قال محشيه الخير الرملي أقول تقدم أن ما بعث مهرا بعد الخطبة وهو قائم أو هالك يسترد فهو صريح أيضا في أن ما قبض على سوم النكاح من المهر مضمون ولو لم يسم المهر ا هـ
تنبيه ظاهر كلامهم وجوب قيمة الأمة ولو لم يكن المهر مسمى يحتاج إلى وجه الفرق بينه وبين المقبوض على سوم الشراء أو سوم الرهن فإنه لا يضمن إلا بعد بيان الثمن أو بيان القرض
وقد أطال الكلام فيه السيد الحموي في حاشية الأشباه من النكاح ولم يأت بطائل
قوله ( ويخرج عن ملكه أي البائع ) فلو أعتقه لم يصح عتقه ولو كان حلف إن بعته فهو حر لم يعتق لخروجه عن ملكه
بحر قوله ( مع خيار المشتري فقط ) شمل ما إذا كان الخيار لهما وأسقط البائع خياره بأن أجاز البيع كما في البحر
قال ح ومثله ما إذا جعل المشتري الخيار لأجنبي
قوله ( فيهلك بيده بالثمن ) لأن الهلاك لا يعري عن مقدمة عيب يمنع الرد فيهلك وقد انبرم البيع فيلزم الثمن بخلاف ما إذا كان الخيار للبائع لأن تيبه في هذه الحالة لا يمنع الرد فيهلك والعقد موقوف فيبطل نهر
وإذا بطل العقد يضمن القيمة
مطلب في الفرق بين القيمة والثمن والفرق بين الثمن والقيمة أن الثمن ما تراضى عليه المتعاقدان سواء زاد على القيمة أو نقص والقيمة ما قوم به الشيء بمنزلة المعيار من غير زيادة ولا نقصان
قوله ( كتعيبه فيها ) أي في يد المشتري وهذا تشبيه بالهلاك في الصورتين أعني في صورة ما إذا كان الخيار للبائع أو للمشتري فإن التعيب المذكور كالهلاك يوجب القيمة في الأولى والثمن في الثانية
منح
وشمل ما إذا عيبه المشتري أو أجنبي أو تعيب بآفة سماوية أو بفعل المبيع وكذا بفعل البائع عند محمد فلا يسقط به خيار المشتري فإن أجاز البيع ضمن البائع النقصان وعندهما يلزم البيع بحر أي ويرجع بالأرش على البائع كما ذكره بعد
تنبيه ذكر حكم الهلاك والنقصان عند المشتري ولم يذكر حكم الزيادة عنده
وحاصله أنها متصلة أو منفصلة ومتولدة من الأصل كالولد والسمن والجمال والبرء من المرض أو غير متولدة كالصبغ والعقر والكسب والبناء فيمتنع الفسخ إلا في المنفصلة الغير المتولدة
بحر عن التتارخانية
قوله ( لا يرتفع ) يأتي محترزة
قوله ( فيلزمه قيمته ) أي لو هلك ولو قال فللبائع في المسألة الأولى فسخ البيع الخ لكان أولى لأن المطلوب بيان ما يلزم بالتعيب في المسألتين أما ما يلزم بالهلاك فيهما فهو مصرح به في المتن
قوله ( لشبهة الربا ) لأن الجودة في المال الربوي غير معتبرة لكن قال في الخلاصة من الغصب إذا غصب قلب فضة وهو بالضم السوار وإن شاء المالك أخذه مكسورا وإن شاء تركه وأخد قيمته من الذهب
قال في العناية إذا لو أوجبنا مثل القيمة من جنسه أدى إلى الربا أو مثل وزنه أبطلنا حق المالك في الجودة والصنعة ا هـ
وذكر الزيلعي هناك فيما لو نقص المغصوب الربوي يخير المالك بين أن يمسك العين ولا يرجع على الغاصب بشيء وبين أن يسلمها ويضمن مثلها أو قيمتها لأن تضمين النقصان متعذر لأنه يؤدي إلى الربا ا هـ
وبه علم أن الخيار للمالك بين إمساك العين بلا رجوع بالنقصان وبين دفعها تضمين
____________________
(4/575)
مثلها أي مثل وزنها لأنه رضي بإبطال حقه في الجودة وبين تضمين قيمتها أي من خلاف الجنس
وفي مسألتنا إذا كان الخيار للبائع في بيع الربوي وعيبه المشتري واختار البائع الفسخ ليس له أخذ نقصان العيب لأنه يؤدي إلى الربا وينبغي أن يكون له الخيارات المذكورة
تأمل
قوله ( في الثانية ) أي ما كان الخيار فيها للمشتري
قوله ( ولو يرتفع ) مقابل قوله بعيب لا يرتفع
قوله ( فهو على خياره ) أي فله الفسخ في مدة الخيار ورد المبيع على بائعه
قوله وإلا أي وإن لم يزل المرض في المدة لزم العقد لأنه لا يمكنه رده في المدة معيبا لتضرر البائع ولو زال بعد مضي المدة لزم العقد بمضيها
قوله ( ابن كمال ) ومثله في البحر والجوهرة
قوله ( ولا يملكه المشتري ) أي فيما إذا كان الخيار له فقط لكن في الخانية يصح إعتاقه ويكون إمضاء
وفي السراج تجب النفقة عليه بالإجماع ولو تصرف فيه في مدة الخيار جاز تصرفه ويكون إجازة منه وفي جامع الفصولين لو رهن بالثمن رهنا جاز الرهن به مع أنه ذكر فيه أنه لو أبرأه البائع عن الثمن لم يجز إبراؤه عند أبي يوسف ا هـ
فينبغي أن لا يصح الرهن أيضا
والجواب أن الإبراء يعتمد الدين ولا دين له عليه لأن الثمن باق على ملك المشتري بخلاف الرهن بدليل صحته بالدين الموعود به لكن في المعراج أن عدم صحة الرهن بالثمن قياس والاستحسان صحته لأنه إبراء بعد وجود السبب وهو البيع وتمامه في البحر
وفيه عن الخلاصة أن زوائد المبيع موقوفة إن تم البيع كانت للمشتري وإن فسخ كانت للبائع
قوله ( خلافا لهما ) حيث قالا إنه يملكه
قوله ( لئلا يصير سائبة ) أي شيئا لا مالك له بعد دخوله في الملك وهذا دليل لقولهما إنه يملكه بعد خروجه من ملك البائع أي أنه لو لم يملكه لزم أن يخرج عن ملك البائع لا إلى مالك فيكون كالسائبة ولا عهد لنا به في الشرع يعني في المعاوضات لئلا يرد نحو التركة المستغرقة بالدين فإنها تخرج من ملك الميت ولا تدخل في ملك الورثة ولا الغرماء وتمامه في النهر والفتح
قوله ( قلنا ) أي من طرف الإمام وهو جواب بمنع كونه كالسائبة
قوله ( والثاني موجود هنا ) هو علقة الملك أي للبائع إذا قد يرد عليه فيعود إليه حقيقة ملكه وللمشتري أيضا إذ قد يسقط خياره فيكون له ط
قوله ( ويلزمكم الخ ) استدلال للإمام بطريق النقض الإجمالي لدليل الخصم باستلزامه الفساد من وجهين الأول ما في النهر أنه لو دخل في ملك المشتري مع كون الثمن لم يخرج من ملكه لزم اجتماع البدلين في حكم ملك أحد المتعاقدين حكما للمعاوضة ولا أصل له في الشرع
يعني في باب المعاوضة فإنها تقتضي المساواة بينهما في تبادل ملكيهما فلا يرد ما لو غصب المدبر وأبق من يده فإنه يضمن قيمته ولا يخرج به عن ملك المالك فيجتمع العوضان في ملك لأنه ضمان جناية لا معاوضة
والثاني ما في الفتح من أن خيار المشتري شرع نظرا له ليتروى فيقف على المصلحة فلو أثبتنا الملك بمجرد البيع مع خياره ألحقناه نقيض مقصوده إذ ربما كان المبيع من يعتق عليه فيعتق بلا اختياره فيعود شرع الخيار على موضوعه بالنقض إذا كان مفوتا للنظر وذلك لا يجوز
قوله ( ولا يخرج شيء منهما الخ ) فإن تصرف البائع جاز وكان فسخا وكذا إن تصرف المشتري في الثمن إن كان عينا وتصرف كل منهما فيما اشتراه باطل وأيهما هلك قبل التسليم بطل
____________________
(4/576)
البيع فإن هلك بعده بطل أيضا ولزم قيمته
منح
قوله ( عن مالكه ) لا حاجة أليه ط
قوله ( وأيهما أجاز بطل خياره فقط ) أي وصار العقد باتا من جانبه والآخر على خياره وإن لم يوجد منهما أجازة ولا فسخ حتى مضت المدة لزم البيع ولو أجاز أحدهما وفسخ الآخر بطل البيع بينهما سواء سبق الفسخ أو الأجازة أو كانا معا ولا عبرة للإجازة بكل حال ا هـ منح
وحاصله أنه إذا أجاز أحدهما فالآخر على خياره فإن أجاز أيضا تم العقد وإن فسخ بطل وإن سكتا حتى مضن المدة لزم العقد
قوله ( وهذا الخلاف ) أي المذكور بين الأمام وصاحبيه في مسألة خيار المشتري وهو أن المبيع لا يدخل في ملك المشتري عنده ويدخل عندهما والتفريع في المسائل الآتية على قوله
قوله ( بقي النكاح ) لأنه لم يملكها عنده وإذا سقط الخيار بطل أي النكاح للتنافي أي بين ثبوت المتعة بملك اليمين وبالعقد
وعندهما انفسخ النكاح لدخولها في ملك الزوج فإذا فسخ المشتري البيع رجعت إلى مولاها بلا نكاح عليها عندهما
وعنده تستمر زوجته كما في الفتح
قال في البحر وعلى هذا لو اشترى زوجته فاسدا وقبضها يفسد النكاح ثم إذا فسخ البيع للفساد لا يرتفع فساد النكاح
قوله ( لا يعتبر استبراء ) أي عنده وعندهما يعتبر ولو ردت بحكم الخيار إلى البائع لا يجب الاستبراء عنده وعندهما يجب إذا ردت بعد القبض
بحر
وهي المسألة الآتية في رمز الفاء
قوله ( فلا يعتق محرمه ) أي إذا اشترى قريبه المحرم لا يعتق عليه في مدة الخيار عنده حتى تنقضي المدة ولم يفسخ
وعندهما يعتق لأنه ملكه
قوله ( فله ردها ) لأنه حيث لم يملكها عنده كان وطؤه لها في مدة الخيار بالنكاح لا بملك اليمين فلا يمتنع الرد لأنه لم يكن دليل الرضا بالبيع بخلاف وطء غير منكوحته كما سيأتي
وعندهما يمتنع لأن الوطء حصل في الملك وقد بطل النكاح فكان دليل الرضا قوله ( إلا إذا نقصها ) أي الوطء ولو ثيبا فيمتنع الرد
نهر وفتح
ومقتضاه أن دواعي الوطء ليست كالوطء لعدم التنقيص بها فلا يجري فيها الخلاف المذكور بخلافها في غير المنكوحة فإن دواعيه مثله فتكون دليل الرضا بالبيع فيمتنع الرد اتفاقا كما سيأتي
وعلى هذا فيشكل ما في شرح منلا مسكين معه أنه يمتنع الرد عند الإمام لو قبلها أو مسها أو مسته بشهوة وكذا لو وطئها غير الزوج
____________________
(4/577)
في يده ا هـ
ووجه الأخير ظاهر لأن وطء غيره موجب للعقر وهو زيادة منفصلة متولدة من المبيع بعد القبض فتمنع الرد كما مر ويأتي
تنبيه قال في البحر ولم أر حكم حل وطء المبيعة بخيار أما إذا كان الخيار للبائع فينبغي حله له لا للمشتري وإن كان للمشتري ينبغي أن يحل لهما ونقله في المعراج عن الشافعي ا هـ
ولا يخفى أن هذا في غير منكوحته
ثم اعلم أن هذه المسألة غير مكررة مع الأولى المرموز لها بالألف وإن كان موضوعهما بشراء الأمة المنكوحة لأن المقصود من الأولى شراءها لا يبطل نكاحها ومن هذه أن وطء زوجها لا يمنعه من ردها كما نبه عليه ط
وهو ظاهر
قوله ( من الوديعة عند بائعه الخ ) أي إذا قبض المشتري المبيع بإذن البائع ثم أودعه عند البائع فهلك في يده في تلك المدة هلك من مال البائع عنده لارتفاع القبض بالرد لعدم الملك
وعندهما من مال المشتري لصحة الإيداع باعتبار قيام الملك
وتمامه في البحر
قوله ( لعدم الملك ) علة للعلة
قوله ( لو ولدت ) أي بالنكاح
بحر
قوله ( لم تصر أم ولد ) أي للمشتري لعدم الملك خلافا لهما
بحر
قوله ( لزم العقد الخ ) أي اتفاقا وتصير أم ولد للمشتري إذا ادعاه
بحر عن ابن كمال لأن تعيب المبيع في مدة الخيار بعد قبضه له مبطل لخياره
قوله ( إذا ولدت الخ ) أي في يد المشتري فيوافق ما قبله ط
قوله ( ولم تنقصها الولادة ) مقتضاه أن الولادة قد لا تكون نقصانا وهو خلاف الإطلاق السابق ويؤيد السابق ما في البزازية اشتراها وقبضها ثم ظهر ولادتها عند البائع لأمن البائع وهو لا يعلم وفي رواية المضاربة عيب مطلقا لأن التكسر الحاصل بالولادة لا يزول أبدا وعليه الفتوى
وفي رواية إن نقصتها الولادة عيب وفي البهائم ليست بعيب إلا أن توجب نقصانا وعليه الفتوى ا هـ
وسيذكر الشارح في خيار العيب عن البزازية خلاف ما نقلناه عنها وهو تحريف كما سنوضحه هناك
قوله ( فهو للبائع بعد الفسخ ) لأنه عنده لم يحدث على ملك المشتري وعندهما للمشتري لحدوثه على ملكه
بحر
قال ط وأما إذا لم يفسخ فالزوائد تبع للمبيع كما سلف
قوله ( فلا استبراء على البائع ) لأنه إنما يجب بتجديد الملك ولم يوجد حيث لم تدخل في ملك غيره فكأنه لم يزل ملك البائع
ابن كمال
قوله ( لكن عبارة ابن الكمال وأسلم المشتري ) وكذا في الفتح وغيره فيكون هو المراد من لفظ أحدهما
في عبارة العيني لأنه لو أسلم البائع لا تظهر فيه ثمرة الخلاف لبقاء الخيار إجماعا كما في الزيلعي حيث قال لو اشترى ذمي من ذمي خمرا على أنه أي المشتري بالخيار ثم أسلم المشتري في مدة الخيار بطل الخيار عندهما لأنه ملكها فلا يملك تمليكها بالرد وهو مسلم
وعنده يبطل البيع لأنه لم يملكها فلا يملك تملكها بإسقاط الخيار وهو مسلم
ولو أسلم البائع والخيار للمشتري بقي على خياره بالإجماع ولو ردها المشتري عادت إلى ملك البائع لأن العقد من جانب البائع بات فإن أجازه صار له وإن فسخ صار الخمر للبائع
____________________
(4/578)
والمسلم من أهل أن يتملك الخمر حكما كما في الإرث ولو كان الخيار للبائع فأسلم هو بطل البيع لأن البيع لم يخرج عن ملكه والمسلم لا يقدر أن يملك الخمر ولو أسلم المشتري لا يبطل العقد والبائع على خياره لأن العقد من جهة المشتري بات فإن أجاز العقد صار له لأن المسلم من أهل أن يملك الخمر حكما وإن فسخه كان للبائع وهذا كله فيما إذا أسلم أحدهما بعد القبض والخيار لأحدهما فلو قبل القبض بطل البيع في الصور كلها سواء كان البيع باتا أو بخيار لأحدهما أو لهما لأن للقبض شبها بالعقد من حيث إنه يفيد ملك التصرف فلا يملكه بعد الإسلام ا هـ ملخصا
قوله ( من المأذون الخ ) أي إذا اشترى عبد مأذون شيئا بالخيار وأبرأه بائعه عن ثمنه في مدة الخيار بقي خياره لأنه لما لم يملكه كان رده في المدة امتناعا عن التملك وللمأذون ولاية ذلك فإنه إذا وهب له شيء فله ولاية أن لا يقبله
درر
عندهما يبطل خياره لأنه لما ملكه كان الرد منه تمليكا بغير عوض وهو ليس من أهله وهذا يقتضي صحة الإبراء وقدمنا أنه لا يصح عند أبي يوسف قياسا ويصح عند محمد استحسانا
بحر
قوله ( كل ذلك ) أي المذكور من أحكام المسائل العشر
قوله ( لم يعتق ) لأنه عنده لم يملكه فلم يوجد الشرط
وعندهما وجد فيعتق لأنه ملكه وأما لو قال إن اشتريت بدل قوله إن ملكت فإنه يعتق اتفاقا لوجود الشرط وهو الشراء فيكون كالمنشىء للعتق بعده فيسقط الخيار فتح وبحر
قوله ( واستدامة السكنى الخ ) صورتها اشترى دارا على أنه بالخيار وهو ساكنها بإجارة أو إعارة فاستدام سكناها
قال خواهر زادة استدامتها اختيار عندهما لملك العين وعنده ليس باختيار
فتح
ومثله خيار العيب وخيار الشرط في القسمة ولو ابتدأ السكنى بطل خياره
وتمامه في البحر
قوله ( فأحرم ) أي وهو في يده بطل البيع عنده ويرده إلى البائع وعندهما يلزم المشتري ولو كان الخيار للبائع ينتقض بالإجماع ولو كان للمشتري فأحرم المشتري له أن يرده
بحر
وعبارة الفتح ولو كان للمشتري فأحرم البائع للمشتري أن يرده وهي الصواب
قوله ( بعد الفسخ ) متعلق بما تعلق به
قوله ( للبائع ) أي تثبت للبائع بعد الفسخ لأنها لم تحدث على ملك المشتري وعندهما للمشتري لأنها حدثت على ملكه كما في الفتح
ثم لا يخفى أن الزوائد تعم المتصلة والمنفصلة متولدة أو غيرها
وليس بصحيح هنا لما قدمناه عن التتارخانية من أن حدوثها عند المشتري يمنح الفسخ بالخيار إلا إذا كانت منفصلة عير متولدة كالكسب فهذه يتأتى فيها إجراء الخلاف لإمكان الفسخ فيها أما في بقية الصور الثلاث فلا بل هي للمشتري قطعا لحدوثها على ملكه حيث امتنع بها الفسخ ولزمه البيع
ثم رأيت في جامع الفصولين ذكر مسائل الزيادة كما قدمنا من امتناع الفسخ في الكل إلا في صورة المنفصلة الغير المتولدة وأن الخلاف فيها فقط وحينئذ فإطلاق الزوائد هنا ليس مما ينبغي بل المراد به الصورة المذكورة وهي مسألة الكسب التي رمز لها بالكاف
فكان على الشارح إسقاط هذه لتكرارها مع إيهامها خلاف المراد
____________________
(4/579)
كما ظنه من قال إن الزوائد تعم المتصلة والمنفصلة فيستغني بها عن الكاف المشار بها إلى الكسب ا هـ فافهم
قوله ( فسد ) أي البيع عنده لعجزه عن تملكه بإسقاط خياره ويتم عندهما لعجزه عن رده بفسخه
فتح
قوله ( خلافا لهما ) راجع للمسائل الخمس المزيدة فافهم قوله ( ويضم الرمز للرمز ) كذا في بعض النسخ أي يضم الرمز المزيد بلفظ تتصدر للرمز السابق وفي بعض النسخ ويضم لرمز الرمز بجر الأول باللام والثاني بالإضافة وهذه النسخة ألطف وعليها ففي يضم ضمير يعود للرمز المزيد ويكون المراد بالرمز المجرور باللام الرمز السابق عن العيني وبالرمز المجرور بالإضافة شرح الكنز للعيني فإن اسمه الرمز
وفي ط فيصير المعنى اسحق عزك أي امحقه بتواضعك وعظم لله تعالى في قلبك فامتثل أمره ونهيه وعظم الناس بإنزالهم منزلتهم تصير صدرا أي مقدما ومقربا عند الله تعالى وعند الناس قوله ( ولم أره لأحد ) أي لم ير الرمز بتتصدر وإلا فالمسائل في المنح والبحر ط قوله ( أجاز من له الخيار ) أي أجاز بالقول أو بالفعل كالإعتاق والوطء ونحوهما كما يأتي
وفي جامع الفصولين إذا قال أجزت شراءه أو شئت أخذه أو رضيت أخذه بطل خياره ولو قال هويت أخذه أو أحببت أو أردت أو أعجبني أو وافقني لا يبطل لو اختار الرد أو القبول بقلبه فهو باطل لتعلق الأحكام بالظاهر لا بالبطن قوله ( ولو مع جهل صاحبه ) أي العاقد معه أما لو كان للمشتريين ففسخ أحدهما بعيبه الآخر لم يجز كما في جامع الفصولين قوله ( لهما ) أي لكل من المتعاقدين قوله ( فليس للآخر الإجازة ) أي إلا إذا قبل الأول إجازته يدل عليه ما في جامع الفصولين باعه بخيار ففسخه في المدة انفسخ فإن قال بعده أجزت وقبل المشتري جاز استحسانا ولو كان الخيار للمشتري فأجاز ثم فسخ وقبل البائع جاز وينفسخ ا هـ
فيكون الأول بيعا آخر كما سيذكره الشارح والثاني إقالة قوله ( لأن المفسوخ لا تلحقه الإجازة ) فيه إشكال سيذكره الشارح مع جوابه قوله ( لا يصح إلا إذا علم الآخر ) هذا عندهما
وقال أبو يوسف يصح وهو قول الأئمة الثلاثة
قال الكرخي وخيار الرؤية على هذا الخلاف وفي العيب لا يصح فسخه بدون علمه إجماعا ولو أجاز البيع بعد فسخه قبل أن يعلم المشتري جاز وبطل فسخه
ذكره الإسبيجابي يعني عندهما
وفيه يظهر أثر الخلاف فيما إذا باعه بشرط أنه إذا غاب فسخ فسد البيع عندهما خلافا لأبي يوسف ورجح قوله في الفتح
نهر قوله ( فلو لم يعلم ) أي في مدة الخيار سواء علم بعدها أو لم يعلم أصلا قوله ( أن يستوثق بكفيل ) الذي في العيني أن يأخذ منه وكيلا يعني إذا بدا له الفسخ رده عليه ا هـ
ومثله في البحر وغيره ح قوله ( أو يرفع الأمر للحاكم لينصب الخ ) في العمادية وهذا أحد قولين وقيل لا ينصب لأنه ترك النظر لنفسه بعدم أخذ الوكيل فلا ينظر القاضي إليه
وتمامه في النهر قوله ( لصحته بالفعل بلا علمه ) مثال الفسخ بالفعل يتصرف البائع في مدة الخيار تصرف الملاك كما إذا أعتق المبيع أو باعه أو كان جارية فوطئها أو قبلها أو أن يكون الثمن عينا فتصرف فيه المشتري تصرف الملاك فيما إذا كان الخيار للمشتري صرح به الأكمل في العناية وغيره من المشايخ
منح
والمراد بقوله أن يتصرف البائع الخ أن يكون الخيار له وتصرف كذلك فيكون فسخا حكميا لأنه دليل استبقاء المبيع على ملكه
وأما لو كان الخيار للمشتري
____________________
(4/580)
وفعل ما ذكر فإنه يتم البيع كما يأتي قوله ( كما أفاده الخ ) أي أفاد الفعل الذي يصح به الفسخ يعني أن أمثلة الفسخ بالفعل تستفاد من قوله المذكور وإن لم يكن المذكور من أمثلة الفسخ بل من أمثلة التمام والإجازة
قال في الفتح وجميع ما قدمنا أنه إجازة إذا صدر من المشتري من الأفعال فهو فسخ إذا صدر من البائع ا هـ
وقد أفاد الشارح ذلك بقوله الآتي لو فعل البائع ذلك كان فسخا والمراد به الإعتاق وما بعده وحينئذ فليس في كلامه غلط بل هو من رموزه التي تخفى على المعترضين فافهم قوله ( وتم العقد الخ ) أي تحصل الإجازة بواحد مما ذكر وهو كلام موهم فإن في بعضها يكون إجازة سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري وهو الموت ومضي المدة وفي بعضها إذا كان للمشتري وهوالإعتاق وتوابعه فلو للبائع كان فسخا
أفاده في البحر قوله ( بموته ) أي موت من له الخيار بائعا كان أو مشتريا لأن موت غيره لا يتم به العقد بل الخيار باق لمن شرط له فإن أمضى العقد مضى وإن فسخه انفسخ كما في الفتح
نهر
وفي جامع الفصولين لو الخيار لهما فمات أحدهما لزم البيع من جهته والآخر على خياره
وفيه أيضا وكيل البيع أو الوصي باع بخيار أو المالك باع بخيار لغيره فمات الوكيل أو الوصي أو الموكل أو الصبي أو من باع بنفسه أو من شرط له الخيار قال محمد يتم البيع في كل ذلك لأن لكل منهم حقا في الخيار والجنون كالموت ا هـ
وكذا الإغماء
وتمامه في النهر قوله ( ولا يخلفه الوارث ) لأنه ليس إلا مشيئته وإرادة ولا يتصور انتقاله والإرث فيما يقبل الانتقال
هداية قوله ( كخيار رؤية ) نص على ذلك في الغرر والوقاية والنقاية ومختصرها والملتقى والإصلاح والبحر والنهر وكذا في الهداية والفتح من باب خيار الرؤية ولم أر من ذكر فيه خلافا وعليه فما في فرائض شرح البيري عن شرح المجمع لابن الضياء من أن الصحيح أن خيار الرؤية يورث فهو غريب ولعل أصل العبارة لا يورث
تأمل قوله ( وتغرير ونقد ) لم يذكرهما في الدرر بل ذكر المصنف الأول منهما في المنح بحثا وذكر الثاني في النهر بحثا أيضا
ووجه ذلك أن الحقوق المجردة لا تورث وكأن الوجه لما قوي عند الشارح جزم به
وقد رأيت مسألة النقد في شرح البيري عن خزانة الأكمل نص على أنه لو مات قبل نقد الثمن بطل البيع وليس لوارثه نقده
وأما مسألة التغرير فقد وقع فيها اضطراب فنقل الشارح في آخر باب المرابحة على المقدسي أنه أفتى بمثل ما بحثه المصنف هنا ذكر أن المصنف ذكر في شرح منظومته الفقهية أن خيار التغرير يورث كخيار العيب وأن ابن المصنف أيده وسنذكر إن شاء الله تعالى ما فيه هناك
نعم بحث الخير الرملي أيضا في حاشية البحر أنه يورث قياسا على خيار فوات الوصف المرغوب فيه كشراء عبد على أنه خباز وقال إنه به أشبه لأنه اشتراه بناء على قول البائع فكان شارطا له اقتضاء وصفا مرغوبا فبان بخلافه
وقد اختلف تفقه الشيخ علي المقدسي والشيخ محمد الغزي في هذه المسألة لأنهما لم يرياها منقولة ومال الشيخ علي لما قلته فقال والذي أميل إليه أنه مثل خيار العيب يعني فيورث ا هـ
وبه علم أن ما نقله الشارح عن المقدسي مخالف لما نقله عنه الرملي لكن سيأتي في المرابحة أنه لو ظهر له خيانة في المرابحة له رده ولو هلك المبيع قبل رده أو حدث به ما يمنع من الرد لزمه جميع الثمن وسقط خياره وعللوه هناك بأنه مجرد خيار لا يقابله شيء من الثمن كخيار الرؤية والشرط بخلاف خيار العيب لأن المستحق فيه جزء فائت فيسقط ما يقابله
وأخذ منه في البحر هناك أن خيار ظهور الخيانة لا يورث كما سنذكره هناك
ولا يخفى أن التغرير أشبه بظهور الخيانة في المرابحة فكان إلحاقه به أولى من إلحاقه بالوصف المرغوب لأن الوصف المرغوب بمنزلة جزء من المبيع فيقابله جزء من الثمن حيث كان الوصف مشروطا فإذا فات يسقط ما يقابله كخيار العيب وليس في التغرير شيء من ذلك بل هو مجرد خيار
____________________
(4/581)
لا يقابله شيء من الثمن مثل خيار الخيانة في المرابحة وبه يعلم أن الأرجح أنه لا يورث كما جزم به الشارح والله سبحانه أعلم قوله ( لأن الأوصاف لا تورث ) هذا التعليل إنما يناسب التعبير بأن خيار الشرط ونحوه لا يورث كما وقع في الدرر والوقاية والشارح إنما عبر بأنه لا يخلفه الوارث لأنه أضبط لأن ما لا يورث قد يخلفه الوارث فيه كخيار العيب فكان الأولى التعليل بأن الأوصاف لا تنتقل كما مر عن الهداية أي فإن خيار الشرط مجرد مشيئة وإرادة وذلك وصف لصاحب الخيار فلا يمكن انتقاله إلى الوارث لا بطريق الإرث ولا بطريق الخلافة ومثله خيار الرؤية والتغرير
ولا يخفى أن هذا لا يتأتى في خيار النقد لأن نقد الثمن فعل لا وصف وهذا يرجح أنه كخيار العيب
تأمل
تتمة في شرح البيري عن شرح المجمع لابن الضياء وأجمعوا أن خيار القبول لا يورث وكذا خيار الإجازة في بيع الفضولي ا هـ
والمراد بخيار القبول خيار المجلس وهو أن يقبل في مجلس العقد بعد إيجاب الموجب قوله ( وفوات الوصف المرغوب فيه ) هذا غير موجود في الدرر نعم ذكره في البحر والنهر
ووجهه ظاهر لأنه في معنى العيب قوله ( فيخلفه الوارث فيها الخ ) لأن المورث استحق المبيع سليما من العيب فكذا الوارث وكذا خيار التعيين يثبت للوارث ابتداء لأختلاطه ملكه بملك غيره لا أن يورث الخيار هداية
ويدل على أن ذلك ليس بطريق الإرث ما في الدرر من أن الوارث يثبت له الخيار فيما تعيب في يد البائع بعد موت المورث وإن لم يثبت للمورث ا هـ
وفي غاية البيان الدليل على أن هذا الخيار للوارث غير ما كان للمورث أن المشتري كان له أن يختار أحدهما أو يردهما وليس للوارث أن يردهما وخيار المشتري كان مؤقتا وللورثة يثبت غير موقت ا هـ قوله ( ومضي المدة ) أي مدة الخيار قبل الفسخ أي سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري لأنه لم يثبت الخيار إلا فيها فلا بقاء له بعدها
بحر
قوله ( وإن لم يعلم ) أي بمضيها قوله ( لمرض أو إغماء ) مشى على ما هو التحقيق من أن الإغماء والجنون لا يسقطان الخيار إنما المسقط له مضي المدة من غير اختيار ولذا لو أفاق فيها وفسخ جاز
بحر
قوله ( والإعتاق ) ولو بشرط وجد في المدة
بحر ( ولو لبعضه ) أي لبعض العبد المبيع
قال في النهر وقد أغفلوه هنا قوله ( وتوابعه ) كالكتابة والتدبير قوله ( إلا في الملك ) أي ملك المباشر للفعل بطريق الأصالة قوله ( كإجارة ) تمثيل لقوله لا ينفذ إلا في الملك
قال في البحر وأشار بالأعتاق إلى كل تصرف لا يفعل إلا في الملك كما إذا باعه أو وهبه وسلمه أو رهن أو أجر وإن لم يسلم على الأصح أو أبرأه من الثمن أو اشترى به شيئا أو ساومه به أو حجم العبد أو سقاه دواء أو حلق رأسه أو سقى زرع الأرض أو حصده أو عرض المبيع للبيع أو أسكن في الدار ولو بلا أجر أو رم منها شيئا أو بنى بناء أو طينة أو هدمه أو حلب البقرة أو شق أوداج الدابة أو بزغها لا لو قص حوافرها أو أخذ من عرفها أو استخدم الخادم مرة أو ليس الثوب مرة أو ركب الدابة مرة أو أمر الأمة بإرضاع ولده لأنه استخدام والاستخدام ثانيا إجازة إلا إذا كان في نوع آخر ا هـ ملخصا
وبقي ما لو زاد المبيع في يد المشتري وقدمنا حكمه عند قوله كتعيبه قوله ( ونظر إلى فرج الخ ) تمثيل لقوله أو لا يحل إلا في الملك
وأورد أن مقتضى الضابط تعميم النظر إلى كل ما لا يحل
____________________
(4/582)
قلت وفيه نظر لأن الضابط في تصرف لا يحل الخ لا في فعل ومطلق النظر وإن كان فعلا لكنه ليس بتصرف إلا إذا كان إلى الفرج الداخل فإنه تصرف حكما بمنزلة الوطء بدليل ثبوت حرمة المصاهرة به فافهم
قال في البحر واعلم أن دواعي الوطء كالوطء فإذا اشترى غير زوجته بالخيار فقبلها بشهوة أو لمسها بها أو نظر إلى فرجها بها سقط خياره وحدها انتشار آلته أو زيادته وقيل بالقلب وإن لم ينتشر فلو بلا شهوة لم يسقط في الكل ا هـ
وقيد بغير زوجته إذ لو شرى زوجته ووطئها لم يسقط خياره لعدم دلالته على الرضا إلا إذا نقصها كما قدمه الشارح
قوله ( بشهوة ) فلو بغيرها لم يسقط لأن ذلك يحل في غير الملك في الجملة لأن الطبيب والقابلة يحل لهما النظر
فتح
قوله ( والقول لمنكر الشهوة ) عبارة الفتح ولو أنكر الشهوة في هذه أي في الدواعي كان القول قوله لأنه ينكر سقوط خياره وكذا إذا فعلت الجارية ذلك سقط خياره في قول أبي حنيفة وقال محمد لا يكون فعلها البتة إجازة للبيع والمباضعة ولو مكرها اختيار إنما يلزم سقوط الخيار في غير المباضعة إذا أقر بشهوتها ا هـ
وبه علم أنه في المباضعة منها أو منه لا يصدق في عدم الشهوة ولذا قال في البحر لو ادعى عدم الشهوة في التقبيل في الفم لم يقبل أي لأن التقبيل على الفم لا يخلو من الشهوة عادة فالمباضعة بالأولى
قوله ( ومفاده ) أي مفاد ما ذكر من الضابط
قال في النهر بعد قوله كان إجازة لأن هذا الفعل وإن احتيج إليه للامتحان إلا أنه لا يحل في غير الملك بحال
قوله ( ولو وجدها ثيبا الخ ) أي لو اشتراها على أنها بكر فوطئها فوجدها ثيبا يردها بهذا العيب أي عيب الثيوبة لفوات الوصف المرغوب وهو البكارة أما لو لم يشترطها فلا رد أصلا كما سيأتي في خيار العيب
ثم اعلم أن التفصيل بين اللبث وعدمه خلاف ما يفيده الضابط إذ لا شك أن الوطء لا يحل في غير الملك سواء كانت ثيبا ألأ بكرا فلا فرق فيه بين اللبث وعدمه وعبارة النهر لا غبار عليها حيث قال وقد قالوا بأنه لو وجدها ثيبا الخ فإن قوله وقد قالوا استدراك على ما ذكره من المفاد أي ما قالوه من التفصيل خلاف هذا المفاد وما استدرك به ذكره في القنية
ثم رمز بعده وقال والوطء يمنع الرد وهو المذهب ا هـ
وبه علم أن مفاد الضابط هو المذهب فلا وجه للاستدراك عليه على أن هذا الضابط إنما هو في خيار الشرط وهذه المسألة من مسائل خيار العيب
قوله ( وسيجيء في بابه ) أي في باب خيار العيب
والذي سيجيء حكاية أقوال في المسألة وقد علمت ما هو المذهب وعليه مشى المصنف هناك فافهم
قوله ( ولو فعل البائع ذلك ) أي التصرف الذي لا ينفذ أو لا يحل إلا في الملك وكان الخيار له ط
قوله ( وطلب الشفعة بها ) صورته أن يشتري دارا بشرط الخيار له ثم تباع دار بجوارها فيطلب الشفعة بسبب الدار التي اشتراها سقط خياره فيها وتم البيع
قوله ( بخلاف خيار رؤية وعيب ) فإنه إذا اشترى دارا ولم يرها فبيعت دار بجنبها فأخذها بالشفعة فله أن يرد الدار بخيار الرؤية
درر وكذا بخيار العيب
قوله ( من المشتري ) متعلق بطلب أو به وبالإعتاق
قوله ( إذا كان الخيار له ) ظاهره أنه لو كان للبائع يبقى خياره بعد طلب الشفعة
____________________
(4/583)
لأن ملكه باق بخياره بخلاف المشتري لأنه لا ملك له مع خياره فطلبه الشفعة دليل التملك لأنهم عللوا المسألة بأنه لا يكون إلا بالملك فكان دليل الأجازة فتضمن سقوط الخيار ا هـ فافهم
قوله ( أو البائع الخ ) هو مذكور في غاية البيان عن الجامع الصغير وعبارته اعلم أن أحد العاقدين إذا اشترط الخيار لغيرهما كان البيع جائزا بهذا الشرط ا هـ
وصرح به منلا مسكين عن السراجية والكافي وقال إن التقييد بالمشتري اتفاقي ونقله الحموي عن المفتاح ويأتي قريبا عن البحر
قوله ( الخيار ) أي خيار الشرط لان خيار العيب والرؤية لا يثبت لغير العاقدين
بحر عن المعراج
قوله ( عاقدا كان أو غيره ) تعميم للغير لكن قال ح الأولى أن يراد بالغير الأجنبي لأن مسألة ما إذا جعل المشتري الخيار للبائع أو العكس قد ذكرت أول الباب في قوله ولأحدهما أيضا فيما إذا جعل المشتري الخيار للبائع لا يكون الخيار لهما بل للبائع فقط وفي العكس يكون الخيار للمشتري فقط فكيف يصح قوله فإن أجاز أحدهما الخ ولذلك قال في البحر ولو قال المصنف ولو شرط أحد المتعاقدين الخيار لأجنبي صح لكان أولى ليشمل ما إذا كان الشارط البائع أو المشتري وليخرج اشتراط أحدهما للآخر فإن قوله لغيره صادق بالبائع وليس بمراد ولذا قال في المعراج والمراد من الغير هنا غير العاقدين ليتأتى فيه خلاف زفر ا هـ
قلت ومثله في الفتح وبه زال تردد صاحب النهر حيث قال ولم أر ما لو اشترطه المشتري للبائع هل يكون نائبه عنه أيضا محل تردد فتدبره ا هـ
قوله ( صح استحسانا ) والقياس أن لا يصح وهو قول زفر
قوله ( إن وافقه الآخر ) قيد به لأنه محل الصحة على الإطلاق وهو مفاد التفصيل الذي بعده
قوله ( لعدم المزاحم ) لأن الأسبق ثبت حكمه قبل المتأخر فلم يعارضه وإن كان المتأخر أقوى فالفسخ
قوله ( ولو كانا معا ) بأن خرج الكلامان معا كما في السراج وهذا قد يتعسر
والظاهر أنه يكفي عدم العلم بالسابق منهما
نهر
قوله ( في الأصح ) صححه قاضيخان معزيا للمبسوط وفي رواية ترجيح تصرف العاقدين لقوته لأن النائب يستفيد الولاية منه وقيل هو قول محمد وما في الكتاب قول أبي يوسف بحر
قوله ( والمفسوخ لا يجاز ) أي فصار الفسخ أقوى لكونه لا ينقض الإجازة فلذا كان أحق
قوله ( بل بيع ابتداء ) وعليه فقوله وإعادة العقد بمعنى عقده ثانيا بالإيجاب والقبول أو بالتعاطي
أفاده ط
قوله ( باع عبدين الخ ) أراد بهما القيميين احترازا عن قيمي أو مثليين إذ في القيمي الواحد إذا شرط الخيار في نصفه يصح مطلقا وفي المثليين كذلك لعدم التفاوت
بحر عن الزيلعي
وفي النهر الظاهر أن القيميين ليسا بقيد إذ لو كانا مثليين أو أحدهما مثليا والآخر قيميا وفصل وعين فالحكم كذلك فيما ينبغي ا هـ
قلت هذا لا يرد ما قبله من كونه قيد احترازيا إذ المراد الاحتراز عما عدا القيميين لصحته مع التفصيل والتعيين وبدونهما ولذا قال يصح مطلقا لأنه في القيميين لا يصح بدونهما فعلم أنه مع التفصيل والتعيين يصح في القيميين وغيرهما فتدبر نعم ينبغي تقييد المثليين بما إذا كانا من جنس واحد إذ لو تفاوتا كبر وشعير صارا كالقيميين في اشتراط التفصيل والتعيين ليقع العلم بالمبيع والثمن
تأمل
قوله ( على أنه بالخيار ) أي ثلاثة أيام كما في الهداية
قوله ( إن فصل الخ )
____________________
(4/584)
كقوله بعتك هذين العبدين كل واحد بخمسمائة على أني بالخيار في هذا ثلاثة أيام
قوله ( وإلا يعين ولا يفصل ) كقوله بعتك هذين بألف على أني بالخيار في أحدهما
قوله ( أو عين فقط ) أي عين من فيه الخيار فقط أي ولم يفصل الثمن كقوله بعتك هذين بألف على أني بالخيار في هذا
قوله ( أو فصل فقط ) كقوله بعتك هذين ألف كل واحد بخمسمائة على أني بالخيار
قوله ( لجهالة المبيع والثمن ) أي فيما إذا لم يعين ولم يفصل لأن الذي في الخيار لا ينعقد البيع فيه في حق الحكم فكأنه خارج عن البيع والبيع إنما هو في الآخر وهو مجهول لجهالة من فيه الخيار ثم ثمن المبيع مجهول لأن الثمن لا ينقسم في مثله على المبيع بالأجزاء كذا في الفتح
قوله ( أو أحدهما ) أي الثمن فيما إذا عين ولم يفصل أو المبيع فيما إذا فصل ولم يعين
قوله ( الأنواع الأربع ) أي الصور ط
قوله ( لم يجز ) لأنه أمره ببيع لا يزيل الملك بدون رضاه وقد خالف ط
مطلب في خيار التعيين قوله ( وصح خيار التعيين ) أي بأن يقع البيع على واحد لا بعينه بخلاف المسألة السابقة فليست من خيار التعيين لوقوع البيع فيها على العبدين وأما قول الهداية هنا ومن اشترى ثوبين فالمراد أحد الثوبين كما نبه عليه في العناية وغيرها
وفي الفتح المراد أن يشتري أحد ثوبين أو ثلاثة غير معين على أن يأخذ أيهما شاء على أنه بالخيار ثلاثة أيام فيما يعينه بعد تعيينه المبيع أما إذا قال بعتك عبدا من هذين بمائة ولم يذكر قوله على أنك بالخيار في أيهما شئت لا يجوز اتفاقا كقوله بعتك عبدا من عبيدي وإن اشترى أحد أربعة لا يجوز ا هـ
وقد استفيد من هذه العبارة أمور الأول أن خيار التعيين إنما يكون البيع فيه على واحد من اثنين أو ثلاثة لا بعينه وهو ما قلناه
الثاني أنه لا يكون في واحد من أربعة كما يأتي
الثالث أنه لا بد أن يقول بعد قوله بعتك أحد هذين العبدين على أنك بالخيار فى أيهما شئت أو على أن تأخذ أيهما شئت ليكون نصا في خيار التعيين
وقال في البحر لأنه لو لم يذكر هذه الزيادة يكون فاسدا لجهالة المبيع فإن قبضهما وماتا عنده ضمن نصف قيمة كل واحد منهما وإن مات أحدهما قبل الآخر لزمه قيمة الآخر كذا في المحيط ا هـ
الرابع أنه لا بد أيضا من ذكر خيار الشرط بأن يقول على أنك بالخيار ثلاثة أيام أي إذا عين واحدا منهما بحكم خيار التعيين يكون له فيه خيار الشرط وهذا الرابع فيه خلاف يأتي
قوله ( لا في المثليات ) أي التي من جنس واحد
بحر
قوله ( ولو للبائع ) صورته أن يقول المشتري اشتريت منك أحد هذين الثوبين على أن تعطيني أحدهما
نهر فله أن يلزم المشتري أيهما
____________________
(4/585)
شاء إلا إذا تعيب أحدهما فليس له أن يلزمه المعيب إلا برضاه فإذا ألزمه إياه ولم يرض به ليس له أن يلزمه الآخر بعد ذلك ولو هلك أحدهما في يده كان له أن يلزمه الباقي وأما إذا كان الخيار للمشتري فالمبيع لازم في أحدهما إلا أن يكون معه خيار شرط والمبيع مضمون بالثمن وغيره أمانة فإذا هلك أحدهما تعين هو مبيعا والآخر أمانة ولو هلكا معا ضمن نصف كل ولو اختلفا في الهالك أولا فالقول للمشتري بيمينه وبينة البائع أولى ولو تعيبا معه فالخيار بحاله ولو متعاقبا نعين الأول مبيعا ولو باعهما المشتري ثم اختار ولو تعيبا معه فالخيار بحاله ولو متعاقبا نعين الأول مبيعا ولو باعهما المشتري ثم اختار أحدهما صح بيعه فيه وتمامه في البحر
قوله ( لأنه قد يرث الخ ) جواب من صاحب البحر عما أورده في الفتح من أن جواز خيار التعيين للحاجة إلى اختيار ما هو الأوفق والأرفق
فيختص بالمشتري لأن المبيع كان مع البائع قبل البيع وهو أدرى بما لاءمه منه ا هـ
واعترض الحموي الجواب بأن ما ذكره من صورة الإرث صورة نادرة والأحكام لا تناط بنادر
قلت وقد يجاب أيضا بأن الإنسان ما دام المبيع في ملكه لا يتأمل فيما يلائمه وإنما يحتاج إلى التأمل بعد البيع وأيضا كثيرا ما يحتاج إلى رأي غيره فافهم
قوله ( ومدته كخيار الشرط ) أي ثلاثة أيام ظاهر كلام البحر أن هذا مبني على القول بأنه يشترط معه خيار الشرط فقد ذكر في البحر أن شمس الأئمة صحح الاشتراط وفخر الإسلام صحح عدمه ورجحه في الفتح لكن ذكر قاضيخان أن الاشتراط قول الأكثر ثم قال البحر وإذا لم يذكر خيار الشرط على هذا القول فلا بد من تأقيت خيار التعيين بالثلاث عنده وبأي مدة معلومة كانت عندهما كذا في الهداية ا هـ
لكن قوله على هذا القول ليس في الهداية والمتبادر من كلام الهداية أن اشتراط التوقيت مبني على ما صححه فخر الإسلام ويأتي عن الفتح ما يدل عليه
ثم اعلم أن اشتراط التوقيت نازع فيه الزيلعي فقال إذا لم يذكر خيار الشرط فلا معنى لتوقيت خيار التعيين بخلاف خيار الشرط فإن التوقيت فيه يفيد لزوم العقد عند مضي المدة وفي خيار التعيين لا يمكن ذلك لأنه لازم في أحدهما قبل مضي الوقت ولا يمكن تعينه بمضي الوقت بدون تعينه فلا فائدة لشرط ذلك
والذي يغلب على الظن أن التوقيت لا يشترط فيه ا هـ
وأجاب في الحواشي السعدية بأن له فائدة هي أن يجبر على التعيين بعد مضي الأيام الثلاثة وأقره في النهر وهو معنى قوله في الشرنبلالية بل له فائدة هي دفع ضرر البائع لما يلحقه من مطل المشتري التعيين إذا لم يشترط فيفوت على البائع نفعه وتصرفه فيما يملكه ا هـ
وأبدى في البحر فائدة أخرى وهي أنه يمكن ارتفاع العقد فيهما أي في الثوبين مثلا بمضي المدة من غير تعيين بخلاف مضيها في خيار الشرط فإنه إجازة لكل خيار ما يناسبه ا هـ
قلت لكنه يستند إلى نقل في ذلك ولو كان كذلك لما خفي على الزيلعي
قوله ( ولا يشترط معه خيار شرط في الأصح ) غير أنهما إن تراضيا على خيار الشرط فيه ثبت حكمه وهو جواز رد كل من الثوبين إلى ثلاثة أيام ولو بعد تعيين الثوب الذي في البيع ولو رد أحدهما كان بحكم خيار التعيين ويثبت البيع في الآخر بخيار الشرط ولو مضت الثلاثة قبل رد شيء وتعيينه بطل خيار الشرط وانبرم البيع في أحدهما وعليه أن يعين ولو مات المشتري قبل الثلاثة ثم بيع أحدهما وعلى الوارث التعيين لأن خيار الشرط لا يورث والتعيين ينتقل إلى الوارث ليميز ملكه عن ملك غيره على ما ذكرنا وإن لم يتراضيا على خيار الشرط معه لا بد من توقيت خيار التعيين
____________________
(4/586)
بالثلاثة عند أبي حنيفة
فتح وتمامه فيه
وقوله وإن لم يتراضيا الخ معطوف على قوله إن تراضيا
وظاهره أن اشتراط توقيت خيار التعيين مبني على القول بأنه لا يشترط أن يكون مع خيار التعيين خيار الشرط لا على القول بالاشتراط خلافا لما يفيده كلام البحر المار وهو ظاهر لأن خيار الشرط موقت فلا حاجة إلى توقيت التعيين أيضا
قوله ( فرضي أحدهما ) قال في البحر ذكر الرضا إذ لو ورد أحدهما لا يجيزه الآخر ولم أره صريحا ولكن قولهم لو رده أحدهما لرده معيبا يدل عليه ا هـ
قوله ( أو دلالة ) كبيع وإعتاق
قوله ( بعد رؤية الآخر ) أي ورضاه به لأن مجرد الرؤية لا يوجب تمام البيع ط
قوله ( لضرر البائع الخ ) علة لعدم الرد في المسائل الثلاث ووجه كون الشركة عيبا أنه صار لا يقدر على الانتفاع به إلا بطريق المهايأة
وتمامه في الفتح قوله ( صفقة واحدة ) قيد به إذا لو كان العقد صفقتين فلكل الرد والإجازة مخالفا للآخر لرضا المشتري بعيب الشركة كما لا يخفى ط
قوله ( للبائعين ) بدل من قوله لهما
قوله ( فليس لأحدهما الانفراد إجازة ) أي بعد ما رد الآخر وقوله أو ردا أي ليس لأحدهما الانفراد ردا بعد ما أجازه الآخر ا هـ ح
ثم لا يخفى أن التفريع غير ظاهر فكان الأولى أن يقول ولو رد أحدهما في المسألتين لا يجيزه الآخر فليس لأحدهما الخ
وهذ ما ذكره في البحر بقوله لو باعا ليس لأحدهما الانفراد إجازة أو ردا لما في الخانية اشترى عبدا من رجلين صفقة واحدة على أن البائعين بالخيار فرضي أحدهما بالبيع ولم يرض الآخر لزمهما البيع في قول أبي حنيفة ا هـ
وأنت خبير بأن ما في الخانية لا يدل على قوله أو ردا فالظاهر أنه بحث منه كما بحث مثله في المسألة السابقة
قوله ( مجمع ) لم أره فيه نعم قال في شرحه لابن ملك قيد بالمشترين لأن البائع لو اثنين والمشتري واحدا وفي البيع خيار شرط أو عيب فرد المشتري نصيب أحدهما دون الآخر بحكم الخيار جاز اتفاقا كذا في جامع المحبوبي ا هـ
ومثله في شرح المنظومة وغرر الأذكار ولا يخفى هذه المسألة غير ما في المتن لأن هذه في رد المشتري وتلك في رضا أحد البائعين وهذه وفاقية وتلك خلافية كما مر عن الخانية
قوله ( بشرط خبزه ) أي صريحا أو دلالة كما يأتي بيانه وسيأتي آخر الباب بيان الوصف الذي يصح شرطه وما لا يصح
قوله ( أي حرفته كذلك ) لأنه لو فعل هذا الفعل أحيانا لا يسمى خبازا
بحر عن المعراج
قوله ( بأن لم يوجد الخ ) أي ليس المراد النهاية في الجودة بل أدنى الاسم بأن يفعل من ذلك ما يسمى به الفاعد خبازا أو كاتبا لأن كل واحد لا يعجز في العادة عن أن يكتب على وجه تتبين حروفه وأن يخبز مقدار ما يدفع الهلاك عن نفسه وبذلك لا يسمى خبازا ولا كاتبا
بحر عن الذخيرة
وبه ظهر أن المناسب إبدال قول الشارح اسم الكاتب والخباز ولذا قال في الفتح أعني الاسم المشعر بالحرفة
قوله ( أخذه بكل الثمن ) لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن ما لم تكن مقصودة
در منتقى
وقصد الوصف بإفراده بذكر الثمن كما مر فيما لو باع المذروع كل ذراع بكذا
قوله ( لم يجبر على القبض ) لأن الاختلاف وقع في وصف عارض والأصل فيه العدم والقول قول من يدعي
____________________
(4/587)
الأصل والقول للبائع في أنها بكر لأنها صفة أصلية والوجود فيها أصل
وتمامه في البحر
قوله ( ورجع بالتفاوت ) فإن كان بقدر العشر رجع بعشر الثمن
بحر عن الذخيرة
قال ط أي يعتبر التفاوت من الثمن فإن هذا البيع صحيح لا نظر فيه للقيمة
قوله ( في الأصح ) وهو ظاهر الرواية وفي رواية لا رجوع بشيء بحر
قوله ( شاة على أنها حامل ) قيد بالشاة لأن اشتراط الحمل في الأمة فيه تفصيل سيذكره الشارح في الفروع الآتية قوله ( قدرا ) بفتح القاف أي يكتب مقدار كذا من الورق أو من الأسطر مثلا
قوله ( فسد ) أي البيع
قوله ( لأنه شرط فاسد ) لأنه شرط زيادة مجهولة لعدم العلم بها
فتح أي لأن ما في البطن والضرع لا تعلم حقيقته
قوله ( جاز ) أي على رواية الطحاوي ويفسد على رواية الكرخي شرنبلالية
وجزم بالأول في الفتح والدرر
قوله ( لأنه وصف ) الأولى أن يزيد مرغوب لأنه ليس كل وصف يصح اشتراطه كما سيذكره في الضابط آخر الباب
مطلب فيما لو اختلفا في الخيار أو في مضيه أو في الأجل أو في الإجازة أو في تعيين المبيع قوله ( والقول للمنكر الخ ) لأن الخيار لا يثبت إلا بالشرط فكان من العوارض فيكون القول لمن ينفيه كما في دعوى الأجل
درر
قوله ( والمضي ) أي إذا اختلفا في مضي المدة فالقول لمنكره لأنهما تصادقا على ثبوت الخيار ثم ادعى أحدهما السقوط بمضي المدة فالقول للمنكر
درر
قوله ( والإجازة ) أي إجازة البيع ممن له الخيار كما إذا ادعى البائع على المشتري بالخيار أنه أجاز البيع وأنكر المشتري فالقول قوله لأن البائع يدعي سقوط الخيار ووجوب الثمن وهو ينكر ط
قوله ( والزيادة ) أي إذا اختلفا في قدر الأجل فالقول لمن يدعي أخصر الوقتين لأن الآخر يدعي زيادة شرط عليه وهو ينكر
درر
وتقدم أول البيوع عند قوله وصح بثمن حال ومؤجل أنه لو اختلفا في الأجل أي في أصله فالقول لنا في إلا في السلم وسيأتي في باب خيار العيب ما لو اختلفا بعد التقابض في عدد المبيع أو عدد المقبوض فالقول للمشتري لأن القول للقابض مطلقا قدرا أو صفة أو تعيينا فلو جاء ليرده بخيار شرط أو رؤية فقال البائع ليس هو المبيع فالقول للمشتري في تعيينه ولو بخيار عيب فللبائع الخ
وسيأتي الكلام عليه هناك وكذا في آخر خيار الرؤية
وبقي ما إذا اختلفا في تعيين المبيع الذي فيه خيار الشرط عند إجازة من له الخيار العقد وقد ذكره في البحر في آخر باب خيار الرؤية عن الظهيرية ثم قال والحاصل أن السلعة لو مقبوضة فالقول للمشتري سواء كان الخيار له أو للبائع وإلا فلو الخيار للمشتري فالقول للبائع وعكسه فالقول للمشتري
مطلب اشترى جارية على أنها بكر ثم اختلفا تنبيه واشترى جارية على أنها بكر ثم اختلفا قبل القبض أو بعده فقال البائع بكر للحال والمشتري ثيب فإن القاضي يريها النساء فإن قلن بكر لزم المشتري بلا يمين البائع لأن شهادتهن تأيدت هنا بأن الأصل البكارة وإن قلن ثيب لم يثبت حق الفسخ لأنه حق قوي وشهادتهن ضعيفة لم تتأيد بمؤيد لكن يثبت حق الخصومة
____________________
(4/588)
لتتوجه اليمين على البائع فيحلف بالله لقد سلمتها بحكم البيع وهي بكر فإن نكل ردت عليه وإلا لزم المشتري
وعنهما في رواية أنها ترد بشهادتهن قبل القبض بلا يمين البائع ولو قال سلمتها إليك وهي بكر وزالت في يدك فالقول قوله لأن الأصل البكارة ولا يريها القاضي النساء لأن البائع مقر بزوال البكارة
فتح ملخصا وسنذكر لهذا مزيد تحقيق وبيان في خيار العيب عند قول الشارح واعلم أن العيوب أنواع وهذا إذا علم أنها ثيب بغير الوطء فلو به فلا يردها بل يرجع بالنقصان كما سيأتي هناك عند قول المصنف اشترى جارية الخ
قوله ( قائلا بأنها ) ضمن قائلا معنى ادعى فعداه بالباء
قوله ( وجاز للبائع وطئها ) لأن المشتري لما ردها رضي بتمليكها من البائع بذلك الثمن فكان للبائع أن يتملكها
درر
وعلى هذا القياس القصار إذا رد الثوب الآخر على رب الثوب وكذا الإسكافي
تاترخانية
قلت وهذا إذا لم يعلم أن الثوب المردود ثوب غير القصار
قوله ( وانعقد بيعا بالتعاطي ) أفاد ذلك وجوب الاستبراء على البائع ط
قوله ( ولو قال البائع للمشتري عند رده ) هذه المسألة مؤخرة عن موضعها ا هـ ح
قوله ( لكنه نسي عندك ) أي وقد ينسى في تلك المدة
بحر
وهذا القيد هو محل التوهم إذ لو قصرت المدة فكذلك بالأولى
قوله ( لغير المبيع قبل قبضه ) هذا التعليل يناسب ما لو نسي بعد العقد أما لو قبله فالعلة كون الوصف مشروطا دلالة
قال في البحر واعلم أن اشتراط الوصف المرغوب فيه إما أن يكون صريحا أو دلالة لما في البدائع في خيار العيب والجهل بالطبخ والخبز في الجارية ليس بعيب لكونه حرفة كالخياطة إلا أن يكون ذلك شرطا في العقد وإن لم يكن مشروطا وكانت تحسن الطبخ والخبز في يد البائع ثم نسيت في يده فاشتراها له ردها لأن الظاهر أنه إنما اشتراها رغبة في تلك الصفة فصارت مشروطة دلالة وهو كالمشروط نصا ا هـ
والظاهر أن هذا إذا كان المشتري عالما بتلك الصفة لكن يشكل على هذا ما في الحاوي الزاهدي لو قال أشتري منك هذه البقرة على أنها ذات لبن وقال البائع أنا أبيعها كذلك ثم باشر العقد مرسلا من غير شرط ثم وجدها بخلاف ذلك ليس له الرد ا هـ
فإن هذا صريح في أنه لا بد من ذكر الشرط في صلب العقد ولا تكفي الدلالة ولعله قول آخر
تأمل
قوله ( أن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن ) لا ينافيه ما تقدم من الرجوع بالتفاوت عند التقويم لأن ذلك فيما إذا امتنع الرد ا هـ ح أي لدفع ضرر المشتري فهو ضروري
قوله ( لا خيار للمشتري ) أي خيار فوات الوصف المرغوب لأن قوله بما فيها لم يذكر على وجه الشرط وهذا لا ينافي ثبوت خيار الرؤية وثبوت خيار التغرير تأمل
ثم رأيت بعض المحشين نقل عن المحيط أن وجه عدم الخيار أنه لم يشترط هذه الأشياء في البيع ولم يجعلها صفة للمبيع بل أخبر عن وجودها فيه وجودها فيه وانعدام ما ليس بمشروط في البيع
____________________
(4/589)
ولا صفة للمبيع لا يوجب الخيار أما قوله بأجذاعها وأبوابها فله الخيار لأنه جعلها صفة للدار فالبيع يتناول الموصوف بصفته فإذا لم يجده بتلك الصفة فله الخيار ا هـ
وأفاد أنه لو ذكر على وجه الشرط يثبت له الخيار الآخر أيضا لما في جامع الفصولين باع أرضا على أن فيه نخلا أو دارا على أن فيه بيوتا ولم يكن فإنه يجوز العقد ويخير المشتري أخذه بكل الثمن أو ترك
والأصل فيه أن ما يدخل في العقد بلا شرط إذا شرط وعدم فإن العقد يجوز وما لا يدخل بلا شرط إذا شرط ولم يوجد لم يجز ا هـ
فافهم
قوله ( شرى دارا الخ ) قال في الفتح واعلم أنه إذا شرط في المبيع ما يجوز اشتراطه ووجده بخلافه فتارة يكون البيع فاسدا وتارة يستمر على الصحة ويثبت للمشتري الخيار وتارة يستمر صحيحا ولا خيار للمشتري وهو ما إذا وجده خيرا مما شرطه وضابطه إن كان المبيع من جنس المسمى ففيه الخيار والثياب أجناس أعني الهروي والإسكندري والكتان والقطن والذكر مع الأنثى في بني آدم جنسان وفي سائر الحيوانات جنس واحد والضابط فحش التفاوت في الأغراض وعدمه ا هـ أي ضابط اختلاف الجنس وعدمه فحش التفاوت وفي المقاصد وعدمه
قوله ( فسد ) أي لفحش التفاوت فيكون اختلف الجنس وعند اختلاف الجنس لا يعتبر كونه خيرا مما شرطه كالمصبوغ بزعفران ولذا ذكر في الفتح من أمثلة الفاسد لو اشترى دارا على أن لا بناء ولا نخل فيها فإذا فيها بناء أو نخل أو على أنه عبد فإذا هو جارية فافهم
نعم علل في البزازية الفساد في اشتراط أن لا بناء فيها بأنه يحتاج إلى النقض ويشكل مسألة الشجرة التي لا تثمر فإنه لا يظهر اختلاف الجنس فيها فالظاهر ما في البزازية باع أرضا على أن فيها كذا شجرا مثمرا بثمرها فوجد فيها نخلة لا تثمر فسد لأن الثمرة لها قسط من الثمن بالذكر وسقط حصة المعدوم ولا يعلم كم الباقي من الثمن فأشبه شراء شاة مذبوحة فإذا فخذها مقطوعة ا هـ
تأمل
قوله ( جاز وخير ) أي لاتحاد الجنس لكون الذكر والأنثى في غير الآدمي جنسا واحدا وإنما خير لكون الأنثى في الحيوانات خيرا من الذكر فقد فات الوصف المرغوب فيخير
قال في الفتح وكذا على أنه ناقة فكان جملا أو لحم معز فكان لحم ضأن أو على عكسه فله الخيار ا هـ أي لأن ذلك جنس واحد ولذا لم يفرق بينهما في الزكاة
قوله ( وبعكسه ) بأن اشتري على أنه بغل فإذا هو بغلة وكذا على أنه حمار أو بعير فإذا هو أتان أو ناقة أو جارية على أنها رتقاء أو حبلى أو ثيب فإذا هو بخلافه جاز ولا خيار له لأنه صفة أفضل من المشروطة وينبغي في مسألة البعير والناقة أن يكون في العرب وأهل البوادي الذين يطلبون الدر والنسل أما أهل المدن والمكارية فالبعير أفضل
فتح
وذكر في باب البيع الفاسد أن صاحب الهداية ذكر أنه لو باع عبدا على أنه خباز فإذا هو كاتب خير مع أن صناعة الكتابة أشرف عند الناس وكان صاحب الهداية من المشايخ الذين لا يفرقون بين كون الصفة التي ظهرت أشرف أو لا
وذهب آخرون إلى أن الخيار فيما إذا كان الموجود أنقص وصحح الأول لفوات غرض المشتري بخلاف ما إذا اشترى عبدا على أنه كافر فإذا هو مسلم فلا خيار له لأن الاستخدام لا يتفاوت بين مسلم وكافر بخلاف تعيين الخبز أو الكتابة فإنه يفيد أن حاجته هذا الوصف ا هـ ملخصا
ومفاده تصحيح ثبوت الخيار وإن ظهر الوصف أفضل من المشروط ألا إذا لم يحصل التفاوت بين الوصفين في الغرض المقصود للمشتري كالعبد المسلم والكافر
قوله ( فليحفظ الضابط ) هو ما قدمناه أولا عن الفتح
____________________
(4/590)
مطلب البيع لا يبطل بالشرط في اثنين وثلاثين موضعا قوله ( البيع لا يبطل بالشرط في اثنين وثلاثين موضعا ) هي شرط رهن معلوم بإشارة أو تسمية فإن أعطاه الرهن في المجلس جاز استحسانا
وشرط كفيل حاضر أو غائب وحضر قبل الافتراق وكفل فلو غائبا وكفل حين علم فسد
وشرط إحالة المشتري للبائع على غيره بالثمن استحسانا وفسد على أن يحيل البائع بالثمن على المشتري
وشرط إشهاد على البيع وشرط خيار الشرط إلى ثلاثة أيام وشرط نقد على أنه إن لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما
وشرط تأجيل الثمن إلى أجل معلوم
وشرط البراءة من العيوب ويبرأ البائع من كل عيب
وشرط قطع الثمار المبيعة أي على المشتري فإنه يقتضيه العقد تفريعا لملك البائع عن ملكه
وشرط تركها على النخيل بعد إدراكها على المفتى به
وشرط وصف مرغوب فيه كما مر
وشرط تسليم المبيع حتى يسلم الثمن وشرط رده بعيب وجد فيه
وشرط كون الطريق لغير المشتري وشرط عدم خروج المبيع عن ملكه في غير الآدمي أما لو اشترى عبدا على أن لا يبيعه أو لا يخرجه عن ملكه فسد
وشرط إطعام المشتري المبيع إلا إذا عين ما يطعم الآدمي كأن شرط أن يطعم العبد المبيع خبيصا فيفسد
وشرط حمل الجارية على التفصيل الذي ذكره الشارح بعد
وشرط كونها مغنية لأنه عيب شرعا فيكون براءة من العيب فإن لم يجدها مغنية فلا خيار له لأنه وجدها سالمة من العيب وإن شرط المشتري ذلك على وجه الرغبة فسد البيع لشرطه ما هو محرم ونظيره ما في البزازية لو شراه على أنه فحل فإذا هو خصي له الرد ولو عكس قال الإمام الخصاء في العبد عيب فإذا بان فحلا صار كأنه شرط العيب فبان سليما وقال الثاني الخصي أفضل لرغبة الناس فيه فيخير ا هـ
وجزم في الفتح بقول الثاني ومقتضاه جريان ذلك في الأمة المغنية وشرط كون البقرة حلوبا
وشرط كون الفرس هملاجا بسكر الهاء أي سهل السير بسرعة
وشرط كون الجارية ما ولدت فلو ظهر أنها كانت ولدت له الرد قلت وظاهره أنه لا يرد بدون هذا الشرط مع أنه ذكر في البزازية أنه لو قبضها ثم ظهر ولادتها عند البائع لا من البائع وهو لم يعلم فهو عيب مطلقا لأن التكسر الحاصل بالولادة لا يزول أبدا وعليه الفتوى
وفي رواية إن نقصتها الولادة عيب وفي البهائم ليس بعيب إلا إن نقصها وعليه الفتوى
وشرط إيفاء الثمن في بلد آخر وهذا لو كان الثمن مؤجلا إلى شهر مثلا فالبيع جائز والشرط باطل إلا أن يكون له مؤنة فيتعين أما لو غير مؤجل فالبيع فاسد لأنه يصير أجلا مجهولا وشرط الحمل إلى منزل المشتري فيما له حمل لو بالفارسية أما في العربية فإنه يفرق فيها بين الإيفاء والحمل والعقد يقتضي الأول لا الثاني فيفسد البيع
وشرط حذو النعل
وشرط خرز الخلف
وشرط جعل رقعة على ثوب اشتراه من خلقاني
وشرط كون الثوب سداسيا فإذا وجده خماسيا أخذه بكل الثمن أو ترك لأنه اختلاف نوع لا جنس فلا يفسد
وشرط كون السويق ملتوتا بمن سمن
وشرط كون الصابون متخذا من كذا جرة من الزيت ففيهما لو كان ينظر إلى المبيع وقبضه ثم ظهر أنه متخذ من أقل مما ذكر من السمن أو الزيت جاز البيع بلا خيار لأن هذا مما يعرف بالعيان فإذا عاينه انتفى الغرر ومثله ما لو اشترى قميصا على أنه متخذ من عشرة أذرع وهو ينظر إليه فظهر من تسعة جاز بلا خيار قلت ويشكل عليه مسألة السداسي على أن كونه مما يعرف بالعيان غير ظاهر إلا إذا فحش التفاوت
وشرط بيع العبد إلا إذا قال من فلام بأن قال بعتك العبد على أن تبيعه من فلان فإنه يفسد لأن له طلبا
وشرط
____________________
(4/591)
جعلها بيعة المشتري ذمي بأن اشترى دارا من مسلم على أن يتخذها بيعة جاز البيع وبطل الشرط وكذا بيع العصير على أن يتخذه خمرا إنما جاز لأن هذا الشرط لا يخرجها عن ملك المشتري ولا مطالب له بخلاف اشتراط أن يجعلها المسلم مسجدا فإنه يخرج عن ملكه إلى الله تعالى وكذا بشرط أن يجعلها ساقية أو مقبرة للمسلمين أو أن يتصدق بالطعام على الفقراء فإنه يفسد
وشرط رضا الجيران بأن اشترى دارا على أنه إن رضي الجيران أخذها قال الصفار لا يجوز وقال أبو الليث إن سمى الجيران وقال إلى ثلاثة أيام جاز
ا هـ ط ملخصا مع بعض زيادة
قوله ( شرط أنها مغنية ) هذه والتي بعدها تقدمتا في مسائل الأشباه
قوله ( ولو شرط حبلها ) أي الأمة بخلاف الشاة فإنه مفسد كما قدمه المصنف لأن الولد زيادة مرغوبة وإنها موهومة لا يدري وجودها فلا يجوز خانية
قوله ( على الأكثر ) أي على قول أكثر الفقهاء
قوله ( لا ما فيه غرر ) كبيع الشاة على أنها حامل
قوله ( إلا أن لا يرغب فيه ) لأن اشتراطه يكون لمعنى البراءة من وجوده كما في حبل الأمة
قوله ( ما يعرف بالعيان ) كمسألة السويق والصابون كما مر في مسائل الأشباه
قوله انتفى الغرر فليس له أن يرده إذا ظهر بخلاف ما اشتراط والله سبحانه أعلم
باب خيار الرؤية قدمه على خيار العيب لأنه يمنع تمام الحكم وذاك يمنع لزومه واللزوم بعد التمام والرد بخيار الرؤية فسخ قبل القبض وبعده ولا يحتاج إلى قضاء ولا رضا البائع وينفسخ بقوله رددت إلا أنه لا يصح الرد إلا بعلم البائع خلافا للثاني وهو يثبت حكما لا بالشرط ولا يتوقت ولا يمنع وقوع الملك المشتري حتى لو تصرف فيه جاز تصرفه وبطل خياره كذا في السراج
بحر
قوله ( من إضافة المسبب إلى السبب ) الذي ذكر في الفتح والبحر أن الرؤية شرط ثبوت الخيار وعدم الرؤية هو السبب لثبوت الخيار عند الرؤية ا هـ
قوله ( ظاهر ) كذا في أغلب النسخ ولا يناسبه التعليل بعده وفي بعض النسخ ظاهر البطلان وفي بعضها غير ظاهر وبه عبر في الدر المنتقى وعزاه مع التعليل بعده إلى البهنسي
قوله ( لما سيجيء الخ ) يعني والشيء لايثبت قبل شرطه وفيه أن هذا يرد أيضا على ما ذكره لأن المسبب لا يتقدم على سببه وسيأتي جوابه قريبا وهو أنه بسبب آخر وبيانه كما قال ح إن حق الفسح قبلها ليس من نتائج الخيار له بل بحكم أنه عقد غير لازم لأنه لم يقع منبرما فجاز فسخه لضعف فيه كما حققه في العناية وسيذكره الشارح ا هـ
قوله ( في أربعة مواضع ) أي لا غيرها كما في الفتح
قوله ( الشراء للأعيان ) أي اللازم تعيينها ولا تثبت دينا في الذمة والمراد الشراء الصحيح لما في البحر عن جامع الفصولين إن خيار الرؤية وخيار العيب لا يثبتان
____________________
(4/592)
في البيع الفاسد ا هـ أي لوجوب فسخه بدونهما قوله والقسمة في الشرنبلالية عن العيون أن قسمة الأجناس المختلفة يثبت فيها الخيارات الثلاث خيار الشرط والعيب والرؤية وقسمة ذوات الأمثال كالمكيلات والموزونات يثبت فيها خيار العيب وقسمة غير المثليات كالثياب من نوع واحد والبقر والغنم يثبت فيها خيار العيب وكذا الشرط والرؤية على رواية أبي سليمان وهو الصحيح وعليه الفتوى وعلى رواية أبي حفص لا ا هـ
قوله ( فليس في ديون ونقود ) في بعض النسخ في ديون القود وفي بعضها في دين العقود والأولى أولى وعطف النقود على الديون من عطف الخاص على العام
قال في الفتح وعرف من هذا أي قصره على المواضع الأربعة أنه لا يكون في الديون فلا يكون في المسلم فيه ولا في الأثمان الخالصة كالدراهم والدنانير بخلاف ما إذا كان المبيع إناء من أحد النقدين فإن فيه الخيار ا هـ
قال في البحر وأما رأس مال السلم إذا كان عينا فإنه يثبت الخيار فيه للمسلم إليه
قوله ( وعقود لا تنفسخ ) قال في الفتح ومحله كل ما كان في عقد ينفسخ بالفسخ لا فيما لا ينفسخ كالمهر ويدل الصلح عن القصاص وبدل الخلع وإن كانت أعيانا لأنه يفيد فيها لأن الرد لما لم يوجب الانفساخ بقي العقد قائما وقيامه يوجب المطالبة بالعين لا بما يقابلها من القيمة فلو كان له أن يرده كان له أن يرده أبدا
قوله ( لما لم يرياه ) أي العاقدان
قال في البحر أراد بما لم يره ما لم يره وقت العقد ولا قبله والمراد بالرؤية العلم بالمقصود من باب عموم المجاز فصارت الرؤية من أفراد المعنى المجازي فيشمل ما إذا كان المبيع مما يعرف بالشم كالمسك وما اشتراه بعد رؤيته فوجده متغيرا وما اشتراه الأعمى
وفي القنية اشترى ما يذاق فذاقه ليلا ولم يره سقط خياره ا هـ
قوله ( أي المبيع ) أي الذي لم يرياه بأن كان مستورا
قوله ( فلو لم يشر إلى ذلك الخ ) عبارة الفتح هكذا وفي المبسوط الإشارة إليه أو إلى مكانه شرط الجواز فلو لم يشر إليه ولا إلى مكانه لا يجوز بالإجماع ا هـ
لكن إطلاق الكتاب يقتضي جواز البيع سواء سمى جنس المبيع أو لا وسواء أشار إلى مكانه أو إليه وهو حاضر مستور أو لا مثل أن يقول بعت منك ما في كمي بل عامة المشايخ قالوا إطلاق الجواب يدل على الجواز عنده وطائفة قالوا لا يجوز لجهالة المبيع من كل وجه
والظاهر أن المراد بالإطلاق ما ذكره شمس الأئمة وغيره كصاحب الأسرار والذخيرة لبعد القول بجواز ما لم يعلم جنسه أصلا كأن يقول بعتك شيئا بعشرة ا هـ
كلام الفتح
وحاصله التوفيق بين ما قاله عامة المشايخ وما قاله بعضهم بحمل إطلاق الجواب على ما قاله شمس الأئمة وغيره من لزوم الإشارة إليه أو إلى مكانه إذا لا يصح بيع ما لم يعلم جنسه أصلا أي لا بوصف ولا بإشارة ولذا قال صاحب الهداية يعني شيئا مسمى موصوفا أو مشارا إليه أو إلى مكانه وليس فيه غيره بذلك الاسم ا هـ
فأفاد أن لزوم الإشارة عند عم تسمية الجنس والوصف فالتسمية كافية عن الإشارة حتى لو قال بعتك كر حنطة بلدية بكذا والكر في ملكه من نوع واحد في موضع واحد جاز البيع وكذا الإضافة في مثل بعتك عبدي وليس له غيره وذكر الحدود في مثل بعتك الأرض الفلانية والمدار على نفي الجهالة الفاحشة ليصح البيع كما حققنا ذلك بما لا مزيد عليه أول البيوع عند قوله وشرط لصحته معرفة قدر مبيع وثمن فتذكره بالمراجعة فإنه ينفعك هنا وبهذا التقرير سقط ما في الحواشي السعدية من قوله أقول في كون الإشارة إلى المبيع أو إلى مكانه شرط الجواز سيما بالإجماع
____________________
(4/593)
كلام فليتأمل ا هـ
لما علمت من أن الإشارة ليست شرطا دائما بل عند عدم معرف آخر يرفع الجهالة فافهم
قوله ( وفي حاشية أخي زاده ) أي حاشيته على صدر الشريعة
قال في المنح وفي حاشية أخي زادة ذكر هذا البحث ثم قال وقال عامة مشايخنا إطلاق الجواب يدل على جوازه وهو الأصح وقال بعضهم لا يجوز وصحح ويؤيده ما في جامع الفصولين من الفصل الثالث يشترط كون المبيع حاضرا موجودا مهيأ مقدور التسليم وما في المبسوط من أن الإشارة إليه أو إلى مكانه شرط الجواز حتى لو لم يشر إليه أو إلى مكانه لا يجوز بالإجماع ا هـ
وفي العناية قال القدوري من اشترى شيئا لم يره فالبيع جائز معناه أن يقول بعتك الثوب الذي في كمي هذا أو هذه الجارية المنتقبة وكذلك العين الغائب المشار إلى مكانه وليس في ذلك المكان بذلك الاسم غير ما سمي والمكان معلوم باسمه والعين معلومة
قال صاحب الأسرار لأن كلامنا في عين هي بحالة لو كانت الرؤية حاصلة لكان البيع جائز ا هـ
ما في المنح ملخصا ولا يخفى أن حاصله تقييد إطلاق الجواب بما قاله في المبسوط وغيره كما مر عن فتح القدير وهو محمل إطلاق المتون كعبارة القدوري المذكورة
قوله ( أي للمشتري ) كان ينبغي للمصنف التصريح به لأنه لم يتقدم له ذكر مع إيهام عود الضمير للبائع وإن كان يرتفع بقوله الآتي ولا خيار لبائع
قوله ( إذا رآه ) أي علم به كما قدمناه
قوله ( إلا إذا حمله البائع الخ ) في البحر عن جامع الفصولين شراه وحمله البائع إلى بيت المشتري فرآه ليس له الرد لأنه لو رده يحتاج إلى الحمل فيصير هذا كعيب حدث عند المشتري ومؤنة رد المبيع بعيب أو بخيار شرط أو رؤية على المشتري ولو شرى متاعا وحمله إلى موضع فله رده بعيب ورؤية لو رده إلى موضع العقد وإلا فلا ا هـ
وظاهره أنه إنما يرده لو رده إلى موضع العقد فيما لو حمله المشتري بخلاف البائع وهو خلاف ما نقله الشارح عن الأشباه والذي يظهر عدم الفرق وإن ما ذكره من قوله لأنه لو رده الخ غير ظاهر لأنه لا يناسبه قوله بعده ومؤنة الرد على المشتري فافهم ثم رأيت صاحب نور العين اعترض التعليل المذكور بما ذكرته ثم إنه يستفاد من كلام الفصولين أن ما أنفقه البائع على تحميله إلى منزل المشتري لا يلزم المشتري إذا رد عليه المبيع إلى محل العقد لأن البائع متبرع بما أنفقه لأن الواجب عليه التسليم في محل العقد دون التحميل وبه يظهر جواب حادثة الفتوى اشترى حديدا لم يره وشرط على البائع تحميله إلى بلدة المشتري ثم رآه فلم يرض به وأراد فسخ البيع لخيار الرؤية أو بفساد العقد بسبب الشرط المذكور
والجواب أنه يلزمه تحميله إلى بلدة البائع ليرده عليه وإن كان الرد بسبب الفساد لما صرح به في جامع الفصولين أيضا من أن مؤنة رد المبيع فاسدا بعد الفسخ على القابض
قوله ( وإن رضي بالقول قبله ) قيد بالقول لأنه لو أجازه بالفعل بأن تصرف فيه يزول خياره كما في الشرنبلالية عن شرح المجمع
قوله ( أي قبل أن يراه ) أشار إلى أن الضمير المذكور في قبله عائد إلى المعنى المصدري لا إلى لفظ الرؤية المفهوم من قوله إذا رآه لأنه مؤنث
تأمل
وأجاب في البحر بأنه ذكر الضمير للمعنى أي لأن المراد من الرؤية العلم كما مر
قوله لأن خياره معلق بالرؤية بالنص أي بحديث من شترى شيئا لم يره فهو بلخيار إذا رآه إن شاء أخذه وإن شاء تركه قال في الدرر وفيه أن هذا استدلال بمفهوم الشرط ونحن لا نقول به ا هـ
قلت وجوابه أن الأصل في العقد اللزوم فلا يثبت الخيار إلا بدليله والنص إنما أثبته عند الرؤية فيبقى
____________________
(4/594)
ما وراءها على الأصل فالحكم ثابت بدليل الأصل لا بمفهوم الشرط
وهذا معنى قول الشارح ولا وجود للمعلق قبل الشرط وقال في الفتح والمعلق بالشرط عدم قبل وجوده والإسقاط لا يتحقق قبل الثبوت ا هـ أي إذا كان الخيار معلقا بالرؤية كان عدما قبلها فلا يصح إسقاطه بالرضا فافهم
قوله ( لعدم لزوم البيع ) بيان للفرق بين الفسخ والأجازة فإنها غير لازمة قبل الرؤية وهو لازم مع استوائهما في التعليق بالشرط في الحديث المار وذلك أن الفسخ له سبب آخر وعدم لزوم هذا العقد وما لا يلزم فللمشتري فسخه ولم يثبت للإجازة سبب آخر فبقيت على العدم وحاصله أنه غير لازم قبل الرؤية لجهالة المبيع وإذا رآه حدث له سبب آخر لعدم لزومه وهو الرؤية ولا مانع من اجتماع الأسباب على مسبب واحد أفاده في البحر
قوله ( غير مؤقت بمدة ) تفسير للإطلاق
قوله ( وهو الأصح ) وقيل مؤقت بوقت إمكان الفسخ بعد الرؤية حتى لو تمكن منه ولم يفسخ سقط خياره
بحر
قوله ( هو مبطل خيار الشرط ) كتعيب في يده وتعذر رد بعضه وتصرف لا يفسخ كالإعتاق وتوابعه أو يوجب حقا للغير كالبيع المطلق أي عن شرط الخيار للبائع والرهن والإجارة قبل الرؤية وبعدها وما لا يوجب حقا للغير بخيار أي للبائع والمساومة والهبة بلا تسليم بطل بعدها لا قبلها ملتقى
وفي جامع الفصولين باع بخيار لا يبطل به خيار الرؤية إلا في رواية وبخيار المشتري يبطل وكذا لو باع بيعا فاسدا وهلك بعض المبيع عند المشتري بطل خياره لأن خيار الرؤية يمنع تمام الصفقة فإذا تعذر رد بعضه بهلاك أو عيب بطل خياره ولو عرض بعضه بعد الرؤية على البيع أو قال رضيت ببعضه بطل خياره وكذا خيار العيب وكذا لو رآه فقبضه رسوله ا هـ قال في نور العين مسألة عرض بعضه على البيع ليست وفاقية لما في الخانية لو عرض بعضه على البيع بعد الرؤية بطل خياره عند محمد لا عند أبي يوسف ا هـ
قلت صاحب الخانية يقدم الأشهر فتدبر قوله ( مطلقا ) أي قبل الرؤية وبعدها كما علمت
قوله ( ومفيد الرضا ) نقل لعبارة الدرر بالمعنى لأنه قال ويبطله ما لا يوجب حق الغير كالبيع بالخيار والمساومة والهبة بلا تسليم بعد الرؤية لا قبلها لأن هذه التصرفات لا تزيد على صريح الرضا وهو إنما يبطله بعد الرؤية وأما التصرفات الأولى فهي أقوى لأن بعضها لا يقبل الفسخ وبعضها أوجب حق الغير فلا يملك إبطاله ا هـ
ثم اعلم أنه في الكنز اقتصر على قوله ويبطل بما يبطل به خيار الشرط فأورد عليه في البحر الأخذ بالشفعة والعرض على البيع والبيع بخيار للبائع والإجارة والإسكان بلا أجر والرضا بالمبيع قبل الرؤية فإنها تبطل خيار الشرط دون خيار الرؤية ا هـ
لكن الصواب إسقاطه
قوله والإجارة فإنها توجب حقا للغير وقد علمت أن مسألة العرض خلافية
ثم إن ما أورده في البحر احترز عنه الشارح بقول ومفيد الرضا بعد الرؤية لا قبلها فإن هذه الأشياء لا تبطل خيار الرؤية قبل الرؤية لأنها تفيد الرضا وصريح الرضا قبلها لا يبطله فلذا قال بعد الرؤية لا قبلها لكن يبقى إيراد البحر واردا على قوله وهو مبطل خيار الشرط مطلقا فإن هذه الأشياء تبطل خيار الشرط فيتوهم أنها تبطل خيار الرؤية قبلها وبعدها مع أنها لا تبطله قبلها لما علمت ولا يفيد قوله ومفيد الرضا الخ لأن بعض
____________________
(4/595)
ما يبطل خيار الشرط يفيد الرضا كالعتق والبيع ونحوهما من التصرفات ويبطل خيار الرؤية قبلها وبعدها
تنبيه عد في البحر مما يبطل خيار الرؤية قبض المبيع ونقد الثمن بعد الرؤية
زاد في جامع الفصولين كذا لو رآه فقبضه رسول ا هـ
وحمله إلى بيت المشتري فإذا رآه ليس له رده ما لم يرده إلى موضع العقد كما مر بيانه وكذا لو اشترى أرضا لم يرها وأعارها فزرعها المستعير وكذا لو شرى عدل ثياب فليس واحدا بطل خياره في الكل ا هـ
قوله ( فله الأخذ بالشفعة الخ ) تفريع على قوله لا قبلها أي إذا كان مفيد الرضا لا يبطل خيار الرؤية قبل الرؤية فلو شرى دارا ولم يرها فبيعت دار بجنبها فله أخد الثانية بالشفعة ولا يبطل خياره في الأولى حتى إذا رآها ولم يرض بها فله ردها بخيار الرؤية
قوله ( درر من خيار الشرط ) وكذا ذكره الشارح هناك عن المعراج بقوله بخلاف خيار رؤية وعيب
تنبيه إنما عزا ذلك إلى الدرر من خيار الشرط مع أنه في الدرر ذكره في هذا الباب متنا بقوله كذا طلب الشفعة بما لم يره لأنه جعله مبطلا لخيار الرؤية قبل الرؤية وهو غير صحيح
قوله ( خوف الغرر ) أي غرر البائع بسبب اعتماده على شرائه فلا يطلب لسلعته مشتريا آخر ط
قوله ( ولا خيار البائع ما يره في الأصح ) بأن ورث عينا فباعها لا خيار له بالإجماع السكوتي
در منتقى أي وقع الحكم بمحضر من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولم يرو عن أحد منهم خلافه فكان إجماعا سكوتيا كما بسطه في الفتح وهو قول الإمام المرجوع إليه كما في البحر وبه ظهر أن قوله في الأصح لا محل له لإيهامه أن مقابله صحيح مع أن ما رجع عنه المجتهد لم يبق قولا له لأنه في حكم المنسوخ
قوله ( وكفى رؤية ما يؤذن بالمقصود ) لأن رؤية جميع المبيع غير مشروط لتعذره فيكتفي برؤية ما يدل على العلم بالمقصود
هداية
والمراد أن رؤية ذلك قبل الشراء كافية في سقوط خياره بعده لأنه قد اشترى ما رأى فلا خيار له وليس المراد أنه لو اشترى قبل الرؤية ثم رأى ذلك يسقط خياره كما توهمه بعض الطلبة فاستشكله بأن خيار الرؤية غير موقت وأنه إذا رآه بعد الشراء لا يسقط إلا بقول أو فعل بدل على الرضا فكيف يسقط بمجرد رؤية ما يؤذن بالمقصود أفاده في النهر ويشير إليه الشارح
ولا شك أنه توهم ساقط وإلا لزم أن لا يثبت خيار الرؤية بعد الشراء إلا قبل الرؤية بعده ولا قائل به مع أن الرؤية بعد الشراء شرط ثبوت الخيار على ما مر
قوله ( كوجه صبرة ) المراد بها ما تتفاوت آحاده
قال في الفتح فإن دخل في البيع أشياء فإن كانت الآحاد لا تتفاوت كالمكيل والموزون وعلامته أن يعرض بالنموذج فيكتفي برؤية واحد منها في سقوط الخيار إلا إذا كان الباقي أردأ مما رأى فحينئذ يكون له الخيار أي خيار العيب لا خيار الرؤية
ذكره في الينابيع
وعلل في الكافي بأنه إنما رضي بالصفة التي رآها لا بغيرها ومفاده أنه خيار الرؤية وهو مقتضى سوق كلام المصنف أي صاحب الهداية والتحقيق أنه خيار عيب إذا كان اختلاف الباقي يوصله إلى حد العيب وخيار رؤية إذا كان لا يوصله إلى اسم المعيب بل الدون وقد يجتمعان فيما إذا اشترى ما لم يره فلم يقبضه حتى ذكر له البائع به عيبا ثم أراه المبيع في الحال ا هـ
وأقره في البحر
والحاصل أنه إذا كان الباقي أردأ مما رأى لا تكفي رؤية بعضه أي لا يسقط بها الخيار مطلقا وإنما يسقط
____________________
(4/596)
بها خيار الرؤية فقط ويبقى خيار العيب على ما في الينابيع أو يبقى معها خيار الرؤية على ما في الكافي والتحقيق التفصيل وهو أنه أن كان الباقي معيبا يبقى الخياران وإلا فخيار الرؤية فقط وبهذا التقرير سقط ما في النهر حيث قال وعندي أن ما في الكافي هو التحقيق وذلك أن هذه الرؤية إذا لم تكن كافية فما الذي أسقط خيار رؤيته حتى انتقل منه إلى خيار العيب فتدبره ا هـ
وهذا اعتراض على ما في الينابيع
والجواب أنها قد أسقطت خيار الرؤية وإنما لم تكن كافية في لزوم المبيع لأنه يبقى معها خيار العيب كما قررنا به كلام الينابيع وعلمت ما هو التحقيق
ثم قال في الفتح ثم السقوط برؤية البعض إذا كان في وعاء واحد فلو في أكثر فقيل كذلك وقيل لا بد من رؤية كل وعاء والصحيح الأول لأن رؤية البعض تعرف حال الباقي هذا إذا ظهر أن ما في الوعاء الآخر مثله أو أجود فلو أردأ فهو على خياره ا هـ
تنبيه قال في جامع الفصولين فإن قال المشتري لم أجد الباقي على تلك الصفة وقال البائع هو على تلك الصفة فالقول للبائع والبينة للمشتري ا هـ
ومثله في الخانية
ولا يخفى أن هذا إذا هلك النموذج الذي رآه وادعى المشتري مخالفة الباقي أما لو كان موجودا فإنه يعرض على من له خيرة بذلك فيتضح الحال لكن بقي شيء وهو أن هذا إنما يظهر لو كان المبيع حاضرا مستورا بكيس أو نحوه أما لو كان غائبا وأحضر له البائع النموذج وهلك ثم أحضر له الباقي فادعى المشتري أنه ليس على الصفة التي رآها في النموذج فينبغي أن يكون القول للمشتري لأنه منكر ضمنا كون ذلك هو المبيع بخلاف ما إذا كان حاضرا لاتفاقهما على أنه المبيع وإنما الاختلاف في الصفة وبهذا ظهر أن ما بحثه الرملي في حواشيه على الفصولين من أنه لو هلك النموذج فالقول للمشتري لإنكاره كون الباقي هو المبيع ضمنا محمول على ما لو كان غائبا كما قلنا وإلا خالفه صريح المنقول كما علمت فاغتنم هذا التحرير قوله ( ورقيق ) أي ووجه رقيق أو أكثر كما في السراج عبدا كان أو أمة لأن سائر الأعضاء في العبيد والإماء تبع للوجه ولذا تفاوتت القيمة إذا فرض تفارت الوجه مع تساوي الأعضاء ودل كلامه أنه لو نظر لسائر أعضائه غير الوجه لا يسقط خياره وبه صرح في السراج
نهر
ولا تشترط رؤية الكفين واللسان والأسنان والشعر عندنا
بحر
قوله ( تركب ) احتراز عن شاة اللحم أو القنية أو البقرة الحلوب أو الناقة كما في النهر ويأتي حكمها
قوله ( وكفلها ) أي مع كفلها بفتحتين بمعنى العجز وأفاد أن رؤية القوائم غير شرط وهو الصحيح
نهر
قوله ( في الأصح ) هو قول أبي يوسف واكتفى محمد برؤية الوجه
نهر
قوله ( وظاهر ثوب مطوي الخ ) لأن البادي يعرف ما في الطي فلو شرط فتحه لتضرر البائع بتكسر ثوبه ونقصان بهجته وبذلك ينقص ثمنه عليه إلا أن يكون له وجهان فلا بد من رؤيتهما أو يكون في طيه ما يقصد بالرؤية كالعلم قيل هذا في عرفهم أما في عرفنا فما لم ير باطن الثوب لا يسقط خياره لأنه استقر اختلاف الباطن والظاهر في الثياب وهو قول زفر
وفي المبسوط الجواب على ما قال زفر فتح وبحر
قلت ومقتضى التعليل الأخير أنه لو لم يختلف سقط الخيار إلا إذا ظهر باطنه أردأ من ظاهره فله الخيار على ما مر وبقي شيء لم أر من نبه عليه وهو ما لو كان المبيع أثوابا متعددة وهي نمط واحد لا تختلف عادة بحيث يباع كل واحد منها بثمن متحد ويظهر لي أنه يكفي رؤية ثوب منها إلا إذا ظهر الباقي أردأ وذلك لأنها تابع بالنموذج في عادة التجار فإذا كانت ألوانا مختلفة ينظرون من كل لون إلى ثوب واحد بل قد يقطعون من كل لون قطعة
____________________
(4/597)
قدر الأصبع ويلصقون القطع في ورقة فيعلم حال جميع الأثواب برؤية هذه الورقة ويكون طول الثوب وعرضه معلوما فإذا وجدت الأثواب كلها على الحال المرئي والمعلوم بلا تفاوت بينها ينبغي أن يسقط خيار الرؤية لأنها حينئذ تكون بمنزلة العددي المتقارب كالجوز والبيض إذ لا شك أنه قد يحصل تفاوت بين جوزة وجوزة ولكنه يسير لا ينقص الثمن فإذا كان نوع من الثياب على هذا الوجه لا يختلف ثوب منها عن ثوب اختلافا ينقص الثمن عادة كان كذلك ولا سيما إذا كانت الثياب من سدى واحد لأنه داخل تحت قول الهداية وغيرها أنه يكتفي برؤية ما يدل على العلم بالمقصود
وفي الزيلعي لو كان أشياء لا تتفاوت آحاده كالمكيل والموزون وعلامته أن يعرض بالنموذج يكتفي برؤية بعضه لجريان العادة بالاكتفاء بالبعض في الجنس الواحد ولوقوع العلم به بالباقي إلا كان إذا كان الباقي أردأ فله الخيار فيه وفيما رأى وإن كان آحاده تتفاوت وهو الذي لا يباع بالنموذج كالثياب والدواب والعبيد فلا بد من رؤية كل واحد من أفراده لأنه برؤية بعضها لا يقع العلم بالباقي للتفاوت ا هـ أي للتفاوت الفاحش بين عبد وعبد وثوب وثوب لكنه جعل المناط في الفرق تفاوت الآحاد وعدمه وعرضه في العرف بالنموذج وعدمه فيدل على أنه لو كان نوع من الثياب لا تتفاوت آحاده ويعرض بالنموذج في العادة كما قلنا فهو في حكم المكيل والموزون
وذكر في الهداية أنه يجوز السلم في المذروعات لأنه يمكن ضبطها بذكر الذرع والصفة والصنعة لا في الحيوان لأن فيه تفاوتا فاحشا في المالية باعتبار المعاني الباطنة فيفضي إلى المنازعة بخلاف الثياب لأنه مصنوع العباد فقلما يتفاوت الثوبان إذا نسجا على منوال واحد ا هـ
ومراده أنهما يتفاوتان قليلا كما في الفتح أي بحيث لا يعتبر عادة ولا يفضي إلى المنازعة فقد اغتفروا التفاوت اليسير في السلم الوارد على خلاف القياس لأنه بيع معدوم فينبغي أن يقال هنا كذلك ولهذا اكتفى في العددي المتقارب برؤية البعض في الصحيح خلافا للكرخي
هذا ما ظهر لي بحثا
قوله ( وقال زفر الخ ) قال في النهر قيل هذا قول زفر وهو الصحيح وعليه الفتوى واكتفى الثلاثة برؤية خارجها وكذا برؤية صحتها والأصح أن هذا بناء على عادتهم في الكوفة أو بغداد فإن دورهم لم تكن متفاوتة إلا في الكبر والصغر وكونها جديدة أو لا فأما في ديارنا فهي متفاوتة
قال الشارح الزيلعي لأن بيوت الشتوية والصيفية والعلوية والسفلية مرافقها ومطابخها وسطوحها مختلفة فلا بد من رؤية ذلك كله في الأظهر
وفي الفتح وهذا هو المعتبر في ديار مصر والشام والعراق وبهذا عرف أن كون ما في الكتاب قول زفر كما ظنه بعضهم غير واقع موقعه لأنه كان في زمانهم ولم يكتف برؤية الخارج فكان مذهبه عدم الاكتفاء به مطلقا ا هـ
كلام النهر
وحاصله أن أئمتنا الثلاثة اكتفوا برؤية خارج البيوت وصحن الدار لكونها غير متفاوتة في زمنهم وزفر كان في زمنهم وقد خالفهم فعلم أنه قائل باشتراط رؤية داخلها وإن لم تتفاوت وهذا خلاف ما صححوه من اشتراط رؤية داخلها في ديارنا لتفاوتها فيكون اختلاف عصر وزمان أما خلاف زفر فهو اختلاف حجة وبرهان لا اختلاف عصر وزمان
قوله ( ومثله الكرم والبستان ) فلا بد في البستان من رؤية ظاهره وباطنه وفي الكرم لا بد من رؤية العنب من كل نوع شيئا وفي الرمان لا بد من رؤية الحلو والحامض وفي الثمار على رؤوس الأشجار تعتبر رؤية جميعها بخلاف الموضوعة على الأرض
بحر
وذكر في فصل ما يدخل في البيع تبعا اشترى الثمار على
____________________
(4/598)
رؤوس الأشجار فرأى من كل شجرة بعضها يثبت له خيار الرؤية ا هـ
وهذا ينافي ما ذكره في الكرم ولعله يفرق بين ما إذا اشترى الشجر بثمره فيكفي أن يرى من كل نوع شيئا وبين ما إذا اشترى الثمر مقصودا فتأمل
قوله ( شاة قنية ) هي التي تحبس في البيوت لأجل النتاج من اقتنيته اتخذته لنفسي
قنية أي للنسل لا للتجارة
بحر
فقوله للدر والنسل تفسير لها
قوله ( مع ضرعها ) قال في البحر بعد عزوه للظهيرية فليحفظ فإن في بعض العبارات ما يوهم الاقتصار على رؤية ضرعها ا هـ
لكن في النهر الظاهر أنه لو اقتصر عليه كفاه كما جزم به غير واحد
قوله ( وشم مشموم ) وفي دفوف المغازي لا بد من سماع صوتها لأن العلم بالشيء يقع باستعمال آلة إدراكه ولا يسقط خياره حتى يدركه
زيلعي
قوله ( لوجود الحائل ) فهو لم ير الدهن حقيقة
وفي التحفة لو نظر في المرآة فرأى المبيع قالوا لا يسقط خياره لأنه ما رأى عينه بل مثاله ولو اشترى سمكا في ماء يمكن أخذه بلا اصطياد فرآه فيه قيل يسقط خياره لأنه رأى عين المبيع وقيل لا لأنه لا يرى في الماء على حاله بل يرى أكبر مما كان فهذه الرؤية لا تعرف المبيع
بحر
قوله ( وكفى رؤية وكيل قبض وشراء ) فلا خيار له ولا لموكله وهذا لو بشراء شيء لا بعينه
ففي المعين ليس للوكيل خيار رؤية وإذا شرى ما رآه موكله ولم يعلم به الوكيل فله الخيار إذا لم يره كما في جامع الفصولين واحترز عما لو وكله بالرؤية مقصودا وقال إن رضيته فخذه لا يصح ولا تصير رؤيته كرؤية موكله جامع الفصولين
قال في البحر لأنها من المباحات لا تتوقف على توكيل إلا إذا فوض إليه الفسخ والإجازة لما في المحيط وكله بالنظر إلى ما شراه ولم يره إن رضي يلزم العقد وإن لم يرض يفسخ يصح لأنه جعل الرأي والنظر إليه فيصح كما لو فوض الفسخ والإجازة إليه في البيع بشرط الخيار ا هـ
قال في النهر ودل كلامه أن رؤيته قبل التوكيل به لا أثر لها فلا يسقط بها الخيار كما في الفتح وغيره
قوله ( لا رؤية رسول المشتري ) سواء كان رسولا بالقبض أو بالشراء زيلعي
قوله ( وبيانه في الدرر ) حيث قال اعلم أن ها هنا وكيلا بالشراء ووكيلا بالقبض ورسولا
وصورة التوكيل بالشراء أن يقول كن وكيلا عني بشراء كذا وصورة التوكيل بالقبض أن يقول كن وكيلا عني بقبض ما اشتريته وما رأيته
وصورة الرسالة أن يقول كن رسولا عني بقبضه فرؤية الوكيل الأول تسقط الخيار بالإجماع ورؤية الثاني تسقط عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا قبضه ناظرا إليه فحينئذ ليس له ولا للموكل أن يرده إلا بعيب
وأما إذا قبضه مستورا ثم رآه فأسقط الخيار فإنه لا يسقط لأنه لما قبضه مستورا انتهى التوكيل بالقبض الناقص فلا يملك إسقاطه قصدا لصيرورته أجنبيا وإن أرسل رسولا بقبضه فقبضه بعدما رآه فللمشتري أن يرده
وقالا الوكيل بالقبض والرسول سواء في أن قبضهما بعد الرؤية لا يسقط خيار المشتري ا هـ ح
قال في الشرنبلالية وفيه نظر لأنه لا خلاف في هذه الحالة وما الخلاف إلا في نظر الوكيل بالقبض حالة قبضه لا في نظره السابق على قبضه ولا المتأخر عنه كما في التبيين ا هـ ط
____________________
(4/599)
تنبيه نقل في البحر عن الفوائد أن صورة الرسالة أن يقول كن رسولا عني في قبضه أو أمرتك بقبضه أو أرسلتك لتقبضه أو قل لفلان أن يدفع المبيع إليك وقيل لا فرق بين الرسول والوكيل في فصل الأمر بأن قال اقبض المبيع فلا يسقط الخيار ا هـ
وذكر في البحر من كتاب الوكالة عن البدائع أن الإيجاب من الموكل أن يقول وكلتك بكذا أو افعل كذا أو أذنت لك أن تفعل كذا ونحوه ا هـ
فهذا صريح في أن الأمر والإذن توكيل لكن ذكر هناك عن الولوالجية ما يذل على أن الأمر توكيل إذا دل على إنابة المؤمور مناب الآمر وسيأتي تحريره هناك إن شاء الله تعالى وكتب هنا في تنقيح الحامدية بعض ذلك فراجعه
قوله ( ولغيره ) كأن يكون وصيا أو وكيلا
مطلب الأعمى كالبصير إلا في مسائل قوله ( إلا في اثنتي عشرة مسألة ) قال في الأشباه وهو كالبصير إلا في مسائل منها لا جهاد عليه ولا جمعة ولا جماعة ولا حج وإن وجد قائدا ولا يصلح للشهادة مطلقا على المعتمد والقضاء والإمامة العظمى ولا دية في عينه وإنما الواجب الحكومة
وتكره إمامته إلا أن يكون أعلم القوم ولا يصح عتقه عن كفارة ولم أر حكم ذبحه وصيده وحضانته ورؤيته لما اشتراه بالوصف وينبغي أن يكره ذبحه
أما حضانته فإن أمكنه حفظ المحضون كان أهلا وإلا فلا ويصلح ناظرا ووصيا والثانية في منظومة ابن وهبان والأولى في أوقاف هلال كما في الأسعاف ا هـ
وقوله ولا يصلح للشهادة مطلقا أي ولو فيما تقبل فيه الشهادة بالتسامع وقوله ولا يصح عتقه مصدر مضاف لمفعوله أي أن يعتقه سيده عن كفارته وقوله ولم أر الخ عبارته في البحر ويكره ذبحه ولم أر حكم صيده ورميه واجتهاده في القبلة وقوله ورؤيته لما اشتراه بالوصف رؤيته مبتدأ خبره قوله بالوصف أي علمه بالمبيع المحتاج للرؤية بالوصف وقوله ويصلح ناظرا ووصيا ليس من المستثنيات لأنه وافق فيه البصير
قوله ( وسقط خياره بحبس مبيع الخ ) محمول على ما إذا وجد منه الجس ونحوه قبل الشراء أما إذا اشترى قبل أن يوجد منه ذلك لا يسقط خياره بوجوده بل يثبت باتفاق الروايات ويمتد إلى أن يوجد منه ما يدل على الرضا من قول أو فعل في الصحيح
شرنبلالية عن الزيلعي
قوله ( وكذا كل ما لا يعرف بجس الخ ) ظاهره أن ما يعرف بالجس ونحوه لا يكفي فيه الوصف وكذا عكسه وأنه لا يشترط اجتماع الوصف والجس لكن في المعراج وعن أبي يوسف اعتبار الوصف في غير العقار
وقال أئمة بلخ يمس الحيطان والأشجار
وعن محمد يعتبر اللمس في الثياب والحنطة ثم قال وبالجملة ما يقف به على صفة المبيع فهو المعتبر فحينئذ لا تختلف هذه الروايات في المعنى لأن الخيار ثابت للأعمى لجهله بصفات المبيع فإذا زال ذلك بأي وجه كان يسقط خياره ا هـ
تنبيه في البحر عن البدائع لا بد في الوصف للأعمى من كون المبيع على ما وصف له ليكون في حقه بمنزلة الرؤية في حق البصير
قوله ( أو بنظر وكيله ) أي وكيل الشراء أو القبض لا وكيل النظر إلا إذا فوض إليه الفسخ والإجازة على ما مر
قوله ( بعد ذلك ) أي من الجس ونحوه أو الوصف أو نظر الوكيل
قوله ( فلا خيار له ) لأنه سقط فلا يعود إلا بسبب جديد ولو اشترى البصير ثم عمى انتقل الخيار إلى الوصف
بحر
قوله ( لا أنها )
____________________
(4/600)
أي الرؤية بهذه المذكورات
قوله ( كما غلط فيه بعضهم ) أي بعض الطلبة وقدمنا بيانه
قوله ( أو يتعيب ) بالجزم عطفا على مدخول لم وهو يوجد لا على قول لأن التعيب والهلاك ليسا من المشتري البتة وإنما امتنع الرد بهلاك البعض لأنه يلوم عليه تفريق الصفقة كما يأتي
قوله ( ولو قبل الرؤية ) مبالغة على قوله أو يتعيب أو يهلك بعضه وأما الفعل فمنه ما يسقط بعد الرؤية فقط ومنه ما يسقط مطلقا ومر بيانه
قوله ( ولا عيب ) لم يذكره في النهر بل في البحر عن الولوالجية وبه سقط ما بحثه الحموي في شرحه أنه لو وجده بعد إخراجه منقطع الرائحة فالظاهر أن له رده بخيار العيب لأنه بحث مخالف للمنقول بل وللمعقول إذ كيف يسوغ الرد بعد حدوث عيب جديد
قوله ( ويدخل عليه عيبا ظاهرا ) حتى لو لم يدخل كان له أن يرد بخيار العيب والرؤية جميعا
بحر
قوله ( لتفريق الصفقة ) يأتي بيانه
واستفيد منه أنه لو رآهما فرضي بأحدهما أنه لا يرد الآخر
بحر
قوله ( قاصدا لشرائه عند رؤيته ) فلو قصد شراءه ثم رآه لكنه عندها لم يقصد الشراء ثم شراه يثبت له الخيار للعلة المذكورة ط
قوله ( قال المصنف الخ ) قال الخير الرملي هو خلاف الظاهر من الرواية وقد ذكره في جامع الفصولين أيضا بصيغة وقيل وهي صيغة التمريض فكيف يعول عليه في متنه والمتون موضوعة لما هو الصحيح من المذهب تأمل ا هـ
كذا رده المقدسي بأنه مناف لإطلاقاتهم
قوله ( فلو لم يعلم به ) كأن رأى جارية ثم اشترى جارية متنقبة لا يعلم أنها التي كان رآها ثم ظهرت إياها فإن له الخيار لعدم ما يوجب الحكم عليه بالرضا أو رأى ثوبا فلف في ثوب وبيع فاشتراه وهو لا يعلم أنه ذلك
فتح
قوله ( ولا يعرفه ) أي الباقي
بحر
قوله ( وكذا لو كانا ملفوفين الخ ) في البحر عن الظهيرية لو رأى ثوبين ثم اشتراهما بثمن متفاوت ملفوفين فله الخيار لأنه ربما يكون الأردأ بأكثر الثمين وهو لا يعلم ا هـ أي بأن اشترى أحدهما بعينه بعشرة والآخر بعينه بعشرين مثلا فإنه لا يعلم وقت الشراء أن الذي قابله العشرون جيد أو رديء أما لو شرى أحدهما بعشرين ولم يعينه فسد البيع لجهالة المبيع ولو اشترى كل واحد بعشرة فلا خيار له لأنه عالم بأوصاف المعقود عليه حالة الشراء حيث سوى بينهما في الثمن لأنه دليل تساويهما في الوصف فيكون عالما بأوصاف المعقود عليه حالة الشراء
ذخيرة
وبه علم أن علة الخيار في الأولى هي جهل وصف المبيع وقت الشراء وإن تبين أن الثمن الأدنى للأعلى فافهم
وأيضا فيه احتمال دخول الضرر على المشتري فيما لو ظهر الأحسن معيبا وكان ثمنه أقل فإنه يرده على البائع بالثمن الأقل ويبقى عليه الأدنى بالثمن الأعلى
قوله ( ولو سمى الخ ) هذا
____________________
(4/601)
تفصيل لمسألة الثوبين الملفوفين المذكورة في الشرح كما ظهر لك مما نقلناه عن الذخيرة وقد جعله المصنف تفصيلا لقوله رأى ثيابا الخ والظاهر أن الحكم فيها كذلك
تأمل
قوله ( والقول للبائع الخ ) هذا من تتمة قوله فلا خيار له إلا إذا تغير فكان المناسب ذكره عقبه كما هو الواقع في كثير من الكتب حتى في الهداية والملتقى والكنز والغرر
قوله ( عملا بالظاهر ) فإن الظاهر أنه لا يبقى الشيء في دار التغير وهي الدنيا زمانا طويلا لم يطرقه التغير
قال محمد أرأيت لو رأى جارية ثم اشتراها بعد عشر سنين أو عشرين وقال تغيرت أن لا يصدق بل يصدقه لأن الظاهر شاهد له
قال شمس الأئمة وبه يفتى الصدر الشهيد والإمام المرغيناني فيقول إن كان لا يتفاوت في تلك المدة غالبا فالقول للبائع وإن كان التفاوت غالبا فالقول للمشتري
مثاله لو رأى دابة أو مملوكا فاشتراه بعد شهر وقال تغير فالقول للبائع لأن الشهر في مثله قليل
فتح
والمراد التغير بنقصان بعض الصفات كنقص الحسن أو القوة لا بعروض عيب لأن عروضه قد يكون في أقل من شهر وبه يثبت خيار العيب
قوله ( لو اختلفا في أصل الرؤية ) بأن قال له البائع رأيت قبل الشراء وقال المشتري ما رأيته وكذا لو قال له رأيت بعد الشراء ثم رضيت فقال رضيت قبل الرؤية كما في البحر
قوله ( لأنه ينكر الرؤية ) أي وهي أمر عارض والأصل عدمه
وبقي ما لو رأى النموذج وهلك ثم ادعى مخالفته للباقي وقدمنا بيانه
قوله ( في بيع بات ) كذا في النهر والفتح
والظاهر أنه أراد به اللازم وهو ما لا خيار فيه بقرينة المقابلة ولذا قال ح الظاهر أن الرد فيه بالإقامة ا هـ
فافهم قوله ( والفرق ) أي بين ما القول فيه للمشتري وما القول فيه للبائع مع الخيارات الثلاث وبيانه ما في الفتح والنهر أن المشتري في الخيار ينفسخ العقد بفسخه بلا توقف على رضا الآخر بل على علمه وإذا انفسخ يكون الاختلاف بعد ذلك في المقبوض والقول فيه للقابض ضمينا كان أو أمينا كالغاصب والمودع وفي العيب لا ينفرد لكنه يدعي ثبوت حق الفسخ فيما أحضره والبائع ينكره والقول قول المنكر ا هـ
ثم اعلم أن هذا في الاختلاف في المردود عند الفسخ أما لو اختلفا في تعيين ما فيه خيار الشرط عند الإجازة ممن له الخيار فقد ذكره في البحر عن الظهيرية وقدمنا حاصله قبيل هذا الباب
قوله ( اشترى عدلا ) بسكر العين هو أحد فردتي الحمل
قوله ( من متاع ) هو ما يتمتع به من ثياب ونحوها وهذا من القيميات ولم أر من ذكر المثليات من مكيل وموزون
والظاهر أنه لا فرق بينهما في هذا الحكم لأنه إذا كانت العلة تفريق الصفقة فهو غير جائز في المثلي أيضا كما قدمناه أول البيوع عند قوله كل المبيع بكل الثمن وسيأتي حكم الرد بالعيب في المثليات في الباب الآتي عند قوله أو كان المبيع طعاما فأكله أو بعضه
قوله ( ولم يره ) قيد به ليمكن تأتي خيار الرؤية فيه ولا ينافيه ذكر خيار العيب والشرط لأنهما قد يجتمعان مع خيار الرؤية فافهم
قوله ( أو ليس ) أي حتى تغير كافي الحكم
قال الخير الرملي وكذا لو استهلكه أو هلك أو كان عبدا فمات أو أعتقه كما صرح به في التتارخانية ا هـ
وفي الحاوي اشترى أربعة برود على أن كلا منها ستة عشر ذراعا فباع أحدها ثم ذرع البقية فإذا هي خمس عشرة
____________________
(4/602)
فله رد البقية
قوله ( بعد القبض ) قيد به في الجامع الصغير وكأن المصنف استغنى عنه بقوله باع لأن ما لم يقبض لا يصح بيعه ولا هبته
نهر أي لا يصح بيعه لو منقولا بخلاف العقار وأفاد أنه قبل القبض لا فرق بين الخيارات الثلاث في أنه لا يرد الباقي كما يعلم مما يأتي
قوله ( رده ) أي الباقي من العدل
قوله ( الأصل أن رد البعض ) أي بعض المبيع كرد باقي العدل ورد أحد الثوبين فيما لو رأى أحدهما ثم رأى الآخر في مسألة المتن المارة وأمثال ذلك
قوله ( يوجب تفريق الصفقة ) أي تفريق العقد بأن يوجب الملك في بعض المبيع دون البعض وقدمنا أول البيوع ما يوجب تفريقها وعدمه وسمي العقد صفقة للعادة في أن المتبايعين يصفق كفه في كف الآخر
قوله ( يمنعان تمامها ) فإن خيار الرؤية مانع من التمام أما خيار الشرط فإنه مانع ابتداء لكن ما يمنع الابتداء يمنع التمام وأطلقه فشمل ما قبل القبض أو بعده وذلك لأن له الفسخ بغير قضاء ولا رضا فيكون فسخا من الأصل لعدم تحقق الرضا قبله لعدم العلم بصفات المبيع ولذا لا يحتاج إلى القضاة أو الرضا كما في الفتح
قوله ( وخيار العيب يمنعه ) أي يمنع تمام الصفقة قبل القبض ولذا يفسخ بقوله رددت ولا يحتاج إلى رضا البائع ولا إلى القضاء ولا يمنعه بعده ولذا لو رده بعده لا ينفسخ إلا برضا البائع أو بحكم
قوله ( وهل يعود خيار الرؤية الخ ) أي يأن عاد الثوب الذي باعه من العدل أو وهبه بسبب هو فسخ محض كالرد بخيار الرؤية أو الشرط أو العيب بالقضاء أو الرجوع في الهبة فهو أي مشتري العدل على خياره فله أن يرد الكيل بخيار الرؤية لارتفاع المانع من الأصل وهو تفريق الصفقة كما ذكره شمس الأئمة السرخسي عن أبي يوسف لا يعود لأن الساقط لا يعود كخيار الشرط إلا بسبب جديد وصححه قاضيخان وعليه اعتماد القدوري وحقيقة الملحظ مختلفة فشمس الأئمة لحظ البيع والهبة مانعا زال فيعمل المقتضي وهو خيار الرؤية عمله ولحظه الثاني مسقطا فلا يعود بلا سبب وهذا أوجه لأن نفس التصرف يدل على الرضا ويبطل الخيار قبل الرؤية وبعدها
فتح
وادعى في البحر أن الأول أوجه ورده في النهر
قوله ( ليس للبائع مطالبته بالثمن قبل الرؤية ) لعدم تمام العقد قبلها
قوله ( فلهما الخيار ) أي باعتبار أن كلا منهما مشتر للعين التي باعها للآخر
قوله ( لم يبطل البيع في الجارية بحصة الألف ) أي بل يبطل بحصة العبد فإن كانت قيمته خمسمائة مثلا بطل البيع في ثلث الجارية وبقي في حصة الألف وهي الثلثان منها
قوله ( لما مأ أنه لا خيار في الدين ) أي مر أول الباب في قوله فليس في ديون ونقود الخ وإذا لم يكن له خيار في الألف يبقى البيع لازما من الجارية بقدر
____________________
(4/603)
الألف
قوله ( ثم يبيع الثوب مع الضيعة ) أي ويسلمهما للمشتري لتتم الصفقة
قوله ( ثم المقر له يستحق الثوب ) أي بإقامة البينة على إقرار البائع
والظاهر أن هذا مبني على القول بأن الإقرار يفيد الملك للمقولة أما على المعتمد من عدمه فلا يحل ذلك ديانة فالأظهر في الحلية أن يبيع الثوب لإنسان ثم يبيعه من الضيعة
تأمل قوله ( للزوم تفريق الفقة ) لأنه لما قبض الثوب والضيع تمت الصفقة وتفريقها بعد التمام لا يجوز بخلاف ما لو قبض أحدهما دون الآخر ثم استحق أحدهما له الخيار لتفرقها قبل التمام كما في الفتح وفي الدرر من فصل الاستحقاق ولا يثبت له خيار العيب هنا لأن استحقاق الثوب لا يورث عيبا في الضيعة بخلاف ما إذا كان المعقود عليه شيئا واحدا مما في تبعيضه ضرر كالدار والعبد فإنه بالخيار إن شاء رضي بحصته من الثمن وإن شاء رد
وكذا إذا كان المعقود عليه شيئين وفي الحكم كشيء واحد فاستحق أحدهما كالسيف بالغمد والقوس بالوتر فله الخيار في الباقي ا هـ
قوله ( إلا في الشفعة ) ليس على إطلاقه لأن الشفيع لو أراد أخذ بعض المبيع وترك الباقي لم يملك جبرا على المشتري لضرر تفريق الصفقة وكذا لو كان المبيع في مصرين بيعتا صفقة واحدة ليس لشفيعهما أخذ إحداهما فقط إلا على قول زفر قيل وبه يفتى
أما لو كان شفيعا لإحداهما له أخذها وحدها إحياء لحقه كما سيأتي في بابها إن شاء الله تعالى
ففي الفرع الأخير تفريق الصفقة للضرورة وهذا هو المراد من قول الشارح في آخر الشفعة لو كانت دار الشفيع ملاصقة لبعض المبيع كان له الشفعة فيما لاصقه فقط ولو فيه تفريق الصفقة ا هـ
فالمراد بعض المبيع إحدى الدارين كما قيده محشي الأشباه وغيره بخلاف الدار الواحدة والعلة ما ذكرنا فافهم
قوله ( شرى شيئين ) أي قيميين وهذه المسألة سيأتي تفصيلها في الباب الآتي
قوله ( لما مر ) أي قريبا من أن خيار العيب يمنع تمام الصفقة قبل القبض إلا بعده والله سبحانه وتعالى أعلم 5
____________________
(4/604)
باب خيار العيب تقدم وجه ترتيب الخيارات والإضافة فيه من إضافة الشيء إلى سببه والعيب والعيبة والعاب بمعنى واحد يقال عاب المتاع أي صار ذا عيب وعابه زيد يتعدى ولا يتعدى فهو معيب ومعيوب أيضا على الأصل ا هـ فتح
ثم إن خيار العيب يثبت بلا شرط ولا يتوقف ولا يمنع وقوع الملك للمشتري ويورث ويثبت في الشراء والمهر وبدل الخلع وبدل الصلح عن دم العمد وفي الإجارة ولو حدث بعد العقد والقبض بخلاف البيع وفي القسمة والصلح عن المال وبسط ذلك في جامع الفصولين
قوله ( ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة ) زاد في الفتح مما يعد به ناقصا ا هـ أي لأن ما لا ينقصه لا يعد عيبا قال في الشرنبلالية والفطرة الخلقة التي هي أساس الأصل ألا ترى أنه لو قال بعتك هذه الحنطة وأشار إليها فوجدها المشتري رديئة لم يكن علمها ليس له خيار الرد بالعيب لأن الحنطة تخلق جيدة
____________________
(5/3)
ورديئة ووسطا والعيب ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة عن الآفات العارضة لها فالحنطة المصابة بهواء منعها تمام بلوغها الإدراك حتى صارت رقيقة الحب مغيبة كالعفن والبلل والسوس ا هـ
قلت وعن هذا قال في جامع الفصولين لا يرد البر برادءته لأنها ليست بعيب ويرد المسوس والعفن وكذا لا يرد إناء فضة برداءته بلا غش وكذا الأمة لا ترد بقبح الوجه وسواده ولو كانت محترقة الوجه لا يستبين لها قبح ولا جمال فله ردها ا هـ
وفيه واقعة شرى فرسا فوجده كبير السن قيل ينبغي أن لا يكون له الرد إلا إذا شراه على أنه صغير السن لما مر من مسألة حمار وجده بطيء السير ا هـ
قوله ( وشرعا ما أفاده الخ ) أي المراد في عرف أهل الشرع بالعيب الذي يرد به المبيع ما ينقص الثمن أي الذي اشترى به كما في الفتح قال لأن ثبوت الرد بالعيب لتضرر المشتري وما يوجب نقصان الثمن يتضرر به ا هـ
وعبارة الهداية وما أوجب نقصان الثمن في عادة التجارة فهو عيب لأن التضرر بنقصان المالية وذلك بانتقاص القيمة ا هـ
ومفاده أن المراد بالثمن القيمة لأن الثمن الذي اشتراه به قد يكون أقل من قيمته بحيث لا يؤدي نقصانها بالعيب إلى نقصان الثمن به
والظاهر أن الثمن لما كان في الغالب مساويا للقيمة عبروا به
تأمل
والضابط عند الشافعية أنه المنقص للقيمة أو ما يفوت له غرض صحيح بشرط أن يكون الغالب في أمثال المبيع عدمه فأخرجوا بفوات الغرض الصحيح ما لو بان فوات قطعة يسيرة من فخذه أو ساقه بخلاف ما لو قطع من أذن الشاة ما يمنع التضحية فله ردها وبالغالب ما لو كانت الأمة ثيبا من أن الثيابة تنقص القيمة لكنه ليس الغالب عدم الثيابة ا هـ
قال في البحر وقواعدنا لا تأباه للمتأمل ا هـ
قلت ويؤيده ما في الخانية وجد الشاة مقطوعة الأذن إن اشتراها للأضحية له الرد وكذا كل ما يمنع التضحية وإن لغيرها فلا ما لم يعده الناس عيبا والقول للمشتري أنه اشتراها للأضحية لو في زمانها وكان من أهل أن يضحي ا هـ
وكذا ما في البزازية اشترى شجرة ليتخذ منها الباب فوجدها بعد القطع لا تصلح لذلك رجع بالنقص إلا أن يأخذ البائع الشجرة كما هي ا هـ
فقد اعتبر عدم غرض المشتري عيبا موجبا للرد ولكنه يرجع بالنقص لأن القطع مانع من الرد وفيها أيضا اشترى ثوبا أو خفا أو قلنسوة فوجده صغيرا له الرد ا هـ
أي لا يصلح لغرضه
وفيها لو كانت الدابة بطيئة السير لا يرد إلا إذا شرط أنها عجول ا هـ أي لأن بطء السير ليس الغالب عدمه فإن كلا من البطء والعجلة يكون في أصل الفطرة السليمة
وفيها اشترى دابة فوجدها كبيرة السن ليس له الرد إلا إذا شرط صغرها وسيأتي أن الثيوبة ليست بعيب إلا إذا شرط عدمها أي فله الرد لفقد الوصف المرغوب وبما ذكرنا من الفروع ظهر أن قولهم في ضابط العيب من ينقص الثمن عند التجارة مبين على الغالب وإلا فهو غير جامع وغير مانع
أما الأول فلأنه لا يشمل مسألة الشجرة والثوب والخف والقلنسوة وشاة الأضحية لأن ذلك وإن لم يصلح لهذا المشتري يصلح لغيره فلا ينقص الثمن مطلقا
وأما الثاني فلأنه يدخل فيه مسألة الدابة والأمة الثيب فإن ذلك ينقص الثمن مع أنه غير
____________________
(5/4)
عيب فعلم أنه لا بد من تقييد الضابط بما ذكره الشافعية
والظاهر أنهم لم يقصدوا حصر العيب فيما ذكر لأن عبارة الهداية والكنز وما أوجب نقصان الثمن عند التجار فهو عيب فإن هذه العبارة لا تدل على أن غير ذلك لا يسمى عيبا فاغتنم هذا التحرير
ثم اعلم أنه لا بد أن يكون العيب في نفس المبيع لما في الخانية وغيرها رجل باع سكنى له في حانوت لغيره فأخبر المشتري أن أجرة الحانوت كذا فظهر أنها أكثر قالوا ليس له الرد بهذا السبب لأن هذا ليس بعيب في البيع ا هـ
قلت المراد بالسكنى ما يبنيه المستأجر في الحانوت ويسمى في زماننا بالكدك كما مر أول البيوع لكنه اليوم تختلف قيمته بكثرة أجرة الحانوت وقلتها فينبغي أن يكون ذلك عيبا
تأمل
قوله ( من وجد بمشريه الخ ) أطلقه فشمل ما إذا كان به عند البيع أو حدث بعده في يد البائع
بحر
بخلاف ما إذا كان قبله وزال ثم عاد عند المشتري لما في البزازية لو كان به عرج فبرأ بمعالجة البائع ثم عاد عند المشتري لا يرده وقيل يرده إن عاد بالسبب الأول
تنبيه لا بد في العيب أن يتمكن من إزالته بلا مشقة فخرج إحرام الجارية ونجاسة ثوب لا ينقص بالغسل لتمكنه من تحليلها وغسله وأن يكون عند البائع ولم يعلم به المشتري ولم يكن البائع شرط البراءة منه خاصا أو عاما ولم يزل قبل الفسخ كبياض انجلى وحمى زالت
نهر
فالقيود خمسة وجعلها في البحر ستة فقال الثاني أن لا يعلم به المشتري عند البيع
