أقول وقد سبق صاحب البحر إلى ذلك صاحب الكفاية حيث قال قوله لأنها خلافة كهي أي كالوراثة من حيث إنهما يثبتان الملك بعد الموت ا هـ
وفي البحر أيضا ثم اعلم أن صاحب الهداية ذكر هنا أن الوصاية خلافة لا نيابة كالوراثة وقال قبله إن الوصية خلافة كهي وقدمنا ما في الثاني
وأما الأول فالمراد به أنه خليفة الميت في التصرف كالوارث لا في الملك بخلاف الخلافة في الوصية فإنها في الملك لا في التصرف
ومما يدل على أن الوصي خليفة الميت ما في خزانة المفتين لو مات عن وصي وابن صغير ودين فقبضه الوصي بعد بلوغ الصغير جاز إلا إذا نهاه
ثم اعلم أنهم فرقوا بين الوارث والوصي في مسألة لو أوصى بعتق عبد ملك الوارث إعتاقه تنجيزا وتعليقا وتدبيرا وكتابة ولا يملك الوصي إلا التنجيز وهي في التلخيص ا هـ
قوله ( والوكيل نيابة ) أي عن الموكل فالموكل أثبت له ولاية التصرف في ملكه لا يطريق الخلافة لبقاء ولاية الموكل فلا بد من العلم فلو أودع ألفا عند رجل ثم قال المالك أمرت فلانا بقبضها منه ولم يعلم فلان بكونه مأمورا بالقبض فقبضه وتلف عنده فالمالك بالخيار في تضمين أيهما شاء ولو علم المودع فقط فدفع للمأمور المذكور فتلف عنده لا شمان على أحد لأن المستودع دفع بالإذن ولو لم يعل أحدهما فقال المأمور ادفع لي وديعة فلان لأدفعها إلى صاحبها أو ادفعها إلي تكون عندي لصاحبها فدفع فضاعت فللمالك تضمين أيهما شاء عندهما
بحر عن الخانية
مطلب الوصاية والوكالة يجتمعان ويفترقان ثم اعلم أن الوصية والوكالة يجتمعان ويفترقان فيفترقان في مسألة الكتاب وفي أن الوصاية من الميت لا تقبل التخصيص بخلاف وصي القاضي فإنه يتخصص والوكالة تقبل التخصيص وفي أنه يشترط في الوصي أن يكون مسلما حرا بالغا عاقلا بخلاف الوكيل إلا العقل وفي أن الوصي إذا مات قبل تمام المصلحة نصب القاضي غيره ولو مات وكيل الغائب لا ينصب غيره إلا عن المفقود للحفظ وفي أن القاضي يعزل الوصي بخيانة أو تهمة بخلاف الوكيل عن الحي وفي أن الوارث يملك إعتاق الموصى بعتقه تنجزيا وتعليقا وتدبيرا وكتابة ولا يملك الوصي إلا الأول
قال في الحواشي الحموية على الأشباه من بحث ما افترق فيه الوكيل والوصي إن الوكيل يملك عزل نفسه لا الوصي بعد القبول ولا يشترط القبول في الوكالة ويشترط في الوصاية ويتقيد الوكيل بما قيده الموكل ولا يتقيد الوصي ولا يستحق الوكيل أجرة عمله بخلاف الوصي ولا تصح الوكالة بعد الموت والوصاية تصح وتصح الوصاية وإن لم يعلم بها الوصي بخلاف الوكالة ويشترط في الوصي الإسلام والحرية والبلوغ والعقل ولا يشترط في الوكيل إلا العقل
وإذا مات الوصي قبل تمام المقصود نصب القاضي غيره بخلاف موت الوكيل لا ينصب غيره إلا عن مفقود للحفظ وفي أن القاضي يعزل وصي الميت بخيانة أو تهمة بخلاف الوكيل وفي أن الوصي إذا باع شيئا من التركة فادعى المشتري أنه معيب ولا بينة فإنه يحلف على الثبات بخلاف الوكيل فإنه يحلف على نفي العلم
وهي في القنية ولو أوصى لفقراء أهل بلخ فالأفضل للوصي أن لا يجاوز أهل بلخ فإن أعطى لأهل كورة أخرى جاز على الأصح
ولو أوصى بالتصدق على فقراء الحاج يجوز أن يتصدق على غيرهم من الفقراء ولو خص فقال فقراء هذه السكة لم يجز كذا في وصايا خزانة الأكمل
____________________
(7/47)
مطلب الوصي يخالف الوكيل في هذه المسألة وفي الخانية ولو قال لله علي أن أتصدق على جنس فتصدق على غيره لو فعل ذلك بنفسه جاز
ولو أمر غيره بالتصدق ففعل المأمور ذلك ضمن ا هـ
فهذا مما خالف فيه الوصي الوكيل
ولو استأجر الموصي الوصي لتنفيذ الوصية كانت وصية له بشرط العمل وهي في الخانية ولو استأجر الموكل الوكيل فإن كان على عمل معلوم صحت وإلا لا ا هـ
فهي خمس عشرة مسألة فلتحفظ
مطلب وصي القاضي نائب عن الميت لا عن القاضي ثم اعلم أن نائب عن الميت لا عن القاضي
قال في البحر ولم أر نقلا في حكم وصايته قبل العلم
مطلب الناظر وكيل لا وصي وكذا في حكم تولية الناظر من الواقف وينبغي أن يكون على الخلاف فمن جعل الناظر وصيا قال ثبت قبل العلم ومن جعله وكيلا قال لا وصححوا أنه وكيل حتى ملك الواقف عزله بلا شرط ا هـ
مطلب تقرير في النظر بلا علمه قال سيدي الوالد معزيا لأبي السعود ومقتضاه أن تقريره في النظر بلا علمه لا يصح
مطلب الناظر له شبه بالوصي وشبه بالوكيل ثم رأيت بخط الشيخ شرف الدين الغزي محشي الأشباه أنهم لا يجعلونه وصيا من كل وجه ولا وكيلا كذلك بل له شبه بالوصي حتى صح تفويضه في مرض موت وشبه بالوكيل حتى ملك الواقف عزله من غير شرط على قول أبي يوسف
وأما على قول محمد فهو وكيل عن الموقوف عليهم كما ذكره في الأشباه
قلت وقول محمد مشكل إذ مقتضى كونه وكيلا عنهم أن لهم عزله مع أن الظاهر من كلامهم أنه لا يصح بل لو عزله القاضي لم يصح إذا كان منصوب الواقف إلا بخيانة ا هـ
مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته قلت إنه وكيل ما دام الواقف حيا وصي بعد وفاته والظاهر أن مراد محمد أنه نظير الوكيل في سعيه لهم لا وكيل حقيقة إذ ليست ولايته منهم
تأمل
مطلب الكتابة كالخطاب فيقع بها علم الوكيل بالوكالة قوله ( فلو علم الخ ) وفي الهداية الكتاب كالخطاب
قوله ( ولو من مميز )
أقول إقحامه لفظ مميز لا يظهر لأنه لا يشترط في المعلم إلا التمييز
قوله ( أو فاسق ) أي إذا صدقه
____________________
(7/48)
الوكيل حتى لو كذبه لا يثبت فعلى هذا لا فرق بين الوكالة والعزل لأن في العزل أيضا إذا صدقه ينعزل
كذا في غاية البيان
يعقوبية
قوله ( ولا يثبت عزله الخ ) هذا قوله وقالا لا يشترط في المخبر بهذه إلا التمييز لكونها معاملة وله أن فيها إلزاما من وجه دون وجه فيشترط أحد شطري الشهادة إما العدد أو العدالة
وقال في البحر أطلقه وهو مقيد بأن يكون المخبر غير الخصم ورسوله فلا يشترط فيه العدالة حتى لو أخبر الشفيع المشتري بنفسه وجب الطلب إجماعا والرسول يعمل بخبره وإن كان فاسقا اتفاقا صدقه أو كذبه كما ذكر الإسبيجابي وكذا لو كان الرسول صغيرا وظاهر ما في العمادية أنه لا بد أن يول له إني رسول بعزلك ومقيد أيضا بما إذا بلغه العزل إن كان العزل قصديا أما إذا كان حكميا كموت الموكل فإنه يثبت وينعزل قبل العلم ا هـ
قوله ( إن صدقه ) أي الوكيل حتى لو كذبه لا يثبت كما قدمناه على اليعقوبية
قوله ( في الأصح ) راجع للفاسقين خلافا لما في الكنز حيث قيد بالمستورين فإن ظاهره أنه لا يقبل خبر الفاسقين وهو ضعيف لأن تأثير خبر الفاسقين أقوى من تأثير خبر العدل بدليل أنه لو قضى بشهادة واحد عدل لم ينفذ وبشهادة فاسقين نفذ فلو أخبره بالعزل غيره من ذكر وتصرف صح تصرفه لعدم عزله كما في البحر
قوله ( كإخبار السيد بجناية عبده ) أي فإنه يشترط فيه أحد شطري الشهادة أي العدد أو العدالة عنده خلافا لهما
قوله ( فلو باعه كان مختارا للفداء ) يعني إذا أخبره أحد من ذكر ثم باعه كان مختارا للفداء فلا يكون مختارا له بإخبار غير من ذكر فيدفعه البائع أو المشتري إلى ولي الجناية فيما إذا باعه بعد أن أخبره فاسق مثلا بالجناية وإنما يدفعه إذا لم يعلم بجنايته المشتري أما إذا علم فيكون مختارا للفداء لقدومه على شرائه مع العلم بعيبه وأما إذا أعتق العبد كان الطلب بالأرش عليه
أفاده أبو السعود
قوله ( والشفيع بالبيع ) وهو على الخلاف أيضا فإذا أخبر الشريك مثلا بالبيع فسكت ولم يطلب فإن كان المخبر عدلا أو مستورين مثلا سقطت شفعته لا إن أخبره مستور فبسكوته لا يعد مسلما للشفعة
قوله ( والبكر بالنكاح ) هو على الخلاف أيضا فلا يكون سكوتها رضا إلا إذا أخبرها عدل أو مستوران مثلا أما إذا أخبرها مستور بنكاح وليها فسكتت لا يكون ذلك رضا منها
قال في البحر ثم اعلم أن الإمام محمد نص على خمسة منها ولم يذكر مسألة البكر وإنما قاسها المشايخ ا هـ
مطلب الفاسق إذا أخبر من أسلم ولم يهاجر يلزمه العمل بالشرائع في الأصح قوله ( والمسلم الذي لم يهاجر ) أي الذي أسلم في دار الحرب فأخبره أحد من ذكر
قوله ( بالشرائع ) فإنه إذا أخبره مستور لا يلزمه الشرائع عنده خلافا لهما وإذا أخبره عدل مستور إن لزمته حتى إذا ترك الفرائض يلزمه قضاؤها
مطلب البكر إذا أخبرها رسول الولي بالتزويج والأصح أنه يكفي فيه خبر الفاسق كما في المفتاح
حموي أي فإنه يجب عليه الأحكام بخبره كما في الرسول فإنه لا يشترط عدالته كالبكر إذا أخبرها رسول الولي بالتزويج كما يأتي قريبا إن شاء الله تعالى
قوله ( وكذا الإخبار بعيب لمريد شراء ) فلو قال له رجل عدل أو مستوران هذه العين معيبة وقدم على شرائها يكون راضيا
____________________
(7/49)
بالعيب لا إن أخبره فاسق
قوله ( وحجر مأذون ) فإذا أخبر المأذون بحجره عدل أو مستوران حجر لا إذا أخبره فاسق
قوله ( وفسخ شركة ) أي من أحد الشريكين لا يثبت الفسخ عند الآخر إلا بإخبار عدل أو مستورين فيمنع عن التصرف في ماله الشركة لا إن أخبره فاسق
قوله ( وعزل قاض ) فهو على الحكم السابق
قال في البحر وينبغي أن يزاد أيضا عزل القاضي ولم أره ا هـ
قال سيدي الوالد وهو ظاهر لأنهم صرحوا في كتاب القضاء بأنه ملحق بالوكيل كما قدمه أي صاحب البحر فيه ا هـ
قوله ( ومتولي وقف ) أي وعزل متولي وقف أي على القول بصحة عزله بلا شرط أو على قول الكل إن كان شرط الواقف ا هـ
بحر بحثا
وقدمنا الكلام عليه مستوفى قبل ورقة عند الكلام على وصى القاضي
قوله ( أحد شطري الشهادة ) أي العدد أو العدالة
وفي الحواشي السعدية أقول فيه إشارة إلى أن العدالة لا تشترط في العدد وإن قوله عدل صفة رجل قال في التلويح وهو الأصح
قوله ( ويشترط ) أي في المخبر
قوله ( سائر الشروط ) أي مع العدد أو العدالة على قول الإمام الأعظم فلا يثبت بخبر المرأة والعبد والصبي وإن وجد العدد أو العدالة وقل من نبه على هذا سيدي الوالد
قوله ( في الشاهد ) أي المشروطة في الشاهد والمراد به المخبر أي من الحرية والبلوغ وأن لا يكون أعمى ولا محدود في قذف مع العدد العدالة والمعنى ويشترط في المخبر ما اشترط في الشاهد مما ذكر إلا لفظ أشهد وحضور مجلس القاضي عنده خلافا لهما كما سبق
قوله ( وقيده في البحر ) أي قيد عزل الوكيل بكون المخبر لا بد أن يكون فيه أحد شطري الشهادة بالعزل القصدي احترازا عما إذا كان حكميا كموت الموكل وجنونه مطبقا فإنه يثبت وينعزل قبل العلم
قوله ( وربما إذا لم يصدقه ) أما إذا صدقه قبل ولو فاسقا
بحر
وقد مر
قوله ( غير المرسل ) سبق قلم وصوابه كما في البحر غير الخصم ورسوله فلو أخبر الشفيع المشتري بنفسه وجب الطلب إجماعا حتى إذا أخره سقط طلبه
قوله ( فإنه يعمل بخبره ) أي الرسول مطلقا وإن كان فاسقا أو صغيرا أو كذبه وظاهره أن ذلك يجري في ما ذكر فينعزل بذلك وتسقط الشفعة بعدم الطلب بعده ويكون سكوت البكر بعده رضا وقس الباقي مما يتأتى فيه ذلك وظاهر ما في العمادية أنه لا بد أن يقول له إني رسول بعزلك كما في البحر
أقول وعليه فلا بد للرسول أن يقول للمرسل إليه إني رسول إليك بكذا
تنبيه يثبت العزل بكتاب الموكل إذا بلغه وعلم ما فيه كما في ط عن سري الدين وسيذكره الشارح أواخر باب عزل الوكيل
قوله ( كما سيجيء في بابه ) أي باب عزل الوكيل حيث قال ويثبت بمشافهته وبإرساله رسولا أو غيره اتفاقا صدقه أو كذبه إذا قال أرسلني إليك لأبلغك عزله إياك الخ
قوله ( وإن لم يقل جعلتك أمينا في بيعه ) بأن قال له بع هذا العبد فقط ولم يزد
قوله ( على الصحيح والولوالجية ) اعلم أن أمين القاضي هو من يقول له القاضي جعلتك أمينا في بيع هذا العبد أما إذا قال بيع هذا العبد ولم يزد عليه اختلف المشايخ والصحيح أنه لا يلحقه عهدة ذكره شيخ الإسلام خواهر زاده كما في البحر معزيا إلى شرح التلخيص للفارسي
____________________
(7/50)
أقول والمسألة مذكورة في الفتاوي الولوالجية
منح
قوله ( عبدا لدين الغرماء ) أي أرباب الديون ولم يذكر الوارث مع أنهما سواء فإذا لم يكن في التركة دين أي نقود كان العاقد عاملا له فيرجع عليه بما لحقه من العهدة إن كان وصي الميت وإن كان القاضي أو أمينه هو العاقد رجع عليه المشتري لأن ولاية البيع للقاضي إذا كانت التركة قد أحاط بها الدين ولا يملك الوارث البيع كما في البحر قوله ( أو ضاع ) أي هلك العبد من يد القاضي أو أمينه قبل التسليم إلى المشتري كما في المنح
فالأنسب زيادة أو أمينه
قوله ( كالإمام ) وينبغي أن يجعل نائب الإمام كالإمام لأن القاضي إنما قبل قوله بلا يمين لكونه نائبا عن الإمام ولا ضمان عليه فلا ضمان على القاضي فعلى هذا يقبل قول أمين بيت المال بلا يمين وإنما لم يضمن من ذكر لأنه يؤدي إلى تباعدهم عن قبول هذه الأمانة فتتعطل مصالح الناس عيني
قال في البحر وأشار إلى أن أمينه لو قال بعت وقبضت الثمن وقضيت الغريم صدق بلا يمين وعهدة إلحاقا بالقاضي وأما العيب إذا كان ظاهرا يرد المبيع به بنظر القاضي أو أمينه وإذا وجب يمين على مخدرة وجه لها القاضي ثلاثة من العدول يستحلها واحد وآخران يشهدان على يمينها أو نكولها فعلى هذا المستحلف ليس بأمينه وإلا قبل قوله في اليمين والنكول وحده
ثم أعلم أن القاضي وأمينه لا ترجع حقوق عقد باشراه لليتيم إليهما بخلاف الوكيل والأب والوصي فلو ضمن القاضي أو أمينه ثمن ما باعه لليتيم بعد بلوغه صح بخلافهم وقيد بعدم ضمان القاضي عند الاستحقاق لأنه لو أخطأ في قضائه ضمن كما إذا رجم محصنا بأربعة شهود وظهر أحدهم عبدا أو محدودا في قذف فديته على القاضي ويرجع بها في بيت المال بالإجماع
مطلب لو أخطأ القاضي يضمن والأصل في جنس هذه المسائل أن القاضي متى ظهر خطؤه فيما قضى بيقين فإنه يضمن ما قضى به ويرجع بذلك على المقضي له كالمودع والوكيل وإن كان الخطأ في المال فإن كان قائما بيد المقضي له أخذه القاضي ورده على المقضي عليه وإن كان مستهلكا ضمن قيمته ورجع بذلك على المقضي له وإن كان في قطع أو رجم ضمن ورجع بما ضمن في بيت المال ا هـ
وتمامه فيه
مطلب ملخص ما قيل في خطإ القاضي أقول ملخص ما قيل في خطأ القاضي في غير الجور إن كان في مال لا في حد فخطؤه في مال المقضي له وإن كان في حد فإن ترتب عليه تلف نفس أو عضو فخطؤه في بيت المال وإن لم يترتب عليه شيء من ذلك كالجلد فهدر كذا عند الصاحبين
وعند الإمام رحمهم الله تعالى يكون هدرا في الحدود ترتب عليه تلف نفس أو عضو أو لا كذا أفاده في الخانية من الحدود والسير وهذا إذا لم يتعمد الجور وإن تعمد الجور كان ذلك في مال القاضي سواء كان في مال أو حد ترتب عليه تلف نفس أو عضر وتعمده الجور يظهر فيما إذا أقر هو بذلك وخطؤه بلا جوز يظهر بإقرار المقضى له في الأموال كأن بان أن الشهود عبيد مثلا بإقرار المقضي له أو تقوم البينة على ذلك هذا خلاصة ما تحرر من النصوص المعتمدة في هذه المسألة كشرح السير الكبير للسرخسي والهندية والخانية من الحدود والسير والأشباه من القضاء وحواشي الطحاوي وسيدي الوالد وأبي السعود
____________________
(7/51)
فالحاصل أن خطأ القاضي تارة يكون في بيت المال وهو إذا أخطأ في حد ترتب عليه تلف نفس أو عضو وتارة يكون في مال المقضى له وهو إذا أخطأ في قضائه في الأموال وتارة يكون هدرا وهو إذا أخطأ في حد ولم يترتب على ذلك تلف نفسه أو عضو كحد شرب مثلا وتارة يكون في ماله أي مال القاضي وهو إذا تعمد الجور
قوله ( بخلاف نائب الناظر ) قيد لقوله ولا يخلف فإنه يحلف أي كما يحلف الناظر
قال في المنح إن نائب الإمام كهو ونائب الناظر كهو في قبول قوله فلو ادعى ضياع مال الوقف أو تعريفه على المستحقين فأنكروا القول له كالأصيل لكن مع اليمين وبه فارق أمين القاضي فإنه لا يمين عليه كالقاضي ا هـ
قوله ( ورجع المشتري على الغرماء ) لأن البيع وقع لهم فكانت العهدة عليهم عند تعذر جعلها على العاقد كما تجعل العهدة على الموكل عند تعذر جعلها على الوكيل المحجور عليه كما إذا كان العاقد عبدا أو صبيا يعقل البيع وكله رجل يبيع ماله فإنه لا تتعلق الحقوق بهما بل بموكلهما لأن التزام العهدة لا يصح منهما لقصور الأهلية في الصبي وحق السيد في العبد كما في فتح القدير
قوله ( لتعذر الرجوع على العاقد ) أي لأنه عقد لم ترجع عهدته إلى عاقده فتجب على من يقع له العقل والبيع واقع للغرماء فتكون العهدة عليهم كما في الدرر
وفي فتح القدير الأصل أنه إذا تعذر تعلق الحقوق بالعاقد تتعلق بأقرب الناس إلى العاقد وأقرب الناس إليه من ينتفع بهذا العقد وهو الغريم
قوله ( ولو باعه الوصي ) لا فرق بين وصي الميت ومنصوب القاضي
مدني
قوله ( أو بلا أمره ) هو مفهوم بالأولى لأنه إذا رجع عليه في الأمر فلأن يرجع عليه عند عدمه بالأولى ط
قوله ( فاستحق العبد ) أي من يد المشتري
قوله ( وإن نصبه القاضي عاقدا ) الأولى حذف هذا التعليل لأنه إنما يظهر في وصي القاضي والاقتصار على قوله لأنه أي وصي الميت عاقد نيابة عن الميت فترجع الحقوق إليه كما إذا وكله حال حياته كما في الهداية ليشمل وصي الميت
قال في الكفاية أما إذا كان الميت أوصى إليه فظاهر وأما إذا نصبه فكذلك لأن القاضي إنما نصبه ليكون قائما مقام الميت لا مقام القاضي
قوله ( فترجع ) حذف الفاء
قوله ( إليه ) كما إذا وكله حال حياته
قوله ( لأنه عامل لهم ) ومن عمل لغيره عملا ولحقه بسببه ضمان يرجع به على من يقع له العمل
قوله ( ولو ظهر بعده للميت مال رجل الغريم فيه ) أي في المال الذي ظهر للميت
قوله ( بديته هو الأصح ) قال سيدي الوالد فيه إيجاز مخل يوضحه ما في فتح القدير فلو ظهر للميت مال يرجع فيه الغريم بدينه بلا شك وهل يرجع بما ضمن للمشتري فيه خلاف
قيل نعم
وقال مجد الأئمة السرخكتي لا يأخذ في الصحيح من الجواب لأن الغريم إنما يضمن من حيث إن العقد وقع له فلم يكن له أن
____________________
(7/52)
يرجع على غيره
وفي الكافي الأصح الرجوع لأنه قضى بذلك وهو مضطر فيه فقد اختلف التصحيح كما سمعت ا هـ
وقوله بما ضمن للمشتري يفيد أن الاختلاف في المسألة الأولى لأنه في الثاني إنما ضمن للوصي لا للمشتري لكن قال في البحر وقيل لا يرجع به في الثانية والأول أصح ا هـ
والحاصل أنه في الأولى اختلف التصحيح في الرجوع وفي الثانية الأصح عدمه فتنبه
ووجدت في نسخة رجع الغريم فيه بدينه لا بما غرم هو الأصح وهذه لا غبار عليها قال الحلبي وقيل يرجع بما غرم أيضا وصحح
قوله ( كان الهالك من مالهم ) لأنه نائب عنهم في القبض
مطلب للقاضي إفراز حصة الموصى له في المكيل والموزون إذا كان غائبا وقوله ( لما مر ) متعلق بقوله كان الهالك من مالهم والمراد بما مر أن القاضي لا يضمن لأنه عامل لهم والأولى ذكرها عند معلومها وإنما كان الهالك من مالهم لما يأتي في باب الوصي من قوله وصح قسمة القاضي وأخذ قسط الموصى له إن غاب الموصى له فلا شيء له إن هلك في يد القاضي أو أمينه لكنه قال ثمة وهذا في المكيل والموزون لأنه إفراز وفي غيرها لا يجوز لأنه مبادلة كالبيع ومبادلة مال الغير لا يجوز فكذا القسمة ا هـ
فلينظر هل فرق بين أن يكون الموصى له الغائب معينا أو مطلق الفقراء أو يجري القيد فيهما وليحرر
قوله ( أمرك قاض عدل ) أي وعالم كذا قيده في الملتقى وغيره
مدني
وكذا قيد في الكنز وهو الموافق لما في بعض نسخ المتن وهو قيد لا بد منه هنا بمقابلة قوله الآتي وإن عدلا جاهلا قال في البحر وما ذكره المصنف قول الماتريدي
وفي الجامع الصغير لم يقيده بهما أي العدالة والعلم ثم رجع محمد فقال لا يؤخذ بقوله ما لم يعاين الحجة أو يشهد بذلك مع القاضي عدل وبه أخذ مشايخنا اه
وبهذا يظهر لك أن كلام المصنف ملفق من قولين لأن عدم تقييده بالعدالة والعلم مبني على ما في الجامع الصغير والتفصيل بعده مبني على قول الماتريدي وحينئذ فحيث قيده الشارح بقوله عدل يجب زيادة عالم أيضا ليكون على قول الماتريدي ويكون قوله بعد وقيل يقبل لو عدلا عالما مستدركا وحقه أن يقول وقيل يقبل ولو لم يكن عدلا عالما وهو ما في الجامع الصغير
كذا أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى وسيأتي تتمة الكلام عليه قريبا إن شاء الله تعالى
قوله ( قضى به ) أي بما ذكر أشار به إلى أن إفراد الضمير باعتبار المذكور ولا حاجة إليه لأن العطف بأو
مطلب طاعة أولي الأمر واجبة قوله ( لوجوب طاعة ولي الأمر ) بالآية الشريفة ومن طاعته تصديقه
قال العلامة البيري في أواخر شرحه على الأشباه و النظائر عند الكلام على شروط الإمامة ثم إذا وقعت البيعة من أهل الحل والعقد صار إماما يفترض إطاعته كما في خزانة الأكمل
____________________
(7/53)
وفي شرح الجواهر تجب إطاعته فيما إباحه الدين وهو ما يعود نفعه إلى العامة كعمارة دار الإسلام والمسلمين مما تناوله الكتاب والسنة والإجماع اه
وفي النهاية وغيرهما روي عن أبي يوسف لما قدم بغداد صلى بالناس العيد وكلفه هارون الرشيد وكبر تكبير ابن عباس رضي الله عنهما
وروي عن محمد هكذا
وتأويله أن هارون أمرهما أن يكبرا تكبير جده ففعلا ذلك امتثالا لأمره وقد نصوا في الجهاد على امتثال أمره في غير معصية
وفي التاترخانية عن المحيط إذا أمر الأمير أهل العسكر بشيء فعصاه في ذلك واحد فالأمير لا يؤدبه في أول وهلة ولكن ينصحه حتى لا يعود إلى مثل ذلك بل يعذره فإن عصاه بعد ذلك أدبه إلا إذا بين في ذلك عذرا فعند ذلك يخلي سبيله ولكن يحلفه بالله تعالى لقد فعلت هذا بعذر ا هـ
وقد أخذ البيري من مجموع هذه النقول أنه لو أمر أهل بلدة بصيام أيام بسبب الغلاء أو الوباء وجب امتثال أمره والله تعالى أعلم
وتقدم في العيدين والاستسقاء وانظر ما قدمه سيدي الوالد في باب الإمامة من كتاب الصلاة
قوله ( ومنعه محمد ) هذا ما رجع إليه بعد الموافقة ح
قوله ( حتى يعاين الحجة ) زاد عليه بعض المشايخ أو يشهد بذلك مع القاضي عدل وهو رواية عنده ومعناه أو يشهد القاضي والعدل على شهادة الذين شهدوا بسبب الحد لا على حكم القاضي وإلا كان القاضي شاهدا على فعل نفسه واستبعده في فتح القدير بكونه بعيدا في العادة وهو شهادة القاضي عند الجلاد والاكتفاء بالواحد على هذه الرواية في حق يثبت بشاهدين وإن كان في زنا فلا بد من ثلاثة أخر
كذا ذكره الإسبيجابي
بحر
مطلب القضاة إذا تولوا بالرشا أحكامهم باطلة قوله ( واستحسنوه في زماننا ) لأن القضاة قد فسدوا فلا يؤمنوا على نفوس الناس ودمائهم وأموالهم ح
قال في العناية لا سيما قضاة زماننا فإن أكثرهم يتولون بالرشا فأحكامهم باطلة ا هـ
والتدارك غير ممكن
أقول هذا في قضاة زمانهم فما بالك في قضاة زماننا أصلح الله تعالى أحوالنا جميعا آمين بمنه وكرمه
قوله ( وفي العيون وبه يفتى ) قال في البحر لكن رأيت بعد ذلك في شرح أدب القضاء للصدر الشهيد أنه صح رجوع محمد إلى قولهما رواه هشام عنه ا هـ
فالحاصل أن الشيخين قالا بقبول إخبار القاضي عن إقرار الخصم بما لا يصح رجوع المقر عنه كالقصاص وحد القذف والأموال والطلاق وسائر الحقوق وإن محمدا وافقهما أولا ثم رجع إلى ما ذكر عنه من أنه لا يقبل إلا بضم رجل آخر إليه ثم صح رجوعه إلى قولهما
وأما إذا أخبر القاضي بإقراره عن شيء يصح رجوعه عنه كالحد لم يقبل قوله بالإجماع وإن أخبر عن ثبوت الحق بالبينة فقال قامت بذلك وعدلوا وقبلت شهادتهم على ذلك تقبل في الوجهين جميعا وهذا في القاضي المولى
أما المعزول فلا يقبل ولو شهد معه عدل كما مر عن النهر أوائل القضاء
قوله ( إلا في كتاب القاضي للضرورة ) أي ضرورة إحياء الحق ولأن الخيانة في مثله قلما تقع وظاهر الاقتصار على كتاب القاضي أن القاضي لا يقبل قوله فيما عداه أي على قول محمد سواء كان قتلا أو قطعا أو ضربا فلو قال قضيت بطلاقها أو بعتقه أو ببيع أو نكاح أو إقرار لم يقبل قوله
وفي التهذيب ويصدق فيما قال من التصرف في الأوقاف وأموال الأيتام والغائبين من أداء وقبض
قوله ( وقيل يقبل لو عدلا عالما )
____________________
(7/54)
دخول على المتن قصد به إصلاحه وذلك أنه إذ أطلق أولا القاضي ولم يقيده بالعدل العالم تبعا للجامع الصغير وهو ظاهر الرواية ثم ذكر التفصيل وهو على قول الماتريدي القائل باشتراط كونه عالما كما مشى عليه في الكنز كما مر بيانه وإن أردت زيادة الدراية فارجع إلى الهداية وحيث كان مراد الشارح ذلك فكان الصواب أن يحذف قوله عدل في أول المسألة فإنه من الشرح على ما رأيناه بل الأولى حذف هذا القيل لكونه عين ما في المصنف ثم إن هذا القيل هو قائله أبو منصور لأن عدم الاعتماد إنما علل بالفساد والغلط وهو منتف في العالم العدل
وذكر الإسبيجابي أن المسألة مصورة عند الإمام في القاضي العالم العدل لأنه إذا كان غير هذا لا يولى القضاء ولا يؤتمر بأمره بالاتفاق ا هـ
فما قاله أبو منصور كشف عن مذهب الإمام ا هـ
قوله ( وإن عدلا جاهلا إن استفسر فأحسن تفسير الشرائط ) بأن يقول في حد الزنا إني أستفسر المقر بالزنا كما هو المعروف فيه وحكمت عليه بالرجم ويقول في حد السرقة إنه ثبت عندي بالحجة أنه أخذ نصابا من حرز لا شبهة فيه وفي القصاص إنه قتل عمدا بلا شبهة
وإنما يحتاج إلى استفسار الجاهل لأنه ربما يظن بسبب جهله غير الدليل دليلا
كفاية
قوله ( صدق ) أي يجب تصديقه وقبول قوله ثم المراد من جهله جهله بوقائع الناس لأنها فرض كفاية فإنه يسأل المفتي ويحكم بقوله بخلاف جهله بما يفترض عليه عينا فإنه يفسق فلا يكون عدلا فيكون من القسم الآتي بيانه
قوله ( فالقضاة أربعة ) لأنه إما عالم أو جاهل وفي كل إما عدل أو فاسق
قوله ( أي سببا شرعا ) للحكم فحينئذ يقبل قوله لانتفاء التهمة ا هـ
منح
وإنما أول الحجة بالسبب ليعم الإقرار ط
قوله ( صب دهنا لإنسان عند الشهود ) لا حاجة إليه لأنه مقر ط
قوله ( لإنكاره الضمان ) أي الضمان بالمثل لا بالقيمة وإلا كان مشكلا لأن المتنجس مال بدليل جواز بيعه فيجزي فيه التملك والتمليك فيكون مالا معصوما
وأيضا فإن ظاهره أن القول له في عدم الضمان وليس كذلك بل القول قوله في كونه متنجسا وأما الضمان فلا يضمن فيمته متنجسا فلا يكون القول له إلا في أنها متنجسة فيضمن قيمتها متنجسة كما نقله أبو السعود عن الشيخ شرف الدين الغزي محشي الأشباه ويدل له عبارة الخانية قبيل كتاب القاضي من الشهادات والقول قوله مع يمينه في إنكاه استهلاك الطاهر ولا يسع الشهود أن يشهدوا عليه أنه صب زيتا غير نجس
وتمامه فيها فراجعها
وفي البزازية أراق زيت إنسان أو سمنه وقد وقعت فيه فأرة ضمنه وحينئذ فتعين أن المراد بعدم الضمان ضمان المثلي لأنه المتبادر وأن المراد بالضمان المثبت ضمان القيمة لأنه بالتنجس صار قيميا لقولهم المثلي ما حصره كيل أو وزن وكان على صفته الأصلية من الطهارة فإن خرج عنها بالتنجس صار قيميا كما هو صريح كلام البزازي ثانيا
وفي فصول العمادي وإذا أتلف زيت غيره في السوق أو سمنه أو خله أو نحو ذلك وقال أتلفته لكونه نجسا لأنه ماتت فيه فأرة فالقول قوله لأن الزيت النجس ونحوه قد يباع في السوق وإن أتلف لحم قصاب في السوق
____________________
(7/55)
وقال أتلفته لكونه ميتة ضمن لأن الميتة لا تباع في السوق فجاز للشهود أن يشهدوا أنها ذكية كما في الحواشي الحموية
قوله ( وأمر الدم عظيم فلا يهمل ) ألا ترى أنه حكم في المال بالنكول وفي الدم حبس حتى يقرأ ويحلف واكتفى في المال باليمين الواحدة وبخمسين يمينا في الدم
قوله ( بخلاف المال ) قال في البحر لو أتلف لحم طواف فطولب بالضمان فقال كانت ميتة فأتلفتها لا يصدق وللشهود أن يشهدوا أنه لحم ذكي بحكم الحال
وقال القاضي لا يضمن فاعترض عليه بمسألة كتاب الاستحسان المتقدمة وهي لو قتل رجلا الخ فأجاب عنه بما نقله الشارح عن إقرار البزازية
قوله ( صدق قاض ) وكذا لا ضمان على القاطع والآخد لو أقر بما أقر به القاضي ووجه عدم الضمان على القاضي أنهما لما توافقا أنه فعل ذلك في قضائه كان الظاهر شاهدا له إذ القاضي لا يقضي بالجور ظاهرا ولا يمين عليه لأنه ثبت فعله في قضائه بالتصادق ولا يمين على القاضي كما في البحر
قوله ( كذا لو زعم ) أي المقضي عليه لكن لو أقر القاطع والآخذ في هذا بما أقر به القاضي يضمنان لأنهما أقرا بسبب الضمان وقول القاضي مقبول في دفع الضمان عن نفسه لا في إبطال سبب الضمان عن غيره بخلاف الأول لأنه ثبت فعله في قضائه بالتصادق أي فيدفع قول القاضي الضمان عن نفسه وعن غيره ولو كان المال في يد الآخذ قائما وقد أقر بما أقر به القاضي والمأخوذ منه المال صدق القاضي في أنه فعله في قضائه أو لا يؤخذ منه لأنه أقر أن اليد كانت له فلا يصدق في دعوى التملك إلا بحجة وقول المعزول ليس بحجة فيه
بحر
قوله ( لأنه أسند ) أي القاضي
مطلب واقعة الفتوى قوله ( إلى حالة معهودة ) فصار كما إذا قال طلقت أو أعتقت وأنا مجنون وجنونه معهود ومثله المدهوش وهي واقعة الفتوى للخير الرملي فإذا كانت الدهشة معهودة منه يقبل قوله وإذا لم تكن معهودة لا يقبل قوله إلا ببينة ولو أقر القاطع والآخذ في هذا الفصل بما أقر به القاضي يضمنان لأنهما أقرا بسبب الضمان وقول القاضي مقبول في دفع الضمان عن نفسه لا في إبطال سبب الضمان عن غيره بخلاف الفصل الأول لأنه ثبت فعله في قضائه بالتصادق
مطلب الأصل أن المقر إذا أسند إقراره إلى حالة منافية للضمان من كل وجه فإنه لا يلزمه شيء وجعل بعضهم هذا أصلا فقال الأصل أن المقر إذا أسند إقراره إلى حالة منافية للضمان من كل وجه فإنه لا يلزمه ضمان ما ذكر
ومنها لو قال العبد لغيره بعد العتق قطعت يدك وأنا عبد فقال المقر له بل قطعتها وأنت حر فالقول للعبد
ومنها لو قال المولى لعبد قد أعتقه أخذت منك غلة كل شهر خمسة دراهم وأنت عبد فقال المعتق أخذتها بعد العتق كان القول للمولى
____________________
(7/56)
ومنها الوكيل بالبيع إذا قال بعت وسلمت قبل العزل وقال الموكل بعد العزل فالقول للوكيل إن كان المبيع مستهلكا وإن كان قائما فالقول للموكل لأنه أخبر عما لا يملك الإنسائ
وكذا في مسألة الغلة لا يصدق في الغلة القائمة لأنه أقر بالأخذ وبالإضافة يدعي عليه التمليك
ومنها لو قال الوصي بعد ما بلغ اليتيم أنفقت عليك كذا وكذا من المال وأنكر اليتيم كان القول للوصي لكونه أسند إلى حالة منافية للضمان
وأورد في النهاية على هذا الأصل ما إذا أعتق أمته ثم قال لهما قطعت يدك وأنت أمتي فقالت هي قطعتها وأنا حرة فالقول لها وكذا في كل شيء أخذه منها عند أبي حنيفة وأبي يوسف مع أنه منكر للضمان بإسناد الفعل إلى حالة منافية للضمان فأجاب بالفرق من حيث إن المولى أقر بأخذ مالها ثم ادعى التمليك لنفسه فيصدق في إقراره ولا يصدق في دعواه التمليك وكذا لو قال لرجل أكلت طعامك بإذنك فأنكر الإذن يضمن المقر
وذكر الشارح أي الزيلعي أن هذا الفرق غير مخلص وهو كما قال كما في البحر أي لعدم جريانه في صورة النزاع في أخذ غلة العبد وقطع يد الأمة كما لا يخفى كما في الحواشي السعدية
ثم قال في البحر وقد خرج هذا الفرع ونحوه بما زدناه على القاعدة من قولنا من كل وجه لأن كونها أمة له لا ينفي الضمان عنه من كل وجه لأنه يضمن من قولنا من كل وجه لأن كونها أمة له لا ينفي الضمان عنه من كل وجه لأنه يضمن فيما لو كانت مرهونة أو مأذونة مديونة فلم يرد
وأصل المسألة في المجمع من الإقرار
مطلب السلطان إذا عزل قاضيا لا ينعزل ما لم يبلغه الخبر تتمة السلطان إذا عزل قاضيا لا ينعزل ما لم يصل إليه الخبر حتى لو قضى بقضايا بعد العزل قبل وصول الخبر إليه جاز قضاؤه
وعن أبي يوسف أنه لا ينعزل وإن علم بعزله ما لم يقلد غيره مكانه ويصل صيانة لحقوق الناس ولو مات رجل ولا يعلم له وارث فباع القاضي داره يجوز ولو ظهر وارث بعد ذلك فالبيع ماض ولا ينقض
رجل له على رجل ألف درهم جياد فقضاه زيوفا وقال أنفقها فإن لم ترج فردها ففعل فلم ترج قال أبو يوسف له أن يردها عليه استحسانا لأن ما قبض من الدراهم ليس هو عين حقه بل هو مثل حقه وإنما يصير حقا له إذا رضي به فإذا لم يرض به لم يصر حقا له فيكون القابض متصرفا في ملك الدافع بأمره فلا يبطل حق القابض وهذا بخلاف ما لو اشترى شيئا فوجده معيبا فأراد أن يرده فقال له البائع بعه فإن لم يبع رده علي فعرضه على البيع فلم يشتره أحد لم يرده وذلك لأن المقبوض عين حقه إلا أنه معيب فلم يكن قول البائع بعد إذنا له بالتصرف في ملك البائع فكان متصرفا في ملك نفسه فيبطل حقه في الرد
مطلب إذا قال المقر لسامع إقراره لا تشهد له أن يشهد بخلاف ما إذا قال له المقر له لا تشهد فلا يشهد عليه إذا قال المقر لسامع إقراره لا تشهد علي وسعه أن يشهد عليه لا إذا قال المقر له لا تشهد عليه بما أقر به لا يسعه أن يشهد فلو رجع المقر له وقال إنما نهيتك لعذر وطلب منه الشهادة فقولان
أشباه
قوله ( منافيه للضمان ) أي من كل وجه كما زاده في البحر وتقدم الكلام عليه آنفا
قوله ( كونهما ) أي الواقعتين
____________________
(7/57)
مطلب في أخذ القاضي العشر من مال الأيتام والأوقاف قوله ( نقل في الأشباه ) وعبارتها قال في بسط الأنوار للشافعية من كتاب القضاء ما لفظه وذكر جماعة من أصحاب الشافعي وأبي حنيفة إذا لم يكن للقاضي شيء من بيت المال فله أخذ عشر ما يتولى من مال الأيتام والأوقاف ثم بالغ في الإنكار ا هـ
ولم أر هذا لأصحابنا ا هـ
وما أحببت نقل الشارح العبارة على هذا الوجه لئلا يظن بعض المتهورين صحة هذا النقل مع أن النافل بالغ في إنكاره كما ترى
كيف وقد اختلفوا عندنا في أخذه من بيت المال فما ظنك في اليتامى
والأوقاف
قال الشيخ خير الدين الرملي في حاشيته على الأشباه ما نصه قوله ثم بالغ في الإنكار
أقول يعني على الجماعتين والمبالغة في الإنكار واضحه الاعتبار لأنه لو تولى على عشرين ألفا مثلا ولم يلحقه فيها من المشقة شيء بماذا يستحق عشرها وهو مال اليتيم وفي حرمته جاءت القواطع فما هو إلا بهتان على الشرع الساطع وظلمة غطت على بصائرهم فنعوذ بالله من غضبه الواقع ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ا هـ
مطلب إذا كان للقاضي عمل في مال الأيتام له العشر قال الحموي وجه للمبالغة في الإنكار لجواز أن يكون ذلك مقيدا بما إذا كان له عمل وأقله حفظ المال إلى أوان بلوغ القاصر ا هـ
مطلب المراد بالعشر أجر المثل ولو زاد يرد الزائد قال بيري زاده في حاشيتها والصواب أن المراد من العشر أجر مثل عمله حتى لو زاد رد الزائد ا هـ
مدني
قوله ( للمتولي العشر في مسألة الطاحونة ) أي إذا كان له عمل
قال ط هذه المسألة لا محل لذكرها هنا على أنها غير محررة
مطلب لا يستوجب الأجر إلا بطريق العمل وفي الأشباه وعبارة الخانية رجل وقف ضيعة على مواليه فمات الواقف وجعل القاضي الوقف في يد القيم وجعل للقيم عشر الغلات وفي الوقف طاحونة في يد رجل بالمقاطعة لا حاجة فيها إلى القيم وأصحاب هذه الطاحونة يقبضون غلتها لا يجب للقيم عشر الغلة من هذه الطاحونة لأن القيم ما يأخذ إلا بطريق الأجر فلا يستوجب الأجر إلا بطريق العمل ا هـ
وفي تلخيص الكبرى قاض نصب قيما على غلات مسجد وجعل له شيئا معلوما يأخذه كل سنة حل له العشرة لو كان أجر مثله ا هـ
وقدم سيدي الكلام على ذلك في كتاب الوقف فراجعه
وقال في فصل يراعى شرط الواقف بعد كلام
ثم رأيت في إجابة السائل ومعنى قول الولوالجية بعد أن جعل القاضي للقيم عشر غلة الوقف أي التي هي أجر مثله لا ما توهمه أرباب الأغراض الفاسدة الخ ا هـ
____________________
(7/58)
مطلب للناظر ما عينه له الواقف وإن زاد على أجر مثله قلت وهذا فيمن لم يشترط له الواقف شيئا
وأما الناظر بشرط الواقف فله ما عينه له الواقف ولو أكثر من أجر المثل كما في البحر ولو عين له أقل فللقاضي أن يكمل له أجر المثل بطلبه كما يحثه في أنفع الوسائل ا هـ
وتمامه ثمة
قوله ( قلت لكن الخ ) لا وجه لهذا الاستدراك لما علمت من أن ما نقله عن الأشباه هو قول لبعض الشافعية فكيف يستدرك عليه بعبارة البزازية التي هي مذهب الحنفية
قوله ( لا يحل لهما أخذ الأجر به ) أي بسببه
قوله ( كإنكاح صغيرة ) قال في الخلاصة يحل للقاضي أخذ أجرة على كتبه السجلات وغيره بقدر أجرة المثل هو المختار ولا يحل أخذ شيء على نكاح الصغار وفي غيره يحل ولا يحل أخذ الأجرة على إجازة بيع مال اليتيم ولو أخذ لا ينفذ البيع ط عن الحموي
قوله ( وكجواب المفتي بالقول ) لأن أخذ الأجرة على بيان الحكم الشرعي لا يحل عندنا وأما الهدية له فقد تقدم الكلام عليها في كتاب القضاء فراجعه
مطلب للقاضي والمفتي أخذ أجر مثل الكتابة إذا كلفا إليها قوله ( بالكتابة فيجوز لهما على قدر كتبهما ) لأن الكتابة لا تلزمهما أي لو كلفا للكتابة فيجوز لهما أخذ أجر مثلهما ولا يجوز لهما الزيادة عليه وإذا كان لا يجوز لهما قبول الهدية ولا الدعوة الخاصة لأنهما في معنى الرشوة وهي من أقبح قبائح القضاة والمفتين فكيف يجوز لهما أن يأخذ زائدا على أجر مثلهما أي على مقدار ما يستحق كل منها من الأجرة على مثل تلك الخطوط اللهم ألهمنا الصواب وجنبنا الخطأ آمين
مطلب لو سئل المفتي عما يتعسر أو يتعذر جوابه باللسان هل يجب عليه بالكتابة قال العلامة الرملي ومما يتعلق بذلك مسألة سئلت عنها لو سئل المفتي عما لا يمكنه أو عما يعسر عليه جوابه باللسان ولا يعسر عليه بالكتابة كمسائل المناسخات التي يدق كسورها جدا ولا تثبت في حفظ السائل هل يفرض عليه الكتابة مع تيسرها أو لا ولم أر من صرح بالحكم لكن النظر الفقهي يقتضي وجوبها عليه حيث تعسر أو تعذر باللسان ويكون الجواب بالكتابة نائبا عن الجواب باللسان ليخرج عن عهدة الواجب عليه من الجواب باللسان فيكتب المفتي ما يتعذر عليه أو يتعسر النطق بلا كتابة حيث تيسرت له آلة الكتابة لأجل القيام بالواجب فيقرأ على السائل فيخرج من العهدة
مطلب ليس على المفتي دفع الرقعة وليس عليه أن يفهم السائل ما يصعب ولا يؤاخذ المفتي بسوء حفظ السائل ولا يجب عليه دفع الرقعة له ولا أن يفهمه ما يشق ويحفظه ما يصعب عليه بل كل ذلك خارج عن التكليف ولا يؤاخذ المفتي بسوء حفظ السائل وقلة فهمه
مطلب على المفتي الجواب بأي طريق كان ولو بالكتابة إذا تيسرت له والحاصل أن على المفتي الجواب بأي طريق يتوصل به إليه وكل ما لا يتوصل إلى الفرض إلا به فهو فرض
____________________
(7/59)
مطلب إذا سئل المفتي عما يتعسر أو يتعذر باللسان ويتيسر بالكتابة لا يجب عليه بذل آلتها وحيث كان في وسع المفتي الجواب بالكتابة لا باللسان وجب عليه الجواب بها حيث تيسرت إليه بلا مشقة عليه بأن أحضرها له السائل ولا يلزم المفتي بذلها من عنده له ومقتضى القياس وجوب تحصيلها على المفتي كماء الوضوء ليحصل به ما هو المفروض عليه وهذا كله إذا تعين عليه الإفتاء ولم يكن في البلدة من يقوم مقامه في ذلك والإفتاء طاعة والطاعة بحسب الاستطاعة فما يراعى في غيره من الطاعات يراعى فيه فرضا ووجوبا واستحبابا وندبا فليتأمل فيه ا هـ
ومثله في الحواشي الحموية
مطلب الأجر مقدر بقدر المشقة قوله ( وتمامه في شرح الوهبانية ) فيه والأصح أنه أي الأجر بقدر المشقة وقد تزيد مشقة الوثيقة في أجناس مختلفة بمائة على مشقة ألف ألف في النقود ونحوها
مطلب ما قيل في كل ألف خمسة دراهم لا يعول عليه قلت في العمادية عن الملتقط وما قيل في كل ألف خمسة دراهم لا يعول عليه ولا يليق ذلك بفقه أصحابنا رحمه الله تعالى وأي مشقة للكاتب في كثرة الثمن وإنما له أجر مثله بقدر مشقته وبقدر صنعته وعمله كما يستأجر الحكاك بأجرة كثيرة في مشقة قليلة
مطلب يجب الأجر بقدر العناء والتعب وفي شرح التمرتاشي عن النصاب يجب بقدر العناء والتعب وهذا أشبه بأصول أصحابنا
مطلب الصحيح أنه يرجع في الأجرة إلى مقدار طول الكتاب وقصره الخ وفي كتب السجلات الصحيح أنه يرجع في الأجرة إلى مقدار طول الكتاب وقصره وصعوبته وسهولته ا هـ
قوله ( وفيها الخ ) يوهم أن هذه الأبيات المذكورة من الوهبانية وليس كذلك بل هي من كلام ابن الشحنة كما أفصح به بقوله لكميل قال العلامة عبد البر هل يستحق القاضي الأجر أم لا قال الزاهدي في شرحه للقدوري لا يستحق الأجر وإنما يستحقه إذا لم يكن له في بيت المال شيء
مطلب إذا تولى القاضي قسمة التركة لا يستحق الأجر وإن لم تكن له مؤنة في بيت المال وفي القنية عن ظهير الدين المرغيناني وشرف الأئمة المكي القاضي إذا تولى قسمة التركة لا أجر له وإن لم تكن له مؤنة في بيت المال
ثم رقم للمحيط وشرح بكر خواهر زاده وقال له لا حمرة إذا لم تكن له مؤنة في بيت المال لكن المستحب أي لا يأخذ
قال البديع ما أجاب به الظهير والشرف حسن في هذا الزمن لفساد القضاة إذ لو أطلق لهم لا يقنعون بأجر المثل فأحببت إلحاقه فقلت وذكر البيتين الأولين ثم ذكر البيت الأخير بعد كلام يتعلق بالمفتي
قوله ( وإن كان قاسما ) أي للتركات مثلا
قوله ( فالقول الأول )
____________________
(7/60)
بوصل همزة الأول
قوله ( إذ ليس ) أي المفتي قوله ( في الكتب ) أي في الكتابة
قوله ( يحصر ) أي يلزم ويجب عليه
مطلب لا بأس للمفتي أن يأخذ شيئا من كتابه جواب الفتوى وفي ذلك الشرح عن جلال الدين أبي المحامد قالوا لا بأس للمفتي أن يأخذ شيئا من كتابه جواب الفتوى
مطلب الواجب على المفتي الجواب باللسان لا بالبنان وذلك لأن الجواب على المفتي الجواب اللسان دون الكتابة بالبنان ومع هذا الكف عن ذلك أولى
قوله ( على قدره ) أي قدر الخط أي والعناء وقد سبق ما فيه من أن الكف أولى احترازا عن القيل والقال وصيانة لماء الوجه عن الابتذال ا هـ
والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
كتاب الشهادات جمعها وإن كانت في الأصل مصدرا باعتبار أنواعها فإنها تكون في حد الزنا وغيره
قوله ( أخرها عن القضاء ) وإن كان المتبادر تقديمها عليه لأن القضاء موقوف عليها إذا كان ثبوت الحق بها
وفي الحموي أخرها لأن القاضي يحتاج إليها عند الإنكار فكان ذلك من تتمة حكمه ولأن الشهادة إنما تقبل في مجلس القضاء ولا تكون ملزمة بدون القضاء ا هـ
قوله ( هي لغة ) الضمير عائد للشهادة المفهومة من الشهادات
قوله ( خبر قاطع ) تقول منه شهد الرجل على كذا وربما قالوا شهد الرجل بسكون الهاء للتخفيف وقولهم أشهد بكذا أي أحلف والمشاهدة المعاينة وشهده شهودا أي حضره وقوم شهود أي حضور
وهو في الأصل مصدر
وشهد أيضا مثل راكع وركع وشهد له بكذا شهادة أي أدى ما عنده فهو شاهد والجمع شهد كصاحب وصحب وسافر وسفر وبعضهم ينكره وجمع الشهد شهود وأشهاد والشهيد الشاهد والجمع الشهداء
قوله ( أخبار صدق ) فالإخبار كالجنس قوله صدق يخرج الأخبار الكاذبة وصدق الخبر مطابقته للواقع
قوله لإثبات حق يخرج قول القائل في مجلس القضاء أشهد بكذا لبعض العرفيات
قال في البحر هي أخبار عن مشاهدة وعيان لا عن تخمين وحسبان أي الشهادة شرعا وصرح الشارح بأن هذا معناها اللغوي وهو خلاف الظاهر وإنما هو معناها الشرعي أيضا كما أفاده في إيضاح الإصلاح
والمشاهدة المعاينة كما تقدم
والعيان المعاينة
والتخمين الحدس وهو الظن والحسبان بالكسر الظن
وأورد على هذا التعريف الشهادة بالتسامع فإنها لم تكن مشاهدة
وأجاب في الإيضاح بأن جوازها إنما هو الاستحسان والتعريفات الشرعية إنما تكون على وفق القياس ولكونها أخبارا عن معاينة
قال في الخانية إذا قرىء عليه صك ولم يفهم ما فيه لا يجوز له أن يشهد بما فيه
____________________
(7/61)
مطلب لا تحل الشهادة بسماع صوت المرأة من غير رؤية شخصها وإن عرف بها اثنان وفي الملتقط إذا سمع صوت المرأة ولم ير شخصها فشهد اثنان عنده أنها فلانة لا يحل له أن يشهد عليها وإن رأى شخصها وأقرت عنده فشهد اثنان أنها فلانة حل له أن يشهد عليها ا هـ أي ويصح التعريف ولو من زوجها وابنها وممن لا يصح شاهدا لها سواء كانت الشهادة لها أو عليها كما في التنقيح لسيدي الوالد
قوله ( مجاز ) من حيث المشابهة الصورية أي مجاز مرسل وعلاقته الضدية لأن الزور إخبار بكذب
قوله ( كإطلاق اليمين على الغموس ) فإن حقيقة اليمين عقد يتقوى به عزم الحالف على الفعل أو الترك في المستقبل
والغموس الحلف على ماض كذبا عمدا
قوله ( بلفظ الشهادة ) فلا يجزىء التعبير بالعلم ولا بالبقين فيتعين لفظها كما يأتي
قوله ( في مجلس القاضي ) خرج به إخباره في غير مجلسه فلا يعتبر وإنما قيد بالقاضي وإن كان المحكم كذلك لأن المحكم لا يتقيد حكمه بمجلس بل كل مجلس حكم فيه كان مجلس حكمه
حموي أي بخلاف القاضي فإنه يتقيد بمجلس حكمه المعين من الإمام وبمحل ولايته ط
قوله ( كما في عتق الأمة ) وطلاق الزوجة فليست الدعوى شرط صحتها مطلقا بل كل شهادة حسبة كذلك
قال في البحر ولم يقولوا بعد دعوى لتخلفها عنها في عتق الأمة وطلاق الزوجة فلم تكن الدعوى شرطا لصحتها مطلقا وقول بعضهم إنها إخبار بحق الغير على الغير بخلاف الإقرار فإنه إخبار بحق على نفسه للغير والدعوى فإنها إخبار بحق لنفسه الغير بخلاف الإقرار فإنه إخبار بحق على نفسه للغير والدعوى فإنها إخبار بحق لنفسه على الغير غير صحيح لعدم شموله لما إذا أخبر بما يوجب الفرقة من قبلها قبل الدخول فإنه شهادة لم يوجد فيها ذلك المعنى كما أشار إليه في إيضاح الإصلاح كأنه لاحظ أنه لم يخبر بحق للغير لأن ذلك موجب لسقوط المهر
وجوابه أن سقوطه عن الزوج عائدا إلى أنه له فهو كالشهادة بالإبراء عن الدين فإنه إخبار بحق للمديون وهو السقوط عنه فكذا هنا
وجعل الأخبار أربعة والرابع إنكار وعزاه إلى شرح الطحاوي ا هـ
قوله ( طلب ذي الحق ) يشمل الحق تعالى في شهادة الحسبة فإنه مطالب فيها بالأداء شرعا والآدميين في حقوقهم فيحرم كتمانها لقوله تعالى { ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه } البقرة 283 فهو نهي عن الكتمان فيكون أمرا بضده حيث كان له ضد واحد وهو آكد من الأمر بأدائها ولذا أسند الإثم إلى رئيس الأعضاء وهو الآلة التي وقع بها أداؤها لما عرف أن إسناد الفعل إلى محله أقوى من الإسناد إلى كله
واستدل في الهداية بهذه الآية على فرضيتها مع احتمال أن يراد نهي المدينين عن كتمانها كما احتمل أن يراد نهي الشهود
قال القاضي { ولا تكتموا الشهادة } البقرة 283 أيها الشهود أو المدينون والشهادة شهادتهم على أنفسهم فعلى الثاني المراد النهي عن كتمان الإقرار بالدين فالأولى الاستدلال على فرضيتها بالإجماع واحتمل أن الضمير في قول المؤلف تلزم عائد إلى الشهادة بمعنى تحملها لا بمعنى أدائها فإن تحملها عند الطلب والتعين فرض وأما عند
____________________
(7/62)
عدم التعين ففرض كفاية كما في البحر
قوله ( بأن لم يعلم بها ذو الحق ) أي بشهادته
قوله ( وخاف ) أي الشاهد فلا يجب عليه الشهادة بلا طلب في حق آدمي إلا إذا لم يعلم بشهادته ذو الحق وخاف الشاهد إن لم يشهد ضاع حق المدعي فيجب عليه حينئذ إعلام المدعي بما يشهد فإن طلب وجب عليه أن يشهد وإلا لا إذ يحتمل أنه ترك حقه كما أفاده العلامة المقدسي
قوله ( شرائط مكانها واحد وهو مجلس القضاء ) وهو من شروط الأداء كما في البحر
والأولى أن يقول شرط مكانها ولعله إنما جمعه مع أنه واحد وهو مجلس القاضي للازدواج أي التناسب بقوله وشرائط التحمل
قوله ( العقل الكامل ) المراد ما يشمل التمييز بدذليل ما سيأتي في الباب الآتي فلا يصح تحملها من مجنون وصبي لا يعقل
قوله ( وقت التحمل ) قال الطحطاوي لا حاجة إليه
قوله ( والبصر ) فلا يصح تحملها من أعمى
ولا يشترط للتحمل البلوغ والحرية والإسلام والعدالة حتى لو كان وقت التحمل صبيا عاقلا أو عبدا أو كافرا أو فاسقا ثم بلغ الصبي وعتق العبد وأسلم الكافر وتاب الفاسق فشهدوا عند القاضي تقبل
بحر
أقول ولا ينافيه ما نقله بعد عن الخانية صبي احتلم لا أقبل شهادته ما لم أسأل عنه ولا بد أن يتأتى بعد البلوغ بقدر ما يقع في قلوب أهل مسجده ومحلته أنه صالح أو غيره ا هـ
فإن ذلك للتزكية فقط لا لرد شهادته
تأمل
قوله ( ومعاينة المشهود به ) قال في البزازية شهد أن فلانا ترك هذه الدار ميراثا ولم يدركا الميت فشهادتهما باطلة لأنهما شهدا بملك لم يعاينا سببه وسيصرح بها الشارح في شهادة الإرث
قوله ( إلا فيما يثبت بالتسامع ) كالشهادة بالموت والنسب والنكاح والوقت كما يأتي
قوله ( عشرة عامة ) أي في جميع أنواع الشهادة أما العامة فهي الحرية والبصر والنطق والعدالة لكن هي شرط وجوب القبول على القاضي لا شرط جوازه وأن لا يكون محدودا في قذف وأن لا يجر الشاهد إلى نفسه مغنما ولا يدفع عن نفسه مغرما فلا تقبل شهادة الفرع لأصله وعكسه وأحد الزوجين للآخر وأن لا يكون خصما فلا تقبل شهادة الوصي لليتيم والوكيل لموكله وأن يكون عالما بالمشهود به وقت الأداء ذاكرا له ولا يجوز اعتماده على خطه خلافا لهما فإنهما يقولان إذا لم يكن للشاهد شبهة في الخط يشهد وإن كان في يد الخصم وعليه الفتوى
اختيار
وأما ما يخص بعضها دون بعض فالإسلام إن كان المشهود عليه مسلما والذكورة في الشهادة في الحد والقصاص وتقدم الدعوى فيما كان من حقوق العباد وموافقتها للدعوى فإن خالفتها لم تقبل إلا إذا وفق المدعي عند إمكانه وقيام الرائحة في الشهادة على شرب الخمر ولم يكن سكران لا لبعد مسافة والأصالة في الشهادة في الحدود والقصاص وتعذر حضور الأصل في الشهادة على الشهادة
كذا في البحر
لكنه ذكر أولا أن شرائط الشهادة نوعان ما هو شرط تحملها وما هو شرط أدائها
فالأول ثلاثة وقد ذكرها الشارح والثاني أربعة أنواع ما يرجع إلى الشاهد وما يرجع للشهادة وما يرجع إلى مكانها وما يرجع إلى المشهود به
وذكر أن ما يرجع إلى الشاهد السبعة عشر العامة والخاصة وما يرجع إلى الشهادة
____________________
(7/63)
ثلاثة لفظ الشهادة والعدد في الشهادة بما يطلع عليه الرجل واتفاق الشاهدين وما يرجع إلى مكانها واحد وهو مجلس القضاء وما يرجع إلى المشهود به علم من السبعة الخاصة
ثم قال فالحاصل أن شرائطها إحدى وعشرون فشرائط التحمل ثلاثة وشرائط الأداء سبعة عشر منها عشر شرائط عامة ومنها سبع شرائط خاصة
وشرائط نفس الشهادة ثلاثة وشرائط مكانها واحد ا هـ
ومقتضاه أن شرائط الأداء نوعان لا أربعة كما ذكر أولا
والصواب أن يقول إنها أربعة وعشرون ثلاثة منها شرائط التحمل وإحدى وعشرون شرائط الأداء منها سبعة عشر شرائط الشاهد وهي عشرة عامة وسبعة خاصة ومنها ثلاث شرائط لنفس الشهادة ومنها واحد شرط مكانها وبهذا يظهر لك ما في كلام الشارح أيضا
قوله ( منها ) أي العامة الضبط أي ضبط الشاهد المشهود عليه بأن يكون غير شاك وأن يكون ذاكرا
قوله ( والولاية ) أي تكون ولاية للشاهد على المشهود عليه بأن يكون من أهل دينه أو ممن دينه حق حرا بالغا فلذا فرع عليه بقوله فيشترط الإسلام الخ
قوله ( لو المدعى عليه مسلما ) أما لو كان كافرا فتقبل شهادة المسلم والكافر عليه
قوله ( والقدرة على التمييز ) الأولى حذف القدرة لأن الشرط التمييز بالفعل
قوله ( بالسمع ) هذا زائد على الشروط المذكورة
قوله ( ومن الشرائط ) أي المتقدمة أي العامة
قوله ( عدم قرابة ولاد ) فلا تقبل شهادة الأصل لفرعه كعكسه
قوله ( عدم قرابة ولاد ) فلا تقبل شهادة الأصل لفرعه كعكسه
قوله ( أو زوجية ) أي وعدم الزوجية فلا تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر
قوله ( أو عداوة دنيوية ) أي وعدم عداوة دنيوية أما الدينية فلا تمنع الشهادة
قوله ( لفظ أشهد ) بلفظ المضارع فلو قال شهدت لا يجوز لأن الماضي موضوع للإخبار عما وقع فيكون غير مخبر في الحال س
قوله ( لا غير ) أي لا غيره من الألفاظ كأعلم وأتحقق وأتيقن
قوله ( لتضمنه ) أي باعتبار الاشتقاق معنى مشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عيانا
سيدي
قال ط دخل في ذلك الشهادة بالتسامع فإنها عن مشاهدة حكما أو أنها خارجة عن القياس ا هـ
وقدمنا بيانه كافيا
قوله ( وقسم ) لأنه قد استعمل في القسم نحو أشهد بالله لقد كان كذا أي أقسم وقد مر في الأيمان
قوله ( وإخبار للحال ) بخلاف لفظ الماضي فإنه موضوع للإخبار عما وقع كما قدمنا
قوله ( فكأنه يقول أقسم بالله ) هذا راجع إلى قوله وقسم
قوله ( لقد اطلعت على ذلك ) هذا راجع إلى قوله لتضمنه معنى مشاهدة
قوله ( وأنا أخبر به ) هذا راجع إلى قوله وإخبار للحال
والحاصل أن في كلامه نشرا على غير ترتيب اللف قوله ( فتعين ) فلذا اقتصر عليه احتياطا واتباعا للمأثور ولا يخلو عن معنى التعبد إذ لم ينقل غيره بحر
قوله ( حتى لو زاد فيما أعلم بطل للشك ) لأنه يشترط أن لا يأتي بما يدل على الشك بعد فلو قال أشهد بكذا فيما أعلم لم تقبل كما لو قال في ظني بخلاف ما لو قال أشهد بكذا قد علمت ولو ال لا حق لي قبل فلان فيما أعلم لا يصح الإبراء ولو قال لفلان علي ألف درهم فيما أعلم لا يصح الإقرار ولو قال المعدل هو عدل فيما أعلم لا يكون تعديلا بحر
فرع قال المقدسي ولا بد من علمه بما يشهد به
وفي النوازل شهد أن المتوفى أخذ من هذا المدعى منديلا فيه درام ولم يعلما كم وزنها تجوز شهادتهما
وله لهما أن يشهدا بالمقدار وقال إن كانوا وقفوا على
____________________
(7/64)
تلك الصرة وفهموا أنها دراهم وحرروا فيما يقع عليه يقينهم من مقدارها شهدوا بذلك
وينبغي أن يعتبرا جودتها فقد تكون ستوقة فإذا فعلوا ذلك جازت شهادتهم ا هـ
وفي خزانة الأكمل بيده درهما كبير وصغير فأقر بأحدهما لرجل فشهدا أنه أقر بأحدهما ولا يدري بأيهما أقر يؤمر بتسليم الصغير ا هـ
قوله ( وحكمها ) أي صفتها لما تقدم في أول كتاب القضاء أن من معاني الحكم الأثر الثابت بالخطاب كالوجوب والحرمة فيكون المعنى هنا وصفتها
قوله ( وجوب الحكم ) أي القضاء
قوله ( بموجبها ) بفتح الجيم أي بما تعلق بها إذ الموجب عبارة عن المعنى المتعلق بما أضيف إليه في ظن القاضي فالذي أضيف إليه الموجب الشهادة والمعنى المتعلق بها إلزام الخصم بالمشهود به
قوله ( بعد التزكية ) اشتراط التزكية قولهما وهو المفتى به
ط عن الشرنبلالية
قوله ( افتراضه ) أي القضاء
قوله ( إلا في ثلاث قدمناها ) أي قبيل باب التحكيم وهي رجاء الصلح بين الأقارب وإذا استمهل المدعي وخوف ريبة عند القاضي
قوله ( بعد وجود شرائطها ) أي المتقدمة
قوله ( إن لم ير الوجوب ) نقله في أول قضاء البحر عن شرح الكنز لباكير
قوله ( ابن ملك ) في شرح المجمع في مبحث القضاء بشهادة الزور
قوله ( وأطلق الكافيجي كفره ) في سالته ( سيف القضاة على البغاة ) حيث قال حتى لو أخر الحكم بلا عذر عمدا قالوا إنه يكفر
كذا في المنح
قوله ( واستهظر المصنف الأول ) لما تقدم في باب الردة من الاعتماد على عدم تكفير المسلم ولو بالرواية الضعيفة
قوله ( ويجب أداؤها ) أي عينا
قوله ( بالطلب ) أي طلب المدعي
قوله ( ولو حكما كما مر ) أي من أنه لو خاف فوت الحق والطالب لا يعلم بها لزمه أن يشهد بلا طلب
قال في البحر وإنما قلنا أو حكما ليدخل من عنده شهادة لا يعلم بها صاحب الحق وخاف فوت الحق فإنه يجب عليه أن يشهد بلا طلب كما في فتح القدير لكونه طالبا لأدائه حكما ا هـ
لكن نظر فيه المقدسي بأن الواجب في هذا إعلام المدعي بما يشهد فإن طلب وجب عليه أن يشهد وإلا لا إذ يحتمل أنه ترك حقه كما قدمنا
قوله ( بشروط سبعة ) ذكر منها خمسة منها أن يتعين عليه الأداء وهو المشار إليه بقوله إن لم يوجد بدله فإن لم يتعين بأن كانوا جماعة فأدى غيره ممن تقبل شهادته فقبلت لم يأثم بخلاف ما إذا أدعى غيره فلم يقبل فإن من لم يؤد ممن يقبل يأثم بامتناعه
السادس أن لا يخبره عدلان ببطلان المشهود به فلو شهد عن الشاهد عدلان أن المدعي قبض دينه أو أن الزوج طلقها ثلاثا أو أن المشتري أعتق العبد أو أن الولي عفا عن القاتل لا يسعه أن يشهد بالدين والنكاح والبيع والقتل وإن لم يكن المخبر عدلا فالخيار للشهود إن شاؤوا شهدوا بالدين مثلا وأخبروا القاضي بخبر المخبرين وإن شاؤوا امتنعوا عن الشهادة وإن كان المخبر عدلا واحدا لا يسعه ترك الشهادة وكذا لو عاينا واحدا يتصرف في شيء تصرف الملاك وشهد عدلان عندهما أن هذا الشيء لفلان آخر لا يشهدان أنه للمتصرف بخلاف أخبار العدل الواحد
وفي البزازية في الشهادة بالتسامع إذ شهد عندك عدلان بخلاف ما سمعته ممن وقع في قلبك صدقه لم يسعك
____________________
(7/65)
الشهادة إلا إذا علمت يقينا أنهما كاذبان وإن شهد عندك عدل لك أن تشهد بما سمعت إلا أن يقع في قلبك صدقه وينبغي ذلك جميعه في كل شهادة ا هـ بالمعنى
السابع أن لا يقف الشاهد على أن المقر أقر خوفا فإن علم بذلك لا يشهد فإن قال المقر أقررت خوفا وكان المقر له سلطانا وكان المقر في يد عون من أعوان السلطان ولم يعلم الشاهد بخوفه شهد عند القاضي وأخبره أنه كان في يد عون من أعوان السلطان ا هـ ط
قال سيدي الوالد معزيا للجوهرة وكذا إذا خاف الشاهد على نفسه من سلطان جائر أو غيره أو لم يتذكر الشهادة على وجهها وسعه الامتناع ا هـ
مطلب للشاهد أن يمتنع من أدائها عند غير العدل قوله ( منها عدالة قاض ) فله أن يمتنع من الأداء عند غير المعدل لأنه ربما لا يقبل ويجرح ولو غلب على ظنه أنه يقبله لشهرته مثلا ينبغي أن يتعين عليه الأداء وكذا المعدل لو سئل عن الشاهد فأخبر بأنه غير عدل لا يجب عليه أن يعدله عنده
بحر
مطلب إذا كان موضع القاضي بعيدا من موضع الشاهد بحيث لا يغدو ويرجع في يومم لا يأثم بعدم لأداء قوله ( وقرب مكانه ) أي أن يكون موضع الشاهد قريبا من موضع القاضي فإن كان بعيدا بحيث لا يمكنه أن يغدو إلى القاضي لأداء الشهادة ويرجع إلى أهله في يومه ذلك
قالوا لا يأثم لأنه يلحقه الضرر بذلك
وقال تعالى { ولا يضار كاتب ولا شهيد } البقرة 282
قوله ( وعلمه بقبوله ) فلو علم أنه لا يقبلها لا يلزمه
بحر
قال الحموي فلا شك ينظر حكمه
قوله ( أو بكونه أسرع قبولا ) أي فيجب الأداء وإن كان هناك من تقبل شهادته
فتح
وفيه تأمل
مقدسي
وكأنه لعدم ظهور وجه الوجوبه حيث كان هناك من يقوم به الحق ط عن الحموي
أقول لكنه بحثه في مقابلة المنقول فقد ذكر المسألة في شرح الوهبانية عن الخانية
قوله ( إن لم يوجد بدله ) أي بدل الشاهد وهذا هو خامس الشروط
وأما الاثنان الباقيان تتمة السبعة فقد قدمناهما آنفا وهما أن لا يعلم بطلان المشهود به وأن لا يعلم أن المقر أقر خوفا الخ
وأل في الشاهد للجنس فيصدق بالواحد والمتعدد
مطلب لو لزم الشاهد الأداء ولم يؤد ثم أدى الشهادة ولو لزم الشاهد الأداء بالشروط المذكورة فلم يؤد بلا عذر ظاهر ثم أدى قال شيخ الإسلام لا تقبل لتمكن الشبهة فإنه يحتمل أن تأخيره كان لاستجلاب الأجرة
قال الكمال والوجه القبول ويحمل على العذر من نسيان ثم تذكر أو غيره ا هـ
قال العلامة عبد البر وعندي أن الوجه ما قاله شيخ الإسلام لا سيما وقد فسد الزمان وعلم من حال الشهود التوقف بمقتضى القوة وهذا مطلق عن مسائل الفروج والظاهر أن هذا مطرد في كل حرفة لا يتوجه فيها تأويل ا هـ
قوله ( لأنها فرض كفاية ) أي إذا قام بها البعض الكافي سقط عن الباقين
قوله ( تتعين لو لم يكن إلا شاهدان لتحمل أو أداء ) قال الإمام الرازي في أحكام القرآن في قوله تعالى { ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا } البقرة 282 { أنه }
____________________
(7/66)
عام في التحمل والأداء لكن في التحمل على المتعاقدين الحضور إليهما للإشهاد ولا يلزم الشاهدين الحضور إليهما وفي الأداء يلزمهما الحضور إلى القاضي لا أن القاضي يأتي إليهما ليؤديا
ويستحب الإشهاد في العقود إلا في النكاح فإنه يجب عندنا وكذا في الرجعة عند الشافعي وأحمد
قال في البحر وفي الملتقط الإشهاد على المداينة والبيوع فرض
كذا رواه نصير
وذكر الإمام الرازي في أحكام القرآن أن الإشهاد على المبايعات والمداينات مندوب إلا النزر اليسير كالخبز والماء والبقل وأطلقه جماعه من السلف حتى في البقل ا هـ
قال في التاترخانية عن المحيط وذكر في فتاوى أهل سمرقند أن الإشهاد على المداينة والبيع فرض على العباد إلا إذا كان شيئا حقيرا لا يخاف عليه التلف وبعض المشايخ على أن الإشهاد مندوب وليس بفرض ا هـ
وفي البزازية لا بأس للرجل أن يتحرز عن تحمل الشهادة ولو طلب منه أن يكتب شهادته أو يشهد على عقد أو طلب منه الأداء إن كان يجد غيره فله الامتناع وإلا فلا انتهى
وحينئذ فالتحمل في الآية الكريمة محمول على ما إذا لم يوجد غيره وإلا فالأولى الامتناع كما ذكرنا
قوله ( وكذا الكاتب إذا تعين ) صرح الإمام الرازي في أحكام القرآن بأن عليهما الكتابة إذا لم يوجد غيرهما إذا كان الحق مؤجلا وإلا فلا ا هـ
بحر
قوله ( لكن له أخذ الأجرة لا للشاهد ) في المجتبى عن الفضلي تحمل الشهادة فرض على الكفاية كأدائها وإلا لضاعت الحقوق وعلى هذا الكاتب إلا أنه يجوز أخذ الأجرة على الكتابة دون الشهادة فيمن تعينت عليه بإجماع الفقهاء وكذا من لم تتعين عليه عندنا وهو قول للشافعي
وفي قول يجوز لعدم تعينه عليه ا هـ
شلبي
ا هـ ط
لكن ينظر مع ماتقدم من قوله كل ما يجب على القاضي والمفتي لا يحل لهما أخذ الأجر به وليس خاصا بهما بدليل ما ذكروه من أن غاسل الأموات إذا تعين لا يحل له أخذ الأجر
تأمل
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( حتى لو أركبه بلا عذر ) بأن كان يقدر على المشي أو مال يستأجر به دابة وأركبه من عنده
قوله ( وبه ) أي بالعذر بأن كان شيخا لا يقدر على المشي ولا يجد ما يستأجر به دابة وهذا التفصيل لصاحب النوازل ط
قوله ( لحديث أكرموا الشهود ) تمامه فإن الله تعالى يستخرج بهم الحقوق ويدفع بهم الظلم رواه الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس
قوله ( وجوز الثاني الأكل مطلقا ) أي سواء صنعه لأجلهم أو لا ومنعه محمد مطلقا وبعضهم فصل
قال في البحر الشهود في الرستاق واحتيج إلى أداء شهادتهم هل يلزمهم كراء الدواب قال لا رواية فيه ولكن سمعت من المشايخ أنه يلزمهم
وفي فتح القدير ولو وضع للشهود طعاما فأكلوا إن كان مهيئا من قبل ذلك تقبل وإن صنعه لأجلهم لا تقبل
وعن محمد لا تقبل فيهما
وعن أبي يوسف تقبل فيهما للعادة الجارية بإطعام من حل محل الإنسان ممن يعز عليه شاهدا أو لا ويؤنسه ما تقدم من أن الإهداء إذا كان بلا شرط ليقضي حاجته عند الأمير يجوز
كذا قيل وفيه نظر فإن الأداء فرض بخلاف الذهاب إلى الأمير ا هـ
وجزم في الملتقط بالقبول مطلقا ا هـ
قوله ( وبه يفتى بحر ) نقله عن ابن وهبان في شرحه لمنظومته
قال شارحها العلامة ابن عبد البر بن الشحنة نقلا عن مختصر المحيط للخبازي أخرج الشهود إلى ضيعة اشتراها فاستأجر لهم دواب ليركبوها إن لم يكن لهم قوة المشي ولا طاقة الكراء تقبل شهاتدهم وإلا فلا فإن أكل طعاما للمشهود له لا ترد شهادته
وقال الفقيه أبو الليث الجواب في الركوب
____________________
(7/67)
ما قال أما في الطعام إن لم يكن المشهود له هيأ طعامه للشاهد بل كان عنده طعام فقدمه إليهم وأكلوه لا ترد شهادتهم وإن هيأ لهم طعاما فأكلوه لا تقبل شهادتهم
هذا إذا فعل ذلك لأداء الشهادة فإن لم يكن كذلك لكنه جمع الناس للاستشهاد وهيأ لهم طعاما أو بعث لهم دواب وأخرجهم من المصر فركبوا وأكلوا طعامه اختلفوا فيه
قال الثاني في الركوب لا تقبل شهادتهم بعد ذلك وتقبل في أكل الطعام
وقال محمد لا تقبل فيهما والفتوى على قول الثاني لجري العادة به سيما في الأنكحة ونثر السكر والدراهم ولو كان قادحا في الشهادة لما فعلوه
كذا في الفخرية ا هـ
قوله ( ويجب الأداء ) أي يفترض إما كفاية أو عينا
قوله ( لو الشهادة في حقوق الله تعالى ) وجه قبول الشهادة بلا طلب فيما ذكر أنها حق الله تعالى وحق الله تعالى يجب على كل أحد القيام بإثباته والشاهد من جملة من عليه ذلك فكان قائما بالخصومة من جهة الوجوب وشاهدا من جهة تحمل ذلك فلم يحتج إلى خصم آخر ا هـ
وبعضهم جعل القائم بالخصومة القاضي ط
قوله ( أربعة عشر ) ذكر منها طلاق المرأة وعتق الأمة وتدبيرها ومنها الوقف
قال قاضيخان ينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إذا كان الوقف على قوم بأعيانهم لا تقبل البينة عليه بدون الدعوى عند الكل وإن كان على الفقراء أو على المسجد لا تقبل عنده بدون الدعوى وتقبل عندهما بدونه وبه أفتى أبو الفضل الكرماني وهو المختار
عمادية
ومنها هلال رمضان
قال قاضيخان الذي ينبغي أنه لا تشرط الدعوى فيه كما لا تشترط في عتق الأمة وطلاق الحرة
وفي العمادية عن فتاوى رشيد الدين الشهادة بهلال عيد الفطر لا تقبل بدون الدعوى
وفي الأضحى اختلاف المشايخ قاسه بعضهم على هلال رمضان وبعضهم على هلال الفطر
ومنها الحدود غير حد القذف والسرقة
ومنها النسب وفيه خلاف
حكى صاحب المحيط القبول من غير دعوى لأنه يتضمن حرمات كلها لله تعالى حرمة الفرج وحرمة الأمومة والأبوة
وقيل لا تقبل من غير خصم
ومنها الخلع فإن الشهادة عليه بدون دعوى المرأة مقبولة اتفاقا ويسقط المهر عن ذمة الزوج ودخول المال في هذه الشهادة تبع
ومنها الإيلاء والظهار والمصاهرة ويشترط أن يكون المشهود عليه حاضرا
ومنها الحرية الأصلية عندهما
والصحيح اشتراط الدعوى في ذلك عند الإمام كما في العتق العارض
ومنها النكاح فإنه لا يثبت بلا دعوى كالطلاق لأن حل الفرج والحرمة حق لله تعالى
ومنها عتق العبد عندهما لأن الغالب عندهما فيه حق الله تعالى لأن الحرية يتعلق بها حقوق الله تعالى من وجوب الزكاة والجمعة وغيرهما كالعيد والحج والحدود ولذا لم يجز استرقاق العبد برضاه لما فيه من إبطال حق الله تعالى
وقال الإمام لا بد في عتقه من دعوى والغالب فيه حق العبد لأن نفع الحرية عائد إليه من مالكيته وخلاصة من كونه مبتذلا كالمال وقد تمت الأربع عشرة مسألة
وقوله عد منها الخ يفيد أن هناك مسائل أخر هو كذلك وهي التي ذكرها بعد وقد أعاد صاحب الأشباه ذكر شهادة الحسبة بعد فعد حد الزنا وحد الشرب مسألتين وزاد الشهادة على دعوى مولى العبد نسبه ا هـ ط
قال سيدي الوالد قلت ويزاد الشهادة بالرضاع كما مشى عليه المصنف في بابه وتقدم في الوقف
قوله ( بلا عذر فسق فترد ) نصوا عليه في الحدود وطلاق الزوجة وعتق الأمة وظاهر ما في القنية أنه في الكل وهو في الظهيرية واليتيمة ا هـ
أشباه
وفي البحر عن القنية أجاب بعض المشايخ في شهود شهدوا بالحرمة المغلظة بعد ما أخروا شهادتهم خمسة أيام
____________________
(7/68)
من غير عذر أنها لا تقبل إن كانوا عالمين بأنهما يعيشان عيش الأزواج ثم نقل عن العلاء الحمامي والخطيب الأنماطي وكمال الأئمة البياعي شهدوا بعد ستة أشهر بإقرار الزوج بالطلقات الثلاث لا يقبل إذا كانوا عالمين بعيشهم عيش الأزواج وكثير من المشايخ أجابوا كذلك في جنس هذا
وتمامه فيه وفي الحموي
وقيل المدار في التأخير على التمكن من الشهادة عند القاضي وهل ذلك خاص بالفروج أو لا
قال في البزازية إذا طلب المدعي الشاهد لأداء الشهادة فأخر من غير ظاهر لا تقبل ا هـ
فإطلاقه يفيد عدم القبول مطلقا وهو الذي اعتمده ابن الشحنة ا هـ ملخصا
وأفتى في تنقيح الحامدية بأنه حتى أخر خمسة أيام من غير عذر إن كانوا عالمين بأنهما يعيشان عيش الأزواج فإنها لا تقبل وعزاه لمعين المفتي وجامع الفتاوى
أقول قد علمت أن ذكر خمسة أيام أو ستة أشهر ليس بقيد بل المراد التمكن من الشهادة عند القاضي وهو مطلق عن مسائل الفروج بل هو مطرد في كل حرمة لا يوجد فيها تأويل كما أفاده الحموي
قوله ( كطلاق امرأة حرة أو أمة وقيد القبول في النهاية بما إذا كان الزوج حاضرا أما إذا كان غائبا فلا
قال العلامة عبد البر وكذا يشترط حضور المولى في صورة الأمة ولكن لا يشترط حضور المرأة ولا الأمة على المشهور وتقبل إن أنكر الزوجان ط
ومثله في العمادية والفصولين والبزازية
قال في الذخيرة إذا غاب الرجل عن امرأته فأخبرها عدل أن زوجها طلقها ثلاثا أو مات عنها فلها أن تعتد وتتزوج بزوج آخر وكذا إن كان المخير فاسقا لأن هذا من باب الديانة فيثبت بخبر الواحد بخلاف النكاح والنسب ا هـ
أقول لكنه في التنقيح ذكر العدل دون الفاسق
قال في الفصولين ولو أخبرها فاسق تحرت وهذا عند المعاينة أو المشاهدة لموته أو جنازته
ويأتي تمامه إن شاء الله تعالى
قوله ( أي بائنا ) هذا القيد لم يذكره في التنقيح بل أطلق الطلاق وكذلك أطلقه في الأشباه ولم يقيده بالبائن وكذا محشوها لكن قال ط والتقييد به ظاهر لأنه إذا ظلقها رجعيا لا ينكر بعده معيشتهم معيشة الأزواج لأنه يعد مراجعا لها
قوله ( وعتق أمة ) أي عند الكل لأنها شهادة بحرمة الفرج وهي حق الله تعالى وهل يحلف حسبة في طلاق المرأة وعتق الأمة أشار محمد في باب التحري أنه يحلف
كذا في شرح القدوري
وذكر السرخسي في مقدمه باب السلسلة أنه لا يحلف فتأمله عنده الفتوى
كذا ذكره ابن الشحنة ط
قوله ( وتدبيرها ) جعل ابن وهبان القبول يختلف بالنسبة إلى الأمة والعبد كما في عتقهما
فتقبل في الأمة عند الكل وفي العبد يجري الخلاف لأن التدبير فيها يتضمن حرمة فرجها على الورثة بعد موت السيد ط
قوله ( وكذا عتق عبد ) أي عندهما خلافا له فإن دعواه شرط عنده كما إذا شهد شاهدان على رجل بعتق عبده والعبد والمولى ينكران ذلك لا تقبل الشهادة عند الإمام
وقالا تقبل
وفي الحقائق قد تتحقق الدعوى حكما بأن يقطع العبد يد حر فقال الحر أعتقك مولاك قبل الجناية ولي عليك القصاص فأنرك العبد والمولى ذلك تقبل بينته ويقضى بعتقه لأن دعوى المجني عليه العتق قائم مقام دعوى العبد حكما
ثم اعلم أن الشهادة بلا دعوى أحد مقبولة في حقوق الله تعالى لأن القاضي يكون نائبا عن الله تعالى فتكون شهادة على خصم فتقبل وغير مقبولة في حقوق العبد وهذا أصل متفق عليه لكن الغالب عندهما في عتق العبد حق الله تعالى لأن سبب المالكية وهي الحرية يتعلق بها حقوق الله تعالى من وجوب الزكاة والجمعة وغيرهما
____________________
(7/69)
يعني كالعيد والحج والحدود ولذا لم يجز استرقاق الحر برضاه لما فيه من إبطال حق الله تعالى فتقبل بدون الدعوى والغالب عنده حق العبد لأن نفع الحرية عائدا إليه من مالكيته وخلاصه من كونه مبتذلا كالمال فلا تقبل بدون الدعوى كما في شرح المجمع لابن ملك
قوله ( وتدبيره ) قد علمت أنه على الخلاف كما ذكره ابن وهبان ولا فرق عند الإمام بين أن يشهدوا بالعتق أو بالحرية الأصلية والشارح مشى على قولهما وتبع الشرنبلالي في عدم الفرق بين الحرية الأصلية والعارضة
قوله ( وهل يقبل جرح الشاهد حسبة ) الجرح بفتح الجيم بمعنى تجريح ثم قوله حسبة يحتمل أنه حال من جرح يعني أن المجرح يفعل ذلك حسبة ويحتمل أنه حال من المشاهد ذكره بعضهم ط
والأول أظهر
قال الحلبي حسبة متعلق بالجرح لا بالشاهد
قوله ( فبلغت ثمانية عشر ) أي بزيادة عتق العبد وتدبيره والرضاع والجرح
وأما طلاق المرأة وعتق الأمة وتدبيرها فمن الأربعة عشر ح
قال ط وفيه أن عتق العبد من جملة الأربعة عشر ا هـ
أقول لم يزد على ما في الأشباه غير عتق العبد وتدبيره والرضاع وهي داخلة في الأربعة عشر فعتق العبد وتدبيره داخل في عتق الأمة وتدبيرها على قولهما والرضاع داخل في حرمة المصاهرة
تأمل
قوله ( وليس لنا مدعي حسبة ) الأولى مدع حسبة بحذف ياء مدعي
قوله ( إلا في الوقف ) يعني إذا ادعى الوقوف عليه أصل الوقف تسمع عند البعض والمفتى به عدم سماعها إلا من المتولي كما تقدم في الوقف
قال ط فإذا كان الموقوف عليه لا تسمع دعواه فالأجنبي بالأولى
أشباه ا هـ
أقول لكن في فتاوى الحانوتي أن الحق أن الوقف إذا كان على معين تسمع منه ا هـ
فتأمل
لكن قيده سيدي الوالد في تنقيحه بأن تكون بإذن قاض على ما عليه الفتوى قوله ( وسترها في الحدود ) أي كتمانها
قال في الهداية والشهادة يخير فيها الشاهد في الستر والإظهار لأنه بين حسبتين إقامة الحد والتوقي عن الهتلك والستر أفضل ا هـ
قال الكاكي والحسبة ما ينتظر به الأجر في الآخرة
وفي الصحاح احتسب كذا أجرا عند الله تعالى والاسم الحسبة بالكسر والجمع الحسب ا هـ
قوله ( أبر ) أفاد أن عدمه جائز إقامة للحسبة لما فيه من إزالة الفساد أو تقليله فكان حسنا ولا يعارضه قوله تعالى { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا } النور 19 الآية لأن ظاهرها أنهم يحبون ذلك لأجل إيمانهم وذلك صفة الكافر ولأن مقصود الشاهد ارتفاعها لا إشاعتها وكذا لا يعارض أفضلية الستر آية النهي عن كتمانها لأنها في حقوق العباد بدليل قوله تعالى { ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا } البقرة 282 إذ الحدود لا مدعى فيها
ورد قول من قال إنها في الديون بأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب كما ذكره الرازي أو لأنه عام مخصوص بأحاديث الستر التي بلغت مبلغا لا ينحط عن درجة الشهرة لتعدد متونها مع قبول الأمة لها أو هي مستند الإجماع على تخيير الشاهد في الحدود كما يفهم من البحر
وتمام الكلام على ذلك فيه فراجعه فإنه مهم
قوله ( ولحديث من ستر ستر ) الذي في الفتح من ستر على مسلم ستره الله تعالى وأفاد أنه في الصحيحين
قوله ( إلا لمتهتك بحر ) وفيه عن الفتح
وإذا كان الستر مندوبا إليه ينبغي أن تكون الشهادة به خلاف الأولى التي مرجعها إلى كراهة التنزيه لأنها في رتبة الندب في جانب الفعل وكراهة
____________________
(7/70)
التنزيه في جانب الترك وهذا يجب أن يكون بالنسبة إلى من لم يعتد الزنا ولم يتهتك به أما إذا وصل الحال إلى إشاعته والتهتك به بل بعضهم ربما افتخر به فيجب كون الشهادة أولى من تركها لأن مطلوب الشارع إخلاء الأرض من المعاصي والفواحش بالخطابات المفيدة لذلك وذلك يتحقق بالتوبة من الغافلين وبالزجر لهم فإذا ظهر حال الشهرة في الزنا مثلا والشرب وعدم المبالاة به وإشاعته فإخلاء الأرض المطلوب حينئذ بالتوبة احتمال يقابله ظهور عدمها ممن اتصف بذلك فيجب تحقيق السبب الآخر للإخلاء وهو الحدود خلاف من زنى مرة أو مرارا مستترا متخرفا متندما عليه فإنه محل استحباب ستر الشاهد وقوله عليه الصلاة والسلام لهزال في ماعز لو كنت سترته بثوبك الحديث وذكره في غير مجلس القاضي بمنزلة الغيبة يحرم منه ما يحرم منها ويحل منه ما يحل منها ا هـ
قوله ( والأولى الخ ) هذا كالاستدراك على قوله أبر لأنه ربما يفيد عدم التعرض بالشهادة في السرقة أصلا ويلزم منه ضياع حق الغير فاستثنى السرقة وأثبت لها حكما خاصا وهو أنه يأتي بلفظ يفيد الضمان من غير قطع
فاستثنى السرقة وأثبت لها حكما خاصا وهو أنه يأتي بلفظ يفيد الضمان من غير قطع
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى وفيه إشارة إلى أن المراد ستر أسباب الحدود ا هـ
وبه ظهر الجواب
قوله ( أخذ ) الأخذ أعم من كونه غصبا أو على ادعاء أنه ملكه مودعا عند المأخوذ منه وغير ذلك فلا تستلزم الشهادة بالأخذ مطلقا ثبوت الحد بها
كمال
لكن قد يقال مع هذا الاحتمال لا إحياء للحق فيه ط
قال في البحر ولا يقول سرق محافظة على الستر ولأنه لو ظهرت السرقة لوجب القطع والضمان لا يجامع القطع فلا يحصل إحياء حقه
وصرح في غاية البيان بأن قوله أخذ أولى من سرق وعلى هذا فيحمل قول القدوري وجب أن يقول أخذ على معنى ثبت لا الوجوب الفقهي وقوله في العناية فتعين ذلك مع قوله لا يجوز أي أن يقول سرق تسامح وإنما الكلام في الأفضل وكل منهما جائز ا هـ
( وفيه لطيفة ) حكى الفخر الرازي في التفسير أن هارون الرشيد كان مع جماعة من الفقهاء وفيهم أبو يوسف فادعى رجل على آخر بأنه أخذ ماله من بيته فأقر بالأخذ فسأل الفقهاء فأفتوا بقطع يده فقال أبو يوسف لا لأنه لم يقر بالسرقة وإنما أقر بالأخذ فادعى المدعي أنه سرق فأقر بها فأفتوا بالقطع
وخالفهم أبو يوسف فقالو له لم قال لأنه لما أقر أولا بالأخذ ثبت الضمان عليه وسقط القطع
فلا يقبل إقراره بعده بما يسقط الضمان عنه فعجبوا ا هـ
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى هذا ظاهر في أنه إذا ادعى أنه أخذ مالي أو دابتي تسمع وإن لم يبين وجه الأخذ ا هـ
قوله ( ونصابها ) أي ما تنصب عليه أي تتوقف عليه
قال ابن الكمال ولم يقل وشرطها أي كما قال في الكنز لما سيأتي أن المرأة ليست بشرط في الولادة وأختيها
قوله ( للزنا أربعة ) وذلك يشير إلى ندب الستر لأنه قلما يشهد به أربعة بصفته الموجبة والدليل قوله تعالى { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } النساء 15 وقوله { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } النور 4
فلا يجوز بالأقل ونحن إن لم نقل بالمفهوم فالإجماع عليه وقدم الاستدلال بالآيتين على قوله تعالى { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } البقرة 282 لأن الأول مانع والثاني مبيح والمانع مقدم والدليل وإن كان في النساء مثبت في حق الرجال للمساواة
ط أخذا من البحر بالمعنى عن فتح القدير
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى عبارة فتح القدير وأن النص أوجب أربعة رجال بقوله تعالى { أربعة منكم } النساء 15 فقبول امرأتين مع ثلاثة مخالف لما نص عليه من العدد والمعدود وغاية الأمر المعارضة
____________________
(7/71)
بين عموم قوله تعالى { فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان } البقرة 282 وبين هذه فتقدم هذه لأنها مانعة وتلك مبيحة ا هـ
ولا يخفى عليك ما في كلامه من المخالفة والإيهام
تأمل
قال في البحر وقدمنا في الحدود أنه يجوز كون الزوج أحدهما إلا في مسألتين أن يقذفها الزوج أولا ثم يشهد مع ثلاثة وأن يشهد معهم على زناها بابنه مطاوعه ا هـ
قوله ( ليس منهم ابن زوجها ) أي إذا كان الأب مدعيا أو أم الابن حية أما إذا فقد فيجوز
قال في البحر اعلم أنه يجوز أن يكون من الأربعة ابن زوجها
وحاصل ما ذكره في المحيط البرهاني أن الرجل إذا كان له امرأتان ولإحداهما خمسة بنين شهد أربعة منهم على أخيهم أنه زنى بامرأة أبيهم تقبل إلا إذا كان الأب مدعيا أو كانت أمهم حية ا هـ
والمنع في كون الأب مدعيا لعله مقيد بما إذا كان بعد قذفه لها لأنه يدفع بشهادته عن أبيه اللعان وفي كون أمهم حية للعداوة الدنيوية عادة
قوله ( ولو علق عتقه بالزنا ) أي بزنا نفس المولى
قوله ( ولا حد ) أي على المولى ويستحلف إذا أنكره للعتق
قال في البحر ثم اعلم أن العتق المعلق بالزنا يقع بشهادة رجلين وإن لم يحد المولى ويستحلف المولى إذا أنكره للعتق وفيه خلاف ذكره في الخانية وأدب القضاء للخصاف ا هـ
مطلب في الشهادة على اللواطة قال أبو السعود واختلفوا في الشهادة على اللواطة فعند الإمام يقبل فيها رجلان عدلان لأن موجبها التعزير عنده وعندهما لا بد فيه من أربعة كالزنا
في مطلب الشهادة على إتيان البهيمة وأما إتيان البهيمة فالأصح أنه يقبل فيه شاهدان عدلان ولا يقبل فيه شهادة النساء اه
قوله ( فأعتقه القاضي ) أي حكم بعتقه وكذا قوله ورجمه
قوله ( ضمن الأولان قيمته لمولاه ) لإتلاف رقبته المملوكة على السيد
قوله ( ديته له ) انظر هل المراد بالدية هنا قيمته لأنه رقيق أو دية الأحرار لحكم القاضي عليه بالحرية ويدل لذلك قوله لو وارثه فإن لو كان رقيقا لكانت الدية للسيد ولا بد ط
قوله ( لو وارثه ) بأن لم يكن له وارث غيره وإلا لوارثه
قوله ( والقود ) شمل القود في النفس والعضو وقيد به لما في الخانية ولو شهد رجل وامرأتان بقتل الخطأ أو بقتل لا يوجب القصاص تقبل شهادتهم وكذا الشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي لأن موجب هذه الجناية المال فقيل فيه شهادة الرجال مع النساء ا هـ
أقول علم به قبول شهادة رجل وامرأتين في طرف الرجل والمرأة والحر والعبد وكل ما لا قصاص فيه وكان موجبه المال ويعلم به كثير من الوقائع الحالية
قوله ( ومنه ) أي من القود
قوله ( لمآلها ) أي تؤول
قوله ( لقتله ) بسبب ردته أي إن أصر على كفره
قوله ( بخلاف الأنثى ) فإنها لا تقتل بل تحبس فتقبل شهادة رجل وامرأتين فلذا قيد بذكر بل في المقدسي لو شهد نصرانيان على نصرانية أنها أسلمت جاز وتجبر على الإسلام
____________________
(7/72)
قلت وينبغي في النصراني كذلك فيجبر ولا يقتل ورأيته في الولوال ا هـ
سائحاني
وإنما لا يقتل لأنه لم يشهد على إسلامه مسلمان
قال سيدي الوالد وانظر لم لم يقل كذلك في شهادة رجل وامرأتين على إسلامه لكنه يعلم بالأولى وصرح به في البحر عن المحيط عند قوله والذمي على مثله وتقدم في باب المرتد أن كل مسلم ارتد فإنه يقتل إن لم يتب إلا من ثبت إسلامه بشهادة رجلين ثم رجعا
ومن ثبت إسلامه بشهادة رجل وامرأتين على رواية النوادر
ولو شهد نصرانيان على نصراني أنه أسلم وهو ينكر لم تقبل شهادتهما وقيل تقبل في المسألتين ولو على نصرانية قبلت اتفاقا لأن المرتدة لا تقتل بخلاف المرتد ولكنها تجبر على الإسلام وهذا كله قوله الإمام
وفي النوادر تقبل شهادة رجل وامرأتين على الإسلام وشهادة نصرانيين على نصراني أنه أسلم وهذا هو الذي في آخر كراهية الدرر كما في ح
واعتمد قاضيخان أن قول الإمام بعدم القتل بشهادة النساء وإن كان يجبر على الإسلام لأن أي نفس كانت لا تقتل بشهادة النساء ا هـ
قوله ( ومثله ردة مسلم ) أي حكما وهو تقييد أو علة قال في البحر وأما الشهادة بردة مسلم فلا يقبل فيها شهادة النساء كما ذكره في العناية من اليسر ا هـ
قوله ( رجلان ) إنما لم تقبل شهادة النساء لحديث الزهري مضت السنة من لدن رسول الله والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص ولأن فيها شبهة البذلية لقيامها مقام شهادة الرجال فلا تقبل فيها تندرىء بالشبهات
كذا في الهداية
وإنما لم يكن فيها حقيقة البدلية لأنها إنما تكون فيما امتنع العمل بالبدل مع إمكان الأصل وليست كذلك فإنها جائزة مع إمكان العمل بشهادة الرجلين كما في العناية
وفي خزانة الأكمل لو قضى بشهادة رجل وامرأتين في الحدود والقصاص وهو يراه أو لا يراه ثم رفع إلى آخر أمضاه ا هـ
بحر
أقول والأحسن حذف قوله أو لا يراه لأن القاضي حينئذ يحكم بمقتضى مذهبه
قوله ( إلا المعلق فيقع ) أي إذا كان بعض الشهود نسوة ولا يحد يعني ما علق على شيء مما يوجب الحد والقود لا يشترط فيه رجلان بل يثبت برجل وامرأتين وإن كان المعلق عليه لا يثبت بذلك
وصورته كما في البحر عن الولوالجية رجل قال إن شربت الخمر فمملوكي حر فشهد رجل وامرأتان أنه شرب الخمر عتق العبد ولا يحد لأن هذه شهادة لا مجال لها في الحدود ولو قال إن سرقت من فلان شيئا فعلى قياس ما ذكرناه ينبغي أن يضمن المال ويعتق العبد ولا يقطع ا هـ
وعزى المسألتين في الخانية إلى أبي يوسف ثم قال والفتوى فيهما على قلو أبي يوسف
وفي خزانة الأكمل شهدا أنه أعتق عبده ثم شهد أربعة بأنه زنى وهو محصن فأعتقه القاضي ثم رجمه ثم رجع الكل ضمن شاهدا الإعتاق قيمته لمولاه وشهود الزنا ديته لمولاه أيضا إن لم يكن له وارث غيره ا هـ
قوله ( كما مر ) أي قريبا عند قوله ولو علق عتقه بالزنا وقع برجلين ولا حد ومر أيضا في الزنا إذا شهد به رجلان
قوله ( وللولادة ) أي في حق ثبوت النسب دون الميراث عنده ذكره قاضيخان
وهو خبر مقدم لامرأة ولم يذكروا الولادة في الإصلاح لأن شهادة امرأة واحدة على الولادة إنما تكفي عندهما خلافا له على ما مر في باب
____________________
(7/73)
ثبوت النسب وأما شهادتهما على الاستهلال فتقبل بالإجماع في حق الصلاة إنما قلنا في حق الصلاة لأن في حق الإرث لا تقبل عنده خلافا لهما
قوله ( للصلاة ) متعلق بالأخيرة أي تقبل شهادة القابلة باستهلال الصبي للصلاة عليه اتفاقا كما في المنح وإنما قبلت وإن كان يمكن أن يطلع عليه الرجال لكنهم لا يحضرون الولادة عادة فألحق بما لم يطلع عليه الرجال
قوله ( وللإرث عندهما ) أي تقبل شهادة القابلة باستهلال الصبي للإرث عندهما
قوله ( والبكارة ) أي الشهادة عليها فإن شهدت أنها بكر يؤجل العنين سنة فإذا مضت فقال وصلت إليها وأنكرت تري النساء فإن قلن هي بكر تخير فإن اختارت الفرقة فرق للحال وكذا في رد المبيع إذا اشتراها بشرط البكارة إن قلن إنها ثيب يحلف البائع لينضم نكوله إلى قولهن فالعيب يثبت بقولهن لسماع الدعوى وللتحليف إذ لولا شهادتهن لم يحلف البائع وكان القول قوله بلا يمين لتمسكه بالأصل وهو البكارة كما في البحر وسيأتي قريبا أوضح من ذلك
قوله ( وعيوب النساء ) كالإماء المبيعة من نحو رتق وقرن كما لو اشترى جارية فادعى أن بها قرنا أو رتقا لكن ذكر في المنح في باب خيار العيب عند قوله ادعى إباقا أن ما لا يعرفه إلا النساء يقبل في قيامه للحال قول امرأة ثقة ثم إن كان بعد القبض لا يرد بقولها بل لا بد من تحليف البائع وإن كان قبله فكذلك عند محمد وعند أبي يوسف يرد بقولهن بلا يمين البائع ا هـ
وفي الفتح قبيل باب خيار الرؤية أن لأصل أن القول لمن تمسك بالأصل وأن شهادة النساء بانفرادهن فيما لا يطلع عليه الرجال حجة إذا تأيدت بمؤيد وإلا تعتبر لتوجه الخصومة لا لإلزام الخصم
ثم ذكر أنه لو اشترى جارية على أنها بكر ثم اختلفا قبل القبض أو بعده في بكارتها يريها القاضي النساء فإن قلن بكر لزم المشتري لأن شهادتهن تأيدت بأن الأصل البكارة وإن قلن ثيب لم يثبت حق الفسخ بشهادتهن لأنها حجة قوية لم تتأيد بمؤيد لكن تثبت الخصومة ليتوجه اليمين على البائع فيحلف بالله لقد سلمتها بحكم البيع وهي بكر فإن نكل ردت عليه وإلا فلا ا هـ ملخصا والأولى حذف قوله قوية أو إبداله بلفظ ضعيفة
قال الرملي ذكر في الدرر والغرر وللولادة واستهلال الصبي للصلاة عليه والبكارة وعيوب النساء امرأة ا هـ
فدخل في قوله وعيوب النساء الحبل لأنه من العيوب التي يرد بها المبيع
قال في الخانية وفيما لا ينظر إليه الرجال كالقرن والرتق ونحوه اختلف الروايات وآخر ما روي عن محمد أنه إن كان قبل القبض وهو عيب لا يحدث ترد بشهادة النساء وهو قول أبي يوسف الآخر والمرأة الواحدة والمرأتان سواء والمرأتان أوثق وأما الحبل فيثبت بقول النساء في حق الخصومة ولا ترد بشهادتهن
قوله ( فيما لا يطلع عليه الرجال ) قال الرملي قدم أي صاحب البحر في باب ثبوت النسب في شرح قوله والمعتدة إن جحدت ولادتها بشهادة رجلين الخ أفاد بقوله بشهادة رجلين قبول شهادة الرجال على الولادة من الأجنبية وأنهم لا يفسقون بالنظر إلى عورتها إما لكونه قد يتفق ذلك من غير قصد نظر ولا تعمد أو للضرورة كما في شهود الزنا
وفي المنح نقلا عن السراج وقال بعض مشايخنا تقبل شهادته أيضا وإن قال تعمدت النظر إليها
وأقول فثبت الخلاف في التعمد ظاهرا
ويمكن التوفيق بأن يحمل كلام النافي على التعمد لا لتحمل الشهادة والمثبت على التعمد لها إحياء للحقوق بإيصالها إلى مستحقها بواسطة أداء الشهادة عند الحاجة إليها
وفي كلامهم نوع إشارة إليه وربما أفهم كلام الزيلعي في شرح قوله ولو قال شهود الزنا تعمدنا النظر قبلت أرجحية القبول وأيضا عبارته في هذا المحل
ثم اختلفوا فيما إذا قال تعمدت النظر
قال بعضهم تقبل كما في الزنا لطرحه ذكر مقابله وقياسه على الزنا والراجح فيه القبول
تأمل
____________________
(7/74)
ثم رأيت في التاترخانية نقلا عن العتابية واختلف المشايخ فيما إذا ادعى إلى تحمل الشهادة عليها وهو يعلم أنه لو نظر إليها يشتهي فمنهم من جوز ذلك بشرط أن يقصد بذلك تحمل الشهادة
قال شيخ الإسلام الأصح أنه لا يباح ذلك ذكره في كتاب الكراهة
قوله ( امرأة حرة مسلمة ) بالغة عاقلة عدلة
زيلعي
ودليله قوله عليه الصلاة والسلام شهادة النساء جائزة فيما لا تستطيع الرجال النظر إليه والجمع المحلى بالألف واللام يراد به الجنس فيتناول الأقل وهو الواحد وهو حجة على الشافعي في اشتراط الأربع ولأنه إنما سقط الذكورة ليخف النظر لأن نظر الجنس أخف فكذا بسقط اعتبار العدد
قوله ( والثنتان أحوط ) وكذا الثلاث أحوط لما فيه من معنى الإلزام
بحر
وفيه عن خزانة الأكمل لو شهد عنده نسوة عدول أنها امرأة فلان أو ابنته وسعته الشهادة ا هـ
وفيها يقبل تعديل المرأة ولا يقبل ترجمتها
قوله ( والأصح قبول رجل واحد ) لو شهد لا تقبل شهادته وهو محمول على ما إذا قال تعمدت النظر أما إذا شهد بالولادة وقال فاجأتها فاتفق نظري عليها تقبل شهادته إذا كان عدلا كما في المبسوط ا هـ
وقدمنا نحوه آنفا
قوله ( وفي الرجندي عن الملتقط الخ ) ذكر الحموي في شرحه عن الحاوي القدسي تقبل شهادة النساء وحدهن في التل في الحمام في حكم الدية لئلا يهدر الدم ومثله في خزانة الفتاوى
وفي خير مطلوب خلافه قال شهادة أهل السجن بعضهم على بعض فيما يقع بينهم لا تقبل وكذا شهادة الصبيان فيما يقع بينهم في الملاعب وشهادة النساء فيما يقع في الحمامات وإن مست الحاجة لعدم حضور العدول في هذه المواضع لأن الشارع لما شرع طريقا وهو منعهن من الحمامات والصبيان عن الملاعب والامتناع عما يستحق به الحبس كان التقصير مضافا إليهم لا إلى الشرع ا هـ
وقد تقدم أن المعتمد جواز دخولهن الحما إذا لم يشتمل على مفسدة ومعلوم أنه قد يسجن من لا معصية منه كمعسر ومظلوم والصبيان غير مكلفين حتى يتوجه خطاب الدفع عليهم
فما علل به لا يظهر على أن المعصية لا تنافي إقامة الأحكام ألا ترى أن في حانة الخمر تجري له وعليه الأحكام فالأظهر ما في الحاوي وخزانة المفتين لمسيس الحاجة
قال الحموي في الملتقط من كتاب المواريث إذا ادعت امرأة الميت أنها حبلى تعرض على امرأة ثقة أو امرأتين فإن لم يوقف على شيء من علامات الحمل قسم ميراثه فإن وقف على شيء من علامات الحمل يوقف نصيب ابنين ونحوه عن أبي يوسف ومحمد ط
قوله ( ونصابها ) أي الشهادة
قوله ( لغيرها ) أي لغير الحدود والقصاص وما لا يطلع عليه الرجال
منح
فشمل القتل خطأ والقتل الذي لا قصاص فيه لأن موجبه المال وكذا تقبل فيه الشهادة عن الشهادة وكتاب القاضي
رملي عن الخانية وتمامه فيه
قوله ( سواء كان الحق مالا أو غيره ) أطلقه فشمل المال وغيره
قال الرملي وشمل الشهادة على قتل الخطأ وما لا يوجب القصاص من قبيل الشهادة على المال
قال في الخانية ولو شهد رجل وامرأتان بقتل الخطأ أو بقتل لا يوجب القصاص تقبل إلى آخر ما مر
____________________
(7/75)
مطلب لا فرق في الشهادة بين الوصية والإيصاء قوله ( ووصية ) أي الإيصاء إذ الكلام فيما ليس بمال قال في الشرنبلالية ولعل الحال لا يفترق في الحكم بين الشهادة بالوصية والإيصاء ا هـ
قوله ( واستهلال صبي ) هذا قوله وعندهما يثبت بشهادة القابلة وهو الأرجح كما سلف
قوله ( ولو ) في بعض النسخ لو بلا واو والظاهر حذفها
تأمل
قوله ( للإرث ) أي والعتاق والنسب عنده فالمصنف جرى على مذهب الإمام والشارح فيما تقدم جرى على مذهبهما كما ترى
قوله ( إلا في حوادث صبيان المكتب ) هذا مكرر مع ما تقدم
والذي في الملتقط عدم التقييد بصبيان المكتب فيعم صبيان الحرفة فالظاهر أن التقييد بصبيان المكتب هنا اتفاقي
أبو السعود
قوله ( أو رجل وامرأتان ) لقوله تعالى { فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان } البقرة 272 ومعنى الآية على ما ذكره إن لم يشهدا حال كونهما رجلين فليشهد رجل وامرأتان ولولا هذا التأويل لما اعتبر شهادتهن مع وجود الرجال وشهادتهن معتبرة معهم عند الاختلاط بالرجال حتى إذا شهد رجال ونسوة بشيء يضاف الحكم إلى الكل حتى يجب الضمان على الكل عند الرجوع ا هـ ط
قال في البحر والأصل في شهادة النساء القبول لوجود ما يبتني عليه أهلية الشهادة وهي المشاهدة والضبط والأداء ونقصان الضبط بزيادة النسيان انجبر بضم الأخرى إليها فلم يبق بعد ذلك إلى الشبهة ولهذا لا تقبل فيما يندرىء بالشبهات وهذه الحقوق تثبت بالشبهات
وحقق الأكمل في العناية بأنه لا نقصان في عقلهن فيما هو مناط التكليف بل فيما هو العقل بالملكة ففيهن نقصان بمشاهدة حالهن في تحصل البديهيات باستعمال الحواس الجزئيات وبالنسبة إن ثبتت فإنه لو كان في ذلك نقصان لكان تكليفهن دون تكليف الرجال في الأركان وقوله ناقصات عقل المراد به العقل بالعقل ولذلك
لم يصلحن للولاية والخلافة والإمارة ا هـ ملخصا
وتمامه فيه
قوله ( ولا يفرق بينهما ) أي المرأتين حكي أن أم بشر شهدت هي وأم الشافعي عند الحاكم فقال الحاكم فرقوا بينهما فقالت ليس لك ذلك قال الله تعالى { أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } البقرة 282 فسكت الحاكم كذا في البحر
قال التاج السبكي بعد نقل هذه الحكاية وهذا فرع حسن واستنباط جيد ومنزع غريب والمعروف في مذهب ولدها إطلاق القول بأن الحاكم إذا ارتاب بالشهود استحب له التفريق بينهم وكلامها صريح في استثناء النساء للمنزع الذي ذكرته ولا بأس به ا هـ
وما ذكره في البحر من الحكاية المذكورة ليس صريحا في أن المذهب عندنا عدم التفريق في الشهادة للنساء إذا ارتاب القاضي
ذكره بعض الفضلاء
قوله ( لقوله تعالى فتذكر إحداهما الأخرى ) ولا تذكر إلا مع الاجتماع
قوله ( لئلا يكثر خروجهن ) أي ولعدم ورود الشرع به
قوله ( وخصهن ) أي خص قبول شهادتهن
قوله ( وتوابعها ) كالأجل وشرط الخيار
منح
والدليل لكل مذكور في المطولات
والحاصل أن أنواع الشهادة ستة ما لا يقبل إلا بشهادة أربع وما لا يقبل إلا برجلين وما يقبل فيه
____________________
(7/76)
شهادة رجلين أو رجل وامرأتين وما قبل فيه شهادة المرأة وما قبل فيه شهادة النساء وحدهن بحكم الدية كما ذكرنا
قوله ( ولزم ) أي شرط والشرط هنا ما لا بد منه ليشمل الركن والشرط
بحر
قوله ( من المراتب الأربع ) هي الزنا وبقية الحدود وما لا يطلع عليه الرجال والرابع غيرها من الحقوق
وقيل لا يشترط في النساء وهو ضعيف ولا بد من شرط آخر لجميعها وهو التفسير حتى لو قال أشهد مثل شهادته لا تقبل ولو قال مثل شهادة صاحبي تقبل عند العامة وقيده الأوزجندي بما إذا قال لهذا المدعي على هذا المدعى عليه وبه يفتى
خلاصة
وقال الحلواني إن كان فصيحا لا يقبل منه الإجمال وإن كان عجميا يقبل بشرط أن يكون بحال إن استفسر بين
وقال السرخسي إن أحس القاضي بخيانة كلفه التفسير وإلا لا
وفي البزازية وقال الحلواني لو أقر المدعى عليه أو وكيله فقال الشاهد أشهد بما ادعاه هذا المدعي على هذا المدعى عليه أو قال المدعي في يده بغير حق يصح عندنا ا هـ
وفيها كتب شهادته فقرأها بعضهم فقال الشاهد أشهد أن لهذا المدعي على هذا المدعى عليه كل ما سمى ووصف في هذا الكتاب أو قال هذا المدعي الذي قرىء ووصف في هذا الكتاب في يد هذا المدعى عليه بغير حق وعليه تسليمه إلى هذا المدعي يقبل لأن الحاجة تدعو إليه لطول الشهادة ولعجز الشاهد عن البيان ا هـ
مطلب لا تقبل الشهادة بلفظ أعلم أو أتيقن قوله ( لفظ أشهد قال أعلم أو أتيقن لا تقبل شهادته لأن النصوص ناطقة بلفظ الشهادة فلا يقوم غيرها مقامها لما فيها من زيادة توكيد لأنها من ألفاظ اليمين فيكون معنى اليمين ملاحظا فيها خلافا للعراقيين فإنهم لا يشترطون لفظ الشهادة في شهادة النساء فيما لا يظطلع عليه الرجال فيجعلونها من باب الإخبار لا من باب الشهادة والصحيح هو الأول لأنه من باب الشهادة ولهذا شرط فيه شرائط الشهادة من الحرية ومجلس الحكم وغيرها
يعقوبية
قوله ( بلفظ المضارع بالإجماع ) فلا يجوز شهدت لاحتمال الإخبار عما مضى فلا يكون شاهدا للحال
قوله ( كطهارة ماء ) أي ونجاسته ونحوه حيث يقبل إن عدلا أما الفاسق فخبره في الديانات التي لا يتيسر تلقيها من العدول كرواية الإخبار بخلاف الإخبار بطهارة الماء ونجاسته ونحوه حيث يتحرى في خبره أي الفاسق إذ قد لا يقدر على تلقيها من جهة العدول وقول الطحاوي أو غير عدل محمول على المستور كما هو رواية الحسن
سيدي الوالد من الصوم وتمامه في حاشيته
قوله ( ورؤية هلال ) أي هلال رمضان
قوله ( فهو إخبار لا شهادة ) لأنه أمر ديني فأشبه رواية الأخبار
هداية
وأما في المعاملات فيقبل الخبر ولو من كافر أو فاسق أو عبد أو صبي إن غلب على الرأي صدقة كما في الحظر والإباحة من الدرر
قوله ( والعدالة لوجوبه ) أي وجوب القاضي على القاضي
منح
قال العلامة عبد البر أحسن ما قيل في تفسير العدل أنه المجتنب للكبائر غير المصر على الصغائر صلاحه وصوابه أكثر من فساده وخطئه مستعملا للصدق مجتنبا للكذب ديانة ومروءة وهو مروي عن أبي يوسف ا هـ
ونحوه في الذخيرة
قوله ( ومنه ) أي مما يطعن به فيه
قوله ( الكذب ) ذكر بعضهم أن الكذب
____________________
(7/77)
من الصغائر إن لم يترتب عليه ما يصيره كبيرة كأكل مال مسلم أو قذفه ونحو ذلك ط
قوله ( لا لصحته ) أي لصحة القضاء أي نفاذه
منح
واعلم أن صاحب الكنز تبع صاحب الهداية وغيره في اشتراط العدالة كلفظ الشهادة تسوية منهم بينهما وليس كذلك لأن لفظ الشهادة أي أشهد شرط لصحة الأداء بل ركنه كما قدمناه
وأما العدالة فليست شرطا في صحة الأداء وإنما ظهورها شرط وجوب القضاء على القضاء كما قدمناه وبه صرح صدر الشريعة وصاحب البدائع والبحر والمنح وتبعهم الشارح تبعا لما في الهداية وأقره ابن الهمام حيث قال في الهداية لو قضى القاضي بشهادة الفاسق صح عندنا
زاد في فتح القدير وكان عاصيا
قوله ( فلو قضى بشهادة فاسق نفذ ) هذا إذا غلب على ظنه صدقه وهو مما يحفظ
درر
وظاهر قوله وهو مما يحفظ اعتماده
قال في جامع الفتاوى وأما شهادة الفاسق فإن تحرى القاضي الصدق في شهادته تقبل وإلا فلا ا هـ
قوله ( الإمام ) أي الأعظم وهو السلطان بأن قال لمستنيبه لا تقض بشهادة الفاسق
قوله ( فلا ينفذ ) أي القضاء بشهادة الفاسق لمنع الإمام القاضي عن القضاء به
قوله ( لما مر ) أي في كتاب القضاء
قوله ( يتأقت ) قياس مادته يتوقت بالواو
قوله ( وقول معتمد ) وظاهره أنه إذا أطلق أوامره بالقضاء به أن يجوز القضاء به
وقد ذكروا أنه لا يجوز العمل بالقول الضعيف إلا للإنسان في خاصة نفسه إذا كان له رأي وبعضهم منع العمل به فحينئذ لا يجوز العمل به عند الإطلاق ولا عند التصريح ويحرر
ويحتمل أنه راجع إلى القضاء في ذاته وإن لم يقيد بذلك الإمام ط
أقول تحريره مانقل العلامة الشرنبلالي في رسالته ( العقد الفريد في جواز التقليد ) مقتضى مذهب الشافعي كما قاله السبكي منع العمل بالقول المرجوح في القضاء والإفتاء دون العمل لنفسه ومذهب الحنفية المنع عن المرجوح حتى لنفسه لكون المرجوح صار منسوخا ا هـ
فليحفظ
وقيده البيري بالعامي أي الذي لا رأي له يعرف به معنى النصوص حيث قال هل يجوز للإنسان العمل بالضعيف من الرواية في حق نفسه نعم إذا كان له رأي
أما إذا كان عاميا فلم أره لكن مقتضى تقييده بذي الرأي أنه لا يجوز للعامي ذلك
قال في خزانة الروايات العالم الذي يعرف معنى النصوص والأخبار وهو من أهل الدراية يجوز له أن يعمل عليها وإن كان مخالفا لمذهبه ا هـ
قال سيدي الوالد وهذا في غير موضع الضرورة فقد ذكر في حيض البحر في بحث ألوان الدماء أقوالا ضعيفة
ثم قال وفي المعراج عن فخر الأئمة لو أفتى مفت بشيء من هذه الأقوال في مواضع الضرورة كان حسنا ا هـ
وكذا قول أبي يوسف في المني إذا خرج بعد فتور الشهوة لا يجب به الغسل ضعيف
وأجازوا العمل به للمسافر أو الضيف الذي خاف الريبة وذلك من مواضع الضرورة
قوله ( ذي المروءة ) وهي آداب نفسانية تحمل على محاسن الأخلاق وجميل العادات والهمزة وتشديد الواو فيه لغتان والمراد الفاسق ذو المروءة كمكاس
قوله ( فقول الثاني بحر ) الذي في البحر أنه رواية عن الثاني
قوله ( في مقابلة النص ) وهو قوله تعالى { وأشهدوا ذوي عدل منكم } الطلاق 2 وقوله تعالى { ممن ترضون من الشهداء } البقرة 282 أي فلا يقبل وأقره
____________________
(7/78)
المصنف
قال في البحر إن ظاهر النص أنه لا يحل قبول شهادة الفاسق قبل تعرف حاله فإذا ظهر للقاضي من حاله الصدق وقبله يكون موافقا للنص إلا أن يريد بالنص قوله تعالى { وأشهدوا } الطلاق 2 الآية لكن فيه أن دلالته على عدم قبول العدل إنما هي بالمفهوم وهو غير معتبر عندنا ولا سيما هو مفهوم لقب مع أن الآية الأولى تدل على قبول قوله عند التبيين عن حاله كما قلنا
تأمل
قوله ( وهي ) أي الشهادة
قوله ( على حاضر ) أي خصم حاضر والمراد به جنس الخصم ليشمل المتداعيين
قوله ( يحتاج الشاهد ) أي في قبول شهادته
قوله ( إلى الإشارة ) أي إشارة الشاهد
قوله ( مواضع ) الأولى أشياء
قوله ( بأن لا يشاركه في المصر غيره ) لم يشترط هذا في جامع الفصولين
شرنبلالية
مطلب إذا عرف باللقب واشتهر به لا يلزم ذكر أبيه وجده حيث لم يشتهر بهما قوله ( فالمعتبر التعريف لا تكثير الحروف ) قال في جامع الفصولين والحاصل أن المعتبر حصول المعرفة وارتفاع الالتباس بأي وجه كان
وقال في أثناء الفصل السابع في تحديد العقار ودعواه ما نصه كما لو كان الرجل معروفا مشهورا باسمه أو بلقبه لا بأبيه وجده يكتفي بذكر ما اشتهر به وجهالة أبيه وجده لا تضر التعريف بل ذكره وعدمه سواء لعدم معرفة الناس به ا هـ ونحوه في نور العين
قوله ( أبو بلقبه ) وكذا بصفته كما أفتى به في الحامدية فيمن شهد أن المرأة التي قتلت في سوق كذا يوم كذا وقت كذا قتلها فلان تقبل بلا بيان اسمها وأبيها حيث كانت معروفة لم يشاركها في ذلك غيرها
قال في الأشباه وتكفي النسبة إلى الزوج لأن المقصود الإعلام وفي العبد اسمه واسم مولاه وأبي مولاه ولا يكفي الاقتصار على الاسم إلا أن يكون مشهورا
قوله ( جامع الفصولين ) أي في الفصل التاسع
قوله ( ولا يسأل عن شاهد ) أي عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى أي لا يجب على الحاكم أن يسأل عن الشاهد بل يجوز له الاقتصار على ظاهر العدالة في المسلم
قوله ( بلا طعن من الخصم ) قال الرملي ولو بالجرح المجرد ولا ينافيه قوله فيما يأتي ولا يسمع القاضي الشهادة على جرح مجرد لأن عدم سماعها لعدم دخوله تحت الحكم وإلا فالخبر عن فسق الشهود يمنع القاضي عن قبول شهادتهم والحكم بها فالطعن به مسموع منه قبل التزكية وسيظهر من مسائل الطعن والله تعالى أعلم ا هـ
قوله ( إلا في حد وقود ) أي فإنه يسأل عنهم للاحتيال في إسقاطها فيستقصى ولأن الشبهة فيها دارئة
والحاصل أنه إن طعن الخصم سأل عنهم في الكل وإلا سأل في الحدود والقصاص وفي غيرها محل الاختلاف
وقيل هذا اختلاف عصر وزمان والفتوى على قولهما في هذا الزمان
بحر عن الهداية
قوله ( وعندهما يسأل في الكل ) أي وجوبا وليس بشرط للصحة عندهما كما أوضحه في البحر أي فيأثم بتركه ولا يبطل الحكم ا هـ
حموي
____________________
(7/79)
قال في المحيط البرهاني لو قضى بالحد ببينة ثم ظهر أنهم فساق بعد ما رجم فإنه لا ضمان على القاضي لأنه لم يظهر الخطأ بيقين ا هـ
وهذا يدل على أن القاضي لو قضى في الحدود قبل السؤال بظاهر العدالة فإنه يصح وإن كان آثما فقوله في الهداية يشترط الاستقصاء معناه يجب ومعنى قول الإمام يقتصر الحاكم يجوز اقتصاره لا أنه يجب اقتصاره ا هـ
فرع في الملتقط صبي احتلم لا أقبل شهادته ما لم أسأل عنه ولا بد أن يتأتى بعد البلوغ بقدر ما يقع في قلوب أهل محلته ومسجده أنه صالح أو غيره ا هـ
قوله ( إن جهل بحالهم بحر ) وعبارته ومحل السؤال على قولهما عند جهل القاضي بحالهم ولذا قال في الملتقط القاضي إذا عرف الشهود بجرح أو عدالة لا يسأل عنهم ا هـ
قوله ( سرا ) بأن يبعث الرقعة ويقال لها المستورة لسترها عن أعين الناس إلى المزكي ويكتب في ذلك البياض نسب الشاهد وحليته ومسجده الذي يصلي فيه ثم يكتب المزكي الذي بعث القاضي إليه عدالته بأن يكتب هو عدل جائز الشهادة وإن لم يعرفه بشيء كتب هو مستور ومن عرفه بفسق لم يصرح به بل يسكت تحرزا عن هتك الستر أو يكتب الله تعالى أعلم به إلا إذا عدله غيره وخاف أنه إن لم يصرح به يقضي بشهادته يصرح به
كذا في البناية
وفائدة السر أن المزكي إذا جرح الشاهد يقول القاضي للمدعي هات شاهدا آخر ولا يقول إنه مجروح
وفي هذا صيانة عن هتك حرمة المسلم وصيانة حال المزكي
ولو تعارض الجرح والتعديل قال العلامة قاسم إذا جرح واحد وعدل واحد فعندهما الجرح أولى لأن مذهبهما أن الجرح والتعديل بثبت بقول واحد كما لو كان في كل جانب اثنان
مطلب لو جرحه واحد وعدله اثنان فالتعديل وإن جرحه اثنان وعدله عشرة فالجرح وعند محمد تتوقف الشهادة حتى يجرحه واحد أو يعدله فيثبت الجرح أو التعديل فإن جرحه واحد وعدله اثنان فالتعديل أولى بالإجماع وإن جرحه اثنان وعدله عشرة فالجرح أولى فلو قال المدعي بعد الجرح أنا أجيء بقوم صالحين يعدلونهم
قال في العيون قبل ذلك وفي النوادر أنه لا يقبل وهو اختيار ظهير الدين
وعلى قول من يقبل إذا جاء بقوم ثقة يعدلونهم فالقاضي يسأل الجارحين فلعلهم جرحوا بما لا يكون جرحا عند القاضي لا يلتفت إلى جرحهم وهذا ألطف الأقاويل وبه جزم في الخانية
وكذا لو عدل المزكي الشهود سرا وطعن الشهود عليه وقال القاضي سل عنهم فلانا وفلانا وسمى قوما يصلحون
مطلب لو عدل شاهد وقضي ومضى مدة وشهد في أخرى ولو عدل شاهد في قضية وقضى به ثم شهد في أخرى إن بعدت المدة أعيد التعديل وإلا لا
وفي الظهيرية القاضي إذا عرف أحدهما بالعدالة فسأله عن صاحبه فعدله قال نصير لا يقبل ولابن سلمة قولان
مطلب إذا ردت الشهادة لعلة ثم زالت تلك العلة وفي البزازية من ردت شهادته في حادثة لعله ثم زالت العلة فشهد لم تقبل إلا في أربعة الصبي والعبد والكافر على المسلم والأعمى إذا شهد وأفردت فزال المانع فشهدوا يقبل وقد جمعها العلامة المقدسي في قوله إن زالت العلة في شهاده ردت فلا تقبل في الإعاده في غير ما أربعة في العد أعمى وكافر صبي عبد
____________________
(7/80)
مطلب يفرق بين المردود بتهمة أو لشبهة وفي البحر يفرق بين المردود لتهمة وبين المرود لشبهة فالثاني يقبل عند زوالها بخلاف الأول فإنه لا يقبل مطلقا إليه أشار في النوازل
وذلك كأجير الوحد لا تقبل شهادته ما دامت الإجارة قائمة فإذا انقضت قبلت
قوله ( وعلنا ) بفتح اللام مصدر علن الأمر ظهر وانتشر
وفي المصباح علن الأمر علونا من باب قعد ظهر وانتشر فهو عالن وعلن علنا من باب تعب لغة فهو علن وعلين والاسم العلانية بأن يجمع بين المزكي والشاهد الذي زكاه ويقول للمزكي هذا هو الذي زكيته
حموي
قال في البحر لو زكى من في السر علنا يجوز عندنا والخصاف شرط تغايرهما
كذا في البزازية
ولو قال المؤلف ثم علنا ليفيد أنه لا بد من تقديم تزكية السر على العلانية لكان أولى لما في الملتقط عن أبي يوسف لا أقبل تزكية العلانية حتى يزكي في السر ا هـ
وشمل سؤال القاضي عن الشاهد الأصلي والفرعي فيسأل عن الكل
كذا عن أبي يوسف
وعن محمد يسأل عن الأولين فإن زكيا سأل عن الآخرين
كذا في الملتقط
تنبيه لا تجوز التزكية إلا أن تعرفه أنت أو وصف لك أو عرفت أن القاضي زكاه أو زكى عنده
وقال محمد كم من رجل أقبل شهادته ولا أقبل تعديله يعني أن الشهادة على الظواهر ولا كذلك التعديل كذا في الملتقط مطلب يشترط في التزكية شروط
فيشترط لجوازها شروط الأول أن تكون الشهادة عند قاض عدل عالم
الثاني أن تعرفه وتختبره بشركة أو معاملة أو سفر
الثالث أن تعرف أنه ملازم للجماعة
الرابع أن يكون معروفا بصحة المعاملة في الدينار والدرهم
الخامس أن يكون مؤديا للأمانة
السادس أن يكون صدوق اللسان
السابع اجتناب الكبائر
الثامن أن تعلم منه اجتناب الإصرار على الصغائر وما يخل بالمروءة
والكل في شرح أدب القضاء للخصاب
وفي النوازل من قال لا أدري أنا مؤمن أو غير مؤمن لا تعدله ولا تصل خلفه
مطلب عرف فسق الشاهد فغاب ثم قدم وفي البزازية عرف فسق الشاهد فغاب غيبة منقطعة ثم قدم ولا يدري منه إلا الصلاح لا يجرحه المعدل ولا يعدله
مطلب لو كان معروفا بالصلاح فغاب ثم عاد فهو على عدالته ولو كان معروفا بالصلاح فغاب غيبة منقطعة ثم حضر فهو على العدالة
والشاهدان لو عدلا بعد ما تابا يقضى بشهادتهما وكذا لو غابا ثم عدلا ولو خرسا أو عميا لا يقضى
تاب الفاسق لا يعدله كما تاب بل لا بد من مضي زمان يقع في القلب صدقه في التوبة ا هـ
بحر
وفيه وشمل إطلاقه ما إذا كان الشاهد غريبا فإن كان ولا يجد معدلا فإنه يكتب إلى قاضي بلده ليخبره عن حاله أو إلى أهل بلدته ليعرف حاله وكذا غريب نزل بين ظهراني قوم لا يعدله حتى تبعد المدة ويظهر حاله للقوم
وكان الإمام الثاني يقول إن المدة ستة أشهر ثم
____________________
(7/81)
رجع إلى سنة ومحمد لم يقدره بل على ما يقع في القلوب الوثوق وعليه الفتوى ا هـ ملخصا
قوله ( به يفتى ) مرتبط بقوله وعندهما يسأل في الكل
قال في البحر والحاصل أنه إن طعن الخصم سأل عنهم في الكل إلى آخر ما قدمناه قريبا فكان ينبغي للمصنف أن يقدمه على قوله سرا وعلنا لئلا يوهم خلاف المراد فإنه سينقل أن الفتوى الاكتفاء بالسر وجزم به ابن الكمال في متنه
وذكر في البحر أن ما في الكنز خلاف المفتى به وبه ظهر أن ما يفعل في زماننا من الاكتفاء بالعلانية خلاف المفتى به بل في البحر لا بد من تقديم تزكية السر على العلانية إلى آخر ما قدمناه آنفا فتنبه
أقول وعمل قضاة زماننا الآن على تزكية السر والعلانية لورود الأمر السلطاني بذلك
قوله ( لأنهما كانا في القرن الرابع ) بعد تغير أحوال الناس فظهرت الخيانة والكذب
وأبو حنيفة كان في القرن الثالث وهم ناس شهد لهم رسول الله بالخير والصلاح فقال عليه الصلاة والسلام خير القرون قرني الذي أنا فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو لكذب حتى يحلف الرجل قبل أن يستحلف ويشهد قبل أن يستشهد ا هـ
زيلعي
وهذا بناء على أن القرن خمسون سنة كما نقله الأخضري في شرح السلم ا هـ
ح
وقال ابن حجر في شرح البخاري يطلق القرن على مدة من الزمان
واختلفوا في تحديدها من عشرة أعوام إلى مائة وعشرين لكن لم أر من صرح بالسبعين ولا بمائة وعشرة وما عدا ذلك فقد قال به قائل ا هـ
مطلب تاريخ وفاة أئمتنا الثلاثة وذكروا أن الإمام مات سنة 150 مائة وخمسين وأبو يوسف سنة 182 مائة واثنتين وثمانين ومحمد سنة 187 مائة وسبع وثمانين
فإن قلت هلا قال الشارح في القرن الثالث عوضا عن قوله في القرن الرابع لأنهم أدركوا أبا حنيفة وهو من التابعين الذين هم أهل القرن الثاني كما أن الصحابة هم أهل القرن الأول فيجاب إن الذين كانوا يتحاكمون إلى الصاحبين هم أهل القرن الرابع وهم ما بعد أتباع التابعين
قوله ( سراجية ) عبارتها كما في البحر أو الفتوى على أنه يسأل في السر
وقد تركت التزكية في العلانية في زماننا كي لا يخدع المزكي أو يخوف ا هـ
وقد كانت العلانية وحدها في الصدر الأول
ويروى عن محمد تزكية العلانية بلاء وفتنة ا هـ
قال القهستاني وتزكية السر أحدثها شريح وعليه الفتوى كما في المضمرات وغيره
ويشكل ما في الاختيار أنه يسأل سرا وعلانية وعليه الفتوى ا هـ
قلت يمكن إرجاعه إلى قوله يسأل أي لا يكتفي بالعدالة الظاهرة فهو ترجيح لقولهما
تأمل
قاله سيدي الوالد
قوله ( لثبوت الحرية بالدار درر ) ونحوه في الهداية لكن في البحر واختار السرخسي أنه لا يكتفي بقول هو عدل لأن المحدود في قذف بعد التوبة عدل غير جائز الشهادة وكذا الأب إذا شهد لابنه فلا بد من زيادة جائز الشهادة كما في الظهيرية وينبغي ترجيحه ا هـ
____________________
(7/82)
وفي البزازية ينبغي أن يعدل قطعا ولا يقول هم عندي عدول لإخبار الثقات به ولو قال لا أعلم منهم إلا خيرا فهو تعديل في الأصح
قوله ( الحرية ) مخالف لما نقل في بعض الشروح عن الجامع الكبير من أن الناس أحرار إلا في الشهادة والحدود والقصاص كما لا يخفى
فليتأمل
يعقوبية
لكن ذكر في البحر عن الزيلعي أن هذا محمول على ما إذا طعن الخصم بالرق كما قيده القدوري
قوله ( فهو ) أي لفظ عدل بعبارته أي بمنطوقه فيه أنه لا يكون كذلك إلا إذا كانت الحرية تفهم منطوقا من العدل ولا يطلق على العبد عدل مع أنه ليس كذلك ط
قوله ( بعبارته ) أي بمنطوقه وهو ما سيق الكلام له
قوله ( وبدلالته ) هو الحكم الذي يساوي المنطوق لكن لم يسق النص إليه وهو يفيد أن المحدود في القذف لا يكون عدلا وليس كذلك ولذا اختار السرخسي عدم الاكتفاء بقوله هو عدل كما قدمناه آنفا
وقد جعل الحلبي مرجع الضمير في قوله ( فهو بعبارته ) إلى الأصل فيمن كان في دار الإسلام الحرية بمفهوم الموافقة المسمى بدلالة النص فإنه بمنطوقه جواب عن النقض بالعبد الوارد على قول المزكي هو عدل فقط وبدلالته الذي هو مفهوم الموافقة جواب عن النقص بالمحدود في القذف الوارد على عبارة المزكي السابقة وإنما دل بمفهوم الموافقة عليه لأن الأصل فيمن كان في دار الإسلام عدم الحد في القذف أيضا فهو مساو ا هـ
قوله ( والتعديل ) أي التزكية
قوله ( من الخصم ) أي المدعى عليه والمدعي بالأولى كتعديل الشاهد نفسه وأطلقه فشمل ماذا عدله المدعى عليه قبل الشهادة أو بعدها كما في البزازية ويحتاج إلى تأمل فإنه قبل الدعوى لم يوجد منه كذب في إنكاره وقت التعديل وكان الفسق الطارىء على المعدل قبل القضاء كالمقارن
بحر
قوله ( لم يصح ) أي لم يصح مزكيا لأن في زعم المدعي وشهوده أن المدعى عليه كاذب في الإنكار ومبطل في الإصرار وتزكية الكاذب الفاسق لا تصح هذا عند الإمام رحمه الله تعالى
وعندهما يصح إن كان من أهله بأن كان عدلا لكن عند محمد لا بد من ضم آخر إليه
درر
ومفاده أنه لو كان مقرا يصح
قال في منية المفتي المشهود عليه إذا كان ساكتا غير جاحد للحق فقال هم عدول يقبل بالاتفاق فإن جحد وقال هم عدول لكن أخطؤوا أو نسوا ففي صحة التعديل ووايتان ا هـ
وهذا موضوع المسألة
وفي شرح أدب القضاء للصدر الشهيد أن يكون مقرا بقوله صدقوا فيما شهدوا به علي وبقوله هم عدول فيما شهدوا به علي أطلقه وقيده
في البزازية بما إذا كان المدعى عليه لا يرجع إليه في التعديل فإن كان صح قوله
مطلب جرح الشاهد نفسه مقبول قال في البحر وأما جرح الشاهد نفسه فمقبول لكنه يأثم بذلك حيث كان صادقا في شهادته لما فيه من إبطال حق المدعي
____________________
(7/83)
مطلب تعديل أحد الشاهدين صاحبه وتعديل أحد الشاهدين صاحبه فيه اختلاف
قال في الظهيرية شاهدان شهد الرجل والقاضي يعرف أحدهما بالعدالة ولا يعرف الآخر فعدله الذي عرفه القاضي بالعدالة
قال نصير رحمه الله تعالى لا يقبل القاضي تعديله
ولابن سلمة فيه قولان وعن أبي بكر البلخي في ثلاثة شهدوا والقاضي يعرف اثنين منهم بالعدالة ولا يعرف الثالث فإن القاضي يقبل تعديلهما لو شهد هذا الثالث شهادة أخرى ولا يقبل تعديلهما في الشهادة الأولى وهو كما قال نصير رحمه الله تعالى
قوله ( ولا تنس ما مر عن الأشباه ) أي قبيل التحكيم من أن الإمام لو أمر قضاته بتحليف الشهود وجب على العلماء أن ينصحوه ويقولوا له لا تكلف قضاتك إلى أمر يلزم منه سخطك إن خالفوك أو سخط الخالق إذا وافقوك ا هـ ح
وأقول وعبارة البحر بعد ما ذكر عبارة القلانسي من أن مختار ابن أبي ليلى استحلاف الشهود
قال قلت ولا يضعفه ما في الكتب المعتمدة كالخلاصية والبزازية من أنه لا يمين على الشاهد لأنه عند ظهور عدالته والكلام عند خفائها خصوصا في زماننا أن الشاهد مجهول الحال وكذا المزكي غالبا والمجهول لا يعرف المجهول لكن قال العلامة المقدسي بعد ما ذكر ما في التهذيب للقلانسي لا يخفى أنه مخالف لما في الكتب المعتمدة
ولا يقال يجب العمل به لأن الشاهد مجهول كالمزكي غالبا والمجهول لا يعرف المجهول
لأنا نقول الأمر كذلك لكن قال الفقيه لو استقصى مثل ذلك لضاق الأمر ولا يوجد مؤمن بغير عيب كما قيل ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه أقول لكن صدر الأمر السلطاني أنه إذا ألح الخصم على القاضي بأن يحلف الشهود قبل الحكم لتقوية الشهادة ورأى الحاكم لزوم ذلك فله إجابته كما في مادة 1727 من المجلة
لطيفة في الملتقط عن غسان بن محمد المروزي قال قدمت الكوفة قاضيا فوجدت فيها مائة وعشرين عدلا فطلبت أسرارهم فرددتهم إلى ستة ثم أسقطت أربعة فلما رأيت ذلك استعفيت واعتزلت
تنبيه قال إسماعيل بن حماد حفيد أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهو من جملة الأئمة
أخذ عن أبي يوسف وزاحمه في العلم ولو عمر لفاق المتقدمين والمتأخرين لكنه مات شابا رحمه الله تعالى أربعة من الشهود لا أسأل عنهم
شاهد غريب وهو أن يجتمع الخصوم بباب القاضي ومنهم شخص يدعي الغربة والعزم على السفر وفوت الرفاق بالتأخير وطلب تقديمه لذلك أي بلا قرعة كما في البحر فلا يقبل إلا بشاهدين على ذلك ولا يحتاج إلى تزكيتهما لتحقق الفوات بطول المدة بالتزكية
الثانية العدوى وهي ما لو سمى شخصا بينه وبين المصر أكثر من يوم وله عليه دعوى لا يرسل القاضي خلفه حتى يقيم بينة بالحق الذي عليه ولا يشترط تعديلها
ونقل عن محمد أنه اشترط تعديل هذين لما فيه من الإلزام على الغير وكل ما كان كذلك سبيله التعديل وإليه مال الحلواني وقال إنه روى عن الإمام
الثالثة شاهد رد الطينة وهو ما لو ادعى على شخص ليس بحاضر معه بحق وذكر أنه امتنع من الحضور معه أعطاه القاضي طينة أو خاتما وقال أره إياه وادعه إلي وأشهد عليه فإن أراه ذلك وقال لا أحضر وشهد عند القاضي بذلك مستوران لا يسأل عنهما
قالوا وفيما نقل عن محمد إشارة إلى تعديلهما حيث قيد بما فيه إلزام على الغير
____________________
(7/84)
وقال الصدر الشهيد إن عدم التعديل أنظر للناس وبه نأخذ لخوف اختفاء الخصم مخافة العقوبة فإذا شهدا كتب إلى الوالي في إحضاره
الرابعة شاهد تعديل العلانية لا يشترط تزكيته ظاهرا بعد يؤال القاضي عن الشهود المطلوب تعديلهم في السر ممن يثق به من أمنائه وأخبره بعدالتهم ولا بد من المغايرة بين شهود السر والعلانية وإنما لم تشترط عدالتهم لأنها للاحتياط إجابة للمدعي إلى ما طلب ا هـ
ذكر العلامة عبد البر في شرح الوهبانية ومثله في شرحها لمصنفها
وذكر في البحر أن ذلك في شهادة العلانية محمول عن ما إذا تقدمت التزكية سرا ولئن كان ما ذكره العلامة عبد البر عن الإمام إسماعيل مرادا فهو ضعيف لنقل الإجماع على أن تزكية العلانية كالشهادة ا هـ
قوله ( بما سمع ) أي إن كان من المسموعات وقوله أو رأى أي إن كان من المرئيات وقد يكون الشيء مسموعا ومرئيا باعتبارين وأشار بقوله بما سمع إلى أنه لا بد من علم الشاهد بما يشهد به ولهذا قال في النوازل عن رجل ادعى على ورثة ميت مالا فالأمر بإثبات ذلك فأحضر شاهدين شهدا أن المتوفى قد أخذ من هذا المدعي منديلا فيه دراهم ولم يعلما كم وزنها هل تجوز شهادتهما وهل يجوز للشاهدين أن يشهدا بذلك قال إن كان الشهود وقفوا على تلك الصرة وفهموا أنها دراهم وحرزوها فيما يقع عليه يقينهم من مقدارها شهدوا بذلك وينبغي أن يعتبروا جودتها فإنها قد تكون ستوقة فإذا فعلوا ذلك جازت شهادتهم ا هـ
وفي خزانة الأكمل رجل في يده درهمان كبير وصغير فأقر بأحدهما لرجل فشهدا أنه أقر بأحدهما ولا ندري بأيهما أقر فإنه يؤمر بتسليم الصغير ا هـ
قوله ( في مثل البيع ) إن عقداه بإيجاب وقبول كان من المسموعات وإن بتعاط كان من المرئيات وفيه يشهدون بالأخذ والإعطاء ولو شهدوا بالبيع جاز
بحر عن البزازية
قال في الدرر ويقول أشهد أنه باع أو أقر لأنه عاين السبب فوجب عليه الشهادة كما عاين وهذا إذا كان البيع بالعقد ظاهر وإن كان بالتعاطي فكذلك لأن حقيقة البيع مبادلة المال بالمال وقد وجد
وقيل لا يشهدون على البيع بل على الأخذ والإعطاء لأنه بيع حكمي لا حقيقي ا هـ
في البحر عن الخلاصة رجل حضر بيعا ثم احتيج إلى الشهادة للمشتري يشهد له بالملك بسبب الشراء ولا يشهد له بالملك المطلق لأن الملك المطلق ملك من الأصل والملك بالشراء حادث ا هـ
وانظر ما قدمناه في شتى القضاء وما سنذكره في باب الاختلاف في الشهادة إن شاء الله تعالى
قوله ( والإقرار ) هو باللسان من المسموعات بأن يسمع قول المقر لفلان علي كذا
قوله ( ولو بالكتابة ) في البحر عن البزازية ما ملخصه إذا كتب إقراره بين يدي الشهود ولم يقل شيئا لا يكون إقرارا فلا تحل الشهادة به ولو كان مصدرا مرسوما وإن لغائب على وجه الرسالة على ما عليه العلامة لأن الكتابة قد تكون للتجربة
وفي حق الأخرس يشترط أن يكون معنونا مصدرا وإن لم يكن الغائب
وإن كتب وقرأ عند الشهود مطلقا أو قرأه غيره وقال الكاتب اشهدوا علي به أو كتبه عندهم وقال اشهدوا علي بما فيه وعلموا به كان إقرارا وإلا فلا وبه ظهر أن ما هنا خلاف ما عليه العامة لكن جزم به في الفتح وغيره وأفتى به الشيخ سراج الدين قارىء الهداية إذا كان على رسم الصكوك واعترف بأنه خطه أو شهدوا عليه به وقد شاهدوا كتابته وعرفوا ما كتبه أو قرأه عليهم
هذا حاصل ما أجاب به في موضعين من فتاواه
____________________
(7/85)
وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى تمام الكلام على ذلك
قوله ( وحكم الحاكم ) يكون من المسموع إن كان بالقول ويكون من المرئيات إن كان فعلا
قوله ( والغصب والقتل ) من المرئيات
قوله ( وإن لم يشهد عليه ) لو قال بدله ولو قال لا تشهد علي لكان أفود لما في الخلاصة لو قال المقر لا تشهد علي بما سمعت تسعة الشهادة ا هـ
فيعلم حكم ما إذا سكت بالأولى
بحر
وفيه وإذا سكت يشهد بما علم ولا يقول أشهدني لأنه كذب
وفي النوازل سئل محمد بن مقاتل عن شريكين يتحاسبان وعندهما قوم فقالا لا تشهدوا علينا بما تسمعونه منا ثم أقر أحدهما لصاحبه بشراء أو باع شيئا فطلب المقر له بعد ذلك منهم الشهادة قال ينبغي لهم أن يشهدوا بذلك وهو قول محمد بن سيرين
وأما الحسن البصري والحسن بن زياد فإنهما يقولان لا يشهدون به
قال الفقيه وروي عن أبي حنيفة أنه قال ينبغي لهم أن يشهدوا وبه نأخذ ا هـ ثم قال بعده قال الفقيه إن كان يخاف على نفسه أنه إذا أقر بشيء صدق وادعى أن شريكه قبض لا يصدقه يقول للمتوسط اجعل كأن هذا المال على غيري وأنا أعبر عنه ثم يقول قبض كذا وكذا فيبين الجميع من غير أن يضيف إلى نفسه كي لا يصير حجة عليه ا هـ
قوله ( ولو مختفيا يرى وجه المقر ويفهمه ) وإن لم يروه وسمعوا كلامه لا يحل لهم الشهادة إلا إذا دخل بيتا فرأى رجلا فيه وحده فخرج وجلس على بابه وليس له مسلك غيره فسمع إقراره وهم يسمعون كلامه ويرونه وهو لا يراهم جازت شهادتهم وإن لم يروه وسمعوا كلامه لا تحل لهم الشهادة ا هـ
بحر
قوله ( لكن لو فسر ) بأن قال إني شاهد على المحتجب
قوله ( لا تقبل ) إذ ليس من ضرورة جواز الشهادة القبول عند التفسير فإن الشهادة بالتسامع تقبل في بعض الحوادث لكن إذا صرح لا تقبل ط
قوله ( أو يرى شخصها ) في الملتقط إذا سمع صوت المرأة ولم ير شخصها فشهد اثنان عنده أنها فلانة لا يحل له أن يشهد عليها وإن رأى شخصها وأقرت عنده فشهد اثنان أنها فلانة حل له أن يشهد عليها ا هـ
بحر من أول الشهادات
واحترز برؤية شخصها عن رؤية وجهها
قال في جامع الفصولين حسرت عن وجهها وقالت أنا فلانة بنت فلان بن فلان وهبت لزوجي مهري فلا يحتاج الشهود إلى شهادة عدلين أنها فلانة بنت فلان ما دامت حية إذ يمكن الشاهد أن يشير إليها فإن ماتت فحينئذ يحتاج الشهود إلى شهادة عدلين بنسبها
وقال قبله لو أخبر الشاهد عدلان أن هذه المقرة فلانة بنت فلان يكفي هذا للشهادة على الاسم والنسب عندهما وعليه الفتوى ألا ترى أنهما لو شهدا عند القاضي يقضي بشهادتهما والقضاء فوق الشهادة فتجوز الشهادة بإخبارهما بالطريق الأولى فإن عرفها باسمهما ونسبها عدلان ينبغي للعدلين أن يشهد الفرع على شهادتهما فيشهد عند القاضي عليها بالاسم والنسب وبالحق أصالة ا هـ
وفيه ولا يجوز الاعتماد عليهما بإخبار المتعاقدين باسمهما ونسبهما لعلهما تسميا وانتسبا باسم غيرهما ونسبه يريدان أن يزورا على الشهود ليخرجا المبيع من يد مالكه فلو اعتمد على قولهما نفذ تزويرهما وبطل أملاك الناس
____________________
(7/86)
مطلب ما يغفل الناس عنه كثيرا من الشهادة على المتعاقدين باسمهما ونسبهما بأخبارهما وهذا فصل غفل عنه كثير من الناس فإنهما يسمعون لفظ الشراء والبيع والإقرار والتقابض من رجلين لا يعرفونهما ثم إذا استشهدوا بعد موت صاحب البيع شهدوا على ذلك الاسم والنسب ولا علم لهم بذلك فيجب أن يحترز عن مثل ذلك
وطريق علم الشهود بالنسب أن يشهد عندهم جماعة لا يتصرر تواطؤهم على الكذب عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما شهادة رجلين كاف كما في سائر الحقوق
أقول يحصل للقاضي العلم بالنسب بشهادة عدلين فينبغي أن يحصل للشهود أيضا بشهادة عدلين كما هو قولهما ا هـ
وقيد برؤية الشخص لأنه لا يشترط رؤية الوجه لصحة الشهادة على المنتقبة كما قال به بعض مشايخنا عند التعريف
شرنبلالية وإلى هذا مال خواهر زاده
وبعضهم قال لا يصح التحمل عليها بدون رؤية وجهها ذكره سري الدين
قال أبو السعود فتحصل منه أن الفتوى على عدم اشتراط رؤية وجهها ذكره سري الدين
قال أبو السعود فتحصل منه أن الفتوى على عدم اشتراط رؤية وجه المرأة
أقول ولا يخفى أن هذا كله عند عدم معرفته لها أما إذا عرفها فيشهد عليها بدون رؤية وجهها ولكن هذا ظاهر إذا رأى وجهها ثم تنقبت فشهد على إقرارها مثلا في حال تنقبها فهذا لا شك أنه لا يحتاج إلى تعريف من غيره إذ تعريف غيره حينئذ لا يزيد على معرفته
وأما إذا كانت متنقبة وكان يعرفها قبل فعرفها بصوتها وهيئتها ولم ير وجهها وقت التنقب أو الإقرار فهل يكفي ذلك ظاهر إطلاقهم أنه لا يكفي
ففي العمادية قالوا لا يصح التحمل بدون رؤية وجهها وبه يفتي شمس الإسلام الأوزجندي وظهير الدين المرغيناني ا هـ ولم يفصل بين ما إذا عرفها بصوتها أو لا
وفي البيري على الأشباه لا يجوز أن يشهد على من سمعه من وراء حائط أو من فوق البيت وهو لا يراه وإن عرف كلامه لأن الكلام يشبه بعضه بعضا كما في التاترخانية
وفي منية المفتي أقرت من وراء حجاب لا يجوز أن يشهد على إقرارها إلا إذا رأى شخصها ولم يشترط في النوادر رؤية وجهها انتهى
وانظر كلام الفتح فإنه يفيد ذلك أيضا
قوله ( وعليه الفتوى ) مقابله ما تقدم قريبا من أنه لا بد من شهادة جماعة
ذكر الفقيه أبو الليث عن نصير بن يحيى قال كنت عند أبي سليمان فدخل ابن لمحمد بن الحسن فسأله عن الشهادة على المرأة متى تجوز إذا لم يعرفها قال كان أبو حنيفة يقول لا تجوز حتى يشهد عنده جماعة أنها فلانة
وكان أبو يوسف وأبوك يقولان يجوز إذا شهد عنده عدلان أنها فلانة وهو المختار للفتوى وعليه الاعتماد لأنه أيسر على الناس انتهى
واعلم أنهما كما احتاجا للاسم والنسب للمشهود عليه وقت التحمل يحتاجان عند أداء الشهادة إلى من يشهد أن صاحبة الاسم والنسب هذه
وذكر الشيخ خير الدين أنه يصح التعريف ممن لا تقبل شهادته لها سواء كانت الشهادة عليها أو لها
سائحاني بزيادة من البحر وغيره
قوله ( لأن عند الأداء ) كذا وقع في المنح وفيه حذف اسم إن وهو ضمير الشأن والجملة بعدها خبرها
قوله ( فيضره ) أي يضر المدعى عليه بغضه للفقيه
قوله ( ظاهرة ) معنى دالة فعداه بعلى
قوله ( على أنهما كخط كاتب واحد ) لفظ على معنى في أو متعلق بمحذوف تقديره تدل والأولى حذف الكاف من كخط كما هو في المنح وهو كذلك في بعض النسخ
قوله ( لا يحكم عليه بالمال )
____________________
(7/87)
لأنه لا يزيد على أن يقول هذا خطي وأنا حررته لكنه ليس علي هذا المال وثمة لا يجب فكذا هنا
منح
قوله ( خانية ) عبارتها من الشهادات رجل كتب صك وصية وقال للشهود اشهدوا بما فيه ولم يقرأ وصيته عليهم
قال علماؤنا لا يجوز للشهود أن يشهدوا بما فيه
وقال بعضهم وسعهم أن يشهدوا والصحيح أنه لا يسعهم وإنما يحل لهم أن يشهدوا بأحد معان ثلاثة إما أن يقرأ الكتاب عليهم وكتبه غيره أو قرىء الكتاب عليه بين يدي الشهود فيقول هو لهم اشهدوا علي بما فيه أو يكتب هو بين يدي الشاهد ويعلم بما فيه ويقول اشهدوا علي بما فيه
قال أبو علي النسفي هذا إن لم يكن الكتاب مكتوبا على الرسوم فإن كان مكتوبا على الرسم وكتب بين يدي الشهود والشاهد يعلم ما في الكتاب وسعه أن يشهد وإن لم يقل له اشهد علي بما فيه هكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في النوادر ا هـ
وتمامه فيها
قوله ( واعتمده في الأشباه ) قال في أحكام الكتابة منها وذكر القاضي ادعى عليه مال وأخرج خطا وقال إنه خط المدعى عليه بهذا المال فأنكر أن يكون خطه فاستكتب فكتب وكان بين الخطين مشابهة ظاهرة دالة على أنهما خط كات واحد لا يحكم عليه بالمال في الصحيح لأنه لا يزيد على أن يقول هذا خطي وأنا حررته لكن ليس علي هذا المال وثمة لا يجب
كذا هنا
قوله ( لكن في شرح الوهبانية الخ ) هذا قول القاضي النسفي والعامة على خلافه كما في البحر ونصه قال القاضي النسفي إن كتب مصدرا مرسوما وعلم الشاهد حل له الشهادة على إقراره كما لو أقر كذلك وإن لم يقل اشهد علي به وعلى هذا إذا كتب للغائب على وجه الرسالة أما بعد ذلك فلك علي كذا يكون إقرارا لأن الكتاب من الغائب كالخطاب من الحاضر فيكون متكلما والعامة على خلافه لأن الكتابة قد تكون للتجربة ا هـ
قوله ( وفتاوى قارىء الهداية وعبارتها ) سئل إذا كتب شخص ورقة بخطه إن في ذمته لشخص كذا ثم ادعى عليه فجحد المبلغ واعترف بخطه ولم يشهد عليه
أجاب إذا كتب على رسول الصكوك يلزم المال وهو أن يكتب يقول فلان بن فلان الفلاني إن في ذمته لفلان بن فلان الفلاني كذا وكذا فهو إقرار يلزم به وإن لم يكتب على هذا الرسم فالقول قوله مع يمينه ا هـ
ثم أجاب عن سؤال آخر نحوه بقوله إذا كتب إقراره على الرسم المتعارف بحضرة الشهود فهو معتبر فيسع من شاهد كتابته أن يشهد عليه إذا جحده إذا عرف الشاهد ما كتب أو قرأه عليه أما إذا شهدوا أنه خطه من غير أن يشاهدوا كتابته لا يحكم بذلك ا هـ
وحاصل الجوابين أن الحق يثبت باعترافه بأنه خطه أو بالشهادة عليه بذلك إذا عاينوا كتابته أو قرأه عليهم وإلا فلا وهذا إذا كان معنونا
ثم لا يخفى أن هذا لا يخالف ما في المتن
نعم يخالف ما في البحر عن البزازية في تعليل المسألة بقوله لأنه لا يزيد على أن يقول هذا خطي وأنا حررته لكن ليس علي هذا المال وثمة لا يجب كذا هنا
وقد يوفق بينهما بحمله على ما إذا لم يكن معنونا لكن هو قول القاضي النسفي كما في البزازية وقد قدمنا أنه خلاف ما عليه العامة
قوله ( فراجع ذلك ) أراد بذلك أن يبين أن المسألة التي أفتى بها قارىء الهداية غير مسألة قاضيخان فإن ما في قاضيخان هو الذي ذكره المصنف كما وقفت عليه
والذي أفتى به قارىء الهداية هو ما في شرح الوهبانية والملتقط كما علمت
____________________
(7/88)
أقول والحاصل أنه اضطرب كلامهم في مسألة العمل بالخط ولعله مبني على اختلاف الرواية أو أن فيه قولين كما يشعر به التعبير بلفظ قالوا كما قدمناه والذي قدمناه عن البحر يفيد أن عامة علمائنا على عدم العلم بالخط وأشار العلامة البيري إلى أن قولهم لا يعتمد على الخط ولا يعمل بمكتوب الوقف الذي عليه خطوط القضاة الماضين الخ يستثنى منه ما وجده القاضي في أيدي القضاة الماضين وله رسوم في دواوينهم ويشير إليه ما قاله في الإسعاف من أن ذلك استحسان واستثنى أيضا في الأشباه تبعا لما في قاضيخان والبزازية وغيرهما خط السمسار والبياع والصراف وجزم به في البحر وكذا في الوهبانية وحققه ابن الشحنة وكذا الشرنبلالي في شرحها وأفتى به المصنف ونسبه العلامة البيري إلى غالب الكتب قال حتى المجتبى حيث قال وأما خط البياع والصراف والسمسار فهو حجة وإن لم يكن معنونا ظاهرا بين الناس وكذلك ما يكتب الناس فيما بينهم يجب أن يكون حجة للعرف ا هـ
وفي خزانة الأكمل صراف كتب على نفسه بمال معلوم وخطه معلوم بين التجار وأهل البلد ثم مات فجاء غريم يطلب المال من الورثة وعرض خط الميت بحيث عرف الناس خطه حكم بذلك في تركته إن ثبت أنه خطه وقد جرت العادة بين الناس بمثله حجة ا هـ ما قاله البيري
ثم قال بعده قال العلامة العيني والبناء على العادة الظاهرة واجب فعلى هذا إذا قال البياع وجدت في يار كاري أي دفتر بخطي أو كتبت يار كاري بيدي أن لفلان علي ألف درهم كان هذا إقرارا ملزما إياه
قلت ويزاد أن العمل في الحقيقة إنما هو بموجب العرف لا بمجرد الخط والله تعالى أعلم وأقره الشارح في باب كتاب القاضي إلى القاضي حيث قال وفي الأشباه لا يعمل بالخط إلا في مسألة كتاب الأمان ويلحق به البراءات ودفتر بياع وصراف وسمسارا الخ مطلب في العمل بالدفاتر السلطانية وكتب سيدي نقلا عن المحقق هبة الله البعلي في شرحه على الأشباه ما نصه تنبيه مثل البراءات السلطانية الدفتر الخاقاني المعنون بالطرة السلطانية فإنه يعمل به وللشارح رسالة في ذلك حاصلها بعد أن نقل ما هنا من أنه يعمل بكتاب الأمان
ونقل جزم ابن الشحنة وابن وهبان وبالعمل بدفتر الصراف والبياع والسمسار لعلة أمن التزوير كما جزم به البزازي والسرخسي وقاضيخان وأن هذه العلة في الدفاتر السلطانية أولى كما يعرفه من شاهد أحوال أهاليها حين نقلها إذ لا تحرر أولا إلا بإذن السلطان ثم بعد اتفاق الجم الغفير على نقل ما فيها من غير تساهل بزيادة أو نقصان تعرض على المعين لذلك فيضع خطه عليها ثم تعرض على المتولي لحفظها المسمى بدفتر أميني فيكتب عليها ثم تعاد أصولها إلى أمكنتها المحفوظة بالختم فالأمن من التزوير مقطوع به وبذلك كله يعلم جميع أهل الدولة والكتبة فلو وجد في الدفاتر أن المكان الفلاني وقف على المدرسة الفلانية مثلا يعمل به من غير بينة وبذلك يفتي مشايخ الإسلام كما هو مصرح به في بهجة عبد الله أفندي وغيرها فليحفظ ا هـ
____________________
(7/89)
فالحاصل أن للدار على انتفاء الشبهة ظاهرا وعليه فما يوجد في دفاتر التجار في زماننا إذا مات أحدهم وقد حرر بخطه ما عليه في دفتره الذي يقرب من اليقين أنه لا يكتب فيه على سبيل التجربة والهزل يعمل به والعرف جار بينهم بذلك فلو لم يعمل به لزم ضياع أموال الناس إذ غالب بياعاتهم بلا شهود فلهذه الضرورة جزم به الجماعة المذكورون وأئمة بلخ كما نقله في البزازية وكفى بالإمام السرخسي وقاضيخان قدوة وقد علمت أن هذه المسألة مستثناة من قاعدة أنه لا يعمل بالخط فلا يرد ما مر من أنه تحل الشهادة بالخط على ما عليه العامة ويدل عليه تعليلهم بأن الكتابة قد تكون للجربة فإن هذه العلة في مسألتنا منتفية واحتمال أن التاجر يمكن أن يكون قد دفع المال وأبقى الكتابة في دفتره بعيد جدا على أن ذلك الاحتمال موجود ولو كان بالمال شهود فإنه يحتمل أنه قد أوفى المال ولم يعد به الشهود
ثم لا يخفى أنا حيث قلنا بالعمل بما في الدفتر فذاك فيما عليه كما يدل عليه ما قدمناه عن خزانة الأكمل وغيرها
أما فيما له على الناس فلا ينبغي القول به فلو ادعى بمال على آخر مستندا لدفتر نفسه لا يقبل لقوة التهمة الكل من التنقيح لسيدي الوالد ملخصا
وتمامه فيه
وانظر ما قدمه في كتاب القاضي
قوله ( ولا يشهد على شهادة غيره ) ولو سمعه يشهد غيره فإنه لا يسعه أن يشهد لأنه حمل غيره ط
قوله ( ما لم يشهد عليه ) أي ما لم يقل له الشاهد أشهد على شهادتي
قال في البحر ولو قال المؤلف كما في الهداية ما لم يشهد عليها لكان أولى من قوله عليه لما في الخزانة لو قال اشهد علي بكذا أو أشهد على ما شهدت به كان باطلا ولا بد أن يقول اشهد على شهادتي إلى آخره ا هـ
قوله ( فلو فيه جاز ) لأنها حينئذ ملزمة والتعليل يفيد أن القاضي قضى بها
حموي لكن قال سيدي والظاهر أن المراد من كونها ملزمة أي للقاضي الحكم بها إذ لا يجوز له تأخير الحكم إلا في مواضع تقدمت في القضاء كما صرح به في النهاية و فتح القدير وتبعهم الشارح
أقول وحينئذ لا يلزم ما أفاده التعليل من قضاء القاضي بها بالفعل
قوله ( ويخالفه تصوير صدر الشريعة ) حيث قال سمع رجل أداء الشهادة عند القاضي لم يسع له أن يشهد على شهادته ا هـ ح
فإن حمل ذلك على أنه قبل القضاء به ارتفعت المنافاة ط
أقول وهو مؤيد لما قلناه آنفا في القولة التي قبل هذه
قوله ( وقولهم ) عطف على تصويره أي ويخالفه قولهم ووجه المخالفة الإطلاق وعدم تقييد الاشتراط بما إذا كانت عند غير القاضي
قوله ( لا بد من التحميل ) مصدر فعل المضعف في المواضع الثلاثة ح
قوله ( وقبول التحميل ) فلو أشهده عليها فقال لا أقبل فإنه لا يصير شاهدا حتى لو شهد بعد ذلك لا تقبل كما في القنية وينبغي أن يكون هذا على قول محمد من أنه توكيل وللوكيل أن لا يقبل
وأما على قولهما من أنه تحميل فلا يبطل بالرد لأن من حمل غير شهادة لم تبطل بالرد
بحر
قوله ( على الأظهر ) وهو قول العامة لما في الخلاصة معزيا إلى الجامع الكبير لو حضر الأصيلان ونهيا الفروع عن الشهادة صح النهي عند عامة المشايخ
وقال بعضهم لا يصح والأول أظهر ا هـ
بحر
قال ط وجه المخالفة أن الأولين لم يوجدا لأن الشاهد عند القاضي لم يحمل السامع والسامع لم يقبل
وقد يقال إن هذا بمنزلة الشهادة بالحكم نفسه لكونها بعد القضاء بها
ويقال في الثاني أيضا إن
____________________
(7/90)
اشتراطه قول محمد لا قولهما فليتأمل ا هـ
قوله ( وإن لم يشهدهما القاضي عليه ) أي فتحمل عبارة النهاية السابقة على أنه سمعه في مجلس القاضي وحكم القاضي بشهادته فيشهد بحكم القاضي إلا بشهادة الشاهد لأن الشهادة على الحكم لا تحتاج إلى الإشهاد والشهادة على الشهادة تحتاج إليه بلا قيد كما هو صريح عبارة صدر الشريعة حيث قال سمع رجل أداء الشهادة عند القاضي لا يسعه أن يشهد على شهادته
أفاده د
قوله ( وقيده أبو يوسف الخ ) فيه تأمل فإن القاضي لا يجوز له قضاء في غير مجلس قضائه إذا كان معينا له فلو كان هذا الخلاف فيما إذا سمعا القاضي يشهد على قضائه لكان أظهر
وفي حاشية الشلبي عن الكاكي لو سمع قاضيا يشهد قوما على قضائه كان للسامع أن يشهد على قضائه بغير أمره لأن قضاء القاضي حجة ملزمة ومن عاين حجة حل له الشهادة بها كما لو عاين الإقرار والبيع ا هـ
لكن قد سبق أن القاضي إذا حكم في غير نوبة القضاء وأجازه فيها صح فتدبر ط
قوله ( كفى عدل واحد ) قيد بالعدل لأن خبر المستور لا يقبل في هذه الأشياء وإن كان اثنين وكذا الديانات كطهارة الماء ونجاسته وحل الطعام وحرمته
ويقبل خبر العدل أو المستورين في عز الوكيل وحجر المأذون وإخبار البكر بإنكاح وليها وإخبار الشفيع بالبيع والمسلم الذي لم يهاجر
قوله ( في اثني عشر مسألة ) منها الأحد عشر الآتية في النظم قال فيها وزدت أخرى يقبل قول أمين القاضي إذا أخبره شهادة شهود على عين تعذر حضورها كما في دعوى القنية
أشباه
قوله ( منها إخبار القاضي ) من إضافة المصدر لمفعوله أي إخبار العدل القاضي والأولى حذفه للاستغناء عنه بما نقله من النظم ومعناه أن القاضي إذا حبس شخصا في مال عوض عن مال وقد ادعى أنه معسر فإنه لا يصدقه ويحبسه مدة يراها فإذا أخبره عدل بعد هذه المدة بإفلاسه فإنه يقبل خبره ويطلقه ط
قوله ( بعد المدة ) أي بعد أن حبسه القاضي مدة يعلم من حاله أنه لو كان له مال لقضى دينه ولم يصبر على ذل الحبس كما تقدم
مدني
قوله ( أي تزكية السر ) عندهما ورتب محمد تزكيته على مراتب الشهادة الأربعة المتقدمة فالمزكي في كل مرتبة مثل الشاهد
شرنبلالية أي يشترط في تزكية الزنا أربعة ذكور وفي غيره من الحدود والقصاص رجلان وفي غيرهما من الحقوق رجلان أو رجل وامرأتان وفيما لا يطلع عليه الرجال امرأة واحدة ترتيبها على ترتيب الشهادة لأنها كالشهادة وبه قالت الثلاثة
ومحل الاختلاف ما إذا لم يرض الخصم بتزكية واحد فإن رضي الخصم بتزكية واحد فزكى جاز إجماعا
بحر عن الولوالجية
قوله ( وأما تزكية العلانية فشهادة إجماعا ) الأحسن ما في البحر حيث قال وقيدنا بتزكية السر للاحتراز عن تزكية العلانية فإنه يشترط لها جمع ما يشترط في الشهادة من الحرية والبصر وغير ذلك إلا لفظ الشهادة إجماعا لأن معنى الشهادة فيها أظهر فإنها تختص بمجلس القضاء وكذا يشترط العدد فيها على ما قاله الخصاف ا هـ
ويشترط في المزكي علانية عدم العداوة للمدعى عليه فلو زكى أعداء المدعى عليه الشهود لا تصح التزكية لأنها شهادة كما صرح به في التنقيح
وفي البحر أيضا وخرج من كلامه تزكية الشاهد بحد الزنا فلا بد في المزكي فيها من أهلية الشهادة والعدد والأربعة إجماعا ولم أر الآن حكم تزكية الشاهد ببقية الحدود ومقتضى ما قالوه اشتراط رجلين لها ا هـ
____________________
(7/91)
قال الدمياطي أما قوله إجماعا ففيه تأمل لأنه لم يسبقه خلاف يقابل به الإجماع
قال في البحر وينبغي للقاضي أن يختار في مزكي الشهود من هو أخبر بأحوال الناس وأكثرهم اختلاطا بالناس مع عدالته عارفا بما يكون جرحا وما لا يكون غير طماع ولا فقير كي لا يخدع بالمال فإن لم يكن في جيرانه ولا أهل سوقه من يثق به اعتبر تواتر الأخبار وخص في البزازية السؤال من الأصدقاء ا هـ
قوله ( وترجمة الشاهد ) فيشترط أن لا يكون المترجم أعمى عند الإمام وهذا إذا لم يعرف القاضي لغته فإن كان عارفا بلسان الشاهد والخصم لم يجز ترجمة الواحد
والأولى أن يقال لا يحتاج القاضي إلى ترجمة
وذكر بعضهم أن الأولى كون القاضي عارفا باللغة التركية واتخاذ المترجم وقع في الجاهلية والإسلام
ولما جاء سلمان للنبي ترجم يهودي كلامه فخان فيه فنزل جبريل عليه السلام بحديث طويل وأمر رسول الله زيد بن ثابت أن يتعلم العبرانية فكان يترجم بها وفي المصباح ترجم فلان كلامه إذا بينه وأوضحه وترجم كلام غيره إذا عبر عنه بلغة غير لغة المتكلم واسم الفاعل ترجمان بفتح التاء وضم الجيم في الفصيح وقد تضم التاء تبعا للجيم وقد تفتح الجيم تبعا للتاء والجمع تراجم بكسر الجيم
والتزكية المدح
قال في الصحاح زكى نفسه تزكية مدحها ا هـ
قوله ( والخصم ) هو أعم من المدعي والمدعى عليه
قوله ( من القاضي ) وكذا من المزكي إلى القاضي كما في الفتح أي فيكفي العدل الواحد للتزكية والترجمة والرسالة لأنها خبر وليست بشهادة حقيقة ولذا جوزوا تزكية العبد والمرأة والأعمى والمحدود في القذف إذا تاب وكذا تزكية من لا تقبل شهادته له كتزكية أحد الزوجين للآخر وتزكية الوالد لولده وبالعكس كما في العيني وصدر الشريعة
قوله ( وجاز تزكية عبد ) أي لمولاه
قوله ( ووالد ) لولده وعكسه وأحد الزوجي للآخر
قوله ( في تقوم ) أي تقوم الصيد الذي أتلفه المحرم وكذا في متلف بأن كسر شخص لشخص شيئا فادعى أن قيمته مبلغ كذا فأنكر المدعى عليه أن يكون ذلك القدر فيكفي في إثبات قيمته قول العدل الواحد
وذكر في البزازية من خيار العيب أنه يحتاج إلى تقويم عدلين لمعرفة النقصان فيحتاج إلى الفرق بين التقويمين ويستثنى من كلامه تقويم نصاب السرقة فلا بد فيه من اثنين كما في العناية ط
قوله ( وأرش يقدر ) أي في نحو الشجاج
قوله ( والسلم ) بسكون اللام للضرورة بمعنى المسلم فيه ح أي إذا اختلفا فيه بعد إحضاره
بحر
قوله ( وإفلاسه ) أي إذا أخبر القاضي عدل بإفلاس المحبوس بعد مضي المدة أطلقه مكتفيا به
حموي
قوله ( الإرسال ) أي رسول القاضي للمزكي
قوله ( والعيب يظهر ) أي إذا اختلف البائع والمشتري في إثبات العيب يكتفي في إثباته بقول عدل ويظهر من الإظهار ضميره إلى العدل والعيب مفعول مقدم
قوله ( وصوم على ما مر ) أي من رواية الحسن أنه يقبل العدل الواحد في الصوم بلا علة
قوله ( أو عند علة ) من غيم أو غبار ونحوه على ظاهر المذهب
قوله ( وموت ) أي موت الغائب
قوله ( إذ للشاهدين يخبر ) أي إذا شهد عدل عند رجلين على
____________________
(7/92)
موت رجل وسعهما أن يشهدا على موته
قوله ( والتزكية للذمي الخ ) وهل يكفي فيه تزكية الكافر الواحد يحرر
حموي
أقول مقتضى ما مر في تزكية السير أنها تقبل لأن المزكي في كل مرتبة مثل الشاهد وحيث قبل الأصل فالمزكي مثله من باب أولى على ما ظهر لي فتأمله
قوله ( بالأمانة في دينه ) بأن يكون محافظ على ما يعتقده شريعة على ما هو الظاهر ط
قوله ( ولسانه ) بأن لم يعهد عليه كذب
قوله ( ويده ) لعل المراد بها المعاملة أو أن لا يكون سارقا ط
قوله ( وأنه صاحب يقظة ) أي ليس بمغفل ولا معتوه
قوله ( سألوا عنه عدول المشركين ) قال أبو السعود من هنا يعلم أن العدالة لا تستلزم الإسلام ا هـ أي في حق الكافر والأولى أن يقول سأل أي القاضي
وفي البحر يسأل أي القاضي عن شهود الذمة عدول المسلمين وإلا سأل عنهم عدول الكفار كذا في المحيط والاختيار
قوله ( عدل ) بالبناء للمفعول
قوله ( قبلت شهادته ) ولا يحتاج إلى تعديل جديد بع الإسلام بخلاف الصبي الذي احتلم فإنه لا يقبل القاضي شهادته ما لم يسأل عنه أهل محلته ويتأنى بقدر ما يقع في قلوب أهل مسجد كما في الغريب أنه صالح أو غيره كما قدمناه عن البحر والظهيرية
قوله ( ولو سكر الذمي لا تقبل ) لأن السكر من المحرمات التي ذكرت في الإنجيل فيكون بذلك فاسقا في دينه
قوله ( ولا يشهد من رأى خطه الخ ) أي لا يحل للشاهد إذا رأى خطه أن يشهد حتى يتذكر وكذا القاضي إذا وجد في ديوانه مكتوبا شهادة شهود ولا يتذكر ولا للراوي أن يروي اعتمادا على ما في كتابه ما لم يتذكر وهو قول الإمام فلا بد عنده للشاهد من تذكر الحادثة والتاريخ ومبلغ المال وصفته حتى إذا لم يتذكر شيئا منه وتيقن أنه خطه وخاتمه لا ينبغي له أن يشهد وإن لم يعرف مكان الشهادة ووقتها ا هـ
وجوز محمد للكل الاعتماد على الكتاب إذا تيقن أنه خطه وإن لم يتذكر توسعة على الناس
وجوزه أبو يوسف للراوي والقاضي دون الشاهد
وفي الخلاصة أن أبا حنيفة ضيق في الكل حتى قلت روايته الأخبار مع كثرة سماعه فإنه روى أنه سمع من ألف ومائتي رجل غير أنه يشترط الحفظ وقت السماع وفي وقت الرواية ا هـ
ومحل الخلاف في القاضي إذا وجد قضاءه مكتوبا عنده وأجمعوا أن القاضي لا يعمل بما يجده في ديوان قاض آخر وإن كان مختوما
كذا في الخلاصة
وقال شمس الأئمة الحلواني ينبغي أن يفتي بقول محمد وهكذا في الأجناس وجزم في البزازية
وفي المبتغى من وجد خطه وعرفه ونسي الشهادة وسعه أن يشهد إذا كان في حوزه وبه نأخذ ا هـ
وعزاه في البزازية إلى النوازل
بحر
قال سيدي الوالد ناقلا عن الجوهرة من أن عدم حل الشهادة إذا رأى خطه ولم يتذكر الحادثة هو قولهما
وقال أبو يوسف يحل له أن يشهد
____________________
(7/93)
وفي الهداية محمد مع أبي يوسف
وقيل لا خلاف بينهم في هذه المسألة أنهم متفقون على أنه لا يحل له أن يشهد في قول أصحابنا جميعا إلا أن يتذكر الشهادة وإنما الخلاف بينهم فيما إذا وجد القاضي شهادة في ديوانه لأن ما في قمطره تحت ختمه يؤمن عليه من الزيادة والنقصان فحصل له العلم ولا كذلك الشهادة في الصك لأنها في يد غيره وعلى هذا إذا ذكر المجلس الذي كانت فيه الشهادة أو أخبره قوم ممن يثق بهم أنا شهدنا نحن وأنت
كذا في الهداية
وفي البزدوي الصغير إذا استيقن أنه خطه وعلم أنه لم يرد فيه شيء بأن كان مخبوءا عنده أو علم بدليل آخر أنه لم يزد فيه لكن لا يحفظ ما سمع فعندهما لا يسعه أن يشهد وعن أبي يوسف يسعه
وما قاله أبو يوسف هو المعمول به
وقال في التقويم قولهما هو الصحيح ا هـ ما نقله سيدي الوالد رحمه الله تعالى
ثم إن الشاهد إذا اعتمد على خطه على القول المفتى به وشهد وقلنا بقبوله فللقاضي أن يسأله هل شهد عن علم أو عن خط إن قال عن علم قبله وإن قال عن الخط لا كما في البحر وظاهر كلام المؤلف كمسكين أن الصاحبين متفقان وقد علمت ما قدمناه ونحوه في العيني والزيلعي
قال أبو السعود ويمكن دفع التنافي بأن عن الثاني روايتين
قوله ( وجوازه لو في حوزه وبه نأخذ ) تقدم في كتاب القاضي عن الخزانة أنه يشهد وإن لم يكن الصك في يد الشاهد لأن التغير نادر وأثره يظهر فراجعه
ورجح في الفتح ما ذكره الشيخ وذكر له حكاية تؤيده
قوله ( بما لم يعاينه ) أي بما لم يقطع به جهة المعاينة بالعين أو بالسماع
ط عن الكمال
ومثال الثاني العقود
قوله ( إلا في عشرة ) كلها مذكورة هنا متنا وشرحا آخرها قول المتن ومن في يده شيء الخ ح
قلت بل العاشر قوله وشرائطه وفي الطبقات السنية للتميمي في ترجمة إبراهيم بن إسحاق من نظمه فهم مسائل ستة وشهد بها من غير رؤياها وغير وقوف نسب وموت والولاد وناكح وولاية القاضي وأصل وقوف قوله ( منها العتق ) ذكر السرخسي أن الشهادة بالسماع في العتق لا تقبل بالإجماع
وذكر شيخه الحلواني أن الخلاف ثابت فيه
فعن أبي يوسف الجواز فالمعتمد عدم القبول فيه كالذي بعده
وفي البحر شرط الخصاف للقبول في العتق عند أبي يوسف أن يكون مشهورا وللعتق أبوان أو ثلاثة في الإسلام ولم يشترطه محمد في المبسوط
وفي شرح العلامة عبد البر التاسعة الشهادة في العتق
قالوا لا يحل عندنا خلافا للشافعي ثم نقل عن الحلواني ما تقدم
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى في تنقيحه والعبد إذا ادعى حرية الأصل ثم العتق العارض تسمع والتناقض لا يمنع الصحة
وفي حرية الأصل لا تشترط الدعوى
وفي الإعتاق المبتدأ تشترط الدعوى عند أبي حنيفة وعندهما ليس بشرط
وأجمعوا على أن دعوى الأمة ليس بشرط خلاصة أي لأنها شهادة بحرية أمة فهي شهادة بحرمة الفرج
وتمامه فيه
قوله ( والولاء عند الثاني ) أي في القول الأخير له والقول الأول له كالإمام أنها لا تحل ما لم يعاين إعتاق المولى وقول محمد مضطرب والظاهر أن المعتمد قول الإمام لعدم تصحيح قول الثاني
على أن بعضهم جعل ذلك رواية عنه لا مذهبا والدليل للإمام كما في الزيلعي أن العتق
____________________
(7/94)
ينبني على زوال الملك ولا بد فيه من المعاينة فكذا ما ينبني عليه ط
قوله ( والمهر على الأصح ) أي من روايتين عن محمد لأنه من توابع النكاح فكان كأصله
قال في البحر ومن ذلك المهر فظاهر التقييد أنه لا تقبل فيه به ولكن في البزازية والظهيرية والخزانة أن فيه روايتين والأصح الجواز ا هـ
ومثله في الخلاصة والشرنبلالية فإن حمل ما في هذه الكتب على أن الروايتين عن محمد فلا منافاة
قال في جامع الفصولين الشهادة بالسماع من الخارجين من بين جماعة حاضرين في بيت عقد النكاح بأن المهر كذا تقبل لا ممن سمع من غيرهم ا هـ
قوله ( والنسب ) سواء جاز بينهما النكاح أو لا
بحر
فجاز أن يشهد أنه فلان بن فلان الفلاني من سمع من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب عند الإمام وإن لم يعاين الولادة
وعندهما إذا أخبره بذلك عدلان يكفي والفتوى على قولهما كما في شرح الوهبانية عن العمادية
وفي التاترخانية عن المحيط وإذا قدم عليه رجل من بلد آخر وانتسب إليه وأقام معه دهرا لم يسعه أن يشهد على نسبه حتى يشهد له رجلان من أهل بلده عدلان أو يكون النسب مشهورا
وذكر الخصاف هذه المسألة وشرط لجواز الشهادة شرطين أن يشتهر الخبر
والثاني أن يمكث فيهم سنة فإنه قال لا يسعهم أن يشهدوا على نسبه حتى يقع معرفة ذلك في قلوبهم وذلك بأن يقيم معهم سنة وإن وقع في قلبه معرفة ذلك قبل مضي السنة لا يجوز أن يشهد
روى عن أبي يوسف أنه قدر ذلك بستة أشهر
والصحيح أنه إذا سمع من أهل بلده من رجلين عدلين حل له أداء الشهادة وإلا فلا أما إذا سمع ذلك ممن سمع من المدعي لا يحل له أن يشهد وإن اشتهر ذلك فيما بين الناس لكنه إن شهد عنده جماعة حتى تقع الشهرة حقيقة وعرف ووقع عنده أنه ثابت النسب من فلان أو شهد عنده عدلان حتى ثبت الاشتهار شرعا حل له أن يشهد ا هـ
وفي البحر عن البزازية وفي دعوى العمومة لا بد أن يفسر أن عمه لأمه أو لأبيه أو لهما ويشترط أن يقول هو وارثه لا وارث له غيره فإن برهن على ذلك أو على أنه أخو الميت لأبويه لا يعلمون أن له وارثا غيره يحكم له بالمال ولا يشترط ذكر الأسماء في الأقضية إلى أن قال ادعى على آخر أنه أخوه لأبيه إن ادعى إرثا أو نفقة وبرهن يقبل ويكون قضاء على الغائب أيضا حتى لو حضر الأب وأنكر لا تقبل ولا يحتاج إلى إعادة البينة لأنه لا يتوصل إليه إلا بإثبات الحق على الغائب وإن لم يدع مالا بل ادعى الأخوة المجردة لا يقبل لأن هذا في الحقيقة إثبات البنوة على الأب المدعى عليه والخصم فيه هو الأب لا الأخ وكذا لو ادعى أنه ابن ابنه أو أبو أبيه والابن والأب غائب أو ميت لا يصح ما لم يدع مالا فإن ادعى مالا فالحكم على الحاضر والغائب جميعا بخلاف ما إذا ادعى على رجل أنه أبوه أو ابنه أو على امرأة أنها زوجته أو ادعت عليه أنه زوجها أو ادعى العبد على عربي أنه مولاه عتاقة أو ادعى عربي على آخر أنه معتقه أو ادعت على رجل أنها أمته أو كان الدعوى في ولاء الموالاة وأنكره المدعى عليه فبرهن المدعي على ما قال يقبل ادعى به حقا أو لا بخلاف دعوى الأخوة لأنه دعوى الغير ألا ترى أنه لو أقر أنه أبوه أو ابنه أو زوجه أو زوجته صح أو بأنه أخوه لا لكونه حمل النسب على الغير
