة وكذلك الدين المؤجل المكفول به فإنه مؤجل بلا شرط بل من حين كفله كان مؤجلا فإذا أقر به لم يكن مقرا بالحال كما أن الدراهم السود من أصلها سود كما قدمناه قريبا وقد مرت المسألة في كتاب الكفالة عند قوله لك مائة درهم إلى شهر فراجع
قوله ( وشراؤه أمة متنقبة ) فإذا لم تكن متنقبة فأولى بالحكم المذكور
قوله ( كثوب في جراب ) أي كشراء ثوب في جراب
وفي البزازية علل لذلك بقوله والضابط أن الشيء إن كان مما يعرف وقت المساومة كالجارية القائمة المتنقبة بين يديه لا يقبل إلا إذا صدقه المدعى عليه في عدم معرفته إياها فيقبل وإن كان مما لا يعرف كثوب في منديل أو جارية قاعدة على رأسها غطاء لا يرى منها شيء يقبل ولهذا اختلفت أقاويل العلماء في ذلك ا هـ
وبه ظهر أن الثوب في الجراب كهو في المنديل ويدل عليه ما في الفواكه البدرية لابن الغرس حيث عد مسألة الثوب في الجراب مما يغتفر فيه التناقد فقال وإذا اشترى ثوبا مطويا في جراب أو منديل فلما نشره قال هذا متاعي نسمع دعواه فالدعوى مسموعة مع التناقد في جميع هذه المسائل أي التي منها هذه على الراجح المفتى به ومن المشايخ من اعتبره التناقض مطلقا فمنع سماع الدعوى إذا تقدم ما يناقضها وقدمنا ذلك في الدعوى فراجعه
قوله ( وكذا الاستيام والاستيداع ) أي طلب إيداعه عنده ومثله يقال في الاستيهاب والاستئجار
قال في تنوير البصائر ومما يجب حفظه هنا أن المساومة بالملك للبائع أو بعدم كونه ملكا له ضمنا لا قصدا وليس كالإقرار صريحا بأنه ملك البائع والتفاوت إنما يظهر فيما إذا وصل العين إلى يده ويؤمر بالرد إلى البائع في فصل الإقرار الصريح ولا يؤمر في فصل المساومة
وبيانه اشترى متاعا من إنسان وقبضه ثم إن أبا المشتري استحقه بالبرهان من المشتري وأخذه ثم مات الأب وورثه الابن المشتري لا يؤمر برده إلى البائع ويرجع بالثمن على البائع ويكون المتاع في يد المشتري هذا بالإرث
ولو أقر عند البيع بأنه ملك البائع ثم استحقه أبوه من يده ثم مات الأب وورثه الابن المشتري هذا لا يرجع إلى البائع لأنه في يده بناء على زعمه بحكم الشراء الأول لما تقرر أن القضاء للمستحق لا يوجب فسخ البيع قبل الرجوع بالثمن
ا هـ
كذا في جامع البزازي
قوله ( والإعارة ) الأولى أن يقال الاستعارة كما في جامع الفصولين من الفصل العاشر أي لو قبل إعارة الثوب والجارية المذكورين كان قبوله إقرارا بالملك فإن القبول هو الذي يتأتى منه والإعارة فعل ذي اليد فكيف تكون إقرارا بالملك والذي سهل ذلك وقوعها بين الاستيداع والاستيهاب
والحاصل أن الاستعارة هي التي تكون إقرارا بالملك للغير أما الإعارة فهي فعل المعير
تأمل قوله ( والاستيهاب والاستئجار ) قال في الأشباه الاستئجار إقرار بعدم الملك له على أحد القولين
وفي الحموي إن مما يغتفر التناقض استئجار دار ثم ادعاء ملكها لأنه موضع خفاء
وقيل يجب تقييده بما إذا لم يكن ملكه فيه ظاهرا فإنهم صرحوا بأن الراهن أو البائع وفاء إذا استأجر الرهن أو المبيع لا يصح وهو كالصريح في عدم كون الاستئجار إقرارا بعدم الملك له ا هـ
ومثله في الحواشي الرملية
قال العلامة الحموي قيل عليه الاستئجار إقرار بعدم الملك له اتفاقا وإنما الخلاف في كونه إقرارا لذي
____________________
(8/122)
اليد بالملك فقد اشتبه على صاحب الأشباه الأول بالثاني فأجرى الخلاف بالأول كما في الثاني وهو سهو عظيم ورد بأن الضمير في له راجع للمؤخر والقرينة عليه قوله على أحد القولين ا هـ
وهو بيعد جدا
وقد صحح العمادي كلا القولين في فصوله في الفصل السادس
وفي الأشباه إلا إذا استأجر المولى عبده من نفسه لم يكن إقرارا بحريته كما في القنية
قوله ( ولو من وكيل ) أي وكيل واضع اليد والاستنكاح في الأمة يمنع دعوى الملك فيها ودعواه في الحرة يمنع دعوى نكاحها
كذا في الدرر
قوله ( فيمنع دعواه لنفسه ولغيره الخ ) قال في الشرنبلالية كون هذه الأشياء إقرارا بعدم الملك للمباشر متفق عليه وأما كونها إقرارا بالملك لذي اليد ففيه روايتان على رواية الجامع يفيد الملك لذي اليد وعلى رواية الزيادات لا وهو الصحيح كذا في الصغرى
قال في عدة الفتاوي الاستعارة والاستيداع والاستيهاب من المدعى عليه أو من غيره وكذا الشراء والمساومة وما أشبهه من الإجارة وغيرها تمنع صاحبها من دعوى الملك لنفسه ولغيره
قال صاحب جامع الفصولين أقول كون هذه الأشياء إقرارا بعدم الملك للمباشر ظاهر وأما كونها إقرارا بالملك لذي اليد ففيه روايتان كما سيأتي قريبا
قال والظاهر عندي أن مجرد ذلك ليس بإقرار لذي اليد إذ قد بفعل مع وكيل المالك فلا يكون إقرارا بالملك لذي اليد فلا بد أن يميز بالقرائن فيجعل إقرارا في موضع دون موضع بحسب القرائن فعلى هذا ينبغي أن تصح دعواه لغيره في بعض المواضع لا في بعضها فإن برهن المدعي عليه على وكيل الخصومة أنه سبقت منه مساومة أو استعارة أو نحوهما عزل من الوكالة لأنه لو فعله عند القاضي عزله والموكل على حقه لو شرط أن إقراره عليه لا يجوز
قال صاحب نور العين قوله لو شرط الخ مستدرك إذ لو صدر ذلك من الوكيل في غير مجلس القاضي لا يعتبر فلا حاجة إلى الشرط المذكور هذا إذا كان قوله والموكل على حقه معطوفا على قوله عزل من الوكالة أما إذا كان معطوفا على قوله فعله عند القاضي عزله فلا استدراك حينئذ لكن مسألة الأولى ناقصة حيث لم يتعرض فيها إلى كون الموكل على حقه أو لا في صورة مساومة وكيله في غير مجلس القاضي وهذا قصور وإبهام في مقام بيان وإعلام كما لا يخفى على ذوي الأعلام
ا هـ
وفيه الاستيام هل هو إقرار وفيه روايتان على رواية الزيادات يكون إقرارا بكونه ملك البائع
وفي رواية لا يكون إقرارا والأول أصح
وعلى الروايتين لا تسمع دعواه بعد الاستيام والاستيام من غير البائع كالاستيام من البائع والاستيداع والاستعارة والاستيهاب والاستئجار وإقرار بأنه لذي اليد سواء ادعاه لنفسه أو لغيره
ولو أقيمت البينة على أن الوكيل ساومه في مجلس القضاء خرج من الخصومة هو وموكله أيضا ولو كانت المساومة في غير مجلس القضاء خرج هو من الخصومة دون موكله
ا هـ
وفي جامع الفصولين صحح رواية إفادته الملك فاختلف التصحيح للروايتين ويبتنى على عدم إفادته المدعى عليه جواز دعوى المقر بها لغيره ا هـ
ونقل السائحاني عن الأنقروي أن الأكثر على تصحيح ما في الزيادات وأنه ظاهر الرواية ا هـ
قلت فيفتى به لترجحه بكون ظاهر الرواية وإن اختلف التصحيح كما تقدم
أقول ومثل ما تقدم من الاستعارة والاستيداع وأخواتها الاقتسام
قال في جامع الفصولين رامزا لفتاوى رشيد الدين قسم تركة بين ورثة أو قبل تولية لوقف أو وصاية في تركة بعد العلم واليقين بأن هذا تركة
____________________
(8/123)
أو وقف ثم ادعاه لنفسه لا تسمع ا هـ
وتمامه فيه
قوله ( فيمنع دعواه لنفسه ) هذا متفق عليه وأما كونه إقرارا بالملك لذي اليد ففيه روايتان مصححتان كما علمت
قوله ( ولغيره ) قال في جامع الفصولين الحاصل من جملة ما مر أن المدعي لو صدر عنه ما يدل على أن المدعي ملك المدعى عليه تبطل دعواه لنفسه ولغيره للتناقض ولو صدر عنه ما يدل على عدم ملكه ولا يدل على عدم ملك المدعى عليه بطل دعواه لنفسه لا لغيره لأنه إقرار بعدم ملكه لا بملك المدعى عليه
ولو صدر عنه ما يحتمل الإقرار وعدمه فالترجيح بالقرائن
وإلا فلا يكون إقرارا للشك
ا هـ
قوله ( بوكالة أو وصاية ) يعني إذا أقر الرجل بمال أنه لفلان ثم ادعاه لنفسه لم يصح وكذا إذا ادعاه بوكالة أو وصاية لورثة موصيه لأن فيه تناقضا لأن المال الواحد لا يكون لشخصين في حالة واحدة كما في الدرر
قوله ( للتناقض ) محله ما إذا كان لا يخفى سببه كما تقدم
قوله ( بخلاف إبرائه ) أي لو أبرأه من جميع الدعاوى ثم ادعى عليه وكالة للغير أو ليتيم هو وصيه صح لعدم التناقض لأنه إنما أبرأه عن حق نفسه لا عن حق غيره
قوله ( بهما ) أي بالوكالة والوصاية
قوله ( لعدم التناقض ) لأن إبراء الرجل عن جميع الدعاوى المتعلقة بماله لا يقتضي عدم صحة دعوى مال لغيره على ذلك الرجل
درر
قوله ( ذكره في الدرر ) الضمير راجع إلى المذكور متنا من قوله وكذا الخ سوى الإعادة وإلى المذكور شرحا فجميع ذلك مذكور فيها والضمير في قوله وصححه في الجامع الخ راجع إلى ما في المتن فقط يدل عليه قول المصنف في المنح وممن صرح بكونه إقرارا منلا خسرو
وفي النظم الوهباني لعبد البر ذكر خلافا
ثم قال والحاصل أن رواية الجامع أن الاستيام والاستئجار والاستعارة ونحوها إقرار بالملك للمساوم منه والمستأجر منه ورواية الزيادات أنه لا يكون ذلك إقرارا بالملكية وهو الصحيح
كذا في العمادية
وحكى فيها اتفاق الروايات على أنه لا ملك للمساوم ونحوه فيه وعلى هذا الخلاف يبتنى صحة دعواه ملكا لما ساوم فيه لنفسه أو لغيره ا هـ
وإنما جزمنا هنا بكونه إقرارا أخذا برواية الجامع الصغير والله تعالى أعلم ا هـ
قال السائحاني ويظهر لي أنه إن أبدى عذرا يفتى بما في الزيادات من أن الاستيام ونحوه لا يكون إقرارا وفي العمادية وهو الصحيح
وفي السراجية أنه الأصح
وقدمنا عن الأنقروي أنه قال والأكثر على تصحيح ما في الزيادات وأنه ظاهر الرواية ا هـ
أقول لكن في الاستيام لنفسه على كل من الروايتين يكون إقرارا بأنه لا ملك له فيه فكيف يدعيه لنفسه نعم له أن يدعيه لغيره لعدم التناقض بناء على رواية الزيادات ومما يؤيد ذلك ما نذكره قريبا في المقولة الآتية في التتمة حتى لو برهن يكون دفعا
تأمل
قوله ( وصححه في الجامع ) أي صحح ما مر من أن الاستيام والاستعارة والاستئجار ونحوها إقرار بالملك للمساوم منه والمستعار منه والمستأجر منه والمراد بالجامع جامع الفصولين وهذه رواية الجامع للإمام محمد
تتمة الاستشراء من غير المدعي عليه في كونه إقرارا بأنه لا ملك للمدعي كالاستشراء من المدعي عليه حتى لو برهن يكون دفعا قال في جامع الفصولين بعد نقله عن الصغرى أقول ينبغي أن يكون الاستيداع وكذا الاستيهاب ونحوه كالاستشراء
قوله ( خلافا لتصحيح الوهبانية ) أي في مسألة الاستيام لأن المبيع يحتمل أن يكون في يد البائع عارية أو غصبا أو يكون وكيلا أو فضوليا فلم يقتض ثبوت الملك للبائع كذا ذكره ابن وهبان
____________________
(8/124)
وهذا ما في الزيادات
قوله ( ووفق شارحها الشرنبلالي ) أي بين ما في الجامع والزيادات
قوله ( بأنه إن قال بعني هذا ) أي مثلا أو هبني أو أجرني ونحوه
قوله ( كان إقرارا ) أي اعترافا له بالملك لأنه جازم بأنه ملكه وقد طلب شراءه منه أو هبته أو إجارته
قوله ( وإن قال أتبيع هذا ) أو هل أنت بائع هذا لا يكون إقرارا بل استفهاما لأنه يحتمل أن يقصد بذلك استظهار حاله هل يدعي الملكية وجواز البيع له أو لا أو يكون مراده طلب إشهاد على إقراره بإرادة بيع ملك القائل فيلزمه به بعد ذلك أي بإقراره الضمني بناء على رواية الجامع ونفتي بهذه المسألة برواية الزيادات لكن قد يقال إن ما ذكره لا يصلح أن يكون توفيقا بين القولين بل هو تفصيل في كون المذكورات قد يكون بعضها إقرارا بعدم ملك المقر وقد يكون ملك المقر فتأمل
والحاصل أنه إذا قال بعني إياه إنما يصح ذلك فيما إذا كان مملوكا للمخاطب فإن الإنسان لا يطلب من غيره أن يبيعه مال نفسه فيكون ذلك اعترافا منه له بالملك فلا يدعيه بعد ذلك لنفسه ولا لغيره
وإن قال أتبيع فلعله يريد أن يبيعه لو وكالة عنه أو فضولا فلا يكون إقرارا له بالملك
قوله ( صك البيع ) أي وثيقة المبايعة
قوله ( فإنه ) أي ما ذكر من كتابة الاسم والختم
قوله ( ليس بإقرار بعدم ملكه ) أي فما هنا أولى أو مساو أي فله أن يدعيه بعد ذلك لنفسه ولغيره أي فقوله أتبيع هذا أولى بأن لا يكون إقرارا بعدم ملكه وصورة مسألة كتابته وختمه على صك البيع هي أنه لو كتب شهادته وختم عليها على صك فيه باع فلان لا يكون اعترافا منه بالبيع فإن الإنسان قد يبيع مال غيره فضولا بخلاف ما لو كان الصك مكتوبا فيه بيعا صحيحا أو نافذا فإن كتابة الشهادة عليه حينئذ تكون اعترفا له بالملك فلا يصح بعد ذلك أن يدعيه لنفسه وكذلك هنا إذا قال بعنيه إنما يصح ذلك فيما إذا كان مملوكا للمخاطب فإن الإنسان لا يطلب من غيره أن يبيعه مال نفسه إلى آخر ما قدمناه ويجب تقييده أيضا بغير أحد الزوجين والرحم المحرم وبما إذا لم يصرح في صك البيع
مهمة في البزازية عن الزيادات ساوم ثوبا ثم ادعى أنه كان له قبل المساومة أو كان لأبيه يوم مات قبل ذلك وتركه ميراثا لا يسمع
أما لو قال كان لأبي وكذلك بالبيع فساومته ولم يتفق البيع يسمع ولو ادعاه أبوه يسمع أيضا وكذا لو قال قضى لأبي ومات قبل القبض وتركه ميراثا لي يسمع أيضا وإن لم يقض للأب حتى مات وتركه ميراثا لا يقضى لأن دوام الخصومة شرط ولا يمكن لأنه لا يصلح خصما بعد المساومة
وعلى هذا لو الادعى رجل شراء ثوب وشهدا له بالشراء مع المدعى عليه وقضى أولا ثم زعم أحد الشاهدين أن الثوب له أو لأبيه وورثه هو عنه لا يسمع دعواه لما قلنا
ولو قال عند الشهادة هذا الثوب باعه منه هذا لكنه لي أو لأبي ورثته عنه يقضى بالبيع ويسمع دعوى الشاهد فإذا برهن على مدعاه قضى له لانعدام التناقض ولو قال قولا ولم يؤديا الشهادة ثم ادعاه لنفسه أو أنه لأبيه وكله بالطلب يقبل وكذا إذا شهد به الاستئجار أو الاستيداع أو الاستيهاب أو الاستعارة من المدعي بطل دعواه لنفسه أو لغيره وسواء طلب تحقيق هذه العقود المدعي من المدعى عليه أو غيره لو ساوم ثم ادعاه مع الآخر يقبل في نصيب الآخر ولا يقبل في نصيب المساوم ومساومة الابن لا تمنع دعوى الأب لكن بعد موت الأب لا يملك الدعوى وإن كان الأب ادعاه وقضى له به أخذه الابن وقبل القضاء لا لما مر آنفا ولو برهن
وفي الأقضية ساوم ولد جارية أو زرع أرض أو ثمرة نخل ثم برهن على أن الأصل ملكه تقبل وإن ادعى
____________________
(8/125)
الفرع مع الأصل يقبل في حق الأصل لا الفرع فعلى هذا لو ادعى شجرا فقال المدعى عليه ساومني ثمره أو اشترى مني لا يكون دفعا لجواز أن يكون الشجر له والثمر لغيره
وفي الخزانة ادعى عليه شيئا فقال اشتريته من فلان وأجزت البيع لا يكون دفعا لأن الإنسان قد يجيز بيع الغير ملك الغير
وفي المحيط برهن على أن هذا الكرم له فبرهن المدعى عليه أنه كان آجر منه نفسه في عمل هذا الكرم يندفع
وفي المنتقى استأجر ثوبا ثم برهن أنه لابنه الصغير تقبل
قال القاضي هذه على الرواية التي جعل الاستئجار ونحوه إقرارا بعدم الملك له فعدم كونه ملكا يمنع كونه ملكا لغيره فجاز أن ينوب عن الغير
فأما على الرواية التي تكون إقرارا بأنه ملك للمطلوب لا تسمع الدعوى لغيره كما لا تسمع لنفسه ا هـ
قوله ( مائة ودرهم ) وكذا لو قال مائة ودرهمان أو مائة وثلاثة دراهم كما في الخانية وعليه التعليل الآتي وأراد بدرهم مال مقدر فشمل الدينار وسائر الموزونات والمكيل
والحاصل أنه إذا ذكر بعد عقد من الأعداد شيء من المقدرات أو عدد مضاف نحو مائة وثلاثة أثواب أو أفراس يكون بيانا وإلا فلا يكون بيانا كما في المنبع
قوله ( كلها دراهم ) أي فيلزمه مائة درهم ودرهم في قوله له علي مائة ودرهم
قال في المختار ولو قال له علي مائة ودرهم فالكل دراهم وكذا كل ما يكال ويوزن
واعلم أن صاحب الدرر ذكر مميز المائة بصيغة الجمع ولفظه إذا قال له علي مائة ودرهم لزمه مائة دراهم ودرهم وتعقبه عزمي بأن الصواب مائة درهم بالإفراد واستدل بما في المقدمة الحاجبية حيث قال ومميز مائة وألف مخفوض مفرد ا هـ
واعترضه أيضا عبد الحليم بأن الألف في دراهم من طغيان القلم لأن مميز مائة مفرد لا غير وأجاب شيخ المولى أبو السعود بأن دعوى التصويب ساقطة وما ذكره ابن الحاجب في المقدمة هو الكثير وما وقع لصاحب الدرر حيث أضاف المائة إلى الجمع قليل وليس بخطأ ومنه قراءة حمزة والكسائي 81 { ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين } الكهف 25 بإضافة مائة إلى سنين
والحاصل أن العدد المضاف على قسمين أحدهم ما لا يضاف إلا إلى جمع وهو ثلاثة إلى عشرة
والثاني ما لا يضاف كثيرا إلا إلى مفرد وهو مائة وألف وتثنيتهما نحو مائتا درهم وألف درهم الخ
قوله ( وكذا المكيل والموزون ) كمائة وقفيز حنطة أو رطل كذا ولو قال له نصف درهم ودينار وثوب فعليه نصف كل منها وكذا نصف هذا العبد وهذه الجارية لأن الكلام كله وقع على شيء بغير عينه أو بعينه فينصرف النصف إلى الكل بخلاف ما لو كان بعضه غير معين كنصف هذا الدينار ودرهم يجب عليه نصف الدينار والدرهم كله
قال الزيلعي
وأصله أن الكلام إذا كان كله على شيء بعينه أو كان كله على شيء بغير عينه فهو كله على الأنصاف وإن كان أحدهما بعينه والآخر بغير عينه فالنصف على الأول منهما
شرنبلالية
لكن قال العلامة المقدسي بعد أن عزا وجوب كل الدرهم للتبيين فيه أن هذا على تقدير خفض الدرهم مشكل وأما في الرفع والسكون فمسلم ا هـ
وأقول لا إشكال على لغة الجواز على أن الغالب على الطلبة عدم اعتبار الإعراب أي فضلا عن العوام ولكن الأحوط الاستفسار فإن الأصل براءة الذمة فلعله قصد الجر
تأمل
قوله ( استحسانا ) والقياس أن يلزمه
____________________
(8/126)
المعطوف ويرجع في بيان المعطوف عليه إليه وبالقياس أخذ الإمام الشافعي رحمه الله تعالى
قوله ( وفي مائة ثوب ) نحو مائة وشاة ومائة وعبد
قوله ( لأنها مبهمة ) قال في التبيين وجه الاستحسان أن عطف الموزون والمكيل على عدد مبهم يكون بيانا للمبهم عادة لأن الناس استثقلوا تكرار التفسير وهو الدرهم عند كثرة الاستعمال وذلك فيما يجري فيه التعامل وهو ما يثبت في الذمة وهو المكيل والموزون لأنها تثبت دينا في الذمة سلما وقرضا وثمنا واكتفوا بذكره مرة لكثرة أسبابه ودورانه في الكلام بخلاف الثياب وغيرها مما ليس من المقدرات أي مما لا يكال ولا يوزن لأنها لا يكثر التعامل بها لعدم ثبوتها في الذمة جميع المعاملات والثياب وإن ثبتت في الذمة في السلم والنكاح إلا أنهما لا يكثرن كثرة القرض والثمن فلم يستثقلوا ذكرها لعدم دورانها في الكلام والاكتفاء بالثاني للكثرة ولم توجد فبقي على القياس بخلاف قوله مائة وثلاثة أثواب حيث يكون الأثواب تفسيرا للمائة أيضا ويستوي فيه المقدرات وغيرها لأنه ذكر عددين مبهمين وأعقبهما تفسيرا فينصرف إليهما فيكون بيانا لهما وهذا بالإجماع لأن عادتهم جرت بذلك ألا ترى أنهم يقولون أحد وعشرون وثلاثة وخمسون درهما فينصرف التفسير إليهما لاستوائهما في الحاجة إليه ا هـ
قال أبو السعود والمتقارب الذي لا تختلف آحاده بالكبر والصغر كالمكيل والموزون
قوله ( وفي مائة وثلاثة أثواب ) أو دراهم أو شياه
قوله ( كلها ثياب ) لأنه ذكر عددين مبهمين وأردفها بالتفسير فصرف إليهما لعدم العاطف وهذا بالإجماع
قوله ( خلافا للشافعي ) ظاهر كلامه أن مخالفته في هذه المسألة فقط وليس كذلك قال العيني وعند الشافعي ومالك تفسير المائة إليه في الكل وعند أحمد المبهم من جنس المفسر في الفصلين ا هـ
ونحوه في الدرر
قوله ( لم تذكر بحرف العطف ) بأن يقول مائة وأثواب ثلاثة كما في مائة وثوب
قوله ( فانصرف التفسير ) أي بالأثواب
قوله ( إليهما ) يعني أنها تكون تفسيرا لهما لاستواء المعطوف والمعطوف عليه في الحاجة إلى التفسير
قوله ( تلزمه الدابة فقط ) لأن غصب العقار لا يتحقق عندهما وعلى قياس قول محمد يضمنهما
قوله ( والأصل أن ما يصلح ظرفا إن أمكن نقله ) كتمر في قوصرة لزماه ومثله طعام في جوالق أو في سفينة
قوله ( لزماه ) لأن الإقرار بالغصب إخبار عن نقله ونقل المظروف حال كونه مظروفا لا يتصور إلا بنقل الظرف فصار إقرارا بغصبهما ضرورة ويرجع في البيان إليه لأنه لم يعين
هكذا قرر في غاية البيان وغيرها هنا وفيما بعده وظاهره قصره على الإقرار بالغصب ويؤيده ما في الخانية له علي ثوب أو عبد صح ويقضي بقيمة وسط عند أبي يوسف وقال محمد القول له في القيمة ا هـ
وفي البحر والأشباه لا يلزمه شيء ا هـ
ولعله قول الإمام فهذا يدل على أن ما هنا قاصر على الغصب وإلا لزمه القيمة أو لم يلزمه شيء ثم رأيته في الشرنبلالية عن الجوهرة حيث قال إن أضاف ما أقربه إلى فعل بأن قال غصبت منه تمرا في قوصرة لزمه التمر والقوصرة وإلا يضفه إلى فعل بل ذكره ابتداء وقال له علي تمر في قوصرة فعليه التمر دون القوصرة لأن الإقرار قول والقول يميز البعض دون البعض كما لو قال بعت له زعفرانا في سلة
ا هـ
ولله تعالى الحمد ومثله في حاشية أبي السعود على منلا مسكين ولعل المراد بقوله فعليه التمر قيمته
تأمل ا هـ
سيدي الوالد رحمه الله تعالى
____________________
(8/127)
أقول ولعل عليه التمر لا قيمته لأنه مثلي
تأمل
قوله ( وإلا لزم المظروف فقط ) وهذا عندهما لأن الغصب الموجب للضمان لا يتحقق في غير المنقول ولو ادعى أنه لم ينقل لم يصدق لأنه أقر بغصب تام لأنه مطلق فيحمل على الكمال
قوله ( خلافا لمحمد ) بناء على غصب الغائب العقار فعندهما غير متصور فيكون الإقرار بالمظروف فقط وعنده متصور فيكون إقرارا بالظرف والمظروف
قوله ( وإن لم يصلح ) أي ما جعل ظرفا صورة وهو قوله في درهم والدرهم لا يصلح أن يكون ظرفا للدرهم فيكون قوله في درهم لغوا ويلزمه درهم فقط
قوله ( في خيمة ) فيه أن الخيمة لا تسمى ظرفا حقيقة والمعتبر كونه ظرفا حقيقة كما في المنح
قوله ( فليحرر ) هو ظاهر الحكم أخذا من الأصل ويدل عليه ما يأتي متنا وهو قوله ثوب في منديل أو ثوب بل هنا أولى
وفي غاية البيان ولو قال غصبتك كذا في كذا والثاني مما يكون وعاء للأول لزماه وفيها ولو قال علي درهم في قفيز حنطة لزمه الدرهم فقط وإن صلح القفيز ظرفا بيانه ما قال خواهر زاده إنه أقر بدرهم في الذمة وما فيها لا يتصور أن يكون مظروفا في شيء آخر ا هـ
ونحوه في الإسبيجابي
واستظهر سيدي الوالد رحمه الله تعالى أن هذا في الإقرار ابتداء أما في الغصب فيلزمه الظرف أيضا كما في غصبته درهما في كيس بناء على ما قدمناه ويفيده التعليل وعلى هذا التفصيل درهم في ثوب
تأمل
قوله ( وبخاتم ) بأن يقول هذا الخاتم لك
قوله ( تلزمه حلقته ) الحلقة بسكون اللام في حلقة الباب وغيره والجمع حلق بفتحتين على غير قياس
وقال الأصمعي بكسر الأولى كقصعة وقصع وبدرة وبدر وحكى يونس عن ابن العلاء أن الفتح لغة في السكون ط
قوله ( وفصه ) هو ما يركب في الخاتم من غيره
وفي القاموس الفص للخاتم مثلثة والكسر غير لحن
قوله ( جميعا ) لأن اسم الخاتم يشملهما ولهذا يدخل الفص في بيع الخاتم من غير تسمية
ط عن الشلبي
قوله ( جفنه ) بفتح الجيم غمده وقرابه
قوله ( وحمائله ) جمع حمالة بكسر الحاء علاقته ط
وهي ما يشد به السيف على الخاصرة قطعة جلد ونحوها قال الأصمعي لا واحد لها من لفظها وإنما واحدها محمل
عيني
قوله ( ونصله ) حديده لأن اسم السيف يطلق على الكل
قوله ( بيت مزين بستور وسرر ) ومقتضى هذا التفسير أن يلزم البيت أيضا وفي الحموي وقيل يتخذ من خشب وثياب وهو ظاهر وفي العيني هو بيت يزين بالثياب والأسرة والستور ويجمع على حجال
قال منلا مسكين واسمه بشخانه وقيل خرشمانه ا هـ
ويقال لها الآن الناموسية والظاهر لزومها لأنها من مفهومها وصدق الاسم على الكل كما لزمته العلاقة لصدق السيف عليها ويمكن الفرق بالاتصال وعدمه
تأمل
قوله ( العيدان ) بضم النون جمع عود كدود جمعه ديدان والدود جمع دودة
صحاح
قوله ( في قوصرة ) بالتشديد وقد تخفف
مختار الصحاح
قال صاحب الجمهرة أما القوصرة فأحسبها دخيلا وقد روى أفلح من كانت له قوصره يأكل منها كل يوم مره ثم قال ولا أدري ما صحة هذا البيت ا هـ
وهي وعاء التمر منسوج من قصب ويسمى بها ما دام التمر فيها وإلا فهي تسمى بالزنبيل كما في المغرب
____________________
(8/128)
أقول والزنبيل معروف ويسمى في عرف الشام قفة فإذا كسرته شددت فقلت زنبيل لأنه ليس في الكلام فعليل بالفتح
كذا في الصحاح
بقي أن يقال مقتضى قوله فإذا كسرته الخ يفيد جواز الفتح وقوله لأنه ليس في كلام العرب الخ يقضى عدم جوازه وعبارة القاموس تفيد جوازه مع القلة
قوله ( جوالق ) كصحائف جمع جولق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام وكسرها وعاء معروف
قاموس أي وهو العدل
قوله ( أو ثوب في منديل ) لأنه ظرف له وهو ممكن حقيقة فيدخل فيه على ما بينا
زيلعي والمنديل بكسر الميم
قال في المغرب تمندل بمنديل خيش أي شده برأسه ويقال تمندلت بالمنديل وتمندلت أي تمسحت به حموي
قوله ( يلزمه الظرف كالمظروف لما قدمناه ) أي من أن الصالح للظرفية حقيقة إن أمكن نقله لزماه وإلا لزم المظروف فقط عندهما وكذا لو أقر بأرض أو دار يدخل البناء والأشجار إذا كانا فيهما حتى لو أقام المقر بينة بعد ذلك أن البناء والأشجار والفص والجفن والعيدان لي لم يصدق ولم تقبل بينته كما في المنبع وغيره بخلاف ما لو قال هذه الدار لفلان إلا بناؤها فإنه لي وكذا في سائرها وإن لم يصح الاستثناء ويكون الكل للمقر له إلا أنه لو أقام البينة تقبل كما في الخانية
قوله ( لا تلزمه القوصرة ) لأن من للانتزاع فكان إقرارا بالمنتزع
قوله ( كثوب في عشرة وطعام في بيت ) هو على قولهما وقياس محمد لزومهما
قوله ( فليلزمه المظروف فقط ) عندهما وألزمه محمد الكل لأن النفيس قد يلفت في عشرة ونوقض بما لو قال كرباس في عشرة حريرا
قوله ( لا تكون ظرفا لواحد عادة ) والممتنع عادة كالممتنع حقيقة
وفي قد تأتي بمعنى بين أي على معنى البين والوسط مجازا كقوله تعالى 98 { فادخلي في عبادي } الفجر 29 فوقع الشك والأصل براءة الذمة والمال لا يجب مع الاحتمال وفي كلام الشرح أن في الآية بمعنى مع
قوله ( وعنى معنى على ) لأن غصب الشيء من محل لا يكون مقتضيا غصب المحل كما في النهاية عن المبسوط
زيلعي في تعليل قوله بخلاف ما إذا قال غصبت إكافا على حمار حيث يلزمه الإكاف دون الحمار لأن الحمار مذكور لبيان محل المغصوب حين أخذه فيقال هنا إذا قال خمسة في خمسة وعنى على فقد أقر باغتصاب خمسة مستقرة على خمسة فالمغصوب هو الخمسة المستقرة والخمسة المستقر عليها مذكور لبيان محل المغصوب حين أخذه وغصب الشيء من محل لا يكون مقتضيا بالغصب المحل
تأمل
قوله ( أو الضرب خمسة ) لأن أثر الضرب في تكثير الأجزاء لا في تكثير المال درر
قال في الولوالجية إن عني بعشرة في عشرة الضرب فقط أو الضرب وتكثير الأجزاء فعشرة وإن نوى بالضرب تكثير العين لزمه مائة
قوله ( لما مر ) أي في الطلاق من أن الضرب يكثر الأجزاء لا المال فإذا قلت خمسة في خمسة تريد به أن كل درهم من الخمسة مثلا خمسة أجزاء
وفي الولوالجية أي فيما إذا قال له على عشرة في عشرة إن نوى الضرب إن قال نويت تكثير الأجزاء لا يلزمه إلا عشرة وإن نوى تكثير العين لزمه مائة وإن نوى الضرب ولم ينو شيئا آخر لزمه عشرة حملا على نية الأجزاء وهذا يقتضي ثبوت خلاف في هذه الصورة ونحوها ومعلوم أن ذلك عند التجاحد أما عند
____________________
(8/129)
الاتفاق فالأمر ظاهر
قوله ( وألزمه زفر بخمسة وعشرين ) وهو قول الحسن بن زياد وفي الشارح
وقال زفر عليه عشرة فلعل عن زفر روايتين وفي التقريب ذكر أن مذهب زفر مثل قول الحسن كما ذكره العيني مخالفا للزيلعي
قال في التبيين وقال زفر عليه عشرة وقال الحسن بن زياد خمسة وعشرون لعرف الحساب لأنهم يريدون به ارتفاع أحد العددين بقدر العدد الآخر ولزفر أن حرف في يستعمل بمعنى مع وإن ما يراد به ارتفع أحد العددين بقدر الآخر عند الخواص من الناس فتعين المجاز المتعارف بين الناس وقلنا لما تعذرت الحقيقة وهي الظرفية لغا ولا يصار إلى المجاز لأن المجاز متعارض لأنها تستعمل بمعنى الواو وبمعنى مع وبمعنى على وليس حملها على البعض أولى من البعض فلغت ا هـ ملخصا
قوله ( وعشرة إن عنى مع ) لأن اللفظ يحتمل المعية فقد نوى محتمل كلامه فيصدق وفي البيانية على درهم مع درهم أو معه درهم لزماه وكذا قبله أو بعده وكذا درهم فدرهم أو ودرهم بخلاف درهم على درهم أو قال درهم درهم لأن الثاني تأكيد وله علي درهم في قفيز بر لزمه درهم وبطل القفيز كعكسه وكذا له فرق زيت في عشرة مخاتيم حنطة ودرهم ثم درهمان لزمه ثلاثة ودرهم بدرهم واحد لأنه للبدلية ا هـ ملخصا
وفي الحاوي القدسي له علي مائة ونيف لزمه مائة والقول له في النيف وفي قريب من ألف عليه أكثر من خمسمائة والقول له في الزيادة
قوله ( كما مر في الطلاق ) من أنه لو قال أنت طالق واحدة في ثنتين طلق واحدة إن لم ينو أو نوى الضرب وإن نوى واحدة وثنتين فثلاث وإن نوى مع الثنتين فثلاث وبثنتين في ثنتين بنية الضرب ثنتان وإن نوى الواو أو مع كما مر وكذا يقال مثله في مسألتنا فلو قال له علي عشرة في عشرة إن نوى الضرب بأن قال نويت تكثير الأجزاء لا تلزمه إلا عشرة وإن نوى تكثير العين لزمه مائة وإن نوى الضرب ولم ينو شيئا آخر لزمه عشرة حملا على نية الأجزاء كما في الولوالجية وهذا يقتضي ثبوت خلاف في هذه الصورة ونحوها لأن ذلك عند التجاحد أما عند الاتفاق فالأمر ظاهر كما مر قريبا تأمل
قوله ( تسعة ) أي عند الإمام وعندهما عشرة وعند زفر ثمانية وهو القياس لأنه جعل الدرهم الأول والآخر حدا والحد لا يدخل في المحدود ولهما أن الغاية يجب أن تكون موجودة إذ المعدوم لا يجوز أن يكون حدا للموجود ووجوده بوجوبه فتدخل الغايتان وله أن الغاية لا تدخل في المغيا لأن الحد يغاير المحدود لكن هنا لا بد من إدخال الأولى لأن الدرهم الثاني والثالث لا يتحقق بدون الأول فدخلت الأولى ضرورة ولا ضرورة في الثانية
درر
وفي المنح ولأن العدد يقتضي ابتداء فإذا أخرجنا الأول من أن يكون ابتداء صار الثاني هو الأول فيخرج هو أيضا من أن يكون ابتداء كالأول وكذا الثالث والرابع الخ فيؤدي إلى خروج الكل من أن يكون واجبا وهو باطل ا هـ
والمراد بالغاية الثانية المتمم للمذكور فالغاية في العشرة العاشر وفي الألف الآخر الأخير وهكذا فما قاله أبو حنيفة في الغاية الأولى استحسان وفي الثانية قياس وما قالاه في الغايتين استحسان وما قاله زفر فيهما قياس كما
____________________
(8/130)
في قاضي زاده
قوله ( بخلاف الثانية ) أي ما بعد إلى فإن للتسعة وجودا بدون العاشر فلا دليل على دخوله فلا يدخل بالشك
قوله ( وما بين الحائطين ) أي بخلاف ما بين الحائطين أي لو قال له في داري من هذا الحائط إلى هذا الحائط فإنهما لا يدخلان في الإقرار لأن الغاية لا تدخل في المغيا في المحسوس ولا المبدأ بخلاف ما تقدم وبخلاف المعدوم فإنه لا يصلح حدا إلا بوجوده ووجوده بوجوبه ومن ذلك لو وضع بين يديه عشرة دراهم مرتبة فقال ما بين هذا الدرهم إلى هذا الدرهم وأشار إليهما لفلان لم يدخل الدرهمان تحت الإقرار بالاتفاق كما في المنيع
قوله ( فلذا قال ) أي لما كان في المعدود تدخل الغاية الأولى دون الثانية
قال وفي له كر حنطة الخ لأن الكر معدود بالقفيز عادة فكأنه قال من قفيز إلى تمام القفزان من قفيزي حنطة وشعير فتدخل الغاية الأولى ولا يدخل القفيز الأخير من كر الشعير لأنه ذكر الشعير بعد إلى فيلزمه كر حنطة وكر شعير إلا قفيزا
قال في المنح لأن القفيز الأخير من الشعير هو الغاية الثانية وعندهما يلزمه الكران
قوله ( إلا قفيزا ) من شعير
قال القدوري في التقريب قال أبو حنيفة فمن قال لفلان علي ما بين كر شعير إلى كر حنطة لزمه كر شعير وكر حنطة إلا قفيزا ولم يجعل الغاية جميع الكر لأن العادة أن الغاية لا تكون أكثر الشيء ولا نصفه والكر عبارة عن جملة من القفزان فوجب أن يصير الانتهاء إلى واحد منها ا هـ
شلبي عن الإتقاني
ومثل هذا يقال في مسألة المصنف
ونقل الشلبي أيضا عن قاضيخان لو قال له علي ما بين مائة إلى مائتين في قول أبي حنيفة يلزمه مائة وتسعة وتسعون فتدخل فيه الغاية الأولى دون الثانية
ولو قال من عشرة دراهم إلى عشرة دنانير فعنده تلزمه الدراهم وتسعة دنانير وعندهما الكل
ذكره الزيلعي عن النهاية وانظر ما وجه لزوم الكر من الشعير إلا قفيزا مع أنه جعل الغاية نفس الكر
قوله ( لما مر ) أي من أن الغاية الثانية لا تدخل لعدم الضرورة والغاية الأولى داخلة لضرورة بناء العدد عليها
واعلم أن المراد بالغاية الثانية المتمم للمذكور فالغاية في إلى عشرة العاشر وفي إلى ألف الفرد الأخير وهكذا على ما يظهر لي
قال المقدسي ذكر الإتقاني عن الحسن أنه لو قال من درهم إلى دينار لم يلزمه الدينار وفي الأشباه علي من شاة إلى بقرة لم يلزمه شيء سواء كان بعينه أو لا ورأيت معزيا لشرحها قال أبو يوسف إذا كان بغير عينه فهما عليه ولو قال ما بين درهم إلى دراهم فعليه درهم عند أبي حنيفة ودرهمان عند أبي يوسف سائحاني
قوله ( له ما بينهما فقط ) أي دون الحائطين لقيامهما بأنفسهما شرنبلالية عن البرهان وعلل المسألة في الدرر تبعا للزيلعي بقوله لما ذكرنا أن الغاية لا تدخل في المغيا ا هـ
ولا يخفى ما فيه بالنسبة للمبدأ لدخوله فيما سبق بخلاف ما هنا ولهذا زاد العيني على ما اقتصر عليه الزيلعي حيث قال لأن الغاية لا تدخل في المحسوس ولا المبدأ بخلاف ما تقدم ا هـ
وقدمناه قريبا قوله ( لما مر ) هو لم يقدم له تعليلا وإنما ذكر مخالفته لقوله من درهم إلى عشرة أو بين درهم إلى عشرة وقد ذكره في المنح بقوله بخلاف ما ذكر من المحسوس لأنه موجود فيصلح حدا فلا يدخلان ا هـ
____________________
(8/131)
والمحسوس هو هذه المسألة ط
قوله ( وصح الإقرار بالحمل ) سواء كان حمل أمة أو غيرها بأن يقول حمل أمتي أو حمل شاتي لفلان وإن لم يبين له سببا لأن لتصحيحه وجها وهو الوصية من غيره كان أوصى رجل بحمل شاة مثلا لآخر ومات فأقر ابنه بذلك فحمل عليه
حموي
( المحتمل ) اسم فاعل من احتمل أي يصح أن يحمل عليه لفظ الوجود فيقال هذا الحمل موجود وهو أعم من كونه لأنه ماله أولا فإنها إذا ولدت بعده لدون نصف حول كان موجودا
محققا ولدون حولين لو معتدة غير محقق لكنه ممكن ويمكن أن يقال إنه محقق شرعا لثبوت نسبه
كذا غير الآدمي إذا قدر بأدنى مدة الحمل المتصورة فيه كان محققا وجوده فلو قال المعلوم وجوده أو المحتمل كما في التبيين لكان أظهر واستغنى عن التكلف واقتصر على المعلوم وجوده لما علم في مسألة المعتدة أنه معلوم شرعا ولعل أصل العبارة كالتبيين فسقط لفظ المعلوم من قلم الناسخ مع أنه يرد على قوله المحتمل ما لو جاءت به المزوجة لدون سنتين فإنه محتمل وجوده بمعنى الإمكان مع أنه لا يصح الإقرار به حينئذ فتعين الاقتصار على قولنا لمعلوم وجوده ويدخل فيه ولد المعتدة لدون السنتين كما علمت
قوله ( بأن تلد ) أي الأمة
قوله ( لدون نصف حول لو مزوجة ) وإنما كان كذلك لما تقرر أن أقل مدة الحمل ستة أشهر وأكثرها سنتان فإذا كانت مزوجة وجاءت بالولد لأقل من ستة أشهر علم أنه موجود وقت الإقرار وكونه ابن الزوج لا يمنع الإقرار به لغيره لأن ولد الأمة رقيق كما في الدرر
قوله ( أو لدون حولين لو معتدة ) أي لو كانت معتدة فجاءت به لأقل من حولين يصح الإقرار به للعلم بوجوده وقت الإقرار
قوله ( لثبوت نسبه ) أي أنه لما حكم الشارع بثبوت نسبه من المطلق كان حكما بوجوده وقت الإقرار به
قوله ( ولو الحمل غير آدمي ) كحمل الشاة مثلا بأن قال حمل شاتي لفلان كما مر بشرط أن يتيقن بوجوده وقت الإقرار
قوله ( ذلك ) أي الحمل ولا حاجة إليه لأن الموضع للإضمار
قوله ( لكن في الجوهرة ) الاستدراك على ما تضمنه الكلام السابق من الرجوع إلى أهل الخبرة إذ لا يلزم فيما ذكر
مطلب أقل مدة الحمل للآدمي وغيره قوله ( أقل مدة حمل الشاة الخ ) سيأتي في كتاب الوصايا نقلا عن القهستاني أن أقل مدة الحمل للآدمي ستة أشهر وللفيل أحد عشر وللإبل وللخيل والحمير سنة وللبقر تسعة أشهر وللشاة خمسة أشهر ومثله المعز وللسنور شهران وللكلب أربعون يوما وللطير إحدى وعشرون يوما
قوله ( وصح له ) أي للحمل المحتمل وجوده وقت الإقرار بأن جاءت به لدون نصف حول أو لسنتين أي وهي زوجة حلال وأبوه ميت أما لو جاءت به لسنتين وأبو حي ووطء الأم له حلال فالإقرار باطل لأنه يحال بالعلوق إلى أقرب الأوقات فلا يثبت الوجود وقت الإقرار لا حقيقة ولا حكما
بيانية وكفاية
قوله ( إن بين سببا صالحا يتصور للحمل ) أي يتصور ثبوته للحمل أي بأن بين سببا صالحا لثبوت الحكم له
قوله ( كالإرث والوصية ) الكاف استقصائية لانحصار السبب الصالح
____________________
(8/132)
فيهما
قوله ( فورثه ) الحمل واستهلكت من مال المورث ألفا مثلا
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يبين سببا صالحا بأن لم يبين سببا أصلا أو بين سببا غير صالح لا يصح الإقرار بل بلغو كما يأتي قريبا
قوله ( كما يأتي ) أي في قوله وإن فسره الخ
قوله ( لأقل من نصف حول ) أي بأن كانت ذات زوج أو لأقل من سنتين إن كانت معتدة فإن ولدته لأكثر من ستة أشهر لم يستحق شيئا حموي
ومثله في ابن الكمال
قوله ( وإن ولدت حيين ) أي ذكرين أو انثيين
قوله ( فلهما ) لأن مجموعهما هو الحمل وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره فالموروث أو الموصى به وقوله نصفين نصب على الحال من الضمير في الخبر أي فهو لهما نصفين
قوله ( فكذلك ) أن نصفان في الوصية لأن المال للحمل وهو مجموعهما ولا أرجحية لأحدهما على الآخر فيه
قوله ( بخلاف الميراث ) فإن فيه للذكر مثل مثل حظ الانثيين
قوله ( لورثة ذلك ) لا حاجة إلى اسم الإشارة
قوله ( الموصي والمورث ) عبارة البحر وإن ولدت ميتا يرد إلى ورثة الموصي أو ورثة أبيه ا هـ
قال العلامة الرملي أقول يعني إذا قال المقر أوصى له به فلان ثم ولد ميتا فإنه يرد إلى ورثة الموصي الذي قال المقر إنه أوصى للحمل وقوله أو ورثة أبيه يعني إن قال المقر مات أبوه فورثه فإنه يرد إلى ورثة أبيه إن ولد ميتا عملا بقول المقر في المسألتين
قوله ( لعدم أهلية الجنين ) أي لأن هذا الإقرار في الحقيقة لهما أي للموصي والمورث وإنما ينتقل للجنين بعد ولادته حيا ولم ينفصل حيا فيكون لورثتهما كما في الدرر
والحاصل أن الحمل لا يكون أهلا لأن يرث ويورث ويستحق الوصية إلا إذا خرج أكثره حيا
قوله ( كهبة ) أي للحمل فإنها لا تصح له لأن حكمها ثبوت الملك للموهوب له والحمل لا يملك قوله ( أو بيع أو إقراض ) بأن قال الحمل باع مني أو أقرضني درر
إذ لا يتصور شيء منه من الجنين لا حقيقة وهو ظاهر ولا حكما لأنه لا يولى عليه
قوله ( أو أبهم الإقرار ولم يبين سببا ) بأن قال لحمل فلانة كذا
قوله ( لغا ) أي بطل فلا يلزمه شيء أيضا عند أبي يوسف لأن مطلق الإقرار ينصرف إلى الإقرار بسبب التجارة ولهذا حمل إقرار المأذون وأحد المتفاوضين عليه فيصير كما إذا صرح به ولا يصح فكذا هذا
درر قوله ( وحمل محمد المبهم على السبب الصالح ) لأنه يحتمل الجواز والفساد ولأن الإقرار إذا صدر من أهله مضافا إلى محله كان حجة يجب العمل بها ولا نزاع في صدوره من أهله لأنه هو المفروض وأمكن إضافته إلى محله بحمله على السبب الصالح حملا لكلام العاقل على الصحة كالعبد المأذون إذا أقر بدين فإن إقراره وإن احتمل الفساد بكونه صداقا أو دين كفالة والصحة بكونه من التجارة كان صحيحا تصحيحا لكلام العاقل
عناية وأبو يوسف يبطله لأن لجوازه وجهين الوصية والإرث ولبطلانه وجوها وليس أحدهما بأولى من الآخر فحكم بالفساد نظيره لو شرى عبدا بألف ثم قبل النقد باعه وعبدا آخر من البائع بألف وخمسمائة وقيمتهما سواء فإنه يبطل وإن أمكن جوازه بأن يجعل الألف أو أكثر حصة المشتري والباقي حصة الآخر زيلعي
وفيه نظر إذ لا نسلم أن تعدد جهة الجواز توجب الفساد لم لا يكفي في صحة الحمل على الجواز صلاحية فرد من الوجهين وإن لم يتعين خصوصية ألا ترى أن جهالة نفس المقر به لا تمنع صحة الإقرار اتفاقا فكيف تمنعها جهالة سبب المقر به
حموي
____________________
(8/133)
عن قاضي زاده وهذا ترجيح منه لقول محمد ويقوي بحث قاضي زاده ما ذكره في الشرنبلالية حيث قال ولقائل أن يقول قد تقدم من الزيلعي في الإقرار بالمجهول أنه إذا لم يبين السبب يصح ويحمل على أنه وجب عليه بسبب تصح معه الجهالة فما الفرق بينه وبين ما ذكر هنا من عدم حمله على السبب الموجب للصحة على قول القائل به وفي كل احتمال الفساد والصحة ا هـ
وفي التبيين ولا يقال إن ظاهر إقرار يقتضي الوجوب فكيف يقدر على إبطاله ببيان سبب غير صالح والإبطال رجوع عن الإقرار وهو يملك الرجوع لأنا نقول ليس برجوع وإنما هو بيان سبب يحتمل لأنه يحتمل أن أحدا من أوليائه باعه منه فحسب أن ذلك صحيح فيقر به ويضيفه إلى الجنين مجازا ا هـ ملخصا
ثم على قول محمد إذا صح الإقرار مع إيهام السبب ثم ولد الحمل ميتا أو لم يوجد حمل لمن يرد المقر به يراجع
وأفاد في الزيلعي والعناية أنه تحصل أن للمسألة ثلاث صور إما أن يبهم الإقرار فهو على الخلاف وإما أن يبين سببا صالحا فيجوز بالإجماع وإما أن يبين سببا غير صالح فلا يجوز بالإجماع فإن قيل ظاهر إقراره يقتضي الوجوب فكيف يقدر على إبطاله ببيان سبب غير صالح والإبطال رجوع وهو في الإقرار لا يصح أجيب بأنه ليس برجوع بل ظهور كذبه يبقين كما لو قال قطعت يد فلان عمدا أو خطأ ويد فلان صحيحة ا هـ
ثم قال المنلا عبد الحليم وقيل أبو حنيفة مع أبي يوسف واختار صاحب الهداية قول أبي يوسف على ما هو دأبه في ترتيب المسائل وتبعه صاحب الوقاية حيث ترك قول محمد رأسا إشارة إلى رجحان قول أبي يوسف وعليه أكثر الشراح حيث قووا دليله ا هـ
ثم قال فظهر أن قول أبي يوسف هو المختار وأقوى وإن من قال ولم نظفر فيما عندي من المعتبرات ما يرجح قول أحدهما على قول الآخر أظهر عدم تتبعه كما لا يخفى ا هـ
قوله ( فإنه صحيح ) لأن الإقرار لا يتوقف على القبول ويثبت الملك للمقر له من غير تصديق لكن بطلانه يتوقف على الإبطال كما في الأنقروي وأما الإقرار للصغير فلا يتوقف على تصديقه فيصير الشيء المقر به له ملكا له بمجرد الإقرار ولا يصح إقرار المقر بعد ذلك للغير كما قدمناه عن الخير الرملي موضحا فراجعه إن شئت
قوله ( لأن هذا المقر الخ ) قال العلامة الإتقاني بخلاف ما لو أقر لرضيع أن عليه ألف درهم بالبيع أو الإجارة لأن الرضيع من أهل أن يستحق الدين بهذا السبب بتجارة وليه لأنه يتجر له إن كان لا يتجر هو بنفسه بخلاف الجنين ا هـ
أي فإنه لا يلي أحد عليه
قال بعض الفضلاء الفرق بين الرضيع والحمل حيث جاز الإقرار للأول وإن بين أنه قرض أو ثمن مبيع ولم يجز للثاني لأنه لا يتصور البيع مع الجنين ولا يلي عليه أحد بخلاف الصغير لثبوت الولاية عليه فيضاف إليه عقد الولي مجازا هكذا فهمت من كلامهم ا هـ
أقول وجه في المحيط صحة الإقرار للصغير وإن بين سببا غير صالح بأنه أقر بوجوب الدين بسبب وإن لم يثبت لأنه لا يتصور من الصبي نفي الإقرار بالدين كما لو كذبه المقر له في السبب بأن قال لك علي ألف غصبا فقال المقر له بل دينا يلزمه المال وإن لم يثبت السبب
كذا هذا ومثله في الحواشي الحموية
قوله ( في الجملة أشباه ) قال محشيه الحموي يعني لأن البيع أو القرض صدر من بعض أوليائه فإضافته إلى الصغير مجاز انتهى
____________________
(8/134)
قوله ( أقر بشيء على أنه بالخيار الخ ) يعني بأن قال له علي ألف درهم قرض أو غصب أو وديعة أو عارية قائمة أو مستهلكة على أني بالخيار ثلاثة أيام منح
قوله ( لزمه بلا خيار ) لوجود الصيغة الملزمة
قوله ( فلا يقبل الخيار ) لأن المقصود من الخيار هو الفسخ ولما لم يحتمل الإقرار والفسخ لم يجز شرط الخيار له ولزمه المال لأنه إن كان صادقا فهو واجب العمل به وإن لم يختر وإن كان كاذبا فهو واجب الرد فلا يتغير باختياره وعدم اختياره وإنما تأثير اشتراط الخيار في العقود ليتخير من له الخيار بين فسخه وإمضائه
درر وعناية
فإن قيل الإقرار يرتد بالرد وهو فسخ
قلنا ليس بفسخ للإقرار لأنه رفع للشيء بعد ثبوته ورد الإقرار ليس رفعا له بعد ثبوته في حقه بل بيان أنه غير ثابت أصلا لأنه يحتمل الصدق والكذب فإذا كذبه المقر له ثبت الكذب في حقه لأنه إقرار على نفسه وإذا صح التكذيب في حقه ظهر أن الإقرار لم يثبت من الأصل بخلاف البيع لأنه تصرف يحتمل الفسخ بعد وقوعه لأن ما هو المقصود منه وهو الملك مما ينفسخ بانفساخ البيع لأنه ثابت به والمقصود من فسخ السبب فسخ حكمه فإذا كان حكم السبب محتملا للفسخ كان السبب كذلك وعكسه
قوله ( لم يعتبر تصديقه ) الأولى حذفه بل ينبغي أن يقول فإنه لم يعتبر لأن إن وصلية فلا جواب لها ح أي بل جوابها مفهوم من الكلام السابق إلا أن يقال هذا بيان لذلك المفهوم فلا اعتراض حينئذ
قوله ( إلا إذا أقر بعقد ) أي بدين لزمه بسبب عقد الخ بأن يقول له علي ألف ثمن مبيع بخيار
قوله ( وقع بالخيار له ) فحينئذ يثبت الخيار له إذا صدقه المقر له أو أقام عليه بينة إلا أن يكذبه المقر له فلا يثبت الخيار وكان القول قول المقر له كما يأتي قريبا
فإن قيل إن لم يقبل الإقرار الفسخ فالسبب الذي به وجب المال وهو التجارة تقبل
فيجب أن يكون الخيار مشروطا في سبب الوجود
قلنا السبب غير مذكور وإنما يعتبر مذكورا ضرورة صحة الإقرار وإذا ثبت مقتضى صحته اعتبر مذكورا في حقه فقط دون صحة الخيار وأما إذا قال علي ألف ثمن مبيع بخيار فيصح إن صدقه المقر له أو برهن لأن المقر به عقد يقبل الخيار وهو من العوارض فلا بد من التصديق أو البيان وإن أقر بدين بسبب كفالة على أنه بالخيار مدة معلومة ولو طويلة جاز إن صدقه لأن الكفالة تحتمل من الجهالة والخطر ما لا يحتمله البيع فإذا جاز شرطه فيه ففيها أولى ثم لم يقدر فيها لأن إطلاق الخيار في البيع ينافي حكمة الملك المطلق وحكم الخيار منع السبب من العمل وحكم الكفالة لزوم الدين وأنه يصح مطلقا ومقيدا
مقدسي
قوله ( لأنه منكر ) للخيار في العقد الذي هو من العوارض والقول فيها للمنكر
قوله ( أو قصيرة ) الأولى حذفها كما لا يخفى
حلبي
وإنما جازت الكفالة مطلقة ومقيدة لأن حكمها هاهنا لزوم الدين وهو يصح مطلقا ومقيدا فلا يكون اشتراط الخيار كذلك منافيا لها بخلاف البيع فلا بد من التوقيت فيه بثلاثة لأن إطلاق الخيار ينافي حكم البيع لأن حكمه الملك المطلق وحكم الخيار منع السبب من العمل وبينهما منافاة
والحاصل أنه كما أن البيع عقد يصح فيه شرط الخيار ولا يزاد فيه على ثلاثة أيام عند الإمام والكفالة عقد أيضا يصح فيه شرط الخيار ويصح اشتراطه مدة طويلة أو قصيرة لأنها عقد تبرع يتوسع فيها بعد أن
____________________
(8/135)
تكون المدة معلومة لكن قد صدر في سنة خمس وثمانين بعد المائتين والألف أمر رحضرة السلطان نصره الرحمن لسائر قضاته ونوابه في الممالك المحروسة بالحكم على قول الصاحبين في امتداد خيار الشرط أكثر من ثلاثة أيام موافقا لما في المادة الثلاثمائة من الجزء الأول من كتاب البيع من الأحكام العدلية حين كنت في الآستانة العلية ومتشرفا بتوظيفي بتلك الجمعية العلمية بأمر من حضرته نصره الله تعالى بجمعها
قوله ( إذا صدقه ) فإذا كذبه يلزمه المال من غير شرط والقول له لأنه يدعي عليه التأخير وهو ينكر
إتقاني
قوله ( لأن الكفالة عقد أيضا ) علة للتشبيه المستفاد من الكاف
قوله ( بخلاف ما مر ) أي من قوله أقر بشيء كما بيناه
قوله ( لأنها أفعال ) لأن الشيء المقر به قرض أو غصب أو وديعة عارية أو قائمة أو مستهلكة فالقرض وما عطف عليه أفعال قد أخبر بوقوعها فلا يصح فيها شرط الخيار
قوله ( الأمر بكتابة الإقرار ) بخلاف أمره بكتابة الإجارة وأشهد ولم يجر عقد لا تنعقد أشباه
قوله ( إقرار حكما ) لأن الأمر إنشاء والإقرار اختبار فلا يكونان متحدين حقيقة بل المراد أن الأمر بكتابة الإقرار إذا حصل حصل الإقرار
حلبي عن الدرر
قوله ( يكون بالبنان ) بالباء الموحدة والنون ومقتضى كلامه أن مسألة المتن من قبيل الإقرار بالبنان والظاهر أنها من قبيل الإقرار باللسان بدليل قوله كتب أم لم يكتب وبدليل ما في المنح عن الخانية حيث قال وقد يكون الإقرار بالبنان كما يكون باللسان رجل كتب على نفسه ذكر حق بحضرة قوم أو أملى على إنسان ليكتب ثم قال اشهدوا علي بهذا لفلان كان إقرارا ا هـ
فإن ظاهر التركيب أن المسألة الأولى مثال للإقرار بالبنان والثانية للإقرار باللسان فتأمل ح
قوله خط إقراري أي الخط الدال على إقراراي فالإضافة من إضافة الدال إلى المدلول والدلالة التزامية وفي أحكام الكتابة من الأشباه إذا كتب ولم يقل شيئا لا تحل الشهادة
قال القاضي النسفي إن كتب مصدرا يعني كتب في صدره إن فلان بن فلان له علي كذا أو أما بعد فلفلان علي كذا يحل للشاهد أن يشهد وإن لم يقل أشهد علي به والعامة على خلافه لأن الكتابة قد تكون للتجربة ولو كتب وقرأه عند الشهود حلت وإن لم يشهدهم ولو كتب عندهم وقال اشهدوا علي بما فيه إن علموا بما فيه كان إقرارا وإلا فلا
وذكر القاضي ادعى على آخر مالا وأخرج خطا وقال إنه خط المدعي عليه بهذا المال فأنكر كونه خطه فاستكتب وكان بين الخطين مشابهة ظاهرة تدل على أنهم خط كاتب واحد لا يحكم عليه بالمال في الصحيح لأنه لا يزيد على أن يقول هذا خطي وأنا حررته لكن ليس علي هذا المال وثمة لا يجب كذا هنا إلا في دفتر السمسار والبياع والصراف انتهى
ومثله في البزازية
قال السائحاني وفي المقدسي عن الظهيرية لو قال وجدت في كتابي أن له علي ألفا أو وجدت في ذكري أو في حسابي أو بخطي أو قال كتبت بيدي أنه له علي كذا كله باطل وجماعة من أئمة بلخ قالوا في دفتر البياع إن ما وجد فيه بخط البياع فهو لازم عليه لأنه لا يكتب إلا ما على الناس له وما للناس عليه صيانة عن النسيان والبناء على العادة الظاهرة واجب انتهى
فقد استفدنا من هذا أن قول أئمتنا لا يعلم بالخط يجري على عمومه واستثناء دفتر السمسار والبياع
____________________
(8/136)
لا يظهر بل الأولى أن يعزى إلى جماعة من أئمة بلخ وأن يفيد بكونه فيما عليه ومن هنا يعلم أن رد الطرطوسي العمل به مؤيد بالمذهب فليس إلى غيره نذهب وانظر ما تقدم في كتاب القاضي إلى القاضي وما قدمناه في الشهادات
وحاصل ما تحرر في مسألة الخط أن عامة علمائنا على عدم العمل به إلا ما وجده القاضي في أيدي القضاة الماضين وله رسوم في دواوينهم أي السجلات وخط السمسار والبياع والصراف وإن لم يكن معنونا ظاهرا بين الناس وكذلك ما يكتب الناس فيما بينهم على أنفسهم في دفاترهم المحفوظة عندهم بخطهم المعلوم بين التجار وأهل البلد فهو حجة عليه ولو بعد موتهم وكذلك كتاب الأمان والبراءات السلطانية والدفتر الخاقاني كما قدمنا ذلك في الشهادات موضحا بأدلته فراجعه
ومشى في الفتاوى النعيمية في رجل كان يستدين من زيد ويدفع له ثم تحاسبا على مبلغ دين تبقى لزيد بذمة الرجل وأقر الرجل بأن ذلك آخر كل قبض وحساب ثم بعد أيام يريد نقض ذلك وإعادة الحساب فهل ليس له ذلك الجواب نعم لقول الدرر لا عذر لمن أقر ا هـ
وفيها في شريكي تجارة حسب لهما جماعة الدفاتر فتراضيا وانفصل المجلس وقد ظنا صواب الجماعة في الحساب ثم تبين الخطأ في الحساب لدى جماعة أخر فهل يرجع الصواب الجواب نعم لقول الأشباه لا عبرة بالظن البين خطؤه في شريكي عنان تحاسبا ثم افترقا بلا إبراء أو بقيا على الشركة ثم تذكر أحدهما أنه كان أوصل لشريكه أشياء من الشركة غير ما تحسبا عليه فأنكر الآخر ولا بينة فطلب المدعي يمينه على ذلك فهل له ذلك لأن اليمين على من أنكر الجواب نعم ا هـ
قوله ( عدم اعتبار مشابهة الخطين ) هو الصحيح فإذا ادعى عليه حقا وأظهر خط يده فاستكتب فكتب فإذا الخط يشبه الخط لا يقضى عليه
وقال بعضهم يقضى عليه ومشى عليه في المجلة في مادة 1607 وفي 1609 وفي 1610 وفي 1836 وفي 1737 وفي 1738 وفي 1739 وصدر الأمر الشريف السلطاني بالعمل بموجبه إذا كان خاليا من الشبهة والتصنع والتزوير فيعمل بها ككتاب القضاة والوقفية إذا كانت مسجلة وسجلات القضاة والبراءات السلطانية والدفاتر الخاقانية ودفاتر التجار فيما عليهم والصكوك والقامبيالي والوصول وعلم الخبر إذا كانت بخط من عليه الدين أو إمضائه وختمه المعروفين فلو لم تكن معروفة يستكتب عند أهل الخبرة فإذا وافق الخط الخط وكانا كخط واحد يلزم بالمال وعليه قارىء الهداية وبموجبه صدر الأمر السلطاني كما علمت
قوله ( وجحده الباقون ) وإن صدقوا جميعا لكن على التفاوت كرجل مات عن ثلاثة بنين آلاف فاقتسموها وأخذ كل واحد ألفا فادعى رجل على أبيهم ثلاثة آلاف فصدقه الأكبر في الكل والأوسط في الألفين والأصغر في الألف أخذ من الأكبر ألفا ومن الأوسط خمسة أسداس الألف ومن الأصغر ثلث الألف عند أبي يوسف
وقال محمد في الأصغر والأكبر كذلك وفي الأوسط يأخذ الألف ووجه كل في الكافي
تنبيه لو قال المدعى عليه عند القاضي كل ما يوجد في تذكرة المدعي بخطه فقد التزمته ليس بإقراره لأنه قيده بشرط لا يلائمه فإنه ثبت من أصحابنا رحمهم الله تعالى أن من قال كل ما أقر به علي فلان فأنا مقر به فلا يكون إقرارا لأنه يشبه وعدا
كذا في المحيط شرنبلالية
فرع ادعى المديون أن الدائن كتب على قرطاس بخطه أن الدين الذي لي على فلان ابن فلان أبرأته عنه
____________________
(8/137)
صح وسقط الدين لأن الكتابة المرسومة المعنونة كالنطق به وإن لم يكن كذلك لا يصح الإبراء ولا فرق بين أن تكون الكتابة بطلب الدائن أو لا بطلبه
بزازية من آخر الرابع عشر من الدعوى
قوله ( يلزمه كل الدين ) أي في قول أصحابنا
منح
قوله ( وقيل حصته ) عبر عنه بقيل لأن الأول ظاهر الرواية كما في فتاوى المصنف وسيجيء أيضا وهذا بخلاف الوصية لما في جامع الفصولين أحد الورثة لو أقر بالوصية يؤخذ منه ما يخصه وفاقا
وفي مجموعة منلا علي عن العمادية في الفصل التاسع والثلاثين أحد الورثة إذا أقر بالوصية يؤخذ منه ما يخصه بالاتفاق وإذا مات وترك ثلاث بنين وثلاثة آلاف درهم فأخذ كل ابن ألفا فادعى رجل أن الميت أوصى له بثلث ماله وصدقه أحد النين فالقياس أن يؤخذ منه ثلاثة أخماس ما في يده وهو قول زفر وفي الاستحسان يؤخذ منه ثلث ما في يده وهو قول علمائنا رحمهم الله تعالى لنا أن المقر أقر بألف شائع في الكل ثلث ذلك في يده وثلثاه في يد شريكيه فما كان إقرارا فيما يده قبل وما كان إقرارا في يد غيره لا يقبل فوجب أن يسلم إلى الموصى له ثلث ما في يده ا هـ
قوله ( دفعا للضرر ) أي من المقر أي لأنه إنما أقر بما تعلق بكل التركة
قوله ( ولو شهد هذا المقر مع آخر الخ ) وكذا لو برهن الطالب على هذا المقر تسمع البينة عليه كما في وكيل قبض العين لو أقر من عنده العين أنه وكيل بقبضها لا يكفي إقراره
ويكلف الوكيل إقامة البينة على إثبات الوكالة حتى يكون له قبض ذلك فكذا هنا جامع الفصولين وفيه خ ينبغي للقاضي أن يسأل المدعى عليه هل مات مورثك فإن قال نعم فحينئذ يسأله عن دعوى المال فلو أقر وكذبه بقية الورثة ولم يقض بإقراره حتى شهد هذا المقر وأجنبي معه يقبل ويقضي على الجميع وشهادته بعد الحكم عليه بإقراره لا تقبل ولو لم يقم البينة أقر الوارث أو نكل ففي ظاهر الرواية يؤخذ كل الدين من حصة المقر لأنه مقر بأن الدين مقدم على إرثه
وقال ث وهو القياس ولكن المختار عندي أن يلزمه ما يخصه وهو قول الشعبي والحسن البصري ومالك وسفيان وابن أبي ليلى وغيرهم ممن تابعهم وهذا القول أعدل وأبعد من الضرر ولو برهن لا يؤخذ منه إلا ما يخصه وفاقا انتهى
بقي ما لو برهن على أحد الورثة بدينه بعد قسمة التركة فهل للدائن أخذ كله من حصة الحاضر قال المصنف في فتاويه اختلفوا فيه فقال بعضهم نعم
فإذا حضر الغائب يرجع عليه
وقال بعضهم لا يأخذ منه إلا ما يخصه انتهى ملخصا
قوله ( وبهذا ) أي بقبول شهادة المقر مع آخر أنه على الميت
قوله ( بمجرد إقراره ) إذا لو أقر ولزمه جميع المال ثم شهد مع آخر وقبلت شهادته لزمه بقدر حصته فيكون في شهادته دفع مغرم عن نفسه والشهادة كذلك لا تقبل فقبولها دليل أن إقراره الأول لا يعتبر ولا يلزمه به دين وهو مشكل فإن إقرار الإنسان حجة في حق نفسه والقضاء فيه مظهر لا مثبت ولوجعل هذا الفرع مخرجا على قول الفقيه لكان ظاهرا لأنه لم يدفع بهذه الشهادة مغرما عن نفسه ط
قال الباقاني ولو كان الدين يحل في نصيبه بمجرد الإقرار ما قبلت شهادته لما فيه من دفع المغرم عنه
قوله ( فلتحفظ هذه الزيادة ) وهي كون الإقرار غير ملزم إلا بالقضاء لما ذكرنا وحاصل ما يقال إنه إذا ادعى رجل دينا على ميت وأقر بعض الورثة به ففي قول أصحابنا يؤخذ من حصة المقر جميع الدين
قال الفقيه أبو الليث هو القياس لكن الاختيار عندي أن يؤخذ منه ما يخصه من الدين وهذا القول أبعد من الضرر
وذكره شمس الأئمة الحلواني أيضا
وقال مشايخنا هنا زيادة شيء لم تشترط في الكتب وهو أن يقضي القاضي عليه بإقراره إذ بمجرد الإقرار لا يحل الدين في نصيبه بل يحل
____________________
(8/138)
بقضاء القاضي ويظهر ذلك بمسألة ذكرها في الزيادات وهي أن أحد الورثة إذا أقر بالدين ثم شهد هو ورجل أن الدين كان على الميت فإنها تقبل وتسمع شهادة هذا المقر إذا لم يقض عليه القاضي بإقراره فلو كان الدين يحل في نصيبه بمجرد إقراره لزم أن لا تقبل فيها لما فيه من الغرم
قال صاحب الزيادات وينبغي أن تحفظ هذه الزيادة فإن فيها فائدة عظيمة
كذا في العمادية
لكن يشكل على هذا أن إقرار الإنسان حجة في حق نفسه والقضاء فيه مظهر لا مثبت كما ذكروا وأيضا فإن المال يلزمه بمجرد الإقرار والقضاء إنما يحتاج في البينة إذ لا يتهم المرء فيما أقر به على نفسه ولهذا لو أقر بمعين لإنسان ثم أقر به لآخر كان للأول ولا شيء للثاني على أنه يكون حينئذ في عرضية أن يقضي عليه فلزم رد شهادته كما ترد شهادة أهل قرية وجد فيها قتيل وقد ادعى وليه القتل على بعضهم فلو جعلوا هذا الفرع مخرجا على قول الفقيه لكان ظاهرا لأنه لم يدفع بهذه الشهادة مغرما عن نفسه تأمل
قوله ( أشهد على ألف الخ ) نقل المصنف في المنح عن الخانية روايتين عن الإمام ليس ما في المتن واحدة منهما
إحداهما أن يلزمه المالان إن أشهد في المجلس
الثاني عين الشاهدين الأولين وإن أشهد غيرهما كان المال واحدا وأخراهما أنه إن أشهد على كل إقرار شاهدين يلزمه المالان جميعا سواء أشهد على إقراره الثاني الأولين أو غيرهما ا هـ
فلزوم المالين إن أشهد في مجلس آخرين ليس واحدا مما ذكر ونقل في الدرر عن الإمام الأولى وأبدل الثانية بما ذكره المصنف متابعة له واعترضه في العزمية بما ذكرنا وإنه ابتداع قول ثالث غير مسند إلى أحد ولا مسطور في الكتب
تأمل
قوله ( في مجلس آخر ) بخلاف ما لو أشهد أولا واحدا وثانيا آخر في موطن أو موطنين فالمال واحد اتفاقا وكذا لو أشهد على الأول واحدا وعلى الثاني أكثر في مجلس آخر فالمال واحد عندهما وكذا عنده على الظاهر
منح
قوله ( لزم المالان ) اعلم أن تكرار الإقرار لا يخلو إما أن يكون مقيدا بسبب أو مطلقا والأول على وجهين إما بسبب متحد فيلزم مال واحد وإن اختلف المجلس أو بسبب مختلف فمالان مطلقا وإن كان مطلقا إما بصك أو لا والأول على وجهين إما بصك واحد فالمال واحد مطلقا أو بصكين فمالان مطلقا وأما الثاني فإن كان الإقرار في موطن واحد يلزم مالان عنده وواحد عندهما
وإن كان في موطنين فإن أشهد على الثاني شهود الأول فمثال واحد عنده إلا أن يقول المطلوب هما مالان وإن أشهد غيرهما فمالان
وفي موضع آخر عنه على عكس ذلك وهو إن اتحد الشهود فمالان عنده وإلا فواجد عندهما
وأما عنده فاختلف المشايخ منهم من قال القياس على قوله مالان
وفي الاستحسان مال واحد وإليه ذهب السرخسي
ومنهم من قال على قول الكرخي مالان وعلى قول الطحاوي واحد وإليه ذهب شيخ الإسلام ا هـ
ملخصا من التاترخانية
وكل ذلك مفهوم من الشرح وبه ظهر أنا ما في المتن رواية منقولة وأن اعتراض الغرمية على الدرر مردود حيث جعله قولا مبتدعا غير مسطور في الكتب مستندا إلى أنه في الخانية حكى في المسألة روايتين
الأولى لزوم مالين إن اتحد الشهود وإلا فمال واحد
والثانية لزوم مالين إن أشهد على كل إقرار شاهدين اتحد أو لا وقد أوضح المسألة في الولوالجية فراجعها وسنذكر توضيحها قريبا إن شاء الله تعالى فقد تحقق أن كلام المصنف هنا هو ما في الخانية وليس فيه ما يخالف
____________________
(8/139)
ما فيها كما لا يخفى على من نظر فيها
قوله ( ألفان ) بدل كل من قوله المالان
قال في الأشباه وإذا تعدد الإقرار بموضعين لزمه الشيئان إلا بالإقرار بالقتل بأن قال قتلت ابن فلان ثم قال قتلت ابن فلان وكذا في العبد فهو إقرار بواحد إلا أن يكون سمى اسمين مختلفين وكذا التزويج والإقرار بالجراحة فهو ثلاث ولا يشبه الإقرار بالجراحة فهو ثلاث ولا يشبه الإقرار بالمال في موضعين ا هـ
قال في الدرر هذا عند أبي حنيفة لكن بشرط مغايرة الشاهدين الآخرين للأولين في رواية وشرط عدم مغايرتهما لهما في أخرى وهذا بناء على أن الثاني غير الأول وعندهما لا يلزمه إلا ألف واحدة لدلالة العرف على أن تكرار الإقرار لتأكيد الحق بالزيادة في الشهود ا هـ
قوله ( كما لو اختلف السبب ) ولو في مجلس واحد
قال في البزازية جعل الصفة كالسبب حيث قال إن أقر بألف بيض ثم بألف سود فمالان ولو ادعى المقر له اختلاف السبب وزعم المقر اتحاده أو الصك أو الوصف فالقول للمقر ولو اتحد السبب والمال الثاني أكثر يجب المالان وعندهما يلزم الأكثر
سائحاني
قوله ( بخلاف ما لو اتحد السبب ) بأن قال له علي ألف ثمن هذا العبد ثم أقر بعده كذلك في ذلك المجلس أو في غيره
منح
قوله ( أو الشهود ) هذا على ما ذهب إليه السرخسي كما علمته مما مر ويأتي لكن قال الطحاوي هذا لم يوافق أحد القولين السابقين فإن القول الأول حاصله أن اتحاد الشهود يوجب التعدد واختلافهم لا يوجبه والثاني اعتبر اختلاف المواطن فتأمل ا هـ
أقول لا يخفى عليك أن ما مر من التفصيل يؤيد كلام الشارح وأنه الاستحسان بأنه مال واحد فتأمل
ويؤيده ما يأتي قريبا
قوله ( ثم عند القاضي ) إنما كان واحدا لأنه أراد بإقراره عنده تثبيته على نفسه خوف موته أو جحوده وكذا لو كان كل عند القاضي في مجلسين ط
أقول ولا تنس ما قدمناه عن المجلة صدور الأمر الشريف السلطاني بالعمل بموجبه وفيها أيضا في مادة 1611 لو كتب على نفسه سندا وأمضاه أو ختمه على المرسوم المتعارف كما مر وسلمه للدائن ثم مات من عليه الدين وأنكر الورثة الخط والدين فإذا كان خطه وختمه مشهورين ومعروفين بين الناس يعمل بموجب السند وفي مادة 1612 لو وجد عند الميت صرة نقود مكتوب عليها بخط الميت هذه أمانة فلان الفلاني ودراهمه من يده تؤخذ من التركة ولا يحتاج لإثباتها إذا كان الخط معروفا بأنه خطه
قوله ( أو بعكسه ) لأنه يخبر عما لزمه في مجلسه
قوله ( أن المعرف ) كما إذا عين سببا واحدا للمال في الإقرارين
قوله ( أو المنكر ) كما إذا أقر بألف مطلق عن السبب ثم أقر بألف ثمن هذا العبد
قوله ( أو منكرا فغيره ) كما إذا أقر بألف ثم بألف أو أقر بألف ثمن عبد ثم بألف ثمن عبد وصورة إعادة المعرف منكرا ما إذا أقر بألف ثمن هذا العبد ثم أقر بألف والمسألة الأولى هي الخلافية هل يعتبر اتحاد الشهود أو اتحاد الموطن على القولين السابقين فكونه غيرا عند التنكير على هذا التفصيل ط
قوله ( ولو نسي الشهود ) أي في صورة تعدد الإشهاد قوله ( وقيل واحد ) لأن المال لا يجب بالشك
قوله ( وتمامه في الخانية ) وحاصله أن الصور أربع في اثنين يكون الثاني عين الأول وفي اثنين يكون غيرا وهذا كله فيما اتحد المالان أما إذا اختلفا قلة وكثرة فقد ذكره في المجمع والمنظومة
وعبارة المجمع وتعدد المشهد أي موضع الإشهاد والشاهدين العدلين ملزم للمالين والزيادة بالأكثر إن تفاوتا
____________________
(8/140)
قال شارحه رجل أقر بألف في مجلس وأشهد عليه شاهدين عدلين ثم أقر في مجلس آخر بألف أو أقل أو أكثر وأشهد عدلين آخرين
قال أبو حنيفة يلزمه المالان وقالا يلزمه مال واحد إن تساويا وإن تفاوتا لزمه أكثرهما لأن الإقرار إخبار بالحق الثابت والإخبار قد يكرر فيكون الثاني عين الأول فصار كما لو أقر بهما في مجلس واحد أو أشهد عدلا واحدا في الأول أو فاسقين وله أنهما إقراران مختلفان والمال قد يجب وقتا بعد وقت والظاهر أن الثاني غير الأول على أن النكرة إذا كررت لم يكن الثاني عين الأول إلا إذا أعيدت معرفة كقوله تعالى { المزمل } وفي الكافي شرح المنظومة من أقر على نفسه لرجل بمائة درهم مثلا في موضع وأشهد شاهدين ثم أقر وأشهد في موضع آخر شاهدين على مائة درهم أو أقل أو أكثر فعليه المالان إذا ادعى الطالب المالين وقالا عليه مال واحد فإن تفاوتا فعليه أكثرهما وهذا إذا لم يبين سببا فإن بين السبب متحدا بأن قال في المرتين عن هذا العبد يلزمه مال واحد وإن بين سببا مختلفا بأن قال أو لا ثمن هذا العبد وثانيا ثمن هذه الجارية يلزمه المالان قيد أي صاحب المجمع بتعدد الإشهاد والمشهد لأنه إذا اتحد أحدهما أو كلاهما يلزمه مال واحد اتفاقا ولو قال له علي ألف بل ألفان لزمه ألفان
وقال زفر يلزمه ثلاثة ا هـ
والحاصل أن هذه المسألة على وجوه لأنه إما أن يضيف إقراره إلى سبب أو لا
والأول إما أن يكون السبب متحدا أو مختلفا فإن أضاف إلى سبب واحد بأن قال له علي ألف درهم ثمن هذا العبد ثم أقر بعد ذلك في ذلك المجلس أو مجلس آخر أن لفلان علي ألف درهم ثمن هذا العبد والعبد واحد لا يلزمه إلا ألف واحد على كل حال في قولهم جميعا وإن كان السبب مختلفا بأن قال لفلان علي ألف درهم ثمن هذه الجارية ثم قال لفلان علي ألف درهم ثمن هذا العبد يلزمه المالان في قولهم أقر بذلك في موطن أو موطنين
والثاني إما أن يكتب به صكا على نفسه فإن كان الصك واحدا لزمه مال واحد وإن كان كتب صكين وأقر بهذا ثم بهذا لزمه المالان ونزل اختلافهما بمنزلة اختلاف السبب وإن لم يكتب صكا لكنه أقر مطلقا فإن تعدد الإقرار والأول عند غير القاضي والثاني عنده لزمه مال واحد وكذا لو كان كل عند القاضي لكن في مجلسين فادعى الطالب مالين والمطلوب يقول إنه واحد فالقول قول المطلوب وإن تعدد الإقرار عند غير القاضي فإن أشهد على كل إقرار فردا فالمال واحد عند الكل تعدد المجلس أو اختلف وإن أشهد على الأول واحدا وعلي الثاني جماعة فالمعتمد لزوم مال واحد عند الجميع وإن أشهد على كل إقرار شاهدين فقال الإمام يلزمه مالان إن لم يتغير الشهود فإن تغيروا كان المال واحدا فبعض المشايخ قالوا إن كان ذلك في موطنين وأشهد على إقراره شاهدين فإنه يلزمه المالان جميعا سواء أشهد على إقراره الثاني الأولين أو غيرهما
قال شمس الأئمة الحلواني كذا ذكره الخصاف والظاهر أن الخلاف بينهم فيما إذا كان الإقراران في موطنين أما إذا كان في موطن واحد فيكون المال واحدا وحاصله أن الصور الوفاقية والخلاقية ثمانية واحدة خلافية والباقي وفاقية وذلك لأنه إذا لم يبين السبب واختلف المجلس والشهود لزم مالان عنده خلافا لهما وإن اتحد المجلس وبه صك فاللازم ألف واحدة اتفاقا وإن كان لا صك ففي تخريج الكرخي ألفان وفي تخريج الطحاوي ألف وإن بين السبب فإن كان مختلفا فألفان وإن متحدا فألف وكذا إن اتحد الشهود أو اتحد الصك وإن كان صكان فأشهد عليهما لزم مالان
____________________
(8/141)