الثالث أن لا يعلم به عند القبض وهي في الهداية ا هـ
لكن قال في الشرنبلالية إنه يقتضي أن مجرد الرؤية رضا ويخالفه قول الزيلعي ولم يوجد من المشتري ما يدل على الرضا به بعد العلم بالعيب ا هـ
وكذا قول المجمع ولم يرض به بعد رؤيته ا هـ
قلت صرح في الذخيرة بأن قبض المبيع مع العلم بالعيب رضا بالعيب فما في الزيلعيو المجمع لا يخالف ما مر عن الهداية لأن ذاك جعل نفس القبض بعد رؤية العيب رضا وما في الزيلعي صادق عليه ويدل عليه أن الزيلعي قال والمراد به عيب كان عند البائع وقبضه المشتري من غير أن يعلم به ولم يوجد من المشتري ما يدل على الرضا به بعد العلم بالعيب فقوله وقبضه الخ يدل على أنه لو قبضه عالما بالعيب كان قبضه رضا فقوله ولم يوجد من المشتري الخ أعم مما قبله أو أراد به ما لو علم بالعيب بعد القبض
تتمة في جامع الفصولين لو علم المشتري إلا أنه لم يعلم أنه عيب ثم علم ينظر إن كان عيبا بينا لا يخفى على الناس كالغدة ونحوها لم يكن له الرد وإن خفي فله الرد ويعلم منه كثير من المسائل ا هـ
وفي الخانية إن اختلف التجار فقال بعضهم إنه عيب وبعضهم لا ليس له الرد إذا لم يكن عيبا بينا عند الكل ا هـ
قوله ( ولو يسيرا ) في البزازية اليسير ما يدخل تحت تقويم المقومين وتفسيره أن يقوم سليما بألف ومع العيب بأقل وقومه آخر من العيب بألف أيضا
والفاحش ما لو قوم سليما بألف وكل قوموه مع العيب بأقل ا هـ
قوله ( بكل تجارة ) الأولى من كل تجارة
قال ح يعني أنه يعتبر في كل تجارة أهلها وفي كل صنعة أهلها
قوله ( أخذه بكل الثمن أو رده ) أطلقه فشمل ما إذا رده فورا أو بعد مدة لأنه على التراخي كما سيذكره المصنف ونقل ابن الشحنة
____________________
(5/5)
عن الخانية لو علم بالعيب قبل القبض فقال أبطلت البيع بطل لو بحضرة البائع وإن لم يقبل ولو في غيبته لا يبطل إلا بقضاء أو رضا ا هـ
وفي جامع الفصولين لو رده بعد قبضه لا ينفسخ إلا برضا البائع أو بحكم
قال الرملي وقوله إلا برضا البائع يدل على أنه لو وجد الرضا بالفعل كتسلمه من المشتري حين طلبه الرد ينفسخ البيع لأن من المقرر عندهم أن الرضا يثبت تارة بالقول وتارة بالفعل وقدم في بيع التعاطي لو ردها بخيار عيب والبائع متيقن أنها ليست له فأخذها ورضي فهي بيع بالتعاطي كما في الفتح
وفيه أيضا أن المعنى يقوم مقام اللفظ في البيع ونحوه ا هـ
وأما ما يقع كثيرا من أنه إذا اطلع على عيب يرد المبيع إلى منزل البائع ويقول دونك دابتك لا أريدها فليس برد وتهلك على المشتري ولو تعهدها البائع حيث لم يوجد بينهما فسخ قولا أو فعلا
قوله ( ما لم يتعين إمساكه ) قيد للتخيير بين الأخذ والرد فإذا وجد ما يمنع الرد تعير الأخذ لكن في بعض الصور يرجع بنقصان العيب وفي بعضها لا يرجع كما يأتي قريبا وكذا سيأتي عند قول المصنف حدث عيب آخر عند المشتري رجع بنقصانه
ومما يمنع الرد ما في الذخيرة اشترى من آخر عبدا وباعه من غيره ثم اشتراه من ذلك الغير فرأى عيبا كان عند البائع الأول لم يرده على الذي اشتراه منه لأنه غير مفيد إذ لو رده يرده الآخر عليه ولا على البائع الأول لأن هذا الملك غير مستفاد من جهته ا هـ
ولو وهبه البائع الثمن ثم وجد بالمبيع عيبا قيل لا يرد وقيل يرد ولو قبل القبض يرده اتفاقا خانية
ثم جزم بالقول الثاني وجزم في البزازية بالأول ومن ذلك ما في كافي الحاكم اشتريا جارية فوجدا بها عيبا فرضي أحدهما لم يكن للآخر ردها عنده وله رد حصته عندهما
قوله ( كحلالين أحرما أو أحدهما ) يعني إذا اشتراه أحد الحلالين من الآخر صيدا ثم أحرما أو أحدهما ثم وجد المشتري به عيبا امتنع رده ورجع بالنقصان ا هـ ح عن البحر
فالمراد بتعين إمساكه عدم رده على البائع فلا ينافي وجوب إرساله كما مر في الحج
قوله ( وقيمته ثلاثة آلاف ) الظاهر أن المدار على الزيادة التي تركها يكون مضرا ا هـ ط
قوله ( للإضرار الخ ) قلت قد يكون العيب مرضا يفضي إلى الهلاك فيجب أن يستثنى
مقدسي
وفيه نظر لأن فرض المسألة فيما قيمته زائدة على ثمنه مع وجود ذلك العيب فيه ومثله لا يكون عيبه مفضيا إلى الهلاك
تأمل
قوله ( بخلاف خيار الشرط والرؤية ) أي حيث يكون لهم الرد لعدم تمام الصفقة كما في البحر ح
قوله ( وينبغي الرجوع بالنقصان ) عبارة النهر وفي مهر فتح القدير لو اشترى الذمي خمرا وقبضها وبها عيب ثم أسلم سقط خيار الرد ا هـ
وفي المحيط وصي أو وكيل الخ
ثم قال في النهر وينبغي الرجوع بالنقصان في المسألتين ا هـ أي مسألة مهر الفتح ومسألة المحيط
قوله ( كوارث الخ ) أي فإنه يمتنع الرد ويرجع بالنقصان كما في البحر ح
قوله ( اشترى من التركة ) أي بثمن من تركه الميت
قوله ( لا يرجع ) أي الأجنبي على بائعه
قال في السراج لأنه لما اشترى الثوب ملكه
____________________
(5/6)
وبالتكفين يزول ملكه عنه
وزوال الملك بعفل مضمون يسقط الأرش
وأما ما في الوجه الأول فإن مقدار الكفن لا يملكه الوارث من التركة فإذا اشتراه وكفن به لم ينتقل بالتكفين عن الملك الذي أوجبه القعد وقد تعذر فيه الرد فرجع الأرش ا هـ
ومثله في الذخيرة
قوله ( وهذه إحدى ست مسائل الخ ) تبع في ذلك صاحب النهر حيث قال لا يرجع بالنقصان في مسائل ثم نقل ست مسائل عن البزازية ليس فيها التصريح بعدم الرجوع إلا في مسألة واحدة وهي لو باع الوارث من مورثه فمات المشتري وورثه البائع ووجد به عيبا رد إلى الوارث الآخر إن كان فإن لم يكن له سواه لا يرد ولا يرجع بالنقصان فافهم
وزاد في البحر مسألة أخرى عنالمحيط لو اشترى المولى من مكاتبه فوجد عيبا لا يرد ولا يرجع ولا يخاصم بائعه لكونه عبده ا هـ
وسيأتي مسائل أخر في الشرح والمتن عند قول المصنف حدث عيب آخر عند المشتري رجع نقصانه الخ
وذكر الشارح في كتاب الغصب مسألة أخرى عند قول المصنف خرق ثوبا وهي ما لو شرى حياصة فضة مموهة بالذهب بوزنها فضة فزال تمويهها عند المشتري ثم وجد بها عيبا فلا رجوع بالعيب القديم لعتيبها بزوال التمويه ولا بالنقصان للزوم الربا
ومنها ما في البزازية كل تصرف يدل على الرضا بالعيب بعد العلم به يمنع الرد والرجوع بالنقص
قوله ( معزيا للقنية ) قال فيها وفي تتمة الفتاوى الصغرى باع عبدا وسلمه ووكل رجلا بقبض ثمنه فقال الوكيل قبضته فضاع أو دفعته إلى الآمر وحجد الآمر كله فالقول للوكيل مع يمينه وبريء المشتري من الثمن فلو وجد به عيبا ورده لا يرجع بالثمن على البائع لعدم ثبوت القبض في زعمه لا على الوكيل لأنه لا عقد بينهما وإنما هو أمين في قبض الثمن وإنما يصدق في دفع الضمان عن نفسه قال رضي الله عنه وعرف به أنه إذا صدق الآخر الوكيل في الدفع إليه يرجع المشتري بعد الرد بالعيب بالثمن على الآمر دون القابض ا هـ ح
قوله ( كالإباق ) بالكسر اسم يقال أبق أبقا من باب تعب وقتل وضرب وهو الأكثر كما في المصباح
وفي الجوهرة عن الثعالبي الآبق الهارب من غير ظلم السيد فلو من ظلمه سمي هاربا فعلى هذا الإباق عيب لا الهرب أطلقه فشمل ما لو كان من المولى أو من مودعه أو المستعير منه أوالمستأجر وما إذا كان مسيرة سفر أو لا خرج من البلدة أو لا
قال الزيلعي والأشبه أن البلدة لو كبيرة كالقاهرة كان عيبا وإلا لا بأن كان لا يخفى عليه أهلها أو بيوتها فلا يكون عيبا
نهر
ويأتي أنه لا بد من تكرره بأن يوجد عند البائع وعند المشتري
وقوله ( إلا إذا أبق من المشتري إلى البائع ) وكذا لو أبق من الغاصب إلى المولى أو إلى غيره إذا لم يعرف بيت المالك أو لم يقو على الرجوع إليه
نهر قوله ( في البلدة ) قيد به لما في النهر عن القنية لو أبق من قرية
____________________
(5/7)
المشتري إلى قرية البائع يكون عيبا
قوله ( ولم يختف ) فلو اختفى عند البائع بكون عيبا لأنه دليل التمرد
قوله ( والأحسن أنه عيب ) وقيل لا مطلقا وقيل إن دام على هذا الفعل فعيب لا لو مرتين أو ثلاثا والظاهر أن غير الثور من البهائم كالثور ط
قوله ( قبل عوده من الإباق ) ومثله قبل موته كما في البحر فإن مات آبقا يرجع بنقصان العيب كما في الهندية ومؤنة الرد على المشتري فيما له حمل ومؤنة
بحر
ويرده في موضع العقد زادت قيمته أو نقصت أو في موضع التسليم لو اختلف عن موضع العقد كما في الخانية
سائحاني
قوله ( ابن مالك قنية ) في بعض النسخ وقنية بزيادة واو العطف وهي أحسن وذكر المسألة أيضا في البحر عن جامع الفصولين
قوله ( والسرقة ) سواء أوجبت قطعا أو لا كالنباش والطرار وأسبابها في حكمها كما إذا نقب البيت وإطلاقهم يعم الكبرى كما في الظهيرية
ح عن النهر
قوله ( إلا إذا سرق شيئا للأكل من المولى ) أي فإنه لا يكون عيبا بخلاف ما إذا سرق ليمنعه أو سرقه عن غير المولى ليأكله فإنه عيب فيهما بحر فافهم
وظاهره قصر ذلك على المأكول ويفيده قول البزازية وسرقه النقد مطلقا عيب وسرقة المأكولات للأكل من المولى لا يكون عيبا قال في النهر وينبغي أنه لو سرق من المولى زيادة على ما يأكله عرفا يكون عيبا
قوله ( أو يسيرا كفلس أو فلسين ) جزم به الزيلعي وظاهر ما في المعراج أنها قويلة وأن المذهب الإطلاق وعلى هذا القول ما دون الدرهم كذلك كما ذكره فيه
بحر
قوله ( ولو سرق الخ ) ستأتي هذه المسألة أواخر الباب عند قول المصنف قتل المقبوض أو قطع الخ وهي مذكورة في الهداية
قوله ( أيضا ) أي بعد ما سرق عند البائع
قوله ( رجع بربع الثمن ) سواء كانت السرقة متكررة عندهما أو اتحدت عند أحدهما وتكررت عند الآخر كما يفيده التعليل
ووجه الرجوع بالربع أن دية اليدة في الحر نصف دية النفس وفي الرقيق نصف القيمة وقد تلف هذا النصف بسببين تحقق أحدهما عند البائع والآخر عند المشتري فيتنصف الموجب فيرجع بنصف النصف وهو الربع وأطلق فيه فشمل ما إذا طلب رب المال المسروق في السرقتين أو في إحداهما دون الأخرى وهذا التعليل يفيد اعتبار القيمة لا الثمن
وقد يقال إنما عبر به نظرا إلى أن الغالب أن الثمن قدر القيمة ط
قوله ( رجع بثلاثة أرباع ثمنه ) أي رجع المشتري عليه بذلك لأن ربع الثمن سقط عن البائع بالسرقة الثانية قوله ( أو أن يأكل الخ ) قال في النهر وفسره أي التمييز بعضهم بأن يأكل ويشرب ويستنجي وحده وهذا يقتضي أن يكون ابن سبع لأنهم قدروه بذلك في الحضانة لكن وقع التصريح في غير موضع بتقديره بخمس سنين فما فوقها وما دون ذلك لا يكون عيبا ا هـ
قلت والفرق بين البابين أن المراد هنا على الإدراك وهناك على الاستغناء عن النساء
تأمل
قوله ( وتمامه في الجوهرة ) لم أر فيها زيادة على ما هنا إلا أنه ذكر فيها التقدير الأول عند قوله والبول في الفراش
والثاني عند قوله والسرقة وظاهر البحر وغيره عدم الفرق بين الموضعين
قوله ( لأنها ) أي هذه العيوب الثلاثة
____________________
(5/8)
قوله ( لقصور عقل ) يرجع إلى الإباق والسرقة كما أن قوله بعده لسوء اختيار يرجع إليهما أيضا ط
قوله ( فعند اتحاد الحالة الخ ) تفريع على اختلافها صغرا وكبرا
قوله ( بأن ثبت إباقه ) أي أو بوله أو سرقته
قوله ( عند بائعه ) أو عند بائع بائعه
قوله ( ثم مشتريه ) أفاد أنه لو ثبت عند البائع ولم يعد عند المشتري لا يرد وهو الصحيح كما في جامع الفصولين
قوله ( إن من نوعه ) بأن حم في الوقت الذي كان يحم فيه عند البائع كما في النهر ح
قوله ( لو وجده يبول ) أي وهو صغير وثبت بوله عند بائعه أيضا
قوله ( حتى رجع بالنقصان ) أي نقصان البول لأنه بالعيب الحادث امتنع الرد فتعين الرجوع بالنقصان والظاهر أن العيب الحادث غير قيد بل مثله ما لو أراد الرد فصالحه البائع عن العيب على شيء معلوم
ثم رأيت في النهر عن الخانية اشترى جارية وادعى أنها لا تحيض واسترد بعض الثمن ثم حاضت قالوا إن كان البائع أعطاه على وجه الصلح عن العيب كان للبائع أن يسترد ذلك ا هـ
وسيأتي آخر الباب تقييد الشارح ذلك بما إذا زال العيب بلا علاجه
قوله ( ينبغي نعم ) نقل ذلك في الفتح عن والد صاحب الفوائد الظهيرية وأنه قال لا رواية فيه وأنه استدل لذلك بمسألتين إحداهما إذا اشترى جارية ذات زوج كان له ردها ولو تعيبت بعيب آخر رجع بالنقصان فلو أبانها زوجها كان للبائع أن يسترد النقصان لزوال ذلك العيب فكذا فيما نحن فيه
والثانية إذا اشترى عبدا فوجده مريضا كان له الرد ولو تعيب بعيب آخر رجع بالنقصان فإذا رجع ثم بريء بالمداواة لا يسترد وإلا استرد والبلوغ هنا لا بالمداواة فينبغي أن يسترد ا هـ
قوله ( تلويح ) قال في البحر وفي التلويح الجنون اختلال القوة المميزة بين الأشياء الحسنة والقبيحة المدركة للعواقب انتهى
والأخصر اختلال القوة التي إدراك الكليات ا هـ
وأشار بقوله والأخصر إلى أن المؤدى واحد فما عزاه الشارح إلى التلويح نقل بالمعنى فافهم
قوله ( ومعدنة القلب الخ ) سئل علي رضي الله عنه من معدن العقل فقال القلب وإشرافه إلى الدماغ وهو خلاف ما ذكره الحكماء وقول علي أعلى عند العلماء من بشرح بدء الأمالي للقاري
قوله ( وهو يختلف بهما ) فلو جن في الصغر في يد البائع ثم عاوده في يد المشتري في الصغر أو في الكبر يرده لأنه عين الأول لأن سبب الجنون في حال الصغر والكبر متحد وهو فساد الباطن أي باطن الدماغ وهذا معنى قول محمد رحمه الله تعالى والجنون عيب أبدا لا ما قيل إن معناه أنه لا تشترط المعاودة للجنون في يد المشتري فيرد بمجرد وجوده عند البائع فإنه غلط لأن الله تعالى قادر على إزالته بإزالة سببه وإن كان قلما يزول فإذا لم يعاوده جاز كون البيع صدر بعد الإزالة فلا يرد بلا تحقق قيام العيب فلا بد من المعاودة وهذا هو الصحيح وهو المذكور في الأصل والجامع الكبير واختاره الإسبيجابي
فتح
قوله ( وقيل يختلف ) فيكون مثل ما مر من الإباق
____________________
(5/9)
ونحوه فلا بد من تكرره في الصغر أو في الكبر وهذا قول ثالث قوله ( ومقداره فوق يوم وليلة ) جزم به الزيلعي وقيل هو عيب ولو ساعة وقيل المطبق
نهر
والمطبق بفتح الباء
بحر
ومر تعريفه في الصوم
قوله ( في الأصح ) قد علمت أن مقابله غلط
قوله ( إلا في ثلاث الخ ) فيه أن الكلام في معاودة الجنون وهذه ليست منه وهي مستثناة من اشتراط المعاودة مطلقا
وعبارة البحر الأصل أن المعاودة عند المشتري بعد الوجود عند البائع شرط للرد إلا في مسائل الخ
قوله ( والتولد من الزنا ) بأن يكون الرقيق متولدا من الزنا لكن هذا مما لا تمكن معاودته ط
قوله ( والولادة ) قال في الفتح إذا ولدت الجارية عند البائع لا من البائع أو عند آخر فإنها ترد على رواية كتاب المضاربة وهو الصحيح وإن لم تلد ثانيا عند المشتري لأن الولادة عيب لازم لأن الضعف الذي حصل بالولادة لا يزول أبدا وعليه الفتوى
وفي رواية كتاب البيوع لا ترد ا هـ
وقوله لا من البائع لأنها ولدت منه صارت أو ولده فلا يصح بيعها
قال في الشرنبلالية وقوله وإن لم تلد ليس المراد ما يوهم الرد بعد ولادتها عند المشتري لامتناعه بتعيبها عنده بالولادة ثانيا مع العيب السابق بها ا هـ
قتل هذا مسلم إن حصل بالولادة الثانية عيب زائد على الأول فتأمل
قوله ( فتح ) صوابه بحر لأنه في الفتح لم يذكر إلا الأخيرة
قوله ( واعتمده في النهر ) حيث قال وعندي أن رواية البيوع أوجه لأن الله تعالى قادر على إزالة الضعف الحاصل بالولادة
ثم رأيت في البزازية عن النهاية الولادة ليست بعيب إلا أن توجب نقصانا وعليه الفتوى ا هـ
وهذا هو الذي ينبغي أن يعول عليه ا هـ كلام النهر
أقول الذي رأيته في نسختين من البزازية وكذا في غيرها نقلا عنها ما نصه اشتراها وقبضها ثم ظهر ولادتها عند البائع لا من البائع وهو لا يعلم في رواية المضاربة عيب مطلقا لأن التكسر الحاصل بالولادة لا يزول أبدا وعليه الفتوى وفي رواية إن نقصتها الولادة عيب وفي البهائم ليست بعيب إلا أن توجب نقصانا وعليه الفتوى ا هـ
فقوله وفي البهائم كأنه وقع في نسخة صاحب النهر وفي النهاية فظنه تصحيحا للرواية الثانية في مسألة الجارية وهو تصحيف من الكاتب بنى عليه ما زعمه وليس كذلك فلم يكن في المسألة اختلاف تصحيح بل التصحيح الثاني لولادة البهيمة فافهم
قوله ( الحبل عيب الخ ) نص على هذا التفصيل في كافي الحكام فصار الحبل في حكم الولادة على ما عرفته وعلله في السراج بأن الجارية تراد للوطء والتزويج والحبل يمنع من ذلك وأما في البهائم فهو زيادة فيها
قوله ( وكذا الأدر ) بفتح الهمزة والدال مع القصر أما ممدود الهمزة فهو من به الأدر وفعله كفرح والاسم الأدره بالضم وقوله الأنثيين غير شرط بل انتفاخ أحدهما كاف فيما يظهر ط
قوله ( والعنين ) الظاهر أن الياء زائدة من النساخ والأصل والعنين بنونين فيكون قوله والخصي بكسر ففتح
وعبارة الخانية والعنة عيب وكذا الخصي والأدرة
قوله ( عيب ) مصدر يصدق بالمتعدد وغيره فلا ينافي جعله خبرا عن شيئين وعلى
____________________
(5/10)
كون النسخة والعنين والخصي بالتشدد فيهما يكون التقدير ذو أعيب
قوله ( فلا خيار له ) لأنه الخصاء عند الإمام في العبد عيب فكأنه شرط العيب فبان سليما
وقال الثاني الخصي أفضل لرغبة الناس فيه فيخير بزازية
وجزم في الفتح بقول الثاني ومقتضاه جريان الخلاف أيضا فيما لو شرى الجارية على أنها مغنية لأن الغناء عيب شرعا كالخصاء كما قدمناه قبيل خيار الرؤية
قوله ( والبخر ) بالموحدة المفتوحة والخاء المعجمة من حد تعب
أما بالجيم فانتفاخ ما تحت السرة وهو عيب في الغلام أيضا
وفي الفتح البخر الذي هو العيب الناشىء من تغير المعدة دون ما يكون لقلح في الأسنان فإن ذلك يزول بتنظيفها ا هـ نهر
والقلح بالقاف والحاء المهملة محركا صفرة الأسنان كما في القاموس وهذا أولى مما قيل إنه بالفاء والجيم وهو تباعد ما بين الأسنان
قوله ( والدفر ) بفتح الدال المهملة والفاء وسكونها أيضا أما بالذال المعجمة فبفتح الفاء لا غير وهو حدة من طيب أو نتن
قال في العناية منه قولهم مسك أذفر وإبط ذفر وهو مارد الفقهاء من قولهم الذفر عيب في الجارية ا هـ
وأصله في المغرب إلا أن كونه مراد الفقهاء لا غير فيه نظر إذ لا يشترط في كونه عيبا شدته فالأولى كونه بالمهملة فتدبر نهر
قوله ( وكذا نتن الأنف ) الظاهر أنه يقال فيه ذفر بالمعجمة ونتن ريح الإبط بهما نهر
قوله ( كلها عيب فيها لا فيه ) أي في الجارية لا في الغلام لأن الجارية قد يراد منها الاستفراش وهذه المعاني تمنع منه بخلاف الغلام لأنه للاستخدام وكذا التولد من الزنا لأن الولد يعير بالأم التي هي ولد الزنا كما في العزمية عن المعراج
قوله خلاصة نص عبارتها والأصح أن الأمرد وغيره سواء ا هـ
وبه سقط ما في حاشية نوح أفندي والواني أنه في الخلاصة جعل البخر في الغلام الأمرد عيبا فتدبر
قوله ( بأن يتكرر ) لأن اتباعهن مخل بالخدمة
درر
قوله ( واللواطة بها ) أي بالمرأة بأن كانت تطلب من الناس ذلك
قوله ( عيب مطلقا ) أي مجانا أو بأجرة لأنه يفسد الفراش
بحر
قوله ( وبه إن مجانا ) الظاهر تقييده بما إذا تكرر
قوله ( لأنه دليل الأبنة ) في القاموس الأبنة بالضم العقدة في العود والعيب ا هـ
والمراد هنا عيب خاص وهو داء في الدبر تنفعه اللواطة
قوله ( والكفر ) لأن طبع المسلم ينفر عن صحبته ولأنه يمنع صرفه في بعض الكفارات فتختل الرغبة فلو اشتراه على أنه كافر فوجده مسلما لا يرد لأنه زوال العيب
هداية
زاد في الشرنبلالية أي ولو كان المشتري كافرا ذكره في المنبع شرح المجمع والسراج الوهاج كذا بخط العلامة الشيخ على المقدسي ا هـ أي لأن الإسلام خير محض وإن شرط المشتري الكافر عدمه
قوله ( بحر بحثا ) حيث قال ولم أر ما لو وجده خارجا عن مذهب أهل السنة كالمعتزلي والرافضي وينبغي أن يكون كالكافر لأن السني ينفر عن صحبته وربما قتله الرافضي لأن الرافضة يستحلون قتلنا ا هـ
وأنت خبير بأن الصحيح في المعتزلة والرافضة وغيرهم من المبتدعة أنه لا يحكم بكفرهم وإن سبوا الصحابة أو استحلوا قتلنا بشبهة دليل كالخوارج الذين استحلوا قتل الصحابة بخلاف الغلاة منهم كالقائلين بالنبوة لعلي والقاذفين للصديقة فإنه ليس لهم شبهة دليل فهم كفار كالفلاسفة كما بسطناه في كتابنا تنبيه الولاة والحكام على حكم شاتم خير الأنام وقدمنا بعضه في باب الردة وبه ظهر مراد البحر غير الكافر منهم ولذا شبهه بالكافر وبه سقط اعتراض
____________________
(5/11)
النهر بأن الرافضي الساب للشيخين داخل في الكافر وكذا ما أجاب به بعضهم من أن مراد البحر المفضل لا الساب فافهم
قوله ( عيب فيهما ) أي في الجارية والغلام
قوله ( ولو المشتري ذميا سراج ) عبارة السراج على ما في البحر الكفر عيب ولو اشتراها مسلم أو ذمي
قال في البحر وهو غريب في الذمي ا هـ
وكذا قال في النهر ولم أره في كلام غير السراج كيف ولا نفع للذمي بالمسلم لأنه يجبر على إخراجه عن ملكه ا هـ يعني أنه لو ظهر مشري الذمي مسلما ليس له الرد كما قدمناه مع أنه لا يمكن من إبقائه على ملكه فإذا ظهر كافرا يكون عدم الرد بالأولى لأنه يبقى على ملكه فهو أنفع له من المسلم فكيف يكون كفره عيبا في حق الذمي دون إسلامه هذا تقرير كلامه فافهم
وقد يجاب بأن الإسلام نفع محض شرعا وعقلا فلا يكون عيبا في حق أحد أصلا بخلاف الكفر فإنه أقبح العيوب شرعا وعقلا فهو عيب محض في حق الكل ولذا قال المصنف في المنح بعدما مر عن البحر
أقول ليس بغريب لما علم من أن العيب ما ينقص الثمن عند التجار ولا شك أن الكفر بهذه المثابة لأن المسلم ينفر عنه وغيره لا يرغب في شرائه لعدم الرغبة فيه من الكل وهو أقبح العيوب لأن المسلم ينفر عن صحبته ولا يصلح للإعتاق في بعض الكفارات فتختل الرغبة ا هـ
قلت ويؤيده أنها لو ظهرت مغنية له الرد مع أن بعض الفسقة يرغب فيها ويزيد في ثمنها لأنه عيب شرعا وكذا لو ظهر الأمرد أبخر ليس له الرد مع أنه عيب عند بعض الفسقة لكنه ليس بعيب شرعا لأنه لا يخل بالاستخدام وإن أخل بغرض المشتري الفاسق نعم يشكل عليه ما في الخانية يهودي باع يهوديا زيتا وقعت فيه قطرات خمر جاز البيع وليس له الرد لأن هذا ليس بعيب عندهم ا هـ تأمل
قوله ( وعدم الحيض ) لأن ارتفاع الدم واستمرار علامة الداء لأن الحيض مركب في بنات آدم فإذا لم تحض فالظاهر أنه لداء فيها وذلك الداء هو العيب وكذا الاستحاضة لداء فيها زيلعي
قوله ( وعندهما خمسة عشر ) وبقولهما يفتي ط
فانقطاع الحيض لا يكون عيبا إلا إذا كان في أوانه أما انقطاعه في سن الصغر أو الإياس فلا اتفاقا كما في البحر عن المعراج
قال في النهر ويجب أن يكون معناه إذا اشتراها عالما بذلك
وفي المحيط اشتراها على أنها تحيض فوجدها لا تحيض إن تصادقا على أنها لا تحيض بسبب الإياس فله الرد لأنه عيب لأنه اشتراها للحبل والآيسة لا تحبل ا هـ
قلت ما في المحيط ظاهر لأنه حيث اشترط حيضها كان فوات الوصف المرغوب أما إذا لم يشترطه فالظاهر أنها لا ترد لما قدمناه عن البزازية لو وجد الدابة كبيرة السن لا ترد إلا إذا شرط صغرها فتدبر
وفي القنية وجدها تحيض كل ستة أشهر مرة فله الرد
قوله ( ويعرف بقولها الخ ) قال في الهداية ويعرف ذلك بقول الأمة فترد إذا انضم إليه نكول البائع قبل القبض وبعده هو الصحيح ا هـ
ومثله في متن الملتقى
وذكر الزيلعي تبعا للنهاية وغيرها من شروح الهداية أنه لا تسمع دعواه بأنه ارتفع حيضها إلا إذا ذكر سببه وهو الداء أو الحبل فما لم يذكر أحدهما لا تسمع دعواه ويعرف ذلك بقول الأمة لأنه لا يعرفه غيرها ويستحلف البائع مع ذلك فترد بنكوله لو بعد القبض وكذا قبله في الصحيح
وعن أبي يوسف ترد بلا يمين البائع
قالوا في ظاهر الرواية لا يقبل قول الأمة فيه كما في الكافي والمرجع في الحبل إلى قول النساء وفي الداء إلى قول الأطباء واشترط لثبوت
____________________
(5/12)
العيب قول عدلين منهم ا هـ ملخصا واعترضهم في الفتح بأن اشتراط ذكر السبب مناف لتقرير الهداية بأنه يعرف بقول الأمة وكذا قال العتابي وغيره وهوالذي يجب أن يعول عليه إذ لو لزم دعوى الداء أو الحبل لم يتصور أن يثبت بقولها توجه اليمين على البائع بل لا يرجع إلا إلى قول الأطباء إو النساء ولذا لم يتعرض له فقيه النفس قاضيخان فظهر أن اشتراطه قول مشايخ آخرين يغلب على الظن خطؤهم ا هـ ملخصا واعترضه في البحر بأن قاضيخان صرح أولا بالاشتراط نقلا عن الإمام ابن الفضل ثم نقل عنه أيضا بعد صفحة ما عزاه صاحب الفتح إلى الخانية
ولا منافاة بين قولهم يعتبر قول الأمة وقولهم والمرجع إلى النساء في الحبل وإلى الأطباء في الداء لأن الأول إنما هو لأجل انقطاع الدم لتتوجه الخصومة إلى البائع فإذا توجهت إليه بقولها وعين المشتري أنه عن حبل رجعنا إلى النساء العالمات بالحبل لتتوجه اليمين على البائع وإن عين أنه عن داء رجعنا إلى قول الأطباء كذلك كما لا يخفى ا هـ
لكن قال في النهر ورأيت في المحيط أن اشتراط ذكر السبب رواية النوادر وعليه يحمل ما في الخانية ا هـ
ومقتضاه تعيين الرجوع إلى قول الأمة لكن ينافيه ما مر من قوله قالوا ظاهر الرواية أنه لا يقبل قولها فيه إلا أن يقال إن لفظ قالوا يشير إلى الضعف
ونقل العلامة المقدسي عن الرئيس الشيخ قاسم أنه ذكر عبارتي الخانية وقال إن الثانية أي التي اقتصر عليها في الفتح أوجه
قلت وهذا ترجيح منه لما اختاره في الفتح وأليه يشير كلام النهر أيضا
تنبيه في صفة الخصومة في ذلك أما على ما ذكره الشراح فهي أنه بعد بيان السبب والرجوع إلى النساء أو الأطباء ومضي المدة الآتي بيانها يسأل القاضي البائع فإن صدق المشتري ردها عليه وإن قال هي كذلك للحال وما كانت كذلك عندي توجهت الخصومة على البائع لتصادقهما على قيامه للحال فللمشتري تحليفه فإن حلف برىء وإلا ردت عليه وإن أنكر الانقطاع للحال لا يستحلف عنده وعندهما يستحلف
قال في النهاية ويجب كونه على العلم بالله ما يعلم انقطاعه عند المشتري وتعقبه في الفتح بأنه لو حلف كذلك لا يكون إلا بارا إذ من أين يعلم أنها لم تحض عند المشتري ا هـ
وأما صفتها على ما صححه في الفتح فقال بأن يدعي الانقطاع للحال ووجوده عند البائع فإن اعترف البائع به ردت عليه وإن اعترف به للحال وأنكر وجوده عنده استخبرت الجارية فإن ذكرت أنها منقطعة اتجهت الخصومة فيحلفه بالله ما وجده عنده فإن نكل ردت عليه وإن اعترف بوجوده عنده وأنكر الانقطاع للحال فاستخبرت فأنكرت الانقطاع لا يستحلف عنده وعندهما يستحلف اه
قوله ( ولا تسمع في أقل من ثلاثة أشهر عند الثاني ) اعلم أن الزيلعي ذكر هنا أيضا تبعا لشراح الهداية أنه لو ادعى انقطاعه في مدة قصيرة لا تسمع دعواه وفي المديدة تسمع وأقلها ثلاثة أشهر عند أبي يوسف وأربعة أشهر وعشر عند محمد وعن أبي حنيفة وزفر أنها سنتان ا هـ
وفي رواية تسمع دعوى الحبل بعد شهرين وخمسة أيام وعليه عمل الناس
بزازية وغيرها
وذكر في البحر أن ابتداء المدة من وقت الشراء ورجح في الفتح ما في الخانية من تقديرها بشهر
ورد عليه في البحر بأنه خبط عجيب وغلط فاحش لأنه لا اعتبار بما في الخانية مع صريح النقل عن أئمتنا الثلاثة وأقره في النهر
قلت وهو مدفوع فقد قال في الذخيرة أما إذا ادعى المشتري انقطاع حيضها وأراد ردها بهذا السبب لا يوجد لهذا رواية في المشاهير ثم قال بعد كلام ويحتاج بعد هذا إلى بيان الحد الفاصل بين المدة اليسيرة والكثيرة قالوا ويجب أن يكون هذا كمسألة مدة الاستبراء إذا انقطع الحيض والروايات فيها مختلفة
ثم ذكر الروايات
____________________
(5/13)
السابقة
فعلم أن ما ذكروه هنا من المدة إنما ذكروه بطريق القياس على مسألة استبراء ممتدة الطهر وقد نبه على ذلك المحقق صاحب الفتح ورد القياس بإبداء الفارق بين المسألتين فإنه نقل ما في الخانية من تقدير المدة بشهر
ثم قال وينبغي أن يعول عليه وما تقدم هو خلاف بينهم في استبراء ممتدة الطهر والروايات هناك تستدعي ذلك الاعتبار فإن الوطء ممنوع شرعا إلى الحيض لاحتمال الحبل فيكون ماؤه ساقيا زرع غيره فقدره أبو حنيفة وزفر بسنتين لأنه أكثر مدة الحمل وهو أقيس وقدره محمد وأبو حنيفة في رواية بعد الوفاة لأه يظهر فيها الحبل غالبا
وأبو يوسف بثلاثة أشهر لأنها عدة من لا تحيض
وفي رواية عن محمد شهران وخمسة أيام وعليه الفتوى
والحكم هنا ليس إلا كون الامتداد عيبا فلا يتجه إناطته بسنتين أو غيرهما من المدد ا هـ ملخصا
فقد ظهر لك أنه لا يصلح في مسألتنا دعوى النقل عن أئمتنا الثلاثة لأن المنقول عنهم ذلك إنما هو في مسألة الاستبراء المذكورة أما مسألة العيب فلا ذكر لها في المشاهير وإنما اختلف المشايخ فيها قياسا على مسألة الاستبراء والإمام فقيه النفس قاضيخان اختار تقدير المدة بشهر لتتوجه الخصومة بالعيب المذكور لأنه يظهر للقوابل أو للأطباء في شهر فلا حاجة إلى الأكثر ورجحه خاتمة المحققين وهو من أهل الترجيح فالقول بأنه خبط عجيب هو العجيب فاغتنم هذا التحقيق والله تعالى ولي التوفيق قوله ( والاستحاضة ) بالجر عطفا على المضاف الذي هو عدم ط
قوله ( والسعال القديم ) أي إذا كان عن داء فأما القدر المعتاد منه فلا
فتح
وظاهره أن الحادث غير عيب ولو وجد عندهما لكن المنظور إليه كونه عن داء لا القدم ولذا قال في الفصولين السعال عيب إن فحش وإلا فلا أفاده في البحر
قوله ( والدين ) لأن ماليته تكون مشغولة به والغرماء مقدمون على المولى وكذا لو في رقبته جناية
قال في السراج لأنه يدفع فيها فتستحق رقبته بذلك وهذا يتصور فيما لو حدثت بعد لعقد قبل القبض فلو قبل العقد فبالبيع صار البائع مختارا للفداء ولو قضى المولى الدين قبل الرد سقط الرد للزوال الموجب له ا هـ
وكذا لو أبرإه الغريم بزازية وفي القنية الدين عيب إلا إذا كان يسيرا لا يعد مثله نقصانا
بحر
قوله ( لا المؤجل لعتقه ) اللام بمعنى إلى والمراد الذي تتأخر المطالبة به إلى ما بعد عتقه كدين لزمه بالمبايعة بلا إذن المولى
قوله ( لكن عمم الكمال ) هو بحث منه مخالف للنقل
بحر
قوله ( وعلله بنقصان ولائه وميراثه ) لم يظهر وجه نقصان الولاء إلا أن يراد نقصان الولاء بنقصان ثمرته وهي الميراث
تأمل ا هـ ح
قوله ( كسبل ) هو داء في العين يشبه غشاوة كأنها نسج العنكبوت بعروق حمر ا هـ ح عن جامع اللغة
قوله ( وحوص ) بفتحتين والحاء والصاد مهملتان ضيق في آخر العين وبابه ضرب
وعن جامع اللغة ونحوه في القاموس والمصباح
وفي الفتح
أنه نوع من الحول
قوله ( بثر ) بضم الباء وتسكين المثلثة يفرق بينه وبين واحده بالتاء ويذكر لكونه اسم جنس ويؤنث نظرا إلى الجمعية فإنه اسم جنس وضعا بمعنى استعمالا على المختار ط
قوله ( والأصبعان عيبان الخ ) أي قطعهما فلو باعها بشرط البراءة من
____________________
(5/14)
عيب واحد في يدها فإذا هي مقطوعة أصبع واحدة برىء لا لو أصبعين لأنهما عيبان وإن كانت الأصابع كلها مقطوعة مع نصف الكف فهو عيب واحد ولو مقطوعة الكف لا يبرأ لأن البراءة عن عيب اليد والعيب يكون حال قيامها لا حال عدمها كما في الخانية
ومفاده أنه لو لم يقل في يدها يبرأ مقطوعة الكف وعليه يحمل كلام الشارح وكان الأنسب ذكر هذه المسألة فيما سيأتي عند ذكر اشتراط البراءة
قوله والشيب ومثله الشمط وهو اختلاط البياض بالسواد وعللوه بأنه في أوانه للكبر وفي أوانه للداء
قال في جامع الفصولين أقول جعل الكبر هنا عيبا لا في عدم الحيض حتى لو ادعى عدم الحيض للكبر لم يسمع على ما يدل عليه ما مر من قوله لا نسمع دعوى عدم الحيض إلا أن يدعيه بحبل أو داء وبينهما منافاة ا هـ
قوله ( وشرب خمر جهرا ) أي مع الإدمان فلو على الكتمان أحيانا فليس بعيب كما في جامع الفصولين أي لأنه لا ينقص الثمن وإن كان عيبا في الدين
قوله ( إن عد عيبا ) كقمار بنرد وشطرنج ونحوهما لا إن كان لا يعد عيبا عرفا كقمار بجوز وبطيخ
جامع الفصولين
فالمدار على العرف
قوله ( لو كبيرين مولدين ) بخلافه في الصغيرين
وفي الجليب من دار الحرب لا يكون عيبا مطلقا
قال في الخانية وهذا عندهم يعفي عدم الختان في الجارية المولدة
أما عندنا عدم الخفض في الجارية لا يكون عيبا
بحر
قوله ( وعدم نهق حمار ) لأنه يدل على عيب فيه ط
قوله ( وقلة أكل دواب ) احتراز عن الإنسان فكثرته فيه عيب وقيل في الجارية عيب لا الغلام ولا شك أنه لا فرق إذا أفرط
فتح
قوله ( ونكاح ) أي في العبد والجارية
خانية
لأن العبد يلزمه نفقة الزوجة والجارية يحرم وطؤها على السيد قال في الخانية وكذا لو كانت الجارية في العدة عن طلاق رجعي لا عن طلاق بائن والإحرام ليس بعيب فيها وكذا لو كانت محرمة عليه برضاع أو صهرية قوله ( وكذب ونميمة ) ينبغي تقييدهما بالكثير المضر
قوله ( وترك صلاة ) وكذا غيرها من الذنوب
بحر
قوله ( لكن في القنية الخ ) يؤيده ما في جامع الفصولين رامزا إلى الأصل الزنا في القن ليس بعيب لأنه نوع فسق فلا يوجب خللا ككونه آكل الحرام أو تارك الصلاة ا هـ فافهم
قوله ( ينبغي أن يتمكن من الرد الخ ) أقره في البحر والنهر
وفي الولوالجية والهتوع عيب وهو مأخوذ من الهتعة وهي دائرة بيضاء تكون في صدر الحيوان إلى جانب نحره يتشاءم به فيوجب نقصانا في الثمن بسبب تشاؤم الناس ا هـ قوله ( لو على الذقن الخ ) عبارة البحر وكذا الحال إن كان قبيحا منقصا ا هـ
وفي البزازية والخال والثؤلول لو في موضع مخل بالزينة
أما في موضع لا يخل بها كتحت الإبط والركبة لا
قوله ( والعيوب كثيرة ) منها الأدرة في الغلام والعفلة وهي ورم في فرج الجارية والسن الساقطة والخضراء والسوداء ضرسا أو لا
واختلف في الصفرة ومنها الظفر الأسود إن نقص القيمة وعدم استمساك البول والحرن في الدابة وهو أن تقف ولا تنقاد والجموح وهو أن لا تقف عند الإلجام وخلع الرسن واللجام وكذا لو اشترى كرما
____________________
(5/15)
فوجد فيه ممرا أو مسيلا للغير أو كان مرتفعا لا يصل إليه الماء إلا بالسكر أو لا شرب له بزازية وذكر في البحر زيادة على ذلك فراجعه
قوله ( حدث عيب آخر عند المشتري ) من ذلك ما إذا اشترى حديدا ليتخذ منه آلات النجارين وجعله في الكور ليجربه بالنار فوجد به عيبا ولا يصلح لتلك الآلات يرجع بالنقصان ولا يرده ومنه أيضا بل الجلود أو الإبريسم فإنه عيب آخر يمنع الرد وتمامه في البحر
قوله ( بغير فعل البائع ) ومثله الأجنبي فبقي كلام المصنف شاملا لما إذا كان بفعل المشتري أو بفعل المعقود عليه أو بآفة سماوية ففي هذه الثلاث لا يرده بالعيب القديم لأنه يلزم رده بعيبين وإنما يرجع بحصة العيب إلا إذا رضي البائع به ناقصا أفاده في البحر
قوله ( فلو به ) أي بفعل البائع ومثله الأجنبي وقوله بعد القبض يغني عن قول المصنف عند المشتري لكنه صرح به ليقابله بقوله وأما قبله فافهم
قوله ( رجع بحصته ) أي حصة العيب الأول وامتنع الرد
بحر
قوله ( ووجب الأرش ) أي أرش العيب الحادث بفعل البائع فحينئذ يرجع على البائع بشيئين الأول حصة العيب الأول من الثمن
والثاني أرش العيب الثاني ط
ولو كان العيب الثاني بفعل أجنبي رجع بالأرش عليه
قوله ( وأما قبله الخ ) أي وأما إذا كان حدوث العيب الثاني بفعل البائع قبل القبض خير المشتري سواء وجد به عيبا أو لا بين أخذه أي مع طرح حصة النقصان من الثمن وبين رده وأخذ كل الثمن وكذا لو كان بآفة سماوية أو بفعل المعقود عليه فإنه يرده بكل الثمن أو يأخذه يطرح عنه حصة جناية المعقود عليه وكذا لو كان بفعل أجنبي فإنه يخير لكنه إن اختار الأخذ يرجع بالأرش على الجاني وإن كان بفعل المشتري لزمه بجميع الثمن وليس له أن يمسكه يطلب النقصان أفاده في البحر
وقوله ويطرح عنه حصة جناية المعقود عليه ظاهره أنه لا يطرح عنه شيء لو النقصان بآفة سماوية
ثم رأيت في جامع الفصولين قال ولو بآفة سماوية فإن كان النقصان قدرا يطرح عن المشتري حصته من الثمن وهو مخير في الباقي أخذه بحصته أو تركه ككون المبيع كيليا أو وزنيا أو عدديا متقاربا وفات بعض من القدر وإن كان النقصان وصفا لا يطرح عن المشتري شيء من الثمن وهو مخير أخذه بكل ثمنه أو تركه والوصف ما يدخل في المبيع بلا ذكر كشجر وبناء في الأرض وأطراف في الحيوان وجوده في الكيلي والوزني إذ الأوصاف لا قسط لها من الثمن إلا إذا ورد عليها الجناية أو القبض يعني إذا قبض ثم استحق شيء من الأوصاف يرجع بحصته من الثمن ا هـ
قوله ( بكل الثمن ) متعلق بقوله أو رده ولا يصح تعلقه أيضا بقوله فله أخذه أفاده ح
قوله ( مطلقا ) أي سواء وجد به عيبا أو لا ح
ومثله ما مر عن البحر
ولا يخفى أن المراد العيب القديم وإلا فالكلام فيما إذا حدث به عيب وأشار إلى أن حدوثه قبل القبض بفعل كاف في التخيير بين الأخذ والرد سواء كان به عيب قديم أو لا فافهم
قوله ( فالقول للبائع ) لا يناسب قوله ولو برهن الخ فكان المناسب أن يقول أولا ولو ادعى البائع حدوثه الخ
أفاده ح
قوله ( إلا في بلد العقد ) الأولى أن يقول في موضع العقد ليشمل ما لو نقله إلى بيته في بلد العقد وأشار إلى أن تحميله بمنزلة حدوث عيب لما فيه من مؤنة الرد إلى موضع العقد لكن هذا العيب غير مانع لأن مؤنة الرد على المشتري
____________________
(5/16)
فلا ضرر فيه على البائع وقدمنا الكلام على هذه المسألة أول باب خيار الرؤية قوله ( رجع بنقصانه ) بأن يقوم بلا عيب ثم مع العيب وينظر في التفاوت فإن كان مقدار عشر القيمة رجع بعشر الثمن وإن كان أقل أو أكثر فعلى هذا الطريق حتى لو اشتراه بعشرة وقيمته مائة وقد نقصه العيب عشرة رجع بعشر الثمن وهو درهم قال البزازي وفي المقايضة إن كان النقصان عشر القيمة رجع بنقصان ما جعل ثمنا يعني ما دخل عليه الباء ولا بد أن يكون المقوم اثنين يخبران بلفظ الشهادة بحضرة البائع والمشتري والمقوم الأهل في كل حرفة ولو زال الحادث كان له رد المبيع مع النقصان وقيل لا وقيل إن كان بدل النقصان قائما رد وإلا لا وكذا في القنية والأول بالقواعد أليق
نهر
قوله ( إلا فيما استثنى ) أي من المسائل الست المتقدمة أول الباب ط
وقد علمت ما فيها وكتبنا هناك مسائل أخر منها ما يأتي قريبا في كلام المصنف من مسألة البعير وغيرها
وفي فتح القدير ثم الرجوع بالنقصان إذا لم يمتنع الرد بفعل مضمون من جهة المشتري
أما إذا كان بفعل من جهته كذلك كأن قتل المبيع أو باعه أو وهبه وسلمه أو أعتقه على مال أو كاتبه ثم اطلع على عيب فليس له الرجوع بالنقصان وكذا إذا قتل عند المشتري خطأ لأنه لما وصل البدل إليه صار كأنه ملكه من القاتل بالبدل فكان كما لو باعه ثم اطلع على عيب لم يكن له حق الرجوع ولو امتنع الرد بفعل غير مضمون له أن يرجع بالنقصان ولا يرد المبيع
قوله ( ومنه ما لو شراه تولية ) هذه إحدى مسألتين ذكرهما في البحر بقوله يستثنى مسألتان أحداهما بيع التولية لو باع شيئا تولية ثم حدث به عيب عند المشتري وبه عيب قديم لا رجوع ولا رد لأنه لو رجع صار الثمن الثاني أنقص من الأول وقضية التولية أن يكون مثل الأول والثانية لو قبض المسلم فيه فوجد به عيبا كان عند المسلم إليه وحدث به عيب عند رب السلم قال الإمام يخير المسلم إليه إن شاء قبله معيبا بالعيب الحادث وإن شاء لم يقبل ولا شيء عليه من رأس المال ولا من نقصان العيب لأنه لو غرم نقصان العيب من رأس المال كان اعتياضا عن الجودة فيكون ربا ا هـ ملخصا
قوله ( أو خاطه لطفله ) الأولى أن يقول أو قطعه لطفله لأن من اشترى ثوبا فقطعه لباسا لطفله وخاطه صار مملكه له بالقطع قبل الخياطة فإذا وجد به عيبا لا يرجع بنقصانه أما لو كان الولد كبيرا يرجع بالعيب لأنه لا يصير ملكا له إلا بقبضه فإذا خاطه قبل القبض امتنع الرد بالخياطة فإذا حصل التمليك بعد ذلك بالتسليم لا يمتنع الرجوع بالنقصان بناء على ما سيأتي من أن كل موضع للبائع أخذه معيبا لا يرجع بإخراجه عن ملكه وإلا رجع ففي الأول أخرجه عن ملكه قبل امتناع الرد وفي الثاني بعده إذ ليس للبائع أخذه معيبا بعد الخياطة كما يأتي وتمامه في الزيلعي
وبما قررناه ظهر أن التقييد بالخياطة تبعا للهداية احترازي في الكبير اتفاقي في الصغير كما نبه عليه في البحر
قوله ( أو رضي به البائع ) يعني أنه لو أراد الرجوع بنقصان العيب ورضي البائع بأخذه منه معيبا امتنع رجوع المشتري بالنقصان بل إما أن يمسكه بلا رجوع وإما أن يرده
____________________
(5/17)
لا يقال لا حاجة إلى هذه المسألة مع قول المتن وله الرد برضا البائع لأن ما في المتن لبيان أنه مخير بين الرجوع بالنقصان والرد برضا البائع
وهذا لا يدل على أن رضا البائع بالرد يبطل اختيار المشتري الرجوع بالنقصان فلذا ذكر الشارح هذه المسألة مبطلات الرجوع فلله دره بما حواه دره
فافهم
قوله ( وله الرد برضا البائع ) لأن في الرد إضرار بالبائع لكونه خرج عن ملكه سالما عن العيب الحادث فتعين الرجوع بالنقصان إلا أن يرضى بالضرر فيخير المشتري حينئذ بين الرد والإمساك من غير رجوع بنقصان وهذا المعنى لا يستفاد من المتن فلو قال ولم يرجع بنقصان لكان أولى نهر
قلت وقد أفاد الشارح هذا المعنى بذكر المسألة التي قبله كما قررناه آنفا ثم إن مقتضى قولهم إلا أن يرضى بالضرر أن المشتري يرجع عليه بجميع الثمن كاملا وبه صرح القهستاني حيث قال غير طالب أي البائع لحصة النقصان ا هـ
فدل على أن البائع ليس له طلب حصة النقصان الحادث فيرد كل الثمن
ثم رأيته أيضا في حاشية نوح أفندي حيث قال لسقوط حقه برضاه بالضرر فلا يرجع على المشتري بنقصان العيب الحادث ا هـ
ولينظر الفرق بين هذا وبين ما قدمه الشارح عن العيني عند قوله والسرقة
تنبيه أشار المصنف باشتراط رضا البائع إلى فرع في القنية لو رد المبيع بعيب بقضاء أو بغير قضاء أو تقابلا ثم ظفر البائع بعيب حدث عند المشتري فللبائع الرد ا هـ يعني لعدم رضاه به أو لا
وفي البزازية رده المشتري بعيب وعلم البائع بحدوث عيب آخر عند المشتري رد على المشتري مع أرش العيب القديم أو رضي بالمردود ولا شيء به وإن حدث فيه عيب آخر عند البائع رجع البائع على المشتري بأرش العيب الثاني إلا أن يرضى أن يقبله بعيبه الثالث أيضا ا هـ بحر
هذا وسيذكر المصنف أنه يعود الرد بالعيب القديم بعد زوال العيب الحادث
قوله ( إلا لمانع عيب ) أي إلا لعيب مانع من الرد كما لو قتل المبيع عند المشتري رجلا خطأ ثم ظهر أنه قتل آخر عند البائع فقبله البائع بالجنايتين لا يجبر المشتري على ذلك إنما يرجع بالنقصان على الجناية الأولى دفعا للضرر عنه لأنه لو رده على بائعه كان مختارا للداء فيهما وكما لو اشترى عصيرا فتخمر بعدم قبضه ثم وجد فيه عيبا لا يرده وإن رضي البائع وإنما ترجع بالنقصان كذا في النهر ح
قوله ( أو زيادة ) أي أو إلا لزيادة مانعة كما سيأتي في نحو الخياطة ح
مطلب في أنواع زيادة البيع ثم اعلم أن الزيادة في المبيع إما القبض أو بعده وكل منهما نوعان متصلة ومنفصلة
والمتصلة نوعان متولدة كسمن وجمال فلا تمنع قبل القبض وكذا بعده في ظاهر الرواية وللمشتري الرجوع بالنقصان وليس للبائع قبوله عندهما وعند محمد له ذلك وغير متولدة كغرس وبناء وصبغ وخياطة فتمنع الرد مطلقا
والمنفصلة نوعان متولدة كالولد والثمر والأرش فقبل القبض لا تمنع فإن شاء ردهما أو رضي بهما بجميع
____________________
(5/18)
الثمن وبعد القبص يمتنع الرد ويرجع بحصة العيب
وغير متولدة ككسب وغلة وهبة وصدقة فقبل القبض لا تمنع الرد فإذا رد فهي للمشتري بلا ثمن عنده ولا تطيب له
وعندهما للبائع ولا تطيب له وبعد القبض لا تمنع الرد أيضا وتطيب له الزيادة وتمامه في البحر عن القنية
وحاصله أنه يمتنع الرد في موضعين في المتصلة الغير المتولدة مطلقا وفي المنفصلة المتولدة لو بعد القبض كما في البزازية وغيرها ووقع في الفتح أن المنفصلة المتولدة تمنع الرد لكنه قال بعده إنه قبل القبض يخير كما مر وبعد القبض يرد المبيع وحده بحصته من الثمن
واعترضه في البحر بأنه سهو إذ هذا التفصيل لا يناسب قوله تمنع الرد وإنما يناسب الرد وهو خلاف ما مر عن القنية والبزازية وغيرهما وذكر نحوه في نور العين
وأجاب في النهر بأن قول الفتح تمنع الرد معناه تمنع رد الأصل وحده
قلت ولا يخفى ما فيه فإن قول الفتح وبعد القبض يرد المبيع وحده ينافيه وقد صرح في الذخيرة أيضا بأنه لا يرده لأن الولد يصير ربا لكونه صار للمشتري بلا عوض بخلاف غير المتولدة كالكسب لأنه لم تتولد من المبيع بل من منافعه فلم تكن مبيعة فأمكن أن تسلم للمشتري مجانا أما الولد فإنه مبيع من وجه لتولده من المبيع فله صفته فلو سلم للمشتري مجانا كان ربا ونحوه في الزيلعي
قوله ( كأن اشترى ثوبا ) تمثيل لأصل المسألة لا للزيادة قال في البحر هو تكرار لأن رجوعه وجواز رده برضا بائعه في الثوب من أفراد ما قدمه ولم تظهر فائدة لإفراد الثوب إلا ليترتب عليه مسألة ما إذا خاطه فإنه يمتنع الرد ولو برضاه ا هـ ط
قوله ( فقطعه ) ووطء الجارية كالقطع بكرا كانت أو ثيبا نهر
وستأتي مسألة الجارية في المتن
قوله ( فاطلع على عيب ) ذكر الفاء يفيد أن القطع لو كان بعد الاطلاع على العيب لا يرجع بالنقصان ووجهه ظاهر فليراجع ا هـ ح
ويشهد له قول المصنف الآتي واللبس والركوب والمداواة رضا بالعيب الخ
قوله ( فاسدا ) الأولى فاسدة
قوله ( لا يرجع لإفساد ماليته ) أشار به إلى الفرق بين هذه المسألة وما قبلها وهو أن النحر إفساد للمالية لصيرورة المبيع به عرضة للنتن والفساد ولذا لا يقطع السارق به فاختل معنى قيام المبيع كما في النهر ح
وعدم الرجوع قول الإمام
وفي الخانية وجامع الفصولين لو اشترى بعيرا فلما أدخله داره سقط فذبحه فظهر عيبه يرجع بنقصانه عندهما وبه أخذ المشايخ كما لو أكل طعاما فوجد به عيبا ولو علم عيبه قبل الذبح فذبحه لا يرجع ا هـ
قال في البحر
وفي الواقعات الفتوى على قولهما في الأكل فكذا هنا ا هـ
قال الخير الرملي ويجب تقييد المسألة بما إذا نحره وحياته مرجوه أما إذا أيس من حياته فله الرجوع بالنقصان عند الإمام أيضا لأن النحر في هذه الحالة ليس إفسادا للمالية
تأمل ا هـ
قوله ( كما لا يرجع لو باع المشتري الثوب الخ ) أي أخرجه عن ملكه والبيع مثال فعم ما لو وهبه أو أقر به لغيره ولا فرق بين ما إذا كان بعد رؤية العيب أو قبله
كما في الفتح سواء كان ذلك لخوف تلفه أو لا حتى لو وجد السمكة المبيعة معيبة وغاب البائع بحيث لو انتظره لفسدت فباعها لم يرجع أيضا بشيء كما في القنية نهر
ثم اعلم أن البيع ونحوه مانع من الرجوع بالنقصان سواء كان بعد حدوث عيب عندالمشتري أو قبله إلا
____________________
(5/19)
إذا كان بعد زيادة كخياطة ونحوها كما يأتي ولذا قال في المحيط ولو أخرج المبيع عن ملكه بحيث لا يبقى لملكه أثر بأن باعه أو وهبه أو أقر به لغيره ثم علم بالعيب لا يرجع بالنقصان وكذا لو باع بعضه وإن تصرف تصرفا لا يخرجه عن ملكه بأن آجره أو رهنه أو كان طعاما فطبخه أو سويقا فلته بسمن أو بنى في العرصة أو نحوه ثم علم بالعيب فإنه لا يرجع بالنقصان إلا في الكتابة بحر
لكن في جامع الفصولين شراه فآجره فوجد عيبه فله نقض الإجارة بعيبه بخلاف رهنه من غيره فإنه يرده بعد فكه ا هـ
والظاهر أن ما في المحيط من عدم رجوعه بالنقصان بعد الإجارة والرهن المراد به إذا رضيه البائع معيبا فحينئذ لا يرجع بل يرده
تأمل
قوله ( أو بعضه ) ظاهره أنه ليس له رد ما بقي لتعيبه بالقطع أو الشركة وكذا ليس له الرجوع بنقصان الباقي كما يفيده ما نقلناه عن المحيط
ثم رأيت في القهستاني لو باع بعضه لم يرجع بالنقصان بحصة ما باع وكذا بحصة ما بقي على الصحيح ولم يرده عنده كما في المحيط ا هـ
وهذا بخلاف ما لو كان أثوابا فباع بعضها فإن له رد الباقي كما مر متنا قبيل هذا الباب وسيأتي أيضا في قوله اشترى عبدين الخ وبخلاف ما لو كان المبيع طعاما ويأتي الكلام عليه
قوله ( لجواز رده مقطوعا لا مخيطا ) يعني أن الرد بعد القطع غير ممتنع برضا البائع فلما باعه المشتري صار حابسا للمبيع بالبيع فلا يرجع بالنقصان لكونه صار مفوتا للرد بخلاف ما لو خاطه قبل العلم بالعيب ثم باعه فإنه لا يبطل الرجوع بالنقصان لأن الخياطة مانعة من الرد كما يأتي فبيعه بعد امتناع الرد لا تأثير له لأنه لم يصر حابسا له بالبيع كما أفاده الزيلعي وغيره والأصل كما في الذخيرة أنه في كل موضع أمكن المشتري رد المبيع القائم في ملكه على البائع برضاه أو بدونه فإذا أزاله عن ملكه ببيع أو شبهة لا يرجع بالنقصان وفي كل موضع لا يمكنه رده على البائع فإذا أزاله عن ملكه يرجع بالنقصان ونحوه في الزيلعي وبنى عليه مسألة ما لو خاط الثوب لطفله وقد مرت
قوله ( وخاطه ) أشار به مع ما عطف عليه إلى الزيادة المتصلة الغير المتولدة وقدمنا بيانها
قوله ( بأي صبغ كان ) ولو أسود وعند أبي حنيفة السواد نقصان فيكون للبائع أخذه وهو اختلاف زمان ا هـ ح
قوله ( أو لت السويق بسمن ) أي خلطه به ومثله لو اتخذ الزيت المبيع صابونا وهي واقعة الحال
رملي
قوله ( أو غرس أو بنى ) أي في الأرض المبيعة ط
قوله ( ثم اطلع على عيب ) أي في السويق أو الثوب بعد هذه الأشياء
منح
قال ح وهو يفيد أن الزيادة لو كانت بعد الاطلاع على العيب لا يرجع بالنقصان ووجهه ظاهر ويدل عليه أيضا قول مسكين ولم يكن عالما وقت الصبغ واللت ا هـ
قوله ( بسبب الزيادة ) لأنه لا وجه للفسخ في الأصل دونها لأنها لا تنفك عنه ولا وجه إليه معها لحق الشرع الخ
قوله ( لحصول الربا ) فإن الزيادة حينئذ تكون فضلا مستحقا في عقد المعاوضة بلا مقابل وهو معنى الربا أو شبهته ولشبهة الربا حكم الربا
فتح
وبه اندفع ما في الدر المنتقى عن الواني من قوله وفيه أن حرمة الربا بالقدر والجنس وهما مفقودان ها هنا فتأمل ا هـ
ويوضح الدفع قوله في العزمية إنه كلام غير محرر فإن
____________________
(5/20)
الربا ليس بمنحصر عندهم في الصورة المذكورة لقولهم إن الشروط الفاسدة من الربا وهي في المعاوضات المالية وغيرها لأن الربا هو الفضل الخالي عن العوض وحقيقة الشروط الفاسدة هي زيادة ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ففيها فضل خال عن العوض وهو الربا كما في الزيلعي وغيره قبيل كتاب الصرف
قوله ( أي الممتنع رده في هذه الصور ) أي صور الزيادة المتصلة من خياطة ونحوها
وأفاد امتناع الرد سابق على البيع بسبب الزيادة فتقرر بها الرجوع بالنقصان قبل البيع فيبقى له الرجوع بعد البيع أيضا وإن كان البيع بعد رؤية العيب
قال في الفتح وإذا امتنع الرد بالفسخ فلو باعه المشتري رجع بالنقصان لأن الرد لما امتنع لم يكن المشتري ببيعه حابسا له
قوله ( بعد رؤية العيب ) وكذا قبلها بالأولى ح
قوله ( قبل الرضا به صريحا أو دلالة ) لم أر من ذكر هذا القيد هنا بعد مراجعة كثير من الكتب المذهب وإنما رأيته في حواشي المنح للخير الرملي ذكره بعد قوله أو مات العبد وهو في محله كما تعرفه قريبا أما هنا فلا محل له لأن العرض على البيع رضا بالعيب كما سيأتي وهنا وجد البيع حقيقة ولم يمتنع الرجوع بالنقصان لتقرر الرجوع قبله كما علمته آنفا فكأن الشارح رأى هذا القيد في حواشي شيخه فسبق قلمه فكتبه في غير محله فتأمل
قوله ( أو مات العبد ) لأن الملك ينتهي بالموت والشيء بانتهائه يتقرر فكان بقاء الملك قائما والرد متعذر وذلك موجب للرجوع وتمامه في ح عن الفتح قال في النهر ولا فرق في هذا أي موت العبد بين أن يكون بعد رؤية العيب أو قبلها ا هـ
لكن إذا كان الموت بعد رؤية العيب لا بد أن يكون قبل الرضا به صريحا أو دلالة كما ذكره الخير الرملي ووجهه ظاهر لأنه إذا رأى العيب وقال رضيت به أو عرضه على البيع أو استخدمه مرارا أو نحو ذلك مما يكون دلالة على الرضا امتنع رده والرجوع بنقصانه لو بقي العبد حيا فكذا لو مات بالأولى
قوله ( المراد هلاك المبيع الخ ) قال في النهر ولو قال أو هلك المبيع لكان أفود إذ لا فرق بين الآدمي وغيره ومن ثم قال في الفصول ذهب إلى بائعه ليرده بعيبه فهلك في الطريق هلك على المشتري ويرجع بنقصه
وفي القنية اشترى جدارا مائلا فلم يعلم به حتى سقط فله الرجوع بالنقصان ا هـ
وفي الحاوي اشترى أثوابا على أن كل واحد منها ستة عشر ذراعا فبلغ بها إلى بغداد فإذا هي ثلاثة عشر فرجع بها ليردها فهلكت في الطريق يرجع بنقصان القيمة في ظاهر المذهب
قوله ( أو أعتقه ) قال في الهداية وأما الإعتاق فالقياس فيه أن لا يرجع لأن الامتناع بفعله فصار كالقتل
وفي الاستحسان يرجع لأن العتق إنهاء الملك لأن الآدمي ما خلق في الأصل محلا للملك وإنما ثبت الملك فيه مؤقتا إلى الإعتاق إنهاء كالموت وهذا لأن الشيء يتقرر بانتهائه فيجعل كأن الملك باق والرد متعذر والتدبير والاستيلاد بمنزلته لأنه تعذر النقل مع باء المحل بالأمر الحكمي ا هـ ح
قوله ( أو وقف ) فإذا وقف المشتري الأرض ثم علم بالعيب رجع بالنقصان
وفي جعلها مسجدا اختلاف والمختار الرجوع بالنقصان كما في جامع الفصولين
وفي البزازية وعليه الفتوى وما رجع به يسلم إليه لأن النقصان لم يدخل تحت الوقف ا هـ نهر
قوله ( قبل علمه ) ظرف لأعتقه وما بعده ا هـ ح
____________________
(5/21)
والحاصل أن هلاك المبيع ليس كإعتاقه فإنه إذا هلك المبيع يرجع بنقصان العيب سواء كان بعد العلم به أو قبله وأما الإعتاق بعد العلم به فمانع من الرجوع بنقصانه بخلافه قبله وليس إعتاقه كاستهلاكه فإنه إذا استهلكه فلا رجوع مطلقا إلا في الأكل عندهما
بحر ط
قوله ( أو كان المبيع طعاما فأكله ) احترز بالأكل عن استهلاكه بغيره ففي الذخيرة قال القدوري ولو اشترى ثوبا أو طعاما وأحرق الثوب أو استهلك الطعام ثم اطلع على عيب لا يرجع بشيء بالنقصان بلا خلاف ا هـ
وكذا لو باعه أو وهبه ثم اطلع على عيب لم يرجع إجماعا كما في السراج لكن في بيع بعضه الخلاف الآتي وأراد بالطعام المكيل والموزون كما يعلم في الذخيرة والخانية
مطلب فيما لو أكل بعض الطعام قوله ( فأكله أو بعضه ) أي ثم علم بالعيب كما في الهداية وهذا يدل على أن الرجوع فيما إذا أطعمه عبده أو مديره أو أم ولده أو لبس الثوب حتى تخرق مقيد بما قبل العلم بالعيب فلو أخر الشارح قوله قبل علمه بعيبه عن قوله أو لبس الثوب حتى تخرق ليكون قيدا في المسائل العشرة لكان أولى ح
قلت ويؤيده أنه في الفتح قال بعد هذه المسائل وفي الكفاية كل تصرف يسقط خيار العيب إذا وجده في ملكه بعد العلم بالعيب فلا رد ولا أرش لأنه كالرضا به
تنبيه وقع في المنح أو أكله بعد اطلاعه على العيب وهو سبق قلم كما نبه عليه الرملي
قوله ( أو أطعمه عبده أو مدبره أو أم ولده ) إنما يرجع في هذه المسائل لأن ملكه باق كما في البحر يعني أن العبد والمدبر وأم الولد إنما أكلوا الطعام على ملك السيد لأنهم لا يملكون وإن ملكوا فكان ملكه باقيا في الطعام والرد متعذر كما قررناه في الإعتاق بخلاف ما إذا أطعمه طفله وما عطف عليه مما سيأتي حيث لا يرجع لأن فيه حبس المبيع بالتمليك من هؤلاء فإنهم من أهل الملك ا هـ ح
قوله ( فإنه يرجع بالنقصان استحسانا عندهما ) الذي في الهداية والعناية والفتح والتبيين أن الاستحسان عدم الرجوع وهو قول الإمام فليحرر ا هـ ح
قلت ما ذكره الشارح من أن الاستحسان قولهما ذكره في الاختيار وتبعه في البحر وكذا نقله عنه العلامة قاسم ونبه على أنه عكس ما في الهداية وسكت عليه فلذا مشى عليه المصنف في متنه
وذكر في الفتح عن الخلاصة أن عليه الفتوى وبه أخذ الطحاوي لكن قال في الفتح بعده أن جعل الهداية قول الإمام استحسانا مع تأخيره
وجوابه عن دليلهما يفيد مخالفته في كون الفتوى على قولهما ا هـ
قلت ويؤيده أنه في الكنز والملتقى وغيرهما مشوا على قول الإمام
وفي الذخيرة ولو لبس الثوب حتى تخرق من اللبس أو أكل الطعام لا يرجع عنده هو الصحيح خلافا لهما ا هـ
والحاصل أنهما قولان مصححان ولكن صححوا قولهما بأن عليه الفتوى ولفظ الفتوى آكد ألفاظ التصحيح ولا سيما هو أرفق بالناس كما يأتي فلذا اختاره المصنف في متنه وهذا في الأكل أما البيع ونحوه فلا رجوع فيه إجماعا كما علمت ويأتي وجه الفرق
تنبيه ظاهر كلام الشارح أن الخلاف جار في جميع المسائل التي ذكرها مع أنهم لم يذكروه إلا في أكل الطعام ولبس الثوب
أفادة ح
____________________
(5/22)
قلت الظاهر جريان الخلاف في مسائل الإطعام أيضا لأنه لو أكل الطعام لا يرجع عند الإمام فكذا إذا أطعمه عبده بالأولى
تأمل
قوله ( وعنهما يرد ما بقي ويرجع بنقصان ما أكل ) هذه رواية ثانية عنهما في صورة أكل البعض والأولى أنه يرجع بنقصان العيب في الكل فلا يرد ما بقي هكذا نقل عنهما القدوري في التقريب وتبعه في الهداية
وذكر في شرح الطحاوي أن الأولى قول أبي يوسف
والثانية قول محمد كما في الفتح وأما عند الإمام فلا يرد ما بقي ولا يرجع بنقصان ما أكل ولا ما بقي
في الذخيرة والفتوى على قول محمد كما نقله في البحر عن الاختيار والخلاصة ومثله في النهاية وغاية البيان وجامع الفصولين والخانية والمجتبى فلذا اقتصر عليه الشارح وهذا كله في أكل البعض
أما لو باع بعض المكيل والموزون ففي الذخيرة أنه عندهما لا يرد ما بقي ولا يرجع بشيء وعن محمد يرد ما بقي ولا يرجع بنقصان ما باع هكذا ذكره في الأصل
وكان الفقيه أبو جعفر وأبو الليث يفتيان في هذه المسائل بقول محمد رفقا بالناس واختاره الصدر الشهيد ا هـ
وفي جامع الفصولين عن الخانية
وعن محمد لا يرجع بنقص ما باع ويرد الباقي بحصته من الثمن وعليه الفتوى ا هـ
ومثله في الولوالجية والمجتبى والمواهب
والحاصل أن المفتى به أنه لو باع البعض أو أكله يرد الباقي ويرجع بنقص ما أكل لا بنقص ما باع
والفرق كما في الولوالجية أنه بالأكل تقرر العقد فتقرر أحكامه وبالبيع ينقطع الملك فتنقطع أحكامه
قال فصار بمنزلة ما لو اشترى غلامين فقبضهما وباع أحدهما ثم وجد بهما عيبا يرد ما بقي ولا يرجع بنقصان ما باع بالإجماع فكذا هنا عند محمد ا هـ
قلت لكن سيذكر المصنف تبعا لغيره من المتون لو وجد ببعض المكيل أو الموزون عيبا له رد كله أو أخذه فإن مقتضاه أنه ليس له رد المعيب وحده
إلا أن يقال إنه محمول على ما إذا كان كله باقيا في ملكه لم يتصرف في شيء منه بقرينة قوله له رد كله فيفرق بين ما إذا بقي كله وبين ما إذا تصرف ببعضه ببيع أو أكل أو يقال هو مبني على قول غير محمد
تأمل
تنبيه الطعام في عرفهم البر والمراد به هنا هو وما كان مثله من مكيل وموزون كما علم مما نقلناه آنفا عن الذخيرة وفي البحر عن القنية ولو كان غزلا فنسجه أو فليقا فجعله إبريسما ثم ظهر أنه كان رطبا وانتقص وزنه رجع بنقصان العيب بخلاف ما إذا باع ا هـ
وبه علم أن الأكل غير قيد بل مثله كل تصرف لا يخرجه عن ملكه كما يعلم مما قدمناه عن المحيط
وتقدم حكم القيمي عند قوله كما لا يرجع لو باع المشتري الثوب الخ
قوله ( ابن كمال ) حيث قال والخلاف فيما إذا كان الطعام في وعاء واحد أو لم يكن في وعاء فإن كان في وعاءين فله رد الباقي بحصته من الثمن في قولهم كذا في الحقائق والخانية ا هـ
قلت ولفظ الخانية فإن كان في وعاءين فأكل ما في أحدهما أو باع ثم علم بعيب كان له أن يرد الباقي بحصته من الثمن في قولهم لأن المكيل والموزون بمنزلة أشياء مختلفة فكان الحكم فيه ما هو الحكم في العبدين والثوبين ونحو ذلك ا هـ
ومقتضاه أنه لا خلاف في ثبوت رد المعيب وحده نعم نقل العلامة قاسم في تصحيحه عن الذخيرة
____________________
(5/23)
أن من المشايخ من قال لا فرق بين الوعاء والأوعية ليس له أن يرد البعض بالعيب وإطلاق محمد في الأصل يدل عليه وبه كان يفتي شمس الأئمة السرخسي
ثم قال العلامة قاسم والأول أقيس وأرفق
قوله ( وسيجيء ) أي قبيل قوله اشترى جارية لكن الذي سيجيء هو ترجيح عدم الفرق بين الوعاء والأكثر
قوله ( فعلى ما في الاختيار الخ ) أي من قوله وعنهما يرد ما بقي ويرجع الخ فإنه يفيد أنه قياس لذكره له بعد قوله فإنه يرجع بالنقصان استحسانا عندهما
مطلب يرجح القياس وحاصله أن إحدى الروايتين عنهما استحسانا والثانية قياس فيكون ترجيح الثانية كما وقع في الاختيار والقهستاني من ترجيح القياس عن الاستحسان
وهذا تقرير كلام الشارح وبه اندفع ما قيل إن الشارح وافق هنا ما في الهداية وغيرها من أن القياس قولهما فافهم نعم ما فهمه الشارح على ما قررناه خلاف المفهوم من كلامهم فقد قال في الهداية وأما الأكل فعلى الخلاف عندهما يرجع وعنده لا يرجع استحسانا وإن أكل بعض الطعام ثم علم بالعيب فكذا الجواب عنده
وعنهما أنه يرجع بنقصان العيب في الكل
وعنهما أنه يرد ما بقي ا هـ
وقال في الاختيار عندهما يرجع استحسانا وعنده لا يرجع الخ فإنه المفهوم من هذا أنه في الهداية جعل الرجوع بالنقصان عندهما قياسا وعدمه وعنده استحسانا وفي الاختيار بالعكس
وحاصله أن الرجوع بالنقصان عندهما قيل إنه قياس وقيل إنه استحسان
ثم بعد قولهما بالرجوع بالنقصان ففي صورة أكل البعض عنهما روايتان الأولى يرجع بنقصان الكل فلا يرد الباقي
والثانية يرجع بنقصان ما أكل فقط ويرد ما بقي
وأنت خبير بأنه ليس في هذا ما يفيد أن إحدى هاتين الروايتين قياس والأخرى استحسان كما فهمه الشارح بل كل منهما قياس على ما في الهداية والاستحسان قول الإمام بعدم الرجوع بشيء أصلا وكل منهما استحسان على ما في الاختيار والقياس قول الإمام المذكور فتنبه
قوله ( ولو أعتقه على مال ) أي لا يرجع لأنه حبس بدله وحبس البدل كحبس المبدل
وعنه أنه يرجع لأنه إنهاء للملك وإن كان بعوض
ح عن الهداية
وعند أبي يوسف يرجع في هذه المسائل
قوله ( أو كاتبه ) وهي بمعنى الإعتاق على مال كما في البحر والكلام فيه مغن عن الكلام فيها ح
قوله ( أو قتله ) هو ظاهر الرواية عن أصحابنا ووجهه أن القتل لم يعهد شرعا إلا مضمونا وإنما سقط عن المولى بسبب الملك فصار كالمستفيد به عوضا وهو سلامة نفسه عن القتل إن كان عمدا أو الدية إن كان خطأ فكأنه باعه
نهر
قوله ( طفله ) ليس بقيد بل المصرح به في البحر والفتح الولد الصغير والكبير والعلة وهي أهلية الملك كما قدمناه تشملهما ا هـ ح
قوله ( كذا ذكره المصنف ) حيث قال فلو أعتقه على مال أو قتله بعد اطلاعه على عيب
وقال محشية الرملي صوابه قبل اطلاعه إذ هو محل الخلاف إذ بعده
____________________
(5/24)
لا يرجع إجماعا ولهذا لم يقيد به الزيلعي وأكثر الشراح وكأنه تبع العيني فيه وهو سهو
قوله ( في الرمز ) أي شرح الكنز
قوله ( لكن ذكر في المجمع في الجميع ) أي في جميع المسائل المذكورة وهي العتق على مال والكتابة والإباق وهذا هو الصواب لما علمت من أنه لا رجوع إجماعا لو بعد الاطلاع على العيب لا لما قيل من أنه يلزم أن لا يبقى فوق بين هذه المسائل والمسائل المتقدمة فإنه ممنوع إذ الفرق واضح وهو ثبوت الرجوع في المسائل المتقدمة وعدمه في هذه إجماعا فافهم
قوله ( حتى العيني ) أي في شرحه على نظم المجمع أي فناقض كلامه في الرمز
قوله ( بالأولوية ) أي لأنه إذا امتنع الرجوع إذا كانت هذه الأشياء قبل الاطلاع على العيب يمتنع بعد الاطلاع بالأولى لأنها دليل الرضا
قوله ( والأصل الخ ) قدمنا بيانه عند قوله لجواز رده مقطوعا لا مخيطا وقدمنا هناك بناءه على أصل آخر
( وفيه الخ ) مكرر مع ما قدمه قريبا ح
قوله ( فوجده فاسدا الخ ) لو قال فوجده معيبا لكان أولى لأن من عيب الجوز قلة لبه وسواده كما في البزازية وصرح في الذخيرة بأنه عيب لا فساد واحترز بقوله فوجده أي المبيع عما إذا كسر البعض فوجده فاسدا فإنه يرده أو يرجع بنقصه فقط ولا يقيس الباقي عليه ولذا قال في الذخيرة ولا يرد الباقي إلا أن يبرهن أن الباقي فاسدا ا هـ
أفاده في البحر وقوله فإنه يرده الخ أي يرد ما كسر لو غير منتفع به أو يرجع بنقصه فقط لو ينتفع به
قوله ( إن لم يتناول منه شيئا ) فلو كسره فذاقه ثم تناول منه شيئا لم يرجع بنقصانه لرضاه به وينبغي جريان الخلاف فيما لو أكل الطعام
بحر
وأصل البحث للزيلعي
واعترضه ط بأن الخلاف في الطعام إذ علم بالعيب بعد الأكل لا قبله
قوله ( نقصانه ) أي له نقصان عيبه لا رده لأن الكسر عيب حادث
بحر وغيره
قلت الكسر في الجوز يزيد في ثمنه فهو زيادة لا عيب تأمل قوله ( إلا إذا رضي البائع به ) أي بأخذه معيبا بالكسر فلا رجوع للمشتري بنقصانه
قوله ( ولو علم ) أي المشتري بعيبه قبل كسره أي ولم يكسره
قال في النهر فلو كسره بعد العلم بالعيب لا يرد لأنه صار راضيا ا هـ
ونبه على ذلك الزيلعي أيضا فقال لا يرده ولا يرجع بالنقصان لأن كسره بعد العلم به دليل الرضا انتهى لكن الزيلعي ذكر هذا بعد قوله وإن لم ينتفع به أصلا واعترض بأن محله هنا لأنه إن لم ينتفع به أصلا يرده
ويرجع بكل الثمن
قوله ( وإن لم ينتفع به أصلا ) بأن كان البيض منتنا والقثاء مرا والجوز خاويا وما في العيني أو مزنخا ففيه نظر لأنه يأكله الفقراء نهر
قلت وكذا ينتفع باستخراج دهنه لكن هذا لو كان كثيرا بل قد يقال ولو قليلا لأنه يباع
____________________
(5/25)
لمن يستخرج دهنه فيكون له قيمة إلا أن يكون جوزة أو جوزتين مثلا
قوله ( فله كل الثمن الخ ) لأنه تبين بالكسر أنه ليس بمال فكان البيع باطلا قبل هذا صحيح في الجوز الذي لا قيمة لقشره أما إذا كان له قيمة بأن كان في موضع يباع فيه قشره يرجع بحصة اللب فقط وقيل يرده ويرجع بكل الثمن لأن ماليته باعتبار اللب وظاهر الهداية يفيد ترجيحه وكذا في البيض
أما بيض النعامة إذ وجد فاسدا بعد الكسر فإنه يرجع بنقصان العيب
قال في العناية وعليه جرى في الفتح أن هذا يجب أن يكون بلا خلاف لأن مالية بيض النعامة قبل الكسر باعتبار القشر وما فيه جميعا
قال ابن وهبان وينبغي أن يفصل بأن يقال هذا في موضع يقصد فيه الانتفاع بالقشر أما إذا كان لا يقصد الانتفاع إلا بالمح بأن كان في برية والقشر لا ينتقل كان كغيره
قال الشيخ عبد البر ولا يخفى عليك فساد هذا التفصيل فإن هذا القشر مقصود بالشراء في نفسه ينتفع به في سائرالمواضع وما ذكره لا ينهض لأنه قد يتفق في كثير مما اتفقوا على صحة بيعه ولا يكون ذلك موجبا لفساد البيع ا هـ
نهر
قوله ( ولو كان أكثره فاسدا جاز بحصته ) أي بحصة الصحيح منه وهذا عندهما وهو الأصح كما في الفتح
وكذا في النهر عن النهاية
أما عنده فلا يصح في الصحيح منه أيضا لأنه كالجمع بين الحر والعبد في صفقة واحدة
ووجه الأصح كما في الزيلعي أنه بمنزلة ما لو فصل ثمنه لأنه ينقسم ثمنه على أجزائه كالمكيل والموزون لا على قيمته ا هـ بخلاف الحر مع العبد
تنبيه عبر بالأكثر تبعا للعيني
واعترضه بأنه مختل والصواب تعبير النهر وغيره بالكثير
قلت وهو مدفوع لأنه إذا صح فيما يكون أكثره فاسدا يصح فيما يكون الكثير منه فاسدا بالأولى نعم الأولى التعبير بالكثير ليفيد صحة البيع في الكل إذا كان الفاسد منه قليلا لأنه لا يمكن التحرز عنه إذ لا يخلو عن قليل فاسد فكان كقليل التراب في الحنطة فلا يرجع بشيء أصلا وفي القياس يفسد كما في الفتح
قال في النهر والقليل ما لا يخلو عنه الجوز عادة كالواحد والاثنين في المائة كذا في الهداية
وهو ظاهر في أن الواحد في العشرة كثير وبه صرح في القنية
وقال السرخشي الثلاثة عفو يعني في المائة ا هـ
وفي البحر القليل الثلاثة وما دونها في المائة والكثير ما زاد ا هـ
وفي الفتح وجعل الفقيه أبو الليث الخمسة والستة في المائة من الجوز عفوا ا هـ
مطلب وجد في الحنطة ترابا فرع اشترى أقفزة حنطة أو سمسم فوجد فيه ترابا إن كان يوجد مثله في ذلك عادة لا يرد وإلا فإن أمكنة رد كل المبيع يرده ولو أراد حبس الحنطة ورد التراب أو المعيب مميزا ليس له ذلك فإن ميز التراب وأراد أن يخلطه ويرد إن أمكنه الرد على ذلك الكيل رد وإلا بأن نقص من ذلك الكيل شيء لا ورجع بنقصان الحنطة إلا أن يرضى البائع بأخذها ناقصة بزازية
وفي الخانية لو لم يعد ذلك التراب عيبا فلا رد وإلا فإن لم يفحش يرد وإن فحش خير المشتري بين أخذ الحنطة بحصتها من الثمن أو ردها وأخذ كل الثمن
قوله ( في المجتبى الخ ) هذه من أفراد مسألة لا كل السابقة ط
فكان الأولى ذكرها هناك
قوله ( رده على بائعه ) معناه أن له أن يخاصم الأول ويفعل ما يجب أن يفعل عند قصد الرد ولا يكون الرد عليه ردا على بائعه بخلاف الوكيل بالبيع حيث يكون
____________________
(5/26)
الرد عليه بالعيب القضاء ردا على موكله لأن البيع واحد فإذا ارتفع رجع إلى الموكل
بحر وتمامه فيه وبخلاف الاستحقاق فإنه إذا حكم به على المشتري الأخير يكون حكما على كل الباعة كما سيأتي في بابه
قال في النهر وهذا الإطلاق قيده في المبسوط بما إذا ادعى المشتري العيب عند البائع الأول أما إذا أقام البينة أن العيب كان عند المشتري لم يشهدا أنه كان عند البائع الأول ليس للمشتري الأول أن يرده إجماعا كذا في الفتح تبعا للدراية ا هـ
وأقره في البحر أيضا
قلت وهو مقيد أيضا بما إذا لم يعترف بالعيب بعد الرد
قال في الفتح لو قال بعد الرد ليس به عيب لا يرده على البائع الأول بالاتفاق
قوله ( لو رد عليه بقضاء ) شامل لما إذا أقر بالعيب وامتنع من القبول فرد عليه القاضي جبرا كما إذ أنكر العيب فأثبته بالبينة أو النكول عن اليمين أو بالبينة على إقرار البائع بالعيب مع إنكاره الإقرار به فإنه يرد على بائعه في الصور الأربع لكون القضاء فسخا فيها شرنبلالية
تنبيه للبائع أن يمتنع عن القبول مع علمه بالعيب حتى يقضي عليه ليتعدى إلى بائعه
بحر عن البزازية
قوله لأنه فسخ أي لأن الرد بالقضاء فسخ من الأصل فجعل البيع كأن لم يكن غاية الأمر أنه أنكر قيام العيب لكنه صار مكذبا شرعا بالقضاء
هداية
والمراد أنه لا فسخ فيما يستقبل لا في الأحكام الماضية بدليل أن زوائد المبيع للمشتري ولا يردها مع الأصل وتمامه في البحر
وسيذكر الشارح آخر الباب أنه فسخ في حق الكل إلا في مسألتين الخ ويأتي تمامه
مطلب لا يرجع البائع على بائعه بنقصان العيب قوله ( ما لم يحدث به عيب آخر عنده ) أي عند البائع الثاني قيد لقوله رده على بائعه وقوله فيرجع تفريع على مفهوم المذكور أي فإن حدث عيب آخر عند البائع الثاني ثم رده عليه المشتري منه بالعيب القديم فلا يرده على بائعه بل يرجع عليه بنقصان العيب القديم لأن العيب الحادث عنده يمنعه من الرد وما قلناه من إرجاع ضمير عنده إلى البائع الثاني أصوب من إرجاعه إلى المشتري الثاني لئلا يخالف قول الإمام
لما في البحر لو باعه فاطلع مشتريه على عيب قديم به لا يحدث مثله وحدث عنده عيب ورجع بنقصان العيب القديم فعنده لا يرجع البائع على بائعه بنقصان العيب القديم وعندهما يرجع كذا ذكره الإسبيجابي ومثله في الصغرى ا هـ فافهم
قوله ( وهذا ) أي اشتراط القضاء للرد ا هـ ح
قوله ( لو بعد قبضه ) أي قبض المشتري الثاني المبيع ط
قوله ( فلو قبله الخ ) أي فلو كان الرد قبل قبضه فللمشتري الأول أن يرده على البائع الأول مطلقا سواء كان رده عليه بقضاء أو برضا المشتري الأول الذي هو البائع الثاني لأن بيع المبيع قبل قبضه لا يجوز فلا يمكن جعله بيعا جديدا في حق غيرهما فجعل فسخا من الأصل في حق الكل فصار كما لو باع المشتري الأول للثاني بشرط الخيار له أو بيعا في خيار رؤية فإنه إذا فسخ المشتري الثاني بحكم الخيار كان للأول أن يرده مطلقا والفسخ بالخيارين لا يتوقف على قضاء
قال الزيلعي وفي العقار اختلاف المشايخ على قول أبي حنيفة
والأظهر أنه بيع جديد في حق البائع الأول لأن العقار يجوز بيعه قبل القبض عنده فليس له أن يرده على بائعه كأنه اشتراه بعد ما باعه
وعند محمد فسخ لأن لا يجوز بيعه قبل القبض عنده
وعند أبي يوسف بيع في حق الكل ا هـ من حاشية نوح أفندي
قوله ( وهذا ) الإشارة إلى قوله رده على بائعه
قوله ( فلا رد مطلقا )
____________________
(5/27)
أي لا بقضاء ولا رضا لأن بيعه بعد رؤية العيب دليل الرضا به
قوله ( وهذا ) أي اشتراط القضاء للرد
قوله ( في غير النقدين ) قال في البحر وقيد بالمبيع وهو العين احترازا عن الصرف فإنه يجعل فسخا إذ رد بعيب لا فرق بين القضاء والرضا لأنه لا يمكن أنه يجعل بيعا جديدا لأن الدينار هنا لا يتعين في العقود فإذا اشترى دينارا بدراهم ثم باع الدينار من آخر ثم وجد المشتري الثاني بالدينار عيبا ورده المشتري بغير قضاء فإنه يرده على بائعه لما ذكرنا
ووجهه في الكافي بأن المعيب ليس بمبيع بل المبيع السليم فيكون المبيع ملك البائع فإذا رده على المشتري يرده على بائعه
أما هنا المبيعان موجودان
مطلب مهم قبض من غريمه دراهم فوجدها زيوفا فردها عليه بلا قضاء وذكر في الظهيرية وعلى هذا إذا قبض رجل دراهم على رجل وقضاها من غريمه فوجدها الغريم زيوفا فردها عليه بلا قضاء فله ردها على الأول ا هـ
وما ذكره في الظهيرية أفتى به الخير الرملي تبعا لما في فتاوى قارىء الهداية وفتاوى ابن نجيم وهذا إذا لم يكن أقر بقبض حقه أو الثمن أو الدين فلو أقر بذلك ثم جاء ليرده لم يقبل منه لتناقضه كما أوضح ذلك العلامة الطرسوسي في أنفع الوسائل ولخصت ذلك في تنقيح الحامدية
وبقي ما إذا تصرف فيه القابض بعد علمه بعيبه فإنه لا يرده إذا رد عليه لما في القنية برمز القاضي عبد الجبار إذا أخذ من دينه دينارا فجعله في الروث ليروج أو جعل الدرهم في البصل ونحوه ليس له الرد كما لو داوى عيب مشريه ليس له الرد ا هـ فليحفظ لكن سيذكر الشارح من موانع الرد العرض على البيع إلا الدراهم إذا وجدها زيوفا فعرضها على البيع فليس برضا وسيذكره أيضا في آخر متفرقات البيوع
وعلله في البحر بأن حقه في الجياد فلم تدخل الزيوف في ملكه لكن صرحوا بأنه لو تجوز بها ملكها وصارت عين حقه فصار الحاصل أنه لو رضي بها امتنع الرد وإلا فله ردها وإن عرضها على البيع وبه يظهر إن عرضها على البيع لا يكون دليل الرضا بها فيحمل ما مر عن القنية على ما إذا رضي بها صريحا فليتأمل
وسيأتي في متفرقات البيوع متنا وشرحا لو قبض زيفا بدل جيد كان له على آخر جاهلا به فلو علم وأنفقه كان قضاء اتفاقا ونفق أو أنفقه فهو قضاء لحقه فلو قائما رده اتفاقا
وقال أبو يوسف إذا لم يعلم يرد مثل زيفه ويرجع بجيده استحسانا كما لو كانت ستوقة أو نبهرجه واختار للفتوى ا هـ
قوله ( ولو رده برضاه الخ ) أي لو رد المشتري الثاني على الأول برضاه ليس له رده على بائعه سواء كان العيب يحدث مثله في المدة كالمرض أو لا كالأصبع الزائدة لأن الرد بالعيب بعد القبض إقالة وهي بيع جديد في حق الثالث وفسخ في حق المتعاقدين والبائع الأول ثالثهما فصار في حقه كأن المشتري الأول اشتراه من الثاني فلا خصومة له مع بائعه لا في الرد ولا في الرجوع بالنقصان بخلاف الرد بقضاء القاضي فإنه فسخ في حق الكل لعموم ولايته فيصير كأن البائع الأول لم يبعه
أفاده نوح أفندي
تنبيه الوكيل بالبيع على هذا التفصيل فإذا رد عليه المبيع بقضاء لزم الموكل لو بدونه لزمه دون الموكل وليس له أن يخاصم الموكل وإن كان العيب لا يحدث مثله هو الصحيح لأن الرد بلا قضاء في حق الموكل بمنزلة الإقالة وتمامه في الخانية
قوله ( أو حط ثمن ) فيما إذا حدث عنده عيب آخر فإنه يحط من الثمن نقصان العيب كما مر
____________________
(5/28)
قوله ( بعد قبضه المبيع ) قيد اتفاقي لأن البائع له المطالبة بالثمن قبل تسليم المبيع فإذا ادعى المشتري عيبا لم يجبر فصدق عدم الجبر قبل القبض أيضا
بحر واعترض بأنه لا يجبر وإن ثبتت المطالبة
قلت وهو ممنوع وإلا فما فائدة المطالبة فافهم
قوله ( لم يجبر المشتري ) لاحتمال صدقه
عيني
والأولى للشارح ذكر المشتري عقب قوله ادعى لتنسحب الضمائر كلها عليه
قوله ( لإثبات العيب ) أي إثبات وجوده عنده وعند البائع فإذا أثبته كذلك رد المبيع على البائع أو قبله ودفع ثمنه
قوله ( أو يحلف بائعه على نفيه ) أي نفي والعيب عنده أي عند البائع
وقوله وبدفع الثمن أي المشتري بعد أن حلف البائع وقوله إن لم يكن شهود مرتبط بقوله ويحلفه أو بقوله ويدفع والأولى إسقاطه للعلم به من عطف أو يحلف على يبرهن
ثم اعلم أن المتبادر من هذا أن له تحليف البائع قبل إقامة البينة على قيام العيب للحال وهذا قولهما ورواية ضعيفة عن الإمام والصحيح عنده ما ذكره عقبه في مسألة دعوى الإباق من أنه لا يحلف بائعه حتى يبرهن المشتري أنه أبق عنده كما يأتي بيانه وعن هذا أول الزيلعي قول الكنز أو يحلف بائعه بقوله أي بعد إقامة المشتري البينة أنه وجد فيه عنده أي عند المشتري وأوله في البحر بما إذا أقر البائع بقيام العيب به ولكن أنكر قدمه
واعترضه في النهر بأنه مما لا دليل في كلامه عليه ثم قال وقد ظهر لي أن موضوع هذه المسألة في عيب لا يشترط تكراره كالولادة فإذا ادعاه المشتري ولا برهان له حلف بائعه وقوله بعده ولو ادعى إباقا بيان لم يشترط تكراره وإلا كان الثاني حشوا فتدبره فإني لم أر من عرج عليه ا هـ
قلت وأشار إليه الشارح بقوله الآتي مما يشترط الخ
قوله ( وإن ادعى غيبة شهوده ) أي عدم حضورهم في المصر أما لو قال لي بينة حاضرة أمهله القاضي إلى المجلس الثاني إذ لا ضرر فيه على البائع
بحر
قوله ( تقبل خلافا لهما فتح ) عبارة الفتح تقبل في قول أبي حنيفة
وعند محمد لا تقبل ولا يحفظ في هذا رواية عن أبي يوسف ا هـ
وذكر قبله أنه لو قال لي بينة حاضرة ثم أتى بها تقبل بلا خلاف
قوله ( ولزم العيب بنكوله ) أي لزمه حكمه لأن النكول حجة في المال لأنه بذل أو إقرار
قوله ( إباقا ونحوه الخ ) احتراز عما لا يشترط تكرره وهو ثلاث زنا الجارية والتولد من الزنا والولادة كما قدمه أول الباب ففيها لا يشترط إقامة البينة على وجودها عند المشتري بل يحلف عليها البائع ابتداء كما في البحر
قوله ( عندهما ) أي عند البائع والمشتري
قوله ( وجنون ) قيل هذا على القول الضعيف المنقول عن العيني فيما تقدم ا هـ
قلت الذي تقدم هو أن الجنون مما يختلف صغرا وكبرا بمعنى أنه إذا وجد يد البائع في الصغر وفي يد المشتري في الكبر لا يكون عيبا كالإباق وأخويه والكلام هنا في اشتراط المعاودة عند المشتري وهو القول الأصح كما قدمه الشارح وهذا غير ذاك كما لا يخفى ونبه عليه ط أيضا فافهم
قوله ( لم يحلف بائعه ) قال في البحر أي إذا ادعى عيبا يطلع عليه الرجال ويمكن حدوثه فلا بد من إقامة البينة أولا على قيامه بالمبيع مع قطع النظر
____________________
(5/29)
عن قدمه وحدوثه لينتصب البائع خصما فإن لم يبرهن لا يمين على البائع عند الإمام على الصحيح
وعندهما يحلف على نفي العلم وتمامه فيه
قوله ( إذا أنكر قيامه للحال ) أما لو اعترف بذلك فإنه يسأل عن وجوده عنده فإن اعترف به رده عليه بالتماس من المشتري وإن أنكر طولب المشتري بالبينة على أن الإباق وجد عند البائع فإن أقامها رده وإلا حلف
نهر
قوله ( إنه قد أبق عنده ) أي عند المشتري نفسه لأن القول وإن كان قول البائع لكن إنكاره إنما يعتبر بعد قيام العيب به في يد المشتري ومعرفته تكون البينة
درر
قوله ( فإن برهن ) أي المشتري على قيامه للحال
نهر
قوله ( حلف بائعه عندهما ) صوابه اتفاقا لأن الخلاف في تحليف البائع إنما هو قبل برهان المشتري كما علمت أما بعده فإنه يحلف اتفاقا لأنه انتصب خصما حين أثبت المشتري قيام العيب عنده عند الأمام فكذا عندهما بالأولى
قوله ( بالله ما أبق قط ) عدل عن قول الكنز وغيره بالله ما أبق عندك قط بزيادة الظرف لما قاله الزيلعي من أن فيه ترك النظر للمشتري لأنه يحتمل أنه باعه وقد كان أبق عند غيره وبه يرد عليه فالأحوط أن يحلف ما أبق قط أو ما يستحق عليك الرد من الوجه الذي ذكره أو لقد سلمه وما به هذا العيب
قال في النهر إلا أن كون حذف الظرف بالنظر إلى المشتري مسلم لا بالنظر إلى البائع إذ يجوز أنه أبق عند الغاصب ولم يعلم منزل المولى ولم يقدر عليه وقد مر أنه ليس بعيب فالأحوط بالله ما يستحق عليك الرد الخ وما بعده
وفي البزازية والاعتماد على المروي عن الثاني بالله ما لهذا المشتري قبلك حق الرد بالوجه الذي يدعيه تحليفا على الحاصل ا هـ
ولا يحلف بالله لقد باعه وما به هذا العيب لأن فيه ترك النظر للمشتري لجواز حدوثه بعد البيع قبل التسليم فيكون بارا مع أنه يوجب الرد
قيل كيف يحلف على البتات مع أنه فعل الغير والتحليف فيه إنما يكون على العلم وأجيب بأنه فعل نفسه في المعنى وهو تسليم المعقود عليه سليما كما التزمه قاله السرخسي
قال في الفتح ومما تطارحناه أنه لو لم يبق عند البائع وأبق عند المشتري وكان أبق عند آخر قبل هذا البائع ولا علم للبائع بذلك فادعى المشتري بذلك وأثبته يرده به ولو لم يقدر على إثباته له أن يحلفه على العلم وكذا في كل عيب يرده في تكرره ا هـ
والمطارحة إلقاء المسائل وهي هنا ليست في أصل الرد كما ظنه في البحر فقال إنه منقول في القنية بل في تحليفه على عدم العلم أخذا من قولهم إنما يحلف على البتات لادعائه العلم به والغرض هنا أنه لا علم له به فتدبره ا هـ ما في النهر ملخصا
وتمامه فيه
قوله ( وما جن ) الأولى إسقاطه كما تعرفه
قوله ( وفي الكبير الخ ) عطف على محذوف تقديره هذا الكيفية في إباق الصغير وفي الكبير الخ ط
قوله ( لاختلافه صغرا وكبرا ) فيحتمل أنه أبق عنده في الصغر فقط ثم أبق عند المشتري بعد البلوغ وذلك لا يوجب الرد لاختلاف السبب على ما تقدم فلو ألزمناه الحلف على ما أبق عنده قط أضررنا به وألزمناه مالا يلزمه ولو لم يحلف أصلا أضررنا بالمشتري فيحلف كما ذكر وكذا في كل عيب يختلف فيه الحال فيما بعد البلوغ وقبله بخلاف ما لا يختلف كالجنون فتح
فعلى هذا كان الأولى إسقاط قوله وما جنلأنه لا يناسب قوله وفي الكبير الخ
قوله ( خفي كإباق ) أي من كل عيب لا يعرف إلا بالتجربة والاختبار كالسرقة والبول في الفراش والجنون والزنا
فتح
قوله ( وعلم حكمه ) أي حكم رده
____________________
(5/30)
مما ذكره المصنف أنفا
قوله ( للتيقن به ) أي في يد البائع والمشتري
فتح
قوله ( إذا لم يدع الرضا به ) أي رضا المشتري به أو العلم به عند الشراء أو الإبراء منه فإن ادعاه سأل المشتري فإن اعترف امتنع الرد وإن أنكر أقام البينة عليه فإن عجز يستحلف ما علم به وقت البيع أو ما رضي ونحوه فإن حلف رده وإن نكل امتنع الرد
فتح قوله ( ككبد ) أي كوجع كبد وطحال
فتح
وفي بعض النسخ ككبدي بياء النسب أي كداء منسوب إلى كبد
قوله ( فيكفي قول عدل ) أي لتوجه الخصومة
قال في الفتح فإن اعترف به عندهما رده وكذا إذا أنكر فأقام المشتري البينة أو حلف البائع فنكل إلا إن ادعى الرضا فيعمل ما ذكرنا وإن أنكره عند المشتري يريه طبيبين مسلمين عدلين والواحد يكفي والاثنان أحوط فإذا قال به ذلك يخاصمه في أنه كان عنده ا هـ
واشترط العدلين منهم إنما هو للرد والواحد لتوجه الخصومة فيحلف البائع كما في البدائع ولكن في أدب القاضي ما يخالفه
بحر
قال في البزازية وفي أدب القاضي الذي يرجع فيه إلى الأطباء لا يثبت في حق توجه الخصومة ما لم يتفق عدلان بخلاف ما لا يطلع عليه الرجال حيث يثبت بقول المرأة الواحدة في حق الخصومة لا في حق الرد ا هـ
قلت الأول أظهر
لأن العدلين يكتفي بهما للإثبات فيكفي الواحد لتوجه الخصومة ولذا جزم به في الخانية حيث قال إن أخبر بذلك واحد يثبت العيب في حق الخصومة والدعوى وإن شهد عدلان أنه قديم كان عند البائع يرده على البائع
مطلب فيما لا يطلع عليه إلا النساء قوله ( فيكفي قول الواحدة ) أي لإثبات العيب في حق الخصومة لا في الرد في ظاهر الرواية خانية وقد أشار إلى هذا بقوله فيحلف البائع إذ لو ثبت الرد بقولها لم يحتج إلى التحليف وهذا إذا كان بعد القبض بالاتفاق كما في شرح الجامع لقاضيخان فلو قبله ففيه اختلاف الروايات
ففي الخانية إن آخر ما روى عن محمد وأبي يوسف أنه يرد بشهادتهن إلا في الحبل فلا ترد بشهادتهن
وفي الذخيرة الواحدة العدلة تكفي والثنتان أحوط فإذا قالت واحدة عدلة أو اثنتان إنها حبلى يثبت العيب في حق توجه الخصومة ثم إن قالت أو قالتا كان ذلك عند البائع إن كان ذلك بعد القبض لا ترد بل يحلف البائع لأن شهادة النساء حجة ضعيفة والعقد بعد القبض قوي ولا يفسخ العقد القوي بحجة ضعيفة وإن قبل القبض فكذلك لا رد بقول الواحدة
أما المثنى فقيل على قياس قوله لا ترد وعلى قياس قولهما ترد
وذكر الخصاف أنها لا ترد في ظاهر رواية أصحابنا
وفي القدوري إنه المشهور من قولهما لأن ثبوت العيب بشهادتهن ضروري ومن ضرورة ثبوته توجه الخصومة دون الرد فيحلف البائع فإن نكل تأيدت شهادتهن بنكوله فيثبت الرد
وروى الحسن عن الإمام ثبوت الرد بشهادتهن إلا في الحبل لأنه تعالى تولى علمه بنفسه ا هـ ما في الذخيرة ملخصا
ثم ذكر روايات أخر
والحاصل أن شهادة الواحدة أو الثنتين يثبت بها العيب المذكور في حق توجه الخصومة لا في حق الرد سواء كان ذلك قبل القبض أو بعده في ظاهر الرواية عن علمائنا الثلاثة وهو المشهور فكان هو المذهب المعتمد وإن اقتصر
____________________
(5/31)
في كثير من الكتب على خلافه وقدمنا ما يؤيد ذلك عن الفتح في آخر خيار الشرط ولا ينافي ذلك ما اتفق عليه أصحاب المتون في أول كتاب الشهادة من قبول شهادة الواحدة في البكارة والعيوب والتي لا يطلع عليها إلا النساء لأن المراد به أن العيب يثبت بقولهن ليحلف البائع كما نص عليه في الهداية هناك وهذا معنى قولهم هنا يثبت في حق توجه الخصومة فاغتنم تحقيق هذا المحل فإنك لا تجده في غير هذا الكتاب والحمد لله الملك الوهاب
قوله ( قلت وبقي خامس الخ ) هذا الفرع مذكور في الفتح والبحر والنهر لكنهم اقتصروا على عد الأنواع أربعة فلما رأى الشارح مخالفة حكمه لهذه الأربعة جعله نوعا خامسا فكان من زياداته الحسنة فافهم
قلت ومن هذا النوع ما لو ادعى ارتفاع حيض الجارية فقد صرحوا بأنه لا تقبل الشهادة عليه لأنه لا يعلم إلا منها وتتوجه الخصومة بقولها على ما اختاره في الفتح نعم على ما اختاره غيره من أنه لا بد من دعوى المشتري أنه عن داء فيرجع فيه إلى شهادة الأطباء أو عن حبل فيرجع إلى شهادة النساء لا يكون من هذا النوع بل من أحد النوعين قبله
مطلب فيما يحلف المشتري أنه لم يفعل مسقطا لخيار العيب فروع لو أراد المشتري الرد ولم يدع البائع عليه مسقطا لم يحلف المشتري وعند الثاني يحلف وفي الخلاصة والبزازية أن القاضي لا يستحلف الخصم بلا طلب المدعي إلا في مسائل منها خيار العيب
وفي البدائع لو أخبرت امرأة بالحبل وامرأتان بعدمه صحت الخصومة ولا يقبل قول النافية
وفي التهذيب برهن البائع أنه حدث عند المشتري وبرهن المشتري أنه كان معيبا في يد البائع تقبل بينه المشتري
بحر ملخصا
قوله ( قبل القبض للكل ) ذكر الكل غير قيد فإن قبض البعض حكمه كحكم ما إذا لم يقبض الكل كما ذكره المصنف عقبه ولكن لما أفرد المصنف البعض بالذكر علم أن كلامه هنا في الكل فلذا صرح به الشارح نعم لو قال المصنف قبل القبض ولو للبعض لاستغنى عن قوله بعده وإن قبض أحدهما
قوله ( خير في الكل ) أي في القيمي وغيره بقرينة قوله وإن بعده خير في القيمي لا في غيره فالمراد أنه يخير في الباقي بعد الاستحقاق بين إمساكه ورده فليس المراد بالكل كل المبيع حتى يرد عليه أن البيع في البعض المستحق باطل فافهم
قوله ( لتفرق الصفقة ) أي تفرقها على المشتري قبل تمامها لأنها قبل القبض لم يتم فلذا كان له الخيار
قوله ( وإن بعده الخ ) أي وإن كان استحقاق البعض بعد القبض خير في القيمي لا في غيره إذ لا يضره التبعيض
قوله ( كما سيجيء ) لم أره في هذا الباب صريحا
تأمل
قوله فلو استحق بيان لقوله فحكمه حكم ما قبل قبضهما وقوله أو تعيب زيادة بيان وإلا فالكلام في الاستحقاق وأنا تعيب أحد الشيئين فسيذكره المصنف في قوله اشترى عبدين الخ
____________________
(5/32)
مطلب في تخيير المشتري إذا استحق بعض المبيع تنبيه حاصل ما ذكره المصنف في هذه المسائل ما في جامع الفصولين عن شرح الطحاوي لو استحق بعض المبيع قبل قبضه بطل البيع في قدر المستحق ويخير المشتري في الباقي سواء أورث الاستحقاق عيبا في الباقي أو لا لتفرق الصفقة قبل التمام وكذا لو استحق بعد قبض بعض سواء استحق المقبوض أو غيره يخير لما مر من التفرق ولو قبض كله فاستحق بعضه بطل البيع بقدره ثم لو أورث الاستحقاق عيبا فيمل بقي يخير المشتري ولو لو يورث عيبا فيه كثوبين أو قنين استحق أحدهما أو كيلي أو وزني استحق بعضه ولا يضر تبعيضه فالمشتري يأخذ الباقي بلا خيار ا هـ
وفي النهر عن العناية حكم العيب والاستحقاق سيان قبل القبض في جميع الصور يعني فيما يكال ويوزن وغيرهما وحكمهما بعد القبض كذلك إلا في المكيل والموزون
قوله ( وما في الحاوي ) أي من أنه إذا أمسكه بعد الاطلاع على العيب مع قدرته على الرد كان رضا ا هـ ح
قوله ( كدليل الرضا ) مما يأتي قريبا وصريحه بالأولى
قوله ( وفي الخلاصة الخ ) حيث قال وجد به عيبا ولم يجد البائع ليرده فأطعمه وأمسكه ولم يتصرف فيه تصرفا يدل على الرضا فإنه يرده على البائع لو حضر ولو هلك يرجع النقصان ا هـ أي ولا يرجع على بائعه بالثمن وهذا إذا لم يرفع الأمر إلى القاضي كما سيذكره المصنف
قوله ( واللبس والركوب الخ ) أي لو اطلع على عيب في المبيع فلبسه أو ركبه لحاجته فهو رضا دلالة
ولو كان ركوبه للدابة لينظر إلى سيرها ولبسه الثوب لينظر إلى قدره كما في النهر وغيره
فإن قلت إن فعل ذلك لا يبطل خيار الشرط فكذا خيار العيب قلت فرق في الذخيرة بأن خيار الشرط مشروع للاختبار واللبس والركوب مرة يراد به ذلك بخلاف خيار العيب فإنه شرع للرد ليصل إلى رأس ماله عند العجز عن الوصول إلى الفائت فلا يحتاج إلى أن يختبر المبيع
تنبيه أشار إلى أن الرضا بالعيب لا يلزم أن يكون بالقول
ثم إن الرضا بالقول لا يصح معلقا لما في البحر عن البزازية عثر على عيب فقال للبائع إن لم أرد إليك اليوم رضيت به
قال محمد القول باطل وله الرد
قوله ( والمداواة له أو به ) أي أنه يشمل ما لو كان المبيع عبدا مثلا فداواه من عيبه أو كان دواء فداوى به نفسه أو غيره بعد اطلاعه على عيب فيه
مطلب فيما يكون رضا بالعيب قوله ( رضا بالعيب الذي يداويه فقط في البحر المداواة إنما تكون رضا بعيب داواه أما إذا داوى المبيع من عيب قد برىء منه البائع وبه عيب آخر فإنه لا يمتنع رده كما في الولوالجية ا هـ
وفي جامع الفصولين شرى معيبا فرأى عيبا آخر فعالج الأول مع علمه بالثاني لا يرده ولو عالج الأول ثم علم عيبا آخر فله رده ا هـ
قالت بقي ما لو اطلع على العيب بعد الشراء ولم يكن قد برىء البائع منه فداواه ثم اطلع على عيب آخر
وظاهر كلام الشارح أنه يرده وهو الظاهر كما لو رضي بالأول صريحا ثم رأى الآخر إذ قد يرضى بعيب دون عيب أو بعيب واحد لا بعيبين تأمل
ثم رأيت في الذخيرة عن المنتقى عن أبي يوسف وجد بالجارية عيبا
____________________
(5/33)
فداواها فإن كان ذلك دواء من ذلك العيب فهو رضا وإلا فلا إلا أن ينقصها ا هـ
قوله ( ما لم ينقصه ) كما إذا داوى يده الموجوعة فشلت أو عينه من بياض بها فاعورت فإنه يمتنع رده بعيب آخر لما حدث فيه من النقص عند المشتري ط
مطلب فيما يكون رضا بالعيب ويمنع الرد قوله ( بعد علم بالعيب ) أي علمه بكون ذلك عيبا ففي الخانية لو رأى بالأمة قرحة ولم يعلم أنها عيب فشراها ثم علم عيب له ردها لأنه مما يشتبه على الناس فلا يثبت الرضا بالعيب ا هـ
وقدمنا أنه لو كان مما لا يشتبه على الناس كونه عيبا ليس له الرد
وفي نور العين عن المنية قال البائع بعد تمام البيع قبل القبض تعيب المبيع فاتهمه المشتري في إخباره ويقول إن غرضه أن أرد عليه فقبضه المشتري لا يكون رضا بالعيب ولا تصرفه إذا لم يصدقه لكن الاحتياط أن يقول له لا أعلم بذلك وأنا لا أرضى بالعيب فلو ظهر عندي أرده عليك ا هـ
قوله ( والأرش ) أي نقصان العيب قوله ( ومنه العرض على البيع ) ولو بأمر البائع بأن قال له اعرضه على البيع فإن لم يشتر منك رده علي ولو طلب من البائع الإقالة فأبى فليس بعرض فله الرد ولو عرض بعض المبيع على البيع أو قال رضيت ببعضه بطل خيار الرؤية وخيار العيب جامع الفصولين
وقدمنا عن الذخيرة أن قبض المبيع بعد العلم بالعيب رضا بالعيب وفي جامع الفصولين قبض بعضه رضا ثم نقل ليس برضا حتى يسقط خياره عند أبي يوسف ا هـ
قلت وهذا في غير المثلي لما في البحر عن البزازية لو عرض نصف الطعام على البيع لزمه النصف ويرد كالبيع ا هـ
وسيذكر الشارح الكلام في الاستخدام
تتمة نقل في البحر من جملة ما يدل على الرضا بالعيب بعد العلم به الإجارة والعرض عليها والمطالبة بالغلة والرهن والكتابة أما لو آجره ثم علم بالعيب فله نقضها للعذر ويرده بخلاف الرهن فلا يرده إلا بعد الفكاك ومنه إرسال ولد البقرة عليها ليرتضع منها وحلب لبنها أو شربه وهل يرجع بالنقصان قولان
وابتداء سكنى الدار لا الدوام عليها وسقي الأرض وزراعتها وكسح الكرم والبيع كلا أو بعضا والإعتاق والهبة ولو بلا تسليم لأنها أقوى من العرض ودفع باقي الثمن وجمع غلات الضيعة وكذا تركها لأنه تضييع وليس منه أكل ثمر الشجر وغلة القن والدار وإرضاع الأمة ولد المشتري وضرب العبد إن لم يؤثر الضرب فيه ا هـ ملخصا
وفي الذخيرة إذا أطلاه بعد رؤية العيب أو حجمه أو جز رأسه فليس برضا
ثم ذكر تفصيلا في الحجامة بين كونها دواء لذلك العيب فهو رضا وإلا فلا
وفيها أمر رجلا ببيعه ثم علم أن به عيبا فإن باعه الوكيل بحضرة الموكل ولم يقل شيئا فهو رضا بالعيب
قوله ( إلا الدراهم الخ ) ذكر المسألة في الذخيرة وجامع الفصولين وغيرهما وسيذكرها الشارح في آخر متفرقات البيوع عن الملتقط
ثم إنه ينبغي أن يذكر هنا أيضا ما امتنع رده قبل البيع بزيادة ونحوها كما لو لت السويق أو خاط الثوب ثم اطلع على عيب ثم باعه فإن بيعه بعد رؤية العيب لا يكون رضا وله الرجوع بنقصانه كما مر فكذا لو عرضه البيع بالأولى
قوله ( فليس برضا ) فلا يمنع الرد
____________________
(5/34)
على المشتري لأن ردها لكونها خلاف حقه لأن حقه في الجياد فلم تدخل الزيوف في ملكه بخلاف المبيع العين فإنه ملكه فالعرض رضا بعيبه
بحر
ومثل ذلك ما لو باعها ثم ردت عليه بلا قضاء فله ردها على بائعه كما قدمه الشارح عند قوله باع ما اشتراه الخ وقدمنا تمام الكلام في ذلك
قوله ( كعرض ثوب الخ ) محترز قوله عل البيع والتشبيه في عدم الرضا
قوله ( قال نعم ) الأولى فقال نعم عطفا على قال الأول
قوله ( لزم ) جواب لو أي لزم البيع ولا يمكنه رده بالعيب
قال في نور العين وهذه تصلح حيلة من البائع لإسقاط خيار العيب عن مشتريه
قوله ( ولا تقرير لملكه ) لفظ لا مبتدأ وتقرير خبره والضمير في ملكه للبائع كأنه يقول لا أبيعه لكونه ملكك لأني أرده عليك
وفي البزازية وينبغي أن يقول بدل قوله نعم الخ يريد بذلك تنبيه المشتري على لفظ يتمكن به من الرد وهو لفظ لا ويحذره من مانع الرد وهو نعم ط
وبه اندفع توقف المحشي في هذه العبارة وكأنه فهم أن قوله وينبغي أن يقول الخ أي يقول الناقل لحكم المسألة فيصير المعنى ولو قال له البائع أتبيعه فقال لا لزم فينافي ما ذكره الشارح وليس كذلك بل ضمير يقول للمشتري أي ينبغي للمشتري أن يقول لا بدل قوله نعم لئلا يلزم البيع فيكون تحذيرا للمشتري فافهم ثم إن الذي رأيته في البزازية وغالب نسخ البحر نقلا عنها ولا تقرير لمكنته أي تمكنه من الرد على البائع وعليه فالضمير للمشتري
قوله ( الركوب للرد على البائع ) وكذا لو ركبه ليرده فعجز عن البينة فركبه جائيا فله الرد
بحر عن جامع الفصولين أي له رده بعد ذلك إذا وجد بينة على كون العيب قديما لأن ركوبه بعد العجز ليس دليل الرضا
قوله ( أو لشراء العلف لها ) فلو ركبها لعلف دابة أخرى فهو رضا كما في الذخيرة
قوله ( لعجز أو صعوبة ) أي لعجزه عن المشي أو صعوبة الدابة بكو نها لا تنقاد معه
قوله ( وهل هو ) أي قوله ولا بد له منه
قوله ( واعتمده المصنف الخ ) الذي في شرح المصنف والدرر والشمني والبحر جعله قيدا للأخيرين فقط ولكن في كثير من النسخ واعتمد المصنف بلا ضمير وهي الصواب فقوله وغيرهم بالجر عطفا على مجرور اللام في قوله تبعا للدر الخ وقوله الأول بالنصب مفعول اعتمده أما على نسخة اعتمده بالضمير يكون قوله وغيرهم مرفوعا والتقدير واعتمد غيرهم الأول ومشى في الفتح على الأول
وفي الذخيرة على الثاني
قال ويدل له ما ذكره محمد في السير الكبير أن جوالق العلف لو كان واحدا فركب لا يكون رضا لأنه لا يمكن حمله إلا بالركوب بخلاف ما إذا كان اثنين ا هـ
لكن قال في الفتح إن العذر المذكور في السقي يجري فيما إذا كان العلف في عدلين فلا ينبغي إطلاق امتناع الرد فيه ا هـ
وبقي قول ثالث هو ظاهر الكنز وهو أنه غير قيد في الثلاثة وظاهر الزيلعي اعتماده حيث عبر عن القولين بقيل
وفي الشرنبلالية عن المواهب الركوب للرد أو للسقي أو لشراء العلف لا يكون رضا مطلقا في الأظهر ا هـ
فافهم
قوله ( فالقول للمشتري ) لأن الظاهر يشهد له ط
وكذا لو قال ركبتها للسقي بلا حاجة لأنها تنقاد وهي ذلول ينبغي أن يسمع قول المشتري لأن الظاهر أن مسوغ الركوب بلا إبطال الرد هو خوف المشتري من شيء مما ذكرنا لا حقيقة الجموح والصعوبة والناس يختلفون في تخيل أسباب الخوف فرب رجل لا يخطر بخاطره شيء من تلك الأسباب وآخر بخلافه كذا في الفتح
قوله ( فهو عذر ) قال في الشرنبلالية
____________________
(5/35)
بعد نقله ويخالفه ما في البزازية لو حمل عليه فاطلع على عيب في الطريق ولم يجد ما يحمله عليه ولو ألقاه في الطريق يتلف لا يتمكن من الرد وقيل يتمكن قياسا على ما إذا حمل عليه علفه
قلت الفرق واضح فإن علفه مما يقومه إذ لولاه لا يبقى ولا كذلك العدل فكان من ضرورة الرد ا هـ ما في البزازية
وهذا يفيد أن ما في الفتح ضعيف ا هـ ط
قلت وذكر الفرق أيضا في جامع الفصولين ويؤيده ما في الذخيرة عن السير الكبير اشترى دابة في دار الإسلام وغزا عليها فوجد بها عيبا في دار الحرب ينبغي له أن لا يركبها لأن الركوب بعد العلم بالعيب رضا منه فلا يتمكن من ردها فليحترز منه وإن لم يجد دابة غيرها لأن العذر الذي له غير معتبر فيما يرجع إلى البائع والركوب لحاجته دليل الرضا ا هـ ملخصا
وحاصله أن الركوب دليل الرضا وإن كان لعذر لأن عذره ألزمه الرضا بالعيب لأنه لا يعتبر في حق البائع وأنت خبير بأن هذا مخالف للقول الثالث الذي اعتمده الزيلعي وغيره كما قدمناه آنفا
وقد يجاب بأن العذر في ركوبها للسقي والعلف إنما هو لحق البائع إذ فيه حياتها بخلاف العذر في مسألة السير الكبير والتي قبلها
مطلب مهم في اختلاف البائع والمشتري في عدد المقبوض أو قدره أو صفته قوله ( اختلفا بعد التقابض الخ ) أي لو اشترى جارية مثلا فقبضها وأقبض الثمن ثم جاء ليردها بعيب واعترف به البائع إلا أنه قال بعتك هذه وأخرى معها فلك علي رد حصة هذه فقط من الثمن لا كله وقال المشتري بعتنيها وحدها فاردد كل الثمن ولا بينة لهما فالقول للمشتري لأنه قابض ينكر زيادة يدعيها البائع ولأن البيع انفسخ في المردود بالرد وذلك مسقط للثمن عنه والبائع بدعي بعض الثمن بعد ظهور سبب السقوط والمشتري ينكر وتمامه في الفتح
قوله ( ليتوزع الثمن الخ ) علة لدعوى البائع وبيان لفائدتها على تقدير الرد أي رد الثمن لأنه على دعواه يلزمه رد بعضه كما قررناه
قوله ( أو في عدد المقبوض ) أي بأن اتفقا على مقدار المبيع أنه الجاريتان وقبض البائع ثمنهما ثم جاء المشتري ليرد إحداهما فقال البائع قبضتهما وإنما تستحق حصة هذه وقال المشتري لم أقبض سواها
قوله ( والقول للقابض ) وتقبل بينته لإسقاط اليمين عنه كالمودع إذا ادعى الرد أو الهلاك وأقام بينة تقبل
مع أن القول قوله والبينة لإسقاط اليمين مقبولة كذا في الذخيرة من باب الصرف
بحر
قوله ( مطلقا ) فسره ما بعده
قوله ( قدرا ) أي قدر المبيع أو المقبوض كما مر ومنه ما في النهر عن صلح الخلاصة لو قال المشتري بعد قبض المبيع موزونا وجدته ناقصا إلا إذا سبق منه إقرار بقبض مقدار معين
قوله ( أو صفة ) تبع في ذلك البحر عن العمادية ويخالفه ما في الظهيرية حيث قال وإن اختلفا في وصف من أوصاف المبيع فقال المشتري اشتريت منك هذا العبد على أنه كاتب أو خباز وقال البائع لم أشترط شيئا فالقول للبائع ولا يتحالفان ا هـ
ومثله في الذخيرة والتاترخانية
وفي فتاوى قارىء الهداية اختلفا في وصف المبيع فقال المشتري ذكرت لي أن هذه السلعة شامية فقال البائع ما قلت إلا أنها بلدية أجاب القول للبائع بيمينه لأن ينكر حق الفسخ والبينة للمشتري لأنه مدع ا هـ
وفي النهر عن الظهيرية اشترى عبدين أحدهما بألف حالة والآخر بألف إلى سنة صفقة أو صفقتين فرد أحدهما بعيب ثم اختلفا فقال البائع رددت مؤجل الثمن وقال المشتري بل معجلة فالقول للبائع سواء هلك ما في يد المشتري أو لا ولا تحالف ا هـ
____________________
(5/36)
ويؤيده قوله الآتي كما لو اختلفا في طول المبيع وعرضه على خلاف ما في النهر كما تعرفه فافهم
قوله ( فلو جاء ليرده الخ ) تفريع على قوله تعيينا ومثله في البحر وغيره لو اختلفا في الرق فالقول للمشتري
قوله ( فالقول للبائع ) والفرق أن المشتري في خيار الشرط والرؤية ينفسخ العقد بفسخه بلا توقف على رضا الآخر بل على علمه على الخلاف وإذا انفسخ يكون الاختلاف بعد ذلك اختلافا في المقبوض فالقول فيه قول القابض بخلاف الفسخ بالعيب لا ينفرد المشتري بفسخه ولكنه يدعي ثبوت حق الفسخ في الذي أحضره والبائع ينكره وكذا في الفتح من آخر خيار الرؤية
قلت ومقتضى هذا التعليل أنه لو كان البيع فاسدا يكون القول في تعيين المبيع للمشتري لأن العقد ينفسخ بفسخه بلا توقف على رضا الآخر وهي واقعة الفتوى