وتمامه فيها
____________________
(7/95)
وحاصل ما ينفعنا هنا أن الشهود إذا شهدوا بنسب فإن القاضي لا يقبلهم ولا يحكم به إلا بعد دعوى مال إلا في الأب والابن ا هـ
وأراد بدعوى المال النفقة أو الإرث أو دعوى الاستحقاق في الوقف والوصية ونحوها
سيدي الوالد رحمه الله تعالى
وقال في البحر ثم اعلم أن القضاء بالنسب مما لا يقبل النقض لكونه على الكافة كالنكاح والحرية والولاء كما في الصغرى وقد كتبنا في الفوائد أن القضاء عى الكافة في هذه الأربعة لكن يستثنى من النسب ما في المحيط من باب الشهادة بالتسامع شهدا أن فلان بن فلان مات وهذا ابن أخيه ووارثه قضى بالنسب والإرث ثم أقام آخر البينة أنه ابن الميت ووارثه ينقض الأول ويقضي للثاني لأن الابن مقدم على ابن الأخ
ولا تنافي بين الأول والثاني لجواز أن يكون له ابن وابن أخ فينقض القضاء في حق الميراث لا في حق النسب حتى يبقى الأول وابن عم له حتى يرث منه إذا مات ولم يترك وارثا آخر أقرب منه فإن أقام آخر البينة أن الميت فلان بن فلان ونسبه إلى أب آخر غير الأب الذي نسبه إلى الأول فإنه ينظر إن ادعى ابن أخيه لا ينقض القضاء الأول لأنه لما أثبت نفسه من الأول خرج عن أن يكون محلا لإثباته في إنسان آخر وليس في البينة الثانية زيادة إثبات إلى آخر ما ذكره
والمراد بقوله من يثق به غير الخصم إذ لو أخبره رجل أنه فلان بن فلان لا يسعه أن يعتمد على خبره ويشهد بنفسه لأنه لو جاز له ذلك جاز للقاضي القضاء بقوله
كذا في خزانة المفتين
وشرط فيها للقبول في النسب أن يخبره عدلان من غير استشهاد الرجل فإن أقام الرجل شاهدين عنده على نسبه لا يسعه أن يشهد ا هـ
قوله ( والموت ) فإذا سمع من الناس أن فلانا مات وسعه أن يشهد على ذلك وإن لم يعاين الموت وللزوجة أن تعمل بالسماع
قال في البزازية قال رجل لامرأة سمعت أن زوجك مات لها أن تتزوج إن كان المخبر عدلا ا هـ
ولو شهد رجل بالموت وآخر بالحياة فالمرأة تأخذ بقول من كان عدلا منهما سواء كان العدل أخبر بالحياة أو الموت ولو كان كلاهما عدلين تأخذ بقول من يخبر بالموت إن لم يؤرخا فإن أرخا وتأخر تاريخ شهادة الحياة فهي أولى كما في الظهيرية وغيرها
وفي المحيط لو جاء خبر موت إنسان فصنعوا له ما يصنع على الميت لم يسعه أن يخبر بموته حتى يخبره ثقة أنه عاين موته لأن المصائب قد تتقدم على الموت إما خطأ أو غلطا أو حيلة لقسمة المال ا هـ
ولو قال المخبر إنا دفناه وشهدنا جنازته تقبل لأنها تكون شهادة على الموت لكن قال في جامع الفصولين من الفصل الثاني عشر لو أخبرها عدل أن زوجها مات أو طلقها ثلاثا فلها التزوج ولو أخبرها فاسق تحرت
وفي إخبار العبد بموته إنما يعتمد على خبره لو قال عاينته ميتا أو شهدت جنازته لا لو قال أخبرني مخبر به ا هـ
قال في البزازية ولو أخبر واحد بموت الغائب واثنان بحياته وإن كان المخبر عاين الموت أو شهد جنازته وعدل لها أن تتزوج هذا إذا لم يؤرخا أو أرخا وكان تاريخ الموت آخرا وإن كان تاريخ الحياة آخرا فشاهد الحياة أولى
وفي وصايا عصام شهدا بأن زوجها فلانا مات أو قتل وآخر على الحياة فالموت أولى ا هـ
قال في البحر
وظاهر إطلاقه في الموت أنه لا فرق في الموت بين أن يكون مشهورا أو لا وقيده في المعراج معزيا إلى رشيد الدين في فتاواه بأن يكون عالما أو من العمال
أما إذا كان تاجرا أو مثله فإنها لا تجوز إلا بالمعاينة ا هـ
____________________
(7/96)
قال العلامة عبد البر ولا نظفر بهذه الرواية في شيء من الكتب في غير فتاواه ا هـ
ومثله في جامع الفصولين
قال ط فكأنه لم يسلم له هذا القيد لأنه لم يستند إلى نص ا هـ
فتأمل
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى في التنقيح عازيا لصور المسائل والنسب والنكاح يخالف الموت فإنه لو أخبره بالموت رجل أو امرأة حل له أن يشهد وفي غيره لا بد من إخبار عدلين
وأما في الموت فإنه يكفي فيه العدل ولو أنثى هو المختار إلا أن يكون المخبر منهما كوارث وموصى له كما في شرح الوهبانية شرح الملتقى للعلائي من الشهادة شهد أنه شهد أي حضر دفن زيد أو صلى عليه فهو معاينة حتى لو فسر للقاضي يقبله إذ لا يدفن إلا الميت ولا يصلي إلا عليه درر آخر الشهادات ا هـ
والقتل كالموت فيترتب عليه أحكامه من جواز اعتداد المرأة إذا أخبرت بقتله كموته للتزوج كما نبه عليه العلامتان صاحب البحر والمقدسي لا من جهة ترتب القصاص
قوله ( والنكاح ) فلمن سمع به من جمع عند الإمام وعدلين عندهما أن يشهد به
قهستاني
وفي القنية نكاح حضره رجلان ثم أخبر أحدهما جماعة أن فلانا تزوج فلانة بإذن وليها والآن يجحد هذا الشاهد يجوز للسامعين أن يشهدوا على ذلك وفي العمادية وكذا تجوز الشهادة بالشهرة والتسامع في النكاح حتى لو رأى رجلا يدخل على امرأة وسمع من الناس أن فلانة زوجة فلان وسعه أن يشهد أنها زوجته وإن لم يعاين عقد النكاح ا هـ
ويشهد من رأى رجلا وامرأة بينهما انبساط الأزواج أنها عرسه ا هـ
درر
وفي الخلاصة إذا شهد تعريسه وزفافه أو أخبره بذلك عدلان حل له أن يشهد أنها امرأته
قال في جامع الفصولين الشهرة الشرعية أن يشهد عنده عدلان أو رجل وامرأتان بلفظ الشهادة من غير استشهاد ويقع في قلبه أن الأمر كذلك ومثله في الظهيرية
قوله ( والدخول بزوجته ) فإنها تقبل بالسماع
ذكر في الخلاصة خلافا في الدخول ففي فوائد أستاذنا ظهير الدين لا يجوز لهم أن يشهدوا على الدخول بالمنكوحة بالتسامع ولو أراد أن يثبق الدخول يثبت الخلوة الصحيحة ا هـ
لكن أفاد العلامة عبد البر أنها تقبل بالسماع ويترتب على قبولها أحكام كالعدة والمهر والنسب ا هـ
قوله ( وولاية القاضي ) أي كونه قاضيا في ناحية كذا فإنه لم سمعه من الناس جاز أن يشهد به قهستاني
وإن لم يعاين تقليد الإمام ا هـ
عبد البر
وفي البحر وظاهر ما في المعراج أن الأمير كالقاضي فيزاد الإمرة ا هـ
وصرح به في البزازية حيث قال وكذا يجوز الشهادة على أنه قاضي بلد كذا أو والي بلد كذا وإن لم يعاين التقليد والمنشور ا هـ
وصرح به في الخلاصة أيضا قال في البحر وكذا إذا رأى شخصا جالسا مجلس الحكم يفصل الخصومات جاز له أن يشهد على أنه قاض
مطلب إذا لم يكن الوقف قديما لا بد من ذكر واقفه في الشهادة عليه قوله ( وأصل الوقف ) بأن يشهد أن هذا وقف على موضع أو جماعة كذا وهل ذكر المصرف شرط في الكافي عن المرغياني نعم
وفي الخزانة لا يشترط على المختار إن كان وقفا قائما ينصرف إلى الفقراء
وذكر الشيخ ظهير الدين المرغيناني إذا لم يكن الوقف قديما لا بد من ذكر واقفه ط
وفي فتاوى قارىء الهداية صورة الشهادة بالتسامع على أصل الوقف أن يشهدوا أن فلانا وقفه على الفقراء أو على القراء أو على أولاده من غير أن يتعرضوا إنه شرط في وقفه كذا وكذا فإن شهدوا على شرط الواقف وأنه قال للجهة الفلانية كذا وللجهة الفلانية كذا فلا تسمع بالتسامع على شروط الواقف لأن الذي يشتهر إنما هو أصل الوقف وأنه على الجهة الفلانية أما الشروط فلا تشتهر فلا تجوز الشهادة على الشروط بالتسامع ا هـ
وتقدم في الوقف أنه تقبل الشهادة فيه من غير
____________________
(7/97)
بيان الواقف لو قديما عند أبي يوسف وأن الفتوى عليه فراجعه
وهذا بالنسبة لنفس الوقف
أما الدعوى به بأن ادعى أن هذه الأرض وقف وقفها فلان علي وذو اليد يجحد ويقول هي ملكي فيشترط بيان الواقف وأنه وقفه وهو يملكه
قوله ( قيل وشرائطه على المختار ) قال الطحطاوي ولا وجه لذكر قيل فإنهما قولان مصصحان
قال في البحر وفي الفصول العمادية من العاشر المختار أن لا تقبل الشهادة بالشهرة على شرائط الوقف ا هـ
وفي المجتبى المختار أن تقبل على شرائط الوقف ا هـ
واعتمده في المعراج وأقره الشرنبلالي وعزاه إلى العلامة قاسم وقواه في الفتح بقوله وأنت إذا عرفت قولهم في الأوقاف الذي انقطع ثبوتها ولم يعرف لها مصارف وشرائط أنه يسلك بها ما كانت في دواوين القضاة لم تتوقف عن تحسين ما في المجتبى لأن ذلك هو معنى الثبوت بالتسامع ا هـ
أي لأن الشهادة بالتسامع هي أن يشهد بما لم يعاينه والعمل بما في دواوين القضاة عمل بما لم يعاين
وأيضا قولهم المجهولة شرائطه ومصارفه يفهم منه أن ما لم يجهل منها يعمل بما علم منها وذلك العلم قد لا يكون بمشاهدة الواقف بل بالتصرف القديم وبه صرح في الذخيرة حيث قال سئل شيخ الإسلام عن وقف مشهور اشتبهت مصارفه وقدر ما يصرف إلى مستحقيه قال ينظر إلى المعهود من حاله فيما سبق من الزمان من أن قوامه كيف يعملون فيه وإلى من يصرفونه فيبني على ذلك لأن الظاهر أنهم كانوا يفعلون ذلك على موافقة شرط الواقف وهو المظنون بحال المسلمين فيعمل على ذلك ا هـ
فهذا عين الثبوت بالتسامع
وفي الخيرية إذا كان للوقف كتاب في ديوان القضاة المسمى في عرفنا بالسجل وهو في أيديهم اتبع ما فيه استحسانا إذا تنازع أهله فيه وإلا ينظر إلى المعهود من حاله فيما سبق من الزمان من أن قوامه كيف كانوا يعملون وإن لم يعلم الحال فيما سبق رجعنا إلى القياس الشرعي وهو أن من أثبت بالبرهان حقا حكم له به اه
لكن قولهم المجهولة شرائطه الخ يقتضي أنها لو علمت ولو بالنظر إلى المعهود من حاله فيما سبق من تصرف القوام لا يرجع إلى ما في سجل القضاة وهذا عكس ما في الخيرية فتنبه لذلك
أقول ثم إن المراد من الشرائط والجهات كما وقع في عبارة الإسعاف وأوضحه الرملي أن يقول إن قدرا من الغلة لكذا ثم يصرف الفاضل إلى كذا بعد بيان الجهة وليس معنى الشروط أن يبين الموقوف عليه لأنه لا بد منه في إثبات أصل الوقوف كما تقدم آنفا
قال الرملي والمراد بأصل الوقف أن هذه الضيعة وقف على كذا فبيان المصرف داخل في أصل الوقف
أما الشرائط فلا يحل فيها الشهادة بالتسامع وهو معنى قوله في فتح القدير وليس في معنى الشروط أن يبين الموقوف عليه ا هـ
ويأتي تمام الكلام عليه قريبا إن شاء الله تعالى
تنبيه قال في البحر ومسأل الشهادة بالوقف أصلا وشروطا لم تذكر في ظاهر الرواية وأنها قاسها المشايخ على الموت
وقد اختلف فيها المشايخ بعضهم قال يحل وبعضهم قال لا يحل وبعضهم فصل كما سبق ولكن نقل الشلبي عن شرح المجمع للمصنف في كتاب الوقف أن قبول الشهادة بالتسامع في أصل الوقف قول محمد وبه أخذ الفقيه أبو الليث وهو المختار ا هـ
قوله ( في بابه ) أي باب الوقف في فصل يراعى شرط الواقف وتقدم هناك تحقيقه في الحاشية فراجعه
قوله ( هو كل ما تعلق به صحته ) كأن يكون منجزا مسلما مجعولا آخره لجهة لا تنقطع ونحو ذلك مما ذكر في شروط صحته
قال المصنف في الوقف وبيان المصرف من أصله أي لتوقف
____________________
(7/98)
صحة الوقف عليه أي فتقبل شهادة على المصرف بالتسامع كأصله وكونه وقفا على الفقراء أو على مسجد كذا تتوقف عليه صحته بخلاف اشتراط صرف غلته لزيد أو للذرية فهو من الشرائط لا من الأصل
قال سيدي الوالد ولعله هذا مبني على قول محمد باشتراط التصريح في الوقف بذكر جهة لا تنقطع وتقدم ترجيح قول أبي يوسف بعدم اشتراط التصريح به فإذا كان ذلك غير لازم في كلام الواقف فينبغي أن لا يلزم في الشهادة بالأولى لعدم توقف الصحة عليه عنده ويؤيد هذا ما في الإسعاف والخانية لا تجوز الشهادة على الشرائط والجهات بالتسامع ا هـ
ولا يخفى أن الجهات هي بيان المصارف فقد ساوى بينهما وبين الشرائط إلا أن يراد بها الجهات التي لا يتوقف صحة الوقف عليها
وفي التاترخانية وعن أبي الليث تجوز الشهادة في الوقف بالاستفاضة من غير الدعوى وتقبل الشهادة الوقف وإن لم يبينوا وجها ويكون للفقراء ا هـ
وفي جامع الفصولين ولو ذكر الواقف لا المصرف تقبل لو قديما ويصرف إلى الفقراء ا هـ
وهذا صريح فيما قلنا من عدم لزومه في الشهادة والظاهر أنه مبني على قول أبي يوسف وعليه فلا يكون بيان المصرف من أصله فلا تقبل فيه الشهادة بالتسامع كما سمعت نقله عن الخانية والإسعاف والظاهر أن هذا إذا كان المصرف جهة مسجد أو مقبرة أو نحوهما أما لو كان للفقراء فلا يحتاج إلى إثباته بالتسامع لما علمت من أنه يثبت بالشهادة على مجرد الوقف فإن ثبت الوقف بالتسامع يصرف إلى الفقراء بدون ذكرهم كما علم من عبارة التاترخانية والفصولين
وقد ذكر الخير الرملي توفيقا آخر بين ما ذكره المصنف وبين ما نقلناه عن الإسعاف والخانية بحمل جواز الشهادة على ما إذا لم يكن الوقف ثابتا على جهة بأن ادعى على ذي يد يتصرف بالملك بأنه وقف على جهة كذا فشهدوا بالسماع للضرورة في الأول دون الثاني لأن أصل جواز الشهادة فيه بالسماع للضرورة والحكم يدور مع علته وجازت إذا قدم
قال وقد رأيت شيخنا الحانوتي أجاب بذلك ا هـ ملخصا
قوله ( وإلا ) أي وإلا تتوقف عليه صحته كذكر الجهات من إمام ومؤذن أو تأبيد فإنه لا يشترط فيه في رواية عن الثاني وعليها الإفتاء كما تقدم آنفا
قوله ( بذلك ) أي بالتسامع وإنما جازت الشهادة في هذه المواضع مع عدم المعاينة إذا أخبره بها من يثق به استحسانا دفعا للحرج وتعطيل الأحكام إذ لا يحضرها إلا الخواص فالنكاح لا يحضره كل أحد والدخول لا يقف عليه أحد وكذا الموت لا يعاينه كل أحد وسبب النسب الولادة ولا يحضرها إلا القابلة
وسبب القضاء التقليد ولا يعاين ذلك إلا الوزير ونحوه من الخواص وكذا الوقف تتعلق به وكذا بما مر أحكام تبقى على مر الدهور فلو لم يقبل فيها التسامع أدى إلى الحرج وتعطيل الأحكام
وتمامه في الحموي ط
قوله ( من يثق الشاهد به من خبر جماعة ) قال في الفتاوى الصغرى الشهادة بالشهرة في النسب وغيره بطريق الشهرة الحقيقية أو الحكمية
فالحقيقية أن يشتهر ويسمع من قوم كثيرين لا يتصور تواطؤهم على الكذب ولا يشترط في هذا العدالة بل يشترط التواتر
والحكمية أن يشهد عنده عدلان من الرجال أو رجل وامرأتان بلفظ الشهادة لكن الشهرة في الثلاثة الأول يعني النسب والنكاح والقضاء لا تثبت إلا بخبر جماعة لا يتوهم تواطؤهم على الكذب أو خبر عدلين بلفظ الشهادة وفي باب الموت بخبر العدل الواحد وإن لم يكن بلفظ الشهادة
كذا في باب النسب من شهادات خواهر زاده وكذا ذكر عدالة المخبر في الموت صاحب المختصر
شرنبلالية
____________________
(7/99)
وفي الزيلعي ولا يشترط في الموت لفظ الشهادة لأنه لا يشترط فيه العدد فكذا لفظ الشهادة
وفي شهادة الواحد بخبر الموت قولان مصححان
ووجه القبول أن الموت قد يتفق في موضع لا يكون فيه إلا واحد فلو قلنا إنه لا تسمع الشهادة إلا بعدد لضاعت الحقوق ط
قوله ( لا يتصور تواطؤهم على الكذب ) هذا هو المتواتر عند الأصوليين فإنه كما في المنار الذي رواه قوم لا يحصى عددهم ولا يتوهم تواطؤهم على الكذب
قال شارحه ولا يشترط في التواتر عدد معين خلافا للبعض
قوله ( بلا شرط عدالة ) أي لا يشترط العدالة والإسلام في المخبرين حتى لو أخبر جمع غير محصورين من كفار بلدة بموت ملكهم حصل لنا اليقين كما في شرح المنار
قوله ( أو شهادة عدلين ) بالجر عطف على خبر جاعة يعني ومن في حكمهما وهو عدل وعدلتان كما في الملتقى يعني أن الشهرة لها طريقان حقيقي وهو بالمتواتر وحكمي وهو ما كان بشهادة عدلين فقد ذكر ظهير الدين أن الاشتهار بشهادة عدلين أو رجل وامرأتين بلفظ الشهادة بدون اشتهار ويقع في قلبه أن الأمر كذلك وقد تقدم عن الصغرى
قوله ( إلا في الموت ) قال في جامع الفصولين شهد أن أباه مات وتركه ميراثا له إلا أنهما لم يدركا الموت لا تقبل لأنهما شهدا بملك للميت بسماع فلم تجز ا هـ
قوله ( فيكفي العدل ) أي بالنسبة للشهادة
وأما القضاء فلا بد فيه من شهادة اثنين لقولهم وفي الموت مسألة عجيبة هي إذا لم يعاين الموت إلا واحد ولو شهد عند القاضي لا يقضي بشهادته وحده ماذا يصنع قالوا يخبر بذلك عدلا مثله وإذا سمع منه حل له أن يشهد على موته فيشهد هو مع ذلك الشاهد فيقضي بشهادتهما ا هـ
ولا بد أن يذكر ذلك المخبر أنه شهد موته أو جنازته ودفنه حتى يشهد الآخر معه كما قدمناه
قال في الخلاصة ولا يشترط أن يتلفظ المخبر بالموت بلفظ الشهادة عند من يشهد
أما الذي يشهد عند القاضي يتلفظ الشهادة
وأما الفصول الثلاثة التي يشترط فيها شهادة العدلين ينبغي أن يشهد عنده بلفظ الشهادة
قال أستاذنا ظهير الدين في الأقضية وهذا اختيار الصدر الإمام الشهيد برهان الأئمة
وفي مختصر القدوري إنما تجوز الشهادة بالتسامع إذا أخبره من يثق به فهذا يدل على أن لفظ الشهادة ليس بشرط ا هـ
وفي شرح ابن الشحنة والجواب في القضاء والنكاح نظير الجواب في النسب فقد فرقوا جميعا بين الموت والأشياء الثلاثة فاكتفوا بخبر الواحد في الموت دونها
والفرق أن الموت قد يتفق في موضع لا يكون فيه إلا واحد بخلاف الثلاثة لأن الغالب كونها بين جماعة
ومن المشايخ من لم يفرق
وتمامه فيه
وفي جامع الفصولين والصحيح أن الموت كنكاح وغيره لا يكتفي فيه بشهادة الواحد ومن المشايخ من قال لا فرق بين الموت والثلاثة وإنما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع موضوع مسألة الموت إذا أخبره واحد عدل ولم يذكر العدل في الثلاثة فلو كان المخبر في الثلاثة عدلا أيضا حل لهم أن يشهدوا ثم في الثلاثة إذا ثبت الشهرة عندها بخبر عدلين يجب الإخبار بلفظ الشهادة وفي الموت لما ثبت بخبر الواحد بالإجماع لا يجب بل يكتفي بمجرد الإخبار
قوله ( ولو أنثى ) قال العلامة عبد البر إنها تجوز إذا سمع من محدود في قذف أو النسوان أو العبيد إذا كان الصدق ظاهرا ولا يجوز من الصبيان إلا إذا كان مميزا كلامه معتبر ا هـ
قوله ( وهو المختار ) لأنه قد يتحقق في موضع ليس فيه إلا واحدة
بخلاف غيره
عيني
____________________
(7/100)
قوله ( وقيده شارح الوهبانية ) عبد البر نقلا عن السير الكبير
قوله ( كوارث وموصى له ) كما قدمناه
قوله ( ومن في يده شيء ) نقدا كان أو عرضا أو عقارا وقد تقدم أن هذه تمام العشرة لكن في عدها من العشرة نظر
ذكره في البحر والفتح ويأتي الكلام عليه قريبا إن شاء الله تعالى
قوله ( سوى رقيق ) يعم العبد والأمة
قوله ( علم رقه ) صوابه لم يعلم رقه كما هو ظاهر لمن تأمل
مدني
قال ط إلا وجه لهذه الجملة والذي أوقعه أي الشارح في ذكرها عبارة الشرنبلالية ونصها قوله سوى الرقيق المعبر يعني إذا لم يعرف أنه رقيق لا يشهد به بمعاينة اليد وفي غير المعبر شهد برقه ا هـ أي بمعاينة اليد ومراده أن الذي يعبر عن نفسه لا يشهد برقه بمعاينة اليد إلا إذا علم رقه له وهذا المعنى لم يفده المؤلف فلو قال سوى رقيق يعبر عن نفسه ولم يعلم رقه ثم يأتي بمفومه لأصاب
فالحاصل أن المعنى فيه أنه لا يجوز له أن يشهد في رقيق لم يعلم رقه ويعبر عن نفسه إذا رآه في يد غيره أنه ملكه لأن للرقيق يدا على نفسه تدفع يد الغير عنه فانعدم دليل الملك حتى إذا ادعى أنه حر الأصل كان القول قوله ولا يمكن أن يعتبر فيه التصرف وهو الاستخدام لأن الحر يستخدم طائعا كالعبد إلا إذا علم رقه أو كان صغيرا لا يعبر عن نفسه فإنه كالمتاع لا يد له فله أن يشهد فيه لذي اليد أنه ملكه وهذا هو المراد كما يظهر من عبارة البحر وغيرها لكن الذي أوقع الشارح ما نقلناه
قوله ( ويعبر عن نفسه ) أي سواء كان بالغا أو غير بالغ وهذا تفسير للكبير الواقع في عبارتهم سواء كان ذكرا أو أنثى كما في النهاية
والوجه فيه أن لهما أي العبد والأمة الكبيرين يدا على أنفسهما تدفع يد الغير عنهما فانعدم دليل الملك حتى لو ادعيا الحرية الأصلية يكون القول قولهما
وعن أبي حنيفة أنه يحل له أن يشهد فيهما أيضا اعتبارا بالثياب والفرق ما بيناه وإن كانا صغيرين لا يعبران عن أنفسهما كالمتاع لا يد لهما فله أن يشهد بالملك لذي اليد بشرط أن لا يخبره عدلان بأنه لغيره كما في البحر
قوله ( فلك أن تشهد به ) أخرج المصنف عن مراده وإن كان الحكم ظاهرا وإنما جازت الشهادة بالشيء لواضع اليد لأن اليد أقصى ما يستدل به على الملك إذ هي مرجع الدلالة في الأسباب كلها فكيتفي بها
صورته رجل رأى عينا في يد إنسان ثم رأى تلك العين في يد آخر والأول يدعي الملك يسعه أن يشهد أنها للمدعي ط
قوله ( أنه له ) أي لمن في يده بلا منازع
قوله ( إن وقع في قلبك ذلك ) أي إذا شهد بذلك قبلك وصدقه وأسند هذا القيد في الظهيرية إلى الصاحبين
قال في البحر وعن أبي يوسف أنه يشترط مع ذلك أن يقع في قلبه أنه قالوا له يعني المشايخ ويحتمل أن يكون هذا تفسيرا لإطلاق محمد في الرواية
قال في فتح القدير قال الصدر الشهيد وبه نأخذ فهو قولهم جميعا ا هـ
قال الرازي هذا قولهم جميعا إذ الأصل في حل الشهادة اليقين فعند تعذره يصار إلى ما يشهد له القلب لأن كون اليد مسوغا بسبب إفادتها ظن الملك فإذا لم يقع في القلب ذلك الظن لم يفد مجرد اليد ولهذا قالوا إذا رأى إنسان درة ثمينة في يد كناس أو كتابا في يد جاهل ليس في آبائه من هو أهل له لا يسعه أن يشهد بالملك له فعرف أن مجرد اليد لا يكفي
شرنبلالية
ويشترط أن لا يخبره عدلان بأنها لغيره فلو أخبره لم تجز الشهادة
____________________
(7/101)
بالملك خلاصة بخلاف ما إذا شهد به عدل واحد لأن شهادة الواحد لا تزيل ما كان في قلبك أنه للأول فلا يحل لك أن تمتنع عن الشهادة إلا أن يقع في قلبك أن هذا الواحد صادق فحينئذ لا يحل لك أن تشهد أنه للأول ا هـ
شلبي
في الحاشية عن الخانية وكما جاز له أن يشهد أنه ملك بوضع اليد جاز له شراؤه إن لم يكن رآه قبله في يد غيره فإن كان وأخبره بانتقال الملك إليه أو بالوكالة منه حل الشراء وإلا لا كما إذا رأى جارية في يد إنسان ثم رآها في بلدة أخرى وقالت أنا حرة الأصل لا يحل له أن ينكحها ا هـ
وأفاد المصنف بعبارته أنه عاين اليد وواضعا ليد فلو لم يعاينهما وإنما سمع أن لفلان كذا فلا يجوز له الشهادة لأنه مجازفة كما لو عاين المالك لا الملك لأنه لم يحصل له العلم بالمحدود
تنبيه نقل الصدر حسام الدين في شرح أدب القاضي أنه إن عاين الملك دون المالك بأن عاين محدودا ينسب إلى فلان بن فلان الفلاني وهو لم يعاينه بوجهه ولا يعرفه بنفسه القياس أن لا تحل
وفي الاستحسان تحل لأن النسب مما يثبت بالتسامع والشهرة فيصير المالك معروفا بالتسامع والملك معروف فترتفع الجهالة وكذا إذا أدرك الملك ولم يعاين الملك والمالك امرأة لا يراها الرجال ولا تخرج فإن كان ذلك مشهورا عند العوام والناس فالشهادة على ذلك جائزة يريد به إذا عاين الملك ووقع في قلبه أن الأمر كما اشتهر وهذا قاصر على هذه الصورة
ذكره عبد البر
ولم يسمع مثل هذا لضاعت حقوق الناس لأن فيهم المحجوب ولا يبرز أصلا ولا يتصور أن يراه متصرفا فيه وليس هذا إثبات الملك بالتسامع وإنما هو إثبات النسب بالتسامع وفي ضمنه إثبات الملك به وهو لا يمتنع إثباته قصدا
عيني تبعا للزيلعي
وعزاه في البحر إلى النهاية وهذا هو النص وقد بحث فيه الكمال بأن مجرد ثبوت نسبه بالشهادة عند القاضي لم يوجب ثبوب ملكه لتلك الضيعة لولا الشهادة به وكذا المقصود ليس إثبات النسب بل الملك في الضيعة ا هـ
وفي البزازية شهد أن فلان بن فلان مات وترك هذه الدار ميراثا ولم يدركا الميت فشهادتهما باطلة لأنهما شهدا بملك لم يعاينا سببه ولا رآياه في يد المدعي ولو شهد دابة تتبع دابة وترضع منها له أن يشهد بالملك والنتاج ا هـ ط
وفي البحر ولو رآه على حمار يوما لم يشهد أنه له لاحتمال أنه ركبه بالعارية ولو رآه على حمار خمسين يوما أو أكثر ووقع في قلبه أنه لو وسعه أن يشهد أنه له لأن الظاهر أن الإنسان لا يركب دابة مدة كثرة إلا الملك ا هـ
قوله ( أي إذا ادعاه المالك ) أشار به إلى التوفيق بينه وبين ما في الزيلعي متابعا لصاحب البحر
وقد ذكره مجيبا به عن التنافي الواقع بين قول من قال إنه يقضي بمعاينة وضع اليد كما في الخلاصة والبزازية وبين قول الشارح أن القاضي لا يجوز له أن يحكم بسماع نفسه ولو تواتر عنده ولا برؤية نفسه في يد إنسان فحمل صاحب البحر كلام الأولين على ما إذا حصلت دعوى وكلام الشارح على ما إذا لم تحصل دعوى
ورده المقدسي وحمل كلام الشارح على أن القاضي لا يقضي قضاء محكما مبرما بحيث لو ادعى الخصم لا يقبل منه فلا ينافي أنه يقضي قضاء ترك بمعنى أنه يترك في يد ذي اليد ما دام خصمه لا حجة له وقد صرح بذلك الشارح أول كلامه
وأما حمله على ما إذا لم تحصل دعوى فغير صحيح لأن القضاء بغير دعوى لا يقع أصلا فلا يتوهم إرادته
قال السيد أبو السعود ولا حاجة إلى هذا التكلف لأن المسألة مختلف فيها فما في الزيلعي يبتنى على
____________________
(7/102)
قول المتأخرين من أن القاضي ليس له أن يقضي بعلمه وهو المفتى به
وما في الخلاصة والبزازية يبتنى على مقابله
قال في الحواشي السعدية ولا يتوهم المخالفة بين ما ذكر الزيلعي وما في النهاية فإن ما في شرح الكنز هو ما إذا رأى القاضي قبل حال القضاء ثم رأى حال قضائه في يد غيره كما لا يخفى ا هـ
قوله ( وإن فسر الشاهد الخ ) أي فيما يشهد فيه بالتسامع
وقالوا ينبغي للشاهد به أن يطلق الشهادة ولا يفسرها
حموي
قوله ( بالتسامع أو بمعاينة اليد ) أي بأن يقول أشهد لأني رأيته في يده يتصرف فيه تصرف الملاك والشهادة بالتسامع كما يذكرها الشارح أن يقول الشاهد أشهد بالتسامع
قوله ( إلا في الوقف ) لما تقدم من أنه يفتى بكل ما هو أنفع للوقف فيما اختلف العلماء فيه كما أشار إلى وجهه في الدرر بقوله حفظا للأوقاف القديمة عن الاستهلاك
وذكر المصنف عن فتاوى رشيد الدين أنه تقبل وإن صرحا بالتسامع لأن الشاهد ربما يكون سنة عشرين سنة وتاريخ الوقف مائة سنة فيتيقن القاضي أنه يشهد بالتسامع لا بالعيان فإذن لا فرق بين السكوت والإفصاح أشار إليه ظهير الدين المرغياني وهذا بخلاف ما تجوز فيه الشهادة بالتسامع فإنهما إذا صرحا به لا تقبل ا هـ أي بخلاف غير الوقف من الخمسة المارة فإنه لا يتيقن فيها بأن الشهادة بالتسامع فيفرق بين السكوت والإفصاح
والحاصل أن المشايخ رجحوا استثناء الوقف منها للضرورة وهي حفظ الأوقاف القديمة عن الضياع ولأن التصريح بالتسامع فيه لا يزد على الإفصاح به والله سبحانه أعلم
سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( على الأصح ) هذا مخالف لما في المتون من الشهادات
ففي الكنز وغيره ولا يشهد بما لم يعاين إلا النسب والموت والنكاح والدخول وولاية القاضي وأصل الوقف فله أن يشهد بها إذا أخبره بها من يثق به ومن في يده شيء سوء الرقيق لك أن تشهد أنه له وإن فسر للقاضي أنه يشهد بالتسامع أو بمعاينة اليد لا تقبل
قال العيني وإن فسر للقاضي أنه يشهد بالتسامع في موضع يجوز بالتسمع أو فسر أنه يشهد له بالملك بمعاينة اليد يعني برؤية في يده لا تقبل لأن القاضي لا يزيد علما بذلك فلا يجوز له أن يحكم الخ ومثله في الزيلعي
مبسوط
وفي شهادات الخيرية الشهادة على الوقف بالسماع فيها خلاف والمتون طاطبة قد أطلقت القول بأنه إذا فسر أنه يشهد بالسماع لا تقبل وبه صرح قاضيخان وكثير من أصحابنا ا هـ
ومثله في فتاوى شيخ الإسلام علي أفندي مفتي الروم ا هـ ملخصا من مجموعة ملا علي التركماني
أقول ولا تنس ما قدمناه آنفا من التصحيح في الوقف حفظا له عن الاستهلاك
قوله ( بل في العزمية ) أي حاشية عزمي زاده على الدرر ونقله المصنف عن الخلاصة والبزازية
قوله ( معنى التفسير ) أي الذي ترد به الشهادة في غير الوقف والموت
قوله ( ولكنه اشتهر عندنا ) أفاد العلامة نوح في كتاب الوقف أن الشهرة للشيء بكونه مشهورا معروفا ا هـ
وهذا يقتضي شهرته عند كل الناس أو جلهم
وأما السماع من الناس الذي وقع في العبارة الأولى لا يفيد ذلك لأن كقول الشاهد أنا أشهد بالسماع وفسره في الدرر بأن يقولوا عند
____________________
(7/103)
القاضي نشهد بالتسامع
وفي شهادات الخيرية الشهادة على الوقف بالسماع أن يقول الشاهد أشهد به لأني سمعته من الناس أو بسبب أني سمعته من الناس ونحوه ا هـ
وفسر الشارح الشهرة بالسماع فأفاد أنهما شيء واحد كما نبه عليه سيدي الوالد رحمه الله تعالى
وفي حاشية نوح أفندي الشهادة بالشهرة أن يدعي المتولي أن هذه الضيعة وقف على كذا مشهور ويشهد الشهود بذلك
والشهادة بالتسامع أن يقول الشاهد أشهد بالتسامع ا هـ
ولا يخفى أن المآل واحد وإن اختلفت المادة فافهم
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( جازت في الكل ) أي فيما يجوز فيه الشهادة بالتسامع كما في الخانية
قال سيدي الوالد أقول بقي لو قال أخبرني من أثق به وظاهر كلام الشارح أنه ليس من التسامع لكن في البحر عن الينابيع أنه منه ا هـ
وعبارة البحر وفي الينابيع تفسيره أن يقول في النكاح لم أحضر العقد وفي غيره أخبرني من أثق به أو سمعت ونحوه
وحاصل ما يقال أنه إن أطلقا بأن يقولا نشهد على موت رجل فإنه يقبل وإن قالا لم نعاين موته وإنما سمعنا من الناس فإن لم يكن موته مشهورا فلا تقبل بلا خلاف وإن كان مشهورا ذكر في الأصل أنه تقبل
وقال بعضهم لا تقبل وبه أخذ الصدر الشهيد
وفي الغياثية هو الصحيح وإن قالا نشهد أنه مات لأنه أخبرنا من شهد موته ممن نثق به جازت
وقال بعضهم لا يجوز كما في الحامدية
قوله ( وصححه شارح الوهبانية ) أي العلامة عبد البر في شرحه عليها وقد نظم جميع ما تجوز به الشهادة بالشهرة والتسامع بقوله وقد جوزوها في النكاح بسمعه وإن بينا ردت وتقبل أظهر كذا نسب ثم الطريق سماعه من الجمع ما كذب لهم يتصور وأفتوا بما قالا بعدلين يكتفى قضاء وفي موت كفى العدل يخبر وقيل لكل والمصحح أن ذا كما مر والإخبار فيه مؤثر وفي غيره فالشرط لفظ شهادة به أخذ الصدر الشهيد المصدر وإن أطلقا سمعا ونفى عيانه ترد إذا ما الموت لم يك يشهر وأطلق بعض ردها ثم صححوا قبولا إذا قال الموثق يخبر وبعض يقلبها بالسماع بموت من غدا غير مشهور ولا بد ينظر وقد جوزوها في الدخول ورجحوا جواز المهر ثم في الوقف يذكر خلاف شيوخ والصحيح جوازها على الأصل دون الشرط فيما يحرر وجوزها الثاني أخيرا على الولا وفي العتق بعض قال والبعض ينكر وفي الملك محدودا ويعزى لمالك ولم يدر عينا إذ الأمر أشهر ويعزى إلى الخصاف في ذا جوازها ومن دائن والخصم حي وموسر
____________________
(7/104)
فضمير بينا لشاهدي التسامع أي بينا أن شهادتهما بالتسامع ردت أي الشهادة وضمير تقبل أيضا لها وقولي أظهر إشارة إلى تصحيح القبول وضمير سماعه لمن يشهد وضمير أفتوا للمشايخ وضمير قالا للصاحبين والمراد بكل كل المسائل المتقدمة والإشارة بذا إلى الموت كما مر في أنه لا بد من إخبار عدلين وضمير فيه للموت وترد للشهادة وضمير قال للشاهد والله تعالى أعلم
قال في القنية بعد أن رقم لنجم الأئمة البخاري والقاضي البديع تقبل شهادة المديون لرب الدين
وفي المحيط ولا تقبل شهادة رب الدين لمديونه إذا كان مفلسا
وشمس الأئمة الحلواني ووالد صاحب المحيط قال تقبل وإن كان مفلسا
وفي شرح الجامع للعتابي لا تقبل بعد الموت لتعلق حقه بالتركة وكذا الموصى له بألف مرسلة أو شيء بعينه لأنه يزداد به محل الوصية أو سلامة عينه ثم رمز لقاضيخان وقال إنه يجوز شهادته للحي دون الميت هذا خلاصة ما في القنية وقد ذكر فيها في موضع بعد أن رقم لبرهان الدين صاحب المحيط ادعى الكفيل عليها الكفالة فأنكرت تقبل شهادة البائع بكفالتها كرب الدين إذا شهد لمديونه
وحاصله القبول إذا كان موسرا حيا
والقولان في المفلس وعدم القبول بعد الموت قولا واحدا لتعلق حقه بالتركة كالموصى له لكن رأيت في جامع الفتاوى لحافظ الدين البزازي تقييد الجواز بما إذا شهد بما سوى جنس حقه وهذا لا إشعار للنظم به كما لا إشعار بالاختلاف في صورة المفلس بل مفهوم عدم القبول في انعدام الحياة واليسار
والله تعالى أعلم ا هـ
نقل الطحطاوي عن الحموي أن من صار خصما في حادثة لا تقبل شهادته فيها ومن كان بعرضية أن ينتصب خصما ولم ينتصب تقبل وشهادة أجير الوحد لأستاذه لا تجوز في تجارته وغيرها وإن كان عدلا وإن كان أجير مياومة أو مشاهرة أو مسانهة استحسانا ولو مضت الإجارة وأعاد شهادته تقبل بخلاف الأجير المشترك حيث تقبل شهادته لأنه غير مملوك لا رقبة ولا منفعة وتجوز شهادة الدائن لمديونه ولو مفلسا بما هو من جنس دينه ولو شهد لمديونه بعد موته لم تقبل
لأن الدين لا يتعلق بمال المديون حال حياته ويتعلق به بعد وفاته وتقبل شهادة المديون لدائنه ا هـ
والله تعالى أعلم
باب القبول وعدمه لما فرغ من بيان ما تسمع فيه الشهادة وما لا تسمع وقدم ذلك على هذا لأنه محل والمحل مشروط والشرط مقدم على المشروط
ثم معنى القبول لغة يقال قبلت القول حملته على الصدق
كذا في المصباح
قوله ( لصحة الفاسق ) أي لصحة القضاء بشهادته أي وقد ذكره مما لا يقبل وكما يصح القضاء بشهادته الفاسق يصح بشهادة الأعمى والمحدود في القذف إذا تاب وبشهادة أحد الزوجين مع آخر لصاحبه وبشهادة الوالد لولده وعكسه حتى لا يجوز للثاني إبطاله وإن رأى بطلانه ا هـ
بحر عن خزانة المفتين
أقول لعله محمول على ما إذا كان القاضي يرى ذلك بخلاف الحنفي بقرينة قوله حتى لا يجوز للثاني الخ
تأمل
واستظهر الطحطاوي
____________________
(7/105)
وذكر في منية المفتي في بحث القضاء في المجتهد فيه قضى بشهادة محدودين في قذف وهو لا يعلم بذلك ثم ظهر لا ينفذ قضاؤه وعليه أن يأخذ المال من المقضى له وكذا لو علم أنهما عبدان أو كافران أو أعيمان وقيل ينفذ فإنه ذكر إذا قضى بشهادة محدودين قد تابا ثم عزل أو مات ورفع ذلك إلى قاض آخر لا يراه أمضى القضاء الأول ا هـ
قال سيدي الوالد أقول وسيذكر الشارح أي صاحب البحر نفاذ القضاء بشهادة العدو على عدوه وهل يقال مثل ذلك في شهادة الأجير الخاص صارت واقعة الفتوى ولم أرها لأن العلة التهمة لا الفسق على ما يحرره المؤلف فيما سيأتي في شهادة العدو وهذه مثلها
قوله ( مثلا ) أشار به إلى أحد القولين من نفاذ القضاء بشهادة الأعمى أو أحد الزوجين أو الوالد لولده أو عكسه فالمراد من عدم القبول عدم حله كما في البحر
وفيه أنه لا يجوز للثاني إبطاله وإن رأى بطلانه في كل ذلك ا هـ وهذا إذا لم يؤيد قضاءه بأرجح الأقوال كما مر
قوله ( كما حققه المصنف تبعا ليعقوب باشا ) أفاد عنه أن كل شهادة يكون سبب ردها الفسق إذا قبلها يصح كالمخنث والنائحة والمغني ومن يلعب بالطيور أو الطنبور أو يغني للناس ومن يظهر سب السلف ومن ارتكب ما يحد له
ويصح قبول شهادة الأعمى لقول مالك بقبولها مطلقا كالبصير أما المملوك لا يصح قبول شهادته وكذا العدو بسبب الدنيا لأنه ليس بمجتهد فيه وكذا السيد لعبده ومكاتبه والأجير لما ذكر وكذا من يبول في الطريق أو يأكل فيه لأنه لم ينقل فيه خلاف حتى يكون مجتهدا فيه ولم يصرحوا بكونه فسقا حتى يدخل في حكمه ا هـ
وسيأتي تحقيقه
قوله ( تقبل من أهل الأهواء ) أي قبولا عاما على المسلمين وغيرهم بل المراد أصل القبول فلا ينافي أن بعضهم كفار كما يأتي قريبا إن شاء الله تعالى لأن فسقهم من حيث الاعتقاد وما أوقعهم فيه إلا التعمق والغلو في الدين والفاسق إنما ترد شهادته لتهمة الكذب فصاروا كمن يشرب المثلث أو يأكل متروك التسمية عمدا مستبيحا لذلك من حيث التعاطي
قال في المغرب أهل الأهواء من زاغ عن طريقة أهل السنة والجماعة وكان من أهل القبلة
والأهواء جمع هوى مصدر هويته من باب تعب إذا أحبه واشتهاه ثم يسمى به المهوى والمشتهى محمودا كان أو مذموما ثم غلب في المذموم
والهواء ممدود هو المسخر بين السماء والأرض والجمع أهوية
وأهل الأهواء ليسوا بطائفة بعينها بل يطلق على كل من خالف السنة بتأويل فاسد
قوله ( لا تكفر ) فمن وجب إكفاره منهم فالأكثر على عدم قبوله كما في التقرير
وفي المحيط البرهاني وهو الصحيح وما ذكره في الأصل محمول عليه
بحر
وفيه عن السراج وأن لا يكون ماجنا ويكون عدلا في تعاطيه واعترضه بأنه ليس مذكورا في ظاهر الرواية وفيه نظر فإن العدالة شرطت في أهل السنة والجماعة فما ظنك في غيرهم
تأمل
وفي فتح القدير قال محمد بقبول شهادة الخوارج إذا اعتقدوا ولم يقاتلوا فإذا قاتلوا ردت شهادتهم لإظهار الفسق بالفعل
قوله ( كجبر ) أهله طائفة نافون لقدرة العبد والأولى حذف الكاف ويقول والهوى الجبر الخ
ويكون بيانا لأهل الأهواء في ذاتهم لا من تقبل شهادته منهم
قوله ( وقدر ) هم النافون للقضاء
____________________
(7/106)
والقدر عنه تعالى والقائلون إن العبد يخلف أفعال نفسه
قوله ( ورفض ) هم الملعونون اللاعنون الصهرين وغيرهما من الأخبار
كذا في القهستاني
فهم من أهل الأهواء وإن لم تقبل شهادتهم بخلاف من يفضلهما وعليا على الشيخين
قوله ( وخروج ) هم المكفرون للختنين وطلحة والزبير ومعاوية
قوله ( وتشبيه ) ذكر بدله القهستاني المرجئة وهم النافون ضرر الذنب مع الإيمان
ثم قال بعد كل من كفر منهم كالمجسمة والخوارج وغلاة الروافض والقائلين بخلق القرآن لا تقبل شهادتهم على المسلمين
كذا في المشارع ا هـ
فعد هؤلاء الفرق لبيان أهل الأهواء في ذاتهم لا لمن تقبل شهادته منهم ويدل عليه ما في البحر عن النهاية أن أصول الهوى ستة وذكر ما ذكره المؤلف
قوله ( وتعطيل ) هم القائلون بخلو الذات عن الصفات
قوله ( فصاروا اثنتين وسبعين ) فرقة كلهم في النار والفرقة الزائدة على هذا العدد هي الناجية وهي ما كانت على ما كان عليه النبي وأصحابه الكرام ففي الحديث الشريف وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قلنا من هي يا رسول الله قال من كان على ما أنا عليه وأصحابي وإضافة الفرقة الناجية من النار وهم أهل السنة والجماعة في الحديث الشريف إلى ما ذكر تكملة إلى الثلاث والسبعين فرقة
ولنذكرها على طريق الإجمال فنقول أصناف الخوارج اثنا عشر الأزرقية والإباحية والخازمية والتغلية والخلقية والكوزية والمكتوية والمعتزلة والميمونية والمجلية والأخنسية والمشراقية
وأصناف الروافضة اثنا عشر أيضا العلوية والأموية والشعيبية والإسحاقية والزيدية والعباسية والإسماعيلية والإمامية والمتناسخة والأعينية والراجعية والمرشية
وأصناف القدرية اثنا عشرة أيضا الخمرية والشعرية والكيسانية والشيطانية والشركية والوهمية والعروندسية والمناسية والمتبرية والباسطية والنظامية والمعتزلة
وأصناف الجبرية اثنا عشر أيضا المطرية والأفعالية والمتربية والباسطية والنظامية والمعتزلة
وأصناف الجبرية اثنا عشر أيضا المطرية والأفعالية والمركوعية والصنجارية والمباينة والصبية والسابقية والحرفية والكرفية والخشية والحشرية والمعينية
وأصناف الجهمية أي التعطيل اثنا عشر أيضا المعطلة واللازقية والمواردية والخرقية والمملوقية والقهرية والغائية والزنادقة والراهفية والقطية والمرسية والعبرية
وأصناف المرجئة اثنا عشر أيضا التاركية والسبيئة والراجية والشاكية والبهشية والعملية والمشبهة والأقربة والبدعية والمنبسية والحشوية والبعوضية كما في فتاوى الشيخ أمين الدين بن عبد العال
قوله ( إلا الخطابية ) نسبة إلى أبي الخطاب
واختلف في اسمه
قيل محمد بن وهب الأجدع وقيل محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع وكان يقول بإمامة إسماعيل بن جعفر فلما مات إسماعيل رجع إلى القول بإمامة جعفر وغلوا في ذلك غلوا كبيرا
وقال في شرح الأقطع هم قوم ينسبون إلى أبي الخطاب رجل كان بالكوفة حارب عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن عباس وأظهر الدعوة إلى جعفر فتبرأ منه ودعا عليه فقتل هو وأصحابه قتله وصلبه عيسى بالكناسة بالضم محل بالكوفة لأنه كان يزعم أن عليا هو الإله الأكبر وجعفر الصادق هو الإله الأصغر وكانوا يعتقدون أن من ادعى منهم شيئا على غيره يجب أن يشهد له بقية شيعته وذكر شمس الأئمة
____________________
(7/107)
السرخسي أنهم ضرب من الروافض يجوزون أداء الشهادة إذا حلف المدعي بين أيديهم أنه محق في دعواه ويقولون المسلم لا يحلف كاذبا
قوله ( يرون الشهادة لشيعتهم ) أي واجبة
قهستاني
قوله ( ولكل من حلف أنه محق ) الأولى التعبير بأو كما في الفتح بدل الواو لأنهما قولان كما في البحر والفتح وغيرهما واختلطا في عبارة الشارح
نعم في شرح المجمع كما هنا
وفي تعريفات السيد الشريف ما يفيد أنهم كفار فإنه قال ما نصه قالوا الأئمة الأنبياء وأبو الخطاب نبي ا هـ وهؤلاء يستحلون شهادة الزور لموافقيهم على مخالفيهم وقالوا الجنة نعيم الدنيا والنار آلامها ا هـ
قوله ( فردهم ) أي عن أداء الشهادة
قوله ( لا لبدعتهم لأنها غير مكفرة ) إذا لم يعتقدوا اعتقاد رئيسهم
قوله ( بل لتهمة الكذب ) ومن التهمة المانعة أن يجر الشاهد بشهادته إلى نفسه نفعا أو يدفع عن نفسه مغرما
خانية
قوله ( ولم يبق لمذهبهم ذكر ) لفنائهم وانقراضهم
قوله ( ومن الذمي الخ ) لأنه عليه الصلاة والسلام أجاز شهادة النصارى بعضهم على بعض ولأنه من أهل الولاية على نفسه وأولاده الصغار فيكون من أهل الشهادة على جنسه والفسق من حيث الاعتقاد غير مانع لأنه يجتنب عما يعتقده محرم دينه والكذب محرم في الأديان كلها قيد بالذمي لأن المرتد لا شهادة له لأنه لا ولاية له
مطلب في شهادة المرتد واختلفوا في شهادة مرتد على مثله والأصح عدم قبولها بحال
كذا في المحيط البرهاني
مطلب في شهادة الدرزي ويلحق به الدرزي كما أفتى به الخير الرملي والعلامة علي أفندي المرادي في رسالته ( أقوال الأئمة العالنة في أحكام الدروز والتيامنة ) قال العلامة السيد محمود أفندي حمزة مفتي دمشق الشام في فتواه في جواب سؤال رفع إليه ي شهادة أهل الأهواء الكفرة هل تقبل على بعضهم سواء كانوا متفقين في الاعتقاد أم مختلفين وسواء كانوا أهل كتاب أم لا فكتب حفظه الله تعالى جوابا حاصله بعد ذكر النقول والتفصيل وأما شهادة الكفارة الذين لا يقرون على ما هم عليه من العقيدة كأهل الأهواء المكفرة والمنافقين والباطنية والزنادقة والمجوس والدروز والتيامنة والنصيرية والمرتدين فلا تقبل شهادتهم على أحد سواء كان مثلهم في الاعتقاد أو مخالفا لهم لعم ولايتهم
قال في الداماد شرح الملتقى أي لا تقبل شهادة المستأمن على الذمي لقصور ولايته عليه ا هـ
فمجوز الشهادة التي تدور عليه إنما هو الولاية ولكمالها في المسلم صحت شهادته على الجميع ولنقصانها في أهل الذمة صحته على بعضهم وعلى من دونهم سوى المرتد للشبهة ولقصورها في المستأمن صحت على من هو مثله ولعدم الولاية في غيرهم من الكفار المار ذكرهم وهم الذين لا يقرون على ما هم عليه من الاعتقاد لم تصح شهادتهم على أحد أصلا
قال في شرح الداماد وتقبل شهادة أهل الأهواء مطلقا سواء كانت على أهل السنة أو بعضهم على بعض أو على الكفرة إذا لم يكن اعتقادهم مؤديا إلى الكفر كما في الذخيرة ومن المعلوم أن الشرط إذا تعقب المتعاطفات فإنه يرجع للجميع
فمفهوم هذه الجملة أن اعتقاد أهل الأهواء إذا كان مؤديا إلى الكفر فلا تقبل شهادتهم على
____________________
(7/108)
أهل السنة ولا على بعضهم ولا على الكفرة
ومن المقرر أن مفاهيم الكتب حجة عندنا وإذا لم يكن من مر ذكرهم من أهل الأهواء المكفرة من الكفار فهم شر منهم فلا تقبل شهادتهم على أحد أصلا
مطلب الدروز والتيامنة والنصيرية والبادنية كلهم كفار على أن المولى عبد الرحمن أفندي العمادي نص في فتاويه في كتاب السير على أن الدروز والتيامنة والنصيرية والباطنية كلهم كفار ملا حدة زنادقة في حكم المرتدين
وعلى تقدير قبول توبتهم يعرض عليهم الإسلام وإن يسلموا أو يقتلوا ولا يجوز لولاة الأمور تركهم على ما هم عليه أبدا ا هـ بتصرف ا هـ ملخصا
قال سيد الوالد شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض مقبولة إذا كانوا عدولا في دينهم اتفقت مللهم أو اختلفت
أقول والظاهر أن عداوتهم دينية وإلا لم تقبل
فتأمل
مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته قوله ( لو عدلا في دينهم ) قدمنا في البحر أن تزكية الذمي أن يزكي بالأمانة في دينه ولسانه ويده وأنه صاحب يقظة ويزيكه المسلمون إن وجدوا وإلا فيسأل من عدول الكفار وأنه إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته
قوله ( على مثله ) فلا تقبل على مسلم لقوله تعالى { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } النساء 141 ولأنه لا ولاية له على المسلم ولأنه يتقول عليه لأنه يغيظه قهره إياه
قال في الهندية مات وعليه دين المسلم بشهادة نصراني ودين لنصراني بشهادة نصراني
قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى ومحمد وزفر بدىء بدين المسلم هكذا في محيط السرخسي فإن فضل شيء كان ذلك للنصراني هكذا في المحيط
وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أن التركة تقسم بينهما على مقدار دينهما فتاوى الأنقروي عن التاترخانية والمحيط ا هـ
وتمام المسألة فيها وفي حاشية الخير الرملي على البحر
أقول في الذخيرة نصراني مات وترك ألف درهم وأقام مسلم شهودا من النصارى على ألف على الميت وأقام نصراني آخرين كذلك تدفع الألف المتروكة للمسلم ولا يتحاصان عنده
وعند أبي يوسف يتحاصان
والخلاف راجع إلى أن بينة النصراني مقبولة عنده في حق إثبات الدين على الميت لا في حق إثبات الشركة بينه وبين المسلم
وعلى قول أبي يوسف مقبولة فيهما ا هـ
والحاصل أنه على قول الإمام يلزم من إثبات الشركة والمحاصة الحكم بشهادة الكافر على المسلم
قوله ( إلا في خمس مسائل ) الأولى فيما إذا شهد نصرانيان على نصراني أنه قد أسلم وهو يجحد لم تجز شهادتهما وكذا لو شهد عليه رجل وامرأتان من المسلمين وترك على دينه ولو شهد نصرانيان على نصرانية أنها أسلمت جاز وأجبرت على الإسلام ولا تقتل وهذا قول الإمام ا هـ
____________________
(7/109)
قال العلامة المقدسي ينبغي أن يكون الكافر الذكر كذلك يجبر ولا يقتل كما لو أسلم مكرها أو سكران وهو كذلك في الولوالجية والمحيط
ونصه لو شهد على إسلام النصراني رجل وامرأتان من المسلمين وهو يجحد أجبر على الإسلام ولا يقتل ولو شهد رجلان من أهل دينه وهو يجحد فشهادتهما باطلة لأن في زعمهما أنه مرتد ولا شهادة لأهل الذمة على المرتد ا هـ
الثانية فيما إذا شهدا على نصراني ميت وهو مديون مسلم أي والتركة لا تفي
الثالثة فيما إذا شهدا عليه بعين اشتراها من مسلم والمسلم ينكر البيع
الرابعة فيما إذا شهد أربعة على نصراني أنه زنى بمسلمة إلا إذا قال استكرهها فإنه يحد الرجل وحده
الخامسة فيما إذا ادعى مسلم عبدا في يد كافر فشهد كافران أنه عبده وقضى به فلان القاضي المسلم ا هـ
قوله ( وتبطل بإسلامه ) أي شهادة الذمي على مثله بإسلامه أي المشهود عليه قبل القضاء لأنه لو قضى عليه لقضى على مسلم بشهادة الكافر
قوله ( وكذا بعده لو بعقوبة ) كقود
بحر
لأن المعتبر إسلامه حال القضاء لا حال أداء الشهادة ولا حال الشهادة لما في البحر عن الولوالجية نصرانيان شهدا على نصراني بقطع يد أو قصاص ثم أسلم المشهود عليه بعد القضاء بطلت الشهادة لأن الإمضاء من القضاء في العقوبات ا هـ
وهل تجب الدية ذكر الخصاف أنها تجب الدية فقيل إنه قول الكل وقيل عنده ينفذ القضاء فيما دون النفس ويقضي بالدية في النفس
وعندهما يقضي بالدية فيهما ا هـ
شرنبلالية
قوله ( وإن اختلفا ملة ) لأن الكفر كله ملة واحدة
قوله ( والذمي على المستأمن ) لأن الذمي أعلى حالا منه لكونه من أهل دارنا ولذا يقتل المسلم بالذمي ولا يقتل بالمستأمن
منح
قوله ( لا عكسه ) لقصور ولايته عليه لكونه أدنى حالا منه
منح
قوله ( ولا مرتد على مثله ) والوجه فيه أنه لا ولاية له على أحد كما قدمناه
قوله ( في الأصح ) أي أنها لا تقبل بحال غيره كما قدمناه عن المحيط
قوله ( وتقبل منه ) أي من المستأمن قيد به لأنه لا يتصور غيره فإن الحربي لو دخل بلا أمان قهرا استرق ولا شهادة للعبد على أحد
فتح
قوله ( مع اتحاد الدار ) أي بأن يكونا من أهل دار واحدة فإن كانوا من دارين كالروم والترك لم تقبل
هداية
لا يخفى أن الضمير في كانوا للمستأمنين في دارنا وبه ظهر عدم صحة ما نقل عن الحموي من تمثيله لاتحاد الدار بكونهما في دار الإسلام وإلا لزم توارثهما حينئذ وإن كانا من دارين مختلفين
وفي الفتح وإنما تقبل شهادة الذمي على المستأمن وإن كانا من أهل دارين مختلفين لأن الذمي بعقد الذمة صار كالمسلم وشهادة المسلم تقبل على المستأمن فكذا الذمي
قاله سيدي الوالد رحمه الله تعالى
ويأتي تأييده في المقولة الآتية إن شاء الله تعالى
قوله ( لأن اختلاف داريهما ) قال في البحر ويستثنى من الحربي على مثله ما إذا كانا في دارين مختلفين كالإفرنج والحبش لانقطاع الولاية بينهما ولهذا لا يتوارثان والدار تختلف باختلاف المنعة والملك ا هـ
والذي في المنح ونحوه في القهستاني التعبير بما إذا كانا من دارين فيفيد أنهما لو كانا في دارنا وهما من دارين لا تقبل شهادتهما على الآخر لأن الإرث يمتنع في هذه الصورة لوجود الاختلاف الحكمي وهذا هو الظاهر خلافا لما أفاده الحموي كما تقدم في المقولة السابقة فإنهما إذا كانا في داريهما لا وجه للقضاء بشهادته لأن دار الحرب ليست دار أحكام
فليتأمل ط
قوله ( عدو ) العدو من يفرح
____________________
(7/110)
لحزنك ويحزن لفرحك وقيل يعرف بالعرف
بحر
ومثله في فتاوى علي أفندي عن خزانة المفتين
قال العلامة التحرير السيد الشريف محمود أفندي حمزة مفتي دمشق الشام في فتاواه بعد كلام فتحصل من هذا أن من يفرح لحزن الآخر ويحزن لفرحه فهو عدوه وكل عدو ترد شهادته إذا كانت دنيوية فمن يفرح لحزن الآخر ويحزن لفرحه ترد شهادته فالصغرى مسلمة لما في البحر وعلي أفندي من تعريف العدو والكبرى مسلمة للحديث الشريف الذي هو دليل المجتهد فأنتج لذاته أن من يفرح لحزن الآخر ويحزن لفرحه ترد شهادته ثم إذا حكم بها حاكم لا ينفذ حكمه لما في البحر أيضا وكيف لا ترد شهادة من اتصف بهذه الصفة وهي مما تتناهى به العداوة وقد وصف الله تعالى بها المنافقين في كتابه العزيز { إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها } آل عمران 120
قال القاضي بيان تناهي عداوتهم إلى حد حسد وأمانا لهم من خير ومنفعة وتمنوا ما أصابهم من ضرر وشدة فخذ الجواب مع الدليل والبرهان والله تعالى أعلم ا هـ
قوله ( لأنها من التدين ) فيدل على كمال دينه وعدالته وهذا لأن المعاداة قد تكون واجبة بأن رأى فيه منكرا شرعا ولم ينته بنهيه وقد قبلوا شهادة المسلم على الكافر مع ما بينهما من العداوة الدينية
حموي
قوله ( بخلاف الدنيوية ) كشهادة المقذوف على القاذف والمقطوع عليه الطريق على القاطع والمقتول وليه على القاتل والمجروح على الجارح والزوج على امرأته بالزنا إذا كان قذفها أو لا فالعداوة ليس كما يتوهمه بعض المتفقهة أو الشهود أن كل من خاصم شخصا في حق وادعى علهي أن يصير عدوه فيشهد بينهما بالعداوة بل العداة إنما تثبت بنحو ما ذكرنا
وفي القنية أن العداوة بسبب الدنيا لا تمنع به ما لم يفسق بسببها أو يجلب منفعة أو يدفع بها عن نفسه مضرة وهو الصحيح وعليه الاعتماد ا هـ
وفي فتاوى المصنف سئل عن رجل شتم آخر وقذفه فهل تثبت العداوة الدنيوية بينهما بهذا القدر حتى لو شهد لا تقبل أجاب ظاهر كلامهم أن العداوة الدنيوية تثبت بهذا القدر فقد صرح في شرح الوهبانية أنها أي العداوة تثبت بنحو القدف وقتل الولي ا هـ
مطلب الفسق لا يتجزأ ولا تقبل شهادة من فيه عداوة دنيوية على عدوه ولا على غيره بل تكون قادحة في حق جميع الناس فإن الفسق لا يتجزأ حتى كون فاسقا في حق شخص لا في حق غيره ويقاس على عدم تجزيء الفسق ما لو كان ناظرا على أوقاف عديدة وثبت فسقه بسبب خيانة في واحد منها فإن يسرى في كلها فيعزل منها جميعا كما أفتى به المفتي أبو السعود العمادي المفسر في فتاويه ولو ادعى شخص عداوة آخر يكون اعترافا منه بفسق نفسه ولو شهد الشاهد على آخر فخاصم المشهود عليه الشاهد قبل القضاء لا يمتنع القضاء بشهادته إلا إذا ادعى أنه دفع إليه كذا لئلا يشهد عليه وطلب الرد وأثبت دعواه ببينة أو إقرار أو نكول فتبطل شهادته وهو جرح مقبول كما صرحوا به لكن قال سيدي الوالد في جواب سؤال عمن شهد عليه شهود بحق وزكوا فتعلل المدعى
____________________
(7/111)
عليه أن الشهود من زكاهم أعداء له بسبب تشاجر معهم على قمار ولعب
فأجاب بعد كلام حاصله ففي الحادثة المسؤول عنها ربما أنه فسق بها إذ العداوة جرت بينهما على ما قاله المدعى عليه بسبب قمار ولعب محرمين شرعا ولكن المتأخرون على الأول من الإطلاق سواء فسق بها أو لا والحديث الشريف شاهد لما عليه المتأخرون كما رواه أبو داود مرفوعا لا تجوز شهادة خائن ولا ذي غمر على أخيه والغمر الحقد
ويمكن حمله على ما إذا كان غير عدل بدليل أن الحقد فسق للنهي عنه كما أفاده في البحر
مطلب العداوة إذا فسق بها لا تقبل شهادته على أحد وإن لم يقسق بها تقبل على غير عدوه وقال العلامة الخير الرملي في فتواه فتحصل من ذلك أن شهادة العدو على عدوه لا تقبل وإن كان عدلا وصرح يعقوب باشا في حاشتيه بعدم نفاذ قضاء القاضي بشهادة العدو على عدوه والمسألة دوارة في الكتب فإذا أثبت المدعى عليه العداوة ثبوتا شرعيا فتجري الأحكام المذكورة من عدم صحة أداء الشهادة والتزكية المذكورة لثبوت عداوتهم بالسببين المرقومين المحرمين شرعا وسبب الحقد وأنهم ممن يفرحون لحزنه ويحزنون لفرحه ا هـ
وتمامه فيه
فإن قلت العدالة الدنيوية فسق لأنه لا يحل معاداة المسلم لأجل الدنيا فهلا استغنى عنه بقوله لا تقبل شهادة الفاسق
قلت للفرق بينهما فإنه لو قضى بشهادة الفاسق صح وأثم كما مر ولو قضى بشهادة العدو بسبب النديا لا ينفذ لأنه ليس بمجتهد فيه كما نقله المصنف عن يعقوب باشا لكن قال المنلا عند الحليم في حاشيته على الدرر وقد جاءت الرواية بعدم قبول شهادة عدو بسبب الدنيا مطلقا
والتحقيق فيه أن من العدادوة المؤثرة في العدالة كعداوة المجروح على الجارح وعداوة ولي المقتول على القاتل
ومنها غير مؤثرة كعداوة شخصين بينهما وقعت مضاربة أو مشاتمة أو دعوى مال أو حق في الجملة فشهادة صاحب النوع الأول لا تقبل كما هو المصرح في غالب كتب أصحابنا والمشهور على ألسنة فقهائنا وشهادة صاحب النوع الثاني تقبل لأنه عدل وبهذا التحقيق يحصل التوافق بين الروايتين وبين المتن والشرح وإن لم يهتد المصنف إليه الحمد لله الذي هدانا لهذا ا هـ
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى بعد كلام والحاصل أن في المسألة قولين معتمدين
أحدهما عدم قبولها على العدو وهذا اختيار المتأخرين وعليه صاحب الكنز والملتقى ومقتضاه أن العلة العداوة لا لفسق وإلا لم تقبل على غير العدو أيضا
ثانيهما أنها تقبل إلا فسق بها واختاره ابن وهبان وابن الشحنة ا هـ
وهل حكم القاضي في العداوة حكم الشاهد قال شاحر الوهبانية لم أقف عليه في كتب أصحابنا
وينبغي أن يكون الجواب فيه على التفصيل إن كان قضاؤه عليه بعلمه لا ينفذ وإن كان بشهادة من العدول وبمحضر من الناس في مجلس الحكم بطلب خصم شرعي ينفذ
ذكره الحموي
وسياق كلام البرجندي يفيد أن شهادة العدو لعدوه مقبولة لعدم التهمة وهذا بناء على أن العلة التهمة أما إذا كانت العلة الفسق فلا فرق
وقد اختلف تعليل المشايخ في ذلك
قال أبو السعود ولعل في المسألة قولين منهم من علل بالأول ومنهم من علل بالثاني ا هـ
____________________
(7/112)
أقول قد علمت ما قدمناه عن سيدي الوالد أنهما قولان معتمدان وأن المتون على عدم قبولها وإن لم يفسق بها للتهمة
قوله ( إلا إذا كانت الصداقة متناهية ) أي فإنها لا لا تقبل للتهمة
قوله ( بلا إصرار ) أي تقبل من مرتكب صغيرة بلا إصرار لأن الإلمام من غير إصرار لا يقدح في العدالة إذ لا يوجد من البشر من هو معصوم سوى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيؤدي اشتراط العصمة إلى سد باب الشهادة وهو مفتوح
أما إذا أصر عليها وفرح بها أو استخف إن كان عالما يقتدى به فهي كبيرة كما ذكره بعضهم
قوله ( إن اجتنب الكبائر كلها وغلب صوابه على صغائره ) الأولى أن يقول على خطئه وأشار إلى أنه كان ينبغي أن يزيد وبلا غلبة
قال ابن الكمال لأن الصغيرة تأخذ حكم الكبيرة بالإصرار وكذا بالغلبة على ما أفصح عنه في الفتاوى الصغرى حيث قال العدل من يجتنب الكبائر كلها حتى لو ارتكب كبيرة تسقط عدالته وفي الصغائر العبرة للغلبة والدوام على الصغيرة لتصير كبيرة ولذا قال وغلب صوابه
قوله ( وهو معنى العدالة ) قال الكمال أحسن ما نقل فيها عن أبي يوسف أن لا يأتبي بكبيرة ولا يصر على صغيرة ويكون ستره أكثر من هتكه وصوابه أكثر من خطئه ومروءته ظاهرة ويستعمل الصدق ويجتنب الكذب ديانة ومروءة ا هـ
قال القهستاني من اجتنبي الكبائر وفعل مائة حسنة وتسعا وتسعين صغيرة فهو عدل وإن فعل حسنة وصغيرتين ليس بعدل ا هـ
قال في البحر هي الاستقامة وهي بالإسلام واعتدال العقل ويعارضه هوى يضله ويصده وليس لكمالها حد يدرك مداه ويكتفي لقبولها بأدناه كي لا تضيع الحقوق وهو رجحان جهة الدين والعقل على الهوى والشهوة ا هـ
وتمامه فيه
قوله ( كل فعل يرفض المروءة والكرم فهو كبيرة ) أي كل فعل من الذنوب والمعاصي فهو كبيرة إذ يبعد أن يقال إن الأكل في السوق مثلا لغير السوقي كبيرة بل قالوا إنما يحرم عليه ذلك إذا كان متحملا شهادة لئلا يضيع حق المشهود له
وعبارة الخلاصة بعد أن نقل القول بأن الكبيرة ما فيه حد بنص الكتاب
قال وأصحابنا لم يأخذوا بذلك وإنما بنوا على ثلاثة معان أحدها ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة
والثاني أن يكون فيه منابذة المروءة والكرم فكل فعل يرفض المروءة والكرم فهو كبيرة
والثالث أن يكون مصرا على المعاصي أو الفجور ا هـ وتعقبه في فتح القدير بأنه غير منضبط وغير صحيح ا هـ
ولذا قال المحشي فيما ذكره الشارح عنها قال إلا أن يراد الكبيرة من حيث منع الشهادة
قال القهستاني هذا التعريف غير الأصح
قال في الذخيرة الأصح أن ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة الدين فهو من الكبائر وكذا ما فيه نبذ المروءة والكرم وكذا الإعانة على المعاصي والحث عليها
وفي معين المفتي رفض المروءة ارتكاب ما يعتذر منه ويضعه على رتبته عند أهل الفضل
قال العيني اختلفوا في الكبيرة فقال أهل الحجاز وأهل الحديث هي السبع المذكورة في الحديث المشهور وهي الإشراك بالله والفرار من الزحف وعقوق الوالدين وقتل النفس وبهت المؤمن
____________________
(7/113)
والزنا وشرب الخمر
وزاد بعضهم عليها أكل الربا وأكل أموال اليتامى بغير حق
وقيل ما ثبت حرمته بدليل مقطوع به فهو كبيرة وقيل ما فيه حد أو قتل فهو كبيرة وقيل كل ما أصر عليه المرء فهو كبيرة
وما استغفر عنه فهو صغيرة
والأوجه ما ذكره المتكلمون أن كل ذنب فوقه ذنب وتحته ذنب فبالنسبة إلى ما قومه فهو صغيرة وإلى ما تحته فهو كبيرة
والأصح ما نقل عن شمس الأئمة الحلواني أنه قال كل ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة الله تعالى والدين فهو من جملة الكبائر ا هـ
قوله ( ومتى ارتكب كبيرة سقطت عدالته ) غير أن الحكم بزوال العدالة بارتكاب الكبيرة يحتاج إلى الظهور فلذا شرط في شرب المحرم الإدمان ا هـ
حموي
وفي القهستاني عن قضاء الخلاصة المختار اجتناب الإصرار على الكبائر فلو ارتكب كبيرة مرة قبلت شهادته
قال في الفتح وما في الفتاوى الصغرى العدل من يجتنب الكبائر كلها حتى لو ارتكب كبيرة تسقط عدالته
وفي الصغائر العبرة للغلبة لتصير كبيرة حسن
ونقله عن أدب القضاء لعصام وعليه المعول غير أن الحكم بزوال العدالة بارتكاب الكبيرة يحتاج إلى الظهور فلذا شرط في شرب المحرم والسكر والإدمان والله سبحانه أعلم ا هـ
وإذا سقطت عدالته تعود إذا تاب لما صرحوا بأن المحدود في القذف إذا تاب فهو عدل أي وإن لم تقبل شهادته لكن في البحر وفي الخانية الفاسق إذا تاب لا تقبل شهادته ما لم يمض عليه زمان يظهر التوبة ثم بعضهم قدره بستة أشهر وبعضهم قدره بسنة
والصحيح أن ذلك مفوض إلى رأي القاضي والمعدل
وفي الخلاصة ولو كان عدلا فشهد بزور ثم تاب فشهد تقبل من غير مدة ا هـ
وسيأتي الكلام عليه في هذا الباب وقبل باب الرجوع عن الشهادة في كلام الشارح وقدمنا أن الشاهد إذا كان فاسقا سرا لا ينبغي أن يخبر بفسقه كي لا يبطل حق المدعي وصرح به في العمدة أيضا والخانية والظاهر أنه لا يحل له ذلك كما استظهر سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قال في الخانية قبل التزكية والتعديل المعروف بالعدالة إذا شهد بزور عن أبي يوسف أنه لا تقبل شهادته أصلا أبدا لأنه لا تعرف توبته
وروى الفقيه أبو جعفر أنه تقبل شهادته وعليه الاعتماد ا هـ
وفيها من اتهم بالفسق لا تبطل عدالته والمعدل إذا قال الشاهد هو متهم بالفسق لا تبطل عدالته ا هـ
ولا بأس بذكر أفراد سقطت عدالتهم نص عليها منها إذا ترك الصلاة بجماعة بعد كون الإمام لا طعن فيه في دين ولا حال وإن كان متأولا في تركها بأن يكون معتقدا فضيلة أول الوقت والإمام يؤخر الصلاة أو غير ذلك لا تسقط عدالته بالترك وكذا من ترك الجمعة من غير عذر فمنهم من أسقطها بمرة واحدة كالحلواني ومنهم من شرط ثلاث مرات والأول أوجه
وذكر الإسبيجابي أن من أكل فوق الشبع سقطت عدالته عند الأكثر ولا بد من كونه في غير إرادة التقوى على صوم الغد أو مؤانسة الضيف ا هـ
والإعانة على المعاصي والحث عليها كبيرة ولا تقبل شهادة الطفيلي والرقاص والمجازف في كلامه والمسخرة بلا خلاف ولا من يحلف في كلامه كثيرا
ولا تقبل شهادة البخيل والذي أخر الفرض بعد وجوبه لغير عذر إن كان له وقت معين كالصلاة بطلت عدالته وإن لم يكن له وقت معين كالزكاة والحج اختلفت فيه الرواية والمشايخ
وذكر الخاصي عن قاضيخان أن الفتوى على سقوطها بتأخير الزكاة من غير عذر
بخلاف تأخير الحج وبركوب بحر الهند لأنه مخاطر بنفسه ودينه
____________________
(7/114)
من سكنى دار الحرب وتكثير سوادهم وعددهم لأجل المال ومثله لا يبالي بشهادة الزور
ولا تقبل شهادة من يجلس مجلس الفجور والمجانة والشرب وإن لم يشرب كما في الهندية وتمام ذلك في المطولات
وفي البحر عن العتابية من آجر بيته لمن يبيع الخمر لم تسقط عدالته ا هـ
قوله ( ومن أقلف ) إذ تقبل شهادة الكبير الذي لم يختتن لأن العدالة لا تخل بترك الختان لكونه سنة عندنا
كذا أطلقه في الكنز وغيره وتبعهم المصنف
قوله ( لو لعذر ) بأن يتركه خوفا على نفسه أما إذا تركه بغير عذر لم تقبل ما قيده قاضيخان وقيده في الهداية بأن لا يتركه استخفافا بالدين أما إذا تركه استخفافا لم تقبل لأنه لم يبق عدلا وكما تقبل شهادته تصح إمامته كما في فتح القدير
مطلب في وقت الختان واختلفوا في وقته فالإمام لم يقدر له وقتا معلوما لعدم ورود النص به وهذه إحدى المسائل التي توقف الإمام في الجواب عنها وقدره المتأخرون واختلفوا
والمختار أن أول وقته سبع وآخره اثنتا عشرة
كذا في الخلاصة من باب اليمين في الطلاق والعتاق
ولعل أن سبع سنين أول وقت استغناء الصبي عن الغير في الأكل والشرب واللبس والاستنجاء حيث يتحمل بمثله ووقت الاحتياج إلى التأديب وتهذيب الأخلاق ولذلك كان ذلك نهاية مدة الحضانة بل وقت كونه مأمورا بالصلاة ولو ندبا ومن جملته الختان أيضا وكونه ابن اثنتي عشرة سنة وقت المراهقة البتة واحتمال البلوغ فيه فحينئذ يجري عليه قلم التكليف فرضا ووجوبا وسنة وندبا ومن جملته كشف العورة وهو حرام على البالغين من غير محرم فظهر أن وقت الختان على الوجه المسنون يتم عنده فلو قال رجل إن بلغ ولدي الختان فلم أختنه فامرأتي طالق فإن نوى أول الوقت لا يحنث ما لم يبلغ سبع سنين
وإن نوى آخره قال الصدر الشهيد المختار أنه اثنتا عشرة سنة وهو سنة للرجال مكرمة للنساء إذ جماع المختونة ألذ
وكان ابن عباس لا يجيز ذبيحة الأقلف ولا شهادته ا هـ
وفيه فائدة من كراهية فتاوى العتابي
وقيل في ختان الكبير إذا أمكن أن يختن نفسه فعل وإلا لم يفعل إلا أن يمكنه أن يتزوج أو يشتري ختانة تختنه
وذكر الكرخي في الكبير يختنه الحمامي وكذا عن ابن مقاتل
مطلب لا بأس للحمامي أن يطلي عورة غيره بالنورة إذا غض بصره حالة الضرورة لا بأس للحمامي أن يطلي عورة غيره بالنورة انتهى
لكن قال في الهندية بعد أن نقل عن التاترخانية أن أبا حنيفة كان لا يرى بأسا بنظر الحمامي إلى عورة الرجل ونقل أنه ما يباح من النظر للرجل من الرجل يباح المس ونقله عن الهداية ونقل ما نقلناه لكن قيده بما إذا كان يغص بصره
ونقل عن الفقيه أبي الليث أن هذا في حالة الضرورة لا في غيرها وقال وينبغي لكل واحد أن يتولى عانته بيده إذا تنور كما في المحيط فليحفظ
أقول ومعنى ينبغي هنا الوجوب كما يظهر فتأمل
قوله ( بحر ) ومثله في التاترخانية
قوله ( والاستهزاء بشيء من الشرائع كفر ) أشار إلى فائدة تقييده في الهداية بأن لا يترك الختان استخفافا بالدين
قوله ( ابن كمال ) عبارته والأقلف لأنه لا يخل بالعدالة إذا تركه استخفافا بالدين
قال الرازي لم يرد بالاستخفاف الاستهزاء لأن الاستهزاء بشيء من الشرائع كفر وإنما أراد به التواني والتكاسل ا هـ ح
وكذا ذكر مثله عزمي زاده مؤولا عبارة الدرر
____________________
(7/115)
مطلب في شهادة الخصي قوله ( وخصي ) بفتح الخاء منزوع الخصا لأن عمر رضي الله تعالى عنه قبل شهادة علقمة الخصي على قدامة بن مظعون رواه ابن شيبة ولأنه قطع منه عضو ظلما فصار كمن قطعت يده ظلما فهو مظلوم
نعم لو كان ارتضاه لنفسه وفعله مختارا منع
فتح
قوله ( وأقطع ) إذا كان عدلا لما روى أن النبي قطع يد رجل في السرقة ثم كان بعد ذلك يشهد فيقبل شهادته
منح
قوله ( وولد الزنا ) لأن فسق الوالدين لا يوجب فسق الولد ككفرهما
منح
قوله ( ولو بالزنا ) أي ولو شهد بالزنا على غيره تقبل أطلقه فشمل ما إذا شهد بالزنا أو بغيره خلافا لمالك في الأول كما في المنح
قوله ( كأنثى ) فيقبل مع رجل وامرأة في غير حد وقود
قوه ( لو مشكلا ) في كل الأحكام
شرنبلالية والأولى أن يقول وهو كأنثى
قوله ( وعتيق لمعتقه ) أي تقبل شهادته لأن شريحا قبل شهادة قنبر لعلي وهو عتيقه
وأشار باللام إلى أن شهادته على المعتق تقبل بالأولى كما صرح به متنا بقوله
( وعكسه ) وقنبر بفتح القاف وأما بضم القاف فجد سيبويه
ذكره الذهبي في مشتبه الأنساء والأسماء
مطلب في ترجمة شريح القاضي وشريح بن الحارث بن قيس الكوفي النخعي القاضي أبو أمية تابعي ثقة
وقيل له صحبة مات قبل الثمانين أو بعدها وله مائة وثمان سنين أو أكثر واستقضاه عمر رضي الله تعالى عنه على الكوفة ولم يزل بعد ذلك قاضيا خمسا وسبعين سنة إلا ثلاث سنين امتنع فيها من القضاء في فتنة الحجاج في حق ابن الزبير حيث استعفى الحجاج من القضاء فأعفاه ولم يقض إلى أن مات الحجاج كما في البحر وشرح جلال الدين التباني على المنار
قوله ( أن الثمن كذا ) ولو شهدا بإيفائه وإبرائه تقبل
مقدسي
قوله ( لجر النفع بإثبات العتق ) لأنه لولا شهادتهما لتحالفا وفسخ البيع المقتضي لإبطال العتق
منح
لكن تقدم في آخر باب الإقالة أنه لا يخالف بعد خروج المبيع عن ملكه لأنه يشترط قيام المبيع عند الاختلاف في التحالف إلا إذا استهلكه في يد البائع غير المشتري فراجعه وتأمل
قوله ( ومن محرم رضاعا ) كابنه منه
وفي الأقضية تقبل لأبويه من الرضاع ولمن أرضعته امرأته ولأم وامرأته وابنها
بزازية من الشهادة
قوله ( أو مصاهرة ) كأم امرأته وبنتها وزوج بنته وامرأة أبيه وابنه لأن الأملاك بينهم متميزة والأيدي متحيزة ولا بسطوة لبعضهم في مال بعض فلا تتحق التهمة بخلاف شهادته لقرابته ولادا
درر
ومثله في البحر
قوله ( إلا إذا امتدت الخصومة ) أي سنين كما في المنح عن القنية والظاهر أنه اتفاقي
قال ابن وهبان وقياس ذلك أن يطرد في كل قرابة والفقه فيه أنه لما كثر منه التردد مع المخاصم صار بمنزلة الخصم للمدعى عليه
قال أبو السعود والتقييد بعدم الخصام على القول به لا يخص الشهادة للأخ ونحوه ا هـ
____________________
(7/116)
قال المنلا عبد الحليم ولا يذهب عليك أن المعتمد عليه قبول شهادة عدو بسبب الدنيا لو عدلا أي بمجرد الخصومة على ما تقدم وذا لا ينافي ذلك لأن المتردد المذكور بمنزلة المدعي لا بمنزلة العدو
تدبر
قوله ( على ما في القنية ) يعني إذا كان مع المدعي أخ أو ابن عم يخاصمان له مع المدعى عليه ثم شهدا لا تقبل شهادتهما في هذه الحادثة بعد هذه الخصومة وكذا كل قرابة وصاحب تردد في المخاصمة سنين لأنه بطول التردد صار بمنزلة الخصم للمدعى عليه كما في الوهبانية
قوله ( وفي الخزانة الخ ) أي خاصماه عند أداء الشهادة عليه بأن نسبهما إلى الكذب فدفعا عن أنفسهما ومسألة القنية فيما إذا خاصماه مع قريبه على الحق الذي يدعيه
قوله ( تقبل لو عدولا ) قال في المنح عن البحر وينبغي حمله على ما إذا لم يساعد المدعي في الخصومة أو لم يكثر ذلك توفيقا ا هـ
وفق الرملي بغيره حيث قال مفهوم قوله لو عدولا أنهم إذا كانوا مستورين لا تقبل وإن لم تمتد الخصومة للتهمة بالمخاصمة وإذا كانوا عدولا تقبل لارتفاع التهمة مع العدالة
فحمل ما في القنية على ما إذا لم يكونوا عدولا توفيقا وما قلناه أشبه لأن المعتمد في باب الشهادة العدالة
قوله ( على عبد كافر مولاه مسلم ) لأن هذه شهادة قامت على إثبات أمر على الكافر قصدا ولزم منه الحكم على المولى المسلم ضمنا على أن استحقاق مالية المولى غير مضاف إلى الشهادة لأنه ليس من ضرورة وجوب الدين عليه استحقاق مالية المولى لا محالة بل ينفك عنه في الجملة
قوله ( لا يجوز عكسه ) وهو ما إذا كان العبد مسلما مولاه كافر يعني لا تجوز شهادة الكافر على عبد مسلم مولاه كافر وعلى وكيل مسلم موكله كافر فإن كان مسلما له عبد كافر أذن له بالبيع والشراء فشهد عليه شاهدان كافران بشراء وبيع جازت شهادتهما عليه لأن هذه شهادة قامت على إثبات أمر على الكافر قصدا وعلى المسلم ضمنا كما تقدم ولو أن مسلما وكل كافرا بشراء أو بيع فشهد على الوكيل شاهدان كافران بشراء أو بيع لا تقبل شهادتهما عليه لأنها شهادة كافر قامت لإثبات حق على مسلم قصدا كما في الدرر والغرر
قوله ( إن لم يكن عليه دين لمسلم ) هذا ظاهر إن كانت التركة لا يخرج منها الدينان وأما إذا كانت متسعة لم يكن فيها شبهة أنه تنقيص شهادة على حق مسلم
وفي المنح نصراني مات عن مائة فأقام مسلم شاهدين نصرانيين عليه بمائة ومسلم ونصراني بمثله فالثلثان له والباقي بينهما ا هـ أي لأن شهادة أهل الذمة على المسلم لا تقبل وهنا لا تقبل في مشاركة الذمي للمسلم في المائة
والحاصل أنها أثبتت الدين على الميت دون المشاركة مع الغريم المسلم وأن المسلم لما ادعى المائة مع النصراني صار طالبا نصفها والمنفرد بطلب كلها فتقسم عولا عند الإمام فلمدعي الكل الثلثان لأنه له نصفين وللمسلم الثلث لأن له نصفا فقط ولكن لما ادعاه مع النصراني قسم بينهما
قال سيدي الوالد نصراني مات وترك ألف درهم وأقام نصراني آخرين كذلك فالألف المتروكة للمسلم عنده
وعند أبي يوسف يتحاصان والأصل أن القبول عنده في حق إثبات الدين على الميت فقط دون إثبات الشركة بينه وبين المسلم
وعلى قول الثاني في حقهما
ذخيرة ملخصا
وبه ظهر أن قبولها على الميت غير مقيد بما إذا لم يكن عليه دين لمسلم
نعم هو قيد لإثباتها الشركة بينه وبين المدعي الآخر فإذا كان الآخر نصرانيا أيضا يشاركه وإلا فالمال للمسلم إذ لو شاركه لزم قيامها على المسلم وظهر أيضا أن المصنف ترك قيدا لا بد منه وهو ضيق التركة عن الدينين وإلا لا يلزم قيامها على المسلم كما لا يخفى هذا ما ظهر لي بعد التنقير التام
قوله ( بحر ) نص عبارته وتقبل شهادة الذمي بدين
____________________
(7/117)
على ذمي ميت وإن كان وصيه مسلما بشرط أن لا يكون عليه دين لمسلم فإن كان فقد كتبناه عن الجامع ا هـ
والذي كتبه هو قوله نصراني مات عن مائة فأقام مسلم شاهدين عليه بمائة ومسلم ونصراني بمثله فالثالثان له والباقي بينهما والشركة لا تمنع لأنها بقرار ا هـ
ووجهه أن الشهادة الثانية لا تثبت للذمي مشاركته مع المسلم كما قدمناه ولكن المسلم لما ادعى بطلب كلها فتقسم عولا فلمدعي الكل الثلثان لأن له نصفين وللمسلم الآخر الثلث لأن له نصفا فقط لكن لما ادعاه مع النصراني قسم الثلث بينهما وهذا معنى قوله والشركة لا تمنع لأنها بإقراره
قال سيدي الوالد ويقدم دين الصحة وهو ما كان ثابتا بالبينة أو الإقرار في حال الصحة وقد يرجح بعضهم على بعض كالدين الثابت على نصراني بشهادة المسلمين فإنه مقدم على الثابت بشهادة أهل الذمة عليه والدين الثابت بدعوى المسلم عليه يقدم على الدين الثابت عليه بدعوى كافر إذا كان شهودهما كافرين أو شهود الكافر فقط أما إذا كان شهودهما مسلمين أو شهود الكافر فقط فهما سواء ا هـ
فافهم
وتمام الكلام على هذه المسألة وفروعها يطلب من البحر وحاشيته لسيدي الوالد
قال الرملي في حاشيته على البحر فتحصيل أن الوصي يخالف الوكيل في البيع والشراء وقد تقرر أن الوكيل في الحقوق المتعلقة بهما أي البيع والشراء أصيل والوصي قائم مقام الوصي وقول صاحب الظهيرية استحسانا صريح في أن العمل به وقد صرح صاحب المحيط بما في الظهيرية ا هـ
قوله ( كما مر ) أي في العبد الكافر وسيده مسلم والوكيل الكافر وموكله مسلم
وزاد في الأشباه عليها إثبات توكيل كافر كافرا بكافرين بكل حق له بالكوفة على خصم كافر فيتعدى إلى خصم مسلم ا هـ
قوله ( أو ضرورة في مسألتين ) حمل القبول فيهما في الشرنبلالية بحثا على ما إذا كان الخصم المسلم مقرا بالدين منكرا للدين كيف تقبل شهادة الذميين عليه
قوله ( وأحضر ) أي الوصي
قوله ( ابن الميت ) أي النصراني قوله ( فادعى على مسلم بحق ) أي ثابت أي وأقام شاهدين نصرانيين نسبه تقبل استحسانا
مطلب حادثة الفتوى قوله ( ووجهه في الدرر ) حيث قال فيها وجه الاستحسان أن المسلمين لا يحضرون موت النصارى والوصايا تكون عند الموت غالبا وسبب ثبوت النسب النكاح وهم لا يحضرون نكاحهم فلو لم تقبل شهادة النصارى على المسلم في إثبات الإيصاء الذي بناؤه على الموت والنسب الذي بناءه على النكاح أدى إلى ضياع الحقوق المتعلقة بالإيصاء فقبلت ضرورة كما قبلت شهادة القابلة ا هـ
مطلب أسلم زوجها ومات تقبل شهادة أهل لذمة على مهرها قال عبد الحليم في حاشيته وفيه إشارة إلى حادثة الفتوى وهي ذمية أسلم زوجها ثم مات فادعت
____________________
(7/118)
مهرها عليه بوجه خصم شرعي قبلت شهادة أهل الذمة لثبوت مهرها عليه لضرورة عدم حضور المسلمين نكاحهم
قوله ( والعمال ) بضم العين وتشديد الميم جمع عامل وهم الذين يأخذون الحقوق الواجبة كالخراج ونحوه عند الجمهور لأن نفس العمل ليس بفسق فبعض الصحابة رضي الله عنهم عمال
قوله ( للسلطان ) هذا هو المراد بهم عند عام المشايخ كما في البحر
وفيه عن السراجية معزيا إلى الفقيه أبي الليث إن كان العامل مثل عمر بن عبد العزيز فشهادته جائزة وإن كان مثل يزيد بن معاوية فلا ا هـ
وفي إطلاق العامل على الخليفة نظر والظاهر منه أنه من قبل عملا من الخليفة ا هـ
قوله ( إلا إذا كانوا أعوانا على الظلم الخ ) أي كعمال زماننا
قال فخر الإسلام
لكن نقل في البحر عن الهداية أن العامل إذا كان وجيها في الناس ذا مروءة لا يجازف في كلامه تقبل شهادته كما مر عن أبي يوسف في الفاسق لأنه لوجاهته لا يقدم على الكذب يعني ولو كان عونا على الظلم كما في العناية ا هـ
مطلب في شهادة مختار القرية وموزع النوائب قوله ( كرئيس القرية ) هو المسمى شيخ البلد وهم من أعون الناس على الظلم لغيرهم غير ظلم الناس لأنفسهم خاصة ويسمى في بلادنا شيخ الضيعة ومختار القرية
قال في الفتح وقدمنا عن البزدوي أن القائم بتوزيع هذه النوائب السلطانية والجبايات بالعدل بين المسلمين مأجور وإن كان أصله ظلما فعلى هذا تقبل شهادته ا هـ
قوله ( والجابي ) أي جابي الظلم
قوله ( والصراف ) الذي يجمع عنده المال ويأخذه طوعا
قوله ( والمعرفون ) بالواو وفي بعض النسخ المعرفين بالياء عطف على المجرور وهو الصواب وهم الذين يعرفون عن قدر الأشخاص الذين في المركب ليأخذ الحاكم منهم شيئا معلوما مصادرة
قوله ( والعرفاء في جميع الأصناف ) هم مشايخ الحرف
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى بعد كلام وبه يعلم أن شهادة الفلاحين لشيخ قريتهم وشهادتهم للقسام الذي يقسم عليهم وشهادة الرعية لحاكمهم وعاملهم ومن له نوع ولاية عليهم لا تجوز ا هـ
أقول لكنه مقيد بما سيأتي قريبا عن الهندية من أنهم إذا كانوا يحصون وهم ما إذا كانوا مائة فأقل
تأمل
قوله ( ومحضر قضاة العهد ) أي الذي يحضر الأخصام للقاضي لقبولهم الرشا ولعدم المروءة فيهم والمراد بالعهد الزمن أي قضاة زمنهم فيكف الحال في زماننا ط
قوله ( والوكلاء المفتعلة ) لعل المراد بهم من يتوكل في الدعاوى والخصومات وذلك لأنه قد شوهد منهم قلة المبالاة في الأحكام وأخذ الرشا وغير ذلك وإنما جعلوا مفتعلة لأن الناس لا يقصدون منهم إلا الإعانة على أغراضهم بحيلهم ولم يقصدوا التوكيل حقيقة فقط
قوله ( والصكاك ) بضم الصاد المهملة جمع صكاك بفتحها
قال في البزازية من الشهادات والصكاك تقبل في الصحيح
وقيل لا لأنهم يكتبون اشترى وباع وضمن الدرك وإن لم يقع فيكون كذبا ولا فرق بين الكذب بالكتابة أو التكلم
قلنا الكلام في كاتب غلب عليه الصلاح ومثله يحقق ثم يكتب
ط
عن الحموي أي وما ذكر من الكذب عفو لأنهم يحققون ما كتبوا
قال الرملي في حاشية المنح وفي إجازات البزازية لا تقبل شهادة الدلال ومحضر قضاة العهد والوكلاء المفتعلة والصكاك اهز
____________________
(7/119)
أقول وسيأتي في شرح قوله أو يبول أو يأكل على الطريق أنها لا تقبل شهادة النحاس وهو الدلال إلا إذا كان عدلا لا يحلف ولا يكذب ونقله عن السراج هنا وقد رأيناه في كلامهم كثير
وأقول قد ظهر من هذا أن شهادة الدلال والصكاك ونحوهما لا ترد لمجرد الصناعة بل لمباشرة ما لا يحل شرعا وإنما تنصيص العلماء على من ذكر لاشتهار ذلك منه
تأمل
قوله ( وضمان الجهات ) بضم الضاد المعجمة وتشديد الميم
وقال الكمال عاطفا على من لا تقبل شهادته ما نصه وكذا كل من شهد على إقرار باطل وكذا على فعل باطل مثل من يأخذ سوق النخاسين مقاطعة أو شهد على وثيقتها ا هـ
وقال المشايخ إن شهدوا حل عليهم اللعن أنه شهادة على باطل فكيف هؤلاء الذين يشهدون من مباشري السلطان على ضمان الجهات وعلى المحبوسين عندهم هؤلاء والذين في ترسيمهم ا هـ
قوله ( كمقاطعة سوق النخاسين ) كمن يأخذها بقطعة من المال يجعلها عليه مكسا ويوجد في بعض الكتب بالخاء المعجمة جمع نخاس وهو بائع الدواب والرقيق والاسم النخاسة بالكسر والفتح من نخس من باب نصر إذا غرز مؤخر الدابة بعود ونحوه كما في القاموس وقد جعل في الأسواق التي تباع فيها الحمير مكاسون فلا تقبل شهادتهم
قوله ( حتى حل لعن الشاهد ) أي الذي شهد على صك مقاطعة النخاسين كما في المنح وليس المراد لعن العين لعدم جوازه بل المراد بأن يقال لعن الله شاهد ذلك
مطلب لا تصح المقاطعة بمال لاحتساب قرية قال الخير الرملي في فتواه في رجل قاطع على مال معلوم احتساب قرية هل يصح ذلك أم لا أجاب لا يصح ذلك بإجماع المسلمين فلا يطالب المحتسب بما التزمه من المال ولا يصح الدعوى في ذلك ولا تقام البينة عليه ولا يحل للقاضي سماع مثل هذه الدعوى سواء وقعت بلفظ المقاطعة أو الالتزام كما رأيناه بخط الثقات ا هـ
ووجهه أن المقاطعة لا يتصور أن تكون بيعا لعدم وجود المبيع ولزومه شرعا ولا إجارة لأنها بيع المنافع وإذا وقعت باطلة كانت كالعدم ولا فرق بين مقاطعة الاحتساب ومقاطعة القضاء فعلى المقاطع على القضاء ما على المقاطع على الاحتساب ولا يسأل عن جوازه بل يسأل عن كفره مستحله ومتعاطيه كما في البزازية
قال مؤيد زاده سئل الصفار عن رجل أخذ سوق النخاسين مقاطعة من الديوان وأشهد على كتاب المقاطعة إنسانا هل له أن يشهد قال إذا شهد حل عليه اللعن ولو شهد على مجرد الإقرار وقد علم السبب فهو أيضا ملعون ويجب التحرز عن تحمل مثل هذه الشهادة وكذا كل إقرار بناءه على حرام
قوله ( ورعاياهم ) أي رعايا العمال والنواب
قوله ( لا تقبل ) لجهلهم وميلهم خوفا منه
قال في البحر وفي شرح المنظومة أمير كبير ادعى فشهد له عماله ودواوينه ونوابه ورعاياهم لا تقبل ا هـ
قال الرملي يؤخذ منه أن شهادة خدامه الملازمين له كملازمة العبد لمولاه كذلك لا تقبل وهو ظاهر ولا سيما في زماننا هذا
تأمل وقد أفتيت به مرارا والله الموفق للصواب ومثله في شهادات جامع الفتاوى بصيغة أعوان الحكام والوكلاء على باب القضاة لا تسمع شهادتهم لأنهم ساعون في إبطال حق المستحق وهم فساق
والله تعالى أعلم
____________________
(7/120)
مطلب الجند إذا كانوا يحصون لا تقبل شهادتهم للأمير وإلا تقبل وحد الإحصاء مائة قال في الهندية شهادة الجند للأمير لا تقبل إن كانوا يحصون وإن كانوا لا يحصون تقبل نص في الصيرفية في حد الإحصاء مائة وما دونه وما زاد عليه فهؤلاء لا يحصون
كذا في جواهر الأخلاطي ا هـ ناقلا عن الخلاصة
قوله ( كشهادة المزارع لرب الأرض ) فإنها لا تقبل لفساد الزمان ا هـ ذكره عبد البر وظاهره وإن كانت الشهادة لا تتعلق بالمزارعة ط
قال الرحمتي قيده في القنية فيما إذا كان البذر من رب الأرض
ووجهه أن وجوه المزارعة الجائزة ثلاثة أن يكون الأرض والبذر والبقر لواحد والعمل من الآخر فيكون الزرع لصاحب البذر ويكون ما يأخذه العامل في مقابلة عمله فهو أجير خاص فلا تقبل شهادته لمستأجره
وكذا إن كان الأرض والبذر لواحد والعلم والبقر لآخر فيكون أجيرا بما يأخذه من المشروط والبقر تبع له آلة للعمل
الثالث أن تكون الأرض لواحد والباقي لآخر فيكون الخارج لرب النذر وما يأخذه رب الأرض آجرة أرضه والمزارع مستأجر للأرض بما يدفعه لصاحبها من المشروط
ومن استأجر أرضا من آخر تصح شهادته له ولا تصح المزارعة في غير هذه الوجوه الثلاثة كما حرر في بابها
قوله ( وقيل أراد بالعمال ) هذا ممكن في مثل عبارة الكنز فإنه لم يقل إلا إذا كانوا أعوانا الخ
قوله ( المحترفين ) أي والذين يؤجرون أنفسهم للعمل فإن بعض الناس رد شهادة أهل الصناعات الخسيسة فأفردت هذه المسألة على هذا الإظهار مخالفتهم وكيف لا وكسبهم أطيب المكاسب كما في البحر
قال الرملي فتحرر أن العبرة للعدالة لا للحرفة وهذا الذي يجب أن يعوف عليه ويفتى به
فإنا نرى بعض أصحاب الحرف الدنيئة عنده من الدين والتقوى ما ليس عند كثير من أرباب الوجاهة وأصحاب المناصب وذوي المراتب
إن أكرمكم عند الله أتقاكم
ا هـ
فيكون في إيراد الشارح هذا القول رد على من رد شهادة أهل الحرفة الخسيسة
قال في الفتح وأما أهل الصناعات الدنيئة كالقنواتي والزبال والحائك والحجام فقيل لا تقبل والأصح أنها تقبل لأنه قد تولاها قوم صالحون فما لم يعلم القادح لا يبنى على ظاهر الصناعة وتمامه فيه فراجعه
قوله ( وهي حرفة آبائه وأجداده ) ظاهره أنها إذا كانت حرفتهم لا تكون دنيئة ولو كانت دنيئة في ذاتها وهو خلاف ما يعطيه الكلام الآتي
قوله ( وإلا فلا مروءة له ) أي بأن كان أبوه تاجرا واحترف هو الحياكة أو الحلافة وغير ذلك
قوله ( فلا شهادة له ) أي لارتكابه الدناءة وفيه نظر لأنه مخالف لما دقدمه يعني صاحب البحر قريبا من أن صاحب الصناعة الدنيئة كالزبال والحائك مقبول الشهادة إذا كان عدلا في الصحيح ا هـ
قوله ( لما عرف في حد العدالة ) قال القهستاني بعد قول النقاية ومن اجتنب الكبائر ولم يصر على الصغائر وغلب صوابه على خطئه ما نصه كان عليه أن يزيد قيدا آخر أي في تعريف العدالة وهو أن يجتنب الأفعال الدالة على الدناءة وعدم المروءة كالبول في الطريق ا هـ
وهو يقتضي رد شهادة ذي الصناعة الرديئة لخرم المروءة بها وإن لم تكن معصية فتأمل ط
وتحقيقه ما نذكره في المقولة الآتية
قوله ( فتح ) لم أره في الفتح بل ذكره في البحر بصيغة ينبغي حيث قال وينبغي تقييد القبول بأن تكون تلك الحرفة لا ثقة به بأن تكون حرفة آبائه وأجداده وإلا فلا مروءة له إذا كانت حرفة دنيئة فلا شهادة له له لما عرف في حد العدالة ا هـ
قال الرملي وعندي في هذا التقييد نظر يظهر لمن نظر فتأمل ا هـ أي في التقييد بقوله بحرفة لائقة الخ
____________________
(7/121)
قلت ووجهه أنهم جعلوا العبرة للعدالة لا للحرفة فكم من دنيء صناعة أتقى من ذي منصب ووجاهة
على أن الغالب أنه لا يعدل عن حرفة أبيه إلى أدنى منها إلا لقلة ذات يده أو صعوبتها عليه ولا سيما إذا علمه إياها أبوه أو وصيه في صغره ولم يتقن غيرها فتأمل
وفي حاشية أبي السعود فيه نظر لأنه مخالف لما قدمه هو قريبا من أن صاحب الصناعة الدنيئة كالزبال والحائك مقبول الشهادة إذا كان عدلا في الصحيح ا هـ
وقدمناه قريبا
قال سيدي الوالد ويدفع بأن مراده أن عدوله عن حرفة أبيه إلى أدنى منها دليل على عدم المروءة وإن كانت حرفة أبيه دنيئة فينبغي أن يقال هو كذلك إن عدل بلا عذر
تأمل ا هـ
أقول فالحاصل أن المعتبر العدالة ولا نظر إلى الحرفة إلا إذا عدل عن حرفة آبائه الشريفة إلى الحرفة الخسيسة إذا كان بلا داع إليه من عجز أو عدم أسباب أو قلة يد تقصر عن حرفة أبيه ولا سيما إذا كان أبوه أو وصيه علمه في صغره هذه الحرفة الدنيئة فكبر وهو لا يعرف غيرها
أما إذا كان بلا داع فيدل على رزالته وعدم مروءته ومبالاته هذا مما يسقط العدالة
أما لو كان انتقاله لأحد هذه الأعذار المذكور فتقبل إذا كان عدلا ولا وجه لرد شهادته فتعين ما قلنا
قوله ( لا تقبل من أعمى ) في شيء من الحقوق دينا أو عينا منقولا أو عقارا
قهستاني
والعلة فيه أن الأداء يفتقر إلى التمييز بالإشارة بين المشهود له والمشهود عليه ولا يميز الأعمى إلا بالنغمة فيخشى عليه التلقين من الخصم إذ النغمة تشبه النغمة
قوله ( ولو قضى صح ) أي قاضي ولو حنيفا كما يفيده إطلاقه أو يحمل على قاض يرى قبولها كمالكي ط
قوله ( ما لو عمي بعد الأداء ) لأن المراد بعدم قبولها عدم القضاء بها لأن قيام أهليتها شرط وقت القضاء لصيرورتها حجة عنده
قوله ( وما جاز بالسماع ) أي كالنسب والموت وما تجوز الشهادة عليه بالشهرة والتسامع كما في الخلاصة
قوله ( خلافا للثاني ) أي فيما لو عمي بعد الأداء قبل القضاء وما جاز بالسماع كما في فتح القدير
ولزفر وهو مروي عن الإمام واستظهر قول بالأول صدر الشريعة فقال وقوله أظره لكن رده في اليعقوبية بأن المفهوم من سائر الكتب عدم أظهريته
وأما قوله بالثاني فهو مروي عن الإمام أيضا قال في البحر واختاره في الخلاصة ورده الرملي بأنه ليس في الخلاصة ما يقتضي ترجيحه واختياره
نعم قال ط وجزم به في النصاب من غير ذكر خلاف كما في الحموي ا هـ
أقول وهو ترجيح له لكن عزاه في الخلاصة إلى النصاب
وفي النصاب لم يتعرض لحكاية الخلاف
وفي حاشية الخير الرملي على المنح عند قوله ودخل تحته ما كان طريقه السماع خلافا لأبي يوسف كما في فتح القدير
أقول عبارة فتح القدير وقال أبو يوسف يجوز فيما طريقه السماع وما لا يكفي فيه السماع إذا كان بصيرا وقت التحمل أعمى عند الأداء إذا كان يعرفه باسمه ونسبه ا هـ
أقول فحق العبارة خلافا لأبي يوسف فيما طريقه السماع أولا ولزفر فيما طريقه السماع وقد تبع الشارح شيخه في ذلك فإن هذه عبارة حرفا بحرف ولا يخفى ما فيها من إيهام اختصاص مذهب أبي يوسف بما طريقه السماع وليس كذلك وفي الفتح وقيد في الذخيرة قول أبي يوسف بما إذا كانت شهادته في الدين والعقار أما في المنقول فأجمع علماؤنا أنها لا تقبل
____________________
(7/122)
أقول وفي الحقائق وقال في العون الخلاف فيما لا يحاج فيه الى الإشارة وفي غير الحدود وقال في الذخيرة الخلاف فيما لا تجوز الشهادة بالشهرة والتسامع أما في خلافة تقبل شهادة الأعمى بلا خلاف وهذا مخالف لما في اكثر الكتب من أنه لا تقبل شهادته عند أبي حنيفة ومحمد فيما طريقه السماع أولا فارجع الى الشروح والفتاوى إن شئت
قال في صدر الشريعة في مسألة الأعمى العمى بعد الأداء قبل القضاء خلافا لأبي يوسف وقوله أطهر قال أخي زاده في حاشيته وجه الطهر أن العمى إذا لم يكن مانعا عن الأداء إذا تحمل بصيرا عند أبي يوسف فعدم كونه مانعا عن القضاء بعد أدائه شهادته فعدم كونه مانعا عن القضاء بعد أدائه بصيرا يكون في غاية الظهور عندهما لأنه لا تأثير في نفس قضاء القاضي للعمى العارض للشاهد بعد أدائه شهادته ا هـ
قوله ( مطلقا ) سواء كان فيما يجري فيه التسامع أم لا
وفي البحر ولا تقبل شهادته سواء كانت بالإشارة أو بالكتابة
قوله ( بالأولى ) لأن في الأعمى إنما تتحقق التهمة في نسبته
وهنا تتحقق في نسبته وغيرها من قدر المشهود به وأمور أخر
كذا في الفتح ولأنه لا عبارة له أصلا بخلاف الأعمى
وفي المبسوط أنه بإجماع الفقهاء لأن لفظة الشهادة لا تتحقق
وتمام الكلام على ذلك في الفتح
تنبيه نصوا على أن نعمة السمع أفضل من نعمة البصر لعموم منفعتها فإنه يدرك من كل الجهات بخلاف البصر ولأنه لا أنس في مجالسة أخرس بخلاف الأعمى ولأنه يدرك التكاليف الشرعية بخلافه ط
قوله ( ومرتد ) لأن الشهادة من باب الولاية ولا ولاية له على أحد فلا تقبل شهادته ولو على كافر أو مرتد مثله في الأصح كما قدمناه موضحا
قوله ( ومملوك ) ولو مكاتبا أو مدبرا أو أم ولد إذ لا ولاية له على نفسه كالصبي فعلى غيره أولى
قال في الحواشي السعدية الوكالة ولاية كما يعلم من أوائل عزل الوكيل والعبد محجورا كان أو مأذونا تجوز وكالته فتأمل في جوابه ا هـ
قال سيدي الوالد ومثله توكيل صبي يعقل
وقد يقال ولايتهما في الوكالة غير أصلية
تأمل
قوله ( أو مبعضا ) أشار بهذا إلى أن المراد من المملوك من فيه رق وإلا فالمملوك لا يتناول المكاتب والمبعض
قال سيدي الوالد والمعتق في المرض كالكاتب في زمن السعاية عند أبي حنيفة وعندهما حر مديون ا هـ
أقول والمراد بالمرض مرض الموت وكان الثلث يضيق عن يقمته ولم تجزه الورثة
تنبيهات مات عن عم وأمتين وعبدين فأعتقهما العم فشهدا ببنوة إحداهما بعينها للميت أي أنه أقر بها في صحته لم تقبل عنده لأن في قبولها ابتداء بطلانها انتهاء لأن معتق البعض كمكاتب لا تقبل شهادته عنده لا عندهما لأنه حر مديون ولو شهد أن الثانية أخت الميت قبل الشهادة الأولى أو بعدها أو معها لا تقبل بالإجماع لأنا لو قبلنا لصارت عصبة مع البنت فيخرج العم عن الوراثة
بحر عن المحيط
أقول هذا ظاهر عند وجود الشهادتين وأما عند سبق شهادة الأختية فالعلة فيها هي علة البنتية فتفقه
وفي المحيط مات عن أخ لا يعلم له وارث غيره فقال عبدان من رقيق الميت إنه أعتقنا في صحته وإن هذا الآخر ابنه فصدقهما الأخ في ذلك لا تقبل في دعوى الإعتاق لأنه أقر بأنه لا ملك له فيهما بل هما عبدان للآخر لإقرار الأخ أنه وارث دونه فتبطل شهادتهما في النسب ولو كان مكان الآخر أنثى جاز شهادتهما وثبت نسبهما ويسعيان في نصف قيمتها لأنه أقر أن حقه في نصف الميراث فصح بالعتق لأنه لا يتجزأ عندهما إلا أن العتق في عبد مشترك فتجب السعاية للشريك الساكت
____________________
(7/123)
وأقول عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يعتقان كما قالا غير أن شهادتهما بالبنتية لم تقبل لأن معتق البعض لا تقبل شهادته فتفقه
مطلب يبطل القضاء بظهور الشهود عبيدا
فائدته قضى بشهادة فظهروا عبيدا تبين بطلانه فلو قضى بوكالة ببينة وأخذ ما على الناس من الديون ثم وجدوا عبيدا لمن تبرأ الغرماء ولو كان بمثله في وصاية برئوا لأن قبضه بإذن القاضي وإن لم يثبت الإيصاء كإذنه لهم في الدفع إلى أمينه بخلاف الوكالة إذ لا يملك الأذن لغريم في دفع دين الحي لغيرة قال المقدسي فعلى هذا ما يقع الآن كثيرا من توليه شخص نظر وقف فيتصرف فيه تصرف مثله من قبض وصرف وشراء وبيع ثم يظهر أنه بغير شرط الواقف أو أن إنهاءه باطل ينبغي أن لا يضمن لأنه تصرف بإذن القاضي كالوصي فليتأمل
قلت وتقدم في الوقف ما يؤيده ا هـ
قوله ( وصبي ) مطلقا لعدم الولاية كالمملوك وقدمنا أن الصبي إذا بلغ فشهد فإنه لا بد من التزكية وكذا الكافر إذا أسلم وإن الكافر إذا عدل في كفره لشهادة ثم أسلم فشهد فإنه يكفي التعديل الأول وأن الفرق بين الصبي والكافر هو أن الكافر كان له شهادة مقبولة قبل إسلامه بخلاف الصبي
قوله ( ومغفل ) قال محمد في رجل عجمي صوام قوام مغفل يخشى عليه أن يلقن فيأخذ به قال هذا شر من الفاسق في الشهادة
وعن أبي يوسف أنه قال إنا نرد شهادة أقوام نرجو شفاعتهم يوم القيامة
معناه أن شهادة المغفل وأمثاله لا تقبل وإم كان عدلا صالحا
تاترخانية
وفي البحر وعن أبي يوسف أجيز شهادة المغفل ولا أجيز تعديله لأن التعديل يحتاج فيه إلى الرأي والتدبير والمغفل لا يستقصي في ذلك ا هـ
وفي مؤيد زاده ومن اشتدت غفلته لا تقبل شهادته
قوله ( ومجنون إلا في حال صحته ) أي وقت كونه صاحيا
قال في المحيط ومن يجن ساعة ويفيف أخرى فشهد في حال صحته تقبل لأن ذلك بمنزلة الإغماء وقدر بعض مشايخنا جنونه بيوم أو يومين فإذا شهد بعدهما وكان صاحيا تقبل ا هـ
وقد علم أن قوله إلا في حال صحته استثناء من مجنون
قوله ( إلا أن يتحملا ) أي المملوك والصبي
قوله ( والتمييز ) إنما عدل عن قول حافظ الدين والصغر لأن التحمل بالضبط وهو إنما يحصل بالتمييز إذ لا ضبط قبله
قال فخر الإسلام إن الصبي أو حاله كالمجنون يعني إذا كان عديم العقل والتمييز وأما إذا عقل فهو والمعتوه العاقل سواء في كل الأحكام
أفاده المصنف
قوله ( وأديا بعد الحرية ) أي النافذة فلو أعتق عبده في مرض موته ولا مال له غيره ثم شهد لا تقبل عند الإمام لأن عتقه موقوف
بحر
قوله ( كما مر ) في قوله وعتيق لمعتقه
قوله ( وبعد البلوغ ) لأن الصبي والرقيق والمملوك أهل للتحمل لأن التحمل بالشهادة والسماع ويبقى إلى وقت الأداء بالضبط وهما لا ينافيان ذلك وهما أهل عند الأداء وأطلقه فشمل ما إذا لم يؤدها إلا بعد الأهلية وأداها قبلها فردت ثم زالت العلة فأداها ثانيا
قوله ( وكذا بعد إبصار ) أي بشرط أن يتحمل وهو بصير أيضا بأن كان بصيرا فتحمل ثم عمي ثم أبصر فأدى فافهم
قاله سيدي الوالد
وعبارة الشارح توهم أنه إذا تحمل أعمى وأدى بصيرا أنها تقبل وليس كذلك لما تقدم من أن شرط التحمل البصر فتعين ما قاله سيدي الوالد
قوله ( والإسلام ) قال في البحر وأشار
____________________
(7/124)
إلى أن الكافر إذا تحملها على مسلم ثم أسلم فأداها تقبل كما في فتح القدير
قوله ( وتوبة فسق ) أي بأن تحمل فاسقا فأدى بعد توبة فإنها تقبل
والصحيح أن تقدير المدة في التوبة مفوض إلى رأى المعدل والقاضي كما قدمناه احترز بتوبة الفسق عن توبة القذف كما يأتي قريبا
قوله ( وطلاق زوجة ) يعني إذا تحمل وهو زوج وأدى بعد زوال الوزجية حقيقة وحكما أي إن لم يكن حكم بردها لما يأتي قريبا
قوله ( وفي البحر ) أي عن الخلاصة
قوله ( برده ) أي الشاهد
قوله ( فشهد بها ) أي بتلك الحادثة أما في غيرها فلا مانع
قوله ( لم تقبل ) أي الشهادة
قوله ( إلا أربعة الخ ) فعلى هذا لا تقبل شهادة الزوج والأجير والمغفل والمتهم والفاسق بعد ردها ا هـ
بحر
وفيه أيضا قبل هذا الباب اعلم أنه يفرق بين المردود لتهمة وبين المردود لشبهة فالثاني يقبل عند زوال المانع بخلاف الأول فإنه لا يقبل مطلقا وإليه أشار في النوازل ا هـ
وأطلق عدم القبول فشمله ولو من قاض آخر
قال الوبري من رد الحاكم شهادته في حادثة لا يجوز لحاكم آخر أن يقبله في تلك الحادثة وإن اعتقده عدلا
قال سيدي الوالد أما ما سوى الأعمى فظاهر لأن شهادتهم ليست شهادة وأما الأعمى فلينظر الفرق بينه وبين أحد الزوجين
ثم رأيت في الشرنبلالية استشكل قبول شهادة الأعمى ا هـ
أقول ويمكن أن يقال بأن الفرق ظاهر بينهما وهو أن الأعمى ليس أهلا للشهادة مطلقا كالعبد والصبي وأما الزوج فأهل لها لكن عدم ققبولها لتهمته
تأمل
ويأتي قريبا إن شاء الله تعالى
قوله ( عبد الخ ) وجه القبول فيها بعد الرد أن المردود أولا ليس بشهادة بخلاف الفاسق إذا ردت شهادته أحد الزوجين إذا ردت شهادته ثم شهد لا تقبل لأن لمردود أولا شهادة فيكون في قبولها بعض نقض قضاء قد أمضى بالاجتهاد
وقوله ( وأعمى ) يحمل على ما إذا تحمل بصيرا وأدى كذلك وقد تخلل العمى بينهما وعليه يحمل قوله وكذا بعد إبصار السابق كما نقلناه عن سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( وإدخال الكمال ) مع أنه صرح في صدر عبارته بخلافه ومثله في التاترخانية والجوهرة والبدائع
قال في خزانة المفتين ومن ردت شهادته لعلة ثم زالت العلة لا تقبل إلا في خمسة مواضع إلى أن قال الخامسة إذا تحمل المملوك شهادة لمولاه فلم يؤد حتى عتق ثم شهد بها تقبل وكذا الزوج إذا أبان امرأته ثم شهد لها جاز فظاهر جعله من المستثنيات يؤيد كلام الكمال وتصويره لا يساعده لأنه قال لم يؤد حتى عتق فليس فيه أنها ردت لذلك ثم شهد بها
وقال إذا أبان امرأته ثم شهد لها ولم يذكر أنها ردت قبل الإبانة كما نذكر تصويره قريبا عن الجوهرة والبدائع إن شاء الله تعالى فتأمل
قوله ( سهو ) لأن الزوج له شهادة وقد حكم بردها بخلاف العبد ونحوه
تأمل
والعجب أنه ذكر أولا أنها لا تقبل كما لو ردت لفسق ثم تاب ثم قال فصار الحاصل الخ فذكر أحد الزوجين مع من يقبل فالظاهر أنه سبق قلم لمخالفته صدر كلامه ولما صرح به في التاترخانية والخلاصة لا تقبل إلا في أربعة ولما في الجوهرة إذا شهد الزوج الحر لزوجته فردت ثم أبانها وتزوجت غيره ثم شهد
____________________
(7/125)
لها بتلك الشهادة لم تقبل لجواز أن يكون توصل بطلاقها إلى تصحيح شهادته وكذا إذا شهدت لزوجها ثم أبانها ثم شهدت له ا هـ
ولما في البدائع لو شهد الفاسق فردت أو أحد الزوجين لصاحبه فردت ثم شهدا بعد التوبة والبينونة لا تقبل
ولو شهد العبد أو الصبي أو الكافر فردت ثم عتق وبلغ وأسلم وشهد في تلك الحادثة بعينها تقبل
ووجه الفرق أن الفاسق والزوج لهما شهادة في الجملة فإذا ردت لا تقبل بعد بخلاف الصبي والعبد والكافر إذ لا شهادة لهم أصلا ا هـ
كذا في الشرنبلالية
وفيها قال في الفتاوى الصغرى لو شهد المولى لعبده في النكاح فردت ثم شهد له بذلك بعد العتق لم يجز لأن المردود كان شهادة
ثم قال والصبي أو المكاتب إذا شهد فردت ثم شهدها بعد البلوغ والعتق جاز لأن المردود لم يكن شهادة بدليل أن قاضيا لو قضى به لا يجوز
فإذا عرفت يسهل عليك تخريج المسائل أن المردود لو كان شهادة لا تجوز بعد ذلك أبدا ولو لم يكن شهادة تقبل عند اجتماع الشرائط ا هـ
ولكن يشكل عليه شهادة الأعمى إذ لو قضى بها جاز فهي شهادة وقد حكم بقبولها بزوال العمى
قوله ( ومحدود في قذف ) أي بسببه وقيد به لأن الرد في غيره للفسق وقد ارتفع بالتوبة
وأما فيه فلأن عدم قبول شهادتهم من تمام الحد والحد لا يزول بالتوبة وأشار به إلى أن الشهادة لا ترد بالقذف مؤبدا بل بالحد
قوله ( تمام الحد ) أي لا تسقط شهادته ما لم يضرب تماما لحد لأن الحد لا يتجزأ فما دونه لا يكون حدا وهو صريح المبسوط لأن المحدود من ضرب الحد أي تماما لأن ما دونه يكون تعزيرا غير مسقط لها وهو ظاهر الرواية
قوله ( وقيل بالأكثر ) كما هو رواية وقد علمت أن ظاهر الرواية تمامه واختاره في المحيط لأن المطلق يحمل على الكمال
وفي رواية ولو بسوط كما في المنبع ولا فرق في عدم إتمامه بين أن يكون ضرب ناقصا أو فر قبل إتمامه لأنه ليس بحد حينئذ
قوله ( وإن تاب ) إن وصلية أي لا تقبل شهادة المحدود في القذف وإن تاب
قوله ( بتكذيبه نفسه ) الباء للسببية أي بسبب تكذيبه نفسه لأن تكذيبه ناشيء عن كذبه وكذبه ذنب يقتضي التوبة فليس التكذيب توبة لصحة الشهادة ويمكن أن تكون الباء للتصوير ويؤيده ما في الشرنبلالية فراجعها وتأمل
قوله ( لأن الرد ) أي رد شهادة المحدود في القذف
قوله ( من تمام الحد بالنص ) وهو قوله تعالى { ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا } النور 4 ووجه الاستدلال أن الله تعالى نص على الأبد وهو ما لا نهاية له والتنصيص عليه ينافي القبول في وقت ما وأن معنى قوله لهم للمحددين في القذف وبالتوبة لم يخرج عن كونه محدودا في قذف ولأنه يعني رد الشهادة من تمام الحد لكونه مانعا عن القذف كالجلد والحد وهو الأصل فيبقى بعد التوبة لعدم سقوطه بها فكذا تتمة اعتبارا له بالأصل كما في العناية
وفي العيني على الهداية وإنما كان رد الشهادة من تمام الحد أي لكون تمام الحد مانعا أي عن القذف لكونه زاجرا لأنه يؤلم قلبه كالجلد يؤلم بدنه ولأن المقصود منه رفع العار عن المقذوف وذلك في إهدار قول القاذف أظهر لأنه بالقذف آذى قلبه فجزاؤه أن لا تقبل شهادته
لأنه فعل لسانه وفاقا لجريمته فيكون من تمام الحد فيبقى أي الرد بعد التوبة كأصله { إلا الذين تابوا } النور 5 راجع إلى قوله { وأولئك هم الفاسقون } النور 4 لقوله { ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا }
____________________
(7/126)
بخلاف آية المحاربين فإن قوله تعالى { إلا الذين تابوا } النور 5 راجع إلى الحد لا لقوله { ولهم عذاب عظيم } لأنه لو رجع إليه لما قيد الاستثناء بقبل القدرة لأن التوبة نافعة مطلقا ففائدة التقييد به سقوط الحد به
وقال الشافعي ومالك وأحمد تقبل لقوله تعالى النور 4 5 فإن الاستثناء إذا تعقب جملا بعضها معطوف على البعض ينصرف إلى الكل كقول القائل امرأته طالق وعبده حر وعليه حجة إلا أن يدخل الدار فإن الاستثناء ينصرف إلى جميع ما تقدم لأن هذا افتراء على عبد من عبيد الله تعالى والافتراء على الله تعالى وهو الكفر لا يوجب رد الشهادة على التأبيد بل إذا أسلم يقبل فهذا أولى
ولنا أن قوله تعالى { ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا } النور 4 معطوف على قوله { فاجلدوهم } النور 4 والعطف للاشتراك فيكون رد الشهادة من حد القذف والحد لا يرتفع بالتوبة
ولا نسلم أن الاستثناء في الآية تعقب جملا بعضها معطوف على بعض بل تعقب جملة منقطعة عن جمل بعضها معطوف على بعض لأنه يعقب جملة { أولئك هم الفاسقون } النور 4 وهي جملة مستأنفة لأن ما قبلها أمر ونهي فلم يحسن عطفها عليه بخلاف المثال فإن الجمل كلها فيه إنشائية معطوفة فيتوقف كلها على آخرها حتى إذا وجد الغير في الأخير تغير الكل والقياس على الكفر ممتنع لفقط شرطه وهو أن لا يكون في الفرع نص يمكن العمل به وها هنا نص وهو التأبيد
شمني
وفي العناية ولا يمكن صرف الاستثناء إلى الجميع لأنه منصرف إلى ما يليه وهو قوله تعالى { وأولئك هم الفاسقون } النور 4 وهو ليس بمعطوف على ما قبله لأن ما قبله طلبي وهو إخباري
فإن قلت فجعله بمعنى الطلب ليصح كما في قوله تعالى { وبالوالدين إحسانا } الإسراء 23 قلت يأباه ضمير الفصل فإنه يفيد حصر أحد المسندين في الآخر وهو يؤكد الإخبارية
سلمناه لكن يلزم جعل الكلمات المتعددة كالكلمة الواحدة وهو خلاف الأصل
سلمناه لكنه كان إذا ذاك جزاء فلا يرتفع بالتوبة كأصل الحد وهو تناقض ظاهر
سلمناه لكنه كان أبدا مجازا عن مدة غير متطاولة وليس بمعهود
سلمناه لكن جعله ليس بأولى من جعل الاستثناء منقطعا بل جعله منقطعا أولى دفعا للمحذورات وتمام الصور على هذا البحث يقتضي مطالعة تقريرنا في تقريرنا في الاستدلالات الفاسدة ا هـ
قوله ( إلا أن يحد كافرا في القذف فيسلم فتقبل ) لأن للكافر شهادة فكان ردها من تمام الحد وبالإسلام حدثت شهادة أخرى فتقبل على المسلمين والذميين
قوله ( بعد الإسلام ) قال في البحر وضع هذه المسألة يدل على أن الإسلام لا يسقط حد القذف وهل يسقط شيئا من الحدود قال الشيخ عمر قارىء الهداية إذا سرق الذمي أو زنى ثم أسلم فإن ثبت عليه ذلك بإقراره أو بشهادة المسلمين لا يدرأ عنه الحد وإن ثبت بشهادة أهل الذمة فأسلم سقط عنه الحد ا هـ
وينبغي أن يقال كذلك في حد القذف
وفي اليتيمة من كتاب السير أن الذمي إذا وجب التعزير عليه فأسلم لم يسقط عنه ولم أر حكم الصبي إذا وجب التعزير عليه للتأديب فبلغ
ونقل الفخر الرازي عن الشافعي سقوطه لزجره بالبلوغ ومقتضى ما في اليتيمة أنه لا يسقط إلا أن يوجد نقل صريح ا هـ
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر الرواية وظاهر كلام المصنف أنه أسلم بعد ما ضرب تمام الحد فلو أسلم بعد ما ضرب بعضه فضرب الباقي بعد إسلامه ففيه ثلاث روايات في ظاهر الرواية
____________________
(7/127)
لا تبطل شهادته على التأبيد فإذا تاب قبلت
وفي رواية تبطل إن ضرب الأكثر بعد إسلامه
وفي رواية تبطل ولو بسوط
بحر عن السراج أي لأنه لم يوجد في حقه ما ترد به شهادته التي تقبل منه في كفره ولا التي تقبل منه في إسلامه
لأنه في حال كفره لم يقم عليه تمام الحد ولا ترد الشهادة إلا بذلك
وفي الإسلام لم يقم عليه تمام أيضا فلم تسقط شهادته
قوله ( بخلاف عبد حد فعتق لم تقبل ) لأنه لا شهادة للعبد أصلا في حال رقه فتوقف الرد على حدوثها فإذا حدثت كان رد شهادته بعد العتق من تمام الحد
والفرق بينه وبين الكافر هو أن الكافر في حال كفره له شهادة فإذا حد للقذف سقطت تلك الشهادة فإذا أسلم فقد استفاد بالإسلام بعد الحد شهادة فلم يخلفها رد بخلاف العبد إذا حد ثم أعتق حيث لا تقبل شهادته لأنه لم يكن له شهادة على أحد وقت الجلد فلم يتم الرد إلا بعد الإعتاق
قوله ( على زناه ) أي المقذوف قوله ( أو اثنين ) أو رجل وامرأتين
منح
قوله ( كما لو برهن قبل الحد بحر ) ونصه لأنه لو أقام أربعة بعد ما حد على أنه زنى قبلت شهادته بعد التوبة في الصحيح لأنه لو أقامها قبل لم يحد فكذا لا ترد شهادته وإنما قيد بقوله على أنه زنى لأنه لو أام بينة على إقرار المقذوف بالزنا لا يشترط أن يكونوا أربعة لما في فتح القدير من باب حد القذف فإن شهد رجلان أو رجل وامرأتان على إقرار المقذوف بالزنا يدرأ الحد عن القاذف لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة الخ فكذا إذا أقام رجلين بعد حده على إقراره بالزنا تعود شهادته كما لا يخفى
ثم اعلم أن الضمير في قوله لهم عندنا عائد إلى المحدودين
وعند الشافعي إلى القاذفين العاجزين عن الإثبات كما ذكره الفخر الرازي فلو لم يحد تقبل شهادته عندنا خلافا له ولو قذف رجلا ثم شهد مع ثلاثة على أنه زنى فإن كان حد لم يحد المشهود عليه وإن لم يحد القاذف حد المشهود عليه
كذا في البزازية ا هـ
قوله ( الفاسق إذا تاب تقبل شهادته ) قدمنا أن الفاسق إذا تاب لا تقبل شهادته ما لم يمض عليه زمان يظهر أثر التوبة عليه وأن بعضهم قدر ذك بستة أشهر وبعضهم قدر بسنة وأن الصحيح أنه مفوض إلى رأي القاضي والمعدل فراجعه
قوله ( والمعروف بالكذب ) أي المشهور به فلا تقبل شهادته فإنه لا يعرف صدقه من توبته بخلاف الفاسق إذا تاب عن سائر أنواع الفسق فإن شهادته تقبل
بحر عن البدائع
قوله ( وشاهد الزور الخ ) قال ط صنيعه يقتضي أنه ذكر ذلك في البحر وقد اقتصر فيه على الأولين فلو قال وفي الملتقط وساق العبارة لكان أولى ا هـ
أقول نعم ذكره في البحر في هذا الباب عند قول الكنز ومن ألم بصغيرة إن اجتنب الكبائر وقدمنا عبارته في هذا الباب عند قوله ومتى ارتكب كبيرة سقطت عدالته
قوله ( لو عدلا لا تقبل أبدا ) لأنه لا تعرف توبته ولا تعتمد عدالته أي من غير ضرب مدة كما في البحر عن الخلاصة قبيل قوله والأقلف
وفي الخانية المعروف بالعدالة إذا شهد بزور عن أبي يوسف أنه لا تقبل شهادته أبدا لأنه لا تعرف توبته وقيد بالعدل لأن غير العدل إذا شهد بزور ثم تاب تقبل شهادته كما قدمناه
قوله ( لكن سيجيء ترجيح قبولها ) أي قبيل باب الرجوع عن الشهادة
قال في الخانية تقبل وعليه الاعتماد وجعل الأول رواية عن الثاني
وروى الفقيه أبو جعفر أنه تقبل وعليه الاعتماد وكلام الشارح فيما يأتي أي قبيل باب الرجوع عن الشهادة صريح في أن
____________________
(7/128)
الرواية الثانية عن أبي يوسف أيضا
تأمل
قوله ( ومسجون ) ولو تعدد ولذا عبر في الدرر يشهد بعضهم على بعض والتعليل يفيده
قال في المنح يعني إذا حدث بين أهل السجن حادثة في السجن وأراد بعضهم أن يشهد في تلك الحادثة لم تقبل لكونهم متهمين
كذا في الجامع الكبير ومثله في البزازية ا هـ
قوله ( وكذا لا تقبل شهادة الصبيان ) ظاهر عبارة المصنف وعبارة الصغرى يفيد أنها لا تقبل شهادة البالغ الذي حضر الملاعب لفسقه بالحضور
قوله ( لمنع الشرع عما يستحق به السجن ) لأن العدل لا يحضر السجن
والبالغ لا يحضر ملاعب الصبيان والرجال لا تحضر حمام النساء والشرع شرع لذلك طريقا آخر وهو الامتناع عن حضور الملاعب وعما يستحق به الدخول في السجن ومنع النساء عن الحمامات فإذا لم يمتثلوا كان التقصير مضافا إليهم لا إلى الشرع ا هـ
وقد تقدم الكلام على أنه قد يسجن الشخص من غير جرم والمنع إنما يظهر في حق المسجون والنساء في الحمام لا في الصبيان لعدم تكليفهم
ذكر في إجارة المنبع معزيا إلى المبسوط أن عند أكثر العلماء والمجتهدين لا بأس باتخاذ الحمام للرجال والنساء للحاجة إليها خصوصا في الديار الباردة وما روي من منعهن محمول على دخولهن مكشوفات العورة
وقال المقدسي وهو الصحيح
قوله ( وصغرى وشرنبلالية ) ما في الشرنبلالية نقله عن الصغرى فالأولى شرنبلالية عن الصغرى
قال في جامع الفتاوى وقيل في كل ذلك يقبل والأصح الأول كما في القنية ا هـ
قوله ( تقبل شهادة النساء وحدهن ) قدم في الوقف أن القاضي لا يمضي قضاء قاض آخر بشهادة النساء وحدهن في شجاج الحمام
سائحاني
وحمله سيدي الوالد على القصاص بالشجاج
قوله ( في القتل ) فلا تقبل في نحو الأموال والشجاج
قوله ( بحكم الدية ) الأوضح في حكم الدية وهو متعلق بتقبل في نحو الأموال والشجاج
قوله ( بحكم الدية ) الأوضح في حكم الدية وهو متعلق بتقبل أي لا في ثبوت القصاص فإنه لا يثبت بالنساء وظاهر ذلك أنه يحكم بالدية مع شهادتهن بالعمد ط
قوله ( المعلم ) ولو لغير قرآن
قوله ( والزوجة لزوجها وهو لها ) أي ولو كانت الزوجة أمة لقوله عليه الصلاة والسلام لا تجوز شهادة لوالد لولده ولا لولد لوالده ولا المرأة لزوجها ولا الزوج لامرأته ولا العبد لسيده ولا السيد لعبده ولا الشريك لشريكه ولا لأجير لمن ستأجره كما في الفتح مرفوعا من رواية الخصاف ومن قول شريح وساقه بسنده ولأن المنافع بين هؤلاء متصلة ولهذا لا يجوز أداء بعضهم الزكاة إلى بعض فتكون شهادته لنفسه من وجه فلا تقبل
قيل ما فائدة قول لسيده فإن العبد لا شهادة له في حق أحد وأجيب بأن ذكره على سبيل الاستطراد فإنه عليه الصلاة والسلام لما عد مواضع التهمة ذكر العبد مع السيد فكأنه قال لو قبلت شهادة العبد في موضع من المواضع على سبيل الفرض لم تقبل في حق سيده
قوله ( وجاز عليها ) أي وعليه
قوله ( إلا في مسألتين في الأشباه ) وفي البحر أيضا الأولى قذفها الزوج ثم شهد عليها بالزنا مع ثلاثة لم تقبل لأنه يدفع اللعان عن نفسه
الثانية شهد الزوج وآخر بأنها أقرت بالرق لفلان وهو يدعي ذلك لم تقبل
ولو قال المدعي أنا أذنت لها في نكاحه إلا إذا كان دفع لها المهر
____________________
(7/129)
بإذن المولى
كذا في النوازل
بحر
وكأن وجهه أن إقدامه على نكاحها وتسليمها المهر مناف لشهادته إذا لم يعترف المدعي بإذنه بالنكاح وبقبض المهر
قال في البحر ثم علم أن من لا تقبل شهادته له لا يجوز قضاؤه فلا يقضي لأصله وإن علا ولا لفرعه وإن سفل ولو وكيل من ذكرنا كما في قضائه لنفسه كما في البزازية
ومنها أيضا اختصم رجلان عند القاضي ووكل أحدهما ابن القاضي أو من لا تجوز شهادته له فقضى القاضي لهذا الوكيل لا يجوز وإن قضى عليه يجوز
وفي الخزانة وكذا لو كان ولده وصيا فضى له ولو كان القاضي وصي اليتيم لم يجز قضاؤه في أمر اليتيم ولو كان القاضي وكيلا لم يجز قضاؤه لموكله
وتمامه فيها ا هـ
قوله ( ولو شهد لها ثم تزوجها ) أي قبل القضاء وكذا لو شهد ولم يكن أجيرا ثم صار أجيرا قبل أن يقضي بها
تاترخانية
قال ط وانظر ما لو طلقها وانقضت عدتها والمسألة بحالها هل يقضى بها والمناسب للمؤلف زيادة مسألة أخرى يزيد التفريع بها وضوحا وهي أنه لو شهد لامرأته وهو عدل ولم يرد الحاكم شهادته حتى طلقه بائنا وانقضت عدتها فإنه تنفذ شهادته كما في الخانية ا هـ
قوله ( فعلم منع الزوجية ) ولو الحكمية كما في المعتدة لكن الذي يعلم ما ذكره منع الزوجية عند القضاء وأما منعها عند التحمل أو الأداء فلا يعلم مما ذكر فلا بد من ضميمة ما ذكره
في المنح عن البزازية لو تحملها حال نكاحها ثم أبانها وشهد لها أي بعد انقضاء عدتها تقبل وما قدمناه في المقولة السابقة قبل هذه عن ط وهي لو شهد لامرأته وهو عدل الخ
قوله ( لا تحمل ) أي لا تمنع الزوجية عن التحمل فلو تحمل أحدهما حال الزوجية وأدى بعد انقضاء العدة يجوز
قوله ( أو أداء ) كما في المسألة المنقولة عن الخانية
قال الرحمتي وهو معطوف على القضاء أي يمنع الزوجية عن القضاء أو الأداء لا عند التحمل فلو تحملت في النكاح أو العدة وأدت بعدها جاز كتحمل الزوج ولا يصح القضاء بشهادة أحد الزوجين ولا أداؤهما للشهادة في حال قيام الزوجية أو العدة وهذا هو المتفرع على عبارة الخانية حيث قال ثم تزوجها بطلت أي لا يقضى بها بعد أدائها قبل الزوجية كما لا يصح الأداء حال قيام الزوجية ا هـ
وهو مخالف لما قدمناه عن الخانية من نفاذ شهادة العدل لزوجته حال الزوجية إذا أبانها وانقضت عدتها قبل رد الحاكم شهادته وهو الموافق لظاهر عبارة الشارح لأن الظاهر عطف قوله أو أداء على قوله لا تحمل من غير تكلف لما قاله الرحمتي كما سمعت فتكون الزوجية غير مانعة عند التحمل وعند الأداء إلا أن يشهد لما قاله الرحمتي نقل
فتأمل
قال في البحر والحاصل أنه لا بد من انتفاء التهمة وقت القضاء وأما في باب الرجوع إلى الهبة فهي مانعة منه وقت الهبة لا وقت الرجوع فلو وهب لأجنبيه ثم نكحها فله الرجوع بخلاف عكسه كما سيأتي
وفي باب إقرار المريض الاعتبار لكونها زوجة وقت الإقرار فلو أقر لأجنبيه ثم نكحها ومات وهي زوجته صح
وفي باب الوصية الاعتبار لكونها زوجة وقت الموت لا وقت الوصية ا هـ
قوله ( والفرع لأصله ) ولو كان فرعا من وجه كولد الملاعنة لا تقبل شهادته لأصوله أو هوله أو لفروعه لثبوت نسبه من وجه بدليل صحة دعوته منه وعدمها من غيره
وتحرم مناكحته ووضع الزكاة فيه ولا إرث ولا نفقة من الطرفين كولد العاهر ولو باع أحد التوأمين وقد ولدا في ملكه وأعتقه المشتري فشهد لبائعه تقبل فإن ادعى الباقي ثبت نسبهما وانتقض البيع والعتق والقضاء ويرد ما قبض أو مثله إن هلك للاستناد لتحويل العقد وإن كان القضاء قصاصا في طرف
____________________
(7/130)
أو نفس فأرشه عليه دون العاقلة
وتمامه في تلخيص الجامع من باب شهادة ولد الملاعنة
ولا تقبل شهادة ولد أم الوالد المنفي من السيد ولا يعطيه الزكاة كولد الحرة المنفي باللعان
كذا في المحيط البرهاني
وفي فتح القدير تجوز شهادته لابنه رضاعا
وفي خزانة الأكمل شهد ابناه أن الطالب أبرأ أباهما واحتال بدينه على فلان لم تجز إذا كان الطالب منكرا وإن كان المال على غير أبيهما فشهدا أن الطالب أحال به أباهما والطالب ينكر والمطلوب يدعي البراءة والحوالة جازت انتهى
وفي المحيط البرهاني إذا شهدا على فعل أبيهما فعلا ملزما لا تقبل إذا كان للأب منفعة اتفاقا وإلا فعلى قولهما لا تقبل
وعن محمد روايتان فلو قال إن كلمك فلان فأنت حر فادعى فلان أنه كلمه وشهد ابناه به لم تقبل عندهما وكذا إن علق عتقه بدخوله الدار ولو أنكر الأب جازت شهادتهما وكذا الحكم في كل شيء كان من فعل الأب من نكاح أو طلاق أو بيع
وإن شهد ابنا الوكيل على عقد الوكيل فهو على ثلاثة أوجه الأول أن يقر الموكل والوكيل بالأمر والعقد
وهو على وجهين فإن ادعاه الخصم قضى القاضي بالتصادق لا بالشهادة وإن أنكر فعلى قولهما لا تقبل ولا يقضي بشيء إلا في الخلع فإنه يقضي بالطلاق بغير مال لإقرار الزوج به وهو الموكل
وعند محمد يقضي بالعقد إلا بعقدذ ترجع حقوقه إلى العاقد كالبيع
الثاني أن ينكر الوكيل والموكل فإن جحد الخصم لا تقبل وإلا تقبل اتفاقا
الثالث أن يقر الوكيل بهما ويجحد الموكل العقد فقط فإن ادعاه الخصم يقضي بالعقود كلها إلا النكاح على قول أبي حنيفة
وتمامها فيه
قوله ( وإن علا ) كجده وجد جده إلى ما لا نهاية سواء كان جده لأبيه أو لأمه
قوله ( إلا إذا شهد الجد الخ ) محل هذا الاستثناء بعد قوله وبالعكس إذ الجد أصل لا فرع وأنت خبير بأن هذه ليست من جزئيات شهادة الفرع لأصله بل الأمر بالعكس وحينئذ فلا محل له بعد قوله وبالعكس
وقياسه هنا أن يقال إلا إذا شهد ابن الابن على أبيه لجده وهذا تبع فيه صاحب الأشباه ابن الشحنة كما نقله منه في المنح ويظهر لك بيانه قريبا
ثم إن صاحب المحيط جعل ذلك في صورة مخصوصة وهي ما إذا ولدت امرأة ولدا فادعت أنه من زوجها هذا وجحد الزوج ذلك فشهد أبوه وابنه على إقرار الزوج أنه ولده من هذه المرأة تقبل شهادتهما لأنها شهادة على الأب ا هـ
ومثله في الخانية
أقول وتتمة عبارتها ولو شهد أبو المرأة وجدها على إقرار الزوج بذلك لا تقبل شهادتهما لأنهما يشهدان لولدهما ولو ادعى الزوج ذلك والمرأة تجحد فشهد عليها أبوها أنها ولدت وأقرت بذلك اختلفت فيه الرواية
قال في الأصل لا تقبل شهادتهما في رواية هشام وتقبل في رواية أبي سليمان
وإذا شهد الرجل لابن ابنه على ابنه جازت شهادته انتهت
ونقلها في التاترخانية بحروفها
ووجه الأولى أنها شهادة على الابن للمرأة صريحا بجحوده وادعائها وفي الثانية بالعكس والقبول في الأولى يقتضي القبول في الثانية وترجيح رواية أبي سليمان إذ لا فرق يظهر ولم يصر الولد المجحود ابن ابن إلا بعد الشهادة في المسألتين وعلى هذا فلا فرق بين الأموال والنسب في القبول
____________________
(7/131)
وفي المنح عن شرح العلامة عبد البر نقلا عن الخانية القبول مطلقا من غير تقييد بحق
قال المصنف ولعل وجه القبول أن إقدامه على الشهادة على ولده وهو أعز عليه من ابنه دليل على صدقه فتنفي التهمة التي ردت لأجلها الشهادة وهذا خلاف ما مشى عليه صاحب البحر من أنه مقيد بشهادة الأب على إقرار ابنه ببنوة ولده في الأموال ونقله قبله أنها لا تقبل وحمله على أنها في غير مسألة المحيط المذكورة وتعقب المصنف كلامه بكلام ابن الشحنة
ونص قاضيخان فيمن لا تقبل شهادته للتهمة أو إذا شهد الرجل لابن ابنه على ابنه جازت شهادته كما ذكرنا ا هـ
قال الشلبي في فتاويه سئلت عما لو شهدت الأم لبنتها على بنت لها أخرى هل تقبل شهادتهما فأجبت بما حاصله إن شهادة الأم على إحدى البنتين وإن كانت مقبولة لكن لما تضمنت الشهادة للأخرى ردت فلا تقبل شهادتهما للتهمة والله الموفق
ويشهد لما أجبت به قول الزيلعي رحمه الله تعالى في كتاب النكاح ولو تزوجها بشهادة ابنيهما ثم تجاحدا لا تقبل مطلقا لأنهما يشهدان لغير المنكر منهما ا هـ
ثم أجاب عن سؤال الآخر بما نصه شهادة الأب على ولده لابنته غير صحيحة والله تعالى أعلم ا هـ
أقول ويظهر على اعتماد عدم القبول أيضا لأنه منطوق المتون فتأمل
قوله ( قال ) أي صاحب الأشباه
قوله ( إلا إذا شهد على أبيه لأمه ) في مال لا طلاق ادعته عليه كما في تنوير الأذهان والضمائر معزيا فيه لفتاوى شمس الأئمة الأوزجندي من أن الأم وإن ادعت الطلاق تقبل شهادتهما وهو الأصح لأن دعواها لغو فإن الشهادة تقبل حسبة من غير دعواها فصار وجود دعواها وعدمها سواء ط
قوله ( ولو بطلاق ضرتها ) لأنها شهادة لأمه
قوله ( والأم في نكاحه ) الواو للحال
ووجهه الشريف الحموي بأن فيه جر نفع للأم
وأخذ السيد أبو السعود من كلام الأوزجندي السابق أن القبول هنا أولى لأن الأم لم تدع والشهادة في الطلاق مقبولة حسبة
قال في البحر وذكر في القضاء من الفصل الرابع رجل شهد عليه بنوه أنه طلق أمهم ثلاثا وهو يجحد فإن كانت الأم تدعي فالشهادة باطلة وإن كانت تجحد فالشهادة جائزة لأنها إذا كانت تدعي فهم يشهدون لأمهم لأنهم يصدقون الأم فيما تدعي ويعيدون البضع إلى ملكها بعد ما خرج عن ملكها
وأما إذا كانت تجحد فيشهدون على أمهم لأنهم يكذبونها فيما تجحد ويبطلون عليها ما استحقت من الحقوق على زوجها من القسم والنفقة وما يحصل لها من منفعة عود بضعها إلى ملكها فتلك منفعة مجحودة يشوبها مضرة فلا تمنع قبول الشهادة ا هـ
وهذه من مسائل الجامع الكبير
وأورد عليه أن الشهادة بالطلاق شهادة بحق الله تعالى فوجود دعوى الأم وعدمها سواء لعدم اشتراطها
وأجيب بأن مع كونه حقا لله تعالى فهو حقها أيضا فلم تشترط الدعوى للأول واعتبرت إذا وجدت مانعة من القبول للثاني عملا بهما
وفي المحيط البرهاني معزيا إلى فتاوى شمس الإسلام الأوزجندي أن الأم إذا ادعت الطلاق تقبل شهادنهما قال وهو الأصح لأن دعواها لغو
قال مولانا وعندي أن ما ذكره في الجامع أصح ا هـ
ويتفرع على هذا مسائل ذكرها ابن وهبان في شرحه
الأولى شهدا أن امرأة أبيهما ارتدت وهي تنكر فإن كانت أمهما حية لم تقبل ادعت أو أنكرت لانتفاعها وإلا فإن ادعى الأب لم يقبل وإلا قبلت
____________________
(7/132)
الثانية طلق امرأته قبل الدخول ثم تزوجها فشهد ابناه أنه طلقها في المدة الأولى ثلاثا ثم تزوجها بلا محلل فإن كان الأب يدعي لا تقبل وإلا تقبل
الثالثة شهد ابناه على الأب أنه خلع امرأته على صداقها فإن كان الأب يدعي لم تقبل دخل بها أولا وإلا تقبل ادعى أو لا
الرابعة شهد ابنا الجارية الحران أن مولاها أعتقها على ألف درهم فإن كانت تدعي لم تقبل وإلا فتقبل
وإن شهد ابنا المولى وهو يدعي لم تقبل وعتقت لإقراره بغير شيء وإلا تقبل
بخلاف ما إذا شهدا على عتق أبيهما بألف فإنها لا تقبل مطلقا لأن دعواه شرط عنده
ولو شهد ابنا المولى فإن ادعى المولى لم تقبل وإن جحد وادعى الغلام تقبل ويقضى بالعتق وبوجوب المال وإن أنكر لم تقبل
الخامسة جارية في يد رجل ادعت أنه باعها من فلان وأن فلانا الذي اشتراها أعتقها والمشتري يجحد فشهد ابنا ذي اليد با ادعت الجارية فإن ادعى الأب لم تقبل وإلا تقبل ا هـ
وهذه كلها مسائل الجامع الكبير ذكرها الصدر الشهيد سليمان في باب من الشهادات
وزاد قالت بعتني منه وأعتقني وشهد ابنا البائع إن داعى لا تقبل وعتقت بإقراره وإن كذبه قبلت وثبت الشراء والعتق لأنه خصم كالشفيع في يده جارية قال بعتها من فلان بألف وقبضها وباعها مني بمائة دينار وشهد ابنا الباع يقضى بالبيعين وبالثمنين
وعند محمد يشترط تصديقه ولا يحبس به وإن ادعى الأب لا تقبل ويسلم له إقراره إلى آخر ما فيه
وفي البزازية وفي المنتقى شهدا على أن أباهما القاضي قضى لفلان على فلان بكذا لا تقبل والمأخوذ أن الأب لو كان قاضيا يوم شهد الابن على حكمه تقبل ولو شهد الابنان على شهادة أبيهما تجوز بلا خلاف وكذا على كتابه ا هـ
ثم قال قضاء القاضي بشهادة ولده وحافده يجوز
وفي الخانية ولو ولدت ولدا وادعت أنه من زوجها وجحد الزوج ذلك فشهد على الزوج أبوه وابنه أنه أقر أن هذا ولده من هذه المرأة
قال في الأصل جازت شهادتهما ولو ادعى الزوج ذلك والمرأة تجحد فشهد عليها أبوها أنها ولدت وأنها أقرت بذلك اختلف فيه الرواية ا هـ وتقدم نقل مسألة الخانية فلا تنسه
قوله ( لا تقبل شهادة الإنسان لنفسه ) قال مؤيد زاده شهادة الإنسان فيما باشره مردودة بالإجماع سواء كان لنفسه أو لغيره وهو خصم في ذلك أولا فلا تجوز شهادة الوكيل بالنكاح ا هـ
قوله ( إلا في مسألة القاتل إذا شهد بعفو ولي المقتول ) أل في القاتل للجنس الصادق بالتعدد
وصورتها كما في الحلبي عن الأشباه ثلاثة قتلوا رجلا عمدا ثم شهدوا بعد التوبة أو الولي قد عفا عنا
قال الحسن لا تقبل إلا أن يقول اثنان منهم عفا عنا وعن هذا الواحد ففي هذا الوجه قال أبو يوسف تقبل في حق الواحد
وقال الحسن تقبل في حق الكل ا هـ
قال البيري الذي رأيناه في تلخيص الكبرى وخزانة الأكمل وعن الحسن في ثلاثة قتلوا رجلا عمدا ثم تابوا وأقروا وشهدوا أنه عفا عنا لا يجوز
وإن قال اثنان عفا عنا وعن هذا قال أبو يوسف تقبل في حق الواحد
وقال الحسن يجوز في الوجهين
وفي تلخيص الكبرى والفتوى على قول أبي يوسف ا هـ
ثم على قول أبي يوسف لا شهادة لإنسان لنفسه بل شهادتهما للثالث ولا تهمة فيها لعدم الاشتراك لوجوب القتل على كل واحد منهما كملا فلم تجز منفعة ا هـ
وأما على قول الحسن بالقبول فقد قبلت شهادة الإنسان لنفسه بالنظر لهما
وقوله وقال الحسن يجوز في الوجهين فيه
____________________
(7/133)
نظر فإنه ذكر عن الحسن فيما إذا قال الثلاثة عفا عنا لا يجوز فإن عبارتي الأشباه والبيري متفقتان على عد القبول فيما إذا ال عفا عنا فقط عند الحسن
والظاهر أن أبا يوسف معه إذ لم يذكر خلافه إلا في الثانية فإن أريد بالوجهين الثلث والشاهدان وافق عجز عبارة الأشباه السابقة ولا وجه لقول البيري والذي رأيناه الخ فإنه يفيد المخالفة بين العبارتين ط
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى إن كان المراد بقول الحسن تقبل إذا قال اثنان منه عفا عنا وعن هذا الواحد تقبل إن القاتل اثنان فقط كما هو المتبادر من ظاهر العبارة فالظاهر أن القبول في حق سقوط القود عن الكل وعليه فتجب الدية على الشاهدين فقط وإن كان المراد أن كل اثنين قال ذلك أو كل واحد قال ذلك فتسقط الدية عن الكل وانظر ما وجه قول أبي يوسف هذا وقد جعل المسألة في الأشباه مستثناة من قاعدة لا تقبل شهادة الإنسان لنفسه فقال محشيها الحموي تبعا للرملي لا يصح استثناء هذه المسألة من الضابط المذكور لأنه ليس فيها شهادة الإنسان لنفسه ولا على قول الحسن بل إنما قبلت على قوله في الوجه المذكور لأنها شهادة الاثنين كل منهم على عفو الولي عن الثالث
وأما شهادة كل لنفسه فلا قائل بها
والوجه في ذلك أن شهادة الاثنين للآخر لا تهمة فيها لعدم الاشتراك لوجوب القتل على كل واحد منهم كملا فلم تجر منفعة فهي كشهادة غريمين لغريمين فتأمل
وفي حاشيتها للكفيري قال أبو حنيفة تقبل في حق الواحد ويسقط القصاص عن الاثنين ويلزمهما بقية الدية وذلك لأن الشهادة ليست لأنفسهما
وقال الحسن تقبل في حق الكل وذلك لما فيه من اعتبار أن كل اثنين تكون شهادتهما لغيرهما وإذا فرض ذلك فتحصل الشهادة في المعنى لكل من الاثنين للآخر فتقبل شهادة الكل ا هـ
نقله بعض الفضلاء
وعلى هذا التقرير يصح الاستثناء لأن فيه قبول شهادة الإنسان لنفسه فتأمل ا هـ
قال في البحر ونظيره أي نظير مسألة القاتل ما في الخانية أيضا لو قال إن دخل داري أحد فعبدي حر فشهد ثلاثة أنهم دخلوها قال أبو يوسف إن قالوا دخلناها جميعا لا تقبل وإن قالوا دخلنا ودخل هذا تقبل
وسأل الحسن بن أبي يوسف عنها فقال إن شهد ثلاثة بأنا دخلناها جميعا تقبل وإن شهد اثنان لا تقبل فقال له الحسن أصبت وخالفت أباك ا هـ
قوله ( وسيد لعبده ) أي وأمته وأم ولده وتقبل عليهم
قهستاني قوله ( ومكاتبه ) لأنه شهادة لنفسه من كل وجه إن لم يكن عليه دين ومن وجه إن كان عليه دين لأن الحال موقوف مراعى
وفي منية المفتي شهد العبد لمولاه فردت ثم شهد بها عبد العتق تقبل ولو شهد المولى لعبده بالنكاح فردت ثم شهد له بعد العتق لم يجز لأن المردود كان شهادة وكذا الصبي أو المكاتب إذا شهد فردت ثم شهد بها بعد البلوغ والعتق جازت لأن المردود لم يكن شهادة ا هـ
بحر
وقدمنا الكلام عليه مستوفى في هذا الباب فراجعه
قوله ( والشريك لشريكه ) سواء كانت شركة أملاك أو شركة عقد عنانا أو مفاوضة أو وجوها أو صنائع وخصصه في النهاية بشريك العنان
قال وأما شهادة أحد المفاوضين لصاحبه فلا تقبل إلا في الحدود والقصاص والنكاح لأن ما عداها مشترك بينهما وتبعه في العناية والبناية وزاد في فتح القدير على الثلاثة الطلاق والعتاق وطعام أهله وكسوتهم
وتعقبه الشارح بأنه سهو فإنه لا يدخل في الشركة إلا الدراهم والدنانير
____________________
(7/134)
ولا يدخل فيه العقار ولا العروض ولهذا قالوا لو وهب لأحدهما مال غير الدراهم والدنانير لا تبطل الشركة لأن المساواة فيه ليس بشرط ا هـ
وكذا قال في الحواشي السعدية فيه بحث لأنه إذا كان ما عداهما مشتركا يدخل في عموم قوله ما ليس من شركتهما فيشمل كلام المصنف شركة المفاوضة أيضا فلا وجه للإخراج فتأمل إلا أن يخص بالأملاك بقرينة السياق
ثم إن قوله لأن ما عداهما مشترك بينهما غير صحيح فإنه لا يدخل في الشركة إلا الدراهم والدنانير الخ وما ذكره في النهاية هو صريح كلام محمد في الأصل كما ذكره في المحيط البرهاني
ثم قال وشهادة أحد شريكي العنان فيما لم يكن من تجارتهما مقبولة لا فيما كان منها ولم يذكر هذا التفصيل في المفاوضة لأن العنان قد تكون خاصا وقد تكون عاما فأما المفاوضة فلا تكون إلا في جميع الأموال وقد عرف ذلك في كتاب الشركة
وعلى قياس ما ذكره شيخ الإسلام في كتاب الشركة أن المفاوضة تكون خاصة يجب أن تكون المفاوضة على التفصيل الذي ذكرنا في العنان ا هـ
مطلب شهد الشريكان أن لهما ولفلان على هذا الرجل كذا فهي على ثلاثة أوجه وشمل كلام المؤلف ما إذا شهد أن لهما ولفلان على هذا الرجل ألف درهم وهي على ثلاثة أوجه الأول أن ينصا على الشركة بأن شهدا أن لفلان ولهما على هذا الرجل ألف درهم مشترك بينهم فلا تقبل
الثاني أن ينصا على قطع الشركة بأن قالا نشهد أن لفلان على هذا خمسمائة بسبب على حدة ولنا عليه ضمانه بسبب على حدة فتقبل شهادتهما في حق فلان
الثالث أن يطلقا فلا تقبل لاحتمال الاشتراك
مطلب شهدا أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الألف ولو كان لواحد على ثلاثة دين فشهد اثنان منهم أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الألف الذي كان له عليه وعليهما فإن كانوا كفلاء لم تقبل وإلا فإن شهدوا بالإبراء بكلمة واحدة فكذلك وإلا تقبل
كذا في المحيط البرهاني
بحر بزيادة
قال في الهندية وكذلك أي لا تقبل شهادة أجير أحد الشريكين للشريك الآخر كما في المبسوط ا هـ
قوله ( فيما هو من شركتهما ) أي فيما ليس من شركتهما تقبل لانتفاء التهمة
قال في البحر وهنا مسائل متفرعة على عدم شهادة الشريك لشريكه الأولى شهدا أن زيدا أوصى بثلث ماله لقبيلة بني فلان وهما من تلك القبيلة صحت ولا شيء لهما منها
الثانية لو أوصى لفقراء جيرانه وهما منهم فالحكم كذلك
الثالثة لو أوصى لفقراء بيته أو لأهل بيته وهما منهم لم تصح ولو كانا غنيين صحت
والفرق بين الأولين والثالثة أنه يجوز فيهما تخصيص البعض منهم بخلافه في الثالثة
الرابعة لو أوصى لفقراء جيرانه فشهد من له أولاد محتاجون منهم لم تقبل مطلقا في حق الأولاد وغيرهم
والفرق بينهما وبين أولادهما أن المخاطب لم يدخل تحت عموم خطابه فلم يتناولهما الكلام بخلاف الأولاد فإنهم داخلون تحت الشهادة وإنما أدخلنا المتكلم في مسألة لفقراء أهل بيته باعتبار أنهم يحصون بخلاف فقراء جيرانه وبين تميم
____________________
(7/135)
وذكر قاضيخان في فتاواه من الوقف لو شهدا أنها صدقة موقوفة على فقراء جيرانه وهما منهم جازت ولو على فقراء قرابته لا
قال الناطفي في الفرق إن القرابة لا تزول والجوار يزول فلم تكن شهادة لنفسه لا محالة ا هـ
وأهل بيت الإنسان لا يزول عنهم لأنهم أقاربه الذين في عياله فلهذا لم تقبل فيها ولكن يشكل بمسألة القبيلة فإن الاسم عنهم لا يزول مع قبولها ولكن لا يدخلان
ويمكن الفرق بين الوصية والوقف بما أشار إليه ابن الشحنة ا هـ
وعلى هذا شهادة أهل المدرسة بوقفها جائزة كما يأتي قريبا في كلام الشرح
قوله ( لأنها لنفسه من وجه ) وهو البعض الذي هو حصة وذلك باطل وإذا بطل في البعض بطل في الكل لكونها غير متجزئة إذ هي شهادة واحدة
عناية
قوله ( برق ) فإذا طعن المدعى عليه في الشهود أنهم عبيد فعلى المدعي إقامة البينة على حريتهم
بحر عند قوله إلا أن يتحملا في الرق والصغر لكل نقل بعده عن الخلاصة في الكلام على الجرح المجرد أنه يقال للشاهدين أقيما البينة على الحرية وهو صريح ما قدمه في شرح قوله والمملوك وما هنا صريح في أن ذلك على المدعي وهو قوله فعلى المدعي إقامة البينة على حريتهم فتأمل
قوله ( وحد ) فلو قال هم محدودون في قذف فعلى الطاعن إقامة البينة
حموي
وله الطعن ولو بعد الحكم ولو عدلهم الخصم قبلها فله الطعن ولو عدلهم بعد الشهادة لا يقبل طعنه ط
قوله ( وشركة ) أي إذا ادعى الخصم أن الشاهد شريك المدعي وأقام بينة تقبل شهادة بينته ولا يكلف المدعي إقامة بينة على أنه ليس شريكا له على الظاهر لأنها بينة نفي ط
قوله ( بزيادة الخراج ) أي الذي لم يكن معينا لا تقبل لأنه يدفع عن نفسه بها مغرما
قوله ( ما لم يكن خراج كل أرض معينا ) فإن الشاهد بشهادته لا يجر لنفسه مغنما ولا يدفع بها مغرما وكذا يقال فيما بعد
قوله ( أو لا خراج للشاهد ) أي عليه كما في الهندية عن الخلاصة
قوله ( شهدوا على ضيعة ) أي يعود نفعها لجميعهم أما إذا كانت لجماعة معينين فلا مانع من القبول فيما يظهر ط
وعبارة البزازية على قطعة لكن في الفتح كما هنا على ضيعة وفي القاموس الضيعة العقار والأرض المغلة
قال في الهندية أهل القرية أو أهل السكة الغير النافذة شهدوا على قطعة أرض أنها من قريتهم أو سكنهم لا تقبل وإن كانت نافذة إن ادعى لنفسه حقا لا تقبل وإن قال لا آخذ شيئا تقبل
كذا في الوجيز للكردري
قوله ( يشهدون بشيء من مصالحه ) بأن شهدوا على قطعة أرض أنها من سكتهم كما قدمناه عن الهندية
قوله ( وفي النافذة الخ ) صورته ادعى أهل السكة قطعة أرض أنها من السكة وشهد بعضهم إن كان الشاهد لا غرض له إلا إثبات نفع عام لا جر مغنم له تقبل وإن أراد أن يفتح بابا فيها لا تقبل ط
قوله ( لا تقبل ) وقيل تقبل مطلقا في النافذة
فتح
قوله ( وإن قال لا آخذ شيئا تقبل ) في قاضيخان دار بيعت ولها شفعة وأنكر البائع البيع فشهد بذلك بعض الشفعاء إن كان لا يطلب الشفعة وقال أبطلت شفعتي جازت شهادته وإلا لا لأن حق الشفعة مما يحتمل الإبطال
أما في المسألة الآتية في الوقف على المدرسة من كان فقيرا من أصحاب المدرسة يكون مستحقا للوقف استحقاقا لا يبطل بإبطاله فإنه لو قال أبطلت حقي كان له أن يطلب ويأخذ بعد ذلك فكان شاهدا لنفسه فيجب أن لا تقبل شهادته
وعن بعض المشايخ إذا شهد اثنان من أهل سكة على وقف تلك السكة إن كان الشاهد يطلب لنفسه حقا لا تقبل شهادته وإن كان لا يطلب تقبل ونظر فيه ا هـ ملخصا
ويؤيده ما نذكره من الكلام عليها في المقولة الآتية فاحفظه
قوله ( وكذا ) أي تقبل في وقف المدرسة أي
____________________
(7/136)
في وقفية وقف على مدرسة كذا وهم من أهل تلك المدرسة وكذلك الشهادة على وقف مكتب وللشاهد صبي في المكتب وشهادة أهل المحلة في وقف عليها وشهادتهم بوقف المسجد والشهادة على وقف المسجد الجامع وكذا أبناء السبيل إذا شهدوا بوقف على أبناء السبيل فالمعتمد القبول في الكل بزازية
وقيد بالشهادة بوقف المدرسة لأن شهادة المستحق فيما يرجع إلى الغلة كشهادته بإجارة ونحوها لا تقبل لأن له حقا في المشهود به فكان متهما
بحر
قال ابن الشحنة ومن هذا النمط مسألة قضاء القاضي في وقف تحت نظره أو مستحق فيه ا هـ
وهذا كله في شهادة الفقهاء بأصل الوقف أما شهادة المستحق فيما يرجع إلى الغلة كشهادته بإجارة ونحوها لم تقبل لأن له حقا فيه فكان متهما
وقد كتبت في حواشي جامع الفصولين أن مثله شهادة شهود الأوقاف المقررين في وظائف الشهادة بما يرجع إلى الغلة لما ذكرنا وتقريره فيهما لا يوجب قبولها
وفائدتها إسقاط التهمة عن المتولي فلا يحلف ويقويه أن البينة تقبل لإسقاط اليمين كالمودع إذا ادعى الرد أو الهلاك فالقول له مع اليمين فإن برهن فلا يمين
بحر ملخصا فراجعه
قال الرملي ويعلم من قوله ومن هذا النمط الخ جواز شهادة الناظر في وقف تحت نظره لأن القضاء والشهادة من باب واحد كما تقدم
وقد أفتى به شيخ الإسلام الشيخ محمد الغزي في واقعة الحال بقوله الظاهر قبولها كما شهد بوقف مدرسة وهو صاحب وظيفة بها
والله تعالى أعلم فتأمل ا هـ
ويرد على ما مر من الفرق في البزازية من قوله أهل القرية إذا شهدوا على قطعة أرض أنها من أراضي قريتهم لا تقبل
وأجاب عنه التمرتاشي بحمله على قرية مملوكة كما في التنقيح
قوله ( انتهى ) أي ما في فتاوى النسفي ونقله عنه في الفتح آخر الباب
قوله ( والأجير الخاص ) وذلك لأن منافعه مستحقة للمستأجر ولهذا لا يجوز له أن يؤجر نفسه من آخر في تلك المدة فلو جازت شهادته للمستأجر كانت شهادة بالأجر لأن شهادته من جملة منافعه فلا تقبل شهادته في تجارة أستاذه ولا في شيء آخر ا هـ
شلبي
وقيد بالخاص لأن شهادة المشترك كالخياط تقبل لأنه لا يستوجب أجرا إلا بعلمه فإذا لم يستوجب بإجارته شيئا انتفت التهمة عن شهادة ا هـ
وتقبل شهادة من استأجره يوما في ذلك اليوم استحسانا كما في البزازية ولا تقبل شهادة المستعير لمعيره بالمستعار ولو رهن دارا فشهد له من استأجره للبناء يقبل وإن شهد له من استأجره لهدمها لا
قال في الهندية رجل ادعى دارا في يد رجل فشهد له شاهدان بها وأن المدعي استأجرهما على بنائها وغير ذلك مما لا يجب عليه الضمان في ذلك جازت شهادتهما وإن قالا استأجرنا على هدمها فهدمناها لا تقبل شهادتهما بالملك للمدعي ويضمنان قيمة البناء للمدعى عليه كذا في فتاوى قاضيخان
وشهادة الأستاذ للتلميذ مقبولة وكذا المستأجر للأجير
فتح
ولا تقبل شهادة المستأجر للآجر بالمستأجر
بحر
لو استأجر دارا شهرا فسكن الشهر كله ثم جاء مدع آخر فشهد بها المستأجر ورجل آخر معه فالقاضي يسأل المدعي عن الإجارة أكانت بأمره أو بغير أمره فإن قال كانت بأمري لم تقبل شهادة المستأجر لأنه مستأجر شهد بالمستأجر للآجر وإن قال كانت بغير أمري تقبل شهادته لأنه ليس بمستأجر في حقه ولو لم يسكن الشهر كله لم تجز شهادته وإن لم يدع المدعي أن الإجارة كانت بأمره
____________________
(7/137)
ولو شهد المستأجران أن المدعي للذي آجرهما لإثبات الإجارة أو لإنسان آخر على المؤجر لفسخ الإجارة قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى جازت شهادتهما سواء كانت الأجرة رخيصة أو غالية
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا تجوز شهادتهما في فسخها لأنهما يدفعان عن أنفسهما الأجرة وإن كانا ساكنين في الدار بغير أجر جازت شهادتهما
هندية عن المحيط
وفيها إذا شهد الأجير لأستاذه وهو أجير شهر فلم ترد شهادته ولم يعدل حتى مضى الشهر ثم عدل لم تقبل شهادته فمن شهد لامرأته ثم طلقها قبل التعديل لا تقبل شهادته وإن شهد ولم يكن أجيرا ثم صار أجيرا قبل القضاء بطلت شهادته ولو أن القاضي لم يرد شهادته وهو غير أجير ثم صار أجيرا ثم مضت مدة الإجارة لا يقضى بتلك الشهادة وإن لم يكن أجيرا عند القضاء ولا عند الشهادة فلو أن القاضي لم يبطل شهادته ولم يقبل فأعاد الشهادة بعد انقضاء مدة الإجارة جازت شهادته ا هـ
ولا تجوز شهادة الكيال بخلاف الذراع وشهادة الدائن لمديونه تقبل وإن كان مفلسا كما في الهداية
وفي المحيط لا تقبل بدين له بعد موته
بحر
قال العلامة التمرتاشي في فتاويه تقبل شهادة رب الدين لمديونه حال حياته إذا لم يكن مفلسا قولا واحدا
واختلف فيما إذا شهد له في حال كونه مفلسا ففي المحيط لا تقبل
وشمس الأئمة الحلواني والد صاحب المحيط قال تقبل
وأما إذا شهد له بعد الموت فلا تقبل قولا واحدا لتعلق حقه بالتركة كالموصى له
كذا في شرح الوهبانية ا هـ
قوله ( أو مشاهرة ) أو مياومة هو الصحيح جامع الفتاوى
ومثله في الخلاصة ويلحق به المزارع فإنه لا يلزم أن تكون مسانهة أو مشاهرة فقد يزارعه على إنهاء هذا الزرع لكنه في حكمه فلا تصح شهادته لرب البذر كما تقدم
قوله ( أو الخادم أو التابع ) يحرر الفرق بين المذكورين
وقد يقال إن المراد بالخادم من يخدم بغير أجر والتابع من يكون يتعيش في منزل المشهود له من غير خدمة كملازم في البيت والمراد بالتلميذ الصناع التابعون لكبيرهم ط
وفي الخلاصة هو الذي يأكل معه وفي عياله وليس له أجر معلوم
وقيل المراد الأجير مسانهة أو مشاهرة أو مياومة
وتمامه في الفتح
وكان بين الخادم وبين الأجير عموم وخصوص من وجه فالأجير يستأجر لغير الخدمة الخاصة به كما لو استأجره لرعي الغنم أو للخياطة أو الخبز مسانهة أو مشاهرة للخدمة وينفرد الأجير فيما لو استأجره للخياطة مثلا كذلك وينفرد الخادم فيما إذا كان يخدمه طمعا في طعامه وشرابه بدون استئجار والتابع هو الذي يكون عالة عليه وإن لم يخدمه والتلميذ هو الذي يتعلم منه علما أو غيره من الصنائع ويدخله في نفقته وهو الذي أراد بقوله يعد ضرر أستاذه الخ بدليل قوله وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام الخ
قوله ( من القنوع ) الضم
قنع يقنع قنوعا إذا سأل فيكون المراد به السؤال كما هو أحد معانيه
قال تعالى { وأطعموا القانع } الحج 36 قال بعضهم القانع هو السائل الذي لا يلح في السؤال ويرضى بما يأتيه عفوا ويطلق على التذلل
ومن دعائهم نسأل الله القناعة ونعوذ به من القنوع ويطلق على الرضا بالقسم فهو ضد
وفي المثل خير الغنى القنوع وشر الفقر الخضوع والفعل كمنع واسم الفاعل قانع وقنيع
أما القناعة فالرضا فالقسم كالقنع محركا والفعل كفرح واسم الفاعل قنع وقانع وقنيع
أفاده في القاموس وبهذا علمت أن قوله من القناعة يعني
____________________
(7/138)
أن المراد بالقنوع إما السؤال وإما التذلل وعلمت أن القنوع يأتي بمعنى القناعة
ط بزيادة
قوله ( لا من القناعة ) الاجتزاء باليسير من الأعراض المحتاج إليها يقال قنع يقنع قناعة وقنعانا إذا رضي وللحن البابين أشار الشاعر بقوله العبد حر إن قنع والحر عبد إن طمع فقنع ولا تطمع فما شيء أضر من الطمع قوله ( ومفاده ) أي الحديث الخ صرح به في الفتح جازما به ونقله في الشرنبلالية أي إذا كان العلة في عدم قبوله شهادتهما هو طلب معاشهم من المشهود له إذ حينئذ يتمتعون بما يحصل له من الخير وذلك لا يوجد في المستأجر والأستاذ فتصح شهادتهم
لكن في التاترخانية عن الفتاوى الغيائية ولا تجوز شهادة المستأجر للأجير
وفي حاشية الفتال عن المحيط للسرخسي قال أبو حنيفة في المجرد لا ينبغي للقاضي أن يجيز شهادة الأجير لأستاذه ولا الأستاذ لأجيره ا هـ
وهو مخالف لما استنبطه من الحديث
قوله ( من يفعل الرديء ) أي من أفعال النساء من التزين بزينتهن والتشبه بهن في الفعل والقول فالفعل مثل كونه محلا للواطة والقول مثل تليين كلامه باختياره تشبها بالنساء ا هـ
مغرب
وجعل بعضهم الواو في قوله والقول بمعنى أو فأحدهما كاف لأن التشبيه بقولهن حرام للرجال
وجعل القهستاني المخنث خلقة بمنزلة امرأة واحدة في الشهادة وهو غريب ط
قال في الهندية أما إذا كان في كلامه لين وفي أعضائه تكسر خلقة ولم يشتهر بشيء من الأفعال الرديئة فهو عدل مقبول الشهادة هكذا في التبيين ا هـ
وإنما كانت معصية لو بقصده لحديث لعن الله المخنثين من الرجال ولمترجلات من لنساء
قوله ( ومغنية ) ولو بشعر في حكمة
قهستاني
لأنه نهى عن الصوتين الأحمقين المغنية والنائحة
وصف الصوت بصفة صاحبه
اعلم أن التغني للهو أو لجمع المال حرام بلا خلاف والنوح كذلك خصوصا إذا كان من المرأة لأن رفع الصوت منها حرام بلا خلاف ا هـ
شلبي
قوله ( لحرمة رفع صوتها ) ظاهره أنه يحرم رفع صوتها في مكانها الخاص بها بحيث لا يسمعها الأجنبي
قال في النهاية فلذا أطلق في قوله مغنية وقيد في غناء الرجال بقوله للناس
وتمامه في الفتح
ويأتي إن شاء الله تعالى عند قوله ومن بغني للناس لكن نظر فيه الطحطاوي واستظهر عليه بما في الهندية عن شرح أبي المكارم فلا تسمع شهادة مغنية تسمع الناس صوتها وإن لم تتغن لهم ا هـ
قال في السعدية وما ذكره أي صاحب الدرر من قوله ولو لنفسها الخ جار في النوح بعينه فما باله لم يكن مسقطا للعدالة إذا ناحت في مصيبة نفسها ا هـ
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى يمكن الفرق بأن المراد رفع صوت يخشى منه الفتنة ا هـ
قوله ( وينبغي تقييده الخ ) مثله كل من أتى بابا من أبواب الكبائر
أفاده الكمال
وإنما خص الظهور عند القاضي بالمداومة لأن الشهادة على ذلك جرح مجرد لكن فيه أنه تقبل الشهادة عليه سرا
تأمل
قوله ( ونائحة في مصيبة غيرها )
____________________
(7/139)
في المغرب ناحت المرأة على الميت إذا ندبته وذلك أن تبكي عليه وتعدد محاسنه
والنياحة الاسم ومنها الحديث على ما قرأته في الفائق ثلاثة من أمر لجاهلية الطعن في الأنساب والنياحة والأنواء فالطعن معروف والنياحة ما ذكر
والأنواء جمع نوء هي منازل القمر والعرب كانت تعتقد أن الأمطار والخير كلها تجيء منها وقيل النوح بكاء معه صوت ا هـ
رملي على المنح
قال في البحر قولهم إن النائحة لا تسقط عدالتها إلا إذا ناحت في مصيبة غيرها مع أن النياحة كبيرة للتوعد عليها لكن لا تظهر إلا في مصيبة غيرها غالبا ا هـ
وهذا الذي ينبغي التعليل به وأما الذي يذكره الشارح عن الواني فلا ينبغي تضييع المراد به إذ ظاهره أنه يباح لها حينئذ وهو خلاف المعلوم من الدين بالضرورة
قال في التاترخانية معزيا للمحيط لا تقبل شهادة النائحة ولم يرد به التي تنوح في مصيبتها وإنما أراد التي تنوح في مصيبة غيرها واتخذت ذلك مكسبة ا هـ
ونقله في الفتح عن الذخيرة
ثم قال ولم يتعقب هذا من المشايخ أحد فيما علمت لكن بعض متأخري الشارحين نظر فيه بأنه معصية فلا فرق بين كونه للناس أو لا
قال لعن الله الصالقة ولحالقة والشاقة وقال ليس منا من ضرب الخدود وشق لجيوب ودعا بدعوى لجاهلية وهي في صحيح البخاري
ولا شك أن النياحة ولو في مصيبة نفسها معصية لكن الكلام في أن القاضي لا يقبل شهادتها لذلك وذلك يحتاج فيه إلى الشهرة ليصل إلى القاضي فإنما قيد بكونها للناس لهذا المعنى وإلا فهو يرد عليه مثله في قولهم ولا مدمن خمر ولا شهادة مدمن السكر يريد ولو من الأشربة المحرمة التي ليست خمر فقال هذا الشارح يشترط الإدمان في الخمر وهذه الأشربة يعني الأشربة المحرمة لسقوط العدالة مع أن شرب الخمر كبيرة بلا قيد الإدمان ولهذا لم يشترط الخصاف في شرب الخمر الإدمان لكن نص عليه في الأصل كما سمعت فما هو جوابه هو الجواب في تقييد المشايخ بكون النياحة للناس ثم هو نقل كلام الشيخ في توجيه اشتراط الإدمان أنه إنما شرط ليظهر عند الناس فإن من شربها سرا لا تسقطع عدالته ولم يتنفس فيه بكلمة واحدة فكذا التي ناحت في بيتها لمصيبتها لا تسقط عدالتها لعدم اشتهار ذلك عند الناس وانظر إلى تعليل المصنف بعدم ذكر الإدمان بأنه ارتكب محرم دينه مع أن ذلك ثابت بلا إدمان فإنما أراد أنه إذا أدمن حينئذ يظهر أنه مرتكب محرم دينه فترد شهادته بخلاف التي استمرت تنوح للناس لظهوره حينئذ فيكون كالذي يسكر ويخرج سكرانا وتلعب به الصبيان في رد شهادته وصرح بأن الذي يتهم بشرب الخمر لا تسقط عدالته
ومنهم من فسر الإدمان بنيته وهو أن يشرب ومن نيته أن يشرب مرة أخرى وهذا هو معنى الإصرار وأنت تعلم أنه سيذكر رد من يأتي بابا من أبواب الكبائر التي يتعلق بها الحد وشرب الخمر منها من غير توقف على نية أن يشرب ولأن النية أمر مبطن لا يظهر للناس والمدارات التي يتعلق بوجودها حكم القاضي لا بد أن تكون ظاهرة لا خفية لأنها معرفة والخفي لا يعرف والظهور بالإدمان الظاهر لا بالنية
نعم بالإدمان الظاهر يعرف إصراره لكن بطلان العدالة لا يتوقف في الكبائر على الإصرار بل أن يأتيها ويعلم ذلك وإنما ذلك في الصغائر وقد اندرج فيما ذكرنا شرح ذلك ا هـ
قوله ( بأجر ) أطلق في مسكين وأشار إليه في الكافي وكذا في القهستاني كما يأتي النقل عنه قريبا
قوله ( زاد العيني فلو في مصيبتها تقبل ) اعلم أن هذا التفريع بعض من المفهوم السابق فالعجب من قوله زاد الخ بل
____________________
(7/140)
في اقتصار العيني وتعليل الواني إشارة إلى أنهما نقصا من العبارة السابقة اشتراط الأجر ولهذا قال القهستاني ولو بلا أجر وتقدم الكلام على ما في ظاهر التعليل فافهم
قوله ( بزيادة اضطرارها ) أي وفي النوح تخفيف هذه الضرورة وإنما قلنا ذلك ليظهر قوله فكان كالشرب للتداوي ط
قوله ( واختيارها ) مقتضاه لو فعلته عن اختيارها لا تقبل
سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( فكان كالشرب ) أي شرب محرم للتداوي فإنه يجوز عند الثاني للضرورة
قوله ( وعدو ) أي على عدوه كما في الملتقى
قوله ( بسبب الدنيا ) لأن المعاداة لأجلها حرام فمن ارتكبها لا يؤمن من التقول عليه
أما إذا كانت دينية فإنها لا تمنع لأنها تدل على كمال دينه وعدالته
وهذا لأن المعاداة قد تكون واجبة بأن رأى فيه منكرا شرعا ولم ينته بنهيه بدليل قبول شهادة المسلم على الكافر مع ما بينهما من العداوة الدينية والمقتول وليه على القاتل والمجروح على الجارح أو الزوج على امرأته بالزنا
ذكره ابن وهبان
وفي خزانة المفتين والعدو من يفرح لحزنه ويحزن لفرحه
وقيل يعرف بالعرف ا هـ
ومثال العداوة الدنيوية أن يشهد المقذوف على القاذف والمقطوع عليه الطريق على القاطع وفي إدخال الزوج هنا نظر فقد صرحوا بقبول شهادته عليها بالزنا إلا إذا قذفها أولا وإنما المنع مطلقا قول الشافعي
وفي بعض الفتاوى وتقبل شهادة الصديق لصديقه ا هـ أي إلا إذا كانت متناهية بحيث يتصرف أحدهما بمال الآخر كما تقدم
ثم اعلم أن المصرح به في غالب كتب أصحابنا والمشهور على ألسنة فقهائنا ما ذكره المؤلف من التفصيل
ونقل في القنية أن العداوة بسبب الدنيا لا تمنع ما لم يفسق بسببها أو يجلب منفعة أو يدفع بها عن نفسه مضرة وهو الصحيح وعليه الاعتماد
وما في الواقعات وغيرها اختيار المتأخرين
وأما الرواية المنصوصة فبخلافها
وفي كنز الرؤوس شهادة العدو على عدوه لا تقبل لأنه متهم
وقال أبو حنيفة تقبل إذا كان عدلا
قال أستاذنا وهو الصحيح وعليه الاعتماد لأنه إذا كان عدلا تقبل شهادته وإن كان بينهما عداوة بسبب أمر الدنيا ا هـ
واختاره ابن وهبان ولم يتعقبه ابن الشحنة لكن الحديث شاهد لما عليه المتأخرون كما رواه أبو داود مرفوعا لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا زان ولا زانية ولا ذي غمر على أخيه والغمر الحقد
ويمكن حمله على ما إذا كان غير عدل بدليل أن الحقد فسق للنهي عنه
وقد ذكر ابن وهبان رحمه الله تعالى تنبيهات حسنة لم أرها لغيره
الأول الذي يقتضيه كلام صاحبه القنية والمبسوط أنا إذا قلنا إن العداوة قادحة في الشهادة تكون قادحة في حق جميع الناس لا في حق العدو فقط وهو الذي يقتضيه الفقه فإن الفسق لا يتجزأ حتى يكون فاسقا في حق شخص عدلا في حق آخر ا هـ
قلت ولهذا لم يقل المؤلف على عدوه بل أطلقه ويقاس على قولهم إن الفسق لا يتجزأ الناظر إذا كان عليه أنظار وقف عديدة وثبت فسقه بسبب خيانته في واحد منها فهل يسري فسقه في كلها فيعزل أجاب سيدي الوالد بالسريان وأنه يعزل منها جميعا وبه أفتى أبو السعود وكتب الرملي هنا الظاهر من كلامهم أن عدم القبول إنما هو للتهمة لا للفسق ويؤيده ما يأتي عن ابن الكمال وما صرح به يعقوب باشا وكثير من علمائنا صرحوا بأن شهادة العدو على عدوه لا تقبل فالتقييد بكونها على عدوه ينفي ما عداه وهو المتبادر للأفهام فتأمله ا هـ
____________________
(7/141)
أقول أنت خبير بأن فعل الكبيرة والإصرار على الصغيرة قادح في العدالة وقد شرط في القنية لعدم القبول كونه فسق بتلك العداوة
وعلى هذا فعدم قبولها مطلقا ظاهر وينبغي تقييده بما إذا كانت عداوة ظاهرة كما يفيده ما يأتي عن الفتح في شرح قوله أو يرتكب ما يوجبد الحد
فتحرر أن الوجه عدم القبول مطلقا والتعليل بالاتهام كما مر عن كنز الرؤوس لا ينافيه لأن الفاسق لا يقبل للاتهام أيضا وما يأتي عن ابن الكمال يمكن حمله على ما إذا لم يفسق بها فليتأمل ا هـ
قاله سيدي الوالد رحمه الله تعالى
الثاني لو ادعى شخص عداوة آخر يكون مجرد دعواه اعترافا منه بفسق نفسه ولا يكون ذلك قادحا في عدالة المدعي أنه عدو ما لم يثبت المدعي أنه عدو له
الثالث لو قضى القاضي بشهادة العدو على عدوه أو على غير عدوه هل يصح أو لا قلنا إن المانع من قبول الشهادة هو الفسق فيكون حينئذ صحيحا نافدا لأن القاضي إذا قضى بشهادة الفاسق نفذ قضاؤه ويصح وإن قلنا إنه لمعنى آخر أقوى من الفسق لا يصح في حق العدو ويصح في حق غيره
وذكر ابن الكمال في إصلاح الإيضاح أن شهادة العدو لعدوه جائزة عكسر شهادة الأصل لفرعه ا هـ