وحاصل الصور العقلية اثنتان وسبعون صورة لأنه لا يخلو إما أن لا يبين السبب أو يبين سببا مختلفا أو متحدا فهي ثلاث وفي كل إما أن يكون في مجلس أو في مجلسين فهي ستة وفي كل إما أن تتحد الشهود أو تختلف فهي اثنا عشر وفي كل إما أن لا يكون به صك أو به صك واحد أو صكان فهي ستة وثلاثون وفي كل إما أن يتحدا المالان أو يختلفا فهي اثنان وسبعون
هذه خلاصة ما حققه المحشون في هذا المحل فاغتنمه فإنه من فيض المنعم الأجل
قوله ( أقر ) أي بدين أو غيره كما في شتى الفرائض من الكنز قوله ( عند الثاني ) وعندهما لا يلتفت إلى قوله
قوله ( وبه يفتى ) وهو المختار
بزازية ظاهره أن المقر إذا ادعى الإقرار كاذبا يحلف المقر له أو وارثه على المفتى به من قول أبي يوسف مطلقا سواء كان مضطرا إلى الكذب في الإقرار أو لا
قال شيخنا وليس كذلك لما سيأتي من مسائل شتى قبيل كتاب الصلح عند قول المصنف أقر بمال في صك وأشهد عليه به ثم ادعى أن بعض المال المقر به قرض وبعضه ربا الخ حيث نقل الشارح عن شرح الوهبانية للشرنبلالي ما يدل على أنه إنما يفتي بقول أبي يوسف من أنه يحلف المقر له أن المقر ما أقر كاذبا في كل صورة يوجد فيها اضطرار المقر إلى الكذب في الإقرار أبو السعود
وفيه أنه لا يتعين الحمل على هذا لأن العبارة هناك في هذا ونحوه فقوله ونحوه يحتمل أن يكون المراد به كل ما كان من قبيل الرجوع بعد الإقرار مطلقا ويدل عليه ما بعده من قوله وبه جزم المصنف فراجعه ا هـ
أقول وقدمنا شيئا منه في شتى القضاء وسيأتي في شتى الإقرار
قوله ( درر ) نصها وهو استحسان ووجهه أن العادة جرت بين الناس أنهم إذا أرادوا الاستدانة يكتبون الصك قبل الأخذ ثم يأخذون المال فلا يكون الإقرار دليلا على اعتبار هذه الحالة فيحلف وعليه الفتوى لتغير أحوال الناس وكثرة الخداع والخيانات وهو يتضرر والمدعي لا يضره اليمين إن كان صادقا فيصار إليه وعندهما يؤمر بتسليم المقر به إلى المقر له وهو القياس لأن الإقرار حجة ملزمة شرعا كالبينة بل أولى لأن احتمال الكذب فيه أبعد ا هـ
وقيده في الفتاوى الخيرية بأنه لم يصر محكوما عليه بالإقرار
فإن صار محكوما عليه بالإقرار لا يحلف كما هو صريح كلام البزازية
قال في المنح كما في كثير من المعتبرات وعند أبي حنيفة ومحمد لا يلتفت إلى قوله
قال في الخانية بعد ذكر الخلاف في كتاب الإقرار فإذا كان في المسألة خلاف أبي يوسف والشافعي يفوض ذلك إلى رأى القاضي والمفتى
ذكره في كتاب الدعوى في باب اليمين
قوله ( فيحلف ) أي المقر له أنه لم يكن المورث كاذبا فيما أقر وبعضهم على أنه لا يحلف
بزازية
والأصح التحليف
حامدية عن صدر الشريعة
قوله ( وإن كانت الدعوى ) أي من المقر أو من وارثه
قوله ( أنا لا نعلم ) بدل مما قبله
قوله ( إنه كان كاذبا ) إذا لم يكن إبراء عام فلو كان لا تسمع لكن للعلامة ابن نجيم رسالة أفتى فيها بسماعها حاصلها لو أقرت امرأة في صحتها لبنتها بمبلغ معين ثم وقع بينهما إبراء عام ثم ماتت فادعى الوصي أنها كاذبة تسمع دعواه وله تحليف البنت ولا يصح الحكم قبل التحليف لأنه حكم بخلاف المفتى به لأن الإبراء هنا لا يمنع لأن الوصي يدعي عدم لزوم شيء بخلاف ما إذا دفع المقر المال المقر به إلى المقر له فإنه ليس له تحليف المقر له لأنه يدعي استرجاع المال والبراءة مانعة
____________________
(8/142)
من ذلك
أما الأولى فإنه لم يدع استرجاع شيء وإنما يدفع عن نفسه فافترقا والله تعالى أعلم
وفي جامع الفصولين أقر فمات فقال ورثته إنه أقر كاذبا فلم يجز إقراره والمقر له عالم به ليس لهم تحليفه إذ وقت الإقرار لم يتعلق حقهم بمال المقر فصح الإقرار وحيث تعلق حقهم صار حقا للمقر له ص
أقر ومات فقال ورثته إنه أقر تلجئة يحلف له بالله لقد أقر لك إقرارا صحيحا ط
وارث ادعى أن مورثه أقر تلجئة قال بعضهم له تحليف المقر له ولو ادعى أنه أقر كاذبا لا يقبل
قال في نور العين يقول الحقير كان ينبغي أن يتحد حكم المسألتين ظاهرا إذ الإقرار كاذبا موجود في التلجئة أيضا ولعل وجه الفرق هو أن التلجئة أن يظهر أحد شخصين أو كلاهما في العلن خلاف ما تواضعا عليه في السر ففي دعوى التلجئة يدعي الوارث على المقر له فعلا له وهو تواضعه مع المقر في السر فلذا يحلف بخلاف دعوى الإقرار كاذبا كما لا يخفى على من أوتي فهما صافيا ا هـ
من أواخر الفصل الخامس عشر والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب الاستثناء لما ذكر الإقرار بلا تغيير شرع في بيان موجبه مع التغيير بالاستثناء والشرط ونحوه وهو استفعال من الثني وهو لغة الصرف والرد فالاستثناء صرف القائل أي رده عن المستثنى فيكون حقيقة في المتصل والمنفصل لأن إلا هي التي عدت الفعل إلى الاسم حتى نصبته فكانت بمنزلة الهمزة في التعدية والهمزة تعدي الفعل إلى الجنس وغير الجنس حقيقة وفاقا فكذا ما هو بمنزلتها
حموي
واصطلاحا ما ذكره الشارح وهو متصل وهو الإخراج والتكلم بالباقي ومنفصل وهو ما لا يصح إخراجه كما في العناية
قوله ( وما في معناه ) أي مثل التعليق بمشيئة الله وكقوله لفلان علي ألف درهم وديعة كما هو مقرر في كلامهم
فتال
قوله ( كالشرط نحوه ) أي في كونه مغيرا كالشرط وهو الصفة والحال واعترض قاضي زاده على من قال وهو الشرط بأنه يقتضي حصر ما في معناه في الشرط فلا يدخل أكثر ما في هذا الباب فالأولى ما في شرح تاج الشريعة والكفاية من قوله كالشرط وغيره كما عبر الشارح فلا غبار على عبارة الشارح حيث قال ونحوه لأنها بيان لما في قول المصنف وما في معناه فإنه قد صرح بها بما علم التزاما من كاف التمثيل المشعر عن الكثرة كما هو المشهور بين الجمهور وهذا الجمع بينهما قد وقع من صاحب المفتاح في مواضع والمراد بنحو الشرط ما ذكرنا وما سيجيء من إقراره بدين ثمن عبد غير عين وإنكاره قبضه وإقراره بثمن متاع وبيانه بأنه زيوف ونحوهما فظهر أن من فسر قوله وما بمعناه بقوله وهو الشرط لم يصب لأنه يوهم الحصر كما لا يخفى
قوله ( هو عندنا تكلم بالباقي ) أي معنى لا صورة
قوله ( بعد الثنيا ) بضم فسكون وفي آخره ألف مقصورة اسم من الاستثناء وكذلك الثنوي بالفتح مع الواو وفي الحديث من استثنى فله ثنياه
أي ما استثناه والمراد بعد الثنيا أي بعد المستثنى فيكون الاستثناء عندنا لبيان أن الصدر لم يتناول المستثنى وعند الشافعي إخراج بطريق المعارضة
قال في شرح المنار لابن ملك فصار تقدير قول الرجل لفلان علي ألف إلا مائة عندنا لفلان علي تسعمائة وإنه لم يتكلم بالألف
____________________
(8/143)
في حق لزوم المائة وعند الشافعي إلا مائة فإنها ليست علي فإن صدر الكلام يوجبه والاستثناء ينفيه فتعارضا فتساقطا بقدر المستثنى ا هـ
واستشكل الزيلعي مذهب الشافعي بوقوعه في الطلاق والعتاق فلو كان إخراجا بطريق المعارضة لما صح لأن الطلاق والعتاق لا يحتملان والرفع بعد الوقوع
قال وتظهر ثمرة الخلاف فيما إذا قال لفلان علي ألف درهم إلا مائة أو خمسين فعندنا يلزمه تسعمائة لأنه لما كان تكلما بالباقي وكان مانعا من الدخول شككنا في المتكلم به والأصل براءة الذمم فلا يلزمه الزائد بالشك فصار نظير ما لو قال علي تسعمائة أو تسعمائة وخمسون فإنه يلزمه الأقل وعنده لما دخل الألف كله صار في المخرج شك فيخرج الأقل وهو خمسون والباقي على حاله انتهى
لكن قول الزيلعي فعندما يلزمه تسعمائة خلاف الأصح
قال في البحر وإذا استثنى عددين بينهما حرف الشك كان الأقل مخرجا بحوله على ألف درهم إلا مائة أو خمسين لزمه تسعمائة وخمسون على الأصح انتهى
كذا في حاشية أبي السعود على مسكين
أقول لكن نقل المقدسي عن متفرقات وصايا الكافي أن القائل بأن المستثنى خمسون العامة وقال محمد إنه مائة
وذكر في الظهيرية والولوالجية أن قول محمد رواية أبي حفص وتلك رواية سليمان وفي الدراية صححها وصحح قاضيخان في شرح الزيادات رواية أبي حفص وقال وهو الموافق لقواعد المذهب وسيأتي للفرع تتمة
قوله ( باعتبار الحاصل من مجموع التركيب ) هذا كالتأكيد لما قبله فإن التكلم بالباقي بعد الثنيا لا يتأتى إلا بالنظر لما بعد إلا وما قبلها فالمتحصل من مجموع له عشرة إلا ثلاثة له علي سبعة
قال في البحر لا حكم فيما بعد إلا بل مسكوت عنه عند عدم القصد كمسألة الإقرار في قول له علي عشرة إلا ثلاثة لفهم أن الغرض الإثبات فقط فنفي الثلاثة إشارة لا عبارة وإثبات السبعة عكسه وعند القصد يثبت لما بعدها نقيض ما قبلها ككلمة التوحيد نفي وإثبات قصدا فالاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا باعتبار الحاصل من مجموع التركيب ونفي وإثبات باعتبار الأجزاء ا هـ
فالباقي والثنيا هما عين النفي والإثبات فلو صدر بالنفي لم يكن مقرا بشيء كما لو قال ليس له علي سبعة كما في التنقيح
قال فأصل هذا يفيد أن لا إله إلا الله لا يفيد التوحيد مع أنهم أجمعوا على الإفادة
الجواب أن إلهنا متفق على وجوبه ثم قلنا بنفي غيره وقد أفاده هذا التركيب وبهذا الاعتبار أفاد التوحيد
قوله ( باعبتار الأجزاء ) أي اللفظية فصدر الجملة الاستثنائية نفي وعجزها إثبات أو بالعكس ط
قوله ( فالقائل له علي عشرة إلا ثلاثة ) أي فالمقر بسبعة
قوله ( له عبارتان ) قوله ( وهذا ) الظاهر أنه راجع إلى قول المصنف هو تكلم بالباقي الخ ولا حاجة إليه حينئذ أي إلى
قوله باعتبار الحاصل من مجموع التركيب ط
أقول هذا إشارة إلى ما ذكره الأصوليون في الاستثناء
قال في التنقيح وشرحه واختلفوا في كيفية عمل بيان التغيير ففي قوله له علي عشرة إلا ثلاثة لا يخلو أما إن أطلق العشرة على السبعة فحينئذ قوله إلا ثلاثة يكون بيانا لهذا فهو كأن قال ليس علي ثلاثة منها فيكون كالتخصيص بالمستقل أو أطلق العشرة على عشرة أفراد ثم أخرج له ثلاثة بحكم وهذا تناقض وإن كان بعد الإقرار ولا أظنه مذهب أحد أو قبله ثم حكم على الباقي أو أطلق عشرة إلا ثلاثة على السبعة فكأنه قال علي سبعة فحصل ثلاثة مذاهب فعلى هذين أي المذهبين الآخرين يكون الاستثناء تكلما بالباقي في صدر الكلام بعد الثنيا أي المستثنى ففي قوله له علي عشرة إلا ثلاثة
____________________
(8/144)
صدر الكلام عشرة والثنيا ثلاثة والباقي في صدر الكلام بعد المستثنى سبعة فكأنه تكلم بالسبعة وقال له علي سبعة وإنما قلنا على الآخرين تكلم بالباقي بعد الثنيا أما على المذهب الآخير فلأن عشرة إلا ثلاثة موضوعة للسبعة فيكون تكلما بالسبعة وأما على المذهب الثاني فلأنه أخرج الثلاثة قبل الحكم من إفراد العشرة ثم حكم على السبعة فالتكلم في حق الحكم يكون بالسبعة أي يكون الحكم على السبعة فقط لا على الثلاثة لا بالنفي ولا بالإثبات ا هـ
فرع له علي عشرة إلا سبعة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا درهما فطريقه أن يخرج الأخير وهو الدرهم مما يليه يبقى درهمان ثم تخرجهما مما بينهما وهو الخمسة يبقى ثلاثة فأخرجها من السبعة يبقى أربعة فأخرجها من العشرة يبقى ستة
سائحاني
قوله ( وشرط فيه ) أي في اعتباره شرعا
قوله ( الاتصال بالمستثنى منه ) لأن تمام الكلام بآخره وإذا انقطع فقد تم
عيني
ونقل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما جواز التأخير
درر
قال أبو السعود في حاشيته علي مسكين عند قوله وكذا إن كان مفصولا بطل الاستثناء خلافا لابن عباس رضي الله تعالى عنهما استدل بما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال والله لأغزون قريشا ثم قال بعد سنة إن شاء الله قلنا هو مغير والمغير لا يصح إلا متصلا كالشرط واستثناء النبي عليه الصلاة والسلام كان لامتثال أمره تعالى بقدر الإمكان فلا يمنع الانعقاد
زيلعي
وقوله لامتثال أمره تعالى يعني قوله تعالى ( ) الكهف 23 24
قوله ( لأنه للتنبيه ) أي تنبيه المنادي لما يلقى إليه من الكلام
قوله ( والتأكيد ) بتعيين المقر له فصار من الإقرار لأن المنادى هو المخاطب ومفاده لو كان المنادي غير المقر له يضر
نقله الحموي عن الجوهرة
ولم أره فيها
لكن قال في غاية البيان ولو قال لفلان علي ألف درهم يا فلان إلا عشرة كان جائزا لأنه أخرجه مخرج الإخبار لشخص خاص وهذا صيغته فلا يعد فاصلا ا هـ
تأمل
قال في الولوالجية لأن النداء لتنبيه المخاطب وهو محتاج إليه لتأكيد الخطاب والإقرار فصار من الإقرار ا هـ
ثم اعلم أن الملائم للإقرار لا يمنع الاتصاف وغير الملائم يمنعه فمن قبيل الأول التنفس والسعال وأخذ الفم ونحوها فإنها لا تفصل الاستثناء وكذا النداء سواء كان مفردا نحو يا فلان أو مضافا نحو يا ابن فلان سواء كان المنادى مقرا له أو غيره نحو لك علي مائة درهم يا فلان أو يا ابن فلان إلا عشرة ونحو قولك لزيد علي مائة درهم يا عمرو إلا عشرة من قبيل الثاني ما لو هلل أو سبح أو كبر أو قال فاشهدوا فإن كلا منها جعل فاصلا كما في الغاية والظهيرية وباقي التفصيل في تنوير تلخيص الجامع الكبير في باب الاستثناء يكون على الجمع
قوله ( ولو الأكثر عند الأكثر ) أي ولو أكثر من النصف عند أكثر النحاة
قال الفراء استثناء الأكثر لا يجوز لأن العرب لم تتكلم به والدليل على جوازه قوله تعالى ( ) المزمل 2 3 4 وقوله تعالى 51 { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين } الحجر 42 فاستثنى المخلصين تارة والغاوين
____________________
(8/145)
أخرى فأيهما كان أكثر لزمه ولا تمنع صحته وإن لم تتكلم به العرب إذا كان موافقا لطريقهم كاستثناء الكسور لم تتكلم به العرب وهو صحيح لكن يدل على تكلم العرب به وردوه في القرآن كما سمعت النص الكريم
وقال الشعر أدوا التي نقصت تسعين من مائة ثم ابعثوا حكما بالعدل حكام استثنى تسعين من مائة وإن لم يكن بأداته لأنه في معناه
وقال صاحب النهاية ولا فرق بين استثناء الأقل والأكثر وإن لم تتكلم به العرب ولا يمنع صحته إذا كان موافقا لطريقهم
وعن أبي يوسف وهو قول مالك والفراء لا يصح الاستثناء إلا إذا كان الباقي أكثر كما في مسكين
قوله ( والاستثناء المستغرق باطل ولو فيما يقبل الرجوع ) قال في المنح لما تقرر من أنه تكلم بالحاصل بعد الثنيا ولا حاصل بعد الكل فيكون رجوعا
والرجوع عن الإقرار باطل موصولا كان أو مفصولا
كذا في العناية وغيرها لكن مقتضى هذا الكلام صحة استثناء الكل من الكل فيما يقبل الرجوع وليس كذلك ومن ثم قلت ولو فيما يقبل الرجوع كوصية
قال في الجوهرة واختلفوا في استثناء الكل فقال بعضهم هو رجوع لأنه يبطل كل الكلام وقال بعضهم هو استثناء فاسد وليس برجوع وهو الصحيح لأنهم قالوا في الموصي إذا استثنى جميع الموصى به بطل الاستثناء والوصية صحيحة ولو كان رجوعا لبطلت الوصية لأن الرجوع فيها جائز ا هـ
قوله ( هو الصحيح ) على خلاف ما في الدرر حيث قال لأنك قد عرفت أنه تكلم بالباقي بعد الثنيا ولا باقي بعد الكل فيكون رجوعا والرجوع بعد الإقرار باطل موصولا كان أو مفصولا
قوله ( بعين لفظ الصدر ) كنسائي طوالق إلا نسائي وكعبيدي أحرار إلا عبيدي
قوله ( أو مساويه ) نحو نسائي طوالق إلا زوجاتي أو عبيدي أحرار إلا مماليكي
قال في المنح نقلا عن العناية معزيا إلى الزيادات استثناء الكل من الكل إنما لا يصح إذا كان الاستثناء بعين ذلك اللفظ أما إذا كان بغير ذلك فيصح كما إذا قال نسائي طوالق إلا نسائي لا يصح الاستثناء ولو قال إلا عمرة وزينب وسعاد حتى أتى على الكل صح
قيل وتحقيق ذلك إلى الاستثناء إذا وقع بغير اللفظ الأول أمكن جعله تكلما بالحاصل بعد الثنيا لأنه إنما صار كلا ضرورة عدم ملكه فيما سواه لا لأمر يرجع إلى اللفظ الأول فبالنظر إلى ذات اللفظ أمكن أن يجعل المستثنى بعض ما تناوله الصدر والامتناع من خارج بخلاف ما إذا كان بعين ذلك اللفظ فإنه لم يمكن جعله تكلما بالحاصل بعد الثنيا فإن قيل هذا مرجع جانب اللفظ على المعنى وإهمال المعنى رأسا فما وجه ذلك أجيب بأن الاستثناء تصرف لفظي ألا ترى أنه إذا قال أنت طالق ست تطليقات إلا أربعا صح الاستثناء ووقع تطليقتان وإن كانت الست لا صحة لها من حيث الحكم لأن الطلاق لا يزيد على الثلاث ومع هذا يجعل كأنه قال أنت طالق ثلاثا إلا أربعا فكان اعتباره أولى انتهى
قوله ( وإن بغيرهما ) بأن يكون أخص منه في المفهوم لكن في الوجود يساويه
قوله ( إذ الشرط إيهام البقاء ) أي بحسب صورة اللفظ لأن الاستثناء تصرف
____________________
(8/146)
لفظي فلا يضر إهمال المعنى أفاده المصنف
قوله ( ووقع ثنتان ) وإن كان الستة لا صحة لها من حيث الحكم لأن الطلاق لا يزيد على الثلاث ومع هذا لا يجعل كأنه قال أنت طالق ثلاثا إلا أربعا فكان اعتبار اللفظ أولى كما في العناية وهذا مبني على أن الاستثناء من جملة الكلام السابق لا من جملة الكلام الذي يحكم بصحته فإن الكلام السابق ست والأربع بعضه فلم يكن مستغرقا ولو جعلناه استثناء من الكلام الذي يحكم بصحته لكان مستغرقا فيبطل الكلام الذي يحكم بصحته لو طلقها ستا فثلاث لأنه غاية الطلاق والأربع تزيد عليها
والشارح جعله غاية لكونه شرط الاستثناء أن يكون بلفظ الصدر أو مساويه والأربعة ليست بلفظ الست ولا مساوية لها بل بعضها فصح استثناؤه لأن الثنتين لها عبارتان كما ذكره الشارح والست إلا أربع هي العبارة المطولة فاشتراط كون الاستثناء من جملة الكلام السابق مبني على هذا
قوله ( كما صح استثناء الكيلي ) فصله عما قبله الأن بيان للاستثناء من خلاف الجنس فإن مقدرا من مقدر صح عندهما استحسانا وتطرح قيمة المستثنى مما أقر به وفي القياس لا يصح وهو قول محمد وزفر وإن غير مقدر من مقدر لا يصح عندنا قياسا واستحسانا خلافا للشافعي نحو مائة درهم إلا ثوبا لكن حيث لم يصح هنا الاستثناء يجبر على البيان ولا يمتنع به صحة الإقرار لما تقرر أن جهالة المقر به لا تمنع صحة الإقرار ولكن جهالة المستثنى تمنع صحة الاستثناء
ذكره في الشرنبلالية عن قاضي زاده
قال العيني وخرج بما ذكر القيمي كما إذا قال له علي مائة درهم إلا ثوبا
وقال الشافعي يصح من حيث إنهما متحدا المالية وبه قال ملك
قوله ( ويكون المستثنى القيمة ) مثاله أن يقول له علي عشرة قروش إلا أردب قمح يصح ذلك ويكون بالقيمة وإن استغرقت القيمة المستثنى منه يصح كما في البحر
قوله ( استحسانا ) والقياس أن لا يصح هذا الاستثناء كما تقدم لأن الاستثناء إخراج بعض ما يتناوله صدر الكلام على معنى أنه لولا الاستثناء لكان داخلا تحت الصدر وهذا لا يتصور في خلاف الجنس لكن أبا حنيفة وأبا يوسف صححاه استحسانا كما في الدرر
قوله ( لثبوتها ) أي هذه المذكورات في الذمة لأنها مقدرات وهي جنس واحد معنى وإن كانت أجناسا صورة لأنها تثبت في الذمة ثمنا أما الدينار والدرهم إذا استثنيا فظاهر وكذا غيرهما من المكيلات والموزونات لأن الكيلي والوزني مبيع بأعيانهما ثمن بأوصافهما حتى لو عينا تعلق العقد بأعيانهما ولو وصفا ولم يعينا صار حكمهما كحكم التمييز فكانت في حكم الثبوت في الذمة كجنس واحد معنى فالاستثناء فيها تكلم بالباقي معنى لا صورة كأنه قال ثبت لك في ذمتي كذا إلا كذا إي إلا قيمة كذا ولو استثنى غير المقدرات من المقدرات لا يصح قياسا واستحسانا كما قدمناه لأن ماليته غير معلومة لكونه متفاوتا في نفسه فيكون استثناء للمجهول من المعلوم فيفسد فلا ينافي ما يأتي ولأن الثوب لا يجانس الدراهم لا صورة ولا وجوبا في الذمة
وتمامه في الإتقاني
قوله ( وكانت كالثمنين ) لأنها بأوصافها أثمان حتى لو عينها تعلق العقد بعينها ولو وصفت ولم تعين صار حكمها كحكم الدينار
كفاية
قوله ( لاستغراقه بغير المساوي ) أي وهو يوهم البقاء وإبهام البقاء كاف
قوله ( لكن في الجوهرة ) ومثله في الينابيع ونقله قاضي زاده عن الذخيرة كما في الشرنبلالية
____________________
(8/147)
وفيها قال الشيخ علي المقدسي رحمه الله تعالى لو استثنى دنانير من دراهم أو مكيلا أو موزونا على وجه يستوعب المستثنى كقوله له علي عشرة دراهم إلا دينارا وقيمته أكثر وإلا كر بر كذلك إن مشينا على أن استثناء الكل بغير لفظه صحيح ينبغي أن يبطل الإقرار
لكن في ذكر في البزازية ما يدل على خلافه
قال علي دينار إلا مائة درهم بطل الاستثناء لأنه أكثر
من الصدر ما في هذا الكيس من الدراهم لفلان إلا ألفا ينظر إن فيه أكثر من ألف فالزيادة للمقر له والألف للمقر وإن ألف أو أقل فكلها للمقر له لعدم صحة الاستثناء
قلت ووجهه ظاهر بالتأمل ا هـ
قلت فكان ينبغي للمصنف أن يمشي على ما في الجوهرة حيث قال فيما قبله وإن استغرقت
تأمل
قال العلامة أبو السعود قلت ولا شك أن ما في الجوهرة أوجه لما سبق من أن بطلان الاستثناء المستغرق مقيد بما إذا كان بلفظه أو بمرادفه
واعلم أن المصنف تبع قاصيخان في تفريعه على هذه المسألة أعني صحة استثناء الكيلي والوزني ونحوهما من المقدرات التي تثبت في الذمة من الدراهم والدنانير فقال لو قال له دينار إلا درهما أو إلا قفيزا أو إلا مائة جوزة صح ويطرح من المقدم قدر قيمة المستثنى فإن كانت قيمته تأتي على جميع ما أقر به لا يلزمه شيء وإن لم يكن المستثنى من جنس ما أقر به وليس له جنس من مثله كقوله دينار إلا ثوبا أو شاة لم يصح الاستثناء وإن كان من جنسه صح الاستثناء في قولهم إلا أن يستثنى جميع ما تكلم به فلا يصح الاستثناء ا هـ
وآخره يخالف أوله
كذا بخط السيد الحموي عن الرمز
وأقول يمكن الجواب بحمل ما ذكره قاضيخان آخرا على ما إذا كان الاستثناء بمرادفه كقوله له علي ألف دينار إلا خمسمائة وخمسائة فلا يخالف ما ذكره أولا لأن الاستغراق فيه من حيث القيمة فتدبر
قوله ( فيحرر ) الظاهر أن في المسألة روايتين مبنيتين على أن الدراهم والدنانير جنس واحد أو جنسان ح
وتوضيحه أنهم جعلوا الدراهم والدنانير نوعا واحدا في بعض المسائل نظرا لأن المقصود منها الثمنية وفي بعض المسائل جعلوها نوعين باعتبار الصورة كما بينه الشارح في غير هذا المحل فصاحب البحر جعلها في مسألة الاستثناء مما هي معتبرة فيه نوعا واحدا فكان استثناء المائة درهم من الدينار استثناء بالمساوي لأنها تبلغ قيمة الدينار أو تزيد عليه وصاحب الجوهرة نظر إلى أنهما نوعان في نفس الأمر كما اعتبروها كذلك في بعض المسائل فلذلك كان استثناء العشرة الدنانير من المائة الدرهم وهي تبلغها قيمة أو تزيد استثناء صحيحا فإنه ليس بلفظ الأول ولا مساوية لأنهما نوعان إذ الشرط إيهام البقاء لا حقيقة كما ذكره الشارح والإيهام موجود هنا ويؤيده مسألة استثناء المكيل والموزون والمعدود
والحاصل أن الاستثناء المستغرق إن كان بلفظ الصدر فباطل وإن لم يكن بلفظ الصدر ولا مساويا له كاستثناء كر بر من الدراهم صحيح لما تقدم أن الشرط إيهام البقاء لا حقيقته وإن كان بغير لفظ الصدر لكن بمساويه كاستثناء الدراهم من الدنانير أو العكس فوقع فيه اختلاف إذا كان مستغرقا في البحر عن البزازية يقتضي بطلانه وما في الجوهرة والينابيع والذخيرة يخالفه
قوله ( على الأصح ) لأن الألف متيقنة الثبوت والخمسون متحققة الخروج وتمام المائة مشكوك في خروجها والمتيقن ثبوته لا يبطل في المشكوك بخروجه وهو تمام المائة بل بالمتيقن خروجه
____________________
(8/148)
وهو خمسون لكن فيه مخالفة لما مهده أولا من أن الاستثناء تكلم بالباقي عندنا وإنما يناسب ما نلقناه عن الشافعي رحمه الله تعالى أنه إخراج بعد الدخول بطريق المعارضة وقدمنا أن ثمرة الخلاف إنما تظهر في مثل هذا التركيب فعندنا يلزمه تسعمائة وخمسون على هذه الرواية وهي رواية أبي سليمان وفي رواية تسعمائة وهي رواية أبي حفص وهي الموافقة لقواعد المذهب لأنه لما كان تكلما بالباقي وكان مانعا من الدخول شككنا في المتكلم به والأصل فراغ الذمة فلا يلزمه الزائد بالشك وعليه فكان الأولى التفريع على قاعدة المذهب ثم يذكر هذا على أنه قول آخر
تأمل
قوله ( ثبت الأكثر ) أي أكثر المقر به
قوله ( إلا شيئا ) لأن استثناء الشيء استثناء الأقل عرفا فأوجبنا النصف وزياة درهم بنقد استثنى الأقل اه
شلبي قوله ( فيحكم بخروج الأقل ) وهو ما دون النصف لأن استثناء الشيء استثناء الأقل عرفا فأوجبنا النصف وزيادة درهم لأن أدنى ما تتحقق به القلة النقص عن النصف بدرهم
قوله ( ولو وصل إقراره بإن شاء الله ) ولو من غير قصد كما في غاية البيان نقلا عن الواقعات الحسامية وقيد بالوصل لأنه لو كان مفصولا لا يؤثر خلافا لابن عباس كما سبق إلا إذا كان عدم الوصل لعذر من الأعذار التي تقدمت
قال العيني ولو قال لامرأته أنت طالق فجرى على لسانه إن شاء الله من غير قصد وكان قصده إيقاع الطلاق لا يقع لأن الاستثناء موجود حقيقة والكلام مع الاستثناء لا يكون إيقاعا ومثل تعليقه بمشيئة الله تعليق إقراره بمشيئة من لا تعلم مشيئته كالجن والملائكة
حموي عن المختار
وإنما بطل الإقرار في هذه لأن التعليق بمشيئة الله تعالى إبطال عند محمد فبطل قبل انعقاده للحكم وتعليق بشرط لا يوقف عليه عند أبي يوسف
درر وثمرة الخلاف فيما إذا قدم المشيئة فقال إن شاء الله أنت طالق فعند من قال إنه إبطال لا يقع الطلاق وعند من قال إنه تعليق يقع لأنه إذا قدم الشرط ولم يذكر حرف الجزاء لم يتعلق وبقي الطلاق من غير شرط فيقع
كفاية
واختار قول محمد صاحب الكفاية وغاية البيان وصاحب العناية وكذا تظهر أيضا ثمرة الخلاف فيما إذا قال لامرأته إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال أنت طالق إن شاء الله تعالى يحنث عند أبي يوسف لأنه يمين عنده وعند محمد لا يكون يمينا فلا يحنث عيني
تنبيه ما سبق من أن التعليق بمشيئة الله إبطال عند محمد وتعليق بشرط لا يوقف عليه عند أبي يوسف يشكل بما نقلناه مما يقتضي كون الخلاف بين الصاحبين على عكس ما ذكر في الدرر
وجوابه أن النقل عنهما قد اختلف ففي الشرنبلالية بعد أن ذكر ما نقلناه من الخلاف قال وقيل الخلاف على العكس واختاره بعض شراح الهداية وأيضا فإن ما ذكرنا من أنه عند أبي يوسف تعليق بشرط لا يوقف عليه أحد وجهين والوجه الثاني هو أن الإقرار لا يحتمل التعليق بالشرط كما في الشرنبلالية عن قاضي زاده
قوله ( أو فلان ) فيبطل ولو قال فلان شئت لأنه علق وما نجز واللزوم حكم التنجيز لا التعليق ولأن مشيئة فلان لا توجب الملك شلبي
أقول وينظر مع ما قدمنا في تعليق الطلاق بمشيئة العبد فشاء في مجلسه صح ووقع الطلاق شرنبلالية
وجوابه أن الإقرار إخبار فلا يصح تعليقه
والطلاق إنشاء لا إسقاط فصح تعليقه واقتصرت مشيئته على المجلس نظرا لمعنى التمليك
أبو السعود
قوله ( أو علقه بشرط على خطر ) كقوله لفلان علي ألف درهم إن شاء فلان وكذا كل إقرار علق بالشرط نحو قوله إن دخلت الدار وإن أمطرت السماء أو هبت الريح أو إن قضى الله تعالى
____________________
(8/149)
أو أراده أو رضيه أو أحبه أو قدره أو دبره كما في العيني
ومنه إن حلفت فلك ما ادعيت فلو حلف لا يلزمه ولو دفع بناء على أنه يلزمه فله أن يسترد المدفوع كما في البحر في فصل صلح الورثة بقوله ولو قال المدعى عليه إن حلفت أنها لك دفعتها فحلف المدعي ودفع المدعى عليه الدراهم إن كان دفع له بحكم الشرط فهو باطل وللدافع أن يسترد ا هـ
وقيد في البحر التعليق على خطر بأن لم يتضمن دعوى الأجل
قال وإن تضمن مثل إذا جاء رأس الشهر فلك علي كذا لزمه للحال ويستحلف المقر له في الأجل ا هـ
تأمل
وفي البحر أيضا ومن التعليق المبطل له ألف إلا أن يبدو لي غير ذلك أو أرى غيره أو فيما أعلم وكذا اشهدوا أن له علي كذا فيما أعلم انتهى
أو قال علي ألف في شهادة فلان أو علمه لأنه في معنى الشرط بخلاف ما لو قال ذلك بالباء لأنها للإلصاق ولو قال وجدت في كتابي أي دفتري أنه علي كذا فهو باطل
وقال جماعة من أئمة بلخ أنه يلزمه لأنه لا يكتب في دفتره إلا ما عليه الناس صيانة عن النسيان وللبناء على العادة الظاهرة فعلى هذا لو قال البياع وجدت في يادكاري بخطي أو كتبت في يادكاري بيدي أن لفلان علي ألف درهم كان إقرارا ملزما
وفي الولوالجية ولو قال في ذكرى أو بكتابي لزمه ا هـ
حموي
وقد تقدم ذلك مبسوطا وأن موضع الكلام فيما عليه لا فيما له وتصوير الإقرار بما عليه في كتابه هو ما ذكرها قال الحموي ولا يفرق بين قوله في كتابي أو في كتاب فلان
نقله عن الولوالجية
قال العلامة المقسي في الرمز وأنت خبير بأن كتاب فلان غير مأمون عليه من التغيير بخلاف كتاب المقر
ا هـ
قال ط وهذا يفيد أنه لا يعمل بإقراره بما عليه إلا إذا كان بكتابته وأنه لا يعمل بكتابته ماله على الناس لأنه إثبات حق على غيره بمجرد كتاب المدعي ولا نظير له في الشريعة فالإفتاء بلزومه بمجرد ذلك ضلال مبين
قوله ( كإن مت فإنه ينجز ) المعلق بكائن لأنه ليس تعليقا حقيقة بل مراده به أن يشهدهم لتبرأ ذمته بعد موته إن جحد الورثة فهو عليه مات أو عاش فمرجعه إلى تأكيد الإقرار كما في الحموي والزيلعي وغيرهما والشارح تبع فيه المصنف وهو تبع صاحب البحر
قال ط ومنه يعلم أن قوله في البحر وإن بشرط كائن فتنجيز كعلي ألف درهم إن مت لزمه قبل الموت منظور فيه ولقائل أن يقول إن قوله إن مت في عبارة الشرح يحتمل رجوعه إلى الإقرار لا إلى الشهادة
وأجيب بأن تصرف العاقل يصان عن الإلغاء ما أمكن وذلك بجعله شرطا للشهادة فلو قال المقر أردت تعليق الإقرار ورضي بالغاء كلامه
قلنا تعلق حق المقر له يمنع ذلك كما في الرمز
ا هـ
مختصرا
قال ط بقي لو كان الكلام من أول الأمر بصورة صاحب البحر والظاهر اللزوم حالا كما قال لتعلق حق المقر ولا يجعل وصية وقد استفيد هذا من قوله فلو قال المقر أردت الخ
ا هـ
لكن قدم في متفرقات البيع أنه يكون وصية
والحاصل أن التعليق على ثلاثة أقسام إما أن يصل إقراره بإن شاء الله فإنه باطل عند محمد وتعليق عند أبي يوسف
وإما أن يصله بإن شاء فلان ونحوه مما هو تعليق على خطر فهو تعليق اتفاقا والإقرار لا يصح تعليقه بالشرط وإما أن يعلقه بكائن لا محالة فهو تنجيز فلا يبطل الإقرار وكذا إذا قال إذا جاء رأس الشهر أو أفطر الناس أو إلى الفطر أو إلى الضحى لأن هذا ليس بتعليق وإنما هو دعوى الأجل إلى الوقت المذكور فيقبل إقراره ودعواه الأجل لا تقبل إلا بينة أو إقرار الطالب
قوله ( بقي لو ادعى المشيئة ) أي ادعى أنه قال إن شاء الله تعالى
قوله ( قال المصنف ) وعبارته ويقبل قوله إن ادعاه وأنكره في ظاهر المروي عن صاحب المذهب
وقيل لا يقبل إلا ببينة على الاعتماد لغلبة الفساد خاينة
وقيل إن عرف بالصلاح فالقول له
قال الرملي في حواشيه
____________________
(8/150)
أقول الفقه يقتضي أنه إذا ثبت إقراره بالبينة لا يصدق إلا ببينة أما إذا قال ابتداء أقررت له بكذا مستثنيا في إقراري يقبل قوله بلا بينة كأنه قال له عندي كذا إن شاء الله تعالى بخلاف الأول لأنه يريد إبطاله بعد تقرره
تأمل ا هـ
قوله ( وصح استثناء البيت من الدار ) لأنه جزء من أجزائها فيصح استثناء الجزء من الكل كالثلث أو الربع
بدائع
ولو قال هذه النخل بأصولها لفلان والثمر لي كان الكل للمقر له ولا يصدق المقر إلا بحجة كما في الخانية
قوله ( منهما ) أي من الدار والبيت
قوله ( لدخوله تبعا ) أي لدخول البناء معنى وتبعا لا لفظا والاستثناء تصرف في الملفوظ وذلك لأن الدار اسم لما أدير عليه البناء من البقعة وبحث منلا خسروا بأنه لا ينكر أن البناء جزء من الدار لا يرد المنصوص ولهذا لو استحق البناء في البيع قبل القبض لا يسقط شيء من الثمن بمقابلته بل يتخير المشتري
بخلاف البيت تسقط حصته من الثمن أو حاصله
قوله ( واستثناء الوصف لا يجوز ) كقوله له هذا العبد إلا سواده
قوله ( وإن قال بناؤها لي وعرصتها لك فكما قال ) وكذا لو قال بياض هذه الأرض لفلان وبناؤها لي
قوله ( هي البقعة ) فقصر الحكم عليها يمنع دخول الوصف تبعا
قوله ( حتى لو قال وأرضها لك كان له البناء أيضا )
أقول هذا مخالف للعرف الآن فإن العرف أن الأرض بمعنى العرصة وعليه فينبغي أن لا يكون البناء تابعا للأرض تأمل
قوله ( إلا إذا قال بناؤها لزيد والأرض لعمرو فكما قال ) لأنه لما أقر بالبناء لزيد صار ملكه فلا يخرج عن ملكه بإقراره لعمرو بالأرض إذ لا يصدق قوله في حق غيره بخلاف المسألة الأولى لأن البناء مملوك له فإذا أقر بالأرض لغيره يتبعها البناء لأن إقراره مقبول في حق نفسه
وحاصله في الدار والأرض اسم لما وضع عليه البناء لا اسم للأرض والبناء لكن البناء يدخل تبعا في بيعه والإقرار به والعرصة اسم للأرض خالية عن البناء فلا يدخل فيها البناء لا أصلا ولا تبعا
والأصل أن الدعوى لنفسه لا تمنع الإقرار لغيره والإقرار لغيره يمنع الإقرار لشخص آخر إذا علم هذا فإذا أقر بالدار لشخص فقد أقر بالأرض التي أدير عليها البناء ولفظ الدار لا يشمل البناء لكنه يدخل تبعا فكان بمنزلة الوصف
والاستثناء أمر لفظي لا يعمل إلا فيما يتناوله اللفظ فلا يصح استثناؤه للبناء لأنه لم يتناوله لفظ الدار بل إنما دخل تبعا وهذا معنى
قوله واستثناء الوصف لا يجوز بخلاف البيت فإنه اسم لجزء من الدار مشتمل على أرض وبناء فصح استثناؤه باعتبار ما فيه من الأصل وهو الأرض فكان متناوله لفظ الدار والاستثناء إخراج لما تناوله لفظ المستثنى منه ولا يضر كون البناء جزءا من مسمى البيت مع أنه وصف من الدار لأنه لم يستثن الوصف منفردا بل قائما بالأصل الذي هو الأرض
وتخريج جنس هذه المسائل على أصلين أحدهما أن الدعوى قبل الإقرار لا تمنع صحة الإقرار والدعوى بعد الإقرار لبعض ما دخل تحت الإقرار لا تصح
والثاني أن إقرار الإنسان على نفسه جائز وعلى غيره لا يجوز
إذا عرفنا هذا فنقول إذا قال بناء هذه الدار لي وأرضها لفلان كان البناء والأرض للمقر له لأنه لما قال بناء هذه الدار لي فقد ادعى لنفسه فلما قال وأرضها لفلان فقد جعل مقرا بالبناء للمقر له تبعا للإقرار
____________________
(8/151)
بالأرض لأن البناء تبع للأرض إلا أن الدعوى قبل الإقرار لا تمنع صحة الإقرار وإن قال أرضها لي وبناؤها لفلان كانت الأرض له وبناؤها لفلان لأنه لما قال أولا أرضها لي فقد ادعى الأرض لنفسه وادعى البناء أيضا لنفسه تبعا للأرض فإذا قال بعد ذلك وبناؤها لفلان فقد أقر لفلان بالبناء بعدما ادعاه لنفسه والإقرار بعد الدعوى صحيح فيكون لفلان البناء دون الأرض لأن الأرض ليس بتابع للبناء وإن قال أرضها لفلان وبناؤها لي كانت الأرض والبناء للمقر له بالأرض لأنه لما قال أولا أرضها لفلان فقد جعل مقرا لفلان وبناؤها لي كان الأرض للمقر له بالأرض لأنه لما قال أولا أرضها لفلان فقد جعل مقرا بالبناء فلما قال بناؤها لي فقد ادعى لنفسه بعدما أقر لغيره والدعوى بعد الإقرار لبعض ما تناوله الإقرار لا يصح
وإن قال أرضها لفلان وبناؤها لفلان آخر كان الأرض والبناء للمقر له الأول لأنه جعل مقرا للمقر له الأول بالبناء فإذا قال بناؤها لفلان جعل مقرا على الأول لا على نفسه وقد ذكرنا أن إقرار المقر على نفسه جائز وعلى غيره لا يجوز
وإن قال بناؤها لفلان وأرضها لفلان آخر كان كما قال لأنه لما أقر بالبناء أولا صح إقراره للمقر له لأنه إقرار على نفسه فإذا أقر بعد ذلك بالأرض لغيره فقد أقر بالبناء لذلك الغير تبعا للإقرار بالأرض فيكون مقرا على غيره وهو المقر له الأول وإذا أقر الإنسان على غيره لا يصح لما علمت من الأصل الثاني من أن إقرار الإنسان على غيره لا يجوز
أقول لكن نقض بما لو أقر مستأجر بدين فيسري على المستأجر ويفسخ به عند الإمام ولو أقرت زوجته بدين تحبس به ويمنع منها كما في المقدسي
قوله ( واستثناء الخاتم ) بأن قال هذا الخاتم لفلان إلا فصه
وفي الذخيرة عن المنتقى إذا قال هذا الخاتم لي إلا فصه فإنه لك أو قال هذه المنطقة لي إلا حليتها فإنها لك أو قال هذا السيف لي إلا حليته أو قال إلا حمائله فإنها لك أو قال هذه الجبة لي إلا بطانتها فإنها لك والمقر له يقول هذه الجبة لي فالقول قول المقر فبعد ذلك ينظر إن لم يكن في نزع المقر به ضرر للمقر يؤمر المقر بالنزع والدفع للمقر له وإن كان في النزع وأحب المقر أن يعطيه قيمة ما أقر به فله ذلك وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى ا هـ
ولو قال الحلقة له والفص لي يصح ذكره صدر الشريعة
قوله ( ونخلة البستان ) ومثله نخلة الأرض إلا أن يستثنيها بأصولها لأن أصولها دخلت في الإقرار قصدا لا تبعا
وفي الخانية بعد ذكر الفص والنخلة وحلية السيف قال لا يصح الاستثناء وإن كان موصولا إلا أن يقيم المدعي البينة على ما ادعاه
لكن في الذخيرة لو أقر بأرض أو دار لرجل دخل البناء والأشجار حتى لو أقام المقر بينة بعد ذلك على أن البناء والأشجار له لم تقبل بينته ا هـ
إلا أن يحمل على كونه مفصولا لا موصولا كما أشار لذلك في الخانية سائحاني
____________________
(8/152)
وفي الخانية لو قال هذا البستان لفلان إلا النخلة بغير أصولها فإنها لي لا يصح الاستثناء بخلاف إلا نخلها بأصولها وكذلك هذه الجبة لفلان إلا بطانتها لأن البطانة تدخل في البيع تبعا فكانت كالبناء ثم قال وهو محمول على جبة بطانتها في النفاسة دون الظهارة
قال في الرمز وما نقل عن السير الكبير أن الإمام لو قال من أصاب جبة خز فهي له فله الظهارة دون البطانة حمل على جبة بطانتها كظهارتها نفاسة فلا تتبعها فهي كجبتين وما هنا على دون البطانة حتى لو استويا صح الاستثناء ا هـ
أقول ومثل نخلة البستان نخلة الأرض لأن الشجر يدخل في البستان والأرض تبعا فلا يصح استثناءه بخلاف نخلة عرصة البستان لأن العرصة لا تتناول الشجرة كما لا تتناول البناء لا أصلا ولا تبعا إلا أن يستثنيها بأصولها كما ذكرنا
قوله ( وطوق الجارية ) استشكل بأنهم نصوا أنه لا يدخل معها تبعا إلا المعتاد للمهنة لا غير كالطوق إلا أن يحمل على أنه لا قيمة له كثيرة كطوق حديد أو نحاس وفيه نظر
ط عن الحموي
أقول ذلك في البيع لأنها وما عليها للبائع أما هنا فإنه لما أقر بها ظهر أنها للمقر له والظاهر منه أن ما عليها لمالكها فيتبعها ولو جليلا
تأمل
قوله ( فيما مر ) أي من أنه لا يصح
قوله ( قال مكلف له علي ألف من ثمن عبد ما قبضته ) قيد قوله علي لأنه لو قال ابتداء اشتريت منه مبيعا إلا أني لم أقبضه قبل قوله كما قبل قول البائع بعته هذا ولم أقبض الثمن والمبيع في يد البائع لأنه منكر قبض المبيع أو الثمن والقول للمنكر بخلاف ما هنا لأن قوله ما قبضته بعد قوله له علي كذا رجوع فلا يصح
أفاده الرملي
قوله ( حال منها ) أي حال كون قوله ما قبضته موصولا بالكلام الأول فلو لم يصله لم يصدق أفاده المصنف
والذي يظهر أنه حال من الضمير في قال أي قال حال كونه واصلا
قوله ( فإن سلمه ) لعلهم أرادوا بالتسليم هنا الإحضار أو يخص هذا من قولهم يلزم المشتري تسليم الثمن أو لا لأنه ليس ببيع صريح
مقدسي ملخصا قوله ( عملا بالصفة ) قال في المنح وإن لم يوجد ما ذكر من القيد وهو التسليم لا يلزمه لأنه أقر له بالألف على صفة فيلزمه الصفة التي أقر بها وإذا لم توجد لا يلزمه ا هـ
وصل أو فصل هذا مذهب الإمام وقالا إن وصل صدق فلا يلزمه وإن فصل لا يصدق
قوله ( وإن لم يعين العبد لزمه الألف مطلقا وصل أم فصل ) كأنه بيان لوجه الإطلاق ويحتمل أنه أراد بالإطلاق سواء كذبه المقر له أو صدقه بدليل ما يأتي حيث قيدها بقوله وإن كذبه المقر له وهو أولى لأنه حينئذ يتجه فصلها لكنه يبعد أن يلزمه ذلك مع اعتراف كل منهما أنه حرام أو ربا تأمل
قوله ( لأنه رجوع ) أي عما أقر به وذلك لأن الصدر موجب وإنكار قبض مبيع غير معين ينافيه ولأنه لو ادعى تأخير الثمن شهرا لم يقبل فكيف دهرا إذ ما من عبد يأتي به البائع إلا يأتي للمشتري منع كونه المبيع بخلاف المعين
وما ذكره المصنف أحد وجوه أربعة في المسألة
والثاني أن يقول المقر له العبد عبدك ما بعتكه وإنما بعتك عبدا آخر وسلمته إليك والحكم فيه كالأول لأنهما اتفقا على ما أقر به من أن كل واحد منهما يستحق ما أقر به غير أنهما اختلفا في سبب الاستحقاق ولا يبالي باختلافهما ولا باختلاف السبب عند حصول المقصود واتحاد الحكم فصار كما إذا أقر له بغصب ألف درهم فقال المقر له هي قرض فإنه يؤمر بالدفع إليه لاتفاقهما على الاستحقاق
____________________
(8/153)
والثالث أن يقول العبد عبددي ما بعتكه وحكمه أن لا يلزم المقر شيء لما ذكر أنه أقر له على صفة وهي سلامة العبد فلا يلزمه بدونها
والرابع أن يقول المقر له لم أبعك هذا العبد وإنما بعتك عبدا آخر فحكمه أن يتحالفا لأنهما اختلفا في المبيع إذ كل منهما مدع ومنكر فإذا حلفا انتفى دعوى كل عن صاحبه فلا يقضي عليه بشيء والعبد سالم في يده ا هـ
وتمامه في الزيلعي والدرر موضحا
قوله ( كقوله من ثمن خمر الخ ) تشبيه للمسألة السابقة حكما وخلافا
قوله ( أو مال قمار ) الأنسب تأخيره عما بعده ليسلط لفظ الثمن على الحر والميتة والدم وهو معطوف على ثمن
قوله ( فيلزمه مطلقا ) عنده وعندهما إن وصل صدق وإن فصل لا كما في المسألة الأولى قوله ( إلا إذا صدقه ) أي المقر له
قوله ( أو أقام عليه ) أي المقر واعتمد المصنف في تعيين مرجع الضميرين المقام والظهور
قوله ( لاحتمال حله عند غيره ) أي في مذهب غيره كما إذا باع ما اشتراه قبل قبضه من بائعه بثمن أقل مما اشترى به فالزيادة هذه عندنا حرام أو ربا وعند الشافعي يجوز هذا البيع وليس زيادة أحد الثمنين حراما ولا ربا وظاهر هذا التعليل أنهما إذا اتفقا على ذلك لا يلزم المقر شيء ط
قوله ( ولو قال على زورا أو باطلا ) أي هو على حال كون زورا أو باطلا أو من جهة ذلك فهما منصوبان على الحال أو التمييز
قوله ( لزمه إن كذبه ) أي في كونه زورا أو باطلا
قوله ( هي أن يلجئك الخ ) قال الشارح في التذنيب آخر الصرف هو أن يظهرا عقدا وهما لا يريدانه يلجأ إليه لخوف عدو وهو ليس ببيع في الحقيقة بل كالهزل انتهى
قوله ( إن كذبه ) أي المشتري البائع
قوله ( وإلا لا ) قال في البدائع كما لا يجوز بيع التلجئة لا يجوز الإقرار بالتلجئة بأن يقول لآخر إني أقر لك في العلانية بمال وتواضعا على فساد الإقرار لا يصح إقراره حتى لا يملكه المقر له
قوله ( زيوف ) جمع زيف وصف بالمصدر ثم جمع على معنى الاسمية
يقال زافت الدراهم تزيف زيفا ردأت والمراد به ما يرده بيت المال ويقبله التجار والنبهرجة دون الزيوف فإنهما مما يردها التجار والستوقة أردأ من النبهرجة وتقدم آخر البيوع وقدمناه في شتى القضاء
قوله ( ولم يذكر السبب ) كثمن مبيع أو غصب أو وديعة
قوله ( على الأصح ) أي إجماعا وقيل على الخلاف الآتي
قوله ( وهي زيوف مثلا ) أو نبهرجة
قوله ( لم يصدق مطلقا ) أي عنده وقالا يصدق إن وصل أي في قوله زيوف أو نبهرجة بل يلزمه الجياد لأن العقد يقتضيها
فدعوى الزيف رجوع عما أقر به بخلاف ما إذا قال إلا أنها وزن خمسة ونقد البلد وزن سبعة حيث يصح موصولا لا مفصولا لأنه استثنى القدر فصار مغيرا فيصح بشرط الوصل ولو قال علي كر حنطة من ثمن دار اشتريتها منه إلا أنها رديئة يقبل موصولا ومفصولا لأن الرداءة نوع لا عيب فمطلق العقد لا يقتضي السلامة عنها بخلاف الجودة
زيلعي
وقوله مطلقا أي وصل أم فصل
وقال زفر يبطل إقراره إذا قال المقر له هي جياد
____________________
(8/154)
قوله ( صدق مطلقا ) لأن الغاصب يغصب ما يصادف والمودع يودع ما عنده فلا يقتضي السلامة
قوله ( وصل أم فصل ) إذ لا اختصاص للغصب والوديعة بالجياد دون الزيوف إلى آخر ما قدمناه فلم يكن زيوفا تفسيرا لأول كلامه بل هي بيان للنوع فصح موصولا ومفصولا درر
وحاصل الفرق بينهما وبين ما تقدم أن فيما تقدم أقر بعقد البيع أو القرض والعقد يقتضي سلامة العوضين عن العيب كما تقدم وهنا أقر بالغصب والوديعة وهما لا يقتضيان السلامة وهو قابض والقول للقابض أمينا كان أو ضمنيا
قوله ( لأنها دراهم مجازا ) فكان هذا من باب التغيير فلا يصح مفصولا
قوله ( وصدق بيمينه في غصبته أو أودعني ) لأن الغصب والوديعة لا يقتضيان وصف السلامة كما تقدم
قوله ( مثلا ) أي أو قرضا
قوله ( إلا أنه ينقص كذا ) أي الدراهم ومثله في الشرنبلالية لكن في العيني قوله إلا أن ينقص كذا أي مائة درهم وهو ظاهر
قوله ( أي الدراهم الخ ) أي أن كل عشرة من دراهم هذا الألف وزن خمسة مثاقيل لا وزن سبعة منها
قوله ( متصلا ) أي قال ذلك متصلا
قوله ( وإن فصل بلا ضرورة لا يصدق )
قال الزيلعي ولو كان الانقطاع بسبب انقطاع النفس أو بسبب دفع السعال فعن أبي يوسف أنه يصح إذا وصله به وعليه الفتوى لأن الإنسان يحتاج إلى أن يتكلم بجميع ذلك بكلام كثير ويذكر الاستثناء في آخره ولا يمكنه أن يتكلم بجميع ذلك بنفس واحد فلو لم يجعل عذرا يكون عليهم حرج وعليه الفتوى
ا هـ
قوله ( لا الوصف كالزيافة ) فلذا لم يصح له علي ألف من ثمن متاع إلا أنها زيوف فهو كما لو قال وهي زيوف
وحاصل الفرق بين هذا وبين ما إذا قال هي زيوف حيث لا يصدق هناك لأن الزيافة وصف فلا يصح استثناؤها وهذا قدر
قوله ( ضمن المقر ) ما أقر بأخذه له لأنه أقر بسبب الضمان وهو الأخذ ثم إنه ادعى ما يوجب البراءة وهو الإذن بالأخذ والآخر ينكر فالقول قوله مع يمينه بخلاف ما إذا قال له المقر له بل أخذتها قرضا حيث يكون القول للمقر كما سيأتي وكذا لو قال أخذته عارية فقال بل بيعا فالقول للآخذ لإنكاره البيع وهذا إذا لم يلبسه بزازية والعلة في عدم الضمان هو اتفاقهما أن الأخذ كما بالإذن سائحاني
ولعل العارية محرفة عن الوديعة لأن اللبس في العارية مباح دون الوديعة ومعلوم أن العارية تبيح التصرف كالبيع فلا يصلح اللبس هنا فارقا لكن في البدائع قال أعرتني ثوبك فهلك وقال المقر له لا بل غصبته فإن الهلاك بعد اللبس يضمن لأن لبس ثوب الغير سبب لوجوب الضمان في الأصل فدعوى الإذن فدعوى براءة عن الضمان فلا يثبت إلا بحجة ا هـ
قوله ( وهو سبب الضمان ) قال صلى الله تعالى عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى ترده أي ثم بعد إقراره بالأخذ ادعى ما يوجب براءته وهو الإذن بالأخذ والآخر ينكر فكان القول له بيمينه فإن نكل عنه لا يلزم أما لو قال له بعد قوله أخذتها وديعة بل أخذتها قرضا يكون القول للمقر لأنهما تصادقا على أن الأخذ حصل بالإذن وهو لا يوجب الضمان ثم إن المالك يدعي عقد القرض
____________________
(8/155)
والمقر ينكره فالقول له ومثله لو قال أخذتها بيعا بعد قوله ما تقدم
أفاده المصنف ومثله في العيني
قوله ( أعطيتنيه ) قال الخير الرملي ومثله دفعتها لي وديعة ونحوه مما يكون من فعل المقر له
تأمل
قوله ( لإنكاره الضمان ) قال المصنف لأنه لم يقر بسبب الضمان بل أقر بالإعطاء وهو فعل المقر له فلا يكون مقرا على نفسه بسبب الضمان والمقر له يدعي عليه سبب الضمان وهو ينكر والقول قول المنكر
قال في الهداية والفرق أن في الفصل الأول أقر بسبب الضمان وهو الأخذ ثم ادعى ما يبرئه وهو الإذن والآخر ينكره فيكون القول له مع اليمين وفي الثاني أضاف الفعل إلى غيره وذلك يدعي بسبب الضمان وهو الغصب وهو ينكر فيكون القول للمنكر مع اليمين
ومما يكثر وقوعه ما في التاترخانية أعرتني هذه الدابة فقال لا ولكنك غصبتها فإن لم يكن المستعير ركبها فلا ضمان وإلا ضمن وكذا دفعتها لي عارية أو أعطيتنيها عارية
وقال أبو حنيفة إن قال أخذتها منك عارية وجحد الآخر ضمن وإذا قال أخذت هذا الثوب منك عارية فقال أخذته مني بيعا فالقول للمقر ما لم يلبسه لأنه منكر الثمن فإن لبس ضمن أعرتني هذا فقال لا بل أجرتك لم يضمن إن هلك بخلاف قوله غصبته حيث يضمن إن كان استعمله ا هـ
قوله ( وإلا فقيمته ) فيه أن فرض المسألة في المشار إليه إلا أن يقال كان موجودا حين الإشارة ثم استهلكه المقر
تأمل
قوله ( لإقراره باليد ثم بالأخذ منه ) أي ثم ادعى الاستحقاق بعد فلا يصدق بلا برهان
قوله ( وصدق من قال آجرت فلانا فرسي هذه الخ ) أقول صورة المسألة في يد إنسان فرس أو ثوب فقال مخاطبا لزيد إنك كنت أجرت أو أعرت فرسي هذه أو ثوبي هذا لعمرو فرده عمرو علي وكذبه عمرو أي قال لم أستأجره ولم أستعره فالقول للمقر الذي هو ذو اليد ولا يكون قوله لزيد أجرته أو أعرته إقرارا لزيد بالملك لقوله فرسي أو ثوبي
تأمل
ذكره في الحواشي الخيرية
قوله ( فالقول للمقر استحسانا ) وهو قول الإمام وقالا القول قول المأخوذ منه وكذا الإعارة والإسكان لأنه أقر له باليد ثم ادعى الاستحقاق وله أن اليد فيما ذكر لضرورة استيفاء المعقود عليه فلا يكون إقرارا باليد قصدا فبقيت فيما وراء الضرورة في حكم يد المالك بخلاف الوديعة والقرض ونحوهما ولأن في الإجارة ونحوها أقر بيد من جهته فالقول له في كيفيتها ولم يقر بذا في الوديعة فيحتمل أنها وديعة بإلقاء الريح في بيته حتى لو قال أودعتها فهو على الخلاف وليس مدار الفرق على ذكر الأخذ ونحوها كما توهمه الزيلعي لأنه ذكر الأخذ في الطرف الآخر في إقرار
كذا في التبيين
وأنت خبير بأنه لم يذكر في القرض ما ذكر في الوديعة فكان قاصرا وما ذكره فيها نادر لا يبتنى عليه حكم إلا أن يقال اكتفي بما سيذكره بعد في توجيه حكم قوله قبضت منه ألفا كانت لي عليه فإنه يشمل القرض كما لا يخفى
ونقل الزيلعي عن النهاية أن الخلاف إذا لم يكن المقر به معروفا للمقر وإلا فالقول له إجماعا وعزاه إلى الأسرار وفيه بأنه إذا كان معروفا به فالقاضي لا يعرف ذلك إلا بشهادة العارفين عنده لا بمجرد قوله
____________________
(8/156)
فليتأمل
وإن قلتم القاضي يعلم ذلك
قلنا لا يقضي بعلمه الآن
ولو قال قبضت منه ألفا كانت لي عليه وأنكر عليه أخذها لأنه أقر له بالملك وأنه أخذ بحقه وهو مضمون عليه إذ الدين يقضي بمثله وادعى ما يبرئه والآخر ينكر بخلاف الإجارة ونحوهما لما بينا ولأنا لو آخذنا الناس بإقرارهم فيها لامتنعوا عنها والحاجة ماسة إليها فلا يؤاخذ به استحسانا دفعا للحرج
وفي الولوالجية وعلى هذا الخلاف لو قال أودعت فلانا هذه الألف ثم أخذتها منه هما يقولان أقر بسبب يوجب ضمان الرد وادعى ما يبرئه فلا يصدق إلا ببينة كما لو قال أخذت منك ألفا كانت وديعة لي عندك وقال المأخوذ منه بل ملكي وأبو حنيفة يقول الإقرار بالإجارة والإعارة والإيداع أولا صح لأنه أقر بما في يده وليس بحقه دعوى البراءة عن الضمان فصار الثابت بالإقرار كثابت عيانا ولو عاينا أنه أعار أو آجر أو أودع ثم أخذ لا يلزمه الرد كذا هاهنا فأما إذا قال أخذت منه وهو كان عنده عارية أو إجارة أو وديعة فالإقرار بهذه الأشياء لا يصح فصار كما لو سكت عن دعوى الثلاثة ولو قال فلان ساكن في هذه الدار فالقول للساكن أنها له ولو قال زرع هذه الأرض أو بنى هذه الدار أو غرس الكرم وهو بيد المقر أو خاط القميص ولم يقل قبضته منه فقال بل ملكي فالقول للمقر والإقرار بالسكنى إقرار باليد ولو قال ذا اللبن أو الجبن من بقرته أو الصوف من غنمه أو التمر من نخله أو العسل من نحله وطلبه أمر بالدفع إليه
وفي الخانية ولدت أمة في يده وقال الأمة لفلان والولد لي فكما قال لأن الإقرار بالجارية لا يكون إقرار بالولد بخلاف البناء ونحوه وكذا سائر الحيوان والثمار المحرزة في الأشجار بمنزلة ولد الجارية ولو قال لصندوق فيه متاع في يده الصندوق لفلان والمتاع لي أو هذه الدار لفلان وما فيها من المتاع لي فالقول له
مقدسي
قوله ( بخلاف الوديعة ) ومثلها القرض لأن اليد فيهما مقصورة فيكون الإقرار بهما إقرارا باليد كما في المنح
قوله ( وعلى المقر ألف مثله للثاني ) لأن الإقرار صح للأول قوله لا بل وديعة فلان إضراب عنه ورجوع فلا يقبل قوله في حق الأول ويجب عليه ضمان مثلها للثاني لأنه أقر له بها وقد أتلفها عليه بإقراره بها للأول فيضمن له
منح
وسيأتي قبيل الصلح ما لو قال أوصى أبي بثلث ماله لفلان بل لفلان
قوله ( بخلاف هي لفلان الخ ) فلم يكن مقرا بسبب الضمان بخلاف الأولى فإنه حيث أقر بأنه وديعة لفلان الآخر يكون ضامنا حيث أقر بها للأول لصحة إقراره بها للأول فكانت ملك الأول ولا يمكن تسليمها للثاني بخلاف ما إذا باع الوديعة ولم يسلمها للمشتري لا يكون ضامنا بمجرد البيع حيث يمكنه دفعها له بها هذا ما ظهر
فتأمل
وأيضا لأنه أقر بها للأول ثم رجع وشهد بها للثاني فرجوعه لا يصح وشهادته لا تقبل
منح
فرع أقر بمالين واستثنى كله على ألف درهم ومائة دينار إلا درهما فإن كان المقر له في المالين واحدا يصرف إلى المال الثاني وإن لم يكن من جنسه قياسا وإلى الأول استحسانا لو من جنسه وإن كان المقر له رجلين يصرف إلى الثاني مطلقا مثل لفلان علي ألف درهم ولفلان آخر علي مائة دينار إلا درهما هذا كله قولهما وعلى قول محمد إن كانا لرجل يصرف إلى جنسه وإن لرجلين لا يصح الاستثناء أصلا
تاترخانية عن المحيط
قوله ( لزمه أيضا ) الثاني ألف لأنه أقر له بشيء تقبله الذمة بأن كان دينا أو قرضا وهي تقبل حقوقا شتى كالدين والقرض
____________________
(8/157)
ونحوهما قوله ( وعليه للثاني مثلها ) لما تقدم في الوديعة
قوله ( ولو كان المقر له واحدا ) وقد زاد في أحد الإقرارين قدرا أو وصفا
قوله ( يلزمه أكثرهما قدرا وأفضلهما وصفا ) أي سواء كان ما بعد بل هو الأفضل أو ما قبلها وسواء كان الفضل في الذات أو في الصفة لأنه حيث أقر بالقدر الزائد أو الوصف الفاضل لا يصح الرجوع عنه أو أخذه لأنه إن لم يقر به أولا فقد أقر به ثانيا وهذا إذا كان جنسا واحدا فلو كان جنسين كألف درهم لا بل دينار لزمه الألفان
قوله ( أو عكسه ) راجع إلى المسألتين والقياس أن يلزمه المالان وبه قال زفر كما إذا اختلف جنس المالين بأن قال لفلان ألف درهم بل ألف دينار فإنه يلزمه المالان بالإجماع كما قدمنا
والحاصل أن هذه المسألة على وجهين أحدهما أن يكون المال متحدا
والثاني أن يكون مختلفا
فإن كان متحدا فإنه يلزمه أفضل المالين سواء كان ما بعد بل هو الأفضل أو ما قبلها وسواء كان الفضل في الذات أو في الصفة كما قدمنا فلذا قال في المبسوط إذا أقر لفلان بألف درهم ثم قال بل بخمسمائة فعليه ألف وكذا لو قال خمسمائة بل ألف ولو قال عشرة دراهم بيض لا بل سود أو قال سود لا بل بيض أو قال جيد لا بل رديء أو رديء بل جيد فعليه أفضلهما وإن كان مختلفا فعليه المالان لأن الغلط لا يقع في الجنس المختلف عادة فرجوعه عن الأول باطل والتزامه الثاني صحيح فلو قال له علي درهم بل دينار لزمه ودينار ولو قال له علي كر حنطة لا بل كر شعير لزمه الكران
ا هـ
كما في شرح المنار لابن نجيم
قوله ( فهو إقرار له ) أي للمقر له قال في شرح الملتقي وإن تعددت الديون والودائع ولا يصدق المقر له قال عنيت بعضها ا هـ
قوله ( وحق القبض للمقر ) فيأخذ ما ذكر ويدفعه للمقر له
قال في شرح الملتقى ولو جحد المودع ضمن للمقر له إذا تلف
قوله ( بريء ) أي إذا أقر المقر أنه أذن له
كذا في شرح الملتقى
قوله ( لكنه مخالف الخ ) هذا الاستدارك وجيه ومؤيد لا يقبل التغيير وربما كلمة لي في الخلاصة من زيادة الناسخ ولذا لم توجد في الوديعة بعده لكن كلام الحاوي يؤيد الزيادة وزيادة الحاوي وجيهة على ما ظهر لي حيث إن العبرة لآخر الكلام
قوله ( لما مر الخ ) أي أوائل كتاب الإقرار عند قول المصنف جميع مالي أو ما أملكه هبة لا إقرار وقدمنا الجواب عن ذلك والتوفيق بما يشفي الغليل فراجعه إن شئت
قوله ( إن أضاف إلى نفسه كان هبة ) أي فيراعي شروطها ولا يكون إقرارا لأنه إخبار وقضية الإضافة إلى نفسه منافية له فيكون هبة
قوله ( فيلزم التسليم ) لأن هبة الدين لا تصح من غير من عليه الدين إلا إذا سلط على قبضه
قوله ( ولذا قال في الحاوي القدسي ) عبارته كما في المنح قال الدين الذي لي على زيد فهو لعمرو ولم يسلطه على القبض لكن قال واسمي في كتاب الدين عارية صح ولو لم يقل هذا لم يصح ا هـ
فهو من غير ذكر لفظ لو واستفيد من هذا أنه لو سلطه على قبضه أو قال هذه الجملة صح على أنه إقرار وإلا يصح إقرارا بل هبة
قوله ( قال المصنف وهو ) أي قوله وإن لم يقله لم يصح هو المذكور في عامة المعتبرات خلافا للخلاصة
____________________
(8/158)
حاصله أنه إن سلطه على قبضه أو لم يسلطه ولكن قال اسمي فيه عارية يصح كما في فتاوي المصنف وعلى الأول يكون هبة وعلى الثاني إقرارا وتكون إضافته إلى نفسه إضافة نسبة لا ملك كما ذكره الشارح فيما مر وإنما اشترط
قوله واسمي عارية ليكون قرينة على إرادة إضافة النسبة وعليه يحمل كلام المتن ويكون إطلاقا في محل التقييد فلا إشكال حينئذ في جعله إقرارا ولا يخالف الأصل المار للقرينة الظاهرة
وفي شرح الوهبانية امرأة قالت الصداق الذي لي على زوجي ملك فلان بن فلان لا حق لي فيه وصدقها المقر له ثم أبرأت زوجها قيل يبرأ وقيل لا
والبراءة أظهر لما أشار إليه المرغيناني من عدم صحة الإقرار فيكون الإبراء ملاقيا لمحله ا هـ
أي فإن هنا الإضافة للملك ظاهرة لأن صداقها لا يكون لغيرها فكان إقرارها له هبة بلا تسليط على القبض
وأعاد الشارح المسألة في متفرقات الهبة واستشكلها وقد علمت زوال الإشكال بعون الملك المتعال فاغتنمه
قوله ( فتأمل عند الفتوى ) العبرة لما في عامة كتب المذهب وفي شرح العلامة عبد البر وقالوا إذا أضاف المال إلى نفسه بأن قال عبدي هذا لفلان يكون هبة على كل حال وإن لم يضف إلى نفسه بأن قال هذا المال لفلان يكون إقرارا ا هـ
وهذه المسألة ذكرها ابن وهبان حيث قال ومن قال ديني ذا لذا صح دفعه إلى ذا وذا حيث التصادق يذكر قال شارحها عبد البر مسألة البيت من التتمة وغيرها قال المقر له بالدين إذا أقر أن الدين لفلان وصدقه فلان صح وحق القبض للأول دون الثاني لكن مع هذا لو أدى إلى الثاني برىء وجعل الأول كوكيل والثاني كموكل
ا هـ
وظاهره أنه يكون لفلان بمجرد التصادق وإن لم يقل اسمي عارية ولم يسلط المقر له على قبضه فكان هذا التصادق مفيدا لملك المقر له وكان المقر كالوكيل عن المقر له وإن حمل ما في الحاوي على أن المقر له كان ساكتا ومسألة البيت فيما إذا وجد منه تصديق حصل التوافق وزال التنافي والاضطراب والله تعالى أعلم بالصواب وأستغفر الله العظيم
باب إقرار المريض وجه تأخيره ظاهر لأنه عارض وإفراده في باب على حدة لاختصاصه بأحكام على حدة ولأن في بعضها اختلافا
قال في نور العين ومن الأمور المعترضة على الأهلية المرض وهو لا ينافي أهلية وجوب الحكم حتما لله تعالى أو للعبد ولا لأهلية العبارة حتى صح نكاح المريض وطلاقه وسائر ما يتعلق بالعبارة ولكن المرض لما كان سبب الموت والموت عجز خالص كان المرض من أسباب العجز فشرعت العبادات على المريض بقدر القدرة ولما كان الموت علة خلافة الوارث والغرماء في المال كان المرض من أسباب تعلق حق الوارث والغريم بماله فيكون المرض من أسباب الحجر على المريض بقدر ما يتعلق به صيانة للحقين إذا اتصل المرض بالموت مستندا إلى أول المرض حتى لا يورث المرض فيما لا يتعلق به حق غريم ووارث كنكاح بمهر المثل حيث يصح منه لأنه من الحوائج الأصلية وحقهم يتعلق فيما فضل عنها فيصح في الحال كل تصرف يحتمل الفسخ كهبة وبيع بمحاباة ثم ينتقض إن احتيج إليه وما لا يحتمل النقض جعل كمعلق بالموت كإعتاق إذا وقع على حق
____________________
(8/159)
غريم أو ورث بخلاف إعتاق الراهن حيث ينفذ لأن حق المرتهن في ملك اليد دون الرقبة ا هـ
قوله ( يعني مرض الموت ) أشار به إلى أن أل للعهد ولما كانت أل تحتمل الاستغراق وغيره فسرها بيعني وكان المقام أي
قوله ( مر في طلاق المريض ) وهو قوله من غالب حاله الهلاك بمرض أو غيره بأن أضناه مرض عجز به عن إقامة مصالحه خارج البيت أو بارز رجلا أو قدم ليقتل من قصاص أو رجم أو بقي على لوح من السفينة أو افترسه سبع وبقي في فيه ولا يصح تبرعه إلا من الثلث ا هـ
ومنه لو قدمه ظالم ليقتله ومنه لو تلاطمت الأمواج وخيف الغرق فهو كالمريض أي ومات من ذلك كله كما قيده ثمة وأوضحه سيدي الوالد رحمه الله تعالى فراجعه
قوله ( وسيجيء في الوصايا ) حيث قال المؤلف هناك قيل مرض الموت أن لا يخرج لحوائج نفسه وعليه اعتمد في التجريد
بزازية
والمختار أنه ما كان الغالب منه الموت وإن لم يكن صاحب فراش
قهستاني عن هبة الذخيرة
ا هـ
واختاره صاحب الهداية في التجنيس
لكن في المعراج وسئل صاحب المنظومة عن حد مرض الموت فقال كثرت فيه أقوال المشايخ واعتمادنا في ذلك على قول الفضلي وهو أن لا يقدر أن يذهب في حوائج نفسه خارج الدار والمرأة لحاجتها داخل الدار لصعود السطح ونحوه ا هـ
وهذا الذي جرى عليه في باب طلاق المريض وصححه الزيلعي
أقول والظاهر أنه مقيد بغير الأمراض المزمنة التي طالت ولم يخف منها الموت كالفالج ونحوه وإن صيرته ذا فراش ومنعته عن الذهاب في حوائجه فلا يخالف ما جرى عليه أصحاب المتون والشروح هنا تأمل
قال في الإسماعيلية من به بعض مرض يشتكي منه وفي كثير من الأوقات يخرج إلى السوق ويقضي مصالحه لا يكون به مريضا مرض الموت وتعتبر تبرعاته من كل ماله وإذا باع لوارثه أو وهبه لا يتوقف على إجازة باقي الورثة ا هـ
وتمام الكلام على ذلك مفصلا في المحلين المذكورين
قوله ( إقراره بدين لأجنبي ) المراد بالأجنبي من لم يكن وارثا وإن كان ابن ابنه
قوله ( نافذ من كل ماله ) لكن يحلف الغريم كما مر قبيل باب التحكيم ومثله في قضاء الأشباه
قوله ( بأثر عمر ) رضي الله تعالى عنه وهو ما روي عنه أنه قال إذا أقر المريض بدين جاز ذلك عليه في جميع تركته والأثر في مثله كالخبر لأنه من المقدرات فلا يترك بالقياس فيحمل على أنه سمعه من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولأن قضاء الدين من الحوائج الأصلية لأن فيه تفريغ ذمته ورفع الحائل بينه وبين الجنة فيقدم على حق الغرماء كسائر حوائجه لأن شرط تعليق حقهم الفراغ من حقه ولهذا يقدم كفنه عليهم والقياس أن لا ينفذ إلا من الثلث لأن الشرع قصر تصرفه على الثلث وعلق حق الورثة بالثلثين فكذا إقراره
كذا في الزيلعي
وفيه ولأنه لو لم يقبل إقراره لامتنع الناس عن معاملته حذرا من إتواء مالهم فينسد عليهم طريق التجارة أو المداينة ا هـ
وفي بعض النسخ بأثر ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وهي الموافقة لما في الإتقاني عن المبسوط
أقول وفي البخاري في كتاب الوصايا ما نصه ويذكر أن شريحا وعمر بن عبد العزيز وطاوسا وعطاء وابن أذينة أجازوا إقرار المريض بدين ا هـ
فلعل مراد الشارح بأثر عمر هو عمر بن عبد العزيز قوله ( ولو بعين فكذلك ) قال العلامة الرملي في حاشيته على المنح قوله إقراره بدين ليس احترازا عن العين لأن إقراره له بها صحيح
____________________
(8/160)
قال في مجمع الفتاوي إذا أقر المريض لأجنبي بجميع ماله صح ولو أقر لغير الوارث بالدين يصح ولو أحاط بجميع ماله وبه نأخذ
وفيها المريض الذي ليس عليه دين إذا أقر بجميع ماله صح إقراره ولا يتوقف على إجازة الورثة ولو كان تمليكا لا ينفذ إلا بقدر الثلث عند عدم الإجازة وقد ذكر الزيلعي لو كان عليه دين لا يصح إقراره بدين ولا بعين في يده لآخر في حق غرماء الصحة والمرض بأسباب معلومة ا هـ
قوله ( إلا إذا علم تملكه ) أي بقاء ملكه لها في زمن مرضه
قوله ( فيتقيد بالثلث ) أي فيكون إقراره له تمليكا له والتمليك في المرض وصية وهو معنى ما أفاده الحموي أن إقراره بالعين للأجنبي صحيح إن كان إقراره حكاية وإن كان بطريق الابتداء يصح من الثلث كما في فصول العمادي
وقد سئل العلامة المقدسي عن المراد بالحكاية والابتداء
فأجاب بأن المراد بالابتداء ما يكون صورته صورة إقرار وهو في الحقيقة ابتداء تمليك بأن يعلم بوجه من الوجوه أن ذلك الذي أقر به ملك له وإنما قصد إخراجه في صورة الإقرار حتى لا يكون في ذلك منع ظاهر على المقر كما يقع أن الإنسان يريد أن يتصدق على فقير ولكنه يعرض عنه بين الناس وإذا خلا به تصدق عليه كي لا يحسد على ذلك من الورثة فيحصل منهم إيذاء في الجملة بوجه ما وأما الحكاية فهي على حقيقة الإقرار
ا هـ
وقول المقدسي بأن يعلم الخ يفيد إطلاقه أن التقييد من المؤلف
قوله في مرضه اتفاقي ط
قال إذا أقر الرجل في مرضه بدين لغير وارث فإنه يجوز وإن أحاط ذلك بماله وإن أقر لوارث فهو باطل إلا أن يصدقه الورثة ا هـ
وهكذا في عامة المعتمدة المعتبرة من مختصرات الجامع الكبير وغيرها لكن في الفصول العمادية إن إقرار المريض للوارث لا يجوز حكاية ولا ابتداء وإقراره للأجنبي يجوز حكاية من جميع المال وابتداء من ثلث المال
ا هـ
قلت وهو مخالف لما أطلقه المشايخ فيحتاج إلى التوفيق وينبغي أن يوفق بينهما بأن يقال المراد بالابتداء ما يكون صورته صورة إقرار وهو في الحقيقة ابتداء تمليك بأن يعلم بوجه من الوجوه أن ذلك الذي أقر به ملك له وإنما قصد إخراجه في صورة الإقرار حتى لا يكون في ذلك إظهار على المقر له وكما يقع لبعض أن يتصدق على فقير الخ
وأما الحكاية فهو على حقيقة الإقرار وبهذا الفرق أجاب العلامة المقدسي ونقله عن السيد الحموي كما نقله الرملي في حاشية جامع الفصولين
أقول ومما يشهد لصحة ما ذكرنا من الفرق ما صرح به صاحب القنية
أقر الصحيح بعبد في يد أبيه لفلان ثم مات الأب والابن مريض فإنه يعتبر خروج العبد من ثلث المال لأن إقراره متردد بين أن يموت الابن أولا فيبطل أو الأب أولا فيصح فصار كالإقرار المبتدأ في المرض
قال أستاذنا فهذا كالتنصيص أن المريض إذا أقر بعين في يده للأجنبي فإنما يصح إقراره من جميع المال إذا لم يكن تمليكه إياه في حال مرضه معلوما حتى أمكن جعل إقراره إظهارا أي لحق المقر له لا تمليكا فأما إذا علم تملكه في حال مرضه فإقراره به لا يصح إلا من ثلث المال
قال رحمه الله تعالى وأنه حسن من حيث المعنى ا هـ
قلت وإنما قيد حسنه بكونه من حيث المعنى لأنه من حيث الرواية مخالف لما أطلقوه في مختصرات الجامع الكبير فكان إقرار المريض لغير وارثه صحيحا مطلقا وإن أحاط بماله والله سبحانه أعلم
معين المفتي
ونقله
____________________
(8/161)
شيخ مشايخنا منلا علي ثم قال بعد كلام طويل فالذي تحرر من المتون والشروح أن إقرار المريض لأجنبي صحيح وإن أحاط بجميع ماله وشمل الدين والعين والمتون لا تمشي غالبا إلا على ظاهر الرواية
وفي البحر من باب قضاء الفوائت متى اختلف الترجيح رجح إطلاق ما في المتون ا هـ
وقد علمت أن التفصيل مخالف لما أطلقوا وإن حسنه من حيث المعنى لا الرواية ا هـ
فقد علمت أن ما نقله الشارح عن المصنف لم يرتضه المصنف