قوله ( كما لو اختلفا في طول المبيع وعرضه ) لم أر هذا في الفتح وإنما ذكر المسألة التي قبله مع الفرق الذي نقلناه عنه نعم ذكره في البحر عن الظهيرية مصرحا بأن القول للبائع
قلت وهو الذي رأيته الظهيرية ومنتخبها للعيني وكذا في الذخيرة والتاترخانية فما نقله في النهر عن الظهيرية من أن القول للمشتري تحريف أو سبق قلم فافهم ونص الظهيرية ابن سماعة عن محمد رجل باع من آخر ثوبا مرويا فقبضه أو لم يقبضه حتى اختلفا فقال البائع بعته على أن ست في سبع وقال المشتري اشتريته على أنه سبع في ثمان فالقول قول البائع مع يمينه ا هـ
تتمة قال بعتها وبها قرحة في موضع كذا فجاء المشتري ليردها بقرحة في ذلك فأنكر البائع أنها هذه القرحة بل القرحة برئت وهذه وغيرها فالقول للمشتري
والحاصل أن البائع إذا نسب العيب إلى موضع وسماه فالقول للمشتري وإن ذكره مطلقا فالقول للبائع
وتمامه في الذخيرة
خاتمة باع ألف رطل من القطن ثم ادعى أنه لم يكن في ملكه يوم البيع قطن وعنده يوم الخصومة ألف رطل من القطن يقول أصبته بعد البيع كان القول قوله بيمينه كما في الخانية
قوله ( اشترى عبدين الخ ) اعلم أن المبيع لا يخلو من كونه شيئا واحدا أو شيئين كواحد حكما من حيث لا يقوم أحدهما بلا صاحبة كمصراعي باب وزوجي خف أو شيئين بلا اتحاد حكما كثوبين وعبدين
ثم الحادث في المبيع نوعان عيب واستحقاق والأحوال ثلاثة قبل القبض وبعده وبعد قبض بعضه فقط
أما لو وجد في بعضه عيبا قبل قبض كله وكان العيب موجودا وقت البيع أو حدث بعده قبل قبضه فالمشتري مخير بين أخذ الكل بثمنه أو رد كله لا المعيب وحده بحصته من الثمن وكذا ليس للبائع أن يقبل المعيب خاصة إلا إذا تراضيا على رد المعيب فقط وأخذ الباقي بحصته من الثمن فلهما ذلك إذ الصفقة لا تتم قبل القبض بدليل انفساخ البيع برده بلا رضا ولا قضاء ولو قبض بعضه فقط فوجد فيه أو فيما بقي عيبا فحكمه حكم الفصل الأول
____________________
(5/37)
في كل ما مر إذ الصفقة لا تتم بعد سواء كان المبيع واحدا أو أشياء ولو قبض كله فوجد عيبا قديما أو حادثا بين شرائه وقبضه فإن كان البيع واحدا كدار وكرم وأرض وثوب أو كيليا أو وزنيا في وعاء واحد أو صبرة واحدة أو شيئين كشيء واحد حكما يخير بين أخذ كله ورد كله دون رد بعضه فقط إذ فيه زيادة عيب هو الاشتراك في الأعيان وإن كان شيئين أو أكثر بلا اتحاد حكما كثياب وعبيد أو كيليا أو وزنيا في أوعية مختلفة فللمشتري الرضا به بكل ثمنه أو رد المعيب فقط ولا يرد كله إلا بتراض ولا يرد المعيب إلا برضا أو قضاء إذ الصفقة تمت فيصح تفريقها فيرد المعيب بحصته من الثمن غير معيب إذ المبيع المعيب دخل في البيع سليما وفي خيار شرط ورؤية ليس له رد بعضه فقط وإن قبض الكل لأنهما يمنعان تمام الصفقة فهي قبل تمامها لا تحتمل التفريق وإنما قلنا إنه يمنع تمام الصفقة لأنه يرد بلا قضاء ولا رضا ولو قبض الكل ومتى عجز عن رد البعض لزمه الكل سواء كان المبيع واحدا أو أكثر
جامع الفصولين عن شرح الطحاوي
ثم ذكر بعد ذلك مسائل الاستحقاق وقد مرت
والحاصل أنه لو جد العيب قبل قبض شيء من المبيع أو بعد قبض البعض فقط فليس له رد المعيب وحده بلا رضا البائع وكذا لو بعد قبض الكل إلا إذا كان متعددا غير متحد حكما كثوبين وطعام في وعاءين على ما ذكرنا بخلاف ما لو كان في وعاء واحد فإنه بمنزلة المبيع الواحد وهذا ظاهر لو كان الطعام كله باقيا فلو باع بعضه أو أكل بعضه فقدمنا في هذ الباب أن المفتى به قول محمد أن له أن يرد الباقي ويرجع بنقصان ما أكل لا ما باع ومر بيانه هناك
قوله ( صفقة واحدة ) منصوب على أنه حال من فاعل اشترى لتأوله بالمشتق أي صافقا بمعنى عاقدا أو على نزع الخافض أي بصفقة أي عقد واحترز به عما لو كان كل منهما بعقد على حدة فهو من قسم ما لو كان المبيع واحدا وقد علمته
قوله ( وقبض أحدهما ) كذا لو لم يقبضهما كما مر
قوله ( رد المعيب ) احتراز عما فيه خيار شرط أو رؤية كما مر
قوله ( لم يعلم به إلا بعد القبض ) هذا لا يناسب إلا ما إذا وجد العيب في المقبوض كما لا يخفى ا هـ ح
قلت بل هو في غاية الخفاء لأن كلام الشارح يصدق على ما إذا قبض السليم ولم يعلم بعيب الآخر إلا بعد قبض المقبوض ولذا قال في البحر قيد بتراخي ظهور العيب عن القبض لأنه لو وجد بأحدهما عيبا قبل القبض فإن قبض المعيب منهما لزماه أما المعيب فلوجود الرضا به وأما الآخر فلأنه لا عيب به ولو قبض السليم منهما أو كانا معيبين وقبض أحدهما له ردهما جميعا لأنه لا يمكن إلزام البيع في المقبوض دون الآمر لما فيه من تفريق الصفقة على البائع ولا يمكن إسقاط حقه في غير المقبوض لأنه لم يرض به كذا في المحيط فافهم
قوله ( كما لو قبض الخ ) تشبيه بقوله أخذهما أو ردهما والأولى عدم التقييد هنا بالقبض كما في الكنز ليشمل ما قبل القبض
قال في البحر وما وقع في الهداية من أن المراد بعد القبض فإنما هو ليقع الفرق بين القيميات والمثليات ا هـ
فإن القيميات كعبدين له رد المعيب منهما بعد قبضهما بخلاف المثليات كطعام في وعاء أما قبل القبض فليس له رد المعيب في الكل لكن هذه الاعتذار لا يتأتى في عبارة المصنف حيث أتى بكاف التشبيه
قوله ( ونحوه ) أي من كل شيئين لا ينتفع بأحدهما بدون الآخر وله أحكام ذكرها في البحر عن المحيط فراجعه
قوله ( فإن له رد كله أو أخذه )
____________________
(5/38)
أي دون أخذ المعيب وحده وهذا تصريح بما تضمنه التشبيه وعلمت أن هذا لو كان كله باقيا بخلاف ما لو باع البعض أو أكله قوله ( ولو في وعاءين ) أي إذا كانا من جنس واحد كتمر برني أو صيحاني أو لبانة أو حنطة صعيدية أو بحرية فإنهما جنسان يتفاوتان في الثمن والعجين كذا حرره في فتح القدير
قوله ( على الأظهر ) وقيل إذا كان في وعاءين يكون بمنزلة عبدين حتى يرد الوعاء الذي وجد فيه العيب وحده
زيلعي
وقدمنا عن العلامة قاسم أن هذا القول أرفق وأقيس ا هـ
ولذا مشى عليه في شرح الطحاوي كما علمته آنفا
قوله ( أو قبلها ألأ مسها بشهوة ) قال في البزازية قال التمرتاشي قول السرخسي التقبيل بشهوة يمنع الرد محمول على ما بعد العلم بالعيب
شرنبلالية
قلت يخالف هذا الحمل ما في الذخيرة إذا وطئها ثم اطلع على عيب لم يردها ويرجع بالنقصان سواء كانت بكرا أو ثيبا إلا أن يقبلها البائع كذلك وكذا إذا كان قبلها بشهوة أو لمسها بشهوة فإن وطئها أو قبلها بشهوة أو لمسها بشهوة بعد علمه بالعيب فهو رضا بالعيب فلا رد ولا رجوع بنقصان ا هـ
وكذا ما في الخانية لو قبضها فوطئها أو قبلها بشهوة ثم وجد بها عيبا لا يردها بل يرجع بنقصان العيب ا هـ ولا يرد قوله الآتي لأنه استوفى ماءها لأن دواعي الوطء تأخذ حكمه في مواضع كما في حرمة المصاهرة فافهم
قوله ( ولنا أنه استوفى ماءها وهو جزؤها ) أي فإذا ردها صار كأنه أمسك بعضها شرح المجمع وعلل في شرح درر البحار بأن الرد بعيب فسخ العقد من أصله فيكون وطؤه في غير مملوكة له فيكون عيبا يمنع الرد وهذا في الثيب فالبكر يمتنع ردها بالعيب اتفاقا ا هـ
قلت وهذا التعليل أظهر لأنه يشمل دواعي الوطء
قوله ( ولو الواطىء زوجها ) أي الزوج الذي كان من عند البائع أما لو زوجها المشتري لم يكن له ردها وطئها أو لا وإن رضي بها البائع لحصول الزيادة المنفصلة وهي المهر وأنها تمنع الرد كما مر كما لو وطئها أجنبي بشبهة في يد المشتري لوجوب العقر على الواطىء بخلاف ما لو زنى بها فلا يرد ويرجع بالنقصان إلا أن يرضى بها البائع كذلك لأنها تعيبت بعيب الزنا كذا في الذخيرة
قوله ( إن ثيبا ردها ) أي إذا لم ينقصها الوطء وكان الزوج وطئها عند البائع أيضا أما إذا لم يكن وطئها إلا عند المشتري لم يذكره محمد في الأصل
واختلف المشايخ فيه والصحيح أنه يردها
ذخيرة
قوله ( ورجع بالنقصان ) كذا
____________________
(5/39)
في الدرر ومثله في البحر عن الظهيرية عند قول الكنز ومن اشترى ثوبا فقطعه الخ
وعزاه في الشرنبلالية إلى البدائع وغيرها ومثله أيضا ما ذكرناه آنفا عن الذخيرة والخانية
وفي كافي الحاكم وطئها المشتري ثم وجد بها عبيا لا يردها به ولكن تقوم وبها العيب وتقوم وليس بها عيب فإن كان العيب ينقصها العشر يرجع بعشر الثمن ا هـ ملخصا
وقال في الخلاصة وفي الأصل رجل اشترى جارية ولم يبرأ من عيوبها فوطئها ثم وجد بها عيبا لا يملك ردها سواء كانت بكرا أو ثيبا نقصها الوطء أو لا بخلاف الاستخدام وكذا لو قبلها أو لمسها بشهوة ويرجع بالنقصان إلا أن يقول البائع أنا أقبلها ا هـ
فهذا نص المذهب
مطلب الأصل للإمام محمد من كتب ظاهر الرواية وكافي الحاكم جمع فيه كتب ظاهر الرواية فإن الأصل للإمام محمد من كتب ظاهر الرواية وكافي الحاكم جمع فيه كتب ظاهر الرواية للإمام محمد كما ذكره في الفتح والبحر في مواضع متعددة وبه سقط ما في الشرنبلالية حيث قال وفي البزازية ما يخالفه حيث جوز الرجوع بالنقص مع اللمس والنظر ومنعه من الوطء ا هـ
قلت وسقط به أيضا ما في البزازية أيضا من أن وطء الثيب يمنع الرد والرجوع بالنقصان وكذا التقبيل والمس بشهوة قبل العلم بالعيب وبعده وكذا ما يأتي قريبا في الخانية فافهم
قوله ( فبانت ثيبا ) أي بوطء المشتري
وفي الخانية من أول فصل العيوب ولو اشترى جارية على أنها بكر ثم قال هي ثيب يريها القاضي النساء إن قلن بكر كان القول للبائع بلا يمين وإن قلن ثيب فالقول للمشتري بيمينه وإن وطئها المشتري فإن زايلها كما علم أنها ليست بكرا بلا لبث وإلا لزمته هكذا ذكر الشيخ أبو القاسم ا هـ ومشى الشارح على هذا التفصيل في خيار الشرط عند قول المصنف وتم العقد بموته الخ لكن علمت نص المذهب ولهذا ذكر في القنية التفصيل المذكور عن أبي القاسم ثم رمز لكتاب آخر الوطء يمنع الرد وهو المذهب ا هـ
قوله ( بل يرجع بأربعين درهما ) فيه أن هذا العيب قد ينقص القيمة أقل من هذا القدر وقد ينقصها أكثر منه فما وجه هذا التعيين ط
قلت قد يجاب بأن نقصان الثيوبة كان كذلك في زمانهم
قوله ( الثيوبة ليست بعيب الخ ) لأنه ليس الغالب عدمها فصارت كما لو شرى دابة فوجدها كبيرة السن كما حققناه أول الباب نعم لو شرط البكارة ولم توجد كان له الرد لأنه من باب فوات الوصف المرغوب كما لو شرى العبد على أنه كاتب أو خباز وهذا لو وجدها ثيبا بغير الوطء وإلا فالوطء يمنع الرد ولو نزع بلا لبث على المذهب كما علمت فافهم
قوله ( إلا إذا قبلها البائع ) أي رضي أن يأخذها بعد ما وطئها المشتري وهذا استثناء من قوله ورجع بالنقصان
قوله ( ويعود الرد الخ ) محل هذه الجملة عند قول المصنف سابقا حدث عيب آخر عند المشتري رجع بنقصانه ط
قوله ( لعود الممنوع ) أشار به إلى أن الرد لم يسقط وإنما منع منه مانع إذ لو كان ساقطا لما عاد ط
قوله ( مع النقصان ) أي الذي رجع به المشتري
____________________
(5/40)
على البائع حين كان الرد ممنوعا ط
قوله ( على الراجح ) بناء على أنه من زوال المانع قيل لا يرد لأن الرد يسقط والساقط لا يعود وقيل إن كان بدل النقصان قائما ثبت له الرد وإلا لا ط
قوله ( بمشرى البائع ) الإضافة على معنى من أي بمشرى منه
قوله ( وأثبته ) أي المشتري
قوله ( فوضعه ) أي القاضي عند عدل أي عند أمين يحفظه لبائعه
وفي حاشية البحر للرملي قد سئلت عن نفقة الدابة وهي عند العدل على من تكون فأجبت أخذا مما في الذخيرة في آخر النفقات أنه لا يفرض القاضي لها على أحد نفقة لأن الدابة ليست من أهل الاستحقاق والمشتري هو المالك والمالك يفتي عليه ديانة بأن ينفق عليها ولا يجبره القاضي
قوله ( ينفذ على الأظهر ) أي لو كان القاضي يرى ذلك كشافعي ونحوه بخلاف الحنفي كما حرره في البحر وقدمناه في كتاب المفقود وسيأتي تمامه في القضاء إن شاء الله تعالى
قوله ( قتل العبد المقبوض أو قطع ) قيد بكونه مقبوضا لأنه لو قتل بعد البيع في يد البائع رجع المشتري بكل الثمن كما هو ظاهر ولو قطع عند البائع ثم باعه فمات عند المشتري بسبب القطع
قال في البحر يرجع بالنقصان اتفاقا وقيد بالقطع لأنه لو اشتراه مريضا فمات عند المشتري أو عبدا زنى عند البائع فجلد عند المشتري فمات رجع بالنقصان اتفاقا أيضا وتمامه في البحر
قوله ( بسبب كان عند البائع ) أي فقط أما لو سرق عندهما فقطع بالسرقتين فعندهما يرجع بنقصان السرقة الأولى
وعنده لا يرده بلا رضا البائع للعيب الحادث وهو السرقة الثانية فإن رضيه رده المشتري ورجع بثلاثة أرباع الثمن وإلا أمسكه ورجع بربعه لأن اليد من الآدمي نصفه وقد تلفت بالسرقتين فيتوزع نصف الثمن بينهما فيسقط ما إصاب المشتري ويرجع بالباقي وتمامه في الفتح وقدم الشارح هذه المسألة عن العيني أول الباب
قوله كقتل أو ردة أي كما لو قتل العبد رجلا عمدا أو ارتد والأولى أن يقول كقتل وسرقة ليكون بيانا لسبب القتل والقطع
قوله ( رد المقطوع وأخد ثمنهما ) قال في المبسوط فإن مات من ذل القطع قبل أن يرده لم يرجع إلا بنصف الثمن
فتح
قوله ( أو أمسكه ) الأولى تأخيره عن قوله وأخذ ثمنها بأن يقول وله أن يمسك المقطوع ويرجع بنصف ثمنه ط
قوله ( مجمع ) عبارته ولو وجد العبد مباح الدم فقتل عنده فله كل الثمن ولو قطع بسرقة فهو مخير إن شاء رد واسترد أو أمسك واسترد النصف وقالا يرجع بالنقصان فيهما
ولا يخفى أنها أحسن من عبارة المصنف
قوله ( رجع الباعة بعضهم على بعض ) أي بكل الثمن كما في الاستحقاق عند أبي حنيفة لأنه أجراه مجرى الاستحقاق وهذا إن اختار الرد فإن أمسكه يرجع بنصف الثمن فيرجع بعضهم على بعض بنصف الثمن
وعندهما يرجع الأخير بالنقصان على بائعه ولا يرجع بائعه على بائعه لأنه بمنزلة العيب
أما رجوع الأخير فلأنه لما لم يبعه لم يصر حابسا للمبيع فلا مانع من الرجوع وأما بائعه فلا يرجع لأنه بالبيع صار حابسا له مع إمكان الرد وقد علمت أن بيع المشتري للمعيب حبس للمبيع سواء علم أو لا فلا يمكنه الرد بعد ذلك
فتح
قوله ( لكونه كالاستحقاق ) والعلم بالاستحقاق لا يمنع الرجوع
بحر
____________________
(5/41)
مطلب في البيع بشرط البراءة من كل عيب قوله ( وصح البيع بشرط البراءة من كل عيب ) بأن قال بعتك هذا العبد على أني بريء من كل عيب ووقع في العيني لفظ فيه وهو سهو لما يأتي
نهر
قلت ولا خصوصية لهذا اللفظ بل مثله كل ما يؤدي معناه
مطلب باعه على أنه كوم تراب أو حراق على الزناد أو حاضر حلال ومنه ما تعورف في زماننا فيما إذا باع دارا مثلا فيقول بعتك هذه الدار على أنها كوم تراب وفي بيع الأابة يقول مكسرة محطمة وفي نحو الثوب يقول حراق على الزناد ويريدون بذلك أنه مشتمل على جميع العيوب فإذا رضيه المشتري لا خيار له لأنه قبله بكل عيب يظهر فيه
وكذلك قوله بعتك على أنه حاضر حلال ويراد بيع هذا الحاضر بما فيه من أي عيب كان سوى عيب الاستحقاق أي لو ظهر غير حلال أي مسروقا أو مغصوبا يرجع عليه المشتري فهذا كله بمعنى البراءة من كل عيب
ونظيره ما في البحر لو قبل الثوب بعيوبه يبرأ من الخروق وتدخل الرقع والرفو ا هـ أي لو كان فيه خرق لا يرده وكذا لو وجده مرقوعا أو مرفوا وهو من باب رفوت الثوب رفوا من باب قتل أي أصلحته ثم رأيت بعض المحشين ذكر أن العلامة إبراهيم البيري سئل عمن باع أمة وقال أبيعك الحاضر المنظور يريد بذلك جميع العيوب
فأجاب ليس للمشتري رد الأمة التي أبرأه عن جميع عيوبها ا هـ ملخصا
قوله ( وإن لم يسم ) أي لم يذكر أسماء العيوب
قوله ( خلافا للشافعي ) حيث قال لا يصح إلا أن يعد العيوب لأن في الإبراء معنى التمليك وتمليك المجهول لا يصح
زيلعي
قوله ( لعدم إفضائه إلى المنازعة ) الأولى لعدم إفضائها لأن الضمير للبراءة
قال في الفتح ولنا أن الإبراء إسقاط حتى يتم بلا قبول كما لو طلق نسوته أو أعتق عبيده ولا يدري كم هم ولا أعيانهم والإسقاط لا تبطله جهالة الساقط لأنها لا تفضي إلى المنازعة وتمامه فيه
قوله ( فلا يرد العيب ) أي موجود أو حادث
قوله ( بالموجود ) لأن البراءة تتناول الثابت وهو الموجود وقت العقد فقط
ولهما أن الملاحظ هو المعنى والغرض من هذا الشرط إلزام العقد بإسقاط المشتري حقه عن وصف السلامة ليلزم على كل حال ولا يطالب البائع بحال وذلك بالبراءة عن كل عيب يوجب للمشتري الرد والحادث بعد العقد كذلك فاقتضى الغرض المعلوم دخوله
فتح قوله ( كقوله من كل عيب به ) فإنه لا يدخل فيه الحادث إجماعا
بحر
قوله ( ولو قال مما يحدث ) أي باع بشرط البراءة من كل عيب وما يحدث بعد البيع قبل القبض
فتح
قوله ( صح عند الثاني الخ ) هذا على رواية المبسوط أما على رواية شرح الطحاوي فلا يصح بالإجماع
وأورد على الثانية أنه لو أبرأه عن كل عيب يدخل الحادث عند أبي يوسف بلا تنصيص فكيف يبطل مع التنصيص
وأجيب بمنع الإجماع لما علمت من رواية المبسوط ولئن سلم فالفرق أن الحادث يدخل تبعا لتقرير عرضهما وكم من شيء لا يثبت مقصودا ويثبت تبعا أفاده في الفتح ونقل ط عن الحموي عن شرح المجمع أن الأصح وبه قطع الأكثرون أنه فاسد ا هـ
فهذا تصحيح لرواية شرح الطحاوي لكني لم أر ذلك في شرح
____________________
(5/42)
المجمع الملكي فلعله في شرح آخر فليراجع نعم في البحر عن البدائع أن البيع بهذاالشرط فاسد عندنا لأن الإبراء لا يحتمل الإضافة وإن كان إسقاطا ففيه معنى التمليك ولهذا لا يقبل الرد فلا يحتمل الإضافة نصا كالتعليق فكان شرطا فاسدا فأفسد البيع ا هـ
وظاهر قوله عندنا أنه قول علمائنا الثلاثة موافقا لما في شرح الطحاوي فقول النهر إنه مبني على قول محمد غير ظاهر
قوله ( وقيل على ما في الباطن ) من طحال أو فساد حيض
منح
قوله ( واعتمده المصنف ) حيث قال وهذا ما عولنا عليه في المختصر اعتمادا على ما هو معروف في العادة وإلا فالمشهور من المذهب الأول وإنما قيدنا بالعادة لأن الداء في اللغة هو المرض سواء كان بالجوف أو بغيره ا هـ
قلت لكن عرفنا الآن موافق في اللغة
قوله ( فهي السرقة والإباق والزنا ) هكذا روى عن أبي يوسف
فتح
وفي المصباح غائلة العبد فجوره وإباقه ونحو ذلك
قوله ( بشرطه ) أي بالبينة أو بإقرار البائع أو نكوله ا هـ ح
ومن شروط الرد أن لا يزيد زيادة مانعة من الرد ولا يوجد ما هو دليل الرضا بالعيب مما مر ولا برىء البائع من عيوبه
قوله ( لأنه مجاز عن الترويج ) رواج المتاع نفاقه أي أنه أراد رواجه ونفاقه عند المشتري
قال في المنح لظهور أنه لا يخلو عن عيب ما فيتيقن القاضي بأن ظاهره غير مراد له ا هـ
وفي الشرنبلالية عن المحيط وهذا كمن قال لجاريته يا زانية يا مجنونة فليس بإقرار بالعيب ولكنه للشتيمة حتى قيل لو قال ذلك في الثوب أي قال لآخر اشتره فلا عيب به يكون إقرارا بنفي العيب لأن عيوب الثوب ظاهرة ا هـ
قوله ( عبدي هذا آبق ) أفاد باسم الإشارة أن العبد حاضر وأن قوله آبق بمعنى الماضي وهذا بخلاف ما إذا قال بعتك على أنه آبق أو على أني بريء من إباقه المشتري الأول فإن الثاني يرده عليه كما سنوضحه عند قوله باع عبدا الخ
قوله ( فوجده المشتري الثاني آبقا ) بأن أبق عنده أيضا لأن الإباق لا يكون عيبا إلا بتكرره
قوله ( لا يرده ) أي على البائع الثاني
قوله ( إنه أبق عنده ) أي عند البائع الأول المقر
قوله ( الموجود منه السكوت ) يعني والسكوت ليس تصديقا منه لبائعه فيما أقر به فأما إذا قال البائع الثاني وجدته آبقا الآن صار مصدقا للبائع في إقراره بكونه آبقا
شرنبلالية
قوله ( اشترى جارية الخ ) قال في شرح الوهبانية وفي البزازية اشترى مرضعا ثم اطلع بها على عيب ثم أمرها بالإرضاع له الرد لأنه استخدام ولو حلب اللبن فأكله أو باعه لا يرد لأن اللبن جزء منها فاستيفاؤه دليل الرضا وفي الفتوى الحلب بلا أكل أو بيع ولا يكون رضا وحلب لبن الشاة رضا شرب أم لا
قوله لأنه استخدام والأستخدام لا يكون رضا
خانية
____________________
(5/43)
أي في المرة الأولى ويكون رضا في الثانية كما يأتي قريبا ومقتضاه أنه لو أمرها به ثانيا كان رضا لا لو أرضعته مرات بالأمر الأول
تأمل
مطلب في مسألة المصراة قوله ( بخلاف الشاة المصراة ) روي أن النبي قال لا تصروا الإبل والغنم فمن بتاعها بعد ذلك بخير النظرين بعد أن يحلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر متفق عليه
شرح التحرير
وتصروا بضم التاء وفتح الصاد من التصرية وهي ربط ضرع الناقة أو الشاة وترك حلبها اليومين أو الثلاثة حتى يجتمع اللبن
قال الشارح في شرحه على المنار وهو مخالف للقياس الثابت بالكتاب والسنة والإجماع من أن ضمان العدوان بالمثل أو القيمة والتمر ليس منهما فكان مخالفا للقياس ومخالفته للكتاب والسنة إجماع المتقدمين فلم يعمل به لما مر فيرد قيمة اللبن عند أبي يوسف
وقال أبو حنيفة ويرجع على البائع بأرشها ا هـ
وفي شرح التحرير وقد اختلف العلماء في حكمها فذهب إلى القول بظاهر الحديث الأئمة الثلاثة وأبو يوسف على ما في شرح الطحاوي للإسبيجابي نقلا عن أصحاب الأمالي عند والمذكور عنه للخطابي وابن قديمة أنه يردها مع قيمة اللبن ولم يأخذ أبو حنيفة ومحمد به لأنه مخالف للأصول ا هـ
والحاصل كما في الحقائق أنه إذا اشتراها فحلبها فوجدها قليلة اللبن ليس له أن يردها عندنا
وعند الشافعي وغيره له أن يردها مع اللبن لو قائما ومع صاع تمر لو هالكا وهل يرجع بالنقصان عندنا فعلى رواية الإسرار لا وعلى رواية الطحاوي نعم
قال في شرح المجمع وهو المختار لأن البائع بفعل التصرية غر المشتري فصار كما إذا غره بقوله إنها لبون
قوله ( في غير ذلك ) أي في غير الإرضاع
قوله ( فهو للاختبار ) بالباء الموحدة أي لأجل أن يختبره ويمتحنه ليعلم أنه مع العيب يصلح له أم لا
قوله ( إلا على كره من العبد ) مخالف لإطلاق ما مر أنه الاستحسان مع أن وجهه خفي
تأمل
قوله ( لما مر ) أي قريبا في قوله للتيقن بكذبه
قوله ( فله الرد الخ ) كذا في الفتح
واستشكله في الشرنبلالية بما في المحيط لو قال علي أني بريء من إباقه أو على أنه آبق وقبله المشتري الأول على ذلك يرده الثاني عليه لأنه ذكر هذا وصفا للإيجاب أو شرطا فيه والإيجاب يفتقر إلى الجواب والجواب يتضمن إعادة ما في الخطاب فإذا قال المشتري قبل ذلك صار كأنه قال اشتريت على أنه آبق فيكون اعترافا بكونه آبقا بخلاف قوله على أني بريء من الإباق لأنه لم يضف الإباق إلى العبد ولا وصفه به فلم يكن اعترافا بوجود الإباق للحال لأن هذا الكلام كما يحتمل التبري عن إباق موجود من العبد يحتمل التبري عن إباق سيحدث في المستقبل فلا يصير مقرا بكونه آبقا للحال بالشك فلا يثبت حق الرد بالشك ا هـ
وكتب الشرنبلالي في هامش الشرنبلالية أن حق العبارة في كلام الفتح لو قال أنا بريء من كل عيب إلا إباقه لا يبرأ من إباقه فيرد به ولو قال إلا الإباق فليس له الرد ا هـ
____________________
(5/44)
وحاصله أن عبارة المصنف والفتح مقلوبة لمخالفتها لما في المحيط
أقول لا مخالفة ولا قلب أصلا وذلك أن ما في المحيط فيما إذا اشتراه كذلك ثم باعه لآخر فللمشتري الآخر رده على الأول بخلاف مسألة المصنف
وبيانه أنه إذا قال البائع إلا إباقه بإضافة الإباق إليه يكون إخبارا بإباقه ويكون المشتري راضيا به قبل الشراء فلا يرده بإباقه عنده بخلاف إلا الإباق بلا إضافة ولا وصف إذ ليس فيه إقرار بإباقه للحال فلم يوجد رضا المشتري به فله رده فلو فرض أن هذا المشتري باعه لآخر فللآخر رده عليه في الصورة الأولى لا في الثانية وهذا هو المذكور في المحيط فتدبر
قوله ( لو برىء من كل حق له قبله دخل العيب لا الدرك ) لأن العيب حق له قبله للحال والدرك لا كذا في الذخيرة
وبيانه لو قال المشتري للبائع أبرأتك من كل حق لي قبلك ثم ظهر في المبيع عيب ليس له دعوى الرد به لأن الرد بالعيب من جملة الحقوق الثابتة له وقد أبرأه منها بخلاف ما لو اشترى رجل عبدا مثلا فضمن له آخر الدرك أي ضمن له الثمن إذا ظهر العبد مستحقا ثم قال الشمتري للضامن أبرأتك من كل حق لي قبلك لا يدخل الدرك فلو استحق العبد كان للمشتري الرجوع على الضامن بالثمن لأنه لم يكن له وقت الإبراء حق الرجوع بالثمن لأنه يتوقف على وجود الاستحقاق ثم على القضاء للمستحق على البائع بالثمن لأن بمجرد الاستحقاق لا ينتقض البيع في ظاهر الرواية ما لم يقض له بالثمن على البائع فلم يجب على الأصيل رد الثمن فلا يجب على الكفيل كما في الهداية من الكفالة فحيث لم يثبت ذلك الحق في الحال لم يدخل في الإبراء المذكور
قوله لعجز المشتري عن الإثبات اللام للتوقيت أي حلف البائع وقت عجز المشتري أما لو برهن المشتري فإنه برده على البائع
قوله ( إن علم به ) أي علم أن به عيبا بعد قوله ما ذكر
قوله ( لأن المبطل للرجوع إزالته عن ملكه إلى غيره بإنشائه ) أي بأن باعه أو أعتقه على مال أو كاتبه ثم اطلع على عيب لأنه صار حابسا له بحبس بدله بخلاف ما إذا أعتقه بلا مال أو دبره أو استولد الأمة ثم اطلع على عيبه فإنه لا يبطل الرجوع بالنقصان لأن ذلك إنهاء للملك كما مر تقرير ذلك لكن قد يبطل الرجوع بدون إزالة عن ملكه إلى غيره كما لو استهلكه فكلامه مبني على الغالب فافهم
قوله ( أو إقراره ) مثاله ما فرعه عليه بقوله حتى لو باع الخ
قوله ( وصدقه فلان ) فلو كذبه رده بالعيب لبطلان إقراره بتكذيبه
عزمية عن الكافي
قوله ( كأنه وهبه ) قال في الكافي ولا نعني به أنه تمليك لكن التمليك يثبت مقتضى للإقرار ضرورة فجعل كأنه ملكه بعد الشراء ثم أقر به ا هـ
عزمية
قوله ( قوله الغنيمة ) أي لشيء مغنوم من الكفار
قوله ( بحر ) ونصه ثم اعلم أن الإمام يصح بيعه للغنائم ولو في دار الحرب كما في التلخيص وشرحه وقولهم لا يصح بيعها قبل القسمة وفي دار الحرب محمول على غير الإمام وأمينه ا هـ
قلت لكن قيد في الذخيرة بيع الإمام بقوله لمصلحة رآها فأفاد قيدا آخر وهو أنه لا يبيع لغير مصلحة
____________________
(5/45)
قوله ( قال المصنف الخ ) رد على صاحب الدرر
قوله ( لأن الأمين لا ينتصب خصما ) المراد بالأمين ما يعم الإمام ليوافق الدليل المدعي لأن الإمام نفسه أمين بيت المال
عزمية
وبين في الذخيرة وجه كونه لا ينتصب خصما بأن بيع الإمام خرج على وجه القضاء بالنظر للغانمين فلو صار خصما خرج بيعه عن أن يكون قضاء لأن القاضي لا يصلح خصما ا هـ
قوله ( ولا يحلفه ) أي لا يحلف منصوب الإمام لو لم يكن عند المشتري بينة
قال في البحر ولا يقبل إقراره بالعيب ولا يمين عليه لو أنكر وإنما هو خصم لإثباته بالبينة كالأب ووصيه في مال الصغير بخلاف الوكيل بالخصومة إذا أقر على موكله في غير مجلس القضاء فإنه وإن لم يصح لكنه ينعزل به ا هـ
قلت لكن في الذخيرة فلو أقر منصوب الإمام لم يصح إقراره ويخرجه القاضي عن الخصومة وينصب للمشتري خصما آخر ا هـ
ومقتضاه أنه مثل الوكيل بالخصومة
تأمل
قوله ( ولا يصح نكوله وإقراره ) المناسب أن يقول ولا يصح نكوله لأنه إما بذل أو إقرار ولا يصح بذله ولا إقراره ا هـ ح
وقوله ( ويرد النقص إلى محله ) أي إن نقص الثمن الآخر عن الأول إن كان المبيع من الأربعة أخماس يعطى منها وإن كان من الخمس يعطي منه وكذا الزيادة توضع فيما كان المبيع منه
ح في الدرر
قوله ( لأن الغرم بالغنم ) المراد به هنا أن الغرم وهو رد النقص إلى المشتري بسبب الغنم وهو رد الفضل إلى محله
قوله ( الدراهم ) الأولى دراهم بالتنكير ط
قوله ( لا يصح ) إلا إذا حدث به عيب عند المشتري كما بحثه الخير الرملي
قلت ويستثنى أيضا ما إذا لم يقر بالبائع بالعيب لما في جامع الفصولين شراه بمائة وقبضه فطعن بعيب فتصالحا على أن يأخذه البائع ويرد مائة إلا واحدا قال إن أقر البائع أن العيب كان عنده فعليه رد باقي الثمن وإلا ملك الباقي
وهو قول أبي يوسف ا هـ
قوله ( لأنه لا وجه له غير الرشوة ) في جامع الفصولين لأنه ربا ولصاحب البحر رسالة في الرشوة ذكر ط هنا حاصلها ومحل الكلام عليها في القضاء وسنذكره هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( ولو زال بمعالجة لا ) أي لا يرجع وعبر عنه في جامع الفصولين بقيل حيث قال ولو قبض بدل الصلح وزال ذلك العيب يرد بدل الصلح وقيل هذا لو زال بلا علاجه فإن زال بعلاجه لا يرد ا هـ
____________________
(5/46)
مطلب في الصلح عن العيب فرع لو شرياه فوجدا عيبا فصالح أحدهما البائع من حصته فليس للآخر أن يخاصم وهذا فرع مسألة أن رجلين لو شربا فوجدا عيبا ليس لأحدهما الرد بدون الآخر عنده وعندهما لكل منهما رد حصته
جامع الفصولين
قوله ( رضي الوكيل بالعيب ) أي الوكيل بالشراء
قوله ( يساوي الثمن المسمى ) أي الذي اشتراه به كما في الخانية عن المنتقى بعدما ذكر قولا آخر وهو أنه إن كان قبل قبض المبيع لزم الموكل لو العيب يسيرا وإلا فيلزم الوكيل أن اليسير ما لا يفوت جنس المنفعة كقطع يد واحدة وفقء عين بخلاف قطع اليدين وفقء العينين فهو فاحش
وذكر أن السرخشي قال إن ما لا يدخل تحت تقويم المقومين فاحش بأن لا يقومه أحد من العيب بقيمة الصحيح وأن ما في المنتقى قريب من هذا
ثم قال وفي الزيادات إن رضي قبل القبض لزم الموكل وإن بعده لزم الوكيل ولم يفصل بين اليسير والفاحش
والصحيح ما في المنتقى سواء كان قبل القبض أو بعده لأنه يصير كأنه اشتراه مع العلم بالعيب فإن كان لا يساوي ذلك الثمن لا يلزم الآمر ا هـ فافهم
مطلب في جملة ما يسقط به الخيار تنبيه قال في البحر وإلى أن خيار العيب يسقط بالعلم به وقت البيع أو وقت القبض أو الرضا به بعدهما أو اشترط البراءة من كل عيب أو الصلح على شيء أو الإقرار بأن لا عيب به إذا عينه كقوله ليس بآبق فإنه إقرار بانتفاء الإباق بخلاف قوله ليس به عيب كما مر ا هـ ملخصا
قوله ( لأن الغش حرام ) ذكر في البحر أول الباب بعد ذلك عن البزازية عن الفتاوى إذا باع سلعة معيبة عليه البيان
وإن لم يبين قال بعض مشايخنا يفسق وترد شهادته قال الصدر لا نأخذ به ا هـ
قال في النهر أي لا نأخذ بكونه يفسق بمجرد هذا لأنه صغيرة ا هـ
قلت وفيه نظر لأن الغش من أكل أموال الناس بالباطل فكيف يكون صغيرة بل الظاهر في تعليل كلام الصدر أن فعل ذلك مرة بلا إعلان لا يصير به مردود الشهادة وإن كان كبيرة كما في شرب المسكر
قوله ( الأولى الأسير إذا شرى شيئا الخ ) عبارة الأشباه عن الولوالجية اشترى الأسير المسلم من دار الحرب ودفع الثمن الخ والمتبادر منه أن الأسير فاعل الشراء كما هو صريح عبارة الشارح وليس كذلك بل هو مفعوله لأن نص عبارة الولوالجية هكذا رجل اشترى الأسير من أهل الحرب وأعطاهم الزيوف والستوقة أو اشترى بعروض وأعطاهم العروض المغشوشة جاز لأن شراء الأحرار ليس بشراء ليجب عليه المال المسمى لكنه طريق لتخليصهم فكيفما استطاع تخليصهم له أن يفعل وعلى هذا قالوا إذا اضطر المرء إلى إعطاء جعل العوان أجزأه أن يعطيه الزيوف والستوقة وينقص الوزن بدليل مسألة الأسير وهذا إذا كان الأسراء أحرارا فإن كانوا عبيدا لا يسعه شيء من ذلك إذا دخل بأمان ا هـ
ومثله في الخانية رجل اشترى الأسراء من أهل الحرب جاز له أن يعطيهم الزيوف والمغشوش لأن شراء الأحرار لا يكون شراء حقيقة وإن كان الأسراء عبيدا لا يسعه ذلك ا هـ
قوله ( في الجبايات ) جمع جباية
____________________
(5/47)
بالباء الموحدة قال في فتح القدير الجبايات الموظفة على الناس ببلاد فارس على الضياع وغيرها للسلطان في كل يوم أو شهر أو ثلاثة أشهر فإنها ظلم
بيري
ونقل قبله ما قدمناه آنفا عن الولوالجية عن مسألة جعل العوان
قوله ( فسخ في حق الكل ) أي المتابعين وغيرهما وقد ذكر ذلك في البحر عند قول الكنز ولو باع المبيع فرد عليه الخ
ثم أورد على ذلك مسائل منها مسألة الحوالة المذكورة ومنها أنه لو كان المبيع عقارا فرد بعيب لم يبطل حق الشفيع في الشفعة ولو كان فسخا لبطلت الحوالة والشفعة ثم ذكر أنه أجاب في المعراج بأنه فسخ فيما يستقبل لا في الأحكام الماضية بدليل أن زوائد المبيع للمشتري ولا يردها مع الأصل
قلت وعليه فلا محل للاستثناء الذي ذكره الشارح
تأمل
قوله ( لو أحال البائع بالثمن ) صورة المسألة كما في الذخيرة باع عبدا من رجل بألف درهم ثم إن البائع أحال غريما على المشتري حوالة مقيدة بالثمن فمات العبد قبل القبض حتى سقط الثمن أو رد العبد بخيار رؤية أو بخيار شرط أو خيار عيب قبل القبض أو يعده لا تبطل الحوالة استحسانا لأنها تعتبر متعلقة بمثل ما أضيفت الحوالة إليه من الدين فلا تكون متعلقة بعين ذلك الدين وتعتبر مطلقة إذا ظهر أن الدين لم يكن واجبا وقت الحوالة وقيد بما إذا أحال البائع لأنه إذا أحال المشتري البائع ثم رد المشتري بالعيب بقضاء فإن القاضي يبطل الحوالة
بيري
قلت ولم يذكر أن المشتري أحال البائع على آخر حوالة مقيدة فظاهره أنها مطلقة مع أنه صرح في الجوهرة من الحوالة بأن المطلقة لا تبطل بحال ولا تنقطع فيها المطالبة مع أن المقيدة هنا بقيت والمطلقة بطلت لكن بقاء المقيدة هنا استحسان كما علمت والقياس بطلانها إذا ظهر بطلان المال الذي قيدت به وهو الثمن هنا وإنما بطلت المطلقة هنا لبطلان المال الذي كان للمحتال وهو البائع وإنما لا تبطل المطلقة ببطلان وما على المحال عليه
تأمل
قوله ( ثم رد المبيع ) بالبناء للمجهول أي رده المشتري على البائع قوله ( من غير المشتري ) أما لو باعه منه ثانيا جاز ط
ولا يرد عليه ما سيذكره المصنف في فصل التصرف في المبيع والثمن من أنه لو باع المنقول من بائعه قبل القبض لم يصح لأن ذاك فيما إذا كان العقد الأول باقيا بدليل ما ذكره في باب الإقالة من أنها فسخ في حقهما فيجوز للبائع بيعه من المشتري قبل قبضه
قوله ( وكان منقولا ) احترازا عن العقار لجواز بيعه قبل قبضه خلافا لمحمد وزفر
أفاده ط
قوله ( لأنه ضمان العهدة ) وهو باطل عند الإمام للاشتباه كما سيأتي في الكفالة إن شاء الله تعالى وهنا لما ضمن عيوبه يحتمل أن المراد أنه يداويه منها ويحتمل أن يضمن له النقصان أو أنه يضمن له الرد على البائع غير منازعة فلذا كان الضمان فاسدا ط
قوله ( لأنه ضمان العيوب ) أي وهو عنده ضمان الدرك كما في الهندية فهو كالمسألة المذكورة بعد ط
قوله ( ضمن الثمن ) أي للمشتري ولو مات عنده قبل أن يرده وقضى على البائع ينقصان العيب كان للمشتري أن يرجع على الضامن
____________________
(5/48)
مطلب في ضمان العيوب ولو ضمن له بحصة ما يجد من العيوب فيه من الثمن فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف فإن رده المشتري رجع على الضامن بذلك كما يرجع على البائع ذخيرة
قوله ( لم يرده ) لأنه عيب حدث عند المشتري ط
قوله ( وإن قبله ) أي وإن حصلت الغلبة قبل القبض ط
قوله ( لتفرق الصفقة عليه ) أي بهلاك بعض المبيع قبل قبضه بآفة سماوية وقدمنا عن جامع الفصولين أنه يطرح عن المشتري حصة النقصان من الثمن وهو مخير في الباقي بين أخذه بحصته أو تركه والله سبحانه وتعالى أعلم
باب البيع الفاسد أخره عن الصحيح لكون عقدا مخالفا للدين كما أوضحه في الفتح وسيأتي أنه معصية يجب رفعها وسيأتي في باب الربا أن كل عقد فاسد فهو ربا يعني إذا كان فساده بالشرط الفاسد وفي القاموس فسد كنصر وقعد وكرم فسادا وفسودا ضد صلح فهو فاسد وفسيد ولم يسمع انفسد ا هـ
ونقل في الفتح أنه يقال للحم الذي لا ينتفع به لدود ونحوه باطل وإذا أنتن وهو بحيث ينتفع به فسد اللحم وفيه مناسبة للمعنى الشرعي وهو ما كان مشروعا بأصله لا بوصفه ومرادهم من مشروعية أصله كونه ما لا متقوما لا جوازه وصحته لأن فساده يمنع صحته أو أطلقوا المشروعية عليه نظرا إلى أنه لو خلا عن الوصف لكان مشروعا
وأما الباطل ففي المصباح بطل الشيء يبطل بطلا وبطولا وبطلانا يضم الأوائل فسد أو سقط حكمه فهو باطل والجمع بواطل أو أباطيل ا هـ
وفيه مناسبة للمعنى الشرعي وهو ما لا يكون مشروعا لا بأصله ولا بوصفه
وأما المكروه فهو لغة خلاف المحبوب واصطلاحا ما نهى عنه لمجاور كالبيع عند أذان الجمعة
وعرفه في البناية بما كان مشروعا بأصله ووصفه لكن نهى عنه لمجاور ويمكن إدخاله تحت الفاسد أيضا على إرادة الأعم وهو ما نهى عنه فيشمل الثلاثة كما في البحر
قوله ( المراد بالفاسد الممنوع الخ ) قد علمت أن الفاسد مباين للباطل لأن ما كان مشروعا بأصله فقط يباين ما ليس بمشروع أصلا
وأيضا حكم الفاسد أنه يفيد الملك بالقبض والباطل لا يفيده أصلا وتباين الحكمين دليل تباينهما فإطلاق الفاسد في قولهم باب البيع الفاسد على ما يشمل الباطل لا يصح على حقيقته فأما أن يكون لفظ الفاسد مشتركا بين الأعم والأخص أو يجعل مجازا عرفيا في الأعم لأنه خير من الاشتراك وتمامه في الفتح
مطلب في أنواع البيع ثم اعلم أن البيع جائز وقد مر بأقسامه
وغير جائز وهو ثلاثة باطل وفاسد وموقوف كذا في الفتح
وأراد بالجائز النافذ وبمقابله غيره لا الحرام إذ لو أريد ذلك لخرج الموقوف لما قالوه من أن بيع مال الغير بلا إذنه بدون تسليم ليس بمعصية
____________________
(5/49)
مطلب لبيع الموقوف من قسم الصحيح على أنه في المستصفى جعله جعله من قسم الصحيح حيث قال البيع نوعان صحيح وفاسد
والصحيح نوعان لازم وغير لازم
نهر وذكر في البحر أن البيع المنهى عنه ثلاثة باطل وفاسد ومكروه تحريما وقد مرت
وما لا نهى فيه ثلاثة أيضا نافذ لازم ونافذ ليس بلازم وموقوف فالأول ما كان مشروعا بأصله ووصفه ولم يتعلق به حق الغير ولا خيار فيه والثاني ما لم يتعلق به حق الغير وفيه خيار
والموقوف ما تعلق به الغير وحصره في الخلاصة في خمسة عشر
قلت بل أوصله في النهر إلى نيف وثلاثين كما سيأتي في باب بيع الفضولي
ثم قال في البحر والصحيح يشمل الثلاثة لأنه ما كان مشروعا بأصله ووصفه والموقوف كذلك فهو قسم منه وهو الحق لصدق التعريف وحكمه عليه فإن حكمه إفادة الملك بلا توقف على القبض ولا يضر توقفه على الإجازة كتوقف ما فيه خيار على إسقاطه ا هـ
قلت ينبغي استثناء بيع المكره فإنه موقوف على إجازته مع أنه فاسد كما حققناه أول البيوع وحررنا هناك أيضا أن أيضا ان بيع الهزل فاسد لا باطل وإن كان لا يفيد الملك بالقبض لكونه أشبه البيع بالخيار وليس كل فاسد يملك بالقبض كما سيأتي
قوله ( في ركن البيع ) هو الإيجاب والقبول بإن كان من مجنون أو صبي لا يعقل وكان عليه أن يزيد أو في محله أعني لمبيع فإن الخلل فيه مبطل بأن كان البيع ميتة أو دما أو حرا أو خمرا كما في ط عن البدائع
قوله ( وما أورثه في غيره ) أي في غير الركن وكذا في غير المحل وذلك بأن كان في الثمن بأن يكون خمرا مثلا أو بأن كان من جهة كونه غير مقدور التسليم أو فيه شرط مخالف لمقتضى العقد فيكون البيع بهذه الصفة فاسدا لا باطلا لسلامة ركنه ومحله عن الخلل كما في ط عن البدائع
وبه ظهر أن الوصف ما كان خارجا عن الركن والمحل
تنبيه في شرح مسكين ثم الضابط في تمييز الفاسد من الباطل أن أحد العوضين إذا لم يكن مالا في دين سماوي فالبيع باطل سواء كان مبيعا أو ثمنا فبيع الميتة والدم والحر باطل وكذا البيع به وإن كان في بعض الأديان مالا دون البعض إن أمكن اعتباره ثمنا فالبيع فاسد فبيع العبد بالخمر أو الخمر بالعبد فاسد وأن تعين كونه مبيعا فالبيع باطل فبيع الخمر بالدراهم أو الدراهم بالخمر باطل ا هـ
قلت وهذا الضابط يرجع إلى الفرق بينهما من حيث المحل فقط وما مر من حيث الركن والمحل فهو أعم فافهم
قوله ( بطل بيع ما ليس بمال ) أي ما ليس بمال في سائر الأديان بقرينة قوله والبيع به فإن ما يبطل سواء كان مبيعا أو ثمنا ما ليس بمال أصلا بخلاف نحو الخمر فإن بيعه باطل إذا تعين كونه مبيعا أو لو أمكن اعتباره ثمنا فبيعه فاسد كما علمته من الضابط المذكور آنفا لأن البيع وإن كان مبناه على البدلين لكن الأصل فيه المبيع دون الثمن ولذا ينفسخ البيع بهلاك المبيع دون الثمن ولأن الثمن غير مقصود بل هو وسيلة إلى المقصود وهو الانتفاع بالأعيان
مطلب في تعريف المال قوله ( والمال ) أي من حيث هو لأن التعريف المذكور يدخل فيه الخمر فهي مال وإن لم تكن متقومة ولذا قال بعده وبطل بيع مال غير متقوم كخمر وخنزير فإن المتقوم هو المال المباح الانتفاع به شرعا
____________________
(5/50)
وقدمنا أول البيوع تعريف المال بما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره لوقت الحاجة وأنه خرج بالادخار المنفعة فهي ملك لا مال لأن الملك ما من شأنه أن يتصرف فيه بوصف الاختصاص كما في التلويح
فالأولى ما في الدرر من قوله المال موجود يميل إليه الطبع الخ فإنه يخرج بالموجود المنفعة فافهم
ولا يرد أن المنفعة تملك بالإجارة لأن ذلك تمليك لا بيع حقيقة ولذا قالوا إن الإجارة لا بيع المنافع حكما أي إن فيها حكم البيع وهو التمليك لا حقيقته فاغتنم هذا التحرير
قوله ( فخرج التراب ) أي القليل ما دام في محله وإلا فقد يعرض له بالنقل ما يصير به مالا معتبرا أو مثله الماء وخرج أيضا نحو حبة من حنطة والعذرة الخالصة بخلاف المخلوطة بتراب ولذا جاز بيعها كسرقين كما يأتي وخرج أيضا المنفعة على ما ذكرنا آنفا
قوله ( والميتة ) بفتح الميم وسكون الياء التي ماتت حتف أنفها لا بسبب وبتشديد الياء المكسورة التي لم تمت حتف أنفها بل بسبب غير الذكاة كالمنخنقة والموقوذة
نوح أفندي ولم أر هذا الفرق في القاموس ولا في المصباح ولا غيرهما فراجعه
قوله ( ولا فرق في حق المسلم الخ ) أما في حق الذمي فيراد بها الأول وأما الثاني فاختلفت عباراتهم فيه ففي التجنيس جعله قسما من الصحيح لأنهم يدينونه ولم يحك خلافا وجعله في الإيضاح قول أبي يوسف وعند محمد لا يجوز وجزم في الذخيرة بفساده وجعله في البحر من اختلاف الروايتين
نهر
وعبارة البحر وحاصله أن فيما لم يمت حتف أنفه بل بسبب غير الذكاة روايتين بالنسبة إلى الكافر في رواية الجواز وفي رواية الفساد وأما البطلان فلا وأما في حقنا فالكل سواء ا هـ وذكر ط أن عدم الفرق في حقنا في المنخنقة مثلا إذا قوبلت بدراهم حتى تعين كونها مبيعا أما إذا قوبلت بعين أمكن اعتبارها ثمنا فكان فاسدا بالنظر إلى العوض الآخر باطلا بالنظر إليها وهذا ما اقتضاه الضابط السابق ا هـ
قوله ( التي ماتت حتف أنفها ) الحتف الهلاك
يقال مات حتف أنفه إذا مات بغير ضرب ولا قتل ومعناه أن يموت على فراشه فيتنفس حتى ينقضي رمقه ولهذا خص الأنف
مصباح
قوله ( أو بخنق ) مثل كتف ويسكن تخفيفا
مصباح
تنبيه لم يذكروا دودة القرمز أما إذا كانت حية فينبغي جريان الخلاف الآتي في دود القز وبزره وبيضه وأما إذا كامت ميتة وهو الغالب فإنها على ما بلغنا تخنق في الكلس أو الخل فمقتضى ما مر بطلان بيعها بالدراهم لأنها ميتة
وقد ذكر سيدي عبد الغني النابلسي في رسالة أن بيعها باطل وأنه لا يضمن متلفها لأنها غير مال
قلت وفيه أنها من أعز الأموال اليوم ويصدق عليها تعريف المال المتقدم ويحتاج إليها الناس كثيرا في الصباغ وغيره فينبغي جواز بيعها كبيع السرقين والعذرة المختلطة بالتراب كما يأتي مع أن هذه الدودة إن لم يكن لها نفس سائلة تكون ميتتها ظاهرة كالذباب والبعوض وإن لم يجز أكلها وسيأتي أن جواز البيع يدور مع حل الانتفاع وأنه يجوز بيع العلق للحاجة مع أنه من الهوام وبيعها باطل وكذا بيع الحيات للتداوي
وفي القنية وبيع غير السمك من دواب البحر لو له ثمن كالسقنقور وجلود الخز ونحوها يجوز وآلا فلا وجمل الماء قيل يجوز حيا لا ميتا والحسن
____________________
(5/51)
أطلق الجواز ا هـ فتأمل ويأتي له مزيد بيان عند الكلام على بيع دود القز والعلق
قوله ( والبيع به ) أي بما ليس بمال
قوله ( والمعدوم كبيع حق التعلي ) قال في الفتح وإذا كان السفل لرجل وعلوه لآخر فسقطا أو سقط العلو وحده فباع صاحب العلو علوه لم يجز لأن المبيع حينئذ ليس إلا حق التعلي وحق التعلي ليس بمال لأن المال عين يمكن إحرازها وإمساكها ولا هو حق متعلق بالمال بل هو حق متعلق بالهواء وليس الهواء مالا يباع والمبيع لا بد أن يكون أحدهما بخلاف الشرب حيث يجوز بيعه تبعا للأرض فلو باعه قبل سقوطه جاز فإن سقط قبل القبض بطل البيع لهلاك المبيع قبل القبض ا هـ
والحاصل أن بيع العلو صحيح قبل سقوطه لا بعده لأن بيعه بعد سقوطه بيع لحق التعلي وهو ليس بمال ولذا عبر في الكنز بقوله وعلو سقط
وعبر في الدرر بحق التعلي لأنه المراد من قول الكنز وعلو سقط كما علمته من عبارة الفتح فالمراد من العبارتين واحد فلذا فسر الشارح إحداهما بالأخرى دفعا لما يتوهم من اختلاف المراد منهما فافهم
تنبيه لو كان العلو لصاحب السفل فقال بعتك علو هذا السفل بكذا صح ويكون سطح السفل لصاحب السفل وللمشتري حق القرار حتى لو انهدم العلو كان له أن يبني عليه علوا آخر مثل الأول لأن السفل اسم لمبنى مسقف فكان سطح السفل سقفا للسفل
خانية
قوله ( لأنه معدوم ) يغني عنه قول المصنف والمعدوم أفاده ط
قوله ( ومنه ) أي من بيع المعدوم
مطلب في بيع المغيب في الأرض قوله ( بيع ما أصله غائب ) أي ما ينبت في باطن الأرض وهذا إذا كان لم ينبت أو نبت ولم يعلم وجوده وقت البيع وإلا جاز بيعه كما يأتي قريبا قوله ( وفجل ) بضم الفاء وبضمتين
قاموس
قوله ( كورد وياسمين ) فإنه يخرج بالتدريج ط
قوله ( وورق فرصاد ) قيل هو التوت الأحمر
وقال أبو عبيد هو التوت وفي التهذيب قال الليث الفرصاد شجر معروف
مصباح
قوله وبه أفتى بعض مشايخنا بالياء في مشايخ لا بالهمزة
قال القهستاني وأفتى العقيلي وغيره بجوازه بتبعية الموجود إذا كان أكثر من المعدوم ا هـ ط
قلت وهو رواية عن محمد وقدمنا الكلام عليه في فصل ما يدخل تبعا
قوله ( هذا إذا نبت الخ ) الإشارة إلى قوله ما أصله غائب وكان الأولى أن يقول هذا إذا لم ينبت أو نبت ولم يعلم وجوده فإنه لا يجوز بيعه فيهما كما في ط عن الهندية
قوله ( وله خيار الرؤية الخ ) قال في الهندية إن كان المبيع في الأرض مما يكال أو يوزن بعد القلع كالثوم والجزر والبصل فقلع المشتري شيئا بإذن البائع أو قلع البائع إن كان المقلوع مما يدخل تحت الكيل أو الوزن إذا رأى المقلوع ورضي به لزم البيع في الكل وتكون رؤية البعض كرؤية الكل إذا وجد الباقي ذلك وإن كان المقلوع شيئا يسيرا لا يدخل تحت الوزن لا يبطل خياره
قال في البحر وإن كان يباع بعد القلع عددا كالفجل فقلع البائع أو قلع المشتري بإذن البائع لا يلزمه الكل لأنه من العدديات المتفاوتة بمنزلة الثياب والعبيد وإن قلعه بلا إذن البائع لزمه الكل إلا أن يكون ذلك شيئا يسيرا وإن أبى كل القلع تبرع متبرع بالقلع أو فسخ القاضي العقد ا هـ ط
____________________
(5/52)
مطلب في بيع أصل الفصفصة قلت بقي شيء لم أر من نبه عليه وهو ما يكون أصله تحت الأرض ويبقى سنين متعددة مثل الفصفصة تزرع في أرض الوقف تكون كالكردار للمستأجر في زماننا فإذا باع ذلك الأصل وعلم وجوده في الأرض صح بيعه لكنه لا يرى ولا يقصد قلعه لأنه أعد للبقاء فهل للمشتري فسخ البيع بخيار الرؤية الظاهر نعم لأن خيار الرؤية يثبت قبل الرؤية
تأمل
قوله ما في ظهور الآباء من المني موافق لما في الدرر والمنح
وعبارة البحر المضامين جمع مضمونة ما في أصلاب الإبل والملاقيح جمع ملقوح ما في بطونها وقيل بالعكس
قوله ( والملاقيح الخ ) يجب أن يحمل ههنا على ما سيكون وإلا كان حملا وسيأتي أن بيع الحمل فاسد لا باطل
درر
قلت وفي فساده كلام سيأتي
قوله ( والنتاج بكسر النون ) كذا ضبطه النووي واختاره المصنف يعني صاحب الدرر وضبطه الكاكي بفتح النون وهو مصدر نتجت الناقة على البناء للمفعول والمراد به هنا المنتوج فسره الزيلعي والرازي ومسكين بحبل الحبلة وتبعهم المصنف
نوح
قوله ( حبل الحبلة ) بالفتحتين فيهما
قال في المغرب مصدر حبلت المرأة حبلا فهي حبلى سمي به المحمول كما سمي بالحمل وإنما أدخل عليه التاء للإشعار بمعنى الأنوثة لأن معناه النهي عن بيع ما سوف يحمله الجنين إن كان إنثى ومن روى الحبلة بكسر الباء فقد أخطأ ا هـ نوح
قوله ( وبيع أمة الخ ) علله في الدرر بأنه بيع معدوم ومقتضاه أن يكون معطوفا على قوله حق التعلي أو قوله والنتاج فكان الواجب إسقاط لفظ بيع نوح
قوله ( ذكر الضمير ) أي أتى به مذكرا مع أن الأمة مؤنثة مراعاة لتذكير الخبر وهو عبد أو باعتبار الواقع
قوله ( وعكسه ) بالرفع عطفا على قوله بيع وبالجر عطفا على أمة ط
قوله ( بخلاف البهائم ) كما إذا باع كبشا فإذا هو نعجة حيث ينعقد ويتخير
بحر
مطلب فيما إذا اجتمعت الإشارة مع التسمية قوله والأصل الخ قال في الهداية والفرق يبتني على الأصل الذي ذكرناه في النكاح لمحمد رحمه الله تعالى وهو أن الإشارة مع التسمية إذا اجتمعتا ففي مختلفي الجنس يتعلق العقد بالمسمى ويبطل لانعدامه وفي متحدي الجنس يتعلق بالمشار إليه وينعقد لوجوده ويتخير لفوات الوصف كمن اشترى عبدا على أنه خباز فإذا هو كاتب
وفي مسألتنا الذكر والأنثى من بني آدم جنسان للتفاوت في الأغراض وفي الحيوانات جنس واحد للتقارب فيها ا هـ
قال في البحر والأصل المذكور متفق عليه هنا ويجري في سائر العقود من النكاح والإجازة والصلح عن دم العمد والخلع والعتق على مال وبه ظهر أن الذكر والأنثى في الآدمي جنسان في الفقه وإن اتحدا جنسا في المنطق لأنه الذاتي المقول على كثيرين مختلفين بمميز داخل وفي الفقه المقول على كثيرين لا يتفاوت الغرض منها فاحشا
قال في الفتح
____________________
(5/53)
ومن المختلفي الجنس ما إذا باع فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج فالبيع باطل ولو باعه ليلا على أنه ياقوت أحمر فظهر أصفر صح البيع ويخير
قوله ( ولو من كافر ) نقله في البحر أيضا عن البزازية وأقره
قلت وينبغي أن يجري فيه الخلاف المار فيما ماتت بسبب غير الذبح مما يدين به أهل الذمة بل هذا بالأولى لأنه مما يدين به بعض المجتهدين وكون حرمته بالنص لا يقتضي بطلان بيعه بين أهل الذمة لأن حرمة المنخنقة بالنص أيضا ولما اعتقدوا حلها لم نحكم ببطلان بيعها بينهم نعم لو باع متروك التسمية عمدا مسلم يقول بحله كشافعي نحكم ببطلان بيعه لأنه ملتزم لأحكامنا ومعتقد لبطلان ما خالف النص فنلزمه ببطلان البيع بالنص بخلاف أهل الذمة لأنا أمرنا بتركهم وما يدينون فيكون بيعه بينهم صحيحا أو فاسدا لا باطلا كما مر ويؤيده ما مر في شركة المفاوضة من عدم صحتها بين مسلم وذمي لعدم التساوي في التصرف وتصح بين حنفي وشافعي وإن كان يتصرف في متروك التسمية وعللوه بأن ولاية الإلزام قائمة ومعناه ما ذكرنا فتدبر
قوله ( وكذا ما ضم إليه ) قال في النهر ومتروك التسمية عمدا كالذي مات حتف أنفه حتى يسري الفساد إلى ما ضم إليه وكان ينبغي أن لا يسري لأنه مجتهد فيه كالمدبر فينعقد فيه البيع بالقضاء وأجاب في الكافي بأن حرمته منصوص عليها فلا يعتبر خلافه ولا ينفذ بالقضاء
قوله ( وبيع الكراب وكرى الأنهار ) في المصباح كربت الأرض من باب قتل كرابا بالكسر قلبتها للحرث وفيه أيضا كرى النهر كريا من باب رمي حفرة فيه جديدة
قوله ولولوالجية قال فيها ولو كان لرجل عمارة في أرض رجل فباعها إن كان بناء أو أشجارا جاز بيعه إذا لم يشترط تركها وإن كان كرابا أو كرى الأنهار ونحوه فلم يكن ذلك بمال ولا بمعنى مال لا يجوز ا هـ يعني يبطل فإنه داخل تحت قولنا بطل بيع ما ليس بمال كما لا يخفى وبعدم الجواز في الكراب وكرى الأنهار ونحو ذلك صرح في الخانية معللا بأنه ليس بمال متقوم منح وتقدمت المسألة أول البيوع مع الكلام على مشد المسكة وبيع البراءات والجامكية والنزول عن الوظائف وأشبعنا الكلام على ذلك كله
قوله ( فإن بيع هؤلاء باطل ) كذا في الهداية وأورد أنه لو كان باطلا لسرى البطلان إلى ما ضم إليهم كالمضموم إلى الحر وسيأتي أنه لا يسري وقال بعضهم فاسد
وأورد أنه يلزم أن يملكوا بالقبض مع أنهم لم يملكوا به اتفاقا
وأجيب عنهما بادعاء التخصيص وهو أن من الباطل ما لا يسري حكمه إلى المضموم لضعفه ومن الفاسد ما لا يملك بالقبض
وذكر في الفتح أن الحق أنه باطل ولا تخصيص لجواز تخلف بعض الأفراد الخصوصية
قلت وما ذكره الشارح يصلح بيانا للخصوصية وذلك أن بيع الحر باطل ابتداء وبقاء لعدم محليته للبيع
____________________
(5/54)
أصلا بثبوت حقيقة الحرية وبيع هؤلاء باطل بقاء لحق الحرية فلذا لم يملكوا بالقبض لا ابتداء لعدم حقيقتها فلذا جاز بيعهم من أنفسهم ولا يلزم بطلان بيع قن ضم إليهم لأنهم دخلوا في البيع ابتداء لكونهم محلا له في الجملة ثم خرجوا منه لتعلق حقهم فيبقى القن بحصته من الثمن
وتمامه في الدرر
قوله ( وقول ابن الكمال ) عبارته البيع في هؤلاء باطل موقوف ينقلب جائزا بالرضا في المكاتب وبالقضاء في الآخرين لقيام المالية ا هـ
قوله ( قبل البيع ) وتنفسخ الكتابة في ضمنه لأن اللزوم كان لحقه وقد رضي بإسقاطه أما إذا باعه بغير رضاه فأجازه لم يجز رواية واحدة لأن إجازته لم تتضمن فسخ الكتابة قبل العقد كذا في السراج
وفي الخانية لو بيع بغير رضاه فأجاز بيع مولاه لم ينفذ في الصحيح من الرواية وعليه عامة المشايخ
نهر
قلت لكن ذكر في الهداية آخر الباب فيما لو جمع بين عبد ومدبر وتبعه في البحر والفتح أن البيع في هؤلاء موقوف وقد دخلوا تحت العقد لقيام المالية ولهذا ينفذ في المكاتب برضاه في الأصح وفي المدبر بقضاء القاضي وكذا في أم الولد عند أبي حنيفة وأبي يوسف ا هـ
فقوله موقوف مخالف لقوله هنا باطل
وقوله ينفذ في المكاتب برضاه في الأصح مخالف للمذكور عن السراج والخانية وبهذا يتأيد ما ذكره ابن المال
وقد يجاب بأن قوله ينفذ في المكاتب برضاه في الأصح أي رضاه وقت البيع فيكون موقوفا في الابتداء على رضاه فلو لم يرض كان باطلا وبهذا تنتفي المخالفة بين كلاميه لكن هذا الجواب لا يتأتى في عبارة ابن الكمال فتأمل
قوله ( قلت الأوجه الخ ) أي إذا قضى بنفاذ بيع أم الولد قاض يراه لا ينفذ فإذا رفع إلى قاض آخر فأمضاه نفذ الأول وإن رده على ما قبل الإمضاء وما في الفتح على ما بعده
قوله ( ولد هؤلاء كهم ) أي ولد أم الولد من غير سيدها بأن زوجها فولدت بعد ما ولدت من سيدها وكذا ولد المدبر أو المكاتب المولود بعد التدبير والكتابة
وقوله كهم أي في حكمهم وفيه إدخال الكاف على الضمير وهو قليل
قوله ( وبيع مبعض ) أي معتق البعض كبيع الحر
قوله ( ابن كمال ) ونصه التقوم على ما ذكر في التلويح ضربان عرفي وهو بالإحراز فغير المحرز كالصيد والحشيش ليس بمتقوم
وشرعي وهو بإباحة الانتفاع به وهو المراد ههنا منفيا ا هـ أي هو المراد بالتقوم المنفي هنا
قوله ( كخمر ) قيد بها لأن ما سواها من الأشربة المحرمة جائز عنده خلافا لهما
كذا في البدائع
نهر
قوله ( وميتة لم تمت حتف أنفها ) هذا في حق المسلم أما الذمي ففي رواية بيعها صحيح وفي أخرى فاسد كما قدمناه عن البحر
وظاهره أن اختلاف الرواية في
____________________
(5/55)
الميتة فقط أما الخمر فصحيح
قوله ( ونحوه ) كالجرح والضرب من أسباب الموت سوى الذكاة الشرعية
قوله ( فإنها ) أي الميتة المذكورة أما التي ماتت حتف أنفها فعي غير مال عند الكل فلذا بطل بيعها في حق الكل كما مر
قوله ( وهذا ) أي الحكم المذكور ببطلان بلا تفصيل
قوله ( أي بالدين ) أي ما يصح أن يثبت دينا في الذمة
قال ابن كمال إنما قال بالدين دون الثمن لأن الدين أعم منه
والمعتبر المقابلة به دون الثمن
قوله ( بطل في الكل ) لأن المبيع هو الأصل وليس محلا للتمليك فبطل فيه فكذا في الثمن بخلاف ما إذا كان الثمن عينا فإنه مبيع من وجه مقصود بالتملك ولكن فسدت التسمية فوجبت قيمته دون الخمر المسمى
قوله ( بطل في الخمر ) أي وفي أخويه كما يستفاد من المتن والزيلعي
سائحاني
قال في البحر والحاصل أن بيع الخمر باطل مطلقا وإنما الكلام فيما قابله فإن دينا كان باطلا أيضا وإن عرضا كان فاسدا ثم قال وقيدنا بالمسلم لأن أهل الذمة لا يمنعون من بيعها لاعتقادهم الحل والتمول وقد أمرنا بتركهم وما يدينون وكذا في البدائع ا هـ ملخصا
وظاهره الحكم بصحة بيعها فيما بينهم ولو بيعت بالثمن ويشهد له فروع ذكرها بعده
قوله ( بقيمته ) لم يذكر ابن كمال القيمة وإن كانت مرادة ط
قوله ( ضم إلى حر ) ولو مبعضا كمعتق البعض كما مر في باب عتق البعض
قوله ( لتكون كالحر ) أي فلا تكون مالا أصلا أما لو ماتت بخنق أو نحوه فهي مال غير متقوم كما مر آنفا فينبغي أن يصح البيع فيما ضم إليها كبيع قن ضم إلى مدبر
تأمل
قوله ( خلافا لهما ) فعندهما إذا فصل ثمن كل جاز في القن والذكية بحصتها من الثمن لأن الصفقة تصير متعددة معنى فلا يسري الفساد من إحداهما إلى الأخرى
قوله ( وظاهر النهاية يفيد أنه فاسد ) أي ما ضم إلى الحر والميتة وهو القن والذكية وعزاه القهستاني للمحيط والمبسوط وغيرهما
والظاهر أن المراد بالفاسد الباطل فيوافق ما في الهداية وغيرها من التصريح بالبطلان
تأمل
قوله ( بخلاف بيع قن ضم إلى مدبر ) كمكاتب وأم ولد كما في الفتح أي فيصح في القن بحصته لأن المدبر محل للبيع عند البعض فيدخل في العقد ثم يخرج فيكون البيع بالحصة في البقاء دون الابتداء وفائدة ذلك تصحيح كلام العاقل من رعاية حق المدبر ابن كمال
قلت ومعنى البيع بالحصة بقاء إنه لما خرج المدبر صار القن مبيعا بحصته مع الثمن بإن يقسم الثمن على قيمته وقيمة المدبر فما أصاب القن فهو ثمنه وهذا بخلاف ضم القن إلى الحر فإن فيه البيع بالحصة ابتداء لأن الحر لم يدخل في العقد لعدم ماليته
تنبيه تقدم أن بيع المدبر ونحوه باطل لعدم دخوله في العقد وههنا إنما دخل لتصحيح العقد فيما ضم إليه
____________________
(5/56)
قال في الهداية هناك فصار كمال المشتري لا يدخل في حكم عقده بانفراده وإنما يثبت حكم الدخول فيما ضم إليه ا هـ أي إذا ضم البائع إليه مال نفسه وباعهما له صفقة واحدة يجوز البيع في المضموم بالحصة من الثمن المسمى على الأصح وإن قيل إنه لا يصح أصلا في شيء
فتح
مطلب فيما إذا اشترى أحد الشريكين جميع الدار المشركة من شريكه قلت علم من هذا ما يقع كثيرا وهو أن أحد الشريكين في دار ونحوها يشتري من شريكه جميع الدار بثمن معلوم فإنه يصح على الأصح بحصة شريكه من الثمن وهي حادثة الفتوى فلتحفظ
وأصرح من ذلك ما سيأتي في المرابحة في مسألة شراء رب المال من المضارب من أن الكل ماله
قوله ( أو قن غيره ) معطوف على مدبر
قوله ( فإنه ) أي المسجد العامر
قوله ( بخلاف الغامر المعجمة الخراب ) بجر الخراب على أنه بدل من الغامر وكان الأولى أن يقول وغيره أي من سائر الأوقاف
مطلب في بطلان بيع الوقف وصحة بيع الملك المضموم إليه وحاصله أن المسجد قبل خرابه كالحر ليس بمال من كل وجه بخلافه بعد خرابه لجواز بيعه إذا خرب في أحد القولين فصار مجتهدا فيه كالمدبر فيصح بيع ما ضم إليه ومثله سائر الأوقاف ولو عامرة فإنه يجوز بيعها عند الحنابلة ليشتري بثمنها ما هو خير منها كما في المعراج
قوله ( فكمدبر ) أي فهو باطل أيضا
قال في الشرنبلالية صرح رحمه الله تعالى ببطلان بيع الوقف وأحسن بذلك إذ جعله في قسم البيع الباطل إذ لا خلاف في بطلان بيع الوقف لأنه لا يقبل التمليك والتملك وغلط من جعله فاسدا وأفتى به من علماء القرن العاشر ورد كلامه بجملة رسائل
ولنا فيه رسالة هي حساب الحكم متضمنة لبيان فساد قوله وبطلان فتواه ا هـ
والغالط المذكور هو قاضي القضاة نور الدين الطرابلسي والعلامة أحمد بن يونس الشلبي كما ذكره الشرنبلالي في رسالته المذكورة
قوله ( ولو محكوما به الخ ) قال في النهر تكميل قد علمت أن الأصح في الجمع بين الوقف والملك أنه يصح في الملك وقيده بعض موالي الروم وهو مولانا أبو السعود جامع أشتات العلوم تغمده الله تعالى برضوانه بما إذا لم يحكم بلزومه فأفتى بفساد البيع في هذه الصورة ووافقه بعض علماء العصر من المصريين ومنهم شيخنا الأخ إلا أنه قال في شرحه هنا يرد عليه ما صرح به قاضيخان من أن الوقف بعد القضاء تسمع دعوى الملك فيه وليس هو كالحر بدليل أنه لو ضم إلى ملك لا يفسد البيع في الملك وهكذا في الظهيرية وهذا لا يمكن تأويله فوجب الرجوع إلى الحق وهو إطلاق الوقف لأنه بعد القضاء وإن صار لازما بالإجماع لكنه يقبل البيع بعد لزومه إما بشرط الاستبدال على المفتى به من قول أبي يوسف أو بورود غصب عليه ولا يمكن انتزاعه ونحو ذلك والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب ا هـ
والحاصل أن ها هنا مسألتين الأولى أن بيع الوقف باطل ولو غير مسجد خلافا لمن أفتى بفساده لكن المسجد العامر كالحر وغيره كالمدبر
المسألة الثانية أنه إذا كان كالمدبر يكون بيع ما ضم إليه صحيحا ولو كان الوقف محكوما بلزومه خلافا لما أفتى به
____________________
(5/57)
المفتي أبو السعود
قوله ( فيصح ) تفريع على قول المصنف فيصح الخ على وجه الترتيب
قوله ( لأنها ) أي المدبر وقن الغير والوقف
قوله ( لم يصح ) لما مر من أن المسجد العامر كالحر فيبطل بيع ما ضم إليه لكن نقل في البحر عن المحيط أن الأصح الصحة في الملك لأن ما فيها من المساجد والمقابر مستثنى عادة ا هـ أي فلم يوجد ضم الملك إلى المسجد بل البيع واقع على الملك وحده
قوله ( لا يعقل ) قيد به لأن الصبي العاقل إذا باع أو اشترى انعقد بيعه وشراؤه موقوفا على إجازة وليه إن كان لنفسه ونافذا بلا عهدة عليه إن كان لغيره بطريق الولاية ط عن المنح
وهذا إذا باع الصبي العاقل ماله أو اشترى بدون غبن فاحش وإلا لم يتوقف لأنه حينئذ لا يصح من وليه عليه كما يأتي فلا يصح منه بالأولى
قوله ( شيئا ) قدره للإشارة إلى أن الإضافة في بيع صبي من إضافة المصدر إلى فاعله ط
قوله ( جاز ) أي بيعه ط
قوله ( كسرقين وبعر ) في القاموس السرجين والسرقين بكسرهما معربا سركين بالفتح وفسره في المصباح بالزبل قال ط والمراد أنه يجوز بيعهما ولو خالصين ا هـ
وفي البحر عن السراج ويجوز بيع السرقين والبعر والانتفاع به والوقود به
قوله ( واكتفى في البحر ) حيث قال كما نقله عنه في المنح ولم ينعقد بيع النحل ودود القز إلا تبعا ولا بيع العذرة خالصة بخلاف بيع السرقين والمخلوطة بتراب ا هـ
قوله ( وشعر الإنسان ) ولا يجوز الانتفاع به لحديث لعن الله الواصلة ولمستوصلة وإنما يرخص فيما يتخذ من الوبر فيزيد في قرون النساء وذوائبهن
هداية
فرع لو أخذ شعر النبي ممن عنده وأعطاه هدية عظيمة لا على فلا بأس به سائحاني عن الفتاوى الهندية
مطلب الآدمي مكرم شرعا ولو كافرا قوله ( ذكره المصنف ) حيث قال والآدمي مكرم شرعا وإن كان كافرا فإيراد العقد عليه وابتذاله به وإلحاقه بالجمادات إذلال له ا هـ أي وهو غير جائز وبعضه في حكمه وصرح في فتح القدير ببطلانه ط
قلت وفيه أنه يجوز استرقاق الحربي وبيعه وشراؤه وإن أسلم بعد الاسترقاق إلا أن يجاب بأن المراد تكريم صورته وخلقته ولذا لم يجز كسر عظام ميت كافر وليس ذلك محل الاسترقاق والبيع والشراء بل محله النفس الحيوانية فلذا لا يملك بيع لبن أمته في ظاهر الرواية كما سيأتي فليتأمل
قوله ( وبيع ما ليس في ملكه ) فيه أنه يشمل بيع ملك الغير بوكالة أو بدونها مع أن الأول صحيح نافذ والثاني صحيح موقوف
وقد يجاب بأن المراد بيع ما سيملكه قبل ملكه له ثم رأيته كذلك في الفتح في أول فصل بيع الفضولي وذكر أن سبب النهي في الحديث ذلك
قوله ( لبطلان بيع المعدوم ) إذ من شرط المعقود عليه أن يكون موجودا مالا متقوما مملوكا في نفسه وأن يكون ملك
____________________
(5/58)
البائع فيما يبيعه لنفسه وأن يكون مقدور التسليم
منح
قوله ( وماله خطر العدم ) كالحمل واللبن في الضرع فإنه على احتمال عدم الوجود وأما بيع نتاج النتاج فهو من أمثلة المعدوم فافهم
قوله ( لا بطريق السلم ) فلو بطريق السلم جاز وكذا لو باع ما غصبه ثم أدى ضمانه كما قدمناه أول البيوع
قوله ( لانعدام الركن وهو المال ) أي من أحد الجانبين فلم يكن بيعا وقيل ينعقد لأن نفيه لم يصح لأنه نفى العقد فصار كأنه سكت عن ذكر الثمن وفيه ينعقد البيع ويثبت الملك بالقبض كما يأتي قريبا أفاده في الدرر
قوله ( لأنه أمانة ) وذلك لأن العقد إذا بطل بقي مجرد القبض بإذن المالك وهو لا يوجب الضمان إلا بالتعدي
درر
قوله ( وصحح في القنية ضمانة الخ ) قال في الدرر وقيل يكون مضمونا لأنه يصير كالمقبوض على سوم الشراء وهو أن يسمى الثمن فيقول اذهب بهذا فإن رضيت به اشتريته بما ذكر أما إذا لم يسمه فذهب به فهلك عنده لا يضمن نص عليه الفقيه أبو الليث قيل وعليه الفتوى
كذا في العناية ا هـ
قال في العزمية الذي يظهر من شروح الهداية عود الضميرين في عليه وعليه إلى أن حكم المقبوض على سوم الشراء ذلك تعويلا على كلام الفقيه إلا أن القول الثاني في مسألتنا مرجح على القول الأول ا هـ
لكن في النهر واختار السرخسي وغيره أن يكون مضمونا بالمثل أو بالقيمة لأنه لا يكون أدنى حالا من المقبوض على سوم الشراء وهو قول الأئمة الثلاثة
وفي القنية إنه الصحيح لكونه قبضه لنفسه فشابه الغضب
وقيل الأول قول أبي حنيفة والثاني قولهما وتمامه فيه لقوله ( بغبن فاحش ) المشهور في تفسيره أنه ما لا يدخل تحت تقويم المقومين
قوله ( ورجح ) رجحه في البحر حيث قال ينبغي أن يجري القولان في بيع الوقف المشروط استبداله أو الخراب الذي جاز استبداله إذا بيع بغبن فاحش وينبغي ترجيح الثاني فيهما لأنه إذا ملك بالقبض وجبت قيمته فلا ضرر على اليتيم والوقف ا هـ
قلت وينبغي ترجيح الأول حيث لزم الضرر بأن كان المشتري مفلسا أو مماطلا
تأمل
مطلب بيع المضطر وشراؤه فاسد قوله ( بيع المضطر وشراؤه فاسد ) هو أن يضطر الرجل إلى طعام أو شراب أو لباس أو غيرها ولا يبيعها البائع إلا بأكثر من ثمنها بكثير وكذلك في الشراء منه كذا في المنح ا هـ ح
وفيه لف ونشر غير مرتب لأن قوله كذا في الشراء منه أي من المضطر مثال لبيع المضطر أي بأن اضطر إلى بيع شيء من ماله ولم يرض المشتري إلا بشرائه بدون ثمن المثل بغبن فاحش
ومثاله ما لو ألزمه القاضي ببيع ماله لإيفاء دينه أو ألزم الذمي ببيع مصحف أو عبد مسلم ونحو ذلك ولكن سيذكر المصنف في الإكراه لو صادره السلطان ولم يعين بيع ماله فباع صح
قال الشارح هناك والحيلة أن يقول من أين أعطى فإذا قال الظالم بع كذا فقد صار مكرها فيه ا هـ
فأفاد أنه بمجرد المصادرة لا يكون مكرها بل يصح بيعه إلا إذا أمره بالبيع مع أنه بدون أمر مضطر إلى البيع
____________________
(5/59)
حيث لا يمكنه غيره وقد يجاب بأن هذا ليس فيه أنه باع بغبن فاحش عن ثمن المثل نعم العبارة مطلقة فيمكن تقييدها بأنه إنما يصح لو باع بثمن المثل أو غبن يسير توفيقا بين العبارتين فتأمل
مطلب في البيع الفاسد قوله ( وفسد الخ ) شروع في البيع الفاسد بعد الفراغ من الباطل وحكمه
قوله ( ما سكت فيه عن الثمن ) لأن مطلق البيع يقتضي المعاوضة فإذا سكت كان غرضه القيمة فكأنه باع بقيمته فيفسد ولا يبطل
درر أي بخلاف ما إذا صرح بنفي الثمن كما قدمه قريبا
( وعكسه ) أي بيع الخمر بالعرض بأن أدخل الباء على العرض فينعقد في العرض أي لأنه أمكن اعتبار الخمر ثمنا وهي مال في الجملة بخلاف بيع العرض بدم أو ميتة
قوله ( كما مر ) أي في قوله وإن بيعت بعين كعرض بطل في الخمر وفسد في العرض فيملكه بالقبض بقيمته وهذا في حق المسلم كما قدمناه
قوله ( ملك المشتري للعرض ) قيد به لأن المشتري لأم الولد وأخويها لا يملكهم بالقبض لبطلان بيعهم بقاء كما مر
قوله ( لما مر أنهم مال في الجملة ) أي فيدخلون في العقد ولذا لا يبطل العقد فيما ضم إلى واحد منهم وبيع معهم ولو كانوا كالحر لبطل كما في الدرر
قوله ( وفسد بيع سمك لم يصد لو بالعرض الخ ) ظاهره أن الفاسد بيع السمك وأنه يملك القبض
وفيه أن بيع ما ليس في ملكه باطل كما تقأم لأنه بيع المعدوم والمعدوم ليس بمال فينبغي أن يكون بيعه باطلا وأن يكون الفاسد هو بيع العرض لأنه مبيع من وجه وإن دخلت عليه الباء ويكون السمك ثمنا فيصير كأنه باع العرض وسكت عن الثمن أو باعه بأم الولد بل يمكن أن يقال إن بيع العرض أيضا باطل لأن السمك ليس بمال فيكون كبيع العرض بميتة أو دم لكن جعله كأم الولد أظهر لأنه مال في الجملة فإنه لو صاده بعده ملكه نعم هذا يظهر لو باع سمكة بعينها قبل صيدها أما لو كانت غير معينة ثم صاد سمكة لم تكن عين ما جعلت ثمن العرض حتى يقال إنها ملكت بالصيد
والحاصل أنه لو باع سمكة مطلقة بعرض ينبغي أن يكون البيع باطلا من الجانبين كبيع ميتة بعرض أو عكسه ولو كانت السمكة معينة بطل فيها لأنها غير مملوكة وفسد في العرض لأن السمكة مال في الجملة ومثلها ما لو كان البيع على لحم سمك لأنه مثلي ولو باعها بدراهم بطل البيع لتعين كونها مبيعة وهي غير مملوكة وهذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل ولم أر من تعرض لشيء منه
قوله ( صدر الشريعة ) حيث قال ففي السمك الذي لم يصد ينبغي أن يكون البيع باطلا إذا كان بالدراهم والدنانير ويكون فاسدا إذا كان بالعرض لأنه مال غير متقوم لأن التقوم بالإحراز والإحراز منتف
قوله ( وله خيار الرؤية ) ولا يعتد برؤيته وهو في الماء لأنه يتفاوت في الماء وخارجه
شرنبلالية
قوله ( إلا إذا دخل بنفسه الخ ) استثناء منقطع من قوله وإن أخذ بدونها صح يعني أنه لو صيد فألقي في مكان يؤخذ منه بدون حيلة كان صحيحا وأما إذا دخل بنفسه ولم يسد مدخله يكون باطلا لعدم الملك بقرينة قوله فلو سده ملكه فافهم
قوله ( فلو سده ملكه ) أي فيصح بيعه إن أمكن أخذه بلا حيلة وإلا فلا لعدم القدرة على التسليم
____________________
(5/60)
والحاصل كما في الفتح أنه إذا دخل السمك في حظيرة فإما أن يعدها لذلك أو لا ففي الأول يملكه وليس لأحد أخذه ثم إن أمكن أخذه بلا حيلة جاز بيعه لأنه مملوك مقدور التسليم وإلا لم يجز لعدم القدرة على التسليم وفي الثاني لا يملكه فلا يجوز بيعه لعدم الملك إلا أن يسد الحظيرة إذا دخل فحينئذ يملكه ثم إن أمكن أخذه بلا حيلة جاز بيعه وإلا فلا وإن لم يعدها لذلك لكنه أخذه وأرسله فيها ملكه فإن أمكن أخذه بلا حيلة جاز بيعه لأنه مقدور التسليم أو بحيلة لم يجز لأنه وإن كان مملوكا فليس مقدور التسليم ا هـ
مطلب في حكم إيجار البرك للاصطياد قوله ( ولم تجز إجارة بركة الخ ) قال في النهر اعلم أن في مصر بركا صغيرة كبركة الفهادة تجتمع فيها الأسماك هل تجوز إجارتها لصيد السمك منها نقل في البحر عن ( الإيضاح عدم جوازها
ونقل أولا عن أبي يوسف في كتاب الخراج عن أبي الزناد قال كتبت إلى عمر بن الخطاب في بحيرة يجتمع فيها السمك بأرض العراق أنؤجرها فكتب إلي أن افعلوا
وما في الإيضاح بالقواعد الفقهية أليق ا هـ
ونقل في البحر أيضا عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن عبد الحميد بن عبد الرحمن أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن بيع صيد الآجام فكتب إليه عمر أنه لا بأس به وسماه الحبس ا هـ
ثم قال في البحر فعلى هذا لا يجوز بيع السمك في الآجام إلا إذا كان في أرض بيت المال ويلحق به أرض الوقف
وقال الخير الرملي أقول الذي علم مما تقدم عدم جواز البيع مطلقا سواء كان في بحر أو نهر أو أجمة وهو بإطلاقه أعم من أن يكون في أرض بيت المال أو أرض الوقف وما تقدم عن كتاب الخراج غير بعيد أيضا عن القواعد ومرجعه إلى إجارة موضع مخصوص لمنفعة معلومة هي الاصطياد وما حدث به أبو حنيفة عن حماد مشكل فإنه بيع السمك قبل الصيد ويجاب بأنه في آجام هيئت لذلك وكان السمك فيها مقدور التسليم فتأمل واعتن بهذا التحرير فإن المسألة كثيرة الوقوع ويكثر السؤال عنها ا هـ
لكن قوله غير بعيد الخ فيه نظر لأن الإجارة واقعة على استهلاك العين وسيأتي التصريح بأنه لا يصرح إجارة المراعي وهذا كذلك ولذا جزم المقدسي بعدم الصحة
واعتراض البحر بما قلنا والله أعلم
قوله ( وبيع طير ) جمع طائر وقد يقع على الواحد والجمع طيور وأطيار بحر عن القاموس
قوله ( لا يرجع بعد إرساله من يده ) أشار إلى أنه مملوك له ولكن علة الفساد كونه غير مقدور التسليم فلو سلمه بعد البيع لا يعود إلى الجواز عند مشايخ بلخ
وعلى قول الكرخي يعود وكذا عن الطحاوي وأطلقه فشمل ما إذا كان الطير مبيعا أو ثمنا
بحر
قوله ( أما قبل صيده فباطل أصلا ) ينبغي أن يجري فيه الكلام الذي ذكرناه في السمك
قوله ( صح ) ذكره في الهداية والخانية وكذا في الذخيرة عن المنتقى
بحر
قال في الفتح لأن المعلوم عادة كالواقع وتجويز كونها لا تعود أو عروض عدم عودها لا يمنع جواز البيع كتجويز هلاك المبيع قبل القبض ثم إذا عرض الهلاك انفسخ كذا هنا إذا فرض وقوع عدم المعتاد من عودها قبل القبض انفسخ ا هـ
قوله ( وقيل لا ) في البحر والشرنبلالية أنه ظاهر الرواية
قوله ( ورجحه في النهر ) حيث ذكر ما مر عن الفتح ثم قال وأقول فيه نظر لأن من شروط صحة البيع القدرة على التسليم عقبه ولذا لم يجز بيع الآبق ا هـ
____________________
(5/61)
قال ح أقول فرق ما بين الحمام الآبق فإن العادة لم تقض بعودة غالبا بخلاف الحمام وما ادعاه من اشتراط القدرة على التسليم عقبه إن أراد به القدرة حقيقة فهو ممنوع وإلا لاشتراط حضور المبيع مجلس العقد وأحد لا يقول به وإن أراد به القدرة حكما كما ذكره بعد هذا فما نحن فيه كذلك لحكم العادة بعودة ا هـ
قلت وهو وجيه فهو نظير العبد المرسل في حاجة المولى فإنه يجوز بيعه وعللوه بأنه مقدور التسليم وقت العقد حكما إذ الظاهر عوده ولو أبق بعد البيع قبل القبل خير المشتري في فسخ العقد كما في البحر وهنا كذلك لكن لينظر متى يحكم بفسخ العقد لعدم عود ذلك الطائر فإنه ما دام محتمل الحياة يحتمل عوده
تنبيه في الذخيرة باع برج حمام فإن ليلا جاز ولو نهارا فلا لأن بعضه يكون خارج البيت فلا يمكن أخذه إلا بالاحتيال ا هـ
والظاهر أنه مبني على ظاهر الرواية تأمل وفيه ألغز بعضهم فقال يا إماما في فقه نعمان أضحى حائز السبق مفردا لا يجارى أي بيت يجوز بيعك إيا هـ بليل ولا يجوز نهارا قوله ( وبيع الحمل ) بسكون الميم
قوله ( وجزم في البحر ببطلانه ) لنهيه عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة لما فيه من الغرر وتقدم أن بيع الثلاثة باطل وأعترض في اليعقوبية التعليل بالغرر وهو الشك في وجوده بأنه ينبغي عليه أن لا يجوز بيع الشيء الملفوف الموصوف لأنه يحتمل أن لا يوجد شيء أو وصفه المذكور مع تصريحهم بجوازه ا هـ
قلت فيه أنه لا غرر فيه لأنه يسهل الاطلاع عليه بخلاف الحمل فتدبر وفي البحر عن السراج فلو باع الحمل وولدت قبل الافتراق وسلم لا يجوز
قوله ( لفساده بالشرط ) لأن ما لا يصح إفراده بالعقد لا يصح استثناؤه منه والحمل لا يجوز إفراده بالبيع فكذا استثناؤه لأنه بمنزلة الأطراف فصار شرطا فاسدا وفيه منفعة للبائع فيفسد البيع
مطلب استثناء الحمل في العقود على ثلاث مراتب ثم استثناء الحمل في العقود على ثلاث مراتب
في وجه يفسد العقد والاستثناء كالبيع والإجارة والرهن لأنها تبطلها الشروط الفاسدة
وفي وجه العقد جائز والاستثناء باطل كالهبة والصدقة والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد
وفي وجه يجوزان وهو الوصية كما لو أوصى بجارية إلا حملها وكذا لو أوصى بحملها لآخر صح لأن الوصية أخت الميراث والميراث يجري في الحمل فكذا الوصية بخلاف الخدمة زيلعي ملخصا أي لو أوصى له بأمة إلا خدمتها لا يصح الاستثناء لأن الميراث لا يجري فيها والغلة كالخدمة
بحر
قوله ( بخلاف هبة ووصية ) أي حيث يصح العقد
____________________
(5/62)
فيهما لكن الاستثناء باطل في الهبة جائز في الوصية كما علمت فافهم
قوله ( وجزم البرجندي ببطلانه ) قال صدر الشريعة ذكروا في فساده علتين إحداهما أنه لا يعلم أنه لبن أو دم أو ريح وهذه تقتضي بطلان البيع لأنه مشكوك الوجود فلا يكون مالا والأخرى أن اللبن يوجد شيئا فشيئا فيختلط ملك المشتري بملك البائع ا هـ أي وهذه تقتضي الفساد
قلت مقتضى الفساد لا ينافي مقتضى البطلان بل بالعكس لأن ما يقتضي البطلان يدل على عدم المشروعية أصلا فلذا جزم ببطلانه فتأمل
قوله ( للغرر ) لأنه لا يعلم وجوده وينبغي أن يكون باطلا للعلة المذكورة فهو مثل اللبن رملي
قلت ويؤيده ما في التجنيس رجل اشترى لؤلؤة في صدف قال أبو يوسف البيع جائز وله الخيار إذا رآه وقال محمد البيع باطل وعليه الفتوى ا هـ
قال الزيلعي بخلاف ما إذا باع تراب الذهب والحبوب في غلافها حيث يجوز لكونها معلومة ويمكن تجربتها بالبعض أيضا ا هـ
قال في النهر وينبغي أن يكون في ذلك الجوز الهندي
قوله ( وصوف على ظهر غنم ) للنهي عنه ولأنه قبل الجز ليس بمال متقوم في نفسه لأنه بمنزلة وصف الحيوان لقيامه به كسائر أطرافه ولأنه يزيد من أسفل فيختلط المبيع بغيره كما قلنا في اللبن
زيلعي
قوله ( وجوزه الثاني ) هو رواية عنه كما في الهداية
قوله ( لم ينقلب صحيحا ) مقتضاه أنه وقع باطلا وإلا لصح بزوال المفسد كما سيتضح في بيع الآبق وهو أيضا مقتضى التعليل بأنه ليس بمال متقوم فكان على المصنف ذكره في الباطل قوله ( وكذا كل ما اتصاله خلقي ) بخلاف اتصال الجذع والثوب فإنه بصنع العباد بن ملك
قوله ( لما مر أنه معدوم عرفا ) أي مر في فصل ما يدخل في البيع تبعا عند قوله كبيع بر في سنبلة وبيناه هناك بأنه هذا تمر وقطن ولا يقال هذا نوى في تمره ولا حب في قطنه ويقال هذه حنطة في سنبلها وهذا لوز وفستق في قشره ولا يقال هذه قشور فيها لوز قوله ( وإنما صححوا الخ ) جواب عما استدل به أبو يوسف من جواز الصوف على ظهر الغنم كما في الكراث وقوائم الخلاف بالكسر وتخفيف اللام نوع من الصفصاف أي مع أنها تزيد والجواب كما في الزيلعي أنه أجيز في الكراث والقوائم للتعامل إذ لا نص فيه فلا يلحق به المنصوص عليه ا هـ
وأيضا فالقوائم تزيد من أعلاها أي فلا يحصل اختلاط المبيع بغيره بخلاف الصوف ويعرف ذلك بالخضاب كما أفاده الزيلعي
وفي البحر من فصل فيما يدخل في البيع تبعا
____________________
(5/63)
عن الظهيرية اشترى رطبة من البقول أو قثاء أو شيئا ينمو ساعة فساعة لا يجوز كبيع الصوف وبيع قوائم الخلاف يجوز وإن كان ينمو لأن نموها من الأعلى بخلاف الرطبات إلا الكراث للتعامل وما لا تعامل فيه لا يجوز ا هـ
قلت وقوله للتعامل علة لقوله إلا الكراث فقط وإلا فكون قوائم الخلاف تنمو من الأعلى بخلاف الرطبات يفيد الجواز بلا حاجة إلى التعليل بالتعامل
وذكر في البحر هنا عن الفضلي تصحيح عدم الجواز في قوائم الخلاف لأنه وإن كان ينمو من أعلاه فموضع القطع مجهول كمن اشترى شجرة للقطع لا يجوز لجهالة موضع القطع لكن في الفتح أن منهم من منع إذ لا بد للقطع من حفر الأرض ومنهم من أجاز للتعامل
وفي الصغرى القياس في بيع القوائم المنع لكن جاز للتعامل وبيع الكراث يجوز وإن كان ينمو من أسفله للتعامل أيضا وبه يحصل الجواب عما استدل به الفضلي على المنع في القوائم لمن تأمل
نهر
قوله ( وشجر الصفصاف ) أي قوائم شجره أي أغصانه
قوله ( وفي القنية باع أوراق توت ) أي مع أغصانها
قال في القنية اشترى أوراق التوت ولم يبين موضع القطع لكنه معلوم عرفا صح ولو ترك الأغصان له أن يقطعها في السنة الثانية ولو باع أوراق توت لم يقطع قبل بسنة يجوز وبسنتين لا يجوز لأنه بسنة يعلم موضع قطعها عرفا ا هـ
قوله ( وجذع ) هو القطعة من النخل أو غيره توضع عليها الأخشاب
نهر لأنه لا يمكن تسليمه إلا بضرر ولو لم يكن معينا لا يجوز أيضا لما ذكرنا وللجهالة أيضا هداية فقوله معين ليس للاحتراز عن الفساد بل لما ذكره بعده
قوله ( أما غير المعين ) الأولى ذكره بعد قوله فلو قطع وسلم ط
قوله ( فلا ينقلب صحيحا ) قال في النهر وذكر الزاهدي عن شرح الطحاوي أنه في غير المعين لا ينقلب بالتسليم صحيحا وجزم به في إيضاح الإصلاح وهو ضعيف لأنه غير المعين معلل بلزوم الضرر والجهالة فإذا تحمل البائع الضرر وسلمه زال المفسد وارتفعت الجهالة أيضا ومن ثم جزم في الفتح بأنه يعود صحيحا ا هـ
قلت والذي نقله العلامة نوح عن الزاهدي عن شرح مختصر الطحاوي عكس ما نقله عنه في النهر فليراجع نعم عبارة ابن كمال في إيضاح الإصلاح أن غير المعين لا يعود صحيحا وعزاه إلى الزاهدي في شرح القدوري
قوله ( ويضره التبعيض ) وكالثوب المهيأ للبس زيلعي وأشار المصنف إلى عدم جواز بيع حلية من سيف أو نصف زرع لم يدرك لأنه لا يمكن تسليمه إلا بقطع جميعه وكذا بيع خاتم مركب فيه وكذا نصيبه من ثوب مشترك من غير شريكه وذراع من خشبة للضرر في تسليم ذلك ولا اعتبار بما التزمه من الضرر لأنه إنما التزم العقد ولا ضرر فيه
بحر وفتح
وفي بيع نصف الزرع ونحوه كلام طويل قدمناه أول كتاب الشركة
قوله ( جاز ) كما يجوز بيع قفيز من صبرة بحر
قوله ( لانتفاء المانع ) علة للمسألتين
قوله ( وضربة القانص ) من قنص قنصا على حد ضرب صاد كما في الصحاح
____________________
(5/64)
بأن يقول بعتك ما يخرج من إلقاء هذه الشبكة مرة بكذا
نهر
قوله ( والغائص ) بأن يقول أغوص غوصة فما أخرجته من اللآلىء فهو لك بكذا كما في تهذيب الأزهري ومقتضاه المباينة بين القانص بالقاف والغائص بالغين وفسر الزيلعي ضربة القانص بالقاف بما يخرج من الصيد بضربة الشبكة أو بغوص الصائد في الماء
قال في النهر وهذا يوهم شمول القانص بالقاف للغائص والواقع ما قد علمته
وجعل في السراج القانص صياد البر والغائص صياد البحر
والحق أن الصائد بالآلة وهو القانص بالقاف أعم من كونه في البحر أو البر بخلاف الغائص ا هـ
وحاصله أن القانص بالقاف من يصطاد الصيد برا أو بحرا وأما الغائص بالغين فهو من يغوص لاستخراج اللآلىء مثلا
قوله ( كما مر ) أي في قول المصنف وبيع ما ليس في ملكه
قوله ( والمزابنة ) من الزين وهو الدفع لأنها تؤدي إلى النزاع والمدافعة كما في البحر عن الفائق
قوله ( مثل كيله تقديرا ) أي بأن يقدر الرطب الذي على النخل بمقدار مائة صاع مثلا بطريق الظن والحرز فيبيعه بقدره من التمر
قوله ( ومثله العنب ) أي على الكرم
قوله ( ولشبهة الربا ) لأنه بيع مكيل بمكيل من جنسه مع احتمال عدم المساواة بينهما بالكيل
قوله ( فلو لم يكن ) أي ما بيع بالتمر المقطوع
قال في البحر ثم اعلم أن تعريف المزابنة بأنها بيع الثمر بالتمر أي بالمثلثة في الأول والمثناة في الثاني خلاف التحقيق والأولى أن يقال بيع الرطب بتمر الخ لأن الثمر بالمثلثة الشجر رطبا أو غيره وإذا لم يكن رطبا جاز لاختلاف الجنس ولو كان الرطب على الأرض كالتمر لم يجز بيعه متساويا عند العلماء إلا أبا حنيفة لما سيأتي في باب الربا ا هـ
قوله ( فنهى عنها كلها ) في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة زاد مسلم
أما الملامسة كأن يلمس كل منهما ثوب صاحبه بغير تأمل ليلزم اللامس البيع من غير خيار له عند الرؤية وهذا بأن يكون مثلا في ظلمة أو يكون الثوب مطويا مرئيا يتفقان على أنه إذا لمسه فقد باعه منه وفساده لتعليق التمليك على أنه متى لمسه وجب البيع وسقط خيار المجلس
والمنابذة أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر ولا ينظر كل واحد منهما إلى ثوب صاحبه على جعل النبذ بيعا وهذه كانت بيوعا يتعارفونها في الجاهلية وكذا إلقاء الحجر أن يلقى حصاة وثمة أثواب فأي ثوب وقع عليه كان البيع بلا تأمل ورؤية ولا خيار بعد ذلك ولا بد أن يسبق تراوضهما على الثمن ولا فرق بين كون المبيع معينا أو غير معين
ومعنى النهي ما في كل من الجهالة وتعليق التمليك بالخطر فإنه في معنى إذا وقع حجري على ثوب فقد بعته منك أو بعتنيه بكذا أو إذا نبذته أو لمسته كذا في الفتح
وذكر في الدرر أن النهي عن إلقاء الحجر ألحق
____________________
(5/65)
بالأولين دلالة
قوله ( لوجود القمار ) أي بسبب تعليق التمليك بأحد هذه الأفعال ا هـ ح
قوله ( إن سبق ذكر الثمن ) عبارة البحر ولا بد في هذه البيوع أن يسبق الكلام منهما على الثمن ا هـ أي لتكون علة الفساد ما ذكر وإلا كان الفساد لعدم ذكر الثمن إن سكتا عنه لما مر أن البيع مع نفي الثمن باطل ومع السكوت عنه فاسد
قوله ( وثوب من ثوبين ) قيد بالقيمي إذ بيع المبهم في المثلي جائز كقفيز من صبرة
قوله ( ضمن نصف قيمة كل ) لأن أحدهما مضمون بالقيمة لأنه مقبوض بحكم البيع الفاسد والآخر أمانة وليس أحدهما بأولى من الآخر فشاعت الأمانة والضمان
بحر
قوله ( إذ الفاسد معتبر بالصحيح ) أي ملحق به فإنه لو كان البيع صحيحا بأن يقبض ثوبين على أنه بالخيار في أحدهما صح فإذا هلكا ضمن نصف ثمن كل واحد والقيمة في الفاسد كالثمن في البيع الصحيح كما في البحر
قوله ( لتعذر رده ) أي رد ما هلك أولا فتعين مضمونا
بحر
قوله ( والقول للضامن ) أي في تعيين الهالك وذلك بأن اختلف الثوبان أو العبدان وادعى الضامن أن الهالك هو الأقل قيمة وعكس الآخر ولو برهنا فبرهان البائع أولى فيما يظهر كما قدمنا التصريح به في خيار التعيين
قوله ( وهذا ) أي الفساد فيما إذا باع ثوبين مثلا
قوله ( إذا لم يشترط خيار التعيين ) أي فيما دون الأربعة وقول البحر فيما دون الثلاثة فيه قصور
قوله ( فلو شرط أخذ أيهما شاء ) بنصب أخذ مصدرا على أنه مفعول به لشرط بأن قال بعتك واحدا منهما على أنك بالخيار تأخذ أيهما شئت فإنه يجوز استحسانا وتقدم ذكر المسألة بفروعها في خيار الشرط
فتح
قوله ( لما مر ) أي في باب خيار الشرط والتعيين
قوله ( والمراعي ) في المصباح الرعي بالكسر والمرعى بمعنى واحد وهو ما ترعاه الدواب والجمع المراعي
بحر
قوله ( أي الكلأ ) فسرها بالكلأ دفعا لوهم أن يراد مكان الرعي فإنه جائز
فتح
أي إذا كان مملوكا كما لا يخفى
والكلأ كجبل العشب رطبه ويابسه
قاموس قال في البحر ويدخل فيه جميع أنواع ما ترعاه المواشي رطبا أو يابسا بخلاف الأشجار لأن الكلأ ما لا ساق له والشجر له ساق فلا تدخل فيه حتى يجوز بيعها إذا نبتت في أرضه لكونها ملكه والكمأة كالكلأ ا هـ
قوله ( أما بطلانها ) هذا مخالف لسوق كلام المصنف لأن كلامه في ذكر الفاسد فمراده أن بيعها فاسد وبه صرح في شرحه نعم قال بعد ذلك وصرح منلا خسرو بفساد هذا البيع وصرح في شرح الوقاية ببطلانه وعلله بعدم الإحراز ا هـ
فكان المناسب شرح كلامه على وفق مرامه مع بيان القول الآخر وكأن الشارح لما رأى القول بالفساد معللا بعدم الملك حمله على أن المراد به البطلان لأن بيع ما لا يملك باطل كما علم مما مر لكنه لا يوافق غرض المصنف كما علمت
قوله ( فلعدم الملك ) لاشتراك الناس فيه اشتراك إباحة لا ملك ولأنه لا يحصل للمشتري فيه فائدة لأنه لا يتملكه بدون بيع
فتح
قوله ( لحديث الناس شركاء في ثلاث ) أخرجه الطبراني بلفظ المسلمون شركاء في ثلاث الخ وكذا أخرجه ابن ماجه وفي آخره وثمنه حرام أي ثمن كل واحد منها وأخرجه أبو داود وأحمد وابن أبي شيبة وابن عدي قال الحافظ ابن حجر ورجاله ثقات
نوح أفندي
ومعنى الشركة في النار الاصطلاء بها وتجفيف الثياب لا أخذ الجمر
____________________
(5/66)
إلا بإذن صاحبه وفي الماء سقي الدواب والاستقاء من الآبار والحياض والأنهار المملوكة وفي الكلأ الاحتشاش ولو في أرض مملوكة غير أن لصاحب الأرض المنع من دخوله ولغيره أن يقول إن لي في أرضك حقا فإما أن توصلني إليه أو تحشه أو تستقي وتدفعه لي وصار كثوب رجل وقع في دار رجل إما أن يأذن للمالك في دخوله ليأخذه وإما أن يخرجه إليه فتح ملخصا
قوله ( وأما بطلان إجارتها ) ما ذكره عن ابن الكمال من بطلان إجارتها مخالف لسوق كلام المصنف أيضا
وقال في فتح القدير وهل الإجارة فاسدة أو باطلة ذكر في الشرب أنها فاسدة حتى يملك الآجر الأجرة بالقبض وينفذ عتقه فيه ا هـ
قال في النهر فيحتاج إلى الفرق بين البيع والإجارة ا هـ
قوله ( وهذا ) أي بطلان بيع الكلأ
قوله ( وقيل لا ) أي لا يملكه وهو اختيار القدوري لأن الشركة ثابتة وإنما تنقطع بالحيازة وسوق الماء ليس بحيازة وعلى الجواز أكثر المشايخ واختاره الشهيد
قال في الفتح وعليه فلقائل أن يقول ينبغي أن حافر البئر يملك الماء بتكلفه الحفر والطي لتحصيل الماء كما يملك الكلأ بتكلفة سوق الماء إلى الأرض لينبت فله منع المستقي وإن لم يكن في أرض مملوكة له ا هـ
وأقول يمكن أن يفرق بينهما بأن سقي الكلأ كان سببا في إنباته فنبت بخلاف الماء فإنه موجود قبل حفره فلا يملكه بالحفر
نهر
مطلب صاحب البئر لا يملك الماء وقال الرملي إن صاحب البئر لا يملك الماء كما قدمه في البحر في كتاب الطهارة في شرح قوله وانتفاخ حيوان عن الولوالجية فراجعه
وهذا ما دام في البئر أما إذا أخرجه منها بالاحتيال كما في السواني فلا شك في ملكه له لحيازته له في الكيزان ثم صبه في البرك بعد حيازته
تأمل
ثم حرر الفرق بين ما في البئر وما في الحباب والصهاريج الموضوعة في البيوت لجمع ماء الشتاء بأنها أعدت لإحراز الماء فيملك ما فيها فلو آجر الدار لا يباح للمستأجر ماؤها إلا بإباحة المؤجر ا هـ ملخصا
قوله ( قال ) أي العيني
قوله ( وبيع القصيل والرطبة ) في المصابح قصلته قصلا من باب ضرب قطعته فهو قصيل ومقصول ومنه القصيل وهو الشعير يجز إذا اخضر لعلف الدواب والرطبة الغضة خاصة قبل أن يجف والجمع رطاب مثل كلبة وكلاب والرطب وزان قفل المرعى الأخضر من بقول الربيع
وبعضهم يقول الرطبة وزان غرفة الخلا وهو الغض من الكلأ
قوله ( وحيلته ) أي حيلة جواز بيع الكلأ وكذا إجارته
قال في البحر والحيلة في جواز إجارته أن يستأجرها أرضا لإيقاف الدواب فيها أو لمنفعة أخرى بقدر ما يريد صاحبه من الثمن أو الأجرة فيحصل به غرضهما ا هـ
وفي الفتح والحيلة أن يستأجر الأرض ليضرب فيها فسطاطه أو ليجعله حظيرة لغنمه ثم يستبيح المرعى فيحصل مقصودهما
قوله ( كمقيل ومراح ) المقيل مكان القيلولة وهي النوم نصف النهار
والمراح بالضم حيث تأوي الماشية بالليل وبالفتح اسم الموضع
____________________
(5/67)
مطلب في بيع دودة القرمز قوله ( أي الإبريسم ) في المصباح القز معرب
قال الليث هو ما يعمل منه الإبريسم ولهذا قال بعضهم القز والإبريسم مثل الحنطة والدقيق ا هـ
وأما الخز فاسم دابة ثم أطلق على الثوب المتخذ من وبرها
بحر
قوله ( أي بزره ) أي البزر الذي يكون منه الدود قهستاني
وهو بالزاي
قال في المصباح بذرت الحب بذرا أي بالذال المعجمة من باب قتل إذا ألقيته في الأرض للزراعة
والبذر المبذور
قال بعضهم البذر في الحبوب كالحنطة والشعير والبزر أي بالزاي في الرياحين والبقول وهذا هو المشهور في الاستعمال
ونقل عن الخليل كل حب يبذر فهو بذر وبزر ثم قال في اجتماع الباء مع الزاي البزر من البقل ونحوه بالكسر والفتح لغة وقولهم لبيض الدود بزر القز مجاز على التشبيه ببزر البقل لصغره
قوله ( وهو بزر الفيلق ) هو المسمى الآن بالشرانق
قوله ( المحرز ) قال في البحر وهو معنى ما في الذخيرة إذا كان مجموعا لأنه حيوان منتفع به حقيقة وشرعا فيجوز بيعه وإن كان لا يؤكل كالبغل والحمار
قوله ( وهذا ) أي ما ذكره المصنف من جواز بيع الثلاث وأما اقتصار صاحب الكنز على جواز الأولين دون النخل فلعل وجهه كما أفاده الخير الرملي أن إحرازه متعسر فترجح عنده قولهما
ولذا قال بعضهم يجوز بيعه ليلا لا نهارا لتفرقه حال النهار في المراعي
وأما اعتذار البحر عنه بأنه لعله لم يطلع على أن الفتوى على قول محمد فهو بعيد
قوله ( بيع العلق ) في المصباح العلق شيء أسود شبيه الدود يكون في الماء يعلق بأفواه الإبل عند الشرب
قوله ( وبه يفتى للحاجة ) في البحر عن الذخيرة إذا اشترى العلق الذي يقال له بالفارسية مرعل يجوز وبه أخذ الصدر الشهيد لحاجة الناس إليه لتمول الناس له ا هـ
أقول العلق في زماننا يحتاج إليه للتداوي بمصه الدم وحيث كان متمولا لمجرد ذلك دل على جواز بيع دودة القرمز فإن تمولها الآن أعظم إذ هي من أعز الأموال ويباع منها في كل سنة قناطير بثمن عظيم ولعلها هي المرادة بالعلق في عبارة الذخيرة بقرينة التعليل فتكون مستثناة من بيع الميتة كما قدمناه ويؤيده أن الاحتياج إليه للتداوي لا يقتضي جواز بيعه كما في لبن المرأة وكالاحتياج إلى الخرز بشعر الخنزير فإنه لا يسوغ بيعه كما يأتي فعلم أن المراد به علق خاص متمول عند الناس وذلك متحقق في دود القرمز وهو أولى من دود القز وبيضه فإنه ينتفع به في الحال دود القز في المآل والله سبحانه أعلم
قوله ( من الهوام ) جمع هامة مثل دابة ودواب وهي ماله سم يقتل كالحية
قاله الأزهري
وقد يطلق على ما يؤذي ولا يقتل كالحشرات مصباح والمراد هنا ما يشمل المؤذي وغيره مما لا ينتفع به بقرينة ما بعده
قوله ( فلا يجوز ) بيعها باطل ذكره قاضيخان ط
قوله ( كحيات ) في الحاوي الزاهدي يجوز بيع الحيات إذا كان ينتفع منها للأدوية وما جاز الانتفاع بجلده أو عظمه أي من حيوانات البحر أو غيرها
قال في الحاوي ولا يجوز بيع الهوام كالحية والفأرة والوزغة والضب والسلحفاة والقنفذ وكل ما لا ينتفع به ولا بجلده وبيع غير السمك من دواب البحر إن كان له ثمن كالسقنقور وجلود الخز ونحوها يجوز وإلا فلا كالضفدع والسرطان وذكر قبله
ويبطل بيع الأسد والذئب وسائر الهوام والحشرات ولا يضمن متلفها
ويجوز بيع البازي والشاهين والصقر وأمثالها والهرة ويضمن متلفها لا بيع الحدأة والرخمة وأمثالهما ويجوز بيع ريشها ا هـ
لكن في الخانية
____________________
(5/68)
بيع الكلب المعلم عندنا جائز وكذا السنور وسباع الوحش والطير جائز معلما أو غير معلم وبيع الفيل حائز
وفي القرد روايتان عن أبي حنيفة ا هـ
ونقل السائحاني عن الهندية ويجوز بيع سائر الحيوانات سوى الخنزير وهو المختار ا هـ
وعليه مشى في الهداية وغيرها من باب المتفرقات كما سيأتي
قوله ( والحاصل الخ ) ويرد عليه شعر الخنزير فإنه يحل الانتفاع به ولا يجوز بيعه كما يأتي
وقد يجاب بأن حل الانتفاع به للضرورة والكلام عند عدمها
قوله ( وعتمده المصنف ) حيث قال وهو ظاهر فليكن المعول عليه
قوله ( وهو بينهما أنصافا ) الضمير عائد إلى القز الخارج من البيض
والظاهر أن اشتراط كونه بينهما أنصافا إذا كان البيض منهما كذلك فلو كان ثلثه من واحد والثلثان من آخر يكون القز بينهما أثلاثا اعتبارا بأصل الملك كما لو زرعا أرضا ببذر منهما فالخارج على قدر البذر وإن شرطا خلافه
قوله ( بالعلف مناصفة ) متعلق بدفع أي ذفع له ذلك ليكون الخارج من البزر والبقرة والدجاج بينهما مناصفة بشرط أن يعلف ذلك من ورق التوت ونحوه
قوله ( فالخارج كله للمالك ) أي الخارج وهو القز واللبن والسمن والبيض كله للمالك فإن استهلكه العامل ضمنه
قوله ( وعليه قيمة العلف ) أي إن كان مملوكا
قوله ( وأجر مثل العامل ) الظاهر أن له الأجر بالغا ما بلغ لجهالة التسمية وانظر ما كتبناه في إجارات تنقيح الحامدية
قوله ( ومثله دفع البيض ) قال في النهر والمتعارف في أرياف مصر دفع البيض ليكون الخارج منه بالنصف مثلا وهو على وزان دفع القز بالنصف فالخارج كله لصاحب البيض وللعامل أجر مثله ا هـ
قلت ويتعارف الآن دفع المهر أو العجل أو الجحش ليربيه بنصفه فيبقى على ملك الدافع وللعامل أجر مثله وقيمة علفه
والحيلة فيه أن يبيعه نصف المهر بثمن يسير فيصير مشتركا بينهما
ويتعارف أيضا ما سيذكره المصنف في كتاب المساقاة وهو دفع الأرض مدة معلومة ليغرسها وتكون الأرض والشجر بينهما فإنه لا يصح والثمر والغرس لرب الأرض تبعا لأرضه وللآخر قيمة غرسه يوم غرسه وأجر مثل عمله ا هـ
قوله ( والآبق ) أي المطلق وهو الذي أبق من يد مالكه ولم يزعم المشتري أنه عنده فهذا بيعه فاسد أو باطل على الخلاف الذي حكاه المصنف بعد أما لو أبق من يد غاصبه وباعه المالك منه أو من يد مالكه وباعه ممن يزعم أنه عنده فبيعه صحيح كما يأتي
وأما لو باعه ممن يزعم أنه عند غيره
ففي النهر أن بيعه فاسد اتفاقا وعلله في الفتح بأن تسليمه فعل غيره وهو لا يقدر على فعل غيره فلا يجوز وفي النهر أيضا خرج بالآبق المرسل في حاجة المولى فإنه يجوز بيعه لأنه مقدور التسليم وقت العقد حكما إذ الظاهر عوده
قوله ( ولو وهبه لهما صح ) والفرق أن شرط البيع القدرة على التسليم عقب البيع وهو منتف وما بقي له من اليد يصلح لقبض الهبة لا لقبض البيع لأنه قبض بإزاء مال مقبوض من مال الابن
____________________
(5/69)
وهذا قبض ليس بإزائه مال من الولد فكفت تلك اليد له نظرا للصغير لأنه لو عاد إلى ملك الصغير هكذا في الفتح والتبيين بحر
وفي عن الذخيرة تقييد صحة الهبة بما دام العبد في دار الإسلام
قوله ( وما في الأشباه تحريف نهر ) اعترض من وجهين الأول أن ما في الأشباه موافق لما هنا وهذا نصه بيع الآبق لا يجوز إلا لمن يزعم أنه عنده ولو لولده الصغير كما في الخانية
الثاني أنه في النهر لم يتعرض للأشباه بل حكم بالتحريف على ما في بعض نسخ الخانية المنقول في البحر وهو جواز بيع الآبق لطفله لا هبته له والمعول عليه النسخة الأخرى
قلت الذي رأيته في الأشباه ولولد بدون لو وعليها كتب الحموي واعترضها بما مر عن الفتحو التبيين ولما كان ما في الأشباه معزيا إلى الخانية ورد عليها ما ورد على الخانية فساغ ذكرها بدل الخانية لأنها أكثر تداولا في أيدي الطلبة من الخانية فافهم
ثم اعلم أن في عبارة البحر هنا تناقضا فإنه ذكر نسخة الخانية المحرفة وقال إنه عكس ما ذكره الشارحون
ثم قال إن الحق ما ذكره قاضيخان لما في المعراج لو باعه لطفله لا يجوز ولو وهبه له جاز الخ
والصواب أن يقول والحق خلاف ما ذكره قاضيخان فتنبه
قوله ( إلا ممن يزعم أنه عنده ) مفاده أن النظر لزعم المشتري أن الآبق عنده لأنه يزعم أن التسليم حاصل فانتفى المانع وهو عدم قدرة البائع على التسليم عقب البيع
قوله ( عنده ) شامل لما إذا كان في منزله أو كان يقدر على أخذه ممن هو عنده فإن كان لا يقدر على الأخذ إلا بخصومة عند الحاكم لم يجز بيعه كما في السراج
نهر وهذا مخالف لما قدمناه عن النهر من أنه لو باعه ممن يزعم أنه عند غيره فهو فاسد اتفاقا
وأجاب ط بحمل ما تقدم على ما إذا لم يقدر على أخذه إلا بخصومة ا هـ
قلت راجعت عبارة السراج فلم أر فيها قوله ممن هو عنده ومثله في الجوهرة وحينئذ فقوله أو كان يقدر على أخذه أي في حال إباقه قبل أن يأخذه أحد أما إذا أخذه أحد فلا يجوز لما علمته من تعليل الفتح السابق وقد صور المسألة في الفتح بما إذا كان ذلك الآخذ له معترفا بأخذه فافهم قوله ( وهل يصير قابضا الخ ) أي لو اشتراه من زعم أنه عنده هل يصير قابضا في الحال حتى لو رجع فوجده هلك بعد وقت البيع يتم القبض والبيع أم لا
قوله ( إن قبضه ) أي قبض الآبق حين وجده لنفسه لا ليرده على سيده وهذا يغني عنه قوله أو قبضه ولم يشهد أي على أنه قبضه لسيده
قوله ( نعم ) أي يصير قابضا لأن قبضه هذا قبض غصب وهو قبض ضمان كقبض البيع كما في الفتح
قوله ( وأن أشهد لا الخ ) أي لا يصير قابضا لأن قبضه هذا قبض أمانة حتى لو هلك قبل أن يصل إلى سيده لا يضمنه
فتح
قوله ( فلا ينوب عن قبض الضمان ) أي عن قبض البيع فإنه مضمون بالثمن
قال في الفتح فإن هلك قبل أن يرجع إليه انفسخ البيع ورجع بالثمن ا هـ
وأشار بهذا إلى ما في البحر عن الذخيرة إذا اشترى ما هو أمانة في يده من وديعة أو عارية لا يكون قابضا إلا إذا ذهب إلى العين إلى مكان يتمكن من قبضها
____________________
(5/70)
فيصير الآن قابضا بالتخلية فإذا هلك بعده هلك من ماله وليس للبائع حبس العين بالثمن لأنه صار راضيا بقبض المشتري دلالة ا هـ ملخصا
قوله ( وإلا إذا أبق الخ ) عطف على قوله إلا ممن يزعم أن عنده
قوله ذخيرة قال فيها والأصل أن الإباق إنما يمنع جواز البيع إذا كان التسليم محتاجا إليه بأن أبق من يد المالك ثم باعه المالك فأما إذا لم يكن محتاجا إليه كما في مسألتنا يجوز البيع ا هـ
قوله ( يتم البيع ) هو رواية عن أبي حنيفة ومحمد لقيام الملك والمالية في الآبق ولذا صح عتقه وبه أخذ الكرخي وجماعة من المشايخ حتى أجبر البائع على تسليمه لأن صحة البيع كانت موقوفة على القدرة على التسليم وقد وجدت قبل الفسخ بخلاف ما إذا رجع بعد أن فسخ القاضي البيع أو تخاصما فلا يعود صحيحا اتفاقا
فتح
قوله ( على القول بفساده ) قال في الفتح والحق أن الاختلاف فيه بناء على الإختلاف في أنه باطل أو فاسد وأنك علمت أن ارتفاع المفسد في الفاسد يرده صحيحا لأن البيع قائم مع الفساد ومع البطلان لم يكن قائما بصفة البطلان بل معدوما فوجه البطلان عدم قدرة التسليم ووجه الفساد قيام المالية والملك
قوله ( ورجحه الكمال ) حيث قال والوجه عندي أن عدم القدرة على التسليم مفسد لا مبطل وأطال في تحقيقه
قوله ( وهو الأظهر من الرواية ) قال في البحر وأولوا تلك الرواية بأن المراد منها انعقاد البيع بالتعاطي الآن ا هـ
قلت وهذا ينافي ما تقدم أول البيوع من أن البيع لا ينعقد بعد بيع باطل أو فاسد إلا بعد متاركة الأول
قوله ( وبه كان يفتي البلخي ) الذي في الفتح وهو مختار مشايخ بلخ والثلجي وبالثاء والجيم ط
قلت والأول هو أبو مطيع البلخي من أصحاب أبي حنيفة توفي سنة 197 والثاني هو محمد بن شجاع الثلجي من أصحاب الحسن بن زياد توفي وهو ساجد سنة 236
قوله ( ولو في وعاء ) أتى بلو إشارة إلى أنه غير قيد وما في البحر من أن الأولى تقييده بذلك لأن حكم اللبن في الضرع تقدم دفعه في النهر بأن الضرع خاص بذوات الأربع كالثدي للمرأة فالأولى عدم التقيد ليعم ما قبل الانفصال وما بعده
قوله ( على الأظهر ) أي ظاهر الرواية
وعن أبي يوسف جواز بيع لبن الأمة لجواز إيراد البيع على نفسها فكذا على جزئها