وهذا يدل على أنها لم تقبل للتهمة لا للفسق ا هـ
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى قوله لأن القاضي إذا قضى بشهادة الفاسق نفذ قضاؤه ويصح
قال الرملي وصرح يعقوب باشا في حاشيته بعدم نفاذ قضاء القاضي بشهادة العدو على عدوه
وأقول وقياسه يقتضي أن العصبية كذلك فلا ينفذ ضاء القاضي بشهادته لأنه الذي يبغض الرجل لكونه من بني فلان أو من قبيله كذا كما سيأتي قريبا منقولا عن معين الحكام فتأمل ا هـ
الرابع قد يتوهم بعض المتفقهة والشهود أن كل من خاصم شخصا في حق وادعى عليه حقا أنه يصير عدوه فيشهد بينهما بالعداوة وليس كذلك بل العداوة إنما تثبت بنحو ما ذكرت
نعم لو خاصم الشخص آخر في حق لا تقبل شهادته عليه في ذلك الحق كالوكيل لا تقبل شهادته فيما هو وكيل فيه ونحو ذلك لأنه إذا تخاصم اثنان في حق لا تقبل شهادة أحدهما على الآخر لما بينهما من المخاصمة ا هـ
قلت ويدل له ما في فتاوى قاضيخان من باب ما يبطل دعوى المدعي رجل خاصم رجلا في دار أو في حق ثم إن هذا الرجل شهد عليه في حق آخر جازت شهادته إذا كان عدلا ا هـ
واعلم أنه لو شهد على رجل آخر فخاصمه في شيء قبل القضاء لا يمتنع القضاء بشهادته إلا إذا ادعى أنه دفع له كذا لئلا يشهد عليه وطلب الرد وأثبت دعواه ببينة أو إقرار أو نكول فحينئذ بطلت شهادته وهو جرح مقبول كما صرحوا به وسيأتي في بيان الجرح
الخامس إذا قلنا لا تجوز شهادة العدو على عدوه إذا كانت دنيوية هل الحكم في القاضي كذلك حتى لا يجوز قضاء القاضي على من بينه وبينه عداوة لم أقف عليه في كتب أصحابنا وينبغي أن يكون الجواب فيه على التفصيل إن كان قضاؤه عليه بعلمه ينبغي أن لا ينفذ وإن كان بشهادة العدول وبمحضر من الناس في مجلس الحكم بطلب خصم شرعي ينبغي أن ينفذ
وفرق الماوردي من الشافعية بينهما بأن أسباب الحكم ظاهرة وأسباب الشهادة خافية
بحر
وقدمنا أوائل الباب أن في المسألة قولين معتمدين
أحدهما عدم قبولها على العدو وهو اختيار المتأخرين وعليه صاحب الكنز والملتقى ومقتضاه أن العلة العداوة لا الفسق وإلا لم تقبل على غير العدو أيضا
____________________
(7/142)
ثانيهما أنها تقبل إلا إذا فسق بها واختاره ابن وهبان وابن الشحنة فراجعه وكذا تقدم في أول القضاء الكلام على ذلك فارجع إليه
وفي فتاوى الحانوتي سئل في شخص ادعى عليه وأقيمت عليه بينة فقال إنهم ضربوني خمسة أيام فحكم عليه الحاكم ثم أراد أن يقيم البينة على الخصومة بعد الحكم فهل تسمع الجواب قد وقع الخلاف في قبول شهادة العدو على عدوه عداوة دنيوية وهذا قبل الحكم وأما بعده فالذي يظهر عدم نقض الحكم كما قالوا إن القاضي ليس له أن يقضي بشهادة الفاسق ولا يجوز له فإذا قضى لا ينقض ا هـ
لكن يعارضه ما قدمناه آنفا عن الرملي وصرح يعقوب باشا في حاشيته بعدم نفاذ قضاء القاضي بشهادة العدو على عدوه
وأقول وقياسه يقتضي أن العصبية كذلك فلا ينفذ قضاء القاضي بشهادته لأنه الذي يبغض الرجل لكونه من بني فلان أو من قبيلته كما في معين الحكام ا هـ
أقول وقدم الشارح عبارة اليعقوبية أول القضاء وأقرها سيدي الوالد وكذا الخير الرملي في فتاواه فتنبه
قوله ( فتقبل له لا عليه ) هذا يفيد قبولها لغير عدوه إذا لم يفسق به كما يأتي
قوله ( واعتمد في الوهبانية والمحبية قبولها الخ ) قد علمت ما تحصل مما سبق أن شهادة العدو على عدوه لا تقبل وإن كان عدلا وعدم نفاذ القضاء بها والمسألة دوراة في الكتب فاحفظه
قوله ( ما لم يفسق بسببها ) وهي الرواية المنصوصة والإطلاق اختيار المتأخرين
وفي القهستاني ما يفيد أن ما عليه المتأخرون هو الصحيح في زمانهم وزماننا ا هـ
وينبغي أن يقال فيه ما قيل في مدمن الخمر من الاشتهار ط
قوله ( قالوا والحقد فسق للنهي عنه ) فسره في الطريقة المحمدية بأن يلزم نفسه بغضه وإرادة الشر له
وحكمه إن لم يكن بظلم أصابه منه بل بحق وعدل كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فحرام وإن كان بظلم أصابه منه فليس بحرام وإن لم يقدر على أخذ الحق فله تأخيره إلى يوم القيامة
قال الله تعالى الشورى 41 42 وساق للنهي أحاديث دالة عليه
منها قوله لا تظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك
ومنها قوله لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنا فوق ثلاث فإذا مرت به ثلاث فليلقه وليسلم عليه فإن رد عليه فقد شتركا في الأجر وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم وهذا محمول على الهجر لأجل الدنيا وأما لأجل الآخرة والمعصية والتأديب فجائز بل مستحب من غير تقدير ا هـ
قوله ( سواء شهد على عدوه أو غيره ) أو لهما قيل عليه مفاده أن عدو الشخص لا تقبل شهادته على الشخص ولا على غيره ولا معنى له إذ شهادة عدو زيد على عمرو مقبولة فلعل في العبارة سقطا ا هـ
أقول حيث كان عدم قبول شهادة العدو على عدوه مبنيا على أنه يفسق بالمعاداة والفسق مما لا يتجزأ فله معنى وليس في العبارة سقط حينئذ لا فرق بين ذلك الشخص وغيره وإنما يفرق الحال لو كان عدم القبول مبنيا على التهمة
فتأمل
ذكره الحموي
قوله ( لا تقبل شهادة الجاهل ) قال في معين الحكام ولا من لا يحكم
____________________
(7/143)
فرائض الوضوء والصلاة
ومن سافر فاحتاج للتيمم فلم يحسنه ولا المنجم وإن اعتقد عدم تأثير النجوم وادعى أنها أدلة ويؤدب حتى يكف عن هذا الاعتقاد ولا يصدق لقوله تعالى ( ) الجن 26 27
____________________
(7/144)
قال في شرح أدب القاضي إن من سب واحدا من المسلمين لا يكون عدلاف كما في الشرنبلالية وحرر ابن وهبان مسألة الشتم حيث قال والفقه في ذلك أن الشتم لا يخلو إما أن يكون بما فيه أو بما ليس فيه في وجهه أو غيبته فإن كان في غيبته فهو غيبة وإنها توجب الفسق وإن كان في وجهه ففيه إساءة أدب وإنه من صنيع رعاع الناس وسوقتهم الذين لا مروءة لهم ولا حياء فيهم وإن ذلك مما يسقط العدالة وكذا إذا كان السب باللعنة والإبعاد كما يفعله من لا خلاق لهم من السوقة وغيرهم ا هـ أي وإن كان بما ليس فيه كذب وحكمة ظاهر ومما يؤيد ذلك ما ورد في الحديث سباب المسلم فسوق وقتاله كفر قال ابن الأثير في النهاية السب الشتم يقال سبه يسبه سبا وسبابا قيل هذا محمول على من سب أو قاتل مسلما بغير تأويل وقيل إنما قال ذلك على جهة التغليظ لا أنه يخرجه إلى الكفر والفسق
وأقول هذا خلاف الظاهر ا هـ
قوله ( لأنه ) أي الاعتياد
قوله ( كبيرة ) أي إذا أصر عليه بالعود ولذا قيده بالاعتياد وإلا فهو صغيرة
قوله ( كترك زكاة ) أي من غير عذر وبه أخذ الفقيه
قال الإمام فخر الدين والفتوى عليه
وذكر الخاصي عن قاضيخان أن الفتوى على سقوط العدالة بتأخيرها من غير عذر لحق الفقراء دون الحج خصوصا في زماننا
كذا في شرح النظم الوهباني
منح في الفروع آخر الباب
والصحيح أن تأخير الزكاة لا يبطل العدالة كما في الهندية
قوله ( أو حج ) قال في الهندية كل فرض له وقت معين كالصلاة والصوم إذا أخر من غير عذر سقطت عدالته
وما ليس له وقت معين كالزكاة والحج
روى هشام عن محمد رحمه الله تعالى أن تأخيره لا يسقط العدالة وبه أخذ محمد بن مقاتل
وقال بعضهم إذا أخر الزكاة والحج من غير عذر ذهبت عدالته وبه أخذ الفقيه أبو الليث
وبتأخير الحج لا تسقط خصوصا في زماننا كما في المضمرات
قوله ( على رواية فوريته ) في العام الأول عند الثاني وأصح الروايتين عن الإمام ومالك وأحمد أي فيفسق وترد شهادته بتأخير سنين لأن تأخيره صغيرة وبارتكابه مرة لا يفسق إلا بالإصرار
بحر
ووجهه أن الفورية ظنية لأن دليل الاحتياط ظني ولذا أجمعوا أنه لو تراخى كان أداء وإن أثم بموته قبله كما نقله الشارح في الحج
قوله ( أو ترك جماعة ) قال في الفتح منها ترك الصلاة بالجماعة بعد كون الإمام لا طعن عليه في دين ولا حال وإن كان متأولا في تركها كأن يكون معتقدا أفضلية أول الوقت والإمام يؤخر الصلاة أو غير ذلك لا تسقط عدالته بالترك
أقول والجماعة سنة مؤكدة في قوة الواجب وقيل واجبة وقيل فرض كفاية وقيل فرض عين
والقول بوجوبها هو قول عامة مشايخنا وبه جزم في التحفة وغيرها
قال في البحر وهو الراجح عند أهل المذهب وهو أعدل الأقوال وأقواها ولذا قال في الأجناس لا تقبل شهادته إذا تركها استخفافا بأن لا يستعظم أمرها كما يفعله العوام أو مجانة أو فسقا إما سهوا أو بتأويل ككون الإمام من أهل الأهواء أو فاسقا فكره الاقتداء به ولا يمكنه أن يصرفه أو لا يراعى مذهب المقتدي فتقبل
والقائل بالفرضية لا يشترطها للصحة فتصح صلاته منفردا وتسميتها سنة لوجوبها بالسنة
وتمام الكلام في شرحنا على ( نور الإيضاح المسمى بمعراج النجاح ) فراجعه فإن فيه فوائد خلت عنها أكثر الشروح
قوله ( أو جمعة ) من غير عذر فمنهم من أسقطها بمرة واحدة كالحلواني ومنهم من شرط ثلاث مرات كالسرخسي والأول أوجه
تأمل
سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قال في تهذيب القلانسي قال
____________________
(7/145)
في ترك الجماعة مجانا شهرا
وفي الذخيرة هذا إن لم يستخف بالدين وإن استحق فهو كافر ا هـ
قوله ( أو أكل فوق شبع ) عند الأكثرين
والظاهر أن المراد بالشبع ما لا يضره وبما زاد عليه ما يضره لأنه هو الذي يحرم ط
قوله ( بلا عذر ) راجع إلى الثلاثة قبله
ومثال العذر في الأكل مؤانسة الضيف وقصد التقوي على صوم الغد كما في الشرنبلالية والفتح
ومن العذر ما إذا أكل أكثر من حاجته ليتقايأه
قال الحسن لا بأس به قال رأيت أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه يأكل ألوانا من الطعام ويكثر ثم يتقايأ وينفعه ذلك
خانية
أقول وهل مثله ما إذا كان مضيفا ولا يرضى صاحب الطعام إلا بذلك بحر
والذي في حفظي أنه عذر أيضا فليراجع
أما مسألة الضيف فالظاهر إذا لم يكن بينهما مباسطة تامة أما إذا كان فلا يكون عذرا وليحرر أيضا
قوله ( وخروج لفرجة قدوم أمير ) في الهندية إذا قدم الأمير بلدة فخرج الناس وجلسوا في الطريق ينظرون إليه قال خلف بطلت عدالتهم إلا أن يذهبوا للاعتبار فحينئذ لا تبطل عدالتهم والفتوى على أنهم إذا خرجوا لا لتعظيم من يستحق التعظيم ولا للاعتبار تبطل عدالتهم
كذا في الظهيرية وقاضيخان
وعلله في الفتاوى الصغرى بشغله الطريق فصار مرتكبا للحرام لأنه حق العامة ولم يعمل للجلوس ا هـ
وهذا التعليل يفيد أنه إذا تجرد عن شغل الطريق لا يكون قادحا مطلقا ولا ينافيه ما تقدم إذا تأملته لكن كلام قاضيخان يفيد خلافه
قال ابن وهبان وينبغي أن يكون ذلك على ما اعتاده أهل البلد فإن كان من عادة أهل البلد أنهم يفعلون ذلك ولا ينكرون ولا يستخفون فينبغي أن لا يقدح
وذكر ابن الشحنة بعده فقول المصنف وينبغي الخ ليس كما ينبغي ا هـ
ومثله في البحر
قال الخير الرملي أقول فتحرر من مجموع ما ذكر أنه إن كان الأمير غير صالح قدح في العدالة مطلقا
وإن كان صالحا ولم يشغل الطريق لا يقدح وإن شغله قدح وأنت على علم بأن الحكم يدور مع العلة والعلة في القدح ارتكاب ما هو محظور وتعظيم الفاسق كذلك فعلى ذلك يدور الحكم
تأمل ا هـ
أقول هذا بمعزل عما قدمناه فيما إذا خرج للاعتبار ولم يجلس في الطريق وكان الأمير صالحا أو فاسقا ولم يقصد تعظيمه فحينئذ لا يقدح كما علمت فافهم
قوله ( وركوب بحر ) أي بحر الهند وهو البحر الأحمر المعروف الآن ببحر السويس بأنه إذا ركب البحر إلى الهند فقد خاطر بنفسه ودينه ومنها سكنى دار الحرب وتكثير سوادهم وعددهم وتشبهه بهم لينال بذلك مالا ويرجع إلى أهله غنيا فإذا كان لا يبالي بما ذكر لا يأمن أن يأخذ من عرض الدنيا فيشهد بالزور
وقال ظهير الدين لا يمنع
قال العلامة عبد البر والذي يظهر أن المانع ليس الركوب له مطلقا بل مع ما اقترن به وهذا حين كان الهند كله كفرا كما يرشد إليه التعليل
كيف والنص القطعي أباح ركوب البحر مطلقا إلا عند ظن الهلاك وما زال السلف يركبون البحار من غير إنكار ونص القرآن العظيم أعظم دليل على الجواز ا هـ بتصرف
وفي القهستاني وقيل يشهد راكب البحر للتجارة وغيرها وهو الصواب ا هـ ط
أقول لا سيما في زماننا الآن فإنه لا مخاطرة بالنفس ولا محل لظن الهلاك في السفن المخترعة الآن وهي المعروفة ببابور النار فإن سيرها بالعجل لا بالريح فإن سيرها بالعجل يدور ببخار الماء المغلي بالنار فلا يخشى من تلف إلا نادرا من غفلة الملاحين
قوله ( ولبس حرير ) إلى قوله أو قمر محمل ذلك فيما يظهر على من شهر بذلك ط
أما لبس الحرير فلحرمته إلا ما استثنى
وأما البول في السوق فلإخلاله بالمروءة
وأما استقبال الشمس والقمر
____________________
(7/146)
في البول فلكراهة ذلك لأنهما آيتان عظيمتان من آيات الله الباهرة وقيل لأجل الملائكة الذين معهما والمراد بالاستقبال استقبال عينهما فلو كان في مكان مستور ولم تكن عينهما بمرأى منه بأن كان ساتر يمنع عن العين ولو سحابا فلا كراهة كما إذا لم يكونا في كبد السماء كما حررته في ( معراج النجاح على نور الإيضاح )
أقول ومثل لبس الحرير استعمال ما يحرم شرعا كفضة وذهب وقوله أو إلى قبلة ظاهره ولو في بناء مع أن الأئمة يقولون بعدم الكراهة فيه فالظاهر أن يقيد هو وما يعده في الصحراء
قوله ( وطفيلي ) يتتبع الدعوات من غير أن يدعي وصار عادة له وإن أثم بمرة أي بلا خلاف كما في البحر
قوله ( ومسخرة ) لرفضه المروءة إن اعتاد ذلك واشتهر ولارتكاب المحظورات غالبا بلا خلاف كما في الهندية
قوله ( ورقاص ) ومنه الكوشت والحربية والمعروف بالسماع كل ذلك حرام فمن اعتاده واشتهر عنه يقدح في عدالته دون ما يقع ممن غلب عليهم الحال ويفعلون ذلك بدون اختيار نفعنا الله تعالى بهم كما أوضح ذلك سيدي الوالد في رسالة ( شفاء العليل وبل الغليل في حكم الوصية بالختومات والتهاليل )
قوله ( وشتام للدابة ) محمول على الاعتياد
أفاده في الهندية
قوله ( وفي بلادنا يشتمون بائع الدابة ) فيجري فيه التفصيل في الاعتياد وعدمه وكثيرا ما يلعنون الدابة وبائعها فلا يجوز لعن الدابة وغيرها من الجماد وقد ورد التصريح بالنهي عن اللعن
قوله ( لا تقبل شهادة البخيل ) ذكره في الهندية عن المحيط
قوله ( يستقصي ) بالصاد المهملة أي يبالغ
قوله ( فيما يتقرض ) وفي نسخة يقبض وهو كذلك في الخلاصة
والذي في شرح الوهبانية لعبد البر والشرنبلالي يقرض بالياء المثناة تحت والقاف ا هـ ح
قوله ( ولا شهادة الأشراف من أهل العراق لتعصبهم ) لأنهم قوم يتعصبون فإذا ناب قوم أحد منهم نائبة أتى سيد قومه فيشفع فلا يؤمن أن يشهد له بزور ا هـ
وعلى هذا كل متعصب لا تقبل شهادته
بحر
قال الرملي قال الغزي قلت وفي الخلاصة من كتاب القضاء فإن عدله اثنان وجرح اثنان فالجرح أولى إلا إذا كان بينهم تعصب فإنه لا يقبل جرحهم لأن أصل الشهادة لا تقبل عند العصبية فالجرح أولى ا هـ
وفي معين الحكام في موانع قبول الشهادة قال ومن العصبية أن يبغض الرجل الرجل لأنه من بني فلان أو من قبيلة كذا ا هـ
أقول من التعصب أن يبغضه لأنه من حزب فلان أو من أصحابه أو من أقاربه أو منسوبيه ا هـ
قال عبد الحليم في حاشية الدرر ولا يذهب عليك أن أكثر طائفة القضاة بل الموالي في عصرنا بينهم تعصب ظاهر لأجل المناصب والرتب فينبغي أن لا تقبل شهادة بعضهم على بعض ما لم يتبين عدالته كما لا يخفى ا هـ
قوله ( ولا من انتقل من مذهب أبي حنيفة الخ ) أي استخفافا لأنه لا يكون أهلا للشهادة فلا يعتمد عليه
منح وتقدم في باب التعزير أن من ارتحل إلى مذهب بدون حاجة شرعية يعزر فكان ذلك معصية موجبة لرد شهادته ولأنه ليس للعامي أن يتحول من مذهب إلى مذهب ويستوي فيه الحنفي والشافعي وقيل لمن انتقل إلى مذهب الشافعي ليزوج له أخاف أن يموت مسلوب الإيمان لإهانته بالدين بجيفة قذرة
قنية من كتاب الكراهية
وفي آخر هذا الباب من المنح وإن انتقل إليه لقلة مبالاة في الاعتقاد والجرأة على الانتقال من مذهب
____________________
(7/147)
إلى مذهب كما يتقوله ويميل طبعه إليه لغرض يحصل له فإنه لا تقبل شهادته ا هـ
فعلم بمجموع ما ذكرناه أن ذلك غير خاص بانتقال الحنفي وأنه إذا لم يكن لغرض صحيح فافهم ولا تكن من المتعصبين فتحرم بركة الأئمة المجتهدين نفعنا الله تعالى بهم أجمعين في الدنيا والآخرة آمين
وتقدم هذا البحث مستوفى في فصل التعزير فارجع إليه
قوله ( وكذا بائع الأكفان والحنوط ) أي إذا ابتكر وترصد لذلك أما إذا كان يبيع الثياب ويشتري منه الأكفان تجوز شهادته
جامع الفتاوى وبحر
وفي الهندية إذا كان الرجل يبيع الثياب المصورة أو ينسجها لا تقبل شهادته ا هـ أي صورة ذي روح
قوله ( لتمنيه الموت ) وإن لم يتمنه بأن كان عدلا تقبل
كذا قيده شمس الأئمة
قال الرحمتي وينبغي أن يكون مثله بائع الطعام لتمنيه الغلاء والشدة على الناس ا هـ
أقول وهذا أيضا إن لم يتمنه بأن كان عدلا تقبل
قوله ( وكذا الدلال ) أي فيما عقده لعدم صحة الشهادة على فعل نفسه أو مطلقا لكثرة كذبه
في التنقيح لسيدي الوالد سئل في شهادة الدلال العدل الذي لا يحلف ولا يكذب هل تقبل الجواب نعم إذا كان كذلك تقبل
قال في البحر وكذا لا تقبل شهادة النخاس وهو الدلال إلا إذا كان عدلا لم يكذب ولم يحلف ا هـ
وقدمنا عن الفتح أن أهل الصناعات الدنيئة الأصح أنها تقبل كالزبال والحجام لأنها تولاها قوم صالحون فما لم يعلم القادح لا يبني على ظاهر الصناعة وكذا الدلالون والنخاسون ويحتمل أن المراد الدلال إذا شهد على البيع فإنه قال في الهندية الوكيلان بالبيع والدلالان إذا شهدا قالا نحن بعنا هذا الشيء من فلان لا تقبل شهادتهما ا هـ
قوله ( والوكيل ) أي بالنكاح
قوله ( ولو بإثبات النكاح ) أي لا تقبل بإثبات النكاح لأنها شهادة على فعله وقوله لو بإثبات النكاح للتمثيل لا للتقييد ومثله سائر العقود التي باشرها لا يصح شهادته بها إذا صرح بأنه باشرها وكالة أما إذا شهد أنه ملكه أو في إجارته تقبل
وفي بعض نسخ الشرح زيادة واو قبل لو أي ولو بإثبات النكاح ترقيا إذ هو هنا سفير وهي الأولى
قوله ( أما لو شهد أنها امرأته تقبل ) لأنه شهد بقيام النكاح لا بعقده
قوله ( والحيلة الخ ) مقتضاه أن من لا تقبل شهادته لعلة يجوز له أن يخفيها ويشهد كما إذا كان عبدا للمشهود له أو ابنه أو نحو ذلك فليتأمل
سيدي الوالد رحمه الله تعالى
أقول وسيأتي قريبا عن البحر عن الملتقط أن لشارب الخمر أن يشهد إذا لم يطلع عليه وأنه لا يحل له أن يهتك ستره بذكر فسقه وإبطال حق المدعي
قوله ( بالنكاح ) أي بإثباته ولا يذكر الوكالة أي أنه كان وكيلا فيه
قوله ( بزازية ) عبارتها وشهادة الوكيلين أو الدلالين إذا قالا نحن بعنا هذا الشيء أو الوكيلان بالنكاح أو بالخلع إذا قالا نحن فعلنا هذا النكاح أو الخلع لا تقبل أما لو شهد الوكيلان بالبيع أو النكاح أنها منكوحته أو ملكه تقبل
وذكر أبو القاسم أنكر الورثة النكاح فشهد رجل قد تولى العقد والنكاح يذكر النكاح ولا يذكر أنه تولاه انتهت
قوله ( وملخصه ) أي ملخص ما ذكره المصنف في كتاب الإجارة من كتابه المسمى بالمعين
قوله ( الدلالين والصكاكين ) إذا كان غالب حالهم الفساد لكثرة الكذب منهم غالبا أما إذا غلب عليهم
____________________
(7/148)
الصلاح فالصحيح أنها تقبل كما في الهندية وقدمناه آنفا
قوله ( والمحضرين والوكلاء المفتعلة على أبوابهم ) أي القضاة وهو متعلق بالثاني وحذف من الأول نظيره
قال ح الوكلاء المفتعلة الذين يجتمعون على أبواب القضاة يتوكلون للناس في الخصومة ا هـ
قال فخر الدين لما سئل عن شهادة أعوان الحاكم والوكلاء على أبواب القضاة
قال لا تسمع شهادتهم لأنهم ساعون في إبطال حق المستحقين فهو فسق فلا تسمع
قوله ( وفيها ) مكرر مع ما يأتي متنا
قوله ( أخرج من الوصاية ) نص على المتوهم لأنه إذا لم يخرج فشهادته للميت بدين أو غيره باطلة سواء كانت الورثة كبارا أو صغارا ولو شهد على الميت بدين قبلت على كل حال
هندية
قوله ( بعد قبولها ) أما إذا لم يقبل بعد موت الموصي ولم يرد فشهد فالقاضي يقول له أتقبل الوصاية فإن قبل أبطلها وإن رد أمضاها وإن لم يخبر بشيء توقف القاضي
ملتقط
قوله ( للميت ) ولا لليتيم
هندية
قوله ( أبدا ) أي وإن لم يخاصم
هندية
قوله ( وكذا الوكيل ) أي شهادة الوكيل للموكل
قوله ( فكذلك ) أي لا تقبل عند أبي يوسف وتقبل عند الإمام ومحمد
كذا في الذخيرة
وإنما اقتصر المؤلف على قول الثاني لما قيل إن الفتوى والقضاء على قوله في الوقف والقضاء ط
قوله ( ومدمن الشرب ) قال في النهاية معزيا إلى الذخيرة أراد به الإدمان في النية يعني يشرب ومن نيته أن يشرب بعد ذلك إذا وجده
قال الرملي في حاشية المنح بخلاف ما إذا أقلع عنه فإنه فاسق تاب فتقبل شهادته ا هـ
فإذا تم هذا فلا فرق بين الخمر وغيره لأنه وإن كان بقطرة منها ارتكب الكبيرة وترد شهادته لكن بالتوبة يزول فسقه ويعود عدلا وتقبل شهادته لكن لا تتم بالتوبة بمجرد نية عدم الشرب بل لا بد من الندم والإقلاع في الحال والعزم على أن لا يعود
وإذا علمت معنى الإدمان وأن غير المدمن تائب بأنه قد أقلع عنه ونوى أن لا يعود إليه سقط هذا الكلام كله لأن التائب تقبل شهادته سواء تاب عن الصغيرة أو الكبيرة
أقول لكن قدمنا عن الفتح عند الكلام على النائحة أن تفسير الإدمان بالنية أمر خفي لا يصلح أن يكون مدارا لعدم قبول الشهادة
فتأمل
قوله ( لأن بقطرة منها ) فيه حذف اسم أن
قوله ( يرتكب الكبيرة ) لأنه يحرم قليلها وكثيرها والقليل يطلق على القطرة بالإجماع خلافا للمعتزلة فإنهم يقولون بإباحة القليل
قال في الهداية وهذا كفر لأنه جحود للكتاب فإنه سماه رجسا
والرجس ما هو محرم العين وقد جاءت السنة متواترة أن النبي حرم الخمر وعليه انعقد إجماع الأمة ولأن قليله يدعو إلى كثيره وهذا من خواص الخمر ولأنه لو أقر بشرب قطرة واحدة يلزمه الحد كما قرر في محله
قوله ( فترد شهادته ) أي من غير إدمان هذا مخالف لما في الكافي حيث قال وإنما شرط الإدمان ليكون ذلك ظاهرا منه فإن من شرب الخمر سرا ولا يظهر منه ذلك لا يخرج من أن يكون عدلا وإن شربها كثيرا وإنما تسقط عدالته إذا كان ذلك يظهر منه أو يخرج سكران فتلعب به الصبيان فإنه لا مروءة لمثله ولا يحترز عن الكذب عادة وكذا من يجلس مجلس الفجور والمجانة في الشرب لا تقبل شهادته وإن لم يشرب
____________________
(7/149)
وفي فتاوى قاضيخان لا تقبل شهادة مدمن الخمر ولا مدمن السكر لأنه كبيرة
وفي الذخيرة لا تقبل شهادة مدمن الخمر
زيلعي وعيني
وفي النهاية الإدمان شرط في الخمر أيضا في حق سقوط العدالة ا هـ
فهذه نقول صريحة في عدم الفرق في اشتراط الإدمان بين الخمر وغيره فما ذكره الشرح تبعا لصاحب البحر لا يعول عليه
أبو السعود
وقد تقدم أنه يشترط الاشتهار في كل من أتى بابا من أبواب الكبائر
ط بزيادة
أقول وكذلك صحح شرط الإدمان في شرب الخمر لسقوط العدالة
البرجندي وصاحب التتمة وعليه كلام الدرر حيث عمم الشرب شرب الخمر والعرقى والوزج ونحوها كما في عبد الحليم
قوله ( وما ذكره ابن الكمال ) من أن شرب الخمر ليس بكبيرة فلا يسقط العدالة إلا بالإصرار عليه
قوله ( كما حرره في البحر ) قال فيه وذكر ابن الكمال أن شرب الخمر ليس بكبيرة فلا تسقط العدالة إلا بالإدمان عليه
قال في الفتاوى الصغرى ولا تسقط عدالة شارب الخمر بنفس الشرب لأن هذا الحد لم يثبت بنص قاطع إلا إذا داوم على ذلك ا هـ
وهو غلط من ابن الكمال لما قدمناه عن المشايخ من التصريح بأن شربها كبيرة ولمخالفتها للحديث المشهور في الكبائر أنها سبع وذكر منها شرب الخمر ا هـ
بل إنما شرط الإدمان عليها للاشتهار لا لأنها صغيرة لأن الشهادة لا ترد إلا بالإدمان وظهوره بالاشتهار
وأما مجرد الشرب مع قطع النظر عن سقوط الشهادة فقد علمت أنه كبيرة ولو بقطرة فلو تغفل
قال السائحاني أقول نسبة الغلط إلى هذا الهمام في الفرق بين شرط الإدمان للخمر وغيره من الأشربة غير مسلمة لما صرح قاضيخان في فتاواه
وعبارته ولا تقبل شهادة مدمن الخمر ولا مدمن السكر لأنها كبيرة وإنما شرط الإدمان ليظهر ذلك عند الناس فإن من اتهم بشرب الخمر في بيته لا تبطل عدالته وإن كانت كبيرة وإنما تبطل إذا ظهر ذلك أو يخرج سكران يسخر منه الصبيان لأن مثله لا يحترز عن الكذب
وذكر الخصاف رحمه الله تعالى أن شرب الخمر يبطل العدالة
وقال محمد رحمه الله تعالى ما لم يظهر ذلك يكون مستور الحال ا هـ
وفي المقدسي ومحمد شرط الإدمان وهو الصحيح
نعم إذا حمل الغلط على قول ابن الكمال إن شرب الخمر ليس بكبيرة يظهر لما قدمناه قريبا من أن شرب قطرة منه كبيرة
وفي البدائع شرب الخمر أحيانا للتقوي لا للتلهي يكون عدلا وعامة المشايخ لا يكون عدلا لأن شرب الخمر كبيرة محضة ا هـ
قوله ( قال وفي غير الخمر ) قد علمت أنها يشترط فيها أيضا
قوله ( يشترط الإدمان ) قدمنا أنه اختلف في الإدمان هل هو في الفعل أو النية على قولين محكيين فيه وفي الإصرار قال ابن كمال إن الإدمان بالعزم أمر خفي لا يصلح أن يكون مدارا لعدم قبول الشهادة ومحصله أن ابن الكمال يميل إلى ترجيح اشتراط الإدمان بالفعل لا بالنية فراجعه
قوله ( على اللهو ) أي لأجل اللهو أي وهو معروف وأصله ترويح النفس بما لا تقتضيه الحكمة
بحرعن المصباح والمراد به أن لا يكون للتداوي فيدخل في اللهو الشرب للاعتياد
قال في البحر فأطلق اللهو على المشروب وظاهره أنه لا بد من الإدمان في حق الخمر أيضا
قال في المنح هو خلاف الظاهر من العبارة لأن الظاهر منها أن معنى مدمن الشرب أي مداوم شرب الخمر على اللهو
قال الزيلعي أي مداوم شرب الخمر لأجل اللهو لأن شربها كبيرة
وقال منلا خسرو ومدمن الشرب أي شرب الأشربة المحرمة فإن إدمان شرب غيرها لا يسقط الشهادة ما لم يكن على اللهو اه
____________________
(7/150)
فأفاد كلامه أن أما فيها ف الشرب على اللهو إنما هو شرط في غير الأشربه المحرمه أما فيها فلا يشترط وهذا يوافق كلام صاحب البحر
والظاهر أن هذا هو الذي أحوجه إلى ذكره من حمل اللهو في كلام الكنز على المشروب وهو مخالف لكلام الزيلعي فإنه جعله شرطا في الخمر أيضا وربما يناسبه كلام الشارح هنا والظاهر خلافه لأن شرب الخمر كبيرة ترد الشهادة بها سواء شربت على اللهو أم لا وظاهر كلامهم أنه لا بد من الإدمان في حق الخمر أيضا
وأما إدمان شرب غير المحرم لا يسقط الشهادة ما لم يكن على اللهو فجعل اللهو قيدا للشرب وحمله على شرب غير المحرمة هو الذي يظهر كما يظهر لي من كلامهم والله تعالى الموفق
قوله ( لشبهة الاختلاف ) قال في البحر في قوله على اللهو إشارة إلى أنه لو شربها للتداوي لم تسقط عدالته لأن للاجتهاد فيه مساغا ا هـ
قال ط والأصح الحرمة
نعم لو شرب لغصة شيء في حلقه ونحوه مما ينفسه لا محالة كان مباحا
قهستاني
وفي العتابية لا تسقط عدالة أصحاب المروءات بالشرب ما لم يشتهر
وفي الظهيرية من سكر من النبيذ بطلت عدالته في قول الخصاف لأن السكر حرام عند الكل
وقال محمد لا تبطل عدالته إلا إذا اعتاد ذلك ا هـ
قال في البحر وهو عجيب من محمد لأنه قال بحرمة قليله ولم يسقطها بكثيرة وظاهره أنه يقول بأن السكر منه صغيرة فشرط الاعتياد ا هـ
قال سيدي الوالد قوله وهو عجيب من محمد الخ فيه نظر ظاهر يعلم مما قدمه عن الصدر الشهيد من أن الإدمان على شرب الخمر شرط لسقوط العدالة عند محمد مع أنه ممن يقول بأن مجرد شرب الخمر ولو بدون إدمان وإسكار ولهذا قال المقدسي وإنما فعل ذلك محمد يعني حيث اشتراط الاعتياد على السكر من النبيذ للاحتياط فمنع القليل يعني من المسكر ولم يسقط العدالة إلا إذا اعتاد ولم يكتف بالكثرة ا هـ
فإن قلت لم اشترط الإدمان في الشرب دون غيره مما يوجب الحد قلت ذكر البرجندي أن الوقوع في الشرب أكثر من الوقوع في غيره فلو جعل مجرد الشرب مسقطا للعدالة أدى إلى الحرج ا هـ
قال في البحر ولشارب الخمر أن يشهد إذا لم يطلع عليه لما في الملتقط وإذا كان في الظاهر عدلا وفي السر فاسقا فأراد القاضي أن يقضي بشهادته لا يحل له أن يذكر فسقه لأنه هتك الستر وإبطال حق المدعي ا هـ
ولا فرق في السكر المسقط لها بين المسلم والذمي لما قدمناه أنه إذا أسكر الذمي لا تقبل شهادته
قوله ( وممن يلعب بالصبيان ) في الهندية حكي عن أبي الحسن أن شيخا لو صارع الأحداث في المجامع لم تقبل شهادته ا هـ
قال ط والمراد الأحداث المشتهون لا الأطفال الصغار لتسليتهم عن البكاء أو لحبهم ويدل عليه التعليل بعدم المروءة
ويحتمل أن المراد بهم ما يعم ما ذكر ويحمل على الكثرة وحرره ا هـ
أقول قد ثبت عنه ملاعبته للحسن ولأمامة ولو كان فيها أدنى ما يخل لما فعله وبه يتعين أن المراد الأحداث المشتهون
تأمل
قوله ( والطيور ) أي من يلعب بها جمع طير وهو جمع طائر
واللعب بالكسر فعل قصد به مقصد صحيح
قاله الراغب قهستاني
وإنما ردت شهادته لأنه يورث غفلة وهو محمول على ما إذا كان يقف على عورات النساء لصعوده سطحه ليطير طيره ا هـ
بحر
قوله ( للاستئناس ) أو لحمل الكتب كما في بلاد مصر والشام أي سابقا وفي بلاد فارس الآن
قوله ( إلا أن يجر حمام غير ) أي المملوك فتفرخ في وكرها فيأكل ويبيع بحر
وإن لم يصعد السطوح
قال في الهندية ولا شهاة من يلعب بالحمام يطيرهن فأما إذا كان
____________________
(7/151)
يمسك الحمام يستأنس بها ولا يطيرها عادة فهو عدل مقبول الشهادة كذا في المبسوط وهكذا في الكافي وفتاوى قاضيخان إلا إذا كانت تجر حمامات أخر مملوكة لغيره فتفرخ في وكرها فيأكل ويبيع منه ا هـ
قوله ( لأكله للحرام ) قال في الهندية لا تقبل شهادة آكل الربا المشهور بذلك المقيم عليه
كذا في المبسوط
ولا تقبل شهادة من اشتغل بأكل الحرام
جوهرة ط
قوله ( والطنبور ) بالضم
قهستاني
وفسره في الهداية بالمغني
قوله ( وكل لهو شنيع ) من عطف العام على الخاص
قال في البحر وأراد المؤلف بالطنبور كل لهو كان شنيعا بين الناس احترازا عما لم يكن شنيعا كضرب القضيب كما ذكره الشرح عن البحر
قال في المحيط الرجل يلعب بشيء من الملاهي وذلك لم يشغله عن الصلاة ولا عما يلزمه من الفرائض ينظر إن كانت مستشنعة بين الناس كالمزامير والطنابير لم تجز شهادته وإن لم يكن شنيعا لا يمنع قبولها إلا أن يتفاحش بأن يرقصوا بهد فيدخل في حد المعاصي والكبائر فتسقط به العدالة ا هـ
وقد ذكر الشيخ هنا حديثا مرفوعا ما أنا من دد ولا الدد مني والدد اللعب واللهو أي ما أنا من شيء من اللهو
وفي الولوالجية إن لعب بالصولجان يريد به الفروسية جازت شهاته لأنه غير محظور
بحر ملخصا
قال في الخانية وإن لعب بشيء من الملاهي ولم يشغله ذلك عن الفرائض لا تبطل عدالته وملاعبته الأهل والفرس لا تبطل العدالة ما لم يشغله عن الفرائض فإن لم يشغله لكنه شنيع بين الناس كالمزامير والطنابير فكذلك وإن لم يكن شنيعا كالحداء وضرب القضيب فلا إلا إذا فحش بأن يرقصوا عند ذلك ا هـ
قوله ( نحو الحداء ) أي للإبل
قال الشاعر الماهر أو ما ترى الإبل التي هي ويك أغلظ منك طبعا تصغى إلى صوت الحدا ة وتقطع البيداء قطعا ولم يذكر الشعر
وفي الهندية الشاعر إذا كان يهجو لا تقبل شهادته وإن كان يمدح وكان أغلب مدحه الصدق قبلت والذي يعلم شعر العرب إن كان تعلم لأجل العربية لا تبطل عدالته وإن كان فيه فحش ا هـ
قال سيدي الوالد بعد كلام إن المكروه منه ما داوم عليه وجعله صناعه له حتى غلب عليه وأشغله عن ذكر الله تعالى وعن العلوم الشرعية وبه فسر الحديث المتفق عليه وهو قوله لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خير من أن يمتلىء شعرا فاليسير من ذلك لا بأس به إذا قصد به إظهار النكات واللطافات والتشابيه اللطيفة والمعاني الرائقة وإن كان في وصف الخدود والقدود فإن علماء البديع قد استشهدوا من ذلك بأشعار المولدين وغيرهم لهذا القصد
وقد ذكر المحقق ابن الهمام في فتح القدير ومن المباح أن يكون فيه صفة امرأة مرسلة بخلاف ما إذا كانت بعينها حية
وعمم بعضهم المنع إلا أنا عرفنا من هذا أن التغني المحرم هو ما كان في اللفظ بما لا يحل كصفة الذكور والمرأة المعينة الحية ووصف الخمر المهيج إليها والحانات والهجاء لمسلم أو ذمي إذا أراد المتكلم هجاءه لا إذا أراد إنشاء الشعر للاستشهاد به أو لتعلم فصاحته وبلاغته ويدل على أن وصف المرأة كذلك غير مانع ما سلف في كتاب الحج من إنشاد أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وهو محرم
____________________
(7/152)
قامت ترك رهبة أن تهضما ساقا بخنداة وكعبا أدرما وإنشاد ابن عباس شعرا إن تصدق الطير ننك لميسا لأن المرأة فيهما ليست معينة فلولا أن إنشاد ما فيه وصف امرأة كذلك جائز لم تقله الصحابة رضي الله عنهم
ومما يقطع به في هذا قول كعب بن زهير بحضرة النبي
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا إلا أغن غضيض الطرف مكحول تجلو عوارض ذي ظلم إذا بتسمت كأنه منهل بالراح معلول وكثير في شعر حسان من هذا كقوله وقد سمعه النبي ولم ينكره في قصيدته التي أولها تبلت فؤادك في المنام خريدة تسقي الضجيع ببارد بسام فأما الزهريات المجردة عن غير ذلك المتضمنة وصف الرياحين والأزهار والمياه المطردة كقول ابن المعتز سقاها بغابات خليج كأنه إذا صافحته راحة الريح مبرد يعني سقي تلك الرياض وقوله وترى الرياح إذا سبحن غديره صقيلة تنفين كل قذاة ما إن يزال عليه ظبي كارعا كتطلع الحسناء في المرآة فلا وجه لمنعه على هذا
نعم إذا قيل ذلك على الملاهي امتنع وإن كان مواعظ وحكما للآلات نفسها لا لذلك التغني والله أعلم
وفي الذخيرة عن النوازل قراءة شعر الأدب إذا كان فيه ذكر الفسق والخمر والغلام يكره والاعتماد في الغلام على ما ذكرنا في المرأة أي من أنها كانت معينة حية يكره وإن كانت ميتة فلا ا هـ
وتقدم الكلام على ذلك في صدر الكتاب قبل رسم المفتي وكذا يأتي في الحظر والإباحة
ونقل قبيل الوتر والنوافل عن الضياء المعنوي العشرون من آفات اللسان الشعر
سئل عنه فقال كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح ومعناه أن الشعر كالنثر يحمد حين يحمد ويذم حين يذم ولا بأس باستماع نشيد الأعراب وهو إنشاد الشعر من غير لحن ويحرم هجر مسلم ولو بما فيه فما كان منه في الوعظ والحكم وذكر نعم الله تعالى وصفة المتقين فهو حسن وما كان من ذكر الأطلال والأزمان والأمم فمباح وما كان من هجو وسخف فحرام وما كان من وصف الخدود والقدود والشعور فمكروه
كذا فصله أبو الليث السمرقندي
ومن كثر إنشاده وإنشاؤه حين تنزل به مهماته ويجعله مكسبة له تنقص مروءته وترد شهادته ا هـ
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى في الحظر والإباحة وأما وصف الخدود والأصداغ وحسن القد والقامة وسائر أوصاف النساء والمرد قال بعضهم فيه نظر
وقال في المعارف لا يليق بأهل الديانات وينبغي أن لا يجوز إنشاده عند من غلب عليه الهوى والشهوة لأنه يهيجه على إجالة فكره فيمن لا يحل وما كان سببا لمحظور فهو محظور ا هـ
لكن قدمنا أن إنشاده للاستشهاد لا يضر ومثله فيما يظهر إنشاده أو عمله لتشبيهات بليغة واستعارات
____________________
(7/153)
بديعة
قوله ( وضرب القصب ) الذي في البحر وغيره القضيب والظاهر أن المراد بهما واحد وهو الزمر في الغاب لأنه هو الذي يرقصون حوله ويدل له ما في البحر عن المعراج حيث قال الملاهي نوعان محرم وهو الآلات المطربة من غير غناء كالمزمار سواء كان من عود أو قصب كالشبابة أو غيره كالعود والطنبور لما روى أبو أمامة أنه عليه الصلاة والسلام قال إن الله تعالى بعثني رحمة للعالمين وأمرني بمحق لمعازف ولمزامير ولأنه مطرب مصد عن ذكر الله
والنوع الثاني مباح وهو الدف في النكاح وفي معناه ما كان من حادث سرور ويكره في غيره لما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه لما سمع صوت الدف بعث فنظر فإنه كان في وليمة سكت وإن كان في غيره عمده بالدرة وهو مكروه للرجال على كل حال للتشبه بالنساء ا هـ
ونقله في فتح القدير ولم يتعقبه
قال في السراجية هذا إذا لم يكن للدف جلاجل ولم يضرب على هيئة التطرب ا هـ
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى وينبغي أن يكون طبل المسحر في رمضان لإيقاظ النائمين للسحور كبوق الحمام يجوز
تأمل
والشبابة سميت به لما فيها من الشباب بالكسر وهو النشاط ورفع اليدين
قوله ( إلا إذا فحش بأن يرقصوا به خانية ) وعبارتها وإن لعب بشيء من الملاهي ولم يشغله عن الفرائض لا تبطل عدالته وملاعبته الأهل والفرس لا تبطل العدالة ما لم يشغله ذلك عن الفرائض فإن لم يشغله لكنه شنيع بين الناس كالمزامير والطنابير فكذلك وإن لم يكن شنيعا كالحداء وضرب القضيب فلا إلا إذا فحش بأن يرقصوا عند ذلك
مقدسي
قوله ( ومن يغني للناس ) رد الشهادة لإعلان الفسق لا للفسق
قهستاني
وفي ضياء الحلوم الغناء على وزن فعال صوت المغني
والغنى كثرة المال فالأول ممدود والثاني مقصور ا هـ ط
قوله ( لأنه يجمعهم على كبيرة ) قال في البحر وظاهره أن الغناء كبيرة وإن لم يكن للناس بل لإسماع نفسه دفعا للوحشة وهو قول شيخ الإسلام خواهر زاده فإنه قال بعموم المنع والإمام السرخسي إنما منع ما كان على سبيل اللهو
ومنهم من جوزه للناس في عرس أو وليمة
ومنهم من جوزه لإسماع نفسه دفعا للوحشة ومنهم من جوزه ليستفيد به نظم القوافي وفصاحة اللسان ا هـ
وتمامه فيه وقدمنا بعضه
أقول ويمكن حمل كونه كبيرة على ما قاله السرخسي بأن يكون كبيرة بسبب الاجتماع عليه ويؤيده كلام النسفي في الكافي وهو المتبادر من لفظ يغني للناس وعلى ذلك حمله في العناية ويؤيده ما يأتي عن ابن الكمال والعيني من أنه لو كان لنفسه ليزيل الوحشة عنها لا تسقط عدالته في الصحيح فهذا التصحيح موافق لهذا المتن كغيره من المتون فكان عليه المعول فلا تغفل
قال العيني في شرحه على البخاري أما الغناء فلا خلاف في تحريمه لأنه من اللهو واللعب المذموم بالاتفاق أما ما يسلم من المحرمات فيجوز القليل منه في الأعراص والأعياد وشبههما
وسئل أبو يوسف عن الدف أتكرهه في غير العرس لمثل المرأة في منزلها والصبي قال لا أكرهه
وأما الذي يجيء منه اللعب الفاحش والغناء فإني أكرهه إلى أن قال أي العيني وقال الملهب الذي أنكره أبو بكر رضي الله عنه كثرة التنغيم وإخراج الإنشاد عن وجهه إلى معنى التطريف بالألحان ألا ترى أنه لم ينكر الإنشاد وإنما أنكر مشابهته الزمر بما كان في الغناء الذي فيه اختلاف النغمات وطلب الإطراب فهو الذي يخشى
____________________
(7/154)
منه وقطع الذريعة فيه أحسن وما كان دون ذلك من الإنشاد ورفع الصوت حتى لا يخفى معنى البيت وما أراده الشاعر بشعره فغير منهي عنه
وقد روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه رخص في غناء الأعراب وهو صوت كالحداء يسمى النصب إلا أنه رقيق ا هـ ملخصا
قوله ( وكلام سعدي أفندي يفيد تقييده بالأجرة ) وقيده القهستاني بأن يكون من الشعر مع التصفيق بالكف كما قيده في البناية باللهو وعبارة الزيادات تفيد التقييد بالشهرة بأن يكون للناس فافهم وتأمل
قوله ( فتأمل ) والوجه أن اسم مغنية ومغن إنما هو في العرف لما كان الغناء حرفته التي يكتسب بها المال وهو حرام ونصوا على أن المغني للهو أو لجمع المال حرام بلا خلاف وحينئذ فكأنه قال لا تقبل شهادة من اتخذ التغني صناعة يأكل بها
وتمامه في الفتح وسيأتي قريبا
قوله ( وأما المغني لنفسه لدفع وحشيته ) من غير أن يسمع غيره فلا بأس به ولا تسقط عدالته في الصحيح كذا في التبيين
وهو خلاف قول شيخ الإسلام كما علمت مما تقدم
وسئل ابن شجاع عن الذي يترنم في نفسه قال لا يقدح في عدالته
وفي البحر عن الفتح التغني المحرم هو ما كان في اللفظ ما لا يحل كصفة الذكر والمرأة والمعينة الحية ووصف الخمر المهيج إليها إلى أن قال وأما القراءة بالألحان فأباحها قوم وحظرها قوم والمختار إن كانت الألحان لا تخرج الحروف عن نظمها وقدوراتها فمباح وإلا فغير مباح كذا ذكر وقدمنا في باب الأذان ما يفيد أن التلحين لا يكون إلا مع تغيير مقتضيات الحروف فلا معنى لهذا التفصيل ا هـ
قوله ( في العرس ) والوليمة والأعياد
ومنهم من جوزه ليستفيد نظم القوافي إلى آخر ما قدمنا قريبا
قوله ( والمذهب حرمته مطلقا ) هكذا حرر صاحب البحر مستدلا لما في الزيادات إذا أوصى بما هو معصية عندنا وعند أهل الكتاب وذكر منها الوصية للمغنين والمغنيات
أقول هذا على إطلاقه لأن كلامنا في أنه متى يكون معصية على أن من أباحه مطلقا عمدة في المذهب وله دراية في كلام الزيادات على أن تصحيح العيني وإطباق المتون هو المذهب كما لا يخفى
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى إن أراد أنه حرام مطلقا فهو مخالف لما حمله علي في البناية والعناية فإنهما استدلا بعبارة الزيادات على أنه معصية لقصد اللهو فلم يجرياه على عمومه فهو موافق لما قاله الإمام السرخسي فكان محتملا لكل من القولين
نعم ظاهره الإطلاق
وقد يقال لفظة المغنين ظاهرة في أن المراد من اتخذه حرفة وعادة ثم رأيت في الفتح قال إن اسم مغنية ومغن إنما هو في العرف لما كان الغناء حرفته التي يكتسب بها المال ألا ترى أنه إذا قيل ما حرفة فلان أو ما صناعته يقال مغن كما يقال خياط وحداد إلى آخر كلامه
وفي إيضاح الإصلاح إنما قال يغني للناس أي يسمعهم لأنه لو كان لإسماع نفسه حتى يزيل الوحشة عن نفسه من غير أن يسمع غيره لا بأس به ولا يسقط عدالته في الصحيح ا هـ
وهكذا قال في شرح العيني وإن أنشد شعرا فيه وعظ وحكمة فهو جائز بالاتفاق الخ ونحوه ما مر عن الفتح من قوله المحرم هو ما كان الخ فتدبر ا هـ
____________________
(7/155)
أقول وأنت خبير بأن ما ذكره من النصوص لا يؤيد الإطلاق
وعبارة الزيادات تفيد التقييد بالشهرة وإنما يكون بها إذا كان للناس وقد تبع الشارح المصنف في ذكر الإطلاق في منحه والصحيح التفصيل كما علمت عن الهندية
تتمة قال الفتال في حاشيته أقول إنما سمي الغناء غناء لأن النفس تستغني به عن غيره من الملاذ البدنية في حال سماعه
وقال بعض الحكماء فضل الغناء كفضل النطق على الخرس والدينار المنقوش على القطعة من الذهب
وفي كلام بعضهم الغناء يحرك الهوى الساكن ويسكن ألم الهوى المتحرك
وفي كلام بعضهم الصوت الشجي يوصل إلى نعيم الدنيا والآخرة لأنه يؤنس الوحيد ويريح التعبان ويسلي الكئيب ويحض على الشجاعة واصطناع المعروف
وقال أفلاطون هذا العلم أي علم الغناء لم يضعه الحكماء للهو واللعب ولكن للمنافع الذاتية ولذة الروح الروحانية وبسط النفس وترطيب اليبوسات وتعديل السوداء وترويق الدم ا هـ
وأقول فعلى هذا ينبغي جوازه لأجل التداوي به إذا لم يوجد شيء يقوم مقامه كما قالوا في التداوي بالمحرم فتأمل ا هـ
قال في الخيرية في جواب سؤال بعد كلام في سماع السادة الصوفية نفعنا الله تعالى بهم ولو قيل هل يجوز السماع لهم فيقال إن كان السماع سماع قرآن وموعظة فيجوز ويستحب إن لم تخرج الحروف عن نظمها وقدرها وإن كان سماع غناء فهو حرام
ومن أباحه من المشايخ الصوفية فبشروط أن يخلو عن اللهو ويتحلى بالتقوى ويحتاج إليه احتياج المريض إلى الدواء وله شرائط
أحدها أن لا يكون فيهم أمرد
والثاني أن لا يكون جميعهم إلا من جنسهم ليس فيهم فاسق ولا أهل الدنيا ولا امرأة
والثالث أن تكون نية القول الإخلاص لا أخذ الأجر والطعام
والرابع أن لا يجتمعوا لأجل طعام أو فتوح
والخامس أن لا يقوموا إلا مغلوبين
والسادس لا يظهرون وجدا إلا صادقين
وفي التاترخانية عن الذخيرة ومنهم من قال لا بأس به في الأعياد
روي أن رسول الله كان جالسا في بيته يوم العيد وفي الدهليز جاريتان يتغنيان بالدف فجاء أبو بكر رضي الله عنه وقال لهما أتغنيان في بيت رسول الله فقال دعهما فإن هذا اليوم يوم عيد
ثم ذكر عن المحيط تفصيلا آخر في التغني حاصله أن يفترق الحكم بين التغني لإزالة الوحشة فيحل أو للهو المجرد فلا
ومنهم من فصل بمشاهدة التسبيح في الآلة عيانا فيحل وإلا يحرم وشبهوه بسوق الدابة إن احتيج إليه حل وإلا حرم
وقد صنف الفقهاء في ذلك مصنفات كثيرة وكذلك أهل التصرف
وأجمع عبارة فيه ما قاله الشيخ عبد الرحمن أفندي العمادي وقد سئل عن السماع باليراع وغيره من الآلات المطربة هل ذلك حلال أو حرام فأجاب قد حرمه من لا يعترض عليه لصدق مقاله وأباحه من لم ينكر عليه لقوة حاله فمن وجد في قلبه شيئا من نور المعرفة فليتقدم وإلا فرجوعه إلى ما نهاه عنه الشرع أسلم وأحكم والله أعلم
وتمام الكلام على السماع وعلى جواز ضرب النوبة للتنبيه لتذكر النفختين يأتي في الحظر والإباحة في كلام الشارح وسيدي الوالد رحمه الله تعالى فراجعهما
قوله ( أو يجلس مجلس الغناء ) أي وإن اشتغل عنه بذكر ونحوه أو يتبع صوت المغنية ولا
____________________
(7/156)
يسمع الغناء بحر عن الملتقط
وقوله ولا من يسمع الغناء أي وإن لم يجلس مجلسه ليغاير ما قبله وينبغي أن يقيد بالشهرة كما سبق في نظائره ط
قوله ( أو مجلس الفجور ) كمجالس المجالة والأنكات فإنها محرمة بل تؤدي إلى الكفر كما قد شوهد مرارا وليس عند قائلها شيء من الدين كما يفيد بعض الآثار
قوله ( لأن اختلاطه الخ ) لأن حضور مجلس الفسق فسق كما في البدائع
قوله ( وتركه الأمر بالمعروف ) أي عند توفر شروطه من نحو أمنه على نفسه من ضرر ورجاء قبوله ونحو ذلك كما بين في تبيين المحارم فراجعه
قوله ( ومراده من يرتكب كبيرة ) بشرط إعلانها
قهستاني عن النظم
وكذا نقله في الشرنبلالية عن الفتح فيحمل قولهم من يأتي بابا من الكبائر على الإتيان به شهرة ولذا قال بعضهم أو يرتكب ما يحد به ما شأنه أن يحد به ولا يكون ذلك إلا بإشهار واطلاع الشهود عليه وليس المراد ارتكاب ما يحد به بالفعل ا هـ
من شرح الملتقى
وبه علم أن قيد الشهرة يأتي في كل ما ذكر
قال الزيلعي الأوجه في تعريف الكبيرة والصغيرة ما ذكره المتكلمون أن الكبيرة والصغيرة اسمان إضافيان لا يعرفان بذاتهما بل بالإضافة فكل ذنب إذا نسبه إلى ما دونه فهو كبيرة وإذا نسبه إلى ما فوقه فهو صغيرة ا هـ
وقيل أصح ما نقل فيه عن الحلواني ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة الله تعالى والدين فهو كبيرة ا هـ ط
وقد تقدم أيضا في أوائل الباب فراجعه
قوله ( أو يدخل الحمام بغير إزار ) لأن إبداء العورة فسق
وقيده في الذخيرة بما إذا لم يعلم رجوعه عنه ا هـ
در منتقى
قوله ( أو يلعب بنرد ) هو الطاولة أي إذا علم منه ذلك فتح
وخصه بالذكر لأن اللعب فيه فسق بالنص وهو قوله عليه الصلاة والسلام ملعون من يلعب بالنرد ومثله غيره من الملاهي
والنرد وضعه أزدشير بن بابك ولهذا يقال النردشير وهو أول ملوك الفرس الأخيرة
وضع النرد وضربها مثلا للقضاء والقدر وأن الإنسان ليس له تصرف في نفسه لا يملك لها نفعا ولا يدفع عنها ضررا ولا يقدر أن يجلب لها موتا ولا حياة ولا سعدا ولا شقاء بل هو مصرف على حكم القضاء والقدر معرض طورا للنفع وطورا للضرر وجعلها أيضا تمثيلا للحظ الذي يناله العاجز بما يجري لديه من الملك والحرمان الذي يبتلي به الحازم بما دار به عليه الفلك
وضعها على مثال الدنيا وأهلها فرتب الرقعة اثني عشر بيتا بعدد شهور السنة والبروج وجعل القطع ثلاثين قطعة بعدد أيام كل شهر والدرج التي هي لكل برج ثلاثين درجة إلى آخر ما ذكره الشيخ إبراهيم الكتبي في كتابه غرر الخصائص الواضحة
قال في الفتح بعد كلام ولذا نقول إذا علم القاضي أن الشاهد يلعب بالنرد ردت شهادته سواء قامر به أو لم يقامر لما في حديث أبي داود من لعب بالنردشير فقد عصى لله ورسوله ا هـ
قوله ( أو طاب ) أي طاب دك هو نوع من اللعب يرمى بأربع قصب
قال في الفتح ولعب الطاب في بلادنا مثله لأنه يطرح ويرمى بلا حساب وإعمال فكر وكل ما كان كذلك مما أحدث الشيطان وعمله أهل الغفلة فهو حرام سواء قومر به أو لا ا هـ
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى ومثله اللعب بالصينية والخاتم في بلادنا وإن تورع ولم يلعب ولكن حضر في مجلس اللعب بدليل من جلس مجلس الغناء وبه يظهر جهل بعض أهل الورع البارد
قوله ( أما الشطرنج ) بكسر أوله ولا يفتح والسين فيه لغة
قاموس
وجعل الحموي الكسر فيه مختارا
____________________
(7/157)
والحاصل إن فيه أربع لغات كسر الشين وفتحها مع الإعجام والإهمال وكذا حكاها ابن مالك لكن الإعجام هو الأشهر كما في شجرة وسجرة بالسين المهملة والشين المعجمة ويجمع على شطارج وأصله بالعجمة شش رنك
ومعناه ستة ألوان لأن شش ستة ورنك ألوان وهي أعني الستة الشاه والفرزان والفيل والفرس والرخ والبيدق
وإذا علم هذا فأول من وضعه فيما ذكره ابن خلكان وصاحب الغرر صصه بمهملة مكسروة ثم مشددة ابن داهر الهندي
وضعه لبلهيت ويقال له شهرام بكسر الشين المعجمة مضاهاة لأزدشير أول ملوك الفرس الأخيرة حيث وضع النرد مضاهاة للدنيا وأهلها وافتخرت الفرس به فقضت حكماء ذلك العصر بترجيحه على النرد بكونه ضربها مثلا على أن لا قدر وأن الإنسان قادر بسعيه واجتهاده يبلغ المراتب العلية والخطط السنية وإن هو أهملها صارت به من الخمول إلى الحضيض وأخرجته من روض العيش الأريض ومما جعله دليلا على ذلك أن البيدق ينال بحركته وسعيه منزلة الفرزان في الرياسة وجعلها مصورة تماثيل على صورة الناطق والصامت وجعلها درجات ومراتب وجعل الشاه المدبر الرئيس والفرس والفيل مركوبين له والفرزان وزيره والبيادق رعاياه فكما أن الواحد من الرعية إذا أعطى الاجتهاد حقه في تهذيب نفسه وتهذيبها كان ذلك عونا على أن ينال رتبة الفرزان فكذلك الفرزان إذا علت همته وتمكنت قدرته طمحت نفسه إلى نيل رتبة الشاة وقتاله وكذلك ما يليها من القطع وقيل وضعها بعض الحكماء ليبين لهم فيها ما خفي عنهم من مكايد الحروب وكيفية ظفر الغالب وخذلان المغلوب وبين فيها التدبير والحزم والاحتياط والمكيدة والاحتراس والتعبية والنجدة والقوة والجلد والشجاعة والبأس فمن عدم شيئا من ذلك علم موضع تقصيره ومن أين أتى بسوء تدبيره لأن خطأها لا يستقال والعجز فيها متلف المهج والأموال
واعلم أن ترك الحزم ذهاب الملك وضعف الرأي جالب للعطب والهلك والتقصير سبب الهزيمة والتلاف وعدم المعرفة بالتعبية داع إلى الانكشاف وتمامه ثمة
قوله ( فلشبهة الاختلاف ) علة مقدمة على معلولها أي اختلاف مالك والشافعي في قولهما بإباحته وهو رواية عن أبي يوسف واختاره ابن الشحنة إذا كان لإحضار الذهن واختار أبو زيد الحكيم حله كما في البحر معزيا للمحيط البرهاني عن شمس الأئمة السرخسي وأقره ط وغيره فكان مقدما على رد السائحاني بقوله هذه الرواية ذكرها في المجتبى ولم تشتهر في الكتب المشهورة بل المشهور الرد على الإباحة وابن الشحنة لم يكن من أهل الاختيار ا هـ
أقول يكفينا نقل صاحب البحر لها وإقراره لها وكذلك غيره كما علمت وكفى بهم قدوة فإن ابن الشحنة أدرى وأعلم من السحائاني رحمهم الله تعالى لا سيما وقد صححها أيضا المصنف في شرحه على الجامع الصغير ونقل اختيار ابن الشحنة في منحه وأقره
قال في شرح الكنز يجوز اللعب به لإحضار الذهن إذا لم يخل بالواجب
قال ابن الشحنة قلت ولا يخفى أن ما ذكر من المعاني أولا من الإخلال بالواجب ثانيا يخل بكل ما اقترن به لأنها أمور منهية فتنبه لذلك وقال بعد نقله الرواية عن وسيط المحيط وهذا مما ابتلى به جمع من الحنفية ففي هذا الفرع رخصة عظيمة لهم فألحقته بقولي ولا بأس بالشطرنج وهو رواية عن الحبر
____________________
(7/158)
قاضي الشرق والغرب تؤثر وهو الإمام أبو يوسف لأن ولايته شملت المشارق والمغارب لأنه كان قاضي الخليفة الرشيد ا هـ
قال القهستاني معزيا للجواهر إن مجرد اللعب بالشطرنج قادح وقيل هذا إذا اتخذه صنعة فقد ورد روحوا لقلوب ساعة فساعة ا هـ
وللعلامة السخاوي تلميذ العلامة ابن حجر كتاب ألفه في الشطرنج وسماه عمدة المحتج في حكم الشطرنج وذكر فيه الأحاديث في المنع عنه وطعن فيها ثم ذكر قسمين قسما فيمن كرهه وذمه من الصحابة والأئمة وسرد روايتهم في ذلك وضعف بعضها وقسما في الصحابة المنسوب إليهم أنهم لعبوه أو أقروا عليه وأورد ما قيل في ذلك وطعن فيه ثم عقد بابا ذكر فيه ما جاء عن المجتهدين وعن التابعين وتابعي التابعين في ذلك من التحريم والإباحة واللعب به والنهي عنه ثم جعل خاتمة ذكر فيها اختلاف العلماء فيه على مذاهب إلى آخر ما قال فيه فراجعه
قال بعض المحققين إنما حرم النرد ولم يحرم الشطرنج لأن المخطىء في الشطرنج إنما يجعل خطأه على فكره والمخطىء في النرد يحيله على القدر وهذا كفر وما يفضي إلى الكفر حرام كما في يبايع المصابيح في باب التصوير
قوله ( شرط ) أي لسقوط العدالة به
قوله ( أو يقامر ) القمار الميسر
وفي القاموس قامره مقامرة وقمارا فقمره كنصره راهنه فغلبه وهو التقامر ا هـ
وذكر النووي أنه مأخوذ من القمر لأنه ما له نارة يزداد إذا غلب وينتقص إذا غلب كالقمر يزيد وينقص ا هـ
قوله ( حتى يفوت وقتها ) أي فليس المراد بالترك عدم الفعل أصلا
قوله ( أو يحلف عليه كثيرا ) قيده الزيلعي كالإتقاني بالكذب وهو يفيد أن كثرة الحلف بدون الكذب أو الكذب فيه بدون كثرة لا ترد به شهادته لأنه إنما يشتهر به إذا كثر منه
أبو السعود بتصرف ط
قوله ( أو يلعب به على الطريق ) المراد به أن يكون بمرأى من الناس إذ هو لازمه
قال في الفتح وأما ما ذكر من أن يلعبه على الطريق ترد شهادته فلإتيانه الأمور المحقرة
قوله ( أو يذكر عليه فسقا ) أي ما يكون به فاسقا كالشم والقذف والغناء ط
قوله ( أو يداوم عليه ) لأن المداومة عليه دليل التلهي به ويلزمه غالبا الإخلاص ببعض المطلوب وهذا هو سادس الشروط الستة الذي شرط وجود واحد منها لحرمته ولسقوط العدالة
قال في البحر والحاصل أن العدالة إنما تسقط بالشطرنج إذا وجد واحد من خمس القمار وفوت الصلاة بسببه وإكثار الحلف عليه واللعب به على الطريق كما في فتح القدير أو يذكر عليه فسقا كما في السراج ا هـ
أو يداوم عليه كما ذكره الشارح
قوله ( أو يأكل الربا ) أي يأخذ القدر الزائد على ما يستحق لأنه من الكبائر فالمراد بالأكل الأخذ وإنما ذكره تبعا للآية الكريمة { الذين يأكلون الربا } البقرة 275 وإنما ذكر في الآية لأنه أعظم منافع المال ولأن الربا شائع في المطعومات والمراد بالربا القدر الزائد لا الزيادة وهي المرادة في قوله تعالى { وحرم الربا } البقرة 175 كما بيناه في بابه بحر
قوله ( قيدوه بالشهرة ) لأن الإنسان قلما ينجو من العقود الفاسدة وكل ذلك كالربا فلو أطلق عدم القبول عن قيد اشهرة للزم الحرج
قال في البحر وهو أولى مما قيل لأن الربا ليس بحرام محض لأنه يفيد الملك بالقبض كسائر البياعات الفاسدة وإن كان غاصبا مع ذلك فكان ناقصا في كونه كبيرة بخلاف أكل مال اليتيم ترد شهادته بمرة
____________________
(7/159)
والأوجه ما قيل لأنه إن لم يشتهر به كان الواقع ليس إلا تهمة أكل الربا ولا تسقط العدالة به ولا يصح قوله إنه ليس بحرام محض بعد الاتفاق على أنه كبيرة والملك بالقبض شيء آخر وهذا أقرب ومرجعه إلى ما ذكر في وجه تقييد شرب الخمر بالإدمان
وأما أكل مال اليتيم فلم يقيد أحد وأنت تعلم أنه لا بد من الظهور للقاضي فلا فرق بين الربا ومال اليتيم
والحاصل أن الفسق في نفس الأمر مانع شرعا غير أن القاضي لا يرتب ذلك إلا بعد ظهوره له فالكل سواء في ذلك
وأما الكل مال اليتيم فلم يقيده أحد ونصوا أنه بمرة وأنت تعلم أنه لا بد من الظهور للقاضي لأن الكلام فيما يرد به القاضي الشهادة فكان بمرة يظهر لأنه يحاسب فيعلم أنه انتقص من المال
فتح مع زيادة
قوله ( ولا يخفى أن الفسق ) أي ولو بأكل مال اليتيم
قوله ( يمنعها ) أي الشهادة
قوله ( لا يثبت ذلك ) أي الفسق المانع
قوله ( إلا بعد ظهوره له ) انظر هل يكفي في الظهور له إخبار الشاهدين له والمراد بالشهرة حينئذ أن يشتهر عندهما حاله
قوله ( فالكل ) أي كل المفسقات لا خصوص الربا
سائحاني
قوله ( سواء ) خلافا لمن فرق فقال يأكل مال اليتيم مرة ترد ويشترط الشهرة في الربا وقد علمت ما عليه المعول فلا تغفل
قوله ( بحر ) وأصل العبارة للكمال في الفتح كما قدمناها مع زيادة
قوله ( فليحفظ ) أي هذا التوفيق
أقول لكن نظر فيه السائحاني بقوله والصواب ما قالوه من أن الربا يفيد الملك بالقبض والملك مبيح للأكل فكان ناقصا في كونه كبيرة ا هـ
والأولى أن يقولوا فكان ناقصا في إسقاط العدالة وإلا هو كبيرة كما لا يخفى كما قدمناه قريبا وأما أكل مال اليتيم فبمرة تسقط عدالته يعني لعدم الشبهة
قوله ( أو يبول أو يأكل على الطريق ) أي في الطريق على حد { ودخل المدينة على حين غفلة } القصص 15 ولا بد أن يكون بمرأى من الناس وإنما منعا لدلالتهما على ترك المروءة وإذا كان الشاهد لا يستحي من مثل ذلك لا يمتنع من الكذب فيتهم وانظر حكم ما لا يعد أكلا عرفا كتعاطي شرب ومص قصب ونحوه ط
أقول الذي يظهر أن هذا مسقط لعدالة أهل الوجاهة من أشراف الناس وعلمائهم ويدل عليه ما قاله في الأشباه في وصية الإمام لأبي يوسف رحمه الله تعالى ولا تشرب من السقاء والسقائين ومن جملة ما علله الحموي بسقوط المروءة
تأمل
قوله ( وكذا كل ما يخل بالمروءة ) عبارة الهداية ولا من يفعل الأشياء المستحقرة وفي بعض النسخ المستقبحة وفي بعضها المستخفة أي التي يستخف الناس فاعلها أو الخصلة التي يستخفها الفاعل فيدو منه ما لا يليق
وعلى هذا المعنى قوله تعالى { ولا يستخفنك الذين لا يوقنون } الروم 60 ومن يفعل فعلا يعد منه خفة وسوء أدب وقلة مروءة وحياء لأن من يكون كذلك لا يبعد منه أن يشهد بالزور وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام إن مما أدرك الناس من كلام لنبوة لأولى إذا لم تستح ففعل ما شئت كما في الفتح ومنه إدمان حلق اللحية سواء كان عادة لأهل بلد الشاهد أم لا كما حرره سيدي الوالد رحمه الله تعالى في تنقيحه
قال في البحر كل ما يخل بالمروءة بمنع قبولها وإن لم يكن محرما
والمروءة أن لا يأتي الإنسان بما يعتذر منه مما يبخسه عن مرتبته عند أهل الفضل
وقيل السمت الحسن وحفظ اللسان وتجنب السخف والمجون والارتفاع عن كل خلق دنيء
والسخف رقة العقل من قولهم ثوب سخيف إذا كان قليل الغزل
وفي الغاية قال محمد وعندي المروءة الدين والصلاح ا هـ
وقد ذكروا منها المشي بسراويل فقط والبخل
____________________
(7/160)
وقيد مالك بالمفرط لأنه يؤديه إلى منع الحقوق ومن يعتاد الصياح في الأسواق ومد الرجل عند الناس وكشف رأسه في موضع يعد فعله خفة وسوء أدب وسرقة لقمة والإفراط في المزح المفضي إلا الاستخفاف وصحبة الأراذل والاستخفاف بالناس ولبس الفقهاء قباء ولعل هذا الأخير كان من مخلات المروءة في الزمن السابق وأما الآن فلا
ثم اعلم أنهم اشترطوا في الصغيرة الإدمان وما شرطوه في فعل ما يخل بالمروءة فيما رأيت وينبغي اشتراطه بالأولى وإذا فعل ما يخل بها سقطت عدالته وإن لم يكن فاسقا حيث كان مباحا ففاعل المخل بها ليس بفاسق ولا عدل فالعدل من اجتنب الثلاثة والفاسق من فعل كبيرة أو أصر على صغيرة ولم أر من نبه عليه
بحر
قال في النهاية وأما إذا شرب الماء أو أكل الفواكه على الطريق لا يقدح في عدالته لأن الناس لا تستقبح ذلك
منح
أقول لكن في زماننا يعدونه قادحا من البعض كما قدمناه آنفا
قوله ( ليستنجي من جانب البركة ) بخلاف كشفها للبول والغائط إذا لم يجد ما يستتر به فإنه لا يفسق به ا هـ
ط عن أبي السعود
قوله ( أو يظهر سب السلف ) السب هو التكلم في عرض الإنسان بما يعيبه
قال القهستاني ونعم ما قيل من طعن في علماء الأمة لا يلومن إلا أمه كما في الكرماني ولذا قال أبو يوسف لا أقبل شهادة من يشتم أصحابه عليه الصلاة والسلام لأنه لو شتم واحدا من الناس لم تقبل شهادته فهاهنا أولى كما في المحيط فعلى هذا لا يبعد أن يكون السلف شاملا للمجتهدين كلهم كما ذكره المصنف وغيره
على أن السلف في الشرع كل من يقلد مذهبه في الدين كأبي حنيفة وأصحابه فإنهم سلفنا والصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم فإنهم سلفهم كما في الكفاية ولم يوجد أصل لما في المستصفى أنه جمع سالف والمشهور أنه في الأصل مصدر سلف أي مضى
وسلف الرجل آباؤه والجمع أسلاف
قوله ( لسقوط العدالة بسب المسلم ) في الحديث سباب المسلم فسوق وقتاله كفر قال ابن الأثير في النهاية السب الشتم يقال سب يسبه سبا وسبابا قيل هذا محمول على من سبه أو قاتله من غير تأويل وقيل إنما قال ذلك على جهة التغليظ لا أنه يخرجه إلى الكفر والفسق
أقول هذا خلاف الظاهر ا هـ ط
قال في شرح المجمع للعيني لا تقبل شهادة من يظهر سب السلف بالإجماع لأنه إذا أظهر ذلك فقد أظهر فسقه بخلاف من يكتمه لأنه فاسق مستور
ومثله في الجوهرة
وفي شرح الكنز للزيلعي أو يظهر سب السلف يعني الصالحين منهم وهم الصحابة والتابعون لأن هذه الأشياء تدل على قصور عقله وقلة مروءته
ومن لم يمتنع عن مثلها لا يمتنع عن الكذب عادة بخلاف ما لو كان يخفي السب ا هـ
قوله ( منهم أبو حنيفة ) كذا ذكره الكردري في مناقبه وتبعه صاحب العناية والحافظ الذهبي والحافظ العسقلاني وغيرهم
وفي اصطلاح الفقهاء كما قال الشيخ عبد العال في فتاويه السلف الصدر الأول إلى محمد بن الحسن والخلف
____________________
(7/161)
من محمد بن الحسن إلى شمس ال الحلواني والمتأخرون منه إلى الإمام حافظ الدين البخاري
قوله ( عن أبي يوسف ) الظاهر أن حكم هذا الفرع متفق عليه لما سبق من قبول شهادة أهل الأهواء إلا هوى يكفر به صاحبه لكفره إذا لم يكن فيه شبهة اجتهاد كهوى المجسمة والاتحادية والحلولية ونحوهم من غلاة الروافض ومن ضاهاهم فإن أمثالهم لم يحصل منهم بذل وسع في الاجتهاد
فإن من يقول علي هو الإله أو بأن جبريل غلط ونحو ذلك من السخف إنما هو متبع مجرد الهوى وهو أسوأ حالا ممن قال { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } الزمر 3 فإنه بلا شبهة كفر ومن أشد الكفر
أما من له شبهة فيما ذهب إليه وإن كان ما ذهب إليه عند التحقيق في حد ذاته كفرا كمنكر الرؤية وعذاب القبر ونحو ذلك فإن فيه إنكار حكم النصوص المشهور والإجماع إلا أن لهم شبهة قياس الغائب على الشاهد ونحو ذلك مما علم في الكلام وكمنكر خلافة الشيخين والساب لهما فإن فيه إنكار حكم الإجماع القطعي إلا أنهم ينكرون حجية الإجماع باتهمامهم الصحابة فكان لهم شبهة في الجملة وإن كانت ظاهرة البطلان بالنظر إلى الدليل فبسبب تلك الشبهة التي أدى إليها اجتهادهم لم يحكم بكفرهم مع أن معتقدهم كفر احتياطا بخلاف مثل ما ذكرنا من الغلاة
وحاصله أن المحكوم بكفره من أداه هواه وبدعته إلى مخالفة دليل قطعي لا يسوغ فيه تأويلا أصلا كرد آية قرآنية أو تكذيب نبي أو إنكار أحد أركان الإسلام ونحو ذلك بخلاف غيرهم كمن اعتقد أن عليا هو الأحق بالخلافة وصاروا يسبون الصحابة لأنهم منعوه حقه ونحوه فلا يحكم بكفرهم احتياطا وإن كان معتقدهم في نفسه كفرا أي يكفر به من اعتقده بلا شبهة تأويل وإنما نسب لأبي يوسف لأنه مخرجه
قوله ( من سب الصحابة ) لأنه لو سب واحدا من الناس لا تقبل شهادته فهذا أولى
قهستاني
والحاصل أن الحكم بالكفر على ساب الشيخين أو غيرهما من الصحابة مطلقا قول ضعيف لا ينبغي الإفتاء به ولا التعويل عليه كما حققه سيدي الوالد رحمه الله تعالى في كتابه تنبيه الولاة والحكام فراجعه
وقال فيه أيضا اعلم أن من القواعد القطعية في العقائد الشرعية أن قتل الأنبياء أو طعنهم في الأشياء كفر بإجماع العلماء فمن قتل نبيا أو قتله نبي فهو أشقى الأشقياء
وأما قتل العلماء والأولياء وسبهم فليس بكفر إلا إذا كان على وجه الاستحلال أو الاستخفاف فقاتل عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما لم يقل بكفره أحد من العلماء إلا الخوارج في الأول والروافض في الثاني
وأما قذف عائشة فكفر بالإجماع وهكذا إنكار صحبة الصديق لمخالفة نص الكتاب بخلاف من أنكر صحبة عمر أو علي وإن كانت صحبتهما بطريق التواتر إذ ليس إنكار كل متواتر كفرا ألا ترى أن من أنكر جود حاتم بل وجوده أو عدالة أنورشروان وشهوده لا يصير كافرا إذ ليس مثل هذا مما علم من الدين بالضرورة
وأما من سب أحدا من الصحابة فهو فاسق ومبتدع بالإجماع إلا إذا اعتقد أنه مباح أو يترتب عليه ثواب كما عليه بعض الشيعة أو اعتقد كفر الصحابة فإنه كافر بالإجماع فإذا سب أحدا منهم فينظر فإن كان معه قرائن حالية على ما تقدم من الكفريات فكافر وإلا ففاسق وإنما يقتل عند علمائنا سياسة لدفع فسادهم وشرهم وهذا في غير الغلاة من الروافض وإلا فالغلاة منهم كفار قطعا فيجب التفحص فحيث ثبت أنه منهم قتل لأنهم زنادقة ملحدون وعلى هؤلاء الفرقة الضالة بحمل كلام العلماء الذين أفتوا بكفرهم وسبي ذراريهم لأنهم لا ينفكون عن اعتقادهم الباطل في حال إتيانهم بالشهادتين وغيرهما من أحكام الشرع كالصوم والصلاة فهم كفار لا مرتدون ولا أهل كتاب ا هـ
وإن أردت توضيح المقام فعليك به فإن فيه تمام المرام
وقد ذكر
____________________
(7/162)
سيدي الوالد رحمه الله تعالى أيضا نبذة من ذلك في باب المرتد فراجعها والسلام
قوله ( ممن تبرأ منهم ) كالخوارج فإنهم من أهل الأهواء غير المكفرة
قوله ( لأنه يعتقد دينا ) قال في المنح وفرقوا بأن إظهارة سفه لا يأتي به إلا الأسقاط المستخفة وشهادة السخيف لا تقبل ولا كذلك المتبرىء لأنه يعتقد دينا وإن كان على باطل فلم يظهر فسقه
قوله ( شهد أن أباهما ) مثل الابنين كل من لا تقبل شهادته للموكل
وأما حكم الأجنبيين إذا شهدا بذلك بعد الدعوى فإنها تقبل قياسا واستحسانا
والقياس فيما ذكره أن لا تقبل للتهمة ولكونها شهادة للشاهد لعود المنفعة إليه
قوله ( أوصى إليه ) هذا إضمار قبل الذكر والأولى إظهاره بأن يقول أوصى إلى زيد والمراد هنا جعله وصيا يقال أوصى إليه إذا جعله وصيا أوصى له بكذا أي جعله موصى له
قوله ( فإن ادعاه ) أي الإيصاء المفهوم من أوصى والمراد من قوله ادعاه أي رضي به
قال في الحواشي السعدية أي والوصي يرضى هكذا سنح للبال
ثم رأيت في شرح الجامع الصغير لمولانا علاء الدين الأسود ما نصه والمراد من الدعوى في قوله والوصي يدعي هو الرضا إذ الجواز لا يتوقف على الدعوى بل للقاضي أن يغصب وصيا إذا رضي هو به ا هـ
أقول لكن الدعوى تستلزم الرضا بطريق ذكر الملزوم وإرادة اللازم
قاله الداماد
قوله ( استحسانا ) لأنه لم يثبت بهذه الشهادة شيء لم يكن للقاضي فعله وإنما كان له نصب الوصي فاكتفى بهذه الشهادة مؤنة التعيين إذ لولا شهادتهما لكان القاضي يتأمل فيمن يتعين فيعين من ثبت صلاحيته نظرا للميت وإن لم يوص لأنه نصب ناظرا لمصالح المسلمين وحينئذ فإنه يكون وصي القاضي لا وصي الميت كما حرره المقدسي
قال في البحر ولا بد من كون الموت معروفا في هذه المسائل أي ظاهرا إلا في مسألة غريمي الميت فإنها تقبل وإن لم يكن الموت معروفا لأنهما يقران على أنفسهما بثبوت ولاية القبض للمشهود له فانتفت التهمة وثبت موت رب الدين بإقرارهما في حقهما
وقيل معنى الثبوت أمر القاضي إياهما بالأداء إليه لا براءتهما عن الدين بهذا الأداء لأن استيفاءه منهما حق عليهما والبراءة حق لهما فلا تقبل
كذا في الكافي ا هـ ملخصا
قوله ( كشهادة دائني الميت ) أي لرجل بأنه وصي وكذا فيما بعد
قوله ( والموصى لهما ) بذلك بأن أباهما أوصى إلى فلان أي أن الموصى لهما بشيء من المال شهدا أن الميت أوصى إلى زيد يكون وصيا على أولاده
عيني
قوله ( ووصيه ) أورد على هذه أن الميت إذا كان له وصيان فالقاضي لا يحتاج إلى نصب آخر
وأجيب بأن يملكه لإقرارهما بالعجز عن القيام بأمور الميت
كذا في البحر
قال ط وفيه تأمل
قوله ( لثالث ) أي لرجل ثالث متعلق بشهادة كقوله على الإيصاء أي على أن الميت جعله وصيا وهذا مرتبط بالمسائل الأربع لا بالأخيرة كما لا يخفى فافهم
ولا تنس ما قدمناه قريبا عن البحر من أنه لا بد من كون الموت معروفا في الكل أي ظاهرا إلا في الخ
قوله ( لا يملك إجبار أحد على قبول الوصية ) ظاهر في أن الوصي من جهة القاضي كما قدمناه خلافا لما في البحر
أقول وبيان هذه المسائل كما في الفتح رجل ادعى أنه وصي فلان الميت فشهد بذلك اثنان موصى لهما بمال أو وارثان لذلك الميت أو غريمان لهما على الميت دين أو للميت عليهما دين أو وصيان فالشهادة جائزة
____________________
(7/163)
استحسانا
والقياس أن لا تجوز لأن شهادة هؤلاء تتضمن جلب نفع الشاهد أما الوارثان لقصدهما نصب من يتصرف لهما ويريحهما ويقوم بإحياء حقوقهما والغريمان الدائنان والموصى لهما لوجود من يستوفيان منه والمديونان لوجود من يبرآن بالدفع إليه
والوصيان من يعنيهما في التصرف في المال والمطالبة وكل شهادة جرت نفعا لا تقبل
وجه الاستحسان أنا لم نوجب بهذه الشهادة على القاضي شيئا لم يكن واجبا عليه بل إنما اعتبرناها على وزان القرعة لا يثبت بها شيء
ويجوز استعمالها لفائدة غير الإثبات كما جاز استعمالها لتطييب القلب في السفر بإحدى نسائه ولدفع التهمة عن القاضي في تعيين الأنصباء فكذا هذه الشهادة في هذه الصور لم تثبت شيئا وإنما اعتبرناها لفائدة إسقاط تعيين الوصي عن القاضي فإن للقاضي أو عليه إذا ثبت الموت ولا وصي أن ينصب وصيا فلما شهد هؤلاء بوصاية هذا الرجل فقد رضوه واعترفوا له بالأهلية الصالحة لذلك فكفى القاضي لذلك مؤنة التفتيش على الصالح وعين هذا الرجل بتلك الولاية لا بولاية أوجبتها الشهادة المذكورة وكذلك وصيا الميت لما شهدا بالثالث فقد اعترفا بعجز شرعي منهما عن التصرف إلا أن يكون هو معهما أو بعجز علمه الميت منهما حتى أدخل معهما فينصب القاضي الآخر وفي الصور كلها ثبوت الموت شرط لأن القاضي لا يملك نصب وصي قبل الموت إلا في شهادة الغريمين المديونين فإنه لا يشترط في إثبات ذلك الوصي الذي شهدا له ثبوت لأنهما مقران على أنفسهما بثبوت حق قبض الدين لهذا الرجل فضررهما في ذلك أكثر من نفعهما فتقبل شهادتهما بالوصية والموت جميعا وهذا بخلاف المسألة الآتية أعين مسألة ما لو شهدا أن أباهما الغائب وكله بقبض ديونه الخ
ورأيت سؤالا وجوابا أحببت ذكرهما هنا لمناسبة لا تخفى على الفطن النبيه وهما من فتاوى مفتي دمشق الشام محمود أفندي الحمزاوي حفظه الله تعالى
سئل عن صورة دعوى مضمونها في الوصي إذا أثبت وصاية على تركه وحكم الحاكم بها ثم بعد ذلك أتى رجل آخر وادعى أن الميت أخرج الأول وجعل ذلك وصيا محله فهل لا تسمع هذه الدعوى من الآخر لتضمنها إبطال القاضي الأول أم لا أجاب بقوله حيث أثبت المدعى عليه قبلا كونه وصيا شرعيا وقضى القاضي بصحة وصايته بوجهها الشرعي فلا تسمع دعوى المدعي الآن ولا الشهادة بأن الميت أخرج المدعى عليه وجعل مورث موكلته وصيا لأن في سماع مل هذه الدعوى والشهادة إبطال القضاء والقضاء يصان عن الإلغاء ما أمكن
قال في شرح الزيادات للإمام محمد شهد شاهدان أن الميت أوصى إلى هذا الرجل وقضى القاضي بها ثم شهد آخران بالإيصاء إلى رجل آخر لا تقبل لأن فيه نقض القضاء الأول وكذلك في شرح الزيادات لقاضيخان حيث قال وإن ذكر الشاهدان رجوعا من الوصية الأولى لا تقبل شهادتهما لأن هذه الشهادة تضمنت إبطال القضاء انتهى
وكلاهما صريح في عدم صحة سماع الدعوى والشهادة والله تعالى أعلم بالصواب ا هـ
أقول لكن يشكل على ذلك قولهم الدفع ودفع الدفع صحيح قبل القضاء وبعده على الصحيح ولعله مبني على القول المرجوح من أن الدفع بعد الحكم لا يقبل
تأمل
قوله ( كما لا تقبل الخ ) هذا إذا كان المطلوب يجحد الوكالة وإلا جازت الشهادة لأنه يجبر على دفع المال بإقراره بدون الشهادة وإنما قامت الشهادة لإبراء المطلوب عند الدفع إلى الوكيل إذا حضر الطالب وأنكر الوكالة فكانت شهادة على أبيهما فتقبل وفرق بينها وبين
____________________
(7/164)
من وكل رجل بالخصومة في دار بعينها وقبضها وشهد ابنا الموكل بذلك لا تقبل وإن أقر المطلوب بالوكالة لأنه لا يجبر على دفع الدار إلى الوكيل بحكم إقراره بل بالشهادة فكانت لأبيهما فلا تقبل
بحر ملخصا عن المحيط
قوله ( أن أباهما ) أشار إلى عدم قبول شهادة ابني الوكيل بالأولى والمراد عدم قبولها في الوكالة من كل من لا تقبل شهادته للموكل وبه صرح في البزازية
بحر
قوله ( الغائب ) قيد به لأنه لو كان حاضرا لا يمكن الدعوى بها ليشهد لأن التوكيل لا تسمع الدعوى به لأنه من العقود الجائزة لكن يحتاج إلى بيان صورة شهادتهما في غيبته مع جحد الوكيل لأنها لا تسمع إلا بعد الدعوى
ويمكن أن تصور بأن يدعي صاحب وديعة عليه بتسليم وديعة الموكل في دفعها فيجحد فيشهدان به ويقبض ديون أبيهما وإنما صورناه ذلك لأن الوكيل لا يجبر على فعل ما وكل به إلا في رد الوديعة ونحوها كما سيأتي فيها
بحر
ونظر في ذلك سيدي الوالد رحمه الله تعالى بقوله قوله تسليم وديعة الموكل في دفعها أي التي وكله الغائب بدفعها لصاحبها وقوله فيشهدان به أي بتسليم الوديعة الذي ادعاه المدعي وقوله وبقبض ديون أبيهما لم تجر فيه الدعوى فما معنى شهادتهما به مع أن المقصود جريانها فيه مع إجبار الوكيل ولا إجبار هنا فتأمل
قوله ( أو أنكر ) صورته كما تقدمت عن البحر فإنها لا تقبل
قوله ( والفرق ) إنما يحتاج إلى الفرق في صورة الدعوى فيهما وأما في صورة الإنكار فالحكم متحد وقدم وجهه في الوصي وهو أن القاضي لا يملك إجباره على قبول الوصية ط
أقول ويمكن أن يقال للفرق أي إذا لم يحضر الوكيل خصما ولم يحضر غير ابني الموكل لا يملك القاضي نصب وكيل عن غائب
وأما إذا أحضر خصما وشهد غير ابني الموكل فالقاضي يثبت الوكالة عن الغائب ويكون من قبيل الإثبات لا النصب
وأما شهادة ابني الموكل فلا تثبت الوكالة لعدم كونها شهادة وللتهمة أيضا إذ يمكن أن يتواضعا مع الوكيل على أخذ المال فيصير لنفعهما فلا تقبل كما في شرح الملتقى للداماد
يؤيد ذلك ما سيأتي في الوصايا من قول الشارح لأن القاضي لا يملك نصب الوكيل عن الحي بطلبهما ا هـ
فانظر لقوله بطلبهما ولم يقل بشهادتهما فإنه يشير إلى أنها غير شهادة بل كناية عن الطلب ويظهر لي القبول لو ادعى بكر الشراء من وكيل زيد المنكر واستشهد بابني زيد على ذلك
قوله ( عن الغائب ) لعدم الضرورة إليه لوجود رجاء حضوره إلا في المفقود كما في البحر
قوله ( بخلاف الوصي ) أي وصي القاضي وإنما يحتاج إلى هذا الفرق في صورة الدعوى أما في صورة الإنكار فالحكم متحد لأن القاضي لا يملك إجباره على قبول الوصية كما قدمناه قريبا
قوله ( أي وصي الميت ) في بعض النسخ أو بدل أي
قوله ( بحق للميت ) أو لليتيم واحترز بذلك عن شهادته بدين عليه فإنها تقبل كما في الهندية
قوله ( بعد ما عزله القاضي ) وكذا قبله بالأولى فكان الأولى أن يقول ولو بعد ودلت المسألة على أن القاضي إذا عزل الوصي ينعزل
بزازية
ويمكن أن يقال عزله بجنحة
سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قال في الخانية ليس لقاض أن يخرج الوصي من الوصاية ولا يدخل غيره معه فإن ظهرت منه خيانة أو كان فاسقا معروفا بالشر أخرجه أو نصب غيره معه وإن كان ثقة إلا أنه ضعيف عاجز عن التصرف أدخل غيره معه
قوله ( أو بعد ما أدركت ) أي بغلت
قوله ( في ماله أو غيره )
____________________
(7/165)
أي في ماله الذي تحت يده أو غيره
قال بعضهم أو غيره أي كمال إذا شهد أن طلب الشفعة أو أن فلانا أبرأه من كذا وحمل بعضهم معنى قوله أو غيره على نحو النسب
وفي معين المفتي شهد الوصي بدين للميت والورثة صغار أو بعضهم لا تقبل ولو كانوا كبارا جازت
ولو شهد على الميت بدين جازت على كل حال
وفي المنح ولو شهد لكبير على أجنبي تقبل في ظاهر الرواية
ولو شهد للوارث الكبير والصغير في غير ميراث لا تقبل ا هـ
ويمكن حمل أو غيره على هذا فيكون معطوفا على الميت
قوله ( لحلول الوصي محل الميت ) هذا لا يظهر إلا إذا بقيت وصايته أما إذا عزل عنها فلا يظهر إلا باعتبار ما كان ط
قوله ( فكان كالميت نفسه ) أي فكأنه شهد لنفسه
قوله ( ولو شهد الوكيل الخ ) أصل المسألة في البزازية حيث قال وكله بطلب ألف قبل فلان والخصوم فخاصم عند غير القاضي ثم عزل الوكيل قبل الخصومة في مجلس القضاء ثم شهد الوكيل بهذا المال لموكله يجوز
وقال الثاني لا يجوز بناء على أن نفس الوكيل قام مقام الموكل ا هـ
فالمراد هنا أنه خاصم فيما وكل به فإن خاصم في غيره ففيه تفصيل أشار إليه الشارح فيما يأتي وكأن العبارة مجملة وتفصيلها في الهندية فإنه قال فيها وشهادة الوكيل للموكل بعد العزل إن خاصم لا تقبل وإن لم يخاصم تقبل وهو قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى
كذا في الذخيرة ولو وكله بكل حق قبل فلان بحضرة القاضي فخاصمه في ألف فعزل فإن شهد بذلك الألف ردت وإن شهد بمال آخر لم ترد وإن لم يعلم القاضي بوكالته وأنكر فلان وكالته وأثبتها بالبينة ثم عزله وشهد ردت شهادته للموكل في كل حق قائم وقت التوكيل إلا إذا شهد بحق حادث بعد تاريخ الوكالة فحينئذ تقبل كما في الكافي
قوله ( اتفاقا للتهمة ) أي تهمة تصديق نفسه فيما خاصم فيه
قوله ( وإلا قبلت لعدمها ) لأن الموكل حي وهو قائم في حق نفسه دون الوكيل وللوكيل أن يخرج نفسه متى شاء من الوكالة وهو يفعل من ذلك ما أمره به الموكل فإذا عزل قبل الخصومة لم يلحقه تهمة فيما شهد به فقبلت شهادته ا هـ
منح
قوله ( فجعله كالوصي ) فلا تقبل شهادته مطلقا بناء على أن عنده بمجرد قبول الوكالة يصير خصما وإن لم يخاصم ولهذا لو أقر على موكله في غير مجلس القضاء نفذ إقراره عليه
وعندهما لا يصير خصما بمجرد القبول ولهذا لا ينفذ إقراره
ذخيرة ملخصا
أقول وقد بسط المسألة في التاترخانية في الفصل السابع فقال أما شهادة الوكيل فنقول الوكيل خاص وعام أما الخاص وهو إذا وكله بطلب ألف درهم قبل رجل معين والخصومة فيها إذا خاصمه عند غير القاضي ثم عزله الموكل قبل الخصومة عند القاضي ثم شهد بهذا الألف لموكله جازت شهادته وعند أبي يوسف لا يجوز بناء على أن عنده بنفس الوكالة قام مقام الموكل فلو أن القاضي جعله خصما ثم أخرجه الموكل من الوكالة فشهد بعد ذلك بحق قد كان له يوم وكله أو حدث له بعد ذلك قبل أن يخرجه من الوكالة لم تجز شهادته جعله وكيلا فيما يحدث
والمسألة محفوظة أنه لو وكله بالخصومة في كل حق له وقبضه على رجل معين فإنه لا يتناول ما حديث
أما إذا وكله بطلب كل حق له قبل الناس أجمعين بالخصومة ينصرف إلى الحقوق القائمة وما يحدث استحسانا فيحمل ما ذكرنا على الوكالة العامة إذا خاصم هذا الوكيل المطلوب في ألف درهم للموكل عليه فأخرجه الموكل من الوكالة ثم شهد
____________________
(7/166)
له بألف دينار لا تقبل شهادته له أو شهد الوكالة العامة وما تقدم لأنه لو لم تكن عامة تقبل في الدنانير وإنما لا تقبل في الدنانير إذا كانت واجبة عليه قبل الإخراج
وأما إذا شهد بدنانير وجبت عليه بعد العزل تقبل شهادته
وأما العامة لو وكل رجل رجلا بالخصومة في كل حق له وقبضه جاز لا مؤقتة يعني قبل الناس مطلقا أو في معين فقدم رجلا وأقام عليه البينة وجعله القاضي خصما ثم أخرج الموكل من الوكالة لم تجز شهادته له على هذا الرجل ولا على غيره ممن كان للموكل عليه حق من يوم وكله ولا ما حدث على الناس بعد ذلك يوم أخرجه من الوكالة ا هـ ما رأيته في النسخة التي حصلت في يدي وهي محرفة فلتراجع نسخة أخرى
قوله ( وهذان الأصلان متفق عليهما ) قدمنا آنفا أن أبا يوسف لم يجوز شهادة الوكيل خاصم أو لا ففي هذا الاتفاق نظر لأن أبا يوسف جعل الوكيل كالوصي وإن لم يخاصم مع أنه بعرضية أن يخاصم
قوله ( وتمامه فيه ) أي في الزيلعي
وعبارته بعد قوله متفق عليهما غير أنهما يجعلان أهل المحلة مما له عرضية أن يصير خصما وهو يجعلهم ممن انتصب خصما وعلى هذين الأصلين يتخرج كثير من المسائل فمن جنس الأول الوكيل بالخصومة إذا خاصم عند الحاكم ثم عزل لا تقبل شهادته والشفيع إذا طلب الشفعة ثم تركها لا تقبل شهادته بالبيع ومن جنس الثاني أن الوكيل إذا لم يخاصم والشفيع إذا لم يطلب وشهدا تقبل شهادهما ولو ادعى الولي على رجل بعينه من أهل المحلة فشهد شاهدان من أهلها عليه لم تقبل شهادتهما عليه لأن الخصومة قائمة مع الكل والشاهد يقطعها عن نفسه فكان متهما إلا رواية عن أبي يوسف ذكرناها من قبل ا هـ
قوله ( ثم عزله ) أي الموكل قبل الخصومة عند القاضي
قوله ( عندهما ) أي خلافا للثاني فإنه كالوصي عنده كما قدمناه قريبا كما لو شهد في غير ما وكل به أو عليه
قوله ( أو عليه ) عطف على في غير ما وكل به أي شهد على موكله
وفي شرح تحفة الأقران الوكيل بقبض الدين تجوز شهادته بالدين ثم قال الكفيل بنفس المدعى عليه إن شهد أن المدعى عليه قضى المال الذي كانت الكفالة لأجله هل تقبل شهادته اختلف المشايخ
سائحاني
قوله ( وفي البزازية ) بيان لقوله في غير ما وكل فيه
قوله ( عند القاضي ) متعلق بقوله وكله لا بالخصومة
قوله ( بألف درهم ) متعلق بخاصم
قوله ( مائة دينار ) أي مال غير الموكل به بخلاف ما مر
قوله ( تقبل ) لأنه مال آخر لأن المائة دينار مال آخر غير الذي خاصم فيه أو لا
قوله ( وخاصم ) أي فإنها لا تقبل مطلقا وذلك بأن أنكر المدعى عليه وكالته فأثبتها بالبينة ثم عزل وشهد ردت شهادته للموكل في حق كل قائم وقت التوكيل إلا إذا شهد بحق حادث بعد تاريخ الوكالة فحينئذ تقبل وقد نقلناه عن الكافي
وقد أوضح المقام في جامع الفتاوى فقال ولو وكل بغير محضر القاضي فخاصم المطلوب بألف درهم وأقام البينة على الوكالة ثم عزله الموكل فشهد له على المطلوب بعد الوكالة لم تجز شهادته لأنه لما اتصل القضاء بالوكالة صار الوكيل خصما في جميع حقوق الموكل فإذا شهد بالدنانير فقد شهد بما هو خصم فيه أما إذا وكله عند القاضي فلا يحتاج لإثباتها للعلم ومع ذلك فعلم القاضي بها ليس بقضاء فلم يصر خصما في غير ما وكل به
____________________
(7/167)
وهو الدراهم فيجوز شهادته بعد العزل في حق آخر ا هـ
وسنوضحه في القولة الآتية بأوضح من هذا
قوله ( وتمامه فيها ) حيث قال بخلاف ما لو وكله عند غير القاضي وخاصم المطلوب بألف وبرهن على الوكالة ثم عزله الموكل عنها فشهد له على المطلوب بمائة دينار فما كان للموكل على المطلوب بعد القضاء بالوكالة لا يقبل لأن الوكالة لما اتصل بها القضاء صار الوكيل خصما في حقوق الموكل على غرمائه فشهادته بعد العزل بالدنانير شهادة الخصم فلا تقبل بخلاف الأول لأن علم القاضي بوكالته ليس بقضاء فلم يصر خصما في غير ما وكل به وهو الدراهم فتجوز شهادته بعد العزل في حق آخر ا هـ
بزيادة من الذي قدمناه عن الجامع
وزاد في الذخيرة لا أن يشهد بمال حادث بعد تاريخ الوكالة فحينئذ تقبل شهادتهما عنده ا هـ
ولهذا قال في البزازية بعد ما مر وهذا غير مستقيم فيما يحدث لأن الرواية محفوظة فيما إذا وكله بالخصومة في كل حق له وقبضه على رجل معين أنه لا يتناول الحادث أما إذا كان وكله بطلب كل حق له قبل الناس أجمعين فالخصومة تنصرف إلى الحادث أيضا استحسانا فإذن تحمل المذكورة على الوكالة العامة
ثم قال والحاصل أنه في الوكالة العامة بعد الخصومة لا تقبل شهادته لموكله على المطلوب ولا على غيره في القائمة ولا في الحادثة إلا في الواجب بعد العزل ا هـ
يعني وأما في الخلاصة فلا تقبل فيما كان له على المطلوب قبل الوكالة وتقبل في الحادث بعدها أو بعد العزل وإنما جاء عدم الاستقامة من التقييد بقوله مما كان للموكل على المطلوب بعد القضاء بالوكالة ولذا لم يقيد بذلك في الذخيرة بل صرح بعده بأن الحادث تقبل فيه كما قدمناه فاغتنم هذا التحرير الفريد الذي حرره سيدي الوالد رحمه الله تعالى
أقول والذي يظهر لي أن هذا كله على قول أبي يوسف وإلا ناقض الكلام بعضه
تأمل
قوله ( كما قبلت شهادة اثنين بدين على الميت لرجلين الخ ) قال عطاء الله أفندي في فتاويه شهد رجلان لرجلين على الميت بألف درهم شهم المشهود لهما للشاهدين على الميت بألف درهم فالشهادة باطلة
وذكر في الجامع الصغير والجامع الكبير أن الشهادة جائزة
وروى صاحب الكتاب رواية ثالثة عن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنهم إن جاؤوا جميعا وشهدوا فالشهادة باطلة وإن شهد اثنان لاثنين قبلت شهادتهما ثم ادعى الشاهدان بعد ذلك على الميت بألف درهم فشهد لهما الغريمان الأولان فشهادتهما جائزة فصار في المسألة ثلاث روايات
وجه ما ذكر ها هنا أن الدين إذا ثبت على الميت حل في التركة فتصير التركة مشتركة بين الغرماء
فما يقبض أحد الشريكين حل للآخر مشاركته فيه فصار كل فريق شاهدا على شيء لهما فيه
وجه رواية الجامعين أن الشهادة لهما إنما كانت على الميت بالدين والدين ثبت في ذمة الميت ثم يتحول إلى التركة لا تحول القرار فإن الوارث لو أراد أن يقضي الدين من ماله وتتخلص التركة لنفسه له ذلك فيصير كأنهم شهدوا عليه في حياته
وجه رواية الحسن أنهم إذا جاؤوا معا كان ذلك معنى المعاوضة فتفاحش التهمة ثم استدل في الكتاب للرواية الأولى بدلائل على كيفية الشركة فقال ألا ترى أن الميت لو لم يترك الألف درهم فإنهم يتحاصون فيها فتكون بينهم وألا ترى لو أن أحد الفريقين حضروا فأعطاهم القاضي نصف الألف ثم ضاع النصف الآخر ثم جاء الغريم الآخر له أن يشاركهم فيما قبضوا فيدل هذا على أن التركة مشتركة بينهم
كذا في أدب القاضي
____________________
(7/168)
أقول وقيد بالدين لأنه لو كان المشهود عليه حيا تقبل اتفاقا كما في الكافي وتمام الكلام على ذلك موضح في التاترخانية فراجعه
قوله ( وهي ) أي الذمة
قوله ( له ) أي للشاهد
قوله ( في ذلك ) أي فيما في الذمة وإنما تثبت الشركة في المقبوض بعد القبض
ووجه قول أبي يوسف بعدم القبول أن أحد الفريقين إذا قبض شيئا من التركة بدينه شاركه الفريق الآخر فصار كل شاهدا لنفسه كما ذكرناه آنفا
قوله ( بخلاف الوصية بغير عين ) كما لو شهد كل فريق للآخر بأن الميت أوصى له بالثلث فإنها لا تقبل اتفاقا لأن حقهم في التركة وهو الثلث وهو مقسوم بينهما فهي شهادة في مشترك بينهم وهو حق شائع في جميع المال فكانت شهادة الشريك لشريكه وهو لا يصح بخلاف شهادة اثنين أن الميت أوصى بهذا المعين لهذين الشخصين ثم شهد المشهود لهما للشاهدين بمعين آخر فإنه لا شركة في ذلك لأن كلا شهد بعين أخرى فلم يبقوا شركاء فافهم
قوله ( على أجنبي ) الظاهر أنه غير قيد
تأمل
ذكره سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( في ظاهر الرواية ) لعدم التهمة
قوله ( بالغ ) احترز به عن الصبي فإن شهادته له لا تقبل للتهمة
قوله ( ولو شهادا في ماله ) بأن شهدا للكبير بشيء على الميت
قوله ( ولو لصغير ) أو لصغير وكبير جميعا على أجنبي كما في الهندية
قوله ( وسيجيء في الوصايا ) حاصله أنه لو شهد الوصيان لكبير بمال الميت لا تقبل شهادتهما لأنهما يثبتان ولاية الحفظ وولاية بيع المنقول لأنفسهما عند غيبة الوارث بخلاف شهادتهما للكبير في غير التركة لعدم التهمة وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى
وقالا إذا شهد الوارث كبير يجوز في الوجهين لأن ولاية التصرف لا تثبت لهما في مال الميت إذا كانت الورثة كبارا
أفاده العيني
وهذا التفصيل لم يذكره فيما يأتي
قوله ( على جرح بالفتح ) أي فتح الجيم لغة من جرحه بلسانه جرحا عابه ونقصه ومنه جرحت الشاهد إذا أظهرت فيه ما ترد به شهادته
كذا في المصباح
وفي الاصطلاح إظهار فسق الشاهد فإن لم يتضمن ذلك إثبات حق لله تعالى أو للعبد فهو جرح مجرد
وإن تضمن إثبات حق الله تعالى أو للعبد فهو غير مجرد والأول هو المراد من إطلاقه كما أفصح به في الكافي وهو غير مقبول مثل أن يشهدوا أن شهود المدعي فسقة أو زناة أو أكلة ربا إلى آخر ما يذكره المصنف ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى
وأما الثاني أعني غير المجرد فهو كما لو أقام المدعى عليه البينة أنهم زنوا ووصفوا الزنا أو شربوا الخمر أو سرقوا مني كذا ولم يتقادم العهد إلى آخر ما يذكره المصنف أيضا
قوله ( أي فسق ) هذا المعنى لا يوافق واحدا مما ذكرنا من تفسير الجرح إلا أن يكون بتقدير مضاف أي إظهار فسق
قوله ( مجرد عن إثبات حق الله تعالى الخ ) في القهستاني المجرد ما لم يترتب عليه ما يترتب على الجرح من رفع الخصومة عن المشهود عليه عن إثبات حق لله تعالى كالحد فلا يدخل التعزير لأنه يدفعه بالتوبة لأن التعزير إذا كان حقا لله تعالى يسقط بالتوبة بخلاف الحد فإنه لا يسقط بها ويدل عليه أنهم مثلوا للمجرد بأكل الربا مع أنه يوجب التعزير فتعين إرادة الحدود ا هـ
بحر
وفيه من باب التعزير قال له يا فاسق ثم أراد أن يثبت بالبينة فسقه ليدفع التعزير عن نفسه لا تسمع بينته لأن الشهادة على مجرد الجرح
____________________
(7/169)
والفسق لا تقبل بخلاف ما إذا قال يا زاني ثم أثبت زناه بالبينة تقبل لأنه متعلق الحد ولو أراد إثبات فسقه ضمنا لما تصح فيه الخصومة كجرح الشهود إذا قال رشوته بكذا فعليه رده تقبل البينة كذا هذا ا هـ
وهذا إذا شهدوا على فسقه ولم يبينوه
وأما إذا بينوه بما يتضمن إثبات حق لله تعالى أو للعبد فإنها تقبل كما إذا قال له يا فاسق فلما رفع إلى القاضي ادعى أنه رآه قبل أجنبية أو عانقها أو خلا بها ونحو ذلك ثم أقام رجلين شهدا أنهما رأياه فعل ذلك فلا شك في قبولها وسقوط التعزير عن القاتل لأنها تضمنت إثبات حق لله تعالى وهو التعزير على الفاعل لأن الحق لله تعالى لا يختص بالحد بل أعم منه ومن التعزير وكذلك يجري هذا في جرح الشاهد بمثله وإقامة البينة عليه وينبغي على هذا القاضي أن يسأل الشاتم عن سبب فسقه فإن بين سببا شرعيا طلب منه إقامة البينة عليه وينبغي أنه إن بين أن سببه بترك الاشتغال بالعلم مع الحاجة إليه أن يكون صحيحا وفي مثل هذا لا يطلب منه البينة بلا يسأل المقول له عن الفرائض التي يفترض عليه معرفتها فإن لم يعرفها ثبت فسقه فلا شيء على القائل له يا فاسق لما صرح به في المجتبى من أن من ترك الاشتغال بالفقه لا تقبل شهادته ا هـ
أقول أما قوله فلا شك في قبولها الخ فإنه يأتي قريبا من الجرح المجرد الذي لا يقبل لو شهدوا على شهود المدعي بأنهم فسقة أو زناة أو أكلة الربا أو شربة الخمر أو على إقرارهم أنهم شهدوا بزور وأنهم أجراء في هذه الشهادة إلى آخر ما يأتي ولا يخفى أن إقرارهم بشهادة الزور موجب للتعزير كما نذكر تمامه قريبا إن شاء الله تعالى فتأمل
قوله ( فإن تضمنته ) أي ما ذكر من حق الله تعالى أو العبد كما يأتي في المركب
قوله ( وإلا لا تقبل ) لا حاجة إليه لأنه نفس المتن فهو تكرار
قوله ( بعد التعديل ) ذكر في البحر أن هذا التفصيل فيما إذا ادعاه الخصم وبرهن عليه جهرا أما إذا أخبر القاضي به سرا وكان مجردا طلب منه البرهان عليه جهرا فإذا برهن عليه سرا أبطل الشهادة لتعارض الجرح والتعديل فيقدم الجرح فإذا قال الخصم للقاضي سرا إن الشاهد أكل ربا وبرهن عليه رد شهادته كما أفاده في الكافي ا هـ
ووجهه أنه لو كان البرهان جهرا لا يقبل على الجرح المجرد لفسق الشهود به بإظهار الفاحشة بخلاف ما إذا شهدوا سرا كما بسطه في البحر
وحاصله أنها تقبل على الجرح ولو مجردا أو بعد التعديل لو شهدوا به سرا وبه يظهر أنه لا بد من التقييد لقول المصنف لا تقبل بعد التعديل بما إذا كان جهرا وظاهر كلام الكافي أن الخصم لا يضره الإعلان بالجرح المجرد كما في البحر أي لأنه إذا لم يثبته بالشهود سرا وفسق بإظهار الفاحشة لا يسقط حقه بخلاف الشهود فإنها تسقط شهادتهم بفسقهم بذلك وكذا يقبل عند سؤال القاضي
قال في البحر أول الباب المار وقد ظهر من إطلاق كلامهم هنا أن الجرح يقدم على التعديل سواء كان مجردا أو لا عند سؤال القاضي عن الشاهد والتفصيل الآتي من أنه إن كان مجردا لا تسمع البينة به أولا فتسمع إنما هو عند طعن الخصم في الشاهد علانية ا هـ
هذا وقد مر قبل هذا الباب أنه لا يسأل عن الشاهد بلا طعن من الخصم وعندهما يسأل مطلقا والفتوى على قولهما من عدم الاكتفاء بظاهر العدالة وحينئذ فكيف يصح القول برد الشهادة على الجرح المجرد قبل التعديل وأجاب السائحاني بأن من قال تقبل أراد أنه لا يكفي حينئذ ظاهر العدالة ومن قال ترد أراد أن التعديل لو كان ثابتا أو أثبت بعد ذلك لا يعارضه الجرح المجرد فلا تبطل العدالة ا هـ
ويشير إلى هذا قول ابن الكمال فإن قلت أليس الخبر عن فسق الشهود قبل إقامة البينة على عدالتهم يمنع القاضي عن قبول شهادتهم والحكم بها
____________________
(7/170)
قلت نعم لكن ذلك للطعن في عدالتهم لا لثبوت أمر يسقطهم عن حيز القبول ولذا لو عدلوا بعد هذا تقبل شهادتهم ولو كانت الشهادة على فسقهم مقبولة لسقطوا عن حيز الشهادة ولم يبق لهم مجال التعديل ا هـ
وهذا معنى كلام القهستاني
وكذلك صدر الشريعة ومنلا خسرو يرجع إلى ما ذكره ابن الكمال كما يأتي توضيحه قريبا
والحاصل أن البينة القاضية على الجرح المجرد غير مقبولة إلا أنها تورث شبهة فلذلك لا يكون للقاضي أن يقضي ما لم تزك الشهود وأن الذي ذكره في البحر عن الكافي لا ينافيه ما بعده فإن الرد كان لسؤال القاضي عن الشهود لا لمجرد دعوى الخصم إذ هي غير مسموعة وبالله تعالى التوفيق
قوله ( ولو قبله قبلت ) أي من حيث كونها طعنا في العدالة حتى يمنع القاضي عن قبول شهادتهم والحكم بها حتى يعدلوا فإذا عدلوا بعد هذا الطعن تقبل شهادتهم وليس المراد أن هذا الطعن أثبت أمرا فيهم يسقطهم عن حيز القبول ولو عدلوا وهذا ما قاله ابن الكمال وهو لا ينافي ما ذكره صاحب الدرر من قبولها قبل التعديل على الجرح المجرد فإنه وإن قال بذلك يقول إنهم لو عدلوا بعده تقبل شهادتهم فرجع الخلاف لفظيا
والذي ذكره الواني مجيبا به عن ابن الكمال حاصله أن مراده أن الشهادة بالفسق المجرد ليست شهادة حقيقية سواء كانت قبل التعديل أو بعده بل هو إخبار محض بدليل قبول خبر الواحد أي قبل التعديل فإذا لم تكن شهادة لا يكون مما نحن فيه لأن الباب معقود لمن تقبل شهادته ومن لا تقبل إلا في الأعم فقول ابن الكمال لا تعتبر أي لا تعد شهادة ولو قبل التعديل ا هـ
إذ لو عدت شهادة لما قبلت شهادة المطعون فيهم به إذا عدلوا وأنت ترى أن هذا راجع إلى ما ذكرناه أولا ا هـ
ط
أقول وأنت إذا حققت النظر يظهر لك عدم المخالفة بين كلامهم جميعا كما تقدم فكلام السراج محتمل لقبولها على المجرد قبل التعديل
نعم ظاهره عدم القبول والمراد به أنها لا تثبت أمرا يسقطهم عن حيز القبول أما ثبوت الطعن بها وعدم الحكم بشهادة المجروحين ما لم يعدلوا فلا كلام فيه وهذا ما قاله صدر الشريعة في شرح الوقاية وهو ما حققه منلا خسرو أيضا من أنها أفادت الدفع أي عدم العمل بتلك قبل التعديل ولذا استوضح عليه بقبول خبر الواحد
وحاصله تسليم إفادتها مجرد الطعن لا إثبات فسق الشاهدين الرافع لقبول ما لم تمض مدة يظهر فيها حسن حالهما ويعدلوا بعدها وهذا أيضا معنى قول القهستاني لا يلتفت إلى هذه الشهادة أي لا يثبت بها فسقهم فتدبره
قوله ( وذكر وجهه ) أي منلا خسرو في الدرر حيث قاله جوابا عن سؤال حاصله لماذا قبل خبر الواحد قبل التعديل وإن كان بمجرد ولم يقبل بعد التعديل إلا نصاب شهادة ولا بد أن يكون غير مجرد ما نصه أقول تحقيقه أن جرح الشاهد قبل التعديل دفع للشهادة قبل ثبوتها وهي من باب الديانات ولذا قبل فيه خبر الواحد وبعد التعديل رفع الشهادة بعد ثبوتها حتى وجب على القاضي العمل بها إذا لم يوجد الجرح المعتبر
ومن القواعد المقررة أن الدفع أسهل من الرفع وهو السر في كون الجرح المجرد مقبولا قبل التعديل ولو من واحد وغير مقبول بعده بل يحتاج إلى نصاب الشهادة وإثبات حق الشرع أو العبد ا هـ
وهذا لا ينافي قبول شهادة المطعون فيهم بالجرح المجرد إذا عدلوا لأن هذا الطعن ليس شهادة عليهم أخرجتهم عن حيز القبول وهو
____________________
(7/171)
ما أراده ابن الكمال ط
قوله ( وأطلق ابن الكمال ردها ) أي رد شهادة الطاعن بالفسق المجرد ولو قبل التعديل أي فلم يعتبرها أي على أنها شهادة مخرجة للمطعون فيه بالمجرد عن حيز القبول ويدل على أن هذا مراده ما ذكره من السؤال والجواب بقوله
فإن قلت أليس الخبر عن فسق الشهود قبل إقامة البينة على عدالتهم يمنع القاضي عن قبول شهادتهم والحكم بها قلت نعم لكن ذلك للطعن في عدالتهم لا لثبوت أمر يسقطهم عن حيز القبول ولذا لو عدلوا بعد هذا تقبل شهادتهم ولو كانت الشهادة على فسقهم مقبولة لسقطوا عن حيز الشهادة ولم يبق لهم مجال التعديل ا هـ
قوله ( وذكر وجهه ) حيث قال إنما لا تقبل البينة على الجرح المجرد لأنه لا يدخل تحت الحكم والبينة إنما تقبل فيما يدخل تحت الحكم وفي وسع القاضي إلزامه وهذا لا يختلف بكونه قبل إقامة البينة على العدالة وكونه بعدها
قوله ( وفيه ) أي كلام النقاية حيث جعل عدم قول التفسيق المجرد في الشاهد المعدل وهو يفيد أنه يقبل في غير المعدل
قوله ( لم يلتفت لهذه الشهادة ) الأولى لا يلتفت أي لا يعتبرها على أنها شهادة مسقطة لشهادة الشهود ولو عدلوا بل تمنعه عن الحكم إلى أن يعدلوا فإذا عدلوا قبل شهادتهم فآل إلى الكلام السابق
قوله ( ولكن يزكي الخ ) ولو كانت شهادة مقبولة لما طلب التزكية بعدها
أقول أعلم أن القهستاني نقل أولا عن مصنف متنه أن القضاء قبل التعديل لا يجوز فكيف إذا وجد الجرح فنظر في هذا بقوله وفيه أن القاضي الخ
وأقول الذي يؤخذ من المذهب وإليه ترجع هذه العبارات بالعناية أن مذهب الإمام أن ظاهر العدالة يجوز الحكم قبل ثبوت حقيقتها إن لم يطلب الخصم التعديل
وقالا لا بد من حقيقتها مطلقا ومن البين أن الجرح المجرد أقل ما هناك ينبىء عن طلب التعديل فحينئذ لا بد من التعديل باتفاق فمن قال قبلت شهادته مراده أنه لا يكفي حينئذ ظاهر العدالة ومن قال ردت مراده أن التعديل لو كان ثابتا أو أثبت بعد ذلك لا يعارضه الجرح المجرد فلا يبطل العدالة كالجرح الغير المجرد كما قدمناه قريبا
قوله ( وجعله البرجندي ) أي جعل قبول الشهادة إذا عدلوا على قولهما الخ
قد علمت أنه لا حاجة إلى ذلك وأن الخلاف لفظي
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى والمتبادر منه رجوعه إلى قوله لكن يزكي الشهود سرا وعلنا
أما على قول الإما فيكتفي بالتزكية علنا كما نقدم وهذا محله ما إذا لم يطعن الخصم أما إذا طعن كما هنا فلا اختلاف بل هو على قول الكل من أنهم يزكون سرا وعلنا فتأمل وراجع
ولعل هذا هو وجه أمر الشارح بقوله فتنبه والظاهر أن الضمير راجع إلى الإطلاف المفهوم من قوله وأطلق الكمال ا هـ
وهذا أولى مما ذكره بعض الأفاضل بقوله وجعله البرجندي على قولهما يعني إنما يحتاج إلى تزكية الشهود سرا وعلنا لو جرحوا قبل التعديل إنما هو قول الإمامين المشترطين لذلك لجواز القضاء بشهادة الشهود لا على قول الإمام القائل أن القاضي يكتفي بظاهر العدالة كما تقدم بيان الخلاف بينهم فجعل وجود هذاالجرح كعدمه فلا يصح قول صدر الشريعة قبلت الشهادة قبل الجرح لأنه لا معنى لقبولها إلا الحكم لها ولو حكم بفسقهم بهذه الشهادة لم يصح تزكيتهم بعدها كما قاله ابن الكمال ولم يجز الحكم بشهادتهم على قول أحد من أئمتنا فيخالف ما قاله البرجندي فمن قال
____________________
(7/172)
إن الخلف هنا لفظي فمن عدم علمه بما يقول كما هو عادته ا هـ
لأنا نقول إعمال الكلام أولى من إهماله
ثانيا لما علمت من إرجاع الأقوال لبعضهم وعدم المخالفة بين كلامهم جميعا فارجع إلى ما قدمناه وعض عليه بالنواجذ
قوله ( على الجرح المجرد ) الأولى الإتيان بالباء بدل على وفي نسخة المفرد ولا حاجة إليه بل زيادة محضة لأن الكلام في التمثيل له
قوله ( بأنهم فسقة الخ ) إنما لم تقبل لأن البينة إنما تقبل على ما يدخل تحت الحكم وفي وسع القاضي إلزامه والفسق مما لا يدخل تحت الحكم وليس في وسع القاضي إلزامه لأنه يدفعه بالتوبة ولأن الشاهد صار بهذه الشهادة فاسقا لأن فيها إشاعة الفاحشة بلا ضرورة وهي حرام بالنص
والمشهود به لا يثبت بشهادة الفاسق ولا يقال فيه ضرورة وهي كف الظالم عن الظلم بأداء الشهادة الكاذبة وقال قال عليه الصلاة والسلام انصر أخاك ظالما أو مظلوما لأنه لا ضرورة إلى هذه الشهادة على ملإ من الناس ويمكنه كفه عن الظلم بإخبار القاضي بذلك سرا
بحر
وفي القنية من الحدود ولو قال له يا فاسق ثم أراد أن يثبت فسقه لا تقبل
قوله ( أو زناة ) أي عادتهم الزنا أو أكل الربا أو الشرب وفي هذا لا يثبت الحد بخلاف ما يأتي من أنهم زنوا أو سرقوا مني الخ لأنها شهادة على فعل خاص موجب للحد هكذا ظهر لسيدي الوالد رحمه الله تعالى
قال ط وهو في لأول محمول على ما إذا كان السبب متقادما وفي الثاني على غير المتقادم والتقادم بزوال الريح في غيره بشهر
قال المقدسي ويمكن أن يفرق بما هو أظهر من ذلك بأن قولهم شربة أو زناة أو أكلة ربا اسم فاعل وهو قد يكون بمعنى الاستقبال فلا يقطع بوصفهم بما ذكر بخلاف الماضي من قولهم شربوا أو زنوا أو نحوه ا هـ بنصرف
وهذا هو المتبادر من تخصيصهم في التمثيل للأول باسم الفاعل وللثاني بالماضي فالظاهر أنه هو المراد
والله تعالى أعلم
وفي الكلام الآتي ما يفيد أنهم قالوا زنوا ووصفوه أو سرقوا مني كذا وبينه أو شربة خمر ولم يتقادم العهد ا هـ فيحمل ما هنا على أنهم لم يقولوا ذلك ا هـ
قال الكمال قد وقع في صور عدم القبول أن يشهدوا بأنهم فسقة أو زناة أو شربة الخمر وفي صور القبول أن يشهدوا بأنه شرب أو زنى لأنه ليس جرحاف مجردا لتضمنه دعوى حق الله تعالى وهو الحد ويحتاج إلى جمع وتأويل ا هـ
قال في الشرنبلالية قلت وبالله التوفيق الجمع بينهما والتأويل بما ذكره الزيلعي أن الشاهد إذا أطلق في أنه زنى أو شرب الخمر أو سرق ولم يبين وقته لا تقبل للتقادم فيحمل ما في صور الجرح على هذا وإن بينه ولم يكن متقادما يقبل وعليه يحمل ما في صور القبول وهذه عبارته وما ذكره الخصاف أن الشهادة على الجرح المرجد مقبولة تأويله إذا أقامها على إقرار المدعي بذلك أو على التزكية وعلى هذا ما ذكره في الكافي وغيره من أن الشهود لو شهدوا أن الشهود زناة أو شربة خمر لم تقبل وإن شهدوا أنهم زنوا أو شربوا الخمر أو سرقوا تقبل يحمل الأول على أنه إذا كان متقادما وإلا فلا فرق بين قولهم زناة أو شربوا الخ ا هـ
فالمصنف تبع ما أول الزيلعي به كلامهم فتنبه
قولهم ( أو على إقرارهم أنهم شهدوا بزور ) الأحسن إفراد الضمير اعتراض بأنها شهادة بإقرارهم الداخل تحت الحكم
وأجيب بأنه فيه هتك الستر وبه يثبت الفسق والمشهود به لا يثبت بشهادة الفاسق وفيه أن الشهادة على إقرار الشهود تكون حكاية للهتك عن قولهم فهو كالشهادة على إقرار المدعي بفسقهم
أفاده
____________________
(7/173)
الواني ومثله في الحواشي اليعقوبية
قوله ( أو أنهم أجراء في هذه الشهادة ) إنما لم تقبل لأنها شهادة على جرح مجرد والاستئجار وإن كان أمرا زائدا على الجرح ولكنه لا خصم في إثباته إذ لا تعلق له بالأجرة
بحر
قوله ( فلا تقبل الخ ) هذا بعينه قد تقدم وزيادة عليه فهو تكرار محض وإنما لم تقبل هذه الشهادة بعد التعديل لأن العدالة بعد ما ثبتت لا ترتفع إلا بإثبات حق الشرع أو العبد كما عرفت وليس في شيء مما ذكر إثبات واحد منهما بخلاف ما إذا وجدت قبل التعديل لأنها كافية في الدفع كما مر كذا قاله منلا خسرو وغيره
فإن قلت لا نسلم أنه ليس فيما ذكر إثبات واحد منهما يعني حق الله تعالى وحق العبد لأن إقرارهم بشهادة الزور أو شرب الخمر مع ذهاب الرائحة موجب للتعزير وهو هنا من حقوق الله تعالى
قلت والظاهر أن مرادهم بما يوجب حقا لله تعالى الحد لا التعزير لقولهم وليس في وسع القاضي إلزامه لأنه يدفعه بالتوبة لأن التعزير حق الله تعالى يسقط بالتوبة بخلاف الحد لا يسقط بها والله تعالى أعلم ا هـ
قلت لكن صرح في تعزير البحر أن الحق لله تعالى لا يختص بالحد بل أعم منه ومن التعزير وصرح هناك أيضا بأن التعزير لا يسقط بالتوبة إلا أن يقال مراده به ما كان حقا للعبد لا يسقط بها
تأمل
قوله ( على الجرح المركب ) إنما كان مركبا بالنظر لما يترتب عليه من رد شهادتهم فكأنه هو وما يترتب عليه شيئان
قوله ( كإقرار المدعي بفسقهم ) يعني إذا شهد شهود المدعى عليه على المدعي أنه أقر أن شهودي فسقه تقبل لأنهم ما شهدوا بإظهار الفاحشة وإنما حكوا إظهارها عن غيرهم فلا يصيرون فسقه بذلك لأن المظهر والحاكي ليسا سواء والإقرار مما يدخل تحت الحكم ويقدر القاضي على الإلزام به لأنه لا يترفع بالتوبة
قال في البحر لا يدخل تحت الجرح ما إذا برهن على إقرار المدعي بفسقهم أو أنهم أجراء أو لم يحضروا الواقعة أو على أنهم محدودون في قذف أو على رق الشاهد أو على شركة الشاهد في العين ولذا قال في الخلاصة للخصم أن يطعن بثلاثة أشياء أن يقول هما عبدان أو محدودان في قذف أو شريكان فإذا قال هما عبدان يقال للشاهدين أقيما البينة على الحرية
وفي الآخرين يقال للخصم أقم البينة على أنهم كذلك ا هـ
فعلى هذا الجرح في الشاهد إظهار ما يخل بالعدالة لا بالشهادة مع العدالة فإدخال هذه المسائل في الجرح مقبول كما فعل ابن الهمام مردود بل من باب الطعن كما في الخلاصة
وفي خزانة الأكمل لو برهن على إقرار المدعي بفسقهم أو بما يبطل شهادتهم يقبل وليس هذا بجرح وإنما هو من باب إقرار الإنسان على أنه ا هـ
وهذا لا يرد على المصنف فكان على الشارح أن لا يذكره قوله الجرح المركب فإنها زيادة ضرر
سيدي الوالد رحمه الله تعالى
أقول فقوله كإقرار المدعي الخ تنظير لا تمثيل إذا ليس فيه شهادة على جرح مركب بل إنها تبطل شهادتهم بهذه الشهادة لأن في إقرار المدعي اعترافا بأنه مبطل في دعواه فتبطل البينة عليها لأنها إنما تصح بعد صحة الدعوى
قال في الهداية إلا إذا شهدوا على إقرار المدعي بذلك لأن الإقرار مما يدخل تحت الحكم ا هـ
وأما لو شهدوا على إقرار الشهود بأنهم شهدوا زورا أو أنهم أجراء أو أن المدعي مبطل فإنه جرح
____________________
(7/174)
مجرد لا يبتنى عليه حق لله تعالى ولا حق عبد فلا تقبل
وأما إذا شهدوا أنهم قالوا لا شهادة لنا فإنهم لو صرحوا به ثم شهدوا تقبل شهادتهم كما سيذكره المصنف
قوله ( أو أنهم عبيد ) أي إذا أقام البينة أنهم عبيد لأن الرق حق لله تعالى
قهستاني
لا يتوقف الطعن بالرق على دعوى سيدهما وإثباته لا ينحصر في الشهادة بل إذا أخبر القاضي برقهما أسقط شهادتهما والأحسن أن يكون بالشهادة وإذا سألهما القاضي فقالا أعتقنا سيدنا وبرهن ثبت عتق السيد في غيبته فإذا حضر لا يلتفت إلى إنكاره
ط عن خزانة الأكمل
قال الرحمتي وأما كونهم عبيدا فلما أنه يثبت الرق وهو ضعف حكمي أثره في سلب الولاية وهو حق الله تعالى فكان جرما مركبا
قوله ( أو محدودون في قذف ) لأن من تمام حده رد شهادته وهو من حقوق الله تعالى كما تقدم وإنما قبلت لأنها ليس فيها إشاعة فاحشة لأن الإظهار حصل بالقضاء وإنما حكوا إظهار الفاحشة عن الغير كما في البحر عن الكافي
قوله ( أو أنه ابن المدعي ) أو مملوكه أو أحد الزوجين لأنه من قبيل الدفع بالتهمة ليس فيه إظهار فاحشة
قوله ( أو قاذف الخ ) إنما قبلت لأنها توجب حق الله تعالى وهو الحد
قهستاني
قوله ( والمقذوف يدعيه ) أشار به أن ما كان فيه حق العبد لا تقبل فيه إلا بعد دعوى صاحب الحق
قوله ( أو أنهم زنوا ووصفوه الخ ) ذكر المصنف الزنا والشرب في كل من صور الجرح المجرد وغيره وحمله ما قدمناه قريبا عند قوله أو زناة فلا تغفل
قال ط وفيه أن هذه شهادة اثنين وهي توجب القذف عليهما ولا توجب حقا لله تعالى ولا للعبد إلا أن يفرض أن الشهود أربعة
قوله ( ولم يتقادم العهد ) بأن لم يزل الريح في الخمر ولم يمض شهر في الباقي قيد بعدم التقابض إذ لو كان متقادما لا تقبل لعدم إثبات الحق به لأن الشهادة بحد متقادم مردودة
منح
وما ذكره المصنف بقوله ولم يتقادم العهد وفق به الزيلعي بين جعلهم زناة شربة الخمر من المجرد وجعلهم زنوا أو سرقوا من غيره أي المجرد
ونقل عن المقدسي أن الأظهر أن قولهم زناة أو فسقة أو شربة خمر أو أكلة ربا اسم فاعل إلى آخر ما قدمناه عنه قريبا فلا تنساه
قوله ( كما مر في بابه ) أي في باب حد الشرب
قوله ( أو قتلوا النفس عمدا ) فيه أن هذه شهادة لا توجب حقا لله تعالى ولا للعبد لعدم تعين ولي الدم وكان القتل بغير حق والولي يدعيه فإنها تقبل أي شهادة الجرح
قوله ( أو شركاء المدعي والمدعى مال ) يشتركون فيه والمراد أن الشاهد مفاوض فمهما حصل من هذا الباطل يكون له فيه منفعة لا أن يراد أنه شريكه في المدعى به وإلا كان إقرارا بأن المدعى به لهما
فتح ومثله في القهستاني
وما في البحر من حمله على الشركة عقدا يشمل بعمومه العنان ولا يلزم منه نفع الشاهد فكأنه سبق قلم وعلى ما قلنا فقول الشارح والمدعى مال أي مال تصح فيه الشركة ليخرج نحو العقار وطعام أهله وكسوتهم مما لا تصح فيه
قوله ( وأعطاهم ذلك مما كان لي عنده ) أي ليصلح أن يكون مدعيا لماله والظاهر أن يقول وأنا أطلب منهم ذلك لتصح دعواه كما سيأتي في المسألة التي بعدها
قوله ( لدعواه الخ ) علل الزيلعي عدم القبول إذا ادعى أن أعطاهم من ماله بقوله لأن دعواه صحيحة لما فيه من وجوب رد المال على المشهود عليه وهو مما يدخل تحت الحكم ولو لم يقله لا تقبل الشهادة لأن الدعوى غير صحيحة فكان جرحا مجردا لأنه
____________________
(7/175)
لم يدع قبله حقا يمكن القضاء به ودعوى الاستئجار وإن كانت صحيحة لكنه يدعيها لغيره وليس له ولاية إلزام غيره لغيره ا هـ ط
قوله ( أو أني صالحتهم على كذا ) أي شهدوا على قول المدعي أني صالحتهم الخ
قال في البحر وكذا إذا ادعى أجنبي أنه دفع لهم كذا لئلا يشهدوا على فلان بهذه الشهادة وطلب رده وثبت إما ببينة أو إقرار أو نكول فإنه يثبت به فسق الشاهد فلا تقبل شهادته وقيد بدفع المال ومفهومه لو ادعى المدعي أنه استأجرهم لئلا يشهدوا عليه ولم يدع دفع المال فأقروا لم تسقط العدالة وبه صرح الشارحون
قوله ( ودفعته إليهم أي رشوة ) أي لدفع ظلمهم وأقام على ذلك بينة فشهدت على مقالته
قوله ( وإلا فلا صلح بالمعنى الشرعي ) كما في الحواشي السعدية ولو قال أو شهدوا بأنه صالحهم على كذا الخ لكان أولى
قوله ( شهد عدل ) أي ثابت العدالة عند القاضي أو سأل عنه فعدل وهو احتراز عن المستور لا عن الفاسق فإنه لا شهادة له
بحر
قوله ( فلم يبرح ) أي لم يفارق مكانه وليس المراد كونه على الفور بل ما لم يبرح عن مكانه أشار إليه بقوله يعني بعدما شهد تذكر لأنه لو قام لم يقبل منه ذلك لجواز أنه غره الخصم بالدنيا
قوله ( ولم يطل المجلس ) هكذا جعل في المحيط إطالة المجلس كالقيام عنه وهو رواية هشام عن محمد
بحر
قوله ( ولم يكذبه المشهود له ) قيد به تبعا للمحيط لأنه إذا كذبه لا تقبل شهادته
قوله ( حتى قال أوهمت ) أو شككت أو غلطت أو نسيت أي أخطأت لنسيان عراني بزيادة باطلة بأن كان شهد بألف فقال إنما هي خمسمائة أو بنقص بأن شهد بخمسمائة فقال أوهمت إنما هي ألف جازت شهادته وإذا جازت فبماذا يقضي قيل بجميع ما شهد به لأن ما شهد به صار حقا للمدعي على المدعى عليه فلا يبطل حقه بقوله أوهمت ولا بد من دعوى المدعي الزيادة بأن يدعي المدعي ألفا وخمسمائة فيشهد بألف ثم يقول أوهمت إنما هو ألف وخمسمائة لا ترد شهادته بألف وخمسمائة
وعبارة العناية تفيد أنه لا يقضي بالزيادة وقيل بما بقي فقط وإليه مال شمس الأئمة السرخسي
وروى الحسن عن أبي حنيفة إذا شهد شاهدان لرجل بشهادته ثم زاد فيها قبل القضاء أو بعده وقالا أوهنا وهما غير متهمين قبل منهما وظاهر هذا أنه يقضي بالكل
كذا في الفتح وبه يعلم أنه لا فرق بين كونه قبل القضاء أو بعده وبه صرح
قال وذكر في النهاية أن الشاهد إذا قال أوهمت في الزيادة أو في النقصان يقبل قوله إذا كان عدلا ولا يتفاوت بين أن يكون قبل القضاء أو بعده
رواه الحسن عن أبي حنيفة وبشر عن أبي يوسف ا هـ
وظاهر الخانية أن عليه الفتوى
قوله ( أخطأت ) قال في البحر معنى قوله أوهمت أخطأت بنسيان ما كان يحق علي ذكره أو بزيادة كانت باطلة ولو قال تعمدت ولم أغلظ ثم بدا لي فرجعت كان ذلك رجوعا عن شهادة
قال السائحاني فيعاقبه القاضي ولا يقبل منه الثاني ولا غيره حتى يحدث توبة
قوله ( بعض ) منصوب على نزع الخافض أي في بعض شهادتي
يعقوبية
وفي قوله بعض يفيد أنه لو قال أوهمت الحق إنما هو لفلان آخر لا لهذا لم يقبل
بحر
قوله ( ولا مناقضة ) كما إذا قال هو لفلان ثم قال لفلان آخر
قوله ( قبلت شهادته ) لأنه قد يبتلي بالغلط
____________________
(7/176)
لمهابة مجلس القاضي فوضح العذر فيقبل إذا تداركه في أوانه ط
قوله ( بجميع ما شهد به ) لأنه صار حقا للمشهود له فلا يبطل بقوله أوهمت واختاره في الهداية
وقيل يقضي بما بقي إن تداركه بنقصان وإن بزيادة يقضي بها إن ادعاها المدعي لأن ما يحدث بعدها قبل القضاء يجعل كحدوثه عندها وإليه مال السرخسي واقتصر عليه قاضيخان وعزاه إلى الجامع الصغير ومثله في البحر
قال وعليه فمعنى القبول العمل بقوله الثاني ومشى على هذا في الملتقى ومن هنا يعلم أن الشارح كان الأولى له أن يحرر هكذا لا أن يستدرك بقول على قول وأيضا الذي في الخانية والفتوى على ما في المجرد وهو بعينه ما في الملتقى بزيادة أو بعد ما قضى فقد أساء التحرير أيضا وأيضا في الخانية لم يقيد هذا بما إذا لم يبرح بل أطلقه ونقل قبل ما في المجرد عن الجامع الصغير وصدر به أنه إذا شهد ولم يبرح حتى قال أوهمت بعض شهادتي إن كان عدلا جازت شهادته فيما بقي وإن برح لا تقبل شهادته وكذا لو نسي بعض الحدود أو بعض النسبة ثم تدارك في مجلسه جازت شهادته إذا كان عدلا
قوله ( ولو بعد القضاء ) ولا يضمن إذا رجع بعده جزما
معراج
قوله ( وعليه الفتوى ) أي على القبول بعد القضاء
قوله ( لكن عبارة الملتقى ) لا معنى للاستدراك بعبارته والخلاف صريح بين أهل المذهب كما علمت
قوله ( قبول قوله أوهمت ) لأن ما حدث بعدها قبل القضاء يجعل كحدوثه عندها كما قدمناه قريبا
قوله ( بما بقي ) أي أو بما زاد كما صرح به غيره كما علمت مما سبق قريبا
قوله ( وظاهر كلام الأكمل وسعدى ترجيحه ) واقتصر عليه قاضيخان والتعاليل المتقدمة تظهر عليه
قوله ( فتنبه وتبصر ) في كلام الشارح عفي عنه في هذا المقام نظر من وجوه الأول أن قوله ولو بعد القضاء ليس في محله لأن الضمير في قول المصنف قبلت راجع إلى الشهادة كما نص عليه في المنح وهو مقتضى صنيعه هنا وحينئذ فلا معنى لقبولها بعد القضاء بل الصواب ذكره بعد عبارة الملتقى
الثاني أنه لا محل للاستدراك هنا لأن في المسألة قولين ولا يقبل الاستدراك بقول على آخر إلا أن يعتبر الاستدراك بالنظر إلى ترجيح الثاني
الثالث أن قوله وكذا لو وقع الغلط في بعض الحدود أو النسب يقتضي أنه مفرع على القول المذكور في المتن وليس كذلك
الرابع أنه يقتضي أن لا يقبل قوله بذلك وليس كذلك
وعبارة الزيلعي تدل على ما قلنا من أوجه النظر المذكور حيث قال ثم قيل بجميع ما شهد به أولا حتى لو شهد بألف ثم قال غلطت في خمسمائة يقضي بالألف لأن المشهود به أولا صار حقا للمدعي ووجب على القاضي القضاء به فلا يبطل برجوعه وقيل يقضي بما بقي لأن ما حدث بعد الشهادة قبل القضاء كحدوثه عند الشهادة ثم قال وذكر في النهاية أن الشاهد إذا قال أوهمت في الزيادة أو في النقصان يقبل قوله إذا كان عدلا ولا يتفاوت بين أن يكون قبل القضاء أو بعده
رواه عن أبي حنيفة
وعلى هذا أي على اعتبار المجلس في دعوى التوهم لو وقع الغلط في ذكر بعض حدود العقار كما لو ذكر الشرقي مكان الغربي أو بالعكس أو في بعض النسب كما لو ذكر محمد بن أحمد بن عمر بدل محمد
____________________
(7/177)
بن علي بن عمر ثم تذكر تقبل لأنه قد يبتلي به في مجلس القضاء فذكره ذلك للقاضي دليل على صدقه واحتياطه في الأمور أي إن تداركه قبل البراح عن المجلس قبلت وإلا فلا كما في العناية
تأمل ا هـ
قوله ( لا تقبل ) لجواز أنه غره الخصم بالدنيا وقيد في الهداية والزيلعي شرط عدم البراح بما إذا كان موضع شبهة كالزيادة والنقصان في قدر المال وإلا فلا بأس بإعادة الكلام وإن برح عن المجلس مثل أن يترك لفظ أشهد أو اسم المدعي أو المدعى عليه أو الإشارة إلى أحد الخصمين وما يجري مجراه
شرنبلالية
لأن تعيين المحتمل وتقييد المطلق يصح من الشاهد ولو بعد الافتراق كما في البزازية والخانية وإنما يتصور ذلك قبل القضاء لأن لفظ الشهادة وبيان اسم المدعي والمدعى عليه والإشارة إليهما شرط القضاء ا هـ
وعن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه يقبل في غير المجلس أيضا إذا كان عدلا والظاهر ما ذكرناه ا هـ
( أقول ) التقييد بالزيادة والنقصان في قدر المال يشترط فيه المجلس وعدم البراح بخلاف ما ذكر بعده
قوله ( في بعض الحدود أو النسب ) فإن كان الشاهد عدلا ولم يبرح عن مجلس القاضي ولم يطل المجلس ولم يكذبه المشهود له ولم تكن مناقضة قبلت وإلا لا
والمراد بالحدود حدود الدار مثلا كما قدمناه لأنه قد يبتلي بالغلط في مجلس القاضي
وفي البزازية ولو غلطوا في حد أو حدين ثم تداركوا في المجلس أو غيره يبل عند إمكان التوفيق بأن يقولوا كان اسمه فلانا ثم صار اسمه فلانا أو باع فلانا واشتراه المذكور ط
( أقول ) وكذا إذا وفق بأن قال له اسمان كما في دعوى التنقيح
والحاصل أن الظاهر الأول أي التقييد بالمجلس وعدم البراح عنه هو ظاهر الرواية فعلم أن ما في البزازية ليس على إطلاقه إن لم يحمل على خلاف ظاهر الرواية كما أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( أولى من بينة الموت بعد البرء ) يعني تقدم عليها وكأنه لأن فيها إسنادا إلى السبب الظاهر وهذا موافق لما في القنية من باب البينتين المتضادتين وتبعه في البحر في باب الاختلاف في الشهادة لكن في آخر كتاب الدعوى من الخلاصة أقاما البينة هذا على الصحة وهذا على الموت بالضرب فبينة الصحة أولى وكذا في البزازية ومشتمل الأحكام وبه أفتى المولى أبو السعود كما في تعارض البينات للشيخ غانم وكان الأولى ذكر هذه ونحوها في باب ما يدعيه الرجلان أواخر باب الاختلاف في الشهادة تذييلا كما لا يخفى ولكن ذكر ها هنا الأدنى ملابسة
قوله ( لم يجرحني ولم يقتلني ) لا يقال بينة زيد على النفي لأنها أقيمت على القول
قوله ( وبينة الغبن ) على مشتر من وصي يتيم
قوله ( من يتيم بلغ ) متعلق بينة
قوله ( أولى من بينة كون القيمة الخ ) وهي بينة المشتري هذا إذا اجتمعنا عند الحاكم وشهدنا على نحو ما ذكر أما لو قضى بإحداهما أولا بطلت الأخرى وقد أفتى بذلك الشلبي وهي في فتاويه مستدلا بمسألة ما لو شهد بقتل زيد يوم النحر بمكة وآخران بقتله بالكوفة فراجعه إن شئت
كذا في الحواشي الخيرية
قوله ( ما اشتراه ) أي المدعى عليه المعلوم من المقام وهو المشتري
قوله ( من وصيه ) أي وصي اليتيم وكذا من أبيه
كذا أفاده سيدي
____________________
(7/178)
الوالد رحمه الله تعالى ويظهر لحل العبارة وجه آخر
وهو أن يقال ما اشتراه من وصيه من مال اليتيم على ما صور المسألة
مؤيد زاده عن الحاوي بقوله وصي باع كرم الصغير وادعى غبنا وأام بينة وأقام المشتري بينة أن ثمن الكرم في ذلك الوقت مثل الثمن فبينة الغبن أولى ا هـ
( أقول ) لكنه يحتاج إلى تقدير لفظ وصي عند قول الشارح السابق من يتيم أي من وصي يتيم لكن يعكر على هذا التقدير لفظ بلغ كما مثل به المصنف في منحه فيكون على عبارة الشارح أن الدعوى حصلت من التيم عند بلوغه كما فسره المصنف عازيا للعمادية ويؤيده ما في جامع الفتاوى ولو ادعى الابن بعد بلوغه الغبن بحكم الحال لو لم تكن المدة قدر ما يتغير السعر وإلا يصدق المشتري وبينة الزيادة أولى ا هـ
وحينئذ فلا غبار على عبارة الشارح فافهم
قوله ( في ذلك الوقت ) أي وقت العقد وهو ظرف القيمة ح
قوله ( خلافا لما في الوهبانية ) أقول ليس في الوهبانية سوى مسألة الكره والطوع وقدم بينة الطوع على الكره وبينة الطوع على بينة الصحة وغير بيتها العلامة عبد البر فقال وبيننا كره وطوع أقيمتا فتقديم ذات الكره صحح الأكثر قال الشرنبلالي ونقل الشارح اختلف في الصحة والفساد فالبينة بينة من يدعي الفساد باتفاق الروايات فتأمل
قال المصنف في منحه وفي القنية ادعى عليه محدودا في يده إرثا من أبيه وأقام ذو اليد البينة أنه اشتراه من وصيه بمثل القيمة وأقام المدعي البنية أن القيمة زائدة على ما أثبت ذو اليد فقبول البينة المثبتة للزيادة أولى ا هـ
وقال كثير منهم المثبتة لقلة الزيادة أولى ا هـ
وقد اعتمد في النظم الوهباني ما عليه الأكثر من تقديم البينة المثبتة لقلة الزيادة وحكي ما عن العمادية بصيغة قيل
وقال شيخ الإسلام في شرحه والظاهر عندي رجحان قبول بينة الزيادة الذي جزم به في العمادية ويرشد إليه كلام القنية والنظم مشعر بخلافه ا هـ
وفي البزازية لو شهدوا أن الحاكم باع مال اليتيم وقيمته أكثر يفسخ
قوله ( أما بدون البينة الخ ) قال عبد البر إذا اختلف المتبايعان أحدهما يدعي الصحة والآخر يدعي الفساد فالقول قول مدعي الصحة والبينة بينة من يدعي الفساد باتفاق الروايات كما قدمناه قريبا
قوله ( منية ) لعلها قنية لأني لم أجد المسألة في المنية ورأيتها في مؤيد زاده معزوة للقنية
قوله ( وبينة كون المتصرف في نحو تدبير الخ ) أي أو بيع كما في دعوى القنية يعني إذا امت الأمة بينة أن مولاها دبرها في مرض موته وهو عاقل وأقامت الورثة بينة أنه كان مخلوط العقل فبينة الأمة أولى وكذا إذا خلع امرأته ثم أقام الزوج بينة أنه كان مجنونا قبل الخلع وأقامت بينة على كونه عاقلا حينئذ أو كان مجنونا وقت الخصومة فأقام وليه بينة أنه كان مجنونا والمرأة على أنه كان عاقلا فبينة المرأة أولى في الفصلين
كذا في الدرر
لكن قال الشيخ غانم البغدادي في ترجيح البينات
بينة كون البائع معتوها أولى من بينة كونه عاقلا وبينة العقل أولى من كونه مجنونا وقت الخلع وبينة كون المتصرف عاقلا أولى من بينة كونه مجنونا
قال في البحر برهنت الأمة على أنه دبرها في مرض موته وهو عاقل وبرهنت الورثة على أنه كان مخلوط العقل فبينة الأمة أولى وكذا الخلع ا هـ
قال في مخزن النوادر ولو ظهر جنونه وهو مفيق يجحد الإفاقة وقت بيعه فالقول له وبينة الإفاقة أولى أولى
____________________
(7/179)
من بينة الجنون
وعن أبي يوسف إذا ادعى شراء الدار فشهد شاهدان أنه كان مجنونا عندما باعه وآخران أنه كان عاقلا فبينة العقل وصحة البيع أولى
وفي الأشباه اختلفا في كون الإقرار للوارث في الصحة في أو المرض فالقول لمن ادعى أنه في المرض أو في كونه في الصغر أو البلوغ فالقول لمن ادعى الصغر وكذا لو طلق أو أعتق ثم قال كنت صغيرا فالقول له وإن أسند إلى حال الجنون فإن كان معهودا قبل وإلا فلا
وفي جامع الفتاوى بينة العته أولى لكنها مخالفة للمتن موافقة للشيخ غانم ولذا عزاها في هذا الجامع لبعض الفتاوى ولم يعين
وفي القنية بينة العقل أولى من بينة العته أو الجنون في البيع ا هـ
أقول ولعل في المسألة قولين بناء على أن ظاهر الحال من الإنسان هو المرض أو الصحة فمن قال المرض رجح بينة الصحة ومن قال الصحة رجح بينة الصحة ومن قال الصحة رجح بينة المرض لأن البينات شرعت لإثبات خلاف الظاهر والذي ينبغي التعويل عليه هو الأول حيث أطبقت النقول كما سمعت على ترجيح بينة العقل إلا ما ندر والفتوى على ما عليه الأكثر وممن أفتى بذلك مطلقا المرحوم علي أفندي مفتي الديار الرومية بنص العته أول ترجيح البينات من فتاويه
وما وقع في ترجيح البينات للشيخ غانم في البيوع فقد ذكر خلافه هو أول كتاب الطلاق وقال الأصل في ذلك إن بينة كون المتصرف عاقلا أولى من بينة كونه مجنونا أو مخلوط العقل ا هـ
العته نقص العقل كما في المصباح على أنه قد استدرك الشيخ غانم نفسه على هذه الرواية كما في بعض النسخ فلا تعارض ما في المعتبرات فاغتنم هذا التحرير الذي لا تجده إلا بعد التنقير ثم بعد كتابتي لهذا المحل رأيت في المحبية آخر الشهادات بينة الغبن بلا اشتباه قدم كذا بينة الإكراه قدم على الطوع وإن شخصان جاءا لدى القاضي يشهدان وخران أنه قد كانا مخلوط عقل ذلك الزمانا أو كان مجنونا لأولي الأولى والحكم هكذا أتى منقولا وفي ترجيح البينات من نور العين عند ذكره أن الأصل في ترجيح البينات بين العقل وكونه مجنونا أو معتوها أن بينة العقل أولى
وقال بعد ذلك ما نصه يقول الحقير وفي جامع الفتاوى باع أرضا فادعى أخوه على المشتري أن البائع معتوه وأنا وصيه فيها وقال المشتري بل هو عاقل وبرهنا فبينة المعتوه أولى ا هـ
وهذا غير موافق لما مر آنفا فلعل في المسألة روايتين ا هـ
فظهر من هذا أن من قال بتقديم بينة العته فقد مشى على ما في جامع الفتاوى غير أن أكثر الكتب على خلافه كما ظهر مما ذكر من النقول والله تعالى أعلم
قوله ( أولى من بينة كونه مخلوط العقل أو مجنونا ) لأن الورثة يدعون أمرا عارضا وهو تغير العقل وهو ينكره فالقول للمنكر عند عدم البينة
قوله ( ولو قال الشهود ) أي بطلاق وعتاق
منح أي والمدعي يدي الصحة والمدعى عليه يدعي المرض
قوله ( لا ندري كان في صحة أو مرض فهو على المرض ) أي لأن تصرفه أدنى من تصرف الصحة فيكون متيقنا ولأن الحادث يضاف إلى أقرب أوقاته فلما ترددوا حمل على الأقرب
أما لو اختلفوا فبينة الصحة مقدمة كما
____________________
(7/180)
لو ادعى الزوج بعد وفاتها أنها كانت ابرأته من الصداق حال صحتها وأقام الوارث بينة أنها أبرأته في مرض موتها فبينة الصحة أولى وقيل بينة الورثة أولى كما في جامع الفتاوى ومشتمل الأحكام
وفي الجامع أيضا ولو أقر الوارث ثم مات فقال المقر له أقر في صحته وقال بقية الورثة في مرضه فالقول للورثة والبينة للمقر له وإن لم يقم بينة وأراد استحلافهم له ذلك
ادعت المرأة البراءة عن المهر بشرط وادعاها الزوج مطلقا وأقام البينة فبينة المرأة أولى إن كان الشرط متعارفا يصح الإبراء معه وقيل البينة من الزوج أولى ولو أقامت المرأة بينة على المهر على أن زوجها كان مقرا به إلى يومنا هذا وأقام الزوج بينة أنها أبرأته من هذا المهر فبينة البراءة أولى وكذا بينة الدين لأن بينة مدعي الدين بطلت لإقرار المدعى عليه بالدين ضمن دعواه البراءة كشهود بيع وإقالة فإن بينتها لم يبطلها شيء وتبطل بينة البيع لأن دعوى الإقالة إقرار به
قوله ( فهو على المرض ) لم يذكر ما إذا اختلفا في الصحة والمرض
وفي الأنقروي ادعى بعض الورثة أن المورث وهبه شيئا معينا وقبضه في صحته وقالت البقية كان في المرض فالقول لهم وإن أقاموا البينة فالبينة لمدعي الصحة ولو ادعت أن زوجها طلقها في مرض الموت وهي في العدة وادعى الورثة أنه في الصحة فالقول لها وإن برهنا وقتا واحدا فبينة الورثة أولى
قوله ( ولو قال الوارث الخ ) هذا مطلق شامل لكل دعوى إلا أنه لم يذكر فيه تعارض البينتين
قوله ( كان يهذي ) الظاهر أن المراد أنه كان مختلط العقل للمقابلة
وذكر البيري أنهما إذا اختلفا في الجد والهزل فالقول لمدعي الهزل إلا أن يعطيه بعض الثمن فلا تسمع دعوى الهزل ا هـ
قوله ( وبينة الإكراه ) قال في البحر تعارضت بينة الإكره والطوع في الإجارة فبينة الطواعية أولى وإن قضى ببينة الإكراه في الإجارة نفذ وإن تعارضت بينة البيع صحيحا أو مكرها فقولان ا هـ
قال الحموي والذي يظهر أن الأصح العمل ببينة المكره لأنه يدعي خلاف الظاهر والبينة لمن يدعيه ويؤيده ما سيصرح به قريبا
تأمل
قوله ( في إقراره ) وكذا في البيع والإجارة والصلح على ما في الأشباه
قال الباقاني تعارضت بينة الإكراه والطوع في البيع والصلح والإقرار فبينة الإكراه أولى ا هـ
وعزاه إلى الخانية
وفيها وهو الصحيح من الجواب وكذا في ترجيح البينات
قال سيدي الوالد في تنقيحه لو أثبت إقرار إنسان بشيء طائعا فأقام المدعى عليه بينة أني كنت مكرها في ذلك الإقرار فبينة الإكراه أولى لأنها تثبت خلاف الظاهر وهو الأصح كما في الفصول العمادية وعليه الفتوى كما في الخلاصة ا هـ
قال في البزازية عن الملتقط ادعى عليه الإقرار طائعا وبرهن على ذلك وبرهن المدعى عليه أن ذلك الإقرار كان بالكره فبينة المدعى عليه أولى وإن لم يؤرخا أو أرخا على التعاقب فبينة المدعي أولى ا هـ
وفي التاترخانية من الدعوى في الفصل الثالث والعشرين معزيا للناصري ولو ادعى الإقرار طائعا فأقام المدعى عليه بينة أنه كان هذا الإقرار بذلك التاريخ عن إكراه فالبينة بينة المدعى عليه وإن لم يؤرخا أو أرخا على التفاوت فالبينة للمدعي ا هـ
قوله ( واتحد تاريخهما ) لعل وجهه أنهما إذا أرخا واتحد التاريخ كانا الإقرار واحدا والظاهر الطوع فيعمل به عند عدم البينة لأنها لإثبات خلاف الظاهر
تأمل
قوله ( فإن اختلفا أو لم يؤرخا فبينة الطوع أولى ) لعل وجهها أنه إذا اختلف التاريخ كنا إقرارين أحدهما بالطوع والآخر بالإكراه وإن
____________________
(7/181)
لم يؤرخا احتمل التعدد فيعمل ببينة الطوع فيهما
والله تعالى أعلم
والظاهر أن هذا توفيق بين القولين قال الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية تعارضت بينة الطوع والكره فبينة الطوع أولى ولو قضى القاضي ببينة الإكراه ينفذ قضاؤه إن عرف الخلاف
وقال أبو حامد بينة الإكراه أولى
ونقل المصنف لو اختلفا في الصلح والإقرار كان القول قول من يدعي الطوع والبينة بينة الآخر في الصحيح من الجواب
وفي العمادية بينة الإكراه أحق بالقبول لأنها تثبت خلاف الظاهر ا هـ
وفي فتاوى مؤيد زاده اجتمعت بينة الإكراه على البيع وبينة الطواعية
روي عن أبي يوسف أن بينة الإكراه أولى وإليه ذهب بعض مشايخنا
وقال بعض المتأخرين الطواعية أولى وعزاه للوجيز ثم قال لو ادعى أحدهما الإقرار بدين كذا طائعا والآخر مكرها فالقول لمن يدعي الطواعية والبينة لمن يدعي الإكراه
قاضيخان
قال المصنف في منحه أقول كلامه يقتضي أن بينة الإكراه إنما تقدم على بينة الطوع عند التعارض وأما إذا لم يحصل التعارض فبينة الطوع أولى فتكون المسألة ثلاثية وهي إما أن يؤرخا أو لا فإن كان الأول وهو ما إذا أرخا فإما أن يتحد التاريخ أو يختلف فإن كان الأول فبينة الإكراه أولى وإن كان الثاني وهو ما إذا اختلف التاريخ أو لم يؤرخا فبينة الطوع أولى ا هـ
تتمة قال في العمادية لا حاجة في دعوى الإكراه إلى تعيين المكره كما لا حاجة في دعوى السعاية إلى تعيين العوان وقيل لا بد من تعيين العوان والأول أصح ا هـ
فائدة بينة الحرية مقدمة على غيرها لأنها تثبت أمرا زائدا وهو ولاية التصرف وأهلية الشهادة وغير ذلك كما في جامع الفصولين
فائدة أخرى بينة الرجوع عن الوصية أولى من بينة كونه موصيا مصرا إلى الوفاة
حامدية عن أبي السعود
أقول وهذا إذا لم يقض بالبينة الأولى فإن قضى بالوصية وأقيمت بينة أخرى على الرجوع لا تقبل الشهادة ولا الدعوى لأنها تتضمن نقض القضاء والقضاء يصان عن الإلغاء ما أمكن كما قدمناه عن شرح الزيادات في هذا الباب فراجعه وانظر ما سنذكره آخر الباب
قوله ( واعتمده المصنف ) حيث أقره
قوله ( بينة الفساد ) تكرار مع مسألة الغبن المتقدمة
قوله ( فالقول لمدعي البطلان ) لأنه منكر للعقد والظاهر أن البينة بينة الصحة لأنها أكثر إثباتا فإن بينة البطلان لم تفد أمرا جديدا
حموي
ومثله في شرح المجمع لابن ملك عن الفتاوى الصغرى
قوله ( لمدعي الصحة ) مفاده أن البينة بينة الفساد لأن مدعي الفساد يدعي أمرا زائدا وهو المفسد كالشرط الفاسد ومدعي الصحة ينكره والقول للمنكر أيضا وهذا باتفاق الروايات إن كان يدعي فسادا بشرط فاسد أو أجل فاسد وإن كان يدعي فسادا في صلب العقد بأن ادعى الشراء بألف ورطل من خمر وأنكر الآخر فيه روايتان وظاهر الرواية عنه كالأول
قوله ( إلا في مسألة الإقالة ) كما تقدم في بابها
____________________
(7/182)
وهي لو ادعى المشتري أنه باع المبيع من البائع بأقل من الثمن قبل النقد وادعى البائع الإقالة فالقول للمشتري مع أنه يدعي فساد العقد وهذا ليس مما نحن فيه لأن كلامنا فيما إذا اتفقا على عقد واحد ادعى أحدهما صحته والآخر فساده فالقول لمدعي الصحة لأنه الأصل في العقود والأليق بحال المسلم وهنا قد اتفقا على صحة البيع ثم ادعى البائع فسخه بالإقالة وأنكر ذلك المشتري والقول قول المنكر غير أن المشتري أقر بعقد فاسد يجب رفعه وإبطاله لكن صاحب الأشباه بعد ذكر المسألة قال ولو كان على القلب تحالفا ظاهره أنه إذا ادعى البائع الشراء الفاسد والمشتري الإقالة فلينظر وجهه
قال الحموي قيل ينبغي أن يكون هذا الفرع داخلا تحت الأصل المذكور ليحتاج إلى استثنائه لأنه لم يدع صحة العقد وإنما ادعى الإقالة والمشتري ينكرها فيكون القول قوله ا هـ
أقول فيما قاله نظر فإن ادعاء الإقالة مستلزم لادعاء صحة البيع إذ الإقالة لا تكون في غير الصحيح
وأقول كان وجه التحالف على ما قاله الحموي أن المشتري بدعواه الإقالة يدعي أن الثمن الذي يستحقه بالرد مائة مثلا والبائع بدعوا الشراء بأقل مما باع يدعي أن الثمن الذي يجب تسليمه إلى المشتري خمسون مثلا فنزل اختلافهما فيما يجب تسليمه إلى المشتري منزلة اختلافهما في قدر الثمن الموجب للتحالف بالنص وإلا فالمائة التي هي الثمن الأول إنما ترد إلى المشتري بحكم الإقالة في البيع الأول وهي غير الخمسين التي هي الثمن في البيع الثاني كما ترى ا هـ
قوله ( وفي الملتقط اختلفا في البيع والرهن فالبيع أولى ) يعني بينته أولى كما يأتي وقياس ما بعده عكسه لأن الوفاء رهن حقيقة على ما هو المعتمد فيه ولأن اشتراط الوفاء زائد والأصل عدمه والقول لمنكره إلا أن يقال إن صورته صورة البيع وفيه شرط زائد بخلاف الرهن البحت
قال في التاترخانية القول لمدعي الرهن لتمسكه بالأصل وهو عدم البيع والبينة لمدعي البيع لأنه خلاف الظاهر
قوله ( اختلفا في البتات والوفاء فالوفاء أولى استحسانا ) وإنما كان القول لمدعي البتات لأنه الأصل في العقود إلا بقرينة كنقصان الثمن كثيرا كما تقدم
وحاصل عبارة الملتقط أن الاستحسان في الاختلاف في البينة ترجيخح بينة الوفاء وفي الاختلاف في القول ترجيح بينة مدعي البتات وهذا الذي حرره الرملي فيما مر فتدبر خلافا لما مشى عليه الشارح قبيل الكفالة فراجعه وذكر ثمة الكلام على بيع الوفاء مستوفى
قوله ( شهادة قاصرة يتمها غيرهم تقبل ) قال في الدرر لأن الحاجة إلى الشهادة لإثبات يد المدعى عليه حتى يصير خصما في إثبات الملك للمدعي ولا فرق في ذلك بين أن يثبت كلا الحكمين بشهادة فريق واحد أو فريقين ثم إذا شهد أنها في يد المدعى عليه سألهم القاضي أعن سماع تشهدون أنها في يده أو عن معاينة لأنهم ربما سمعوا إقراره أنها في يده وظنوا أن ذلك يطلق لهم الشهادة ا هـ
أي أن سماعهم إقراره بأنها في يده يجوز لهم الشهادة وليس كذلك بل المجوز لهم معاينتهم أنها في يده هذا هو المراد وهو الموافق لما سبق تقريره على كلام الشارح من أنه ظاهر الرواية والمختار في الكافي والهداية في الشهادة بالملك لذي اليد
نعم فرق بين هذه الشهادة وتلك إذ شهادتهم هنا في مجرد كونها في يد المدعى عليه وثمة في أنها ملكه لرؤيتهم إياها في يده ولا يلزم من اشتراط الرؤية في الشهادة بالملك اشتراطها في الشهادة بمجرد كونها في اليد ولذلك جوز كثير من الفقهاء شهادتهم بمجرد سماعهم عن المدعى عليه بأنها في يده ولكن
____________________
(7/183)
مختار عماد الدين عدم الجواز وتبعه في الدرر والغرر واختار محشيها الملا عبد الحليم الإطلاق هنا لما بينهما من الفرق فتدبر
قوله ( فشهد به آخران ) لأنه يحتاج إلى هذا لإثبات يد المدعى عليه حتى يصير خصما
قوله ( أو شهدا بالملك بالمحدود وآخران بالحدود ) وفي البزازية لو علما بالحدود من الثقات وفسرا للقاضي تقبل
وفيها أيضا شهدوا بالدار للمدعي بحدودها فشهد آخران أن المحدود هذا يقبل ويجعل كأن الأولين شهدا بكل ذلك
قال في الهندية من الباب الخامس من الشهادات ولو شهد أن الدار التي في بدة كذا في محلة فلان تلاصق دار فلان بن فلان الفلاني وهي في يد فلان المدعى عليه هذا لهذا ولكن لا نعرف حدودها ولا نقف عليها فقال المدعي للقاضي أنا آتيك بشهود آخرين يعرفون حدود هذه الدار وأتى بشاهدين شهدا أن حدودها كذا وكذا اختلف جواب هذه المسألة في النسخ ذكر في بعضها أن القاضي يقبل ذلك ويحكم بها للمدعي وذكر في بعضها أنه لا يقبل ولا يحكم بها للمدعي وكذا القرى والضياعات والحوانيت وجميع العقارات على هذا
كذا في الظهيرية
ذكر ظهير الدين المرغيناني هذه المسألة في شروطه وقال اختلفت الروايات في هذه المسألة والأظهر أنها تقبل لأن تحمل الشهادة غالبا يكون على هذا الوجه فإنصه إذا أشهد البائع على البيع في البلدة والأرض أو الكرم في السواد فالظاهر أن الشهود لا يعرفون حدود المبيع لكن سمعوا ذكر الحدود فيشهدون على تلك الحدود المذكور في البيع وإن كانوا لا يعلمون الحدود على الحقيقة
كذا في الفصول العمادية وهو الأصح
كذا في القنية وهو الصحيح
كذا في الذخيرة وإن لم يأت المدعي بشاهدين يشهدان على الدار المدعى بها على تلك الحدود فطلب من القاضي أن يبعث له أمينين من أمنائه إلى الدار المدعى بها على تلك الحدود فطلب من القاضي أن يبعث له أمينين من أمنائه إلى الدار حتى يتعرفا عن حدود الدار وأسماء جيرانها أجابه القاضي إلى ذلك فإن بعثهما وتعرفا إن كانت حدود الدار وأسماء جيرانها توافق على تلك الحدود التي ذكرها الشهود وأخبر الأمينان القاضي بذلك قضى القاضي بالدار للمدعي بشهادتهم
كذا في المحيط
هذا كله إن لم تكن الدار مشهورة فإن كانت مشهورة نحو دار عمرو بن حريث بالكوفة وشهد بها الشاهدان لإنسان ولم يذكرا الحدود لا تقبل شهادتهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وتقبل في قول صاحبيه والضيعة إذا كانت مشهورة على هذا الخلاف أيضا
كذا في فتاوى قاضيخان ا هـ
قوله ( فشهد آخران أنه المسمى به ) أي بذلك الاسم
قال في الهندية في أواخر الباب الرابع رجل ادعى عبدا في يد رجل وقال بعتني هذا العبد بألف درهم ونقدتك الثمن فأنكر المدعى عليه البيع وقبض الثمن فشهد للمدعي شاهدان على إقرار البائع بالبيع وقالا لا نعرف العبد ولكنه قال لنا عبدي زيد وشهد شاهدان آخران أن هذا العبد اسمه زيد أو أقر البائع أن اسمه زيد قال لا يتم البيع بهذه الشهادة وإن شهد الشاهدان أن البائع أقر أنه باعه عبده زيد المولد فنسبوه إلى شيء يعرف من عمل أو صناعة أو عيب أو حلية فوافق ذلك هذا العبد يقبل استحسانا وكذا الأمة ا هـ
ملخصا
فائدتان إذا شهد ابنا القاضي لرجل أن أباهما قضى لهذا على هذا لم تقبل عند الإمام وله قول آخر بالقبول وبه نأخذ
خانية
قال رجل يا زاني فقال آخر صدقت هو كما قلت قاذفا وأكثر المشايخ لا وعليه الفتوى
قوله ( وعليه الفتوى ) صحح في غير هذا المحل القبول وأفتى به في الرحيمية
قوله ( شهادة النفي المتواتر ) أي عند الناس مقبولة بأن علم الكل عدم كون المدعى عليه في ذلك المكان والزمان لا تسمع عليه
____________________
(7/184)
أي بأنه أقرضه فيهما كذا مثلا ويقضى بفراغ ذمته لئلا يلزم تكذيب الثابت للضرورة والضروريات مما لا يدخلها الشك وأما إذا لم يتواتر فلا تقبل بينته إلا في عشر مسائل مذكورة في الأشباه من القضاء
وفي النوادر عن الثاني شهد عليه بقول أو فعل يلزم عليه بذلك إجارة أو كتابة أو بيع أو مال أو طلاق أو عتاق أو قتل أو قصاص في موضع وصافه أو في يوم سمياه فبرهن المشهود عليه أنه لم يكن ثمة يومئذ لا تقبل إلا إذا تواتر
ووجه عدم قبولها أن الشهادة متضمنة للمشاهدة وذلك بالعلم ولم يحصل بالنفي
وتمامه في حواشي الأشباه
قال في الذخيرة إلا أن تأتي العامة وتشهد بذلك فيؤخذ بشهادتهم ا هـ
وفي المحيط إن تواتر عند الناس وعلم الكل عدم كونه في ذلك المكان والزمان لا تسمع الدعوى عليه ويقضى بفراغ ذمته لأنه يلزم تكذيب الثابت بالضرورة والضروريات مما لم يدخلها شك عندنا إلى كلام الثاني وكذا كل بينة قامت على أن فلانا لم يقم ولم يفعل ولم يقر
كذا في البزازية
قال سيدي الوالد في تنقيحه البينة إذا قامت على خلاف المشهور المتواتر لا تقبل وهو أن يشتهر ويسمع من قوم كثير لا يتصور اجتماعهم على الكذب
كذا في الفتاوى الصغرى للإمام الخاصي
وكذلك الشهادة التي يكذبها الحس ا هـ
وتمامه فيها
أقول واحترز بالمتواتر عن غيره فلا يقبل سواء كان صورة أو معنى وسواء أحاط به علم الشاهد أو لا كما يقع في هذه الإمان من غير إسناد حسن ويسمونه متواترا لأنه كثير ما يظهر كذبه وانظر إلى ما عرفوا به المتواتر من أنه ما نقله جمع عن جمع فإن قالوا سمعنا فلا بد أن يكون عن مثلهم أو يقولون رأينا بأعيننا أو نحوه وانظر لما تقدم في باب اليمين بالبيع والشراء من قبول بينة في الشروط وراجعه
قوله ( الشهادة إذا بطلت في البعض الخ ) كما إذا ادعى أخ وأخت أرضا فيشهد لها زوجها ورجل آخر ترد في حقها وحق أخيها
وإذا شهد بشيء لمن لا تجوز شهادتهما له ولغيره لا تجوز لمن لا تجوز له اتفاقا
واختلف في الآخر والمعتمد عدم الجواز كما يفيده إطلاقهم وهذا مذهب محمد
وعند الثاني يجوز أن تبطل الشهادة في البعض وتبقى في البعض كما في الظهيرية وكما لو شهدا أنه قذف أمهما وفلانة لا تقبل شهادتهما وكما لو شهدا له على رجل بألف وعلى آخر بمائة فصدقهم في الأول وكذبهم في الثاني بطلت
فروع في الخانية شهد الرجل أن فلانا غصب عبده لكنه رده عليه فمات عنده فقال إنما مات عند الغاصب وقال الغاصب ما غصبته ولا رددته ضمن القيمة
كما لو قالوا غصبته فقتله عندك مولاه فقال الغاصب ما قتله عندي ولا غصبته يضمن القيمة وكما لو شهدا أن له ألفا لكنه أبرأه فقال ما كان له شيء ولا أبرأني من شيء يقضى عليه بألف ولو ادعى أنه أوصى له بألف وبرهن ثم ادعى أنه ابنه ولم يبرهن فله الأقل من الميراث ومن الألف
وقال محمد الوصية باطلة
قوله ( إلا في عبد بين مسلم ونصراني الخ ) أقول الاستثناء المذكور إنما يصح على قول محمد لأن عنده إذا بطلت الشهادة في البعض بطلت في الكل
أما عند أبي يوسف فلا لأن عنده يجوز أن تبطل الشهادة في البعض وتبقى في البعض كما قدمناه آنفا ومثله في الحموي عن الظهيرية
قوله ( قبلت في حق النصراني ) ويكون العبد معتق البعض من أحد الشريكين فيجري فيه الخيارات المشهورة
قوله ( وزاد محشيها خمسة أخرى )
____________________
(7/185)
الأولى قال لعبده إن دخلت هذه الدار فأنت حر وقال نصراني إن دخل هو هذه الدار فامرأته طالق فشهد نصرانيان على دخوله الدار إن العبد مسلما لا تقبل وإن كافرا تقبل في حق وقوعا الطلاق لا العتق
الثانية لو قال إن استقرضت من فلان فعبده حر فشهد رجل وأبو العبد أنه استقرض من فلان والحالف ينكر يقبل في حق المال لا في حق عتق العبد لأن فيها شهادة الأب للابن
الثالثة لو قال إن شربت الخمر فعبده حر فشهد رجل وامرأتان على تحققه يقبل في حق العتق لا في حق لزوم الحد
الرابعة لو قال إن سرقت فعبده حر فشهد رجل وامرأتان عليه بها يقبل في حق العتق لا في حق القطع الكل من البزازية وإنما لا تقبل لأن شهادة النساء في الحدود غير مقبولة
قلت رأيت مسألة أخرى فزدتها وهي الخامسة لو قال لها إن ذكرت طلاقك إن سميت طلاقك إن تكلمت به فعبده حر فشهد شاهد أنه طلقها اليوم والآخر على طلاقها أمس يقع الطلاق لا العتاق وهي في البزازية أيضا
كذا في حاشية تنوير البصائر
أقول لعل ذلك موقت بأن يكون أصل الكلام إن ذكرته اليوم وحينئذ فعدم عتق العبد من حيث إنه لم يقم عليه نصاب الشهادة وإلا فهو مشكل
تأمل
وزاد البيري ما في خزانة الأكمل من اللقطة وذلك لقطة في يد مسلم وكافر فأقام صاحبها شاهدين كافرين عليها تسمع على ما في يد الكافر خاصة استحسانا وما لو مات كافر فاقتسم ابناه تركته ثم أسلم أحدهما ثم شهد كافران على أبيه بدين قبلت في حصة الكافر خاصة ا هـ
أقول قد ذكر سيد الوالد في تنقيحه جملة مسائل في ترجيح البينات لخصها تلخيصا حسنا بأوجز عبارة وقد ذكر أنه قصد ذكر ذلك خدمة لصاحب الشرع الشريف فأحببت الاقتداء به كذلك خدمة لجناب جدي سيد الأنبياء والمرسلين مستمدا بمدده ومددهم صلى الله تعالى عليه وعليهم وسلم أجمعين وإنما ذكرت ذلك هنا وإن لم يكن محلها هذا الباب كما نبهت على ذلك فيما تقدم قريبا اتباعا للمصنف والشارح رحمهما الله تعالى ونفعني بهما والمسلمين آمين
( نكاح ) بينة الأسبق تاريخا أولى في رجلين ادعيا نكاح امرأة
بينة رد البكر النكاح عند تزويج وليها أولى من بينة سكوتها وبينة الزوج على رضاها أو إجازتها أولى من بينة ردها
بينة زيد أنها امرأته أولى من بينتها أنها امرأة عمرو المنكر
بينة المسلم أولى من بينة النصراني إذا أقام بينة نصرانية
على نكاح نصرانية
بينة فساد النكاح أولى من بينة صحته
بينة المرأة في قدر المهر أولى من بينة الزوج إن شهد مهر المثل للزوج
بينة المرأة أن أباها زوجها وهي بالغة ولم ترض أولى من بينة الزوج أنها كانت قاصرة
بينة المرأة أن الدار التي يسكنانها ملكها أولى من بينة الزوج أنها ملكه
بينة الزوج في متاع النساء أنه ملكه أولى من بينة المرأة
بينة الصحة أولى فيما لو ادعى الزوج الإبراء من المهر في الصحة وورثتها أنه في المرض
بينة المرأة أنها أبرأته من المهر بشرط أولى من بينة الزوج أنه بلا شرط
____________________
(7/186)
بينة الزوج أنها أبرأته من المهر أولى من بينة المرأة أنه كان مقرا به إلى الآن
بينة المرأة أنه تزوجها في رجب أولى من بينة ورثته أنه مات في صفر
طلاق بينة المرأة أنه كان عاقلا وقت الخلع أولى من بينة الرجل أنه كان مجنونا والأصل في ذلك أن بينة كون المتصرف عاقلا أولى من بينة كونه مجنونا
بينة الابن أن أباه أبانها وانقضت عدتها أولى من بينة المرأة أنه مات وهي على نكاحه وهو الصحيح
نفقة بينة المرأة أنه موسى فعليه نفقة الموسرين أولى من بينة الزوج أنه معسر
بينة الزوجة أولى فيما لو اختلفا في مقدار المفروض أو زمانه لأنها تثبت الزيادة
بينة الزوجة أن الثوب المبعوث أو الدراهم هدية أولى من بينة الزوج أنه من الكسوة أو المهر
خانية
وفي الخلاصة بالعكس
بينة الابن الغائب أن أباه حين أنفق مال الابن على نفسه كان موسرا أولى من بينة الأب الإعسار
بينة الابن الزمن أن زيدا أبوه فعليه نفقته أولى من بينة زيد أن رجلا آخر هو أبو الزمن
بينة الظئر المشروط عليها الإرضاع بنفسها أنها أرضعت الصبي بلبنها الأجر أولى من بينة أبيه أنها أرضعته بلبن شاة
عتق بينة الأمة أنه أعتقها قبل الولادة فولدها حر أولى من بينة السيد أنها ولدت قبل الإعتاق
بينة البنت أن أبي مات حر الأصل أولى من بينة المدعي أنه كان عبدي فأعتقته وولاؤه لي
بينة المولى في قدر بذل الكتابة أولى من بينة العبد لإثباتها الزيادة
بينة الأمة أنه دبرها في مرض موته وهو عاقل أولى من بينة الورثة أنه كان مختلط العقل
بينة مدعي فساد الكتابة أولى من بينة مدعي صحتها
بينة المكاتب أن الكتابة على نفسه وماله أولى من بينة المولى أنها على نفسه فقط
وقف بينة الأسبق تاريخا أولى فيما لو برهن ذو اليد أنها وقف عليه والقيم أنها وقف على المسجد
بينة مدعي الوقف بطنا بعد بطن أولى من بينة مدعي الإطلاق
بينة الخارج على الملك أولى من بينة المتولي ذي اليد على أنه وقف وبه يفتى
بينة الخارج أنها وقف على مطلق أولى من بينة ذي اليد أن بائعي اشتراها من الواقف إلا إن أثبت ذو اليد تاريخا سابقا على الوقف
بينة فساد الوقف أولى من بينة الصحة إن كان الفساد بشرط مفسد وبينة الصحة أولى إن كان الفساد لمعنى في المحل أو غيره
بيع بينة مدعي فساد البيع أولى من بينة الصحة اتفاقا إن كان الفساد بشرط أو أجل فاسدين وبينة مدعي الفساد أولى أيضا ولو لمعنى في صلب العقد كالشراء بألف ورطل خمر في ظاهر الرواية
____________________
(7/187)
بينة مدعي البيع كرها أولى من بينة مدعيه طوعا في الصحيح
بينة الغبن أولى من بينة العكس
بينة الدائن أن الورثة باعوا عبدا من التركة المستغرقة أولى من بينتهم أن البائع مورثهم
بينة مدعي البيع وفاء أولى من بينة مدعيه بابا
بينة المشتري على الإقالة أولى من بينة البائع على البيع لبطلان الثانية بإقرار مدعي الإقالة
بينة ذي اليد أني بعتكما هذا العبد بألفين أولى من بينة أحدهما أني اشتريته منك بألف
بينة أني بعتك كذا في يوم كذا في مكان كذا أولى من بينة الآخر أني لم أكن ذلك اليوم في ذلك المكان
بينة ذي اليد أن فلانا أودعني الدار أولى من بينة الخارج على الشراء من ذي اليد
بينة من بلغ فادعى أن الوصي باع كذا بغبن أولى من بينة المشتري وقال كثير بالعكس
بينة المشتري أن أباك باعها مني في صغرك أولى من بينة الابن أنه كان بالغا وقيل بالعكس
بينة المشتري أنك بعت مني بعد بلوغك أولى من بينة البائع أنه قبله لإثباتها العارض
بينة المشتري إجازة المالك بيع الفضولي أولى من بينة المالك الرد لأنها ملزمة
بينة الخارج أني اشتريته من أبيك أولى من بينة ذي اليد أنه ملك أبيه إلى حين موته
بينة الخارج أني اشتريته من أبيك منذ عشر سنين أولى من بينة ذي اليد أن أباه مات منذ عشرين سنة
بينة مثبت الزيادة أولى فيما لو اختلفا في قدر الثمن أو قدر المبيع
بينة البائع في الثمن وبينة المشتري في المبيع أولى لو اختلفا في قدر الثمن والمبيع جميعا بأن قال قال البائع بعت العبد الواحد بألفين وقال المشتري بل بعت العبدين بألف فيحكم للبائع بألفين وللمشتري بعبدين
بينة الصحة أولى فيما لو ادعيا الشراء من ثالث أحدهما شراء صحيحا والآخر فاسدا
بينة ذي اليد أن زيدا قال لا حق لي في الدار قيل شرائك منه أولى من بينة مدعي الشراء من زيد
بينة الخارج على دعوى ملك مطلق أولى من بينة ذي اليد أنك شريته مني ثم تقايلنا
بينة البائع أني بعتك الجارية بهذا العبد أولى من بينة المشتري أن البيع بألف
بينة البائع أولى فيما لو اشترى زيد منه عبدين فهلك أحدهما ورد الآخر بعيب ثم اختلف في قيمة الهالك
بينة البائع أن المبيع هلك في يد المشتري أولى من بينة المشتري أنه هلك في يد البائع
بينة ما ليس له الخيار لأحدهما واختلفا في الإجازة والنقض في المدة وبينة مدعي النقض أولى لو اختلفا بعد المدة
بنية رب السلم أولى فيما لو اختلفا في قدر المسلم فيه أو جنسه أو صفته أو ذرعه
بينة المسلم إليه أولى فيما لو اختلفا في رأس المال أو في مضي الأجل لإثباتها الزيادة
بينة المؤرخ أو الأسبق تاريخا في دعوى الشراء من ثالث أولى من بينة الآخر وفيها تفصيل طويل
____________________
(7/188)
بينة ذي اليد أنها نتجت في ملك بائعه أولى من بينة الخارج النتاج في ملك بائعه
( شفعة ) بينة الشفيع أولى من بينة المشتري فيما إذا اختلفا في قدر الثمن وعند الثاني بالعكس
بينة المشتري أولى فيما لو هدم البناء واختلف مع الشفيع في قيمته عند الثاني وعند الثالث بالعكس
بينة المشتري أولى فيما لو قال اشتريت البناء ثم العرصة فلا شفعة لك في البناء وبرهن الشفع على شرائهما جميعا عند الثاني وقال الثالث بالعكس
بينة الشفيع أولى من بينة المشتري على أنه أحدث هذا البناء والشجر
بينة الشفيع أنك اشتريتها من زيد أولى من بينة المدعى عليها أن عمرا أودعنيها
( إجارة ) بينة المستأجر أنه استأجرها بعشرة ليركبها إلى موضع كذا أولى من بينة المؤجر أنه بعشرة إلى نصفه
بينة الراعي أنك شرطت على الراعي في هذا الموضع الذي هلكت فيه أولى من بينة صاحبها على موضع آخر
بينة المؤجر أنه استأجر منه الحانوت طائعا أولى من بينة الآخر على الإكراه
أقول تقدم في البيع أن بينة مدعيه كرها أولى في الصحيح فلعل هذا مبني على خلاف الصحيح
تأمل
بينة المستأجر أولى فيما لو سقط أحد مصراعي باب الدار فادعاه كل منهما
بينة المؤجر أنه سلمه الدار في المدة أولى من بينة المستأجر أنها كانت في يد الآجر هذه المدة
بينة المؤجر أولى في قدر الأجرة وبينة المستأجر أولى في قدر المدة
بينة راكب السفينة أولى فيما لو قال لصاحبها استأجرتني لأحفظ لك السكان
بينة رب الدابة أولى فيما لو قال له الراكب استأجرتني لأبلغها إلى فلان