أقول حاصل هذا الكلام أن إقرار المريض لأجنبي صحيح وإن أحاط بكل ماله لكنه مشروط بما إذا لم يعلم أنه ابتداء تمليك في المرض كما إذا علم أن ما أقر به إنما دخل في ملكه في مرضه كما إذا أقر في مرض موته بشيء لأجنبي لم يعلم تملكه له في مرضه ولم يكن عليه دين الصحة فإن إقراره بأنه ملك فلان الأجنبي دليل على أنه ابتداء تمليك كما يقع كثيرا في زماننا من أن المريض يقر بالشيء لغيره إضرارا لوارثه فإذا علم ذلك تقيد بثلث ماله وهو معنى قول الفصول العمادية وابتداء من ثلث ماله لكن أنت خبير بأن المعتمد أن الإقرار إخبار لا تمليك وأن المقر له بشيء إذا لم يدفعه له المقر برضاه لا يحل له أخذه ديانة إلا إذا كان قد ملك ذلك بنحو بيع أو هبة وإن كان يحكم له بأنه ملكه بناء على ظاهر الأمر وإن المقر صادق في إقراره فعلى هذا إذا علمنا أن هذا المقر كاذب في إقراره وأنه قصد به ابتداء تمليك فبالنظر إلى الديانة لا يملك المقر له شيئا منه وبالنظر إلى القضاء في ظاهر الشرع يحكم له بالكل فلا وجه لتخصيص نفاذه من الثلث لأنا حيث صدقناه في إقراره في ظاهر الشرع لزم نفاذه من كل ماله وإن أحاط به فلذا أطلق أصحاب المتون والشروح نفاذ الإقرار للأجنبي من كل المال فليس فيما ذكره في القنية شيء من الحسن لا من حيث المعنى ولا من حيث الرواية ولا يكون فيه تأييد لما ذكره من الفرق إلا أن يحمل الإقرار المزبور على الهبة وهي في المرض وصية لكنه يشترط فيها التسليم والأصل أنه متى أضاف المقر به إلى ملكه كان هبة فعلى هذا فيمكن حمل ما ذكر على الوصية حيث كان المقر في ذكر الوصية فلا يشترط التسليم وإلا حمل على الهبة واشترط التسليم كما علمت وهذا كله أيضا حيث أضاف ما أقر به إلى نفسه كقوله داري أو عبدي لفلان بخلاف قوله هذه الدار أو العبد لفلان ولم يكن معلوما للناس بأنه ملك المقر فإنه حينئذ لا يمكن حمله على التمليك بطريق الهبة أو الوصية لأنه يكون مجرد إقرار وهو إخبار لا تمليك كما في المتون والشروح
وما نقل عن القنية محمول على إنه إنشاء تمليك ابتداء ولذا قيد نفاذه بكونه من الثلث إلا أن يقال إن إقرار هذا الابن كان إخبارا في حال صحته لكنه لما دخل العبد في ملكه وهو مريض ولزمه تسليمه إلى المقر له في تلك الحالة اعتبر تبرعا في المرض فتقيد بالثلث
وما نقل عن العمادية فالمراد به الإقرار بالإبراء عن العين يعني أنه إذا أقر المريض أنه أبرأ وارثه عن دين له عليه لا يصح حكاية بأن يسند الإبراء إلى حال الصحة ولا ابتداء بأن يقصد إبراءه الآن
وأما الأجنبي إذا حكى أنه أبرأه في الصحة يجوز من كل المال وإذا ابتدأ إبراءه الآن لا على سبيل الحكاية فمن الثلث لأنه تبرع
وما نقل عن جامع الفصولين من أنه لم يجز فصرح في الجوهرة بأنه أي من كل المال وإنما يجوز من الثلث وعليه فلا فرق في إقراره بإبراء الأجنبي بين كونه حكاية أو ابتداء حيث ينفذ من الثلث بخلاف الإقرار بقبض الدين منه فإنه من الكل كما مر ا هـ
ملخصا من التنقيح لسيدي الوالد رحمه الله تعالى
أقول لكن في قوله في صدر العبارة وإن أقر لوارث فهو باطل فيه نظر لأن الباطل لا تلحقه الإجارة فيتعين أن يقال إنه موقوف لا باطل
تأمل
____________________
(8/162)
وفي المجلة من المادة 1601 الإقرار لأجنبي صحيح من جميع المال في مرض الموت إذا لم يكن عليه دين الصحة ولم يعلم أن المقر ملكه بسبب هبة أو إرث أو شراء من مدة قريبة وأما إذا علم أن المريض كان ملكه بسبب مما ذكر وكان قريب عهد في تملكه فيكون من الثلث سواء حمل على الوصية إن كان في مذاكرة الوصية وإلا فعلى الهبة إذا كان معلوما ذلك عند كثير من الناس
قوله ( في معينه ) وهو معين المفتي للمصنف
قوله ( وأخر الإرث عنه ) لأن قضاء الدين من الحوائج الأصلية لأن فيه تفريغ ذمته ورفع الحائل بينه وبين الجنة كما قدمنا فيقدم على حق الورثة
قوله ( ودين الصحة مطلقا ) سواء علم بسبب معروف أو بإقراره سواء كان لوارث أم لا بعين أو بدين ط
قوله ( ودين ) مبتدأ خبره جملة قدم ويصح جره والأول قول الشارح في الفرائض ويقدم دين الصحة على دين المرض إن جهل سببه وإلا فسيان
قوله ( وما لزمه في مرضه بسبب معروف ) وإنما ساوى ما قبله لأنه لماعلم سببه انتفت التهمة عن الإقرار
منح
قال في المبسوط إذا استقرض مالا في مرضه وعاين الشهود دفع المقرض المال إلى المستقرض أو اشترى شيئا بألف درهم وعاين الشهود قبض المبيع أو تزوج امرأة بمهر مثلها أو استأجر شيئا بمعاينة الشهود فإن هذه الديون تكون مساوية لديون الصحة وذلك لأنها وجبت بأسباب معلومة لا مرد لها ولأنه بالقرض والشراء لم يفوت على غرماء الصحة شيئا لأنه يزيد في التركة مقدار الدين الذي تعلق بها ومتى لم يتعرض لحقوقهم بالإبطال نفذ مطلقا ا هـ
جلبي وفي التعليل الثاني نظر لاحتمال استهلاك ما اقترضه أو ما اشتراه ط قوله ( أو بمعاينة قاض ) هذا بناء على أن القاضي يقضي بعلمه وهو مرجوح كما مر مرارا
قوله ( قدم على ما أقر به في مرض موته ) حتى لو أقر من عليه دين في صحته في مرضه لأجنبي بدين أو عين مضمونة أو أمانة بأن قال مضاربة أو وديعة أو غصب يقدم دين الصحة ولا يصح إقراره في حق غرماء الصحة فإن فضل شيء من التركة يصرف إلى غرماء المرض
إتقاني
وإنما قدم عليه لأن المريض محجور عن الإقرار بالدين ما لم يفرغ عن دين الصحة فالدين الثابت بإقرار المحجور لا يزاحم الدين الثابت بلا حجر كعبد مأذون أقر بدين بعد حجره فالثاني لا يزاحم الأول
حموي
وفيه ولنا أن حق غرماء الصحة تعلق بمال المريض مرض الموت في أول مرضه لأنه عجز عن قضائه من مال آخر فالإقرار فيه صادف حق غرماء الصحة فكان محجورا عليه ومدفوعا به
قوله ( ولو المقر به وديعة ) أي لم يتحقق ملكه لها في مرضه وإلا كانت وصية
قوله ( وعند الشافعي الكل سواء ) لأنه إقرار لا تهمة فيه لأنه صادر عن عقد والذمة قابلة للحقوق في الحالين ولنا أن المريض محجور عن الإقرار بالدين ما لم يفرغ عن دين الصحة فالدين الثابت بإقرار المحجور لا يزاحم الدين الثابت بلا حجر كعبد مأذون أقر بالدين بعد الحجر فالثاني لا يزاحم الأول
درر
والحاصل أن الدين الثابت قبل الحجر لا يزاحمه الثابت بعده ولكن ما لو علم منه سبب بلا إقرار يلحق بالثابت قبل الحجر فيؤخر عنهما الثابت بمجرد الإقرار ثم الدين الثابت بالسبب نوعان نوع لو قبض صاحبه من المريض ذلك لا يشاركه فيه صاحب دين الصحة كالمقرض والمبيع فيه
ونوع يشارك فيه معه كمهر قبضته المرأة وأجرة قبضها الآجر كما في غاية البيان وأجرة مسكنه ومأكله وملبسه ومنه أدويته وأجرة طبيبه من النوع الأول لو قبضت لا يشاركها الغرماء والمهر من النوع الثاني ولم يعد من التبرعات لأن النكاح
____________________
(8/163)
من الحوائج الأصلية كما مر ويأتي
قوله ( كنكاح مشاهد ) أي للشهود وإنما جعل النكاح من جملة ما يجب تقديمه لأنه من الحوائج الأصلية كما مر وإن كانت رابعة لشيخ فان لأن النكاح في أصل الوضع من مصالح المعيشة والأصل الوضع لا الحال لأن الحال مما لا يتوقف عليها كما في المنح
قوله ( أما الزيادة فباطلة ) أي ما لم تجزها الورثة لأنها وصية لزوجته الوارثة فافهم
قوله ( وبيع مشاهد ) إنما يكون مشاهدا بالبينة على ما تقدم
قوله ( والمريض ) بخلاف الصحيح كما في حبس العناية
قوله ( ليس له ) أي للمريض ومفاده أن تخصيص الصحيح صحيح كما في حجر النهاية شرح الملتقى
قوله ( دين بعض الغرماء ) ولو غرماء لتعلق حق كل الغرماء بما في يده والتقييد بالمريض يفيد أن الحر غير المحجور لا يمنع من ذلك
قال في الدرر ولم يجز تخصيص غريم بقضاء دينه وهذا ظاهر في أنه لو أداه شاركه الغرماء الآخر بخلاف قوله وليس له الخ فإنه يحتمل ويدل على ذلك قول الشارح فلا يسلم لهما
قوله ( فلا يسلم ) بفتح اللام المخففة من السلامة
قوله ( لهما ) بل يشاركهما غرماء الصحة لأن ما حصل له من النكاح وسكنى الدار لا يصلح لتعلق حقهم بعين التركة فكان تخصيصهما إبطالا لحق الغرماء بخلاف ما بعده من المسألتين لأنه حصل في يده مثل ما نقد وحق الغرماء تعلق بمعنى التركة لا بالصورة فإذا حصل له مثله لا يعد تفويتا كما في الكفاية وهذا في الأجرة المستوفية المنفعة
أما إذا كانت الأجرة مشروطة التعجيل وامتنع من تسليم العين المؤجرة حتى يقبض الأجرة فهي كمسألة ثمن المبيع الآتية الذي امتنع من تسليمه حتى يقبض ثمنه
قوله ( إلا في مسألتين الخ ) وذلك لأن المريض إنما منع من قضاء دين بعض الغرماء لما فيه من إسقاط حق الباقين فإذا حصل للغرماء مثل ما قضى ولم يسقط من حقهم شيء جاز القضاء ولأن حق الغرماء في معنى التركة لا في عينها كما مر
فإذا اشترى عبدا وأوفى ثمنه من التركة فمعنى التركة حاصل لهم لم يسقط منه شيء فجاز ما فعله ط
قوله ( لو بمثل القيمة ) والزيادة تبرع فهي وصية
قوله ( أي ثبت كل منهما ) أي من القرض والشراء
قوله ( بخلاف اعطاء المهر ونحوه ) أي كإيفاء أجرة عليه وذكرهما ليفيد الحكم فيهما وفيما ذكره المصنف بعد
قال في خزانة المفتين المريض إذا تزوج امرأة وأعطاها مهرها يسترد منها ما أخذت ويكون بين الغرماء بالحصص والمرأة واحدة منهم بخلاف ثمن المبيع فإن الثمن يسلم للدافع أي للبائع الذي دفع السلعة أما إذا لم يدفعها فإن له حبسها حتى يقبض الثمن على كل حال ولكن ينظر الفرق بين المهر وبذل الأجرة وبين ثمن المبيع والقرض والفرق أن المهر تبرع من وجه وصلة وعرض من وجه فباعتبار ما فيه من المعاوضة تشارك الغرماء وباعتبار ما فيه من الصلة والتبرع يسترد ما أخذته في المرض والأجرة بعد استيفاء المنفعة دين في ذمة المستأجر فساوت بقيمة الديون أما قضاء ما استقرض في مرضه لا يسترد دفعا للحرج لأن المقرض إذ علم عدم وفائه في المرض يمتنع عن إقراضه وكذا البائع فيلحق المريض الحرج وما جعل عليكم في الدين من حرج
قوله ( وما إذا لم يؤد ) أي وبخلاف ما إذا لم يؤد بدل ما استقرض أو ثمن ما اشترى في المرض
قوله ( فإن البائع ) أي والمقرض
قوله ( أسوة ) بضم الهمزة وكسرها وبهما قرىء في السبع
قوله ( في الثمن ) الأولى أن
____________________
(8/164)
يقول في التركة
قوله ( كان أولى ) فتباع ويقضى من ثمنها ماله فإن زاد رده في التركة وإن نقص حاصص بنقصه كما لا يخفى
قوله ( أقر المريض الخ ) ولو للمريض على الوارث دين فأقر بقبضه لم يجز سواء وجب الدين بصحته أو لا على المريض دين أو لا
فصولين
قوله ( ثم أقر بدين ) وقد تساوى الدينان صحة أو مرضا
قوله ( للاستواء ) في الثبوت في ذمة المقر
قوله ( ولو أقر بدين ثم بوديعة تحاصا ) لأنه لما بدأ بالإقرار بالدين تعلق حق الغريم بالألف التي في يده فإذا أقر أنها وديعة يريد أن يسقط حق الغريم عنها فلا يصدق إلا أنه قد أقر بوديعة تعذر تسليمها بفعله فصارت كالمستهلكة فتكون دينا عليه ويساوي الغريم الآخر في الدين ولو أقر بوديعة ثم بدين فصاحب الوديعة أولى بها لأنه لما بدأ بالوديعة ملكها المقر له بعينها فإذا أقر بدين لم يجز أن يتعلق بمال الغير ط عن الحموي
قوله ( وبعكسه الوديعة أولى ) يعني أن الألف المعين يصرف للوديعة من غير محاصصة فيه لأنه حين أقر بها علم أنها ليست من تركته ثم إقراره بالدين لا يكون شاغلا لما لم يكن من جملة تركته
بزازية
والحاصل أن في الصورة الأولى يتحاصان وفي الصورة الثانية ينصرف للوديعة من غير تحاصص ويلزمه ما أقر به وإقراره بمال في يده إنه بضاعة أو مضاربة حكمه مساو للوديعة كما في البدائع
قوله ( وإبراؤه مديونه وهو مديون ) أي بمستغرق قيد به احترازا عن غير المديون فإن لم يكن مديونا وأبرأ الأجنبي فهو نافذ من الثلث كما في الجوهرة
قال أبو السعود في حاشية الأشباه ما نصه ليس على إطلاقه بل يقيد أن لا يبقى له من المال الفارغ عن الدين ما يمكن خروج القدر المبرأ من ثلثه ولا بد من قيد آخر وهو أن يكون له وارث ولم يجز
قوله ( للتهمة ) علله أو السعود في حاشية الأشباه بقوله لأن إبراء الوارث في مرض موته وصية وهي للوارث لا تجوز ما لم يجز الوارث الآخر لكن الشارح تبع المنح والأظهر ما نقلناه عن أبي السعود
قوله ( إن كان أجنبيا ) إلا أن يكون الوارث كفيلا عنه فلا يجوز إذ يبرأ الكفيل ببراءة الأصيلجامع الفصولين
ولو أقر باستيفائه دينه منه صدق كما بسطه في الولوالجية
قوله ( وإن كان وارثا فلا يجوز ) أي سواء كان من دين له عليه أصالة أو كفالة وكذا إقراره بقبضه واحتياله به على غيره
فصولين
قوله ( وحيلة صحته الخ ) قال في الأشباه وهي الحيلة في إبراء المريض وارثه مرض موته بخلاف قوله أبرأتك فإنه يتوقف كما في حيل الحاوي القدسي وعلى هذا لو أقر المريض بذلك لأجنبي لم تسمع الدعوى عليه بشيء من الوارث فكذا إذا أقر بشيء لبعض ورثته كما في البزازية
قوله ( يشمل الوارث وغيره ) صرح به في جامع الفصولين حيث قال مريض له على وارثه دين فأبرأه لم يجز ولو قال لم يكن لي عليك شيء ثم مات جاز إقراره قضاء لا ديانة ا هـ
وينبغي لو ادعى الوارث الآخر أن المقر كاذب في إقراره أن يحلف المقر له بأنه لم يكن كاذبا بناء على قول أبي يوسف المفتى به كما مر قبيل باب الاستثناء
____________________
(8/165)
وفي البزازية ادعى عليه ديونا ومالا ووديعة فصالح الطالب على يسير سرا وأقر الطالب في العلانية أنه لم يكن له على المدعى عليه شيء وكان ذلك في مرض المدعي ثم مات فبرهن الوارث أنه كان لمورثي عليه أموال كثيرة وإنما قصد حرماننا لا تسمع وإن كان المدعى عليه وارث المدعي وجرى ما ذكرنا فبرهن بقية الورثة على أن أبانا قصد حرماننا بهذا الإقرار تسمع
ا هـ
وينبغي أن يكون في مسألتنا كذلك لكن فرق في الأشباه بكونه متهما في هذه الإقرار لتقدم الدعوى عليه والصلح معه على يسير والكلام عند عدم قرينة على التهمة
ا هـ
قلت وكثيرا ما يقصد المقر حرمان بقية الورثة في زماننا وتدل عليه قرائن الأحوال القرينة من الصريح فعلى هذا تسمع دعواهم بأنه كان كاذبا وتقبل بينتهم على قيام الحق على المقر له وكذا الحكم يجري لو ادعى وارث المقر فيحلف والنفي عبر عنه في البحر هنا بالإقرار وتارة عبر عنه بالإبراء في أول الإقرار وفي الصلح وكذا البزازي وحينئذ فما في المتن إما إقرار أو إبراء وكلاهما لا يصح للوارث كما في المتون والشروح فما في المتن هنا غريب لا يعول عليه لئلا يصير حيلة لإسقاط الإرث الجبري مع ضعفه ويوضحه ما لو قالوا قصد حرماننا بذلك تسمع دعواهم كما سمعت ويأتي والله تعالى أعلم
قوله ( صحيح قضاء لا ديانة ) لأنه في الديانة لا يجوز إذا كان بخلاف الواقع ونفس الأمر بأن كان له في الواقع عليه شيء لاستلزامه إيثار بعض الورثة وحرمان البعض إذ لو قال طابق الواقع إقراره بأن لم يكن عليه شيء لصح قضاء وديانة كما لا يخفى
قوله ( إلا المهر ) أي إذا قالت في مرض موتها لا مهر لي عليه أو لم يكن لي عليه مهر
قوله ( على الصحيح ) مقابله ما في المنح عن البزازية معزيا إلى حيل الخصاف قالت فيه ليس على زوجي مهر أو قال فيه لم يكن لي على فلان شيء يبرأ عندنا خلافا للشافعي ا هـ
قوله ( لظهور أنه عليه غالبا ) لعل المراد ما تعورف تأجليه غالبا
تأمل قوله ( بخلاف ) راجع إلى
قوله ( فلا يصح )
قوله ( فإنه يصح ولا تسمع دعوى زوجها فيه ) اعلم أن صاحب الأشباه استنبط هذه المسألة من مسألة الإقرار المصدر بالنفي وقال إن هذا الإقرار منها أي البنت بمنزلة قولها لا حق لي فيه فيصح وليس من قبيل الإقرار بالعين للوارث لأنه فيما إذا قال هذا لفلان فليتأمل ويراجع المنقول ا هـ
وأقره على ذلك المصنف في منحه حيث قال وفي التاترخانية من باب إقرار المريض معزيا إلى العيون ادعى على رجل مالا وأثبته وأبرأه لا تجوز براءته إن كان عليه دين وكذا لو أبرأ الوارث لا يجوز سواء كان عليه دين أو لا ولو أنه قال لم يكن لي على هذا المطلوب شيء ثم مات جاز إقراره في القضاء ا هـ
وفي البزازية معزيا إلى حيل الخصاف قالت فيه ليس لي على زوجي مهر وقال فيه لم يكن لي على فلان شيء يبرأ عندنا خلافا للشافعي
ا هـ
وفيها قبله وإبراء الوارث لا يجوز فيه
قال فيه لم يكن لي عليه شيء ليس لورثته أن يدعوا عليه شيئا في القضاء وفيالديانة لا يجوز هذا الإقرار وفي الجامع أقر الابن فيه أنه ليس له على والده شيء من تركة أمه صح بخلاف ما لو أبرأه أو وهبه وكذا لو أقر بقبض ماله منه ا هـ
وبهذا علم صحة ما أفتى به مولانا صاحب البحر فيما لو أقرت البنت في مرض موتها بأن الأمتعة الفلانية ملك أبيها لا حق لها فيها أنه يصح ولا تسمع دعوى زوجها فيها مستندا إلى ما ذكرناه وقد خالفه في ذلك شيخنا
____________________
(8/166)
أمين الدين بن عبد العال المصري وأفتى بعدم الصحة مستندا إلى عامة ما في المعتبرات من أن الإقرار للوارث لا يصح وكثير من النقول الصحيحة يشهد بصحة هذا أي إفتاء صاحب البحر وليس هذا من قبيل الإقرار لوارث كما لا يخفى
قال مولانا صاحب البحر ولا ينافيه ما في البزازية معزيا للذخيرة قولها فيه لا مهر لي عليه أو لا شيء لي عليه أو لم يكن لي عليه مهر قيل يصح وقيل لا يصح والصحيح أنه لا يصح
ا هـ
لأن هنا في خصوص المهر لظهور أنه عليه غالبا وكلامنا في غير المهر ولا ينافيه أيضا ما ذكره في البزازية أيضا بعده ادعى عليه مالا وديونا ووديعة فصالح مع الطالب على شيء يسير سرا وأقر الطالب في العلانية أنه لم يكن له على المدعى عليه شيء وكان ذلك في مرض المدعي ثم مات ليس لورثته أن يدعوا على المدعى عليه بشيء وإن برهنوا على أنه كان لمورثنا عليه أموال لكنه قصد بهذا الإقرار حرماننا لا تسمع وإن كان المدعى عليه وارث المدعي وجرى ما ذكرنا فبرهن بقية الورثة على أن أبانا قصد حرماننا بهذا الإقرار وكان عليه أموال تسمع ا هـ
لكونه متهما في الدعوى عليه والصلح معه على يسير والكلام عند عدم قرينة على التهمة والله تعالى أعلم ا هـ
ما ذكره في المنح
وأقره على ذلك الشارح كما ترى قال محشيه الفاضل الخير الرملي قوله وبهذا علم صحة ما أفتى به مولانا صاحب البحر الخ
أقول لا شاهد على ذلك مما تقدم وحيث كانت الأمتعة في يد البنت المقرة لا يصح إقرارها بها لأبيها يدل عليه ما صرح به الزيلعي وغيره من أنه لو أقر بعين في يده لآخر لا يصح في حق غرماء الصحة وإذا لم يصح في حق غرماء الصحة لا يصح في حق بقية الورثة لاشتراكهما في الحكم لشمول العلة وهي التهمة لهما وما قدمه من قوله بخلاف إقراره بأن هذا العبد لفلان فإنه كالدين فإذا كان كالدين فكيف يصح الإقرار به للوارث أما عدم شهادة ما تقدم له فبيانه أن قوله ليس لي على فلان أو لم يكن لي عليه دين مطابق لما هو الأصل من خلو ذمته عن دينه فلم يكن من باب الإقرار له فصار كاعترافه بعين في يد زيد بأنها لزيد فانتفت التهمة ومثله ليس له على والده شيء من تركة أمه وليس لي على زوجي مهر على القول المرجوح وقد علمت أن الأصح أنه لا يصح بخلاف الأمتعة التي بيد المقرة فإنه إقرار بها للوارث بلا شك لأن أقصى ما يستدل به على الملك اليد فقد أقرت بما هو ملكها ظاهرا لوارثها فأنى يصح وأنى تنتفي التهمة وقوله وكثير من النقول الصحيحة نشهد بصحة هذا وليس هذا من باب الإقرار لوارث غير صحيح لأنا لم نجد في النقول الصحيحة ولا الضعيفة ما يشهد بصحته ووجدنا النقول مصرحة بأن الإقرار بالعين التي في يد المقر كالإقرار بالدين ولم يبعد عهدك بنقلها وقول صاحب البحر ولا ينافيه الخ
أقول بل يفهم منه عدم الصحة بالأولى وذلك لأنه إذا لم يصح فيما منه الأصل براءة الذمة فكيف يصح فيما فيه الملك مشاهد ظاهرا باليد نعم لو كانت في الأمتعة يد الأب هي المشاهدة لا يد البنت فلا كلام في الصحة فالحق ما أفتى به ابن عبد العال ويدل أيضا لصحة ما قلنا ما في شرح القدوري المسمى بمجمع الرواية من قوله قال في حاشية الهداية قوله وإقرار المريض لوارثه لا يصح إلا أن يصدقه بقية الورثة هذا إشارة إلى أن إقرار المريض لوارثه إذا كان هنا وراث آخر غير المقر له إنما لا يصح لا لعدم المحلية بل لحق بقية الورثة فإذا لم يكن له وارث غير المقر له صح إقراره دل عليه ما ذكر في الديات إذا ماتت المرأة وتركت زوجا وعبدين
____________________
(8/167)
لا مال لها غيرهما فأقرت أن هذا العبد بعينه وديعة لزوجها عندها ثم ماتت فذلك جائز ويكون العبد للزوج بالإقرار بالوديعة والعبد الآخر ميراث نصفه للزوج ونصفه لبيت المال ا هـ
فهذا صريح في أنه إذا كان هناك وارث غير الزوج وغير بيت المال لا يصح إقرارها بالعبد للزوج وأي فرق بين قول البنت هذه الأمتعة التي بيدي أو في بيتي ملك أبي لا حق لي فيها وبين قول الزوجة هذا العبد ملك زوجي فإن كان زيادة لا حق لي فيها فهذا نفى حقها المشاهد باليد ظاهرا بعد إثباته للأب
وبه لا يخرج عن كونه إقرارا للوارث بعين في يده فتأمل ا هـ ما ذكره الشيخ خير الدين الرملي رحمه الله تعالى فالعجب من الشارح مع قول شيخه الخير الرملي في حاشيته على الأشباه أيضا أن كل ما أتى به من الشواهد لا يشهد له مع تصريحهم بأن إقرار المريض بعين في يده لوارثه لا يصح ولا شك أن الأمتعة التي بيد البنت وملكها فيها ظاهر باليد إذا قالت هي ملك أبي لا حق لي فيها إقرار بالعين للوارث بخلاف قوله لم يكن لي عليه شيء أو لا حق لي عليه أو ليس لي عليه شيء ونحوه من صور النفي لتمسك النافي فيه بالأصل فكيف يستدل به على مدعاه ويجعله صريحا فيه
ثم قال وقد خالفه في ذلك علماء عصره بمصر وأفتوا بعدم الصحة ومنهم والد شيخنا الشيخ أمين الدين بن عبد العال
وبعد هذا البحث والتحرير رأيت شيخ شيخنا شيخ الإسلام الشيخ علي المقدسي رد على المؤلف أي صاحب الأشباه كلامه وكذلك الشيخ محمد الغزي على هامش نسخة الأشباه والنظائر فقد ظهر الحق واتضح ولله الحمد والمنة ا هـ كلام الخير الرملي أيضا
وتبعه السيد الحموي في حاشية الأشباه وكذلك رد عليه العلامة جوي زاده كما رأيته منقولا عنه في هامش نسختي الأشباه ورد عليه أيضا العلامة البيري وقال بعد كلام وعليه فلا يصح الاستدلال لمفت ولا لقاض بما أفتى به من صحة الإقرار للوارث بالعروض في مرض الموت الواقع في زماننا لأن الخاص والعام يعلمون أن المقر مالك لجميع ما حوته داره لا حق فيه للمقر له بوجه من الوجوه وإنما قصد حرمان باقي الورثة أي تهمة بعد هذه التهمة يا عباد الله ا هـ
وكذا رد عليه الشيخ إسماعيل الحائك مفتي دمشق الشام سابقا حيث سئل فيمن أقر في مرضه أن لا حق له في الأمتعة المعلومة مع بنته وملكه فيها ظاهر فأجاب بأن الإقرار باطل على ما اعتمده المحققون ولو مصدرا بالنفي خلافا للأشباه وقد أنكروا عليه ا هـ
وكذا رد عليه شيخنا السائحاني وغيره
والحاصل كما رأيته منقولا عن العلامة جوي زاده أن الأمتعة إن كانت في يد البنت فهو إقرار بالعين للوارث بلا شك وإن لم تكن في يدها فهو صحيح وبه يشعر كلام الخير الرملي المتقدم وصرح به أيضا في حاشيته على المنح وأطال في الرد على الأشباه كما علمت
مطلب الإقرار للوارث موقوف إلا في ثلاث فإن قلت قد ذكر الشارح فيما يأتي عن الأشباه أن إقراره للوارث موقوف إلا في ثلاث منها إقراره كلها الخ وقول البنت هذا الشيء لأبي إقرار بالأمانة بالأمانات فيصح وإن كان في يدها
قلت المراد يصح إقرارها بقبض الأمانة التي له عند وارثه لأن صاحب الأشباه ذكر عن تلخيص الجامع أن الإقرار للوارث موقوف إلا في ثلاث لو أقر بإتلاف وديعته المعروفة أو أقر بقبض ما كان عنده وديعة أو بقبض ما قبضه الوارث بالوكالة من مديونه
ثم قال في الأشباه وينبغي أن يلحق بالثانية إقراره بالأمانات
____________________
(8/168)
كلها ولو مال الشركة أو العارية والمعنى في الكل أنه ليس فيه إيثارا لبعض ا هـ يعني أن الوديعة في قوله أو أقر بقبض ما كان عنده وديعة غير قيد بل ينبغي أن يلحق بها الأمانات كلها فيكون إقراره بقبضها كإقراره بقبض الوديعة ويؤيد هذا البحث ما قدمناه عن نور العين من قوله مريض عليه دين محيط بقبض وديعة أو عارية أو مضاربة كانت له عند وارثه صح إقراره لأن الوارث لو ادعى رد الأمانة إلى مورثه المريض وكذبه المورث يقبل قول الوارث ا هـ
فقد تبين لك أنه ليس المراد إقراره بأمانة عنده لوارثه بل المراد ما قلنا فتنبه لذلك فإني رأيت من يخطىء في ذلك مع أن النقول صريحة بأن إقراره لوارثه بعين غير صحيح كما مر ثم إن ما ذكره في الأشباه من استثناء المسألة الثالثة الظاهر أنه يستغني عنه بالثانية لأن المريض إذا كان له دين على أجنبي فوكل المريض وارثه بقبض الدين المذكور فقبضه صار ذلك الذين أمانة في يد الوارث فإذا أقر بقبضه منه فقد أقر له بقبض ما كان له أمانة عنده لأن المال في يد الوكيل أمانة
تأمل
وقد ذكر في جامع الفصولين صورة المسألة الأولى من المسائل الثلاث فقال صورتها أودع أباه ألف درهم في مرض الأب أو صحته عند الشهود فلما حضره الموت أقر بإهلاكه صدق إذ لو سكت ومات ولا يدري ما صنع كانت في ماله فإذا أقر بإتلافه فأولى ا هـ
قوله عند الشهود قيد به لتكون الوديعة معرفة بغير إقراره ولهذا قيد في الأشباه بقوله المعروفة فيدل على أنه لو أقر بإهلاك وديعة لوارثه ولا بينة على الإيداع لا يقبل قوله وبه تعلم ما في عبارة المصنف والشارح من الخلل حيث قال بخلاف إقراره له أي لوارثه بوديعة مستهلكة فإنه جائز
وصورته أن يقول كانت عندي وديعة لهذا الوارث فاستهلكتها
جوهرة ا هـ
فإنه كان عليه أن يقول بخلاف إقراره له باستهلاك وديعة معرفة فإنه جائز فاغتنم ذلك
قوله ( كما بسطه في الأشباه الخ ) أقول وقد خالفه علماء عصره وأفتوا بعدم الصحة كما علمت
وقد كتب العلامة الحموي في حاشية الأشباه في الرد على عبارتها فقال كل ما أتى به المصنف أي صاحب الأشباه لا يشهد له مع تصريحهم بأن إقراره بعين في يده لوارثه لا يصح ولا شك أن الأمتعة التي بيد البنت ملكها فيها ظاهر باليد فإذا قالت هي ملك أبي لا حق لي فيها فيكون إقرارا بالعين للوارث بخلاف قوله لم يكن لي عليه شيء أو لا حق لي عليه أو ليس لي عليه شيء ونحوه من صورة النفي لتمسك النافي فيه بالأصل فكيف يستدل به على مدعاه ويجعله صريحا فيه
وذكر الشيخ صالح في حاشيته على الأشباه متعقبا لصاحبها في هذه المسألة ما نصه أقول ما ذكره المصنف هنا لا يخرج عن كونه إقرارا للوارث بالعين وهو غير صحيح وبه أفتى شيخ الإسلام أمين الدين وليس هذا داخلا تحت صور النفي التي ذكرها مستدلا بها
وقال أخو المؤلف الشيخ عمر بن نجيم لا يخفى ما في إقرارها من التهمة خصوصا إذا كان بينها وبين زوجها خصومة كتزوجه عليها
وقال البيري الصواب أن ذلك إقرار للوارث بالعين بصيغة النفي ولا نزاع في عدم صحة ذلك للوارث في مرض الموت وما استند له المصنف مفروض في إقرار بصيغة النفي في دين لا في عين والدين وصف قائم بالذمة وإنما يصير مالا باعتبار قبضه ا ه
____________________
(8/169)
وقول المصنف وليس هذا من قبيل الإقرار للوارث فيه نظر
قوله ( أو مع أجنبي ) قال في نور العين أقر لوارثه ولأجنبي بدين مشترك بطل إقراره عندهما تصادقا في الشركة أو تكاذبا وقال محمد للأجنبي بحصته لو أنكر الأجنبي الشركة وبالعكس لم يذكره محمد ويجوز أن يقال إنه على اختلاف والصحيح أنه لم يجز على قول محمد كما هو قولهما ا هـ
لهما أن الإقرار إخبار ولا يصح أن ينفذ على خلاف الوجه الذي أقر به فإذا أقر مشتركا لا يمكن أن ينفذ غير مشترك
وفي أحكام الناطفي لو أقر لاثنين بألف فرد أحدهما وقبل الآخر فله النصف
قوله ( بعين ) قيست على الدين المذكور في الحديث ومثال العين أن يقر المريض بأن هذه العين وديعة وأرثي أو عاريته أو غصبتها أو رهنتها منه
قوله ( بطل ) أي على تقدير عدم الإجازة وإلا فهو موقوف ا هـ
منح لكنه لو طلب سلم إليه ثم إن مات لا يرد لاحتمال صحة الإقرار بالتحاق صحة المريض ا هـ
حموي عن الرمز
قوله ( ولنا حديث لا وصية لوارث ولا إقرار له بدين ) رواه الدارقطني لكن في المبسوط أن الزيادة شاذة ولذلك تركها في الدرر والمشهور لا وصية لوارث ولدلالة نفي الوصية على نفي الإقرار له بالطريق الأولى لأن بالوصية إنما يذهب ثلث المال وبالإقرار يذهب كله فإبطالها إبطال للإقرار بالطريق الأولى كما في المنبع
فظهر أن ما يقال المدعي عدم جواز الإقرار والدليل على عدم جواز الوصية
فالصواب ما أتى به صاحب الهداية ساقط غايته أن الدليل لم ينحصر على عبارة النص كما صرح به في الأصول
قوله ( إلاأن يصدقه بقية الورثة ) أي بعد موته ولا عبرة لإجازتهم قبله كما في خزانة المفتين وإن أشار صاحب الهداية لضده وأجاب به ابنه نظام الدين وحفيده عماد الدين
ذكره القهستاني شرح الملتقى
وفي النعيمية إذا صدق الورثة إقرار المريض لوارثه في حياته لا يحتاج لتصديقهم بعد وفاته وعزاه لحاشية مسكين قال فلم تجعل الإجازة كالتصديق ولعله لأنهم أقروا ا هـ
قال العلامة أبو السعود في حاشية مسكين وكذا لو كان له دين على وارثه فأقر بقبضه لا يصح إلا أن يصدقه البقية
زيلعي
فإذا صدقوه في حياة المقر فلا حاجة إلى التصديق بعد الموت بخلاف الوصية بما زاد على الثلث حيث لا تنفذ إلا بإجازة الورثة بعد موت الموصي حموي ا هـ
أقول ينبغي أن يكون على هذا المنوال رضا الغرماء قبل موته
تدبر
وأقول وكذا وقف بيعه لوارثه على إجازتهم كما قدمه في باب القضولي وأشار في الخزانة إلى أنهم قالوا أجزنا إقراره في حياته فلهم الرجوع أي فلا مخالفة لأن التصديق كصريح الإقرار بخلاف الإجازة
قوله ( فلو لم يكن وارث آخر ) أي ذو فرض أو تصعيب أو رحم محرم
قوله ( أو أوصى لزوجته ) يعني ولم يكن له وارث آخر وكذا في عكسه كما في الشرنبلالية وفي بعض النسخ وأوصى بدون ألف وهي الأولى لأنه تصوير للوصية للوارث الذي ليس له وارث غيره وذلك لا يتصور بغير أحد الزوجين لما قاله من أن غيرهما فرضا وردا
قوله ( صحت الوصية ) ولو كان معها بيت المال لما أنه غير وارث بل يوضع فيه المال على أنه مال ضائع لا بطريق الإرث فلا يعارضه الوصية والإقرار ولا المحاباة كما أفاده الخير الرملي في فتاواه آخر الوصايا قال فيها وحيث لا وارث نفذت محاباتها مع زوجها بلا توقف ولو أوصت بكل ما لها نفذت وصيتها له لكن قد يقال إن ما ذكره الشارح أنه لا يوافق مسألة المصنف لأن موضوعها الإقرار لا بملاحظة أن هذا الإقرار يكون وصية
____________________
(8/170)
بدليل قوله إلا أن يصدقه الورثة فإنه يصح الإقرار وإن لم يكن وارث آخر
والحاصل أن المسألة في حد ذاتها صحيحة إلا أنها لا توافق مسألة المصنف لما ذكرنا
تأمل
قوله ( وأما غيرهما ) أي غير الزوجين ولو كان ذا رحم
شرنبلالية
قوله ( فرضا وردا ) المناسب زيادة أو تعصيبا ط
قوله ( فلا يحتاج لوصية شرنبلالية ) والحاصل أن إقرار المريض لوارثة لا يصح إذا كان هناك وارث آخر غير المقر له لا لعدم المحلية بل لحق الورثة فإذا لم يكن له وارث آخر غير المقر له صح إقراره
قوله ( أقر بوقف الخ ) هذا كلام مجمل يحتاج إلى بيان ذكر الشارح العلامة عبد البر عن الخانية رجل أقر في مرضه بأرض في يده أنها وقف إن أقر بوقف من قبل نفسه كان من الثلث كما لو أقر المريض بعتق عبده وإن من جهة غيره إن صدقه ذلك الغير أو ورثته جاز في الكل وإن لم يبين أنه منه أو من غيره فهو من الثلث
وفي منية المفتي مثله
وسواء أسند الوقف إلى حال الصحة أو لم يسند فهو من الثلث إلا أن يجيز الورثة أو يصدقوه في الإسناد إلى الصحة ولو كان المسند إليه مجهولا أو معروفا ولم يصدق ولم يكذب أو مات ولا وارث له إلا بيت المال فالظاهر أن يكون من الثلث لأن التصديق منه أو من الوارث شرط في كونه من جميع المال وفرع عليه صاحب الفوائد أنه لا يعتبر تصديق السلطان فيما إذا كان لم يكن له وارث إلا بيت المال وهذا منقول من كلام شيخنا وإن قال الطرسوسي تفقها ا هـ
بتصرف
وفي شرح الشرنبلالي وإن أجاز ورثته أو صدقوه فهو من جميع المال لأن مظهر بإقراره لا منشىء فلو لم يكن للغير وارث
قال المصنف لا يعتبر تصديق السلطان كذا أطلقه
قلت وهذا في الوقف لا على جهة عامة ظاهر لتضمنه إقراره على غيره وإبطال حق العامة وأما الوقف على جهة عامة فيصح تصديق السلطان كإنشائه لما تقدم من صحة وقف السلطان شيئا من بيت المال على جهة عامة ثم لا يخفى أن المقر لم يسنده لغيره ولم يكن له وارث تجوز إجازة السلطان ومن له بيت المال
كذا في البزازية
ولنا فيه رسالة
ولا يعمل بما فهمه الطرسوسي كما نقله المصنف عنه من أنه يكون من الثلث مع عدم اعتبار تصديق السلطان أنه نافذ من كل المال ط
قوله ( فلو على جهة عامة ) كبناء القناطر والثغور
قوله ( صح تصديق السلطان ) لأن له أن يفعل ذلك من بيت المال ومن حكى أمرا يملك استئنافه صدق
قوله ( وكذا لو وقف ) أي أنشأ وقفا في مرض موته ولا وارث له على جهة عامة فإنه ينفذ من الجميع بتصديق السلطان
قوله ( خلافا لمن زعمه الطرسوسي ) هو يقول لو لم يكن له وارث إلا بيت المال لا يعتبر تصديق السلطان بل يكون من الثلث كما يؤخذ من شرح الوهبانية لعبد البر السابقة ووجه فساد ما زعمه الطرسوسي أن الوقف والحالة هذه وصية وهي مقدمة على بيت المال بل لا يحتاج ذلك لتصديق السلطان
قوله ( ولو كان ذلك ) أي الإقرار ولو وصلية
قوله ( إقرار بقبض دينه أو غصبه ) بأن أقر أنه قبض ما غصبه وارثه منه
قال في الخانية لا يصح إقرار مريض مات فيه بقبض دينه من وارثه ولا من كفيل وارثه ولو أقر لوارثه وقت إقرار ووقت موته وخرج من أن يكون وارثا فيما بين ذلك بطل إقراره عند أبي يوسف لا عند محمد
____________________
(8/171)
ويأتي تمامه وقيد بدين الوارث احترازا عن إقراره باستيفاء دين الأجنبي والأصل فيه أن الدين لو كان وجب له على أجنبي في صحته جاز إقرار باستيفائه ولو عليه دين معروف سواء وجب ما أقر بقبضه بدلا عما هو مال الثمن أو لا كبدل صلح دم العمد والمهر ونحوه ولو دينا وجب له في مرضه وعليه دين معروف أو دين وجب عليه بمعاينة الشهود بمرضه فلو ما أقر بقبضه بدلا عما هو مال لم يجز إقراره أي في حق غرماء الصحة أو المرض بمعاينة الشهود كما في البدائع ولو بدلا عما ليس بمال جاز إقراره بقبضه ولو عليه دين معروف جامع الفصولين
وفيه لو باع في مرضه شيئا بأكثر من قيمته فأقر بقبض ثمنه والمسألة بحالها من كون المقر مديونا دينا معروفا ببينة لم يصدق وقيل للمشتري أد ثمنه مرة أخرى أو انقض البيع عند أبي يوسف وعند محمد يؤدي قدر قيمته أو ينقض البيع
قال في جامع الفصولين أقر بدين لوارثه أو لغيره ثم برىء فهو كدين صحته ولو أوصى لوارثه ثم برىء بطلت وصيته ا هـ
وفي الخلاصة نفس البيع من الوارث لا يصح إلا بإجازة الورثة يعني في مرض الموت وهو الصحيح وعندهما يجوز لكن إن كان فيه غبن أو محاباة يخير المشتري بين الرد وتكميل القيمة ا هـ
أقول وبيان ما تقدم أن حق الغرماء يتعلق بذمة المديون في الصحة فإذا مرض تعلق بمعنى التركة وهي أعيانها والدين مطلقا ليس منها فلم يكن أتلف عليهم بهذا الإقرار شيئا وأما إذا مرض وتعلق حقهم بعين التركة فإذا باع منها شيئا أو أقر باستيفاء ثمنه فقد أتلف عليهم وقوله وقيل للمشتري أد ثمنه مرة أخرى أي على زعمك وإلا بأن أقروا أي الغرماء بدفع الثمن لا يكون لهم مطالبة وهذا الفرع مشكل من حيث أن البيع صحيح نافذ فكيف يتخير والحالة هذه بين نقض البيع أو تأدية الثمن
وقول محمد أشد إشكالا من حيث إن الواجب في البيع الثمن دون القيمة ويمكن تصويره على قول الإمام وذلك بأن يكون المشتري وارثا والبيع منه غير نافذ عنده بل موقوف على إجازة الورثة فإذا لم يجيزوا ولم يردوا كان للمشتري الخيار
وحينئذ يخير بين الفسخ وعدمه
فإذا قالت له الورثة إن شئت فادفع الثمن لنجيز البيع وإن شئت رد علينا بخيارك صح لكن يشكل عليه قوله محمد وأن القولين منسوبا للصالحين وهما يجيزان البيع من الوارث مطلقا غير أنه يقال له في صورة المحاباة أد القيمة أو افسخ
تأمل
قوله ( ونحو ذلك ) كأن يقر أنه قبض المبيع فاسدا منه أو أنه رجع فيما وهبه له مريضا حموي ط
أو أنه استوفى ثمن ما باعه كما في الهندية
قوله ( بقبض دينه ) فيه إشارة إلى أن إقراره وديعة له كانت عنده صحيح وبه صرح في الأشباه ثم قال وينبغي أن يلحق بذلك الإقرار بالأمانات كلها
قوله ( لا يصح لوقوعه لمولاه ) ملكا في العبد والمكاتب إذا عجز وحقا فيه إن لم يعجز نفسه
والحاصل أنه لا يصح إقرار مريض مات فيه بقبض دين من وارثه ولا من كفيل وارثه أو عبد وارثه لأن الإقرار لعبد الوارث إقرار لمولاه وما أقر به للمكاتب فيه حق لمولاه لذلك قال في المنح لأنه يقع لمولاه ملكا أو حقا ا هـ
قوله ( ولو فعله ) أي الإقرار بهذه الأشياء للوارث
قوله ( ثم برىء ) أي من مرضه
قوله ( لعدم مرض الموت ) فلم يتعلق به حق الورثة
قوله ( ولو مات المقر له ) أي الوارث للمقر ثم المريض المقر
____________________
(8/172)
قوله ( وورثة المقر له من ورثة المريض ) صورته أقر لابن ابنه ثم مات ابن الابن عن أبيه ثم مات المقر عن ذلك الابن فقط أو ابنين أحدهما والد المقر له أو أقر لامرأته بدين فماتت ثم مات هو وترك منها وارثا
قوله ( جاز إقراره ) عند أبي يوسف آخرا ومحمد لخروجه عن كونه وارثا في الصورة الأولى وفي الصورة الثانية فلأن العبرة لكون المقر له وارثا ولا وقت موت المقر وهي إذ ذاك ليست وارثة لأن الميت ليس بوارث وهذا هو الذي يأتي قريبا عن الصيرفية
قوله ( كإقراره لأجنبي ) يعني لو كان المقر له أجنبيا ومات قبل المقر وورثته ورثة المقر فإن إقراره جائز لأنه لم يقر لوارث حين أقر أما في الأجنبي فظاهر وأما في الوارث الذي مات فإنه بموته قبل المقر خرج عن كونه وارثا له
قال في المنح ولو أقر لوارثه ثم مات المقر له ثم المريض ووارث المقر له من ورثة المريض لم يجز إقراره عند أبي يوسف أولا وقال آخرا يجوز وهو قول محمد
قوله ( وسيجيء ) أي قريبا
قوله ( بوديعة مستهلكة ) أي وهي معروفة لعدم التهمة ولو كذبناه ومات وجب الضمان من ماله لأنه مات مجهلا وعليه بينة فلا فائدة في تكذيبه ولو كانت الوديعة غير معروفة لا يقبل إقراره باستهلاكها إلا أن يصدقه بقية الورثة كما في التبيين والأصوب أن يقول المصنف باستهلاكه الوديعة أي المعروفة بالبينة بدل قوله بوديعة مستهلكة
قوله ( وصورته ) لم يبين بهذه الصورة أن الوديعة معروفة كما صرح به في الأشباه وقد أوضح المسألة في الولواجية فراجعها وصورها في جامع الفصولين راقما
صورتها أودع أباه ألف درهم في مرض الأب أو صحته عند الشهود فلما حضره الموت أقر بإهلاكه صدق
إذ لو سكت ومات ولا يدري ما صنع كانت دينا في ماله فإذا أقر باستهلاكه فأولى ولو أقر أولا بتلفها في يده فنكل عن اليمين ومات لم يكن لوارثه في ماله شيء ا هـ
والحاصل أن مدار الإقرار هنا على استهلاك الوديعة المعروفة لا عليها ومنه تعلم أن قوله ومنها إقراره بالأمانات كلها مقيد بما هنا ثم فيه أيضا لو أقر المريض بقبض ثمن ما باعه لوارثه بأمره أو بولاية لم يصدق إذا أقر بدين لوارثه إلا أن يدعي الهلاك لكونه دينا في تركته فلو قال قبضت الثمن وأتلفته يبرأ المشتري ولو أدى لم يرجع وكذا لا يصدق في قبض ثمن ما باع لغيره من وارثه إلا أن يقول ضاع عندي أو دفعته إلى الآمر ا هـ
واللام في لوارثه ولغيره لام العلة أو الملك لا التعدية وقوله إلا أن يدعي الهلاك لكونه دينا في تركته صوابه لكونه ليس دينا في تركته لأن الوكيل أمين غير ضمين ويدل على ذلك أيضا قوله بعده إلا أن يقول ضاع عندي أو دفعته إلى الآمر لأنه لم يصر دينا في التركة لا لوارث ولا من جهة الوارث وقوله قبضت الثمن وأتلفته هو مثل إقراره لوارثه بوديعة استهلكها فتقيد المبايعة بمعاينة الشهود وحينئذ فإذا أدى ضمان ذلك للوارث لم يرجع على المشتري ويمكن رجوع ضمير أدى للمشتري وإنما لا يرجع لأنه متبرع وسيأتي في آخر كتابته على الوصايا ما يخالفه ولكن ما هنا أولى
وفي خزانة المفتين باع عبدا من وارثه في صحته ثم أقر باستيفاء الثمن في المرض لا يصح
وفي الزيلعي لو كانت الوديعة غير معروفة لا يقبل قوله استهلكتها إلا أن يصدقه بقية الورثة
قوله ( والحاصل الخ ) فيه مخالفة
____________________
(8/173)
للأشباه ونصها وأما مجرد الإقرار للوراث فهو موقوف على الإجازة سواء كان بعين أو دين أو قبض منه أو أبرأه إلا في ثلاث لو أقر بإتلاف وديعته المعروفة أو أقر بقبض ما كان عنده وديعة أو بقبض ما قبضه الوارث بالوكالة من مديونه
كذا في تلخيص الجامع
وينبغي أن يلحق بالثانية إقراره بالأمانات كلها ولو مات الشركة أو العارية والمعنى في الكل أنه ليس يه إيثار البعض فاغتنم هذا التحرير فإنه من مفردات هذا الكتاب
ا هـ
وقد ظن من لا خبرة له أن النفي من قبيل الإقرار وهو خطأ وقال قبل هذا لو قال المريض مرض الموت لا حق لي على فلان الوارث لم تسمع الدعوى عليه من وارث آخر وعلى هذا يقع كثيرا أن البنت في مرض موتها بأن الأمتعة الفلانية ملك أبيها لا حق لها فيها وقد أجبت فيها مرارا بالصحة لما في التاترخانية من باب إقرار المريض ادعى على رجل مالا وأثبته وأبرأه لا تجوز براءته إن كان مديونا وكذا لو أبرأ الوارث لا يجوز سواء كان مديونا أو لا ولو قال لم يكن لي على هذا المطلوب شيء ثم مات جاز إقراره في القضاء
وفي البزازية قالت فيه ليس لي على زوجي مهر يبرأ عندنا خلافا للشافعي وفيها قبله قال فيه لم يكن لي عليه شيء ليس لورثته أن يدعوا عليه شيئا في القضاء وفي الديانة لا يجوز هذا الإقرار
وفي الجامع أقر الابن فيه أنه ليس له على والده شيء من تركة أمه صح بخلاف ما لو أبرأه أو وهبه وكذا لو أقر بقبض ماله منه فهذا صريح فيما قلناه ولا ينافيه ما في البزازية قولها فيه لا مهر لي عليه أو لا شيء لي عليه أو لم يكن عليه مهر قيل لا يصح وقيل يصح والصحيح أنه لا يصح ا هـ
لأن هذا في خصوص المهر لظهور أنه على غالبا وكلامنا في غير المهر ولا ينافيه ما ذكره البزازي أيضا ادعى عليه ديونا ومالا ووديعة فصالح الطالب على يسير سرا وأقر الطالب في العلانية أنه لم يكن له على المدعى عليه شيء وكان ذلك في مرض المدعي ثم مات فبرهن الوارث أنه كان لمورثي عليه أموال كثيرة وإنما قصد حرماننا لا تسمع وإن كان المدعى عليه وارث المدعي وجرى ما ذكرنا فبرهن بقية الورثة على أنا أبانا قصد حرماننا بهذا الإقرار تسمع ا هـ
لكونه متهما في هذا الإقرار لتقدم الدعوى عليه والصلح معه على يسير والكلام عند عدم قرينة على التهمة ا هـ كلام الأشباه
فقول الشارح منها إقراره الخ وقوله ومنه هذا الشيء الخ إنما هما بحثان لا منقولان فتحريره في غير محله لأن المراد بالأمانة قبضها منه لا أنها له وقدسها أيضا في الأخير لأنه من الإقرار بالعين للوارث وقدم هو عدم صحة ذلك وقياسه على قول المورث لم يكن لي على الوارث دين قبل ثبوته قياس مع الفارق لأن العين غير الدين وهو لا يصح ويأتي قريبا تأييد الموافقة لما فهمته عن الخير الرملي والحموي والحامدي ولله تعالى الحمد والمنة وقدمنا ما يفيد ذلك مع بعض النقول المذكورة
قوله ( منها إقراره بالأمانات كلها ) أي بقبض الأمانات التي عند وارثه لا بأن هذه العين لوارثه فإنه لا يصح كما صرح به الشارح قريبا وصرح به في الأشباه وهذا مراد صاحب الأشباه بقوله وينبغي أن يلحق بالثانية إقراره بالأمانات كلها فتنبه لهذا فإنا رأينا من يخطىء فيه ويقول إن إقراره لوارثه بها جائز مطلقا مع أن النقول مصرحة بأن إقراره له بالعين كالدين كما قدمناه عن الرملي
ومن هذا يظهر لك ما في بقية كلام الشارح وهو متابع فيه للأشباه مخالفا للمنقول وخالفه فيه العلماء الفحول كما قدمناه
وفي الفتاوى الإسماعيلية سئل فيمن أقر في مرضه أن لا حق له في الأسباب والأمتعة المعلومة مع بنته المعلومة وأنها تستحق ذلك دونه من وجه شرعي فهل إذا كانت الأعيان المرقومة في يده وملكه فيها ظاهر
____________________
(8/174)
ومات في ذلك المرض فالإقرار بها للورثة باطل الجواب نعم على ما اعتمده المحققون ولو مصدرا بالنفي خلافا للأشباه وقد أنكروا عليه ا هـ
ونقه السائحاني في مجموعه ورد على الأشباه والشارح في هاشم نسخته
وفي الحامدية سئل في مرض الموت أقر فيه أنه لا يستحق عند زوجته هند حقا وأبرأ ذمتها عن كل حق شرعي ومات عنها وعن ورثة غيرها وله تحت يدها أعيان وله بذمتها دين والورثة لم يجيزوا الإقرار فهل يكون غير صحيح
الجواب يكون الإقرار غير صحيح والحالة هذه والله تعالى أعلم ا هـ
أقول لكن يجب تقييد عدم الصحة بما إذا كان ملكه فيها معلوما أيضا ليكون ذلك قرينة على قصد الإضرار بباقي الورثة لئلا يتنافى كلامهم
تأمل
قوله ( ومنها النفي ) فيه أنه ليس بإقرار للوارث كما صوبه في الأشباه قوله ( كلا حق لي ) هذا صحيح في الدين لا في العين كما مر
قوله ( وهي الحيلة ) أي في قوله لا حق لي قبل أمي وأبي يعني إذا علم أنه لا حق له قبلهما وخاف أن يتعلل عليهما أحد من الورثة أو يدعي عليهما بشيء أما لو كان له حق فلا يحل له إضرار باقي الورثة فليتق الله من كان خارجا من الدنيا مقبلا على الآخرة
قوله ( ومنه ) الأولى ومنه كما قال في سابقه إلا أن يقال إنه عائد إلى النفي أي ومن النفي السابق هذا الخ
قوله ( هذا ) غير صحيح كما علمته مما مر لأنه مخالف لعامة المعتبرات
قوله ( وهذا حيث لا قرينة ) لم يذكر ذلك في الأشباه أصلا وحيث كان هذا إقرارا بعين لوارث وأنه لا يصح فلا حاجة إلى هذا التقييد
قوله ( فليحفظ فإنه مهم ) الحاصل أن الشارح رحمه الله تعالى تابع صاحب الأشباه وقد علمت أنه مخالف للمنقول واستنبط من كلامه أشياء مخالفة أيضا وقد ظهر لك بما قدمناه حقيقة الحال بعون الملك المتعال
تتمة قال في البحر في متفرقات القضاء ليس لي على فلان شيء ثم ادعى عليه مالا وأراد تحليفه لم يحلف وعند أبي يوسف يحلف وسيأتي في مسائل شتى آخر الكتاب أن الفتوى على قول أبي يوسف واختاره أئمة خوارزم لكن اختلفوا فيما إذا ادعاه وارث المقر على قولين ولم يرجح في البزازية منهما شيئا
وقال الصدر الشهيد الرأي في التحليف إلى القاضي وفسره في فتح القدير بأنه يجتهد في خصوص الوقائع فإن غلب على ظنه أنه لم يقبض حين أقر يحلف له الخصم ومن لم يغلب على ظنه ذلك لا يحلفه وهذا إنما هو في المتفرس في الأخصام ا هـ
قلت وهذا مؤيد لما بحثناه والحمد لله
قال في التاترخانية عن الخلاصة رجل قال استوفيت جميع مالي على الناس من الدين لا يصح إقراره وكذا لو قال أبرأت جميع غرمائي لا يصح إلا أن يقول قبيلة فلان وهم يحصون فحينئذ يصح إقراره ويبرأ
وفي التاترخانية أيضا عن واقعات الناطفي أشهدت المرأة شهودا على نفسها لابنها أو لأخيها تريد بذلك إضرار الزوج أو أشهد الرجل شهودا على نفسه بمال لبعض الأولاد يريد به إضرار باقي الأولاد والشهود يعلمون ذلك وسعهم أن لا يؤدوا الشهادة إلى آخر ما ذكره العلامة البيري وينبغي على قياس ذلك أن يقال إذا كان للقاضي
____________________
(8/175)
علم بذلك لا يسعه الحكم
كذا في حاشية أبي السعود على الأشباه والنظائر
قوله ( يؤمر في الحال بتسليمه ) لاحتمال صحة هذا الإقرار بصحته من هذا المرض
قوله ( يرده ) أي إن كان له وارث غيره ولم يصدقه
قوله ( تصرفات المريض نافذة ) لما تقدم احتمال صحته ويظهر لي أن يتفرع على هذا ما في الخانية وهو لو أقر لوارثه بعبد فقال ليس لي لكنه لفلان الأجنبي فصدقه ثم مات المريض فالعبد للأجنبي ويضمن الوارث قيمته وتكون بينه وبين سائر الورثة
قوله ( وإنما ينتفض ) أي التصرف المأخوذ من التصرفات وهذا في تصرف ينقض أما ما لا ينقض كالنكاح فالأمر فيه ظاهر وفي نسخة بالتاء
قوله ( بعد الموت ) محله ما إذا تصرف لوارث وأما إذا كان لغير وارث فإن كان تبرعا أو محاباة ينفذ من الثلث وإلا فصحيح كالنكاح
قوله ( والعبرة لكونه وارثا الخ ) قال الزيلعي اعلم أن الإقرار لا يخلو إما أن يكون المقر له وارثا وقت الإقرار دون الموت أو كان وارثا فيهما وإن لم يكن وارثا فيما بينهما أو لم يكن وارثا وقت الإقرار وصار وارثا وقت الموت فإن كان وارثا وقت الإقرار دون وقت الموت بأن أقر لأخيه مثلا ثم ولد له ولد يصح الإقرار لعدم كونه وارثا وقت الموت وإن كان وارثا فيهما لا فيما بينهما بأن لامرأته ثم أبانها وانقضت عدتها ثم تزوجها أو والى رجلا فأقر له ثم فسخ الموالاة ثم عقدها ثانيا لا يجوز الإقرار عند أبي يوسف لأن المقر متهم بالطلاق وفسخ الموالاة ثم عقدها ثانيا وعند محمد يجوز لأن شرط امتناع الإقرار أن يبقى وارثا إلى الموت بذلك السبب ولم يبق ولأنه لما صار أجنبيا تعذر الإقرار كما لو أنشأه في ذلك الوقت ألا ترى أنه لو لم يعقد ثانيا كان جائزا فكذا إذا عقد وإن لم يكن وارثا وقت الإقرار ثم صار وارثا وقت الموت ينظر فإن صار وارثا بسبب كان قائما وقت الإقرار بأن أقر لأخيه وله ابن مات الابن قبل الأب لا يصح إقراره فإن صار وارثا بسبب جديد كالتزوج وعقد الموالاة جاز
وقال زفر لا يجوز لأن الإقرار حصل للوارث وقت العقد فصار كما إذا صار وارثا بالنسب ولنا أن الإقرار حين حصل للأجنبي لا للوارث فينفذ ولزم فلا يبطل بخلاف الهبة لأنها وصية ولهذا من الثلث فيعتبر وقت الموت بخلاف ما إذا صار وارثا بالنسب بأن أقر مسلم مريض لأخيه الكافر ثم أسلم قبل موته أو كان محجوبا بالابن ثم مات الابن حيث لا يجوز الإقرار له لأن سبب الإرث كان قائما وقت الإقرار ولو أقر لوارثه ثم مات المقر له ثم المريض ووارث المقر له من ورثة المريض لم يجز إقراره عند أبي يوسف أولا لأن إقراره حصل للوارث ابتداء وانتهاء
وقال آخرا يجوز وهو قول محمد لأنه بالموت قبل موت المريض خرج من أن يكون وارثا وكذلك لو أقر لأجنبي ثم مات المقر له ثم المريض وورثة المقر له من ورثة المقر لأن إقراره كان للأجنبي فيتم به ثم لا يبطل بموته ا هـ
قوله ( لعدم إرثه ) أي وقت الموت
قوله ( فيجوز ) يعني لو أقر لأجنبي في مرض موته وكان المقر مجهول النسب وعقد الموالاة معه فلما مات وارثا بعقد الموالاة فلا يبطل إقراره له لأن الإرث إنما كان بسبب حادث بعد الإقرار فيبقى الإقرار لكن لا تظهر له ثمرة لأن مولى الموالاة لا يرث مع وارث قريب أو بعيد وإنما
____________________
(8/176)
يتوقف لحق الوارث ولا وارث معه إذ لو كان معه وارث لم يستحق الميراث فلا يكون وارثا وربما يظهر ثمرته مع أحد الزوجين فإن الإقرار ينفذ في حق الزوج المقر لما تقرر وكذا إن صح عقد الولاء مع اثنين بعد أن أقر لأحدهما فليراجع هذا الأخير
قوله ( لأن إرثه بسبب قديم ) أي قائم وقت الإقرار ولم أقر لوارثه وقت إقراره ووقت موته وخرج من أن يكون وارثا فيما بين ذلك بطل إقراره عند أبي يوسف لا عند محمد
نور العين عن قاضيخان
أقول وإيضاحه أنه لو أقر لمن كان وارثا وقت الإقرار ثم خرج عن ذلك بعده ثم صار وارثا عند الموت فالأولى أو يقول فلو أقر لمن هو وارث وقت الخ
وفي جامع الفصولين أقر لابنه وهو قن ثم عتق فمات الأب جاز لأن الإقرار للمولى لا للقن بخلاف الوصية لابنه وهو قن ثم عتق فإنها تبطل لأنها حينئذ للابن ا هـ
وبيانه في المنح
وانظر ما حرره سيدي الوالد رحمه الله تعالى في الوصايا
قوله ( بخلاف الهبة ) الظاهر أنه لا بد من القبض في الهبة وإلا فلا اعتبار لها
قوله ( فلا تصح ) يعني لو وهب لها شيئا أو أوصى لها ثم تزوجها فإنهما يبطلان اتفاقا
قوله ( لأن الوصية تمليك بعد الموت وهي حينئذ وارثة ) تعليل لقوله والوصية لها ثم تزوجها كذا الهبة لها في مرضه لأن الهبة في مرض الموت وصية
قوله ( أقر فيه الخ ) يفيد أنها لو كانت حية وارثة لم يصح
قال في الخانية لا يصح إقرار مريض مات فيه بقبض دينه من وارثه ولا من كفيل وارثه ولو كفل في صحته
وكذا لو أقر بقبضه من أجنبي تبرع عن وارثه
وكل رجلا ببيع شيء معين فباعه من وارث موكله وأقر بقبض المثن من وارثه أو أقر أن وكيله قبض الثمن ودفعه إليه لا يصدق وإن كان المريض هو الوكيل وموكله صحيح فأقر الوكيل أنه قبض الثمن من المشتري وجحد الموكل صدق الوكيل ولو كان المشتري وارث الوكيل والموكل والوكيل مريضان فأقر الوكيل بقبض الثمن لا يصدق إذ مرضه يكفي لبطلان إقراره لوارثه بالقبض فمرضهما أولى
مريض عليه دين محيط فأقر بقبض وديعة أو عارية أو مضاربة كانت له عند وارثه صح إقراره لأن الوارث لو ادعى رد الأمانة إلى مورثه المريض وكذبه المورث يقبل قول الوارث ا هـ
من نور العين قبيل كتاب الوصية
فرع باع فيه من أجنبي عبدا وباعه الأجنبي من وارثه أو وهبه منه صح إن كان بعد القبض لأن الوارث ملك العبد من الأجنبي لا من مورثه
بزازية
قوله ( وترك منها وارثا ) الظاهر أن قول المؤلف منها اتفاقي ويحمل كلام المصنف على أنه ترك وارثا منكرا ما أقر به
قوله ( ولو أقر فيه لوارثه ولأجنبي بدين لم يصح ) أي للوارث ولا للأجنبي
قوله ( خلافا لمحمد ) فإنه يجيزه في حق الأجنبي ويبطل منه ما أصاب الوارث وهذا مستدرك بقوله
____________________
(8/177)
سابقا أو مع أجنبي بدين أو عين أطلقه هنا وقيد الخلاف في الوصايا بما إذا أنكر أحدهما الشركة مع الآخر فيصح في حصة الأجنبي عند محمد خلافا لهما أما إذا تصادقا فلا يصح اتفاقا ومثله في التمرتاشية والمجمع له أن أقراره للوارث لم يصح فلم تثبت الشركة فتصح للأجنبي كما لو أوصى لوارثه ولأجنبي وكما لو أقر لأخيه في مرض موته لا وارث له غيره ثم ولد له ابن ينفذ إقراره لأخيه
كذا هنا
ولهما أنه أقر بمال موصوف بصفة فإذا بطلت الصفة يبطل الأصل كما لو تصادقا كما في شرح المنظومة
فرع في التاترخانية عن السراجية ولو قال مشترك أو شركة في هذه الدار فهذا إقرار بالنصف وفي العتابية ومطلق الشركة بالنصف عند أبي يوسف وعند محمد ما يفسره المقر
ولو قال لي الثلثان موصولا صدق وكذا قوله بيني وبينه أولى وله
ا هـ
نهج النجاة
قوله ( عمادية ) وعبارتها كما في المنح حيث قال ولو أقر المريض لوارثه ولأجنبي بدين فإقراره باطل تصادقا في الشركة أو تكاذبا
وقال محمد إقراره للأجنبي بقدر نصيبه جائز إذا تكاذبا في الشركة وأنكر الأجنبي الشركة وهي معروفة في الجامعين
وذكر شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده إذا كذب الوارث المقر في الشركة وصدقه في الأجنبي لم يذكر محمد هذا الفصل ويجوز أن يقال إنه على الاختلاف ولكن للصحيح أن يقال إنه لا يجوز على قول محمد كما هو مذهبهما
هذه الجملة في فتاوى القاضي ظهير ا هـ
ما في الفصول
وبه وبما ذكرناه عن شرح المنظومة يعلم ما في كلام الشارح فتأمله وقدمنا نظيره فلا تنسه
قوله ( وإن أقر لأجنبي مجهول نسبه الخ ) وهو من لايعلم له أب في بلده على ما ذكر في شرح تلخيص الجامع لأكمل الدين والظاهر أن المراد به بلد هو فيه كما في القنية لا مسقط رأسه كما ذكر البعض واختار المقدسي وبعض أرباب الحواشي بأنه هو الظاهر لأن المغربي إذا انتقل إلى الشرق فوقع عليه حادثة يلزمه أن يفتش على نسبه في المغرب وفيه من الحرج ما لا يخفى فليحفظ هذا ذكره في الحواشي اليعقوبية
وإلى القولين أشار الشارح فيما يأتي وقيد بمجهول النسب لأن معروفه يمتنع ثبوته من غيره
قوله ( وصدقة ) أي إذا كان يولد مثله لمثله لئلا شكون مكذبا في الظاهر
ذكره الشمني قوله ( وهو من أهل التصديق ) بأن كان يعبر عن نفسه أما إذا لم يكن يعبر عن نفسه لم يحتج إلى التصديق كما سيذكره الشارح
قوله ( لما مر ) من أنه إقرار لوارث عند الموت بسبب قديم كان عند الإقرار ولو أقر المريض المسلم بدين لابنه النصراني أو العبد فأسلم أو أعتق قبل موته فلإقرار باطل لأن سبب التهمة بينهما كان قائما حين الإقرار وهو القرابة المانعة للإرث ولو في ثاني الحال وليس هذا كالذي أقر لامرأة ثم تزوجها والوجه ظاهر كما في غاية البيان نقلا عن وصايا الجامع الصغير
وذكر فخر الدين قاضيخان في شرحه خلاف زفر في الإقرار لابنه وهو نصراني أو عبد الخ فقال إن الإقرار صحيح عند زفر لأنه وقت الإقرار لم يكن وارثا ا هـ
أقول يظهر من هذا أن مذهبه مضطرب لأن هذا التعليل يقتضي صحة إقراره في المسألة المارة بصحة إقراره لأجنبية ثم تزوجها مع أن مذهبه عدم الصحة كهذه المسألة
تدبر
قوله ( ولو لم يثبت ) الأنسب في التعبير أن يقول فلو عرف أو كذبه لا يثبت نسبه ويكون ذلك مفهوم قوله مجهول نسبه وقوله وصدقه كما علمت فتدبر
____________________
(8/178)
قوله ( لعدم ثبوت النسب ) تكرار لا فائدة فيه
قوله ( ولو أقر لمن طلقها ) أي في مرضه
قوله ( يعني بائنا ) أي الثلاث ليس بقيد لأن البائن يمنعها من الإرث ولو واحدة حيث كان بطلبها أو في الصحة فالشرط البينونة ولو صغيرة أما الرحمية فهي زوجة وإن كانت ممن لا ترث بأن كانت ذمية صح إقراره لها من جميع المال ووصيته من الثلث
حدادي
وإن طلقها بلا سؤالها فلها الميراث بالغا ما بلغ ولا يصح الإقرار لها لأنها وارثة إذا هو فار
قوله ( فلها الأقل من الإرث والدين ) لقيام التهمة ببقاء العدة لاحتمال تواطئها معه على الطلاق ليقر لها بالدين الزائد على فرضها فعوملت بالأقل دفعا لقصدها السيء بإضرار الورثة وباب الإقرار كان منسدا لبقاء الزوجية فربما أقدم على الطلاق ليصح إقراره لها زيادة على إرثها ولا تهمة في أقلهما فيثبت
قوله ( في أعيان التركة ) ولو كان إرثا لشاركت فيها والمألة تقدمت في آخر إقرار المريض بأوفى مما هنا فراجعها إن شئت
فرع إقراره لها أي للزوجة بمهرها إلى قدر مثله صحيح لعدم التهمة فيه وإن بعد الدخول فيه قال الإمام ظهير الدين وقد جرت العادة بمنع نفسها قبل قبضها مقدار من المهر فلا يحكم بذلك القدر إذا لم تعترف هي بالقبض والصحيح أنه يصدق إلى تمام مهر مثلها وإن كان الظاهر أنها استوفت شيئا بزازية
وفيها أقر فيه لامرأته التي ماتت عن ولد منه بقدر مهر مثلها وله ورثة أخرى لم يصدقوه في ذلك قال الإمام ظهير الدين لا يصح إقراره ولا يناقض هذا ما تقدم لأن الغالب هنا بعد موتها استيفاء ورثتها أو وصيها المهر بخلاف الأول
ا هـ
قوله ( فإذا مضت العدة ) أي سواء كان الإقرار قبل مضيها أو بعده والظاهر أن مثله ما لو أقر لها وهي زوجته في مرض موته ثم طلقها وانقضت العدة ثم ماتت
قوله ( وإن أقر لغلام ) لا يخفى أن قوله سابقا وإن أقر لأجنبي الخ مندرج في هذه شرنبلالية
قال السيد الحموي وكان الأولى تقديم هذه المسألة على قوله وإن أقر لأجنبي ثم أقر ببنوته لأن الشروط الثلاثة هنا معتبرة هناك أيضا ا هـ
قوله ( أو في بلد هو فيها ) حكاية قول آخر كما قدمناهما قريبا
قال العلامة الرحمتي إذا كان مجهول النسب في أحد المكانبن أي بلده أو بلد هو فيها يقضي بصحة الدعوى لكن مجهول النسب في موضع الدعوى إذا قضى بثبوت نسبه من المدعي ثم جاءت بينة من مولده بأنه معلوم النسب من غير المدعي تبطل بها تلك الدعوى أما لو كان مجهول النسب في مولده فلا تنقض الدعوى بعد ثبوتها
قوله ( بحث يولد مثله لمثله ) أي مثل هذا الغلام لمثل هذا المريض بأن يكون الرجل أكبر منه باثنتي عشرة سنة ونصف والمرأة أكبر منه بتسع سنين ونصف كما في المضمرات والمراد بالغلام الولد فيشمل البنت
قوله ( إنه ابنه ) أي بلا واسطة حتى لو أقر لشخص أنه ابن ابنه لم يثبت نسبه وكان حكمه حكم ما لو أقر بأخ كما في البرجندي وسيأتي
قوله ( وصدقه ) أي المقر الغلام
قوله ( وإلا لم يحتج لتصديقه ) لأنه في يد غيره فينزل
____________________
(8/179)
منزلة البهيمة فلم يعتبر تصديقه بخلاف المميز لأنه في يد نفسه وعند الأئمة الثلاثة بلا تصديقه لو كان غير مكلف
قوله ( وحينئذ ) ينبغي حذفها فإنه بذكرها بقي الشرط بلا جواب ح
قوله ( ولو المقر مريضا ) لا حاجة إليه بعد كون الباب باب إقرار المريض
قوله ( شارك الغلام الورثة ) لأنه من ضرورات ثبوت النسب
زيلعي
ثم لا يصح الرجوع لأن النسب بعد ثبوته لا يقبل الإبطال بخلاف الرجوع عن الإقرار لنسب نحو الأخ فإنه يصح لعدم ثبوته لأنه كالوصية وإن صدقه المقر له كما في البدائع لكن يأتي في كلام الشارح عن المصنف قريبا بالتصديق يثبت فلا ينفع الرجوع الخ ويأتي الكلام عليه
قوله ( فإن انتفت هذه الشروط ) أي أحدها بأن علم نسبه أو لم يولد مثله لمثله أو لم يصدقه الغلام فيصير مكذبا فلا يثبت النسب لكنه يؤاخذ المقر من حيث استحقاق المال كما قال
قوله ( يؤاخذ المقر من حيث استحقاق المال ) أي ولا يثبت النسب لما علمت وكونه يؤاخذ المقر من حيث استحقاق المال لا يظهر هنا لأن هذا في مجرد الإقرار بالنسب لا الإقرار بالمال أيضا
وإنما يظهر ذلك في المسألة السابقة وهي ما إذا أقر لأجنبي ثم ادعى بنوته فإنه إذا لم توجد هذه الشروط لزمه المال وإن كان النسب لا يثبت ولا يراد بالمال ما يلزمه من النفقة والحضانة والإرث كما يأتي لما فيه من تحميل النسب على الغير فإنه إذا انتفى هنا التصديق كيف يرثه أو تجب عليه نفقته وكذا إذا كان لا يولد مثله لمثله أو كان معلوم النسب وما يأتي محله إذا وجدت الشروط اللائقة ولم يصدق المقر عليه أي وقد أقر له مع ذلك بمال فإن النسب لا يثبت لأن فيه تحميلا على الغير ولكنه يصح إقراره بالمال كما لو أقر بأخوة غيره فما في يده من مال أبيه كان للمقر له نصفه وظاهره أنه يقدم على دين الصحة فيكون مخالفا لما مر أن ما أقر به في المرض مؤخر عنه على أن المؤاخذة حينئذ ليست للمقر بل للورثة حيث يشاركهم في الإرث ومع هذا فإن كان الحكم كذلك فلا بل له من نقل صريح حتى يقبل
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى وقد راجعت عدة كتب فلم أجده ولعله لهذا أمر الشارح بالتحرير فتأمل
قوله ( كما مر عن الينابيع ) الذي قدمه الشرنبلالي عن الينابيع في المسألة السابقة نصه ولو كذبه أو كان معروف النسب من غيره لزمه ما أقر به ولا يثبت النسب ا هـ
وعبارة الشارح ركيكة فلو قال فلو انتفى أحد هذه الشروط وقد أقر له بمال يؤاخذ به المقر لكان أوضح لأن المانع من صحة الإقرار ثبوت النسب فحيث لم يثبت لزم المقر به وهذا هو تحرير المقام ط
قوله ( فيحرر عنه الفتوى ) قال الحلبي لم يظهر لي المخالفة الموجبة للتحرير فتأمل
قوله ( والرجل صح إقراره ) في بعض النسخ هكذا بزيادة لفظ الرجل لإفادة أن الإقرار بالمذكورات ليس قاصر على المريض
فقوله ( بعد أي المريض ) تفسير مضر ولا حاجة إليه بعد تقدم مرجعه إلا أن يجعل مرفوعا تقييد الرجل وهو تقييد مضر أيضا كما في ط
لكن الأولى كما في بعض النسخ المحذوف منها لفظ الرجل أن يقال قيد بالمريض ليعلم أي الصحيح كذلك بالأولى وأنما قيده به لأن الكلام في إقرار المريض
قوله ( بالولد والوالدين ) لأنه إقرار على نفسه وليس فيه حمل النسب على الغير وأعاد صحة الإقرار بالولد لذكر جملة ما يصح في جانب الرجل وأفاد بالصراحة الإقرار كما يأتي قريبا اعتماد الشارح له تبعا للمصنف
____________________
(8/180)
قال في العناية وهو رواية تحفة الفقهاء وشرح الفرائض للإمام سراج الدين والمذكور في المبسوط والإيضاح والجامع الصغير للمحبوبي أن إقرار الرجل يصح بأربعة بالابن والأب والمرأة ومولى العتاقة
ا هـ
ومن الظاهر أن الابن ليس بقيد مخرج صحة الإقرار بالبنت ا هـ
قوله ( وإن عليا ) أي الوالدان ولا يرجع الضمير إلى الوالدين والابن لأنه لا يقال فيه وإن علا وعبارة البرهان يصح إقراره بالولد والوالدين يعني الأصل وإن علا ا هـ
ولا غبار عليها
قوله ( وفيه نظر ) وجهه ظاهر فهو كإقراره ببنت ابن
قال في جامع الفصولين أقر ببنت فلها النصف والباقي للعصبة إذ إقراره ببنت جائز لا ببنت الابن ا هـ
وما ذاك إلا لأن فيه تحميل النسب على الابن فتدبر ط
قوله ( لا يصح ) سيأتي التصريح به في المتن وهو مؤيد أيضا لكلام المقدسي
قوله ( بالشروط الثلاثة المتقدمة في الابن ) لم يذكرها اتكالا على ما تقدم إلا أن في دعواه هذا أبي يشترط أن يكون المقر مجهول النسب وأن يولد مثل المقر لمثل المقر له
قوله ( بشرط خلوها الخ ) ينبغي أن يزاد وأن لا تكون مجوسية أو وثنية ولم أر من صرح به حموي
وفي حاشية سري الدين على الزيلعي
قوله ( والزوجة أي بشرط أن تكون الزوجة صالحة لذلك ا هـ ) كافي
وأدخل في ذلك ما إذا كانت حرمتها بالرضاع
قوله ( مثلا ) أشار به إلى أن الأخت ليست بقيد بل مثلها كل امرأة لا يحل جمعها معها في عقد كخالتها وعمتها
قوله ( وأربع سواها ) أي وكذلك لو كان معه أربعة سواها أو معه حرة وأقر بنكاح الأمة
قال المصنف في منحه وقد أخل بهذه القيود صاحب الكنز والوقاية وكذلك مما لا ينبغي الإخلال به ا هـ
قال العلامة الرملي أقول أيتوهم متوهم صحة الإقرار بالزوجة مع وجود زوج وعدته أو أختها أو أربع سواها فلا أدري لهذا مثلا إلا ما اعترض به بعض جهلة الأروام على قول الكنز في الماء الجاري وهو ما يذهب بتبنه حيث قال الجمل يذهب بأتبان فتأمل وأنصف
قوله ( وصح بالمولى من جهة العتاقة ) سواء كان أعلى أو أسفل بأن كان معتقا أو معتقا فإن الإقرار لكل واحد صحيح إذا صدقه المقر له وقوله من جهة العتاقة أي وكذا من جهة الموالاة إن كان الأول قد عقل عنه
قوله ( إن لم يكن ولاؤه ثابتا من جهة غيره ) قال المصنف في المنح وهذا قيد لا بد منه وقد أخل به في الكنز والوقاية أيضا لأن موجب إقراره يثبت بينهما بتصادقهما من غير إضرار بأحد فينفذ ا هـ
قال الخير الرملي أقول إذا كان ولاؤه ثابتا من جهة غيره لا يصح إقرار الصحيح به فكيف يصح إقرار المريض به والكلام إنما هو في مسائل يخالف المريض الصحيح فيها فما الحاجة إلى ذكر ما لا حاجة إلى ذكره لعدم خطوره ببال من له بال وهذا الاستدراك كالذي قبله ففي ذكره خلل لا في تركه فليتأمل ا هـ
قوله ( أي غير المقر ) صوابه المقر له وكأنها سقطت من قلم الناسخ وذلك لأن موجب الإقرار يثبت بتصادقهما وليس فيه تحميل النسب على الغير
____________________
(8/181)
والحاصل أن الولاء كالنسب وثبوت النسب من الغير يمنع صحة الإقرار فكذا الولاء
قوله ( من صحة الإقرار بالأم ) في جابن الرجل والمرأة
قوله ( لأن النسب للآباء لا للأمهات ) فيه أنه لا ينكر انتساب الولد إلى أمه وإنما معناه أنه ينظر في النسب والدعوة للأب
قال الحموي وفي حواشي شيخ الإسلام الحفيد على صدر الشريعة هذا أي ما ذكر من صحة إقرار الرجل بالولد والوالدين والزوجة والمولى وما ذكر من صحة إقرارها بالوالدين والزوج والمولى موافق لتقدير الهداية والكافي وتحفة الفقهاء لكنه مخالف لعامة الروايات على ما في النهاية ولتقرير الخلاصة والمحيط وقاضيخان حيث صرحوا بأنه لا يجوز إقرار الرجل بوارث مع ذي قرابة معروفة إلا بأربعة الابن والأب والزوجة والمولى ففيما وراء الأربعة كالأم مثلا لا ترث مع الوارث المعروف أما الإقرار فصحيح في نفسه حتى يقدم المقر له على بيت المال إذا لم يبق وارث معروف
تأمل
ا هـ ط
قوله ( وفيه حمل الزوجية على الغير ) المضر تحميل النسب على الغير لا الزوجية على أن المقر يعامل بإقراره من جهة الإرث وإن كان إقراره لا يسري على الزوج ط
قوله ( ولكن الحق الخ ) الظاهر من نقل الحفيد أنهما قولان
قوله ( بجامع الأصالة ) وهو في الأب معلول بأن الانتساب إليه كما قدمه من التعليل على ما فيه ولا يظهر ذلك في حق الأم وليست العلة الأصالة وإلا لثبت النسب في الآباء الأعلين وقد تقدم عن الزيلعي خلافه
قوله ( وكذا صح ) أي إقرارها
قوله ( ولو قابلة ) أشار به إلى أن القابلة ليست بقيد ومن قيد به فباعتبار العادة من حضورها وقت الولادة
أفاده الرحمتي
وأفاد بمقابلته بقوله بعده أو صدقها الزوج أن هذا حيث جحد الزوج وادعته منه وأفاد أنها ذات زوج بخلاف المعتدة كما صرح به الشارح أما إذا لم تكن ذات زوج ولا معتدة أو كان لها زوج وادعت أن الولد من غيره فلا حاجة إلى أمر زائد على إقرارها صرح بذلك كله ابن الكمال وسيأتي فقد علم أن قوله إن شهدت الخ محله عند التجاحد وأفاد كلامه أنه إذا لم يوجد شرط صحة الإقرار لا يعمل به في حقه أيضا