قلنا الرق حل نفسها فأما اللبن فلا رق فيه لأنه يختص بمحل تتحقق فيه القوة هي ضده وهو الحي ولا حياة في اللبن فلا يكون محلا للعتق ولا للرق فكذا البيع وأشار إلى أنه لا يضمن متلفه لكونه ليس بمال وإلى أنه لا يحل التداوي به في العين الرمداء
وفيه قولان قيل بالمنع وقيل بالجواز إذا علم فيه الشفاء كما في الفتح هنا
مطلب في التداوي بلبن البنت للرمد قولان وقال في موضع آخر إن الطب يثبتون نفعا للبن البنت للعين وهي من أفراد مسألة الانتفاع بالمحرم للتداوي كالخمر واختار في النهاية والخانية الجواز إذا علم فيه الشفاء ولم يجد دواء غيره
بحر
وسيأتي إن شاء الله تعالى تمامه في متفرقات البيوع وكذا في الحظر والإباحة
قوله ( لنجاسة عينه ) أي عين الخنزير أي بجميع أجزائه
____________________
(5/71)
وأورد في الفتح
على هذا التعليل بين السرقين فإنه جائز للانتفاع به مع أنه نجس العين ا هـ
قال في النهر بل الصحيح عن الإمام أن الانتفاع بالعذرة الخالصة جائز كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الكراهية ا هـ أي مع أنه لا يجوز بيعها خالصة كما مر
قوله ( فيبطل بيعه ) نقله في الشرنبلالية أيضا عن البرهان وفيه تورك على المصنف حيث عده في الفاسد لكن قد يقال إنه مال في الجملة حتى قال محمد بطهارته لضرورة الخرز به للنعال والأخفاف
تأمل
قوله ( لضرورة الخرز ) فإن في مبدأ شعره صلابة قدر أصبع وبعده لين يصلح لوصل الخيط به
قهستاني ط
قوله ( وكره البيع ) لأنه لا حاجة إليه للبائع
زيلعي
وظاهره أن البيع صحيح
وفيه أن جواز إقدام المشتري على الشراء للضرورة لا يفيد صحة البيع كما لو اضطر إلى دفع الرشوة لإحياء حقه جاز له الدفع وحرم على القابض وكذا لو اضطر إلى شراء ماله من غاصب متغلب لا يفيد ذلك صحة البيع حتى لا يملك البائع الثمن
فتأمل
قوله فلا يطيب ثمنه مقتضى ما بحثناه أنه لا يملكه
قوله ( على الصحيح ) أي عند أبي يوسف لأن حكم الضرورة لا يتعداها وهي في الخرز فتكون بالنسبة إليه فقط كذلك وما ذكر في بعض المواضع من جواز صلاة الخرازين مع شعر الخنزير وإن كان أكثر من قدر الدرهم ينبغي أن يخرج على القول بطهارته في حقهم
أما على قول أبي يوسف فلا وهو الوجه فإن الضرورة لم تدعهم إلى أن يعلق بهم بحيث لا يقدرون على الامتناع منه ويجتمع في ثيابهم هذا المقدار
فتح
قوله ( خلافا لمحمد ) راجع إلى قوله ويفسد الماء أي فإنه لا يفسد عنده
قال الزيلعي لأن إطلاق الانتفاع به دليل طهارته ا هـ
وهذا يفيد تقييد حل الانتفاع به بالضرورة ويفيد جواز بيعه ولذا قال في النهر وينبغي أن يطيب للبائع الثمن على قول محمد
قوله ( قيل هذا ) أي الخلاف المذكور في نجاسته وطهارته وأشار بقيل إلى ضعفه إذ المنتوف يفسد الماء ولو من غير الخنزير لاتصال اللحم النجس بمحل النتف منه ولو قيل إن الخلاف في المجزوز أما المنتوف فغير طاهر لكان له وجه
قوله ( وعن أبي يوسف الخ ) مقابل قول المتن وجاز الانتفاع به قال الزيلعي والأول هو الظاهر لأن الضرورة تبيح لحمه فالشعر أولى ا هـ
قوله ( لأنه نجس ) فيه أن النجاسة لا تنافي حل الانتفاع عند الضرورة كما علمت لكن علل الزيلعي للكراهة بأن الخرز يتأتى بغيره ومثله في الفتح وحيث تأتي بغيره فلا ضرورة فلا يحل الانتفاع بالنجس
قال في الفتح إلا أن يقال ذلك فرد تحمل مشقة في خاصة نفسه فلا يجوز أن يلزم العموم حرجا مثله ا هـ
وحاصله أن تأتي الخرز بغيره من شخص حمل نفسه مشقة في ذلك لا تزول به ضرورة الاحتياج إليه من عامة الناس
____________________
(5/72)
قوله ( ولعل هذا ) أي حل الانتفاع به لضرورة الخرز
قوله ( أما في زماننا فلا حاجة إليه ) للاستغناء عنه بالمخارز والإبر
قال في البحر ظاهر كلامهم منع الانتفاع به عند عدم الضرورة بأن أمكن الخرز بغيره ط
قوله ( وجلد ميتة ) قيد بها لأنها لو كانت مذبوحة فباع لحمها أو جلدها جاز لأنه يطهر بالذكاة إلا الخنزير
خانية
قوله ( ولو بالعرض الخ ) أي أن بيعه فاسد لو بيع بالعرض
وذكر في شرح المجمع قولين في فساد البيع وبطلانه
قلت وما ذكره الشارح من التفصيل يصلح توفيقا بين القولين لكنه يتوقف على ثبوت كونه مالا في الجملة كالخمر والميتة لا بحتف أنفها مع أن الزيلعي علل عدم جواز بيعه بأن نجاسته من الرطوبة المتصلة به بأصل الخلقة فصار حكم الميتة
زاد في الفتح فيكون نجس العين بخلاف الثوب أو الدهن المتنجس حيث جاز بيعه لعروض نجاسته وهذا يفيد بطلان بيعه مطلقا ولذا ذكر في الشرنبلالية عن البرهان أن الأظهر البطلان
تأمل
قوله ( اعتمادا على ما سبق ) أي في قول المصنف تبعا للدرر وبطل بيع مال غير متقوم كخمر وخنزير وميتة تمت حتف أنفها بالثمن
قوله ( إلا جلد إنسان الخ ) فلا يباع وإن دبغ لكرامته وفي الباقي لإهانته ولعدم عمل الدباغة فيه كما مر في محله
قوله ( وينتفع به ) أي بالجلد بعد دبغه
قوله ( ولو جلد مأكول على الصحيح ) وقال بعضهم يجوز أكله لأنه طاهر كجلد الشاة المذكاة أما جلد غير المأكول كالحمار لا يجوز أكله إجماعا لأن الدبغ فيه ليس بأقوى من الذكاة وذكاته لا تبيحه فكذا دبغه
أفاده المصنف ط
قوله ( ونجيز بيع الدهن المتنجس ) عبارة المجمع النجس لكن مراده المتنجس أي ما عرضت له النجاسة وأشار بالفعل المضارع المسند لضمير الجماعة إلى خلاف الشافعي كما هو اصطلاحه
قوله ( في غير الأكل ) كالاستصباح والدباغة وغيرهما
ابن مالك
وقيدوا الاستصباح بغير المسجد
قوله ( بخلاف الودك ) أي دهن الميتة لأنه جزؤها فلا يكون مالا
ابن ملك أي فلا يجوز بيعه اتفاقا وكذا الانتفاع به لحديث البخاري إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام قيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس قال لا هو حرام الحديث
قوله ( كعصبها وصوفها ) أدخلت الكاف عظمها وشعرها وريشها ومنقارها وظلفها ومنقارها وحافرها فإن هذه الأشياء طاهرة لا تحلها الحياة فلا يحلها الموت ويجوز بيع عظم الفيل والانتفاع به في الحمل والركوب والمقاتلة
منح ملخصا ط
قوله ( وفسد شراء ما باع الخ ) أي لو باع شيئا وقبضه المشتري ولم يقبض البائع الثمن فاشتراه بأقل من الثمن الأول لا يجوز
زيلعي أي سواء كان الثمن الأول حالا أو مؤجلا
هداية
وقيد بقوله وقبضه لأن بيع المنقول قبل قبضه لا يجوز ولو من بائعه كما سيأتي في بابه والمقصود بيان الفساد بالشراء بالأقل من الثمن الأول
قال في البحر
____________________
(5/73)
وشمل شراء الكل أو البعض
قوله ( بنفسه أو بوكيله ) تنازع فيه كل من شراء وباع
قال في البحر وأطلق فيما باع فشمل ما باعه بنفسه أو وكيله وما باعه شيئا أصالة بنفسه أو وكيله أو وكالة عن غيره ليس له شراؤه بالأقل لا لنفسه ولا لغيره لأن بيع وكيله بإذنه كبيعه بنفسه
والوكيل بالبيع أصيل في حق الحقوق فلا يصح شراؤه لنفسه لأنه شراء البائع من وجه ولا لغيره لأن الشراء واقع له من حيث الحقوق فكان هذا شراء ما باع لنفسه من وجه كذا يفاد من الزيلعي أيضا
قوله ( من الذي اشتراه ) متعلق بشراء وخرج به ما لو باعه المشتري لرجل أو وهبه له أو أوصى له به ثم اشتراه البائع الأول من ذلك الرجل فإنه يجوز لأن اختلاف سبب الملك كاختلاف العين
زيلعي
ولو خرج عن ملك المشتري ثم عاد إليه بحكم ملك جديد كإقالة أو شراء أو وهبة أو إرث فشراء البائع منه بالأقل جائز لا إن عاد إليه بما هو فسخ بخيار رؤية أو شرط قبل القبض أو بعده
بحر عن السراج
قوله ( ولو حكما ) تعميم لقوله من الذي اشتراه
قوله ( كوارثه ) أي وارث المشتري أي فلو اشترى من وارث مشتريه بأقل مما اشترى به الموروث لم يجز لقيام الوارث مقام المورث بخلاف ما إذا اشترى وارث البائع بأقل مما باع به مورثه فإنه يجوز إن كان ممن تجوز شهادته له والفرق أن وارث البائع إنما يقوم مقامه فيما يورث وهذا مما لا يورث ووارث المشتري قام مقامه في ملك العين
أفاده في البحر
قوله ( بالأقل من قدر الثمن ) الأول وكالقدر الوصف كما لو باع بألف إلى سنة فاشتراه به إلى سنتين
بحر قوله ( قبل نقد كل الثمن الأول ) قيد به لأن بعده لا فساد ولا يجوز قبل النقد وإن بقي درهم
وفي القنية لو قبض نصف الثمن ثم اشترى النصف بأقل من نصف الثمن لم يجز
بحر
قلت وبه يظهر أن إدخال الشارح لفظة كل لا محل له لأنه يفهم أن قبل نقد البعض لا يفسد وهو خلاف الواقع
والحاصل أن نقد كل الثمن شرط لصحة الشراء لا لفساده لأنه يفسد قبل نقد الكل أو البعض فتأمل
قوله ( وإن رخص السعر ) لأن تغير السعر غير معتبر في حق الأحكام مما في حق الغاصب وغيره فعاد إليه المبيع كما خرج عن ملكه فيظهر الربح
زيلعي
قوله ( للربا ) علة لقوله لم يجز أي لأن الثمن لم يدخل في ضمان البائع قبل قبضه فإذا عاد إليه عين ماله بالصفة التي خرج عن ملكه وصار بعض الثمن قصاصا ببعض بقي له عليه فضل بلا عوض فكان ذلك ربح ما لم يضمن وهو حرام بالنص
زيلعي
قوله ( كابنه وأبيه ) وكعبده ومكاتبه لأن شراء هؤلاء كشراء البائع بنفسه لاتصال منافع المال بينهم وهو نظير الوكيل في البيع إذا عقد مع هؤلاء
زيلعي أي نظير ما لو باع الوكيل من ابنه نحوه
ثم لا يخفى أن المراد شراء هؤلاء بالأقل لأنفسهم أما لو اشتروا بالوكالة عن البائع لا يجوز ولو كانوا أجانب عنه كما مر في قول المصنف أو بوكيله
قوله ( في غير عبده ومكاتبه ) فشراؤهما متفق على عدم جوازه
قال الزيلعي لأن كسب العبد لسيده وله في كسب مكاتبه حق الملك فكان تصرفه كتصرفه
قوله ( جاز مطلقا ) أي سواء كان الثمن الثاني أقل من الأول أو لا لأن الربح لا يظهر عند اختلاف الجنس ا هـ منح
ولأن المبيع لو انتقص يكون النقصان من الثمن في مقابلة ما نقص من العين سواء كان النقصان
____________________
(5/74)
من الثمن بقدر ما نقص منها أو بأكثر منه
بحر عن الفتح
قوله ( كما لو شراه الخ ) تشبيه في الجواز مع قطع النظر عن قوله مطلقا
قوله ( بأزيد أو بعد النقد ) ومثل الأزيد المساوي كما في الزيلعي وهذا قول المصنف بالأقل قبل نقد الثمن
الدراهم والدنانير جنس واحد في مسائل قوله ( والدراهم والدنانير جنس واحد ) حتى لو كان العقد الأول بالدراهم فاشتراه بالدنانير وقيمتها أقل من الثمن الأول لم يجز استحسانا لأنهما جنسان صورة وجنس واحد معنى لأن المقصود بهما واحد وهو الثمينة فبالنظر إلى الأول يصح وبالنظر إلى الثاني لا يصح فغلبنا المحرم على المبيح
زيلعي ملخصا
قوله ( في ثمان مسائل ) الذي في المنح عن العمادية أن المسائل سبع غير الأربعة المزيدة ا هـ ح
وزاد الشارح مسألة المضاربة ابتداء
قوله ( منها هنا ) من اسم بمعنى بعض مبتدأ مضاف إلى الضمير وهنا اسم مكان مجازي مبني على السكون لتضمنه معنى الإشارة في محل نصب بمحذوف خبر المبتدأ لا يصح جعل منها خبرا عن هنا لأنه لتضمنه معنى غير مستقل لا يصح الابتداء به ولو قال منها ما هنا لكان أولى ا هـ ح
قلت ما ذكره من عدم صحة الابتداء بهنا صحيح لكن علته أنه من الظروف التي لا تتصرف كما في المغني لا ما ذكره وإلا لزم لا يصح الابتداء بأسماء الإشارة كلها فافهم
قوله ( وفي قضاء دين ) صورته عليه دين دراهم وقد امتنع من القضاء فوقع من ماله في يد القاضي دنانير كان له أن يصرفها بالدراهم حتى يقضي غريمه ولا يفعل ذلك في غير الدنانير عند الإمام وعندهما غير الدنانير كذلك ط
قوله ( وشفعة ) صورته أخبر الشفيع أن المشتري اشترى الدار بألف درهم فسلم الشفيع الشفعة ثم تبين أنه قد اشتراها بدنانير قيمتها ألف درهم أو أكثر ليس له طلبها وسقطت بالتسليم الأول ط
قوله ( وإكراه ) كما لو أكره على بيع عبده بألف درهم فباعه بخمسين دينارا قيمتها ألف درهم كان البيع على حكم الإكراه لا لو باعه بكيلي أو وزني أو عرض والقيمة كذلك
قوله ( ومضاربة ابتداء وانتهاء وبقاء ) لم يذكر ذلك التقسيم في العمادية وإنما ذكر صورتين في المضاربة
إحداهما ما إذا كانت المضاربة دراهم فمات رب المال أو عزل المضارب عن المضاربة وفي يده دنانير لم يكن للمضارب أن يشتري بها شيئا ولكن يصرف الدنانير بالدراهم ولو كان ما في يده عروض أو مكيل أو موزون له أن يحوله إلى رأس المال ولو باع المتاع بالدنانير لم يكن له أن يشتري بها إلا الدراهم
ثانيهما لو كانت المضاربة دراهم في يد المضارب فاشترى متاعا بكيلي أو وزني لزمه ولو اشترى بالدنانير فهو على المضاربة استحسانا عندهما ا هـ ملخصا
فالصورة الأولى تصلح مثالا للانتهاء والثانية للبقاء لكن لم يظهر لي كون الأولى مما نحن فيه إذا لو كانت الدراهم والدنانير فيها جنسا واحدا ما كان يلزمه أن يصرف الدنانير بالدراهم
تأمل
ثم رأيت الشارح في باب المضاربة جعلهما جنسين في هذه المسألة وهذا عين ما فهمته ولله تعالى الحمد
____________________
(5/75)
أما مسألة المضاربة ابتداء فقد زادها الشارح
وقال ط صورته عقد معه المضاربة على ألف دينار وبين الربح فدفع له دراهم قيمتها من الذهب تلك الدنانير صحت المضاربة والربح على ما شرطا أو لا كذا ظهر لي
قوله ( وامتناع مرابحة ) صورته اشترى ثوبا بعشرة دراهم وباعه مرابحة باثني عشر درهما ثم اشتراه أيضا بدنانير لا يبيعه مرابحة لأنه يحتاج إلى أن يحط من الدنانير ربحه وهو درهمان في قول الإمام ولا يدرك ذلك إلا بالحزر والظن ولو اشتراه بغير ذلك من الكيلي أو الوزني أو العروض باعه مرابحة على الثمن الثاني ا هـ
قوله ولا يدرك الخ أي لأنه يحتاج إلى تقويم الدنانير بالدراهم وهو مجرد ظن ومبنى المرابحة كالتولية والوضيعة على اليقين بما قام عليه لتنتفي شبهة ا هـ ح
قوله ( ويزاد زكاة ) فإنه يضم أحد الجنسين إلى الآخر ويكمل به النصاب ويخرج زكاة أحد الجنسين من الآخر ط
قوله ( وشركات ) أي إذا كان مال أحدهما دراهم ومال الآخر دنانير فإنها تنعقد شركة العنان بينهما ط
قوله ( وقيم المتلفات ) يعني أن المقوم إن شاء قوم بدراهم وإن شاء قوم بدنانير ولا يتعين أحد الجنسين ط
قوله ( وأروش جنايات ) كالموضحة يجب فيها نصف عشر الدية وفي الهاشمة العشر وفي المنقلة عشر ونصف عشر وفي الجائفة ثلث الدية
والدية إما ألف دينار وعشرة آلاف درهم من الورق فيجوز التقدير في هذه الأشياء من أي الجنسين ط
قوله ( وفي الخلاصة ) الخ لا محل لهذه الجملة هنا وستأتي بعينها في محلها وهو فصل التصرف في المبيع والثمن عقب باب المرابحة ح
قوله ( كل عوض الخ ) كالمنقول إذا اشتراه لا يجوز له التصرف فيه قبل قبضه بالبيع بخلاف ما إذا أعتقه أو دبره أو وهبه أو تصدق به أو أقرضه من غير بائعه فإنه يصح على ما سيأتي
وقوله ( ينفسخ ) أي العقد بهلاكه أي هلاك العوض والجملة صفة عقد
قال ط أخرج به الثمن فإنه يجوز التصرف فيه بهبة أو بيع أو غيرهما قبل قبضه سواء تعين بالتعيين كمكيل أو لا كنقود لأن العقد لا ينفسخ بهلاكه لأن الأصل وهو المبيع موجود
ويأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى في محله
قوله ( وصح البيع فيما ضم إليه ) أي إلى شراء ما باعه بأقل قبل نقد الثمن منح
قوله ( ثم اشتراه مع شيء آخر بعشرة ) وكذا لو اشتراهما بخمسة عشر كما في النهر والفتح
ويظهر منه أنه لو اشتراهما بخمسة مثلا أي بأقل من الثمن الأول فهو كذلك بالأولى فافهم
قوله ( لأنه طارىء ) لأنه يظهر بانقسام الثمن أو المقاصة فلا يسري
زيلعي
قوله ( ولمكان الاجتهاد ) أي فكان الفساد
____________________
(5/76)
فيما بيع أو لا ضعيفا لاختلاف العلماء فيه فلا يسري كما إذا اشترى عبدين فإذا أحدهما مدبر لا يفسد في الآخر لذلك بخلاف الجمع بين حر وعبد وتمامه في الفتح
لأنه إنما منع في الأول باعتبار شبهة الربا فلو اعتبرت في المضموم لكان اعتبار الشبهة الشبهة وهي غير معتبرة
درر
قوله ( لأن مقتضي العقد الخ ) أي وهذا الشرط ليس مقتضي العقد فيفسد به لأن فيه نفعا لأحد العاقدين لأنه قد يكون أكثر مما شرط أو أقل قال ط والحيلة في جوازه أن لا يعقد العقد إلا بعد وزنه تحريا للصحة فيقول بعد الوزن بعتك ما في هذا الظرف بكذا ويقول الآخر قبلت فيكون هذا من بيع الجزاف وهو صحيح
حموي عن شرح ابن الشلبي
قوله ( فإنه يجوز ) فلو باع المشتري السلعة قبل أن يزن الظرف عن أبي حنيفة لا يجوز بيع المشتري
وقال أبو يوسف يجوز
خانية
قوله ( كما لو عرف قدر وزنه ) ببناء عرف للمجهول أي لو عرفاه وشرطا طرح قدره فإنه مقتضى العقد فيجوز
قوله ( وقدره ) الواو بمعنى أو ط
قوله ( لأنه قابض أو منكر ) لف ونشر مرتب قال في البحر لأنه إن اعتبر اختلافا في تعيين الزق المقبوض فالقول للقابض ضمينا كان أو أمينا وإن اعتبر اختلافا في الزيت فهو في الحقيقة اختلاف في الثمن فيكون القول للمشتري لأنه ينكر الزيادة
وإذا برهن البائع قبلت بينته
وأورد عليه مسألتان إحداهما لو باع عبدين ومات أحدهما عند المشتري وجاء بالآخر يرده بعيب واختلفا في قيمة الميت فالقول للبائع
والثانية أن الاختلاف في الثمن يوجب التحالف
وأجيب عن الأول بأن القول فيه للبائع لإنكاره الزيادة أيضا وعن الثاني بأن التحالف عن خلاف القياس عند الاختلاف في الثمن قصدا وهنا الاختلاف فيه تبع لاختلافهما في الزق المقبوض أهو هذا أو لا فلا يوجب التحالف كذا في الفتح والزق بالكسر الظرف
مطلب في بيع الطريق قوله ( وصح بيع الطريق ) ذكر في الهداية أنه يحتمل بيع رقبة الطريق وبيع حق المرور وفي الثاني روايتان ا هـ
ولما ذكر المصنف الثاني فيما يأتي علم أن مراده هنا الأول
ثم في الدرر عن التتارخانية الطرق ثلاثة طريق إلى الطريق الأعظم
وطريق إلى سكة غير نافذة وطريق خاص في ملك إنسان فالأخير لا يدخل في البيع بلا ذكره أو ذكر الحقوق أو المرافق والأولان يدخلان بلا ذكر ا هـ ملخصا
وحاصله لو باع دارا مثلا دخل فيهما الأولان تبعا بلا ذكر بخلاف الثالث والظاهر أن المراد هنا هو الثالث وقد علمت أيضا أن المراد بيع رقبة الطريق لا حق المرور لأن الثاني يأتي في كلام المصنف فإذا كانت داره داخل دار رجل وكان له طريق في دار ذلك الرجل إلى داره فإما أن يكون له فيها حق المرور فقط وإما أن يكون له رقبة الطريق فإذا باع رقبة الطريق صح فإن حد فظاهر وإلا فله بقدر عرض باب الدار العظمى كما يأتي
والفرق بين هذا الطريق والطريق الثاني وهو ما يكون في سكة غير نافذة إن هذا ملك للبائع وحده ولذا سمي خاصا بخلاف الثاني فإنه مشترك بين جميع أهل السكة وفيه أيضا حق للعامة كما يأتي بيانه قريبا وقد اشتبه
____________________
(5/77)
ذلك على الشرنبلالي فراجعه يظهر لك ما فيه بعد فهمك ما قررناه والحمد لله
قوله ( وفي الشرنبلالية عن الخانية لا يصح ) نقل في الشرنبلالية عن الخانية الصحة عن مشايخ بلخ فما هنا بناء عليه ا هـ ح
قلت عبارة الشرنبلالية هكذا قوله وصح بيع الطريق يخالفه ما قال في الخانية ولا يجوز بيع مسيل الماءوهبته ولا بيع الطريق بدون الأرض وكذلك بيع الشرب
وقال مشايخ بلخ جائز ويخالفه أيضا قوله الآتي في رواية الزيادات ا هـ كلام الشرنبلالية والمتبادر من قول الخانية وقال مشايخ بلخ جائز أن خلافهم في بيع الشرب أي بدون أرض لا في جميع المسائل المذكورة بدليل فصله بقوله وكذلك الخ
وقد ذكر في الدرر خلافهم في مسألة الشرب فقط ولم أر من ذكر خلافهم في بيع المسيل والطريق فافهم
ثم اعلم أن ما ادعاه في الشرنبلالية من المخالفة غير مسلم لأن قول المصنف وصح بيع الطريق مراده به رقبة الطريق بدليل تعليل الدرر بأنه عين معلوم وبدليل ذكره بيع حق المرور بعده وإلا كان تكرارا وقد تابعه المصنف هنا
ومراد الخانية ببيع الطريق بيع حق المرور بدليل قوله بدون الأرض وقوله ويخالفه أيضا الخ غير مسلم حق المرور لا في بيع أيضا لأن رواية الزيادات إنما ذكرها في الدرر في بيع الطريق فمن أين المخالفة وما ذكره المصنف من جواز بيع الطريق وهبته مشى عليه في الملتقى أيضا بلا ذكر خلاف وكذا في الهداية وغيرها وإنما ذكروا اختلاف الرواية في بيع حق المرور كما يأتي
تنبيه باع رقبة الطريق على أنه له أي للبائع حق المرور أو السفل على أن له إقرار العلو جاز
فتح
قبيل قوله والبيع إلى النيروز
قوله ( ومن قسمة الوهبانية ) خبر مقدم والبيت مبتدأ مؤخر أي هذا البيت منقول منها ط
قوله ( وليس لهم الخ ) جملة قال الإمام معترضة بين بعض المقول وهو خبر ليس المقدم واسمها المؤخر والواو في ولم ينفذ للحال أي والحال أن الدرب ليس بنافذ
قال ابن الشحنة والمسألة من التتمة عن نوادر ابن رستم
قال أبو حنيفة في سكة غير نافذة ليس لأصحابها أن يبيعونها ولو اجتمعوا على ذلك ولا أن يقسموها فيما بينهم لأن الطريق الأعظم إذا كثر الناس فيه كان لهم أن يدخلوا هذه السكة حتى يخف هذا الزحام
قال الناطفي وقال شداد في دور بين خمسة باع أحدهم نصيبه من الطريق فالبيع جائز وليس للمشتري المرور فيه إلا أن يشتري دار البائع وإذا أرادوا أن ينصبوا على رأس سكنهم دربا ويسدوا رأس السكة ليس لهم ذلك لأنها وإن كانت ملكا لهم ظاهرا لكن للعامة فيها نوع حق ا هـ
ملخصا
ثم أفاد أن ما توهمه الناظم في شرحه من اختلاف الروايتين مدفوع فإن ما ذكره ابن رستم في بيع الكل وما ذكره في شداد في بيع البعض
والفرق أن الثاني لا يفضي إلى إبطال حق العامة بخلاف الأول
هذا وقد علمت ما قررنا سابقا أن ما في الوهبانية غير ما ذكره المصنف لأن مراد المصنف الطريق الخاص المملوك لواحد وهذا طريق مشترك في سكة مشتركة
قوله ( وفي معاياتها ) خبر مقدم والبيت مبتدأ مؤخر وجملة
____________________
(5/78)
وارتضاه الح معترضة والضمير للوهبانية وهي مفاعلة من عاياه إذا سأله عن شيء يظن عجزه عن جوابه من قولهم عيني عن جوابه إذا عجز وتمامه في ط عن ابن الشحنة
قال السائحاني والمعاياة عند الفرضيين كالألغاز عند الفقهاء والأحاجي عند أهل اللغة لأن ما يستخرج بالحزر يوقي الحجي أي العقل والألغاز جمع لغز بضم اللام وقيل بفتحها وبفتح الغين المعجمة
قوله ( وارتضاه في ألغاز الأشباه ) حقه أن يذكر عند البيت الأول فإن الذي في ألغاز الأشباه هكذا أي شركاء فيما يمكن قسمته إذا طلبوها لم يقسم نقل السكة الغير النافذة ليس لهم أن يقتسموها وإن أجمعوا على ذلك ا هـ
قوله ( ومالك أرض الخ ) هي الأرض المملوكة من السكة الغير النافذة فإنه لا يملك بيعها من غير شريكه
قال ولو باعها لبعض الشركاء هل يجوز فيه نظر ولم أقف على الجواب فيه ا هـ
قلت ظاهر قولهم أنه لا يجوز بيع الطريق يقتضي المنع مطلقا حالة الانفراد وإنما يجوز بالتبعية فيما إذا باع الدار وطريقها
قاله عبد البر بن الشحنة
قلت الذي تقدم في شداد جواز البيع ثم عدم الجواز إنما هو على ما في الخانية
وقال مشايخ بلخ بالجواز ط
قلت قدمنا الكلام على ما في الخانية فافهم
قوله ( وإن لم يبين الخ ) بيان لقوله أولا وكان الأولى تقديمه على قوله ( وهبته ) كما فعل في الدرر
قوله ( يقدر بعرض باب الدار العظمى ) عزاه في الدرر إلى النهاية ومثله في الفتح بزيادة قوله وطوله إلى السكة النافذة
ثم قال في الدرر وعلى التقديرين يكون عينا معلوما فيصح بيعه وهبته ا هـ
قلت والظاهر أن العظمى صفة لباب وأنثها لاكتساب الباب التأنيث بإضافته إلى الدار المؤنثة ومعناه أنه لو كان له دار في داخل جاره مثلا وطريق في دار الجار فباع الطريق وحده ولم يبين قدره كان للمشتري من دار الجار بعرض باب دار البائع فلو كان لها بابان الأول أعظم من الثاني كان له بقدر الباب الأعظم هذا ما ظهر لي وفي القهستاني وطريق الدار عرضه عرض الباب الذي هو مدخلها وطوله منه إلى الشارع ا هـ
وفي الفتح عند قوله ولو اشترى جارية إلا حملها الخ ولو قال بعتك الدار الخارجة على أن تجعل لي طريقا إلى داري هذه الداخلة فسد البيع ولو قال إلا طريقا إلى داري الداخلة جاز وطريقه بعرض باب الدار الخارجة ا هـ
فرع في الخانية باع نخلة في أرض صحراء بطريقها من الأرض ولم يبين موضع الطريق
قال أبو يوسف يجوز وله أن يذهب إلى النخلة من أي النواحي شاء ا هـ
فأفاد جواز بيع الطريق تبعا وإن لم يكن له ما يقدر به
تأمل
مطلب في بيع المسيل قوله ( لا بيع مسيل الماء ) هذا أيضا يحتمل بيع رقبة المسيل وبيع حق التسييل كما في الهداية ولكن لما قال المصنف بعده لا بيع حق التسييل علم أن مراده بيع رقبة المسيل
____________________
(5/79)
ووجه الفرق بينه وبين رقبة الطريق كما في الهداية أن الطريق معلوم لأن له طولا وعرضا معلوما كما مر
وأما المسيل فمجهول لأنه لا يدري قدر ما يشغله من الماء ا هـ
قال في الفتح ومن هنا عرف أن المراد ما إذا لم يبين مقدار الطريق والمسيل أما لو بين حد ما يسيل فيه الماء أو باع أرض المسيل من نهر أو غيره من غير اعتبار حق التسييل فهو جائز بعد أن يبين حدوده ا هـ
قوله ( تبعا للأرض ) يحتمل أن يكون المراد تبعا لأرض الطريق بأن باع الطريق وحق المرور فيه وأن يكون المراد ما إذا كان له حق المرور في أرض غيره إلى أرضه فباع أرضه مع حق مرورها الذي في أرض الغير والظاهر أن المراد الثاني لأن الأول ظاهر لا يحتاج إلى التنصيص عليه ولقولهم إنه لا يدخل إلا بذكره أو بذكر كل حق لها وهذا خاص بالثاني كما لا يخفى
قوله ( وبه أخذ عامة المشايخ ) قال السائحاني وهو الصحيح وعليه الفتوى مضمرات ا هـ
والفرق بينه وبين حق التعلي حيث لا يجوز هو أن حق المرور حق يتعلق برقبة الأرض وهي مال هو عين فيما يتعلق به له حكم العين
أما حق التعلي فمتعلق بالهواء وهو ليس بعين مال ا هـ فتح
قوله ( وفي أخرى لا ) قال في الدرر وفي رواية الزيادات لا يجوز وصححه الفقيه أبو الليث بأنه حق من الحقوق وبيع الحقوق بانفراده لا يجوز ا هـ
وهذه الرواية التي توهم في الشرنبلالية مخالفتها لقول المصنف والدرر وصح بيع الطريق ومقدمناه ما فيه
مطلب في بيع الشرب قوله ( وكذا بيع الشرب ) أي فإنه يجوز تبعا للأرض بالإجماع ووحده في رواية وهو اختيار مشايخ بلخ لأنه نصيب من الماء
درر
ومحل الاتفاق ما إذا كان شرب تلك الأرض فلو شرب غيرها ففيه اختلاف المشايخ كما في الفتح والنهر
قوله ( وظاهر الرواية فساده ) إلا تبعا وهو الصحيح كما في الفتح وظاهر كلامهم أنه باطل
قال في الخانية وينبغي أن يكون فاسدا لا باطلا لأن بيعه يجوز في رواية وبه أخذ بعض المشايخ وجرت العادة ببيعه في بعض البلدان فكان حكمه حكم الفاسد يملك بالقبض فإذا باعه بعده أي مع أرض له ينبغي أن يجوز ويؤيده ما في الأصل لو باعه بعبد وقبض العبد وأعتقه جاز عتقه ولو لم يكن الشرب محلا للبيع لما جاز عتقه كما لو اشترى بميتة أو دم فأعتقه لا يجوز ا هـ
وأما ضمانه بالإتلاف بأن يسقي أرضه بشرب غيره فهو إحدى الروايتين والفتوى على عدمه كما في الذخيرة وهو الأصح كما في الظهيرية
وتمامه في النهر
قوله ( وسنحققه في إحياء الموات ) حيث قال هو المصنف هناك ولا يباع الشرب ولا يوهب ولا يؤجر ولا يتصدق به لأنه ليس بمال متقوم في ظاهر الرواية وعليه الفتوى
ثم نقل عن شرح الوهبانية أن بعضهم جوز بيعه
ثم قال وينفذ الحكم بصحة بيعه ا هـ ط
قوله ( لا يصح بيع حق التسييل الخ ) أي باتفاق المشايخ
ووجه الفرق بينه وبين حق المرور على رواية جوازه أن حق المرور معلوم لتعلقه بمحل معلوم وهو الطريق أما التسييل فإن كان على السطح فهو نظير حق التعلي وبيع حق التعلي لا يجوز باتفاق الروايات ومر وجهه وهو ليس حقا متعلقا بما هو مال بل بالهواء وإن كان على الأرض وهو أن يسيل الماء عن أرضه كي لا يفسدها فيمره على أرض
____________________
(5/80)
لغيره فهو مجهول لجهالة محله الذي يأخذه وتمامه في الفتح
قوله ( لأنه حق التعلي ) أي نظيره
قوله ( بثمن مؤجل ) أي ثمن دين أما تأجيل المبيع والثمن العين فمفسد مطلقا كما سيذكره الشارح
قوله ( إلى النيروز ) أصله نوروز عرب
وقد تكلم به عمر رضي الله تعالى عنه فقال كل يوم لنا نوروز حين كان الكفار يبتهجون به
فتح
قوله ( في الحوت ) الذي في الحموي عن البرجندي الجدي ط
قلت وهذا أول فصل الشتاء وما ذكره الشارح مذكور في القهستاني
قوله ( فإذا لم يبينا الخ ) أي إذا لم يبين العاقدان واحدا من السبعة فسد أما إذا بيناه اعتبر معرفة وقته فإن عرف صح وإلا فسد وهو ما ذكره المصنف
قوله ( والمهرجان ) بكسر الميم وسكون الهاء
ط عن المفتاح وفي القهستاني أنه نوعان عامة وهو أول يوم من الخريف أعني اليوم السادس عشر من مهرماه
وخاصة وهو اليوم السادس والعشرون منه
قوله ( فاكتفى بذكر أحدهما ) ولكن إنما عبر المصنف بذلك كغيره لما قاله في السراج أيضا إن صوم النصارى غير معلوم وفطرهم معلوم واليهود بعكسه ا هـ
والحاصل أن المدار على العلم وعدمه كما أفاده المصنف بقوله إذا لم يدر المتعاقدان
قوله ( فلو عرفاه جاز ) أي عرفه كل منهما فلو عرفه أحدهما فلا
أفاده الرملي
قوله ( للعلم به ) قال في الهداية
لأن مدة صومهم بالأيام فهي معلومة فلا جهالة ا هـ
ومفاده أن صوم اليهود ليس كذلك
قال في الفتح والحاصل أن المفسد الجهالة فإذا انتفت بالعلم بخصوص هذه الأوقات جاز
قوله ( وهو خمسون يوما ) كذا في الدرر عن التمرتاشي وفي الفتح والنهر خمسة وخمسون يوما
وفي القهستاني صوم النصارى سبعة وثلاثون يوما في مدة ثمانية وأربعين يوما فإن ابتداء
____________________
(5/81)
صومهم يوم الاثنين الذي يكون قريبا من اجتماع النيرين الواقع ثاني شباط من آذار ولا يصومون يوم الأحد ولا يوم السبت إلا يوم السبت الثامن والأربعين ويكون فطرهم يعني يوم عيدهم يوم الأحد بعد ذلك
قوله ( والحصاد ) بفتح الحاء وكسرها ومثله القطاف والدياس
فتح
قوله ( والدياس ) هو دوس الحب بالقدم لينقشر وأصله الدواس بالواو لأنه من الدوس قلبت ياء للكسرة قبلها
فتح
قوله ( قوله لأنها ) أي المذكورات من قوله إلى قدوم وما بعده
قوله ( ولو باع الخ ) أفاد أن ما ذكر من الفساد بهذه الآجال إنما هو إذا ذكرت في أصل العقد بخلاف ما إذا ذكرت بعده كما لو ألحقا بعد العقد شرطا فاسدا ويأتي تصحيح أنه لا يلتحق
قوله ( شمني ) ومثله في الفتح
قوله ( صح التأجيل ) كذا جزم به في الهداية والملتقى وغيرهما وقدمنا تمام الكلام عليه أول البيوع عند قوله وصح بثمن حال ومؤجل إلى معلوم فراجعه
قوله ( ومتحملة في الدين ) راجع إلى قوله ولو باع مطلقا الخ يعني أن التأجيل بعد صحة العقد تأجيل دين من الديون فتتحمل فيه الجهالة اليسيرة بخلافه في صلب العقد لأن قبول هذه الآجال شرط فاسد والعقد يفسد به أفاده في الفتح
قوله ( والكفالة ) فإنها تتحمل جهالة الأصل كالكفالة بما ذاب لك على فلان والذوب غير معلوم الوجود فتحل جهالة الوصف وهو الأجل بالأولى وتمامه في الفتح
قوله ( لا الفاحشة ) كإلى هبوب الريح ونحوه كما يأتي
قال في النهر وهذا يشير إلى أن اليسيرة ما كانت في التقدم والتأخر والفاحشة ما كانت في الوجود كهبوب الريح كذا في العناية ا هـ
تنبيه في الزاهدي باعه بثمن نصفه نقد ونصفه إذا رجع من بلد كذا فهو فاسد
قوله ( أو أسقط المشتري الأجل ) وجه الصحة أو الفساد كان للتنازع وقد ارتفع قبل تقرره وأفاد أن له الحق يستبد بإسقاطه لأنه خالص حقه
وأما قول القدوري تراضيا على إسقاطه فهو قيد اتفاقي كما في الهداية
قوله ( قبل حلوله ) قيد به لأنه لو أسقطه بعد حلوله لا ينقلب جائزا
منح أي لو قال أبطلت التأجيل الذي شرطته في العقد لا يبطل ويبقى الفساد لتقرره بمضي الأجل وليس المراد إسقاط الأجل الماضي فافهم
قوله ( وقبل فسخه ) أي فسخ العقد أما لو فسخه للفساد ثم أسقط الأجل لا يعود العقد صحيحا لارتفاعه بالفسخ
قوله ( وقبل الافتراق ) هذا في الأجل المجهول جهالة متفاحشة كما يأتي فلا محل لذكره هنا ولذا اعترضه الرملي بأن إطباق المتون على عدم ذكره في عدم اشتراطه
وقول الزيلعي لو أسقط المشتري الأجل قبل أخذ الناس في الحصاد والدياس وقبل قدوم الحاج جاز البيع صريح بانقلابه جائزا ولو بعد أيام ولو شرطنا قبل الافتراق لما صح قوله قبل أخذ الناس الخ وإذا تتبعت كلامهم جميعا وجدته كذلك ا هـ
ملخصا
قوله ( قوله ابن كمال وابن مالك ) أقول عزاه ابن كمال إلى شرح الطحاوي وعزاه ابن ملك إلى الحقائق عن شرح الطحاوي وهو غير صحيح فإن الذي رأيته في الحقائق وهو شرح المنظومة النسفية في باب ما اختص به زفر هكذا اعلم أن البيع بأجل مجهول لا يجوز إجماعا سواء كانت الجهالة متقاربة كالحصاد والدياس مثلا أو متفاوتة كهبوب الريح وقدوم واحد من سفره فإن أبطل المشتري الأجل المجهول المتقارب قبل محله وقبل فسخ العقد بالفساد انقلب البيع جائزا عندنا وعند زفر لا ينقلب ولو مضت المدة قبل
____________________
(5/82)
إبطال الأجل تأكل الفساد ولا ينقلب جائزا إجماعا وإن أبطل المشتري الأجل المجهول المتفاوت قبل التفرق ونقد الثمن انقلب جائزا عندنا وعند زفر لا ينقلب جائزا ولو تفرقا قبل الإبطال تأكد الفساد ولا ينقلب جائزا إجماعا من شرح الطحاوي في أول السلم
قلت ذكر أبو حنيفة الأجل المجهول مطلقا وقد بينت أن إسقاط كل واحد مؤقت بوقت على حدة ا هـ ما في الحقائق وقدمنا مثله أول البيوع عن البحر عن السراج ورأيته منقولا أيضا عن البدائع
وحاصله أن اعتبار إبطال الأجل قبل التفرق إنما هو في الأجل المجهول المتفاوت أي المجهول جهالة متفاحشة لا في المجهول المتقارب فإنهم لم يذكروه فيه
والظاهر أن ابن كمال تابع ابن ملك وأن نسخة الحقائق التي نقل منها ابن مالك فيها سقط وتبعه أيضا المصنف والشارح وهذا من جملة المواضع التي لم أر من نبه عليها ولله تعالى الحمد
تنبيه قول الحقائق ونقد الثمن غير شرط في المجلس لما في التاسع والثلاثين من جامع الفصولين أبطل المشتري الأجل الفاسد ونقد الثمن في المجلس أو بعده جاز البيع عندنا استحسانا
وقال زفر والشافعي لم يجز وتمامه فيه
قوله ( فلا ينقلب جائزا وإن أبطل الأجل ) هذا يوهم أن المراد وإن أبطل الأجل قبل الافتراق وليس كذلك لما علمت من صريح النقول أنه ينقلب جائزا ولأن العيني لم يذكر قوله قبل الافتراق فتعين أن المراد وإن أبطله قبل حلوله
قوله ( أو أمر المسلم الخ ) عطف على كفل من قوله كما لو كفل ط
قوله ( يبيع خمر أو خنزير ) أي مملوكين له بأن أسلم عليهما ومات قبل أن يزيلهما وله وارث مسلم فيرثهما
فتح
قوله ( يعني صح ذلك ) أي التوكيل وبيع الوكيل وشراؤه
بحر
قوله ( مع أشد كراهة ) أي مع كراهة التحريم فيجب عليه أن يخلل الخمر أو يريقها ويسيب الخنزير ولو وكله ببيعهما يجب عليه أن يتصدق بثمنهما
نهر وغيره وانظر لم لم يقولوا ويقتل الخنزير مع أن تسييب السوائب لا يحل
قوله ( كما صح ما مر ) وهو المعطوف عليه
منح أي الكفالة وإسقاط الأجل وأفاد بهذا أن قوله أو أمر معطوف على قوله كفل لئلا يتوهم عطفه على ما لا يصح وهو البيع إلى النيروز
قوله ( لأن العاقد الخ ) أي إن الوكيل في البيع يتصرف بأهلية نفسه لنفسه حتى لا يلزمه أن يضيف العقد إلى الموكل وترجع حقوق العقد إليه وهو أهل لبيع الخمر وشرائها شرعا فلا مانع شرعا من توكله
فتح
قوله ( أمر حكمي ) أي يحكم الشرع بانتقال ما ثبت للوكيل من الملك إليه فيثبت له كثبوت الملك الجبري له بموت مورثه
قوله ( وقالا لا يصح ) أي يبطل كما في البرهان
قوله ( وهو الأظهر ) لعل وجهه ما قاله في الفتح من أن حكم هذه الوكالة في البيع أن لا ينتفع بالثمن وفي الشراء أن يسيب الخنزير ويخلل الخمر أو يريقها فبقي تصرفا بلا فائدة فلا يشرع مع كونه مكروها تحريما فأي فائدة في الصحة وأجاب في النهر بأنا لا نسلم عدم المشروعية لأن عدم طيب الثمن لا يستلزم عدم الصحة كما في شعر الخنزير إذا لم يوجد مباح الأصل جاز بيعه وإن لم يطلب ثمنه وأما في الشراء فله فائدة في الجملة وهي تخليل الخمر ا هـ
وتأمل ذلك مع ما قدمناه عند قوله وشعر الخنزير الخ
____________________
(5/83)
مطلب في البيع بشرط فاسد قوله ( ولا بيع بشرط ) شروع في الفساد الواقع في العقد بسبب الشرط لنهيه عن بيع وشرط ولكن ليس كل شرط يفسد البيع
نهر
وأشار بقوله بشرط إلى أنه لا بد من كونه مقارنا للعقد لأن الشرط الفاسد لو التحق بعد العقد قيل يلتحق عند أبي حنيفة وقيل لا وهو الأصح كما في جامع الفصولين في 39 لكن في الأصل أنه يلتحق عند أبي حنيفة وإن كان الإلحاق بعد الافتراق عن المجلس وتمامه في البحر
قلت هذه الرواية الأخرى عن أبي حنيفة وقد علمت تصحيح مقابلها وهي قولهما ويؤيده ما قدمه المصنف تبعا للهداية وغيرها من أنه لو باع مطلقا عن هذه الآجال ثم أجل الثمن إليها صح فإنه في حكم الشرط الفساد كما أشرنا إليه هناك ثم ذكر في البحر أنه لو أخرجه مخرج الوعد لم يفسد
وصورته كما في الولوالجية قال اشتر حتى أبني الحوائط ا هـ
قال في النهر بعد ما ذكر عبارة جامع الفصولين وبهذا ظهر خطأ بعض حنفية العصر إذ أفتى في رجل باع لآخر قصب سكر قدرا معينا وأشهد على نفسه بأنه يسقيه ويقوم عليه بأن البيع فاسد لأنه شرط تركه على الأرض نعم الشرط غير لازم ا هـ
قلت وفي جامع الفصولين أيضا لو ذكرا البيع بلا شرط ثم ذكرا الشرط على وجه العقد جاز البيع ولزم الوفاء بالوعد إذ المواعيد قد تكون لازمة فيجعل لازما لحاجة الناس تبايعا بلا ذكر شرطا الوفاء ثم شرطاه يكون بيع الوفاء إذ الشرط اللاحق يلتحق بأصل العقد عند أبي حنيفة ثم رمز أنه يلتحق عنده لا عندهما وأن الصحيح أنه لا يشترط لالتحاقه مجلس العقد ا هـ
وبه أفتى في الخيرية وقال فقد صرح علماؤنا بأنهما لو ذكرا الشرط البيع بلا شرط ثم ذكرا على وجه العدة جاز البيع ولزم الوفاء بالوعد ا هـ
قلت فهذا أيضا مبني على خلاف ما مر تصحيحه والظاهر أنهما قولان مصححان
مطلب في الشرط الفاسد إذا ذكر بعد العقد أو قبله تنبيه في أيضا لو شرط شرطا فاسدا قبل العقد ثم عقدا لم يبطل العقد ا هـ
قلت وينبغي الفساد لو اتفقا على بناء العقد عليه كما صرحوا به في بيع الهزل كما سيأتي آخر البيوع وقد سئل الخير الرملي عن رجلين تواضعا على بيع الوفاء قبل عقده وعقد البيع خاليا عن الشرط
فأجاب بأنه صرح في الخلاصة والفيض والتتارخانية وغيرها بأنه يكون على ما تواضعا
قوله ( عطف على إلى النيروز ) كذا في الدرر لكن هذا ظاهر لو كان لفظة بيع ليست من المتن كعبارة الدرر
أما على كونها من المتن فالعطف على البيع في قوله والبيع إلى النيروز
قوله ( الأصل الجامع ) مبتدأ وقوله بسبب شرط خبره ا هـ ح
والجملة في محل نصب بيعني ويحتمل نصب الأصل على أنه مفعول يعني أي يعني المصنف الأصل الجامع في فساد العقد الخ ط
____________________
(5/84)
قلت وفي كل من التوجيهين خفاء وكان الأوضح أن يزيد الشارح لفظة ما قبل قوله لا يقتضيه فتكون هي الخير لأن الظاهر أن قوله بسبب متعلق بفساد وهذا ينافي كونه خبرا عن الأصل ولأن مراده أن يصير قوله لا يقتضيه القعد الخ أصلا وضابطا ولا يتم ذلك إلا بما قلنا نعم يحتمل كون الخبر بيع بشرط فل عليه ما قبله ولا يصح كون ما قبله هو الخبر اقترانه بالواو العاطفة
قوله ( لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ) قال في البحر معنى كون الشرط يقتضيه العقد أن يجب بالعقد من غير شرط ومعنى كونه ملائما أن يؤكد موجب العقد كذا في الذخيرة
وفي السراج الوهاج أن يكون راجعا إلى صفة الثمن أو المبيع كاشتراط الخبز والطبخ والكتابة ا هـ ما في البحر
قوله ( وفيه نفع لأحدهما ) الأولى قول الزيلعي وفيه نفع لأهل الاستحقاق فإنه أشمل وأحضر لشموله ما فيه نفع لأجنبي فيوافق قوله الآتي ولا نفع فيه لأحد ولاستغنائه عن قوله أو لمبيع
تنبيه المراد بالنفع ما شرط من أحد العاقدين على الآخر فلو على أجنبي لا يفسد ويبطل الشرط لما في الفتح عن الولوالجية بعتك الدار بألف على أن يقرضني فلان الأجنبي عشرة دراهم فقبل المشتري لا يفسد البيع لأنه لا يلزم الأجنبي ولا خيار للبائع ا هـ ملخصا
وفي البحر عن الملتقى قال محمد كل شيء يشترطه المشتري على البائع يفسد به البيع فإذا شرطه على أجنبي فهو باطل كما إذا اشترى دابة على أن يهبه فلان لأجنبي كذا وكل شيء يشترطه على البائع لا يفسد به البيع فإذا شرطه على أجنبي فهو جائز وهو بالخيار كما إذا اشترى على أن يحط عنه فلان الأجنبي كذا جاز البيع فإن شاء أخذه بجميع الثمن أو ترك ا هـ
قوله ( من أهل الاستحقاق ) أي ممن يستحق حقا على الغير وهو الآدمي
بحر
قوله ( فلو لم يكن الخ ) صرح بمحترز هذا القيد والذي بعده وإن كان يأتي لزيادة البيان
قوله ( قوله كشرط أن يقطعه ) أي يقطع المبيع من حيث هو الصادق على الثوب أو العبد أو غيرهما وبهذا ساغ عود الضمير عليه في قوله أو يعتقه الخ
قوله ( مثال لما لا يقتضيه العقد ) أي ولا يلائمه ولم يذكر مثال ما يقتضيه العقد ولا يلائمه
قال في البحر خرج عن الملائم للعقد ما لو اشترى أمة بشرط أن يطأها أو لا يطأها فالبيع فاسد لأن الملائم للعقد الإطلاق وعن أبي يوسف يجوز في الأول لأنه ملائم
وعند محمد يجوز فيهما لأن الثاني إن لم يقتضيه العقد لا نفع فيه لأحد فهو شرط لا طالب له ا هـ
قوله ( وفيه نفع للمشتري ) ومنه ما لو شرط على البائع طحن الحنطة أو قطع الثمرة وكذا ما اشتراه على أن يدفعه البائع إليه قبل دفع الثمن أو على أن يدفع الثمن في بلد آخر أو على أن يهب البائع منه كذا بخلاف على أن يحط من ثمنه كذا لأن الحط ملحق بما قبل العقد ويكون البيع بما وراء المحطوط
بحر
قوله ( مثال لما فيه نفع للبائع ) ومنه ما لو شرط البائع أن يهبه المشتري شيئا أو يقرضه أو يسكن الدار شهرا أو أن يدفع المشتري الثمن إلى غريم البائع لسقوط مؤنة القضاء عنه ولأن الناس يتفاوتون في الاستيفاء فمنهم من يسامح
____________________
(5/85)
ومنهم من يماكس أو على أن يضمن المشتري عنه ألفا لغريمه
بحر
قوله ( لما مر الخ ) قال في العزمية على الدرر لم يسبق منه شيء مثل هذا في باب خيار الرؤية ولا في غيره ولو سلم فلا مساس له بمسألتنا
قوله ( أو يعتقه ) الضمير المستتر فيه وفيما بعده عائد على المشتري
قوله ( فإن أعتقه صح ) أي انقلب جائزا عنده خلافا لهما حتى يجب على المشتري الثمن وعندهما القيمة بخلاف التدبير ونحوه لأن شرط العتق بعد وجوده يصير ملائما للعقد لأنه منه للملك والفاسد لا تقرر له فيكون صحيحا ولا كذلك التدبير ونحوه لجواز أن يحكم قاض بصحة بيعه فيقرر الفساد
وأجمعوا على أنه لو أعتقه قبل القبض لا يعتق إلا إذا أمره البائع بالعتق لأنه صار قبض المشتري سابقا عليه لأن البائع سلطه عليه وعلى أنه لو هلك في يد المشتري قبل العتق أو باعه أو وهبه يلزمه القيمة
نهر ملخصا
قوله ( مثال لما فيه نفع لمبيع يستحقه ) لأن العبد آدمي والآدمي من أهل الاستحقاق ومنه اشتراط أن لا يبيعه أو لا يهبه لأن المملوك يسره أن لا تتداوله الأيدي وكذا بشرط أن لا يخرجه من مكة
وفي الخلاصة اشترى عبدا على أن يبيعه جاز وعلى أن يبيعه من فلان لا يجوز لأن له طالبا
وفي البزازية اشترى عبدا على أن يطعمه لم يفسد وعلى أن يطعمه خبيصا فسد ا هـ بحر
ونقل في الفتح أيضا عبارة الخلاصة وأقرها
والظاهر أن وجهها كون بيع العبد ليس فيه نفع له فإذا شرط بيعه من فلان صار فيه نفع لفلان وهو من أهل الاستحقاق فيفسد
ووجه ما في البزازية إن إطعام العبد من مقتضيات العقد بخلاف إطعامه نوعا خاصا كالخبيص
قوله ( ثم فرع على الأصل ) أي ذكر فروعا مبنية عليه وتقدم في آخر باب خيار الشرط أن البيع لا يفسد بالشرط في اثنين وثلاثين موضعا فراجعها
قوله ( يقتضيه العقد ) أي يجب به بلا شرط
قوله ( ولا نفع فيه لأحد ) أي من أهل الاستحقاق للنفع إلا فالدابة تنتفع ببعض الشروط وشمل ما فيه مضرة لأحدهما
قال في النهر كأن كان ثوبا على أن يخرقه أو جارية على أن لا يطأها أو دارا على أن يهدمها فعند محمد البيع جائز والشرط باطل
وقال أبو يوسف البيع فاسد كذا في الجوهرة
ومثل في البحر لما فيه مضرة بما إذا اشترى ثوبا على أن لا يبيعه ولا يهبه والبيع في مثله جائز عندهما خلافا لأبي يوسف ا هـ
قلت فإطلاق المصنف مبني على قولهما وشمل أيضا ما لا مضرة فيه ولا منفعة قال في البحر كأن اشترى طعاما أكله أو ثوبا بشرط لبسه فإنه يجوز ا هـ
تأمل
قوله ( ولو أجنبيا ) تعميم لقوله لأحد وبه صرح الزيلعي أيضا
قوله ( فلو شرط الخ ) تفريع على مفهوم التعميم المذكور فإن مفهومه أنه لو كان فيه نفع لأجنبي يفسد البيع كما لو كان لأحد المتعاقدين
قوله ( أو أن يقرضه ) أي إن يقرض فلانا أحد العاقدين كذا بأن شرط المشتري على البائع أن يقرض زيدا الأجنبي كذا من الدراهم أو شرط البائع على المشتري ذلك
قوله ( فالأظهر الفساد ) وبه جزم في الفتح بقوله وكذا إذا كانت المنفعة لغير العاقدين ومنه إذا باع ساحة على أن يبني بها
____________________
(5/86)
مسجدا أو طعاما على أن يتصدق به فهو فاسد ا هـ
ومفاده أنه لا يلزم أن يكون الأجنبي معينا وتأمله مع ما قدمناه آنفا عن الخلاصة إلا أن يجاب بان المسجد والصدقة يراد بهما التقرب إلى الله تعالى وحده وإن كانت المنفعة فيهما لعباده فصار المشروط له معينا بهذا الاعتبار
تأمل
قوله ( وظاهر البحر ترجيح الصحة ) حيث قال وخرج أيضا ما إذا شرط منفعة لأجنبي كأن يقرض البائع أجنبيا فالبيع صحيح كما في الذخيرة عن الصدر الشهيد وفيها ذكر القدوري أنه يفسد كأن يقول اشتريت منك هذا على أن تقرضني أو تقرض فلانا ا هـ
وفي القهستاني عن الاختيار جواز البيع وبطلان الشرط وفي المنح واختار صاحب الوقاية تبعا لصاحب الهداية عدم الفساد ا هـ
وله جزم في الخانية
قلت لكن قد علمت أن ما نقله الشارح عن ابن ملك من التعميم للأجنبي صرح به الزيلعي وبه جزم في الفتح وكذا في الخلاصة كما قدمناه آنفا
والحاصل أنهما قولان في المذهب
قوله ( عبر ابن الكمال بيركب الدابة ) وهو أحسن لأن المراد بقوله ولا نفع فيه لأحد أي من أهل الاستحقاق فالتقييد بأهل الاستحقاق للاحتراز عما فيه لغيرهم كالدابة في بيعها بشرط أن لا يركبها فإنه غير مفسد لأنها ليست بأهل لاستحقاق النفع
وأما اشتراط أن لا يبيعها فإنه ليس فيه نفع لها عادة ولا لغيرها وذلك ليس محل التوهم ليحترز عنه بخلاف ما فيه نفعها
قوله ( لكن يلائمه ) عبر بدله في الفتح بما يتضمن التوثق بالثمن وهو قريب مما قدمناه عن الذخيرة من تفسير الملائم بما يؤكد موجب العقد فإن الثمن من موجبات العقد
قوله ( كشرط رهن معلوم ) أي بالإشارة أو التسمية فلو لم يكن معلوما بذلك لم يجز إلا إذا تراضيا على تعيينه في المجلس ودفعه إليه قبل أن يتفرقا أو يعجل الثمن ويبطلان الرهن وإذا كان مسمى فامتنع عن تسليمه لم يجبر وإنما يؤمر بدفع الثمن فإن لم يدفعهما خير البائع في الفسخ
بحر
قوله ( وكفيل حاضر ) أي وقبل الكفالة وكذا لو غائبا فحضر وقبلها قبل التفرق فلو بعده أو كان حاضرا فلم يقبل لم يجز واشتراط الحوالة كالكفالة
بحر
قلت في الخانية ولو باع على أن يحيل البائع رجلا بالثمن على المشتري فسد البيع قياسا واستحسانا ولو باع على أن يحيل المشتري البائع على غيره بالثمن فسد قياسا وجاز استحسانا
قوله ( أي صرم ) بفتح الصاد المهملة وهو الأديم أي الجلد
قوله ( سماه باسم ما يؤول ) أي كتسمية العصير خمرا وذلك أن قوله على أن يحذوه أي يقطعه لا يناسب النعل وإنما يناسب الجلد فإنه يقطع ثم يصير نعلا وجوز في الفتح أن يكون حقيقة أي اشترى نعل رجل واحدة على أن يحذوها أي يجعل معها مثالا آخر ليتم نعلا الرجلين ومنه حذوت النعل بالنعل قدرته بمثال قطعته
قال ويدل عليه قوله أو يشركه فجعله مقابلا لقوله نعلا ولا معنى لأن يشتري أديما على أن يجعل له شراكا فلا بد أن يراد حقيقة النعل ا هـ
وأجاب في النهر بأنه يجوز أن يراد بالنعل الصرم وضمير يشركه للنعل بالمعنى الحقيقي على طريق الاستخدام ا هـ
قلت إرادة الحقيقة أظهرت في عبارة الهداية حيث قال على أن يحذوها أو يشركها بضمير التأنيث لأن النعل مؤنثة أما على عبارة المصنف كالكنز من تذكير الضمير فالأظهر إرادة المجاز وهو الجلد
قوله ( ومثله تسمير القبقاب )
____________________
(5/87)
أصله للمحقق ابن الهمام حيث قال ومثله في ديارنا شراء القبقاب على أن يستمر له سيرا
قوله ( استحسانا للتعامل ) أي يصح البيع ويلزم للشرط استحسانا للتعامل
والقياس فساده لأن فيه نفعا لأحدهما وصار كصبغ الثوب مقتضى القياس منعه لأنه إجارة عقدت على استهلاك عين الصبغ مع المنفعة ولكن جوز للتعامل ومثله إجارة الظئر وللتعامل جوزنا الاستصناع مع أنه بيع المعدوم ومن أنواعه شراء الصوف المنسوخ على أن يجعله البائع قلنسوة أو قلنسوة بشرط أن يجعل البائع لها بطانة من عنده
وتمامه في الفتح
وفي البزازية اشترى ثوبا أو خفا خلقا على أن يرقعه البائع ويسلمه صح ا هـ
ومثله في الخانية قال في النهر بخلاف خياطة الثوب لعدم التعارف ا هـ
قال في المنح فإن قلت نهى النبي عن بيع وشرط فيلزم أن يكون العرف قاضيا على الحديث
قلت ليس بقاض عليه بل على القياس لأن الحديث معلول بوقوع النزاع المخرج للعقد عن المقصود به وهو قطع المنازعة والعرف ينفي النزاع فكان موافقا لمعنى الحديث فلم يبق من الموانع إلا القياس والعرف قاض عليه ا هـ ملخصا
قلت وتدل عبارة البزازية والخانية وكذا مسألة القبقاب على اعتبار العرف الحادث
ومقتضى هذا أنه لو حدث عرف في شرط غير الشرط في النعل والثوب والقبقاب أن يكون معتبرا إذا لم يؤد إلى المنازعة وانظر ما حررناه في رسالتنا المسماة نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف التي شرحت بها قولي والعرف في الشرع له عتبار لذا عليه لحكم قد يدار قوله ( وهذا ) أي التفصيل السابق
قوله ( إنما هو إذا علقه بكلمة على ) والظاهر من كلامهم أن قوله بشرط كذا بمنزلة على
نهر
قلت يؤيده ما في القهستاني حيث قيد الشرط بكون حرفه الباء وعلى دون إن ا هـ
قال في النهر ولا بد أن لا يقولها بالواو حتى لو قال بعتك بكذا وعلى أن تقرضني كذا فالبيع جائز ولا يكون شرطا وأن يكون الشرط في صلب العقد الخ وقدمنا الكلام على الأخير
قوله ( بطل البيع ) ظاهره ولو كان مضرا لا نفع فيه لأحد وبه صرح القهستاني
قوله ( ووقته ) بصيغة الماضي من التوقيت ط
قوله ( كخيار الشرط ) أي كتوقيت خيار الشرط وهو ثلاثة أيام وهذا منه فإن خيار الشرط يصح لغير العاقدين
قوله ( وبحر من مسائل شتى ) أي متفرقة جمع شتيت والمسألة مذكورة في البحر في هذا الباب أيضا وكذا في النهر والقهستاني
قوله ( وإذا قبض المشتري المبيع الخ ) شروع في بيان أحكام البيع الفاسد وشمل قبض وكيله والقبض الحكمي لما قدمناه من أن أمر البائع بالعتق قبله صحيح لاستلزامه القبض وهل التخلية قبض هنا صحح في المجتبى والعمادية عدمه وصحح في الخانية أنها قبض واختاره في الخلاصة من البحر والنهر وطحن البائع الحنطة بأمر المشتري كالعتق كما سيذكره الشارح ويأتي تمامه
قوله ( عبر ابن الكمال بإذن ) أي ليعم بيع المكره إذ هو فاسد ولا رضا فيه كما حررناه أول البيوع
____________________
(5/88)
قوله ( بأن يأمره بالقبض ) أي وقبضه بحضرته أو غيبته ط
عن الإتقاني
قوله ( بأن قبضه في مجلس العقد بحضرته ) تصوير للإذن دلالة أما بعد المجلس فلا بد من صريح الإذن إلا إذا قبض البائع الثمن وهو مما يملك به فإنه يكون إذنا بالقبض دلالة ا هـ ح عن النهر
فإن كان مما لا يملك بالقبض كالخمر والخنزير فلا بد من صريح الإذن كما أفاده الزيلعي
قوله ( وتقدم مع حكمه ) أي في قوله والبيع الباطل حكمه عدم ملك المشتري إياه إذا قبضه الخ
قوله ( وحينئذ ) أي حين إذ خرج الباطل بقيد الفاسد
قوله ( كما مر ) أي في أول الباب في قوله والمراد بالفاسد الخ الممنوع مجازا عرفيا فيعم الباطل والمكروه
قوله ( حقق إخراجه ) أي إخراج الباطل بذلك أي بقوله وكل من عوضيه مال
وتعقبه الحموي بأن من أفراد الباطل ما لا يخرج بهذا القيد وهو بيع الخمر والخنزير بالدراهم فإنه باطل ومع أن كلا من عوضيه مال وعلى هذا فلا بد من حذف هذا القيد لاقتضائه أن هذا الفرد من الباطل يكون فاسدا يملك بالقبض وليس كذلك ط
قلت المراد المال المتقوم كما قيده به في النهر ولا شك أن الخمر ونحوه غير متقوم ويدل على هذا أنه في أول الباب قال وبطل بيع ما ليس بمال والبيع به فإن المراد به ما ليس بمال في سائر الأديان والخمر والخنزير مال عند أهل الذمة ولذا قال بعده وبطل بيع مال غير متقوم كخمر وخنزير فعلم أن المراد بالمال هنا المتقوم وهو المال في سائر الأديان فلا يدخل فيه الخمر ونحوه فافهم
قوله ( ولم ينهه ) قيد لقوله أو دلالة كما هو صريح الهداية وغيرها أي إن الرضا بالقبض دلالة كما مر تصوريره مقيد بما إذا لم ينهه عن القبض لأن الدلالة تلغو مع النهي الصريح فافهم
قوله ( ولم يكن فيه خيار شرط ) يوضحه قول الخانية ويثبت خيار الشرط في البيع الفاسد كما يثبت في البيع الجائز حتى لو باع عبد بألف درهم ورطل خمر على أنه بالخيار ثلاثة أيام وقبض المشتري العبد وأعتقه في الأيام الثلاثة لا ينفذ إعتاقه ولولا خيار الشرط للبائع نفد إعتاق المشتري بعد القبض ا هـ سائحاني
ومفاده صحة إعتاقه بعد مضي المدة لزوال الخيار وهو ظاهر
قوله ( ملكه ) أي ملكا خبيثا حراما فلا يحل أكله ولا لبسه الخ
قهستاني
وأفاد أنه يملك عينه وهو الصحيح المختار خلافا لقول العراقيين إنه يملك التصرف فيه دون العين
وتمامه في البحر
قوله ( إلا في ثلاث ) قلت يزاد مثلها وهي بيع المكاتب والمدبر وأم الولد على القول بفساده كما مر الخلاف فيه
قوله ( في بيع الهازل ) أي على ما صرح به البزودي وصاحب المنار من أنه فاسد وذكر في القنية أنه باطل فلا استثناء كما في البحر وقد بسطنا الكلام عليه أول البيوع وحققنا أن المراد من قول الخانية والقنية إنه باطل أي فاسد بدليل أنهما لو أجازاه جاز والباطل لا تلحقه الإجازة وأنه منعقد بأصله لأنه مبادلة مال بمال لا بوصفه فافهم
قوله ( وفي شراء الأب من ماله لطفله الخ ) وقعت هذه العبارة كذلك في البحر والأشباه عن المحيط وصوابها وفي شراء الأب من مال طفله لنفسه فاسدا أو بيعه من ماله لطفله كذلك لأن عبارة المحيط على ما في الفتح والنهر هكذا باع عبدا من ابنه الصغير فاسدا أو اشترى عبده لنفسه فاسدا لا يثبت الملك حتى يقبضه ويستعمله ا هـ
وبه اندفع توقف المحشي
قوله ( حتى يستعمله ) لأن قبض الأب حاصل فلا بد من
____________________
(5/89)
الاستعمال حتى يتحقق قبض حادث ولذا جمع في المحيط بين القبض والاستعمال وعلى هذا فلا يلزم في صورة الشراء لطفله أن يكون الاستعمال في حاجة طفله فافهم قوله ( لا يملكه به ) أي بالقبض
وفي الفتح عن جمع التفاريق لو كان وديعة عنده وهي حاضرة ملكها
قال في النهر أقول يجب أن يكون مخرجا على أن النخلية قبض ولذا قيده بكونها حاضرة وإلا فقد مر أن قبض الأمانة لا ينوب عن قبض المبيع ا هـ أي لأن قبض المبيع مضمون بالثمن أو بالقيمة لو فاسدا وقبض الأمانة غير مضمون وهو أضعف من المضمون فلا ينوب عنه وقدمنا قريبا اختلاف التصحيح في كون التخلية قبضا في البيع الفاسد
قوله ( وإذا ملكه ) مرتبط بقول المصنف ملكه ط
قوله ( تثبت كل أحكام الملك ) فيكون المشتري خصما لم يدعيه لأنه يملك رقبته نص عليه محمد رحمه الله ولو باعه كان الثمن له ولو أعتقه صح والولاء له ولو أعتقه البائع لم يعتق ولو بيعت دار إلى جنبها فالشفعة للمشتري
وتمامه في البحر
قوله ( ولا وطؤها ) ذكر العمادي في فصوله خلافا في حرمة وطئها فقيل يكره ولا يحرم وقيل يحرم
بحر أي لأن فيه إعراضا عن الرد الواجب وفي حاشية الحموي قيل وهل إذا تزوجها يحل للزوج وطؤها الظاهر نعم ول يطيب المهر للمشتري أم لا محل نظر
قوله ( ولا أن يتزوجها منه البائع ) المراد لا يصح لأنها بصدد أن تعود إلى البائع نظرا إلى وجوب الفسخ فيصير ناكحا أمته حموي
قوله ( ولا شفعة لجاره ولو عقارا ) أي لو اشترى دارا شراء فاسدا وقبضها ولا يثبت للجار حق الشفعة
قال ط عن حاشية الأشباه للسيد أبي السعود ولا لخليطه في نفس المبيع وشريكه في حق المبيع لأن حق البائع لم ينقطع لأنه على شرف الفسخ والاسترداد نفيا للفساد حتى إذا سقط حق الفسخ بأن بنى المشتري فيها يثبت حق الشفعة ا هـ
قوله ( ولا شفعة بها ) هذا سبق نظر لأن الذي في الجوهرة هكذا وإذا كان المشتري دارا فبيعت دار إلى جنبها ثبتت الشفعة للمشتري ا هـ
ثم ذكر المسألة المارة فقال ولا تجب فيها شفعة للشفيع ا هـ
وفي الزيلعي والبحر وجامع الفصولين لو اشترى دارا شراء فاسدا فبيعت بجنبها دار أخذها المشتري بالشفعة ا هـ
نعم في شرح المجمع لو اشترى دارا لا تجوز الشفعة بها ا هـ
ويجب أن تكون الباء بمعنى في ليوافق كلام غيره
ولا يمكن تأويل كلام الشارح بذلك لأنه يصير عين المسألة التي قبلها
قوله ( بمثله إن مثليا ) وإن انقطع المثل فبقيمته يوم الخصومة كما أفتى به الرملي وعليه المتون في كتاب الغصب
قوله ( وإلا فبقيمته ) يستثنى من ذلك العبد المبيع بشرط أن يعتقه المشتري فإنه إذا أعتقه بعد القبض يلزمه الثمن كما قدمه الشارح
قوله ( يعني إن بعد هلاكه الخ ) تقييد لضمانه بالمثل أو بالقيمة لأنه إذا كان قائما بحاله كان الواجب رد عينه
قوله ( أو تعذر رده ) عطف عام على خاص لأن تعذر الرد يكون بالهلاك وبتصرف قولي أو حسي مما يأتي قوله ( يوم قبضه ) متعلق بقيمته
وقال محمد قيمته يوم أتلفه لأنه بالإتلاف يتقرر
بحر عن الكافي
قوله ( لأن به ) أي بالقبض والأولى لأنه ط
قوله ( فلا تعتبر الخ ) تفريع على اعتبار قيمته يوم القبض لا يوم الإتلاف أي لو زادت قيمته في يده فأتلفه لم تعتبر الزيادة كالغصب
قوله ( والقول فيها ) أي في القيمة
منح
وفي البحر والجوهرة فيهما بضمير التثنية أي في المثل والقيمة قوله ( للمشتري ) أي مع يمينه والبينة للبائع
بحر
قوله ( لإنكاره الزيادة ) أي الزيادة في المثل أو القيمة التي يدعيها البائع
قوله ( ويجب على كل واحد الخ ) عدل عن قول الكنز والهداية ولكل منهما فسخه لأن اللام تفيد التخيير مع أن الفسخ واجب وإن أجيب بأن اللام مثلها في وإن أسأتم فلها
____________________
(5/90)
أو أن المراد بيان أن لكل منهما ولاية الفسخ رفعا لتوهم أنه إذا ملك بالقبض لزم لأن الآية تقتضي كون اللام بمعنى على بخلافها هنا ولأن كون المراد بيان الولاية المذكورة يلزمه منه ترك بيان الوجوب مع أنه مراد أيضا والتصريح بالوجوب يدل على المرادين فكان أولى
قوله ( فسخه ) أي فسخ البيع الفاسد
قلت وهذا في غير بيع المكره فإنهم صرحوا بأنه فاسد وبأنه مخير بين الفسخ والإمضاء نعم يظهر الوجوب في جانب المكره بالكسر
قوله ( قبل القبض أو بعده ) لكن إن كان قبله فلكل الفسخ بعلم صاحيه لا برضاه وإن كان بعده فإن كان الفساد في صلب العقد بأن كان راجعا إلى البدلين المبيع والثمن كبيع درهم بدرهمين كالبيع بالخمر أو الخنزير فكذلك وإن كان بشرط زائد كالبيع إلى أجل مجهول أو بشرط فيه نفع لأحدهما فكذلك عندهما لعدم اللزوم وعند محمد لمن له منفعة الشرط واقتصر في الهداية على قول محمد ولم يذكر خلافا
بحر
وأفاد أن من عليه منفعة الشرط يفسخ بالقضاء والرضا على ما قال محمد قهستاني
قوله ( ولكون امتناعا عنه ) أي عن الفساد
قال في الهداية وهذا قبل القبض ظاهر لأنه لم يفد حكمه فيكون الفسخ امتناعا منه ا هـ
فقوله منه يحتمل عوده على الفساد أو على حكم البيع وهو الملك
تأمل
قوله ( ما دام المبيع بحاله ) متعلق بقوله وعلى كل واحد منهما فسخه واحترز به عما إذا عرض عليه ما تعذر به رده مما يمنع الفسخ كما يأتي بيانه
قوله ( ولذا ) أي لوجوب وفع المعصية والأولى عدم زيادة التعليل والاقتصار على عبارة المصنف ليصح التعليل بعده وإلا كان التعليل الثاني عين الأول إلا أن يفرق بأن الثاني أعم من الأول
تأمل
قوله ( وإذا أصر أحدهما ) عبارة المصنف في المنح أي البائع والمشتري وظاهره إن أصرا بضمير التثنية وهو المرافق لما في البزازية لما قدمناه قريبا من أن لكل الفسخ بعلم الآخر لا برضاه فإصرار أحدهما لا يحتاج معه إلى فسخ القاضي
مطلب رد المشتري فاسدا إلى بائعه فلم يقبله قوله ( وكل مبيع فاسد ) وصف المبيع بالفساد لكونه محله
قوله ( كإعارة ) وكوديعة ورهن
بحر
قوله ( وغصب ) فيه أن الكلام في رد المشتري
والجواب أن المراد بالرد وقوعه في يد البائع كما أفاده ما بعده ط
قوله ( ووقع في يد بائعه ) الظاهر أن هذا شرط في الرد الحكمي كما في المسائل المذكورة أما لو رده عليه قصدا فلا لما في الخانية رده المشتري للفساد فلم يقبله فأعاده إلى منزله فهلك لا يضمنه
وقال بعضهم هذا لو الفساد متفقا عليه فلو مختلفا فيه ضمنه
والصحيح أنه يبرأ فيهما إلا إذا وضع بين يديه فلم يقبله فذهب به إلى منزله فإنه يضمنه ا هـ
وذكر في البحر عن القنية أن الأشبه ما قاله بعضهم من التفصيل المذكور
قلت لكن لا يخفى أن تصحيح قاضيخان مقدم لأنه فقيه النفس
والحاصل أن الرد صح مطلقا وإن لم يقع في يد البائع لكون الرد قصديا لا ضمنيا وبه يخرج عن الضمان لأنه فعل الواجب عليه لكن إذا وضعه بين يدي البائع حصل القبض أيضا بناء على أن التخلية قبض وهو ما مر تصحيحه عن قاضيخان أيضا فإذا ذهب به بلا إذنه صار غاصبا فيضمنه بخلاف ما إذا ذهب به قبل التخلية المذكورة لعدم
____________________
(5/91)
حصول القبض من البائع فلم يصر غاصبا بالذهاب ولم يضمنه لوجود الرد الواجب عليه كما قلنا
وبه ظهر أن المراد بوقوعه في يده وقوعه فيها حقيقة أو حكما كالتخلية المذكورة وأن هذا شرط في الرد الحكمي لا القصدي كما علمته هذا ما ظهر لي فاغتنمه
قوله ( إن المستحق بجهة ) كالرد للفساد هنا فإنه مستحق للبائع على المشتري ومثله رد المغصوب على المغصوب منه
قوله ( بجهة أخرى ) كالهبة ونحوها
قوله ( وإلا فلا ) أي وإن لم يصل من جهة المستحق عليه بل وصل من جهة غيره فلا يعتبر حتى أن المشتري فاسدا إذا وهب المشتري من غير بائعه أو باعه لرجل فوهبه الرجل من البائع الأول وسلمه لا يبرأ المشتري عن قيمته ولم يعتبر العين واصلا إلى البائع بالجهة المستحقة لما وصل من جهة أخرى
جامع الفصولين
قوله ( فإن باعه الخ ) محترز قوله ما دام في يد المشتري وقيد ببيع المشتري لأن البائع لو باعه بعد قبض المشتري وادعى أن الثاني كان فسخ الأول وقبضه وزعم المشتري الثاني أنه كان بعد الفسخ والقبض من الأول فالقول له لا للبائع وينفسخ الأول بقبض الثاني
بحر عن البزازية
ومثله في جامع الفصولين
ولعل وجه انفساخ الأول أن المشتري نائب عن البائع في القبض لوجوب التسليم عليه فصار كأنه وقع في يد البائع تأمل
وأفاد أن البيع ثابت
أما لو ادعى المشتري بيعه من فلان الغائب وبرهن لا يقبل وللبائع أخذه ولو صدقه فله القيمة كما في جامع الفصولين
قوله ( لم يمتنع الفسخ ) لأن البيع فيهما ليس بلازم ولم يدخل المبيع في ملك المشتري في صورة الخيار ط
تنبيه عبر في الوقاية بقوله فإن خرج عن ملك المشتري وهو أحسن من قول المصنف فإن باعه لأنه يستغني به عما ذكره بعده
قوله ( كما علمت ) من قول المصنف وكل مبيع فاسد ط
قوله ( وفساده ) أي فساد البيع الأول
قوله ( ينقض كل تصرفات المشتري ) أي التي يمكن نقضها بخلاف ما لا يمكن كالإعتاق فإنه يتعين فيه أخذ القيمة من المكره بالكسر فافهم
قوله ( وسلم ) قال في البحر شرط في الهداية التسليم في الهبة لأنها لا تفيد الملك إلا به بخلاف البيع
قوله ( أو استولدها ) أفاد أنه لا يلزمه مع القيمة العقر وقيل عليه عقرها أيضا جامع الفصولين
قال وظاهره أي ظاهر ما في المتن أن المراد استيلاد حادث فلو كانت زوجته أولا استولدها ثم اشتراها فاسدا وقبضها هل يكون كذلك لملكه إياه فليحرر ا هـ
قلت الظاهر بقاء الفسخ لأنه حق الشرع ولم يعرض عليه تصرف حادث يمنعه
تنبيه نقل في النهر عن السراج أن التدبير كالاستيلاد ومثله في القهستاني لم يره في البحر منقولا فذكره بحثا
قوله ( بعد قبضه ) الأولى ذكر آخر المسائل ط
قوله ( قلو قبله لم يعتق بعتقه ) تخصيصه التفريع على العتق يوهم أن قوله بعد قبضه متعلق بقوله أو أعتقه فقط وليس كذلك فكان الأظهر أن يقول فلو قبله لم تنفذ تصرفاته المذكورة إلا إذا أعتقه البائع بأمر المشتري قوله ( وكذا لو أمره الخ ) وفي جامع الفصولين ولو برا فخلطه البائع بطعام المشتري بأمره قبل قبضه صار قابضا وعليه مثله
بحر
قوله ( فيصير المشتري قابضا اقتضاء ) ما يقدر لتصحيح
____________________
(5/92)
الكلام كإعتق عبدك عني بألف فإنه يقتضي سبق البيع ليصح العتق عن الآمر وهنا كذلك فإن صحة تصرف البائع عن المشتري تقتضي أن يقدر سابقا عليه ولهذا قال في المنح عن الفصول العمادية وإنما كان كذلك لأنه لما أمر البائع بالعتق فقد طلب أن يسلطه على القبض وإذا أعتق البائع بأمره صار المشتري قابضا قبضا سابقا عليه ا هـ فافهم
مطلب يملك المأمور ما لا يملكه الآمر قوله ( ما لا يملكه الآمر ) فإن الآمر وهو المشتري لا يصح إعتاقه بنفسه ولا يجوز له الطحن والذبح لكن الظاهر أن المأمور وهو البائع في مسألة الطحن والذبح لا يجوز له أيضا لأن الواجب عليه الفسخ رفعا للمعصية كما مر في فعله ذلك تقريرها فقد استوى الآمر والمأمور في ذلك ولذلك ذكر في البحر مسألة الأمر بالعتق فقط
ثم قال وهذه عجيبة حيث ملك المأمور ما لم يملك الآمر ا هـ
والظاهر أن البائع يأثم بالعتق أيضا لما قلنا ولكن الذي ملكه هو دون الآمر إنما هو نفاذ العتق مع قطع النظر عن الإثم وعدمه كما في باقي تصرفات المشتري بعد القبض هذا ما ظهر لي فتدبره
تنبيه لهذه المسألة نظير يملك المأمور فيه ما لا يملكه الآمر وهو ما مر في قول المتن أو أمر المسلم يبيع خمر أو خنزير أو شرائهما ذميا أو أمر المحرم غيره ببيع صيده
قوله ( وما في الخانية الخ ) أي حيث جعل العتق عن البائع والدقيق والشاة له أيضا ومثله في البزازية أيضا
قوله ( كما بسطه العمادي ) وأقره في جامع الفصولين
قوله ( وقفا صحيحا ) فلو فاسدا كأن اشترط فيه بيعه عند الحاجة لا يمنع الفسخ ط
قوله ( وأخرجه عن ملكه ) عطف لازم على قوله وقفه
قوله ( وما في جامع الفصولين ) حيث قال ولو وقفه أو جعله مسجدا لا يبطل حق الفسخ ما لم يبن ا هـ ح أي فالمانع من الفسخ هو البناء
قوله ( غير صحيح ) حمله في النهر على إحدى روايتين وهو أولى من التغليط ح
وحمله في البحر على ما إذا لم يقض به أما إذا قضى به فإنه يرتفع الفساد للزومه
قلت لكن المسجد يلزم بدون القضاء اتفاقا
قوله ( أو رهنه ) أي وسلمه لأن الرهن لا يلزم بدونه
قوله ( أو أوصى به ) أي ثم مات لأنه ينتقل من ملكه إلى ملك الموصى له وهو ملك مبتدأ فصار كما لو باعه
منح
قوله ( أو تصدق به ) أي وسلمه لأنه لا يخرج عن ملك المتصدق بدون تسليم
قوله ( نفذ البيع الفاسد ) أي لزم وإلا فالأصل أن النافذ ما قابل الموقوف واللازم ما لا خيار فيه وهذا فيه خيار الفاسد وبهذه التصرفات لزم
تأمل
ثم إن الشارح تبع المصنف حيث جعل فاعل نفذ هو البيع الفساد والمفهوم من الهداية أن الفاعل ضمير يعود إلى ما ذكر من التصرفات
وقال في الفتح فإذا أعتقه أو باعه أو وهبه وسلمه فهو جائز وعليه القيمة من أنه ملكه بالقبض فتنفذ تصرفاته فيه وإنما وجبت القيمة لأنه انقطع حق الاسترداد لتعلق حق العبد به والاسترداد حق الشرع وحق العبد مقدم لفقره فقد فوت المكنة بتأخير التوبة ا هـ ملخصا أي أن الواجب عليه كان هو التوبة بالفسخ والاسترداد وبتأخيره إلى وجود هذه التصرفات التي تعلق بها حق عبد يكون قد فوت مكنته من الاسترداد فتعين لزوم القيمة ومقتضاه أن المعصبة تقررت عليه فلا يخرج عن عهدتها إلا بالتوبة وأن الفسخ
____________________
(5/93)
قبل هذه التصرفات توبة كما يشير إليه الشارح رفعا للمعصية
قوله ( إلا في أربع الخ ) عبارة الأشباه العقد الفاسد إذا تعلق به حق عبد لزم وارتفع الفساد إلا في مسائل أجر فاسدا فأجر المستأجر صحيحا فللأول نقضها
المشتري من المكره لو باع صحيحا فللمكره نقضه
المشتري فاسدا إذا أجر فللبائع نقضه
وكذا إذا زوج ا هـ
وأنت خبير بأن كلام المتن في تصرف المشتري فاسدا فلا يصح استثناء الأولى لعدم دخولها وكذا الثانية لاحتراز المتن عنها والصورة الثالثة والرابعة ذكرهما الشارح حيث قال غير إجارة ونكاح ا هـ ح
قلت والضمائر في نقضه للعقد الأول بقرينة الاستثناء وعليه فقوله وكذا إذا زوج أي يكون للبائع نقض البيع لا التزويج فلا ينافي ما يأتي تحريره
قوله ( وكذا كل تصرف قولي ) عطف على قوله في جميع ما مر وأراد به نحو التدبير وما لو جعل مهرا أو بدل صلح أو إجارة أو غير ذلك مما يخرجه عن ملكه كما تفيده عبارة النقاية التي نقلناها عند قوله فإن باعه
قوله ( غير إجارة ونكاح ) أي فلا يمنعان الفسخ لأن الإجارة تفسخ بالأعذار ورفع الفساد من الأعذار والنكاح ليس فيه إخراج عن الملك
بحر
قوله ( وهل يبطل نكاح الأمة ) لما ذكر أن النكاح لا يمنع البائع من فسخ البيع أراد أن يبين أنه هل ينفسخ النكاح الذي عقده المشتري كما تنفسخ الإجارة أم لا
قوله ( المختار نعم ولوالجية ) مخالفة لما صرح به في الفتح من عدم الانفساخ وكذا في الزيلعي وغاية البيان عن التحفة
قال في المجتبى إلا الإجارة وتزويج الأمة لكن ا لإجارة تنفسخ بالاسترداد دون النكاح وفي التتارخانية عن نوادر ابن سماعة لو فسخ البيع للفساد وأخذ البائع الجارية مع نقصان التزويج ثم طلقلها الزوج قبل الدخول رد البائع على المشتري ما أخذه من النقصان وفي السراج لا ينفسخ النكاح لأنه لا يفسخ بالأعذار وقد عقده المشتري وهي على ملكه
وقد نقل في البحر عبارة السراج
ثم قال ويشكل عليه ما ذكره الولوالجي في الفصل الأول من كتاب النكاح لو زوج الجارية المبيعة قبل قبضها وانتقض البيع فإن النكاح يبطل في قول أبي يوسف وهو المختار لأن البيع متى انتقض قبل القبض انتقض من الأصل معنى فصار كأنه لم يكن فكان النكاح باطلا ا هـ
إلا أن يحمل ما في السراج على قول محمد أو يظهر بينهما فرق ا هـ ما في البحر
وتبعه في النهر والمنح وكتبت فيما علقته على البحر أن الفرق موجود لأن كلام الولوالجي فيما قبل القبض وكلام السراج فيما بعد القبض المفيد للملك ثم رأيت ط نبه على ذلك الفرق وكذلك نبه عليه الخير الرملي في حاشية المنح حيث قال العجب من ذلك مع أن ما في السراج فيما عقد بعد القبض وما في الولوالجية قبل القبض كما هو صريح كل من العبارتين فكيف يستشكل بإحداهما على الأخرى ولئن كان كلام السراج في البيع الفاسد وكلام الولوالجي في مطلق البيع فقد تقرر أن فاسد البيع كجائزه في الأحكام فتأمل ا هـ
قلت ويكفينا ما أسمعناك نقله عن كتب المذهب على أن الظاهر أن كلام الولوالجية لا يمكن حمله على مطلق البيع بل مراده البيع الفاسد لأنه البيع الصحيح صورة إما أن ينتقض بالاستحقاق أو بالخيار أو بهلاك المبيع قبل قبضه ولا فرق في الأولين بين ما قبل القبض وما بعده لعدم الملك أصلا فتخصيصه الحكم بما قبل القبض دليل على أنه أراد البيع الفاسد فإذا زوجها المشتري قبل القبض ثم فسخ العقد يظهر بطلان النكاح لكونه قبل الملك بخلاف ما إذا زوجها بعده لأنه زوجها وهي في ملكه فلا ينفسخ النكاح بفسخ البيع
وأما إذا ماتت الجارية قبل قبضها في يد البائع فقد صرح في متفرقات بيوع البحر عن الفتح بأنه لا يبطل النكاح وإن
____________________
(5/94)
بطل البيع
قوله ( كرجوع هبة ) أي رجوع واهب في هبته بقضاء أو بدونه كما في البحر عن الفتح
قوله ( عاد حق الفسخ ) لأن هذه العقود لم توجب الفسخ من كل وجه في حق الكل فصولين وكذا لو فسخ البيع بعيب بعد قبضه بقضاء فللبائع حق الفسخ لو لم يقض بقيمته لزوال المانع ولو رد بعيب بلا قضاء لا يعود حق الفسخ كما لو اشتراه ثانيا بحر
لأن رده بلا قضاء عقد جديد في حق ثالث
قوله ( لا بعده ) أي لو زال المانع بعد القضاء بالقيمة على المشتري لا يعود حق الفسخ لأن القاضي أبطل حق البائع في العين ونقله إلى القيمة بإذن الشرع فلا يعود حقه إلى العين وإن ارتفع السبب كما لو قضى على الغاصب بقيمة المغصوب بسبب الإباق ثم عاد العبد
ذخيرة ومراده بالقيمة ما يعم المثل
قوله ( بموت أحدهما ) وكذا بالإجارة والرهن كما علمته
قوله ( حتى يرد ثمنه ) أي ما قبضه البائع من ثمن أو قيمة كما في الفتح
قوله ( المنقود ) لأن المبيع مقابل به فيصير محبوسا به كالرهن
فتح
والمراد بالمنقود المقبوض احترازا عن الدين
قوله ( بخلاف ما لو شرى ) أي بخلاف غير المنقود كما لو شرى الخ
قوله ( كإجارة ورهن ) أي فاسدين ا هـ ح
وقوله وعقد صحيح قيل صوابه بخلاف عقد صحيح لما في النهر أما إذا لم يكن الثمن منقودا كما إذا اشترى من مدينة عبدا بدين سابق شراء فاسدا وقبضه بالإذن فأراد البائع أخذه بحكم الفساد ليس للمشتري حبسه لاستيفاء ماله عليه من الدين والإجارة الفاسدة وكذا الرهن الفاسد على هذا بخلاف ما إذا كان العقد صحيحا في الأبواب الثلاثة ا هـ
قلت هذا بناء على ما فهمه المعترض وهو غير متعين لأنه يمكن حمل كلام الشارح على وجه صحيح وهو أن قوله كإجارة ورهن راجع لأصل المسألة وهو قوله لا يأخذه حتى يرد الثمن المنقود فيكون المراد ما إذا كان بدل الإجارة والرهن منقودين
قال في البحر وأشار المؤلف إلى أنه لو استأجر إجارة فاسدة ونقد الأجرة أو ارتهن رهنا فاسدا أو أقرض قرضا فاسدا وأخذ به رهنا كان له أن يحبس ما استأجر وما ارتهن حتى يقبض ما نقد اعتبارا بالعقد الجائز إذا تفاسخا ا هـ
ونحوه في الفتح وعليه فقوله وعقد صحيح قصد بذكره أن هذه العقود مثله إذا كان البدل فيها منقودا فإنه إذا كان منقودا لا فرق بين العقد الصحيح والفاسد في ثبوت حق الحبس بعد الفسخ في الكل بل الفرق بينهما في غير المنقود
قال في جامع الفصولين برمز الخانية شرى من مديونه فاسدا ففسخ ليس له حبس المبيع لاستيفاء دينه وكذا لو آجر دائنه إجارة فاسدة ولو كان عقد البيع أو الإجارة جائزا فله الحبس لدينه ا هـ
فأفاد أن له الحبس في العقد الجائز إذا كان البدل غير دين بالأولى فافهم
قوله ( والفرق في الكافي ) أي الفرق بين الفاسد والصحيح إذا كان البدل غير منقود حيث يملك الحبس في الصحيح دون الفاسد هو ما ذكره في كافي النسفي
وحاصله أنه لما وجب للمديون على المشتري مثل الدين صار الثمن قصاصا لاستوائهما قدرا ووصفا فاعتبر بما لو استوفيا حقيقة فكان له حق الحبس وفي الفساد لم يملك الثمن بل تجب قيمة المبيع عند القبض وهي قبله غير مقررة لاحتمالها السقوط بالفسخ ودين المشتري مقرر والمقاصة إنما تكون عند الاستواء وصفا فلم يكن له حق
____________________
(5/95)
الحبس ا هـ
قوله ( فإن مات أحدهما ) عبارة العيني والزيلعي فإن مات البائع وهي أنسب لقول المصنف فالمشتري أحق
قوله ( والمستقرض ) بأن استقرض قرضا فاسدا وأعطى به رهنا
بحر
قوله ( فاسدا ) حال من الكل وفيه وصف العاقد بصفة عقده مجازا لأنه محله
قوله ( بعد الفسخ ) نص على المتوهم فإن الحكم كذلك قبل الفسخ بالأولى ط
قوله ( فالمشتري ونحوه ) أي المستأجر والمقرض والمرتهن
وحاصله أن الحي الذي بيده عين المبيع أو المستأجر أو الرهن أحق بما في يده من العين من غرماء الآخر الميت حتى يقبض ما نقد
قال في الفتح لأنه مقدم عليه في حياته فكذا على ورثته وغرمائه بعد وفاته إلا أن الرهن مضمون بقدر الدين والمشتري بقدر ما أعطى فما فضل فللغرماء ا هـ
قال الرحمتي لكن سيأتي في كتاب الإجارة أن الراهن فاسدا أسوة الغرماء وسيأتي آخر الرهن مثل ما هنا ووفقنا بأن ما هنا وما يأتي في الرهن إذا كان سابقا على الدين وما في الإجارة إذا كان الدين متقدما على الرهن ا هـ
وسيأتي توضيحه في آخر الرهن إن شاء الله تعالى
تنبيه لم يذكر ما إذا مات المشتري فاسدا
وفي الخلاصة والبزازية لو مات المشتري فالبائع أحق من سائرالغرماء بماليته فإن زاد شيء فهو للغرماء ا هـ
ومعناه أنه لو اشترى عبدا فاسدا وتقابضا ثم مات المشتري وعليه ديون وفسخ البائع البيع مع الورثة فالبائع أحق بمالية العبد وهي ما قبضه من المشتري حتى يسترد العبد المبيع كما لو مات البائع فإن كانت قيمة العبد أكثر مما قبض فالزائد للغرماء هذا ما ظهر لي فتأمله
قوله ( بل قبض تجهيزه ) أي تجهيز البائع أو المؤجر وما بعده بمعنى أنه لو مات وكان المبيع ثوبا مثلا احتيج لتكفينه به فللمشتري حبسه حتى يأخذ ماله
قال ط والأولى أن يقول بل من تجهيزه
مطلب في تعيين الدراهم في العقد الفاسد قوله ( بناء على تعين الدراهم ) المراد بها ما يشمل الدنانير
وفي الأشباه النقد لا يتعين في المعاوضات وفي تعيينه في العقد الفاسد روايتان ورجح بعضهم تفصيلا بأن ما فسد من أصله أي كما لو ظهر المبيع حرا أو أم ولد يتعين فيه لا فيما انتقض بعد صحته أي كما لو هلك المبيع قبل التسليم والصحيح تعينه في الصرف بعد فساده وبعد هلاك المبيع وفي الدين المشترك فيؤمر برد نصف ما قبض على شريكه وفيما إذا تبين بطلان القضاء فلو ادعى على آخر مالا وأخذه ثم أقر أنه لم يكن له على خصمه حق فعلى المدعي رد عين ما قبض ما دام قائما ولا يتعين في المهر ولو بعد الطلاق قبل الدخول فترد مثل نصفه ولذا لزمها زكاته ولو نصابا حوليا عندها ولا في النذر والوكالة قبل التسليم وأما بعده فالعامة كذلك وتتعين في الأمانات والهبة والصدقة والشركة والمضاربة والغصب
وتمامه في جامع الفصولين ا هـ
قوله ( المصنف وطاب للبائع ما ربح لا للمشتري ) صورة المسألة ما ذكره محمد في الجامع الصغير اشترى من رجل جارية بيعا فاسدا بألف درهم وتقابضا وربح كل منهما فيما قبض بتصدق الذي قبض الجارية بالربح ويطيب الربح للذي قبض الدراهم ا هـ
____________________
(5/96)
وقول الشارح وإنما طاب الخ أورده في صورة جواب عما استشكله صدر الشريعة وصاحب العناية والفتح والدرر والبحر والمنح وغيرهم من أن المذكور في المتون من أن الربح يطيب للبائع في الثمن النقد هو الموافق للرواية المنصوصة في الجامع الصغير وهو صريح في أن الدراهم لا تتعين في البيع الفاسد فيناقض قولهم إن تعينها فيه هو الأصح فإنه يقتضي أن الأصح أنه لا يطيب الربح للبائع فيما قبض وقد أجاب العلامة سعدي جلبي في حاشية العناية بما أشار إليه الشارح وهو أنه يطيب على كل من القولين لأن عدم التعيين إنما هو في العقد الثاني الصحيح لا في العقد الأول الفاسد ا هـ
وبيانه أنه إذا باع فاسدا وقبض دراهم الثمن ثم فسخ العقد يجب رد تلك الدراهم بعينها على المشتري لأن الأصح تعينها في البيع الفاسد فلو اشترى بها عبدا مثلا شراء صحيحا طاب له ما ربح لأنها لا تتعين في هذا العقد الثاني لكونه عقدا صحيحا حتى لو أشاء إليها وقت العقد له دفع غيرها فعدم تعينها في هذا العقد الصحيح لا ينافي كون الأصح تعينها في العقد الفاسد
وقد أجاب العلامة الخير الرملي بمثل ما أجاب العلامة سعدي قبل اطلاعه عليه وقال إني في عجب عجيب من فهم هؤلاء الأجلاء التناقض من مثل هذا مع ظهوره
قوله ( لا على الرواية الصحيحة ) أي القائلة بعدم تعين الدراهم في العقد الفاسد ا هـ ح
قوله ( في بيع يتعين بالتعيين ) أراد بالبيع المبيع وأشار بقوله يتعين بالتعيين كالعبد مثلا إلى وجه الفرق بين طيب الربح للبائع لا للمشتري وهو أن ما يتعين بالتعيين يتعلق العقد به فتمكن الخبث فيه والنقد لا يتعين في عقود المعاوضة فلم يتعلق العقد الثاني بعينه فلم يتمكن الخبث فلا يجب التصدق كما في الهداية وإنما لم يتعين النقد لأن ثمن المبيع يثبت في الذمة بخلاف نفس المبيع لأن العقد يتعلق بعينه ومفاد هذا الفرق أنه لو كان بيع مقايضة لا يطيب الربح لهما لأن كلا من البدلين مبيع من وجه ولو كان عقد صرف يطيب لها لكن قدمنا آنفا في الأشباه أن الصحيح تعينه في الصرف بعد فساده وفي شرح البيري عن الخلاطي أنه الصحيح المذكور في عامة الروايات ا هـ فافهم
قوله ( بأن باعه بأزيد ) تصوير لظهور الربح فلا يطيب له ذلك الزائد عما اشترى به وأفاد أن ذلك في أول عقد
وأما إذا أخذ الثمن واتجر وربح بعده أيضا يطيب له لعدم التعين في العقد الثاني كما نبه عليه ط وهو ظاهر مما مر
قوله ( كما طاب الخ ) صورته ما في الجامع الصغير أيضا لو ادعى على آخر مالا فقضاه ثم تصادقا على أنه لم يكن له عليه شيء وقد ربح المدعي في الدراهم التي قبضها على أنها دينه يطيب له الربح لأن الدين وجب بالإقرار عند الدعوى ثم استحق بالتصادق وكان المقبوض بدل المستحق وهو الدين وبدل المستحق مملوك ملكا فاسدا بدليل أن من اشترى عبدا بجارية أو ثوب ثم أعتق العقد واستحقت الجارية يصح عتق العبد فلو لم يكن بدل المستحق مملوكا لم يصح العتق إذ لا عتق في غير الملك
وتمامه في الفتح
قوله ( لأن بدل المستحق مملوكا ) كذا فيما رأيته في عدة نسخ بنصب مملوكا وهو كذلك في بعض نسخ النهر وفي بعضها بالرفع وهو الصواب على اللغة المشهورة في رفع خبر إن
قوله ( فيما يتعين ) كالعروض لا فيما لا يتعين كالنقود ومر بيانه
قوله ( كالغصب ) وكالوديعة فإذا تصرف الغاصب أو المودع في العرض أو النقد
____________________
(5/97)
يتصدق بالربح لتعلق العقد بمال غيره وتمامه في الدرر
قوله ( وقال الكمال الخ ) تقييد لما في المتن
قوله ( لا يملكه أصلا ) لأنه متيقن أنه لا ملك له فيه فتح أي فلا يطيب له ما ربح مطلقا سواء تعين أو لا
قوله ( وقواه في النهر ) بتصريحهم في الإقرار بأن المقر له إذا كان يعلم أن المقر كاذب في إقراره لا يحل له أخذه عن كره منه أما لو اشتبه الأمر عليه حل له الأخذ عند محمد خلافا لأبي يوسف وحينئذ لا يطيب له ربحه ويحمل الكلام ها هنا على ما إذا ظن أن عليه دينا بالإرث من أبيه ثم تبين أن وكيله أوفاه لأبيه فتصادقا على أن لا دين فحينئذ يطيب له وهذا فقه حسن فتدبره ا هـ
ونقله عنه الرملي وأقره وبه اندفع ما في البحر من أن ظاهر إطلاقهم خلاف ما في الفتح
قوله ( الحرام ينتقل ) أي تنتقل حرمته وإن تداولته الأيدي وتبدلت الأملاك
ويأتي تمامه قريبا
قوله ( ولا للمشتري منه ) فيكون بشرائه منه مسيئا لأنه ملكه بكسب خبيث وفي شرائه تقرير للخبث ويؤمر بما كان يؤمر به البائع من رده على الحربي لأن وجوب الرد على البائع إنما كان لمراعاة ملك الحربي ولأجل غدر الأمان وهذا المعنى قائم في ملك المشتري كما في ملك البائع الذي أخرجه بخلاف المشتري شراء فاسدا إذا باعه من غيره بيعا صحيحا فإن الثاني لا يؤمر بالرد وإن كان البائع مأمورا به لأن الموجب للرد قد زال ببيعه لأن وجوب الرد بفساد البيع حكمه مقصور على ملك المشتري وقد زال ملكه بالبيع من غيره كذا في شرح السير الكبير للسرخسي من الباب الخامس بعد المائة
مطلب البيع الفاسد لا يطيب له ويطيب للمشتري منه قوله ( ويطيب للمشتري منه لصحة عقده ) فيه أن عقد المشتري في المسألة الأولى صحيح أيضا وقد ذكر هذا الحاكم في البحر معزيا للإسبيجابي بدون هذا التعليل فكان المناسب إسقاطه
ثم اعلم أنه ذكر في شرح السير الكبير في الباب الثاني والستين بعد المائة أنه إن لم يرده يكره للمسلمين شراؤه منه لأنه ملك خبيث بمنزلة المشتري فاسدا إذا أراد بيع المشتري بعد القبض يكره شراؤه منه وإن نفذ فيه بيعه وعتقه لأنه ملك حصل له بسبب حرام شرعا ا هـ
فهذا مخالف لقوله ويطيب للمشتري وقد يجاب بأن ما أخرجه من دار الحرب لما وجب على المشتري رده على الحربي لبقاء المعنى الواجب على البائع رده تمكن الخبث فيه فلم يطب للمشتري أيضا كالبائع بخلاف البيع الفاسد فإن رده واجب على البائع قبل البيع لا على المشتري لعدم بقاء المعنى الموجب للرد كما قدمناه فلم يتمكن الخبث فيه فلذا طاب للمشتري وهذا لا ينافي أن نفس الشراء مكروه لحصوله للبائع بسبب حرام لأن فيه إعراضا عن الفسخ الواجب هذا ما ظهر لي
مطلب الحرمة تتعدد قوله ( الحرمة تتعدد الخ ) نقل الحموي عن سيدي عبد الوهاب الشعراني أنه قال في كتابه المتن وما نقل عن بعض الحنفية من أن الحرام لا يتعدى ذمتين
سألت عنه الشهاب ابن الشلبي فقال هو محمول على ما إذا لم يعلم بذلك أما لو رأى المكاس مثلا يأخذ من أحد شيئا من المكس ثم يعطيه آخر ثم يأخذ من ذلك الآخر آخر فهو حرام ا هـ
____________________
(5/98)
مطلب فيمن ورث مالا حراما قوله ( إلا في حق الوارث الخ ) أي فإنه إذا علم أن كسب مورثه حرام يحل له لكن إذا علم المالك بعينه فلا شك في حرمته ووجوب رده عليه وهذا معنى قوله وقيده في الظهيرية الخ
وفي منية المفتي مات رجل ويعلم الوارث أن أباه كان يكسب من حيث لا يحل ولكن لا يعلم الطالب بعينه ليرد عليه حل له الإرث والأفضل أن يتورع ويتصدق بنية خصماء أبيه ا هـ وكذا لا يحل إن علم عين الغصب مثلا وإن لم يعلم مالكه لما في البزازية أخذ مورثه رشوة أو ظلما إذا علم ذلك بعينه لا يحل له أخذه وإلا فله أخذه حكما أما في الديانة فيتصدق به بنية إرضاء الخصماء ا هـ
والحاصل أنه إن علم أرباب الأموال وجب رده عليهم وإلا فإن علم عين الحرام لا يحل له ويتصدق به بنية صاحبه وإن كان مالا مختلطا مجتمعا من الحرام ولا يعلم أربابه ولا شيئا منه بعينه حل له حكما والأحسن ديانة التنزه عنه
ففي الذخيرة سئل الفقيه أبو جعفر عمن اكتسب ماله من أمراء السلطان ومن الغرامات المحرمات وغير ذلك هل يحل لمن عرف ذلك أن يأكل من طعامه قال أحب إلي في دينه أن لا يأكل ويسعه حكما إن لم يكن ذلك الطعام غصبا أو رشوة
وفي الخانية امرأة زوجها في أرض الجور إن أكلت من طعامه ولم يكن عين ذلك الطعام غصبا فهي في سعة من أكله وكذا لو اشترى طعاما أو كسوة من مال أصله ليس بطيب فهي في سعة من تناوله الإثم على الزوج ا هـ
قوله ( وسنحققه ثمة ) أي في كتاب الحظر والإباحة
قال هناك بعد ذكره ما هنا لكن في المجتبى مات وكسبه حرام فالميراث حلال ثم رمز وقال لا نأخذ بهذه الرواية وهو حرام مطلقا على الورثة فتنبه ا هـ ح
ومفاده الحرمة وإن لم يعلم أربابه وينبغي تقييده بما إذا كان عين الحرام ليوافق ما نقلناه إذ لو اختلط بحيث لا يتميز يملكه ملكا خبيثا لكن لا يحل له التصرف فيه ما لم يؤد بدله كما حققناه قبيل باب زكاة المال فتأمل
مطلب في أحكام زيادة المبيع فاسدا قوله ( بنى أو غرس فيما فاسدا ) وكذا لو شرى فاسدا قاضبان نخل فغرسه وأطعم وإن شراه مطعما فكذلك عنده وعند الثاني يقلعه إن لم يضر الأرض
ذخيرة
قوله ( لزمه فيمتهما ) أي قيمة الدار والأرض
منح
والأولى إفراد الضمير لأن العطف بأو وعلله الكرخي في مختصره بأن البناء استهلاك عند الإمام أي ومثله الغرس لأن البناء والغرس يقصد بهما الدوام وقد حصلا بتسليط من البائع فينقطع بهما حق الاسترداد كالبيع
قوله ( ورجحه ) حيث قال وقولهما أوجه وكون البناء يقصد للدوام يمنع للاتفاق في الإجارة على إيجاب القلع فظهر أنه قد يراد للبقاء وقد لا فإن قال إن المستأجر يعلم أنه يكلف القلع ففعله مع ذلك دليل على أنه لم يرد البقاء قلنا المشتري فاسدا أيضا يكلف القلع عندنا ا هـ
قوله ( وتعقبه في النهر الخ ) حيث قال أقول البناء الحاصل بتسليط البائع إنما يقصد به الدوام بخلاف الإجارة وبهذا عرف أن محط الاستدلال إنما هو التسليط من البائع وكل ما هو كذلك ينقطع به حق الاسترداد ا هـ
قلت وفيه أن المؤجر أيضا سلط المستأجر على الانتفاع بأرضه والمستأجر يملك البناء فالأحسن الجواب بالفرق
____________________
(5/99)
بين التسليطين بأن البائع سلطه على المبيع على وجه قد ينقطع به حق الاسترداد بأن يخرجه عن ملكه ببيع ونحوه أو بأن يفعل فيه ما يقصد به الدوام لجواز أن لا يطلب البائع الفسخ قبله بخلاف المؤجر فإنه إنما سلطه في وقت خاص
وأما كون الفسخ حقا للشرع فلا يبطل بتسليط البائع فينقض بأنه قد بطل بإخراجه عن ملكه ببيع ونحوه وهو بتسليط البائع فكذا هنا تقديما لحق العبد لفقره وكون البيع ونحوه تعلق به حق الغير فيقدم وهنا تعلق به حق العاقد العاصي فلا يقدم قد يمنع بأن العاصي لم يبطل الشرع حقه كمن غضب حجرا وجعله أس حائطه يضمن قيمته ولا يكلف بنقص الحائط فالهم
قوله ( وكذا ) أي ومثل البناء الغرس في امتناع الفسخ كل زيادة متصلة بالمبيع غير متولدة منه
قوله ( وجارية علقت منه ) وجعله من الزيادة الغير المتولدة نظرا لماء الرجل ط
قوله ( فلو منفصلة كولد الخ ) أي بإن ولدت من غير المشتري
وفي الجوهرة لو كانت الزيادة متصلة غير متولدة كالصبغ والخياطة انقطع حق الفسخ وإن كانت متولدة أي كالسمن لا تمنع الفسخ وكذا منفصلة متولدة كالولد والعقر والأرش ولو هلكت هذه الزوائد في يد المشتري لا يضمنها وإن استهلكها ضمن وإن هلك المبيع فقط فللبائع أخذها وأخذ قيم المبيع يوم القبض وأن كانت منفصلة غير متولدة كالكسب والهب فللبائع أخذ المبيع معها ولا تطيب له ويتصدق بها وإن هلكت في يد المشتري لا يضمن وكذا لو استهلكها عنده وعندهما يضمن وإن استهلك المبيع فقط ضمنه والزوائد له لتقرر ضمان الأصل ا هـ ملخصا
وبه علم أن الزيادة بأقسامها الأربع لا تمنع الفسخ إلا المتصلة الغير المتولدة أما المتصلة المتولدة كالسمن والمنفصلة المتولدة كالولد والغير المتولدة كالكسب فإنها لا تمنع الفسخ وأنه يضمن المنفصلة المتولدة بالاستهلاك لا بالهلاك وكذا غير المتولدة عندهما لا عنده وهذا التقرير أيضا موافق لما في البحر عن جامع الفصولين
قوله ( سوى منفصلة غير متولدة ) أي كالكسب وهذا استثناء من قوله ويضمنها باستهلاكها فإن هذه لا تضمن بالاستهلاك عند الإمام كما علمته
مطلب أحكام نقصان المبيع فاسدا قوله ( لو نقص الخ ) شروع في حكم نقصان البيع فاسدا بعد بيان زيادته
قوله ( أخذه البائع من الأرش ) أي أرش النقصان ويجبر على ذلك لو أراده المشتري لما في جامع الفصولين لو قطع ثوبا شراه فاسدا ولم يخطه حتى أودعه عند بائعه يضمن نقص القطع لا قيمته لوصوله إلى ربه إلا قدر نقصه فوقع عن الرد المستحق
قال هذا التعليل إشارة إلى أن المبيع فاسدا إذا نقص في يد المشتري لا يبطل حقه في الرد إذ لو بطل لما كان الرد مستحقا عليه ا هـ
فهو كما ترى ناطق بما قلنا
رملي
تنبيه لو زال العيب رجع المشتري على البائع بالأرش الذي دفعه إليه كما لو ابيضت عين الجارية في يد المشتري فاسدا وردها مع نصف القيمة ثم ذهب البياض فعلى البائع رد الأرش كما في التاترخانية ومثله ما قدمناه عنها فيما لو زوج المشتري الأمة ثم فسخ البيع وأخذ البائع نقصان التزويج ثم طلقها الزوج قبل الدخول بها رجع المشتري على البائع بما أخذ
قوله ( صار مستردا ) حتى لو هلك عند المشتري ولم يوجد منه حبس عن البائع هلك على البائع
جامع
____________________
(5/100)
الفصولين
قوله ( خير البائع ) إن شاء أخذه من المشتري وهو يرجع على الجاني وإن شاء اتبع الجاني وهو لا يرجع على المشتري
جامع الفصولين
قوله ( وكره تحريما مع الصحة ) أشار إلى وجه تأخير المكروه عن الفاسد مع اشتراكهما في حكم المنع الشرعي والإثم وذلك أنه دونه من حيث صحته وعدم فساده لأن النهي باعتبار معنى مجاور للبيع لا في صلبه ولا في شرائط صحته ومثل هذا النهي لا يوجب الفساد بل الكراهية كما في الدرر
وفيها أيضا أنه لا يجب فسخه ويملك المبيع قبل القبض ويجب الثمن لا القيمة ا هـ
لكن في النهر عن النهاية أن فسخه واجب على كل منهما أيضا صونا لهما عن المحظور وعليه مشى الشارح في آخر الباب ويأتي تمامه
قوله ( عند الأذان الأول ) وهو الذي يجب السعي عنده
قوله ( إلا إذا تبايعا يمشيان الخ ) قال الزيلعي هذا مشكل فإن الله تعالى قد نهى عن البيع مطلقا فمن أطلقه في بعض الوجوه يكون تخصيصا وهو نسخ فلا يجوز بالرأي
شرنبلالية
والجواب ما أشار إليه الشارح من أن النص معلل بالإخلال بالسعي ومخصص لكن ما مشى عليه الشارح هنا مشى على خلافه في الجمعة تبعا للبحر والزيلعي
قوله ( وقد خص منه الخ ) جواب ثان أي والعام إذا دخله التخصيص صار ظنيا فيجوز تخصيصه ثانيا بالرأي أي بالاجتهاد وبه اندفع قول الزيلعي فلا يجوز بالرأي
قلت وفيه نظر فإن إشكال الزيلعي من حيث أن قوله تعالى { وذروا البيع } مطلق عن التقييد بحالة دون حالة فإن مفاد الآية الأمر بترك البيع عند النداء وهو شامل لحالة المشي والذي خص منه من لا تجب عليه الجمعة هو الواو { فاسعوا } ولا يلزم منه تخصيص من ذكر أيضا في { وذروا البيع } لأن القرآن في النظم لا يلزم منه المشاركة في الحكم كما تقرر في كتب الأصول نظيره قوله تعالى { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } فإن الخطاب عام في الموضعين لكن خص الدليل من الأول جماعة كالمريض العاجز ومن الثاني جماعة كالفقير من أن المريض تلزمه الزكاة والفقير تلزمه الصلاة
والحاصل أن الدليل خص من وجوب السعي جماعة كالمريض والمسافر ولم يرد الدليل بتخصيص هؤلاء من وجوب ترك البيع فيبقى الأمر شاملا لهم إلا أن يعلل بترك الإخلال بالسعي فيرجع إلى الجواب الأول فلم يفد الثاني شيئا فتأمل
قوله ( وكره النجش ) لحديث الصحيحين لا تتلقى الركبان للبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض ولا تناجشوا ولا بيع حاضر لباد
فتح
قوله ( أو يمدحه ) تفسير آخر عبر عنه في النهر بقيل نقلا عن القرماني في شرح المقدمة قال وفي القاموس ما يفيده
قوله ( في النكاح وغيره ) أي كالإجارة وهذا ذكره المصنف في منحه
قوله ( لا يكره ) بل ذكر القهستاني وابن الكمال عن شرح الطحاوي أنه في هذه الصورة محمود
قوله ( والسوم على سوم غيره ) وكذا البيع على بيع غيره
ففي الصحيحين نهى رسول الله عن تلقي الركبان إلى أن قال وأن يستام الرجل على سوم أخيه وفي الصحيحين أيضا لا يبع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له
____________________
(5/101)
وصورة السوم أن يتراضيا بثمن ويقع الركون به فيجيء آخر فيدفع للمالك أكثر أو مثله
وصورة البيع أن يتراضيا على ثمن سلعة فيقول آخر أنا أبيعك مثلها بأنقص من هذا الثمن أفاده في الفتح قال الخير الرملي ويدخل في السوم الإجارة إذ هي بيع المنافع
قوله ( بل لزيادة التنفير ) لأن السوم على السوم يوجب إيحاشا وإضرارا وهو في حق الأخ أشد منعا
قال في النهر كقوله في الغيبة ذكرك أخاك بما يكره إذ لا خفاء في منع غيبة الذمي
قوله ( وقد باع عليه الصلاة والسلام قدحا وحلسا الخ ) رواه أصحاب السنن الأربعة في حديث مطول ذكره في الفتح
وفي المصباح الحلس كساء يجعل على ظهر البعير تحت رحله جمعه أحلاس كحمل وأحمال والحلس بساط يبسط في البيت
قوله ( وتلقي الجلب ) بفتحتين وهو المراد من تلقي الركبان في الحديث المار وهذا يؤيد تفسيره بالجالب لأن الركبان جمع راكب لكن الذي في المصباح والمغرب تفسيره بالمجاوب
تأمل
قال في الفتح وللتلقي صورتان إحداهما أن يتلقاهم المشترون للطعام منهم في سنة حاجة ليبيعوه من أهل البلد بزيادة
وثانيهما أن يشتري منهم بأرخص من سعر البلد وهم لا يعلمون بالسعر
قوله ( للضرر والغرر ) لف ونشر مرتب فالضرر في الصورة الأولى والغرر بتلبيس السعر في الصورة الثانية
قوله ( وبيع الحاضر للبادي ) لحديث الصحيحين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما نهى رسول الله أن يتلقى الركبان وأن يبيع حاضر لباد قال قلت لابن عباس ما قوله حاضر لباد قال لا يكون له سمسار فتح
والحاضر من كان من أهل الحضر خلاف البدو فالبادي من كان من أهل البادية أي البرية ويقال حضري وبدوي نسبة إلى الحضر والبدو
قوله ( في حالة قحط وعوز ) القحط انقطاع المطر
والعوز بتحريك الواو الحاجة
قال في المصباح عوز الشيء عوزا من باب تعب عز فلم يوجد وعزت الشيء أعوزه من باب قال احتجب إليه فلم أجده
قوله ( قيل الحاضر المالك الخ ) مشى عليه في الهداية حيث قال وهو أن يبيع من أهل البدو طمعا في الثمن الغالي لما فيه من الإضرار بهم ا هـ أي بأهل البلد
قال الخير الرملي ويشهد لصحة هذا التفسير ما في الفصول العمادية عن أبي يوسف لو أن أعرابا قدموا الكوفة وأرادوا أن يمتاروا منها ويضر ذلك بأهل الكوفة قال أمنعهم عن ذلك قال ألا ترى أن أهل البلدة يمنعون عن الشراء للحكرة فهذا أولى ا هـ
قوله ( والأصح أنهما السمسار والبائع ) بأن يصير الحاضر سمسارا للبادي البائع
قال في الفتح قال الحلواني هو أن يمنع السمسار الحاضر القروي من البيع ويقول له لا تبع أنت أنا أعلم بذلك فيتوكل له ويبيع ويغالي ولو تركه يبيع بنفسه لرخص على الناس
قوله ( لموافقته آخر الحديث ) ولموافقته لتفسير راوي الحديث كما قدمناه عن الصحيحين
قوله ( دعوا الناس يرزق بعضهم بعضا ) كذا في البحر
والذي في الفتح دعوا الناس
____________________
(5/102)
يرزق الله بعضهم من بعض ونقل الخير الرملي عن ابن حجر الهيثمي أن بعضهم زاد دعوا الناس في غفلاتهم ونسبه لمسلم
قال وهو غلط لا وجود لهذه الزيادة في مسلم بل ولا في كتب الحديث كما قضى به سبر ما بأيدي الناس منها ا هـ
قوله ( ولذا عدى باللام لا بمن ) هذا مرجح آخر للتفسير الثاني فإن اللام في أن يبيع حاضر لباد تكون على حقيقتها وهي التعليل أما على التفسير الأول تكون بمعنى من أو زائدة لأنه يقال بعث الثوب من زيد
قال في المصباح
وربما دخلت اللام مكان من يقال بعتك الشيء وبعته لك فاللام زائدة زيادتها في قوله تعالى { وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت } والأصل بوأنا إبراهيم
قوله ( لما مر ) أي قريبا من قوله وقد باع عليه الصلاة والسلام الخ
قوله ( ويسمى بيع الدلالة ) أي بيع الدلال
قال في الفتح وهو صفة البيع في أسواق مصر المسمى بالبيع في الدلالة
مطلب في التفريق بين الصغير ومحرمه قوله ( ولا يفرق ) بالبناء للمجهول وهو أولى من قول النهر ولا يفرق المالك لأن حذف الفاعل لا يجوز إلا أن يقال إنه تفسير للضمير الراجع إلى الملك المفهوم من المقام تأمل
وكما يمنع المالك عن التفريق يمنع المشتري كما يأتي والكراهة فيه تحريمية كما في الفتح
قوله ( عبر بالنفي مبالغة في المنع ) كذا في الفتح
ووجهه أن شأن المسلم عدم فعل المحرم شرعا فكأنه أمر لا يقع منه لا حاجة إلى نهيه عنه
قوله ( وعن الثاني الخ ) قال العلامة نوح من حواشي الدرر عن أبي يوسف روايتان رواية لا يجوز البيع في قرابة الولاد ويجوز في قرابة غيرها وهو الأصح في مذهب الشافعي
وفي رواية لا يجوز في الكل أي قرابة الولاد وغيرها وهو قول الإمام أحمد لأن الأمر بالرد في الحديث لا يكون إلا في الفاسد
وقال مالك لا يجوز في الأم ويجوز في غيرها ا هـ وما ذكره الشارح بعيد عن هذا ط
قوله ( غير بالغ ) أشار به إلى أن مدة منع التفريق تمتد إلى بلوغ الصغير بالاحتلام أو بالحيض وهو قول للشافعي وفي أظهر قوليه إلى زمان التمييز سبع أو ثمان بالتقريب وقال بعض مشايخنا إذا راهقا ورضيا بالتفريق فلا بأس به لأنهما من أهل النظر لأنفسهما وربما يريان المصلحة في ذلك
فتح
قوله ( وذي رحم ) أطلقه فشمل ما إذا كان صغيرا أيضا أو كبيرا كما في الهداية وغيرها ولذا قال بعده بخلاف الكبيرين
قوله ( أي محرم من جهة الرحم ) أشار إلى أن الضمير في منه راجع إلى الرحم لا إلى الصغير فلا بد أن يكون محرميته من جهة الرحم لا من الرضاع احترازا عن ابن عم هو أخ رضاعا فإنه رحم محرم لكن محرميته من الرضاع لا من الرحم وإلى ذلك أشار بقوله فافهم
وخرج أيضا بالأولى المحرم لا من الرحم كالأخ الأجنبي رضاعا وامرأة الأب والرحم غير المحرم كابن العم
قوله ( وتوابعه ) هي التدبير والاستيلاد والكتابة ح
قوله ( ولو على مال ) مبالغة على الإعتاق فقط كما لا يخفى فلو قدمه لكان أولى ا هـ ح
لكن إذا كان مما لا يخفى استوى فيه التقديم والتأخير فافهم
قوله ( أو ببيع ممن حلف بعتقه ) أي إذا حلف بقوله إن ملكت هذا فهو حر فباعه المالك منه ليعتق لم يكره لأن العتق ليس بتفريق بل فيه زيادة التمكن من الاجتماع من محرمة
قوله ( أو كان المالك كافرا ) ظاهره ولو كان المشتري مسلما لكان لا يناسبه التعليل
____________________
(5/103)
مع أنه يكره التفريق بالشراء
وفي الفتح أما إذا كان كافرا فلا يكره لأنهم غير مخاطبين بالشرائع والوجه أنه إن كان التفريق في ملتهم حلالا لا يتعرض لهم إلا إن كان بيعهم من مسلم فيمتنع على المسلم وإن كان ممتنعا في ملتهم فلا يجوز ا هـ
وذكر قبله أن يجوز للمسلم شراؤه من حربي مستأمن لأن مفسدة التفريق عارضها أعظم منها وهو ذهابه إلى دار الحرب وفيه مفسدة الدين والدنيا أما الدين فظاهر وأما الدنيا فتعريضه للقتل والسبي ا هـ
وظاهره أنه يكره للمسلم شراؤه من كافر غير حربي لعدم هذه المفسدة المعارضة وهو موافق لما استوجهه فيما مر وعلى هذا فلا وجه لما في النهر من أن المراد بالحربي الكافر وبه ظهر أنه كان الأولى للشارح أي يقول كما في البحر أو كان البائع حربيا مستأمنا لمسلم فإنه لا يمنع المسلم من الشراء دفعا للمفسدة
قوله ( أو متعددا الخ ) أي إذا كان المالك متعددا بأن كان أحدهما لزيد والآخر لعمرو فلا بأس بالبيع وإن كان العبد الآخر لطفل المالك الأول أو لمكاتبه إذ الشرط اجتماعهما في ملك شخص واحد
قال في البزازية ولو أحدهما له والآخر لولده الصغير أو لمملوكه أو لمكاتبه أو مضاربه لا يكره التفريق ولو كلاهما له فباع أحدهما من ابنه الصغير يكره ا هـ
وبقي ما إذا كانت الشركة في كل منهما معا وظاهر القهستاني عدم الكراهة أيضا فليراجع
قوله ( فلا بأس ) جواب لقوله ولو الآخر لطفله على أن لو شرطية لا وصلية وإنما فصله عما قبله مصرحا بالجواب للتنبيه على أنه لا يكره وإن كان له ولاية على طفله بحيث يمكنه بيعهما معا بلا تفريق وإن كان له حق في مال مكاتبه بحيث يمكن عود الآخر إلى ملكه إذا عجز المكاتب فافهم