( هبة ) بينة مدعي الهبة المشروطة بعوض أولى من بينة الرهن وغير المشروطة بالعكس ودلت المسألة على أن بينة البيع أولى من بينة الرهن
بينة الشراء من ذي اليد أولى من بينة الهبة والقبض منه إلا إذا أرخ الثاني فقط أو كان تاريخه أسبق
بينة مدعي نكاح الأمة أولى ن بينة مدعي الهبة أو الصدقة أو الرهن ما لم يسبق تاريخ الآخر أو يكن أحدهما زائدا والآخر خارجا وفي المسألة بحيث يطلب من الأصل
بينة الوارث أن المورث وهبه كذا في الصحة أولى من بينة الآخرين على المرض
( عارية ووديعة ) بينة المعير أنها هلكت بعد ما جاوز الموضع أولى من بينة المستعير أنه ردها إليه
بينة المودع أن رب الوديعة عزلك من الوكالة بقبضها أولى من بينة الوكيل بالقبض
بينة الخارج عن الملك أولى من بينة ذي اليد على الإيداع بعد قوله هو في يدي ما لم يقل أولا إنه في يدي وديعة
بينة المودع على الرد أو على ضياعها عنده أولى من بينة المالك على الإتلاف وقيل بالعكس
بينة مدعي الإيداع عند ذي اليد أولى من بينة ثالث على ملك مطلق
بينة ذي اليد أن فلانا أودعنيها أولى من بينة آخر إني اشتريتها منك
( غصب ) بينة المالك على الإتلاف أولى من بينة الغاصب على المالك
____________________
(7/189)
بينة الغاصب أن المغصوب مات عند المالك أولى من بينة الموت عند الغاصب عند محمد وعند الثاني بالعكس
بينة الغصب فيما في يد آخر أولى من بينة ثالث الملك المطلق
بينة أن ذا اليد غصب الجارية منه اليوم أولى من بينة ثالث غصبها منه منذ شره ويضمن المدعى عليه قيمتها للثالث في قياس قول الإمام وفي قياس قول أبي يوسف هي للثالث ولا ضمان
خانية
( جنايات ) بينة الموت من الجرح أولى من بينة الموت بعد البرء كما في الدرر والقنية
وفي الخلاصة بالعكس وبه أفتى المولى أبو السعود أفندي
بينة أنه قتل أباه يوم كذا أولى من بينة الخصم أن أباه كان ميتا ذلك اليوم
بينة أنك أمرت صبيا بضرب حمار فمات أولى من بينة الآخر أن الحمار حي لأنه نفي مقصور
( إقرار ) بينة أنه أقر لوارثه في الصحة أولى من بينة أنه أقر له في المرض
بينة الإقرار مكرها أولى من الإقرار طوعا
بينة المقضى عليه بالدار أن المدعي أقر قبل القضاء بأن لا حق له فيها أولى ولو بأنه أقر بعد القضاء لا يبطل القضاء
بينة أن الميت كان أقر أنه لا حق له في الدار أولى من بينة الوارث الإرث
( صلح ) بينة مدعي الصلح عن كره أولى من بينة مدعيه عن طوع
( رهن ) بينة الراهن أولى فيما لو اختلفا في قيمة الرهن بعد هلاكه
بينة الراهن على عدم الرد أولى من بينة المرتهن أني أخذت المال ورددت الرهن
بينة المرتهن في تعيين الرهن أولى من بينة الراهن
بينة الراهن أولى فيما لو ادعى كل منهما هلاكه عند الآخر
بينة المرتهن أنك رهنتني الثوبين أولى من بينة الراهن أنه رهنه أحدهما
بينة الراهن أن العبد كانت قيمته قبل اعوراره مثل الدين أولى من بينة المرتهن أنه مثل نصفه
بينة الراهن أنه رهنه سليما قيمته عشرة أولى من بينة المرتهن أنه رهنه معيبا قيمته خمسة
بينة الشراء من زيد أولى من بينة الرهن منه إلا إذا أرخ الآخر فقط أو كان تاريخه أسبق
بينة ذي اليد لو كانت العين في يد أحدهما أولى في ذلك إلا إذا سبق تاريخ الخارج
( مزارعة ) بينة المزارع أولى فيما لو اختلف مع رب الأرض والبذر في قدر المشروط بعد ما نبت وبينة الآخر أولى لو كان البذر من قبل المزارع بعد ما نبت أيضا
بينة رب الأرض أولى فيما لو قال بعد النبات شرطت لي نصف الخارج وقال الآخر عشرين قفيزا
بينة المزارع أولى لو عكست الدعوى ولم تخرج الأرض شيئا أي لإثباتها عدم لزوم أجرة الأرض
بينة مدعي الصحة أولى من بينة مدعي الفساد باشتراط أقفزة معينة
بينة رب الأرض والبذر أني شرطت لك النصف وعشرين قفيزا أولى من بينة الآخر على شرط النصف فقط
( مضاربة ) بينة القابض أن المال قرض أولى من بينة الدافع أنه مضاربة أو بضاعة وبينة الدافع أن المال قرض أولى من بينة القابض أنه مضاربة
____________________
(7/190)
بينة المضارب أولى فيما لو اختلف في قدر المشروط من الربح
بينة رب المال أولى فيما لو اختلفا في التخصيص بتجارة أو بيع بنقد وعدمه
بينة المضارب أولى في المضاربة الخاصة إذا اختلفا في التجارة
بينة المضارب أولى فيما لو قال قسمنا الربح بعد قبضك رأس المال وأنكر الآخر قبضه
بينة المضارب أنك شرطت لي الثلث أولى من بينة الآخر على الثلث إلا عشرة
بينة المضارب أنك شرطت لي مائة أو لم تشرط لي شيئا فلي عليك أجل المثل أولى من بينة الآخر شرط النصف
( شركة ) بينة الآمر أولى فيما لو أمر أحد الشريكين رجلا بشراء عبد وأنه اشتراه قبل تفرقهما حتى يكون للشركة وبرهن الآخر أنه بعده ليكون للآمر وحده وبينة غير الآمر أولى فيما لو برهن الآمر أن الشراء بعد التفرق ليكون العبد له خاصة
بينة الخارج على شركة المفاوضة مع الميت أولى من بينة الورثة أنه ترك المال ميراثا بلا ش ( قسمة ) بينة من يدعي بيتا في يد آخر أنه وقع في قسمته أولى من بينة الآخر
( دعوى ) بينة البراءة أولى من البينة على المال إن لم يؤرخا أو أرخ أحدهما فقط أو أرخا سواء
بينة المطلوب على أنك أقررت ببراءة أولى من بينة الطالب على أنك أقررت بالمال بعد إقراري بالبراءة وبينة الطالب أولى إن قال إنك أقررت بالمال بعد دعواك إقراري بالبراءة
بينة الأسبق تاريخا أولى فيما لو ادعيا ملكية عين في يد ثالث أو في أيديهما وكذا لو أرخ أحدهما فقط وإلا فبينهما
بينة الخارج أولى إلا إذا ادعى ذو ايد النتاج ونحوه مما لا يتكرر كجز الصوف وحلب اللبن أو أرخا وتاريخه أسبق فبينته أولى
بينة الخارج أولى في دعوى النتاج إن أرخا ووافق سن الدابة تاريخه
بينة الخارج أيضا فيما إذا برهنا على النتاج ثم برهن على إقرار ذي اليد ببيعها وشرائها من فلان لأنه إذا باع ثم اشترى كان ملكا حادثا فيبطل دعوى النتاج ونحوه
بينة من وافق سن الدابة تاريخه أولى فيما لو ادعيا النتاج على ثالث ذي يد وإن لم يوافق أحدهما فبينهما
بينة مدعي النتاج خارجا أو صاحب يد أولى من بينة المدعي الملك
بينة ذي اليد أولى فيما لو ادعى أن هذا العبد ولد في ملكه من أمته وعبده وبرهن الخارج على مثل ذلك
بينة الخارج أولى فيما لو برهن على أن هذه أمته ولدت هذا العبد في ملكه وبرهن ذو اليد كذلك
بينة مدعي كل الدار أولى من بينة مدعي نصفها لو كانت في أيديهما ولو في يد ثالث فلمدعي الكل ثلاثة أرباعها وللآخر ربعها عند الإمام
بينة رب الدين على اليسار أولى من بينة المديون على الإعسار
بينة الأقرب تاريخا أولى فيما لو برهن أحدهما أن العين في يده منذ شهر وبرهن الآخر أنها في يده منذ جمعة أو الساعة
____________________
(7/191)
بينة ذي اليد أولى فيما لو برهن أن العبد عبده منذ عشرين سنة وبرهن الخارج أنه كان في يده منذ سنة حتى اغتصبه ذو اليد منه
بينة الخارج أن قاضي كذا قضى له بهذه الجارية أو الدابة أولى من بينة ذي اليد على النتاج خلافا لمحمد
بينة الشراء أولى فيما إذا برهن على ذي اليد شراءها من زيد وبرهن آخر على الهبة منه أي من زيد وآخر على الصدقة منه وآخر على الإرث منه وإن ادعى كل واحد ذلك من رجل فبينهم أرباعا
بينة الأسبق تاريخا أولى فيما لو برهن أن الدار كانت لزيد الميت منذ سنتين ثم مات وتركها ميراثا لي وبرهن آخر أنها كانت لعمرو الميت منذ سنة ثم مات وتركها ميراثا لي بخلاف ما لو أرخا الموت فتنصف بينهما ويلغى التاريخ
بينة الابن أن فلانا قتل أباه يوم السبت أولى من بينة المرأة أن أباه تزوجها يوم الأحد
بينة المرأة أولى لو برهن الابن على الموت لأن وقت الموت لا يدخل في القضاء بخلاف القتل
بينة المدعي أنه ابن عمر الميت لأبيه مع ذكر النسب أولى من بينة المدعى عليه أن الميت فلان آخر أو أن أباك أقر في حياته أنه أخو فلان لأمه لا لأبيه
بينة المسلم أولى فيما لو أقام مسلم ونصراني شهودا نصارى على دين في تركة نصراني فيبدأ بدين المسلم وقال الثاني يتحاصان
وبينة المسلم أولى فيما لو أقاما شهودا نصرانية على عبد في يد نصراني حي وعن الثاني أنه ينصف بينهما
وبينة المسلم أولى أيضا فيما لو مات نصراني له ابنان مسلم وكافر وأقام المسلم بينة مسلمة أو كافرة على موته مسلما وبرهن الكافر على موته كافرا فيقضى بالإرث للمسلم ويصلى على الميت
بينة المقضى عليه بالأرض أنه أحدث البناء فيها أولى إلا إذا قضى عليه بالأرض والبناء
بينة المدعى عليه أن أباك أقر بأنه ملكي أولى من بينة مدعي الإرث من أبيه إلا إذا برهن المدعي أنك أقررت أنه ملك أبي فيتعارض الدفعان وتبقى بينة الإرث بلا معارض
بينة الورثة أن سن المدعي ثمان عشرة سنة أولى من بينة المدعي أنه ابن الميت وهو ابن عشرين سنة
بنية المرأة أنها كانت حلالا وقت الموت أولى من بينة الورثة أنها كانت حراما قبل موته بسنة
بينة من يدعي أن الكنيف في طريق العامة محدث أولى من بينة صاحبه أنه قديم والصحيح أنه لا فرق بين الكنيف وغيره فتقدم بينة الحدوث على بينة القدم طلقا إذا كان بدون ذكر تاريخ أما لو أرخا فالأسبق تاريخا أرجح كما جزم به أصحاب المتون وغيرهم
بينة الأمانة أولى من بينة الشراء
بينة البائع على النتاج بحضرة المشتري والمستحق منه أولى من بينة المستحق على النتاج
بينة ذي اليد أولى فيما ل ادعى أن أباه بنى الدار وتركها ميراثا له وبرهن الخارج على مثل ذلك
____________________
(7/192)
بينة مدعي الإرث من جدته أولى من بينة ذي اليد أنه كان للجدة ابن غائب لم يعلم موته إلى الآن لأنه أجنبي في إثبات ملك الغير
بينة من يدعي زيادة الإرث أولى فيما لو اختلف الورثة في تاريخ موت الأقارب وبرهنوا
بينة مدعي البنوة أولى في حق الإرث فيما لو برهن واحد أنه عم الميت وآخر أنه أخوه وآخر أنه ابنه وكل قال لا وارث له غيره فيقضى بنسب الكل والمراث للابن فقط
( شهادات ) بينة أن فلانا قال أو فعل كذا أولى من بينة أنه لم يقل أو لم يفعل
بينة أن زوج فلانة قتل أو أنه مات أولى من بينة أنه حي إلا إذا أخبر بحياته بتاريخ لاحق
بينة الجرح أولى من بينة التعديل
بينة الطلاق أو العتق أولى من بينة النكاح أو الملك
بينة حرية الأصل أولى من بينة الرق
( مأذون ) بينة العبد أو الصبي المأذون على ما أقر به من غصب أو وديعة أو عارية استهلكها أو مضاربة قبل إذنه أولى من بينة المقر له أنه في حال الإذن
( حجر ) بينة المشتري أولى فيما لو قال اشتريت منك حال صلاحك وبرهن المحجور أنه حال الحجر
( سرقة ) بينة ذي اليد أن المتاع ملك فلان ورثه من أبيه منذ سنة ثم اشتريته منه أولى من بينة الخارج أنه سرق منه منذ شهر
بينة الخارج أن الحمار ملكه سرق منه منذ شهر أولى من بينة ذي اليد أنه ملكي وفي يدي منذ سنة
( وصية ) بينة الرجوع عن الوصية أولى من كونه موصيا مصرا إلى الوفاة
قال في نور العين ادعى الوصية وأنكرها الوارث فبرهن الموصى له فادعى الوارث الرجوع قيل لا يسمع وقيل يسمع وهو الأصح لأنه مما يخفى لعل الموصي أوصى ثم رجع ولم يعلم بهما الوارث فأنكر فلما أخبر ادعى الرجوع والتناقض في مثله لا يضر ولو برهن على جحود الموصي الوصية يقبل على رواية كون الجحود رجوعا لا على رواية أنه ليس برجوع
يقول الحقير الظاهر أن الرواية الأولى هي الأصح والأولى إذ تقدم أن جحود ما عدا النكاح فسخ له ا هـ
قال في البحر فإن قضى بإحدى البينتين أولا بطلت الأخرى لأن الأولى ترجحت باتصال القضاء بها فلا تنتقض بالثانية ونظيره لو كان مع رجل ثوبان أحدهما نجس فتحرى وصل بأحدهما ثم وقع تحريه على طهارة الآخر لا تجوز له الصلاة فيه لأن الأول اتصل بحكم الشرع فلا ينتقض بوقوع التحري في الآخر ا هـ
قال الرملي يدل بظاهره على أنه في المسائل التي سردها وفيها ترجيح إحدى البينتين لو قضى بالمرجوحة تقبل المرجحة ولو اتصل القضاء بالأخرى التي هي مرجوحة لأنها كانت مرجحة قبل القضاء بخلاف المتساوية فإنها ما ترجحت إلا باتصالها بالقضاء كما هو ظاهر
____________________
(7/193)
والحاصل أنه يفرق بين ما إذا تساويا فترجح الأولى باتصال القضاء بها أو سبق القضاء بالمرجحة إذ لا معارض لها وقته وبين ما إذا كانت إحداهما أولى بالقبول فقضى بغيرها ثم أقيمت عليها يعمل بها ولو اتصل القضاء بغيرها لأولويتها يؤيده ما ذكره الزيلعي في شرح ما يأتي من مسألة ما لو برهنا على نكاح امرأة من قوله في تعليل كونها لمن سبقت بينته لكونها أقوى لاتصال القضاء بها لأنها لما سبقت وحكم بها تأكدت فلا تنتقض بغير المتأكدة ا هـ
فإن المرجحة أقوى قبل اتصال القضاء بها فهي متأكدة فينقض القضاء بغيرها لأرجحيتها قبله لكن علل الزيلعي مسألة القتل بأنه لما حكم بأنه قتل بمكة صار ذلك حكما بأنه لم يقتل في غيرها إذ قتل شخص واحد في مكانين لا يتصور وهذا يقتضي أنه في المسائل التي سردها لا ينقض الحكم السابق مطلقا لأنه حكم بنفي مقابله إذ لا يتصور مثلها في بيع واحد أنه بغبن فاحش وبمثل القيمة وكذا في نظائره كما هو ظاهر ثم رأيت في فتاوى شيخ مشايخي الشهاب الحلبي في كتاب الوقف إذا حكم الحاكم بالبينة الأولى لا تسمع البينة الثانية لأن الأولى ترجحت باتصال القضاء بها
قال قاضيخان لو أقامت المرأة البينة أن الميت تزوجها يوم النحر بمكة وحكم القاضي بشهادتهم ثم أقامت أخرى أنه تزوجها في ذلك اليوم بخراسان لم تقبل ا هـ
والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب الاختلاف في الشهادة قال في المصباح خالفته مخالفة وخلافا وتخالف القوم واختلفوا إذا ذهب كل واحد إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر ا هـ
ثم الاختلاف من العوارض والأصل الاتفاق ولذلك أخر هذا الباب وأطلق هذا الاختلاف فشمل مخالفتها للدعوى كما شمل اختلاف الشاهدين واختلاف الطائفتين من المشهود فسيظهر هذا الشمول في المسائل الآتية كما لا يخفى
قوله ( مبنى الباب ) أي بناء أحكام مسائله فهو مصدر ميمي لا اسم مكان لأن المكان هو الباب
قوله ( منها أن الشهادة على حقوق العباد لا تقبل بلا دعوى ) من مدع لأن ثبوت حقوقهم يتوقف على مطالبتهم ولو بالتوكيل
درر
قوله ( بخلاف حقوقه تعالى ) حيث لا تشترط فيها الدعوى لأن إقامة حقوق الله تعالى واجبة على كل أحد وكل أحد خصم في إثباتها فصار كأن الدعوى موجودة
درر
لكن ما ذكره الشارح من هذا الأصل ليس من هذا الباب لأنه في الاختلاف في الشهادة لا في قبول الشهادة وعدمها كما أفاده الشرنبلالي لكن يأتي قريبا ما ينافيه عند قول المصنف فإذا وافقتها
قوله ( بأكثر من المدعى باطلة ) لأن المدعي مكذب لهم إلا إذا وفق
قال في البحر ومن المخالفة المانعة ما إذا شهد بأكثر ومن فروعها دار في يد رجلين اقتسماها وغاب أحدهما فادعى رجل على الحاضر أن له نصف هذه الدار مشاعا فشهدوا أن له النصف الذي في يد الحاضر فهي باطلة لأنها بأكثر من المدعى به ولو ادعى دارا واستثنى طريق الدخول وحقوقها ومرافقتها فشهدوا أنها له
____________________
(7/194)
ولم يستثنوا شيئا لا تقبل وكذا لو استثنى بيتا ولم يستثنوه إلا إذا وافق فقال كنت بعت هذا البيت منها فتقبل
كذا في فتح القدير
ومن أمثلة كون المشهود به أقل في الخلاصة ادعى النقرة الجيدة وبين الوزن فشهدوا على النقرة والوزن ولم يذكروا جيدة أو رديئة أو وسطا تقبل ويقضى بالرديء بخلاف ما إذا ادعى قفيز دقيق مع النخالة فشهدوا من غير نخالة أو منخولا فشهدوا على غير المنخول لا تقبل ا هـ
مع أنهم شهدوا بأقل بما إذا شهدوا به غير منخول والدعوى بالمنخول بدليل عكسه
وادعى الإتلاف وشهدوا بقبضه نقبل ولو ادعى أنه قبض مني كذا درهما بغير حق وشهدوا أنه قبض بجهة الربا تقبل ولو ادعى الغصب وشهدوا بقبضه نقبل ولو ادعى الغصب وشهدوا بقبضه بجهة الربا لا تقبل إذ الغصب قبض بلا إذن والقبض بجهة الربا قبض بإذن ولو ادعى أنه غصب منه وشهدا أنه مالك المدعي وفي يده أي يد المدعى عليه بغير حق لا تقبل لا على الملك لأنهما لم يقولا غصبه منه ولا على الغصب لأنهما شهدا أنه بيده بغير حق ويجوز أن يكون بيده بغير حق لا من جهة المدعي بأنه غصبه من غير المدعي لا منه ا هـ
أقول وهذا يدفع تنظير صاحب جامع الفصولين في تعليل المسألة وقوله أن هذا الاختلاف لا يمنع قبول الشهادة لأنهما شهدا بأقل مما ادعى إذ في دعوى الغصب منه دعوى أنه بيده بغير حق مع زيادة دعوى الفعل فينبغي أن يقبل مع أن عدم القبول في أمثاله يفضي إلى التضييق وتضييع كثير من الحقوق والحرج مدفوع شرعا ا هـ
فتدبر
ثم قال في البحر ادعى أنه قبض من مالي كذا قبضا موجبا للرد وشهدا أنه قبضه ولم يشهد أنه قبض قبضا موجبا للرد يقبل في أصل القبض فيجب رده ولو شهدا أنه أقر بقبضه ينبغي أن تقبل قياسا على الغصب
ادعى أنه أهلك أقمشتي كذا وعليه قيمتها وشهدا أنه باع وسلم لفلان يقبل لأنه إهلاك ولو ذكرا بيعا لا تسليما لا يكون شهادة بإهلاك
ثم قال ادعى شراء منه فشهدا بشراء من وكيله ترد وكذا لو شهدا أن فلانا باع وهذا المدعى عليه أجاز بيعه ثم قال ادعى أن مولاي أعتقني وشهدا أنه حر ترد لأنه يدعي حرية عارضة وشهدا بحرية مطلقة فيصرف إلى حرية الأصل وهي زائدة على ما ادعاه وقيل تقبل لأنهما لما شهدا أنه حر شهد بنفس الحرية قال والأمة لو ادعت أن فلانا أعتقني وشهدا أنها حرة تقبل إذ الدعوى ليست بشرط هنا فعلى هذا ينبغي أن يكون الخلاف المذكور في القن على قول أبي حنيفة أما على قولهما ينبغي أن يقبل في القن رواية واحدة كما في الأمة إذ الدعوى ليست بشرط في القن عندهما كالأمة ولو ادعى حرية الأصل وشهدا أن فلانا حرره قيل ترد وقيل تقبل لأنهما شهدا بأقل مما ادعاه انتهى وبه علم أن المطابقة بين الدعوى والشهادة إنما هي شرط فيما كانت الدعوى فيه شرطا وإلا فلا ولذا لو ادعت الطلاق فشهدا بالخلع تقبل كما سيأتي
والحاصل أنهم إذا شهدوا بأل مما ادعي تقبل بلا توفيق ا هـ
وسنذكر تتمة الكلام على ذلك في مسألة دعوى النتاج إن شاء الله تعالى وإن كان بأكثر لم تقبل إلا إذا وفق فلو ادعى ألفا فشهدا بألف وخمسمائة فقال المدعي كان لي عليه ألف وخمسمائة إلا أني أبرأته من خمسمائة أو قال استوفيت منه خمسمائة ولم يعلم به الشهود يقبل وكذا في الألف والألفين ولا يحتاج إلى إثبات التوفيق بالبينة لأن الشيء إنما يحتاج إلى إثباته بالبينة إذا كان سببا لا يتم بدونه ولا ينفرد بإثباته كما إذا ادعى الملك بالشراء فشهد الشهود بالهبة فإن ثمة يحتاج إلى إثباته بالبينة أما الإبراء فيتم به وحده ولو أقر بالاستيفاء يصح إقراره ولا يحتاج
____________________
(7/195)
إلى إثباته لكن لا بد من دعوى التوفيق هنا استحسانا
والقياس أن التوفيق إذا كان ممكنا يحمل عليه وأن لم يدع التوفيق تصحيحا للشهادة وصيانة لكلامه وجه الاستحسان أن المخالفة بين الدعوى والشهادة ثابتة صورة فإن كان التوفيق مرادا تزول المخالة وإن لم يكن التوفيق مرادا لا تزول بالشك فإذا ادعى التوفيق ثبت التوفيق وزالت المخالفة
وذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده أن محمدا شرط في بعض الموضع دعوى التوفيق ولم يشترط في البعض وذاك محمول على ما إذ ادعى التوفيق أو ذاك جواب القياس فلا بد من دعوى التوفيق فلو قال المدعي ما كان لي عليه إلا ألف درهم فقط لا تقبل شهادتهم
كذا في الخانية
ولا فرق في كون المشهود به أقل بين أن يكون في الدين أو في العين فلو ادعى كل الدار فشهدا بنصفها قضى بالنصف من غير توفيق
كذا في الخانية
وأشار المؤلف رحمه الله تعالى إلى أن المدعي إذا أكذب شهوده في جميع ما شهدوا به له أو بعضه بطلت شهادتهم إما لأنه تفسيق للشاهد أو لأن الشهادة لا تقبل بدون الدعوى فلو شهد الشهود بدار لرجل فقالوا هذا البيت من هذه الدار لفلان رجل آخر غير المدعي فقال المدعي لي هو لي فقد أكذب شهوده وإن قال هذا قبل القضاء لا يقضى له ولا لفلان بشيء فإن كان بعد القضاء فقال هذا البيت لم يكن لي إنما هو لفلان قال أبو يوسف أجزت إقراره لفلان وجعلت له البيت وأرد ما بقي من الدار على المقضي عليه ويضمن قيمة البيت للمشهود عليه ولأني يوسف قول آخر أنه يضمن قيمة البيت للمشهود عليه ويكون ما بقي من الدار للمشهود له
كذا في الخانية
ثم اعلم أن المدعي إذا كذب شهوده إنما ترد شهادتهم إذا كذبهم فيما وقعت الدعوى به أما إذا صدقهم فيها وكذبهم في شيء زادوه فإنها تقبل له فيما ادعاه وإن لم يدعه المدعى عليه يعني إن لم يدع الزائد لا ما ادعاه المدعي وعلى هذا قال في الخانية شهدا لرجل أن فلانا غصب عبده ولكن قد رده عليه بعده فمات عند مولاه فقال المغصوب من لم يرده علي وإنما مات عند الغاصب وقال المشهود عليه ما غصبته عبدا ولا رددته عليه وما كان من هذا من شيء قال إذا لم يدع شهادتهما ضمنته القيمة كذا لو شهدا أنه غصبه عبدا له فجاء مولاه قتله عند الغاصب فقال المغصوب منه ما قتلته ولكنه قد غصبته ومات عنده وقال المشهود عليه ما غصبته عبدا ولا قتل هذا المدعي عبدا له في يدي كان عليه قيمته وكذا لو شهدا أن لهذا علي ألف درهم ولكنه قد أبرأه منها وقال المدعي ما أبرأته عن شيء وقال المشهود عليه ما كان له علي شيء ولا أبرأني عن شيء قال إذا لم يدع شهادتهما على البراءة قضيت عليه ألف ا هـ
ثم اعلم أن المدعي إذا تكلم بكلام يحتمل أن يكون تكذيبا فإن كان قبل القضاء لا يقضى له وإن كان بعده لم يبطل إلا أن يكون تكذيبا للشاهد قطعا فلو قضي له بالدار بالبينة فأقر أنها لرجل غير المقضي عليه لا حق للمدعي فيها وصدقه فلان أو كذبه لم يبطل القضاء لاحتمال النفي من الأصل واحتمال أنه ملكها إياه بعد القضاء وإن كان في مجلس القضاء فلا يبطل بالشك فلو قال بعد القضاء هي لفلان لم تكن لي قط فإن بدأ بالإقرار وثنى بالنفي أو عكسه فإن صدقه المقر له في الجميع بطل القضاء ويرد على المقضي عليه ولا شيء للمقر له وإن كذبه في النفي وصدقه في الإقرار كانت للمقر له وضمن المقر قيمة الدار للمقضي عليه سواء بدأ بالإقرار أو بالنفي
كذا ذكر في الجامع
قالوا هذا إن بدأ بالنفي وثنى بالإقرار موصولا أما إن كان مفصولا لم تصح
وتمامه في الخانية
بخلاف المقر له إذا قال هي لفلان ما كان لي قط لأن ثمة لا منازع للثالث فيسلم وهنا المقضى عليه ينازعه
كذا في التلخيص
____________________
(7/196)
وفي المحيط البرهاني قضى له بالدار ببنائها ببينة ثم قال ليس البناء لي وإنما هو للمدعى عليه بطل القضاء لأنه إكذاب للشاهد بخلاف ما إذا قال البناء له فليس بإكذاب
هكذا في الأقضية
وفرق بين ما إذا ذكروا البناء في شهادتهم فيكون إكذابا أو لا فلا في شهادات الأصل
وإذا ذكروه فلا فرق بين النفي والإثبات فقط في كونه تكذيبا ولو ادعى قدرا وبرهن عليه ثم أقر بقبض بعضه فإن أقر بما يدل على قبضه قبل الدعوى والبينة فهو تكذيب لشهوده وإلا فلا ولو ادعى أربعمائة درهم وقضى له ببينة ثم أقر أن للمدعى عليه مائة سقط عنه مائة اتفاقا وهل تسقط الثلاثمائة قولان في المحيط وغيره والفتوى على عدمه كما في الملتقط
وفي المحيط شهد له على رجل بألف وعلى آخر بمائة فصدقهم في الأول وكذبهم في الثاني بطلتا وكذا لو شهدا بغصب ثوبين فصدقهما في أحدهما وكذبهما في الآخر بطلت فيهما ولو قضى لثلاث بميراث عن أبيهم ثم قال أحدهم ما لي فيه حق وإنما هو لأخوي كان الكل لهما فإن قال لم يكن لي فيه حق وإنما هو لهما بطلت حصته عن المقضي عليه ولو ادعى أنه أوصى له بألف درهم وبرهن ثم ادعى أنه ابن الموصي ولم يبرهن فله الأقل من الميراث ومن الألف
وقال محمد الوصية باطلة ولا شيء له ا هـ
وفي البزازية ادعى المديون الإيفاء فشهدا على إبراء الدائن أو على أنه حلله تقبل كما لو ادعى الغصب فشهدا بالارار به تقبل
ادعى الكفيل بالأمر الإيفاء وشهدا على البراءة تقبل ووضع المسألة على الإيفاء ليعلم أن الإيفاء غير مقتصر عليه ولهذا لا يرجع الكفيل على الأصيل ويرجع الطالب على الأصيل كأنه إبراء الكفيل وإبراء الكفيل لا يوجب إبراء الأصيل وإنما ذكره ليؤذن أن المقضى به براءة الكفيل لا الإيفاء وهذا لأن دعوى الكفيل تضمن البراءة مع تمكنه بالرجوع على الأصيل وشاهداه شهدا على القطع ببعض دعواه فيقبل في ذلك لا في الزائد ا هـ
وفي السراجية ادعى عشرة آلاف درهم فشهدا له بمبلغ عشرة آلاف درهم لم تقبل لأن مبلغ هذا المال مال آخر
شهدا على دعوى أرض أنها خمسة مكاييل وأصابا في بيان حدودها وأخطآ في المقدار قبلت ا هـ
وفي عرفنا المبلغ هو القدر فإنهم يقولون قبض مبلغ كذا أي قدر كذا لا مال آخر فينبغي أن تقبل الشهادة في عرفنا
ادعت على زوجها أنه وكل وكيلا فطلقني وشهدا أنه طلقها بنفسه يقع الطلاق
ادعى الطلاق وشهدا بالخلع تسمع لأن وجه التوفيق ممكن ولو ادعى المديون الإبراء وشهدوا أن المدعى عليه بمال معلوم تقبل شهادتهم إن كان الصلح بجنس الحق لحصول الإبراء عن البعض بالاستيفاء وعن البعض بالإسقاط
ادعت أنها اشترت هذه الجارية من زوجها بمهرها وشهدوا أن زوجها أعطاها مهرها من غير أن يجري البيع بينهما تقبل ا هـ
قوله ( ومنها أن الملك المطلق الخ ) هذا من فروع الذي قبله لا أصل مستقل ط
قيل وكان الظاهر إرجاع هذا الأصل إلى أصل قبله كما هو المتضح من تعليل قوله وبعكسه لا ا هـ
وأيضا الظاهر أن هذا وما قبله يرجعان إلى موافقة الشهادة للدعوى وعدمها لما أنهما متفرعان عليها كما في البدائع بل التحقيق فيه أن كليهما نوعا عدم الموافقة بينهما فلا يناسب إرجاع أحدهما للآخر كما لم يناسب إرجاعهما لذلك
تدبر
قوله ( لثبوته )
____________________
(7/197)
أي المطلق من الأصل أي غير مقيد بوقت بقرينة المقابلة فكأنه نتاج
قوله ( لفظا ومعنى ) واختلاف لفظهما الذي لا يوجب اختلاف المعنى لا يضر
منح
كالنكاح والتزويج والهبة والعطية
قوله ( معنى فقط ) كما إذا ادعى غصبا فشهدا بإقراره به تقبل وكما لو ادعى دارا بلفظ البيت تكفي في عرف من يطلقه على الدار وهو الأشبه والأظهر
هندية
قال في الخانية ولو ادعى أنه اشترى الأمة منه بعبد منذ شهر ثم جاء بشهود فشهدوا أنه اشتراها منه منذ سنة أو قبل ذلك لا تقبل لمكان التناقض إلا أن يوفق فيقول اشتريتها منه منذ سنة كما شهد به الشهود ثم بعتها ثم اشتريتها منذ شهر فإذا وفق على هذا الوجه أو شهد الشهود بالبيع والشراء بعد ذلك يصح التوفيق ويقضى له ا هـ
وفي ذلك نظر لأنه صار مدعيا بالأخير وهما شهدا بالأول إلا إذا أعاد الشهادة بالإطلاق وربما أشار لذلك بقوله بعد ذلك
وفي البزازية ادعى الشراء منذ شهرين فشهدا بالشراء منذ شهر قبلت وبقلبه لا
قوله ( تقدم الدعوى في حقوق العباد شرط قبولها ) فيه إشارة إلى أن ما لا يشترط فيه الدعوى لا يضر فيه مخالفتها للشهادة ا هـ أي لأن الشهادة حيث قبلت بلا دعوى فوجود المخالفة كلا وجود
وفي جامع الفتاوى ادعت على زوجها أنه وكل وكيلا على الطلاق فطلقني فشهد الشهود أنه طلقها بنفسه يقع الطلاق
قال في العناية الشهادة إذا وافقت الدعوى قبلت وإن خالفتها لم تقبل قد عرفت معنى الشهادة فأعلم أن الدعوى هي مطالبة حق في مجلس من له الخلاف عند ثبوته وموافقتها هو أن يتحدا نوعا وكما وكيفا ومكانا وزمانا وفعلا وانفعالا ووصفا وملكا ونسبة فإنه إذا ادعى على آخر عشرة دنانير وشهد الشاهد بعشرة دراهم أو ادعى عشرة دراهم وشهد بثلاثين أو ادعى سرق ثوب أحمر وشهد بأبيض أو ادعى أنه قتل وليه يوم النحر بالكوفة وشهد بذلك يوم الفطر بالبصرة أو ادعى شق زقه وإتلاف ما فيه به وشهد بانشقاقه عنده أو ادعى عقارا بالجانب الشرقي من ملك فلان وشهد بالغربي منه أو ادعى أنه ملكه وشهد أنه ملك ولده أو ادعى أنه عبده ولدته الجارية الفلانية وشهد بولادة غيرها لم تكن الشهادة موافقة للدعوى
وأما الموافقة بين لفظيهما فليست بشرط ألا ترى أن المدعي يقول ادعى علي غريمي هذا والشاهد يقول أشهد بذلك واستدل المصنف رحمه الله تعالى على ذلك بقوله لأن تقدم الدعوى في حقوق العباد شرط قبول الشهادة وقد وجدت فيما توافقها وانعدمت فيما تخالفها أما تقدمها فيما شرط لقبولها فلأن القاضي نصب لفصل الخصومات فلا بد منها ولا نعني بالخصومة إلا الدعوى
وأما وجودها عند الموافقة لعدم ما يهدرها من التكذيب
وأما عدمها عند المخالفة فلوجود ذلك لأن الشهادة لتصديق الدعوى فإذا خالفتها فقد كذبتها فصار وجودها وعدمها سواء
وفيه بحث من وجهين
أحدهما أنه قال تقدم الدعوى شرط قبول الشهادة وقد وجدت فيما توافقها وهو مسلم وجود الشرط لا يستلزم وجود المشروط
____________________
(7/198)
والثاني أنه عند المخالفة تعارض كلام المدعى والشاهد فلما المرجح لصدق الشاهد حتى اعتبر دون كلام المدعي والجواب عن الأول أن علة قبول الشهادة التزام الحاكم سماعها عند صحتها وتقدم الدعوى شرط ذلك فإذا وجد فقد انتفى المانع فوجب القبول بوجود العلة وانتفاء المانع لا أن وجود الشرط استلزم وجوده
وعن الثاني بأن الأصل في الشهود العدالة لا سيما على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ولا يشترط عدالة المدعي لصحة دعواه فرجحنا جانب الشهود عملا بالأصل ا هـ
قال في الحواشي السعدية أما وجودها عند الموافقة فظاهر وأما عدمها عند المخالفة فكذلك لظهور أن ليس المراد من تقدم الدعوى تقدم أية دعوى كانت بل تقدم دعوى ما يشهد به الشهود
وتمامه فيها
قوله ( فإذا وافقتها قبلت ) أي وافقتها معنى وصدر الباب بهذه المسألة مع أنها ليست من الاختلاف في الشهادة لكونها كالدليل لوجوب اتفاق الشاهدين ألا ترى أنهما لو اختلفا لزم اختلاف الدعوى والشهادة كما لا يخفى على من له أدنى بصيرة
سعدية
قال سيد الوالد رحمه الله تعالى وبه ظهر وجه جعل ذلك من الأصول
ثم إن التفريع على ما قبله مشعر بما قاله في البحر من أن اشتراط المطابق بين الدعوى والشهادة إنما هو فيما إذا كانت الدعوى شرطا فيه وتبعه في تنوير البصائر وهو ظاهر لأن تقدم الدعوى إذا لم يكن شرطا كان وجودها كعدمها فلا يضر عدم التوافق
ثم إن تفريعه على ما قبله لا ينافي كونه أصلا لشيء آخر وهو الاختلاف في الشهادة فافهم وبما تقرر اندفع ما في الشرنبلالية من أن قوله منها أن الشهادة على حقوق العبد الخ ليس من هذا الباب لأنه في الاختلاف في الشهادة لا في قبولها وعدمه فتدبر ا هـ
قوله ( قبلت ) كما إذا ادعى ألفا قرضا فشهدا به تقبل لإمكان القضاء
قوله ( وإلا توافقها لا تقبل ) بأن ادعى قرضا وشهدا بثمن متاع لا تقبل لأنها خالفت فلم يمكن القضاء بها وذلك أن الشهادة لأجل تصديق الدعوى فإذا خالفتها فقد كذبتها والدعوى الكاذبة لا تعتبر فانعدم الشرط وهو تقدم الدعوى فلم يحكم بها
عيني
ولا تنس ما قدمناه قريبا عن العناية من معنى موافقتها إياها
قال في فصول الأستروشني من الفصل الخامس عشر لو ادعى الغصب وشهد أحدهما أنه أداه والآخر على الإقرار بالغصب لا تقبل
وإذا اشترى جارية ثم وجد بها عيبا وأراد أن يردها على البائع فأنكر البائع أن يكون باعها بهذا العيب فشهد أحد الشاهدين أنه اشترى هذه الجارية وهذا العيب بها وشهد الآخر على إقراره البائع لم تجز هذه الشهادة لأنهما شهدا على أمرين مختلفين ا هـ
وفي الخلاصة من الفصل الرابع عن الفتاوى الصغرى إذا اختلف الشاهدان لا يخلو عن ثلاثة أوجه إما في زمان أو مكان أو إنشاء وإقرار وكل منها لا يخلو عن أربعة أوجه إما في الفعل أو في القول أو في فعل ملحق بالقول أو عكسه
أما الفعل كغصب وثبوت نسب يكون بالولادة وهي فعل فيمنع قبول الشهادة في الوجوه الثلاثة
وأما القول المحض كبيع أو رهن فلا يمنع قبولها مطلقا
وأما الفعل الملحق بالقول وهو القرض فلا يمنع
وأما عكسه كنكاح فإنه يمنع ا هـ
قال في البحر عن الكافي وإذا اختلف الشاهدان في الزمان أو المكان في البيع والشراء والطلاق والعتق والوكالة والوصية والرهن والدين والقرض والبراءة والكفالة والحوالة والقذف تقبل وإن اختلفا في الجناية
____________________
(7/199)
والغصب والقتل والنكاح لا تقبل والأصل أن المشهود به إذا كان قولا كالبيع ونحوه فاختلاف الشاهدين فيه في الزمان أو المكان لا يمنع قبول الشهادة لأن القول مما يعاد ويكرر وإن المشهود به فعلا كالغصب ونحوه أو قولا لكن الفعل شرط صحتها كالنكاح فإنه قبول وحضور الشاهدين فعل وهو شرط فاختلافهما في الزمان والمكان يمنع القبول لأن الفعل في زمان أو مكان غير الفعل في زمان أو مكان آخر فاختلف المشهود به ا هـ
وفي الأقضية وإذا شهد الشاهدان على إقرار رجل بدين أو إبراء من مال أو ما أشبه ذلك واختلفا في الزمان والمكان فالشهادة مقبولة لأن الإقرار مما يعاد ويكرر فيكون عين الأول فلم يختلف المشهود به فتقبل شهادتهما من المحيط البرهان ف 21
في البزازية ولو سألهما القاضي عن الزمان أو المكان فقالا لا نعلم تقبل لأنهما لم يكلفا به ا هـ
وفي الفتح وغيره ولا يكلف الشاهد إلى بيان الوقت والمكان شرح الملتقى للعلائي
وفي التنقيح إذا خالف الشهادة الدعوى ثم أعيدتا تقبل ما دام في المجلس ولم يبرح عنه وهو ظاهر الرواية
قوله ( وهذا أحد الأصول المتقدمة ) نبه عليه دون ما قبله لدفع توهم عدم أصليته بسبب كونه مفرعا على ما قبله فإنه لا تنافي كما قدمناه وإلا فما قبله أصل أيضا كما علمت فتنبه
قوله ( فلو ادعى ملكا مطلقا ) كان الأنسب أن يفرع بقوله فلو ادعى ألفين وشهدا بألف قبلت اتفاقا لوجود التطابق معنى وهذا التفريع مشعر بما قاله في البحر من أن اشتراط المطابقة بين الدعوى والشهادة إنما هو فيما كانت الدعوى شرطا فيه كما قدمناه قريبا
قوله ( بسبب ) حال من الضمير المجرور العائد على الملك
قوله ( كشراء أو إرث ) تبع فيه الكنز والمشهور أنه كدعوى الملك المطلق كما في البحر وسيذكره الشارح بقوله قلت فلو أسقط هنا لكان أولى
حلبي
قوله ( قبلت الخ ) توضيح المسألة كما في الفوائد الزينية ادعى ملكا مطلقا فشهدا بسبب وسأل القاضي المدعي هل هو لك بهذا السبب الذي شهدوا به أم بسبب آخر فإن قالوا بالسبب الذي شهدوا به تقبل وإلا لا كما في الخلاصة وهو مجمل قوله
قال في البحر وأشار المؤلف إلى أنه لو ادعاه بسبب فشهدا بسبب آخر كألف من ثمن مبيع فشهدا بألف من ثمن مغصوب هالك لا تقبل كما في الخلاصة
هذا إذا اختلفا فيما هو المقصود فإذا اتفقا فيه كدعوى ألف كفالة عن فلان فشهدا بألف كفالة عن آخر فإنها تقبل كما في الخلاصة أيضا
ولو شهدا أنه أقر أنه كفله بألف عن زيد وقال الطالب نعم إنه أقر كذلك لكن كانت الكفالة عن خالد بها له أن يأخذ المال وتقبل الشهادة لاتفاقهما على المقصود فلا يضره اختلاف السبب
ولو قال الطالب لم يقر كذلك بل أقر أنها كفالة خالد فإنها لا تقبل لأنه أكذب شهوده
كذا في البزازية وكما في أسباب ملك العين كما في البزازية أيضا قال والملك بسبب الهبة كالملك بالشراء وكذا كل ما كان عقدا فهو حادث ا هـ
فعلى هذا لو ادعى عينا بسبب شراء فشهدا بأنها ملكه بالهبة تقبل ا هـ مع زيادة وتغيير
قوله ( وعكسه لا ) لكن في الخانية ادعى دينا بسبب فشهدا بدين مطلق قيل لا تقبل
والصحيح أنها تقبل
وفي البزازية ادعى ألفا دينا فشهدا أنه دفع إليه ألفا لا ندري بأي جهة قيل لا يقبل والأشبه أن يقبل
____________________
(7/200)
قال في البحر ادعى دارا إرثا أو شراء فشهدا بملك مطلق لغت أي لا تقبل البينة لأنهما شهدا بأكثر مما ادعاه المدعي لأنه ادعى ملكا حادثا وهما شهدا بملك قديم وهما مختلفان فإن الملك في المطلق يثبت من الأصل حتى يستحق المدعي بزوائده ولا كذلك في الملك الحادث وترجع الباعة بعضهم على بعض فصارا غيرين والتوفيق متعذر لأن الحادث لا يتصور أن يكون قديما ولا القديم حادثا ا هـ
قال في الخانية والملك المطلق يظهر في حق الزوائد وفي رجوع الباعة بعضهم على بعض فصار كأنهم شهدوا له بالزائد قضاء فلا تقبل شهادتهم وأشار محمد في الكتاب إلى معنى آخر فقال المدعي أقر بالملك لمن ادعى الشراء منه ثم ادعى الانتقال إلى نفسه بالشراء ولم يثبت الانتقال لأنهم لم يشهدوا بالانتقال فلا تقبل شهادتهم ا هـ
أقول وبهذا المعنى الآخر يظهر وجه مسألة قبول الشهادة فيما لو ادعى الشراء من مجهول وشهدوا بالمطلق
قوله ( بأن ادعى بسبب ) أي ادعى العين لا الدين
بحر
قوله ( لكونها بالأكثر ) وفيه لا تقبل إلا إذا وفق
بحر
قوله ( قلت وهذا في غير دعوى إرث ) لأن مساو للملك المطلق على المشهور كما قدمناه
قال في البحر وقد جعل المؤلف رحمه الله تعالى دعوى الإرث كدعوى الشراء والمشهور أنه كدعوى المطلق
كذا في فتح القدير وجزم به في البزازية ا هـ
أقول وكذا جزم به في الخلاصة وقيد بالدار للاحتراز عن الدين فإن فيه اختلافا
وفي فتح القدير لو ادعى الدين بسبب القرض فشهدا بمطلق لا تقبل
وفي المحيط ما يدل على القبول
وعندي الوجه القبول لأن أولوية الدين لا معنى له بخلاف العين ا هـ
قال الرملي قال في التاترخانية ناقلا عن المحيط ولو ادعى على رجل ألف درهم وقال خمسمائة منها ثمن عبد اشتراه مني وقبضه وخمسمائة منها ثمن متاع اشتراه مني وقبضه وشهد الشهود له بالخمسمائة مطلقا قبلت الشهادة على الخمسمائة فهذه المسألة تنصيص على أن المدعي إذا ادعى الدين بسبب وشهدا الشهود مطلقا أنه تقبل على الدين وبه كان يفتي الشيخ الإمام ظهير الدين المرغيناني والمسألة مرت من قبل ا هـ
وهو ما تفقه به في فتح القدير
ا هـ
قلت وفي نور العين وقيل تقبل وهو الصحيح
والفرق بين الدين والعين أن العين تحتمل الزوائد في الجملة وحكم المطلق أن يستحق بزوائده والملك بسبب بخلافه فيصير بالسبب مكذبا لشهوده بالمطلق بخلاف الدين لأنه لا يحتمل الزوائد فلا إكذاب فافترقا ا هـ
وهكذا حرره منلا علي التركماني في مجموعته الكبرى
قوله ( ونتاج ) لأن المطلق أقل منه لأنه يفيد الأولية على الاحتمال والنتاج على اليقين ولو ادعى النتاج وشهدا على الشراء لا تقبل إلا أن يوفق المدعي فيقول نتجت عندي ثم بعتها منه ثم اشتريتها فتقبل كما في البحر
وفي البحر أيضا والحاصل أنهم إذا شهدوا بأكثر مما ادعى فإن وفق المدعي قبلت في المسائل كلها وإلا لا وهذا مما يجب حفظه ا هـ
أقول أما قول البحر ادعى النتاج وشهدا على الشراء لا تقبل الخ لا يخفى الشهادة على الشراء شهادة على الملك بسبب وهو أقل من النتاج فتكون شهادته بالأقل وقد مر أن الشهادة بأقل مما ادعى تقبل بلا توفيق
____________________
(7/201)
ويظهر من كلام الخانية أن الشهادة بالأقل تقبل إذا صلح ذلك الأقل بيانا لما ادعاه فإنه ذكر أولا أنه إذا ادعى دارا في يد رجل أنها له وشهدا أنه اشتراها من ذي اليد جازت لأن شهادتهم بالأقل مما ادعى وما شهدوا به يصلح بيانا لما ادعاه المدعي فإنه لو قال ملكي لأني اشتريتها من ذي اليد يصح ويكون آخر كلامه بيانا للأول بخلاف ما إذا ادعى أولا النتاج وشهد بالشراء من ذي اليد لا تقبل إلا أن يوفق وإلا فلا لأن دعو النتاج على ذي اليد لا يحتمل دعوى ملك حادثة من جهته لأنه لو قال هذه الدابة ملكي بالنتاج من جهة ذي اليد لا يصح كلامه فلا يمكن أن يجعل آخر كلامه بيانا للأول ولا تقبل الشهادة بدون التوفيق ا هـ
فتأمل
وفي نور العين ولو ادعاه نتاجا فشهدا بمطلق تقبل لا في عكسه لأن دعوى المطلق دعوى أولية الملك بالاحتمال وشهادة النتاج أولية الملك باليقين فقد شهدا بأكثر مما ادعاه فترد وهذه المسألة تدل على أنه لو ادعى نتاجا ثم مطلقا يقبل لا عكسه ط
ادعى نتاجا وشهدا بسبب ترد
وفي التاترخانية عازيا للينابيع والشهادة بالنتاج بأن يشهدا بأن هذا كان يتبع هذه الناقة ولا يشترط أداء الشهادة على الولادة كما في الهندية في باب تحمل الشهادة
قوله ( وشراء من مجهول ) كما لو ادعى أنه ملكه اشتراه من رجل أو من زيد ولا يعرف وشهدوا على الملك المطلق فإنها تقبل والظاهر المساواة للملك المطلق لأنه لما لم يبين البائع صار كأنه لم يذكره وكأنه ادعى الملك المطلق حينئذ
قال في نور العين أما لو ادعى من مجهول بأن يقول شريته من محمد أو أحمد فبرهن على الملك المطلق يقبل لأن أكثر ما فيه أنه أقر بالملك لبائعه وهو لم يجز لأنه أقر لمجهول وهو باطل فكأنه لم يذكر الشراء
فش قيل لا يقبل في المجهول أيضا لأنهم شهدوا بأكثر مما يدعيه ا هـ
قال في البحر وترك المؤلف رحمه الله تعالى شرطين في دعوى الشراء الأول أن يدعيه من رجل معروف بأن يقول ملكي اشتريته من فلان وذكر شرائط المعرفة أما إذا قال قال ملكي اشتريته من رجل أو قال من محمد والشهود شهدوا الملك المطلق يقبل
كذا في الخلاصة
الثاني أن لا يدعي القبض مع الشراء فإن ادعاهما فشهدوا على المطلق تقبل
وحكى في الفتح خلافا قيل تقبل لأن دعوى الشراء مع القبض دعوى مطلق الملك حتى لا يشترط لصحة هذه الدعوى تعيين العبد وقيل لا لأن دعوى الشراء معتبرة في نفسها لا كالمطلق ألا ترى أنه لا يقضى له بالزوائد في ذلك ويد بما يكون له أسباب متعددة للاحتراز عما إذا كان للملك سبب واحد فشهدوا بالمطلق تقبل كما لو ادعى أنها امرأته بسبب أنه تزوجها بكذا فشهدوا أنها منكوحته ولم يذكروا أنه تزوجها تقبل ويقضي بمهر المثل إذا كان بقدر المسمى أو أقل فإن زاد على المسمى لا يقضي بالزيادة
كذا في الخلاصة وأشار المؤلف إلى أن الملك المؤرخ أقوى منه بلا تاريخ فلو أرخ في دعوى الملك وأطلق شهوده لا تقبل
وفي عكسه المختار القبول كما في الخلاصة
وأشار المؤلف إلى أن الملك المؤرخ أقوى منه فلا تاريخ فلو أرخ في دعوى الملك وأطلق شهوده لا تقبل
وفي عكسه المختار القبول كما في الخلاصة
ولو ادعى الشراء وأرخه فشهدوا له بلا تاريخ تقبل لأنه أقل وعلى القبل لا تقبل ولو كان للشراء شهران فأرخوا شهرا تقبل وعلى القلب لا تقبل
كذا في فتح القدير ا هـ
أقول وذكره في الخلاصة أيضا وانظر ما الفرق بينه وبين ما قبله والذي ظهر لي أن الشهادة بالملك المطلق بدون تاريخ أقوى منه بعد دعواه مؤرخا لأنه بدون تاريخ محتمل الأولوية ففي الشهادة به زيادة
قال في البحر ومثله شراء مع دعوى قبض فإذا ادعاهما فشهدا على المطلق تقبل ا هـ
____________________
(7/202)
أقول لعل وجهه أن شهادة الشهود في الملك المطلق إنما تبنى على مشاهدة اليد زمانا بحيث يقع في قلبهم أنه ملكه وهذا لا يتأتى إلا بعد القبض فإن شهدوا ولم يدع القبض يكون مكذبا بالشهود
تأمل
قوله ( واستثنى في البحر ثلاثة وعشرين ) الأولى تقديم هذا عند قول المصنف فإذا وافقتها قبلت وإلا لا كما فعل صاحب البحر وقال في بيانها ادعى المديون الإيفاء فشهدا على إبراء الدين أو على أنه حلله يقبل
الثانية ادعى الغصب فشهدا بالإقرار به تقبل
الثالثة ادعى الكفيل الإيفاء وشهد على البراءة تقبل ولا يرجع الكفيل على الأصيل ويرجع الطالب على الأصيل كأنه أبرأ الكفيل وإبراء الكفيل لا يوجب إبراء الأصيل
الرابعة ادعى عشرة آلاف فشهدوا له بمبلغ عشرة آلاف تقبل لأن المبلغ في عرفنا هو القدر فإنهم يقولون قبضت مبلغ كذا أي قدره
الخامسة ادعت على زوجها أنه وكل وكيلا فطلقها وشهدا أنه طلقها بنفسه تقبل
السادسة ادعت الطلاق فشهدا بالخلع تقبل لأن وجه التوفيق ممكن
السابعة ادعى المديون الإبراء وشهدوا أن المدعي صالح المدعى عليه بمال معلوم تقبل إن كان الصلح بجنس الحق لحصول الإبراء عن البعض بالإسقاط
الثامنة ادعى عليه خمسة دنانير بوزن سمرقند وشهدوا بها بوزن مكة تقبل إن تساوي الوزنان أو وزن مكة أقل لا أكثر
التاسعة ادعت أنها اشترت هذه الجارية من زوجها بمهرها وشهدا أن زوجها أعطاها إياها مهرها من غير أن يجري العقد بينهما تقبل
العاشرة ادعى المديون الإيصال إلى الدائن متفرقا وشهد شهوده بالإيصال مطلقا أو جملة لا تقبل فالمستثنى ثلاثة عشر
قلت إنما يكون من ذلك بحذف لا من الأخيرتين لكن ما يأتي في الفروع صريح في ذلك لا قال وسيأتي قريبا ثمانية ذكرت منها أربعة عند قوله وكذا في كل قول جمع مع فعل والأربعة الباقية هو الإيداع والغصب والعارية والديون
الثانية والعشرون الشراء من مجهول المذكورة في الشرح
الثالثة والعشرون إذا ادعى القبض مع الشراء فشهدا على الملك المطلق تقبل ا هـ
ثم اعلم أنه في الحقيقة لا استثناء لأن المخالفة المانعة أن يكون المشهود به أكثر ففي كل صورة قالوا بالمنع إنما هو لكونه أكثر من المدعي وفي كل موضع قالوا بالقبول مع صورة المخالفة فإنما هو لكون المشهود به أقل أو كان ذلك في عتق الجارية وطلاق المرأة يعرف ذلك بالتأمل في كلامهم
قوله ( وكذا تجب مطابقة الشهادتين لفظا ومعنى ) أي عند أبي حنيفة ويكفي عندهما الاتفاق بالمعنى والمراد باتفاقهما لفظا تطابق لفظيهما على إفادة المعنى بطريق الوضع لا بطريق التضمن فلو ادعى على آخر مائة درهم فشهد واحد بدرهم وآخر بدرهمين وآخر بثلاثة وآخر بأربعة وآخر بخمسة لم تقبل عنده في شيء لعدم الموافقة لفظا وعندهما يقضي بأربعة وكذا إن شهد أحدهما بألف والآخر بألفين لم تقبل عنده وعندهما تقبل على الألف إذا كان المدعي يدعي ألفين
ويأتي تمامه قريبا
قوله ( إلا في اثنين وأربعين مسألة الخ ) أقول قد وجد في كثير من النسخ زيادة عقيب الوقف عد فيها هذه عن الزواهر سردا ومع ذلك فهي خالية عن الأربعة المذكورة هاهنا شرحا أعني ما لو شهد أحدهما ببيع أو قرض
____________________
(7/203)
أو طلاق أو عتاق والآخر بالإقرار به وأحببت ذكرها هنا لفائدة لا تخفى
قال في البحر وخرج عن ظاهر قول الإمام مسائل وإن أمكن رجوعها إليه في الحقيقة
الأولى شهد أحدهما أن له عليه ألف درهم وشهد الآخر أنه أقر له بألف درهم تقبل ا هـ
كذا في العمدة وهذا قول أبي يوسف ورجحه الصدر وقالا لا تقبل ومثلها كما في خزانة الأكمل إذا شهد أحدهما بالطلاق والآخر بالإقرار به وزاد في الولوالجية ما لو شهد أحدهما على قرض مائة درهم والآخر على إقرار بذلك ط
الثانية ادعى كر حنطة فشهد أحدهما بأنها جيدة والآخر رديئة والدعوى بالأفضل يقضي بالأقل
الثالثة ادعى مائة دينار فقال أحدهما نيسابورية والآخر بخارية والمدعي يدعي النيسابورية وهو أجود يقضي بالبخارية بلا خلاف ينقل ومثله ما لو شهد أحدهما بألف بيض والآخر بألف سود والمدعي يدعي الأفضل تقبل على الأقل
ووجهه في المسائل الثلاث أنهما اتفقا على الكمية وانفرد أحدهما بزيادة وصف ولو كان المدعي يدعي الأقل لا تقبل إلا أن وفق بالإبراء
وتمامه في فتح القدير
الرابعة مسألة الهبة والعطية أي لو اختلف الشاهدان فقال أحدهما وهبه والثاني أعطاه ولا يشترط في الموافقة لفظا أن يكون بعين ذلك بل إما بعينه أو مرادفه حتى لو شهد أحدهما بالهبة والآخر بالعطية يقبل كما نقله سيدي الوالد رحمه الله تعالى وحينئذ لا وجه للاستثناء لكن ما قدمناه أول المستثنيات من كلام البحر وقد خرج عن ظاهر قول الإمام الخ وحينئذ فالاستثناء مبني على ظاهر قول الإمام لا على ما هو التحقيق في المقام كما أفاده الحموي
الخامسة مسألة النكاح والتزويج وقدمناهما أي لو اختلفا في لفظ النكاح والتزويج وفيها ما تقدم في التي قبلها
السادس شهد أحدهما أنه جعلها صدقة موقوفة أبدا على أن لزيد ثلث غلتها وشهد آخر أن لزيد نصفها تقبل على الثلث والباقي للمساكين
كذا في أوقاف الخصاف
وهكذا الحكم لو شهد أحدهما بالكل والآخر بالنصف فإنه يقضي بالنصف المتفق عليه
حموي
ومحله ما إذا كان المدعي يدعي الأكير ولا فرق بين كون المدعى عليه يقر بالوقف وينكر الاستحقاق أو ينكرهما وأقيمت البينة بما ذكر ط
السابعة ادعى أنه باع بيع الوفاء فشهد أحدهما به والآخر أن المشتري أقر بذلك تقبل كما في الفتح لأن في البيع يتحد لفظ الإنشاء ولفظ الإقرار ولا خصوصية لبيع الوفاء ولا للبيع بل كل قول كذلك فإذا شهد أحدهما بالبيع والآخر بالإقرار به تقبل كما في جامع الفصولين بخلاف الفعل كما فيه أيضا والنكاح كالفعل ا هـ
الثامنة شهد أحدهما أنها جاريته والآخر أنها كانت له تقبل كما في الفتح أيضا لأن الأصل بقاء ما كان على ما عليه كان
التاسعة ادعى ألفا مطلقا أي غير مقيد بقرض ولا وديعة فشهد أحدهما على إقراره بألف قرض والآخر بألف وديعة تقبل فإن ادعى أحد الألفين لا تقبل لأنه أكذب شاهده
كذا في البزازية
بخلاف ما إذا شهد أحدهما بألف قرض والآخر بألف وديعة فإنها لا تقبل ولعل وجهه أن القرض فعل والإيداع فعل آخر بخلاف الشهادة على الإقرار بالقرض والإقرار بالوديعة فإن الإقرار بكل منهما قول وهو جنس واحد والمقر به وإن كان جنسين لكن الوديعة مضمونة عند الإنكار والشهادة إنما قامت بعد الإنكار فكانت شهادة كل منهما قائمة
____________________
(7/204)
على إقراره بما يوجب الضمان
تأمل
ثم رأيت في البزازي علل بقوله لاتفاقهما على أنه وصل إليه منه الألف وقد جحد فصار ضامنا
العاشرة ادعى الإبراء فشهد أحدهما به والآخر على أنه وهبه أو تصدق عليه أو حلله جاز بخلاف ما إذا شهد أحدهما على الهبة والآخر على الصدقة لا تقبل
كذا في البزازية
الحادية عشرة ادعى الهبة أي أن الدائن وهبه فشهد أحدهما بالبراءة والآخر بالهبة أو أنه حلله جاز
الثانية عشرة ادعى الكفيل الهبة فشهد أحدهما بها والآخر بالإبراء جاز ويثبت الإبراء لا الهبة لأنه أقلهما فلا يرجع الكفيل على الأصيل وهما في البزازية أي لأن إبراء الطالب للكفيل لا يوجب رجوع الكفيل على الأصيل بخلارف هبة الطالب الكفيل فافهم
الثالثة عشرة ادعى رجل عبدا في يد رجل فأنكره المدعى عليه فشهد أحدهما على إقراره أنه أخذ منه العبد والآخرة على إقراره بأنه أودعه منه هذا العبد تقبل لاتفاقهما على الإقرار بالأخذ
الرابعة عشرة شهد أحدهما أنه غصبه منه والآخر أن فلانا أودعه منه هذا العبد يقضى للمدعي لاو يقبل من المدعى عليه ببينة بعده لأن الشاهدين شهدا على الإقرار بالأخذ لكن بحكم الوديعة أو الأخذ مفردا
الخامسة عشرة شهد أحدهما أنها ولدت منه والآخر أنها حبلت منه تقبل لاتفاقهما على الحبل منه وصورتها فيما لو علق طلاقها على الحبل فإن الولادة يلزمها الحبل فقد اتفق الشاهدان عليه ولا يصح تعليقها على الولادة فإن الحبلى قد لا تلد لموتها أو موت الولد في بطنها فافهم
السادسة عشرة شهد أحدهما أنها ولدت ذكرا وقال الآخر أنثى تقبل
كذا في البزازية
وهذه متحدة مع التي قبلها في التصوير فالأنسب أن يذكر بدلها ما في البزازية شهد أحدهما أنه أقر أنه غصب من فلان كذا والآخر أنه أقر بأنه أخذه منه تقبل
السابعة عشرة شهد أحدهما أن المدعى عليه أقر أن الدار للمدعي والآخر أنه سكن فيها تقبل أي أن المدعي سكن فيها فهي شهادة بثبوت يد المدعى عليها والأصل في اليد الملك فقد وافق في الأولى
تأمل
الثامنة عشرة أنكر إذن عبده فشهد أحدهما على أنه أذن له في الثياب والآخر أنه أذن له في الطعام تقبل لأن الإذن في نوع يعم الأنواع كلها لأنه لا يتخصص بنوع كما ذكروه في المأذون بخلاف ما إذا قال أحدهما أذنه صريحا وقال الآخر رآه يبيع ويشتري فسكت لا يقبل
التاسعة عشرة اختلف شاهد الإقرار بالمال في كونه أقر بالعربية أو بالفارسية تقبل بخلافه في الطلاق
قال في الأشباه والأصح القبول فيهما
العشرون شهد أحدهما أنه قال لعبده أنت حر وقال الآخر له آزدي تقبل لأن آزدي كلمة فارسية معناها حر
الحادية والعشرون قالا لامرأته إن كلمت فلانا فأنت طالق فشهد أحدهما أنها كلمته غدوة والآخر عشية طلقت لأن الكلام يتكرر فيمكن أنها كلمته في الوقتين
الثاني والعشرون إن طلقتك فعبدي حر فقال أحدهما طلقها اليوم وقالا الآخر طلقها أمس أي في اليوم الذي قبل يوم الشهادة لا قبل يوم التعليق يقع الطلاق والعتاق لأن المعلق عليه طلاق مستقبل
____________________
(7/205)
الثالثة والعشرون شهد أحدهما أنه طلقها ثلاثا البتة والآخر أنه طلقها ثنتين البتة يقضي بطلقتين ويملك الرجعة لأنه لا يحتاج إلى قوله البتة في ثلاث لأن الثلاث طلاق بائن فقوله البتة لغو فكأنه لم يذكره وانفرد بذكره الشاهد الثاني فصار الاختلاف بين الشاهدين في مجرد العدد وقد اتفقا على الثنتين فيقضي بهما وتلغو الثالثة لانفراد أحدهما كما لغا لفظ البتة لذلك فلذا كان الطلاق رجعيا فافهم
لكن الظاهر أن قبول الشهادة هنا مبني على قول محمد لأنه في البزازية عزاه إليه
وعند أبي حنيفة لا تقبل أصلا لما في البحر عن الكافي
شهد أحدهما بألف والآخر بألفين لم تقبل عنده
وعندهما تقبل على ألف إذا كان المدعي يدعي ألفين وعلى هذا المائة والمئتان والطلقة والطلقتان والطلقة والثلاث ثم ذكر في البحر بعد ورقة مستدركا على ما في البزازية أن ما في الكافي هو المذهب
الرابعة والعشرون شهد أحدهما أنه أعتق بالعربي والآخر بالفارسي تقبل للاتفاق في المعنى وهي مكرره مع المسألة العشرين
الخامسة والعشرون اختلفا في مقدار المهر يقضى بالأقل كما في البزازية لكن في جامع الفصولين شهدا ببيع أو إجارة أو طلاق أو عتق على مال واختلفا في قدر البدل لا تقبل إلا في النكاح ويرجع في المهر إلى مهر المثل وقالا لا تقبل في النكاح أيضا ا هـ
قلت والظاهر أن هذا فيما إذا أنكر الزوج النكاح من أصله وكذا البيع ونحوه وما ذكره في البحر فيما إذا اتفقا على النكاح واختلفا في قدر المهر
ووجه عدم القبول في البيع ونحوه أن العقد بألف مثلا غير العقد بألفين وكذا النكاح على قولهما وعلى قوله باستثناء النكاح أن المال في غير مقصود ولذا صح بدون ذكره بخلاف البيع ونحوه وينبغي أن يكون ما ذكرناه عن البحر على الخلاف المار آنفا عن الكافي
السادسة والعشرون شهد أحدهما أنه وكله بخصومة مع فلان في دار سماه وشهد الآخر أنه وكله بخصومة فيه وفي شيء آخر تقبل في دار اجتمعا عليه أي فيما اتفق عليه الشاهدان من الخصومة في دار كذا دون ما زداه الآخر إذ الوكالة تقبل التخصيص وفيما اتفق عليه الشاهدان تثبت الوكالة لا فيما تفرد به أحدهما فلو ادعى وكالة معينة فشهد أحدهما بها والآخر بوكالة عامة ينبغي أن تثبت المعينة
السابعة والعشرون شهد أحدهما بأنه وقفه في صحته والآخر بأنه وقفه في مرضه قبلا إذا شهد بوقف بات إلا أن حكم المرض ينتقض فيما لا يخرج من اثلث وبهذا لا تمتنع الشهادة كما لو شهد أحدهما أنه وقف ثلث أرضه والآخر أنه وقف ربعها
كذا في جامع الفصولين من كتاب الوقف من أحكام المرضى
قال في الإسعاف ثم إن خرجت من ثلث ماله كانت كلها وقفا وإلا فبحسابه ولو قال أحدهما وقفها في صحته وقال الآخر جعلها وقفا بعد وفاته لم تقبل إن خرجت من الثلث لأن الثاني شهد بأنها وصية وهما مختلفان ا هـ
الثامنة والعشرون لو شهد أنه أوصى له يوم الخميس والآخر أنه أوصى له يوم الجمعة جازت لأنها كلام لا تختلف بزمان ومكان
كذا في وصايا الولوالجية
التاسع والعشرون ادعى مالا فشهد أن المحتال عليه أحال غريمه بهذا المال وشهد الآخر أنه كفل عن غريمه بهذا المال تقبل
كذا في القنية
صورته ادعى زيد على عمرو مالا فأقام زيد شاهدين شهد أحدهما أن عمرا محال عليه يعني أن دائنة أحال زيدا عليه بما له عليه من الدين وشهد الثاني أن عمرا كفل عن مديون زيد بهذا المال
____________________
(7/206)
وحاصله أن المال على عمرو غير أن أحد الشاهدين شهد أن المال لزمه بطريق الإحالة عليه والآخر شهد أن المال لزمه بطريق الكفالة يقضى بالكفالة لأنها الأقل لكن هذا التصوير لا يوافق عبارة البحر والموافق لها ما لو كان لزيد على عمرو ألف مثلا فأحال عمرو زيد بالألف على بكر ودفعها بكر ثم ادعى بها بكر على عمرو فشهد أحد الشاهدين بما ذكر وشهد الآخر أن بكر كفل عمرا بإذنه وأنه دفع الألف لزيد لكن عبارة القنية ادعى مالا فشهد أحدهما أن المحتار عليه احتال عن غريمه هذا المال الخ والغريم يطلق على الدائن وهو المراد بالأول وعلى المديون وهو المراد بالثاني وعلى هذا فغريمه في كلام البحر بالرفع فاعل أحال والمراد به عمرو المديون لأنه المحيل لزيد على بكر وهذا معنى قول القنية أن المحتال عليه احتال عن غريمه أي أن بكرا قبل الحوالة عن غريمه عمرو
الثلاثون شهد أحدهما أنه باعه بكذا إلى شهر وشهد الآخر بالبيع ولم يذكر الأجل تقبل
الحادية والثلاثون شهد أحدهما أنه باعه شرط الخيار ثلاثة أيام ولم يذكر الآخر الخيار تقبل فيهما أي في هذه المسألة والتي قبلها لكن في التي قبلها صرح بقوله تقبل فلا حاجة إلى قوله فيهما والمراد أنه يثبت البيع وإن لم يثبت الأجل والشرط كما ذكره الزيلعي في باب التحالف
الثانية والثلاثون من وكالة منية المفتي شهد وادح أنه وكله بالخصومة في هذه الدار عند قاضي البصرة وآخر قال عند قاضي الكوفة جازت شهادتهما أي على أصل الوكالة بالخصومة
الثالثة والثلاثون في أدب القضاء للخصاف من باب الشهادة بالوكالة شهد أحدهما أنه وكله في القبض والآخر أنه جراه تقبل لأن الجراية والوكالة سواء والجري والوكيل سواء فقد اتفق الشاهدان في المعنى واختلف في اللفظ وأنه لا يمنع
قال في الصحاح في باب الألف المقصورة الجري الوكيل والرسول
الرابعة والثلاثون شهد أحدهما أنه وكله بقبضه والآخر أنه سلطه على قبضه تقبل
الخامسة والثلاثون شهد أحدهما أنه وكله بقبضه والآخر أنه أوصى إليه بقبضه في حياته تقبل لأن الوصاية في الحياة وكالة كما أن في الوكالة بعد الموت وصاية كما صرحوا به فالمراد بالوصاية هنا الوكالة حقيقة لتقييدها بقوله في حياته فافهم
السادسة والثلاثون شهد أحدهما أنه وكله بطلب دينه والآخر بتقاضيه تقبل
السابعة والثلاثون شهد أحدهما أنه وكله بقبضه والآخر بطلبه تقبل
الثامنة والثلاثون شهد أحدهما أنه وكله بقبضه والآخر أنه أمره بأخذه أو أرسله ليأخذ تقبل وهي في أدب القضاء وما قبلها
التاسعة والثلاثون اختلف في زمن إقراره بالوقف تقبل
قال في جامع الفصولين لو اختلف الشاهدان في زمان أو مكان أو إنشاء وإقرار بأن شهد أحدهما على إنشاء والآخر على إقرار وإن كان هذا الاختلاف في فعل حقيقة أو حكما يعني في تصرف فعل كجناية وغصب أو في قول ملحق بالفعل كنكاح لتضمنه فعلا وهو إحضار الشهود يمنع قبول الشهادة وإن كان الاختلاف في قول محض كبيع وطلاق وإقرار وإبراء وتحرير أو في فعل ملحق بالقول وهو القرض لا يمنع القبول وإن كان القرض لا يتم إلا بالفعل وهو التسليم لأن ذلك محمول على قول المقترض أقرضتك فصار كطلاق وتحرير وبيع ا هـ
____________________
(7/207)
قلت ووجهه أن القول إذا تكرر فمدلوله واحد لم يختلف بخلاف الفعل وإطلاق الإقرار يفيد أن الوقف غير قيد
الأربعون اختلفا في مكان إقراره به تقبل
الحادية والأربعون اختلف في وقف في صحته أو في مرضه تقبل وهي مكررة مع السابعة والعشرين
الثانية والأربعون شهد أحدهما بوقفها على زيد والآخر على عمرو تقبل وتكون وقفا على الفقراء لاتفاق الشاهدين على الوقف وهو صدقة
انتهى ما في البحر مع زيادة من حاشية سيدي الوالد رحمه الله تعالى
أقول وتقدم في آخر الوقف ما زاده الشيخ صالح ابن المصنف رحمهما الله تعالى فارجع إليه
قوله ( تركتها خشية التطويل ) يعني ها هنا وإلا فقد ذكرها في آخر الوقف
قوله ( بطريق الوضع ) أي بمعناه المطابقي وهذا جعله الزيلعي تفسير للموافقة في اللفظ حيث قال والمراد بالإنفاق في اللفظ تطابق اللفظين على إفادة المعنى بطريق الوضع لا بطريق التضمن حتى لو ادعى رجل مائة درهم فشهد شاهد بدرهم وآخر بدرهمين وآخر بثلاثة وآخر بأربعة وأخر بخمسة لم تقبل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لعدم الموافق لفظا
وعندهما يقضي بأربعة ا هـ
والذي يظهر من هذا أن الإمام اعتبر توافق اللفظين على معنى واحد بطريق الوضع وأن الإمامين اكتفيا بالموافق المعنوية ولو بالتضمن ولم يشترطا المعنى الموضوع له كل من اللفظين وليس المراد أن الإمام اشتراط التوافق في اللفظ والتوافق في المعنى الوضعي وإلا أشكل ما فرعه عليه من شهادة أحدهما بالنكاح والآخر بالتزويج وكذا الهبة والعطية فإن اللفظين فيهما مختلفان ولكنهما توافقا في معنى واحد أفاده كل منهما بطريق الوضع ويدل على هذا التوفيق أيضا ما نقله الزيلعي عن النهاية حيث قال إن كانت المخالفة بينهما في اللفظ دون المعنى تقبل شهادته وذلك نحو أن يشهد أحدهما على الهبة والآخر على العطية وهذا لأن اللفظ ليس بمقصود في الشهادة بل المقصود ما تضمنه اللفظة وهو ما صار اللفظ علما عليه فإذا وجدت الموافقة في ذلك لا تضر المخالفة فيما سواها
قال هكذا ذكره ولم يحك فيه خلافا انتهى
وهذا بخلاف الفرع السابق الذي نقلناه عنه فإن الخمسة معناها المطابقي لا يدل على الأربعة بل تتضمنها ولذا لم يقبلها الإمام وقبلها صاحباه لاكتفائهما بالتضمن
والحاصل أنه لا يشترط عند الإمام الاتفاق على لفظ بعينه بل إما بعينه أو بمرادفه وقول صاحب النهاية لأن اللفظ ليس بمقصود مراده به أن التوافق على لفظ بعينه ليس بمقصود لا مطلقا كما ظن فافهم
قوله ( لا التضمن ) هذا تأكيد لقوله يجب مطابقة الشهادتين أي دلالتهما على المعنى مطابقة وهي دلالة اللفظ على تمام معناه والتضمن دلالته على جزء المعنى
قوله ( واكتفيا ) أي الصاحبان بالموافقة المعنوية فيحكمان بالأقل في مسألة الألف والألفين والمائة والمائتين والطلقة والثلاث
فإن قيل يشكل على قول الكل ما لو شهد أحدهما أنه قال لها أنت خلية والآخر أنت برية لا يقضى ببينونة أصلا مع إفادتهما معناها
وأجيب بمنع الترادف بل هما متباينا المعنيين يلزمهما لازم واحد وهو وقوع البينونة والمتباينات قد تشترك في لازم واحد فاختلافهما ثابت في اللفظ والمعنى فلما اختلف المعنى منهما كان
____________________
(7/208)
دليل اختلاف تحملهما فإن هذا يقول ما وقعت البينونة إلا بوصفها بخلية والآخر يقول لم تقع إلا بوصفها ببرية وإلا فلم تقع البينونة
وتمامه في الفتح
قوله ( ولو شهد أحدهما بالنكاح الخ ) أشار بذلك إلى أنه لا يشترط عند الإمام في الموافقة أن تكون بعين اللفظ بل بعينه أو بمراده كما ذكرنا لأن كلا من النكاح والتزويج يدلان على المعنى المشهود به بالمطابقة فكانا متحدين على المعنى الذي أردنا ولذلك رجعت مسائل من المستثنيات إلى هذا
قوله ( لاتحاد معناهما ) أي مطابقة فصار كأن اللفظ متحد أيضا فافهم وهذا التعليل يصلح لقولهما ولقول الإما أيضا لما مر آنفا من أنه يعتبر الاتحاد ولو بمرادف اللفظ فمن قال هنا إن التعليل لا يظهر إلا على قولهما فغير ظاهر فتدبر
فإن قلت شرط في المتن الاتحاد لفظا ومعنى أن يكون كل لفظ دالا على ذلك المعنى بطريق الوضع لا التضمن والمراد بالموافقة المعنوية غير الكافية للقبول أن يدل أحد اللفظين على المعنى المشهود به بالمطابقة والآخر بالتضمن فقوله هنا لاتحاد معناهما أفاد أن كلا من النكاح والتزويج يدلان على المعنى المشهود به بالمطابقة فكانا متحدين لفظا ومعنى على المعنى الذي عناه بذلك كما قدمنا الإشارة إليه سابقا
قوله ( وكذا الهبة الخ ) أي لأن الكل يؤذن بالتبرع بخلاف ما لو شهد أحدهما بأنه دفع على وجه الأمانة والآخر اقتصر على لفظا أعطاه لأن الثاني وهو أعطى يدل على التبرع فلا يضره التفريط بخلاف الأول وهو دفعه أمانة وقوله ونحوهما أي من كل لفظين دلا على معنى واحد بالمطابقة فإن الاختلاف فيهما لا يمنع القبول كما إذا ادعى الإبراء فشهد أحدهما به والآخر على أنه وهبه له أو تصدق عليه به أو ملكه منه
قوله ( ردت ) هذا هو المذهب وقيل يقضى بالطلاق بالأقل اتفاقا لأنه إذا لم يثبت الألفان لم يثبت ما في الضمن من الألف
حموي
قوله ( لاختلاف المعنيين ) أي بالمعنى الذي قدمه لأن دلالة اللفظين على المعنى بالمطابقة يسميه اتحادا لفظا ومعنى ودلالة أحد اللفظين بالتضمن يسميه اتحادا معنى فقط
قوله ( لم تقبل ) وجه عدم القبول أن اختلافهما في الإنشاء والإقرار وقع في الفعل فمنع قبول الشهادة وهذا بخلاف ما لو شهد أحدهما بالبيع أو القرض أو الطلاق أو العتاق والآخر بالإقرار به فإنها تقبل لأن صيغتي الإنشان والإقرار في هذه التصرفات واحدة فإنه يقول في الإنشاء بعت وأقرضت وفي الإقرار كنت بعت وأقرضت فلم يمنع قبول الشهادة محيط ط
قال الرملي ذكر في باب اختلاف الشهادات من شهادات الجامع وليس الاختلاف بين الشاهدين بمنزلة الاختلاف بين الدعوى والشهادة لأن شهادة الشاهدين ينبغي أن تكون كل واحدة منهما مطابقة للأخرى في اللفظ الذي لا يوجب خللا في المعنى
أما المطابقة بين الدعوى والشهادة فينبغي أن تكون في المعنى خاصة ولا عبرة للفظ حتى لو ادعى الغصب وشهد أحدهما على الغصب والآخر على الإقرار بالغصب لا تقبل ولو شهدا على الإقرار بالغصب تقبل
وتمامه في الفصول العمادية ا هـ
وفي جامع الفصولين ادعى قتلا وشهد به وآخر أنه أقر به ترد إذ الإقرار يتكرر لا القتل
قال الرملي في حاشيته عليه أقول فلو اتفقا على الشهادة بالإقرار كما هو ظاهر وقد صرح به في التاترخانية
____________________
(7/209)
عن المحيط قال بعد أن رمز للمحيط وصور المسألة إذا شهد أحدهما على إقراره أنه قتله عمدا بالسيف وشهد الآخر على إقراره أنه قتله عمدا بالسكين فقال ولي القتيل إنه أقر بما قالا ولكنه والله ما قتله إلا بالسيف أو قال صدقا جميعا ولكنه والله ما قتله إلا بالرمح فهذا كله سواء ويقتص من القاتل ا هـ
تدبره
هذا وقد صرح أيضا في شرح الغرر بالمسألة فقال بعد ما ذكر المسألة التي هنا بخلاف ما إذا شهدا بالإقرار به حيث تقبل انتهى
قوله ( ولو شهدا بالإقرار به قبلت ) مقتضاه أنه لا يضر الاختلاف بين الدعوى والشهادة في قول مع فعل بخلاف اختلاف الشاهدين بذلك لأن الموافقة المعنوية يكتفي بها بين الشهادة والدعوى وأما بين الشهادتين فلا بد من الموافقة في اللفظ والمعنى عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وتقبل عندهما فيهما
قوله ( وكذا لا تقبل في كل قول جمع مع فعل ) بأن يكون القول من أحدهما والفعل في لفظ الآخر
أقول ومن ذلك ما ذكره في جامع الفصولين من الفصل الحادي عشر من اختلاف الدعوى والشهادة لو شهد أحدهما بنكاح والآخر بإقراره به لا يقبل كالغصب
ومنه ادعى رهنا فشهد بمعاينة القبض وشهد آخر أن الراهن أقر بقبض المرتهن لا يقبل
ومنه شهد أحدهما أن المدعي بيد المدعي والآخر أنه أقر أنه بيده لا يقبل ولو شهدا أحدهما بإيداعه والآخر أنه قر بإيداعه فعلى قياس الغصب لا تقبل ا هـ
قوله ( لا تسمع للجمع بين قول وفعل ) بخلاف ما إذا شهد أحدهما بألف للمدعي على المدعى عليه وشهد الآخر على إقرار المدعى عليه بألف فإنه يقبل لأنه ليس بجمع بين قول وفعل
أفاده سيدي الوالد عن منلا علي
قوله ( إلا إذا اتحدا لفظا ) الظاهر أن الاستثناء منقطع لأنه لا فعل مع قول في هذه الصور بل قولان لأن الإنشاء والإقرار به كل منهما قول بدليل قول الشارح بعد سطر لاتحاد صيغة الإنشاء الخ
قوله ( ببيع الخ ) هذه الأربع كما تقبل مع اختلاف الشاهدين فهي أيضا من الثلاثة والعشرين المستثناة في البحر المتقدمة التي لا يشترط فيها موافقة الدعوى الشهادة بأن ادعى البيع ونحوه وشهدا بالإقرار وقدمنا الإشارة إليه
قوله ( فتقبل لاتحاد صيغة الإنشاء والإقرار ) أي باعتبار آخر صيغة الإقرار وإلا ففيها زيادة لفظ كنت ولا حاجة إلا إثبات لفظ كنت لأنه يقول في الإقرار بعت ونحوه مريدا به الإخبار ط
قوله ( لعدم تكرر الفعل ) أي الواحد وهو القتل هنا أي لعدم إمكان تكرره
قوله ( محيط وشرنبلالية ) الأولى شرنبلالية عن المحيط فإنه نقله عنه
قوله ( بألف ومائة ) بخلاف العشر والخمسة عشر حيث لا تقبل لأنه مركب كالألفين إذ ليس بينهما حرف العطف ذكره الشارح أي الزيلعي بحر وتعليلهم في هذه المسألة وفي المسألة السابقة يقتضي في السابقة أنه لو شهد أحدهما بألف والآخر بألف وألف على طريق العطف تقبل في الألف اتفاقا فإذا ادعى الأكثر أو وفق في دعواه بالأقل ثم أورد صاحب الكافي وغيره العشر وخمسة عشر كما قدمناه في صدر العبارة من أنها لا تقبل فيها
وفي القنية ينبغي أن تقبل
أقول هو الأشبه لأن العاطف مقدر فيه ولذلك بنى المقدر كالملفوظ بخلاف التثنية ولأن جزء لفظه يدل على جزء معناه إذ ليس هو علما
____________________
(7/210)
هذا وقد صرح بخلافه في البزازية وهو محل تأمل كما لا يخفى
وقول البحر حيث لا تقبل أي شهادة مثبت الزيادة الآن المدعي الخ إلا إذا وفق المدعي فحينئذ تقبل لما سبق فظهر أن الشهادة لو كانت بأكثر من المدعى به لا تقبل بلا توفيق ولا يكفي إمكانه بل لا بد منه بالفعل وأما إذا كانت بأقل منه تقبل
قوله ( إن المدعي ادعى الأكثر ) أطلقه فشمل من مائه إلى تسعمائة فقول المصنف على ألف في بألف ومائة مثال من جملة الأمثلة لم يخص به شمول الأكثر وعمومه هنا
قوله ( لا الأقل ) فلا تقبل لأن المدعى كذب من شهد بالزيادة والفرق بين هذا وما تقدم ما إذا شهد بألف وألفين فإنهما هنا متفقان على ألف في شهادة أحدهما بألف والآخر بألف ومائة وفيما تقدم غير متفقين في شهادة أحدهما بألف والآخر على ألفين
كذا في صدر الشريعة
قوله ( إلا أن يوفق ) أي المدعي كأن يقول كان لي عليه كما شهدا إلا أنه أوفاني كذا بغير علمه فإنها تقبل للتصريح بالتوفيق
وعلم من ذلك أن أحوال من يدعي أقل المالين إذا اختلفت الشهادة لا يخلو عن ثلاثة إما أن يكذب الشاهد بالزيادة أو يسكت عن التصديق والتوفيق أو يوفق
وجواب الأولين بطلان الشهادة والقضاء دون الآخر كما في العناية
وفي البحر ولا يحتاج هنا إلى إثبات التوفيق بالبينة لأنه يتم به بخلاف ما لو ادعى الملك بالشراء فشهدا بالهبة فإنه يحتاج لإثباته بالبينة
قوله ( وهذا في الدين ) أي اشتراط الموافقة بين الشهادتين لفظا بحسب الوضع في الدين الخ فاسم الإشارة راجع إلى معلوم من الأصول السابقة
قوله ( تقبل على الواحد ) أي الذي عينه أحدهما
قوله ( وفي العقد لا تقبل ) قال في البحر وذكر علاء الدين السمرقندي أن الشهادة تقبل في مسألة الكتاب لأن التوفيق ممكن لأن الشراء الواحد قد يكون بألف ثم يصير بألف وخمسمائة فقد اتفقا على شراء واحد بخلاف ما لو شهد أحدهما بألف درهم وشهد الآخر بمائة دينار لأن الشراء يكون بألف درهم ثم يصير بمائة دينار ا هـ
وهو عجيب منه فإن المسألة نص محمد في الجامع الصغير وقد أجاب في العناية عن دليله بأنه إذا اشترى بألف ثم زاد خمسمائة لا يقال اشترى بألف وخمسمائة ولهذا يأخذ الشفيع بأصل الثمن انتهى
قوله ( سواء الخ ) وسواء كان المدعي البائع أو المشتري
قوله ( عزمي زاده ) ليس هذا في كلامه بل هي عبارة الدرر ولم يكتب عليها عزمي شيئا
قوله ( أو كتابته على ألف ) هذا شامل لما إذا ادعاها العبد وأنكر المولى وهو ظاهر لأن مقصوده هو العقد ولما إذا كان المدعي هو المولى كما زاده صاحب الهداية على الجامع
قال في الفتح لأن دعوى السيد المال على عبده لا تصح إذ لا دين له على عبد إلا بواسطة دعوى الكتابة فينصرف إنكار العبد إليه للعلم بأنه لا يتصور له عليه دين إلا به فالشهادة ليست إلا لإثباتها ا هـ
وفي البحر والتبيين وقيل لا تفيد بينة المولى لأن العقد غير لازم في حق العبد لتمكنه من الفسخ بالتعجيز ا هـ
وجزم بهذا القيل العيني وهو موافق لما يفهم من عبارة الجامع
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى رحمة واسعة
قوله ( ردت ) قدمنا قريبا عن علاء الدين السمرقندي أن الشراء الواحد قد يكون بألف الخ وأن المسألة نص عليها محمد في الجامع الصغير وخلاف المنقول ليس محل التخريج وكون المدعي البائع كذلك من غير فرق كما في الشروح المعتبرة إذ
____________________
(7/211)
الزيادة كالحط كما سبق في كتاب البيع فلا يصح القول بالقبول في الشراء دون البيع على أن هذا التخريج ليس بصحيح إذ لو صح لزم القضاء ببيع بلا ثمن لأنه لم يثبت أحد الثمنين بشهادتهما فتعود الخصومة كما كانت كما في الفتح
نعم لو صرح بالتوفيق ينبغي أن تقبل على الأقل ولم أر من صرح به فحينئذ يحمل عليه ما نقل عن السمرقندي
تدبر
قوله ( وهو يختلف ) أشار إلى أنهما لو شهدا بالشراء ولم يبينا الثمن لم تقبل
وتمامه في البحر
وقال الخير الرملي في حاشيته عليه المفهوم من كلامهم في هذا الموضع وغيره أنه فيما يحتاج فيه إلى القضاء بالثمن لا بد من ذكره وذكر قدره وصفته وما لا يحتاج فيه إلى القضاء به لا حاجة إلى ذكره
تنبه
وفي المبسوط وإذا ادعى رجل شراء دار في يد رجل وشهد شاهدان ولم يسميا الثمن والبائع ينكر ذلك فشهادتهما باطلة لأن الدعوى إن كانت بصفة الشهادة فهي فاسدة وإن كانت مع تسمية الثمن فالشهود لم يشهدوا بما ادعاه المدعي ثم القاضي يحتاج إلى القضاء بالعقد ويتعذر عليه القضاء بالعقد إذا لم يكن الثمن مسمى لأنه كما لا يصح البيع ابتداء بدون تسمية الثمن فكذلك لا يظهر القضاء بدون تسمية الثمن ولا يمكنه أن يقضي بالثمن حين لم يشهد به الشهود ثم قال فإن شهدا على إقرار البائع بالبيع ولم يسميا ثمنا ولم يشهدا بقبض الثمن فالشهادة باطلة لأن حاجة القاضي إلى القضاء بالعقد ولا يتمكن من ذلك إذا لم يكن الثمن مسمى وإن قالا أقر عندنا أنه باعها منه واستوفى الثمن ولم يسميا الثمن فهو جائز لأن الحاجة إلى القضاء بالملك للمدعي دون القضاء بالعقد فقد انتهى حكم العقد باستيفاء الثمن ولأن الجهالة إنما تؤثر لأنها تقضي إلى منازعة مانعة من التسليم والتسلم ألا ترى أن ما لا يحتاج إلى قبضه فجهالته لا تضر وهو المصالح عنه بخلاف ما يحتاج إلى قبضه وهو المصالح فإذا أقر باستيفاء الثمن فلا حاجة هنا إلى تسليم الثمن فجالته لا تمنع القاضي من القضاء بحكم الإقرار
قوله ( فلم يتم العدد ) أي نصاب الشهادة وهو شهادة الاثنين على واحد منهما فاختلف المشهود به لاختلاف الثمن وأيضا فإن المدعي يكذب أحد الشاهدين فإن البيع بألف غير البيع بألف وخمسمائة
قوله ( على كل واحد ) لفظ كل مما لا حاجة إليه
سعدية
قوله ( ومثله العتق بمال ) أي بأن قال مولى العبد أعتقتك على ألف وخمسمائة والعبد يدعي الألف أو قال ولي القصاص صالحتك على ألف وخمسمائة والقاتل يدعي الألف وكذا الباقيات كما في الدرر
قوله ( والرهن ) أي بأن كان المدعي هو المرتهن فهو كدعوى الدين يثبت أقلهما وإن كان الراهن فلا تقبل الشهادة لأنه ليس له أن يلزمه الرهن إذ الرهن غير لازم في حق المرتهن وله أن يفسخه في أي وقت شاء فلا فائدة في إقامة البينة ولأنه حق عليه والإنسان لا يقيم البينة على حق عليه وإنما يقيمها على حق له
قال في البحر وظاهر الهداية أن الرهن إنما هو من قبيل دعوى الدين ا هـ أي في وجوبها وذا لأنه إذا ادعى أكثر المالين فشهد به شاهد والآخر بالأقل إن كان الأكثر بعطف مثل ألف وخمسمائة قضى بالأقل اتفاقا وإن كان بدونه كألف وألفين فكذلك عندهما وعند أبي حنيفة لا يقضي بشيء ووجهه أنه إذا أثبت العفو والعتق والطلاق باعتراف صاحب الحق فبقي الدعوى في الدين كما في فتح القدير
ويتفرع عليه التوفيق والتكذيب والسكوت حيث تقبل في الأول وترد في الأخيرين كما في البيانية
أقول وتعقب الهداية صاحب العناية تبعا للنهاية بأن عقد الرهن بألف غيره بألف وخمسمائة فيجب أن لا تقبل البينة وإن كان المدعي هو المرتهن لأنه كذب أحد شاهديه
وأجيب بأن العقد غير لازم في حق المرتهن
____________________
(7/212)
حيث كان له ولاية الرد متى شاء فكان في حكم العدم فكان الاعتبار لدعوى الدين لأن الرهن لا يكون إلا بدين فتقبل البينة كما في سائر الديون ويثبت الرهن بألف ضمنا وتبعا ا هـ
وفي الحواشي اليعقوبية ذكر الراهن في التبيين ليس على ما ينبغي وصور الزيلعي دعوى الرهن أن يدعي أنه رهنه ألفا وخمسمائة وادعى أنه قبضه ثم أخذه الراهن فيطلب الاسترداد منه فأقام بينة فشهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمسمائة ثبت أقلهما
قوله ( إن ادعى ) تقييد لمسألة العتق بمال فقط إن أجرى قول المصنف أو كتابة على عمومه موافقة لما قاله صاحب الهداية أو لهما إن خص بما إذا ادعى الكتاب العبد موافقة لما في الجامع ولما في العيني
قوله ( والمرأة ) قال في البحر وإن كان المدعي هو الزوج وقع الطلاق بإقرار فيكون دعوى دين فثبت الأقل وهو ما اتفقا عليه ا هـ
قوله ( إذ مقصودهم إثبات العقد كما مر ) أي وهو مختلف
قوله ( كالمولى مثلا ) أي في مسألة العتق وأشار بالكاف إلى أن ولي المقتول في الصلح والمرتهن في الرهن والزوج في الخلع كذلك
قوله ( فكدعوى الدين ) أي الدين المنفرد عن العقد إذا ثبت العفو والعتق والطلاق باعتراف صاحب الحق فتبقى الدعوى في الدين كما في الهداية
قوله ( إذ مقصودهم المال ) أي العقد والعتق والعفو والطلاق باعتراف صاحب الحق فلم تبق الدعوى إلا في الدين
فتح
زاد في الإيضاح وفي الرهن إن كان المدعي هو الراهن لا تقبل لأنه لاحظ له في الرهن فعريت الشهادة عن الدعوى وإن كان المرتهن فهو بمنزلة دعوى الدين ا هـ
وتقدم قريبا عن اليعقوبية أن ذكر الراهن مما لا ينبغي
قوله ( فتقبل على الأقل ) أي اتفاقا إن شهد شاهد الأكثر بعطف مثل ألف وخمسمائة وإن كان بدونه كالألف والألفين فكذلك عندهما وعنده لا يقضي بشيء
فتح
قوله ( والإجارة كالبيع لو في أول المدة ) أي لا تثبت بالاختلاف سواء كان المدعي هو المؤجر أو المستأجر بأن ادعى الإجارة سنة بألف وخمسمائة فشهد أحدهما كذلك والآخر بألف لا تثبت الإجارة كالبيع
كذا في الفتح
وقوله في أول المدة أي قبل استيفاء المنافع سواء كان المدعي هو المؤجر أو المستأجر
قوله ( لإثبات العقد ) فلا تقبل شهادتهما إذا اختلفا كما في البيع لأن العقد يختلف باختلاف البدل فلا تثبت الإجارة
فتح
قوله ( وكالدين ) إذ ليس المقصود بعد المدة إلا الأجرة
فتح
قوله ( بعدها ) استوفى المنفعة أو لا بعد أن تسلم
فتح
قوله ( لو المدعي المؤجر ) إذا سلمت العين المؤجرة إلى المستأجر انتفع بها أو لا فشهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمسمائة والمؤجر يدعي الأكثر يقضي بالألف وإن كان يدعي الأقل لا تقبل شهادة من يشهد بالأكثر لأنه كذبه المدعي وإن شهد الآخر بألفين والمدعي يدعيهما لا يقضي بشيء عنده وعندهما بألف وإن كان المدعي هو المستأجر فهو دعوى العقد بالاتفاق لأنه معترف بمال الإجارة فيقضي عليه بما اعترف به فلا يعتبر اتفاق الشاهدين ولا اختلافهما فيه ولا يثبت العقد للاختلاف كما في الفتح
قوله ( فدعوى عقد ) لأنه معترف بمال الإجارة فيقضي عليه بما اعترف به الخ
قوله ( وصح النكاح بالأقل أي بألف ) الأولى أن يقول بألف أي بالأقل ليكون إشارة إلى أن الألف مثال لا قيد والأولى أن يقول ولو اختلف شاهدا النكاح صح بالأقل أي وذلك استحسان عند الإمام لأن الأصل في النكاح الحل وأما المال فتبع ولا اختلاف
____________________
(7/213)
بالأصل فلا يضر الاختلاف في التبع
سائحاني عن البحر
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان المدعي الزوج أو الزوجة والمدعي يدعي أقل المالين أو الأكثر هو الصحيح وذكر في الفتح أنه مخالف للرواية فإن محمدا رحمه الله تعالى في الجامع قيده بدعوى الأكثر حيث قال جازت الشهادة بألف وهي تدعي ألفا وخمسمائة والمفهوم معتبر رواية وبقوله ذلك أيضا يستفاد لزوم التفصيل في المدعي به بين كونه الأكثر فيصح عنده أو الأقل فلا يختلف في البطلان لتكذيب المدعي شاهد الأكثر كما عول عليه محققو المشايخ فإن قول محمد وهي تدعي الخ يفيد تقييد جواب قول أبي حنيفة بالجواز إذا كانت هي المدعية للأكثر دونه فإن الواو فيه للحال والأحوال شروط فيثبت العقد باتفاقهما ودين ألف ا هـ
وفي الشرنبلالية قلت إلا أن الزيلعي رحمه الله تعالى أشار إلى جواب هذا فقال ويستوي فيه دعوى أقل المالين في الصحيح لاتفاقهما في الأصل وهو العقد فالاختلاف في التبع لا يوجب خللا فيه لكنه لا بد من وجوب المال فيجب الأقل لإتفاقهما عليه ولا يكون بدعوى الأقل تكذيبا للشاهد لجواز أن الأقل هو المسمى ثم صار الأكثر بالزيادة ا هـ
قوله ( خلافا لهما ) حيث قالا هي باطلة ولا يقضي بشيء كما في البيع لأن المقصود من الجانبين إثبات السبب والنكاح بألف غير النكاح بألف وخمسمائة
ولأبي حنيفة أن المال في النكاح تابع ولهذا يصح بلا تسمية المهر ومن حكم التابع أن لا يغير الأصل ألا ترى أنه لا يبطل بنفيه ولا يفسد بفساده فكذا لا يختلف باختلافه إذا اتفقا على ما هو الأصل وهو الملك والحل والازدواج فوجب القضاء به وإذا وجب بقي المهر مالا منفردا فوجب القضاء بأقل المقدارين كم في المال المنفرد لاتفاقهما عليه
قوله ( ولزم في صحة الشهادة الجر الخ ) يعني إذا ثبت شيء أنه ملك المورث بأن ادعى الوارث عينا في يد إنسان أنها ميراث أبيه وأقام شاهدين فشهدا أن هذه كانت لأبيه لا يقضي له حتى يجرا الميراث فيقولا مات وتركها ميراثا له أو يقولا كانت لأبيه يوم موته أو كانت في يده أو في يد من يقوم مقامه من المستعير وغيره والأصل فيه أن الجر شرط صحة الدعوى لا كما يتوهم من كلام الكنز من أنه شرط القضاء بالبينة فقط أي يشترط أن يقول في الدعوى مات وتركه ميراثا كما يشترط في الشهادة وإنما لم يذكره لأن الكلام في الشهادة لكن إذا ثبت ملكه أو يده عند موته كان جرا لأنه أثبت ملكه أو أن الانتقال إلى الوارث فيثبت الانتقال ضرورة فيكون إثباتا للانتقال وكذا إذا ثبتت يده عند الموت لأن يده إن كانت يد ملك فهو على ما بينا وإن كانت يد أمانة فكذلك الحكم لأن الأيدي في الأمانات عند الموت تنقلب يد ملك بواسطة الضمان إذا مات مجهلا لتركه الحفظ به وهذا عند أبي حنيفة ومحمد
وقال أبو يوسف الجر ليس بشرط ا هـ كما في البحر لأن ملك الوارث يتجدد في حق العين ولذا يجب عليه الاستبراء في الجارية المورثة ويحل للوارث وطؤها ولو كانت حراما للمورث أو بالعكس ويحل للوارث الغني ما كان صدقة على المورث الفقير والمتجدد يحتاج إلى النقل لئلا يكون استصحاب الحال مثبتا
وعند أبي يوسف لا يلزم لأن الوارث يملكه خلافة عن مورثه حتى يرد بالعيب ويرد عليه فصارت الشهادة بالملك للمورث شهادة به للوارث
قال سعدي وفيه بحث فإن من اجتمع عنده أموال الصدقة ثم استغنى بالإرث أو غيره له أكل ما عنده من الصدقات مع أنه لم يوجد تجدد الملك ا هـ
فظاهر كلام سعدي الميل إلى قول أبي يوسف
قوله ( الجر الخ ) أي أن يشهدا بالانتقال وذلك إما نصا كما صوره الشارح أو بما يقوم مقامه من إثبات الملك للميت عند
____________________
(7/214)
الموت أو إثبات يده أو يد نائبه عند الموت أيضا وهو ما أشار إليه بقوله إلا أن يشهد الخ وهذا عندهما خلافا لأبي يوسف فإنه لا يشترط شيئا
ويظهر الخلاف فيما إذا شهدا أنه كان ملك الميت بلا زيادة وطولبا بالفرق بين هذا وبين ما يأتي من أنه لو شهد الحي أنه كان في ملكه تقبل والفرق ما في الفتح بين هذا وما إذا شهدا لمدعي عين في يد رجل بأنها كانت ملك المدعي أو أنه كان ملكها حيث يقضي بها وإن لم يشهدا أنها ملكه إلى الآن وكذا لو شهد المدعي عينا في يد إنسان أنه اشتراها من فلان الغائب ولم يقم بينة على ملك البائع وذو اليد ينكر ملك البائع فإنه يحتاج إلى بينة على ملكه فإذا شهدا بملكه قضى للمشتري به وإن لم ينصوا على أنها ملكه يوم البيع وهذه أشبه بمسألتنا فإن كلا من الشراء والإرث يوجب تجدد الملك
والجواب أنهما إذا لم ينصا على ثبوت ملكه حالة الموت فإنما يثبت بالاستصحاب والثابت به حجة لإبقاء الثابت لا لإثبات ما لم يكن وهو المحتاج إليه في الوارث بخلاف مدعي العين فإن الثابت بالاستصحاب بقاء ملكه لا تجدده وبخلاف مسألة الشراء فإن الملك مضاف إليه لا إلى ملك البائع وإن كان لا بد لثبوت ملك المشتري من بقائه لأن الشراء آخرهما وجودا وهو سبب موضوع للملك حتى لا يتحقق لو لم يوجبه فيكون مضافا إلى الشراء وهو ثابت بالبينة أما هنا فثبوت ملك الوارث مضاف إلى كون المال ملكا للميت وقت الموت لا إلى الموت لأنه ليس سببا موضوعا للملك بل عنده يثبت إن كان له مال فارغ
والله سبحانه وتعالى أعلم ا هـ
قوله ( بشهادة إرث ) بأن ادعى الوارث عينا في يد إنسان أنها ميراث أبيه وأقام شاهدين فشهدا أن هذه كانت لأبيه لا يقضى له حتى يجرا الميراث بأن يقولا مات وتركه ميراثا للمدعي كما تقدم وكما صوره الشارح
قوله ( ميراثا للمدعي ) أي أو ما يقوم مقامه من إثبات يده أو يد نائبه عند الموت أيضا وهو ما أشار إليه المصنف بقوله إلا أن يشهد بملكه الخ
قوله ( بملكه ) أي المورث قوله ( عند موته ) لا بد من هذا القيد كما علمت وكان ينبغي ذكره بعد الثلاثة يؤيده ما في البزازية حيث قال شهد أن هذه الدار كانت لجده لا تقبل لعدم الجر ولو شهدا على إقرار المدعى عليه أنها كانت لجده يقبل ثم ذكر أن قولهم كانت في يده كذها وجعل في الخانية الدين كالعين أنه كان لأبي المدعي على المدعى عليه كذا فتجوز
وذكر شيخنا أن قولهم كانت لأبيه ليس بجر وظاهر تعليل الشارح الآتي أن قوله عند موته قيد للشهادة باليد أيضا وأنت خبير أنه بالأولى بل صريحه حيث قال لأن الأيدي عند الموت الخ
وفي البدائع شهدوا أنه مات وهو ساكن في هذه الدار تقبل وعند أبي يوسف لا
ومراد الشارح أن الجر يكون صريحا كالمثال الذي ذكره وحكميا فيما استثنى
قوله ( أو يده ) إنما كان ذلك مثبتا لأن الظاهر من حال المسلم في ذلك الوقت أن يسوي الأسباب ويبين ما كان بيده من المغصوب والودائع فإذا لم يبين فالظاهر من حاله أن ما في يده ملكه فتجعل اليد عند الموت دليل الملك
قوله ( أو يد من يقوم مقامه ) قال في الدرر يعني إذا مات رجل فأقام وارثه بينة على دار أنها كانت لأبيه أعارها أو أودعها الذي هي في يده فإنه يأخذها ولا يكلف البينة أنه مات وتركها ميراثا له بالاتفاق
أما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإنه لا يوجب الجر في الشهادة
وأما عندهما فلأن قيام اليد عند الموت يغني عن الجر وقد وجدت لأن وجه المستعير والمودع يد المعير والمودع ا هـ
وشمل هذا الأمين وغيره كالغاصب والمرتهن
قوله ( لأن الأيدي ) أي أيدي الواضعين أيديهم على شيء وهذا تعليل
____________________
(7/215)
للاستغناء بالشهادة على يد الميت عن الجر وبيان ذلك أنه إذا أثبت يده عند الموت فإن كانت يد ملك فظاهر لأنه أثبت ملكه أو أن الانتقال إلى الوارث فيثبت الانتقال ضرورة كما لو شهدا بالملك وإن كانت يد أمانة فكذلك الحكم لأن الأيدي في الأمانات عند الموت تنقلب يد ملك بواسطة الضمان إذا مات مجهلا لتركه الحفظ والمضمون يملكه الضامن على ما عرف فيكون إثبات اليد في ذلك الوقت إثباتا للملك وترك تعليل الاستغناء بالشهادة على يد من يقوم مقامه لظهوره لأن إثبات يد من يقوم مقامه إثبات ليده فيغني إثبات الملك وقت الموت عن ذكر الجر فاكتفى به عنه
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( تنقلب ) أي تصير يد ملك إذ لو كانت لغيره لبينه في الوقت الذي يصدق فيه الكذوب ويرجع فيه العاصي لأن الظاهر من حال المسلم في ذلك الوقت أي وقت الموت كذلك وأن يسوي أسبابه ويبين ما كان بيده في الودائع والغصوب فإذا لم يبين فالظاهر من حال أن ما في يده ملكه فتجعل اليد عند الموت دليل الملك
لا يقال قد تكون اليد يد أمانة ولا ضمان فيها لتنقلب بواسطته يد ملك لأن الأمانة تصير مضمونة بالتجهيل بأن يموت ولم يبين أنها وديعة فلان لأنه حينئذ ترك الحفظ وهو تعد يوجب الضمان
قوله ( بواسطة الضمان ) أي إذا مات مجهلا لتركه الحفظ فيضمن الوديعة
قوله ( ثبت الجر ضرورة ) أي لا قصدا
قوله ( ولا بد مع الجر من بيان سبب الوراثة الخ ) أي وهو أنه أخوه مثلا ولا يكفي مجرد أنه وارثه
قال في الفتح وينسبا الميت والوارث حتى يلتقيا إلى أب واحد ويذكرا أيضا أنه وارث وهل يشترط قوله ووارثة في الأب والأم والولد قيل يشترط والفتوى على عدمه وكذا كل من لا يحجب بحال وفي الشهادة بأنه ابن ابن الميت أو بنت ابنه لا بد منه وفي أنه مولاه لا بد من بيان أنه أعتقه ا هـ
ولم يذكر هذا الشرط متنا ولا شرحا والظاهر أن الجر مع الشرط الثالث يغني عنه
فتأمل
وقدمنا الكلام على ذلك مستوفى في شتى القضاء عند قول المصنف تركة قسمت بين الورثة أو الغرماء الخ
قوله ( من بيان سبب الوراثة ) أي الخاص كالإخوة بقيد كونها للأب ومثل الأخ العم ولا بد في الشهادة للمولى أن يقولا هو مولاه أعتقه ولا نعلم له وارثا غيره لأن لفظ المولى مشترط ط
قوله ( وبيان أنه أخوه لأبيه الخ ) ذكر في البحر عن البزازية أنهم لو شهدوا أنه ابنه ولم يقولوا ووارثه الأصلح أنه يكفي كما لو شهدوا أنه أبوه أو أمه فإن ادعى أنه عم الميت يشترط لصحة الدعوى أن يفسر فيقول عمه لأبيه وأمه أو لأبيه أو لأمه
ويشترط أيضا أن يقول ووارثه وإذا أقام البينة لا بد للشهود من نسبة الميت والوارث حتى يلتقيا إلى أب واحد وكذلك هذا في الأخ والجد ا هـ ملخصا
شهدا أن هذا ابن الميت أو وارثه ولم يشهدا أنا لا نعلم له وارثا غيره فالقاضي يتلوم ثم يدفع إليه ومدة التلوم مفوضة إلى رأي القاضي
تاترخانية من الثامن في كتاب الشهادة
وعندهما مقدر بحول كما هو مفاد مما ذكره الطحاوي في مختصره ادعى أنه أخوه لأبيه وأمه وشده الشهود ولم يذكروا اسم الأم أو الجد لا تقبل لأنه لا يحصل التعريف وقيل يصح ويثبت لأنه ذكر محمد في الكتاب من ادعى أنه أخوه لأبيه وأمه وأقام البينة تقبل ولم يشترط ذكر الجد
وقال شمس الأئمة السرخسي في الأخ لا يشترط ذكر اسم الجد وغيره وأما إذا ادعى أنه ابن عمه لا بد أن يذكر اسم الأب والجد
عمادية من السادس
رجل طلب الميراث وادعى أنه عم الميت يشترط لصحته أن يسر فيقول عمه لأبيه وأمه أو لأبيه أو لأمه
____________________
(7/216)
وأن يقول أيضا وارثه لا وارث له غيره وإذا أقام البينة لا بد للشهود أن ينسبوا الميت ولوارث حتى يلتقيا إلى أب واحد ويقول هو وارثه لا وارث له غيره فإن شهدوا بذلك أو شهدوا أنه أخو الميت لأبيه وأمه أو لأبيه أو وارثه لا يعلمون له وارثا غيره جاز ولا يشترط في هذا ذكر الأسماء
قاضيخان
رجل ادعى إرثا عن ميت وزعم أنه ابن عم الميت لأبيه وأقام بينة على النسب وذكر الشهود اسم أبيه وجده واسم أبي الميت وجده كما هو الرسم والمدعى عليه أقام البينة أن جد الميت فلان غير ما أثبته المدعي لا تقبل لأن البينات للإثبات لا للنفي وبينة المدعى عليه قامت للنفي وهو ليس بخصم في إثبات جد المدعي
خانية
تنبيه الشرط أي سماع بينة الإرث إحضار الخصم وهو إما وارث أو غريم الميت وله على الميت دين أو مودع الميت أو الموصى له أو به لا فرق بين أن يكون مقرا بالحق أو منكرا
بزازية في العاشر من كتاب الدعوى
قوله ( وبقي شرط ثالث الخ ) ينافيه ما قدمه في مسائل شتى من التفصيل في قول الشهود لا نعلم له وارثا غيره وعدمه إذ لو كان قولهم ذلك شرطا لما تأتي التفصيل والذي في البحر عن البزازية قول الشاهد لا أعلم له وارثا غيره عندنا بمنزلة لا وارث له غيره انتهى
قوله ( غيره ) قال في فتح القدير وإذا شهدوا أنه كان لمورثه تركة ميراثا له ولم يقولوا لا نعلم له وارثا غيره فإن كان ممن يرث في حال دون حال لا يقضى لاحتمال عدم استحقاقه أو يرث على كل حال يحتاط القاضي وينتظر مدة هل له وارث آخر أو لا فإن لم يظهر يقضى بكله وإن كان نصيبه يختلف في الأحوال يقضى بالأقل فيقضى في الزوج بالربع والزوجة بالثمن إلا أن يقولوا لا نعلم له وارثا غيره
وقال محمد وهو رواية عن أبي حنيفة يقضى بالأكثر والظاهر الأول ويأخذ القاضي كفيلا عندهما ولو قالوا لا نعلم له وارثا بهذا الموضع كفى عند أبي حنيفة خلافا لهما ا هـ
وتقدمت المسألة قبيل كتاب الشهادات وذكرها في السادس والخمسين من شرح أدب القضاء منوعة ثلاثة أنواع فارجع إليه ولخصها هناك صاحب البحر بما فيه خفاء
وقد علم بما مر أن الوارث إن كان ممن قد يحجب حجب حرمان فذكر هذا الشرط لأصل القضاء وإن كان ممن قد يحجب حجب نقصان فذكره شرط للقضاء بالأكثر وإن كان وارثا دائما ولا ينقص بغيره فذكره شرط للقضاء حالا بدون تلوم فتأمل
وقدمنا الكلام عليه مستوفى في شتى القضاء فارجع إليه
قوله ( ورابع ) أي في الشهادة بالإرث أما الشهادة بالنسب فقد سبق أنه يثبت بالتسامع قال في البزازية شهدا أن فلان بن فلان مات وترك هذه الدار ميراثا ولم يدركا الميت فشهادتهما باطلة لأنهما شهدا بملك لم يعاينا سببه ولا رأياه في يد المدعي انتهى
أقول قال الصدر الشهيد في شرح أدب القاضي وإن عاين الملك دون المالك بأن عاين ملكا لجدوده ينسب إلى فلان بن فلان الفلاني وهو لم يعاينه بوجهه ولا يعرفه بنسبه القياس فيه أن لا يحل والاستحسان يحل لأن النسب مما يثبت بالتسامع والشهرة فيصير المالك معروفا بالتسامع والملك معروف فترفع الجهالة لكن إنما تقبل إذا لم يفسر الشاهد أما إذا فسر فلا
قوله ( ذكرهما البزازي ) وكذا في الفتح
قوله ( وذكر اسم الميت الخ ) حتى لو شهدا أنه جده أو أبيه أو أمه ووارثه ولم يسميا الميت تقبل
بزازية
قوله ( وإن شهدا بيد حي الخ ) يعني إذا كان دار في يد رجل فادعى آخر أنها له وأقام بينة أنها كانت في يده لا تقبل
وقال الثاني تقبل لأن الثابت
____________________
(7/217)
بالبينة كالثابت بإقرار الخصم ولو أقر المدعى عليه به وقعت إلى المدعي اتفاقا ولهما أن هذه شهادة قامت على مجهول وهو اليد فإنها الآن منقطعة ويحتمل أنها كانت يد ملك أو وديعة أو إجارة أو غصب فلا يحكم بإعادتها بالشك
درر
ولو شهدا أنها كانت له تقبل بلا خلاف كما في الخانية
ولو شهدا بأن المدعى عليه أخذها من المدعي فإنها تقبل وترد الدار إلى المدعي وقيد بقول بيد حي لأنهم لو شهدوا أنها كانت في يد فلان مات تقبل بالاتفاق
مسكين
قوله ( سواء قالا مذ شهر الخ ) لأن قولهما ذلك وجوده كعدمه والخلاف ثابت أيضا بدون ذكره فإنه ذكر التمرتاشي في الجامع الصغير شهدوا لحي أن العين كانت في يده لم تقبل
قوله ( ردت ) أي عند أبي حنيفة ومحمد وعن أبي يوسف أنها تقبل كما ذكرنا
قوله ( لتنوع يد الحي ) علة لقوله بمجهول وذلك أنه يحتمل أنها كانت يد ملك أو وديعة أو إجارة أو غصب فلا يحكم بإعادتها
درر أي فلا يقضى بالشك
قال في الغرر إلا أن يقولا أن المدعى عليه أحدث اليد فيه فيقضى للمدعي ويؤمر المدعى عليه بالتسليم إليه ولكن لا يصير المدعى عليه مقضيا عليه حتى لو برهن بعده على أنه ملكه تقبل ا هـ
وإذا كانت وديعة مثلا تكون باقية على حالها أما الميت فتنقلب ملكا له إذا مات مجهلا لها كما تقدم
قوله ( بخلاف ما لو شهدا أنها كانت ملكه ) أي فتقبل لأن الشهادة بالملك المنقضي مقبولة لا باليد المنقضية لأن الملك لا يتنوع واليد تتنوع باحتمال أنه كان له فاشتراه منه لأن الأصل إبقاء ما كان على الذي عليه كان وقدمنا قريبا ما لو شهد المدعي ملك عين في يد رجل أنها كانت ملك المدعي حيث يقضي بها وما لو شهد أنها كانت لمورثه بدون إضافة الملك إلى وقت الموت حيث اختلف في قبولها والفرق بينهما عن الفتح فلا تنسه
قوله ( أو أقر ) معطوف على قوله شهدا
قوله ( في يد المدعي ) قيد بالإقرار باليد مقصودا لأنه لو أقر له بها ضمنا لم تدفع إليه كما سيأتي في الإقرار
قوله ( بذلك ) أي بيد الحي أو وملكه ومن اقتصر على الثاني فقد قصر
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( دفع للمدعي ) الأولى أن يقول فإنه يدفع للمدعي كما يظهر بالتأمل
وفي البحر وإنما قال دفع إليه دون أن يقول أنه إقرار بالملك لأنه لو برهن على أنه ملكه فإنه يقبل ا هـ أي في مسألة الإقرار باليد أو الشهادة عليه لأنهما المذكورتان في الكنز دون مسألة الشهادة بالملك لما في جامع الفصولين أخذ عينا من يد آخر وقال إني أخذته من يده لأنه كان ملكي وبرهن على ذلك تقبل لأنه وإن كان ذا يد بحكم الحال لكنه لما أقر بقبضه منه فقد أقر أن اليد في الحقيقة هو الخارج ولو أقر المدعى عليه إني أخذته من المدعي لأنه كان ملكي فلو كذبه المدعي في الأخذ منه لا يؤمر بالتسليم إلى المدعى لأنه رد إقراره وبرهن على ذي اليد ولو صدقه يؤمر بتسليمه إلى المدعي فيصير المدعي ذا يد فيحلف أو يرهن الآخر ا هـ
وقوله دفع للمدعي قال في الدرر لكن لا يصير المدعى عليه بزوال اليد عنه مقضيا عليه حتى لو برهن المدعى عليه بعده على أنه ملكه يقبل
كذا في العمادية ا هـ
قوله ( لمعلومية الإقرار ) أي إقرار المدعى عليه أنها كانت في يد المدعي فيؤاخذ به
قوله ( وجهالة المقر به ) من كون اليد أمانة أو ملكا
قوله ( لا تبطل الإقرار ) أي في حق الدفع
قال ط ظاهره أنهما شهدا عليه أنه أقر بأن الدار التي في يده كانت لفلان ولم يعاينا الدار
قوله ( بالملك المنقضي ) أي كيد الميت كما في صورة الجر السابقة عن البحر
قوله ( لا باليد المنقضية ) أي كيد الحي
____________________
(7/218)
قوله ( لتنوع اليد ) أي لاحتمال أنه كان له فاشتراه منه
قوله ( المفتى به نعم ) لأنه أقر باليد وادعى أنها بغير حق فيؤاخذ بإقراره ولا تثبت الدعوى الأخرى إلا ببرهان قوله ( قبلت بألف ) أي ولا يسمع قوله قضاه لكمال النصاب ولا يكون رده من المدعي تكذيبا له كما إذا شهد له بألف وخمسمائة والمدعي يدعي ألفا لأنه لم يذكره فيما شهد له به وإنما كذبه فيما شهد به عليه وذلك لا يمنع كما إذا شهد له بشيء ثم شهد عليه بآخر ولا تقبل إلا إذا ادعى الألف فإذا ادعى خمسمائة والمسألة بحالها لا تقبل
قوله ( إلا إذا شهد معه آخر ) أي لكمال النصاب
قوله ( ولا يشهد ) أي بالألف كلها أي يجب عليه أن لا يشهد كما في الزيلعي والدرر
قوله ( من علمه ) فعل ماض أي علم قضاء خمسمائة
قوله ( حتى يقر المدعي به ) أي يقر المدعي عنه الناس به أي بما قبض لئلا يتضرر المدعى عليه عند تقريره الدعوى ولئلا يكون إعانة على الظلم
قال في البحر والمراد من ينبغي في عبارة الكنز معنى يجب فلا تحل له الشهادة
قوله ( شهد بسرقة بقرة الخ ) هذه من مسائل الجامع الصغير وصورتها عن محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رحمهم الله تعالى في شاهدين شهدا جميعا على أنه سرق بقرة واختلفا في لونها قال أجيز الشهادة وأقطعه وقال أبو يوسف ومحمد لا نجيز الشهادة ولا نقطعه ا هـ
له أن التوفيق ممكن لأن التحمل في السرقة يكون ليلا غالبا واللونان يتشابهان ويجتمعان فيكون السواد من جانب وهذا يبصره والبياض من جانب آخر وهذا يشاهده وإذا كان التوفيق ممكنا وجب القبول كما إذا اختلف شهود الزنا في بيت واحد وفيه بحث من وجهين أحدهما أن طلب التوفيق هنا احتيال لإثبات الحد وهو القطع والحد يحتال لدرئه لا لإثباته
والثاني أن التوفيق وإن كان ممنكنا ليس بمعتبر ما لم يصرح به فيما يثبت بالشبهات فكيف يعتبر إمكانه فيما يدرأ بها والجواب عن الأول إن ذلك إنما كان احتيالا لإثباته أن لو كان في اختلاف ما كلفا نقله وهو من صلب الشهادة لبيان قيمة المسروق ليعلم هل كان نصابا فيقطع به أو لا أما إذا كان في اختلاف ما لم يكلفا نقله كلون ثياب السارق وأمثاله فاعتبار التوفيق فيه ليس احتيالا لإثباته الحد لإمكان ثبوته بدونه ألا ترى أنهما لو سكتا عن بيان لون البقرة ما كلفهما القاضي بذلك فتبين أنه ليس من صلب الشهادة ولم يكلفا نقله إلى مجلس الحكم بخلاف الذكورة والأنوثة فإنهما يكلفان النقل بذلك لأن القيمة تختلف باختلافهما فكان اختلافا في صلب الشهادة
والجواب عن الثاني بأن جواب للقياس لأن القياس اعتبار إمكان التوفيق أو يقال التصريح بالتوفيق يعتبر فيما كان في صلب الشهادة وإمكانه فيما لم يكن فيه هذا وأطلق في اللون فشمل جميع الألوان وهو الصحيح ولهما أن السواد غير البياض فلم يتم على كل نصاب شهادة وصار كالغصب لأن أمر الحد أهم كالذكورة والأنوثة وعلى هذا الخلاف لو ادعى سرقة ثوب مطلقا فقال أحدهما هروي والآخر مروي ا هـ
شلبي
وتكلم الشرح على القطع ولم يتكلم على الضمان والظاهر وجوبه وحرره نقلا ا هـ ط بزيادة
قوله ( خلافا لهما ) حيث قالا لا يقطع ل
____________________
(7/219)
أنهما اختلفا في المشهود به فيمتنع به بالقبول كما إذا اختلفا في الذكورة والأنوثة أو في اللون في الغصب بل أولى لأن الثابت بالغصب ضمان لا يسقط الشبهات والثابت هنا حد يسقط بها ا هـ
درر
قوله ( واستظهر صدر الشريعة قولهما ) لكن صحح في الهداية قول الإمام رحمه الله تعالى
قوله ( وهذا إذا لم يذكر المدعي لونها ) أما لو عين لونها كحمراء فقال أحدهما سواداء لم يقطع إجماعا لأنه كذب أحد شاهديه كما في الفتح
قوله ( أو جملة لم تقبل ) أما الأول فلأن الإطلاق أزيد من المقيد وأما الثاني فلاختلاف الشهادة والدعوى للمباينة بين المتفرق والجملة وتقدمت هذه المسألة آنفا
قوله ( شهد في دين الحي الخ ) قال في البحر لم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى مسألتين إحداهما ما إذا ادعى شيئا للحال فشهدا به مما مضى وعكسه
الثانية إذا ادعى الإنشاء فشهد بالإقرار وعكسه أما الأول ففي المحيط نقلا عن الأقضية إذا ادعى الملك للحال أي في العين فشهدوا أن هذا المعين كان قد ملكه تقبل لأنها أثبتت الملك في الماضي فيحكم بها في الحال ما لم يعلم المزيل
قال رشيد الدين بعدما ذكرها أمر روري ميدانت ا هـ
ومعنى تحكيمها في الحال الخ
قال في نور العين هذا عمل بالاستصحاب وهو حجة في الدفع لا للاستحقاق فكان ينبغي أن لا تقبل شهادتهما فيه لكن فيه حرج فيقبل دفعا للحرج
( يقول الحقير ) قوله دفعا للحرج تعليل عليل كما لا يخفى على ذي فهم جليل ا هـ
وقال في البحر أيضا ومعنى هذا لا يحل للقاضي أن يقول أتعلمون أنه ملكه اليوم
نعم ينبغي للقاضي أن يقول هل تعلمون أنه خرج عن ملكه فقط
ذكره في المحيط
قال العمادي فعلى هذا إذا ادعى الدين فشهدا أنه كان له عليه كذا ينبغي أن يقبل كما في العين ومثله ما لو ادعى أنها زوجته فشهدوا أنه كان تزوجها ولم يتعرضوا للحال تقبل ا هـ
لكن اعترض الرملي قوله نعم ينبغي للقاضي الخ بأن المنصوص خلافه وإن البحث لا يعارض المنصوص إذ لا عبرة للأبحاث في معارضة النصوص ا هـ
وقال أيضا معنى لا ينبغي للقاضي أن يقول الخ أي لأنهم لو قالوا لا نعلم أنه ملكه اليوم لا تقبل شهادتهم فيضيع حق المدعي ظاهرا فلا يسألهم بخلاف ما إذا قال لهم هل تعلمون أنه خرج عن ملكه فإنهم إذا قالوا لا نعلم أنه خرج عن ملكه لا تبطل شهادتهم كما هو ظهر ا هـ
وهذا كله إذا شهدوا بالملك في الماضي أما لو شهدوا باليد له في الماضي لا يقضى به في ظاهر الرواية وإن كانت اليد تسوغ الشهادة في الملك على ما أسلفناه
وعن أبي يوسف يقضى بها
وخرج العمادي على هذا في الواقعات لو أقر بدين عند رجلين ثم شهد عدلان عند الشاهدين أنه قضى دينه أن شاهدي الإقرار يشهدان أنه كان له عليه دين ولا يشهد أن له عليه فقال هذا أيضا دليله على أنه إذا ادعى العين وشهدوا أنه كان له عليه تقبل
وهذا غلط فإنه إنما تعرض لما يسوغ له أن يشهد به لا للقبول وعدمه بل ربما يؤخذ من منعه من إحدى العبارتين دون الأخرى بثبوت القبول في إحداهما دون الأخرى كيف وقد ثبت بشهادة العدلين عند الشاهدين أنه قضاه فلا يشهدان حتى يخبر القاضي بذلك وأن القاضي حينئذ لا يقضي بشيء
كذا في فتح القدير
وفي البزازية شهد أنه زوجت نفسها ولا نعلم أنها في الحال امرأته أو لا أو شهدا أنه باع منه هذه العين ولا ندري أنها ملكه في الحال أو لا يقضي بالنكاح والملك في الحال بالاستصحاب والشاهد في العقد شاهد في الحال
____________________
(7/220)
والحاصل أن المنصوص عليه في العين ما سمعت وأما في الدين فالمنصوص عليه عدم القبول
قال في القنية شهدا على إقرار رجل بدين فقال المشهود عليه أتشهد أن هذا القدر علي الآن فقال لا أدري أهو عليك الآن أم لا لا تقبل الشهادة ا هـ
وقاع قبله ادعى علي آخر دينا على مورثه فشهدوا أنه كان على الميت دين لا تقبل حتى يشهدوا أنه مات وهو عليه ا هـ
فموضوع الأولى في الشهادة على الإقرار وإن الشاهد قال لا أدري أهو عليك الآن أم لا وهو ساكت عما إذا شهدوا أنه كان له عليه كذا وقد بحث العمادي أنه ينبغي القبول وليس بمعارض للمنصوص عليه كما علمت ا هـ
أقول بل هو داخل في قولهم الشهادة بالملك المنقضي مقبولة وأما الثانية أعني ما إذا ادعى الإنشاء فشهد بالإقرار وعكسه فقال في جامع الفصولين ادعى الوديعة فشهد أن المودع أقر بالإيداع تقبل كما في الغصب وكذا العارية ادعى نكاحا وشهدا بإقرارهما بنكاح تقبل كما في الغصب وكذا العارية ولو ادعى دينا فشهد بإقراره بالمال تقبل وتكون إقامة البينة على إقراره كإقامة البينة على السبب وأفتى بعضهم بعدم القبول
ادعى قرضا وشهد بإقراره بالمال تقبل بلا بيان السبب انتهى
فتقبل بالإيداع والغصب والعارية والديون والنكاح وأما البيع فقال في جامع الفصولين ادعى بيعا وشهدا أنه أقر بالبيع واختلفا في زمان ومكان تقبل
وفيه قبله ادعى مائة قفيز بر بسبب سلم صحيح وشهدا أن المدعى عليه أقر أن له عليه مائة قفيز بر ولم يزيدا قيل تقبل لأنه اختلاف في سبب الدين فلا يمنع وقيل لا وهو الأصح لأنهما لم يذكرا إقراره بسبب السلم والاختلاف بسبب الدين إنما يمنع قبولها لو لم يختلف الدين باختلاف السبب ودين السلم مع دين آخر يختلفان إذ الاستبدال قبل القبض لم يجز في السلم وجاز في دين البر بلا سبب فلم يشهدا بدين يدعيه فلا تقبل بخلاف ما ادعى بسبب القرض تقبل انتهى
ثم قال ادعى قضاء دينه وشهد أنه أقر باستيفائه تقبل انتهى
وفي القنية ادعى عبدا فشهد أحدهما بملك مرسل والآخر بإقرار ذي اليد بملكيته للمدعي تقبل ولو كان هذا في دعوى الأمة والضيعة لا تقبل والفرق فيها
وأما عكسها أعني ما إذا ادعى الإقرار فشهد بالإنشاء فغير متصور شرعا إذ لا تسمع الدعوى بالإقرار لما في البزازية معزيا إلى الذخيرة
ادعى أن له عليه كذا وإن العين الذي في يده له لما أنه أقر له بعد أو ابتدأ بدعوى الإقرار وقال أنه أقر أن هذا لي أو أقر أن لي عليه كذا قيل يصح وعامة المشايخ على أنه لا تصح الدعوى لعدم صلاح الإقرار للاستحقاق كالإقرار كاذبا فلا يصح الإقرار لإضافة الاستحقاق إلي بخلاف دعوى الإقرار من المدعى عليه على المدعي بأنه برهن على أنه أقر أنه لا حق له فيه أو بأنه ملك المدعي حيث تقبل
وتمامه فيها
وسنتكلم عليها إن شاء الله تعالى بأوضح من ذلك في الدعوى
أقول أما قول فغير متصور شرعا قال الغزي ممنوع لأنه لو ادعى أنه ملكي وأنه أقر له به تسمع لكن قد يقال رجع إلى دعوى الملك والكلام ليس فيه فيستقيم الكلام
قوله ( وفي دين الميت لا تقبل مطلقا ) أي سألهما الخصم عن بقائه أو لم يسألهما ولكن الذي ردت في الشهادة في دين الحي إنما هو في صورة الإقرار لما قدمناه قبل أسطر عن البحر عن القنية شهد على إقرار رجل بدين الخ ولذا قال بعده وهو ساكت الخ
قال في البحر وفي مسألة دين الميت لا بد في القبول من شهادتهما بأنه مات وهو عليه احتياطا في أمر الميت ولذا يحلف المدعي مع إقامة البينة بخلافه في دين الحي فتحرر أنهما إذا شهدا في دين الحي بأنه كان
____________________
(7/221)
له عليه كذا تقبل إلا إذا سألهما الخصم عن البقاء فقالا لا ندري وفي دين الميت لا تقبل مطلقا ا هـ
قوله ( قلت ) القول صاحب المنح
قوله ( من ثبوته بمجرد بيان سببه الخ ) قال الرملي نقلا عن المحيط إنه يثبت الدين على الميت بمجرد بيان الشاهد سببه من غير حاجة إلى أن يقولا مات وعليه شهدا على رجل أنه جرحه ولم يزل صاحب فراش حتى مات يحكم به وإن لم يشهدوا أنه مات من جراحته لأنه لا علم لهم به
بزازية معين الحكام
كذا رأيته بخط بعض العلماء
وأقول ما في المحيط لا يعارض ما في القنية إذ ما فيها فيما إذا ادعى الدين للحال فشهدا به كذلك بحيث أنهما لم يقولا كان وبه يحصل التوفيق فتأمل
ونقل بعض الفضلاء عن المقدسي أنه قوى ما في معين الحكام وأنه قال إن الأول ضعيف وإن الاحتياط في أمر الميت يكفي فيه تحليف خصمه مع وجود بينة وأن في هذا الاحتياط ترك احتياط آخر في وفاء دينه الذي يحجبه عن الجنة وتضييع حقوق أناس كثيرين لا يجدون من يشهد لهم على هذا الوجه ا هـ
وبه اعترض في نور العين على صاحب جامع الفصولين
قوله ( والاحتياط لا يخفى ) قد علمت أن الاحتياط في عدم اشتراط ذلك وأن اشتراطه ضعيف لكن قال الرحمتي والاحتياط لا يخفى لأن الأمر فيه مشكل دائر بين تضييع حق الدائن أو إلزام الميت بما ليس في ذمته فيحتاج القاضي والمفتي أن يتفحصا كما التفحص ويتتبعا القرائن وأحوال المدعي والمدعى عليه فإن ظهر له بقاء الدين يفتي المفتي بقول من يقول لا حاجة إلى الجر ويقضي القاضي به وإن غلب على ظنه استيفاء الدائن للدين أو سقوطه بوجه من المسقطات يفتى بالقول الثاني ويقضي به القاضي حفظا لأموال الناس وأديانهم ولذا قال والاحتياط لا يخفى ولم يبين بماذا يكون الاحتياط والله أعلم
لكن عبارة المنح وفي مسألة دين الميت لا بد في القبول في شهادتهما بأنه مات وهو عليه احتياطا في أمر الميت ا هـ
فأفاد أن الاحتياط إنما هو في أمر الميت لأنه لا يجب عن نفسه والوارث لا يعلم ما فعل مورثه ثم نقل القولين فكتب الخير الرملي في هامشه قوله قلت الخ
أقول ما في المحيط لا يعارض ما في القنية إذ ما فيها فيما إذا ادعى الدين للحال فشهدا بالماضي فلذلك أقحم أي الشاهدان لفظ كان وما فيه فيما إذا ادعى الدين للحال فشهدا به كذلك ولذا لم يقولا كان وبه يحصل التوفيق فتأمل ا هـ
وبهذا يتضح ما ذكره الشارح
قوله ( ادعى ملكا في الماضي ) أي بأن قال ملكي وشهدا أنه له قال في الفصولين ولو ادعى ملكا في الماضي شهدا به في الحال بأن قال كان هذا ملكي وشهدا أنه له قيل تقبل وقيل لا وهو الأصح
وكذا لو ادعى أنه كان له وشهدا أنه كان له لا تقبل
قوله ( كما لو شهدا بالماضي أيضا ) أي لا تقبل لأن إسناد المدعي يدل على نفي الملك في الحال إذ لا فائدة للمدعي في الإسناد مع قيام ملكه في الحال بخلاف الشاهدين لو أسندا ملكه إلى الماضي لأن إسنادهما لا يدل على النفي في الحال لأنهما لا يعرفان بقاءه إلا بالاستصحاب والشاهد قد يحترز عن الشهادة باستصحاب الحال علدم تيقنه بخلاف المالك إذ كما يعلم ثبوت ملكه يقينا يعلم بقاءه يقينا
بحر
وبهذا ظهر الفرق بين ما هنا وبين ما تقدم متنا من قوله بخلاف ما لو شهدا أنها كانت ملكه
فرع مهم قال المدعي إن الدار التي
____________________
(7/222)
حدودها مكتوبة في هذا المحضر ملكي وقال الشهود أن الدار التي حدودها مكتوبة في هذا المحضر ملكه صح الدعوى والشهادة وكذا لو شهودا أن المال الذي كتب في هذا الصك عليه تقبل
والمعنى فيه أنه أشار إلى المعلوم لو شهدا يملك المتنازع فيه والخصمان تصادقا على أن المشهود به هو المتنازع فيه ينبغي أن تقبل الشهادة في أصل الدار وإن لم تذكر الحدود لعدم الجهالة المفضية إلى النزاع في أصل الدار
جامع الفصولين في آخر الفصل السابع
والله تعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب الشهادة على الشهادة إنما أخرها لأنها فرع عن شهادة الأصل فاستحقت التأخير لأن الأصل مقدم على الفرع ولأنها بمنزلة المركب من المفرد وجوازها استحسان والقياس لا يقتضيه لأن الأداء عبادة بدنية لزمت الأصل لا حق للمشهود له لعدم الإجبار عليها ولعدم جواز الخصومة فيها والنيابة لا تجري في العبادات البدنية لأن كون قول الإنسان ينفذ على مثله ويلزمه ما نسبه إليه وهو ينفيه ويبرأ منه إنما عرف حجة شرعا عند قدر من احتمال الكذب وهو ما في شهادة الأصول لعدم العصمة من الكذب والشهود فلا يكون حجة كذلك عن زيادة الاحتمال فكيف إذا كان الثابت ضعف ذلك الاحتمال وهو في شهادة الفرعين وإن اختلف محل الأداء فإن محله في الأصلين في إثبات حق المدعي وفي الفرعين ما يشهدان به من شهادة الأصلين ثم يرجع إلى الحق المدعى به إلا أنهم استحسنوا جوازها في كل حق لا يسقط بالشبهة لشدة الاحتياج إليها لأن الأصل قد يعجز عن أدائها لبعض العوارض فلو لم تجز لأدى إلى ضياع كثير من الحقوق
ولهذا جوزت وإن كثرت أعني الشهادة على شهادة الفروع وإن بعدت إلا أن فيها شبهة من حيث البدلية لأن البدل مما لا يصار إليه إلا عند العجز عن الأصل وهذه كذلك
واعترض بأنه لو كان فيها معنى البدلية لما جاز الجمع بينهما لعدم جوازه بين البدل والمبدل لكن لو شهد أحد الشاهدين وهو أصل وآخران على شهادة شاهد آخر جاز
وأجيب بأن البدلية إنما هي في المشهود به فإن المشهود به بشهادة الفروع هو شهادة الأصول والمشهود به بشهادة الأصول هو ما عاينوه مما يدعيه المدعي وإذا كان كذلك لم تكن شهادة الفروع بدلا عن شهادة الأصول فلم يمتنع إتمام الأصول بالفروع فإذا ثبتت البدلية فيها لا تقبل فيما يسقط بالشبهات كشهادة النساء مع الرجال وكالحدود والقصاص وعند الأئمة الثلاثة تقبل فيما يسقط بها أيضا
عناية بزيادة
فإن قيل ذكر في المبسوط أن الشاهدين لو شهدا على شهادة شاهدين أن قاضي بلدة كذا حد فلانا في قذف تقبل حتى ترد شهادة فلان
أجيب بأن لا نقض فإن المشهود به فعل القاضي وهو ما يثبت مع الشبهات والمراد من الشهادة بالحدود الشهادة بوقوع أسبابها الموجبة لها فما ورد أن فعل القاضي موجب لردها وردها من حده فهو موجب للحد
أجيب بالمنع بل الموجب لردها إذا كان من حده ما يوجب الحد والذي يوجبه هو القذف نفسه على أن في المحيط ذكر محمد في الديات لا تقبل هذه الشهادة
فتح قوله ( وإن كثرت ) أي تعددت أعني الشهادة على شهادة الفروع بأن يحمل الفرع شهادته لاثنين وأحد الاثنين لآخرين وهكذا
ويشترط الشروط الآتي ذكرها في كل فرع مع أصله
قوله ( في كل حق على الصحيح ) أي لا يسقط بشبهة كما في الهداية
قال في البحر أطلقه فشمل الوقف وهو الصحيح إحياء له وصونا عن اندراسه وشمل التقرير وهو مصرح به في الأجناس وقضاء القاضي وكتابه كما في الخانية والنسب كما في خزانة المفتين
____________________
(7/223)
وفي القنية أشهد القاضي شهودا أني حكمت لفلان على فلان بكذا فهو إشهاد باطل لا عبرة به والحضور شرط ا هـ
وفي يتيمة الدهر كتبت إلى الحسن بن زياد إذا أشهد القاضي على قضائه الشاهدين اللذين شهدا في تلك الحادثة هل يصح إشهاده إياهما فقال نعم لكنه ينفصل عن القبول في الحكم ا هـ
قال في فتج القدير الشهادة عن الشهادة جائزة في كل حق يثبت مع الشبهة فخرج ما لا يثبت معها وهو الحدود والقصاص فأما التعزير ففي الأجناس من نوادر ابن رستم عن محمد يجوز في التعزير العفو والشهادة على الشهادة ونص الفقيه أبو الليث على أن كتاب القاضي إلى القاضي لا تجوز فيه الشهادة على الشهادة وفي فتاوى قاضيخان الشهادة على الشهادة جائزة في الأقارير والحقوق وأقضية القضاة وكتبهم وكل شيء إلا الحدود والقصاص وبقولنا هذا قال أحمد والشافعي في قول وأصح قوليه وهو قول مالك يقبل في الحدود والقصاص أيضا لأن الفروع عدول نقلوا شهادة الأصول فالحكم بشهادة الأصول لا بشهادتهم وصاروا كالمترجم وسيندفع ا هـ
قوله ( إلا في حد ) أي ما يوجب الحد فلا يرد أنه إذا شهد على شهادة شاهدين أن قاضي بلد كذا ضرب فلانا حدا في قذف فإنها تقبل حتى ترد شهادته إلى آخر ما ذكرنا آنفا وفيه إشعار بأنها تقبل في التعزير وهذه رواية عن أبي يوسف وعن أبي حنيفة أنها لا تقبل كما في الاختيار قهستاني
قوله ( وجاز الإشهاد مطلقا ) أي بعذر أو غيره وسواء تعذر حضور الأصل أو لا لأن تحمل الشهادة أسهل من أدائها
قال في خزانة المفتين والإشهاد على شهادة نفسه يجوز وإن لم يكن بالأصول عذر حتى لو حل بهم العذر من مرض أو سفر أو موت شهد الفروع ا هـ
فتبين أن اشتراط العذر وقت الأداء لا وقت التحمل
قال في البحر وقيد شهادة الفرع أي عند القاضي لأن وقت التحمل لا يشترط أن يكون في الأصل عذر لما في خزانة المفتين وساق عبارتها المذكورة
قوله ( بشرط تعذر حضور الأصل ) قال في البحر لأن جوازها عند الحاجة وإنما تمس عند عجز الأصل
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى أشار إلى أن المراد بالمرض ما لا يستطيع معه الحضور إلى مجلس القاضي كما قيده في الهداية وأن المراد بالسفر الغيبة مدته كما هو ظاهر كلام المشايخ وأفصح به في الخانية والهداية لا مجاوزة البيوت وإن أطلقه كالمرض في الكنز ولم يصرح بالتعذر ولكن ما ذكرنا هو المراد لأن العلة العجز فافهم
قوله ( وما نقله القهستاني ) حيث قال لكن في قضاء النهاية وغيره أن الأصل إذا مات لا تقبل شهادة فرعه فيشترط حياة الأصل
قوله ( فيه كلام ) ويؤيد كلام القهستاني قوله الآتي وبخروج أصله عن أهليتها
قوله ( فإنه نقله عن الخانية عنها ) أي بواسطتها أراد أنه نقل عن قضاء النهاية عن الخانية ولفظ عنها هو على ما في أكثر النسخ وفي بعضها هناك بدل عنها أي في كتاب القضاء وفي شرحه على الملتقى ما يشعر بذلك وهو الأحسن
أقول وليس في القهستاني ذلك كما علمت من عبارته المتقدمة ولعل الشارح اطلع عليه في عبارة النهاية أو تحريف في القهستاني الذي رآها والأولى للشارح أن يقول فإنه نقله عنها في الخانية كما تدل عليه عبارته في شرح الملتقى فإنه قال فيه لكن في قضاء النهاية عن قاضيخان الأصل إذا مات لا تقبل شهادة فرعه فتشترط حياة الأصل
كذا ذكره القهستاني
____________________
(7/224)
أقول فيه أن استدراك القهستاني بقوله لكن في قضاء النهاية الخ يخالف المشهور
قوله ( وهو خطأ ) أي ما ذكره قاضيخان في القضاء خطأ
قوله ( والصواب ما هنا ) أي في باب الشهادة على الشهادة
قال في الدر المنتقى بعد ذكر عبارة القهستاني السابقة وتعقبه بعضهم بأنه أخطأ وأن قاضيخان وغيره ذكره هنا كغيره فأصاب وخالفه ثمة فأخطأ ا هـ
ثم قال لكن نقل البرجندي عن الخلاصة والقهستاني عن الخزانة وكذا في البحر والمنح والسراج وغيرها أنه إذا خرج الأصل عن أهلية الشهادة بأن خرس أو فسق أو عمى أو جن أو ارتد بطل الإشهاد ا هـ أي وبالموت خرج الأصل عن الأهلية وفيه أنهم جوزوا الشهادة بعد الموت نصا فهي مستنثاة ط
أقول وقد يقال إن المقصود من تحميل الشهادة عدم ضياع الحق بموته ولا كذلك بما ذكر لأنها أمور عارضية
قال في الهندية لا تقبل شهادة شهود الفرع إلا أن يموت شهود الأصل أو يمرضوا مرضا لا يستطيعون حضور مجلس القاضي أو يغيبوا مسيرة ثلاثة أيام ولياليها فصاعدا
كذا في الكافي
هذا ظاهر الرواية والفتوى عليه
كذا في التاترخانية
قوله ( أو مرض ) أي مرضا لا يستطيع معه الحضور لمجلس الحاكم ا هـ
منح
وفي شرح المجمع المرض الذي لا يتعذر معه الحضور لا يكون عذرا ا هـ
قوله ( أو سفر ) ظاهر الكنز وغيره من المتون أن سفر الأصل يتحقق بأن يجاوز بيوت مصره قاصدا ثلاثة أيام وإن لم يسافر ثلاثة وظاهر كلام المشايخ أنه لا بد من غيبة الأصل ثلاثة أيام ولياليها كما أفصح به في الخانية
منح
والذي في الخانية الشهادة على الشهادة لا تجوز إلا أن يكون المشهود على شهادته مريضا في المصر لا يقدر أن يحضر لأداء الشهادة أو يكون ميتا أو غائبا غيبة السفر ثلاثة أيام ولياليها
وعن أبي يوسف إذا كان شاهد الأصل في موضع لو حضر لأداء الشهادة لا يبيت في منزله جازت الشهادة على الشهادة
وعن محمد في النوادر أنه تجوز الشهادة على الشهادة وإن كان صحيحا في المصر ا هـ
لكن اعترض سيدي على عبارة المنح من قوله وظاهر الكنز وغيره من المتون أن سفر الأصل الخ في كون ظاهر المتون ذلك نظر حيث كانت العلة العجز وإلا لزم أن يكون المرض الذي لا يتعذر معه الحضور عذرا وليس كذلك فالمتبادر غيبته مدة السفر ولذا أتى في الهداية برديفه فقال أو يغيبوا مسيرة ثلاثة أيام ولياليها فصاعدا كما علمت مما قدمناه آنفا
قوله ( واكتفى الثاني بغيبته الخ ) وعن محمد تجوز الشهادة كيفما كان حتى روي عنه أنه إذا كان الأصل في زواية المسجد فشهد الفرع على شهادته في زواية أخرى من ذلك المسجد تقبل شهادتهم وإلا قطع صرح به عنهما فقال وقال أبو يوسف ومحمد تقبل وإن كانوا في المصر ا هـ ط
وفي النهاية عن السرخسي والسعدي إذا شهد الفروع على شهادة الأصول والأصل في المصر يجب أن تجوز على قولهما لا على قول أبي حنيفة بناء على أن التوكيل بغير رضا الخصم لا يجوز عنده وعندهما يجوز وجه البناء أن المدعى عليه لا يملك إنابة غيره مناب نفسه في الجواب إلا بعذر فكذا لا يملك الأصل إنابة غيره مناب نفسه إلا بعذر
والجامع أن استحقاق الجواب على المدعى عليه كاستحقاق الحضور على الشهود وعندهم لما ملك المدعى عليه إنابة غيره مناب نفسه في الجواب من غير عذر فكذا في الحضور إلى مجلس الحكم
زيلعي
فعلى هذا لا يشترط لأداء الفروع أن يكون بالأصل عذرا أصلا عندهما
قوله ( واستحسنه غير واحد ) قال الكمال
____________________
(7/225)
كثير من المشايخ أخذ بهذه الرواية وبه أخذ الفقيه أبو الليث وذكر محمد في السير الكبير ا هـ
قوله ( وفي القهستاني ) عبارته وتقبل عند أكثر المشايخ وعليه الفتوى كما في المضمرات وذكر القهستاني أيضا أن الأول ظاهر الرواية وعليه الفتوى
وفي البحر قالوا الأول أحسن وهو ظاهر الرواية كما في الحاوي
والثاني أوفق وبه أخذ الفقيه وكثير من المشايخ
وقال فخر الإسلام إنه حسن
وفي السراجية وعليه الفتوى ا هـ
قوله ( وأقره المصنف ) أي في منحه
قوله ( أو كون المرأة مخدرة ) قال البزدوي هي من لا تكون برزت بكرا كانت أو ثيبا ولا يراها غير المحارم من الرجال أما التي جلست على المنصة فرآها رجال أجانب كما هو عادة بعض البلاد لا تكون مخدرة
خانية
قال في البحر وظاهر كلام المصنف الحصر في الثلاثة أي الموت والمرض والسفر وليس كذلك وذكر مسأل المخدرة المذكورة هنا
قوله ( لا المخالط الرجال ) هو تعريف المخدرة كما في القنية ونقله في البحر والهنداية عنها وكذا نقله العلامة الأنقروي برمز بم
قوله ( وفيها لا يجوز الإشهاد لسلطان وأمير ) أي على شهادتهما إذا كان في البلد الأعلى قول محمد على ما سلف
قوله ( وهل تجوز لمحبوس الخ ) قال في السراج إذا كان شاهد الأصل محبوسا في المصر فأشهد على شهادته هل يجوز للفرع أن يشهد على شهادته وإذا شهد عند القاضي هل يحكم بها قال في الذخيرة اختلف فيه مشايخ زماننا قال بعضهم إذا كان محبوسا في سجن هذا القاضي لا يجوز لأن القاضي يخرجه من سجنه حتى يشهد ثم يعيده إلى السجن وإن كان في سجن الوالي ولا يمكنه الخروج للشاهدة يجوز ا هـ
وأطلق في التهذيب جوازها بحبس الأصل ا هـ
أقول ووجهه ظاهر لأن المحبوس لا يملك الخروج بل هو مجبور على عدمه
قال ط ويمكن حمله على ما ذكر من التفصيل ا هـ
وأقول قدمنا إنه الآن في زماننا لا فرق بين حبس القاضي والوالي بل المحبس واحد فإن من لزمه أداء شهادة يخرج لأدائها بمحافظ معه كما علمت فتنبه
وفي الهندية إن كان الأصل معتكفا قال القاضي بديع الدين لا يجوز سواء كان منذورا أو غير منذور ا هـ
قوله ( ذكره المصنف في الوكالة ) ونقله المصنف أيضا عن السراج عن الذخيرة
قوله ( عند الشهادة ) أي أدائها عند القاضي
قال في المنح وهو أي قوله عند القاضي متعلق بتعذر وما عطف عليه
قوله ( قيد للكل ) أي فيكون الظرف متعلقا بحضور الأصل
قوله ( لإطلاق جواز الإشهاد ) يعني يجوز أن يشهد وهو صحيح أو سقيم ونحوه ولكن لا تجوز الشهادة عند القاضي إلا وما ذكره من الشروط موجود في الأصل
قال في البحر نقلا عن خزانة المفتين والإشهاد على شهادة نفسه يجوز وإن لم يكن بالأصول عذر حتى لو حل بهم العذر يشهد الفروع ا هـ
ومثله في المنح عن السراجية
قوله ( كما مر ) أي في قوله وجاز الإشهاد مطلقا
قوله ( شهادة عدد ) قال في فتح القدير لا تجوز شهادة الشاهد حتى يكون اثنين ولأن شهادة
____________________
(7/226)
كل من الأصلين هي المشهود بها فلا بد أن يجتمع على كل مشهود به شاهدان حتى لو كانت امرأة شاهدة مع الأصول لا يجوز على شهادتها إلا رجلان أو رجل وامرأتان
وقال الشافعي رحمه الله تعالى في أحد قوليه لا يجوز إلا أن يشهد على شهادة كل منهما شاهدان غير اللذين على شهادة الآخر فذلك أربع على كل أصل اثنان
واختاره المزني لأن كل فرعين يقومان مقام أصل واحد فصار كامرأتين فلا تقوم الحجة بهما لأن المرأتين لما قامتا مقام رجل واحد لم تتم حجة القضاء بشهادتهما ولأن أحدهما لو كان أصلا فشهد شهادتهما الأصلية ثم شهد شهادة فرعية مع فرع على شهادة الأصل الآخر لا يجوز اتفاقا فكذا إذا شهدا جميعا على شهادة الأصلين
وفي قول آخر للشافعي يجوز وهو قول مالك وأحمد لنا ما روي عن علي رضي الله عنه لا يجوز شهادة الشاهد حتى يكونا اثنين فإنه بإطلاقه يفيد الاكتفاء باثنين من غير تقييد بأن يكون بإزاء كل أصل فرعان ولأن حاصل أمرهما أنهما شهدا بحق هو شهادة الأصلين صم شهد بحق آخر هو شهادة الأصل الآخر ولا مانع من أن يشهد شاهدان بحقوق كثيرة بخلاف أداء الأصل شهادة نفسه الأصلية ثم شهادة فرعية على الأصل الآخر مع فرع آخر غيره فإنه إنما لا تجوز لأن فيه يجتمع البدل والمبدل بخلاف ما لو شهد شهادته وشهد اثنان على شهادة الأصل الآخر حيث تجوز وبخلاف شهادة المرأتين فإن النصاب لم يوجد لأنهما بمنزلة رجل واحد ولا يقبل شهادة واحد خلافا لمالك رحمه الله تعالى
قال الفرع قائم مقام الأصل معبر عنه بمنزلة رسوله في إيصال شهادته إلى مجلس القاضي فكأنه حضر وشهد بنفسه واعتبر هذا برواية الأخبار فإن رواية الواحد عن الواحد مقبولة ولنا ما روينا عن علي رضي الله تعالى عنه وهو ظاهر الدلالة على المراد ولأنه حق من الحقوق فلا بد من نصاب الشهادة بخلاف رواية الأخبار
كذا في الفتح مع زيادة
أقول وجه الاستدلال بذلك أن عليا رضي الله تعالى عنه جوز شهادة رجلين على شهادة رجل لم ينف شهادتهما على شهادة رجل آخر ولم يشترط أن يكون بإزاء كل أصل فرعان على حدة فدل إطلاقه على جواز شهادة الفرعين جميعا على شهادة الأصلين ولم يرو عن غير علي خلافه فحل محل الإجماع
قلت وفيه تأمل
كذا في العيني
قوله ( وما في الحاوي ) أي من أنه لا تقبل شهادة النساء على الشهادة
قوله ( بحر ) عبارته وكذا لا يشترط أن يكون المشهود على شهادته رجلا لأن للمرأة أيضا أن تشهد على شهادتها رجلين أو رجلا وامرأتين ويشترط أن يشهد على شهادة كل امرأة نصاب الشهادة كذا ذكر الشارح
وقد توهم القدسي في الحاوي أنه قيد احترازي فقال ولا تقبل شهادة النساء على الشهادة ا هـ
وهو غلط ا هـ
قوله ( عن كل أصل ) متعلق بقوله وشهادة عدد فلو شهد عشرة على شهادة واحد تقبل ولكن لا يقضي حتى يشهد شاهد آخر لأن الثابت بشهادتهم شهادة واحد
بحر عن الخزانة
وأفاد أنه لو شهد واحد على شهادة نفسه وآخران على شهادة غيره يصح وصرح به في البزازية
قوله ( ولو امرأة ) لما قدمنا أنه لا بد من نصاب الشهادة على شهادتهما فيجوز للمرأة أن تشهد على شهادتهما رجلين أو رجلا وامرأتين
قوله ( لا تغاير فرعي هذا وذاك ) أي يكفي شاهدان عن كل أصل ولا يلزم لكل شاهد شاهدان متغايران حتى لو شهد أحدهما على شهادته رجلين وأشهدهما الآخر بعينهما جاز ولو قال لا تغاير فرعيهما لكان أولى
____________________
(7/227)
قوله ( خلافا للشافعي ) فإنه قال لا يجوز حتى يشهد على كل واحد منهما رجلان غير الذي أشهدهما صاحبه فيكون شهود أربعة
قوله ( ولو ابنه ) مستدرك بما سيأتي متنا
قوله ( أشهد على شهادتي أني أشهد بكذا ) لأنه لا بد من التحميل والتوكيل لأن الفرع كالنائب عنه وهما يكونان بشينين ولا بد أن يشهد عند القاضي لينقله إلى مجلس القاضي وهو بالشين الثالثة وإنما قالوا الفرع كالنائب ولم يجعلوه نائبا لأن له أن يقضي بشهادة أصل وفرعين عن أصل آخر ولو كان الفرع نائبا حقيقة لما جاز الجمع بين الأصل والخلف
نهاية
وأجاب الزيلعي بعدم الجمع بينهما لأن الفرعين ليسا ببدل عن الذي شهد معهما بل عن الذي لم يحضر
قال في البحر ولم يذكر المؤلف بعد قوله أقر عندي بكذا وأشهدني على نفسه لأنه ليس بشرط لأن من سمع إقرار غيره حل له الشهادة وإن لم يقل له اشهد كما قدمنا وقيد بقوله اشهد لأنه لو لم يقل له اشهد لم يسعه أن يشهد على شهادته وإن سمعها منه وهذا فيما إذا سمعه في غير مجلس القضاء
أما لو سمع في مجلس القضاء شاهدا يشهد جاز له أن يشهد على شهادته كما في السراج عن النهاية وقيد بقوله على شهادتي لأنه لو قال اشهد علي ذلك لم تجز له الشهادة لأنه لفظ محتمل لاحتمال أن يكون الإشهاد على نفس الحق المشهود به فيكون أمرا بالكذب وقيد بعلي لأنه لو قال بشهادتي لم يجز له لاحتمال أن يكون أمر بأن يشهد مثل شهادته بالكذب وقيد بالشهادة على الشهادة لأن الشهادة بقضاء القاضي صحيحة وإن لم يشهدهما القاضي عليه
وذكر في الخلاصة اختلافا بين أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى فيما إذا سمع الشاهد أن القاضي في غير مجلس القضاء فجوزه أبو حنيفة وهو الأقيس ومنعه أبو يوسف وهو الأحوط ا هـ كلام البحر مع زيادة عليه
قال في البزازية سمعا من الحاكم يقول حكمت لهذا على هذا بكذا ثم نصب حاكم آخر لهما أن يشهدا به عليه أن سمعاه منه في المصر وهو الأحوط والذي علي علم الهدى والمتأخرون أن كلام العالم والعادل مقبول وكلام الظالم والجاهل لا إلا الجاهل العادل إن أحسن التفسير يقبل وإلا فلا
مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة ا هـ منه ولا خفاء أن علم قضاة بلادنا ليس بشبهة فضلا عن الحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة ا هـ
قوله ( ويكفي سكوت الفرع ) أي عند تحميله
قوله ( قنية ) عبارتها أو قال لا أقبل ينبغي أن لا يصير شاهدا حتى لو شهد بعد ذلك لا تقبل ا هـ
تأمل
قوله ( ولا ينبغي الخ ) الظاهر أن ذلك على المنع والاحتياط في الحقوق واجب وهذا الفرع نقله في البحر ثم قال بعد ورقة وفي خزانة المفتين الفرع إذا لم يعرف الأصل بعدالة ولا غيرها فهو مسيء في الشهادة على شهادته بتركه الاحتياط ا هـ
مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة وقالوا الإساءة أفحش من الكراهة ا هـ
لكن ذكر الشارح في شرحه على المنار أنها دونها ورأيت مثله في التقرير شرح البزدوي والتحقيق شرح الإحسكتي وغيرهما أن الإساءة دون الكراهة ولعل
____________________
(7/228)
مراد من قال دون الكراهة ولعل مراد من قال دون الكراهة أراد بها التحريمية ومن قال أفحش أراد بها التنزيهية
تأمل
قوله ( ويقول الفرع أشهد أن فلانا الخ ) أي ويذكر اسمه واسم أبيه وجده فإنه لا بد منه كما في البحر وقوله فلان تمثيل وإلا فلا بد من بيان شاهد الأصل حتى لو قالا نشهد أن رجلين نعرفهما أشهدانا على شهادتهما أنهما يشهدان بكذا وقالا لا نسميهما أو لا نعرف أسماءهما لم تقبل لأنهما تحملا مجازفة لا عن معرفة كما في الصغرى
مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم وفي أبي السعود فلان وفلانة بدون ألف ولام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم تقول ركبت الفلان وحلبت الفلانة ا هـ
قوله ( هذا أوسط العبارات ) قال صاحب الهداية وخير الأمور أوساطها وهو الذي عليه القدوري وذكر أبو النصر شارحه أنه أولى وأحوط
وفي المنبع واختارها شمس الأئمة الحلواني ا هـ
وتبعه صاحب الدرر والغرر
قوله ( وفيه خمس شينات ) والأطول أن يقول الفرع عند القاضي أشهد أن فلانا شهد عند أن لفلان على فلان كذا وأشهدني على شهادته وأمرني أن أشهد على شهادته وأنا الآن أشهد على شهادته بذلك ففيه ثمان شينات
قال في المنية أقل ما يكفي في الإشهاد ثلاث شينات وهي أشهد عندكم بكذا فأشهدوا على شهادتي بذلك وبعض المشايخ قالوا يقول الأصل أشهد بكذا وأني أشهدك على شهادتي فاشهد على شهادتي وفيه خمس شينات والأحسن الأقصر قول أبي جعفر أن يقول الأصل اشهد علي شهادة بكذا ويقول الفرع أشهد على شهادة فلان بكذا من غير احتياج إلى زيادة كما يأتي وهو اختيار الفقيه أبي الليث وأستاذه أبو جعفر
قوله ( وعليه فتوى السرخسي وغيره ) قال في الفتح وبه قالت الأئمة الثلاثة
وحكى أن فقهاء زمن أبي جعفر خالفوه واشترطوا زيادة طويلة فأخرج أبو جعفر الرواية من السير الكبير فانقادوا له
قال في الذخيرة فلو اعتمد أحد على هذا كان أسهل وكلام المصنف أي صاحب الهداية يقتضي ترجيح كلام القدوري المشتمل على خمس شينات حيث حكاه وذكر أن ثم أطول منه وأقصر ثم قال وخير الأمور أوساطها
وذكر أبو نصر البغدادي شارح القدوري أقصر آخر بثلاث شينات وهو أشهد أن فلانا أشهدني على شهادته أن فلانا أقر عنده بكذا ثم قال وما ذكره القدوري أولى وأحوط ثم حكى خلافا في أن قوله وقال لي اشهد على شهادتي شرط عند أبي حنيفة ومحمد فلا يجوز تركه لأنه إذا لم يقله احتمل أنه أمره أن يشهد مثل شهادته وهو كذب وأنه أمره على وجه التحمل فلا يثبت بالشك
وعند أبي يوسف يجوز لأن أمر الشاهد محمول على الصحة ما أمكن فيحمل لذلك على التحميل ا هـ
والوجه في شهود الزمان القول بقولهما وإن كان فيهم العارف المتدين لأن الحكم للغالب خصوصا المتخذ بها مكسبة للدراهم ا هـ ما في الفتح باختصار
وحاصله أنه اختار ما اختاره في الهداية وشرح القدوري من لزوم خمس شينات في الأداء وهو ما جرى عليه في المتون كالقدوري والكنز والغرر والملتقى والإصلاح ومواهب الرحمن وغيرها
قوله ( ويكفي تعديل الفرع لأصله ) في ظاهر الرواية وهو الصحيح لأنه من أهل التزكية
هداية
ولأن الفرع ناقل عبارة الأصل إلى
____________________
(7/229)
مجلس القاضي وبالنقل ينتهي حكم النيابة فيصير أجنبيا فيصح تعديله إذا عرفه القاضي كما في الشروح
قال الملا عبد الحليم محشي الدرر أشار بعنوان الصحة أن فيه اختلافا لما أنه عن محمد عدم الصحة لتهمة المنفعة وله الصحة ظاهر الرواية وصححها في الصغرى وهكذا في المنصورية
قوله ( وإلا لزم تعديل الكل ) هذا عند أبي يوسف
وقال محمد لا تقبل لأنه لا شهادة إلا بالعدالة فإذا لم يعرفوها لم ينقلوا الشهادة فلا تقبل
ولأبي يوسف أن المأخوذ عليهم النقل دون التعديل لأنه قد يخفى عليهم فيتعرف القاضي العدالة كما إذا شهدوا بأنفسهم
كذا في الهداية وفي البحر
وقوله وإلا صادق بصور الأولى أن يسكتوا وهو المراد هنا كما أفصح به في الهداية الثانية أن يقولوا لا يخبرك فجعله في الخانية على الخلاف بين الشيخين
وذكر الخصاف أن عدم القبول ظاهر الرواية وذكر الحلواني أنها تقبل وهو الصحيح لأن الأصل بقي مستورا إذا يحتمل الجرح والتوقف فلا يثبت الجرح بالشك ووجه المشهور أنه جرح للأصول واستشهد الخصاف بأنهما لو قالا إنا نتهمه في الشهادة لم يقبل القاضي شهادتهما على شهادته وما استشهد به هو الصورة الثالثة وقد ذكرها في الخانية ا هـ
ملخصا
وحيث كان المراد الأولى فقول الشارح وإلا لزم الخ تكرار ما في المتن
قوله ( أحد الشاهدين صاحبه في الأصح ) كذا اختاره في الهداية أي إذا كان العدل وهو أحد الشاهدين معروفا بالعدالة عند القاضي ونقل فيه قولين في النهاية
والحاصل كما في الخانية أن القاضي إن عرف الأصول والفروع بالعدالة قضى بشهادتهم وإن عرف أحدهما دون الآخر سأل عمن لم يعرفه وإذا شهد الفرع على شهادة أصل فردت شهادته لفسق الأصل لا تقبل شهادة أحدهما بعد ذلك ا هـ
منح وبحر
قوله ( لأن العدل لا يتهم بمثله ) أي بتعديل مثله ولو اتهم بمثله لا يتهم في شهادته على نفس الحق بأنه أنما يشهد ليصير قوله مقبولا عند الناس وإن لم تكن له شهادة ا هـ ط عن الشلبي
أقول لكن الأولى فيه أن يقال فقوله لا يتهم بمثله أي بهذا الاتهام المنافي للعدالة فمثل مقحمة يعني لأن عدالته تمنعه أن يعدل غير العدل
كذا علل في البحر لكن في عود الضمير على غير مذكور
وأصل العبارة في الهداية حيث قال وكذا إذا شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر يجوز لنا قلنا أي من أنهم أهل التزكية غاية الأمر أن فيه منفعة من حيث القضاء بشهادته ولكن العدل لا يتهم بمثله كما لا يتهم في شهادة نفسه كيف وأن قوله مقبول في نفسه وإن ردت شهادة صاحبه فلا تهمة ا هـ
قال في النهاية أي بمثل ما ذكرت من الشبهة وقوله غاية الأمر أي غاية ما يرد أنه متهم بسبب أن في تعديله منفعة له من حيث تنفيذ القاضي قوله على موجب ما يشهد به
قلنا العدل لا يتهم مثل ما ذكرت من الشبهة فإن مثلها ثابت في شهادة نفسه فإنها تتضمن القضاء بها فكما أنه لم يعتبر الشرع مع عدالته ذلك مانعا كذا ما نحن فيه وإلا لا نسد باب الشهادة ا هـ
وبه ظهر الضمير ليس عائدا للعدل كما توهمه بعضهم
قوله ( وإن سكت الفرع عنه الخ ) قال في فتح القدير وإن سكتوا الفروع عن تعديل الأصول حين سألهم القاضي جازت شهادة الفروع ونظر القاضي في حال الأصول فإن عدلهم غيرهم قضى وإلا لا
وهذا عند أبي يوسف وقال محمد إذا سكتوا أو قالوا لا نعرف عدالتهم لا تقبل شهادة الفروع لأن قبولها باعتبار أنها تقبل شهادة ولم تثبت شهاد الأصول فلا تقبل شهادة الفروع
ولأبي يوسف أن المأخوذ أي الواجب على الفروع ليس إلا نقل ما حملهم الأصول دون تعديلهم فإنه قد يخفي حالهم عنهم فإذا نقلوا ما حملوهم على القاضي أن يتعرف
____________________
(7/230)
حالهم غير أن الفروع حاضرون وهم أهل للتزكية إذا كانوا عدولا فسؤالهم أقرب للمسافة من سؤال غيرهم فإن كان عندهم علم فقد قصرت المسافة وإلا احتاج إلى تعرف حالهم من غيرهم
هكذا ذكر الخلاف الناصحي في تهذيب أدب الاضي للخصاف وصاحب الهداية وشمس الأئمة فيما إذا قال الفروع حين سألهم عن عدالة الأصول لا نخبرك بشيء لا تقبل شهادتهم أي الفروع في ظاهر الرواية لأن هذا ظاهر في الجرح كما لو قالوا نتهمهم في هذه الشهادة
ثم قال وروي عن محمد أنه لا يكون جرحا لأنه يحتمل كونه توقيفا في حالهم فلا يثبت جرحا بالشك ا هـ
وعن أبي يوسف مثل هذه الرواية عن محمد أنها تقبل ويسأل غيرها ولو قالا لا نعرف عدالتهما ولا عدمها فكذا الجواب فيما ذكره أبو علي السعدي وذكر الحلواني أنها تقبل ويسأل عن الأصول وهو الصحيح لأن الأصل بقي مستورا فيسأل عنه
وذكر هشام عن محمد في عدل أشهد على شهادته شاهدين ثم غاب غيبة منقطعة نحو عشرين سنة ولا يدري أهو على عدالته أم لا فشهدا على تلك الشهادة ولم يجد الحاكم من يسأله عن حاله إن كان الأصل مشهورا كأبي حنيفة وسفيان الثوري قضى بشهادتهما عنه لأن عثرة المشهور يتحدث بها وإن كان غير مشهور لا يقضي بها ولو أن فرعين عدالتهما معلومة شهدا عن أصل وقالا لا خير فيه وزكاة غيرهما لا تقبل شهادتهما وإن قال ذلك أحدهما لا يتلفت إلى جرحه
وفي التتمة إذا شهد أنه عدل وليس في المصر من يعرفه فإن كان ليس موضع للمسألة
يعني بأن يخفي فيها لمسألة سألهما عنه أو يبعث من يسألهما عنه سرا فإن عدلاه قبل وإلا اكتفى بما أخبراه علانية ا هـ
قوله ( في حاله كما إذا حضر بنفسه ) أي فيسأل عن عدالته فإذا ظهرت قبله وإلا لا
قوله ( على ما في القهستاني ) عبارته وفيه إيماء إلا أنه لو قال الفرع أن الأصل ليس بعدل أو لا أعرفه لم تقبل شهادته كما قال الخصاف
وعن أبي يوسف أنه تقبل وهو الصحيح على ما قال الحلواني كما في المحيط ا هـ
فتأمل النقل
مدني
قوله ( عن المحيط ) ذكر في التاترخانية خلافه ولم يذكر فيه خلافا وكيف هذا مع أنهما لو قالا نتهمه لا تقبل شهادتهما وظاهر استشهاد الخصاف به كما مر أنه لا خلاف فيه
وفي البزازية فرعان معلوم عدالتهما شهدا عن أصل وقالا لا خير فيه وزكاه غيرهما لا يقبل وإن جرحه أحدهما لا يلتفت إليه
قوله ( فتنبه ) قال في الدر المنتقى فليحرر
وفي البحر وغيره إذا قال الفرع للقاضي أنا أتهمه في الشهادة فإن القاضي أنا أتهمه في الشهادة فإن القاضي لا يقبله وهذا لا ينافي ما ذكره المؤلف لأن نفي الفرع العدالة عن الأصل لا ينافي وثوقه به في هذه الشهادة
أفاده أبو السعود
قوله ( وتبطل شهادة الفرع بأمور ) عد منها في البحر حضور الأصل قبل القضاء مستدلا بما في الخانية ولو أن فروعا شهدوا على شهادة الأصول ثم حضر الأصول قبل القضاء لا يقضي بشهادة الفروع ا هـ
لكن قال في البحر وظاهر قوله لا يقضي دون أن يقول بطل الإشهاد أن الأصول لو غابوا بعد ذلك قضى بشهادتهم ا هـ
أقول وعلى هذا فما كان ينبغي لصاحب البحر عد الحضور من مبطلات الإشهاد ولذا تركه الشارح هنا
وذكر في البحر إذا كتب للمدعي كتابا ثم حضر بلد المكتوب إليه قبل أن يقضي المكتوب إليه بكتابه لا يقضي بكتابه كما لو حضر شاهدا الأصل انتهى
وفي اليتيمة سئل عن قاضي قضى لرجل بملك الأرض بشهادة الفروع ثم جاء الأصول هل يبطل الفروع فقال هذا مختلف بين أصحابنا فمن قال إن القضاء يقع بشهادة الأصول يبطل
____________________
(7/231)
ومن قال بشهادة الفروع لا يبطل ا هـ
وهذا الاختلاف عجيب فإن القضاء كيف يبطل بحضورهم فالظاهر عدمه ا هـ
قوله ( بنهيهم عن الشهادة ) ولو بعد الأداء قبل القضاء كما في الخلاصة
قوله ( على الأظهر خلاصة ) الذي استظهره في الخلاصة فيما إذا حضر الأصول ونهو الفروع عن الشهادة فالمبطل حضور الأصل وزوال العذر المبيح للفرع لا النهي عن أداء الشهادة كما يفهم من البحر والمنح فلا مخالفة مع ما يأتي
تأمل
قوله ( وسيجيء متنا ما يخالفه ) وقد علمت ما فيه تأمل
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى وهو خلاف الأظهر
قوله ( وبخروج أصله عن أهليتها ) لما في البحر عن خزانة المفتين وإذا خرس الأصلان أو فسقا أو عميا أو ارتدا أو جنا لم تجز شهادة الفروع ا هـ
قوله ( كفسق ) أدخلت الكاف الجنون والارتداد
قوله ( وعمى ) الظاهر أن يجري الخلاف في شهادة الأعمى هنا ط
قوله ( وبإنكار أصله الشهادة ) هكذا وقع التعبير في كثير من المعتبرات
قال في الدرر أقول قد وقعت العبارة في الهداية وشروحها وسائر المعتبرات هكذا وإن أنكر شهود الأصل الشهادة موافقة لما في الكافي ولا يخفى على أحد مغايرة الإشهاد للشهادة فكيف يصح تفسيرها به ولعل منشأ غلطه قولهم لأن التحميل لم يثبت للتعارض فإن معنى لتحميل هو الإشهاد وخفي عليه أن التحميل لا يثبت أيضا إذا أنكر أصل الشهادة بل هذا أبلغ من إنكار الإشهاد لأنه كناية وهي أبلغ من التصريح
وفي الشرنبلالية عن الفاضل المرحوم جوى زاده أقول لم يرد الزيلعي تفسير لفظ الشهادة بالإشهاد بل أراد أن مدار مدار بطلان شهادة الفرع على إنكار الأصل للإشهاد حتى يبطل ما لو قال لي شهادة على هذه الحادثة لكن لم أشهد والمذكور في المتن تصوير المسألة في صورة من صورتي إنكار الإشهاد وهي صورة إنكار الشهادة رأسا إذ لا شك في فوات الإشهاد في هذه الصورة أيضا وأنه ليس المراد بما في المتن حصر البطلان بصورة إنكار الشهادة ولم يخف عليه أن التحميل لا يثبت أيضا مع إنكار أصل الشهادة وإنما يكون خافيا عليه لو توهم عدم بطلان شهادة الفرع حينئذ وحاشاه عن ذلك وإذ قد عرفت أن البطلان يعم صورة إنكار الشهادة رأسا وصورة الإقرار بها وإنكار الإشهاد تحققت أن كون التركيب أبلغ في إنكار الشهادة غير مراد ا هـ ما قاله الفاضل
وصورة إنكار الشهادة ما قاله في الجوهرة وإن أنكر شهود الأصل الشهادة لم تقبل شهادة الفروع بأن قالوا ليس لنا شهادة في هذه الحادثة وغابوا وماتوا ثم جاء الفروع يشهدون على شهادته في هذه الحادثة أو قالوا لم نشهد الفروع على شهادتنا فإن شهادة الفروع لم تقبل لأن التحميل لم يثبت وهو شرط ا هـ
أقول فتحصل من عبارة الفاضل ما يفيد أن الأولى التعبير بالإشهاد لأن إنكار الشهادة لا يشمل ما إذا قال لي شهادة على هذه الحادثة لكن لم أشهدهم بخلاف إنكار الإشهاد فإنه يشمل هذا ويشمل إنكار الشهادة لأن إنكارها يستلزم إنكاره فإنكار الإشهاد نوعان صريح وضمني
ولهذا غبر الزيلعي وصاحب البحر بالإشهاد وبه اندفع اعتراض الدرر على الزيلعي وظهر أيضا أن قول الشارح هنا أو لم نشهدهم ليس في محله لأنه ليس من أفراد إنكار الشهادة لأن معناه لنا شهادة ولم نشهدهم
فتأمل
أقول ولكن لا يلزم من عدم التحميل عدم وجود شهادة مع الأصول وعليه فيتجه كلام الشارح
تأمل
وكتب المولى عبد الحليم على قول الدرر ولعل منشأ غلطه الخ لا خفاء في أن كلا من صورتي المسألة مقصود هنا إلا أن إحداهما لو مقصودة بالذات تكون الأخرى مقصودة بالتضمن فإن إنكار الأصل الشهادة يقتضي
____________________
(7/232)
بطلان شهادة الفرع سواء أقر الأصل الشهادة لنفسه كما هو الظاهر أو لم يقر فلكل وجهة وعبارة الفقهاء وهي إن أنكر شهود الأصل الشهادة يتبادر تصوير الكافي وتعليلهم بقولهم لأن التحميل لم يثبت للتعارض يتبادر منه تصوير الزيلعي إذ الظاهر في التعليل على الأول أن يقال لأن الشهادة لم توجد للأصول في هذه الحادثة فكيف يوجد التحميل ويصح لو وجد وكيف تقبل شهادة الفرع فظهر أنه لم يخف فضلا عن الغلط على الإمام الزيلعي سيما أن شأنه عال من أن يخفى عليه مثل هذا المقام لمثله إذ هو من مشايخ الفقه يرجع إليه ويعتمد عليه هذا العلم عند الله تعالى ثم بطلان شهادة الفرع وعدم قبولها لو كان الإنكار من الأصل قبل أداء الفرع وحكم القاضي بشهادته بأنه يثبت على الفرع إنكار الأصل وأما بعد الأداء والقبول والحكم بها فلا يلتفت إلى إنكاره كما لا يخفى انتهى
وقال وأنت خبير بأن إنكاره لها لا يستلزم إنكاره له لأن الأصل يحتمل أن يقول أشهدت الفرع في ذلك كاذبا فيوجد الإشهاد مع إنكار الشهادة وهو من جملة صور البطلان وقد أشير إليه فيما سبق
قوله ( ما لنا شهادة أو لم نشهدهم ) أي ثم ماتوا أو غابوا فشهد الفروع لم تقبل لعدم الشرط وهو التحميل وفي الفتح لأنه وقع في التحميل تعارض خبرهما بوقوعه وخبر الأصول بعدمه ولا ثبوت مع التعارض انتهى
قال في شرح الوافي يعني إذا قال الأصول ذلك ثم ماتوا أو غابوا ثم جاء الفروع يشهدون على شهادتهم بهذه الحادثة أما مع حضورهم فلا يلتفت إلى شهادة الفروع وإن لم ينكروا
شمني
قوله ( أو أشهدناهم وغلطنا ) هو في معنى إنكار الشهادة وفيه أن الشاهد لو قال أوهمت بعض شهادتي تقبل بالشروط المتقدمة فلماذا لم يجعل هذا مثله تأمل
قوله ( قبلت خلاصة ) هذه مما جعل السكوت فيها كالنطق
قوله ( على فلانة ) هو وفلان من غير أل يعبر به عن بني آدم وبهما عن البهائم كما قدمناه
قوله ( الفلانية ) أي المصرية مثلا
قوله ( قيل له هات شاهدين ) أي فلا يشترط أن يعرف الفرع المشهود عليه بعينه وهذا من قبيل ما مر شهادة قاصرة يتمها غيرهم
قوله ( ولو مقرة ) لأن الشهادة على المعرفة بالنسب قد تحققت والمدعي يدعي الحق على الحاضرة فلعلها غيرها فلا بد من تعريفها بتلك النسبة لاحتمال التزوير
بحر ومنح
قوله ( ومثله الكتاب الحكمي الخ ) فإن كتب أن فلانا وفلانا شهدا عندي بكذا من المال على فلانة بنت فلان الفلانية وأحضر المدعي امرأة عند القاضي المكتوب إليه وأنكرت المرأة أن تكون هي المنسوبة بهذه النسبة فلا بد من شاهدين آخرين يشهدان أنها المنسوبة بتلك النسبة كما في المسألة الأولى
كذا في العيني
مدني
قوله ( لأنه كالشهادة على الشهادة ) إلا أن القاضي لكمال ديانته ووفور ولايته ينفرد بالنقل
قوله ( لاحتمال التزوير ) أي على شخص اسمه وكنيته مثل ما في الكتاب الحكمي بأن يتواطأ المدعي مع ذلك الرجل
قوله ( ويلزم مدعي الاشتراك البيان ) يعني أنهإذا ادعى المدعى عليه غيره يشاركه في الاسم والنسب كان عليه البيان بأن يقول القاضي أثبت ذلك فإن أثبت تندفع عنه
____________________
(7/233)
الخصومة كما لو علم القاضي بمشارك له في الاسم والنسب وإن لم يثبت ذلك يكون خصما
قوله ( كما بسطه قاضيخان ) قال فيها القاضي إذا كتب كتابا وكتب اسم المدعى عليه ونسبه على وجه الكمال فقال المدعى عليه لست أنا فلان بن فلان الفلاني والقاضي المكتوب إليه لا يعرفه يقول للمدعي أقم البينة أنه فلان بن فلان فإن قال المدعى عليه أنا فلان بن فلان بن فلان وفي هذا الحي أو في هذا الفخذ أو في هذه الحارة أو في هذه البلدة رجل غيري بهذا الاسم يقول له القاضي أثبت ذلك فإن أثبت ذلك تتدفع عنه الخصومة كما لو علم القاضي بمشارك له في الاسم والنسب وإن لم يثبت ذلك يكون خصما ا هـ ملخصا
وفي البحر عن البزازية أقر أن عليه لفلان بن فلان الفلاني كذا فجاء رجل بهذا الاسم وادعاه وقال أردت به رجلا آخر مسمى بذلك صدق قضاء ولا يقضي عليه بالمال ا هـ
وقد يقال إن كلام قاضيخان في المدعى عليه وهذا مدع ط وإن برهن المدعي أن المشارك في الاسم والنسب قد مات لا يقبل قوله لأنه لا حق له في إثبات حياة ذلك الميت وإن كان يعلم ما قاله المدعى عليه فإن كان يعلم بموت ذلك الرجل بعد تاريخ الكتاب لا يقبل كتاب القاضي وإن كان قبل ذلك قبل وكذا لو كان لا يدري وقت موت ذلك الرجل كما في البحر
قوله ( ولو قالا فيهما ) أي في الشهادة وكتاب القاضي
قوله ( حتى ينسباها إلى فخذها ) لأن التعريف لا يحصل بالنسبة العامة وهي عامة إلى بني تميم لأنهم قوم لا يخصون ويحصل بالنسب إلى الفخذ لأنها خاصة
وفسر في الهداية الفخذ بالقبيلة الخاصة وفي الشرح بالجد الأعلى
وفي المصباح الفخذ بالكسر وبالسكون للتخفيف دون القبيلة وفوق البطن وقيل دون البطن وفوق الفصيلة وهو مذكر لأنه بمعنى النفر والفخذ من الأعضاء مؤنثة والجمع فيهما أفخاذ ا هـ
وفي الصحاح الفخذ آخر القبائل أولها الشعب ثم القبيلة ثم الفصيل ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ
وقال في غيره الفصيلة بعد الفخذ فالشعب بفتح الشين يجمع القبائل والقبال تجمع العمائر والعمارة بكسر العين تجمع البطون والبطن يجمع الأفخاذ والفخذ يجمع الفصائل
وذكر الزمخشري أن العرب على ست طبقات شعب وقبيلة وعمارة وبطن وفخذ وفصيلة
فمضر شعب وكذا ربيعة ومذحج وحمير وسميت شعوبا لأن القبائل تتشعب منها وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصي بطن وهاشم فخذ والعباس فصيلة
وعلى هذا فلا يجوز الاكتفاء بالفخذ ما لم ينسبها إلى الفصيلة لأنها دونها ولذا قال الله تعالى { وفصيلته التي تؤويه } المعارج 13 ومنهم من ذكر بعد الفصيلة العشيرة
وتمامه في فصل الكفاءة من النكاح
والحاصل أن التعريف بالإشارة إلى الحاضر وفي الغائب لا بد من ذكر الاسم والنسب والنسبة إلى الأب لا تكفي عند الإمام ومحمد ولا بد من ذكر الجد خلافا للثاني فإن لم ينسب إلى الجد ونسبه إلى الفخذ الأب الأعلى كتميمي ونجاري لا يكفي وإن إلى الحرفة لا إلى القبيلة والجد لا يكفي عند الإمام وعندهما إن معروفا بالصناعة يكفي وإن نسبها إلى زوجها يكفي والمقصود الإعلام
ولو كتب إلى فلان بن فلان الفلاني على فلان سندي عبد فلان بن فلان الفلاني كفى اتفاقا لأنه ذكر تمام التعريف
ولو ذكر اسم فلان سندي عبد فلان بن فلان الفلاني كفى اتفاقا لأنه ذكر تمام التعريف
ولو ذكر اسم المولى واسم أبيه لا غير ذكر السرخسي أنه لا يكفي وذكر شيخ الإسلام أنه يكفي وبه يفتى لحصول التعريف بذكر ثلاثة العبد والمولى وأبيه
وإن ذكر اسم العبد والمولى أن نسب إلى قبيلة الخاص لا يكفي على ما ذكره السرخسي ويكفي على ما ذكره شيخ
____________________
(7/234)
الإسلام لوجود ثلاثه وإن لم يذكر قبيله الخاص لا يكفي ذكر اسم العبد ومولاه ونسب العبد إلى مولاه ذكر شيخ الإسلام أنه يكفي وبه أفتى الصدر لأنه وجد ثلاثة أشياء
وشرط الحاكم في المختصر للتعريف ثلاثة أشياء الاسم والنسبة إلى الأب والنسبة إلى الجد أو الفخذ أو الصناعة
والصحيح أن النسبة إلى الجد لا بد منها وإن كان معروفا بالاسم المجرد مشهورا كشهرة الإمام أبي حنيفة يكفي ولا حاجة إلى ذكر الأب والجد وفي الدار كدار الخلافة وإن مشهورة لا بد من ذكر الحدود عنده وعندهما هي كالرجل
ولو كني بلا تسمية لم يقبل إلا إذا كان مشهورا كالإمام ولو كتب من ابن فلان إلى فلان لم يجز إلا إن اشتهر كابن أبي ليلى ولو كتب إلى أبي فلان لم يجز لأن الجزء ينسب إلى الكل لا العكس
كذا في البزازية
ثم قال ويشترط نظر وجهها في التعريف وإن أراد ذكر حليتها يترك موضع الحلية حتى يكون القاضي هو الذي يكتب الحلية أو يملي الكاتب لأنه إن حلاها الكاتب لا يجد القاضي بدا من أن ينظر إليها فيكون فيه نظر رجلين وفيما ذكرنا نظر رجل واحد فكان الأولى
وهل يشترط شهادة الزائد على عدلين في أنها فلانة بنت فلان أم لا قال الإمام لا بد من شهادة جماعة على أنها فلانة بنت فلان وقالا شهادة عدلين تكفي وعليه الفتوى لأنه أيسر ا هـ
قال الطرابلسي في معين الحكام ولو عرفها رجلان وقالا نشهد أنها فلان بنت فلان حل للشاهد أن يشهد وفاقا لأن في لفظ الشهادة من التأكيد ما ليس في لفظ الخبر لأنه يمين بالله تعالى معنى ولو كان بلفظ الخبر إنما يجوز عند أبي حنيفة لو أجبر جماعة لا يمكن تواطؤهم على الكذب وعندهما لو أخبره عدلان أنها فلانة بنت فلان يحل له الشهادة ا هـ