وفي الشلبي عن الإتقاني ولا يجوز إقرار المرأة بالولد وإن صدقها ولكنهما يتوارثان إن لم يكن لهما وارث معروف لأنه اعتبر إقرارها في حقها ولا يقضي بالنسب لأنه لا يثبت بدون الحجة وهو شهادة القابلة فإن شهدت لها امرأة على ذلك وقد صدقها الولد ثبت نسبه منها وكذلك إذا لم تشهد لها امرأة وقد صدقها زوجها ثبت النسب منهما لأن النسب يثبت بتصادقهما لأنه لا يتعدى إلى غيرهما كذا في شرح الكافي ا هـ
فليتأمل
وهذا يفيد أن شهادة القابلة مثلا لثبوت النسب إذا أنكر ولادتها
فقوله ( بتعيين الولد ) إنما يكون هذا إذا تصادقا على الولادة واختلفا في التعيين
وعبارة غاية البيان عن شرح الأقطع فتثبت الولادة بشهادتها ويلتحق النسب في الفراش
ا هـ
والظاهر أن ما أفاده الشارح حكمه كذلك
قوله ( بتعيين الولد ) وكذا بإثباته لو جحد أما الثابت بالفراش فبعد اعترافه بالولادة أي إذا اعترف أنها ولدت ثبت أنه منه لقيام فراشه فإن نفاه لاعن أما لو جحد للولادة أو تعيين الولد فإنه يثبت بشهادة امرأة لأنه مما لا يطلع عليه الرجال عادة حتى لو شهد
____________________
(8/182)
به رجل صح كما يفهم هذا كله من باب ثبوت النسب ولا بد فيه من العدالة كما هو في سائر أنواع الشهادة
قوله ( ولو معتدة الخ ) إلا معتدة الرجعي إذا جاءت به لأكثر من سنتين فإنه يثبت به الرجعة فكانت زوجة لا معتدة فيكتفي في إثباته عند الجحد بشهادة امرأة على ما اختاره في البحر وأقره عليه في النهر والشارح في باب ثبوت النسب
قوله ( جحدت ) بالبناء للمجهول أي جحد الزوج أو ورثته
قوله ( أو صدقها الزوج إن كان لها زوج ) بيان لمحل اشتراط شهادة المرأة وما عطف عليها
قوله ( أو كانت معتدة منه ) بأن طلقها أو مات عنها فادعت الولد فلا بد من تصديق الزوج أو الورثة فإن كذبت يكفي شهادة القابلة أو امرأة غيرها هذا ما يفهم مما هنا وبه صرح العيني تبعا للزيلعي لكن تقدم في باب ثبوت النسب أن المعتدة إذا جحدت ولادتها لا يثبت نسب ولدها إلا بحجة تامة ويكتفي بالقابلة عندهما فلعله جرى هنا على قولهما
وفي المواهب لو جحد ولادة معتدته فثبوتها بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين أو بحبل ظاهر أو اعترافه أو تصديق الورثة واكتفينا بامرأة ثقة كتعينه بها ا هـ
وهذا كله في عدة البائن
أما معتدة الرجعي فإنه يثبت نسبه وإن جاءت به لأكثر من سنتين ويكون رجعة وحينئذ فتكون زوجة لا معتدة ويكتفي في إثباته عند الجحد بشهادة امرأة على ما اختاره في البحر كما قدمناه آنفا
واعلم أن ما ذكره من الشروط إنما هو لصحة الإقرار بالنسب لئلا يكون تحميلا على الزوج فلو فقط شرط صح إقرارها عليها فيرثها الولد وترثه إن صدقها ولم يكن لهما وارث غيرهما فصار كالإقرار بالأخ ويفهم هذا مما قدمناه
قوله ( وصح ) أي إقرارها مطلقا أي وإن لم يوجد شهادة ولا تصديق من زوج
قوله ( ولا معتدة ) لأن فيه إلزاما على نفسها دون غيرها فينفذ عليها
قوله ( وادعت أنه من غيره ) أي فيصح إقرارها في حقها فقط
قوله ( فصار كما لو ادعاه منها الخ ) لكن يفرق بينها وبين ما قبلها بأن دعوى الزوج لا تتوقف على تصديق المرأة لأنه يتزوج غيرها ويتسرى بملك اليمين ولكن لا يلزمها لو ادعى أنه منها إلا بتصديقها والمرأة لو صح إقرارها بالولد للزم الزوج لأن الولد للفراش فلا بد من تصديقه أو حجة تقوم عليه ويكفي الواحدة لأنه مما لا يطلع عليه الرجال إلا إن قالت هو من غيره فقد نفته عنه فيلزمها ولا يلزمه
قوله ( قلت ) أقول غاية ما يلزم على عدم معرفة زوج آخر
____________________
(8/183)
كونه من الزنا مع أنه ليس بلازم وبفرض تحقق كونه من الزنا يلزمها أيضا لأن ولد الزنا واللعان يرث بجهة الأم فقط فلا وجه للتوقف في ذلك
أبو السعود
قوله ( بقي لو لم يعرف لها زوج غيره ) أي وقد ادعت أنه من غير هذا الزوج والظاهر ثبوته منها لعدم تحميل نسب على معلوم فيرثها
قال الرحمتي هو داخل تحت قوله وادعت أنه من غيره لشموله ما إذا عرف لها زوج غيره أو لم يعرف إذ يكفي في ذلك الإمان العقلي كما هو ظاهر إطلاقهم
قوله ( فيحرر ) وهو أنه يثبت نسبه من الأم كما علمت لأن غاية ما يكون كونه من الزنا وهو يثبت من الأم لا الأب
قوله ( ولا بد من تصديق هؤلاء ) يعني الولد والوالدين والزوجة والمولى والزوج لأن إقرار غيرهم لا يلزمهم لأن كلا منهم في يد نفسه
عيني
قوله ( ولو كان المقر له عبد الغير ) أي فادعى أنه ابنه أو أبوه أو أنه زوجها أو كانت أمة فأقر أنها زوجته
قوله ( وصح التصديق من المقر له ) بنسب أو زوجية أي ولو بعد جحود المقر لقول البزازي أقر أنه تزوج فلانة في صحة أو مرض ثم جحد وصدقته المرأة في حياته أو بعد موته جاز ا هـ
قوله ( لبقاء النسب والعدة بعد الموت ) بهذا علم أن المراد بموت المقر في جانب الزوجية الزوج وإذا صح إقراره كان لها الميراث والمهر
أبو السعود أي لبقاء حكم النكاح وهو العدة
قوله ( إلا تصديق الزوج بعد موتها ) أي إنها أقرت بنكاح لرجل وماتت فصدقها الزوج لم يصح تصديقه عند أبي حنيفة وعندهما يصح فعليه مهرها وله الميراث منها لأبي حنيفة أنها لما ماتت زال النكاح بعلائقه حتى يجوز له أن يتزوج أختها وأربعا سواها ولا يحل له أن يغسلها فبطل إقرارها فلا يصح التصديق بعد بطلان الإقرار
وقول العيني وكذا إذا أقر الرجل بالزوجية فصدقته المرأة بعد موته عند أبي حنيفة ظاهر في التسوية بين الزوج والزوجة وليس كذلك ولهذا تعقبه الشيخ شاهين بأن تصديق الزوجة بعد موت الزوج صحيح بالاتفاق لأن حكم النكاح باق في حقها وهي العدة فإنها من آثار النكاح ولهذا جاز لها غسله ميتا كما في حال الحياة وإنما الخلاف في تصديق الزوج بعد موتها فعند أبي حنيفة لا يجوز وعندهما يجوز
زيلعي قوله ( بموتها ) كذا في نسخة وهو الصواب موافقا لما في شرحه على الملتقى
قوله ( بخلاف عكسه ) أي فإن النكاح لم ينقطع بعلائقه
قوله ( ولو أقر رجل ) مثله المرأة
قوله ( كما في الدرر ) عبارته أقر بنسب من غير ولاد كأخ وعم لا يثبت أي النسب ولا يقبل إقراره في حقه لأن فيه تحميل النسب على الغير فإن ادعى نفقة أو حضانة يقبل في حقها ويورث إلا مع وارث وإن بعد يعني إذا كان للمقر وارث معروف قريب أو بعيد فهو أحق بالإرث من المقر له حتى لو أقر بأخ وله عمة أو خالة فالإرث للعمة والخالة لأن نسبه لم يثبت فلا يزاحم الوارث المعروف ا هـ
قوله ( لفساده بالجد وابن الابن ) فإنهما في حكم غيرهما مما فيه تحميل على الغير إلا أن يخص كلام الدرر بالأب والابن لأنه أراد به الولاد الأصلي أو الفرعي بلا واسطة وهو الكامل فيشمل الغير ابن الابن والجدكما صرح بهما في الكافي أراد بابن الابن فرع الولد وبالجد أصل الأبوين ومثل هذا الإجمال غير قليل في المتون فلا يعد مخلا كما لا يخفى
لا يقال إن صاحب الدرر قال وإن أقر بنسب من غير ولاد لا يصح وهو غير شامل لمن إذا ادعى أنه جده أو ابن ابنه مع أنه لا يصح أيضا لما فيه من تحميل النسب على الغير وقوله هنا وإن أقر بنسب فيه تحميل الخ شامل لذلك فكان أولى لحمل كلامه على ما قلنا
تأمل
أقول ولا تنس ما تقدم من صحته عن البرهان ومن تنظير المقدسي له وقول صاحب الدرر أيضا ويرث إلا مع وارث وإن بعد أطلقه فشمل الزوج والزوجة وهذا مستقيم على قول بعض مشايخنا أنه يرد عليهما أيضا في زماننا كما في القنية والأصح أن ليس لهما الرد فيرث المقر له معهما كما في البرجندي وأراد بالقريب صاحب
____________________
(8/184)
فرض وعصبة ولو مولى العتاقة وبالبعيد من كان من ذوي الأرحام ومولى الموالاة ولا يكون له الثلث بالوصية لأنه ما أوجبه وصية وإنما أوجبه إرثا كما في الكافي وغيره وأنت خبير بأن هذا لم يخالف ما سبق عن القنية ندبر
قوله ( وابن الابن ) أي إذا كان في حياة ابنه لأن فيه حمل النسب على الغير كما قيده الحموي
قال العلامة أبو السعود وعلم أن الإقرار بابن الابن ذكره في التنوير وشرحه مطلقا لكن ذكره الحموي بخطه مقيدا بما إذا أقر به في حياة ابنه معللا بأن فيه حمل النسب على الغير ا هـ فليحفظ قوله ( إلا ببرهان ) يعم ما إذا أقامه المقر أو المقر له على المقر عليه وهو من حمل عليه النسب قوله ( ومنه إقرار اثنين ) أي من ورثة المقر عليه فيتعدى الحكم إلى غيرهما وإنما قيد باثنين لأن المقر له كان واحدا اقتصر حكم إقراره عليه أما إقرار ورثة المقر له لا يثبت النسبة فإنه كتصديقه وأطلق في الاثنين فشمل الرجل والمرأتين
قال في البدائع إن الوارث لو كان كثيرا فأقر واحد منهم بأخ آخر ونحوه لا يثبت نسبه ولا يرث معهم ولو أقر منهم رجلان أو رجل وامرأتان يثبت نسبه بالاتفاق ولو كان الوارث واحدا فأقر به يثبت به عند أبي يوسف خلافا لأبي حنيفة ومحمد وبقول أبي يوسف أخذ الكرخي
ا هـ
وظاهر إطلاق المتون على ترجيح قولهما كما لا يخفى قوله ( كما مر في باب ثبوت النسب ) حيث قال أو تصديق بعض الورثة فيثبت في حق المقرين وإنما يثبت النسب في حق غيرهم حتى الناس كافة إن تم نصاب الشهادة بهم أي بالمقرين وإلا يتم نصابها لا يشارك المكذبين لأنها لا تكون شهادة حينئذ حتى تتعدى بل يكون مجرد إقرار وهو قاصر على المقر فقط بل لا بد من الشهادة ونصابها حتى تكون حجة تتعدى على غيرهما
قوله ( وكذا لو صدقه المقر عليه ) هو من حمل عليه النسب
قوله ( أو الورثة ) يغني عنه قوله ومنه إقرار اثنين لكن كلامه هنا في تصديق المقر وهناك في نفس الإقرار وإن كان في المعنى سواء لكن بينهما فرق وهو أن التصديق بعد العلم بإقرار الأول كقوله نعم أو صدق والإقرار لا يلزم منه العلم تأمل
قال ويمكن التفرقة بينهما بأن صورة الأولى أقر اثنان من ورثة المقر عليه فبه يثبت النسب وصورة الثانية أقر المقر وصدقه اثنان من ورثة المقر عليه
قوله ( وهم من أهل التصديق ) بأن يكونوا بالغين عاقلين وتم نصاب الشهادة كما يأتي قريبا ما يفيده لكن هذا بالنظر لثبوت النسب أما بالنظر لاستحقاق الإرث فيستحقه ولو المصدق امرأة واحدة كانت هي الوارثة فقط مع المقر
ط
قوله ( حتى تلزمه ) برفع تلزم لأن حتى للتفريع لا للغاية
قوله ( من النفقة ) أي إذا كان ذا رحم محرم من المقر
قوله ( والحضانة ) فيه أنه يشترط في لزوم هذه الأحكام تصديق المقر له وهو لا يكون محضونا فيراد بالحضانة الضم إليه فيما إذا كان المقر له بنتا بالغة يخشى عليها ولا يقال تظهر في فرع المقر له إذا مات عنه
قلنا الظاهر أن الحضانة كالإرث لا تظهر في غير المقر له أفاده العلامة الطحطاوي قوله ( والإرث ) أي في حقهما فقط بحيث لا يمنعان بإقرارهما وارثا آخر كما سيأتي
قوله ( كذوي الأرحام ) قد علمت مما قدمناه عن الكافي تفسير القريب والبعيد
قال في الشرنبلالية ناقلا عن العناية مفسرا للقريب بذوي الفروض والعصبات والبعيد بذوي الأرحام
____________________
(8/185)
بعد ذكر ما مشى عليه الشارح والأول أوجه لأن مولى الموالاة إرثه بعد ذوي الأرحام مقدما على المقر له بنسب الغير ا هـ
فتنبه
قوله ( ورثه ) أي المقر له ويكون مقتصرا عليه ولا ينتقل إلى فرع المقر له ولا إلى أصله لأنه بمنزلة الوصية
أبو السعود عن جامع الفصولين
قوله ( لأن نسبه لم يثبت ) قال في المنح وهذا لأنه أقر بشيئين بالنسب وباستحقاق ماله بعده وهو في النسب مقر على غيره فيرد وفي استحقاق ماله مقر على نفسه فيقبل عند عدم المزاحم لأن ولاية التصرف في ماله عند عدم الوارث له فيضعه حيث شاء حتى كان له أن يوصي بجميع المال فلذا كان له أن يجعله لهذا المقر له
والظاهر أن المقر يرث المقر له لأن صدقه وهو إقرار ولكنه يتأخر عن الوارث المعلوم
قوله ( فلا يزاحم الوارث المعروف ) قريبا أو بعيدا فهو أحق بالإرث من المقر له حتى لو أقر بأخ وله عمة أو خالة فالإرث للعمة أو للخالة لأن نسبه لم يثبت فلا يزاحم الوارث المعروف
قوله ( والمراد غير الزوجين ) أي بالوارث الذي يمنع المقر له من الإرث لأنه وصية من وجه لأن نسبه لم يثبت فثبت حق الرجوع وارث من وجه حتى لو أوصى لغيره بأكثر من الثلث لا ينفذ إلا بإجازة المقر له ما دام المقر مصرا على إقراره لأنه وارث حقيقة كما في الزيلعي وفيه إشارة إلى أن المقر بنحو الولد والوالدين ليس له الرجوع عنه وبذلك صرح في الاختيار
قوله ( أي وإن صدقه المقر له ) صوابه المقر عليه كما عبر به فيما مر ويدل عليه قطعا كلام المنح حيث قال قوله أي الزيلعي للمقر أن يرجع عنه محله ما إذا لم يصدق المقر له على إقراره أو لم يقر بمثل إقراره الخ وعزاه لبعض شروح السراجية فقوله أو لم يقر لا شك أن الضمير فيه للمقر عليه لا للمقر له فعلم أن قوله المقر له صوابه المقر عليه كما عبر به صاحب المنح في كتاب الفرائض ويدل عليه قوله الآتي إن بالتصديق يثبت النسب ولا يكون ذلك إلا من المقر عليه
قال في روح الشروح على السراجية واعلم أنه إن شهد مع المقر رجل آخر أو صدقه المقر عليه أو الورثة وهم من أهل الإقرار فلا يشترط الإصرار على الإقرار إلى الموت ولا ينفع الرجوع لثبوت النسب حينئذ ا هـ
وفي شرح فرائض الملتقى للطرابلسي وصح رجوعه لأنه وصية معنى ولا شيء للمقر له من تركته
قال في شرح السراجية المسمى بالمنهاج وهذا إذا لم يصدق المقر عليه إقراره قبل رجوعه أو لم يقر بمثل إقراره أما إذا صدق إقراره قبل رجوعه أو أقر بمثل إقراره فلا ينفع المقر رجوعه عن إقراره لأن نسب المقر له قد ثبت من المقر عليه ا هـ
فهذا كلام شراح السراجية فالصواب التعبير بعليه كما عبر به في المنح في كتاب الفرائض وإن كانت عبارتها هنا كعبارة الشارح وعبارة الشارح في الفرائض غير محررة
فتنبه
أقول لكن قد يقال إن هذا التصويب غير صحيح وإنما الخطأ في الاستدراك بعده لأن الإقرار هنا من المقر له وهنا من المقر عليه فالاستدراك به غلط
تأمل قوله ( لكن الخ ) استدراك عن الزيلعي والبدائع ولا شك أن الزيلعي وصاحب البدائع أولى بالاعتماد من شروح السراجية مع أن الوجه ظاهر معهما لأنه جعله وصية من وجه فباعتباره يصح الرجوع والوصية يصح الرجوع عنها سواء قبل الموصى له أم لا وما في الزيلعي والبدائع موافق لما في الكتب وعبارة الهداية حتى لو أقر في مرضه بأخ وصدقه المقر له ثم أنكر المقر وراثته
____________________
(8/186)
ثم أوصى بماله كله لإنسان كان ماله للموصى له ولو لم يوص لأحد كان لبيت المال لأن رجوعه صحيح لأن النسب لم يثبت فبطل الإقرار ا هـ
وأقره الشراح
وقد صرح بأنه بعد تصديق المقر له لم يصح رجوعه ونقله المصنف مزاد به بعد تصديق المقر عليه وهو الأب مثلا فيما إذا أقر بأخ
وقال في الدر المنتقى وعندي في ثبوته بمجرد تصادقهما تردد ولعل مراد بعض شراحها بالتصديق تصديق أخ آخر كما مر فتدبر ا هـ
وذكره بعده فرعا آخر لو أقر الأخ بابن هل يصح قال الشافعية لا لأن ما دعا وجوده إلى نفيه انتفى من أصله ولم أره لأئمتنا صريحا وظاهر كلامهم نعم فليراجع ا هـ
وتوضيحه أن أخا الميت لو أقر أن للميت ابنا قالت الشافعية لا يصح إقراره لأنه لو صح لبطل كونه وارثا وإذا بطل كونه وارثا لم يصح إقراره وظاهر كلام أئمتنا أنه أقر بسقوط حق في الميراث وأن المستحق له من أقر ببنوته للميت فينفذ عليه
قال في غاية البيان وينبغي لك أن تعرف أن الرجوع عن الإقرار بالنسب إنما يصح إذا كان الرجوع قبل ثبوت النسب كما نحن فيه لأن النسب لم يثبت لكونه تحميلا على الغير وليس له ذلك فإذا ثبت النسب فلا يصح الرجوع بعد ذلك لأن النسب لا يحتمل النقض بعد ثوبته ا هـ
وإنما يثبت النسب بتصديق المقر عليه وهو الأب فيما إذا أقر بأخ لا بتصديق الأخ المقر له والله تعالى أعلم
قوله ( فليحرر عند الفتوى ) تحريره أنه لو صدقه المقر له فله الرجوع لأنه لم يثبت النسب وهو ما في البدائع ولو صدقه المقر عليه لا يصح رجوعه لأنه بعد ثبوته وهو ما في شروح السراجية فمنشأ الاشتباه تحريف الصلة فالموضوع مختلف ولا يخفى أن هذا كله في غير الإقرار بنحو الولد
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
أقول ويقال أيضا في تحريره أن الإقرار بالنسب إن لم يكن فيه تحميل على الغير ووجد التصديق لا يصح الرجوع فيه وإن كان فيه تحميل على الغير وصدقه المقر عليه فله الرجوع فالكلام في مقامين وهذا حيث لم يكن الإقرار بنحو الولد كما علمت فتأمل
قوله ( ومن مات أبوه الخ ) هذه المسألة بعينها فهمت مما تقدم فتقع مكررة إلا أن يقال إن المقر في المسألة السابقة مورث وهنا وارث وإن كانتا سواء في عدم ثبوت النسب كما في أبي السعود عن العيني
قال في البدائع إذا أقر وارث واحد بوارث كمن ترك ابنا فأقر بأخ لا يثبت نسبه عندهما
وقال أبو يوسف يثبت وبه أخذ الكرخي لأنه لما قبل في الميراث قبل في النسب وإن كان أكثر من واحد بأن كانا رجلين أو رجلا وامرأتين فصاعدا يثبت النسب بإقرارهم بالإجماع لكمال النصاب ويستحق حظه من نصيب المقر ا هـ
حموي
قوله ( فأقر بأخ ) وإن كان للمقر له أولاد فلا يشترط في المقر أن يكون وارثا للمقر له بل ولو في الجملة ط
قوله ( فيستحق نصف نصيب المقر ) ولو معه وارث آخر شرح الملتقى وبيانه
____________________
(8/187)
في الزيلعي
قوله ( لما تقرر أن إقراره مقبول في حق نفسه فقط ) فصار كالمشتري إذا أقر أن البائع كان أعتق العبد المبيع يقبل إقراره في العتق ولم يقبل في الرجوع بالثمن بيانية
وفي الزيلعي فإذا قبل إقراره في حق نفسه يستحق المقر له نصف نصيب المقر مطلقا عندنا وعند مالك وابن أبي ليلى يجعل إقراره شائعا في التركة فيعطى المقر من نصيبه ما يخصه من ذلك حتى لو كان لشخص مات أبوه أخ معروف فأقر بأخ آخر فكذبه أخوه المعروف فيه أعطي المقر نصف ما في يده
وعندهما يعني عند مالك وابن أبي ليلى ثلث ما في يده لأن المقر قد أقر له بثلث شائع في النصفين فنفذ إقراره في حصته وبطل ما كان في حصة أخيه فيكون له ثلث ما في يده وهو سدس جميع المال والسدس الآخر في نصيب أخيه بطل إقراره فيه لما ذكرنا ونحن نقول إنه في زعم المقر أنه يساويه في الاستحقاق والمنكر ظالم بإنكاره فيجعل ما في يد المنكر كالهالك فيكون الباقي بينهما بالسوية ولو أقر بأخت تأخذ ثلث ما في يده وعندهما خمسة ولو أقر ابن وبنت بأخ وكذبهما ابن وبنت يقسم نصيب المقرين أخماسا وعندهما أربعا والتخريج ظاهر ولو أقر بامرأة أنها زوجة أبيه أخذت ثمن ما في يده ولو أقر بجدة هي أم الميت أخذت سدس ما في يده فيعامل فيما في يده كما يعامل لو ثبت ما أقر به ا هـ
وتمامه فيه
قوله ( بابن ) أي من أخيه الميت
قوله ( لأن ما أدى الخ ) أي لأن ما أدى صحة وجوده وهو الإقرار إلى نفيه انتفى وهنا لو صح إقراره بابن الأخ تبين أنه ليس بوارث وإذا لم يكن وارثا لا يصح إقراره فأدى وجود هذا الإقرار إلى نفيه فينتفي من أصله يعني لا يصح
والحاصل أن الأخ بإقراره بالابن يصير مقرا على نفيه فيحرم من الميراث بسبب الابن وإذا خرج من الميراث صار أجنبيا فإقراره غير صحيح ولم يكن مقرا على نفيه فلا يرث الابن فيعود الميراث له وهكذا فيلزم الدور الحكمي الذي عده الشافعية من موانع الإرث لأنه يلزم من التوريث عدمه فقد أدى وجود الإقرار إلى عدمه بيانه كما في شرح البولاقي على شرح الشنشوري أنه إذا أقر أخ حائز بابن للميت يثبت نسبه ولا يرث لأنه لو ورث لحجب الأخ فلا يكون الأخ وارثا حائزا فلا يقبل إقراره بالابن فلا يثبت نسبه فلا يرث لأن إثبات الإرث يؤدي إلى نفيه وما أدى إثباته إلى نفيه انتفى من أصله وهذا هو الصحيح من مذهبهم
ويجب على المقر باطنا أن يدفع له التركة إن كان صادقا في إقراره لأنه يعلم استحقاقه المال والقول الثاني للشافعي أنه يثبت نسبه ويرث وبه قال أحمد ونقل عن أبي حنيفة
وقيل لا يثبت ولا يرث وبه قال داود
وقال أبو يوسف لا يثبت نسبه إلا بإقرار اثنين من الورثة
وعند مالك يرث المقر له ولا يثبت نسبه إلا إذا أقر به عدلان من الورثة أو أقر به عدل وصدقه عدل آخر من الورثة هذا غاية ما رأيته
ثم رأيت بعض الأفاضل أوضح المقام
بقوله بيان الملازمة أو الإقرار لا يصح إلا من وارث وإذا صح هذا الإقرار صار هذا الأخ مع وجود الابن غير وارث وإذا صار غير وارث لم يصح الإقرار بالنبوة فلم تحصل فائدة فصار هذا الإقرار عبثا
ولنا أنه أقر بشيئين المال والنسب على الغير
ومن المعلوم أن إقرار الشخص يسري على نفسه والمال ملك نفسه فينفذ فيه ويلزمه دفعه له
وأما تحميل النسب على غيره فلا يملكه فلا ينفذ فيه إقراره على أن
____________________
(8/188)
النسب يثبت في حق المقر مؤاخذة له بزعمه حتى لو مات المقر لا عن وارث فإرثه لهذا المقر له لا لبيت المال
هذا ما أفاده المتن قريبا
فلهذا قال الشارح وظاهر كلامهم نعم
والأولى أن يجزم لأن الإطلاق السابق يعمل به حتى يوجد ما يخصصه والمطلق السابق هو قوله وإن أقر بنسب على غيره إلى قوله ويصح في حق نفسه ونظيره لو أقر بعبد فاكتسب ثم مات ثم صدقه المقر له يلزمه دفع الأكساب له مع أن الإقرار بالعبد نفسه بطل بالموت وكذا لو أقر المشتري بأن البائع أعتق العبد ينفذ في حق نفسه
قوله ( وظاهر كلامهم نعم فليراجع ) أي يصح الإقرار لأن مقتضى ما ذكروه هنا أن المقر إذا ثبت إقراره بنصاب الشهادة يثبت النسب وإن كان النصاب من الورثة وإلا فيعمل بالإقرار في حق نفسه وإن لم يثبت النسب وهنا إقر بنسب على الغير فلا يقبل وأقر بالمال الذي يستحقه ظاهرا إنما هو للمقر له فيكون إقراره به على نفسه فيقبل
ويكفي في إقراره كونه وارثا ظاهرا وإن تبين بإقراره أنه ليس بوارث لكن تقدم في الشهادات أنه تقبل شهادة العتيق على معتقه إلا في مسألة وهي رجل مات عن عم وبنت وأمتين وعبدين فأعتق العم العبدين فشهدا أن الثانية أخت الميت قبل الأولى أي قبل الشهادة بالبينة أو بعدها أو معها لا تقبل بالإجماع
لأنا لو قبلناها لصارت عصبة مع البنت فيخرج العم عن الوارثة فيبطل العتق ا هـ
والحاصل أن ظاهر كلامهم صحة إقرار هذا الأخ بالابن وثبت نسبه في حق نفسه فقط فيرث الابن دونه لما قالوا إن الإقرار بنسب على غيره يصح في حق نفسه حتى تلزمه الأحكام من النفقة والحضانة لا في حق غيره
وقد رأيت المسألة منقولة ولله الحمد والمنة في فتاوى العلامة قاسم بن قطلو بغا الحنفي
ونصه قال محمد في الأصل ولو كانت للرجل عمة أو مولى نعمة فأقرت العمة أو مولى النعمة بأخ للميت أبيه أو أمه أو بعم أو بابن عم أخذ المقر له الميراث كله لأن الوارث المعروف أقر بأنه مقدم عليه في استحقاق ماله وإقراره حجة على نفسه
ا هـ
هذا كلامه
ثم قال فلما لم يكن في هذا دور عندنا لم يذكر في الموانع وذكر في بابه ا هـ
وهذا مؤيد لما قدمناه قريبا عن بعض الأفاضل أيضا فاغتنمه
قوله ( فلا شيء للمقر ) سبق قبل الاستثناء أن مختار أبي الليث أنه لا يلزمه قدر حصته وكان وضع هذا الفرع هناك أولى لأن الديون تقضى بأمثالها قوله ( لأن إقراره ينصرف إلى نصيبه ) وذلك لأن المائة صارت ميراثا بينهما فلما أقر أحدهما باقتضاء أبيه ذلك صح في نصيبه خاصة لا في نصيب أخيه فبقيت حصة الآخر كما كانت فيجعل كأن المقر استوفى نصيبه ولأن الديون تقضي بأمثالها
وقد أقر المقر أن أباه أخذ خمسين فوجبت ثم تلتقي قصاصا على المديون فقد أقر بدين على الميت هو لا ينفذ في حق الوارث الآخر وينفذ في حقه خاصة والدين مقدم على الميراث فاستغرق نصيبه فلا يأخذ منه شيئا كما إذا أقر عليه بدين آخر فيلزم المقر كما مر قبيل باب الاستثناء ولا يجري في هذه المسألة الخلاف السابق كما لا يخفى على الحاذق
قوله ( بعد حلفه ) أي حلف المنكر لأجل الأخ لأجل الغريم لأنه لا ضرر على الغريم فلا ينافي ما يأتي
____________________
(8/189)
ولو نكل شاركه المقر في الخمسين
قوله ( لكنه الخ ) الاستدارك يقتضي أن لا يحلف في الأولى وبه صرح الزيلعي
وهو مخالف لما قدمه عن الأكمل ومر جوابه
قوله ( يحلف ) أي المنكر بالله لم يعلم أنه قبض الدين فإن نكل برئت ذمة المدين وإن حلف دفع إليه نصيبه بخلاف المسألة الأولى حيث لا يحلف لحق الغريم لأن حقه كله حصل له من جهة المقر فلا حاجة إلى تحليفه وهنا لم يحصل إلا النصف فيحلفه زيلعي
وقد وفق أبو السعود بين العبارتين كما ذكرنا وحينئذ اندفع ما أبداه الحلبي من التنافي وحينئذ فقوله حيث لا يحلف مخالف لما قاله الأكمل في المسألة الأولى يحلف الأخ بالله الخ
ولعل الذي نفاه الزيلعي الحلف لحق الغريم والذي قاله الأكمل لحق أخيه المقر لأن كل من إذا أقر بشيء لزمه يحلف عند إنكاره ليقضي عليه بالنكول
تأمل
وفي الدر المنتقى لو مات عن ابنين وكان لأبيهما الميت دين على شخص فأقر أحدهما بقبض أخيه نصفه صح في حصته وحينئذ فالنصف الباقي للآخر بعد حلفه
قلت وكذا الحكم لو أقر بقبض كله لكن هنا يحلف لحق الغريم
ذكره الزيلعي وغيره
ا هـ
والحاصل أن في المسألة الأولى لا يحلف لحق الغريم لأن حقه كله حصل له من جهة المقر فلا حاجة إلى تحليفه بخلاف المسألة الثانية فإنه يحلف المنكر بالله ما تعلم أنه قبض الدين فإن نكل برئت ذمته وإن حلف دفع إليه نصيبه والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في مسائل شتى قال عزمي زاده أفرز صاحب التسهيل هاهنا مسائل مهمة وأدرجها تحت زيادة على سائر المتون واقتفى صاحب الدرر أثره وانتخب المسائل المذكورة فيه من الكافي
ا هـ
والشارح رحمه الله تعالى جمع بين ما أتى به في التسهيل وبين ما جرت به عادة المتون من ذكر مسائل شتى فترجم بها وفيه ظرفية الشيء في نفسه لأن الفصل هو المسائل إلا أن يقال الفصل مراد به الألفاظ مراد بها المعاني فيكون من ظرفية الدال في المدلول
قوله ( المكلفة ) أي العاقلة البالغة أي وهي حرة أو مأذونة ط
قوله ( فكذبها زوجها ) إما إذا صدقها فيظهر في حقه اتفاقا
قوله ( أيضا ) أي كما يصح في حقها وتركه لظهوره
قوله ( ولا يتعدى إلى غيره ) لأن كونه حجة إنما هو في زعم المقرر وزعمه ليس حجة على غيره ولذا لا يظهر في حق الولد والثمرة بخلاف البينة فإنها حجة في حق الكل لأن حجيتها بالقضاء وهو عام
حموي
قوله ( وهذه إحدى المسائل الست ) الثانية لو أقر المؤجر بدين لا وفاء له إلا من ثمن العين المؤجرة فللدائن بيعها وإن تضرر المستأجر قال الشيخ صالح في هذا إشارة إلى أن رب الدين إذا أراد حبس المديون وهو في إجارة الغير يحبس وإن بطل حق المستأجر قاله تفقها فوافق بحث المؤلف الآتي
____________________
(8/190)
الثالثة لو أقرت مجهولة النسب بأنها بنت أبي زوجها وصدقها الأب انفسخ النكاح بينهما ومثل الأب الجد بخلاف ما إذا أقرت بالردة ولو طلقها ثنتين بعد الإقرار بالرق لم يملك الرجعة
الرابعة إذا ادعى ولد الأمة المبيعة وللمدعي على أخ ثبت نسبه وتعدى إلى حرمان الأخ من الميراث
الخامسة المكاتب إذا ادعى نسب ولد حرة في حياة أخيه صحت وميراثه لولده دون أخيه
السادسة باع المبيع ثم أقر أن البيع كان تلجئة وصدقه المشتري فله الرد على بائعه بالعيب كذا في الجامع
قال الحموي قوله لو أقر المؤجر الخ قال بعض الفضلاء يؤخذ من هذا جواب حادثة لم أجد فيها نقلا وهو أن رب الدين إذا أراد حبس المديون وهو في إجارة الغير هل يحبس وإن بطل حق المستأجر فهذا يشير إلى أنه يحبس وإن بطل حق المستأجر
قوله لو أقرت مجهول النسب الخ
وقعت حادثة بالقاهرة وهي أن شخصا أقر في مرض موته بأن فلانا أخي وشقيقي ولهذا المقر أخت شقيقة والمقر له غير أب المقر وكل منهما حر الأصل من الأب وصدقت على إقرار أخيها حتى لا يشاركها بيت المال وهي شافعية المذهب وثبت الإقرار بين يدي قاض حنفي وحكم بصحة قاض شافعي فنازع صاحب بيت المال المقر له ودار سؤالهم بين العلماء فمنهم من أجاب بصحة الإقرار وهم الأكثر ومنهم من أجاب ببطلانه ومنهم علامة الورى الشمس الرملي معللا بأنه محال شرعي إذ يستحيل أن يكون لواحد أبوان
وقال بعض الفضلاء من الحنفية مقتضى مذهبنا بطلان الإقرار أي في خصوص هذه المسألة
وإلا فلا يستحيل شرعا أن يكون للواحد أبوان أو ثلاثة إلى خمسة كما في ولد الجارية المشتركة إذا ادعاه الشركاء بل قد يثبت نسب لواحد الحر الأصل من الطرفين كما في اللقيط إذا ادعاه رجلان حران كل واحد منهما من امرأة حرة كما في التاترخانية
ا هـ
قوله ( ولم نرها صريحة ) هذا البحث لصاحب المنح ومثله في حاشية الأشباه للحموي كما قدمناه قريبا
قوله ( وعندهما لا ) لما لم يقف على من يرجح قول الإمام على قولهما صرح بذكر قولهما في المتن فإن عادته كعادة أرباب المتون المألوفة التصريح بقولهما أيضا عند رجحان قولهما على قوله وكذا عند التساوي بينهما كما في المولى عبد الحليم ولكن يأتي تصحيح قول الإمام
قوله ( فلا تحبس ولا تلازم ) لأن فيه منع الزوج عن غشيانها وإقرارها فيما يرجع إلى بطلان حق الزوج لا يصح انتهى درر
والظاهر أنه على قولهما يأمرها القاضي بالدفع وبيع عليها ما يباع في الدين ط
قوله ( إفتاء وقضاء ) منصوبين على الحال
قوله ( لأن الغالب الخ ) فيه نظر إذ العلة خاصة والمدعي عام لأنه لا يظهر فيما إذا كان الإقرار لأجنبي وقوله لتوصل بذلك إلى منعها بالحبس عنده لا يظهر أيضا إذا بالحبس عند القاضي لا عند الأب فإذا المعول عليه قول الإمام
ا هـ
إذ لم يستند في هذا التصحيح لأحد من أئمة الترجيح ط
لكن قوله إذ الحبس عند القاضي مخالف لما مر في بابه أن الخيار فيه للمدعي
قوله ( في حقها خاصة ) أي في بعض الأحكام فإنه يظهر في حق الزوج في المستقبل حتى لو جاءت بولد بعده يكون
____________________
(8/191)
ملكا للمقر له ويملك عليها الزوج طلقتين فقط وقد كان يملك عليها ثلاثا
وهذا عند أبي يوسف في حق الأولاد وإجماعا في الطلاق والعدة فإن طلاقها اثنتان وعدتها حيضتان وقد كان يملك عليها ثلاثا وتعتد بثلاث حيض والعدة حق الزوج وحق الشرع فقد ظهر إقرارها في حق غيره كما نقله الشرنبلالي عن المحيط عن المبسوط
قوله فولد التفريع غير ظاهر ومحله فيما بعد والظاهر أن يقال فتكون رقيقة له كما في العزمية ويأتي قريبا
قوله ( رقيق ) عند أبي يوسف لأنه حكم برقيتها وولد الرقيقة رقيق
درر
قوله ( خلافا لمحمد ) هو يقول تزوجها بشرط حرية أولاده منها فلا تصدق في إبطال هذا الحق
ا هـ
منح أي فيكون أولادها بعد الإقرار أحرارا وهذا ليس على إطلاقه لما في الأشباه مجهول النسب إذا أقر بالرق لإنسان وصدقه المقر له صح وصار عبدا وهذا إذا كان قبل تأكد الحرية بالقضاء أما بعد قضاء القاضي عليه بحد كامل أو بالقصاص في الأطراف لا يصح إقراره بالرق بعد ذلك
ا هـ
قوله ( يرد عليه ) أي على عدم صحة إقرارها في حقه
قوله ( انتقاص طلاقها ) وكذا عدتها كما علمت
قوله ( كما حققه في الشرنبلالية ) حيث قال ويرد على كون إقرارها غير صحيح في حقه انتقاص طلاقها لأنه نقل في المحيط عن المبسوط أن طلاقها ثنتان وعدتها حيضتان بالإجماع لأنها صارت أمة وهذا حكم يخصها
ثم نقل عن الزيادات ولو طلقها الزوج تطليقتين وهو لا يعلم بإقرارها ملك عليها الرجعة ولو علم لا يملك وذكر في الجامع لا يملك علم أو لم يعلم
قيل ما ذكره في الزيادات قياس وما ذكره في الجامع استحسان
وفي الكافي آلي وأقرت قبل شهرين فهما مدته وإن أقرت بعد مضي شهرين فأربعة والأصل أنه متى أمكن تدارك ما خاف فوته بإقرار الغير ولم يتدارك بطل حقه لأن فوات حقه مضاف إلى تقصيره فإن لم يمكن التدارك لا يصح الإقرار في حقه فإذا أقرت بعد شهر أمكن الزوج التدارك وبعد شهرين لا يمكنه وكذا الطلاق والعدة حتى لو طلقها ثنتين ثم أقرت يملك الثالثة ولو أقرت قبل الطلاق تبين بثنتين ولو مضت من عدتها حيضتان ثم أقرت يملك الرجعة ولو مضت حيضة ثم أقرت تبين بحيضتين ا هـ
قلت وعلى ما في الكافي لا إشكال لقوله إن فوات حقه مضاف إلى تقصيره
تأمل
قوله ( وفرع على حقه ) الأولى أن يقول على قوله لا في حقه
قوله ( مجهول النسب ) قيد به احترازا عمن علم نسبه وحريته فلا يصح إقراره بالرق لتكذيب العيان له كما لا يخفى وكذا من علم أنه عتيق الغير ويصح هذا الإقرار من المجهول ولو كان صبيا مميزا كما في تنوير الأذهان ويستثنى منه اللقيط حيث لا يصح إقراره بأنه عبد لفلان إلا إذا كان بالغا
أبو السعود
وفي الأشباه مجهول النسب لو أقر بالرق لإنسان وصدقه المقر له صح وصار عبده إن كان قبل تأكد حريته بالقضاء أما بعد قضاء القاضي عليه بحد كامل أو بالقصاص في الأطراف لا يصح إقراره بالرق بعد ذلك وإذا صح إقراره بالرق فأحكامه بعده في الجنايات والحدود وأحكام العبيد وفي النتف يصدق إلا في خمسة زوجته ومكاتبه ومدبره وأم ولده ومولى عتقه
انتهى
____________________
(8/192)
أقول وهذا يفيد مجهول النسب أيضا قوله ( صح إقراره في حقه ) أي وصار عبده إن كان قبل تأكد حريته بالقضاء كما علمت
قوله ( دون إبطال العتق ) أي دون ما يتعلق بعصبة المقر من إرث المعتق بعد موت المقر
قوله ( يرثه وارثه الخ ) لأنه مقدم على المعتق
قوله ( وإلا ) صادق بأن لم يكن له وارث أصلا أو وارث لا يرث الكل كأحد الزوجين
قوله ( فيرث الكل ) أي إن لم يكن له وارث أصلا
قوله ( أو الباقي ) إن كان له وارث لا يستغرق
قوله ( كافي وشرنبلالية ) الأولى شرنبلالية عن الكافي لقوله كذا في الكافي
وعبارة الشرنبلالية عن المحيط وإن كان للميت بنت كان النصف لها والنصف للمقر له
ا هـ
فعلم أن المراد بالوارث ذو الفرض أو العصبة وإن كان المقر له مقدما على الرد وهل يقدم على ذوي الأرحام يراجع
قال في الشرنبلالية وإن جنى هذا العتيق سعى في جنايته لأنه لا عاقلة له وإن جني عليه يجب عليه أرش العبد وهو كالمملوك في الشهادة لأن حريته في الظاهر وهو يصلح للدفع لا للاستحقاق
ا هـ
قوله ( المقر له ) فاعل يرث أي وإلا فيرث الكل أو الباقي المقر له
قوله ( فإرثه لعصبة المقر ) لأنه لما مات انتقل الولاء إليهم بخلاف ما إذا كان حيا
درر
وذلك لأن إقراره بالرق لا يظهر في حقهم فلو كان عصبة أولاده فمن قبل الإقرار أحرار يرثون ومن بعده من أمة أرقاء لا ترثون فتدبر ط
والحاصل أن الإقرار حجة قاصرة فما دام حيا يكون إرث العتيق للمقر له عند عدم الوارث وبعد المقر ينتقل الولاء لعصبته فيكون الإرث لهم فلا ينفذ إقراره عليهم ويستحقون الميراث دون المقر له
قوله ( لأنه لا عاقلة له ) إذ الذي أعتقه صار رقيقا والمقر له لم يظهر حكمه في حق ذلك العتيق
قوله ( ولو جنى عليه يجب أرش العبد ) وعليه فقد صار الإقرار حجة متعدية في حق المجني عليه فينبغي زيادة هذه المسألة على الست المتقدمة آنفا
قوله ( لأن حريته بالظاهر ) لأنا نظرنا فيها إلى ظاهر حرية المعتق حال إعتاقه
قوله ( قال رجل لآخر لي عليك ألف الخ )
أقول هذه المسائل معرفة أو منكرة أو مكررة أو مقرونا بها البر ينبغي أن تذكر عند قول المصنف في كتاب الإقرار قال أليس لي عليك ألف فقال بلى الخ لوجهين
الأول أنها من قبيل نعم
والثاني أنها نظيرة اتزنها واتزن فنظير الأول قوله الحق ونحوه لأن المفعول المطلق أو المفعول به لا يستقل بنفسه لأن الهاء لا بد له من مرجع سابق ونظير الثاني قوله الحق حق ونحوه لأنه كلام تام غير محتاج إلى ما قبله وكذلك اتزن ثم هذه الألفاظ الرواية فيها النصب وعليه كلام المصنف حيث صرح به في النكرة إما بكونه على المصدرية والتقدير القول الحق الخ أو بكونه مفعولا به أي ادعيت الحق الخ وجاز في الكل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف يدل عليه فحوى الكلام
فالتقدير قولك الحق أو دعواك الحق الخ ولو قدر مجرورا فله وجه أيضا
____________________
(8/193)
فيكون التقدير قولك أو دعواك بالحق ولو لم يعرب فيحمل على واحد منهما فلا يختلف الحكم في الجميع في الصحيح
كذا في الجامع العاملي
قوله ( ونحوه ) بأن كرر اليقين أيضا معرفا أو منكرا
قوله ( أو قرن بها البر ) قيد به لأنه لو قرن بها الصلاح لم يكن إقرارا لأن الصلاح محكم في الرد إذ القول لا يوصف به فيكون أمرا بالصلاح والاجتناب عن الكذب فيحمل ما قرن به عليه أطلقه ولكنه مقيد بالنصب إذ لو رفع يكون جملة تامة من مبتدأ وخبر فلا يجعل جوابا لما سبق بخلاف تكرير هذه الألفاظ حيث يحمل على التأكيد
وأشار بالمقارنة إلى أن البر لو انفرد معرفا أو منكرا أو مكررا لا يكون إقرارا لعدم العرف
عبد الحليم
قوله ( البر حق ) هذا مما يصلح للإخبار ولا يتعين جوابا والذي في نسخة الدرر البر الحق وهو في بعض النسخ كذلك وهو ظاهر فإنه يحمل على الإبدال ط
قوله ( لأنه كلام تام ) من مبتدأ وخبر مستقل بنفسه هذا هو المنطوق وجعله جوابا إنما هو باعتبار دلالة الحال وذا ساقط في مقابله
وقوله ( لأنه لا يصلح للابتداء ) أي لأن يكون كلاما مبتدأ هذا هو الظاهر أو لا يصلح لأن يكون مبتدأ لأنه لو رفع يكون خبرا لمبتدأ يقدر بدلالة الحال وهو قولك أو دعواك على ما أشرنا إليه
قوله ( يا سارقة الخ ) مأخذ هذه المسألة بتفاريعها من باب الإقرار بالعيب في الجامع الكبير وإتيان المصنف بها في أواخر باب العيب أنسب من إتيانه بها هنا كما لا يخفى
قوله ( لأنه نداء ) أي فيما عدا الأخير والنداء إعلام المنادى وإحضاره لا تحقيق الوصف ولهذا لو قال لامرأته يا كافرة لا يفرق بينهما
ا هـ
درر
قوله ( أو شتمة ) أي في الأخيرة وهي قوله هذه السارقة فعلت كذا أي ولم يكن لتحقيق الوصف وفي نسخة شتيمة ويحتمل أن أو بمعنى الواو فإن كل أمثلة النداء تصلح للشتم وينفرد الشتم في الأخيرة ط
قوله بخلاف هذه سارقة وكذا هذه السارقة بلام التعريف الحاصل أن الاعتبار إلى مجيء الوصف خبرا فيستوي حينئذ كونه معرفا أو منكرا بخلاف مجيئه نعتا فحينئذ يحمل على الشتم هذا هو المصرح به في تلخيص الجامع الكبير وعليه كلام الكافي فيظهر منه أن تنكير هذه الأوصاف في عبارة المصنف ليس للاحتراز
قوله ( حيث ترد بأحدها ) أي لو اشتراها من لم يعلم بهذه الأخبار ثم علم ط
أقول فيه نظر لأن الشرط في رد المبيعة بالعيب أن يوجد عند المشتري والبائع فلو أقر البائع بالعيب عنده ولم يوجد عند المشتري لا ترد بل يكون قد زال
تأمل
قوله ( بخلاف أول ) فإن السيد لا يتمكن من إثبات هذه الأوصاف فيها
قوله ( بطريق محظور ) متعلق بالسكران
قوله ( محرم ) لا حاجة إليه
قوله ( صحيح ) لتكليفه شرعا لقوله تعالى 4 { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } النساء 43 خاطبهم تعالى ونهاهم حال سكرهم
أشباه
قوله ( أقيم عليه الحد في سكره ) لعله سبق قلم
والصواب القصاص لأنه لا فائدة في انتظاره وأشار إلى أن الحد تارة يقصد به
____________________
(8/194)
تأديب بإيصال الألم إليه وهذا لا يحصل في حال السكر فلا يقام عليه فيه لأنه لا يحس به كحد الشرب والقذف وتارة يقصد به تأديب غيره أو تحصيل ثمرته وإن أقيم في حال السكر لبقاء أثره بعده كالقود فإنه إن كان في النفس يحصل به إزهاق الروح فلا فرق أن يكون في حال الصحو لحصول المقصود به وهو زجر غيره أن يفعل كفعله وكذا فيما دون النفس المقصود به يحصل في حال السكر أو في حال الصحو
وينبغي أن يكون حد السرقة كذلك لبقاء أثره بعد الصحو
قوله ( وفي السرقة يضمن المسروق ) أي لو أقر بالسرقة يتضمن ذلك الإقرار حق الله وهو إقامة الحد وحق العبد وهو ضمان المال فلا يلزمه الحد لدرئه بالشبهات ويصح في حق العبد فيضمن المال المسروق
قوله ( سعدي أفندي ) وعبارته هناك
وقال صاحب النهاية ذكر الإمام التمرتاشي ولا يحد السكران بإقراره على نفسه بالزنا والسرقة لأنه إذا صحا ورجع بطل إقراره ولكن يضمن المسروق بخلاف حد القذف والقصاص حيث يقام عليه في حال سكره لأنه لا فائدة في التأخير لأنه لا يملك الرجوع لأنهما من حقوق العباد فأشبه الإقرار بالمال والطلاق والعتاق انتهى
ولا يخفى عليك أن قوله لأنه لا فائدة في التأخير محل بحث وفي معراج الدراية بخلاف حد القذف فإنه يحبس حتى يصحو ثم يحد للقذف ثم يحبس حتى يخف منه الضرب ثم يحد للسكر
ذكره في المبسوط
وفي معراج الدراية قيد بالإقرار لأنه لو زنى أو سرق في حاله يحد بعد الصحو بخلاف الإقرار وكذا في الذخيرة انتهى انتهت
أقول لكن في قوله بخلاف الإقرار أن الإقرار كذلك فما وجه المخالفة
تأمل
قوله ( إلا فيما يقبل الرجوع كالردة ) أي ولو بسب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فإنها كسائر ألفاظ الردة خلافا لما قدمه الشارح في بابها
وكتب عليه سيدي الوالد رحمه الله تعالى كتابة حسنة حرر فيها أن القبول هو المذهب وأن عدم القبول هو مذهب مالك رحمه الله تعالى فارجع إليه
والحكمة في عدم صحة إقراره فيما يقبل الرجوع أن الردة مبنية على الاعتقاد وهو يعتمد وجود العقل ولا عقل له مع السكر ولو أقر ولذا لو ارتد في سكره لا تصح ردته وعليه فينبغي أن لا تلحقه أحكام المرتد من بينونة زوجة ونحوه فليراجع
أما من ثبتت ردته بالبينة وأنكر فإن إنكاره توبة فتلزمه أحكام المرتد كما صرحوا به
قوله ( وشرب الخمر ) أي إذا أقر وهو سكران بأنه شرب الخمر الذي هو فيه أو غيره لا يصح إقراره فلا يقام عليه الحد وإنما ترتب على البينة مثلا الأحكام ط
قوله ( لا يعتبر ) أي إقراره
قوله ( إلا في سقوط القضاء ) أي قضاء الصلاة أزيد من يوم وليلة فتسقط بالإغماء لا بالسكر لأنه بصنعه كما في الأشباه قوله ( وتمامه في أحكامات الأشباه ) وعبارتها أحكام السكران هو مكلف لقوله تعالى 4 { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } النساء 43 خاطبهم تعالى ونهاهم حال سكرهم فإن كان السكر من محرم فالسكرا منه هو المكلف وإن كان من مباح فلا فهو كالمغمى عليه لا يقع طلاقه
واختلف التصحيح فيما إذا سكر مكرها أو مضطرا فطلق وقدمنا في الفوائد أنه من محرم كالصاحي إلا
____________________
(8/195)
في ثلاث الردة والإقرار بالحدود الخالصة والإشهاد على شهادة نفسه وزدت على الثلاثة تزويج الصغير والصغيرة بأقل من مهر المثل أو بأكثر فإنه لا ينعقد
الثانية الوكيل بالطلاق صاحيا إذا سكر فطلق لم يقع
الثالثة الوكيل بالبيع ولو سكر فباع لم ينفذ على موكله
الرابعة غصب من صاح ورده عليه وهو سكران وهي في فصول العمادية فهو كالصاحي إلا في سبع فيؤاخذ بأقواله وأفعاله واختلف التصحيح بما إذا سكر من الأشربة المتخذة من الحبوب أو العسل والفتوى على أنه سكر محرم فيقع طلاقه وعتاقه ولو زال عقله بالبنج لم يقع وعن الإمام أنه إن كان يعلم أنه بنج حين يشرب يقع وإلا فلا وصرحوا بكراهة أذان السكران واستحباب إعادته وينبغي أن لا يصح أذانه كالمجنون
وأما صومه في رمضان فلا إشكال أنه إن صحا قبل خروج وقت النية أنه يصح إذا نوى لأنا لانشرط التبييت فيها وإذا خرج وقتها قبل صحوة أثم وقضى ولا يبطل الاعتكاف بسكره ويصح وقوفه بعرفات كالمغمى عليه لعدم اشتراط النية فيه
واختلفوا في حد السكران فقيل من لا يعرف الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة وبه قال الإمام الأعظم
وقيل من في كلامه اختلاط وهذيان وهو قولهما وبه أخذ أكثر المشايخ
والمعتبر في قدح السكر في حق الحرمة ما قالاه احتياطا في الحرمات والخلاف في الحد والفتوى على قولهما في إنتقاض الطهارة وفي يمينه لا يسكر كما بيناه في شرح الكنز
تنبيه قولهم إن السكر من مباح كالإغماء يستثنى منه سقوط القضاء فإنه لا يسقط عنه وإن كان أكثر من يوم وليلة لأنه بصنيعه
كذا في المحيط انتهى ما ذكره في الأشباه
قال في نور العين ويلحق السكران بالصاحي في العبادات والحقوق فيلزمه سجدة تلاوة وقضاء الصلاة شح وإذا أفاق يلزمه الوضوء لو كان بحال لا يعرف الذكر من الأنثى لا كمغمى عليه ومن سكر من شراب محرم أو من المثلث لزمه كل التكاليف الشرعية ويصح جميع عباراته وتصرفاته سواء شرب مكرها أو طائعا
بزدوي
السكر لو بمباح كشرب مكره ومضطر وشرب دواء وشرب ما يتخذ من حبوب وعسل عند أبي حنيفة كالإغماء يمنع من صحة طلاق وعتاق وسائر التصرفات والسكر بمحظور كسكر من كل شراب محرم ونبيذ المثلث ونبيذ الزبيب المطبوخ المعتق لا ينافي الخطاب فيلزمه جميع أحكام الشرع وتصح عباراته كلها بطلاق وعتاق وبيع وشراء وأقارير ويصح إسلامه لا ردته استحسانا ولو أقر بقصاص أو باشر سببا لزمه حكمه ولو قذف أو أقر به لزمه الحد ولو زنى حد إذا صحا ولو أقر أنه سكر من خمر طائعا لم يحد حتى يصحو فيقرأ وتقوم عليه البينة ولو أقر بشيء من الحدود لم يحد إلا في حد قذف وتقام عليه الحدود إذا صحا
قال في الهداية لا يحد السكران حتى يعلم أنه سكر من النبيذ وأنه شربه طوعا إذ السكر من المباح لا يوجب الحد كالبنج ولبن الرماك وكذا شرب المكره لا يوجب الحد ولا يحد السكران حتى يزول عنه السكر تحصيلا لمقصود الانزجار والسكران الذي يحد عند أبي حنيفة هو من لايعقل منطقا لا قليلا ولا كثيرا ولا يعقل الرجل من المرأة وعندهما من يهذي ويخلط كلامه إذا هو السكران في العرف وإليه مال أكثر المشايخ والمعتبر
____________________
(8/196)
في القدح المسكر في حق الحرمة ما قالا إجماعا أخذا بالاحتياط انتهى
وقدمنا عن الأشباه أن الفتوى على قولهما في إنتقاض الطهارة وفي يمينه أن لا يسكر وأنه يستثنى سقوط القضاء من قولهم السكر بمباح كإغماء فإنه لا يسقط عنه وإن كان أكثر من يوم وليلة لأنه بفعله
قال قاضيخان يجوز جميع تصرفات السكران إلاالردة والإقرار بالحدود والإشهاد على شهادة نفسه
وفي محل آخر منه من سكر من خمر أو شراب متخذ من أصل الخمر وهو العنب والزبيب والتمر كنبيذ ومثلث وغيرهما ينفذ جميع تصرفاته عندنا وبه أخذ عامة المشايخ
وقال الحسن بن زياد الطحطاوي والكرخي والصفار ومالك والشافعي في أحد قوليه وداود الأصفهاني لا يصح منه تصرف ما وردته لا تصح عندنا استحسانا
إذ الكفر واجب النفي لا واجب الإثبات
وعن أبي يوسف أنه كان يأخذ بالقياس ويقول تصح ردته انتهى
قال فلو قضى قاض بقول واحد من هؤلاء نفذ قضاؤه
واختلف المشايخ فيما يتخذ من حبوب وثمار وعسل من قال بوجوب الحد بالسكر به يقول ينفذ تصرفاته ليكون زجرا له ومن قال لا يجب الحد به وهو الفقيه أبو جعفر والإمام السرخسي يقول لا ينفذ تصرفاته ولو شرب شرابا حلوا فلم يوافقه وذهب عقله بالصداع لا بالشراب فطلق قال محمد لا يقع وبه يفتى
هذا كله في الشراب طائعا فلو مكرها فطلق فالصحيح أنه لا يقع وفي محل آخر منه ولو شرب الخمر مكرها أو لضرورة وسكر فطلق اختلفوا فيه والصحيح أنه كما لا يلزمه الحد لا يقع طلاقه ولا تنفذ تصرفاته ولو سكر مما يتخذ من حبوب وفواكه وعسل اختلفوا فيه قال الفقيه أبو جعفر أنه كما لا يلزمه الحد لا تنفذ تصرفاته
قاضيخان
لو كانت الخمر مغلوبة بالماء تحرم لكن لا يحد شاربها ما لم يسكر وفيما سوى الخمر مما يتخذ من عنب وزبيب لا يحد شاربه ما لم يسكر ومن سكر بالبنج فالصحيح أنه لا يحد ولا تصح تصرفاته ولا تقع ردته
ابن الهمام
عدم وقوع طلاق السكران بالبنج والأفيون لعدم المعصية فإنه يكون للتداوي غالبا فلا بكون زوال العقل بسبب هو معصية حتى لو لم يكن للتداوي بل للهو وإدخال الآفة قصدا ينبغي أن نقول يقع
وقال أيضا اتفق مشايخ الحنفية والشافعية بوقوع طلاق من زال عقله بأكل الحشيش وهو المسمى ورق القنب لفتواهم بحرمته اتفاقا من متأخريهم إذ لم يظهر أمر الحشيش في زمن المتقدمين سني طلاق السكران غير واقع وبه أخذ كثير من مشايخ بلخ وهو قول عثمان رضي الله تعالى عنه هذا نبيذ عسل وتين وحنطة وشعير وذرة حلال وإن لم يطبخ عند أبي حنيفة وأبي يوسف إذا شرب بلا لهو ولا طرب لقوله عليه الصلاة والسلام الخمر من هاتين الشجرتين وأشار إلى كرم ونخل خص التحريم بهما إذا المراد بيان الحكم
ثم قيل يشترط الطبخ لإباحته وقيل لا وهو المذكور في الكتاب
وهل يحد إذا سكر منه قيل لا يحد وقالوا الأصح أنه يحد إذ روي عن محمد فيمن سكر من الأشربة أنه يحد بلا تفصيل إذ الفساق يجتمعون عليه في زماننا كما على سائر الأشربة بل فوق ذلك
يقول الحقير قوله الأصح موافق لما اختاره صاحب المبسوط كما مر لكنه مخالف لما نقله قاضيخان عن الفقيه أبي جعفر ولما نقله البزدوي أيضا عن أبي حنيفة كما مر كلاهما في أول المبحث والله تعالى أعلم بالصواب
هداية المثلث
العنبي حلال عند أبي حنيفة وأبي يوسف إذا قصد به التقوية لا التلهي
وعند محمد حرام وعنه أنه حلال وعند أنه مكروه وعنه أنه توقف فيه مختارات النوازل نبيذ تمر ونبيذ زبيب
____________________
(8/197)
إذا طبخ أدنى طبيخ وإن اشتد إذا شرب ما يغلب على ظنه أنه لا يسكر من غير لهو ولا طرب جاز عند أبي حنيفة وأبي يوسف وهو الصحيح لأنه أبعد من تفسيق الصحابة رضي الله تعالى عنهم ونبيذ حنطة وشعير وعسل حلال وإن لم يطبخ إذا شرب منه بلا لهو عند أبي حنيفة وأبي يوسف فهو المثلث ولا يحد شاربه عندهما ولا يقع طلاقه وإن سكر منه وعن محمد أنه حرام ويحد شاربه إذا سكر منه ويقع طلاقه
والأصح فيه قول محمد وكذا المتخذ من الألبان إذا اشتد فهو على هذا الخلاف أشباه
صرحوا بكراهة أذان السكران والاستحباب الإعادة وينبغي أن لا يصح أذانه كالمجنون فضك
سكران جمح فرسه فاصطدم إنسانا فمات لو كان يقدر على منعه فليس بمسير له فلا يضاف إليه سيره وكذا غير السكران لو عاجزا عن منعه
زوج بنته الصغيرة بأقل من مهرها لو صاحيا جاز عند أبي حنيفة أما عندهما فقيل يجوز النكاح لا النقصان ونص في جمع أنه لا يجوز النكاح عندهما ولو في سكر اختلف على قول أبي حنيفة قيل يجوز وقيل لا وهو الصحيح فقط
تزوج امرأة بحضرة سكارى وعرفوا أمر النكاح إلا أنهم لا يذكرون بعد صحوهم جاز ط
وكله بطلاق فطلقها وهو سكران فلو وكله وهو سكران يقع إذ رضي بعبارته ولو وكله وهو صاح لا يقع إذ رضي بعبارة الصاحي لا السكران خ
وكيل بيع وشراء إذا سكر نبيذ تمر فلو يعرف البيع والشراء والقبض قال سنجر جاز عقده على موكله كما باشر لنفسه لا لو ببنج كمعتوه
وقال غيره لا يجوز في النبيذ أيضا إذ بيع السكران إنما جاز زجرا عليه فلا يجوز على موكله فسقط رد الغصب على سكران ورفع ثوبه للحفظ مر في أوائل فصل الضمان انتهى
قال بعض الفضلاء وهل يدخل في ذلك تصرفات الصبي السكران من إسلامه وغيره وكانت واقعة الفتوى تأمل
أقول الظاهر أنه لا يدخل في ذلك لأن البالغ السكران من محرم جعل مخاطبا زجرا له وتغليظا عليه والصبي ليس أهلا للزجر والتغليظ
كذا ذكره في الحواشي الحموي
قوله ( بطل إقراره ) قال في الذخيرة من أقر لإنسان بشيء وكذبه المقر له فقال المقر أنا أقيم البينة على ذلك لا تقبل بينته ا هـ
بيري
ولو عاد المقر في الإقرار ثانيا وصدقه المقر له كان للمقر له أن يؤاخذه بإقراره الثاني
تاترخانية
والمعنى أنه إذا كذبه ثم صدقه لا يعمل تصديقه إلا في المواضع المذكورة فإنه يعمل تصديقه بعد التكذيب ط
أقول وما نقله في التاترخانية استحسان والقياس أن لا يكون له ذلك وفي الذخيرة وصدقه المقر له بأن قال لك علي ألف درهم فقال المقر له أجل لي عليك ولو أقر بالبيع وجحد المشتري ووافقه المقر في الجحود أيضا ثم إن المقر له ادعى الشراء لا يثبت الشراء وإن أقام المشتري بينة على ذلك ولو صدقه البائع على الشراء يثبت الشراء
ا هـ
قال السيد الحموي أقول وجه القياس أن الإقرار الثاني عين المقر به أولا فالتكذيب في الأول تكذيب في الثاني
ووجه الاستحسان أن يحتمل أنه كذبه بغير حق لغرض من الأغراض الفاسدة فانقطع عنه ذلك الغرض فرجع إلى تصديقه فجاء الحق وزهق الباطل
ا هـ
قوله ( على ما هنا ) أي على ما في المتن وإلا فسيأتي
____________________
(8/198)
زيادة عليها
قوله ( الإقرار بالحرية ) فإذا أقر أن العبد الذي في يده حر تثبت حريته وإن كذبه العبد ط
قوله ( والنسب ) قد تقدم في باب دعوى النسب فيما تصح فيه دعوى الرجل والمرأة أنه لا بد من تصديق هؤلاء إلا في الولد إذا كان لا يعبر عن نفسه ومن جملة ما يشترط تصديقه مولى العتاقة إلا أن يحمل أنه إذا عاد إلى التصديق بعد الرد يقبل كما قلنا
ويدل على ذلك عبارة البحر في المتفرقات فإنه قال وقد بالإقرار بالمال احترازا عن الإقرار بالرق والطلاق والعتاق والنسب والولاء فإنها لا ترتد بالرد أما الثلاثة الأول ففي البزازية قال لآخر أنا عبدك فرد المقر له ثم عاد إلى تصديقه فهو عبده ولا يبطل الإقرار بالرق بالرد كما لا يبطل بجحود المولى بخلاف الإقرار بالعين والدين حيث يبطل بالرد والطلاق والعتاق لا يبطلان بالرد لأنهم إسقاط يتم بالمسقط وحده وأما الإقرار بالنسب وولاء العتاقة ففي شرح المجمع من الولاء وأما الإقرار بالنكاح فلم أره الآن
ا هـ
فتصور المسائل المذكورة هنا مثل تصوير الرق إلا الطلاق والعتاق لما علل به ط
قوله ( والوقف ) قال في الأشباه إن المقر له إذا رده ثم صدقه صح كما في الإسعاف
قوله ( في الإسعاف لو وقف على رجل الخ ) يشير به للرد على المتن ولكن رأيت معزيا للخزانة ما يوافق المتن وهو لو قال لا أقبل يبطل وقيل لا يبطل وهو المختار عند بعض المتأخرين ا هـ
لكن فيه أن الكلام في الإقرار بالوقف لا في الوقف وأيضا الكلام فيما لا يرتد ولو قبل القبول على أن عبارة الإسعاف على ما في الأشباه والمنح هكذا ويزاد الوقف فإن المقر له إذا زاده ثم صدقه صح وهي موافقة لما نحن بذكره من أن الإقرار لا يرتد بالرد ولو قبل القبول وما نقله الشارح من أن الوقف يرتد بالرد قبل القبول لا بعده هو غير ما نحن فيه
ونقل الحموي عن الإسعاف ما يناسب هذا فقال ولو أقر لرجلين بأرض في يده أنها وقف عليهما أو على أولادهما ونسلهما أبدا ثم من بعدهم على المساكين فصدقه وكذبه الآخر ولا أولاد لهما يكون نصفها وقفا على المصدق منهما والنصف الآخر للمساكين لو رجع المنكر إلى التصديق رجعت الغلة إليه وهذا بخلاف ما لو أقر لرجل بأرض فكذبه المقر له فإنها تصير له ما لم يقر له ثانيا
والفرق أن الأرض المقر بوقفيتها لا تصير ملكا لأحد بتكذيب المقر له فإذا رجع ترجع إليه والأرض المقر بكونها ملكا ترجع إلى ملك المقر بالتكذيب
ا هـ
وهذا غير ما نقله الشارح عنه كما علمت وهو المناسب للمقام والملائم لأن المقر له قد كذب المقر ثم صدقه يصح تصديقه فتأمل
قوله ( والرق ) أي لو قال له أنا رفيقك فأنكر ثم ادعاه وصدقه العبد صح ومنه ما قدمه الشارح في كتاب العتق عن الخلاصة قال لعبده أنت غير مملوك الخ
قوله ( ويزاد الميراث ) أي فلا يعمل رد الوارث إرثه من المورث
قوله ( كما في متفرقات قضاء البحر ) وعبارته قيد بالإقرار بالمال احترازا عن الإقرار بالرق والطلاق والعتاق والنسب والولاء فإنها لا ترتد بالرد
أما الثلاثة الأولى ففي البزازية قال لآخر أنا عبدك فرد المقر له ثم عاد إلى تصديقه فهو عبده ولا يبطل الإقرار بالرق بالرد كما لا يبطل بجحود المولى بخلاف الإقرار بالعين والدين حيث يبطل بالرد والطلاق والعتاق لا يبطلان بالرد لأنهما إسقاط يتم بالمسقط وحده وأما الإقرار بالنسب وولاء العتاقة ففي شرح المجمع من الولاء وأما الإقرار بالنكاح فلم أره الآن انتهى قوله ( واستثنى ثمة مسألتين من الإبراء ) أي من قولهم الإبراء يرتد بالرد
____________________
(8/199)
ولا حاجة إلى ذكرهما هنا فإنهما ليسا مما نحن فيه ح أي لأن الكلام في الإقرار وما ذكره في الإبراء
وعبارته قال ثم اعلم أن الإبراء يرتد إلا فيما إذا قال المديون أبرئني فأبرأه فإنه لا يرتد كما في البزازية وكذا إبراء الكفيل لا يرتد بالرد فالمستثنى مسألتان كما أن قولهم إن الإبراء لا يتوقف على القبول ولا يخرج عنه الإبراء عن بدل الصرف والسلم فإنه يتوقف على القبول ليبطلاه كما قدمنا في باب السلم
والحاصل أن الكلام في أن الإقرار يرتد بالرد إلا في مسائل وهاتان المسألتان ليستا منها وحينئذ فلا وجه لزيادة ذلك
قال في كتاب المداينات الإقرار يرتد بالرد إلا في مسائل الأولى إذا أبرأ المحتال عليه فرده لم يرتد
الثانية إذا قال المديون أبرئني فأبرأه فرده ولا يرتد
الثالثة إذا أبرأ الطالب الكفيل فرده لم يرتد وقيل يرتد
الرابعة إذا قبله ثم رده لم يرتد ا هـ
إلا أن يراد بقوله واستثنى مسألتين من قولهم الإبراء يرتد بالرد أي كما أنه يستثنى من قولهم إن الإبراء لا يتوقف على القبول إلا الإبراء عن بدل الصرف والسلم فإنه يتوقف على القبول ليبطلاه فإذا كان الإبراء في هاتين المسألتين لا يرتد بالرد وإن لم يقبله بعد فمن باب أولى إذا رده ثم قبله فإنه لا يبطل وبهذا الاعتبار عدهما مسألتين مما نحن فيه فتأمله
قوله ( فالمستثنى عشرة ) أي على هذا المقال
قوله ( ومتى صدقه فيها ) أي في الإقرار بعين أو دين والإبراء والوكالة والوقف هذا ما تفيده عبارة العلامة عبد البر ط
أقول ذكر في شرح الوهبانية خمس مسائل مسألة الوكالة فقال لو قال لآخر وكلتك ببيع هذا وسكت يصير وكيلا ولو قال لا أقبل بطل وسيأتي في المقولة الآتية إمكان تصويرها وهذه المسألة الأولى من النظم
وقال أيضا الإقرار والإبراء لا يحتاجان إلى القبول ويرتدان بالرد وهنا أن الثانية والثالثة من النظم
وقال أيضا إذا سكت الموقوف عليه في الوقف على فلان جاز ولو قال لا أقبل بطل وفي وقف الأصل لا تبطل
وهذه المسألة الخامسة من النظم ثم قال ولو صدقه في هذا كله ثم رده لا يرتد انتهى فغير هذا الشارح عبارته إلى ماترى فضمير فيها يرجع إلى أربع مسائل مذكورة في شرح الوهبانة لا إلى الوكالة والمسألة الرابعة من شرح الوهبانية هي هبة الدين ممن عليه الدين لا تصح من غير قبول خلافا لزفر
كذا اختار السرخسي وقيل الخلاف على العكس وفي قاضيخان مثله وذكر أبو الليث أنها تصح من غير قبول إلا أنها تبطل بالرد وفي الذخيرة والواقعات أن عامة المشايخ على أن هبة الدين وإبراءه يتم من غير قبول
وفي العمادية المذكور في أكثر الكتب والشروح أن القبول ليس بشرط عندنا وهو الصحيح ثم ذكرعن الصغرى أنه يرتد بالرد انتهى فهذه خمس مسائل لكن لم يذكر قوله ولو صدقه في هذا كله إلا بعد الأربعة الأول وهي الوكالة والإقرار والإبراء والوقف ولا شك أن هذا المقصود لا يفهم من هذا الشرح
قوله ( لا يرتد بالرد ) قد علمت أن من جملة مرجع الضمير الوكالة وهي عقد غير لازم فكيف لا ترتد بالرد ويمكن تصويرها فيما إذا وكله بشراء معين وقبل الوكالة فاشتراه بمثل ما عين له من قدر الثمن ثم ادعى أنه رد
____________________
(8/200)
الوكالة فلا يقبل ط
قوله ( وهل يشترط لصحة الرد مجلس الإبراء ) ذكره العلامة عبد البر في إبراء الدائن مديونه من الدين وعبارته بعد ذكر هذه المسألة وهل يشترط لصحة الرد مجلس الإبراء اختلف المشايخ
ولو قال أبرئني مما لك علي فقال أبرأتك فقال لا أقبل فهو بريء
وفي بعض النسخ
هبة الدين ممن عليه لا تتم إلا بالقبول والإبراء يتم لكن للمديون حق الرد قبل موته إن شاء انتهى
قوله ( والضابط ) قال العلامة عبد البر عن تقويم الدبوسي الصدقة بالواجب أي الثابت في الذمة إسقاط كصدقة الدين على الغريم وهبة الدين له فتتم له بغير قبول وكذا سائر الإسقاطات تتم من غير قبول إلا أن ما فيه تمليك مال من وجه قبل الارتداء بالرد وما ليس فيه تمليك مال لم يقبل كإبطال حق الشفعة والطلاق وهذا ضابط جيد فتنبه له
ا هـ
قال بعض الفضلاء هذا الضابط ظاهر فيما يقبل الرد من الإنشاءات لكن هو خارج عما البحث فيه من كون الإقرار يرتد أو لا يرتد إذ الإقرار لا تمليك فيه
تأمل
قوله ( صالح الخ ) وليت هذا الفرع ما جعل متنا ولا شرحا إذ أصل العبارة قال تاج الإسلام وبخط شيخ الإسلام وجدته صالح أحد الورثة وأبرأ إبراء عاما ثم ظهر شيء في التركة لم يكن وقت الصلح لا رواية في جواز الدعوى ولقائل أين يقول يجوز دعوى حصته منه وهو الأصح ولقائل أن يقول لا ا هـ
ثم اختصرها في الأشباه وتبعه هنا
قال الشرنبلالي نقلها في الأشباه بما فيه اشتباه لا يليق لأنه معزو إلى الخط وفيه نظر وبرهن عليه في رسالة ا هـ
ويؤيده ما سيأتي لو صالح الورثة أحدهم ثم ظهر عين لم يعلموها هل تدخل في الصلح قولان أشهرهما لا فهذا بلا إبراء فيه رواية مشهورة بعدم السماع فكيف مع الإبراء الذي بمفرده يمنع السماع
قال في المحيط لو أبرأ أحد الورثة الباقي ثم ادعى التركة وأنكروا لا تسمع دعواه وإن أقروا بالتركة أمروا بالرد عليه ا هـ أي لأن الإبراء عن العين إذا منع دعواها فمصادقتهم له يعمل بها وأيضا فرع المتن يحتمل أن يكون ما ظهر تحت يد الورثة وأنهم أقروا بأنه من التركة بعد ذلك فيكون بسبب الصلح فيه روايتان قيل لا تسمع دعواه لأن المصالح خرج عن كل التركة والأشهر تسمع لأنه ما خرج إلا من قدر ما علم فإذا انضم الإبراء إليه ربما ازداد غير الأشهر قوة عليه وإذا كانت تحت يد أجنبي فكذا يقال إلا أن الإبراء لا يقوي غير الأشهر لعدم يد المبرأ وخلط الشارح يد الوصي بهذا الفرع فيه نظر آخر وإن ظهرت تحت يد الورثة وأنكروا أنه من التركة فالإبراء بانفراده مانع من الدعوى فكيف مع الصلح فكيف كان قوله لا رواية فيه فيه ما فيه بل قيل يعمل بالإبراء الواقع في ضمن الصلح ظهر فساده بفتوى الأئمة فكيف به في الصحيح فليت التاج أخذ تخريجه على هذا
ويمكن توجيهه بأنه أراد أنه ظهر تحت يد أجنبي وتقدم عن ابن الغرس أنه لو أبرأ مطلقا ثم ظهر أنه كان قبل الإبراء مشغول الذمة بشيء من تركة أبي المبرىء ولم يعلم بذلك ولا بموت أبيه إلا بعد الإبراء عمل الإبراء عمله ولا يعذر المبرىء
وفي الخلاصة أبرأه عن الدعاوى ثم ادعى عليه مالا بالإرث عن أبيه إن مات أبوه قبل إبرائه صح الإبراء ولا تسمع دعواه وإن لم يعلم بموت الأب عند الإبراء
ا هـ
ويأتي تمام الكلام على ذلك قريبا إن شاء الله تعالى
____________________
(8/201)
قوله ( أو قال ) عطف على صالح لأنها مسألة أخرى
قوله ( أو قبضت الجميع ) أي لو أقر الوارث أنه قبض ما على الناس من تركة والده ثم ادعى على رجل دينا تسمع دعواه
منح عن الخانية
وصي الميت إذا دفع ما كان في يده من تركة الميت إلى ولد الميت وأشهد الولد على نفسه أنه قبض التركة ولم يبق من تركة والده قليل ولا كثير إلا قد استوفاه ثم ادعى في يد الوصي شيئا وقال من تركة والدي وأقام على ذلك بينة قبلت بينته
قلت ووجه قبولها أن إقرار الولد لم يتضمن إبراء شخص معين وكذا إقرار الوارث بقبضه جميع ما على الناس ليس فيه إبراء ولو تنزلنا للبراءة فهي غير صحيحة في الأعيان
شرح وهبانية للشرنبلالي
وفيه نظر لأن عدم صحتها معناه أن لا تصير ملكا للمدعى عليه وإلا فالدعوى لا تسمع كما يأتي في الصلح
قوله ( ثم ظهر في يد وصيه ) هذا إنما يظهر في مسألة الوصي لا في غيرها فلو ساق المصنف بتمامه إلى
قوله ( وقت الصلح ) ثم يقول أو ا دعى في يد الوصي شيئا وقال هذا من تركة والدي أو ادعى على رجل دينا لوالده تسمع دعواه فيما ذكر لكان أنسب فتأمل
قوله ( لم يكن وقت الصلح ) أي لم يذكر
قوله ( وتحققه ) المراد أنه أثبته وإلا فتحققه من غير إثبات لا يعتبر
قوله ( تسمع دعوى حصته منه على الأصح ) قال في الدرر وفي المنتفى إذا دفع الوصي إلى اليتيم ماله بعد البلوغ فأشهد اليتيم على نفسه أنه قبض جميع تركة والده ولم يبق له من تركة والده قليل أو كثير إلا وقد استوفاه ثم ادعى شيئا في يد الوصي وقال هو من تركة أبي وأقام البينة قبلت بينته وكذا لو أقر الوارث أنه قد استوفى جميع ما ترك والده من الدين على الناس ثم ادعى دينا على رجل تسمع دعواه انتهى
قال الشرنبلالي وصحة دعواه به لعدم ما يمنع منها لأنه إشهادة أنه قبض جميع تركة والده الخ ليس فيه إبراء المعلوم عن معلوم ولا عن مجهول فهو إقرار مجرد لا يستلزم إبراء فليس مانعا من دعواه ثم قال وكذلك الحكم في إقرار الوارث أنه استوفى دين والده فلا يمنع هذا الإقرار دعوى الوارث بدين لمورثه على خصم له لأنه إقرار غير صحيح لعدم إبرائه شخصا معينا أو قبيلة معينة وهم يحصون وهذا بخلاف الإباحة لكل من يأكل شيئا من ثمرة بستانه فإنه يجوز وبه يفتى وبخلاف الإبراء عن مجهول لمعلوم فإنه صحيح كقول زيد لعمرو حاللني من كل حق لك علي ففعل برىء مما علم ومما لم يعلم وبه يفتى
ا هـ
قال في الخزانة رجل قال لآخر حاللني من كل حق لك علي إن كان صاحب الحق عالما بما عليه برىء المديون حكما وديانة وإن لم يكن عالما بما عليه برىء حكما لا ديانة في قول محمد
وقال أبو يوسف يبرأ حكما وديانة وعليه الفتوى ا هـ
قبل وإن لم تسمع الدعوى لا يحلف لأن اليمين فرع الدعوى إلا أن يدعي عدم صحة إقراره بأن قال كنت مكرها في إقراري أو كذبت فيه فإنه يحلف المقر له فقولهم لعدم صحة الدعوى وعدم التحليف بعد الإبراء العام إنما هو فيما إذا لم يقع النزاع في نفس الإقرار الذي تبتني عليه الدعوى واليمين
تأمل
ولا تغفل عند الفتوى فإنه بحث بعضهم معي في ذلك انتهى
حموي
قوله ( صلح البزازية ) عبارتها قال تاج الإسلام وبخط شيخ الإسلام وجدته صالح أحد الورثة وأبرأ إبراء عاما ثم ظهر في التركة شيء لم يكن وقت الصلح لا رواية في جواز الدعوى ولقائل أن يقول تجوز دعوى حصته منه وهو الأصح ولقائل أن يقول لا انتهت
قوله ( ولا تناقض )
____________________
(8/202)
هذا وارد على ما إذا قال الوارث للوصي قبضت تركة والدي ولم يبق لي حق من تركة والدي لا قليل ولا كثير وحاصل الإبراء كما في المنح وأصله لابن وهبان أن قولهم النكرة في سياق النفي تعم انتقض لأن قوله ولم يبق لي حق نكرة في سياق النفي فعلى مقتضى القاعدة لا يصح دعواه بعد ذلك لتناقضه والمتناقض لا تقبل دعواه ولا بينته ثم أجاب بما ذكره المؤلف ط
قوله ( على أن الإبراء عن الأعيان باطل ) أي الصادر من الوارث للوصي والمعنى لو أبقينا عموم النكرة لا يصح لما ذكره وظاهر هذا ولو ذكرت وقت الصلح حيث كان الصلح عنها نفسها لا عن بدلها مستهلكة لأن الإبراء يشمل الدراهم والدنانير التي في يد الموصي أو باقي الورثة إذ هي أعيان والدين ما يكون ثابتا في الذمة
أقول وكما أن الإبراء عن الأعيان باطل فكذا إجازة تلف المتلفات
قال في الوجيز من الدعوى أتلف مال إنسان ثم قال المالك رضيت بما صنعت وأجزت ما صنعت لا يبرأ ا هـ
وأما الإبراء عن دعوى الأعيان فصحيح ولوارثا كما في البزازية عن العدة
وقول المصنف في الصلح أو الإبراء عن دعوى الباقي صريح في ذلك وقول الشارح ثمة وظاهر الرواية الصحة مطلقا يفيد صحة البراءة عن الأعيان ثم حققه بحمل بطلان الإبراء عن الأعيان على بطلانه في الديانة وقيد في البحر بطلان الإبراء عن الأعيان بالإنشاء أما لو على وجه الإخبار كهو بريء مما لي قبله فهو صحيح متناول للدين والعين وكذا لا ملك لي في هذا العين
وفي المبسوط ويدخل في لا حق لي قبل فلان كل عين أو دين وكل كفالة أو إجارة أو جناية أو حد
ثم قال شيخنا وقوله لا حق لي ونحوه ليس من الإبراء بل إقرار
ثم نقل عن الفواكه البدرية ما نصه أبرأ مطلقا أو أقر أنه لا يستحق عليه شيئا ثم ظهر أن المقر له كان مشغول الذمة بتركة أبي المقر ولم يعلم المقر بذلك ولا بموت أبيه إلا بعد الإقرار أو الإبراء عمل الإبراء والإقرار عمله ولا يعذر المقر كما قدمناه
أقول إنما لم يفرق بين الإنشاء والإخبار لأنه الصحيح وظاهر الرواية وفيه قطع النزاع وقد تعورف من القضاة العمل عليه وقوله ليس من الإبراء يرده قوله البزازية اتفقت الروايات على أن المدعي لو قال لا دعوى لي أو لا خصومة لي قبل فلان يصح ولا تسمع دعواه إلا في حق حادث بعد الإبراء