قوله ( أو تعدد محارمه الخ ) أي محارم الصغير كما لو كان له أخوان شقيقان مثلا أو عمان أو خالان أو أكثر فله بيع الزائد على الواحد منهم ويبقى الواحد مع الصغير ليستأنس به
وله بيع الصغير مع واحد منهم لا وحده
قال في الفتح وكذا لو ملك ستة إخوة ثلاثة كبارا وثلاثة صغارا فباع مع كل صغير كبيرا جازا استحسانا
قوله ( غير الأقرب ) حال من ما ا هـ ح فلو كان معه أخت شقيقة وأخت لأب وأخت لأم باع غير الشقيقة كما في الفتح
قوله ( والأبوين ) أي وغير الأبوين فإذا كان معه أبواه لا يبيع واحدا منهما هو الصحيح في المذهب كما في البحر عن الكفاية
قوله ( والملحق بهما ) كأخ لأب وأخ لأم أو خال وعم فالمدلى بقرابة الأم قام مقامها والمدلى بالأب كالأب وإذا كان الصغير أب وأم واجتمعوا في ملك واحد لا يفرق بين أحدهم فكذا هنا وكذا لو كان له عمة وخالة أو أم أب وأم أم لم يفرق بينه وبين أحدهما
جوهرة
قلت لكن الإلحاق بالأبوين إنما يعتبر عند عدم أحدهما لما في الفتح لو كان معه أم وأخ أو أم وعمة أو خالة ألأ أخ جاز بيع من سوى الأم في ظاهر الرواية وهو الصحيح لأن شفقة الأم تغني عمن سواها ولذا كانت أحق بالحضانة من غيرها والجدة كالأم فلو كان له جدة وعمة وخالة جاز بيع العمة والخالة ولو كان معه عمة وخالة لم يباعوا إلا معا لاختلاف الجهة مع اتحاد الدرجة ثم قال ولو ادعاه رجلان فصارا أبوين له ثم ملكوا جملة فالقياس أن يباع أحدهما لاتحاد جهتهما
وفي الاستحسان لا يباع لأن الأب في الحقيقة واحد فاحتمل كونه الذي بيع فيمتنع احتياطا فصار الأصل أنه إذا كان معه عدد أحدهم أبعد جاز بيعه وإن كانوا في درجة
____________________
(5/104)
وكانوا من جنسين مختلفين كالأب والأم والخالة والعمة لا يفرق ولكن يباع الكل أو يمسك الكل وإن كانوا من جنس واحد كالأخوين والعمين والخالين جاز أن يمسك مع الصغير أحدهما ويبيع ما سواه
ومثل الخال والعم أخ لأب وأخ لأم ا هـ
قوله ( كخروجه مستحقا ) بأن ادعى رجل أحدهما أنه له وأثبته
قوله ( بالجناية ) كأن قتل أحدهما رجلا خطأ ودفعه سيده بها
قوله ( وبيعه بالدين ) بأن كان مأذونا واستغرقه الدين
قوله ( لأن النظر الخ ) يعني أن المنظور إليه في منع التفريق دفع الضرر عن غيره وهو الصغير لا إلحاق الضرر به أي بالملك فلو منعنا التفريق هنا كان إلزاما للضرر بالمالك كذا في الفتح أي لأن المالك يتضرر بإلزامه الفداء لولي الجناية وإلزامه القيمة للغرماء وإلزامه المعيب من غير اختياره
زيلعي
قوله ( والزوجين ) أي ولو صغيرين زيلعي
قوله ( فالمستثنى أحد عشر ) كان الواجب تقديم هذه الجملة على قوله بخلاف الكبيرين والزوجين لعدم دخولهما في المستثنى منه ا هـ ح والأحد عشر الإعتاق توابعه بيعه ممن حلف بعتقه كون المالك كافرا كونه متعددا تعدد المحارم ظهوره مستحقا دفعه بجناية بيعه بالدين بيعه بإتلاف مال رده بعيب
وزاد في البحر ما إذا كان الصغير مراهقا ورضيت أمه ببيعه ا هـ ط
قلت في الفتح لو كان الولد مراهقا فرضي بالبيع واختاره ورضيته أمه جاز بيعه ا هـ
ويزاد أيضا ما في الفتح حيث قال ومن صور جواز التفريق ما في المبسوط إذا كان للذمي عبد له امرأة ولدت منه وأسلم العبد وولده الصغير فإنه يجبر الذمي على بيع العبد وابنه وإن كان تفريقا بينه وبين أمه لأنه يصير مسلما بإسلام أبيه فهذا تفريق بحق
قوله ( إلا من حربي ) لأن مفسدة التفريق عارضها أعظم منها كما قدمناه
قوله ( أيضا ) أي كما في البيع الفاسد وقدمنا عن الدرر أنه لا يجب فسخه وما ذكره الشارح عزاه في الفتح أول باب الإقالة إلى النهاية ثم قال وتبعه غيره وهو حق لأن رفع المعصية واجب بقدر الإمكان ا هـ
قلت ويمكن التوفيق بوجوبه عليهما ديانة
بخلاف البيع الفاسد فإنهما إذا أصرا عليه يفسخه القاضي جبرا عليهما
ووجهه أن البيع هنا صحيح ويملك قبل القبض ويجب فيه الثمن لا القيمة فلا يلي القاضي فسخه لحصول الملك الصحيح
قوله ( مجمع ) عبارته ويجوز البيع ويأثم ا هـ وليس فيه ذكر الفسخ
قوله ( مسلما ) أي رقيقا مسلما ط
قوله ( مع الإجبار الخ ) أي لرفع ذلك الكافر عن المسلم ولحفظ الكتاب عن الإهانة ط والله سبحانه أعلم
____________________
(5/105)
فصل في الفضولي نسبة إلى الفضول جمع الفضل أي الزيادة وفتح الفاء خطأ ولم ينسب إلى الواحد وإن كان هو القياس لأنه صار بالغلبة كالعلم لهذا المعنى فصار كالأنصاري والأعرابي
ط عن البناية
وفي المصباح وقد استعمل الجمع استعمال المفرد فيما لا خير فيه ولهذا نسب إليه على لفظه فقيل فضولي لمن يشتغل بما لا يعنيه لأنه جعل علما على نوع من الكلام فنزل منزلة المفرد قوله ( مناسبته ظاهرة ) هي توقف إفادة كل من الفاسد والموقوف الملك على شيء وهو القبض في الأول والأجازة في الثاني ح
قوله ( لأنه من صوره ) ووجهه أن المستحق يقول عند الدعوى هذا ملكي ومن باعك إنما باعك بغير إذن فهو عين بيع الفضولي ا هـ ح
قوله ( هو ) أي لغة ولم يصرح بذلك اكتفاء بقوله بعده واصطلاحا الخ فافهم
قوله ( يخشى عليه الكفر ) لأن الأمر بالمعروف وكذا النهي عن المنكر مما يعني كل مسلم وإنما لم يكفر لاحتمال أنه لم يرد أن هذا فضل لا خير فيه بل أراد أن أمرك لا يؤثر أو نحو ذلك
قوله ( بمنزلة الجنس ) فيدخل فيه الوكيل الوصي والولي والفضولي
منح
قوله ( خرج به نحو وكيل ووصي ) المراد خروج هذين وما شابههما لا هما فقط فهو نظير قولهم مثلك لا يبخل فالوكيل والوصي يتصرفان بإذن شرعي وكذا الولي والقاضي والسلطان فيما يرجع إلى بيت المال ونحوه وأمير الجيش في الغنائم
قوله ( كل تصرف الخ ) ضابط فيما يتوقف على الإجازة وما لا يتوقف
قوله ( صدر منه ) أي من الفضولي أو من المتصرف مطلقا
قوله ( كبيع وتزويج ) أشار إلى أن المراد بالتمليك ما يعم الحقيقي والحكمي
قوله ( أو إسقاط الخ ) أي إسقاط الملك مطلقا
قال في الفتح حتى لو طلق الرجل امرأة غيره أو أعتق عبده فأجاز طلقت وعتق وكذا سائر الإسقاطات للديون وغيرها ا هـ
تنبيه قال في البحر والظاهر من فروعهم أن كل ما صح التوكيل به إذا باشره الفضولي يتوقف إلا بالشراء بشرطه ا هـ
قال الخير الرملي أي من العقود والإسقاطات ليخرج قبض الدين
ففي جامع الفصولين من قبض دين غيره بلا أمره ثم أجاز الطالب لم يجز قائما أو هالكا ا هـ
قلت هذا أحد قولين ذكرهما في جامع الفصولين فإنه ذكر قبل ما مر رامزا إلى كتاب آخر ما نصه قال لمديون ادفع إلي ألفا لفلان فعسى يجيزه الطالب وأنا لست بوكيل عنه فدفع وأجاز الطالب يجوز ولو هلك بعد الإجازة هلك على الطالب ولو هلك ثم أجاز لا تعتبر الإجازة ا هـ
قوله ( من يقدر على إجازته ) كذا فسره في الفتح فأفاد أنه ليس المراد المجيز بالفعل بل المراد من له ولاية إمضاء ذلك الفعل من مالك أو لي كأب وجد ووصي وقاض كما مر بيانه قبيل باب المهر
وفي أحكام الصغار للاستروشني من مسائل النكاح عن فوائد صاحب المحيط صبية زوجت نفسها من كفء وهي تعقل النكاح ولا ولي لها فالعقد يتوقف على إجازة القاضي فإن كانت في موضع لم يكن فيه قاض
____________________
(5/106)
إن كان ذلك الموضع تحت ولاية قاضي تلك البلدة ينعقد ويتوقف على إجازة ذلك القاضي وإلا فلا ينعقد
وقال بعض المتأخرين ينعقد ويتوقف على إجازتها بعد البلوغ ا هـ
فهذا صريح في أن من ليس له ولي أو وصي خاص وكان تحت ولاية قاض فتصرفه موقوف على إجازة ذلك القاضي أو إجازته بعد بلوغه وهذا إذا كان تصرفا يقبل الإجازة احترازا عما إذا طلق أو أعتق كما يأتي وقد حررنا هذه المسألة قبيل كتاب الغصب من كتابنا تنقيح الفتاوى الحامدية فارجع إليه فإن فيه فوائد سنية قوله ( انعقد موقوفا ) أي على إجازة من يملك ذلك العقد ولو كان العاقد نفسه
بيانه ما في الرابع والعشرين من جامع الفصولين باعه أو زوجه بلا إذن ثم أجاز بعد وكالته جاز استحسانا باع مال يتيم ثم جعله القاضي وصيا له فأجاز ذلك البيع صح استحسانا ولو تزوج بلا إذن مولاه ثم أذن له في النكاح فأجاز ذلك النكاح جاز ولا يجوز إلا بإجازته ولو لم يأذن له لكنه عتق جاز بلا إجازة بعد عتقه ولو تزوج الصبي أو باع ثم أذن له وليه أو بلغ لم يجز إلا بإجازته
وتمام الفروع هناك فراجعه
قوله ( وما لا مجيز له ) أي وكل تصرف ليس له من يقدر على إجازته حالة العقد
قوله ( بيانه ) أي بيان هذا الضابط المذكور وهذا يفيد أن الضمير في قول المصنف كل تصرف صدر منه راجع للمتصرف لا للفضولي لأن الصبي هنا لا ينطبق عليه تعريف الفضولي المار لأنه يتصرف في حق نفسه إلا أن يجاب أن مباشرة العقد ليست حقه بل حق الولي ونحوه فالمراد بالحق في التعريف ما يشمل العقد كما أفاده ط
قوله ( صبي ) أي غير مأذون
قوله ( باع مثلا الخ ) أي تصرف تصرفا يجوز عليه لو فعله وليه في صغره كبيع وشراء وتزوج وتزويج أمته وكتابة قنه ونحوه فإذا فعله الصبي بنفسه يتوقف على إجازة وليه ما دام صبيا ولو بلغ قبل إجازة وليه فأجاز بنفسه جاز ولم يجز بنفس البلوغ بلا إجازة جامع الفصولين
قوله ( بخلاف ما لو طلق مثلا ) أي أو خلع أو حرر قنه مجانا أو بعوض أو وهب ماله أو تصدق به أو زوج قنه امرأة أو باع ماله محاباة فاحشة أو شرى شيئا بأكثر من قيمته فاحشا أو عقد عقدا مما لو فعله وليه في صباه لم يجز عليه فهذه كلها باطلة وإن أجازها الصبي بعد بلوغه لم تجز لأنه لا مجيز لها وقت العقد فلم تتوقف على الإجازة إلا إذا كان لفظ إجازته بعد البلوغ يصلح لابتداء العقد فيصح ابتداء لا إجازة كقوله أوقعت ذلك الطلاق أو العتق فيقع لأنه يصلح للابتداء جامع الفصولين
قوله ( وقف بيع مال الغير ) أي على الإجازة على ما بيناه وفي حكم الغير الصبي لو باع مال نفسه بلا إذن وليه كما علمت ثم إذا أجاز بيع الفضولي والثمن نقد فهو للمجيز أما لو كان عرضا فهو للفضولي لأنه صار مشتريا له وعليه قيمته للمجيز كما سيأتي
قوله ( لو الغير بالغا عاقلا الخ ) لم أر ذلك في الحاوي
ووجهه غير ظاهر إذا كان للصغير أو للمجنون ولي أو كان في ولاية قاض لأنه يصير عقدا له مجيز وقت العقد فيتوقف على أنه مخالف لما قدمناه عن جامع الفصولين من أنه لو باع مال يتيم ثم جعله وصيا له فأجاز ذلك البيع صح استحسانا فهذا صريح فى أنه انقعد موقوفا فإنه لو لم ينعقد أصلا لم يقبل الإجازة بعد ما صار وصيا ولعل ما في الحاوي قياس والعمل على الاستحسان
قوله ( وهذا ) أي التوقف المفهوم من قول المصنف وقف
قوله ( على أنه لمالكه الخ ) أي على أن البيع لأجل مالكه لا لأجل نفسه وهذا مأخوذ من البحر حيث قال ولو قال المصنف باع ملك غيره لمالكه لكان أولى لأنه لو باعه
____________________
(5/107)
لنفسه لم ينعقد أصلا كما في البدائع ا هـ
لكن صاحب المتن قال في منحه أقول يشكل على ما نقله شيخنا على البدائع ما قالوه من أن المبيع إذا استحق لا ينفسخ العقد في ظاهر الرواية بقضاء القاضي بالاستحقاق وللمستحق إجازته
وجه الإشكال أن البائع باع لنفسه لا للمالك الذي هو المستحق مع أنه توقف على الإجازة ويشكل عليه بيع الغاصب فإنه يتوقف على الإجازة فالظاهر ضعف ما في البدائع فلا ينبغي أن يعول عليه لمخالفته لفروع المذهب ا هـ
وذكر نحوه الخير الرملي ثم استظهر أن ما في البدائع رواية خارجة عن ظاهر الرواية
أقول يظهر لي أن ما في البدائع لا إشكال فيه بل هو صحيح لأن قول البدائع لو باعه لنفسه لم ينعقد أصلا معناه لو باعه من نفسه فاللام بمعنى من فهو المسألة الثانية من المسائل الخمس وحينئذ فمراد البدائع أو الموقوف ما باعه لغيره أما لو باعه لنفسه لم ينعقد أصلا فالخلل إنما جاء مما فهمه صاحب البحر من أن اللام للتعليل وأنه احتراز عما إذا باعه لأجل مالكه ولله در أخيه صاحب النهر حيث وقف على حقيقة الصواب فقال عند قول الكنز ومن باع ملك غيره يعني لغيره أما إذا باع لنفسه لم ينعقد كذا في البدائع ا هـ
لكنه لو عبر بمن بدل اللام لكان أبعد عن الإيهام وعلى كل فهو عين ما ظهر لي والحمد لله رب العالمين
قوله ( أو باعه من نفسه ) لأنه يكون مشتريا لنفسه وقد صرحوا بأن الواحد لا يتولى الطرفين في البيع
أفاده في المنح
قوله ( أو شرط الخيار للمالك ) قال في النهر وفي فروق الكرابيسي لو شرط الفضولي الخيار للمالك بطل العقد لأنه له بدون الشرط فيكون الشرط له مبطلا ا هـ
وكان ينبغي أن يكون الشرط لغوا فقط فتدبره ا هـ أي لأنه إذا كان للمالك الخيار في أن يجيز العقد أو يبطله
يكون اشتراطه لا فائدة فيه فيلغو وحيث لم يكن منافيا للعقد فينبغي أن لا يبطله
وظاهر التعليل أن المراد خيار الإجازة ومقتضى ما في الأشباه أن المراد به خيار الشرط حيث قال خيار الشرط داخل على الحكم لا البيع فلا يبطله إلا في بيع الفضولي
وقال البيري وتقييده بالمالك ليس بشرط بل إذا شرط الفضولي للمشتري له بأن قال اشتريت هذا لفلان بكذا على أن فلانا بالخيار ثلاثة أيام لا يتوقف كما في قاضيخان ومنية المفتي ا هـ
قلت ولعل وجهه أن الأصل فساد العقد بشرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه إلا في صور منها ورود النص به كشرط الخيار وفائدته التروي دفعا للغبن ومن وقع له عقد الفضولي يثبت له الخيار بلا شرط غير مقيد بمدة فكان اشتراط الخيار له ثلاثة أيام فقط مخالفا للنص لأنه لا فائدة فيه بل فيه ضرر بقصر المدة فلذا لم يتوقف على الإجازة بل بطل لضعف عقد الفضولي وإن كان الشرط الفاسد يقتضي الفساد لا البطلان هذا ما ظهر لي والله سبحانه أعلم
قوله ( المكلف ) قيد به لأن المالك إذا كان صبيا أو مجنونا فالبيع باطل وإن لم يشترط الخيار له فيه ا هـ ح
وهذا بناء على ما مر عن الحاوي وعلمت ما فيه
قوله ( أو باع عرضا الخ ) بيانه لرجل عبد وأمة فغصب زيد العبد وعمرو الأمة ثم باع زيد العبد من عمرو بالأمة فأجاز المالك البيع لم يجز
قال في البحر لأن فائدة البيع ثبوت ملك الرقبة والتصرف وهما حاصلان للمالك في البدلين بدون هذا العقد فلم ينعقد فلم تلحقه إجازة ولو غصبا من رجلين وتبايعا وأجاز المالكان جاز ولو غصبا النقدين من واحد وعقد الصرف وتقابضا ثم أجاز جاز لأن النقود لا تتعين في المعاوضات وعلى كل واحد من الغاصبين مثل ما غصب كذا في الفتح من آخر الباب ا هـ
قوله ( للمالك ) أي مالك العرض الأول وهو متعلق بمحذوف نعت العرض آخر فيكون كل من العرضين لمالك
____________________
(5/108)
واحد كما مشينا
قوله ( به ) متعلق بقوله باع والضمير عائد على العرض الآخر
قوله ( إلا في هذه الخمسة ) أي الأربعة المذكورة هنا ومسألة الحاوي هي الخامسة وقد علمت أن الخامسة ليست كذلك وكذلك مسألة بيعه على أنه لنفسه فبقي المستثنى ثلاثة فقط وهي الآتية عن الأشباه
قلت ويزاد ما في جامع الفصولين باع ملك غيره فشراه من مالكه وسلم إلى المشتري لم يجز والبيع باطل لا فاسد وإنما يجوز إذا تقدم سبب ملكه على بيعه حتى أن الغاصب لو باع المغصوب ثم ضمنه المالك جاز بيعه أما لو شراه الغاصب من مالكه أو وهبه له أو ورثه منه لا ينفذ بيعه قبله ولو غصب شيئا وباعه فإن ضمنه المالك قيمته يوم الغصب جاز بيعه لا لو ضمنه قيمته يوم البيع ا هـ
فهاتان مسألتان فرجعت المسائل المستثناة خمسا لكن في الأخيرة كلام سيأتي
قوله ( نفذ عليه ) أي على المشتري لو أشهد أنه يشتريه لفلان وقال فلان رضيت فالعقد للمشتري لأنه إذا لم يكن وكيلا بالشراء وقع الملك له فلا اعتبار بالإجازة بعد ذلك لأنها إنما تلحق الموقوف لا النافذ فإن دفع المشتري إلي العبد وأخذ الثمن كان بيعا بالتعاطي بينهما وإن ادعى فلان أن الشراء كان بأمره وأنكر المشتري فالقول لفلان لأن الشراء بإقراره وقع له
بحر عن البزازية
قوله ( فيوقف ) أي على إجازة من شرى له فإن أجاز جاز وعهدته على المجيز لا على العاقد وهذا لأن الشراء إنما لا يتوقف إذا وجد نفاذا ولا ينفذ هنا على العاقد
أفاده في جامع الفصولين
قوله ( هذا ) أي نفاذ الشراء على الفضولي الغير المحجور
قوله ( فقال البائع بعته لفلان ) أي وقال الفضولي اشتريت لفلان كما في البزازية وغيرها لأن قوله بع أمر لا يصلح إيجابا
وفي الفتح قال اشتريته لأجل فلان فقال بعت أو قال المالك ابتداء بعته منك لأجل فلان فقال اشتريت لم يتوقف لأنه وجد نفاذا على المشتري لأنه أضيف إليه ظاهرا وقوله لأجل فلان يحتمل لأجل شفاعته أو رضاه ا هـ
وذكر في البزازية كذلك ثم قال والصحيح أنه إذا أضيف العقد في أحد الكلامين إلى فلان يتوقف على إجازته وأقره في البحر لكن في البزازية أيضا لو قال اشتريت لفلان وقال البائع بعت منك الأصح عدم التوقف ا هـ
وظاهره أنه ينفذ على المشتري لكن نقل في البحر هذه الأخيرة عن فروق الكرابيسي وقال بطل العقد في أصح الروايتين لأنه خاطب المشتري فرده لغيره فلا يكون جوابا فكان شطر العقد بخلاف قوله بعته لفلان فقال اشتريت له أو قبلت ولم يقل له وقوله بعت من فلان فقال اشتريت لأجله أو قبلت فإنه يتوقف لإضافته إلى فلان في الكلامين
قال في النهر وعلى هذا فالاكتفاء بالإضافة في أحد الكلامين بأن لا يضاف إلى الآخر ا هـ
وحاصله أن ما مر عن البزازية من تصحيح التوقف بالإضافة إلى فلان في أحد الكلامين محمول على ما إذا لم يضف العقد في أحد الكلامين إلى المشتري فلا ينافي ما صححه في الفروق وعليه فلو أضيف في أحدهما إلى المشتري وفي الآخر إلى فلان بطل العقد كقوله بعت منك فقال اشتريت لفلان أو بالعكس لأن الكلام الثاني لا يصلح قبولا للإيجاب لكن لا يخفى أن صريح تصحيح البزازية أنه إذا أضيف إلى فلان في أحد الكلامين يتوقف والمفهوم من تصحيح الفروق أنه لا يتوقف إلا إذا أضيف إليه في الكلامين وهو المفهوم من كلام الفتح السابق فصار الحاصل أنه إذا أضيف إلى فلان في الكلامين توقف على إجازته وإلا نفذ عن المشتري ما لم يضف إلى الآخر
____________________
(5/109)
صريحا فيبطل ووقع في بعض الكتب هنا اضطراب وعدول عن الصواب كما يعلم من مراجعة نور العين وهذا ما يحصل لي بعد التأمل والله سبحانه أعلم
قوله ( بزازية وغيرها ) يوجد هنا في بعض النسخ زيادة نقلت من نسخة الشارح ونصها قيد ببيعه لمالكه لأن بيعه لنفسه باطل كما في البحر والأشباه عن البدائع كأنه لأنه غاصب وكذا من نفسه لأن الواحد لا يتولى طرفي البيع إلا الأب كما مر
وعبارة الأشباه وبيع الفضولي موقوف إلا من ثلاث فباطل إذا باع لنفسه بدائع
وإذا شرط الخيار فيه للمالك تلقيح
وإذا باع عرضا من غاصب عرض آخر للمالك به
فتح
لكن ضعف المصنف الأولى لمخالفتها لفروع المذهب لتصريحهم بأن بيع الغاصب موقوف وبأن المبيع إذا استحق فللمستحق إجازته على الظاهر مع أن البائع باع لنفسه لا للمالك الذي هو المستحق مع أنه توقف على الإجازة
وأما الثانية ففي النهر وينبغي إلغاء الشرط فقط
قلت وحاصله كما قاله شيخنا إن بيعه موقوف ولو لنفسه على الصحيح ا هـ
لكن في حاشية الأشباه لابن المصنف
وردت مسألتين من الحاوي وهما بيع الفضولي مال صغير ومجنون لا ينعقد أصلا وهذا آخر ما وجدته من الزيادة ولا يخفى ما فيها من التكرار وكأن الشارح قصد أن يعدل إليها عما كتبه أولا من قوله أما لو باعه إلى قوله قيد البيع
قوله ( المحجورين ) أخرج المأذونين فلا يتوقف بيعهما ط
قوله ( وكذا المعتوه ) أي حكمه في البيع كحكم الصبي والعبد المحجورين ط
قوله ( وسنحققه في الحجر ) حيث قال وصح طلاق عبد وإقراره في حق نفسه فقط لا سيده فلو أقر بمال آخر إلى عتقه لو لغير مولاه ولو له هدر وبحد وقود أقيم في الحال لبقائه على أصل الحرية في حقهما ومن عقد عقدا يدور بين نفع وضرر من هؤلاء المحجورين وهو يعقله أجاز وليه أو رد وإن لم يعقله فباطل وإن أتلفوا شيئا ضمنوا لكن لا ضمان العبد بعد العتق ا هـ
وبه ظهر أن قول العمادية لاتنعقد الخ ليس على إطلاقه وإن مراده بلا تنعقد لا تنفذ فيشمل ما ينعقد موقوفا وما لا ينعقد أصلا فلا يخالف ما في المتن
قوله ( ووقف بيع ماله من فاسد عقل الخ ) كذا في الدرر وفي أول البيع الفاسد من البحر عن الخلاصة وبيع غير الرشيد موقوف على إجازة القاضي ا هـ
وهذا أولى لأن الكلام في توقف المبيع
أما على ما في المتن فالموقوف شراء فاسد العقل
أما البيع الصادر من الرشيد فغير موقوف ولذا قال في الشرنبلالية هذا التركيب فيه نظر
والمسألة من الخانية الصبي المحجور إذا بلغ سفيها يتوقف بيعه وشراؤه وعلى إجازة الوصي أو القاضي
وفي الخلاصة إذا باع ماله وهو غير رشيد يتوقف على إجازة القاضيا هـ
قلت وهذا على قولهما أما على قول الإمام فتصرفه صحيح كما سيأتي في بابه
الخ ) مطلب في بيع المرهون المستأجر أي فإن إجازة المرتهن والمستأجر نفذ وهل يملكان الفسخ قيل لا وهو الصحيح وقيل يملكه المرتهن دون المستأجر لأن حقه في المنفعة ولذا لو هلكت العين لا يسقط دينه وفي الرهن يسقط وتمامه في البحر
وجزم في الخانية بالثاني لكن في حاشية الفصولين للرملي على الزيلعي لا يملك المرتهن الفسخ في أصح الروايتين ا هـ
وليس للراهن والمؤجر الفسخ
وأما المشتري فله خيار الفسخ إن لم
____________________
(5/110)
يعلم بالإجارة والرهن عند أبي يوسف وعندهما له ذلك وإن علم وعزى كل منهما إلى ظاهر الرواية كما في الفتح لكن في حاشية الفصولين للرملي عن الولوالجية أن قولهما هو الصحيح وعليه الفتوى بقي لو لم يجز المستأجر حتى انفسخت الإجارة نفذ البيع السابق وكذا ا لمرتهن إذا قضى دينه كما في جامع الفصولين
وفهي أيضا عن الذخيرة البيع بلا إذن المستأجر نفذ في حق البائع والمشتري لا في حق المستأجر فلو سقط حق المستأجر عمل ذلك البيع ولا حاجة إلى التجديد وهو الصحيح ولو أجازه المستأجر نفذ في حق الكل ولا ينزع من يده ليصل إليه ماله إذ رضاه بالبيع يعتبر لفسخ الإجارة لا للانتزاع من يده
وعن بعضنا أنه لو باع وسلم أجازهما المستأجر بطل حتى حبسه ولو أجاز البيع لا التسليم لا يبطل حق حبسه ا هـ
تنبيه لو بيع المستأجر من مستأجره لا يتوقف كما علم مما ذكرناه وبه صرح في الفصولين وغيره
وفيه باع المستأجر ورضي المشتري أن لا يفسخ الشراء إلى مضي مدة الإجارة ثم يقبضه من البائع فليس له مطالبة البائع بالتسليم قبل مضيها ولا للبائع مطالبة المشتري بالثمن ما لم يجعل المبيع بمحل التسليم
قوله ( ومزارع ) صورته كما في ح عن الفتاوى الهندية إذا دفع أرضه مزارعة مدة معلومة على أن يكون البذر من قبل العامل فزرعها العامل أو لم يزرع فباع صاحب الأرض الأرض يتوقف على إجازة المزارع ا هـ
أي لأنه في حكم المستأجر للأرض
وأما لو كان البذر من المالك فينفذ لو لم يزرع لأن المزارع أجير له ولو زرع لا لتعلق حق المزارع
وتمامه في جامع الفصولين
قوله ( نفذ ) حقه أن يقول توقف لأنه إذا علم في المجلس توقف على إجازته فيخير بين أخذه وتركه لأن الرضا لم يتم قبله لعدم العلم فيتخير كما في خيار الرؤية كما ذكره في البحر من المرابحة
قوله ( وإلا بطل ) المناسب لما بعده وإلا فسد
قوله ( قلت الخ ) استدراك على المصنف فإن مفاد كلامه أن المتوقف صحته أي أن صحيح له عرضية الفساد فهو مبني على الضعيف ويمكن حمل كلام المصنف على ما بعد العلم في المجلس
قوله ( وبيع المبيع من غير مشتريه ) قال في الدرر صورته باع شيئا من زيد ثم باعه من بكر لا ينعقد الثاني حتى لو تفاسخا الأول لا ينعقد الثاني لكن يتوقف على إجازة المشتري إن كان بعد القبض وإن كان قبله في المنقول لا وفي العقار على الخلاف ا هـ
قوله أولا لا ينعقد الثاني معناه لا ينفذ بقرينة الاستدراك عليه بقوله لكن يتوقف الخ وأراد بالخلاف ما سيأتي في فصل التصرف من أن بيع العقار قبل قبضه صحيح عندهما لا عند محمد فهو عنده كبيع المنقول
واعترضه في الشرنبلالية بما حاصله أن الخلاف الآتي إنما هو فيما إذا اشترى عقارا فباعه قبل قبض والكلام هنا في بيع البائع
قلت لا يخفى أن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة فالبيع في الحقيقة من المشتري ولذا قال في جامع الفصولين شراه ولم يقبضه حتى باعه البائع من آخر بأكثر فأجازه المشتري لم يجز لأنه بيع ما لم يقبض ا هـ
فاعتبره بيعا من جانب المشتري قبل قبضه فافهم
وظاهره أنه يبقى على ملك المشتري الأول ويأتي تمامه في فصل التصرف في المبيع
قوله ( لدخوله في بيع مال الغير ) لا يخفى أن في هذه الصورة تفصيلا وفرقا بين الإجازة قبل القبض أو بعده وهو محتاج للتنبيه عليه بخلاف غيرها من بيع مال الغير فالأولى ذكرها كما فعل في الدرر
قوله ( وبيع المرتد ) فإنه موقوف عند الإمام على الإسلام ولا يتوقف عندهما ط
قوله ( إن علم في المجلس صح ) أي وله الخيار
شرنبلالية عند قوله والبيع بما باع فلان والظاهر أن المسائل بعده كذلك
قوله ( وإلا بطل ) غير مسلم لأنه
____________________
(5/111)
فاسد يملك بالقبض شرنبلالية
قوله ( وبيع فيه خيار المجلس كما مر ) الذي مر أول البيوع أنه إذا أوجب أحدهما فللآخر القبول في المجلس لأن خيار القبول مقيد به فإذا قبل فيه لزم البيع بلا خيار إلا لعيب أو رؤية خلافا للشافعي فإن كان المراد خيار القبول ففيه كما قال الواني إن البيع الموقوف إنما يكون بعد الإيجاب والقبول وإن كان المراد خيار الشرط ففي الشرنبلالية أنه ليس من الموقوف والخيار المشروط المقدر بالمجلس صحيح وله الخيار ما دام فيه
وإذا شرط الخيار ولم يقدر له أجل كان له الخيار بذلك المجلس فقط كما في الفتح ا هـ
وبيانه أن الموقوف مقابل للنافذ وما فيه خيار مقابل للازم فما فيه خيار غير لازم لا موقوف لكن قد يقال إن لزومه موقوف على إسقاط الخيار فيصح وصفه بالموقوف لكن على هذا لا حاجة للتقييد بالمجلس بل كان عليه أن يقول وبيع فيه خيار الشرط ليشمل ما كان مقيدا بالمجلس وغيره ولئلا يتوهم منه خيار القبول
ثم إن ما تقله الشرنبلالي عن الفتح مخالف لما قدمه الشارح من أن خيار الشرط ثلاثة أيام أو أقل وأنه يفسد عند إطلاق أو تأبيد وقدمنا هناك أنه إذا أطلق عن التقييد بثلاثة أيام إنما يفسد إذا أطلق وقت العقد
أما لو باع بلا خيار ثم لقيه بعد مدة فقال له أنت بالخيار فله الخيار ما دام في المجلس كما في البحر عن الولوالجية وغيرها وحمل عليه في البحر كلام الفتح
قوله ( على إجازة المالك ) فلو تداولته الأيدي فأجاز عقدا من العقود جاز ذلك العقد خاصة كما سيأتي تحريره
وفي جامع الفصولين لو باعه الغاصب ثم ضمنه مالكه جاز البيع ولو شراه غاصبه من مالكه أو وهبه منه أو ورثه لم ينفذ بيعه قبل ذلك
قوله ( يعني إذ باعه لمالكه الخ ) تبع في ذلك المصنف مع أن المصنف ذكر فيها مر أن هذا مخالف لفروع المذهب فلا فرق بين بيعه لمالكه أو لنفسه وقد علمت الكلام على ما في البدائع
قوله ( على البينة ) أي إن أنكر الغاصب ط
قوله ( وبيع ما في تسليمه ضرر ) كبيع جذع من السقف سواء كان معينا أو لا على ما في النهر عن الفتح وقد علم أن المراد تعداد الموقوف ولو صدر فاسدا فإن البيع في هذه الصورة فاسد موقوف ط
قوله ( وبيع المريض لوارثه ) أي ولو بمثل القيمة وهذا عنده وعندهما يجوز ويخير المشتري بين فسخ وإتمام لو فيه غبن أو محاباة قلت أو كثرت كذا وصى الميت له باعه من الوارث فهو على هذا الخلاف وكذا وارث صحيح بايع من مورثه المريض فهو على هذا الخلاف عنده لم يجز ولو بقيمته وعندهما يجوز جامع الفصولين
قوله ( على إجازة الباقي ) أو على صحة المريض فإن صح من مرضه نفذ وإن مات منه ولم تجز الورثة بطل
فتح
قوله ( على إجازة الغرماء ) عزاه في البحر إلى الزيلعي ومثله في جامع الفصولين
قوله ( وبيع أحد الوكيلين ) عزاه في البحر إلى وكالة الزيلعي ثم ذكر أحد الوصيين أو الناظرين وقال توقف على إجازة الآخر أخذا من الوكيلين ولم أرهما الآن صريحا ا هـ
____________________
(5/112)
مطلب البيع الموقوف نيف وثلاثون قوله ( وأوصله ) أي البيع الموقوف
قوله ( إلى نيف وثلاثين ) أي ثمان وثلاثين ذكر المصنف والشارح منها ثلاثة وعشرون صورة
ذكر في النهر بيع غير الرشيد فإنه موقوف على إجازة القاضي
والذي ذكره المصنف هنا البيع منه وبيع البائع المبيع بعد القبض من غير المشتري فإنه يتوقف على إجازة المشتري وما شرط فيه الخيار أكثر من ثلاث فإن الأصح أنه موقوف وشراء الوكيل نصف عبد وكل في شراء كله فإنه موقوف إن اشترى الباقي قبل الخصومة نفد على الموكل وبيع نصيبه من مشترك بالخلط أو الاختلاط فإنه موقوف على إجازة شريكه وتقدم ذلك أول كتاب الشركة وبيع المولى عبده المأذون فإن موقوف على إجازة الغرماء وكذا بيعه أكسابه وبيع وكيل الوكيل بلا إذن فإنه موقوف على إجازة الوكيل الأول وبيع الصبي بشرط الخيار إذا بلغ الصبي في المدة والبيع بما حل به أو بما يريده أو بما يحب أو برأس ماله أو بما اشتراه ا هـ أي فإنه يتوقف على بيانه في المجلس كما تقدم نظيره ط
قوله ( قبول الإجازة ) أي ولو تداولته الأيدي كما قدمناه آنفا
قوله ( من المالك ) أفاد أنه لا تجوز إجازة وارثه كما يذكره قريبا ويغني عن هذا تصريح المصنف بأن من شروط الإجازة قيام صاحب المتاع
قوله ( بأن لا يتغير المبيع ) علم منه حكم هلاكه بالأولى فإن لم يعلم حاله جاز البيع في قول أبي يوسف أو لا وهو قول محمد لأن الأصل بقاؤه ثم رجع أبو يوسف وقال لا يصلح حتى يعلم قيامه عند الإجازة لأن الشك وقع في شرط الأجازة فلا يثبت مع الشك
فتح ونهر ولو اختلفا في وقت الهلاك فالقول للبائع أنه هلك بعد الإجازة لا للمشتري أنه هلك قبلها كما في جامع الفصولين
قوله ( بحيث يعد شيئا آخر ) بيان للمنفي وهو التغير فلو صبغه المشتري فأجاز المالك البيع جاز ولو قطعه وخاطه ثم أجاز لا يجوز لأنه صار شيئا آخر
منح ودرر ومثله في التتارخانية عن فتاوى أبي الليث ويخالفه ما في البحر والبزازية أنه لو أجازه بعد الصبغ لا يجوز
تأمل
وفي جامع الفصولين باع دارا فانهدم بناؤها ثم أجاز يصح لبقاء الدار ببقاء العرصة
قوله ( لأن إجازته كالبيع حكما ) أي ولا بد في البيع من قيام هذه الثلاثة
قوله ( لو كان عرضا معينا ) بأن كات بيع مقايضة
فتح
وقيده بالتعيين لأن الاحتراز عن الدين إنما يحصل به فإن العرض قد يكون دينا على ما ستقف عليه
ابن كمال أي كالسلم
قوله ( فيكون ملكا للفضولي ) أي فإذا هلك يهلك عليه ط
وإنما توقف على الإجازة لأن إجازة المالك إجازة عقد لا إجازة عقد بمعنى أن المالك أجاز للبائع أن ينقد ما باعه ثمنا لما ملكه بالعقد لا إجازة عقد لأن العقد لازم على الفضولي كما في العناية
قال في البحر لأنه لما كان العوض متعينا كان شراء من وجه والشراء لا يتوقف بل ينفذ على المباشر إن وجد نفاذا فيكون ملكا له وبإجازة المالك لا ينتقل إليه بل تأثير إجازته في النقد لا العقد ثم يجب على الفضولي مثل المبيع إن كان مثليا وإلا فقيمته لأنه لما صار البدل له صار مشتريا لنفسه بمال الغير مستقرضا له في ضمن الشراء فيجب عليه رده كما لو قضى دينه بمال الغير
واستقراض غير المثلي جائز ضمنا وإن لم يجز قصدا ألا ترى أن الرجل إذا تزوج امرأة على عبد
____________________
(5/113)
الغير صح ويجب عليه قيمته
قوله ( أمانة في يد الفضولي ) فلو هلك لا يضمنه كالوكيل لأن الإجازة اللاحقة كالوكلة السابقة من حيث إنه صار بها تصرفه نافذا وإن لم يكن من كل وجه فإن المشتري من المشتري من الفضولي إذا أجاز المالك لا ينفذ بل يبطل بخلاف الوكيل وتمامه في الفتح وأطلقه فشمل ما إذا هلك قبل تحقق الإجازة أو بعده كما يأتي بيانه
فرع لو أراد المشتري استرداد الثمن منه بعد دفعه له على رجاء لم يملك ذلك
ذكره في المجتبى آخر الوكالة
رملي على الفصولين
قوله ( وحكمه أيضا الخ ) تبع في ذلك المصنف وهو عدول عن ظاهر المتن فإن الظاهر منه أن قوله وأخذ الثمن مبتدأ وقوله الآتي إجازة خبره وهذا أولى كما يفيده قوله الآتي عن العمادية ويكون إجازة أفاده ط
قوله ( أخذ المالك الثمن ) الظاهر أن أل للجنس فيكون أخد بعضه إجازة أيضا لدلالته على الرضا ولتصريحهم في نكاح الفضولي بأن قبض بعد المهر إجازة
أفاده الرملي عن المصنف
قوله ( وهل للمشتري الخ ) كان الأولى ذكر هذه الجملة بتمامها عقب ما قدمه عن الملتقى لأن ذاك فيما إذا وجدت الإجازة وهذا فيما إذا لم توجد
وحاصله أنه إذا لم توجد الإجازة يبقى الثمن غير العرض على ملك المشتري فإذا هلك في يد الفضولي هل يضمنه للمشتري ففي شرح الوهبانية قال في القنية بعد أن رمز للقاضي عبد الجبار والقاضي البديع اشترى من فضولي شيئا ودفع إليه الثمن مع علمه بأنه فضولي ثم هلك الثمن في يده ولم يجز المالك البيع فالثمن مضمون على الفضولي
ثم رمز القاضيخان وقال رجع على الفضولي بمثل الثمن ثم رمز لبرهان صاحب المحيط وقال لا يرجع عليه بشيء ثم رمز لظهير الدين المرغيناني وقال إن علم أنه فضولي وقت أداء الثمن يهلك أمانة
ذكره في المنتقى
قال البديع وهو الأصح ا هـ
وعلة تصحيح كونه أمينا أن الدفع إليه مع العلم بكونه فضوليا صيره كالوكيل ا هـ
قوله ( واعتمده ابن الشحنة ) كأنه أخذ اعتماده له من ذكر علة التصحيح المذكورة
تأمل
قوله ( وأقره المصنف )
قلت وبه جزم في البزازية وجامع الفصولين وعزاه في شرح الملتقى إلى القهستاني عن العمادية
قوله ( وجزم الزيلعي وابن ملك الخ ) حيث قالا وإذا أجاز المالك كان الثمن مملوكا له أمانة في يد الفضولي بمنزلة الوكيل حتى لا يضمن بالهلاك في يده سواء هلك بعد الإجازة أو قبلها لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة ا هـ
وبه علم أن قول الشارح مطلقا معناه سواء هلك قبل الإجازة أو بعدها فافهم
ثم اعلم أن المتبادر من كلام الزيلعي وابن ملك أن المراد إذا وجدت الإجازة لا يضمن الفضولي الثمن سواء هلك قبلها أو بعدها لأن الثمن غير العرض يصير ملكا للمجيز لأن الفضولي بالإجازة اللاحقة صار كالوكيل فيكون الثمن في يده أمانة قبل الهلاك من حين قبضه فيهلك على المجيز وإن كانت الإجازة بعد الهلاك والمتبادر من كلام القنية أن الإجازة لم توجد أصلا لا قبل الهلاك ولا بعده فلذا اختلف المشايخ في ضمانه وعدمه
وأما ما ذكره الزيلعي وابن ملك فلا وجه للاختلاف فيه فلا منافاة بين النقلين هذا ما ظهر لي فتدبره
وبقي ما إذا هلك
____________________
(5/114)
الثمن العرض في يد الفضولي قبل الإجازة ففي جامع الفصولين يبطل العقد ولا تلحقه الإجازة ويضمن للمشتري مثل عرضه أو قيمته لو قيميا لأنه قبضه بعقد فاسد ا هـ
تتمة لم يذكر حكم هلاك المبيع وذكره في جامع الفصولين
وحاصله أنه لو هلك قبل الإجازة فإن كان قبل قبض المشتري بطل العقد وإن بعده لم يجز بالإجازة وللمالك تضمين أيهما شاء وأيهما اختار تضمينه ملكه ويبرأ الآخر فلا يقدر على أن يضمنه ثم إن ضمن المشتري بطل البيع لأن أخذ القيمة كأخذ العين وللمشتري أن يرجع على البائع بثمنه لا بما ضمن وإن ضمن البائع فإن كان قبض البائع مضمونا عليه أي بأن قبضه بلا إذن مالكه نفذ بيعه بضمانة وإن كان قبضه أمانة وإنما صار مضمونا عليه بالتسليم بعد البيع لا ينفذ بيعه بضمانة لأن سبب ملكه تأخر عن عقده
وذكر محمد في ظاهر الرواية أن البيع يجوز بتضمين البائع وقيل تأويله أنه سلم أولا حتى صار مضمونا عليه ثم باعه فصار كمغصوب ا هـ
قوله ( بئسما صنعت ) قال في جامع الفصولين هو إجازة في نكاح وبيع وطلاق وغيرها كذا روي عن محمد
وفي ظاهر الرواية هو رد وبه يفتي ا هـ
والظاهر أن مثله أسأت
قوله ( على المختار ) أي في أحسنت وأصبت ومقابله ما في الخانية من أنه ليس إجازة لأنه يذكر للاستهزاء
وفي الذخيرة أن فيه روايتين
وفي جامع الفصولين أحسنت أو وفقت أو كفيتني مؤنة البيع أو أحسنت فجزاك الله خيرا ليس إجازة لأنه يذكر للاستهزاء إلا أن محمدا قال إن أحسنت أو أصبت إجازة استحسانا
أقول ينبغي أن يفصل فإن قاله جدا فهو إجازة لا لو قاله استهزاء ويعرف بالقرائن ولو لم توجد ينبغي أن يكون إجازة إذ الأصل هو الجد ا هـ
وفي حاشيته للرملي عن المصنف أن المختار ما ذكره من التفصيل كما أفصح عنه البزازي
قوله ( لو المبيع قائما ) ذكره لأنه تتمة عبارة العمادية وإلا فالكلام فيه
قوله ( بيع الآجر ) بالجيم المكسورة
قوله ( جاز ) لأنه بعدم إجازته لا ينفسخ لما مر من أن المستأجر لا يملك الفسخ
قوله ( بالفعل وبالقول ) الأول من قوله أخذ الثمن والثاني من قوله أو طلبه وما بعده
وفي جامع الفصولين لو أخذ المالك بثمنه خطأ من المشتري فهو إجازة لا لو سكت عند بيع الفضولي بحضرته ا هـ
وسيذكر الشارح مسألة السكوت آخر الفصل
قوله ( وإن للمالك الخ ) استفيد ذلك من قول المصنف وحكمه قبول الإجازة فإن المراد إجازة المالك كما مر فإنه يفيد أن له الفسخ أيضا وأن المشتري والفضولي ليس لهما الإجازة فافهم
قوله ( وللمشتري الفسخ ) أي قبل إجازة المالك تحرزا عن لزوم العقد
بحر
وهذا عند التوافق على أن المالك لم يجز البيع ولم يأمر به فلا ينافي قول المصنف الآتي باع عبد غيره بغير أمره الخ
هذا وذكر في الفتح وجامع الفصولين في باب الاستحقاق ولو استحق فأراد المشتري نقض البيع بلا قضاء ولا رضا البائع لا يملكه لأن احتمال إقامة البينة على النتاج من البائع أو على التلقي من المستحق ثابت إلا إذا حكم القاضي فيلزم العجز فينفسخ ا هـ
وقد مر أول الفصل أن الاستحقاق من صور بيع الفضولي فينبغي تقييد قوله وللمشتري الفسخ بالرضا أو القضاء
تأمل
قوله ( وكذا للفضولي قبلها ) أي قبل إجازة المالك ليدفع الحقوق عن
____________________
(5/115)
نفسه فإنه بعد الإجازة يصير كالوكيل فترجع حقوق العقد إليه فيطالب بالتسليم ويخاصم بالعيب وفي ذلك ضرر عليه فله دفعه عن نفسه قبل ثبوته
قوله ( لا النكاح ) أي ليس للفضولي في النكاح الفسخ بالقول ولا بالفعل لأنه معبر محض فبالإجازة تنتقل العبارة إلى المالك فتصير الحقوق منوطة به لا بالفضولي
وفي النهاية أن له الفسخ بالفعل بأن زوج رجلا امرأة ثم أختها قبل الإجازة فهو فسخ للأول وفي الخانية خلافه
بحرملخصا
قوله ( خير المشتري في حصته ) أي حصة المجيز لأن المشتري رغب في شرائه ليسلم له جميع المبيع فإذا لم يسلم يخير لكونه معيبا بعيب الشركة وألزمه محمد بها لأنه رضي بتفريق الصفقة عليه ليعلمه أنهما قد لا يجتمعان على الإجازة شرح المجمع
قوله ( فالمعتبر إجازته ) ولو بدأ بالرد ثم أجاز فالمعتبر ما بدأ به رملي على الفصولين
قوله ( مطلقا ) أي علم المالك بالثمن أو لم يعلم
وأجاب صاحب الهداية أنه إذا علم بالحط بعد الإجازة فله الخيار بين الرضا والفسخ
بحر عن البزازية
فروع في الفصولين أمره ببيعه بمائة دينار فباعه بألف درهم فقال المالك قبل العلم أجزت جاز بألف درهم وكذا النكاح لا لو قال أجزت ما أمرتك به
برهن المالك على الإجازة ليس له أخذ الثمن من المشتري إلا إذا ادعى الفضولي وكله بقبضه
مات العبد في يد المشري ثم ادعى المالك الأمر أو الإجازة فإن قال كنت أمرته به صدق ولو قال بلغني فأجزته لم يصدق إلا ببينة وكذا لو زوج الكبيرة أبوها ومات زوجها فطلبت الإرث وادعت الأمر أو الإجازة
قوله ( اشترى من غاصب عبدا ) لو قال من فضولي لكان أولى لأنه إذا لم يسلم المبيع لم يكن غاصبا مع أن الحكم كذلك ولعله إنما ذكره لأجل قوله أو باعه فإن بيع العبد قبل قبض فاسد
أفاده في البحر
وصورة المسألة زيد باع عبد رجل بلا إذنه من عمرو فأعتق عمرو العبد أو باعه من بكر فأجاز المالك بيع زيد أو ضمنه أو ضمن عمرا المشتري وهو المعتق نفذ عتق عمر وإن كان أعتقه وأما إن كان باعه فلا ينفذ البيع
قوله ( فأجاز المالك بيغ الغاصب ) قيد به لأنه لو أجاز بيع المشتري منه وهو بيع عمرو لبكر جاز
قال في جامع الفصولين رامزا للمبسوط لو باعه المشتري من غاصب ثم وثم حتى تداولته الأيدي فأجاز مالكه عقدا من العقود جاز ذلك العقد خاصة لتوقف كلها على الإجازة فإذا أجاز عقدا منها جاز ذلك خاصة ا هـ
وبه ظهر أن بيع المشتري من الغاصب موقوف
وأما ما في البحر والنهر عن النهاية والمعراج من أنه باطل فهو مخالف لما في جامع الفصولين وغيره من الكتب كما حرره الخير الرملي في حاشية البحر
قوله ( أو أدى الغاصب الضمان إلى المالك على الأصح
هداية ) وتبعه في البناية خلافا لما في لزيلعي من أنه لا ينفذ بأداء الضمان من الغاصب وينفذ بأدائه من المشتري
أفاده في البحر
قوله ( نفذ الأول ) هذا عندهما
وقال محمد لا يجوز عتقه أيضا لأنه لم يملكه
قوله ( وهو البيع ) أي بيع المشتري من الغاصب أما بيع الغاصب فإنه ينفذ بإجازة المالك وكذا بالتضمين
وفي جامع الفصولين وإنما يجوز لو تقدم سبب ملكه
____________________
(5/116)
على بيعه حتى أن غاصبه لو باعه ثم ضمنه مالكه جاز بيعه ولو شراه غاصبه من مالكه أو وهبه منه أو ورثه لم ينفذ بيعه قبل ذلك إذا الغصب سبب الملك عند الضمان وليس بسبب البيع أو الهبة أو الإرث فبقي السبب وهو البيع والهبة والإرث متأخرا عن البيع ويجوز بيعه لو ضمنه قيمته يوم غصبه لا يوم بيعه ا هـ
ثم ذكر أنه لم يفصل بين قيمة وقيمة في عامة الروايات
قوله ( لأن الإعتاق الخ ) علة لنفاذ الإعتاق وأما عدم نفاذ البيع فلبطلانه بالإجازة لأنه يثبت بها الملك للمشتري باتا
مطلب إذا طرأ ملك بات على موقوف أبطله والملك البات إذا ورد على الموقوف أبطله وكذا لو وهبه مولاه للغاصب أو تصدق به عليه أو مات فورثه فهذا كله يبطل الملك الموقوف
وأورد عليه أن بيع الغاصب ينفذ بأداء الضمان مع أنه طرأ ملك بات للغاصب على ملك المشتري الموقوف
وأجيب بأن ملك الغاصب ضروري أداء الضمان فلم يظهر في إبطال ملك المشتري
بحر
وأجاب في حواشي مسكين بأن هذا غير وارد لأن الأصل المذكور ليس على إطلاقه لما في البزازية عن القاعدي ونصه الأصل أن من باشر عقدا في ملك الغير ثم ملكه ينفذ لزوال المانع كالغاصب باع المغصوب ثم ملكه وكذا لو باع ملك أبيه ثم ورثه نفذ وطرو البات إنما يبطل الموقوف إذا حدث لغير من باشر الموقوف كما إذا باع المالك ما باعه الفضولي من غير الفضولي ولو ممن اشترى من الفضولي
أما إن باعه من الفضولي فلا ا هـ
قلت وعليه ففي مسألة بيع المشتري من الغاصب لو أجاز بيع الغاصب نفذ وبطل بيع المشتري لأن الملك البات للغاصب طرأ على ملك موقوف باشره هو وأما بالنسبة إلى المشتري فقد طرأ على ملك موقوف لغير من باشره لأن المباشر للبيع الثاني الموقوف هو المشتري نعم لو أجاز عقد المشتري يكون طور البات لمن باشر الموقوف
قوله ( لثبوت ملكه به ) أي بالضمان لا بالغصب لأن الغصب غير موضوع لإفادة الملك ا هـ ح
قوله ( ولو قطعت يده ) أي يد ما باعه الغاصب
وقوله مثلا أشار به إلى أن المراد أرش أي جراحة كانت واحترز بالقطع من القتل أو الموت عند المشتري فإن البيع لا يجوز بالإجازة لفوات المعقود عليه وشرط صحة الإجازة قيامه كما مر وتمامه في الفتح
قوله ( عند مشتريه ) احتراز عن الغاصب كما يأتي
قوله ( له ) أي للمشتري
قوله ( يكون للمشتري ) تصريح بما أفاده التشبيه في قوله وكذا الخ
قوله ( لأن الملك تم له من وقت الشراء ) أي فتبين أن القطع ورد على ملكه ط
____________________
(5/117)
عن المنح
قوله ( بخلاف الغاصب ) أي لو قطعت اليد عنده ثم ضمن قيمته لا يكون الأرش له لما مر قريبا من أن ثبوت ملكه بالضمان أي لا بالغصب لأن الغصب غير موضوع للملك فلا يملك الأرش وإن ملك العبد لعدم حصوله في ملكه
قوله ( بما زاد ) أي من الأرش على نصف الثمن إن كان نصف القيمة أكثر من نصف الثمن
نهر
قوله ( وجوبا ) قال في البحر هو ظاهر ما في الفتح
قوله ( لعدم دخوله في ضمانه ) لأن الملك غير موجود حقيقة وقت القطع وأرش اليد الواحدة في الحر نصف الدية وفي العبد نصف القيمة والذي دخل في ضمانه هو ما كان بمقابلة الثمن ففيما زاد في نصف الثمن شبهة عدم الملك
وتمامه في البحر
قوله ( قيد اتفاقي ) فإنه وإن وقع في الجامع الصغير فليس من صورة المسألة
فتح أي لأن ذكره يفيد توافق المتعاقدين عليه مع أنه محل المنازعة بينهما
قوله ( مثلا ) راجع لقوله فبرهن لما في النهر وغيره من أنه لو لم تكن بينة كان القول لمدعي الأمر إذ غيره متناقض فلا تصح دعواه ولذا لم يكن له استحلافه ا هـ
وليس راجعا لقوله المشتري على معنى أن البائع كذلك لأنه يتكرر مع قول المصنف كما لو أقام البائع البينة أفاده ط
قوله ( الفضولي ) لامحل لذكره بعد تصريحه بأن قوله بغير أمره قيد اتفاقي
قوله ( ردت بينته ) أي إن برهن وقوله ولم يقبل قوله أي إن لم يبرهن
قوله ( للتناقض ) إذ الإقدام على الشراء والبيع دليل على دعوى الصحة وأنه يملك البيع ودعوى الإقرار بعدم الأمر تناقضه وقبول البينة مبني على صحة الدعوى
نهر وغيره
واعترض بأن التوفيق ممكن لجواز أن لا يعلم إلا بعد الشراء بإخبار عدول له بأنا سمعنا إقرار البائع بذلك قبل البيع
وأجاب في البحر بأنه وإن أمكن التوفيق بذلك لكنه ساع في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه فقولهم إمكان التوفيق يدفع التناقض على أحد القولين مقيد بما إذا لم يكن ساعيا في نقض ما تم من جهته
قوله ( إلا في مسألتين ) ذكرهما في البحر هنا لكن الشارح قدم في الوقف عند قوله باع دارا ثم ادعى أني كنت وقفتها أن المستثنى سبع وقدمنا هناك عن قضاء الأشباه أنها تسع ومر الكلام عليها فراجعه
قوله ( ولو عند غير القاضي ) أفاد أن قول الكنز عند القاضي قيد اتفاقي
قوله ( لأن التناقض ) أي من البائع لا يمنع صحة الإقرار لعدم التهمة في إقراره على نفسه فللمشتري أن يساعده على ذلك فيتحقق الاتفاق بينهما فيبطل البيع في حقهما
قوله ( خلافا للثاني ) فعنده لرب العبد مطالبة المشتري فإذا أدى رجع على البائع
نهر
وفيه ولو أنكر المالك التوكيل وتصادقا عليه فإن برهن الوكيل فبها وإلا استحلف المالك فإن نكل لزمه لا إن حلف
وتمامه فيه وفي البحر
قوله ( بغير أمره ) لا حاجة إليه لأنه محل النزاع ط
ولذا لم يذكره في الكنز
قوله ( نهر ) نقله عن البناية ولم يتكلم على مفهومه ولعله لأنه أولوي
____________________
(5/118)
فإنه إذا لم يضمن إذا قبضها لا يضمن إذا لم يقبض بالأولى ط
قوله ( فقيد اتفاقا ) أي وقع في الكنز وغيره اتفاقا مقصودا للاحتراز لأنه إذا لم يدخلها يكون بالأولى
قوله ( لعدم سراية إقراره على المشتري ) هذا لا يصلح علة لما قبله وإنما هو علة لعدم نزع الدار من يد المشتري وأما علة عدم ضمان البائع قيمة الدار مع إقراره بغصبها فهي عدم صحة غصب العقار وهو قولهما وقال محمد يضمن قيمة الدار وهو قول أبي يوسف أولا لصحة غصبه عنده ط
ولذا قال في الفتح وهي مسألة غصب العقار هل يتحقق أو لا فعند أبي حنيفة لا فلا يضمن وعند محمد نعم فيضمن ا هـ
قوله ( فإن برهن الخ ) وإن لم يبرهن كان التلق مضافا إلى عجزه عنه لا إلى عقد البائع
قال السائحاني والظاهر أن الثمن يوضع في بيت المال حتى يتبين الحال
قوله ( لأنه نور دعواه بها ) أي جعل لها نورا بالبينة أي أوضحها وأظهرها
قوله ( باعه ) أي الشيء
قوله ( فتصير مملوكة لا زوجة ) إنما نص على أنها لا تصير زوجة مع أن البيع يقدم على الإجارة والرهن أيضا لأنه يفهم من نفي الزوجية نفي الأدنى منها بالأولى
قال في الفتح ونثبت الهبة لو وهبه فضولي وآجره آخر وكل من العتق والكتابة والتدبير أحق من غيرها لأنها لازمة والإجارة أحق من الرهن لإفادتها ملك المنفعة والبيع أحق من الهبة لبطلانها بالشيوع فما لا يبطل بالشيوع كهبة فضولي عبد أو بيع آخر إياه يستويان لأن الهبة مع القبض تساوي البيع في إفادة الملك وهبة المشاع فيما لا يقسم صحيحة فيأخذ كل نصفه ولو زوجاها كل من رجل فأجيزا بطلا ولو باعاها تنتصف بين المشتريين ويخبر كل منهما ا هـ
والله سبحانه أعلم
باب الإقالة مناسبتها للفضولي أنه عقد يرفع عند عدم الإجازة والإقالة رفع ط
وذكرها في الهداية والكنز عقب البيع الفاسد والمكروه لوجوب رفع كل منهما على المتعاقدين كما مر ويأتي تمامه
قوله ( من أقال ) ويأتي ثلاثيا يقال قاله قيلا من باب باع إلا أنه قليل
نهر
قوله ( أجوف ) أي عينه حرف علة ثم بينه بأنه يائي وهو خبر مبتدأ محذوف أي هو أجوف ويائي خبر ثان ا هـ ح
وفيه رد على من قال إنه واوي من القول والهمزة للسلب فأقال بمعنى أزال القول أي القول الأول وهو البيع كأشكاه أزال شكايته ودفع بثلاثة أوجه ذكرها في الفتح الأل قولهم قلته بالكسر فهو يدل على أن عينه ياء لا واو فليس من القول
الثاني أنه ذكر الإقالة في الصحاح من القاف من الياء لا مع الواو
الثالث أنه ذكر في مجموع اللغة قال البيع قيلا وإقالة فسخه ا هـ
قوله ( رفع العقد ) ولو في بعض المبيع لما في الحاوي لو باع منه حنطة مائة من دينار ودفعها إليه فافترقا ثم قال للمشتري ادفع إلي الثمن أو الحنطة التي دفعتها إليك
____________________
(5/119)
فدفعها أو بعضها فهو فسخ في المردود ا هـ
قوله ( فعبر بالعقد ) فهو تعريف للأعم من إقالة البيع والإجارة ونحوهما
بحر
واعترضه في النهر بأن مراده بالعقد عقد البيع
قلت تخصيصه بالبيع لكون الكلام فيه وإلا فهو تعريف للإقالة مطلقا لأن حقيقتها في الإجارة لا تخالف حقيقتها في البيع ولذا لم يذكر لها باب في غير هذا الموضع ونظيره النية مثلا تذكر في باب الصلاة ونحوها وتعرف بالقصد الشامل للصلاة وغيرها فافهم
والمراد بالعقد القابل للفسخ بخيار كما يعلم مما يأتي بخلاف النكاح
قوله ( وهذا ركنها ) الأولى تأخيره عن قوله أو أحدهما مستقبل كما فعل المصنف ط
قوله ( أو أحدهما مستقبل الخ ) اعلم أن الإقالة عند أبي يوسف بيع إلا أن لا يمكن ففسخ كما يأتي وعند محمد بالعكس
والعجب أن قول أبي يوسف كقول الإمام في أنها تصح بلفظين أحدهما مستقبل مع أنها بيع عنده والبيع لا ينعقد بذلك ومحمد يقول إنها فسخ ويقول لا تنعقد إلا بماضيين لأنها كالبيع فأعطاها بسبب الشبه حكم البيع
وأبو يوسف مع حقيقة البيع لم يعطها حكمه والجواب له أن المساومة لا تجري في الإقالة فحمل اللفظ على التحقيق بخلاف البيع
فتح
قوله ( لعدم المساومة فيها ) إشارة إلى الجواب المذكور أي لأن الإقالة لا تكون إلا بعد نظر وتأمل فلا يكون قوله أقلني مساومة بل كان تحقيقا للتصرف كما في النكاح وبه فارق البيع كما في شروح الهداية
قوله ( وقال محمد كالبيع ) أي فلا تنعقد إلا بماضيين كما مر
قال في الفتح والذي في الخانية أن قول الإمام كقول محمد
قوله ( قال البرجندي الخ ) قال في الفتح وفي الخلاصة اختاروا قول محمد وفي الشرنبلالية ويرجح قول محمد كون الإمام معه على ما في الخانية ا هـ
قلت واختار المصنف قول أبي يوسف تبعا للدرر واللمتقى
قوله ( وتصح أيضا الخ ) فلا يتعين فيها لفظ كما في الفتح وظاهره أنه لا فرق بين الإقالة وهذه الألفاظ وهو غير مراد فإن الإقالة فسخ في حق المتعاقدين بيع في حق غيرهما وهذا إذا كانت بلفظ الإقالة فلو بلفظ مفاسخة أو متاركة أو تراد لم تجعل بيعا اتفاقا ولو بلفظ بيع فبيع إجماعا كما يأتي فتنبه لذلك
وفي البزازية طلب الإقالة فقال المشتري هات الثمن فإقالة ا هـ
قلت والظاهر أن مثله ما لو كان الطلب من المشتري فقال البائع خذ الثمن
وفيها اشترى عبدا ولم يقبضه حتى قال للبائع بعه لنفسك فلو باع جاز وانفسخ الأول ولو قال بعه لي أو بعه ممن شئت أو بعه ولم يزد عليه لا يصح ا هـ
وظاهره أنه في الصورة الأولى ينفسخ وإن باعه بعد المجلس
تأمل
ووجهه أنه إقالة اقتضاء فإن أمره بالبيع لنفسه لا يتم إلا بتقدم الإقالة فهو نظير قولك أعتق عبدك عني بألف بخلاف بقية الصور فإنه توكيل لا إقالة
ثم رأيت ذلك التوجيه في الولوالجية وفي البزازية ولا يصح تعليق الإقالة بالشرط بأن باع ثورا من زيد فقال اشتريه رخيصا فقال زيد إن وجدت مشتريا بالزيادة فبعه منه
فوجد فباع بأزيد لا ينعقد البيع الثاني لأنه تعليق الإقالة لا الوكالة بالشرط وفيها قال المشتري إنه يخسر فقال البائع بعه فإن خسر فعلي فباع فخسر لا يلزمه شيء
قوله ( هو الصحيح
بزازية ) عبارتها قبض الطعام المشتري وسلم بعض الثمن ثم قال بعد أيام إن الثمن غال فرد البائع بعض الثمن المقبوض فمن قال البيع ينعقد بالتعاطي من أحد الجانبين جعله إقالة وهو الصحيح ومن شرط القبض من الجانبين لا يكون إقالة عنده ا هـ
ومثله في الخانية
قوله ( وفي السراجية ) الخ مقابل الصحيح والمراد بالتسليم تسليم
____________________
(5/120)
المبيع وبالقبض قبض الثمن المدفوع ط
قوله ( وتتوقف على القبول ) فلو اشترى حمارا ثم جاء به ليرده فلم يقبله البائع صريحا واستعمل الحمار أياما ثم امتنع عن رد الثمن وقبول الإقالة كان له ذلك لأنه لم رد كلام المشتري بطل فلا تتم الإقالة باستعماله
خانية
قوله ( في المجلس ) فلو قبل بعد الزوال المجلس أو بعد ما صدر عنه فيه ما يدل على الإعراض لا تتم الإقالة
ابن ملك
وفي القنية جاء الدلال بالثمن إلى البائع بعد ما باعه بالأمر المطلق فقال له البائع لا أدفعه بهذا الثمن فأخبر به المشتري فقال أنا لا أريده أيضا لا ينفسخ لأنه ليس من ألفاظ الفسخ ولأن اتحاد المجلس في الإيجاب والقبول شرط في الإقالة ولم يوجد اشترى حمارا ثم جاء ليرده فلم يجد البائع فأدخله في إصطبله فجاء البائع بالبيطار فبزغه فليس بفسخ لأن فعل البائع وإن كان قبولا ولكن يشترط فيه اتحاد المجلس ا هـ
قوله ( ولو كان القبول فعلا ) أفاد أنه بعد الإيجاب لا يكون من التعاطي لأن التعاطي ليس فيه إيجاب لما قدمناه أول البيوع عن الفتح من أنه إذا قال بعتكه بألف فقبضه ولم يقل شيئا كان قبضه قبولا خلافا لمن قال إنه بيع بالتعاطي لأن التعاطي ليس فيه إيجاب بل قبض بعد معرفة الثمن فقط ا هـ
تنبيه قال في البزازية جاء بقبالة العقار المشتري فأخذها البائع وتصرف في العقار فإقالة
وفي الخزانة
دفع القبالة إلى البائع وقبضه ليس بإقالة
وكذا لو تصرف البائع في المبيع بعد قبض القبالة وسكت المشتري لعدم تسليم المبيع وقبض الثمن ا هـ
قلت والقبالة بالفتح الصك الذي يكتب فيه الدين ونحوه والظاهر أن ما ذكره أولا من كون ذلك إقالة مبني على ما هو الصحيح من الاكتفاء بالتعاطي من أحد الجانبين وهو تصرفه في المبيع بعد قبض القبالة وما ذكره عن الخزانة مبني على أنه لا بد لكونه من الجانبين بقرينة التعليل تأمل
قوله ( فور قول المشتري أقلتك ) متعلق بالأمرين
قال في الفتح ويجوز قبول الإقالة دلالة بالفعل كما إذا قطعه قميصا في فور قول المشتري أقلتك ا هـ
والمراد بالفورية أن يكون في المجلس بأن يقطعه قبل أن يتفرقا ولم يتكلم بشيء كما في ح عن الخانية
وظاهر هذا أن القبض فورا بلا قطع لا يكفي وهو خلاف قول الشارح أو قبضه ولعل المسألة مفروضة فيما إذا كان الثوب بيد البائع قبل قوله أقلتك فتأمل
ثم رأيت في الذخيرة ) وكذا في الحاوي صورة المسألة بما يرفع الإشكال حيث قال وكذا دلالة بالفعل ألا ترى أن من باع ثوبا وسلمه ثم قال للمشتري أقلت البيع فاقطعه لي قميصا فإن قطعه في المجلس فهو إقالة وإلا فلا ا هـ
فالمتكلم بقوله أقلت هو البائع والقاطع هو المشتري لا البائع
عكس ما في الفتح والخانية فقطع المشتري الثوب قبل قبض البائع قبول دلالة ولا إشكال فيه
فتدبر
قوله ( لأن من شرائطها الخ ) علة لقوله وتتوقف الخ ولا يرد أن المعطوفات لا تصلح تعليلا له لأن العلة مجموع ما ذكر فكأنه قال لأن لها شروطا منها اتحاد المجلس فافهم
قوله ( ورضا المتعاقدين ) لأن الكلام في رفع عقد لازم وأما رفع ما ليس بلازم فلمن له الخيار بعلم صاحبه لا يرضاه بحر
وحاصله أن رفع العقد غير اللازم وهو ما فيه خيار لا يسمى إقالة بل هو فسخ لأنه لا يشترط فيه رضاهما فافهم
قوله ( أو الورثة أو الوصي ) أشار إلى ما في البحر من أنه لا يشترط لصحتها بقاء المتعاقدين فتصح إقالة الوارث والوصي ولا تصح إقالة الموصى له كما في القنية ا هـ
قوله ( وبقاء المحل ) أي المبيع كلا أو بعضا لما سيذكره االمصنف من
____________________
(5/121)
أنه يمنع صحتها هلاك المبيع وهلاك بعضه يمنع بقدره
قوله ( القابل للفسخ بخيار ) نعت للمحل وبخيار متعلق بالفسخ ووصف المحل بقوله الفسخ مجاز لأن القابل لذلك عقده
قال ح أي القابل للفسخ بخيار من الخيارات كخيار العيب والشرط والرؤية كما في الفتاوى الهندية ا هـ
وفي الخلاصة والذي يمنع الرد بالعيب يمنع الإقالة
ومثله في الفتح
قوله ( فلو زاد الخ ) تفريع على قوله القابل للفسخ بخيار وقدمنا في خيار العيب أن الزيادة إما متصلة متولدة كسمن وجمال أو غير متولدة كفرس وبناء وخياطة وإما منفصلة متولدة كولد وثمرة وأرش أو غير متولدة ككسب وهبة والكل إما قبل القبض أو بعده ويمتنع الفسخ بخيار العيب في موضعين في المتصلة الغير المتولدة مطلقا وفي المنفصلة المتولدة لو بعد القبض فقط فافهم
ويأتي زيادة بيان
قوله ( وقبض بدلي الصرف في إقالته ) أي إقالة عقد الصرف أما على قول أبي يوسف فظاهر لأنها بيع وأما على أصلها فلأنها بائع في حق ثالث وهو حق الشرع
بحر
قوله ( وأن لا يهب البائع الثمن للمشتري ) أي المشتري المأذون
فلو وهبه لم تصح الإقالة بعدها وقوله قبل قبضه أي قبل قبض البائع الثمن من المأذون وذلك لأنها لو صحت الأقالة حينئذ لكان تبرعا بالمبيع للبائع ولا يقدر على الرجوع عليه بالثمن لأنه لم يصل إلى البائع منه شيء وهو ليس من أهل التبرع
أما بعد القبض فيرجع المأذون عليه بالثمن لوصوله ليده فلم يكن متبرعا فصحت الإقالة ويرجع على البائع بعدها بقدر الموهوب له فيكون الواصل إليه قدر الثمن مرتين الموهوب وقدره
وقاس ح على المأذون وصي اليتيم ومتولي الوقف نظرا للصغير والوقف فيجري فيهما حكمه ط
قوله ( في بيع مأذون ووصي ومتول ) وكذا إذا اشتروا بأقل من القيمة فإن الإقالة لا تصح
نهر
وكان على الشارح أن يقول وأن لا يهب الثمن للمشتري المأذون أو الوصي أو المتولي قبل قبضه وأن لا يكون بيعهم بأكثر من القيمة ولا شراؤهم بأقل منها ا هـ ح ويمكن أن يكون قوله في بيع مأذون الخ قيد للمسألتين لكن المأذون مع ما عطف عليه بالنسبة إلى المسألة الأولى مشتر وبالنسبة إلى الثانية بائع فتكون إضافة بيع بالنظر إلى الأولى من إضافة المصدر إلى مفعوله وبالنظر إلى الثانية إلى فاعله
تأمل
قوله ( الأصل أن من ملك البيع ) أي أو الشراء كما يظهر مما يأتي
قوله ( الثلاثة المذكورة ) أي المأذون والوصي والمتولي إذا باعوا بأكثر من القيمة
قال في جامع الفصولين الوصي والمتولي لو باع شيئا بأكثر من قيمته ثم أقال لم يجز ا هـ
وعبارة الأشباه إلا في مسائل اشترى الوصي من مديون الميت دارا بعشرين وقيمتها خمسون لم تصح الإقالة
اشترى المأذون غلاما بألف وقيمته ثلاثة آلاف لم تصح
والمتولي على الوقف لو أجر الوقف ثم أقال ولا مصلحة لم يجز عل الوقف ا هـ
فما في جامع الفصولين في البيع وما في الأشباه في الشراء
____________________
(5/122)
مطلب تحرير مهم في إقالة الوكيل بالبيع قوله ( والوكيل بالشراء ) بخلاف الوكيل بالبيع تصح ويضمن
بحر
ثم قال وإنما يضمن الوكيل بالبيع إذا أقال بعد قبض الثمن أما قبله فيملكها في قول محمد كذا في الظهيرية ا هـ
وفي جامع الفصولين الوكيل بالبيع لو أقال أو احتال أو أبرأ أو حط أو وهب صح عندهما وضمن لموكله لا عند أبي يوسف الوكيل لو قبض الثمن لا يملك الإقالة إجماعا ا هـ
وفي حاشية الخير الرملي بعد أن ذكر عبارة البحر أقول وفيه توقف من وجوه الأول تقييده الضمان بما إذا كانت الأقالة بعد قبض الثمن مع أن الوكيل لو قبض الثمن لا يملك الإقالة إجماعا
الثاني قوله فيملكها عند محمد مع أنها جائزة عند الإمام أيضا فما وجه التخصيص بقول محمد
الثالث ترتب عدم الضمان على كونه يملكها مع قولهم تصح عندهما وضمن لموكله فهو صريح في الضمان مع كونها صحيحة
وصريح كلام الظهيرية وإطلاقه يفيد صحة إقالة وكيل البيع مطلقا قبل قبض الثمن وبعده
ثم رأيت في جامع الفتاوى والبزازية ما صورته والوكيل بالمبيع يملك الإقالة بخلاف الوكيل بالشراء يستوي أن تكون الإقالة قبل القبض أو بعده فتأمله مع ما في الظهيرية ومع ما في جامع الفصولين
والظاهر أن معنى قوله في الظهيرية فيملكها في قول محمد أي على الموكل فيعود المبيع إى ملكه معنى قوله في الفصولين الوكيل لو قبض الثمن لا يملك الإقالة إجماعا أي على الموكل فلا يعود المبيع إلى ملكه وتصح الإقالة عليه فيضمن وبهذا يحصل التوفيق ويتضح الأمر وقد ذكر في البحر أول الإقالة فرعا لطيفا عن القنية فيه دلالة على صحة التوفيق المذكور فراجعه
فتحصل أن إقالته تصح عند الإمام قبل القبض وبعده ويضمن وعند محمد يملكها قبله على الموكل فتصح ولا يضمن وبعده تصح ويضمن
وعند أبي يوسف لا تصح مطلقا ولا يضمن ا هـ كلام الخير الرملي
قلت وهو توفيق لطيف لكن ذكر في الباب العاشر من بيوع البزازية إقالة الوكيل بالبيع جائزة عند الإمام ومحمد ا هـ
ومثله في القنية وزاد أن المعنى فيه كون إقالته تسقط الثمن عن المشتري عندهما ويلزم المبيع الوكيل وعند أبي يوسف لا تسقط الثمن عن المشتري أصلا ا هـ
ولعل ما في الظهيرية رواية عن محمد ويؤيده ما في وكالة كافي الحاكم الشهيد لو وكل رجل رجلا ببيع خادم له فباعها ثم أقال البائع البيع فيها لزمه المال والخادم له وكذلك لو لم يكن قبضها المشتري حتى أقاله من عيب أو من غير عيب ا هـ
فهذا نص المذهب ومقتضاه أنه قول أئمتنا الثلاثة لكونه لم يذكر فيه خلافا وظاهره أنه لا فرق بين كونه قبل قبض الثمن أو بعده وهو الوجه لأن الإقالة بيع جديد في حق ثالث وهو الموكل هنا فإذا أقال البائع بلا إذنه لا يصير مشتريا له إذ لا يملك ذلك عليه بل صار البائع مشتريا لنفسه إذ الشراء متى وجد نفاذا لا يتوقف وبه يظهر وجه الفرع الذي ذكره في البحر عن القنية وهو قوله باعت ضيعة مشتركة بينها وبين ابنها البالغ وأجاز الابن البيع ثم أقالت وأجاز الابن الإقالة ثم باعتها ثانيا بغير إجازته يجوز ولا يتوقف على إجازته لأن بالإقالة يعود المبيع إلى ملك العاقد لا إلى ملك الموكل والمجيز ا هـ
أي أنها بإجازة ابنها البيع الأول صارت وكيلة عنه فيه ثم صارت بالإقالة مشتريه لنفسها فلذا نفذ بيعها الثاني بلا إجازة ويظهر مما ذكرنا أن إقالة المتولي أو الوصي البيع فيما تقدم تصح عليه ويضمن فاغتنم تحرير هذا المحل
قوله ( قيل وبالسلم ) أي عند أبي يوسف قال في جامع الفصولين الوكيل بالسلم لو قبض أدون مما شرط صح وضمن لموكله ما شرط عند أبي حنيفة ومحمد وكذا لو أبرأ عن السلم أو وهبه قبل قبضه أو أقاله أو احتال به صح
____________________
(5/123)
وضمن عندهما ولم يجز عند أبي يوسف
قوله ( ولا إقالة في نكاح الخ ) أي لعدم قبول الفسخ بخيار
قوله ( للحديث ) هو قوله من أقال مسلما بيعته أقال الله عثرته
أخرجه أبو داود وزاد ابن ماجه يوم القيامة ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال على شرط الشيخين وعند البيهقي من أقال نادما فتح
قوله ( وتجب في عقد مكروه وفاسد ) لوجوب رفع كل منهما على المتعاقدين صونا لهما عن المحظور ولا يكون إلا بالإقالة كما في النهاية وتبعه غيره
قال في الفتح وهو مصرح بوجوب التفاسخ في العقود المكروهة السابقة وهو حق لأن رفع المعصية واجب بقدر الإمكان ا هـ
وظاهر كلام النهاية أن ذلك إقالة حقيقة ومقتضاه أنه يترتب عليه أحكام البيع الآتية وأورد عليه أن الفاسد يجب فسخه على كل منهما بدون رضا الآخر وكذا للقاضي فسخه بلا رضاهما والإقالة يشترط لها الرضا اللهم إلا أن يراد بالإقالة مطلق الفسخ كما أفاده محشي مسكين
قلت وإليه يشير كلام الفتح المذكور وهو الظاهر لأن المقصود منه رفع العقد كأنه لم يكن رفعا للمعصية والإقال تحقق العقد من بعض الأوجه فلا بد أن يكون الفسخ في حق المتعاقدين وحق غيرهما
والله سبحانه أعلم
قوله ( وفيما إذا غره البائع يسيرا الخ ) أصل البحث لصاحب البحر وضمن الشارح غره معنى غبنه والمعنى إذ غره غابنا له غبنا يسيرا أي فإذا طلب منه المشتري الإقالة وجبت عليه رفعا للمعصية
تأمل
قوله ( كما سيجيء ) أي في آخر الباب الآتي
قوله ( وحكمها أنها فسخ الخ ) الظاهر أنه أراد بالفسخ الانفساخ
لأن حكم العقد الأثر الثابت به كالملك في البيع وأما الفسخ بمعنى الرفع فهو حقيقتها
قوله ( فسخ في حق المتعاقدين ) هذا إذا كانت قبل القبض بالإجماع وأما بعده فكذلك عند الإمام إلا إذا تعذر بأن ولدت المبيعة فتبطل قال أبو يوسف هي بيع إلا إذا تعذر بأن وقعت قبل القبض في منقول فتكون فسخا إلا إذا تعذر أيضا بأن ولدت المبيعة والإقالة قبل القبض فتبطل
وقال محمد هي فسخ إن كانت بالثمن الأول أو بأقل ولو بأكثر أو بجنس آخر فبيع والخلاف مقيد بما إذا كانت بلفظ الإقالة كما يأتي
نهر
والصحيح قول الإمام كما في تصحيح العلامة
قاسم
قوله ( فيما هو من موجبات العقد ) قيد به الزيلعي وتبعه أكثر الشراح وفيه شيء فإن الكلام فيما هو من موجبات العقد لا فيما هو ثابت بشرط زائد إذ الأصل عدمه فقولهم فسخ أي لما أوجبه عقد البيع فهو على إطلاقه تدبر
رملي على المنح
قوله ( أي أحكام العقد ) أي ما ثبت بنفس العقد من غير شرط بحر قوله ( بشرط زائد ) الأولى أن يقول بأمر زائد وذلك كحلول الدين فإنه لا ينفسخ بالإقالة ليعود الأجل لأن حلوله إنما كان برضا من هو عليه حيث ارتضاه ثمنا فقد أسقطه فلا يعود بعد ط
قوله ( كأنه باعه منه ) أي كأن المشتري باع العين من البائع لأنه لما سقط الدين سقط الأجل وصارت المقابلة بعد ذلك كأنه باع المبيع من بائعه فيثبت له عليه دين جديد
تأمل
قوله ( ولو رده بخيار ) أي خيار عيب وعبارة بحر بعيب
قوله ( لأنه فسخ ) فإن الرد بخيار العيب إذا كان بالقضاء
____________________
(5/124)
يكون فسخا ولذا يثبت للبائع رده على بائعه بخلاف ما إذا كان بالتراضي فإنه بيع جديد
قوله ( لم تعد الكفالة فيهما ) أي في الإقالة والرد بعيب بقضاء ا هـ ح
فتحصل أن الأجل والكفالة في البيع بما عليه لا يعودان بعد الإقالة وفي الرد بقضاء في العيب يعود الأجل ولا تعود الكفالة ا هـ ط
قلت ومقتضى هذا أنه لو كان الرد بالرضا لا تعود الكفالة بالأولى وذكر الرملي في كتاب الكفالة أنه ذكر في التتارخانية عن المحيط عدم عودها سواء كان الرد بقضاء أو رضا وعن المبسوط أنه إن كان بالقضاء تعود وإلا فلا
ثم قال الرملي والحاصل أن فيها خلافا بينهم
قوله ( لا قبله مطلقا ) أي متصلة أو منفصلة
قال في الفتح والحاصل أن الزيادة متصلة كانت كالسمن أو منفصلة كالولد والأرش والعقر إذا كانت قبل القبض لا تمنع الفسخ والدفع وإن كانت بعد القبض متصلة فكذلك عنده وإن كانت منفصلة بطلت الإقالة لتعذر الفسخ معها ا هـ
ومثله في ابن ملك على المجمع لكن قدمنا عن الخلاصة أن ما يمنع الرد بالعيب يمنع الإقالة وقدمنا أيضا أن الرد بالعيب يمتنع في المتصلة الغير المتولدة مطلقا وفي المنفصلة المتولدة لو بعد القبض فقط
ويوافقه ما في الخامس والعشرين من جامع الفصولين أن الرد بالعيب يمتنع لو الزيادة متصلة لم تتولد اتفاقا كصبغ وبناء والمنفصلة المتولدة كولد وثمر وأرش وعقر تمنع الرد وكذا تمنع الفسخ بسائر أسباب الفسخ والمنفصلة التي لم تتولد ككسب وغلة لا تمنع الرد والفسخ بسائر أسبابه ا هـ
تنبيه قال في الحاوي تقايلا البيع في الثوب بعدما قطعه المشتري وخاطه قميصا أو في الحديد بعد ما اتخذه سيفا لا تصح الإقالة كمن اشترى غزلا فنسجه أو حنطة فطحنها وهذا إذا تقايلا على أن يكون الثوب للبائع والخياطة للمشتري يعني يقال للمشتري افتق الخياطة وسلم الثوب لما فيه من ضرر المشتري فلو رضي بكون الخياطة للبائع بأن يسلم الثوب إليه كذلك نقول تصح ا هـ
وفي حاشية الخير الرملي على الفصولين وقد سئلت في مبيع استغله المشتري هل تصح الإقالة فيه فأجبت بقولي نعم وتطيب الغلة له والغلة اسم للزيادة المنفصلة كأجرة الدار وكسب العبد فلا يخالف ما في الخلاصة من قوله رجل باع آخر كرما فسلمه إليه فأكل نزله يعني ثمرته سنة ثم تقايلا لا تصح وكذا إذا هلكت الزيادة المتصلة أو المنفصلة أو استهلكها الأجنبي ا هـ
قوله ( وتصح بمثل الثمن الأول ) حتى لو كان الثمن عشرة دنانير فدفع إليه دراهم ثم تقايلا وقد رخصت الدنانير رجع بالدنانير لا بما دفع وكذا لو رد بعيب وكذا في الأجرة لو فسخت ولو عقد بدراهم فكسدت ثم تقايلا رد الكاسد كذا في الفتح
نهر قوله ( وبالسكوت عنه ) المراد أن الواجب هو الثمن الأول سواء سماه أو لا
قال في الفتح والأصل في لزوم الثمن أن الإقالة فسخ في حق المتعاقدين وحقيقة الفسخ ليس إلا رفع الأول كأن لم يكن فيثبت الحال الأول وثبوته برجوع عين الثمن إلى مالكه كأنه لم يدخل في الوجود غيره وهذا يستلزم تعين الأول ونفي غيره من الزيادة والنقص وخلاف الجنس ا هـ
قوله ( ويرد مثل المشروط الخ ) ذكر هذا هنا غير مناسب لأن ليس من فروع كونها فسخا بل من فروع كونها بيعا ولذا ذكره الزيلعي وغيره في
____________________
(5/125)
محترزات قوله فيما هو من موجبات العقد فقال كذا لو قبض أردأ من الثمن الأول أو أجود منه يجب رد مثل المشروط في البيع الأول كأنه باعه من البائع بمثل الثمن الأول وقال الفقيه أبو جعفر عليه رد مثل المقبوض لأنه لو وجب عليه رد مثل المشروط للزمه زيادة ضرر بسبب تبرعه ولو كان الفسخ بخيار رؤية أو شرط أو بعيب بقضاء يجب رد المقبوض إجماعا لأنه فسخ من كل وجه ا هـ
ومثله في المنح فافهم
قوله ( ولو تقايلا الخ ) قدمناه آنفا عن النهر
قوله ( لم تجز إقالته ) مراعاة للوقف والصغير
منح
وينبغي أن تجوز على نفسه في مسألة البيع كما قدمناه
قوله ( وإن شرط غير جنسه ) متعلق بما قبل الاستثناء فكان ينبغي تقديمه عليه ا هـ ح
قوله ( أو أكثر منه ) أي من الثمن الأول أو من الجنس
قوله ( أو أجله ) بأن كان الثمن حالا فأجله المشتري عند الإقالة فإن التأجيل يبطل وتصح الإقالة وإن تقايلا ثم أجله ينبغي أن لا يصح الأجل عند أبي حنيفة فإن الشرط اللاحق بعد العقد يلتحق بأصل العقد عنده كذا في القنية بحر
لكن تقدم في البيع الفاسد أنه لا يصح البيع إلى قدوم الحاج والحصاد والدياس ولو باع مطلقا ثم أجل إليها صح التأجيل وقدمنا أيضا تصحيح عدم التحاق الشرط الفاسد
قوله ( إلا من تعيبه ) أي تعيب المبيع عند المشتري فإنها تصح بالأقل وصار المحطوط بإزاء نقصان العيب
قهستاني
قوله ( لا أزيد ولا أنقص ) فلو كان أزيد أو أنقص هل يرجع بكل الثمن أو بنقص بقدر العيب ويرجع بما بقي فليراجع ط
قلت الظاهر الثاني لأن الإقالة عند التعيب جائزة بالأقل والمراد نفي الزيادة والنقصان عن مقدار العيب فصار الباقي بمنزلة أصل الثمن فتلغو الزيادة والنقصان فقط ويرجع بما بقي والله أعلم
تنبيه علم من كلامهم أنه لو زال العيب فأقال على أقل من الأول لا يلزم إلا الأول بقي لو زال بعد الإقالة هل يرجع المشتري على البائع بنقصان العيب الذي أسقطه من الثمن الأول مقتضى كونها فسخا في حقهما أنه يرجع ونظيره ما قدمناه في أوائل باب خيار العيب لو صالحه عن العيب ثم زال رجع البائع
تأمل
وفي التاترخانية تعيبت الجارية بيد المشتري أو بآفة سماوية وتقايلا ولم يعلم البائع بالعيب وقت الإقالة إن شاء أمضى الإقالة وإن شاء رد وإن علم به لا خيار له ا هـ
قال الخير الرملي في حواشي المنح بعد نقله أقول فلو تعذر الرد بهلاك المبيع هل يرجع بنقصان العيب بمقتضى جعلها بيعا جديدا أم لا لأنها فسخ في حقهما الظاهر الثاني ا هـ
وهذا يؤيده ما قلنا
قوله ( قيل الخ ) نقله في البحر عن البناية عن تاج الشريعة ولم يعبر عنه بقيل ولعل الشارح أشار إلى ضعفه لمخالفته إطلاق ما في الزيلعي والفتح من نفي الزيادة والنقصان مع أن وجه هذا القول ظاهر لأن المراد بما يتغابن فيه ما يدخل تحت تقويم المقومين فلو كان المبيع ثوبا حدث فيه عيب بعضهم يقول بنقصه عشرة وبعضهم أحد عشر فهذا الدرهم يتغابن فيه نعم لو اتفق المقومون على شيء خاص تعين نفي الزيادة تأمل
قوله ( لا تفسد بالشرط الفاسد ) كشرط غير الجنس أو الأكثر أو الأقل كما علمت
قوله ( وإن لم يصح تعليقها به ) مثل له في البحر بما قدمناه عن البزازية من قول المشتري للبائع إن وجدت مشتريا بأزيد فبعه منه
قوله ( كما سيجيء ) أي قبيل باب الصرف ا هـ ح
قوله ( والرابع الخ ) صورته
____________________
(5/126)
باع زيد من عمرو شيئا منقولا كثوب وقبضه ثم تقايلا ثم باعه زيد ثانيا من عمرو قبل قبضه منه جاز البيع لأن الإقالة فسخ في حقهما فقد عاد إلى البائع ملكه السابق فلم يكن بائعا ما شراه قبل قبضه
قوله ( ولو كان ) أي عقد المقايلة
قوله ( البطل ) أي فسد وبه عبر المصنف ووجهه أنه باع المنقول قبل قبضه ط
قوله ( كبيعه من غير المشتري ) أي كما لو باعه البائع المذكور من غير المشتري قبل قبضه من المشتري فيفسد البيع لكون الإقالة بيعا جديدا في حق ثالث فصار بائعا ما شراه قبل قبضه بخلاف ما إذا باعه من المشتري لما علمت
قوله ( جاز قبض المكيل والموزون ) المراد جواز التصرف به ببيع أو أكل بلا إعادة كيله أو وزنه ولو كانت الإقالة بيعا لم يجز ذلك كما سيأتي في بابه
وقوله منه أي من المشتري متعلق بقبض
قوله ( قبل القبض ) متعلق بهبة وفائدته أنه لو كانت الإقالة بيعا انفسخ لأن البيع ينفسخ بهبة المبيع للبائع قبل القبض كما في البحر وإذا انفسخ لم تصح الهبة
قوله ( بيع في حق ثالث ) إنما كانت عنده فسخا في حقهما لأنها تنبىء عن الفسخ والرفع وبيعا في حق الثالث ضرورة أنه يثبت به مثل حكم البيع وهو الملك لا مقتضى الصيغة فحمل عليه لعدم ولايتهما على غيرهما كما في الزيلعي وتوضيحه في الشرنبلالية عن الجوهرة
قوله ( بلفظ الإقالة ) أي صريحا أو ضمنا لأنها قد تكون بالتعاطي كما مر فالمراد الاحتراز عما لو كانت بلفظ فسخ ونحوه أو بيع
قوله ( في غير العقار ) أي في المنقول لأنه لا يجوز بيعه قبل قبضه أما في العقار فهي بيع مطلقا لجواز بيعه قبل قبضه وما ذكره الشارح من كونها بيعا قبل القبض فسخا قبله هو ما جزم به الزيلعي وذكر في البحر عن البدائع أن هذا رواية عن أبي حنيفة
قال وظاهره ترجيح الإطلاق ا هـ
ويؤيده ما في الجوهرة من أنه لا خلاف بينهم أنها بيع في حق الغير سواء كانت قبل القبض أو بعده حمله على العقار بعيد فليتأمل
قوله ( لم تجعل بيعا اتفاقا ) إعمالا لموضوعه اللغوي
ط عن الدرر
قوله ( ولو بلفظ البيع ) كما لو قال البائع له بعني ما اشتريت فقال بعت كان بيعا
بحر
قوله ( فبيع إجماعا ) أي من أبي يوسف منهما فيجري فيها حكم البيع حتى إذا دفع السلعة من غير بيان الثمن كان بيعا فاسدا ط
وكذا يفسد لو كان المبيع منقولا قبل قبضه وما في ح أنها بيع لو بعد القبض وإلا ففسخ لئلا يلزم بيع المنقول قبل قبضه ففيه أن هذا التفصيل ففي لفظ الإقالة والكلام في لفظ البيع فافهم ولا يرد ما قدمناه عن البزازية من أن المشتري لو قال للبائع بعه لنفسك فلو باع جاز وانفسخ الأول لأن المراد بالبيع هنا أن يبيعه المشتري للبائع وفيما مر إذنه بالبيع لنفسه يقتضي تقدم الإقالة كما قدمناه
قوله ( وثمرته ) أي ثمرة كونها بيعا في حق ثالث
قوله ( فسلم الشفيع الشفعة ) قيد به لتظهر فائدة كونها بيعا وإلا لو لم يسلم بأن أقال قبل أن يعلم الشفيع بالبيع فله الأخذ بالشفعة أيضا إن شاء بالبيع الأول وإن شاء بالبيع الحاصل بالإقالة
تأمل رملي
قوله ( قضى له بها ) أي إذا طلبها عند علمه بالمقايلة
قوله ( والثاني لا يرد الخ ) أي إذا باع المشتري المبيع من آخر ثم تقايلا ثم اطلع على عيب كان في يد البائع فأراد أن يرده على البائع ليس له ذلك لأنه بيع في حقه فكأنه اشتراه من المشتري
بحر فالثالث هنا هو البائع الأول
____________________
(5/127)
وهذه كما في الشرنبلالية حيلة للشراء بأقل مما باع قبل نقده ثمنه
قوله ( لأنه ) أي الموهوب له لما تقايل مع المشتري منه صار كالمشتري من المشتري منه فكأنه عاد إليه الموهوب بملك جديد وذلك مانع من رجوع الواهب في هبته فالثالث هنا هو الواهب
قوله ( والرابع المشتري الخ ) صورته اشترى شيئا فقبضه قبل نقد الثمن فباعه من آخر ثم تقايلا وعاد إلى المشتري ثم إن البائع اشتراه من المشتري بأقل من الثمن قبل النقد جاز ويجعل في حق البائع كأنه ملكه بسبب جديد
فتح
قوله ( إذ الرد بعيب بلا قضاء إقالة ) أي والإقالة بيع جديد في حق الفقير فيكون بالبيع الأول مستهلكا للعروض فتجب الزكاة ولو كانت الإقالة فسخا في حق الفقير لارتفع البيع الأول وصار كأنه لم يبع وقد هلكت العروض فلا تجب الزكاة ا هـ ح
وعن هذا قيد المصنف بكون العبد للخدمة إذ لو كان للتجارة لم يكن البيع استهلاكا فإذا هلكت العروض بعد الرد لم تجب زكاتها وكذا قيد بكون الرد بغير قضاء لأنه بالقضاء يكون فسخا في حق الكل فكأنه لم يصدر بيع فلا تجب زكاتها بهلاكها بعده
أفاده ط
بقي شيء وهو أن كون الإقالة بيعا في حق ثالث شرطه كونها بلفظ الإقالة كما قدمه والرد بلا قضاء ليس فيه لفظها والجواب أن هذا الرد إقالة حكما وليس المراد خصوص حروف الإقالة كما نبهنا عليه فيما مر
فتدبر
قوله ( التقابض في الصرف ) لما مر من أن قبض بدلية شرط في صحتها
قال في الفتح لأنه مستحق الشرع فكان بيعا جديدا في حق الشرع
قوله ( ووجوب الاستبراء ) أي إذا اشترى جارية وقبضها ثم تقايلا البيع نزل هذه التقايل منزلة البيع في حق ثالث حتى لا يكون للبائع الأول وطؤها إلا بعد الاستبراء
حموي عن ابن مالك
قوله ( لأنه حق الله تعالى ) علة للمسألتين
قوله ( والإقالة بعد الإجارة والرهن ) أي لو اشترى دارا فأجرها أو رهنها ثم تقايل مع البائع
ذكر في النهر أخذا من قولهم إنها بيع جديد في حق ثالث أنها تتوقف على إجازة المرتهن أو قبضه دينه وعلى إجازة المستأجر
قوله ( فالمرتهن ثالثهما ) الأولى زيادة المستأجر
قوله ( فهي تسعة ) يزاد ما قدمه في قوله أما لو وجب بشرط زائد كانت بيعا جديدا في حقهما أيضا الخ
وقدمنا أن من فروع ذلك ما ذكره بعده في قوله ويرد مثل المشروط ولو المقبوض أجود أو أردأ
قوله ( ويمنع صحتها هلاك المبيع ) لما مر أن من شرطها بقاء المبيع لأنها رفع العقد والمبيع محله
بحر
وكذا هلاكه بعد الإقالة وقبل التسليم يبطلها كما يأتي وقدمنا عن الخلاصة أن ما يمنع الرد بالعيب يمنعها
قوله ( كإباق ) تمثيل للهلاك حكما أي لو أبق قبل الإقالة أو بعدها ولم يقدر على تسليمه
قوله ( ولو في بدل الصرف ) لأن المعقود عليه الذي وجب لكل واحد منهما بذمة صاحبه وهذا إباق
نهر
والأولى أن يقول ولو في بدلي الصرف وكأنه نظر إلى أن لفظ بدل نكرة مضافة فتعم
قوله ( وهلاك بعضه ) أي بعض المبيع كما يأتي تصويره في قوله شرى أرضا مزروعة الخ
قوله ( اعتبارا للجزء بالكل ) يعني هلاك الكل كما منع في الكل فهلاك البعض يمنع في البعض وفيه إشارة إلى أنه لو قايله في بعض المبيع وقبله
____________________
(5/128)
صح وبه صرح في الحاوي سائحاني وقدمنا أول الباب عبارة الحاوي
قوله ( وليس منه ) أي من هلاك البعض فليس له أن ينقص شيئا من الثمن لجفافه
قوله ( في المقايضة ) بالياء المثناة التحتية وهي بيع عين بعين كأن تبايعا عبدا بجارية فهلك العبد في يد بائع الجارية ثم أقالا البيع في الجارية وجب رد قيمة العبد ولا تبطل بهلاك أحدهما بعد وجودهما لأن كل واحد منهما مبيع فكأن المبيع قائما وتمامه في العناية
قوله ( وكذا في السلم ) قال في البحر ثم أعلم إنه لا يرد على اشتراط قيام المبيع لصحة الإقالة إقالة السلم قبل قبض المسلم فيه فإنها صحيحة سواء كان رأس المال عينا أو دينا وسواء كان قائما في يد المسلم إليه أو هالكا لأن المسلم فيه وإن كان دينا حقيقة فله حكم العين حتى لا يجوز الاستبدال به قبل قبضه وإذا صحت فإن كان رأس المال عينا ردت وإن كانت هالكة رد المثل إن كان مثليا والقيمة إن كان قيميا وكذا إقالته بعد قبض المسلم فيه إن كان قائما ويرد رب السلم عين المقبوض لكونه متعينا كذا في البدائع ا هـ ح
قوله ( ولو هلكا ) أي البدلان
قوله ( إلا في الصرف ) فهلاك بدليه لا يبطل الإقالة لما مر أن المعقود عليه ما في ذمة كل من المتعاقدين
قوله ( تقايلا فأبق العبد ) أراد به أن الهلاك كما يمنع ابتداء الإقالة يمنع بقاءها ا هـ ح
وبه صرح في النهر
قوله ( أو هلك المبيع ) أي حقيقة لأن الإباق هلاك لكنه حكمي
والحاصل أن قول المصنف ويمنع صحتها هلاك المبيع لا يختص بكون الهلاك قبل الإقالة بل مثله ما إذا كان الهلاك حقيقة أو حكما بعد الإقالة قبل التسليم إلى البائع زنص عبارة البزازية هلك المبيع بعد الإقالة قبل التسليم بطلت ا هـ
ثم رأيت الرملي في حاشية البحر نقل هذه العبارة عن البزازية ونقلها أيضا بعينها عن مجمع الفتاوى ومجمع الرواية شرح القدوري عن شرح الطحاوي ثم قال ومثله في كثير من الكتب ا هـ
وبه سقط ما قيل إن هذه العبارة ليست في البزازية بل ذكرها في البحر بلا عزو بدون قوله قبل القبض ا هـ فافهم
قوله ( بزازية ) عزو لقوله تقايلا الخ نبه به على أنه ليس من مسائل المتون
قوله ( مشجرة ) في القاموس أرض شجرة ومشجرة وشجراء كثيرة الشجر ا هـ
فهي بفتح الميم والجيم والراء كما يقال أرض مسبعة على وزن مرحلة كثيرة السباع كما في القاموس أيضا فافهم
قوله ( فقطعه ) أي المشتري والضمير للشجر المعلوم من مشجرة ط
قوله ( من أرث الشجر واليد ) في المصباح أرش الجراحة ديتها وأصله الفساد ثم استعمل في نقصان الأعيان أنه فساد فيها ا هـ
فالمراد هنا بدل الفساد أي بدل نقصان المبيع فافهم
قوله قنية عزو لقوله وإن اشترى الخ وقد نقل ذلك عنها في البحر ثم قال ورقم برقم آخر أن الأشجار لا تسلم للمشتري وللبائع أخذ قيمتها منه لأنها موجودة وقت البيع بخلاف الأرش أي أرش اليد فإنه لم يدخل في البيع أصلا لا قصدا ولا ضمنا ا هـ
قال الخير الرملي وعليه فكل شيء موجود وقت البيع للبائع أخذ قيمته دخل ضمنا أو قصدا وكل شيء لم يدخل أصلا لا قصدا ولا ضمنا ليس للبائع أخذه وينبغي
____________________
(5/129)
ترجيح هذا لما فيه من دفع الضرر عنه ا هـ
قوله ( صحت في الأرض بحصتها ) الفرق بينه وبين الشجر أن الشجر يدخل في بيع الأرض تبعا بخلاف الزرع كما في البحر ا هـ ح أي أن الزرع لا يدخل في بيع الأرض إلا إذا نص عليه فيكون بعض المبيع فله حصة من الثمن بخلاف الشجر وعلى النقل الآخر عن القنية لا فرق بينهما
قوله ( ولو تقايلا بعد إدراكه ) أي في يد المشتري لم يجز لأن العقد إنما رد على التفصيل دون الحنطة
بحر عن القنية أي والحنطة زيادة منفصلة متولدة وهي مانعة كما قدمناه عن جامع الفصولين
قوله ( ردها وأخذ ثمنها ) أي له ذلك وقدمنا أن ما يمنع الرد بالعيب بمنع الإقالة وقدم المصنف في خيار العيب أنه لو وطىء الجارية أو قبلها أو مسها بشهوة ثم وجد بها عيبا لم يردها مطلقا أي ولو ثيبا
قوله ( وفيها مؤنة الرد على البائع مطلقا ) لأنه عاد إلى ملكه فمؤنة رده عليه
قال القاضي بديع الدين سواء تقايلا بحضرة المبيع أو بغيبته ا هـ منح
وهذا معنى قوله مطلقا وإن لم يذكر في عبارة القنية فسقط ما قيل إن الصواب إسقاطه فافهم
قوله ( إلا إقالة السلم ) أي قبل قبض المسلم فيه فلو بعده صحت كما تعرفه
قوله ( لكون المسلم فيه دينا سقط ) أي بالإقالة فلو انفسخت الإقالة لكان حكم انفساخها عود المسلم فيه والساقط لا يحتمل العود بخلاف الإقالة في البيع لأنه عين فأمكن عوده إلى ملك المشتري
بحر من باب السلم
قوله ( رأس المال ) أي مال السلم
قوله ( كهو قبلها ) أي حكمها بعدها كحكمه قبلها وفيه إدخال الكاف على ضمير الرفع المنفصل وهو مختص بالضرورة وكذا قوله كقبلها فيه أن الظروف التي تقع غايات لا تجر إلا بمن حموي
قوله ( فلا يتصرف فيه ) أي بنحو بيع وشركة قبل قبضه فلا يجوز لرب المسلم شراء شيء من المسلم إليه برأس المال بعد الإقالة قبل قبضه أي قبل قبض رب السلم رأس المال من المسلم إليه وهذا في السلم الصحيح فلو فاسدا جاز الاستبدال كسائر الديون كما ذكره الشارح في بابه وفيه كلام سيأتي هناك
قوله ( إلا في مسألتين ) استثناء من قوله كهو قبلها
قوله ( لو اختلفا فيه ) أي في رأس المال بعدها أي بعد الإقالة يعني وقبل تسليم المسلم فيه لما في سلم البحر عن الذخيرة لو تقايلا بعد ما سلم المسلم إليه المسلم فيه ثم اختلفا في رأس المال تحالفا لأن المسلم فيه عين قائمة وليس بدين فالإقالة هنا تحتمل الفسخ قصدا ا هـ
وهذا صريح في أن إقالة الإقالة في السلم جائزة لو بعد قبض المسلم فيه
قوله ( فلا تحالف ) بل القول فيه قول المسلم إليه
ذخيرة
بخلاف ما قبلها ط عن أبي السعود
قال ح لأن التحالف باعتبار أن اختلافهما في رأس المال اختلاف في نفس العقد ولا عقد بعد الإقالة
قوله ( ولو تفرقا قبل قبضه ) أي قبض رأس مال السلم بعد الإقالة جاز لأن قبضه شرط حال بقاء العقد لا بعد إقالته
قوله ( إلا في الصرف ) استثناء منقطع ا هـ ح
لأن أصل الكلام في رأس المال فالأولى أن يقول بخلاف الصرف
فإن الحاصل أن رأس المال في السلم بعد الإقالة لا يجوز الاستبدال به ولا يجب قبضه في مجلسها وبدل الصرف بالعكس فإن قبضه في مجلس الإقالة شرط لصحتها ويجوز الاستبدال به
قال في البحر من السلم ووجه الفرق أن القبض في مجلس العقد في البدلين ما شرط لعينه بل للتعيين وهو أن يصير البدل معينا بالقبض صيانة عن الافتراق عن دين بدين ولا حاجة إلى التعيين في مجلس الإقالة في السلم لأأه لا يجوز استبداله فتعود إليه
____________________
(5/130)
عينه فلا تقع الحاجة إلى التعيين بالقبض فكان الواجب نفس القبض فلا يراعى له المجلس بخلاف الصرف لأن التعيين لا يحصل إلا بالقبض لأن استبداله جائز فلا بد من شرط القبض في مجلس التعيين ا هـ
وحاصله أن السلم لما لم يجز الاستبدال به قبل قبضه ولم يلزم قبضه في مجلس الإقالة لأن التعيين موجود بخلاف الصرف فإنه لما جاز استبداله لزم قبضه ليحصل التعيين
مطلب في اختلافهما في الصحة والفساد أو في الصحة والبطلان قوله ( المتبايعان الخ ) كان الأولى ذكر هذه المسألة في باب البيع الفاسد ولكن مناسبتها هنا ذكر المسألة المستثناة
قوله ( فالقول لمدعي البطلان ) لأن انعاقد البيع حادث والأصل عدمه ا هـ ح
فهو منكر الأصل العقد
قوله ( لمدعي الصحة ) لأنهما لما اتفقا على العقد كان الظاهر من إقدامهما عليه صحته ا هـ ح
ولأن مدعي الفساد يدعي حق الفسخ وخصمه ينكر ذلك والقول للمنكر ط
ولو برهنا فالبينة بينة الفساد وهذا لو ادعى الفساد بشرط فاسد أو أجل فاسد باتفاق الروايات وإن كان لمعنى في صلب العقد بأن ادعى أنه اشتراه بألف درهم وبرطل خمر والآخر يدعي البيع بألف درهم فيه روايتان عن أبي حنيفة في ظاهر الرواية القول لمدعي الصحة أيضا والبينة بينة الآخر كما في الوجه الأول وفي رواية القول المدعي الفساد
خانية
ولم يذكر هناك ما لو اختلفا في أنه لتحية أو جد أو اختلفا في أنه بات أو وفاء لأنه سيذكر ذلك في آخر باب الصرف
قوله ( قلت إلا في مسألة ) الاستثناء من صاحب الأشباه وعزا فيها المسألة إلى الفتح
قوله ( وادعى البائع الإقالة ) أي به كما في الفتح والظاهر أن الضمير في به عائد إلى الأقل المذكور لا إلى الثمن
فصورة المسألة اشترى زيد من عمرو ثوبا بألف ثم رد زيد الثوب إليه قبل نقد الثمن وادعى أنه باعه من قبل النقد بتسعين وفسد البيع بذلك وادعى البائع أنه رده إليه على وجه الإقالة بالتسعين فالقول لزيد المشتري أي مع يمينه في إنكار الإقالة كما في الفتح ووجهه كما في الحموي أن دعوى الإقالة تستلزم دعوى صحة البيع لأنها لا تكون إلا في الصحيح ا هـ
قلت لكن تقدم أنها تجب في عقد مكروه وفاسد مع ما فيه من الكلام ويظهر لي أن وجهه هو أن المشتري لما ادعى بيعه بالتسعين لم يجب له غيرها ومدعي الإقالة يدعي أن الواجب المائة لأن الإقالة إن كانت بمائة فظاهر وإن كانت بتسعين فلأنها لا تكون إلا بمثل الثمن الأول وإن شرط أقل منه كما مر فقد صار مقرا للمشتري بالعشرة والمشتري يكذبه فلغا كلام مدعي الإقالة
تأمل
قوله ( ولو بعكسه ) بأن ادعى زيد المشتري الإقالة وادعى عمرو البائع أنه اشتراه من المشتري بتسعين
قوله ( تحالفا ) وجهه أن المشتري بدعواه الإقالة يدعي أن الثمن الذي يستحقه بالرد مائة والبائع بدعواه الشراء بالتسعين يدعي أن الثمن الواجب رده للمشتري تسعون فنزل اختلافهما فيما يجب تسليمه إلى المشتري بمنزلة اختلافهما في قدر الثمن الموجب للتحالف بالنص وإلا فالمائة التي هي الثمن الأول إنما ترد إل المشتري بحكم الإقالة في البيع الأول وهي غير الخمسين التي هي الثمن في البيع الثاني أفاده الحموي
____________________
(5/131)
قلت وفيه أن الكلام فيما قبل نقد المشتري الثمن وأيضا فمسألة التحالف عند اختلاف المتبايعين ورد بها النص على خلاف القياس فكيف يقاس عليها غيرها مع عدم التماثل الحادث والذي يظهر لي أن المسألة مفرعة على قول أبي يوسف أن الإقالة بيع لا فسخ وحينئذ فقد توافقا على البيع الحادث لكن المشتري يدعيه بوجه الإقالة والواجب فيها مائة والبائع يدعيه بالبيع الأقل وذلك اختلاف في الثمن في عقد حادث والله أعلم فافهم
قوله ( بشرط قيام المبيع الخ ) هذا شرط التحالف مطلقا
قال في الأشباه يشترط قيام البيع عند الاختلاف في التحالف إلا إذا استهلكه في يد البائع غير المشتري كما في الهداية ا هـ
فإنه إذا استهلكه غير المشتري تكون قيمة العين قائمة مقامها وأما إذا استهلكه المشتري في يد البائع نزل قابضا وامتنعت الإقالة وكذا إذا استهلكه أحد في يده لفقد شرط الصحة وهو بقاء المبيع ومحل عدم التحالف عند هلاك المبيع إذا كان الثمن دينا أما إذا كان عينا بأن كان العقد مقابضة وهلك أحد العوضين فإنهما يتحالفان من غير خلاف لأن المبيع في أحد الجانبين قائم ويرد مثل الهالك أو قيمته والمصير إلى التحالف فرع العجز عن إثبات الزيادة بالبينة وتمامه في حاشبة الأشباه لأبي السعود ط
قوله ( نزله ) بضم النون والزاي
والمراد ثموته ا هـ ح
قوله ( لم يصح ) تمام عبارة الخلاصة وكذا إذا هلكت الزيادة المتصلة أو المنفصلة أو استهلكها أجنبي ا هـ
أقول ينبغي تقييد المسألة بما إذا حدثت هذه الزيادة بعض القبض أما قبله فلا تمنع الإقالة كما في الرد بالعيب
تأمل
وفي التاترخانية ولو اشترى أرضا فيها نخل فأكل الثمر ثم تقايلا قالوا إنه تصح الإقالة ومعناه على قيمته إلا أن يرضى البائع أن يأخذها كذلك ا هـ رملي على المنح وبما ذكره من التقييد يندفع ما يتوهم من منافاة ما في الخلاصة لما مر من أن هلاك بعضه يمنع الإقالة بقدره ولما مر في قوله شرى أرضا مزروعة الخ ومثله مسألة التاترخانية المذكورة ويؤيده ما قدمناه من أن الزيادة المنفصلة المتولدة تمنع لو بعض القبض والله سبحانه أعلم
باب المرابحة والتولية وجه تقديم الإقالة عليهما أن الإقالة بمنزلة المفرد من المركب لأنها إنما تكون مع البائع بخلاف التولية والمرابحة فإنهما أعم من كونهما مع البائع وغيره ط
وأيضا فالإقالة متعلقة بالمبيع لا بالثمن ولذا كان من شروطها قيام المبيع والتولية والمرابحة متعلقان أصالة بالثمن والأصل هو المبيع
قوله ( لما بين المثمن الخ ) قال في الغاية لما فرع من بيان أنواع البيوع اللازمة وغير اللازمة كالبيع بشرط الخيار وكانت هي بالنظر إلى جانب المبيع شرع في بيان أنواعها بالنظر إلى جانب الثمن كالمرابحة والتولية والربا والصرف وتقديم الأول على الثاني لأصالة المبيع دون الثمن ا هـ ط
عن الشلبي
قوله ( ولم يذكر المساومة ) هي البيع بأي ثمن كان من غير نظر إلى الثمن الأول وهي المعتادة
قوله ( والوضيعة ) هي البيع بمثل الثمن الأول مع نقصان يسير إتقاني
وفي البحر هي البيع بأنقص من الأول وقدمنا أول البيوع عن البحر خامسا وهو الاشتراك أي أن يشرك غيره فيما اشتراه أي بأن يبيعه نصفه مثلا لكنه غير خارج عن الأربعة
قوله ( وشرعا بيع ما ملكه بما قام عليه وبفضل ) عدل عن قول الكنز هو بيع بثمن سابق لما أورد من أنه غير مطرد ولا منعكس أي غير مانع ولا جامع
أما الأول
____________________
(5/132)
فلأن من شرى دنانير بالدراهم لا يجوز له بيعها مرابحة وكذا من اشترى شيئا بثمن نسيئة لا يجوز له أن يرابح عليه من صدق التعريف عليهما وأما الثاني فلأن المغصوب الآبق إذا عاد بعد القضاء بالقيمة على الغاصب جاز بيع الغاصب له مرابحة بأن يقول قام علي بكذا ولا يصدق التعريف عليه بعدم الثمن وكذا لو رقم في الثوب مقدارا ولو أزيد من الثمن الأول ثم رابحه عليه جاز كما سيأتي بيانه عند ذكر الشارح له وكذا لو ملكه بهبة أو إرث أو وصية وقومه قيمة ثم رابحه على تلك القيمة ولا يصدق التعريف عليهما لكن أجيب عن مسألة الدنانير بأن الثمن المطلق يفيد أن مقابله مبيع متعين ولذا قال الشارح من العروض ويأتي بيانه وعن مسألة الأجل بأأ الثمن مقابل بشيئين أي بالمبيع وبالأجل فلم يصدق في أحدهما أنه بثمن سابق
وقول البحر أنه لا يرد لجوازها إذا بين أنه اشتراه نسيئة رده في النهر بأن الجواز إذا بين لا يختص بذلك بل هو في كل ما لا تجوز فيه المرابحة كما لو اشترى من أصوله أو فروعه جاز إذا بين كما سيأتي
وعن مسائل العكس بأن المراد بالثمن ما قام عليه بلا خيانة وتمامه في النهر فكان الأولى قول المصنف تبعا للدرر بيع ما ملكه الخ لعدم احتياجه إلى تحرير المراد ولأنه لا يدخل فيه مسألة الأجل لأنه إذا لم يبين الأجل لم يصدق عليه أنه بيع ما ملكه بما قام عليه لما علمت قوله ( من العروض ) احتراز عما ذكرنا من أنه لو شرى دنانير بدراهم لا يجوز له بيعها مرابحة كما في الزيلعي والبحر والنهر والفتح
وعلله في الفتح بأن يدلي الصرف لا يتعينان فلم تكن عن هذه الدنانير متعينة لتلزم مبيعا ا هـ
لكن هذا وارد على تعريف المصنف إذ لا دلالة فيه عليه بخلاف تعريف الكنز وغيره فإن قوله بالثمن السابق دليل على أن المراد بما ملكه المبيع المتعين لأن كون مقابله ثمنا مطلقا يفيد أن ما ملكه بالضرورة مبيع مطلقا كما في الفتح
وقول المصنف بما قام عليه ليس المراد به الثمن لما مر فلذا زاد الشارح قوله من العروض تتميما للتعريف
قوله ( ولو بهبة الخ ) تعميم لقوله ما ملكه أشار به إلى دخول هذه المسائل فيه كما علمت
قوله ( فإنه إذا ثمنه الخ ) جواب إذا قوله جاز وعدل عن قول غيره وقومه قيمة ليشمل المثلي
وحاصله أن ما وهب له ونحوه مما لم يملكه بعقد معاوضة إذا قدر ثمنه وضم إليه مؤنثه مما يأتي يجوز له أن يبيعه مرابحة وكذا إذا رقم على ثوب رقما كما مر
قال في الفتح وصورة المسألة أن يقول قيمته كذا أو رقمه كذا فأرابحك على القيمة أو الرقم ا هـ
وظاهره أنه لا يقول قام علي بكذا وبه صرح في البحر في الرقم والظاهر أن الهبة ونحوها كذلك وحينئذ لا يدخل ذلك في كلام المصنف
تأمل
ويأتي تمامه
هذا وقال ح إن قول الشارح فإنه إذا ثمنه أخرج به بعض التعريف عن كونه تعريفا وفسر الفضل بما يضم فصار مجموع المتن مع الشرح عبارة المبسوط وهي عبارة مستقيمة في ذاتها لكن بقي تعريف المرابحة بيع ما ملكه فقط وهو تعريف فاسد لكونه غير مانع ا هـ أي لأن قوله بما قام عليه جزء التعريف
وكذا قوله ويفضل فإن مراده به فضل الربح لتحقق المرابحة وإلا كان العقد تولية وأما فضل المؤنة فإنه يضم إلى ما قام عليه لكن لما كانت عبارة المتن في نفسها تعريفا تاما اكتفى بها ولقصد الاختصار أخذ بعضها وجعله بيانا لتصوير مسألة الهبة ونحوها
تأمل
قوله ( وإن لم تكن من جنسه ) أي وإن لم تكن المؤنة المضمومة من جنس المبيع ط
____________________
(5/133)
قلت والأظهر كون المراد من جنس الثمن بقرينة ما بعده
تأمل
قوله ( ونحوه ) أي كصباغ وطراز
قوله ( ثم باعه مرابحة ) أي بزيادة ربح تلك القيمة التي قوم بها الموهوب ونحوه مع ضم المؤنة إليها لأن كلامه في ذلك بخلاف ما كان اشتراه بثمن فإنه يرابح على ثمنه لا على قيمته
فافهم
قوله ( جعله واليا ) فكأن البائع جعل المشتري واليا فيما اشتراه نهر أي جعل له ولاية عليه وهذا إبداء مناسبة لمعنى الشرعي للمعنى اللغوي
قوله ( بيعه بثمنه الأول ) قد علمت أن المصنف عدل في تعريف المرابحة عن التعبير بالثمن الأول إلى قوله بما قام عليه لدفع الإيراد السابق فما فر منه أولا وقع فيه ثانيا فكان المناسب أن يقول والتولية بيعه كذلك بلا فضل
قوله ( ولو حكما ) أدخل به ما مر في قوله لو بهبة الخ فإنه يوليه بقيمته لكونه لم يملكه بثمن
قوله ( يعني بقيمته ) تفسير للثمن الحكمي لا لقوله بثمنه كما لا يخفى ح
قوله ( وعبر عنها به ) أي بالثمن حيث أراد به ما يعم القيمة حتى صار عبارة عنه وعنها فافهم
قوله ( لأنه الغالب ) أي الغالب فيما يملكه الإنسان أنه يكون بثمن سابق
قوله ( كون العوض ) أي الكائن في العقد الأول ا هـ ح
وهو ملك به المبيع
نهر
تنبيه استفيد من التعريف أن المعتبر ما وقع عليه العقد الأول دون ما وقع عوضا عنه فلو اشترى بعشرة دراهم فدفع عنها دينار أو ثوبا قيمته عشرة أو أقل أو أكثر فرأس المال العشرة لا الدينار والثوب لأن وجوبه بعقد آخر وهو الأستبدال
فتح
ولو كان المبلغ مثليا فرابح على بعضه كقفيز من قفيزين جاز لعدم التفاوت بخلاف القيمي وتمام تعريفه في شرح المجمع
وفي المحيط لو كان ثوبا ونحوه لا يبيع جزءا منه معينا لانقسامه باعتبار القيمة وإن باع جزءا شائعا جاز وقيل يفسد
بحر
قوله ( مثليا ) كالدراهم والدنانير والمكيل والموزون والعددي المتقارب أما إذا لم يكن له مثل بأن اشترى ثوبا بعبد مقايضة مثلا فرابحه أو ولاه إياه كان بيعا بقيمة عبد صفته كذا أو بقيمة عبد ابتداء وهي مجهولة
فتح ونهر
قوله أو قيميا مملوكا للمشتري صورته اشترى زيد من عمرو عبدا بثوب ثم باع العبد من بكر بذلك الثوب مع ربح أو لا والحال أن بكرا كان قد ملك الثوب من عمرو قبل شراء العبد أو اشترى العبد بالثوب قبل أن يملكه من عمرو فأجازه بعده فلا شك أن الثوب بعد الإجازة صار مملوكا لبكر المشتري فيتناوله قول المتن أو كان مملوكا للمشتري ا هـ ح
فهذه الصورة مستثناة مما لا مثل له
قوله ( وكون الربح شيئا معلوما ) تقدير لفظ الكون هو مقتضى نصب المصنف قوله معلوما
ووقع في عبارة المجمع مرفوعا حيث قال ولا يصح ذلك حتى يكون العوض مثليا أو مملوكا للمشتري والربح مثلي معلوم ومثله في الغرر وصرح في شرحه الدرر بأن الجملة حالية وكذا قال في البحر إن قوله أي المجمع والربح مثلي معلوم شرط في القيمي المملوك للمشتري كما لا يخفى ا هـ
وتبعه في المنح فقد ظهر أن هذا ليس شرطا مستقلا بل هو شرط للشرط الثاني لأن معلومية الربح وإن كان شرطا في صحة البيع مطلقا لكنه أمر ظاهر لا يحتاج إلى التنبيه عليه لأن جهالته تفضي إلى جهالة الثمن وإنما المراد التنبيه على أنه إذا كان الثمن الذي ملك به المبيع في العقد الأول
____________________
(5/134)
قيميا لا يصح البيع مرابحة إلا إذا كان ذلك القيمي مملوكا للمشتري والحال أن الريح معلوم ولهذا ذكر في الفتح أولا أنه لا يصح كون الثمن قيميا
ثم قال أما لو كان ما اشتراه به وصل إلى من يبيعه منه فرابحه عليه بربح معين كأن يقول أبيعك مرابحة على الثوب الذي بيدك وربح درهم أو كر شعير أو ربح هذا الثوب جاز لأنه يقدر على الوفاء بما التزمه من الثمن ا هـ
وأفاد أن الربح المعلوم أعم كونه مثليا أو قيميا كما نبه عليه الشارح بقوله ولو قيميا الخ فاغتنم تحرير هذا المحل
قوله ( حتى لو باعه ) تفريع على مفهوم قوله معلوما في مسألة كون القيمي مملوكا للمشتري يعني فلو كان الربح مجهولا في هذه الصورة لا يجوز حتى لو باعه الخ فافهم
واعلم أن لفظ ده بفتح الدال وسكون الهاء اسم للعشرة بالفارسية
وزيادة بالياء المثناة التحتية وسكون الزاي اسم أحد عشرة بالفارسية كما نقله عن البناية وبيان هذه التفريع ما في البحر حيث قال وقيد الربح بكونه معلوما للاحتراز عما إذا باعه بربح ده يازده لأنه باعه برأس المال وببعض قيمته لأنه ليس من ذوات الأمثال كذا في الهداية
ومعنى قوله ده يازده أي بربح مقدار درهم على عشرة دراهم فإن كان الثمن الأول عشرين كان الربح بزيادة درهمين وإن كان ثلاثين كان الربح ثلاثة دراهم فهذا يقتضي أن يكون الربح من جنس رأس المال لأنه جعل الربح مثل عشر الثمن وعشر الشيء يكون من جنسه كذا في النهاية ا هـ ما في البحر
وحاصله أنه إذا كان الثمن في العقد الأول قيميا كالعبد مثلا وكان مملوكا للمشتري فباع المالك المبيع من المشتري بذلك العبد وبربح ده يازده لا يصح لأنه يصير كأنه باعه المبيع بالعبد وبعشر قيمته فيكون الربح مجهولا لكون القيمة مجهولة لأنا إنما تدرك بالحرز والتخمين والشرط كون الربح معلوما كما مر بخلاف ما إذا كان الثمن مثليا والربح ده يازده فإنه يصح
قال في النهر ولو كان البدل مثليا فباعه به وبعشرة أي عشر ذلك المثلي فإن كان المشتري يعلم جملة ذلك صح وإلا فإن علم في المجلس خير وإلا فسد ا هـ
وبه ظهر أن قول الشارح لم يجز أي فيما إذا كان الثمن قيميا كما قررناه أولا وقوله إلا أن يعلم الخ أي فيما إذا كان مثليا لأنه الذي يمكن علمه في المجلس فافهم
قوله ( أجر القصار ) قيد بالأجرة لأنه لو عمل هذه الأعمال بنفسه لا يضم شيئا منها وكذا لو تطوع متطوع بها أو بإعارة
نهر
وسيجيء
قوله ( والصبغ ) هو بالفتح مصدر وبالكسر ما يصبغ به درر
والأظهر هنا الفتح لقول الشارح بأي لون كان ط