فانظر ما بينه وبين ما هنا من المخالفة وقدم في شرح قوله وله أن يشهد بما سمع أو رأى عن الفتاوى الصغرى ما يوافق ما ذكره هنا فتأمل
والذي يظهر أن ما في معين الحكام هو المعتبر لما ذكره من العلة
تأمل
وهو ظاهر إلا قوله إن النسبة لا تكفي عن الجد
ففي الهداية ثم التعريف وإن كان يتم بذكر لجد عن أبي حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف على ظاهر الروايات فذكر الفخذ يقوم مقام الجد لأنه اسم الجد الأعلى فنزل منزلة الجد الأدنى ا هـ
وكذا تمثيله في البزازية للفخذ بتميمي غير صحيح لما علمته آنفا
وفي خزانة المفتين لو ذكر لقبه ونسبه واسم أبيه قيل يكفي والصحيح أنه لا يكفي فإذا قضى قاض بدون ذكر الجد ينفذ
وفي فتاوى قاضيخان وإن حصل التعريف باسمه واسم أبيه ولقبه لا يحتاج إلى ذكر الجد وإن كان لا يحصل إلا بذكر الجد لا يكفي والمدينة والقرية والكورة ليست بسبب للتعريف ولا تقع المعرفة بالإضافة إليها وإن دامت فإن كان الرجل يعرف باسمه واسم أبيه وجده لا يحتاج إلى اللقب وإن كان لا يحصل إلا بذكر اللقب بأن كان يشاركه في المصر غيره في ذلك الاسم واللقب كما في أحمد بن محمد بن عمر فهذا لا يقع التعريف به لأن في ذلك المصر يشاركه غيره
فالحاصل أن المعتبر إنما هو حاصل المعرفة وارتفاع الاشتراك ا هـ
قال في الفتح ولا يخفى أنه ليس المقصود من التعريف أن ينسب إلى أن يعرفه القاضي لأنه قد لا يعرفه ولو نسبه إلى مائة جد وإلى صناعته ومحلته بل ليثبت بذلك الاختصاص ويزول الاشتراط فإنه قلما يتفق اثنان في اسمهما واسم أبيهما وجدهما أو صناعتهما ولقبها فما ذكر عن قاضيخان من أنه لو لم يعرف مع ذكر الجد لا يكتفي بذلك الأوجه منه ما نقل في الفصول
____________________
(7/235)
من أن شرط التعريف ذكر ثلاثة أشياء غير أنهم اختلفوا في اللقب مع الاسم هل هما واحد أو لا والمراد بالثلاثة اسه واسم أبيه وجده أو صناعته أو فخذه فإنه يكفي عن الجد خلافا لما في البزازية وقدمنا حاصل الكلام على ذلك في أوائل كتاب الشهادات عند قول الشارح فالمعتبر التعريف لا تكثير الحروف فراجعه
قوله ( كجدها ) الأنسب أن يقول وجدها
قوله ( والمقصود الإعلام ) أي بأقصى ما يمكن لأن مجلس الإشهاد كمجلس القضاء والأولى رفع الاشترك لأن الإعلام بأن يعرف غير مراد كما مر
وفي البحر عن البزازية وإن كان معروفا بالاسم المجرد مشهورا كشهرة الإمام أبي حنيفة يكفي عن ذكر الأب والجد ولو كني بلا تسمية لم يقبل إلا إذا كان مشهورا كالإمام كما تقدم
قيل هذا في العرب أما في العجم فلا يشترط ذكر الفخذ
قال في إيضاح الإصلاح وفي العجم ذكر الصناعة بمنزلة الفخذ لأنهم ضيعوا أنسابهم
بحر
قوله ( ثم نهاه عنها ) أي عن الشهادة على شهادته
قوله ( لم يصح أي نهيه ) أشار به إلى أن الإشهاد ليس بتوكيل إذ لو كان توكيلا لصح منعه ولكن يشترط أمره بالشهادة لأنها حقه فلا يعتبر نقل أحد بدون أمره حتى لو سمع تحميل شاهد ليس للسامع أن يشهد على شهادته لأنه إنما حمل غيره بحضرته كما في الفتح
قوله ( كافران شهدا على شهادة مسلمين الخ ) قيد بهذا لأنه لو شهد مسلمان على شهادة كافر جاز كما في كافي الحاكم
قال في الشرنبلالية لعل وجه عدم القبول لما فيه من ثبوت ولاية الكافر على المسلم ولم يعلله قاضيخان ولأنهما شاهدان على أصليهما وهما مسلمان ولا تقبل شهادة الكافر على المسلم ولذا لا تقبل شهادتهما على القضاء لكافر على كافر أي إن كان القاضي مسلما لأن شهادتهما على القاضي
قوله ( وعلى قضاء أبيه ) في المقدسي جوز أبو حنيفة الشهادة على القضاء وإن سمعاه من القاضي في غير مجلسه وهو الأقيس ومنعه أبو حنيفة الشهادة على القضاء وإن سمعاه من القاضي في غير مجلسه وهو الأقيس ومنعه أبو يوسف فيما سمعاه في غير مجلس القضاء وهو الأحوط
ثم قال لو سمع يقول أبو يوسف فيما سمعاه في غير مجلس القضاء وهو الأحوط
ثم قال لو سمع يقول لآخر قضيت عليك بكذا أو على فلان يجب أن يشهد على قضائه بلا تحميل
قوله ( درر ) تتمة عبارتها هذه المسائل الأربع من الخانية
قوله ( من ظهر ) أي تبين
قوله ( أنه شهد بزور ) الزور هو في اللغة الكذب كما في المصباح وفي القاموس الزور بالضم الكذب والشرك بالله تعالى وأعياد اليهود والنصارى والرئيس ومجلس الغناء وما يعبد من دون الله والقوة وهذا وفاق بين لغة العرب والفرس ونهر يصب في دجلة والرأي والعقل والباطل الخ
وذكر القاضي في تفسير قوله تعالى { والذين لا يشهدون الزور } الفرقان 72 لا يقيمون الشهادة الباطلة أو لا يحضرون محاضر الكذب فإن مشاهدة الباطل شركة فيه ا هـ
بحر
وعند الفقهاء الشهادة الباطلة عمدا والرجال والنساء فيها سواء
بحر عن كافي الحاكم
قوله ( بأن أقر على نفسه ) في اليعقوبية يمكن أن يحمل قوله لا يعلم إلا بالإقرار على الحصر الإضافي بقرينة قوله لا يعلم بالبينة
قال في البحر وقيد بإقراره لأنه لا يحكم به إلا بإقراره فيقبل إقراره ويجب عليه موجبه من الضمان والتعزير
____________________
(7/236)
وزاد شيخ الإسلام أن يشهد بموت واحد فيجيء حيا
كذا في فتح القدير
وبحث فيه الرملي في حاشيته فقال الذي يقتضيه التحقيق ما سيأتي أنه يحكم به في كل ما يتيقن به كذبه
تأمله ا هـ
وقال قد جوزوا الشهادة بالموت لمن سمع من ثقة موته إذا أخبره به فكيف يحكم به معه وقد يقال لما جزم بالشهادة بالموت وظهر حيا قطع بكذبه فكان ينبغي أن لا يجزم بل يقول أخبرني فلان أو سمعت من الناس أو اشتهر عندي ذلك ونحوه ففي مثل ذلك ينبغي أن لا يحكم به فلا يشهر ولا يعزز
تأمل
فإن قلت سبق عند الكلام على قول المصنف ولا يسمع القاضي الشهادة على الجرح المجرد أن المدعى عليه إذا أقام البينة أن المدعي استأجر الشهود بعشرة دراهم من ماله الذي في يده وطلب استرداده تقبل
قلت لا يلزم من قبول البينة المدعى عليه لرد الشهادة كونهم شهود زور حتى لا يلزمهم التعزير
قوله ( ولم يدع سهوا ولا غلطا ) في البحر عن فتح القدير ولو قال غلطت أو ظننت ذلك قيل هما بمعنى كذبت لإقراره بالشهادة بغير علم ويخالفه ما ذكره الشارح فإنه جعلهما كنسيت فلا تعزير وهو الظاهر ا هـ
قوله ( ولا يمكن إثباته ) أي إثبات تزويره أما إثبات إقراره فممكن كما لا يخفى
تأمل
قوله ( لأنه من باب النفي ) لأنها تقوم على أنه شهد بغير حق ولا يلتفت إلى ذلك
حلبي
قال في البحر وخرج ما إذا ردت شهادته لتهمته أو لمخالفة بين الشهادة والدعوى أو بين شهادتين فإنه لا يعزر لأنا لا ندري من هو الكاذب منهم المشهود له أو الشاهدان أو أحدهما وقد يكذب المدعي لينسب الشاهد إلى الكذب ولا يمكن إثباته بالبينة لأنه من باب النفي والبينة حجة الإثبات في إقراره على نفسه فيقبل إقراره ويجب عليه موجبه من الضمان أو التعزير
ذكره الشرح الزيلعي
وبه علم أنه لا يمكن إثبات الزور بالبينة
وفي كافي الحاكم ومن التهاتر أن يشهد أن هذا الشيء لم يكن لفلان فهذا مما لا يقبل وكذا لو شهدا أنه لم يكن لفلان على فلان دين ومن شهد أن هذا لم يكن فقد شهد بالباطل والحاكم يعلم أنه لم يكن لفلان على فلان دين ومن شهد أن هذا لم يكن فقد شهد بالباطل والحاكم يعلم أنه كاذب ا هـ
وظاهره أنه من قبيل الزور فيعزر فعلى هذا يعزر بإقراره أو بتيقن كذبه وإنما لم يذكره المؤلف إما لندرته وإما لأنه لا محيص له أن يقول كذبت أو ظننت ذلك أو سمعت ذلك فشهدت وهما بمعنى كذبت لإقراره بالشهادة بغير علم فجعل كأنه قال ذلك
كذا في البناية
وجعل في إيضاح الإصلاح نظير مسألة ظهوره حيا بعد الشهادة بموته أو قتله ما إذا شهدوا برؤية الهلال فمضى ثلاثون يوما وليس في السماء علة ولم يروا الهلال ا هـ
قال الرملي قال في فصول العمادي شهدا أن لفلان على هذا الرجل ألف درهم فقضى القاضي بشهادتهما وأمر المدعى عليه بدفع المال وهو الألف إلى المدعي ثم أقام المدعى عيه البينة على البراءة فإن الشاهدين يضمنان والمدعى عليه بالخيار في تضمين المدعي أو الشاهدين لأنهما حققا عليه إيجاب المال في الحال فإذا أقام البينة على البراءة فقد ظهر كذبهما فصارا ضامنين فغرما ا هـ
وظاهره أن الشاهد يكون شاهد زور إلا أن يحمل ظهور الكذب النسب إلى المال لا إلى التعزير والله تعالى أعمل
ذكره الغزي ا هـ
قوله ( عزر ) لأن شهادة الزور كبيرة يتعدى ضررها إلى العباد ليس فيها حد مقدر قال عليه الصلاة والسلام يا أيها الناس عدلت شهادة الزور الإشراك بالله تعالى ثم تلا قوله تعالى { فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور } الحج 30 وعدها من الكبائر حين سئل عنها
قال في كافي الحاكم اعلم أن شاهد الزور يعزر إجماعا اتصل القضاء بشهادته أو لا لأنه ارتكب كبيرة اتصل
____________________
(7/237)
ضررها بالمسلمين وليس فيها حد يقدر فيعزر زجرا له وتنكيلا ا هـ
قوله ( بالتشهير وعليه الفتوى ) أي لا بالضرب وهو قول الإمام لأنه كان يقول تعزيره تشهيره
قال في السراجية والفتوى على قوله
واستدل الإمام بأن شريحا كان يشهر ولا يضرب وكان يبعثه إلى سوقه إن كان سوقيا وإلى قومه إن لم يكن سوقيا بعد العصر أجمع ما كانوا أي مجمعين أو إلى موضع أكثر جمعا للقوم فيقول إن شريحا يقرئكم السلام ويقول أنا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه وحذروا الناس منه ا هـ
قال الشمني فإن قيل أن أبا حنيفة لا يرى تقليد التابعي
أجيب بأنه لم يذكر فعل شريح مستدلا به وإنما ذكره لبيان أنه لم يستبد بهذا القول بل سبقه إليه واستدلاله إنما هو بتجويز الصحابة فعل شريح فإنه كان قاضيا في زمن عمر رضي الله تعالى عنه وعلي رضي الله تعالى عنه ومثل هذا التشهير لا يخفى على الصحابة رضي الله تعالى عنهم الذين كانوا هم في زمنهم وما استدلا به أي الصاحبان من حديث عمر الآتي محمول على السياسة ا هـ
والتشهير لغة الرفع على الناس كما في القاموس والإبراز كما في المصباح وعند الفقهاء ما نقل عن شريح وبعثه مع أعوان القاضي أعم من أن يكون ماشيا أو راكبا ولو على بقرة كما يفعل الآن كما في البحر أو على حمار كما هو عرف ديارنا
قوله ( وزادا ) أي الصاحبان ضربه وحبسه لأنه ارتكب محظورا
قال في البحر ورجع في فتح القدير قولهما وقال إنه الحق وهو قول الشافعي لأنه روى عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه ضرب شاهد زور أربعين سوطا وسخم وجهه
قال المولى عبد الحليم أقول ولا يلزم من كون قولهما حقا أن يرجع على قوله بل قوله هو الحق ولهذا كان الفتوى عليه
وذكر في النهاية والمنبع معزيا إلى الحاكم الإمام أبي محمد الكاتب أنه لو رجع على سبيل التوبة والندامة لا يعزر بلا خلاف وإن رجع على سبيل الإصرار يعزر بلا خلاف وإنما الاختلاف فيما لم يعلم وجه رجوعه كما لا يخفى
قوله ( أن يسحم وجهه ) السحم بضم السين وسكون الحاء المهملتين السواد وإن قال الطحطاوي يقال سخم وجهه إذا سوده من السخام وهو سواد القدور
وقد جاء بالحاء المهملة من الأسحم وهو الأسود وفي المغني ولا يسخم وجهه بالخاء والحاء
كمال ا هـ
قوله ( إذا رآه سياسة ) بأن كان الشاهد ليس من أهل الشهامة ولا يؤثر به التشهير إلا هذا الفعل اللائق به الزاجر له الرادع لأمثاله لكن قدم الشارح في آخر باب حد القذف ما يخالف هذا حيث قال واعلم أنهم يذكرون في حكم السياسة أن الإمام يفعلها ولم يقولوا القاضي وظاهره أن القاضي ليس له الحكم بالسياسة ولا العمل بها فليحرر
ولعل قوله إذ رآه سياسة محمول على ما إذا فوض الإمام له الأحكام والسياسة لأنه نائبه والنائب كالأصيل في مثل هذه فتأمل
لكن قال القهستاني لا يسود إجماعا ا هـ
أقول ويؤيده ما في الذخيرة البرهانية والذي روي عن عمر رضي الله تعالى عنه في شاهد الزور أنه يسخم وجهه فتأويله عند شمس الأئمة السرخسي أنه قال ذلك بطريق السياسة إذا رأى الإمام المصلحة فيه وتأويله عند شيخ الإسلام أنه لم يرد به حقيقة التسويد وإنما أراد به التخجيل بالتفضيح والتشهير فإن انخجل يسمى مسودا قال الله تعالى { وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم } النحل 58
قوله ( إن رجع مصرا ) أي على ما كان منه مثل أن يقول شهدت في هذه بالزور ولا أرجع عن مثل ذلك
فتح
قوله ( ضرب إجماعا ) أي وشهر ط
____________________
(7/238)
قوله ( وإن تائبا الخ ) أي وإن لم يعرف حاله فهو على الخلاف المذكورب
قال في الفتح واعلم أنه قد قيل أن المسألة على ثلاثة أوجه إن رجع على سبيل الإصرار مثل أن يقول نعم شهدت في هذه بالزور ولا أرجع عن مثل ذلك فإنه يعزر بالضرب بالاتفاق
وإن رجع على سبيل التوبة لا يعزر اتفاقا
وإن كان لا يعرف حاله فعلى الاختلاف المذكور وقيل لا خلاف بينهم فجوابه في التائب لأن المقصود من التعزير الانزجار وقد انزجر بداعي الله تعالى وجوابهما فيمن لم يتب ولا يخالف فيه أبو حنيفة
قوله ( لرأي القاضي ) أي بحيث يسوغ له أن يقبل شهادته لأن القبول والرد إليه فيكون تعريف حاله في التوبة إليه
وقيل يقدر بعام وقيل بنصفه لأنه بمضي الزمان يتغير الحال
شرنبلالية
قوله ( لو فاسقا ) الأولى أن يقول وتقبل شهادة بعد توبته لو فاسقا لأنه بعد ظهور توبته يعلم أنه لا يشهد زورا حملا لحاله على الصلاح
تأمل لما في العين وهل تقبل توبته بعد ذلك قالوا إن كان فاسقا تقبل لأن الذي حمله على الشهادة فسقه فإذا تاب وظهر صلاحه يقبل لزوال الفسق ا هـ
قوله ( لا تقبل شهادته أبدا ) لأن عدالته لا تعتمد
منلا علي
ولأنه لا يظن به شهادة الزور وحاله بعد التوبة كحالة حين شهد فلا يؤمن عوده
قوله ( وعن الثاني تقبل ) قد يظهر بالندم والتأسف على ما وقع أي من غير ضرب مدة كما في البحر عن الخلاصة قبيل قوله والأقلف
وفي الخانية المعروف بالعدالة إذا شهد بزور عن أبي يوسف أنه لا تقبل شهادته أبدا لأنه لا تعرف توبته
وروى الفقيه أبو جعفر أنه تقبل وعليه الاعتماد ا هـ
وظاهر كلام الشارح صريح في أن الرواية الثانية عن أبي يوسف أيضا
تأمل
والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم
باب الرجوع عن الشهادة أطلق الرجوع عنها فشمل ما إذا كان الرجوع من الأصل أو الفرع ومناسبته العامة والخاصة أي لمسألة شهادة الزور وتأخيره ظاهرة وترجمته بالباب لأن مسائله تدخل في مسائل كتاب الشهادات كدخول مسائل نواقض الوضوء في كتاب الطهارة وترجمته بالكتاب في الجامع الكبير بناء على أنه مشتمل على خمسة أبواب لا لأنه مباين الشهادة إذ الرجوع رفعها لما عرفت أن المباينة لم تمنع الدخول وقد صرحوا بأن الكتاب في اصطلاح الفقهاء كمحلة من البلد والباب كالدار والفصل كالبيت
قال الشريف الجرجاني الفصل قطعة من الباب فلما لم يكن لهذا تعدد الباب ولا أقل أن يكون فوق الفصل ترجمة بالباب فظهر أن هذا أولى من المترجم بالفصل كما في الوقاية ومن المترجم بالكتاب كما في بعض نسخ الهداية لأنه يوجد في بعض نسخها الترجمة بالكتاب
ووجهه أن تحته أبوابا متعددة لكن المصنف ذكر بعضها وإن لم يصرح بالباب أو الفصل وترك بعضا كما ذكره في البحر وشأن المتون الاختصار ولذا ترجم في التاترخانية بالكتاب وذكر تحته ستة عشر
____________________
(7/239)
فصلا ساقها على نسق وبه اندفع ما وجه به بعض أفاضل الشراح كلام بعض المصنفين مشيرا به إلى الاعتراض على الهداية
قال في البحر والكلام فيه في مواضع
الأول في معناه لغة قال في المصباح رجع من سفره وعن الأمر يرجع رجوعا ورجعا ورجعي ومرجعا
قال ابن السكيت وهو نقيض الذهاب ا هـ
الثاني في معناه اصطلاحا فهو نفي ما أثبته
كذا في المحيط
الثالث في ركنه وهو قول الشاهد رجعت عما شهدت به أو شهدت بزور فيما شهدت به أبو كذبت في شهادتي فلو أنكرها لم يكن رجوعا
كذا في خزانة المفتين
الرابع في شرطه مجلس القاضي فلا يصح الرجوع في غيره وفائدته عدم قبول البينة على رجوعه وعدم استحلافه إذا أنكر كما سيأتي
الخامس في صفته
قال في العناية إنه أمر مشروع مرغوب فيه ديانة لأن فيه خلاصا من عقاب الكبيرة ا هـ
وذكر الشارح أن شهادة الزور وكتمان الشهادة بالحق سواء وإذا شهد بزور عمدا أو خطأ وجبت عليه التوبة وهي لا تصح إلا عند الحاكم ولا يمنعه عنها الاستحياء من المخلوق وفيه تداركه ما أتلف بالزور ا هـ
السادس في حكمه وهو شيئان أحدهما يرجع إلى ماله والآخر إلى نفسه
فالأول وجوب الضمان ويحتاج إلى بيان ثلاثة سببه وشرائطه ومقداره
فسببه إتلاف المال أو النفس بها فإن وقعت إتلافا انعقدت سببا لوجوب الضمان وإلا فلا تنزيلا للسبب منزلة المباشرة وسيأتي بيانه مفصلا
وشرطه كونه بعد القضاء ومجلس القضاء وكون المتلف بها عينا فلا ضمان لو رجع عن منفعة كالنكاح بعد الدخول ومنفعة دار شهدا على المؤجر للمستأجر بإجارتها بأقل من أجر مثلها ثم رجعا وأن يكون الإتلاف بغير عوض لأنه يعوض إتلاف صورة لا معنى وقدر الواجب على قدر الإتلاف لأنه السبب والحكم يتقدر بقدر العلة
وأما ما يرجع إلى نفسه فنوعان وجوب الحد في شهادة الزنا سواء كان قبل القضاء أو بعده للقذف منهم ولو بعد الإمضاء رجما كان أو جلدا خلافا لزفر في الرجم ووجوب الضمان وهو الدية عليهم إن رجعوا بعد الرجم لا بعد الجلد وإن مات منه
والثاني وجوب التعزير عليه سوى شهادة الزنا إن تعمد الشهادة بالزور فظهر عند القاضي بإقراره
كذا في البدائع
فلا ضمان لو أتلفا حقا من حقوق كالعفو عن القصاص لو شهدا به ثم رجعا أو الرجعة أو تسليم الشفعة أو إسقاط خيار من الخيارات
كذا في النتف
ولا فرق في وجوب التعزير أي التشهير بين كونه قبل القضاء أو بعده ونظر فيه في فتح القدير وأجاب عنه في البحر بما سيأتي قريبا عند قوله وعزر ولنا فيه جواب حسن يأتي قريبا فتأمله
قوله ( هو ) أي الرجوع عنها
منح
أقول ويمكن تفسيره بالراجع
قوله ( أن يقول ) أي الشاهد
قوله ( عما شهدت به ونحو ) أي ما تقدم من ركنه
قوله ( فلو أنكرها ) أي بعد القضاء
قوله ( لا يكون رجوعا ) كما في البحر معزيا إلى خزانة المفتين
وفي الفصول العمادية لو أنكر الشاهد الشهادة بعد قضاء القاضي لا يضمن لأن الإنكار للشهادة لا يكون رجوعا بل الرجوع أن يقول كنت مبطلا في الشهادة وهذا إنكار الشهادة ا هـ
منح
قوله ( شرطه مجلس القاضي )
____________________
(7/240)
فلا يصح عند غير القاضي ولو شرطيا
منح أي وتتوقف صحة الرجوع على القضاء به أو بالضمان خلافا لمن استبعده كما نبه عليه في الفتح
وفيه أيضا ويتفرع على اشتراط المجلس أنه لو أقر شاهد بالرجوع في غير المجلس وأشهد على نفسه به وبالتزام المال لا يلزمه شيء ولو ادعى عليه بذلك لا يلزمه إذا تصادقا أن لزوم المال عليه كان بهذا الرجوع
وفي المحيط ولو ادعى رجوعهما عند القاضي ولم يدع القضاء بالرجوع والضمان لا تسمع منه البينة ولا يحلف عليه لأن الرجوع لا يصح ولا يصير موجبا للضمان إلا باتصال القضاء به كالشهادة وإلى ذلك أشار صاحب الهداية وبه صرح في الفتاوى الصغرى
قال في الدر المنتقى وأفاد بتضمينه توقف صحة الرجوع على القضاء به أو بالضمان والرد على من استبعده وإن كان بعض المتأخرين قلده وقوله مجلس القضاء هكذا في أكثر النسخ لكن الذي في المنح والمتون المجردة مجلس قاض منقوصا وهو الظاهر لمن تأمله
قال مسكين عند قول الكنز لا يصح الرجوع عنه إلا عند قاض تنكيره يشير إلى أنه يشترط مجلس القضاء أي قاض كان ولا يشترط الرجوع عند الذي شهد عنده ا هـ
قوله ( ولو غير الأول ) أي مجلس القاضي الأول
قوله ( لأنه فسخ ) أي للشهادة فيختص بما تختص به الشهادة من مجلس القاضي أي من أي حاكم كان كفسخ البيع يشترط له ما يشترط لصحة البيع من قيام المبيع ورضا المتبايعين
مقدسي ومنح
وهو تعليل لاشتراط مجلس القاضي
قوله ( أو توبة ) في المنح ولأن الرجوع توبة وهي على حسب الجناية فجعل الرجوع فسخا وتوبة وأتى الشراح بأو لأنه قد يرجع لا للتوبة بل قد يكون لقصد إتلاف الحق أو يكون المشهود عليه غره بمال كما قدمنا
قوله ( وهي ) أي التوبة بحسب الجناية فالرجوع عنها توبة وهي علانية لكونها في مجلس القاضي فيجب أن تكون التوبة عنها علانية وذلك بوقوعها في مجلس القاضي
وإن لم تكن عمدا فليست بمعصية فيكون الرجوع فسخا
قال الكمال أنت تعلم أن العلانية لا تتوقف على الإعلان بمحل الذنب بخصوصه معأن ذلك لا يمكن بل في مثله مما فيه علانية وهو أنه إذا أظهر للناس الرجوع وأشهدهم عليه وبلغ ذلك القاضي بالبينة عليه كيف لا يكون معلنا ا هـ
قوله ( السر بالسر والعلانية بالعلانية ) هذا بعض الحديث وصدره إذا ألممت ذنبا فأحدث عنده توبة الخ
قوله ( فلو ادعى ) بيان لفائدة اشتراط مجلس القاضي
قوله ( عند غيره ) أي عند غير القاضي ولو شرطيا كما في المحيط
قوله ( أو أراد يمينهما ) أي عند العجز عن البرهان
درر
قوله ( لا يقبل ) أي ولا يستحلف
قوله ( لفساد الدعوى ) لأن مجلس القاضي شرط للرجوع فكان مدعيا رجوعا باطلا ولبينة أو طلب اليمين إنما يكون بعد الدعوى الصحيحة
قوله ( عند قاض ) أي آخر غير الذي كان قضى بالحق
داماد
قوله ( وتضمينه إياهما ) عطف على قوله وقوعه أي وادعى أن ذلك القاضي الذي وقع رجوعهما عنده ضمنهما أي حكم عليهما بالضمان
حلبي
حيث تقبل لأن السبب صحيح
بحر
قوله ( إياهما ) أي الشاهدين أي وأقام بينة تقبل بينته ويحلفان إن أنكرا لأن السبب صحيح كما لو أقر عند القاضي أنه رجع عند غير القاضي فإنه صحيح وإن أقر برجوع باطل لأنه يجعل إنشاء للحال كما في المنح
قوله ( قبل وجعل إنشاء ) أي كما لو أقرا عند القاضي إنهما رجعا عند غير قاض إلى آخر ما تقدم في المقولة التي قبل هذه فظهر
____________________
(7/241)
الفرق بين ما إذا برهن على رجوعهما عند غير القاضي وبين ما إذا برهن على إقرارهما بالرجوع عند غير قاض فإنه في الأول لا يقبل لأن رجوعهما عند غير القاضي غير معتبر وفي الثاني يقبل لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة
فبالبرهان على إقرارهما صارا كأنهما أقرا في الحال والحال أنهما عند القاضي وذلك رجوع معتبر فيقبل
قوله ( ابن ملك ) ومثله في التبيين وعبارته ولو أقام بينة أنهما أقرا برجوعهما عند غير القاضي تسمع لأن إقرارهما به يكون رجوعا منهما في الحال ا هـ أي وإن كان إقرارهما عند غيره باطلا لأنه يجعل إنشاء للحال
قوله ( سقطت ) أي الشهادة عن الاعتبار فلا يقضي القاضي بها لتعارض الخبرين بلا مرجح للأول
قوله ( ولا ضمان ) لأنهما لم يتلفا شيئا على أحد
قوله ( وعزر ) أي الشاهد أي جنسه الصادق بالواحد والمتعدد
وفي بعض النسخ بلفظ التثنية مطابقا لقول المتن فإن رجعا وفي بعضها بالإفراد أي الشاهد كما فيما بعده وهو قوله لأنه فسق نفسه إشارة إلى أن الحكم لا يختلف فيما إذا رجعا أو رجع أحدهما
قال في الفتح قالوا ويعزر الشهود سواء رجعوا قبل القضاء أو بعده ولا يخلو عن نظر لأن الرجوع ظاهر في أنه توبة عن تعمد الزور إن تعمده أو التهور والعجلة وإن كان أخطأ فيه ولا تعزير على التوبة ولا على ذنب ارتفع بها وليس فيه حد مقدر ا هـ
وأجاب في البحر بأن رجوعه قبل القضاء قد يكون لقصد إتلاف الحق أو كون المشهود عليه غره بمال لا لما ذكره وبعد القضاء قد يكون لظنه بجهله أنه إتلاف على المشهود له مع أنه إتلاف لما له بالغرامة ا هـ
أقول ويظهر لي أن لجواب الحسن في ذلك أن للحاكم تعزير الجاني ولو بعد انقضاء الجناية بخلاف غيره من بقية المسلمين فليس لهم ذلك إلا حين التلبس بها ومعلوم أن القاضي حاكم
قوله ( ولو عن بعضها ) كما لوش هدا بدار وبنائها أو بأتان وولدها ثم رجعا بالبناء والولد لم يقض بالأصل
منح
قوله ( لأنه فسق نفسه ) بتشديد السين المهملة من التفسيق وشهادة الفاسق لا تقبل
بحر ومنح
قوله ( لم يفسخ الحكم ) لأن آخر كلاهم يناقض أوله فلا ينقض الحكم بالتناقض ولأنه في الدلالة على الصدق مثل الأول وقد ترجح الأول باتصال القضاء به
منح
قوله ( مطلقا ) قال في المنح وقولي مطلقا يشمل ما إذا كان الشاهد وقت الرجوع مثل ما شهد في العدالة أو دونه أو أفضل منه وهكذا أطلق في أكثر الكتب متونا وشروحا وفتاوى
وفي المحيط يصح رجوعه لو حاله بعد الرجوع أفضل منه وقت الشهادة في العدالة وإلا لا ويعزر
ورده ي البحر لعدم صحته عن أهل المذهب لمخالفته ما نقلوه من وجوب الضمان على الشاهد إذا رجع بعد الحكم ونقل في الفتح أنه قول أبي حنيفة الأول وهو قول شيخه حماد ثم رجع عنه إلى قولهما وهو عدم نقض القضاء وعدم رد المال على المقضي عليه على كل حال وعليها استقر المذهب
وعزاه في البحر أيضا إلى كافي الحاكم وهكذا قال في البزازية ثم رجع إلى قولهما وعليه استقر المذهب ا هـ
ومثله في التاترخانية برمز المحيط فإنه نقل عنه أن أبا حنيفة كان يقول كذا وساق التفصيل ثم قال ثم رجع عن هذا القول وقال لا يصح رجوعه في حق غيره على كل حال وهو قولهما والظاهر أن المراد بالمحيط المحيط البرهاني لما ذكر في البحر أن ما في المحيط السرخسي ليس فيه التفصيل
قوله ( لترجحه بالقضاء ) الأولى لترجحها أي الشهادة وعلى عبارة الشارح الضمير يرجع إلى الخبر الأول من الشاهد والأوضح التصريح به إذ ظاهره أن الضمير راجع إلى الحكم وفيه تهافت ط أي فيكون فيه تعليل الشيء بنفسه فيصير المعنى كأنه
____________________
(7/242)
قال لم يفسخ الحكم لترجحه بالحكم وهو فاسد والأولى في التعليل لأن القضاء بعد وقوعه صحيحا لا ينقض
تأمل
قوله ( بخلاف ظهور الشاهد عبدا ) وكذا لو شهد على بيع واستحق أو وجد حرا أو بالخلع وقبض البدل وأثبت الثلاث قبله أو بالقرض وقبض ثم أثبت الإبراء أو الإيفاء بخلاف شهادتهما بأنه له عليه فإنهما يضمنان وإن لم يرجعا إن برهنا على الإبراء لأنهم شهدوا بأنه عليه في الحال وتبين خلافه
قوله ( ويرد ما أخذ ) أي يرد المقضي له ما أخذ المقضي عليه
بحر
قوله ( وتلزم الدية ) أي إلى ولي المقتول
قوله ( لو قصاصا ) إنما سقط القصاص لشبهة صورة القضاء
قوله ( ولا يضمن الشهود لما مر ) أي في كتاب القضاء
قوله ( وضمنا ما أتلفاه للمشهود عليه ) أي إذا قبض المدعي المال لأن التسبب على وجه التعدي سبب الضمان كحافر البئر وقد وجد سبب الإتلاف تعديا وقد تعذر إيجاب الضمان على المباشر وهو القاضي لأنه كالملجأ إلى القاضي من جهتهما فإن القضاء واجب عليه بعد ظهور عدالتهما حتى لو امتنع يأثم ويستحق العزل ويعزر وفي إيجابه عليه صرف الناس عن تقلده وتعذر استيفائه من المدعي لنفوذ الحكم فاعتبر السبب
وفي المحيط رجع الشاهدان في المرض وعليهما دين الصحة وماتا بدىء بدين الصحة لأن ما وجب عليه بالرجوع في المرض دين المرض لأنه وجب بإقرارهما في المرض ا هـ
ويؤخذ من قوله أتلفاه أنه لو لم يضف التلف إليهما لا يضمان كما لو شهد بنسب قبل الموت فمات المشهود عليه وورث المشهود له المال من المشهود عليه ثم رجعا لم يضمنا لأنه ورث بالموت وذلك لأن استحقاق الوارث المال بالنسب والموت والاستحقاق يضاف إلى آخرهما وجودا فيضاف للموت
ذكره الزيلعي في إقرار المريض
وفي البحر عن العتابية شهدوا على أنه أبرأه من الدين ثم مات الغريم مفلسا ثم رجعا لم يضمنا لمطالب لأنه توى عليه بالإفلاس ا هـ
واعلم أن تضمين الشاهد لم ينحصر في رجوعه بل مثله ما إذا ذكر شيئا لازما للقضاء ثم ظهر بخلافه كما أوضحه ابن الشحنه في لسان الحكام بقوله دقيقة في إجاب الضمان على الشاهدين الشاهدان متى ما ذكر شيئا هو لازم للقضاء ثم ظهر بخلافه ضمنا ومتى ما ذكرا شيئا لا يحتاج إليه القضاء ثم تبين بخلاف ما قالا لا يضمنان شيئا حتى أن مولى الموالاة إذا مات وادعى رجل ميراثه بسبب الموالاة فشهد شاهدان أن هذا الرجل مولى هذا الذي أسلم والاه وعاقده وأنه وارثه لا نعلم له وارثا غيره فقضى له القاضي بميراثه فاستهلكه وهو معسر ثم إن رجلا آخر أقام البينة أنه كان نقض الولاء الأول ووالي هذا الثاني وأنه توفي وهذا الثاني مولاه ووارثه لا وارث له غيره فالقاضي يقضي بالميراث للثاني فيكون الثاني بالخيار إن شاء ضمن الشاهدين الأولين وإن شاء ضمن المشهود له الأول لأنه ظهر كذب الشاهدين الأولين فيما للحكم به تعلق
وبيان ذلك في مسألة الولاء قولهما هو وارثه لا وارث له غيره أمر لا بد منه للقضاء له بالميراث فإنهم إذا شهدوا بأصل الولاء ولم يقولوا إنه وارثه فالقاضي لا يقضي له بالميراث وإنما أخذ الأول الميراث بقول الشاهدين الأولين إنه مولاه ووارثه اليوم وقد ظهر كذبهما فضمنا بخلاف مسألة الشهادة بالنكاح فإنهما إذا شهدا أنه مات وهي امرأته لأن قولهما مات وهي امرأته زيادة غير محتاج إليها فإنهما لو قالا كانت امرأته فإن القاضي يقضي لها بالميراث فصار وجود هذه الزيادة والعدم بمنزلة ولو انعدمت هذه الزيادة لكان لا يجب عليهما شيء لأنهما شهدا بنكاح كان ولم يظهر كذبهما في ذلك ا هـ
____________________
(7/243)
وفي البحر عن فروق الكرابيسي شهد شاهدان على رجل أن فلانا أقرضه ألف درهم وقضى القاضي بها ثم أقام المقضي عليه بينة على الدفع قبل القضاء بأمر القاضي يرد الألف إليه ولا يضمن الشهود ولو شهدوا أن عليه ألف درهم وقضى القاضي بذلك وأخذ الألف ثم برهن المقضي عليه على البراءة قبل القضاء يضمن الشهود
والفرق أن في الوجه الأول لم يظهر كذبهم لجواز أنه أقرضه ثم أبرأه وفي الوجه الثاني ظهر كذبهم لأنهم شهدوا عليه بألف في الحال وقد تبين كذبهم فصاروا متلفين عليه ألا ترى أنه لو قال امرأته طالق إن كان لفلان عليه شيء فشهد المشهود أن فلانا أقرضه ألفا يحكم بالمال ولا يحكم بالوقوع ولو شهدوا أن عليه ألفا يحكم بالمال والوقوع جميعا فتبين بهذا أن الشهادة على الإقراض ليست شهادة على قيام الحق للحال والشهادة بالدين مطلقا شهادة على الحق في الحال ا هـ
فقد علم تضمينها بظهور كذبهما من غير رجوع فتضمينهما إذا تيقن كذبهما بالأولى ولذا قال في تلخيص الجامع في باب بطلان الشهادة أخذ الدية ثم جاء المشهود بقتله حيا ضمن الولي للقبض ظلما ولا يرجع لسلامة بدله أو الشاهد للإلجاء كمكره المكره ويرجع بما أخذ الولي لملكه ذلك وكذا لو اقتص لكن لا يرجع عنده إذ ليس للدم مالية تملك بخلاف المدبر ولهذا في عتقه يضمن الشاهد والمكره وفي العفو لا ولو شهد على لإقرار أو الشهادة ضمن الولي لما دون الشاهد لأنه لم يظهر كذبه إذ لا تنافي بخلاف الأول ولهذا لو ثبت الإبراء ضمن شاهد الدين دون الإقراض ولو قال إن كان له علي حنث في الأول دون الثاني كما لو وجد المشهود بنكاحها أما والشاهد عبدا أو محدودا في قذف ا هـ
وبهذا علمت أن فرع الكرابيسي منقول في التلخيص واندفع الإيراد عن القول بالتضمين إذا ظهر كذبه بما لو وجد المشهود بنكاحها أما أو أختا فإنه ظهر الكذب ولا ضمان ا هـ
قوله ( تعديا ) لأن المتسبب يضمن إذا كان كذلك كما هو معلوم
قوله ( مع تعذر الخ ) جواب عن سؤال وهو إذا اجتمع المسبب والمباشر فالضمان على المباشر فلم ضمن الشاهد دون القاضي فأجاب بأن القاضي متعذر تضمينه لأنه كالملجأ إلى القضاء
قوله ( قيض المدعي المال أو لا ) تبع المصنف بهذا الإطلاق صاحب الخلاصة والبزازية وخزانة المفتين وأصحاب الفتاوى لا صاحب المجمع كما في بعض نسخ البحر لعدم تحرير عبارتها لأن صاحب المجمع قال في شرحه هذا إذا قبض المدعي المال دينا كان أو عينا وأصحاب الفتاوى لم يقيدوا ا هـ
وعزو الشارح للخلاصة اتبع فيه صاحب البحر
أقول عبارة الخلاصة هكذا الشاهدان إذا رجعا عن شهادتهما رجوعا معتبرا يعني عند القاضي لا يبطل القضاء لكن ضمن المال الذي شهدا به وهذا قوله الآخر وهو قولهما وعليه الفتوى سواء قبض المقضي له المال الذي قضي له أو لم يقبض انتهت
فقوله وهو قوله الآخر ليس نصا في رجوعه إلى الإطلاق وإلا لأخره والذي يظهر لي أنه أراد بقوله الآخر الضمان بالرجوع مطلقا أي سواء كان الشاهد كحاله الأول في العدالة أو لا فيكون إشارة إلى ما تقدم الكلام فيه فيما مر آنفا يقر به ما في الفتح حيث قال واعلم أن الشافعية اختلفوا في هذه المسألة والصحيح عند الإمام والعراقيين وغيرهم أن الشهود يضمنون كمذهبنا والقول الآخر لا ينقض ولا يرد المال من المدعي ولا يضمن الشهود وهو عين قول أبي حنيفة الأول إذا كان حالهما وقت الرجوع مثله وقت الأداء ا هـ
____________________
(7/244)
وفي الولوالجية ثم إذا صح الرجوع لا يبطل القضاء ولكن يضمنان المال الذي شهدا له به وهو قولهما وقول أبي حنيفة الآخر ا هـ
فهذه العبارة تؤيد ما قلنا
ولو سلم أنه أراد رجوع الإمام عن التقييد بالقبض فنقول لو صح لم يمش على خلافه أصحاب المتون وغيرهم كالهداية والمختار والوقاية والغرر والإصلاح والكنز والملتقى ومواهب الرحمن فكلهم قيدوا بالقبض وجزم به صاحب المجمع كما علمت والحدادي في الجوهرة ولو صح نقل الرجوع لذكره شراح الهداية فإنهم اقتصروا على شرح ما ذكره الماتن ونقلوا القول الآخر من غير ترجيح ولا ذكر رجوع وأنت على علم بأن ما أثبته أرباب المتون في متونهم مختار لهم لأن المتون في متونهم مختار لهم لأن المتون موضوعة لنقل المذهب ومما هو مقرر مشتهر أن ما في المتون مقدم على ما في الشروح وما في الشروح مقدم على ما في الفتاوى والحواشي فكيف لا يقدم ما في المتون والشروح على ما في الفتاوى وحينئذ فما كان ينبغي للمصنف أن يجزم بما في الفتاوى ويعدل عما عليه المتون فالعبرة لما عليه أصحاب المتون أنه لا يرجع إلا بعد القبض دينا كان أو عينا فليتأمل
وما نقله في البحر عن الخلاصة أن ما في الفتاوى هو قول الإمام الأخير كما علمت فيه الكلام المتقدم وللمقال فيه محال كأنه هو الذي غر المصنف
قوله ( وقيده في الوقاية الخ ) وكذا في الهداية والمختار والإصلاح ومواهب الرحمن وجزم به الحدادي في الجوهرة وصاحب المجمع
قوله ( وقيل إن المال عينا فكالأول ) قائله شيخ الإسلام أي يجب على الشهود الضمان مطلقا قبضها المشهود له أو لا لأن الضمان مقيد بالمماثلة وفي العين زوال ملك الشهود عليه عنها بالقضاء وفي الدين لا يزول ملكه حتى يقبضه ألا ترى أن المقضي عليه لا يجوز له أن يتصرف فيها وجاز للمقضي عليه ذلك
حلبي بزيادة
قال العلامة أبو السعود وكذلك العقار يضمنه قبل القبض عندهم لأن العقار يضمن بالإتلاف بشهادة الزور بخلاف الغصب عند أبي حنيفة وأبي يوسف لعدم تحققه فيه
زيلعي
وقوله عندهم أي عند أبي حنيفة وصاحبيه
بقي أن يقال ظاهر كلام الزيلعي يفيد عدم اشتراط القبض في العقار لوجوب الضمان على الشاهد إذا رجع بعد القضاء من غير خلاف وليس كذلك بل الخلاف ثابت ولهذا قال شيخنا هذا على قول شيخ الإسلام وعلى قول شمس الأئمة لا يضمنه الشاهدان بالرجوع إلا إذا قبضه المدعي كالمنقول ا هـ
قوله ( وإن دينا فكالثاني ) أي لو رجع الشهود قبل قبضه لا يضمنون إلى أن يؤدي إليهم ولو بعده يضمنون أي في الحال
قال في البحر وفرق في المحيط بين العين والدين فقال شهدا بعين ثم رجعا ضمنا قيمتها قبضها المشهود له أم لا لأن ضمان الرجوع ضمان إتلاف وضمان إتلاف مقدر بالمثل إن كان المشهود به مثليا وبالقيمة إن لم يكن مثليا وإن كان المشهود به دينا فرجع الشهود قبل قبضه لا يضمنون وإن قبضه المشهود له ثم رجعا ضمنا لأنهما أوجبا عليه دينا فيجب في ذمتهما مثل ذلك ولا يستوفي منهما إلا بعد قبض المشهود به تحقيقا للمعادلة ا هـ
وهذا هو قول شيخ الإسلام وشمل أيضا قوله ما أتلفاه خمر الذمي وخنزيره لكن في كافي الحاكم وإذا شهد الذميان على الذمي بمال أو خمر أو خنزير فقضى به ثم رجعا ضمنا المال وقيمة الخنزير ولا يضمنان الخمر ولا قيمته في قول أبي يوسف ويضمنان قيمة الخمر في قول محمد ولو لم يسلم الشاهدان وأسلم المشهود عليه ثم رجعا عن الشهادة ضمنا قيمة الخنزير ولم يضمنا قيمة الخمر وشمل أيضا ما أتلفاه العقار فيضمنه الشاهد برجوعه كما في خزانة المفتين فهو وإن كان لا يضمن بالغصب عندهما خلافا لمحمد يضمن بالإتلاف وهذا منه
____________________
(7/245)
وفي جامع صدر الدين ادعى عبدا فيه يده ملكا وقضى به فادعاه آخر وقضى له ثم رجعوا ضمن كل فريق لمن شهد عليه
قال محمد ولا يشبه الوصية يعني لا يضمن للورثة لاتحاد المقضي عليه بخلاف الملك دليله وجد شهود الأول عبيدا يرد عليه في الملك دون الوصية وشمل كل المشهود به أو بعضه فلذا قال في جامع الفصولين عن محمد شهدا له بدار وحكم له ثم قالا لا ندري لمن البناء فإني لا أضمنهما قيمة البناء للمشهود عليه كأنهما قالا قد شككنا في شهادتنا ولو قالا ليس البناء للمدعي أضمنهما قيمة البناء للمشهود عليه كأنهما قالا قد شككنا في شهادتنا ولو قالا ليس البناء للمدعي أضمنهما قيمة البناء
وعن أبي يوسف شهدا له بدار فقالا قبل الحكم إنما شهدنا بالعرصة أقبل شهادتهما على ذلك ولم يكن هذا رجوعا ولو قالاه بعد الحكم أضمنهما قيمة البناء ا هـ
ثم اعلم أن الضمان عنهما يسقط بأشياء
الأول ضمنهما نصف المهر ثم أقر به رده إليهما
الثاني ضمنهما قيمة العبد ثم أقر بالإعتاق رده
الثالث ضمنهما قيمة العين ثم وهبها المشهود له للمشهود عليه ردها إليهما
الرابع رجع الواهب في هبته بقضاء بعد ما ضمنا الشاهدين رد الضمان
الخامس ورثة المقضي عليه رد الضمان بخلاف ما لو اشتراه
الكل من العتابية
وشمل قوله أيضا ما أتلفاه جميع الأبواب إلا أن المصنف ذكر بعضها وفاته البعض فذكر الدين والنكاح والبيع والطلاق والعتاق والقصاص وشهود الأصل والفرع والمزكى وشاهد اليمين أي التعليق والولاء والتدبير والكتابة والاستيلاء والإحصان والشرط والإيقاع
وسنشرح كل واحد منها وقد فاته الهبة والإبراء والاستيفاء والبضاعة والتأجيل والنسب وأمومية الولد والدخول والخلع والولادة والموالاة والإقالة والوكالة والرهن والإجارة والمضاربة والشركة والشفعة والميراث والوصية والوديعة والعارية
أما الهبة ففي المحيط شهدوا أنه وهب عبده من فلان وقبضه ثم رجعا بعد القضاء ضمنا قيمة العبد وحق الرجوع لا يمنع التضمين فإن ضمنهما القيمة لم يرجع فيها لوصول العوض ولا يرجع الشاهدان فيها ولو كان أبيض العين يوم شهدا بالهبة ثم رجعا والبياض زائل ضمنا قيمته أبيض لاعتبار القيمة يوم القضاء ا هـ
وأما الإبراء والتأجيل ففي المحيط شهاد أنه أبرأه عن الدين أو أجله سنة أو أوفاه فقضى به ثم رجعا ضمنا ولو شهدا أنه أجله سنة فقضى بها ثم رجعا قبل الحلول أو بعده ضمنا ورجعا به على المطلوب إلى أجله ويبرأ الشاهدان بقبض الطالب الدين بعد مضي الأجل من المطلوب فإن ضمنا رجع به على المطلوب إلى أجله وقاما مقام الطالب فإن نوى ما على المطلوب فمن مالهما أسقط المديون الأجل لم يضمنا ولو شهدا أن له على آخر ألفا وآخران أنه أبرأه ثم رجعوا كلف مدعي الألف إقامة البينة ثانيا وخصمه في ذلك شهود براءة الدين وقد رجعوا فيضمنها الألف ولا تصح إقامة البينة على الدين إلا بحضرة الشهود لا بحضرة المدعى عليه ولا يرجعان على المشهود له بالبراءة ا هـ
وفي العتابية شهدوا على أنه أبرأه من الديون ثم مات الغريم مفلسا ثم رجعا لم يضمنا للطالب لأنه نوى ما عليه بالإفلاس ا هـ
وأما الحد فسنذكره مع القصاص
وأما النسب والولاء والكتابة والتدبير والاستيلاء فسنذكرها في كلام الماتن الآتي
قال في الولوالجية ولو ادعى أنه ابن رجل والأب يجحد وأقام البينة أنه ابنه ولد على فراشه فقضى بذلك وأثبت نسبه ثم رجعوا فلا ضمان عليهم سواء رجعوا في حال حياة الأب أو بعد وفاته أما في حال حياة الأب فلأنهما لم يشهدا على الأب بالمال وإنما شهدا عليه بالنسب والنسب ليس بمال وما ليس بمال لا يضمن بالمال وأما بعد وفاته فلأنهم
____________________
(7/246)
لو ضمنوا ما ورث الابن المشهود له لسائر الورثة لا يجوز ذلك لأن استحقاق الميراث يضاف إلى موت الأب لا إلى النسب لأن الميراث يستحق بالنسب والموت جميعا والموت آخرهما وجودا وكل حكم ثبت بعلة ذات وصفين يضاف إلى آخر الوصفين وجودا ا هـ
وأما الإقالة فمع البيع
وأما الوكالة ففي المحيط شهدا أنه وكله بقبض دينه من فلان أو وديعة فقبضه وأنكر الموكل ثم رجعا لم يضمنا لأن الشاهد سبب لتوفيت إمكان القبض على الموكل والوكيل باشر فتويته فيكون الضمان على المباشر
وفي العتابية ولا ضمان على شهود التوكيل بالإعتاق ولا على شهود التفويض ولا على شهود التوكيل بقبض الدين ا هـ
وأما الرهن ففي المحيط ادعى من ألف على آخر أنه رهنه عبدا قيمته ألف والمطلوب مقر بالدين وشهدا بالرهن ثم رجعا لم يضمنا لأنهما أزالا بعوض ولو كان فيه فضل على الدين لم يضمنا ما دام العبد حيا فإن مات في يد المرتهن ضمن الفضل على الدين ولو ادعى الراهن الرهن وأنكر المرتهن لم يضمنا الفضل ويضمنان قدر الدين للمرتهن وإن رجعا على الرهن دون التسليم بأن قالا سلم إليه هذا العبد وما رهنه لا يضمنان ا هـ
وأما الإجارة ففي المحيط ركب بعير الرجل إلى مكة يدعي الإجارة بخمسين وأقام بينة فعطب وادعى صاحب البعير الغصب ثم رجعا ضمنا قيمة البعير يوم عطب إلا مقدار ما أخذ صاحبه من الأجر
شهدا أنه أكراه دابته بمائتين إلى موضع كذا وأجر مثلها مائة فركبها ثم رجعا لم يضمنا الفضل إن ادعى المستأجر الإجارة وجحد صاحب الدابة وإن ادعاها صاحب الإبل وجحد المستأجر ضمنا له ما أداه ما فوق أجر البعير
وأما المضاربة ففي المحيط ادعى المضارب نصف الربح فشهدا به ورب المال مقرا بالثلث ثم رجعا والربح لم يقبض لم يضمنا فإن قبضاه واقتسماه نصفين ثم رجعا ضمنا سدس الربح
قيل هذا في كل ربح حصل قبل رجوعهما فأما ربح حصل بعد رجوعهما فإن كان رأس المال عرضا فكذلك وإن كان نقدا فرب المال يملك فسخها فكانه راضيا باستحقاق الربح ا هـ
وأما الشركة ففي المحيط شهدا أنهما اشتركا ورأى مال كل واحد منهما ألف على أن الربح أثلاث وصاحب الثلاث يدعي النصف وربحا قبل الشهادة فاقتسما أثلاثا ثم رجعا ضمنا لصاحب الثلث ما بين النصفين والثلث وما ربحا بعد الشهادة فلا يضمنان عليهما ا هـ
وفي كافي الحاكم في يد رجل مال فشهد الرجل أنه شريكه شركة مفاوضة فقضى له بنصف ما في يديه ثم رجعا ضمنا ذلك النصف للمشهود عليه
وأما الشفعة ففي المحيط ولو شهدا أن الدار التي في يد الشفعي ملكه فقضى له بالشفعة ثم رجعا لم يضمنا وإن كان الأول قد بنى فأمره القاضي بنقضه يضمنان قيمة بنائه ولهما النقض اه
وأما الميراث ففي المحيط شهدا لرجل مسلم أن أباه مات مسلما أو عرف كافرا وللميت ابن آخر كافر ثم رجعوا ضمنوا الميراث للكافر الوارث
____________________
(7/247)
وأما الوصية ففي المحيط ادعى رجل أن فلانا الميت أوصى له بالثلث من كل شيء وأقام البينة فقضى ثم رجعوا ضمنوا جميع الثلث وتمامه فيه
وفي كافي الحاكم لو شهدا أن الميت أوصى إلى هذا في تركته فقضى القاضي بذلك ثم رجعا فلا ضمان عليهما والضمان على الوصي إن استهلك شيئا
ا هـ
وأما الوديعة والعارية ففي كافي الحاكم شهدا على رجل بوديعة فجحدها فضمنها إياه القاضي ثم رجعا ضمنا له ما غرم وكذلك العارية ا هـ
قوله ( والعبرة فيه لمن بقي من الشهود لا لمن رجع ) أي عندنا معشر الحنفية وعد الأئمة الثلاثة العبرة لمن رجع
قال في فتح القدير والأصل أن المعتبر في هذا بقاء من بقي لا رجوع من رجع لأن الشهادة إنما تثبت المال والرجوع إنما يوجب الضمان لأنه إتلاف لهم فإذا بقي بعد رجوع من رجع من يستقبل بإثبات المال ثانيا لم يتحقق بالرجوع إتلاف شيء ومن المحال أن يضمن مع عدم إتلاف شيء وأما ما أورد من أنه ينبغي إذا رجع أحد من الاثنين أن لا يبقى شيء من المال لأن الواحد لا يثبت بشهادته أصلا فيقتضي أن يضمن الواحد الراجع كل المال فهو مصادم للإجماع على نفيه وإنما كان الإجماع على نفيه لأن عدم ثبوت شيء بشهادة واحد إنما هو في الابتداء ولا يلزم في حال البقاء ما يلزم في الابتداء وحينئذ فيعد ما ثبت ابتداء شيء بشهادة اثنين نسب إلى كل منهما في حال البقاء ثبوت حصة منه بشهادته فتبقى هذه الحصة ما بقي على شهادته ويكون متلفا لها برجوعه
قوله ( فإن رجع أحدهما ضمن النصف ) إذ بشهادة كل منهما يقوم نصف الحجة فببقاء أحدهما على الشهادة تبقى الحجة في النصف فيجب على الراجع ضمان ما لم تبق فيه الحجة وهو النصف ويجوز أن لا يثبت الحكم ابتداء ببعض العلة ثم يبقى ببقاء بعض العلة كابتداء الحول لا ينعقد على بعض النصاب ويبقى منعقدا ببقاء بعضه
درر
قوله ( وإن رجع أحد ثلاثة لم يضمن ) أي الراجع لقاء من يبقى به كل الحق
قوله ( وإن رجع آخر ضمنا النصف ) أي الأول والثاني لأنه لما رجع الأول لم يظهر أثره فلما رجع آخر ظهر أثره لأنه لم يبق إلا من يقوم به النصف
وفي تلخيص الجامع لو شهد أربعة بأربعة دراهم وقضى بها ودفعت ثم رجع واحد عن واحد والثاني عن اثنين والثالث عن ثلاثة ضمنوا نصف درهم على كل واحد سدس درهم لأن الحجة تشطرت في درهم إذ ثبت الأول على الثلاثة والرابع على الكل ولو رجع الرابع عن الأربعة ضمهوا درهما ونصفا على الأول سدس المضمون الأول وهو ربع درهم وعلى كل واحد من الثلاثة ربع درهم وسدس درهم لأنهم اتفقوا جميعا على الرجوع على الربع فضمنوه أرباعا على كل واحد ربع والثالث الأول ثابت عليه بالشهادة وحده فتشطرت الحجة فيه فوجب نصفه على الثلاثة أثلاثا ولا شيء عليه فيه لبقائه على الشهادة به فتأمل ا هـ
بزيادة عليه
قال المقدسي فإن قيل ينبغي أن يضمن الراجع الثاني فقط لأن التلف أضيف إليه
قلنا التلف مضاف إلى المجموع إلا أن رجوع الأول لم يظهر أثره لمانع وهو من بقي فإذا رجع الثاني ظهر أن التلف بهما
أقول تقدم في الحدود عن المحيط إذا شهد على حد الرجم خمسة فرجع الخامس لا ضمان وإن رجع الرابع ضمنا الرابع وإن رجع ثالث يضمن الرابع
فقوله يضمن الثالث الربع مخالف لما هنا لأن المأخوذ من باب الرجوع في الشهادة أن الخامس والرابع والثالث يضمنون النصف أثلاثا فما عن المحيط إما غلط أو ضعيف أو غير
____________________
(7/248)
مشهور وإذا شهد أربعة على شخص بأربعمائة درهم وقضى بها فرجع أحدهم عن مائة وآخر عن تلك المائة ومائة أخرى وآخر عن تلك المائتين ومائة أخرى فعلى الراجعين خمسون أثلاثا لأن الأول لم يرجع إلا عن مائة فبقي شاهدا بثلاثمائة والرابع الذي لم يرجع شاهد بالثلاثمائة كما هو شاهد بالماة الرابعة أيضا فوجد نصاب الشهادة في الثلاثمائة فلا ضمان فيها وأما المائة الرابعة لما بقي الرابع شاهدا بها ورجع البقية تنصفت لأن العبرة لمن بقي فيضمنون نصفها وهو الخمسون أثلاثا فإن رجع الرابع عن الجميع ضمنوا المائة أرباعا يعني المائة التي اتفقوا على الرجوع عنها وغير الأول يضمن الخمسين التي اتفقوا على الرجوع عنها أثلاثا ووجه عدم ضمان المائتين والخمسين أن الأول بقي شاهدا بثلاثمائة والثالث بقي شاهدا بمائتين فالمائتان تم عليهما النصاب وبقي على الثالثة شاهد واحد لم يرجع ولكن لما رجع الثلاثة غيره تنصفت المائة الثالثة فضمنوا الخمسين أثلاثا
سائحاني
وقوله والثالث بقي شاهدا لعله والثاني والمسألة مذكورة في البحر عن المحيط موجهة بعبارة أخرى وهي أن الشهادة قائمة بقدر ثلاثمائة وخمسين لأن القائم بقي شاهدا بأربعمائة والرابع بقي شاهدا بثلاثمائة فبقي على ثلاثمائة حجة كاملة فلا يجب ضمانها على أحد بقي على المائة الزائدة شاهد واحد وهو القائم على الشهادة فبقي من يقوم به نصف الحق فبقي نصفها فظهر أن التالف برجوعهم نصف المائة فيجب على الراجعين لاستوائهم في إيجابها فإن رجع الرابع عن الجميع ضمنوا المائة أرباعا وضمنوا سوى الأول خمسين أيضا أثلاثا لأنه بقي على الشهادة من يقوم به مائتان وخمسون ا هـ
والمسألة بحالها
قوله ( وإن رجعت امرأة ضمنت الربع ) لبقاء ثلاثة أرباع الحق ببقاء رجل وامرأة إذ الرجل وحده بالنصف وهذا بالإجماع
عيني
وهذا إذا كانت من رجل وامرأتين ولو من رجلين وامرأة لا ضمان عليها وإن رجعا أيضا لأن شهادة الواحدة بعض شهادة واحد فكان القضاء مضافا إلى شهادة الرجلين
وقال الإسبيجابي لو رجع رجل وامرأة فالنصف عليهما أثلاثا
قوله ( وإن رجعتا فالنصف ) لأنه ببقاء الرجل بقي نصف الحق وعلى هذا لو شهد رجلان وامرأتان فرجع رجل وامرأة فعليهما الربع أثلاثا وإن رجع رجلان فعليهما النصف وإن رجع امرأتان فلا شيء عليهما وهو ظاهر زيلعي
قوله ( لبقاء ثلاثة أرباع النصاب ) إذ النصف يبقى بالرجل والربع بالباقية أي فيضمن النسوة التسع ربع الحق لأنه ببقاء الرجل والمرأة يبقى ثلاثة أرباع الحق
قال في البحر وإن رجعت العشرة فقط فعليهن نصف الحق اتفاقا كما إذا رجع الأول وحده ولو رجع معه ثمان فعليه النصف ولا شيء عليهن
كذا في المحيط
وهو سهو بل يجب أن يكون النصف أخماسا عنده وعندهما أنصافا ا هـ
أقول هذه عبارة الزيلعي واختصرها بحذف التعليل من كلام المحيط وهو قوله لأنهن وإن كثرن يقمن مقام رجل واحد وقد بقي من النساء من ثبت بشهادتهن نصف الحق فيجعل الراجعات كأنهن لم يشهدن
في الشرنبلالية قلت والذي يظهر لي من كلامه أن ما ذكره صاحب المحيط على قول الصالحين ولذا علل بما لم يعلل به الإمام بل بما عللا به إذ ما علل به الإمام كما ذكره أن كل امرأتين يقومان مقام رجل
____________________
(7/249)
واحد ثم قال وعدم الاعتداد بكثرتهن عند انفرادهن لا يلزم منه عدم الاعتداد بكثرتهن عند الاجتماع مع الرجال كما في الميراث ا هـ
وليس في كلام الصاحبين ما يفيد أنه مع قيامهن مقام رجل يقسم عليهن ما ثبت بشهادتهن في حق من رجع منهن ليفرض بقدره وقد بقي منهن من يثبت به نصف الحق كما ذكره الزيلعي بعد هذا بقوله ولو شهد رجل وثلاث نسوة ثم رجعوا فعندهما على الرجل النصف وعلى النسوة النصف وعنده عليه الخمسان وعليهن ثلاثة الأخماس ولو رجع الرجل وامرأة فعليه النصف كله عندهما ولا شيء على المرأة وعنده عليهما أثلاثا ا هـ
ثم قال الشرنبلالي ومثله في الفتح على أنا لو سلمنا الانقسام عليهن عند الرجوع فالذي يظهر من تعليل قولهما أن الانقسام عليهن بحسب عددهن فعليهن أربعة أخماس النصف وعلى الرجل نصف كامل ويبقى خمس نصف المال ببقاء المرأتين والجواب عما ذكره عن الإسبيجابي أنه مشى على قول الإمام لا على قولهما فليتأمل
ا هـ
قلت وذكر في الولوالجية نحو ما في المحيط وأشار إلى مخالفته القياس حيث قال شهد رجل وثلاث نسوة ثم رجع الرجل وامرأة ضمن الرجل نصف المال ولم تضمن المرأة شيئا
وينبغي في قياس قول أبي حنيفة أن يكون النصف أثلاثا على الرجل والمرأة أما عندهما النسوة وإن كثرن بمنزلة رجل واحد حالة الإنفراد وحالة الاختلاط وكان يشهد رجلان لا غير فكان الثابت بشهادة النسوة النصف فإذا بقي من يقوم بشهادته النصف منهن لم يكن على الراجعة شيء
وأما عنده فلأن كل ثنتين حالة الاختلاط كرجل واحد وكل امرأة كنصف رجل كأنه يشهد رجلان ونصف من حيث الحكم فإن رجع رجل وامرأة فكأنه رجع رجل ونصف فالضمان عليهما أثلاثا ا هـ
قال المولى عبد الحليم ظاهر تأخير دليل الإمام مع تقدم قوله على ترجيح قول الإمام وأما تصريح قولهما في المتن مقابلا بقوله يقتضي التساوي بينهما ثم رجحان قول الإمام مبني على قوة دليله وذ على ما صرح في المبسوط وغيره إن حكم الشهادة كحكم الميراث وفيه يجعل كل بنتين كابن معه وعند الانفراد لم يزد نصيبين على الثلثين وكذلك في الشهادة عند الانفراد بعد نصف النصاب فيها وعند المقارنة بالرجل يزداد النصاب ويضاف القضاء بشهادة الكل على أن كل امرأتين كرجل
هذا وما ذكر في المحيط أنه لو رجع للرجل وثمان نسوة فعلى الرجل نصف الحق ولا شيء عليهن لأنهن وإن كثرن يقمن مقام رجل واحد فمحمول على قولهما كما أن ما ذكره الإسبيجابي من أنه لو شهد رجل وثلاث نسوة ثم رجع رجل وامرأة كان النصف عليهما أثلاثا محمول على قوله وعليه كلام المقدسي والفتح والمنبع فظهر أن صاحب المحيط لم يسه وإن ظن سهوه صاحب التبيين وتبعه بعض المتأخرين على أنه يمكن أن يكون كلام صاحب المحيط على الاتفاق بناء على أن طرف النساء نصف النصاب وإن كثرن ولا يظهر قيام كل امرأتين مقام رجل ما لم ترجع واحدة اثنتين أو كلهن فما دام شطر النصاب باقيا من طرفهن لم يضمن الرواجع منهن فتدبر ا هـ
قوله ( فإن رجعوا ) أي رجع الكل من الرجال والنساء غلب الذكر لشرفه فلذا أعاد الضمير مذكرا
قوله ( فالغرم بالأسداس ) السدس على الرجل وخمسة الأسداس على النسوة لأن كل امرأتين تقوم مقام رجل واحد فكأنه قد شهدت ست رجال فيضمن الرجل السدس وكل امرأتين السدس وهذا عند الإمام
قوله ( وقالا عليهن النصف ) لأن النساء وإن
____________________
(7/250)
كثرن في الشهادة لا يقمن إلا مقام رجل واحد وكان الثابت بشهادته نصف المال وشهادتهن النصف الآخر ولهذا لا تقبل شهادتهن إلا بانضمام الرجل
ولأبي حنيفة أن لك امرأتين قامتا مقام رجل
قال في نقصان عقلهن عدلت شهادة كل ثنتين بشهادة رجل روى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أنه قال يا معشر النساء تصدقن وأكثرن من الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار فقالت امرأة منهن يا رسول الله ما لنا أكثر أهل النار قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من عقل ودين أغلب لذي لب منكن قالت يا رسول الله وما نقصان العقل والدين فقال أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فصار كما لو شهد بذلك ستة ستة رجال ثم رجعوا
قوله ( كما لو رجعن فقط ) أي ضمن النصف إجماعا لأنهن وإن كثرن بمنزلة رجل واحد كما تقدم أما عندهما فظاهر لأن الثابت بشهادتين نصف المال كما ذكرنا وكذا عنده إذ بقي من بقي به نصف المال فصار كما لو شهد به ستة رجال ثم رجع خمسة
قوله ( ولا يضمن راجع في النكاح الخ ) هذه المسألة على ستة أوجه لأنهما إما أن يشهدا بمهر المثل أو بأزيد أو بأنقص وعلى كل فالمدعي إما هي أو هو ولا ضمان إلا في صورة ما إذا شهدا عليه بأزيد ولو قال المصنف بعد قوله ضمناها للزوج كما في المنح لأفاد جميع الصور خمسة منطوقا وواحدة مفهوما ولا غنى عما نقله الشارح عن العزمية وكان عليه أيضا أن يقول وإن بأقل ويحذف ولو شهدا بأصل النكاح لإيهامه أن الشهادة في الأولى ليست على أصله وعلى كل فقول الشارح أو أقل تكرار كما لا يخفى
قال الحلبي فلو قال المتن ويضمن الزيادة بالرجوع من شهد على الزوج بالنكاح بأكثر من مهر المثل لاستوفى الستة واحدة منطوقا وخمسة مفهوما ثم ظهر لي أن المصنف أظهر ما خفي وأخفى ما ظهر من هذه الصور فذكر عدم الضمان في الشهادة بمهر المثل ويلزم منه عدمه في الشهادة بالأقل وصرح بضمان الزيادة وهذا كله لو هي المدعية كما نبه عليه الشارح وأشار به إلى أن ما بعده فيما لو كان هو المدعى فذكر المصنف بعده أنه لا ضمان لو شهدا بأقل من مهر المثل وسكت عما لو شهدا بمهر المثل أو أكثر للعلم بأنه لا يضمان بالأولى لأن الكلام فيما إذا كان هو المدعى ولم يصرح به الشارح كما صرح بالأقل في الأول اعتمادا على ظهور المراد فتنبه
ذكره سيدي الوالد رحمه الله تعالى
أقول فالحاصل أنه لا ضمان إلا في صورة واحدة وهي ما لو شهدا عليه بالأكثر فيضمنان الزائد على مهر المثل وفي الخمسة الباقية لا ضمان أصلا وهذا موافق لما في التاترخانية حيث قال وفي الزاد وإن شهد شاهدان على امرأة بالنكاح بمقدار مهر مثلها ثم رجعا فلا ضمان عليهما وكذا لو شهدا بأقل من مهر مثلها وإن شهدا بأكثر من مهر مثلها ثم رجعا ضمنا الزيادة
وفي المحيط وإن ادعى رجل على امرأة النكاح وأقام على ذلك بينة والمرأة جاحدة فقضى القاضي عليها بالنكاح ثم رجعا عن شهادتهما لا
____________________
(7/251)
يضمنان للمرأة شيئا سواء كان المسمى مهر المثل أو أكثر أو أقل ا هـ
ثم قال وإذا ادعى رجل على امرأته أنه تزوجها بمائة درهم وقالت المرأة لا بل تزوجتني بألف درهم ومهر مثلها ألف درهم فشهد شاهدان أنه تزوجها على مائة درهم فقضى ثم رجعا حال قيام النكاح ذكر أنهما يضمنان للمرأة تسعمائة عندهما ولا يضمنان شيئا عند أبي يوسف
هذا إذا رجعا قبل الطلاق فإن رجعا بعده فهذا على وجهين إما أن يرجعا قبل الدخول أو بعده فإن كان بعد الدخول بها فالجواب فيه كالجواب حال قيام النكاح فأما إذا كان الطلاق قبل الدخول بها فإنهما لا يضمنان للمرأة شيئا عندهم جميعا
ا هـ
فأفاد أن الكلام الأول فيما إذا كان أصل النكاح مجحودا أما إذا كانا مقرين به واختلفا به المهر ثم رجع الشاهدان ففيه هذا التفصيل والحكم فيه ما علمت فتنبه لذلك
قال في البحر وأشار في المسألة بمهر المثل إلى أن هذا فيما إذا لم يطلقها بعد الدخول أو طلقها بعده أما إذا طلقها قبل الدخول لا يضمنان لها شيئا بالاتفاق كما في الحقائق وفي النكاح أنه لو ادعى بقبض المهر كلا أو بعضا وشهدا عليها به ثم رجعا بعد القضاء ضمناه لها لأنهما أتلفا عليها مالا دون البضع
قوله ( إذ الإتلاف بعوض كلا إتلاف ) وهنا أتلفا شيئا يقابله عوض وهذا التعليل ظاهر فيما إذا كان المدعي الزوج لأنهما أتلفا عليها البضع بمال قابله من الزوج وكذا فيما إذا كان المدعي الزوجة لأنهما أتلفا المال بالبضع لأنه يكون متقوما بالدخول في الملك ولحالة هنا حال الدخول في الملك
قوله ( وإن زاد عليه ) هذا هو الموافق لما في المنح والكنز بضمير المثنى فيوافق قوله بعد ضمناها وعلى إفراد الضمير يكون الضمير راجعا إلى المشهود به
قوله ( ضمناها ) أي الزيادة للزوج لأنهما أتلفاها بلا عوض إذ الأصل أن المشهود به إن لم يكن مالا كقود ونكاح لم يضمن وكذا المال بمقابلة عوض بقدره ويضمن ما زاد على العوض وبلا عوض يضمن كله فلو شهدا عليها بنكاح فقضى به ثم رجعا لم يضمنا لها شيئا سواء كان المسمى مثل مهر مثلها أو أكثر أو أقل لأنهما وإن أتلفا عليها البضع بما لا يعدله لكنه لا يتقوم على المتلف وإنما يتقوم على المتملك ضرورة التملك وهذا لأن ضمان الإتلاف مقدر بالمثل ولا مماثلة بين البضع والمال فأما عند دخوله في ملك الزوج فقد صار متقوما إظهارا لخطره حتى يصان عن الابتذال ولا يملك مجانا لحصول النسل به وذا لا يوجد في طرف الإزالة ولو كانت هي المدعية فشهدا ورجعا فإن كان مهر مثلها كالمسمى أو أكثر لم يضمنا لأنهما أوجبا عليه المهر بعوض يعدله أو يزيد عليه وهو البضع لأنه عند الدخول في ملك الزوج متقوم وبينا أن الإتلاف بعوض يعدله لا يوجب ضمانا
فإن كان مهر مثلها أقل من الزيادة ضمناها للزوج لما مر
مقدسي
قال الزيلعي فإن قيل هذا مستقيم في حقها لأنهما أتلفا عليها البضع بعوض متقوم وأما في حق الزوج فغير مستقيم لأن البضع غير متقوم وأتلفا عليه المال المتقوم بمقابله فوجب أن يضمنا له مطلقا قلنا البضع متقوم حال دخوله في الملك والكلام فيه انتهى
قوله ( لو هي المدعية وهو المنكر ) راجع إلى الثلاث أي لو ادعت عليه النكاح بمهر مثلها أو أقل أو أزيد وشهد شاهداها بذلك وقضى به القاضي على الزوج ثم رجع الشاهدان لم يضمنا شيئا في الأولين وضمنا الزيادة في الثالثة كما علمت
قوله ( عزمي زاده ) أقول ومثله في أكثر المعتبرات متونا وشروحا فالعزو للمتون أولى
قوله ( ولو شهدا بأصل النكاح بأقل من مهر مثلها ) أي عليها بقرينة المقابلة بما مر ولأن أصل النكاح إنما يثبت على المرأة للزوج لأنها المملوكة له وهو المالك ثم إذا رجعا لم يضمنا ما نقصاه من مهر مثلها لتعذر المماثلة لأن منافع البضع غير متقومة عند الإتلاف فلا تضمن بالمتقوم إذ التضمين يستدعي المماثلة وإنما تضمن وتقوم بالتملك ضرورة إبانة خطر المحل
كذا في التبيين
بقي ما لو كان
____________________
(7/252)
دعواه بمهر مثلها أو أكثر وعلم حكمه فإنه إذا لم يثبت لها شيء مع شهادتهما بالأقل فبالمساواة والأكثر كان كذلك بالأولى فلا خلل في عبارة المتن والشرح
قوله ( على المعتمد ) ذكره في الهداية وشروحها خلافا لما في المنظومة النسفية وشرحها وتبعهما صاحب المجمع حيث ذكروا أنهما يضمنان ما نقص عندهما خلافا لأبي يوسف
قال في الفتح وما في الهداية وشروحها هو المعروف ولم ينقلوا سواه وهو المذكور في الأصول كالمبسوط وشرح الطحاوي والذخيرة وغيرها وإنما نقلوا فيها خلاف الشافعي فلو كان لهم شعور بالخلاف في المذهب لم يعرضوا عنه بالكلية ولم يشتغلوا بنقل خلاف الشافعي ا هـ
قال الرملي وفي المصفى لو أثبتوا نكاحها فأوكسوا لم يضمنوا إن رجعوا ما بخسوا
وصورته ادعى نكاح امرأة على مائة وقالت تزوجني على ألف ومهر مثلها ألف وأقام شاهدين على مائة وقضى بها ثم رجعا بعد الدخول بها لا يضمنان شيئا لها
وقالا يضمنان لها تسعمائة على أن عندهما القول قولها إلى تمام مهر مثلها فكان يقضي لها بألف لولا شهادتهما فما أتلفا عليها تسعمائة وعنده القول قول الزوج فلم يتلفا عليها شيئا ا هـ
ومثله في الحقائق شرح المنظومة
قال في التاترخانية شهدا على امرأة أن فلانا تزوجها على ألف درهم وقبضت ذلك وهي تنكر ومهر مثلها خمسمائة فقضى القاضي بذلك ثم رجعا على شهادتهما ضمنا مهر المثل دون المسمى ولو وقعت الشهادة بالعقد بالألف أولا ففضي القاضي به ثم شهدا بقبض الألف وقضى القاضي به ثم رجعا عن الشهادتين ضمنا للمرأة المسمى
قوله ( لتعذر المماثلة بين البضع والمال ) قال في الفتح وذكروا وجهه بأن البضع متقوم لثبوت تقومه حال الدخول فكذا في غيره لأنه في حال الخروج عين ذلك الذي ثبت تقومه
وأجابوا بحاصل توجيه المصنف بأن تقومه حال الدخول ليس إلا الإظهار خطره حيث كان منه النسل المطلوب في الدنيا والآخرة وغير ذلك من النفع كما شرطت الشهادة على العقد عليه دون سائر العقود لذلك لا لاعتباره متقوما في نفسه كالأعيان المالية لأنه لا يرد الملك على رقبته والمنافع لا تتقوم فلا يضمن لأن التضمين يستدعي المماثلة بالنص والمماثلة بين الأعيان التي تحرز وتتمول والأعراض التي تتصور ولا تبقى
وفرع في النهاية على الأصل المذكور خلافته هي ما إذا شهدوا بالطلاق الثلاث ثم رجعوا بعد القضاء بالفرقة لم يضمنوا عندنا وكذا إذا قتل رجل امرأة رجل لا يضمن القاتل لزوجها شيئا وكذا إذا ارتدت المرأة لا شيء عليها لزوجها وعنده عليها وعلى القاتل للزوج مهر المثل وأورد على قولنا نقصا أنهم أوجبوا الضمان بإتلاف منافع البضع حقيقة فيما إذا أكره مجنون امرأة فزنى بها يجب في ماله مهر المثل فكذا في الإتلاف الحكمي
وأجاب نقلا من الذخيرة بأنه في الإتلاف الحقيقي بالشرع على خلاف القياس والحكمي دونه فلا يكون الوارد فيه واردا في الحكمي ونظيره ما في شرح الطحاوي لو ادعى أنه استأجر الدار من هذا شهرا بعشرة وأجرة مثلها مائة والمؤجر ينكر فشهدا بذلك ثم رجعا لا ضمان عليهما لأنه أتلف المنفعة ومتلف المنفعة لا ضمان عليه ا هـ
قوله ( ثم رجعا ) أي بعد القضاء ضمنا لها لأنهما أتلفا عليها مالا وهو المهر قليلا كان أو كثيرا دون البضع
منح
قوله ( وضمنا في البيع والشراء ما نقص عن قيمة المبيع ) أما لو شهدا بمثل القيمة أو أكثر فلا ضمان لأنه إتلاف بعوض وإن شهدا به بأقل من قيمته ضمنا النقصان لأنه بغير عوض أطلقه فشمل ما إذا شهدا به باتا أو بخيار شرط
____________________
(7/253)
للبائع ومضت المدة لإسناد الحكم عند سقوطه إلى السبب السابق وهو البيع بدليل استحقاق المشتري الزوائد وأما إذا رد البائع البيع فلا إتلاف أو أجازه اختيارا بقول أو فعل فللرضا به قيد الشهادة بالبيع أي فقط لأنهما لو شهدا به مع قبض الثمن فإن شهدا بهما متفرقين ثم رجعا عن شهادتهما فإنهما يضمنان الثمن لأن الثمن تقرر في ذمة المشتري بالقضاء ثم أتلفاه عليه بشهادتهما بالقبض فيضمنانه وإن كان الثمن أقل من قيمة المبيع يضمنان الزيادة أيضا مع ذلك لأنهما أتلفا عليه هذا المقدار بشهادتهما الأولى
فإن قلت حيث ضمنا الزيادة أيضا فما الفرق بين هذه وبين الثانية فإنه يؤول إلى تضمين القيمة
قلت يظهر فيما إذا كان الثمن أكثر من القيمة فيضمنه هنا وفي الثانية لا يضمن إلا بالقيمة
تأمل
وإن شهدا عليه بالبيع وقبض الثمن جملة واحدة وجبت القيمة عليهما لأن القاضي يقضي بالبيع لا بوجوب الثمن لأن القضاء بالثمن يقارنه ما يوجب سقوطه أي الثمن وهو القضاء بالقبض والقضاء بالشيء إذا اقترن به ما يوجب بطلانه لا يقضي به كما لو شهدا بالبيع والإقالة معا فلا ضمن كما يأتي توضيحه قريبا
قوله ( لو الشهادة على البائع ) بأن ادعى المشتري بأن يقول اشتريت هذا العبد من هذا الرجل بألف وهو يساوي ألفين فأنكر المدعى عليه فشهد شاهدان ثم رجعا يضمنان للبائع ألفا لأنهما أتلفاه عليه
درر
قوله ( أو زاد لو الشهادة على المشتري ) بأن يقول البائع أن المشتري اشترى مني هذا العبد بألفين وعليه الثمن وأنكر المشتري فشهد شاهدان أنه اشترى العبد بألفين وهو يساوي ألفا ثم رجعا يضمنان للمشتري ألفا لأنهما أتلفاه عليه
درر
وباقي تفصيل هاتين المسألتين في المبسوط والكافي ولا حاجة لإيراد هذه المسألة وإن لم تدخل في الأول لأنها داخلة في مسألة الدين لما أن مقصود البائع من دعوى البيع توطئته إلى دعوى الثمن وهو الدين وهو مطلوبه لا نفس المبيع بخلاف ما إذا كانت الدعوى من جانب المشتري فإن مطلوبه عين المبيع أصالة دون الثمن فتكون شهادتهما متعلقة بالبيع قصد إلا بالدين فظهر أن تدقيق صدر الشريعة وإن تبعه المصنف وصاحب الدرر دقيق لمن لم يتأمل
نص عليه صاحب المفاتيح وقدمناه قريبا فلا تغفل
قال في البحر وشمل قوله أو زاد ما إذا كان المشهود عليه المشتري فلا ضمان لو شهدا برائه بمثل القيمة أو أقل وإن كان بأكثر ضمنا ما زاد عليها ولو كان بخيار له وجاز البيع بمضي المدة وأما إذا فسخه وأجازه اختيارا فلا كما في البدائع
وفي خزانة المفتين وإن شهدا على البائع بالبيع بألفين إلى سنة وقيمته ألف فإن شاء ضمن الشهود قيمته حالا وإن شاء أخذ المشتري بالثمن إلى سنة وأياما اختار برىء الآخر وإن اختار الشهود رجعوا بالثمن على المشتري ويتصدقون بالفضل فإن رد المشتري المبيع بعيب بالرضا وتقايلا رجع على البائع بالثمن ولا شيء على الشهود وإن رد بقضاء فالضمان على الشهود بحاله وإن أديا رجعا بما أديا انتهى
وفي منية المفتين شهدا بالبيع بخمسمائة وقضى القضاي ثم شهدا أن البائع أخر الثمن ثم رجعا عن الشهادتين جميعا ضمنا الثمن خمسمائة عند الإمام كما لو شهدا بأجل دين ثم رجعا ضمنا انتهى
قوله ( للإتلاف بلا عوض ) علة للمسألتين
قوله ( ولو شهدا بالبيع وبنقد الثمن ) قدمنا قريبا الكلام على الشهادة على البيع مع قبض متفرقا أو جملة فلا تنسه ولا يظهر تفاوت بين المسألتين في الحكم بالضمان لأنه فيهما يضمن القيمة لأنه في الأولى إن كان الثمن مثل القيمة فيها وإن كان أقل منها يضمنان الزيادة أيضا
وقد يقال إن الفرق ظاهر فيما إذا كان الثمن أكثر من القيمة في الصورة الأولى
____________________
(7/254)
فإنهما يضمنانه فلغا قولنا لأنه فيهما يضمن القيمة
تأمل
قوله ( ضمنا القيمة ) لأن المقضي به البيع دون الثمن لأنه لا يمكن القضاء بإيجاب الثمن لاقترانه بما يوجب سقوطه وهو القضاء بالإيفاء ولذا قال لو شهدا أنه باع من هذا عبده وأقاله بشهادة واحدة لا يقضي بالبيع لمقارنة ما يوجب انفساخه وهو القضاء بالإقالة
فتح
قوله ( ولو في شهادتين ) أي شهدا بالبيع وبثمن معلوم ثم طلب البائع الثمن ثم شهدا عليه بأنه قبض الثمن ثم رجعا يضمنان الثمن صرفا للرجوع إلى الأخير كما ظهر لي
سائحاني
قوله ( ضمنا الثمن ) لأن القضاء بالثمن لا يقارنه ما يسقطه لأنهما لم يشهدا بالإيفاء بل شهدا به بعد ذلك وإذا صار الثمن مقضيا به ضمناه برجوعهما
فتح
وهذا إذا كان بمثل القيمة أو أزيد والمدعي هو المشتري فلو أنقص يضمنان ما نقص أيضا لأنهما أتلفا عليه هذا القدر بشهادتهما الأولى فإن كان المدعي هو البائع ضمنا الزيادة كما يفهم من الرمز والتبيين
قوله ( عيني ) عبارته وإن شهدا بنقد الثمن مع شهادتهما بالبيع ينظر فإن شهدا بالبيع بألف مثلا فقضى به القاضي ثم شهدا عليه بعد القضاء بقبض الثمن فقضى به ثم رجعا عن الشهادتين ضمنا الثمن وإن كان أقل من قيمة المبيع يضمنان الزيادة أيضا مع ذلك وإن شهدا عليه بالبيع وقبض الثمن جملة واحدة فقضى به ثم رجعا عن شهادتهما يجب عليهما القيمة فقط ا هـ
قوله ( فإن شاء ضمن الشهود قيمته حالا ) وهي ألف ويرجعون بألفين على المشتري ويتصدقون بالفضل ط
قوله ( وإن شاء أخذ المشتري ) أي بألفين
قوله ( برىء الآخر ) أي من مؤاخذته فقط وإلا فالشهود يرجعون على المشتري بالثمن إذا ضمنوا القيمة حالا
قوله ( وتمامه في خزانة المفتين ) عبارتها كما في المنح فإن اختار الشهود رجعوا بالثمن على المشتري ويتصدون بالفضل فإن رد المشتري المبيع بعيب بالرضا أو تقايلا رجع على البائع بالثمن إذا ضمنوا القيمة حالا
قوله ( وتمامه في خزانة المفتين ) عبارتها كما في المنح فإن اختار الشهود رجعوا بالثمن على المشتري ويتصدون بالفضل فإن رد المشتري المبيع بعيب بالرضا أو تقايلا رجع على البائع بالثمن ولا شيء على الشهود وإن رد بقضاء فالضمان على الشهود بحاله وإن أديا رجعا بما أديا ا هـ
أي إن كان بعد مضي الأجل ودفع الثمن ويسقط عنه الثمن إن كان قبل ذلك ولا شيء على الشهود لوصول المال إلى مالكه مع أنه في هذه الصورة بيع جديد في حق ثالث والشهود ثالث فهما أجنبيان عن هذه المقايلة وإنما شهادتهما في أصل البيع وإن رد بقضاء فالضمان على الشهود لأنه حينئذ فسخ في حق الكل ولكن ينظر ما الذي يضمنانه بعد أن وصل المبيع إلى المشهود عليه
قوله ( وفي الطلاق قبل وطء وخلوة ) أي إن شهدا على رجل أنه طلق امرأته قبل الوطء والخلوة
قوله ( ضمنا نصف المال المسمى أو المتعة إن لم يسم ) لأنهما قد يفترقان قبل الدخول بنحو مطاوعتها لابن الزوج أو ارتدادها وذلك بمنزلة الفسخ فيوجب سقوط المهر أصلا فقررا عليه ما كان على شرف السقوط ولأن الفرقة قبل الدخول في معنى الفسخ فتوجب سقطو جميع المهر كما مر في النكاح ثم يجب نصف المهر ابتداء بطريق المتعة فكان واجبا بشهادتهما
كذا في الهداية
قال في البحر والتعليل الأول للمتقدمين والثاني للمتأخرين
وقالوا لا نسلم التأكيد بشهادتهم بل وجب متأكدا بالعقد ولم يبق بعده إلا الوطء الذي بمنزلة القبض وهذا العقد لا يتعلق تمامه بالقبض
ولئن سلمنا التأكيد فلا نسلم أن التأكيد الواجب سبب للضمان فإن الشهود لو شهدوا على الواهب بأخذ العوض حتى قضى القاضي بإبطال حق الرجوع ثم رجعا وقد هلكت الهبة لم يضمنوا للواهب شيئا
كذا في الأسرار
فلما كان قول المتأخرين أقرب إلى التحقيقي اختاره فخر الإسلام
كذا في التقرير شرح أصول فخر الإسلام
____________________
(7/255)
وفي العتابية لو أقر الزوج بالطلاق بعد التضمين أو السيد بالإعتاق رد الضمان عليهم
وفي المحيط شهد رجلان وامرأتان بالطلاق قبل الدخول ثم رجع رجل وامرأة فعليهما ثمن المهر أثلاثا ثلثاه على الرجل وثلثه على المرأة
ولو شهد رجلان بالطلاق ورجلان بالدخول ثم رجع شاهدا الطلاق لا ضمان عليهما لأنهما أوجبا نصف المهر وقد بقي من يثبت بشهادته جميع المهر وهو شاهد الدخول وإن رجع شاهدا الدخول لا غير يجب عليهما نصف المهر لأنه ثبت بشهادة شهود الطلاق نصف المهر وتلف بشهادة شاهدي الدخول نصف المهر وإن رجع من كل طائفة واحد لا يجب على شاهدي الطلاق شيء ويجب على شاهدي الدخول الرابع ا هـ
وإنما قيد بالمتعة فيما إذا لم يسم لأنها الواجبة وقد أتلفاها
وفي المحيط تزوجها بلا مهر وطلقها قبل الدخول فشهدا أنه صالحها من المتعة على عبد وقبضته وهي تنكر ثم رجعا لا يضمنان العبد بل المتعة وإن كان مهر مثلها عشرة ضمنا لها خمسة دراهم لأن القاضي لم يقض لها بالعبد لكونه مقبوضا فقد أتلفا بشهادتهما على المرأة المتعة لا العبد بخلاف ما لو شهدا أنه صالحها عنها بعبده وقضى لها به ثم شهدا بقبضه ثم رجعا ضمنا قيمة العبد لوقوع القضاء بالعبد ا هـ
وأطلق في ضمانها فشمل ما بعد موت الزوج لما في المحيط شهود الطلاق قبل الدخول إذا رجعوا بعد موت الزوج ضمنوا للورثة نصف المهر لأنهم قائمون مقام المورث ولا ميراث للمرأة ادعت الطلاق أو لا أقرت الورثة أنه طلقها أو لا
وهذا قول أبي حنيفة
وقالا ترث ولا يضمن الشاهدان ميراثها بناء على أن قضاء القاضي بالطلاق بشهادة الزور ينفذ ظاهرا وباطنا عنده خلافا لهما ولو شهد بذلك بعد موت الزوج وادعى ذلك الورثة فضى لها بنصف المهر ثم رجعا ضمنا للمرأة نصف المهر والميراث ا هـ
قوله ( قبل الدخول ) قيد في الشهادتين ح
قوله ( لا غير ) لأن لم يقض بشهادة شهود الواحدة لأنه لا يفيد لأن حكم الواحدة حرمة خفيفة وحرمة الثلاث حرمة غليظة
قوله ( للحرمة الغليظة ) أي للقضاء بها
قوله ( ولو بعد وطء أو خلوة فلا ضمان ) أي على أحد لتأكيد المهر بالدخول فلم يقررا عليه ما كان على شرف السقوط ح
ولأنه لا تقوم للبضع حالة الخروج
ذكره الكمال
ونقل عن التحفة أنهما يضمنان ما زاد على مهر المثل لأن الإتلاف بقدر مهر المثل إتلاف بعوض وهو منافع البضع التي استوفاها ا هـ
قال في البحر ومما يناسب هذا النوع مسألتان
الشهادة بالخلع والنفقة
أما الأولى ففي المحيط شهدا على امرأة أنها اختلعت من زوجها قبل الدخول أو بعده على أنها أبرأته من المهر وهي تجحد ثم رجعا ضمنا لها نصف المهر في الصورة الأولى لأنهما أوجبا عليها ذلك بغير عوض ولو كان دخل بها يضمنان كل المهر ا هـ
وأما النفقة ففي المحيط فرض القاضي لها النفقة أو المتعة ثم شهدا بالاستيفاء وقضى ثم رجعا ضمنا للمرأة وكذلك نفقة الأقارب
قيل في نفقة الأقارب سهو لأنها لا تصير دينا بقضاء فما أتلفا شيئا
وقيل إنها مؤولة وتأويلها أن القاضي قضى له وأمره بالاستدانة عليه حتى يرجع بما استدانه على المقضي عليه بالنفقة وقد استدان وصار دينا له على المقضي عليه فقد شهدا عليه باستيفاء دين مستحق له على المقضي عليه فضمنا بالرجوع ا هـ
قوله ( ضمن شهود الدخول ثلاثة أرباع المهر وشهود الطلاق ربعه ) أي لأن شهود الدخول أتلفوا الكل
____________________
(7/256)
والآخران النصف فمتلف النصف يقول شاركني فيه متلف الكل فانقسم فأصاب متلف النصف نصف النصف وهو ربع وأصاب متلف الكل الربع زيادة على ما تفرد بإتلافه وهو النصف فلذا غرم ثلاثة أرباع ولو رجع شاهدا الطلاق فقط لا ضمان عليها لأن الحجة بإيجاب الكل لم ترجع ولو رجع شاهدا الدخول فقط ضمنا نصف المهر لأنه غاية ما يزيد به الدخول على عدمه ولو رجع من كل طائفة واحد لا يجب على شاهد الطلاق شيء لأن متلف الكل باق مع رفيقه فكان النصاب باقيا ويضمن شاهد الدخول الراجع الريع لأن رفيقه شاهد بالنصف ورفيق الشاهد بالطلاق شاهد بالربع وهما لم يرجعا فكان المتلف الربع فقط فيضمنه
سائحاني
قوله ( اختيار ) علله بأن الفريقين اتفقا على النصف فيكون على كل فريق ربع وانفرد شهود الدخول بالنصف فينفرد دون بضمانه ا هـ
فتال
قوله ( ولو شهد بعتق ) أطلق فانصرف إلى العتق بلا مال فلو شهدا أنه أعتق عبده على خمسمائة وقيمته ألف فقضى ثم رجعا إن شاء ضمن الشاهدين الألف ورجعا على العبد بخمسمائة وولاء العبد للمولى
كذا في المحيط
وفي البزازية شهدا على رجل بإعتاق عبده وأربعة أخر أنه زنى وهو محصن فحكم بالعتق والرجم ورجم ثم رجعوا فالقيمة على شهود العتق للمولى والدية على شهود الزنا للمولى أيضا إن لم يكن له وارث آخر والمولى إن كان جاحدا للعتق يمنع أخذ الدية لكن زعمه باطل بالحكم وصار كالمعدوم ووجوب القيمة بدل المالية ووجوب الدية بدل النفس ثم الدية للمقتول حتى تقضى بها ديونه فلا يلزم بدلان عن مبدل واحد ا هـ
بحر
قوله ( لأنه ضمان إتلافه ) أي إتلاف مالية الملك وهو العبد من غير عوض لأنهما بشهادتهما أتلفا ملك صاحب العبد فيجب عليهما الضمان مطلقا أي سواء كانا موسرين أو معسرين بخلاف من أعتق نصيبه من عبد مشترك فإنه لم يتلف إلا ملك نفسه ولزم منه فساد ملك صاحبه فضمنه الشارع صلة ومواساة له فاختص باليسر
قوله ( والولاء للمعتق ) لأن العتق لا يتحول إليهما بالضمان وهو لا يصلح عوضا لأنهما إنما ضمناه بعد عتقه وإتلاف ماليته وعدم قبوله للتملك والعتق وقع على مالكه في ملكه فكان ولاؤه له
قوله ( فلا يتحول الولاء ) أي إليهما بالضمان لأن العتق لا يحتمل الفسخ فلا يتحول بالضرورة إذ الولاء لمن أعتق
قال في البحر ولو شهدا أنه أعتق عبده عام أول في رمضان وقضى القاضي بعتقه ثم رجعا ضمنا قيمة العبد يوم أعتقه القاضي وحكم حدوده وجزاء جنايته فيما بين رمضان إلى أن أعتقه القاضي حكم الحر لأن القاضي أثبت حريته من رمضان بالبينة والثابت بالبينة العادلة كالثابت بالمعاينة وفي حق إيجاب الضمان يعتبر حرا يوم القضاء لأن التلف حصل يوم القضاء لأن المنع والحيلولة بين المولى وعبده حصل يوم القضاء
ولو شهدا أنه طلق امرأته عام أول في رمضان قبل الدخول وقضى به وألزمه نصف المهر ثم رجعا وضمنا ثم شهد آخران أنه طلقها عام أول في شوال قبل الدخول بها لم تقبل ولا يقع الأولان لأنها صارت مبانة بالطلاق الأول قبل الدخول فلا يتصور تطليقها بعد ذلك فكانت الشهادة الأخيرة باطلة وبي الضمان على الفريق الأول بحاله ولو أقر الزوج بذلك يرد على الشاهدين ما ضمنا وكذا إقرار المولى بالعتق قيل هذا عند أبي يوسف ومحمد خلافا لأبي حنيفة بناء على نفاذ القضاء باطنا فمتى نفذ القضاء في رمضان باطنا عنده
____________________
(7/257)
لم يصح إقراره بالطلاق والعتاق في شوال من هذا العام فبقي التلف مضافا إلى شهادتهما لا إقرار وعندهما لما لم ينفذ القضاء باطنا بقي النكاح والرق إلى شوال باطنا فصح إقراره في شوال وكان التلف مضافا إلى إقراره لا إلى الشهادة
كذا في المحيط
ثم قال ولو شهدا بالتدبير وآخران بالعتق فرجعوا فالضمان على شهود العتق لأن القضاء بالتدبير مع العتق لا يفيد لأن حكم التدبير بقاء الرق إلى وقت الموت ولا يبقى الرق مع العتق البات فلا يقضي بالتدبير فإن قضى بشهادة التدبير ثم شهد آخران بالعتق البات فقضى به ثم رجعوا ضمن شهود التدبير ما نقصه التدبير وشهود العتق قيمته مدبرا لأن القضاء بالتدبير يفيد حكمه لأنه ليس حالة القضاء بالتدبير شهادة قائمة بالعتق فأمكن القضاء بالتدبير وشاهدا العتق أزالا المدبر عن ملكه بغير عوض فيضمنان قيمته مدبرا ا هـ
وفي العتابية ولو شهد واحد بإقراره بالعتق أمس وآخر بإقراره بالعتق من سنة وقضى به ثم أقام الشاهدان بينة على إعتاقه من سنين برئا عن الضمان وهذا قولهما لأن عندهما الدعوى ليست بشرط ا هـ يعني ثم رجعا بعد القضاء ثم برهنا ا هـ
قوله ( وفي التدبير ضمنا ما نقصه ) وهو ما بين قيمته مدبرا وغير مدبر
فتح
لأنه بالتدبير فات بعض المنافع لأنه لا يخرجه من ملكه بنحو بيع
قوله ( وهو ثلث قيمته ) قال في البحر وقدمنا أن الفتوى أن قيمته مدبر نصف قيمته لو كان قنا ا هـ
فعليه يكون اللازم نصف القيمة لأنه الفائت بالتدبير
قوله ( ولزمهما بقية قيمته ) فإن لم يكن له مال غير العبد عتق ثلثه وسعى في ثلثيه وضمن الشاهدان ثلث القيمة بغير عوض ولم يرجعا به على العبد فإن عجز العبد عن الثلثين يرجع به الورثة على الشاهدين ويرجع به الشاهد على العبد عندهما
بحر
ويأتي تمام عبارته في المقولة الآتية
قوله ( وتمامه في البحر ) حيث قال فيه ففي المحيط لو شهدا أنه دبر عبده فقضى ثم رجعا ضمنا ما نقصه التدبير فإنه بالتدبير فات بعض المنافع من حيث التجارة بالإخراج عن ملكه فانتقص ملكه فضمنا نقصانه بتفويتهما وإن مات المولى والعبد يخرج من ثلثه عتق وضمن الشاهدان قيمته مدبرا لأنهما أزالا الباقي عن ملك الورثة بغير عوض فإن لم يكن له مال غير العبد عتق ثلثه وسعى في ثلثيه وضمن الشاهدان ثلث القيمة بغير عوض ولم يرجعا به على العبد فإن عجزا العبد عن الثلثين يرجع به الورثة على الشاهدين ويرجع به الشاهد على العبد عندهما
ا هـ
وبه علم أن ما ذكره الشارح الزيلعي من أن العبد إذا كان معسرا فإنهما يضمنان جميع قيمته مدبرا ويرجعان به عليه إذا أيسر سهو لما علمت أنه إنما يرجعان عليه بالثلثين وهو صرح به في المبسوط وصرح فيه بأنهما يضمنان ثلث قيمته مدبرا وعليه يحمل ما في المحيط وقدمنا أن الفتوى أن قيمته مدبرا نصف قيمته لو كنا قنا
انتهت عبارة البحر
قوله ( وفي الكتابة يضمنان قيمته ) قال في البحر معزيا للمحيط شهدا أنه كاتب عبده على ألف إلى سنة فقضى ثم رجعا يضمنان قيمته ولا يعتق حتى يؤدي ما عليه إليهما فإذا أداه عتق والولاء للذي كاتبه فإن عجز فرد في الرق كان لمولاه أن يرد ما أخذه على الشهود ا هـ
وبه علم أن ما في فتح القدير من أن الولاء للذين شهدوا عليه بالكتابة سهو والصواب أن يبدل قوله للذين شهدوا عليه للذي شهدوا عليه ا هـ
وإنما ضمنا بالكتابة دون التدبير لأنهما بها حالا بين المولى وبين مالية العبد بشهادتهما
____________________
(7/258)
فكانا غاصبين فيضمنان قيمته بخلاف التدبير فإنه لا يحول بل تنقص ماليته
فتح
قوله ( وإن شاء ) أي المولى اتبع المكاتب ولا يضمن الشهود وكان الأولى تأخير هذه الجملة لئلا يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه
قوله ( وتصدقا بالفضل ) أي إن كان بدل الكتابة أكثر لأنه إن كان بدل الكتابة مثل قيمته أو أقل يطيب لهما ما أخذا من المكاتب وإن كان أكثر تصدقا بالفضل
ذكره الزيلعي
وفي البحر عن المحيط شهدا أنه كاتب عبده على ألف إلى سنة وقيمته خمسمائة ثم رجعا يخير المولى بين تضمين الشاهدين وبين اتباع العبد بالكتابة إلى أجله فإن اختار المولى ضمان الشاهدين وقبض منهما القيمة لم يعتق المكاتب حتى يؤدي ألفا إلى الشاهدين ويتصدقان بالفضل
وعند أبي يوسف يطيب له فإن تقاضى المولى المكاتب وهو يعلم برجوع الشاهدين أو لا يعلم فهو رضا بالكتابة ولا يضمنان إلا إذا كانت المكاتبة أقل من القيمة فله أن يأخذ المكاتبة ويرجع عليهما بفضل القيمة ولم يذكر الشارحون ما إذا شهدا على المكاتب ثم رجعا
وفي المحيط ادعى العبد أن مولاه كاتبه على ألف وأنه قيمته وقال المولى كاتبته على ألفين وأقام البينة وقضى وأداها ثم رجعوا ضمنوا ألف درهم للمكاتب فإن أنكر المكاتب الكتابة وادعاها المولى على ألفين لم تقبل بينته عليه ويقال للمكاتب إن شئت فامض عليها أو دع ا هـ
قوله ( والولاء لمولاه ) لأنه لا يمكن أن يتملكاه بالضمان لثبوت كتابته
قوله ( وفي الاستيلاد ) أي لو شهدا أنه أقر أن أمته ولدت منه والمولى ينكر ذلك فقضى به ثم رجعا
فإن لم يكن معها ولد فرجعا في حياته ضمنا نقصان قيمتها بأن تقوم قنة وأم ولد لو جاز بيعها فيضمنان النقصان فإن مات المولى عتقت وضمنا بقية قيمتها للورثة فإن كان معها ولد فرجعا في حياته ضمنا قيمة الولد مع ضمان نقصانها فإن مات المولى بعده فإن لم يكن مع الولد شريك في الميراث لم يضمنا له شيئا ورجعا على الولد بما قبض الأب منهما من تركته إن كانت وإلا فلا ضمان عليه وإن كان له أخ ضمنا له نصف البقية من قيمتها ويرجعان على الولد بما أخذ الأب منهما لا بما قبض الأخ ولا يضمنان للأخ ما أخذه الولد من الميراث فإن رجعا بعد وفاة المولى فإن لم يكن مع الولد شريك فلا ضمان عليهما وإلا ضمنا للأخ نصف البقية من قيمتها ونصف قيمة الولد لا ميراثه ولا يرجعان على الولد هنا وإن كانت الشهادة بعد موت المولى بأن ترك ولدا وعبدا وأمة وتركة فشهدا إن هذا العبد ولدته هذه الأمة من الميت وصدقهما الولد والأمة لا الابن وقضى ثم رجعا ضمنا قيمة العبد والأمة ونصف الميراث ا هـ
قال الرملي وإنما رجعا على الولد بما قبض الأب منهما الخ لاعتراف الولد باشتغال التركة بما أخذ والده منهما لأنه يزعم أنه أخذ ما أخذه منهما ظلما فرجعا في التركة فتأمل
وقوله وإن كانت الشهادة بعد موت المولى الخ يؤخذ من هذه المسألة أنهما لو شهدا بأنه من مستحقي هذا الموقف فقضى القاضي به بشهادتهما ثم رجعا لا يضمنان شيئا للمشهود عليهم من الغلة فيما يستقبل بشهادتهما لأنهما لم تلفاها عليهم لعدم وجودها وقتئذ حتى لو كان شيء من الغلة موجودا وقت الشهادة وحكم به يضمنان بالرجوع ما أخذه المشهود له أو استهلك المشهود عليهم غلة السنين الماضية وحكم عليهم له بها فكذلك بضمنانها لأنهما أتلفاه على المشهود عليهم بشهادتهما كمسألة الشهادة بعد موت المولى هنا ولم أر من صرح بذلك
وقد سألت عنه فاستخرجت الجواب من مسألة
____________________
(7/259)
البدائع المذكورة فتأمل ذلك الخ
قوله ( فيضمنان ما بينهما ) فيه أنه تقدم في باب الاستيلاد وعتق المبعض أن قيمة أم الولد ثلث قيمتها قنة فيضمنان ثلث قيمتها
قوله ( وتمامه في العيني ) عبارته وإن رجعا والمولى ميت ضمنا جميع قيمتها للورثة وإن كان معها ولد ضمنا قيمتها وقيمة الولد كلها وما أخذ الولد بالإرث ا هـ
وإن شهدا أنه أقر أن أمته ولدت منه والمولى ينكر فقضى به ثم رجعا فإن لم يكن معها ولد والمولى حي يضمنان له نقصان قيمتها فإذا مات المولى يضمنان للورثة باقي قيمتها وإن رجعا والمولى ميت ضمنا جميع قيمتها للورثة وإن كان معها ولد والمولى حي ضمنا نقصان قيمتها وقيمة جميع الولد فإذا مات المولى إن لم يكن مع الولد شريك في الميراث لا يضمنان له شيئا ويرجعان على لولد بما قبضه الأب منهما إن كان له تركة وإلا فلا شيء على الابن وإن كان معه شريك فإنهما يضمنان لشريكه نصيبه من قيمة الولد من باقي قيمة الأم ويرجعان على الولد بما قبضه الأب منهما إن ترك مالا ولا يرجعان بما أخذه منهما شريكه ولا يضمنان لشريكه ما أخذه الابن من الإرث وإن رجعا بعد وفاة المولى فإن شهدا بعد وفاته والمسأل بحالها فقضى به ثم رجعا فإن لم يكن معها ولد ضمنا جميع قيمتها للورثة وإن كان معها ولد ضمنا قيمتها وقيمة الولد كلها وما أخذه الولد بالإرث
ا هـ
ح
قوله ( وفي القصاص الدية الخ ) أي إذا شهد بأن فلانا قتل فلانا عمدا فقضى القاضي بالقتل فقتل ثم رجعا كان عليهما الدية لا القصاص لأن القتل منهما ليس مباشرة ولا تسببا لأن السبب ما يفضي إليه غالبا ولا يفضي بالشهادة هنا لأن العفو مندوب إليه
قال في البحر وشمل ما إذا شهدوا به في النفس أو ما دونه وما إذا رجع الولي معهما أو لم يرجع لكن إن رجع معهما خير الولي بين تضمين الولي الدية أو الشاهدين كما لو جاء المشهود بقتله حيا وأيهما ضمن لا يرجع على صاحبه عنده وعندهما له الرجوع عليه لأنهما عاملان له واتفقوا على رجوعهما عليه في الخطأ أشار بقيد القصاص لأنهما لو شهدا بالعفو عن القصاص ثم رجعا لم يضمنا في ظاهر الرواية لأن القصاص ليس بمال ألا ترى أن ولي القصاص لو مريضا فعفا ثم مات من مرضه ذلك لا يعتبر من الثلث ولو كان مالا لاعتبر منه وعن أبي يوسف يضمنان الدية وصاحب المنبع نقل رجحان ظاهر الرواية ولو شهدا أنه صالحه من دم العمد على ألف ثم رجعا لم يضمنا أيهما كان المنكر للصلح
وقيل إذا كان القاتل منكرا فالصحيح أنهما يضمنان له الألف والصحيح جواب الكتاب
وتمامه في المحيط
وفيه شهدا أنه صالحه على عشرين ألفا والقاتل يجحد فقضى ثم رجعا ضمنا الفضل على الدية وقيل الصحيح أن يضمنا جميع المال
قال الطالب صالحتك على ألف وقال الخصم لا بل على خمسمائة فالقول للمدعي عليه مع يمينه لإنكاره الزيادة فإن برهن الطالب وقضى ثم رجعا ضمنا الخمسمائة الواجبة بشهادتهما
وفيه دليل على أن الجواب في المسألة الأولى سهو حيث أجابوا بعدم الضمان
شهدا على العفو عن دم فيه مال أو جرح عمد فيه مال ثم رجعا ضمنا الدية وأرش الجراحة في ثلاث سنين أو سنة انتهى
وفي البدائع شهدا بالقتل خطأ ثم رجعا ضمنا الدية في مالهما وكذا لو شهدا بقطع يد خطأ ضمنا نصفها وكذا إذا شهد بسرقته فقطع ثم رجعا انتهى مع زيادة
قوله ( في مال الشاهدين ) أي لا على عاقلتهما كما قاله في الفتح
____________________
(7/260)
لأن الشهادة بمنزلة الإقرار والعاقلة لا تعقل الإتلاف بالإقرار كما في المنبع
وذكر في السراجية الدية التي تكون على الشاهدين تكون في مالهما في ثلاث سنين ولا كفارة عليهما ولا يحرمان الميراث بأن كانا ولدي المشهود عليه فإنهما يرثانه ا هـ
فظهر أن ما في الفتح من أن الدية تكون على عاقلتهما ضعيف بل خلاف الصواب كما أفاده المولى عبد الحليم
قوله ( وورثاه ) أي ورث الشاهدان المشهود عليه لو كانا وارثين له لما تقدم عن السراجية ولما سيأتي في الجنايات من أن القتل بسبب لا يمنع الميراث لعدم قتل المتسبب حقيقة
قوله ( ولم يقتصا ) أي من الشاهدين عندنا
وقال الشافعي يقتص منهما لوجود القتل تسببا فأشبه المكره بل أولى لأن الولي يعان على الاستيفاء والمكره يمنع عن القتل ولا يعان عليه لأن الشاهد بمنزلة المكره بكسر الراء والولي بمنزلة المكره بفتح الراء
قوله ( لعدم المباشرة ) بل المباشر اختيار ولي الدم لأن القتل مباشرة لم يوجد وكذا تسببا لأن السبب ما يفضي إليه غالبا ولا يفضي لأن العفو مندوب إليه بخلاف المكره لأنه يؤثر حياته ظاهرا ولأن الفعل الاختياري مما يقطع النسبة ثم أقل من الشبهة وهي دارئة للقصاص بخلاف المال لأنه يثبت مع الشبهات
قوله ( ولو شهدا بالعفو ) بأن قالا إن ولي المقتول عفا من القاتل فحكم القاضي بشهادتهما ثم رجعا لم يضمنا شيئا
قال في الهندية في الباب الحادي عشر في المتفرقات إذا شهد شاهدان على رجل أن عفا عن دم خطأ أو جراحة خطأ أو عمدا فيها أرش وقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما ضمنا الدية وأرش تلك الجراحة وتكون الدية عليهما في ثلاث سنين وما بلغ من أرش الجراحة خمسمائة فصاعدا إلى ثلث الدية ففي سنة وما زاد إلى الثلثين ففي سنة أخرى وما كان أقل من خمسمائة ضمناه حالا وإن كانت الدية وجبت حالا ولم يؤخذ منها شيء وشهد شاهدان أنه أبرأه منها وقضى بالبراءة ثم رجعا ضمنا ذلك حالا
كذا في الحاوي
ا هـ
قوله ( لأن القصاص ليس بمال ) فإذا لم يكن مالا يضمن الشهود عندنا كما تقدم
قوله ( وضمن شهود الفرع برجوعهم ) لأن الشهادة في مجلس القضاء صدرت منهم فكان التلف مضافا إليهم وبنى الحكم عليها فكان التلف مضافا إليهم
وفي المحيط شهدا على شهادة أربعة وآخرون على شهادة شاهدين وقضى ثم رجعوا فعلى شاهدي الأربعة ثلثا الضمان وعلى الآخرين الثلث عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد على الفريقين نصفان
وأجمعوا على أنه إذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين وشهد أربعة على شهادة شاهدين فقضى القاضي به ثم رجعوا إن الضمان على الفريقين نصفان هكذا في المحيط إذ شهد شاهدان على شهادة شاهدين على رجل بألف درهم وشهد آخران على شهادة شاهد واحد بذلك الألف بعينه وقضى القاضي بالألف بالشهادتين جميعا ثم رجع كواحد من الفريق الأول وواحد من الفريق الثاني كان عليهما ثلاثة أثمان المال الثمنان على أحد الأولين والثمن على أحد الآخرين ولو لم يرجع إلا أحد الأولين كان عليه ربع الحق ولو رجع الآخران مع الأولين ضمنوا نصف المال يكون نصفه على الراجع من الأولين ونصفه على الآخرين
كذا في الذخيرة ولو شهد كل فريق على شهادة شاهدين ورجع واحد من هذا وواحد من ذلك ضمنا ثمنين ونصفا
وذكر في المبسوط النصف وعن الكرخي الربع وعن عيسى بن أبان الثلث
والأصح أن المذكور في المبسوط جواب القياس والمذكور في الجامع جواب الاستحسان
كذا في محيط السرخسي
قوله ( لا شهود الأصل الخ ) قال المصنف في وجهه لأنهم أنكروا السبب وهو الإشهاد وذلك لا يبطل القضاء لأنه خبر يحتمل الصدق والكذب فصار كرجوع الشاهد بعد القضاء لا ينقض به الشهادة لهذا بخلاف ما إذا أنكروا الإشهاد قبل القضاء لا يقضي بشهادة الفرعين كما إذا رجعوا قبله
فتح
قوله ( أو أشهدناهم وغلطنا ) أي
____________________
(7/261)
فلا ضمان عليهم وهذا قولهما وقال محمد يضمنون لأن الفروع نقلوا شهادة الأصول فصار كأنهم حضروا وشهدوا ثم حضروا ورجعوا ولهما أن القضاء لم يقع بشهادتهم بل وقع بشهادة الفروع لأن القاضي يقضي بما يعاين من الحجة وهي شهادتهم وهذا الاختلاف مبني على أن الشهادة على الشهادة إنابة وتوكيل عندهما وعنده تحميل وأكثر الشروح صرحوا بأن الفروع نقلوا نيابة هنا وفي المسألة الآتية ومن ذلك رجحوا قولهما على قوله لأنهم لو كانوا نائبين عنهم في الشهادة لما كان لهم ذلك بعد المنع ثم الخلاف في هذه المسألة في إنكار الإشهاد وعدم الضمان فيه اتفاقي لأنهم لم يرجعوا وإنما أنكروا التحميل كما في الشروح
قوله ( وكذا لو قالوا رجعنا ) أي فالحكم كذلك عندهم على الاختلاف بالطريق الأولى إذ الغلط يستلزم الرجوع دون العكس كما لا يخفى فقوله غلطنا اتفاقي
قوله ( لعدم إتلافهم ) ولأن القضاء وقع بشهادة الفروع لأن القاضي يقضي بما يعاين من الحجة وهي شهادتهم خلافا لمحمد فإنه يقول يضمن لا ينتقض بقولهم فلا يجب الضمان عليهم لأنهم ما رجعوا عن شهادتهم إنما شهدوا عن غيرهم بالرجوع
قوله ( ولو رجع الكل ) أي الأصول والفروع
قوله ( ضمن الفروع فقط ) أي عندهما لأن سبب الإتلاف الشهادة القائمة في مجلس القضاء إذا وجد من الفروع وعند محمد المشهود عليه مخير بين تضمين الفروع وتضمين الأصول لأن القضاء وقع بشهادة الفروع من حيث إن القاضي عاين شهادتهم ووقع بشهادة الأصول من حيث إن الفروع نائبون عنهم نقلوا شهادتهم بأمرهم
درر
وأشار بقوله لأن القضاء الخ إلى أنه لا تجانس بين شهادتي الفريقين فيجعل كل منهما كالفريق المنفرد من ذلك لم يجمع بينهما في التضمين وأي ضمن لم يرجع على الآخر كما في الشروح واعترض عليه بأن الفروع مضطرون بالأداء بعد التحمل يأثمون بالامتناع ولا علم لهم بحال الأصول فكان ينبغي أن لا يضمنوا إلا إذا علموا أنهم غير محقين وشهدوا ثم رجعوا وأيضا أنهم لو اعترفوا بعد التحميل ورجعوا بناء على ذلك ينبغي أن يضمنوا وإن قالوا رجعنا تبعا للأصول لأنهم رجعوا عما حملونا ونحن تبعناهم ينبغي أن لا يضمنوا
أقول الجواب عن الأول أن الحكم أضيف إلى شهادة الفروع وظاهر حالهم أنهم محقون فيها فاللازم عليهم أن لا يرجعوا سواء رجع أصولهم أو لم يرجعوا فلما رجعوا توجه الضمان إليهم فلا خفاء فيه
وعن الثاني بأن التعارض وقع بين خبري الأصول وقد قوي خبرهم الأول باتصال القضاء إليه بواسطة أداء الفروع إياه على طريق الشهادة فظاهر حالهم أن لا يتبعوا خبرهم الثاني مع أنه خلاف الظاهر وأنه ضعيف
تدبر
قوله ( وضمن المزكون ) أي للرجوع عن التزكية عنده والا لا يضمنون لأنهم أثنوا على الشهود فصاروا كشهود الإحصان له أن التزكية إعمال الشهادة إذ القاضي لا يعمل بها إلا بالتزكية فصار في معنى علة العلة بخلاف شهود الإحصان لأنهم شرط محض والخلاف فيما إذا تعمدوا أو علموا أنهم عبيد وزكوهم كما قيده المصنف
وقيل الاختلاف فيما إذا أخبر بحرية الشاهد وعدالته أما إذا قال هو عدل فبان عبدا لا ضمان إجماعا لأن العبد قد يكون عدلا كما في البحر وغيره
مطلب في علة العلة أقول وعلة العلة كما في الدرر كالرمي فإنه سبب لمضي السهم في الهواء وهو سبب الوصول إلى المرمي إليه وهو سبب الجرح وهو سبب ترادف الألم وهو سبب الموت ثم أضيف الموت إلى الرمي الذي هو العلة
____________________
(7/262)
الأولى
قوله ( ولوالديه ) أي والحق لو زكوا شهود الزنا فرجم فإذا الشهود عبيد أو مجوس فالدية على المزكين عنده لما في السراجية أن المشهود به لو كان زنا فإذا الشهود عبيد أو كفرة فالدية على المزكين لو قالوا علمنا أنهم عبيد ومع ذلك زكيناهم بخلاف ما لو زعموا أنهم أحرار فلا ضمان عليهم ولا على الشهود ولا حد على الشهود لأنهم قذفوا حيا وقد مات ولا يورث عنه
وقالا الدية على بيت المال ا هـ
قوله ( مع علمهم بكونهم عبيدا ) أما إذا ثبتوا عليها وزعموا أنهم أحرار فلا ضمان عليهم ولا على الشهود
قوله ( أما مع الخطأ ) بأن قال أخطأت في التزكية
قوله ( وضمن شهود التعليق ) يعني لو شهد بتعليق العتق أو الطلاق قبل الدخول بشرط وآخران بوجود الشرط أي دخول الدار مثلا فقضى القاضي ورجع الفريقان بعد الحكم كالضمان على شهود اليمين لا شهود الشرط فيضمنان قيمة العبد ونصف المهر لأن اليمين هي العلة فأضيف الحكم إلى من شهد بها والشرط وإن منع فإذا وقع أضيف التلف إلى العلة لا شهود وجود الشرط لأن شهود التعليق أثبتوا العلة الموجبة للحكم وشهود وجود الشرط أثبتوا شرطه والشرط لا يعارض العلة في إضافة الحكم لأن إضافة الحكم إلى العلة حقيقة وإضافته إلى الشرط مجاز كما الشمني
وفي المنية شهدا أنه أمر امرأته أن تطلق نفسها وآخران أنها طلقت قبل الدخول فرجعوا يضمن شهود الطلاق لإثباتهما السبب والتفويض شرط كونه سببا وعلى هذا إذا شهدا أنه جعل عتق عبده بيد فلان وآخران أنه أعتقه ثم رجعوا ولو شهدوا أنه أمره بالتعليق وآخران أن المأمور علق وآخران أعتقه ثم رجعوا ولو شهدوا أنه أمره بالتعليق وآخران أن المأمور علق وآخران على وجود الشرط ثم رجعوا فاضمان على شهود التعليق
قوله ( لو قبل الدخول ) أما بعد الدخول إذا رجعوا لا يلزمهم شيء لأنه استوفى منافع البضع والإتلاف بعوض كلا إتلاف كما قدمنا
قوله ( لا شهود الإحصان ) صورته أن يشهد أربعة على الزنا ويشهد آخران على أنه محصن ثم رجعوا فالضمان على شهود الزنا لأنه علة وهي المؤثرة في الحكم وأفرده بالذكر مع أنه داخل في الشرط على ما نص عليه بقوله لأنه شرط لمكان الاختلاف فيه أنه شرط أو علامة ثم الشرط هو ما يتعلق الوجود عليه دون الوجوب والعلامة هي ما يعرف الوجود به من غير تعلق وجوب ولا وجود به
ونص فخر الإسلام وأبو زيد وشمس الأئمة على أن الإحصان علامة لا شرط وأثبتوا مدعاهم بوجهين وذهب المتقدمون من أصحابنا وعامة المتأخرين أنه شرط علامة بدليل أن وجوب الحد يتوقف عليه بلا عقلية تأثير له في الحكم ولا إفضاء إليه
وهذا شأن الشرط
واختاره المحقق ابن الهمام في تحريره ونصره وأجاب عن الوجهين بما لا مزيد عليه هذا ثم كونه شرطا محضا إنما هو بالنسبة إلى التزكية لمقابلته بها
تدبر
قوله ( لأنه شرط ) والشرط يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم فلا يلزم من كونه محصنا أنه يرجم وإنما يرجم بفعله الزنا بشرط أن يكون محصنا فكان المتسبب في رجمه هم شهود الزنا فيلزمهم الضمان برجوعهم
رحمتي
قوله ( بخلاف التزكية ) أي إذا رجع الشهود عنها فإنهم يضمنون
قوله ( لأنها ) أي التزكية علة إذ العلة الباعث على الشيء المؤثر في وجوده فكان تزكيتهم ملجئة للقاضي على
____________________
(7/263)
الحكم فيضمنون بالرجوع كما تقدم لكن الأولى أن يقول علة العلة لأن العلة الشهادة عند القاضي والتزكية إعمال لها لأن القاضي لا يعمل بها فصارت في معنى علة العلة إلا أن يقال إنه عند وجود العلة لا يضاف الحكم إلا إليهما
والحاصل أنه إذا اجتمع شهود التزكية مع شهود الزنا ورجعوا جميعا فالضمان على شهود التزكية لأن الحكم يضاف إليها فكانت علة فيه وإذا اجتمع شهود الزنا مع شهود الإحصان فرجعوا فالضمان على شهود الزنا لا الإحصان لأن علة الحكم الشهادة والإحصان شرط كما ذكره الأكثر لتوقف وجوب الحد عليه
قوله ( والشرط ) عطف على الإحصان وظاهره أن المصنف مال إلى قول من قال إن الإحصان علامة لا شرط على خلاف ما فسره الشارح بأنه شرط على ما اختاره صاحب البحر تبعا للأكثر
واختار الزدوي أن الشرط ما ليس بعلة فشمل السبب فلا ضمان على شهود التفويض بل على شهود الإيقاع وعلى كل فقد اتفقوا على عدم تضمين شهود الإحصان كالشرط فلو شهد شهود بالزنا وآخران أن الزاني محصن فرجم أو شهدا بتعليق عتق وطلاق وآخران بوقوع الشرط ثم رجعوا فضمان الدية وقيمة القن ونصف المهر ليس إلا على شهود الزنا والتعليق إذ شهادتهم على العلة وهذا بالاتفاق
أما لو رجع شهود الشرط وحدهم ففيه الاختلاف ولذا قال ولو وجدهم على الصحيح
قال في الكافي ولو رجع شهود الشرط وحدهم يضمنون عند البعض لأن الشرط إذا سلم عن معارضة العلة صلح علة لأن العلل لم تجعل عللا بذواتها فاستقام أن يخلفها الشرط والصحيح أن شهود الشرط لا يضمنون
بحال نص عليه في الزيادات وإلى هذا مال شمس الأئمة السرخسي وإلى الأول فخر الإسلام البزدوي
شرنبلالية
قوله ( قال ) أي العيني وضمن شهود الإيقاع أي لو قامت بينة أنه فوض إليها الطلاق وأخرى أنها أوقعته ثم رجعتا كان الضمان على بينة الإيقاع فقط لأن العلة
قوله ( لا التفويض ) أي تفويض الطلاق إلى المرأة أو تفويض العتق إلى العبد وشهد آخران أنها طلقت وأن العبد عتق الخ
شمني
قوله ( لأنه ) أي الإيقاع علة
قال في البحر وأراد من الشرط ما ليس بعلة فشمل السبب فلا ضمان على شهود التفويض والضمان على شهود الإيقاع كما قدمناه
واستشهد الحسامي على عدم تضمين شهود الشرط بما لو قال لعبده إن ضربك فلان فأنت حر فضربه فلان يعتق العبد ولا يضمن الضارب لأنه عتق بيمين مولاه لا بالضرب فكذلك هذا
ا هـ
والله سبحانه وتعالى أعلم واستغفر الله العظيم
كتاب الوكالة هي بفتح الواو وكسرها اسم للتوكيل والكلام فيها في مواضع
الأول في معناها لغة
قال في المصباح وكلت الأمر إليه وكلا من باب وعد ووكولا فوضته إليه واكتفيت به والوكيل فعيل بمعنى مفعول لأنه موكول إليه ويكون بمعنى فاعل إذا كان بمعنى الحافظ ومنه
حسبنا الله ونعم الوكيل
والجمع وكلاء ووكلته توكيلا فتوكل قبل الوكالة وتوكل على الله اعتمد عليه
والحاصل أنها في اللغة بمعنى التوكيل وهو تفويض الأمر إلى الغير
____________________
(7/264)
الثاني في معناها اصطلاحا فهي إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في تصرف معلوم كذا في العناية
حتى أن التصرف إن لم يكن معلوما يثبت به أدنى تصرفات الوكيل وهو الحفظ وذكر في المبسوط وقد قال علماؤنا فيمن قال لآخر وكلتك بمالي أنه يملك بهذا اللفظ الحفظ فقط
كذا في النهاية
الثالث في ركنها وهو ما دل عليه من الإيجاب والقبول ولو حكما كالسكوت كم سنبينه قبيل الرابع
وستأتي التفرقة في الحكم بين القبول الصريح وبين السكوت فلو قال وكلتك في هذا كان وكيلا بحفظه لأنه الأدنى فيحمل عليه وقيدوا بقوله في هذا لأنه لو قال وكلتك فقال قبلت الوكالة فقال الوكيل طلقت امرأتك ثلاثا أو أعتقت عبدك فلانا أو زوجت بنتك فلانة من فلان أو تصدقت من مالك بكذا على الفقراء فقال الرجل لا أرضى بذلك فهذا الكلام متوجه إلى الذي تحاورا فيه وقليلا ما يكون هذا الكلام والتفويض الأبناء على سابقة تجري بينهما فإن كان كذلك فالأمر على ما تعارفوه بما جرت المخاطبة فيه فإن كان كذلك فالأمر على ما تعارفوه بما جرت المخاطبة فيه فإن فعل شيئا خارجا من ذلك النوع لم ينفذ على الموكل دون إنفاذه
كذا في خزانة المفتين
ولو قال أنت وكيلي في كل شيء كان تفويضا للحفظ والقياس أن لا يكون وكيلا به للجهالة والاستحسان انصرافها إلى الحفظ ولو قال أجزت لك بيع عبدي هذا يكون توكيلا بالبيع ولو زاد على قوله أنت وكيلي في كل شيء جائز أمرك ملك الحفظ والبيع والشراء ويملك الهبة والصدقة حتى إذا أنفق على نفسه من ذلك المال جاز حتى يعلم خلافه من قصد الموكل وعن الإمام تخصيصه بالمعاوضات ولا يلي العتق والتبرع وعليه الفتوى
وكذا إذا قال طلقت امرأتك ووقفت أرضك في الأصح لا يجوز
وفي الروضة فوضت أمري إليك قيل هذا باطل وقيل هذا والأول سواء في أنه تفويض الحفظ
ولو قال مالك المستغلات فوضت إليك أمر مستغلاتي وكان أجرها من إنسان ملك تقاضي الأجرة وقبضها وكذا لو قال إليك أمر ديوني ملك التقاضي ولو قال فوضت إليك أمر دوابي وأمر مماليكي ملك الحفظ والراعي والتعليف والنفقة عليهم ولو قال فوضت إليك أمر امرأتي ملك طلاقها واقتصر على المجلس بخلاف قوله ملكتك حيث لا يقتصر على المجلس
كذا في البزازية
وفي كافي الحاكم لو وكله بالقيام على داره وإجارتها وقبض غلتها والبيع لم يكن له أن يبني ولا أن يرم منها شيئا وليس وكيلا في خصومتها ولو هدم رجل منها شيئا كان وكيلا في الخصوة لأنه استهلك شيئا في يديه وكذا لو أجرها من رجل فجحد ذلك الرجل الإجارة كان خصما فيها حتى يثبتها وكذا إذا سكنها وجحد الأجر
ا هـ
وقال في باب الوكالة في الدين لو وكله بتقاضي كل دين ثم حدث له دين بعد ذلك فهو وكيل في قبضه ولو وكله بقبض غلة أرضه وثمرتها كان له أن يقبض ذلك كل سنة ا هـ
وقال في باب قبض العارية والوديعة ولو وكله بقبض عبد عند رجل فقتل العبد خطأ كان للمودع أن يأخذ القيمة من عاقلة القاتل وليس للوكيل أن يقبض القيمة لأنها كالثمن ولو كان الوكيل قبض العبد فقتل عنده كان له أن يأخذ القيمة وهو الآن بمنزلة الأول ولو جنى على العبد جناية قبل أن يقبضه الوكيل فأخذ المستودع أرشها فللوكيل أن يقبض العبد دون الأرش وكذا لو كان المستودع أجره بإذن مولاه لم يأخذ الوكيل أجره وكذا مهر الأمة إذا وطئت بشبهة ولو وكله بقبض أمة أو شاة فولدت كان للوكيل أن يقبض الولد مع الأم ولو كانت ولدت قبل أن يوكله بقبضها لم يكن له أن يقبض الولد وكذلك ثمرة البستاني بمنزلة الولد ا هـ
قال في البدائع وأما ركن التوكيل فهو الإيجاب والقبول فالإيجاب من الموكل أن يقول وكلتك بكذا
____________________
(7/265)
أو فعل كذا أو أذنت لك أن تفعل كذا ونحوه
وزاد في الهندية لو قال شئت بيع كذا فسكت وباع جاز ولو قال لا أقبل بطل
كذا في محيط السرخسي ا هـ
إذا ال لغيره إن لم تبع عبدي هذا فإمرأتي كذا يصير ذلك الغير وكيلا بالبيع
كذا في الذخيرة
رجل قال لغيره سلطتك على كذا فهو بمنزلة قوله وكلتك
في المحيط البرهاني إذا قال الرجل لغيره أحببت أن تبيع عبدي هذا أو قال هويت أو قال رضيت أو قال شئت أو قال أردت أو قال وافقني فهذا توكيل وأمر بالبيع ا هـ
ولو قال لغيره أنت وكيلي بقبض هذا الدين يصير وكيلا وكذا لو قال أنت جريي وكذا لو قال أنت وصيي في حياتي ولو قال أنت وصيي لا يكون وكيلا
والقبول من الوكيل أن يقول قبلت وما يجري مجراه فما لم يوجد لم يتم ولهذا لو وكل إنسانا بقبض دينه فأبى أن يقبض ثم ذهب فقبض لم يبرأ الغريم لأنه ارتد بالرد
قال في الهندية وقبول الوكيل ليس بشرط الصحة الوكالة استحسانا ولكن إذا رد الوكيل الوكالة ترتد
هكذا ذكر محمد رحمه الله تعالى
كذا في الذخيرة
ثم الركن قد يكون مطلقا وقد يكون معلقا بشرط نحو إن قدم زيد فأنت وكيلي في بيع هذا العبد وقد يكون مضافا إلى وقت بأن يوكله في بيع هذا العبد غدا ويصير وكيلا في الغد وما بعده لا قبله
ا هـ
فإن قلت فما الفرق بين التوكيل والإرسال فإن الإذن والأمر توكيل كما علمت قلت الرسول أن يقول له أرسلتك أو كن رسولا عني في كذا وقد جعل منها الزيلعي في باب خيار الرؤية أمرتك بقبضه وصرح في النهاية فيه معزيا إلى الفوائد الظهيرية أنه من التوكيل وهو الموافق لما في البدائع إذ لا فرق بين افعل كذا وأمرتك بكذا
كذا في البحر
لكن قدم في باب خيار الرؤية نقلا عن الفوائد جعل الأمر من ألفاظ الرسالة لا من ألفاظ التوكيل وسيأتي في باب الوكالة بالخصومة أنه ليس بتوكيل فتدبر
وفيه أيضا واعلم أنه ليس كل أمر يفيد التوكيل فيما أمر به
ففي الولوالجية دفع له ألفا وقال اشتر لي بها أو بع أو قال اشتر بها أو بع ولم يقل لي كان توكيلا وكذا اشتر بهذا الألف جارية وأشار إلى مال نفسه ولو قال اشتر جارية بألف درهم كانت مشورة وما اشتراه المأمور فهو له دون الآمر قال وكذا لو قال اشتر له هذه بألف إلا إذا زاد على أن أعطيك لأجل شرائك درهما لأن اشتراط الأجر له يدل على الإنابة ا هـ
أقول وحاصله أنه لا بد أن يكون في الأمر ما يدل على أن المأمور يفعل أمرا للآمر بطريق النيابة عنه
قال في تهذيب القلانسي الوكيل من يباشر العقد والرسول من يبلغ المباشرة والسلعة أمانة في أيديهما
ا هـ
قال في المعراج قيل الفرق بين الرسول والوكيل أن الوكيل لا يضيف العقد إلى الموكل والرسول لا يستغني عن إضافته إلى المرسل وإليه الإشارة في قوله تعالى { يا أيها الرسول بلغ } المائدة 67
وقوله { وما أنت عليهم بوكيل } الأنعام 107
نفى الوكالة وأثبت الرسالة ا هـ
قال في الدرر في أوائل البيع الرسول معبر وسفير فكلامه كلام المرسل فالفرق أن الوكيل لا يتوقف على إضافة العقد إلى الموكل بل يضيفه لنفسه إلا في مواضع كالنكاح والخلع والهبة والرهن ونحوها فإن الوكيل فيها كالرسول حتى لو أضاف النكاح لنفسه كان له والرسول لا يستغني عن إضافته إلى المرسل فإذا
____________________
(7/266)
لم يضف الرسول العقد إلى المرسل لم يقع بل يقع للرسول
قال في البحر لو ادعى أنه رسول وقال البائع أنه وكيل وطالبه بالثمن فالقول للمشتري والبينة على البائع
وجه كون القول للمشتري أنه منكر إضافة العقد لنفسه والبائع يدعي عليه ذلك والقول قول المنكر بيمينه إليه الإشارة في الخانية في البيوع وشرطه الإضافة إلى مرسله أي شرط كون القول للمشتري إضافة عقد الشراء إلى مرسله فلو أضافه لنفسه لزمه الثمن
الرابع في شرائطها وهي أنواع ما يرجع إلى الموكل وما يرجع إلى الوكيل وما يرجع إلى الموكل به فما يرجع إلى الموكل كونه ممن يملك فعل ما وكل به بنفسه وسنتكلم عليه عند شرح الكتاب وما يرجع إلى الوكيل فالعقل فلا يصح توكيل مجنون وصبي لا يعقل لا البلوغ والحرية وعدم الردة فيصح توكيل المرتد ولا يتوقف لأن المتوقف ملكه وتوكيل الصبي الذي يعقل والعبد في النكاح والطلاق والخلع والصلح والاستعارة والهبة والبيع والشراء والإجارة وكل ما يعقده الموكل بنفسه مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل
ومما يرجع للوكيل أن يعلم بالتوكيل فلو وكله ولم يعلم فتصرف توقف على إجازة الموكل أو الوكيل بعد علمه
وحكي في البدائع فيه اختلافا ففي الزيادات أنه شرط وفي الوكالة أنه ليس بشرط ويثبت العلم إما بالمشافهة أو الكتاب إليه أو الرسول إليه أو بإخبار رجلين فضوليين أو واحد عدل أو غير عدل وصدقه الوكيل وإلا فعنده لا وعندهما نعم
وأما ما يرجع إلى الموكل به فإن لا يكون بإثبات حد أو استيفائه إلا حد السرقة والقذف وعمم أبو يوسف الحد والقصاص على الاختلاف وأن لا يكون فيه جهالة متفاحشة كما سيأتي
الخامس في حكمها فمنه ثبوت ولاية التصرف الذي تناوله التوكيل ومنه التوكيل العام وقد صنف صاحب البحر فيه رسالة سماها ( المسألة الخاصة في الوكالة العامة )
وحاصلها أن الوكيل وكالة عامة يملك كل شيء إلا الطلاق والعتاق والهبة والصدقة على المفتى به
وتمامه فيها
وسيأتي في هذا الكتاب تمام الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى ومنه أن لا يوكل الوكيل إلا بإذن أو تعميم أو تفويض إلا في مسألتين
الأولى الوكيل بقبض الدين إذا وكل من فيه عياله فلا يصحخ فيبرأ المديون بالدفع إليه ولو قبضه وضاع لم يضمن
الثانية الوكيل يدفع الزكاة إذا وكل غيره ثم وثم فدفع الآخر جاز ولا يتوقف كما في أضحية الخانية ومنه أنه أمين فيما في يده كالمودع فيضمن بما يضمن به المودع ويبرأ بما يبرأ به والقول قوله في دفع الضمان عن نفسه فلو دفع له مالا وقال اقضه فلانا عن ديني فقال قضيته وكذبه صاحب الدين فالقول للوكيل في براءته وللدائن في عدم قبضه فلا يسقط دينه ويجب اليمين على أحدهما فيحلف من كذبه الموكل دون من صدقه وعى هذا لو أمر المودع بدفعها إلى فلان فادعاه وكذبه فلان ولو كان المال مضمونا على رجل كالمغصوب في يد الغاصب أو الدين على الطالب فأمر الطالب أو المغصوب منه الرجل أو يدفعه إلى فلان فقال المأمور قد دفعت إليه وقال فلان ما قبضت فالقول قول فلان أنه لم يقبض ولا يصدق الوكيل على الدفع إلا ببينة
____________________
(7/267)
أو بتصديق الموكل ولا يصدقان على القابض والقول له مع اليمين وللوكيل تحليف الموكل أنه ما يعلم أنه دفع فإن نكل سقط الضمان عنه ولو لم يدفع إليه شيء وإنما أمره بقضاء دينه من ماله فادعاه وكذبه الطالب والموكل ولا بينة فالقول قولهما مع اليمين ويحلف الموكل على نفي العلم وإن صدقه الموكل دون الطالب رجل عليه بما ادعاه ويرجع الطالب عليه أيضا بدينه
ذكره القدوري
وفي الجامع لا رجوع للوكيل على موكل ولو صدقه والأول أشبه كما في البدائع ولو ادعى المودع أنه أمره بدفعها إلى فلان وكذبه صاحبها فالقول له أنه لم يأمره
وقد سئل ابن نجيم عمن دفع إلى آخر مالا ليدفعه إلى آخر ثم اختلفا في تعيينه فقال الآمر أمرتك بدفعه إلى زيد فقال المأمور إلى عمرو وقد دفعت له فأجاب بأن القول للوكيل لأنهما اتفقا على أصل الإذن فكان أمينا ولهذا قال الزيلعي في آخر المضاربة لو دفع إليه مالا ثم اختلفا فقال الدافع مضاربة وقال المدفوع إليه وديعة فالقول للمدفوع إليه لأنهما اتفاق على الإذن ا هـ
لكن رده المقدسي بما لو قال المضارب شرطت البر وقال الآخر شرطت الشعير فإن القول لرب المال وبما لو قال أذنت أن تتجر في البر وقال المضارب في الطعام بعد تصرف المضارب القول لرب المال ا هـ
والحق مع المقدسي لأن الوكالة مبناها على التقييد خصوصا وقد اتفاق عليه ولكن اختلف في تعيينه وهو لا يستفاد إلا من جهة الآمر وأما كون الوكيل أمينا فمسلم ولكن إذا خالف يصير غاصبا فيضمن وهنا خالف لأن الشرع اعتبر في التعيين من يكون مستفادا منه
وفي البزازية برهن عليه أنه دفع إليه عشرة فقال دفعته إلي لأدفعه إلى فلان فدفعت يصح الدفع
وفي الأنقروي أمر رجلا بنزع سنة لوجع وعين سنا والمأمور نزع سنا آخر ثم اختلفا فيه فالقول للآمر فإن حلف فالدية في ماله يعني القالع لأنه عمد وسقط القصاص للشبهة
وفي العتابية اختلفا فالقول قول الموكل في التخصيص يعني لأن الأصل في الوكالة الخصوص بخلاف المضاربة وسيأتي متنا
ومن أحكامه أنه لا جبر عليه في فعل ما وكل به إلا في رد وديعة بأن قال ادفع هذا الثوب إلى فلان فقبله وغاب الآمر يجبر المأمور على دفعه فأما سائر الأشياء فلا يجب عليه التنفيذ كما في المحيط
وتمامه في الفوائد الزينية
ومنها في البزازية وكله بقبض وديعته وجعل له الأجر صح وإن وكله بقبض دينه وجعل له أجرا له لا يصح إلا إذا وقت مدة معلومة وكذا الوكيل بالتقاضي إن وقت جاز ا هـ
وكذا الوكيل بالخصومة
كذا في الولوالجية
ومن أحكامها لا تبطل بالشروط الفاسدة ولا يصح شرط الخيار فيها كما في الخانية
ومن أحكامها صحة تعليقها وإضافتها فتقبل التقييد بالزمان والمكان فلو ال بعد غد لم يجز بيعه اليوم وكذا العتاق والطلاق ولو قال بعد اليوم فباعه غدا فيه روايتان والصحيح أنها لا تبقى بعد اليوم ولو وكله بتقاضي دينه بالشام ليس له أن يتقاضاه بالكوفة
الكل من الخانية
قال في نور العين معزيا إلى العيون وكله بقبض الوديعة اليوم فله قبضه غدا ولو وكله بقبضه غدا لا يملك قبضه اليوم إذ ذكر اليوم للتعجيل فكأنه قال أنت وكيلي به الساعة فإذا ثبت وكالته به الساعة دامت ضرورة ولا يلزم من وكالة الغد وكالة اليوم لا صريحا ولا دلالة وكذا لو قال اقبضه الساعة فله قبضه بعدها ثم قال معزيا إلى قاضيخان وكله بشيء وقال افعله اليوم ففعله غدا بعضهم قالوا الصحيح أن الوكالة تنتهي بعد اليوم
وقال بعضهم تبقى وذكر اليوم للتعجيل لا لتوقيت الوكالة باليوم إلا إذا دل الدليل
____________________
(7/268)
عليه ا هـ
وفي البزازية في الفصل الأول من كتاب الوكالة الوكيل إلى عشرة أيام لا تنتهي وكالته بمضي العشرة في الأصح ا هـ
السادس في صفتها وهو عدم اللزوم فله أن يعزله متى شاء إلا فيما سنذكره
ومنها أنه أمين فيما في يده كالمودع فيضمن بما يضمن به المودع ويبرأ به والقول قوله في دفع الضمان عن نفسه
ومنها أنه يتحمل الجهالة اليسيرة في الوكالة لا تبطل بالشروط الفاسدة أي شرط كان ولا يصح شرط الخيار فيها لأنه شرع في لازم يحتمل الفسخ والوكالة غير لازمة حتى أن من قال أنت وكيل في طلاق امرأتي على أني بالخيار ثلاثة أيام أو على أنها بالخيار ثلاثة أيام فالوكالة جائزة والشرط باطل
ومنها صحة إضافتها فتقبل التقييد الزمان والمكان فلو قال بعه غدا لم يجز بيعه اليوم وكذا العتق والطلاق على الصحيح ولو وكله بتقاضي دينه في الشام ليس له أن يتقاضاه بالكوفة
ومنها صحة تعليقها فإذا قال إذا حل مالي فاقبض أو إذا قدم فلان فتقاض أو إذا أثبت شيئا فأنت وكيلي في قبضه أو إذا قدم الحاج فاقبض ديوني صحت الوكالة
قوله ( مناسبته ) أي للشهادة أن الإنسان خلق مدنيا بالطبع يحتاج في معاشه إلى تعاضد وتعاوض والشهادات من التعاضد والوكالة منه وقد يكون فيه تعاوض أيضا فصارت كالمركب من المفرد فأوثر تأخيرها ولأن في كل واحدة من الشهادة والوكالة إعانة الغير بإحياء حقه وكل من الشاهد والوكيل ساع في تحصيل مراده غيره الموكل والمدعي معتمد عليه كل منهما
فتح وعناية
قيل في بيان قوله وقد يكون فيها تعاوض كما إذا كان وكيلا ببيع وشراء مثلا قال بعضهم هذا سهو لأن التعارض فيما ذكر إنما هو متعلق الوكالة أعني الموكل به وهو البيع لا في الوكالة والكلام فيها لا في الأول وإلا فقد يكون التعاوض في متعلق الشهادة كما لو شهد ببيع مثلا والصواب أن مراده أن يكون في نفس الوكالة تعاوض كما إذا أخذ الوكيل أجره فإنه لا يمتنع إذ الوكالة عقد جائز لا يجب على الوكيل بخلاف الشهادة إذ هي فرض يجب على الشاهد إقامته فلا يجوز فيها تعاوض ا هـ
قلت الأظهر أن يقال أن الوكالة ببيع ونحوه ذكروا أنه فيه مبادلة حكمية بين الوكيل والموكل حتى كان له أن يمنع المبيع عن الموكل لا أخذ الثمن إذا نقده من ماله ولا شك أن هذا مفقود في الشهادة قاله المقدسي
قوله ( التوكيل صحيح ) أي تفويض التصرف إلى الغير
قوله ( بالكتاب والسنة قال تعالى ) حكاية عن أصحاب الكهف { فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة } الكهف 19 وكان البعث منهم بطريق الوكالة وشرع من قبلنا شرع لنا إذا قصه الله تعالى ورسوله من غير إنكار ولم يظهر نسخه والورق هي الفضة المضروبة قوله ووكل عليه الصلاة والسلام حكيم بن حزام بشراء أضحية رواه أبو داود بسند فيه مجهول
ورواه الترمذي عن حبيب بن أبي ثابت عن حكيم وقال لا نعرفه إلا من هذا الوجه وحبيب لم يسمع عندي من حكيم إلا أن هذا داخل في الإرسال عندنا فيصدق قول المصنف أي صاحب الهداية صح إذا كان حبيب إماما ثقة
فتح
قوله ( وعليه الإجماع ) أي انعقد الإجماع عليه
قوله ( وهو خاص ) كأنت وكيلي في شراء هذا البيت مثلا
قوله ( كأنت وكيلي في كل شيء ) ونحوه ما صنعت من شيء فهو جائز وجائز أمرك في كل شيء
قوله ( عم الكل ) في الفتح
____________________
(7/269)
عن المحبوبي لو قال أنت وكيلي في كل شيء يكون بالحفظ فلو زاد فقال أنت وكيلي في كل شيء جائز صنعك أو أمرك فعند محمد يصير وكيلا في البايعات والإجارات والهبات والطلاق والعتاق والهبات والطلاق والعتاق حتى ملك أن ينفق على نفسه من ماله وعند أبي حنيفة في المعاوضات فقط ولا يلي العتق والتبرع
وفي الفتاوى الزينية وعليه الفتوى
ومثله إذا قال وكلتك في جميع أموري ا هـ
قال في أدب القاضي وإذا وكل الرجل رجلا بطلب حقوقه وقبضها والخصومة فيها فليس لهذا الوكيل أن يوكل بذلك غيره لأن الخصومة أمر يحتاج فيه إلى الرأي والناس يتفاوتون في هذا والموكل رضي برأيه لا برأي غيره فلا يكون له أن يوكل غيره قال وإن كان صاحب الحق أجاز أمره في ذلك وما صنع فيه من شيء بأن قال ما صنعت فيه من شيء فهو جائز فله أن يوكل بذلك لأنه فوض الأمر إليه فيما يراه عاما والتوكيل من جملة ما رآه فيصح وليس للوكيل الثاني أن يوكل غيره لأن الوكيل الثاني ما فوض الأمر إليه عاما وإنما فوض إليه الخصومة
قال وإن مات صاحب الحق بطلت وكالتهما جميعا لأن التركة انتقلت إلى الورثة
قال ولم يمت صاحب الحق ومات الوكيل الأول فالثاني على وكالته على حاله لأنه نائب عن الموكل وليس بنائب عن الوكيل الأول لكن ملك الوكيل عزل الثاني لأنه في العزل نائب عن صاحب الحق
قوله ( وخصه قاضيخان بالمعاوضات ) نقل في الشرنبلالية وغيرها عن قاضيخان لو قال لغيره أنت وكيلي في كل شيء أو قال أنت وكيلي في كل قليل أو كثير يكون وكيلا بحفظ غير هو الصحيح ولو قال أنت وكيلي في كل شيء جائز أمرك يصير وكيلا في جميع التصرفات المالية كبيع وشراء وهبة وصدقة
واختلفوا في طلاق وعتاق ووقف فقيل يملك ذلك لإطلاق تعميم اللفظ
وقيل لا يملك ذلك إلا إذا دل دليل سابقة الكلام ونحوه وبه أخذ الفقيه أو الليث ا هـ
وبه يعلم ما في كلام الشارح سابقا ولاحقا فتدبر
ولابن نجيم رسالة سماها ( المسألة الخاصة في الوكالة العامة ) ذكر فيها ما في الخانية وما في فتاوى أبي جعفر
ثم قال وفي البزازية أنت وكيلي في كل شيء جائزة أمرك ملك الحفظ والبيع والشراء ويملك الهبة والصدقة حتى إذا أنفق على نفسه من ذلك المال جاز حتى يعلم خلافه من قصد الموكل وعن الإمام تخصيصه بالمعاوضات ولا يلي العتق والتبرع وعليه الفتوى وكذا لو قال طلقت امرأتك ووهبت ووقفت أرضك في الأصح لا يجوز
وفي الذخيرة أنه توكيل بالمعاوضات لا بالإعتاق والهبات وبه يفتى وفي الخلاصة كما في البزازية
والحاصل أن الوكيل وكالة عامة يملك كل شيء إلا الطلاق والعتاق والوقف والهبة والصدقة على المفتى به وينبغي أن لا يملك الإبراء والحط عن المديون لأنهما من قبيل التبرع فدخلا تحت قول البزازية أنه لا يملك التبرع وظاهره أنه يملك التصرف مرة بعد أخرى
وهل له الإقراض والهبة بشرط العوض فإنهما بالنظر إلى الابتداء تبرع فإن القرض عارية ابتداء معاوضة انتهاء والهبة بشرط العوض هبة ابتداء معاوضة انتهاء وينبغي أن لا يملكهما الوكيل بالتوكيل العام لأنه لا يملكهما إلا من يملك التبرعات ولذا لا يجوز إقراض الوصي مال اليتيم ولا هبته بشرط العوض وإن كانت معاوضة في بالانتهاء وظاهر العموم أنه يملك قبض الدين واقتضاءه وإيفاءه والدعوى بحقوق الموكل وسماع الدعوى بحقوق على الموكل والأقارير على الموكل بالديون ولا يختص القاضي لأن ذلك في الوكيل بالخصومة لا في العام
____________________
(7/270)
فإن قلت لو وكله بصيغة وكلتك وكالة مطلقة عامة فهل يتناول الطلاق والعتاق والتبرعات قلت لم أره صريحا والظاهر أنه لا يملكها على المفتى به لأن من الألفاظ ما صرح قاضيخان وغيره بأنه توكيل عام ومع ذلك قالوا بعدمه
ا هـ
ما ذكره ابن نجيم في رسالته ملخصا
قوله ( وسيجيء أن به يفتى ) فيه حذف اسم أن
قوله ( ولو لم يكن للموكل صناعة معروفة فالوكالة باطلة ) عبارة الشرنبلالية نقلا عن الخانية
وفي فتاوى الفقيه أبي جعفر قال لغيره وكلتك في جميع أموري التي يجوز بها التوكيل وأقمتك مقام نفسي لا تكون الوكالة عامة تتناول البياعات والأنكحة وفي الوجه الأول إذا لم تكن عامة ينظر إن كان الرجل يختلف ليس له صنعة معروفة فالوكالة باطلة وإن كان الرجل تاجرا تجارة معروفة تنصرف إليها
ا هـ
وبه يعلم ما في كلام الشارح إذ صورة البطلان ليست في قوله أنت وكيلي في كل شيء كما بنى عليه الشارح هذه العبارات بل في غيرها وهي وكلتك في جميع أموري الخ إلا أن يقال هما سواء في عدم العموم ولكن مبنى كلامه على أن ما ذكره عام ولكنك قد علمت ما فيه مما نقلناه سابقا أن ما ذكره ليس مما الكلام فيه
قوله ( وهو ) أي التوكيل إقامة الغير ولا بد أن يكون معلوما فلا يصح توكيل المجهول فقول الدائن لمديونه من جاءك بعلامة كذا أو من أخذ أصبعك أو قال لك كذا فادفع إليه ما لي عليك لم يصح لأنه توكيل مجهول فلا يبرأ بالدفع إليه كما في القنية
قوله ( مقام نفسه ترفها ) أي تنعما لنفسه وإراحة لها من مشقة الخصومة والعمل
قوله ( أو عجزا ) بأن كان لا يحسن الخصومة فرب مبطل يحسن التعبير ويصور الباطل حقا ورب محق لا يحسن التعبير لحصول حقه فتتوجه الخصومة عليه
قوله ( في تصرف جائز ) أخرج بذلك ما لو وكل الصبي غيره في طلاق زوجته أو عتق عبده أو هبة ماله
قوله ( معلوم ) أو رد عليه التوكيل العام وأجيب بأنه معلوم في الجملة حتى لو لم يكن معلوما أصلا كمن كثرت معاملاته بطل التوكيل
قوله ( فلو جهل ) كما قول قال وكلتك بمالي
منح وفتح عن المبسوط
أو قالت أنت وكيلي في كل شيء
قوله ( ثبت الأدنى وهو الحفظ ) أي كان وكيلا بالحفظ كما إذا قال وكلتك بمالي كما في المنح
وفي الخانية لا أنهاك عن طلاق امرأتي لا يكون وكيلا ولو قال لعبده لا أنهاك عن التجارة لا يصير مأذونا عند البعض والصحيح يصير
قال لغيره اشتر جارية بألف درهم لا يصير وكيلا ويكون مشورة
قال لرجلين وكلت أحدكما ببيع هذا صح وأيها باع جاز وكذا لو قال لرجل بع هذا أو هذا وكذا لو دفع المديون لرجل وقال اقض فلانا أو فلانا
قوله ( ممن يملكه ) متعلق بقوله صحيح وقوله وهو إقامة الغير الخ معترض بينهما ويجوز أن يكون متعلقا بإقامة وحينئذ فلا اعتراض
قال في المنح بيان للشرط في الموكل
قال في البحر وشمل قوله ممن يملكه الأب والوصي في ملك الصبي فلهما أن يوكلا بكل ما يفعلانه
قال السائحاني قوله ممن يملكه يصح أن يكون حالا من الغير فلا يصح توكيل الذمي مسلما ببيع الخمر لأنه لأبلى بيعه ويؤيد هذا قولهم حكم الوكالة جواز مباشرة الوكيل بما وكل فيه ويصح أن يكون حالا من نفسه أن من يملك تصرفا يملك التوكيل به والذي يملك التصرف الأب والوصي ا هـ
قوله ( نظرا إلى أصل التصرف )
____________________
(7/271)
أي من حيث أنه لا يعارضه غيره فيه من غير نظر إلى حكم شرعي فدخل فيه توكيل المسلم ذميا ببيع خمر أو خنزير ومحرم حلالا ببيع الصيد لأنه صحيح عنده ولا يملكه الموكل وهو جواب عما يرد على هذا الشرط لكن هذا النظر يعكر على التقييد بقوله جائز وهذا إنما يتأتى على أن الأصل في الأشياء الإباحة ويرد على هذا الشرط أيضا العبد المأذون في تزويج نفسه لا يملك التوكيل كما في المحيط مع أنه يملك أن يتزوج بنفسه
والجواب أنه بمنزلة الوكيل عن سيده وإن كان عاملا لنفسه والوكيل لا يوكل إلا بإذن أو تعميم كما في البحر
قوله ( وإن امتنع في بعض الأشياء بعارض النهي ) هذا جواب عما يرد على قولهم يوكل بكل ما يباشره بنفسه ممن يملكه أنه غير مطرد ولا منعكس مع أن الذمي يملك بيع الخمر ولا يملك توكيل المسلم فيه والمسلم لا يملك بيع الخمر ويوكل الذمي فيه
وحاصل الجواب أن الذمي وإن ملك التصرف لا يملك توكيل المسلم لأنه منهي عنه والمسلم لا يملك التصرف في الخمر لعارض النهي
وأما أصل التصرف وهو البيع مثلا فجائز ولذلك صح توكيل الذمي ببيعه لكن هذا إنما يتأتى على أن الأصل في الأشياء الإباحة
قوله ( ابن كمال ) عبارته اعلم أن من شرط الوكالة أن يكون الموكل ممن يملك التصرف لأن الوكيل يستفيد ولاية التصرف منه ويقدر عليه من قبله ومن لا يقدر على شيء كيف يقدر عليه غيره وقيل هذا على قولهما وأما على قوله فالشرط أن يكون التوكيل حاصلا بما يملكه الوكيل فأما كون الموكل مالكا له فليس بشرط حتى يجوز عنده توكيل المسلم الذيم بشراء الخمر
وقيل المراد به أن يكون مالكا للتصرف نظرا إلى أصل التصرف وإن امتنع في بعض الأشياء بعارض النهي ومثله في التبيين
وذكر بعده أنه لا بد أن يكون الموكل ممن تلزمه الأحكام لأن المطلوب من الأسباب أحكامها فلا يصح توكيل الصبي والعبد المحجور عليهما ا هـ
قوله ( فلا يصح توكيل مجنون وصبي ) مصدر مضاف للفاعل
قوله ( لا يعقل مطلقا ) سواء كان ضارا أو نافعا أو مترددا بينهما
قوله ( وصبي يعقل ) أي بأن البيع سالب للمبيع جالب للثمن أو الشراء بالعكس
قوله ( بتصرف ) متعلق بتوكيل
قوله ( ضار ) الضرر بالنظر إلى وجه اكتساب المال ظاهرا وإن كان نافعا في نفس الأمر فإنهما سبب الخلف في الدنيا والثواب في العقبى ونفع عباد الله الذي هو غاية الكمال في العبد والتنصل من سيمة البخل لكنها ليست طريق الاكتساب بل تنقيص المال ظاهرا فلا يملكه الصبي وإن كان عاقلا لأن تمام نفعها بحسن النية وهي لا تكون إلا بتمام العقل فلا يصح توكيله به
ولهذا حكى ابن الكمال ما نقله عنه الشارح بقبل لأنه لو نظرنا إلى أصل التصرف لصح توكيل الصبي بالصدقة لأنه يملك أصل التصرف ويمتنع في البعض بعارض وهو وأراد أيضا على ما قدمه ابن كمال من أن الشرط أن يكون التوكيل حاصلا بما يملكه الوكيل فإن الوكيل يملك الصدقة ونحوها إذا كان بالغا عاقلا ولا يصح توكيل الصبي له في ذلك
والجواب عن الثاني بأن الوكيل يملك التصرف في ذلك من مال نفسه لا من مال غيره إلا بإذنه ولا يصح إذن الصبي في ذلك لقصود تمام عقله بخلاف بيع الخمر والخنزير فإن الذمي يملكه بمال نفسه وبمال غيره بإذنه والعاقل البالغ يصح إذنه في ذلك بإسقاط حقه عن الخمر والخنزير ألا يرى أن له إهراق الخمر وتسييب الخنزير فكذا له أن يسقط حقه للذمي فيتصرف الذمي بولاية نفسه لأن الحقوق ترجح إليه وهو العاقل حقيقة فحينئذ ينبغي أن يقال بما يملكه الوكيل مع صحة التفويض
____________________
(7/272)
مع الأصيل
تأمل
رحمتي
قوله ( بنحو طلاق ) لأن فيه إلزام المهر أو بعضه وإلزامه النفقة في العدة وغير ذلك
قوله ( وعتاق وهبة وصدقة ) تقدم آنفا أن هذا ضار بالنظر إلى وجه اكتساب المال ظاهرا وإن كان نافعا في نفس الأمر الخ
قوله ( بلا إذن وليه ) متعلق بصح
قوله ( إن مأذونا ) أي إن كان الصبي الموكل مأذونا
قوله ( ولا يصح توكيل عبد ) مضاف لفاعله
قوله ( وتوقف توكيل مرتد ) أي إذا وكل المرتد أحدا توقف وأما جعله وكيلا فلا توقف فيه وهذا إذا كان بمبادلة مال بمال أو عقد تبرع بناء على توقف تصرفه فيه عند الإمام وينفذ عندهما فيصح توكيله
وأما في النكاح والشهادة فلا يصح منه اتفاقا فلا يصح توكيله فيه
وأما ما يعتمد المساواة وهو المفاوضة وولاية متعدية وهي التصرف على ولده الصغير فيتوقف اتفاقا فيتوقف توكيله فيه اتفاقا
قال في البحر وما يرجع إلى الوكيل أي من الشرائط فالعقل فلا يصح توكيل مجنون وصبي لا يعقل لا البلوغ والحرية وعدم الردة فيصح توكيل المرتد ولا يتوقف لأن المتوقف ملكه والعلم للوكيل بالتوكيل فلو وكله ولم يعلم فتصرف توقف على إجازة الموكل أو الوكيل بعد علمه وثبت العلم بالمشافهة أو الكتاب إليه أو الرسول إليه أو بإخبار رجلين فضوليين أو واحد عدل أو غير عدل وصدقه الوكيل ا هـ
كما قدمناه أول الوكالة
قوله ( خلافا لهما ) فقالا هو نافذ
منح
قوله ( وصح توكيل مسلم ذميا الخ ) قال في النهر من باب البيع الفاسد صورته بأن أسلم عليهما ومات قبل أن يزيلهما وله وارث مسلم فيرثهما فيوكل كافرا ببيعهما غير أن عليه أن يتصدق بثمنهما وهذا عند الإمام خلافا لهما ا هـ
وتقدم في بابه بأتم مما هنا فراجعه إن شئت
قوله ( وشرائهما ) أي يصح عند الإمام مع أشد كراهة وهي كراهة التحريم كما مر في البيع الفاسد
قال في النهر ثمة فيجب عليه أن يخلل الخمر أو يريقها ويسيب الخنزير ا هـ
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى وانظر لو لم يقولوا ويقتل الخنزير مع أن تسييب السوائب لا يحل ا هـ أقول ولعل ذلك لعدم تمولها
قوله ( لعارض النهي ) في بعض النسخ بالباء بدل اللام وهو من إضافة الموصوف لصفته
قوله ( كما قدمنا ) ومثله ما لو اشترى عبدا شراء فاسدا أو أعتقه قبل قبضه لا يصح ولو أمر البائع بإعتاقه يصح لأنه يصير قابضا اقتضاء كما قدمه في البيع الفاسد
قوله ( فتنبه ) أشار به إلى أنه لا تنافي بين كلاميه كما قدمه
قوله ( ثم ذكر ) عطف على محذوف أي ذكر شرط الموكل ثم ذكر الخ
تأمل
وإضافته الشرط للوكيل بمعنى في أي ثم ذكر الشرط في الوكيل
قاله بعض الأفاضل
قوله ( إذا كان يعقل العقد ) أي يعقل أن الشراء جالب للمبيع سالب للثمن والبيع على عكسه ويعرف لغبن الفاحش من اليسير ويقصد بذلك ثبوت الحكم والربح لا الهزل
ذكره ابن الكمال
لكن نظر فيه في البحر بأنه لا حاجة إلى اشتراط عقلية الغبن الفاحش من اليسير لجواز بيع الوكيل عند الإمام بما قل وكثر
نعم إن قيد عليه أن لا يبيعه بغبن فاحش اشترط ا هـ
واعترضه في المنح بقوله ليس ما ذكر من النظر واقعا موقعه لأن التعريف إنما هو للصبي العاقل وهو المميز
____________________
(7/273)
مطلقا كما ذكره المحققون في تعريفه لا بالنظر إلى خصوص الوكالة حتى يحتاج إلى ذكر هذا النظر والجواب عنه ا هـ
ويرد عليه ما في اليعقوبية حيث قال قوله ويعرف الغبن اليسير من الفاحش كذا في أكثر الكتب وهو مشكل لأنهم اتفقوا على أن توكيل الصبي العاقل صحيح وفرق الغبن اليسير من الفاحش مما لا يطلع عليه أحد إلا بعد الاشتغال بعلم الفقه فلا وجه لصحة اشتراطه في صحة التوكيل كما لا يخفى ا هـ
ولا يخفى عليك أنه حيث كان تعريف الصبي العاقل مأخوذا فيه معرفة الغبن الفاحش من اليسير كان شرطا في الوكالة أيضا ثم كان الظاهر أن يقول إلا بعد الاشتغال بالبيع والشراء ومعرفة أثمان المبيعات لأنه ليس المراد أن يعرف ما حده الفقهاء بل أن يعرف أن هذا الشيء قيمته كذا وأنه لو اشتراه أو باعه بكذا يكون مغبونا
تأمل
وعلى كل فاشتراط معرفة الغبن مشكل فقد يكون الرجل من أعقل الناس وأذكاهم ويغبن في بعض الأشياء لعدم وقوفه على مقدار قيمة مثلها
ولعل مرادهم اشتراط ذلك فيما تكون قيمته معروفة مشهورة
وانظر ما يأتي عند قوله وقيد شراؤه بمثل القيمة
ثم رأيت في الحواشي السعدية قال ما نصه قوله مما لا يطلع عليه أحد الخ ممنوع فإنا نرى كثيرا من الصبيان يعرف ذلك من غير اشتغال بعلم الفقه بل السماع من الثقات وكثرة المباشرة بالمعاملات ثم قد يقام التمكن من الشيء مقام ذلك الشيء كما سبق في مباحث عدم قبول شهادة الأعمى في هذا الكتاب وأما فيما نحن فيه فالتمكن من المعرفة بالعقل وذلك موجود في الصبي الذي كلامنا فيه فليتأمل ا هـ
قلت والظاهر أن مرادهم أن يعرف أن الخمسة فيما قيمته عشرة مثلا غبن فاحش وأن الواحد فيها يسير فإن لم يدرك الفرق بينهما غير عاقل كصبي دفع له رجل كعبا وأخذ ثوبه فإذا فرح به ولا يعرف أنه مغبون في ذلك لا يصح تصرفه أصلا
وقدمنا عن البحر أن ما يرجع إلى الوكيل العقل فلا يصح توكيل مجنون وصبي لا يعقل الخ
وصريح عبارة المصنف وغيره يدل على عدم صحة توكيل المجنون لكن في المقدسي ولو وكل مجنونا بطلاق امرأته فقبل الوكالة في حال جنونه ثم أفاق فهو على وكالته لأن الإفاقة تزيد التمكن من التصرف ولا تزيل الثابت
قلت وفيه بحث لأن قبول المجنون لغو فلم يثبت ا هـ
قلت يؤيد هذا البحث أن هذا الفرع مخالف للمتون التي هي معتمد المذهب وإن أريد به من يعقل البيع والشراء كما ذكرنا فهذا ليس بمجنون بل كصبي محجور
وفي الواقعات الحسامية الوكيل إذا اختلط عقله بشراب نبيذ ويعرف الشراء والقبض جاز على الموكل شراؤه ولو اختلط ببنج ويعرف الشراء لم يجز وهو كالمعتوه ا هـ
قال المقدسي يشكل نفاذ تصرفه على الموكل لأنا عاملناه معاملة الصحيح زجرا له ولا ذنب للموكل حتى ينصرف الزجر له ويعامل عليه بنفاذ فعل الوكيل المذكور عليه
ثم رأيت بحثى هذا منقولا قال قاضيخان إن أبا سليمان الجوزجاني قال يجوز على الموكل وقال غيره لا يسري عليه وعلل بما ذكرته فليراجع ا هـ
قال في جامع أحكام الصغار فإن كان الصبي مأذونا في التجارة فصار وكيلا بالبيع بثمن حال ومؤجل فباع جاز بيعه ولزمته العهدة وإن كان وكيلا بالشراء فإن كان بثمن مؤجل لا تلزمه العهدة قياسا واستحسانا وتكون العهدة على الأمر حتى أن البائع يطالب الآمر بالثمن دون الصبي وإن وكله بالشراء بثمن حال فالقياس أن لا تلزمه العهدة
وفي استحسان تلزمه ا هـ
____________________
(7/274)
قال في البحر وقوله أي صاحب الكنز إن لم يكن محجورا شامل للحر الذي لم يحجر عليه لسفه والعبد المأذون والصبي المأذون ولم يذكر شارحو الهداية المحجور عليه بالسفه هنا وإنما زدته هنا لدخوله تحت المحجور عليه في كلامهم ولقول قاضيخان في الحجر أن المحجور عليه بالسفه بمنزلة الصبي إلا في أربعة فلا تلزمه عهدة كهو وظاهر كلام المصنف أن العهدة على المأذون مطلقا وفصل في الذخيرة بين أن يكون وكيلا بالبيع فالعهدة عليه سواء باع بثمن حال أو مؤجل وبين أن يكون وكيلا بالشراء فإن كان بثمن مؤجل فهي على الموكل لأنه في معنى الكفالة وإن كا نبثمن حال فهي على الوكيل لكونه ضمان ثمن ا هـ
وخالف في الإيضاح فيما إذا اشترى بثمن مؤجل فجعل الشراء له لا للموكل لا أن الشراء للموكل والعهدة عليه كما في الذخيرة وإيضاحه في الشرح أي الزيلعي وقيد بقوله إن لم يكن محجورا لأن المحجور تتعلق الحقوق بموكله كالرسول والقاضي وأمينه ولو قبضه مع هذا صح قبضه لأنه هو العاقد فكان أصيلا فيه وانتفاء اللزوم لا يدل على انتفاء الجواز ثم العبد إذا أعتق تلزمه تلك العهدة والصبي إذا بلغ لا تلزمه لأن المانع المولى مع أهليته وقد زال وفي الصبي حق نفسه ولا يزول بالبلوغ ولو وقع التنازع في كونه محجورا أو مأذونا حال كونه وكيلا لم أره
وفي الخانية من الحجر عبد اشترى من رجل شيئا فقال البائع لا أسلم إليك المبيع لأنك محجور وقال العبد أنا مأذون كن القول قول العبد فإن أقام البائع بينة على أن العبد أقر أنه محجور قبل أن يتقدم إلى القضاء بعد الشراء لم تقبل بينته ثم قال عبد باع من رجل شيئا ثم قال هذا الذي بعتك لمولاي وأنا محجور وقال المشتري بل أنت مأذون كان القول قول المشتري ولا يقبل قول العبد ا هـ
وحاصلهما أن القول لمن يدعي الإذن لأن الأصل النفاذ وإقدامهما يدل عليه ومن هنا يقع الفرق بينهما وبين ما إذا كان وكيلا فإن النفاذ حاصل بدون الإذن ولزوم العهدة بشيء إخر فينبغي أن يقبل قول العبد أنه محجور عليه لتنتفي العهدة عنه
ا هـ
قوله ( محجورا ) صفة لهما وهو من باب التنازع يعني بأن يكون كل واحد منهما محجورا وأفرده بالعطف بأو والأولى بالواو
قال في الإصلاح وصبيا وعبدا محجورين
وقدمنا عن ابن الكمال أنه قال وأما على قول الإمام فالشرط أن يكون التوكيل حاصلا بما يملكه الوكيل والعبد المحجور والصبي لا يملكان التصرف فكيف صح توكيلهما ويجاب بأن العبد يملك التصرف لكمال أهليته وإنما يمتنع لأنه لا مال له وتصرفه واقع في مال مولاه فتوقف على إذن المولى لأنه لا يتصرف في ماله بدون إذنه فإذا كان من أهل التصرف جاز توكيله ولا ترجع الحقوق إليه لئلا يستضربه مولاه وكذا الصبي من أهل التصرف بصحة عبارته ووجود عقله إلا أنه يمتنع ذلك لقصور في رأيه خشية أن يضر بنفسه فجاز أن يباشر العقد بغيره برأي ذلك الموكل ولا ترجع الحقوق إليه كذلك
وفي الشمني وعن أبي يوسف أن المشتري إذا لم يعلم بحال البائع ثم علم أنه صبي محجورا أو عبد محجور له خيار الفسخ وإن كانا مأذونين لزمهما الثمن ورجعا به على الآمر استحسانا
قوله ( فلذا لم يقل ويقصده ) أي البيع احترازا عن بيع الهازل والمكره كما ذكره صاحب الهداية
قال يعقوب باشا بعد كلام والأولى أن قوله ويقصده تأكيد لقوله يعقد والعطف عطف تفسير لأنه بالقصد يعلم كمال العقد كما لا يخفى فليتأمل
قوله ( تبعا للكنز ) مفعول لأجله عامله لم يقل أو حال من فاعله أي
____________________
(7/275)
حال كونه تابعا للكنز في عدم القول أشار بهذا إلى ما وقع في الهداية وغيرها من زيادة إنما هو للاحتراز عن بيع المكره والهازل فإنه لا يقع عن الأمر
قال في البحر هذا خارج عن المقصود لأن لكلام في صحة التوكيل وهذا في صحة بيع الوكيل فلذا تركه المصنف ا هـ
وهذا معنى قول الشارح هنا تبعا للكنز أي تابعا للكنز في تركه هذا القول
قوله ( ثم ذكر ضابط الموكل فيه ) أي ما ذكره المصنف ضابط لا حد فلا يرد عليه أن المسلم لا يملك بيع الخمر ويملك تمليك الذمي به لأن إبطال القواعد بإبطال الطرد لا العكس ولا يبطل طرده عدم توكيل الذمي مسلما ببيع خمر وهو يملكه لأنه يملك التوصل به بتوكيل الذمي به فصدق الضابط لأنه لم يقل كل عقد يملكه يملك توكيل كل أحد به بل التوصل به في الجملة وإنما يرد عليه توكيل الوكيل بلا إذن وتعميم فإنه يملك العقد الذي وكل به ولا يملك التوكيل به
وأجابوا بأن المراد لنفسه لكن يرد عليه الأب والجد يملكان شراء مال ولده الصغير ولا يملكان التوكيل به كما في السراج
وفي التبيين قبيل الغصب إنه يصح فلا يرد
قال شيخنا ثم ظهر لي تسليم الورود وأنه لا مخالفة بين ما في السراج والتبيين وذلك أن ما في السراج من أنه لا يملك تملك مال ولده بالتوكيل بشرائه أي قصدا وما في التبيين إنما ملك تملكه لكونه في ضمن التوكيل ببيعه فملك الشراء ممن وكله بالبيع
ا هـ
بأن قال الأب لشخص وكلتك ببيع عبد ابني مني ويرد عليه الاستقراض أيضا فإنه يباشره بنفسه لنفسه ولا يملك التوكيل به فيقع للوكيل
والجواب منع عدم صحته به لما في الخانية إن وكل بالاستقراض فإن إضاف الوكيل الاستقراض إلى الموكل كان للموكل وإلا كان للوكيل
ا هـ
وفي البزازية استقرض منه ألفا وأمره أن يعطيه رسوله فلانا وزعم المقرض الإعطاء وأقر الرسول أي بالقبض وأنكر المستقرض دفع المقرض لا يلزم المستقرض شيء ا هـ
وهل يلزم الرسول الجواب لا لأنه أمين يقبل قوله في حق براءة نفسه لا في لزوم الدين ذمة المستقرض كرسول المديون بالدين إلى الدائن إذا أنكر وصوله إليه وادعى الرسول إيصاله إليه يقبل قوله في حق براءة نفسه لا في حق الدين
تأمل
ثم قال بعده صح التوكيل بالإقراض لا بالاستقراض
وفي القنية التوكيل بالاستقراض لا يصح والتوكيل بقبض القرض يصح بأن يقول لرجل أقرضني ثم يوكل رجلا بقبضه يصح
ا هـ
قال في الحواشي اليعقوبية ولا يرد الاستقراض لأن محل العقد من شروطه وليس بموجود في التوكيل بالاستقراض لأن الدراهم التي يستقرضها الوكيل ملك المقرض والأمر بالتصرف في ملك الغير باطل وهذا من باب التخلف لمانع وقيد عدم المانع في الأحكام الكلية غير لازم وعن أبي يوسف أن التوكيل بالاستقراض جائز فعلى هذا لا نقضي به على مذهبه فليتأمل ا هـ
قال في أواخر الفصل التاسع والعشرين من نور العين برمز جف بعث رجلا ليستقرضه فأقرضه فضاع في يده فلو قال أقرض للمرسل ضمن مرسله ولو قال أقرضني للمرسل ضمن رسوله
والحاصل أن التوكيل بالإقراض جائز لا بالاستقراض والرسالة بالاستقراض تجوز ولو أخرج وكيل الاستقراض كلامه مخرج الرسالة يقع القرض للآمر ولو مخرج الوكالة بأن أضافه إى نفسه يقع للوكيل وله منعه من أمره
يقول الحقير إنما لم يجوزوا التوكيل بالاستقراض ظنا أنه لا محل فيه لعقد الوكالة وقد أطال شراح الهداية
____________________
(7/276)
الكلام في هذا المقام وفي زمان تدريسي كنت كتبت في هذا المبحث رسالة طويلة الذيول لطيفة بحيث قبلها كثير من الفحول وحاصلها أن محل العقد فيه عبارة الموكل كما في التوكيل بالنكاح ونحوه مما يكون فيه الوكيل سفيرا محضا فلا بأس أصلا بأن تسمى الرسالة بالاستقراض وكالة كما تسمى الرسالة بالنكاح ونحوه وكاله ويؤيد ما ذكرناه ما قال الإمام الكاشاني في البدائع ويجوز التوكيل في الاستقراض والقرض وما قال الإمام الزيلعي أيضا في شرح الكنز
وعند أبي يوسف أن التوكيل بالاستقراض جائز
لا يقال لو كان وكالة لما دفع للموكل فيما إذا أضافه إلى نفسه
لأنا نقول حال الوكالة بالشراء أيضا كذلك لأن الوكيل بشراء شيء لا بعين إذا شراه يكون هو له إلا أن ينوي الشراء لموكله إذا العقد إلى دراهم موكله كما ذكره في الهداية وغيرها والله تعالى أعلم انتهى
قوله ( بكل ) متعلق بقول الماتن أول الباب التوكيل صحيح أي التوكيل صحيح بكل شيء يباشره الموكل ولما ورد عليه الوكيل فإنه ليس له أن يوكل غيره مع أنه يباشر بنفسه دفعه الشارح بقوله لنفسه
قوله ( لنفسه ) جواب عما يقال إن الوكيل يملك التصرف فيما وكل فيه مع أنه لا يملك التوكيل إلا بتفويض أو نص
وحاصل الجواب أن الوكيل يملك التصرف لغيره لا لنفسه ح
فإن قلت أنه يوكل بإذن مع أنه لا يصدق عليه التعريف يجاب بأنه إذا وكل بإذن صار الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل الأول والموكل الأول يباشر لنفسه وأورد على هذا القيد الأب والوصي إذا وكلا في مال الصبي فإنه يصح مع أنهما يتصرفان فيه لغيرهما فراجع ويرد عليه الاستقراض فإنه يجوز أن يباشره لنفسه لا لغيره ولا يجوز أن يوكل فيه غيره كما تقدم بيانه مفصلا
والجواب أن عقد القرض لا يفيد الملك بمجرده بل لا بد من القبض أيضا فلو صح التوكيل به لكن توكيلا بقبض ما لم يملك اللموكل وهو لا يجوز
وفي معين المفتي يشكل على الأصل المذكور أنه لا يجوز توكيل الأب أنه يزوج بنته الصغيرة بأقل من مهر المثل كما في القنية
أقول لا إشكال فإنه لم يوكله بأن يزوجها بأقل من مهر مثلها وإنما وكل بتزويجها فزوجها بأقل من مهر مثلها كما هو صريح عبارة القنية فتأمل وأورد أيضا أن المأذون بالنكاح يباشره لنفسه ومع ذلك ليس له أن يوكل غيره وأجيب بأنه وكيل عن سيده في العقد
قوله ( فشمل الخصومة ) تفريع على قوله بكل ما يباشره وهو أولى من قول الكنز بكل ما يعقده لشموله العقد وغيره كالخصومة والقبض كما في البحر
قوله ( فصح بخصومة ) هي في لغة الجدل والخصم المخاصم والجمع خصوم وقد يكون للجمع والاثنين والمؤنث
وفي الشرع الجواب بنعم أو لا وفسرها في الجوهرة بالدعوى الصحيحة أو الجواب الصريح
قوله ( في حقوق العباد ) شمل بعضها معينا وجميعها كما في البحر وفيه عن منية المفتي ولو وكله في الخصومة له لا عليه فله إثبات ما للموكل فلو أراد المدعى عليه الدفع لم يسمع وإذ أثبت الحق على الموكل لم يلزمه ولا يحبس عليه ولو كان وكيلا عاما لأنها لم تنتظم الأمر بالأداء ولا الضمان
فالحاصل أنها تتخصص بتخصيص الموكل وتعمم بتعميمه ولا يقبل من الوكيل بينة على وكالته من غير خصم حاضر ولو قضى بها صح لأنه قضاء في مختلف فيه
وفيه عن البزازية ولو وكله بكل حق هو له وبخصومته في كل حق له ولم يعين المخاصم به والمخاصم فيه جاز ا هـ
وتمامه فيه
قوله ( برضا الخصم ) أطلق فيه فشمل الطالب والمطلوب كما شملها الموكل والشريف والوضيع
قال الإمام قاضيخان التوكيل بالخصومة لا يجوز عند أبي حنيفة سواء كان التوكيل من قبل الطالب أو من قبل المطلوب ا هـ
____________________
(7/277)
قال في البزازية وأصله أن التوكيل بلا رضا الخصم من الصحيح المقيم طالبا كان أو مطلوبا وضيعا أو شريفا إذا لم يكن الموكل حاضرا في مجلس الحكم لا يصح عند الإمام أي لا يجبر خصمه على قبول الوكالة وعندهما والشافعي يصح أي يجبر على قبوله وبه أفتى الفقيه وقال العتابي وهذا هو المختار وبه أخذ الصفار انتهى ويأتي تمامه
أقول ويقول أبي حنيفة أفتى الرملي قائلا وعليه المتون واختاره غير واحد والمحبوبي والنسفي وصدر الشريعة وأبو الفضل المعلى ورجح دليله في كل مصنف فلزم العمل به ولا سيما في هذا الزمان الفاسد كما في الخيرية
أقول لكن العمل الآن على صحة التوكيل وإن لم يرض به الخصم وبه صدر أمر السلطان نصره الرحمن كما في 1516 من المجلة
قوله ( وجوازه بلا رضاه ) قال في الهداية ولا خلاف في الجواز وإنما الخلاف في اللزوم ومعناه أنه إذا وكل من غير رضاه هل يرتد برده أو لا فعند أبي حنيفة نعم وعندهما لا ويجبر فعلى هذا يكون قوله لا يجوز التوكيل بالخصومة إلا برضا الخصم مجازا لقوله ولا يلزم ذكر الجواز وأراد اللزوم فإن الجواز لازم للزوم فيكون ذكر اللازم وأراد الملزوم وفيه نظر لأنا لا نسلم أن الجواز لازم للزوم عرف ذلك في أصول الفقه سلمناه لكن ذلك ليس بمجاز والحق أن قوله لا يجوز التوكيل بالخصومة إلا برضا الخصم في قوة قولنا التوكيل بالخصومة غير لازم بل إن رضي به الخصم صح وإلا فلا حاجة إلى قوله ولا خلاف في الجواز وإلى التوجيه بجعله مجازا لهما أن التوكيل تصرف في خالص حقه أي في حق الموكل وهذا لأنه وكله إما بالجواب أو بالخصومة وكلاهما حق الموكل فإذا كان كذلك فلا يتوقف على رضا غيره كالتوكيل بتقاضي الديون أي بقبض الديون لأنه وكله بالجواب والخصومة لدفع الخصم عن نفسه وذلك حقه لا محالة والتصرف في خالص حقه لا يتوقف على رضا غيره كالتوكيل بالتقاضي أي بقبض الديون وإيفائها ولأبي حنيفة رحمه الله تعالى أنا لا نسلم أنه تصرف في خالص حقه فإن الجواب مستحق على الخصم ولهذا يستحضره في مجلس القاضي والناس يتفاوتون في الخصومة وفي جوابها فرب إنسان يصور الباطل بصورة الحق ورب إنسان لا يمكنه تمشية الحق على وجهه فيحتمل أن الوكيل ممن له حذق في الخصومات فيتضرر بذلك الخصم فيشترط رضاه والمستحق للغير لا يكون خالصا له سلمنا خلوصه له لكن تصرف الإنسان في خالص حقه إنما يصح إذا لم يتضرر به غيره وها هنا ليس كذلك لأن الناس متفاوتون في الخصومة
فلو قلنا بلزومه أي التوكيل بالخصومة لتضرر به الخصم فيتوقف على رضاه كالعبد المشترك إذا كاتبه أحد الشريكين فإنها تتوقف على رضا الآخر وإن كان تصرفا في خالص حقه لمكان ضرر الشريك الآخر بين أن يرضى به وبين أن يفسخه دفعا للضرر عنه فيتخير بين القضاء والفسخ وعلى هذا فإذا كانت الوكالة برضا الخصم كانت لازمة بالاتفاق فلا ترتد برد الخصم ويلزمه الحضور
والجواب بخصومة الوكيل وإذا كانت بلا رضاه صحت ولكن يقبل عند الإمام الارتداد برده ولا يلزمه الحضور والجواب بخصومة الوكيل كما في الشروح
قوله ( والمختار للفتوى تفويضه للحاكم ) أي القاضي بحيث أنه إذا علم من الخصم التعنت في الإباء عن قبول التوكيل لا يمكنه من ذلك وإن علم من الموكل قصد الإضرار لخصمه بالحيل كما هو صنيع وكلاء المحكمة
____________________
(7/278)
لا يقبل منه التوكيل إلا برضاه وهو اختيار شمس الأئمة السرخسي كذا في الكافي ونحوه في الزيلعي
وزاد في معراج الدراية وبه أخذ الصفار
وقال الإمام السرخسي إذا علم القاضي التعنت من المدعي في إباء التوكيل يفتي بالقبول بغير رضاه وهو الصحيح
وفي الخلاصة قال شمس الأئمة الحلواني في أدب القاضي المتفي مخير في هذه المسألة إن شاء أفتى بقول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن شاء أفتى بقولهما ونحن نفتي أن الرأي إلى القاضي ا هـ
هذا في قضاتهم لما علموا من أحوالهم من الصلاح والدين
أما قضاة زماننا فلا يلاحظون ما قالوه بيقين بل قصدهم حصول المحصول ولو علموا من الوكيل التزوير أو الإضرار في الدعوى
وفي غاية البيان الأولى أن لا يحضر مجلس الخصومة بنفسه عندنا وعند العامة
وقال البعض الأول أن يحضر بنفسه لأنه الامتناع من الحضور إلى مجلس القاضي من علامات المنافقين والجواب الرد من المنافقين والإجابة من المؤمنين اعتقادا ا هـ
وفي خزانة المفتين وإذا وكله بالخصومة عند القاضي فلان كان للوكيل أن يخاصمه إلى قاض آخر ولو وكله بالخصومة إلى فلان الفقيه لم يكن له أن يخاصمه إلى فقيه آخر ا هـ
أقول وكأن وجهه أنه جعل هذا الفقيه حكما فلا يكون الآخر حكما بدون أمره بخلاف القاضي الآخر فإن ولايته ثابتة وإن لم يأمر
تأمل
قوله ( إلا أن يكون الموكل مريضا ) أي فيلزم التوكيل من غير رضا الخصم ووجه لزوم التوكيل بلا توقف على رضا الخصم إذا وجد عذر من مرض ونحوه أن جواب خصمه حينئذ غير مستحق عليه
أبو السعود
قوله ( لا يمكنه حضور مجلس الحكم بقدميه ) سواء كان مدعيا أو مدعى عليه وإن قدر على الخصومة على ظهر دابة أو إنسان فإن زاد مرضه بذلك لزم توكيله فإن لم يزدد فالصحيح لزومه
بزازية
وفي الجوهرة أما المريض الذي لا يمنعه المرض من الحضور وهو كالصحيح
ا هـ
فالمفهوم فيه تفصيل ط
لكن في الشمني ومنلا مسكين يلزم منه بلا رضاه وإن كان لا يزيده الركوب مرضا في الأصح وظاهره المخالفة لما في البزازية ووجه المخالفة ما ذكره السيد الحموي حيث قال وظاهره أنه لو لم يزد مرضه بالركوب لا يصح توكيله
قلت هذا الظاهر إنما يتم لو كان المراد بالصحيح ما قابل الفاسد ولا يتعين إذ يحتمل أن يراد به ما قابل الأصح وعليه فلا تخالف ألا ترى إلى ما ذكره في العناية في بحث الاختلاف بين الرازي والكرخي فيما إذا اختلف الزوجان في المهر فإنهما لا يتحالفان في الوجوه كلها أي فيما إذا شهد مهر المثل له أو لها أو لم يشهد لواحد منهما
واختلف شراح الهداية في الترجيح ففي النهاية ذكر أن قول الرازي أصح وغيره من الشارحين ذكر أن قول الكرخي هو الصحيح فقال في العناية إن أرادوا بقولهم هو الصحيح أن غيره يجوز أن يكون أصلح فلا كلام وإن أرادوا أن غيره فاسد فالحق ما قاله في النهاية الخ
قوله ( أو غائبا مدة سفر ) قيد بمدة السفر لأن ما دونها كالحاضر
كذا في الجوهرة
وفي المحيط إن كان الموكل مريضا أو مسافرا فالتوكيل منهما لا يلزم بدون رضا الخصم بل يقال للمدعي إن شئت جواب خصمك فاصبر حتى يرتفعا لعذر وإن لم تصبر فسبيلك الرضا بالتوكيل فإذا رضي لزمه التوكيل برضاه في ظاهر الرواية ا هـ
وهو خاص بتوكيل المدعى كما لا يخفى بحر
قوله ( أو مريدا له الخ ) قال