ا هـ
وسيأتي تمامه قريبا إن شاء الله تعالى
قوله ( كما أفاده ابن الشحنة ) لعله في غير هذا المحل فإنه لم يذكره هنا عند ذكر هذه المسألة ط
قوله ( واعتمده الشرنبلالي ) أي في حاشية الدرر وشرح الوهبانية وعبارته في الشرح بعد نقل ما قدمنا عن المنتقى عازيا لقاضيخان
فإن قلت إن إقرار الولد لم يتضمن إبراء شخص معين وكذا إقرار الوارث بقبضه جميع ما على الناس ليس فيه إبراء فتقبل دعواه ولو تنزلنا للبراءة فهي غير صحيحة في الأعيان فإن الإبراء عن الأعيان لا يصح بخلاف البراءة عن دعواه
ويعلم بهذا أن لا نقض على قول أئمتنا النكرة في سياق النفي تعم
وإيراد صاحب عقد الفرائض أن هذه المسألة انقضاء عليها لظنه أنه من قبيل الإبراء وليس كذلك فلا احتياج لما تكلفه الشارح أيضا من الجواب
وقد قال إنه ظهر له أن الوجه عدم صحة البراءة وهو كذلك وهذا ملخصه
ا هـ
وللشرنبلالي رسالة سماها ( تنقيح الأحكام في الإقرار والإبراء الخاص والعام ) أجاب فيها بأن البراءة العامة بين الوارثين مانعة من دعوى شيء سابق عليها عينا كان أو دينا بميراث أو غيره وحقق ذلك بأن البراءة إما عامة كلا حق أو لا دعوى أو لا خصومة لي قبل فلان أو هو بريء من حقي أو لا دعوى لي عليه أو لا تعلق لي عليه أو لا أستحق
____________________
(8/203)
عليه شيئا أو أبرأته من حقي أو مما لي قبله وإما خاصة بدين خاص كأبرأته من دين كذا أو عام كأبرأته مما لي عليه فيبرأ عن كل دين دون العين وإما خاصة بعين فتصح لنفي الضمان لا الدعوى فيدعي بها على المخاطب وغيره وإن كان عن دعواها فهو صحيح كما علمت
ثم إن الإبراء لشخض مجهول لا يصح وإن لمعلوم صح ولو بمجهول فقوله قبضت تركة مورثي كلها أو كل من لي عليه شيء أو دين فهو بريء ليس إبراء عاما ولا خاصا بل هو إقرار مجرد لا يمنع من الدعوى لما في المحيط قال لا دين لي على أحد ثم ادعى على رجل دينا صح لاحتمال وجوبه بعد الإقرار ا هـ
أقول لكن فيه أن هذا الاحتمال يصدق في الدعاوى كلها أو أكثرها بعد الإبراء العام مع أنها لا تسمع
والصواب التعليل بعدم صحة الإبراء للمجهول
تأمل
وفيه أيضا وقوله هو بريء مما لي عنده إخبار عن ثبوت البراءة لا إنشاء
وفي الخلاصة لا حق لي قبله فيدخل فيه كل عين ودين وكفالة وإجارة وجناية وحد ا هـ
وفي الأصل فلا يدعي إرثا ولا كفالة نفس أو مال ولا دينا أو مضاربة أو شركة أو وديعة أو ميراثا أو دارا أو عبدا أو شيئا من الأشياء حادثا بعد البراءة ا هـ
فما في شرح المنظومة عن المحيط أبرأ أحد الورثة الباقي ثم ادعى التركة وأنكر وإلا تسمع دعواه وإن أقروا بالتركة أمروا بالرد عليه ا هـ
ظاهر فيما إذا لم تكن البراءة عامة لما علمته ولما سنذكر أنه لو أبرأه عاما ثم أقر بعده بالمال المبرإ به لا يعود بعد سقوطه
وفي العمادية قال ذو اليد ليس هذا لي أو ليس ملكي أو لا حق لي فيه أو نحو ذلك ولا منازع له حينئذ ثم ادعاه أحد فقال ذو اليد هو لي فالقول له لأن الإقرار لمجهول باطل والتناقض إنما يمنع إذا تضمن إبطال حق على أحد ا هـ
ومثله في الفيض وخزانة المفتين
فبهذا علمت الفرق بين أبرأتك أو لا حق لي قبلك وبين قبضت تركة مورثي أو كل من عليه دين فهو بريء ولم يخاطب معينا وعلمت بطلان فتوى بعض أهل زماننا بأن إبراء الوارث وارثا آخر إبراء عاما لا يمنع من دعوى شيء من التركة
وأما عبارة البزازية أي التي قدمناها فأصلها معزو إلى المحيط وفيه نظر ظاهر ومع ذلك لم يقيد الإبراء بكونه لمعين أو لا وقد علمت اختلاف الحكم في ذلك
ثم إن كان المراد به اجتماع الصلح المذكور في المتون والشروح في مسألة التخارج مع البراءة العامة لمعين فلا يصح أن يقال فيه لا رواية فيه
كيف وقد قال قاضيخان اتفقت الروايات على أنه لا تسمع الدعوى بعده إلا في حادث وإن كان المراد به الصلح والإبراء بنحو قوله قبضت تركة مورثي ولم يبق لي فيها حق إلا استوفيته فلا يصح قوله لا رواية فيه أيضا لما قدمنا من النصوص على صحة دعواه بعده
واتفقت الروايات على صحة دعوى ذي اليد المقر بأن لا ملك له في هذا العين عند عدم المنازع
والذي يتراءى أن المراد من تلك العبارة الإبراء لغير معين مع ما فيه
ولو سلمنا أن المراد به المعين وقطعنا النظر عن اتفاق الروايات على منعه من الدعوى بعده فهو مباين لما في المحيط عن المبسوط والأصل والجامع الكبير ومشهور الفتاوى المعتمدة كالخانية والخلاصة فيقدم ما فيها ولا يعدل عنها إليه
وأما في الأشباه والبحر عن القنية افترق الزوجان وأبرأ كل صاحبه عن جميع الدعاوى وللزوج أعيان
____________________
(8/204)
قائمة لا تبرأ المرأة منها وله الدعوى لأن الإبراء إنما ينصرف إلى الديون لا الأعيان
ا هـ
فمحمول على حصوله بصيغة خاصة كقوله أبرأتها عن جميع الدعاوى مما لي عليها فيختص بالديون فقط لكونه مقيدا بمالي عليها ويؤيده التعليل ولو بقي على ظاهره فلا يعدل عن كلام المبسوط والمحيط وكافي الحاكم المصرح بعموم البراءة لكل من أبراء إبراء عاما إلى ما في القنية
ا هـ
هذا حاصل ما ذكره الشرنبلالي في رسالته المذكورة ومن رام الزيادة فليرجع إليها
قال الشارح في شرحه على الملتقى وأما لو قال أبرأتك عنها أو عن خصومتي فيها فإنه باطل وله أن يخاصم كما لو قال لمن بيده عبد برئت منه فإنه يبرأ ولو قال أبرأتك لا لأنه أبرأه عن ضمانه كما في الأشباه من أحكام الدين
قلت ففرقوا بين أبرأتك وبرئت وأنا بريء لإضافة البراءة لنفسه فتعم بخلاف أبرأتك لأنه خطاب الواحد فله مخاصمة غيره كما في حاشيتها معزيا للولوالجية
ومن المهم ما في العمادية من الفصل السابع عن دعوى الخانية اتفقت الروايات أن قوله لا دعوى لي قبل فلان أو لا خصومة لي قبله يمنع الدعوى إلا في حق حادث بعد البراءة كقوله برئت من هذا العبد أو خرجت من أو لا ملك لي فيه فإنه يمنع دعواه ا هـ
قوله لا حق لي قبله فإنه يعم كل عين ودين وكفالة وغيرها مطلقا لأن لا حق نكرة في النفي والنكرة في النفي تعم
كذا أطلقه محشي الأشباه وغيره
قلت وهذا قضاء إلا المهر على ما قدمناه قبيل الصلح فتأمل
وكما لو أبرأه عن الدعاوى فإنه يعم كلها إلا إذا ادعى مالا إرثا عن أبيه ولم يعلم بموته وقت الإبراء تسمع دعواه لا إن علم كما في البزازية من الرابع عشر في دعوى الإبراء ووقع فيها بكراس وفي غيرها بترك جواب الشرط فليتنبه لذلك
كذا أفاده الحانوتي في فتاويه وذكر أن معنى الإبراء العام أن يكون للعموم مطلقا لا بقيد تركته أو تركتها فلا يحتاج لما استثناه في الأشباه لأنه مخصص بتركة والده وقد قدمنا عدم سماعها ولو بالإرث حيث علم بموت مورثه إلا أن تخص المسألة المستثناة مسألة الوصي دون الوارث
فتأمل
قال وذلك كله حيث لم تكن البراءة والإقرار بعد دعوى بشيء خاص ولم يعمم بأن يقول أية دعوة كانت أو ما يفيد ذلك لما في البزازية أيضا بعد قوله السابق
قوله وفي المنية ادعى عليه دعاوى معينة ثم صالحه وأقر أنه لا دعوى له عليه ثم ادعى حقا تسمع وحمل إقراره على الدعوى الأولى إلا إذا عمم وقال أية دعوة كانت ونحوه كلا خصومة بوجه من الوجوه كما ذكره في الصلح أي ونحوه مما يفيد العموم زائدا على قوله لا دعوى له وبهذا الحل اضمحل توهم تناقض كلامهم لأن من صرح بعدم سماعها بعد الإبراء العام المطلق صرح بسماعها بعد إبراء الوارث وغيره لكن في محال مختلفة وبهذا صارت مؤتلفة وبالله التوفيق
انتهى ما في شرح الملتقى
وقدمنا قبيل الإقرار عند قوله والتناقض في موضع الخفاء عفو خلاصة ما حرره سيدي الوالد رحمه الله تعالى في رسالته ( إعلام الأعلام بأحكام الإبراء العام ) التي وفق فيها بين عبارات متعارضة ودفع ما فيها من المناقضة فارجع إليها فإنها مفيدة في بابها كافية لطلابها
والذي تحرر فيها في خصوص مسألتنا أن الابن إذا أشهد على نفسه أنه قبض من وصيه جميع تركة والده
____________________
(8/205)
ولم يبق له منها قليل ولا كثير إلا استوفاه ثم ادعى دارا في يد الوصي وقال هذه من تركة والدي تركها ميراثا لي ولم أقبضها فهو على حجته وتقبل بينته كما نص عليه في آخر أحكام الصغار للأستروشني معزيا للمنتقى وكذا في الفصل الثامن والعشرين من جامع الفصولين وكذا في أدب الأوصياء في كتاب الدعوى معزيا إلى المنتقى والخانية والعتابية مصرحين بإقرار الصبي بقبضه من الوصي فليس إلا إقرار المجهول كما ادعاه الشرنبلالي
وممن نص على ذلك التصريح أيضا العلامة ابن الشحنة في شرح الوهبانية وذكر الجواب عن مخالفة هذا الفرع لما أطبقوا عليه من عدم سماع الدعوى بعد الإبراء العام بأن الظاهر أنه استحسان
ووجهه أن الابن لا يعرف ما تركه أبوه على وجه التفصيل غالبا فاستحسنوا سماع دعواه ا هـ
ولهذا جعل صاحب الأشباه المسألة مستثناة من ذلك العموم الذي أطبقوا عليه وهذا بخلاف إقرار بعض الورثة بقبض ميراثه من بقية الورثة وإبرائه لهم فإنه لا تسمع دعواه خلافا لما أفتى به الخير الرملي مستندا إلى ما لا يدل له كما أوضحه سيدي الوالد رحمة الله تعالى في رسالته المذكورة فلا يعدل عما قالوه لعدم النص في ذلك
فالحاصل الفرق بين إقرار الابن للوصي وبين إقرار بعض الورثة للبعض لما في البزازية عن المحيط لو أبرأ أحد الورثة الباقي ثم ادعى التركة وأنكروا لا تسمع دعواه وإن أقروا بالتركة أمروا بالرد عليه ا هـ
ووجه الفرق بينهما أن الوصي هو الذي يتصرف في مال اليتيم بلا اطلاعه فيعذر إذا بلغ وأقر بالاستيفاء منه لجهله بخلاف بقية الورثة فإنهم لا تنصرف لهم في ماله ولا في شيء من التركة إلا باطلاع وصيه القائم مقامه فلم يعذر بالتناقض ومن أراد زيادة بيان ورفع الجهالة فعليه بتلك الرسالة ففيها الكفاية لذوي الدراية وبه علم أن ما كان ينبغي للمصنف أن يذكر ما في البزازية متنا وأما ما سيجيء آخر الصلح فليس فيه إبراء عام وأما الأمر بالرد فقد بينا وجهه قريبا فلا تنسه فتدبر
قوله ( وسنحققه في الصلح ) كان عليه أن يقول وسنحقق خلافه لأن جعل الإبراء عن الأعيان مبطلا لدعواها قضاء وقد علمت أنه ليس فيه إبراء عام
قوله ( ربا عليه ) أي على القرض
قوله ( شرح وهبانية ) أي لابن الشحنة ومثله في القنية معزيا لعبد القادر في الطبقات عن علاء الدين وبه أفتى في الحامدية والخير الرملي في فتاويه الخيرية من الدعوى
قوله ( قلت وحرر الخ ) أقول يتعين الإفتاء بالمنقول لأنه مضطر فلا يرد لا عذر لمن أقر لا سيما وقد علمت أنه أفتى بالمتن هؤلاء الأجلاء المتأخرون
قوله ( لأنه لا عذر لمن أقر ) فيه أن اضطراره إلى هذا الإقرار عذر
قوله ( غايته أن يقال الخ ) ولأنه لا يتأتى على قول الإمام لأنه يقول بلزوم المال ولا يقبل تفسيره وصل أو فصل
وعندهما إن وصل قبل وإلا فلا ولفظة ثمتفيد الفصل فلا يقبل اتفاقا
شرنبلالي
وقد ضمن يقال معنى يفتى فعداه بالباء ط
وحاصل ما يقال من تحرير الشرنبلالي أنه لا فائدة لدعواه أن بعض المقر به ربا إلا تحليف المقر له بناء على قول الثاني إذا ادعى أنه أقر كاذبا يحلف المقر له وهذه المسألة من أفرادها فلذا قال في هذه ونحوها ولقد أبعد من حمل قول أبي يوسف على الضرورة فقط كما في هذه المسألة كما مر قبيل استثناء ولا تنس ما قدمناه في شتى القضاء فتحصل أن المفتى به هو المقول الذي مشى عليه المصنف
قوله ( بأنه يحلف المقر له ) على أنه لم يكن بعضه ربا
____________________
(8/206)
بل كله دين ثابت في ذمته شرعا
قوله ( وبه ) أي بقول أبي يوسف فيمن أقر أي قبيل الاستثناء وفي بعض النسخ فيما مر
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى ويمكن التوفيق بين الكلامين بأن يقال إن قامت البينة على إقراره ينبغي أن لا تسمع دعواه أن بعضه ربا وإن قامت على أن بعضه ربا تقبل فتأمل
قوله ( من نسخ الشرح ) أي المنح
قوله ( لزمه مهر بالدخول ) فيه أن إقراره بعد الدخول أنه طلقها قبل الدخول إقرار بالزنا وليس فيه شبهة دارئة للحد لا شبهة فعل ولا شبهة محل ولا شبهة عقد إذا لم تذكر الموطوءة بعد الطلاق قبل الدخول في واحدة منها ولا عدة عليها فكيف يلزمه المهر وقد تتبعت المجمع وغيره فلم أر فيه سوى مسألة واحدة في فصل المهر وهي ولو أزال عذرتها بدفع وطلقها قبل الدخول فعليه نصفه وأفتى بكله
وفي متن المواهب أخرى وتقدمت هنا في باب العدة وهي لو أقر بطلاقها منذ سنين فكذبته أو قالت لا أدري تعتد من وقت الإقرار وتستحق النفقة والسكنى وإن صدقته اعتدت من حين الطلاق
وقيل الفتوى على وجوبها من وقت الإقرار بلا نفقة ا هـ
قال الشارح غير أنه إن وطئها لزمها مهران ولا نفقة ولا كسوة ولا سكنى لها لقبول قولها على نفسها
خانية
قال ثم لو وطئها حد أي بعد الثبوت والظهور
وأفاد في البحر أنه بعد العدة لعدم الحد بوطء المعتدة ا هـ
فتأمل وراجع
وقد يقال إنما سقط الحد هنا لعدم الإقرار بالزنا أربعا صريحا فتأمل
قوله ( وسقط حقه ) قيل عليه الإقرار على الراجح إخبار وبنوا عليه أنه إذا أقر بشيء ولم يكن مطابقا لنفس الأمر لا يحل للمقر له أخذه فغاية ما حصل بالإقرار المؤاخذة به ظاهرا والسؤال إنما هو عن سقوط الحق حقيقة فأين هذا من ذاك لكن الإقرار باستحقاق فلان الريع لا يستلزم الإقرار بكونه هو الموقوف عليه كما قد يتوهم كما يأتي تتمته قريبا مع بيان ما فيه عند قوله ولو كتاب الوقف بخلافه
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله وسقط حقه الظاهر أن المراد سقوطه ظاهرا فإذا لم يكن مطابقا للواقع لا يحل للمقر له أخذه ثم إن هذا السقوط ما دام حيا فإذا مات عاد على ما شرط الواقف
قال السائحاني في مجموعته وفي الخصاف قال المقر له بالغلة عشر سنوات من اليوم لزيد فإن مضت رجعت للمقر له فإن مات المقر له أو المقر قبل مضيها ترجع الغلة على شرط الواقف فكأنه صرح ببطلان المصادقة بمضي المدة أو موت المقر
وفي الخصاف أيضا رجل وقف على زيد وولده ثم للمساكين فأقر زيد به وبأنه على بكر ثم مات زيد بطل إقراره لبكر
وفي الحامدية إذا تصادق جماعة الوقف ثم مات أحدهم عن ولد فهل تبطل مصادقة الميت في حقه الجواب نعم
ويظهر لي من هذا أن من منع عن استحقاقه بمضي المدة الطويلة إذا مات فولده يأخذ ما شرطه الواقف له لأن الترك لا يزيد على صريح المصادقة ولأن الولد لم يتملكه من أبيه وإنما تملكه من الواقف ا ه
____________________
(8/207)
أقول اغتر كثيرا بهذا الإطلاق وأفتوا بسقوط الحق بمجرد الإقرار
والحق الصواب أن السقوط مقيد بقيود يعرفها الفقيه
قال العلامة الكبير الخصاف أقر فقال غلة هذه الصدقة لفلان دوني ودون الناس جميعا بأمر حق واجب ثابت لازم عرفته ولزمني الإقرار له بذلك قال أصدقه على نفسه وألزم ما أقر به ما دام حيا فإذا مات ردت الغلة إلى من جعلها الواقف له لأنه لما قال ذلك جعلته كأن الواقف هو الذي جعل ذلك للمقر له
وعلله أيضا بقوله لجواز أن الواقف قال إن له أن يزيد وينقص وأن يخرج وأن يدخل مكانه من رأى فيصدق زيد على حقه
ا هـ
أقول يؤخذ من هذا أنه لو علم القاضي أن المقر إنما أقر بذلك لأخذ شيء من المال من المقر له عوضا عن ذلك لكي يستبد بالوقف أن ذلك الإقرار غير معمول به لأنه إقرار خال عما يوجب تصحيحه مما قاله الإمام الخصاف وهو الإقرار في زماننا فتأمله ولا حول ولا قوة إلا بالله بيري أي لو علم أنه جعله لغيره ابتداء لا يصح كما تقدم في الوقف
أقول وإنما قال أصدقه على نفسه الخ لأنه إذا كان الوقف على زيد وأولاده ونسله ثم على الفقراء فأقر زيد بأن الوقف عليهم وعلى هذا الرجل لا يصدق على ولده ونسله في إدخال النقص عليهم بل تقسم الغلة على زيد وعلى من كان موجودا من ولده ونسله فما أصاب زيدا منها كان بينه وبين المقر له ما دام زيد حيا فإذا مات بطل إقراره ولم يكن للمقر له حق وإن كان الوقف على زيد ثم من بعده على الفقراء فأقر زيد بهذا الإقرار لهذا الرجل شاركه الرجل في الغلة ما دام حيا فإذا مات زيد كانت للفقراء ولم يصدق زيد عليهم وإن مات الرجل المقر له وزيد حي فنصف الغلة للفقراء والنصف لزيد فإذا مات زيد صارت الغلة كلها للفقراء
ا هـ
خصاف ملخصا
وتمام الكلام على ذلك في التنقيح لسيدي الوالد رحمه الله تعالى مع فوائد نفيسة وقد مر في الوقف فراجعه
قوله ولو كتاب الوقف بخلافه حملا على أن الواقف رجع عما شرطه وشرط ما أقر به المقر ذكره الخصاف في باب مستقبل
أشباه
أقول لم أر شيئا منه في ذلك الباب وإنما الذي فيه ما نقله البيري آنفا وليس فيه التعليل بأنه رجع عما شرطه ولذا قال الحموي إنه مشكل لأن الوقف إذا لزم لزم ما في ضمنه من الشروط إلا أن يخرج على قول الإمام بعدم لزومه قبل الحكم ويحمل كلامه على وقف لم يسجل ا هـ ملخصا
قلت ويؤيده ما مر عن الدرر قبيل قول المصنف اتحد الواقف والجهة وهذا التأويل يحتاج إليه بعد ثبوت النقل عن الخصاف والله تعالى أعلم
والإقرار باستحقاق فلان الريع لا يستلزم الإقرار بكونه هو الموقوف عليه حقيقة كما قد يتوهم ويصح الإقرار مع كون المقر هو الموقوف عليه ألا ترى أن الوقف لو كان بستانا وقد أثمر فأقر الموقوف عليه بأن زيدا هو المستحق لهذه الثمرة صح الإقرار بطريق أنه باعه تلك الثمرة أما جعلها له بطريق التمليك فلا يملكه لكونه تمليك الثمر بدون الشجر إذا الاتصال بملك الواهب مخل بالقبض الذي هو شرط تمام التمليك ا هـ
قال الحموي وفيه تأمل
وجهه أن بين ثمرة البستاني وريع الوقف فرقا وهو أن الثمرة عين موجودة يمكن قسمتها وتناولها فالإقرار به للغير يحمل على التمليك بطريق البيع وهو صحيح مطلقا وجعلها للغير تمليك لا بطريق البيع بل بطريق الهبة وهبة المشاع قبل قسمته باطلة
وأما ريع الوقف فهو ما يخرج منه من أجرة
____________________
(8/208)
وغيرها فالإقرار بها للغير لا يكون بطريق البيع
قوله ( ولو جعله لغيره ) بأن انشأ الجعل من غير إسقاط لتحسن المقابلة بينه وبين
قوله أو أسقطه الخ لأنه إسقاط لمجهول فلا يسقط حقه
قوله ( لم يصح ) أي لا يصح أن يصير لغيره لأن تصحيح الإقرار إنما هو معاملة له بإقراره على نفسه من حيث ظاهر الحال تصديقا له في إخباره مع إمكان تصحيحه حملا أن الواقف هو الذي جعل ذلك للمقر له كما مر
أما إذا قال المشروط له الغلة أو النظر جعلت ذلك لفلان لا يصح لأنه ليس له ولاية إنشاء ذلك من تلقاء نفسه وفرق بين الإخبار والإنشاء
نعم لو جعل النظر لغيره في مرض موته يصح إذا لم يخالف شرط الواقف لأنه يصير وصيا عنه وكذا لو فرغ عنه لغيره وقرر القاضي ذلك الغير يصح أيضا لأنه يملك عزل نفسه والفراغ عزل ولا يصير المفروغ له ناظرا بمجرد الفراغ بل لا بد من تقرير القاضي كما تحرر سابقا فإذا قرر القاضي المفروغ له صار ناظرا بالتقدير لا بمجرد الفراغ وهذا غير الجعل المذكور هنا فافهم
وأما جعل الريع لغيره فقال ط إن كان الجعل بمعنى التبرع لغيره بأن يوكله ليقبضه ثم يأخذه لنفسه فلا شبهة في صحة التبرع به وإن كان بمعنى الإسقاط فقال في الخانية إن الاستحقاق المشروط كإرث لا يسقط بالإسقاط ا هـ
قلت ما عزاه للخانية الله أعلم بثبوته فراجعها
نعم المنقول في الخانية ما سيأتي وقد فرق في الأشباه في بحث ما يقبل الإسقاط من الحقوق بين إسقاطه لمعين ولغير معين وذكر ذلك في جملة مسائل كثر السؤال عنها ولم يجد فيها نقلا فقال إذا أسقط المشروط له الريع حقه لا لأحد لا يسقط كما فهمه الطرسوسي بخلاف ما إذا أسقط حقه لغيره انتهى أي فإنه يسقط لكنه ذكر أنه لا يسقط مطلقا في رسالته المؤلفة في بيان ما يسقط من الحقوق وما لا يسقط أخذا مما في شهادات الخانية من كان فقيرا من أصحاب المدرسة يكون مستحقا للوقف استحقاقا لا يبطل بإبطاله فلو قال أبطلت حقي كان له أن يأخذه انتهى
قلت لكن لا يخفى أن ما في الخانية إسقاط لا لأحد
نعم ينبغي عدم الفرق إذ الموقوف عليه الريع إنما يستحقه بشرط الواقف فإذا قال أسقطت حقي منه لفلان أو جعلته له يكون مخالفا لشرط الواقف حيث أدخل في وقفه ما لم يرضه الواقف لأن هذا إنشاء استحقاق بخلاف إقراره بأنه يستحقه فلان فإنه إخبار يمكن تصحيحه كما مر
ثم رأيت الخير الرملي أفتى بذلك وقال بعد نقل ما في شهادات الخانية وهذا في وقف المدرسة فكيف في الوقف على الذرية المستحقين بشرط الواقف من غير توقف على تقرير الحاكم وقد صرحوا بأن شرط الواقف كنص الشارع فأشبه الإرث في عدم قبوله الإسقاط وقد وقع لبعضهم في هذه المسألة كلام يجب أن يحذر انتهى
فإن قلت إذا أقر المشروط له الريع أو بعضه أنه لا حق له فيه وأنه يستحقه فلان هل يسقط حقه قلت نعم ولو كان مكتوب الوقف بخلافه كما ذكره الخصاف في باب مستقل
فرع في إقرار الإسماعيلية فيمن أقرت بأن فلانا يستحق ريع ما يخصها من وقف كذا في مدة معلومة بمقتضى أنها قبضت منه مبلغا معلوما فالإقرار باطل لأنه بيع الاستحقاق المعدوم وقت الإقرار بالمبلغ المعين وإطلاق قولهم لو أقر المشروط له الريع أنه يستحقه فلان دونه يصح ولو جعله لغيره لم يصح يقضي ببطلانه فإن الإقرار بعوض معاوضة
قوله ( وكذا المشروط له النظر على هذا ) يعني لو أقر أنه يستحقه فلان دونه صح ولو جعله
____________________
(8/209)
لغيره لم يصح
كذا في شرح تنوير الأذهان
فلو أقر الناظر أن فلانا يستحق معه نصف النظر مثلا يؤاخذ بإقراره ويشاركه فلان في وظيفته ما داما حيين
بقي لو مات أحدهما فإن كان هو المقر فالحكم ظاهر وهو بطلان الإقرار وانتقال النظر لمن شرطه له الواقف بعده
وأما لو مات المقر له فهي مسألة تقع كثيرا وقد سئل عنها سيدي الوالد رحمه الله تعالى مرارا
وأجاب عنها في تنقيح الحامدية بأن الذي يقتضيه النظر بطلان الإقرار أيضا لكن لا تعود الحصة المقر بها إلى المقر لما مر وإنما يوجهها القاضي للمقر أو لمن أراد من أهل الوقف لأنا صححنا إقراره حملا على أن الواقف هو الذي جعل ذلك للمقر له كما مر عن الخصاف فيصير كأنه جعل النظر لاثنين ليس لأحدهما الانفراد
وإذ مات أحدهما أقام القاضي غيره وليس للحي الانفراد إلا إذا أقامه القاضي كما في الإسعاف انتهى
ولا يمكن هنا القول بانتقال ما أقر به إلى المساكين كما في الإقرار بالغلة إذا لا حق لهم في النظر وإنما حقهم في الغلة فقط هذا ما حرره وقال ولم أر من نبه عليه فاغتنمه
قوله ( وذكره في الأشباه ثمة وهنا ) أي عند قوله يملك الإقرار من لا يملك الإنشاء حيث قال وعلى هذا لو أقر المشروط له الريع أنه يستحقه فلان دونه صح ولو جعله له لم يصح ا هـ
قوله ( وفي الساقط لا يعود فراجعه ) عبارته هناك
قال قاضيخان في فتاويه من الشهادات في الشهادة بوقف المدرسة إن من كان فقيرا من أهل المدرسة إلى آخر ما قدمناه قريبا
قوله ( القصص المرفوعة ) في عرض حال ونحوه من المكتوب
قوله ( لا يؤاخذ ) أي القاضي صاحبها بما فيها من إقرار ونحوه لأنه لا عبرة بمجرد الخط فافهم
قوله ( في الأول ) هو قوله في علمي وظاهره أنه لا خلاف في قوله فيما أعلم مع أنه بمعناه إذ قوله في علمي أي معلومي
قوله ( لزمه اتفاقا ) لأن قد في مثله للتحقيق ط
قال في الكافي من قال فلان علي ألف درهم فيما أعلم أو قال في علمي لزمه المال وقالا لا يلزمه له أنه أثبت العلم بما أقر به فيوجب تأكيده كما لو قال قد علمت
ولهما أن التشكيك يبطل الإقرار فقوله فيما أعلم يذكر للشك عرفا فصار كقوله فيما أحسب وأظن بخلاف قوله قد علمت لأنه للتحقيق
ا هـ
والحاصل أن الشك عندنا هو التردد بين الطرفين مطلقا كان أحدهما راجحا أو مرجوحا فيكون شاملا للظن فالراجح هو الظن والمرجوح هو الوهم عند أهل المعقود وغالب الظن هو الطرف الراجح الذي يكون قريبا من الجزم وفوق الظن وهو عندهم ملحق باليقين قال في الهندية في الباب الثاني من الإقرار ولو قال لفلان علي ألف درهم فيما أعلم أو في علمي أو فيما علمت
قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى هذا باطل كله
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى هو إقرار صحيح
وأجمعوا على أنه لو قال علمت أن لفلان علي ألف درهم أو قال فلان علي ألف درهم وقد علمت ذلك أن ذلك إقرار صحيح كذا في الذخيرة ولو قال له علي ألف درهم فيما أظن أو فيما ظننت أو فيما أحسب أو فيما حسبت أو فيما أرى أو فيما رأيت فهو باطل
كذا في المبسوط ا هـ
وفي البزازية وفيما علمت يلزم
____________________
(8/210)
وفي الخانية قال علمي أن لفلان علي ألف درهم كان إقرارا في قولهم وله علي ألف في شهادة فلان أو في علمه لا يلزم شيء وبشهادة فلان أو بعلمه كان إقرارا لأن حرف الباء للإلصاق فيقتضي وجود الملصوق به
وفي قضاء فلان القاضي أو المحكم برضانا يلزمه المال
قوله ( مثلا ) فالمراد أنه أشرك معه غيره ولو واحدا
قوله ( كذا في نسخ المتن ) أي بعضها وفي بعض نسخ المتن المغصوب منه
قوله ( وألزمه زفر بعشرها ) لأنه أضاف الإقرار إلى نفسه وإلى غيره فيلزمه بحصته
قال في الكافي وعلى هذا الخلاف لو قال أقرضنا أو أودعنا أو له علينا أو أعارنا
وعلى هذا لو قال كنا ثلاثة أو أربعة يلزمه الثالث أو الربع
ا هـ
قوله ( يستعمل في الواحد ) قال تعالى 17 { إنا أرسلنا } نوح 1 وإنما قلنا بذلك وإن كان مجازا لما ذكره من قوله والظاهر
قوله ( وقال زفر لكل ثلثه ) لأن إقراره للأول صحيح ولم يصح رجوعه بقوله بل وصح إقراره للثاني والثالث فاستحقا وقاسه على مسألة الدين إذا أقر به هكذا
قوله ( لنفاذه من الكل ) وقد تقدم قبيل إقراره المريض
قوله ( أقر بشيء ثم ادعى الخطأ لم يقبل ) عزاه في المنح إلى الخانية
قال محشيه الخير الرملي أقول وذكر في البزازية من كتاب القسمة في الثاني من دعوى الغلط فيها وإن ادعى أنه أخذ من حصته شيئا بعد القسمة يبرهن عليه وإلا حلف عليه وهذا إذا لم يقر بالاستيفاء فإن أقر وبرهن على ذلك لا تصح الدعوى إلا على الرواية التي اختارها المتأخرون أن دعوى الهزل في الإقرار تصح ويحلف المقر له أنه ما كان كاذبا في إقراره ا هـ
وهذا يدل على أنه يقبل ويحلف اللهم إلا أن يحمل كلام الخانية على أنه لا يقبل في حق البينة أو أنه على قول أبي حنيفة ومحمد لا على قول أبي يوسف الذي اختاره المتأخرون للفتوى وهو الظاهر فتأمله هذا
وقد ذكر في الخانية في باب اليمين الخلاف المذكور
ثم قال يفوض ذلك إلى رأي القاضي والمفتي فراجعه إن شئت
ثم إنا لم نر في إقرار الخانية هذه العبارة والشارح هنا تبع في النقل ما في الأشباه والنظائر فإن هذه الفروع منقولة منه فكن على بصيرة
وفي البحر عن خزانة المفتين لو أقر بالدين ثم ادعى الإيفاء لا تقبل إلا إذا تفرقا عن المجلس
ا هـ
قوله ( لم يقع يعني ديانة ) أما إذا كان ذلك بين يدي القاضي فلا يصدقه في البناء المذكور كما يؤخذ من مفهومه وبه صرح في حواشي الأشباه كما لو أقر أن هذه المرأة أمه مثلا ثم أراد أن يتزوجها وقال وهمت ونحوه وصدقته
____________________
(8/211)
المرأة فله أن يتزوجها لأن هذا مما يجري فيه الغلط وكذا لو طلق امرأة ثلاثا ثم تزوجها وقال لم أكن تزوجتها حين الطلاق صدق وجاز النكاح
بيري
فإن قيل كيف يتبين خلافه أجيب بأنه يحتمل أن يكون المفتي غير ماهر في المذهب فأفتى من أعلم منه بعدم الوقوع ويحتمل أن المفتي أفتى أولا بالوقوع من غير تثبت ثم أفتى بعد التثبت بعدمه
قال في البزازية ظن وقوع الثلاث بإفتاء من ليس بأهل فأمر الكاتب بصك الطلاق فكتب ثم أفتاه عالم بعدم الوقوع له أن يعود إليها في الديانة لكن القاضي لا يصدقه لقيام الصك ا هـ
ومن فروع هذه المسألة ما في جامع الفصولين تكلمت فقال هذا كفر وحرمت علي به فتبين أن ذلك اللفظ ليس بكفر فعن النسفي أنها لا تحرم
وفي مجمع الفتاوي ادعى على إنسان مالا أو حقا في شيء فصالحه على مال ثم تبين أنه لم يكن ذلك المال عليه وذلك الحق لم يكن ثابتا كان للمدعى عليه حق استرداد ذلك المال
كذا ذكره الحموي
قوله ( فأفتى بعضهم بصحته ) ولا يفتى بعقوبة السارق لأنه جور
تجنيس وقهستاني وقد سلف ط
نقل في كتاب السرقة عن إكراه البزازية من المشايخ من أفتى بصحة إقراره بها مكرها
قال وهو الذي يسع الناس وعليه العمل وإلا فالشهادة على السرقات من أندر الأمور
ونقل عن الزيلعي جواز ذلك سياسة وينبغي التعويل عليه في زماننا لغلبة الفساد وحكي عن عصام أنه سئل عن سارق ينكر فقال عليه اليمين فقال الأمير سارق ويمين هاتوا بالسوط فما ضربوه عشرة حتى أقر فأتى بالسرقة فقال سبحان الله ما رأيت جورا أشبه بالعدل من هذا
قوله ( الإقرار بشيء محال ) كقوله إن فلانا أقرضني كذا في شهر كذا وقد مات قبله أو أقر له بأرش يده التي قطعها خمسمائة دينار ويداه صحيحتان لم يلزمه شيء كما في حيل التاترخانية
وعلى هذا أفتيت ببطلان إقرار إنسان بقدر من السهام لوارث وهو أزيد من الفريضة الشرعية لكونه محالا شرعا مثلا لو مات عن ابن وبنت فأقر الابن أن التركة بينهما نصفان بالسوية فالإقرار باطل لما ذكرنا ولكن لا بد من كونه محالا من كل وجه وإلا فقد ذكر في التاترخانية من كتاب الحيل لو أقر أن لهذا الصغير علي ألف درهم قرضا أقرضنيه أو من ثمن مبيع باعينه صح الإقرار مع أن الصبي ليس من أهل البيع والقرض ولا يتصور أن يكون منه لكن إنما يصح باعتبار أن هذا المقر محل لثبوت الدين للصغير عليه في الجملة
ا هـ
أقول قال المحشي الحموي هل منه ما إذا أقرت عقب العقد أن مهرها لزيد مثلا
قال في شرح المنظومة والقنية إذا أقرت وقالت المهر الذي لي على زوجي لفلان أو لولدي فإنه لا يصح ا هـ
ويؤخذ من هذا واقعة الفتوى أن الرجل لو أقر لزوجته بنفقة مدة ماضية هي فيها ناشرة ومن غير سبق قضاء أو رضا وهي معترفة بذلك فإقراره باطل لكونه محالا شرعا
قال بعض الفضلاء وقد أفتيت أخذا من ذلك بأن إقرار أم الولد لمولاها بدين لزمها بطريق شرعي باطل شرعا وإن كتب به وثيقة لعدم تصور دين للمولى على أم ولده إذ الملك له فيها كامل والمملوك لا يكون عليه دين لمالكه
ا هـ
وفي الحموي أن عدم صحة إقرار المرأة بالمهر الذي لها على زوجها لوالدها لكونه هبة دين لغيره من عليه
____________________
(8/212)
الدين ومنه ما إذا أقر أنه باع عبده من فلان ولم يذكر الثمن ثم جحد صح جحوده لأن الإقرار بالبيع بغير ثمن باطل كما في قاضيخان وهو إحدى روايتين كما في الولوالجية
ومنه إذا زوج بنته ثم طلبوا منه أن يقر بقبض شيء من الصداق فالإقرار باطل لأن أهل المجلس يعرفون أنه كذاب
الولوالجية
قال في البيري يؤخذ منه حكم كثير من مسائل الإقرار الواقعة في زماننا
قوله ( وبالدين بعد الإبراء منه الخ ) قيد به لأن إقراره بالعين بعد الإبراء العام صحيح مع أنه أمن الأعيان في الإبراء العام كما صرح به في الأشباه وتحقيق الفرق في رسالة الشرنبلالي أفي الأبراء العام
قال الطحطاوي صورة المسألة وهبت لزوجها مهرها ثم أقر به بعد الهبة لا يصح إقراره
وهذا لا ينافي ما ذكره العلامة عبد البر نقلا عن الخلاصة والصغرى قال رجل أقر لامرأته بمهر ألف درهم في مرض موته ومات ثم أقامت الورثة البينة أن المرأة وهبت مهرها من زوجها في حياة الزوج لا تقبل لاحتمال الإبانة والإعادة على المهر المذكور لكن في فصول العمادي ما يقتضي أن الإقرار إنما يصح بمقدار مهر المثل
ا هـ
ملخصا
ثم نقلا عن المصنف أن الهبة في المهر تخالف الإبراء فلو أبرأته منه ثم أقر به لا يصح إقراره
انتهت عبارة الطحطاوي
قال في جامع الفصولين برهن أنه أبرأني عن هذه الدعوى ثم ادعى المدعي ثانيا أنه أقر لي بالمال بعد إبرائي فلو قال المدعى عليه أبرأني وقبلت الإبراء وقال صدقته فيه لا يصح الدفع يعني دعوى الإقرار ولو لم يقله يصح الدفع لاحتمال الرد والإبراء يرتد بالرد فيبقى المال عليه بخلاف قبوله إذ لا يرتد بالرد بعده ا هـ
لكن كلامنا في الإبراء عن الدين وهذا في الإبراء عن الدعوى
وفي الرابع والعشرين من التاترخانية ولو قال أبرأتك مما لي عليك فقال علي ألف قال صدقت فهو بريء استحسانا
لا حق لي في هذه الدار فقال كان لك سدس فاشتريته منك فقال لم أبعه فله السدس ولو قال خرجت من كل حق لي في هذه الدار أو برئت منه إليك أو أقررت لك فقال الآخر اشتريتها منك فقال لم أقبض الثمن فله الثمن
ا هـ
وفيها عن العتابية ولو قال لا حق لي قبله بريء من كل عين ودين وعلى هذا لو قال فلان بريء مما لي قبله دخل المضمون والأمانة ولو قال هو بريء مما لي عليه دخل المضمون دون الأمانة ولو قال هو بريء مما لي عنده فهو بريء من كل شيء أصله أمانة ولا يبرأ عن المضمون ولو ادعى الطالب حقا بعد ذلك وأقام بينة فإن كان أرخ بعد البراءة تسمع دعواه وتقبل بينته وإن لم يؤرخ فالقياس أن تسمع ويحمل على حق وجب بعدها
وفي الاستحسان لا تقبل بينته انتهى
قال بعض الفضلاء بعد أن ذكر عبارة جامع الفصولين المذكورة فهذا أولى بالاستثناء مما ذكره وسيذكره المصنف في بيان الساقط لا يعود وبحث فيه بعض الفضلاء بأنه لا أولوية ولا مساواة عند التأمل لأن هنا إنما صحت دعواه لاحتمال الرد كما اعترف به وأما ما استثناه المصنف فالمقصود بالهبة الهبة المعتبرة شرعا المشتملة على الإيجاب والقبول وشرط الصحة واللزوم لأنها عند الإطلاق تنصرف إلى الكاملة
هذا وعندي في كون هذا الفرع داخلا تحت الأصل المذكور في التاترخانية نظر يعرف بالتأمل في كلامهم لأنه إنما جاز ذلك لأنه يجعل زيادة في المهر والزيادة في المهر جائزة عندنا
وأما ما وقع الإبراء منه وسقط فلا يعود
____________________
(8/213)
لأن الساقط لا يعود
وعبارة البزازية تفيد ما قلته بعينه
قال في المحيط وهبت المهر منه ثم قال اشهدوا أن لها علي مهر كذا فالمختار عند الفقيه أن إقراره جائز وعليه المهر المذكور إذا قبلت لأن الزيادة لا تصح بلا قبولها
والأشبه أن لا يصح ولا تجعل زيادة بغير قصد الزيادة فاستثناؤه في غير محله كما لا يخفى
كذا في الحواشي الحموية ويأتي أواخر الباب إن شاء الله تعالى
قوله ( ذكره المصنف في فتاوته ) ونصه سئل عن رجلين صدر بينهما إبراء عام ثم إن رجلا منهما بعد الإبراء العام أقر أن في ذمته مبلغا معينا للآخر فهل يلزمه ذلك أم لا أجاب إذا أقر بالدين بعد الإبراء منه لم يلزمه كما في الفوائد الزينية نقلا عن التاترخانية
نعم إذا ادعى عليه دينا بسبب حادث بعد الإبراء العام وأنه أقر به يلزمه انتهى
وانظر ما في إقرار تعارض البينات لغانم البغدادي
قوله ( قلت ومفاده ) أي مفاد تقييد اللزوم بدعواه بسبب حادث
قوله ( أنه ) أي الغريم
قوله ( ببقاء الدين ) أي الذي أبرأه منه فليس دينا حادثا أي بأن ما أبرأني منه باق في ذمتي والفرق بين هذا وبين قوله السابق وبالدين بعد الإبراء منه أنه قال هناك بعد الإبراء لفلان علي كذا وفي الثانية قال دين فلان باق علي والحكم فيهما واحد وهو البطلان
تأمل
قوله ( فحكمه كالأول ) أي الإقرار بالدين بعد الإبراء منه أي فإنه باطل
قوله ( الفعل في المرض ) كالإقرار فيه بدين وكالتزوج والعتق والهبة والمحاباة
قوله ( أحط من فعل الصحة ) فإن الإقرار فيه بدين مؤخر عن دين الصحة والتزوج ينفذ فيه بمهر المثل وتبطل الزيادة بخلاف الصحة والعتق وما بعده في المرض تنفذ من الثلث وفي الصحة من الكل
قوله ( إلا في مسألة إسناد الناظر النظر لغيره ) المراد بالإسناد التفويض فإنه إذا فوضه في صحته لا يصح إلا إذا شرط له التفويض وإذا فوضه في مرضه صح
قوله ( بلا شرط ) أي شرط الواقف التفويض له أما إذا كان هناك شرط فيستويان
قوله ( تتمة ) أي اتنتهى من التتمة وهي اسم كتاب
والحاصل أن الناظر إذا فوض النظر لغيره فتارة يكون بالشرط وتارة لا وعلى كل إما في الصحة أو في المرض وقد تقدم في الوقف فارجع إليه
قوله ( وتمامه في الأشباه ) قال فيها بعد عبارة التتمة وفي كافي الحاكم من باب الإقرار في المضاربة لو أقر المضارب بربح ألف درهم في المال ثم قال غلطت أنها خمسمائة لم يصدق وهو ضامن لما أقر به انتهى
اختلفا في كون الإقرار للوارث في الصحة أو في المرض فالقول لمن ادعى أنه في المرض وفي كونه في الصغر أو البلوغ فالقول لمن ادعى الصغر
كذا في إقرار البزازية ولو طلق أو أعتق ثم قال كنت صغيرا فالقول له وإن أسند إلى حال الجنون فإن كان معهودا قبل وإلا فلا
مات المقر فبرهن وارثه على الإقرار ولم يشهدوا له أن المقر له صدق المقر أو كذبه تقبل كما في القنية
أقر في مرضه بشيء وقال كنت فعلته في الصحة كان بمنزلة الإقرار بالمرض من غير إسناد إلى زمن الصحة
قال في الخلاصة لو أقر في المرض الذي مات فيه أنه باع هذا العبد من فلان في صحته وقبض الثمن وادعى ذلك المشتري فإنه يصدق في البيع ولا يصدق في قبض الثمن إلا بقدر الثلث
____________________
(8/214)
وفي العمادية لا يصدق على استيفاء الثمن إلا أن يكون العبد قد مات قبل مرضه انتهى
وتمامه في شرح ابن وهبان انتهى
قوله ( أقر بمهر المثل ) هو إصلاح بيت الوهبانية لشارحها ابن الشحنة وبيت الأصل أقر بألف مهرها صح مشرفا ولو وهبت من قبل ليس يغير وصورتها مريض مرض الموت أقر لزوجته بألف مهرها ثم مات فأقامت ورثته بينة أن المرأة وهبت مهرها لزوجها قبل مرضه لا تقبل والمهر لازم بإقراره
وفي فصول العمادي ما يقتضي أن ذلك إذا كان بمقدار مهر المثل وقد تقدم ذلك قريبا فلا تنسه وسيأتي قريبا
قال ابن الشحنة ومسألة البيت من الخلاصة والصغرى
أقول وقيد بمهر المثل إذ لو كان الإقرار بأزيد منه لم يصح ولا ينافي هذا ما قدمه الشارح من بطلان الإقرار بعد الهبة لاحتمال أنه أبانها ثم تزوجها على المهر المذكور في هذه الصورة
وفيه أن الاحتمال موجود ثمة
تأمل
قوله ( فبينة الإيهاب ) أي لو أقامت الورثة البينة ومثله الإبراء كما حققه ابن الشحنة
قوله ( من قبل تهدر ) أي البينة في حال الصحة أن المرأة وهبت مهرها من زوجها في حياته لا تقبل وهذا ظاهر على قول الفقيه الذي اختاره
وأما على المذهب فيظهر لي أن الإقرار بعد الهبة هو المهدر لأنهم على ما يظهر فرضوا هذا الخلاف في الصحة فيكون في المرض بالأولى قال في المنح أقر بالدين بعد الإبراء منه لم يلزمه إلا إذا أقر لزوجته بمهر بعد هبتها المهر منه على ما اختاره الفقيه ويجعل زيادة على المهر إن قبلت والأشبه خلافه لعدم قصد الزيادة ا هـ
ومر نحوه قريبا فلا تنسه
قوله ( وإسناد بيع ) بالنصب مفعول لأقبلن أو مبتدأ خبره جملة اقبلن
قوله ( فيه ) أي في مرض موته
قوله ( اقبلن ) أي إذا صدقه المشتري
وصورة المسألة كما في المنتقى لو أقر في المرض الذي مات فيه أنه باع هذا العبد من فلان في صحته وقبض الثمن وادعى ذلك المشتري فإنه يصدق في البيع ولا يصدق في قبض الثمن إلا بقدر الثلث
هذه مسألة النظم إلا أنه أغفل فيه تصديق المشتري ابن الشحنة
وفي العمادية لا يصدق على استيفاء الثمن إلا أن يكون العبد قد مات قبل موته ا هـ
أقول عدم التصديق في القبض يفيد عدم نفاذ المحاباة في هذا البيع ويشهد له ما في شرح تحفة الأقران أقر في مرضه بشيء وقال كنت فعلته في الصحة كان بمنزلة الإقرار في المرض من غير إسناد إلى زمن الصحة
ا هـ
وارجع إلى ما قدمناه أوائل إقرار المريض عند قوله وإبرائه مديونه ولا تغفل
قوله ( التراث ) أي الميراث
قوله ( وليس بلا تشهد الخ ) هذا تصويب العلامة عبد البر لا بيت الأصل وهو وليس بإقرار مقالة لا تكن شهيدا ولا تخبر يقال فينظر ملخصه أنه لو قال لا تشهد أن لفلان علي كذا لا يكون إقرارا بالاتفاق وإن قال لا تخبره أن له علي كذا من حقه أو لحقه اختلف فيه
قال الكرخي وعامة مشايخ بلخ أن الصحيح أنه ليس بإقرار وقال مشايخ بخارى الصواب أنه إقرار
قال في القنية والمنية هو الصحيح
والفرق على كونه إقرارا أن النهي عن الشهادة نهي عن زور يشهد به والنهي عن خبر استكتام علمه عليه وقوله تشهد بسكون الدال المهملة
قوله ( نعده ) بالنون وتشديد الدال أي لا نعد ذلك في حكم الإقرار
قوله ( فخلف ) قال المقدسي ذكر محمد أن قوله لا تخبر فلانا أن له علي ألفا إقرار
____________________
(8/215)
وزعم السرخسي أن فيه روايتين
قال ط ينظر فيما إذا قاله ابتداء وذكر رواية الكرخي ومشايخ بلخ ورواية مشايخ بخارى المذكورتين
ثم قال وجه كونه إقرارا أن النهي عن الإخبار يصح مع وجود المخبر عنه لقوله تعالى 4 { وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به } النساء 83 ذمهم على الإخبار مع وجود المخبر عنه ومن شرط صحة الإخبار عنه في الإثبات فكذلك في النفي فكأنه أثبت المخبر عنه وكأنه قال لفلان علي ألف درهم فلا تخبره بأن له علي ذلك ولو قال ذلك كان إقرارا ا هـ
ووجه كونه غير إقرار ما تقدم في لا تشهد ومسألتا البيت المذكورتان من قاضيخان من المنتقى
قوله ( ومن قال ملكي الخ ) ملخصه ولو أضاف الشيء إلى نفسه فقال ملكي هذا المعين لفلان كان هبة يقتضي التسليم فلا يتم إلا به وإن لم يضفه إلى نفسه كان إظهارا وإقرارا لا يقتضي التسليم وهبة الأب لصغيره تتم بالإيجاب فلا يحتاج لقبض ابنه الصغير
والحاصل أنه إذا قال ملكي ذا لهذا الشخص كان منشئا لتمليكه فيعتبر فيه شرائط الهبة ومن قال هذا ملك ذا فهو مظهر أي مقر ومخبر فلا يشترط فيه شروط الهبة
قوله ( لذا ) أي لهذا الشخص
قوله ( كان منشئا ) أي لتمليكه هبته
قوله ( فهو مظهر ) أي مقر ومخبر ومسألة البيت من قاضيخان من الملتقى
قوله ( ومن قال لا دعوى لي اليوم ) صورتها قال لآخر لا دعوى لي عليك اليوم فلا تسمع دعواه بعد ذلك اليوم بما تقدم لأنه إبراء عام حتى يتجدد له غيره عليه بعده وكذا لو قال تركته أصلا فهو إبراء وكذا لو قال تركت دعواي على فلان وفوضت أمري إلى الآخرة لا تسمع دعواه بما لم يتجدد بعد الإبراء والله تعالى أعلم كما في الشرنبلالية أي ولو إرثا حيث علم بموت مورثه وقته
بزازية
وفي الخلاصة أبرأه عن الدعاوى والخصومات ثم ادعى عليه مالا بالإرث عن أبيه إن مات أبوه قبل إبرائه صح الإبراء ولا تسمع دعواه وإن لم يعلم بموت الأب عند الإبراء ا هـ
وتقدم ذلك
قوله ( لي اليوم ) بتحريك الياء من لي
قوله ( منها ) أي من دعاوى اليوم أو ما تقدمه أما إذا كان بسبب حادث فتسمع كما سمعت
قوله ( فمنكر ) بتخفيف الكاف مع إشباع الراء أي ينكره الشرع ولا يقبله
أقول ومسألة البيت من القنية على ما نقله صاحب الفوائد عنها والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
كتاب الصلح قوله ( مناسبته الخ ) يعني أن الصلح يتسبب عن الخصومة المترتبة على إنكار المقر إقراره أي فتناسب الصلح والإقرار بواسطتين ولكنها مناسبة خفية
والأظهر أن يقال إن الصلح يكون عن الإقرار في بعض وجوهه كما سيبينه فلذا ذكره بعده ثم ذكر معه قسميه تتميما للفائدة
قوله ( المقر ) الصواب المدعى عليه كما في الدرر قوله ( اسم من المصالحة ) وهي المسألة والأولى اسم للمصالحة والتصالح خلاف المخاصمة والتخاصم وأصله من الصلاح وهو استقامة الحال على ما يدعو إليه العقل ومعناه دال على حسنه الذاتي وكم من فساد انقلب به إلى الصلاح
____________________
(8/216)
ولهذا أمر الله تعالى به عند حصول الفساد والفتن بقوله 94 { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } الحجرات 9 4 { والصلح خير } النساء 128 والصالح المستقيم الحال في نفسه
ذكره القهستاني
وفي صلاة الجوهرة الصالح القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد وإنما ذكر الضمير بقوله هو لكونه مما يذكر ويؤنث كما في الصحاح
قوله ( ويقطع الخصومة ) عطف تفصير كما يفيده الحموي فإنه فسر رفع النزاع بقطع الخصومة
قوله ( مطلقا ) أي فيما يتعين وفيما لا يتعين
قوله ( فيما يتعين ) إنما اشترط القبول لأنه ليس من الإسقاط حتى يتم بالمسقط وحده لعدم جريانه في الأعيان ط
قوله ( فيتم بلا قبول ) أي من المطلوب إذا بدأ هو بطلبه بأن ادعى شخص على شخص دراهم ونحوها فطلب المدعى عليه الصلح على نصفها فقال المدعي صالحتك على ذلك فلا يشترط قبول المدعى عليه لأن ذلك إسقاط من المدعي وهو يتم بالمسقط وحده وهذا إنما يظهر في صورة الإقرار ط
والحاصل أن الموجب هو المدعي فيشترط قبول المدعى عليه فيما يتعين لا فيما لا يتعين
وأما إذا كان الموجب هو المدعى عليه فلا بد من القبول من المدعي مطلقا سواء فيه ما يتعين وما لا يتعين
قوله ( وسيجيء ) أي قريبا
قوله ( العقل ) لا حاجة إليه لأنه شرط في جميع العقود والتصرفات الشرعية فلا يصح صلح مجنون وصبي لا يعقل
درر
وكذا لا يصح صلح المعتوه والنائم والمبرسم والمدهوش والمغمى عليه إذ ليس لهم قصد شرعي وخص بذكرهما لكونهما منصوصا عليهما بعدم جريان الأحكام الفرعية عليهما فيدخل حكم هؤلاء في حكمهما بالدلالة أو بالقياس لأن حالهم كحالهما بل أشد تارة
صرح به في الفصول
وأما السكران فلا يدخل فيهم لأنه مخاطب زجرا له وتشديدا عليه لزوال عقله بمحرم ولذلك قال في منية المفتي صلح السكران جائز
أقول قد سبق في كتاب الطلاق وفي شتى الإقرار إنما هو عند أكثر أئمتنا
وأما الكرخي والطحاوي ومحمد بن سلام قالوا بعدم وقوعه فيجري على الخلاف المذكور لكن علمت أن الأصح الوقوع وعليه فينبغي صحة صلحه على الأصح
قوله ( فصح من صبي مأذون ) ويصح عنه بأن صالح أبوه عن داره وقد ادعاها مدع وأقام البرهان ط
قوله ( إن عري ) بكسر الراء أي خلا وأما بفتحها فمعناه حل ونزل
قوله ( عن ضرر بين ) بأن كان نفعا محضا أو لا نفع فيه ولا ضرر أو فيه ضرر غير بين فإذا ادعى الصبي المأذون على إنسان دينا وصالحه على بعض حقه فإن لم يكن له عليه بينة جاز الصلح إذ عند انعدامها لا حق له إلا الخصومة والحلف والمال أنفع منهما وإن كانت البينة لم يجز لأن الحط تبرع وهو لا يملكه ومثال ما لا ضرر فيه ولا نفع صلحه عن عين بقدر قيمتها ومثال ما لا ضرر فيه بين ما إذا أخر الدين فإنه يجوز لأنه من أعمال التجارة ط
أقول وهذا ظاهر في الصبي والمكاتب والمأذون المديون
وأما المأذون الغير المديون فينبغي صحة صلحه كيفما كان حيث كان بإذن سيده لأنه وما في يده لمولاه فيكون صلحه كصلح مولاه ولا حق في ماله لغريم كالمديون ولا تصرفه منوط بالمصلحة كالصبي والمكاتب تأمل
قوله ( وصح من عبد مأذون ) لو لم يكن فيه ضرر بين لكنه لا يملك الصلح على حط بعض الحق إذا كان له عليه بينة ويملك التأجيل مطلقا وحط بعض الثمن للعيب لما
____________________
(8/217)
ذكر ولو صالحه البائع على حط بعض الثمن جاز لما ذكر في الصبي المأذون كما في الدرر
قوله ( ومكاتب ) فإنه نظير العبد المأذون في جميع ما ذكر لأنه عبد ما بقي عليه درهم فإن عجز المكاتب فادعى عليه رجل دينا فاصطلحا أن يأخذ بعضه ويؤخر بعضه فإن لم يكن له عليه بينة لم يجز لأنه لما عجز صار محجورا فلا يصح صلحه
درر
أقول قوله فادعى عليه رجل دينا أي كان في زمن كتابته إلا أن الصلح واقع بعد العجز هذا هو المراد فحينئذ لا يكون الشرط الثاني مستغنى عنه وقيد به لأنه لو كان للمدعي بينة صلح المحجور لا من حيث إنه محجور بل من حيث أن دينه دين في زمن كتابته
تدبر
وأقول ومثل المكاتب المعتوه المأذون فإنه نظير العبد المأذون على ما سبق
قوله ( ولو فيه نفع ) لو قال لو لم يكن فيه ضرر بين لكان أولى ليشمل ما إذا لم يكن فيه نفع ولا ضرر أو كان فيه ضرر غير بين كما تقدم أمثلة ذلك قريبا
قوله ( معلوما ) سواء كان مالا أو منفعة بأن صالح على خدمة عبد بعينه سنة أو ركوب دابة بعينها أو زراعة أرض أو سكنى دار وقتا معلوما فإنه يجوز ويكون في معنى الإجارة وخرج ما لم يكن كذلك فلا يصح الصلح عن الخمر والميتة والدم وصيد الإحرام والحرم ونحو ذلك لأن في الصلح معنى المعاوضة فما لا يصلح للعوض والبيع لا يصلح عوضا في الصلح ط
قال في المنح أن يكون معلوما بذكر المقدار في مثل الدراهم فيحمل على النقد الغالب في البلد وبذكر المقدار والصفة في نحو بر وبمكان التسليم أيضا عند أبي حنيفة وبالأجل أيضا في نحو ثوب وبإشارة وتعيين في نحو حيوان كما في العمادية لأن جهالة البدل تفضي إلى المنازعة فيفسد الصلح انتهى
قال في جامع الفصولين عازيا للمبسوط الصلح على خمسة أوجه الأول صلح على دارهم أو دنانير أو فلوس فيحتاج إلى ذكر القدر
الثاني على تبر أو كيلي أو وزني مما لا حمل له ولا مؤنة فيحتاج إلى قدر وصفة إذ يكون جيدا أو وسطا أو رديئا فلا بد من بيانه
الثالث على كيلي أو وزني مما له حمل ومؤنة فيحتاج إلى ذكر قدر وصفة ومكان تسليمه عند أبي حنيفة كما في السلم
الرابع صلح على ثوب فيحتاج إلى ذكر ذرع وصفة وأجل إذ الثوب لا يكون دينا إلا في السلم وهو عرف مؤجلا
الخامس صلح على حيوان ولا يجوز إلا بعينه إذ الصلح من التجارة والحيوان لا يصلح دينا فيما انتهى قوله ( إن كان يحتاج إلى قبضه ) فإن كان لا يحتاج إلى قبضه لا يشترط معلوميته مثل أن يذعي حقا في دار رجل وادعى المدعى عليه حقا في أرض بيد المدعي فاصطلحا على ترك الدعوى جاز وإن لم يبين كل منهما مقدار حقه لأن جهالة الساقط لا تفضي إلى المنازعة كما في الدرر
قال في العناية ويفسده جهالة المصالح عليه لأنها تفضي إلى المنازعة دون جهالة المصالح عنه لأنه يسقط وهذا ليس على إطلاقه بل فيه تفصيل وهو أن الصلح باعتبار بدليه على أربعة أوجه إما أن يكون عن معلوم
____________________
(8/218)
على معلوم وهو جائز لا محالة وإما أن يكون عن مجهول على مجهول فإن لم يحتج فيه إلى التسليم والتسلم مثل أن يدعي حقا في دار رجل وادعى المدعى عليه حقا في أرض بيد المدعى فاصطلحا على ترك الدعوى جاز وإن احتيج إليه وقد اصطلحا على أن يدفع أحدهما مالا ولم يبينه على أن يترك الآخر دعواه أو على أن يسلم إليه ما ادعاه لم يجز وإما أن يكون عن مجهول على معلوم وقد احتيج إليه إلى التسليم كما لو ادعى حقا في دار يد رجل ولم يسمه فاصطلحا على أن يعطيه المدعى مالا معلوما ليسلم المدعى عليه ما ادعاه وهو لا يجوز وإن لم يحتج فيه إلى التسليم كما إذا اصطلحا في هذه الصورة على أن يترك المدعي دعواه جاز وإما أن يكون عن معلوم على مجهول وقد احتيج فيه إلى التسليم لا يجوز وإن لم يحتج إليه جاز
والأصل في ذلك أن الجهالة المفضية للمنازعة المانعة عن التسليم والتسلم هي المفسدة فما لا يجب التسلم والتسليم جاز وما وجبا فيه لم يجز مع الجهالة لأن القدرة على تسليم البدل شرط لكونه في معنى البيع انتهى
قوله ( وكون المصالح عنه حقا ) أي للمصالح ثابتا في المحل لا حقا لله تعالى فخرج بقولنا أي للمصالح ما إذا ادعت مطلقة على زوجها أن صبيا في يد أحدهما ابنها منه فصالحها على شيء لتترك الدعوى فإنه يبطل لأن النسب حق الصبي لا حقهما فلا تملك الاعتياض عن حق غيرها
وخرج بقولنا ثابتا في المحل مصالحة الكفيل بالنفس على مال على أن يبرئه من الكفالة لأن الثابت للطالب حق المطالبة بتسليم نفس الأصيل وهو عبارة عن ولاية المطالبة وأنها صفة الوالي فلا يجوز الصلح عنه كما يأتي
واختلفت الرواية في بطلان الكفالة كما في الكافي والأصح بطلانها كما في منية المفتي وبه يفتى كما في العناية والبيانية وبقي من الشروط قبض بدله إن كان دينا بدين وإلا لا كما سيأتي
قوله ( كالقصاص ) في النفس إنما جاز الصلح عنه لأن المحل فيه يصير مملوكا في حق الاستيفاء فكان الحق ثابتا في المحل فيملك الاعتياض عنه بالصلح ط
قوله ( والتعزير ) الذي هو حق العبد كأن صالحه عن سبه بما دون قذف أما التعزير الذي هو حق الله تعالى كقبلة من أجنبية فالظاهر عدم صحة الصلح عنه لأن الصلح لا يكون إلا من صاحب الحق كما أفاده الرحمتي
قوله ( أو مجهولا ) كأن ادعى عليه قدرا من المال فصولح أو ادعى عليه القصاص ولم يبين أنه في نفس أو طرف أو شتمه ولم يبين بماذا شتمه وتقدم في باب الاستحقاق صحة الصلح عن مجهول عن معلوم لأن جهالة الساقط لا تفضي إلى المنازعة ولأن المصالح عنه ساقط فهو مثل الإبراء عن المجهول فإنه جائز عندنا لما ذكر بخلاف عوض الصلح فإنه لما كان مطلوب التسليم اشترط كونه معلوما لئلا يفضي إلى المنازعة وانظر ما تقدم عن الفتح أواخر العيب وكونه مجهولا أي بشرط أن يكوم مالا يحتاج إلى التسليم كترك الدعوى مثلا بخلاف ما لو كان عن التسليم المدعى به
قال في جامع الفصولين ادعى عليه مالا معلوما فصالحه على ألف درهم وقبض بدل الصلح وذكر في آخر الصك وأبرأ المدعى عن جميع دعواه وخصوماته إبراء صحيحا عاما فقيل لم يصح الصلح لأنه لم يذكر قدر المال المدعى به ولا بد من بيانه ليعلم أن هذا الصلح وقع معاوضة أو إسقاطا أو وقع صرفا شرط فيه التقابض في المجلس أو لا وقد ذكر قبض بدل الصلح ولم يتعرض لمجلس الصلح فمع هذا الاحتمال لا يمكن القول بصحة الصلح
وأما الإبراء فقد حصل على سبيل العموم فلا تسمع دعوى المدعي بعده للإبراء العام لا للصلح
____________________
(8/219)
قال في البحر والجهالة فيه إن كانت تفضي إلى المنازعة كوقوعها فيما يحتاج إلى التسليم منعت صحته وإلا لا فبطل إن كان المصالح عليه أو عنه مجهولا لا يحتاج إلى التسليم كصلحه بعد دعواه مجهولا على أن يدفع له مالا ولم يسمه ا هـ
أقول لكن في قوله جامع الفصولين ولا بد من بيانه نظر لأن المال بالصورة معلوم بدليل قوله أول عبارته ادعى عليه مالا معلوما والظاهر أن لفظ معلوما زائد حتى يتم المراد تأمل
قوله ( كحق شفعة ) يعني إذا صالح المشتري الشفيع عن الشفعة التي وجبت له على شيء على أن يسلم الدار للمشتري فالصلح باطل إذ لا حق للشفيع في المحل سوى حق التمليك وهو ليس بأمر ثابت في المحل بل هو عبارة عن ولاية الطلب وتسليم الشفعة لا قيمة له فلا يجوز أخذ المال في مقابلته كما في الدرر وأطلقه
وهو على ثلاثة أوجه أن يصالح على دراهم معلومة على أن يسلم الدار للمشتري وأن يصالح على بيت معين منها بحصته من الثمن وأن يصالح على نصف الدار بنصف الثمن ففي الأولين يبطل الصلح وكذا الشفعة في الأول ويصح الصلح في الثالث والشفعة لا تبطل فيه وفي الثاني كما في المبسوط وغيره فظهر أن المرد بقول الدرر على شيء دراهم معلومة ونحوها
قوله ( وحد قذف ) بأن قذف رجلا فصالحه على مال على أن يعفو عنه لأنه وإن كان للعبد فيه حق فالغالب فيه حق الله تعالى والمغلوب ملحق بالمعدوم وكذلك لا يجوز الصلح عن حق الله تعالى ولو ماليا كالزكاة ولا حد الزنا والسرقة وشرب الخمر بأن أخذ زاينا أو سارقا من غيره أو شارب خمر فصالحه على مال على أن لا يرفعه إلى ولي الأمر لأنه حق الله تعالى ولا يجوز عنه الصلح لأن المصالح بالصلح يتصرف إما باستيفاء كل حقه أو استيفاء بعضه وإسقاط الباقي أو بالمعاوضة وكل ذلك لا يجوز في غير حقه كما في الدرر
وإنما لا يجوز الصلح عن حقوقه تعالى لأن الأصل فيه أن الاعتياض عن حق الغير لا يجوز والحدود المشروعة لما كانت حقا لله تعالى خالصا أو غالبا فلا يجوز لأحد أن يصالح على شيء في حق الله تعالى والمراد من حق الله تعالى ما يتعلق به النفع العام لأهل العالم فلا يختص به أحد كحرمة الزنا فإن نفعه عائد إلى جميع أهل العالم وهو سلامة أنسابهم وصيانة فرشهم وارتفاع السيف بين العشائر بسبب التنازع بين الزناة ولذلك لا يباح الزنا بإباحة المرأة أو أهلها وإنما نسب إلى الله تعالى مع أن النفع عائد إلى العباد تعظيما لأنه متعال عن أن ينتفع بشيء ولا يجوز أن يكون حقا له بجهة التخليق لأن الكل سواء في ذلك كذا في شرح المنار لجلال الدين
قوله ( وكفالة بنفس ) الوجه فيه كالوجه في سابقه وقدمنا الكلام عليها قريبا وقيد الكفالة بكفالة النفس لأنه لو صالحه عن كفالة المال يكون إسقاطا لبعض الدين عنه وهو صحيح
قوله ( ويبطل به الأول ) أي حق الشفعة لرضا الشفيع بسقوط حقه
قوله ( والثالث ) أي كفالة النفس كما قدمناه لرضا الطالب بسقوط حقه
قوله ( وكذا الثاني ) أي حد القذف
قوله ( لو قبل الرفع للحاكم ) ظاهره أنه يبطل الصلح أصلا وهو الذي في الشرنبلالية عن قاضيخان فإنه قال بطل الصلح وسقط الحد إن كان قبل أن يرفع إلى القاضي وإن كان بعده لا يبطل الحد وقد سبق أنه إنما سقط بالعفو لعدم الطلب حتى لو عاد وطلب حد
وقال في الأشباه لا يصح الصلح عن الحد ولا يسقط به حد القذف إن كان قبل المرافعة كما في الخانية
قال البيري أي فإن الحد يسقط وإن كان الصلح لم يجز
أما إذا كان بعد المرافعة فلا يسقط
أقول هذا الذي في الخانية ينافي ما ذكره في الإيضاح بأن له أن يطالب بعد العفو والصلح عن ذلك
____________________
(8/220)
فراجعه في الإقرار
وعبارة الأشباه في الإقرار ولا يملك المقذوف العفو عن القاذف ولو قال المقذوف كنت مبطلا في دعواي سقط الحد
كذا في حيل التاترخانية من حيل المداينات
قال البيري قال في الإيضاح وإذا ثبت الحد لم يجز الإسقاط ولا العفو ولذا إذا عفا قبل المرافعة أو أبرأ أو صالح على مال فذلك باطل ويرد مال الصلح وله أن يطالبه بالحد بعد ذلك ا هـ
وقدم الشارح في باب حد القذف ولا رجوع بعد إقرار ولا اعتياض أي أخذ عوض ولا صلح ولا عفو فيه وعنه
نعم لو عفا المقذوف فلا حد لا لصحة الفعو بل لترك الطلب حتى لو عاد وطلب حد
شمني
ولذا لا يتم إلا بحضرته فأفاد أنه لا صلح فلا يسقط وظاهره ولو قبل المرافعة ولا يقام إلا بطلب المقذوف في الموضعين إلا أن يحمل ما في الخانية على البطلان لعدم الطلب وكذا يقال في حد السرقة فإنه لا يصح عنه الصالح كما في مجمع الفتاوى فكان على المصنف والشارح أن يستثنيه أيضا
قوله ( لا حد زنا ) أي لا يصح الصلح عنه
صورته زنى رجل بامرأة رجل فعلم الزوج وأراد أحدهما الصلح فتصالحا معا أو أحدهما على معلوم على أن يعفو كان باطلا وعفوه باطل سواء كان قبل الرفع أو بعده
والرجل إذا قذف امرأته المحصنة حتى وجب اللعان كان باطلا وعفوها بعد الرفع باطل وقبل الرفع جائز
خانية
قوله ( وشرب مطلقا ) أي إذا صالح شارب الخمر القاضي على أن يأخذ منه مالا ويعفو عنه لا يصح الصلح ويرد المال على شارب الخمر سواء كان ذلك قبل الرفع أو بعده كما في الخانية
فليحفظ والآن مبتلون بذلك ولا حول ولا قولة إلا بالله العلي العظيم
فرع قال في البزازية وفي نظم الفقه أخذ سارقا في دار غيره رفعه إلى صاحب المال فدفع له السارق مالا على أن يكف عنه يبطل ويرد البدل إلى السارق لأن الحق ليس له ولو كان الصلح مع صاحب السرقة برىء من الخصومة بأخذ المال وحد السرقة لا يثبت من غير خصومة ويصح الصلح ا هـ
وفيها أيضا أتهم بسرقة وحبس فصالح ثم زعم أن الصلح كان خوفا على نفسه إن حبس الوالي تصح الدعوى لأن الغالب أنه حبس ظلما وإن كان في حبس القاضي لا تصح لأن الغالب أنه يحبس بحق ا هـ
أقول وهذا على ما كان في زمنهم من تصرف الوالي برأيه وأما في زماننا فلا فرق يظهر بينهما فإنهما على السواء حتى صار حبسهما واحدا إذ لا يحبس الواحد إلا بعد ثبوت حبسه بوجهه
قوله ( من المدعى عليه ) متعلق بالقبول وحذف نظيره من الأول فإن المعنى وطلب الصلح من المدعى عليه
قوله ( كالدراهم والدنانير ) الكاف للاستقصاء إذ ليس معناه مالا يتعين غيرهما
قوله ( وطلب الصلح ) لا حاجة إلى هذه الجملة بعد قول المتن وطلب الصلح كاف
قوله ( على ذلك ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها عن بدل على
قوله ( لأنه إسقاط ) سيأتي في الصلح في الدين أنه أخذ لبعض حقه وإسقاط للباقي لكن ليس ذلك مخصوصا بما لا يتعين بالتعيين بل كل ما يثبت في الذمة
قوله ( وهو يتم بالمسقط ) هذا يفيد أنه لا يشترط الطلب كما لا يشترط القبول وإن هذا في الإقرار كما صرح به الشارح نقلا عن العناية فتأمل
قوله ( لأنه كالبيع ) أي فتجرى فيه أحكام البيع فينظر
____________________
(8/221)
إن وقع على خلاف جنس المدعي فهو بيع قبض كما يذكره بعد وإن وقع على جنسه فإن وقع بأقل من المدعي فهو حط وإبراء وإن كان مثله فهو قبض واستيفاء وإن كان بأكثر منه فهو فضل وربا
قوله ( وحكمه ) أي أثره الثابت له
منح
قال في البحر وحكمه في جانب المصالح عليه وقوع الملك فيه للمدعي سواء كان المدعى عليه مقرا أو منكرا وفي المصالح عنه وقوع الملك فيه للمدعى عليه إن كان مما يحتمل التمليك كالمال وكان المدعى عليه مقرا به وإن كان مما لا يحتمل التمليك كالقصاص ووقوع البراءة كما إذا كان منكرا مطلقا ا هـ
وظاهره أنه لا يملك المصالح عنه مع الإنكار مع أنه معاوضة في حق المدعي ولذا يؤخذ منه بالشفعة إن كان عقارا وهذا يقتضي أنه يملك
قوله ( وقوع البراءة عن الدعوى ) لما مر أنه عقد يرفع النزاع أي ما لم يعرض مبطل كاستحقاق البدل أطلقه فشمل أن حكمه ذلك في أنواعه الثلاثة حتى لو أنكر فصالح ثم أقر لا يلزمه ما أقر به وكذا لو برهن بعد صلحه لا يقبل ولو برهن على إقرار المدعي أنه لا حق له من قبل الصلح أو قبل قبض البدل لا يصح الصلح كصلح بعد الحلف فإنه لا يصح عند الشيخين خلافا لمحمد وصلح مودع يدعي الاستهلاك مع المودع يدعي الضياع فإنه لا يصح عند الطرفين خلافا لأبي يوسف كما في المقدسي
قوله ( ووقوع الملك ) أي للمدعي أو للمدعى عليه
قوله ( في مصالح عليه ) أي مطلقا ولو منكرا قوله ( وعنه لو مقرا ) قال في المنح وفي المصالح عنه وقوع الملك فيه للمدعى عليه إن كان مما يحتمل التملك كالمال وكان المدعى عليه مقرا به إلى آخر ما تقدم عن البحر
قوله لو مقرا قيد في قوله وعنه
وأما إذا كان منكرا فالحكم البراءة عن الدعوى سواء كانت فيما يحتمل التماليك أو لا
أفاده الحموي
قوله ( وهو صحيح ) لقوله تعالى 4 { والصلح خير } النساء 128 وقوله عليه الصلاة والسلام كل صلح جائز فيما بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا ومعنى جواز الصلح اعتباره حق يملك المدعي بدل الصلح ولا يسترده المدعى عليه ويبطل حق المدعي في الدعوى والمراد بقوله صلحا أحل حراما أي لعينه كالخمر وقوله أو حرم حلالا أي لعينه كالمصالحة على ترك وطء الضرة
وأما دفع الرشوة لدفع الظلم فجائز وليس بصلح أحل حراما ولا بسحت إلا على من أكله
قال محمد في السير الكبير بلغنا عن الشعثاء جابر بن زيد أنه قال ما وجدنا في زمن الحجاج أو زياد بن زياد شيئا خيرا لنا من الرشا ا هـ
قال أبو السعود ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام أحل حراما الخ كما إذا صالح على أن لا يتصرف في بدل الصلح أو أن يجعل عوض الصلح خمرا أو خنزيرا وقوله عليه الصلاة والسلام لعن الله الراشي والمرتشي والمراد به إذا كان هو الظالم فيدفعها لبعض الظلمة يستعين بها على الظلم
وأما لدفع الضرر عن نفسه فلا شبهة فيها حتى روي عن أبي يوسف أنه أجاز ذلك للوصي من مال اليتيم لدفع الضرر عن اليتيم الخ
رملي
قوله ( مع إقرار الخ ) قال الأكمل الحصر في هذه الأنواع ضروري لأن الخصم وقت الدعوى إما أن يسكت أو يتكلم مجيبا وهو لا يخلو عن النفي والإثبات
لا يقال قد يتكلم بما لا يتصل بمحل النزاع لأنه سقط بقولنا مجيببا ا هـ منح
وقوله مع إقرار أطلقه فشمل ما يكون حقيقة وصريحا وحكما كطلب الصلح والإبراء عن المال أو الحق فيرجع إليه بالبيان كما في المحيط وفيه تفصيل لطيف فراجعه إن شئت
قوله ( فالأول حكمه كبيع )
____________________
(8/222)
أي فتجري فيه أحكام البيع فينظر إو وقع على خلاف جنس المدعى فهو بيع وشراء كما ذكر هنا وإن وقع على جنسه فإن كان بأقل من المدعى فهو حط وإبراء وإن كان بمثله فهو قبض واستيفاء وإن كان بأكثر منه فهو فضل وربا ذكره الزيلعي وقدمناه قريبا
قال في البحر فإن وقع عن مال بمال بإقرار اعتبر بيعا إن كان على خلاف الجنس إلا في مسألتين الأولى إذا صالح من الدين على عبد وصاحبه مقر بالدين وقبض العبد ليس له المرابحة من غير بيان
الثانية إذا تصادقا على أن لا دين بطل الصلح كما لو استوفى عين حقه ثم تصادقا أن لا دين فلو تصادقا على أن لا دين لا يبطل الشراء ا هـ
قوله ( وحينئذ ) زيادة حينئذ اقتضت زيادة الفاء في فتجري أي التفريعية في المصنف وقوله فيه أي في هذا الصلح
منح
فيشمل المصالح عنه والمصالح عليه وهو بدل الصلح حتى لو صالح عن دار بدار وجب فيهما الشفعة
قوله ( الشفعة ) أي ويلزم الشفيع مثل بدل الآخر لو مثليا وقيمته لو قيميا غير عقار حتى لو كان البدلان عقارا لا شفعة في واحد منهما
قهستاني
ثم قال في فصل السكوت والإنكار تجب الشفعة في الدار المصالح عليها عن دار أو غيرها فإنه معاوضة في زعم المدعي ا هـ
تأل
هذا مع ما قبله ممعنا
والذي يظهر لي أنه إذا كان الصلح عن إقرار على دار بدار تجب الشفعة فيهما لأن كلا منهما عوض عن الثانية وإن كان عن سكوت أو إنكار فتجب في الدار المصالح عليها دون الدار المصالح عنها لأن المعاوضة هنا في الدار المصالح عليها فقط
أما عبارة القهستاني الأولى فلم أر ما يدل عليها بل صريح النقول يخالفها
قال في المجلة من كتاب الصلح في المادة الخمسين وخمسمائة بعد الألف ما نصه عن إنكار ياخود عن سكوت صلح أو لمق مدعي حقنده معاوضة ومدعى عليه حقنده يميندن خلاص إيله قطع منازعه در بناء على ذلك مصالح عليه أو لأن عقار ده شفعة جريان أيدر إما مصالح عنه أو لأن عقار ده شفعة جريان ايتمز
قوله ( والرد بعيب ) نحو إذا كان بدل الصلح عبدا مثلا فوجد المدعي فيه عيبا له أن يرده وظاهر إطلاقه أنه يرده بيسير العيب وفاحشه وقد ذكره الطحاوي
أفاده الحموي وأطلق الرد بالعيب وهو المراد في الإقرار قال الطحاوي بالإقرار يرد بيسير وفاحش وفي الإنكار بالفاحش كخلع ومهر وبدل صلح عن دم عمد
قوله ( وخيار رؤية ) فيرد العوض إذا رآه وكان لم يره وقت العقد وكذلك يرد المصالح عنه إن كان لم يره
قوله ( وشرط ) بأن تصالحا على شيء فشرط أحدهما الخيار لنفسه مثلا
قال في المنبع ويبطل الصلح بالرد بأحد هذه الخيارات الثلاث
قوله ( ويفسده جهالة البدل المصالح عليه ) أي إن كان يحتاج إلى تسليمه وإلا فلا يفسد كما إذا ادعى عليه ثلث داره فصالحه على أن يترك دعواه في حق مجهول في أرض المدعي كما في العناية لأنه بيع فصار كجهالة الثمن
عيني
وكذا يفسد بجهالة الأجل إذا جعل البدل مؤجلا زيلعي
قال الرملي إن جهالة المصالح عليه تفسد الصلح وكذا جهالة المصالح عنه إن كان يحتاج إلى التسليم
وأقول ليس جهالة المصالح عليه مفسدة للصلح مطلقا بل محله إذا لم يكن مستغنيا عن القبض والتسليم فإن جهالته لا تفسد كما في السراج الوهاج
وفي القهستاني ويكفي أن يكون بيان قدر المصالح عليه فحسب إذا كان دراهم أو دنانير أو فلوسا لأن معاملات الناس تغني عن بيان الصفة فيقع على الند الغالب ا هـ
قال السائحاني ولطالما طلبت نفسي هذا النقل لأن
____________________
(8/223)
المشهور أنه لا بد في العقود من بيان الوصف على أن العرف بخلافه
قوله ( لا جهالة المصالح عنه ) أي إذا لم يحتج إلى تسليمه كما مر أيضا أشار إلى ذلك بقوله لأنه يسقط فإنه تعليل لقوله لا جهالة المصالح عنه أي والساقط لا تفضي جهالته إلى المنازعة لكن قال بعض الأفاضل لا جهالة المصالح عنه إلا إذا احتيج إلى تسليمه كأن يصالحه على أن يدفع له الحق المجهول الذي يدعيه أو يدفع المدعي البدل من عنده ا هـ
تأمل
قوله ( وتشترط القدرة على تسليم البدل ) استئناف واقع موقع التعليل لقوله ويفسده جهالة البدل ولا يصح عطفه على يسقط وحيث كان كلاما مستأنفا استفيد منه أنه لا يصح الصلح على عبده الآبق وطيره في الهواء وسمكه في الماء وجذعه في السقف وذراع من ثوب تضره القسمة وحمل الجارية والبهيمة لأنه لا يقدر على تسليمه ومنه جهالة البدل فإنه لا يقدر على تسليم المجهول فبذلك يصير الكلام تعليلا