قوله ( والفتل ) هو ما يصنع بأطراف الثياب بحرير أو كتان من فتلت الحبل أفتله
بحر
قوله ( وكسوته ) بالنصب أي كسوة العبد المبيع
قال في الفتح ولا يضم ثم الجلال ونحوه ويضم الثياب في الرقيق ا هـ تأمل
قوله ( وطعام المبيع بلا سرف ) فلا يضم الزيادة
ط
عن حاشية الشلبي
قال في الفتح ويضم الثياب في الرقيق وطعامهم إلا ما كان سرفا وزيادة ويضم علف الدواب إلا أن يعود عليه شيء متولد منها كألبانها وصوفها وسمنها فيسقط قدر ما نال ويضم ما زاد بخلاف ما إذا أجر الدابة أو العبد أو الدار فأخذ أجرته فإنه يرابح مع ضم ما أنفق عليه لأن الغلة ليست متولدة من العين وكذا دجاجة أصاب من بيضها يحتسب بما ناله وبما أنفق ويضم الباقي ا هـ
قوله ( وسقي الزرع ) أي أجرته وكذا يقال فيما بعده ط
قوله ( وكسحها ) في المصباح كسحت البيت كسحا من باب نفع كنسته ثم استعير لتنقية البئر والنهر وغيره فقيل كسحته إذا نقيته وكسحت الشيء قطعته وأذهبته
قوله ( وكرى المسناة ) في المصباح كرى النهر كريا من باب رمى حفر فيه حفرة جديدة والمسناة حائط يبنى في وجه الأرض ويسمى
____________________
(5/135)
السد ا هـ
وفسرها في المغرب بما بنى للسيل ليرد الماء وكأن الشارح ضمن الكرى معنى الإصلاح
تأمل
قوله ( هو الدال على مكان السلعة وصاحبها ) لا فرق لغة بين السمسار والدلال وقد فسرهما في القاموس بالمتوسط بين البائع والمشتري وفرق بينهما الفقهاء فالسمسار هو ما ذكره المؤلف والدلال هو المصاحب للسلعة غالبا
أفاده سري الدين عن بعض المتأخرين ط
وكأنه أراد ببعض المتأخرين صاحب النهر فإنه قال وفي عرفنا الفرق بينهما هو أن السمسار الخ
قوله ( ورجح في البحر الإطلاق ) حيث قال وأما أجرة السمسار والدلال فقال الشارح الزيلعي إن كانت مشروطة في العقد تضم وإلا فأكثرهم على عدم الضم في الأول ولا تضم أجرة الدلال بالإجماع ا هـ
وهو تسامح فإن أجرة الأول تضم في ظاهر الرواية والتفصيل المذكور قويلة وفي الدلال قيل لا تضم والمرجع العرف كذا في فتح القدير ا هـ
قوله ( وضابطه الخ ) فإن الصيغ وأخواته في عين المبيع والحمل والسوق يزيد في قيمته لأنها تختلف باختلاف المكان فتلتحق أجرتها برأس المال
درر
لكن أورد أن السمسار لا يزيد في عين المبيع ولا في قيمته
وأجيب بأن له دخلا في الأخذ بالأقل فيكون في معنى الزيادة في القيمة وقال في الفتح بعد ذكره الضابط المذكور قال في الإيضاح هذا المعنى ظاهر ولكن لا يتمشى في بعض المواضع والمعنى المعتمد عليه عادة التجار حتى يعم المواضع كلها
قوله ( وكذا إذا قوم الموروث الخ ) قال في الفتح لو ملكه بهبة أو إرث أو وصية وقومه قيمته ثم باعه مرابحة على تلك القيمة يجوز
وصورته أن يقول قيمته كذا أو رقمه كذا فأرابحك على القيمة أو رقمه ومعنى الرقم أن يكتب على الثوب المشترى مقدارا سواء كان قدر الثمن أو أزيد ثم يرابحه عليه وهو إذا قال رقمه كذا وهو صادق لم يكن خائنا فإن غبن المشتري فيه فمن قبل جهله ا هـ
قال في البحر وقيده في المحيط بما إذا كان عند البائع أن المشتري يعلم أن الرقم غير الثمن فأما إذا كان المشتري يعلم أن الرقم والثمن سواء فإنه يكون خيانة وله الخيار ا هـ
وفي البحر أيضا عن النهاية في مسألة الرقم ولا يقول قام علي بكذا ولا قيمته كذا ولا اشتريته بكذا تحرزا عن الكذب ا هـ
وبه يظهر أن ما يفيده كلام الشارح من أنه يقول قام علي بكذا غير مراد بل يظهر لي أنه لا يقول ذلك في مسألة الهبة أيضا لأنه يوهم أنه ملكه بهذه القيمة مع أنه ملكه بلا عوض ففيه شبهة الكذب ويؤيده قول الفتح
وصورته أن يقول قيمته كذا الخ فقد سوى بينه وبين مسألة الرقم في التصوير ثم أن قول الفتح ظاهره اشتراط كون الرقم بمقدار القيمة فيخالف ما مر عن النهاية وحمله على أن معناه أنه لا يرقمه بعشرة ثم يبيعه لجاهل بالخط على رقم أحد عشر بعيد والأحسن الجواب بحمله على ما إذا كان المشتري يظن أن الرقم والقيمة سواء كما يشير إليه ما مر عن المحيط فافهم
قوله ( وفيه ما فيه ) فإنه يفيد أنه لا يضم وإن كان متعارفا وهو خلاف ما يدل عليه كلام المبسوط
قال في الفتح وكذا أي لا يضم أجر تعليم العبد صناعة أو قرآنا أو علما أو شعرا لأن ثبوت الزيادة لمعنى فيه أي في المتعلم وهو حذاقته فلم يكن ما أنفقه على التعليم موجبا للزيادة في المالية ولا يخفى ما فيه إذ لا شك في حصول الزيادة بالتعلم وأنه مسبب على التعليم عادة وكونه بمساعدة القابلية
____________________
(5/136)
في المتعلم كقابلية الثوب للصبغ لا يمنع نسبته إلى التعليم فهو علة عادية والقابلية شرط
وفي المبسوط لو كان في ضم المنفق في التعليم عرف ظاهر يحلق برأس المال ا هـ
قلت فقد ظهر أن البحث ليس في العلة فقط بل فيها وفي الحكم فافهم
قوله ( ولا نفقة نفسه ) أي في سفره لكسوته وطعامه ومركبه ودهنه وغسل ثيابه ط
عن حاشية الشلبي قوله ( وجعل الآبق ) لأنه نادر فلا يلحق بالسائق لأنه لا عرف في النادر
فتح
قوله ( كأنه للعرف ) أصل هذا لصاحب النهر حيث فال وقد مر أن أجرة المخزن تضم وكأنه للعرف وإلا فالمخزن ويبت الحفظ سواء في عدم الزيادة في العين ا هـ ط
قوله ( هذا هو الأصل ) أي ولو في نفقة نفسه كما يقتضيه العموم ط
قوله ( كما يفيده كلام الكمال ) حيث ذكر ما قدمناه عنه ثم قال أيضا بعد أن عد جملة مما لا يضم كذا ما لم تجر عادة التجار ا هـ
وقد علمت مما مر عن المبسوط أن المعتبر هو العرف الظاهر لإخراج النادر كجعل الآبق لأنه لا عرف في النادر كما قدمناه آنفا
قوله ( فإن ظهر خيانته ) أي البائع في مرابحة بأن ضم إلى الثمن ما لا يجوز ضمه كما في المحيط أو أخبر بأنه اشتراه بعشرة ورابح على درهم فتبين أنه اشتراه بتسعة
نهر
قوله ( أو برهان الخ ) وقيل لا تثبت إلا بإقراره لأنه في دعوى الخيانة متناقض والحق سماعها كدعوى العيب
فتح
قوله ( أخذه بكل ثمنه الخ ) أي ولا حط هنا بخلاف التولية وهذا عنده
وقال أبو يوسف يحط فيهما وقال محمد يخير فيهما والمتون على قول الإمام وفي البحر عن السراج وبيان الحط في المرابحة على قول أبي يوسف إذا اشتراه بعشرة وباعه بربح خمسة ثم ظهر أنه اشتراه بثمانية فإنه يحط قدر الخيانة من الأصل وهو الخمس وهو درهمان وما قابله من الربح وهو درهم فيأخذ الثوب باثني عشر درهما ا هـ
قوله ( وله الحط ) أي لا غير
بحر
قوله ( لتحقق التولية ) في نسخة بتاءين وفي نسخة بتاء واحدة على أنه فعل مضارع والتولية فاعلة أو مصدر مضاف إلى التولية وعلى كل فهو علة لقوله وله الحط قدر الخيانة في التولية ط
قال ح يعني لو لم يحط في التولية تخرج عن كونها تولية لأنها تكون بأكثر من الثمن الأول بخلاف المرابحة فإنه لو لم يحط فيها بقيت مرابحة
قوله ( ولو هلك المبيع الخ ) لم أر ما لو هلك بعضه هل يمتنع رد الباقي مقتضى قوله أو حدث به ما يمتنع من الرد أن له الرد كما لو آكل بعض المثلي أو باعه ثم ظهر له فيه عيب أو اشترى عبدين أو ثوبين فباع أحدهما ثم رأى في الباقي عيبا له رد ما بقي بخلاف الثوب الواحد كما مر في خيار العيب
تأمل
قوله ( لزمه جميع الثمن ) في الروايات الظاهرة لأنه مجرد خيار لا يقابله شيء من الثمن كخيار الرؤية والشرط وفيهما يلزمه تمام الثمن قبل الفسخ فكذا هنا وهو المشهور من قول محمد بخلاف خيار العيب لأن المستحق فيه جزء فائت يطالب به فيسقط ما يقابله إذا عجز عن تسليمه
وتمامه في الفتح وانظر ما سيذكره الشارح عن أبي جعفر
____________________
(5/137)
مطلب خيار الخيانة في المرابحة لا يورث تنبيه قال في البحر وظاهر كلامهم أن خيار ظهور الخيانة لا يورث فإنه مات المشتري فاطلع الوارث على خيانة بالطريق السابق فلا خيار له
قوله ( وقدمنا ) أي في أوائل خيار العيب
قوله ( لو وجد المولى ) بتشديد اللام المفتوحة اسم مفعول من التولية
قوله ( لم يرجع بالنقصان ) لأنه بالرجوع يصير الثاني أنقص من الأول وقضية التولية أن يكون مثل الأول
بحر
قوله ( شراه ثانيا الخ ) صورته اشترى بعشرة وباعه مرابحة بخمسة عشرة ثم اشتراه بعشرة فإنه يبيعه مرابحة بخمسة ويقول قام علي بخمسة
قوله ( بجنس الثمن الأول ) يأتي محترزه
قوله ( فإن رابح الخ ) ظاهر دليل الإمام يقتضي أنه لا فرق بين بيعه مرابحة أو تولية والمتون كلها مقيدة بالمرابحة وظاهرها جواز التولية على الثمن الأخير والظاهر الأول كما لا يخفى
بحر
وبه جزم في النهر
قوله ( وإن استغرق الربح ثمنه ) كما لو اشتراه بعشرة وباعه بعشرين مرابحة ثم اشتراه بعشرة لا يبيعه مرابحة أصلا وعندهما يرابح على عشرة في الفصلين
بحر أي في الاستغراق وعدمه
قوله ( لم يرابح ) لأن شبهة حصول الربح بالعقد الثاني ثابتة لأنه أي الربح يتأكد به بعدما كان على شرف السقوط بالظهور على عيب فيرده فيزول الربح عنه والشبهة كالحقيقة في بيع المرابحة احتياطا وقيد بقوله لم يرابح لأن له أن يبيعه مساومة
نهر
قوله ( بحر ) أي عن المحيط ومعنى كون قول الإمام أوثق أي أحوط لما علمت من أن الشبهة كالحقيقة هنا للتحرز عن الخيانة
قوله ( ولو بين ذلك ) بأن يقول كنت بعته فربحت فيه عشرة ثم اشتريته بعشرة وأنا أبيعه بربح كذا على العشرة
نهر
قوله ( أو باع بغير الجنس ) بأن باعه بوصيف أي غلام أبو بداية أو عرض آخر ثم اشتراه بعشرة كان له أن يبيعه مرابحة على عشرة لأنه عاد إليه بما ليس من جنس الثمن الأول ولا يمكن طرحه إلا باعتبار القيمة ولا مدخل لها في المرابحة ولذا قلنا لو اشترى أشياء صفقة واحدة بثمن واحد ليس له أن يبيع بعضها مرابحة على حصته من الثمن كذا في الفتح وأراد بالأشياء القيميات وتمامه في النهر وقد مر
قوله ( أو تخلل ثالث ) بإن اشترى من مشتري مشتريه لأن التأكيد حصل بغيره
درر
تنبيه علم من التقييد بالشراء أنه لو وهب ثوب فباعه بعشرة ثم اشتراه بعشرة يرابح على العشرة ومن التقييد بالبيع يربح أنه لو أجر المبيع ولم يدخله نقص يرابح بلا بيان لأن الأجرة ليست من نفس المبيع ولا من أجزائه فلم يكن حابسا لشيء منه أي بخلاف ما لو نال من صوفه أو سمنه كما قدمناه وأنه لو حط عنه بائعه كل الثمن يرابح على ما اشترى بخلاف ما لو حط البعض لالتحاقه بالعقد دون حط الكل لئلا يكون بيعا بلا ثمن فصار تمليكا مبتدأ كالهبة وسيأتي أن الزيادة تلتحق فيرابح على الأصل والزيادة وفي المحيط شراه ثم خرج عن ملكه ثم عاد إن عاد قديم ملكه كرجوع في هبة أو بخيار شرط أو رؤية أو عيب أو إقالة يرابح بما اشترى لانفساخ العقد كأن لم يكن لا إن عاد بسبب جديد كهبة وإرث
وتمامه في البحر
قوله ( أي جاز أن يرابح )
____________________
(5/138)
الأقعد في التعبير أي إذا أراد أن يرابح سيد الخ وجب عليه أن يرابح على ما اشترى العبد لأن المرابحة على ذلك واجبة لا جائزة ط
وكأن الشارح نظر إلى بيان صحتها فعبر بالجواز تبعا للدرر فافهم
قوله ( من مكاتبه ) أو مدبره نهر
قوله ( فاعتبار هذا القيد ) أي بالنظر إلى مجرد عبارة المتن
قال في النهر ثم كونه مديونا بما يحيط برقبته صرح به محمد في الجامع الصغير عن الإمام ومن المشايخ من لم يقيد بالمحيط ك الصدر الشهيد وتبعه المصنف وشمس الأئمة في المبسوط لم يذكر الدين أصلا
قال في العناية والحق ذكره لأنه إذا لم يكن عليه دين لم يصح البيع والتحقيق أن ذكره وعدمه سواء بالنظر إلى المرابحة لأنها إذا لم تجز مع الدين فمع عدمه أولى وأما بالنظر إلى صحة العقد وعدمه فله فائدة والباب لم يعقد إلا للمرابحة فصنيع شمس الأئمة أقعد ا هـ
قوله ( على ما شرى المأذون ) متعلق بقوله رابح وصورته كما في الكنز اشترى المأذون ثوبا بعشرة وباعه من سيده بخمسة عشر يبيعه على عشرة
قوله ( كعكسه ) وهو ما إذا باع المولى للعبد
قوله ( نفيا للتهمة ) لأن الحاصل للعبد لم يخل عن حق المولى ولذا كان له أن يستبقي ما في يده ويقضي دينه وكذا في كسب المكاتب ويصير ذلك الحق له حقيقة بعجزه فصار كأنه باع واشترى ملك نفسه من نفسه فاعتبر عد ما في حكم المرابحة نفيا للتهمة
نهر
قوله ( كأصله وفرعه ) وأحد الزوجين وأحد المتفاوضين عنده وخالفاه فيما عدا العبد والمكاتب
بحر
قوله ( ولو بين ذلك ) أي بين أن أحد هؤلاء اشتراه بعشرة ثم اشتراه هو منه بخمسة عشر
مطلب اشترى من شريكه سلعة تنبيه في الفتح اشترى من شريكه سلعة من شركتهما يرابح على ما اشترى ولا يبين ولو من شركتهما يبيع نصيب شريكه على ضمانه في الشراء الثاني ونصيب نفسه على ضمانه في الشراء الأول لجواز كونها شريت بألف من شركتهما فاشتراها منه بألف ومائتين فإنه يرابح على ألف ومائة لأن نصيب شريكه من الثمن ستمائة ونصيب نفسه من الثمن الأول خمسمائة فيبيعها على ذلك ا هـ
قوله ( بالنصف ) أي بنصف الربح له والباقي لرب المال وهو متعلق بقوله مضاربا فكان الأوضح تقديمه على قوله معه عشرة كما قاله ح
قوله ( باع مرابحة رب المال باثني عشرة ونصف ) وهذا في خصوص هذا المثال صحيح والتفصيل ما ذكره في مضاربه البحر عن المحيط من أنه على أربعة أقسام الأول أن يكون في قيمة المبيع ولا في الثمن فضل على رأس المال بأن كان رأس المال ألفا فاشترى منها المضارب عبدا بخمسمائة قيمته ألف وباعه من رب المال بألف فإن رب المال يرابح على ما اشترى به المضارب
الثاني أن يكون الفضل في قيمة المبيع دون الثمن فإنه كالأول
الثالث أن يكون فيهما فإنه يرابح على ما اشترى به المضارب وحصة المضارب
الرابع أن يكون الفضل في الثمن فقط وهو كالثالث ا هـ ح
ولا يخفى أن مثال الشارح يحتمل كونه من الثالث أو الرابع لصدقه على كون قيمة الثوب عشرة
____________________
(5/139)
كرأس المال أو أكثر فلذا كان له أن يرابح على ما اشترى به المضارب وهو عشرة وعلى حصة المضارب من الربح وهو درهمان ونصف دون حصة رب المال لأنها سلمت له ولم تخرج عن ملكه
ثم اعلم أن المصنف لم يسبق منه تمثيل المسألة بالشراء بالعشرة والبيع بالخمسة عشر حتى يظهر قوله باثني عشرة ونصف وهذا وإن وقع في عبارة الكنز كذلك لكنه صور المسألة قبله في مسألة المأذون كما قدمناه ولذا أوضح الشارح عبارة المصنف في أثناء تقرير المتن بذكر المثال
قوله ( وكذا عكسه ) وهو ما إذا كان البائع رب المال وهذا أيضا على أربعة أقسام قسمان لا يرابح فيهما إلا على ما اشترى به رب المال هما إذا كان لا فضل في الثمن وقيمة المبيع على رأس المال كما لو اشترى المضارب من رب المال بألف المضاربة عبدا قيمته ألف كان قد اشتراه رب المال بنصف ألف أو لا فضل في قيمة المبيع فقط بأن اشترى رب المال عبدا بألف قيمته ألف وباعه من المضارب بألفين وقسمان يرابح على ما اشترى به رب المال وحصة المضارب وهما إذا كان فيهما فضل بأن اشترى رب المال عبدا بألف قيمته ألفان ثم باعه من المضارب بألفين بعد ما عمل المضارب في ألف المضاربة وربح فيها ألفا فإنه يرابح على ألف وخمسمائة أو كان في قيمة العبد فقط بأن كان العبد يساوي ألفا وخمسمائة فاشتراه رب المال بألف فباعه من المضارب بألف يبيعه المضارب على ألف ومائتين وخمسين كذا في البحر عن المحيط ا هـ ح
وبه ظهر أن قول الشارح وكذا عكسه أراد به القسمين الأخيرين
قوله ( كما سيجيء في بابه ) وهو باب المضارب يضارب ط
قوله ( وتحقيقه في النهر ) حاصله أنه ذكر في مضاربة الكنز تبعا للهداية أنه لو اشترى المضارب من المالك بألف عبدا اشتراه بنصفه رابح بنصفه ا هـ
فاعتبر أقل الثمنين وقال الزيلعي هناك ولو بالعكس أي بأن اشترى رب المال بألف من المضارب عبدا مشترى بنصفه رابح بنصفه أيضا فصورة العكس هناك مفروضة في شراء رب المال من المضارب وهي مسألة المتون هنا فما ذكره الزيلعي هناك مخالف لما صرح به نفسه هنا من أنه يضم حصة المضارب وذكر في السراج أنه يضم حصة المضارب في صورة الأصل وصورة العكس وقد وفق في البحر بين كلامي الزيلعي بتوفيق رده في النهر وقال إن ما في السراج مخالف لصريح الرواية المصرح بها في كتاب المضاربة وما ذكره الزيلعي من أن رب المال لا يضم حصة المضارب محمول على رواية
وذكر أن الجواب الحق ما في مضاربة البحر من أن صورة العكس التي ذكرها الزيلعي هناك هي القسم الأول من كلام المحيط فلم يكن فيه مخالفة لما ذكره في المرابحة أنه يضم حصة المضارب لأنه القسم الثالث أو الرابع من كلام المحيط ا هـ ما في مضاربة البحر ملخصا
قلت ولم يتعرض هناك للجواب عما في السراج وقد علمت صحته مما كتبناه على قول الشارح وكذا عكسه وقد أوضحنا هذا المقام بأكثر مما هنا فيما علقناه على البحر
قوله ( مريدها ) أي مريد المرابحة
قوله ( أي من غير بيان ) لا حاجة إلى هذا لبيان لوضوحه ط
قوله ( أما بيان نفس العيب فواجب ) لأن الغش حرام إلا في مسألتين كما قدمه آخر خيار العيب مر الكلام على ذلك
قوله ( فتعيب عنده ) أما لو وجد بالمبيع عيبا فرضي به كان له أن يبيعه مرابحة على الثمن الذي اشتراه به لأن الثابت له خيار فإسقاطه لا يمنع من البيع مرابحة كما لو كان فيه خيار شرط أو رؤية وكذا لو اشتراه مرابحة فاطلع على خيانة فرضي به كان له أن يبيعه مرابحة على ما أخذه به لما ذكرنا أن الثابت له مجرد خيار
بحر عن الفتح
قوله ( بالتعييب ) مصدر تعيب صار معيبا بلا صنع أحد ويلحق
____________________
(5/140)
به ما إذا كان بصنع المبيع وشمل ما إذا كان نقصان العيب يسيرا أو كثيرا وعن محمد لو نقص قدرا لا يتغابن الناس فيه لا يبيعه مرابحة بلا بيان ودل كلامه أنه لو نقص بتغير السعر بأمر الله تعالى لا يلزمه البيان بالأولى
بحر
قوله ( ووطىء الثيب ) بصيغة الفعل الماضي عطفا على قوله اشتراه أو بصيغة المصدر عطفا على أنه اشتراه
قوله ( كقرض فأر وحرق نار ) الأولى ذكرهما بعد قوله بآفة سماوية ا هـ ح
وقرض بالقاف وذكره أبو اليسر بالفاء
فتح
والذي في القاموس والمصباح الأول
قوله ( المشتري ) بصيغة المفعول نعت للثوب
قوله ( لا بد من بيانه ) أي بيان أنه تعيب عنده بالتعيب
قوله ( ورجحه الكمال ) نعم رجحه أولا بقوله واختياره وهذا حسن لأن مبنى المرابحة على عدم الخيانة وعدم ذكره أنها انتقصت إيهام للمشتري أن الثمن المذكور كان لها ناقصة والغالب أنه لو علم أن ذلك ثمنها صحيحة لم يأخذها معيبة إلا بحطيطة ا هـ
لكنه قال بعده لكن قولهم هو كما لو تغير السعر بأمر الله تعالى فإنه لا يجب عليه أنه يبين أن اشتراه في حال غلائه وكذا لو اصفر الثوب لطول مكثه أو توسخ إلزام قوي ا هـ
نعم أجاب في النهر بقوله وقد يفرق بأن الإبهام فيما ذكر ضعيف لا يعول عليه بخلاف ما لو اعورت الجارية فرابحه على ثمنها فإنه قوي جدا فلم يغتفر ا هـ
قلت وفيه كلام فقد يكون تفاوت السعرين أفحش من التفاوت بالعيب والكلام حيث لا علم للمشتري بكل ذلك والأحسن الجواب بأن ذلك مجرد وصف لا يقابله شيء من الثمن بخلاف الفائت بعور الجارية وقرض الفأر ونحوه فإنه جزء من المبيع ولا يرد ما اشتراه بأجل فإنه لا يرابح بلا بيان كما يأتي لقولهم إن الأجل يقابله جزء من الثمن عادة فيكون كالجزء فيلزمه البيان
قوله ( وأقره المصنف ) وكذا شيخه في بحره والمقدسي
قوله ( بالتعييب ) مصدر عيبه إذا أحدث به عيبا
بحر
قوله ( ولو بفعل غيره الخ ) دخل فيه ما إذا كان بفعله بالأولى وكذا ما إذا كان يفعل غيره بأمره واحترز به عما إذا كان بفعل المبيع فإنه ملحق بالآفة السماوية كما مر لأن المرابح لم يكن حابسا شيئا
قوله ( وإن لم يأخذ الأرش ) لتحقق وجوب الضمان
فتح قوله ( ووطء البكر ) لأن العذرة جزء من العين يقابلها الثمن وقد حبسها
فتح
قوله ( كتكسر ) أي تكسر الثوب
قوله ( لصيرورة الأوصاف مقصودة بالإتلاف ) أي فتخرج عن التبعية بالقصدية فوجب اعتبارها فتتقابل ببعض الثمن
فتح
وهذا علة لقوله ببيان بالتعييب
قوله ( ولذا قال الخ ) أي فإنه يفهم منه أن الثيب لو نقصها الوطء يلزمه البيان لأنه صار مقصودا بالإتلاف
قوله ( اشتراه بألف نسيئة ) أفاد أن الأجل مشروط في العقد فإن لم يكن ولكنه كان معتاد التنجيم قيل لا بد من بيانه لأن المعروف كالمشروط وقيل لا يلزمه البيان وهو قول الجمهور كما في الزيلعي
نهر
وينبغي ترجيح الأول لأنها مبنية على الأمانة والاحتراز عن شبهة الخيانة وعلى كل من القولين لو لم يكن مشروطا ولا معروفا وإنما أجله بعد العقد لا يلزمه بيانه بحر
قال في النهر لما مر من أن الأصح أنهما لو
____________________
(5/141)
ألحقا به شرطا لا يلتحق بأصل العقد فيكون تأجيلا مستأنفا وعلى القول بأنه يلتحق ينبغي أن يلزمه البيان ا هـ
قوله ( خير المشتري ) أي بين رده وأخذه بألف ومائة حالة لأن للأجل شبها بالمبيع ألا ترى أنه يزاد في الثمن لأجله والشبهة ملحقة بالحقيقة فصار كأنه اشترى شيئين بالألف وباع أحدهما بها على وجه المرابحة وهذا خيانة فيما إذا كان مبيعا حقيقة وإذا كان أحد الشيئين يشبه المبيع يكون هذا شبهة الخيانة
فتح
قوله ( لزم كل الثمن حالا ) لأن الأجل في نفسه ليس بمال فلا يقابله شيء حقيقة إذا لم يشترط زيادة الثمن بمقابلته قصدا ويزاد في الثمن لأجله إذا ذكر الأجل بمقابلة زيادة الثمن قصدا فاعتبر مالا في المرابحة احترازا عن شبهة الخيانة ولم يعتبر مالا في حق الرجوع عملا بالحقيقة
بحر
قوله ( في جميع ما مر ) أي لا كما وقع في الزيلعي والفتح من إرجاعه إلى المسألة التي قبله وهو بحث للبحر حيث قال وينبغي أن يعود قوله وكذا التولية إلى جميع ما ذكره للمرابحة فلا بد من البيان في التولية أيضا في التعييب ووطء البكر وبدونه في التعيب ووطء الثيب
قوله ( وقال أبو جعفر الخ ) عبر عنه في الفتح بقيل حيث قال وقيل تقوم بثمن حال ومؤجل فيرجع بفضل ما بينهما على البائع
قال الفقيه أبو جعفر الهندواني ا هـ
قلت وينبغي على قول أبي جعفر أن يرجع بالأولى فيما إذا ظهرت خيانة في مرابحة لأن الأجل لا يقابله شيء من الثمن حقيقة
تأمل
قوله ( بحر ومصنف ) ومثله في الزيلعي معللا بالتعارف
قوله ( وخير الخ ) لأن الفساد لم يتقرر فإذا حصل العلم في المجلس جعل كابتداء العقد وصار كتأخير القبول إلى آخر المجلس ونظيره بيع الشيء برقمه إذا علم في المجلس وإنما يتخير لأن الرضا لم يتم قبله لعدم العلم كما في خيار الرؤية
وظاهر كلام المصنف وغيره أن هذا العقد ينعقد فاسدا بعرضية الصحة وهو الصحيح خلافا للمروي عن محمد أنه صحيح له عرضية الفساد كذا في الفتح وينبغي أن تظهر الثمرة في حرمة مباشرته فعلى الصحيح يحرم وعلى الضعيف لا
بحر
قوله ( وإلا بطل ) أي تقرر فساده ط
تتمة في الظهيرية اشتراه بأكثر من ثمنه مما لا يتغابن الناس فيه وهو يعلم لا يرابح بلا بيان وكذا لو اشترى بالدين من مدينه وهو لا يشتري بمثل الثمن من غيره فلو يشتري بمثله له أن يرابح سواء أخذه بلفظ الشراء أو الصلح وفي ظاهر الرواية يفرق بينهما بأن مبنى الصلح على الحط والتجوز بدون الحق ومبنى الشراء على الاستقصاء ا هـ ملخصا
مطلب في الكلام على الرد بالغبن الفاحش قوله ( لا رد بغبن فاحش ) في البحر عن المصباح غبنه في البيع والشراء غبنا من باب ضرب مثل غبنه فانغبن وغبنه أي نقصه وغبن بالبناء للمفعول فهو مغبون أي منقوص في الثمن أو غيره والعبينة اسم منه
____________________
(5/142)
قوله ( هو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين ) هو الصحيح كما في البحر وذلك كما لو وقع البيع بعشرة مثلا ثم إن بعض المقومين يقول إنه يساوي خمسة وبعضهم ستة وبعضهم سبعة فهذا غبن فاحش لأنه لم يدخل تحت تقويم أحد بخلاف ما إذا قال بعضهم ثمانية وبعضهم تسعة وبعضهم عشرة فهذا غبن يسير
قوله ( وبه أفتى بعضهم مطلقا ) أي سواء كان الغبن بسبب التغرير أو بدون لكن هذا الإطلاق لم يذكره في القنية وإنما حكي في القنية الأقوال الثلاثة فيفهم منه أن هذا غير مقيد بالتغرير أو بدون ولكن نقل في الفتح أن الإمام علاء الدين السمرقندي ذكر في تحفة الفقهاء أن أصحابنا يقولون في المغبون إنه لا يرد لكن هذا في مغبون لم يغر أما في مغبون غر يكون له حق الرد استدلالا بمسألة المرابحة ا هـ أي بمسألة ما إذا خان في المرابحة فإن ذلك تغرير يثبت به الرد
قوله ( ويفتى بالرد ) ظاهره الإطلاق أي سواء غره أولا بقرينة القول الثالث
قوله ( أو غره الدلال ) قال الرملي مفهومه أنه لو غره رجل أجنبي غير الدلال لا يثبت له الرد وبقي ما لو غر المشتري البائع في العقار فأخذه الشفيع هل للبائع أن يسترد منه ينبغي عدمه لأنه لم يغره وإنما غره المشتري وتمامه في حاشيته على البحر
قوله ( وبه أفتى صدر الإسلام وغيره ) وهو الصحيح كما يأتي وظاهر كلامهم أن الخلاف حقيق ولو قيل إنه لفظي ويحمل القولان المطلقان على القول المفصل لكان حسنا ويدل عليه حمل صاحب التحفة المتقدم ط
قلت ويؤيده أيضا عدم التصريح بالإطلاق في القولين الأولين وحيث كان ظاهر الرواية محمولا على هذا القول المفصل يكون هو ظاهر الرواية إذا لم يذكروا أن ظاهر الرواية عدم الرد مطلقا حتى ينافي التفصيل فلذا جزم في التحفة بحمله على التفصيل وحينئذ لم يبق لنا إلا قول واحد هو المصرح بأنه ظاهر الرواية وبإنه المذهب وبأنه المفتى به وبأنه الصحيح فمن أفتى في زماننا بالرد مطلقا فقد أخطأ خطأ فاحشا لما علمت من أن التفصيل هو المصحح المفتى به ولا سيما بعد التوفيق المذكور وقد أوضحت ذلك بما لا مزيد عليه في رسالة سميتها تحبير ( تحبير التحرير في إبطال القضاء بالفسخ بالغبن الفاحش بلا تغرير ) قوله ( فيرد مثل ما أتلفه ) أي مع رد الباقي كما في القنية
ونصها قال الغزال لا معرفة لي بالغزل فأتني بغزل أشتريه فأتى رجل بغزل لهذا الغزال ولم يعلم به المشتري فجعل نفسه دلالا بينهما واشترى ذلك الغزل له بأزيد من ثمن المثل وصرف المشتري بعضه إلى حاجته ثم علم بالغبن وبما صنع فله أن يرد الباقي بحصته من الثمن
قال رضي الله عنه والصواب أن يرد الباقي ومثل ما صرف في حاجته ويسترد جميع الثمن كمن اشترى بيتا مملوءا من بر فإذا فيه دكان عظيم فله الرد وأخذ جميع الثمن قبل إنفاق شيء منه وبعده يرد الباقي ومثل ما أنفق ويسترد الثمن كذا ذكره أبو يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى ا هـ
قوله ( بقي ما لو كان قيميا ) أي وتصرف ببعضه فهل يرجع بقدر ما غبن فيه أو لا يرجع أو يرد الباقي
____________________
(5/143)
ويضمن قيمة ما تصرف به ووجه التوقف أن ما ذكره في القنية مفروض في المثلي لأن الغزل مثلي كما هو صريح كلام القنية المذكور آنفا وكذا صرح في الفصل الثالث والثلاثين من جامع الفصولين بأنه مثلي وفي التتارخانية عن المنتقى ولا يصح بيغ غزل قطن لين بغزل قطن خشن إلا مثلا بمثل لأن القطن سواء ا هـ
فحيث كان المنقول هنا في المثلي لم يعلم حكم القيمي فافهم
ثم اعلم أن ما قدمناه عن المنح عن تحفة الفقهاء من أن المغبون إذا غر له الرد استدلالا بمسألة المرابحة يفيد أن خيار التغرير في حكم خيار الخيانة والمرابحة وقد مر في المتن والشرح أنه لو هلك المبيع أو استهلكه في المرابحة قبل رده أو حدث به ما يمنع من الرد لزمه جميع الثمن المسمى وسقط خياره وذكرنا هناك أن مقتضى قوله أو حدث به الخ أنه لو هلك البعض أو استهلكه له رد الباقي إلا في نحو الثوب الواحد الخ والظاهر أن هنا كذلك فتأمل
قوله ( قلت وبالأخير إلى قوله وغيره ) الأولى ذكر هذا عند قوله وبه أفتى صدر الإسلام وغيره ا هـ ح
مطلب الغرور لا يوجب الرجوع إلا في ثلاث مسائل قوله ( وفي كفالة الأشباه الخ ) حيث قال الغرور لا يوجب الرجوع فلو قال اسلك هذا الطريق فإنه آمن فسلكه فأخذه اللصوص أو قال كل هذا الطعام فإنه ليس بمسموم فأكله ومات لم يضمن وكذا لو أخبره رجل أنها حرة فتزوجها ثم ظهر أنها مملوكة فلا رجوع بقيمة الولد على المخبر إلا في ثلاث مسائل
الأولى إذا كان الغرور بالشرط كما لو زوجه امرأة على أنها حرة ثم استحقت فإنه يرجع على المخبر بما غرمه للمستحق من قيمة الولد
الثانية أن يكون في ضمن عقد معاوضة فيرجع المشتري على البائع من بقيمة الولد إذا استحقت بعد الاستيلاد ويرجع بقيمة البناء لو بنى المشتري ثم استحقت الدار بعد أن يسلم البناء
وإذا قال الأب لأهل السوق بايعوا ابني فقد أذنت له في التجارة فظهر أنه ابن غيره رجعوا عليه للغرور وكذا لو قال بايعوا عبدي فقد أذنت له فيابعوه ولحقه دين ثم ظهر أنه عبد لغيره رجعوا عليه إن كان الأب حرا وإلا فبعد العتق وكذا لو ظهر حرا أو مدبرا أو مكاتبا ولا بد في الرجوع من إضافته إليه والأمر بمبايعته كذا في السراج الوهاج
الثالثة أن يكون في عقد يرجع نفعه إلى الدافع كوديعة وإجارة فلو هلكت الوديعة والعين المستأجرة ثم استحقت وضمن المودع والمستأجر فإنهما يرجعان على الدافع بما ضمناه وكذا من كان بمعناهما وفي عارية وهبة لا رجوع إذ القبض كان لنفسه
وتمامه في الخانية من فصل الغرور من البيوع ا هـ
قلت وعبر في الخانية في الثالثة بالقبض بدل العقد وهو الصواب فتدير
قوله ( إلا في ثلاث ) زاد في نور العين مسألة رابعة وهي ما إذا ضمن الغار صفة السلامة كما إذا قال اسلك هذا الطريق فإنه آمن وإن أخذ مالك فأنا ضامن فإنه يضمن كما سيذكره المصنف آخر الكفالة عن الدرر
قوله ( منها هذه ) أي مسألة المتن وهي داخلة تحت الثانية الآتية
قوله ( وضابطها ) أي الثلاث المستثناة
قوله ( أن يكون في عقد ) صوابه في قبض كما قدمناه عن الخانية لأن مسألة العقد تأتي بعد
تأمل
قوله ( رجع ) أي الشخص الذي هو المودع أو المستأجر على الدافع لأنه غره بأنه أودعه أو أجره ملكه
قوله ( لكون القبض لنفسه ) أي نفس المستعير أو الموهوب له فكان
____________________
(5/144)
هو المنتفع بالقبض دون المعير أو الواهب
قوله ( أن يكون في ضمن عقد معاوضة ) من بيع صحيح أو فاسد وأخرج به عقود التبرعات كالهبة والصدقة فإن الغرور لا يثبت الرجوع فيها ط
عن البيري
وكذا أخرج الرهن لأنه عقد وثيقة لا معاوضة كما يأتي
وفي البيري عن المبسوط إن الغرور في عقد المعاوضات يثبت الرجوع لأن العقد يستحق صفة السلامة من العيب ولا عيب فوق الاستحقاق فأما بعقد التبرع فلأن الموهوب له لا يستحق الموهوب بصفة السلامة
قوله ( كبايعوا عبدي الخ ) أي فيكون ضامنا للدرك فيما يثبت لهم على العبد في عقد المبايعة لحصول التغرير في هذا العقد كما يأتي تقريره وبه اندفع ما قيل إن التغرير لم يوجد في ضمن عقد المعاوضة
قوله ( ثم ظهر حرا أو ابن الغير ) لف ونشر مرتب
قوله ( إن كان الأب حرا ) والأولى ما في بعض نسخ الأشباه إن كان الآذان حرا لشموله للمولى والأب أي الأب صورة لا حقيقة وهذا القيد لشيء مقدر في قوله رجعوا عليه أي في الحال بقرينة قوله وإلا فبعد العتق
قوله ( وهذا ) أي الرجوع شرطه شيئان أن يضيف العبد أو الابن إلى نفسه وأمرهم بمبايعته فيضمن الأقل من قيمته ومن الدين كما في البيري عن مختصر المحيط
قوله ( ومنه ) أي من التغرير في ضمن عقد المعاوضة
قوله ( اشترني فأنا عبد ارتهني ) صوابه بخلاف ارتهني أي لو قال العبد اشترني فأنا عبد فاشتراه فإذا هو حر فإن كان البائع حاضرا أو غائبا غيبة معروفة أي يدرى مكانه لا يرجع على العبد بما قبضه البائع للتمكن من الرجوع على القابض وإن كان لا يدرى أين هو رجع المشتري على العبد ورجع العبد على بائعه بما رجع به عليه وإنما يرجع مع أن البائع لم يأمره بالضمان عنه لأنه أدى دينه وهو مضطر فى أدائه بخلاف من أدى عن آخر دينا بلا أمره والتقييد بقوله اشترني فأنا عبد لأنه لو قال أنا عبد ولم يأمره بالشراء أو قال اشترني ولم يقل فأنا عبد لا يرجع عليه بشيء ولو قال ارتهني فأنا عبد الراهن لم يرجع على العبد ولو الراهن غائبا في ظاهر الرواية عنهم وعن أبي يوسف لا يرجع في البيع والرهن لأن الرجوع بالمعاوضة وهي المبايعة هنا أو بالكفالة ولم يوجدا هنا بل وجد مجرد الإخبار كاذبا فصار كما لو قال أجنبي لشخص ذلك ولهما أن المشتري شرع في الشراء معتمدا على أمره وإقراره فكان مغرورا من جهته والتغرير في المعاوضات التي تقتضي سلامة العوض يحصل سببا للضمان دفعا للغرر بقدر الإمكان فكان بتغريره ضامنا لدرك الثمن له عند تعذر رجوعه على البائع كالمولى إذا قال لأهل السوق بايعوا عبدي فإني أذنت له ثم ظهر استحقاق العبد فإنهم يرجعون على المولى بقيمة العبد ويجعل المولى بذلك ضامنا لدرك ما ذاب عليه دفعا للغرور عن الناس بخلاف الرهن فإنه ليس عقد معاوضة بل عقد وثيقة لاستيفاء عين حقه حتى جاز الرهن ببدل الصرف والمسلم فيه ولو كان عقد معاوضة كان استبدالا به قبل قبضه وهو حرام وبخلاف الأجنبي فإنه لا يعبأ بقوله فالرجل هو الذي اغتر ا هـ ملخصا من الفتح في أول باب الاستحقاق
قوله ( كما لو زوجه امرأة على أنها حرة ) أي بأن كان وليا أو وكيلا عنها وهذا بخلاف ما إذا أخبره بأنها حرة فتزوجها كما مر في عبارة الأشباه
قوله ( استظهر المصنف لا ) حيث قال ولم أطلع في كلامهم على ما لو مات من ثبت
____________________
(5/145)
في حقه التغرير هل ينتقل الحق فيه إلى وارثه حتى يملك الرد كما في خيار العيب أو لا كما في خيار الرؤية والشرط لكن الظاهر عندي الثاني وقواعدهم شاهدة به فقد صرحوا بأن الحقوق المجردة لا تورث وأما خيار العيب فإنما يثبت فيه حق الرد للوارث باعتبار أن الوارث ملكه سليما فإذا ظهر فيه على عيب رده وليس ذلك بطريق الإرث كما يفيده كلامهم وتعليلهم عدم ثبوت الخيار للوارث في خيار الرؤية والشرط بأنه ليس إلا مشيئة وإرادة فلا يتصور انتقاله إلى الوارث وهكذا عرضته على بعض الأعيان من أصحابنا فارتضاه وأفتى بموجيه ا هـ
قلت ويؤيده ما بحثه في البحر من أن خيار ظهور الخيانة لا يورث مستندا لذلك بما مر أنه لو هلك المبيع لزمه جميع الثمن وعللوه بأنه مجرد خيار لا يقابله شيء من الثمن كخيار الرؤية والشرط الخ ما قدمناه هناك وفي مجموعة السائحاني بخطه وأجاد المصنف بالاستشهاد بخيار الشرط لأن الكل لدفع الخداع فإذا كان خيار الشرط الملفوظ به لا يورث فكيف غير الملفوظ مع كونه مختلفا فيه ا هـ
قوله ( قلت وقدمناه الخ ) قدمنا هناك أن ذلك لم يذكره في الدرر بل ذكره المصنف هناك أيضا وقدمنا أيضا أن الخير الرملي عن العلامة المقدسي أنه قال والذي أميل إليه أنه مثل خيار العيب يعني فيورث ا هـ وهذا خلاف ما عزاه الشارح إلى حاشية ابن المصنف عن المقدسي وقدمنا أيضا أن الخير الرملي وافق المقدسي في أنه يورث قياسا على خيار فوات الوصف المرغوب فيه كشراء عبد على أنه خباز وقال إنه به أشبه لأنه اشتراه على قول البائع فكان شارطا له افتضاء وصفا مرغوبا فيه فبان بخلافه ا هـ وقدمنا هناك ترجيح ما بحثه المصنف من أنه لا يورث كخيار ظهور الخيانة في المرابحة وأنه به أشبه فراجعه فافهم
قوله ( ومال إلى أنه يورث ) المراد بالإرث انتقاله إلى الوارث بطريق الخلفية لا بطريق الإرث حقيقة كما علم مما نقلناه من عبارة المصنف في المنح وحققناه في باب خيار الشرط وعلمت ترجيح ما بحثه المصنف أولا قوله ( قبيل التاسعة ) صوابه قبيل العاشرة
قوله ( ويصير مغرورا ) عبارة الأشباه ثم اعلم أن ملك الوارث بطريق الخلافة عن الميت فهو قائم مقامه كأنه حي فيرد المبيع بعيب ويرد عليه ويصير مغرورا بالجارية التي اشتراها الميت الخ
قلت ومعناه أن الوارث لو استولد الجارية ثم استحقت فالولد حر بالقيمة لكونه وطئها بناء على أنها ملكه فيرجع بما ضمن على بائع مورثه كما لو استولدها المورث وأنت خبير بأن هذا لا يدل على أنه يثبت له خيار الرد بالتغرير فيما إذا اشترى مورثه شيئا بغبن فاحش بتغرير البائع لأنه مجرد خيار لا يقابله شيء من الثمن بخلاف ثبوت حرية ولده فإنه ليس بخيار فهذا تأييد بما لا يفيد فافهم
قوله ( وقدمنا ) أي قبيل باب خيار الرؤية
قوله ( انتفى الغرر ) كما لو اشترى سويقا على أن البائع لته بمن من السمن وتقابضا والمشتري ينظر إليه فظهر أنه لته بنصف من جاز البيع ولا خيار للمشتري وهو نظير ما لو اشترى صابونا على أنه متخذ من كذا جرة من الدهن ثم ظهر أنه اتخذ بأقل من ذلك والمشتري كان ينظر إلى الصابون وقت الشراء جاز البيع من غير خيار
ظهيرية
قلت وكون ذلك مما يعرف بالعيان غير ظاهر فليتأمل
وقدمنا تمامه هناك والله سبحانه أعلم
____________________
(5/146)
فصل في التصرف في المبيع والثمن الخ أوردها في فصل على حدة لأنها ليست في المرابحة غير أن صحتها لما توقفت على القبض كان لها ارتباط بالتصرف بالبيع قبل القبض والباقي استطراد
نهر
قوله ( صح بيع عقار الخ ) أي عندهما
وقال محمد لا يجوز وعبر بالصحة دون النفاذ واللزوم لأنهما موقوفان على نقد الثمن أو رضا البائع وإلا فللبائع إبطاله أي إبطال بيع المشتري وكذا كل تصرف يقبل النقض إذا فعله المشتري قبل القبض أو بعده بغير إذن البائع فللبائع إبطاله بخلاف ما لا يقبل النقض كالعتق والتدبير والاستيلاد
بحر
وقوله أو بعده بغير إذن البائع الجار والمجرور متعلق بالضمير العائد على القبض أي بعد القبض الواقع بلا إذنه لأن قبض المبيع قبل نقد الثمن بلا إذن البائع غير معتبر لأن له استرداده وحبسه إلى قبض الثمن وقيد بالبيع لأنه لو اشترى عقارا فوهبه قبل القبض من غير البائع يجوز عند الكل كما في البحر عن الخانية أي لحصول القبض بقبض الموهوب له كما يأتي واحترز به عن الإجارة فإنها لا تصح كما يأتي
قوله ( لعدم الغرر ) أي غرر انفساخ العقد على تقدير الهلاك وعلله بقوله لندرة هلاك العقار ط
قوله ( حتى لو كان الخ ) تفريع على مفهوم قوله يخشى هلاكه
قوله ( ونحوه ) بأن كان في موضع لا يؤمن أن تغلب عليه الرمال ح عن النهر ومثله في الفتح
قوله ( كان كمنقول ) أي بمنزلته من حيث لحوق الغرر بهلاكه
قوله ( ككتابة ) قال في الجوهرة وفي الكتابة يحتمل أن يقال لا تجوز لأنها عقد مبادلة كالبيع ويحتمل أن يقال تجوز لأنها أوسع من البيع جوازا ا هـ
لكن قال الزيلعي ولو كاتب العبد المبيع قبل القبض توقفت كتابته وكان للبائع حبسه بالثمن لأن الكتابة محتملة للفسخ فلم تنفذ في حق البائع نظرا له وإن نقد الثمن نفذت لزوال المانع ا هـ
قال في البحر ولا خصوصية لها بل كل عقد يقبل النقض فهو موقوف كما قدمناه ا هـ
وبه علم أن الكتابة تصح لكنها تتوقف فلا يناسب قوله فلا يصح اتفاقا كما أفاده ح فكان المناسب إسقاطها قوله ( وإجارة ) أي إجارة العقار فإنها لا تصح اتفاقا وقيل على الخلاف والصحيح الأول لأن المعقود عليه في الإجارة المنافع وهلاكها غير نادر وهو الصحيح كذا في الفوائد الظهيرية وعليه الفتوى
وكذا في الكافي فتح غيره
قوله ( وبيع منقول ) مجرور بالعطف على كتابة وهو في عبارة المصنف مرفوع والأولى في التعبير أن يقول حتى لو كان علوا أو على شط نهر أو نحوه أو آجره كان كمنقول ولا يصح بيع منقول الخ
وفي البحر ودخل في البيع الإجارة لأنها بيع المنافع أي وهي في حكم المنقول والصلح لأنه بيع ا هـ
أي الصلح عن الدين كما في الفتح وتعبير النهر بالخلع سبق قلم
ثم قال في البحر وأراد بالمنقول المبيع المنقول فجاز بيع غيره كالمهر وبدل الخلع والعتق على مال وبدل الصلح عن دم العمد
قوله ( ولو من بائعه ) مرتبط بقوله وبيع منقول ط
قوله ( كما سيجيء ) أي قريبا في قول المصنف ولو باعه منه قبله لم يصح ط
قوله ( بخلاف عتقه وتدبيره ) يوهم
____________________
(5/147)
أن فيه خلاف محمد الآتي وليس كذلك ففي الجوهرة وأما الوصية والعتق والتدبير وإقراره بأنها أم ولده يجوز قبل القبض بالاتفاق ا هـ
وفي البحر وأما تزويج الجارية المبيعة قبل قبضها فجائز لأن الغرر لا يمنع جوازه بدليل صحة تزويج الآبق ولو زوجها قبل القبض ثم فسخ البيع انفسخ النكاح على قول أبي يوسف وهو المختار كما في الولوالجية
قوله ( غير بائعه ) قيد به ليفهم أنه لو كان من بائعه فهو كذلك بالأولى
قوله ( وهو واضح ) صرح به الزيلعي وغيره خلافا لأبي يوسف
قوله ( والأصل الخ ) قال في الفتح الأصل أن كل عقد ينفسخ بهلاك العوض قبل القبض لم يجز التصرف في ذلك العوض قبل قبضه كالمبيع في البيع والأجرة إذا كانت عينا في الإجارة وبدل الصلح عن الدين إذا كان عينا لا يجوز بيع شيء من ذلك ولا أن يشرك فيه غيره وما لا ينفسخ بهلاك العوض فالتصرف فيه قبل القبض جائز كالمهر إذا كان عينا وبدل الخلع والعتق على مال وبدل الصلح عن دم العمد كل ذلك إذا كان عينا يجوز بيعه وهبته وإجارته قبل قبضه وسائر التصرفات في قول أبي يوسف ثم قال محمد كل تصرف لا يتم إلا بالقبض كالهبة والصدقة والرهن والقرض فهو جائز لأنه يكون نائبا عنه ثم يصير قابضا لنفسه كما لو قال أطعم عن كفارتي جاز ويكون الفقير نائبا عنه في القبض ثم قابضا لنفسه ا هـ ملخصا
قلت وحيث مشى المصنف على قول محمد كان ينبغي للشارح ذكر الأصل الثاني أيضا لأنه يظهر مما ذكرنا أن الأصل غير خاص بقول أبي يوسف إلا أن الشق الأول الأول منه وهو ما ينفسخ بهلاك العوض قبل القبض كالبيع والإجارة لا يجوز التصرف قبل القبض في عوضه المعين عند أبي يوسف مطلقا وأجاز محمد فيه كل تصرف لا يتم إلا بالقبض كالهبة ونحوها لأن الهبة لما كانت لا تتم إلا بالقبض صار الموهوب له نائبا عن الواهب وهو المشتري الذي وهبه المبيع قبل قبضه ثم يصير قابضا لنفسه فتتم الهبة بعد القبض بخلاف التصرف الذي يتم قبل القبض كالبيع مثلا فإنه لا يجوز لأنه إذا قبضه المشتري الثاني لا يكون قابضا عن الأول لعدم توقف البيع على القبض فيلزم منه تمليك المبيع قبل قبضه وهو لا يصح لكن يرد على الأصل المذكور العتق والتدبير بأن أعتق أو دبر المبيع قبل قبضه فقد علمت جوازه اتفاقا مع أنه يتم قبل القبض وهو تصرف في عقد ينفسخ بهلاك العوض قبل القبض فليتأمل
قوله ( فقبله ) أي قبل هبته فإن لم يقبلها بطلت والبيع صحيح على حاله
جوهرة
قوله ( لأن الهبة مجاز على الإقالة ) يقال هب لي ديني وأقلني عثرتي وإنما كان كذلك لأن قبض البائع لا ينوب عن قبض المشتري كما في شرح المجمع
قوله ( بخلاف بيعه ) فإنه لا يحتمل المجاز عن الإقالة لأنه ضدها
ط
عن الشلبي
قوله ( مطلقا ) أي سواء باعه من بائعه أو من غيره ح
قوله ( قلت الخ ) استدراك على قول الجوهرة فإنه باطل
قوله ( ونفي الصحة ) أي الواقع في المتن يحتملهما أي يحتمل البطلان والفساد والظاهر الثاني لأن علة الفساد الغرر كما مر مع وجود ركني البيع وكثيرا ما يطلق الباطل على الفاسد أفاده ط
____________________
(5/148)
مطلب في تصرف البائع في المبيع قبل القبض تتمة جميع ما من تصرف المشتري في المبيع قبل قبضه فلو تصرف فيه البائع قبل قبضه فإما بأمر المشتري أو لا فلو بأمره كأن أمره أن يهبه من فلان أو يؤجره ففعل وسلم صح وصار المشتري قابضا وكذا لو أعار البائع أو وهب أو رهن فأجاز المشتري ولو قال ادفع الثوب إلى فلان يمسكه إلى أن دفع لك ثمنه فهلك عند فلان لزم البائع لأن إمساك فلان لأجل البائع ولو أمره بالبيع فإن قال بعه لنفسك أو بعه ففعل كان فسخا وإن قال بعه لي لا يجوز
وأما تصرفه بلا أمر المشتري كما لو رهن المبيع قبل قبضه أو آجره أو أودعه فمات المبيع انفسخ بيعه ولا تضمين لأنه لو ضمنهم رجعوا على البائع ولو أعاره أو وهبه فمات أو أودعه فاستعمله المودع فمات فإن شاء المشتري أمضى البيع وضمن هؤلاء وإن شاء فسخه لأنه لو ضمنهم لو يرجعوا على البائع ولو باعه البائع فمات عند المشتري الثاني فللأول فسخ البيع وله تضمين المشتري الثاني فيرجع بالثمن على البائع إن كان نقده ا هـ ملخصا من البحر عن الخانية
وفي جامع الفصولين شراه ولم يقبضه حتى باعه البائع من آخر بأكثر فأجازه المشتري لم يجز لأنه بيع ما لم يقبض ا هـ
ويظهر منه ومما قبله أنه يبقى على ملك المشتري الأول فله أخذه من الثاني لو قائما وتضمينه لو كان هالكا والظاهر أن له أخذ القائم لو كان نقد الثمن لبائعه وإلا فلا إلا بإذن بائعه تأمل
قوله ( اشترى مكيلا الخ ) قيد بالشراء لأنه لو ملكه بهبة أو إرث أو وصية جاز التصرف فيه قبل الكيل والمطلق من المبيع ينصرف إل الكامل وهو الصحيح منه حتى لو باع ما اشتراه فاسدا بعد قبضه مكايلة لم يحتج المشتري الثاني إلى إعادة الكيل
قال أبو يوسف لأن البيع الفاسد يملك بالقبض كالقرض
قوله ( أي كره تحريما ) فسر الحرمة بذلك لأن النهي خبر آحاد لا يثبت به الحرمة القطيعة وهو ما أسنده ابن ماجه عن جابر رضي الله تعالى عنه أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري وبقولنا أخد مالك والشافعي وأحمد وحين علله الفقهاء بأنه من تمام القبض ألحقوا بمنع البيع منع الأكل قبل الكيل والوزن وكل تصرف يبنى على الملك كالهبة والوصية وما أشبههما ولا خلاف في أن النص محمول على ما إذا وقع البيع مكايلة فلو اشتراه مجازفة له التصرف فيه قبل الكيل وإذا باعه مكايلة يحتاج إلى كيل واحد للمشتري
وتمامه في الفتح
قوله ( وقد صرحوا بفساده ) صرح محمد في الجامع الصغير بما نصه محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة قال إذا اشتريت شيئا مما يكال أو يوزن أو يعد فاشتريت ما يكال كيلا وما يوزن وزنا وما يعد فلا تبعه حتى تكيله وتزنه وتعده فإن بعته قبل أن تفعل وقد قبضته فالبيع فاسد في الكيل والوزن ا هـ ط
قلت وظاهره أن الفاسد هو البيع الثاني وهو بيع المشتري قبل كيله وأن الأول وقع صحيحا لكنه يحرم عليه التصرف فيه من أكل أو بيع حتى يكيله فإذا باعه قبل كيله وقع البيع الثاني فاسدا لما مر من أن العلة كون الكيل من تمام القبض فإذا باعه قبل كيله فكأنه باع قبل القبض وبيع المنقول قبل قبضه لا يصح فكانت هذه المسألة من فروع التي قبلها فلذا أعقبها بها قبل ذكر التصرف في الثمن والتحقيق أن يقال إذا ملك زيد طعاما ببيع مجازفة أو بإرث ونحوه ثم باعه من عمرو مكايلة سقط هنا صاع البائع لأن ملكه الأول لا يتوقف على الكيل وبقي الاحتياج إلى كيل للمشتري فقط فلا يصح بيعه من عمرو بلا كيل فهنا فسد البيع الثاني فقط ثم إذا باعه
____________________
(5/149)
عمرو من بكر لا بد من كيل آخر لبكر فهنا فسد البيع الأول والثاني لوجود العلة في كل منهما
قوله ( كما بسطه الكمال ) حيث قال ونص في الجامع الصغير على أنه لو أكله وقد قبضه بلا كيل لا يقال إنه أكل حراما لأنه أكل ملك نفسه إلا أنه آثم لتركه ما أمر به من الكيل فكان هذا الكلام أصلا في سائر المبيعات بيعا فاسدا إذا قبضها فملكها ثم أكلها وتقدم أنه لا يحل أكل ما اشتراه شراء فاسدا وهذا يبين أن ليس كل ما لا يحل أكله أن يقال فيه أكل حراما ا هـ ما في الفتح
وحاصله أنه إذا حرم الفعل وهو الأكل لا يلزم منه أن يكون أكل حراما لأنه قد يكون المأكول حراما كالميتة وملك الغير وقد لا يكون حراما كما هنا وكالمشري فاسدا بعد قبضه لأنه ملكه ومثله ما لو دخل دار الحرب بأمان وسرق منهم شيئا وأخرجه إلى دارنا ملكه خبيثا ويجب عليه رده عليهم وكذا لو غصب شيئا واستهلكه بخلط ونحوه حتى ملكه ولم يؤد ضمانه يحرم عليه التصرف فيه بأكل ونحوه وإن كان ملكه
قوله ( والمعدود ) أي الذي لا تتفاوت آحاده كالجوز والبيض
فتح
وعن الإمام أنه يجوز في المعدود قبل العد وهو قولهما كذا في السراج والأول هو أظهر الروايتين عن الإمام كما في الفتح
نهر
قوله ( لاحتمال الزيادة ) علة لقوله حرم أو لقوله وقد صرحوا بفساده قال في الهداية بعد تعليله بالنهي المار ولأنه يحتمل أن يزيد على المشروط وذلك للبائع والتصرف في مال الغير حرام فيجب التحرز عنه
قال في الفتح وإذا عرف أن سبب النهي أمر يرجع إلى المبيع كل البيع فاسدا ونص على الفساد في الجامع الصغير ا هـ
قوله ( بخلافه مجازفة ) محترز قوله بشرط الكيل وقوله بشرط الوزن والعد أي لو اشتراه مجازفة له أن يتصرف فيه قبل الكيل والوزن لأن كل المشار إليه له أي الأصل والزيادة أي الزيادة على ما كان يظنه بأن ابتاع صبرة على ظن أنها عشرة فظهرت خمسة عشر وتمامه في العناية ومثل الشراء مجازفة ما لو ملكه بهبة أو إرث أو وصية كما مر أو بزراعة أو استقرض حنطة على أنها كر لأن الاستقراض وإن كان تمليكا بعوض كالشراء لكنه شراء صورة عارية حكما لأن ما يرده عين المقبوض حكما فكان تمليكه بلا عوض حكما كما في الفتح ولو باع أحد هؤلاء مكايلة فلا بد من كيل المشتري وإن سقط كيل البائع كما قدمنا
وفي الفتح ولو اشتراها مكايلة ثم باعها مجازفة قبل الكيل وبعد القبض لا يجوز في ظاهر الرواية لاحتمال اختلاط ملك البائع بملك بائعه
وفي نوادر ابن سماعة يجوز ا هـ
وبه ظهر أن قوله بخلافه مجازفة مقيد بما إذا لم يكن البائع اشترى مكايلة
قوله ( لجواز التصرف فيهما بعد القبض قبل الوزن ) كذا في البحر عن الإيضاح والظاهر أن هذا مفروض فيما إذا كان في عقد صرف أو سلم وإلا فالدراهم والدنانير ثمن ويأتي أنه يجوز التصرف في الثمن قبل قبضه
قوله ( كبيع التعاطي الخ ) عبارة البحر وهذا كله في غير بيع التعاطي أما هو فقال في القنية ولا يحتاج الخ وظاهر قوله وهذا كله لأنه لا يتقيد بالموزونات بل التعاطي في المكيلات والمعدودات كذلك وهو مفاد التعليل أيضا بأنه صار بيعا بعد القبض فإنه لا يخص الموزونات لكن فيه أن مقتضى هذا أنه لا يصير بيعا قبل القبض ولعله مبني على القول بأنه لا بد فيه من القبض من الجانبين والأصح خلافه وعليه فلو دفع الثمن ولم يقبض صح وقدمنا في أول البيوع عن القنية دفع إلى بائع الحنطة خمسة دنانير ليأخذ منه حنطة وقال له بكم تبيعها فقال مائة بدينار فسكت المشتري ثم طلب منه الحنطة ليأخذها فقال البائع غدا أدفع لك ولم يجر بينهما بيع وذهب المشتري فجاء غدا ليأخذ
____________________
(5/150)
وقد تغير السعر فعلى البائع أن يدفعها بالسعر الأول ا هـ
وتمامه هناك فتأمل
قوله ( وكفى كيله من البائع بحضرته ) قال في الخانية لو اشترى كيليا مكايلة أو موزونا موازنة فكال البائع بحضرة المشتري قال الإمام ابن الفضل يكفيه كيل البائع ويجوز له أن يتصرف فيه قبل أن يكيله هـ
قلت وأفاد أن الشرط مجرد الحضرة لا الرؤية لما في القنية يشتري من الخباز خبزا كذا منا فيزنه وكفة سنجات ميزانه في دربنده فلا يراه المشتري أو من البائع كذا منا فيزنه في حانوته ثم يخرجه إليه موزونا لا يجب عليه إعادة الوزن وكذا إذا لم يعرف عدد سنجاته ا هـ
قوله ( لا قبله أصلا الخ ) أي لو كاله البائع قبل المبيع لا يكفي أصلا أي ولو بحضرة المشتري وكذا لو كاله بعد البيع بغيبة المشتري لما علمت من أن الكيل من تمام التسليم ولا تسليم مع الغيبة
قوله ( فلو كيل الخ ) تفريع على قوله لا قبله أصلا لأن قوله لعدم كيل الأول مبني على عدم اعتبار الكيل الواقع بحضرته قبل شرائه ثم إن عبارة الفتح هكذا ومن هنا ينشأ فرع وهو ما لو كيل طعام بحضرة رجل ثم اشتراه في المجلس ثم باعه مكايلة قبل أن يكتاله بعد شرائه لا يجوز هذا البيع سواء اكتاله للمشتري منه أو لا لأنه لما لم يكتل بعد شرائه هو لم يكن قابضا فبيعه بيع ما لم يقبض فلا يجوز ا هـ
ومثله في البحر والمنح فقوله سواء اكتاله للمشتري منه أو لا الخ صريح في أن فاعل اكتاله هو المشتري الأول الذي كيل الطعام بحضرته ثم اشتراه ثم باعه
وقول الشارح وإن اكتاله الثاني صريح في أن فاعل اكتاله هو المشتري الثاني
وعبارة الفتح أحسن لإفادتها أن هذا الكيل الواقع من المشتري الأول للمشتري الثاني لا يكفيه عن كيل نفسه لوقوعه بعد بيعه للثاني فكان بيعا قبل القبض لعدم اعتبار الكيل الواقع أولا بحضرته قبل شرائه
وأما على عبارة الشارح فلا شبهه في عدم الجواز ثم إن ما أفاده كلام الفتح من أن كيله للمشتري منه لا يكفي عن كيل نفسه ظاهر للتعليل الذي ذكره لكنه مخالف لما شرح به كلام الهداية أولا حيث قال وإن كاله بعد العقد بحضرة المشتري مرة كفاه ذلك حتى يحل للمشتري التصرف فيه قبل كيله وعند البعض لا بد من الكيل مرتين ا هـ ملخصا
فإن قوله كفاه أي كفى البائع وهو المشتري الأول يفيد أنه يكفيه ذلك عن الكيل لنفسه ولعل الشارح لأجل ذلك جعل فاعل اكتاله المشتري الثاني لكن الظاهر عدم الاكتفاء بذلك الكيل وإن وقع من المشتري الأول بعد البيع لما ذكره من التعليل والله سبحانه أعلم
قوله ( ولو كان المكيل أو الموزون ثمنا ) أي بأن اشترى عبدا مثلا بكر بر أو برطل زيت ثم لا يخفى أن هذه المسألة من أفراد قوله الآتي وجاز التصرف في الثمن قبل قبضه وقد تبع المصنف شيخه في ذكرها هنا
قوله ( فقبل الكيل أولى ) لأن الكيل من تمام القبض كما مر
قوله ( وإن اشتراه بشرطه ) أي وإن اشترى المذروع شرط الذرع
قوله ( في حرمة ما ذكر ) أي من البيع ولا يصح إرادة الأكل هنا وفي حكم البيع كل تصرف ينبني على الملك ط
قوله ( والأصل ما مر مرارا الخ ) منها ما قدمه أول البيع عند قوله وإن باع صبرة الخ وقدمنا هناك وجه الفرق بين كون الذرع في القيميات وصفا وكون القدر بالكيل أو الوزن في المثليات أصلا وهو كون التشقيص يضر الأول دون الثاني الخ
وذكر في الذخيرة الفرق بأن الذراع عبارة عن الزيادة أو النقصان في الطول والعرض وذلك وصف
قوله
____________________
(5/151)
( فيكون كله للمشتري ) قال في الفتح فلو اشترى ثوبا على أنه عشرة أذرع جاز أن يبيعه قبل الذرع لأنه لو زاد كان للمشتري ولو نقص كان له الخيار فإذا باعه بلا ذرع كان مسقطا خياره على تقدير النقص وله ذلك ا هـ
قوله ( إلا إذا كان مقصودا ) بأن أفرد لكل ذراع ثمنا لأنه بذلك التحق بالقدر في حق ازدياد الثمن فصار المبيع في هذه الحالة هو الثوب المقدر وذلك يظهر بالذرع والقدر معقود في المقدرات حتى يجب رد الزيادة فيما لا يضره التبعيض ويلزمه الزيادة من الثمن فيما يضره وينقص من ثمنه عند انتقاصه ا هـ ط عن الزيلعي
قوله ( واستثنى ابن الكمال ) أي بحثا وما يضره التبعيض كمصوغ فيجوز التصرف فيه قبل وزنه ولو اشتراه بشرطه
والأولى للشارج ذكر هذا عند قول المصنف ومثله الموزون ط
وعبارة ابن الكمال هي قوله بعد ذكر الأصل المار ولا يخفى أن موجب هذا التعليل أن يستثنى ما يضره التبعيض من جنس الموزون لأن الوزن فيه وصف على ما مر ا هـ
مطلب في بيان الثمن والمبيع والدين قوله ( وجاز التصرف في الثمن الثمن ما يثبت في الذمة دينا عند المقابلة وهو النقدان والمثليات إذا كانت معينة وقوبلت بالأعيان أو غير معينة وصحبها حرف الباء وأما المبيع فهو القيميات والمثليات إذا قوبلت بنقد أو بعين وهي غير معينة مثل اشتريت كر بر بهذا العبد
هذا حاصل ما في الشرنبلالية عن الفتح وسيذكره المصنف في آخر الصرف
قوله ( أو غيرهما ) كإجارة ووصية
منح
قوله ( أي مشارا إليه ) هذا التفسير لم يذكره ابن ملك بل زاده الشارح والمراد بالمشار إليه ما يقبل الإشارة فيوافق تفسير بعضهم له بالحاضر
وذكر ح أنه يشمل القيمي والمثلي غير النقدين واعترضه ط بأنه لا وجه له لأن الباعث للشراح على هذا التفسير إدخال النقدين لأنه يتوهم من العين العرض ليقابل قوله ولو دينا
قلت أنت خبير بأن دخول القيمي هنا لا وجه له أصلا لأن الكلام في الثمن وهو ما يثبت دينا في الذمة والقيمي مبيع لا ثمن وإنما مراد الشارح بيان أن الثمن قسمان لأنه تارة يكون حاضرا كما لو اشترى عبدا بهذا الكر من البر أو بهذه الدراهم فهذا يجوز التصرف فيه قبل قبضه بهبة وغيرها من المشتري وغيره وتارة يكون دينا في الذمة كما لو اشترى العبد بكر بر أو عشرة دراهم في الذمة فهذا يجوز التصرف فيه بتمليكه من المشتري فقط لأنه تمليك الدين ولا يصح إلا ممن هو عليه ثم لا يخفى أن الدين قد لا يكون ثمنا فقد ظهر أن بينهما عموما وخصوصا من وجه لاجتماعهما في الشراء بدراهم في الذمة وانفرد الثمن بالشراء بعبد وانفاد الدين في التزوج أو الطلاق على دراهم في الذمة قوله ( فالتصرف فيه تمليك ممن عليه الدين ) في بعض النسخ تمليكه وهي الموافقة لقول ابن ملك فالتصرف فيه هو تمليكه الخ أي إن التصرف فيه الجائز هو كذا قوله ( قوله ولو بعوض ) كأن اشترى البائع من المشتري شيئا بالثمن الذي له عليه أو استأجر به عبدا أو دارا للمشتري ومثال التمليك بغير عوض هبته ووصيته له
نهر
فإذا وهب منه الثمن ملكه بمجرد الهبة لعدم احتياجه إلى القبض وكذا الصدقة ط
عن أبي السعود
قوله ( ولا يجوز من غيره ) أي لا يجوز تمليك الدين من غير من عليه الدين إلا إذا سلطه عليه واستثنى في الأشباه من ذلك ثلاث صور
الأولى إذا سلطه على قبضه فيكون وكيلا قابضا للموكل ثم لنفسه
____________________
(5/152)
الثانية الحوالة
الثالثة الوصية
قوله ( كمكيل ) فإنه إذا اشترى العبد بهذا الكر من البر تعين ذلك الكر فلا يجوز له دفع كر غيره
مطلب فيما تتعين فيه النقود وما لا تتعين قوله ( كنقود ) فإذا اشترى بهذا الدرهم له دفع غيره وعدم تعين النقد ليس على إطلاقه بل ذلك في المعاوضات وفي العقد الفاسد على إحدى الروايتين وفي المهر ولو بعد الطلاق قبل الدخول وفي النذر والأمانات والهبة والصدقة والشركة والمضاربة والغضب والوكالة قبل التسليم أو بعده ويتعين في الصرف بعد هلاكه وبعد هلاك المبيع وفي الدين المشترك فيؤمر برد نصف ما قبض على شريكه وفيما إذا تبين بطلان القضاء بأن أقر بعد الأخذ أنه لم يكن له على خصمه شيء فيرد عين ما قبض لو قائما
وتمامه في الأشباه في أحكام النقد وقدمنا في أواخر البيع الفاسد
قوله ( فلو باع الخ ) تفريع على قول المصنف وجاز التصرف في الثمن الخ
مطلب في تعريف الكر قوله ( أو بكر بر ) الكر كيل معروف وهو ستون قفيزا والقفيز ثمانية مكاكيك والمكوك صاع ونصف
مصباح
قوله ( جاز أخذ بدلهما شيئا آخر ) لكن بشرط أن لا يكون افتراقا بدين كما يأتي في القرض
قوله ( وكذا الحكم في كل دين ) أي يجوز التصرف فيه قبل قبضه لكن بشرط أن يكون تمليكا ممن عليه بعوض أو بدونه كما علمت ولما كان الثمن أخص من الدين من وجه كما قررناه بين أن ما عداه من الدين مثله
قوله ( كمهر الخ ) وكذا القرض
قال في الجوهرة وقد قال الطحاوي إن القرض لا يجوز التصرف فيه قبل قبضه وهو ليس بصحيح ا هـ
قوله ( وضمان متلف ) أي ضمانه بالمثل لو مثليا وإلا فبالقيمة فافهم
قوله ( بمال ) قيد لخلع وعتق لأنهما بدون مال لا يكون لهما بدل فافهم
قوله ( وموروث وموصى به ) قال الكمال وأما الميراث فالتصرف فيه جائز قبل القبض لأن الوارث يخلف المورث في الملك وكان للميت ذلك التصرف فكذا للوارث وكذا الموصى له لأن الوصية أخت الميراث ا هـ
ومثله للإتقاني وهذا كالصريح في جواز تصرف الوارث في الموروث وإن كان عينا ط
قوله ( سوى صرف وسلم ) سيأتي في باب السلم قوله ولا يجوز التصرف للمسلم إليه في رأس المال ولا لرب السلم في المسلم قبل قبضه بنحو بيع وشركة ولو ممن عليه ولا شراء المسلم إليه برأس المال بعد الإقالة قبل قبضه بحكم الإقالة بخلاف بدل الصرف حيث يجوز الاستبدال عنه لكن بشرط قبضه في مجلس الإقالة لجواز تصرفه فيه بخلاف السلم ا هـ وسيأتي بيانه ومرت مسألة الإقالة في بابها
قوله ( فلا يجوز أخذ خلاف جنسه ) الأولى أن يقول فلا يجوز التصرف فيه ط
قوله ( لفوات شرطه ) وهو القبض في بدلي الصرف ورأس مال السلم قبل الافتراق
قوله ( وصح الزيادة فيه ) قال في البحر لو عبر باللزوم بدل الصحة لكان أولى لأنها لازمة حتى لو ندم المشتري بعد ما زاد
____________________
(5/153)
يجبر إذا امتنع كما في الخلاصة ا هـ
قوله ( في المجلس ) أي مجلس العقد أو بعده
قوله ( أو من أجنبي ) فإن زاد بأمر المشتري تجب على المشتري لا على الأجنبي كالصلح وإن بغير أمره فإن أجاز المشتري لزمته وإن لم يجز بطلت ولو كان حين زاد ضمن عن المشتري أو أضافها إلى مال نفسه لزمته الزيادة ثم إن كان بأمر المشتري رجع وإلا فلا
بحر عن الخلاصة
قوله ( في غير صرف ) يوهم أن الزيادة فيه لا تصح مع أنها تصح وتفسده كما يذكره قريبا كأنه حمل الصحة على الجواز والحمل أو أراد من عدم الصحة في الصرف فساده
قوله ( في المجلس ) أي مجلس الزيادة
قوله ( لو ندم الخ ) أشار إلى أن الزيادة لازمه كما مر
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر الرواية كما في الهداية وفي رواية الحسن أنها تصح بعد هلاك المبيع كما يصح الحط بعد هلاكه
قوله ( بأن باعه ثم شراه ) من صور الهلاك حكما لأن تبدل الملك كتبدل العين ولذا يمتنع بذلك رده بالعيب والرجوع في الهبة وأفاد أنه إذا لم يشتره فكذلك بالأولى
قوله ( وكونه ) أي المبيع محلا للمقابلة أي لمقابلة زيادة الثمن ط
قال ح ولا حاجة إليه مع قول الشارح ولو حكما كما لا يخفى
قوله ( حقيقة ) احتراز عما إذا خرج عن المحلية بأن هلك حقيقة كموت الشاة أو حكما كالتدبير والكتابة
قوله ( فلو باع الخ ) تفريع على قوله فلا تصح بعد هلاكه وكذا لو وهب وسلم أو طبخ اللحم أو طحن أو نسج الغزل أن تحمر العصير أو أسلم مشتري الخمر ذميا لا تصح الزيادة لفوات محل العقد إذ العقد لم يرد على المطحون والمنسوج ولهذا يصير الغاصب أحق بهما إذا فعل بالمغصوب ذلك وكذا الزيادة في المهر شرطها بقاء الزوجية فلو زاد بعد موتها لا يصح ا هـ فتح
وروى الحسن في غير رواية الأصول أنها تصح بعد هلاك المبيع وعلى هذه الرواية تصح الزيادة في المهر بعد الموت
نهر
قلت وهذه خلاف ظاهر الرواية كما نبه عليه في الجوهرة وغيرها والعجب من الزيلعي جيث ذكر أن الزيادة لا تصح بعد هلاك المبيع في ظاهر الرواية وأنها تصح في رواية النوادر
ثم ذكر أن الهلاك الحكمي ملحق بالحقيقي ثم قال ولو أعتق المبيع أو كاتبه أو دبره أو استولد الأمة أو تخمر العصير أو أخرجه عن ملكه ثم زاد عليه جاز عند أبي حنيفة خلافا لهما وعلى هذا الخلاف الزيادة في مهر المرأة بعد موتها ا هـ
فليتأمل
قوله ( بخلاف ما لو أجر ) وكذا لو خاط الثوب أو قطعت يد العبد وأخذ المشتري الأرش
فتح
قوله ( لقيام الاسم والصورة ) أي في غير جعل الحديد سيفا فإن الصورة تبدلت فيه ط
قوله ( وصح الحط منه ) أي من الثمن وكذا رأس مال السلم والمسلم فيه كما هو صريح كلامهم
رملي على المنح
قوله ( وقبض الثمن ) بالجر عطفا على هلاك وسيأتي بيان الحط بعد قبض الثمن عند قوله ويصح الحط من المبيع الخ
قوله يلتحقان بأصل العقد هذا لو الحط من غير الوكيل ففي شفعة الخانية الوكيل بالبيع إذا باع الدار بألف ثم حط عن المشتري مائة صح وضمن المائة للآمر وبرىء المشتري عنها ويأخذ الشفيع الدار بألف لأن حط الوكيل لا يلتحق بأصل العقد
قوله ( بالاستناد ) وهو أن يثبت أولا في الحال ثم يستند إلى وقت العقد ولهذا لا تثبت الزيادة في صورة الهلاك كما مر لأن ثبوته في الحال متعذر لانتفاء المحل فتعذر استناده
____________________
(5/154)
كالبيع الموقوف لا ينبرم بالإجازة بعد هلاك المبيع وقتها كما في الفتح
قوله ( فبطل حط الكل ) أي بطل التحاقه مع صحة العقد وسقوط الثمن عن المشتري خلافا لما توهمه بعضهم من أن البيع يفسد أخذا من تعليل الزيلعي بقوله لأن الالتحاق فيه يؤدي إلى تبديله لأنه ينقلب هبة أو بيعا بلا ثمن فيفسد وقد كان من قصدهما التجارة بعقد مشروع من كل وجه فالالتحاق فيه يؤدي إلى تبديله فلا يلتحق به ا هـ فقوله فلا يلتحق صريح في أن الكلام في الالتحاق وأن قوله فيفسد مفرع على الالتحاق كما صرح به في شرح الهداية
وقال في الذخيرة إذا حط كل الثمن أو وهب أو أبرأ عنه فإن كان قبل قبضه صح الكل ولا يلتحق بأصل العقد وفي البدائع من الشفعة ولو حط جميع الثمن يأخذ الشفيع بجميع الثمن ولا يسقط عنه شيء لأن حط كل الثمن لا يلتحق بأصل العقد لأنه لو التحق لبطل البيع لأنه يكون بيعا بلا ثمن فلم يصح الحط في حق الشفيع وصح في حق المشتري وكان إبراء له عن الثمن ا هـ
زاد في المحيط لأنه لاقى دينا قائما في ذمته
وتمامه في فتاوى العلامة قاسم
قوله ( وأثر الالتحاق الخ ) لا يخفى أن الزيادة تجب على المشتري والمحطوط يسقط عنه لكن لما كان ذلك بين المتعاقدين ربما يتوهم أنه لا يتعدى إلى غير ذلك العقد فنبه على أن أثر ذلك يظهر في مواضع
قوله ( في تولية ومرابحة ) فيولي ويرابح على الكل في الزيادة وعلى الباقي بعد المحطوط
بحر
قوله ( وشفعة ) فيأخذ الشفيع بما بقي في الحط دون الزيادة كما يأتي
قوله ( واستحقاق ) فيرجع المشتري على البائع بالكل ولو أجاز المستحق البيع أخذ الكل
بحر
أي كل الثمن والزيادة
قوله ( وهلاك ) حتى لو هلكت الزيادة قبل القبض تسقط حصتها من الثمن بخلاف الزيادة المتولدة من المبيع حيث لا يسقط شيء من الثمن بهلاكها قبل القبض
زيلعي
قلت ولا يخفى عليك أن في الزيادة في المبيع والكلام في الزيادة في الثمن فلا يناسب ذكر هذا هنا فافهم
قوله ( وحبس مبيع ) فله حبسه حتى يقبض الزيادة قوله ( وفساد صرف ) فلو باع الدراهم بدراهم متساوية ثم زاد أحدهما أو حط وقبل الآخر وقبض الزائد في الزيادة أو المردود في الحط فسد العقد كأنهما عقداه كذلك من الابتداء عند أبي حنيفة زيلعي
ويأتي تمام الكلام عليه أول باب الربا وزاد الزيلعي مما ظهر فيه أثر الالتحاق ما إذا زوج أمته ثم أعتقها ثم زاد الزوج على مهرها بعد العتق تكون الزيادة للمولى المهر
وفي النهر وتظهر فيما لو وجد بالثياب المباعة عيبا رجع بحصته من الثمن مع الزيادة وفيما إذا زاد في الثمن ما لا يجوز الشراء به وفي المبيع ما لا يجوز بيعه فقبل فسد العقد كذا في السراج ا هـ
وتمامه فيه
وكأن الشارح لم يذكر هذه الثلاثة لأن كلامه في الثمن
تأمل
قوله ( الحط فقط ) لأن في الزيادة إبطال حق الشفيع الثابت قبلها فلا يملكانه فله أن يأخذ بدون الزيادة
قوله ( إن في غير سلم ) قال الزيلعي ولا تجوز الزيادة في المسلم فيه لأنه معدوم حقيقة وإنما جعل موجودا في الذمة لحاجة المسلم إليه والزيادة في المسلم فيه لا تدفع حاجته بل تزيد في حاجته فلا تجوز ا هـ ح
ودل كلام السراج على جواز الحط منه
رملي
قوله ( وقبل المشتري ) أي في مجلس الزيادة كما يفيده ما مر في الزيادة في الثمن
قوله ( أيضا ) أي كما تلتحق الزيادة في الثمن ط
قوله ( فلو هلكت الزيادة الخ ) هذا ما قدمه الشارح في قوله وهلاك
قوله ( وكذا لو زاد ) أي المشتري ط
قوله ( انفسخ العقد بقدره ) فلو اشترى بمائة وتقابضا
____________________
(5/155)
ثم زاد المشتري عرضا قيمته خمسون وهلك العرض قبل التسليم ينفسخ العقد في ثلثه
بحر عن القنية
ووجه الانفساخ أن العرض مبيع وإن جعل ثمنا وهلاك المبيع قبل القبض يوجب الانفساخ فافهم
قوله ( فتصح بعد هلاكه ) لأنها تثبت بمقابلة الثمن وهو قائم
بحر عن الخلاصة
قوله ( بخلافه في الثمن ) الأولى بخلافها ط
قوله ( كما مر ) أي في قوله وكان المبيع قائما أي لأن المبيع بعد هلاكه لم يبق على حالة يصح الاعتياض عنه بخلاف الحط من الثمن لأنه بحال يمكن إخراج البدل عما يقابله فيلتحق بأصل العقد استنادا
بحر
قوله ( فيرجع ) أي المشتري على البائع
قوله ( لا في براءة الاستيفاء ) لأن براءة الإسقاط تسقط الدين عن الذمة بخلاف براءة الاستيفاء مثال الأولى أسقطت وحططت وأبرأت براءة إسقاط ومثال الثانية أبرأتك براءة استيفاء أو قبض أو أبرأتك عن الاستيفاء ا هـ ح
مطلب في بيان براءة الاستيفاء وبراءة الإسقاط وحاصله أن براءة الاستيفاء عبارة عن الإقرار بأنه استوفى حقه وقبضه
قوله ( اتفاقا ) يرجع إليهما ط
قوله ( ولو أطلقها ) كما لو قال أبرأتك ولم يقيد بشيء ا هـ ح
قوله ( وأما الإبراء المضاف إلى الثمن الخ ) تابع صاحب البحر حيث ذكر أولا صحة المبيع لو دينا لا عينا وعلله بما مر ثم ذكر حط الثمن وهبته وإبراءه
وحاصل ما ذكره في البحر عن الذخيرة أنه لو وهبه بعض الثمن أو أبرأه عنه قبل القبض فهو حط وإن حط البعض أو وهبه بعد القبض صح ووجب عليه للمشتري مثل ذلك ولو أبرأه عن البعض بعده لا يصح والفرق أن الدين باق في ذمة المشتري بعدالقضاء لأنه لا يقضي عين الواجب بل مثله إلا أن المشتري لا يطالب به لأن له مثله على البائع بالقضاء فلا تفيد المطالبة فقد صادفت الهبة والحط دينا قائما في ذمة المشتري وإنما لم يصح الإبراء لأنه نوعان براءة قبض واستيفاء وبراءة إسقاط فإذا أطلقت تحمل على الأول لأنه أقل فكأنه قال أبرأتك براءة قبض واستيفاء وفيه لا يرجع ولو قال براءة إسقاط صح ورجع على البائع أما الهبة والحط فإسقاط فقط وإذا وهبه كل الدين أو حط أو أبرأه منه فهو على ما ذكرنا هذا ما ذكره شيخ الإسلام
وذكر السرخسي أن الإبراء المضاف إلى الثمن بعد الاستيفاء صحيح حتى يجب على البائع رد ما قبض وسوى بين الإبراء والهبة والحط فيتأمل عند الفتوى ا هـ
هذا حاصل ما في البحر عن الذخيرة
قال في النهر وعرف من هذا أنه لا خلاف في رجوع الدافع بما أداه إذا أبرأه براءة إسقاط وفي عدم ورجوعه إذا أبرأه براءة استيفاء وأن الخلاف مع الإطلاق وعلى هذا تفرع ما لو علق طلاقها بإبرائها عن المهر ثم دفعه لها لا يبطل التعليق فإذا أبرأته براءة إسقاط وقع ورجع عليها كذا في الأشباه ا هـ
قلت والظاهر أن المبيع الدين مثل الثمن فيما ذكر فكان الأولى للشارح أن يقول بعد قوله بخلاف الدين وكذا الثمن لو حط بعضه أو وهبه أو أبرأ عنه قبل القبض وكذا بعده فيرجع المشتري بما دفع
لكن لو البراءة براءة إسقاط لا براءة استيفاء اتفاقا ولو أطلقها فقولان فيتأمل عند الفتوى الخ فافهم
قوله ( وهو المناسب للإطلاق )
____________________
(5/156)
أي الرجوع هو المناسب لإطلاق البراءة لكن الظاهر ما قاله شيخ الإسلام من حملها عند الإطلاق على براءة القبض والاستيفاء لأنه أقل كما مر لأن حملها على معنى الإسقاط يوجب الرجوع عليه بما أخذ وهذا أكثر
قوله ( لا يثبت بالشك ) ولأن وقوع الإبراء بعد القبض قرينة على أن المراد به براءة القبض إلا أن يظهر بقرينة حالية إرادة ومعنى الإسقاط وعن هذا والله تعالى أعلم قال فيتأمل عند الفتوى أي يتأمل المفتي وينظر ما يقتضيه المقام في الحادثة المسؤول عنها فيفتي به والله سبحانه أعلم
قوله ( للحوق الحط بأصل العقد ) كأنه باعه ابتداء بالقدر الباقي بعد الحط ط أي بخلاف الهبة فكان شرطا لا يقتضيه العقد وفيه نفع لأحدهما
قوله ( والاستحقاق الخ ) المارد به هنا طلب الحق أو ثبوت الحق وقوله لبائع متعلق به ومعناه في البائع أن له حق حبس المبيع حتى يقبض الثمن وما زيد فيه ومعناه في المشتري أنه لو استحق منه المبيع رجع على بائعه بالثمن وما زيد فيه كما تقدم وكذا لو رده بعيب ونحوه كما يأتي ومعناه في الشفيع أنه لو زاد البائع في العقار المبيع فإن الشفيع يأخذ الكل وعليه فالمراد بالزيادة أعم من أن تكون في الثمن أو في المبيع
قوله ( فلو رد الخ ) تفريع على قوله أو مشتر أي إذا رد المشتري المبيع بخيار عيب أو نحوه من خيار شرط أو رؤية رجع على بائعه بالكل أي بالثمن وما زيد فيه وفي الجوهرة إذا اشترى عشرة أثواب بمائة فزاده البائع بعد العقد ثوبا آخر ثم اطلع المشتري على عيب في أحد الثياب إن كان قبل القبض فالمشتري بالخيار إن شاء فسخ البيع في جميعها وإن شاء رضي بها وإن كان بعد القبض فله رد المعيب بحصته وإن كانت الزيادة هي المعيبة ا هـ
مطلب في تأجيل الدين قوله ( ولزم تأجيل كل دين ) الدين ما وجب في الذمة بعقد أو استهلاك وما صار في ذمته دينا باستقراضه فهو أعم من القرض كذا في الكفاية
ويأتي في أول الفصل تعريف القرض وأطلق التأجيل فشمل ما لو كان الأجل معلوما أو مجهولا لكن إن كانت الجهالة متقاربة كالحصاد والدياس يصح لا إن كانت متفاحشة كهبوب الريح كما في الهداية وغيرها ومر في باب البيع الفاسد أن الجهالة اليسيرة متحملة في الدين بمنزلة الكفالة
قوله ( إن قبل المديون ) فلو لم يقبله بطل التأجيل فيكون حالا
ذكره الإسبيجابي
ويصح تعليق التأجيل بالشرط فلو قال لمن عليه ألف حالة إن دفعت إلي غدا خمسمائة فالخمسمائة الأخرى مؤخرة عنك إلى سنة فهو جائز كذا في الذخيرة
وفي الخانية لو قال المديون أبطلت الأجل أو تركته صار حالا بخلاف برئت من الأجل أو لا حاجة لي فيه وإذا قضاه قبل الحلول فاستحق المقبوض من القابض أو وجده زيوفا فرده أو وجد بالمبيع عيبا فرده بقضاء عاد الأجل لا لو اشترى من مديونه شيئا بالدين وقبضه ثم تقايلا البيع ولو كان بهذا الدين المؤجل كفيل لا تعود الكفالة في الوجهين ا هـ
بحر
وقوله في الوجهين أي في الإقالة وفي الرد بعيب بقضاء وقدمنا في الإقالة أن عدم عود الكفاية في الرد بعيب فيه خلاف فراجعه
قوله ( إلا في سبع ) وهي في الحقيقة ست فإن مسالتي الإقالة واحدة
قوله ( بدلي صرف وسلم ) لاشتراط القبض لبدلي الصرف في المجلس واشتراطه في رأس مال السلم وهو المراد ببدله هنا أما المسلم فيه فشرطه
____________________
(5/157)
التأجيل ط
قوله ( وثمن عند إقالة وبعدها ) في القنية أجل المشتري البائع سنة عند الإقالة وبطل الأجل ولو تقايلا ثم أجله ينبغي أن لا يصح الأجل عند أبي حنيفة فإن الشرط اللاحق بعد العقد ملتحق بأصل العقد عنده ا هـ
بحر
وتقدمت المسألة في باب الإقالة وكتبنا هناك أنا قدمنا في البيع الفاسد تصحيح عدم التحاق الشرط الفاسد وعليه فيصح التأجيل بعدها ويؤيده ما نقله بعضهم عن سلم الجوهرة من أنه يجوز تأجيل رأس مال السلم بعد الإقالة لأنه دين لا يجب قبضه في المجلس كسائر الديون ا هـ
ثم رأيت العلامة البيري قال إن قوله الشرط اللاحق ملتحق بأصل العقد ساقط لأن التأجيل وقع بعد العقد لا على وجه الشرط بل على وجه التبرع كما في سائر الديون ويؤيده أنه نقل جواز تأخير الثمن بعد الرد بالعيب بقضاء أو بغيره والعجب من المؤلف أي صاحب الأشباه كيف أقره على ذلك ا هـ كلام البيري ملخصا
قلت لكن وجه ما في القنية أن الإقالة بيع من وجه وقد مر الخلاف في باب البيع الفاسد فيما لو باع مطلقا ثم أجل إلى أجل مجهول قيل يصح الأجل وقيل لا بناء على أنه يلتحق بالعقد وهنا إذا التحق بعقد الإقالة يلزم أن يزيد الثمن فيها بوصف التأجيل مع أن الإقالة إنما تصح بمثل الثمن الأول فالأحسن الجواب بما قلنا من تصحيح عدم الالتحاق
تأمل
قوله ( وما أخذ به الشفيع ) يعني لو أجل المشتري الشفيع في الثمن لم يصح
بحر
وشمل ما لو كان الشراء بمؤجل فإن الأجل لا يثبت في أخذ الشفيع كما سيذكره في بابها
قوله ( ودين الميت ) أي لو مات المديون وحل المال فأجل الدائن وارثه لم يصح لأن الدين في الذمة وفائدة التأجيل أن يتجر فيؤدي الدين من نماء المال فإذا مات من له الأجل تعين المتروك لقضاء الدين فلا يفيد التأجيل كذا في الخلاصة
وظاهره أنه في كل دين وذكره في القنية في القرض
بحر
وفي الفتح مثل ما في القنية لكن في الذخيرة تأجيل رب الدين ماله على الميت لا يجوز والصحيح أنه قول الكل لأن الأجل صفة الدين ولا دين على الوارث فلا يثبت الأجل في حقه ولا وجه أيضا لثبوته للميت لأنه سقط عن ذمته بالموت ولا لثبوته في المال لأنه عين والأعيان لا تقبل التأجيل
وفي البرجندي قال صاحب المحيط الأصح عندي أن تأجيله صحيح وهكذا أفتى الإمام قاضيخان لأنه إذا كان هذا الدين يتعلق بالتركة لكنه يثبت في الذمة فلا يكون عينا فيصح التأجيل وأفتى بعضهم بعدم الصحة كذا في الفصول العمادية
بيري
قوله ( فلا يلزم تأجيله ) أي أنه يصح بأجليه مع كونه غير لازم فللمقرض الرجوع عنه لكن قال في الهداية فإن تأجيله لا يصح لأنه إعارة وصلة في الابتداء حتى يصح بلفظة الإعارة ولا يملكه من لا يملك التبرع كالوصي والصبي ومعاوضة في الانتهاء فعلى اعتبار الابتداء لا يلزم التأجيل فيه كما في الإعارة إذ لا جبر في التبرع وعلى اعتبار الانتهاء لا يصح لأنه يصير بيع الدراهم بالذراهم نسيئة وهو ربا اه
ومقتضاه أن قوله لا يصح على حقيقته لأنه إذا وجد فيه مقتضى عدم اللزوم ومقتضى عدم الصحة وكان الأول لا ينافي الثاني لأن ما لا يصح لا يلزم وجب اعتبار عدم الصحة ولهذا علل في الفتح لعدم الصحة أيضا بقوله ولأنه لو لزم كان التبرع ملزما على المتبرع ثم للمثل المردود حكم العين كأنه رد العين وإلا كان تمليك دراهم بدارهم بلا قبض في المجلس والتأجيل في الأعيان لا يصح ا هـ ملخصا
ويؤيده ما في النهر عن القنية التأجيل في القرض باطل
قوله ( إلا في أربع ) أي بعد مسألتي الحوالة واحدة مسألتي الوصية واحدة أيضا وقد نظمت هذه مع التي قبلها بقولي ست من الديون ليس يلتزم تأجيلها بدل صرف وسلم
____________________
(5/158)
دين على ميت وما للمشتري على مقيل أو شفيع يا سري والقرض إلا أربعا فيها مضى جحد وصية حوالة قضى قوله ( إذا كان مجحودا ) في الخانية رجل له على رجل ألف درهم قرض فصالحه على مائة إلى أجل صح الحط والمائة حالة وإن كان المستقرض جاحدا للقرض فالمائة إلى الأجل ا هـ بيري
ومثله لو قال المستقرض للمقرض سرا لا أقر لك حتى تؤجله عني فأقر له عند الشهود بالألف مؤجلة
قوله ( أو حكم مالكي بلزومه ) فإنه عنده لازم وقيد به لأن الأرجح أن حكم الحنفي بخلاف مذهبه لا ينفذ خصوصا في قضاة زماننا وقيد بقوله بعد ثبوت أصل الدين عنده لأنه لو لم يكن ثابتا لا يصح حكمه بلزوم تأجيله ولأن المجحود لا يتوقف تأجيله على حكم مالكي
قوله ( أو أحاله الخ ) في الفتح والحلية في لزوم تأجيله أن يحيل المستقرض المقرض على آخر بدينه فيؤجل المقرض ذلك الرجل المحال عليه فيلزم ا هـ
وإذا لزم فإن كان للمحيل على المحال عليه دين فلا إشكال وإلا أقر المحيل بقدر المحال به للمحال عليه مؤجلا أشار إليه في المحيط
بحر
وفائدة الإقرار تمكن المحال عليه من الرجوع على المحيل بما يدفعه للمقرض
قوله ( أو أحاله على مديون الخ ) أفاد أنه لا فرق بين كون تأجيل المحال عليه صادرا من المقرض أو من المحيل وهو المستقرض
قوله ( لأن الحوالة مبرئة ) أي تبرأ بها ذمة المحيل ويثبت بها للمحال أي المقرض دين على المحال عليه بحكم الحوالة فهو في الحقيقة تأجيل دين لا قرض
قوله ( فيلزم من ثلثه ) فإن خرجت الألف من الثلث فيها وإلا فبقدر ما يخرج ط
قوله ( ويسامح فيها نظرا للموصي ) لأنه وصية بالتبرع بمنزلة الوصية بالخدمة والسكنى فيلزم حقا للموصي
هداية
وحاصله أن لزوم الوصية بالتبرع ومنه ما نحن فيه خارج عن القياس رحمة وفضلا على الموصي إذ كان القياس أن لا تصح وصيته لأنها تمليك مضاف إلى حال زوال مالكيته
قوله ( وأقره المصنف ) أي أقر ما ذكر من الحاصل وهو لصاحب البحر فكان الأولى عزوه إليه
قوله ( وتعقبه ) أي تعقب الحاصل المذكور فافهم
قوله ( بأن الملحق بالقرض ) هو الإقالة بقسميها والشفيع ودين الميت ح
قوله ( تأجيله باطل ) لتعبيرهم فيها بلا يصح أو بباطل فلا يقال إن التأجيل فيها صحيح غير لازم ط
قلت وقد علمت مما قدمناه أن القرض كذلك ولعل مراد صاحب البحر بالباطل ما يحرم فعله ويلزم منه الفساد فإن تأجيل بدلي الصرف والسلم كذلك بخلاف القرض والملحق به فإنه لو ترك المطالبة به إلى حلول الأجل لم يلزم منه ذلك فلذا قال إنه صحيح غير لازم لكن ما قدمناه عن الهداية في القرض من قوله وعلى اعتبار الانتهاء لا يصح لأنه يصير بيع الدراهم بالدراهم نسيئة وهو ربا ا هـ
يقتضي أنه يلزم منه الفساد وأنه حرام ولم يظهر لي وجهه فليتأمل
قوله ( لأن الدين واحد ) أي فإذا تأخر عن الكفيل لزم تأخيره عن الأصيل أيضا إذ يثبت ضمنا
____________________
(5/159)
ما يمتنع قصدا كبيع الشرب والطريق كما في البحر عن تلخيص الجامع لكن في النهر عن السراج قال أبو يوسف إذا أقرض رجل رجلا مالا فكفل به رجل عنه إلى وقت كان على الكفيل إلى وقته وعلى المستقرض حالا ا هـ
ونقل نحوه في كفالة البحر عن الذخيرة ووالغياثية وذكر في أنفع الوسائل مثله من عدة كتب وذكر أن هذه الحيلة لم يقل بها أحد غير الحصيري في التحرير وأنه إذا تعارض كلامه وحده مع كلام كل الأصحاب لا يفتى به ا هـ
وحاصله أن الجمهور على أنه يتأجل على الكفيل دون الأصيل وبه أفتى العلامة قارىء الهداية وغيره وسيأتي تمامه في الكفالة إن شاء الله تعالى
تنبيه لم يذكر ما لو أجل الكفيل الأصيل وهو جائز ففي البيري روى ابن سماعة عن محمد رجل قال لغيره اضمن عني لفلان الألف التي علي ففعل وأداها الضامن ثم إن الضامن أخر المضمون عنه فالتأخير جائز وليس هذا بمنزلة القرض ولو قال اقض عني هذا الرجل ألف درهم ففعل ثم أخرها لم يجز التأخير لأن هذا أدى عنه فصار مقرضا والتأخير في القرض باطل والأول أدى عن نفسه ا هـ
قوله ( أن يقر الوارث الخ ) الظاهر أنه مفروض في وارث لا مشارك له في الميراث وإلا يلحقه ضرر بلزوم الدين علي وحده والمقصود من هذه الحيلة بيان حكمها لو وقعت كذلك لا تعليم فعلها لأن فيها الإخبار بخلاف الواقع
قوله ( ويصدقه الطالب أنه الخ ) لو قال ويصدقه الطالب في ذلك لكان أخصر وأظهر لأن تصديقه بتأجيله على الميت غير لازم
قوله ( وإلا لأمر الوارث الخ ) عبارة الأشباه وإلا فقد حل الدين بموته فيؤمر الوارث الخ
مطلب إذا قضى المديون الدين قبل حلول الأجل أو مات لا يؤخذ من المرابحة إلا بقدر ما مضى قوله ( وسيجيء آخر الكتاب ) أي قبيل كتاب الفرائض وهذا مأخوذ من القنية حيث قال فيها برمز نجم الدين قضى المديون الدين قبل الحلول أو مات فأخذ من تركته فجواب المتأخرين أنه لا يؤخذ من المرابحة التي جرت بينهما إلا بقدر ما مضى من الأيام قيل له أتفتي به أيضا قال نعم
قال ولو أخذ المقرض القرض والمرابحة قبل مضي الأجل فللمديون أن يرجع بحصة ما بقي من الأيام ا هـ
وذكر الشارح آخر الكتاب أنه أفتى به المرحوم مفتي الروم أبو السعود وعلله بالرفق من الجانبين
قلت وبه أفتى الحانوتي وغيره وفي الفتاوى الحامدية سئل فيما إذا كان لزيد بذمة عمرو مبلغ دين معلوم فرابحه عليه إلى سنة ثم بعد ذلك بعشرين يوما مات عمرو المديون فحل الدين ودفعه الوارث لزيد فهل يؤخذ من المرابحة شيء أو لا الجواب جواب المتأخرين أنه لا يؤخذ من المرابحة التي جرت المبايعة عليها بينهما إلا بقدر ما مضى من الأيام
قيل للعلامة نجم الدين أتفتي به قال نعم كذا في الأنقروي والتنوير وأفتى به علامة الروم مولانا أبو السعود وفي هذه الصورة بعد أداء الدين دون المرابحة إذا ظنت الورثة أن المرابحة تلزمهم فرابحوه عليها عدة سنين بناء على أن المرابحة تلزمهم حتى اجتمع عليهم مال فهل يلزمهم المال أو لا الجواب لا يلزمهم لما في القنية
____________________
(5/160)
برمز بكر جواهر زاده كان يطالب الكفيل بالدين بعد أخذه من الأصيل ويبيعه بالمرابحة حتى اجتمع عليه سبعون دينارا ثم تبين أنه قد أخذه فلا شيء له لأن المبايعة على قيام الدين ولم يكن ا هـ هذا ما ظهر لما والله سبحانه أعلم ا هـ
فصل في القرض بالفتح والكسر
منح
ومناسبته لما قبله ذكر القرض في قوله ولزم تأجيل كل دين إلا القرض
قوله ( ما تعطيه لتتقاضاه ) أي من قيمي أو مثلي وفي المغرب تقاضيته ديني وبديني واستقضيته طلبت قضاءه واقتضيت منه حقي أخذته
قوله ( وشرعا ما تعطيه من مثلي الخ ) فهو على التفسيرين مصدر بمعنى اسم المفعول لكن الثاني غير مانع لصدقه على الوديعة والعارية فكان عليه أن يقول لتتقاضى مثله وقدمنا قريبا أن الدين أعم من القرض
قوله ( عقد مخصوص ) الظاهر أن المراد عقد بلفظ مخصوص لأن العقد لفظ
لذا قال أي بلفظ القرض ونحوه أي كالدين وكقوله أعطني درهما لأرد عليك مثله وقدمنا عن الهداية أنه يصح بلفظ الإعارة
قوله ( بمنزلة الجنس ) أي من حيث شموله القرض وغيره وليس جنسا حقيقا لعدم الماهية الحقيقية كما عرف في موضعه واعترض بأن الذي بمنزلة الجنس قوله عقد مخصوص وأما هذا فهو بمنزلة الفصل خرج به ما لا يرد على دفع مال كالنكاح وفيه أن النكاح لم يدخل في قوله عقد مخصوص أي بلفظ القرض ونحوه كما علمت فصار الذي بمنزلة الجنس هو مجموع قوله عقد مخصوص يرد على دفع مال تأمل قوله ( لآخر ) متعلق بقوله دفع
قوله ( خرج نحو وديعة وهبة ) أي خرج وديعة وهبة ونحوهما كعارية وصدقة لأنه يجب رد عين الوديعة والعارية ولا يجب رد شيء في الهبة والصدقة
قوله ( في مثلي ) كالمكيل والموزون والمعدود المتقارب كالجوز والبيض
وحاصله أن المثلي ما لا تتفاوت آحاده أي تفاوتا تختلف به القيمة فإنه نحو الجوز تتفاوت آحاده تفاوتا يسيرا
قوله ( لتعذر رد المثل ) علة لقوله لا في غيره أي لا يصح القرض في غير المثلي لأن القرض إعارة ابتداء حتى صح بلفظها معاوضة انتهاء لأنه لا يمكن به إلا باستهلاك عينه فيستلزم إيجاب المثلي في الذمة وهذا لا يتأتى في غير المثلي قال في البحر ولا يجوز في غير المثلي لأنه لا يجب دينا في الذمة ويملكه المستقرض بالقبض كالصحيح والمقبوض بقرض فاسد يتعين للرد وفي القرض الجائز لا يتعين بل يرد المثل وإن كان قائما
وعن أبي يوسف ليس له إعطاء غيره إلا برضاه وعارية ما جاز قرضه قرض وما لا يجوز قرضه عارية ا هـ
أي قرض ما لا يجوز قرضه عارية من حيث إنه يجب رد عينه لا مطلقا لما علمت من أنه يملك القبض
تأمل
قوله ( كمقبوض ببيع فاسد ) أي فيفيد الملك بالقبض كما علمت
وفي جامع الفصولين القرض الفاسد يفيد الملك حتى لو استقرض بيتا فقبضه ملكه وكذا سائر الأعيان وتجب القيمة على المستقرض كما لو أمر بشراء قن بأمة المأمور ففعل فالقن للآمر
____________________
(5/161)
قوله ( فيحرم الخ ) عبارة جامع الفصولين ثم في كل موضع لا يجوز القرض لم يجز الانتفاع به لعدم الحل ويجوز بيعه لثبوت الملك كبيع فاسد ا هـ
فقوله ويجوز بيعه بمعنى يصح لا بمعنى يحل إذ لا شك في أن الفاسد يجب فسخه والبيع من الفسخ فلا يحل كما لا يحل سائر التصرفات المانعة من الفسخ كما مر في بابه وبه تعلم ما في عبارة الشارح
قوله ( وكاغد ) أي قرطاس وقوله عددا قيد للثلاثة وما ذكره في الكاغد ذكره في التاترخانية
ثم نقل بعده عن الخانية
ولا يجوز السلم في الكاغد عددا لأنه عددي متفاوت ا هـ
ولعل الثاني محمول على ما إذا لم يعلم نوعه وصفته
قوله ( كما سيجيء ) أي في باب الربا حيث قال ويستقرض الخبز وزنا وعددا عند محمد وعليه الفتوى ابن ملك
واستحسنه الكمال واختاره المصنف تيسيرا ا هـ
وفي التاترخانية قال أبو حنيفة لا يجوز قرضه واستقراضه لا عددا ولا وزنا
وفي رواية عن أبي يوسف مثله
وقوله المعروف أنه لا بأس به وعليه أفعال الناس جارية والفتوى على قول محمد ا هـ ملخصا
ونقل في الهندية عن الخانية والظهيرية والكافي أن الفتوى على جواز استقراضه وزنا لا عددا وهو قول الثاني ا هـ
ولعله هو المراد بقوله المعروف وسيذكر استقراض العجين والخميرة
قوله ( والعدالي ) بفتح العين المهملة وتخفيف الدال المهملة وباللام المكسورة وهي الدراهم المنسوبة إلى العدال وكأنه اسم ملك نسب إليه درهم فيه غش كذا في صرف البحر عن البناية
قلت والمراد بها دراهم غالبة الغش كما وقع التصريح به في الفتح وغيره بدل لفظ العدالي لأن غالبة الغش في حكم الفلوس من حيث إنها إنما صارت ثمنا بالاصطلاح على ثمينتها فتبطل ثمينتها بالكساد وهو ترك التعامل بها بخلاف ما كانت فضتها خالصة أو غالبة فإنها أثمان خلقة فلا تبطل ثمينتها بالكساد كما حققناه أول البيوع عند قوله وصح بثمن حال ومؤجل
قوله ( فعليه مثلها كاسدة ) أي إذا هلكت وإلا فيرد عينها اتفاقا كما في صرف الشرنبلالية وفيه كلام سيأتي
قوله ( فلا عبرة بغلائه ورخصه ) فيه أن الكلام في الكساد وهو ترك التعامل بالفلوس ونحوها كما قلنا والغلاء والرخص غيره وكأنه نظر إلى اتحاد الحكم فصح التفريع
تأمل
وفي كافي الحاكم لو قال أقرضني دانق حنطة فأقرضه ربع حنطة فعليه أن يرد مثله وإذا استقرض عشرة أفلس ثم كسدت لم يكن عليه إلا مثلها في قول أبي حنيفة وقالا عليه قيمتها من الفضة يستحسن ذلك
وإن استقرض دانق فلوس أو نصف درهم فلوس ثم رخصت أو غلت لم يكن عليه إلا مثل عدد الذي أخذه
وكذلك لو قال أقرضني عشرة دراهم غلة بدينار فأعطاه عشرة دراهم فعليه مثلها ولا ينظر إلى غلاء الدراهم ولا إلى رخصها
وكذلك كل ما يكال ويوزن فالقرض فيه جائز وكذلك ما يعد من البيض والجوز ا هـ
وفي الفتاوى الهندية استقرض حنطة فأعطى مثلها بعد ما تغير سعرها يجبر المقرض على القبول
قوله ( وجعله ) أي ما في الفتن من قوله فعليه مثلها
قوله ( وعند الثاني الخ ) حاصله أن الصاحبين اتفقا على وجوب رد القيمة دون المثل لأنه لما بطل وصف الثمينة بالكساد تعذر رد عينها كما قبضها فيجب رد قيمتها وظاهر الهداية اختيار قولهما
فتح
____________________
(5/162)
ثم إنهما اختلفا في وقت الضمان قال في صرف الفتح وأصله اختلافهما فيمن غصب مثليا فانقطع فعند أبي يوسف تجب قيمته يوم الغصب وعند محمد يوم القضاء وقولهما انظر للمقرض في قول الإمام لأن في رد المثل إضرارا به ثم قول أبي يوسف أنظر له أيضا لأن قيمته يوم القرض أكثر من يوم الانقطاع وهو أيسر أيضا فإن ضبط وقت الانقطاع عسر ا هـ ملخصا
ولم يذكر حكم الغلاء والرخص وقدمنا أول البيوع أنه عند أبي يوسف تجب قيمتها يوم القبض أيضا وعليه الفتوى كما في البزازية والخلاصة وهذا يؤيد ترجيح قوله في الكساد أيضا وحكم البيع كالقرض إلا أنه عند الإمام يبطل البيع وعند أبي يوسف لا يبطل وعليه قيمتها يوم البيع في الكساد والرخص والغلاء كما قدمناه أوو البيوع
قوله ( فآخذه ) بمد الهمزة
أي طلب أخذه منه
قوله ( بالعراق يوم اقتراضه ) متعلقان بقوله قيمته والثاني يغني عن الأول
قوله ( وعند الثالث يوم اختصما ) وعبارة الخانية قيمته بالعراق يوم اختصما فأفاد أن الواجب قيمته يوم الاختصام التي في بلد القرض فكان المناسب ذكر قوله بالعراق هنا وإسقاطه من الأول كما فعله في الذخيرة
قوله ( فيأخذ طعامه ) أي مثله في بلد القرض
قوله ( ولو استقرض الطعام الخ ) هذه هي المسألة الأولى وهي ما لو ذهب إلى بلدة غير بلدة القرض وقيمة البلدتين مختلفة لأن العادة أن الطعام في مكة أغلى منه في العراق وهذه رواية أخرى وهي قول الإمام كما صرح به في الذخيرة فإنه ذكر أولا ما مر من حكاية القولين
ثم قال ما نصه بشر عن أبي يوسف رجل أقرض رجلا طعاما أو غصبه إياه وله حمل ومؤنة والتقيا في بلدة أخرى الطعام فيها أغلى أو أرخص فإن أبا حنيفة قال يستوثق له من المطلوب حتى يوفيه طعامه حيث غصب أو حيث أقرضه وقال أبو يوسف إن تراضيا على هذا فحسن وأيهما طلب القيمة أجبر الآخر عليه وهي القيمة في بلد الغصب أو الاستقراض والقول في ذلك قول المطلوب ولو كان الغصب قائما بعينه أجبر على أخذه لا على القيمة ا هـ
وفيها أيضا وذكر القدوري في شرحه إذا استقرض دراهم بخارية والتقيا في بلدة لا يقدر فيها على البخارية فإن كان ينفق في ذلك البلد فإن شاء صاحب الحق أجله قدر المسافة ذاهبا وجائيا واستوثق منه وإن كان البلد لا ينفق فيها وجب القيمة ا هـ
وقدمنا أول البيوع أن الدراهم البخارية فلوس على صفة مخصوصة فلذا أوجب القيمة إذا كانت لا تنفق في ذلك البلد لبطلان الثمينة بالكساد كما قدمناه وبهذا ظهر أنه لو كانت الدراهم فضتها خالصة أو غالبة كالريال الفرنجي في زماننا فالواجب رد مثلها وإن كانا في بلدة أخرى لأن ثمنية الفضة لا تبطل بالكساد ولا بالرخص أو الغلاء ويدل عليه ما قدمناه عن كافي الحاكم من أنه لا ينظر إلى غلاء الدراهم ولا إلى رخصها هذا ما ظهر لي فتأمل وانظر ما كتبناه أول البيوع
قوله ( استقرض شيئا من الفواكه الخ ) المراد ما هو كيلي أو وزني إذا استقرضه ثم انقطع عن أيدي الناس قبل أن يقبضه إلى المقرض فعند أبي حنيفة يجبر المقرض على التأخير إلى إدراك
____________________
(5/163)
الجديد ليصل إلى عين حقه لأن الانقطاع بمنزلة الهلاك ومن مذهبه أن الحق لا ينقطع عن العين بالهلاك وقال أبو يوسف هذا لا يشبه كساد الفلوس لأن هذا مما يوجد فيجبر المقرض على التأخير إلا أن يتراضيا على القيمة وهذا في الوجه كما لو التقيا في بلد الطعام فيه غال فليس له حبسه ويوثق له بكفيل حتى يعطيه إياه في بلده ذخيرة ملخصا
قوله ( بنفس القبض ) أي قبل أن يستهلكه
قوله ( خلافا للثاني ) حيث قال لا يملك المستقرض القرض ما دام قائما كما في المنح آخر الفصل ا هـ ح
قوله ( فله رد المثل ) أي لو استقرض كر بر مثلا وقبضه فله حبسه ورد مثله وإن طلب المقرض رد العين لأنه خرج عن ملك المقرض وثبت له في ذمة المستقرض مثله لا عينه ولو قائما
قوله ( بناء على انعقاده الخ ) هكذا نقل هذه العبارة هنا في المنح عن البحر ونقل أيضا عن الزيلعي أنهم اختلفوا في انعقاده بلفظ القرض قيل ينعقد وقيل لا وقيل الأول قياس قولهما والثاني قياس قوله ا هـ
قلت والعبارتان غير مذكورتين في هذا الفصل من البحر وشرح الزيلعي وإنما ذكرهما في كتاب النكاح عند قول الكنز وينعقد بكل ما وضع لتمليك العين في الحال فالضمير في انعقاده في عبارة البحر المذكورة في الشرح وعبارة الزيلعي الني نقلناها عائدة على النكاح لا على القرض كما يوهمه كلام الشارح تبعا للمنح وهذا أمر عجيب نعم لهذه المسألة مناسبة هنا وذلك أن ظاهر كلام المتن ترجيح قولهما فكان المناسب للشارح أن يقول وعلى هذا ينبغي اعتماد انعقاد النكاح بلفظ القرض وهو أحد الصحيحين لإفادته الملك للحال فافهم
مطلب في شراء المستقرض القرض من المقرض قوله ( فجاز شراء المستقرض القرض ) تفريع على قولهما والمراد شراؤه ما في ذمته لا عين القرض الذي في يده وحينئذ فقوله ولو قائما فيه استخدام لأنه عائد إلى عين القرض الذي في يده وبيان ذلك أنه تارة يشتري ما في ذمته للمقرض وتارة ما في يده أي عين ما استقرضه فإن كان الأول ففي الذخيرة اشترى من المقرض الكر الذي له عليه بمائة دينار جاز لأنه دين عليه لا بعقد صرف ولا سلم فإن كان مستهلكا وقت الشراء فالجواز قول الكل لأنه ملكه بالاستهلاك وعليه مثله في ذمته بلا خلاف وإن كان قائما فكذلك عندهما وعلى قول أبي يوسف ينبغي أن لا يجوز لأنه لا يملكه ما لم يستهلكه فلم يجب مثله في ذمته فإذا أضاف الشراء الكر الذي في ذمته فقد أضافه إلى معدوم فلا يجوز ا هـ
وهذا ما في الشرح
وإن كان الثاني ففي الذخيرة أيضا استقرض من رجل كرا وقبضه ثم اشترى ذلك الكر بعينه من المقرض لا يجوز على قولهما لأنه ملكه بنفس القبض فيصير مشتريا ملك نفسه أما على قول أبي يوسف فالكر باق على ملك المقرض فيصير المستقرض مشتريا ملك غيره فيصح وبقي ما لو كان المستقرض هو الذي باع الكر من المقرض فيجوز على قولهما لأنه باع ملك نفسه
واختلفوا على قول أبي يوسف بعضهم قالوا يجوز لأن المستقرض على قوله وإن لم يملك الكر بنفس القرض إلا أنه يملك التصرف فيه بيعا وهبة واستهلاكا فيصير متملكا له وبالبيع من المقرض صار متصرفا فيه وزال عن ملك المقرض فصح البيع منه ا هـ ملخصا
____________________
(5/164)
قوله ( بدراهم مقبوضة الخ ) في البزازية من آخر الصرف إذا كان له على آخر طعام أو فلوس فاشتراه من عليه بدراهم وتفرقا قبل قبض الدراهم بطل وهذا مما يحفظ فإن مستقرض الحنطة أو الشعير بتلفها ثم يطالبه المالك بها ويعجز عن الأداء فيبيعها مقرضها منه بأحد النقدين إلى أجل وأنه فاسد لأنه افتراق عن دين بدين ا هـ
وفيها في الفصل الثالث من البيوع والحيلة فيه أن يبيع الحنطة ونحوها بثوب ثم يبيع الثوب منه بدراهم ويسلم الثوب إليه ا هـ
قوله ( أقرض صبيا محجورا فاستهلكه ) قيد بالمحجور لأنه لو كان مأذونا فهو كالبالغ وبالاستهلاك لأنه لو بقيت عينه فللمالك أن يسترده ولو تلف بنفسه لا يضمن اتفاقا كما في جامع الفصولين
قوله ( خلافا للثاني ) فإنه يضمن
قال في الهندية عن المبسوط وهو الصحيح ط
قوله ( وكذا الخلاف لو باعه ) أي باع من الصبي أو أودعه أي واستهلكهما ولا حاجة إلى ذكر قوله أو أودعه لتصريح المصنف به في قوله وهو الوديعة ا هـ ط
قوله ( خلافا للثاني ) فيؤاخذ به حالا كالوديعة عنده
هندية ط
قوله ( وهو ) أي الإقراض لهؤلاء
قوله ( وكذا الدين والسلم ) أي لو جاء المديون أو رب السلم بدراهم ليدفعها إلى الدائن عن دينه أو إلى المسلم إليه عن رأس المال فقال له القها الخ
قوله ( بخلاف الشراء والوديعة ) المراد بالشراء المشري أي لو جاء البائع بالمشتري أو المودع بالوديعة فقال له المشتري أو صاحب الوديعة الق ذلك في الماء فألقاه صح الأمر ويكون ذلك على الآمر ويصير قابضا لأن حقه متعين لأنه ليس للبائع إعطاء غير المبيع ولا للمودع إعطاء غير الوديعة بخلاف المقرض والمديون ورب السلم فإن له أن يبدل ما جاء به ويعطى غيره لأنه قبل القبض باق على ملكه
وقيد في المنح الشراء بما إذا كان صحيحا أي لأن الفاسد لا يفيد الملك قبل القبض فيكون على ملك البائع
قوله ( وعزاه لغريب الرواية ) ظاهره أن الضمير عائد على صاحب الخانية لأنه نقل ما في المتن عنها مع أن ما في الشرح لم أره في الخانية وإنما عزاه المصنف إلى غريب الرواية
قوله ( وفيها ) أي في الخانية معطوف على قوله وفيها
قوله ( شرط رد شيء آخر ) الظاهر أن أصل العبارة كشرط رد شيء آخر ا هـ ح
قوله ( وقيل لا ) هذا هو الصحيح كما في الخانية وفيها ولو كان الدين مؤجلا فقضاه قبل حلول الأجل يجير على القبول ا هـ
وذكر الشارح إعطاء الأجود ولم يذكر الزيادة وفي الخانية وإن أعطاه المديون أكثر مما عليه وزنا فإن كانت الزيادة تجري بين الوزنين أي بأن كانت تظهر في ميزان دون ميزان جاز وأجمعوا على أن الدانق في المائة يسير يجري بين الوزنين وقدر الدرهم والدرهمين كثير لا يجوز واختلفوا في نصف الدرهم قال الدبوسي إنه في المائة كثير يرد على صاحبه فإن كانت كثيرة لا تجري بين الوزنين إن لم يعلم المديون بها ترد على صاحبها وإن علم وأعطاها اختيارا إن كانت الدراهم المدفوعة مكسرة أو صحاحا لا يضرها التبعيض لا يجوز إذا علم الدافع والقابض وتكون
____________________
(5/165)
هبة المشاع فيما يحتمل القسمة وإن كان لا يضره التبعيض وعلما جاز وتكون هبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة ا هـ وسيذكر الشارح بعضه أول باب الربا
قوله ( بأن يقرض الخ ) هذا يسمى الآن بالوصية قال في الدرر كره للسفتجة بضم السين وفتح التاء تعريب سفته وهي شيء محكم ويسمى هذا القرض به لأحكام أمره
وصورته أنه يدفع إلى تاجر مبلغا قرضا ليدفعه إلى صديقه في بلد آخر ليستفيد به سقوط خطر الطريق ا هـ
وقال في الخانية وتكره السفتجة إلا أن يستقرض مطلقا ويوفي بعد ذلك في بلد أخرى من غير شرط ا هـ
وسيأتي تمام الكلام عليها آخر كتاب الحوالة
مطلب كل قرض جر نفعا حرام قوله ( كل قرض جر نفعا حرام ) أي إذا كان مشروطا كما علم مما نقله عن البحر
وعن الخلاصة وفي الذخيرة وإن لم يكن النفع مشروطا في القرض فعلى قول الكرخي لا بأس به ويأتي تمامه
قوله ( فكره للمرتهن الخ ) الذي في رهن الأشباه يكره للمرتهن الانتفاع بالرهن إلا بإذن الراهن ا هـ سائحاني
قلت وهذا هو الموافق لما سيذكره المصنف في أول كتاب الرهن
قال في المنح هناك وعن عبد الله بن محمد بن أسلم السمرقندي وكان من كبار علماء سمرقند أنه لا يحل له أن ينتفع بشيء منه بوجه من الوجوه وإن أذن له الراهن لأنه أذن له في الربا لأنه يستوفي دينه كاملا فتبقى له المنفعة فضلا فتكون ربا وهذا أمر عظيم
قلت وهذا مخالف لعامة المعتبرات من أنه يحل بالإذن إلا أن يحمل على الديانة وما في المعتبرات على الحكم
ثم رأيت في جواهر الفتاوى إذا كان مشروطا صار قرضا فيه منفعة وهو ربا وإلا فلا بأس به ا هـ ما في المنح ملخصا
وتعقبه الحموي بأن ما كان ربا لا يظهر فيه فرق بين الديانة والقضاء على أنه لا حاجة إلى التوفيق بعد أن الفتوى على ما تقدم أي من أنه يباح
قلت وما في الجواهر يفيد توفيقا آخر يحمل ما في المعتبرات على غير المشروط وما مر على المشروط وهو أولى من إبقاء التنافي
ويؤيده ما ذكروه فيما لو أهدى المستقرض للمقرض إن كانت بشرط كره وإلا فلا وأفتى في الخيرية فيمن رهن شجر الزيتون على أن يأكل المرتهن ثمرته نظير صبره بالدين بأنه يضمن
قوله ( دفعته ) أي القرض والأولى دفعتها أي العشرة
قوله ( فأنكر المولى الخ ) مفهومه أنه إذا أقر بقبض العبد يلزمه لما في الخانية ولو أرسل رسولا إلى رجل وقال ابعث إلي بعشرة دراهم قرضا فبعث بها مع رسوله كان الآمر ضامنا لها إذا أقر أن رسوله قبضها ا هـ
قوله ( لأنه أقر أنه قبضها بحق ) وهو كونه نائبا عن سيده في القبض
قوله ( ليس له ) أي ليس للمقرض أن يطلب منه أي من القابض إلا حصته من القرض لأنه قبض الباقي بالوكالة عن رفقته
قوله ( لا بالاستقراض ) هذا منصوص عليه ففي جامع الفصولين بعث رجلا ليستقرضه فأقرضه فضاع في يده فلو قال أقرض للمرسل ضمن مرسله ولو قال أقرضني للمرسل ضمن رسوله
____________________
(5/166)
والحاصل أن التوكيل بالإقراض جائز لا بالاستقراض والرسالة بالاستقراض تجوز ولو أخرج وكيل الاستقراض كلامه مخرج الرسالة يقع القرض للآمر ولو مخرج الوكالة بأن أضافه إلى نفسه يقع للوكيل وله منعه عن آمره ا هـ
قلت والفرق أنه إذا أضاف العقد إلى الموكل بأن قال إن فلانا يطلب منك أن تقرضه كذا صار رسولا والرسول سفير ومعبر بخلاف ما إذا أضافه بأن قال أقرضني كذا أو قال أقرضني لفلان كذا فإنه يقع لنفسه ويكون قوله لفلان بمعنى لأجله وقالوا إنما لم يصح التوكيل بالاستقراض لأنه توكيل بالتكدي وهو لا يصح
قلت ووجهه أن القرض صلة وتبرع ابتداء فيقع للمستقرض إذا لا تصح النيابة في ذلك فهو نوع من التكدي بمعنى الشحاذة هذا ما ظهر لي
قوله ( استقراض العجين وزنا يجوز ) هو المختار مختار الفتاوى
واحترز بالوزن عن المجازفة فلا يجوز
بحر ط