____________________
(7/279)
في البحر وإرادة السفر أمر باطني فلا بد من دليلها وهو إما تصديق الخصم بها أو القرينة الظاهرة ولا يقبل قوله إني أريد السفر لكن القاضي ينظر في حاله وفي عدته فإنها لا تخفي هيئة من يسافر كذا ذكره الشارح وفي البزازية وإن قال أخرج بالقافلة الفلانية سألهم عنه كما في فسخ الإجارة ا هـ
وفي خزانة المفتين وإن كذبه الخصم في إرادته السفر يحلفه القاضي بالله أنك تريد السفر
ا هـ
والمتأخرون من أصحابنا اختاروا للفتوى أن القاضي إن علم التعنت من إبائه من قبول التوكيل لا يمكنه من ذلك وإن علم من الموكل قصد الإضرار بالخصم لا يقبل منه التوكيل إلا برضاه فقول الشارح بعد ويكفي قوله إذا أريد السفر محمول على ما إذا صدقه الخصم
قوله ( أو مخدرة ) فإنه يلزم التوكيل منها كما قاله الإمام الكبير أبو بكر الجصاص أحمد بن علي الرازي لأنها لو حضرت لم تستطع أن تنطق بحقها لحيائها فيلزم توكيلها أو يضيع حقها
قال المصنف وهذا شيء استحسنه المتأخرون يعني أما على ظاهر إطلاق الأصل وغيره عن أبي حنيفة لا فرق بين البكر والثيب المخدرة والبرزة والفتوى على ما اختاروه من ذلك وحينئذ فتخصيص الإمام الرازي ثم تعميم المتأخرين ليس إلا لفائدة أنه المبتدىء بتفريع ذلك وتبعوه كذا في الفتح والمخدرة لغة من الخدر كالأخدار والتخدير بفتح الخاء إلزام البنت الخدر بكسر الخاء وهو ستر يمد للجارية في ناحية البيت وهي مخدورة مخدرة وفي الشرع هي التي لم تجر عادتها بالبروز ومخالطلة الرجال
قال الحلواني والتي تخرج في حوائجها برزة وذكر في النهاية في تفسيرها عن البزدوي أنها التي لا يراها غير المحارم من الرجال أم التي جلبت على المنصة فرآها الرجال لا تكون مخدرة قال في الفتح وليس هذا بحق بل ما ذكره المصنف من قوله وهي التي لم تجر عادتها بالبروز فأما حديث المنصة فقد يكون عادة للعوام فيفعله بها والدها ثم لم يعد لها بروز ومخالطة في قضاء حوائجها بل يفعله لها غيرها لزم توكيلها لأن في إلزامها بالجواب تضييع حقها وهذا شيء استحسنه المتأخرون وعليه الفتوى ثم إذا وكلت فلزمها يمين بعث الحاكم إليها ثلاثة من العدول بستحلفها أحدهم ويشهد الآخران على يمينها أو نكولها
ا هـ
قوله ( لم تخالط الرجال ) أي لغير حاجة لأن الخروج للحاجة التي لا تخرج عن التخدير يلزمه مخالطة الرجال غالبا والخروج للحاجة لا يقدح في تخديرها ما لم يكثر بأن تخرج لغير حاج بزازية وفيها والتي تخرج إلى حوائجها والحمام مخدرة إذا لم تخالط الرجال على ما ذكره في الفتوى وكلام الحلواني هذا محمول على المخالطة بالرجال ا هـ
وليس للطالب مخاصمة مع زوجها ولكن لا يمنعه الزوج من الخصومة مع وكيل امرأته أو معها كذا في خزانة المفتين ولو اختلفا في كونها مخدرة فإن كانت من بنات الأشراف فالقول لها بكرا أو ثيبا لأن الظاهر من حالها وفي الأوساط قولها لو بكرا
وفي الأسافل لا يقبل قولها في الوجهين كذا في البحر ومثله في البزازية وسيأتي في كلام المصنف قريبا
قوله ( كما مر ) أي في باب الشهادة على الشهادة من أنه التي لا تخالط الرجال وإن خرجت لحاجة وحمام
قوله ( أو حائضا أو نفساء الخ ) قال في خزانة المفتين ومن الأعذار الحيض أو النفاس إذا كان القاضي يقضي في المسجد وهذه المسألة على وجهين إما أن تكون طالبة أو مطلوبة فإن كانت طالبة قبل منها التوكيل وإن كانت مطلوبة إن أخرها الطالب حتى يخرج القاضي من المسجد لا يقبل منها التوكيل بغير رضا الخصم الطالب لأنه لا عذر لها إلى التوكيل وإن لم يؤخرها قبل منها التوكيل
ا هـ بزيادة من الجوهرة
قوله ( إذ لم يرض الطالب بالتأخير ) أما إذا رضي به فلا يكون عذرا
قوله ( فلو منه فليس بعذر ) لأنه يخرجه فيجيب
____________________
(7/280)
عن الدعوى ثم يعاد ولو مدعيا يدعي إن لم يؤخر دعواه ثم يعاد ا هـ
بحر
قوله ( بزازية بحثا ) عبارتها وكونه محبوسا من الأعذار يلزمه توكيله فعلى هذا لو كان الشاهد محبوسا له أن يشهد على شهادته
قال القاضي إن في سجن القاضي لا يكون عذرا لأنه يخرجه حتى يشهد ثم يعيدوه على هذا يمكن أن يقال في الدعوى أيضا كذلك بأن يجيب عن الدعوى ثم يعاد ا هـ
قلت ولا يخفى أنه مفهوم عبارة المصنف وهي ليست من عنده بل واقعة في كلام غيره والمفاهيم حجة بل صرح به في الفتح حيث قال ولو كان الموكل محبوسا فعلى وجهين إن كان في حبس هذا القاضي لا يقبل التوكيل بلا رضاه لأن القاضي يخرجه من السجن ليخاصم ثم يعيده وإن كان في حبس الوالي ولا يمكنه من الخروج للخصومة يقبل منه التوكيل ا هـ
أقول وفي زماننا لا يمنع الوالي من حبس في محبسه من الخروج لخصومة له أو عليه عند القاضي بل يخرج مع محافظ في كل وقت طلبه القاضي ويعود للحبس على أنه صار المحبس واحدا
قوله ( أو لا يحسن الدعوى ) بأن علم القاضي أنه عاجز عن بيان الخصومة بنفسه
قوله ( خانية ) عبارتها ويجوز للمرأة المخدرة أن توكل وهي التي لم تخالط الرجل بكرا كانت أو ثيبا
كذا ذكر أبو بكر الرازي وعليه الفتوى
وكذا إذا علم القاضي أن الموكل عاجر عن البيان في الخصومة بنفسه يقبل منه التوكيل
تتمة يلزم التوكيل إذا كان الموكل حاضرا مع الوكيل في المجلس وطريق إثبات الوكالة بالخصومة أن يشهدوا بها على غريم الموكل سواء كان منكرا للوكالة أو مقرا بها ليتعدى إلى غيره كما في الخزانة ولا تقبل الشهادة على المال حتى تثبت الوكالة
وفي القنية لا تقبل من الوكيل بالخصوم بينة على وكالته من غير خصم حاضر ولو قضى بها صح لأنه قضاء في المختلف
ا هـ
قال قاضيخان وكله بقبض فأقر المديون بوكالته وأنكر الدين فيرهن عليه الوكيل لا يقبل إذ البينة لا تقبل إلا على خصم وبإقرار المديون لم تثبت الوكالة فلم يكن خصما ألا ترى أنه لو أقر بالوكالة فقال الوكيل إني أبرهن على وكالتي مخافة أن يحضر الطالب وينكر الوكالة تقبل بينته ولو قامت على المقر وكذا وصي أقر المديون بوصايته وأنكر الدين فأثبت الوصي وصايته ببينة تقبل وكذا من ادعى دينا على الميت وأحضر وارثا فأقر الوارث بالدين فقا المدعي أنا أثبت ببينة فبرهن يقبل
نور العين
وفي التنقيح في صك كتب فيه أقر زيد وجماعة من أهالي قرية كذا فزيد بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن جماعة آخرين من أهل القرية بشهادة فلان وفلان والجماعة الأولون عن أنفسهم أن عليهم وعلى الموكلين لعمرو مبلغا قدره من الدراهم كذا مؤجلا إلى كذا وصدر ذلك لدى حاكم شرعي لم يثبت التوكيل المزبور لديه في وجه خصم شرعي ثم حل الأجل وطلب عمرو المبلغ من الأصلاء والموكلين وهم يجحدون التوكيل في ذلك فكيف الحكم فأجاب حيث أنكروا التوكيل المذكور على الوجه المزبور فلا عبرة بمضمون الصك المرقوم في ثبوت التوكيل بل لا بد من إثباته بوجهه الشرعي والحال هذه والله تعالى أعمل
ثم قال بعد كلام ولا عبرة بشهادة شهود الوكالة والولاية بلا خصم حاضر ا هـ
قوله ( بل الشريف وغيره سواء بحر ) عن خزانة المفتين
قوله ( وله ) أي للمدعي عليه
____________________
(7/281)
الرجوع عن الرضا ولو بعد مدة والتقييد باليوم في القنية اتفافي كما نبه عليه صاحب البحر
قوله ( قنية ) عبارتها لو رضي ثم مضى يوم وقال لا أرضى له ذلك انتهى
وذكره في شرح المجمع معزيا إليها
قال في البحر والتقييد باليوم اتفاقي وإنما المقصود أن له الرجوع عن الرضا ما لم يسمع القاضي الدعوى لما في القنية أيضا لو ادعى وكيل المدعي عند القاضي ثم أتى بشهود ليقيمها ولم يرض الخصم أي المدعى عليه بالوكيل ويريد أن يخاصم مع الخصم ليس له ذلك بعد سماع الدعوى على أصل أبي حنيفة
وفي البزازية ولو وكله بكل حق هو له وبخصومته في كل حق له ولم يعين المخاصم به والمخاصم فيه جاز ا هـ
وإذا وكله بقبض كل حق يحدث له والخصومة فيه جائز أمره فإنه يدخل في الدين والوديعة والعارية وكل حق ملكه أما النفقة فمن الحقوق التي لا يملكها
كذا في الخزانة
قوله ( ولو اختلفا الخ ) أي ولا بينة
قوله ( إن من بنات الأشراف ) أي شرف نسب أو علم ويلحق بذلك بنات الصلحاء والأمراء والأغنياء
قوله ( فالقول لها مطلقا ) أي سواء كانت بكرا أو ثيبا لأنه الظاهر من حالها
منح
قوله ( فيرسل أمينه ) أي القاضي يعني إذا قبل توكليها وتوجه عليه اليمين يرسل أمينه الخ
قال في الفتح ثم إذا وكلت فلزمها يمين بعث الحاكم إليها ثلاثة من العدول يستحلفها أحدهم ويشهد الآخران على يمينها أو نكولها
وفي أدب القاضي للصدر الشهيد إذ كان المدعى عليه مريضا أو مخدرة وهي التي لم يعهد لها خروج إلا لضرورة فإن كان القاضي مأذونا بالاستخلاف بعث نائبا يفصل الخصومة هناك وإن لم يكن بعث أمينا وشاهدين يعرفان المرأة والمريض فإن بعثهما ليشهدا على إقرار كل منهما أو إنكاره مخع الأمين لينقلاه إلى القاضي ولا بد للشهادة من المعرفة فإذا شهدا عليها قال الأمين وكل من يحضر خصمك مجلس الحكم فيحضر وكيله ويشهدان عند القاضي بإقرار أو نكوله لتقام البينة على ذلك الوكيل ولو توجه يمين على إحداهما عرضه الأمين عليه فإن أبى الحلف عرضه ثلاثا فإذا نكل أمره أن يوكل من يحضر المجلس ليشهدا على نكوله بحضرته فإذا شهد بنكوله حكم القاضي عليه بالدعوى بنكوله
قال السرخسي هذا اختيار صاحب الكتاب فإنه لا يشترط للقضاء بالنكول أن يكون على أثر النكول فأما غيره من المشايخ فشرطوه فلا يمكن القضاء بذلك النكول فقال بعضهم الأمين يحكم عليها بالنكول ثم ينقله الشاهدان إلى القاضي مع وكيلهما فيمضيه القاضي
وقال بعضهم يقول القاضي للمدعي أتريد حكما يحكم بينكما بذلك ثمة فإذا رضي بعث أمينا بالتحكيم إلى الخصم يخبره بذلك فإذا رضي بحكمه وحكم فإن كان مما لا اختلاف فيه نفذ وإن كان فيه خلاف توقف على إمضاء القاضي والقضاء بالنكول مختلف فيه فإذا أمضاه نفذ على الكهل انتهى
قوله ( في الوجهين ) أي فيم إذا كانت بكرا أو ثيبا لأن الظاهر غير شاهد لها
قوله ( عملا بالظاهر ) علة لجميع المسائل وانظر هل المراد بالشرف العرفي فيدخل أغنياء الدنيا فإنهن بغناهن مصونات عن الخروج وإن لم تكن من بنات العلماء ولا آل البيت الظاهر نعم ط
قوله ( وصح بإيفائها ) أي حقوق العباد أي يصح التوكيل بإيفاء جميع الحقوق واستيفائها إلا في الحدود والقصاص لأن لكل منهما مباشر الموكل بنفسه فيملك التوكيل به بخلاف الحدود والقصاص فإنها تندرىء بالشبهات والمراد بالإيفاء هنا دفع ما عليه وبالاستيفاء القبض فيكون معناه صح التوكيل بدفع ما عليه وبقبض ماله
منح
قوله ( وكذا باستيفائها ) قال في المنح المراد بالإيفاء هنا دفع ما عليه وبالاستيفاء القبض فيكون معناه صح التوكيل بدفع ما عليه وبقبض ماله
قاله في البحر
____________________
(7/282)
أما الأول فمن مسائله قالوا لو وكله بقضاء الدين وكله بأن يدفع الوكيل من مال نفسه إلى دائن الموكل فجاء الوكيل وزعم قضاءه وصدقه موكله فيه فلما طالبه وكيله برد ما قضاه لأجله قال الموكل أخاف أن يحضر الدائن وينكر قضاء وكيلي ويأخذه مني ثانيا لا يتلفت إلى قول الموكل ويؤمر بالخروج عن حق وكيله فإذا حضر الدائن وأخذ من الموكل يرجع الموكل على الوكيل بما دفعه إليه وإن كان صدقه بالقضاء ا هـ
وتمامه فيه
قال العلامة الحموي نقلا عن العلامة المقدسي هذا إذ قال أخاف أن ينكر الدائن القبض فلو قال الدائن أنكر القبض وطالبني هل يكون كما قال أخاف أو يتوقف ينبغي أنه إن برهن على إنكاره يرجع وإلا فلا لأن الوكيل يبرأ بحلفه كما ذكره في الكافي ا هـ
أما لو دفع إليه دراهم وقال له اقض بها ديني الذي لزيد فادعى الوكيل الدفع إلى زيد الدائن وكذبه كل من الموكل والدائن فالقول للوكيل في براءة نفسه بيمينه والقول للدائن في إنكاره القبض بيمينه أيضا كما في فتاوى قارىء الهداية
وفي البحر أيضا وفي كتاب الحوالة أمره بقضاء دينه أي من مال نفسه أي مال الوكيل فقال قضيت وصدقه الآمر فيه ثم حلف الدائن على عدم وصوله إليه وأخذه من الآمر لا يرجع المأمور بما قضاه بمال نفسه على الآمر لأن الآمر كذب في إقراره حيث قضى عليه بالدين لأن الإقرار إنما يبطل بالحكم على خلافه إذا كان الحكم بالبينة أما بغيرها فلا
والصحيح أنه يعلل لعدم رجوع المأمور على الآمر إن المأمور وكيل بشراء ما في ذمته الآمر بمثله ونقد الثمن من مال نفسه وإنما يرجع على الآمر إذا سلم له ما في ذمته كالمشتري إنما يؤمر بتسليم الثمن إلى الآمر إذا سلم الآمر ما اشتراه
أما إذا لم يسلم فلا
وذكر القدوري أن رب الدين يرجع على المأمور يرجع على المديون بما قضى
قال قضيت دينك بأمرك لفلان فأنكر كونه مديون فلان وأمره وقضاءه أيضا والدائن غائب فبرهن لمأمور على الدين والآمر والقضاء يحكم بالكل لأن الدائن وإن غالبا لكنه عنه خصم حاضر فإن المدعي على الغائب سبب لما يدعي على الحاضر لأنه ما لم يقض دينه لا يجب له عليه شيء وبينهما اتصال أيضا وهو الأمر وبعد السببية والاتصال ينتصب خصما ولو قال لا تدفع الدين إلا بمحضر فلان ففعل بلا محضره ضمن كذا في البزازية
ولو ادعى الوكيل أنه دفع بمحضره أو قال لا تدفع إلا بشهود فادعى دفعه بشهود وأنكر الدائن القبض حلف الوكيل أنه دفع بشهود فإذا حلف لم يضمن
كذا في كافي الحاكم
ولو قال ادفعه بشهود فدفع بغيرهم لم يضمن
قال في التاترخانية في أواخر الفصل الحادي عشر عازيا للمحيط نوع آخر فيما إذا حصل التوكيل بشرط ما يجب اعتباره وما لا يجب الأصل في هذا النوع أن الموكل إذا شرط على الوكيل شرطا مفيدا من كل وجه بأن كان ينفعه من كل وجه فإنه يجب على الوكيل مراعاة شرطه أكده بالنفي أو لم يؤكده بيانه فيما إذا قال بعه بخيار فباعه بغير خيار لا يجوز وإن شرط في العقد شرطا لا يفيد أصلا بأن كان لا ينفعه بوجه بل يضره لا يجب على الوكيل مراعاته أكده الموكل بالنفي أو لم يئكده بيانه فيما إذا قال بعه بألف نسيئة أو قال لا تبعه إلا بألف نسيئة فباعه بألف نقدا يجوز على الأمر فإذا شرط شرطا يفيد من وجه ولا يفيد من وجه بأن كان ينفع من وجه ولا ينفع من وجه إن أكده بالنفي يجب مراعاته وإن لم يؤكده بالنفي لا يجب مراعاته
بيانه فيما إذا قال بعه في سوق كذا فباعه في سوق آخر فإن لم يؤكده بالنفي بأن لم يقل لا تبعه إلا في سوق كذا فباعه في سوق آخر ينفذ على الآمر وإن أكده بالنفي لا ينفذ على الآمر
كافي
ولو قال بعه في السوق لا ينفذ به حتى لو باع في داره جاز وعند زفر لا يجوز م
____________________
(7/283)
وإذا عرفنا هذه الجملة جئنا إلى تخريج المسائل فنقول إذا أمره أن يبيع ويشهد على بيعه فإن لم يؤكده بالنفي بأن قال بع وأشهد فباع ولم يشهد جاز وإن أكده بالنفي بأن قال لا تبع إلا بالمشهود فباع ولم يشهد لا يجوز وإذا أمره أن يبيع برهن أو كفيل فباع من غير رهن أو من غير كفيل لا يجوز أكده بالنفي أو لم يؤكده وإذا قال برهن ثقة لم يجز إلا برهن يكون بقيمته وفاء بالثمن أو تكون قيمته أقل مقدار ما يتغابن الناس فيه وإذا أطلق جاز برهن قليل وعندهما لا يجوز إلا بنقصان لا يتغابن الناس فيه وتمام التفاريع فيها فراجعها
وأما الثاني أعني الوكيل بقبض الدين فيقبل قوله في قبضه وضياعه ودفعه إلى الموكل ويبرأ الغريم ولو كان ممن لا تقبل شهادته للوكيل بخلاف إقراره بقبض الطالب ولو وجب على الوكيل بالقبض مثله لمديون موكله وقعت المقاصة وكان الوكيل مديون الموكل ولا يملك الوكيل بقبضه الإبراء والهبة وأخذ الرهن وملك أخذ الكفيل بخلاف الوكيل بالبيع حيث ملك الكل وليس للوكيل بالقبض قبول الحواله ويصح التوكيل بالقبض والقضاء بلا رضا الخصم ولا ينعزل بموت المطلوب وينعزل بموت الطالب
فلو زعم الوكيل قبضه وتسليمه إلى الطالب حال حياته لم يصدقهن بلا حجة فإن احتال الطالب بالمال بعد التوكيل على إنسان ليس للوكيل أن يطالب المحيل والمحتال فلو توى المال على المحال عليه وعاد الدين عل المحيل فالوكيل يملك الطلب ولو كان بالمال كفيل أو أخذ الطالب كفيلا بعد التوكيل ليس للوكيل أن يتقاضى الكفيل وللوكيل بالقبض ققبض بعضه إلا إذا نص على أن لا يقبض إلا الكل مع اه
ما في البزازية
لكن قال في الأشباه كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله كالمودع والوكيل والناظر إلا في الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه قبضه ودفعه له في حياته لم يقبل إلا ببينة بخلاف الوكيل بقبض العين والفرق في الولوالجية ا هـ
وأقول تعقبه الشرنبلالي أخذا من كلام الولوالجية وغيرهامن كتب لمذهب بأن دعوى الوكيل الإيصال تقبل لبراءته بكل حال حياة موكله وأما بعد موته فلا تثبت براءة الغريم إلا ببينة أو تصديق الورثة إلى آخر ما ذكره في الرسالة المساماة ( بمنة الجليل في قبول قول الوكيل ) كذا في حاشية أبي السعود
قلت وللعلامة المقدسي أيضا في هذه المسألة ذكرها الشرنبلالي في مجموعة رسائله عقب الرسالة التي ألفها واستشهد بها على ما ادعاه فارجع إلى تلك الرسالتين فقد أشبعنا الكلام فيهما جزاهما الله تعالى خيرا
والحاصل أن الوكيل بقبض الدين يخالف الوكيل بالبيع وقبض الثمن في مسائل فلو كفل الوكيل بقبض الثمن المشتري صحت ولو كفل الوكيل بالبيع لم تصح كما في الخانية وتقبل شهادة الوكيل بقبض الدين به على المديون كما في شهادة البزازية بخلاف الوكيل بالبيع ولو باع الوكيل وقبض الثمن ثم رد المبيع بعيب لعد ما دفع الثمن للموكل فللمشتري مطالبة الوكيل بخلاف الوكيل بقبض الثمن لا مطالبة عليه كما في القنية ولا يصح إبراء الوكيل بالقبض ولا حطه ولا أخذه الرهن ولا تأجيله ولا قبول الحوالة بخلاف الوكيل بالبيع
قوله ( ألا في حد وقود ) أي قصاص في نغفس أو ما دونها وهذا استقناء من قوله وبإيفائها واستيفائها وقوله بغفيبة موكله قيد للثاني فقط كما نبه عليه في البحر
لكن ظتاهر كلام الزيلعي وصريح كلام العيني والفتح قصر المستثى منه على الاستيفاء حيث قال وهو استثناء من قوله وصح التوكيل لأن التوكيل
____________________
(7/284)
بإثباتهما جائز ولكن لا يجوز استيفاؤهما إن غاب الموكل ووجه العدول عما هو الظاهر من كون الاستثناء من كل من الإيفاء والاستيفاء أن الإيفاء تسليم ظهر القاذف وتسليم نفس الجاني وهذا لا يتصور الوكالة فيه كما نقله السيد الحموي عن شرح النقابة آخرا لكن نقل أولا عن شرح الطحاوي وما يخالف ذلك وأن الاستثناء من كل منهما لكن في الإيفاء على إطلاقه وفي الاستيفاء إن غاب الموكل عن المجلس أما إذا كان حاضرا وأمر باستيفائه فإنه يجوز ا هـ
واعلم أن ظاهر ما سبق عن العيني صحة التوكيل بإثبات الحد مطلقا وليس كذلك كما قدمناه وقدمنا أن ما ذكره الزيلعي من صحة التوكيل بإثبات حد السرقة مخالف لما ذكره قاضيخان بقوله رجل وكل رجلا بإثبات السرقة إن كان الوكيل يريد القطع كان باطلا وإن كان يريد المال فهو مثقبول وهو كما لو طلب المسروق منه أن يحلف السارق يقول له القاضي تريد المال أو القطع إن قال أريد المال حلفه وإن قال أريد القطع لا يحلفه إلخ
اللهم إلا أن يحمل كلام الزيلعي على ما إذا كان الموكل لا يريد القطع بالمال
واعلم أن جواز التوكيل بإثبات القذف مذهب الإمام ومنعه أبو يوسف وقول محمد مضطرب وعلى هذا الخلاف التوكيل بالجواب من جانب من عليه الحد والقصاص غير أن الوكيل لا يقبل عليه لأن فيه شبهة عدم الأمر به وغير جاف أن قصر الاستثناء على الحد والقود يشعر بصحة التوكيل بإثبات التعزير وبه صرح القهستاني عن شرح الطحاوي
قوله ( بغيبة موكله عن المجلس ) هو قيد للاستيفاء فقط إذ الموكل لو كان حاضرا وأمر باستيفائهما يجوز كما في شرح الطحاوي وغيره وعلله في غاية البيان باحتمال العفو المندوب إليه بخلاف حال حضرته لانعدام الشبهة وبخلاف حال غيبة الشهود حيث يستوفيان حال غيبتهم وإن كان رجوعهم محتملا لأن الظاهر عدمه احترازا عن الكذب والفسق ولم يذكر المؤلف التوكيل بإثباتهما لدخولهما تحت قوله فصح بخصومة لأن التوكيل بإثباتهما هو التوكيل بالخصومة فيهما فهو جائز خلافا لأبي يوسف كما في العيني
أما التوكيل بإثبات حد الزنا والشرب فباطل اتفاقا إذ لا حق لأحد فيه بل تقام البينة حسبة وأما التوكيل باستيفاء التعزير فيجوز مطلقا لأنه حق العبد ولا يسقط بشبهة
قوله ( وحقوق عقد ) مبتدأ خبره قوله تتعلق به وجملة قوله لا بد من إضافته في محل جر صفة قوله عقد والمراد بالإضافة المعنى اللغوي وهو الإسناد بأمن يقول بعت أجرت صالحت
قوله ( لا بد من إضافته إلى التوكيل الخ ) قال في البحر والمراد فيما بضيفه الوكيل في كل عقد لا بد من إضافته إليه لينفذ على الموكل وليس المراد ظاهر العبارة من أنه قد يضيفه وقد لا يضيفه فإن أضافه إلى نفسه تتعلق بالوكيل وإن أضافه إلى موكله تتعلق بالموكل كما فهمه ابن ملك في شرح المجمع لما في الخلاصة والبزازية وكيل شراء العبد جاء إلى مالكه فقال بعت هذا العبد من الموكل وقال الوكيل قبلت لا يلزم الموكل لأنه خالف حيث أمره أن لا ترجع إليه العهدة وقد رجع
قال أبو القاسم الصفار والصحيح أن الوكيل يصير فضوليا ويتوقف العقد على إجازة الموكل
ا هـ
وفي المجمع وتعلق حقوق العقد فيما يضاف إلى التوكيل به
قال بان ملك قيد بقوله فيما يضاف إلى الوكيل لأن الوكيل بالبيع والشراء لو أضاف العقد إلى الموكل ترجع حقوق العقد إلى الموكل اتفاقا
كذا في الفصول ا هـ
فقد ادعى الاتفاق مستندا للفصول فكيف يكون مجرد فهم منه فتأمل
____________________
(7/285)
وفي المجتبى كل عقد يضيفه الوكيل إلى نفسه أراد به أن تصح إضافته إلى نفسه ويستغني عن إضافته إلى الموكل لا أنه شرط ولهذا لو أضاف الوكيل بالشراء الشراء إلى الموكل صح بالإجماع وقوله وكل عقد لو أضافه إلى الموكل كالنكاح مراده مختلف
ا هـ
قال الخير الرملي هذا شاهد لما فهمه شارح المجمع ا هـ
وهو بظاهر إقرار لصاحب البحر بأن ما في شرح المجمع فهم من شارحه إلا أن يكون ذكره مجاراة لعبارة البحر
هذا ولك أن تنفي المنافاة بين ما في البزازية وشرح المجمع بحمل ما في شرح المجمع من قوله لأن الوكيل بالبيع والشراء على النافذين لتبادرهما لغيرهما لا تتعلق حقوقه بالموكل قبل الإجازة لفرعية تعلق الحقوق عن النفاذ وليس في عبارة البزازية ما ينفي تعلق الحقوق بالموكل بعد النفاذ بالإجازة فلنلتزمه ليحصل التوفيق
وقد علمت أن عدم تعلق الحقوق بالموكل في مسألة البزازية إنما تأتي من المخالفة فلو صدر التوكيل على وجه ينفي المخالفة بأن أذن له الموكل بإضافة العقد إليه فالظاهر نفاذ العقد لعدم المخالفة كما هو مفهوم البزازية وإذا نفذ العقد هل تتعلق بالموكل أو الوكيل لا شيء في كلام البزازية يدل على إيجابه أو نفيه
فنقول تتعلق بالموكل عملا بما في شرح المجمع والمجتبى إذ لم يوجد ما ينافيهما كيف وقد ادعيا الاتفاق فتأمله بعين التحقيق فإنه بالتأمل حقيق ليظهر حقيقة الحال والله الميسر لبلوغ الآمال
وتوجيه ما في البحر بأن يقال إن عبارة شرح المجمع مطلقة فالظاهر أنها شاملة لصورة المخالفة الواقعة في البزازية وأنه إذا أضاف إلى الموكل فيهما ينفذ البيع للحال وتتعلق الحقوق به مع أن المنقول بخلافه وحيث وقع في الفصول الحكم مطلقا كما استند إليه الشارح المذكور فهو مقيد بما في البزازية غير أن الشارح فهمه على إطلاقه ولم يقيده بالبيع النفاذ وظاهر من كلام البحر عدم منع الحكم في النفاذ وإذا حملت كلام شارح المجمع على ما قلناه وقيدت مستنده بما في البزازية وعلمت أن كلام البحر لا ينبو عن الحكم المذكور ارتفع الخلاف كما يشهد بذلك الإنصاف فالمؤاخذة التي وردت على صاحب البحر تستند إلى إطلاق عبارة شارح المجمع لا غير والله تعالى أعلم
أقول فما في شرح المجمع مقيد بما إذا أجاز الموكل العقد فلا ينافي ما ذكره الصفار وإذا صح هذا التوفيق ظهر الجواب عما نقل عن المقدسي من قوله ثم إذا أجاز الموكل ذلك هل ترجع الحقوق إلى الوكيل لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابق
ا هـ
وهذا التعليل مؤيد للتوفيق المتقدم والله أعلم
وفي حاشية أبي السعود وتعبير ابن الكمال بقوله يكتفي بالإضافة إلى نفسه صريح في أن إضافته إلى نفسه ليس بلازم خلافا لمن عبر به بلا بد كالبحر وتبعه المصنف لكن الشارح نقل كلام ابن ملك وأمر بحفظه وأيده بقول ابن الكمال المتقدم ورد على المصنف فيما يأتي بقوله فقوله لا بد فيه ما فيه وحينئذ يتجه ما ذكره ابن ملك ويسقط ما اعترض به في البحر عليه
وما في الخلاصة والبزازية لا ينافي جواز الإضافة إلى كل منهما وإن كان اللزوم على الموكل فيما إذا لم يضف الوكيل العقد إلى نفسه بأن أضافه إلى الموكل يتوقف على صدور الإجازة منه ثم رأيت في الزيلعي من باب الوكالة بالبيع والشراء التصريح بعدم لزوم إضافة الوكيل في الشراء ونحوه العقد إلى نفسه حيث قال في شرح قول المصنف ولو وكله بشراء شيء بعينه لا يشتريه لنفسه
____________________
(7/286)
ما نصه بخلاف ما لو وكله أن يزوجه امرأة معينة حيث جاز له أن يتزوج بها لأن النكاح الذي أتى به الوكيل غير داخل تحت أمره لأن الداخل تحت الوكالة نكاح مضاف إلى الموكل وفي الوكالة بالشراء الداخل فيها شراء مطلق غير مقيد بالإضافة إلى أحد فكل شيء أتى به لا يكون مخالفا الخ فهذا من الزيلعي صريح فيما ذكره ابن ملك
واعلم أن قول الزيلعي وفي الوكالة بالشراء الداخل فيها شراء مطلق الخ صريح أيضا في أن الوكيل إذا أضاف العقد إلى الموكل لا يكون مخالفا ويلزمه العقد ولا يتوقف على إجازته خلافا لما سبق عن الخلاصة والبزازية
ا هـ
ملخصا
أقول وفي نور العين رامزا للجامع الأصغر أمره بشراء قن بألف فقال مالكه بعت قنى هذا من فلان الموكل فقال الوكيل قبلت لزم الوكيل إذا أمره الوكيل أن يقبل عن نفسه ليلزم العهدة على الوكيل فخالف بقبوله على موكله
قاضيخان فيه نظر
وينبغي أن يلزم الموكل أو يتوقف على إجازته إذ الوكيل لما خالف صار كأن البائع قال ابتداء بعت عبدي من فلان بكذا وقال الوكيل قبلت يتوقف على إجازة الموكل ولا يصير الوكيل مشتريا لنفسه
يقول الحقير أصاب في إيراد النظر لكنه أهمل جانب قوله يلزم الموكل حيث لم يعلله بل أفاد بما ذكره من تعليل التوقف على الإجازة أنه لا يلزم الموكل بل يتوقف فبين كلاميه تناف غير خاف على ذي فهم صاف ثم إن الظاهر أنه لا يتوقف بل يلزم الموكل لما مر في شراء الفضولي نقلا عن شحي إن الفضولي لو شرى شيئا وأضاف عقد الشراء إلى من شرى له بأن قال لبائعه بعه من فلان وقبله له يتوقف على فلان ولو قال شريته لفلان فقال بائعه بعت أو قال بعته منك لفلان فقال المشتري قبلت نفذ على نفسه ولم يتوقف
وهذا لو لم يسبق من فلان التوكيل ولا الأمر فلو سبق أحدهما فشرى الوكيل نفذ على موكله وإن أضاف الوكيل الشراء إلى نفسه وعلى الوكيل العهدة ا هـ
يقول الحقير وظهر بقوله وعلى الوكيل العهدة أن الوكيل لم يخالف موكله كما ظنه الإمام قاضيخان تبعا لصاحب الجامع الصغير غاية ما في الباب أن يكون في المسألة روايتان أو يكون أحد ما ذكر في شرح الطحاوي وفتاوى قاضيخان غير صواب كما لا يخفى على ذوي الألباب ا هـ
أقول الذي يظهر أنه لا ينافي إذ التعليل إنما هو للحكم بالتوقف إذ فيه غموض يجب إيضاحه ولم يذكر علة لقوله يلزم الموكل إذ لزومه إياه واضح وجهه عنده أو بالنسب إلى من له مسكة بالفقه بل علته ظاهرة إذ الوكيل شرى ما وكله بشرائه موكله فالظاهر لزوم الموكل وعدم لزومه يحتاج لدليل أما اللزوم فلا فليتأمل
وأقول ومراده بما في شرح الطحاوي ما رمزه بقوله شحى وهو موافق لما مر عن الزيلعي فتأمل في هذا المحل فإنه من مداحض الأقدام والله تعالى أعلم بالصواب
قوله ( إلى الوكيل ) أي إسناده في الصيغة
قوله ( وصلح عن إقرار ) أي في دعوى مال ومنفعة لأنه حينئذ يكون بيعا أو إجارة وهذه الأمثلة للعقد ذي الحقوق ويأتي أمثلة الحقوق فقد
قوله ( يتعلق به ) أي بالوكيل بخلاف الرسول لأنه يضيف العقد إلى مرسله وبخلاف النكاح لأنه لا بد فيه من ذكر الموكل وإسناد العقد إليه
عيني
ولو اختلف في كون المشتري رسولا أو وكيلا فالقول
____________________
(7/287)
للمشتري والبينة على البائع
بحر
وعند مالك والشافعي وأحمد تتعلق بالموكل لأن الحقوق تتعلق بالحكم والوكيل ليس بأصل فيه فلا يكون أصلا فيها فصار كالرسول والوكيل بالنكاح
ولنا أن الوكيل أصل في العقد بدليل استغنائه عن إضافته إلى الموكل ولو كان سفيرا كما زعموا لما استغنى وإنما جعل نائبا في الحكم للضرورة كي لا يبطل مقصود الموكل ولا ضرورة في حق الحقوق ولأن العاقد الآخر اعتمد رجوع الحق إليه فلو لم يرجع لتضرر على تقدير كون الموكل مفلسا أو من لا يقدر على مطالبته
عيني
قوله ( ما دام حيا ) أما إذا مات الوكيل
قال الفضلي تنتقل الحقوق إلى وصيه لا الموكل وإن لم يكن وصي يرفع إلى الحاكم ينصب وصيا عند القبض وهو المعقول وقيل ينتقل إلى موكله ولاية قبضه فيحتاط عند الفتوى محيط
هذا إذا اتفقا على أنه وكيل أما إذا اشترى فقال الشراء لفلان وقال البائع بل لك فالحكم فيه ما قاله مؤيد زاده اشترى شيئا وقال كنت رسول فلان ولا ثمن لك علي وقال البائع بعته منك فالقول للمشتري
وفي الخيرية عن الخلاصة امرأة اشترت شيئا وقالت كنت رسول زوجي إليك ولا ثمن لك علي وقال البائع إنما بعت منك والثمن عليك فالقول قولها وعلى البائع البينة
ونقل مثله عن الخانية وكثير من الكتب
ثم قال في البحر والوكيل بالشراء إذا اشترى بالنسيئة فمات الوكيل حل عليه الثمن ويبقى الأجل في حق الموكل وجزمه هنا يدل على أن المعتمد في المذهب ما قال إنه المعقول وقد أفتيت به بعد ما احتطت كما قال فيما سبق ا هـ
وتأتي عبارة البحر قريبا
قوله ( ولو غائبا ) فإذا باع وغاب لا يكون للموكل قبض الثمن كما في البحر
قوله ( إن لم يكن ) أي الوكيل محجورا فإن كان محجورا كالعبد والصبي المحجورين فإنهما إذا عقدا بطريق الوكالة تتعلق حقوق عقدهما بالموكل إذ لا يصح من المحجور التزام العهدة لقصور أهليته ولحق مولى العبد كما في الرسول والقاضي وأمينه ثم العبد إذا أعتق تلزمه تلك العهدة والصبي إذا بلغ لا تلزمه
وفي الخانية عبد شرى شيئا فقال البائع لا أسلم لك المبيع لأنك محجور وقال العبد أنا مأذون فالقول للعبد فلو برهن البائع أن العبد قال أنا محجور قبل أن يتقدم إلى القضاء بعد الشراء لم يقبل
ولو قال عبد بعتك وأنا محجور وقال المشتري وأنت مأذون القول للمشتري لأن الإقدام على البيع دليل الإذن والأصل بقاء ما كان على ما كان عليه
وقوله إن لم يكن محجورا يشير إلى أن العبد والصبي المأذون لهما تتعلق بهما الحقوق وتلزمهما العهدة وظاهر كلام المصنف أن العهدة على المأذون مطلقا
وفصل في الذخيرة بين أن يكون وكيلا بالبيع العهدة عليه سواء باع بثمن حال أو مؤجل وبين أن يكون وكيلا بالشراء فإن كان بثمن مؤجل فهو على الموكل لأنه في معنى الكفالة وإن كان بثمن حال فهو على الوكيل لكونه ضمان ثمن
حموي
وفيه إيماء إلى ما بسطه الزيلعي من الفرق وفي البحر ما في الزيلعي عن الإيضاح إذا أمره أن يشتري بالنقد جاز والعهدة عليه وإن أمره بالشراء نسيئة كان ما اشتراه له دون الآمر مخالف لما في الذخيرة
قوله ( كتسليم مبيع ) هذا وما بعده أمثلة للحقوق التي تتعلق بالوكيل ففي كلامه لف ونشر مرتب أي إذا كان وكيل البائع وأطلقه فشمل ما إذا قبض الوكيل الثمن أو لا وما إذا قال لا تدفع المبيع بعد البيع حتى تقبض الثمن فدفع الوكيل قبل قبض الثمن فإنه جائز عندهما خلافا للثاني وكان النهي باطلا كما في القنية
وقيده في البزازية بما إذا كان المبيع في يد الوكيل فلو في يد الموكل وأبى عن الدفع قبل قبض ثمنه له ذلك أما لو نهاه عن البيع حتى يقبض الثمن لم يجز بيعه حتى يقبض الثمن من المشتري ثم يقول بعتك بهذه الدراهم التي قبضت منك
____________________
(7/288)
ولو دفع وكيل البيع المبيع إلى الدلال فضاع في يده يضمن في المختار كما لو قال بعته وسلمته من رجل لا أعرفه وضاع الثمن يضمن قال القاضي لأنه لا يملك التسليم قبل قبض ثمنه والحكم صحيح والعلة لا لما مر أن النهي عن التسليم قبل قبض ثمنه لا يصح فلما لم يعمل النهي عن التسليم فلأن لا يكون منوعا عن التسليم أولى
وهذه المسألة تخالف مسألة القمقمة
ا هـ
قلت مراد القاضي أنه لا يملك التسليم ممن لا يعرفه لا مطلقا فصح التعليل أيضا
حموي مطلب مسألة القمقمة أقول ومسئلة القمقمة ما قاله في متفرقات الوكالة من التاترخانية عازيا للظهيرية الوكيل إذا دفع قمقمة إلى إنسان لإصلاحها بأمر الموكل ونسي من دفعها إليه لا يضمن
قال في النوازل وصار كالذي وضعه في موضع من داره ثم نسيه فلا ضمان عليه كذا هذا
ا هـ
قال في العلامة أبو السعود وأقول لم يظهر لي وجه ما في القنية من بطلان النهي عن تسليم المبيع قبل قبض ثمنه مع أن المصرح به أن المشتري يؤمر بتسليم الثمن أولا حيث كان الثمن حالا وعللوا ذلك بقولهم ليتعين حق البائع فيه أما المشتري فقد تعين حقه في المبيع بمجرد العقد لأن الثمن لا يتعين بالتعيين حتى لو أضيف العقد إلى دراهم معينة كان له أن ينقد غيرها فالظاهر أن ما في القنية من بطلان النهي عن تسليم المبيع قبل قبض ثمنه ضعيف انتهى
أقول وينبغي تقييد ضمان وكيل البيع إذا دفع للدلال وغاب أو ضاع في يده بما إذا لم تكن العادة جارية في ذلك أما إذا كان شيئا لا يبيعه الوكيل بنفسه بل يدفع في العادة إلى دلالة ليعرضه على البيع لا يضمن لأنه بمقتضى العادة يكون مأذونا بذلك
وفي الفتاوي الخيرية سئل فيما إذا جرت عادة التجار أن يبعث بعضهم إلى بعض بضاعة يبيعها ويبعث بثمنها مع من يختاره ويعتقد أمانته من المكارية بحيث اشتهر ذلك بينهم اشتهارا شائعا فيهم وباع المبعوث إليه البضاعة المبعوثة في مدينته وأرسل مع من اختاره منهم لباعثها ثمنها على دفعات متعددة حسبما تيسر له وأنكر المبعوث إليه بعض الدفعات هل يكون القول قول باعث الثمن بيمينه وإن لم يعلم تفاصيل ذلك لطول المدة أم لا بد له من البينة أجاب القول قوله بيمينه إذ له بعثه مع من يختاره ويراه أمينا لأنه أمين لم تبطل أمانته والحالة هذه بالإرسال مع من ذكر
وقد ذكر الزاهدي رامزا لبكري خواهر زاده جرت عادة حاكة الرستاق أنهم يبعثون الكرابيس إلى من يبيعها لهم في البلد ويبعث بأثمانها إليهم بيده من شاء ويراه أمينا فإذا بعث البائع ثمن الكرابيس بيد شخص ظنه أمينا وأبق ذلك الرسول لا يضمن الباعث إذا كانت هذه العادة معروفة عندهم
قال أستاذنا رحمه الله تعالى وبه أجبت أنا وغيري
ا هـ
وقد عضد بقولهم المعروف عرفا كالمشروط شرطا والعادة محكمة والعرف قاض إلى غير ذلك من كلامهم
ا هـ
ما في الخيرية
تنبيه اعلم أنه الحقوق التي للوكيل كقبض المبيع ومطالب ثمنه والمخاصمة في العيب والرجوع بثمن المستحق غير واجبة عليه لأنه متبرع لكن ينبغي أن يوكل الموكل بهذه الأفعال
وأما الحقوق التي على الوكيل كتسليم المبيع والثمن ونحوهما فالوكيل فيها يدعي عليه فللمدعي أن يجبره على ذلك كما في الكافي والرجندي وصدر
____________________
(7/289)
الشريعة
قوله ( وقبضه ) أي إذا كان وكيل المشتري
قوله ( وقبض ثمن ) أي من المشتري أي إذا كان وكيل البائع فعلم أن مراده بالوكيل بالبيع ما يشمل الشراء وكذلك في الإجارة ما يشمل الاستئجار
قال في البحر واستفيد من قوله وقبض ثمن أنه لو ضمن الوكيل الثمن لا يصح ضمانه ولو أحال المشتري الموكل على وكيله به بشرط براءة المشتري لم يصح ولو أحال الوكيل موكله بالثمن على المشتري صحت وهي وكالة لا حوالة لأنه لا شيء للموكل على وكيله وأن الوكيل لو منع المشتري من دفع الثمن إلى موكله صح وله الامتناع عن الدفع إليه ولكن لو دفع له صح وبرىء استحسانا وأنه يصح ويصح إبراء وكيل البيع قبل قبضه الثمن وحوالته على الأملاء والمماثل والأدون وإقالته وحطه وتأجيله والتجوز بدون حقه عندهما ويضمن خلافا لأبي يوسف هذا قبل قبضه أما بعد قبضه لا يملك الحط والإبراء والإقالة وبعد ما قبل بالثمن حوالة لا يصح كما بعد الاستيفاء والوكيل بالإجارة إذا فسخها بعدها صح لا بعد مضي المدة وبعد قبض الأجرة دينا كان أو عينا لا يصح الفسخ وأن الوكيل لو وكل موكله بقبض الثمن صح وله عزله إلا إذ خاصم الموكل معه في تأخيره المطالب فألزم القاضي الوكيل أن يوكل موكله لا يملك عزله
ومن أحكامه أن وكيل البيع لا يطالب بالثمن من مال نفسه
بخلاف وكيل الشراء ولا يجبر على التقاضي لأنه متبرع بخلاف الدلال والسمسار والبياع لأنهم يعملون بأجر ا هـ
عن البزازية
قوله ( ورجوع به عند استحقاقه ) أي رجوع التوكيل بالبيع أو الشراء عند استحقاق ما قبضه من مبيع أو ثمن أي عند ظهور المستحق للمبيع وكذا الرجوع بالثمن عند استحقاقه
والحاصل أن هذه المسألة شاملة لمسألتين الأولى ما إذا كان الوكيل بائعا وقبض الثمن من المشتري ثم استحق المبيع فإن المشتري يرجع بالثمن على الوكيل سواء كان الثمن باقيا في يده أو سلمه إلى الموكل وهو يرجع على موكله
الثانية ما إذا كان مشتريا فاستحق المبيع من يده فإنه يرجع بالثمن على البائع دون موكله
وفي البزازية المشتري من الوكيل باعه من الوكيل ثم استحق من الوكيل رجع الوكيل على المشتري منه وهو على الوكيل والوكيل على الموكل وتظهر فائدته عند اختلاف الثمن
ا هـ
بحر
قال الحموي قلت فعلى هذا يكون المصدر مشتركا بين مصدر الفاعل والمفعول
قوله ( وخصومة في عيب ) أي فيرد المعيب إلى البائع لو كان بيده وبعده تسليمه إى الموكل يرده بإذنه
قال في البحر وهو شامل لمسألتين أيضا أما إذا كان بائعا فيرده المشتري عليه وأما إذا كان مشتريا فيرده الوكيل على بائعه لكن بشرط كونه في يده فإن سلمه إلى الموكل فلا يرده إلا بإذنه كما سيأتي في الكتاب
وأشار المؤلف إلى أن الوكيل لو رضي بالعيب لزمه ثم الموكل إن شاء قبله وإن شاء ألزم الوكيل وقبل أن يلزم الوكيل لو هلك يهلك من الموكل ولو مات الوكيل بالشراء وظفر الموكل بالمشتري عيبا يرده وارثه أو وصيه وإلا فالموكل
وكيل البيع إذا مات وظفر مشتريه به عيبا رده على وصي الوكيل أو وارثه وإلا فعلى الموكل
كذا في البزازية
وفي الخانية الوكيل بالشراء لا يملك إبراء البائع عن العيب عند أبي حنيفة ومحمد
واختلفوا في قول أبي يوسف والوكيل بالشراء إذا اشترى بالنسيئة فمات الوكيل حل عليه الثمن ويبقى الأجل في حق الموكل وجزمه هنا يدل على أن المعتمد في المذهب ما قال إنه المعقول وقد أفتيت به بعد ما احتطت كما قال فيما سبق وقد كتبنا في الأشباه والنظائر حكم التوكيل بالتوكيل
____________________
(7/290)
ومما فرع على أن الوكيل أصيل في الحقوق ما في كافي الحاكم ولو وكل القاضي وكيلا ببيع شيء فباعه ثم خاصمه المشتري في عيبه جاز قضاء القاضي للوكيل
ا هـ
قوله ( فلا فصل ) حال من مدخول الكاف وهو الحقوق المتقدمة
قوله ( بين حضور موكله ) أي حالة العقد لأن الموكل لو كان حاضرا حالة العقد ترجع الحقوق على الوكيل كما لو كان غائبا كما أوضحه في المنح
قوله ( وغيبته ) أي وقت عقد الوكيل
قوله ( لأنه ) أي الوكيل العاقد حقيقة لأن العقد يقوم بالكلام وهو منه
قوله ( وحكما ) فإن أحكام العقد ترجع إليه وهو محط العلة
قوله ( في أصح الأقاويل ) وقال القاضي الإمام أبو المعالي إن العهدة على الموكل لأنه إذا كان حاضرا كان كالمباشر بنفسه فعليه العهدة
قوله ( اتفاقا ) هذا ينافي ما في الخلاصة والبزازية وكيل بشراء العبد جاء إلى مالكه فقال بعت هذا العبد من الموكل وقال الوكيل قبلت لا يلزم الموكل وقد تقدم تعليله والكلام عليه مستوفي
قوله ( فيه ما فيه ) أي فيه نظر وعبر عنه بما تفخيما أي لأن البدية منقوضة بما ذكر ابن ملك وبما قال ابن الكمال أيضا لو أضاف الوكيل بالشراء الشراء لموكله صح بالإجماع على أن البدية الآتية منقوضة أيضا بمسألة الطلاق ووكيل المرأة في النكاح كما يأتي وأقول توضيحه أنك قد علمت من كلامه أنه لا يكون وكيلا إلا إذا أضافه إلى نفسه وإذا أضافه إلى الموكل ففيه الخلاف السابق في المنح وقيل بالوكيل لأن الرسول لا ترجع الحقوق إليه
وشرطه الإضافة إلى مرسله لما في البزازية والرسول في البيع والطلاق والعتاق والنكاح إذا أخرج الكلام مخرج الوكالة بأن أضاف إلى نفسه بأن قال طلقتك وبعتك وزوجت فلانة منك لا يجوز لأن الرسالة لا تتضمن الوكالة لأنها فوقها وإن أخرجه مخرج الرسالة جاز بأن يقول إن مرسلي يقول بعت منك
ا هـ
قوله ( يكتفي ) أي من غير لزوم
قوله ( لغو ) كما لو نهاه عن تسليم المبيع حتى يقبض الثمن فإنه يكون باطلا كما تقدم وكما لو وكله بالبيع بشرط أن لا يقبض الثمن فالنهي باطلا أيضا ولو كتب الصك باسم الموكل لا يسقط حقه في قبض الثمن إلا أن يقرأ الموكل بقبضه ط
قوله ( والملك يثبت للموكل ابتداء ) جواب عن سؤال مقدر تقديره إذا كانت الحقوق في هذا الفصل راجعة إلى الوكيل ينبغي أن يعتق قريبه إذا اشتراه بالوكالة لأن شراء القريب إعتاق
فأجاب عنه بقوله والملك يثبت للموكل ابتداء أي في ابتداء الأمر خلافة عنه بمعنى أن الوكيل أصل في حق العقد لكن في حق الحكم يخلفه الموكل فيقع له من غير أن يكون أصلا فيه كالعبد يتهب أو يصطاد فكما أن المولى يثبت الملك له ابتداء فيما اتهبه عبده أو اصطاد خلاف عنه فكذا الموكل يثبت له الملك ابتداء فيما اشتراه وكيله خلافة عنه
قال الشمني وهذه طريقة أبي طاهر الدباس
وقال في البحر أنه الأصح
وقال الكرخي يثبت للوكيل ثم ينتقل للموكل
وقال القاضي أبو زيد الوكيل نائب في حق الحكم أصيل في الحقوق فوافق الكرخي في الحقوق وأبا طاهر في الحكم وهو حسن
كذا في البزازية
قوله في ( الأصح ) قال الشمني وعلى طريقة الكرخي لا يعتق أيضا لأنه يثبت للوكيل ملك غير متقرر وكذا لا يفسد نكاحه إذا اشترى زوجته بالوكالة فلا ثمر لهذا الاختلاف لأن الموجب للملك والفساد الملك المستقر ولهذا إذا اشترى
____________________
(7/291)
الوكيل قريب موكله يعتق عليه ويفسد نكاحه إذا اشترى زوجة موكله
قوله ( فلا يعتق قريب الوكيل بشرائه ولا يفسد نكاح زوجته به ) في هذا التفريع نظر فإن هذه الأحكام ثابتة على القولين كما أفاده في المنح أما على الأصح فظاهر وأما على قول الكرخي فلما علل به الشارح من قوله لأن الموجب الخ وإن كان ظاهره تعليلا للقول الأصح لكنه لا يصح علة له
قوله ( لأن الموجب ) قد علمت أن هذا لا يناسب كلام المصنف بل هو جار على القول الثاني من أنه يثبت للوكيل ابتداء ثم ينتقل إلى الموكل
قوله ( حتى لو أضاف لنفسه لا يصح ) أي على الموكل فلا ينافي قوله الآتي حتى لو أضاف النكاح لنفسه وقع النكاح له كما ظن
وفي البزازية الوكيل بالطلاق والعتاق إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة بأن قال إن فلانا أمرني أن أطلق أو أعتق ينفذ على الموكل لأن عهدتهما على الموكل على كل حال ولو أخرج الكلام في النكاح والطلاق مخرج الوكالة بأن أضافه إلى نفسه صح إلا في النكاح
والفرق أن في الطلاق أضافه إلى الموكل معنى لأنه بناه على ملك الرقبة وتلك للموكل في الطلاق والعتاق فأما في النكاح فذمة الوكيل قابل للمهر حتى لو كان بالنكاح من جانبها وأخرج مخرج الوكالة لا يصير مخالفا لإضافته إلى المرأة معنى فكأنه قال ملكتك بضع موكلتي
ا هـ
قال العلامة أبو السعود ليس المراد أن الطلاق والعتاق يقع بمجرد قوله إن فلانا أمرني أن أطلق أو أعتق بل لا بد من الإيقاع مضافا إلى موكله فيما إذا خرج الكلام مخرج الرسالة أو إلى نفسه إذا خرج الكلام مخرج الوكالة على ما يأتي
ا هـ
قلت وفي السابع والعشرين من التاترخانية ولو قال الوكيل طلقك الزوج لا يقع هو الصحيح
ا هـ
قال في البحر فعلى هذا معنى الإضافة إلى الموكل مختلف ففي وكيل النكاح من قبل الزوج على وجه الشرط وفيما عداه على وجه الجواز فيجوز عدمه ا هـ
أقول وظاهر ما في البحر أنه لا تلزمه الإضافة إلا في النكاح وهو مخالف لكلام غيره قال في الدرر بعد قوله في المتن تتعلق بالموكل وفسره أن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن السبب لأنها من قبيل الإسقاطات والوكيل أجنبي عن الحكم فلا بد من إضافة العقد إلى الموكل ليكون الحكم مقارنا للسبب
أما النكاح فلأن الأصل في البضع الحرمة فكان النكاح إسقاطا لها والساقط يتلاشى فلا يتصور صدور السبب عن شخص على سبيل الأصالة ووقع الحكم لغيره فجعل سفيرا ليقارن الحكم السبب حتى لو أضاف النكاح إلى نفسه وقع له بخلاف البيع فإن حكمه يقبل الفصل عن السبب كما في البيع بخيار فجاز صدور السبب عن شخص أصالة ووقوع الحكم لغيره خلافة وأما الخلع فلأنه إسقاط للنكاح والناكح والمنكوحة المرأة والوكيل إما منه أو منها وعلى التقديريه يكون سفيرا محضا فلا بد من الإضافة إلا الموكل
وأما الصلح عن إنكار فإنه أيضا إسقاط لا يشوبه معاوضة فلا بد من الإضافة إلى الموكل وكذا الصلح عن دم العمد فإنه إسقاط محض والوكيل أجنبي سفير فلا بد من الإضافة إلى الموكل وكذا الحال في البواب
هذا ملخص ما ذكره القوم في هذا المقام انتهى
____________________
(7/292)
أقول يمكن التوفيق بأن يكون معنى الإضافة اشتراط ذكر الموكل وإن أسند الوكيل الفعل إلى نفسه فإذا كان وكيلا من جانب المرأة يقول للزوج خالع امرأتك على هذه الألف فخالع يتم بقبول الوكيل كما صرحوا به في الخلع أما لو قال خالع فقط فلا
ولو كان وكيلا من الجانبين فقال خلعت فلانة من زوجها على كذا جاز في الصحيح من أنه يكون وكيلا من الجانبين في الخلع
وصرحوا أيضا بأنه لو قال لغيره طلق امرأتي رجعية فبين فقال لها الوكيل طلقتك بائنا تقع رجعية ولو وكله بالبائن فقال لها الوكيل أنت طالق تطليقة رجعية تقع واحد بائنة وصرحوا بأنه يصح توكيل الصبي والمجنون ويصير كأنه علق الطلاق على تلفظهما
وفي طلاق الفتاوي الهندية الوكيل في الطلاق والرسول سواء
كذا في التاترخانية الرسالة أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة على يد إنسان فيذهب الرسول إليها ويبلغها الرسالة على وجهها فيقع عليها الطلاق كذا في البدائع
فقد ثبت بهذا أن قول الوكيل خلعت وطلقت يكفي ثم الذي يظهر من كلامهم أن المراد هنا بالوكيل الوكيل من جهة من يثبت له الملك بقرينة التعليل بأن الحكم فيها لا يقبل عن السبب
ففي النكاح يقول وكيل الزوج زوج بنتك لفلان فيضيفه إلى الموكل ولو قال زوجني وقع له لا لموكل وأما وكيل الزوجة فيقول زوجت فيصح
وفي الطلاق يقول وكيل الزوج طلقت فلانة وفي الخلع يقول وكيل الزوج خالعتها على ألف وأما وكيل المرأة فيقول قبلت بدون إضافة إليها وكذا في العتق على مال والكتابة
ولو كان الطلب من جهة وكيل المرأة أو العبد يقول طلق فلانة بألف أو اخلعها بألف على ألف أو أعتق عبدك بكذا أو كاتبه على كذا فيقول وكيل الزوج أو السيد فعلت فكيتفي بالإضافة من أحد الجانبين لأن الملك من كل منهما فإن المرأة تملك نفسها وكذا العبد كما أن الزوج أو السيد يملك العوض
وفي الصلح عن إنكار أو دم عمد يقول الوكيل صالح فلانا عن دعواك عليه على هذا المال أو الدم فيقبل المدعي ولو قال الوكيل في هذه المواضع أعتقني أو طلقني أو كاتبني أو صالحني لم يصح بخلاف بعني وأجرني فإنه يصح إضافتها إلى نفسه كما مر
وكذا بقية الصور الآتية يقول الوكيل من جهة طالب التملك هب فلانا أو تصدق عليه أو أعره أو أودعه أو ارهن عنده كذا أو أقرضه كذا
ولو قال هبني أو تصدق علي أو أعرني الخ يقع له لا للموكل
وأما الوكيل من الجانب الآخر كما إذا دفع لرجل مالا ووكله بأن يهبه لفلان مثلا فإنه يقول وهبتك أو تصدقت عليك أو أعرتك أو أودعتك الخ من غير أن يقول وهبتك هذه الألف التي لفلان الموكل
ثم اعلم أن هذه المذكورات يفترض بعضها عن بعض من حيث إن ما كان منها إسقاطا يضيفه الوكيل إلى نفسه مع التصريح بالموكل فيقول زوجتك فلانة وصالحتك عما تدعيه على فلان من المال أو الدم أما ما كان منها تمليكا لعين أو منفعة أو حفظ فلا يضيفه إلى نفسه بل إلى الموكل فقط كقوله لفلان كذا أو أودعه كذا أو أقرضه كذا فلا بد في هذا من إخراج كلامه مخرج الرسالة فلا يصح أن يقول هبني كذا كما مر ولا هبني لفلان وأودعني لفلان وعلى هذا فقولهم التوكيل بالاستقرض باطل معناه أنه في الحقيقة رسالة لا وكالة فلو أخرج الكلام مخرج الوكالة لم يصح بل لا بد من إخراجه مخرج الرسالة كما قلنا
وبه علم أن ذلك غير خاص بالاستقراض بل كل ما كان تمليكا إذا كان الوكيل من جهة طالب التملك لا من جهة المملك فإن التوكيل بالإقراض والإعارة صحيح لا بالاستقراض والاستعارة بل هو رسالة
هذا ما ظهر لي فتأمله
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى آمين
قوله ( كنكاح ) فلو لم يضف النكاح إلى الموكل وأضافه إلى نفسه وقع له
قال في البحر معزيا
____________________
(7/293)
للبزازية الوكيل بالطلاق والعتاق إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة بأن قال إن فلانا أمرني أن أطلق أو أعتق ينفذ على الموكل لأن عهدتهما على الموكل على كل حال ولو أخرج الوكيل الكلام في النكاح والطلاق مخرج الوكالة بأن أضاف إلى نفسه صح إلا في النكاح
والفرق في أن الطلاق أضافه إلى الموكل معنى لأنه بناه على ملك المتعة والرقبة وهو للموكل وأما في النكاح فذمة الوكيل قابل للمهر حتى لو كان وكيلا بالنكاح من جانبها وأخرج الكلام مخرج الوكالة لا يصير مخالفا لإضافته إلى المرأة معنى لأن صحة النكاح بملك البضع وهو لها فكأنه قال ملكتك بضع موكلتي
وفي الجوهرة إذا قال أبو الصغير زوجها من ابنك فقال الأب قبلت ولم يقل لابني جاز النكاح للابن لأن الإيجاب له والقبول يتقيد به فصار كقوله قبلت لابني ولو قال زوجت ابنتي ولم يزد وقع للأب هو الصحيح
وينبغي للوكيل بالنكاح أن يقول قبلت لأجل فلان
واعلم أن ما في البزازية من أنه لو أضاف الطلاق إلى نفسه يصح
حكاه في جامع الفتاوي بقيل حيث قال ولو قال أنت مني طالق أو أنت طالق مني لم يقع وقيل يقع وقوله مني لغو
قال واستفيد الوقوع بأنت طالق من غير إضافة بالإتفاق انتهى
قوله ( وصلح عن دم عمد أو عن إنكار ) ومثله عن السكوت يعني أن زيدا إذا ادعى دارا على عمرو فوكل عمرو وكيلا على أن يصالح على المائة فيقول زيد صالحت عن دعوى الدار على عمرو بالمائة ويقبل الوكيل فيتم الصلح ولا فرق بين أن يكون الصلح عن إنكار أم عن إقرار كما في صدر الشريعة
ورد عليه ابن كمال بقوله هذا الصلح لا تصح إضافته إلى الوكيل بخلاف الصلح عن إقرار فإنه تصح إضافته إلى كل منهما وقد عرفت اختلاف الإضافة في الموضعين فافترق الصلحان في الإضافة
قال العلامة أبو السعود قال الشيخ باكير في التقييد بكون الصلح عن إنكار نظر فإنه لا فرق في الصلح بين أن يكون عن إنكار أو عن إقرار في الإضافة فإن زيدا إذا ادعى على عمرو فوكل عمرو وكيلا على أن يصالح على مائة فإذا قال زيد صالحت عن دعوى الدار على عمرو بالمائة وقبل الوكيل هذا الصلح يتم الصلح سواء كان عن إقرار أو إنكار إلا أنه إذا كان عن إقرار يكون كالبيع فترجع الحقوق إلى الوكيل كما في البيع فتسليم بدل الصلح على الوكيل وإذا كان عن إنكار فهو فداء يمين في حق المدعى عليه فالوكيل سفير محض فلا ترجع إليه الحقوق
حموي
قلت هذا الذي ذكره الشيخ باكير هو عبارة صدر الشريعة وما اعترضه في الدرر رده عزمي زاده
ا هـ
قوله ( وهبة وتصدق ) قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى انظر ما حقوق الهبة والصدقة المتعلقة بالموكل
ا هـ
أقول لعلها عند استحقاق عين الهبة والصدقة والرجوع فيهما وليحرر
قوله ( وشركة ومضاربة ) يزاد الإبراء لأنه لا بد من إضافته إلى موكله فلو لم يضف إليه لم يصح كما ذكرنا
قوله ( تتعلق بموكله لا به ) قال في الدرر والسر فيه أن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن سبب لأنها من قبيل الإسقاطات والوكيل أجنبي عن الحكم فلا بد من إضافة العقد إلى الموكل ليكون الحكم مقارنا للسبب إلى آخر ما قدمناه
وفي البزازية وقبض المهر لها لا للوكيل
قوله ( لكونه فيها سفيرا محضا ) فإنه يضيفها إلى موكله فإنه يقول خالعك موكلي بكذا وكذا في أمثاله
ابن ملك
قال منلا على السفير حاك قول غيره
ومن حكى قول غيره لا يلزمه حكم ذلك القول هـ
والسفير الرسول والمصلح بين القوم
صحاح أي يظهر عن موكله عبارته فالعاقد هو الموكل بهذه العقود لا الوكيل ولذا لا يستغني
____________________
(7/294)
عن الإضافة إلى موكله ولذا غياه بقوله حتى لو أضافه لنفسه وقع النكاح له فالغايتان في الحقيقة لشيء واحد فقوله فيما تقدم حتى لو أضافه لنفسه لا يصح عند إمكان انصراف العقد إليه وقوله هنا حتى لو أضافه الخ عند الإمكان إذ يصح انصراف النكاح إليه
قوله ( فكان كالرسول ) أي في كونه سفيرا محضا في نوعي العقود لا بد أن يقول أرسلني إليك فلان بكذا فيضيفه إلى مرسله بلفظها فترجع الحقوق إلى مرسله لا إليه في النوعين
قال في البحر وشرطه الإضافة إلى مرسله بأن يقول إن مرسلي يقول بعت منك ونحوه
ا هـ
وقال في المنح وهذا لأن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن السبب لأنه إسقاط فيتلاشى فلا يتصور صدوره من شخص وثبوت حكمه لغيره فكان سفيرا ا هـ
قوله ( فلا مطالبة عليه في النكاح بمهر ) أي إذا كان وكيل الزوج
قوله ( وتسليم للزوجة ) أي إذا كان وكيلها ولا يلي قبض مهرها كما أن الوكيل بالخلع لا يلي قبض البدل ويصح ضمانه مهرها وتخير المرأة بين مطالبته أو الزوج فإذا أخذت من الوكيل لا ترجع على الزوج ولو ضمن وكيل الخلع البدل صح وإن لم تأمره المرأة بالضمان ولذا يرجع قبل الأداء
ا هـ
بحر
قوله ( وللمشتري الإباء عن دفع الثمن للموكل ) لكونه أجنبيا عن الحقوق لرجوعها إلى الوكيل أصالة
وقدمنا أحكام قبض الثمن وأنه لا فرق بين حضرة الوكيل الموكل وغيبته وإن وصى الوكيل ترجع الحقوق إليه بعد موته لا إلى الموكل فلو وكل الوكيل الموكل بقبض الثمن فله ذلك ولا يقدر على المنع
أفاده عزمي زاده
ولو دفع الموكل بالشراء الثمن إلى الوكيل فاستهلكه وهو معسر كان للبائع حبس المبيع ولا مطالبة له على الموكل فإن لم ينقد الموكل الثمن إلى البائع باع القاضي الجارية بالثمن إذا رضيا وإلا فلا
ا هـ
خزانة المفتين
قوله ( وإن دفع له صح ) لأن الثمن المقبوض حق الموكل وقد وصل إليه ولا فائدة في الأخذ منه ثم الدفع إليه
قوله ( لعدم الفائدة ) لأن المقبوض حقه وبرئت ذمة المشتري لوصول الثمن إلى مستحقه
عيني
قوله ( نعم تقع المقاصة بدين الوكيل لو وحده ) أي لو كان وكيل البيع وحده مديونا للمشتري وقع الثمن مقاصة بما عليه من الدين ويضمن الوكيل للموكل لأنه قضى دينه بمال الموكل وهذا عندهما
وقال أبو يوسف لا تقع المقاصة بدين الوكيل وهو مبني على جواز إبراء الوكيل بالبيع من الثمن فعندهما يجوز إبراؤه فتقع المقاصة وعنده لا يجوز فلا تقع ووجه البناء أن المقاصة إبراء بعوض فيعتبر بالإبراء بغير عوض ولو كان للمشتري دين على الموكل تقع المقاصة بمجرد العقد ولو كان له عليهما دين تقع المقاصة بدين الموكل دون دين الوكيل
ذكره في البحر تبعا للشمني
وبه يعلم قول الشارح لو وحده فتنبه ومل المقاصة في جانب الوكيل يقال فيما إذا باعه من دائنه بدينه فإنه يصح وبرىء وضمن الوكيل للموكل كما في الذخيرة
قوله ( ويضمنه ) أي الوكيل لموكله لأنه قضى دينه بمال الموكل وإن هلك المبيع في يده قبل تسليمه بطلت المقاصة ولا ضمان للموكل على الوكيل لأنه بالهلاك انفسخ البيع من أصله ولو أبرأ الوكيل والموكل المشتري عن الثمن معا برىء بإبراء الموكل
قوله ( بخلاف وكيل يتيم ) الجار متعلق بقول المتن فإن دفع له صح والمراد بوكيل اليتيم وصيه كما في العيني يعني لو دفع المشتري من الوصي الثمن لليتيم لا يصح لأنه لا يخرج عن العهدة بل يجب عليه الدفع للوصي ثانيا لأن اليتيم ليس له قبض ماله فكان الدفع إليه تضييعا فلا يعتد به
أبو السعود
قوله ( وصرف ) أي وكيل صرف يعني أن الوكيل بالصرف إذا صارف وقبض الموكل بدل الصرف يبطل الصرف لافتراق أحد العاقدين من غير قبض لأن التقابض فيه بمنزلة الإيجاب والقبول وهما يتعلقان بالمتعاقدين فكذا القبض فيه
ذكره الشمني
قوله ( مع مولاه ) متعلق
____________________
(7/295)
بقوله مأذون
قوله ( فلا يملك ) أي المولى قبض ديون لأنه أعلى منزلة من الوكيل لأنه يتصرف لنفسه والوكيل لغيره
قوله ( ما لم يكن عليه دين ) إلا قعد في التعبير أما إذا كان عليه دين الخ ويكون محترز قول المصنف لا دين عليه ط
قوله ( لأنه للغرماء ) أي لأن الحق فيما بيده والأولى التصريح به
قوله ( التوكيل بالاستقراض باطل ) وعليه الفتوى
قهستاني عن الخزانية
حتى لو وكل به فاستقرض كان له لا للموكل لأن البدل فيه لا يجب دينا في ذمة المستقرض بالعقد بل بالقبض والأمر بالقبض لا يصح لأنه ملك الغير بخلاف البيع فإن حكمه يثبت بالعقد فيقوم غيره مقامه فيه
والمذكور في الذخيرة ونحوه في الخانية أن المأمور بالاستقراض إن تصرف في عبارة نفسه بأن قال للمقرض أقرضني عشرة دراهم كان الاستقراض لنفسه لا للآمر فله أن يمنعا لعشر منه وإن تصرف في عبارة الآمر بأن قال مثلا إن فلانا استقرض منك عشرة دراهم فقبل القرض كانت العشرة للآمر لكن المأمور في هذه الصورة رسول لا وكيل والباطل الوكالة في الاستقراض دون الرسالة ط
وقدمنا الكلام عليه مستوفي فلا تغفل
قوله ( لا الرسالة ) أي فإنها غير باطلة لانتفاء تفويض التصرف فيها لأن الرسول سفير محض وقد مر أن التوكيل بالإقراض صحيح لأنه تفويض التصرف في ملكه
قوله ( والتوكيل بقبض القرض صحيح ) بأن يقول لرجل أقرضني ثم يوكل رجلا بقبضه
ا هـ
وفي هذه الصور منافاة لقوله في العبارة التي قبل هذه والأمر بالقبض لا يصح لأنه ملك الغير ط
وارجع إلى ما قدمناه
فرع التوكيل بالإقرار صحيح ولا يكون التوكيل به قبل الإقرار إقرارا من الموكل
وعن الطواويسي معناه أن يوكل بالخصومة ويقول خاصم فإذا رأيت لحوق مؤنة أو خوف عار علي فأقر بالمدعي يصح إقراره على الموكل
كذا في البزازية
وللشافعية فيها قولان أصحهما لا يصح
وقدم الشيخ يعني صاحب البحر في كتاب الشركة في الكلام على الشركة الفاسدة أنه لا يصح التوكيل في أخذ المباح وأنه باطل
رملي على البحر
والفرع سيأتي متنا في باب الوكالة بالخصومة والله تعالى أعلم واستغفر الله العظيم
باب الوكالة بالبيع والشراء أفردهما بباب على حدة وقدمهما على سائر الأبواب لكثرة أحكامهما وكثرة الاحتياج إليهما وقدم بحث الشراء لأنه ينبىء عن إثبات الحق والبيع ينبىء عن إزالته والإزالة بعد الإثبات
واعلم أن الوكيل بالشراء إذا اشترى نسيئة فحل بموته لا يحل على الآمر كما في منية المفتي
قوله ( الأصل أنها إن عممت ) بأن يقول ابتع ما رأيت جازت الوكالة لأنه فوض الأمر إلى رأيه فأي شيء اشتراه له يكون ممتثلا به
درر
وفي البحر عن البزازية ولو وكله بشراء أي ثوب شاء صح ولو قال اشتر لي الأثواب لم يذكره محمد رحمه الله تعالى
قيل يجوز وقيل لا
ولو أثوابا لا يجوز ولو ثيابا أو الدواب أو الثياب أو دواب يجوز وإن لم يقدر الثمن ا هـ
وفي حاشية الدر للمولى عبد الحليم وفرقوا بين ثيابا وأثوابا فقالوا الأول للجنس
____________________
(7/296)
لا كان الفرق نشأ من عرفهم
كذا في الكافي والخلاصة
والتحقيق فيه أنه ذكر الثياب ونحوها من ألفاظ العموم يصح التفويض إلى الوكيل بخلاف ثوب أو أثواب لا يظهر العموم فيها فيصير شائعا في جنسه متفاحش الجهالة فلا يصح كما في المقدسي ا هـ
قوله ( أو علمت ) أي بالشخص كأن قال هذا الشيء المعين أو بالنوع المحض وأراد به ما تقاربت آحاده وهو الذي عناه بقوله أو جهلت جهالة يسيرة الخ
مطلب الجهالة ثلاثة أنواع قوله ( أو جهلت جهالة يسيرة ) قال في الكفاية الأصل أن الجهالة ثلاثة أنواع فاحشة وهي جهالة الجنس كالتوكيل بشراء الثوب والدابة والرقيق وهي تمنع صحة الوكالة وإن بين الثمن
ويسيرة وهي جهالة النوع كالتوكيل بشراء الحمار والبغل والفرس والثوب الهروي والمروي فإنها لا تمنع صحة الوكالة وإن لم يبين الثمن
ومتوسطة وهي بين الجنس والنوع كالتوكيل بشراء عبد وشراء أمة أو دار فإن بين الثمن أو النوع تصح وتلحق بجهالة الجنس لأنه يمنع الامتثال
قوله ( وهي جهالة النوع المحض كفرس صحت ) احتراز بالمحض عما تردد بين الجنس والنوع كالعبد والدار ففيه التفصيل المتقدم والآتي
قوله ( وإن فاحشة وهي جهالة الجنس كدابة بطلت ) أي وإن بين الثمن والجنس عند الفقهاء وهو المقول على كثيرين مختلفين في الأحكام ولا شك أن الدابة في اللغة ما يدب على الأرض ويشمل المكلف والطاهر ونجس الغبن نجس السئر وما فيه الزكاة وما يحل بيعه إلى غير ذلك
وفي العرف ذوات الأربع وهو قريب منه فإذا جرى العرف على غير ذلك اتبع لأن المتكلم يقصد المتعارف عنده فالمدني إذا قال وكلتك بشراء دابة لا يقصد منها إلا الحمار فهو كما لو سماه وفي بعض معلومة من القطن في سوق معين بعد صلاة العصر فلو وكل أحدا ممن يتعاطاها أن يشتري له ثوبا لم ينصرف إلا لها وعلى هذا يقاس قوله وإن متوسطة وهي جهالة النوع الغير المحض وهو ما تفاوتت أفراده تفاوتا فاحشا كعبد ولذا لا يجري فيه الجبر على القسمة
قال في النهاية وحال هذا أن الجهالة لا تخلو ما إن كانت في المعقود عليه وهو المبيع والمشتري أو في المعقود به وهو الثمن فالجهالة بالمعقود عليه لا تخلو من ثلاثة أوجه جهالة فاحشة وهي ما كانت في الجنس مثل التوكيل بشراء الثوب والدابة والرقيق فلا يصح سواء سمي الثمن أو لم يسم لأن اسم الرقيق يتناول الذكر والأنثى وهما من بني آدم جنسان مختلفان حتى لو اشترى شخصا على أنه غلام فإذا هو جارية كان البيع باطلا وكذلك اسم الدابة يقع على ما يدب على وجه الأرض دليله قوله تعالى { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها } هود 6 وجهالة يسيرة وهي ما كنت في النوع المحض كالتوكيل بشراء شاة أو بقر أو فرس أو ثوب هروي أو جارية تركية أو هندية وهو صحيح بين الثمن أو لم يبين
وجهالة متوسطة بين منزلة الجنس والنوع كالتوكيل بشراء عبد أو جارية أو دار أو لؤلؤ فهذه الأشياء ملحقة بالجنس من وجه لأن اختلاف العبد والجواري أكثر من اختلاف سائر الأنواع وعادة الناس في ذلك مختلفة فإذا لم يسم الثمن أو الصفة ألحق بمجهول لجنس وإذا سمى الثمن أو الصفة بأن قال تركي أو هندي ألحق بمجهول النوع وهذا لأن العبيد جنس واحد باعتبار منفعة العمل أجناس مختلفة باعتبار منفعة الجمال وأن منفعة الجمال مطلوبة من بني آدم ولهذا يجعل رؤية الوجه من بني آدم كرؤية الكل في إسقاط خيار الرؤية
وفي هذه المنفعة يختلف التركي والهندي اختلافا
____________________
(7/297)
فاحشا فكان جنسا واحدا من وجه دون وجه فألحقناه بالجنس الواحد عند بيان الثمن والصفة والجنس المختلف إذ لم يبين أحدهما عملا بالشبهين ولنا جهالة جنس المعقود به لا تمنع صح التوكيل حتى أن من وكل ببيع عين من أعيان ماله جاز وإن لم يبين الثمن وجاز له أن يبيع بأي ثمن شاء عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن المعقود به اكتساب المالية والأجناس كله في المالية سواء فمن هذا الوجه اتحد الجنس ولا يختلف وأما المعقود عليه فالمالية كما هي مقصودة فمرافق أخر أيضا مقصودة كالسن والركوب وباعتبارها يختلف الجنس
فلم تجز الوكالة عند اختلاف الجنس كذلك ولهذا قلنا لا يشترط بيان الجنس ولا بيان النوع في المضاربة إذ المقصود بها اكتساب المالية والأنواع والأجناس سواء في اعتبار المالية
كذا ذكره الإمام المرغيناني والمحبوبي رحمهما الله تعالى
والأصل أن الجهالة اليسيرة تتحمل في الوكالة كجهالة الوصف استحسانا وإنما قيد بقولها استحسانا لأن القياس يأباه
فإن قلت قد ذكر في المبسوط وإن سمي الجنس والنوع ولم يبين الصفة جازت الوكالة سواء سمي الثمن أو لم يسم وهذا استحسان
وفي القياس لا يجوز ما لم يبين الصفة
وجه القياس أن التوكيل بالبيع والشراء معتبر بنفس البيع والشراء فلا يجوز إلا ببيان وصف المعقود عليه ألا ترى أنا نجعل الوكيل كالمشتري لنفسه ثم كالبائع من الموكل وفي ذلك الجهالة تمنع الصحة فكذا فيما اعتبر به
وكان بشر المريسي يأخذ بالقياس إلى أن نزل به ضيف فدفع دراهم إلى إنسان ليأتي بالرؤوس المشوية فجعل يصفها له فعجز عن إعلامه بالصفة فقال اصنع ما بدا لك فذهب الرجل واشترى الرؤوس وحملها إلى عياله وعاد إلى بشر بعد ما أكلها فقال له أين مما قلت لك قال ما قلت لي اصنع ما بدا لك وقد بدا لي ما فعلت فرجع عن قوله وأخذ بالاستحسان
وجه الاستحسان ما روي عن النبي أنه دفع دينارا إلى حكيم بن حزام وأمره أن يشتري شاة للأضحية ولم يبين صفتها وأيضا فإن وجه الاستحسان ما ذكره أن مبني التوكيل على التوسعة لأنه استعانة وفي اشتراط عدم الجهالة اليسيرة حرج فلو اعتبرناه لكان ما فرضناه توسعة ضيقا وحرجا وذلك خلف باطل فلا بد من بيان الجهالة اليسيرة وغيرها ليتميز ما يفسد الوكالة عما لا يفسدها
فنقول إذا كان اللفظ يجمع أجناسا كالدابة والثوب أو ما هو في معنى الأجناس كالدار والرقيق على ما يجيء في الكتاب المولد فإنه راد
وذكر في المغرب المولدة التي ولدت ببلاد الإسلام والسط مع الوسط كالعدة والوعد والعظة في أن التاء عوضت في آخرها عن الواو الساقط من أولها في المصدر والفعل من حد ضرب
ومن قال لآخر اشتر لي ثوبا أو دارا أو دابة فالوكالة باطلة أي وإن بين الثمن وقد ذكرنا ولما بطلت الوكالة كان الشراء واقعا على الوكيل وبه صرح في نسخ الجامع الصغير فقال رجل أمر رجلا أن يشتري له ثوبا أو دابة فاشترى فهو مشتر لنفسه والوكالة باطلة
وكذا الدار أي لا يصح التوكيل بشراء الدار مطلقا
وذكر الإمام قاضيخان رحمه الله تعالى في الجامع الصغير والدار أيضا من الجنس والنوع لأنها تختلف بقلة المرافق وكثرتها فإن بين الثمن يلحق بجهالة النوع وإن لم يبين يلحق بجهالة الجنس وعلى تقرير المتأخرين يشترط المحلة لأنها تختلف باختلاف المحال ولما سمي من الثمن توجد الدار في كل محلة
وكذا لو قال اشتر لي
____________________
(7/298)
حنطة لا يصح ما لم يبين عدد القفزان أو الثمن لأن هذا الاسم يتناول القليل والكثير وإن سمي ثمن الدار ووصف جنس الدار والثوب جاز معناه في نوعه ويعيده بذكر نوع الدار مخالف لرواية المبسوط فقال فيه وإن وكله بأن يشتري له دارا ولم يسم ثمنا لم يجز ذلك على الآمر ثم قال وإن سمي الثمن جاز لأن تسمية الثمن تصير معلومة عادة وإن بقيت جهالة فهي يسيرة مستدركة والمتأخرون من مشايخنا يقولون في ديارنا لا يجوز إلا ببيان المحلة وكذا إذا سمي نوع الدابة بأن قال حمار يصح التوكيل بشراء الحمار وإن لم يسم الثمن لأن الجنس صار معلوما بالتسمية وإنما بقيت الجهالة في الوصف فتصح الوكالة بدون تسمية الثمن وإن كانت الحمير أنواعا منها للركوب ومنها للحمل فإن هذا اختلاف الوصف وذلك لا يضر مع أن ذلك يصير معلوما بمعرفة حال الموكل ا هـ فا في النهاية
ولتراجع نسخة أخرى لأن النسخة التي بيدي محرفة جدا
قوله ( كعبد ) في الجوهر الشاة مثله لأن النبي أعطى عروة دينارا وأمره أن يشتري له شاة فذكر الجنس والثمن وإن قال اشتر شاة أو عبدا ولم يذكر ثمنا ولا صفة فالوكالة باطلة لأن اختلاف العبيد والجواري أكثر من اختلاف سائر الأنواع وعادة الناس في ذلك مختلفة فكانت بين الجنس والنوع
قوله ( فإن بين الثمن الخ ) لأن بتقدير الثمن يصير النوع معلوما أطلقه فشمل ما إذا كان الثمن مخصصا نوعا أو لا وبه اندفع ما في الجوهرة حيث قال وهذا إذا لم يوجد بهذا الثمن من كل نوع أما إذا وجد لا يجوز عند بعض المشايخ انتهى
أقول جزم منلا خسرو في متنه الغرر حيث قال فإن بين النوع أو ثمن عين نوعا صحت وإلا لا انتهى
ومثله في غرر الأفكار مختصر النهاية لكن قال القهستاني في شرحها والأحسن ترك الصفة يعني الثمن بقوله عين نوعا فإن النوع صار معلوما بمجرد تقدير الثمن كما في الهداية
وعن أبي يوسف أنه ينصرف إلى مثل ما يليق بحال الموكل اه
مؤيدا لها
قلت ولا شك أن الخمسين مثلا يوجد بها من الحبشي والهندي وغيرهما اه
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يبين الثمن أو الصفة لا يصح
قوله ( وكله بشراء ثوب هروي ) منسوب إلى هراة مدينة بخراسان فتحت زمن عثمان رضي الله عنه
قال الإتقاني فإن قال اشتر ثوبا هرويا ولم يسم الثمن فهو جائز إذا اشتراه بما يشتري مثله أو زاد على ذلك بما يتغابن الناس في مثله وكذلك كل جنس سماه من الثياب فإن سمى له ثمنا فزادا على ذلك الثمن لم يلزم الآمر وإن نقص من ذلك الثمن لم يلزم الآمر فإن وصف له صف وسمى له ثمنا فاشترى له تلك الصفة بأقل من ذلك الثمن جاز ذلك علة الآمر اه
والأصل فيه أنه إذا بين الموكل به بجنسه ونوعه ووصفه تصح الوكالة به لا محالة وإن ترك جميع ذلك وذكر لفظا يدل على أجناس مختلفة فذلك مجهول فلم تصح الوكالة أصلا لتمام الجهل وإن بين الجنس وذكر لفظا يدل على أنواع مختلفة فإن ضم إليه بيان النوع أو الثمن صحت الوكالة وإلا فلا وإن بين النوع ولم يبين الوصف كالجودة وغيرها فكذلك أي تصح الوكالة
كذا في العناية والمقدسي
قوله ( أو فرس أو بغل ) قيد بهما للاختلاف في الشاة كما تقدم فمنهم من جعلها من هذا القبيل أي الجهالة الفاحشة ومنهم من جعلها من قبيل المتوسطة
قوله ( صح بما يتحمله حال الآمر ) حتى لو أن عاميا وكله بشراء فرس فاشترى فرسا يليق بالملوك
____________________
(7/299)
لزم الوكيل
قال الإتقاني وإنما جعل جهالة النوع عفوا لأن التفاوت بين النوع والنوع يسير فلا يمنع الامتثال لكن تنصرف الوكالة إلى ما يليق بحال الموكل اه
قوله ( زيلعى فراجعه ) عبارته لأن الوكيل قادر على تحصيل مقوصد الموكل بأن ينظر في حاله ح
وفي الكفاية فإن قيل الحمير أنواع منه ما يصلح لركوب العظماء ومنها ما لا يصلح إلا ليحمل عليه
قلنا هذا اختلاف الوصف مع أن ذلك يصير معلوما معرفة حال الموكل حتى قالوا إن القارىء إذا أمر إنسانا بأن يشتري له حمارا ينصرف إلى ما يركب مثله حتى لو اشتراه مقطوع الذنب أو الأذنين لا يجوز عليه
قوله ( لأنه من القسم الأول ) أي مما فيه جهالة يسيرة وهي جهالة النوع المحض لأنه ببيان الصفة صارت يسيرة وإن لم يسم ثمنا
قوله ( وبشراء داره ) جعل الدار كالعبد تبعا للكنز موافقا لقاضيخان لكنه شرط مع بيان الثمن بيان المحلة كما في فتاواة مخالفا للهداية فإنه جعلها كالثوب من الجهالة الفاحشة لأنها تختلف باختلاف الأغراض والجيران والمرافق والمحال والبلدان ولذا تزوج على دار لم تكن تسمية صحيحة
وذكر في المعراج أنه مخالف لرواية المبسوط
قال والمتأخرون قالوا في ديارنا لا يجوز إلا ببيان المحال
ووفق في البحر بحمل ما في الهداية على ما إذا كانت تختلف في تلك الديار اختلافا فاحشا وكلام غيره على ما إذا كانت لا تتفاحش
قوله ( يخصص نوعا أولا ) بأن كان يوجد بهذا الثمن أنواع وقصد به الرد على ما في الجوهرة على ما مر وعبارة المقدسي الأولى أن يقول كما قال في البحر أطلقه فشمل إذا ما كان الثمن يخصص نوعا أو لا ثم قال وبه اندفع ما في الجوهرة حيث قال وهذا إذا لم يوجد بهذا الثمن من كل نوع أما إذا وجد لم يجز عند بعض المشايخ
وفي الكافي لو قال اشتر لي بألف درهم ثيابا أو دواب أو شيئا أو ما شئت أو ما رأيت أو أدنى شيء حضرك أو ما يوجد ما ما يتفق صح لأن التعميم دلالة التفويض إلى رأيه وكذا لو قال اشتر لي بألف وبع أو اجعل ألفا من مالك بضاعة لأنه تفويض وكذا لفظ البضاعة يدل على التعميم
قوله ( زاد في البزازية أو قدرا ) أي في مكيل تتفاوت أفراده
قال في البحر والحنطة من هذا القبيل وبيان المقدار كبيان الثمن كما في البزازية والخانية وأراد التفاوت في القلة والكثرة ولذا تزول ببيان القدر وهو الكيل في المكيلات والوزن في الموزونات فلو قال اشتر لي حنطة لا يصح ما لم يبين القدر فيقول كذا قفيزا ويتعين البلد الذي فيه كما في البزازية
قوله ( وإلا يسم ذلك ) أي ما ذكر من الثمن والنوع والقدر
قوله ( وهي ) أي جهالة الجنس
قوله ( لا يصح وإن سمى ثمنا للجهالة الفاحشة ) فإن الدابة لغة اسم لما يدب على وجه الأرض وعرفا للخيل والبغل والحمار فقد جمع أجناسا وكذا الثوب لأنه يتناول الملبوس من الأطلس إلى الكساء ولهذا لا يصح تسميته مهرا كما تقدم وإذا اشترى الوكيل وقع الشراء له كما قدمناه عن النهاية
وسيأتي متنا في هذا الباب لو وكله بشراء شيء بغير عينه فالشراء للوكيل إلا إذا نواه للموكل أو شراه بماله أي مال الموكل والظاهر أنه مقيد بما إذا سمى ثمنا أو نوعا
تأمل
ويكون قوله بغير عينه مقابلا لما سمى عينه بعد بيان الجنس
____________________
(7/300)
قال في البحر قيد بالمنكر لأنه لو كان معينا لا يحتاج إلى تسمية الجنس والصفة وأشار بثوب إلى أن ثيابا كذلك لوجود جهالة الجنس ا هـ
لكنه مخالف لما سيذكره أي صاحب البحر عن البزازية من أنه لو قال أثوابا لا يجوز ولو ثيابا يجوز
وفي حاشية مسكين ولو وكله بشراء ثياب صح وبشراء أثواب لا لأن ثيابا يراد به الجنس مفوضا إلى الوكيل لدلالته على العموم لكونه جمع كثرة بخلاف أثواب خلافا لما في البحر مقدسي
ا هـ
لأنه عكس الحكم
وفي التاترخانية عن العتابية ولو قال اشتر لي شيئا لو ثوبا لم يصح لأنه مجهولا جدا إلا إذ وجد دلالة التفويض وهو التعميم بأن قال ثيابا أو الثياب أو الدواب يجوز بتناول أدنى ما ينطلق عليه الاسم وإذا قال اشتر بها شيئا أو ثوبا أو أثوابا أو قال ما أريده أو أحتاج إليه لا يصح بخلاف اشتر لي ما اتفق لك أو شئت أو ما اشتريت فهو لي
قوله ( للجهالة الفاحشة ) هذا هو القسم الثالث منها
قوله ( وبين قدره أو دفع ثمنه ) فلو قال اشتر لي طعاما أي من غير دفع ثمن ولا بيان مقدار لم يجز على الآمر
أفاده صاحب البحر
قوله ( وقع في عرفنا على المعتاد الخ ) هذه عبارة البزازية وفي عرف الكوفة إلى البر ودقيقه وهو الاستحسان والقياس أن يتناول كل مطعوم لإطلاق الاسم واعتبارا للحقيقة كما في اليمين على الأكل إذا الطعام اسم لما يطعم
قال في النهر الطعام يعم ما يؤكل على وجه التطعم كجبن وفاكهة لكن في عرفنا لا
ا هـ
وجه الاستحسان أن العرف أملك وهو على ما ذكرناه إذا ذكر مقرونا بالبيع والشراء ولا عرف في الأكل فبقي على الوضع أطلقه فشمل ما إذا كثرت الدراهم أو قلت
وقيل ينظر إليها فإن كانت كثيرة فعلى البر وإن كانت قليلة فعلى الخبز وإن كانت بين الأمرين فعلى الدقيق
والفارق العرف ويعرف بالاجتهاد حتى إذا عرف أنه بالكثير من الدراهم يريد به الخبز بأن كان عنده وليمة يتخذها هو جاز له أن يشتري الخبز له
وقال بعض مشايخ ما وراء النهر
في عرفنا ينصرف إلى ما يمكن أكله يعني المعتاد للأكل كاللحم المطبوخ والمشوي أي ما يمكن أكله من غير إدام دون الحنطة والخبز
قال في الذخيرة وعليه الفتوى ا هـ
وهذا هو الذي عول عليه الماتن رحمه الله تعالى
قوله ( اعتبارا للعرف ) أقول ما ذكره بناء على ما قاله في الكنز من أنه على البر ودقيقه كما عرفت أما ما اختاره هنا من أنه يقع على ما اعتاده للأكل كلحم مطبوخ ومشوي فلا يلائم قوله فيما تقدم بين قدره لأنه لا مقدار له حينئذ لأن المقدار هو الكيل والوزن ولا يجري فيما تؤثر فيه النار لعدم انضباطه به لاختلاف مقدار استوائه ونضجه بالطبخ والشي بل يصير قيميا يعرف بدفع الثمن أو تسميته على أن في عرفنا الآن لا يطلق الطعام على المشوي بل يعتبر العرف وحال الموكل فإن التخاطب على حسب ذلك فإذا تعورف شراء الطعام مطبوخا وأعطاه ثمنا يليق بحاله أو يقاربه يشتري له ذلك وإن أعطاه مالا كثيرا ينبغي أن يقسطه على حسب حاله إلا أن يكون متخذا وليمة تقضي مثل ذلك وإن كان العرف على البر والدقيق والخبز صرف الكثير إلى البر والمتوسط إلى الدقيق والقليل إلى الخبز إلا إن اتضى الحال خلافه وهذا كله إذا دفع إليه دراهم وقال اشتر لي طعاما أما إذا لم يدفع دراهم وقال اشتر لي طعاما لم يجز على الآمر لأنه لم يبين له مقدارا وجهالة القدر في المكيلات والموزونات كجهالة الجنس من حيث إن الوكيل لا يقدر على محصول تحصيل الآمر بما يسمى له
____________________
(7/301)
والحاصل أن الطعام قيل هو اسم للبر ودقيقه وقيل هو اسم لكل مطعوم وقيل بالتفصيل والأول عرف أهل الكوفة وجرى عليه في الكنز كما عرفت والثاني عرف غيرهم وعليه المصنف والثالث ذكره في الوقاية
لكن قال صدر الشريعة ينبغي أن تكون باطلة إن قلنا إن الطعام يقع على كل ما يطعم فتكون جهالة جنسه فاحشة
وجوابه أنه يدفع الثمن وبيان المقدار يعلم النوع فتنتفي جهالة الجنس والله تعالى أعلم
وأقول أن هذه المسألة غير محررة تأليفا وفقها وتحريرها أن يقال إذا قرن الطعام بالبيع والشراء ينظر إلى عرف الوكيل فإن كن البر فقط فلا بد من بيان القدر أو الثمن وإن كان الطعام في عرفه كما في الخانية أنه اللحم المطبوخ والمشوي وما يؤكل مع الخبز أو وحده فيظهر لي أنه من جهالة الجنس فلا يصح التوكيل بين ثمنا أو لا نظير الثوب والدابة إلا أن يقول اشتر من الطعام الذي يعجبك كما يستفاد من الهداية ولما في المقدسي قال اشتر لي أي ثوب شئت فإن قلت تقدم صحة التوكيل بشراء الثياب بألف
قلت ليست الصحة لأجل ذكر الثمن بل لأجل أن المراد الجنس لكن لا كله لاستحالته بل ما تيسر منه ولعل هذا من قبيل إذا ضاق الأمر اتسع وإلا فما المانع من إرادة الجنس فيما لو وكله بشراء ثوب
تنبيه قال اشتر لي بهذه الدراهم وأشار إلى دنانير كان وكيلا بالدنانير حتى لو اشترى بالدراهم كان مشتريا لنفسه
تنبيه آخر أطلق الدراهم فشملت القليل وهي من الواحد إلى الثلاثة والمتوسطة وهي من الثلاثة إلى الخمسة والكثيرة وهي العشرة وما فوقها كما في الكافي والتبيين
قوله ( كما في اليمين ) أي فإنه يعتبر فيه العرف أي فإن ألفاظ الوكالة كألفاظ اليمين تبنى على العرف كما قدم في باب اليمين في الأكل
قوله ( كل مطعوم ) لأن الوصية أخت الميراث فكما يكون في كل متروك تكون الوصية لزيد بطعام الموصى بكل مطعوم
قوله ( ولو دواء الخ ) هذا إنما ذكره البزازي في الأيمان لا في الوصية
قال في البحر ومن أيمانها لا يأكل طعام فأكل دواء ليس بطعام ولا غذاء كالسقمونيا لا يحنث ولو به حلاوة كالسكنجبين يحنث انتهى
فليتأمل
ولعل الشارح قصد بذلك للتنبيه على أن الوصية في حكم اليمين والسكنجبين خل وعسل
قوله ( به حلاوة ) كأنه محمول على ما إذا خصه العرف بذلك
بقي هل يعم المأكول والمشروب أو يخص الأول جعل السكنجبين منه يقتضي الأول
قوله ( وللوكيل للرد بالعجيب ) أطلقه فشمل ما إذا كان رده بإذن الموكل أو بغير إذنه لأنه من حقوق العقد وكلها إليه وأشار إلى أنه لو رضي بالعيب فإنه يلزمه ثم الموكل إن شاء قبله وإن شاء ألزم الوكيل وقبل أن يلزم الوكيل لو هلك يهلك من مال الموكل
كذا في البزازية
قوله ( بعد موته أي موت الوكيل ) أشار المصنف إلى أن الرد عليه لو كان وكيلا بالبيع فوجد المشتري بالمبيع عيبا ما دام الوكيل حيا عاقلا من أهل لزوم العهدة فإن كان محجورا يرد على الموكل وإلى أن الموكل أجنبي في الخصومة بالعيب فلو أقر به الموكل وأنكره الوكيل لم يلزمهما شيء
بخلاف عكسه فإنه يلزم الوكيل لا الموكل إلا أن يكون عيبا لا يحدث مثله في تلك المدة للقطع بقيام العيب عند الموكل وإن أمكن حدوث مثله في المدة لا يرده على الموكل إلا ببرهان وإلا يحلفه فإن نكل رده وإلا لزم الوكيل
بحر عن البزازية
قوله ( فلموكله ذلك ) تقدم أنه ينصب القاضي وصيا يأخذ الثمن ويدفعه للموكل وينبغي أن يكون هنا كذلك
قوله ( وكذا الوكيل بالبيع ) أي فإنه يرد عليه ما دام الوكيل حيا عاقلا من أهل لزوم العهدة إلى آخر ما تقدم وعلى وارثه
____________________
(7/302)
أو وصيه وإن لم يكن فعلى الموكل وعلى ما مر ينصب القاضي وصيا ويرد عليه
قوله ( وهذا الخ ) أي في مسألة المتن إنما يرد الوكيل بالعيب إذا لم يسلمه إلى موكله ولا حاجة إليه مع قول الماتن ما دام المبيع في يده
قوله ( فلو سلمه ) أي الوكيل
قوله ( امتنع ) أي على الوكيل رده
قوله ( لانتهاء الوكالة بالتسليم ) أي إلى الموكل ولأن فيه إبطال يده الحقيقية فلا يتمكن منه إلا بإذنه ولهذا كان خصما لمن يدعى في المشتري دعة كالشفيع وغيره قبل التسليم إلى الموكل لا بعده
وفي جامع الفصولين الوكيل إذا قبض الثمن لا يملك الإقالة إجماعا
ا هـ
منح
قوله ( باع فاسدا ) قال في المنح قيد بالعيب لأنه لو وكله ببيع متاعه فباعه بيعا فاسدا وسلمه وقبض الثمن وسلمه إلى الموكل فله أن يفسخ البيع ويسترد الثمن من الموكل بغير رضاه لحق الشرع
كذا في القنية
قوله ( مطلقا ) أي ولو سلم المبيع إلى المشتري ولو دفع الثمن إلى الموكيل فله الفسخ بغير إذن الموكل ويسترد الثمن منه بغير رضاه
قوله ( قنية ) عبارتها ما قدمناه عن المنح
قوله ( وللوكيل ) أي بالشراء
قوله ( حبس المبيع ) أي الذي اشتراه للموكل
قوله ( بثمن دفعه الوكيل من ماله ) وإن لم يكن الدفع بأمره به صريحا فليس بمتبرع لأن الحقوق لما كانت راجعة إليه وقد علمه الموكل فيكون راضيا بدفعه من ماله
قوله ( أو لا ) أي لم يدفعه أصلا أو دفعه لا من ماله
قوله ( بالأولى ) متعلق بقوله أو لا ووجه الأولوية أنه مع الدفع ربما يتوهم أنه متبرع بدفع الثمن فلا يحبسه فأفاد بالحبس أنه ليس بمتبرع وإن له الرجوع على موكله بما دفعه فكيف إذا لم يدفع أصلا فله الحبس بالأولى ولأنه انعقدت بينهما مبادلة حكمية ولهذا لو اختلفا في الثمن يتحالفان
وفي وصايا الخانية الوصي إذا نفذ الوصية من مال نفسه له أن يرجع في تركة الميت على كل حال أي سواء كانت الوصية للعبد أو لم تكن وعليه الفتوى
وفي الخلاصة الوكيل بالشراء إذا اشترى ما أمر به ثم أنفق الدراهم بعد ما سلم إلى الآمر ثم نقد البائع غيرها جاز ولو اشترى بدنانير غيرها ثم نقد دنانير الموكل فالشراء للوكيل وضمن للموكل دنانيره للتعدي
وفي الخانية الوكيل بالشراء إذا لم يكن أخذ الثمن من الموكل يطالب بتسليم الثمن من مال نفسه والوكيل بالبيع لا يطالب بأداء الثمن من مال نفسه
وفي البحر عن كفالة الخانية لو ادعى الوكيل بالشراء دفع الثمن من ماله وصدقه الموكل وكذبه البائع لم يرجع الوكيل على الموكل ا هـ
لكن قال الرملي تصديق الموكل ليس بقيد لأنه لو كذبه فبالأولى عدم الرجوع
وعبارة الخانية رجل عليه ألف لرجل فأمر المديون رجلا أن يقضي الطالب الألف التي له عليه فقال المأمور قضيت وصدقه الآمر وكذبه صاحب الدين لا يرجع المأمور على الآمر لأن المأمور بقضاء الدين وكيل بشراء ما في ذمته فإذ لم يسلم له ما في ذمته ويرجع المأمور على الآمر كالوكيل بشراء العين إذا قال اشتريت ونقدت الثمن من مال نفسي وصدقه الموكل وكذبه البائع لا يرجع الوكيل على الموكل فإن أقام المأمور بينة على قضاء الدين قبلت بينته ويرجع المأمور على الآمر ويبرأ الآمر عن دين الطالب
ا هـ
ولا يخفى أن معنى قوله لا يرجع الوكيل على الموكل لا يرجع بما ضاع عليه بجحود البائع وإلا فالثمن الذي وجب له بالعقد الحكمي يطالبه به بلا شبهة لأن الوكيل بالشراء ينزل منزلة البائع من الموكل ولذلك يتحالفان إذا اختلفا في الثمن ويفسخ العقد الذي جرى بينهما حكما كما سيأتي فافهم
قوله ( لأنه كالبائع ) تعليل للحبس لا للأولوية هذا إذا كان الثمن حالا فإن اشتراه بثمن مؤجل تأجل في حق الموكل أيضا
____________________
(7/303)
قال في جامع الفصولين من السابع والعشرين فظ الوكيل لو لم يقبض ثمنه حتى لقي الآمر فقال بعت ثوبك لفلان فأنا أقضيك عنه ثمنه فهو متطوع ولا يرجع على المشتري ولو قال أقضيكه على أن يكون المال الذي على المشتري لم يجز ورجع الوكيل على موكله بما دفع عدة
تتمة بياع عنده بضائع لناس أمروه ببيعها فباعها بثمن مسمى فعجل الثمن من ماله لأصحابها على أن أثمانها له إذا قبضها فأفلس المشتري فللبائع أن يسترد ما دفع لأصحاب البضائع
حموي
قوله ( ولو اشتراه الوكيل بنقد ) أي بثمن حال فلو بمؤجل تأجل في حق الموكل أيضا فليس للوكيل طلبه حالا
بحر
قوله ( المطالبة به حالا ) فالحاصل أن العبرة لما وقع عليه العقد
قوله ( وهي الحيلة ) أي لحلوله على الموكل دون الوكيل
قوله ( ولو وهبه ) أي وهب البائع للوكيل
قوله ( كل الثمن ) أي جملة واحدة أما لو وهب له نصفه ثم وهب له النصف الآخر لا يرجع الوكيل على الآمر إلا بالخمسمائة الأخرى لأن الأول حط والثاني هبة
قال في البحر ولو وهبه خمسمائة ثم الخمسمائة الباقية لم يرجع الوكيل على الآخر إلا بالأخرى لأن الأولى حط والثاني هبة
قوله ( رجع ) أي الوكيل على الآمر
قوله ( بالباقي ) أي بالخمسمائة الأخرى كما في مسألتنا
قوله ( لأنه ) أي لأن الأولى
قوله ( حط ) أي والثانية هبة وهذه المسألة مبنية على ما تقدم في البيوع أن هبة بعض الثمن حط لا هبة كله لأن الحط يلتحق بأصل البيع وفي حط البعض يبقى البيع بالباقي فيرجع به على موكله هنا ولو جعل هبة الكل حطا لصار بيعا بلا ثمن فيفسد بها لبيع فلذلك جعل هبة مبتدأة للوكيل فيرجع على الموكل بالثمن للمعقود عليه كله فلو وهبه إياه بدفعتين أو أكثر كان ما قبل الأخير حطا وكانت الهبة الأخيرة مبتدأة فيرجع على الموكل بقدرها فقط
قوله ( هلك المبيع من يده قبل حبسه ) ولو هلك الثمن في يده فمن مال الآمر وإن اشترى ثم نقده الموكل فهلك الثمن قبل دفعه إلى البائع عند الوكيل يهلك من مال الوكيل
وفي الخانية رجل دفع إلى رجل ألف درهم وأمره أن يشتري له بها عبدا فوضع الوكيل الدراهم في منزله وخرج إلى السوق واشترى له عبدا بألف درهم وجاء بالعبد إلى منزله فأراد أن يدفع الدراهم إلى البائع فإذا الدراهم قد سرقت وهلك العبد في منزله فجاء البائع وطلب منه الثمن وجاء الموكل يطلب منه العبد كيف يفعل قالوا يأخذ الوكيل من الموكل ألف درهم ويدفعها إلى البائع والعبد والدراهم هلكا على الأمانة في يده
قال الفقيه أبو الليث هذا إذا علم بشهادة الشهود أنه اشترى العبد وهلك في يده أما إذا لم يعلم ذلك إلا بقوله فإنه يصدق في نفي الضمان عن نفسه
ا هـ
قوله ( ولم يسقط الثمن ) كان الأولى ولم يسقط الثمن عنه
قوله ( لأن يده كيده ) أي لأن الوكيل عامل له فيصير الموكل قابضا بقبضه حكما
قوله ( ولو هلك بعد حبسه ) قيد بالهلاك لأنه لو ذهبت عينه عنده بعد حبسه لم يسقط شيء من الثمن لأنه وصف والأوصاف لا يقابلها شيء لكن يخير الموكل إن شاء أخذه بكل الثمن وإن شاء تركه
قوله ( فهو كمبيع ) هلك في يد البائع والبائع إذا حبس المبيع لاستيفاء الثمن يسقط بهلاكه فكذا هنا ولا رجوع للوكيل سواء تساوت قيمته مع ثمنه أو تفاوتا
____________________
(7/304)
ولو كان وكيلا بالاستئجار وقبض الوكيل الدار ليس له أن يحبسها على الموكل بالأجرة ولو شرط تعجيلها فإن حبسها حتى مضت المدة فقيل الأجر على الوكيل ويرجع على الموكل وقيل يسقط عن الموكل
قوله ( وعند الثاني كرهن ) أي فيهلك بأقل من قيمته ومن الثمن لأنه مضمون بالحبس للاستيفاء بعد إن لم يكن وهو الرهن بعينه فيهلك بالأقل من قيمته ومن الثمن حتى لو كان الثمن أكثر من قيمته رجع الوكيل بذلك الفضل على موكله
وعند زفر يضمن جميع قيمته لأنه كغصب فإن كان الثمن مساويا لقيمته فلا اختلاف وإن كان الثمن عشرة والقيمة خمسة عشر فعند زفر يضمن خمسة عشر لكن يرجع الموكل إلى الوكيل بخمسة
وعند الباقين يضمن عشرة
وإن كان بالعكس فعند زفر يضمن عشر ويطلب الخمسة من الموكل وكذا عند أبي يوسف لأن الرهن يضمن بالأقل من قيمته والدين
وعند محمد يكون مضمونا بالثمن وهو خمسة عشر
ابن كمال
والحاصل أن المبيع يكون مضمونا ضمان المبيع عندهما وهو سقوط الثمن أقل أو أكثر من القيمة وضمان الرهن عند أبي يوسف وهو مضمون بالأقل من قيمته ومن الثمن وضمان الغصب عند زفر وهو مضمون بالمثل لو مثليا وبالقيمة لو قيميا بالغة ما بلغت
وباقي التفصيل في صدر الشريعة وغيره
وبعض الشارحين رجحوا هنا قول أبي يوسف واختار صاحب الدرر قولهما كالمصنف حيث لم يتعارضا للاختلاف كما لا يخفى
قوله ( كما اعتمده المصنف الخ ) قال العيني قال في النهاية هذا إذا كان الموكل غائبا عن مجلس العقد أما إذا كان حاضرا يصير كأن الموكل صارف بنفسه فلا تعتبر مفارقة الوكيل وعزاه إلى خواهر زاده
قال الشارح هذا مشكل فإن الوكيل أصيل في البيع حضر الموكل العقد أو لم يحضر
قلت هذا ليس بمشكل فإن الوكيل نائب عنه فإذا حضر الأصل فلا يعتبر النائب
قال المصنف وانتظم كلامه ما إذا كان الموكل حاضرا أو غائبا
قال شيخنا في بحره بعد أن ذكر ما قدمناه من عدم الفرق بين حضور الموكل وغيره وما في النهاية ضعيف لكون الوكيل أصيلا في الحقوق في البيع مطلقا ا هـ
ففي قوله أصلا الخ رد لقول العيني فإن الوكيل نائب عنه
تأمل
ويأتي تمامه في المقولة الثانية
قوله ( خلافا للعيني وابن ملك ) أي والحدادي نقلا عن المستصفى ومشى عليه في درر البحار وعزاه صاحب النهاية إلى الإمام خواهر زاده واستشكله الزيلعي وصاحب العناية بأن الوكيل أصيل في باب البيع حضر الموكل العقد أو لم يحضر
وقال الزيلعي وإطلاق المبسوط وسائر الكتب دليل على أن مفارقة الموكل لا تعتبر أصلا ولو كان حاضرا وهذا منشأ ما مشى عليه المصنف تبعا للبحر لكن أجاب العيني عن الإشكال بأن الوكيل نائب فإذا حضر الأصيل فلا يعتبر النائب ا هـ
وتعقبه الحموي بأن الوكيل نائب في أصل العقد أصيل في الحقوق وحينئذ فلا اعتبار بحضرة الموكل ومما يتضح به تزييف جواب العيني ما ذكره هو نفسه عند قول المصنف وللمشتري منع الموكل عن الثمن من أن الموكل أجنبي عن العقد وحقوقه لأنها تتعلق بالعاقد على ما بينا
كذا أفاده أبو السعود وذكر في الحواشي السعدية أنه توارد مع الزيلعي في هذا الإشكال ثم نقل عبارة الزيلعي وقال وعليك بالتأمل وبه علمت أن ما ذكره الشارح أي العيني في غير محله
____________________
(7/305)
أقول وبالله التوفيق الذي يقطع عرق الإشكال من أصله ما قدمه الشارح عن الجوهرة والمصنف في منحه من أن المعتمد أن العهدة على آخذ الثمن لا العاقل لو حضرا في أصح الأقاويل وما ذكره العيني مبني على القول الآخر من أنه لا عبرة بحضرته وهو ما مشى عليه في المتن سابقا فتنبه
قوله ( ولو صبيا ) أتي بالمبالغة لأنه محل توهم حيث لا ترجع الحقوق إليه
قال المصنف والمستحق بالعقد قبض العاقد وهو الوكيل فيصح قبضه وإن كان لا تتعلق به الحقوق كالصبي والعبد المحجور عليه ولذا أطلقه في المختصر تبعا للكنز وغيره
قوله ( فيبطل العقد ) تفريع على الأصل المذكور
كذا قاله صاحب الهداية والكافي وسائر المتأخرين
درر
قوله ( بمفارقة صاحبه ) أي مفارقة الوكيل صاحبه وهو العاقد منح
قوله ( والمراد بالسلم الإسلام ) بأن يوكل رب السلم شخصا يدفع رأس السلم إلى المسلم فيه
قوله ( لا قبول السلم ) بأن يوكل المسلم إليه من يقبض له رأس مال السلم لأن الوكيل إذا قبض رأس المال بقي المسلم فيه في ذمته وهو مبيع ورأس المال ثمنه وقد وكل في قبضه ولا يجو أن يبيع الإنسان ماله بشرط أن يكون الثمن لغيره كما في بيع العين وإذا بطل التوكيل كان الوكيل عاقدا لنفسه فيجب المسلم فيه في ذمته ورأس المال مملوك له وإذا أسلمه إلى الآمر على وجه التمليك منه كان قرضا
ا هـ
نعم يجوز توكيل المسلم إليه بدفع المسلم في
قوله ( لأنه لا يجوز ) نقله في البحر عن الجوهرة وعبارتها بأن وكله يقبل له السلم وعبارة الهداية ومراده التوكيل بالإسلام دون قبول السلم
قال الرملي وقد تواردت الشراح وغيرهم على هذا
قال في العناية واعترض بأن قبول السلم عقد يملكه الموكل فالواجب أن يملكه الوكل حفظا للقاعدة المذكورة عن الانتقاض وبأن التوكيل بالشراء جائز لا محالة والثمن يجب في ذمة الموكل والوكيل مطالب به فلم لا يجوز أن يوكل المال للمسلم إليه والوكيل مطالب بتسليم المسلم فيه وأجاب عن الإيرادين بجوابين ردهما الرملي ثم قال ويختلج في صدري جواب لعله يكون صحيحا إن شاء الله تعالى وهو أنه لما اختلف العلماء كما قرروه في الملك هل يثبت للموكل ابتداء أو للوكيل ثم ينتقل للموكل أثر هذا الاختلاف في المحل شبهة فأوجب عدم الجواز فيما القياس فيه المنع مطلقا احتياطا إذ العقود الفاسدة مجراها مجرى الربا والأمر المتوهم في الربا كالمحقق في مسألة بيع الزيتون بالزيت فعدم جواز التوكيل من المسلم إليه لما فيه من بيع المسلم فيه قبل القبض عند من يقول إنه ينتقل من الوكيل للموكل ولاحتماله عند القائل بثبوته ابتداء للموكل لأنه مجتهد فيه وهو محل الاحتمال والفاسد ملحق بالربا والربا يثبت بالشبهة والتوهم ا هـ
قال الشيخ خليل الفتال في حاشيته وتعقبه بعض حنفية زماننا حيث قال قوله ولعله يكون صحيحا يختلف فيه الرجاء فأحسن التدبر يظهر لك ذلك
وحاصله أن بيع المسلم فيه قبل قبضه إنما يتأتى لو كان الوكيل من طرف رب السلم والمسألة في الوكيل من طرف المسلم إليه وأي بيع للمسلم فيه قبل قبضه نعم يمكن أن يكون المستفاد من هذا التقرير هو الحامل لتصحيح المشايخ القول بثبوت الملك للموكل ابتداء إذ على مقابله وهو القول بالانتقال يشكل صحة التوكيل بالإسلام لما فيه من بيع المسلم فيه قبل قبضه
ا هـ
قلت وفي قوله نعم يمكن الخ نظر ظاهر فقد بناه على ما تقتضيه عبارته فكيف يثبت غرضه
____________________
(7/306)
قوله ( أي الصرف ) صورته أن يقول إن فلانا أرسلني إليك لتصرف له هذا الدينار فقبل وقام الرسول قبل قبض البدل لا يفسد الصرف فإذا قام المرسل إليه قبل دفع البدل إلى المرسل أو نائبه أو قام المرسل من مجلسه فسد الصرف
قوله ( والسلم ) صورته أن يقول إن فلانا أرسلني إليك لتصرف له هذا الدينار فقبل وقام الرسول قبل قبض رأس المال لا يفسد العقد وإنما يفسد إذا قام المرسل إليه عن المجلس قبل قبضه أو قام المرسل
كذلك أفاده ر
قوله ( بل مفارقة مرسله ) الأولى العاقد
قوله ( لأن الرسالة في العقد ) أي حصلت في العقد
قوله ( لا القبض ) وكلام الرسول ينتقل إلى المرسل فيكون العاقد هو المرسل فيكون قبض الرسول غير قبض العاقد فلا يجوز
عيني
ويترتب على ذلك حرمة العقد بين الرسول والآخر لخلوه عن القبض فالمخلص أن يوكله في الصرف ولو بالأمر ط
قوله ( واستفيد صحة التوكيل بهما ) الأولى تقديم هذه الجملة قبل مسألة الرسول
أقول ومنشأ الاستفادة أن كلا منهما مما يباشره الموكل فيوكل فيه
واعلم أن هذا ليس بعزيز إذ قد صرح به متن الدرر
نعم يتجه لو قال واستفيد صحة الإرسال ليكون خلافا لما في الجوهرة لا يصح الصرف بالرسالة لأن الحقوق تتعلق بالمرسل وهما مفترقان حالة العقد
واعلم أن ما في الجوهر حقيق بالقبول إذا لم يكن المرسل حاضرا في مجلس العقد
قوله ( وكله بشراء عشرة أرطال لحم بدرهم ) قيد بالموزون لأنه في القيمي لا ينفذ بشيء على الموكل إجماعا فلو وكله بشراء ثوب هروي بعشرة فاشترى له ثوبين هرويين بعشرة مما يساوي كل واحد منهما عشرة لا يلزم الآمر واحد منهما عنده لعدم إمكان الترجيح لأن ثمن كل واحد منهما مجهول إذ لا يعرف إلا بالحرز بخلاف اللحم لأنه موزون مقدر فيقسم الثمن على أجزائه
زيلعي بحر
وأما على تقدير كون اللحم قيميا كما هو في غير الصحيح فالفرق بينهما أن التفاوت بين العشرة أرطال وضعفها قليل ساقط عن درجة الاعتبار إذا كانا من جنس واحد وهو المفروض بخلاف الثوب فإن التفاوت يتصور بين أفراده مادة وطولا وعرضا ورفعة ودقة كما في العناية
ولو أمره بشراء ثوب بعينه والمسألة بحالها لزمه ذلك الثوب بصحته من عشرة وكذا لو أمره بشراء حنطة بعينها
كذا في الوجيز للكردري
قال في الهندية والأصل في هذه المسائل أن الموكل متى جمع بين الإشارة والتسمية في ثمن ما وكل بشرائه والمشار إليه خلاف جنس المسمى فإما أن يكونا جاهلين بحال المشار إليه أو أحدهما أو كانا عالمين ولا يعلم أحدهما بعلم صاحبه أو عالمين بهما ففي الثلاثة الأول تتعلق الوكالة بالمسمى لدفع الغرر عنهما أو عن أحدهما وفي الرابع تتعلق بالمشار إليه لأن الإشارة أبلغ في التعريف من التسمية من غير مانع الغرر وإن كان المشار إليه من جنس المسمى فالوكالة تتعلق بالمشار إليه إلا إذا كان فيه ضرر بالوكيل بأن يتقرر عليه الثمن من غير رضاه
قال لغيره اشتر لي جارية بما في هذا الكيس من الألف الدراهم ودفع الكيس إلى الوكيل فاشترى جارية بألف درهم كما أمر به ثم نظر إلى الكيس فإذا فيه ألف دينار أو ألف فلس أو تسعمائة درهم فالشراء جائز على الآمر إذا كانا جاهلين بما في الكيس أو كان أحدهما جاهلا أو كانا عالمين إلا أن كل واحد لا يعلم أن صاحبه يعلم به وكذلك لو نظر الوكيل إلى ما في الكيس وعلم به ثم اشترى جارية بألف درهم كان الشراء
____________________
(7/307)
للموكل لأن الوكالة حال وجودها تعلقت بالمسمى وكذلك لو كان في الكيس ألف وخمسمائة فاشترى جارية بألف درهم فالشارء نافذ على الموكل وكذا إذا قال اشتر لي جارية بألف درهم نقد بيت المال الذي في هذا الكيس فاشترى له كما أمر به فإذا في الكيس ألف درهم غلة أو قال اشتر لي جارية بألف درهم غلة الذي في هذا الكيس فاشترى له كما أمر به فإذا في الكيس ألف درهم نقد بيت المال فالشراء جائز على الآمر
هكذا في المحيط
ا هـ
قوله ( فاشترى ضعفه ) قيد بالزيادة الكثيرة لأن القليلة كعشرة أرطال ونصف رطل لإمه للآمر لأنها تدخل بين الوزنين فلا يتحقق حصول الزيادة
بحر عن غاية البيان
قوله ( خلافا لهما ) فعندهما يلزمه العشرون بدرهم لأنه فعل المأمور وزاده خيرا وصار كما إذا وكله ببيع عبده بألف فباعه بألفين ولأبي حنيفة أنه أمره بشراء عشرة ولم يأمره بالزيادة فينفذ الزائد عليه بخلاف ما استشهدا به لأن الزيادة فيه بدل ملكه
زيلعي
قال الحموي وهو مخالف لما ذكره في باب ما يجوز من الإجارة وكله بالبيع بألف درهم فباعه بألف دينار لا ينفذ بيعه فليتأمل ا هـ
وأقول سيأتي أنه متى اختلف جنس الثمن بأن أمره بالدراهم فباع بالدنانير يصير مخالفا مطلقا ولو إلى خير
قوله ( ولو شرى مالا يساوي ذلك ) بأن اشترى ما يساوي ذلك العشرون منه درهما بدرهمين وقع للوكيل لأنه خلاف إلى شر كشرائه مهزولا لأن الأمر تناول السمين وهذا مهزول فلم يحصل مقصود الآمر ط
قوله ( وقع للوكيل إجماعا ) لأنه خالف إلى شر
قوله ( كغير موزون ) أي من القنيات كما تقدم بأن أمره بعبد بمائة فاشترى بها عبدين كل واحد يساوي المائة فالكل المأمور إجماعا
أقول ومثل الموزون المكيل والمعدود المتقارب
قوله ( ولو وكله بشراء شيء بعينه ) أي وعينه له إما باسم الإشارة أو باسم العلم أو بالإضافة كأن وكله أن يشتري له هذا العبد بثمن مسمى وقبل الوكيل وكالة ثم خرج من عند تلموكل وأشهد على نفسه أن يشتريه لنفسه ثم اشترى العبد بمثل ذلك الثمن فهو للموكل كما في الهندية
والأصل أن الوكيل يعزل نفسه بحضرة موكله لا في غيبته دفعا للغرر وعذا في العزل القصدي أما في الضمني كما لو كان ذلك بمخالفة الموكل بصح مطلقا
وعليه فلو وكله أو يزوجه معينة فتزوجها فقد عزل نفسه عزلا ضمنيا لأنه جعله مزوجا لا متزوجا فالذي عقده غير مسلط عليه من قبل الموكل فهو مخالف فيه فيكون عزلا ضمنيا بخلاف الشراء فإنه إنما فوض إليه أن يشتريه وقد اشترى فلم تحصل المخالفة إلا أنه نواه لنفسه لا للآمر فتبطل نيته لبقاء الوكالة وعدم المخالفة منه إذا لم يباشر المأمور به حتى لو اشتراه بخلاف ما سمى له من الثمن أو بغير النقود كان مخلفا أمره فينعزل عزلا ضمنيا فلا يتوقف على علم الموكل
قال الحموي ومثل التوكيل بشراء شيء بعينه التوكيل بالاستئجار إلا أني لم أره صريحا وهي
____________________
(7/308)
حادثة الفتوى ولو اشترى نصف المعين فالشراء موقوف إن اشترى باقيه قبل الخصومة لزم الموكل عند أصحابنا الثلاثة
ولو خاصم الموكل الوكيل إلى القاضي قبل أن يشتري الوكيل الباقي وألزم القاضي الوكيل ثم إن الوكيل اشترى الباقي بعد ذلك لزم الوكيل بالإجماع وكذا كل ما في تبعيضه ضرر وفي تشقيصه عيب كالعبد والأمة والدابة والثوب وهذا بخلاف ما إذا وكله ببيع عبده فباع نصفه أو جزء منه معلوما فإنه يجوز عند الإمام سواء باع الباقي منه أو لا وإن وكله بشراء بشيء ليس في تبعيضه ضرر ولا في تشقيصه عيب فاشترى نصفه يلزم الموكل ولا يتوقف لزومه على شراء الباقي ا هـ
قوله ( بخلاف الوكيل بالنكاح ) أي بنكاح معينة والأنسب وضعها بعد قول المصنف لا يشتريه لنفسه ح
قوله ( والفرق في الواني ) أي بين التوكيل بشراء معين وبين التوكيل بنكاح معينة مذكور في الواني
محشي الدرر
وذكره الزيلعي أيضا
وحاصله أن النكاح الداخل تحت الوكالة نكاح مضاف إلى الموكل فينعزل إذا خالف وأضافه إلى نفسه بخلاف الشراء فإنه مطلق غير مقيد بالإضافة لكل أحد
وعبارة الزيلعي لأن النكاح الذي أتى به الوكيل غير داخل تحت أمره لأن الداخل تحت الوكالة نكاح مضاف إلى الموكل فكان مخالفا بإضافته إلى نفسه فانعزل
وفي الوكالة بالشراء الداخل فيها شراء مطلق غير مقيد بالإضافة إلى الموكل
فكل شيء أتى به لا يكون مخالفا به إذ لا يعتبر في المطلق إلا ذاته دون صفاته فيتناول الذات على أي صفة كانت فيكون موافقاف بذلك حتى لو خالف مقتضى كلام الآمر في جنس الثمن وقدره كا مثله ا هـ
قلت حاصله أن النكاح من العقود التي تضاف إلى الموكل ولا تتحقق له إلا بالإضافة بخلاف الشراء فإنه يكون للموكل ولو أضافه الوكيل إلى نفسه كما يعلم مما مر
أقول وعبارة الواني فإن قيل ما الفرق بين هذا وبين ما إذا وكله بتزويج امرأة بعينها حيث جاز له أن يتزوجها قلنا هو أن النكاح الذي أتى به الوكيل غير الذي أمر به لأن المأمور به النكاح الذي أضيف إلى الآمر وهذا أضيف إلى الوكيل فكان مخالفا وأما في مسألتنا فالمأمور مطلق الشراء غير مقيد بالإضافة إلى أحد هكذا قيل
ولا يخفى أن قوله وفي مسألتنا المأمور مطلق الشراء ممنوع فإن المأمور فيها أيضا البيع الذي أضيف إلى الآمر فإنه قال اشتر لي هذا فكيف يكون هذا أمرا بمطلق الشراء
ا هـ
أقول ومثله في النهاية والزيلعي والحواشي اليعقوبية وغيرهم فليراجع
قوله ( غير الموكل ) بالجر صفة لشيء مخصصة وبالنصب استثناء منه أو حال لأنه لا يجوز بالوجهين بدليل ما يأتي فلو قال غير الموكل والموكل لكان أوضح
قال في المنح وإنما قيدنا بغير الموكل للاحتراز عما إذا وكل العبد من يشتريه له من مولاه أو وكل العبد بشرائه له من مولاه فاشترى فإنه لا يكون للآمر ما لم يصرح به للمولى أن يشتريه فيهما للآمر مع أنه وكيل بشراء شيء بعينه لما سيأتي ا هـ
وكان وجه الاحتراز عما ذكره من الصورتين باعتبار احتمال لفظ الموكل لاسم الفاعل واسم المفعول ولا يخفى ما فيه فكان الأول أن يقول غير الموكل والموكل أو يقول ولو وكله بشراء معين غير نفس الآمر وأفاد مسكين أن التعيين إما بالإشارة أو باسم العلم أو بالإضافة
قوله ( لا يشتريه لنفسه ) لأن فيه عزل نفسه وهو لا يملك عزل نفسه والموكل غائب حتى لو كان الموكل حاضرا وصرح بأنه يشتريه
____________________
(7/309)
لنفسه كان له لأن له أن يعزل نفسه بحضرة الموكل وليس له العزل من غير علمه لأنه فسخ عقد فلا يصح بدون علم صاحبه كسائر العقود
عيني وزيلعي وغيرهما كالعناية وغاية البيان والمنح
وأورد عليهم أن العلم بالعزل في باب الوكالة يحصل بأسباب متعددة منها حضور صاحبه ومنها بعث الكتاب ووصله إليه ومنها إرسال الرسول وتبليغ الرسالة ومنها إخبار واحد عدل أو اثنين غير عدلين بالإجماع أو إخبار واحد عدل كان أو غيره عند أبي يوسف ومحمد وقد صرح بها في عامة المعتبرات سيما في البدائع واشتراط علم الآخر في فسخ أحد المتعاقدين العقد القائم بينهما لا يقتضي أن لا يملك الوكيل عزل نفسه إلا بمحضر من الموكل لأن انتفاء سبب واحد لا يستلزم انتفاء سائر الأسباب فلا يتم التغرير
اللهم إلا أن يحمل وضع المسألة على انتفاء سبب واحد لا يستلزم انتفاء سائر الأسباب فلا يتم التغرير
اللهم إلا أن يحمل وضع المسألة على انتفاء سائر أسباب العلم بالعزل أيضا لكنه غير ظاهر من عبارات الكتب أصلا
قاضي زاده
أفاده أبو السعود
قوله ( ولا لموكل آخر بالأولى ) أي بأن وكله رجل آخر بأن يشتري له هذا الشيء بعينه فاشتراه له كان للموكل الأول دون الثاني لأنه إذا لم يملك الشراء لنفسه فلا يملكه لغيره بالأولى وهذا إن لم يقبل وكالة الثاني بحضرة الأول وإلا فهو للثاني وإن كان الأول وكله بشرائه بألف والثاني بمائة دينار فاشتراه بمائة دينار فهو للثاني لأنه يملك شراءه لنفسه بمائة فيملك شراءه لغيره أيضا بخلاف الفصل الأول
كذا في البزازية
قال المقدسي فلو أضافه إلى الثاني ينبغي أن يكون للثاني كما لو قبل وكالة الثاني بحضرة الأول أو شراه بما عينه الثاني مخالفا للأول ا هـ
وفي كافي الحاكم رجل وكل رجلا بشراء أمة بعينها فقال الوكيل نعم فشراها لنفسه ووطئها فحبلت منه يدرأ عنه الحد وتكون الأمة وولدها للآمر ولا يثبت النسب ا هـ
قال الرملي يستفاد من قول الوكيل نعم أنه لو لم يقبلها لم يكن كذلك وهو طاهر فإذا لم يقبلها واشترى وقع له والله تعالى أعلم
ونقل في البحر عن البزازية اشتر لي جارية فلان فسكت وذهب واشتراها إن قال اشتريتها لي فله وإن قال للموكل فله وإن أطلق ولم يضف ثم قال كان ذلك إن قائمة ولم يحدث بما عيب صدق وإن هالكة أو حدث بها عيب لا يصدق
ا هـ
وفي الأشباه والنظائر سكوت الوكيل قبول ويرتد برده
ا هـ
وقدمنا عن البحر أول الوكالة أن ركنها ما دل عليها من الإيجاب والقبول ولو حكما ليدخل السكوت وصاحب البحر فهم من عبارة البزازي كما ذكره أن الجارية لم تتعين بالإضافة إلى المالك فيه
والذي يلوح لي أن فرع البزازية في المعينة أيضا
ويفرق بين السكوت وبين التصريح بالقبول أخذا من تقييده في كافي الحاكم بقوله فقال الوكيل نعم وتقييده في البزازية بقوله فسكت وإلا لا يكون في ذكر ذلك فائدة وعليك أن تتأمل
قلت وقد ذكر عبارة البزازية في التاترخانية نقلا عن شركة العيون وأبدل قول البزازية فسكت بقول ولم يقل المأمور نعم ولم يقل لا ثم قال في آخرها هذا كله رواية الحسن عن أبي حنيفة وربما يستفاد منه أن في المسألة رواية أخرى
تأمل ثم معنى قوله ويفرق بين السكوت وبين التصريح بالقبول أنه إن سكت فعلى التفصيل المذكور في البزازية وإن صرح فهي للمأمور لأنه إن سكت لم تصح الوكالة لمنافاته لما في البزازية وهو ظاهر
قوله ( عند غيبته ) أما لو كان حاضرا وصرح بأنه يشتريه لنفسه كان المشتري له لأن له أن يعزل
____________________
(7/310)
نفسه بحضرة الموكل وليس له ذلك بغير علمه لأن فيه تغريرا له ح
قوله ( حيث لم يكن مخالفا ) تعليل للحكم وإشارة للفرق بين التوكيل بالشراء والنكاح كما سبق
قوله ( دفعا للغرر ) علة ثانية أي إنما منع شراؤه لنفسه لأنه يؤدي إلى تغرير الآمر من حيث أنه اعتمد عليه ولأن فيه عزل نفسه ولا يملكه إلا بمحضر من الموكل والأصل في هذه المسائل المارة أن الوكيل يعزل نفسه بحضرة موكله لا في غيبته دفعا للغرر هذا بالعزل القصدي
أما الضمني كما لو كان ذلك بمخالفة الموكل فيصح مطلقا وعليه يبني قوله المار فلو وكله أن يزوجه معينة فتزوجها فقد عزل نفسه عزلا ضمنيا لأنه جعله مزوجاف لا متزوجا فالذي عقده غير مسلط عليه من قبل الموكل فهو مخالف فيه فيكون عزلا ضمنيا بخلاف الشراء فإنه إنما فوض إليه أن يشتريه وقد اشترى فلم تحصل المخالفة إلا إذا نواه لنفسه لا للآمر فتبطل نيته لبقاء الوكالة وعدم عزله لعدم المخالفة منه إذ لم يباشر المأمور به حتى لو اشتراه بخلاف ما سمى له من الثمن أو بغير النقود كان مخالفا لأمره فيعزل عزلا ضمنيا فلا يتوقف على علم الموكل كما قدمناه
قوله ( فلو اشتراه ) تفريع على قوله حيث لم يكن مخالفا
قوله ( بغير النقود ) أي بأن اشترى بالعروض أو بالحيوان ولم يكن الثمن مسمى وهذا إذ أمره بالنقود عى ما في مسكين ولو ساوى المسمى قيمته
واعلم أن الأولى أن يقول فلو اشتراه بحضرته وقع للوكيل ثم يستطرد ويقول وكذا بغير ما عين وسيأتي إذا خالف في الدنانير بدراهم قيمتها كالدنانير يصح للموكل وقد تقدم أيضا ويجب تقييده بما إذا لم يضف العقد إلى الموكل
أما إذا أضافه إليه بأن قال بعته لموكلك فقال الوكيل اشتريت له يتوقف على إجازة الموكل بلا شبهة كما علم مما تقدم في الكلام على شراء الفضولي وسيأتي ذكره قريبا في شرح قوله قال بعني هذا لعمرو
قلت وفيه كلام قدمناه أول الوكالة في شرح قوله وبإيفائها واستيفائها فلا تغفل
قوله ( أو بخلاف ما سمى ) أي إن كان الثمن مسمى وأطلق في المخالفة فشمل المخالفة في الجنس والقدر كما في البزازية وقيده في الهداية والمجمع بخلاف الجنس فظاهره أنه إذا سمى له ثمنا فزاد عليه أو نقص عنه فإنه لا يكون مخالفا وظهر ما في الكافي للحاكم أنه يكون مخالفا فيما إذا زاد لا فيما إذا نقص فإنه قال وإن قال اشترى لي ثوبا هرويا ولو لم يسم الثمن فهو جائز على الآمر وإن سمى ثمنا فزاد عليه شيئا لم يلزم الآمر وكذلك إن نقص من ذلك الثمن إلا أن يكون وصفه له بصفة وسمى له ثمنا فاشترى بتلك الصفة بأقل من ذلك الثمن فيجوز على الآمر وإن كان معينا فهو كالموصوف فشمل ما إذا كان خلاف الجنس عرضا أو نقدا خلافا لزفر في الثاني وما إذا كان ما اشترى به مثل قيمة ما أمر به أو أقل كما في البزازية ونقله عنه في البحر
قوله ( من الثمن ) قال الحموي أي بأن يأمره بالشراء بألف درهم فيشتريه بمائة دينار وقد جعل محمد الدراهم والدنانير جنسين إذ لو جعلهما جنسا واحدا لصار الوكيل مشتريا للآمر حينئذ
وقد ذكر في شرح الجامع الصغير في باب المساومة أن الدراهم والدنانير جنسان مختلفان قياسا في حق حكم الربا حتى جاز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا وفيما عدا حكم الربا جعلا جنسا واحدا استحسانا حتى يكمل نصاب أحدهم بالآخر
والقاضي في قيم المتلفات بالخيار إن شاء قوم بالداهم وإن شاء قوم بالدنانير والمكره
____________________
(7/311)
على البيع بالدراهم إذا باع بالدنانير أو على العكس كأنه يبيعه بيع مكره وصاحب الدراهم إذا ظفر بدنانير غريمه كان له أن يأخذها بجنس حقه كما لو ظفر بدراهمه إلا رواية شاذة عن محمد وإذا باع شيئا بالدراهم اشتراه بالدنانير قبل نقد الثمن أو على العكس والثاني أقل من قيمة الأول كان البيع فاسدا استحسانا وتبين بما ذكر أنهما اعتبرا جنسين مختلفين في حكم الربا
شهد بالدرهم والآخر بالدنانير أو شهد بالدراهم والمدعي دنانير أو على العكس لا تقبل الشهادة وكذلك في باب الإجارة اعتبرا جنسين مختلفين على أن من استأجر من آخر دارا بدراهم وأجرها من غيره بدنانير أو على العكس وقيمة الثاني أكثر من الأول تطيب له الزيادة
فما ذكر في الجامع أنهما جعلا جنسا واحدا فيما عدا حكم الربا على الإطلاق غير صحيح
كذا في التاترخانية
ا هـ
قلت وذكر العمادي في فصوله الدراهم أجريت مجرى الدنانير في سبعة واضع وقد ذكر صاحب البحر أوائل البيوع عند قوله ولا بد من معرفة قدر ووصف ثمن أنه ليس للحصر
قوله ( وينعزل في ضمن المخالفة ) يفيد أنه لو شراه له بعد ذلك لا ينفذ على الموكل
وفي المقدسي عن القنية وكله بشراء أمة بعينها بعشرة فشراها فقال الآمر شريتها بعشرة وقال المأمور شريتها لنفسي بخمسة عشر فالقول للوكيل والبينة بينته
وفي المقدسي أيضا ولو سمى له ثمنا فزاد عليه شيئا لم يلزم الأمر وكذلك إن نقص من ذلك الثمن إلا أن يكون وصف له بصفة وسمى له ثمنا فاشتراه بتلك الصفة بأقل من ذلك الثمن فيجوز على الآمر وإذا كان معينا فهو كالموصوف
وفي الواقعات قال أسير لرجل اشترني بألف درهم فشراه بمائة دينار أو بعرض جاز وله أن يرجع على الأسير ا هـ
وفي خزانة المفتين من الصرف الأسير إذا أمر رجلا أن يفديه بألف ففداه بألفين عليه يرجع بألفين عليه وليس بمنزلة الوكيل بالشراء
وفي الزيادة قال له اشتر لي بهذه الألف درهم أمة ولم يسلم الألف حتى سرقت فشرى أمة بألف لزم الموكل والأصل أن النقدين لا يتعينان في الوكالة قبل التسليم بلا خلاف وبعده اختلف فيه وعامتهم أنها لا تتعين
ا هـ
أقول ويتفرع على ما في الخلاص وكيل الشراء إذا شرى ما أمر به ثم أنفق الدراهم بعد ما سلم للآمر ثم نقد للبائع غيرها جاز وسيأتي تصحيح مقابل هذا عن الخانية وعليه قول الزيادات ولو دفع الدراهم للوكيل فسرقت لم يضمن فإن شرى أمة بألف نفذ عليه علم بهلاكها أو لم يعلم ولو سرقت خمسمائة فشرى أمة بألف فهي له وإن شرى بخمسمائة تساوي ألفا فهي للموكل وكذا لو دفع كيسا فقال اشتر بالألف التي فيه فلم يجد سوى خمسمائة وإذا دفع إليه ألفا ليشتري له شيئا بعينه فهلك فشرى فهو للوكيل وإن هلكت بعد الشراء فللموكل ويرجع بها عليه
هذا إذا اتفقا على تلفها قبل أو بعد فإن اختلفا فالقول للآمر بيمينه
قوله ( وإن بشراء شيء بغير عينه فالشراء للوكيل ) هذه المسألة على وجوه كما في البحر إن أضاف العقد إلى دراهم الآمر كان للآمر وهو المراد عندي بقوله أو يشتريه بمال الموكل دون النقد من ماله لأن فيه تفصيلا وخلافا
____________________
(7/312)
وهذا بالإجماع وهو مطلق وإن أضافه إلى دراهم نفسه كان لنفسه حملا لحاله على ما يحل له شرعا أو يفعله عادة إذا الشراء لنفسه بإضافة العقد إلى دراهم غيره مستنكر شرعا وعرفا وإن أضافه إلى دراهم مطلقة فإن نواها للآمر فهو للآمر وإن نواها لنفسه فلنفسه لأن له أن يعمل لنفسه ويعمل للآمر في هذا التوكيل وإن تكاذبا في النية يحكم النقد بالإجماع لأنه دلالة ظاهرة على ما ذكرنا وإن توافقا على أنه لم تحضره النية أو اختلفا بأن قال الوكيل لم تحضرني النية وقال الموكل بل نويت لي أو بالعكس قال محمد هو للعاقد لأن الأصل أن كل أحد يعمل لنفسه إلا إذا ثبت جعله لغيره ولم يثبت
وعند أبي يوسف يحكم النقد لأن ما أطلقه يحتمل الوجهين فيبقى موقوفا فمن أي المالين نقد نفذ فعل ذلك المحتمل لصاحبه ولأن مع تصادقهما يحتمل الوجهين فيبقى موقوفا فمن أي المالين نقد نفذ فعل ذلك المحتمل لصاحبه ولأن مع تصادقهما يحتمل النية للآمر وفيما قلنا حمل حاله على الصلاح كما في حالة التكاذب والتوكيل بالإسلام في الطعام على هذه الوجوه
ا هـ
ومثله في الهداية والمقدسي وقول الإمام فيما ذكره العراقيون مع محمد وغيرهم ذكروه مع الثاني
وبهذا علم أن معنى الشراء للموكل إضافة العقد إلى ماله لا النقد من ماله وأن محل النية للموكل ما إذا أضافه إلى دراهم مطلقة وظهر ما في الكتاب ترجيح قول محمد من أنه عند عدم النية يكون للوكيل لأنه جعل للوكيل إلا في مسألتين وظاهر ما في الهداية أنه لا اعتبار بنيته لنفسه إذا أضافه إلى مال موكله ولا بينة لموكله إذا أضافه إلى مال نفسه وأن نقده الثمن من مال موكله علامة نيته له وإن لم يضفه إلى ماله
قال المقدسي وفي الثاني نظر لأنه لا محذور في ذلك إذ دفع ماله عن غيره غير مستنكر
ا هـ
هذا إذا اشتراه بثمن حال وإن بمؤجل فهو للوكيل
قال في التاترخانية وإن اشترى بدراهم مطلقة فهو على وجهين وإن اشترى حالا يحكم النقد إن نقد من دراهم الموكل فالشراء للموكل وإن نقد من مال نفسه فالشراء له وإن لم ينقد يرجع في البيان إلى الوكيل
ثم قال وإن اشترى مؤجلا فالشراء يكون للوكيل حتى لو ادعى الشراء بعد ذلك للموكل لا يصدق إلا أن يصدقه الموكل
ا هـ
وحاصل ما قدمناه أنه إن أضاف العقد إلى مال أحدهما كان المشتري له وإن أضافه إلى مال مطلق فإن نواه للآمر فهو له وإن نواه لنفسه فهو له وإن تكاذبا في النية يحكم النقد إجماعا وإن توافقا على عدمها فللعاقد عند الثاني وحكم النقد عند الثالث
وبه علم أن محل النية للموكل فيما إذا أضافه إلى مال مطلق سواء نقده من ماله أو من مال الموكل وكذا قوله ولو تكاذبا وقوله ولو توافقا محله فيما إذا أضافه إلى مال مطلق لكن في الأول يحكم النقد إجماعا وفي الثاني على الخلاف السابق
وفي كافي الحاكم ولو وكله أن يشتري له أمة وسمى جنسها ولم يسم الثمن فشرى أمة وأرسل بها إليه فوطئها الآمر فعلقت فقال الوكيل ما اشتريتها لك يحلفه على ذلك ويأخذها وعقرها وقيمة ولدها للشبهة التي دخلت وإن كان حين أرسل بها إليه أقر أنه شراها له أو قال هي الجارية التي أمرتني أن أشتريها لك لم يستطع الرجوع في شيء من أمرها فإن أقام البينة أنه حين شراها شراها لنفسه لم يقبل منه ذلك ا هـ
وبه علم أن الإرسال للموكل لا يكون معينا كونه اشتراها له وأنهما إذا تنازعا في كون الشراء وقع له يحلف الوكيل ومحله إن لم ينقد الثمن وإلا فقدمنا أنه يحكم النقد بالإجماع عند التكاذب
وذكر الزيلعي أنه إذا نقد من مال الموكل فيما اشتراه لنفسه يجب عليه الضمان وهو ظاهر في أن قضاء
____________________
(7/313)
الدين بمال الغير صحيح موجب لبراءة الدافع موجب للضمان
وذكر في بيع الفضولي أيضا أن من قضى دينه بمال الغير صار مستقرضا في ضمن القضاء فيضمن مثله إن كان مثلثا وقيمته إن كان قيميا وفي منظومة ابن وهبان وكيل قضى بالمال دينا لنفسه يضمن ما يقضيه عنه ويهدر ومعنى يهدر أنه يكون متبرعا
قال شارحها مسألة البيت من القنية قال الوكيل بقضاء الدين صرفت مال الموكل إلى دين نفسه ثم قضى دين الموكل من مال نفسه ضمنه وكان متبرعا ومقتضاه سقوط الدين عن الموكل وإليه أشار بقوله ويهدر ا هـ
مطلب حادثة الفتوى قال المقدسي وهي حادثة الفتوى حدثت لبعض المتأخرين من المتكلمين على الكنز وفيه كلام فإنه إن أراد بقوله إن قضاء الدين بمال الغير صحيح أنه جائز ونافذ ولا إثم فيه وينقض فهو باطل ضرورة أن هذا المال مغصوب ولم يقل أحد بأن المغصوب لا يجوز التصرف فيه ويقضى به الدين ولو طلبه صاحبه لا يمكن فيه ولا شك أن رب دراهم الغصب لو رآها مع الدائن وبرهن عليها له أخذها وينقض القضاء وما نقله عن الزيلعي وغيره لا يشهد له لأنه جعله قرضا والقرض إنما يصح بالاختيار والرضا والضمان والرضا لا يجوز على الجواز
ويحمل على ما إذا أجاز رب الدراهم وإلا فله عليها ومنع الوفاء بها ونقض القضاء نعم إذا هلكت عند الدائن فله تضمين أي شاء من الدافع والقابض لا صحيح القضاء يقتضي أن لا يطالب القابض بل الدافع
وأما مسألة المنظومة ففيها دفع مال نفسه باختياره ورضاه عن دين الموكل فلا يمس ما نحن فيه فصح وصار متبرعا فلا رجوع له فيما كان عنده من المال لأنه لزم ذمته وتبرع من عنده بقضاء الدين
ا هـ
أقول وأراد المقدسي ببعض المتكلمين على الكنز صاحب البحر
قوله ( إلا إذا نواه للموكل ) علم مما تقدم أنه يجب حمله على ما إذا لم يضف العقد إلى مال نفسه سواء أضافه إلى مال الموكل أو إلى مال مطلق وسواء نقد الثمن من ماله أو من مال الموكل
قوله ( أو شراه بماله ) معناه إضافة العقد إلى ماله لا النقد من ماله يعني إذا أضاف العقد إلى دراهم الآمر ينبغي أن يقع للآمر لأنه لو لم يقع للآمر كان واقعا للوكيل فلو وقع له كان غاصبا لدراهم الآمر وهو لا يحل شرعا كذا قال صاحب النهاية وعليه عامة الشراح
أقول فيه نظر لأن الغصب إنما يلزم لو نقد من دراهم الآمر وأما إذا أضافه إلى دراهم الآمر ولم ينقد من دراهمه بل نقد من دراهم نفسه فلا يلزم الغصب قطعا
كذا ذكره أبو السعود في حاشية مسكين
وذكر أيضا عند قول الكنز أو يشتريه بماله أي إن أضاف العقد إلى مال الموكل سواء نقد الثمن من ماله أو من مال غيره أن فيه إشارة إلى أن المراد من قول المصنف تبعا للقدوري أو يشتريه بماله الإضافة عند العقد إلى دراهم الموكل دون النقد من مال الموكل بغير إضافة إليه
قال صاحب الهداية وقول القدوري أو يشتريه بمال الموكل مطلق لا تفصيل فيه فيحمل على الإضافة إلى مال الموكل
كذا قاله جمهور الشراح
____________________
(7/314)
قال قاضي زاده أقول فيه نظر لأنهم حملوا التفصيل المذكور في قول المصنف لأن فيه تفصيلا على أنه إن نقد من دراهم الموكل كان الشراء له وليس بصحيح لأن ذلك تفصيل للنقد المطلق لا للنقد من مال الموكل كما لا يخفى وما يصلح لترجيح كون المراد بقول القدوري أو يشتريه بمال الموكل الإضافة إلى دراهم الموكل دون النقد من ماله إنما هو وقوع التفصيل في النقد من مال الموكل لا وقوعه في النقد المطلق إذ لا مساس له بكلام القدوري فإن المذكور فيه مال الموكل دون مطلق المال
ا هـ
قوله ( حكم بالنقد إجماعا ) لأن دلالته على التعيين مثل دلالة إضافة الشراء إليه
زيلعي
قوله ( فروايتان ) أي عن أبي حنيفة فعند أبي يوسف يحكم النقد
وعند محمد هو للوكيل وإن نقد الثمن من دراهم الموكل حموي لأن الأصل أن كل أحد يعمل لنفسه إلا إذا ثبت جعله لغيره ولم يثبت وظاهر في الكنز ترجيح قول محمد لدخوله تحت قول المصنف فالشراء للوكيل فإنه لم يخرج عنه إلا في مسألتين إذا نواه للآمر أو أضافه إلى ماله وإليه مال الزيلعي حيث قدمه على قول أبي يوسف وعلله بقوله لأن ما يطلقه الإنسان من التصرفات يكون لنفسه
قوله ( زعم الخ ) صور المسألة فيما إذا كان بعد هلاك العبد وعمم في الجواب وبين الحكم فيما إذا كان حيا أو ميتا فعلم بتعميمه جواب المسألة وهو ما إذا هلك وزاده عليها بيان ما إذا كان حيا فلا خطأ في حق من أفاد الجواب وزاد عليه
واعلم أن هذه المسألة على ثمانية أوجه كما قال الزيلعي واحد على الاختلاف والبواقي على الوفاق والخلافية هي ما لو كان العبد المأمور بشرائه بغير عينه حيا ولم يكن الثمن منقودا كما في أبي السعود لأن العبد المأمور بشرائه إما أن يكون معيبا أو غير معين وكل على وجهين إما أن يكون الثمن منقودا أو غير منقود وكل وجه على وجهين إما أن يكون العبد حيا حين أخبر الوكيل بالشراء أو ميتا
ثم قال فحاصله أن الثمن إن كان منقودا فالقول للمأمور في جميع الصور ومنها حالة الهلاك والتعيب وإن كان غير منقود ينظر فإن كان الوكيل لا يملك الإنشاء بأن كان ميتا فالقول للآمر وإن كان يملك الإنشاء فالقول للمأمور عندهما
وكذا عند أبي حنيفة في غير موضع التهمة وفي موضع التهمة القول للآمر
ا هـ فلا فرق عندهما في أن القول للمأمور إذا كان يملك الإنشاء بين أن يكون الموضع موضع تهمة أو لا
فإن قلت بماذا تثبت التهمة قلت بالرجوع إلى أهل الخبرة فإن أخبروا أن الثمن يزيد على القيمة زيادة فاحشة تثبت وإلا فلا
أقول ولعل المراد بموضع التهمة ما إذا كان بعد التعيب فتأمل
قوله ( فهلك ) الصواب إسقاطه لمنافاته لقوله الآتي وهي حي كما في الشرنبلالية لكنه تبع فيه صاحب الدرر وصدر الشريعة
قوله ( وهو حي قائم ) لا حاجة إليه أيضا لأن المأمور يدعي هلاكه فكيف يقال وهو حي فالقول للمأمور إلا أن يقال أراد أنه قائم من كل وجه ليحترز به عما إذا حدث به عيب أو أبق فإنه كالهلاك كما في البزازية تأمل
قوله ( فالقول للمأمور ) أي مع يمينه يعقوبية
قوله ( لإخباره عن أمر يملك استئنافه ) بجعل الشراء للموكل ولا تهمة فيه لأن الوكيل بشراء شيء بعينه لا يملك شراءه لنفسه بمثل ذلك الثمن في حال غيبته على ما مر كما في البحر
قال المقدسي فالمخبر به في التحقق والثبوت يستغني عن إشهاد فصدق كقوله لمطلقته في العدة راجعتك
____________________
(7/315)
وبهذا وقع التقضي عن المولى إذا أقر على موليته بالنكاح حيث لا يثبت عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ا هـ
ولأن من ملك الإنشاء ملك الإقرار
قوله ( وإن ميتا ) أي كان العبد ميتا
قال العلامة أبو السعود وهذه مسألة الكتاب نظر السيد الحموي بأن مسألة الكتاب تشمل موت العبد وحياته وقت قول المأمور اشتريته للآمر كما في البحر فإن كان ميتا أخبر عن أمر لا يملك استئنافه وإن كان حيا فهو يدعي حق الرجوع على الآمر وهو ينكره ولا خلاف في الأول أنه على التفصيل المذكور وفي الثاني الاختلاف فقال الإمام هو كذلك على التفصيل
وقالا القول للمأمور وإن لم يكن الثمن منقودا
قوله ( فكذلك الحكم ) أي يكون القول للمأمور مع يمينه لأنه أمين يريد الخروج عن عهدة الأمانة فيقبل قوله
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يكن الثمن منقودا والحال أن العبد ميت إذ الكلام فيه أما لو كان حيا فقد تقدم الكلام فيه وأن القول فيه قول المأمور سواء كن الثمن منقودا أو لا
قوله ( فالقول للموكل ) يعني أن المأمور يريد استحقاق الرجوع بالثمن عليه والقول قول الأمين فيما ينفي بهالضمان عن نفسه لا فيما يستحق به الرجوع على غيره بل القول قول الآمر لأنه ينكر استحقاق الرجوع بل إنما يكون أمينا فيما دفع إليه بطريق الأمانة وما لم يقبضه لا يسمى أمينا بالنظر إليه
فإن قلت كيف يتأتى هذا والوكيل بشراء شيء بعينه لا يشتريه لنفسه فهو غير قادر على مخالفة الموكل كما تقدم ويجاب بأنه يمكن أنه فعل ذلك بحضرته أو بمخالفته بما عينه من الثمن أو شراه بعرض أو لعله محمول على ما إذا أنكر الأمر الشراء أصلا وربما يرشد إلى هذا عبارة التبيين والدر قوله إنه ينكر الرجوع عليه بالثمن والقول للمنكر
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يكن الثمن منقودا سواء كان العبد حيا أو ميتا
قوله ( للتهمة ) فإنه يحتمل أنه اشتراه لنفسه فلما رأى الصفقة خاسرة أراد إلزامه للموكل
قوله ( خلافا لهما ) الخلاف فيما إذا كان منكرا حيا والثمن غير متقود فقط ولا يوهم أن خلافهما في الصورتين الداخلتين تحت إلا مع أن خلافهما فيما ذكرنا
فعلم مما تقرر أن صورة المسألة فيما إذا كان بعد هلاك العبد وعمم الشارح في الجواب وبين الحكم فيما إذا كان حيا أو ميتا فعلم بتعميمه جواب المسألة وهو ما إذا هلك وزاد عليها بيان ما إذا كان حيا وحينئذ فلا خطأ في حق من أفاد الجواب وزاد عليه كما قدمناه
قوله ( الأمر ) على وزن نصر مصدر أمر يأمر
قوله ( ولغا إنكاره الأمر لمناقضته الخ ) أي لأن قوله يعني لعمرو إقرار منه بأنه وكله فإن أنكر الوكالة بعده صار تناقضا فلا يسمع قوله فيكون العبد للموكل وهذا معنى قوله ولغا أي بطل إنكاره مع إنكاره
قوله ( بتوكيله ) متعلق بالإقرار
قوله ( بقوله بعني ) بدل من قوله بتوكيله وهو تصوير للإقرار ودلت المسألة على أن بعني لفلان ليس إضافة إلى فلان وإلا كان عقد فضولي لأن قوله لفلان يحتمل أن يكون لشفاعة فلان
ا هـ
وصورة الإضافة أن يقول بع عبدك من فلان كما في الفتح من الفضولي ط
قوله ( إلا أن يسلمه المشتري ) أي القاتل
____________________
(7/316)
بعني هذا لعمرو وقوله إليه أي إلى عمرو قيد بالتسليم لأن عمرا لو قال أجزت بعد قوله لم آمره لا يعتبر والعبد للمشتري لأن العقد نافذ على المشتري والإجازة إنما تحلق الموقوف لا الجائز معراج
قوله ( للعرف ) أي ولوجود التراضي به وهو المعتبر في باب المعاوضات المالية لقوله تعالى { إلا أن تكون تجارة عن تراض } النساء 29
منح
أقول وتكون العهدة على المشتري الذي هو عمرو بتسليم الثمن
قوله ( معينين أو غير معينين ) قال في البحر ولم يذكر الشارحون فائدة التقييدذ بالمعينين والظاهر أنه اتفاقي فغير المعين كالمعين إذا نواه للموكل أو اشتراه له
ا هـ
وتبعه بعضهم كالحموي والشارح وغيرهما
قال العلامة أبو السعود وأقول دعوى أن التقييد اتفاقي غير مسلم لأنه عند عدم التعيين يبطل التوكيل لعمد تسمية الثمن أو ما يقوم مقامه من بيان النوع كالتركي والحبشي فهذا غفلة عن قول المصنف فيما سبق قريبا أمره بشراء دار أو عبد جاز إن سمي ثمنا وإلا فلا
ا هـ
أقول بيان الثمن أو النوع لا يخرجه عن كونه غير معين وقد قدم المؤلف أن الإضافة إلى المالك مثل جارية فلان لا تعينه
ونقل في البزازية وكله بشراء عبد بغير عينه فاشترى من قطعت يده نفذ على الموكل عند الإمام ولا يخفى أنه مقيد ببيان النوع أو الثمن وإلا لم تصح الوكالة وتقدم متنا أيضا لو وكله بشراء شيء بغير عينه فالشراء للوكيل إلا أن ينوي للموكل أو يشتريه بماله تأمل
قال بعض الفضلاء إنما قيدت المتون بالمعينين ليعم الشيء الدور والعبيد وغيرهما
وأما لو تركوه وقد صرحوا بعدم ذكر الثمن فلربما يتوهم أنه لا يجري في العبيد والدور لأنهما إذا لم يعينا ولم يذكر لهما ثمن لم يدخلا لعدم صح الوكالة بهما حينئذ ومن غفل عن هذا قال ما قال فقوله أو غير معينين يحمل على جهالة النوع وقوله إذا نواه للموكل يغني عنه له
ا هـ
قوله ( وإن لم يوجد الخ ) هو أحد أقوال ثلاثة تقدمت في أول كتاب البيوع
قوله ( إذا نواه للموكل ) قيد في غير المعينين أي إنما يقع الشراء للموكل في غير المعينين إذا نواه له وكذا يقال فيما إذا دفع الثمن من مال الموكل على ما تقدم
قوله ( كما مر ) أي قريبا في قوله وأن يغير عينه فالشراء للوكيل إلا إذا نواه للموكل
قوله ( أو بزيادة يسيرة يتغابن الناس فيهما ) أي وهو ما يدخل تحت تقويم المقومين
وما لا يدخل تحت تقويم المقومين فاحش لأن القيمة تعرف بالحزر والظن بعد الاجتهاد فتعذر فيما يشتبه لأنه يسير لا يمكن الاحتراز عنه ولا يعذر فيما لا يشتبه لفحشه ولا مكان الاحتراز عنه لأنه لا يقع في مله عادة إلا عمدا وقيل حد الفاحش في العروض نصف عشر القيمة وفي الحيوان عشر القيمة وفي العقار خمس القيمة وفي الدراهم ربع عشر القيمة لأن الغبن يحصل لقلة الممارسة في التصرف فلما كانت الممارسة فيه أقل كان الغبن فيه أكثر فيعفى عن التفاوت بحسب الممارسة والصحيح الأول
وفي النهاية جعل هذا القدر معفوا عنه أو هو خلاف ما ذكره صاحب الهداية والكافي وقيل لا يتحمل الغبن اليسير أيضا وليس بشيء هذا كله إذا كان سعره غير معروف بين الناس ويحتاج فيه إلى تقويم المقومين
____________________
(7/317)
وأما إذا كان معروفا كالخبز واللحم والموز والجبن لا يعفى فيه الغبن وإن قل ولو كان فلسا واحدا كذا ذكره الزيلعي
قوله ( صح ) لأن التوكيل مطلق غير مقيد بثمن مقدر عيني أي مطلق عن قيد اشترائهما متفرقين أو مجتمعين فيجري على إطلاقه أبو السعود
قوله ( عن الآمر ) أي ويقع له لأنه قابل الألف بالعبدين وقيمتهما سواء فتنقسم عليهما نصفين دلالة فيكون أمرا بشراء كل واحد منهما بخمسمائة ضرورة فالشراء بخمسمائة موافقة وبأقل منها مخالفة إلى خير وبأكثر منها إلى شر فلا يلزم الموكل إلا أن يشتري الباقي بما بقي من الألف قبل أن يختصما استحسانا لأن غرضه المصرح به تحصيل العبدين بالألف وقد حصل وما ثبت الانقسام إلا دلالة والصريح يفوتها فلا تعتبر معه
زيلعي
قوله ( فاشترى الخ ) حاصله أن الوكيل بشراء جملة له شراء كلها أو بعضها مما لا يتعيب بالقسمة ولا تعيبه الشرك بثمن المثل بالغبن اليسير عند عدم تعيين الثمن
قوله ( بخلاف وكيل البيع ) فله أن يبيع بغبن فاحش عند الإمام
حموي
والفرق كما في الزيلعي أن الوكيل بالشراء لشيء بعينه لا يكون له أن يشتريه بغبن فاحش وإن كان لا يملك شراءه لنفسه لأنه بالمخالفة فيه يكون مشتريا لنفسه فكانت التهمة فيه باقية بخلاف الوكيل بالبيع لأنه لا تهمة فيه لعدم احتمال الشراء لنفسه فيجوز بالقليل والكثير
ا هـ
قوله ( صح ) لأنه قابل الألف بهما وقيمتهما سواء إلى آخر ما تقدم
قوله ( لا يلزم الآمر ) لمخالفته إلى ضرر لأنه حيث عين الألف لهما والحال أن قيمتهما سواء فقد عين الصنف لأحدهما بخلاف ما لو شرى بالأقل فإنه خلاف إلى خير فلا يضر كما مر
قوله ( من المعينين مثلا ) أي أو الجماعة وليس المراد غير المعينين أيضا لعدم تأتي ذلك فيه
قوله ( قبل الخصومة ) أما إذا اختصما وفسخ العقد فلا يعود صحيحا لأن المفسوخ لا يرجع إلى الجواز
قوله ( لحصول المقصود ) وهو تحصيل العبدين
قوله ( وجوزه الخ ) فيجوز شراء أحدهما بغبن يسير عندهما
قوله ( بشراء شيء معين ) لا حاجة لقوله معين لقول المتن وعينه مع أنه يوهم اشتراط تعيينه مع تعيين البائع وليس كذلك بل تعيين البائع يغني عنه كما صرح به المصنف بقوله أو عين البائع
قوله ( أو عين البائع صح ) أي على الآمر ولزمه قبضه وإن مات قبل القبض عند المأمور مات على الآمر لأن البائع يكون وكيلا على الآمر في قبض الدين ثم يتملكه بخلاف ما إذا وكله بشراء عبد معين فاشترى لا يكون للآمر بل ينفذ على المأمور حتى لو مات عند المأمور مات من مال المأمور فإن قبضه الآمر فهو له أبو السعود
قوله ( وجعل البائع وكيلا بالقبض ) راجع إلى الصورتين
قوله ( غير معين ) أي من مبيع وبائع
قوله ( لأن توكيل المجهول باطل ) هذا تعليل غير الآتي له من قوله بناء الخ على أنه جار فيما ذكره لأن البائع قد يكون مجهولا في الصورة الأولى فالأولى الاقتصار على ما يأتي ط
والأصل أنه لا يصح تمليك الدين من غير من عليه الدين إلا إذا وكل بقبضه وأن الدراهم والدنانير يتعينان في الوكالات فلما أمره بالشراء بدين له عليه فإن كان المبيع معينا تعين البائع ضرورة لأنه إنما يبيعه مالكه وإن كان المبيع معينا كان بائعه معينا وكذا لو عين البائع مثال الأول إذا قال له اشتر فلانا العبد فإن بائعه مالك
____________________
(7/318)
العبد
ومثال الثاني اشتر لي عبد فلن وفي الحالين البائع معلوم فكأنه وكله بقبض الدين الذي على الوكيل المجهول ثمنا فجاز تمليك الدين منه وكان الشراء بذلك الدين وكان موافقا للموكل بالثمن الذي عينه له لأجل شراء العبد مثلا وإذا كان المبيع غير معين ولم يكن بائعه معينا لم يمكن أن يكون وكيلا بقبض الدين فلم يصح الشراء منه بذلك الدين فلو تم العقد لكان مخالفا للآمر في الثمن الذي عينه له وهو الدين لأن البائع لا يصح أن يكون وكيلا بقبضه لأن توكيل المجهول باطل
وعندهما صح البيع لأن الدراهم والدنانير في المعاوضات لا تتعين والوكالة منها فصح الشراء والحقوق ترجع إلى العاقد فيلزمه ثمن المبيع ويرجع به على آمره فيلتقيان قصاصا بالدين الذي له عليه
قوله ( وإلا يعين ) أي وإن لم يعين المبيع ولا البائع
قوله ( فهلاكه عليه ) أي إذا لم يقبضه الآمر وإن قبضه الآمر فهو بيع له بالتعاطي
قوله ( خلافا لهما ) فقالا يلزم الآمر إذا قبضه المأمور بحر أي في الوجهين كنز يعني بهما ما إذا كان العبد المأمور بشرائه معينا أو غير معين أبو السعود
قوله ( وكذا الخلاف لو أمره أن يسلم ما عليه ) أي يعقد عقد السلم بأن قال أسلم الدين الذي لي عليك إلا فلان جاز وإن لم يعين فلانا لم يجز عنده وعندهما يجوز كيفما كان
قوله ( أو يصرفه ) أي يعقد عقد الصرف بأن أمره أن يصرف ما عليه من الدين إذا كان دراهم بدنانير أو دنانير بدراهم مثلا
وأصله أن التوكيل بالشراء إذا أضيف إلى دين لا يصح عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا لم يكن البائع أو المبيع متعينا
وعندهما يصح كيفما كان
لهما أن النقدين لا يتعينان في المعاوضات عينا كان أو دينا ولهذا لو اشترى شيئا بدين للمشتري على البائع ثم تصادقا أن لا دين يبطل الشراء ويجب عليه مثله فإذا لم تتعين صار الإطلاق والتقييد به سواء كما في غير الدين وقول العيني ولهذا لو اشترى شيئا بدراهم على المشتري الخ تبع فيه الزيلعي
وصواب العبارة بدين للمشتري على البائع كما ذكرنا
ولأبي حنيفة رحمه الله تعالى أن النقود تتعين في الوكالات ولهذا لو قيدها بالعين منها أو بالدين منها ثم هلك العين أو أسقط الدين بطلت الوكالة فإذا تعينت فيها كان هذا تملكي الدين من غير من عليه الدين وذلك لا يجوز إلا إذا وكله بقبضه له ثم لنفسه وتوكيل المجهول لا يجوز فكان باطلا كما إذا اشترى بدين على المشتري أو يكون أمرا بصرف مالا يملك إلا بالقبض قبله وذلك باطل كما إذا قال أعط ما لي عليك من شئت بخلاف ما إذا عين البائع لأنه يصير وكيلا عنه بالقبض ثم بتملكه وبخلاف ما إذا أمره بالتصديق لأنه جعل ماله لله تعالى وهو معلوم
وأما مسألة التصادق بأن لا دين عليه بعد الشراء به فلأن النقود لا تتعين في البيع دينا كان أو عينا فإذا لم تتعين لا يبطل البيع ببطلان الدين بخلاف الوكالة فإن النقود تتعين فيها
وفي النهاية أن النقود لا تتعين في الوكالة قبل القبض بالإجماع وكذا بعده عند عامتهم وعزاه إلى الزيادات والذخيرة فعلى هذا لا يلزمهما ما قاله أبو حنيفة زيلعي والمراد بالمشتري في قوله كما إذا اشترى بدين على غير المشتري هو الوكيل أبو السعود عن شيخه
قوله ( بناء على تعيين النقود في الوكالات عنده ) بدذليل أن الآمر لو قيد الوكالة بالعين منها أو بالدين منها ثم استهلكت العين أو سقط الدين بطلت الوكالة كما تقدم قريبا
قوله ( في المعاوضات ) عينا كنت النقود أو دينا
قوله ( عندهما ) قال في البحر تنبيه في حكم النقود في الوكالة ففي بيوع خزانة المفتين ولو قال لغيره اشتر لي
____________________
(7/319)
بهذه الألف الدراهم جارية فأراه الدراهم ولم يسلمها إلى الوكيل حتى سرقت ثم اشترى جارية بألف لزمت الوكيل والأصل أن الدراهم والدنانير يتعينان في الوكالة قبل التسليم بلا خلاف وكذا بعده على الأصح
وفائدة النقد والتسليم على الأصح شيئان أحدهما توقف بقاء الوكال ببقاء الدراهم المنقودة
والثاني قطع الرجوع على الموكل فيما وجب للوكيل على الموكل بالثمن ولو كان الموكل دفع الدراهم إلى الوكيل فسرقت من يده لا ضمان عليه فإن اشترى بعد ذلك نفذ الشراء عليه وإن هلكت بعد الشراء فالشراء للموكل ويرجع بمثله فإن اختلفا في كون الهلاك قبله أو بعده فالقول للآمر مع يمينه انتهى
ونقل مثله في نور العين في الفصل السابع عشر
ونقل فيه قبله ما نصه شيخ يتعين النقدان في التبرعات كهبة وصدقة والنفوذ تتعين في الشركات والمضاربات والوكالات بعد التسليم إلى هؤلاء لكونها أمانة وقبل التسليم لا تتعين وجيز
النقدان لا يتعينان في المعاوضات وفسوخها وإن عينت حتى لا يستحق عينها وللمشتري أن يمسكها ويرد مثلها ويتعينان في الغصوب والأمانات والوكالات والشركات ونحوها انتهى
وقال في الأشباه والنظائر في أحكان النقود وفي وكالة البناية اعلم أن عدم تعيين الدراهم والدنانير في حق الاستحقاق لا غير فإنهما يتعينان جنسا وقدرا ووصفا بالاتفاق وبه صرح الإمام العتابي في شرح الجامع الصغير ا هـ
قال الحموي يعني أن من حكم النقود أنها لا تتعين ولو عينت في عقود المعاوضات وفسوخها في حق الاستحقاق فلا يستحق عينها فللمشتري إمساكها ودفع مثلها جنسا وقدرا ووصفا هذا هو المراد ا هـ
وقدم في الاستدلال للإمام وصاحبيه أن الدراهم والدنانير لا يتعينان في المعاوضات عندهما ويتعينان عنده في الوكالات ثم عليك بالتأمل في قوله وفائدة النقد والتسليم الخ بعد ما ذكره من الأصل المذكور وهو أنهما لا يتعينان
وكذا ما ذكره بعده من أنه لو اشترى بعد ما سرقت بعد الشراء عليه فإنه دليل على تعينهما كما هو قول الإمام لا على عدمه والله سبحانه وتعالى أعلم
قال في الحواشي الحموية وإنما لم تتعين في عقد المعاوضات لأن النقد خلق ثمنا والأصل فيه وجوبه في الذمة لتوصله إلى العين المقصودة واعتبار التعيين فيه يخالف ذلك بخلاف تعينه في الهبة لعدم وجوبه في الذمة وكذا في الصدقة والشركة والمضاربة والوكالة والغصب إذا قام عينه ولو هلك النقد في يد الوكيل انعزل ولو هلك بعد البيع قبل التسليم انفسخ البيع ولا يطالب الوكيل بعد بتسليم مثله وعين ذلك النقدين بالتعيين في عقد المعاوضة وفسخه
والشافعي وأحمد وافقاه كزفر لأنه صدر عن أهله مضافا إلى محله فيعتبر كما في عقد المعاوضة وقيد بالنقد لأن ما هو مضوغ من الذهب والفضة يتعين بالتعيين اتفاقا وكذا غيرهما من المثليات وأثر الخلاف أنه لو عين الدراهم ليس للمشتري أن يسلم غيرها
وعندنا له أن يسلم مثلها ولا ينقض العقد بالهلاك والاستحقاق بل يطالب بتسليم مثلها كذا في شرح درر البحار للعلامة شيخ البخاري وقوله وكذا غيرهما من المثليات يعني يتعين بالتعيين اتفاقا وهذا محله إذا كان المثلي حاضرا مشارا إليه يفهم هذا القيد من قوله يتعين بالتعيين إذ التعيين لا يكون في الغائب
وذكر في الذخيرة أن الفلوس بمنزلة الدراهم والدنانير في أنها لا تتعين بالتعيين انتهى
وفي شرح الجامع الصغير للتمرتاشي الدراهم لا تتعين في العقود والفسوخ وفرع عليه وجوب زكاة الأجرة المعجلة في الإجارة الطويلة على الآخر في السنين التي كانت الأجرة في يده لأنه ملكها بالقبض وبالفسخ لا ينتقض ملكه إذا كانت الأجرة دراهم وما شاكلها
____________________
(7/320)
وعن السرخسي يجب على المستأجر أيضا لأنه يعد ذلك دينا على الآجر وكذا في بيع الوفاء زكاة ذلك المال على البائع والمشتري وليس هذا إيجاب الزكاة على شخصين في مال واحد لأن الدراهم لا تتعين في العقود والفسوخ انتهى
قوله ( وهو معلوم ) هو جواب عما يقال إنه أمره بالتصدق وهو تمليك للفقير وهو مجهول وتوكيل المجهول باطل
وحاصل الجواب أنه جعله لله تعالى وهو معلوم فيكون الله سبحانه وتعالى هو القابض للصدقة لأن الصدقة تقع في كف الرحمن والفقير نائب عنه ولا تضر جهالة النائب كما قالوا لو تصدق بما يحتمل القسمة على فقيرين صح مع أن الصدقة بالمشاع قبل القسمة لا تصح لأن الصدقة تقع في كف الرحمن وهو واحد ولا يضر تعدد النائب
قوله ( وكذا لو أمره بشراء عبد ) أي من الأجرة
قوله ( لأنه لا يجد الآجر ) أي المؤجر وهو بدل مما قبله
قوله ( فجعل المؤجر ) بفتح الجيم أي العين المستأجرة وهو كالدار مثلا
قوله ( كالمؤجر ) بكسر الجيم أي فجعلت الدار مثلا قائمة مقام الآجر
وفي البحر فأقيمت العين مقام المؤجر في القبض
قوله ( قبل وجوب الأجرة لا يجوز ) لأنه لا دين له عنده حينئذ فكأنه أمره بالتصدق بمال نفسه فلا يرجع به على الآمر ولا بقتطعه من الأجرة لأن الأجرة لم تكن وجبت
قوله ( على الخلاف ) أي لا تصح عنده لأنه أمره بإتلاف نفسه مال فلا يرجع عليه به ويصح عندهما لأنه حيث شرط أن يكون ذلك من الأجرة فكأنه قال لترجع به علي تأمل
قوله ( فراجعه ) أقول الذي رأيته في الشرح المذكور في هذا المحل مثل ما قدمه ونصه وأما مسألة إجارة الحمام ونحوها قيل ذلك قولهما وإن كان قول الكل فإنما جاز باعتبار الضرورة لأن المستأجر لا يجد الآجر في كل وقت فجعلنا الحمام قائما مقام الآجر في القبض انتهى
ولم أجد هذه العبارة فيه لكن لا تخالف ما ذكره المتن لأن وجوب الأجرة يكون بعد استيفاء المنفعة أو باشتراط التعجيل وهو معنى قول المتن مما عليه من الأجرة
قال المقدسي وفرع الحمام ممنوع ولئن سلم فللضرورة ولأن المؤجر لا يوجد كل حين فأيم الحمام مقامه
ا هـ
تنبيه إذا ادعى المستأجر أنه عمر لم يقبل منه إلا بينة بخلاف الأمين المأذون بالدفع إذا ادعاه فإنه يقبل قوله كما في فتاوى قارىء الهداية وغيرها
وفي وديعة البزازية ما يخالف مسألة الدين فلينظر ثمة
قوله ( لأنه أمين ) ادعى الخروج عن عهدة الأمانة والآمر يدعي عليه ضمان خمسمائة وهو ينكر
قوله ( فالقول للآمر ) وينفذ على المأمور
زيلعي لأن الوكيل بالشراء ليس له أن يشتري بالغبن الفاحش اتفاقا ولأنه إنما أمره أن يشتري له عبدا بألف والعبد الذي قيمته نصف الألف غير المأمور به فلم يكن وكيلا في شرائه فنفذ الشراء وصار ضامنا للمال فخرج عن كونه أمينا فلذا كان القول للآمر
قوله ( بلا يمين ) في الأشباه كلمن قبل قوله فعليه اليمين إلا في مسائل
____________________
(7/321)
عشر وعدها وليس منها ما ذكره هنا ويمكن الجواب
تأمل
قوله ( صدق في الكل بغير الحلف ) أي في صورتي الدفع وعدمه إذا كانت القيمة مقدار نصف الثمن
قوله ( لكن جزم الواني بأنه تحريف ) اعترض ط وغيره من محشي هذا الكتاب على الواني بأنه لا وجه لنسبة الواني هؤلاء الجهابذة إلى التواطؤ على التحريف لأن العلة كما في الهداية وغيرها
أن الوكيل ليس له الشراء بالغبن الفاحش اتفاقا بخلاف الوكيل بالبيع ولأنه وكله بشراء عبد بألف وقد اشترى عبدا يساوي خمسمائة وهو غير المأمور به وهو الذي يساوي الألف فحينئذ لا وجه لتحليف الموكل لظهور مخالفته له وشرائه بالغبن الفاحش وهو ممنوع عنه
ولا فرق بين أن يدفع له الألف أو لا غير أن معنى تصديق الموكل عدم إلزامه بالعبد الذي لا يساوي الألف بالغبن الفاحش وظهوره أنه غير المأمور به على أنه مقتف أثر صدر الشريعة ومع ذلك هو مطالب بتصحيح النقل ولم نجده فيما بين أيدينا من الكتب وكذا الحال فيما بعده
والحال أن ادعاء التحريف من هؤلاء الأفاضل من غير نقل من مدعيه سواء ظن بهم وتخطئتهم في غير محلها وحينئذ فالقول للآمر لكون المأمور مخالفا بشرائه بالغبن الفاحش انتهى حاصل اعتراضهم
أقول وعبارة الواني أقول ما ذكره الشارح من قوله بلا يمين مخالف للعقل والنقل
أما العقل فلأن القول إذا كان للآمر يحكم بلزوم العبد مثلا على المأمور فهذا الحكم بمجرد قول الخصم بلا يمينه بعيد وجد
وأما النقل فلأنه قال في الهداية ولو أمره أن يشتري له هذا العبد ولم يسم له ثمنا فاشتراه فقال الآمر اشتريته بخمسمائة وقال المأمور بألف وصدق البائع المأمور فالقول قول المأمور مع يمينه
ا هـ
على أن تصديق البائع إذا احتيج إلى تحليف المأمور فبدونه يكون أولى
فإن قيل سكوت صاحب الهداية وغيره عن ذكر اليمين في الصورة السابقة وتعرضهم لها في هذه الصورة يشعر أن لا يجب اليمين فيها كما قاله الشارح
قلنا لعل سكوتهم في الصورة المكذورة بناء على ظهورها وأما تعرضهم لها في هذه الصورة فللتوطئة لبيان الاختلاف الآتي هل يجب اليمين فقط أو تحالف الجانبين لا يقال إذا كان الغبن فاحشا لا يلزم على الآخر سواء حلف أو لم يحلف فلا يكون فائدة ويكون قول الشارح بلا يمين في موقعه لأنا نقول فائدتها أن المأمور قد يتضرر ببقاء العبد عليه فلو استحلف الآمر يحتمل أن يقرر اشتراءه بأكثر ومثل هذا الاعتراض يرد على صدر الشريعة أيضا فإنه قال اعلم أن المراد بقوله صدق في جميع ما ذكر التصديق بغير الحلف وكأنه مأخذ الشارح ويحتمل أن تكون كلمة بغير تصحيفا عن بعد وهذا توجيه تفرد به أضعف العباد والله تعالى الهادي
واعترض ذلك أيضا في الحواشي اليعقوبية حيث قال هذا ليس بمذكور في غير هذا الكتاب وفيه كلام وهو أنه صرح في الكافي في المسألة السابقة المذكورة في المتن بقوله فإن قال شريت عبدا للآمر فمات فقال الآمر الخ بأن المراد من تصديق الوكيل تصديقه مع يمينه لأن الثمن كان أمانة في يده وقد ادعى الخروج عن عهدة الأمانة من الوجه الذي أمر به فكان القول له ولا فرق في تصديق الوكيل لأجل كونه أمينا بين موضع وموضع فيكفي التصريح في موضع فلا يتم قول الشارح كما لا يخفى فليتأمل
ا هـ
____________________
(7/322)
قلت وذكر في نور العين في مسائل اليمين قبيل الفصل السادس عشر القول في كل أمانة للأمين مع يمينه وكذا البينة بينته والضمين تقبل بينته لا يمينه على الإيفاء
ا هـ
وعلى هذا فكيف يكون القول للمأمور بلا يمين في المسألة الأولى وكذا كيف يكون للآمر في الثانية بلا يمين فتدبر
قوله ( لكن في الأشباه ) هذا في مقام الاستدراك على التعميم الواقع في صدر الشريعة من نفي اليمين عن الوكيل والموكل
على أن ما في الأشباه في الوكيل وفي مسألتنا لم يبق وكيلا لما علمت وحينئذ فلا حاجة إلى هذه العبارة
ونص عبارة الأشباه الوكيل يقبل قوله بيمينه فيما يدعيه إلا الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه كان قبضه في حياته ودفعه له فإنه لا يقبل قوله إلا ببينة كما في فتاوى الولوالجية من الوكالة وقد ذكرناه في الأمانات وفيما إذا ادعى بعد موت الموكل أنه اشترى لنفسه وكان الثمن منقودا وفيما إذا قال بعد عزله بعته أمس وكذبه الموكل وفيما إذا قال بعد موت الموكل بعته من فلان بألف درهم وقبضتها وهلكت وكذبه الورثة في البيع فإنه لا يصدق إن كان المبيع قائما بعينه بخلاف ما إذا كان مستهلكا الكل من الولوالجية من الفصل الرابع في اختلاف الوكيل مع الموكل
ا هـ
قال المحشي الحموي أقول وأما ورثة الوكيل فنص عليهم قارىء الهداية في فتاويه بعد نحو أربع ورقات مع بقية ورثة الأمناء وذكرها المصنف في فتاويه في الكراس الأخير مما عند كاتبه
وقد سئل شيخ مشايخنا شيخ الإسلام نور الدين علي بن غانم المقدسي في الوكيل بعد عزله هل يقبل قوله في الدفع لموكله أم لا وهل يقبل قوله في الدفع لموكله بعد موته فيفرق في ذلك بين العزل الحكمي والحقيقي أم لا وهل قول العمادي في فصوله ولو كان الموكل هو الميت بطلت أي الوكالة فإن قال قد كنت قبضت في حياة الموكل ودفعت إليه لم يصدق في ذلك لأنه أخبر عما لا يملك إنشاءه فكان متهما في إقراره وقد انعزل بموت الموكل ومثله في الخلاصة صحيح يعتمد عليه إفتاء وقضاء أو لا
وقد ذكر العمادي في موضع أنه يقبل قول الوكيل بعد الموت أعني موت الموكل حيث قال ولو وكله بقبض وديعة أو عارية فمات الموكل فقد خرج الوكيل عن الوكالة فإن قال الوكيل قد كنت قبضتها في حياته ودفعتها إلى الموكل يصدق في ذلك وتأتي المسألة بعد ذلك إن شاء الله تعالى ثم ذكر ما قدمناه من عدم تصديق الوكيل بعد موت موكله فهل يمكن التوفيق بين هذين الفرعين أم لا وهل إذا فرق بينهما بكون الأول في الدين والثاني في الوديعة يكون الفرق صحيحا فأجاب هذا السؤال حسن وقد كان يختلج بخاطري كثيرا أن أجمع في تحريره كلاما يزيح إشكالا ويوشح مراما لكن الوقت الآن يضيق عن كمال التحقيق فنقول وبالله التوفيق التأمل في مقالهم والتفحص لأقوالهم يفيد أن الوكيل بعد العزل يقبل قوله في بعض المواضع دون البعض فمما يفيد عدم قبول قوله لو قال الموكل ببيع عبد مثلا لوكيله قد أخرجتك عن الوكالة فقال قد بعته أمس لم يصدق لأنه حكى عقدا لا يملك إنشاءه للحال نظير ما لو قال ملطلقته بعد انقضاء العدة كنت راجعتك فيها لا يصدق ومما يفيد القبول قولهم في الفرع المذكور لو مات الموكل وقال ورثته لم تبعه وقال الوكيل إن كان العبد هالكا
قالوا لأن بهذا الإخبار لا يريد إزالة نلك الورثة بل ينكر وجوب الضمان بإضافة البيع إلى حالة الحياة والورصة يدعون الضمان بالبيع بعد الموت فيكون القول للمنكر
وأما العزل الحكمي والحقيقي فمعلوم والفرق بينهما بأن
____________________
(7/323)
الحقيقي يتوقف على علم الوكيل بخلاف الحكمي وأما ما ذكره في الفصول العمادية فلا خفاء أن أحد المحلين في الوديعة والآخر في الدين
وقد استشكله صاحب جامع الفصولين بقياس أحدهما على الآخر لكن الحكم مصرح به بالاختلاف بين الوديعة والدين كما في الولوالجية أ هـ
وقوله إلا الوكيل بقبض الدين الخ وقيل عليه ليس لهذا الاستثناء الذي ذكره أصل بل هو مخالف لما صرحوا به وقد اغتر بظاهر عبارة المصنف بعض المفتين فأفتى بأنه لا يقبل قول الوكيل المذكور إلا ببينة
وتقرير الكلام بما يدفع الشبهة والأوهام أو الوكيل إما أن يكون وكيلا بقبض دين ثابت لموكله في ذمة غيره أو دين استقرضه الموكل بنفسه ووكله في قبضه من غيره وإذا ادعى الوكيل إيصال ما قبضه لموكله إما أن يكون دعواه في حياة موكله أو بعد موته وفي كل منهما يقبل قول الوكيل بيمينه لبراءة ذمته ودعواه هلاك ما قبض في يده كدعواه الإيصال لبراءة ذمته في كل حال
وأما سراية قوله على موكله ليبرأ غريمه فهو خاص بما إذا ادعى الوكيل حال حياة موكله بالقبض وأما بعد موته فلا يثبت به براءة الغريم إلا ببينة يقيمها أو تصديق الورثة على قبض الوكيل أو أنكروا إيصاله لموكله
وأما الوكيل بقبض ما استدانه الموكل فلا يسري قوله على موكله حال حياته إذا أنكر قبضه على المفتى به كما بعد موته فلا بد من البرهان وهذه عبارة الولوالجية تفيد ما قدمناه قال ولو وكاه بقبض وديعة ثم مات الموكل فقال الوكيل قبضت في حياته وهلك وأنكر الورثة أو قال دفعت إليه صدق ولو كان دينا لم يصدق لأن الوكيل في الموضعين حكى أمرا لا يملك استئنافه أي استئناف سببه على طريق مجاز الحذف لكم من حكى أمرا لا يملك استئنافه إن كان فيه إيجاب الضمان على الغير لا يصدق وإن كان فيه نفي الضمان عن نفسه يصدق والوكيل يقبض الوديعة فيما حكي يوجب الضمان على الموكل وهو ضمان مثل القبوض فلا يصدق أ هـ
وقوله وقد ذكره في الأمانات
أقول وكذا في المداينات وقد حصل الاستباه بنقل المصنف تلك العبارة عن الولوالجية في ثلاثة مواضع مختصرة لا على الوجه الأكمل هنا وقد علمت ما فيه
وفي كتاب الأمانات حيث قال كل أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها قبل قوله كالمودع إلى قوله إلا الوكيل بقبض الدين