لقوله ويفسده جهالة البدل فبين التعليل والمعلل لف ونشر مشوش الأول للثاني والثاني للأول
قوله ( وما استحق من المدعي الخ ) هذا لو الصلح على ترك المدعي في يد المدعى عليه
أما لو أخذه ويدفع لمن في يده شيئا صلحا فلا يرجع لو استحق لأنه أخذه على أنه ملكه زعما فيؤاخذ به فلا يرجع بالشيء الذي دفعه لرفع النزاع كما في العمادي
قوله ( إن كلا فكلا أو بعضا فبعضا ) المصنف صريح في البعض
لقوله حصته فلو قال المؤلف بعد المتن وإن استحق الكل رد الكل لكان أوضح وأشار بأن إلى أنها بيانية أو تبعيضية وكل مراد فتأمل
قوله ( بحصته من المدعي ) أي المصالح عنه هذا إذا كان البدل مما يتعين بالتعيين فإن كان مما لا يتعين بالتعيين وهو من جنس المدعي به فحينئذ يرجع بمثل ما استحق ولا يبطل الصلح كما إذا ادعى ألفا فصالحه على مائة وقبضها فإنه يرجع عليه بمائة عند استحقاقها سواء كان الصلح بعد الإقرار أو قبله كما لو وجدها ستوقة أو نبهرجة بخلاف ما إذا كان من غير الجنس كالدنانير هنا إذا استحقت بعد الافتراق فإن الصلح يبطل وإن كان قبله رجع بمثلها ولا يبطل الصلح كالفلوس
كذا في حاشية الحموي نقلا عن البحر
وفي المنح هذا إذا كان البدل مما يتعين بالتعيين وإن كان مما لا يتعين كالدراهم والدنانير لا يبطل بهلاكه لأنهما لا يتعينان في العقود والفسوخ فلا يتعلق العقد بهما عند الإشارة إليهما وإنما يتعلق بمثلهما في الذمة فلا يتصور فيه الهلاك ا هـ
فقول المتن وما استحق من البدل محمول على ما إذا أمكن استحقاقه وهو ما يتعين بالتعيين وأما ما لا يتعين بالتعيين فلا يمكن استحقاقه لأنه ينعقد الصلح على جنسه وقدره لا على عينه فتأمل
وفي القهستاني وللمدعي أن يرد الباقي ويرجع بكل المدعي كما لو استحق كل العوض وهذا إذا كان المستحق لم يجز الصلح فإن أجازه وسلم العوض للمدعي رجع المستحق على المدعى عليه بقيمته كما في شرح الطحاوي
قول ( كما ذكرنا ) أي إن كلا فكلا أو بعضا فبعضا ح
وهذا إذا كان البدل يتعين بالتعيين إلى آخر ما قدمناه في المقولة السابقة
قوله ( لأنه معاوضة ) مقتضى المعاوضة أنه إذا استحق الثمن فإن مثليا رجع بمثله أو قيميا فبقيمته ولا يفسد العقد فالصلح يجري على هذا
سيدي الوالد
____________________
(8/224)
أقول لكن هذا فيما يتمحض للثمنية كالدراهم وأما مثل المذكور فهي من المقايضة وحكمها أن كلا من البدلين يكون ثمنا وبيعا باعتبارين فلذا فسد العقد أي باعتبار أنه مبيع وعليه فكان على الشارح أن يقول لأنه مقايضة
تأمل
قوله ( وحكمه كإجارة الخ ) صورته ادعى رجل على رجل شيئا فاعترف به ثم صالحه على سكنى داره سنة أو على ركوب دابة معلومة أو على لبس ثوبه أو على خدمة عبده أو على زراعة أرضه مدة معلومة فهذا الصلح جائز فيكون في معنى الإجارة فيجري فيه أحكام الإجارة
كذا صوره العيني
قوله ( إن وقع الصلح عن مال بمنفعة الخ ) قال في الحواشي الحموية وكذا إذا وقع عن منفعة بمال اعتبر بالإجارة لأن العبرة في العقود للمعاني فيشترط فيه العلم بالمدة كخدمة العبد وسكنى الدار والمسافة كركوب الدابة بخلاف صبغ الثوب وحمل الطعام فالشرط بيان تلك المنفعة ويبطل الصلح بموت أحدهما في المدة إن عقده لنفسه وكذا بفوات المحل قبل الاستيفاء ولو كان بعد استيفاء البعض بطل فيما بقي ويرجع المدعي بقدر ما لم يستوف من المنفعة ولو كان الصلح على خدمة عبد فقتل وإن كان القاتل المولى بطل وإلا ضمن قيمته واشترى بها عبدا يخدمه إن شاء كالموصى بخدمته بخلاف المرهون حيث يضمن المولى بالاتلاف والعتق والاعتبار بالإجارة قول محمد
قال في شرح المختلف وهو الأظهر واعتمده المحبوبي والنسفي وكذا بطلان الصلح بموت أحدهما في المدة قول محمد
وقال أبو يوسف إن مات المدعى عليه لا يبطل الصلح وللمدعي أن يستوفي جميع المنفعة من العين بعد موته كما لو كان حيا وإن مات المدعي لا يبطل الصلح أيضا في خدمة العبد وسكنى الدار وزراعة الأرض وتقوم ورثة المدعي مقامه في استيفاء المنفعة ويبطل الصلح في ركوب الدابة ولبس الثوب لأنه يتعين فيه العاقد ثم إنما يعتبر إجارة عند محمد إذا وقع على خلاف جنس المدعى به فإن ادعى دارا فصالحه على سكناها شهرا فهو استيفاء بعض حقه لا إجارة فتصح إجارته للمدعى عليه كما في البحر
وصورة الصلح عن منفعة بمال ادعى السكنى لدار سنة وصية من مالكها فأقر به وارثه فصالحه على مال
ذكره الحموي
قال بعض الفضلاء إنما قيد بكون المصالح عنه مالا لأنه لو صالح عن منفعة بمال كان الإنكار كالإقرار فلو ادعى ممرا في دار ومسيلا على سطح أو شربا في نهر فأقر أو أنكر ثم صالحه على شيء معلوم جاز
والظاهر أن هذا حكمه غير حكم الإجارة لأنها لا تجري في هذه الأشياء فكان حكم الصلح في هذه الصحة ولعل كلام الشارح الآتي في منفعة غير هذه
قوله ( فشرط التوقيت فيه ) أي في الصلح الواقع عن مال بمنفعة
قوله ( إن احتيج إليه ) كسكنى دار أي إن كانت المنفعة تعلم بالوقت كالذي مثل به
قال العلامة مسكين وإنما يشترط التوقيت في الأجير الخاص حتى لو تصالحا على خدمة عبده أو سكنى داره يحتاج إلى التوقيت وفي المشترك لا يحتاج إليه كما إذا صالحه على صبغ ثوب أو ركوب دابة إلى موضع كذا أو حمل طعام إليه ا هـ
قوله ( وإلا لا كصبغ ثوب ) أي مما تعلم المنفعة فيه بالتسمية وكذا ما تعلم المنفعة فيه بالإشارة كنقل هذا الطعام إلى كذا فالمدار على العلم بالمنفعة كما يأتي بيانه في كتاب الإجارة
قوله ( ويبطل بموت أحدهما ) أي إن عقده لنفسه
بحر وهذا عند محمد أيضا
وقال أبو يوسف إن مات المدعى عليه لا يبطل الصلح وللمدعي أن يستوفي جميع المنفعة من العين بعد موته كما قدمناه
____________________
(8/225)
فرع إذا أقر المدعي في ضمن الصلح أنه لا حق له في هذا الشيء ثم بطل الصلح يبطل إقراره الذي في ضمنه وله أن يدعيه بعد ذلك والمدعى عليه إذا أقر عند الصلح بأن هذا الشيء للمدعي ثم بطل الصلح فإنه يرد ذلك الشيء إلى المدعي انتهى
وقد أوضحه الحموي في شرحه
قوله ( وبهلاك المحل ) أي قبل الاستيفاء فلو قبض بعضه بطل فيما بقي فيرجع بقدره وما ذكر من البطلان بالموت والهلاك قول محمد وقال أبو يوسف إن مات المطلوب لا يبطل الصلح والمدعي يستوفيه إلى آخر ما قدمناه
قوله ( في المدة ) تنازع فيه موت وهلاك على أن يكون صفة لكل منهما أي لو هلك أحد المتصالحين عن مال بمنفعة في المدة أو هلك المحل الذي قامت به تلك المنفعة فيها بطل الصلح لأنه إجارة وهي تبطل بذلك إن كانت في كل المدة وإن كانت في بعضها فبقدره من حين الموت والهلاك
قوله ( وكذا ) يصح لو وقع أي الصلح عن دعوى منفعة بمال وأقر بها
وفيه أن المنفعة منفعة ملك المدعى عليه ولا يصح استئجار منفعة ملكه
قوله ( أو بمنفعة عن جنس آخر ) كخدمة عبد في سكنى دار بخلاف ما إذا اتحد الجنس كما إذا صالح عن سكنى دار على سكنى دار أو الخدمة بالخدمة والركوب بالركوب فإنه لا يجوز بيع المنفعة بالمنفعة مع اتحاد الجنس كما لا يجوز استئجار المنفعة بجنسها من المنافع فكذا الصلح لكن صور المسألة القهستاني بما لو أوصى بسكنى داره لرجل ثم مات ثم ادعى الموصى له السكنى فصالحه عن هذه السكنى على سكنى دار أخرى أو دراهم مسماة فتبين منه أن المراد من اختلاف جنس المنفعة اختلاف عينها
تأمل وراجع
وكان ينبغي أن يذكر هذه المسألة قبل
قوله شرط التوقيت فيه
قوله ( ابن كمال ) قال في الإيضاح لكن إنما يجوز بمنفعة عن منفعة إذا كانتا مختلفتي الجنس انتهى كذا إذا صالحه عن سكنى دار على خدمة عبد بخلاف ما إذا اتحد الجنس كما إذا صالح عن سكنى دار على سكنى دار فإنه لا يجوز كما قدمناه قريبا
قوله ( لأنه ) أي انفساخ العقد بذلك هو حكم الإجارة يعني إذا كان الصلح عن المال بالمنفعة
قوله ( أي الصلح ) يشير إلى تقدير مضاف في المصنف
وقوله ( بسكوت وإنكار ) الباء بمعنى في أي الصلح الواقع في سكوت وإنكار والظرفية مجازية ولا يصلح جعلها سببية لأن سبب الصلح الدعوى
قوله ( وإنكار ) الواو بمعنى أو
قوله ( معاوضة في حق المدعي ) لأنه يأخذه عوضا عن حقه في زعمه
درر فبطل الصلح على دراهم بعد دعوى دراهم إذا تفرقا قبل القبض
بحر
قوله ( وفداء يمين وقطع نزاع في حق الآخر ) إذا لولاه لبقي النزاع ولزم اليمين
قال الزيلعي وهذا في الإنكار ظاهر لأنه تبين بالإنكار أن ما يعطيه لقطع الخصومة وفداء اليمين وكذا في السكوت لأنه يحتمل الإقرار والإنكار وجهة الإنكار راجحة إذ الأصل فراغ الذمم فلا يجب بالشك ولا يثبت به كون ما في يده عوضا عما وقع بالشك أي مع أن حمله على الإنكار أولى لأن فيه دعوى تفريغ الذمة وهو الأصل كما علمت
قوله ( فلا شفعة في صلح عن دار مع أحدهما ) يعني إذا ادعى رجل على آخر داره فصالح عنها بدفع شيء لم تجب الشفعة لأنه يزعم أنه يستبقي الدار المملوكة له على نفسه بهذا الصلح ويدفع خصومة المدعي عن نفسه لا أنه يشتريها وزعم المدعي لا يلزمه
منح قوله ( فيدلي بحجته ) أي فيتوصل الشفيع بحجة المدعي إلى إثبات الدعوى عليه أي على المدعي المنكر أو الساكت
قوله ( لأن بإقامة البينة )
____________________
(8/226)
حذف اسم إن قوله ( فخلف ) بتشديد اللام أي الشفيع المدعى عليه أن الدار لم تكن للمدعي
قال في الخانية ادعيا أرضا في يد رجل بالإرث من أبيهما فجحد ذو اليد فصالحه أحدهما على مائة لم يشاركه الآخر لأن الصلح معاوضة في زعم المدعي فداء يمين في زعم المدعى عليه فلم يكن معاوضة من كل وجه فلا يثبت للشريك حق الشركة بالشك
وفي رواية عن أبي حنيفة يشاركه انتهى ملخصا
أقول لم لم يؤاخذ بزعم كما يأتي نظيره ولعل العلة في ذلك أنه باع نصيبه فقط ولا شركة لأخيه فيه بخلاف ما لو صالح المديون على مقدار معلوم حيث يشاركه أخوه كما هو ظاهر تأمل
قوله ( وتجب ) أي تجب الشفعة في دار وقع الصلح عليها بأن تكون بدلا
قوله ( بأحدهما ) أي الإنكار أو السكوت
قوله ( أو بإقرار ) لا حاجة إليه للاستغناء عنه بقوله في الصلح عن إقرار فتجري فيه الشفعة
قوله ( عن المال ) أل عوض عن الضمير
قوله ( فيؤاخذ بزعمه ) حتى لو ادعى دارا فأنكر فصالحه عنها عن دار أخرى وجبت الشفعة في التي صالح عليها دون الأخرى لما ذكرنا
عيني
وإنكار الآخر المعاوضة لا تمنع وجوب الشفعة فيها ألا ترى أن رجلا لو قال أنا اشتريت هذه الدار من فلان وفلان ينكر يأخذها الشفيع بالشفعة وكذا لو ادعى أنه باع داره من فلان وهو ينكر يأخذها الشفيع منه بالشفعة لأن زعمه حجة في نفسه
زيلعي
قوله ( وما استحق من المدعي ) من فيه للتبعيض فهو قاصر على ما إذا استحق بعضه
قوله ( فيه ) أي في البعض المستحق
قوله ( لخلو العوض عن الغرض ) علة
لقوله ( رد المدعي حصته ) وذلك لأن المدعى عليه لم يدفع العوض إلا ليدفع خصومته عن نفسه ويبقى المدعي في يده بلا خصومة أحد فإذا استحق لم يحصل له مقصوده وظهر أيضا أن المدعي لم يكن له خصومة فيرجع عليه انتهى
منح
قوله ( رجع ) أي المدعي
قوله ( في كله ) إن استحق كل العوض
قوله ( أو بعضه ) إن استحق بعضه لأن المبدل في الصلح عن إنكار هو الدعوى فإذا استحق لبدل وهو المصالح عليه رجع بالمبدل وهو الدعوى أي إلا إذا كان مما لا يقبل النقض فإنه يرجع بقيمة المصالح عليه كالقصاص والعتق والنكاح والخلع كما في الأشباه عن الجامع الكبير
قال الحموي قوله كالقصاص فيه نظر فإنه ذكر في الجامع الكبير أنها لو كانت الدعوى قصاصا فصالحه المدعى عليه من غير إقرار على جارية فاستولدها المدعي ثم استحقت فأخذها المستحق وضمنه العقر وقيمة الولد فإن المدعي يرجع إلى دعواه فلو أقام البينة أو نكل المدعى عليه رجع بقيمة الولد وقيمة الجارية أيضا ولا يرجع بما ادعاه بخلاف ما تقدم يعني لو ادعى على رجل ألفا فجحدها أو سكت فصالحه على جارية فقبضها واستولدها ثم استحقها مستحق فأخذها فإنه لا يرجع بقيمة الجارية ويرجع بما ادعاه وهو الألف
والفرق أن الصلح ثمة وقع عن دعوى المال وأنه يحتمل الفسخ بالإقالة والرد بالعيب والخيار فكذا تنفسخ بالاستحقاق وإذا انفسخ عادت الدعوى كما كانت فيرجع بما ادعاه وهو الألف
أما الصلح عن القصاص فلا يحتمل الفسخ لأنه بعد سقوطه لا يحتمل العود لأن الصلح عفو فلا يحتمل النقض كالعتق والنكاح والخلع فإذا لم يفسخ باستحقاق الجارية بقي الصلح على حاله وهو السبب الموجب تسليم الجارية وقد عجز عن تسليمها
____________________
(8/227)
فيجب قيمتها
كذا في شرح تلخيص الجامع للفخر المارديني
ثم قال وفيه إشكال وهو أن يقال إذا أقررتم أن الصلح عن الدم لا ينتقض باستحقاق الجارية وجب أن لا يرجع إلى دعواه يعني سواء كان الصلح عن إنكار أو بينة أو نكول لأن الرجوع إلى الدعوى نتيجة انتقاض الصلح كما تقدم آنفا ولم ينتقض انتهى
قال في البحر ولو استحق المصالح عليه أو بعضه رجع إلى الدعوى في كله أو بعضه إلا إذا كان مما لا يتعين بالتعيين وهو من جنس المدعى به فيحنئذ يرجع بمثل ما استحق ولا يبطل الصلح كما إذا ادعى ألفا فصالحه على مائة وقبضها فإنه يرجع عليه بمائة عند استحقاقها سواء كان الصلح بعد الإقرار أو قبله كما لو وجدها ستوقة أو نبهرجة بخلاف ما إذا كان من غير الجنس كالدنانير هذا إذا استحقت بعد الافتراق فإن الصلح يبطل وإن كان قبله رجع بمثلها ولا يبطل الصلح كالفلوس ا هـ
قوله ( فإن وقع به ) أي بلفظ البيع بأن عبر بلفظ البيع عن الصلح في الإنكار والسكوت بأن قال أحدهما بعتك هذا الشيء بهذا وقال الآخر اشتريته حيث يرجع المدعي عند الاستحقاق على المدعى عليه بالمدعي نفسه لا بالدعوى لأن إقدام المدعى عليه على المبايعة إقرار منه بأن المدعي ملك المدعى فلا يعتبر إنكاره بخلاف الصلح لأنه لم يوجد منه ما يدل على أنه أقر بالملك له إذ الصلح قد يقع لدفع الخصومة كما يأتي قريبا قوله ( لأن إقدامه ) أي المدعى عليه قوله ( إقرار بالملكية ) أي للمدعي بخلاف الصلح لأنه لم يوجد منه ما يدل على أنه أقر بالملك له إذ الصلح قد يقع لدفع الخصومة قوله ( قبل التسليم له ) وأما هلاكه بعد تسليمه له فيهلك على المدعي لدخوله في ضمانه
قوله ( كاستحقاقه ) أي كاستحقاق بدل الصلح كذلك أي كلا أو بعضا
قوله ( في الفصلين ) أي مع إقرار أو مع سكوت وإنكار فيرجع بالمدعي أو بالدعوى فإن كان عن إقرار رجع بعد الهلاك إلى المدعي وإن كان عن إنكار رجع إلى الدعوى
وإذا هلك بعضه يكون كاستحقاق بعضه حتى يبطل الصلح في قدره ويبقى في الباقي
منح
قوله ( وهذا ) أي رجوعه إلى الدعوى عند استحقاق البدل أو هلاكه قبل التسليم
قوله ( لو البدل ) أي لو كان البدل مما يتعين
قوله ( وإلا ) بأن كان لا يتعين وهو من جنس المدعى به
قوله ( لم يبطل ) أي الصلح
قوله ( بل يرجع بمثله ) كأن كان دراهم أو دنانير فإن الصلح لا يبطل بهلاكه لأنهما لا يتعينان في العقود والفسوخ فلا يتعلق بهما العقد عند الإشارة إليهما وإنما يتعلق بمثلهما في الذمة فلا يتصور فيه الهلاك
والحاصل أنه إذا ادعى عليه ألفا فصالحه على مائة وقبضها فإنه يرجع عليه بالمائة عند استحقاقها سواء كان الصلح قبل الافتراق أو بعده بخلاف ما إذا كان من غير الحنس كالدنانير هنا إذا استحقت بعد الافتراق فإن الصلح يبطل وإن كان قبله فإنه يرجع لمثلها ولا يبطل الصلح كالفلوس كما قدمنا
قوله ( كذا في نسخ المتن والشرح ) لعله هو الذي وقع له
والذي في نسخة الشرح التي بيدي علي
قوله ( أي عين يدعيها ) تفسير لما وتخصيص لعمومها فإنها تشمل الدين حلبي
وهذا لو قائما ويأتي حكم ما إذا كان هالكا عند قول المتن والصلح عن المغصوب الهالك
قوله ( لجوازه في الدين ) لجواز إسقاطه وهو علة للتخصيص المذكور
____________________
(8/228)
إنما كان هذا خاصا بالعين لجوازه في الدين لأن الصلح عن دين ببعضه أخذ البعض حقه وإسقاط للباقي كما يأتي وإسقاط الدين جائز وإنما لم يجز في العين لأن الإبراء عن الأعيان لا يصح ولذا لو زاد على البعض ثوبا أو درهما صح لأنه يجعل الثوب أو الدرهم بدلا عن الباقي وكذا لو أبرأه عن الدعوى في باقيها يصح فلو صالحه على بيت منها على أن يترك الدعوى في باقيها كأن أخذ البعض حقه وإبراء عن الدعوى في الباقي والإبراء عن الدعوى صحيح فليس له أن يدعي بعد ذلك ولكن لا يملكها ديانة لعدم وجود التمليك لها لفقد سببه
قوله ( فلو ادعى عليه دارا ) تفريع على المتن وتمثيل له ح
قوله ( على بيت معلوم منها ) الظاهر أنه كان على بعض شائع منها كذلك للعلة المذكورة
قوله ( فلو من غيرها صح ) الأولى تأخيره عن قوله لم يصح وعلته ليكون مفهوما للتقييد بقوله منها وليسلم من الفصل بين لو وجوابها وهو قوله لم يصح بأجنبي وهو
قوله فلو من غيرها صح
قوله ( لأن ما قبضه من عين حقه ) أي بعض عين حقه وهو على دعواه في الباقي لأن الصلح إذا كان على بعض عين المدعي كان استيفاء لبعض الحق وإسقاطا للبعض والإسقاط لا يرد على العين بل هو مخصوص بالدين حتى إذا مات واحد وترك ميراثا فأبرأ بعض الورثة عن نصيبه لم يجز لكون براءته عن الأعيان
درر
ويأتي قريبا بأوضح مما هنا
قوله ( كثوب ودرهم ) أشار بذلك إلى أنه لا فرق بين القيمي والمثلي
قوله ( فيصير ذلك ) أي المزيد من الثوب والدرهم
قوله ( عوضا عن حقه فيما بقي ) أي فيكون مستوفيا بعض حقه وآخذ العوض عن البعض
قوله ( أو يلحق ) منصوب بأن مضمرة مثل أو يرسل فيكون مؤولا بمصدر مجرور معطوف على مجرور الباء وهو بضم الياء من الأفعال
قوله ( عن دعوى الباقي ) لأن الإبراء عن عينه غير صحيح أي في حق الدعوى وسقوط العين ديانة كما في المبسوط ولذا قيد به
وأما الإبراء عن دعوى العين فجائز كما في الدرر وهو أن يقول برئت عنها أو عن خصومتي فيها أو عن دعواي هذه الدار فلا تسمع دعواه ولا بينته
وأما لو قال أبرأتك عنها أو عن خصومتي فيها فإنه باطل وله أن يخاصم أي غير المخاطب كما لو قال لمن بيده عبد برئت منه فإنه يبرأ ولو قال أبرأتك لا لأنه إنما أبرأه عن ضمان كما في الأشباه من أحكام الدين
قلت ففرقوا بين أبرأتك وبرئت أو أنا بريء لإضافة البراءة لنفسه فتعم بخلاف أبرأتك لأنه خطاب الواحد فله مخاصمة غيره كما في حاشيتها معزيا للولوالجية شرح الملتقى
وفي البحر الإبراء إن كان على وجه الإنشاء كأبرأتك فإن كان عن العين بطل من حيث الدعوى فله الدعوى بها على المخاطب وغيره ويصح من حيث نفي الضمان وإن كان عن دعواها فإن أضاف الإبراء إلى المخاطب كأبرأتك عن هذه الدار ألأ عن خصومتي فيها أو عن دعوى فيها لا تسمع دعواه على المخاطب فقط وإن أضافة إلى نفسه كقوله برئت عنها أو أنا بريء فلا تسمع مطلقا هذا لو على طريق الخصوص أي عين مخصوصة فلو على العموم فله الدعوى على المخاطب وغيره كما لو تبارأ الزوجان عن جميع الدعاوى وله أعيان قائمة له الدعوى بها لأنه ينصرف إلى الديون لا الأعيان
وأما إذا كان على وجه الإخبار كقوله هي بريء مما لي
____________________
(8/229)
قبله فهو صحيح متناول للدين والعين فلا تسمع الدعوى وكذا لا ملك لي في هذا العين
ذكره في المبسوط والمحيط
فلعم أن قوله لا أستحق قبله حقا مطلقا ولا دعوى يمنع الدعوى بالعين والدين لما في المبسوط لا حق لي قبله يشمل كل عين ودين فلو ادعى حقا لم يسمع ما لم يشهدوا أنه بعد البراءة ا هـ ما في البحر ملخصا
وقوله بعد البراءة يفيد أن قوله لا حق لي إبراء عام لا إقرار
قوله ( الصحة مطلقا ) ولو من غير هذه الحيلة فلا تصح الدعوى بعده وإن برهن
أقول الإبراء عن الأعيان لا يصح اتفاقا أما في خصوص المسألة وهو ما إذا ادعى دارا وصالحه على بيت منها يصح في ظاهر الرواية ويجعل كأنه قبل منه بعض حقه وأبرأه عن الدعوى في باقيه كما قدمنا لأن الإبراء عن العين إبراء عن الدعوى فيه والإبراء عن الدعوى في الأعيان صحيح
وعلى ما في المتن وهو رواية ابن سماعة لم يجعله إبراء عن الدعوى وقال بعدم صحته
قال في الاختيار ولو ادعى دارا فصالحه على قدر معلوم منها جاز ويصير كأنه أخذ بعض حقه وأبرأه عن دعوى الباقي والبراءة عن العين وإن لم تصح لكن البراءة عن الدعوى تصح فصححناه على هذا الوجه قطعا للمنازعة ا هـ
وفي الذخيرة البرهانية ادعى دارا في يد رجل واصطلحا على بيت معلوم من الدار فهو على وجهين إن وقع الصلح على بيت معلوم من دار أخرى للمدعى عليه فهو جائز وإن وقع الصلح على بيت معلوم من الدار التي وقع فيها الدعوى فذلك الصلح جائز لأنه في زعم المدعي أنه أخذ بعض حقه وترك البعض وفي زعم المدعى عليه أنه فداء عن يمينه
وإذا جاز هذا الصلح هل يسمع دعوى المدعى بعد ذلك وهل تقبل إن كان البيت من دار أخرى لا تسمع دعواه باتفقا الروايات لأن هذا معاوضة باعتبار جانب المدعي فكأنه باع ما ادعى بما أخذ
وفيما إذا وقع الصلح على بيت من هذه الدار ذكر شيخ الإسلام نجم الدين النسفي في شرح الكافي أنه تسمع وهكذا يفتي الشيخ الإمام الأجل ظهير الدين المرغيناني وذكر شيخ الإسلام في شرحه أنه لا تسمع دعواه
وروى ابن سماعة عن محمد أنه تسمع
قالوا وهكذا ذكر في بعض روايات الصلح واتفقت الروايات أن المدعى عليه لو أقر بالدار للمدعي أنه يؤمر بتسليم الدار إليه وفي رواية ابن سماعة أن المدعي بهذا الصلح استوفى بعض حقه أو أبرأ عن الباقي إلا أن الإبراء لاقى عينا والإبراء عن الأعيان باطل فصار وجوده وعدمه بمنزلة شيء واحد
وجه ظاهر الرواية أن الإبراء لاقى عينا ودعوى فإن المدعي كان يدعي جميع الدار لنفسه والإبراء عن الدار صحيح وإن كان الإبراء عن العين لا يصح فإن من قال لغيره أبرأتك عن دعوى هذا العين صح الإبراء حتى لو ادعى بعد ذلك فلا تسمع
أو نقول الإبراء لاقى الدعوى فإن قوله أبرأتك عن هذه العين معناه أبرأتك عن دعوى هذه العين ألا ترى أن قول المغصوب منه للغاصب أبرأتك عن العبد المغصوب معناه أبرأتك عن ضمان العبد المغصوب وبهذه المسألة تبين أن معنى قولنا البراءة عن الأعيان لا تصح أن العين لا تصير ملكا للمدعى عليه بالإبراء لا أن يبقى المدعي على دعواه
____________________
(8/230)
وفي آخر كتاب الدعوى في منتقى ابن سماعة عن محمد في رجل خاصم رجلا في دار يدعيها ثم قال أبرأتك عن هذه الدار أو قال أبرأتك عن خصومتي هذا كله باطل وله أن يخاصم ولو قال برئت من هذه الدار أو قال برئت من دعوى هذه الدار كان جائزا ولا حق فيها ولو جاء ببينة لم أقبلها
وفي منتقى إبراهيم بن رستم عن محمد رجل ادعى دارا في يد رجل فصالحه المدعى عليه على نصفها وقال برئت من دعواي في النصف الباقي أو قال برئت من النصف الباقي أو قال لا حق لي في النصف الباقي ثم أقام البينة على جميع الدار لا تقبل بينته ولو قال صالحتك على نصفها على أني أبرأتك من دعواي في النصف الآخر ثم أقام بينة كان له أن يأخذ الدار كلها وفرق بين قوله برئت وبين قوله أبرأتك
قال ألا ترى أن عبدا في يد رجل لو قال لرجل برئت منه كان بريئا منه ولو قال أبرأتك منه كان له أن يدعيه وربما أبرأه من ضمانه
قال وقال أصحابنا رحمهم الله تعالى أنت مني بريء وأنا منك بريء كان له أن يدعي في العبد ا هـ
قوله ( في العزمية ) ووجهه كما في الحموي أن الإبراء لاقى عينا ودعوى والإبراء عن الدعوى صحيح فإن من قال لغيره أبرأتك عن دعوى هذه العين صح ولو ادعاه بعد لم تسمع
قوله ( للبزازية ) عبارتها وهذا هو المذكور في أكثر الفتاوى على اختلاف ظاهر الرواية وفي ظاهر الرواية يصح ولا تصح الدعوى وإن برهن
قوله ( وقولهم ) جواب سؤال وارد على ظاهر الرواية تقديره كيف صح الصلح على بعض العين المدعاة مطلقا مع أنه يلزم منه البراءة عن باقيها وقد قالوا الإبراء عن الأعيان باطل ومقتضاه أنه لا يصح
أفاده الطحطاوي
لكن ما ذكره وارد على كلام الماتن على ظاهر الرواية إذ لا تعرض للإبراء فيها وما تضمنه الصلح إسقاط للباقي لا إبراء فافهم وتأمل
قوله ( عن دعوى الأعيان ) الأنسب هنا حذف
قوله دعوى كما يظهر مما تقدم من عبارة الذخيرة وهو المناسب لسياق كلامه ولما يأتي من الاستدراك الآتي في
قوله لكن تسمع دعواه في الحكم إذ لو بطل الإبراء عن الدعوى لسمعت دعواه ولأن الفقه صحة البراءة عن دعوى الأعيان كما مر بلا خلاف فيها ولو قال الإبراء عن الأعيان باطل ديانة لا قضاء لكان أحكم والله تعالى أعلم
قوله ( ولم يصر ملكا للمدعى عليه ) هو المقصود من المقام أي أن معنى بطلان البراءة عن الأعيان أنها لا تصير ملكا للمبرىء منها فحل للمدعي أخذها إن وجدها وليس معنى البطلان المذكور أنه يسوغ له الدعوى بها بعد الإبراء منها
أبو السعود قوله ( وأما الصلح على بعض الدين ) مفهوم
قوله سابقا أي عين يدعيها
قال المقدسي معزيا للمحيط له ألف فأنكره المطلوب فصالحه على ثلاثمائة من الألف صح ويبرأ عن الباقي قضاء لا ديانة ولو قضاه الألف فأنكر الطالب فصالحه بمائة صح ولا يحلى له أخذها ديانة فيؤخذ من هنا ومن أن الربا لا يصح الإبراء عنه ما بقيت عينه عدم صحة براءة قضاة زماننا مما يأخذونه ويطلبون الإبراء فيبرئونهم بل ما أخذه عن الربا أعرق بجامع عدم المحل في كل
____________________
(8/231)
واعلم أن عدم براءته في الصلح استثنى منه في الخانية ما لو زاد أبرأتك عن البقية
سائحاني أي حيث يبرأ حينئذ قضاء وديانة
قلت ويظهر من هذا أن ما تضمنه الصلح من الإسقاط ليس إبراء من وجه وإلا لم يحتج
لقوله وأبرأتك عن البقية
قوله ( أي قضاء لا ديانة ) هذا إذا لم يبرىء الغريم من الباقي وإلا برىء ديانة كما علمت
أقول تأمل فيه مع أنهم قالوا إن الصلح عن الدين على بعضه أخذ لبعض حقه وإسقاط للباقي وإسقاط الدين يصح
فالذي يظهر أنه يسقط قضاء وديانة ولو تم ما ذكره هنا لم يبق فرق بين الدين والعين على ظاهر الرواية
تأمل
قوله ( وتمامه في أحكام الدين من الأشباه ) وعبارتها ومنها صحة الإبراء عن الدين ولا يصح الإبراء عن الأعيان والإبراء عن دعواها صحيح فلو قال أبرأتك عن دعوى هذا العين صح الإبراء فلا تسمع دعواه بها بعده ولو قال برئت من هذه الدار ومن دعوى هذه لم تسمع دعواه وبينته ولو قال أبرأتك عنها أو عن خصومتي فيها فهو باطل وله أن يخاصم وإنما أبرأه عن ضمانه
كذا في النهاية من الصلح
وفي كافي الحاكم لا حق لي قبله يبرأ من الدين والعين والكفالة والإجارة والحدود والقصاص ا هـ
وبه علم أنه يبرأ من الأعيان في الإبراء العام لكن في مداينات القنية افترق الزوجان وأبرأ كل واحد منهما صاحبه عن جميع الدعاوى وكان للزوج بذر في أرضها وأعيان قائمة الحصاد والأعيان القائمة لا تدخل في الإبراء عن جميع الدعاوى
ا هـ
ويدخل في الإبراء العام الشفعة فهو مسقط لها قضاء لا ديانة إن لم يقصدها
كذا في الولوالجية
وفي الخانية الإبراء عن العين المغصوبة إبراء عن ضمانها وتصير أمانة في يد الغاصب
وقال زفر لا يصح الإبراء وتبقى مضمونة ولو كانت العين مستهلكة صح الإبراء وبرىء من قيمتها ا هـ
فقولهم حينئذ الإبراء عن الأعيان باطل معناه أنها لا تكون ملكا له بالإبراء وإلا فالإبراء عنها لسقوط ضمانها صحيح أو يحمل على الأمانة ا هـ أي إن البطلان عن الأعيان محله إذا كانت الأعيان أمانة لأنها إذا كانت أمانة لا تلحقه عهدتها فلا وجه للإبراء عنها
تأمل
وحاصله أن الإبراء المتعلق بالأعيان إما أن يكون عن دعواها وهو صحيح مطلقا وإن تعلق بنفسها فإن كان مغصوبة هالكة صح أيضا كالدين وإن كانت قائمة فهي بمعنى البراءة عنها عن ضمانها لو هلكت وتصير بعد البراءة من عينها كالأمانة لا تضمن إلا بالتعدي عليها وإن كانت العين أمانة فالبراءة لا تصح ديانة بمعنى أنه إذا ظفر بها مالكها أخذها وتصح قضاء فلا يسمع القاضي دعواه بعد البراءة
هذا ملخص ما استفيد من هذا المقام ط وقدمنا قريبا زبدته وزيادة وهو كلام حسن يرشدك إلى أن قول الشارح معناه الخ محمول على الأمانة إلى أن قوله فتصح قضاء فيه أنه باطل والحالة هذه فلا تصح لا قضاء ولا ديانة بل حملوا إطلاق قولهم البراءة عن الأعيان باطلة على هذه الصورة تأمل
بقي لو ادعى عينا عليه في يده فأنكره ثم أبرأه المدعي عنها فهو بمنزلة دعوى الغصب لأنه بالإنكار صار غاصبا وهل تسمع الدعوى بعده لو قائمة الظاهر نعم
قوله ( وقد حققته في شرح الملتقى ) نصه قلت وقولهم عن الأعيان لا يصح معناه أن العين لا تصير ملكا للمدعى عليه لا أنه يبقى على دعواه بل تسقط في الحكم إذا كان الإبراء مضافا للمتكلم كالصلح عن بعض الدين فإنه إنما يبرأ عن باقيه في الحكم لا في الديانة أي عن غير ما في غير الذمة إذ لا يسقط بالإسقاط
أما القائم بها فيسقط به والصلح إما إسقاط للباقي أو إبراء عنه وكلاهما
____________________
(8/232)
صحيح في دين الذمة ولذا لو ظفر به أخذه
قهستاني وبرجندي وغيرهما
وأما الإبراء عن دعوى الأعيان فصحيح بلا خلاف ا هـ ح
لكن قوله لأنه يبقى على دعواه الخ مخالف لما نقلناه عن شرح الملتقى آنفا عند قوله عن دعوى الباقي
وفي الخلاصة أبرأتك عن هذه الدار أو عن خصومتي فيها أو عن دعواي فيها فهذا كله باطل حتى لو ادعى بعده تسمع ولو أقام بينة تقبل ا هـ
لكن في قوله لو ادعى بعده تسمع أي على غير المخاطب كما مر عن البحر تأمل
والحاصل أن الذي تعطيه عبارة الكتب المشهورة إن كان الإبراء عنها على وجه الإنشاء فإما أن يكون عن نفس العين أو عن الدعوى بها فإن كان عن نفس العين فهو باطل من جهة أن له الدعوى بها على المخاطب وغيره صحيح من جهة الإبراء عن وصف الضمان فالإبراء الصادر في المنقول والعقار إبراء عن الأعيان لا يمنع الدعوى بأدواتها على المخاطب ولا غيره فافهم تغنم
قوله ( وصح الصلح عن دعوى المال ) لأنه في معنى البيع فما جاز بيعه جاز صلحه
درر
ولما كان جواز الصلح وعدم جوازه دائرا على أصل وهو وجوب حمل الصلح على أقرب عقد من العقود المعهودة وأشباهها مهما أمكن وصح هذا الصلح لأنه محمول على عقد البيع لاشتراكهما في مبادلة المال بالمال وهي حقيقة البيع وصح عن دعوى المنفعة حملا على الإجارة وعن دعحوى الرق حملا على العتق بمال لاشتراكهما في تمليك المنفعة بعوض في الأول وفي أصل المعنى في الثاني فيراعى في الملحق ما يراعى في الملحق به مهما أمكن
وذكر فساد صلح الزوج عن دعوى المرأة النكاح وفساد صلح عن دعوى حد الخ بناء على هذا الأصل أيضا لأنه لما لم يكن الحمل على واحد من العقود المعهودة ولم يكن مصحح آخر في كل منها حكم بفساده
تدبر
قوله ( ولو بإقرار ) بيان لوجه الإطلاق أي سواء كان بإقرار أو سكوت أو إنكار وسواء كما بمال أو بمنفعة
قوله ( وبمنفعة ) أي ولو بمنفعة ويكون بمعنى الإجارة إذا كان عن إقرار
قوله ( وعن دعوى المنفعة ) صورته أن يدعي على الورثة أن الميت أوصى بخدمة هذا العبد وأنكر الورثة لأن الرواية محفوظة
على أنه لو ادعى استئجار عين والمالك ينكر ثم صالح لم يجز ا هـ
وفي الأشباه الصلح جائز عن دعوى المنافع إلا دعوى إجارة كما في المستصفى ا هـ
رملي
وهذا مخالف لما في البحر
تأمل قوله ( ولو بمنفعة عن جنس آخر ) الأولى التعبير بمن كالصلح عن السكنى على خدمة العبد بخلاف الصلح عن السكنى على سكنى فلا يجوز كما في العيني والزيلعي
قال السيد الحموي لكن في الولوالجية ما يخالفه حيث قال وإذا ادعى سكنى دار فصالحه على سكنى دار أخرى مدة معلومة جاز وإجارة السكنى بالسكن لا تجوز
قال وإنما كان كذلك لأنهما ينعقدان تمليكا بتمليك ا هـ
أبو السعود
وذكره ابن ملك في شرح الوقاية مخالفا لما ذكره في شرحه على المجمع
قال في اليعقوبية والموافق للكتب ما في شرح المجمع
والحاصل أن الجنس إحدى علتي الربا وبإحدى العلتين يحرم فتمليك المنافع لا يكون إلا نسيئة لحدوثه آنا بعد آن فيمتنع مع اتحاد الجنس لا مع اختلافه
قوله ( وعن دعوى الرق وكان عتقا على مال ) صورته إذا ادعى على مجهول الحال أنه عبده فصالحه المدعى عليه على مال جاز وكان عتقا بمال مطلقا أي في حق المدعي والمدعى
____________________
(8/233)
عليه إن كان عن إقرار وفي حق المدعي إن كان عن سكوت أو إنكار ويكون حينئذ فداء يمين وقطعا للخصومة في حق المدعى عليه
قوله ( ويثبت الولاء ) لو وقع الصلح بإقرار أي من المدعى عليه وهو العبد
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يكن بإقرار بأن كان الصلح عن إنكار أو سكوت
قوله ( لا ) أي لا يثبت الولاء لأنه لم يصدقه على أنه معتقه بل ينكر العتق ويدعي أنه حر الأصل ومن ادعى ولاء شخص لا يثبت له إلا بتصديق المدعى عليه كما تقدم في الإقرار
قوله ( إلا ببينة ) أي إلا أن يقيم المدعي البينة بعد ذلك فتقبل بينته في حق ثبوت الولاء عليه لا غير حتى لا يكون رقيقا لأنه جعل معتقا بالصلح فلا يعود رقيقا
منح قوله ( ولا يعود بالبينة الخ ) يغني عنه قوله وكان عتقا على مال لأن بالبينة أثبت أنه كان رقيقا قبل الصلح وقد وقع الصلح عتقا على مال على ما قدمه فلا وجه لعوده رقيقا
قوله ( المدعي ) بالبناء للمجهول وسيأتي آخر الباب استثناء مسألة وهي قوله إلا في الوصي على مال الخ
قوله ( بأخذ البدل ) متعلق بنزل
قال الحموي ولو كان المدعي كاذبا لا يحل له البدل ديانة
قوله ( نزل بائعا ) أي بأخذ البدل أي فيما يصلح أن يكون بائعا فيه أو مستأجرا أو مؤجرا أو معتقا على مال أو مختلفا فيما يصلح له
قوله ( عن دعوى الزوج ) لو أسقط لفظ الزوج ما ضر
قال في الشرنبلالية لو أسقط لفظ الزوج لكان أولى
ثم قال وهذا إذا لم تكن ذات زوج لأنه لو كان لها زوج لم يثبت نكاح المدعي فلا يصح الخلع انتهى
قوله ( على غير مزوجة ) أما لو كان لها زوج أي ثابت لم يثبت نكاح المدعي فلا يصح الخلع
شرنبلالية
قال القهستاني لأنه لو كانت ذات زوج لم يصح الصلح وليس عليها العدة ولا تجديد النكاح من زوجها كما في العمادية وشمل كلامه ما إذا ادعى أنها زوجته قبل أن يتزوجها هذا الزوج الموجود في حال الدعوى لأنه حين ادعى النكاح ادعاه على غير مزوجة
أما لو ادعى أنه تزوجها في حال قيام الزوجية لم تصح دعواه فلا يصح صلحه لعدم تأتي كونه خلعا وكذا لو لم يحل له نكاح المدعى عليه كتزوج أختها أو أربع سواها فدعواه لا تصح حينئذ ولا وجه لصحة صلحه لعدم إمكان كونه خلعا لأن الخلع لا يكون إلا بعد النكاح الصحيح
قوله ( وكان خلعا ) ظاهر أنه ينقص عدد الصلاق فيملك عليها طلقتين لو تزوجها بعد أما إذا كان عن إقرار فظاهر وأما إذا كان عن إنكار أو سكوت فمعاملة له بزعمه فتدبر ط
قوله ( ولا يطيب لو مبطلا ) هذا عام في جميع انواع الصلح
كفاية
والحاصل أن ما يأخذه بدلا عن الصلح إن كان محقا في دعواه فإنه يطيب له فإن كان في دعوى المال فإنه بدل ماله وإن كان في دعوى المنفعة فإنه أجرة ماله وإن كان في دعوى الرق فإنه بدل العتق وإن كان في دعوى النكاح فإنه بدل الخلع ولو كان مبطلا في دعواه لا يطيب له ما يأخذه لأنه أكل مال أخيه بالباطل وهذا عام في كل مسائل الصلح
قوله ( لعدم الدخول ) أي إذا كان كذلك في نفس الأمر
أما لو علم صحة دعواه وأنه دخل بها أو اختلى لا يحل لها إلا بعد انقضاء العدة
قوله ( لم يصح ) لأنه إن جعل ترك الدعوى منها فرقة فلا عوض على الزوج في الفرقة منها كما إذا مكنت ابن زوجها وإن لم تجعل فرقة فالحال على ما كان عليه قبل الدعوى لأن الفرقة لما لم توجد كانت الدعوى على حالها لبقاء النكاح في زعمها فلم يكن شيء ثمة يقابله العوض فكان رشوة ا هـ
درر والظاهر أنه لا يجوز لها التزوج بغيره معاملة لها بزعمها ط
____________________
(8/234)
قال الزيلعي وإن كانت هي المدعية والزوج ينكر ذكر في بعض نسخ المختصر أنه لا يجوز لأنه لو جعل ترك الدعوى منها طلاقا فالزوج لا يعطي العوض في الفرقة إذ لم يسلم له شيء في هذه الفرقة وهي يسلم لها المال والنفس وإن لم يجعل فرقة فالحال بعد الصلح على ما كان عليه قبله فتكون على دعواها فلا يكون هذا الصلح مفيدا قطع الخصومة فلا يصار إليه
وذكر في بعضها أنه يجوز لأنه يجعل كأنه زادها على مهرها ثم خالعها على أصل المهر دون الزيادة فيسقط المهر غير الزيادة انتهى
قال الحموي وأطال صاحب غاية البيان في ترجيح عدم الجواز
قوله ( وصحح الصحة في درر البحار ) لأنه يجعل كأنه زاد في مهرها إلى آخر ما قدمناه وأقره في غرر الأفكار وعليه اقتصر في البحر فكان فيه اختلاف التصحيح
وعبارة المجمع وادعت هي نكاحه فصالحها جاز وقيل لم يجز
فائدة في فروق المحبوبي لو ادعت امرأة أن زوجها طلقها ثلاثا وأنكر الزوج فصالحها على مائة درهم على أن تبرئه من الدعوى لم يصح ويرجع الزوج عليها والمرأة على دعواها
ولو ادعى على امرأة نكاحها فجحدت فصالحها على مائة درهم لتقر فأقرت صح ويلزمه المال ويكون هذا ابتداء عقد وبه يظهر الفرق بين الأولى والثانية لأن في الفصل الأول لا يمكن جعله ابتداء عقد وفي الثانية ممكن
قوله ( المأذون له ) أي بالتجارة
قوله ( عمدا ) قيد به لأنه لو كان القتل خطأ فالظاهر الجواز لأنه يسلك به مسالك الأموال ط
قوله ( فلم يلزم المولى ) لأنه لم يأذن به وإنما أذن له فيما هو من أعمال التجارة وليس هذا منها
قال المقدسي فإن أجازه صح عليه وإلا لا
قوله ( لكن يسقط به القود ) لأنه صحيح بينه وبين أولياء المقتول لأنه مكلف فيصح تصرفه في حق نفسه لا في مال الغير وهو المولى بغير إذنه لأن الولي أسقطه بالبدل ولا مانع من جانبه
وحاصله كما في العناية أن نفس العبد ليست من كسبه فلا يجوز له التصرف فيها ولم يجب البدل في حق المولى بل تأخر إلى ما بعد العتق لأن صلحه عن نفسه صحيح لكونه مكلفا ولم يصح في حق المولى فصار كأنه صالحه على بدل مؤجل يؤاخذ به بعد العتق
قوله ( ويؤاخذ ) أي المأذون المصالح لأنه قد التزم المال وهو معسر في حال رقه فينظر إلى الميسرة وهي تكون بعد عتقه
قوله ( وإن قتل عبد له ) عبد فاعل قتل
قوله ( وصالحه المأذون ) على تقدير مضاف أي صالح أولياءه يعني إذا كان لهذا المأذون عبد قتل رجلا عمدا فصالح عنه مولاه المأذون جاز وهكذا التصوير في غاية البيان فالمراد بالمولى العبد المأذون وهو مولى عبد قاتل عمدا وأطلق صحة هذا الصلح فشمل أنه صحيح سواء كان على هذا المولى المأذون دين أو لم يكن وسواء كان على عبده دين أو لم يكن كما في تكملة الديري
وفي التعبير بالمولى عن المأذون تعسف كما نبه عليه عزمي زاده
ووجهه أن المولى إنما يطلق على الأسفل بعد عتقه ورق المأذون قائم فلا يصح إطلاق المولى عليه كما أفاد المولى أبو السعود
قوله ( لأنه من تجارته ) لأن استخلاصه كشرائه
منح
لأنه باستحقاق القتل كالزائل عن ملكه وهو لو خرج عن ملكه كان له أن يشتريه فكذا له أن يستخلصه بخلاف المكاتب حيث يجوز له أن يصالح عن نفسه كما سيأتي
قوله ( والمكاتب كالحر ) أي لخروجه عن يد المولى إذ هو حر يدا واكتسابه له ما لم يعجز بخلاف المأذون فإنه عبد من كل وجه وكسبه
____________________
(8/235)
لمولاه ولهذا نفذ تصرفه على نفسه حيث جاز صلحه عنها
قال في الدرر ولهذا إن ادعى أحد رقيته فإنه يكون خصما فيه وإذا جنى عليه كان الأرش له وإذا قتل لا تكون قيمته للمولى بل لورثته تؤدى منها كتابته ويحكم بحريته في آخر حياته ويكون الفضل لهم فصار كالحر فيجوز صلحه عن نفسه ولا كذلك المأذون
ذكره الزيلعي انتهى
قوله ( والصلح عن المغصوب ) أي القيمي لأنه لو كان مثليا فهلك فالمصالح إن كان من جنس المغصوب لا تجوز الزيادة اتفاقا وإن كان من خلاف جنسه جاز اتفاقا
ابن ملك أي جاز مع اختلاف الجنس
قوله ( الهالك ) قيد به لأنه لا خلاف في الصلح بالأكثر عند قيامه إذ لا نظر للقيمة حينئذ أصلا
ابن ملك
قوله ( على أكثر من قيمته ) أي ولو بغبن فاحش
قال في غاية البيان بخلاف الغبن اليسير فإنه لما دخل تحت تقويم المقومين لم يعد ذلك فضلا فلم يكن ربا أي عندهما وقيد
بقوله على أكثر من قيمته لأنه محل الخلاف
قال في جامع الفصولين غصب كر بر أو ألف درهم فصالح على نصفه فلو كان المغصوب هالكا جاز الصلح ولو قائما لكن عينه أو أخفاه وهو مقر أو منكر جاز قضاء لا ديانة ولو حاضرا يراه لكن غاصبه منكر جاز كذلك فلو وجد المالك بينة على بقية ماله قضى له به والصلح على بعض حقه في كيلي أو وزني حال قيامه باطل ولو أقر بغصبه وهو ظاهر في يده ويقدر مالكه على قبضه فصالحه على نصفه على أن يبرئه مما بقي جاز قياسا لا استحسانا ولو صالحه في ذلك على ثوب ودفعه جاز في الوجوه كلها إذ يكون مشتريا للثوب بالمغصوب ولو كان المغصوب قنا أو عرضا فصالح غاصبه مالكه على نصفه وهو مغيبه عن ملكه وغاصبه مقر أو منكر لم يجز إذ صلحه على نصفه إقرار بقيامه بخلاف كيلي أو وزني إذ يتصور هلاك بعضه دون بعضه عادة بخلاف ثوب وقن اه
قوله ( قبل القضاء بالقيمة ) أما بعد القضاء لا يجوز لأن الحق انتقل بالقضاء إلى القيمة
منح
فيرد الزيادة على القيمة
أبو السعود
قوله ( جائز ) عند الإمام خلافا لهما لأن حق المالك في الهالك لم ينقطع ولم يتحول إلى القيمة فكان صلحا عن المغصوب لا عن قيمته فلا يكون اعتياضه بأكثر من قيمته ربا والزائد على المالية يكون في مقابلة الصورة الباقية حكما لا القيمة
وعندهما لا يجوز إذا كان بغبن فاحش لأن حقه في القيمة فالزائد عليها ربا ومحل ذلك إذا لم يكن مثليا صولح عنه على مثله فإنه لا تجوز الزيادة حينئذ وإن كان من خلاف جنسه جاز اتفاقا
والحاصل أن الإمام يقول إن الضمان بدل عن العين المستهلكة فيجوز بالغا ما بلغ كما إذا كانت قائمة حقيقة
والصاحبان يقولان إن القيمة هي الواجبة في ضمان العدوان لأنها هي التي يمكن وجوبها في الذمة دون العين فيكون المأخوذ بدلا عن القيمة عند الصاحبين فما زاد عن القيمة يكون ربا
أبو السعود
قوله ( كصلحه بعرض ) أي سواء كانت قيمته كقيمة الهالك أو أقل أو أكثر وإنما ذكرها الشارح هنا مع أنها ستأتي متنا إشارة إلى أن محلها هنا وظاهره أن الصلح عن قيمي بعرض وإن كانت قيمته أكثر جاز على هذا الخلاف وليس كذلك بل الصلح على عرض وإن كانت قيمته أكثر من قيمة المغصوب جائز اتفاقا
صرح به في الكافي وغيره
غاية ما يقال إن مقارنته بما قبله لمجرد تساويهما في الصحة عند زيادة البدل عن قيمة المبدل وإن كان أحدهما اختلافيا والآخر اتفاقيا
نعم لو أفرده بالذكر كما في الهداية وكما فعل المصنف لكان أولى
قوله ( فلا تقبل إلخ ) لأن بالصلح قد أخذ بعض حقه وأسقط باقيه والساقط لا يعود
قوله ( ولا رجوع للغاصب على المغصوب منه بشيء ) أي سواء
____________________
(8/236)
كان قبل القضاء بقيمة المغصوب أو بعده لعدم ظهور الربا بين العرض وقيمة المغصوب لفقد العلتين فيه بخلاف ما لو دفعها من جنس القيمة بعد القضاء بها لأن تقدير القاضي كتقدير الشارع فإذا دفع أزيد منه تحقق الربا إن كان من جنس ما قدره القاضي
أما لو قضى بالدراهم فدفع الدنانير أو بالعكس فيجوز أيضا لفقد العلة وهو اتحاد الجنس لكن يشترط القبض في مجلس الصلح لئلا يفترقا عن دين بدين
أفاده الرحمتي
تنبيهات الصلح على أكثر من مهر المثل جائز ولو طلقها بعد الدخول أو ماتت لا يجوز إلا على قدر مهر المثل لأنه يصير بمنزلة الدين ولم يبق له حكم المهر ولذا لا يجوز الزيادة فيه
استهلك إناء فضة وقضى بالقيمة وافترقا قبل القبض لم يبطل وكذا لو اصطلحا بلا قضاء غصب طوق ذهب مائتا مثقال فضاع فصالحه على مائة ثم أقر المدعي أن أحدهما كان ملك المدعى عليه فالصلح جائز عن الثاني ولا يرجع عليه ولو أقام المدعي بينة على الألف والدار بعد الصلح كان على حقه الدار لأن المائتين التي أخذهما إنما هما من الألف وقد حط عن الباقي منها ولو ادعى دارا أو ألفا فصالحه على ألف ثم برهن على نصف الدار ونصف الألف لم يكن له من ذلك شيء ولو أقام البينة على ألف درهم ونصف الدار كانت الألف قضاء بالألف وأخذ نصف الدار ولو استحقت الدار من يد المدعى عليه لم يرجع من الألف بشيء لأنه يقول الألف التي قبضت عن التي ادعيت وقياس الألف والدار الدرهم والدينار
ووجه عدم كون البدل عن الجميع أو الشراء الواحد لا ينتظم الإسقاط والمعاوضة ولو أعطاه ثوبا عن جميع حقه فهو صلح الجميع
قوله ( ولو أعتق موسر عبدا إلخ ) قيد بالموسر لأنه لو كان معسرا يسعى العبد في نصفه كما في مسكين
قوله ( لا يجوز لأنه مقدر شرعا ) قال في الدرر لأن القيمة في العتق منصوص عليها وتقدير الشارع ليس أدنى من تقدير القاضي فلا تجوز الزيادة عليه اه
بخلاف ما تقدم لأنها غير منصوص عليها وإن صالحه على عرض جاز كيفما كان لأنه لا يظهر الفضل عند اختلاف الجنس
عيني
قوله ( لعدم الربا ) لأنه قوبل صورة بصورة على قوله أو قيمة بصورة على قولهما وعلى كل فلا ربا
قوله ( وصح في الجناية العمد إلخ ) شمل ما إذا تعدد القاتل أو انفرد حتى لو كانوا جماعة فصالح أحدهم على أكثر من قدر الدية جاز وله قتل البقية والصلح معهم لأن حق القصاص ثابت على كل واحد منهم على سبيل الانفراد
تأمل
رملي
قوله ( ولو في نفس مع أقرار ) تفسير للإطلاق أي سواء كان العمد في النفس أو ما دونها وسواء كان الصلح عن إقرار أو إنكار أو سكوت
قوله ( بأكثر من الدية ) أي في النفس
قوله ( والأرش ) أي في الأطراف
قوله ( أو بأقل ) أي على أقل وإن كان أقل من عشرة دراهم لأنه لا موجب له وإنما يجب بالعقد فيقدر بتقديرهما بخلاف النكاح حيث لا يجوز تسمية ما دون العشرة فيه لأنه مقدر شرعا
قوله ( لعدم الربا ) لأن الواجب فيه القصاص وهو ليس بمال فلا يتحقق فيه الربا فلا يبطل الفضل لعدم المجانسة بين موجب العمد وهو القصاص والمدفوع من المال
قوله ( كذلك ) أي بأكثر من الدية أي مطلقا في النفس أو الأطراف مع الإقرار أوالسكوت
____________________
(8/237)
أو الإنكار
قوله ( لا تصح الزيادة ) أفاد بالتقييد بالزيادة صحة النقص ويجعل إسقاط ط
وإذا لم تصح الزيادة فالصلح صحيح والزيادة غير لازمة كما في الدرر والشرنبلالية
قوله ( لأن الدية في الخطأ مقدرة ) أي شرعا والزيادة عليها تكون ربا فيبطل الفضل ومقاديرها مائة بعير أو مائتا بقرة أو مائتا شاة أو مائتا حلة أو ألف دينار أو عشرة آلاف درهم
عزمي عن الكافي
فلا تجوز الزيادة عليه كما لا يجوز الصلح في دعوى الدين على أكثر من جنسه ط
قال الرحمتي وهذا في الدراهم والدنانير ظاهر
وأما في الإبل فينبغي الجواز لفقد القدر
ا هـ
أقول سيأتي قريبا ما يؤيده فافهم
قوله ( بغير مقاديرها ) أي بغير الذهب والفضة والإبل كأن صالح بعروض أو حيوان غير ما ذكر صح سواء كانت قيمته قدر دية أو لا
وأفاد أن الكلام فيما إذا صالح على أحد مقادير الدية المتقدمة
قوله ( بشرط المجلس ) أي بشرط القبض في المجلس إذا كان ما وقع عليه الصلح دينا في الذمة وهذا مقيد بما إذا كان الصلح بمكيل أو موزون كما قيده في العناية
ح بزيادة من ط
قوله ( لئلا يكون دين بدين ) أي افترقا عن دين وهو الدية بدين وهو ما وقع عليه الصلح
قوله ( أحدهما ) كالإبل مثلا
قوله ( يصير ) بضم الياء وفتح الصاد وكسر الياء المشددة فعل مضارع
قوله ( كجنس آخر ) فلو قضى القاضي بمائة بعير فصالح القاتل عنها على أكثر من مائتي بقرة وهي عنده ودفعها جاز لأن الحق تعين فيه بالقضاء فكان غيره من المقادير كجنس آخر فأمكن الحمل على المعاوضة
منح
وفي الجوهرة إنما جاز ذلك لأن قضاء القاضي عين الوجوب في الإبل فإذا صالح على البقر فالبقر الآن ليست بمستحقة وبيع الإبل له بالبقر جائز
وإذا صالح عن الإبل بشيء من المكيل والموزون مؤجل فقد عارض دينا بدين فلا يجوز وإن صالح عن الإبل على مثل قيمة الإبل أو أكثر مما يتغابن فيه جاز لأن الزيادة غير متعينة وإن كان لا يتغابن فيها لا لأنه صالح على أكثر من المستحق ا هـ
وقوله على أكثر الظاهر أنه بالأقل كذلك بالأولى
قاله أبو الطيب
قوله ( فسد ) لأن هذا صلح عن مال فيكون نظير الصلح عن سائر الديون
قوله ( ويسقط القود ) أي في العمد أي مجانا إن سمي نحو خمر يعني يصير الصلح الفاسد فيما يوجب القود عفوا عنه وكذا على خنزير أو حر كما في الهندية وهذا بخلاف ما إذا فسد بالجهالة
قال في المنح في الكلام على العمد ثم إذا فسدت التسمية في الصلح كما إذا صالح على دابة أو ثوب غير معين تجب الدية لأن الولي لم يرض بسقوط حقه مجانا فيصار إلى موجبه الأصلي بخلاف ما إذا لم يسم شيئا أو سمى الخمر ونحوه حيث لا يجب شيء لما ذكرنا أي من أن القصاص إنما يتقوم بالتقويم ولم يوجد وفي قوله فيصار إلى موجبه الأصلي نظر لأنه القصاص لا الدية وبعد خطور ذلك بالذهن رأيت سري الدين نبه عليه ط قوله ( بالصلح عن دم عمد ) محله إذا صدر التوكيل من الجاني قوله ( أو على ) نسخ المتن أو عن بدل على قوله ( يدعيه على آخر ) تبع الشارح في هذا المصنف في شرحه وفي العبارة قلب والصواب يدعيه عليه آخر
____________________
(8/238)
لما علمت أن التوكيل من طرف المدعى عليه وإلا فإذا كان مدعيا على آخر دينا فوكل من يصالحه على بعضه كيف يقال البدل يلزم الموكل مع أنه هنا آخذ البدل لا دافعه ويدل عليه قوله الآتي لزم بدله الموكل وعبارة الدرر هكذا وليس فيها كلمة على وعبارة الكنز ومن كل رجلا بالصلح عنه فصالح الوكيل لم يلزم الوكيل ما صالح عليه وهي أحسن ولو حذف كلمة على آخر كما صنع الدرر لسلم من هذا إلا أن تحمل عبارته هنا على ما ذكرنا
بأن يقال أو على بعض دين يدعيه آخر عليه فتأمل
قال الشمني لأن هذا الصلح إسقاط محض فكان الوكيل فيه سفيرا ومعبرا فلا يكون البدل عليه كالوكيل بالنكاح إلا أن يضمنه فإنه حينئذ يؤاخذ به لضمانه لا لعقد الصلح
ا هـ
قوله ( من مكيل وموزون ) هكذا قيد بهذا القيد في الدرر وتبعه الشارح إلا أن عبارة الدرر بلفظ أو والواو بمعنى أو أي سواء كان دينا منها بحسب الأصل أو بحسب التقدير
قال أبو الطيب إن كان المراد من مكيل وموزون أن من بيانية للدين فلا حاجة إلى اشتراط أن يكون الدين بدل المكيل والموزون لأن الدين لا يكون إلا أحدهما لأن الأعيان لا تكون ديونا ا هـ
وبه ظهر قول بعض الأفاضل هل مثله المعدود المتقارب والمذروع إذا بين طوله وعرضه وصفته فإنهم قالوا يجوز فيه حينئذ السلم ويصح ثبوته في الذمة يراجع ا هـ
فتأمل
قوله ( لزم بدله الموكل ) هذا ظاهر فيما إذا كان الوكيل من طرف الجاني ولا يظهر إذا كان من طرف الولي لأنه آخذ فكيف يقال يلزمه وكذا لا يظهر في جانب الدين إذا كان الموكل هو المدعي لأن الموكل مدع فكيف يلزمه وأطلق في لزومه الموكل فشمل الصلح بأقسامه الثلاثة وبه صرح العيني
قوله ( لأنه إسقاط ) أي للقود عن القائل وبعض الدين عن المدعى عليه
قوله ( فيؤاخذ بضمانه ) أي ويرجع على الموكل به وكذا الصلح في الخلع وكذا يرجع في الصورة التالية لهذه كما في المقدسي وفي النكاح لا يرجع لأن الأمر بالصلح عنه أمر بالأداء عنه ليفيد الأمر فائدته إذ الصلح عنه جائز بلا أمره بخلاف النكاح لأنه لا ينفذ عليه من الأجنبي والأمر بالخلع كالأمر بالصلح حتى يرجع على الآمر إن ضمن وأدى عنه
زيلعي
قال عبد الحليم قوله إلا أن يضمنه أي يكفل الوكيل البدل وأن يضيف العقد إلى نفسه وإلى مال نفسه ا هـ
وهذا كله فيما إذا كان الصلح عن دم العمد كما ذكره المصنف عن إقرار أو سكوت أو إنكار أو فيما لا يحمل على المعاوضة كالصلح على بعض الدين كما ذكره المصنف أيضا لأنه إسقاط فكان الوكيل سفيرا فلا يلزمه شيء إلا بالالتزام
وأما فيما يحمل على المعاوضة فسيذكره بقوله الآتي هنا كما إذا وقع عن مال بمال الخ
قوله ( فيلزم الوكيل ) أي ثم يرجع به على الموكل كما مر قريبا لأن الوكيل أصل في المعاوضات المالية فترجع الحقوق إليه دون الموكل فيطالب هو بالعوض دون الموكل
عيني
قوله ( لأنه حينئذ كبيع ) أي والحقوق في عقد البيع ترجع إلى المباشر فكذا فيما إذا كان بمنزلته فيلزم الوكيل ما صالح عليه ثم يرجع به على الموكل ومقتضى الإطلاق أنه يرجع وإن لم تكن الكفالة بأمر الموكل كما صرحت به عند قوله الآتي بأمره قوله ( مطلقا ) سواء كان عن مال بمال أو لا وسواء كان في دم عمد ودين أو غيرهما وهذا إنما يظهر في جانب
____________________
(8/239)
المدعى عليه إذ هو في جانبه فداء يمين وقطع نزاع وهذا إنما يعود إلى الموكل لا إلى الوكيل
قوله ( صالح عنه ) أي عن المدعى عليه فضولي الخ
هذا فيما إذا أضاف العقد إلى المصالح عنه لما في آخر تصرفات الفضولي من جامع الفصولين
ف الفضولي إذا أضاف العقد إلى نفسه يلزمه البدل وإن لم يضمنه ولم يضفه إلى مال نفس ولا إلى ذمة نفسه وكذا الصلح عن الغير ا هـ
قال الزيلعي وهذا مفروض فيما لم يحمل على المعاوضة كدعوى القصاص وأخواته أما إذا كان عن معاوضة فيمضي على الفضولي إذا كان شراء عن إقرار
قوله ( بلا أمر ) قيد به لأنه لو كان بأمر نفذ الصلح عن المدعى عليه وعليه البدل إلا في صورة الضمان فالبدل على المصالح عند الإمام الحلواني وذكر شيخ الإسلام أنه عليه وعلى المدعى عليه أيضا فيطالب المدعى به أيهما شاء
قهستاني عن المحيط
قوله ( صح إن ضمن المال ) لأن الحاصل للمدعى عليه البراءة وفي مثله يستوي المدعى عليه والأجنبي لأنه لا يسلم للمدعى عليه شيء كما يسلم للأجنبي والمقصود من هذا الصلح رضا صاحب الحق لا رضا المدعى عليه إذ لا حظ له فيه والمدعي ينفرد بالصلح فيما لا معاوضة فيه غير أنه لم يرض بسقوط حقه مجانا فإذا سلم له العوض من جهة المتبرع صح
ا هـ
قوله ( أو أضاف الصلح ) أي البدل الذي وقع عليه الصلح
قوله ( إلى ماله ) بأن يقول صالحتك على ألف من مالي أو على عبدي فلان لأن الإضافة إلى نسه التزام منه للتسليم إلى المدعي وهو قادر على ذلك فيلزمه تسليمه
قوله ( أو قال على هذا ) أي وأشار إلى نقد أو عين وإنما صح فيه لأن المعروف المشار إليه كالمضاف إلى نفسه لأنه تعين التسليم إليه بشرط أن يكون ملكه فيتم به الصلح
قوله ( أو كذا ) أشار به إلى الصورة الرابعة وهي صورة الإطلاق بأن قال علي ألف
قوله ( وسلم المال ) أي في الأخير وهي الصورة الرابعة
قوله ( صح ) مكرر بما في المتن وإنما صح لأنه بالتسليم حقيقة تم رضاه فوق الضمان والإضافة إلى نفسه
قال في الدرر أما الأول فلأن الحاصل للمدعى عليه البراءة وفي حقها الأجنبي والمدعى عليه سواء ويجوز أن يكون الفضولي أصيلا إذا ضمن كالفضولي للخلع إذا ضمن البدل
وأما الثاني فلأنه إذا أضافه إلى نفسه فقد التزم تسليمه فصح الصلح
وأما الثالث فلأنه إذا عينه للتسليم فقد اشترط له سلامة العوض فصار العقد تاما بقبوله
وأما الرابع فلأن دلالة التسليم على رضا المدعي فوق دلالة الضمان والإضافة إلى نفسه على رضاه ا هـ باختصار
قوله ( وصار متبرعا في الكل ) أي في أربع صور الفضولي المارة آنفا وهي ما إذا ضمن المال وما إذا أضاف الصلح لما له وما إذا قال صالحتك عنه بألف ولم يزد وسلمها وما إذا قال على ألفي هذه أو عبدي هذا وسلم فلو استحق العوض في الوجوه التي تقدمت أو وجده زيوفا أو ستوقا لم يرجع المصالح لأنه متبرع التزم تسليم شيء معين ولم يلتزم الإيفاء من غيره فلا يزمه شيء آخر ولكن يرجع بالدعوى لأنه لم يرض بترك حقه مجانا إلا في صورة الضمان فإنه يرجع على المصالح لأنه صار قرينا في ذمته ولهذا لو امتنع عن التسليم يجبر عليه
زيلعي
قوله ( إلا إذا ضمن بأمره ) ثم يرجع على المصالح عنه إن كان الصلح بغير أمره
بزازية فتقييد الضمان اتفاقي
وفيها الأمر بالصلح والخلع أمر بالضمان لعدم توقف صحتهما على الأمر فيصرف الأمر إلى إثبات حق الرجوع بخلاف الأمر بقضاء الدين
ا هـ
أقول لم يظهر لي الفرق
تأمل
قوله ( عزمي زاده ) لم أجد فيه فليراجع
قوله ( وإلا يسلم في الصورة الرابعة ) الأولى ترك هذا القيد وإبقاء لا على العموم بأن يقول
____________________
(8/240)
وإلا يكن كذلك أي إن لم يضمن ولم يضف ولم يشر ولم يسلم أو يقول وإلا يوجد شيء مما ذكر من الصور الأربعة فهو موقوف لأنه لم يسلم للمدعي عوض فلم يسقط حقه مجانا لعدم رضاه فإن أجازه المدعى عليه جاز ولزمه المشروط لالتزامه باختياره وإن رده بطل لأن المصالح لا ولاية له على المطلوب فلا ينفذ عليه تصرفه ومن جعل الصور أربعا جعل الرابعة بشقيها وهي التسليم وعدمه صورة واحدة كالزيلعي وبعضهم جعلها خمسة باعتبار التسليم صورة وعدمه أخرى وهذه الصورة الخامسة مترددة بين الجواز والبطلان
ووجه الحصر كما في الدرر أن الفصولي إما أن يضمن المال أو لا فإن لم يضمن فإما أن يضيف إلى ماله أو لا فإن لم يضفه فإما أن يشير إلى نقد أو عرض أو لا فإن لم يشر فإما أن يسلم العوض أو لا فالصلح جائز في الوجوه كلها إلا الأخيرة وهو ما إذا لم يضمن البدل ولم يضفه إلى ماله ولم يشر إليه ولم يسلم إلى المدعي حيث لا يحكم بجوازه بل يكون موقوفا على الإجازة إذ لم يسلم للمدعي عوض انتهى
وجعل الزيلعي الصور أربعا وألحق المشار بالمضاف
أقول لكن غير الصورة المذكورة لا يتوقف على الإجازة وحينئذ فلا يتوجه على الشارح اعتراض تأمل
قوله ( ولزمه البدل ) المشروط لالتزامه باختياره
قوله ( وإلا بطل ) لأن المصالح لا ولاية له على المطلوب فلا ينفذ عليه تصرفه
قوله ( والخلع ) أي إذا صدر من فضولي عن المرأة ببدل فإن ضمنه أو أضافه إلى مال نفسه أو أشار صح ولزمه وكان متبرعا وإن أطلق إن سلم صح وإلا توقف على إجازتها
قال في التبيين وجعل في بعض شروح الجامع في باب الخلع الألف المشار إليه أو العبد المشار إليه مثل الألف المنكر حتى جعل القول إلى المرأة انتهى
قوله ( من الأحكام الخمسة ) التي خامسها قوله وإلا بطل أو التي خامسها قوله وإلا فهو موقوف بعد قوله أو على هذا ويؤيده قول الشارح سابقا في الصورة الرابعة
والأولى في التعبير أن يقول والخلع في جميع ما ذكرنا من الأحكام في الصور الخمسة كالصلح لأنه ليس لنا إلا حكمان وهما الجواز في الصور الأربع وعدمه في الخامسة فتأمل
قوله ( ادعى وقفيه أرض ) أطلق فيه فعم الوقفية من نفسه وغيره
قوله ( ولا بينة له ) مفهومه أنه إذا أوجد البينة لا يجوز الصلح لأنه لا مصلحة فيه ولا نظر لكون البينة قد ترد والقاضي قد لا يعدل
قوله ( وطاب له ) أي للمدعي ولم يذكر هل يطيب للمدعى عليه الأرض إذا كان المدعي صادقا والظاهر أنها لا تطيب
قوله ( لو صادقا في دعواه ) فيه أنه لو كان صادقا في دعواه كيف يطيب له وفي زعمه أنها وقف وبدل الوقف حرام تملكه من غير مسوغ فأخذه مجرد رشوة ليكف دعواه فكان كما إذا لم يكن صادقا
وقد يقال إنه إنما أخذه ليكف دعواه لا ليبطل وقفيته وعسى أن يوجد مدع آخر ط
لكن أطلق في وقف الحامدية الجواب بأنه لا يصح قال لأن المصالح يأخذ بدل الصلح عوضا عن حقه على زعمه فيصير كالمعاوضة وهذا لا يكون في الوقف لأن الموقوف عليه لا يملك الوقف فلا يجوز له بيعه فها هنا إن كان الوقف ثابتا فالاستبدال به لا يجوز وإلا فهذا يأخذ بدل الصلح لا عن حق ثابت فلا يصح ذلك على حال
كذا في جواهر الفتاوى
ا هـ
ثم نقد الحامدي ما هنا ثم قال فتأمل
أقول تأملته فوجدت أن المعاوضة في الوقف والحالة هذه جائزة لما صرحوا به من جواز استبداله إذا وقع
____________________
(8/241)
في يد غاصب
نعم يلزم أن يجعله حينئذ بدل الموقوف أما إذا كان من أهل الاستحقاق لغلة الوقف وأخذه ما أخذه بالمصالحة عوضا عن حقه في الغلة طاب له ذلك ما لم يتجاوز عن قدر استحقاقه منه
تأمل
وانظر ما تقدم في باب البيع الفاسد عن النهر عند قوله بخلاف بيع قن ضم إلى مدبر
قوله ( وبيع الوقف لا يصح ) الظاهر أنه من قال يطيب له أي يطيب له الأخذ ويجعله مكانا موقوفا لعجزه عن تحصيل الوقف بفقد البينة ومن قال لا يطيب له أراد لا يطيب له التصرف فيه لأنه بدل الوقف في زعمه فيكون له حكم الوقف
تأمل
قوله ( فالثاني باطل ) فلو ادعى دارا فأنكر ذو اليد فصالحه على ألف على أن يسلم الدار لذي اليد ثم برهن ذو اليد على صلح قبله فالصلح الأول ماض والثاني باطل
حموي
وهذا إذا كان الصلح على سبيل الإسقاط أما إذا كان الصلح على عوض ثم اصطلحا على عوض آخر فالثاني هو الجائز ويفسخ الأول كالبيع
نور العين عن الخلاصة
وكذا نقله البيري عن الخلاصة عن المنتقى
قلت لكن استظهر سيدي الوالد رحمه الله تعالى أن الصلح على سبيل الإسقاط بمعنى الإبراء وبطلان الثاني ظاهر ولكنه بعيد الإرادة هنا فالمناسب حمل الصلح على المتبادر منه ويكون المراد به ما إذا كان بمثل العوض الأول بقرينة قوله كالبيع وعليه فالظاهر أن حكمه كالبيع في التفصيل المار فيه كما ذكره في أول الدعوى
قوله ( وكذا النكاح بعد النكاح ) فلا يلزمه إلا المهر الأول ولا ينفسخ العقد الأول إذ النكاح لا يحتمل الفسخ والمسألة ذات خلاف فقيل تجب التسمية الثانية وقيل كل منها
قال في جامع الفتاوى تزوج امرأة بألف ثم تزوجها بألفين فالمهر ألفان وقيل ألف
وفي المنية تزوج على مهر معلوم ثم تزوج على آخر تثبت التسميتان في الأصح حموي
قوله ( والحوالة بعد الحوالة ) أي إذا صدرت حوالة عن شخص فقبلها ثم إذا صدرت على شخص آخر فالثانية باطلة لأن الدين ثبت في ذمة الأول بالحوالة عليه فلا ينتقل بالحوالة الثانية على غيره كما ذكره ط
واستفيد منه أن المحال عليه في الثانية غيره في الأولى وبه صرح في الأشباه بقوله الكفالة بعد الكفالة صحيحة لزيادة التوثق بخلاف الحوالة فإنها نقل فلا يجتمعان كما في التنقيح
قال الحموي وهذا يخرج المسألة عن كونها من جزئيات القاعدة إذ المتبادر من تجديد عقد البيع تجديده بالنسبة إلى البيع الأول بعينه والمشتري الأول بعينه وكذا الكلام في الصلح بعد الصلح والكفالة بعد الكفالة ووزانه في الحوالة اتحاد المحال عليه والمحال به في الحوالتين معا وحينئذ لا ينتهض قوله لأنها نقل فلا يجتمعان وينبغي أن تصح الحوالة الثانية وتكون تأكيدا للأولى على طبق الكفالة فتدبر ذلك
ا هـ
وعليه فالمناسب في تصوير المسألة بأن يقال بأن كان له على آخر ألف فأحال عليه بها شخصا ثم أحال عليه بها شخصا آخر أو كما تقدم بأن أحال زيد عمرا بدينه على بكر حوالة صحيحة ثم أحاله بها على بشر لا تصلح الحوالة الثانية لأن الحوالة نقل الدين من ذمة إلى ذمة وحيث فرغت ذمة المحيل فكيف يصح أن يحيل مرة ثانية نعم لو تفاسخا الإحالة الأولى صحت الثانية
قوله ( والصلح بعد الشراء ) بعد ما اشترى المصالح عنه
____________________
(8/242)
أقول فيه أنه تكون الدعوى حينئذ فاسدة والصلح بعد الدعوى الفاسدة صحيح
تأمل
وصورتها إذا اشترى شخص دارا مثلا من آخر ثم ادعى المشتري على البائع أن الدار ملكه فصالحه البائع فهذا الصلح باطل لتناقضه فإن إقدامه على الشراء منه دليل أنها ملك البائع ثم الدعوى والصلح بعدها يناقضه
قال في جامع الفصولين ولو كان الشراء بعد الصلح فالشراء صحيح والصلح باطل
ا هـ
قوله ( إلا في ثلاث مذكورة في بيوعت الأشباه الكفالة ) أي لزيادة التوثق فلو أخذ منه كفيلا ثم أخذ منه كفيلا آخر صح ولا يبرأ الأول بكفالة الثاني كما في الخانية
قوله ( والشراء ) أي يصح بعد الشراء ويبطل الأول
أطلقه في جامع الفصولين وقيده في القنية بأن يكون الثاني أكثر ثمنا من الأول أو أقل أو بجنس آخر وإلا فلا يصح أشباه
وفي البحر وإذا تعدد الإيجاب والقبول انعقد الثاني وانفسخ الأول إن كان الثاني بأزيد من الأول أو أنقص وإن كان مثله لم ينفسخ الأول انتهى
قال في التاترخانية قال بعتك عبدي هذا بألف درهم بعتكه بمائة دينار فقال المشتري قبلت ينصرف إلى الإيجاب الثاني ويكون بيعا بمائة دينار ولو قال بعتك هذا العبد بألف درهم وقبل المشتري ثم قال بعته منك بمائة دينار في المجلس أو في مجلس آخر وقال المشتري اشتريت ينعقد الثاني وينفسخ الأول وكذا لو باعه بجنس الثمن الأول بأقل أو بأكثر نحو أن يبيعه منه بعشرة ثم باعه بتسعة أو بأحد عشر فإن باع بعشرة لا ينعقد الثاني ويبقى الأول بحاله
ا هـ
فهذا مثال لتكرار الإيجاب فقط ومثال لتكرار العقد قوله ( والإجارة ) أي بعد الإجارة من المستأجر الأول فالثانية فسخ للأولى كما في البزازية
قال في البحر وينبغي أن المدة إذا اتحدت فيهما واتحد الأجران لا تصح الثانية كالبيع
وزاد في الفصولين الشراء بعد الصلح فإنه يجوز ويبطل الصلح
قوله ( عن إنكار ) إنما خصه لأن ما ذكره لا يتأتى عند الإقرار
قال في جامع الفصولين ادعى عليه ثوبا فأنكر ثم برهن أن المدعي أقر قبل الصلح أنه ليس لي لا يقبل ونفذ الصلح والقضاء لافتداء اليمين ولو برهن أنه أقر بعد الصلح أن الثوب لم يكن له بطل الصلح لأن المدعي بإقراره هذا زعم أنه أخذ بدل الصلح بغير حق بخلاف إقراره قبل الصلح
لجواز أن يملكه بعد إقراره قبل الصلح ذكره الحموي
قوله ( فالصلح ماض على الصحة ) ولا تقبل البينة لاحتمال أنه ثبت له حق بعد هذا الإقرار بخلاف المسألة الثانية فإنه إقرار من المدعي أنه مبطل في دعواه
وذكر الشرنبلالي في رسالة الإبراء عن هاشم عن محمد في توجيه المسألة أنه إنما صالحه على اعتبار أنه فدى يمينه بالصلح وافتداء اليمين بالمال جائز فكان إقدامه على الصلح اعترافا بصحة الصلح فبدعواه بعد ذلك أنه لم يصح الصلح صار متناقضا والمناقضة تمنع صحة الدعوى
وأفاد تعليل الثانية بنحو ما ذكرناه
صورة ذلك ادعى ثوبا فأنكر فصالح على شيء ثم أقام البينة أن المدعي قال قبل الصلح إنه لا حق لي في هذا الثوب لا تقبل بينته ويكون الصلح والقضاء ماضيين لأنه افتدى لليمين حيث وقع عن إنكار فلا ينقض
أفاده بعض الفضلاء
قوله ( بطل الصلح ) لأنه بإقراره هذا زعم أنه أخذه بعد الصلح بغير حق بخلاف إقراره
____________________
(8/243)
قبل الصلح لجواز أن يملكه بعد إقراره قبل الصلح
والحاصل أن عدم قبول بينته في الأولى لما فيه من التناقض لأن التناقض يمنع قبول البينة لإقراره بخلاف الثانية لأنه لم يظهر وجه التناقض لأن الصلح ليس اعترافا بالملك كما صرحوا به فإنه يكون عن إقرار وسكوت وإنكار قوله ( قال المصنف وهو مقيد لإطلاق العمادية ) نصه وفي العمادية ادعى فأنكر فصالحه ثم ظهر بعده أن لا شيء عليه بطل الصلح
ا هـ
أقول يجب أن يقيد قوله ثم ظهر بغير الإقرار قبل الصلح لما تقدم من مسألة المختصر وبه صرح مولانا في بحره ح
ولا يخفى أن علة مضي الصلح على الصحة في مسألة المتن المتقدمة عدم قبول الشهارة لما فيه من التناقض فلم يظهر حينئذ أن لا شيء عليه فلم تشملها عبارة العمادية فافهم
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
أقول لكن ليس هذا من التناقض المردود لأنه يدعي أمرا كان خفيا عليه وهو إقرار المدعي بعدم حقه في المدعي قبل الصلح ولو كانت العلة ما ذكره لما صحت في الثانية أيضا لأنه متناقض فيهما بعد إقدامه على الصلح
والعلة الصحيحة في ذلك أنه إن ثبت أنه قال ذلك قبل الصلح لا يكون مانعا من صحة الصلح لاحتمال حصول حق له بعد ذلك قبل الصلح وفي الثانية لا يحتمل
قال في الخلاصة من آخر الدعوى لو استعار من آخر دابة فهلكت فأنكر رب الدابة الإعارة فصالحه المستعير على مال جاز فلو أقام المستعير بينة بعد ذلك على العارية قبلت بينته وبطل الصلح ا هـ أي لظهور أن لا شيء والله أعلم
وفي البزازية أيضا ما يفيد أن المراد بالظهور لا من طريق إقامة المصالح البينة أنها لا تقبل لما فيه من التناقض