قوله ( ما رآه المسلمون ) هو من حديث أحمد عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال إن الله نظر إلى قلوب العباد فاختار له أصحابا فجعلهم أنصار دينه ووزراء نبيه فما رآه المسلمون الخ وهو موقوف حسن وتمامه في المقاصد الحسنة ط
قوله ( يجوز ويكره ) أي يصح مع الكراهة وهذا لو الشراء بعد القرض لما في الذخيرة وإن لم يكن النفع مشروطا في القرض ولكن اشترى المستقرض من المقرض بعد القرض متاعا فعلى قول الكرخي لا بأس به وقال الخصاف ما أحب له ذلك وذكر الحلواني أنه حرام لأنه يقول لو لم أكن اشتريته منه طالبني بالقرض في الحال ومحمد لم يرد بذلك بأسا
وقال خواهر زاده ما نقل عن السلف محمول على ما إذا كانت المنفعة مشروطة وذلك مكروه بلا خلاف وما ذكره محمد محمول على ما إذا كانت غير مشروطة وذلك غير مكروه بلا خلاف
وهذا إذا تقدم الإقراض على البيع فإن تقدم البيع بأن باع المطلوب منه المعاملة من الطالب ثوبا قيمته عشرون دينارا بأربعين دينارا ثم أقرضه ستين دينارا أخرى حتى صار له على المستقرض مائة دينار وحصل للمستقرض ثمانون دينارا ذكر الخصاف أنه جائز وهذا مذهب محمد بن سلمة إمام بلخ وكثير من مشايخ بلخ كانوا يكرهونه ويقولون إنه قرض جر منفعة إذ لولاه لم يتحمل المستقرض غلاء الثمن
ومن المشايخ من قال يكره لو كانا في مجلس واحد وإلا فلا بأس به لأن المجلس الواحد يجمع الكلمات المتفرقة فكأنهما وجدا معا فكانت المنفعة مشروطة في القرض
وكان شمس الأئمة الحلواني يفتي بقول الخصاف
وابن سلمة يقول هذا ليس بقرض جر منفعة بل هو بيع جر منفعة وهي القرض ا هـ ملخصا
وانظر ما سنذكره في الصرف عند قوله وبيع درهم صحيح ودرهمين غلة قوله ( بطريف المعاملة ) هو ما ذكره من شراء الشيء اليسير بثمن غال
قوله ( بأزيد من عشرة ونصف ) وهناك فتوى أخرى بأزيد من أحد عشرة ونصف وعليها العمل
سائحاني
ولعله لورود الأمر بها متأخرا عن الأمر الأول
قوله ( يعزر ) لأن طاعة أمر السلطان بمباح
____________________
(5/167)
واجبة
قوله ( ما أخذه من الربح ) أي زائدا عما ورد به الأمر ط
قوله ( إن حصله منه بالتراضي الخ ) مفهومه أنه لو أخذه بلا رضاه أنه يثبت له الرجوع بالزائد عما ورد وهو غير ظاهر لأنه إذا أقرضه مائة وباعه سلعة بثلاثين مثلا بيعا مستوفيا شرائطه الشرعية لم يكن فيه إلا مخالفته الأمر السلطاني لأن مقتضى الأمر الأول أن يبيع السلعة بخمسة فقط لتكون العشرة بعشرة ونصف ومقتضى الأمر الثاني أن يبيعها بخمسة عشر لتكون العشرة بأحد عشر ونصف ولا يخفى أن مخالفة الأمر لا تقتضي فساد البيع لأن ذلك لا يزيد على مخالفة أمر الله تعالى بالسعي وترك البيع وقت النداء فإذا باع وترك السعي يكره البيع ولا يفسد فكذا هنا بالأولى على أنه إذا فسد البيع وجب الفسخ ورد جميع الثمن وإذا صح وجب جميع الثمن فلا وجه لرد الزائد وأخذ ما ورد به الأمر فقط سواء قلنا بصحة البيع أو فساده فتعين أن هذا المفهوم غير مراد
فتأمل
قوله ( لكن يظهر الخ ) لا وجه للاستدراك بعد ورود الأمر الواجب الاتباع بعد الرجوع ط
وقد يجاب بأن المراد أن المناسب اأن يرد الأمر السلطاني بالرجوع أي وإن أخذ ما أخذه بالتراضي لكن علمت ما فيه
قوله ( وأقبح من ذلك السلم الخ ) أي أقبح من بيع المعاملة المذكور ما يفعله بعض الناس من دفع دراهم سلما على حنطة أو نحوها إلى أهل القرى بحيث يؤدي ذلك إلى خراب القرية لأنه يجعل الثمن قليلا جدا فيكون إضراره أكثر من إضرار البيع بالمعاملة الزائدة عن الأمر السلطاني فيظهر أن المناسب أيضا ورود أمر سلطاني بذلك ليعزر من يخالفه وظاهره أنه لم يرد بذلك أمر والله سبحانه أعلم
باب الربا لما فرغ من المرابحة وما يتبعها من التصرف في المبيع ونحو ذلك من القرض وغيره ذكر الربا لأن في كل منهما زيادة إلا أن تلك الزيادة حلال وهذه حرام والحل هو الأصل في الأشباه
والربا بكسر الراء وفتحها خطأ مقصور على الأشهر ويثنى ربوان بالواو على الأصل وقد يقال ربيان على التخفيف كما في المصباح والنسب إليه ربوي بالكسر والفتح خطأ كما في المغرب
قوله ( ولو حكما الخ ) تبع فيه النهر لكنه لا يناسب تعريف المصنف فإنه قيده بكونه بمعيار شرعي وهذا لا يدخل فيه ربا النسيئة ولا البيع الفاسد إلا إذا كان فساده لعلة الربا فالظاهر من كلام المصنف تعريف ربا الفضل لأنه هو المتبادر عند الإطلاق ولذا قال في البحر فضل أحد المتجانسين نعم هذا يناسب تعريف الكنز بقوله فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال ا هـ
فإن الأجل في أحد العوضين فضل حكمي بلا عوض ولما كان الأجل يقصد له زيادة العوض كما مر في المرابحة صح وصفه بكونه فضل مال حكما تأمل
قال في الشرنبلالية ومن شرائط الربا عصمة البدلين وكونهما مضمونين بالإتلاف فعصمة أحدهما وعدم تقومه لا يمنع فشراء الأسير أو التاجر مال الحربي أو المسلم الذي لم يهاجر بجنسه متفضلا جائز ومنها أن لا يكون البدلان مملوكين لأحد المتبايعين كالسيد مع عبده ولا مشتركين فيهما بشركة عنان أو مفاوضة كما في البدائع ا هـ
____________________
(5/168)
وسيأتي بيان هذه المسائل آخر الباب
قوله ( والبيوع الفاسدة الخ ) تبع فيه البحر عن البناية وفيه نظر فإن كثيرا من البيوع الفاسدة ليس فيه فضل خال عن عوض كبيع ما سكت فيه عن الثمن وبيع عرض بخمر أو بأم ولد فتجب القيمة ويملك بالقبض وكذا بيع جذع من سقف وذراع من ثوب يضره التبعيض وثوب من ثوبين والبيع إلى النيروز ونحو ذلك مما سبب الفساد فيه الجهالة أو الضرر أو نحو ذلك نعم يظهر ذلك في الفساد بسبب شرط فيه نفع لأحد المتعاقدين مما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ويؤيد ذلك ما في الزيلعي قبيل باب الصرف في بحث ما يبطل بالشرط الفاسد حيث قال والأصل فيه أن كل ما كان مبادلة مال بمال يبطل بالشروط الفاسدة لا ما كان مبادلة مال بغير مال أو كان من التبرعات لأن الشروط الفاسدة من باب الربا وهو يختص بالمعاوضة المالية دون غيرها من المعاوضات والتبرعات لأن الربا هو الفضل الخالي عن العوض وحقيقة الشروط الفاسدة هي زيادة ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه فيكون فيه فضل خال عن العوض وهو الربا بعينه ا هـ ملخصا
قوله ( فيجب رد عين الربا لو قائما لا رد ضمانه الخ ) يعني وإنما يجب رد ضمانه لو استهلكه وفي هذا التفريع خفاء لأن المذكور قبله أن البيع الفاسد من جملة الربا وإنما يظهر لو ذكر قبله أن الربا من جملة البيع الفاسد لأن حكم البيع الفاسد أنه يملك بالقبض ويجب رده لو قائما ورد مثله أو قيمته لو مستهلكا
مطلب في الإبراء عن الربا وذكر في البحر عن القنية ما حاصله أن شيخ صاحب القنية أفتى فيمن كان يشتري الدينار الرديء بخمسة دوانق ثم أبرأه غرماؤه عن الزائد بعد الاستهلاك بأنه يبرأ ووافقه بعض علماء عصره واستدل له بقول البزدوي إن من جملة صور البيع الفاسد جملة العقود الربوية يملك العوض فيها بالقبض وخالفه بعضهم قائلا إن الإبراء لا يعمل في الربا لأن رده لحق الشرع وأيد صاحب القنية الأول بأن الزائد إذا ملكه القابض بالقبض واستهلكه وضمن مثله فلو لم يصح الإبراء ولزمه رد مثل ما استهلكه لا يرتفع العقد السابق بل يتقرر مفيدا للملك في الزائد فلم يكن في رده فائدة نقض عقد الربا ليجب حقا للشرع لأن الواجب حقا للشرع رد عين الربا لو قائما لا رد ضمانه ا هـ
واستحسنه في النهر
قلت وحاصله أن فيه حقين حق العبد وهو رد عينه لو قائما ومثله لو هالكا وحق الشرع وهو رد عينه لنقض العقد المنهي شرعا وبعد الاستهلاك لا يتأتى رد عينه فتعين رد المثل وهو محض حق العبد ويصح إبراء العبد عن حقه فقول ذلك البعض إن الإبراء لا يعمل في الربا لأن رده لحق الشرع إنما يصح قبل الاستهلاك والكلام فيما بعده
ثم اعلم أن وجوب رد عينه لو قائما فيما لو وقع العقد على الزائد أما لو باع عشرة دراهم بعشرة دراهم وزاده دانقا وهبه منه فإنه لا يفسد العقد كما يأتي بيانه قريبا
قوله ( خرج مسألة صرف الجنس بخلاف جنسه ) كبيع كر بر وكر شعير بكري بر وكري شعير فإن للثاني فضلا على الأول لكنه غير خال عن العوض لصرف الجنس لخلاف جنسه والممنوع فضل المتجانسين
قوله ( بمعيار شرعي ) متعلق بمحذوف صفة لفضل أو حال منه ولو أسقط هذا القيد لشمل التعريف ربا النساء ويمكنه الاحتراز عن الذرع والعد بالتصريح بنفيه
قوله ( فليس الذرع والعد بربا ) أي بذي ربا أو بمعيار ربا فهو على حذف مضاف أو الذرع والعد بمعنى المذروع والمعدود أي لا يتحقق فيهما ربا
____________________
(5/169)
والمراد ربا الفضل لتحقق ربا النسيئة فلو باع خمسة أذرع من الهروي بستة أذرع منه أو بيضة ببيضتين جاز لو يدا بيد لا لو نسيئة لأن وجود الجنس فقط يحرم النساء لا الفضل كوجود القدر فقط كما يأتي
قوله ( مشروط ) تركه أولى فإنه مشعر بأن تحقق الربا يتوقف عليه وليس كذلك والحد لا يتم بالعناية
قهستاني
فإن الزيادة بلا شرط ربا أيضا إلا أن يهبها على ما سيأتي
قوله ( أي بائع أو مشتر ) أي مثلا فمثلهما المقرضان والراهنان قهستاني قال ويدخل فيه ما إذا شرط الانتفاع بالرهن كالاستخدام والركوب والزراعة واللبس وشرب اللبن وأكل الثمر فإن الكل ربا حرام كما في الجواهر و النتف ا هـ ط
قوله ( فلو شرط لغيرهما فليس بربا ) عزاه في البحر إلى شرح الوقاية وهذا مبني على ما حققناه من أن البيوع الفاسدة ليست كلها من الربا بل ما فيه شرط فاسد فيه نفع لأحد المتعاقدين فافهم
قوله ( بل بيعا فاسدا ) عطف على محل خبر ليس ط وهذا مبني على ما قدمه في باب البيع الفاسد من أن الأظهر الفساد بشرط النفع للأجنبي وبه اندفع ما في حواشي مسكين
قوله ( فليس لافضل في الهبة بربا ) أي وإن كان مشروطا
ط عن الدر المنتقى أي كما لو قال وهبتك كذا بشرط أن تخدمني شهرا فإن هذا شرط فاسد لا تبطل الهبة به كما سيأتي قبيل الصرف وظاهر ما هنا أنه لو خدمه لم يكن فيه بأس
قوله ( فلو شرى الخ ) تفريع على مفهوم قوله مشروط
قوله ( وزاده دانقا ) أي ولو لم يكن مشروطا في الشراء كما هو في عبارة الذخيرة المنقول عنها فلو مشروطا وجب رده لو قائما كما مر عن القنية ثم إن
قوله ( وزاده ) بضمير المذكر يفيد أن الزيادة مقصودة
وذكر ح أن الذي في المنح زادت بالتاء أي زادت الدراهم ومفاده أن الزيادة غير مقصودة لكن الذي رأيته في المنح عن الذخيرة بدون تاء وكذا في البحر عنها وكذا رأيته في الذخيرة أيضا فافهم
قوله ( وهذا ) أي انعدام الربا بسبب الهبة إن ضرها أي الدراهم الكسر فلو لم يضرها الكسر لم تصح الهبة إلا بقسمة الدانق وتسليمه لإمكان القسمة
قوله ( وفي صرف المجمع الخ ) قال في الذخيرة من الفصل الرابع في الحط عن بدل الصرف والزيادة فيه سوى أبو حنيفة بين الحط والزيادة فحكم بصحتهما والتحاقهما بأصل العقد وبفساد العقد بتسميتهما وكذا أبو يوسف سوى بينهما أي فأبطلهما ولم يجعل شيئا منهما هبة مبتدأة ومحمد فوق بينهما فصحح الحط هبة مبتدأة دون الزيادة
والفرق أن في الحط معنى الهبة لأن المحطوط يصير ملكا للمحطوط عنه بلا عوض بخلاف الزيادة إذ لو صحت تلتحق بأصل العقد ويأخذ حصة من البيع والهبة تمليك بلا عوض والتمليك بلا عوض لا يصلح كناية عن التمليك بعوض فلذا افتراقا ا هـ
قلت وتوضيحه أن الحط إسقاط بلا عوض فيجعل كناية عن الهبة لأنها تمليك بلا عوض أيضا بخلاف الزيادة فإنها تكون مع باقي الثمن عوضا عن المبيع فكانت تمليكا بعوض فلا يصح جعلها كناية عن الهبة فلذا أبطلها
قوله ( كحط كل الثمن ) وجه الشبه أن حط كل الثمن لو لم يجعل هبة مبتدأة التحق بأصل العقد فأفسده لبقائه بلا ثمن وكذا الحط هنا فإنه لو التحق يفوت التماثل ويفسد العقد فلذا جعل هبة مبتدأة
قوله ( والفرق بينهما خفي عندي ) قد أسمعناك الفرق
وقال ح قال الشيخ قاسم ولكنه ظاهر عندي لأن من الحط ما يمكن أن لا يلحق بأصل العقد
____________________
(5/170)
ويجعل هبة مبتدأة بالاتفاق وهو حط جميع الثمن فكان البعض كالكل بخلاف الزيادة فإنها لا تكون إلا ملحقة بالعقد وبذلك يفوت التساوي ا هـ
قوله ( قال وفي الخلاصة الخ ) أي قال ابن ملك ناقلا على الخلاصة ما يفيد عدم الفرق بين الحط والزيادة فإن قول الخلاصة فحلله أي وهبه زيادته جاز يفيد ذلك
قوله ( قلت الخ ) استدراك على المجمع وتأييد لكلام شارحه
ابن ملك
قوله ( صريح في عدم الفرق بينهما ) أي بين الزيادة والحط فإن ما قدمه من قوله إن وهبه منه انعدم الربا صريح في أن زيادة الدانق صحيحة عند محمد فينافي قول المجمع إنه أجاز الحط وأبطل الزيادة
أقول والذي يظهر لي أن ما قدمه الشارح عنالذخيرة عن محمد صريح في الفرق بينهما لا في عدمه لأن قوله إن وهبه منه انعدم الربا صريح في أن الزيادة بدون الهبة باطلة لأن الحط والزيادة في الثمن أو في المبيع غير الهبة ولذا يلتحقان بالعقد كما تقدم قبل فصل القرض فإذا اشترى ثوبا بعشرة دراهم ودفع خمسة عشرة فإن جعل الخمسة زيادة في الثمن وقبل البائع ذلك في المجلس صح والتحقت بأصل العقد إن كان المبيع قائما وإن جعل الخمسة هبة لم تصر زيادة في الثمن
بل تكون هبة مبتدأة فيراعى لها شروط الهبة من الإفراز والتسليم سواء كان المبيع قائما أو لا إذا علمت ذلك ظهر لك أن ما قدمه عن الذخيرة ليس من باب الزيادة في الثمن أو في المبيع لأنه جعله هبة مبتدأة حتى اشترط لها شرط الهبة وهو قوله وهذا إن ضرها الكسر الخ ومثله ما نقله ابن ملك عن الخلاصة فهذا صريح أنه لا يصح زيادة وإنما يصح هبة بشروطها ولا مخالفة فيه لقول المجمع إن محمدا أبطل الزيادة
والحاصل أن محمدا أجاز هنا الحط دون الزيادة لكنه يجعل الحط هبة مبتدأة لا حطا حقيقة لئلا يفسد العقد كما مر وأما الزيادة فقد أبطلها لأنها لو التحقت بالعقد أفسدته ولا يصح جعلها كناية عن الهبة لما مر فلذا بطلت إلا إذا وهبه الزيادة صريحا ولذا قال في الذخيرة وإنما جاز هذا الصرف لأنه لو لم يجز إنما لم يجز لمكان الربا فإذا وهب الدانق منه فقد انعدم الربا ا هـ هكذا يجب أن يفهم هذا المحل فافهم ثم لا يخفى أن هذا كله إذا لم تكن الزيادة مشروطة كما قدمناه عن الذخيرة فلو مشروطة ووقع العقد على الكل وجب نقض العقد لحق الشرع ولا تؤثر الهبة والإبراء إلا بعد الاستهلاك كما مر تحريره عن القنية
قوله ( وعليه ) أي على ما فهمه من التنافي بين العبارات المذكورة وعلمت عدمه وأن الزيادة إنما تصح إذا صرح بكونها هبة فتكون هبة بشروطها ومع عدم التصريح فهي باطلة وهو الذي في المجمع
قوله ( فيفسد ) لأن الزيادة والحط يصحان عنده على حقيقتهما لا بمعنى الهبة وإذا صحا التحقا بأصل العقد فيفسد لعدم التساوي
قوله ( وعلته ) العلة لغة المرض الشاغل واصطلاحا ما يضاف إليه ثبوت الحكم بلا واسطة وتمامه في البحر
قوله ( أي علة تحريم الزيادة ) كذا فسر الضمير في الفتح وهو أولى من قول بعضهم أي علة الربا لأنه وإن كان هو المذكور سابقا لكنه يحتاج إلى تقدير مضاف وهو لفظ تحريم فافهم
وأراد بالزيادة الحقيقة كما في قوله بعده أي الزيادة وأما كون المراد بها هنا ما يشمل الحكمية
____________________
(5/171)
وهي الأجل ففيه أن المصنف لم يدخلها في التعريف كما بيناه فالمتبادر إرادة الزيادة المعرفة وهي الحقيقة وأيضا فإن قوله القدر مع الجنس يختص بالحقيقة لأن علة الحكمية أحدهما كما بينه بعده فقد عرف الحقيقة وبين علتها لكونها هي المتبادرة عند الإطلاق ثم ذكر علة الحكمية تتميما للفائدة فافهم
قوله ( المعهود بكيل أو وزن ) أشار إلى ما في الحواشي السعدية من أن أل في القدر للعهد وبه اندفع ما في الفتح من اعتراضه على الهداية بشموله الذرع والعد لكن الأولى أن يقول وعلته الكيل أو الوزن لكونه أوضح ولئلا يرد ما نذكره عن ابن كمال
تنبيه ما ينسب إلى الرطل فهو وزني
قال في الهداية معناه ما يباع بالأواقي لأنها قدرت بطريق الوزن حتى يحتسب ما يباع بها وزنا بخلاف سائر المكاييل ا هـ
قلت وليس المراد بالرطل والأواقي معناهما المتعارف بل المراد بالرطل كل ما يوزن به بالأواقي الأوعية التي يوضع فيها الدهن ونحوه وتقدر بوزن خاص مثل كوز الزيت في زماننا فإنه يباع الزيت به ويحسب بالوزن هكذا يفهم من كلامهم وعليه فالأواقي جمع واقية من الوقاية وهي الحفظ لأنها يحفظ بها المانع ونحوه لتعسر وضعه في الميزان بدونها ولذا في الخير الرملي فعلى هذا الزيت والسمن والعسل ونحوها موزونات وإن كيلت بالمواعين لاعتبار الوزن فيها اه
قوله ( بالمد ) أي مع فتح النون
قوله ( فلم يجز الخ ) ترك التفريع على الفضل لظهوره ط أي كبيع قفيز بر بقفيزين منه حالا
قوله ( متساويا ) أما إذا وجد التفاضل مع النساء فالحرمة الفضل
أفاده ابن كمال ط
قوله ( وأحدهما نساء ) أي ذو نساء والجملة حالية قال ط فلو كان نسيئة يحرم أيضا لأنه بيع الكالىء بالكالىء
ابن كمال أي النسيئة كمال
ثم اعلم أن ذكر النساء للاحتراز عن التأجيل لأن القبض في المجلس لا يشترط إلا في الصرف وهو بيع الأثمان بعضها ببعض أما ما عداه فإنما يشترط فيه التعيين دون التقابض كما يأتي
قوله ( كهروي بمرويين ) الأولى أن يزيد نسيئة كما عبر في البحر وغيره ليكون مثالا لحل الفضل والنساء بسبب فقد القدر والجنس فإن الثوب الهروي والثوب المروي بسكون الراء جنسان كما يعلم مما يأتي وليسا بمكيل ولا موزون
قوله ( لعدم العلة الخ ) لأن عدم العلة وإن كان لا يوجب الحكم لكن إذا اتحدت العلة لزم من عدمها العدم لا بمعنى أنها تؤثر العدم بل لا يثبت الوجود لعدم علته فيبقى عدم الحكم وهو عدم الحرمة فيما نحن فيه على عدمه الأصلي وإذا عدم سبب الحرمة والأصل في البيع مطلقا الإباحة إلا ما أخرجه الدليل كان الثابت الحل
فتح
قوله ( أي القدر وحده ) كالحنطة بالشعير
قوله ( أو الجنس ) أي وحده كالهروي بهروي مثله
قوله ( حل الفضل الخ ) فيحل كر بر بكري شعير حالا وهروي بهرويين حالا ولو مؤجلا لم يحل
والحاصل كما في الهداية أن حرمة ربا الفضل بالوصفين وحرمة النساء بأحدهما
قوله ( ولو مع التساوي ) مبالغة على قوله وحرم النساء فقط ح
قوله ( لوجود الجنسية ) فيه أن علة الحكم هنا عدم قبول العبد التأجيل لا وجود
____________________
(5/172)
الجنسية فلو مثل ببيع هروي بمثله لكان أولى ح
قوله ( واستثنى في المجمع الخ ) وكذا في الهداية حيث قال إلا أنه إذا أسلم النقود في الزعفران ونحوه أي كالقطن والحديد والنحاس يجوز الخ قال في الفتح فإن الوزن فيها مختلف فإنه في النقود بالمثاقيل والدراهم الصنجات وفي الزعفران بالأمناء والقبان وهذا اختلاف في الصورة بينهما وبينهما اختلاف آخر معنوي وهو أن النقود لا تتعين بالتعيين والزعفران وغيره يتعين وآخر حكمي وهو أنه لو باع النقود موازنة وقبضها كان له بيعها قبل الوزن وفي الزعفران ونحوه يشترط إعادة الوزن فإذا اختلفا أي النقود ونحو الزعفران في الوزن صورة ومعنى وحكما لم يجمعهما القدر من كل وجه ثم ضعف في الفتح هذه الفروق وقال إن الوجه أن يستثنى إسلام النقود في الموزونات بالإجماع كي لا ينسد أكثر أبواب السلم وسائر الموزونات غير النقد لا يجوز أن تسلم في الموزونات وإن اختلفت أجناسها كإسلام حديد في قطن وزيت في جبن وغير ذلك إلا إذا خرج من أن يكون وزنيا بالصنعة إلا في الذهب والفضة فلو أسلم سيفا فيما يوزن جاز إلا في الحديد لأن السيف خرج من أن يكون موزونا ومنعه في الحديد لاتحاد الجنس وكذا يجوز بيع إناء من غير النقدين بمثله من جنسه يدا بيد نحاسا كان أو حديدا وإن كان أحدهما أثقل من الآخر بخلافه من الذهب والفضة فإنه يجري فيها ربا الفضل وإن كانت لاتباع وزنا لأن الوزن منصوص عليه فيهما فلا يتغير بالصنعة فلا يخرج عن الوزن بالعادة
قوله ( ونقل ابن الكمال ) عبارة ابن الكمال وعلته الكيل أو الوزن مع الجنس لم يقل القدر مع الجنس لأن القدر مشترك بين المكيل والموزون فعلى تقدير ما ذكر يلزم أن لا يجوز إسلام الموزون في المكيل لأن أحد الوصفين محرم للنساء وقد نص على جواز إسلام الحنطة في الزيت ا هـ وكتب في الهامش أن المسألة مذكورة في غاية البيان ا هـ
قلت وحاصل ما ذكره أنه لو عبر بالقدر ثم قال وإن وجد أحدهما الخ لأفاد تحريم إسلام الموزون في المكيل لأنه قد وجد القدر وإن كان مختلفا بخلاف ما لو عبر بالكيل أو الوزن أي بأو التي لأحد الشيئين فإنه لا يشمل القدر المختلف لكن فيه أن لفظ القدر مشترك كما قال ولا يجوز استعماله في كلا معنييه عندنا فإذا ذكر لا بد أن يراد منه إما الكيل وحده أو الوزن وحده فيساوي التعبير بالكيل أو الوزن إلا أن يدعي أن القدر مشترك معنوي لا لفظي تأمل
قوله ( ومفاده ) أي مفاد ما ذكر من جواز إسلام منقود في موزون وإسلام الحنطة في الزيت فإنه قد وجد في الأول القدر المتفق وفي الثاني القدر المختلف فافهم
قوله ( فليحرر ) تحريره ما أفاده عقبة من أن المراد بقولهم وعلته القدر هو القدر المتفق كبيع موزون بموزون أو مكيل بمكيل بخلاف المختلف كبيع مكيل بموزون نسيئة فإنه جائز ويستثنى من الأول إسلام منقود في موزون للإجماع كما مر
قوله ( وقد مر في السلم الخ ) بيان لتحرير المراد لكن اعترض بأن السلم سيأتي بعد وهذا على نسخة فتنبه بالفاء والأمر بالتنبه وفي بعض النسخ قنية بالقاف اسم الكتاب المشهور وصاحب القنية قدم السلم أول البيع فصح قوله وقد مر في السلم
تنبيه ما أفاده من أن حرمة النساء بالقدر المتفق مؤيد لما نقله ابن كمال من جواز إسلام الحنطة في الزيت
____________________
(5/173)
لاختلاف القدر لكون الحنطة مكيلا والزيت موزونا
وبقي ما لو أسلم الحنطة في شعير وزيت أي في مكيل وموزون وقد نص في كافي الحاكم على أنه لا يجوز عندهما ويجوز عند محمد في حصة الزيت
قوله ( متفاضلا ) أي ونسيئة وتركه لفهمه لزوما فإنه كلما حرم الفضل حرم النساء ولا عكس وكلما حل النساء حل الفضل ولا عكس ا هـ
قوله ( خلافا للشافعي ) فإنه جعل العلة الطعم والثمنية فما ليس بمطعوم ولا ثمن فليس بربوي
قوله ( كيلي ) قيد به احترازا عما إذا اصطلح الناس على بيعه جزافا فإن التفاضل فيه جائز ومثله قوله وزني فإنه احتراز عما إذا لم يتعارفوا وزنه أو عن بعض أنواعه كالسيف ا هـ ح أي فإن السيف خرج بالصنعة عن كونه وزنيا فيحل بيعه بجنسه متفاضلا بشرط الحلول كما مر
قوله ( ثم اختلاف الجنس الخ ) الأولى ذكر هذا عند قوله قبله وإن عدما الخ لأنه لا ذكر هنا لاختلاف الجنس إلا أن يقال إن قوله بجنسه يستدعي معرفة ما يختلف به الجنس ليعلم ما يتحد به
قوله ( كما بسطه الكمال ) حيث قال بعدما تقدم فالحنطة والشعير جنسان خلافا لمالك لأنهما مختلفان اسما ومعنى وإفراد كل عن الآخر في قوله الحنطة بالحنطة والشعير بالشعير يدل عليه وإلا قال الطعام بالطعام والثوب الهروي والمروي جنسان لاختلاف الصنعة وقوام الثوب بها وكذا المروي المنسوج ببغداد وخراسان واللبد الأرمني والطالقاني جنسان والتمر كله جنس واحد والحديد والرصاص والشبه أجناس وكذا غزل الصوف والشعر ولحم البقر والضأن والمعز والألية واللحم وشحم البطن أجناس ودهن البنفسج والجيري جنسان والأدهان المختلفة أصولها أجناس ولا يجوز بيع رطل زيت غير مطبوخ برطل مطبوخ مطيب لأن الطيب زيادة ا هـ ملخصا
وسيذكر الشارح أن الاختلاف باختلاف الأصل أو المقصود أو بتبدل الصفة ويأتي بيانه
قوله ( متماثلا ) الشرط تحقق ذلك عند العقد
ففي الفتح لو تبايعا مجازفة ثم كيل بعد ذلك فظهرا متساويين لم يجز خلافا لزفر لأن العلم بالمساواة عند العقد شرط الجواز ا هـ
لكن ذكر في البحر أول كتاب الصرف عن السراج لو تبايعا ذهبا بذهب أو فضة بفضة مجازفة لم يجز فإن علم التساوي في المجلس وتفرقا عن قبض صح ا هـ فيحمل الأول على ما إذا علم التساوي بعد المجلس
تأمل
قوله ( لا متفاضلا ) صرح به وإن علم بالمقابلة بما قبله إشارة إلى أن المراد التماثل في القدر فقط لما قدمه في البيع الفاسد من أنه لا يصح بيع درهم بدرهم استويا وزنا وصفة لكونه غير مفيد تأمل
قوله ( وبلا معيار شرعي ) قال في الفتح لما حصروا المعرف في الكيل والوزن أجازوا ما لا يدخل تحت الكيل مجازفة كتفاحة بتفاحتين وحفنة بحفنتين لعدم وجود المعيار المعرف للمساواة فلم يتحقق الفضل ولهذا كان مضمونا بالقيمة عند الإتلاف لا بالمثل
ثم قال وهذا إذا لم يبلغ كل واحد من البدلين نصف صاع فلو بلغه أحدهما لم يجز حتى لا يجوز بيع نصف صاع فصاعدا بحفنة ا هـ
ثم رجح الحرمة مطلقا ويأتي بيانه
قوله ( لم يقدر المعيار بالذرة ) وقال في البحر لو باع ما لا يدخل تحت الوزن كالذرة من ذهب وفضة بما لا يدخل تحته جاز لعدم التقدير شرعا إذ لا يدخل تحت الوزن ا هـ
وظاهر قوله كالذرة أنها غير قيد ويؤيده قول المصنف وذرة من ذهب الخ فيشمل الذرتين والأكثر مما لا يوزن والظاهر أن الحبة معيار شرعا فلو باع نصف درهم بنصف إلا حبة لم يجز كما سيأتي آخر الصرف فقد اعتبروا الحبة مقدارا شرعيا
وفي الفتح عن الأسرار ما دون الحبة من الذهب والفضة لا قيمة له ا هـ
ومقتضاه أن ما دون الحبة في حكم الذرة فالمراد بالذرة هنا ما لايبلغ حبة فافهم
قوله ( كحفنة ) بفتح المهملة
____________________
(5/174)
وسكون الفاء ملء الكفين كما في الصحاح و المقاييس لكن في المغرب و القاموس و الطلبة و النهاية ملء الكفء قهستاني
قوله ( ما لم يبلغ نصف صاع ) أي فإذا بلغ نصف صاع لم يصح بيعه بحفنة كما ذكرناه آنفا عن الفتح
قوله ( وفلس بفلسين ) هذا عندهما
وقال محمد لا يجوز
ومبنى الخلاف على أن الفلوس الرائجة أثمان والأثمان لا تتعين بالتعيين فصار عنده كبيع درهم بدرهمين
وعندهما لما كانت غير أثمان خلقة بطلت ثمنيتها باصطلاح العاقدين وإذا بطلت تتعين بالتعيين كالعروض
وتمامه في الفتح
قوله ( بأعيانهما ) أي بسبب تعين ذات البدلين ونقديتهما فالباء السببية لا بمعنى مع كما ظن فإنه حال ولم يجز تنكير صاحبها كما تقرر قهستاني
قلت كون الباء للسببية بعيد لأن قوله بأعيانهما شرط لصحة البيع لا سبب وكونها بمعنى مع لا يلزم كونه حالا بل يجوز كونه صفة
تأمل
قوله ( إنه قيد في الكل ) المتبادر من كلام الفتح وغيره أنه قيد لقوله وفلس بفلسين وقد يقال يعلم أنه قيد للكل بالأولى لأنه إذا اشترط التعيين في مسألة الفلوس مع الاختلاف في بقائها أثمانا أو لا ففي غيرها بالأولى إذ لا خلاف في أن غيرها ليس أثمانا بل في حكم العروض فلا بد من تعيينها
تأمل
قوله ( فلو كانا ) أي البدلان وهذا بيان لمحترز قوله بأعيانهما
قوله ( لم يجز اتفاقا ) قال في النهر بعده غير أن عدم الجواز عند انتفاء تعينهما باق وإن تقابضا في المجلس بخلاف ما لو كان أحدهما فقط وقبض الدين فإنه يجوز كذا في المحيط ا هـ
وحاصله أن الصور أربع ما لو كانا معينين وهو مسألة المتن الخلافية وما إذا كانا غير معينين فلا يصح اتفاقا مطلقا وما لو عين أحد البدلين دون الآخر
وفيه صورتان فإن قبض المعين منهما صح وإلا فلا وهذا مخالف لإطلاق المصنف الآتي في قوله باع فلوسا بمثلها ويأتي تمامه
قوله ( وبيضة ببيضتين ) فيه أن هذا مما لم يدخله القدر الشرعي كالسيف والسيفين والإبرة والإبرتين فجواز التفاضل لعدم دخول القدر الشرعي فيهما ويحرم النساء لوجود الجنس ط
والجواب أن قول المصنف وبلا معيار شرعي أعم من أن يكون مما يمكن تقديره بالميعار الشرعي أو لا فالعلة في الكل عدم القدر كما صرح به الزيلعي وأفاده الشارح بعد فافهم
قوله ( وسيف بسيفين الخ ) لأنه بالصنعة خرج عن كونه وزنيا كما قدمناه عن الفتح
قوله ( وإناء بأثقل منه ) أي إذا كان لا يباع وزنا لما في البحر عن الخانية باع إناء من حديد بحديد إن كان الإناء يباع وزنا تعتبر المساواة في الوزن وإلا فلا وكذا لو كان الإناء من نحاس أو صفر باعه بصفر ا هـ
قوله ( فيمتنع التفاضل ) أي وإن كانت لا تباع وزنا لأن صورة الوزن منصوص عليها في النقدين فلا تتغير بالصنعة فلا تخرج عن الوزن بالعادة كما قدمناه عن الفتح
قوله ( مما لا يدخل تحت الوزن ) بيان لقوله وذرة أشار به إلى ما قدمناه من أن الذرة غير قيد
قوله ( بمثليها ) أي بمثلى الذرة وفي بعض النسخ بصيغة المفرد والأولى أولى لموافقته لقوله حفنة بحفنتين الخ
قوله ( فجاز الفضل الخ ) تفريع على جميع ما مر ببيان أن وجه جواز الفضل في هذه المذكورات كونها غير مقدرة شرعا وإن اتحد الجنس ففقدت إحدى العلتين فلذا حل الفضل وحرم النساء ولم يصرح المصنف باشتراط الحلول لعلمه مما سبق
قوله ( حتى لو انتفى ) أي الجنس قوله ( فيحل ) الأولى إسقاط الفاء لأنه جواب لو
قوله ( مطلقا ) أي حالا ونسيئة
____________________
(5/175)
قوله ( وصحح كما نقله الكمال ) مفاده أن الكمال نقل تصحيحه عن غيره مع أنه هو الذي بحث ما يفيد تصحيحه فإنه ذكر ما مر من عدم التقدير شرعا بما دون نصف صاع ثم قال ولا يسكن الخاطر إلى هذا بل يجب بعد التعليل بالقصد إلى صيانة أموال الناس تحريم التفاحة بالتفاحتين والحفنة بالحفنتين أما إن كان مكاييل أصغر منها كما في ديارنا من وضع ربع القدح وثمن القدح المصري فلا شك وكون الشرع لم يقدر بعض المقدرات الشرعية في الواجبات المالية كالكفارات وصدقة الفطر بأقل منه لا يسلتزم إهدار التفاوت المتيقن بل لا يحل بعد تيقن التفاضل مع تيقن تحريم إهداره ولقد أعجب غاية العجب من كلامهم هذا
وروى المعلى عن محمد أنه كره التمرة بالتمرتين وقال كل شيء حرم في الكثير فالقليل منه حرام ا هـ فهذا كما ترى تصحيح لهذه الرواية وقد نقل من بعده كلامه هذا وأقروه عليه كصاحب البحر و النهر و المنح و الشرنبلالية و المقدسي
قوله ( كبر وشعير الخ ) أي كهذه الأربعة والذهب والفضة فالكاف في الموضعين استقصائية كما في الدر المنتقى
قوله ( ولا يتغير أبدا ) أي سواء وافقه العرف أو صار العرف بخلافه
قوله ( ولو مع التساوي ) أي التساوي وزنا في الحنطة وكيلا في الذهب لاحتمال التفاضل بالميعار المنصوص عليه أما لو علم تساويهما في الوزن والكيل معا جاز ويكون المنظور إليه هو المنصوص عليه
مطلب في أن النص أقوى من العرف قوله ( لأن النص الخ ) يعني لا يصح هذا البيع وإن تغير العرف فهذا في الحقيقة تعليل لوجوب اتباع المنصوص
قال في الفتح لأن النص أقوى من العرف لأن العرف جاز أن يكون على باطل كتعارف أهل زماننا في إخراج الشموع والسرج إلى المقابر ليالي العيد والنص بعد ثبوته لا يحتمل أن يكون على باطل ولأن حجية العرف على الذين تعارفوه والتزموه فقط والنص حجة على الكل فهو أقوى ولأن العرف إنما صار حجة بالنص وهو قوله ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ا هـ
قوله ( وما لم ينص عليه ) كغير الأشياء الستة
قوله ( حمل على العرف ) أي على عادات الناس في الأسواق لأنها أي العادة دالة على الجواز فيما وقعت عليه للحديث
فتح
قوله ( وعن الثاني ) أي عن أبي يوسف وأفاد أن هذه رواية خلاف المشهور عنه
قوله ( مطلقا ) أي وإن كان خلاف النص لأن النص على ذلك الكيل في الشيء أو الوزن فيه ما كان في ذلك الوقت إلا لأن العادة إذ ذاك كذلك وقد تبدلت فتبدل الحكم وأجيب بأن تقريره إياهم على ما تعارفوا من ذلك بمنزلة النص منه عليه فلا يتغير بالعرف لأن العرف لا يعارض النص كذا وجه ا هـ فتح
قوله ( ورجحه الكمال ) حيث قال عقب ما ذكرنا ولا يخفى أن هذا لا يلزم أبا يوسف لأن قصاراه أنه كنصه على ذلك وهو يقول يصار إلى العرف الطارىء بعد النص بناء على أن تغير العادة يستلزم تغير النص حتى لو كان حيا نص عليه ا هـ
وتمامه فيه
وحاصله توجيه قول أبي يوسف أن المعتبر العرف الطارىء بأنه لا يخالف النص بل يوافقه لأن النص
____________________
(5/176)
على كيلية الأربعة ووزنية الذهب والفضة مبني على ما كان في زمنه من كون العرف كذلك حتى لو كان العرف إذ ذاك بالعكس لو رد النص موافقا له ولو تغير العرف في حياته لنص على تغير الحكم
وملخصه أن النص معلول بالعرف فيكون المعتبر هو العرف في أي زمن كان ولا يخفى أن هذا فيه تقوية لقول أبي يوسف فافهم
مطلب في استقراض الدراهم عددا قوله ( وخرج عليه سعدي أفندي ) أي في حواشيه على العناية ولا يختص هذا بالاستقراض بل مثله البيع والإجارة إذ لا بد من بيان مقدار الثمن أو الأجرة الغير المشار إليهما ومقدار الوزن لا يعلم بالعد كالعكس
وكذا قال العلامة البركوي في أواخر الطريقة المحمدية إنه لا حيلة فيه إلا التمسك بالرواية الضعيفة عن أبي يوسف
لكن ذكر شارحها سيدي عبد الغني النابلسي ما حاصله أن العمل بالضعيف مع وجود الصحيح لا يجوز ولكن نحن نقول إذا كان الذهب والفضة مضروبين فذكر العد كناية عن الوزن اصطلاحا لأن لهما وزنا مخصوصا ولذا نقش وضبط والنقصان الحاصل بالقطع أمر جزئي لا يبلغ المعيار الشرعي وأيضا فالدرهم المقطوع عرف الناس مقداره فلا يشترط ذكر الوزن إذا كان العد دالا عليه وقد وقع في بعض العبارات ذكر العد بدل الوزن حيث عبر في زكاة درر البحار بعشرين ذهبا وفي الكنز بعشرين دينارا بدل عشرين مثقالا ا هـ ملخصا
وهو كلام وجيه
ولكن هذا ظاهر فيما إذا كان الوزن مضبوطا بأن لا يزيد دينار على دينار ولا درهم على درهم والواقع في زماننا خلافه فإن النوع الواحد من أنواع الذهب والفضة المضروبين قد يختلف في الوزن كالجهادي والعدلي والغازي من ضرب سلطان زماننا أيده الله فإذا استقرض مائة دينار من نوع فلا بد أن يوفي بدلها مائة من نوعها الموافق لها في الوزن أو يوفي بدلها وزنا لا عددا وأما بدون ذلك فهو ربا لأنه مجازفة والظاهر أنه لا يجوز على رواية أبي يوسف أيضا لأن المتبادر مما قدمناه من اعتبار العرف الطارىء على هذه الرواية أنه لو تعورف تقدير المكيل بالوزن أو بالعكس اعتبر أما لو تعورف إلغاء الوزن أصلا كما في زماننا من الاقتصار على العدد بلا نظر إلى الوزن فلا يجوز لا على الروايات المشهورة ولا على هذه الرواية لما يلزم عليه من إبطال نصوص التساوي بالكيل أو الوزن المتفق على العمل بها عند الأئمة المجتهدين
نعم إذا غلب الغش على النقود فلا كلام في جواز استقراضها عددا بدون وزن اتباعا للعرف لخلاف بيعها بالنقود الخالصة فإنه لا يجوز إلا وزنا كا سيأتي في كتاب الصرف إن شاء الله تعالى وتمام الكلام على هذه المسألة مبسوط في رسالتنا ( نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف ) فراجعها
قوله ( وبيع الدقيق الخ ) لا حاجة إلى استخراجه فقد وجد في الغياثية عن أبي يوسف أنه يجوز استقراضه وزنا إذا تعارف الناس ذلك وعليه الفتوى ا هـ ط
وفي التاترخانية وعن أبي يوسف يجوز بيع الدقيق واستقراضه وزنا إذا تعارف الناس ذلك استحسن فيه ا هـ ونقل بعض المحشين عن تلقيح المحبوبي أن بيعه وزنا جائز لأن النص عين الكيل في الحنطة دون الدقيق ا هـ ومقتضاه أنه على قول الكل لأن ما لم يرد فيه نص يعتبر فيه العرف اتفاقا لكن سنذكر عن الفتح أن فيه روايتين وأنه في الخلاصة جزم برواية عدم الجواز
قوله ( يعني بمثله ) المراد من التخريج على هذه الرواية بيع الدقيق وزنا بمثله احترازا عن بيعه وزنا بالدراهم فإنه جائز اتفاقا كما في الذخيرة ونصه
____________________
(5/177)
قال شيخ الإسلام وأجمعوا على أن ما ثبت كيله بالنص إذا بيع وزنا بالدراهم يجوز وكذلك ما ثبت وزنه بالنص
قوله ( وفي الكافي الفتوى على عادة الناس ) ظاهر البحر وغيره أن هذا في السلم ففي المنح عن البحر وأما الإسلام في الحنطة وزنا ففيه روايتان والفتوى على الجواز لأن الشرط كونه معلوما وفي الكافي الفتوى على عادة الناس ا هـ
قال في النهر وقول الكافي الفتوى على عادة الناس يقضي أنهم لو اعتادوا أن يسلموا فيها كيلا وأسلم وزنا لا يجوز ولا ينبغي ذلك بل إذا اتفقا على معرفة كيل أو وزن ينبغي أن يجوز لوجود المصحح وانتفاء المانع كذا في الفتح ا هـ
والحاصل أن عدم جواز الوزن في الأشباء الأربعة المنصوص على أنها مكيلة إنما هو فيما إذا بيعت بمثلها بخلاف بيعها بالدراهم كما إذا أسلم دراهم في حنطة فإنه يجوز تقديرها بالكيل أو الوزن وظاهر الكافي وجوب اتباع العادة في ذلك وما بحثه في الفتح ظاهر ويؤيده ما قدمناه آنفا عن الذخيرة
قوله ( بحر وأقره المصنف ) الظاهر أن مراده بهذا تقوية كلام الكافي وأنه لم يرض بما ذكره في النهر عن الفتح لكن علمت ما يؤيده
قوله ( والمعتبر تعيين الربوي في غير الصرف ) لأن غير الصرف يتعين بالتعيين ويتمكن من التصرف فيه فلا يشترط قبضه كالثياب أي إذا بيع ثوب بثوب بخلاف الصرف لأن القبض شرط فيه للتعيين فإنه لا يتعين بدون القبض كذا في الاختيار
وحاصله أن الصرف وهو ما وقع على جنس الأثمان ذهبا وفضة بجنسه أو بخلاف لا يحصل فيه التعيين إلا بالقبض فإن الأثمان لا تتعين مملوكة إلا به ولذا كان لكل من العاقدين تبديلها أما غير الصرف فإنه يتعين بمجرد التعيين قبل القبض
قوله ( ومصوغ ذهب وفضة ) عطف خاص على عام فإن المصوغ من الصرف كما سيصرح به الشارح في بابه وكأنه خصه بالذكر لدفع ما يتوهم من خروجه عن حكم الصرف بسبب الصنعة
قوله ( حتى لو باع الخ ) قال في البحر بيانه كما ذكره الإسبيجابي بقوله وإذا تبايعا كيليا بكيلي أو وزنيا بوزني كلاهما من جنس واحد أو من جنسين مختلفين فإن البيع لا يجوز حتى يكون كلاهما عينا أضيف إليه العقد وهو حاضر أو غائب بعد أن يكون موجودا في ملكه والتقابض قبل الافتراق بالأبدان ليس بشرط لجوازه إلا في الذهب والفضة لو كان أحدهما عينا أضيف إليه العقد والآخر دينا موصوفا في الذمة فإنه ينظر إن جعل الدين منهما ثمنا والعين مبيعا جاز البيع بشرط أن يتعين الدين منهما قبل التفرق بالأبدان وإن جعل الدين منهما مبيعا لا يجوز وإن أحضره في المجلس والذي ذكر فيه الباء ثمن وما لم يدخل فيه الباء مبيع
وبيانه إذا قال بعتك هذه الحنطة على أنها قفيز بقفيز حنطة جيدة أو قال بعت منك هذه الحنطة على أنها قفيز بقفيز من شعير جيد فالبيع جائز لأنه جعل العين منهما مبيعا والدين الموصوف ثمنا ولكن قبض الدين منهما قبل التفرق بالأبدان شرط لأن من شرط جواز هذا البيع أن يجعل الافتراق عن عين بعين وما كان دينا لا يتعين إلا بالقبض ولو قبض الدين منهما ثم تفرقا جاز البيع قبض العين منهما أو لم يقبض ولو قال اشتريت منك فقيز حنطة جيدة بهذا القفيز من الحنطة أو قال اشتريت منك قفيزي شعير جيد بهذا القفيز من الحنطة فإنه لا يجوز وإن أحضر الدين في المجلس لأنه جعل الدين مبيعا فصار بائعا ما ليس عنده وهو لا يجوز ا هـ ح
قوله ( خلافا للشافعي في بيع الطعام ) أي كل مطعوم حنطة أو شعير أو لحم أو فاكهة فإنه يشترط فيه التقابض
____________________
(5/178)
وتمامه في الفتح
قوله ( وجيد مال الربا ورديئه سواء ) أي فلا يجوز بيع الجيد بالرديء مما فيه الربا إلا مثلا بمثل لإهدار التفاوت في الوصف هداية
قوله ( لا حقوق العباد ) عطف على مال الربا
قال في المنح قيد بمال الربا لأن الجودة معتبرة في حقوق العباد فإذا أتلف جيدا لزمه مثله قدرا وجودة إن كان مثليا وقيمته إن كان قيميا ولكن لا تستحق أي الجودة بإطلاق عقد البيع حتى لو اشترى حنطة أو شيئا فوجده رديئا بلا عيب لا يرده كما في البحر معزيا إلى صرف المحيط ا هـ ح أي لأن العيب هو العارض على أصل الخلقة والجودة أو الرداءة في الشيء أصل في خلقته بخلاف العيب العارض كالسوس في الحنطة أو عفنها فله الرد به لا بالرداءة إلا باشتراط الجودة كما قدمنا بيانه في خيار العيب
تنبيه أراد بحقوق العباد ما ليس من الأموال الربوية أي ما لا يجمعها قدر وجنس ولا يتقيد ذلك بالإتلاف ولذا قال البيري قيد بالأموال الربوية لأن الجودة في غيرها لها قيمة عند المقابلة بجنسها كمن اشترى ثوبا جيدا بثوب رديء وزيادة درهم بإزاء الجودة كان ذلك جائزا كما في الذخيرة ا هـ
قوله ( إلا في أربع الخ ) فيه أن هذه الأربعة من حقوق العباد أيضا وإن كان المراد من حقوق العباد خصوص الضمان عند التعدي فالمناسب أن يذكره مع الأربع ويقول إلا في خمس ثم إن الأولى ذكرها في البحر بحثا فإنه قال وتعتبر أي الجودة في الأموال الربوية في مال اليتيم فلا يجوز للوصي بيع قفيز حنطة جيدة بقفيز رديء وينبغي أن تعتبر في مال الوقف لأنه كاليتيم ثم قال وفي حق المريض حتى تنفذ من الثلث وفي الرهن القلب إذا انكسر عند المرتهن ونقصت قيمته فإن المرتهن يضمن قيمته ذهبا ويكون رهنا عنده ا هـ
قلت والقلب بضم القاف وسكون اللام ما يلبس في الذراع من فضة جمعه قلبة كقرط وقرطة وهي الحلق في الأذن فإن كان من ذهب فهو السوار كما في البيري عن شرح التلخيص للخلاطي وقوله فإن المرتهن يضمن قيمته ذهبا أفاد به أن ضمان القيمة إنما يكون من خلاف جنسه إذ لو ضمن قيمته فضة وهي أكثر من وزنه بسبب الصياغة يلزم الربا ولو ضمن مثل وزنه يلزم إبطال حق المالك ففي تضمينه القيمة من خلاف الجنس إعمال لحق الشرع وحق العبد وليس هذا خاصا بقلب الرهن بل مثله كل مثلي تعيب بغصب أو نحوه فإنه يضمن بقيمته من خلاف جنسه كما قدمناه في باب خيار الشرط فيما لو كان الخيار للمشتري وهلك في يده ولا يلزم قبض القيمة قبل التفرق لأنه صرف حكما لا حقيقة كما سنذكره في الصرف
وبما قررناه علم أن استثناء هذه المسائل من إهدار الجودة بإثبات اعتبارها إنما هو لمراعاة حق العبد لكن على وجه لا يؤدي إلى إبطال حق الشرع فما قيل إنه يفهم من استثنائها أنه يجوز للوصي بيع قفيز جيد بقفيزين رديئين نظرا للجودة المعتبرة في مال اليتيم ونحوه من بقية المسائل وهو خطأ للزوم الربا غير وارد لأن المراد أنه لا يجوز إهدار الجودة في مال اليتيم ونحوه حتى لا يجوز للوصي بيع قفيزه الجيد بقفيز رديء ولا يلزم من اعتبار أحد الحقين إهدار الحق الآخر فاغتنم تحقيق هذا المحل
قوله ( فإن نقد أحدهما جاز الخ ) نقل المسألة في البحر عن المحيط لكنه وقع فيه تحريف حيث قال وإن تفرقا بلا قبض أحدهما جاز وصوابه لم يجز كما عبر الشارح ونبه عليه الرملي ثم إنه نقل في البحر قبله عن الذخيرة
____________________
(5/179)
في مسألة بيع فلس بفلسين بأعيانهما أن محمدا ذكرها في صرف الأصل ولم يشترط التقابض وذكر في الجامع الصغير ما يدل على أنه شرط فمنهم من لم يصحح الثاني لأن التقابض مع التعيين شرط في الصرف وليس به ومنهم من صححه لأن الفلوس لها حكم العروض من وجه وحكم الثمن من وجه فجاز التفاضل للأول واشترط التقابض للثاني ا هـ
وأنت خبير بأن لفظ التقابض يفيد اشتراطه من الجانبين فقوله فإن نقد أحدهما جاز قول ثالث لكن يتعين حمل ما في الأصل على هذا فلا يكون قولا آخر لأن ما في الأصل لا يمكن حمله على أنه لا يشترط التقابض ولو من أحد الجانبين لأنه يكون افتراقا عن دين بدين وهو غير صحيح فيتعين حمله على أنه لا يشترط منهما جميعا بل من أحدهما فقط
فصار الحاصل أن ما في الأصل يفيد اشتراطه من أحد الجانبين وما في الجامع اشتراطه منهما ثم إن الذي مر اشتراط التعيين في البدلين أو أحدهما مع القبض في المجلس فلو غير معينين لم يصح وإن قبضا في المجلس فقوله لما مر فيه نظر
تنبيه سئل الحانوتي عن بيع الذهب بالفلوس نسيئة فأجاب بأنه يجوز إذا قبض أحد البدلين لما في البزازية لو اشترى مائة فلس بدرهم يكفي التقابض من أحد الجانبين
قال ومثله ما لو باع فضة أو ذهبا بفلوس كما في البحر عن المحيط
قال فلا يغتر بما في فتاوى قارىء الهداية من أنه لا يجوز بيع الفلوس إلى أجل بذهب أو فضة لقولهم لا يجوز إسلام موزون في موزون إلا إذا كان المسلم فيه مبيعا كزعفران والفلوس غير مبيعة بل صارت أثمانا ا هـ
قلت والجواب حمل ما في فتاوى قارىء الهداية على ما دل عليه كلام الجامع من اشتراط التقابض من الجانبين فلا يعترض عليه بما في البزازية المحمول على ما في الأصل وهذا أحسن مما أجاب به في صرف النهر من أن مراده بالبيع السلم والفلوس لها شبه بالثمن ولا يصح السلم في الأثمان ومن حيث إنها عروض في الأصل اكتفى بالقبض من أحد الجانبين
تأمل
قوله ( فيجوز كيفما كان ) أي سواء كان اللحم من جنس ذلك الحيوان أو لا مساويا لما في الحيوان أو لا نهر
قوله ( أما نسيئة فلا ) لأنها إن كانت في الحيوان أو في اللحم كان سلما وهو في كل منهما غير صحيح نهر
قوله ( وشرط محمد زيادة المجانس ) قال في النهر وقال محمد إن كان يغير جنسه كلحم البقر بالشاة الحية جاز كيفما كان وإن كان بجنسه كلحم شاة بشاة حية فلا بد أن يكون اللحم المفرز أكثر من الذي في الشاة لتكون الشاة بمقابلة مثله من اللحم وباقي اللحم بمقابلة السقط
قوله ( ولو باع مذبوحة بحية ) قال في النهر أما على قولهما فظاهر وأما على قول محمد فلأنه لحم بلحم وزيادة اللحم في إحداهما مع سقطها بإزاء السقط ا هـ
والظاهر أنه يقال ذلك في المذبوحة بالمذبوحة ط
قوله ( وكذا المسلوختين ) أي وكذا بيع المسلوختين ففيه خلاف المضاف وإبقاء المضاف إليه على إعرابه
قوله ( عن السقط ) بفتحتين قال في الفتح المراد به ما لا يطلق عليه اسم اللحم كالكرش والمعلاق والجلد والأكارع ا هـ
قوله ( كرباس ) بكسر الكاف ثوب من القطن الأبيض قاموس
قوله ( كيفما كان ) متساويا أو متفاضلا ا هـ ح
قوله ( لاختلافهما جنسا ) لأنه وإن اتحد الأصل فقد اختلفت الصفة كالحنطة والخبز وذلك اختلاف جنس كما سيأتي وعلله في الاختيار باختلاف المقصود والميعار
قوله ( في قول محمد ) وقال أبو يوسف لا يجوز إلا متساويا
بحر وأفاد أن بيع الكرباس بالقطن لا خلاف فيه وبه صرح في الاختيار
____________________
(5/180)
قلت لأن القطن يصير غزلا ثم يصير كرباسا فالغزل أقرب إلى القطن من الكرباس فلذا ادعى أبو يوسف المجانسة بين الغزل والقطن لا بين الكرباس والقطن
قوله ( وهو الأصح ) والفتوى عليه كما في الاختيار وفي البحر أنه الأظهر
قوله ( وفي القنية ) أي عن أبي يوسف قوله ( لأنهما ليسا بموزونين ) أي بل أحدهما موزون فقط وهو الغزل فلم يجمعهما القدر فجاز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا
وقوله ولا جنسين أي بل هما جنس واحد لأنهما من أجزاء القطن فلذا قيد بقوله يدا بيد فيحرم النساء لاتحاد الجنس ويظهر لي أن ما في القنية محمول على ثياب يمكن نقضها لكن لا تباع وزنا كما قيده آخرا فيظهر اتحاد الجنس نظرا لما بعد النقض وحينئذ فلا يخالف قول الشارح في بيع الكرباس بالقطن لاختلافهما جنسا لأن الكرباس بالنقض يعود غزلا لا قطنا فاختلاف الجنس بعد النقض في صورة بيع الكرباس بالقطن موجود لأن القطن مع الغزل جنسان على ما هو الأصح بخلافه في صورة بيعه بالغزل ويدل على هذا الحمل قوله في التاترخانية عن الغياثية ويجوز بيع الثوب بالغزل كيفما كان إلا ثوبا يوزن وينقض ا هـ فافهم
قوله ( خلافا للعيني ) حيث قال وزنا وكأنه سبق قلم ح
قوله ( في الحال ) متعلق بقوله متماثلا
قوله ( لا المآل ) بمد الهمزة أي لا يعتبر التماثل بعد الجفاف
قوله ( خلافا لهما ) راجع لقوله أو بتمر وبقولهما قالت الأئمة الثلاثة أما بيع الرطب بالرطب فهو جائز بالإجماع كما في النهر وغيره
قوله ( لم يجز اتفاقا ) لأن المجازفة والوزن لا يعلم بهما المساواة كيلا لأن أحدهما قد يكون أثقل من الآخر وزنا وهو أنقص كيلا
أفاده ط
قوله ( أو بزبيب ) فيه الاختلاف السابق وقيل لا يجوز اتفاقا
بحر
وحكي في الفتح فيه قولين آخرين الجواز اتفاقا والجواز عندهما بالاعتبار كالزيت بالزيتون
قوله ( كذلك ) أي في الحال لا المآل ا هـ ح
وهذا بالنظر إلى عبارة الشرح أما على عبارة المتن فالإشارة إلى قوله متماثلا فافهم
قوله ( كتين ورمان ) وكمشمش وجوز وكمثرى وإجاص
فتح
قوله ( يباع رطبها برطبها الخ ) بفتح الراء وسكون الطاء خلاف اليابس وهذا تصريح بوجه الشبه المفاد من قوله وكذا وهذا على الخلاف المار بين الإمام وصاحبيه
قوله ( بمثله ) أي رطبا برطب أو مبلولا بمبلول وقوله وباليابس أي رطبا بيابس أو مبلولا بيابس فالصور أربع كما في العناية
قوله ( منقوع ) الذي في الهداية و الدرر وغيرهما منقع وفي العزمية عن المغرب المنقع بالفتح لا غير من أنقع الزبيب في الخابية إذا ألقاه يبتل وتخرج منه الحلاوة ا هـ
قوله ( خلافا لمحمد ) راجع لما ذكر في قوله كبيع بر إلى هنا كما في الفتح وذكر أيضا أن الأصل أن محمدا اعتبر المماثلة في أعدل الأحوال وهو المآل عند الجفاف وهما اعتبراها في الحال إلا أن أبا يوسف ترك هذا الأصل في بيع الرطب بالتمر لحديث النهي عنه ولا يلحق به إلا ما في معناه قال الحلواني الرواية محفوظة عن محمد أن بيع الحنطة المبلولة باليابسة إنما لا يجوز إذا انتفخت أما إذا بلت من ساعتها يجوز بيعها باليابسة إذا تساويا كيلا
قولا ( وفي العناية الخ ) بيان لضابط فيما يجوز بيعه من المتجانسين المتفاوتين وما لا يجوز
وأورد على الأصل للأول جواز بيع البر المبلول بمثله وباليابس مع أن التفاوت بينهما
____________________
(5/181)
بصنع العبد
قال في الفتح وأجيب بأن الحنطة في أصل الخلقة رطبة الخلقة رطبة وهي مال الربا إذ ذاك والبل بالماء يعيدها إلى ما هو أصل الخلقة فيها فلم يعتبر بخلاف القلي
قوله ( فهو ساقط الاعتبار ) فيجوز البيع بشرط التساوي
قوله ( كما سيجيء ) أي قريبا في قوله لا بيع البر بدقيق الخ
قوله ( لحوم مختلفة ) أي مختلفة الجنس كلحم الإبل والبقر والغنم بخلاف البقر والجاموس والمعز والضأن
قوله ( يدا بيد ) فلا يحل النساء لوجود القدر
قوله ( ولبن بقر وغنم ) الأولى تقديمه على قوله بعضها ببعض وفي نسخة ولبن بقر بغنم أي بلبن غنم وهذه النسخة أولى
قوله ( باعتبار العادة ) أي باتخاذ الحل منه
قوله ( وشحم بطن بالية أو لحم ) لأنها وإن كانت كلها من الضأن إلا أنها أجناس مختلفة لاختلاف الأسماء والمقاصد
نهر قال ط فقوله بعد لاختلاف أجناسها يرجع إلى هذا أيضا
قوله ( بالفتح ) أي فتح الهمزة وسكون اللام وتخفيف الباء المثناة التحتية
قوله ( ببر أو دقيق ) لأن الخبز بالصنعة صار جنسا آخر حتى خرج من أن يكون مكيلا والبر والدقيق مكيلان فلم يجمعهما القدر ولا الجنس حتى جاز بيع أحدهما بالآخر نسيئة
بحر نسيئة
بحر ويأتي تمامه قريبا
قوله ( ولو منه ) أي ولو كان الدقيق من البر
قوله ( وزيت مطبوخ بغير المطبوخ الخ ) كذا في البحر
وقال في الفتح وأعلم أن المجانسة تكون باعتبار ما في الضمن فتمنع النسيئة كما في المجانسة العينية وذلك كالزيت مع الزيتون والشيرج مع السمسم وتنتفي باعتبار ما أضيفت إليه فيختلف الجنس مع اتحاد الأصل حتى يجوز التفاضل بينهما كدهن البنفسج مع دهن الورد أصلهما واحد وهو الزيت أو الشيرج فصارا جنسين باختلاف ما أضيفا إليه من الورد أو البنفسخ نظرا إلى اختلاف المقصود والغرض وعلى هذا قالوا لو ضم إلى الأصل ما طيبه دون الآخر جاز متفاضلا حتى أجازوا بيع قفيز سمسم مطيب بقفيزين من غير المربى وكذا رطل زيت مطيب برطلين من زيت لم يطيب فجعلوا الرائحة التي فيها بإزاء الزيادة على الرطل ا هـ ملخصا
وتمامه فيه فراجعه وعلى هذا فقول الشارح وزيت مطبوخ إن أراد به المغلي لا يصح لأنه لا يظهر فيه اختلاف الجنس أو المطبوخ بغيره فلا يسمى زيتا فتعين أن المراد به المطيب وأن صحة بيعه متفاضلا مشروطة بما إذا كانت الزيادة في غير المطيب وأن صحة بيعه متفاضلا مشروطة بما إذا كانت الزيادة في غير المطيب لتكون الزيادة فيه بإزاء الرائحة التي في المطيب
قوله ( أو وزنا ) المناسب إسقاطه لأنه يغني عنه قوله بعده كيف كان ولأن قول المصنف متفاضلا قيد لجميع ما مر ولذا قال الشارح لاختلاف أجناسها فافهم نعم وقع في النهر لفظ أو وزنا في محله حيث قال وصح أيضا بيع الخبز بالبر وبالدقيق متفاضلا في أصح الروايتين عن الإمام قيل هو ظاهر مذهب علمائنا الثلاثة وعليه الفتوى عددا أو وزنا كيفما اصطلحوا عليه لأنه بالصنعة صار جنسا آخر والبر والدقيق مكيلان فانتفت العلتان ا هـ
قوله ( فلو اتحد ) كلحم البقر والجاموس والمعز والضأن وكذا ألبانها نهر
قوله ( إلا في لحم الطير ) فيجوز بيع الجنس الواحد منه كالسمان والعصافير متفاضلا
فتح
وفي القهستاني ولا بأس بلحوم الطير واحدا باثنين يدا بيد كما في الظهيرية
قوله ( حتى لو وزن ) أي واتحد جنسه لم يجز أي متفاضلا
____________________
(5/182)
قوله ( أن الاختلاف ) أي اختلاف الجنس
قوله ( باختلاف الأصل ) كخل الدقل مع خل العنب ولحم البقر مع لحم الضأن
قوله ( أو المقصود ) كشعر المعز وصوف الغنم فإن ما يقصد بالشعر من الآلات غير ما يقصد بالصوف بخلاف لحمهما ولبنهما فإنه جعل جنسا واحدا كما مر لعدم الاختلاف أفاده في الفتح
قوله ( أو بتبدل الصفة ) كالخبز مع الحنطة والزيت المطيب بغير المطيب و عبارة الفتح وزيادة الصنعة بالنون والعين
قوله ( وجاز الأخير ) وهو بيع خبز ببر أو دقيق
قوله ( ولو الخبز نسيئة ) عبارة الدرر وبالنساء في الأخير فقط والشارح أخذ ذلك من قوله به يفتى لأنه إذا كان المتأخر هو البر جاز اتفاقا لأنه أسلم وزنيا في كيلي والخلاف فيما إذا كان الخبز هو النسيئة فمعناه وأجازه أبو يوسف ط
قوله ( والأحوط المنع الخ ) قال في الفتح لكن يجب أن يحتاط وقت القبض بقبض الجنس المسمى حتى لا يصير استبدالا بالسلم فيه قبل قبضه إذا قبض دون المسمى صفة وإذا كان كذلك فالاحتياط في منعه لأنه قل أن يأخذ من النوع المسمى خصوصا فيمن يقبض في أيام كل يوم كذا وكذا رغيفا
قوله ( الأحسن الخ ) أي في بيع الخبز بالبر نسيئة ووجه كونه أحسن كون الخبز فيه ثمنا لا مبيعا فلا يلزم فيه شروط السلم
تأمل
وأصل المسألة في الذخيرة حيث قال في السلم وإذا دفع الحنطة إلى خباز جملة وأخذ الخبز مفرقا ينبغي أن يبيع صاحب الحنطة خاتما أو سكينا من الخباز بألف من الخبز مثلا ويجعل الخبز ثمنا ويصفه بصفة معلومة حتى يصير دينا في ذمة الخباز ويسلم الخاتم إليه ثم يبيع الخباز الخاتم من صاحب الحنطة بالحنطة مقدار ما يريد الدفع ويدفع الحنطة فيبقى له على الخباز الخبز الذي هو بمن هكذا قيل وهو مشكل عندي قالوا إذا دفع دراهم إلى خباز فأخذ منه كل يوم شيئا من الخبز فكلما أخذ يقول هو على ما قاطعتك عليه ا هـ ما في الذخيرة
قلت ولعل وجه الإشكال أن اشتراطهم أن يقول المشتري كلما أخذ شيئا هو على ما قاطعتك عليه ليكون بيعا مستأنفا على شيء متعين وهذا يقتضي أن الخبز لا يصح أن يكون دينا في الذمة وإلا لم يحتج إلى أن يقول المشتري ذلك ورأيت معزيا إلى خط المقدسي ما نصه
أقول يمكن دفعه بأن الخبز هنا ثمن بخلاف التي قست عليها فتأمل ا هـ
أقول بيانه أن المبيع هو المقصود من البيع ولذا لم يجز بيع المعدوم إلا بشروط السلم بخلاف الثمن فإنه وصف يثبت في الذمة ولذا صح البيع مع عدم وجود الثمن لأن الموجود في الذمة وصف يطابقه الثمن لا عين الثمن كما حققه في الفتح من المسلم على أن المقيس عليها لا يلزم فيها قول المشتري ذلك لأنه لو أخذ شيئا وسكت ينعقد بيعا بالتعاطي نعم لو قال حين دفع الدراهم اشتريت منك كذا من الخبز وصار يأخذ كل يوم من الخبز يكون فاسدا والأكل مكروه لأنه اشترى خبزا غير مشار إليه فكان المبيع مجهولا كما قدمناه عن الولوالجية أول البيوع في مسألة بيع الاستجرار
قوله ( وكذا عددا وعليه الفتوى ) هذا موجود في عبارة القهستاني عن المضمرات بهذا اللفظ فمن نفى وجوده فيها فكأنه سقط من نسخته ولعل وجه الإفتاء به مبني على الإفتاء بقول محمد الآتي
____________________
(5/183)
في استقراضه عددا
قوله ( وسجييء ) أي قريبا متنا
قوله ( بدقيق أو سويق ) أي دقيق البر أو سويقه بخلاف دقيق الشعير أو سويقه فإنه يجوز لاختلاف الجنس
أفاده في الفتح
قوله ( هو المجروش ) أي الخشن وفي القهستاني وغيره السويق دقيق البر المقلي ولعله يجرش فلا ينافي ما قبله
قوله ( ولا بيع بسويق ) أي كلاهما من الحنطة أو الشعير كما في الفتح فلو اختلف الجنس جاز
قوله ( ولو متساويا ) تفسير للإطلاق
قوله ( لعدم المسوي ) قال في الاختيار والأصل فيه أن شبهة الربا وشبهة الجنسية ملتحقة بالحقيقة في باب الربا احتياطا للحرمة وهذه الأشياء جنس واحد نظرا إلى الأصل والمخلص أي عن الربا هو التساوي في الكيل وأنه متعذر لانكباس الدقيق في المكيال أكثر من غيره وإذا عدم المخلص حرم البيع
قوله ( خلافا لهما ) هذا الخلاف في بيع الدقيق بالسويق كما هو صريح الزيلعي فأجازاه لأنهما جنسان مختلفان لاختلاف الاسم والمقصود ولا يجوز نسيئة لأن القدر يجمعهما ط
وكذا اقتصر على ذكر الخلاف في هذه المسألة في الهداية وغيرها وفي شرح درر البحار ومنع اتفاقا أن يباع البر بأجزائه كدقيق وسيوق ونخالة والدقيق بالسويق ممنوع عنده مطلقا وجوازه مطلقا
قوله ( متساويا كيلا ) نصب متساويا على الحال وكيلا على التمييز وهو تمييز نسبة مثل تصبب عرقا والأصل متساويا كيله
فتح
قوله ( إذا كانا مكبوسين ) لم يذكره في الهداية وغيرها بل عزاه في الذخيرة إلى ابن الفضل
قال في الفتح وهو حسن
ثم قال وفي بيعه وزنا روايتان ولم يذكر في الخلاصة إلا رواية المنع
وفيها أيضا سواء كان أحد الدقيقين أخشن أو أدق وكذا بيع النخالة بالنخالة وبيع الدقيق المنخول بغير المنخول لا يجوز إلا مماثلا وبيع النخالة بالدقيق يجوز بطريق الاعتبار عند أبي يوسف بأن تكون النخالة الخالصة أكثر من التي في الدقيق
قوله ( وحنطة مقلية بمقلية ) المقلي الذي يقلى على النار وهو المحمص عرفا
قال في الفتح واختلفوا فيه قيل يجوز إذا تساويا كيلا وقيل لا وعليه عول في المبسوط ووجهه أن النار قد تأخذ في أحدهما أكثر من الآخر والأول أولى ا هـ
قوله ( ففاسد ) أي اتفاقا
فتح
قوله ( والسمسم ) بكسر السينين وحكي فتحهما
قوله ( الشيرج ) بوزن جعفر
قوله ( حتى يكون الزيت الخ ) أي بطريق العلم فلو جهل أو علم أنه أقل أو مساو لا يجوز فالاحتمالات أربع والجواز في أحدها
فتح
وكتب بعضهم هنا أنه يؤخذ من نظائره في باب الصرف اشتراط القبض لكل من البيع والثمن في المجلس بعد هذا الاعتبار خصوصا من تعليل الزيلعي بقوله لاتحاد الجنس بينهما معنى باعتبار ما في ضمنهما وإن اختلفا صورة فثبتت بذلك شبهة المجانسة والربا يثبت بالشبهة ا هـ
قلت وفيه غفلة عما تقدم متنا من أن التقابض معتبر في الصرف أما غيره من الربويات فالمعتبر فيه التعيين وتعليل الزيلعي بالجنسية لوجوب الاعتبار وحرمة التفاضل بدونه فتدبر
قوله ( بالثقل ) بضم الثاء المثلثة ما استقر تحت الشيء من كدره
قاموس وغيره
قوله ( كجوز بدهنه الخ ) قال في الفتح وأظن أن لا قيمة لثفل الجوز إلا أن يكون بيع بقشره فيوقد وكذا العنب لا قيمة لثفله فلا تشترط زيادة العصير على ما يخرج ا هـ
قوله ( فسد بالزيادة ) ولا بد من المساواة لأن التراب لا قيمة له فلا يجعل بإزائه شيء
منح ط
____________________
(5/184)
تنبيه مثل ما ذكر في الوجوه الأربعة بيع شاة ذات لبن أو صوف بلبن أو صوف والرطب بالدبس والقطن بحبه والتمر بنواه
وتمامه في القهستاني
قوله ( عند محمد ) وقال أبو حنيفة لا يجوز وزنا ولا عددا
وقال أبو يوسف يجوز وزنا لا عددا وبه جزم في الكنز وفي الزيلعي أن الفتوى عليه
قوله ( وعليه الفتوى ) وهو المختار لتعامل الناس وحاجاتهم إليه
ط عن الاختيار
وما عزاه الشارح إلى ابن ملك ذكره في التاترخانية أيضا كما قدمناه في فصل القرض
قوله ( واستحسنه الكمال ) حيث قال ومحمد يقول قد أهدر الجبران تفاوته وبينهم يكون اقتراضه غالبا والقياس يترك بالتعامل وجعل المتأخرون الفتوى على قول أبي يوسف وأنا أرى أن قول محمد أحسن
قوله ( وبعكسه لا ) أي وإذا كان الرغيفان نقدا والرغيف نسيئة لا يجوز
بحر و نهر عن المجتبى
وهكذا رأيته في المجتبى فافهم
وانظر ما وجه المسألتين
وقال ط في توجيه الأولى لأنه عددي متفاوت فيجعل الرغيف بمقابلة أحد الرغيفين
والأجل يجعل رغيفا حكما بمقابلة الرغيف الثاني مجتبى ا هـ
ولم أره في المجتبى
ويرد عليه أنه متى وجد الجنس حرم النساء كما مر في بيع تمرة بتمرتين وأيضا التعليل بأنه عددي متفاوت يقتضي عدم الجواز ولذا لما أجاز محمد استقراضه علله بإهدار التفاوت فكيف يجعل التفاوت علة الجواز وعلله شيخنا بأن تأجيل الثمن جائز دون البيع وفيه أن هذا لا يظهر في الكسيرات
والحاصل أنه مشكل ولذا قال السائحاني إن هذا الفرع خارج عن القواعد لأن الجنس بانفراده محرم النساء فلا يعمل به حتى ينص على تصحيحه كيف وهو من صاحب المجتبى
قوله ( كيف كان ) أي نقدا ونسيئة
مجتبى
قوله ( ولا ربا بين السيد وعبده ) لأنه وما في يده لمولاه فلا يتحقق الربا لعدم تحقق البيع
فتح
قوله ( ولو مدبرا ) دخل أم الولد كما في الفتح
قوله ( لا مكاتبا ) لأنه صار كالحر يدا وتصرفا في كسبه
نهر
قوله ( إذا لم يكون دينه مستغرقا ) وكذا إذا لم يكن عليه دين أصلا بالأولى فافهم
قوله ( يتحقق الربا اتفاقا ) أما عند الإمام فلعدم ملكه لما في يد عبده المأذون المديون وأما عندهما فلأنه إن لم يزل ملكه عما في يده لكن تعلق بما في يده حق الغرماء فصار المولى كالأجنبي فيتحقق الربا بينهما كما يتحقق بينه وبين مكاتبه
فتح
قوله ( التحقيق الإطلاق ) أي عن الشرط المذكور كما فعل في الكنز تبعا للمبسوط وقد تبع المصنف الهداية قوله ( لا للربا بل لتعلق حق الغرماء ) لأنه أخذه بغير عوض
ولو أعطاه العبد درهما بدرهمين لا يجب عليه الرد أي على المولى كما في صرف المحيط
نهر
قوله ( إذا تبايعا من مال الشركة ) الظاهر أن المراد إذا كان كل من البدلين من مال الشركة أما لو اشترى أحدهما درهمين من مال الشركة بدرهم من ماله مثلا فقد حصل للمشتري زيادة وهي حصة شريكه من الدرهم
____________________
(5/185)
الزائد بلا عوض وهو عين الربا
تأمل
قوله ( ولا بين حربي ومسلم مستأمن ) احترز بالحربي عن المسلم الأصلي والذمي وكذا عن المسلم الحربي إذا هاجر إلينا ثم عاد إليهم فإنه ليس للمسلم أن يراني معه اتفاقا كما يذكره الشارح ووقع في البحر هنا غلط حيث قال وفي المجتبى مستأمن منا باشر مع رجل مسلما كان أو ذميا في دراهم أو من أسلم هناك شيئا من العقود التي لا تجوز فيما بيننا كالربويات وبيع الميتة جاز عندهما خلافا لأبي يوسف ا هـ فإن مدلوله جواز الربا بين مسلم أصلي مع مثله أو مع ذمي هنا وهو غير صحيح لما علمته من مسألة المسلم الحربي والذي رأيته في المجتبى هكذا مستأمن من أهل دارنا مسلما كان أو ذميا في دارهم أو من أسلم هناك باشر معهم من العقود التي لا تجوز الخ
وهي عبارة صحيحة فما في البحر تحريف فتنبه
قوله ( ومسلم مستأمن ) مثله الأسير لكن له أخذ مالهم ولو بلا رضاهم كما مر في الجهاد
قوله ( ولو بعقد فاسد ) أي ولو كان الربا بسبب عقد فاسد من غير الأموال الربوية كبيع بشرط كما حققناه فيما مر وأعم منه عبارة المجتبى المذكورة وكذا قول الزيلعي وكذا إذا تبايعا فيها بيعا فاسدا
قوله ( ثمة ) أي في دار الحرب قيد به لأنه لو دخل دارنا بأمان فباع منه مسلم درهما بدرهمين لا يجوز اتفاقا
ط عن مسكين
قوله ( لأن ماله ثمة مباح ) قال في فتح القدير لا يخفى أن هذا التعليل إنما يقتضي حل مباشرة العقد إذا كانت الزيادة ينالها المسلم والربا أعم من ذلك إذ يشمل ما إذا كان الدرهمان أي في بيع درهم بدرهمين من جهة المسلم ومن جهة الكافر
وجواب المسألة بالحل عام في الوجهين وكذا القمار قد يفضي إلى أن يكون مال الخطر للكافر بأن يكون الغلب له فالظاهر أن الإباحة بقيد نيل المسلم الزيادة وقد ألزم الأصحاب في الدرس أن مرادهم من حل الربا والقمار ما إذا حصلت الزيادة للمسلم نظرا إلى العلة وإن كان إطلاق الجواب خلافه والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ا هـ
قلت ويدل على ذلك ما في السير الكبير وشرحه حيث قال وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فلا بأس بأن يأخذ منهم أموالهم بطيب أنفسهم بأي وجه كان لأنه إنما أخذ المباح على وجه عري عن الغدر فيكون ذلك طيبا له والأسير والمستأمن سواء حتى لو باعهم درهما بدرهمين أو باعهم ميتة بدراهم أو أخذ مالا منهم بطريق القمار فذلك كله طيب له ا هـ ملخصا
فانظر كيف جعل موضوع المسألة الأخذ من أموالهم برضاهم فعلم أن المراد من الربا والقمار في كلامهم ما كان على هذا الوجه وإن كان اللفظ عاما لأن الحكم بدور مع علته غالبا
قوله ( مطلقا ) أي ولو بعقد فاسد ط
قوله ( بلا غدر ) لأنه لما دخل دارهم بأمان فقد التزم أن لا يغدرهم وهذا القيد لزيادة الإيضاح لأن ما أخذه برضاهم لا غدر فيه
قوله ( خلافا للثاني ) أي أبي يوسف وخلافه في المستأمن دون الأسير
قوله ( والثلاثة ) أي الأئمة الثلاثة
قوله ( لأن ماله غير معصوم ) العصمة الحفظ والمنع وقال في الشرنبلالية لعله أراد بالعصمة التقوم أي لا تقوم له فلا يضمن بالإتلاف لما قال في البدائع معللا لأبي حنيفة لأن العصمة وإن كانت ثابتة فالتقوم ليس بثابت عنده حتى لا يضمن بالإتلاف وعندهما نفسه وماله معصومان متقومان ا هـ
قوله ( فلا ربا اتفاقا ) أي لا يجوز الربا معه فهو نفي بمعنى النهي كما في قوله تعالى { فلا رفث ولا فسوق } البقرة 197 فافهم
قوله ( ومنه يعلم الخ ) أي
____________________
(5/186)
يعلم مما ذكره المصنف مع تعليله أن من أسلما ثمة ولم يهاجرا لا يتحقق الربا بينهما أيضا كما في النهر عن الكرماني وهذا يعلم بالأولى
قوله ( إلا في هذه الست مسائل ) أولها السيد مع عبده وآخرها من أسلما ولم يهاجرا وحقه أن يقول المسائل بالتعريف والله سبحانه أعلم
باب الحقوق جمع حق والحق خلاف الباطل وهو مصدر حق الشيء من بابي ضرب وقتل إذا وجب وثبت ولهذا يقال لمرافق الدار حقوقها ا هـ
وفي البناية الحق ما يستحقه الرجل وله معان أخر منها ضد الباطل ا هـ
وتمامه في البحر وفي النهر أعلم أن الحق في العادة يذكر فيما هو تبع للمبيع ولا بد له منه ولا يقصد إلا لأجله كالطريق والشرب للأرض ويأتي تمامه
قوله ( لتبعيتها ) أي لأن الحقوق توابع فيليق ذكرها بعد مسائل البيوع بحر عن المعراج
قال بعضهم ولهذا الباب مناسبة خاصة بالربا لأن فيه بيان فضل هو حرام وهنا بيان فضل على المبيع هو حلال
قوله ( ولتبعيته ) أي المصنف وكذا صاحب الكنز والهداية
قوله ( مثلث العين ) واللام ساكنة
ط عن الحموي
قوله ( لأن الشيء ) علة لقوله لا يدخل فيه العلو وذلك أن البيت اسم لمسقف واحد جعل ليبات فيه ومنهم من يزيد له دهليزا فإذا باع البيت لا يدخل العلو ما لم يذكر اسم العلو صريحا لأن العلو مثله في أنه مسقف يبات فيه والشيء لا يستتبع مثله بل ما هو أدنى منه
فتح
ولم يدخل بذكر الحق لأن حق الشيء تبع له فهو دونه والعلو مثل البيت لا دونه
قوله ( هو ما لا اصطبل فيه ) قال في الفتح المنزل فوق البيت ودون الدار وهو اسم لمكان يشتمل على بيتين أو ثلاثة ينزل فيها ليلا ونهارا وله مطبخ وموضع قضاء الحاجة فيتأتى السكنى بالعيال مع ضرب قصور إذ ليس له صحن غير مسقف ولا اصطبل الدواب فيكون البيت دونه ويصح أن يستتبعه فلشبهه بالدار يدخل العلو فيه تبعا عند ذكر التوابع غير متوقف على التنصيص على اسمه الخاص ولشبهه بالبيت لا يدخل بلا ذكر زيادة ا هـ أي زيادة ذكر التوابع أي قوله بكل حق هو له الخ
قوله ( أي حقوقه ) في جامع الفصولين من الفصل السابع أن الحقوق عبارة عن مسيل وطريق وغيره وفاقا والمرافق عند أبي يوسف عبارة عن منافع الدار وفي ظاهر الرواية المرافق هي الحقوق وإليه يشير قوله أو بمرافقه نهر
فعلى قول أبي يوسف المرافق أعم لأنها توابع الدار مما يرتفق به كالمتوضأ والمطبخ كما في القهستاني وقدم قبله أن حق الشيء تابع لا بد له منه كالطريق والشرب ا هـ
فهو أخص
تأمل
قوله ( كطريق ) أي طريق خاص في ملك إنسان ويأتي بيانه
قوله ( هو فيه أو منه ) أي هو داخل فيه أو خارج منه بأو دون الواو على ما اختاره أصحابنا كما ذكره الصيرفي والجملة صفة لحق لا لقليل أو كثير فإن الصفة لا توصف ولا لكل على رأي كما تقرر وبهذا التقرير اندفع طعن أبي يوسف على محمد
____________________
(5/187)
بدخول الأمتعة فيها وطعن زفر عليه بدخول الزوجة والولد والحشرات قهستاني
قوله ( بشراء دار ) هي اسم لساحة أدير عليها الحدود تشتمل على بيوت وإصطبل وصحن غير مسقف وعلو فيجمع فيها بين الصحن للاسترواح ومنافع الأبنية للإسكان
فتح
قوله ( سواء كان المبيع بيتا الخ ) عبارة النهر قالوا هذا في عرف أهل الكوفة أما في عرفنا فيدخل العلو من غير ذكر الصور كلها سواء كان المبيع بيتا فوقه علوا ومنزلا كذلك لأن كل مسكن يسمى خانة في العجم ولو علوا سواء كان صغيرا كالبيت أو غيره إلا دار الملك فتسمى سراي ا هـ
وهو مأخوذ من الفتح لكن قوله ولو علوا صوابه وله علو كما في عبارة الفتح
و عبارة الهداية ولا يخلو عن علو
مطلب الأحكام تبتنى على العرف قلت وحاصله أن كل مسكن في عرف العجم يسمى خانة إلا دار الملك تسمى سراي والخانة لا يخلو عن علو فلذا دخل العلو في الكل وظاهره أن البيع يقع عندهم بلفظ خانة لكن في البحر عن الكافي وفي عرفنا يدخل العلو في الكل سواء باع باسم البيت أو المنزل أو الدار والأحكام تبتنى على العرف فيعتبر في كل إقليم وفي كل عصر عرف أهله ا هـ
قلت وحيث كان المعتبر العرف فلا كلام سواء كان باسم خانة أو غيره وفي عرفنا لو باع بيتا من دار أو باع دكانا أو إصطبلا أو نحوه لا يدخل علو المبنى فوقه ما لم يكن باب العلو من داخل المبيع
قوله ( إلا دار الملك ) المستثنى منه غير مذكور في كلامه كما علم مما ذكرناه
قوله ( الكنيف ) أي ولو خارجا مبنيا على الظلة لأنه يعد في الدار
بحر
وهو المستراح وبعضهم يعبر عنه يبيت الماء
نهر
قوله ( والأشجار ) أي دون أثمارها إلا بالشرط كما مر في فصل ما يدخل في المبيع تبعا وفيه بيان مسائل يحتاج إلى مراجعتها هنا
قوله ( فيدخل تبعا ) قيده الفقيه أبو جعفر بما إذا كان مفتحه فيها
قوله ( والظلة لا تدخل ) في المغرب قول الفقهاء ظلة الدار يريدون السدة التي فوق الباب وادعى في إيضاح الإصلاح أن هذا وهم بل هي الساباط الذي أحد طرفيه على الدار والآخر على دار أخرى أو على الأسطوانات التي في السكة وعليه جرى في فتح القدير وغيره
نهر
قوله ( ويدخل الباب الأعظم ) أي إذا كان له باب أعظم وداخله باب آخر دونه وقوله مع ذكر الموافق يفيد أنه لا يدخل بدونه وهو خفي فإن ظاهر أنه مثل الطريق إلى سكة كما يأتي فتأمل
وقد يقال إن صورة المسألة ما لو باع بيتا من دار فيدخل في البيع باب البيت فقط دون باب الدار الأعظم وكذا لو باع دارا داخل دار أخرى لا يدخل باب الدار الأخرى أيضا بدون ذكر الموافق بخلاف ما إذا كان البابان للمبيع وحده وكان يتوصل من أحدهما إلى الآخر
تأمل
قوله ( لا يدخل الطريق الخ ) يوهم أنه لا يدخل مع ذكر
____________________
(5/188)
المرافق وليس كذلك فكان عليه أن يقول وكذا الطريق الخ وبه يستغنى عن الاستثناء بعده
قال في الهداية ومن اشترى بيتا في دار أو منزلا أو مسكنا لم يكن له الطريق إلا أن يشتريه بكل حق هو له أو بمرافقه أو بكل قليل وكثير وكذا الشرب والمسيل لأنه خارج الحدود إلا أنه من التوابع فيدخل بذكر التوابع ا هـ
قال في الفتح وفي المحيط المراد الطريق الخاص في ملك إنسان فأما طريقها إلى سكة غير نافذة أو إلى الطريق العام فيدخل وكذا ما كان له من حق تسييل الماء وإلقاء الثلج في ملك إنسان خاصة ا هـ
فلا يدخل كمافي الكفاية عن شرح الطحاوي
وقال فخر الإسلام إذا كان طريق الدار المبيعة أو مسيل مائها في دار أخرى لا يدخل بلا ذكر الحقوق لأنه ليس من هذا الدار ا هـ
وصورته إذا كانت دار داخل دار أخرى للبائع أو غيره فباع الداخلة فطريقها في الدار الخارجة ليس من الدار المبيعة بل من حقوقها فلا يدخل فيها بلا ذكر الحقوق ونحوها فصار بمنزلة بيع بيت أو نحوه من دار فإن طريقه في الدار لا يدخل فيه لأنه ليس منه بل خارج عن حدوده كما مر عن الهداية فما أورده في الفتح من أن تعليل فخر الإسلام يقتضي أن الطريق الذي في هذه الدار يدخل وهو خلاف ما في الهداية ففيه نظر فتدبر
تنبيه قال في الكفاية وفي الذخيرة بذكر الحقوق إنما يدخل الطريق الذي يكون وقت البيع لا الطريق الذي كان قبله حتى أن من سد طريق منزله وجعل له طريقا آخر وباع المنزل بحقوقه دخل في البيع الطريق الثاني لا الأول ا هـ
وفي الفتح عن فخر الإسلام فإن قال البائع ليس للدار المبيعة طريق في دار أخرى فالمشتري لا يستحق الطريق ولكن له أن يردها بالعيب ولو كان عليها جذوع لدار أخرى فإن كانت للبائع أمر برفعها وإن لغيره كانت بمنزلة العيب ولو ظهر فيها طريق أو مسيل ماء لدار أخرى للبائع فلا طريق له في المبيعة ا هـ
وفي حاشية الرملي عن النوازل له داران مسيل الأولى على سطح الثاني فباع الثانية بكل حق لها ثم باع الأولى من آخر فللمشتري الأول منع الثاني من التسييل على سطحه إلا إذا استثنى البائع المسيل وقت البيع ا هـ ملخصا
قال وما وقع في الخلاصة و البزازية عن النوازل من أنه ليس للأول منع الثاني سبق قلم لأن الذي في النوازل ما قدمناه ومثله في الولوالجية وبه علم جواب حادثة الفتوى له كرمان طريق الأول على الثاني فباع لبنته الثاني على أن له المرور فيه كما كان فباعته لأجنبي ليس للأجنبي منع الأب
تتمة جرى العرف في بلاد الشام أنه إذا كان في الدار ميازيب مركبة على سطحها أو بركة ماء في صحنها أو نهر كنيف تحت أرضها وهي المسمى بالمالح دخول حق التسييل في الميازيب
وفي النهر المذكور ودخول شرب البركة الجاري إليها وقت البيع وإن لم ينصوا على ذلك ولا سيما ماء البركة فإنه مقصود بالشراء حتى إن الدار بدونه ينقص ثمنها نقصا كثيرا وقد مر آنفا عن الكافي أن الأحكام تبتنى على العرف وأنه يعتبر في كل إقليم وعصر عرف أهله وقد نبهنا على ذلك في فصل ما يدخل في البيع وأيدناه بما في الذخيرة من أن الأصل أن ما كان من الدار متصلا بها يدخل في بيعها تبعا بلا ذكر وما لا فلا يدخل بلا ذكر إلى ما جرى العرف أن البائع لا يمنعه عن المشتري فيدخل المفتاح استحسانا للعرف بعدم منعه بخلاف القفل ومفتاحه والسلم من خشب إذا لم يكن متصلا بالبناء وقدمنا هناك عن البحر أن السلم الغير المتصل يدخل في عرف مصر القاهرة لأن بيوتهم طبقات لا ينتفع بها بدونه وتمام ذلك في رسالتنا نشر العرف والله سبحانه أعلم
قوله ( والشرب ) بكسر الشين المعجمة الحظ من الماء
____________________
(5/189)
وفي الخانية رجل باع أرضا بشربها فللمشتري قدر ما يكفيها وليس له جميع ما كان للبائع ا هـ عزمية
قوله ( ونحوه ) لا حاجة إليه مع المتن
قوله ( مما مر ) أي من ذكر المرافق أو كل قليل وكثير منه ط
قوله ( فتدخل بلا ذكر ) أي يدخل الطريق والمسيل
نهر
قوله ( لأنها الخ ) أي لأن الإجارة تعقد للانتفاع بعين هذه الأشياء والبيع ليس كذلك فإن المقصود منه في الأصل ملك الرقبة لا خصوص الانتفاع بل إما هو أو ليتجر فيها أو يأخذ نقضها
نهر قال الزيلعي ألا ترى أنه لو استأجر الطريق من صاحب العين لا يجوز يعني لعدم الانتفاع به بدون العين فتعين الدخول فيها ولا يدخل مسيل ماء الميزاب إذا كان في ملك خاص ولا مسقط الثلج فيه ا هـ ومثله في المنح عن العيني
وفي حواشي مسكين أن هذا تقييد لقول المصنف بخلاف الإجارة فأفاد أن دخول المسيل في الإجارة بلا ذكر الحقوق مقيد بما إذا لم يكن في ملك خاص
قوله ( كالبيع ) أفاد به أن الشرب والمسيل في حكم الطريق ط
قوله ( ولا يدخل في القسمة الخ ) حاصل ما في الفتح أنهما إذا اقتسما ولأحدهما على الآخر مسيل أو طريق ولم يذكر الحقوق لا تدخل لكن إن أمكن له إحداثها في نصيبه فالقسمة صحيحة وإلا فلا بخلاف الإجارة لأن الآجر إنما يستوجب الأجر إذا تمكن المستأجر من الانتفاع ففي إدخال الشرب توفير المنفعة عليهما وإن ذكر الحقوق في القسمة دخلت إن لم يمكنه إحداثها لا إن أمكن إلا برضا صريح لأن المقصود بالقسمة تمييز الملك لكل منهما لينتفع به على الخصوص بخلاف البيع فإن الحقوق تدخل بذكرها وإن أمكن إحداثها لأن المقصود منه إيجاد الملك ا هـ ومثله في الكفاية عن الفوائد الظهيرية
وفي النهر عن الوهبانية إذا لم يمكنه فتح باب وقد علم ذلك وقت القسمة صحت وإن لم يعلم فسدت ا هـ أي لأنه عيب وينبغي أن يقيد بذلك قول الفتح وإلا فلا أي وإن لم يمكن إحداثها فلا تصح القسمة إن لم يعلم بذلك وقتها لأنه إذا علم يكون راضيا بالعيب تأمل
قوله ( نهر عن الفتح ) كان عليه أن يؤجر العزو إلى النهر آخر العبارة فإن جميع ما يأتي مذكور فيه ا هـ ح
قوله ( كما مر ) أي في المتن وعزاه الشارح إلى الخلاصة
قوله ( أن تكون الهبة ) أي هبة الدار
قوله ( على مال ) عبارة النهر على دار وهو متعلق بالثلاثة
قوله ( والوجه فيها لا يخفى ) لأنها لاستحداث ملك لم يكن لا لخصوص الانتفاع بخلاف الإجارة والله سبحانه أعلم
باب الاستحقاق ذكره بعد الحقوق للمناسبة بينهما لفظا ومعنى ولولا هذا لكان ذكره عقب الصرف أولى
نهر
قوله ( هو طلب الحق ) أفاد أن السين والتاء للطلب لكن في المصباح استحق فلان الأمر استوجبه قاله الفارابي وجماعة
____________________
(5/190)
فالأمر مستحق بالفتح اسم مفعول ومنه خرج المبيع مستحقا ا هـ فأشار إلى أن معناه الشرعي موافق للغوي وهو كون المراد بالاستحقاق ظهور كون الشيء حقا واجبا للغير
قوله ( بالكلية ) أي بحيث لا يبقى لأحد عليه حق التمليك
منح و درر
والمراد بالأحد أحد الباعة مثلا لا المدعي فإن له حق التمليك في المدبر والمكاتب والاستحقاق فيهما من المبطل كما ذكره بعد ط
قوله ( والناقل لا يوجب فسخ العقد ) بل يوجب توقفه على إجازة المستحق كذا في النهاية وتبعه الجماعة
واعترضه شارح بأن غايته أن يكون بيع فضولي وفيه إذا وجد عدم الرضا ينفسخ العقد وإثبات الاستحقاق دليل عدم الرضا والمفسوخ لا تلحقه إجازة قال في الفتح وما في النهاية هو المنصور وقوله إثبات الاستحقاق دليل عدم الرضا أي بالبيع ليس بلازم لجواز أن يكون دليل عدم الرضا بأن يذهب من يده مجانا وذلك لأنه لو لم يدع الاستحقاق ويثبته استمر في يد المشتري من غير أن يحصل له عينه ولا بد له فإثباته ليحصل أحدهما إما العين أو البدل بأن يجيز ذلك البيع
ثم اعلم أنه اختلف في البيع متى ينفسخ فقيل إذا قبض المستحق وقيل بنفس القضاء والصحيح أنه لا ينفسخ ما لم يرجع المشتري على بائعه بالثمن حتى لو أجاز المستحق بعدما قضى له أو بعدما قبضه قبل أن يرجع المشتري على بائعه يصح وقال الحلواني الصحيح من مذهب أصحابنا أن القضاء للمستحق لا يكون فسخا للبياعات ما لم يرجع كل على بائعه بالقضاء وفي الزيادات روي عن الإمام أنه لا ينقض ما لم يأخذ العين بحكم القضاء
وفي ظاهر الرواية لا ينفسخ ما لم يفسخ وهو الأصل ا هـ
ومعنى هذا أن يتراضيا على الفسخ لأنه ذكر فيها أيضا أنه ليس للمشتري الفسخ بلا قضاء أو رضا البائع لأنه احتمال إقامة البائع البينة على النتاج ثابت إلا إذا قضى القاضي فيلزم فينفسخ وتمامه في الفتح
فقد اختلف التصحيح فيما ينفسخ به العقد ويأتي قريبا عن الهداية أنه لا ينتقض في ظاهر الرواية ما لم يقض على البائع بالثمن ويمكن التوفيق بين هذه الأقوال بأن المقصود أنه لا ينتقض بمجرد القضاء بالاستحقاق بل يبقى العقد موقوفا بعده على إجازة المستحق أو فسخه على الصحيح فإذا فسخه صريحا فلا شك فيه وكذا لو رجع المشتري على بائعه بالثمن وسلمه إليه لأنه رضي بالفسخ وكذا لو طلب المشتري من القاضي أنه يحكم على البائع بدفع الثمن فحكم له بذلك أو تراضيا على الفسخ ففي ذلك كله ينفسخ العقد فليس المراد من هذه العبارات حصر الفسخ بواحد من هذه الصور بل أيها وجد بعد الحكم بالاستحقاق انفسخ العقد هذا ما ظهر لي في هذا المقام
بقي شيء وهو أنه يثبت للبائع الرجوع على بائعه بالثمن وإن كان قد دفع الثمن إلى المشتري بلا إلزام القاضي إياه وهذا مذهب محمد وعليه الفتوى خلافا لأبي يوسف كما في الحامدية و نور العين عن جواهر الفتاوى
قوله ( لأنه لا يوجب بطلان الملك ) أي ملك المشتري لأن الاستحقاق أظهر توقف العقد على إجازة المستحق أو فسخه كما علمت
قوله ( حكم على ذي اليد ) حتى يؤخذ المدعى من يده درر وهذا إذا كان خصما فلا يحكم على مستأجر ونحوه
قوله ( وعلى من تلقى ذو اليد الملك منه ) هذا مشروط بما إذا ادعى ذو اليد الشراء منه
ففي البحر عن الخلاصة إذا قال المشتري في جواب دعوى الملك هذا ملكي لأني شريته من فلان صار البائع مقضيا عليه ويرجع المشتري عليه بالثمن
أما إن قال في الجواب ملكي ولم يزد عليه لا يصير البائع مقضيا عليه والإرث كالشراء نص عليه في الجامع الكبير
____________________
(5/191)
وصورته دار بيد رجل يدعى أنها له فجاء آخر وادعى أنها له وقضى له بها فجاء أخو المقضى عليه وادعى أنها كانت لأبيه تركها ميراثا له وللمقضي عليه يقضى للأخ المدعي بنصفها لأن ذاك لم يقل ملكي لأني ورثتها من أبي ليصير الأخ مقضيا عليه كذا لو أقر الأخ المقضى عليه أنه ورثها من أبيه بعد إنكاره وإقامة البينة ولو أقر بالإرث قبل إقامة البينة لا تسمع دعوى الأخ ا هـ
قال وذكر قبله إذا صار المورث مقضيا عليه في محدود فمات فادعى وارثه ذلك المحدود إن ادعى الإرث من هذا المورث لا تسمع وإن ادعى مطلقا تسمع وإن كان المورث مدعيا وقضى له ثم بعد موته ادعى وارث المقضى عليه على وارث المقضى له هذا المحدود مطلقا لا تسمع ا هـ
فرع في البزازية مسلم باع عبدا من نصراني فاستحقه نصراني بشهادة نصرانيين لا يقضى له لأنه لو قضي له لرجع بالثمن على المسلم
قوله ( ولو مورثه ) الضمير عائد على من في قوله وعلى من تلقى الملك منه أي لو اشتراه ذو اليد من مورثه فالحكم عليه بالاستحقاق حكم على المورث فلا تسمع دعوى بقية الورثة على المتسحق بالإرث
قوله ( فلا تسمع دعوى الملك منهم ) تفريع على قوله والحكم به حكم على ذي اليد الخ درر
وأتى بضمير الجمع إشارة إلى شمول ما لو تعدد البيع من واحد إلى آخر وهكذا ولذا قال في الدرر بلا واسطة أو وسائط وفرع في الغرر على ذلك أيضا أنه لا تعاد البينة للرجوع
قال في شرحه يعني إذا كان الحكم للمستحق حكما على الباعة فإذا أراد واحد من المشترين أن يرجع على بائعه بالثمن لا يحتاج إلى إعادة البينة
قوله ( بل دعوى النتاج ) عبارة الغرر بل دعوى النتاج أو تلقي الملك من المستحق
قال في شرحه الدرر بأن يقول بائع من الباعة حين رجع عليه بالثمن أنا لا أعطي الثمن لأن المستحق كاذب لأن المبيع نتج في ملكي أو ملك بائعي بلا واسطة أو بها فتسمع دعواه ويبطل الحكم إن أثبت أو يقول أنا لا أعطي الثمن لأني اشتريته من المستحق فتسمع أيضا اه
وأفاد كلامه أنه لا يشترط لإثبات النتاج حضور المستحق كما أجاب به في الحامدية وقال إن مقتضى ما أفتى به في الخيرية في باب الإقامة موافقا لما في العمادية من أن هذا القول أظهر وأشبه لكن في البزازية أن الاشتراط هو الأظهر والأشبه
قلت وعبارة البزازية وعند محمد وهو اختيار شمس الإسلام يقبل بلا حضرته لأن الرجوع بالثمن أمر يخص المشتري فاكتفى بحضوره واختيار صاحب المنظومة وهو قياس قولهما وهو الأظهر والأشبه عدم القبول بلا حضور المتسحق ا هـ
لكن في الذخيرة
قيل على قول محمد وأبي يوسف الآخر يشترط وعلى قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف الأول لا يشترط وهذا القول أشبه وأظهر ا هـ
وهكذا عزاه في العمادية إلى الذخيرة و المحيط ومثله في جامع الفصولين و نور العين فالظاهر أن ما في البزازية من العكس سبق قلم كما حررناه في تنقيح الحامدية فتنبه لذلك
واختلف في اشتراط حضرة المبيع وأفتى ظهير الدين بعدمه كما سنذكره
قوله ( ما لم يرجع عليه ) فليس للمشتري الأوسط أن يرجع على بائعه قبل أن يرجع عليه المشتري الأخير
درر
وأفاد أنه لا يشترط إلزام القاضي البائع بالثمن بل له الرجوع على بائعه بدونه وهو قول محمد المفتى به كما علمت ثم إنما يثبت له الرجوع إذا لم يبرئه البائع عن الثمن قبل الاستحقاق فلو أبرأه البائع ثم استحق المبيع من يده لا يرجع على بائعه بالثمن لأنه لا ثمن له على بائعه وكذلك بقية الباعة لا يرجع بعضهم على بعض
ذخيرة أي لتعذر القضاء على الذي أبرأ مشتريه
جامع الفصولين
____________________
(5/192)
ثم نقل فيه أن في رجوع بقية الباعة بعضهم على بعض خلافا بين المتأخرين وأما لو أبرأ المشتري البائع بعد الحكم له بالرجوع فيأتي قريبا أنه لا يمنع
قوله ( ولا على الكفيل ) أي الضامن بالدرك
درر أي ضامن الثمن عند استحقاق المبيع
قوله ( ما لم يقض على المكفول عنه ) اعترض بأن المكفول عنه وهو البائع صار مقضيا عليه بالقضاء على المشتري الأخير لما علمت من أن الحكم بالاستحقاق حكم على ذي اليد وعلى من تلقى الملك منه وقبل القضاء لا مطالبة لأحد
قلت هذا اشتباه فإن المراد بالقضاء هنا القضاء على المكفول عنه بالثمن والقضاء السابق قضاء بالاستحقاق والمسألة ستأتي متنا في الكفالة قبيل باب كفالة الرجلين
ونصها ولا يؤخذ ضامن الدرك إذا استحق المبيع قبل القضاء على البائع بالثمن ا هـ
وهي في الهداية و الكنز وغيرهما وعلله في الهداية هناك بقوله لأن بمجرد الاستحقاق لا ينتقض البيع على ظاهر الرواية ما لم يقض له بالثمن على البائع فلم يجب على الأصل رد الثمن فلا يجب على الكفيل ا هـ فافهم لكن علمت مما قررناه أن العقد ينتقض بفسخ العاقدين وبالرجوع بالثمن على البائع بدون قضاء وأنه ليس المراد قصر الفسخ على واحد مما ذكره وإذا انفسخ العقد بواحد منها وجب على الأصيل وهو البائع رد الثمن على المشتري فيجب على الكفيل أيضا ولو بدون قضاء ويؤيده قول محمد المفتى به المار آنفا
قوله ( لئلا يجتمع ثمنان الخ ) علة لقوله ولا يرجع أحد الخ كما أفاده في الدرر
قال ط وهذا التعليل يظهر في غير المشتري الأخير وغير البائع الأول فيظهر في الباعة المتوسطين فإن عند كل منهم ثمنا فلو رجع بالثمن قبل أن يرجع عليه اجتمع في ملكه ثمنان ا هـ
قوله ( لأن بدل المستحق مملوك ) أي ثمنه باق على ملك البائع وعبر عنه بالبدل ليشمل ما لو كان قيميا وهذا بيان لوجه اجتماع الثمنين في رجوع أحدهم قبل الرجوع عليه
قوله ( ولو صالح بشيء الخ ) عبارة جامع الفصولين المشتري لو رجع على بائعه وصالح البائع على شيء قليل فلبائعه أن يرجع على بائعه بثمنه وكذا لو أبرأه المشتري عن ثمنه بعد الحكم له برجوع عليه فلبائعه أن يرجع على بائعه أيضا إذ المانع اجتماع البدل والمبدل في ملك واحد ولم يوجد لزوال المبدل عن ملكه ولو حكم للمستحق وصالح المشتري ليأخذ المشتري بعض الثمن من المستحق ويدفع المبيع إلى المستحق ليس له أن يرجع على بائعه بثمنه لأنه بالصلح أبطل حق الرجوع ا هـ
قلت وما ذكره في الإبراء إنما هو في إبراء المشتري البائع وأما لو أبرأ البائع المشتري عن الثمن قبل الاستحقاق فقدمنا آنفا أنه يمتنع الرجوع
ثم قال في الفصولين فلو أثبته أي الاستحقاق وحكم له
فدفع إليه شيئا وأمسك المبيع يصير هذا شراء للمبيع من المستحق فينبغي أن يثبت له الرجوع على بائعه ا هـ
قوله ( فصالح المشتري ) أي دفع المستحق إلى المشتري بعض الثمن صلحا عن دعوى المشتري نتاجا عند بائعه أو نحوه مما يبطل الاستحقاق لم يرجع على بائعه بالثمن لأن صلحه مع المستحق على بعض الثمن أسقط حقه في الرجوع وهذا بخلاف العكس وهو ما إذا دفع المشتري إلى المستحق شيئا وأمسك المبيع لأنه صار مشتريا من المستحق فلا يبطل حق رجوعه كما علمت وهذه المسألة هي الآتية عن نظم المحبية ولا يخفى ظهور الفرق بينها وبين الأولى كما أفاده ط
فافهم
____________________
(5/193)
قوله ( يوجب فسخ العقود ) أي الجارية بين الباعة بلا حاجة في انفساخ كل منها إلى حكم القاضي درر
قوله ( ولكل واحد الخ ) فلو أقام العبد بينة أنه حر الأصل أو أنه كان عبدا لفلان فأعتقه أو أقام رجل البينة أنه عبده دبره فقضى بشيء من ذلك فلكل واحد أن يرجع على بائعه قبل القضاء عليه وكذا المشتري يرجع على الكفيل قبل الرجوع عليه
هندية عن الحاوي
قوله ( ويرجع هو أيضا ) أي يرجع من له الرجوع على الكفيل بالدرك أيضا أي كما له الرجوع على بائعه وقوله كذلك يغني عنه قول المصنف ولو قبل القضاء عليه أي قبل القضاء على المكفول عنه بالثمن
قوله ( والحكم بالحرية الأصلية الخ ) هذه الجملة في موقع التعليل لما قبلها واحترز بالأصلية عن العارضة بعتق ونحوه لأنها تأتي
قوله ( أو بقوله أنا حر ) صورته ادعى أنه عبد فقال المدعى عليه أنا حر الأصل ولم يسبق منه إقرار بالرق وعجز المدعي عن البينة حكم القاضي بالحرية الأصلية وكان حكمه بها حكما على العامة ا هـ ح
قوله ( إذا لم يسبق منه إقرار بالرق ) أي ولو حكما كسكوته عند البيع مع انقياده كما سيأتي وتسمع دعواه الحرية بعد اعترافه بالرق إذا برهن كما سيأتي
قوله ( وكذا العتق وفروعه ) عطف على قوله والحكم بالحرية الأصلية أي إذا ادعى أنه كان عبد فلان فأعتقه أو ادعى رجل أنه عبده دبره أو أنها أمته استولدها وحكم بذلك فهو حكم على الكافة فلا تسمع دعوى أحد عليه بذلك
ونقل الحموي عن بعضهم أن هذا بعد ثبوت ملك المعتق وإلا فقد يعتق الإنسان ما لا يملكه
قوله ( وأما الحكم بالعتق في الملك المؤرخ الخ ) يعني إذا قال زيد لبكر إنك عبدي ملكتك منذ خمسة أعوام فقال بكر إني كنت عبد بشر ملكني منذ ستة أعوام فأعتقني وبرهن عليه اندفع دعوى زيد ثم إذا قال عمرو لبكر إنك عبدي ملكتك منذ سبعة أعوام وأنت ملكي الآن فبرهن عليه تقبل ويفسخ الحكم بحريته ويجعل ملكا لعمرو
درر
وكذا الحكم بالملك على المستحق منه حكم على الباعة من وقت التاريخ كما في الخانية وفي المقدسي شراها منذ شهرين فأقام رجل بينة أنها له منذ شهر يقضى بها له ولا يقضى على بائعه برهنت أمة في يد مشتر أخير على أنها معتقة فلان أو مدبرته أو أم ولده رجع الكل إلا من كان قبل فلان
سائحاني
قوله ( قيل كالحرية ) أفتى به المولى أبو السعود وجزم به في المحبية ورجحه المصنف في كتاب الوقف كما قدمه الشارح أول الوقف
قوله ( وهو المختار ) في الفواكه البدرية لابن الغرس وهو الصحيح ا هـ واقتصر عليه في الخانية في باب ما يبطل دعوى المدعي واستدل له فكان مختاره
قوله ( وصححه العمادي ) نقل الرملي عن المصنف عبارة الفصول العمادية وليس فيها تصحيح أصلا بل مجرد حكاية الأول عن الحلواني والسعدي والثاني عن أبي الليث والصدر الشهيد ا هـ
وفي جامع الفصولين القضاء بالوقفية قيل يكون على الناس كافة وقيل لا
قوله ( القضاء يتعدى الخ ) فإذا
____________________
(5/194)
قضى بواحدة منها لا تسمع دعوى آخر وأراد بالحرية ما يشمل العارضة كالعتق ويجري في النكاح ما جرى في الملك المؤرخ فتسمع دعوى غيره على نكاحها قبل التاريخ لا بعده كما استنبطه والد محشي مسكين من كلام الدرر المار
قال الحموي ويزاد على الأربع ما في معين الحكام لو أحضر رجلا وادعى عليه حقا لموكله وأقام البينة على أنه وكله في استيفاء حقوقه والخصومة في ذلك قبلت ويقضى بالوكالة ويكون قضاء على كافة الناس لأنه ادعى حقا بسبب الوكالة فكان إثبات السبب عليه إثباتا على الكافة حتى لو أحضر آخر وادعى عليه حقا لا يكلف إعادة البينة على الوكالة ا هـ
قوله ( ويثبت رجوع المشتري على بائعه بالثمن الخ ) أشار إلى أن الاستحقاق لا بد أن يرد على ما كان ملك البائع ليرجع عليه ففي الجامع الكبير لو اشترى ثوبا فقطعه وخاطه ثم استحق بالبينة لا يرجع المشتري على البائع بالثمن لأن الاستحقاق ما ورد على ملكه لأن لو كان ملكه في الأصل انقطع بالقطع والخياطة كمن غصبه فقطعه وخاطه ملكه فالأصل أن الاستحقاق إذا ورد على ملك البائع الكائن من الأصل يرجع عليه وإن ورد عليه بعدما صار إلى حال لو كان غصبا ملكه به لا يرجع لأن متيقن الكذب وعرف أن المعنى أن يستحقه باسم القميص فلو برهن أنه كان له قبل هذه الصفة رجع المشتري بالثمن وعلى هذا لو اشترى حنطة وطحنها ثم استحق الدقيق ولو قال كانت لي قبل الطحن يرجع وكذا لو شرى لحما فشواه ا هـ فتح ملخصا
وأطلق المصنف الرجوع فشمل ما إذا كان الشراء فاسدا كما في جامع الفصولين وما إذا كان عالما بكونه ملك المستحق كما سيذكره المصنف وما لو أبرأ البائع المشتري عن ثمنه فللبائع الرجوع على بائعه لو الإبراء بعد الحكم لا قبله كما مر
وما لو مات بائعه ولا وارث له فالقاضي ينصب عنه وصيا ليرجع المشتري عليه وما إذا زعم بائعه أنه نتج في ملكه وعجز عن إثباته وأخذ منه الثمن فله الرجوع على بائعه لأنه لما حكم عليه التحق دعواه بالعدم وكذا لو زعم أنه ليس له الرجوع لإنكاره البيع لأنه لما حكم عليه ببينة التحق زعمه بالعدم وما لو ألزم القاضي البائع بدفع الثمن أولا كما مر وما لو أحال البائع رجلا بالثمن على المشتري وأدى إليه ثم استحقت الدار فإنه يرجع على البائع لا على المحال وإن لم يظفر بالبائع وما إذا كان البائع وكيلا فللمشتري مطالبته بالثمن من ماله ولا ينتظر إن كان دفع الثمن إليه وإن كان دفعه للموكل ينتظر أخذه من الموكل وما إذا قال البائع للمشتري قد علمت أن الشهود شهدوا بزور وأن المبيع لي فصدقه المشتري فإنه يرجع عليه بالثمن لأنه لم يسلم له لمبيع فلا يحل للبائع أخذ الثمن وقد استحق المبيع ا هـ ملخصا كل ذلك من الذخيرة
تنبيه إذا ادعى المشتري استحقاق المبيع على بائعه ليرجع بثمنه فلا بد أن يفسر الاستحقاق ويبين سببه فلو بينه وأنكر البائع البيع فأثبته المشتري رجع بثمنه
وقيل يشترط حضرة المبيع لسماع البينة وقيل لا وبه أفتى ظهير الدين المرغيناني
فلو ذكر شية العبد وصفته وقدر ثمنه كفى
جامع الفصولين
وفيه أن للمستحق عليه تحليف المستحق بالله ما باعه ولا وهبه ولا تصدق به ولا خرج عن ملكه بوجه من الوجوه وتمامه فيه
فرع استأجر حمارا فادعاه رجل ولم يصدقه أنه مستأجر واستحقه عليه لا يرجع الآجر على بائعه لأن هذا الاستحقاق ظلم لأنه لم يقع على خصم
ذخيرة
قوله ( إذا كان الاستحقاق بالبينة ) فلو أخذ المستحق العين من المشتري
____________________
(5/195)
بلا حكم فهلك فالوجه في رجوع المشتري على بائعه أن يدعي على المستحق أنك قبضته مني بلا حكم وكان ملكي وقد هلك في يدك فأد إلي قيمته فيبرهن أنه له فيرجع المشتري على بائعه بثمنه
جامع الفصولين ومفهومه أنه لو لم يهلك فللمشتري منه اشترداده حتى يبرهن فيرجع المشتري على بائعه إن لم يقر المشتري أولا بأنه للمستحق
وفي الفصولين أيضا أخذه بلا حكم فقال المشتري لبائعه أخذه المستحق مني بلا حكم فأد ثمنه إلي فأداه ثم برهن على المستحق أنه له في غيبة المشتري صح لانفساخ البيع بينه وبين المشتري بتراضيهما فبقي على ملك البائع ولم يصح الاستحقاق ا هـ
واحترز بقوله بلا حكم عما إذا كان بحكم ولم يرجع المشتري على بائعه بالثمن فإنه لا يصح مع غيبة المشتري لعدم انفساخ البيع بالاستحقاق
رملي
قوله ( بإقرار المشتري ) ولو عدل المشتري شهود المستحق قال أبو يوسف أسأل عنهما فإن عدلا رجع بالثمن وإلا فلا لأنه كإقرار
ذخيرة
قوله ( أو بنكوله ) كأن طلب المستحق تحليفه على أنك لا تعلم أن المبيع ملكي
قوله ( فلا رجوع ) فلو برهن المشتري أن الدار ملك المستحق ليرجع بثمنه على بائعه لا يقبل للتناقض
لأنه لما أقدم على الشراء فقد أقر أنه ملك البائع فإذا ادعى لغيره كان تناقضا يمنع دعوى الملك ولأنه إثبات ما هو ثابت بإقراره فلغا أما لو برهن على إقرار البائع أنه للمتسحق يقبل لعدم التناقض وأنه إثبات ما ليس بثابت ولا ببينة له فله تحليف البائع بالله ما هو للمدعي لأنه لو أقر لزمه جامع الفصولين نعم لو أقر به للمتسحق ثم برهن على أن الأمة حرة الأصل وهي تدعي أو أنها ملك فلان وهو أعتقها أو دبرها أو استولدها قبل الشراء تقبل ويرجع بالثمن لأن التناقض في دعوى الحرية وفروعها لا يضر
فتح
قال في النهر وظاهر أن قوله وهي تدعي اتفاقي
قوله ( كما هو ظاهر كلام الزيلعي ) حيث قال لأن البينة لا تصير حجة إلا بقضاء القاضي وللقاضي ولاية عامة فينفذ قضاؤه في حق الكافة والإقرار حجة بنفسه لا يتوقف على القضاء وللمقر ولاية على نفسه دون غيره فيقتصر عليه ا هـ
قال ط وحمله الرملي في حاشية المنهج على بعض القضايا أو يراد بالكافة كل من يتعدى إليه حكم القاضي في تلك القضية لا كافة الناس ا هـ
وحينئذ فلا حاجة للاستدراك ا هـ
قوله ( ونحوه ) من فروعه وكولاء ونكاح ونسب ط
قوله ( فإن ثبت الحق بهما ) الظاهر أنه احتراز عما لو سبق الحكم بالبينة عقب الإنكار ثم أقر بخلاف العكس لأنه بعد الحكم للمستحق بإقرار المشتري لا يصح الحكم بعده بالبينة بخلاف ما إذا كان قبل الحكم بشيء منهما بأن رهن ثم أقر المشتري أو بالعكس فإنه يجعل الحكم قضاء بالبينة عند الحاجة إلى الرجوع كما هنا
وإن أمكن جعله قضاء بالإقرار فافهم وعلى هذا حمل في الفتح ما في فتاوى رشيد الدين من أنه لو أقر ومع ذلك برهن المستحق وأثبت عليه البينة رجع لأن القضاء وقع بالبينة لا بالاستحقاق ثم ذكر رشيد الدين في كتاب الدعوى لو ادعى عينا وبرهن وقبل أن يقضى له أقر له المدعى عليه اختلفوا فقيل يقضى بالإقرار وقيل بالبينة والأول أظهر وأقرب للصواب ا هـ
قال في الفتح وهذا يناقض ما قبله إلا أن يخص ذلك بعارض الحاجة إلى الرجوع
____________________
(5/196)
فيتحصل أنه إذا ثبت الحق بهما يقضى بالإقرار على ما جعله الأظهر وإن سبقته إقامة البينة مع تمكن القاضي من اعتباره قضاء بالبينة وعند تحقق حاجة الخصم إليه ينبغي اعتباره قضاء بها ليندفع الضرر عنه بالرجوع ا هـ ملخصا
قلت ويؤيد هذا التوفيق أنه في جامع الفصولين نقل عبارة رشيد الدين الأولى معللة بالحاجة وذكر في نور العين أن هذا أظهر وحقق ذلك فراجعه
والظاهر أن مثل ما هنا ما لو باع شيئا كأن اشتراه ثم رد عليه بعيب قديم وأقر به وبرهن عليه المشتري وقضى بذلك يجعل قضاء بالبينة لحاجته إلى الرجوع على بائعه بخيار العيب
قوله ( فبالبينة أولى ) أي فاعتبار القضاء بالبينة أولى
قوله ( فلو استحقت مبيعة ولدت ) يشمل الدابة إذا ولدت عند المشتري أولادا كما في نور العين عن جامع الفتاوى
قوله ( لا باستيلاده ) قيد به لمكان قوله يتبعها ولدها وإلا فاستيلاد المشتري لا يمنع استحقاق الولد بالبينة لكنه لا يتبعها بل يكون ولد المشتري حرا بالقيمة كما نبه عليه بعده
قوله ( يتبعها ولدها ) وكذا أرشها
فتح
قال ولا خصوصية للولد بل زوائد المبيع كلها على التفصيل ا هـ
أي التفصيل بين كون الاستحقاق بالبينة أو بالإقرار وبين دعوى المقر له الزوائد وعدمها وسيذكر الشارح الزوائد آخرا
قوله ( بشرط القضاء به ) لأن أصل يوم القضاء لانفصاله واستقلاله فلا بد من الحكم به وهو الأصح في المذهب
فتح
قال في الهداية وإليه تشير المسائل فإن القاضي إذا لم يعلم بالزوائد
قال محمد لا تدخل الزوائد في الحكم وكذا الولد إذا كان في يد غيره لا يدخل تحت الحكم بالأم تبعا ا هـ
والظاهر أن الأرش لا يدخل تبعا
قوله ( في الأصح ) مقابله ما قيل إنه إذا قضى القضاي بالأم يصير مقضيا به أيضا كما في الفتح
قوله ( وكلام البزازي يفيد تقييده ) أي تقييد القضاء بالولد للمستحق وأخذ ذلك في النهر من قول البزازي شهدوا على رجل في يده جارية أنها لهذا المدعي ثم غابا أو ماتا ولها ولد في يد المدعى عليه ويدعي أنه له وبرهن على ذلك لا يلتفت الحاكم إلى برهانه ويقضي بالولد للمدعي فإن حضر الشهود وقالوا الولد للمدعى عليه ضمن الشهود قيمة الولد كأنهم رجعوا فإن كانوا حضورا وسألهم عن الولد فإن قالوا إنه للمدعى عليه أو لا ندري لمن الولد يقضى بالأم للمدعي دون الولد ا هـ
قوله ( بما إذا سكت الشهود ) أي عن كونه لذي اليد وكذا بالأولى إذا قالوا إنه للمستحق
قوله إنه للمستحق
قوله ( ثم استيلاده ) أي استيلاد المشتري
مطلب في الولد المغرور قوله ( فيكون ولد المغرور ) الأولى أن يقول ولكن يكون الخ لأن قوله لا يمنع الخ يتوهم منه أنه يتبعها كما إذا كان لا باستيلاده فيناسبه الاستدراك بأنه يكون ولد المغرور أي يكون لذي اليد حرا لأن وطأه كان في الملك ظاهرا وعليه للمستحق القيمة أي يوم الخصومة كما سيذكره في باب دعوى النسب قال في جامع الفصولين ولو أولدها على هبة أو صدقة أو شراء أو وصية أخذ المستحق الأمة وقيمة الولد إذا الموجب للغرور ملك مطلق الاستباحة في الظاهر وقد وجد ويرجع الأب على البائع بثمنها وبقيمة ولدها لا بالعقر عندنا ولا يرجع على الواهب والمتصدق والموصي بقيمة الولد عندنا ولو باعها المشتري الأول فأولدها الثاني فاستحقت يرجع المشتري الثاني على
____________________
(5/197)
الأول بالثمن وبقية الولد ولا يرجع الأول على بائعه إلا بالثمن عنده وعندهما يرجع بقيمة الولد أيضا ونظيره أن المشتري الثاني لو وجد عيبا وقد تعذر رده لعيب حدث فيرجع على بائعه بنقص العيب وبائعه لا يرجع به في بائعه عنده خلافا لهما
مطلب لا يرجع على بائعه بالعقر ولا بأجر الدار التي ظهرت وقفا تنبيه إنما لم يرجع المشتري بالعقر لأنه بدل منفعة استوفاها لنفسه وجزاء على فعله ومثله ما لو نقصت الأرض المستحقة بالزراعة وضمن نقصانها لا يرجع به على بائعه وبه ظهر جواب حادثة الفتوى فيمن اشترى دارا فظهرت وقفا وضمنه ناظر الوقف أجرتها فأجبت بأنه لا يرجع بالأجرة على البائع خلافا لما أفتى به بعض علماء مصر القاهرة في زماننا مستدلا بقولهم الغرور في ضمن عقد المعاوضة يوجب الرجوع ولا يخفى أنه غير صحيح لأنه إنما يرجع بما يمكن تسليمه كما يأتي بيانه وبما ليس جزاء لفعله كما علمت