وفي كتاب المداينات حيث قال تفرع على أن الديون تقضي بأمثالها مسائل منها الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت الموكل أنه كان قبض في حياته ودفعه إليه فإنه لا يقبل قوله إلا ببينة لأنه يريد إيجاب الضمان على الميت بخلاف الوكيل بقبض العين ا هـ
فقد حصل الاشتباه بقوله لا يقبل قوله إلا ببينة هل النفي عام في حقه وحق موكله أو المنفي ثبوت الدين على الآمر فقط لا براءة ال كيل بالقبض بقوله قبضت في حياته ودفعت له وقد علم ما هو الصواب أ هـ
وقوله لم يصدق أي في قوله قبضت ودفعت يعني بالنسبة إلى المديون لا بالنسبة إلى نفسه إذا لم يصدق ترجع الورثة على المديون فإن صدق المديون الوكيل في الدفع فلا يمين عليه ولا يرجع المديون عليه لأنه أقر بأنه أوصل الحق إلى مستحقه وأن رجوع الورثة بطريق الظلم والمظلوم لا يظلم غيره وإن كذبه في الدفع يحلف إذ الضابط أن كل من أقر بشيء لزمه يحلف إذا هو أنكره ولو أقر
____________________
(7/324)
بأن المال موجود عنده لم يدفعه أخذه منه فإذا حلف برىء لأنه بالنسبة إليه مودع والقول قوله في براءة نفسه وإنما كان مودعا لأنه مصدق له في الوكالة والقبض بطريق الوكالة وبذلك صار المال في يده أمانة كما صرحوا به في كتاب الوكالة وإن نكل عن اليمين رجع عليه وإن صدقه الورثة في القبض وكذبوه في الدفع فالقول قوله بيمينه لأنه بالقبض صار المال في يده وديعة فتصديقهم له فيه اعتراف بأنه مودع وأن المديون قد برئت ذمته بذلك فإم حلف برىء وإن نكل عن اليمين لزمه المال المدعى وإن أقام بينة على الدفع جاز واندفعت عنه اليمين ولو أن الورثة في صورة إنكار القبض والدفع حتى أرادوا الرجوع على المديون أقام المديون بينة أنه دفع المال للوكيل حال حياة الموكل اندفعت دعواهم عليه ثم إذا أرادوا تحليف الوكيل على الدفع لهم ذلك لأن الثابت بالبينة كالثابت عيانا فكان قبضه معاينا دون دفعه فإن حلف برىء وإن نكل لزمه دعواهم ولو لم يقم المديون بينة على الدفع للوكيل وأراد تحليف الورثة على نفي العلم بالدفع للوكيل يحلفون فإن حلفوا ثبت عليه المدعى وإن نكلوا لزمهم دعواه وهو الدفع
ثم إذا ثبت الدفع للوكيل بنكولهم وكذبوه في الدفع للموكل لهم تحليفه على دفعه له فإن حلف برىء وإن نكل لزمه دعواهم
والحاصل أنه متى ثبت قبض الوكيل الدين من المديون بوجه من الوجوه كان القول قوله بيمينه في الدفع لأنه صار بعده مودعا والقول قوله في الدفع
وقد ظهر من هذا نه ينتصب خصما للورثة حتى إذا أقام عليهم بينة بالدفع للميت جاز واندفعت خصومتهم عن المديون فإذا صدقوه في القبض منه والدفع أو نكلوا عن اليمين على نفي العلم كما شرحنا ثبت عليهم بالدفع واندفعوا عن الوكيل والمديون
وإنما قلنا بأن له أن يحلف الوكيل على الدفع لأنه مصدق له في القبض لا في الدفع ولما دفع المال للورثة ثانيا صار أحد المالين له فانتصب الوكيل خصما له فيما قبضه ولتحليفه فائدة وهو أنه ربما ينكل عن اليمين أو يقر بعد الدفع فيرد المدفوع لربه وهذا يعلم من مسائل ذكرت في دعوى المديون لإيفاء الدين في جواب الوكيل بقبض الدين فراجع تلك المسائل وافهم العلة يظهر لك الحكم والله تعالى أعلم
كذا حرره بعض الفضلاء
ا هـ
وتكلم الشرنبلالي على عبارة الأشباه كلاما طويلا حرره في رسالة حافلة وكذا المقدسي ورسالة لخصها الحموي في حاشيته ونقله الفتال فراجع ذلك إن شئت
وسيأتي في كتاب العارية من كلام المصنف والشارح في هذا البحث بما لا مزيد عليه فراجعه إن شئت
قوله ( وإن كان قيمته ألفا فيتحالفان ) أي في صورة ما إذا لم يدفع الألف فإنه إنما يكون أمينا حيث دفع إليه المال في المال المدفوع إليه فكان القول له بيمينه ليبرىء نفسه عن الضمان ومع عدم الدفع ليس معه شيء هو أمين فيه إنما يريد الرجوع على الآمر وهو بالنسبة إليه بمنزلة البائع منه لأنه أصيل في الحقوق كما تدم وعند اختلاف البائع والمشتري في الثمن يتحالفان فكذا هذا
قوله ( ثم يفسخ العقد ) أي الذي جرى بينهما حكما
قوله ( فيلزم المبيع المأمور ) أي في الصورتين كما في الزيلعي
قوله ( من غير بيان ثمن ) فإن بعد القبض كان القول قول المأمور بيمينه لأنه أمين يريد إبراء نفسه من الضمان
فإن قلت كيف يتصور بعد القبض من غير بيان ثمن قلت بأن يدفع له مقدارا من المال فيقول له اشتر لي عبدا وادفع من هذا المال ثمنه ولم يبين مقدار ما يدفع
____________________
(7/325)
وإن كان قبل القبض يتحالفان ولا عبرة بتصديق البائع لأن قوله لا ينفذ على الآمر ولو كان معه شاهد آخر لأنه لا يصلح من يكون شاهدا على فعل نفسه
قوله ( على الأظهر ) وهو قول أبي منصور وعليه المعظم لأن البائع بعد استيفاء الثمن أجنبي عنهما وقبله أجنبي عن الموكل إذ لم يجر بينهما عقد فلا يصدق عليه فبقي الخلاف فيتحالفان وقيل لا تحالف لأنه ارتفع الخلاف بتصديق البائع إذ هو حاضر فيجعل تصادقهما بمنزلة استثناء عقد في الحال وفي المسألة الأولى هو غائب فاعتبر الاختلاف
والحاصل أن التصحيح قد اختلف فصحح قاضيخان عدم التحالف تبعا للفقيه أبي جعفر وصحح في الكافي التحالف تبعا للهداية بناء على أن قول الهداية وهو أظهر بمعنى أصح
ونص محمد في الجامع الصغير أن القول للمأمور بيمينه فمنهم من نظر إلى ظاهره فنفى التحالف ومنهم من قال إنه أراد التحالف لكنه اكتفى بذكر يمين الوكيل لأنه مدع ولا يمين عليه إلا في صورة التحالف فهو المقصود لولا ذلك لكن القول للآمر لإنكاره فيأخذ المبيع بما حلف عليه ولم يذكر يمين الوكيل
كذا ذكروا
واستشكل الزيلعي قول من قال إن مراده التحالف الخ بأنه وإن كان يدل على ما ذكروا من حيث المعنى لكن لفظه لا يدل على ذلك ولا على الأول فإن قوله إن القول للمأمور بيمينه يدل على أن المأمور يصدق فيما قال وفي التحالف لا يصدق واحد منهما ولو كان مراده التحالف لما قال ذلك
قال المحبوبي قد شرح الجامع الصغير وهذا فيما إذا اتفقا أنه أمره بالشراء بألف فلو قال أمرتك بخمسمائة وقال المأمور بألف فالقول للآمر بيمينه لأنه الآمر فيه يستفاد ويلزم العبد المأمور لمخالفته وإن برهنا فالبينة بينة الوكيل لكثرتها
كذا في النهاية والدراية
قيل يرد على ظاهره أن وضع المسألة فيما إذا لم يسم عند التوكيل الثمن فكيف يقول المحبوبي هذا إذا تصادقا على الثمن عند التوكيل وأجيب بأن التصادق في الثمن يخالف التحالف فيه فيصور بأن يتفقا على تسمية ثمن معين وبأن يتفقا على عدم تسميته أصلا
وبالجملة فالتصادق على الثمن من حيث تسميته ومن حيث عدم تسميته والثاني هو المراد في قول المحبوبي
كذا في المقدسي
قال في البحر ولم يذكر ما إذا كانت قيمتها بينهما
ا هـ
أقول والذي يفهم من عبارة ابن الكمال في الإصلاح فإن أعطاه الألف صدق هو إن ساواه وإلا فالآمر وإن لم يكن أعطاه الألف وساوى أقل منه صدق الآمر وإن ساواه تحالفا
قوله ( فوقوع الاختلاف في الثمن ) أي الحكمي لأن بينه وبين الموكل مبادلة حكمية
وفي الجامع دفع إليه ألفا يشتري له أمة وأمره أن يزيد من عنده إلى خمسمائة فشرى أمة وقال شريتها بألف وخمسمائة وقال الآمر بألف فإن برهن أحدهما قضى ببينته وإن برهنا قضى ببينة الوكيل وإن لم يكن لأحدهما بينة حلف كل على دعوى صاحبه ويبدأ بيمين الموكل فإذا حلفا صارت الأمة أثلاثا ثلثاها للموكل وثلثها للوكيل
فرع في التاترخانية دفع له ألف درهم وأمره أن يشتري بها عبدا بعينه فشراه ودفعه ثم اشتراه الوكيل من البائع فزاده ثوبا وقبله قيل يقسم الألف على قيمة العبد وقيمة الثوب فما أصاب الثوب لزم المشتري رده
____________________
(7/326)
للموكل فكأنه شراه مع ثوب بألف فالعبد نافذ على الآمر والثوب على المشتري بحصته
قوله ( ولو اختلف في مقداره ) أي في تسمية مقداره أي الثمن كما دل عليه التصوير وهنا اتفقا على بيان شيء لكن الاختلاف في المقدار بخلاف الصورة التي قبلها فإنه لم يبين فيها شيء من الثمن
واعلم أن كل الاختلاف السابق إنما هو في الثمن فالأولى الإظهار فيقول ولو اختلفا في مقدار الثمن عند الآمر وما في الزيلعي سهو كما علمته ونبه عليه في البحر بقوله وقولي هنا إنهما اتفقا على عدم تسمية الثمن أولى من قول الزيلعي وهذا فيما إذا اتفاق على أنه أمره أن يشتري له بألف إذ المسألة إنما فرضها المؤلف وغره فيما إذ لم يسم ثمنا فهو سهو والله سبحانه وتعالى أعلم ا هـ
قوله ( فالقول للآمر بيمينه ) لأن ذلك يستفاد من جهته فكان القول قوله ويلزم العبد المأمور لمخالفته
قوله ( لأنها أكثر إثباتا ) أنث الضمير باعتبار كون البرهان بينة
قوله ( بشراء أخيه ) أي أخي الآمر والمراد به قريب ذو رحم محرم منه
قوله ( فالقول له ) أي للآمر
قوله ( ويكون الوكيل مشتريا ) هذا يفيد أن الولاء للوكيل
قوله ( بخلاف البيع ) فإنه يبطل ويبقى على ملك الموكل
قوله ( ولو أمره عبد ) الأولى حذفه لأنه أوجب ركاكة لفظية فإن المقصود أن العبد أمر رجلا أن يشتريه من سيده
قوله ( بكذا ) أي بألف مثلا وكان ينبغي التعبير به لقوله بعد والألف للسيد
قوله ( ودفع المبلغ ) فإذا لم يدفعه عتق على ألف وهي واحدة
قوله ( عتق على المال ) لأن بيع العبد منه إعتاق وشراء العبد نفسه قبول الإعتاق ببدل نصار كأنه اشترى نفسه لنفسه
قوله ( وكان الوكيل سفيرا ) فلا ترجع الحقوق إليه والمطالبة بالألف الأخرى على العبد لا على الوكيل هو الصحيح
قال في البحر فصار كأنه اشترى نفسه بنفسه وإذا كان إعتاقا أعقب الولاء وإن لم يبين للمولى فهو عبد للمشتري لأن اللفظ حقيقة للمعاوضة وأمكن العمل بها إذا لم يبين فيحافظ عليه بخلاف ما لو وكله غير العبد أن يشتريه له فإنه يصير مشتريا للآمر سواء أعلم الوكيل البائع أنه اشتراه لغيره أو لم يعلمه وهنا ما لم يعلمه أنه يشتري للعبد لا يصير مشتريا للعبد لأن ثمة على نمط واحد لأنه في الحالين شراء وفي الحالين المطالبة متوجهة إلى الوكيل فلا يحتاج إلى البيان
أما هناهنا أحدهما إعتاق معقب للولاء ولا مطالبة على الوكيل والمولى عساه لا يرضاه ويرغب في المعاوضة المحضة فلا بد من البيان ا هـ بتصرف
قوله ( والألف للسيد فيهما ) أي في صورتي ما إذا قال لنفسه أو لا
قوله ( وعلى العبد ألف أخرى في الصورة الأولى بدل الإعتاق ) قال الإمام قاضيخان في الجامع الصغير وفيما إذا بين الوكيل للمولى أنه يشتريه العبد هل يجب على العبد ألف أخرى لم يذكر في الكتاب
ثم قال
____________________
(7/327)
وينبغي أن يجب لأن الأول مال المولى فلا يصح بدلا من ملكه
كذا في النهاية
قوله ( فلا يصلح بدلا ) أي لا بدلا عن العتق في الصورة الأولى ولا عن المبيع في الصورة الثانية وحيث استحق البدل وجب بدل العتق على العبد وبد المبيع على المشتري
قال منلا مسكين لقائل أن يقول قد ذكر فيما تقدم أن الوكيل بشراء شيء بعينه لا يملك شراءه لنفسه فلا يجوز أن يكون للمشتري
ويمكن أن يجاب عنه بأن توكيل العبد بشراء نفسه يكون توكيلا بقبول الإعتاق وحقيقة شراء الوكيل لنفسه يكون إتيانا بجنس تصرف آخر
ا هـ
الوكيل إذا خالف وأتى بجنس آخر من التصرفات نفذ عليه
حموي
وتقدم في كلام الشارح معزيا للخلاصة والدرر أن الوكيل إذا خالف إن خلافا إلى خير في الجنس كبع بألف فباعه بألف ومائة نفذ ولو بمائة دينار لا ولو خيرا ا هـ
واستفيد منه أن الدراهم والدنانير في باب الوكالة جنسان
قوله ( إعتاق ) أي معنى وإن كان شراء صورة
قوله ( فتلغو أحكام الشراء ) فلا يبطل بالشروط الفاسدة ولا يدخله خيار الشرط
قوله ( صح الشراء ) ولو كان شراء حقيقة لكان فاسدا لجهالة الأجل
قوله ( فلو شرى العبد نفسه إلى العطاء صح ) أي لأنه إعتاق لا حقيقية الشراء إذ لو كان شراء حقيقيا لأفسده الأجل المجهول
قوله ( كما صح في حصته ) أي العبد
وصورته عبد اشترى نفسه مع مشتر آخر بألف وكان مثل قيمته فصح الشراء في حق العبد بحصته من الألف وكان البيع إعتاقا بالخمسمائة وحينئذ فلم يصح شراء الآخر لعدم البيع الحقيقي ولو قلنا بصحته للآخر لزم كون البيع مجازا عن العتق في حق المشتري وحقيقة في حق الآخر فيلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز ووهو لا يجوز
وفي البحر عبد اشترى نفسه من مولاه ومعه رجل آخر بألف درهم صفقة واحدة يجوز في حصة العبد وفي حصة الشريك باطل ولا يشبه هذا الأب إذا اشترى ولده مع رجل آخر بألف درهم فإنه يجوز العقد في الكل
ا هـ
فإن قلت كيف صح المجاز دون الحقيقة وكان الأولى القلب
قلت لما كان هو الأرفق كان هو المعتبر
قوله ( ومعه رجل آخر ) أي تشارك الرجل والعبد في شراء نفس العبد صفقة واحدة كما علمت ولو كان بيعا لم يصح لأنه ضم بيع صحيح إلى بيع باطل فإن شراء العبد نفسه من سيده صحيح وشراء الشريك باطل لأنه شراء مبعض لكن لما كان شراء العبد إعتاقا وهو لا يبطل بالشروط الفاسدة كما علمت صح قوله فيهما أي في حصة الأب والأجنبي
قوله ( فإنه يصح فيهما ) أي في حصة الأب والأجنبي وعتق الأب ولا يضمن عند الإمام لشريكه لانعدام التعدي علم الشريك حاله أو لا كما في الدرر
قوله ( والفرق انعقاد البيع في الثاني ) أي في شراء الأب مع الأجنبي لأن صيغة الشراء استعملت في معناها الحقيقي فيتبعه العتق في حصة الأب
قوله ( لا الأول ) لأن ما وقع من العبد لم يكن صيغة تفيد الشراء فهو مجاز عن قبول الإعتاق ببدل لأن اعتباره بيعا حقيقة غير ممكن لأنه لا يملك فبطل شراء الأجنبي لئلا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز وإلى هذا أشار بقوله لأن الشرع جعله الخ
____________________
(7/328)
قوله ( جعله إعتاقا ) أي في حق العبد
قوله ( للزوم الجمع بين الحقيقة ) وهو ثبوت الملك للمشتري والمجاز وهو الإعتاق وهذا جواب سؤال حاصله لماذا يجعل إعتاقا في حق العبد ومفيدا للملك في حق صاحبه وحاصله ما أشار إليه من الجواب أن ذلك لا يستقيم لأنه يلزم منه استعمال اللفظ الواحد وهو الصيغة الصادرة في معناه المجازي وهو الإعتاق ومعناه الحقيقي وهو ثبوت الملك لهما
والحاصل أنه يعتق على الأب نصيبه لأنه ملك ذا رحم محرم منه وقد حصل العتق بعد تحقق الشراء من الأب والأجنبي
وأما شراء العبد نفسه من سيده كلا أو بعضا فقد جعله الشرع إعتاقا فشراء الآخر وقع على مبعض فبطل
قوله ( ففعل ) أشار به إلى أنه يتم بقول المولى بعت ولا يحتاج إي قول العبد قبلت بعد قوله بعني نفسي لأنه إعتاق فيستبد به المولى بناء على أن الواحد يتاولى طرفي العقد وفي العتق والنكاح وهذا إنما يظهر لو كان وقع الشراء للعبد أما إذا كان الشراء للآمر فلا بد من قبول العبد لأنه بيع فلا ينعقد إلا بالإيجاب والقبول
وعلى كل من الوجهين فيكون الثمن في ذمة العبد أما إذا وع الشراء له فظاهر وأما إذا وقع للآمر فلأنه هو المباشر للعقد فترجع الحقوق إليه فيطالب بالثمن ويرجع به هو على الآمر
أفاده العيني
قوله ( فهو للآمر ) لأن العبد يجوز توكيله في شراء نفسه لأن الشراء يقع على ماليته وهو أجنبي عن نفسه من حيث المالية وليس للبائع حبس العبد لأخذ الثمن لأن العبد في يد نفسه والمبيع إذا كان في يد الوكيل بالشراء حاضرا في مجلس العقد لا يكون للبائع حق حبسه لأنه بالعقد يصير مخليا بينه وبين المشتري فكان قابضا بالشراء
حموي
قوله ( فالرد للعبد ) لأن الوكيل أصل في الحقوق والرد منها إذ لو كان محجورا فقد صار مأذونا بهذا العقد حيث رضي به سيده فترجع الحقوق إليه
وفيه أن الوكيل إذا أضاف العقد إلى الموكل تتعلق الحقوق بالموكل وتقدم أن من جملة الحقوق الخصومة في العيب فهي هنا تتعلق بالأمر دون العبد فتأمل
قوله ( وإن لم يقل لفلان ) بأن قال بعني نفسي أو أطلق بأن قال بع نفسي
أما الأول فلأنه قبول للعتق لأن بيعه من نفسه إعتاق معني وإن كان بيعا لفظا فلم يقع امتثالا
وأما الثاني فلأن المطلق يصلح لذا ولذا فلا يقع امتثالا بالشك فبقي لنفسه لا بعقد البيع والشراء ط
قوله ( لأنه أتى بتصرف آخر ) هذا جواب عما يقال المأمور بشراء معين لا يملكه لنفسه
فأجاب بأن ذاك إذا لم يخالف وأما هنا فقد خالف لأنه أتى بصيغة توجب العتق لا الملك
قوله ( وعليه الثمن فيهما ) أي بدل العتق في الصورة الثانية والثمن في الصورة الأولى لأن الحقوق ترجع إليه لما بينه بقول لزوال حجره الخ أما الأولى فلكونه وكيلا يرجع بما دفع على الآمر وأما الثانية فلكونه أصيلا
قوله ( لزوال حجره ) جواب سؤال مذكور في الدرر وهو أن العبد إذا كان محجورا عليه لا ترجع الحقوق إليه
قلنا زال الحجر هنا بالعقد الذي باشره مقترنا بإذن المولى وهذا إنما يظهر في المسألة الأولى ولله در الشارح حيث علل في منع المسألة المتقدمة
____________________
(7/329)
بلزوم الجمع بين الحقيقة والمجاز وقال وعليه الثمن فاستعمله في حقيقته ومجازه
فإن قال أردت به عموم المجاز
فنقول يمكن أن يراد في المسألة الأولى ذلك بل الجواب الصحيح ما ذكرناه من التعليل
قوله ( ومائة ) أي من الدراهم
قوله ( نفذ ) لأن الخيرية في جنس الدراهم
قوله ( ولو بمائة دينار لا ولو خيرا ) لاختلاف الجنس إذ قد يكون غرضه في الدراهم
قل في الأشباه المأمور بالشراء إذا خالف في الجنس نفذ عليه إلا في مسألة وهي الأسير المسلم في دار الحرب إذا أمر إنسانا أن يشتريه بألف درهم فخالف في الجنس فإنه يرجع عليه بألف
ا هـ أي بأن اشتراه بمائة دينار أو عروض جاز له أن يرجع
والفرق أن شراء الوكيل شراء حقيقة والشراء بمائة دينار أو عروض غير الشراء بألف درهم ومسألة الأسير ليس بشراء حقيقة بل طريق للتخليص وقد رضي بالتخليص بألف فيلزمه الألف كما قدمناه
قال في الخانية رجل أمر غيره أن يبيع غلامه بمائة دينار فباعه المأمور بألف درهم ثم قال المأمور للآمر بعت الغلام فقال المولى أجزت ذلك ذكر في المنتقى أنه يجوز لانصراف الإجازة إلى كل بيع
وفي المنح عن البزازية أمره بأن يشتريه بعشرة دنانير فاشتراه بمائة درهم قيمتها مثل الدنانير لزم الموكل خلافا لزفر ومحمد ولو بعرض قيمتها مثل النقد لا يلزم إجماعا
وفي التهذيب كل موضع يكون خلافا في البيع فهو موقوف على إجازة الآمر وفي الشراء يكون مشتريا لنفسه إلا إذا كان الوكيل صبيا أو عبدا محجورا أو مرتدا فهو موقوف
وفي البزازية وكله بأن يبيع عبده بألف وقيمته كذلك ثم زادت قيمته إلى ألفين لا يملك بيعه بألف ا هـ
قوله ( خلاصة ودرر ) نقله في الدرر عن الخلاصة فالأولى الاقتصار على الخلاصة والله تعالى أعلم واستغفر الله العظيم
فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع من ترد شهادته له قوله ( وكيل البيع الخ ) شمل المضارب إلا إذا كان بمثل القيمة إنه يجوز اتفاقا لأنه متصرف لنفسه من وجه وقيد بالوكيل لأن الوصي لو باع منهم بمثل القيمة فإنه يجوز وإن حابى فيه لا يجوز وإن قل ولا مضارب كالوصي
بحر
وفي جامع الفصولين لو باع القيم مال الوقف أو أجر ممن لا نقبل شهادته له لم يجز عند أبي حنيفة وفيه المتولى إذا أجر دارا من ابنه البالغ أو أبيه لم يجز عند أبي حنيفة إلا بأكثر من أجر المثل كبيع الوصي ولو أجر من نفسه يجوز أو خيرا وإلا لا وقيد بوكيل العقد احترازا عن وكيل القبض كما لو وكل شخصا بقبض دين على أبيه أو ولده أو مكاتب لولده أو عبده فقال الوكيل قبضت الدين وهلك وكذبه الطالب فالقول قول الوكيل
ا هـ
وفي النهاية إنه إذ باع منه بأكثر من القيمة يجوز بلا خلاف وبأقل يغبن فاحش لا يجوز إجماعا وبمثل القيمة القيمة في رواية الوكالة والبيع عنه لا يجوز ورجحه في الخانية
قوله ( ونحوها ) كالتزويج فلو وكله
____________________
(7/330)
بتزويج فزوجه بنته ولو كبيرة أو من لا تقبل شهادته لها لا يجوز عنده خلافا لهما وعلى هذا فلو حذف قوله بالبيع والشراء لكن أولى
قوله ( مع من ترد شهادته له ) أي كأصله وفرعه وسيد لعبده ومكاتبه وشريكه فيما يشتركان لأن مواضع التهم مستثناة من الوكالات وهذا موضع التهم بدليل عدم قبول الشهادة كما في الدرر
وفي القنية وكيل يبيع ممن أحب إلا من أربعة اتفاقا عبده المأذون ومكاتبه وولده الصغير وولد مكاتبه
وأربعة عند أبي حنيفة خلافهما ولده الكبير وولده ووالده وزوجته
وقيل وزوجها إن كانت امرأة
وقيل ولد ولده الصغير
ولا يجوز إذا مات أبوه ولم يترك وصيا اتفاقا
وقيل مدبره المأذون
ولا يجوز له البيع أو الشراء من نفسه عندهم جميعا سواء كان خيرا أو شرا للموكل أو الوكيل كما في فتاوى قاضيخان
قال في البحر وهو مفهوم من كلام المصنف بأولى لأنه إذا لم يملك العقد مع من ترد شهادته له فأولى أن لا يملكه من نفسه ولو بمثل القيمة في إحدى الروايتين عن الإمام وقيد بقوله له لأنه لو عقد على من ترد شهادته للموكل كأبيه وابنه ومكاتبه وعبده المديون جاز وكذا الوكيل العبد إذا باع من مولاه والحيلة في جواز بيعه من نفسه أن يبيعه من آخر ثم يشتريه منه
واعلم أن الأولوية بالنسبة لمذهب الإمام وأما الصاحبان فلا يمنعان الوكيل من العقد مع من ترد شهادته له إذا كان بمثل القيمة إلا من عبده ومكاتبه كما يأتي قريبا في كلام الشارح بخلاف منعه من البيع من نفسه فإنهما مع إمام فيه كما نبه عليه أبو السعود
قوله ( للتهمة ) وهذا موضعها بدليل عدم قبول الشهادة ولأن المنافع بينهم متصلة فصار بيعا من نفسه من وجه
قال في التاجية التهمة من وهم بالفتح أي ذهب يعني يذهب الوهم إلى أنه إنما يختار هذا لنفع نفسه فيكون عاملا لنفسه والوكيل من يعمل لغيره
ا هـ
قوله ( بمثل القيمة إلا من عبده ) أي لا يجوز عندهما بيعه من عبده أي وإن أحاط الدين بماله ورقبته لأن مع ذلك مذهبهما بقاء ملك السيد في ماله
قوله ( ومكاتبه ) لأن مال المكاتب لمولاه على تقدير عجزه ومثله ابنه الصغير وشريكه مفاوضة
أما شريك عنانا فيجوز عقده معه إذا لم يكن ذلك من تجارتهما
وقيد في المبسوط العبد بغير المديون أما لو كان مديونا فإنه يجوز
معراج
فالمستثنى حينئذ من قولهما أربع
قوله ( كبيع ممن شئت ) استدركه المقدسي بأن الوكيل بمجرد الوكالة يبيع ممن شاء فلا يجوز إلا أن ينص على بيعه من هؤلاء حتى يكون إطلاقا
ورده الحموي بأن كون الوكيل بمجرد الوكالة يبيع ممن شاء ممنوع فإن مواضع التهمة مستثناة عن الوكالات والبيع ممن ذكر موضع تهمة وقيد بما ذكر من المسائل
أما غيرها كالحوالة والإقالة والحط والإبراء والتجوز بدون حقه فيجوز عندهما ويضمن
وعند أبي يوسف لا يجوز
قوله ( كما يجوز عقده معهم بأكثر من القيمة اتفاقا ) أي عند عدم الإطلاق
قوله ( أي بيعه ) أشار به إلى أن المصنف أطلق في محل التقييد لأن قوله كما يجوز عقده يشمل البيع والشراء فأفاد أنه أراد بالعقد البيع لأنه حيث كان بأكثر من القيمة انتفت التهمة
أما الشراء بأكثر منها فهو ظاهر التهمة والخيانة فلا يجوز اتفاقا من أبي حنيفة وصاحبيه كما لو باع بأقل من القيمة
ونظير البيع بأكثر من القيمة الشراء بأقل منها فيجوز اتفاقا
قوله ( لا شراؤه بأكثر منها ) أي ممن ترد شهادته له
قوله ( بغبن فاحش ) أي ممن ترد
____________________
(7/331)
شهادته له
قوله ( لا يجوز اتفاقا ) وجاز مع غيره عنده
قوله ( وكذا بيسير عنده ) أي لا يجوز عنده لأنه حيث لم يجز العقد بمثل القيمة لم يجز بالغبن اليسير بالأولى
قوله ( خلافا لهما ) لأنه لما جاز بمثل القيمة وكان الغبن اليسير لا يمكن الاحتراز عنه لأن حقيقته ما يقومه معه بعض المقومين جاز البيع معه
والنكتة في ذكر عدم جواز البيع عنده بالغبن اليسير مع أنها معلومة من عدم جواز بيعه منهم عنده بمثل القيمة بالطريق الأولى ليبني علي خلافهما وجواز ذلك عندهم أيضا
قوله ( وفي السراج لو صرح بهم جاز إجماعا ) قال فيه لو أمره بالبيع من هؤلاء فإنه يجوز إجماعا إلا أن يبيعه من نفسه أو ولده الصغير أو عبده ولا دين عليه فلا يجوز قطعا وإن صرح له الموكل ا هـ
منح
لكن في البزازية الوكيل بالبيع لا يملك شراءه لنفسه لأن الواحد لا يكون مشتر وبائعا فيبيعه من غيره ثم يشتريه منه وإن أمره الموكل أن يبيعه من نفسه أو أولاده الصغار أو ممن لا تقبل شهادته له فباع منهم جاز ا هـ
ولا يخفى ما بينهما من المخالفة وذكر مثل ما في السراج في النهاية عن المبسوط ومثل ما في البزازية في الذخيرة عن الطحاوي حيث قال وفي وكالة الطحاوي لا يجوز بيع الوكيل من نفسه أو ابن صغير له أو عبد له غير مديون وإن أمره الموكل بالبيع من هؤلاء أو جاز له ما صنع جاز ا هـ
وفي النهاية عن المبسوط لو باعه الوكيل بالبيع من نفسه أو ابن صغير له لم يجز وإن صرح الموكل بذلك لأن الواحد في باب البيع إذا باشر العقد من الجانبين يؤدي إلى تضاد الأحكام فإنه يكون مشتريا وسمتقضيا قابضا ومسلما مخاصما في العيب ومخاصما وفيه ن التضاد ما لا يخفى ا هـ
وهذا موافق لما عن السراج وكأن في المسألة قولين خلافا لمن ادعى أنه لا مخالفة بينهما
والوجه ما في النهاية إلا إذا أجاز الموكل بعد البيع فلا يرد ما ذكره
تأمل
ولأن ما في البزازية من أنه يجوز لنفسه محله إذا صرح له بالعقد من نفسه فيه ما فيه
فعلم مما تقدم أن قول الإمام مقيد بثلاثة قيود أن لا يطلق له كبع من شئت وأن لا يبيعهم بأزيد من القيمة أو يشتري منهم بأقل منها وأن لا يصرح بهم
ففي هذه الصور يجوز اتفاقا وما قاله في السراج مفهوم من القيد الأول فإنه إذا جاز بقوله بع من شئت يجوز بالتصريح بهم بالأولى وعلم من تصريحه باستثناء نفسه وما عطف عليه بمال إذا صرح بهم أنه عند الإطلاق لا يجوز بيعه من نفسه وما عطف عليه وكذلك بالأكثر من القيمة
قوله ( إلا من نفسه وطفله ) فلا يجوز سواء كان شراؤه من نفسه لنفسه أو لطفله أو لموكله لأنه يصير متوليا طرفي العقد قابلا ومجيبا والواحد لا يتولى طرفي العقد فقوله من نفسه يغني عن قوله وطفله لأن الطفل يعقد له أبوه وإنما نص عليه لأنه إذا كان يعقل البيع والشراء يجوز أن يعقد بنفسه لإذن وليه فدفع توهم أن يجوز بيعه له لأنه إنما يستفيد الإذن من أبيه فكان الأب هو العاقد فلا يصح وإن قال له بعه من طفلك
وعبارة المنح عن السراج أو ولده الصغير بدل طفله والمراد بهما واحد فلذا عبر الشارح بلفظ الطفل لأن مرادهم من الطفل والصغير ما كان دون البلوغ
قال في المنح في باب النفقة وقيد بالطفل وهو الصبي حين يسقط من البطن إلى أن يحتمل
وقال الراغب
____________________
(7/332)
في المفردات الطفل الولد ما دام ناعما ا هـ
والذي يدل على بقاء اسم الطفل إلى البلوغ قوله تعالى { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم } النور 59
قوله ( وعبده غير المديون ) أما المديون الذي أحاط الدين بماله ورقبته لا يملك سيده ما في يده عند أبي حنيفة فجاز بيعه من حيث كان لسيده حق في كسبه وحقيقة بعد العجز فالمديون كذلك لاحتمال وفاء الدين وظهور ملكه في كسبه فليراجع
قال الخجندي جملة من يتصرف بالتسليط حكمهم على خمسة أوجه
منهم من يجوز بيعه وشراؤه بالمعروف وهو الأب والجد والوصي وقدر ما يتغابن يجعل عفوا
ومنهم من يجوز بيعه وشراؤه على المعروف على خلافه وهو المكاتب والمأذون عند أبي حنيفة يجوز لهم أن يبيعوا ما يساوي ألفا بدرهم ويشتروا ما يساوي درهما بألف
وعندهما لا يجوز إلا على المعروف
وأما الحر البالغ العاقل يجوز بيعه كيفما كان وكذا شراؤه إجماعا
ومنهم من يجوز بيعه كيفما كان وكذا شراؤه على المعروف وهو المضارب وشريك العنان والمفاوضة والوكيل بالبيع المطلق يجوز بيع هؤلاء عند أبي حنيفة بما عز وهان وعندهما لا يجوز إلا على المعروف إجماعا فإن اشتروا بخلاف المعروف والعادة أو بغير النقود نفذ شراؤهم على أنفسهم وضمنوا ما نقدوا فيه من مال غيرهم إجماعا
ومنهم من لا يجعل قدر ما يتغابن فيه عفوا وهو المريض إذا باع في مرض موته وحابى فيه قليلا وعليه دين مستغرق فإنه لا يجوز محاباته وإن قلت والمشتري بالخيار إن شاء وفي الثمن إلى تمام القيمة وإن شاء فسخ
وأما وصيه بعد موته إذا باع تركته لقضاء ديونه وحابى فيه قدر ما يتغابن فيه صح بيعه ويجعل عفوا وكذا لو باع ماله من بعض ورثته وحابى فيه وإن قل لا يجوز البيع على قول أبي حنيفة وإن كان أكثر من قيمته حتى تجيز سائر ورثته وليس عليه دين ولو باع الوصي ممن لا تجوز شهادته له وحابى فيه قليلا لا يجوز وكذا المضارب
ومنهم من لا يجوز بيعه وشراؤه ما لم يكن خيرا وهو الوصي إذا باع ماله من اليتيم أو اشترى فعند محمد لا يجوز بحال وعندهما إن خيرا فخير وإلا لم يجز ا هـ
مطلب تفسير الخيرية قلت وفي وصايا الخانية فسر السرخسي الخيرية بما إذا اشترى الوصي لنفسه مال اليتيم ما يساوي عشر بخمسة عشر أو باع مال نفسه من اليتيم ما يساوي عشرة بثمانية وذكر ما قدمناه في منية المفتي بعبارة أحضر مما قد قدمناه
قوله ( بما قل أو كثر ) ولو بغبن فاحش عنده لأن التوكيل مطلق فيجري على إطلاقه وقد يمل الإنسان من الشيء فيتجاوز فيه بغبن ط وكذا التوكيل بالإجارة
ومن المشايخ من قال قولهما كقول أبي حنيفة في الإجارة كما في الذخيرة
وفي الهندي والوكيل إذا أخر الثمن وأبرأ المشتري منه أو قبل الحوالة أو اقتضى الزيوف وتجوز به جاز وضمن الثمن للآمر وهو قول الإمام
وأجمعوا أن الثمن لو دينا مقبوضا أو عينا فوهبه للمشتري لا صح
____________________
(7/333)
أقول وكذا وكيل المرأة لو زوجها بأقل من مهر مثلها
بزازية أي فإنه يصح بما قل أو كثر
قوله ( وخصاه الخ ) لأن التصرفات لدفع الحاجات فتتقيد بمواقعها والمتعارف البيع بمثل الثمن وبالنقود فلا يجوز عندهما بيعه بنقصان لا يتغابن الناس فيه ولا يجوز إلا بالدراهم والدنانير حالة أو إلى أجل متعارف لأن مطلق الأمر يتقيد بالمتعارف ولهذا يتقيد التوكيل بشراء الفحم
والجمد بسكون الميم هو ما جمد من الماء والأضحية بزمان الحاجة ففي الفحم بالشتاء والجمد بالصيف وفي الأضحية بزمانها ولأن البيع بغبن فاحش بيع من وجه هبة من وجه وكذا المقايضة بيع من وجه شراء من وجه فلا يتناوله مطلق اسم البيع
وفي الخلاصة الوكيل بالطلاق والعتاق على مال على الخلاف ومحل الخلاف عند عدم التقييد من الآمر فإن عين شيئا تعين
ا هـ
قوله ( وبه يفتى ) قال العلامة قاسم في تصحيحه على القدوري ورجح دليل الإمام وهو المعول عليه عند النسفي وهو أصح الأقاويل والاختيار عند المحبوبي ووافقه الموصلي وصدر الشريعة ا هـ
رملي
وعليه أصحاب المتون الموضوعة لنقل المذهب بما هو ظاهر الرواية خصوصا وقد قالوا يفتى بقول أبي حنيفة على الإطلاق خصوصا من ظهور وجهه فإن أطلق له البيع وهو صادق على ذلك كله وقد يكون مقصودا للبائع في بعض الأخياء كما لو مل من السلعة أو واضطر إلى اثمن أو نحو ذلك حتى لو قامت قرينة على أمر عمل بها كما هو مذهب الإمام
قوله ( كدينار بدرهم ) أمام إذا اتحد الجنس فلا يجوز ولو بغبن يسير للربا
قوله ( لأنه بيع من وجه شراء من وجه ) والوكيل بالشراء لا يجوز له بالغبن الفاحش اتفاقا
قوله ( وصح بالنسيئة ) أي المتعارفة لا إن طول المدة عند الإمام
بحر
قوله ( كالمرأة إذا دفعت غزلا الخ ) لأن بيع المرأة للحاجة إلى النفقة عادة فلا ينفعها النسيئة ولا البيع بالعرض للقرينة ولذا لو قال له أني أخشى أن أغبن في بيع هذه السلعة فأريد أن تبيعها برأيك صيانة لمالي عن الضياع فليس له أن يبيعها بالغبن حينئذ كما أفاده المصنف
قوله ( كما أفاده المصنف ) حيث قال استفتيت في غاز يريد الجهاد فوكل إنسانا أن يبيع له غلامه فباعه بالنسيئة مع قيام دلالة حاله أنه يريد الاستعانة بالثمن على سفره فأفتيت بعدم جواز البيع بالنسيئة لوجود الدلالة الظاهرة على إرادة خلافه ويقال مثله لو باعها بالسلعة
قوله ( وهذا أيضا ) أي قول الإمام بجواز البيع بالنسيئة أي وإنما قال الإمام يجوز البيع بالنسيئة إن باع الخ
قوله ( لم يجز به يفتى ) أشار بذلك إلى أن هناك من تقبل عن الإمام جواز النسيئة مطلقا
قال في البحر أطلق في جواز بيعه نسيئة وهو مقيد بما إذا كان للتجارة فإن كان للحاجة لا يجوز
ا هـ
وفي المواهب وتأجيله ثمن التجارة جائز وإن طال وقيداه بالمتعارف ا هـ
وبه تعلم أن الشرط الذي ذكره المصنف قول أبي يوسف وما ذكر الشارح قولهما
والحاصل أن الوكيل بالبيع يجوز بيعه بالنسيئة عند أبي حنيفة مطلقا لأنه وكله ببيع وهذا مطلق فينفذ عليه كيفما كان
وعند أبي يوسف مقيد بقيدين أن يكون البيع للتجارة وأن يكون الأجل متعارفا
قال في المنية الوكيل بالبيع المطلق باع بثمن مؤجل جاز وإن طالت المدة قيل على قوله الإمام
وعندهما جاز بأجل متعارف في تلك السلعة وبدونه لا
وعن أبي يوسف إن وكله ببيعه للتجارة جاز بالنسيئة وإن
____________________
(7/334)
وكله به لحاجة إلى النفقة أو قضاء الدين لا
قوله ( ومتى عين الآمر شيئا تعين ) قال في المحيط الموكل متى شرط في البيع على الوكيل شرطا ينظر إن كان مفيدا نافعا من كل وجه يجب على الوكيل مراعاته شرطه أكد بالنفي أو لا وإن كان شرطا لا يفيد ولا ينفعه بل يضره لا يجب مراعاته وإن أكده بالنفي وإن كان شرطا مفيدا نافعا من وجه ضارا من وجه إن أكده بالنفي يجب مراعاته وإن لم يؤكده بالنفي لا يجب مراعاته لأنه متى أكده بالنفي دل على إرادة وجوه لأن إدخال حرف التأكيد والتأبيد في الكلام يدل على زيادة المبالغة في إرادة الحال
مثال الأول بعه بخيار فباعه بغير خيار لا يجوز فإن شرط الخيار نافع مفيد من كل وجه لأنه لا يزيل ملكه للحال فيجب على الوكيل مراعاته
ومثال الثاني لو قال بع هذا العبد بنسيئة أو قال لا تبع إلا بالنسيئة فباع بالنقد جاز لأن هذا شرط غير مفيد لأن البيع بالنسيئة يضره بالنقد وينفعه فلم يجب عليه مراعاته
ومثال الثالث ادفع بشهود أو بحضرة فلان فدفع بغير ذلك لم يضمن وإن قال لا تدفع إلا بشهود أو بحضرة فلان فقضاه بغير شهود أو بغير حضرة فلان يضمن كما في الوكيل بالبيع قالوا هذا إذا كان رجلا رفيع القدر تحتشم الناس مخالفته وإن كان وضيع القدر لا يصير مخالفا لأنه شرط شرطا لا يفيد فلا يجب على المأمور مراعاته وإن أكده بالنفي كما لو قال لا تبع إلا بألف أو لا تبع إلا بالنسيئة فباع بألفين أو بالنقد جاز لأنه غير مفيد أصلا ومنه لا تبعه في سوق كذا فباعه في غيره نفذ لا تبعه إلا في سوق كذا لا ينفذ أي عند التفاوت الرغبات ا هـ
ومثله في الحواشي الحموي وقدمنا نظيره عند قوله وباستيفائها فراجعه
أقول لم يظهر لي التمثيل في الثاني بقوله بع هذا العبد نسيئة الخ لأنه نافع من وجه دون وجه لأن بالنسيئة يزيد الثمن فإذا باعه نقدا فاتت زيادة الثمن إلا أن يقال إذا اتحد الثمن في النسيئة والنقد
تأمل
قوله ( إلا في بعه بالنسيئة بألف ) قيد ببيان الثمن تعيين الثمن فباع النقد قال الإمام السرخسي الأصح أنه لا يجوز بالإجماع
ا هـ
قال البحر ولا مخالفة بين الفرعين لأن ما تقدم عين له ثمنا وهذه لم يعينه
ا هـ
أقول لعل وجه عدم الجواز فيما إذا لم يعين الثمن أن البيع نسيئة يكون بثمن أزيد من ثمن المبيع بالنقد فيكون مراده البيع بالثمن الزائد لأنه قد يكون الثمن الزائد في المانع أنفع له من الثمن الأقل في الحال لعدم احتياجه إليه الآن وهذا بخلاف المسألة الأولى لأنه قد باعه بالنقد بالثمن الذي أمره ببيعه به بالنسيئة فقد حصل له الثمن الزائد في الحالة مع أنه دفع عنه عرضه الهلاك بإفلاس المشتري أو جحوده وبهذا اتضح وجه عدم المخالفة وقدمنا عن المحيط قريبا وكذا أول الباب عند قول المصنف وبإفائها واستيفائها أن الشرط تارة يجب اعتباره مطلقا وتارة لا يجب مطلقا وتارة يجب إن قيده بالنفي لا تغفل
ثم إن الفرع الثاني إنما يظهر إذا باع بالنقد ولم يكن ما باع به مثل ما يباع بلا نقد أما لو كان فلا يظهر بين الفرعين فرق
ثم رأيت في الذخيرة وإذا وكله بالبيع نسيئة فباعه بالنقد إن باع بالنقد بما يباع بالنسيئة جاز وما لا فلا
قوله ( فباع بالنقد بألف جاز ) لأنه وإن صار مخالفا إلا أنه إلى خير من كل وجه كما علمت
قوله ( في ذلك الجنس جاز وإلا لا ) أي فلو باع بدنانير تساوي ألفا بالنقد لا يجوز وإن كان خلافا إلى خير لاختلاف الجنس
____________________
(7/335)
قوله ( وإنها ) بكسر الهمزة لأنها مقول قلت معطوفة على وقدمنا لعدم تقدم هذه المسألة في كتاب الوكالة وكأنه قال قلت وتتقيد الخ لا بالفتح معطوفة على قوله إن خالف الخ لأنها حينئذ تكون معمولة لقدمنا والواقع أنه لم يقدمه كما ذكرنا
ح بزيادة
قوله ( تتقيد بزمان ) كأن يقول له بعه يوم الجمعة أو في شهر كذا أو زمن الصيف فلو قال بعه غدا لم يجز بيعه اليوم وكذا الطلاق والعتاق وبالعكس فيه روايتان والصحيح أنه كالأول
قال في الخانية قال لغير بع عبدي غدا فباعه اليوم لا يجوز لأن التوكيل مضافا إلى غد فلا يكون قبله ولو قال بع عبدي اليوم واشتر اليوم ففعل غدا فيه روايتان قيل الصحيح أنها لا تبقى بعد اليوم وقيل تبقى وذكر اليوم للتعجيل لا للتوقيت
ولو وكل رجلا ببيع العبد وعتقه غدا ففعل بعد غد جاز قولا واحدا بخلاف ما إذا كان اليوم ففيه خلاف والصحيح أن ذكر اليوم للتوقيت فلينظر الفرق
أفاده الحموي
قوله ( ومكان ) بأن يقول له بعه في سوق كذا أو في بلد كذا فلو خالفه لم يجز وهذا عند التفاوت كما ذكرنا وليس منه قوله بعه إلى وقت كذا الآن ذلك تهوين عليه وعدم التضييق في البيع لا منعا له له بعد المدة كما لو قال له أنا كفيله إلى ثلاثة أيام فهو لتأجيل المطالب لا الكفالة حتى يكون كفيلا قبلها وبعدها كما تقدم
قوله ( لكن في البزازية ) استدراك على تقييدها بزمان والأولى عدم ذكر هذه العبارة وعدم قوله ومتى عين الآمر الخ استغناء عنهما بما في الزواهر
قوله ( وبعدها في الأصح ويحمل التقييد بالزمان على إرادة التسهيل على الوكيل وللموكل عزله متى شاء فلا ضرر عليه في ثبوت وكالته بعدها
قال في الخانية دفع الوصي المال إلى رجل ليحج عن الميت في هذه السنة فأخذ وأحرم بالحج من قابل جاز عن الميت ولا يكون ضامنا مال الميت لأن ذكر السنة يكون للاستعجال دون التقييد كما لو وكل رجلا بأن يعتق عبده أو يبيعه غدا فأعتق أو باع بعد الغد جازاها أي ويكون ذكر الغد للاستعجال لا للوقيت قولا واحدا ولو قال بع أو اشتر أو عتق اليوم ففعل ذلك غدا فيه روايتان والصحيح أنها لا تبقى بعد اليوم كما قدمناه قريبا
وقال بعضهم تبقى إلا أن يدل الدليل على خلافه
قوله ( وكذا الكفيل ) أي بالنفس كما تقدم
قوله ( لكنه لا يطالب إلا بعد الأجل ) فإن قلت ما فائدة كونه كفيلا قبل الأجل قلت فائدته إنه إذا سلمه قبل الأجل برىء كما قدم هناك ح
فلو قال كفلته إلى ثلاث أيام كان كفيلا بعد الثلاثة كما لو قال لامرأته أنت طالق إلى ثلاث أيام يقع الطلاق بعدها أو باع عبدا بكذا إلى ثلاثة أيام يصير مطالبا بعدها
قال الحلواني وهذا على خلاف ما يظنه الناس وهذا إذا لم يذكر الغاية الأولى فلو قال أنا كفيل من هذا اليوم إلا عشرة أيام كان كافلا حالا إلى انتهائه وانتهت الكفالة في قولهم
قوله ( بعه بشهود الخ ) لأنه يحتمل المشورة والإرشاد ويحتمل التقييد فلا يصير تقييدا بالشك بخلاف لا تبع إلا بشهود فإنه نص في التقييد
قوله ( وباع بدونهم جاز ) الذي في المقدسي عن الخانية بعه بشهود أو رهن أو بعه وخذ كفيلا أو رهنا فباع بغير شهود أو كفيل أو رهن لم يجز
قوله ( بخلاف لا تبع إلا بشهود أو إلا بمحضر فلان ) فإنه نص في التقييد به
وجملة الأمر أن كل ما قيد به
____________________
(7/336)
الموكل إن مفيدا من كل وجه يلزم رعايته إلى آخر ما تقدم
قوله ( قلت وبه علم الخ ) جعل ذلك قاعدة كلية استنبط منها حكم الواقعة وليس بكلى
ففي الهندية عن المحيط إذا أمر أن يبيع برهن أو بكفيل فباع من غير رهن ومن غير كفيل لم يجز أكده بالنفي أو لم يؤكده إلا أنه فيما ذكره الشرط دائرة بين الإفادة وعدمها وما في الهندي مفيد محض
قوله ( واقعة الفتوى ) المسألة مصرح بها في وصايا الخانية لكن بلفظ بمحضر فلان والحكم فيها ما ذكره هنا
قوله ( لم يضمن ) لأنه لم يكن مخالفا أي وقد اشتراه بغير غبن فاحش ولا عيب وإلا فلا يمضي على الموكل
قوله ( بخلاف لا تشتر إلا بمعرفة فلان ) فإنه يضمن بانفراده لأن فلانا قد يكون أعرف بالطيب من الزيف والرديء وبالأسعار فهو مفيد من وجه
قوله ( وصح أخذه ) أي الوكيل
قوله ( رهنا وكفيلا بالثمن ) أي لأن العقد في حق الحقوق وقع له لأنه أصيل في الحقوق وقبض الثمن منها والكفالة توثقا به والارتهان وثيقة لجانب الاستيفاء فيملكهما بخلاف الوكيل بقبض الدين لأنه يفعل نيابة وقد أنابه في قبض الدين دون الكفالة وأخذ الرهن والوكيل بالبيع يقبض أصالة ولهذا لو حجره الموكل عن أخذ الرهن والكفيل عن تسليم المبيع قبل القبض لا ينفذ حجره ولو هلك الرهن في يده حتى سقط الثمن عن المشتري يظهر السقوط في حق الموكل
كذا في شرح الجامع الصغير للتمرتاشي
ومثله في الهداية وهو مخالف لما في الخلاصة والبزازية من أن الوكيل بقبض الدين له أخذ الكفيل فيحمل كلام الهداية على أخذ الكفيل بشرط براءة الأصيل فإنها حينئذ حوالة وهو لا يملكها لما في البزازية ولو أخذ به كفيلا بشرط البراءة فهو حوالة لا يجوز للوكيل بقبض الدين قبولها
أ هـ
ومن هنان قال صاحب النهاية المراد بالكفالة هنا الحوالة لأن التوى لا يتحقق في الكفالة وقيل الكفالة على حقيقتها لأن التوى يتحقق فيها بأن مات الكفيل والمكفول عنه مفلسين
قال الزيلعي أخذا من الكافي وهذا كله ليس بشيء لأن المراد هنا توى مضاف إلى أخذه الكفيل بحيث إنه لم يأخذ كفيلا لم يتو دينه كما في الرهن والتوى الذي ذكره هنا غير مضاف إلى أخذه لكفيل بدليل أنه لو لم يأخذ كفيلا أيضا لتوى بموت من عليه الدين وحمله على الحوالة فاسد لأن الدين لا يتوى فيه بموت المحال عليه مفلسا بل يرجع به على المحيل وإنما يتوى بموتهما مفلسين فصار كالكفالة
والأوجه أن يقال المراد بالتوى توى مضاف إلى أخذ الكفيل وذلك يحصل بالمرافعة إلى حاكم يرى براءة الأصيل كما يأتي بيانه
قال في نور العين وكيل البيع لو أقام أو احتال أو أبرأ أو حط أو وهب أو تجوز صح عند أبي حنيفة ومحمد وضمن لموكله لا عند أبي يوسف والوكيل لو قبض الثمن لا يملك الإقالة إجماعا ا هـ
قلت وكذا بعد قبض الثمن لا يملك الحط والإبراء
بزازية
قوله ( فلا ضمان عليه إن ضاع ) أي فلا ضمان على الوكيل للموكل فيما هلك من اثمن فهلاك الرهن
وفي الدراية وأخذه الرهن يقع للموكل فلو رده الوكيل جاز ويضمن للموكل الأقل من قيمته ومن الدين عنه أبي حنيفة
وقال أبو يوسف لا يصح رده
وفي البزازية ولا يملك الوكيل بقبض الدين الرهن ويملك أخذ الكفيل
قوله ( أو توى المال على الكفيل ) وصورة التوى وكله ببيع شيء فباعه وأخذ بالثمن كفيلا وعجز عن التحصيل من الكفيل وامتنع الأصيل من إعطائه متعللا بأنه حيث كفل المال الذي عليه برىء منه ورافعه إلى قاض يرى ذلك وحكم عليه ببراءة الأصيل حيث كفل وعجز عن تحصيله من الكفيل لا يضمن لموكله
بحر
____________________
(7/337)
أقول والقاضي الذي يرى ذلك هو من كان على مذهب سيدنا الإمام مالك فإنه يرى براءة الأصيل عن الدين بالكفالة ولا يرى الرجوع على الأصيل بموته مفلسا
قوله ( لأن الجواز الشرعي ينافي الضمان ) أي ما يسوغ له فعله في الوكالة لإصلاحها ونفع موكله لا يكون سببا لضمانه لا مطلق الجواز الشرعي فلا ينافي قولهم إن من جاز له شيء لمصلحته يتقيد بوصف السلامة حتى لو وقع ثوبه على أحد في الطريق فقتله أو على شيء فأتلفه لزمه ضمانه ولو ضرب زوجته فماتت ضمنها
قوله ( وتقيد شراؤه بمثل القيمة ) المراد به أن يشتري بنقد مثل القيمة فلا ينفذ بغير النقدين كمكيل وموزون ودين في الذمة قيد بالشراء لأن الوكيل بالنكاح إذا زوجه بأكثر من مهر مثلها فإنه يجوز لعدم التهمة كما في الحموي ولأن التهمة في الأكثر متحققة فلعله اشتراه لنفسه فإذا لم يوافقه ألحقه بغيره على ما مر وأطلقه فشمل ما إذا كان وكيلا بشراء معين فإنه وإن كان لا يملك شراءه لنفسه فبالمخالفة يكون مشتريا لنفسه فالتهمة باقية كما في الزيلعي
وفي الهداية قالوا ينفذ على الآمر
وذكر في البناية أنه قول عامة المشايخ والأول قول البعض
وفي الذخيرة أنه لا نص فيه
بحر ملخصا
أقول فظهر أن ما جرى عليه الزيلعي من أن الوكيل بشراء شيء بعينه لا يكون له أن يشتريه للموكل بالغبن الفاحش وإن كان لا يملك شراءه لنفسه لأنه بالمخالفة فيه يكون مشتريا لنفسه فكانت التهمة فيه باقية
ا هـ
خلاف ما عليه العامة
والظاهر أن المراد بالمخالفة مخالفة ما هو المتعارف في ثمنه وإلا فالكلام مفروض فيما إذا لم يقدر الآمر ثمنه
قوله ( وغبن يسير ) الواو بمعنى أو
قال في القاموس غبنه في البيع يغبنه غبنا ويحرك خدعة
والتغابن أن يغبن بعضهم بعضا
ا هـ
فالمراد بالتغابن الخداع فقولهم لا يتغابن الناس فيه أي لا يخدع بعضهم بعضا لفحشه وظهوره وقولهم يتغابن الناس فيه أي يخدع بعضهم بعضا لقلته
ا هـ
بحر بتصرف ط
مطلب في حد الفاحش قوله ( وهو ما يقوم به مقوم ) أحد من المقومين وهو الأصح أما ما لا يدخل تحت تقويمهم فغبن فاحش
وقيل حد الفاحش في العروض نصف القيمة وفي الحيوان عشر القيمة وفي العقار خمسها وفي الدراهم ربع عشرها
قال مسكين فلو قومه عدل عشرة وعدل آخر ثمانية وآخر سبعة فما بين العشرة والسبعة داخل تحت تقويم المقومين
أما الزائد في الشراء والناقص في البيع فلا وهذا هو الأصح في حد الغبن اليسير والفاحش أي فلا يكون مما يتغابن فيه وهذا إنما يتم في البيع على قولهما لا على قوله
وأقول هذا لبيان الحد الفاصل بين الغبن اليسير والفاحش وهو متفق عليه لا خلاف للإمام فيه سواء كان وكيلا بالشراء وبالبيع وأما أن الوكيل في البيع هل يملك البيع على الآمر ولو بالغبن الفاحش فعند الإمام نعم خلافا لهما فهذا شيء آخر ليس مما الكلام الآن فيه وقيل في العروض ده نيم أي نصف العشر وفي الحيوانات ده يازده أي العشر وفي العقار ده دوازده أي الخمس وفيما يتغابن فيه من الدراهم والدنانير مع العشر
ووجهه أن التصرف يكثر وجوده في العروض ويقل في العقار ويتوسط في الحيوان وكثرة الغبن لقلة التصرف
وجعل الزيلعي نصف العشر في العروض فاحشا
ا هـ
بزيادة
قوله ( كخبز ولحم ) هذا باعتبار الغالب من أن هذه الأشياء سعرها معرفو فلو كان في مكان وزمان يختلف السعر في هذه الأشياء كانت كغيرها
قوله ( وجبن ) هو بسكون الباء في لغة وبضمها مع تخفيف النون أو بالضم مع تشديد النون مختار
____________________
(7/338)
قوله ( ولو فلسا واحدا ) لأنه لما كان معلوما بين الناس صار بمنزلة المعين منه فلا يقبل الزيادة به
قوله ( وبناية ) هي شرح الهداية
قوله ( صح ) أي عند أبي حنيفة
قوله ( لإطلاق التوكيل ) أي إطلاقه عن قيد الاجتماع والافتراق كما لو وكله ببيع مكيل ونحوه ألا نرى أنه لو باع الكل بثمن النصف يجوز عنده فإذا باع النصف أولى
قوله ( وإلا لا ) لضرر الشركة وهي عيب تنقص القيمة فلا يراد بالمطلق
قوله ( وقولهما استحسان ) قال الإتقاني وأصل ذلك أن أبا حنيفة يعتبر العموم والإطلاق في التوكيل بالبيع
وأما في التوكيل بالشراء فيعتبر المتعارف الذي لا ضرر فيه ولا تهمة
وعندهما كلاهما سواء
ا هـ
قال المقدسي وفيه كلام وهو أن الظاهر أن المراد أن قول أبي حنيفة قياس بالنسب إلى قولهما وقولهما استحسان بالنسبة إليه وليس كذلك بل قياس قولهما أنه لا ينفذ أصلا واستحسنا القول بالتوقف وكذا في قول أبي حنيفة فتأمل
ا هـ
وفيه أيضا عن المبسوط لو وكل رجلين ببيع عبده فباع كل منهما لرجل فمن باع أولا جاز وبطل الثاني بخلاف الوصيين كما سيجيء وإن لم يعلم الأول فلكل مشتر نصفه بنصف الثمن لأنه ليس أولى واستوى المشتريان ويخير كل منهما لتفرق الصفقة ولا ترجيح إلا إذا كان في يد أحد المشتريين فهو له لترجيح جانبه لتأكد شرائه وتمكنه من القبض دليل سبق شرائه
ا هـ
قوله ( وظاهره ترجيح قولهما ) أي لأنه جعله استحسانا
قال في البحر ولذا أخره مع دليله كما هو عادته
قوله ( والمفتي به خلافه بحر ) الذي في البحر وقد علمت أن المفتي به خلاف قوله كما قدمناه
ا هـ أي خلاف قوله فيما استشهد به
قلت وقد علمت ما قدمناه عن العلامة قاسم من ترجيح قوله وعليه المعول وأنه أصح الأقاويل
قوله ( وقيد ابن الكمال الخ ) ومثله في البحر عن المعراج
ونقل الاتفاق أيضا في الكفاية عن الإيضاح
قوله ( وفي الشراء يتوقف على شراء باقيه قبل الخصومة ) يعني لو وكله بشراء عبد فاشترى نصفه فالشراء موقوف اتفاقا فإن اشترى باقيه لزم الموكل وارتفع التوقف لأن شراء البعض قد يقع وسيلة إلى الامتثال بأن كل موروثا بين جماعة فيحتاج إلى شرائه شقصا شقصا فإذا اشترى الباقي قبل رد الآمر الشراء تبين أنه وسيلة فينفذ على الآمر وهذا بالاتفاق
بحر
قال الحموي وهذا بالإجماع بخلاف الوكيل ببيع العبد عند أبي حنيفة للفرق الآتي بيانه وهذا إذا شرى الوكيل النصفين فلو شرى النصف ثم شرى الموكل النصف لم ينفذ على الآمر بخلاف عكسه
ا هـ
واعلم أن ما اعترض به العيني على الزيلعي حيث قال فإن اشترى باقيه قبل أن يختصما لزم الموكل وإلا لزم الوكيل وهذا بالإجماع
قاله الشارح
قلت فيه خلاف زفر والثلاثة الخ ساقط لأن كلام الزيلعي فيما إذا كان وكيلا بالشراء فاشترى نصفه ثم اشترى الباقي فلا يرد على دعوى الإجماع ما اعترض به العيني لأن خلاف زفر والثلاثة بالنسبة لما إذا كان وكيلا بالبيع فباع نصفه ثم باع الباقي
____________________
(7/339)
ولئن سلمنا كون خلاف زفر والثلاثة في مسألة التوكيل بالشراء فنقول أراد بالإجماع إجماع الإمام مع الصاحبين كما يدل عليه قوله بخلاف الوكيل ببيع العبد عند أبي حنيفة الخ
أفاده أبو السعود
قال الزيلعي ولا فرق فيه بين التوكيل بشراء عبد بعينه أو بغير عينه
ا هـ
وفيه لا يقال إنه لا يتوقف بل ينفذ على المشتري
لأنا نقول إنما لا يتوقف إذا وجد نفاذا على العاقد وهاهنا شراء النصف لا ينفذ على الوكيل لعدم مخالفته من كل وجه ولا على الآمر لأنه لم يوافق أمره من كل وجه فقلنا بالتوقف فلو أعتقه الآمر زمن التوقف نفذ عند أبي يوسف لا المأمور وعكس محمد لأنه مخالف لما أمره وتوقفه لتوهم رفع الخلاف بشراء الباقي فبقي الخلاف قبل الشراء فلا ينفذ على الآمر
وأبو يوسف يقول نوقف على إجازة الموكل والإعتاق إجازة
ا هـ
قوله ( اتفاقا ) الفرق لأبي حنيفة رحمه الله تعالى بين البيع والشراء إن في الشراء تتحقق تهمة أنه اشتراه لنفسه فرأى الصفقة خاسرة فأراد أن يلزم به الموكل لأن الأمر بالبيع يصادف ملكه فيصح فيعتبر فيه الإطلاق والأمر بالشراء صادف ملك الغير فلم يصح فلا يعتبر فيه التقييد والإطلاق كما في الهداية
قوله ( ولو رد مبيع ) أطلقه فشمل ما إذا قبض الثمن أو لا وأشار إلى أن الخصومة مع الوكيل فلا دعوى للمشتري على الموكل فلو أقر الموكل بعيب فيه وأنكره الوكيل لا يلزمهما شيء لأن الموكل أجنبي في الحقوق ولو بالعكس رده المشتري على الوكيل لأن إقراره صحيح في حق نفسه لا الموكل
بزازية
ولم يذكر الرجوع بالثمن
وحكمه أنه على الوكيل إن كان نقده وعلى الموكل إن كان نقده كما في شرح الطحاوي وإن نقده إلى الوكيل ثم هو إلى الموكل ثم وجد الشاري عيبا أفتى القاضي أنه يرده على الوكيل
كذا في البزازية
قوله ( بعيب ) قيد به لأنه لو رد عليه بخيار شرط أو رؤية فهو على الآمر ولو من غير قضاء كرده عليه بعيب بغير قضاء قبل القبض فإنه جائز على الآمر
قوله ( بالبيع ) قيد به لأن الوكيل بالإجارة إذا أجر وسلم ثم طعن المستأجر فيه بعيب فقبل الوكيل بغير قضاء يلزم الموكل ولم يعتبر إجارة جديدة
بحر
قوله ( ببينة ) لأن الثابت بالبينة ثاتب في حق الكافة لأن البينة حجة مطلقة متعدية فيلزم الموكل كما لزم الوكيل
أما النكول فهو ذل أو إقرار وكل منهما حقه أن لا ينفذ على الموكل لكنه لما كان النكول مضطرا إليه ببعد العيب عن علمه باعتبار عدم ممارسته المبيع لزم الآمر دفعا للضرر عن الوكيل وكذا الإقرار فيما لا يحدث لأن القاضي تيقن حدوث العيب في يد البائع فلم يكن قضاؤه مستندا إلى هذه الحجج
قوله ( أو نكوله ) أي الوكيل لأنه مضطر في النكول لبعد العيب عن علمه باعتبار عدم ممارسته المبيع فلزم الآمر
بحر
وفيه دليل على أن الدعوى لو وقعت في ثمن المبيع بأن ادعى المشتري دفعه للوكيل وأنكره الوكيل وطلب المشتري يمينه على عدم الدفع له فنكل فقضى عليه أنه يضمن الثمن للموكل لفقد العلة المذكورة ولكونه إما باذلا أو مقرا وعلى التقديرين يضمن وهي واقعة الفتوى فتأمل
ا هـ
رملي
قلت وفي الكفاية قوله والوكيل مضطر الخ يشير إلى أن الوكيل يحلف على البتات إذ لو كان على العلم لم يكن مضطرا لبعد العيب عن علمه ولكن عامة الروايات على أن الوكيل يحلف على العلم فإذا علم بالعيب فحينئذ يضطر إلى النكول
ا هـ
قوله ( أو إقراره فيما لا يحدث مثله في هذه المدة ) لأن القاضي يتيقن بحدوث العيب في يد البائع فلم يكن قضاؤه مستندا إلى الإقرار ولا إلى البينة والنكول لأن العيب لما كان لا يحدث
____________________
(7/340)
مثله كالإصبع الزائدة لم يتوقف القضاء على وجود هذه الحجج من البينة والإقرار وإباء اليمين بل ينبغي أن يقضي بعلمه قطعا بوجود العيب عند البائع بدون الحجج فيجب عدم توقفه على وجودها في العيب الذي لا يحدث مثله لأن تأويل اشتراطها في الكتاب أن القاضي يعلم أنه لا يحدث في مدة شهر مثلا لكنه اشتبه عليه تاريخ البيع فيفتقر إلى هذه الحجج لظهور هذا التاريخ أو كان عيبا لا يعرفه إلا النساء والأطباء وقولهن وقول الطبيب حجة في توجه الخصومة لا في الرد فيفتقر إليها في الرد حتى لو كان القاضي عاين البيع والعيب ظاهر لا يحتاج إلى شيء منها قيد بما لا يحدث لأنه لو رد عليه بإقراره فيما يحدث فإنه يلزم المأمور لأن الإقرار حجة قاصرة وهو غير مضطر إليه لإمكانه السكوت والنكول إلا أنه له أن يخاصم الموكل فيلزم ببينته أو بنكوله بخلاف ما إذا كان الرد بغير قضاء والعيب يحدث مثله حيث لا يكون له أن يخاصم موكله لأنه بيع جديد في حق ثالث والبائع ثالثهما والرد بالقضاء فسخ لعموم ولاية القاضي غير أن الحجة قاصرة وهو الإقرار فمن حيث الفسخ كان له أن يخاصم ومن حيث القصور لا يلزم الموكل إلا بحجة وإن كان العيب غير حادث أي كسن زائدة أو كان حادثا إلا أنه لا يحدث مثله في تلك المدة رده على الوكيل بإقراره بغير قضاء لزم الوكيل وليس له أن يخاصم الموكل في عامة روايات المبسوط
وذكر في البيوع أنه يكون ردا على الموكل لأنهما فعلا عين ما يفعه القاضي لو رفع إليه إذ لا يكلفه القاضي على إقامة البينة ولا على الحلف في هذا الصورة بل يرده عليه بلا حجة فكان الحق متعينا في الرد
قلنا الرد بالتراض بيع جديد في حق ثالث والموكل ثالثهما ولا نسلم أن الحق متعين في الرد بل يثبت حقه أولا في وصف السلامة ثم إذا عجز ينتقل إلى الرد ثم إذا امتنع الرد بحدوث العيب أو بزيادة حدثت فيه ينتقل إلى الرجوع بالنقصان فلم يكن الرد متعينا وهكذا ذكر الروايتين في شرح الجامع الصغير وغيره وبين الروايتين تفاوت كبير لأن فيه نزولا من اللزوم إلى أن لا يخاصم بالكلية وكان الأقرب أن يقال لا يلزمه ولكن له أن يخاصم
زيلعي
وبه علم أن قول المتن أو إقراره فيما لا يحدث مثله أي فيلزم الموكل مبني على رواية البيوع المخالفة لعامة روايات المبسوط من لزومه للوكيل ولذا قال في المواهب لو رد عليه بما لا يحدث مله بإقرار يلزم الوكيل ولزوم الموكل رواية
ا هـ
فتنبه
قوله ( ورده الوكيل على الآمر ) لو قال فهو رد على الآمر لكان أولى لأن الوكيل لا يحتاج إلى خصومة مع الموكل إلا إذا كان عيبا يحدث مثله ورد عليه بإقرار بقضاء وإن بدون قضاء لا تصح خصومته لكونه مشتريا
وحاصل هذه المسألة أن العيب لا يخلو إما أن لا يحدث مثله كالسن أو الإصبع الزائدة أو يكون حادثا لكن لا يحدث مثله في هذه المدة أو يحدث في مثلها
ففي الأول والثاني يرده القاضي من غير حجة من بينة أو إقرار أو نكول لعلمه بكونه عند البائع وتأويل اشتراط الحجة في الكتاب أن الحال قد يشتبه على القاضي بأن لا يعرف تاريخ البيع فيحتاج إليها ليظهر التاريخ أو كان عيبا لا يعرفه إلا الأطباء أو النساء وقولهم حجة في توجه الخصومة لا في الرد فيفتقر إلى الحجة للرد حتى لو عاين القاضي البيع وكان العيب ظاهرا لا يحتاج إلى شيء منها وكذا الحكم في الثالث إن كان ببينة أو نكول لأن البينة حجة مطلقا وكذا النكول حجة في حقه فيرده عليه والرد في هذه المواضع على الوكيل رد على الموكل
وأما إن رده عليه في هذا
____________________
(7/341)
الثالث بإقراره فإن كان بقضاء فلا يكون ردا على الموكل لأنه حجة قاصرة فلا تتعدى ولكن له أن يخاصم الموكل فيرده عليه ببينة أو بنكوله لأن الرد فسخ لأنه حصل بالقضاء كرها عليه فانعدم الرضا
وإن كان بغير قضاء فليس له الرد لأنه إقالة وهي بيع جديد في حق ثالث وهو الموكل في الأول
والثاني لو رد على الوكيل بالإقرار بدون قضاء لزم الوكيل وليس له أن يخاصم الموكل في عامة الروايات
وفي رواية يكون ردا على الموكل كما قدمناه قريبا عن الزيلعي
قال في الإصلاح وكذا بإقرار فيما لا يحدث مثله إن رد بقضاء ا هـ
قوله ( ولو بإقراره فيما يحدث لا يرده ولزم الوكيل ) إلا أنه إن كان الرد بقضاء فللوكيل أن يخاصم الموكل فيلزم ببينة أو بنكوله
قال المقدسي ولا يرده إلا ببرهان أنه كان عنده وإلا يحلف فإن نكل يرده وإلا لزم الوكيل
ثم قال فإن قيل كيف يرده ويخاصم الموكل مع أن الرد بالإقرار فسخ في حق المتعاقدين بيع جديد في حق الموكل قلنا الرد ما حصل بإقراره بل بقضاء القاضي بكره منه فجعل فسخا لك استند لدليل قاصر فعممنا الفسخ عند البرهان ولزم الوكيل عند عمومه عملا بقصور المستند وهو الإقرار
قال في النهاية قضاء القاضي مع إقرار الوكيل متصور إذا أقر بالعيب وامتنع من القبول فيجبره عليه وإن رده المشتري بإقرار الوكيل بغير قضاء لزمه ولم يخاصم بحال
وفي كافي الحاكم إذا قبل الوكيل المبيع بغير قضاء بخيار شرط أو رؤية جاز على الآمر كرده بعيب قبل القبض ولو قبل وكيل الإيجار المعيب من المستأجر بغير قضاء يلزم الموكل لأن المنافع غير مقبوضة
قوله ( الأصل في الوكالة الخصوص ) لأن الموكل يقيم الوكيل مقام نفسه بالاستعانة به في أمر خاص حتى لا تصح ببيان الجنس بل حتى يبين النوع أو الثمن
ومبنى المضاربة على تحصيل الربح ووجوه تحصيله متباينة قد يكون بالنقد وقد يكون بالنسيئة وقد يكون بالبيع المطلق وقد يكون بالمقابضة
قوله ( وفي المضاربة العموم ) فيملك الإيداع والإيضاع وهذا بخلاف ما لو ادعى رب المال المضارب في نوع والآخر في نوع آخر حيث يكون القول لرب المال لأنه سقط الإطلاق بتصادقهما فنزل إلى الوكالة المحضة
قوله ( فإن باع الوكيل نسيئة ) لو قال المصنف لو اختلفا فيما عينه الموكل فالقول للآمر لكان أولى ليشمل ما ذكر ويشمل ما إذا باع الوكيل بخمسمائة فقال الآمر أمرتك بألف أو قال أمرتك بدينار أو بحنط أو شعير أو قال بكفيل وقال الوكيل بغيره فالقول للآمر كما إذا أنكر أصل الأمر ووكيل الخلع والمقدار والصفة من حلول وتأجيل
بحر
واعلم أن قياس ما سبق عن الخلاص يقتضي أن يكون المراد من أمر الآمر وكيله بالبيع نقدا أن يقول له لا تبعه إلا بالنقد لا مجرد الأمر بالبيع بالنقد ألا ترى إلى ما سبق من أنه لو قال بعه بالنقود فباع بالنسيئة جاز بخلاف لا تبع إلا بالنقد ومقتضاه أنه لو قال بعه من فلان بكفيل فباعه منه بغير كفيل جاز بخلاف لا تبعه منه إلا بكفيل لكن في البحر عن الكافي أمره أن يبيعه من فلاه بكفيل فباع بغير كفيل لم يجز فتدبر في وجه الفرق وانظر ما قدمنا قبل ثلاث أوراق عند قول الشارح وبه علم الخ
قوله ( صدق الآمر ) لأن الأمر يستفاد من جهته
____________________
(7/342)
تنبيه ما مر نقل صريح في اعتبار قول الآمر لا يجوز العدول عنه فقول بعض المتأخرين فيما تقدم فيما لو وكله بقضاء دينه لفلان فقال قضيته فقال الآمر إنما أمرتك لفلان غيره حيث قال إن القول للمأمور لأنه أمين قول مخالف لصريح المنقول المعتبر المقبول كما نبه عليه المقدسي
قوله ( عملا بالأصل ) علة للمسألتين لأن تصديق الآمر في أمره بالنقد لتخصيص الوكالة وتصديق المضارب لإطلاقها فلو ادعى الوكيل الفعل وأنكره موكله فإن كان إخبار الوكيل بعد عزله فالقول للموكل وإن قبل في حياة الموكل فالقول للوكيل إن كان البيع مسلما إليه وإلا لا وإن كان بعد موته حال هلاكه العين فكذلك وإلا لم يقبل قوله إذا كذبه الوارث
هذا في الوكيل بالبيع وأما الوكيل بالشراء فسبق حكمه عند الاختلاف وأما وكيل العتق فلا يقبل قوله كما إذا قال أعتقته أمس وكذبه الموكل لا يعتق وأما وكيل الكتابة فيقبل قوله في العقد لا في قبض البدل والهلاك كما إذا قال كاتبته وقبضت بدلها فالقول له في الكتابة لا في قبضت بدلها
أما لو قال كاتبته ثم قال قبضت بدلها ودفعته للموكل فهو صحيح يصدق لأنه أمين ولا يقبل قول وكيل النكاح والوكيل بقبض الدين إذا ادعى القبض والهلاك يصدق
وفي خزانة المفتين وكل رجلا بأن يشتري أخاه فاشترى فقال الآمر ليس هذا أخي فالقول له مع يمينه لأنه ينكر وجوب الثمن عليه ويكون الوكيل مشتريا لنفسه ويعتق العبد على الوكيل بقوله هذا أخوك
ا هـ
وإذا اتفقا أن عقد المضاربة وقع خاصا واختلفا فيما خص العقد فيه فالقول لرب المال لاتفاقهما على العدول عن الظاهر والإذن يستفاد من قبله فيعتبر قوله وأمرتك بالاتجار في البر وادعى الإطلاق فالقول للمضارب لادعائه عمومه
وعن الحسن عن الإمام أنه لرب المال لأن الإذن يستفاد منه وإن برهنا فإن نص شهود العامل أنه أعطاه مضاربة في كل تجارة فهي أولى لإثباته الزيادة لفظا ومعنى وإن لم ينصوا على هذا الحرف فلرب المال وكذا إذا اختلفا في المنع من السفر لاقتضاء المضاربة إطلاقها على الروايات المشهورة
قال المضارب هو في الطعام وقال رب المال هو في الكرباس فالقول له ولو برهنا عن نفسه وإن وقتا فالوقت الأخير أولى كما في مضاربة البزازية والبضاعة كالمضاربة إلا أن المضارب يملك البيع والمستبضع إلا إذا كان في لفظ ما يعلم أنه قصد الاسترباح أو نص على ذلك
كذا في وكالة البزازية
والظاهر أنها كالوكالة من حيث إن الأصل فيها التقييد إلا أنه لا يملك الإيضاع والإيداع وبيع ما اشتراه إلا بالتنصيص بخلاف المضارب
ا هـ
مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الإطلاق قال الرملي ومثل المضاربة الشركة الظاهر أن الأصل فيها الإطلاق لأنها مبنية عليها وما علل به الزيلعي كالصريح فيه فتأمل ا هـ
قوله ( لا ينفذ تصرف أحد الوكيلين ) لأن الموكل رضي برأيهما لا برأي أحدهما والبدل وإن كان مقدرا ولكن التقدير لا يمنع استعمال الرأي في الزيادة واختيار المشتري
بحر
أي التقدير للبدل لمنع النقصان عنه فربما يزاد عند الاجتماع وربما يختار الثاني مشتريا مليا والأول لا يهتدي إلى ذلك وأشار بالتعبير بالنفاذ ولم يقل لا يصح إلى أن تصرف أحدهما موقوف إن تصرف بحضرة صاحبه فإن أجاز صاحبه جاز وإلا فلا ولو كان غائبا فأجازه لم يجز في قول الإمام
كذا في التبيين
قال الحاكم أبو الفضل هذا خلاف ما في الأصل
____________________
(7/343)
وقال أبو يوسف يجوز ولو باع أحدهما من صاحبه شيئا لم يجز لما في وصايا الخانية لو باع أحد الوصيين شيئا من التركة لصاحبه لا يجوز عند أبي حنيفة ومحمد ويجوز عند أبي يوسف
ا هـ
قوله ( معا كوكلتكما بكذا ) أي ببيع عبدي هذا أو بخلع امرأتي أما إذا وكلهما بكلامين على التعاقب فينفرد أحدهما وكذا إذا لم يمكن اجتماعهما كالخصومة وكذا ما لا يحتاج إلى الرأي كالطلاق بغير مال كما في المجمع وشرحه وكل ذلك يؤخذ من كلام الشارح رحمه الله تعالى وأتى الشارح بقوله معا لبيان مراد الماتن بدليل استثنائه ما إذا وكلهما على التعاقب بعد ذلك ولبيان تقييد امتناع تصرف أحدهما بما إذا وكلهما مجتمعين ولا يخرج بذلك الاستثناء عن كونه متصلا لأن الاستثناء واقع في المتن ولفظ الظرف تقييد من الشارح
قوله ( ولو الآخر عبدا أو صبيا ) محجورا عليه أي لا بتصرف أحد الوكيلين وحده لأن الموكل رضي برأيهما لا برأي أحدهما والبدل وإن كان مقدرا ولكن التقدير لا يمنع استعمال الرأي في الزيادة واختيار المشتري كما قدمناه عن البحر
أقول ولا عبرة بكون أحدهما ضعيف التصرف كالعبد والصبي فإن الحقوق لا ترجع إليهما إلا بإذن من وليهما ولا دخل لهذا في اختياره رأيهما لأن مناط الاختيار معرفتهما بوجوه التصرف وما عندهما من الصدق والأمانة فقد يكون فيهما أرجح من البالغ والحر أطلقه فشمل ما إذا كان أحدهما عاقلا حرا بالغا والآخر عبدا أو صبيا محجورا عليه لكنه مقيد بما إذا وكلهما بكلام واحد كما علمت
أما إذا كان توكيلهما على التعاقب فإنه يجوز لأحدهما الانفراد لأنه رضي برأي كل واحد منهما على الانفراد وقت توكيله فلا يتغير بعد ذلك بخلاف الوصيين فإنه إذا أوصى إلى كل منهما بكلام على حدة لم يجز لأحدهما الانفراد في الأصح لأنه عند الموت صارا وصيين جملة واحدة وفي الوكالة يثبت حكمهما بنفس التوكيل
بحر
قوله ( أو مات أو جن ) أي الوكيل الآخر أي فلا يجوز للآخر التصرف وحده لأنه إنما فوض للباقي مع الذي قد فات رأيه ولم يفوض له بانفرداه فلا يملك التصرف وحده لعدم رضاه برأيه وحده ولو كانا وصيين فمات أحدهما لا يتصرف الحي إلا بأمر القاضي كما في وصايا الخانية
وفي الخانية رجل قال لرجلين وكلت أحدكما بشراء أمة لي بألف درهم فاشترى أحدهما ثم اشترى الآخر فإن الآخر يكون مشتريا لنفسه ولو اشترى كل واحد منهما جارية ووقع شراؤهما في وقت واحد كانت الجاريتان للموكل
كذا ذكر في النوازل وعليه الفتوى
ا هـ
وفي الذخيرة عن محمد رجل وكل رجلا بقبض كل حق له ثم فارقه ثم وكل آخر بقبض كل دين له فقبض الوكيل الأول شيئا من الدين فليس للوكيل الثاني أن يقبضه من الأول لأنه الساعة عين وليس بدين
ولو وكل الأول بقبض كل حق له ثم وكل الثاني بقبض كل شيء له وقبض الأول شيئا من الدين فللثاني أن يقبضه من الأول ولو وكل رجلا بقبض داره التي في موضع كذا التي في يد فلان فمضى الوكيل ثم وكل آخر بعده بمثل ما وكل به الأول في قبض هذه بعينها فإن كان الأول قد قبض الدار قبل توكيل الثاني فللثاني أن يقبضا من الأول وإن وكل الثاني قبل أن يقبض الأول الدار فليس للثاني أن يقبضها لأنها صارت مقبوضة لصاحبها
ا هـ
ومثله في التاترخانية في الرابع عشر لكن ذكر بدل التعليل قوله والشيء بعينه لا يشبه ما ليس بعينه ألا ترى أن رجلا لو وكل رجلا بقبض عبد له بعينه في يد رجل ثم قبضه المولى ثم أودعه إنسانا آخر فللوكيل أن يقبضه
ا هـ
____________________
(7/344)
ومثله في الخلاص في الفصل الثالث
قوله ( إلا فيما إذا وكلهما على التعاقب ) فإنه يجوز لأحدهما الانفراد كما علمت وكان ينبغي للشارح أن يحذف قوله فيما تقدم معا ليحسن هذا الاستثناء لأنه لا يكون إلا من عام ومع تقييده بمعا صار خاصا فلا يستنثى منه إذ لا يدخل هذا في الاستثناء كما بيناه قريبا
قوله ( بخلاف الوصيين ) فإنه لا ينفرد أحدهما كما علمت
قال في تنوير البصائر وفيه اختلاف واختلاف تصحيح فقيل الخلاف فيما إذا أوصى لهما معا أما لو أوصى بكل على حدة فينفرد إجماعا
قال في الخزانة وهو الأصح وبه نأخذ وقيل في الفصلين وقيل هذا أصح
قال في المبسوط لكن الأصح أن الخلاف في الفصلين
والمراد بالخلاف الخلاف بين أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد فعند أبي حنيفة ومحمد لا ينفرد فيما عدا ما استثنى خلافا لأبي يوسف
قلت ويستثنى مسائل أخر ينفرد فيها بالتصرف أحد الوصيين تجهيز الميت وشراء ما لا بد منه للصغير كالطعام والكسوة وبيع ما يخشى عليه التلف وتنفيذ الوصية المعينة وقضاء دين الميت إذا كان في التركة من جنسه والخصومة ورد المغصوب ورد الودائع وقبول الهبة وجمع الأموال الضائعة ورد المشتري فاسدا وقسمة ما يكال ويوزن وإجارة اليتيم في عمل يتعلم وفي الإيصاء بأن يتصدق على فقراء كذا وعينه وإعتاق النسمة المعينة وحفظ الأموال
قلت والظاهر أنه لا فرق بين أن يكون نصبهما الميت أو نصبهما قاض واحد أو نصبهما قاضيا بلدتين وليس كذلك فإنه في مسألة ما لو نصب كل واحد منهما قاضي بلدة ينفرد كل واحد منهما بالتصرف
قال في الملتقطات قيمان نصب كل واحد منهما قاضي بلدة جاز أن ينفرد كل واحد منهما بالتصرف في مال الميت لأن كل واحد من القاضيين لو تصرف جاز فكذا نائبه فلو أراد كل واحد من القاضيين عزل المتولى الذي نصبه الآخر جاز إذا رأى المصلحة في ذلك
ا هـ
فهذا تقييد لكلام الأشباه من أن محله فيما إذا كانا وصيين من جهة الميت أو من جهة قاض واحد أما لو كانا من جهة قاضيين من بلدتين فينفرد أحدهما بالتصرف
قلت وفي قوله فكذا نائبه نظر ظاهر ما علم من كلام علمائنا أن وصي القاضي نائب عن الميت لا عن القاضي حتى تلحقه العهدة بخلاف أمين القاضي لأنه نائب عنه فلا تلحقه العهدة ومقتضى كون وصي القاضي نائبا عنه أن لا يكون القاضي محجورا عن التصرف في مال اليتيم كما إذا كان أمينه والمنقول أنه محجور عن التصرف في مال اليتيم مع وجود وصي ولو منصوبه بخلافه مع أمينه ومقتضى كون القاضي نائبا عنه أن لا يملك القاضي شراء مال اليتيم من وصي نصبه كما لو كان أمينه والحكم بخلافه كما في غالب كتب المذهب
ا هـ
قوله ( كما سيجيء في بابه ) ونصه وبطل فعل أحد الوصيين ولو كان إيصاؤه لكل منهما على الانفراد وسيجيء أيضا قريبا متنا في قوله بخلاف الوصاية
قوله ( وفي خصومة ) أي فإن لأحدهما أن يخاصم وحده لأنها وإن كانت تحتاج إلى رأي إلا أن اجتماعهما على الخصومة والتكلم يتعذر واللغط يوقع في الغلط لأنه يلتبس على القاضي فهم الدعوى ويصير شغبا بفتح الشين وسكون الغين هيجان الشر وبالفتح لغة ضعيفة حتى لو باشر بدون رأي الآخر لا يجوز عندنا
عيني
أما اجتماعهما على البيع فغير متعذر
بحر
قوله ( لا حضرته على الصحيح ) لأن حضورهما في الخصومة ليس بشرط عند عامتهم وقيل يشترط وهو قول زفر والشافعي
____________________
(7/345)
قوله ( إلا إذا انتهيا ) الأولى إلا إذا انتهت الخصومة
قوله ( فحتى يجتمعا ) هذا بناء على أن الوكيل بالخصومة يملك القبض والمفتى به قول زفر هنا أنه لا يملكه كما يأتي قريبا وبه أفتى أبو السعود
قوله ( وعتق معين وطلاق معينة لم يعوضا ) أي بلا بدل لأنه مما لا يحتاج إلى الرأي وتعبير المثنى فيه كالواحد
وقوله معين أي ولو كان التعيين بسبب تفرد المأمور بعتقه وطلاقها كأن قال له طلق زوجتي أو أعتق عبدي ولا زوجة وعبد له سوى واحد
قال العلامة مسكين والمراد بالطلاق والعتاق أن يكونا منجزين بأن قال طلقاها وأعتقاها أما لو قال طلقاها إن شئتما أو قال أمرها بأيديكما لا ينفرد أحدهما بالطلاق والعتاق
ا هـ
وهذا معنى قول المصنف وتعليق بمشيئتهما ويكون معطوفا على لم يعوضا كما قال الشارح
قوله ( بخلاف معوض ) على صيغة اسم المفعول أي مجعولا العوض في مقابلته وهو صفة لما وكلا به من عتق أو طلاق أي لو وكلهما بطلاق وعتق بعوض لا ينفرد أحدهما لأنه اعتمد على رأيهما وهذا مما يحتاج إلى الرأي في زيادة القدر المأخوذ من العوض وغير ذلك من الأمور التي يحتاج إليها في التصرفات وكذا إذا كان العبد أو الزوجه غير معينة فإن ذلك يحتاج إلى الرأي باختيار العبد الذي يعتقانه أو المرأة التي يطلقانها
فالحاصل أنه إذا لم يعوض المعتق والمطلقة لا يحتاج إلى رأي فمباشرة الواحد والاثنين سواء بخلاف العتق والطلاق المعوض وغير المعينين فإنه يحتاج إلى الرأي فإذا رضي برأيهما لا يستقل أحدهما والمناسب أن يعطف عليه ولا علقا أي العتق والطلاق بمشيئتهما أي مشيئة الوكيلين فإن علقا فباشر أحدهما لم ينفذ لعدم وجود المعلق عليه وهو مشيئتهما وقول المتن وتعليق لا يصح عطفه على لم يعوضا إلا بتأويل
وعبارة البحر بلا بدل وتعليق وهو صحيح لأنه عطف اسم صريح على اسم صريح وهو حسن صحيح
قوله ( وغير معين ) أي وكذا إذا كان العيد أو الزوجة غير معين فإن ذلك يحتاج إلى الرأي أيضا كما علمت
قوله ( وتعليق بمشيئتهما ) كما إذا قال طلقاها إن شئتما ومثل ذلك إذا جعل أمرها بيدهما ففيهما يكون تفويضا فيقتصر على المجلس أي الذي هما فيه لكونه تمليكا في التفويض أو يكون تعليقا فيشترط فعلهما لوقوع الطلاق لأن المعلق بشيئين لا ينزل عند وجود أحدهما
قوله ( فإنه يلزم اجتماعهما عملا بالتعليق ) فلو باشر أحدهما لم ينفذ لعدم وجود المعلق عليه وهو مشيئتهما
قوله ( قلت وظاهره عطفه على لم يعوضا ) الضمير في قوله وظاهره ويعود على ما قاله المصنف والضمير في عطفه يعود على التعليق أي ظاهر ما قاله المصنف عطف التعليق على لم يعوضا أي نظرا إلى المعنى كأنه قيل لم يقع فيهما تعويض ولا تعليق بمشيئتهما والأحسن أن يقول على يعوضا بإسقاط لم لتسلط النفي عليه وفيه ركاكة زائدة
قوله ( كما يعلم من العيني والدرر ) حيث قال بعد قوله لم يعوضا بخلاف ما إذا قال لهما طلقاها إن شئتما أو قال أمرها بأيديكما لأنه تفويض إلى مشيئتهما فيقتصر على المجلس
ا هـ
قوله ( فحق العبارة ) أي حقها الواضح وإلا فهي صحيحة على ما سلف
واستثنى في البحر من إطلاق المصنف مسائل الأولى لو قال طلقاها جميعا ليس لأحدهما أن يطلقها وحده ولا يقع عليها طلاق أحدهما ولو قال طلقاها جميعا ثلاثا فطلقها أحدهما طلقة والآخر طلقتين لا يقع
____________________
(7/346)
الثانية قال لوكيلي طلاق لا يطلقها أحد دون صاحبه وطلق أحدهما ثم الآخر أو طلق واحد ثم أجازه الآخر لا يقع ما لم يجتمعا وكذا في وكيلي عتاق
كذا في منية المفتي
ا هـ
أقول واعترضه الرملي بأنه إنما لم يستثن المصنف الأولى لعدم دخولها لأن فيها زيادة وهي شرط اجتماعهما صريحا فتأمل
وكذا لم يستثن الثانية لعارض النهي عن الانفراد
قوله ( وفي تدبير ) أي لمعين لأنه كالإعتاق لا يحتاج إلى الرأي
منح
فلأحدهما الانفراد به وإنما قدر في في هذا وفيما بعده ليعلم أنه ينفرد أحدهما فيها
قوله ( ورد عين كوديعة الخ ) لأنه لا يحتاج له الرأي
قوله ( بخلاف استردادها ) فليس لأحدهما القبض بدون إذن صاحبه لإمكان اجتماعهما وللموكل فيه غرض صحيح لأن حفظ اثنين خير من حفظ واحد فإذا قبض أحدهما ضمن كله لأنه قبض بغير إذن المالك
فإن قيل ينبغي أن يضمن النصف لأن كل واحد منهما مأمور بقبض النصف
قلنا ذاك مع إذن صاحبه
وأما في حال الانفراد فغير مأمور بقبض شيء منه
بحر عن السراج
واعترضه أبو السعود بقوله وما في البحر عن السراج من قوله فإن قبل ينبغي أن يضمن النصف الخ فيه نظر لأنه إذا قبض بإذن صاحبه لا يلزمه الضمان أصلا
ا هـ
واعترض أيضا على تعليل البحر المذكور بقوله لأن اجتماعهما فيه ممكن بأن الحكم لو كان معلولا بإمكان الاجتماع لم يجز لأحدهما الانفراد في التوكيل برد الوديعة ا هـ
وعليه فالأولى الاقتصار على قوله لأن للموكل فيه غرضا صحيحا لأن حفظ اثنين خير من حفظ واحد
قوله ( فلو قبض أحدهما ) أي بدون إذن صاحبه كما صرح به في الذخيرة لا بدون حضوره كما توهمه عبارة البحر كما علمت أي وهلك في يده سواء كان كل المقبوض أو بعضه
قوله ( ضمن كله لعدم أمره بقبض شيء منه وحده ) إذ أمره تناولهما مجتمعين لا منفردين فلم يكن مأمورا في حالة الانفراد بقبض شيء
قوله ( وفي تسليم هبة ) أي لموهوب له معين فإن لأحدهما الانفراد اتفاقا وإن لم يعين الموهوب له لا ينفرد أحدهما عندهما وينفرد عند الثاني ط
قوله ( بخلاف قبضها ) فليس لأحدهما الانفراد والعلة ما ذكر في الاسترداد وهي العلة في الاقتضاء
قوله ( وقضاء دين ) فهو كرد الوديعة واقتضائه فهو كاستردادها
بحر
قوله ( وبخلاف الوصاية ) مبتدأ خبره قوله الآتي كالوكالة وزاد بعد الواو قوله بخلاف ليعطفه على قوله بخلاف اقتضائه فالمعطوف خمسة والسادس المعطوف عليه فلا اعتراض في كلامه فتنبه
لكن لا يحسن تشبيه مسألة الاقتضاء بالوكالة لأنها وكالة حقيقة وحينئذ فقول بعض الأفاضل إن المسائل المعدودة خمسة لا ستة فيه ما فيه ووقع في بعض النسخ والوصاية بدون قوله بخلاف على أنها مبتدأ وقوله كالوكالة خبر وهي أولى لأن ظاهر النسخة الأولى أن الوصيين لا ينفردان أصلا ولا في المسائل المستثناة حتى تصح أن تكون الوكالة بخلاف الوصاية وليس كذلك فإن ما ينفرد به أحد الوكيلين ينفرد به أحد الوصيين
وزاد مسائل أخر تأتي في باب الوصي ولذا جعل صاحب البحر حكم الوصيين والوكيلين واحدا حيث قال اعلم أن الوكالة والوصاية والمضاربة والقضاء والتولية على الوقف سواء ليس لأحدهما الانفراد وقدمنا حكم القاضيين
____________________
(7/347)
في القضاء والناظر إما وكيل أو وصي فلا ينفرد أحدما فقد سوى بين الوكالة والوصاية كما ترى
قال الرملي والصحيح أن الناظر وكيل
لكن قال قاضيخان هو عند أبي حنيفة وأبي يوسف وكيل الواقف حتى كان له أن يعزله وإن لم يشترطه لنفسه
وعند محمد وكيل الفقراء حتى لم يكن له عزله
ا هـ
قوله ( لاثنين ) ولو متعاقب
قوله ( وكذا المضاربة ) أي إذا عقد معهما عقد المضاربة معا فليس لأحدهما الانفراد لأن المضاربة مما تحتاج إلى الرأي
قوله ( والقضاء ) قيل ليس المراد أن السلطان إذا قلد شخصين قضاء بلدة ليس لأحدهما الانفراد بالقضاء في غيبة الآخر كما يتوهم وإنما المراد أنه إذا فوض أمرا إلى قاضيين متوليين قبل تفويض الأمر ليس لأحدهما الانفراد بالتصرف في ذلك الأمر بدون رأي الثاني انتهى
أقول ما نفى أن يكون مرادا هو المصرح به كما في منية المفتي
وعبارتها السلطان أو الإمام الأكبر فوض قضاء ناحية إلى اثنين فقضى أحدهما لم يجز كأحد وكيلي بيع
كذا ذكره الحموي في البحر عن الخانية
ولو أن أحدا من هذين القاضيين أراد أن يعزل القيم الذي أقامه القاضي الآخر فإن رأى المصلحة في ذلك كان له ذلك وإلا فلا ا هـ
قوله ( والتولية على الوقف ) أي إذا نصبهما قاض واحد أو كانا منصوبي الواقف
قوله ( فإن هذه الستة ) أي مع ضم الوكالة وإلا فهي خمس والتحكيم على استثنائه وإن أراد جميع ما تقدم مما لم يجز فيه الانفراد فهي تسع عشرة صورة مع مسألة الوكالة
قوله ( كالوكالة فليس لأحدهما الانفراد ) لأن ما ذكر يحتاج إلى الرأي ولم يذكر في البحر التحكيم ولم يذكر في الأشباه المضاربة بل زاد على ما هنا المودعين والمشروط لهما الاستبدال والإدخال والإخراج فباعتبار ما هنا تكون المسائل المثبتة بالوكالة ثمانية
والحاصل أن الشيء المفوض إلى اثنين لا يملكه أحدهما كالوكيلين والوصيين والناظرين والقاضيين اللذين يضعهما قاض واحد أما لو كانا منصوبي قاضيين فلأحدهما الانفراد والمحكمين والمودعين والمشروط لهما الإدخال والاستبدال والإخراج كما في الأشباه
قوله ( إلا في مسألة ما إذا شرط الواقف الخ ) قال الحموي يستفاد منه أن الناظرين أعم من أن يكون أحدهما المفوض أو غيره وعلى هذا الاستثناء متصل لا منقطع
قوله ( له ) أي للواقف نفسه
قوله ( فإن للواقف الانفراد دون فلان ) لأن الواقف هو الذي شرط لذلك الرجل وما شرطه لغيره فهو مشروط لنفسه لتقييده ط
قوله ( والوكيل بقضاء الدين ) أعم من هذا عبارة الأشباه حيث قال ولا يجبر الوكيل إذا امتنع عن فعل ما وكل فيه إلا في مسائل وهي الثلاث الآتية
ا هـ
وعلله في الملتقطات بأن فعل ذلك ليس بواجد عليه
قوله ( أو مال موكله ) هكذا استنبطه العمادي من مسألة ذكرها عن الخانية حيث قال بعد نقله لعبارة الخانية والفرع الأخير من هذه المسألة دليل على أن الوكيل بقضاء الدين من مال الوكيل لا يجبر على أداء الدين إذا لم يكن للموكل على الوكيل دين والمسألة كانت واقعة الفتوى ا هـ
وهي التي أردها الشارح ولكن ذكر قبله عنها ما يدل على خلافه من أنه لو كتب في آخر كتابه أنه يخاصم ويخاصم ثم ادعى قوم قبل الموكل الغائب مالا فأقر الوكيل بالوكالة وأنكر المال فأحضروا الشهود على الموكل لا يكون لهم أن يحسبوا الوكيل لأنه جزاء الظلم ولم يظهر ظلمه إذ ليس في هذه الشهادة أمر بأداء المال ولا ضمان الوكيل عن الموكل فإذا لم يجب على الوكيل أداء المال من مال الموكل بأمر موكله ولا بالضمان عن موكله لا يكون الوكيل ظالما بالامتناع ا هـ
ملخصا
____________________
(7/348)
ومفاده أنه لو ثبت أمر موكله أو كفالته عنه يؤمر بالأداء وعليه يحمل كلام قارىء الهداية
تأمل
ثم رأيت في حاشية المنح حيث قل أقول كلام الخانية صريح فيما أفتى به قارىء الهداية فإنه صريح في وجوب أداء المال بأحد شيئين إما أمر الموكل أو الضمان فليكن المعول عليه فليتأمل
ا هـ
ثم قال موفقا بين عبارة الخانية السابقة وعبارتها الثانية القائلة وإن لم يكن له دين على الوكيل لا يجبر وبين عبارة الفوائد لابن نجيم القائلة لا يجبر الوكيل إذا امتنع عن فعل ما وكل فيه إلا في مسائل الخ ما نصه أقول الذي ذكره في الفوائد مطلق عن قيد كونه من ماله أو من مال موكله أو من دين عليه والفرع الأخير المنقول عن الخانية مقيد بما إذا لم يكن عليه دين وما قبله بما إذا لم يكن له مال تحت يده
وأنت إذا تأملت وجدت المسألة ثلاثية إما أن يوجد أمره ولا مال له تحت يده ولا دين أو له واحد منهما والظاهر أن الوديعة مثل الدين لصحة التوكيل بقبضها كهو فيحمل الدين في الفرع الثاني على مطلق المال حتى لا يخالف كلامه في الفرع الأول كلامه في الفرع الثاني لصحة وجهه ويحمل كلامه في الفوائد على عدم وجود واحد منهما فيحصل التوفيق فلا مخالفة فتأمل
ا هـ
قلت ويحصل التوفيق أيضا مع ما أفتى به قارىء الهداية من قوله إنما يجبر على دفع ما ثبت على موكله من الدين إذا ثبت أن الموكل أمر الوكيل بدفع الدين أو كان للموكل مال تحت يده بدليل ذكره في السؤال
وحاصله أنه لا يجبر إذا لم يكن له عند الوكيل مال ولا دين وعليك بالتأمل في هذا التوفيق
قوله ( إذا لم يكن للموكل على الوكيل دين ) أما إذا كان وقد أمره بقضاء دينه بماله عليه فإنه يجبر كما يفيده مفهومه
قوله ( قال ) أين المصنف
قوله ( لا يجبر عليه ) أي على البيع
قوله ( ولو بطلبها ) أي ولو كان التوكيل بطلبها وقوله على المعتمد راجع إليه أما إذا لم يكن بطلبها فلا خلاف في عدم الإجبار وسيأتي في باب عزل الوكيل
أقول وما في الخلاصة من أنه يجبر لو بطلبها فخلاف الراجح لأنه لا حق للمرأة في طلب الطلاق
قال في الخانية الرجل إذا وكل بطلاق امرأته بطلبها لا يملك عزله إلا بمحضر منها
قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي الصحيح أنه يملك لأنه لا حق للمرأة في طلب الطلاق وطلب التوكيل كما في تنوير البصائر
قوله ( وعتق وهبة ) مثله التدبير والكتابة كما في الأشباه
قال في الخانية رجل قال لغيره ادفع هذا الثوب إلى فلان واعتق عبدي هذا ودبر عبدي هذا وكاتب عبدي هذا فقبل الوكيل ذلك وغاب الموكل فجاء هؤلاء وطلبوا منه ذلك لا يجبر على شيء منه إلا في دفع الثوب فإن الثوب يحتمل أن يكون ملك فلان فيؤمر بالدفع إليه
ا هـ
ذكره الحموي
قوله ( لكونه متبرعا ) علة لقوله لا يجبر
قوله ( إذا وكله بدفع عين ) كما إذا قال ادفع هذا الثوب إلى فلان فيجبر على الدفع لأن الثوب يحتمل أن يكون ملك فلان فيجب دفعه لفه فيؤمر بالدفع إليه
خانية
وكذا رد الوديعة لأنه من باب دفع الأمانة إلى أهلها وهو قادر فيجبره عليه
وهل يبرأ الموكل عن عهدة ضمانها بمجرد الدفع للوكيل أو لا إلا إذا وصلت للمالك لم أره والظاهر الثاني إلا إذا كان وكيلا من جانب المالك في استردادها فحينئذ يبرأ الغاصب من ضمانها بمجرد الدفع له
____________________
(7/349)
قال في الأشباه والمغصوب والأمانة سواء لكن لا يجب عليه الحمل
ا هـ
حموي
أفاده ط
قال بعض الفضلاء قد عبر عن هذا في البحر بقوله ومن أحكامه أنه لا جبر عليه في فعل ما وكل به إلا في رد وديعته بأن قال ادفع هذا الثوب إلى فلان الخ وعزاه للمحيط
وهذا هو الظاهر لأن ما هنا صادق بما إذا دفع له عينا لقضاء دينه فينافي ما سيذكره بعد أسطر بقوله وقضاء دين فلان الخ
ا هـ
قوله ( شرط فيه أو بعده ) أي سواء شرط في عقد الرهن التوكيل بالبيع أو بعده
قال في نور العين لو لم يشرط التوكيل بالبيع في عقد الرهن وشرط بعده قيل لا يجبر وقيل يجبر وهذا أصح
ا هـ
أقول وجه الجبر خشية أن يتوى حق المرتهن وهل قيد الغيبة المعتبر في المعطوف عليه معتبر في المعطوف أو ليس معتبرا قيل الظاهر الأول لأن الموكل بغيبته صار معتمدا على الوكيل فيتضرر بامتناع الوكيل عن الفعل لو لم يجبر عليه
ذكره الحموي
قال النسفي رحمه الله تعالى هذا إذا كان التسليط على البيع مشروطا في عقد الرهن فإن كان بعد تمام الرهن ذكر شمس الأئمة السرخسي أنه في ظاهر الرواية لا يجبر العدل على البيع لأن رضا المرتهن بالرهن قد تم بدونه وهو توكيل مستأنف ليس في ضمن عقد لازم
وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن التوكيل بالبيع بعد الرهن يلحق بأصل العقد ويصير كالمشروط فيه
قال شيخ الإسلام خواهر زاده وفخر الإسلام البزدوي هذه الرواية أصح لأن محمدا رحمه الله تعالى أطلق الجواب في الجامع الصغير والأصل ولم يفصل بين أن يكون البيع مشروطا أو غيره فظاهر ما أطلق يدل على أنه مجبر في الحالتين
ا هـ
من تنوير البصائر
قوله ( بطلب المدعي ) متعلق بوكله المقدر والمراد أن المدعى عليه وكل بطلب المدعي وإنما أجبر الوكيل فيها لتعلق حق الغير وهو المدعي بالوكيل ولو لم يجبر بعد غيبة الموكل لتضرر المدعي غاية الضرر مع تعلق حقه بالوكيل ط
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى أشار إلى أن المراد بوكيل الخصومة وكيل المدعى عليه فقول الدرر بوكيل خصومة لو أبى عنها لا يجبر عليها لأنه وعد أن يتبع ينبغي أن يخص بوكيل المدعي كما يفهم مما هنا كما نبه عليه في نور العين ويبعده قوله إذا غاب المدعي فالأحسن ما سنذكره بعد وسيذكر بيانه في باب عزل الوكيل
قوله ( خلافا لما أفتى به قارىء الهداية ) هذا مرتبط بقول المصنف المار والوكيل بقضاء الدين لا يجبر عليه
قال في المنح أقول ما ذكر مولانا من أنه لا يجبر وهو الذي عولنا عليه في هذا المختصر مخالف لما أفتى به شيخ الإسلام سراج الدين قارىء الهداية حيث سئل هل يحبس الوكيل في دين وجب على موكله إذا كان للموكل مال تحت يده أي يد وكيله وامتنع الوكيل من إعطائه سواء كان الموكل حاضرا أو غائبا فأجاب إنما يجبر على دفع ما ثبت على موكله من الدين إذا ثبت أن الموكل أمر الوكيل بدفع الدين أو كان كفيلا به وإلا فلا يحبس ا هـ
قال الطحطاوي والذي في تنوير البصائر أن عدم الجبر إنما هو إذا كان مأمورا بالدفع من مال نفسه وهو مراد قارىء الهداية فيكون هو المعتمد
قوله ( قلت وظاهر الأشباه الخ ) الذي في الأشباه هو أنه لا يجبر الوكيل بغير أجر على تقاضي الثمن وإنما يحيل الموكل
ا هـ
ويستفاد هذا من قول الشارح لكونه متبرعا قبل الاستثناء فافهم أنه إذا كان بأجر يجبر ولذا قال بيري زاده في حاشيته أما إذا كان بأجر كالدلال والسمسار
____________________
(7/350)
والبياع يجبر على استيفاء الثمن
ذكره الصدر الشهيد كما في الذخيرة
وفي الصغرى لأن من سواهم متبرع فإن فعل فيها وإن امتنع لا
قال صاحب الأشباه وإنما يحيل الموكل أي يقال له أحل الموكل على المشتري ا هـ
وقد صرحوا به في المضاربة بعد التفاسخ أنه إذا كان في المال ربح يجبر المضارب على تقاضي الديون وإلا لا يوكل رب المال بتقاضيه وهذا غير ما نحن فيه وهو ما إذا امتنع عن مباشرة ما وكل به أنه لا يجبر عليه ليس في الأشباه ما يدل على أنه يجبر بل هو متوقف على صحة عقد الإجارة في مثله فإن صح العقد أجبر للخروج عن عهدة ما استؤجر عليه فليراجع فإن صحة الإجارة موقوفة على كون المنفعة المستأجر عليها معلومة
تأمل
ثم رأيت في الأشباه ذكر في الفن الثالث فيما افترق فيه الوكيل والوصي أنه لو استأجر الموكل الوكيل فإن كان على عمل معلوم صحت وإلا لا
ا هـ
وفي شرح المجمع لابن أبي الضياء بعد كلام وأما الذي يبيع بالأجر كالبيع والسمسار فيجعل كإجارة صحيحة بحكم العادة ويجبر على التقاضي والاستيفاء لأنه وصل إليه بدل عمله كالمضارب إذا كان ربح يجبر على التقاضي واستيفاء الثمن ولو ضمن العاقد لرب المال هذا الدين لم يجز لأنه أمين
ا هـ
ومثله في الحموي
قوله ( فتدبر ) أي بزيادة هذه على المستثنى
قوله ( ولا تنس الخ ) أي زدها على المستثنى أيضا
قوله ( واقعة الفتوى ) أي السابقة آنفا وهي ما إذا وكله بقضاء الدين مما له عليه فتصير المستثنيات خمسة بضم الوكيل بالأجر ولعله أراد بها ما ذكره في الخانية رجل أكرى جمالا إلى بلخ وحمل حمولات على الجمال وأمر الجمال بتسليم الحمولات إلى وكيله ببلخ ويقبض الكراء منه فجاء الجمال بالحمولات إلى الوكيل ببلخ فقبل الوكيل الحمولات وأدى بعض الكراء وامتنع عن أداء الباقي قال إن كان لصاحب الحمولات دين على الوكيل وهو يقر بالدين والأمر يجبر على دفع الباقي من الكراء وإن أنكر الأمر يحلفه بالله ما يعلم أن صاحب الحمولات أمره بالقبض وإن لم يكن له دين على الوكيل لا يجبر
قال العمادي في فضوله بعد نقله لما ذكر عن قاضيخان والفرع الأخير من هذه المسألة دليل على أن الوكيل بقضاء الدين من مال الوكيل لا يجبر على أداء الدين إذا لم يكن للموكل على الوكيل دين والمسألة كانت واقعة الفتوى ا هـ من المنح
فيحتمل قوله والمسألة الخ أن يكون من كلام العمادي أو من كلام صاحب المنح ولعلها هي التي أرادها الشارح ولا تنس ما قدمناه عند قول الشارح أو مال موكله
قوله ( فلعله أوفى ) عبارته وظاهر إطلاق المؤلف أنه لا فرق بين أن يكون مأمورا بقضاء الدين من مال نفسه لا يجبر ولو وكله من مال الآمر يجبر
قال في الفصول العمادية وكذلك لا يجبر الوكيل على البيع وكذا المأمور بقضاء الدين من مال نفسه
وفي متفرقات كفالة الذخيرة إذا قبل الإنفاق أو قضاء الدين من مال نفسه ثم امتنع لا يجبر إذا كان وكيلا بقضاء الدين وقبل الوكالة ا هـ
ثم قال فقد ظهر لك أن الذي ذكره المصنف محله ما إذا كان مأمورا بقضاء الدين من مال نفسه وهو إطلاق في محل التقييد وهو غير مناسب
وبما ذكرنا ظهر لك أن الذي في خلاصة الفتاوى محمول على ما إذا كان مأمورا بقضائه من مال الآمر وحينئذ يتضح الحال
ا هـ
ط
قوله ( وفي فروق الأشباه ) هذه المسألة مكررة مع ما تقدم أول كتاب الوكالة
ا هـ
ح أي إلا قوله حاضرا بنفسه وانظر ما معنى
____________________
(7/351)
هذا فإني لم أر من ذكره بل المذكور تعذر حضوره شرط كما مر ومع هذا فلا مناسبة هنا وقد تتبعت فروق الأشباه فلم أرها فيها وإنما فيها ما افترق فيه الوكيل والوصي ولا يستحق الوكيل أجرة على عمله بخلاف الوصي
وفي الخانية ولو استأجر الموكل الوكيل فإن كان على عمل معلوم صحت وإلا لا ا هـ
فلعله سبق فلم
قوله ( الوكيل لا يوكل إلا بإذن آمره ) لأنه فوض إليه التصرف دون التوكيل به وقد رضي برأيه دون غيره والناس مختلفون في الآراء والمراد أنه لا يوكل فيما وكل فيه فخرج التوكيل بحقوق العقد فيما نرجع فيه الحقوق إلى الوكيل فله التوكيل بلا إذن لأنه أصيل فيها ولذا لا يملك الموكل نهيه عنها وصح توكيل الموكل كما قدمناه
بحر
وفيه وخرج عنه ما لو وكل الوكيل بقبض الدين من في عياله فدفع المديون إليه فإنه يبرأ لأن يده كيده
ذكره الشارح في السرقة ا هـ
وذكر الثاني المصنف قيل هل المراد عدم الجواز من كون الوكيل لا يوكل إلا بإذن أي عدم الحل أو عدم الحصة فإن أريد الأول لا يناقض ما سيأتي عن قريب وإن أريد الثاني ناقصه وستقف على الآتي يعني قول الأشباه الوكيل إذا وكل بغير إذن أو تعميم وأجاز ما فعله وكيله نفذ
ووجه المناقضة أن الموقوف قسم الصحيح
قال العلامة الرملي المراد نفي النفاذ لا نفي الصحة حتى لو وكل بدونهما فأجاز الموكل نفذ فيكون فضوليا يعلم هذا من قولهم كل ما صح التوكيل به إذا باشره الفضولي يتوقف ا هـ
قلت ويعلم مما نذكره قريبا
قوله ( لوجود الرضا ) تعليل لمحذوف تقديره فيصح التوكيل
قوله ( في دفع زكاة ) لأن المقصود منها البراءة من سمة البخل في حق المزكى ونفع الفقير القابض لها فلذا جاز النيابة فيها عند العجز والقدرة ولا فرق في ذلك بين نائب ونائب وأطلق في دفع الزكاة فشمل الدفع المعين وغير معين
قوله ( بخلاف شراء الأضحية ) أي إذا وكل الوكيل فيها فاشترى فإنه يكون موقوفا على إجازة الأول إن أجاز جاز وإلا فلا وكذلك وكيل الوكيل لو وكل غيره ثم وثم فاشترى الأخير يكون موقوفا على إجازة الأول إن أجاز جاز وإلا فلا بحر عن الخانية
لأن الوكيل بالشراء ليس له أن يوكل إلا بالشروط المذكورة
ولا يقال إن الأضحية مقصودة بها الأجر لأن الإنسان لا يرضى بالشراء بأزيد من القيمة ولا شراء الهزيلة بثمن السمينة ولأن القربة تقوم بإراقة الدم وتعظيم الأجر بحسن الأضحية وله أن ينتفع باللحم فإذا اختار نائبا غيره ليس له أن ينيب غيره إلا بإذنه لأنه قد اعتمد رأيه
قوله ( من في عياله صح ) وبرىء المديون بالدفع إليه لأن يده كيده فلو لم يكن في عياله لا يصح التوكيل فلو هلك من يده كان للآمر الرجوع بدينه على المديون
وفيه إن وكل لا يتعدى باللام ولا وجه لزيادتها فالأولى حذفها
وعبارة الأشباه إلا الوكيل بقبض الدين له أن يوكل من في عياله ولا غبار عليها وما ذكره المصنف مخالف لما في جامع الفصولين من الفصل الرابع والثلاثين من أن الوكيل بقبض الدين لا يوكل غيره لتفاوت الناس في القبض
ا هـ
قال الحموي ويمكن التوفيق بأن يحمل ما في جامع الفصولين على ما إذا وكل بالقبض من ليس في عياله
____________________
(7/352)
لما في القنية وكله بقبض دينه فوكل الوكيل فقبضه وهلك في يده فإن كان الوكيل الثاني من عيال الأول لا يرجع الدائن على أحد وإلا يرجع على المديون بدينه ا هـ
وذكره الزيلعي في السرقة وعزاه في البحر إلى وكالة الخزانة
قوله ( وإلا عند تقدير الثمن الخ ) أي لو عين ثمنه لوكيله فله أن يوكل به لعدم الاحتياج إلى رأي أما لو وكله بشراء فينبغي أن يعين المشتري أيضا لأنه رضي برأيه واختياره فليس له أن يفوض إلى غيره ولا شك أن المشتري تتفاوت أفراده وهذا تقرير كلام الشارح وقد تبع فيه صاحب الدرر
والذي جرى عليه المصنف في شرحه هو تعيين الوكيل لوكيل وهو صريح كلام الهداية وقال إن الرأي يحتاج إليه لتقدير الثمن ظاهرا أي من الوكيل وقد حصل
وقال أما إذا لم يقدر الثمن وفوض إلى الأول كان غرضه رأيه في معظم الأمر وهو التقدير في الثمن
كذا في الهداية
فقد جعل معظم الأمر تقدير الثمن وجعل اختيار المشتري تابعا فأفاد أنه لا فرق بين الوكيل بالبيع والشراء وهو محل تأمل في وكيل الشراء
ونقل عن منية المفتي إذا باع الثاني بمثن عينه الموكل جاز بغية الأول
وفي الأصح لا إلا بحضرة الأول وهي مسألة الشارح التي تبع فيها صاحب الدرر
فإن قيل كيف يصح إذا عين الوكيل الأول الثمن لوكيله ولا يصح إذا عين الوكيل لوكيله الجواب إن الموكل إذا قدر الثمن لوكيله علم أنه يقصد رأيه في غير الثمن إذ القصد من التوكيل الانتفاع برأي الوكيل وأما إذا لم يعين الثمن كان مقصوده رأي الوكيل في تقديره إذ هو معظم الأمر كما تقدم عن الهداية فإذا قدره الوكيل لوكيله فقد حصل المقصود
فإن قيل كيف يوكل للوكيل بدون تقدير ثمن مع تقدير الموكل ولا بد من موافقة تعيينه الجواب يصح حيث وافق وكيله تقديره موكله من غير قصد فليتأمل
ويأتي تمامه وتوضيحه قريبا
قوله ( من الموكل الأول ) مخالف لما في البحر وللتعليل كما ظهر مما ذكرناه والموافق لما في البحر أن يقول من الوكيل الأول له أي للوكيل الثاني
قوله ( أي لوكيله ) أفاد اتصاده على هذه المسائل أن الوكيل في النكاح ليس له التوكيل وبه صرح في الخلاصة والبزازية والبحر من كتاب النكاح وتقدم في باب الولي فراجعه خلافا لما قاله ط هناك بحثا من أن له التوكيل قياسا على هذه المسألة الثالثة فافهم
ثم رأيت في شرح المجمع عازيا للمنتقى وكيل النكاح والخلع والكتابة كوكيل البيع
ا هـ
قوله ( لحصول المقصود ) لأن الاحتياج فيه إلى الرأي لتقدير هذا الثمن ظاهر وقد حصل بخلاف ما إذا وكل وكيلين وقدر الثمن لأنه لما فوض إليهما مع تقدير الثمن ظهر أن غرضه اجتماع رأيهما في الزياة واختيار المشتري كما مر
هداية
وفي منية المفتي وقيل إذا باع الثاني بثمن عينه الموكل جاز بغيبة الأول
وفي الأصح لا إلا بحضرة الأول
ا هـ
قال في البحر ولا مخالفة بين ما في الهداية ومما صححه في المنية لأن الأول فيما إذا قدر الوكيل الثمن لوكيله والثاني فيما إذا قدر الموكل الأول لوكيله كما لا يخفى
ا هـ
قال الرملي هذا غير صحيح بل بينهما مخالفة إذ في المسألة اختلاف الرواية
قال في الكفاية عند قول صاحب الهداية ولو قدر الأول الثمن للثاني فعقد بغيبته يجوز أطلق الجواز وهو رواية كتاب الرهن وقد اختارها لأن الرأي يحتاج فيه لتقدير الثمن ظاهرا وقد حصل
وفي كتاب الوكالة لا يجوز لأن تقدير الثمن لمنع النقصان لا لمنع الزيادة وربما يزيد الأول على هذا الثمن لو كان هو المباشر للعقد ا هـ
وفي التاترخانية نقلا عن
____________________
(7/353)
الخانية وإن كان بغير محضر من العدل وبين الثمن للوكيل بالبيع فوكل الوكيل غيره فباعه الثاني بذلك الثمن ذكر في رواية أنه يجوز كما ذكر في كتاب الرهن وفي عامة الروايات لا يجوز وإن بين الثمن ما لم يجز المالك أو الوكيل الأول ا هـ
فكيف مع هذا يحمل على اختلاف الموضوع وقد ظهر بقول صاحب المنية
وفي الأصح لا إلا بحضرة الأول وبقول الخانية وفي عامة الروايات لا يجوز ضعف ما في الهداية ووجهه ظاهر لأن التقدير يمنع النقصان لا الزيادة واختيار المشتري خصوصا إذا كان الثمن مؤجلا لتفاوته في الذمم والاحتياج إلى الرأي في ذلك كما هو واضح فتأمل
وفي الخانية أيضا رجل وكل رجلا أن يبيع له هذا الثوب بعشرة دراهم فوكل الوكيل بذلك غيره فباعه الثاني بحضرة الأول روى عن أبي يوسف أنه يجوز هذا البيع كان الوكيل الأول حاضرا أو غائبا ولا يتوقف على الإجازة
وقال أبو حنيفة ومحمد لا يجوز كان الوكيل الأول حاضرا أو غائبا
وقال ابن أبي ليلى يجوز كان الوكيل الأو حاضرا أو غائبا لأن الموكل رضي بزوال ملكه بالثمن المقدر ا هـ
فهو مؤيد لما قلناه فتدبر
ا هـ كلام الرملي
قلت وفيه نظر إذ لا شك فيما قاله المؤلف من أن ما في الهداية تقدير الثمن من جهة الوكيل وما في المنية من جهة موكله
وغاية ما نقله المحشي وجود خلاف في الأولى ولا يلزم منه وجوده في الثانية إلا بنقل صريح
نعم على تقدير عدمه يحتاج إلى الفرق بين المسألتين وهو ظاهر من كلام الهداية كما قدمناه قريبا وذلك أن عند تقدير الثمن من الموكل لوكيله يظهر أن غرضه حصول رأيه في الزيادة الخ
قوله ( والتفويض ) في البحر عن البزازية قيل للوكيل اصنع ما شئت له التوكيل ولو قال الوكيل ذلك لوكيله لا يملكه الثاني توكيل ثالث ولو قال السلطان استخلف من شئت له الاستخلاف أيضا ثمة وثمة
قوله ( إلا في طلاق وعتاق ) إلى آخر المعاطيف هذا بالنظر إلى التفويض
وأما إذا أذن له صريحا في التوكيل بها فلا شبهة في الصحة
قوله ( لأنهما مما يحلف به ) فيصح تعليقه بالشرط فكان التوكيل به تعليقا بإيقاعه فلا يقع بإيقاع غيره لا فرق أن يكون ذلك بحضرته أو غيبته أجازه أو لا لأنه لم يعلقه بإجازته بل بإيقاعه هذا بالنظر إلى التفويض
وأما إذا أذن له صريحا في التوكيل بها لا شبهة في الصحة
قال في منية المفتي التوكيل باليمين وبالطلاق جائز
ا هـ
قوله ( قنية ) محصل ما فيها أن الإذن في التوكيل بقوله اصنع ما شئت يختص بما يصح التوكيل به كالبيع والشراء دون ما لا يصح التوكيل فيه كالطلاق فإنه مما يحلف به أي فيصح تعليقه بالشرط فلا يقوم غيره مقامه بخلاف البيع فإنه لا يحلف به فيقوم غيره مقامه
ا هـ
وحاصل ما يقال في التفويض لو قال رجل لآخر فوضت أمر مالي إليك صار وكيلا في الحفظ ولو قال فوضت أمري إليك قيل باطل وقيل يصير وكيلا بالحفظ والنفقة ولو قال أنت وكيلي في كل شيء جائز أمرك فهو وكيل بالحفظ والبيع والشراء والهبة والصدقة لأنه فوض إليه التصرفات عاما فصار كأنه قال ما صنعت من شيء فهو جائز فيملك أنواع التصرفات وعليه فلو طلق امرأته يصح
قال أبو نصر لو طلق الوكيل امرأة الموكل في هذه الصورة أو وقف أرضه لا يجوز وبه أخذ الفقيه أبو الليث وهكذا كان يقول لمن قال لغيره وكلتك في أموري لأن الوكيل لو طلق امرأته أو أعتق أو وقف
____________________
(7/354)
أرضه لا يجوز وكان يقول لا نراه بمثل هذا التوكيل توكيلا بالطلاق والعتاق
وكان الصدر الشهيد وتاج الدين يستحسن قول الفقيه أبي النصر
وعن أبي حنيفة ما يؤكد هذا فإنه قال في هذه الصورة هذا توكيل بالمعاوضات دون الهبات والإعتاق وبه يفتى من التاترخانية
والحاصل أن التفويض ينتظم به التوكيل كالإذن ولا ينتظم الطلاق والعتاق على ما فيه من الخلاف
قوله ( ففعل الثاني بحضرته ) لأن المقصود حضور رأيه وقد حصل وترجع الحقوق إلى الثاني في الأصح كما يذكره الشارح لأنه العاقد
وقيل إلى الأول لأن الموكل رضي بلزوم العهدة للأول وظاهر كلامه الاكتفاء بالحضرة وهو قول البعض والعامة على أنه لا بد من إجازة الوكيل أو الموكل وأن حضرة الوكيل الأول لا تكفي كما في النهاية والسراج والخانية قيد بالعقد احترازا عن الطلاق والعتاق لأنهما يقبلان التعليق بالشرط فكأن الموكل علقه بلفظ الأول قال في البحر ويزاد الإبراء عن الدين كما سيذكره المصنف فإذا وكله بأن يبرىء غريمه فوكل الوكيل فأبرأه بحضرة الأول لم يصح ويزاد الخصومة وقضاء الدين كما يذكره المصنف فلا تكفي الحضرة كما في شرح المجمع ويخالفه في الخصومة ما في الخانية الخ البحر ومنه يعلم ما في كلام الشارح من الإيهام إذ ظاهر كلامه يفيد أن الاكتفاء بالحضرة في غير الخصومة أيضا بالنسبة للخانية وليس كذلك كما نبه عليه أبو السعود
قوله ( فأجازه الوكيل الأول صح ) وهو المعتمد لأن توكيل الوكيل لما لم يصح التحق بالعدم فيكون الثاني فضوليا لا يتم بمجرد حضرة الأول حتى يجيزه وقيل تكفي الحضرة من غير توقف على الإجازة لأنه إنما فعل بأمره وبحضرته فأغناه عن الإجازة
أقول هذا إذا لم يبين الثمن كما في شرح المجمع لابن ملك فإن كان بينه جاز بلا إجازته
ا هـ يعني لو قدر الوكيل للثاني ثمنا بأن قال بعه فكذا فباعه الثاني بغيبته جاز بلا إجازة الأول وهذه رواية كتاب الرهن ووجهها أن مقصود الموكل أن يكون البيع برأي الوكيل الأول وإذا قدر ثمنا فهو بيع برأيه وهذا بخلاف ما لو وكل وكيلين وقدر الثمن فباع أحدهما بذلك الثمن حيث لم يجزه لأن المقصود هنا اجتماع رأيهما في الزيادة واختيار المشتري وعلى رواية كتاب الوكالة لا يجوز لأن الأول لو كان هو الذي يباشر ربما يبيع بالزيادة على ذلك المقدار لذكائه وهدايته كما في حواشي الأشباه
قوله ( لتعلقهما بالشرط ) أي لجواز تعلقهما بالشرط بخلاف البيع
قوله ( فكأن الموكل علقه بلفظ الأول دون الثاني ) أي فلا يوجد بإيقاع الثاني ولا بإجازة الأول وحضوره لا يكفي لأنه لم يعلق بذلك كما مر
والحاصل أن الوكيل بالطلاق وما شاكله رسول لأنه لا عهدة عليه والرسالة نقل عبارة المرسل فإذا أمر غيره فإنما أمر بنقل ملك الغير فلا يصح الأمر وإذا لم يصح صار وجوده وعدمه سواء فأما الوكيل في باب البيع أمر الثاني بما يملكه لأنه أمره بالبيع وهو مالك للبيع بنفسه فإن العبارة في البيع له حتى كأن حقوق العقد له وكان ينبغي أن يصح البيع الثاني حال غيبة الأول إلا أنه لم يصح لأنه لم يحضر هذا البيع رأيه والموكل إنما رضي بزوال ملكه إذا حضر رأي الأول كما في حاشية الحموي
قوله ( وإبراء عن الدين ) هذا معطوف على
____________________
(7/355)
طلاق وتقدم مثاله قريبا
قال في البحر وكان ينبغي أن يصح لأنه لا يقبل التعليق بالشرط كالبيع ا هـ
قوله ( وخصومة وقضاء دين ) نقله المصنف عن شرح المجمع
قال ويخالفه ما في الخانية وإن خاصم الوكيل الثاني والموكل حاضر جاز لأن الأول إذا كان حضرا كأن الأول خاصم بنفسه كالوكيل بالبيع ا هـ
ولذا قال الشارح ابن ملك خلافا للخانية ولا يظهر وجه ما نقله عن القنية وابن ملك لا سيما وقد خالف الخانية والشارحين كما نبهنا عليه قريبا
قوله ( خلافا للخانية ) راجع إلى الخصومة فقط كما قيده في المنح والبحر وتقدمت عبارتها
قوله ( وإن فعل أجنبي ) أي ما وكل به وكيلا فأجازه الوكيل الأول جاز ظاهره أن الأجنبي وكيل ثان وهو كذلك مالا لأن الفضولي بعد إجازة عقده يصير وكيلا لما علم أن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة وترجع الحقوق إلى الثاني على الصحيح لأنه هو العاقد كما في مسألة العقد بالحضرة كما في البحر
قوله ( جاز ) أي ولو في النكاح على ما في الذخيرة آخرا ويؤيده إطلاق المتون والشروح وكذا ما يأتي قريبا عن منية المفتي والأشباه من التصريح به وأن عليه الفتوى
قوله ( فإنه ينفذ عليه ) أي على الوكيل الأول
بحر من السراج
وظاهره جواز فعل الأجنبي في كل شيء ما عدا الشراء وليس كذلك
قال في منية المفتي وكل بالطلاق أو العتاق ففعل الأجنبي فأجاز لم يجز لأن المطلوب عبارته وكذا لو وكل الوكيل فطلق الثاني بحضرة الأول بخلاف الوكيل بالبيع والنكاح والخلع والكتابة إذا وكل فعل الثاني بحضرته أو فعل أجنبي جاز ا هـ
ونقله في الأشباه وعليه فكان الأولى زيادة الطلاق والعتاق في الاستثناء
قوله ( ولا يتوقف متى وجد نفاذا ) أي فلا يتصور أن يكون فضوليا في الشراء لأنه يقع لنفسه فلا يتصور فيه الإجازة وتقدم في فصل الفضولي أنه لو اشترى لغيره نفذ عليه إلا إذا كان المشتري صبيا أو محجورا عليه فيتوقف لأنه لم يجد نفاذا على العاقد وهذا إذا لم يضفه إلى غيره فلو أضافه بأن قال بعني هذا العبد لفلان أو اشتريته لفلان توقف على إجازته
قوله ( وإن وكل ) أي الوكيل
قوله ( به أي بالأمر ) أي وكالة ملتبسة بالأمر بالتوكيل أي بالإذن به
قوله ( فهو أي الثاني وكيل الآمر ) فللآمر إخراجه سواء كان الوكيل الأول حيا أو ميتا
بحر
قوله ( فلا ينعزل بعزل موكله ) يصح أن يكون من إضافة المصدر لفاعله أو مفعوله وعلى الأول معناه فلا ينعزل بأن يعزله موكله أي لا يكون له أن يعزله كما صرح به العيني وعلى الثاني أي لا ينعزل بانعزاله
قوله ( وينعزلان ) أي الوكيل الأول والثاني
قوله ( بموت الأول ) أي الموكل الأول وكان الأولى التصريح به ح
قال الزيلعي وهو نظير استخلاف القاضي حيث لا يملكه إلا بإذن الخليفة ثم لا ينعزل بعزل القاضي الأول ولا بموته وينعزلان بعزل الخليفة لهما لكن لا ينعزلان بموته
والفرق أن الخليفة عامل للمسلمين فلا ينعزل القاضي الذي ولاه هو أو ولاه القاضي بإذنه والموكل عامل لنفسه فينعزل وكيله بموته لبطلان حقه ا هـ
قوله ( كما مر في القضاء ) بأن نائب القاضي لا ينعزل بعزله ولا بموته
____________________
(7/356)
قوله ( وفي البحر الخ ) كالاستدراك على قوله فلا ينعزل بعزل موكله والذي في البحر نسبة أن الثاني صار وكيل الموكل فلا يملك عزله فيما إذا قال اعمل برأيك إلى الهداية ونسبة أن له عزله في قوله اصنع ما شئت إلى الخلاصة
ثم قال وهو مخالف للهداية إلا أن يفرق بين اصنع ما شئت وبين اعمل برأيك والفرق ظاهر وعلل في الخانية بأنه لما فوضه إلى صنعه فقد رضي بصنعه وعزله من صنعه
ا هـ
فليس في كلام الخلاصة والخانية التصريح بمخالفة أحدهما للآخر فيحتمل أن في المسأل قولين ودعوى صاحب البحر ظهور الفرق غير ظاهرة لما في الحواشي اليعقوبية والحواشي السعدية أنه ينبغي أن يملكه في صورة اعمل برأيك لنناول العمل بالرأي العزل كما لا يخفى فتأمل
ا هـ
وفي منية المفتي وكل الوكيل وقد قيل له اعمل برأيك صار الثاني وكيل الموكل وينعزل الأول والثاني بموت الموكل ولا ينعزل الثاني بموت الأول وانعزاله ويملك الأول عزل الثاني
ا هـ
قوله ( وعزله من صنعه ) مبتدأ وخبر يعني لما فوضه إلى صنعه فقد رضي بصنعه وعزله من صنعه
قوله ( بخلاف اعمل برأيك ) أي فإنه لا يملك عزله لأن العزل كف عن العمل وبحث فيه في الحواشي اليعقوبية والسعدية كما علمت
قال المصنف والفرق ظاهر وعلله قاضيخان بأنه لما فوضه إلى صنعه فقد رضي بصنعه وعزله من صنعه
ا هـ
قوله ( واعلم ) تكرار مع ما تقدم أول الكتاب
وحاصل ما يقال إن الوكيل وكالة عامة يملك كل شيء إلا الطلاق والعتاق والوقف والهبة على المفتى به وينبغي أن لا يملك الهبة والحط عن المديون لأنهما من قبيل التبرع وينبغي أن لا يملك الإقراض والهبة بشرط العوض وإن كانا معاوضة انتهاء ويملك قبض الدين وإيفاءه واقتضاءه والدعوى بحقوق للموكل وسماع الدعوى بحق على الموكل والأقارير بالديون على الموكل ولا يختص بمجلس القاضي لأن ذلك في الوكيل بالخصومة لا العام
قوله ( زواهر الجواهر وتنوير البصائر هما حاشيتان على الأشباه الأولى للشيخ صالح والثانية لأخيه الشيخ عبد القادر ولد الشيخ محمد بن عبد الله الغزي المصنف صاحب المنح
قوله ( وتقيد طلاقه بالمجلس ) أي إن طلق بالمجلس صح وإلا لا
درر
قوله ( فلا يتقيد به ) فإن طلق بعده صح
درر
قوله ( لم يجز تصرفه في حقه ) لأن صحة التصرف مبنية على الولاية لأن التفويض تمليك وهو مما يقتصر على المجلس فإذا انتقلت الثانية انتفت الأولى
درر
قوله ( فإذا باع عبد أو مكاتب أو ذمي أو حربي ) قال الزيلعي وأما المرتد فإنه ولايته على أولاده وأموالهم موقوفة بالإجماع لأنها تبنى على النظر والنظر يجعل باتفاق الملة لأن اتحادهما داع إلى النظر وهو متردد في الحال فوجب التوقيف فيه فإذا أسلم جعل كأنه لم يزل مسلما فينفذ تصرفه وإذا مات أو قتل على ردته تقررت جهة انقطاع الولاية فيبطل
____________________
(7/357)
تصرفه بخلاف تزوجه بنفسه حيث لم يجز وإن أسلم بعد ذلك لأن جواز النكاح يعتمد الملة ولا ملة للمرتد فلا يتوقف إذ لا مجيز له في الحال لأن شرط التوقف أن يكون له مجيز في الحال فصار نظير إعتاق الصبي وطلاقه وهبته حيث لا يتوقف عليه إذ لا مجيز لها في الحال وهو الولي أو القاضي فيتوقف فإن أسلم نفذت فصح النكاح وإلا بطل بخلاف تصرفاته في ماله عندهما لأنهما تنبىء عن الملك وملكه قائم ثابت في أمواله ما دام حيا فينفذ بلا توقف ا هـ
قوله ( عيني ) وكأنه عدل عن قول الكنز كافر للاحتراز عن المرتد فإن ولايته على أمواله وأولاده موقوفة بالإجماع كما علمت لكن يرد على المصنف أن الحربي كالذمي والعذر له أنه إذا علم أن اذي لا ولاية له علم أن الحربي كذلك بالأولى
قوله ( مال صغيره الحر ) راجع إلى العبد والمكاتب وقوله المسلم راجع إلى الذمي والحربي
قوله ( أو شرى واحد منهم به ) أي بمال الصغير قيد به لأنه لو شرى له بمال نفسه وماله حرية الولي مطلقا وإسلامه إن كان صغيرا مسلما وإلا لا والرق والكفر يقطعان الولاية ألا ترى أن المرقوق لا يملك إنكاح نفسه فكيف يملك إنكاح غيره وكذا الكافر لا ولاية له على المسلم حتى لا تقبل شهادته عليه قال الله تعالى { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } النساء 141 والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم ولا فرق أن يكون الكافر ذميا أو حربيا وكذا لا ولاية لمسلم على كافرة في نكاح ولا مال كما في البحر في كتاب النكاح وتقدم هناك أيضا متنا وشرحا فليحفظ قال الله تعالى { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } الأنفال 73
قوله ( والولاية في مال الصغير إلى الأب ) إذا لم يكن سفيها أما السفيه فلا ولاية له في مال ولده
أشباه
في القاعدة من الجمع والفرق وليس للأب تحرير قنه بمال وغيره ولا أن يهب ماله بعوض ولا إقراضه في الأصح كما في جامع الفصولين وللقاضي أن يقرض مال اليتيم والوقف والغائب بخلاف وصي القاضي أو الأب فإنه ليس لهما إقراضه كما في العدة
قوله ( ثم وصى وصية ) أي وإن بعد كما في جامع الفصولين
قوله ( إذ الوصي يملك الإيصاء ) سواء كان وصي الميت أو وصي القاضي وفي الثاني خلاف منح
وظاهر هذا التعليل أن الوصي يملك الإيصاء ولو تعدد ط
قوله ( ثم وصى وصيه ) قال في المنح عن العمادية ووصى الجد أبي الأب ووصى وصيه ووصى القاضي ووصى وصيه بمنزله وصي الأب إلا في خصلة وهي أن القاضي إذا جعل وصيا في نوع كان وصيا في ذلك النوع خاصة والأب إذا جعل وصيا في أي نوع كان وصيا في الأنواع كلها ا هـ
وفيها قال في الكتاب إذا مات الرجل وترك وصيا وأبا كان الوصي أولى من الأب فإن لم يكن له وصي فالأب أولى
ا هـ
قوله ( ثم إلى من نصبه القاضي ) ظاهره أن تصرف منصوب القاضي مع القاضي لا يصح مع أنهم صرحوا أن القاضي لا يتصرف مع الوصي ولو منصوبة لأن الولاية الخاصة مقدمة على الولاية العامة وكأن المصنف لم يقصد إلا أن وصي القاضي قد استفاد الولاية منه فكان مؤخرا عنه بهذا الاعتبار مقدما عليه في التصرف لما سمعت وفهم من كلام المصنف أن وصي وصى القاضي لا يتصرف مع القاضي فقد صرح به في المنح عن الخانية حيث قال إذا كان غائبا إذ الظاهر أن الضمير في كان راجع إلى القاضي لأنه إنما يصير وصيا بموت الموصي
قال بعض الفضلاء وتعبيره بثم يقتضي تأخيره عن القاضي وهو مخالف لما سيأتي
____________________
(7/358)
في كتاب المأذون من قوله ثم القاضي أو وصيه أيهما تصرف يصح فلذا لم يقل ثم
قوله ( وليس لوصي الأم ووصي الأخ ) أي مثلا
قوله ( في تركة الأم ) الأنسب زيادة الأخ والمراد بالتصرف ما يعم الحفظ كما يؤخذ مما بعد وانظر ما معنى زيادة الأخ هنا فإن كان الأب حيا فمات الأخر فتركته لأبيه ولا شيء لأخيه حتى ينفي تصرف الوصي وإنما تصرفه ذلك فيما إذا مات الأب وله وصي ثم مات الأخ وله وصي فلا يتصرف وصي الأخ مع وصي الأب
قوله ( وإن لم يكن واحد مما ذكر ) أي من الأربعة وظاهره أنه يملك ذلك مع وصي الجد والقاضي ووصيه
وفي التنوير من كتاب المأذون ما نصه ووليه أبوه ثم وصيه ثم جده ثم وصيه ثم القاضي أو وصيه دون الأم أو وصيا
ا هـ
ط
قوله ( وله بيع المنقول ) لأنه من الحفظ
قوله ( لا العقار ) ظاهر أن الوصي يملك بيع العقار حيث لم يكن وصي الأم مع أن المصرح به عدمه إلا لمسوغ كأن يكون الثمن بضعف القيمة أو يكون في يد متغلب أو أشرف على الخراب أو يكون على الميت دين فيملكه بقدر الدين أو يكون لنفقة الصغير أو لوصيه بدراهم مطلقا ليس لها نفاذ إلا من ثمن العقار أو تزيد مؤنته على غلته كما سيذكره الشارح في كتاب الوصايا معزيا للدرر والأشباه
وفي الواقعات الأب إذا باع عقار ابنه الصغير بمثل القيمة فإن كان الأب محمودا عند الناس يجوز وليس للابن نقضه بعد البلوغ بخلاف ما إذا كان فاسقا حيث يملك نقضه هو المختار
قلت والمسألة مختلف فيها فما هنا يبتني على ظاهر الرواية من جواز بيعه بمثل القيمة قال الحلواني وهذا جواب السلف وما في الدرر والأشباه من عدم جواز البيع إلا بأحد الأعذار المتقدمة جواب المتأخرين
قال في الواقعات وبه يفتى
أفاده أبو السعود
قوله ( ولا يشتري إلا الطعام والكسوة الخ ) قال في البحر وليس لوصي الأم ولاية التصرف في تركة الأم مع حضرة الأب أو وصيه أو وصي وصيه أو الجد وإن لم يكن واحد مما ذكر فله الحفظ وبيع المنقول لا العقار والشراء للتجارة وما استفاده الصغير غير مال الأم مطلقا
ا هـ أي ليس لوصي الأم ولاية التصرف في مال استفاده من غير الأم
قال في جامع الفصولين في الفصل السابع والعشرين لو لم يكن أحد منهم فله الحفظ وبيع المنقول من الحفظ وليس له بيع عقاره ولا ولاية الشراء على التجارة إلا شراء ما لا بد منه من نفقة أو كسوة وما ملكه اليتيم من مال غيره تركة أمه فليس لوصي أمه التصرف فيه منقولا أو غيره
والأصل فيه أن أضعف الوصيين في أقوى الحالين كأقوى الوصيين في أضعف الحالين وأضعف الوصيين وصي الأم والأخ والعم وأقوى الحالين حال صغر الورثة وأقوى الوصيين وصي الأب والجد والقاضي وأضعف الحالين حال كبر الورثة ثم وصي الأم في حال الصغر الورثة كوصي الأب في حال كبر الورثة عند غيبة الوارث فللوصي بيع منقوله لا عقاره كوصي الأب حال كبرهم
ا هـ
قوله ( وصي القاضي ) سبق ما فيه قريبا وسيأتي في كلام الشارح أنه مثله إلا في ثمان صور منها ليس لوصي القاضي الشراء لنفسه من مال الصغير
قوله ( عمادية ) قال فيها وصي الجد أو الأب ووصى وصيه ووصي القاضي ووصي وصيه بمنزلة وصي الأب
____________________
(7/359)
إلا في خصلة وهي أن القاضي إذا جعل في نوع تقيد به
وفي الأب كان وصيا في الأنواع كلها
قوله ( لا ترجع حقوق عقد باشراه الخ ) تقدمت هذه المسألة وإنما أعادها ليفرع عليها صحة ضمان القاضي أو أمينه دون الوكيل والوصي والأب لأن الحقوق لا ترجع إليه بخلافهم
قوله ( صح ) لأن الحقوق لا ترجع إليهما لأنهما أجنبيان عن الحقوق بخلافهم فإن حق الاستيفاء لهم فلا يصح ضمانهم لنفسهم
قوله ( بخلافهم ) أي الأب والوصي والوكيل فلو باع القاضي أو أمينه عبدا للغرماء وأخذ المال فضاع عنده واستحق العبد لم يضمن القاضي أو أمينه للمشتري وإنما يرجع على الغرماء لأنهما كالإمام وكل منهم لا يضمن كيلا يتقاعد الناس عن قبول هذه الأمانة بخلاف ما إذا أمر القاضي الوصي ببيع العبد والمسألة بحالها فإن المشتري يرجع على الوصي ثم هو على الغرماء وكذا لو ضاع العبد من أحدهما قبل التسليم لا يضمن ولو قال أمينه بعت وقبضت الثمن وقضيت الغريم صدق بلا يمين وعهدة إلحاقا بالقاضي
ا هـ
قال في القنية في باب بيع الأم والجد والوصي من كتاب البيوع ما نصه العهدة على وصي الميت وعلى من جعله القاضي وصيا عن الميت ولا كذلك إذا جعله أمينا في أمور الميت لأن وصي القاضي نائب عن الميت وأمينه نائب عنه ولا عهدة عليه فالقاضي محجور عن التصرف في مال اليتيم عند وصي الميت وعند من نصبه وصيا عن الميت بخلاف ما إذا جعله أمينا
ا هـ
وأمين القاضي من يقول له القاضي جعلتك أمينا في بيع هذا العبد مثلا وأما إذا قال بع هذا العبد ولم يزد عليه اختلف المشايخ فيه والصحيح أنه تلحقه عهدته كما في الولوالجية
والعهدة كما في القاموس الرجعة والمراد بها هنا الرجوع كما في الحواشي الحموية
قوله ( وفي الأشباه جاز التوكيل بكل ما يعقده الوكيل لنفسه ) الذي كتب عليه أبو السعود وهو الموافق لما تقدم بكل ما يعقده الموكل لنفسه
وفي المجمع وتجوز الوكالة بكل عقد يجوز للموكل مباشرته
وقال في الهداية كل عقد جاز أن يعقده الإنسان لنفسه جاز أن يوكل به غيره والآمر في صورة الوصي كذلك فإنه كما يجوز للوصي أن يشتري مال اليتيم لنفسه عند ظهور النفع يجوز أن يوكل فيه غيره فيشتريه الوكيل ولم يقولوا كل ما يعقده الإنسان لنفسه جاز أن يكون وكيلا فيه حتى يتم ما ذكره من خروج مسألة الوصي
ا هـ
وعليه فعبارة الأشباه معترضه
والأولى أن تكون كما قالوا يجوز التوكيل بكل ما يعقده الموكل بنفسه كما نبه عليه الحموي
قوله ( إلا الوصي ) الاستثناء غير صحيح لأن مسألة الوصي لم تدخل في الأصل الذي ذكره حتى تخرج عنه فإن الشراء فيها لم يقع من وكيل الوصي وإنما وقع من الوصي بطريق وكالته عن الغير
قوله ( فله أن يشتري مال اليتيم لنفسه ) أي إذا كان النفع ظاهرا كما في الأشباه وغيره
قوله ( لا لغيره بوكالة ) وذلك لأن الحقوق من جانب اليتيم ترجع إليه ومن جانب الآمر كذلك فيؤدي إلى المضادة بخلاف نفسه وهذا إذا كان وصي الأب كما بينه في باب الوصي
والأصل أن من ملك تصرفا بالأصالة أو الولاية العامة يملك تمليكه اعتبارا بتمليك الأعيان وشرطه أن لا يؤدي ذلك التفويض إلى التضاد والتنافي وهو أن يجعل المفوض إليه متولي طرفي أمر يحتاج إلى الإيجاب والقبول كمبادلة المال بالمال فإنه يؤدي إلى أن الواحد يصير قاضيا ومقتضيا ومسلما ومتسلما وذلك متحقق هنا وهذا تناقض في
____________________
(7/360)
الأحكام الشرعية والأحكام الشرعية تصان عنه
ذكر هذا الأصل محمد في الجامع الكبير كما في الحواشي الحموية
قوله ( وجاز التوكيل بالتوكيل ) وهذا معلوم مما مر أنه لو أذن له بالتوكيل جاز فلو وكله أن يوكل فلانا في شراء كذا ففعل واشترى الوكيل رجع بالثمن على المأمور وهو على أمره ولا يرجع الوكيل على الآمر أي الأول
أشباه والله تعالى أعلم واستغفر الله العظيم
باب الوكالة بالخصومة والقبض لما كانت الخصومة مهجورة شرعا أخر بابها والخصومة هي الدعوى الصحيحة أو الجواب الصريح بنعم أو لا وقد سبق
قوله ( والقبض ) الواو بمعنى أو المجوزة للجمع وقد زاد في المسائل على الترجمة فقد ذكر وكيل الملازمة والتقاضي وغير ذلك
قوله ( والتقاضي ) أي الطلب وهذا في العرف وفي أصل اللغة القبض لأنه تفاعل من تقاضيت ديني واقتضيت بمعنى أخذت ويأتي تمامه قريبا وذكر حكم صورة الاجتماع ليعلم منه حكم التوكيل بأحدهما بالأولى
قوله ( أي أخذ الدين ) هذا لغة ومعناه عرفا المطالبة
عناية
وكان عليه أن يذكر هذا المعنى فإنهم بنوا الحكم عليه معللين بأن العرف قاض على اللغو ولا يخفى عليك أن أخذ الدين بمعنى قبضه فلو كان المراد المعنى اللغوي يصير المعنى الوكيل بقبض الدين لا يملك القبض وهو غير معقول
تدبر
قال بعض الفضلاء تفسير التقاضي هنا بأخذ الدين ليس مما ينبغي فإن الوكيل بأخذ الدين هو الوكيل بقبضه والوكيل بقبضه له قبضه بالإجماع بل المراد بالتقاضي المطالبة به والإلحاح به على المديون فحينئذ له التقاضي بهذا المعنى كالوكيل بالخصومة له الخصومة فيه عند القاضي وليس له القبض
قال في التبيين المطالبة غير القبض فالوكيل بها لا يملك القبض فجعل التقاضي هو المطالبة وهو المناسب ا هـ
قوله ( عند زفر ) وعند علمائنا الثلاثة يملك القبض وهو ظاهر الرواية عينا كان المتقاضي أو دينا حتى لو هلك المال في يده يهلك على الموكل لأن الوكيل بالشيء وكيل بإتمامه وإتمام الخصومة والتقاضي يكون بالقبض
وفي غرر الأفكار وروى عن أبي يوسف أنه لا يملك القبض
قوله ( واعتمد في البحر العرف ) أي حيث قال وفي الفتاوى الصغرى التوكيل بالتقاضي يعتمد العرف إن كان في بلدة كان العرف بين التجار إن المتقاضي هو الذي بقبض الدين كان التوكيل بالتقاضي توكيلا بالقبض وإلا فلا ا هـ
وليس في كلامه ما يقتضي اعتماده
نعم نقل في المنح عن السراجية أن عليه الفتوى وكذا في القهستاني عن المضمرات قوله ( ولا الصلح إجماعا ) لأنه غير ما وكل فيه لأن الوكيل بعقد لا يملك عقدا آخر
قال في الذخيرة لا يجوز للوكيل بقبض الدين أن يهبه من المديون أو يبرأه أو يؤخره إلى أجل
قوله ( ورسوله التقاضي يملك القبض ) لأنه بمنزلة الرسول في القبض ط
ولأنه كالمرسل
والعجب من كون الرسول يملك القبض باتفاق لا الوكيل مع أنه أعلى حالا من الرسول
قوله ( أرسلتك أو كن رسولا عني إرسال وأمرتك بقبضه توكيلا ) يخالف هذا ما في مجموعة مؤيد زاده عن
____________________
(7/361)
التاترخانية صورة التوكيل أن يقول المشتري لغيره كن وكيلا عني في قبض المبيع
وصورة الرسول أن يقول كن رسولا عني أو يقول أمرتك بقبضه
ا هـ
فقد جعل المأمور رسولا وهو الموافق لما في الزيلعي
قوله ( خلافا للزيلعي ) حيث جعل من الإرسال أمرتك بقبضه
قال في المنح فإن قلت فما الفرق بين التوكيل والإرسال فإن الإذن والأمر توكيل كما علمت من كلام البدائع من قوله الإيجاب من الموكل أن يقول وكلتك بكذا أو افعل كذا وأذنت لك أن تفعل كذا ونحوه
قلت الرسول أن يقول أرسلتك أو كن رسولا عني في كذا
وقد جعل الزيلعي منها في باب خيار الرؤية أمرتك بقبضه وصرح في النهاية فيه معزيا إلى الفوائد الظهيرية أنه من التوكيل وهو الموافق لما في البدائع إذ لا فرق بين افعل كذا وأمرتك بكذا
ا هـ
وهذا عبارة البر في أول كتاب الوكالة
وذكر في باب خيار الرؤية عن المعراج الفرق بين الرسول والوكيل أن الوكيل لا يضيف العقد إلى الموكل والرسول يستغني عن إضافته إلى المرسل وإليه الإشارة بقوله تعالى { يا أيها الرسول بلغ } المائدة 67
وقوله { وما أنت عليهم بوكيل } الأنعام 107
وفي الفوائد صورة التوكيل أن يقول المشتري لغيره كن وكيلا في قبض المبيع أو وكلتك بقبضه
وصورة الرسول كن رسولا عني في قبضه أو أمرتك بقبضه أو أرسلتك لتقبضه أو قل لفلان يدفع المبيع إليك
وقيل لا فرق بين الرسول والوكيل في فصل الأمر بأن قال اقبض المبيع فلا يسقط الخيار ا هـ
فقد جعل المأمور رسولا موافقا للزيلعي فتأمل
قوله ( ولا يملكهما وكيل الملازمة ) لأن الملازمة لا تنتظمهما
قوله ( كما لا يملك الخصومة وكيل الصلح ) لأن الصلح مسالمة لا مخاصمة وهو غير ما وكل به
قوله ( ووكيل قبض الدين يملكها ) أي الوكيل بقبض الدين يلي الخصومة مع المديون عند أبي حنيفة حتى لو أقيمت عليها البينة على استيفاء الموكل أو إبرائه تقبل عنده بخلاف العين
وقالا لا يكون خصما وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة لأن القبض غير الخصومة وليس كل من يؤتمن على المال يهتدي في الخصومات فلم يكن الرضا بالقبض رضا به
بحر
والذي في جامع الفصولين في الفصل الخامس ويوقف عندهما في الكل العين والدين
والحق أن قولهما أقوى وهو رواية عنه كذا في عدة وغيره
ا هـ
ملخصا
ومثله في نور العين
لكن في تصحيح العلامة قاسم وعلى قول الإمام المحبوبي في أصح الأقاويل والاختيارات والنسفي والموصلي وصدر الشريعة قيد بإقامة البينة عليه على استيفاء الموكل أو إبرائه لأنه لو ادعى دينا على الموكل وأراد مقاصصته به لا يكون الوكيل خصما عنه وهي واقعة الفتوى وكذلك لو ادعى المشتري على وكيل البائع في قبض ثمن المبيع عيبا وأراد رده عليه لا يكون خصما فيه كما يدل عليه الكلام الآتي وهي واقعة الفتوى أيضا
تأمله تفهم
والذي ذكره في المجتبى شرح القدوري كالصريح فيما قلناه فإنه قال والوكيل بقبض الدين وكيل بالخصومة فيه عند أبي حنيفة فقوله فيه أي في الدين يمنع كونه وكيلا بالخصومة في غيره كادعاء المديون الدين وكادعائه العيب في واقعتي الحال فتأمل أفاده الرملي
أفاد أيضا أنه يؤخذ من هذا أن الجابي يملك المخاصمة مع مستأجري الوقف إذا ادعوا استيفاء الناظر لأن الناظر إذا أقام جابيا صار وكيلا عنه في القبض لما عليهم وهي واقعة الفتوى
ا هـ
قال في البحر من أحكامه أي الوكيل بقبض الدين أنه يقبل قوله في دعوى القبض والهلاك في يده
____________________
(7/362)
والدفع إلى موكله لكن في حق براءة المديون لا في حق الرجوع على الموكل على تقدير الاستحقاق حتى لو استحق إنسان ما أقر الوكيل بقبضه وضمن المستحق الوكيل فإنه لا يرجع الوكيل على موكله
قوله ( خلافا لهما ) فلا تقبل البينة عليه باستيفاء الموكل أو إبرائه فلا يبرأ لكن تقصر يد الوكيل حتى لا يتمكن من قبضه بل يوقف الأمر إلى حضور الغائب
ولأبي حنيفة أنه وكله بالتملك لأن الديون تقضى بأمثالها إذ قبض الدين نفسه لا يتصور إلا أنه جعل استيفاء العين حقه من وجه وإنما كان كذلك لئلا يمتنع قضاء ديون لا يجوز الاستبدال بها كبدل السلم والصرف فأشبه الوكيل بأخذ الشفعة والرجوع في الهبة والوكيل بالشراء والقسمة والرد بالعيب وهذه أشبه بأخذ الشفعة حتى يكون خصما قبل القبض كما يكون خصما قبل الأخذ هنالك إذ الوكيل بأخذ الشفعة خصم في الإثبات ولا يصير خصما فيما إذا ادعى عليه تسليم الآخر لما فيه من إبطال حق الموكل لكن المعتمد أنه ينتصب خصما وتسمع عليه البينة
وتوضيحه في البحر
قوله ( لو وكيل الدائن ) أي موضع الخلاف بين الإمام والصاحبين في وكيل الدائن
قوله ( ولو وكيل القاضي ) يعني إذا وكله القاضي بقبض ديون الغائب كما تقدم في باب المفقود
قوله ( كوكيل قبض العين ) فإنه لا يلي الخصومة لأنه أمين محض فأشبه الرسول حتى لو وكله بقبض عبده فبرهن ذو اليد أن الموكل باعه إياه وقف الأمر حتى يحضر الغائب استحسانا
والأصل في هذه المسائل أن الوكيل باستيفاء عين حقه لم يكن توكيلا بالخصومة لأن التوكيل وقع بالقبض لا غير ويمكن حصوله بلا خصومه فلا حاجة إلى جعله وكيلا بغير ما وكل به وإن وقع بالتملك كان وكيلا بالخصومة لأن التملك إنشاء تصرف وحقوق العقد تتعلق بالعاقد لأنه لا يمكن التحصيل إلا بها والخصومة من جملتها فالصاحبان جعلا الوكيل بقبض الدين وكيلا باستيفاء عين حقه حكما ولذا لو قبض أحد الشريكين شيئا من الدين كان للآخر أن يشاركه فيه ومعنى التملك ساقط حكما حتى كان له أن يأخذه بلا قضاء ولا رضا كما في الوديعة والغصب فلا ينتصب خصما كما في الوكيل بقبض العين وعنده الوكيل بقبض الدين وكيل بالتملك لأن الديون تقضي بأمثالها لأن المقبوض ليس ملكا للموكل بل بدل حقه إلا أن الشرع جعل ذلك طريقا للاستيفاء فانتصب خصما
تبيين ملخصا
قوله ( فيملكها مع القبض اتفاقا ) فتسمع البينة عليه أن موكله سلم الشفعة أو أبرأ عن العيب وأن لهبة بعوض وأن حصته في القسمة
كذا ط
قوله ( ابن ملك ) عبارته أما وكيل القسمة بأن وكل أحد الشريكين رجلا بالقسمة مع شريكه فقال إن شريكي استوفي نصيبه وأنكر الوكيل فأقام الشريك البينة على الاستيفاء فإنها تقبل
وأما أخذ الشفعة بأن أقام المشتري البينة على الوكيل بأخذ الشفعة على أن الموكل سلمها تقبل لكونه وكيلا
وأما الرجوع في الهبة بأن أقام الموهوب له البينة على أن الواهب أخذ عوضا أو أحدث فيه زياد تقبل
وأما الرد بالعيب بأن وجد المشتري بالمبيع عيبا فوكل رجلا بالرد به فقال البائع رضي المشتري بهذا العيب وأنكر الوكيل فأقام البائع البينة على الرضا تقبل كما في التاجية
ا هـ
قال منلا مسكين الوكيل بنقل المرأة والمملوك من بلد إلى بلد إذا أقامت المرأة بينة على الطلاق أو المملوك على العتاق لا تقبل على إثبات الطلاق أو العتاق وتقبل في قصر يد الوكيل حتى يحضر الغائب انتهى كما إذا
____________________
(7/363)
أقام الخصم البينة أن الموكل عزله عن الوكالة فإنها تقبل في حق قصر اليد لا في حق ثبوت العزل استحسانا
والقياس أن يسلم إلى الوكيل لأن البينة قامت لا على خصم فلم تعتبر
وجه الاستحسان أنه خصم في قصر يده لقيامه مقام الموكل فتقصر يده في القبض والتسليم فتقتصر يده
بحر
قوله ( وكذا لا يقبض درهما دون درهم ) معناه لا يقبض متفرقا فلو قبض شيئا دون شيء لم يبرأ الغريم من شيء
جامع الفصولين
لكونه مخالفا ولو استوفى جميعه بعد فلو هلك هلك عليه لمخالفته ويرجع الآمر على الغريم كما في المسألة السابقة
وفي جامع الفصولين وكيل قبض الوديعة قبض بعضها جاز فلو أمر أن لا يقبضها إلا جميعا فقبض بعضها ضمن ولم يجز القبض فلو قبض ما بقي قبل أن يهلك الأول جاز القبض على الموكل ا هـ
قال في البحر ولو احتال الطالب بالمال على آخر لم يكن للوكيل بالقبض أن يقبضه من المحتال عليه ولا من الأول وإن توى المال ورجع إلى الأول فالوكيل على وكالته وكذا لو اشترى الموكل بالمال عبدا من المطلوب فاستحق من يده أو رده بعيب بقضاء بعد القبض أو بغير قضاء قبل القبض أو بخيار فالوكيل على وكالته وكذا لو كان قبض الدراهم فوجدها زيوفا ولو أخذ الطالب منه كفيلا لم يكن للوكيل أن يتقاضى الكفيل والمقبوض في يد الوكيل بمنزلة الوديعة ولو وجده الكفيل زيوفا أو ستوقة فرده فإنه ينبغي أن يضمن قياسا ولكن استحسن أن لا أضمنه انتهى
قوله ( لأن يده كيده ) وفي نسخة يديه لأن يد الوكيل كيد الموكل وهذا هو الذي في المنح والبحر وغيرهما
وفي نسخة لأن يده يد أمانة ولا يصلح تعليلا لما قبله وإنما يحسن لقوله فلا سبيل له على الوكيل
قوله ( لا يجبر عليها ) ما لم يغب موكله فإذا غاب يجبر عليها لدفع ضرر كما تقدم نقله عن الأشباه
قوله ( في الأشباه لا يجبر الوكيل الخ ) عبارتها لا يجبر الوكيل إذا امتنع عن فعل ما وكل فيه إلا في ثلاث مسائل إذا وكله بدفع عين ثم غاب أو ببيع رهن شرط فيه أو بعده في الأصح أو بخصومة بطلب المدعي وغاب المدعى عليه
والظاهر أنه أراد بالنقل المذكور الإشارة إلى مخالفته لما في الأشباه فإن ما نقله من جملة الثلاث كما تقدم قبل هذا الباب كما ذكرنا أنه يجبر الوكيل بخصومة بطلب المدعي إذ غاب المدعى عليه وقد تبع المصنف صاحب الدرر
وقال في العزمية لم نجد هذه المسألة هنا لا في المتون ولا في الشروح
ثم أجاب كالشرنبلالي بأنه لا يجبر عليها يعني ما لم يغب موكله فإذا غاب يجبر عليها كما ذكره المصنف في باب الرهن بوضع عند عدل
ا هـ
وهذا أحسن مما قدمنا عن نور العين
تأمل
هذا ولكن المذكور في المنح متنا موافق لما في الأشباه فإنه ذكر بعد قوله لا يجبر عليها إلا إذا كان وكحيلا بالخصومة بطلب المدعي وغاب المدعى عليه وكأنه ساقط من المتن الذي شرح عليه الشارح
تأمل
قوله ( كما مر ) أي عن الأشباه في شرح قوله والوكيل بقضاء الدين لا يجبر عليه
قوله ( بخلاف الكفيل ) أي بالخصومة ويراجع تصويرها
ويمكن أن تصور بأن يكفل عن شخص بما ذاب عليه وأقر
____________________
(7/364)
بخمسمائة وادعى الطالب ألفا فإنه يخاصم فيما يثبت على المديون
قوله ( لا يسمع على الوكيل ) أي وحيكم بالمال على المدعى عليه ويتبع الدائن بدفعه
قوله ( وصح إقرار الوكيل ) يعني إذا ثبت وكالة الوكيل بالخصومة وأقر على موكله سواء كان موكله المدعي فأقر باستيفاء الحق أو المدعى عليه فأقر بثبوته عليه
درر
وقال زفر لا يصح ولا ينفذ عليه لأنه أتى بغير المأمور به لأنه مأمور بخصومة عنه في مجلس القاضي وما أتى به من الإقرار جواب فلا يصح وبه قالت الثلاثة وهو قول أبي يوسف أولا
ولنا أن التوكيل صحيح فيدخل تحته بملك الموكل الجواب مطلقا ويراد بالخصومة مطلق الجواب عرفا لأنها سببها فذكر السبب وأراد المسبب وهو شائع
عيني
قوله ( بالخصومة ) متعلق بالوكيل
قوله ( لا بغيرها ) أي لا يصح إقرار الوكيل بغير الخصومة أي وكالة كانت كوكيل الصلح أو القبض أو الملازمة ويصح إقرار وكيل القبض بالقبض والدفع للموكل
بزازية
وسبق صحة إقرار الأب بقبض مهر غير البالغة ومهر البالغة البكر وصحة دعوى وكيل البيع قبض الثمن
قوله ( مطلقا ) أي سواء كان بمجلس القاضي أو غيره
قال في الشرنبلالية قيد بالخصومة احترازا عن الوكيل بالصلح فإنه لا يملك الإقرار لأن الوكيل بالخصومة إنما ملك الإقرار لكونه من أفراد الجواب والصلح مسالمة لا مخاصمة ولهذا قلنا الوكيل بالصلح لا يملك الخصومة والوكيل بالخصومة لا يملك الصلح لأن الوكيل بعقد لا يباشر عقدا آخر
قوله ( بغير الحدود والقصاص ) متعلق بإقرار أما هما فلا يصح إقرار الوكيل بهما على موكله للشبهة
بحر
قوله ( استحسانا ) راجع إلى قوله وصح إقرار الوكيل بالخصومة ووجهه أن التوكيل صحيح وصحته تتناول ما يملكه وذلك مطلق الجواب بالإقرار أو الإنكار دون أحدهما عينا فينصرف إليه تحريا للصحة وصحح أبو يوسف إقراره مطلقا وأبطله زفر مطلقا وهو القياس لأنه مأمور بالخصومة وهي منازعة والإقرار ضدها لأنه مسالمة والأمر بشيء لا يتناول ضده
والقياس أن يصح عند غير القاضي لأن الوكيل قائم مقام الموكل وإقراره لا يختص بمجلس القضاء فكاذ نائبه
ووجه الاستحسان في الأول أن حقيقة المخاصمة لا تحل شرعا فحملت على ما يحل وهو مطلق الجواب وهو صادق على الإنكار والإقرار
ووجه التخصيص بمجلس القاضي أنه إنما وكله بالخصومة وحقيقتها لا تكون إلا عند القاضي فلم يكن وكيلا في غيره لأن غير مجلس القاضي ليس محلا للخصومة التي هو وكيل فيها لكنه يخرج عن الدعوى كما قال وإن انعزل الوكيل الخ
قوله ( وإن انعزل الوكيل ) أي عزل نفسه لأجل رفع الخصم
واني
ورده عزمي زاده
قال في الهداية لو أقيمت البينة على إقراره في غير مجلس القضاء يخرج من الوكالة ا هـ
قوله ( بهذا الإقرار ) الواقع في مجلس القاضي لأجل دفع الخصومة ومثل ذلك الأب والوصي إذا أقرا في مجلس القاضي لا يصح إقرارهما
حموي أي وينعزلان في تلك الحادثة
بزازية لا يدفع المال إليهما
هداية
وإنما لا يصح إقرارهما لأن ولايتهما نظرية ولا نظر في الإقرار على الصغير
____________________
(7/365)
وأما التفويض من الموكل حصل مطلقا غير مقيد بشرط النظر فيدخل تحته الإنكار والإقرار جميعا غير أن الإقرار صحته تختص بمجلس القضاء على ما ذكرنا
كذا في الكفاية
قوله ( حتى لا يدفع إليه المال ) أي بأن وكله أن يخاصم عنه عن دعوى بيع فأقر عليه بأنه باع فإنه لا يملك قبض الثمن من مدعي الشراء
قوله ( للتناقض ) لأنه زعم أنه مبطل في دعواه
درر
قوله ( والاستثناء على الظاهر ) أي ظاهر الرواية ومثله استثناء الإنكار فيصح منهما في ظاهر الرواية
قال العيني ولو استثنى الموكل بالخصومة الإقرار فعن أبي يوسف أنه لا يصح
وعن محمد أنه فرق بين الطالب والمطلوب
وصححه من الطالب دون المطلوب ومثله صحة استثناء الإنكار في الرواية وجعله في الصغرى قول محمد خلافا لأبي يوسف
وعلل قول محمد بأن الإنكار قد يضر الموكل بأن كان المدعي وديعة فلو أنكر الوكيل لا تسمع منه دعوى الهلاك والرد وتسمع قبل الإنكار
وبقي قسم ثالث وهو لو وكله غير جائز الإقرار والإنكار قيل لا يصح لعدم بقاء فرد تحته وقيل يصح لبقاء السكوت
كذا في البزازية
والحاصل أن المسألة على خمسة أوجه الأول أن يوكل بالخصومة فيصير وكيلا بهما
الثاني أن يستثنى الإقرار فيكون وكيلا بالإنكار فقط
الثالث عكسه فيصير وكيلا بالإقرار فقط في ظاهر الرواية
الرابع أن يوكله بالخصومة جائز الإقرار فيكون وكيلا بهما
الخامس أن يوكله بها غير جائز الإقرار ففيه اختلاف المتأخرين ولا يصير به مقرا لأنه يمكن أنه وكله بالإقرار خوف الشغب والخصومة وإن لم يكن عليه شيء لأن كل أحد لا يقدر عليها
وفي الخلاصة ولو كان التوكيل بسؤال الخصم واستثنى الإقرار موصولا صح ومفصولا لا يصح ولو استثنى الإقرار والإنكار فقيل لا يصح لعدم بقاء فرد تحته وقيل يصح لبقاء السكوت
بحر عن البزازية
قوله ( ولا يصير به مقرا ) يعني التوكيل بالإقرار صحيح ولا يكون التوكيل به قبل الإقرار إقرارا من الموكل
وعن الطواويسي معناه أن يوكل بالخصومة ويقول خاصم فإذا رأيت لحوق مؤنة أو خوف عار علي فأقر بالمدعي يصح إقراره على الموكل
كذا في البزازية
قلت ويظهر منه وجه عدم كونه إقرارا ونظيره صلح المنكر
قوله ( وبطل توكيل الكفيل ) أي توكيل الدائن الكفيل وسيأتي هذا في قوله بخلاف العكس ففيه تكرار
قوله ( بالمال ) متعلق بالكفيل أي بقبض المال من المديون
وصورته إذا كان لرجل دين على آخر وكفل به رجل فوكل الطالب الكفيل بقبض ذلك الدين من المدعى عليه الأصل لم يصح التوكيل
عيني
قوله ( لئلا يصير عاملا لنفسه ) أي لأن الوكيل هو الذي يعمل لغيره ولو صححنا هذه الوكالة صار عاملا لنفسه ساعيا في براءة ذمته فانعدم الركن فبطل ولأنه مطالب بالمال
____________________
(7/366)
وفي طلبه من المديون الدفع عن نفسه ولأن حق الطلب له بعد أدائه المال فلو وكله المكفول له بقبضه صار كأنه جعل له المطالب مع أن المطالبة حقه فلا يصح
قال في البحر وإذا بطلت الوكالة في مسألة الكتاب وقبضه من المدين وهلك في يده لم يهلك على الطالب ا هـ
وأورد عليه أنه كما هو ساع في براءة نفسه ساع في تحصيل المال للطالب ولو أبرأه عن الكفالة لا تنقلب صحيحة لوقوعها باطلة ابتداء كالوكيل عن غائب فإنه يقع باطلا ثم إذا بلغه فأجازه لم يجز وتقييد الكفالة بالمال للاحترزا عما سيأتي متنا من قوله بخلاف كفيل النفس حيث يصح توكيله بالخصومة لأن الواحد يقوم بهما
عيني وزيلعي
قوله ( كما لا يصح لو وكله بقبضه من نفسه ) لما سيأتي من استحالة كونه قاضيا ومقتضيا
قوله ( أو عبده ) أي المأذون المديون لأنه يصير عاملا لنفسه من حيث إنه حفظ العبد على نفسه من بيع الغريم له كما استظهره الطحطاوي
قوله ( لأن الوكيل متى عمل لنفسه ) أي فقط بطلت أي الوكالة
قوله ( إلا إذا وكل المديون بإبراء نفسه ) أي هي مستنثاة من هذه القاعدة فإنه أجيزت مع كونه عاملا لنفسه وليست خارجة عنها لأن شرط الوكالة كونه عاملا لغيره لا كونه غير عامل لنفسه كما قاله المصنف لأن مسألة الكفالة والحوالة كذلك فإن كلا منهما عامل لنفسه ولغيره ولم تجز وكالتهما لأنه تمليك وليس بتوكيل كما قاله الزيلعي إذ لو كان كذلك لم يصح رجوع الدائن عنه قبل إبراء المديون نفسه مع أنه يصح لكن يحتاج إلى معرفة إخراجها من القاعدة
أفاده الرحمتي
وقال الرملي ولقائل أن يقول التمليك لا يكون إلا بعد إبرائه نفسه وبعده لا يصح رجوعه تتأمل
قوله ( فيصح ) قال في البحر وأورد على بطلان توكيل الكفيل بالمال المعلل بأنه عامل لنفسه توكيل المديون بإبراء نفسه فإنه صحيح مع كونه عاملا لنفسه
والتحقيق في جوابه ما في منية المفتي من قوله ولو وكله بإبراء نفسه يصح لأنه وإن كان عاملا لنفسه بتفريغ ذمته فهو عامل لرب الدين بإسقاط دينه وشرط الوكالة كونه عاملا لغيره لا كونه غير عامل لنفسه ا هـ
إذا علمت ما ذكرت فلا وجه لقول المؤلف لأن الوكيل متى عمل لنفسه بطلت إلا أن يحمل على ما إذا ان كان العمل لنفسه محضا ط
قال العلامة المقدسي بعد ذكر مسألة توكيل الكفيل بالمال المذكورة ونوقض بتوكيل المديون بإبراء نفسه من دين عليه صح وإن عمل لنفسه
وأجيب بالمنع مستندا لما ذكره شيخ الإسلام أنه لا يصح على خلاف ما في الجامع ولئن سلم فالإبراء تمليك بدليل أنه يرتد بالرد وليس بتوكيل
وأجاب في المنية بأن شرط الوكالة كونه عاملا لغيره لا كونه غير عامل لنفسه وزعم بعضهم أنه هو التحقيق وفيه نظر لأنه إذا كان عملا واحدا وهو لنفسه فلا يجتمع مع كونه عاملا لغيره
واعترض بأن عمل الوكيل لنفسه ضمني لكون الموكل أصيلا في باب الوكالة والضمنيات قد لا تعتبر
وأجيب بمنع ذلك بل الأصل وقوع التصرف لنفس العامل ا هـ
قوله ( ويصح عزله قبل إبرائه نفسه ) ولو كان
____________________
(7/367)
ذلك تمليكا كما قال الزيلعي وتبعه العيني لم يصح رجوع الدائن عنه قبل إبرئه نفسه مع أنه يصح
بحر
فإن قلت إذا تكفل بما توكل بقبضه صحت الكفالة وبطلت الوكالة فكان ينبغي أن لا يصح توكيل الكفيل بالمال وتبطل الكافلة
قلت إنما صح تكفيل الوكيل لأن الكفالة أقوى لكونها لازمة فكانت ناسخة بخلاف العكس كما في الزيلعي لكن قوله فكانت ناسخة يقتضي كون الكفالة بعد الوكالة مع أن ذلك لا يتعين
قال المصنف الكفالة بالمال مبطلة للوكالة تقدمت الوكالة أو تأخرت
قوله ( أو وكل المحتال المحيل بقبضه من المحال عليه ) فيه أن المحيل انتقل الدين من ذمته بالإحالة وصار أجنبيا فلم لم يصح توكيله بالقبض وأجيب بأنه ساع في تحصيل براءة نفسه فإنه إذا مات المحال عليه مفلسا أو أنكر الحوالة ولا بيان رجع الدين على المحيل
قوله ( بالقبض ) يصح أن يتعلق بوكل وبوكيل
قوله ( قنية ) عبارتهما كما في المنح ولو وكله بقبض دينه على فلان فأخبر به المديون فوكله ببيع سلعته وإيفاء ثمنه إلى رب الدين فباعها وأخذ الثمن وهلك يهلك من مال المديون لاستحالة أن يكون قاضيا ومقتضيا فالواحد لا يصلح أن يكون وكيلا للمطلوب والطالب في القضاء والاقتضاء
ا هـ
قال في البحر ولا يخالفه ما في الواقعات الحسامية المديون إذا بعث بالدين على يد وكيله فجاء به إلى الطالب وأخبره ورضي به وقال اشتر لي شيئا فذهب واشترى ببعضه شيئا وهلك منه الباقي
قال بعضهم يهلك من مال المديون
وقال بعضم من مال الطالب وهذا أصح لأن أمره بالشراء بمنزلة قبضه ا هـ
لأن ما في القنية فيما إذا سبق توكيل الطالب وما في الواقعات فيما إذا سبق توكيل المطلوب كما لا يخفى
قوله ( بخلاف كفيل النفس ) محترز الكفيل بالمال وقيده الزيلعي بأن يوكله بالخصومة
قال في البحر وليس بقيد إذا لو وكله بالقبض من المديون صح ا هـ
قال البدر العيني وقيد بقوله الكفيل بالمال لأنه يجوز توكيل الكفيل بالنفس بالخصومة لأن الواحد يقوم بهما ا هـ
والأولى أن يقول بدل الخصومة بقبض المال وهذا لأن الوكالة والكفالة لا يجتمعان فمتى صحت إحداهما بطلت الأخرى إذا تواردتا على محل واحد بخلاف كفيل النفس فإنه يصح توكيله بقبض المال لاختلاف المورد
قوله ( والرسول ) أي لقبض الدين تصح كفالته المطلوب لأنه سفير وكذلك ينبغي أن يصح لو وكله المديون بقضاء دين مرسله ووكيل الإمام يصح كفالته بثمن ما باعه من الغنائم لعدم رجوع الحقوق كما مر في خيار العيب من أن الإمام ووكيله أمين والأمين ما ينتصب خصما
قوله ( ووكيل الإمام ) مقتضى كونه سفيرا أنه لا يلحقه عهدة وهو كذلك
قوله ( والوكيل بالتزويج ) لأنه سفير ومثله الولي وقد مر في النكاح
قوله ( حيث يصح ضمانهم ) العبارة وهكذا في الدرر معزية إلى كفالة التبيين ولا يخفى أن المقابلة تقتضي أن يقول حيث يصح توكيلهم والخطب سهل ح
أقول أي لأن قوله بخلاف كفيل النفس مقابل لقوله
قوله وبطل توكيل الكفالة بالمال يعني أن كفيل النفس يصح توكيله من المكفول له فمقتضى هذه المقابلة أن يكون المراد من قوله والرسول وما عطف عليه توكيلهم أيضا من أن المراد ضمانهم فقول الحلبي والخطب سهل ليس المراد منه أن إرادة توكيلهم هنا جائزة لأن الرسول والوكيل لا يوكلان بل مراده أنه وإن كانت المقابلة تقتضي ذلك إلا أن المراد غير ذلك المقتضى وهذا الإيهام سهل مغتفر لعلمه مما مر والذي سهله أن المقصود ما يجتمع فيه الكفالة والوكالة فكأنه قال
____________________
(7/368)
لا يجتمعان إلا في كفيل النفس والرسول الخ
تأمل
لكن لا يظهر في مسألة وكيل الإمام ببيع الغنائم
قوله ( لأن كلا منهم سفير ) أي معبر عن غيره فلا تلحقه العهدة
قوله ( بخلاف العكس ) أي في قوله وبطل توكيل الكفيل بالمال فإن الوكالة أضعف من الكفالة لعدم لزومها فلا تصلح ناسخة لكن إذا لوحظ ارتباطه بقول الشارح فتصلح ناسخة إظهارا للفرق بينهما لم يكن تكرارا
تأمل
قوله ( وكذا كلما صحت ) إلى قوله ( بطلت وكالته ) تكرار محض مع ما قبلها ح
قال ط والذي في متن المنح الذي بيدي الوكيل بقبض الدين إذا كفل صح وبطلت الوكالة تقدمت عن الكفالة أو تأخرت ا هـ
ولا تكرار فيها ولا تدافع
وقد يقال لما ذكر بعض ما دخل تحت القاعدة بين عمومه بقاعدة كلية ومثل هذا لا يسمى تكرارا والأحسن ملاحظة ارتباطه بقول الشارح فتصلح إلى آخر ما قدمناه قريبا
قوله ( تقدمت الكفالة أو تأخرت ) في تقدم الكفالة عمد صحة الوكالة ابتداء فجعله إبطالا للوكالة توسع لأن إبطال الشيء بعد ثبوته
قوله ( لما قلنا ) من أنها أقوى
قوله ( للبائع ) المناسب للموكل
قوله ( لم يجز ) استشكله الشرنبلالي بوكيل الإمام ببيع الغنائم
ودفعه أبو السعود بما مر من أنه سفير ومعبر فلا تلحقه عهدة
قوله ( لما مر أنه يصير عاملا لنفسه ) لأن حق الاقتضاء له لأنه من حقوق العقد وهو أصيل فيها لكن الذي مر عكسه وهو عدم جواز توكيل الكفيل للعلة المذكورة والعلة هنا أن الحقوق ترجع إليه فإذا ضمن على المشتري الثمن فكأنه كفل مطلوبه لنفسه وهو محال لأن الكفالة ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل مطالبة أو دينا ومن المحال أن يصير له مطالبة على نفسه أو دين عليها والبائع يطلب الثمن فلو كان كفيلا للبائع كاتن كافلا نفسه ولا معنى له
قوله ( رجع ) أي على موكله بالبيع
قوله ( لبطلانه ) أي لبطلان الضمان وإذا كان الضمان باطلا وقد أدى بحكم الضمان كان الأداء باطلا أيضا لأن المبني على الباطل باطل ولأن حكم الوكالة الفاسدة أنه لو أدى على ظن لزومها له أن يرجع بما أدى
قوله ( وبدونه ) أي الضمان
قوله ( لا ) أي لا يرجع
قوله ( لتبرعه ) قال في الشرنبلالية ولقائل أن يقول التبرع حصل في أدائه إليه بجهة الضمان كأدائه بحكم الكفالة عن المشتري بدون أمره فليتأمل ا هـ
ولا يخفى أن التبرع في المقيس عليه إنما هو في نفس الكفالة
وأما الأداء فهو ملزم به شاء أو أبى بخلاف مسألتنا على أنه إذا أدى على حكم الضمان لا يسمى متبرعا بل هو ملزم به في ظنه
وقد ذكر المسألة في الخانية ونقلها عنها في الهندية من غير تعرض لهذا التفصيل
وعبارة الأولى الوكيل بالبيع إذا باع وكفل بالثمن عن المشتري لا تصح كفالته ا هـ
وفي الهندية ولو صالح الآمر عن الثمن على المشتري على عبد للوكيل بعينه أو قضى الوكيل الثمن عن المشتري كان ذلك جائزا ويبرأ المشتري ويصير العبد للموكل ولا يكون للوكيل أن يرجع بشيء لا على الآمر ولا على المشتري
قوله ( فصدقه الغريم ) ويصح إثبات التوكيل بالبينة مع إقرار المديون به
بحر
قوله ( أمر بدفعه ) أي أمر إجبار
سراج أي في مال نفسه لأن الديون تقضي بأمثالها بخلاف إقراره بقبض الوديعة الآتي
____________________
(7/369)
لأن فيها إبطال حق المالك في العين
قوله ( عملا بإقراره ) لأن ما يدفعه خالص حقه ولأن المديون إنما يقضي الدين من مال نفسه عما في ذمته فإقراره إنما هو على نفسه فينفذ
قوله ( ولا يصدق لو ادعى الإيفاء ) أي لا يثبت الإيفاء بمجرد دعواه بل إن برهن على ذلك صح لأن الوكيل بالقبض لا يملك الخصومة وسيأتي متنا في قوله ولو وكله بقبض مال فادعى الغريم ما يسقط حق موكله الخ
قوله ( وإلا أمر الغريم بدفع الدين إليه ) أي الغائب ثانيا لفساد الأداء لأنه لم يثبت الاستيفاء حيث أنكر الوكالة فقوله بإنكاره الباء للسببية ومع ظرف متعلق بالمصدر قبله أي مع أن الفساد بسبب الإنكار مع اليمين على عدم الوكالة
وفي البحر عن البزازية ولو ادعى الغريم على الطالب حين أراد الرجوع عليه أنه وكل القابض وبرهن يقبل ويبرأ وإن أنكر حلفه فإن نكل برىء ا هـ
وفيه عنها أيضا وإن أراد الغريم أن يحلفه بالله ما وكلته له ذلك وإن دفع عن سكوت ليس له إلا إذا عاد إلى التصديق وإن دفع عن تكذيب ليس له أن يحلفه وإن عاد إلى التصديق لكنه يرجع على الوكيل
ا هـ
فإطلاق الشارح في محل التقييد
تأمل
قوله ( ورجع الغريم به ) أي بما دفعه إن باقيا بيده لأنه ملكه وانقطع حق الطالب عنه
قوله ( بأن استهلكه ) أي الوكيل فإنه يضمن مثله الأولى بدله
تأمل
فإن ادعى الوكيل هلاكه أو دفعه إلى الموكل حلفه على ذلك وإن مات الموكل وورثه غريمه أو وهبه وهو قائم في يد الوكيل أخذ منه في الوجوه كلها ولو هالكا ضمنه إلا إذا صدقه على الوكالة كما في الخلاصة
قوله ( وإن ضاع ) أي المقبوض في يد الوكيل وكذا لو ادعى مدعي الوكالة دفعه إلى موكله كما يفهم مما يأتي
قوله ( لا ) أي لا رجوع عليه
قوله ( عملا بتصديقه ) لأنه بتصديقه اعترف أنه محق في القبض والظالم هو الطالب بالأخذ منه ثانيا والمظلوم لا يظلم غيره
فإن قلت يرد على هذا أن أحد الابنين إذا صدق المديون في دعواه الإيفاء للميت وكذبه الآخر ورجع المكذب عليه بالنصف فإن للمديون الرجوع على المصدق بالنصف إن كان للميت تركة غير الدين مع أنه في زعمه أن المكذب ظالم في الرجوع عليه
قلت أجيب عنه بأن الرجوع على المصدق لكونه أقر على أبيه بالدين
قوله ( إلا إذا ضمنه عند الدفع ) بأن يقول أنت وكيله لكن لا آمن أن يجحد الوكالة ويأخذ مني ثانيا فيضمن ذلك المأخوذ فيصح لإضافته لسبب الوجود كقوله ما غصبك فعلي وما ذاب لك عليه فعلي لأن ما أخذه ثانيا غصب وما يأخذه الوكيل أمانة لا يصح ضمانه لتصادقهما على أنه وكيله ولفظ ضمنه مروي بالتشديد والتخفيف فمعنى التشديد أن يضمن الغريم الوكيل فالضمير المستتر عائد إلى الغريم والبارز إلى الوكيل ومعنى التخفيف أن يضمن الوكيل المال الذي أخذه الدائن من الغريم لا الذي أخذه الوكيل فالضمير المستتر في وكله عائد إلى الوكيل والبارز إلى المال
قوله ( لقدر ما يأخذه ) في بعض النسخ باللام وهي تناسب التشديد وفي البعض بالباء لأن المكفول به هو ما يأخذه الدائن كأنه قال له إن أخذ الدائن منك شيئا فأنا كفيله وما يأخذه الدائن ظلما في زعم الآخذ والدافع لأن الآخذ يزعم أنه وكيل والدافع يصدقه فتكون من قبيل قولهم ما غصبك فلان فعلي فيكون الرجوع بقدر ما أخذه الدائن
____________________
(7/370)
لا يرجع بما أخذه الوكيل من المديون لأنه أمانة في زعمهما والكفالة بها لا تجوز فلو صالحه على بعض الدين عند ضمان الوكيل ونحوه يرجع على الوكيل بقدر المصالح عليه
قوله ( لا ما أخذه الوكيل ) أي لا يرجع بما أخذه الوكيل من المديون أي إنما وقع الضمان على ما أخذه الدائن ثانيا على ما ذكر لا على ما أخذه الوكيل أمانة في يده
قوله ( لأنه أمانة ) أي في زعمهما والأمانة لا تجوز بها للكفالة
قوله ( لا تجوز بها الكفالة ) وفيه أنه تقدم أن الوكيل بالقبض تصح كفالته
والجواب بأنها للموكل فيما تقدم وهنا للمديون في نفس ما يأخذه وهو أمانة فلا ينقلب غرامة
قوله ( أو قال ) أي مدعي الوكالة