ونص عبارته في كتاب الدعوى من نوع في الصلح
وفي المنتقى ادعى ثوبا أو صالح ثم برهن المدعى عليه على إقرار المدعي إنه لا حق له فيه إن على إقراره قبل الصلح فالصلح صحيح وإن بعد الصلح يبطل الصلح وإن علم الحاكم إقراره بعدم حقه ولو قبل الصلح يبطل الصلح وعلمه بالإقرار السابق كإقراره بعد الصلح هذا إذا اتحد الإقرار بالملك بأن قال لا حق لي بجهة الميراث ثم قال إنه ميراث لي عن أبي فأما غيره إذا ادعى ملكا لا بجهة الإرث بعد الإقرار بعدم الحق بطريق الإرث بأن قال حقي بالشراء أو الهبة لا يبطل ا هـ
قوله ( ثم نقل ) أي المصنف
قوله ( عن دعوى البزازية ) عبارتها عن المنتقى ادعى ثوبا وصالح ثم برهن المدعى عليه على إقرار المدعي إنه لا حق له فيه إن على إقراره قبل الصلح فالصلح صحيح وإن بعد الصلح يبطل وإن علم الحاكم إقراره بعدم حقه ولو قبل الصلح يبطل الصلح وعلمه بالإقرار السابق كإقراره بعد الصلح
هذا إذا اتحد الإقرار بالملك بأن قال إنه ميراث لي عن أبي ثم قال لا حق لي من هذه الجهة فأما إذا ادعى ملكا لا بجهة الإرث بعد الإقرار بعدم الحق بطريق الإرث بأن قال حقي بالشراء أو بالهبة لا يبطل ا هـ
فظهر أن مراده أنه لو قال بعد الصلح لا حق لي قبل المدعي إنما يبطل الصلح إذا أطلق
أما إذا عين بأن قال لا حق لي من جهة الإرث مثلا فقيل له قد بطل الصلح فقال إنه حقي بجهة الشراء مثلا بقي الصلح صحيحا على حاله وإن علم الحاكم غير معتبر الآن على المفتى به
قوله ( فيحرر ) ما نقله عن البزازية
أقول لا يحتاج إلى تحرير لأن ما ذكره البزازي من قوله هذا إذا اتحد الإقرار تقييد لعدم صحة الصلح
____________________
(8/244)
إذا أقر المدعي ولا إشكال فيه ولعله أراد تحرير ما قاله المصنف من تقييد ما في العمادية فإنه غير ظاهر كما علمت والله تعالى أعلم
فرع ذكر المصنف عن آخر الدعوى من الخلاصة لو ادعى أنه استعار فلان وهلكت عنده فأنكر المالك الإعارة وأراد التضمين فصالحه مدعي العارية على مال ثم أقام بينة على العارية قبلت بينته وبطل الصلح
قوله ( عن الدعوى الفاسدة ) كدعوى وقع فيها تناقض
قوله ( وعن الباطلة ) كدعوى خمر وخنزير من مسلم
قوله ( والفاسدة ما يمكن تصحيحها ) بالتوفيق في التناقض مثلا أي والباطلة ما لا يمكن تصحيحها كما لو ادعى أنها أمته فقالت أنا حرة الأصل فصالحها عنه فهو جائز وإن أقامت بينة على أنها حرة الأصل بطل الصلح إذ لا يمكن تصحيح هذه الدعوى بعد ظهور حرية الأصل
ومثال الدعوى التي يمكن تصحيحها لو أقامت بينة أنها كانت أمة فلان أعتقها عام أول وهو يملكها بعد ما ادعى شخص أنها أمته أي وصالحها لا يبطل الصلح لأنه يمكن تصحيح دعوى المدعي وقت الصلح بأن يقول إن فلانا الذي أعتقك كان غصبك مني حتى لو أقام بينة على هذه الدعوى تسمع
مدني
وقوله هنا وهو يملكها جملة حالية ط
أقول وشهادة الشهود أنه أعتقها وهو يملكها لا تنافي ذلك لأن لهم أن يشهدوا بالملك له بظاهر اليد
تأمل
ومن الباطلة عن دعوى حد وعن دعوى أجرة نائحة أو مغنية أو تصوير محرم
ا هـ وعلم أن قوله قالت أنا حرة الأصل أي وبرهنت عليه بدليل ما قال بعد ظهور حرية الأصل فإن الظهور بالبينة وبدليل ما قال في مقابلتها لو أقامت بينة أنها كانت الخ وقول صاحب الأشباه وهو توفيق واجب
قال محشيه في شرح الوقاية لصدر الشريعة ومن المسائل المهمة أنه هل يشترط لصحة الصلح صحة الدعوى أم لا فبعض الناس يقولون يشترط ولكن هذا غير صحيح لأنه إذا ادعى حقا مجهولا في دار فصولح على شيء يصح الصلح على ما مر في باب الحقوق والاستحقاق ولا شك أن دعوى الحق المجهول دعوى غير صحيحة وفي الذخيرة ألحق مسائل تؤيد ما قلناه
قال الشيخ محمد في معين المفتي إذا علمت هذا علمت أن الصحيح عدم اشتراط صحة الدعوى لصحة الصلح وعليه فلا يحتاج إلى التوفيق ا هـ
أقول إنما صح الصلح في المسألة التي استند إليها صدر الشريعة لأن الدعوى فيها يمكن تصحيحها بتعيين الحق المجهول وقت الصلح
على أن دعوى أن الصحيح عدم اشتراط صحة الدعوى مطلقا سواء أمكن تصحيح الدعوى أم لا ممنوع لما في الفتاوى البزازية
____________________
(8/245)
والذي استقر عليه فتوى أئمة خوارزم أن الصلح عن دعوى فاسدة لا يمكن تصحيحها لا يصح
والذي يمكن تصحيحها كما إذا ترك ذكر الحد أو غلط في أحد الحدود يصح
وفي مجمع الفتاوى سئل شيخ الإسلام أبو الحسن عن الصلح عن الإنكار بعد دعوى فاسدة هل هو صحيح أم لا قال لا ولا بد أن تكون صحيحة ا هـ
وقد ذكر بما ذكرنا أن قوله فلا يحتاج إلى التوفيق من عدم التوفيق
ذكره الحموي
وحينئذ فلا بد من التوفيق فليحرر
قوله ( وحرر في الأشباه ) هذا التحرير غير محرر
ورده الرملي وغيره بما في البزازية
والذي استقر عليه فتوى أئمة خوارزم أن الصلح عن دعوى الخ وهذا ما ذكره المصنف وقد علمت أنه الذي اعتمده صدر الشريعة وغيره فكان عليه المعول
قوله ( فليحفظ ) أقول عبارة الأشباه الصلح عن إنكار بعد دعوى فاسدة فاسد كما في القنية ولكن في الهداية في مسائل شتى من القضاء أن الصلح عن إنكار جائز بعد دعوى مجهول فليحفظ ويحمل على فسادها بسبب مناقضة المدعي لا لترك شرط المدعي كما ذكره وهو توفيق واجب فيقال إلا في كذا والله تعالى أعلم
ا هـ
قال الحموي وعليه لا يظهر لهذا الحمل فائدة لأن صاحب الهداية صرح بجواز الصلح فيها سواء كان فسادها بسبب المناقضة أو لترك شرط الدعوى فإذا صح الصلح مع فسادها بأي سبب كأن خالف ما في القنية فتأمل
قال الرملي وغيره ما حرره في الأشباه غير محرر كما علمته آنفا قوله ( وقيل اشتراط صحة الدعوى ) تطويل من غير فائدة فلو قال وقيل يصح مطلقا لكان أوضح وقد علمت المفتى
قوله ( كما اعتمده صدر الشريعة آخر الباب ) قد علمت ما فيه من النظر وقد علمت عبارته وأن المتبادر أنه أراد الفاسدة بدليل التمثيل لأنه يمكن تصحيحها بتعيين الحق المجهول الخ
قال الرملي في حاشيته على المنح بعد نقل عبارته أقول هذا لا يوجب كون الدعوى الباطلة كالفاسدة إذ لا وجه لصحة الصلح عنها كالصلح عن دعوى حد أو ربا حلوان الكاهن وأجرة النائحة والمغنية ودعوى الضمان على الراعي الخاص أو المشترك إذا قال أكلها السبع أو سرقت فصالحه رب الغنم على دراهم معلومة لا يجوز على قول أبي حنيفة كما في الخانية فقول المصنف المتقدم في كتابه معين المفتي كما قدمناه قريبا الصحيح عدم اشتراط صحة الدعوى لصحة الصلح فيه نظر لأنه إن أراد بعدم الصحة ما يشمل الباطل فهو باطل وإن أراد به الفاسد فقد قدمه فتأمل
ا هـ
وكذا ذكره في حاشيته على الفصولين نقلا عن المصنف بعد ذكر عبارة صدر الشريعة
قال ما نصه فقد أفاد أن القول باشتراط صحة الدعوى لصحة الصلح ضعيف ا هـ
قوله ( كما مر فراجعه ) أي في باب الاستحقاق عند قوله ولا رجوع في دعوى حق مجهول ممن دار صولح على شيء معين واستحق بعضها لجواز دعواه فيما بقي ولو استحق كلها رد كل العوض لدخول المدعي في المستحق
واستفيد منه أي من جواب المسألة أمران أحدهما صحة الصلح عن مجهول على معلوم لأن جهالة الساقط لا تفضي إلى المنازعة
والثاني عدم اشتراط صحة الدعوى لصحته لجهالة المدعى به حتى لو برهن لم يقبل ما لم يدع إقراره به
ا هـ
والحاصل أن ما استدل به صدر الشريعة من أنه إذا ادعى حقا مجهولا في دار فصولح على شيء يصح الصلح لا يفيد الإطلاق بل إنما صح الصلح فيه لأن الدعوى يمكن تصحيحها بتعيين الحق المجهول وقت الصلح ومع هذا فقد علمت المفتى به مما استقر عليه فتوى أئمة خوارزم من أن الصلح إذا كان من دعوى فاسدة لا يمكن تصحيحها لا يصح وإن أمكن تصحيحها يصح هذا غاية ما حققه المحشون فاغتنمه
قوله ( وصح الصلح عن دعوى حق الشرب ) والشرب وهو نصيب الماء وكذا مرور الماء في أرض على ما يظهر ط أي فتسقط الدعوى ولا يلزم من صحة الصلح لزوم البدل لما تقدم من أن الصلح عن الشفعة يسقطها ولا يوجب البدل
____________________
(8/246)
وكذلك عن دعوى حق الشرب ووضع جذوع فإنه دعوى حق لا يجوز الاعتياض عنه إذ لا يجوز بيع الشرب ولا بيع حق وضع الجذوع
قوله ( وحق الشفعة ) معطوف على حق الشرب أي يجوز الصلح عن دعوى حق الشفعة لدفع اليمين
أما الصلح عن حق الشفعة الثابت فلا يجوز لما مر أنه غير مال فلا يجوز الاعتياض عنه
قوله ( وحق وضع الجذوع على الأصح ) لما علمت من أنه يجوز الصلح عما ذكر في حق سقوط الدعوى ولا يلزم من صحة الصلح لزوم البدل لما مر أن الصلح عن الشفعة إلى آخر ما قدمناه قريبا
قال الزيلعي ولو كان لرجل ظلة أو كنيف على طريق العامة فخاصمه رجل على نقضه فصالحه على شيء كان الصلح باطلا لأن الحق في طريق النافذ لجماعة المسلمين فلا يجوز أن يصالح واحد على الانفراد وبخلاف ما إذا صالح الإمام عنه على مال حيث يجوز لأن للإمام ولاية عامة وله أن يتصرف في مصالحهم فإذا رأى في ذلك مصلحة ينفذ لأن الاعتياض من المشترك العام جائز من الإمام ولهذا لو باع شيئا من بيت المال صح بيعه وبخلاف ما إذا كان ذلك في طريق غير نافذ فصالحه رجل من أهل الطريق حيث يجوز في حقه لأن الطريق مملوكة لأهلها فيظهر في حق الأفراد والصلح معه مفيد لأنه يسقط به حقه ثم يتوصل إلى تحصيل رضا الباقين فيجوز
ا هـ
قوله ( في أي حق كان ) ولو كان مما لا يقبل الاعتياض عنه
قوله ( حتى في دعوى التعزير ) بأن ادعى أنه كفره أو ضلله أو رماه بسوء ونحوه حتى توجهت عليه اليمين فافتداها بدراهم فإنه يجوز على الأصح
منح
وهذا يدل على أنه يستحلف في دعوى التعزير
قوله ( مجتبى ) قال في بعد أن رمز سنج صالح عن دعوى حق الشرب وحق الشفعة أو حق وضع الجذوع ونحوه فقيل لا يجوز افتداء اليمين لأنه لا يجوز شراؤه قصدا والأصح أنه يجوز لأن الأصل أنه متى توجهت اليمين نحو الشخص بأي حق كان فافتدى اليمين بدراهم يجوز على الأصح
قلت وهذا يدل على أنه يستحلف في دعوى التعزير
قال وكذلك إن صالحه من يمينه على عشرة أو من دعواه فهو كله جائز ا هـ
وهذا مناف لما قدمه أو الباب من أن شرط صحة الصلح كون المصالح عليه حقا يجوز الاعتياض عنه وما في المجتبى أعم منه كما ترى
ولعل التوفيق أن يقال إنه جائز في حق المدعى عليه لدفع الخصومة عنه لا في حق المدعي إذا كان حقا لا يجوز الاعتياض عنه لأن ما يأخذه عوض عن حقه في زعمه فلا بد من إمكان الاعتياض عن حقه ولعله في المجتبى يفرق بين الصلح عن الشفعة وعن دعوى الشفعة فلا يصح في الأول كما أطبقوا عليه من عدم لزوم البدل ووجوب رده بعد أخذه ويصح في الثاني فليحرر
قوله ( بخلاف دعوى حد ) أي لا يصح الصلح عنها لما عرفت أن الصلح لا يجوز في حق الله تعالى ولو حد قذف ولا عن الإبراء منه
منح
قال في الفوائد الزينية لا يصح الصلح عن الحدود ولا يسقط به إلا حد القذف إلا إذا كان قبل المرافعة كما في الخانية
قوله ( ونسب ) كما إذا ادعت أن هذا ولده منها فصالحها لترك دعواها فالصلح باطل لأن الصلح إما إسقاط أو معاوضة والنسب لا يحتملهما
درر
وأطلقه فشمل ما لو كانت الدعوى من المطلقة أنه ابن المطلق منها أو الدعوى من الابن أنه ابنه منها وجحد الرجل فصالح عن النسب على شيء فالصلح باطل في كلتا الصورتين لما سبق أن النسب لا يقبل الاعتياض مطلقا وعليه إطلاق المصنف في الدعوى وفي عدم احتمال النسب المعاوضة
____________________
(8/247)
هذا فظهر أن من أراد التخصيص بالصورة الأولى لم يصب كما لا يخفى
قوله ( بأن كان دينا بعين ) أي بدل الصلح دينا والمصالح عليه عينا أو عكسه فالباء للمقابلة والعوض وكذا بدين من غير جنسه كالدراهم عن الدنانير وعكسه كان ذلك معاوضة إن كان بإقرار وكذا بإنكار وسكوت في حق المدعي والمعاوضة تصح الإقالة فيها فلذا ينتقض بنقضهما أي لو فسخ ذلك الصلح المتصالحان انفسخ لجواز الإقالة فيه كما تقدم أول الكتاب وفي نسخة بدين عوضا عن قوله بعين ومثله فيما يظهر العين بالعين
قوله ( ينتقض بنقضهما ) أي بفسخ المتصالحين أي لو فسخ ذلك الصلح المتصالحان انفسخ لجواز الإقالة
فيه
قوله ( بل بمعنى الخ ) وذلك الصلح عن الدين ببعضه فإنه أخذ لبعض حقه وإسقاط للباقي فلا ينتقض بنقضهما لأنه قد سقط والساقط لا يعود
قوله ( قنية وصيرفية ) الأولى الاختصار على العزو إلى القنية لأنه في الصيرفية نقل الخلاف في الصحة وعدمها مطلقا
وأما في القنية فقد حكى القولين ثم وفق بينهما بما هنا بحثا منه فقال أن الصلح إن كان الخ
وحاصله أن الصلح إن كان بمعنى المعاوضة ينتقض بنقضهما وإن كان بمعنى استيفاء البعض وإسقاط البعض لا ينتقض بنقضهما
أقول والذي يظهر لي أن الصلح إن تحصيل من فسخه ثمرة وجدت البينة أو توسم الإقرار أو النكول يصح وقوله الساقط لا يعود لا يرد علينا لأن الساقط في هذا الباب إنما هو قضاء لا ديانة فهو في الحقيقة باق غير ساقط وإن لم تظهر ثمرة من الفسخ يفتى برواية عدم الصحة
قوله ( ولو صالح ) العلة فيه ما تقدم فيما لو صالحه على بيت منها وقد تقدم أن فيها يصح الصلح ويجعل إبراء عن دعوى الباقي في ظاهر الرواية فينبغي أن يكون هنا كذلك
قاله الرحمتي لكن قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى قيد بالسكنى لأنه لو صالحه على بيت منها كأن وجد عدم الصحة كونه جزءا من المدعي بناء على خلاف ظاهر الرواية الذي مشى عليه في المتن سابقا وقيد بقوله أبدا ومثله حتى يموت كما في الخانية لأنه لو بين المدة يصح لأنه صلح على منفعة فهو في حكم الإجارة فلا بد من التوقيت كما مر وقد اشتبه الأمر على بعض المحشين ا هـ
قوله ( إلى الحصاد ) لأنه أحل مجهول فيؤدي إلى المنازعة ولأنه بيع معنى فيفسده جهالة الأجل
قوله ( أو صالح مع المودع بغير دعوى الهلاك ) أي الدعوى من المودع لم يصح الصلح في الصور الثلاثة
أما الأولى فلأنه صلح عن بعض ما يدعيه وقد تقدم أنه باطل
وأما الثانية فلأن الصلح بيع معنى كما ذكرنا
وهاتان المسألتان من مسائل السراجية التي نقلها عنها صاحب المنية
وأما الثالثة فعلى أربعة أوجه
الأولى ادعى صاحب المال الإيداع وجحد المودع ثم صالحه على شيء معلوم جاز الصلح في قولهم لأن الصلح يبنى جوازه على زعم المدعي وفي زعمه أنه صار غاصبا بالجحود فيجوز الصلح معه
____________________
(8/248)
الثاني إذا ادعى صاحب المال الوديعة وطالبه بالرد فأقر المستودع بالوديعة وسكت ولم يقل شيئا وصاحب المال يدعي عليه الاستهلاك ثم صالحه على شيء معلوم جاز الصلح في قولهم أيضا
الثالث ادعى الاستهلاك والآخر الرد أو الهلاك ثم صالحه جاز في قول محمد وأبي يوسف الأول وعليه الفتوى
وأجمعوا على أنه لو صالح بعد حلف المستودع أنه رد أو هلك لا يجوز
الرابع إذا ادعى المودع الرد أو الهلاك وصاحب المال لا يصدقه في ذلك ولا يكذبه بل سكت ذكر الكرخي أنه لا يجوز هذا الصلح في قول أبي يوسف الأول ويجوز في قول محمد
ولو ادعى صاحب المال الاستهلاك والمودع لم يصدقه في ذلك ولم يكذبه فصالحه على شيء ذكرنا أنه يجوز هذا الصلح في قولهم ا هـ
كما في المنح
فقد ظهر من هذا أن الصلح بغير دعوى الهلاك يصح كما سمعته ولم يذكر فيما إذا أقر بالوديعة وصالحه عليها والذي يقتضيه الفقه جوازه لأنه صلح عن مال بمال بإقرار
تأمل
قوله ( قيد بعدم دعوى الهلاك ) صادق بسكوته وبدعواه الرد وقد تقدم أنه يصح الصلح فيهما
قوله ( لأنه لو ادعاه ) أي الهلاك والمالك يدعي أنه استهلكه
قوله ( وصالحه قبل اليمين ) أما لو صالحه بعد حلف المستودع أنه هلك أو رد لا يجوز الصلح إجماعا
وفيه أن ذلك داخل في مسألة المصنف المذكورة بعد وفيها خلاف كما ذكره المصنف
قوله ( خانية ) هذا ما نقله في المنح عنها لكن سقط من عبارته شيء اختل به المعنى فإنه قال في الوجه الثالث جاز الصلح في قول محمد وأبي يوسف الأول وعليه الفتوى
والذي رأيته في الخانية أن الفتوى على عدم الجواز
وبقي خامسة ذكرها المقدسي وهي ادعى ربها الاستهلاك فسكت فصلحه جائز لكن هذا هو الثاني في الخانية
ثم اعلم أن كلام الماتن والشارح غير محرر لأن قوله ( بغير دعوى الهلاك ) شامل للجحود والسكوت ودعوى الرد هو الوجه الأول والثاني وأحد شقي الثالث والرابع وقد علمت أنه في الأول والثاني جائز اتفاقا وكذا في أحد شقي الثالث والرابع على الراجح
والصواب أن يقول بعد دعوى الرد أو الهلاك بإسقاط غير والتعبير ببعد وزيادة الرد فيدخل فيه الوجه الثالث بناء على المفتى به
الوجه الرابع بناء على قول أبي يوسف وهو المعتمد لتقديم صاحب الخانية إياه كما هو عادته
وقوله ( لأنه لو ادعاه ) أي الهلاك شامل لما إذا ادعى المالك الاستهلاك وهو أحد شقي الوجه الثالث أو سكت وهو أحد شقي الرابع وعلمت ترجيح الجواز فيهما فقوله ( صح به يفتى ) في غير محله وقوله ( وصالحه قبل اليمين ) هذا وارد على إطلاق المتن أيضا ورأيت عبارة الأشباه نحو ما ذكرنا
ونصها الصلح عقد يرفع النزاع ولا يصح مع المودع بعد دعوى الهلاك إذ لا نزاع
ثم رأيت عبارة متن المجمع مثل ما قلته ونصها وجاز صلح الأجير الخاص والمودع بعد دعوى الهلاك أو الرد ولله الحمد
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( ويصح الصلح الخ ) أي لو ادعى مالا فأنكر وحلف ثم ادعاه عند قاض آخر فأنكر فصولح صح ولا ارتباط لهذه بمسألة الوديعة
قوله ( دفعا للنزاع ) علة لقوله يصح وقوله بإقامة البينة متعلق بالنزاع يعني أن الصلح عن الإنكار يكون افتداء لليمين وقطعا للنزاع وبعد الحلف يصح للاحتياج إلى قطع النزاع فإن المدعي يمكنه بعد اليمين أن يأتي بالبينة فلم يكن اليمين قاطعا للنزاع بل القاطع له الصلح
____________________
(8/249)
ولذا قال ولو برهن المدعي بعده على أصل الدعوى لم تقبل لأن بالصلح قد أبرأه عن الدعوى فسقط توجهها عليه والساقط لا يعود
قوله ( بعده ) أي بعد الصلح أي وإن لم يكن هناك حلف
قوله ( إلا في الوصي ) ومثله الأب
قوله ( عن مال اليتيم ) أي إذا صالح عن مال اليتيم وقوله إذا صالح على بعضه بدل من هذا المقدر ط
ويمكن أن تكون عن بمعنى في أي في ماله إذا صالح عن إنكار على بعضه فعن بمعنى في وقوله ( على إنكار ) على بمعنى عن متعلق بصالح أي ولم يكن هناك بينة
أما إذا كان الخصم مقرا بدين اليتيم أو كان عليه بينة فالذي يؤخذ من المفهوم أنه لا يجوز الصلح على البعض لعدم المصلحة لليتيم وصرح بذلك في أدب الأوصياء
قوله ( فإنها تقبل ) لأنه إنما يتصرف له بحسب المصلحة فيجوز صلحه عند عدم البينة فإذا وجدت البينة تبين أن لا مصلحة في هذا الصلح وأنه باطل فتقبل البينة
وصرح في البزازية بأن البينة لو موجودة عند الصلح وفيه غبن لا يصح الصلح
ا هـ
وهو مستفاد أيضا من كلام الشارح
قوله ( ولو بلغ الصبي فأقامها تقبل ) يعني إذا ادعى وصي أو أب على رجل ألفا لليتيم ولا بينة له وصالح بخمسمائة عن ألف عن إنكار ثم وجد بينة عادلة فله أن يقيمها على الألف سواء في ذلك الأب أو الوصي أو اليتيم بعد بلوغه
قال في القنية وفائدة قوله في الكتاب إذا لم يكن للأب أو الوصي بينة على ما يدعي الصبي فصالح بأقل منه يجوز أن تمتنع دعواهما في الحال ودعوى الصبي بعد البلوغ في حق الاستحلاف فليس لهم أن يحلفوه وإنما لهم إقامة البينة كما في حاشية الأشباه
قوله ( ولو طلب ) بالبناء للمجهول أي لو طلب الوصي بعد الصلح يمين المدعى عليه أو طلبه اليتيم بعد بلوغه كما في حواشي الأشباه
قول ( وقيل لا ) أي لا يصح الصلح بعد حلف المدعى عليه لأن اليمين بدل عن المدعي فإذا حلف فقد استوفى البدل فلا يصح وقدمناه عن القنية قريبا
قوله ( جزم بالأول في الأشباه ) هو رواية محمد عن الإمام
قوله ( وبالثاني في السراجية ) وهو قولهما وهو الصحيح كما في معين المفتي وكذا جزم به في البحر
قال الحموي وما مشى عليه في الأشباه رواية محمد عن أبي حنيفة وما مشى عليه في البحر قولهما وهو الصحيح انتهى
وجعله نظير الصلح مع المودع بعد دعوى الاستهلاك أي فإنه لا يصح
قال المصنف في منحه وبالأول جزم ابن نجيم في الفوائد الزينية ولم يعزه إلى كتاب معروف
وقيل لا يصح ذكره صاحب السراجية ولم يحك به خلافا انتهى
إنما ذكر الخلاف في القنية كما يأتي بعده قريبا
قوله ( وحكاهما في القنية ) فقال ادعى عليه مالا فأنكر وحلف ثم ادعاه عند آخر فأنكر فصولح لا يصح وقيل يصح وروى عن الإمام
ووجه القول بعدم الصحة أن اليمين بدل المدعي فإذا حلفه فقد استوفى البدل فلا يصح انتهى
قوله ( مقدما للأول ) صوابه للثاني على ما نقله الحموي وعلى ما سمعت من عبارته
قوله ( طلب الصلح والإبراء ) الواو هنا وفيما يأتي بمعنى أو ومثلهما طلب تأخير الدعوى كما في الخلاصة
قوله ( لا يكون إقرارا بالدعوى ) أي بالمدعى به
كذا في البزازية في بحث الاستثناء من كتاب الإقرار
وفي الخلاصة لو قال أخرها عني أو صالحني فإقرار ولو قال أبرئني عن هذه الدعوى أو صالحني عن هذه الدعوى لا يكون إقرارا وكذا في دعوى الدار انتهى
____________________
(8/250)
وفي البزازية إذا صالحه من حقه فقد أقر بالحق والقول في بيان الحق له لأنه المجمل وإن صالحه من دعوى الحق لم يكن إقرارا انتهى
ووجهه أن الصلح عن الدعوى أو الإبراء عنها المقصود منه قطع النزاع فلا يفيد ثبوت الحق بخلاف طلب الصلح أو الإبراء عن الحق فإنه يقتضي ثبوته وحينئذ يلزمه المدعى به
قوله ( والأول أصح بزازية ) قال الشيخ أبو الطيب عزو الشارح إلى البزازية فيه ما فيه لأن هذه المسألة بتمامها ليست فيها وإنما فيها دعوى البراءة الخ
وأما ما في الصيرفية فهو الموافق لما في المتن وليس من عادة البزازية أن تنقل عن الصيرفية فليتأمل
ا هـ
قوله ( عن عيب ) أي عيب كان بياضا في العين أو حبلا أو تزوجا
قوله ( وظهر عدمه ) أي العيب أن الدين بأن ظهر أن لا دين عليه أصلا أو أنه على غيره
وعبارة الغرر كهذا المتن صالح عن عيب فظهر عدمه أو زال بطل الصلح فلو قال الشارح بعد قوله فظهر عدمه أو عن دين فظهر كذلك كان أوضح لأن عبارته هذه ظاهرة في أن ضمير عدمه للدين وضمير زال للعيب أنهما للعيب
وصورة العيب على ما في الدرر عن العمادية ادعى عيبا في جارية اشتراها فأنكر البائع فاصطلحا على مال على أن يبرىء المشتري البائع من ذلك العيب ثم ظهر أنه لم يكن بها عيب أو كان ولكنه قد زال فللبائع أن يسترد بدل الصلح
ا هـ
وقال في المنح عن السراجية اشترى حيوانا فوجد بعينه بياضا فصالحه منه على دراهم ثم ذهب البياض بطل الصلح
ا هـ
وفي البدائع ولو صالحه من العيب ثم زال العيب بأن كان بياضا في عين العبد فانجلى بطل الصلح
ا هـ
قال أبو الطيب
أقول وفي المنح فروع نفيسة فراجعها إن شئت
قوله ( أو زال العيب الخ ) عزاه في الدرر إلى العمادية لكن في منية المفتي ما يناقضه
وعبارتها اشترى حيوانا فوجد في عينه بياضا فصالحه على دراهم ثم ذهب البياض يصح الصلح ا هـ
لكن ما نقله الشارح ذكره من نقلنا عنهم كما سمعت
وذكره مؤيد زاده عن الخزانة ونصها ادعى المشتري العيب وأنكر البائع فاصطلحا على أن يرد البائع شيئا من الثمن ثم يبين أنه لم يكن بالمبيع عيب كان على البائع أن يسترد ما أدى كما لو كان العيب متحققا ثم زال بعد الصلح
وعلى هذا لو ادعى على إنسان حقا أو مالا ثم صالحه على مال فتبين أنه لم يكن عليه ذلك المال أو ذلك الحق أي إن لم يكن ثابتا كان للمدعى عليه حق استرداد كل المال
ا هـ
والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في دعوى الدين وهو الذي يثبت في الذمة عيني
والأول أن يقول فصل في الصلح عن دعوى الدين ويقال مثله في العبارة الآتية للمصنف
____________________
(8/251)
قال الحموي لما ذكر الصلح مطلقا في عموم الدعاوي ذكر الصلح في الدين لأنه صلح مقيد والمقيد بعد المطلق
ا هـ
لأن ما ذكره في هذا الباب حكم الخاص وهو دعوى الدين ون الخصوص أبدا يكون بعد العموم والأصل أنه متى كان المصالح عليه أدون من حقه قدرا ووصفا أو في أحدهما فهو إسقاط للبعض وأخذ للباقي وإن كان أزيد منه بأن دخل فيه ما لم يستحق من وصف أو ما هو في معناه كتعجيل مؤجل فمعاوضة
قوله ( الصلح الواقع الخ ) أطلق الصلح ولكن المراد كونه على أقل مما عليه من الدين كما هو ظاهر العادة فتخرج منه صورة التساوي إذ هي استيفاء وقبض عين حقه وصورة كون المصالح عليه زيادة من الدين فيكون ربا وحراما ليسا بصلح وأشار بالصلح إلى أنه لو باع ما في ذمته من الألف بخمسمائة مثلا لم يجز صرح به في الظهيرية وسيأتي تمامه
قوله ( من دين ) يشمل بدل القرض وثمن المبيع وضمان المتلف وبدل المغصوب وكل ما لزم في الذمة وقيد في البعض ليفيد أنه لا يجوز على الأكثر وأنه يشترط معرفة قدره لكن قال في غاية البيان عن شرح الكافي ولو كان لرجل على رجل دراهم لا يعرفان وزنها فصالحه منها على ثوب أو غيره فهو جائز لأن جهالة المصالح عنه لا تمنع مع صحة الصلح وإن صالحه على دراهم فهو فاسد في القياس لأنه يحتمل أن بدل الصلح أكثر منه ولكني أستحسن أو أجيزه لأن الظاهر أنه كان أقل مما عليه وإن مبنى الصلح على الحط والإغماض فكان تقديرهما بدل الصلح شيء دلالة ظاهرة على أنهما عرفاه أقل مما عليه وإن كان لا يعرفان قدر ما عليه في نفسه
ا هـ
أقول لكن في قوله أستحسن أن أجيزه الخ شبهة الربا كما علمت وهي محرمة أيضا فالظاهر اعتماد ما في الشرح
تأمل
قوله ( أو غصب ) أي غصب قيمي أو مثلي أو غصب منه أحد النقدين وهو باق في يده معترفا ببقائه فصالحه على بعض مقدار من جنسه
قوله ( أخذ ) خبر مبتدأ
قوله ( وحط لباقيه ) لأن تصرف العاقل البالغ يصح ما أمكن ولا يمكن تصحيحه معاوضة لما فيه من الربا وقد أمكن الإسقاط فيحمل عليه فلو قال المدعي للمدعى عليه المنكر صالحتك على مائة من ألف عليك كان أخذا لمائة وإبراء عن تسعمائة وهذا قضاء لا ديانة إلا إذا زاد أبرأتك
قهستاني
وقدمنا مثله معزيا للخانية
قوله ( للربا ) أي لا يجعل معاوضة لما يلزم عليه من الربا ولا يصح وتصرف العاقل يحمل على الصحة ما أمكن كما ذكرنا فيجعل حطا
قوله ( وحينئد ) أي حين إذا كان ما ذكر أخذ البعض الحق وإسقاطا لباقيه لا معاوضة
قوله ( فصح الصلح ) أي عن ألف على مائة أطلق الصلح فشمل كون المدعى عليه مقرا أو منكرا أو ساكتا والمراد بالألف ثمن مبيع كما هو مقتضى عقد المداينة وقيد بالألف والمائة بكونهما حالتين احترازا عما إذا كانت الألف مؤجلة والمائة حالة ما سيذكره بعد وسنذكر أن هذا فيما إذا شرط ذلك
قوله ( بلا اشتراط قبض بدله ) أي الصوري وهو ما وقع عليه الصلح وإلا فليس هناك بدل بل هو أخذ لبعض الحق وهذا إنما يظهر في غير المغصوب أما هو مع الاعتراف ببقائه فليس ما دفعه عين حقه إلا أن يجعل عينه حكما وذلك إنما هو في العقود والفسوخ لا في الغصب فليحرر
ولعله أراد بالغصب بدله بعد هلاكه
قوله ( على مائة حالة ) ويكون الصلح إسقاطا لبعض الحق فقط
قوله ( أو على ألف مؤجل ) ويحمل على إسقاط وصف الحلول
قوله ( عن ألف جياد على مائة زيوف ) هذا شامل لما إذا كان بدل الصلح مؤجلا أو حالا لأنه يصح كما ذكره بخلاف ما إذا كان له ألف زيوف وصالحه
____________________
(8/252)
على خمسمائة جياد حيث لا يجوز لعدم استحقاق الجياد فيكون معاوضة ضرورة كما في التبيين وحينئذ فيكون قد أسقط حقه في الكم والكيف فأسقط من الكم تسعمائة ومن الكيف صفة الجودة وكذا لو كانت المائة مؤجلة يصح أيضا لأنه قد أسقط فيها أيضا وصف الحلول وإنما جاز هذا لأن من استحق الجياد استحق الزيوف وهذا لو تجوز به في الصرف والسلم جاز ولو لم يستحقه بالعقد لما جاز لأن المبادلة برأس مال السلم وبدل الصرف لا تجوز بخلاف ما إذا كان له ألف زيوف وصالحه على خمسمائة جياد حيث لا يجوز لعدم استحقاق الجياد فيكون معاوضة ضرورة أي لأنه لا يمكن حمله على أنه استوفى بعض حقه وأسقط الباقي لأنه لا يستحق الجياد فلا يجوز التفاضل فيها لأن جيدها ورديئها سواء كما في الشرنبلالية
قوله ( لعدم الجنس ) فكان معاوضة ولو كان من الجنس لكان أخذ البعض الحق فيجوز مؤجلا
قوله ( فكان صرفا ) أي بدلا عنه والاستبدال بالأثمان بعضها عن بعض صرف فيشترط فيه التقابض
قوله ( فلم يجز نسيئة ) أي ولا حالا بدون القبض لاشتراطه في الصرف كما علم في بابه
قوله ( أو عن ألف مؤجل على نصفه حالا ) لأن المعجل غير مستحق بعقد المداينة إذ المستحق به هو المؤجل والمعجل خير منه فقد وقع الصلح على ما لم يكن مستحقا بعقد المداينة فصار معاوضة والأجل كان حق المديون وقد تركه بإزاء ما حطه عنه من الدين فكان اعتياضا عن الأجل وهو حرام ألا يرى أن ربا النسيئة حرم لشبهة مبادلة المال بالأجل فلأن يحرم حقيقة أولى
ا هـ
درر
قوله ( إلا في صلح المولى مكاتبه ) يعني إذا صالح المولى مكاتبه على ألف مؤجلة على خمسمائة حالة فإنه يجوز لأن معنى الإرفاق فيما بينهما أظهر من معنى المعاوضة فلا يكون هذا مقابلة الأجل ببعض المال ولكنه إرفاق من المولى بحط بعض البدل وهو مندوب إليه في الشرع ومساهلة من المكاتب فيما بقي قبل حلول الأجل لتوصل به إلى شرف الحرية وهو أيضا مندوب إليه في الشرع
ذكره الزيلعي
وذكر في شرح الكافي للإسبيجابي جواز هذا الصلح مطلقا على قياس قول أبي يوسف لأنه إحسان من المديون في القضاء بالتعجيل وإحسان من صاحب الدين في الاقتضاء بحط بعض حقه وحسن هذا إذا لم يكن مشروطا في الآخر وأما إذا شرط أحدهما في مقابلة الآخر فدخل في الصلح معاوضة فاسدة فيكون فاسدا وهكذا في غاية البيان
قوله ( أو عن ألف سود على نصفه بيضا ) لأن البيض غير مستحقة بعقد المداينة لأن من له السود لا يستحق البيض فقد صالح على ما لا يستحق بعقد المعاوضة فكان معاوضة الألف بخمسمائة وزيادة وصف الجودة فكان ربا
منح
بخلاف ما لو صالح على قدر الدين وهو أجود لأنه معاوضة المثل بالمثل ولا معتبر بالجودة لأنها ساقطة الاعتبار في الأموال الربوية إلا أنه يشترط القبض في المجلس لأنه صرف الأصل أنه متى كان الذي وقع عليه الصلح عليه دون الحق قدرا أو وصفا أو وقتا فهو إسقاط للبعض واستيفاء للباقي لأنه استوفى دون حقه وإن كان أزيد منه بأن دخل فيه ما لا يستحق من وصف أو تعجيل مؤجل أو كان خلاف جنسه فهو معاوضة لتعذر استيفاء في غير المستحق فيشترط فيه شروط المعاوضة كما في الشمني
أقول وشرطها عند اتحاد الجنس المساواة فمن له دراهم سود لا يستحق البيض فيكون أخذها بطريق المعاوضة ولو توجد حتى لو صالحه على ألف حالة عن الألف المؤجلة أو صالحه على ألف بيض عن الألف
____________________
(8/253)
السود جاز بشرط قبضه في المجلس لوجود المساواة في القدر وهو المعتبر في الصرف دون المساواة في الصفة ولو كان عليه ألف فصالحه على طعام موصوف في الذمة مؤجل لم يجز لأنه يكون افتراقا عن دين بدين ولو كان عليه ألف درهم ومائة دينار فصالحه على مائة درهم جاز سواء كانت حالة أو مؤجلة لأنه يجعل إسقاطا للدنانير كلها وللدراهم إلا مائة وتأجيلا للمائة التي بقيت ولا يحمل على المعاوضة لأن فيه فسادا كما في العيني
أقول ويظهر مما قدمناه قريبا عن شرح الإسبيجابي أن المديون لو أعطى الدائن خمسمائة بيضا فأسقط الدائن الألف السود من ذمته وأسقط هو البيض من ذمة الآخر لا بشرط المقابلة ينبغي أن يصح ولكنه لا يسمى ذلك صلحا كما لا يخفى
قوله ( أن الإحسان إن وجد من الدائن ) بأن صالح على شيء هو أدون من حقه قدرا أو وصفا أو وقتا
قوله ( وإن منهما ) أي من الدائن والمدين بأن دخل في الصلح ما لا يستحقه الدائن من وصف كالبيض بدل السود أو ما هو في معنى الوصف كتعجيل المؤجل أو عن جنس بخلاف جنسه
قوله ( فمعاوضة ) أي ويجري فيه حكمها فإن تحقق الربا أو شبهته فسدت وإلا صحت
قوله ( عاد دينه ) عندهما
وعند أبي يوسف يبرأ
قوله ( لفوات التقييد بالشرط ) أي من حيث المعنى فكأنه قيد البراءة من النصف بأداء خمسمائة في الغد فإذا لم يؤد لا يبرأ لعدم تحقق الشرط
والحاصل أن كلمة على وإن كانت للعوض لكنها قد تكون بمعنى الشرط وقد تعذر العمل بمعنى المعاوضة فتحمل على الشرط تصحيحا لتصرفه كما في الدرر
قوله ( والثاني إن لم يوقت بالغد ) أي لم يذكر لفظ غد بل قال ادفع إلي خمسمائة على أنه بريء من الباقي لم يعد دينه لعدم الأداء ويبرأ مطلقا أدى الخمسمائة في الغد أو لم يؤد لأن البراءة قد حصلت بالإطلاق وإلا فلا تتغير بما يوجب الشك في آخره
منح
قوله ( لم يعد ) أي الدين مطلقا أدى أو لم يؤد
قوله ( لأنه إبراء مطلق ) لأنه لما لم يوقت للأداء وقتا لم يكن الأداء غرضا صحيحا لأنه واجب على الغريم في كل زمان فلم يتقيد بما حمل على المعاوضة وهو لا يصلح عوضا والظاهر أن الإبراء مقيد بأدائه ولو في آخر جزء من أجزاء حياته حتى إذا مات ولم يؤد يؤخذ كل الدين من تركته لأن التعليق بالأداء موجود معنى بخلاف الوجه الرابع فإنه يبرأ مطلقا لبداءته بالإبراء
قوله ( كالوجه الأول ) خبر أول
وقوله ( كما قال ) خبر ثان
قوله ( لبداءته بالإبراء لا بالأداء ) قال في الدرر لأنه أطلق الإبراء وأداء خمسمائة لا يصلح عوضا ويصلح شرطا مع الشك في تقييده بالشرط فلا يتقيد بالشك بخلاف ما إذا بدأ بأداء خمسمائة لأن الإبراء حصل مقرونا به فمن حيث إنه لا يصلح عوضا يقع مطلقا ومن حيث إنه يصلح شرطا لا يقع مطلقا فلا يثبت الإطلاق بالشك فافترقا
ا هـ
قوله ( بصريح الشرط ) قال القهستاني وفيه إشعار بأنه لو قدم الجزاء صح
____________________
(8/254)
في الظهيرية لو قال حططت عنك النصف إن نقدت إلي نصفا فإنه حط عندهم وإن لم ينقده
قوله ( كإن أديت إلي كذا ) الخطاب للغريم ومثله الكفيل كما صرح به الإسبيجابي في شرح الكافي وقاضيخان في شرح الجامع
قال في غاية البيان وفيه نوع إشكال لأن إبراء الكفيل إسقاط محض ولهذا لا يرتد برده فينبغي أن يصح تعليقه بالشرط
إلا أنه كإبراء الأصيل من حيث إنه لا يحلف به كما يحلف بالطلاق فيصح تعليقه بشرط متعارف لا غير المتعارف ولذا قلنا إذا كفل بمال عن رجل وكفل بنفسه أيضا على أنه إن وافى بنفسه غدا فهو بريء عن الكفالة بالمال فوافى بنفسه برىء عن المال لأنه تعليق بشرط متعارف فصح ا هـ
قوله ( لما تقرر الخ ) قال في المنح إنما لا يصح لأن الإبراء المعلق تعليقا صريحا لا يصح لأن الإبراء فيه معنى التمليك ومعنى الإسقاط فالإسقاط لا ينافي تعليقه بالشرط والتمليك ينافيه فراعينا المعنيين
وقلنا إن كان التعليق صريحا لا يصح وإن لم يكن صريحا يصح
ا هـ
قوله ( لأنه تمليك من وجه ) بدليل أنه لا يرتد بالرد والتمليكات لا تحتمل التعليق بالشرط وهو إسقاط أيضا بدليل أنه لا يتوقف على القبول والإسقاط يحتمل ذلك فلمعنى التمليك فيها قلنا إذا صرح بالتعليق بالشرط لم يصح ولمعنى الإسقاط إذا لم يصرح بالتعليق بالشرط بتقييد
كذا في الكافي
قوله ( وإن قال المديون لآخر سرا الخ ) هذا القيد أهمله في الكنز ولم ينبه عليه شارحه الزيلعي ونبه عليه ملا مسكين وصاحب الدرر وملتقى الأبحر والهداية وعبارته بعد ذكر المسألة مطلقة
ومعنى المسألة
إذا قال ذكر سرا أما إذا قال علانية يؤخذ به لأن قوله لا أقر بمالك الخ يتضمن الإقرار به حيث أضافه إليه بقوله مالك أو لأنه تعليق الإقرار بالشرط فيلزم في الحال ولذا قيد به ملا مسكين في عبارة الكنز حيث لم تتقيد بقوله سرا كما علمت وقد عزاه هنا وفي البحر إلى المجتبى ولكن النظر إلى العلة التي ذكرها الزيلعي وغيره وهي كونه ليس بمكره لتمكنه من إقامة البينة أو التحليف فينكل وهو نظير الصلح مع الإنكار لأن كل واحد منهما لا ينافي الطوع والاختيار في تصرفه أقصى ما في الباب أنه مضطر لكن الاضطرار لا يمنع من نفوذ تصرفه كبيع ماله بالطعام عند المخمصة يوجب التسوية بين الحالتين فتأمل
ذكره الرملي
أقول معنى الأخذ أي بإقراره وهو
قوله ( بمالك ) والمال مجهول فيؤمر ببيانه ولا يلزمه ما ادعاه المدعي لعدم إقراره به
تأمل
قوله ( قوله بمالك ) بفتح اللام وكسرها
حموي
قوله ( صح ) أي فليس له المطالبة في الحال بعد التأخير ولا في المحطوط كما في المنح
قوله ( لأنه ليس بمكره ) لأنه لو شاء لم يفعل ذلك إلى أن يجد البينة أو يحلف فينكل عن اليمين
إتقاني
وقوله وليس بمكره على صيغة اسم المفعول إذ يمكنه أن يبرهن أو يحلفه فينكل عن اليمين ففعله بلا شروع إلى أحدهما كان رضا بذلك فنفذ فيكون كصلح عن إنكار ومن ذلك ذكرت هذه المسألة هنا هذا هو الموافق لما في غاية البيان وشرح المقدسي وما في الكفاية يقتضي كون الضمير المنصوب عائد إلى المديون وأن يكون مكره على صيغة اسم الفاعل كما فسر به البعض هنا والأول هو المتبادر كما لا يخفى
قوله ( عليه ) جعل لفظ عليه صلة لمكره وهو خلاف ما في العيني والدرر
قال العيني
____________________
(8/255)
عند قول الكنز صح أي هذا الفعل عليه أي على الدائن يعني إن أخره يتأخر وإن حط عنه بعضه ينحط لأن المديون ليس بمكره ا هـ
ومثله في الدرر إلا أنه قال صح أي التأخير والحط لأنه ليس بمكره عليه أي على الدائن فوصل عليه بمكره فتوهم الشارح أنه متعلق به وليس الأمر كذلك لأن لفظ عليه من المتن في الكنز والدرر ويحتمل أنها هنا كذلك إلا أن الناسخ سودها وحينئذ فالعبارة صح عليه أي نفذ عليه التأخير أو الحط لأنه ليس بمكره وضمير عليه أي على الدائن حتى أنه بعد التأخير لا يتمكن من مطالبته في الحال وفي الحط لا يتمكن من مطالبته ما حطه أبدا
قوله ( ولو أعلن ما قاله سرا ) يعني أنه تكلم به أولا بين الناس وليس المراد أنه بعد أن اتفقا على الحط أو التأخير أعلن فإنه لا ينقض الصلح والمراد أن الدائن سكت إذا لو حط في الإعلان أو أقر صح بل هو أولى من حالة السر
ط
أقول وظاهر كلام المصنف يوهم أنه بعدما أخر أو حط عنه كما فهمته مما قدمناه مع أنه ليس كذلك فلو قال ولو أعلن
بقوله لا أقر لك حتى تؤخره عني أو تحط يكون إقرارا فيؤخذ للحال كله إن لم يؤخر أو يحط
قال المولى عبد الحليم وقوله ( ولو أعلن ) أي المديون وقوله ( ما قاله سرا ) أشار به إلى أن مفعوله محذوف وهو قوله لا أقر لك بمالك الخ
قوله ( أخذ الكل منه للحال ) أي تمكن من أخذ الكل بلا تأخير إن أخر ولا حط إن حط
قال ط لعل هذا إذا لم يؤخره الطالب ولم يحط أما لو فعل ذلك صح لعدم إكراهه
ا هـ
قوله ( فقال أقرر ) بهمزة قطع مفتوحة من أقر
قوله ( جاز ) أي الحط لأنه ليس من تعليق الإبراء صريحا بل معنى وقد سبق جوازه
قوله ( بخلاف على أن أعطيك مائة ) فإذا أقر صح الإقرار ولا يلزم الدائن شيء
قوله ( لا الحط ) لأن الحط إبراء وهو معلق بصريح الشرط فلا يصح كما تقدم جلبي
والأولى أن يقول لأنه وعد معلق بالشرط لا يجب الوفاء به شرعا
قوله ( الدين المشترك بسبب متحد ) شامل لما إذا اشتركا في المبيع بأن كان عينا واحدة أو لم يشتركا بأن كانا عينين لكل عين بيعتا صفقة واحدة بلا تفصيل ثمن ا هـ
شرنبلالية
قوله ( كثمن مبيع بيع صفقة واحدة ) بأن كان لكل واحد منهما عين على حدة أو كان لهما عين واحدة مشتركة بينهما وباعا الكل صفقة واحدة من غير تفصيل ثمن نصيب كل واحد منهما
زيلعي
واحترز بالصفقة الواحدة عن الصفقتين حتى لو كان عبد بين رجلين باع أحدهما نصيبه من رجل بخمسمائة درهم وباع الآخر نصيبه من ذلك الرجل بخمسمائة درهم وكتبا عليه صكا واحدا بألف وقبض أحدهما منه شيئا لم يكن للآخر أن يشاركه لأنه لا شركة لهما في الدين لأن كل دين وجب بسبب على حدة
عزمية
وإنما تتحد الصفقة إذا اتحد اللفظ وقدر الثمن ووصفه كأن قالا بعناك هذا العبد بألف لكل خمسمائة فقبل كان صفقة واحدة أما لو باع أحدهما بخمسمائة ثم الآخر بخمسمائة أو باعاه بألف على أن لأحدهما خمسمائة بيضا وللآخر سودا أو لأحدهما ستمائة وللآخر أربعمائة فذلك كله صفقتان فلا يشارك أحدهما الآخر فيما قبض كما يفهم ذلك من المنح
وقيد بالدين المشترك لأنه لو كان الصلح عن عين مشتركة يختص المصالح ببدل الصلح وليس لشريكه إن يشاركه فيه لكونه معاوضة من وجه لأن المصالح عنه مال حقيقة بخلاف الدين
زيلعي
فليحفظ فإنه كثير الوقوع
____________________
(8/256)
وفي الخانية رجلان ادعيا أرضا أو دارا في يد رجل وقالا هي لنا ورثناها من أبينا فجحد الذي هي في يده فصالحه أحدهما عن حصته على مائة درهم فأراد الابن الآخر أن يشاركه في المائة لم يكن له أن يشاركه لأن الصلح معاوضة في زعم المدعي فداء يمين في زعم المدعى عليه فهو معاوضة من وجه استيفاء من وجه فلا يثبت للشريك حق الشركة بالشك
وعن أبي يوسف في رواية لشريكه أن يشاركه في المائة
ا هـ
سئل العلامة الشلبي عن دار مشتركة بين ثلاثة أوقاف كل وقف له حصة معلومة ومستحقون مختصون به فإذا قبض بعض النظار شيئا من الأجرة هل لباقي النظار أن يشاركه في المقبوض أم لا فأجاب بأن لباقي النظار الشركة فيما قبضه أحدهم حيث صدرت الإجارة منهم صفقة واحدة قياسا على ثمن المبيع صفقة واحدة ا هـ
وتعقبه العلامة الحموي بأن جوابه إنما يصح إذا كان ما أجره كل من النظار معينا غير مشاع
وأقول هذا إنما يرد أن لو صدرت الإجارة في بعض الدار لما يلزم عليه حينئذ من إجارة المشاع لغير الشريك ولا شيوع هنا لصدور الإجارة في كل الدار فتنبه
قوله ( أو دين موروث ) أو كان موصى به لهما أو كان بدل قرضهما أبو السعود
قوله ( إذا قبض ) أطلقه فشمل قبضا على طريق الاقتضاء أو الصلح
قوله ( شاركه الآخر فيه ) هذا أصل كلي يتفرع عليه فروع يعني إذا كان لرجلين دين على آخر فقبض أحدهما شيئا منه ملكه مشاعا كأصله فلصاحبه أن يشاركه في المقبوض لأنه وإن ازداد بالقبض إذ مالية الدين باعتبار عاقبة القبض لكن هذه الزيادة راجعة إلى أصل الحق فيصير كزيادة الثمرة والولد فله حق المشاركة ولكنه قبل المشاركة باق على ملك القابض لأن العين غير الدين حقيقة وقد قبضه بدلا عن حقه فيملكه حتى ينفذ تصرفه فيه فيضمن لشريكه حصته
درر وليس بين قوله ملكه مشاعا كأصله
وقوله ولكنه قبل المشاركة باق على ملك القابض مخالفة لأن المقبوض عين الدين من وجه وغيره من وجه كما صرح به في عامة الكتب والاعتبار الأول يقتضي كون المقبوض مشتركا والاعتبار الثاني يوجب الاختصاص بالقابض فعملنا بالوجهين وقلنا على الوجه الأول إنه يكون للآخر ولاية المشاركة وعلى الوجه الثاني إنه يدخل في ملك القابض وينفذ تصرفه ومن هذا يظهر الحسن
قوله فله حق المشاركة أي في المقبوض أشار به إلى أنه ليس له حقيقة المشاركة وإلا لما نفذ تصرف القابض فيه قبل المشاركة والمشبه لا يلزم أن يكون في حكم المشبه به من كل وجه فلا يلزم من تحقق حقيقة المشاركة في الثمرة والولد تحقق حقيقتها في المقبوض من الدين كما لا يخفى
قوله ( أو اتبع الغريم ) فلو اختار ثم توى نصيبه بأن مات الغريم مفلسا رجع على القابض بنصف ما قبض ولو من غيره
بحر أي من غير ما قبض أن حقه فيه سقط بالتسليم فيرجع بمثله ويكون ما قبضه أخيرا صرفا عما في الذمة
وعبارة الزيلعي رجع عليه كما في الحوالة لكن ليس له أن يرجع في عين تلك الدراهم المقبوضة لأن حقه فيها قد سقط بالتسليم فلا يعود حقه فيها بالتوي ويعود إلى ذمته في مثلها ا هـ
وعليه فكان ينبغي إسقاط لفظ ولو ويقول هكذا ورجع على القابض بنصف ما قبض من غيره وذلك لأن حقه فيها قد سقط بالتسليم فلا يعود حقه فيها بالتوي ويعود إلى ذمته في مثلها
تأمل
قوله ( وحينئذ فلو صالح ) في التفريع نظر لأن الأصل أن يقبض من الدين شيئا وهذا صلح من نصيبه لا قبض
تأمل
قوله ( أي على خلاف جنس الدين ) احتراز عما إذا كان على جنسه كما تقدم فإنه يشاركه فيه أو يرجع على المدين وليس للقابض فيه خيار لأنه بمنزلة قبض بعض الدين
____________________
(8/257)
قوله ( أخذ الشريك الآخر نصفه ) أي نصف الدين من غريمه أو أخذ نصف الثوب لأن الصلح وقع عن نصف الدين وهو مشاع وقسمة الدين حال كونه في الذمة لا تصح وحق الشريك متعلق بكل جزء من الدين فيتوقف على إجازته وأخذه النصف دال على إجازة العقد فيصح ذلك
قوله ( إلا إن ضمن ) أي الشريك المصالح
قوله ( ربع الدين ) يعني إلا أن يغرم له حصته من أصل الدين الواصل بواسطة الصلح
وأفاد أن المصالح مخير إذا اختار شريكه اتباعه فإن شاء دفع له حصته من المصالح عليه وإن شاء ضمن له ربع الدين
ولا فرق بين كون الصلح عن إقرار أو غيره وبعد ضمان المصالح الربع لا يكون للآخر سبيل على الثوب
وحاصله أن الشريك الآخر مخير بين الاتباع للمديون والشريك المصالح وأن المصالح مخير في دفع نصف الثوب المقبوض وربع الدين ولم يلزم عليه دفع الربع لاحتمال تضرر المصالح لأن الصلح على الحط غالبا فيكون ما استوفاه أنقص بل يحتمل أن لا يبقى له شيء من مقبوضه وأشار بكون البدل ثوبا إلى أن هذا فيما كان بدل الصلح خلاف جنس الدين
أما إذا وقع على جنسه ليس للمصالح خيار فيه بل لشريكه المشاركة في المقبوض أو يرجع على المديون لأنه بمنزلة قبض بعض الدين كما في المبسوط
وأطلق الصلح فشمل ما يكون عن إقرار أو سكوت أو إنكار
ثم الحيلة في أن لا يرجع عليه شريكه أن يهب له الغريم مقدار حظه من الدين ويقبضه ثم يبرئه عن حظه أو يبيعه شيئا يسيرا ولو كفا من زبيب بقدر حصته من الدين ثم يبرئه عن الدين ويأخذ ثمن المبيع كما في الذخيرة والتتمة
قوله ( فلا حق له في الثوب ) لأن حقه في الدين وقد ضمنه له وقد علم أن الخيار للمصالح
والحاصل أن في تخيير الشريك قيدين أن يكون المصالح عنه دينا والمصالح عليه ثوبا
فإن كان المصالح عنه عينا مشتركة ليس لشريكه أن يشاركه فيه ولو كان المصالح عليه من جنس الدين شاركه الشريك أو يرجع على المدين
والفرق بين الصلح على الجنس وغيره أنه إذا صالحه على الجنس يشاركه الشريك فيه أو يرجع على الغريم وفي الصلح على خلاف الجنس كذلك إلا أن يضمن له ربع الدين لأن حقه في الدين لا في الثوب
قوله ( ضمنه شريكه الربع ) يعني إن شاء لأنه صار قابضا حقه بالمقاصة ولا ضرورة عليه لأن مبنى البيع على المماكسة بخلاف الصلح لأن مبناه على الإغماض والحطيطة فلو ألزمناه دفع ربع الدين لتضرر
لا يقال قسمة الدين قبل القبض لا تتصور فكيف تتصور المقاصة فيه
لأنا نقول قسمة الدين قبل القبض تجوز ضمنا وإنما لا تجوز قصدا وهنا وقعت القسمة في ضمن صحة الشراء وصحة المصالحة وللشريك أن لا يتبع القابض في الجميع ويرجع على المدين لأن القابض قبض حقه إلا أن له حق المشاركة ولو كان للمطلوب على أحدهما دين قبل وجوب دينهما عليه حتى صار دينه قصاصا به فلا ضمان عليه لأنه أحد الدينين قضاء لأولهما لا اقتضاء والضمان إنما يجب بالاقتضاء وكذا المشاركة لا تجب بالقضاء وإنما تجب بالاقتضاء ولو أبرأه أحدهما عن نصيبه لا يضمن ولو غصب أحدهما من المدين عينا أو اشترى منه شراء فاسدا فهلك عنده فهو قبض والاستئجار بنصيبه قبض لا التزوج به لعدم إمكان المشاركة فيه كالجناية على نفس المدين وكالإبراء بخلاف التزوج على دراهم
____________________
(8/258)
مطلقة فإنه قبض بالإجماع لوقوع التقاص زيلعي
قوله ( أو اتبع غريمه في جميع ما مر ) أي في مسألة الصلح والبيع أو القبض
قوله ( لبقاء حقه في ذمته ) ولأن القابض استوفى نصيبه حقيقة لكن له حق المشاركة فله أن يشارك
قوله ( لا يرجع ) أي الشريك بنصف المبرىء على الذي أبرأ
قوله ( لأنه إتلاف لا قبض ) والرجوع يكون في المقبوض لا في المتلف ولم يزدد نصيب المشتري بالبراءة فلم يرجع عليه
قوله ( قبل وجوب دينهما عليه ) أما لو كان حادثا حتى التقيا قصاصا فهو كالقبض ويشاركه فيه كما في البحر
قوله ( عليه ) أي المديون
قوله ( لأنه قاض لا قابض ) أي والمشاركة إنما تثبت في المقبوض لا في القضاء
قوله ( ولو أبرأ الشريك المديون ) بالنصب مفعول أبرأ والأولى أن يقول أحد الشريكين
قوله ( قسم الباقي على سهامه ) أي على سهام الباقي لأنه لعل المراد بالسهام السهام الباقية لا أصلها يظهر ذلك فيما لو كان له الثلثان فأبرأه عن الثلث يقسم ما يؤخذ نصفين لأن الحق عاد إلى هذا القدر ولو اعتبرنا الأصل قسم أثلاثا وقد صرح ابن الكمال بالأول
قوله ( ومثله المقاصة ) بأن كان للمديون على الشريك خمسة مثلا قبل هذا الدين فإن القسمة على ما بقي بعد المقاصصة
قوله ( صح عند الثاني ) اعتبارا بالإبراء المطلق خلافا للطرفين لأنه يؤدي إلى قسمة الدين قبل القبض كما في الهداية
وفي النهاية ما ذكره من صفة الاختلاف مخالف لما ذكر في عامة الكتب حيث ذكر قول محمد مع قول أبي يوسف وذلك سهل لجواز أن يكون المصنف قد اطلع على رواية لمحمد مع الإمام
قال في البرهان تأجيل نصيبه موقوف على رضا شريكه عند أبي حنيفة وبه نأخذ وعندهما لا وفي عامة الكتب محمد مع أبي يوسف وذكره في الهداية مع أبي حنيفة فكان عنه روايتان كما في الشرنبلالية
وفي البحر وإن أجله أحدهما فإن لم يكن واجبا بعقد كل منهما بأن ورثا دينا مؤجلا فالتأجيل باطل وإن كان واجبا بإدانة أحدهما فإن كانا شريكين شركة عنان فإن أخر الذي ولى الإدانة صح تأجيله في جميع الدين وإن أخر الذي لم يباشرها لم يصح في حصته أيضا وإن كانا متفاوضين وأجل أحدهما أيهما أجل صح تأجيله ا هـ
ولم يظهر وجه لذكر قول الثاني وترك قول الإمام مع عدم تصحيحه
قوله ( والغصب ) أي إذا غصب أحدهما منه عينا وهلكت عنده فإنه ينزل قابضا نصيبه فيشاركه فيه الآخر سواء كان من جنس الدين أو من غير جنسه وهلك في يد الغاصب وقضى عليه بقيمته من جنس الدين فلو كان من غير جنس الدين وكان حوجودا رد عينه كما في الرحمتي أي لأنه يملكه من وقت الغصب عند أداء الضمان
قوله ( والاستئجار ) أي بأجرة من جنس الدين لأنها بيع المنافع فصار بمنزلة ما إذا اشترى بنصيبه شيئا فإنه يرجع عليه بربع الدين فكذا هذا وكذا خدمة العبد وزراعة الأرض
وصورتها بأن استأجر أحدهما من المديون دارا بحصته سنة وسكنها وكذا لو استأجره بأجر مطلق
وروى ابن سماعة عن محمد لو استأجر بحصته لم يشاركه الآخر وجعله كالنكاح هذا إذا أضاف العقد إلى الدين لأنه اتلاف كما في الزيلعي
قوله ( لا التزوج ) أي تزوج المديونة على نصيبه فإنه لا يكون قبضا لأنه ليس
____________________
(8/259)
بدل مال فكان فيه معنى الإتلاف من وجه فأشبه الإبراء بخلاف ما إذا تزوجها على دراهم مطلقة أي حتى التقت قصاصا بنصيبه فإنه يكون كالقبض كما في الإتقاني
وفي الشرنبلالية والتزوج بنصيبه إتلاف في ظاهر الرواية حتى لا يرجع عليه صاحبه بشيء
وعن أبي يوسف أنه يرجع بنصيبه منه لوقوع القبض بطريق المقاصة والصحيح الأول انتهى
قوله ( والصلح عن جناية عمد ) أي لو جنى أحدهما عليه جناية عمد فيما دون النفس أرشها مثل دين الجاني فصالحه على نصيبه وكذا لو كان فيها قصاص لأنه لم يملك بمقابلته شيئا قابلا للشركة كما في البرهان وغيره قيد بالعمد لأن الخطأ يسلك فيه مسلك الأموال فكأنه قابض أفاده في النهاية وغيرها
وفي الإيضاح لا يلزمه لشريكه شيء لأنه كالنكاح
وفي العناية بعد نقله ما تقدم ورأى أنه قيد بذلك لأن الأرش قد يلزم العاقلة فلم يكن مقتضيا وتمامه في تكملة قاضي زاده
قال الزيلعي وقوله لا التزوج والصلح عن جناية عمد أي بأن كان لهما دين على امرأة فزوجته عليه نفسها أو على مولى الأمة فزوجها المولى منه عليه أو على المكاتب أو على الأمة المأذون لها فتزوجها عليه بإذن المولى ليس بقبض في ظاهر الرواية حتى لا يرجع عليه شريكه لأنه لم يسلم له شيء يمكنه المشاركة فيه فصار كالجناية على نفس المدين
وعن أبي يوسف أنه يرجع عليه لوجود القبض بطريق المقاصة على ما بينا
والصحيح الأول لأنه إتلاف ولأن النكاح يتعلق بعين الدين عند الإضافة إليه فيملكه بعينه ثم يسقط عن ذمتها كالهبة بخلاف ما إذا لم يضف العقد إليه بأن سمى دراهم مطلقة فوقع التقابض بنصيبه حيث يرجع إليه شريكه بالإجماع لأنها لم تملكه وإنما ملكت غيره فالتقيا قصاصا والصلح عليه عن جناية العمد ليس بقبض لأنه لم يملك شيئا قابلا للشركة بمقابلته ا هـ
قوله ( أن يهبه الغريم ) أي المديون فيكون المقبوض هبة لا دينه
قوله ( ثم يبرئه ) الضمير في يبرئه لأحد الدائنين ففيه تشتيت أي يبرىء الشريك الغريم فإن بإبرائه المديون لا يرجع عليه بشيء كما مر
قوله ( أو يبيعه ) أي الطالب وهو معطوف على يهبه أي يبيع الشريك للمديون كفا الخ بقدر دينه فلم يكن مقتضيا الدين بل آخذا ثمن البيع وقابضا للهبة في الصورة الأولى ثم يبرئه من دينه ولا رجوع للشريك عليه بالإبراء
قوله ( به ) أي بقدر نصيبه من الدين بأن يجعل ثمن التمر بقدر نصيبه فيكون المقبوض ثمن المبيع لا نصيبه من الدين
قوله ( ثم يبرئه ) أي أحد الدائنين وهو من باع التمر
قوله ( صالح أحد ربي السلم ) إطلاق الصلح هنا مجاز عن الفسخ كما حرره صاحب غاية البيان لأنه فسخ في الحقيقة
قالوا أطلق عليه الصلح بما فيه من الحطيطة التي هي من خواص الصلح كما في تكملة المولى زكريا
أقول الحطيطة هي التي لزمت على المسلم إليه من المسلم فيه حيث سقطت بهذه المصالحة تدبر كما لا يخفى
قوله ( عن نصيبه ) أي من المسلم فيه
قوله ( على ما دفع من رأس المال ) على صحته منه قيد به لأنه لو كان على غيره لا يجوز بالإجماع لما فيه من الاستبدال بالمسلم فيه قبل قبضه
زيلعي
قوله ( نفذ عليهما ) فيكون المقبوض بينهما وكذا ما بقي من المسلم فيه درر البحار أي فيكون نصف رأس المال فيهما وباقي الطعام بينهما سواء
____________________
(8/260)
كان رأس المال مخلوطا أو لا
بحر قوله ( وإن رده رد ) وبقي المسلم فيه على حاله
بحر
قوله ( لأن فيه قسمة الدين ) وهو المسلم فيه وهذا مذهبهما
وقال أبو يوسف يجوز اعتبارا بسائر الديون
ولهما أنه لو جاز فإما أن يجوز في نصيبه خاصة أو في النصف من النصيبين فعلى الأول لزم قسمة الدين قبل القبض لأن خصوصية نصيبه لا تظهر إلا بالتمييز ولا تمييز إلا بالقسمة وهي باطلة وإن كان الثاني فلا بد من إجازة الآخر لأنه فسخ على شريكه عقده فيفتقر إلى رضاه
درر
قوله ( مفاوضة ) نصب على التمييز
قوله ( جاز مطلقا ) الذي في البحر جاز ولو في الجميع أي جميع المسلم فيه يعني أن الجواز لا يخص نصيبه بل إذا فسخ في الجميع جاز
قال وأما إذا كانت عندنا توقف أيضا إن لم يكن من تجارتهما
في الكافي لو أسلم في كر بر ثم اصطلحا على أن يزيد المسلم إليه نصف كر لم يصح إجماعا لأنها لو صحت لخرج بعض رأس المال من ذلك السلم فيجعل بإزاء الزيادة فيصير دينا على المسلم إليه فكأنه أسلم دينا وإذا لم يجز فعليه يرد ثلث رأس المال إلى رب السلم وعليه كر تام عند الإمام
وقالا لا يرد لأن الإخراج للزيادة وبطلت فيبطل قلنا قصدا شيئين الإخراج والإدخال فصح الأول لا الثاني
ا هـ
والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
فصل في التخارج قال في المنح هو من الخروج وهو أي شرعا أن يصطلح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث بمال معلوم ووجه تأخيره قلة وقوعه فإنه قلما يرضي أحد بأن يخرج من الورثة بغير استيفاء حقه
وسببه طلب الخارج من الورثة ذلك عند رضا غيره به وله شروط تذكر في أثناء كلام
ا هـ
قوله ( أخرجت الورثة أحدهم ) أي أو الموصى له بمبلغ من التركة
سائحاني
وفي آخر الأشباه عن الكتاب لو صولح الموصى له بالثلث على السدس صح
ا هـ
أقول لكنه مشكل لأنه من قبيل الإسقاط في الأعيان وهو لا يجوز وقد صرحوا بأن الوارث لا يسقط حقه من التركة بالإسقاط وهذا مثله
وأما المخارجة فبيع ويأتي تمامه
قوله ( صح في الكل ) أي ويقسم الباقي بينهم على سهامهم الخارجة قبل التخارج إلا أن يجعل هذا التخارج كأن لم يكن
بيانه امرأة وبنت وأخ شقيق أصلها ثمانية واحد للمرأة وأربعة للبنت والباقي للأخ فإذا أخرجت المرأة قسم الباقي على سبعة ولو جعلت كأن لم تكن قسم نصفين
حموي عن الشيخ عماد الدين
واعلم أنه إذا أخرجوا واحدا فحصته تقسم بين البقية على السواء إن كان ما أعطوه من مالهم غير الميراث وإن كان مما ورثوه فعلى قدر ميراثهم
وقيده الخصاف بأن يكون عن إنكار
أما إذا كان عن إقرار فهو بينهم على السواء مطلقا
أبو السعود
ويأتي ذلك أواخر الفصل
قوله ( صرفا للجنس بخلاف جنسه ) علة
لقوله ( أو نقدين بهما ) والأولى تأخيره عن قوله ( قل ما أعطوه أو كثر ) ويوجد في بعض النسخ التعبير باللام عوضا
____________________
(8/261)
عن الباء في بخلاف الجنس وهي أولى من الباء أي لو صالح عن الذهب والفضة بذهب وفضة صح ويصرف الذهب للفضة وهي له والمراد بالصرف في كلامه الصرف المصطلح عليه في الفقه وهو بيع الثمن بالثمن والباء فيه للمقابلة ولو كان المراد بالصرف اللغوي لاختص بمسألة واحدة وهي ما إذا اشتملت التركة على ذهب وفضة ودفع البدل كذلك ولعداه بإلى أو اللام
ولقوله بعد ذلك ( لكن بشرط التقابض فيما هو صرف ) فإنه متعين للصرف الاصطلاحي
قوله ( قل ما أعطوه أو كثر ) لأنه معاوضة لا إبراء إذ الإبراء عن الأعيان باطل كذا قيل
وأقول ما قيل إن الإبراء عن الأعيان باطل قيده في البحر بما إذا كان على وجه الإنشاء فإن كان على وجه الإخبار
كقوله ( هو بريء مما لي قبله فهو صحيح متناول للدين والعين فلا تسمع الدعوى ) وكذا إذا قال لا ملك لي في هذا العين
ذكره في المبسوط والمحيط
فعلم أن قوله لا أستحق قبله حقا مطلقا ولا استحقاقا ولا دعوى يمنع الدعوى بحق من الحقوق قبل الإقرار عينا كان أو دينا وتقدم الكلام عليه أوائل الإقرار وسيأتي آخر الفصل مستوفي إن شاء الله تعالى
قوله ( لكن بشرط التقابض ) قال في البحر ولا يشترط في صلح أحد الورثة المتقدم أن تكون أعيان التركة معلومة لكن إن وقع الصلح عن أحد النقدين بالآخر يعتبر التقابض في المجلس غير أن الذي في يده بقية التركة إن كان جاحدا يكتفي بذلك القبض لأنه قبض ضمان فينوب عن قبض الصلح وإن كان مقرا غير مانع يشترط تجديد القبض
ا هـ
أقول بيانه أن التركة في يد أحد الورثة أمانة فإذا أنكرها أو منع صار غاصبا والغاصب ضامن وقبض الأمانة لا ينوب عن قبض الضمان فيلزم تجديد القبض فيما لو كان مقرا غير مانع وإلا لا وهذا في غير النقدين
أما هما في صورة ما إذا صالحا على جنسهما فلا بد من حضور ذلك للمجلس وتجديد القبض فيه لأنه صرف محض كما يأتي
قوله ( وغيرهما ) وكذا عن النقدين فقط
قوله ( بأحد النقدين ) قيد بأحد النقدين احترازا عما إذا كان بدل الصلح مجموع النقدين فإنه يصح كيف كان لأنا نصرف الجنس إلى خلاف الجنس تصحيحا للعقد كما في المبيع بل أولى لأن المقصود من الصلح قطع المنازعة ولكن يشترط فيه التقابض قبل الافتراق لأنه صرف ط
قوله ( إلا أن يكون ما أعطى له أكثر من حصته من ذلك الجنس ) فلو كان ما أعطوه أقل أو مساويا لنصيبه أو لا يعلم قدر نصيبه من الدراهم فسد الصلح ط
قال في البحر ولو صالحوه عن النقدين وغيرهما بأحد النقدين لا يصح الصلح ما لم يعلم أن ما أعطوه أكثر من نصيبه من ذلك الجنس إن كانوا متصادقين وإن أنكر وراثته جاز مطلقا بشرط التقابض فيما يقابل النقد منه وإن لم يعلم قدر نصيبه من ذلك الجنس فالصحيح أن الشك إن كان في وجود ذلك في التركة جاز الصلح وإن علم وجود ذلك في التركة لكن لا يدري أن بدل الصلح من حصتها أقل أو أكثر أو مثله فسد
كذا في فتاوى قاضيخان
ا هـ
وفي المقدسي قال الحاكم إنما يبطل حال التصادق وفي التناكر يجوز لا يكون حينئذ بدلا في حق الآخذ ولا حق الدافع
____________________
(8/262)
في الغاية قال شيخ الإسلام الصحيح أنه باطل في الوجهين لأنه يكون معاوضة في حق المدعي فيدخل فيه معنى الربا من الوجه الذي قلنا وإن زاد صح فيكون قدر حظه به والباقي بحقه في باقي التركة
قوله ( تحرزا عن الربا ) قال في الدرر ليكون حصته بمثله والزيادة بمقابلة حقه من بقية التركة صونا عن الربا فلا بد من التقابض فيما يقابل حصته من الذهب أو الفضة لأنه صرف في هذا القدر
ا هـ
قوله ( ولا بد من حضور النقدين عند الصلح ) لم يذكر هذا في الشرنبلالية ولا وجه لاشتراطه وإن أراد به حضور البدل إذا كان منهما فقد أفاده بقوله سابقا لكن بشرط التقابض فيما هو صرف ط
إلا أن يقال أراد بالحضور الحكمي بأن يحضرهما قبل الافتراق لأن الشرط التقابض في المجلس أو يكون ما يراد أن يعطى للمدفوع له تحت يده لا بطريق الأمانة
قوله ( قوله وعلمه بقدر نصيبه ) أي ليعلم أن ما أخذه أزيد من نصيبه من ذلك الجنس تحرزا عن الربا
قال أبو السعود وإنما اشترط العلم بقدر نصيبه لاحتمال الربا لأن الفساد على تقدير كونه مساويا له أو أقل فكان أرجح وأولى بالاعتبار بخلاف الصحة فإنها من جانب واحد وهو ما إذا كان المأخوذ أكثر من نصيبه فكانت العبرة لجانب الفساد لكونه من وجهين انتهى
واعلم أن صحة الصلح على الوجه المذكور ثبتت بالأثر وهو أن تماضر امرأة عبد الرحمن بن عوف صالحها ورثته عن ربع ثمنها على ثمانين ألف دينار وقيل على ثلاثة وثمانين ألفا بمحضر من الصحابة
وروى أن ذلك كان نصف حقها زيلعي
وتماضر بنت أصبغ بن عمرو الكلبي التي طلقها عبد الرحمن في مرض موته ثلاثا ثم مات وهي في العدة فورثها عثمان وكانت مع ثلاث نسوة أخر فصالحوها عن ربع ثمنها على ثلاثة وثمانين ألفا في رواية هي دراهم وفي رواية هي دنانير
ابن كمال باشا
وتماضر بضم المثناة الفوقية وكسر الضاد المعجمة قدم بها المدينة فولدت أبا سلمة في سريته إلى دومة الجندل في شعبان سنة ست كما في الواهب قال والضمير في سريته لعبد الرحمن بن عوف
ودومة بضم الدال وفتحها مدينة بينها وبين دمشق نحو عشر مراحل وبعدها من المدينة نحو ثلاث عشرة مرحلة سميت بدوما بن إسماعيل لأنه كان نزلها عليه السلام
أصبح هذا من المخضرمين وأدرك الجاهلية والإسلام ولم يجتمع به عليه السلام أسلم على يد سيدنا عبد الرحمن بن عوف
وقوله روى أن ذلك كان نصف حقها فعلى كون بدل الصلح كان ثمانين ألفا وأنها نصف حقها يكون جميع ماله المتروك رضي الله عنه خمسة الآلف ألف ألف ومائة وعشرين ألفا ويكون ثمنه ستمائة ألف وأربعين ألفا وربع الثمن مائة ألف وستون ألفا ونصف ربع الثمن ثمانون ألفا
قوله ( ولو بعرض ) يعني لو كان بدل الصلح عرضا في الصور كلما جاز مطلقا وإن قل ولم يقبض في المجلس وظاهره يعم ما لو كان العرض من التركة إذ حقه ليس في جميعه فيكون مبادلا عن نصيبه في بقية التركة بما زاد عن حقه فيه
قوله ( وكذا لو أنكروا إرثه ) أي فإنه يجوز مطلقا
قال في الشرنبلالية وقال الحاكم الشهيد إنما يبطل على أقل من نصيبه في مال الربا حالة التصادق وأما في حالة التناكر بأن أنكروا وراثته فيجوز
وجه ذلك إن في حال التكاذب ما يأخذه ليكون بدلا في حق الآخذ ولا في حق الدافع
هكذا ذكره المرغيناني
ولا بد من التقابض فيما يقابل الذهب والفضة منه لكونه صرفا
____________________
(8/263)
ولو كان بدل الصلح عرضا في الصور كلها جاز مطلقا وإن قل ولم يقبض في المجلس
ا هـ
أقول لكن في قوله لا يكون بدلا لا في حق الآخذ فيه أنه بدل في زعمه وعليه فينبغي أن لا يحل له الأخذ ما لم يعلم مقدار حقه من ذلك الجنس لأنه إن لم يعلم قدر نصيبه من ذلك الجنس لا يصح لأن فيه شبهة الربا وهي محرمة وإن شك في وجود ذلك الجنس في التركة صح لأنه حينئذ يكون شبهة الشبهة وهي لا تحرم
قوله ( بل لقطع المنازعة ) هذا في حق المدعى عليه أما في حق المدعي فأخذ لبعض حقه وإسقاط للباقي لأنهم بجحودهم حقه صاروا غاصبين وصار المال مضمونا عليهم في ذمتهم من قبيل الدين وقد علم حكم الصلح عن الدين بجنسه بخلاف ما إذا أقروا بذلك فإن المال حينئذ عين وإن كان من النقدين ولا يصح عن الإسقاط في الأعيان فلذلك تعين أن يكون صرفا لكن قد يقال فيه إن المال القائم إذا صار مضمونا لا ينتقل للذمة وعليه فلا فرق بين الصورة المذكورة وما بعدها في أن بكل منها إسقاط العين وهو لا يجوز وإنما جوزوا الصورة الأولى باعتبار أن ما يأخذه بدلا لا في حق الآخذ ولا في حق الدافع
تأمل
قوله ( وبطل الصلح الخ ) أي في الكل عند الكل على الأصح وقيل عندهما يبقى العقد صحيحا فيما وراء الدين ط
قال العلامة أبو السعود هذا ليس على إطلاقه لما سبق عن الزيلعي من أنه ينبغي أن يجوز عندهما في غير الدين إذا بينت حصته وأنه يشكل إن كان هو قول الكل لا خلاف لهما لأن قياس مذهبهما في الجمع بين الحر والعبد والشاة الذكية والميتة حيث جوز العقد في العبد والذكية إذا بين ثمن كل منهما أن يجوز الصلح عندهما في غير الدين إذا بينت حصته اللهم إلا أن يحمل هذا على ما إذا لم يبين ما يقابل كل واحد منهما أو يفرق عندهما بين البيع والصلح والظاهر أنه لم يرد نص في الصلح عنهما ولهذا ذكره الزيلعي بلفظ ينبغي قياسا على البيع وكذا قول الشارح
قيل هذا قول أبي حنيفة وقيل هو قول الكل ظاهر في عدم ورود نص عنهما فلهذا اختلف المشايخ فيه انتهى
قوله ( وفي التركة ديون ) أي على الناس لقرينة ما يأتي وكذا لو كان الدين على الميت
قال في البزازية وذكر شمس الإسلام أن التخارج لا يصح إن كان على الميت دين أي يطلبه رب الدين لأن حكم الشرع أن يكون الدين على جميع الورثة ا هـ
قوله ( بشرط ) متعلق بأخرج
قوله ( لأن تمليك الدين الخ ) وهو هنا حصة المصالح
قال في الدرر لأنه يصير مملكا حصته من الدين لسائر الورثة بما يأخذ منهم من العين وتمليك الدين من غير من عليه الدين باطل وإن كان بعوض وإذا بطل في حصة الدين بطل في الكل
ا هـ
فقول الدرر لأنه أي المصالح عن الدين والعين يعم العرض والعقار والمكيل والموزون الحاضر وغير من عليه الدين هنا بقية الورثة وقوله بطل في الكل لأن العقد الواحد إذا فسد في بعض المعقود عليه فسد في الكل وهو قول أبي حنيفة والدليل له في مسألة الدعوى وعندهما يبقى العقد صحيحا فيما وراء الدين وقيل هو قول الكل كما في الكافي وغيره كما قدمناه عنه قريبا
أقول وينبغي أن ليس اختلاف القولين بين المشايخ على إطلاقه بل اللائق كون البطلان قول الكل إذا لم
____________________
(8/264)
يبين حصة الدين في البدل وأما إذا بين فيصح الصلح عندهما فيما وراء الدين بحصته إذ لا موجب للبطلان حينئذ فيه عندهما
تدبر
وأشار إلى ذلك ابن ملك
قوله ( من غير من عليه الدين ) وهو الورثة هنا
قوله ( باطل ) لما ذكر من أنه يصير مملكا حصته من الدين إلى آخر ما قدمناه عن الدرر أي ثم يتعدى البطلان إلى الكل لأن الصفقة واحدة سواء بين حصة الدين أو لم يبين
وأقول هذا إذا لم يسلطهم ولم يوكلهم في مقدار نصيبه من الدين وأما إذا سلطهم فينبغي أن يصح الصلح كذا قيل
قوله ( وصح لو شرطوا إبراء الغرماء ) أي إبراء المصالح للغرماء والظهر أن هذه الحيل لخروجه عن كل التركة ولذا قال في السراج والمنح وفي الوجهين ضرر بقية الورثة فلا يصح قول الشارح وأحالهم بحصته لأنها سقطت عن الغرماء كما صرح به البزازي أيضا وسنبينه قريبا في المقولة الآتية إن شاء الله تعالى ولم يذكر حيلة مع أنها أحسن مع أنها أحسن مما ذكر وكنت أقتصر عليها
ورأيتها في المقدسي وهي أن يأمرهم ليقبضوه له ثم لهم لكن له أن يرجع فالوجه الآتي أولى
فرع ادعت امرأة ميراثها فصولحت على أقل من حظها أو مهرها صح ولا يطيب لهم إن علموا فإن برهنت بعد ذلك بطل الصلح ا هـ