قوله ( على أني أبرأتك من الدين ) كأن وجهه والله تعالى أعلم أن كلا من القابض والدافع متصادقان على الوكالة عن الدائن وقول القابض قبضت منك على أني أبرأتك يحتمل أن يريد براءة الاستيفاء أو براءة الإسقاط فإن كانت براءة الإسقاط فقد جعلها في مقابلة ما قبضه
وإن كانت براءة الاستيفاء فكأنه اعترف بأنه استوفى ما عليه من الدين فإذا رجع الدائن بدينه يرجع عليه بما قبضه في مقابلة الإسقاط لأنه بمنزلة البيع فقد التزم له السلامة بأخذ اليد وكذلك في براءة الاستيفاء لأنه حيث أخذ منه تبين بطلان استيفائه فيرجع عليه بما استوفي وهو مشكل لأن في زعمهما أن المستوفي ثانيا ظالم باستيفائه وأنه قد برئت ذمة المديون بقبض الوكيل وأن الوكيل أمين فيما قبض فما وجه الرجوع عليه في مثل هذه الصورة وكذا منها مسألة الختن لأن الأب إنما يقبضه وكالة عن ابنته
تأمل
قوله ( وكذا يضمنه إذا لم يصدقه على الوكالة ) فإنه يرجع عليه لأنه إنما دفع له على رجاء الإجازة فإذا انقطع رجاؤه رجع عليه
قوله ( يعم صورتي السكوت والتكذيب ) أو عدم تصديقه بسكوته أو بتكذيبه له لأن الأصل في السكوت عدم التصديق
قوله ( ودفع له ذلك على زعمه الوكالة ) فإنه يرجع عليه كما ذكرنا
قوله ( فهذه ) أي الثلاثة
قوله ( فإن ادعى الوكيل هلاكه ) أي في صورة ما لا ضمان عليه بهلاكه وهي ما عدا المسائل الثلاثة
قوله ( أو دفعه لموكله صدق الوكيل بحلفه ) بدعواه الضياع أو أداء المال للموكل لأنه أمين ادعى إيصال الأمانة إلى مستحقها فيصدق في براءة نفسه ولا يصدق فيما إذا ضمن ما يأخذه منه وكذلك في بقية الصور السابقة
والأولى ذكر هذه المسألة بعد قوله المار وإن ضاع لا عملا بتصديقه تأمل
قوله ( وفي الوجوه كلها ) وهو ما إذا دفع مع تصديق أو تكذيب أو سكوت ضمنه عند الدفع أو قال الآخذ قبضت منك على أني أبرأتك من الدين ا هـ
قوله ( ليس له الاستراد حتى يحضر الغائب ) لأن المؤدى صار حقا للغائب إما ظاهرا أو محتملا فصار كما إذا دفعه إلى فضولي على رجاء الإجازة لم يملك الاسترداد لاحتمال الإجازة
هداية
وهو أحد قولين كما في جامع الفصولين
قال العلامة المقدسي وعندي إشكال في المنع لا سيما إذا سمع عند عدم الأمانة
حموي
وعلى القول بالاسترداد لو دفع إلى رجل ليدفعه إلى رب الدين فله أن يسترد لأنه وكيل المديون وقيل لا لأن من باشر التصرف لغرض ليس له أن ينقضه ما لم يقع الناس عن غرضه
قوله ( أو على إقراره بذلك ) بقي لو كان الوكيل
____________________
(7/371)
مقرا في الحال ربما يفهم من كلام الشارح أنه يلزمه الدفع وبالنظر إلى كونه قد تعلق حق الغائب فيما قبضه ولا يملك إبطال حقه بإقراره ينبغي أن لا يعتبر إقراره فليراجع
قوله ( لم يقبل ) أي ما ذكر أما بالنظر للبرهان فعدم القبول ظاهر وأما بالنظر إلى إرادة الاستحلاف فالمراد به أنه لا يمكن من استحلافه ومع هذا لا يكون له حق الاسترداد ولو قال لم يقبل وليس له استحلافه لكان أظهر
ط بزيادة
قوله ( لسعيه في نقض ما أوجبه للغائب ) وهو المدفوع فإنه حقه ويريد الدافع الرجوع فيه وهذا في الصورتين وفي الأولى لأنها بينة على النفي
قوله ( تقبل ) لأن النقض من الموكل لأن الثابت بالبيان كالثابت بالعيان
قوله ( وورثه غريمه ) أي مديونه
قوله ( أو وهبه له ) أي وهب الموكل الدين للمديون لأن هبة الدين من المديون إبراء ولو أبرأ الغريم المديون بعد قبض الدين رجع عليه به فكذا يرجع على وكيله هذا إذا كان قائما ولو حكما وكذا لو كان هالكا ولم يصدقه على الوكالة أما إن صدقه فقد جعله أمينا فلا ضمان عليه في الهالك وكذا فيما إذا ادعى الدفع إلى الموكل بيمينه
قوله ( إلا إذا صدقه على الوكالة ) فيأخذه قائما ولو حكما لا هالكا
قوله ( حلف ما يعلم ) في بعض النسخ ما علم
وعبارة العيني ما يعلم أن الطالب وكله بقبض دينه فإذا حلف لم يدفع إليه وإن نكل قضي عليه بالمال للوكيل اه
وعن أبي حنيفة أنه لا يحلفه لأن حق التحليف بناء على أنه خصم ولم يثبت بلا حجة
قوله ( فصدقه المودع ) وإذا لم يصدقه لا يؤمر بالدفع بالأولى
قوله ( لم يؤمر بالدفع إليه على المشهور ) لأنه إقرار بمال الغير بخلاف ما إذا ادعى أنه وكيل بقبض الدين لأنه إقرار بمال نفسه إذ الدين يقضي بمثله لا بعينه فلو هلكت الوديعة عنده بعد ما منع لا يضمن وينبغي أن يضمن لأنه منع من وكيل المودع بزعمه فهو كمنعه من الموكل ولو سلمها له فهلكت في يده وأنكر المودع الوكالة يضمن المودع بتسليمه وله تحليفه أنه ما وكله فإن نكل برئت ذمته فإن حلف ضمن ولا يرجع على الوكيل لأن في زعمه المودع ظالم بتضمينه والمظلوم لا يظلم إلا إذا ضمنه عند الدفع كما مر ولو دفع له ولم يصدقه على الوكالة رجع عليه مطلقا كانت العين موجودة أو لا ولو كانت قائمة أخذها في كل الوجوه لأنه ملكها بالضمان ولو أراد استردادها لم يملكه
واختلفوا في الملتقط لو أقر باللقطة لرجل هل يؤمر بالدفع إليه بحر
قال في جامع الفصولين وإذا قبض رجل وديعة رجل فقال رب الوديعة ما وكلته وحلف على ذلك وضمن المستودع رجع على القابض إن كان بعينه فلو حضر ربه وكذبه في الوكالة لا يرجع المودع على الوكيل لو صدقه ولا يشرط الضمان عليه وإلا رجع بعينه لو قائما وبقيمته لو هالكا
أقول لو صدقه ودفعه بلا شرط ينبغي أن يرجع على الوكيل لو قائما إذ غرضه لم يحصل فله نقضه على قياس ما مر في الهداية من أن المديون يرجع بما دفعه إلى وكيل صدقه لو باقيا
كذا هذا
والله تعالى أعلم
ا هـ
قلت ما بحثه مستفاد من كلام الكافي كما هو غير خافي
أقول وهذا كله إذا لم يثبت وكالته بالبينة فلو أقام بينة بأنه وكيل بقبضهما فإنه يؤمر بدفعها فلو امتنع مع ذلك ضمن إذا كان بعد حكم الحاكم الشرعي المستوفى شرائطه الشرعية فلو أقامها ولم يقض عليه بالدفع
____________________
(7/372)
لا يضمن
تأمل
قوله ( خلافا لابن الشحنة ) فيه أن ابن الشحنة نقل رواية عن أبي يوسف أنه يؤمر بالدفع فقط وما هنا هو المذهب المشهور فلا معارضة ومنه يعلم أن ما ادعاه السيد الحموي من أنه لا يؤمر بالدفع إليه إجماعا فيه نظر
أبو السعود
قوله ( مطلقا ) أي صدقه أو كذبه أو سكت
قوله ( لما مر ) من أنه يكون ساعيا في نقض ما أوجبه للغائب
قوله ( وكذا الحكم لو ادعى شراءها من المالك ) أي مثل ما ذكر من الحكم لو ادعى رجل شراء الوديعة من المالك وصدقه المودع
قوله ( لم يؤحر بالدفع إليه ) لأنه ما دام حيا كان إقرارا بملك الغير لأنه من أهله فلا يصدقان في دعوى البيع عليه
قوله ( لأنه إقرار على الغير ) أي بأنه باع ماله أي أو أنه وكله في قبضه فهو علة للمسألتين
قوله ( ولو ادعى ) أي الوارث أو الموصى له لا الوكيل كما توهمه العيني لأن المودع لا يئمر بالتسليم إلى مدعي الوكالة أصلا
ح
وفيه أن الوكيل بهذه الدعوى صار وارثا أو موصى له وخرج عن الوكالة
قوله ( لاتفاقهما على ملك الوارث ) أو الموصى له وينظر ما الفرق بين مدعي الإرث ومدعى الوصية ومدي الشراء وإن علل في مسألة الشراء بأنه إقرار على الغائب بالبيع فهما أيضا إقرار على المودع بالموت وبأن هذا وارثه فليتأمل
قوله ( إذا لم يكن على الميت دين مستغرق ) فإن كان ودفع الوديعة إلى الوارث بغير أمر القاضي ضمن ولو أدى مديون إلى الوصي يبرأ أصلا
جامع الفصولين
ولعل المراد بالمستغرق ما يحتاج كلها أو بعضها في قضائه ط
وكذا يضمن إن لم يكن مستغرقا ودفع إلى الوارث بلا أمر القاضي على ما يستفاد من سياق كلام البحر معزيا إلى جامع الفصولين
قوله ( ولا بد من التلوم فيهما ) أي في صورتي الوارث والموصى له ولم يبين مدة التلوم والظاهر تفويضه إلى رأي القاضي وقد تقدمت هذه المسأئل في متفرقات القضاء وتقدم الكلام عليها
قوله ( لا يؤمر به ) أي بالدفع لعدم اتفاقهما على ملك المدعي ولو لم يقل في صورة دعوى الوصية لم يترك وارثا لم يكن ذو اليد خصما وقيد بدعوى الإرث والوصية للاحتراز عن دعوى الإيصاء إليه فإنه لو ادعى الإيصاء إليه وصدقه ذو اليد لم يؤمر بالدفع له إذا كان عينا في يد المقر لأنه أقر أنه وكيل صاحب المال بقبض الوديعة أو الغصب بعد موته فلا يصح كما لو أقر أنه وكيله في حياته بقبضها وإن كان المال دينا على المقر فعلى قول محمد الأول يصدق ويؤمر بالدفع إليه وعلى قوله الأخير وهو قول أبي يوسف لا يصدق ولا يؤمر بالتسليم إليه وإن كان إقرارا على نفسه لكنه إقرار على الغائب من وجه ودعوى لبراءة نفسه بدفع المال له فإنه لو تحقق موته ما برىء بالدفع إليه بصحة أمر القاضي بذلك حتى لو حضر الوارث وأنكر وصايته لا يتلتف إليه ولا له ولاية اتباع الغرمي فيؤدي إلى أن يبرأ من الدين بلا حجة بخلاف ما لو أقر بوكالته في حياته لأنه لو حضر وأنكر كان له أن يتبعه بدينه لأن أمر القاضي بالدفع لم يصح
كذا في التبيين عن التيسر
لكن قال في جامع الفصولين في بحث أحكام الوكلاء وفرق بينه وبين الوكيل بوجهين أحدهما أن للقاضي ولاية نصب الوصي فلو قضى بدفعه يكون إقراره مؤديا إلى إسقاط حق الغير وهو براءة ذمته بدفعه إليه بخلاف الوكالة إذ القاضي لا يملك نصب الوكيل
____________________
(7/373)
والثاني أنه لو قضى له بدفعه إليه يصير وصيا في جميع المال بخلاف الوكيل
ا هـ
قوله ( ما لم يبرهن ) وعليه فإذا برهن الوكيل بقبض الوديعة يؤمر الوديع بدفعها له كما تفيده مسألة الوصي
قوله ( ودعوى الإيصاء كوكالة ) فإذا صدقه ذو اليد لم يؤمر بالدفع إليه إذا كان عينا إلى آخر ما قدمنا
قوله ( فدفع إلى بعض الورثة ) أي جميع ما عليه
قوله ( ولو وكله بقبض مال ) أي كان له على غريمه
قوله ( أو إقراره ) أي الموكل بأنه ملكي
قال في جامع الفصولين ادعى أرضا وكالة أنه ملك موكلي فبرهن فقال ذو اليد إنه ملكي وموكلك أقر به فلو لم يكن له بينة فله أن يحلف الموكل لا وكيله فموكله لو غائبا فللقاضي أن يحكم به لموكله فلو حضر الموكل وحلف أنه لم يقر له بقي الحكم على حاله ولو نكل بطل الحكم ا هـ
وبه يظهر ما في كلام الشارح من قوله ولو عقارا مع قوله ما لم يبرهن لأنه وإن برهن في العين يدفعها كما مر ويأتي ولم يذكر حكم ما إذا نكل الطالب عن اليمين وحكم ما إذا برهن المديون على الإيفاء
وفي جامع الفصولين وإن نكل عن اليمين لزمه المال دون الوكيل فإن كان المال عند الوكيل فلا سبيل له عليه إنما هذا مال الطالب الأول وقد قامت البينة على القضاء فإن شاء أخذ به الموكل وإن شاء أخذ المال من الوكيل إن كان قائما فإن قال الوكيل قد دفعته إلى الموكل وهلك مني فالقول قوله مع يمينه وإن قال أمرني فدفعته إلى وكيل له أو غريم له أو وهبه لي أو قضى لي من حق كان لي عليه لم يصدق وضمن المال ا هـ
قال الخير الرملي قوله ولم يذكر حكم ما إذا نكل الطالب عن اليمين إلخ لإقرار مثل النكول
وأقول ولم يذكر الشارح في هذه المسألة ما إذا أنكر رب المال الوكالة
والذي يظهر أن الأمر يرجع فيها إلى مسألة دعوى الوكالة عن الغائب فيأخذ الغريم المال من الوكيل إن كان قائما ويضمنه إن استهلكه
وإذا هلك لا رجوع له عليه إلا إذا ضمنه أخذا من قولهم إن دعواه الإيفاء إقرار بالدين وبالوكالة فتأمل وراجع المنقول فإني لم أر من صرح بذلك والله تعالى أعلم
هذا ويقرب من هذا الجواب ما ذكره الأصحاب في تعليل المسألة بقولهم وهذا لأنه لو لم يكن محقا عنده في طلب الدين ما اشتغل بذلك فصار كما إذا طلب منه الدين فقال أوفيتك فإنه يكون إقرارا ولم يثبت الإيفاء بمجرد دعواه فيؤمر بالدفع إليه كما لو أقر بالوكالة صريحا تأمل
ا هـ
قوله ( دفع المال إليه ) فيه إشارة بأنه لا يحبسه حتى يحلف الموكل بل يدفعه ويتبع الموكل أو يصير حتى يحضر فيحلفه وكذا في الوكيل بالاستحقاق وبه صرح في الهندية
قوله ( ولو عقارا ) أي فإنه إذا برهن على الإيفاء للموكل يقبل عند الإمام في الدين بخلاف العين ويوقف عندهما في الدين والعين كما في جامع الفصولين
قوله ( لأن جوابه ) أي المطلوب بما تقدم
قوله ( تسليم ) أي إقرار بالدين وبالوكالة حيث قال أديت لرب المال أو أبرأني منه فهو إقرار بالدين والوكالة ثم زعم الإيفاء أو الإبراء بلا بينة فلا يقبل زعمه
ووجه الإقرار خفي علي
قال السيد الحموي وقد جعلوا دعواه الإيفاء لرب المال جوابا للوكيل إقرارا بالدين وبالوكالة وأنت ترى أن هذا لا يصلح تعليلا والتعليل ما ذكروه من أن الوكالة تثبت ولم يثبت الإيفاء بمجرد دعواه لا يؤخر
____________________
(7/374)
حقه ا هـ
قوله ( ما لم يبرهن ) فإذا برهن على دعواه الإيفاء مثلا قيل على الوكيل وإن كان وكيلا بالقبض لأن الوكيل به وكيل بالخصومة بخلاف وكيل إجارة الدار وقبض الغلة إذا ادعى بعض السكان أنه عجل الأجرة لموكله وبرهن توقف ولا يحكم بقبض الأجر حتى يحضر الغائب
بحر عن جامع الفصولين
والفرق أن هذا وكيل في العقد فحق القبض له أصالة فلو أثبت على الغائب كان حكما على الغائب ابتداء وفي المسألة السابقة هو وكيل بالقبض فقط والدين لم يثبت بعقده
مقدسي
قوله ( وله تحليف الموكل ) أي على أخذه واستيفائه فلو كان غائبا فللقاضي أن يحكم له بالدفع فإذا حضر وحلف أنه لم يقر له مثلا بقي الحكم على حاله وإن نكل بطل الحكم ولزمه المال دون الوكيل فإن كان المال هلك عند الوكيل فلا سبيل له عليه ولو أقام البينة على القضاء فإن شاء أخذ به الموكل وإن شاء أخذه من الوكيل لو قائما فإن قال الوكيل قد دفعته إلى الموكل أو هلك مني فالقول قوله مع يمينه وإن قال أمرني فدفعته إلى وكيل له أو غريم أو وهبه لي أو قضى من حق كان لي عليه لم يصدق وضمن المال ا هـ
قوله ( لا الوكيل ) ولو على عدم العلم باستيفاء الموكل إذ لو أقر لم ينفذ على موكله لأنه على الغير وكذا أب طالب زوج ابنته البالغة بمهرها وقال ابنتي بكر في منزلي وقال الزوج بل دخلت بها ولم يبق لها حق القبض صدق الأب لتمسكه بالأصل والزوج يدعي العارض والأب ينكر ولا يحلف الأب أنه لا يعلم بدخوله إذ لو أقر به لم يجز عليها لما مر جامع الفصولين
أقول وهذا التعليل أظهر مما ذكره الشارح من أن النيابة لا تجري في اليمين لأنها لا تظهر فيه لأن هذه اليمين على هذا الوجه لا نيابة فيها وكأن الشارح تبع الدرر فتدبر
ثم رأيت الواني نقل عن صدر الشريعة ما يقوي هذا البحث وأفاد أن المدعى عليه يريد بذلك إبطال وكالته كأنه يقول له إن صحت وكالتك وحق خصومتك معي موقوفة على بقاء الدين وأنت تعلم أدائي إياه فوكالتك باطلة فإنه إن أنكرت أدائي فاحلف بالله ما تعلمه
قال والحق أن ما قاله زفر قريب إلى الصواب
قال في نور العين عن الخلاصة وفي الزيادات في كل موضع لو أقر لزمه فإذا أنكر يستحلف إلا في ثلاث مسائل وكيل شراء وجد عيبا فأراد الرد وأراد البائع تحليفه بالله ما يعلم أن البائع رضي بالعيب لا يحلف فإن أقر الوكيل لزمه
الثانية وكيل قبض الدين إذ ادعى عليه المديون أن موكله أبرأه عن الدين واستحلف الوكيل على العلم لايحلفه ولو أقر به لزمه
يقول الحقير لم يذكر الثالثة في الخلاصة
وفي الثانية نظر إذ المقر به هو الإبراء الذي يدعيه المديون فكيف يتصور لزومه على الوكيل ا هـ
أقول وفي كلام الفصولين من أنه لو أقر به على موكله لم يجز إشكال لأن الوكيل بالخصومة يملك الإقرار كما علمت وهذا يخالف ما ذكر آخر العبارة من أنه لو أقر به لزمه أي لزم الموكل ولعلهما قولان
تأمل
قوله ( خلافا لزفر ) فقال أحلفه على علمه فإن أبى خرج عن الوكالة لأن البينة لما جاز سماعها عليه لما فيها من إسقاط حقه في الخصومة جاز أن يستحلف لينكل فيثبت هذا المعنى
ولأبي حنيفة وأبي يوسف أن الوكيل قام مقام الموكل في الخصومة والقائم عن غيره لا يستحلف فيما يدعي قبله من الاستيفاء كالوصي ا هـ
شلبي
____________________
(7/375)
وفي العناية ولم يذكر محمدا إما أنه لا رواية عنه أو أنه مع زفر
قال بعضهم وقول زفر هو الحق ا هـ
ومثله في حاشية المولى عبد الحليم
قوله ( بعيب في أمة ) أي برد أمة بسبب عيب ح
قوله ( لم يرد عليه ) أي لم يرد الوكيل على البائع ح
قوله ( حتى يحلف المشتري ) يعني لا يقضي القاضي عليه بالرد حتى يحضر المشتري ويحلف أنه لم يرض بالعيب وهذا عند عدم البينة فإن أقام البينة على الرضا قضى بلزوم البيع
قوله ( والفرق الخ ) أي بين هذه المسألة حيث لا ترد الأمة على البائع وبين الذي قبلها حيث يدفع الغريم المال إلى الوكيل
ح بزيادة
أقول هذا الفرق يخالف ما يأتي قريبا أنه إذا صدقه كانت له اتفاقا ولعل الأولى في التعليل أن يقال إن البائع منكر لاستحقاق الرد عليه فيكون القول قوله ما لم يثبت عليه بيمين المشتري بخلاف الدين فإنه قد اعترف باشتغال ذمته به ثم يريد الخروج عنه فلا يصدق إلا ببرهان ولا شك أن البائع هنا دافع استحقاق الرد عليه والمديون رافع الدين قد لزمه باعترافه والدفع أسهل من الرفع
ولا يقال إن قوله هنا لم يرد عليه أي لا يقضي الحنفي بذلك وقوله لأن القضاء لا عن دليل أي قضاء غير الحنفي لأن القضاء برفع الخلاف مطلقا سواء كان القاضي حنفا أو غيره إلا في مسائل مستثناة إلا أن تجعل هذه المسألة منها
ولا يقال إن الحنفي قضى بخلاف مذهبه لأن المعتمد في المسألة أنه لا ينفذ قضاؤه في ذلك ولا يقال معنى قولهم لم يرد لا ينبغي أن يرد لأنه خلاف المعروف في مثل هذه العبارة وتأكد ذلك بقرينة مقابله وهو دفع الغريم المال وليس هو من قبيل ينبغي بل يجب ويرده قوله إن القضاء هنا فسخ لا يقبل النقض وصرح في البحر والتبيين بأن بعد القضاء لا يستحلف المشتري لعدم الفائدة لأن القضاء ينفذ عنده ظاهرا وباطنا
قوله ( فسخ لا يقبل النقض ) لأن التدارك ممكن هنا باسترداد ما قبضه الوكيل إذا ظهر الخطأ عند نكوله ولا يمكن ذلك في العيب لأن القضاء بالفسخ نافذ ظاهرا وباطنا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيصح القضاء ويلزم ولا يستحلف المشتري بعد ذلك لأنه لا يفيد إذ لا يجوز فسخ القضاء وفي مسألة الدين ليس فيه قضاء وإنما فيه الأمر بالتسليم فإذا ظهر الخطأ فيه أمكن نزعه منه ودفعه إلى الغريم من غير نقض القضاء ولأن حق الطالب في الدين ثابت بيقين لتحقق الموجب فلا يمتنع عن الوكيل استيفاؤه ما لم يثبت الغريم ما يسقطه ولا كذلك العيب لأنه لم يتيقن بثبوت حق المشتري في الرد لاحتمال أنه رأى العيب ورضي به وقت التسليم فيمتنع ثبوت حقه في الرد أصلا
وقالوا عند أبي يوسف ومحمد يجب أن لا يفرق بين المسألتين بل يرد فيهما
وقيل الأصح عند أبي يوسف أن يؤخر في الفصلين لأن من مذهبه أن القاضي لا يرد بالعيب على البائع ما لم يستحلف المشتري بالله ما رضيت بهذا العيب وإن لم يدع البائع الرضا فلا بد من حضور المشتري وحلفه ا هـ
قوله ( بخلاف ما مر ) أي من مسألة الدين لأن التدارك فيها ممكن باسترداد ما قبضه الوكيل إذا ظهر الخطأ عند نكوله إذ القضاء لم ينفذ باطنا لأنه ما قضى إلا بمجرد التسليم فلم يكن قضاء في العقود والفسوخ
قوله ( خلافا لهما ) أي لأبي يوسف ومحمد حيث قالا لا يؤخر القضاء في الفصلين لأن قضاء القاضي عندهما ينفذ ظاهرا فقط إذا ظهر الخطأ ح
وأراد بقوله في الفصلين فصل الرد بالعيب وفصل الدين عند ادعاء ما يبرئه
وقيل الأصح عند أبي يوسف أنه يؤخر في الفصلين لأن مذهبه أن القاضي لا يرد بالعيب على البائع ما لم يستحلف المشتري بالله ما رضيت بهذا العيب وإن لم يدع البائع الرضا إلى آخر ما قدمناه قريبا عن مذهبه
قوله ( فلو ردها الوكيل الخ )
____________________
(7/376)
مناف لما تقدم من أن القاضي لا يقضي بالرد اللهم إلا أن يقال معناه لا ينبغي له ذلك فلو فعل كان القضاء موقوفا فإن حضر المشتري وكذب البائع مضى القضاء على الصحة وإن صدقه استردها تأمل ح
ولا تنس ما تقدم قريبا والمراد بردها أي بالقضاء يدل له قوله لأن القضاء لا عن دليل الخ وإذا كان الرد بدون قضاء فالحكم كذلك بالأولى
ولا يقال إنه لم يرد عليه للعلة المتقدمة فكيف يقال فلو ردها الخ فها تناض
لأنا نقول لم يرد عليه أي لا يسوغ للقاضي الحنفي أن يحكم عليه بالرد لئلا يتضرر البائع للزوم الفخس وقوله فلو ردها عليه أي بقضاء غير حنفي يرى ذلك لم يكن فسخا اتفاقا لأن القضاء لا عن دليل الخ لكن بهذا التعليل يبطل ما علل به أولا بمنع الرد على البائع إلا أن يجعل هذا من المسائل التي لا ينفذ فيها حكم القاضي حيث كانت لا عن دليل ولذا لا يسوغ للحنفي أن يقضي بها فتأمل
وأقول إن ردها أيضا عن المشتري البائع عند الإمام لا يكون إلا بعد حلف المشتري فلم يكن القضاء عن جهل بل عن دليل ولو ردها بلا حلفه لم يكن له ذلك عنده إلا أن يقال إنه حكم به على قولهما فإذا حضر وصدق على الرضا كان القضاء باطلا اتفاقا أو يقال إن البائع أسقط حقه في اليمين فليتأمل
قوله ( فلا ينفذ باطنا ) اعترض بأنه إذا جاز نقض القضاء هنا عند أبي حنيفة أيضا بأي سبب كان لا يتم الدليل المذكور للفرق بين المسألتين
قوله ( أو الشراء ) قيد به لما في البحر عن الخلاصة الوكيل ببيع الدينار إذا أمسكه وباع ديناره لا يصح والوكيل بالشراء إذا اشترى ما أمر به ثم أنفق الدارهم بعد ما سلم إلى الآمر ثم نقد البائع غيرها جاز ولو اشترى بدنانير غيرها ثم نقد دنانير الموكل فالشراء للوكيل وضمن للموكل دنانيره للتعدي
ا هـ
وبه ظهر أن التفصيل هو المختار خلافا لما أطلقه المصنف والشارح كما علمته مما نقلناه
قوله ( عن زكاة ) الظاهر أنه ليس بقيد ح ويدل عليه إطلاق ما يأتي عن المنتقى
قوله ( ناويا الرجوع ) أي ناويا جعل الذي قبضه من الموكل عوض ما تصدق به من مال نفسه
قوله ( كذا قيد الخامسة في الأشباه الخ ) الظاهر أنه قيد في المسائل كلها لكن ديانة لأن الوكيل في غير معين لا يقع ما فعله لموكله إلا بالنية فإن تصادقا عليها فلا كلام وإن جحد الموكل نيته نظر إلى نقد الثمن فإن نقده من مال الموكل كان لموكله وإلا كان لنفسه وكل ذلك في القضاء أما الديانة فالشراء لموكله متى نواه له فيحرم على الموكل دفعه إن غلب على ظنه صدقه والواقع في مسألتنا أنه اشترى بغير مال الموكل فلا بد من النية
قوله ( حال قيامه ) أما لو استهلكه ثم أنفق من عنده يكون متبرعا إجماعا لأن الوكالة قد بطلت فدفع العوض إلى غير مالكه بغير أمره تبرع كما قرره الإتقاني
قوله ( لم يكن متبرعا ) إذا كان المال قائما قيل يفيد بمفهومه أنه لو اشترى بالمدفوع إليه شيئا لنفسه ثم اشترى بمال نفسه المأمور بشرائه للموكل لا يجوز ولا ينفذ على الموكل
وقضيته نفوذه على نفسه ويكون ضامنا مال الموكل لكن يبقى ما لو كان المدفوع غير النقدين مثليا أو قيميا فاشترى لنفسه وكان المدفوع باقيا في يد من اشترى منه هل للموكل المطالبة بعين ماله أم يضمن الوكيل المثل أو القيمة محل تأمل والظاهر الأول
فتدبر
كذا في الحواشي الحموية
قوله ( بل يقع التقاص استحسانا )
____________________
(7/377)
لأن الوكيل بالإنفاق وكيل بالشراء لأن الإنفاق لا يكون بدون الشراء فيكون التوكيل به توكيلا بالشراء والوكيل بالشراء يملك النقد من مال نفسه ثم يرجع به على الآمر وهذا لأنه لا يستصحب مال الآمر في كل مكان وينفق له ما أمره من غير قصد فيشتريه له ويحتاج للنقد من مال نفسه فلم يكن متبرعا تحقيقا لقصد الآمر ونفيا للحرج عن المأمور
والقياس أن يكون متبرعا لأنه خالف أمره وأنفق ماله على غيره بغير أمره فيرد مال الموكل لأن الموكل أمره أن ينفق من ماله لا من مال نفسه فلما أنفق من مال نفسه خالف وكان متطوعا كما في المقدسي والدرر
قال قاضيخان رجل دفع إلى رجل عشرة دراهم وأمره أن يتصدق بها فأمسكها الوكيل وتصدق بعشرة دراهم من عنده جاز استحسانا وتكون العشرة له بالعشرة ا هـ
قوله ( إذا لم يضف إلى غيره ) أي غير مال الآمر سواء أضاف إلى مال الآمر أو أطلق ومفهومه صرح به المؤلف في قوله أو أضاف العقد إلى دراهم نفسه
قوله ( فلو كانت وقت إنفاقه مستهلكة ) ومثله الشراء والصدق وبهما صرح في البحر
قوله ( ولو بصرفها للدين نفسه ) أو غيره
قوله ( أو أضاف العقد إلى دراهم نفسه ) هذا محمول على ما إذا لم ينو أو نوى لنفسه أما لو نوى لموكله فإن الوكيل يصح أن يشتري من مال نفسه ويرجع على موكله لكن حيث أضاف إلى دراهم نفسه كان الظاهر أنه مشتر لها فلا يصدق قضاء وكذا بعد استهلاكها
أفاده الرحمتي
قوله ( وصار مشتريا لنفسه ) ومثل وكيل النفقة وكيل الشراء عند محمد وهو الصحيح ولذا مشى عليه المتن لأن الوكالة تبطل بهلاك مال الآمر قبل الشراء خانية لكن ذكر فيها في مسألة النفقة أن الضمان قول محمد وعدمه قول أبي يوسف وقدمه
وفي البزازية أمره بإنفاق عشرة من عنده ليرجع فقال المأمور أنفقت وكذبه الآمر وطلب المأمور أن يحلفه ما يعلم أنه أنفق على أهله فله ذلك ا هـ
فأفاد أنهما إذا اختلفا في أصل الإنفاق فالقول للمنكر ولو اختلفا في القدر فالقول لمنكر الزيادة على مدعيها البينة
فتاوى خير الدين
وفيها ولو اختلفا في القدر وقد دفع الآمر للمأمور مالا لينفق منه حكى قولين بتصديق المأمور وعدمه ومال إلى الأول فاحفظه
وفي البزازية قال استدن وأنفق على زوجتي وأولادي الصغار كل شهر عشرة فقال فعلت وصدقته المرأة وكذبه الآمر لم يصدق إلا إذا كان الحاكم فرض لها ذلك لأخذها ذلك بإذن الحاكم ولو كذبه الآمر وأراد المأمور يمين الآمر حلف الآمر بالله ما تعلم أنه أنفق على أهلك كذا ولو زعم الآمر أنه أنفق دون ذلك فالقول للمأمور ولا يشبه هذا الوصي
قوله ( لأن الدراهم تتعين في الوكالة ) فإذا هلكت الدراهم قبل الإنفاق أو قبل الشراء بها في التوكيل بالشراء بطلت الوكالة فإذا أنفق عشرة من عنده كان متبرعا فلا يكون له أن يرجع على الموكل ولأنه خالف الأمر فيرد مال الموكل لأن الموكل أمره بأن ينفق من ماله لا من مال نفسه فلما أنفق من مال نفسه خالف وكان متطوعا
ط عن الإتقاني
أقول ومقتضى ما تقدم نه مذهب الإمام
وعندهما لا تتعين في المعاملات والوكالة منها
تأمل
قوله ( نعم في الملتقى ) الذي في البحر عزوه إلى المنتقى بالنون وهو كذلك في بعض النسخ وكذا في المنح ومن غير استدراك بنعم
____________________
(7/378)
والوجه فيها أن الدراهم التي أمر بقبضها من مديونه كأنها قائمة وقد تصدق من ماله مع قيامها فلا يكون متبرعا فظهر أنه لا وجه للاستدراك بنعم لأنها لا تنافي ما قبلها فإن قيام الدين في ذمة المديون كقيام المال في يد الوكيل
ط و ح
قوله ( جاز استحسانا ) أي جاز قضاء لا ديانة لأنه لم يأمره بالشراء بمال معين بل بمال في ذمة المديون فكان بمنزلة ما لو كانت الدراهم عنده كما علمت
قوله ( ومال اليتيم غائب ) والحاضر كذلك بالأولى ح
قوله ( جامع الفصولين ) عبارته كما في البحر نقد من ماله ثمن شيء شراه لولده ونوى الرجوع يرجع ديانة لا قضاء ما لم يشهد ولو ثوبا أو طعاما وأشهد أنه يرجع فله أن يرجع لو له مال وإلا فلا لوجوبهما عليه
حلبي
ولو قنا أو شيئا لا يلزمه رجع وإن لم يكن له مال لو أشهد وإلا لا ولو أنفق عليه الوصي من ماله ومال اليتيم غائب وهو متطوع إلا أن يشهد أنه قرض عليه أو أنه يرجع ا هـ
ونقل الشارح في آخر كتاب الوصايا ما يوافق هذا وما يخالفه فقد اضطرب كلام أئمتنا في الرجوع مطلقا أو بالإشهاد عليه والتحرير ما في أدب الأوصياء عن المحيط أن في رجوع الوصي بلا إشهاد للرجوع اختلاف المشايخ
والذي حرره سيدي الوالد ثمة أن في المسألة قولين أحدهما عدم الرجوع بلا إشهاد في كل من الأب والوصي
والثاني اشتراط الإشهاد في الأب فقط ومثله الأم والوصي على أولادهما وعللوه بأن الغالب من شفقة الوالدين الإنفاق على الأولاد للبر والصلة لا للرجوع بخلاف الوصي الأجنبي فلا يحتاج في الرجوع إلى الإشهاد والقول الأول استحسانا والثاني قياس ومقتضاه ترجيح الأول وعليه مشى المصنف هنا وهذا كله في القضاء والله تعالى أعلم
ا هـ
وتمامه وتمام الفوائد على ذلك هناك فراجعه إن شئت
قوله ( فروع ) تكرار مع ما يأتي قريبا أول الباب
قوله ( الوكالة المجردة ) أي عن حضور خصم ما جاحد أو مقر بها
قال في الكافي ولا يجوز إثبات الوكالة والولاية بلا خصم حاضر وقدمنا أنه لا يثبت التوكيل بشهود مضمون الحجة ما لم يشهد الشهود بالتوكيل بناء على دعوى صحيحة فراجعه
قوله ( لا تدخل تحت الحكم ) يعني لا تثبت بسماع القاضي
قال المولى عبد الحليم الوكالة المجردة ولو كانت وكالة عامة لا تتضمن الأمر بالأداء ولا الضمان ومن ذلك تفرع على ذلك أنه لا جبر على الوكيل بالإعتاق والتدبير والكتابة والهبة من فلان والبيع وطلاق فلانة وقضاء دين فلان إذا غاب الموكل ولا يحبس الوكيل بدين موكله ولو كانت وكالة عامة إلا إن ضمن كما في الأشباه
اعترض عليه أن قارىء الهداية سئل هل يحبس الوكيل في دين وجب على موكله إذا كان للموكل مال تحت يد وكيله وامتنع الوكيل من إعطائه سواء كان الموكل حاضرا أو غائبا أجاب إنما يجبر على دفع ما ثبت على موكله من الدين إذ ثبت أن الموكل أمر الوكيل بدفع الدين أو كان كفيلا وإلا فلا يحبس ا هـ
قلت هذا الاعتراض ساقط عن آخره لما أن ما في الأشباه مبتنية على الوكالة المجردة وهي لا تتضمن الأمر بالأداء ولا الضمان فيكون متبرعا في فعله ما لم يؤمر به ولم يتعلق حق الغير بوكالته فيكون كالواهب بحيث لا يجبر
____________________
(7/379)
على التسليم
قوله ( وبيانه في الدرر ) يستغني عنه بما سيأتي من قول المصنف أول الباب الآتي ولا يصح الحكم بها مقصودا قال فيها نقلا عن الصغرى الوكيل بقبض الدين إذا أحضر خصما فأقر بالتوكيل وأنكر الدين لا تثبت الوكالة حتى لو أراد الوكيل إقامة البينة على الدين لا تقبل وإذا ادعى أن فلانا وكله بطلب كل حق له بالكوفة وبقبضه والخصوة فيه وجاء بالبينة على الوكالة أو الموكل غائب ولم يحضر الوكيل أحد للموكل قبله حق فإن القاضي لا يسمع من شهوده حتى لا يحضر خصما جاحدا ذلك ومقرا به فحينئذ يسمع ويقرر الوكالة فإن أحضر بعد ذلك غريما يدعي عليه حقا للموكل لم يحتج إلى إعادة البينة ولو كان يدعي أنه وكله بطلب كل حق له قبل إنسان بعينه يشترط حضرة ذلك بعينه ولو أثبت ذلك بمحضر من ذلك المعين ثم جاء بخصم آخر يدعي عليه حقا يقيم البينة على الوكالة مرة أخرى
ا هـ
ثم قال فيها بعده لو أقام الوكيل بقبض كل حق بينة شهدت دفعة على الوكالة وعلى الحق للموكل على المدعى عليه
قال أبو حنيفة تقبل على الوكالة لا غير فإذا قضى بها يؤمر الوكيل بإعادة البينة على الحق للموكل على المدعى عليه
وعندهما تقبل على الآمر ويقضي بالوكالة أولا ثم بالمال وكذا الخلاف في دعوى الوصاية أو الوراثة مع المال ا هـ
فقوله ولم يحضر الوكيل أحدا أي من الكوفة للموكل من قبله حق أي عليه حق للموكل سواء كان مقرا بتوكيله أو جاحدا وهو المراد من إطلاقه وتعميمه وقوله قبله نصب على نزع الخافض متعلق بحق وهو مبتدأ خبره للموكل والجملة صفة أحدا وذلك إشارة إلى التوكيل كما أن الضمير المجرور في به عائد إليه يعني إذا أحضر خصما جاحدا أو مقرا يسمع القاضي دعوى وكالته ويقبل بينته عليها هذا هو المراد لا أنه ثبتت وكالته بالإقرار ويتقرر مطلقا من غير حاجة إلى البينة كما ظن
قوله ( صح التوكيل بالسلم ) أي الإسلام بأن يدفع الدراهم لإنسان ليسلمها على بر مثلا فهو جائز كالبيع والشراء وقد تقدم التنبيه على هذه المسألة في باب الوكالة بالبيع والشراء حيث قال هناك والمراد بالسلم الإسلام لا قبول السلم فإنه لا يجوز
ابن كمال
وأوضحناه بعبارة الزيلعي فراجعه
وفي شرح الوهبانية قال في المبسوط وإذا وكله أن يأخذ الدراهم في طعام مسمى فأخذها الوكيل ثم دفعها إلى الموكل فالطعام على الوكيل وللوكيل على الموكل الدراهم قرض لأن أصل التوكيل باطل لأن المسلم إليه أميره ببيع الطعام من ذمته إلى ذمة الوكيل ولو أمره أن يبيع عين ماله على أن يكون الثمن على الآمر كان باطلا فكذلك إذا أمره أن يبيع طعاما في ذمته وقبول السلم من صنيع المفاليس فالتوكيل به باطل ا هـ
قوله ( لا بقبول عقد السلم ) فإذا وكله أن يأخذ الدراهم في طعام مسمى فأخذها الوكيل إلى آخر ما قدمناه في المقولة السابقة
قوله ( فللناظر أن يسلم الخ ) فرعه على ما قبله لأنه كالوكيل على ما صرحوا به وفي هذه العبارة إيجاز ألحقها بالألغاز وهي مشتملة على مسألتين إحداهما يجوز للقيم أن يسلم من ريع الوقف في زيته وحصره كالوكيل بعقد السلم ثم رأس المال وإن ثبت في ذمته كالمسألة السابقة فهو مأمور بدفع بدله من غلة الوقف وليس المراد ثبوته في الذمة متأخرا ليفسد العقد بل المراد أنه كالثمن ثبت في الذمة ثم ما يعطيه يكون بدلا عما وجب وهنا يعطيه في المجلس كالتوكيل بالشراء يصح وإن لم يكن الثمن ملكه
أو نقول الثمن هنا معين أي رأس مال السلم لأن مال الأمانة يتعين بالتعيين
ثانيتهما قد علمت أن قيم الوقف وكيل الوقف والوكالة أمانة لا يصح بيعها ولما اشتهرت أن ذلك لا يصح
____________________
(7/380)
جعل النظار له حيلة إذا أرادوا أن يجعلوا في القرية أمينا يحفظ زرعها ويقررون له على ذلك جعلا وهي أن يأمروه بعقد السلم ويستلموا من الوكلاء على ما هو مقرر لهم باطنا فالغلة المسلم فيها تثبت في ذمة الوكيل ولو صرفها من غلة الوقف ضمنها ولو صرف مال المسلم على المستحقين لم يرجع به في غلة الوقف وكان متبرعا لأنه صرف مال نفسه في غير ما أذن له فيه تخريجا عن المسألة السابقة لأنه توكيل بقبول السلم
هذا حاصل ما ذكره شراح الوهبانية في هذا المحل وقد صعب علي فهم هذا الكلام ولم يتلخص منه حاصل مدة طويلة حتى فتح المولى بشيء يغلب على ظني أنه هو المراد في تصوير هذه الحيلة في المسألة الثانية
وهي أن شخصا يكون ناظرا على وقف فيريد أن يجعل أمينا قادرا عليه بحيث ينتفع هو عاجلا والأمين آجلا فإذا أخذ من الأمين شيئا على ذلك ليقوم مقامه ويأخذ مستغلات الوقف بدلا عن الجعل فهو لا يجوز لأنه بيع الوكالة في المعنى لما علمت أن الناظر وكيل الواقف وهذا يفعل في زماننا كثير في المقاطعات والأوقاف ويسمونه التزامات فإذا تحيل له بهذه الحيلة وهي أن يأخذ الناظر من الأمين مبلغا معلوما سلما على غلة الوقف ليصرفه ويأخذ منه ما عينه له الواقف من العشر مثلا ويستغل ذلك الأمين غلة الوقف على أنه المسلم فيه ليحصل للناظر نفع بنظارته وللأمين بأمانته فهو أيضا لا يجوز لأن الناظر وكيل عن الواقف فكأنه صار وكيلا عن الواقف في قبول عقد السلم وأخذ الدراهم على الغلة الخارجة وقد علمت أن الجائز التوكيل بعقد السلم لا بقبوله فإذا أخد الدراهم وصرفها على المستحقين يكون متبرعا صارفا من مال نفسه وثبتت الغلة في ذمته فيلزمه مثلها هذا ما ظهر لي
ثم لا يخفى أن هذا كله إنما يكون بعد بيان مقدار المسلم فيه مع سائر شروط السلم وإلا فيكون فساده من جهة أخرى كما لا يخفى والله تعالى أعلم
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( به ) أي بقبول السلم
قوله ( من يجعله ) أي متولي الوقف بمقابلة جعل يتراضيان عليه كما علمت
قوله ( أمينا ) مفعول يجعل
قوله ( فيأمره بعقد السلم ) فيما يخرج من حبوب أرض الوقف وهذا هو محط الفائدة وإنما لم يجز لما علمت
قوله ( ويستلم ) أي يقبض قدر ما تراضيا عليه من الجعل بجعله أمينا على القرية
قوله ( لأنه ) أي متولي الوقف
قوله ( لا يصح بيعها ) أي الوكالة التي هي أمانة فلا يصح التزام الجعل في مقابلتها أي ولا الحيلة التي اصطنعها لأن التوكيل في قبول الاستلام باطل
قوله ( وتمامه في شرح الوهبانية ) حاصله أنه فيه أربع مسائل الأولى التوكيل بالسلم جائز كالبيع والشراء وهي معروفة وتقدمت
الثانية لا يجوز التوكيل بقبول عقد السلم وقد علمته مما تقدم أيضا
الثالثة قيم الوقف وكيل الواقف والوكالة أمانة لا يصح بيعها إلى آخر ما تقدم أيضا
الرابعة يجوز للقيم أن يسلم من ريعه في زيته وحصيره بمنزلة الوكيل بعقد السلم ورأس المال وإن ثبت في ذمته فهو مأمور بدفع بدله من غلة الوقف وليس المراد ثبوته في ذمته متأخرا فيفسد العقد بل المراد أنه كالمترتب في الذمة ثم يعطيه يكون بدلا عما وجب كما تقدم واستغفر الله العظيم
باب عزل الوكيل من إضافة المصدر إلى فاعله أو مفعوله وأخره عن الوكالة لما أنه يقتضي سبق ثبوتها وهو رافعها فناسب
____________________
(7/381)
ذكره آخرا
قوله ( الوكالة من العقود الغير اللازمة ) لأنها عقد تبرع ولا لزوم في التبرعات إلا بعد استيفائها والوكالة العارية ينعقدان على أمر مستقبل فلا يلزمان فيه قبل وجوده
قوله ( فلا يدخلها خيار شرط ) تفريع على عدم اللزوم لأن الأمر اللازم ربما تتبين مضرته فيعقبه الندم فشرع فيه الخير لدفع ما يتوقع ولا حاجة فيه للأمر الغير اللازم
قوله ( ولا يصح ) أي ويتفرع أيضا على عد لزومها عدم صحة الحكم بها مقصودا لأنه لا فائدة في ذلك حيث لم تكن لازمة لكنها تصح في ضمن دعوى صحيحة ليتمكن من الجري على مقتضاها وهذا ما قدمه في الفروع من قوله الوكالة المجردة الخ
قوله ( وبيانه في الدرر ) تقدم نقل عبارتها قريبا
قوله ( فللموكل العزل متى شاء ) حيث لم تكن لازمة من الجانبين فللموكل الخ أي هذا هو الأصل فيها وقد تصير لازمة لعارض تعلق حق الغير كما بينه بقوله ما لم الخ وإنما يتوقف بطلان الوكالة على العزم إذا لم ينته الأمر فإذا بلغ نهايته انعزل بلا عزل كما يأتي
قال الرملي أطلق العزل فشمل ما لو وكله وشرط على نفسه عدم العزل أو مدة حياته أو أبدا كما هو ظاهر فقد صرح في الإسعاف أن منصوب الواقف كالوكيل عنه فيملك عزله متى شاء وإن شرط أنه لا يعزل والله تعالى أعلم
قوله ( كوكيل خصومة ) أي عن المطلوب وهو تمثيل لمدخول النفي أي ليس له عزله وإن علم به الوكيل لتعلق حق الغير به
قال في الفصول وهذا إذا علم الوكيل بالوكالة وإن لم يعلم بها فله عزله كل حال
قال في البحر ثم يطرأ على الوكالة اللزوم في مسائل منها الوكالة ببيع الرهن سواء كانت مشروطة في عقد الرهن أو بعده على الأصح فتلزم كالرهن
ومنها الوكالة بالخصومة بالتماس الطالب عند غيبة المطلوب لأنه إنما خلى سبيله اعتمادا على أنه يتمكن من إثبات حقه متى شاء فلو جاز عزله لتضرر به الطالب عند اختفاء المطلوب بخلاف ما إذا كان المطلوب حاضرا أو كانت الوكالة من غير التماس الطالب أو كانت من جهته لتمكينه من الخصومة مع المطلوب في الوجه الأول ولعدم تعلق حقه بالوكالة في الوجه الثاني إذ هو لم يطلب وفي الوجه الثالث العزل إلى الطالب وهو صاحب الحق فله أن يعزله ويباشر الخصومة بنفسه وله أن يتركها بالكلية وعلى هذا قال بعض المشايخ إذا وكل الزوج بطلاق زوجته بالتماسها ثم غاب لا يملك عزله وليس بشيء بل له عزله في الصحيح لأن المرأة لا حق لها في الطلاق
ا هـ إ
قال العلامة قاسم زياد في التعليل ولأن الزوج غير مجبوعلى الطلاق وعلى التوكيل به وإنما جعله وكيلا باختياره فيملك عزله كما في سائر الوكالات
ا هـ
وعلى هذا قالوا لو قال الموكل للوكيل كلما عزلتك فأنت وكيلي لا يملك عزله لأنه كلما عزله تجددت الوكالة له وقيل ينعزل بقوله كملما وكلتك فأنت معزول
وقال صاحب النهاية إنه يملك عزله بأن يقول عزلتك عن جميع الوكالات فينصرف ذلك إلى المعلق والمنفذ ووكلاهما ليس بشيء ولكن الصحيح إذا أراد عزله وأراد أن لا تنعقد الوكالة بعد العزل أن يقول رجعت عن المعلقة وعزلتك عن المنجزة لأن ما لا يكون لازما يصح الرجوع عنه والوكالة منه زيلعي ملخصا
وسيأتي قريبا نظيره عن البزازية
قوله ( كما سيجيء ) أي قريبا
قوله ( ولو الوكالة دورية ) كقوله كلما عزلتك فأنت وكيلي ثم لا يخلو إما أن يكون مبالغة على قوله فللموكل العزل أو على قوله ما لم يتعلق به حق الغير فعلى الأول
____________________
(7/382)
يكون المعنى أن له العزل ولو كانت الوكالة دورية والمبالغة حينئذ ظاهرة وعلى الثاني أنه ليس له العزل في الوكالة الدورية
وعلى كل ففي كلام الشارح مناقشة أما على الأول فلمنافاته لقوله وسيجيء عن العيني خلافه لأن الذي سيجيء أن له العزل فليس خلافه
وأما على الثاني فلأنه يقتضي أنه مما تعلق به حق الغير وليس كذلك لأن من يقول بعدم عزله في الوكالة الدورية يقول إنه لا يمكن لأنه كلما عزله تجددت له وكالة وقوله في طلاق وعتاق يحتمل أنه حال من الوكالة الدورية ويحتمل أنه مسألة أخرى من مدخول لو أيضا أي ولو في طلاق وعتاق لا بقيد كونه في الوكالة الدورية وفي كل مناقشة أيضا لأن البزازي لم يصحح شيئا منهما بل قال وكله غير جائز الرجوع
قال بعض المشايخ ليس أن يعزله في الطلاق والعتاق وقال بعض مشايخنا له العزل وليس فيه رواية مسطورة
وقال قبله وعزل الوكيل بالطلاق والنكاح لا يصح بلا علم لأنه وإن لم يلحقه ضرر لكنه يصير مكذبا فيكون غررا ا هـ
نعم يصح حمله على الثاني إن جعلت المبالغة على قوله فللموكل عزله
ولا يرد حينئذ عليه أنه مما لا حق فيه للغير كما سيصرح به والظاهر أن قوله وسيجيء عن العيني خلافه وقع من سهو القلم ولو حذفه لاستقام الكلام وانتظم
والعبارة الجيدة أن يقال فللموكل العزل متى شاء ولو الوكالة دورية ما لم يتعلق به حق الغير كوكيل خصومة بطلب الخصم يشترط علم الوكيل ولو في طلاق وعتاق
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قال في البزازية وإذا أراد الموكل عزله عن الوكالة الدورية كيف يعزله قيل يقول عزلتك كلما وكلتك وأنه لا يصح لأن فيه تعليق العزل بالشرط حيث قال إن صرت وكيلي فأنت معزول ولأن المعلقة بالعزل غير ثابتة فكيف يصح العزل عنه واختار شمس الأئمة أن يقول عزلتك عن الوكالات كلها أو عزلتك عن ذلك كله وأنه أيضا مشكل لأن الإخراج قبل الدخول في ذلك الشيء لا يتصور والعزل إخراج والمعلقة غير نازلة فلا يتصور الإجراج
قال الفقيه أبو جعفر والإمام ظهير الدين يقول رجعت عن المعلقة وعزلته عن المنفذة ولا يقدم العزل عن المنفذة على الرجوع عن المعلقة لأنه إذا قدم العزل عن المنفذة تنجز وكالة أخرى من المعلقة فلا ينعزل بعد عنها بالرجوع عن المعلقة
ا هـ
قال في البحر ثم اعلم أنه لو قال كلما وكلتك فأنت معزول لم يصح
والفرق أن التوكيل يصح تعليقه بالشروط والعزل لا كما صرح به في الصغرى والصيرفية فإذا وكله لم ينعزل
ا هـ
وهذا بخلاف ما يأتي قريبا في كلام الشارح عن العيني فتنبه وسيأتي آخر الكتاب في مسائل شتى قوله ( في طلاق وعتاق ) قال الطحطاوي عازيا للخلاصة المختار أنه يملك عزله بمحضر منه إلا في الطلاق والعتاق والتوكيل بسؤال الخصم
وفي منية المفتى قال مشايخنا يملك عزله في الفصول كلها وهذا إن شاء الله هو المعتمد
بحر أي في غير التوكيل بسؤال الخصم
قوله ( على ما صححه البزازي ) قدمنا قريبا عبارته
وعلل أيضا بأن الوكيل ينعزل ما لم يتعلق به حق الغير أو كانت دورية في طلاق وعتاق صيانة لحق الغير فيما تعلق به ولأن الطلاق والعتاق يتعلقان بالأخطار فكانا يمينين ولا يصح الرجوع عن اليمين
هذا خلاصة ما حرره البزازي وقد علمت ضعفه
قوله ( وسيجيء الخ ) أي قريبا حيث أطلق في قوله ولا قوله كلما عزلتك فأنت وكيلي ولم يفرق بين طلاق وعتاق وغيرهما تأمل لكن الشارح ساق ما يأتي قريبا في مقام عزل الوكيل نفسه وهنا في عزل الموكل وكيله
____________________
(7/383)
قوله ( بشرط علم الوكيل ) فلو أشهد على العزل في غيبة الوكيل لم ينعزل
بحر
وإنما لا ينعزل إذا لم يبلغه لأنه نهى بعد الأمر فلا يعمل دون العلم وفقهه أنه يلزم الوكيل ضرر ومحل اشتراط علم الوكيل إذا علم بالوكالة أما إذا وكله ولم يعلم بها فله عزله وإن لم يعلم به
بزازية
لكن نظر فيه سيدي الوالد رحمه الله تعالى بأنه قبل علمه لا يكون وكيلا حتى لو باع لا ينفذ ولا يكون بيعه إجازة للوكالة بخلاف الوصي وحينئذ فعزله قبل علمه ليس عزلا حقيقة
تأمل
قوله ( كالرسول ) فإنه ينعزل وإن لم يعلم ولا يتوقف عزله على علمه أي مطلقا ولو قصديا لأنه مبلغ عبارته فعزله رجوع عن الإيجاب
مقدسي
قوله ( ولو ) وصلية أي له العزل في الوكالة المنجزة وفي المعلقة على شرط بعد وجوده وقبله
قوله ( عزله ) بصيغة المصدر مبالغة على قوله فللموكل العزل
قوله ( به يفتى ) كذا في الصغرى وقيل لا يصح لأن العزل لا يتصور إلا بعد تحقق الوكالة وهي لم تتحقق بعد
قوله ( وبكتابة مكتوب بعزله ) أي إن وصل إليه المكتوب كما سيأتي في الفروع آخر الباب
قوله ( وإرساله رسولا ) أي ووصل إليه أيضا
منية
قوله ( مميزا ) خرج المجنون والمعتوه والصبي الذي لا يميز ط
وله ( ذكره المصنف في متفرقات القضاء ) وقدمنا الكلام عليه هناك مستوفي فراجعه
قوله ( إذا قال الرسول الخ ) قال المصنف في متفرقات القضاء وظاهر ما في العمادية أنه لا بد أن يقول له إني رسول بعزلك
ا هـ
ونلقناه ثمة عن البحر
قوله ( الموكل أرسلني الخ ) الجملة مقول القول واحترز به عما إذا أشهد على عزله حال غيبة الموكل فإنه لا ينعزل
كذا وقع التعبير بالموكل في البحر والحموي والمنح ولعل الأولى الوكيل لتظهر فائدة الاحتراز ط
قوله ( ولو أخبره الخ ) ومنه الرسول الذي لم يقل أرسلني إليك لأبلغك الخ
قوله ( عددا أو عدالة ) منصوب على الحال المبينة أو مفعول لمحذوف تقديره أعني أو على تمييز المبهم في أحد شطري الشهادة وهذا على قول الإمام الأعظم فلا يثبت بخبر المرأة والعبد والصبي وإن وجد العدد أو العدالة كما قدمنا التنبيه عليه في شتى القضاء وقدمنا أيضا أن العدالة لا تشترط في العدد فراجعه إن شئت
قوله ( كأخواتها ) أي أخوات الوكالة
قوله ( المتقدمة في المتفرقات ) وهي إخبار السيد بجناية عبده والشفيع بالبيع والبكر بالنكاح والمسلم الذي لم يهاجر بالشرائع والإخبار بعيب لمريد شراء وحجر مأذون وفسخ شركة وعزل قاض ومتولي وقف ا هـ أي فإنها يشترط فيها إحدى شطري الشهادة كما تقدم
قوله ( قبل ) أي خبره
قوله ( اتفاقا ) يوهم أنه مما قدمه وليس كذلك
وعبارته هناك ولا يثبت عزله إلا بإخبار عدل أو فاسق إن صدقه
عناية
قال في منية المفتي وبخبر واحد غير عدل إن صدقه انعزل وإلا فلا في قول الإمام وإن ظهر صدق الخبر
وقالا ينعزل إذا ظهر صدق الخبر وإن كذبه ا هـ
فهذا ينافي حكاية الاتفاق
قوله ( وفرع على عدم لزومها من الجانبين ) لم يذكر المصنف سابقا إلا كونها من العقود الغير اللازمة
وأما كون عدم اللزوم من جانب أو من
____________________
(7/384)
جانبين فلم يتعرض له فلا وجه للتفريع
والأولى كما فعله المصنف أن يكون قوله وعدم اللزوم مبتدأ وقوله من الجانبين خبر أي وعدم اللزوم المتقدم في عبارته ثاتب من الجانبين فعدم لزومه من جانب الموكل قد سبق وهنا بين عدمه من جانب الوكيل بأنها لما كانت غير لازمة من جانب الموكل فللموكل العزل ولما لم تكن لازمة من جانب الوكيل فللوكيل عزل نفسه وكما يشترط هناك عدم تعلق حق الغير يشترط هناك عدم تعلق حق الغير يشترط هنا علم موكله صيانة لحقه لاعتماده على صحة وكالته فلو صح أن يعزل نفسه بدون علمه لكان فيه تغرير للموكل
قوله ( فللوكيل ) خبر مقدم عزل نفسه إذا علم موكله فإن علم انعزل إلا إذا تعلق به حق الغير كما تقدم فإنه لا ينعزل بعزل الموكل الصريح إلا بعلم الخصم فكذا هذا وتأمله ط
قوله ( أي بالخصومة ) تفسير لما يتقيد بعلم موكله
قوله ( وبشراء المعين ) كما إذا وكله بأن يشتري له عبدا معينا فإذا أراد الوكيل أن يشتريه لنفسه أو يوكل من يشتريه له فاشتراه فهو للأول لأنه لا يملك عزل نفسه عند غيبة الآمر إلا إذا اشتراه بأكثر مما وكل به أو بخلاف ما وكل به
بزازية
قوله ( لا الوكيل بنكاح ) أي فإنه لا يتقيد بعلم الموكل وحينئذ فلو عزل نفسه ثم باشر ما وكل به لنفسه أو لغيره يصح لعدم تقيد عزله حينئذ بعلم الموكل بل بمجرد مباشرة العقد يصير تاركا للوكالة لمخالفته الآمر
قوله ( وبيع ماله ) أي مال الموكل
قوله ( وبشراء شيء بغير عينه ) أي لو وكله بشراء عبد مثلا فاشترى عبدا ليس للموكل أخذه ويقول له أنت وكيلي لأنه لا يقع للموكل في غير المعين ما لم ينوه له أو ينقد الثمن من ماله أو يضيف العقد إلى دراهمه
والحاصل أن الموكل له أن يعزل نفسه في هذه الأشياء وإن لم يعلم الموكل لعدم تضرره وكان الأولى أن يذكر هذه الجملة بعد قوله شرط علم موكله قوله ( كما في الأشباه ) عبارتها لا يصح عزل الوكيل نفسه إلا بعلم الموكل إلا الوكيل بشراء شيء بغير عينه أو بيع ماله وكذا الوكيل بالنكاح والطلاق والعتاق فانحصر في الوكيل بشراء شيء معين والخصومة ا هـ
قوله ( عزل نفسه ) أي عن الوكالة وهو مبتدأ مؤخر
قال الزيلعي عزل نفسه عن الوكالة ثم تصرف فيما وكل إليه قبل علم الموكل العزل صح تصرفه فيه
ا هـ
قال الباقاني لا يصح عزله نفسه ولا يخرج عن الوكالة قبل علم الموكل ا هـ
قوله ( وإمام ) أي إمام الجمعة حتى لو عزل نفسه وعاد وصلى بالناس صحت صلاته ولا يحتاج إلى إذن جديد ما لم يعلم الخليفة بعزل القاضي نفسه والإمام وكذا والى البلدة من قبله لأنه في انعزالهم قبل علمه تغريرا وضررا بالمسلمين كما يأتي نقله موضحا قريبا
قوله ( وإلا ) يعلم لا يصح العزل إلا بعلم المولى
ونص الجواهر لا ينعزل إلا إذا علم به السلطان ورضي بعزله كما يأتي في المقولة الثانية نص عبارتها تماما
قوله ( قوله كما بسطه في الجواهر ) أي حيث سئل عن قاضي بلدة عزل نفسه عن القضاء والسلطان الذي ولاه القضاء في بلد آخر هل ينعزل بعزل نفسه حتى لو جلس في بيته أياما ويقول عزلت نفسي عن القضاء ثم خرج بشفاعة الناس وجلس للقضاء هل ينفذ أجاب لا ينعزل إلا إذا علم به السلطان ورضي بعزل نفسه
وهذا كالوكيل بشراء شيء معين لما فيه من تغرير الموكل كذلك ها هنا الإمام والسلطان لما فوض هنا الأمر إليه فقبل فقد انتقل هذا الأمر عن السلطان إليه ووجب عليه القيام كذا الإمام في باب الصلاة إذا صار إماما لزمه القيام بها
____________________
(7/385)
ولم يكن له أن يعزل نفسه إلا إذا صار بحال لا يمكنه المضي فيها فحينئذ يستحق العزل وإنما ينعزل بإقامة غيره مقام نفسه حتى لا تبطل صلاة القوم فكذلك هنا ما دام أهلا للقضاء لا يملك عزل نفسه لما فيه من تغرير السلطان وإبطال حقوق المسلمين فإذا عزل نفسه وعلم السلطان أنه يعجز عن القيام به فإنه يخرجه عنه ويكون إخراجه بإقامة غيره مقامه كما في الصلاة إذا سبقه الحدث ينعزل بالاستخلاف وإلا فلا وإن لم ينعزل بعزله نفسه فله أن يعود لقضائه لقيام ولايته كما كانت ا هـ
نقله الحلبي
قوله ( إن بغير حضرة المديون ) أي إن صدر التوكيل بغير حضرة المديون
قوله ( وإن وكله بحضرته لا لتعلق حقه به ) أي لأنه يلحقه به مضرة وتغرير لأنه قد يدفع المال إلى الوكيل لما علم من الوكالة فلو صح عزله بدون علمه لكان مغرورا بذلك حيث دفع لغير وكيل مع اعتماده على ما علم من وكالته ولا يندفع ذلك التغرير ءلا إذا علم بالعزل والظاهر أنه يلحق به ما إذا وكله بغير حضرته فبلغته الوكالة فينبغي أن يتوقف عزله حينئذ على علمه لأنه علمه مثل حضوره
أفاده الرحمتي
قوله ( ولو عزل العدل ) العدل فاعل عزل والظاهر أن التقييد به جرى على الغالب وإلا فالتوكيل ببيع الرهن لا يقتصر على العدالة والمراد به الموكل ببيع الرهن في عقد الرهن وأن يوفي الدين من ثمنه لا يصح عزله سواء كان الوكيل العدل أو غيره كم يأتي التصريح به والمراد بالعدل من وضع الرهن على يده غير الراهن والمرتهن باتفاقهما عليه فلو شرط في عقد الرهن أن يبيعه ويفي الدين بثمنه أو وكل غيره أجنبيا أو لمرتهن لا يملك عزله لتعلق حق المرتهن به
وله ( الموكل ) بالبناء للمجهول صفة للعدل
قوله ( نفسه ) مفعول عزل قوله ( بحضرة المرتهن ) متعلق بعزل ويعلم منه حكم ما إذا كانت بغير حضرته
قوله ( إن رضي ) أي المرتهن
قوله ( بطلب المدعي ) أما إذا كانت بغير طلبه فيصح عزله وإن كان فيه إبطال حق الطالب من حيث إن حقه يفوت برضاه لأنه لم يلتمس منه وكيلا بالخصومة
كذا في غاية البيان
قوله ( عند غيبته ) أي غيبة الخصم الموكل وهو متعلق باسم الإشارة في قوله كذا فإن معناه أنه لا يملك عزل نفسه بدون رضا الخصم عند غيبة المدعى عليه يكون متعلقا بقوله عزله أما عند حضور المدعى عليه فيملك الوكيل عزل نفسه لعدم الضرر
قوله ( وليس منه ) أي مما تعلق به حق الغير حتى لا يملك عزل نفسه مراعاة له
والحاصل أنه لو وكل رجلا بالخصومة ثم عزله حال غيبة الخصم فهذا على وجهين الأول إن كان وكيل الطالب فيصح عزله وإن كان المطلوب غائبا
والثاني بأن كان وكيل المطلوب فهذا على وجهين الأول أن يكون التوكيل من غير التماس أحد وفي هذا الوجه العزل صحيح وإن كان الطلب غائبا
والثاني أن يكون التوكيل بالتماس الخصم وفي هذا الوجه إن كان الوكيل غائبا وقت التوكيل أو لم يعلم بالتوكيل صح عزله على كل حال وإن كان حضرا وقت التوكيل أو غائبا لكن علم بالوكالة ولم يردها لا يصح عزله
____________________
(7/386)
حال غيبة الطالب ويصح حال حضرته رضي به أو سخط كما في مشتمل الأحكام
قوله ( لأنه لا حق لها فيه ) قال العلامة المقدسي فلو أبرأته بشرط الطلاق فوكل به ينبغي أن لا يملك عزله
ط عن الحموي
ونص عبارته لو وكل بطلاق فغاب لا يملك عزله
قلت فلو أبرأته بشرط الطلاق فوكل به ينبغي أن لا يملك عزله والصحيح أن له العزل لأن المرأة لا حق لها في الطلاق ا هـ
قوله ( ولا قوله كلما عزلتك فأنت وكيلي ) معطوف على توكيله أي فإنه لم يتعلق به حق الوكيل
قوله ( لعزله ) قدمنا عن الزيلعي وكذا عن البزازية طرق عزله عن الوكالة الدورية وما هو الصحيح فيها ورد ما ذكره هنا بأنه لا ينعزل بقوله كما وكلتك فأنت معزول فلا تغفل
يؤيده ما ذكره الحموي
وقيل ينعزل بقوله كلما وكلتك فأنت معزول وهذا غير صحيح لأنه تعليق العزل بالشرط وهو باطل
قوله ( كجحود الموكل بقوله لم أوكلك لا يكون عزلا ) كذا في البحر عن الزيلعي
قال في المنح بعد نقل عبارة الزيلعي لكن ذكر الشارح المذكور في كتاب الوصايا أن جحود التوكيل يكون عزلا
وذكر في مسائل شتى بعد كتاب القضاء أن جميع العقود تنفسخ بالجحود إذا وافقه صاحب بالترك إلا النكاح فينبغي حمل في الوصايا على ما إذا وافقه الوكيل على ترك الوكالة
والله تعالى أعلم
ا هـ
قوله ( وحمله المصنف ) بناء على ما ذكره الزيلعي في مسائل شتى من القضاء أن جميع العقود تنفسخ بالجحود إذا وافقه صاحبه بالترك ا هـ
ولا معنى لهذا الحمل لأنه إنما يحتاج لموافقة صاحبه في العقود اللازمة والوكالة من العقود الجائزة الغير اللازمة فلا معنى لتوقفها على موافقة صاحبه لأنه لا حق له بها
تأمل
قوله ( لكن أثبت القهستاني اختلاف الرواية ) وكذا نقله السيد الحموي عن الولوالجية حيث قال وفيها في الفصل الثاني من الوصايا
لو جحد الوصاية فهو رجوع
ثم قال وفي الجامع الكبير لا يكون رجوعا فيه روايتان وعلى الخلاف جحود الوكالة من الوكيل أو الموكل وجحود الشركة وجحود الوديعة من المودع وجحود المتبايعين أو المستأجرين والصحيح غير ما في الجامع أنه يكون رجوعا وعليه الفتوى لأن الجحود صار مجازا عن الفسخ حتى لا يلغو
ا هـ
قال العلامة المقدسي يحتمل أن التصحيح في خصوص الوصية أو في الجميع ا هـ
قلت والمتبادر الثاني ط
قوله ( وقدم الثاني ) وهو كون الجحود عزلا
قوله ( وعلله الخ ) هذا يؤيد ما قلنا إن التصحيح راجع إلى الجميع ط
قوله ( وفي رواية لم ينعزل بالجحود ) قد علمت أن الفتوى على العزل بالجحود وأنه الصحيح
وفي شرح القهستاني ويدخل فيه يعني العزل جحود الوكالة فإن جحود ما عدا النكاح فسخ وفي رواية
____________________
(7/387)
لم ينعزل بالجحود وهي مرجوحة
قوله ( وينعزل الوكيل الخ ) وفي شركة العناية يشكل على هذا أن من وكل بقضاء الدين فقضاه الموكل ثم قضاه الوكيل قبل العلم لم يضمن مع أنه عزل حكمي
وأجيب بأن الوكيل بقضاء الدين مأمور بأن يجعل المؤدي مضمونا على القابض لأن الديون تقضى بأمثالها وذلك يتصور بعد أداء الموكل ولذا يضمنه القابض لو هلك بخلاف الوكيل بالتصدق إذا دفع بعد دفع الموكل فلو لم يضمن الوكيل يتضرر الموكل لأنه لا يتمكن من استرداد الصدقة من الفقير ولا تضمينه
ا هـ
بنوع تصرف
قوله ( فزوجه الوكيل ) أي ينعزل الوكيل إذا فعل ما وكل فيه أو فعله الموكل وأشار بهذا وبما قبله إلى أن نهاية الموكل فيه إما أن تكون من جهة الموكل أو من جهة الوكيل وينعزل الوكيل بها فلو طلق الوكيل المرأة فليس للوكيل أن يزوجه إياها لأن الحاجة قد انقضت
وفي البزازية وكله بالتزويج فتزوجها ووطئها وطلقها وبعد العدة زوجها من الموكل صح لبقاء الوكالة
أقول الظاهر أن الضمير في تزوجها للوكيل لا للموكل وإلا نافى ما هنا وما يأتي من أن تصرفه بنفسه عزل
تأمل
قال في المحيط وكله ببيع عين له عزله إلا أن يتعلق به حق الوكيل بأن يأمره بالبيع واستيفاء الثمن بأداء دينه
ا هـ
أقول وهذا إذا لم يكن الدين مؤجلا
أما إذا كان مؤجلا ففي القهستاني عن الجواهر ولو وكل الدائن بدين مؤجل ببيع داره بسؤاله عند الأجل كان له عز له قبله ا هـ
فتنبه
قوله ( يشتركان ) أي المشتريان من الوكيل والأصيل ومقتضى القواعد أن المعتمد قول أبي يوسف ط
قوله ( ويخيران ) أي المشتريان في الصورتين أي يثبت لكل منهما الخيار لتفرق الصفقة عليهما
قوله ( وينعزل بموت أحدهما ) أي وإن لم يعلم الآخر كما أفاده في البحر بقوله رجل غاب وجعل دارا له في يد رجل ليعمرها فدفع إليه مالا ليحفظه
ثم فقد الدافع فله أن يحفظه وليس له أن يعمر الدار إلا بإذن الحاكم لأنه لعله قد مات ولا يكون الرجل وصيا للمفقود حتى يحكم بموته تجنيس من باب المفقود
وبهذا علم أن الوكالة تبطل بفقد الموكل في حق التصرف لا الحفظ ا هـ
لكن رده المقدسي بأن ظاهر ما في التجنيس أنه إنما دفع المال ليحفظه وحينئذ فلا يدل على ما استنبطه
فلقائل أن يقول لو دفعه ليعمر منه كان له ذلك وإنما امتنع لعدم إذنه
كذا في حاشية أبي السعود عن الحموي
أقول كيف يصح قوله كان له ذلك مع التعليل بأنه لعله قد مات وليس هذا وصية ثم لا يخفى أن أمره بتعمير الدار لا يخلو إما أن يكون من هذا المال المدفوع أو من مال آخر دفعه له أو من مال المأمور وعلى كل فقوله ليس له أن يعمر الدار الخ يدل على عزله في التصرف دون الحفظ فثبت ما قاله في البحر فتأمله منصفا
ولو قال المصنف في هذه الأعذار وتبطل لكان أولى
ووجهه أن التوكيل تصرف غيلا لازم فيكون لدوامه حكم ابتدائه فلا بد من قيام الأمر وقد بطل بهذه العوارض
قال في اليعقوبية ذكر موت الوكيل وقع في الهداية والكافي أيضا لكن كون الموت مبطلا لتصرف الوكيل ظاهر فلا فائدة له إلا لدفع توهم جريان الإرث وإن كان في غاية البعد
قوله ( وجنونه مطبقا ) قيد به لأن
____________________
(7/388)
قليله بمنزلة الإغماء فكما لا تبطل الوكالة بالإغماء لا تبطل بقليل الجنون
حموي
قوله ( بالكسر ) قال في المصباح والعامة تفتح الباء على معنى أطبق الله عليه الحمى والجنون أدامهما كما يقال أحمه الله وأجنه أي أصابه بهما وعلى هذا فالأصل مطبق عليه فحذفت الصلة تخفيفا ويكون الفعل مما يستعمل لازما ومتعديا
ا هـ
أقول ولعله أو يكون بأو دون الواو لأنه إذا كان مما يستعمل لازما ومتعديا لا يحتاج إلى دعوى حذف الصلة تخفيفا فإن ما حذفت منه الصلة يكون متعديا وما ذكرت فيه يكون لازما فتعين ما قلنا
تأمل
أفاده سيدي الوالد رحمه الله تعالى
قوله ( سنة على الصحيح
درر ) قال فيها وهو قول محمد وعلله في البحر لسقوط جميع العبادات فقدر به احتياطا
ا هـ
وقيل دائما كذا قيل
وأقول قال في البحر فالمطبق أي الدائم زاد في البناية وقيل مستوعبا
قوله ( شهر ) أي مقدار شهر وهو قول أبي يوسف اعتبارا بما يسقط به الصوم
وعنه أكثر من يوم وليلة لسقوط الصلوات الخمس به فقد به احتياطا وهو الصحيح كما ذكره الزيلعي
قوله ( وأن عليه الفتوى فليحفظ ) ونقل المقدسي عن شرح الكافي أنه به يفتى لا محالة
قوله ( وبالحكم بلحوقه ) أي بلحوق أحدهما موكلا كان أو وكيلا يعني إذا ارتد فوكل فلحق وقيد بالحكم بلحاقه لأن تصرفات المرتد قبله موقوفة عنده فكذا وكالته فإن أسلم نفذ وإن قتل أو لحق بدار الحرب بطلت الوكالة فأما عندهما فتصرفاته نافذة فلا تبطل وكالته إلا أن يموت أو يقتل على ردته أو يحكم بلحاقه
بحر
وفيه عن إيضاح الإصلاح المراد باللحاق ثبوته بحكم الحاكم ا هـ
لكن عبارة درر البحار ولحاقه بحرب مبطل من غير حكم به
قال شارحه لأن أهل الحرب أموات في أحكام الإسلام وبلحاقه صار منهم ا هـ
وفي المجمع ولحاق الموكل بعد ردته بدار الحرب مبطل وقالا إن حكم به قال ابن ملك لأن لحاقه إنما يثبت بقضاء القاضي قيد باللحاق لأن المرتد قبل لا يبطل توكيله عندهما وموقوف عنده إن أسلم نفذ وإن قتل أو لحق بدار الحرب بطل ا هـ
فعلم أن ما في الإيضاح على قولهما
وبحث فيه في اليعقوبية حيث قال قوله ولحاقه بدار الحرب مرتدا هذا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما يبطل لو حكم بلحاقه وقد مر في السير
كذا في الهداية
وها هنا كلام وهو أن المعلوم مما ذكر في كتاب السير أن المرتد إذا لحق بدار الحرب تكون تصرفاته موقوفة عند أبي حنيفة فإن عاد مسلما صار كأن لم يزل مسلما وتصح تصرفاته وإن مات أو حكم بلحاقه استقر كفره فتبطل تصرفاته
وعندهما تصرفاته نافذة إلا أن يموت أو يحكم بلحاقه والوكالة من جملة التصرفات فلا وجه للحكم هنا هنا بمجرد اللحاق عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى كما لا يخفى اللهم إلا أن يراد من بطلان الوكالة عدم نفوذها لكنه بعيد لا يخفى
فليتأمل
وقال في الهداية وتبطل الوكالة بموت الموكل أو جنونه جنونا مطبقا أو لحاقه بدار الحرب مرتدا
ثم قال بعده وإن كان الموكل امرأة فارتدت فالوكيل على وكالته حتى تموت أو تلحق بدار الحرب لأن ردتها لا تؤثر
____________________
(7/389)
في عقودها على ما عرف ويعلم من هذا أن الرجل الموكل إذا ارتد تبطل وكالته بمجرد الارتداد بدون اللحوق فينبغي أن يقول في قول السابق وارتد بدل قوله ولحاقه بدار الحرب مرتدا كما لا يخفى
ا هـ
وفي الكفاية ذكر شيخ الإسلام في المبسوط وإن لحق الوكيل بدار الحرب مرتدا فإنه لا ينعزل عن الوكالة عندهم جميعا ما لم يقض القاضي بلحاقه ا هـ
وهذا كما ترى مؤيد لما بحثه المحشي
ثم اعلم أن المذكور في السير أن تصرفات المرتد كالمبايعة والعتق ونحوهما موقوفة عند الإمام إن أسلم نفذت وإن هلك أو لحق بدار الحرب وحكم به بطلت وأجازاها مطلقا وهذا كما ترى ليس خاصا بما إذا لحق بل الحكم أعم
وتأمل
قوله ( ثم لا تعود بعوده مسلما على المذهب ) أي سواء كان وكيلا أو موكلا كما في البحر
قال في الحواشي اليعقوبية واعلم أن الوكيل إن عاد مسلما بعد لحوقه بدار الحرب مرتدا والقضاء به تعود الوكالة عند محمد رحمه الله تعالى ولا تعود عند أبي يوسف ولو عاد الموكل مسلما بعد اللحوق والقضاء به لا تعود الوكالة عندهم في ظاهر الرواية
وعن محمد أنه تعود كما قال في الوكيل
والفرق له على الظاهر أن مبنى الوكالة في حق الموكل على الملك وقد زال بردته والقضاء بلحاقه وفي حق الوكيل على معنى قائم به وهو الأهلية ولم تزل بالقضاء بلحاقه
كذا ذكر في الهداية وشروحها
وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ينبغي أن تعود الوكالة الباطلة بمجرد اللحوق بدون القضاء كما هو قوله إذا عاد الموكل مسلما بعده كما لا يخفى فليتأمل ا هـ
قوله ( ولا بإفاقته بحر ) عبارته ومقتضاه أنه لو أفاق بعد جنونه مطبقا لا تعود وكالته وكأنه أخذ بحثا عن عدم عودها بالعود إلى الإسلام
قوله ( لا تبطل بهذه العوارض ) هذا بإطلاقه ينافي التفصيل الآتي والأولى الاقتصار عليه
قوله ( أو المرتهن ) عطف على العدل ح
ولا يصح عطفه على الراهن لأن المرتهن لا يملك البيع
قوله ( ببيع الرهن عند حلول الأجل ) أطلقه فشمل ما إذا شرطت الوكالة في عقد الرهن أو بعده على ما اختاره الشاد ح فيما مضى ويأتي
قوله ( كالوكيل بالأمر باليد ) الباء للاستعانة أي كالوكيل الذي صار وكيلا بسبب جعل الأمر بيده وهو المرأة بأن قال وكلتك في أن تجعل أمر زوجتي بيدها وفي ذلك مسامحة لأنه حينئذ يكون تمليكا لا توكيلا ولذا لا تبطل بجنونه
قوله ( والوكيل ببيع الوفاء ) أي بالتوكيل بجعله منجزا عند حلول الأجل إذا كانت الوكالة حالة العقد أو بعده على ما اختاره الشارح وهي داخلة تحت مسألة الرهن
قاله الرحمتي
لكن قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى ولعل وجهه أن بيع الوفاء في حكم الرهن فيصير وكيلا بأن يرهن ذلك الشيء فيكون مما تعلق به حق الغير وهو المشتري أي المرتهن
تأمل
ثم رأيته منقولا عن الحموي
وما ذكره السائحاني من أنه بيع الرهن فهو غفلة فتنبه ا هـ
فافهم لأن الصحيح في بيع الوفاء أنه رهن له أحكام الرهن
قال في جامع الفصولين باعه جائزا بوكالة ثم مات موكله لا ينعزل بموته الوكيل ا هـ
والبيع الجائز هو بيع الوفاء اصطلاحا
بحر
قال العلامة المقدسي وهو ظاهر لتعلق حق البائع
ا هـ
____________________
(7/390)
والأولى أن يقول لتعلق حق المشتري قاله بعض الفضلاء أي لأنه رهن في المعنى على ما عليه العمل اليوم فالمشتري مرتهن
قوله ( لا ينعزلان ) أي الوكيل بالأمر باليد والوكيل ببيع الوفاء
قوله ( بخلاف الوكيل بالخصومة ) يعني وإن كانت لازمة إن كانت بطلب الخصم وغيبة الموكل لكنه ينعزل بموت الموكل لتعذر خصومته بعد موته ولأن الحق المتنازع فيه ينتقل إلى غيره فتكون الخصومة متجددة مع من خلف الموكل والوكيل ليس بوكيل عنه
قوله ( أو الطلاق ) قد تقدم أنه لو قال له كلما عزلتك فأنت وكيلي يلزم في الطلاق ولعتاق لأنهما من الإسقاطات المحضة فيصح تعليقهما بالشرط فيكون ذلك تعليقا فلا يصح الرجوع عنه ومع ذلك يبطل بموت الموكل لأن التعليق يبطل بموت المعلق لأن شرطه بقاء الملك ولا ملك له في الزوجة والرقي بعد موته
أفاده بعض الأفاضل
قال الحلبي وذكره الطلاق هنا فيه أن التوكيل به غير لازم كما تقدم ا هـ
والظاهر أنه مبني على مقابل الأصح من أنه لازم قوله ( قوله بزازية ) فإنه جعل ذلك فيها من الوكالة اللازمة كما قدم تصحيحه عنه في شرح قوله فللموكل العزل وتقدم لنا أن المعتمد أنها غير لازمة فيه
ونص البزازية فأما في الرهن فإذا وكل الراهن العدل أو المرتهن ببيع الرهن عند حلول الأجل أو الوكيل بالأمر باليد لا ينعزل وإن مات الموكل أو جن والوكيل بالخصومة بالتماس الخصم ينعزل بجنون الموكل وموته والوكيل بالطلاق ينعزل بموت الموكل استحسانا لا قياسا
بحر
فتأمل
قوله ( وفيما عداها ) أي فيما عدا الوكالة ببيع الرهن فإن الوكيل ينعزل فيها بالموت والجنون الخ ينافي قول المتن كالوكيل بالأمر باليد والوكيل ببيع الوفاء فالأولى ذكرهما مع الوكالة ببيع الرهن
أقول ولعله لم يستثنهما لما علمت من أن الأمر باليد تمليك لا توكيل وبيع الوفاء رهن على المفتى به
تأمل
قوله ( وبالخروج عن الأهلية ) ومنه موته بعد قوله في التوكيل في الطلاق والعتاق كلما عزلتك فأنت وكيلي
قوله ( قلت فإطلاق الدرر فيه نظر ) أي حيث قال وذا أي انعزال الوكيل في الصورة المذكورة إذا لم يتعلق به أي بالتوكيل حق الغير
أما إذا تعلق به ذلك فلا ينعزل كما إذا شرطت الوكالة في بيع الرهن كما مر أو جعل أمر امرأته في يدها ثم جن الزوج ا هـ
فإن قوله أما إذا تعلق به حق الغير فيدخل فيه الوكالة بالخصوم بالتماس الطالب والحكم فيها ليس كذلك ح وأصله في المنح
ولا يخفى أنه وارد على ما نقله الشارح عن شرح المجمع أيضا وحينئذ فلا وجه لتخصيص النظر بما في الدرر بل الأمر فيها أسهل مما تقدم عن شرح المجمع فإنه وارد عليه أيضا وقد علمت أن هذا في مسألة الرهن فقط وفي غيرها لا ينعزل بالحقيقي بل بالحكمي ولذا قال فيه نظر
قوله ( وينعزل بافتراق أحد الشريكين ) هذا يحتمل أمرين أحدهما أن يكون الافتراق بهلاك المالين أو مال أحدهما قبل الشراء فإن الشركة تبطل به فتبطل الوكالة الضمنية التي دخلت في ضمن عقد الشركة علما به أو لا لأنه عزل حكمي إذا لم تكن الوكالة مصرحا بها عند عقد الشركة
____________________
(7/391)
وثانيهما أن أحدهما أو كليما لو وكل من يتصرف في المال جاز فلو افترقا انعزل هذا الوكيل في حق غير الموكل منهما إذا لم يصرحا بالإذن في التوكيل وإنما ذكرنا الوجهين إذ لو بقي الافتراق على ظاهره لم يصح قولهم وإن لم يعلم الشريك إذ لا يصح أن ينفرد أحدهما بفسخ الشركة المستلزمة للوكالة بلا علم صاحبه
ا هـ
درر
وهذا الذي عناه الشارح بقوله ولو بتوكيل ثالث
قوله ( ولو بتوكيل ثالث ) أي توكيل الشريكين أو أحدهما ثالثا يعني أنه تبطل الوكالة التي في ضمن الشركة ووكالة وكيلهما بالتصرف
قوله ( بالتصرف ) والحاصل أنه تبطل الوكالة التي في ضمن الشركة ووكالة وكيلهما بالتصرف إذا هلك المالان أو أحدهما قبل الشركة فتبطل به وتبطل الوكالة التي كانت في ضمنها علما بذلك أو لم يعلما لأنه عزل حكمي إذا لم تكن الوكالة مصرحا بها عند عقد الشركة وكذا إذا وكل الشريكان أو أحدهما وكيلا للتصرف في المال فلو افترقا انعزل في حق غير الموكل منهما إذا لم يصرحا بالإذن في التوكيل
قوله ( وإن لم يعلم الوكيل ) راجع إلى قول الشارح ولو بتوكيل ثالث لأنه لا يمكن إرجاعه إلى الوكالة الضمنية لأنها واقعة بين الشريكين ويبعد أن يفترقا ولا يعلمان بافتراقهما وكأن المصنف هو الذي أراده والشارح عمم في كلامه تكثيرا للفائدة
نعم يمكن إرجاعها للوكالة الضمنية بأن كان انفساخ الشركة بهلاك المالين أو أحدهما قبل الشراء فإنه قد لا يطلع الشريكان على ذلك أو أحدهما ومع ذلك تبطل وكالته الضمنية فيصح رجوعه إلى المسألة على عمومها
قوله ( وبعجز موكله ) أي عن أداء بدل الكتابة
قوله ( لو مكاتبا ) يؤخذ من عموم بطلان الوكالة بعزل الموكل أن للمكاتب والمأذون عزل وكيلهما أيضا كما نبه عليه في البحر
وقال فيه وإن باع العبد فإن رضي المشتري أن يكون العبد على وكالته فهو وكيل وإن لم يرض بذلك لم يجبر على الوكالة
كذا في كافي الحاكم
وهو يقتضي أن توكيل عبد الغير موقوف على رضا السيد وقد سبق إطلاق جوازه لأنه لا عهدة عليه في ذلك إلا أن يقال إنه من باب استخدام عبد الغير فيتوقف على رضا سيده لأنه لا يملك منافعه
تأمل
ا هـ
وفيه وقد سئلت عن ناظر وكل وكيلا في أمر الوقف ثم عزله القاضي هل ينعزل وكيله بعزله فأجبت أنه ينعزل أخذا من قولهم هنا يشترط لدوامها ما يشترط لابتدائها والله تعالى أعلم
قوله ( وحجره ) إنما ثبت العزل بهما لأن قيام الوكالة يعتمد قيام الأمر وقد بطل بالعجز والحجر علم أو لم يعلم
بحر
وفيه ويؤخذ منه أن للمكاتب والمأذون عزل وكيلهما
قوله ( وهذا ) أي العزل بالعجز والحجر
قال في شرح المجمع لابن ملك ثم المكاتب لو كوتب بعد ذلك أو أذن المحجور لم تعد الوكالة لأن صحتها باعتبار ملك الموكل التصرف عند التوكيل وقد زال ذلك ولم يعد بالكتابة الثانية أو الإذن الثاني
قوله ( إذا كان وكيلا في العقود والخصومة ) لأنه إنما ينعزل فيما امتنع عنه موكله بعجزه وحجره والمكاتب بعد عجزه والمأذون بعد حجره لا يملك العقود والخصومة فينعزل عنها وكيله ولا يتحجر عن قضاء الدين واقتضائه وقبض الوديعة لأنه أصيل في عقود باشرها واسترداد أمانته وردها فولايتها إليه ولو بعد حجره فلا ينعزل وكيله عنه
قوله ( أما إذا كان وكيلا ) أي عن المكاتب والمأذون ثم عجز أو حجر عليه
قوله ( فلا ينعزل بعجز ) أي عجز موكله عن أداء بدل الكتابة
قوله ( وحجر ) لأن العجز والحجر لا يوجبان الحجر عليه من قضاء الدين واقتضائه
____________________
(7/392)
إلى آخر ما قدمناه قريبا
قوله ( لم ينعزل ) لأنه حجر خاص والإذن في التجارة لا يكون إلا عاما فكان العزل باطلا ألا ترى أن المولى لا يملك نهيه عن ذلك مع بقاء الإذن ولأن العبد كامل الرأي صحيح العبارة غير أنه لا يملك نفسه وما في يده وكل ذلك ملك لسيده فلا تصح تصرفاته صيانة لحق مولاه فإذا أذن له المولى فقط أسقط حقه فيتصرف العبد بولاية نفسه أصاله لا نيابة عن سيده فلا يملك سيده إلا حجره صيانة لحق نفسه لا إبطال تصرف تصرفه بولاية نفسه لأن المولى قد أسقط حقه بالإذن ومنها توكيله فكذا لا يملك عزل وكيل
قوله ( وينعزل بتصرفه بنفسه ) لانقضاء الحاجة به كما لو وكله بإعتاق عبده أو بكتابته فأعتقه الموكل أو كاتبه أو بتزويج امرأة أو بشراء شيء ففعل بنفسه أو بطلاق فطلقها ثلاثا أو واحدة وانقضت عدتها أو بالخلع فخالفها بنفسه
بحر
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يعجز الوكيل عنه كما إذا أذن للعبد في التجارة وغير ذلك لا ينعزل
وفي الخلاصة لو وكله بشراء حنطة بعينها أو ببيعها فجعلت دقيقا أو سويقا خرج من الوكالة ولو وكله إلى عشرة أيام هل تنتهي بمضي العشرة روايتان والأصح لا فليحفظ
قوله ( والعدة ) الواو استئنافية لا للحام فافهم
قوله ( لبقاء المحل ) قال في الهندية ولو وكلت بالتزويج ثم إن المرأة تزوجت بنفسها خرج الوكيل عن الوكالة علم بذلك الوكيل أو لم يعلم ولو أخرجته عن الوكالة ولم يعلم الوكيل لا يخرج عن الوكالة وإذا زوجها جاز النكاح ولو كان وكيلا من جانب الرجل بتزويج امرأة بعينها ثم إن الزوج تزوج أمها أو بنتها خرج الوكيل عن الوكالة
كذا في المحيط ا هـ
قوله ( ولو ارتد الزوج ) أي ولم يلحق بدار الحرب أو لحق أي بعد الردة ولم يحكم بلحاقه فإن طلاقه واقع اتفاقا لأنه لا يعتمد الملة فكذا وكالته فيه لأنها قيام الغير مقامه فيما يملكه وهو يملك الطلاق فكذا يملك التوكيل به
أما لو حكم بلحاقه فقد تقدم أنه ينعزل به وكيله
وصرح هنا في البحر والمنح أن لحوقه بمنزلة موته أي بعد الحكم به وصرح المصنف أنها إذا بطلت اللحاق من أحدهما لا تعود بعوده مسلما على المذهب الظاهر
فإن قلت هذا ينافي ما ذكره في المنية بقوله ارتد الموكل أو لحق بدار الحرب تتوقف وكالة وكيله وكذا ما تقدم من انعزاله باللحاق مرتدا
قلت لا منافاة لأن ذلك في الوكيل يتصرف بما يتوقف من المرتد كالبيع وهذا فيما لا يتوقف اتفاقا كالطلاق فحيث نفذ من الموكل نفذ من الوكيل
وأيضا فإن المراد من انعزاله باللحاق مرتدا المحكوم به ثمة وهنا المجرد عن الحكم كما هو المقرر من كلامهم فتأمل
قوله ( أو لحق ) أي ولم يحكم به فلا ينافي ما تقدم كما علمت
قوله ( وتعود الوكالة ) أي بعود ملك التصرف للوكيل بموجب الوكالة السابقة وليس المراد أنها تعود بعد زوالها لأنه لم ينعزل كما يفهم من قوله قبله وإلا لا
وعبارة الزيلعي فالوكيل باق على وكالته
قوله ( ثم رد عليه بما هو فسخ ) كخيار رؤية وشرط أو عيب بقضاء أو فساد بيع
قوله ( بقي على وكالته ) لأن ملكه القديم قد عاد إليه بالفسخ فتعود الوكالة وإن رد بما لا يكون فسخا لا تعود الوكالة كما لو وكله في هبة بشيء ثم وهبه الموكل ثم رجع في هبته لم يكن للوكيل الهبة ولو وكله بالبيع ثم رهنه الموكل أو أجره فسلمه فهو على وكالته في ظاهر الرواية ولو وكله أن يؤجر داره ثم أجرها الموكل بنفسه ثم انفسخت الإجارة يعود على
____________________
(7/393)
وكالته ولو وكله ببيع داره ثم بنى فيها فهو رجوع عنها عند الإمام ومحمد لا التجصيص وكذا لو وكله ببيع أرضه ثم غرس فيها بخلاف ما إذا وكله ببيع أرض وزرع فيها فيبيع الوكيل الأرض دون الزرع لأن البناء والغرس يقصد بهما القرار لا الزرع
أمره بشراء أرض وهي بيضاء فبنى فيها ليس له أن يشتريها بعده ولو كانت مبنية فزاد فيها حائطا أو جصصها له البيع
بحر
وعبارة الهندية بعد قوله أو جصصها لزم الآمر وكذلك الوكالة بالبيع ا هـ
وفي البحر والوصية بمنزلة الوكالة
وففي وصايا الخانية ولو قال أوصيت بهذا الرطب الذي في نخلتي فصار تمرا قبل موت الموصي في القياس تبطل الوصية ولا تبطل استحسانا ولو قال أوصيت بزرعي هذا لفلان وهو بقل فصار حنطة أو شعيرا قبل موت الموصي بطلت الوصية وفي الوكالة إذا تغير في هذا كله بطلت الوكالة وفي البيع بشرط الخيار إذا تغير في أيام الخيار لا يبطل البيع ولا الخيار
ا هـ
وفي البدائع إذا باع الموكل ما وكل ببيعه ولم يعل الوكيل فباعه الثمن فهلك في يده ومات العبد قبل التسليم ورجع المشتري على الوكيل رجع الوكيل على الموكل وكذا لو دبره أو أعتقه أو استحق أو كان حر الأصل لأنه صار مغرورا من جهة ولو مات الموكل أو جن لا يرجع لعدم الغرور والوكيل بقبض الدين لو قبضه وهلك في يده بعد ما وهبه الموكل للمديون ولم يعلم الوكيل لم يمضن
وتمامه فيه ا هـ
قوله ( أو بقي أثره ) أي أثر ملكه أي وتبقى الوكالة إذا بقي أثره كمسألة العدة وهي ما إذا وكله بطلاقها ثم طلق الآمر لنفسه بقيت الوكالة لبقاء أثر الملك وقد أمكن إيقاع الوكيل فيه فلم يكن تصرف الموكل معجزا عن تصرف الوكيل معه
قال بعض الفضلاء هذا ليس على إطلاقه بل مقيد بزوال حاجة الموكل وهو موجود فيما إذا وكله بالهبة فوهب بنفسه ثم رجع لم يكن للوكيل أن يهب كما قدمناه قريبا لأن الواهب مختار بالرجوع فتبين برجوعه عدم حاجته إلى الهبة لأنه لو كان محتاجا لما رجع فكان دليلا على نقض الوكالة ولهذا صرح المصنف بأنه إذا وكله بطلاق زوجته فطلقها واحدة والعدة قائمة بقيت الوكالة لأن الوكيل يمكنه بتقييد ما وكل به ولا دليل لزوال الحاجة وكذا لو ذكره الشارح إذا وكله بالبيع فباع ثم رد عليه بعيب بقضاء فللوكيل أن يبيعه لأن الرد بقضاء بلا اختياره فلم يكن دليل زوال الحاجة فله أن يبيعه لأن الحاجة قائمة
كذا في الحواشي اليعقوبية
ومثله في العناية وغيرهما من المعتبرات
قوله ( كمسألة العدة ) وهي ما إذا وكله بطلاق امرأته ثم طلق الآمر بنفسه بقيت الوكالة لبقاء أثر الملك وقد أمكن إيقاع الوكيل فيه فلم يكن تصرف الموكل معجزا عن تصرف الوكيل معه فتصرف الوكيل بأن يوقع الباقي غير متعذر
كذا في الفتاوى الصغرى
قال في الشرنبلالية والمراد بالباقي الطلقة الواحدة الباقية لا أكثر منها لأن قوله إذا طلق امرأته واحدة وهي في العدة مفيد إيقاع الواحدة في العدة من طلقة سابقة ولأن التوكيل بالتطليق لا يقتضي إيقاع أكثر من واحدة ا هـ
والأصل فيه أن ما كان الموكل فيه قادرا على الطلاق كان وكيله كذلك وكذا إذا وكل بالخلع فخالعها
كذا في العناية
قوله ( بخلاف ما لو تحدد الملك ) كما إذا اشترى ما وكل في بيعه من مشتريه فلا يعود التوكيل لعدم عود قديم الملك وإنما هو ملك مستأنف ومثله فيما يظهر لو نكحها بعد زوج آخر وقد طلقها ثلاثا ط
قال الزيلعي ولو وكله ببيع عبده فأسره العدو وأدخلوه في دارهم ثم رجع إلى الموكل يملك جديد بأن اشتراه
____________________
(7/394)
منهم لا تعود الوكالة ولو أخذه من المشتري منهم بالثمن أو بالقيمة ممن وقع في سهمه من الغانمين فهو على وكالته لأنه بالأخذ بهذا الطريق عاد إلى قديم ملكه
ا هـ
قاله أبو الطيب
قوله ( لا ينعزل ما لم يصله الكتاب ) لأنه عزل قصدي يشترط فيه العلم وعلمه بوصول الكتاب إليه ط
قوله ( صح ) أي وإن لم يعلم
قوله ( وبعده لا ) أي إلا إذا علم في العزل القصدي وليس معناه أنه لا ينعزل مطلقا
قوله ( ونسي ) أي نسي من دفعها إليه
قوله ( لا يضمن الوكيل بالدفع ) لأنه فعل ما أمر به ولم يكن متعديا بالنسيان وهذا بخلاف مسألة ذكرها البزازي وهي وكيل البيع قال بعته وسلمته من رجل لا أعرفه وضاع الثمن قال القاضي يضمن لأنه لا يملك التسليم قبل قبض ثمنه والحكم صحيح والعلة لا لما مر أن النهي عن التسليم قبل قبض ثمنه لا يصح فلما لم يعمل النهي عن التسليم فلأن لا يكون ممنوعا عن التسليم أولى
ا هـ
قوله ( أبرأه مما له عليه ) أي إجمالا ولكن في ظنه أنه عشرة فتبين أنه مائة
قوله ( برىء من الكل قضاء ) اعتمادا على إطلاق البراءة
قوله ( إلا بقدر ما يتوهم أن له عليه ) وهو عشرة والأولى ذكر سام إن وانظر ما مناسبة ذكر هذا الفرع هنا
قوله ( قال لمديونه ) قال الشرنبلالي قال للمديون من جاءك بعلامة كذا أو من أخذ خنصرك أو قال لك كذا فادفع إليه مالي لا يصح التوكيل لأنه للمجهول فيضمن المأمور بالدفع لذلك ولا يخرج عن العهدة ما لم يكن أمر إنسانا بعينه بالقبض فعلم أن المراد أنه بالقول الأول لا يصير وكيلا
أما لو قال الإنسان بعده اقبض دين فلان واقبض خنصره علامة صدقك صار وكيلا ولكن يحتاج إلى ثبوت ذلك عن رب المال ولا يثبت بمجرد قبض الخنصر ونحوها
قوله ( لأنه توكيل مجهول فلا يبرأ بالدفع إليه ) ولو لم يدفع إليه حتى هلكت لم يضمن لجواز أن غير رسوله يأتي بتلك العلامة
بيري عازيا إلى الملتقطات
ومحل عدم صحة توكيل المجهول إذا كانت الجهالة فاحشة تؤدي إلى المنازعة
أما إذا كانت يسيرة كما إذا قال مالك عبد إن باعه أحد هذين الرجلين فهو جائز فأيهما باع كان جائزا ا هـ
أبو السعود في حاشية الأشباه
وقد ذكر هذه المسألة في القنية آخر الكتاب في المسائل التي لم يوجد فيها رواية منصوصة ولا جواب من المتأخرين إذا قال المودع للمودع من جاءك بعلامة كذا بأن أخذ أصبعك أو قال لك كذا فادفع إليه الوديعة فهل يصح هذا التوكيل أم لا يصح لكون الوكيل مجهولا ويضمن بالدفع
ا هـ
فقد جزم هنا بعدم صحة الوكالة وتردد فيما إذا وكل بعض الورثة إنسانا ليستوفي نصيبه من ديون مورثه على الناس ولا يعلم الموكل والوكيل بعض من عليهم الديون يصح أفتى به تاج الدين أخو الحسام الشهيد بعد التأمل والمباحثة الكثيرة ا هـ
مع أنها توكيل مجهول
تأمل
فرع قال في الولوالجية رجل غاب وأمر تلميذه أن يبيع السلعة ويسلم ثمنها إلى فلان فباعها وأمسك الثمن عنده ولم يسلمه حتى هلك لا يضمن لأن أستاذه لا يضيق عليه عادة فلا يصير بتأخير الأداء ضامنا
ا هـ
____________________
(7/395)
بعث المديون المال على يد رسول فهلك فإن كان رسول الدائن هلك عليه وإن كان رسول المديون هلك عليه وقول الدائن ابعث بها مع فلان ليس رسالة منه فإذا هلك هلك على المديون بخلاف قوله ادفعها إلى فلان فإنه إرسال فإذا هلك هلك على الدائن
وبيانه في شرح المنظومة ا هـ
أشباه
قوله ( وفي الوهبانية الخ ) هذه الأبيات منها ليست على نسق واحد بل من مواضع متعددة
قوله ( لم يبرأ ) قال العلامة عبد البر ورأيت بخط بعض العلماء بطرة القنية في هذا الموضع هذا الجواب إنما يستقيم على قولهما والله تعالى أعلم بالصواب
قوله ( وبعه وبع بالنقد ) هذه صور واحدة فإنه يجوز له فيها أن يبيع بالنسيئة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقوله أو بع لخالد يعني إذا قال له بعه وبعه لخالد جاز له أن يبيعه من غيره ويحمل على المشهورة كما إذا قال لمضاربه خذ هذا المال مضاربة واشتر به البر وبعه فله أن يشتري غير البر لأن الكلام مشورة منه بخلاف ما إذا قال بعه بالنقد أو قال بعه من فلان فلا يجوز له المخالفة كما لو قال لا تبع إلا من فلان فباع من غيره لا يجوز
قال العلامة ابن الشحنة في شرح الوهبانية وإذا تأملت فيما ذكروا من الأصل رأيت أن من ال بالجواز في بعه من فلان فباع لغيره رأى أن هذا مفيد من وجه فقط ولم يوجد التأكيد بالنفي ومن قال لا يجوز بيعه من غيره رآه مفيدا من كل وجده ا هـ
وفي الخلاصة وجامع البزازي لو قال بعه إلى أجل فباع نقدا قال الإمام السرخسي الأصح أنه لا يجوز بالإجماع
وفي الوجيز شرح الجامع الكبير ولو دفع إليه عبدا وأمره بالبيع ونهاه عن التسليم بعد البيع حتى يقبض الثمن قال محمد النهي باطل وقيل أبو حنيفة معه وقال أبو يوسف يصح حتى لو سلم يضمن الثمن إن هلك وإلا له أن يسترد وكذا لو باع ثم نهاه عن التسليم
ا هـ
وفي الخانية وكله بالبيع ثم نهاه عن البيع حتى يقبض الثمن فباع قبل الثمن وسلم المبيع كان البيع باطلا حتى يسترد المبيع من المشتري ثم يبيع ا هـ
قال الشرنبلالي في شرحه عليها لو قال بعه وبع بالنقد أو بعه وبع لخالد فخالفه جاز البيع قال لأنه لما أمر بالبيع كان مطلقا ثم قوله وبع بالنقد أو بع لخالد بعده كان مشورة بخلاف قوله بالنقد بع لخالد فإنه قيد فيه فلا يبيعه نسيئة كما لو قال لا تبع إلا بالنقد وباع بالنسيئة لا يجوز ولو قال بع لفلان لا يجوز لغيره ونقل خلاف هذا لو قال بعه لزيد أو في سوق كذا جاز في غيره ولغيره
ولو قال لا تبعه إلا لزيد أو إلا في سوق كذا لا يجوز في غيره ولا لغيره ولهذا الخلاف أتى بصيغة قالوا لأنها تذكر فيما فيه الخلاف
ا هـ
قوله ( فخالفه أي الوكيل
قوله ( قالوا يجوز ) أي للوكيل التغير أي المخالفة لأنه لما أمر بالبيع كان مطلقا فإن قيل فيه فلا يخالفه كما مر
____________________
(7/396)
والحاصل أن قوله بعه وبع بالنقد وبعه وبع لخالد ليس بتقييد ولا تبع إلا بالنقد وإلا لخالد تقييد وكذا قوله بالنقد بع لخالد كما علمت
والضابط لهذه المسائل كما قدمنا أن الموكل متى شرط على الوكيل شرطا ينظر فيه إن كان نافعا من كل وجه يجب مراعاة شرطه مطلقا وإن ضارا من كل وجه لا يجب مراعاته مطلقا وإن كان نافعا من وجه ضارا من وجه إن أكده بالنفي يجب مراعاته وإن لم يؤكده لا يجب مراعاته وذكرنا أمثلة ذلك فيما تقدم فراجعها إن شئت
قوله ( وفي الدفع قل قول الوكيل مقدم ) صورته دفع إلى آخر مالا وقال اقض به ديني لفلان فقال المأمور فعلت وقضيت وقال الدائن لم يقض شيئا فالقول قول الوكيل في براءة نفسه عن الضمان سواء كان في حال حياة الآمر وقد دفع إليه المال ليدفعه للطالب أو أمره باقتضاء دين له ليأتي به إليه أو يدفعه لغريمه أو كان بعد موت الآمر ولا فرق بين الوكيل بقبض الدين والعين فإن القول قوله إذا قال سلمته لأنه أمين ولا يسرى على الطالب والقول له في عدم القبض ويجبر الخصم على قضاء حقه وهذا معنى قوله كذا قول رب الدين ومعنى قول مقدم أي على قول الموكل إنه ما دفع وعلى قول الدائن إنه ما قبض لكن في حق إبرائه فقط لا في سقوط حق الدائن حتى كان القول قوله إنه ما قبض ولا يسقط دينه عن الموكل وهذا أيضا معنى قوله كذا قول رب الدين الخ
قوله ( كذا قول رب الدين ) يعني قوله مقدم على قول الموكل والوكيل في عدم سقوط حقه
قوله ( والخصم ) يعني الموكل يجبر على الدفع إلى دائنه لعدم نفاذ قول الأمين عليه بل إنما كان القول قوله في براءة نفسه فقط فقوله قول الوكيل مقدم أي في براءة نفسه لأنه أمين ينفي الضمان عن نفسه وقوله كذا قول رب الدين أي في عدم وصول حقه إليه بمجرد دعوى الوكيل الإيصال لأن القول قول الأمين في نفي الضمان عن نفسه لا في إلزام غيره فيما يدعيه
وإذا كان القول قول رب الدين في بقاء دينه فالخصم وهو المديون الموكل يجبر على إيفاء ما في ذمته لعدم سقوط حق الدائن ولا رجوع على الوكيل لأنه أمين والقول قوله في براءته ثم الموكل إن كذبه الطالب وصدق الوكيل حلفه فإن حلف لم يظهر قبضه وإن نكل ظهر وسقط حقه وإن عكس حلف الوكيل ومثل ما ذكر في الدين من التفصيل يقال في الوديعة
ط بزيادة
قوله ( ولو قبض الخ ) أي أخذ الدلال ثمن المبيع ليسلمه لمالك فضاع منه يصالح بينهما بالنصف فيضمن الدلال نصفه
قال المصنف ينبغي إن أذن له المالك في القبض لا يضمن وإلا ضمن رب السلعة أيا شاء فإن ضمن المشتري يرجع على الدلال ما لم يكن رسولا في الدفع إلى البائع
والظاهر أن هذا في غير ما حصل منه إذن في القبض أو نهى عنه
كذا في شرح الوهبانية للشرنبلالي
ثم ينبغي أن يكون هذا في دلال توسط بين البائع والمشتري أما لو دفع الثوب ليبيعه كان وكيلا عن مالكه ورجعت حقوق العقد إليه وكان قبض الثمن له ولا يعتبر حينئذ إذن البائع ولا نهيه واستغفر الله العظيم
____________________
(7/397)
كتاب الدعوى لا يخفى مناسبتها للخصومة أي لما اقتضى كون العزل معقبا للوكالة تقديم باب عزل الوكيل فتأخرت الدعوى عن الوكالة بالخصومة عنه
ووجه مناسبتها له أن الخصومة شرعا هي الدعوى والجواب عنها فكان ذكرها بعد الوكالة بالخصومة من قبيل التفصيل بعد الإجمال
قوله ( قول الخ ) ظاهره يشمل الشهادة إلا أن يكون تعريفا بالأعم فإن أريد إخراج الشهادة يزاد لنفسه
قوله ( إيجاب حق على غيره ) أي ن غير تقييد بمنازعة ولا مسالمة
حموي
ولا تعرض فيه إلى الدفع عن حق نفسه والمصدر الادعاء وهو افتعال من ادعى والدعوى اسم منه وتطلق على دعوى الحرب وهي أن يقال يا لفلان وكذا الدعوة والدعاوة بالفتح والكسر اسمان منه والدعوة بالفتح أيضا المرة والحلف والدعاء إلى الطعام وتضم وبالكسر في النسب ط
وقيل الدعوى في اللغة قول يقصد به الإنسان إيجاب الشيء على غيره إلا أن اسم المدعي يتناول من لا حجة له في العرف ولا يتناول من له حجة فإن القاضي يسميه مدعيا قبل إقامة البينة وبعدها يسميه محقا لا مدعيا ويقال لمسيلمة الكذاب مدعي النبوة لأنه قد أثبتها بالمعجزة
قوله ( وألفها للتأنيث ) هي لغة بعض العرب وبعضهم يؤنثها بالتاء
مصباح
قوله ( جزم في المصباح الخ ) قال بعضهم الكسر أولى وهو المفهوم من كلام سيبويه لأنه ثبت أن ما بعد ألف الجمع لا يكون إلا مكسورا وأما فتحه فإنه مسموع لا يقاس عليه
وقال بعضهم الفتح أولى لأن العرب آثرت التخفيف ففتحت ح
قوله ( فيهما ) أي في الدعاوى والفتاوى ح
قوله ( محافظة على ألف التأنيث ) أي التي يبنى عليها المفرد والظاهر أنه ساقط لفظ وفتحها بعد قوله بكسرها كما هو صريح عبارة الشرنبلالية والمصباح أو يقال إنما جزم صاحب المصباح بفتحها أيضا محافظة الخ فلا يسقط
تأمل
قوله ( وشرعا قول ) أي إن قدر عليه وإلا فتكفي كتابته
قال في خزانة المفتين ولو كان المدعي عاجزا عن الدعوى عن ظهر القلب يكتب دعواه في صحيفة ويدعي بها فتسمع دعواه
ا هـ
قوله ( عند القاضي ) أي فلا تسمع هي ولا الشهادة إلا بين يدي الحاكم
بحر
وأراد بالقبول الملزم فخرج غيره كما يأتي
أقول وينبغي أن يكون المحكم كالقاضي فيما يجوز به التحكيم بشروطه فإنه شرط كما في الاختيار ونبه عليه الشارح في شرحه عن الملتقى
قال في الشرنبلالية بعد أن ذكر القاضي قال وينبغي أن يكون المحكم كذلك لأنه يلزم الخصم بالحق ويخلصه ا هـ
وأقول قد صدر الأمر السلطاني الآن بنفاذ حكم المحكم إذا رفع للحاكم الشرعي وكان موافقا نفذه كما في كتاب القضاء من مجلة الأحكام العدلية
قوله ( يقصد به طلب حق ) أي معلوم قبل غيره
هذا التعريف
____________________
(7/398)
خاص بدعوى الأعيان والديون فخرج عنه دعوى إيفاء الدين والإبراء عنه
بحر
ورده العلامة المقدسي بأن هذا إنما يكون من جانب المدعى عليه لدفع الدعوى أي فليس بدعوى
وأيضا إذا علم أن الديون نفضى بأمثالها فالإيفاء دعوى دين والإبراء دعوى تلك معنى
ا هـ
وقوله طلب حق يفيد أنه حال المنازعة فخرج الإضافة حال المسألة فإنها دعوى لغة لا شرعا
ونظيره ما في البزازية عين في يد رجل يقول هو ليس لي وليس هناك منازع لا يصح نفيه فلو ادعاه بعده لنفسه صح وإن كان ثمة منازع فهو إقرار بالملك للمنازع فلو ادعاه بعد ذلك لنفسه لا يصح وعلى رواية الأصل لا يكون إقرار بالملك له
ا هـ
بحر
أقول كلام البزازية مفروض في كون النفي إقرارا للمنازع أو لا وليس فيه دعواه الملك لنفسه حالة المسالمة
قوله ( خرج الشهادة ) فإنها وإن كانت قولا مقبولا إلا أنه يقصد به إثبات حق للغير
قوله ( والإقرار ) أي وكذا الإقرار
وأورد على التعريف يمين الاستحقاق فإنه قول مقبول يقصد به طلب حق قبل الغير
وأجيب بأنه خرج بالطلب فإن المراد به طلب خاص وهو ما كان بلفظ الدعوى ونحوه ط
قوله ( أو دفعه ) أي دفع الخصم عن حق نفسه
زاد الباقاني في الحد بعد دعوى صحيحة لينطبق على المحدود
ا هـ
وعطفه بأو التويعية إشارة إلى أن الدعوى نوعان والقصد به الإدخال فلا اعتراض بإدخال أو في التعريف
قوله ( دخل دعوى دفع التعرض ) أي بقوله أو دفعه وهو أن يدعي كل منهما أرضا أنها في يده وبرهن أحدهما على دعواه فكان مدعيا دفع تعرض الآخر حيث أثبت بالبينة أنها في يده والبينة لا تقبل إلا بعد صحة الدعوى فعلمنا صحة دعوى دفع التعرض
قال في البزازية والفتوى على أن دعوى دفع التعرض صحيحة فإنه ذكر في الجامع الصغير أرض يدعيها رجلان كل يقول في يدي لا يقضى باليد لواحد منهما ولو أحدهما باليد لآخر لا يقضى له به ولو برهن أحدهما باليد بقضى له باليد لأنه قام على خصم لنزاعه معه في اليد دل على أن دعوى دفع التعرض مسموعة لعدم ثبوت اليد للآخر
ا هـ
أفاده الرحمتي لكن صورها الطحطاوي بقوله أن يقول إن فلانا يتعرض لي في كذا بغير حق وأطالبه بدفع التعرض فإنها تسمع فينهاه القاضي عن التعرض فإنها تسمع فينهاه القاضي عن التعرض له بغير حق فما دام لا حجة له فهو ممنوع عن التعرض فإذا وجد حجة تعرض بها ا هـ
قال الحموي ناقلا عن بعد الفضلاء لأنه وقع عنده تردد فيما إذا سمع القاضي دعوى دفع التعرض ومنع الخصم من معارضته بعدها هل يكون قضاء منه مانعا للخصومة من المقضي عليه في الحادثة المتنازع فيها أم لا فإن كان مانعا ظهر نتيجة وإذا لم يكن مانعا فأي فائدة فيه ولم أر من صرح بذلك ا هـ
أقول فائدته فيما يظهر عدم سماع ذلك القاضي منه دعوى التعرض قبل وجود الحجة معه
واعلم أن النزاع والتعرض متقاربان لكن إن أريد بالتعرض أن يكون بغير حق بل مجرد أذية وأريد بالنزاع أن يكون بمستند يتوهم وجوده فالفرق ظاهر
قوله ( بخلاف دعوى قطع النزاع ) أي بينه وبين غيره حقيقته أن يأتي بشخص للقاضي ويقول هذا يدعي علي دعوى فإن كان له شيء فليبينه وإلا يشهد على نفسه
____________________
(7/399)
بالإبراء وهذا غير صحيح
وهذه الدعوى غير مسموعة لأن المدعي من إذا ترك ترك
قال في البحر سئل قارىء الهداية عن الدعوى بقطع النزاع بينه وبين غيره
فأجاب لا يجبر المدعي على الدعوى لأن الحق له
ا هـ
والذي رأيته في عبارة قارىء الهداية سئل إذا ادعى شخص على آخر أنه يقطع النزاع بينه وبينه إن كان له عليه حق أو مطالبة يدعي به ويطالبه وإن كان ليس له عليه حق يشهد عليه أنه لا يستحق عليه شيئا من الحقوق والدعاوى والطلبات فهل تسمع هذه الدعوى من المدعي أم لا أجاب لا يجب عليه أن يدعي عليه لأن الحق له إن شاء طلبه وإن شاء تركه ا هـ
وهي التي عناها الشارح بقوله سراجية أي فتوى سراج الدين قارىء الهداية وهذا بخلاف دعوى دفع التعرض كما علمت لأن ذلك يقول هذه الأرض في يدي وهذه البينة تشهد لي بها وهذا يدعي أنها له وفي يده ولا بينة له على دعواه فأريد أن لا يتعرض لي لأني أثبت أني ذو يد دونه
قوله ( وهذا الخ ) يعني لما عرفنا أن الدعوى قول مقبول يقصد به طلب حق فإن أردنا بالحق الأمر الوجودي كأن يقول هذا المال لي أريد أن يسلمه إلي بقي من أنواع الدعوى دعوى دفع التعرض فيزاد أو دفعه عنه حق نفسه وإن أراد بالحق أعم من الوجودي وهو ما تقدم ومن العدمي وهو أن يقول هذا لا حق له في مالي لأني أثبت أني ذو يد وأطلق أن لا يتعرض لي بغير حق وعدم تعرض حق لكنه عدمي فيستغني عن هذه الزيادة وهو قوله أو دفعه
قوله ( الأمر الوجودي ) فلا يشمل العدمي كالدفع فيحتاج إلى زيادته لإدخاله في تعريف الدعوى والمراد بالعدمي ما يشمل الاعتبار فإن الدفع ليس عدميا لأن المراد به كفه عن المنازعة ط
قوله ( لهذا القيد ) أي فيستغني في التعريف عن هذا القيد وهو قوله أو دفعه فإنه فصل قصد به الإدخال والفصل بعد الجنس قيد فافهم
والأوضح أن يقول لم يحتج إلى زيادة أو دفعه
قوله ( والمدعي الخ ) اسم فاعل من ادعى يدعي أصله متدعي لأن ثلاثية دعاء فنقل إلى باب الافتعال فصار اتدعى وقلبت التاء دالا وأدغمت الدال في الدال فصار ادعى وكذلك في باب التصرفات من المضارع والأمر والمصدر وإنما أبدلت التاء دالا ولم يعكس لأنها من المهموسة والدال من المهجورة فالأقوى لا يتحول إلى الضعيف
تتمة لما كان قوله والمدعي الخ للأغلب من المتنازعين فعلا احترز عنه في الدرر بقوله من المتنازعين قولا ولما كان هذا متناولا للمتنازعين في المباحث احترز عنه بقوله في الحق أي حق العبد
ا هـ
قال شيخنا يوضحه أنه إذا تضاربا وكان الظاهر أحدهما فإنه يطلق عليه مدع مع أنه إذا ترك لا يترك فاحتاج إلى إخراجه بقوله من المتنازعين قولا
ا هـ
أبو السعود
والحاصل أن طالب الحق يسمى مدعيا والطالب إذا ترك لا يتعرض له والمطلوب هو المدعى عليه لا يتأتى منه الترك حتى يسلم ما عليه
قوله ( من إذا ترك ترك أي لا يجبر عليها لأن حق الطلب له فإذا تركه لا سبيل عليه
عيني
أقول وهذا أحسن ما قيل فيه
وقال محمد في الأصل قيل المدعى عليه هو المنكر والآخر المدعي
قال الزيلعي وهذا صحيح غير أن التمييز بينهما يحتاج إلى فقه وحدة ذكاء إذ العبرة للمعاني دون الصورة والمباني ولأن الكلام قد يوجد من الشخص في صورة الدعوى وهو إنكار معنى كالمودع إذا ادعى أداء
____________________
(7/400)
الوديعة أو هلاكها فإنه مدع صورة ومنكر لوجوب الضمان معنى ولهذا يحلفه القاضي إذا ادعى رد الوديعة أو لهلاكها أنه لا يلزمه رده ولا ضمان ولا يحلفه أنه رده لأن اليمين أبدا تكون على النفي كما في الشرنبلالية
قوله ( والمدعى عليه بخلافه ) أي ملتبس بمخالفته وهو من إذا ترك لا يترك بل يجبر على الخصومة إذا تركها وهذا فرق صحيح
حموي
قال القهستاني فلا يشكل بوصي اليتيم فإنه مدعى عليه معنى فيما إذا أجبره القاضي على الخصومة لليتيم وإنما عرفها بذلك وعدل عما يقتضي التعريف إشارة إلى اختلاف المشايخ فيهما
وقيل المدعي من يخبر بحق له على غيره والمدعى عليه من يخبر بأن لا حق لغيره عليه
وقيل المدعي من يلتمس خلاف الظاهر والمدعى عليه من يتمسك بالظاهر
ا هـ
وقيل المدعي من لا يستحق إلا بحجة كالخارج والمدعى عليه من يستحق بقوله بلا حجة كذي اليد
قلت وهذا تعريف بالحكم فيه دور
وأصح ما ذكر فيه الذي مشى عليه المصنف
قوله ( فلو في البلدة قاضيان كل في محلة ) أي بخصوصها وليس قضاؤه عاما وأشار به إلى أن الجبر في أصل الدعوى لا فيمن يدعي بين يديه والتفريع لا يظهر وفي بعض النسخ بالواو بدل الفاء
قوله ( فالخيار للمدعى عليه عند محمد به يفتى
بزازية ) ليس ما ذكره عبارة البزازية
وعبارتها كما في المنح قاضيان في مصر طلب كل واحد منهما أن يذهب إلى قاض فالخيار للمدعى عليه عند محمد وعليه الفتوى
ا هـ
وفي المنح قبل هذا عن الخانية قال ولو كان في البلدة قاضيان كل واحد منهما في محلة على حدة فوقعت الخصومة بين رجلين أحدهما من محلة والآخر من محلة أخرى والمدعي يريد أن يخاصمه إلى قاضي محلته والآخر يأبى ذلك اختلف فيها أبو يوسف ومحمد والصحيح أن العبرة لمكان المدعى عليه وكذا لو كان أحدهما من أهل العسكر والآخر من أهل البلدة ا هـ
وعلله في المحيط كما في البحر بأن أبا يوسف يقول إن المدعي منشيء للخصومة فيعتبر قاضيه ومحمد يقول إن المدعى عليه دافع لها ا هـ
وبيان التعليل كما قال الرملي إن عند أبي يوسف رحمه الله تعالى المدعي إذا ترك فهو منشىء فيتخير إن شاء أنشأ الخصومة عند قاضي محلته وإن شاء أنشأها عند قاضي محلة خصمه وأن محمدا رحمه الله تعالى يقول المدعى عليه دافع له والدافع يطلب سلامة نفسه والأصل براءة ذمته فأخذه إلى من يأباه لريبة ثبتت عنده وتهمة وقعت له ربما يوقعه في إثبات ما لم يكن ثابتا في ذمته بالنظر إليه واعتباره أولى لأنه يريد الدفع عن نفسه وخصمه يريد أن يوجب عليه الأخذ بالمطالبة ومن طلب السلامة أولى بالنظر ممن طلب ضدها
تأمل
وإنما حمل الشارح عبارة البزازية على ما في الخانية من التقييد بالمحلة لما قاله المصنف في المنح
هذا كله وكل عبارات أصحاب الفتاوى يفيد أن فرض المسألة التي وقع فيها الخلاف بين أبي يوسف ومحمد فيما إذا كان في البلدة قاضيان كل قاض في محلة وأما إذا كانت الولاية لقاضيين أو لقضاة على مصر واحد على السواء فيعتبر المدعي في دعواه فله الدعوى عند أي قاض أراده إذ لا تظهر فائدة في كون العبرة للمدعي أو المدعى عليه ويشهد لصحة هذا ما قدمناه من تعليل صاحب المحيط
ا هـ
ورده الخير الرملي وادعى أن هذا بالهذيان أشبه وذكر أنه حيث كانت العلة لأبي يوسف أن المدعي منشىء للخصومة ولمحمد أن المدعى عليه دافع لها لا يتجه ذلك فإن الحكم دائر مع العلة
ا هـ
وهو الذي يظهر
____________________
(7/401)
كما قال شيخنا لكنه لم يأت لرده بوجه يقويه والظاهر أنه لم يظهر له المراد وهو الذي نذكره في الحاصل آخر هذه العبارة
وأقول التحرير في هذه المسألة ما نقله الشارح عن خط المصنف ومشى عليه العلامة المقدسي كما نقله عنه أبو السعود
وحاصله أن ما ذكروه من تصحيح قول محمد بأن العبرة لمكان المدعى عليه إنما هو فيما إذا كان قاضيان كل منهما في محلة وقد أمر كل منهما بالحكم على أهل محلته فقط بدليل قول العمادي وكذا لو كان أحدهما من أهل العكسر والآخر من أهل البلد فأراد العسكري أن يخاصمه إلى قاضي العكسر فهو على هذا ولا ولاية لقاضي العكسر على غير الجندي فقوله ولا ولاية دليل واضح على ذلك
أما إذا كان كل منهما مأذونا بالحكم على أي من حضر عنده من مصري وشامي وحلبي وغيرهم كما في قضاة زماننا فينبغي التعويل على قول أبي يوسف لموافقته لتعريف المدعي والمدعى عليه أي فإن المدعي هو الذي له الخصومة فيطلبها عند أي قاض أراد وبه ظهر أنه لا وجه لما في البحر من أنه لو تعدد القضاة في المذاهب الأربعة كما في القاهرة فالخيار للمدعى عليه حيث لم يكن القاضي من محلتهما
قال وبه أفتيت مرارا
أقول وقد رأيت بخط بعض العلماء نقلا عن المفتي أبو السعود العمادي أن قضاة الممالك المحروسة ممنوعون عن الحكم على خلاف مذهب المدعى عليه
ا هـ
وأشار إليه الشارح وذكر شيخ شيوخ مشايخنا السائحاني بعد كلام قال في قضاء البزازية فوض قضاء ناحية إلى رجلين لا يملك أحدهما القضاء ولو قلد رجلين على أن ينفرد كل منهما بالقضاء لا رواية فيه
وقال الإمام ظهير الدين ينبغي أن يجوز لأن القاضي نائب السلطان يملك التفرد
ا هـ
فتحصل أن الولاية لو لقاضيين فأكثر كل واحد في محلة فتفرد القاضي صحيح والعبرة للمدعى عليه وإن كانوا في محل واحد على السواء فقد سمعت أنه لا يملك أحدهم التفرد فلا فائدة في اختيار أحدهم وإن أمر كل واحد بالتفرد جاز وحينئذ فلا يظهر فرق بين كل واحد في محلة أو مجتمعين فما فهمه المصنف ليس على إطلاقه بل على هذا التفصيل
ا هـ
وكان عليه أن يذكر بعد قوله جاز والعبرة للمدعي
وقد اتضح المرام من هذه المسألة على أتم وجه ولله تعالى الحمد لكن صدر الأمر السلطاني الآن بالعمل على ما في المحلة من المادة 1803 من أن العبرة للمدعى عليه فاحفظه والسلام
قوله ( وبه أفتيت مرارا ) رده العلامة المقدسي وذكر أنه ينبغي التعويل على قول أبي يوسف لموافقته تعريف المدعي والمدعى عليه وذكر أنه غير صحيح
أما أولا فإن النسخ المشهورة من البزازية على الإطلاق الذي ادعاه وبنى عليه فتواه بل على ما قيده من أن كلا من المتداعيين يطلب المحاكمة عند قاضي محلته كما علمت من عبارته المتقدمة
وعلى تقدير في نسخته إطلاقا فهو محمول على التقييد المصرح به في العمادية والخانية وغيرهما فإن الذي ولاه خصمه بتلك البلد أو بتلك المحلة
ولهذا قال في جامع الفصولين اختصم غريبان عند قاضي بلدة صح قضاؤه على سبيل التحكيم
أقول ولا يحتاج إلى هذا لأن القضاء يفوض لهم الحكم على العموم في كل من هو في بلدهم أو قريتهم ولو من الغرباء التي تولوا القضاء بها كما ذكرناه وهو الذي ذكره المؤلف بعد عن المصنف
قوله ( على السواء )
____________________
(7/402)
أي في عموم الولاية لأن قضاة المذاهب في زماننا ولايتهم على السواء في التعميم وهو رد على البحر
قوله ( بإجابة المدعى عليه ) بأن قال له من اختار غيرك من القضاء فلا تحكم عليه
قوله ( لزم اعتباره ) أي أمر السلطان أي العمل به وقد أمر كما مر فلا تنسه
قوله ( لعزله ) أي لعزل من اختاره المدعي عن الحكم بالنسبة إلى هذه الدعوى عملا بأمر السلطان فكأنه خصص قضاءه بالحكم على من اختاره والقضاء يتخصص
قوله ( كما مر مرارا ) من أن القضاء يتقيد
قوله ( قلت وهذا الخلاف ) أي بين محمد القائل باعتبار المدعى عليه وبين أبي يوسف القائل باعتبار المدعي
قوله ( على حدة ) أي لا يقضي على غير أهلها
قوله ( أما إذا كان في المصر حنفي وشافعي الخ ) أي وقد ولى الحنفي على أن يحكم على جميع أهل المصر وكذا الشافعي ونحوه فليس هو كمن ولى على محلة
قوله ( في مجلس واحد ) قيد اتفاقي والظاهر أنه أراد في بلدة واحدة لأن المدار على عموم الولاية كما تقدم فلو اقتصر على قوله والولاية واحدة لكان أحسن ويعني باتحادها عمومها
قوله ( والولاية واحدة ) أي لم يخصص كل واحد بمحله
قوله ( لما أنه صاحب الحق ) هذا ما يعطيه كلام المقدسي وهو يفيد اعتبار المدعي ولو كان أحد القضاة يساعد المدعى عليه وهذا التعليل منه أولى من تعليله السابق بقوله إذ لا تظهر فائدة في كون العبرة للمدعي أو المدعى عليه ط
قال الشارح في الدر المنتقى بعد أن ذكر نحو هذا وأفتى بعض موالي الروم بأنه إن انضم إليه احتمال ظلمه فللمدعى عليه والله تعالى الموفق
ا هـ
قوله ( وركنها ) أي الدعوى إضافة الحق إلى نفسه
الركن جزء الماهية وقد قدم أنها قول مقبول الخ فهي مركبة من إضافة الحق إلى نفسه ومن القول الدال عليه ومن كونه عند القاضي فيكون أركانها ثلاثة ويحتمل أن كونها عند القاضي شرط كما سيصرح به فيكون الركن شيئين فقط القول ومدلوله وظاهر كلام الشارح أن الركن هو المدلول فقط
وأما القول فهو وسيلة إليه فيكون أراد بالركن الماهية وكثيرا ما يقع ذلك في كلامه فليتأمل
قوله ( كوكيل ووصي ) الأولى كموكل ويتيم
قوله ( عند النزاع الخ ) إنما تسمى دعوى عند النزاع لأنه حينئذ يسمى مدعيا أما بعد ثبوت حقه وانقطاع النزاع عنه فلا يسمى مدعيا وكذا عند المسالمة فإنها ليست دعوى شرعا
قال في البحر فخرج الإضافة حالة المسالمة فإنها دعوى لغة لا شرعا
ا هـ
ونظير ما تقدم عن البزازية عند قوله يقصد به طلب حق
قوله ( وأهلها ) أدخله في البحر في الشروط ونظم الحموي الشروط بقوله أيا طالبا مني شرائط دعوة فتلك ثمان من نظامي لها حلا فحضرة خصم وانتفاء تناقض ومجلس حكم بالعدالة سربلا كذلك معلومية المدعي به وإمكانه والعقل دام لك العلا كذاك لسان المدعي من شروطها وإلزامه خصما به النظم كملا قوله ( ولو صبيا )
____________________
(7/403)
أي ولو المميز صبيا
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يكن مأذونا لا تصح دعواه كسائر عبارته الدائرة بين الضر والنفع
تتمة نقل العلامة أبو السعود عن الزيلعي أن الصبي العاقل المأذون له يستحلف ويقضى عليه بالنكول ولا يستحلف الأب في مال الصبي والوصي في مال اليتيم ولا المتولي في مال الوقف إلا إذا ادعى عليهم العقد فيستحلفون حينئذ
ويأتي تمامه في محله إن شاء الله تعالى
وفي الفصول العمادية لو ادعى على صبي محجور عليه شيئا وله وصي حاضر لا تشترط حضرة الصبي ذكره في كتاب القسمة ولم يفصل بين ما إذا كان المدعي عينا أو دينا وجب بمباشرة هذا الوصي أو وجب لا بمباشرته كضمان الاستهلاك ونحوه
وذكر الخصاف في أدب القاضي لو ادعى على صبي محجور مالا بالاستهلاك أو بالغصب إن قال المدعي لي بينة حاضرة تسمع دعواه ويشترط حضور الصغير لأن الصبي مؤاخذ بأفعاله والشهود محتاجون إلى الإشارة لكن يحضر معه أبوه أو وصيه حتى إذا ألزم الصغير بشيء يؤدي عنه أبوه من ماله يعني من مال الصغير
وذكر بعض المتأخرين حضرة الصغير الدعاوى شرط سواء كان الصغير مدعيا أو مدعى عليه
والصحيح أنه لا يشترط حضرة الأطفال الرضع عند الدعاوى هكذا ذكر في المحيط وذكر رشيد الدين في فتاواه أن المختار أنه يشترط حضرة الصبي عند الدعاوى
ا هـ
وفي جامع أحكام الصغار للأستروشني ولو ادعى رجل على صبي محجور شيئا وله وصي حاضر لا يشترط حضور الصبي هكذا ذكر شيخ الإسلام ولم يفصل بين ما إذا كان المدعي دينا أو عينا وجب الدين بمباشرة هذا الوصي أو لا
وذكر الناطفي في أجناسه إذا كان الدين واجبا بمباشرة هذا الوصي لا يشترط إحضار الصبي
وفي أدب القاضي للخصاف إذا وقع الدعوى على الصبي المحجور عليه إذا لم يكن للمدعي بينة فليس له حق إحضاره إلى باب القاضي لأنه لو حضر لا يتوجه عليه اليمين لأنه لو نكل لا يقضي بنكوله وإن كانت له بينة وهو يدعي عليه الاستهلاك كان له حق إحضاره لأن الصبي مؤاخذ بأفعاله والشهود يحتاجون إلى الإشارة إليه فكان له حق إحضاره ولكن يحضر معه أبوه حتى إذا لزم الصبي شيء يؤدي عنه أبوه من ماله
وفي كتاب الأقضية أن إحضار الصبي في الدعاوى شرط وبعض المتأخرين من مشايخ زماننا منهم من شرط ذلك سواء كان الصغير مدعيا أو مدعى عليه ومنهم من أبى ذلك
وإذا لم يكن للصبي وصي وطلب المدعي من القاضي أن ينصب عنه وصيا أجابه القاضي إلى ذلك
وفي فتاوى القاضي ظهير الدين والصحيح أنه لا يشترط حضرة الأطفال الرضع عند الدعوى ونشترط حضرة الصبي عند نصب الوصي للإشارة إليه
هكذا في الفتاوى
وفي كتاب الأقضية ومن مشايخ زماننا من أبى ذلك وقال لو كان الصبي في المهد يشترط إحضار المهد مجلس الحكم ولا شك أن اشتراطه بعيد والأول أقرب إلى الصواب وأشبه بالفقه
ا ه
____________________
(7/404)
وفي جامع أحكام الصغار للأستروشني أيضا الصبي التاجر والعبد التاجر يستحلف ويقضى عليه بالنكول
وذكر الفقيه أبو الليث أن الصبي المأذون له يستحلف عند علمائنا وبه نأخذ
وفي الفتاوى أنه لا يمين على الصبي المأذون حتى يدرك
وذكر في النوادر يحلف الصبي المأذون له ويقضي بنكوله
وفي المنية الصبي العاقل المأذون له يستحلف ويقضي بنكوله
وفي الولوالجية صبي مأذون باع شيئا فوجد المشتري به عيبا فأراد تحليفه فلا يمين عليه حتى يدرك
وعن محمد لو حلف وهو صبي ثم أدرك لا يمين عليه كالنصراني إذا حلف ثم أسلم لا يمين عليه فهذا دليل على أنه لو حلف يكون معتبرا
وعن محمد إذا ادعى على الصبي دين وأنكر الغلام فالقاضي يحلفه وإن نكل يقضى بالدين عليه ولزمه في ذلك بمنزلة الكبير وفي الصبي المحجور إذا لم يكن للمدعي بينة لا يكون له إحضاره إلى باب القاضي لأنه لو حلف ونكل لا يقضى عليه بنكوله ولو كان له بينة وهو يدعي عليه الاستهلاك له إحضاره لأنه مأخوذ بأفعاله وإن لم يكن مأخوذا بأقواله والشهود محتاجون إلى الإشارة إليه فيحضر لكن يحضر معه أبوه ومن هو في معناه لأن الصبي بنفسه لا يلي شيئا فيحضر الأب حتى إذا لزمه يؤمر الأب بالأداء عنه في ماله
كذا في الحواشي الحموية
والحاصل أن المفهوم مما ذكر أنه لا يلزم إحضار الصغير ولو مدركا على الصحيح ما لم يكن مستهلكا للإشارة إليه في الشهادة ولكن يحضر معه أبوه أو وصيه
قوله ( وشرطها ) لم أر اشتراط لفظ مخصوص للدعوى وينبغي اشتراط ما يدل على الجزم والتحقيق فلو قال أشك أو أظن لم تصح الدعوى
بحر
فائدة لا تسمع الدعوى بالإقرار لما في البزازية عن الذخيرة ادعى أن له عليه كذلك وأن العين الذي في يده له لما أنه أقر له به أو ابتدأ بدعوى الإقرار وقال إنه أقر أن هذا لي أو أقر أن لي عليه كذا
قيل يصح وعامة المشايخ على أنه لا تصح الدعوى لعدم صلاحية الإقرار للاستحقاق الخ
بحر من فصل الاختلاف في الشهادة
وسيأتي متنا أول الإقرار
قوله ( أي شرط جواز الدعوى ) أي صحتها
قوله ( مجلس القضاء ) فيه مناقشته فإن شرط الشيء خارج عن ذلك الشيء وحضور مجلس القاضي مأخوذ في مفهوم الدعوى حيث عرفها في الدرر بأنها مطالبة حق عند من له الخلاص
وأما على تعريف الكنز بأنها إضافة الشيء إلى نفسه حالة المنازعة فلا ترد هذه المناقشة
أبو السعود
والمراد بمجلس القاضي محل جلوسه حيث اتفق ولو في بيت أو دكان إذ لا تسمع الدعوى ولا الشهادة إلا بين يدي القاضي أما نوابه الآن في محاكم الكنارات فلا يصح سماعهم الدعوى إلا بها ما لم يطلق لهم الإذن بسماعها أينما أرادوا فإذا أطلق لهم صاروا مثله
قوله ( وحضور خصمه ) قال في البحر ولا بد من بيان من يكون خصما في الدعاوى ليعلم المدعى عليه وقد أغفله الشارحون وهو مما لا ينبغي
فأقول في دعوى الخارج ملكا مطلقا في عين في يد مستأجر أو مستعير أو مرتهن فلا بد من حضرة المالك وذي اليد إلا إذا ادعى الشراء منه قبل الإجارة فالمالك وحده يكون خصما وتشترط حضرة المزراع إن كان البذر منه أو كان الزرع نابتا وإلا لا
وفي دعوى الغصب عليه لا تشترط حضرة المالك
وفي البيع قبل التسليم لا بد في دعوى الاستحقاق والشفعة من حضرة البائع والمشتري فاسدا بعد القبض خصم لمن يدعي الملك فيه وقبل القبض الخصم هو البائع وحده وأحد الورثة ينتصب خصما عن الكل فالقضاء عليه قضاء الكل وعلى الميت
____________________
(7/405)
وقيده في الجامع بكون الكل في يده وأن البعض في يده فبقدره والموصى له ليس بخصم في إثبات الدين إنما هو خصم في إثبات الوكالة أو الوصاية إلا إذا كان موصى له بما زاد على الثلث ولا وارث فهو كالوارث
واختلاف المشايخ في إثبات الدين على من في يده مال الميت وليس بوارث ولا وصي ولا تسمع دعوى الدين على الميت على غريم الميت مديونا أو دائنا أي لأجل المحاصصة
والخصم في إثبات النسب خمسة الوارث والوصي والموصى له والغريم للميت أو على الميت
وقف على صغير له وصي ولرجل فيه دعوى يدعيه على متولي الوقف لا على الوصي لأن الوصي لا يلي القبض
ولا تشترط حضرة الصبي عند الدعوى عليه وتكفي حضرة وصيه دينا أو عينا باشره الوصي أو لا
ولا تشترط حضرة العبد والأمة عند دعوى المولى أرشه ومهرها
ولو ادعى على صبي محجور عليه استهلاكا أو غصبا وقال لي بينة حاضرة تسمع دعواه وتشترط حضرة الصبي مع أبيه أو وصيه وإلا نصب له القاضي وصيا وتشترط حضرته عند الدعوى مدعيا أو مدعى عليه
والصحيح أنه لا تشترط حضرة الأطفال الرضع عند الدعوى
والمستأجر خصم لمن يدعي الإجارة في غيبة المالك على الأقرب إلى الصواب وليس بخصم على الصحيح لمن يدعي الإجارة أو الرهن أو الشراء والمشتري خصم للكل كالموهوب له
وفي دعوى العين المرهونة تشترط حضرة الراهن والمرتهن وتصح الدعوى على الغاصب وإن لم تكن العين في يده فلذا كان للمستحق الدعوى على البائع وحده وإن كان المبيع في يد المشتري لكونه غاصبا والمودع أو الغاصب إذا كان مقرا بالوديعة والغصب لا ينتصب خصما للمشتري وينتصب خصما لوارث المودع أو المغصوب منه
ومن اشترى شيئا بالخيار فادعاه آخر يشترط حضرة البائع والمشتري باطلا لا يكون خصما للمستحق وإذا استحق المبيع بالملك المطلق وقضى به فبرهن البائع على النتاج وبرهن على المشتري في غيبة المستحق ليدفع عنه الرجوع بالثمن اختلف المشايخ والأصح أنه لا يشترط حضرته
ومنهم من قال المختار اشتراطها وأفتى السرخسي بالأول وهو الأظهر
والأشبه أن الموصى له ينتصب خصما للموصى له فيما في يده فإن لم يقبض ولكن قضى له بالثلث فخاصمه موصي له آخر فإن إلى القاضي الذي قضى له كان خصما وإلا فلا
وإذا ادعى نكاح امرأة ولها زوج ظاهر يشترط حضرته لسماع الدعوى والبينة ودعوى النكاح عليها بتزويج أبيها صحيحة بدون حضرة أبيها
ودعوى الواهب الرجوع في الهبة للعبد عليه صحيحة إن كان مأذونا وإلا فلا بد من حضرة مولاه
والقول للواهب أنه مأذون ولا تقبل بينة العبد أنه محجور فإن غاب العبد لم تصح دعوى الرجوع على مولاه إن كانت العين في يد العبد
وتمامه في خزانة المفتين
ا هـ
قوله ( فلا يقضى على غائب ) أي بالبينة سواء كان غائبا وقت الشهادة أو بعدها وبعد التزكية وسواء كان غائبا عن المجلس أو عن البلد إلا أن يكون ذلك ضروريا كما إذا توجه القضاء على الخصم فاستتر بشرطه المذكور في موضعه
____________________
(7/406)
ابن الغرس وأما إذا أقر عند القاضي فيقضى عليه وهو غائب لأن له أن يطعن في البينة دون الإقرار ولأن القضاء بالإقرار قضاء إعانة لكن قال في الخامس والعشرين من جامع الفصولين ناقلا عن الخانية غاب المدعى عليه بعد ما برهن عليه أو غاب الوكيل بعد قبول البينة قبل التعديل أو مات الوكيل ثم عدلت تلك البينة لا يحكم بها
وقال أبو يوسف يحكم وهذا أرفق بالناس
ولو برهن على الموكل فغاب ثم حضر وكيله أو على الوكيل ثم حضر موكله يقضي بتلك البينة وكذا يقضي على الوارث ببينة قامت على مورثه وقد مر الكلام على ذلك مستوفى في القضاء فراجعه
وكذا لا تسمع الشهادة على غائب إلا إذا التمس المدعي بذلك كتابا حكميا للقضاء به فيجيبه القاضي إليه فيكتب إلى القاضي الغائب الذي بطرفه الخصم بما سمعه من الدعوى والشهادة ليقضي عليه كما في الهندية عن البدائع
قوله ( وهل يحضره بمجرد الدعوى ) أي يحضر القاضي الخصم
قوله ( فحتى يبرهن ) يعني قال بعضهم إنما يحضره إذا برهن على دعواه لا للقضاء بها بل ليعلم صدقه
وقال بعضهم إنما تقام البينة على الخصم ولا خصم هنا بل يحلفه بالله أنه صادق فيما يدعي عليه ليعلم بذلك صدقه فإن حلف أحضر له خصمه
قوله ( أو يحلف ) أو لحكاية الخلاف لأنهما قولان لا قول واحد يخير فيه بين البرهان والتحليف
قال في البحر إن كان في المصر أو قريبا منه بحيث لو أجاب يبيت في منزله وإن كان أبعد منه قيل يأمره بإقامته البينة على موافقة دعواه لإحضار خصمه والمستور في هذا يكفي فإذا أقام يأمر إنسانا ليحضر خصمه
وقيل يحلفه القاضي فإن نكل أقامه عن مجلسه وإن حلف أمر بإحضاره
ا هـ
قال قاضيخان فإذا أقام البينة قبلت بينته للأشخاص لا للقضاء ا هـ أي بل لإحضاره فإذا حضر أعاد البينة ثانيا فإن عدلت قضى عليه كما في شرح أدب القاضي
قال الشلبي وعمل قضاة زماننا على خلاف ما تقدم فإذا أتى لهم شخص فقال لي دعوى على شخص يأمرون بإحضاره من غير أن يستفسروا المدعي عن دعواه ليعلموا صحتها من فسادها وهذا منهم غفلة عما ذكروه أو جهل به
ا هـ
وفي خزانة الأكمل قال أبو يوسف لو اختفى المدعى عليه في البيت بعث إليه القاضي نساء وأمرهن بدخول داره فإن عرفنه وإلا عزل النساء في بيت ثم يدخل الرجال فيفتشون بقية الدار قال هشام لمحمد ما تقول في رجل له حق على ذي سلطان فلم يجيء معه إلى مجلس القاضي فأخبرني أن أبا يوسف كان يعمل بالإعداء وهو قول أهل البصرة وبه نأخذ
والإعداء أن يبعث القاضي إلى بابه من يأتيه به بأن يقول له إن القاضي يدعوك إلى مجلس الحكم فإن أجابه فبها وإلا جعل القاضي وكيلا عنه
ولا يأخذ أبو حنيفة بالإعداء
ا هـ
قال في البحر ولم يذكر الشارحون هنا حكم استيفاء ذي الحق حقه من الغير بلا قضاء وأحببت جمعه من مواضعه تكثرا للفوائد وتيسيرا على طالبيها فإن كان الحق حد قذف فلا يتسوفيه بنفسه لأن فيه حق الله تعالى اتفاقا
والأصح أن الغالب فيه حقه تعالى فلا يستوفيه إلا من يقيم الحدود ولكن يطلب المقذوف كما بيناه في بابه وإن كان قصاصا فقال في جنايات البزازية قتل الرجل عمدا وله ولي له أن يقتص بالسي فقضى به أولا ويضرب علاوته ولو رام قتله بغير سيف منع وإن فعل عزر لكن لا يضمن لاستيفائه حقه ا هـ
وإن كان تعزيرا ففي حدود القنية ضرب غيره بغير حق وضربه المضروب أيضا أنهما يعزران ويبدأ بإقامة التعزير
____________________
(7/407)
بالبادىء منهما لأنه أظلم والوجوب عليه أسبق ا هـ
وأما إذا شتمه فله أن يقول له مثله والأولى تركه كما قدمناه في محله بخلاف ما إذا قذفه فلا يجوز له أن يقول له مثله كما إذا قال له يا كلب لأنه كذب محض
وقالوا للزوج أن يؤدب زوجته وله أن يضربها على عدم إجابته إذا دعاها لفراشه ولا مانع وعلى ترك الزينة وهو يريدها وعلى ضربها ولده وعلى خروجها بغير إذنه بغير حق وعلى صعودها على السلط لتطل على الجيران أو يراها الأجانب وحينئذ فله أن يقفل عليها الباب
والصحيح أنه لا يضربها على ترك الصلاة كما مر في موضعه مفصلا
وفي جامع الفصولين من التحليف ومن عليه التعزير لو مكن صاحب الحق منه أقامه يعني لم يختص الإمام بإقامته فإن الزوج يؤدب المرأة ولو رأى أحدا يفعل ذلك فله أن يمنعه ويضربه لو لم ينزجر بالمنع باللسان ولو كان حقه تعالى لانعكست هذه الأحكام ا هـ
وإن كان عينا
ففي إجارة القنية ولو غاب المستأجر بعد السنة ولم يسلم المفتاح إلى الآجر فله أن يتخذ مفتاحا آخر ولو أجره من غير إذن الحاكم جاز ا هـ مطلب حادثة الفتوى
وقد صارت حادثة الفتوى مضت المدة وغاب المستأجر وترك متاعه في الدار فأفتيت بأن له أن يفتح الدار ويسكن فيها وأما المتاع فيجعله في ناحية إلى حضور صاحبه ولا يتوقف الفتح على إذن القاضي أخذا مما في القنية
وفي غصب منية المفتي أخذت أغصان شجرة إنسان هواء دار آخر فقطع رب الدار الأغصان فإن كانت الأغصان بحال يمكن لصاحبها أن يشدها بحبل ويفرغ هواء داره ضمن القاطع وإن لم يكن لا يضمن إذا قطع من موضع لو رفع إلى الحاكم أمر بالقطع من ذلك الموضع
ا هـ
وإن كان دينا ففي مداينات القنية رب الدين إذا ظفر من جنس حقه من مال المديون على صفته فله أخذه بغير رضاه ولا يأخذ خلاف جنسه كالدراهم والدنانير
وعند الشافعي له أخذه بقدر قيمته
وعن أبي بكر الرازي له أخذ الدراهم بالدنانير استحسانا لا قياسا ولو أخذ من الغريم جنس الحق غير رب الدين ودفعه لرب الدين
قال ابن سلمة هو غاصب والغريم غاصب الغاصب فإن ضمن الآخذ لم يصر قصاصا بدينه وإن ضمن الغريم صار قصاصا
وقال نصير بن يحيى صار قاصصا بدينه والآخذ معين له وبه يفتى
ولو غصب غير الدائن جنس الدين من المديون فغصبه منه الدائن فالمختار هنا قول ابن سلمة
ا هـ
وظاهر قول أصحابنا أن له الأخذ من جنسه مقرا كان أو منكرا له بينة أو لا ولم أر حكم ما إذا لم يتوصل إليه إلا بكسر الباب ونقب الجدار وينبغي أن له ذلك حيث لا يمكنه الأخذ بالحاكم
وإذا أخذ غير الجنس بغير إذنه فتلف في يده ضمنه ضمان الرهن كما في غصب البزازية رفع عمامة مديونه عن رأسه حين تقضاه الدين وقال لا أردها عليك حتى تقضي الدين فتلفت العمامة في يده تهلك هلاك الرهن بالدين
قال هذا إنما يصح إذا أمكنه استردادها فتركها عنده
أما إذا عجز فتركها لعجزه ففيه نظر ا هـ
وأنت خبير بأن ما هنا مشكل إذ يقتضي أن الزائد على الدين أمانة مع كونه غاصبا إذ ليس له أخذ غير جنس حقه فتأمل ذلك
وفي البزازية في الرهن تقاضى دينه فلم يقضه فرفع العمامة
____________________
(7/408)
عن رأسه وأعطاه منديلا فلفه على رأسه فالعمامة رهن لأن الغريم بتركها عنده رضي بكونها رهنا وسيأتي في الرهن متنا أخذ عمامة المديون لتكون رهنا عنده لم تكن رهنا ا هـ
وفي جامع الفصولين أخذ عمامة مديونه لتكون رهنا لم يجز أخذه وهلكه كرهن وهذا ظاهر لو رضي المديون بتركه رهنا
ا هـ
والتوفيق بين النقول ظاهر فتأمل والله تعالى أعلم
قوله ( منية ) عبارتها إذا طلب من القاضي إحضار الخصم وهو خارج المصر إن كان الوضع قريبا بحيث لو ابتكر من أهله أمكنه أن يحضر مجلس القاضي ويجيب خصمه ويبيت في منزله يحضره بمجرد الدعوى كما إذا كان في المصر وإن كان أبعد قيل يأمر بإقامة البينة على موافقة دعواه لإحضار خصمه
وقيل يحلفه القاضي فإن نكل أقامه عن مجلسه وإن حلف يأمر بإحضاره
ا هـ
كما قدمناه بأوضح من هذا
قوله ( ومعلومية المال المدعي ) أي ببيان جنسه وقدره بالإجماع لأن الغرض إلزام المدعى عليه عند إقامة البينة ولا إلزام فيما لا يعلم جنسه وقدره
قال في البحر وأشار باشتراط معلومية الجنس والقدر إلى أنه لا بد من بيان الوزن في الموزونات
وفي دعوى وقر رمان أو سفرجل لا بد من ذكر الوزن للتفاوت في الوقر ويذكر أنه حلو أو حامض أو صغير أو كبير
وفي دعوى الكعك يذكر أنه من دقيق المغسول أو من غيره وما عليه من السمسم أنه أبيض أو أسود وقدر السمسم
وقيل لا حاجة إلى السمسم وقدره وصفته
وفي دعوى الإبريسم بسبب السلم لا حاجة إلى ذكر الشرائط والمختار أنه لا بد من ذكر الشرائط
وفي القطن يشترط بيان أنه بخاري أو خوارزمي
وفي الحناء لا بد من بيان أنه مدقوق أو ورق
وفي الديباج إن سلما يذكر الأوصاف والوزن وإن عينا لا حاجة إلى ذكر الوزن ويذكر الأوصاف ولا بد من ذكر النوع والوصف مع ذكر الجنس والقدر في المكيلات ويذكر في السلم شرائطه من إعلام جنس رأس المال وغيره ونوعه وصفته وقدره بالوزن إن كان وزنيا وانتقاده بالمجلس حتى يصح ولو قال بسبب بيع صحيح جرى بينهما صحت الدعوى بلا خلاف
وعلى هذا في كل سبب له شرائط قليلة يكتفي بقوله بسبب كذا صحيح
وإن ادعى ذهبا أو فضة فلا بد من بيان جنسه ونوعه إن كان مضروبا كبخاري الضرب وصنعته جيدا أو وسطا أو رديئا إذا كان في البلد نقود مختلفة
وفي العمادي إذا كان في البلد نقود وأحدها أروج لا تصح الدعوى ما لم يبين
وتمامه في البزازية وخزانة المفتين ا هـ
قال في البزازية ولو قال بسلم صحيح ولم يذكر الشرائط كان شمس الإسلام رحمه الله تعالى يفتي بالصحة وغيره لا لأن شرائط مما لا يعرفه إلا الخواص ويختلف فيه بعضها
وفي المنتقى لو قال ببيع يكفي وعلى هذا كل ما له شرائط كثيرة لا يكتفي فيه بقوله بسبب صحيح وإذا قلت الشرائط يكتفي به
أجاب شمس الإسلام فيمن قال كفل كفالة صحيحة أنه لا يصح كما في السلم لأن المسألة مختلف فيها فلعله صحيح على اعتقاده لا في الواقع ولا عند الحاكم والحنفي يعتقد عدم صحة الكفالة بلا قبول فيقول كفل وقبل المكفول له في المجلس فيصح ويذكر في القرض وأقرضه منه مال نفسه لجواز أن يكون وكيلا في الإقراض من غيره والوكيل سفير فيه فلا يملك الطلب ويذكر أيضا قبض المستقرض وصرفه إلى حوائجه ليكون دينا بالإجماع فإن كونه دينا عند الثاني موقوف على صرفه واستهلاكه وتمامه فيها
قوله ( إذ لا يقضي بمجهول ) أي لأن فائدة الدعوى القضاء بها ولا يقضي
____________________
(7/409)
بمجهول فلا تصح دعوى المجهول
ويستثنى من فساد الدعوى بالمجهول دعوى الرهن والغصب لما في الخانية إذا شهدوا أنه رهن عنده ثوبا ولم يسموا الثوب ولم يعرفوا عينه جازت شهادتهم والقول للمرتهن في أي ثوب كان وكذلك في الغصب
ا هـ
فالدعوى بالأولى
وفي المعراج وفساد الدعوى إما أن لا يكون لزمه شيء على الخصم أو يكون المدعي مجهولا في نفسه ولا يعلم فيه خلاف إلا في الوصية بأن ادعى حقا من وصية أو إقرار فإنهما يصحان بالمجهول وتصح دعوى الإبراء المجهول بلا خلاف ا هـ
فبلغت المستثنيات خمسة
ا هـ
وفي الأشباه ولا يحلف على مجهول إلا في مسائل الأولى إذا اتهم القاضي وصي اليتيم
الثانية إذا اتهم متولي الوقف فإنه يحلفهما نظرا للوقف واليتيم
الثالثة إذا ادعى المودع خيانة مطلقة
الرابعة الرهن المجهول
الخامسة دعوى الغصب
السادسة دعوى السرقة
ا هـ
قوله ( ولا يقال مدعى فيه ) قال الحلبي تعديته بفي لم أرها فليراجع
ا هـ
قال الشيخ أبو الطيب لم أجد في كتاب أن المدعى فيه خطأ أو لغو ولعل الشارح وجده
ا هـ
وفي طلبة الطلبة ولا يقال مدعى فيه وبه وإن كان يتكلم به المتفقهة إلا أنه مشهور فهو خير من صواب مهجور
حموي
أقول وحينئذ يستغني عما قاله الشارح من أن الادعاء يضمن معنى الإخبار فيعدي بالباء
تأمل
قوله ( إلا أن يتضمن الإخبار ) في بعض النسخ إلا بتضمن الإخبار بحذف أن وبالباء الموحدة في تضمن أي فعل الدعوى يتعدى بنفسه فيقال ادعاه وقد يضمن معنى الإخبار فيقال ادعى بأرض أي أخبر بأنها له فهو راجع إلى به وبقي الأول على عمومه
قوله ( وكونها ملزمة ) فلا تصح دعوى التوكيل على موكله الحاضر لإمكان عزله
بحر
قوله ( وظهوره ) أي الكذب وهو بالجر عطفا على تيقن
قوله ( كدعوى معروف بالفقر ) وهو أن يأخذ الزكاة من الأغنياء
منح أي إن ادعى لنفسه أما لو ادعى وكالة عن غني فيصح كما صرح به ابن الغرس لأنه غير مستحيل عادة
قوله ( أنه أقرضه إياها ) نقدا منح
قوله ( دفعة واحدة ) ظاهر التقييد بما ذكر أنه إذا ادعاها ثمن عقار كان له أو ادعاها قرضا بدفعات أن تسمع دعواه
قوله ( وبه جزم ابن الغرس في الفواكه البدرية ) في القضايا الحكمية حيث قال ومن شروط صحة الدعوى أن يكون المدعي به مما يحتمل الثبوت بأن يكون مستحيلا عقلا أو عادة فإن الدعوى والحال ما ذكر ظاهرة الكذب في المستحيل العادي يقينية الكذب في المستحيل العقلي مثلا الدعوى بالمستحيل العادي دعوى من هو معروف بالفقر والحاجة وهو أن يأخذ الزكاة من الأغنياء ويدعي على آخر أنه أقرضه مائة ألف دينار ذهبا نقدا دفعة واحدة وأنه تصرف فيها بنفسه ويطالبه برد بدلها فمثل هذه الدعوى لا يلتفت إليها القاضي لخروجها مخرج الزور والفجور ولا يسأل المدعى عليه عن جوابها ا هـ
قال في المنح لكنه لم يستند في منع دعوى المستحيل العادي إلى نقل عن المشايخ ا هـ
قال في البحر في آخر باب التحالف والله أعلم هل منقول أو قاله تفقها كما وقع لي ثم ذكر نحو ما ذكره ابن الغرس إلى أن قال قلت اللهم إلا أن يقال غصب لي مالا عظيما كنت ورثته من مورثي المعروف بالغنى فحينئذ تسمع
ا هـ
____________________
(7/410)
قلت لكن في المذهب فروع تشهد له منها ما سيأتي آخر فصل التحالف
قوله ( حتى لو سكت ) لا يظهر التفريع ط
قال في البحر وزاد الزيلعي وجوب الحضور على الخصم وفيه نظر لأن حضوره شرطها كما قدمناه فكيف يكون وجوبه حكمها المتأخر عنها ا هـ
وأقول وعبارة الزيلعي وحكمها وجوب الجواب على الخصم إذا صحت ويترتب على صحتها وجوب إحضار الخصم والمطالبة بالجواب بلا أو نعم وإقامة البينة أو اليمين إذا أنكر
ا هـ
فليس في كلام الزيلعي ما يفيد أنه جعل وجوب الحضور حكما
وغاية ما استفيد من كلامه أن القاضي لا يحضره بمجرد طلب المدعي بل بعد سماعه دعواه فإن رآها صحيحة أحضره لطلب الجواب وإلا فلا فتدبر
أبو السعود
قوله ( وسنحققه ) أي في شرح قول المصنف وقضى بنكوله مرة
قوله ( تعلق البقاء ) أي بقاء عالم المكلفين
قوله ( المقدر ) أي المحكم وهو نعت البقاء أي الذي قدره الله تعالى
قوله ( بتعاطي المعاملات ) أي بسبب تعاطي المعاملات وهو متعلق بتعلق أي والمعاملات من نحو البيع والإجارة والاستئجار وغير ذلك يجري فيها الزيادة والنقصان والإقرار والجحود والتوكيل وغير ذلك فكانت الدعوى مما يتقضي بقاءه لأنه لو أهملت لضاعت أحواله لأن الإنسان مدني بالطبع لا يمكن أن يقوم بجميع ما يحتاج إليه والدعوى من المعاملات فما كان سببا للمعاملات وهو تعلق البقاء كان سببا لها
قوله ( فلو كان ما يدعيه منقولا ) أي مجحودا غير وديعة أما المقر به لا يلزم إحضاره لأنه يأخذه من المقر وكذا لو كان وديعة لا يصح الأمر بإحضارها إذ الواجب فيها التخلية لا النقل ط
ويرد عليه أن الدعوى في العين الوديعة إنما تكون إذا جحدها وحينئذ فتكون مغصوبة والعين المغصوبة يكلف إحضارها
تأمل
والقهستاني زاد وذكر في الخزانة أنهم لو شهدوا بشيء مغيب عن المجلس قبلت وإن أمكن إحضاره بخلاف ما قال بعض الجهال إنه لا تقبل ا هـ
لكنه غريب فليتأمل ويأتي خلافه
قوله ( وذكر المدعي أنه في يده ) فلو أنكر كونه في يده فبرهن المدعي أنه كان في يد المدعى عليه قبل هذا التاريخ بسنة هل يقبل ويجبر بإحضاره قال صاحب جامع الفصولين ينبغي أن يقبل إذا لم يثبت خروجه من يده فتبقى ولا تزول بشك وأقره في البحر وجزم به القهستاني
ورده في نور العين بأن هذا استصحاب وهو حجة في الدفع لا في الإثبات ولا شك أن ما ذكر من قبيل الإثبات
قال صاحب التوضيح ومن الحجج الفاسدة الاستصحاب وهو حجة عند الشافعي في كل ما يثبت وجوده بدليل ثم وقع الشك في بقائه
وعندنا حجة للدفع لا للإثبات إذ الدليل الموجب لا يدل على البقاء وهذا ظاهر ا هـ
قوله ( بغير حق لاحتمال كونه مرهونا الخ ) فإن الشيء قد يكون في يد غير المالك بحق كالرهن في يد المرتهن والمبيع في يد البائع لأجل قبض الثمن
قال صدر الشريعة هذه علة تشمل العقار أيضا فما وجه تخصيص المنقول بهذا الحكم أقول دراية وجهه موقوفة على مقدمتين مسلمتين
إحداهما أن دعوى الأعيان لا تصح إلا على ذي اليد كما قال في الهداية إنما ينتصب خصما إذا كان في يده
____________________
(7/411)
والثانية أن الشبهة معتبرة يجب دفعها لا شبهة الشبهة كما قالوا إن شبهة الربا ملحقة بالحقيقة لا شبهة الشبهة
إذا عرفتهما فاعلم أن في ثبوت اليد على العقار شبهة لكونه غير مشاهد بخلاف المنقول فإن فيه مشاهدة فوجب دفعها في دعوى العقار بإثباته بالبينة لتصح الدعوى وبعد ثبوته يكون احتمال كون اليد لغير المالك شبهة الشبهة فلا يعتبر
وأما في اليد في المنقول فلكونه مشاهدا لا يحتاج إلى إثباته
لكن فيه شبهة كون اليد لغير المالك فوجب دفعها لتصح الدعوى
ا هـ
قال المولى عبد الحليم قد نشأ من كلام صدر الشريعة هذا كلمات للفضلاء المتأخرين وعد كل منهم ما طولوا تحقيقا وما لخصوا تدقيقا وقد وقع بينهم تدافع فذيلوا كلامهم بالحمد لله على كونهم مهتدين لما منحوا
أقول ومن الله التوفيق وبيده أزمة التحقيق والتدقيق إنه لا خفاء في أنه لا اختصاص لقوله بغير حق بالمنقول لأن مفاده دفع احتمال كون المدعي مرهونا أو محبوسا بالثمن في يده ففي المنقول كما احتاج إلى هذا الدفع احتاج في العقار أيضا
ومن ذلك أن المشايخ صرحوا في هذا الدفع بأنه وجب أن يقول في المنقول بغير حق وأن يذكر في العقار أنه يطالبه لأن ظاهر حال الطالب أن لا يطالبه إلا إذا كان له الطلب وذا لا يكون إذا كان في يد غيره بحق فمطالبته بالعقار تتضمن قوله بغير حق ولذلك دفعت هذا الاحتمال كما صرح به في الهداية
وقد قال ظهير الدين المرغيناني إنه لا بد في دعوى العقار من معرفة القاضي كونه في يد المدعى عليه فيذكر المدعي أنه في يده اليوم بغير حق كما في العمادية
وأيضا لا اختصاص في المطالبة بالعقار إلا أن وجوبها لما كان بعد إحضار المنقول وتضمنها طلب الإحضار في الجملة لم يحتاجوا إلى التصريح بها ولله درهم في التحقيق والتدقيق
إذا عرفت هذا ظهر أن إشكال صدر الشريعة ساقط عن أصل وأنه لا فرق بينهما في الاحتياج إلى هذا الدفع
نعم وجد الفرق بينهما وهو أن المنقول لما غلب فيه الإعارة والرهن بل البيع وجرى الغصب عليه بالاتفاق دون العقار أوجبوا في المنقول التصريح بأنه في يده بغير حق واكتفوا في العقار بتضمن كلامه هذا المعنى
وأيضا ما ذكره المصنف هنا يصلح أن يكون علة أيضا للزوم التصريح في المنقول بغير حق وللاكتفاء بتضمن كلامه ذلك في العقار هذا خير الكلام ما قل ودل ولا تعجب من تبديل كلمات جم غفير فإنه ثمرة الانتباه
ولا مبدل لكلمات الله
ولا يشاركها فيه كلمات من سواه يورثه من يشاء 7 { الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله } الأعراف 43 وهو حسبي ونعم الوكيل
قوله ( وطلب المدعي إحضاره ) هذا إذا لم يكن المدعى عليه مودعا فإذن ادعى عين وديعة لا يكلف إحضارها بل يكلف التخلية كما تقدم قريبا
ونقله في البحر عن جامع الفصولين
قال في غاية البيان ثم إذا حضر ذلك الشيء إلى مجلس القاضي فشهدوا بأنه له ولم يشهدوا بأنه ملكه يجوز لأن اللام للتمليك وكذلك إن شهدوا بأن هذا مالك له أو شهدوا على إقرار المدعى عليه بأنه للمدعي وذلك لا إشكال فيه إنما الإشكال فيما لو ادعى أنه أقر بهذا الشيء ولم يدع بأنه ملكي وأقام الشهود على ذلك هل يقبل وهل يقضي بالملك منهم من يقول نعم فقد ذكرنا أن الشهود لو شهدوا بأن هذا أقر بهذا الشيء له تقبل وإن لم يشهدوا بأنه ملكه وكذلك المدعي وأكثرهم على أنه لا تصح الدعوى ما لم يقل أقر به وهو ملكي لأن الإقرار خبر والخبر يحتمل الصدق والكذب فإذا كان كذبا لا يوجب والمدعي يقول أقر به لي يصير
____________________
(7/412)
مدعيا للملك والإقرار غير موجب له فلم توجد دعوى الملك فلهذا شرط قوله وهو ملكي بخلاف الشهادة لأن الثابت بها كالثابت بالمعاينة
ا هـ
ملخصا
قوله ( إن أمكن ) المراد بالممكن ما لا مؤنة في نقله لا ما يمكن مطلقا لئلا يلزم تكليفه الإحضار مع الإمكان ولو فيما له حمل ومؤنة مع أنه لا يلزمه
أبو السعود
وقيل في كلام المتون مساهلة لأن في دعوى عين وديعة لا يكلف إحضارها وإنما يكلف التخلية
أقول سوق الكلام على أن المدعي الواجب إحضاره ما يكون في يد الخصم بغير حق والوديعة ليست كذلك فلا يشملها صدر الكلام حتى يحتاج إلى تدارك إخراجها هنا كما لا يخفى اللهم إلا أن يقال بالإنكار لها صارت غصبا فيكلف إحضارها كما قدمناه عند قوله فلو كان ما يدعيه منقولا فتدبر
قوله ( فعلى الغريم إحضاره ) قدره ليفيد وجوبه وهذا إذا لم يكن هالكا ولا غائبا ولا ممتنع الوصول إليه بسبب من الأسباب ولا يحتاج إلى حمل ومؤنة كما يأتي قريبا
قوله ليشار إليه في الدعوى بأن يقول هذا ثوبي مثلا لأن الإعلام أقصى ما يمكن شرط وذلك بالإشارة في المنقول لأن النقل ممكن والإشارة أبلغ في التعريف
قوله ( والشهادة ) بأن يقول الشاهد أشهد أن هذا الثوب لهذا المدعي مثلا
قوله ( والاستحلاف ) بالله العظيم هذا الثوب لي وهو في يدك بغير حق
قوله ( بأن كان في نقلها مؤنة ) فيه أن هذا من قبيل الرحى والصبرة فذكره ههنا سهو
قال في إيضاح الإصلاح إلا إذا تعسر بأن كان في نقله مؤنة وإن قلت ذكره في الخزانة
والأولى في التركيب أن يقول إن تعذر إحضار العين بهلاكها أو غيبتها أو تعسر بأن كان في نقلها مؤنة أو يقول وهو مقيد بما لا حمل له ولا مؤنة كما في البحر وهذا إذا كانت العين قائمة فلو كانت هالكة فهو كدعوى الدين في الحقيقة كما في جامع الفتاوى
قال في البحر وتفسير الحمل والمؤنة كونه بحال لا يحمل إلى مجلس القاضي إلا بأجرة مجانا وقيل ما لا يمكن حمله بيد واحدة وقيل ما يحتاج في نقله إلى مؤنة كبر وشعير لا ما لا يحتاج في نقله إلى مؤنة كمسك وزعفران قليل وقيل ما اختلف سعره في البلدان فهو مما له حمل ومؤنة لا ما اتفق
ا هـ
وعبارة ابن الكمال متنا وشرحا وهي إنما تصح في الدين بذكر جنسه وقدره
وفي العين المنقول أي الذي يحتمل النقل بالإشارة إليه فعلى الغريم إحضاره مجلس القاضي إلا إذا تعسر بأن كان في نقله مؤنة وإن قلت ذكره في الخزانة
حضر الحاكم عنده أو بعث أمينا
ا هـ
فتأمله
وتأمل هذا الشارح فإنه ظاهر في أنه إذا كان في النقل مؤنة يكتفي بذكر القيمة مع أن المصرح به أنه في صورة التعسر يحضره الحاكم أو يبعث أمينه ليشير إليها كما سيجيء قريبا وذكر القيمة إنما هو في المتعذر إحضاره حقيقة بأن يكون هالكا أو حكما بأن يكون غائبا وإن لم يكن بهذه المثابة بأن كان متعسر الإحضار مع بقائه كالرحى وصبرة الطعام وقطيع الغنم أرسل القاضي أمينه أو أحضره بنفسه فكان عليه أن يذكرها بعد قوله فيما سيأتي وإن تعذر إحضارها وكان الأولى للماتن أن يقول وإن تعسر بدل تعذر لأن الرحمى وصبرة الطعام من قبيل المتعسر كما هو المصرح به في غير كتاب فتأمل
لكن الذي عليه المجلة بموجب الأمر الشريف السلطاني أن المنقول متى احتاج إحضاره لمصرف ولا يمكن إلا بذلك فيكفي فيه التعريف وذكر القيمة كما في مادة 1620 ومادة 1621
قوله ( أو غيبتها ) أي بحيث لا يمكن إحضارها ولا حضور القاضي بنفسه أو أمينه لبعد مسافة أو مانع آخر فيكون ذلك بمنزلة الهلاك فقد تعذر
____________________
(7/413)
إحضارها حقيقة في الهلاك وحكما في الغيبة فيكتفي بذكر قيمتها ولذا قال قاضيخان بأن لا يدري مكانها
قوله ( لأنه ) أي المذكور وهو القيمة وهذا مما يزيد العبارة غموضا لاحتياجه إلى التويل وكأنه تحريف من الناسخ
والأولى أن يقال لأنها أي القيمة مثلها أي مثل العين كما في شرحه الملتقى
قوله ( مثله ) أي مثل ما يدعيه وهو علة لقوله وذكر قيمته عند تعذر إحضار العين فكأنه قال لأن ذكر القيمة مثل إحضار العين لأن المقصود من المدعي ماليته والقيمة تماثله في المالية فصح تذكير الضميرين وقد قالوا قيمة القيمي كعينه
قوله ( وإن تعذر ) المراد بالتعذر هنا التعسر
قوله ( مع بقائها ) أي والحال أن القاضي يمكنه أن يحضرها بنفسه أو أمينه لتفترق عما قدمه من قوله أو غيبتها
قوله ( بعث القاضي الخ ) لأن أمينه يقوم مقام نفسه فلو ذهب بنفسه لكان هو الأصل فلا شبهة في صحته ومثله ما ذكره ابن الكمال حيث قال فعلى الغريم إحضاره إلا إذا تعسر بأن كان في نقله مؤنة وإن قلت
ذكره في الخزانة
حضر القاضي عنده أو بعث أمينا
ا هـ
وهي التي قدمها الشارح وقدمنا أنه ذكرها في غير محلها لأنه جعلها مثالا لما تعذر نقله وأنه يكتفي فيه بذكر القيمة والحال أنه مما تعسر لا مما تعذر وأن الحكم فيه أن الحاكم يحضر عنده أو يبعث أمينا ولا يكتفي فيه بذكر القيمة كما تفيده عبارة ابن الكمال التي نقل الشارح عنه
تأمل
قال شمس الأئمة الحلواني من المنقولات ما لا يمكن إحضاره عند القاضي كالصبرة من الطعام والقطيع من الغنم فالقاضي فيه بالخيار إن شاء حضر ذلك الموضع لو تيسر له ذلك وإن لم يتيسر له الحضور وكان مأذونا بالاستخلاف بعث خليفته إلى ذلك وهو نظير ما إذا كان القاضي يجلس في داره ووقع الدعوى في جمل لا يسع باب داره فإنه يخرج إلى باب داره أو يأمر نائبه حتى يخرج ليشير إليه الشهود بحضرته
وتمامه في الدرر
قال في البحر وفي الدابة يخير القاضي إن شاء خرج إليها وإن شاء بعث إليها من يسمع الدعوى والشهادة بحضرتها كما في جامع الفصولين
ا هـ
لكن قال في غاية البيان فإن كانت دابة ولا يقع بصر القاضي عليها ولا تتأتى الإشارة من الشهود والمدعي وهو على باب المسجد يأمر بإدخالها فإنه جائز عند الحاجة
ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام طاف بالبيت على ناقته مع أن حرمة المسجد الحرام فوق حرمة سائر المساجد وإن كان يقع بصر القاضي عليها فلا يدخلها لأنه لا يأمن ما يكون منها والحاجة منعدمة ا هـ
قوله ( وإلا تكن باقية الخ ) هذا تكرار مع قوله وذكر قيمته إن تعذر
والحاصل أن المدعى به إن أمكن إحضار عينه ولم يكن له حمل ومؤنة كلف المدعى عليه إحضاره وإن لم يمكن بأن تعذر لهلاك العين أو غيبتها أو تعسر بأن كان في نقلها مؤنة ذكر المدعي القيمة وإن لم تكن هالكة ولا غائبة ولا يمكن إحضارها إلى مجلس القاضي لتعذره كبستان ورحى أو تعسره كصبرة وقطيع غنم خير الحاكم إن شاء حضر بنفسه لأنه الأصل أو بعث أمينه
ولا تنس ما قدمناه قريبا عن المجلة من أنه إذا لم يكن إحضار المنقول إلا بمصرف يكفي تعريفه وذكر قيمته
قوله ( بذكر القيمة ) لأن عين المدعي تعذر مشاهدتها ولا يمكن معرفتها بالوصف فاشترط بيان القيمة لأنها شيء تعرف العين الهالكة به
غاية البيان
وفي شرح ابن الكمال ولا عبرة في ذلك للتوصيف لأنه لا يجدي بدون ذكر القيمة وعند ذكرها لا حاجة إليه أشير
____________________
(7/414)
إلى ذلك في الهداية
ا هـ
وفي قوله وذكر قيمته إن تعذر إشارة إلى أنه لا يشترط ذكر اللون في الذكورة والأنوثة والسن في الدابة وفيه خلاف كما في العمادية
وقال السيد أبو القاسم إن هذه التعريفات للمدعي لازمة إذا أراد أخذ عينه أو مثله في المثلي أما إذا أراد أخذ قيمته في القيمي فيجب أن يكتفي بذكر القيمة كما في محاضر الخزانة
ا هـ
فرع وصف المدعي المدعى فلما حضر خالف في البعض إن ترك الدعوى الأولى وادعى الحاضر تسمع لأنها دعوى مبتدأة وإلا فلا
بحر عن البزازية
قوله ( وقالوا لو ادعى أنه غصب منه عين كذا الخ ) قال في البحر وأطلق في بيان وجوب القيمة عند التعذر واستثنوا منه دعوى الغصب والرهن
ففي جامع الفصولين لو ادعى عينا غائبا لا يعرف مكانه بأن ادعى أنه غصب منه ثوبا أو قنا ولا يدري قيامه وهلاكه فلو بين الجنس والصفة والقيمة تقبل دعواه وإن لم يبين قيمته أشار في عامة الكتب إلى أنها تقبل فإنه ذكر في كتاب الرهن لو ادعى أنه رهن عنده ثوبا وهو ينكر تسمع دعواه
وذكر في كتاب الغصب ادعى أنه غصب منه أمة وبرهن تسمع
وبعض مشايخنا قالوا إنما تسمع دعواه إذا ذكر القيمة وهذا تأويل ما ذكر في الكتاب أن الشهود شهدوا على إقرار المدعى عليه بالغصب فيثبت غصب القن بإقراره في حق الحبس والحكم جميعا وعامة المشايخ على أن هذه الدعوى والبينة تقبل ولكن في حق الحبس وإطلاق محمد في الكتاب يدل عليه
ومعنى الحبس أن يحبسه حتى يحضره ليعيد البينة علي عينه فلو قال لا أقدر عليه حبس قدر ما لو قدر أحضره ثم يقضي عليه بقيمته ا هـ
ولم يبين الحكم فيما إذا لم يدر قيمتها أيضا
قال في الدرر قال في الكافي وإن لم يبين القيمة وقال غصبت مني عين كذا ولا أدري أهو هالك أو قائم ولا أدري كم كانت قيمته ذكر في عامة الكتب أنه تسمع دعواه لأن الإنسان ربما لا يعلم قيمة ماله فلو كلف بيان القيمة لتضرر به
أقول فائدة صحة الدعوى مع هذه الجهالة الفاحشة توجه اليمين على الخصم إذا أنكر والجبر على البيان إذا أقر أو نكل عن اليمين فليتأمل
فإن كلام الكافي لا يكون كافيا إلا بهذا التحقيق ا هـ
وقوله فائدتها توجه اليمين أي حيث لا بينة وإلا ففائدتها الحبس كما علمت
وقوله ذكر في عامة الكتب أنه تسمع دعواه وعامة المشايخ على أن هذه الدعوى والبينة تقبل ولكن في حق الحبس لا الحكم وقدر الحبس بشهرين كما في الخانية
والحاصل أنه في دعوى الرهن والغصب لا يشترط بيان الجنس والقيمة في صحة الدعوى والشهادة ويكون القول في القيمة للغاصب والمرتهن
بحر أي مع اليمين كما هو الظاهر
قلت وزاد في المعراج دعوى الوصية والإقرار قال فإن فيهما يصحان بالمجهول وتصح دعوى الإبراء المجهول بلا خلاف ا هـ
فهي خمسة
قوله ( ولهذا ) أي لسماع الدعوى في الغصب وإن لم يذكر القيمة
قوله ( مختلفة الجنس والنوع ) كثياب ودواب فإن تحتها أنواعا
قوله ( كفى ذلك الإجمال ) أي ولا يشترط التفصيل
هندية
قوله ( على الصحيح ) كما في حزانة المفتين وقاضيخان
هندية
قوله ( وتقبل بينته ) أي على القيمة
قوله ( أو يحلف ) أي عند عدم البرهان
قوله ( على الكل مرة ) أي ولا يحتاج أن يحلفه على كل واحد بخصوصه خلافا لمن اختار ذلك راجع ما هو الصواب في ذلك
قوله ( لأنه ) علة للعلة
____________________
(7/415)
قوله ( وقيل في دعوى السرقة ) حكاه يقبل لأن ثبوت حق الاسترداد أو تضمين القيمة لا يتوقف على ذلك بل يتوقف عليه لزوم القطع مع البينة من المدعي أو الإقرار من السارق وهذا مقابل لقول المصنف فيما تقدم وذكر قيمته إن تعذر
قال في البحر وإنما يشترط ذكر القيمة في الدعوى إذا كانت دعوى سرقة ليعلم أنها نصاب أو لا فأما فيما سوى ذلك فلا حاجة إلى بيانها ا هـ وعليه فكان الأولى ذكره هناك
قال في النهر ينبغي أن يكون المعنى أنه إذا كانت العين حاضرة لا يشترط ذكر قيمتها إلا في دعوى السرقة
حموي
والتقويم يكون من أهل الخبرة فيما يظهر لا بقول المدعي
قوله ( فأما في غيرها ) أي السرقة فلا يشترط أي ذكر القيمة
قوله ( وهذا كله ) أي المذكور من الشروط المذكور من الاكتفاء بذكر القيمة
قوله ( في دعوى العين ) أي الشيء المتعين المحسوس المملوك للمدعي على زعمه كالمغصوب والوديعة
قوله ( لا الدين ) أي الحق الثابت في الذمة وستأتي دعوى الدين في المتن
قوله ( فلو ادعى الخ ) هو تمثيل للدين لأن القيمة لازمة ذمة المدعى عليه في زعم المدعي ا هـ
رحمتي
لكن قال بعض الأفاضل هو تفريع على كون الشروط المارة إنما هي في دعوى العين وأما الدين فسيأتي بأقسامه
تأمل
قوله ( بيان جنسه ) أي جنس القيمة وكذا كل دين يدعي وجنسه كالذهب مثلا أو الفضة أو النحاس وكذا كل مكيل أو موزون يمكن ثبوته في الذمة يبين جنسه ما هو فلا يكفي ذكر الفرش والحرف في المدينة لأنها كالعنقاء معلوم الاسم مجهول الجنس والنوع
قوله ( ونوعه ) ففي الذهب يبين أنه من نوع كذا وكذا في الفضة وكذا في البر بأن يقول حورانية أو بلدية أو جيدورية أو سلمونية
قال ط فيه أنه عند دعواه العين لا يكفي ادعاء عين مجهولة بل لا بد من بيان جنسها ونوعها ثم يذكر القيمة فالقيمة إنما أغنت عن الحضور فحينئذ لا بد من ذكر الجنس والنوع في كل فليتأمل
ولذا قالوا في التعليل لذكر القيمة لأن الأعيان تتفاوت والشرط أن تكون في معلوم وقد تعذر مشاهدته لأنها خلف عنه
وفي الذخيرة إن كان العين غائبا وادعى أنه في يد المدعى عليه فأنكر إن بين المدعي قيمته وصفته تسمع دعواه وتقبل بينته ا هـ
قوله ( ليعلم القاضي بماذا يقضي ) قال في الذخيرة مثلا لو كان المدعي مكيلا لا بد من بيان جنسه بأنه حنطة أو شعير ونوعه بأنها سقية أو برية وصفتها بأنها جيدة أو رديئة وقدره بأن يقول كذا قفيزا وسبب وجوبها ذكره ابن ملك
أقول لي شبهة في هذا المحل وهي أنه لو ادعى أعيانا مختلفة فقد مر أنه يكتفي بذكر القيمة للكل جملة
وذكر في الفصولين أنه لو ادعى أن الأعيان قائمة بيده يؤمر بإحضارها فتقبل البينة بحضرتها ولو قال إنها هالكة وبين قيمة الكل جملة تسمع دعواه
فظهر أن ما قدمه المصنف في دعوى الأعيان إنما هو إذا كانت هالكة وإلا لم يحتج إلى ذكر القيمة لأنه مأمور بإحضارها
وقدمنا عن ابن الكمال أن العين إذا تعذر إحضارها بهلاك ونحوه فذكر القيمة مغن عن التوصيف وهو موافق لما ذكره المصنف في الأعيان من الاكتفاء بذكر القيمة فقوله هنا اشترط بيان جنسه ونوعه مشكل وإن قلنا إنه لا بد مع ذكر القيمة من بيان التوصيف لم يظهر فرق بين دعوى القيمة ودعوى نفس العين الهالكة فما معنى قوله تبعا للبحر فيما تقدم وهذا كله في دعوى العين لا الدين فليتأمل وفي البحر عن السراجية ادعى ثمن محدود لم يشترط بيان حدوده
ا هـ
قال في الهندية إذا ادعى على آخر ثمن مبيع مقبوض ولم يبين المبيع أو محدود ولم يحدد يجوز وهو الأصح
____________________
(7/416)
وكذا في دعوى مال الإجارة المفسوخة لا يشترط تحديد المستأجر ا هـ
قوله ( واختلف في بيان الذكورة والأنوثة في الدابة ) أي المستهلكة أما القائمة فهي حاضرة في المجلس مشار إليها وإذا كان هذا في الدابة ففي الرقيق أولى
قوله ( فشرطه أبو الليث أيضا ) أي كما شرط بيان القيمة
قوله ( وشرط الشهيد بيان السن أيضا ) أي كما يشترط بيان القيمة والذكورة أو الأنوثة
قال في المنح وذكر الصدر الشهيد إذا ادعى قيمة دابة مستهلكة لا بد من ذكر الذكورة أو الأنوثة ولا بد من بيان السن وهذا على أصل أبي حنيفة رحمه الله تعالى مستقيم لأن عنده القضاء بقيمة المستهلك بناء على القضاء بملك المستهلك لأن حق المالك عنده باق في العين المستهلكة فإنه قال يصح الصلح عن العين المغصوب المستهلك على أكثر من قيمته فلو لم يكن العين المستهلك ملكا لا يجوز الصلح على أكثر من قيمته لأنه حينئذ يكون الواجب في ذمة المستهلك قيمة المغصوب وهو دين في الذمة وإن صالح من الدين على أكثر من قيمته لا يجوز وإذا كان القضاء بالقيمة بناء على القضاء بملك المستهلك لا بد من بيان المستهلك في الدعوى والشهادة ليعلم القاضي بماذا يقضي وهذا القائل يقول وهذا القائل يقول مع ذكر الأنوثة والذكورة لا بد من ذكر النوع بأن يقول فرس أو حمار أو ما أشبه ذلك ولا يكتفي بذكر اسم الدابة لأنها مجهولة
ا هـ
قال في الفصول العمادية ولا يشترط ذكر اللون والشية في دعوى الدابة حتى لو ادعى أنه غصب منه حمارا وذكر شيته وأقام البينة على وفق دعواه فأحضر المدعى عليه حمارا فقال المدعي هذا الذي ادعيته وزعم الشهود كذلك أيضا فنظروا فإذا بعض شياته على خلاف ما قالوا بأن ذكر الشهود بأن مشقوق الأذن وهذا الحمار غير مشقوق الأذن قالوا لا يمنع هذا القضاء للمدعي ولا يكون هذا خللا في شهادتهم
ا هـ
قال في الهندية ادعى على آخر ألف دينار بسبب الاستهلاك أعيانا لا بد وأن يبين قيمتها في موضع الاستهلاك وكذا لا بد وأن يبين الأعيان فإن منها ما يكون مثليا ومنها ما يكون من ذوات القيم
ا هـ
وفيها وفي دعوى خرق الثوب وجرح الدابة لا يشترط إحضار الثوب والدابة لأن المدعى به في الحقيقة الجزء الفائت من الثوب والدابة
كذا في الخلاصة
إذا ادعى جوهرا لا بد من ذكر الوزن إذا كان غائبا وكان المدعى عليه منكرا كون ذلك في يده كذا في السراجية
وفي اللؤلؤ يذكر درره وضوءه ووزنه
كذا في حزانة المفتين
ا هـ
قوله ( سواء كان له حمل أو لا ) لأن المودع عليه أن يخلي بينه وبين الوديعة وليس عليه أن ينقلها إليه مطلقا لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل فلا بد من بيان مكان الإيداع حتى يلزمه تسليمها فيه دفعا للضرر عنه لا فرق بين ماله حمل أو لا
وفي فتاوى رشيد الدين ينبغي أن تكون لفظة الدعوى في دعوى الوديعة أن لي عنده كذا قيمته كذا فأمره ليحضره لأقيم عليه البينة على أنه ملكي إن كان منكرا وإن كان مقرا فأمره بالتخلية حتى أرفع ولا يقول فأمره بالرد
كذا في الفصول العمادية
قوله ( من بيانه ) أي بيان موضع الغصب لأنه يلزمه تسليم ما غصبه منه غير أنه إذا كان له حمل ومؤنة لا يلزمه بنقله لأنه لا يكلف فوق جنايته فيشترط حينئذ محل بيان الغصب
قوله ( وإلا حمل له لا ) أي وإن لم يكن له حمل ومؤنة لا يلزم بيان المكان وما فسرنا به هو الموافق للقواعد
قال المصنف في الغصب ويجب رد عين المغصوب في مكان غصبه
قال المؤلف لتفاوت القيم باختلاف الأماكن
ا هـ
ومقتضاه أن يجب بيان
____________________
(7/417)