وسيأتي في المتن أنه الأشهر أو أنه محمول على قول المتن السابق صولح على بعض ما يدعيه الخ وإلا فهو بعيد عن القواعد إلا أن يحصل على الديانة لكنه بعيد أيضا لا سيما وقد صولحت إحدى زوجات سيدنا عبد الرحمن بن عوف على أقل من حظها بكثير بحضور جمع من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين كما قدمناه قريبا فلا تنسه
قوله ( منه ) أي من الدين ولا يرجع عليهم بنصيب المصالح فحينئذ يصح الصلح لأنه حينئذ تمليك الدين الخ أو لأنه إسقاط
قوله ( وأحالهم بحصته ) لا محل لهذه الجملة هنا وهي موجودة في شرح الوقاية لابن ملك وهي سبق قلم إذ لم يبق له حصة بعدما قضوه ولذا قال في المنح ولا يخفى ما فيه من ضرر بقية الورثة أي لأنه لم يستفيدوا من نصيبه في الدين شيئا ا هـ
وضاع عليهم ما قضوه من الدين عن الغرماء
وفي بعض النسخ أو أحالهم
قال ط ذكره ردا على صاحب الدرر وتبعه المصنف حيث قالا ولا يخفى ما فيه أي هذا الوجه من الضرر ببقية الورثة ولكنه لا يدفع لأنه يرجع عليهم بما أحالهم به فيكون الضرر عليهم مرتين ا هـ
أقول في قوله فيكون الضرر الخ يأتي بيانه قريبا عن الإتقاني
قوله ( منه ) أي من الدين
قوله ( عن غيره ) أي عما سوى الدين
قوله ( بالقرض ) أي ببدله الذي أخذه منهم
قوله ( وقبلوا ) أي الغرماء والمصالحون لأن الشرط قبول المحال عليه والمحتال
قوله ( وهذه أحسن الحيل ) لأن في الأولى ضررا للورثة حيث لا يمكنهم الرجوع إلى الغرماء بقدر نصيب المصالح وكذا في الثانية لأن النقد خير من النسيئة
إتقاني
قوله ( والأوجه الخ ) لأن في الأخيرة لا يخلو عن ضرر وهو تأخير وصولهم قدر حصته مع أنه ليس لهم نفع في هذا القدر وهو خلاف وضع الصلح غالبا
قوله ( ثم يحيلهم على الغرماء ) أو يحيلهم ابتداء من غير بيع ليقبضوه له ثم يأخذوه
____________________
(8/265)
لأنفسهم
قوله ( ولا دين فيها ) أما إذا كان فيها دين فلا يصح الصلح لما تقدم
قوله ( اختلاف ) فقال الفقيه أبو جعفر بالصحة وهو الصحيح
وقال ظهير الدين المرغيناني لا يصح
قوله ( لعدم اعتبار شبهة الشبهة ) لأن عدم الصحة باحتمال أن يكون في التركة مكيل أو موزون ونصيبه من ذلك مثل بدل الصلح فيكون ربا وقيل يصح لاحتمال أن لا يكون في التركة مكيل أو موزون وإن كان فيحتمل أن يكون نصيبه أقل من بدل الصلح فكان القول بعدم الجواز مؤديا إلى اعتبار شبهة الشبهة ولا عبرة بها
ا هـ
وإنما العبرة للشبهة
وفي فتاوى قاضيخان والصحيح ما قاله أبو جعفر من أنه يجوز هذا الصلح لأن الثابت هنا شبهة الشبهة وذلك لا يعتبر ا هـ
لأنه يحتمل أن يكون في التركة من جنس بدل الصلح على تقدير أن يكون زائدا على بدل الصلح فاحتمال الاحتمال يكون شبهة الشبهة
قوله ( جنس بدل الصلح ) تركيب إضافي بإضافة جنس إلى بدل الصلح
قوله ( لم يجز ) أي حتى يكون ما يأخذه أزيد من حصته من ذلك الجنس ليكون الزائد في مقابلة ما يخصه من غير الجنس ويشترط القبض لأنه بمنزلة البيع وبيع ما جمعهما قدر وجنس أو أحدهما لا يجوز نسيئة كذا تقتضيه القواعد
والمراد أنه لا يجوز اتفاقا كما أن الثاني يجوز اتفاقا
قوله ( وإلا ) أي إن لا يكن في التركة جنس بدل الصلح وهذا التفصيل لغير ما نحو فيه
قوله ( وإن لم يدر فعلى الخلاف ) هي مسألة المتن ويدري بالبناء للمجهول
قوله ( وهي غير مكيل أو موزون ) كذا وقع في الغرر ولا وجه للتقييد به إلا إذا كان المصالح عليه مكيلا أو موزونا
أما إذ كان غيرهما فلا يظهر لهذا التقييد وجه وقد نقل المصنف هذه المسألة عن الزيلعي وعبارة الزيلعي خالية عن هذا التقييد ونصها وهذا يدل على أن الصلح مع جهالة التركة يجوز وقيل لا يجوز لأنه بيع وبيع المجهول لا يجوز والأول أصح لأن الجهالة هنا لا تفضي إلى المنازعة لأنها في يد بقية الورثة فلا يحتاج فيها إلى التسليم حتى لو كانت في يد المصالح أو بعضها لا يجوز حتى يصير جميع ما في يده معلوما للحاجة إلى التسليم ط
أقول وكذا يشترط أن لا يكون فيها دين ووقع الصلح على مكيل وموزون كما في الإتقاني
قوله ( صح في الأصح ) وقيل لا يجوز لأنه بيع المجهول لأن المصالح باع نصيبه من التركة وهو مجهول بما أخذ من المكيل والموزون
إتقاني
قوله ( لأنها ) أي جهالة التركة المصالح عنها
قوله ( لا تفضي إلى المنازعة لقيامها في يدهم ) يعني أن العلة في عدم جواز المبيع إذا كان المبيع مجهولا لإفضائه إلى المنازعة وهنا لا يفضي إليها لأن المصالح عنه في يد بقية الورثة فلا يحتاج فيه إلى التسليم ولا يطلبون شيئا آخر من المصالح بمقابلة بدل الصلح
كذا في العزمية
كمن أقر بغصب شيء فباعه المقر له منه جاز وإن جهلا قدره وقيل لا يصح لأن المصالح باع نصيبه من التركة وهو مجهول بما أخذه من المكيل والموزون ومن جهالة المبيع لا يصح كما في شرح المجمع
قلت واستفيد منه أن ما يحتاج لتسليمه تلزم معرفته وما لا فلا
در منتقى
أقول واستفيد أن نفس الجهالة غير مانعة لجواز البيع بل الجهالة المفضية إلى المنازعة مانعة ألا ترى
____________________
(8/266)
أنه لو باع قفيزا من صبره يجوز البيع مع الجهالة وكذلك لو باع المغصوب كما ذكرنا
قوله ( ما لم يعلم جميع ما في يده ) أي لا يجوز حتى يصير جميع ما في يده معلوما للحاجة إلى التسليم كما ذكرنا عن الإتقاني بخلاف ما إذا كانت في أيدي بقية الورثة فإنه يجوز مع الجهالة لأنه يحتاج فيها إلى التسليم كما مر ويأتي
قوله ( ابن ملك ) لم يذكر هذا القيد أصلا
خاتمة التهايؤ أي تناوب الشريكين في دابتين غلة أو ركوبا يختص جوزاه بالصلح عند أبي حنيفة لا الجبر
وجائز في دابة غلة أو ركوبا بالصلح فاسد في غلتي عبدين عنده ولو جبرا
درر البحار
وفي شرحه غرر الأفكار ثم اعلم أن التهايؤ جبرا في غلة عبد أو دابة لا يجوز اتفاقا للتفاوت وفي خدمة عبد أو عبدين جاز اتفاقا لعدم التفاوت ظاهرا أو لقلته وفي غلة دار أو دارين أو سكنى دار أو دارين اتفاقا لإمكان المعادلة لأن التغيير لا يميل إلى العقار ظاهرا وأن التهايؤ صلحا جائز في جميع الصور كما جوز أبو حنيفة أيضا قسمة الرقيق صلحا ا هـ
قوله ( وبطل الصلح ) أي مع أحد الورثة ليخرجوه عنها فلو قسموا التركة بين الورثة ثم ظهر دين محيط قيل للورثة اقضوه فإن قضوه صحت القسمة وإلا فسخت لأن الدين مقدم على الإرث فيمنع وقوع الملك لهم إلا إذا قضوا الدين أو أبرأ الغرماء ذممهم فحينئذ تصح القسمة لزوال المال فكذا إذا لم يكن محيطا لتعلق حق الغرماء بها إلا إذا بقي في التركة ما يفي بالدين فحينئذ لا تفسخ لعدم الاحتياج
كذا في قسمة الدرر
قوله ( والقسمة ) أي قسمة التركة بين الورثة لأنهم لا يمكلون التركة حينئذ لتقدم حاجته فللغريم إبطالها ولو أجاز قبل أن يصل إليه حقه
وفي الظهيرية ولو لم يضمن الوارث ولكن عزلوا عينا لدين الميت فيه وفاء بالدين ثم صالحوا في الباقي على نحو ما قلنا جاز ا هـ
قال العلامة المقدسي فلو هلك المعزول لا بد من نقض القسمة
قوله ( بلا رجوع ) أما لو كان برجوع كانت التركة مشغولة
قال في التبيين ولو ضمن رجل بشرط أن لا يرجع في التركة جاز الصلح لأن هذا كفالة بشرط براءة الأصيل وهو الميت فتصير حوالة فيخلو مال اليتيم عن الدين فيجوز تصرفهم فيه
ا هـ
قوله ( بشرط براءة الميت ) تبع فيه المصنف وقد علم من عبارة الزيلعي أن المدار على اشتراط عدم الرجوع في التركة وقد بين وجهه ط
قوله ( يوفى ) بالبناء للمجهول بضم ففتح فتشديد
قوله ( من مال آخر ) الأولى تقديمه على أو يضمن أجنبي فإن الضمير فيه يرجع إلى الوارث إذا لم يبن للمجهول لفظ يوفي وسواء وفي الوارث من ماله الخاص به أو من عين أخرى ظهرت للميت
قوله ( ولا ينبغي أن يصالح ) أي بل يكره وهل هي تنزيهية أو تحريمية حرره ط
أقول معنى لا ينبغي خلاف الأولى وخلاف الأولى مكروه تنزيها
قال في البحر لا ينبغي الأولى أن لا يفعلوا ذلك حتى يقضوا الدين ا هـ
قوله ( استحسانا ) والقياس أن لا يجوز لأن كل جزء من أجزاء التركة مشغول بالدين لدعم الأولوية بالصرف إلى جزء دون جزء فصار كالمستغرق فيمنع من دخوله في ملك الورثة
____________________
(8/267)
ووجه الاستحسان ما ذكره من التعليل بقوله لأن التركة لا تخلو عن قليل دين الخ
والأولى تقديم قوله استحسانا عند قوله صح لأن التركة الخ لأنه يوهم خلاف المراد وما هنا موافق لما في الزيلعي مخالف لما في مسكين والعيني فإن عبارة مسكين ولو على الميت دين محيط أي مستغرق جميع التركة بأن لا يبقى شيء بعد أدائه بطل الصلح والقسمة وإن لم يكن مستغرقا لا ينبغي أن يصالحوا ما لم يعطوا دينه
ولو فعلوا قالوا يجوز الصلح
وذكر الكرخي رحمه الله تعالى في القسمة أنها لا تجوز استحسانا وتجوز قياسا
ا هـ
وعبارة الزيلعي وإن لم يكن مستغرقا جاز استحسانا والقياس أن لا يجوز الخ
قوله ( لئلا يحتاجوا ) علة لقوله فيوقف قال صدر الشريعة ولو صالح فالمشايخ قالوا صح لأن التركة لا تخلوا عن قليل دين والدائن قد يكون غالبا فلو جعلت التركة موقوفة لتضرر الورثة والدائن لا يتضرر لأن على الورثة قضاء دينه ووقف قدر الدين وقسم الباقي استحسانا ووقف الكل قياس الخ
قوله ( على السواء ) أفاد أن أحد الورثة إذا صالح البعض دون الباقي يصح وتكون حصته له فقط
وكذا لو صالح الموصى له كما في الأنقروي
مسألة في رجل مات عن زوجة وبنت وثلاثة أبناء عم عصبة وخلف تركة اقتسموها بينهم ثم ادعت الورثة على الزوجة بأن الدار التي في يدها ملك مورثهم المتوفي فأنكرت دعواهم فدفعت لهم قدرا من الدراهم صلحا عن إنكار فهل يوزع بدل الصلح عليهم على قدر مواريثهم أو على قدر رؤوسهم الجواب قال في البحر وحكمه في جانب المصالح عليه وقوع الملك فيه للمدعي سواء كان المدعى عليه مقرا أو منكرا وفي المصالح عنه وقوع الملك فيه للمدعى عليه ا هـ
ومثله في المنح
وفي مجموع النوازل سئل عن الصلح عن الإنكار بعد دعوى فاسدة هل يصح قال لا لأن تصحيح الصلح على الإنكار من جانب المدعي أن يجعل ما أخذ عين حقه أو عوضا عنه لا بد أن يكون ثابتا في حقه ليمكن تصحيح الصلح من الذخيرة فمقتضى قوله وقوع الملك فيه للمدعي وقوله أن يجعل عين حقه أو عوضا عنه أن يكون على قدر مواريثهم
سيدي الوالد رحمه الله تعالى عن مجموعة منلا علي التركماني أمين الفتوى بدمشق الشام
قوله ( إن كان ما أعطوه من مالهم ) أي وقد استووا فيه ولا يظهر عند التفاوت ط
قوله ( فعلى قدر ميراثهم ) قال في السراجية وشرحها من صالح عن شيء من التركة فاطرح سهامه من التصحيح ثم أقسم باقي التركة على سهام الباقين كزوج وأم وعم فصالح الزوج عن نصيبه على ما في ذمته من المهر وخرج من البين فيقسم باقي التركة بين الأم والعم أثلاثا بقدر سهامهما سهمان للأم وسهم للعم
فإن قلت هلا جعلت الزوج بعد المصالحة وخروجه من البين بمنزلة المعدوم وأي فائدة في جعله داخلا في تصحيح المسألة مع أنه لا يأخذ شيئا وراء ما أخذه
قلت فائدته أنا لو جعلناه كأن لم يكن وجعلنا التركة ما وراء المهر لانقلب فرض الأم من ثلث أصل المال إلى ثلث الباقي إذ حينئذ يقسم الباقي بينهما أثلاثا فيكون للأم سهم وللعم سهمان وهو خلاف الإجماع إذ حقها ثلث الأصل وإذا أدخلنا الزوج في المسألة كان للأم سهمان من الستة وللعم سهم واحد ويقسم الباقي بينهما على هذه الطريقة فتكون مستوفية حقها من الميراث
ا هـ
ملخصا ط
وسيأتي آخر كتاب الفرائض بيان قسمة التركة
____________________
(8/268)
مفصلا
قوله ( وقيده الخصاف ) أي قيد جريان هذا التفصيل بما إذا كان الورثة منكرين
قوله ( فعلى السواء ) أي مطلقا منح سواء كان الدفع من التركة أو من غيرها لأنه بمنزلة البيع فكأنهم اشتروه جميعا ولا يظهر التساوي إلا إذا كان المدفوع متساويا بينهم وعليه فينبغي أن يرجع الأكثر حصة في التركة على الأقل حصة بقدر ما دفع من ماله عنه فليتأمل
قال الشرنبلالي في شرح الوهبانية والوجه أنهما في الإقرار يكونان مشتريين فيتنصف وفي الإنكار مدعيين العين للتركة فيكون على قدر الأنصباء واختاره البعض
قوله ( عن بعض الأعيان ) أشياء به إلى أنه كما يصح الصلح معه عن كل أعيانها يصح عن بعضها اعتبارا للجزء بالكل
وفي المجتبى ادعى مالا أي معلوما أو غيره فجاء رجل واشترى ذلك من المدعي يجوز الشراء في حق المدعي ويقوم مقامه في الدعوى فإن استحق شيئا كان له وإلا فلا فإن جحد المطلوب ولا بينة فله أن يرجع ا هـ
حموي
ومثله في البحر
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى
وتأمل في وجهه
ففي البزازية من أول كتاب الهبة وبيع الدين لا يجوز ولو باع من المديون أو وهبه جاز ا هـ
أقول لم يظهر لي وجهه مع تصريحهم بعدم صحة بيع الدين لغير من عليه الدين فهو غير صحيح فيما يظهر وفوق كل ذي علم عليم
قوله ( أفي التركة دين ) هكذا في بعض النسخ وفي بعضها أن بدل أفي وعليها فيلزم نصب دين وعليها كتب ط
والمراد أن الصك صحيح يعني إذا أقر بما فيه عمل به وليس له نقضه إلا بمسوغ
قوله ( وكذا لو لم يذكره في الفتوى ) أي في السؤال الذي رفع ليكتب عليه أو يجاب عنه أي فلا يجب على المفتي البحث ط
قوله ( والموصى له بمبلغ من التركة كوارث ) صورتها رجل أوصى لرجل بعبد أو دار فترك ابنا وابنة فصالح الابن والابنة الموصى له بالعبد على مائة درهم
قال أبو يوسف إن كانت المائة من مالهما غير الميراث كان العبد بينهما نصفين وإن صالحاه من المال الذي ورثاه عن أبيهما كان المال بينهما أثلاثا لأن المائة كانت بينهما أثلاثا
وذكر الخصاف في الحيل أن الصلح إن كان عن إقرار كان العبد الموصى به بينهما نصفين وإن كان عن إنكار فعلي قدر الميراث وعلى هذا بعض المشايخ وكذلك في الصلح عن الميراث كذا في قاضيخان
قوله ( من مسألة التخارج ) أي بتفاصيلها
قوله ( صالحوا الخ ) أقول قال في البزازية في الفصل السادس من الصلح ولو ظهر في التركة عين بعد التخارج لا رواية في أنه هل يدخل تحت الصلح أم لا ولقائل أن يقول يدخل ولقائل أن يقول لا ا هـ
ثم قال بعد نحو ورقتين قال تاج الإسلام وبخط صدر الإسلام وجدته صالح أحد الورثة وأبرأ إبراء عاما ثم ظهر في التركة شيء لم يكن وقت الصلح لا رواية في جواز الدعوى
ولقائل أن يقول بجواز دعوى حصته منه وهو الأصح
ولقائل أن يقول لا
وفي المحيط لو أبرأ أحد الورثة الباقي ثم ادعى التركة وأنكروا لا تسمع دعواه وإن أقروا بالتركة أمروا
____________________
(8/269)
بالرد عليه
ا هـ
كلام البزازية ثم قال بعد أسطر صالحت أي الزوجة عن الثمن ثم ظهر دين أو عين لم يكن معلوما للورثة قيل لا يكون داخلا في الصلح ويقسم بين الورثة لأنهم إذا لم يعلموا كان صلحهم عن المعلوم الظاهر عندهم لا عن المجهول فيكون كالمستثنى من الصلح فلا يبطل الصلح
وقيل يكون داخلا في الصلح لأنه وقع عن التركة والتركة اسم للكل فإذا ظهر دين فسد الصلح ويجعل كأنه كان ظاهرا عند الصلح
ا هـ
والحاصل من مجموع كلام المذكور أنه لو ظهر بعد الصلح في التركة عين هل تدخل في الصلح فلا تسمع الدعوى بها أم لا تدخل فتسمع الدعوى قولان وكذا لو صدر بعد الصلح إبراء عام ثم ظهر للمصالح عين هل تسمع دعواه فيه قولان أيضا
والأصح السماع بناء على القول بعدم دخولها تحت الصلح فيكون هذا تصحيحا للقول بعدم الدخول وهذا إذا اعترف بقية الورثة بأن العين من التركة وإلا فلا تسمع دعواه بعد الإبراء كما أفاده ما نقله عن المحيط وإنما قيد بالعين لأنه لو ظهر بعد الصلح في التركة دين فعلى القول بعدم دخوله في الصلح يصح الصلح ويقسم الدين بين الكل
وأما على القول بالدخول فالصلح فاسد كما لو كان الدين ظاهرا وقت الصلح إلا أن يكون مخرجا من الصلح بأن وقع التصريح بالصلح عن غير الدين من أعيان التركة
وهذا أيضا ذكره في البزازية حيث قال ثم ما ظهر بعد التخارج على قول من قال من أنه لا يدخل تحت الصلح لا خفاء ومن قال يدخل تحته فكذلك إن كان عينا لا يوجب فساده وإن دينا إن مخرجا من الصلح لا يفسد وإلا يفسد ا هـ
قوله ( أشهرهما لا ) وعلى مقابله فإن كان الذي ظهر دينا فسد الصلح كأنه وجد في الابتداء فيكون هو وغيره بين الكل وإن كان عينا لا
ا هـ
منح
قوله ( بل بين الكل ) أي بل يكون الذي ظهر بين الكل
قوله ( قلت وفي البزازية الخ ) وفي الثامن والعشرين من جامع الفصولين أنه الأشبه
قوله ( ولا يبطل الصلح ) أي لو ظهر في التركة عين أما لو ظهر فيها دين فقد قال في البزازية إن كان مخرجا من الصلح لا يفسد وإلا يفسد كما سمعته أي إن كان الصلح وقع على غير الدين لا يفسد وإن وقع على جميع التركة فسد كما لو كان الدين ظاهرا وقت الصلح
قوله ( وفي مال طفل ) أي والصلح في مال الطفل الثابت بالشهود لم يجز إذ لا مصلحة له ومفهومه أنه يجوز الصلح حيث لا بينة للطفل
والضمير في لم يجز إلى الصلح
قوله ( وما يدعي ) عطف على مأخوذ من المقام أي فلم يجز الصلح في مال الطفل الثابت بالشهود ولا فيما يدعي خصم ولا يتنور أي لم ينور دعواه لبينة
وحاصل المعنى إذا كان لطفل مال بشهود لم يجز الصلح فيه ولم يجز مصالحة من يدعي شيئا على الصغير بدون بينة بمال الصغير لأن المدعي لم يستحق سوى الاستحلاف ولا يستحلف الأب ولا الوصي ولا الصبي حال صغره والأب لا يصح أن يفدي اليمين بمال الصغير وإن تبرع الأب بماله صح كالأجنبي
وإذا كان للمدعي بينة يصح الصلح بمال الصغير بمثل القيمة وزيادة يتغابن فيها كالشراء وهذه المسائل تجري في الأب والجد ووصيهما والقاضي ووصيه وسواء كان الصلح في عقار أو عبد أو غيرهما في الكل أو البعض
وعليه فالصورة أربع فيما إذا لم يكن للطفل بينة وحيث كان للخصم بينة فهذه أربع صور
وأشار المصنف إلى أن الأربعة تجري
____________________
(8/270)
مع الأب والجد والوصي من جهة الأب أو الجد ومن جهة الوصي أو من جهة أحدهما أو القاضي أو وصي القاضي فبلغ اثنتين وثلاثين مسألة وسواء كان الصلح في عقار أو عبد أو غيرهما فيبلغ ستة وتسعين وسواء كان في الجميع أو البعض فيبلغ مائة واثنين وتسعين حكما كل ذلك مما ذكره صاحب المبسوط
قلت بقي عليه وصي الأم في تركتها ووصيه والأخ
قال في المبسوط وصلح وصي الأم والأخ مثل صلح وصي الأب في غير العقار فيبلغ أضعاف ذلك كما في شرح الوهبانية لابن الشحنة وتمامه فيه
قوله ( وصح على الإبراء عن كل عائب ) الضمير في صح يعود إلى الصلح يعني جاز الصلح عن البراءة من كل عيب لأن الإبراء عن العيب بلا بدل صحيح فكذلك معه كما لو سمي عيبا معلوما لأنه إسقاط الحق
ولو قال اشتريت منك العيوب بكذا لم يصح ط
وهذا البيت للعلامة عبد البر ذكره بعد أبيات بعد البيت الأول
قوله ( ولو زال عيب ) أي لو صالحه على عيب في المبيع ودفع له بدلا عن الصلح ثم زال العيب بطل الصلح ويسترد البدل ويسقط عنه إن لم يكن دفعه لعود السلامة وكذا كل عيب زال كطلاق المشتراة أو لم يوجد يرد بدله كعدم الحبل وكما لو ظهر الدين على غير المصالح يرد بدله كما في الشرنبلالية
قوله ( ومن قال ) أي لو ادعى عليه شيئا فأنكر فقال له إن تحلف على عدم ثبوت هذا الحق عليك فأنت بريء منه لم تجز هذه البراءة لعدم جواز تعليقها بالشرط فإن كان حلف عند غير القاضي له أن يحلفه عند القاضي ولو أقام بينة قبلت وإن عجز أعاد اليمين عليه
قوله ( ولو مدع ) لو للوصل أي لو قال للمدعي إن حلفت على ما تدعيه فهو لك فحلف لا يستحق المدعي
قوله ( كالأجنبي ) خبر لمبتدأ محذوف أي وما ذكر من المدعى عليه والمدعي كالأجنبي حال كونه يصور أي لو قال له إن حلف فلان الأجنبي فلك ما تدعيه أو أنت بريء مما ادعى عليك فحلف الأجنبي لا يبرأ
والحاصل أنه اشتمل هذا البيت على ثلاث مسائل من قاضيخان
الأولى اصطلحا على أنه إن حلف المدعى عليه فهو بريء فحلف أن ماله قبله شيء فالصلح باطل
الثانية اصطلحا على أنه إن حلف المدعي على دعواه فالمدعى عليه يكون ضامنا لما يدعي فالصلح باطل فلا يجب المال على المدعى عليه
الثالثة اصطلحا على أنه إن حلف فلان وهو غير الطالب فالمال على المدعى عليه كان باطلا فلا يلزمه المال وهي المفادة بقوله كالأجنبي وهذه المسائل تقدمت في كتاب الدعوى
خاتمة نسأل الله حسنها
وفي البحر عن مجموع النوازل وقع بين امرأة وزوجها مشاجرة فتوسط المتوسطون بينهما للصلح فقالت لا أصالحه حتى يعطيني خمسين درهما يحل لها ذلك لأن لها عليه حقا من المهر وغيره ا هـ
قال الحموي نقلا عن المقدسي قلت هذه دعوى لا دليل عليها فقد يكون لا شيء لها وتطلب ذلك ا هـ
وأقول ما ذكره في مجموع النوازل من أنه يحل لها الأخذ مفروض فيما إذا وافقها الزوج بأن أعطاها ما طلبت بطريق الصلح وحينئذ لا يتوقف الأخذ على أن يكون لها شيء عليه إذ ليس هو بأدنى مما سبق التصريح به من أن الصلح يجوز ولو عن إنكار وقدمنا عن الزيلعي التصريح بأنه يحل للمدعي أخذه لأنه في
____________________
(8/271)
زعمه عين حقه أو بدله وإن كان المدعى عليه يزعم أنه لا شيء عليه ومع هذا حل له الدفع أيضا للشر عن نفسه وحينئذ فقوله لأن لها عليه حقا من المهر إنما ذكره تحسينا للظن بها لا لأنه شرط لجواز الصلح
أبو السعود
وفي البحر عن الخلاصة ولو استقرض من رجل دراهم بخارية ببخارى أو اشترى سلعة بدراهم بخارية ببخارى فالتقيا ببلدة لا يوجد بها البخاري قالوا يؤجل قدر المسافة ذاهبا وجائيا ويستوثق منه بكفيل
وفيه عنها إذا أقر الوصي أن عنده ألف درهم للميت وللميت ابنان فصالح أحدهما من حقه على أربعمائة لم يجز وإن كان استهلكها ثم صالحهما جاز ا هـ
ولو صالح امرأته من نفقتها سنة على حيوان أو ثوب سمي جنسه جاز مؤجلا وحالا بخلاف ما لو صالحها بعد الفرض أو بعد تراضيهما عن النفقة لا يجوز
كذا في محيط السرخسي
ولو صالحته عن أجر رضاع الصبي بعد البينونة كان جائزا ثم ليس لها أن تصالح بما ثبت لها من دراهم الأجر على طعام بغير عينه كذا في المبسوط
رجل صالح امرأته المطلقة من نفقتها على دراهم معلومة على أن لا يزيدها عليها حتى تنقضي عدتها وعدتها بالأشهر جاز ذلك وإن كان عدتها بالحيض لا يجوز لأن الحيض غير معلوم قد تحيض ثلاث حيض في شهرين وقد لا تحيض عشرة أشهر
كذا في فتاوى قاضيخان
لو صالحت مع زوجها من نفقتها ما دامت زوجة له على مال لا يجوز
لو كانت امرأته مكاتبة أو أمة قد بوأها المولى بيتا فصالحها على دراهم مسماة من النفقة والكسوة لكل سنة جاز ذلك وكذلك لو صالح مولى الأمة فلو لم يكن بوأها المولى بيتا لم يجز هذا الصلح وكذلك إن كانت المرأة صغيرة لا يستطيع الزوج أن يقر بها فصالح أباها عن نفقتها لم يجز وإن كانت كبيرة والزوج صغير فصالح أبوه عن النفقة وضمن جاز
وإذا صالح الفقير امرأته على نفقة كثيرة في الشهر لم يلزمه إلا نفقة مثلها
كذا في المبسوط
لو صالح على نفقة المحارم ثم ادعى الإعسار صدق وبطل الصلح
كذا في التاترخانية
إذا صالح الرجل بعض محارمه عن النفقة وهو فقير لم يجبر على إعطائه إن أقروا أنه محتاج فإن لم يعرف حاله وادعى أنه فقير فالقول قوله ويبطل عنه ما صالح عليه إلا أن تقوم بينة أنه موسر فيقضي بالصلح عليه ونفقة الولد الصغير كنفقة الزوجة من حيث إن اليسار ليس بشرط لوجوبها فالصلح فيه يكون ماضيا وإن كان الوالد محتاجا فإن كان صالح على أكثر من نفقتهم بما يتغابن الناس فيه أبطلت الفضل عنه وكذلك الصلح في الكسوة للحاجة والمعتبر فيه الكفاية كالنفقة
لو صالح امرأته من كسوتها على درع يهودي ولم يسم طوله وعرضه ورفعته جاز ذلك وكذلك كسوة القرابة
ولو صالح رجل أخاه وهو صحيح بالغ على دراهم مسماة لنفقته وكسوته كل شهر لم يجبر ذلك ولم يجبر عليه
كذا في المبسوط
إن صالحت المبانة زوجها عن سكناها على دراهم لا يجوز
كذا في فتاوى قاضيخان
إذا صالح امرأته من نفقتها وكسوتها لعشر سنين على وصيف وسط إلى شهر أو لم يجعل له أجلا فهو جائز
كذا في المبسوط
____________________
(8/272)
سئل الحسن بن علي عمن ادعى على آخر فسادا في البيع بعد قبض المبيع ولم يتهيأ له إقامة البينة فصولح بينهما عن دعوى الفساد على دنانير هل يصح الصلح فقال لا
قيل ولو وجد بينة بعد الصلح هل تسمع البينة فقال نعم كذا في التاترخانية ناقلا عن اليتيمة
وفي حكم الرد بالعيب المصالح عليه كالبيع يرد بالعيب اليسير والفاحش ويرجع في الدعوى إن كان رده بحكم أو غير حكم
كذا في المبسوط
لو وجد بما وقع عليه الصلح عيبا فلم يقدر على رده لأجل الهلاك أو لأجل الزيادة أو لأجل النقصان في يد المدعي فإنه يرجع على المدعى عليه بحصة العيب فإن كان الصلح عن إقرار رجع بحصة العيب على المدعى عليه في المدعي وإن كان عن إنكار رجع بحصة العيب على المدعى عليه في دعواه فإن أقام البينة أو حلفه فنكل استحق حصة العيب منه فإن حلفه فحلف فلا شيء عليه
كذا في السراج الوهاج
لو اشترى جارية فولدت عند المشتري ثم وجدها عوراء وأقر البائع أنه دلسها له فصالحه على أن يردها وولدها وزيادة ثوب على أن يرد عليه الآخر الثمن فهو جائز وكذلك هذا في نقض بناء الدار وزيادة بنائها
هكذا في المبسوط
ادعى عيبا في جارية اشتراها وأنكر البائع فاصطلحا على مال على أن يبرىء المشتري البائع من ذلك العيب ثم ظهر أنه لم يكن بها عيب أو كان ولكنه قد زال فللبائع أن يسترد بدل الصلح
كذا في الفصول العمادية
اشترى رجلان شيئا فوجدا به عيبا فصالح أحدهما في حصته جاز وليس للآخر أن يخاصم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى
وعندهما لآخر على خصومته لأن عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لو أبرأ أحدهما عن حصته بطل حق الآخر خلافا لهما
كذا في محيط السرخسي
إذا اشترى ثوبين كل واحد بعشرة دراهم وقبضهما ثم وجد بأحدهما عيبا فصالح على أن يرده بالعيب على أن يزيد في ثمن الآخر درهما فالرد جائز وزيادة الدراهم باطلة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى
كذا في الحاوي
لو قال لجارية أنت أمتي وقالت لا بل أنا حرة وصالحها من ذلك على مائة درهم فهو جائز فإن أقامت البينة أنها كانت أمته أعتقها عام أول أو أنها حرة الأصل من الموالي أو من العرب حرة الأبوين رجعت بالمائة عليه ولو أقامت البينة أنها كانت أمة لفلان فأعتقها عام أول لم أقبل ذلك منها ولم ترجع بالمائة
كذا في المبسوط
إذا ادعى دارا في يد رجل وأنكر المدعى عليه فصالحه المدعي على دراهم ثم أقر المدعى عليه فأراد المدعي أن ينقض صلحه وقال إنما صالحتك لأجل إنكارك ليس له أن ينقض الصلح
كذا في المحيط
لو ادعى في بيت رجل حقا فصالحه المدعى عليه من ذلك على أن يبيت على سطحه سنة ذكر في الكتاب أنه يجوز
وقال بعض المشايخ هذا إذا كان السطح محجرا فإن لم يكن محجرا لا يجوز الصلح كما لا يجوز إجارة السطح
وقال بعضهم يجوز الصلح على كل حال
كذا في الظهيرية
اختصم رجلان في حائط فاصطلحا على أن يكون أصله لأحدهما وللآخر موضع جذوعه وأن يبني عليه حائطا معلوما ويحمل جذوعا معلومة لا يجوز
كذا في محيط السرخسي
إذا اختصم رجلان في حائط فاصطلحا على أن يهدماه وكان مخوفا وأن يبنياه على أن لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثيه والنفقة عليهما على قدر ذلك وعلى أن يحملا عليه من الجذوع بقدر ذلك فهو جائز
كذا في الحاوي
____________________
(8/273)
إذا وقع الصلح من دعوى الدار على دراهم وافترقا قبل قبض بدل الصلح لا ينتقض الصلح
كذا في المحيط
إذا كان لإنسان نخلة في ملكه فخرج سعفها إلى دار جاره فأراد الجار قطع السعف فصالحه رب النخلة على دراهم مسماة على أن يترك النخلة فإن ذلك لا يجوز وإن وقع الصلح على القطع فإن أعطى صاحب النخلة جاره دراهم ليقطع كان جائزا وأنه أعطى الجار دراهم لصاحب النخلة ليقطع كان باطلا
رجل اشترى دارا لها شفيع فصالح الشفيع على أن يعطي للشفيع دراهم مسماة ليسلم الشفيع الشفعة بطلت الشفعة ولا يجب المال وإن كان أخذ المال رده على المشتري
كذا في فتاوى قاضيخان
ولو صالح المشتري مع الشفيع على أن أعطاه الدار وزاده الشفيع على الثمن شيئا معلوما فهو جائز كذا في المبسوط
وإن صالح على أن يأخذ نصف المشتري أو ثلثه أو ربعه على أن يسلم الشفعة في الباقي كان جائزا فإن وجد هذا الاصطلاح منهما بعد تأكد حق الشفيع بطلب المواثبة وطلب الإشهاد فإنه يصير آخذا للنصف بالشفعة حتى لا يتجدد فيما أخذ بالشفعة مرة أخرى ويصير مسلم الشفعة في النصف حتى لو كان هذا الشفيع شريكا في المبيع أو في الطريق كان للجار أن يأخذ النصف الذي لم يأخذه هذا الشفيع بالشفعة وإن كان هذا الاصطلاح قبل وجود الطلب من الشفيع فإنه يصير آخذا للنصف بشراء مبتدأ ويتجدد فيما أخذ الشفعة
هكذا في المحيط
لو صالح المشتري الشفيع على أن يسلم الشفعة على بيت من الدار بحصته من الثمن فالصلح باطل وحق الشفعة باطل وهذا إذا كان الصلح بعد تأكد حقه بالطلب فأما قبل الطلب بطلت الشفعة
كذا في محيط السرخسي
إذا ادعى رجل شفعة في دار فصالحه المشتري على أن يسلم له دارا أخرى بدراهم مسماة على أن يسلم له الشفعة فهذا فاسد لا يجوز
كذا في المبسوط
رجل قتل رجلا عمدا وقتل آخر خطأ ثم صالح أولياءهما على أكثر من ديتين فالصلح جائز ولصاحب الخطأ الدية وما بقي فلصاحب العمد ولو صالح أولياءهما على ديتين أو أقل منهما كان بينهما نصفين
كذا في محيط السرخسي
وبدل الصلح في دم العمد جار مجرى المهر فكل جهالة تحملت في المهر تتحمل هنا وما يمنع صحة التسمية يمنع وجوبه في الصلح وعند فساد التسمية يسقط القود ويجب بدل النفس وهو الدية نحو أن يصالح على ثوب كما يجب مهر المثل في النكاح إلا أنهما يفترقان من وجه وهو أنه إذا تزوجها على خمر يجب مهر المثل
ولو صالح عن دم العمد على خمر لا يجب شيء كذا في الكافي
وفي الخطأ تجب الدية
كذا في الاختيار شرح المختار
ولو صالحه بعفو عن دم على عفو عن دم آخر جاز كالخلع
كذا في الاختيار
جرح رجلا عمدا فصالحه لا يخلو إما إن برىء أو مات منها فإن صالحه من الجراحة أو من الضربة أو من الشجة أو من القطع أو من اليد أو من الجناية لا غير جاز الصلح إن برىء بحيث بقي له أثر وإن برىء بحيث لم يبق له أثر بطل الصلح فأما إذا مات من ذلك بطل الصلح عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ووجبت الدية خلافا لهما وإن صالحه عن الأشياء الخمسة ومات يحدث منها فالصلح جائز إن مات منها وأما إذا برىء منها ذكر هاهنا أن الصلح جائز
وذكر في الوكالة لو أن رجلا شج رجلا موضحة فوكل إنسانا ليصالح عن الشجة وما يحدث منها إلى النفس فإن مات كان الصلح من النفس
وإن برىء يجب تسعة أعشار المال ونصف عشره
____________________
(8/274)
ويسلم للمشجوج نصف عشر المال
وقال عامة مشايخنا اختلفا لاختلاف الوضع فإن الوضع ثمة أنه صالح عن الجراحة وعما يحدث منها إلى النفس وهو معلوم فأمكن قسمة البدل على القائم والحادث جميعا وها هنا صالحه عن الجراحة وكل ما يحدث منها وهو مجهول قد يحدث وقد لا يحدث وإذا حدث لا يدري أي قدر يحدث فتعذر قسمة البدل على القائم والحادث فصار البدل كله بإزاء القائم وأما إذا صالحه عن الجناية يجوز الصلح في الفصول كلها إلا إذا برىء بحيث لم يبق له أثر
كذا في محيط السرخسي
رجل قتل عمدا وله ابنان فصالح أحدهما عن حصته على مائة درهم فهو جائز ولا شركة لأخيه فيها ولو كان القتل خطأ فصالحه أحدهما على مال كان لشريكه أن يشاركه في ذلك إلا أن يشاء المصالح أن يعطيه ربع الأرش
هكذا في المبسوط
في المنتقى عن ابن سماعة عن أبي يوسف رحمه الله قال في رجل قطع يمين رجل فصالحه المقطوع يده على أن يقطع يسار القاطع فقطعه فهذا عفو عن الأول ولا شيء على قاطع اليسار ولا شيء له على قاطع اليمين وإن اختصما قبل أن يقطع يساره وقد صالحه على ذلك فليس له أن يقطع يساره ولكن رجع بدية يمينه وإن صالحه على أن يقطع يد القاطع ورجله أو على أن يقتل عبد القاتل إن قطع يده ورجله رجع عليه بدية رجله وإن قتل عبده فله عليه قيمة عبده مقاصة منها بدية يده ويترادان الفضل
ولو صالح على أن يقطع يد هذا الحر أو على أن يقتل عبد فلان ففعل يغرم دية الحر الآخر وقيمة عبده ويرجع المقطوع يده على القاطع بدية يده
كذا في محيط السرخسي
إذا كان في الديوان عطاء مكتوب باسم رجل فنازعه فيه آخر وادعى أنه له فصالحه المدعى عليه على دراهم أو دنانير حالة أو إلى أجل فالصلح باطل وكذلك لو صالحه على شيء بعينه فهو باطل كذا في المبسوط
له عطاء في الديوان مات عن ابنين فاصطلحا على أن يكتب في الديوان باسم أحدهما ويأخذ العطاء والآخر لا شيء له من العطاء ويبذله من كان له العطاء مالا معلوما فالصلح باطل ويرد بدل الصلح والعطاء للذي جعل الإمام العطاء له
كذا في الوجيز للكردي
مطلب لا يصح صلح وكيل الخصومة الوكيل بالخصومة إذا صالح لا يصح بخلاف ما إذا أمر
كذا في متفرقات الذخيرة
لا يجوز التصرف في بدل الصلح قبل الصلح إذا كان منقولا فلا يجوز للمدعي بيعه وهبته ونحو ذلك فإن كان عقارا يجوز عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى
لا ينبغي للقاضي أن يباشر الصلح بنفسه بل يفوض ذلك إلى غيره من المتوسطين وسبيل القاضي أن لا يبادر في القضاء بل يرد الخصوم إلى الصلح مرتين أو ثلاثا إذا كان يرجو الإصلاح بينهم بأن كانوا يميلون إلى الصلح ولا يطلبون القضاء لا محالة فأما إذا طلبوا القضاء لا محالة وأبوا الصلح إن كان وجه القضاء ملتبسا غير مستبين للقاضي أن يردهم إلى الصلح أما إذا كان وجه القضاء مستبينا فإن وقعت الخصومة بين أجنبيين يقضى بينهم ولا يردهم إلى الصلح حين أبوا وإن وقعت الخصومة بين أهل قبيلتين أو بين المحارم يردهم إلى الصلح مرتين أو ثلاثا وإن أبوا الصلح
هكذا في الذخيرة
الكفيل بالنفس إذا صالح على مال على أن يبرئه من الكفالة فالصلح باطل وهل تبطل الكفالة فيه روايتان
في رواية تسقط
هكذا في البدائع وبه يفتى كذا في الذخيرة ا هـ
والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
____________________
(8/275)
كتاب المضاربة قالا من لا مسكين هي كالمصالحة من حيث إنها وجود البدل من جانب واحد ا هـ
قال الحموي وفيه تأمل لأن الصلح إذا كان عن مال بإقرار يكون بيعا والبيع يقتضي وجود المبادلة من الجانبين ا هـ
وأجاب عنه أبو السعود عن شيخه بأنه يكفي في بيان وجه المناسبة اشتراك المضاربة والصلح في الوجود الصوري وباعتباره يكون قاصرا على المصالح عليه ولا شك أن وجوده من جانب واحد كرأس مال المضاربة
وأما اعتبار الصلح عن مال بإقرار بيعا فبالنظر إلى المعنى كما لا يخفى ا هـ
أي أنه لا يلزم في المناسبة أن تكون من كل الوجوه وقد اعتبرت هنا في قسمين من الصلح عن إنكار أو سكوت
قوله ( هي مفاعلة ) لكونها على غير بابها
قوله ( وهو السير فيها ) قال الله تعالى 37 { وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله } المزمل 20 يعني يسافرون للتجارة وسمي هذا العقد بها لأن المضارب يسير في الأرض غالبا لطلب الربح ولهذا قال الله تعالى يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وهو الربح وأهل الحجاز يسمون هذا العقد مقارضة وهو مشتق من القرض لأن صاحب المال يقطع قدرا من ماله ويسلمه للعامل
وأصحابنا اختاروا لفظة المضاربة لكونها موافقة لما تلونا من نظم الآية وهي مشروعة لشدة الحاجة إليها من الجانبين فإن من الناس من هو صاحب مال ولا يهتدي إلى التصرف ومنهم من هو بالعكس فشرعت لتنتظم مصالحهم فإنه عليه الصلاة والسلام بعث والناس يتعاملون بها فأقرهم عليها وتعاملتها الصحابة رضي الله تعالى عنهم ألا ترى إلى ما يروى أن عباس بن عبد المطلب كان إذا دفع مالا مضاربة شرط عليه أن لايسلك به بحرا ولا ينزل واديا ولا يشتري ذات كبد رطب فإن فعل ذلك ضمن فبلغ ذلك رسول الله فاستحسنه فصارت مشروعة بالسنة والإجماع
كذا ذكره الزيلعي
ووجه المناسبة بين الكتابين من حيث أن كلا منهما مشتمل على الاسترباح
أما المضاربة فإن مبناها على هذا
وأما الصلح فإن المصالح من المدعى عليه مستربح سواء كان الصلح عن إقرار أو عن إنكار أو عن سكوت
عيني
قوله ( وشرعا عقد شركة ) قال في النهاية ومن يحذو حذوه أنها دفع المال إلى غيره ليتصرف فيه ويكون الربح بينهما على ما شرطا
ورجح البرجندي هذا التعريف وضعفه صاحب التكملة بأن المضاربة ليست الدفع المذكور بل هي عقد يحصل قبل ذلك أو معه
ثم عقد الشوكة في الربح لا يستلزم وجود الربح فلا يرد عليه أنه قد لا يوجد الربح أصلا وخروج الفاسدة عن التعريف لا يقدح فيه لأنها تنقلب حينئذ إلى الإجارة كذا أفاده المنلا عبد الحليم
قوله ( في الربح ) وإن لم يشتركا في الربح خرج العقد إلى البضاعة أو القرض
قال في البحر فلو شرط الربح لأحدهما لا تكون مضاربة ا هـ
ويجوز التفاوت في الربح وإذا كان المال من اثنين فلا بد من تساويهما فيما فضل من الربح حتى لو شرط لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث فيما فضل فهو بينهما نصفان لاستوائهما في رأس المال ا هـ
كما يأتي قوله ( بمال من جانب الخ ) أي هذا مسمى المضاربة وأما كونه إيداعا ابتداء فليس هو مفهوما لها بل هو حكمها كما ذكره لأنه ترك ماله في يد غيره لا على طريق الاستبدال ولا الوثيقة فيكون أمانة فهو داخل في معنى الوديعة وليس هو مسمى عقد المضاربة فإذا عمل فيه كان عاملا فيه بإذن مالكه وهو معنى الوكيل له فلذلك كان من حكمها أنها توكيل مع العمل فإن ربح
____________________
(8/276)
كان شريكا لأنها قد عقدت بمال من جانب رب المال وعمل من جانب الآخر على أن يكون الربح بينهما فلما حصل الربح كان له نصيب منه فكانت شركة حينئذ وغصب إن خالف لأنه تصرف في ماله بغير إذنه حيث خالف ما شرطه عليه وخرجت حينئذ عن كونها مضاربة فلذا لا تعود وإن أجاز رب المال لأن عقد المضاربة قد انفسخ بالمخالفة والمفسوخ لا تلحقه الإجازة وإجارة فاسدة إن فسدت لأن الربح إنما يستحق بعقد المضاربة فإذا فسدت لا يستحق شيثئا منه ولذا قال فلا ربح للمضارب لكنه عمل في ماله بإذنه غير متبرع فيكون إجارة فلذا وجب أجر مثله ربح أو لا كما هو حكم الإجارة وإنما كانت فاسدة لعدم وجود العقد الصحيح المفيد للإجارة وبهذا التقرير اندفع ما أورده صدر الشريعة
تأمل
قوله ( وعمل من جانب المضارب ) لأن قبض المال بإذن مالكه لا على وجه المبادلة والوثيقة بخلاف المقبوض على سوم الشراء لأنه قبضه بدلا وبخلاف الرهن لأنه قبضه وثيقة
درر وهو أي عمل بالرفع
كذا ضبطه الشرح ا هـ
شلبي
فيكون عطفا على قوله عقد فيقتضي أن حقيقتها العقد والعمل وهو ينافي ما بعد من قوله وركنها الخ فلو كان مجرورا عطفا على مال والجار والمجرور في قوله بمال متعلق بمحذوف تقديره وتكون لكان وجيها
فالأولى أن يقول وهي عبارة عن عقد على الشركة في الربح بمال من أحد الجانبين وعمل من الآخر كما فعل في الهندية وهو مؤيد ما قلنا كما في ط
وإنما قيد الشارح بالمضارب لأنه لو اشترط رب المال أن يعمل مع المضارب فسدت كما سيصرح به المصنف في باب المضارب يضارب وكذا تفسد لو أخذ المال من المضارب بلا أمره وباع واشترى به إلا إذا صار المال عروضا فلا تفسد لو أخذه من المضارب كما سيأتي في فصل المتفرقات
قوله ( وركنها الإيجاب والقبول ) قال الحموي في شرحه وركنها اللفظ الدال عليها كقوله دفعت إليك هذا المال مضاربة أو مقارضة أو معاملة أو خذ هذا المال واعمل به على أن لك من الربح نصفه أو ثلثه أو قال ابتع به متاعا فما كان من فضل فلك منه كذا أو خذ هذا بالنصف بخلاف خذ هذا الألف واشتر هرويا بالنصف ولم يزد عليه فليس مضاربة بل إجارة فاسدة له أجر مثله إن اشترى وليس له البيع إلا بأمر ا هـ
ويقول المضارب قبلت أو ما يؤدي هذا المعنى ا هـ
قاضي زاده
قوله ( وحكمهما أنواع ) لكنها بأنظار مختلفة
قال المنلا عبد الحليم
قوله ( وحكمها أنواع ) الأول أقول اللائق أن يدرج في غيره أيضا قولنا الثاني والثالث وغيرهما كما أدرج في قوله وشرطها وعد الأنواع المذكورة أحكامها بناء على أن حكم الشيء ما يثبت به ويبتني عليه ولا خفاء في أنه يراعي ذلك في كل حكم منها في وقته فلا يرد عليه أن معنى الإجارة والغصب ناقض لعقد المضاربة مناف لصحتها فكيف يجعل حكما من أحكامها ومن هذا يظهر حسن سبك المصنف في تحرير المتن حيث قال وأما دفع المال الخ لأن الإبضاع والإقراض لم يبتنيا على هذا العقد بل يفترقان عنه أول الأمر كما لا يخفى ا هـ
قوله ( لأنها إيداع ابتداء ) لأنه قبض المال بإذن مالكه لا على وجه المبادلة والوثيقة إلى آخر ما قدمناه قريبا ولو حذف
قوله ( لأنها ) ويكون
قوله ( إيداع ) بدلا مما قبله ماضره وقوله ابتداء ظاهره أنها لا تكون في البقاء كذلك مع أنها تكون أمانة فيه فحكم الابتداء والبقاء سواء
____________________
(8/277)
فإن قيل أراد الإيداع حقيقة وهي في البقاء أمانة قلنا هذا غير ظاهر فتدبر ط
قال الخير الرملي سيأتي أن المضارب يملك الإيداع في المطلقة مع ما تقرر أن المودع لا يودع فالمراد في حكم عدم الضمان بالهلاك وفي أحكام مخصوصة لا في كل حكم فتأمل
قوله ( ومن حيل الضمان الخ ) ليست هذه حيلة في المضاربة بل قد خرج العقد إلى الشركة في رأس المال
وذكر الزيلعي حيلة أخرى أيضا فقال وإذا أراد رب المال أن يضمن المضارب بالهلاك يقرض المال منه ثم يأخذه منه مضاربة ثم يبضع المضارب كما في الواقعات
وذكر هذه الحيلة القهستاني
وفيه نظر لأنها تكون شركة عنان شرط فيها العمل على الأكثر مالا وهو لا يجوز بخلاف العكس فإنه يجوز كما ذكره في الظهيرية في كتاب الشركة عن الأصل للإمام محمد
تأمل
وكذا في شركة البزازية حيث قال وإن لأحدهما ألف ولآخر ألفان واشتركا واشترطا العمل على صاحب الألف والربح أنصافا جاز وكذا لو شرطا الربح والوضيعة على قدر المال والعمل من أحدهما بعينه جاز ولو شرطا العمل على صاحب الألفين والربح نصفين لم يجز الشرط والربح بينهما أثلاثا لأن ذا الألف شرط لنفسه بعض ربح الآخر بغير عمل ولا مال والربح إنما يستحق بالعمل أو المال أو بالضمان ا هـ ملخصا
لكن في مسألة الشارح شرط العمل على كل منهما لا على صاحب الأكثر فقط وهو صحيح سالم من الفساد كما سيصرح به
والحاصل أن المفهوم من كلامهم أن الأصل في الربح أن يكون على قدر المال كما قدمناه عن البحر إلا إذا كان لأحدهما عمل فيصح أن يكون أكثر ربحا بمقابلة عمله وكذا لو كان العمل منهما يصح التفاوت أيضا تأمل
قوله ( ثم يعقد شركة عنان ) وهي لا يلزمها أن يكون الربح فيها على قدر المال فلهما أن يتفقا على منصافة الربح
ح قوله ( على أن يعملا ) ذكره لأنه لو شرط العمل على أحدهما فسدت كما مر فيها والمفسد اشتراط عمل أحدهما لا الإطلاق
قوله ( ثم يعمل المستقرض فقط ) أي بطيب نفس منه لا بشرط عليه لأن شرط الشركة أن يكون العمل عليهما كما قال على أن يعملا لكن الشرط إنما هو اشتراط العمل عليهما لا وجوده منهما فإن العمل لا يتأتى من اثنين عادة فيصح أن ينفرد أحدهما به بعد أن شرط عليهما كما هو مقتضى عقد الشركة ويكون الربح بينهما على حسب الشرط لأن كلا منهما وكيل بما يعمله عن صاحبه فيقع شراء كل لهما بالأصالة عن نفس المباشر وبالوكالة عن شريكه لأن الشركة تتضمنها ويكون الربح على حسب الشرط كما تقدم في بابها
قوله ( وتوكيل مع العمل ) حتى يرجع بما لحقه من العهدة عليه
منح
كما لو رد على المضارب بالعيب ولم يوجد ما يؤدي ثمنه من مال المضاربة أو استحق في يد المشتري ورجع على المضارب بثمنه ولم يوجد ما يؤديه فأدى من مال نفسه يرجع إلى رب المال
هذا ما ظهر لي وكما سيجيء من قوله شرى عبدا بألفها وهلك الألف قبل نقده دفع المال ثمنه ثم وثم يعني يرجع المضارب بالثمن على المالك
وأقول هذه الوكالة ضمنية كما في وكالة الشركة كما ذكرنا فشملت وكالة بمجهول الجنس وجازت بخلاف الوكالة القصدية فإنها لم تجز وكالة بمجهول الجنس نحو التوكيل بشراء ثوب ونحوه على ما مر
قوله ( وشركة إن ربح ) لأن الربح حصل بالمال والعمل فيشتركان فيه
منح
____________________
(8/278)
أقول بل تكون شركة بمجرد الشراء ألا ترى ليس لرب المال فسخها بعده ولو كانت وكالة لكان له فسخها حينئذ وأخذ البضاعة
نعم استحقاقه لشيء من المال موقوف على ظهور الربح ولذا لو عتق عبد المضاربة لا يعتق ما لم يتحقق الربح
تأمل
قوله ( وغصب إن خالف ) لتعديه على مال غيره فيكون ضامنا واستشكل قاضي زاده عد الغصب والإجارة من أحكامها لأن معنى الإجارة إنما يظهر إذا فسدت المضاربة ومعنى الغصب إنما يتحقق إذا خالف المضارب وكلا الأمرين ناقض لعقد المضاربة مناف لصحتها فكيف يصح أن يجعلا من أحكامها وحكم الشيء ما يثبت به والذي يثبت بمنافيه لا يثبت به قطعا
فإن قلت قد صلحا أن يكونا حكما للفاسدة
قلنا الأركان والشروط المذكورة هنا للصحيحة فكذا الأحكام على أن الغصب لا يصح حكما للفاسدة لأن حكمها أن يكون للعامل أجر عمله ولا أجر للغاصب ا هـ
مختصرا ط
ولا تنس ما قدمناه عند قوله بمال من جانب الخ
قوله ( وإن أجاز رب المال بعده ) حتى لو اشترى المضارب ما نهى عنه ثم باعه وتصرف فيه ثم أجاز رب المال لم يجز
منح
فيضمن بالغصب ويكون الربح بعدما صار مضمونا عليه له ولكن لا يطيب له عندهما
وعند الثاني يطيب له كالغاصب والمودع إذا تصرفا وربحا فإنهما على الخلاف المذكور
ا هـ
شلبي عن الغاية
وفي سري الدين عن الكافي أنه بعد الإجازة يكون كالمستبضع يعني أن البضاعة وديعة في يده وإذا خالف ينقلب إلى الغصب ولو أجاز بعده ا هـ
وفيه مخالفة لما هنا كل المخالفة وينبغي اعتماد ما هنا ط بزيادة
قوله ( لصيرورته غاصبا بالمخالفة ) فيه تعليل الشيء بنفسه
قوله ( بل له أجر مثل عمله مطلقا ) وهو ظاهر الرواية
قهستاني
لأنه لا يستحق المسمى لعدم الصحة ولم يرض بالعمل مجانا فيجب أجر المثل
وعن أبي يوسف إن لم يربح فلا أجر له وهو الصحيح لئلا تربو الفاسدة على الصحيحة
شيخنا عن ابن الغرس على الهداية
ا هـ
أبو السعود
وفي الهداية وعن أبي يوسف إذا لم يربح لا يجب الآخر اعتبارا بالمضاربة الصحيحة ا هـ
اتفق الشراح على صحة هذا التعليل لأن الفاسد يؤخذ حكمه من الصحيح من جنسه أبدا كما في البيع الفاسد ولكن تصدوا في الجواب عنه بأنه نعم كذلك إذا كان انعقاد الفاسد كانعقاد الصحيح كما في المنبع وهنا ليس كذلك لأن المضاربة الصحيحة تنعقد شركة والفاسدة تنعقد إجارة فتعتبر بالإجارة الصحيحة عند إيفاء العمل
ورده صاحب البيانة باعتبار فاسد المضاربة بصحيحها أولى من جعلها إجارة لأنهما رضيا أن يكون للعامل جزء من الربح لو حصل وبالحرمان إن لم يحصل ولم يرض رب المال أن يكون في ذمته شيء في مقابلة عمله فإيجابه يكون إيجابا بغير دليل فهدم الأصل الضعيف أولى من إلغاء التعليل الصحيح هذا
قوله ( بلا زيادة على المشروط أي المسمى كما هو حكم الإجارة الفاسدة وقد مر وهذا فيما إذا ربح وإلا فلا تتحقق الزيادة ولا يكون له أجر ما لم يربح أو يكن الفاسد بسبب تسمية دراهم معينة للعامل لأنه لم يرض حينئذ بالحرمان عند عدم الربح
تأمل
قوله ( خلافا لمحمد ) فيه إشعار بأن الخلاف فيما إذا ربح وأما إذا لم يربح فأجر المثل بالغا ما بلغ لأنه لا يمكن تقدير بنصف الربح المعدوم كما في الفصولين لكن في الواقعات ما قاله أبو يوسف مخصوص بما إذا ربح وما قاله محمد بأن له أجر المثل بالغا ما بلغ فيما هو أعم
ذكره الشمني
وأفاد في الشرنبلالية نقلا عن التبيين وشرح المجمع والخلاصة أن وجوب أجر المثل مطلقا قول محمد ومعنى الإطلاق ربح أو لم يربح زاد على المسمى أولا
وعند أبي يوسف يجب إن ربح وإلا فلا ولا يجاوز
____________________
(8/279)
المشروط ا هـ
وحينئذ فيكون مشى في وجوب الأجر مطلقا على قول محمد ومشى في عدم مجاوزة المشروط على قول أبي يوسف
فحاصل ما قاله أبو يوسف مخصوص بما إذا ربح وما قاله محمد بأن له أجر المثل بالغا ما بلغ فهو أعم كما ذكرنا
قوله ( إلا في وصي أخذ مال يتيم مضاربة الخ ) ظاهره أن للوصي أن يضارب في مال اليتيم بجزء من الربح وسيأتي بيانه في الفروع وكلام الزيلعي فيه أظهر وأفاد الزيلعي أيضا أن للوصي دفع المال إلى من يعمل فيه مضاربة بطريق النيابة عن اليتيم كأبيه
أبو السعود
قال في أحكام الصغار الوصي يملك أخذ مال اليتيم مضاربة فإن أخذ على أن له عشرة دراهم من الربح فهذه مرابحة فاسدة ولا أجر له وهذا مشكل لأن المضاربة متى فسدت تنعقد إجارة فاسدة ويجب أجر المثل ومع هذا قال لا يجب لأن حاصل هذا راجع إلى أن الوصي يؤجر نفسه لليتيم وأنه لا يجوز
ا هـ
ومنه يعلم أن الاستثناء الذي ذكره ليس في عبارة الكتاب المذكور وأنه أسقط من عبارته ما به يتضح الحكم المذكور
وفي البزازية بعد أن ذكر الإشكال الذي ذكره في جامع أحكام الصغار قال والجواب أنه قد برهن على أن المنافع غير مقومة وأنه الأصل فيها فلو لزم الأجر لزم التقوم في غير المتقوم نظرا إلى الأصل وأنه لا يجوز في مال اليتيم والصغير والتقوم بالعقد الصحيح بالنصوص الدالة عليه والنص لم يرد في الفاسد والوارد في الصحيح لا يكون واردا في الفاسد في حق الصغير ا هـ
ذكره الحموي
قوله ( كشرطه لنفسه عشرة دراهم ) الكاف لتمثيل المضاربة الفاسدة
حلبي
قوله ( فلا شيء له ) لأنه من باب إيجار الوصي لنفسه لليتيم وهو لا يجوز كما ذكرنا
قوله ( فهو استثناء من أجر عمله ) لا حاجة إليه لأن المصنف دفع الإيهام الذي وقع فيه بقوله فلا شيء له وذلك لأنه يحتمل أن يكون استثناء من قوله بل له أجر مثله أو من قوله بلا زيادة والمؤلف قصد التوضيح
قوله ( والفاسدة لا ضمان فيها ) لأن الفاسد من العقود يأخذ الحكم من الصحيح منها ولأنه عين في يد أجيره ولو تلف بعد العمل فله أجر مثله وقيل هذا عند أبي حنيفة وعندهما يضمن إذا تلف في يده بما يمكن التحرز عنه
ا هـ
وفي النهاية والمضاربة الفاسدة غير مضمونة بالهلاك وذكر ابن سماعة عن محمد أنه ضامن للمال فقيل المذكور في الكتاب قول أبي حنيفة وهو بناء على اختلافهم في الأجير المشترك إذا تلف المال في يده من غير صنعه وعندهما هو ضامن إذا هلك في يده بما يمكن التحرز عنه وكذلك في كل مضاربة فاسدة
كذا في المبسوط
قوله ( كله للمالك بضاعة ) هو أن يعمل له متبرعا
قوله ( فيكون وكيلا متبرعا ) أي بعمله حيث لم يشترط له جزءا من الربح
قوله ( لقلة ضرره ) أي القرض بالنسبة للهبة فجعل قرضا ولم يجعل هبة لكن فيه اختصار مخل وكان عليه أن يقول قرض لا هبة لقلة ضرره
قال في التبيين وإنما صار المضارب مستقرضا باشتراط كل الربح له لأنه لا يستحق الربح كله إلا إذا صار رأس المال ملكا له لأن
____________________
(8/280)
الربح فرع المال كالثمر للشجر وكالولد للحيوان فإذا شرط أن يكون جميع الربح له فقد ملكه جميع رأس المال مقتضى
وقضيته أن لا يرد رأس المال لأن التمليك لا يقتضي الرد كالهبة لكن لفظ المضاربة يقتضي رد رأس المال فجعلناه قرضا لاشتماله على المعنيين عملا بهما ولأن القرض أدنى التبرعين لأنه يقطع الحق عن العين دون البدل والهبة تقطعه عنهما فكان أولى لكونه أقل ضررا
ا هـ
قوله ( سبعة ) بضم قوله ومن شروطها
مطلب لا تصح المضاربة بالفلوس الكاسدة قوله ( كون رأس المال الأثمان ) أي الدراهم والدنانير عندهما وبالفلوس النافقة ولو دفع له عرضا وقال له بعه واعمل مضاربة في ثمنه فباع بدراهم أو دنانير فتصرف صح
ذكره مسكين
لكن فيه مخالفة لما في القهستاني عن الكبرى ونصه في المضاربة بالتبر روايتان
وعن الشيخين أنها تصح بالفلوس وعند محمد لا تصح وعليه الفتوى ا هـ
وإنما جاز في مسألة ثمن الثوب لأن المضاربة ليس فيها إلا توكيل وإجازة وكل ذلك قابل للإضافة على الانفراد فكذا عند الاجتماع كما في الزيلعي
وإنما اشترط كون رأس المال من الأثمان لأنها شركة عند حصول الربح فلا بد من مال تصح به الشركة وهو الدراهم والدنانير والتبر والفلوس النافقة ا هـ
منح وجوازها بالتبر إن كان رائجا وإلا فهو كالعروض فلا تجوز المرابحة عليه إلا إذا بيعت العروض فصارت نقودا فإنها تنقلب مضاربة وكذلك الكيلي والوزني لا يصلح أن يكون رأس المال عندنا خلافا لابن أبي ليلى كما في النهاية
وذكر في تكلمة الديري وما نقله البعض أنه عند مالك تصح بالعروض لا يكاد يصح وإنما المنقول عن ابن أبي ليلى أنه يجوز بكل مال وعليه كلام الكاكي ا هـ
وقيد في الدرر بالفلوس النافقة أيضا
قال في الهندية والفتوى على أنه تجوز بالفلوس الرائجة
كذا في التاترخانية ناقلا عن الكبرى
ولا يجوز بالذهب والفضة إذا لم تكن مضروبة في رواية الأصل
كذا في فتاوى قاضيخان
وفي الكبرى في المضاربة بالتبر روايتان ففي كل موضع يروج التبر رواج الأثمان تجوز المضاربة هكذا في التاترخانية والمبسوط والبدائع
وتجوز بالدراهم النبهرجة والزيوف ولا يجوز بالستوقة فإن كانت الستوقة تروج فهي كالفلوس
كذا في فتاوى قاضيخان
وفي الحامدية سئل فيما إذا دفع زيد لعمرو بضاعة على سبيل المضاربة وقال لعمرو بعها ومهما ربحت يكون بيننا مثالثة فباعها وخسر فيها فالمضاربة غير صحيحة ولعمرو أجر مثله بلا زيادة على المشروط
ا هـ
رجل دفع لآخر أمتعة وقال بعها واشتر بها وما ربحت فبيننا نصفين فخسر فلا خسران على العامل وإذا طلب صاحب الأمتعة بذلك فتصالحا على أن يعطيه العامل إياه لا يلزمه ولو كفل إنسان ببدل الصلح لا يصح ولو عمل هذا العامل في هذا المال فهو بينهما على الشرط لأن ابتداء هذا ليس بمضاربة بل هو توكيل ببيع الأمتعة ثم إذا صار الثمن من النقود فهو دفع مضاربة بعد ذلك فلم يضمن أولا لأنه أمين بحق الوكالة ثم صار مضاربا فاستحق المشروط
جواهر الفتاوى
قوله ( كما مر في الشركة ) من أنها لا تصح مفاوضة وعنانا بغير النقدين والفلوس النافقة والتبر والنقرة إن جرى التعامل بهما
قوله ( وهو معلوم للعاقدين ) لئلا يقعا في المنازعة ولو مشاعا لما في التاترخانية
____________________
(8/281)
مطلب قرض المشاع جائز وإذا دفع ألف درهم إلى رجل وقال نصفها عليك قرض ونصفها معك مضاربة بالنصف صح وهذه المسألة نص على أن قرض المشاع جائز ولا يوجد لهذا رواية إلا ها هنا
وإذا جاز هذا العقد كان لكل نصف حكم نفسه وإن قال على أن نصفها قرض وعلى أن تعمل بالنصف الآخر مضاربة على أن الربح كله لي جاز ويكره لأنه قرض جر منفعة وإن قال على أن نصفها قرض عليك ونصفها مضاربة بالنصف فهو جائز ولم يذكر الكراهية هنا فمن المشايخ من قال سكوت محمد عنها هنا دليل على أنها تنزيهية
وفي الخانية قال على أن تعمل بالنصف الآخر على أن الربح لي جاز ولا يكره فإن ربح كان بينهما على السواء والوضيعة عليهما لأن النصف ملكه بالقرض والآخر بضاعة في يده وفي التجريد يكره ذلك
وفي المحيط ولو قال على أن نصفها مضاربة بالنصف ونصفها هبة لك وقبضها غير مقسومة فالهبة فاسدة والمضاربة جائزة فإن هلك المال قبل العمل أو بعده ضمن النصف حصة الهبة فقط
وهذه المسألة نص على أن المقبوض بحكم الهبة الفاسدة مضمون على الموهوب له
ا هـ
ملخصا
وتمامه فيه فليحفظ فإنه مهم
وهذه الأخيرة ستأتي قبيل كتاب الإيداع قريبا من أن الصحيح أنه لا ضمان في حصة الهبة أيضا لأن الصحيح أن الهبة الفاسدة تملك بالقبض ا هـ
لكن فيه أن الواهب سلط الموهوب له على قبض ماله في الهبة المذكورة فكيف يضمن وقد أوضح الجواب عنه في ( نور العين ) بأن الهبة الفاسدة تنقلب عقد معاوضة فتكون كالمقبوض على حكم البيع الفاسد وهو مضمون
ا هـ
وقوله فإن ربح كان بينهما على السواء أي ربح جميع الألف بدليل التعليل المذكور
ولا يشكل هذا على قولهم إن الشرط الموجب انقطاع الشركة يفسدها أي المضاربة به
لأنا نقول ما في الصورة المذكورة بحق نصف الألف هو بضاعة لا مضاربة تأمل
قوله ( وكفت به ) أي في الإعلام
منح قوله ( الإشارة ) كما إذا دفع لرجل دراهم مضاربة وهو لا يعرف قدرها فإنه يجوز فيكون القول في قدرها وصفتها للمضارب مع يمينه والبينة للمالك أي إذا إشار إليها لئلا يقعا في المنازعة له في الدرر
قوله ( والبينة للمالك ) أي لو ادعى رب المال أنه دفع إليه ألفين وقال المضارب ألفا فسقط أو ادعى رب المال أنها بيض وقال المضارب سود فالقول للمضارب بيمينه لأنه منكر والبينة لرب المال لأنه مدع
قوله ( لم يجز ) لأن المضارب أمين ابتداء ولا يتصور كونه أمينا فيما عليه من الدين أي لأنه لا يبرأ إلا بتسليمه لربه ويكون الربح للمشتري في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد الربح لرب الدين ويبرأ المضارب عن الدين
كذا في الخانية عن العزمية
قال في البحر وأما المضاربة بدين فإن كان على المضارب فلا يصح وما اشتراه له والدين في ذمته ا هـ
والأوجه تأخير هذا عند قوله وكون رأس المال عينا لا دينا بطريق التفريع عليه كما فعل صاحب الدرر
قوله ( وإن على ثالث ) بأن قال اقبض مالي على فلان ثم اعمل به مضاربة ولو عمل قبل أن يقبض الكل ضمن ولو قال فاعمل به لا يضمن وكذا بالواو لأن ثم للترتيب فلا يكون مأذونا بالعمل إلا بعد قبض الكل بخلاف الفاء والواو ولو قال اقبض ديني لتعمل به مضاربة لا يصير مأذونا ما لو يقبض الكل
بحر أي فلو عمل قبل أن يقبضه كله ضمن
وبحث فيه بأن القول بأن الفاء كالواو في هذا الحكم نظر لأن ثم تفيد الترتيب والتراخي
____________________
(8/282)
والفاء تفيد التعقيب والترتيب فينبغي أن لا يثبت الإذن فيهما قبل القبض بل يثبت عقبه بخلاف الواو فإنها لمطلق الجمع من غير تعرض لمقارنة ولا ترتيب وعليه عامة أهل اللغة وأئمة الفتوى
تأمل
قوله ( جاز ) لأن هذا توكيل بالقبض وإضافة للمضاربة إلى ما بعد قبض الدين وذلك جائز بخلاف ما إذا قال اعمل بالدين الذي لي عليك حيث لا يجوز للمضاربة لأن المضاربة توكيل بالشراء والتوكيل بالشراء بدين في ذمة الوكيل لا يصح حتى يعين البائع أو المبيع عند أبي حنيفة فبطل التوكيل بالكلية حتى لو اشترى كان للمأمور وكذا لا يصح التوكيل بقبض ما في ذمة نفسه فلا يتصور المضاربة فيه
وعندهما يصح التوكيل بالشراء بما في ذمة الوكيل من غير تعيين ما ذكرنا حتى يكون مشتريا للآمر لكن المشتري عروض فلا تصح المضاربة بها على ما بينا ا هـ
زيلعي
مطلب حيلة جواز المضاربة في العروض قوله ( وكره ) لأنه اشترط منفعة قبل العقد
منح
ويظهر هذا في المسألة التي بعد
قوله ( ولو قال اشتر لي عبدا نسيئة الخ ) هذا يفهم أنه لو دفع عرضا وقال له بعه واعمل بثمنه مضاربة أنه يجوز بالأولى كما ذكرنا وقد أوضحه الشرح وهذه حيلة لجواز المضاربة في العروض
وحيلة أخرى ذكرها الخصاف أن يبيع المتاع من رجل يثق به ويقبض المال فيدفعه إلى المضارب مضاربة ثم يشتري هذا المضارب هذا المتاع من الرجل الذي ابتاعه من صاحبه ط
قوله ( مجتبى ) ومثله في البحر
قوله ( وكون رأس المال عينا ) أي معينا وليس المراد بالعين العرض
قوله ( كما بسط في الدرر ) حيث قال فيه لأن المضارب أمين ابتداء ولا يتصور كونه أمينا فيما عليه من الدين فلو قال اعمل بالدين الذي بذمتك مضاربة بالنصف لم يجز بخلاف ما لو كان له دين على الثالث فقال اقبض مالي من فلان واعمل به مضاربة حيث يجوز لأنه أضاف المضاربة إلى زمان القبض والدين فيه يصير عينا وهو يصلح أن يكون رأس المال
ا هـ
وهو كالذي قدمه في الدين قريبا وذكر فيه تفصيل كما هنا بأن هذا إذا كان دينا على المضارب
أما لو كان على غيره جاز وكره لأن ما كان على الغير بقبضه يصير عينا فتقع المضاربة عليه لا على الدين كما سمعت
فمن قال إنه مكرر مع ما تقدم توهم أنه متقدم متنا ومن قال إنه موهم للإطلاق أي يوهم أنه لا فرق أن يكون الدين على المضارب أو على الأجنبي وقد علمت الجواب أن ما على الأجنبي يصير عينا بقبضه فلم يقع العقد على الدين بل على العين المقبوضة
قوله ( وكونه مسلما إلى المضارب ) لأن المال في المضاربة من أحدا لجانبين والعمل من جانب الآخر فلأن يخلص المال للعامل ليتمكن في التصرف منه ولأن المال يكون أمانة عنده فلا يتم إلا بالتسليم إليه كالوديعة فلو شرط رب المال أن يعمل مع المضارب لا تجوز المضاربة لأنه شرط يمنع من التسليم والتخلية بين المال والمضارب سواء كان المالك عاقلا أو لا كالأب والوصي إذا دفع مال الصغير مضاربة وشرط عمل شريكه أي الصغير مع المضارب لا تصح المضاربة
وفي السغناقي وشرط عمل الصغير لا يجوز وكذا أحد المتفاوضين أو شريكي العنان إذا دفع المال مضاربة وشرط عمل صاحبه فسد العقد
تاترخانية
ولو شرط أن يكون المال كل ليلة عند المالك فسدت المضاربة
قهستاني
____________________
(8/283)
قال الإسبيجابي إذا رد المضارب رأس المال على المالك وأمره أن يبيع يشتري على المضاربة ففعل وربح فهو جائز على المضاربة والربح على ما شرطا لأنه لم يوجد صريح النقد ولا دلالته لأنه صار مستعينا به على العمل
وإذا وقع العمل من رب المال إعانة لا يجعل استردادا بخلاف ما إذا شرط عمل رب المال حال العقد أفسد
وحكى الإمام القاضي العامري عن محمد بن إبراهيم الضرير أن شرط عمل رب المال مع المضارب إنما يكون مفسدا إذا شرط العمل جملة أما إذا شرط رب المال لنفسه أن يتصرف في المال بانفراده متى بدا له وأن يتصرف المضارب في جميع المال بانفراده متى بدا له جازت المضاربة كما في الذخيرة وقيد برب المال لأن العاقد لو لم يكن رب المال فإن كان أهلا لأن يكون مضاربا في ذلك المال كالأب والوصي يجوز شرط العمل عليه وإن لم يكن أهلا كالمأذون لا يجوز كما في الشروح ا هـ
وسيأتي في الباب الآتي متنا بعض هذا
قوله ( ليمكنه التصرف ) أي ولأنها في معنى الإجارة والمال محل فيجب تسليمه
قوله ( لأن العمل فيها من الجانبين ) فلو شرط خلوص اليد لأحدهما لم تنعقد الشركة لانتفاء شرطها وهو العمل منهما
كذا في الدرر
قوله ( شائعا ) أنصافا أو أثلاثا مثلا لتحقق المشاركة بينهما في الربح قل أو كثر
قاله في البرهان
وفي البحر الرابع أن يكون الربح بينهما شائعا كالنصف والثلث لا سهما معينا يقطع الشركة كمائة درهم أو مع النصف عشرة ا هـ ط
أي لاحتمال أن لا يحصل من الربح إلا مقدار ما شرط له
وإذا انتفى الشركة في الربح لا تتحقق المضاربة لأنها جوزت بخلاف القياس بالنص بطريق الشركة في الربح فيقتصر على مورد النص
وفي المتن إيماء إلى أن المشروط للمضارب إنما يكون من الربح حتى لو شرط من رأس المال أو منه ومن الربح فسدت كما في الخزانة وعليه تعريف المضاربة
قوله ( فلو عين قدرا فسدت ) لقطعه الشركة في الربح
وإذا فسدت فله أجر مثله لا يجاوز ا لمشروط عند أبي يوسف لرضاه به إذا كان المسمى معلوما
أما لو كان مجهولا كما هنا أو لم يوجد ربح لا يقال رضي بالقدر المشروط زيادة عن حصته من الربح لأنه لم يرض بها إلا مع نصف الربح وهو معدوم فالمسمى غير معلوم فيجب أجر المثل بالغا ما بلغ وقد يجاب بأن هذا العقد لما كان فاسدا كان ما سمى فيه محظورا فقطع النظر عما هو موجب المضاربة وعول على ما عين معه على أنه أجر مثل في إجارة لا موجب مضاربة ولهذا قالوا هذه إجارة في صورة مضاربة
حموي عن المقدسي
قلت ما بحثه المقدسي صرح به القهستاني معزيا للفصولين ونصه بعد أن حكى الخلاف عن الصاحبين في أن أجر المثل هل يجب بالغا ما بلغ أو لا يجاوز به المشروط قال والخلاف فيما إذا ربح وأما إذا لم يربح فأجر المثل بالغا ما بلغ لأنه لا يمكن تقديره الخ وحينئذ لا حاجة إلى تكلف الجواب ولا ينافي كلام القهستاني ما سيأتي في الشارح من قوله وعن أبي يوسف إن لم يربح فلا أجر له لأنه ذكره بلفظ عن فلا ينافي كون المذهب عنده استحقاق الأجر له بالغا ما بلغ
بقي أن يقال ظاهر كلام المقدسي أن المسمى للمضارب من الربح إذا كان جزءا شائعا كالنصف يقال إنه معلوم وهو مخالف لما في الشمني حيث قال فإن كان المسمى معلوما لا يزاد عليه وإن كان مجهولا كدابة أو ثوب يجب بالغا ما بلغ وإن كان معلوما من وجه دون وجه كالجزء الشائع مثل النصف والربع فعند محمد يجب بالغا ما بلغ لأنه مجهول إذ يكثر بكثرة ما يحصل وينقص بقلته
وعندهما لا يزاد على المسمى لأنه معلوم من
____________________
(8/284)
جملة ما يحصل بعمله ا هـ
أبو السعود
وإنما تكون إجارة فاسدة إذا فسدت إن لم يبين مدة معلومة
أما لو بينها ينبغي أن يكون أجيرا خاصا فيستحق بتسليم نفسه في المدة كما هو حكم الأجير الخاص وليراجع
قوله ( وكون نصيب كل منهما معلوما عند العقد ) لأن الربح هو المعقود عليه وجهالته توجب فساد العقد ا هـ
درر
قوله ( فسدت ) لأنهما شرطان لا يقتضيهما العقد
قال في التاترخانية وما لا يوجب شيئا من ذلك لا يوجب فساد المضاربة نحو أن يشترطا أن تكون الوضيعة عليهما
وفي الفتاوى العتابية ولو قال إن الربح والوضيعة بيننا لم يجز وكذا لو شرطا الوضيعة أو بعضها على المضارب فسدت
وذكر الكرخي أن الشرط باطل وتصح المضاربة إذا شرط فيه نصف الربح
وفي الذخيرة ذكر شيخ الإسلام في أول المضاربة أن المضاربة لا تفسد بالشروط الفاسدة
وإذا شرط للمضارب ربح عشرة فسدت لأنه شرط فاسد لأنه شرط تنتفي به الشركة في الربح ا هـ
قوله ( يوجب جهالة في الربح ) كما إذا شرط له نصف الربح أو ثلثه أو ربعه بأو الترديدية حلبي يعني ذكر مجموع الثلاثة بطريق الترديد لاقتضاء الترديد جهالة الربح
قوله ( أو يقطع الشركة ) كما لو شرط لأحدهما دراهم مسماة
حلبي
وأورد الأكمل شرط العمل على رب المال فإنه يفسدها وليس بواحد منهما وأجيب بأن المراد بالفساد ما بعد الوجود وهي عند اشتراط ذلك لو توجد المضاربة أصلا إذ حقيقتها أن يكون العمل فيها من طرف المضارب
وفي المقدسي قال الزيلعي وغيرها فالأصل أن كل شرط يوجب جهل الربح أو قطع الشركة مفسد وما لا فلا
قال الأكمل شرط العمل على رب المال لا يفسدها وليس بواحد منهما فلم يطرد
والجواب أنه قال وغير ذلك من الشروط الفاسدة لا يفسدها
وإذا شرط العمل عليه فليس ذلك مضاربة وسلب الشيء عن المعدوم صحيح يجوز أن تقول زيد المعدوم ليس ببصير وقوله بعد وشرط العمل على المالك مفسد معناه مانع عن تحققه
قال بعض المحققين مضمونه وإن لم يكن فاسدا في نفسه إلا أنه مفسد لمعنى المقام لأن معنى القسم الثاني من الأصل على ما صرحوا به هو أن غير ذلك من الشروط لا يفسد المضاربة بل تبقى صحيحة ويبطل الشرط وقد أشار إليه المصنف بقوله كاشتراط الوضيعة على المضارب وقد كان اعترف به أولا حيث قال ولما كان من الشروط ما يفسد العقد ومنها ما يبطل في نفسه وتبقى المضاربة صحيحة أراد أن يشير إلى ذلك بأمر جلي فقال شرط الخ ولا شك أن المضاربة لا تندرج في هذا المعنى
ا هـ
ما في المقدسي
وعبارة الدرر كذا أن يفسد المضاربة كل شرط يوجب جهالة الربح كما لو قال لك نصف الربح أو ثلثه أو ربعه لما مر أن الربح هو المعقود عليه فجهالته تفسد العقد وغيره لا أي غير ذلك من الشروط الفاسدة بل يبطل الشرط كاشتراط الخسران على المضارب فإنه لا يقطعها وهو على رب المال
قال المولى عبد الحليم قوله كما لو قال لك نصف الربح أو ثلثه أو ربعه ولم يعين واحدا من هذه الكسور والأعداد
وفي بعض النسخ أو شرط أن يدفع المضارب داره إلى رب المال ليسكنها أو أرضه سنة ليزرعها
وهو الموافق لما في شروح الهداية
قوله وغيره أي غير كل شرط يوجب جهالة الربح أو غير كل شرط يوجب قطع الشركة في الربح أو جهالة لا يفسد ذلك الغير من الشروط الفاسدة عقد
____________________
(8/285)