قوله ( بالقيمة لمستحقه ) أي مضمونا بها للمستحق والمراد القيمة يوم الخصومة كما ذكره في باب دعوى النسب
قوله ( كما مر ) صوابه كما يأتي
قوله ( والفرق ما مر ) قال في الهداية ووجه الفرق أن البينة حجة مطلقة فإنها كاسمها مبنية فيظهر بها ملكه من الأصل والولد كان متصلا بها فيكون له أما الإقرار حجة قاصرة يثبت الملك في المخبر به ضرورة صحة الإخبار وقد حصلت بإثباته بعد الانفصال فلا يكون الولد له
قوله ( يتبعها ) لأن الظاهر أنه له زيلعي عن النهاية ومقتضى الفرق المذكور أنه لا يكون له كما في الفتح
قوله ( وكذا ) أي كالولد في التفصيل المذكور كما مر
قوله ( نعم لا ضمان بهلاكها ) أي هلاك الزوائد ومنه موت الولد واحترز عن استهلاكها فتضمن به
قوله ( ومنع التناقض دعوى الملك ) هذا إذا كان الكلام الأول قد أثبت لشخص معين حقا وإلا لم يمنع كقوله لا حق لي على أحد من أهل سمرقند ثم ادعى شيئا على أحد منهم تصح دعواه كما في المؤيدية عن صدر الشريعة ا هـ وكذا إذا كان كل من الكلامين عند القاضي واكتفى بعضهم في تحققه كون الثاني عند القاضي واختار في النهر الأول لأن من شرائط الدعوى كونها لديه واختار في البحر من متفرقات القضاء الثاني
قال في المنح ولعل وجهه أنه الذي يتحقق به التناقض ا هـ
وقال المقدسي يكاد أن يكون الخلاف لفظيا لأن الكلام الأول لا بد أن يثبت عند القاضي ليترتب على ما عنده حصول التناقض والثابت بالبيان كالثابت بالعيان فكأنهما في مجلس القاضي فالذي شرط كونهما في مجلسه يعم الحقيقي والحكمي في السابق واللاحق ا هـ
قلت ويشهد له مسائل كثيرة في دعوى الدفع وسيأتي تمام الكلام عليه في متفرقات القضاء إن شاء الله تعالى
مطلب في مسائل التناقض ثم اعلم أن التناقض يرتفع بتصديق الخصم وبتكذيب الحاكم أيضا وهو معنى قولهم المقر إذا صار مكذبا
____________________
(5/198)
شرعا بطل إقراره
بحر عن البزازية
وقدمنا قبل نحو ورقة مسائل في ارتفاعه بتكذيب الحاكم ثم ذكر في البحر بعد ورقتين ارتفاعه بثالث حيث قال إذا قال تركت أحد الكلامين فإنه يقبل منه لما في البزازية عن الذخيرة ادعاء مطلقا فدفعه بأنك كنت ادعيته قبل هذا مقيدا وبرهن عليه فقال المدعي أدعيه الآن بذلك السبب وتركت المطلق يقبل ا هـ
أي لكون المطلق أزيد من المقيد وهو مانع لصحة الدعوى ولذا لو ادعى المطلق أو لا تسمع كما في البزازية لكونه بدعوى المقيد ثانيا يدعي أقل لكن ما نقله في البحر عن البزازية لا يدل على كون ذلك قاعدة في إبطال التناقض وإلا لزم أن يضر تناقض أصلا لتمكن المتناقض من قوله تركت الكلام الأول فإذا أقر أنه ليس له ثم قال هو لي وتركت الأول تسمع ولا قائل به أصلا
والظاهر أن ما نقله عن البزازية وجهة كونه توفيقا بين الكلامين بأن مراد المدعي الأقل الذي ادعاه أولا بدليل ما في البزازية أيضا ادعى عليه ملكا مطلقا ثم ادعى عليه عند ذلك الحاكم بسبب يقبل بخلاف العكس إلا أن يقول العاكس أردت بالمطلق الثاني المقيد الأول لكون المطلق أزيد من المقيد وعليه الفتوى ا هـ فافهم
قوله ( طلب نكاح الأمة يمنع دعوى تملكها ) تتمة عبارة الصغرى وطلب نكاح الحرة مانع من دعوى نكاحها ا هـ
وكان الأولى ذكره لأنه مثال منع دعوى الملك في المنفعة
قوله ( وكما يمنعها لنفسها يمنعها لغيره الخ ) كما إذا ادعى أنه لفلان وكله بالخصومة ثم ادعى أنه لفلان آخر وكله بالخصومة لا تقبل إلا إذا وفق وقال كان لفلان الأول وقد وكلني بالخصومة ثم باعه من الثاني ووكلني أيضا والتدارك ممكن بأن غاب عن المجلس وجاء بعد فوت مدة وبرهن على ذلك على ما نص عليه الحصيري في الجامع دل على أن الإمكان لا يكفي
نهر عن البزازية
قوله ( سنحققه الخ ) حاصل ما ذكره هناك حكاية الخلاف
قلت وذكر في البحر هناك أن الاكتفاء بإمكان التوفيق هو القياس والاستحسان أن التوفيق بالفعل شرط وذكر محشيه الرملي عن منية المفتى أن جواب الاستحسان هو الأصح
ا هـ
وفي جامع الفصولين بعد حكاية الخلاف والأصوب عندي أن التناقض إذا كان ظاهر السلب والإيجاب والتوفيق خفيا لا يكفي إمكان التوفيق وإلا ينبغي أن يكفي الإمكان ويؤيده ما في ح أنه لو أقر له أنه له فمكث قدر ما يمكنه الشراء منه ثم برهن على الشراء منه بلا تاريخ قبل لإمكان التوفيق بأن يشتريه بعد إقراره ولأن البينة على العقد المبهم تفيد الملك للحال ولذا لا تعتبر الزوائد ا هـ
وأقر في نور العين
قوله ( وفروع هذا الأصل كثيرة ) منها ادعى عليه ألفا دينا فأنكر ثم ادعاها من جهة الشركة لا تسمع وبالعكس تسمع لإمكان التوفيق لأن مال الشركة يجوز كونه دينا بالجحود
ادعى الشراء من أبيه ثم برهن على أنه ورثها منه يقبل لإمكان أنه جحده الشراء ثم ورثه منه وبالعكس لا ادعى أولا الوقف ثم لنفسه لا تسمع كما لو ادعاها لغيره ثم لنفسه وبالعكس تسمع لصحة الإضافة بالأخصية انتفاعا
ادعاه بشراء أو إرث ثم ادعاه مطلقا لا تسمع بخلاف العكس كما مر
بحر ملخصا
قوله ( وإن قال أبي وابني ) مفاده أن قول ذلك بعد قول المدعي الأول هو أخي وليس كذلك لأن المراد أن مدعي النفقة لو قال هو أبي أو ابني
____________________
(5/199)
وكذبه ثم بعد موته صدقه المدعى عليه وادعى الإرث يقبل
والفرق أن ادعاء الولاد مجردا يقبل لعدم حمل النسب على الغير بخلاف دعوى الأخوة أفاده ح
ويمكن إرجاع ضمير قال هنا وفي المعطوف عليه إلى مدعي النفقة ويكون المراد أن مدعي الإرث وافقه على دعواه فافهم
قوله ( والأصل الخ ) أشار بهذا وبالكاف إلى أنه ليس المراد حصر ما يعفى فيه التناقض بما ذكره المصنف بل كل ما في سببه خفاء فمنه اشترى أو استأجر دارا من رجل ثم ادعى أن أباه كان اشتراها له في صغره أو أنه ورثها منه وبرهن قبل
ادعى شراء من أبيه ثم برهن على أنه ورثها منه يقبل وبالعكس لا
ادعى عينا له وعليه قيمتها ثم ادعى أنها قائمة في يده وعليه إحضارها أو بالعكس يقبل
اشترى ثوبا في منديل ثم زعم أنه له وأنه لم يعرفه يقبل
اقتسما التركة ثم ادعى أحدهما أن أباه كان جعل له منها الشيء الفلاني إن قال كان في صغري يقبل وإن مطلقا لا وتمامه في البحر
قوله ( كالنسب ) كما لو باع عبدا ولد عنده وباعه المشتري من آخر ثم ادعى البائع الأول أنه ابنه يقبل ويبطل الشراء الأول والثاني لأن النسب يبتنى على العلوق فيخفى عليه فيعذر في التناقض
عيني
وفي جامع الفصولين قال أنا لست وارث فلان ثم ادعى إرثه وبين الجهة يصح إذ التناقض في النسب لا يمنع صحة دعواه
ولو قال ليس هذا الولد مني ثم قال هو مني يصح وبالعكس لا لكون النسب لا ينتفي بنفيه وهذا إذا صدقه الابن وإلا فلا يثبت النسب لأنه إقرار على الغير بأنه جزئي لكن إذا لم يصدقه الابن ثم صدقه تثبت البنوة لأن إقرار الأب لم يبطل التصديق ولو أنكر الأب إقراره فبرهن الابن عليه يقبل والإقرار بأنه ابني يقبل لأنه إقرار على نفسه بأنه جزؤه أما الإقرار بأنه أخوه فلا لأنه إقرار على الغير
ولو ادعى أن أبي فلان وصدقه ثبت نسبه فإذا ادعى أنه ابن فلان آخر لا يسمع لأن فيه إبطال حق الأول وكذا لو لم يصدقه الأول لأنه أثبت له حق التصديق فلو صححنا إقراره الثاني يفضي إلى إبطال حق التصديق للأول وصار كمن ادعى أنه مولى فلان ولم يصدقه ثم ادعى أنه مولى فلان آخر لم يجز ا هـ
وتمامه فيه
قوله ( والطلاق ) حتى لو برهنت على الثلاث بعدما اختلعت قبل برهانها واستردت بدل الخلع لاستقلال الزوج بذلك بدون علمها وكذا لو قاسمت المرأة ورثة زوجها وقد أقروا بالزوجية كبارا ثم برهنوا على أن زوجها كان طلقها في صحته ثلاثا رحعوا عليها بما أخذت
نهر
وفي البحر عن البزازية ادعت الطلاق فأنكر ثم مات لا تملك مطالبة الميراث ا هـ
تأمل
قوله ( وكذا الحرية ) أي ولو عارضة وفصله عما قبله بكذا إشارة إلى أن التفريع بعده عليه فقط
ومن فروع ذلك لو برهن البائع أو المشتري أن البائع حرره قبل بيعه يقبل إذ التناقض متحمل في العتق
قال في جامع الفصولين بعد نقله أقول التناقض إنما يحتمل بناء على الخلفاء وذا يتحقق في المشتري لا البائع لأنه يستبد بالعتق فالأولى أن يحمل هذا على قولهما إذ الدعوى غير شرط عندهما في عتق العبد فتقبل بينة البائع حسبة وإن لم تصح الدعوى للتناقض ا هـ
ومنها لو أدى المكاتب بدل الكتابة ثم ادعى تقدم إعتاقه قبلها يقبل
بزازية
وفي المبسوط أقرت له بالرق فباعها ثم برهنت على عتق من البائع أو على أنها حرة الأصل يقبل استحسانا ولو باع عبدا وقبضه المشتري وذهب به إلى منزله والعبد ساكت وهو ممن يعبر عن نفسه فهو إقرار منه بالرق فلا يصدق في دعوى الحرية بعده لسعيه في نقض ما تم من جهته إلا أن يبرهن فيقبل وكذا لو رهنه أو دفعه بجناية كان إقرارا بالرق لا لو آجره ثم قال أنا حر فالقول له لأن الإجارة تصرف في منافعه لا في عينه
وتمامه في البحر
قوله ( فلو قال عبد ) أي إنسان وسماه
____________________
(5/200)
عبدا باعتبار ظاهر الحال الآن وإلا فالفرض أنه حر
وقوله لمشتر أي لمريد الشراء
قوله ( اشترني فأنا عبد ) لا بد في كون المشتري مغرورا يرجع بالثمن من هذين القيدين أعني الأمر بالشراء والإقرار بكونه عبدا كما في الفتح وغيره
وما في العتابية من الاكتفاء بسكوت العبد عند البيع في رجوع المشتري عليه فهو مخالف لما في سائر الكتب وإن غلط فيه بعض من تصدر للإفتاء بدار السلطنة العلية وأفتى بخلافه كما أفاده الأنقروي في منهوات فتاويه وأفاد بقوله اشترني أنه لو قال له أجنبي اشتره فإنه عبد فلا رجوع بحال كما في جامع الفصولين وغيره
قوله ( لزيد ) كذا في النهر
قال السائحاني والظاهر أنه ليس بشرط لأن الغرور في ضمن المعاوضة ليس كفالة صريحة حتى يشترط معرفة المكفول له وعنه ومما اغتفروا أيضا هنا رجوع العبد على سيده بما أدى مع أنه لم يأمره بهذا الضمان الواقع منه ضمن قوله اشترني فأنا عبد ا هـ
قوله ( معتمدا على مقالته ) احترز به عما إذا كان عالما بكونه حرا لأنه لا تغرير مع العلم كما لا يخفى ولذا لو استولدها عالما بأن البائع غصبها فاستحقت لا يرجع بقيمة الولد وهو رقيق كما يذكره الشارح
فافهم
قوله ( أي ظهر حرا ) ببينة أقامها لأنه وإن كان دعوى العبد شرطا عند أبي حنيفة في الحرية الأصلية وكذا في العارضة بعتق ونحوه في الصحيح لكن التناقض لا يمنع صحتها كما أفاده تفريع المسألة وتمامه في الفتح
قوله ( يعرف مكانه ) ظاهر إطلاقهم ولو بعد بحيث لا يوصل إليه عادة كأقصى الهند
نهر
فافهم
قوله ( لوجود القابض ) أي البائع والأولى قوله الفتح للتمكن من الرجوع على القابض
قوله ( وإلا ) أي بأن لم يعلم مكانه ومثله ما إذا مات ولم يترك شيئا فلو كان له تركة يعلم مكانها يرجع فيها فيما يظهر لأن ذلك دين عليه كما يأتي والدين لا يبطل بالموت فافهم
قوله ( رجع المشتري على العبد بالثمن ) لأنه يجعل العبد بالأمر بالشراء ضامنا الثمن له عند تعذر رجوعه على البائع دفعا للغرور والضرر ولا تعذر إلا فيما لا يعرف مكانه والبيع عقد معاوضة فأمكن أن يجعل الأمر به ضمانا للسلامة كما هو موجبة
هداية
قوله ( خلافا للثاني ) أي في رواية عنه
قوله ( لا رجوع عليه اتفاقا ) لأن الحر يشتري تخليصا كالأسير وقد لا يجوز شراء العبد كالمكاتب
زيلعي
قوله ( ورجع العبد على البائع ) إنما يرجع عليه مع أنه لم يأمره بالضمان عنه لأنه أدى دينه وهو مضطر في أدائه
فتح
فهو كمعير الرهن إذا قضى الدين لتخليص الرهن يرجع على المديون لأنه مضطر في أدائه
قوله ( لم يضمن أصلا ) أي سواء كان البائع حاضرا أو غائبا
قال في الهداية لأن الرهن ليس بمعاوضة بل هو وثيقة لاستيفاء عين حقه حتى يجوز الرهن ببدل الصرف والمسلم فيه مع حرمة الاستبدال فلا يجعل الأمر به ضمانا للسلامة وبخلاف الأجنبي أي لو قال اشتراه فإنه عبد لأنه لا يعبأ بقوله فيه فلا يتحقق الغرور ونظير مسألتنا قول المولى بايعوا عبدي هذا فإني قد أذنت له ثم ظهر الاستحقاق يرجعون عليه بقيمته ا هـ
قوله ( والأصل الخ ) مر هذا الأصل مبسوطا آخر باب المرابحة والتولية
____________________
(5/201)
مطلب فيما لو باع عقارا وبرهن أنه وقف قوله ( لأن مجرد الوقف لا يزيل الملك ) أي عند الإمام والفتوى على لزومه بدون الحكم بلزومه
قوله ( على خلاف ما صوبه الزيلعي ) حيث قال وإن أقام البينة على ذلك قيل تقبل وقيل لا تقبل وهو أصوب وأحوط ا هـ
قوله ( وتقدم في الوقف ) قدمنا هناك أن الأصح سماع البينة دون الدعوى المجردة بلا تفصيل لأن الوقف حق الله تعالى فتسمع فيه البينة وتمام تحقيق المسألة هناك فراجعه
قوله ( للقضاء عليهما ) لأن الملك للمشتري واليد للبائع والمدعى يدعيهما فشرط القضاء عليهما حضورهما
فتح
بقي لو قال المستحق لا بينة لي واستخلفهما فحلف البائع ونكل المشتري فإنه يؤاخذ بالثمن فإذا أداه أخذ العبد وسلمه إلى المدعي وإن حلف المشتري ونكل البائع لزم البائع كل قيمة العبد إلا أن يجيز المستحق البيع ويرضى بالثمن
بزازية و جامع الفصولين
قوله ( ثم هو ) أي البائع
قوله ( ولزم البيع ) لأنه يقرر القضاء الأول ولا ينقضه
فتح لأن القضاء بأن المستحق باعه يقرر القضاء بأنه ملك المستحق
قوله ( وتمامه في الفتح ) حيث قال ولو فسخ القاضي البيع بطلب المشتري ثم برهن البائع أن المستحق باعها منه يأخذها وتبقى له ولا يعود البيع المنتقض ا هـ
فأفاد أن قوله ولزم البيع مقيد بما إذا لم يفسخ القاضي البيع
مطلب لا عبرة بتاريخ الغيبة قوله ( لا عبرة بتاريخ الغيبة الخ أن الخارج مع ذي اليد لو ادعيا ملكا مطلقا فالخارج أولى إلا إذا برهن ذو اليد على النتائج أو أرخا الملك وتاريخ ذي اليد أسبق فهو أولى ولو أرخ أحدهما فقط يقضى للخارج عندهما وعند أبي يوسف وهو رواية عن الإمام يحكم للمؤرخ خارجا أو ذا يد كما في جامع الفصولين من الفصل الثامن
وأفاد المصنف أن تاريخ الغيبة غير معتبر لأن قول الخارج إن هذا الحمار غاب عني منذ سنة ليس فيه تاريخ مالك فإذا قال ذو اليد إنه ملكي منذ سنتين مثلا وبرهن لا يحكم له لأنه وجد تاريخ الملك من أحدهما فقط وهو غير معتبر فيقضي به للخارج عندهما كما علمت ومثله لو برهن الخارج أنه له منذ سنتين وذو اليد أنه بيده منذ ثلاث سنين فهو للخارج لأن ذا اليد لم يبرهن على الملك كما في جامع الفصولين
قوله ( بل العبرة لتاريخ الملك ) أي التاريخ الموجود من الطرفين كما علمت وإلا فتاريخ الملك هنا وجد من المدعى عليه لكنه لم يوجد من المدعي بل وجد منه تاريخ الغيبة فقط
قوله ( فقبل ) ظرف متعلق بأخبر
قوله ( أخبر المستحق عليه ) أي الذي ادعى عليه بالاستحقاق وهو المشتري وهو مرفوع على أنه فاعل أخبر والبائع مفعوله
قوله ( بل يقضى بها للمستحق ) لأنه ما ذكر تاريخ الملك بل تاريخ الغيبة فبقي دعواه الملك بلا تاريخ والبائع ذكر تاريخ الملك ودعواه دعوى
____________________
(5/202)
المشتري لأن المشتري تلقى الملك منه فصار كأن المشتري ادعى ملك بائعه بتاريخ سنتين إلا أن التاريخ لا يعتبر حالة الانفراد فسقط اعتبار ذكره وبقيت الدعوى في الملك المطلق فيقضي بالدابة
درر أي يقضى بها للمستحق
قال في جامع الفصولين من الفصل السادس عشر بعد ذكره مامر أقول ويقضى بها للمؤرخ عند أبي يوسف لأنه يرجح المؤرخ حالة الانفراد وينبغي الإفتاء به لأنه أرفق وأظهر والله تعالى أعلم ا هـ
قوله ( لانعدام الغرور ) لعلمه بحقيقة الحال
درر ومثله ما لو تزوج من أخبرته بأنها حرة عالما بكذبها فأولدها فالولد رقيق كما في جامع الفصولين
قوله ( ويرجع بالثمن ) أي على بائعه وكان الأولى ذكر الرجوع بالثمن أولا لكونه المقصود من التفريع على كلام المتن ثم يقول ولكن يكون الولد رقيقا
أفاده السائحاني
قوله ( وإن أقر بملكية المبيع للمستحق ) أي بعد أن يكون الاستحقاق ثابتا بالبينة لا بإقرار المشتري المذكور فلا ينافي قول المصنف السابق أما إذا كان بإقرار المشتري أو بنكوله فلا على أنه قدم الشارح أنه إذا اجتمع الإقرار والبينة يقضى بالبينة عند الحاجة إلى الرجوع
وبه اندفع ما في الشرنبلالية من توهم المنافاة فافهم
قوله ( ورجع ) أي بالثمن
قوله ( بسبب ما ) أي بشراء أو هبة أو إرث أو وصية
قوله ( بخلاف ما إذا لم يقر ) أي المشتري أي لم يقر نصا بأنه ملك للبائع فإن الشراء وإن كان إقرارا بالملك لكنه محتمل وفي جامع الفصولين لأنه وإن جعل مقرا بالملك للبائع لكنه مقتضى الشراء وقد انفسخ الشراء بالاستحقاق فينفسخ الإقرار
قوله ( بل لا بد من الشهادة على مضمونه ) بأن يشهدا أن قاضي بلدة كذا قضى على المستحق عليه بالدابة التي اشتراها من هذا البائع وأخرجها من يد المستحق عليه كما في جامع الفصولين وغيره
قوله ( من محاضر ) بيان لما والمراد مضمون ما في المذكورات فلا بد فيها من الشهادة على مضمون المكتوب لما في المنح
والمحضر ما يكتبه القاضي من حضور الخصمين والتداعي والشهادة
والسجل ما يكتب فيه نحو ذلك وهو عنده
والصك ما يكتبه لمشتر أو شفيع ونحو ذلك ا هـ ط
قوله ( بخلاف نقل وكالة ) كما إذا وكل المدعي إنسانا بحضرة القاضي ليدعي على شخص في ولاية قاض آخر وكتب القاضي كتابا يخبره بالوكالة ط
قوله ( وشهادة ) كما إذا شهدوا على خصم غائب فإن للقاضي لا يحكم بل يكتب الشهادة ليحكم بها القاضي المكتوب إليه ويسلم المكتوب لشهود الطريق كما يأتي في باب كتاب القاضي إلى القاضي ح
قوله ( لأنهما لتحصيل العلم للقاضي ) أي لمجرد الإعلام لا لنقل الحكم فلا تشترط الشهادة على مضمونها بل تكفي الشهادة بأنهما من قاضي بلدة كذا
هذا ما يفيده كلامه تبعا للدرر
ولكن سيأتي في كتاب القاضي إلى القاضي اشتراط قراءته على الشهود أو إعلامهم به ومقتضاه أنه لا بد من شهادتهم بمضمونه وإلا فما الفائدة في قراءته عليهم ولعل ما هنا مبني على قول أبي يوسف بأنه لا يشترط سوى شهادتهم بأنه كتابه وعليه الفتوى كما سيأتي هناك
قوله ( ولذا لزم الخ ) قال المصنف في كتاب القاضي في مسألة نقل الشهادة ولا بد من إسلام شهوده ولو كان لذمي على ذمي وعلله الشارح بقوله لشهادتهم على فعل المسلم ا هـ ط
____________________
(5/203)
قوله ( ولا رجوع الخ ) أي لو ادعى حقا مجهولا في دار فصولح على شيء كمائة درهم مثلا فاستحق بعض الدار لم يرجع صاحب الدار بشيء من البدل على المدعي لجواز أن تكون دعواه فيما بقي وإن قل
درر و عبارة الهداية فاستحقت الدار إلا ذراعا منها
والظاهر أنه لو كان الاستحقاق على سهم شائع كربع أو نصف فهو كذلك لأن المدعي لم يدع سهما منها لأن دعوى حق مجهول تشمل السهم والجزء
نعم لو ادعى سهما شائعا يكون استحقاق الربع مثلا واردا على ربع ذلك السهم أيضا فللمدعى عليه الرجوع بربع بدل الصلح هذا ما ظهر لي فتأمله
قوله ( لدخول المدعي في المستحق ) بالبناء للمجهول فيهما قال في الدرر للعلم بأنه أخذ عوض ما لم يملكه
قوله ( واستفيد منه الخ ) كذا ذكره شرح الهداية
قوله ( لأن جهالة الساقط لا تفضي إلى المنازعة ) لأن المصالح عنه ساقط فهو مثل الإبراء عن المجهول فإنه جائز عندنا لماذكر بخلاف عوض الصلح فإنه لما كان مطلوب التسليم اشترط كونه معلوما لئلا يفضي إلى المنازعة
قوله ( لصحته ) أي صحة الصلح
قوله ( لجهالة المدعى به ) بيان لوجه عدم صحة الدعوى لأن المدعى به إذا كان مجهولا لا تصح الدعوى حتى لو برهن عليه لم يقبل
قوله ( ما لم يدع إقراره به ) أي فإذا ادعى إقرار المدعى عليه بذلك الحق المجهول وبرهن على إقراره به يقبل أي ويجبر المقر على البيان كما نقله ط عن نوح
قوله ( بحصته ) الأولى ذكره بعد قوله شيء منها لأن الضمير راجع إليه ط
قوله ( لفوات سلامة المبدل ) أي الشيء الذي استحق فإنه لم يسلم للمصالح
قال في الدرر لأن الصلح على مائة وقع عن كل الدار فإذا استحق منها شيء تبين أن المدعى لا يملك ذلك القدر فيرد بحسابه من العوض ا هـ فافهم
قوله ( لم يرجع الخ ) هذا ظاهر فيما إذا ورد الاستحقاق على سهم شائع أيضا كربعها أو نصفها أما إذا استحق جزء معين منها كذراع مثلا من موضع كذا فالصلح عن دعوى ربعها يدخل فيه ربع ذلك الجزء المستحق
تأمل
قوله ( وإن بقي أقل ) بأن ادعى الربع ولم يبق الاستحقاق في يد المدعى عليه إلا الثمن فيرجع بحصة الثمن المستحق ط
قوله ( فوجب الرجوع ) أي بأصل المدعي وهو الدنانير ط
قوله ( وفيها فروع أخر فلتنظر ) منها استحقاق بعض المبيع وسيأتي
ومنها مسائل أخر تقدمت في فصل الفضولي
قوله ( إلا إذا البائع هاهنا ادعى الخ ) أي فلا يرجع بالثمن لأنه لو رجع على بائعه فهو أيضا يرجع عليه
بزازية
لكن هذا ظاهر إذااتحدالثمن فلو زاد فله الرجوع عليه
____________________
(5/204)
بالزيادة كما قاله ط
وكذا لو ادعى عليه إقراره بأنه اشتراه مني وهي حيلة لا من البائع غائلة الرد بالاستحقاق وبيانها أن يقر المشتري بأن بائعي قبل أن يبيعه مني اشتراه مني فحينئذ لا يرجع بعد الاستحقاق لما قلنا أما لو قال لا أرجع بالثمن إن ظهر الاستحقاق فظهر كان له الرجوع ولا يعمل ما قاله لأن الإبراء لا يصح تعليقه بالشرط كما في الفتح
قوله ( وطفقا ذاك ) أي شرع واسم الإشارة للمشتري
قوله ( آكامها ) بمد الهمزة جمع أكمة محركة التل
قوله ( تمامها ) أي الخرابة وما بناه فيها
قوله ( مطلقا ) لم يظهر لي المراد به
تأمل
قوله ( بذا الذي كان عليها أنفقا ) متعلق بقوله راجعا المقدر في المعطوف أو المذكور في المعطوف عليه ولو قدم هذا الشرط على الذي قبله لكان أظهر ويكون المراد بقوله مطلقا أنه لا يرجع على المستحق بما أنفق ولا بالثمن أما على البائع فلا رجوع بما أنفق فقط ويرجع بالثمن كما صرح به في جامع الفصولين ثم المراد بما أنفق قيمة البناء إن كان بنى فيها أو أجرة التسوية ونحوها كما يظهر مما يأتي
ثم اعلم أنا قدمنا أنه لا يرجع المشتري على البائع بالثمن إذا صار المبيع بحال لو كان غصبا لملكه كما لو قطع الثوب وخاطه قميصا فاستحق القميص أو طحن البر فاستحق الدقيق
وقد اختلفوا فيما لو غصب أرضا وبنى فيها أو غرس ما قيمته أكثر من قيمة الأرض هل يملك الأرض بقيمتها أم يؤمر بالقلع والرد إلى الملك أفتى المفتي أبو السعود بالثاني وعليه يظهر إطلاقهم هنا أما على القول الأول فتقيد المسألة بما إذا كان قيمة البناء أقل وإلا كان الاستحقاق واردا على ملك المشتري وهو الأرض والبناء بلا رجوع له على البائع أصلا فتنبه لذلك
قوله ( به ) أي بالمبيع أو بالاستحقاق وهو متعلق بقوله قضى والضمير في قوله فصالح عائد على من اشترى و الذي ادعاه وهو المستحق مفعول صالح و صلحا مفعول مطلق وضمير له عائد على الذي
قوله ( يرجع الخ ) أي لأنه صار شاريا للمبيع من المستحق ومر تمام الكلام على ذلك أوائل الباب
قوله ( شرى دارا ) أي ولو كان الشراء فاسدا كما في جامع الفصولين معللا بتحقق الغرور فيه
قوله ( وبنى فيها ) أي من ماله فلو بنى بنقضها لم يرجع بقيمته كما هو ظاهر ولا بما أنفق كما يعلم مما يأتي قوله ( فاستحقت ) أي الدار وحدها دون ما بناه فيها قوله ( وقيمة البناء مبنيا ) أي يقوم مبنيا فيرجع بقيمته لا مقلوعا والمراد بالبناء ما يمكن نقضه وتسليمه كما يأتي فلا يرجع بما أنفق من طين ونحوه ولا بأجرة الباني ونحوه
قوله ( على البائع ) ثم هذا البائع يرجع على بائعه بالثمن فقط لا بقيمة البناء عنده وعندهما يرجع بقيمة البناء ذخيرة
قوله ( إذا سلم النقض إليه ) ظاهره أنه يرجع بعدما كلفه المستحق الهدم فهدمه والبائع غائب ثم سلم نقضه إلى البائع وذكر في الخانية عن ظاهر الرواية أنه لا يرجع عليه إلا إذا سلمه البناء قائما فهدمه البائع ثم قال والأول أقرب إلى النظر
____________________
(5/205)
قلت وعزاه في الذخيرة إلى عامة الكتب
قوله ( يوم تسليمه ) متعلق بقيمة فلو سكن فيه وانهدم بعضه أو زادت قيمته يرجع عليه بقيمة البناء يوم التسليم كما بسطه في جامع الفصولين ونقلناه في آخر المرابحة عن الخانية
قوله ( فبالثمن لا غير ) وعند البعض له إمساك النقض والرجوع بنقصانه أيضا كما في الذخيرة
قوله ( كما لو استحقت بجميع بنائها ) أي فإنه يرجع بالثمن لا غير وهذه مسألة الخرابة السابقة
قوله ( لما تقرر الخ ) قال في جامع الفصولين لأن الاستحقاق إذا ورد على ملك المشتري لا يوجب الرجوع على البائع والبناء ملك المشتري فلا يرجع به ولأنه لما استحق الكل لا يقدر المشتري أن يسلم البناء إلى البائع وقد مر أنه لا يرجع بقيمة بنائه ما لم يسلمه إلى البائع ا هـ
قوله ( لأن الحكم الخ ) أي حكم القاضي بالاستحقاق يوجب الرجوع بالقيمة أي بقيمة ما يمكن نقضه وتسليمه كما يأتي لا بالنفقة أي لا بما أنفقه وهو هنا أجرة الحفر والترميم بطين ونحوه مما لا يمكن نقضه وتسليمه وأفاد أنه لا فرق بين أن يستحق لجهة وقف أو ملك وعبارة الشارح آخر كتاب الوقف توهم خلافه وقدمنا الكلام عليها هناك
قوله ( كما في مسألة الخرابة ) أي المتقدمة في النظم وهذا تشبيه لقوله لا بالنفقة إن كان لم يبن في الخرابة وإن كان بنى فيها فهو تمثيل لقوله كما لو استحقت الخ
قوله ( حتى لو كتب في الصك ) أي صك عقد البيع وهو تفريع على قوله لا بالنفقة
قوله ( فعلى البائع ) أي إذا ظهرت مستحقة ط
قوله ( يفسد البيع ) لأنه شرط فاسد لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ط
قوله ( وطواها ) أي بناها حجر أو آجر
قوله ( لا بقيمة الحفر ) كذا في جامع الفصولين والأظهر التعبير بنفقة الحفر لأن الحفر غير متقوم
قوله ( فلو شرطاه ) أي الرجوع بنفقة الحفر
قوله ( وبالجملة ) أي وأقول قولا ملتبسا بالجملة أي مشتملا على جملة ما تقرر
قوله ( بقيمة ما يمكن نقضه وتسليمه ) أي بعد أن يسلمه للبائع كما مر وهذا إن لم يكن عالما بأن البائع غاصب فلو علم لم يرجع لأنه مغتر لا مغرور
بزازية
ولو قال البائع بعتها مبنية وقال المشتري أنا بنيتها فأرجع عليك فالقول للبائع لأنه منكر حق الرجوع ولو أخذ دارا بشفعة فبنى ثم استحق منه رجع على المشتري بثمنه لا بقيمة بنائه لأنه أخذها برأيه جامع الفصولين وفيه لو أضر الزرع بالأرض فللمستحق أن يضمنه للنقصان ولا يرجع المشتري على بائعه إلا بالثمن
تنبيه نظم في المحبية مسألة أخرى وعزاها شارحها سيدي عبد الغني النابلسي إلى جامع الفتاوى وهي رجل اشترى كرما فقبضه وتصرف فيه ثلاث سنين ثم استحقه رجل وبرهن وأخذه بقضاء القاضي ثم طلب الغلة التي أتلفها المشتري هل يجوز رده أم لا الجواب فيه يوضع من الغلة مقدار ما أنفق في عمارة الكرم من قطع الكرم وإصلاح السواقي وبنيان الحيطان ومرمته وما فضل من ذلك يأخذه المستحق من المشتري ا هـ
وبه أفتى في الحامدية أيضا وعزاه إلى جامع الفتاوى وقال بمثله أفتى الشيخ خير الدين في فتاواه وأيضا أبو السعود أفندي مفتي السلطنة نقلا عن التوفيق كما في صور المسائل من الاستحقاق ونقله الأنقروي في فتاواه ا هـ
____________________
(5/206)
قلت وهذا مشكل لأنه مثل قيمة الجص والطين فلا يرجع به على البائع ولا على المستحق لأن زوائد المغصوب متصلة أو منفصلة تضمن بالاستهلاك والغلة منهما ولعل وجهه أنه إذا اقتطع من الغلة ما أنفقه لم يكن رجوعا من كل وجه لأن الغلة إنما نمت وصلحت بإنفاقه كما في الإنفاق على الدابة كما يأتي لكن كما الأوفق الرجوع على البائع لأنه غر المشتري في ضمن عقد البيع ولا صنع للمستحق في ذلك
فليتأمل
قوله ( في الفصل الخامس عشر ) صوابه السادس عشر
قوله ( له رد الباقي ) لعيب الشركة
قوله ( إن لم يتغير الخ ) لأن ذلك مانع من الرد بالعيب
قوله ( ولو شرى أرضين الخ ) قال في جامع الفصولين استحق بعض المبيع فلو لم يميز إلا بضرر كدار وكرم وأرض وزوجي خف ومصراعي باب وقن يتخير المشتري وإلا فلا كثوبين لأن منفعة الدار يتعلق بعضها ببعض ومنفعة الثوب لا تتعلق بمنفعة ثوب آخر ا هـ
وهذا إذا كان بعد القبض ولذا قال بعده ولو استحق بعض المبيع قبل قبضه بطل البيع في قدر المستحق ويخير المشتري في الباقي كما مر سواء أورث الاستحقاق عيبا في الباقي أو لا لتفرق الصفقة قبل التمام وكذا لو استحق بعد قبضه سواء استحق المقبوض أو غيره يخير كما مر لما مر من التفرق ولو قبض كله فاستحق بعضه بطل البيع بقدره ثم لو أورث الاستحقاق عيبا فيما بقي يخير المشتري كما مر ولو لم يورث عيبا فيه كثوبين أو قنين استحق أحدهما أو كيلي أو وزني استحق بعضه أو لا يضر تبعيضه فالمشتري يأخذ الباقي بلا خيار ا هـ
وتقدم تمام الكلام على ذلك في خيار العيب
قوله ( لم يرجع بما أنفق ) أي لم يرجع المشتري على البائع
قنية
وفيها أيضا اشترى إبلا مهازيل فعلفها حتى سمنت ثم استحقت لا يرجع على البائع بما أنفقه وبالعلف ا هـ
ونقل في الحامدية بعده عن القاعدية اشترى بقرة وسمنها ثم استحقت فإنه يرجع على بائعه بما زاد كما لو اشترى دارا وبنى فيها ثم استحقت ا هـ
وهذا يناسب مسألة الكرم المارة آنفا لكن يفيد أن يكون الرجوع على البائع كما قلنا وما ذكره في القنية من عدم الرجوع هنا أظهر والفرق بين التسمين والبناء ظاهر مما مر فلذا مشى عليه الشارح
قوله ( ولو استحق ثياب القن الخ ) في جامع الفصولين شرى أرضا فيها أشجار حتى دخلت بلا ذكر فاستحقت الأشجار قيل لا حصة لها من الثمن كثوب قن وبردعة حمار فإن ما يدخل تبعا لا حصة له من الثمن وقيل الرواية أنه يرجع بحصة الأشجار والفرق أنها مركبة في الأرض فكأنه استحق بعض الأرض بخلاف الثياب فالتبعية هنا أقل ولذا كان للبائع أن يعطي غيرها لو كانت ثياب مثله
ثم قال أقول في الشجر وكل ما يدخل تبعا إذا استحق بعد القبض ينبغي أن يكون له حصة من الثمن ا هـ
قلت ويدل له ما نقل عن شرح الإسبيجابي الأوصاف لا قسط لها من الثمن إلا إذا ورد عليها القبض والأوصاف ما يدخل في البيع بلا ذكر كبناء وشجر في أرض وأطراف في حيوان وجودة في الكيلي والوزني وعن فتاوى رشيد الدين البناء وإن كان تبعا إذا لم يذكر في الشراء لكن إذا قبض يصير مقصودا له حصة من الثمن ا هـ
وفي الخانية وضع محمد رحمه الله تعالى أصلا كل شيء إذا بعته وحده لا يجوز بيعه وإذا بعته مع غيره
____________________
(5/207)
جاز فإذا استحق ذلك الشيء قبل القبض كان المشتري بالخيار إن شاء أخذ الباقي بجميع الثمن وإن شاء ترك
وكل شيء إذا بعته وحده يجوز بيعه فإذا بعته مع غيره فاستحق كان له حصة من الثمن ا هـ
قلت فصار الحاصل أن ما يدخل في البيع تبعا إذا استحق بعد القبض كان له حصة من الثمن فيرجع على البائع بحصته وإن استحق قبل القبض فإن كان لا يجوز بيعه وحده كالشرب فلا حصة له من الثمن فلا يرجع بشيء بل يخير بين الأخذ بكل الثمن والترك وإن جاز بيعه وحده كالشجر وثوب القن كان له حصة من الثمن فيرجع بها على البائع وهذا إذا لم يذكر في البيع لما في جامع الفصولين إذا ذكر البناء والشجر كانا مبيعين قصدا لا تبعا حتى لو فاتا قبل القبض يأخذ الأرض بحصتها ولا خيار له ولو احترقا أو قلعهما ظالما قبل القبض يأخذها بجميع الثمن أو ترك ولا يأخذ بالحصة بخلاف الاستحقاق والهلاك بعد القبض وهو على المشتري
قوله ( بلا إعادة بينة ) أي على الاستحقاق وهذا إذا كان الرجوع عند القاضي الذي حكم بالاستحقاق وهو ذاكر لذلك فلو نسي أو كان عند غيره لا بد من الإعادة كما أفاده في جامع الفصولين
قوله ( لو أبرأ الأول من الثمن ) أي بأن يحكم القاضي بالاستحقاق وحكم للمشتري الأخير بالرجوع على الأول بالثمن ثم أبرأه فللمشتري الأول الرجوع على بائعه كما قدمه الشارح أوائل الباب عن جامع الفصولين ونقلنا قبله عن الذخيرة و جامع الفصولين أنه لو أبرأه البائع عن الثمن قبل الاستحقاق فلا رجوع له بعد الاستحقاق لأنه لا ثمن له على بائعه وكذا لا رجوع لبقية الباعة
قوله ( لكن في الفصولين ما يخالفه ) الذي في جامع الفصولين التفرقة بني الاستحقاق المبطل والناقل كما تقدم في المتن أول الباب
وهذا لا يخالف المنقول هنا عن أبي حنيفة وإن كان مراده المخالفة في مسألة الإبراء فلم أر فيه مخالفة لما هنا أيضا بل فيه التفرقة بين إبراء المشتري البائع وبين إبراء البائع المشتري كما ذكرناه آنفا وقدمناه أول الباب
قوله ( لم يرجع المستحق بالمال على المعتق ) كذا في القنية والظاهر أن المراد بالمال ما كان من كسب العبد لأن غايته أنه ظهر بالاستحقاق أن المعتق غاصب للعبد والغاصب يملك كسب العبد المغصوب أما لو كان المال للمولى مع العبد فأعتقه عليه ينبغي أن يثبت للمستحق الرجوع به على المعتق
تأمل
قوله ( وأخذت بالشفعة ) أي بقيمة العبد أو بعينه إن وصل إلى الشفيع بجهة ط
قوله ( ويأخذ البائع الدار من الشفيع ) أي ويرجع الشفيع بما دفع من قيمة العبد على البائع
قوله ( لبطلان البيع ) علة لقوله بطلت الشفعة ط
والتعليل بذلك مذكور في القنية وهو صريح في أن الاستحقاق في بيع المقايضة يبطل البيع
وفي جامع الفصولين استحقاق بدل المبيع يوجب الرجوع بعين المبيع قائما وبقيمته هالكا
وفيه أيضا إذا استحق أحد البدلين في المقايضة وهلك البدل الآخر تجب قيمة الهالك لا قيمة المستحق لانتقاض البيع ا هـ
وفي حاشيته للخير الرملي هذا يدل بإطلاقه على ما لو باعه المقايض لغيره وسلمه له ثم استحق بدله من يد المقايض للثاني أن يرجع بعين المبيع على المشتري منه لانتقاض البيع ومن لوازمه رجوعه إلى ملكه فإذا رجع عليه وأخذ منه يرجع هو بما دفع لبائعه من الثمن وتسمع دعوى مالك المبيع على المشتري بغيبة بائعه لدعواه الملك لنفسه فينتصب خصما للمدعي وهي واقعة الحال في مقايضة بهيم ببهيم وتقابضا وباع
____________________
(5/208)
أحدهما ما في يده وسلم فاستحق من مشتريه ولم أر فيها صريح النقل غير ما هنا لكن مجرد الاستحقاق لا يوجب نقض البيع وفسخه كما مر بيانه ا هـ ملخصا
وتمامه فيها
خاتمة لم أر من ذكر ما إذا ورد الاستحقاق بعد هلاك المبيع كموت الدابة مثلا وهي واقعة الفتوى وقد أجبت بأن المستحق لا بد له من إقامة البينة على قيمتها يوم الشراء فيضمن المشتري القيمة ويرجع على بائعه بالثمن لا بما ضمن لأن المشتري غاصب الغاصب وقد صرحوا في الغصب بأن المشتري من الغاصب إذا ضمن القيمة يرجع على بائعه بالثمن لأن رد القيمة كرد العين والله سبحانه وتعالى أعلم
باب السلم شروع فيما يشترط فيه قبض أحد العوضين أو قبضهما كالصرف وقدم السلم عليه لأنه بمنزلة المفرد من المركب وخص باسم السلم لتحقق إيجاب التسليم شرعا فيما صدق عليه أعني تسليم رأس المال وتمامه في النهر
قوله ( وشرعا ) معطوف على قوله لغة
قوله ( بيع آجل بعاجل ) كذا عرفه في الفتح واعترض على ما في السراج و العناية من أنه أخذ عاجل بآجل بأنه غير صحيح لصدقه على البيع بثمن مؤجل
وفي غاية البيان أنه تحريف من النساخ
وأجاب في البحر بأنه من باب القلب والأصل أخذ آجل بعاجل
قلت وفيه أن القلب لا يسوغ لغير البلغاء لأجل نكتة بيانية كما صرحوا به ولا سيما في التعاريف ويظهر لي الجواب بأنه ناظر إلى ابتدائه من جانب المسلم إليه أي أخذ ثمن عاجل ويؤيده كون السلم كالسلف مشعرا بالتقدم أولا فالمناسب الابتداء بالعاجل وهو الثمن
ثم رأيت في النهر عن الحواشي السعدية ما يوافق ما قلنا حيث قال يجوز أن يقال المراد أخذ ثمن عاجل بآجل بقرينة المعنى اللغوي إذ الأصل هو عدم التغيير إلا أن يثبت بدليل ا هـ
ويظهر لي أيضا أن الأولى في تعريفه أن يقال شراء آجل بعاجل لأن السلم اسم من الإسلام كما في القهستاني ولا يخفى أن الإسلام صفة المسلم فهو المنظور إليه أصالة ولذا سموه رب السلم أي صاحبه فالمناسب بناء التعريف على ما يشعر به اللفظ والمعنى وهو الشراء الذي هو المراد بالإسلام الصادر من رب السلم بخلاف البيع الصادر من المسلم إليه ومثله الأخذ لعدم إشعار اشتقاق اللفظ بهما
قوله ( وركنه ركن البيع ) من الإيجاب والقبول
قوله ( حتى ينعقد الخ ) وكذا ينعقد البيع والشراء بلفظ السلم ولم يحك في القنية فيه خلافا
نهر قوله ( ويصح فيما أمكن ضبط صفته ) لأنه دين وهو لا يعرف إلا بالوصف فإذا لم يمكن ضبطه به يكون مجهولا جهالة تفضي إلى المنازعة فلا يجوز كسائر الديون
نهر قوله ( كمكيل وموزون ) فلو أسلم في المكيل وزنا كما إذا أسلم في البر والشعير بالميزان فيه روايتان والمعتمد الجواز لوجود الضبط وعلى هذا الخلاف لو أسلم في الموزون كيلا
بحر
قوله ( فلم يجز فيها السلم ) لكن
____________________
(5/209)
إذا كان رأس المال دراهم أو دنانير أيضا كان العقد باطلا اتفاقا وإن كان غيرها كثوب في عشرة دراهم لا يصح سلما اتفاقا وهل ينعقد بيعا في الثوب بثمن مؤجل قال أبو بكر الأعمش ينعقد وعيسى بن أبان لا وهو الأصح
نهر
وهذا صححه في الهداية ورجح في الفتح الأول وأقره في البحر واعترضه في النهر بما هو ساقط جدا كما أوضحته فيما علقته على البحر
قوله ( وعددي متقارب ) الفاصل بين المتفاوت والمتقارب أن ما ضمن مستهلكه بالمثل فهو متقارب وبالقيمة يكون متفاوتا
بحر عن المعراج
قوله ( كجوز ) أي جوز الشام بخلاف جوز الهند كما في البحر
قوله ( وبيض ) ظاهر الرواية أن بيض النعام من المتقارب في رواية الحسن عن الإمام لا يجوز لتفاوت آحاده والوجه أن ينظر إلى الغرض في العرف فإن كان الغرض منه الأكل فقط كعرف أهل البوادي وجب العلم بالأول أو القشر ليتخذ في سلاسل القناديل كما في مصر وغيرها وجب العمل بالرواية الأخرى ووجب مع ذكر العدد تعيين المقدار واللون من نقاء البياض وإهداره أفاده في الفتح وأجازوه في الباذنجان والكاغد عددا وحمله في الفتح على باذنجان ديارهم وفي ديارنا ليس كذلك وعلى كاغد بقالب خاص وإلا لا يجوز ا هـ
وفي الجوهرة لا يجوز السلم في الورق إلا أن يشترط منه ضرب معلوم الطول والعرض والجودة
قوله ( وفلس ) الأولى وفلوس لأنه مفرد لا اسم جنس
قيل وفيه خلاف محمد لمنعه بيع الفلس بالفلسين إلا أن ظاهر الرواية عنه كقولهما وبيان الفرق في النهر وغيره
قوله ( بكسر الباء ) أي الموحدة وقد تخفف فيصير كحمل كما في المصباح وهو الطوب النيء
نهر
قوله ( وآجر ) بضم الجيم وتشديد الراء مع المد أشهر من التخفيف وهو اللبن إذا طبخ
مصباح
قوله ( بملبن ) كمنبر قالب الطين
قاموس
فهو بفتح الباء
وما في البحر عن الصحاح من أنه بكسر الباء فهو سبق قلم فإنه لم يوجد في الصحاح بل الذي فيه الملبن قالب اللبن والملبن المحلب
قوله ( بين صفته ومكان ضربه خلاصة ) فيه نظر فإن عبارة الخلاصة ولا بأس في السلم في اللبن والآجر إذا بين الملبن والمكان وذكر عددا معلوما والمكان قال بعضهم مكان الإيفاء وهذا قول أبي حنيفة
وقال بعضهم المكان الذي يضرب فيه اللبن ا هـ أي لاختلاف الأرض رخاوة وصلابة وقربا وبعدا ولا يخفى أن الملبن إذا كان معينا لا يحتاج إلى بيان صفته بخلاف ما إذا كان غير معين فلا بد من كونه معلوما ويعلم كما في الجوهرة بذكر طوله وعرضه وسمكه
قوله ( وذرعي كثوب الخ ) وكالبسط والحصر والبواري كما في الفتح وأراد بالثوب غير المخيط
قال في الفتح ولا في الجلود عددا وكذا الأخشاب والجوالقات والفراء والثياب المخيطة والخفاف والقلانس إلا أن يذكر العدد لقصد التعدد في المسلم فيه ضبطا للكمية ثم يذكر ما يقع به الضبط كأن يذكر في الجلود مقدار من الطول والعرض بعد النوع كجلود البقر والغنم الخ
قوله ( بين قدره ) أي كونه كذا كذا ذراعا
فتح
وظاهره أن الضمير للثوب لا للذراع
وفي البزازية إن أطلق الذراع فله الوسط وفي الذخيرة اختلفوا في قول محمد له ذراع وسط فقيل المراد به المصدر أي فعل الذرع فلا يمد كل المد ولا يرخى كل الإرخاء وقيل الآلة والصحيح أنه يحمل عليهما
قوله ( كقطن ) فيه أن هذا جنس والصفة كأصغر ومركب منهما كالملحم
ط عن المنح
وفسر الصفة في الدرر بالرقة والغلظ لكنه لا يناسب المتن
قوله ( فإن الديباج ) هو ثوب سداه ولحمته إبريسم بكسر الدال أصوب من فتحها
مصباح
____________________
(5/210)
وهو نوع من الحرير
قوله ( والحرير الخ ) قال في الفتح هذا عرفهم وعرفنا ثياب الحرير أيضا وهي المسماة بالكمخاء كلما ثقلت زادت القيمة
فالحاصل أنه لا بد من ذكر الوزن سواء كانت القيمة تزيد بالثقل أو بالخفة ا هـ
قوله ( فلا بد من بيانه مع الذرع ) هو الصحيح كما في الظهيرية ولو ذكر الوزن بدون الذرع لا يجوز وقيده جواهر زاده بما إذا لم يبين لكل ذراع ثمنا فإن بينه جاز كذا في التاترخانية
نهر
قوله ( ما تتفاوت ماليته ) أي مالية أفراده
قوله ( بلا مميز ) أي بلا ضابط غير مجرد العدد كطول وغلظ ونحو ذلك
فتح
قوله ( وما جاز عدا جاز كيلا ووزنا ) وما يقع من التخلخل في الكيل بين كل نحو بيضتين مغتفر لرضا رب السلم بذلك حيث أوقع العقد على مقدار ما يملأ هذا الكيل مع تخلخله وإنما يمنع ذلك في أموال الربا إذا قوبلت بجنسها والمعدود ليس منها وإنما كان باصطلاحهما فلا يصير بذلك مكيلا مطلقا ليكون ربويا وإذا أجزناه كيلا فوزنا أولى
فتح
وكذا ما جاز كيلا جاز وزنا وبالعكس على المعتمد لوجود الضبط كما قدمناه عن البحر أي وإن لم يجر فيه عرف كما قدمناه في الربا قبيل قوله والمعتبر تعيين الربوي
قوله ( ويصح في سمك مليح ) في المغرب سمك مليح ومملوح وهو القدير الذي فيه الملح
قوله ( ومالح لغة رديئة ) كذا في المصباح وذكر أن قولهم ماء مالح لغة حجازية واستشهد لها وأطال
قوله ( وفي طري حين يوجد ) فإن كان ينقطع في بعض السنة كما قيل إنه ينقطع في الشتاء في بعض البلاد أي لانجماد الماء فلا ينعقد في الشتاء ولو أسلم في الصيف وجب أن يكون الأجل لا يبلغ الشتاء هذا معنى قول محمد لا خير في السمك الطري إلا في حينه يعني أن يكون السلم مع شروطه في حينه كي لا ينقطع بين العقد والحلول وإن كان في بلد لا ينقطع جاز مطلقا وزنا لا عددا لما ذكرنا من التفاوت في آحاده
فتح أما المليح فإنه يدخر ويباع في الأسواق فلا ينقطع حتى لو كان ينقطع في بعض الأحيان لا يجوز فيه كما أفاده ط
ولا يخفى أن هذا في بلاد يوجد فيها أما في مثل بلادنا فلا يصح لأنه لا يباع في الأسواق إلا نادرا
قوله ( جاز وزنا وكيلا ) أي بعد بيان النوع لقطع المنازعة ط
قوله ( وفي الكبار ) أي وزنا ولا يجوز كيلا رواية واحدة
أفاده أبو السعود ط
قوله ( روايتان ) والمختار الجواز وهو قولهما لأن السمن والهزال غير معتبر فيه عادة وقيل الخلاف في لحم الكبار منه كذا في الاختيار وفي الفتح
وعن أبي حنيفة في الكبار التي تقطع كما يقطع اللحم لا يجوز السلم في لحمها اعتبارا بالسلم في اللحم ا هـ
قوله ( لا في حيوان ما ) أي دابة كان أو رقيقا ويدخل في جميع أجناسه حتى الحمام والقمري والعصافير هو المنصوص عن محمد إلا أنه يخص من عمومه السمك
نهر
قال في البحر لكن في الفتح إن شرطت حياته أي السمك قلنا أن نمنع صحته ا هـ
وأقره في النهر و المنح
قوله ( خلافا للشافعي ) ومعه مالك وأحمد وأطال في الفتح في ترجيح أدلة المذهب المنقولة والمعقولة ثم ضعف المعقولة وحط كلامه على أن المعتبر النهي الوارد في السنة كما قاله محمد أي فهو تعبدي
قوله ( وأكارع ) جمع كراع وهو ما دون الركبة في الدواب
فتح قوله ( وجاز وزنا في رواية ) في السراج أو أسلم فيه وزنا اختلفوا فيه
نهر
واختار هذه الرواية في الفتح حيث قال وعندي لا بأس بالسلم في الرؤوس والأكارع وزنا بعد ذكر النوع وباقي
____________________
(5/211)
الشروط فإنها من جنس واحد وحنئذ لا تتفاوت تفاوتا فاحشا ا هـ
وأقره في النهر
قوله ( بالحزم ) بضم الحاء وفتح الزاي جمع حزمة
في القاموس حزمه يحزمه شدة والحزمة بالضم ما حزم
قوله ( ورطبة ) هي الفصة خاصة قبل أن تجف والجمع رطاب مثل كلبة وكلاب والرطب وزان قفل المرعى الأخضر من بقول الربيع وبعضهم يقول الرطبة وزان غرفة الخلا وهو الغض من الكلأ
مصباح
قوله ( بالجرز ) جمع جرزة مثل غرفة وغرف وهي القبضة من القت ونحوه أو الحزمة
مصباح
وفيه والقت الفصة إذا يبست
قوله ( إلا إذا ضبط الخ ) بأن بين الحبل الذي يشد به الحطب والرطبة وبين طوله وضبط ذلك بحيث لا يؤدي إلى النزاع
زيلعي
قوله ( وجاز وزنا ) أي في الكل
فتح
قال وفي ديارنا تعارفوا في نوع من الحطب الوزن فيجوز الإسلام فيه وزنا وهو أضبط وأطيب
قوله ( وجوهر ) كالياقوت والبلخش والفيروز ج
نهر
قوله ( وخرز ) بالتحريك الذي ينظم وخرزات الملك جواهر تاجه وكان إذا ملك عاما زيدت في تاجه خرزة ليعلم عدد سني ملكه
قاله الجوهري
وذلك كالعقيق والبلور لتفاوت آحادها تفاوتا فاحشا وكذلك لا يجوز في اللآلىء الكبار
نهر
قوله ( من وقت العقد إلى وقت الاستحقاق ) دوام الانقطاع ليس شرطا حتى لو كان منقطعا عند العقد موجودا عند المحل أو بالعكس أو منقطعا فيما بين ذلك لا يجوز وحد الانقطاع أن لا يوجد في الأسواق وإن كان في البيوت كذا في التبيين
شرنبلالية
ومثله في الفتح و البحر و النهر و عبارة الهداية ولا يجوز السلم حتى يكون المسلم فيه موجودا من حين العقد إلى حين المحل وسيذكره الشارح فما أوهمه كلامه هنا كالدرر غير مراد
قوله ( لم يجز في المنقطع ) أي المنقطع فيه لأنه لا يمكن إحضاره إلا بمشقة عظيمة فيعجز عن التسليم
بحر
قوله ( بعد الاستحقاق ) أي قبل أن يوفي المسلم فيه
بحر
قوله ( ولحم ) في الهداية ولا خير في السلم في اللحم
قال في الفتح وهذه العبارة تأكيد في نفي الجواز وتمامه فيه
قوله ( ولو منزوع عظم ) هو الأصح
هداية وهو رواية ابن شجاع عن الإمام وفي رواية الحسن عنه جواز منزوع العظم كما في الفتح
قوله ( وجوازه إذا بين وصفه وموضعه ) في البحر وقالا يجوز إذا بين جنسه ونوعه وسنه وصفته وموضعه وقدره كشاة خصي ثني سمين من الجنب أو الفخذ مائة رطل ا هـ
ولعل الشارح أراد بالوصف جميع ما ذكر
قوله ( وعليه الفتوى بحر ) نقل ذلك في البحر و الفتح عن الحقائق والعيون
قوله ( لكن في القهستاني الخ ) استدراك على المتن
فافهم
قوله ( بالروايتين ) أي رواية الحسن ورواية ابن شجاع وهي الأصح فما في القهستاني مبني على خلاف الأصح
____________________
(5/212)
مطلب هل اللحم قيمي أو مثلي قوله ( وفي العيني الخ ) في البحر عن الظهيرية وإقراض اللحم عندهما يجوز كالسلم وعنه روايتان وهو مضمون بالقيمة في ضمان العد وإن لو مطبوخا إجماعا ولو نيئا فكذلك هو الصحيح ا هـ
وذكر في الفتح عن الجامع الكبير و المنتقى أن اللحم مضمون بالقيمة واختيار الإسبيجابي ضمانه بالمثل وهو الوجه لأن جريان ربا الفضل فيه قاطع بأنه مثلي فيفرق بين الضمان والسلم بأن المعادلة في الضمان منصوص عليها وتمامها بالمثل لأنه مثل صورة ومعنى والقيمة مثل معنى فقط وتمام الكلام فيه
قوله ( ولا بمكيال وذراع مجهول ) أي لم يدر قدره كما في الكنز والواو بمعنى أو أي لا يجوز السلم بمكيال معين أو بذراع معين لا يعرف قدره لأنه يحتمل أن يضيع فيؤدي إلى النزاع بخلاف البيع به حالا حيث يجوز لأن التسليم به يجب في الحال فلا يتوهم فوته وفي السلم يتأخر التسليم فيخاف فوته
زيلعي
زاد في الهداية ولا بد أن يكون المكيال مما لا ينقبض ولا ينبسط كالقصاع مثلا وإن كان مما ينكبس بالكبس كالزنبيل والجراب لا يجوز إلا في قرب الماء للتعامل فيه كذا عن أبي يوسف ا هـ
واعترضه الزيلعي بأن هذا التفصيل إنما يستقيم في البيع حالا حيث يجوز بإناء لا يعرف قدره بشرط أن لا ينكبس ولا ينبسط ويفيد فيه استثناء قرب الماء ولا يستقيم في السلم لأنه إن كان لا يعرف قدره لا يجوز السلم به مطلقا وإن عرف قدره فالسلم به لبيان القدر لا لتعيينه فكيف يتأتى فيه الفرق بين المنكبس وغيره ا هـ
وأجاب في النهر بأنه إذا أسلم بمقدار هذا الوعاء برا وقد عرف أنه ويبة مثلا جاز غير أنه إذا كان ينقبض وينبسط لا يجوز لأنه يؤدي إلى النزاع وقت التسليم في الكبس وعدمه لأنه عند بقاء عينه يتعين
وقول الزيلعي لا لتعيينه ممنوع
نعم هلاكه بعد العلم بمقداره لا يفسد العقد ا هـ
قلت ولا يخفى ما فيه لأن الوعاء إذا تحقق معرفة قدره لا يتعين قطعا وإلا فسد العقد بعد هلاكه ولا نزاع بعد معرفة قدره لإمكان العدول إلى ما عرف من مقداره فيسلمه بلا منازعة كما إذا هلك لأن الكلام فيما عرف قدره ويظهر لي الجواب عن الهداية بأن قوله ولا بد الخ بيان لما يعرف قدره لا شرط زائد عليه ويكون المراد أنه إذا كان مما ينقبض وينكبس بالكبس لا يتقدر بمقدار معين لتفاوت الانقباض والكبس فيؤدي إلى النزاع ولذا لم يجز البيع فيه حالا فكلام الزيلعي وارد على ما يتبادر من كلام الهداية من أنه شرط زائد على معرفة القدر وعلى ما قلنا فلا فاغتنم هذا التحرير
قوله ( إلا إذا كانت النسبة لثمرة الخ ) كان الأولى إسقاط قوله لثمرة أو أنه يقول لثمرة أو بر إلى نخلة أو قرية
تأمل
قال في الفتح فلو كانت نسبة الثمرة إلى قرية معينة لبيان الصفة لا لتعيين الخارج من أرضها بعينه كالخشراني ببخارى والسباخي وهي قرية حنطتها جيدة بفرغانة لا بأس به لأنه لا يراد خصوص النابت هناك بل الإقليم ولا يتوهم انقطاع طعام إقليم بكماله فالسلم فيه وفي طعام العراق والشام سواء وكذا في ديار مصر في قمح الصعيد
وفي الخلاصة و المجتبى وغيره
لو أسلم في حنطة بخارى أو سمرقند أو إسبيجاب لا يجوز لتوهم انقطاعه ولو أسلم في حنطة هراة لا يجوز أو في ثوب هراة وذكر شروط السلم يجوز لأن حنطتها يتوهم انقطاعها إذ الإضافة لتخصيص البقعة بخلاف إضافة الثوب لأنها لبيان
____________________
(5/213)
الجنس والنوع لا لتخصيص المكان فلو أتى المسلم إليه بثوب نسج في غير ولاية هراة من جنس الهروي يعني من صفته ومؤنته أجبر رب السلم على قبوله فظهر أن المانع والمقتضي العرف فإن تعورف كون النسبة لبيان الصفة فقط جاز وإلا فلا ا هـ ملخصا
قلت ويظهر من هذا أن النسبة إلى بلدة معينة كبخارى وسمرقند مثل النسبة إلى قرية معينة فلا يصح إلا إذا أريد بها الإقليم كالشام والعراق مثلا وعلى هذا فلو قال دمشقية لا يصح لأنه لا يراد بدمشق الإقليم ولكن هل المراد ببخارى وسمرقند ودمشق خصوص البلدة أو هي وما يشمل قراها المنسوبة إليها فإن كان المراد الأول فعدم الجواز ظاهر وإن كان الثاني فله وجه لأنها ليست إقليما ولكن لا يصح قول الشارح كقمح مرجي أو بلدي فإن القمح المرجي نسبة إلى المرج وهو كورة شرقي دمشق تشتمل على قرى عديدة مثل حوران وهي كورة قبلي دمشق وقراها أكثر وقمحها أجود من باقي كور دمشق والبلدي في عرفنا غير الحوراني ولا شك أن ذلك كله ليس بأقليم فإن الإقليم واحد أقاليم الدنيا السبعة كما في القاموس
وفي المصباح يقال الدنيا سبعة أقاليم وقد يقال ليس مرادهم خصوص الإقليم المصطلح بل ما يشمل القطر والكورة فإنه لا يتوهم انقطاع طعام ذلك بكماله فيصح إذا قال حورانية أو مرجية وبه يصح كلام الشارح
تأمل
قوله ( فالمانع الخ ) تقدم آنفا بيانه فيما لو أسلم في حنطة هراة أو ثوب هراة
قوله ( إلى وقت المحل ) بفتح فكسر مصدر ميمي بمعنى الحلول
قوله ( لأنه لا يدري الخ ) هذا التعليل مخالف للتعليل المار عن الفتح وعزاه إلى شرح الطحاوي
قال في النهر وهو أولى لأن مقتضى هذا أنه لو عين جديد إقليم كجديدة من الصعيد مثلا أن يصح إذ لا يتوهم عدم طلوع شيء فيه أصلا ا هـ
يعني وهذا المقتضي غير مراد لمنافاته للشرط المار
قوله ( قلت الخ ) القول والتقييد الذي بعده لصاحب البحر
قوله ( أي شروط صحته ) أشار إلى أن الإضافة في شرطه للجنس فيصدق على الواحد والأكثر قوله ( التي تذكر في العقد ) أفاد أن له شروطا أخر سكت عنها المصنف لأنها لا يشترط ذكرها فيه بل وجودها
نهر
وذلك كقبض رأس المال ونقده وعدم الخيار وعدم علتي الربا لكن ذكر المصنف من الشروط قبض رأس المال قبل الافتراق مع أنه ليس مما يشترط ذكره في العقد
قوله ( سبعة ) أي إجمالا وإلا فالأربعة الأول منها تشترط في كل من رأس المال والمسلم فيه فهي ثمانية بالتفصيل
بحر
وسيأتي وفيه عن المعراج إنما يشترط بيان النوع في رأس المال إذاكان في البلد نقود مختلفة وإلا فلا وفيه عن الخلاصة لا يشترط بيان النوع فيما لا نوع له
قوله ( كبر أو تمر ) ومن قال كصعيدية أو بحرية فقد وهم وإنما هو من بيان النوع كما في البحر
قوله ( كمسقي ) هو ما يسقى سيجا أي بالماء الجاري
قوله ( وبعلي ) هو ما سقته السماء
قاموس
قوله ( لا ينقبض ولا ينبسط ) كالصاع مثلا بخلاف الجراب والزنبيل
قوله ( وأجل ) فإن أسلما حالا ثم أدخل الأجل قبل الافتراق وقبل استهلاك رأس المال جاز ا هـ
ط عن الجوهرة
قوله ( في السلم ) احتراز عن خيار الشرط ولا حاجة إليه
قوله ( به يفتى ) وقيل ثلاثة أيام
____________________
(5/214)
وقيل أكثر من نصف يوم وقيل ينظر إلى العرف في تأجيل مثله والأول أي ما في المتن أصح وبه يفتى
زيلعي
وهو المعتمد
بحر وهو المذهب
نهر
قوله ( ولذا شرط الخ ) أي لكونه يؤخذ من تركته حالا اشترط الخ
وحاصله بيان فائدة اشتراطهم عدم انقطاعه فيما بين العقد والمحل وذلك فيما لو مات المسلم إليه وقوله لتدوم الخ علة لقوله اشترط وقوله بموته الباء للسببية متعلقة بتسليمه والموت في الحقيقة ليس سببا للتسليم بل للحلول الذي هو سبب التسليم فهو سبب السبب
قوله ( إن تعلق العقد بمقداره ) بأن تنقسم أجزاء المسلم فيه على أجزائه
فتح أي بأن يقابل النصف بالنصف والربع بالربع وهكذا وذلك إنما يكون في الثمن المثلي
قوله ( واكتفيا بالإشارة الخ ) فلو قال أسلمت إليك هذه الدراهم في كر بر ولم يدر وزن الدراهم أو قال أسلمت إليك هذا البر في كذا منا من الزعفران ولم يدر قدر البر لا يصح عنده وعندهما يصح
وأجمعوا على أن رأس المال إذا كان ثوبا أو حيوانا يصير معلوما بالإشارة
درر
قوله ( كما في مذروع وحيوان ) لأن الذرع وصف في المذروع والمبيع لا يقابل الأوصاف فلا يتعلق العقد على قدره ولهذا لو نقص ذراعا أو تلف بعض أعضاء الحيوان لا ينقص من المسلم فيه شيء بل المسلم إليه بالخيار إن شاء رضي به بكل المسلم فيه وإن شاء فسخ لفوات الوصف المرغوب وتمامه في الفتح
قوله ( قلنا الخ ) هو جواب عن قولهما بأنه لا يلزم بيان قدر رأس المال ولو في مكيل ونحوه بل تكفي الإشارة إليه لأن المقصود حصول التسليم بلا منازعة
قوله ( فيحتاج إلى رد رأس المال ) أي فإذا كان غير معلوم القدر أدى إلى المنازعة
قوله ( ولا يستبدله الخ ) أي لا يتيسر له ذلك في المجلس وربما يكون الزيوف أكثر من النصف فإذا رده واستبدل بها في المجلس بفسد السلم لأنه لا يجوز الاستبدال في أكثر من النصف عنده خلافا لهما كما في الفتح
قوله ( في مجلس الرد ) كذا في الفتح
وفي بعض النسخ في مجلس العقد والصواب الأول
تنبيه من فروع المسألة ما لو أسلم في جنسين كمائة درهم في كر حنطة وكر شعير بلا بيان حصة واحد منهما من رأس المال لم يصح فيهما لانقسامه عليهما بالقيمة وهي تعرف بالحزر وكذا لو أسلم جنسين كدراهم ودنانير في كر حنطة وبين قدر أحدهما فقط لبطلان العقد في حصة ما لم يعلم قدره فيبطل في الآخر أيضا لاتحاد الصفقة
بحر وغيره
قوله ( للمسلم فيه ) احتراز عن رأس المال فإنه يتعين مكان العقد لإيفائه اتفاقا بحر
قوله ( فيما له حمل ) بفتح الحاء أي ثقل يحتاج في حمله إلى ظهر وأجرة حمال
نهر
قوله ( ومثله في الثمن والأجرة والقسمة ) بأن اشترى أو استأجر دارا بمكيل أو موزون موصوف في الذمة أو اقتسماها وأخذ أحدهما أكثر من نصيبه والتزما بمقابلة الزائد بمكيل أو موزون كذلك إلى أجل فعنده يشترط بيان مكان الإيفاء وهو الصحيح وعندهما لا يشترط
نهر
قوله ( وعينا مكان العقد ) أي إن أمكن التسلم فيه بخلاف ما إذا كان في مركب أو جبل فيجب في أقرب الأماكن
____________________
(5/215)
التي يمكن فيها بحر و فتح والمختار قول الإمام كما في الدر المنتقى عن القهستاني
قوله ( كبيع الخ ) أي لو باع حنطة أو استقرضها أو أتلفها أو غصبها فإنه يتعين مكانها لتسليم المبيع والقرض وبدل المتلف وعين المغصوب
قوله ( واجبة التسليم في الحال ) فإن تسليمها يستحق بنفس الالتزام فيتعين موضعه
بحر
بخلاف الأول أي السلم فإنه غير واجب في الحال فلا يتعين مكانه فيفضي إلى المنازعة لأن قيم الأشياء تختلف باختلاف الأماكن فلا بد من البيان
وتمامه في الفتح قوله ( فكل محلاتها سواء فيه ) قبيل هذا إذا لم تبلغ نواحيه فرسخا فإن بلغته فلا بد من بيان ناحية منه
فتح و بحر
وجزم به في النهر
قوله ( وفيها قبله ) أي في البزازية قبل ما ذكر
قوله ( بعد الإيفاء ) قيد به لأنه لو شرط الإيفاء فقط أو الحمل فقط أو الإيفاء بعد الحمل جاز ولو شرط الإيفاء بعد الإيفاء كشرط أن يوفيه في محلة كذا ثم يوفيه في منزله لم يجز على قول العامة كما في البحر
قوله ( الإجازة ) أي التي تضمنها شرط الحمل بعد الإيفاء والتجارة أي الشراء المقصود بالعقد وهذا بدل من الصفقتين بدل مفصل من مجمل
قوله ( وما لا حمل له الخ ) هو الذي لا يحتاج في حمله إلى ظهر وأجرة حمال وقيل هو الذي لو أمر إنسانا بحمله إلى مجلس القضاء حمله مجانا وقيل ما يمكن رفعه بيد واحدة ا هـ ح عن النهر
قوله ( كمسك وكافور ) يعني القليل منه وإلا فقد يسلم في أمنان من الزعفران كثيرة تبلغ أحمالا
فتح
وأراد بالقليل ما لا يحتاج إلى ظهر وأجرة حمال فافهم
قوله ( وصحح ابن كمال مكان العقد ) نقل تصحيحه عن المحيط السرخسي وكذا نقله عنه في البحر وجزم به في الفتح لكن المتون على الأول وصححه في الهداية و الملتقى
قوله ( فيما ذكر ) أي فيما لا حمل له ولا مؤنة
قوله ( لأنه يفيد سقوط خطر الطريق ) هذا التعليل مذكور في الفتح أيضا تبعا للهداية ومعناه أنه إذا تعين المكان وأوفاه في مكان آخر يلزم المسلم إليه نقله إلى المكان المعين فإذا هلك في الطريق يهلك عليه فيكون رب السلم قد سقط عنهه خطر الطريق بذلك بخلاف ما إذا لم يتعين فإنه إذا نقل بعد الإيفاء إلى المكان المعين يكون هلاكه على رب السلم
قوله ( وبقي من الشروط ) إنما غاير التعبير لأن هذه الشروط الآتية ليست مما يشترط ذكرها في العقد بل وجودها ط
قوله ( قبض رأس المال ) فلو انتقض بطل السلم كما لو كان عينا فوجده معيبا أو مستحقا ولم يرض بالعيب أو لم يجز المستحق أو دينا فاستحق ولم يجزه واستبدل بعد المجلس فلو قبله صح أو وجده زيوفا أو نبهرجة وردها بعد الافتراق سواء استبدلها في مجلس الرد أو لا فلو قبله واستبدلها في المجلس أو رضي بها ولو بعد الافتراق صح والكثير كالكل وفي تحديده روايتان ما زاد على الثلث أو ما زاد على النصف وإن وجده ستوقة أو رصاصا فإن استبدلها في المجلس صح وإن بعد الافتراق بطل وإن رضي بها لأنها غير جنس حقه
بحر ملخصا
قوله ( ولو عينا ) هو جواب الاستحسان
وفي الواقعات باع عبدا بثوب موصوف إلى أجل جاز لوجود شرط السلم فلو افترقا قبل قبض العبد لا يبطل لأنه صير سلما في حق الثوب بيعا في حق العبد ويجوز أن يعتبر في عقد واحد حكم عقدين كالهبة بشرط العوض وكما في قول المولى إن أديت إلي ألفا فأنت حر ا هـ نهر
____________________
(5/216)
قلت والظاهر أن هذا مفرع على جواب القياس
تأمل
قوله ( وصحت الكفالة والحوالة الخ ) أي فله مطالبة الكفيل والمحتال عليه فإن قبض المسلم إليه رأس المال من المحتال عليه أو الكفيل أو رب السلم في مجلس العاقدين صح وبعده بطل السلم والحوالة والكفالة وفي الرهن إن هلك الرهن في المجلس فلو قيمته مثل رأس المال أو أكثر صح ولو أقل صح العقد بقدره وبطل في الباقي وإن لم يهلك حتى افترقا بطل السلم وعليه رد الرهن لصاحبه
بحر عن البدائع ملخصا
قوله ( برأس مال السلم ) وكذا الكفالة بالمسلم فيه صرح به في منية المفتي وما سيأتي في الكفالة من أنها لا تصح في المبيع لأنه مضمون بغيره وهو الثمن فذاك في بيع العين وهذا بيع الدين
أفاده في حواشي مسكين أي فإن عقد السلم لا ينفسخ بهلاك قدر المسلم فيه قبل قبضه لأن له أن يقيم غيره مقامه لعدم تعينه بخلاف هلاك المبيع المعين قبل قبضه فإنه مضمون بغيره وهو الثمن فيسقط عن المشتري وسمي الثمن غيرا لأن المضمون بالقيمة مضمون بعينه حكما
وفي البحر عن أيضاح الكرماني
لو أخذ بالمسلم فيه رهنا سلطه على بيعه فباعه ولو بغير جنس المسلم فيه جاز
قوله ( وهو شرط بقائه على الصحة ) هو الصحيح وستأتي فائدة الاختلاف في الصرف
بحر و عبارته في الصرف وثمرة الاختلاف تظهر فيما إذا ظهر الفساد فيما هو صرف فهل يفسد فيما ليس بصرف عند أبي حنيفة فعلى القول الضعيف يتعدى الفساد وعلى الأصح لا كذا في الفتح ا هـ
قوله ( بوصفها ) أي وصف الصحة والإضافة بيانية
قوله ( كون رأس المال منقودا ) أي نقده الصيرفي ليعرف جيده من الرديء وليس المراد بالنقد القبض فإنه شرط آخر قد مر
أفاده في البحر وفائدة اشتراطه كما في الغاية الاحتراز عن الفساد لأنه إذا رد بعضه بعيب الزيافة ولم يتفق الاستبدال في مجلس الرد انفسخ العقد بقدر المردود
واستشكله في البحر بأن هذه الفائدة ذكرت في تعليل قول الإمام إن بيان قدر رأس المال شرط ولا تكفي الإشارة إليه كما مر ومفاده عدم اشتراط الانتقاد أولا وذكر قبله أن اشتراط الانتقاد يغني عن اشتراط بيان القدر
وحاصله أن أحدهما يكفي عن الآخر
وأجاب في النهر بأن بيان القدر لا يدفع توهم الفساد المذكور أي فلا بد من اشتراط الانتقاد
قلت ويرد على هذا الشرط أيضا أنه تقدم أنه لو وجدها زيوفا فرضي بها صح مطلقا ولو ستوقة لا إلى آخر ما مر ومفاده أن الضرر جاء من عدم التبديل في المجلس لا من عدم الانتقاد على أن النقاد قد يخطىء وأيضا فإن رأس المال قد يكون مكيلا أو موزونا ويظهر بعضه معيبا فيرده بعد هلاك البعض ويلزم الجهالة كما مر فلا بد حينئذ من ذكر الشرطين تأمل
قوله ( وعدم الخيار ) أي خيار الشرط فإن أسقطه قبل الافتراق ورأس المال قائم في يد المسلم إليه صح وإن هالكا لا ينقلب صحيحا بحر عن البزازية
تنبيه لا يثبت في السلم خيار الرؤية لأنه لا يثبت فيما ملكه دينا في الذمة كما في جامع الفصولين ومر أول خيار الرؤية
قوله ( وهو القدر المتفق ) ذكر الضمير باعتبار الخبر واحترز بالمتفق عن القدر المختلف كإسلام نقود في حنطة وكذا في زعفران ونحوه فإن الوزن وإن تحقق فيه إلا أن الكيفية مختلفة كما تقدم في الربا
____________________
(5/217)
أفاده ط
وكذا إسلام الحنطة في الزيت فإنه جائز كما مر هناك عن ابن الكمال
قوله ( سبعة عشر ) ستة في رأس المال وهي بيان جنسه ونوعه وصفته وقدره ونقده وقبضه قبل الافتراق وأحد عشر في المسلم فيه وهي الأربعة الأول وبيان مكان إيفائه وأجله وعدم انقطاعه وكونه مما يتعين بالتعيين وكونه مضبوطا بالوصف كالأجناس الأربعة المكيل والموزون والمذروع والمعدود المتقارب وواحد يرجع إلى العقد وهو كونه باتا ليس فيه خيار شرط وواحد بالنظر للبدلين وهو عدم شمول إحدى علتي الربا البدلين
منح بتصرف ط
قوله ( القدرة على تحصيل المسلم فيه ) لا حاجة إليه مع اشتراط عدم الانقطاع
قال في النهر والقدرة على تحصيله بأن لا يكون منقطعا ا هـ ح
وأما القدرة بالفعل في الحال فليست شرطا عندنا ومعلوم أنه لو اتفق عجزه عند الحلول وإفلاسه لا يبطل السلم
قاله الكمال ط
قوله ( والمكوك صاع ونصف ) والصاع ثمانية أرطال بالبغدادي كل رطل مائة وثلاثون درهما ط
قلت فيكون القفيز اثني عشر صاعا والكر سبعمائة وعشرين صاعا والصاع نصف مد شامي تقريبا فالكر أربع غرائر ونصف غرارة كل غرارة ثمانون مدا شاميا
قوله ( حال كون المائتين ) أشار به إلى أن مائة في الموضعين نصب على الحال بتأويل مقسومة هذه القسمة وتجوز البدلية ا هـ ح
قوله ( دينا عليه ) صفة المائة
نهر
أو بدل
عيني
وهو احتراز عما إذا كانت دينا على أجنبي كما يأتي
قال في النهر والتقييد بإضافة ثم جعل المائة قصاصا بما في ذمته من الدين فالحكم كذلك في الأصح ا هـ
قوله ( لأنه طار ) أي عرض بالافتراق قبل القبض لما مر أن القبض شرط لبقاء العقد على الصحة لا شرط انعقاد
قوله ( ولو إحداهما دنانير ) محترز قول المصنف مائتي درهم الخ حيث فرض المسألة بكون مائتي الدين والنقد متحدي الجنس لأنه لو اختلفا بأن أسلم مائة درهم نقدا وعشرة دنانير دينا أو بالعكس لا يجوز في الكل أما حصة الدين فلما مر وأما حصة العين فلجهالة ما يخصه وهذا عنده وعندهما يجوز في حصة النقد كما في الزيلعي والخلاف مبني على إعلام قدر رأس المال
بحر قوله ( أو على غير العاقدين ) محترز قوله مائة دينا عليه فلو قال أسلمت إليك هذه المائة والمائة التي لي على فلان بطل في الكل وإن نقد الكل لاشتراط تسليم الثمن على غير العاقد وهو مفسد مقارن فتعدى
بحر
قوله ( قبل قبضه ) أي قبض ما ذكر من رأس المال والمسلم فيه أما الأول فلما فيه من تفويت حق الشرع وهو القبض المستحق شرعا قبل الافتراق وأما الثاني فلأنه بيع منقول وقد مر أن التصرف فيه قبل القبض لا يجوز
نهر
قوله ( بنحو بيع الخ ) متعلق بالتصرف وذكره البيع مستدرك بقوله بعده ومرابحة وتولية تأمل
قوله ( وشركة ) صورته أن يقول رب السلم لآخر أعطني نصف رأس المال ليكون نصف المسلم فيه لك
بحر
قوله ( ومرابحة وتولية ) صورة التولية أن يقول لآخر أعطني مثل ما أعطيت المسلم إليه
____________________
(5/218)
حتى يكون المسلم فيه لك
بحر عن الإيضاح
والمرابحة أن يأخذ زيادة على ما أعطى وقيل يجوز كل من المرابحة والتولية قبل القبض وبه جزم في الحاوي
قال في البحر وهو قول ضعيف والمذهب منعهما
قوله ( ولو ممن عليه ) فلو باع رب السلم المسلم فيه من المسلم إليه بأكثر من رأس المال لا يصح ولا يكون إقالة
بحر عن القنية
وانظر ما فائدة التقييد بالأكثر وتقدم أول فصل التصرف في المبيع أن بيع المنقول من بائعه قبل قبضه لا يصح ولا ينتقض به البيع الأول بخلاف هبته منه لأنها مجاز عن إقالة
قوله ( حتى لو وهبه منه الخ ) في المبسوط لو أبرأ رب السلم المسلم إليه عن طعام السلم صح إبراءه في ظاهر الرواية وروى الحسن أنه لا يصح ما لم يقبل المسلم إليه فإن قبله كان فسخا لعقد السلم ولو أبرأ إليه رب السلم من رأس المال وقبل الإبراء يبطل السلم فإن رده لا والفرق أن المسلم فيه لا يستحق قبضه في المجلس بخلاف رأس المال
نهر
قال في البحر والحاصل أن التصرف المنفي في المتن شامل للبيع والاستبدال والهبة والإبراء إلا أن في الهبة والإبراء يكون مجازا عن الإقامة فيرد رأس المال كلا أو بعضا ولا يشمل الإقالة لأنها جائزة ولا التصرف في الوصف من دفع الجيد مكان الرديء والعكس ا هـ
قوله ( إقالة بعض السلم جائزة ) أي لو أقاله عن نصف المسلم فيه أو ربعه مثلا جاز ويبقى العقد في الباقي
قال في البحر واحترز به عن الإقالة على مجرد الوصف بأن كان المسلم فيه جيدا فتقايلا على الرديء على أن يرد المسلم إليه درهما لا يجوز عندهما خلافا لأبي يوسف في رواية فيجوز عنده لا بطريق الإقالة بل بطريق الحط على رأس المال ا هـ
قال الرملي وفيه صراحة بجواز الحط عن رأس المال وتجوز الزيادة فيه والظاهر فيها اشتراط قبضها قبل التفرق بخلاف الحط وقدمنا أنه لا تجوز الزيادة في المسلم فيه ويجوز الحط ا هـ
قوله ( بعد الإقالة ) أفاد أن الإقالة جائزة في السلم مع أن شرط الإقالة قيام المبيع لأن المسلم فيه وإن كان دينار حقيقة فله حكم العين ولذا لم يجز الاستبدال به قبل قبضه وإذا صحت فإن كان رأس المال عينا ردت وإن كانت هالكة رد المثل أو القيمية لو قيمة وتقدم تمامه في بابها
قوله ( فلو كان فاسدا جاز الاستبدال ) لأن رأس ماله في يد البائع كمغصوب
منح عن جامع الفصولين
لكن لا يخفى أن جواز الاستبدال لا يدل على جواز التصرف بالشراء كما هو موضوع المسألة كما يظهر لك قريبا
قوله ( كسائر الديون ) أي كدين مهر وأجرة وضمان متلف ونحو ذلك سوى صرف وسلم لكن التصرف في الدين لا يجوز إلا تمليكه ممن هو عليه بهبة أو وصية أو بيع أو إجارة لا من غيره إلا إذا سلطه على قبضه وقدمنا تمام الكلام عليه في فصل التصرف في المبيع والثمن
قوله ( قبل قبضه ) أي قبض رب السلم رأس المال من المسلم إليه
قوله ( بحكم الإقالة ) أي قبضا كائنا بحكم الإقالة لا بحكم عقد السلم لأن رأس المال مقبوض في يد المسلم إليه وإلا لم تصح الإقالة لعدم صحة السلم
قوله ( لقوله عليه الصلاة والسلام الخ ) رواه بمعناه أبو داود وابن ماجه وحسنه الترمذي وتمام في الفتح
قوله ( فامتنع الاستبدال ) فصار رأس المال بعد الإقالة بمنزلة المسلم فيه قبلها فيأخذ حكمه من حرمة الاستبدال بغيره فحكم رأس المال بعدها كحكمه قبلها إلا أنه لا يجب
____________________
(5/219)
قبضه في مجلسها كما كان يجب قبلها لكونها ليست بيعا من كل وجه ولهذا جاز إبراؤه عنه وإن كان لا يجوز قبلها
بحر
وقدم الشارح في باب الإقالة عن الأشباه أن رأس المال بعدها كهو قبلها إلا في مسألتين الخ
قوله ( حيث يجوز الاستبدال عنه ) لأنه لا يتعين بالتعيين فلو تبايعا دراهم بدنانير جاز استبدالها قبل القبض بأن يمسكا ما أشار إليه في العقد ويؤديا بدله قبل الافتراق كما سيأتي في باب الصرف واحترز بالاستبدال عن التصرف فيه لما سيأتي هناك أنه لا يتصرف في ثمن الصرف قبل قبضه فلو باع دينارا بدراهم واشترى بها قبل قبضها ثوبا فسد بيع الثوب وبهذا ظهر أن قول المصنف بخلاف الصرف غير منتظم لأن الكلام قبله في الشراء برأس المال قبل قبضه والصرف مثله في ذلك كما علمت
وظهر أيضا أن قول الشارح لجواز تصرفه فيه غير صحيح لأن الجائز هو الاستبدال ببدل الصرف دون التصرف فيه كما هو مصرح به في المتون فكان على المصنف أن يقول ولا يشترط قبض رأس المال في مجلس الإقالة ولا يجوز الاستبدال عنه بخلاف الصرف
وأصل المسألة في البحر حيث قال قيد بالسلم لأن الصرف إذا تقايلاه جاز الاستبدال عنه ويجب قبضه في مجلس الإقالة بخلاف السلم
وقال قبله وفي البدائع قبض رأس المال شرط حال بقاء العقد لا بعد ارتفاعه بإقالة أو غيرها وقبض بدل الصرف في مجلس الإقالة شرط لصحتها كقبضه في مجلس العقد ووجه الفرق أن القبض في مجلس العقد في البدلين ما شرط لعينه بل للتعيين وهو أن يصير البدل معينا بالقبض صيانة عن الافتراق عن دين بدين ولا حاجة إلى التعيين في مجلس الإقالة في السلم لأنه لا يجوز استبداله فتعود إليه عينه فلا تقع الحاجة إلى التعيين بالقبض فكان الواجب نفس القبض فلا يراعى له المجلس بخلاف الصرف لأن التعيين لا يحصل إلا بالقبض لأن استبداله جائز فلا بد من شرط القبض في المجلس للتعيين ا هـ
قوله ( ولو شرى المسلم إليه في كر الخ ) صورته أسلم رجلا مائة درهم في كر حنطة فاشترى المسلم إليه كرا وأمر رب السلم بقبضه لم يصح حتى يكتاله رب السلم مرتين مرة عن المسلم إليه ومرة عن نفسه
قال في البحر قيد بالشراء لأن المسلم إليه لو ملك كرا بإرث أو هبة أو وصية فأوفاه رب السلم واكتاله مرة جاز لأن لم يوجد إلا عقد واحد بشرط الكيل وقيد بالكر لأنه لو اشترى حنطة مجازفة فاكتالها مرة جاز لما قلنا وأشار بالكر المكيل إلى أن الموزون كذلك وكذا المعدود إذا اشتراه بشرط العد
وفي البناية إن فيه روايتين
قوله ( قضاء ) مفعول لأجله
قوله ( للزوم الكيل مرتين ) لأنه اجتمع صفقتان صفقة بين المسلم إليه وبين المشتري منه وصفقة بين المسلم إليه وبين رب السلم بشرط الكيل فلا بد منه مرتين
بحر
حتى لو هلك بعد ذلك يهلك من مال المسلم إليه وللمسلم أن يطالبه بحقه
نهر
قوله ( وصح لو كان الكر قرضا ) صورته استقرض المسلم إليه كرا وأمر رب السلم بقبضه من المقرض وكذا لو استقرض رجل كرا ثم اشترى كرا وأمر المقرض بقبضه قضاء لحقه كما في البحر
قوله ( لأنه ) أي القرض إعارة حتى ينعقد بلفظها فكان المقبوض عين حقه تقديرا
بحر
قوله ( ثم لنفسه ) الشرط أن يكيله مرتين وإن لم يتعدد الأمر حتى لو قال اقبض الكر الذي اشتريته من فلان عن حقك فذهب فاكتاله ثم أعاد كيله صار قابضا ولفظ الجامع يفيده
بحر عن الفتح
قوله ( لزوال المانع ) علة
____________________
(5/220)
لصح
قوله ( أي المسلم إليه ) تفسير للضمير المتصل المنصوب
قوله ( في ظرفه ) أي ظرف رب السلم ويفهم منه حكم ما إذا أمره بكيله في ظرف المسلم إليه بالأولى بحر
وهذا إذا لم يكن في الظرف طعام لرب السلم فلو فيه طعامه ففي المبسوط الأصح عندي أنه يصير قابضا لأن أمره بخلطه على وجه لا يتميز معتبر فيصير به قابضا
فتح
قوله ( فيصير قابضا بالتخلية ) أي سواء كان الظرف له أو للبائع أو مستأجرا وبه صرح الفقيه أبو الليث
بحر عن البناية
قوله ( بذلك ) أي بكيله في ظرفه
قوله ( ظرف البائع ) بدل من قوله ظرفه
قوله ( لم يكن قبضا لحقه ) لأن رب السلم حقه في الذمة ولا يملكه إلا بالقبض فلم يصادف أمره ملكه فلا يصح فيكون المسلم إليه مستعيرا للظرف جاعلا فيه ملك نفسه كالدائن إذا دفع كيسا إلى المدين وأمره أن يزن دينه ويجعله فيه لم يصر قابضا
وفي مسألة البيع يكون المشتري استعار ظرف البائع ولم يقبضه فلا يصير بيده فكذا ما يقع فيه فصار كما لو أمره أن يكيله في ناحية من بيت البائع لأن البيت بنواحيه في يد البائع
بحر
قوله ( لأن حقه في العين ) لأنه ملكه بنفس الشراء فيصح أمره لمصادفته ملكه فيكون قابضا بجعله في الظرف ويكون البائع وكيلا في إمساك الظرف فيكون الظرف والواقع فيه في يد المشتري حكما
قال في الهداية ألا ترى أنه لو أمره بالطحن كان الطحين في السلم للمسلم إليه وفي الشراء للمشتري لصحة الأمر وكذا إذا أمره أن يصبه في البحر في السلم يهلك من مال المسلم إليه وفي الشراء من مال المشتري ا هـ
قال في النهر وأورد أنه لو وكل البائع بالقبض صريحا لم يصح فعدم الصحة هنا أولى
وأجيب بأنه لما صح أمره لكونه مالكا صار وكيلا له ضرورة وكم من شيء يثبت ضمنا لا قصدا
قوله ( كيل العين ) مبتدأ وجعلهما معطوف عليه وقوله قبض خبره
وصورة المسألة رجل أسلم في كر حنطة فلما حل الأجل اشترى رب السلم من المسلم إليه كر حنطة بعينها ودفع رب السلم ظرفا إلى المسلم إليه ليجعل الكر المسلم فيه والكر المشتري في ذلك الظرف فإن بدأ بكيل العين المشتري في الظرف صار قابضا للعين لصحة الأمر في وللدين المسلم فيه لمصادفته ملكه كمن استقرض حنطة وأمر المقرض أن يزرعها في أرضه وإن بدأ بالدين لم يصر قابضا لشيء منهما أما الدين فلعدم صحة الأمر فيه وأم العين فلأنه خلطه بملكه قبل التسليم فصار مستهلكا عند أبي حنيفة فينتقض البيع وهذا الخلط غير مرضي به لجواز أن يكون مراده البداءة بالعين وعندهما بالخيار إن شاء نقض البيع وإن شاء شاركه في المخلوط لأن الخلط ليس باستهلاك عندهما
درر
قوله ( وقبضت ) أي قبضها المسلم إليه
قال في النهر قيد بذلك لأنهما لو تفرقا لا عن قبضها لم تصح الإقالة لعدم صحة السلم
قوله ( قبل قبضها ) أي قبل أن يقبضها رب السلم بسبب الإقالة
قوله ( أو ماتت ) على قوله السابق فتقابلا فيكون الموت بعد القبض
قوله ( صح ) أي عقد الإقالة
قوله ( لبقاء المعقود عليه ) لأن الجارية رأس المال وهو في حكم الثمن في العقد والمبيع هو المسلم فيه وصحة الإقالة تعتمد قيام المبيع لا الثمن كما مر فهلاك الأمة لا يغير حال الإقالة من البقاء في الأولى والصحة في الثانية
____________________
(5/221)
درر
قوله ( وعليه قيمتها ) لأنه إذ انفسخ العقد في المسلم فيه انفسخ في الجارية تبعا فوجب عليه ردها وقد عجز عنه فوجب رد قيمتها
درر
قوله ( كذا الحكم في المقايضة ) هي بيع العين بالعين فتبقى الإقالة وتصح بعد هلاك أحد العوضين لأن كل واحد منهما مبيع من وجه وثمن من وجه ففي الباقي يعتبر المبيعة وفي الهالك الثمنية
درر
قوله ( بخلاف الشراء بالثمن فيهما ) أي في المسألتين فإذا اشترى أمة بألف فتقايلا فماتت في يد المشتري بطلت الإقالة ولو تقايلا بعد موتها فالإقالة باطلة لأن الأمة هي الأصل في البيع فلا تبقى بعد هلاكها فلا تصح الإقالة ابتداء ولا تبقى انتهاء لعدم محلها
درر قوله ( في السلم ) أي وفي المقايضة
قوله ( بخلاف البيع ) أي بالثمن
قوله ( تقايلا البيع الخ ) تقدمت هذه المسألة في باب الإقالة متنا
قوله ( والقول لمدعي الرداءة ) هذا صادق بما إذا قال أحدهما شرطنا رديئا فقال الآخر لم نشرط شيئا وبما إذا ادعى الآخر اشتراط الجودة وقال الآخر إنا شرطنا رديئا والمراد الأول ولذا أردفه بقوله لا لنا في الوصف والأجل ولإفادة أن الرداءة مثال حتى لو قال أحدهما شرطنا جيدا وقال الآخر لم نشرط شيئا فالحكم كذلك
نهر
والظاهر أن القول إنما يقبل مع اليمين وقد صرح به في مسألة الأجل الآتية ولا فرق يظهر
قوله ( وهو الرداءة ) أي مثلا
قوله ( والأجل ) بالجر عطفا على الوصف والأجل مدة الشيء والمراد به هنا التأجيل وهو تحديد الأجل بقرينة التعبير به قبله وادعى في البحر أنه يتعين كون التأجيل بمعنى الأجل مجازا بدليل ما بعده ويظهر أن المتعين العكس كما قلنا لأن المراد الاختلاف في أصل التأجيل لا في مقدار الأجل ويؤيده قول المصنف بعده ولو اختلفا في مقداره
قوله ( والأصل أن من خرج كلامه تعنتا ) بأن ينكر ما ينفعه كأن قال المسلم إليه شرطت لك رديه وقال رب السلم لم نشترط شيئا فالقول للمسلم إليه لأن رب السلم متعنت في إنكار الصحة لأن المسلم فيه يربو على رأس المال في العادة وكذا لو قال رب السلم كان له أجل وأنكر المسلم إليه فهو متعنت في إنكاره حقا له وهو الأجل كما في الهداية
قوله ( وإن خرج خصومة ) بأن أنكر ما يضره كعكس التصوير في المسألتين فالقول لمدعي الصحة عنده وهو رب السلم في الأولى والمسلم إليه في الثانية وعندهما الحكم كالأول كما قرره في الهداية وغيرها
قوله ( ووقع الاتفاق على عقد واحد ) احتراز عما إذا لم يتفقا على عقد واحد كما لو قال رب المال للمضارب شرطت لك نصف الربح إلا عشرة وقال المضارب بل شرطت لي نصف الربح فإن القول لرب المال لأنه ينكر استحقاق زيادة الربح وإن تضمن ذلك إنكار الصحة هذا عندهما وأما عنده فلأن عقد المضاربة إذا صح كان شركة وإذا فسد صار إجازة فلم يتفقا على عقد واحد فإن مدعي الفساد يدعي إجارة ومدعي الصحة يدعي الشركة فكان اختلافهما في نوع العقد بخلاف السلم فإن السلم الحال وهو ما يدعيه منكر الأجل سلم فاسد لا عقد آخر ولهذا يحنث في يمنيه لا يسلم في شيء فقد اتفقا على عقد واحد
واختلفا في صحته فالقول لمدعي الصحة
وتمامه في الفتح
قوله ( فالقول لمدعي الصحة عندهما وعنده للمنكر ) كذا في بعض النسخ
____________________
(5/222)
وهو سبق قلم
و عبارة الهداية وغيرها فالقول لمدعي الصحة عنده وعندهما للمنكر وهو كذلك في بعض النسخ
قوله ( فالقول للطالب ) أي رب السلم فإن يطالب المسلم إليه بالمسلم فيه
قوله ( وأي برهن قبل ) لكن برهان رب السلم وحده مؤكد لقوله لا مثبت لأن القول له بدونه بخلاف برهان المسلم إليه وحده ولذا قضى ببينته إذا برهنا معا
قوله ( فالقول للمطلوب ) لإنكاره توجهه المطالبة
بحر
قوله ( وإن برهنا فبينة المطلوب ) لإثباتها زيادة الأجل فالقول قوله والبينة بينته
بحر
قوله ( ولو اختلفا في السلم تحالفا استحسانا ) أي ويبدأ بيمين الطالب وأي برهن قبل وإن برهنا فبرهان الطالب والمسألة على أوجه لأن رأس المال إما عين أو دين وعلى كل إما أن يتفقا عليه ويختلفا في المسلم فيه أو بالعكس أو يختلفا فيهما فإن كان عينا واختلفا في المسلم فيه فقط كقوله هذا الثوب في كر حنطة وقال الآخر في نصف كر أو في شعير أو حنطة رديئة وبرهنا قدم الطالب وإن اختلفا في رأس المال فقط هل هو ثوب أو عبد أو فيهما وبرهنا قضى بالسلمين وإن كان دراهم واتفقا فيه فقط يقضى للطالب بسلم واحد عند الثاني خلافا لمحمد وكذا لو الاختلاف في المسلم فيه فقط ولو فيهما كقوله عشرة دراهم في كري حنطة وقال الآخر خسمة عشر في كر وبرهنا فعند الثاني تثبت الزيادة فيجب خمسة عشر في كرين وعند محمد يقضى بالعقدين ا هـ فتح ملخصا
مطلب في الاستصناع قوله ( هو لغة طلب الصنعة ) أي أن العمل
ففي القاموس الصناعة ككتابة حرفة الصانع وعمله الصنعة ا هـ
فالصنعة عمل الصانع في صناعته أي حرفته
وأما شرعا فهو طلب العمل منه في شيء خاص على وجه مخصوص يعلم ما يأتي
وفي البدائع من شروطه بيان جنس المصنوع ونوعه وقدره وصفته وأن يكون مما فيه تعامل وأن لا يكون مؤجلا وإلا كان سلما وعندهما المؤجل استصناع إلا إذا كان مما لا يجوز فيه الاستصناع فينقلب سلما في قولهم جميعا
قوله ( بأجل ) متعلق بمحذوف حال من الاستصناع لكن فيه مجيء الحال من المبتدأ وهو ضعيف ولا يصح كونه خبرا لأنه لا يفيد بل الخبر هو قوله سلم والمراد بالأجل ما تقدم وهو شهر فما فوقه
قال المصنف قيدنا الأجل بذلك لأنه إذا كان أقل من شهر كان استصناعا إن جرى فيه تعامل وإلا ففاسد إن ذكره على وجه الاستمهال وإن كان للاستعجال بأن قال على أن تفرغ منه غدا أو بعد غد كان صحيحا ا هـ
ومثله في البحر وغيره وسيذكره الشارح
قوله ( ذكر على سبيل الاستمهال الخ ) كان الواجب عدم ذكر هذه الجملة لما علمت من أن المؤجل بشهر فأكثر سلم والمؤجل بدونه إن لم يجر فيه تعامل فهو استصناع فاسد إلا إذا ذكر الأجل للاستعجال فصحيح كما أفاده ط
وقد تبع الشارح ابن كمال
قوله ( سلم ) أي فلا يبقى استصناعا كما في
____________________
(5/223)
التتارخانية فلذا قال الشارح فتعتبر شرائطه أي شرائط السلم ولهذا لم يكن فيه خيار مع أن الاستصناع فيه يخيار لكونه عقدا غير لازم كما يأتي تحريره
قوله ( جرى فيه تعامل ) كخف وطست وقمقمة ونحوها درر
قوله ( أم لا ) كالثياب ونحوها
درر
قوله ( وقالا الأول ) أي ما فيه تعامل استصناع لأن اللفظ حقيقة للاستصناع فيحافظ على قضيته ويحمل الأجل على التعجيل بخلاف ما لا تعامل فيه لأنه استصناع فاسد فيحمل على السلم الصحيح وله أنه دين يحتمل السلم وجواز السلم بإجماع لا شبهة فيه وفي تعاملهم الاستصناع نوع شبهة فكان الحمل على السلم أولى
هدية
قوله ( وبدونه ) متعلق بقوله صح الآتي ومقابل هذا قوله بعد ولم يصح فيما لم يتعامل به
قوله ( وذكره في المغرب في الشين المعجمة ) هو خلاف ما في الصحاح و القاموس و المصباح
قوله ( وقد يقال ) أي في جمعه وبيانه ما في المصباح الطست
قال ابن قتيبة أصلها طس فأبدلت من أحد المضعفين تاء لأنه يقال في جمعها طساس كسهم وسهام وجمعت أيضا على طسوس لاعتبار الأصل وعلى طسوت باعتبار اللفظ
قوله ( بيعا لا عدة ) أي صح على أنه بيع لا على أنه مواعدة ثم ينعقد عند الفراغ بيعا بالتعاطي إذ لو كان كذلك لم يختص بما في تعامل
وتمامه في البحر
قال في النهر وأورد أن بطلانه بموت الصانع ينافي كونه بيعا
وأجيب بأنه إنما بطل بموته لشبهه بالإجارة
وفي الذخيرة هو إجارة ابتداء بيع انتهاء لكن قبل التسليم لا عند التسليم وأورد أنه لو انعقد إجارة لأجبر الصانع على العمل والمستصنع على إعطاء المسى وأجيب بأنه إنما لا يجبر لأنه لا يمكنه إلا بإتلاف عين له من قطع الأديم ونحوه والإجارة تفسخ بهذا العذر ألا ترى أن الذراع له أن لا يعمل إذا كان البذر من جهته وكذا رب الأرض ا هـ
ومثله في البحر و الفتح و الزيلعي
قوله ( فيجبر الصانع على عمله ) تبع في ذلك الدرر ومختصر الوقاية
وهو مخالف لما ذكرناه آنفا عن عدة كتب من أنه لا جبر فيه ولقول البحر وحكمه الجواز دون اللزوم ولذا قلنا للصانع أن يبيع المصنوع قبل أن يراه المستصنع لأن العقد غير لازم ا هـ
ولما في البدائع وأما صفته فهي أنه عقد غير لازم قبل العمل من الجانبين بلا خلاف حتى كان لكل واحد منهما خيار الامتناع من العمل كالبيع بالخيار للمتبايعين فإن لكل منهما الفسخ وأما بعد الفراغ من العمل قبل أن يراه المستصنع فكذلك حتى كان للصانع أن يبيعه ممن شاء وأما إذا أحضره الصانع على الصفة المشروطة سقط خياره وللمستصنع الخيار
هذا جواب ظاهر الرواية وروي عنه ثبوته لهما وعن الثاني عدمه لهما والصحيح الأول ا هـ
وقال أيضا ولكل واحد منهما الامتناع من العمل قبل العمل بالاتفاق ثم إذا صار سلما يراعى فيه شرائط السلم فإن وجدت صح وإلا لا ا هـ
وقال أيضا فإن ضرب له أجلا صار سلما حتى يعتبر فيه شرائط السلم ولا خيار لواحد منهما إذا سلم الصانع المصنوع على الوجه الذي عليه في السلم ا هـ
وذكر في كافي الحاكم أن للصانع بيعه قبل أن يراه المستصنع ثم ذكر أن الاستصناع لا يصح في الثوب وأنه لو ضرب له أجلا وعجل الثمن جاز وكان سلما ولا خيار له فيه ا هـ
وفي التتارخانية ولا يجبر المستصنع على إعطاء الدراهم وإن شرط تعجيله هذا إذا لم يضرب له أجلا فإن ضرب قال أبو حنيفة يصير سلما ولا يبقى استصناعا حتى يشترط فيه شرائط السلم ا هـ
فقد ظهر لك بهذه النقول
____________________
(5/224)
أن الاستصناع لا جبر فيه إلا إذا كان مؤجلا بشهر فأكثر فيصير سلما وهو عقد لازم يجبر عليه ولا خيار فيه وبه علم أن قول المصنف فيجبر الصانع على عمله لا يرجع الآمر عنه إنما هو فيما إذا صار مسلما فكان عليه ذكره قبل قوله وبدونه وإلا فهو مناقض لما ذكره بعده من إثبات الخيار للآمر ومن أن المعقود عليه العين لا العمل فإذا لم يكن العمل معقودا عليه كيف يجير عليه
وأما ما في الهداية عن المبسوط من أنه لا خيار للصانع في الأصح فذاك بعد ما صنعه ورآه الآمر كما صرح به في الفتح وهو ما مر عن البائع والظاهر أن هذا منشأ توهم المصنف وغيره كما يأتي
وبعد تحريري لهذا المقام رأيت موافقته في الفصل الرابع والعشرين من نور العين إصلاح جامع الفصولين حيث قال بعد أن أكثر من النقل في إثبات الخيار في الاستصناع فظهر أن قول الدرر تبعا لخزانة المفتي أن الصانع يجبر على عمله والآمر لا يرجع عنه سهو ظاهر ا هـ
فاغتنم هذا التحرير ولله الحمد
قوله ( والمبيع هو العين لا عمله ) أي أنه بيع عين موصوفة في الذمة لا بيع عمل أي لا إجارة على العمل لكن قدمنا أنه إجارة ابتداء بيع انتهاء
تأمل
مطلب ترجمة البردعي قوله ( خلافا للبردعي ) بالباء الموحدة وسكون الراء وفتح الدال المهملة وفي آخره عين مهملة نسبة إلى بردعة بلدة من أقصى بلاد أذربيجان وهو أحمد بن الحسين أبو سعيد من الفقهاء الكبار قتل في وقعة القرامطة مع الحاج سنة سبع عشرة وثلاثمائة وتمام ترجمته في طبقات عبد القادر
قوله ( بمصنوع غيره ) أي بما صنعه غيره
قوله ( فأخذه ) أي الآمر
قوله ( بلا رضاه ) أي رضا الآمر أو رضا الصانع
قوله ( قبل رؤية آمره ) الأولى قبل اختياره لأن مدار تعينه له على اختياره وهو يتحقق بقبضه قبل الرؤية
ابن كمال
قوله ( ومفاده الخ ) قدمنا التصريح بهذا المفاد عن البدائع وعلله بأن الصانع بائع ما لم يره ولا خيار له ولأنه بإحضاره أسقط خيار نفسه الذي كان له قبله فبقي خيار صاحبه على حاله ا هـ
وفي الفتح وأما بعد ما رآه فالأصح أنه لا خيار للصانع بل إذا قبله المستصنع أجبر على دفعه له لأنه بالآخرة بائع ا هـ
وهذا هو المراد من نفي الخيار في المبسوط فقول المصنف في المنع ولا خيار للصانع كذا ذكره في المبسوط فيجبر على العمل لأنه باع ما لم يره الخ صوابه أن يقول فيجبر على التسليم لأن الكلام بعد العمل وأيضا فالتعليل لا يوافق المعلل على ما فهمه وهذا هو منشأ ما ذكره في متنه أولا وقد علمت تصريح كتب المذهب بثبوت الخيار قبل العمل وفي كافي الحاكم الذي هو متن المبسوط ما نصه والمستصنع بالخيار إذا رآه مفروغا منه وإذا رآه فليس للصانع منعه ولا بيعه وإن باعه الصانع قبل أن يراه جاز بيعه
قوله ( وهو الأصح ) وهو ظاهر الرواية وعنه ثبوت الخيار لهما وعن الثاني عدمه لهما كما مر عن البدائع
قوله ( إلا بأجل كما مر ) أي بأجل مماثل لما مر في السلم من أن أقله شهر فيكون سلما بشروطه
قوله ( فإن لم يصح ) أي الأجل لعقد السلم بأن كان أقل من شهر
قوله ( وإن للاستعجال ) أي بأن لم يقصد به التأجيل والاستمهال بل قصد به الاستعجال بلا إمهال وظاهره أنه لو لم يذكر أجلا فيما لم يجر فيه تعامل صح لكنه خلاف ما يفهم من المتن ولم أره صريحا فتأمل
____________________
(5/225)
قوله ( في الدبس ) بكسر وبكسرتين عسل التمر وعسل النحل قاموس
والمشهور الآن أنه ما يخرج من العنب
قوله ( ولذا ) أي لكون النار عملت فيه فصار غير مثلي لا يجوز السلم فيه وظاهره أن السلم لا يجوز إلا في المثلي مع أنه يجوز في الثياب والبسط والحصر ونحوها كما مر
أفاده ط
قوله ( حتى لو كان عينا ) أي لو جعل الأجرة دبسا معينا
قوله ( الرب ) دبس الرطب إذا طبخ
مصباح
قوله ( والقطر ) نوع من عسل القصب
قال المؤلف في الغصب إن كلا منهما يتفاوت بالصنعة ولا يصح السلم فيهما ولا يثبت في الذمة ط
قوله ( واللحم ) ولو نيئا ذكره المؤلف في الغصب وتقدم الكلام فيه
قوله ( والآجر والصابون ) لاختلافهما في الطبخ
قوله ( والصرم ) بالفتح الجلد مصباح
وقدمنا أول الباب عن الفتح أنه يصح السلم في الجلود إذا بين ما يقع به في الضبط
قوله ( وبر مخلوط ) الأصوب وبرا مخلوطا عطفا على الرب المنصوب
نعم الرفع جائز على القول بجواز العطف بالرفع على محل اسم إن قبل استكمال العمل فافهم والله سبحانه أعلم
باب المتفرقات جرت عادتهم أن المسائل التي تشذ عن الأبواب المتقدمة فلم تذكر فيها يجمعونها بعد ويسمونها بأحد هذه الأسماء ط
قوله ( بمسائل مثنورة ) شبهت بالمنثور من الذهب أو الفضة لنفاستها وهو بالرفع على الحكاية ط ويجوز الجر
قوله ( من خزف ) أي طين
قال ط قيد به لأنها لو كانت من خشب أو صفر جاز اتفاقا فيما يظهر لإمكان الانتفاع بها وحرره ا هـ
وهو ظاهر
قوله ( ولا يضمن متلفه ) كأنه لأنه آلة لهو ولا يقال فيها نحو ما قيل في عود اللهو من أنه يضمن خشبا لا مهيأ على أحد القولين لأنه لا قيمة لهذه الأشياء إذا قطع النظر عن التلهي بها
ط
قوله ( وقيل بخلافه ) يشعر بضعفه مع أن المصنف نقله عن القنية
وفي القنية لم يعبر عنه بقيل بل رمز للأول ثم للثاني
قوله ( عن أبي يوسف ) أي ناقلا عن أبي يوسف وظاهر أنه قوله لا رواية عنه حتى يقال إن هذا يشعر بضعفه ونسبته إلى أبي يوسف لا تدل على أن الإمام يخالفه لاحتمال أن يكون له في المسألة قول فافهم
قوله ( ولو عقورا ) فيه كلام يأتي
قوله ( والفيل ) هذا بالإجماع لأنه منتفع به حقيقة مباح الانتفاع به شرعا على الاطلاق فكان مالا بحر عن البدائع أي ينتفع به لقتال والحمل وينتفع بعظمه
قوله ( والقرد ) فيه قولان كما يأتي
قوله ( والسباع ) وكذا يجوز بيع لحمها بعد التذكية لإطعام كلب أو سنور بخلاف لحم الخنزير لأنه لا يجوز إطعامه
محيط
____________________
(5/226)
لكن على أصح التصحيحين من أن الذكاة الشرعية لا تطهر إلا الجلد دون اللحم لا يصح بيع اللحم
شرنبلالية
قوله ( حتى الهرة ) لأنها تصطاد الفار والهوام المؤذية فهي منتفع بها
فتح قوله ( وكذا الطيور ) أي الجوارح
درر قوله ( علمت أولا ) تصريح بما فهم من عبارة محمد في الأصل وبه صرح في الهداية أيضا لكن في البحر عن المبسوط أنه لا يجوز بيع الكلب العقور الذي لا يقبل التعليم في الصحيح من المذهب وهكذا نقول في الأسد إن كان يقبل التعليم ويصطاد به يجوز بيعه وإلا فلا والفهد والبازي يقبلان التعليم فيجوز بيعهما على كل حال ا هـ
قال في الفتح فعلى هذا لا يجوز بيع النمر بحال لأنه لشراسته لا يقبل التعليم وفي بيع القرد روايتان ا هـ
وجه رواية الجواز وهو الأصح
زيلعي
أنه يمكن الانتفاع بجلده وهو وجه ما في المتن أيضا وصحح في البدائع عدم الجواز لأنه لا يشترى للانتفاع بجلده عادة بل للتلهي به وهو حرام ا هـ بحر
قلت وظاهره أنه لولا قصد التلهي به لجاز بيعه ثم إنه يرد عليه ما ذكره الشارح عن شرح الوهبانية من أن هذا لا يقتضي عدم صحة البيع بل كراهته
الحاصل أن المتون على جواز بيع ما سوى الخنزير مطلقا وصحح السرخسي التقييد بالمعلم منها
قوله ( لا ينبغي اتخاذ كلب الخ ) الأحسن عبارة الفتح وأما اقتناؤه للصيد وحراسة الماشية والبيوت والزرع فيجوز بالإجماع لكن لا ينبغي أن يتخذه في داره إلا إن خاف لصوصا أو أعداء للحديث الصحيح من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان
قوله ( خرء حمام كثير ) لعل المراد به ما تبلغ قيمته فلسا فإنه أقل قيمة المبيع ط
ومثل الحمام بقية الطيور المأكولة لطهارة خرئها وتقدم في البيع الفاسد جواز بيع سرقين وبعر ولو خالصين والانتفاع به والوقود به وبيع رجيع الآدمي لو مخلوطا بتراب
قوله ( لا يجوز ) أي إذا لم تبلغ قيمتها فلسا
قوله ( والقنافذ ) جميع قنفذ بضم الفاء وتفتح مصباح
وذكره في القاموس في الدال المهملة والذال المعجمة
قوله ( والوزغ ) هو سام أبرص
قوله ( وكل ما فيه ) أي في البحر
قوله ( سوى سمك ) عبارة البحر عن البدائع إلا السمك وما جاز الانتفاع بجلده أو عظمه ا هـ
قوله ( بيع ما له ثمن ) في الشرنبلالية عن المحيط يجوز بيع العلق في الصحيح لتمول الناس واحتياجهم إليه لمعالجة مص الدم من الجسد ا هـ
قلت وعليه فيجوز بيع دودة القرمز لأنها من أعز الأموال وأنفسها في زماننا وينتفع بها خلافا لمن أفتى بأنه لا يجوز بيعها ولا يضمن متلفها كما حررناه في البيع الفاسد
قوله ( كسقنقور ) حيوان مستقل وقيل بيض التماسيح إذا فسد ويكبر طول ذراعين على أنحاء السمكة وتمامه في تذكرة الشيخ داود
قوله ( وجلود خز ) الخز اسم دابة ثم أطلق على الثوب المتخذ من وبرها
مصباح
قوله ( لو حيا ) عبارة البحار عن القنية قيل يجوز حيا لا ميتا الخ
____________________
(5/227)
مطلب في التداوي بالمحرم قوله ( ورده في البدائع الخ ) قدمنا في البيع الفاسد عند قوله ولبن امرأة أن صاحب الخانية و النهاية اختارا جوازه إن علم أن فيه شفاء ولم يجد دواء غيره
قال في النهاية وفي التهذيب يجوز للعليل شرب البول والدم والميتة للتداوي إذا أخبره طبيب مسلم أن فيه شفاءه ولم يجد من المباح ما يقوم مقامه وإن قال الطبيب يتعجل شفاؤك به فيه وجهان
وهل يجوز شرب العليل من الخمر للتداوي فيه وجهان كذا ذكره الإمام التمرتاشي وكذا في الذخيرة
وما قيل إن الاستشفاء بالحرام حرام غير مجرى على إطلاقه وأن الاستشفاء بالحرام إنما لا يجوز إذا لم يعلم أن فيه شفاء أما إذا علم وليس له دواء غيره يجوز
ومعنى قول ابن مسعود رضي الله عنه لم يجعل شفاؤكم فيما حرم عليكم يحتمل أن يكون قال ذلك في داء عرف له دواء غير المحرم لأنه حينئذ يتسغني بالحلال عن الحرام ويجوز أن يقال تنكشف الحرمة عند الحاجة فلا يكون الشفاء بالحرام وإنما يكون بالحلال ا هـ نور العين من آخر الفصل التاسع والأربعين
قوله ( أي متنجس ) احترز به عن دهن الميتة والخنزير ا هـ ح
قوله ( وينتفع به للاستصباح ) عطف علة على معلول ط
لأن الانتفاع به علة جواز البيع
قوله ( كما مر ) أي في باب الأنجاس لكن عبارته هناك ولا يضر أثر دهن الادهز ودك ميتة لأنه عين النجاسة حتى لا يدبغ به جلد بل يستصبح به في غير مسجد ا هـ
وقدمنا هناك تأييد ما هنا بالحديث الصحيح وقدمنا ذلك أيضا في البيع الفاسد
قوله ( غير الخمر والخنزير الخ ) فإنا نجيز بيع بعضهم بعضا لخصوص فيه من قول عمر رضي الله تعالى عنه أخرجه أبو يوسف في كتاب الخراج حضر عمر بن الخطاب واجتمع إليه عماله فقال يا هؤلاء إنه بلغني أنكم تأخذون في الجزية الميتة والخنزير والخمر فقال بلال أجل إنهم يفعلون ذلك فقال فلا تفعلوا ولكن ولوا أربابها بيعها ثم خذوا الثمن منهم ولا نجيز فيما بينهم بيع الميتة والدم
فتح
قوله ( وميتة الخ ) هذا زاده ابن الكمال وصاحب الدرر استدراكا على الهداية بأن المستثنى غير محصور بالخمر والخنزير واستدرك أيضا في النهر شراءه عبدا مسلما أو مصحفا
قلت هذا إنما يظهر أن لو كان التشبيه في قولهم والذمي كالمسلم الخ من جهة الحل والحرمة والظاهر أنه من جهة الصحة والفساد لأن الصحيح من مذهب أصحابنا أن الكفار مخاطبون بشرائع هي محرمات فكانت ثابتة في حقهم أيضا فلو كان التشبيه من جهة الحل والحرمة لم يصح استثناء شيء فتعين ما قلنا وحينئذ فلا يدخل الجبر على البيع في التشبيه حتى يصح استثناؤه ولذا غاير المصنف في التعبير فقال وصح شراؤه عبدا الخ ثم هذا
____________________
(5/228)
على رواية أن بيع ما لم يمت حتف أنفه صحيح بينهم وفي رواية أنه فاسد بخلاف ما مات حتف أنفه فإن بيع باطل فيما بيننا وبينهم كما مر أول البيع الفاسد
مطلب أمرنا بتركهم وما يدينون قوله ( وقد أمرنا بتركهم وما يدينون كذا في الهداية
وقال دل عليه قول عمر ولوهم بيعها وخذوا العشر من أثمانها ا هـ
وأشار به إلى أن إعراضنا عنهم ليس لكونها مباحة شرعا في حقهم كما هو قول البعض بل الحرمة ثابتة في حقهم في الصحيح لأنهم مخاطبون بها كما قلنا لكنهم لا يمنعون من بيعها لأنهم لا يعتقدون حرمتها ويتمولونها وقد أمرنا بتركهم وما يدينون كما في البحر عن البدائع لكن الأولى الاستدلال بأن هذا مخصوص بالأثر المنقول عن عمر كما مر وإلا ورد عليه أنه لو اعتقدوا حل ما مات حتف أنفه أن يصح بيعه مع أنهم لو ارتفعوا إلينا نحكم ببطلانه وأيضا لو اعتقدوا حل السلم أو الصرف أو نحوهما بدون شروطه المعتبرة عندنا نحكم بينهم بشرعنا إلا في الخمر والخنزير فعقدهم عليهما كعقدنا على الشاة والعصير
وفي البحر عن حدود القنية ويمنع الذمي عما يمنع المسلم إلا شرب الخمر فإن غنوا وضربوا العيدان منعوا كالمسلمين لأنه لم يستثن عنهم ا هـ
قال في النهر ويرد عليه أنه لا يمنع من لبس الحرير والذهب بخلاف المسلم ا هـ
قوله ( ويجبر على بيعه ) ولو اشتراه من كافر مثله شراء فاسدا أجبر على رده لأن دفع الفساد واجب حقا للشرع ثم يجبر البائع على بيعه
بحر
قوله ( أجبر وليه ) وينبغي أن عقد الصغير في هذا لا يتوقف على الإجازة
نهر أي لعدم فائدته لأنه إذا أجازه وليه أجبر أيضا على بيعه وقد يقال إنه قد يسلم قبل إجبار وليه فيبقى على ملكه فكان للإجازة فائدة
قوله ( وكذا لو أسلم عنده ) في بعض النسخ عبده بالباء بدل النون وأفاد أنه لا فرق بين كون العبد مسلما وقت الشراء أو بعده
قوله ( ويتبعه طفلة ) أي لو أسلم العبد وله ولد غير بالغ يتبعه في الإسلام والإجبار على بيعه معه
قوله ( فإن عجز ) أي المكاتب
قوله ( أجبر ) أي الكافر على بيعه ومفهومه أنه لا يجبر ما دام عقد الكتابة وهو ظاهر لأن المكاتب لا يجوز بيعه
قوله ( من عادته شراء المردان ) عبارة النهر عن المحيط الفاسق المسلم إذا اشترى عبدا أمرد وكان من عادته اتباع المرد أجبر على بيعه دفعا للفساد ا هـ
وعن هذا أفتى المولى أبو السعود بأنه لا تسمع دعواه على أمرد وبه أفتى الخير الرملي والمصنف أيضا
قوله ( يؤمر بإرساله ) ولا يصح بيعه ومر بيان ذلك كله في الحج
قوله ( ولو أسلم مقرض الخمر سقطت ) لتعذر قبضها فصار هلاكها مستندا إلى معنى فيها وفي البيع لو أسلما أو أحدهما قبل القبض انتقض البيع أي ثبت حق الفسخ لتعذر القبض بالإسلام فصار كما لو أبق المبيع وتمامه في البحر
قوله ( فروايتان ) أي عن الإمام في رواية تسقط وفي رواية عليه قيمتها وهو قول محمد لتعذره لمعنى من جهته
بحر
قوله ( التي أنكحها المشتري الخ ) أي إذا اشترى أمة وزوجها لرجل قبل قبضها من البائع فوطئها الزوج صار المشتري قابضا
____________________
(5/229)
قوله ( فصار فعله ) أي الزوج كفعله أي المشتري
قوله ( استحسانا ) والقياس أن يكون قبضا لأنه تعييب حكمي ألا ترى أنه لو وجد المشتراة مزوجة يردها بالعيب وجه الاستحسان أنه لم يتصل بها فعل حسي من المشتري والتزويج فعل تعييب حكمي بمعنى تقليل الرغبات فيها كنقصان السعر وتمامه في النهر
قوله ( فلو انتقض البيع ) أي بنحو خيار عيب أو فساد
قوله ( بطل النكاح ) لأن البيع متى انتقض قبل القبض انتقض من الأصل فصار كأن لم يكن فكان النكاح باطلا
بحر
قوله ( وقيده الكمال ) لم يقيده الكمال من عنده بل قال وقيد القاضي الإمام أبو بكر بطلان النكاح الخ فلو قال الشارح وقيده القاضي أبو بكر لكان أصوب ولسلم عزوه في آخر العبارة إلى الفتح من الاستدراك
قوله ( بطلانه ) أي البيع
قوله ( فيلزمه المهر للمشتري فتح ) لم أجد هذه العبارة في الفتح بل ذكرها في النهر ونقل محشي مسكين عن شيخه أنه لم يجدها في النهاية ولا في العناية و البحر ونقل عن الشيخ شاهين أنه وجدها في المعراج ثم استشكلها بأنه كيف تكون هالكة من مال البائع ويكون المهر للمشتري فهو مخالف لقولهم الغرم بالغنم ا هـ
قلت عدم بطلان النكاح دليل على أن بطلان البيع مقتصر على وقت الموت فلم يصر العقد كأن لم يكن فيظهر أن النكاح كان على ملك المشتري فيستحق المهر
تأمل
وانظر في قدمناه في البيع الفاسد قبيل قوله ولا يبطل حق الفسخ بموت أحدهما
قوله ( إذ العقار لا يبيعه القاضي ) في بعض النسخ لا يبيعه إلا القاضي بزيادة إلا والصواب الأول وهو الموجود في النهر وكذا في البحر عن النهاية و جامع الفصولين
و عبارة جامع الفصولين جاز للقاضي بيع المبيع وإبقاء الثمن لو كان منقولا لا لو عقارا ا هـ
قوله ( قبل القبض ) فلو غاب بعده لا يبيعه القاضي لأنه حقه غير متعلق بماليته بل بذمة المشتري وقيده في جامع الفصولين بما إذا لم يخف عليه التلف فإن خيف جاز له البيع حيث قال للقاضي إيداع مال غائب ومفقود وله إقراضه وبيع منقوله إذا خيف تلفه ولم يعلم مكان الغائب لا لو علم ا هـ
وينبغي أن يقال إن خوف التلف محوز للبيع علم مكانه أو لا وقدمنا نحوه في خيار الشرط فارجع إليه
نهر
قوله ( غيبة معروفة ) بأن كانت البلدة التي خرج إليها معروفة وإن بعدت
نهر
قوله ( فأقام بائعه بينة الخ ) ليست البينة هنا للقضاء على الغائب بل لنفي التهمة وانكشاف الحال كما في الزيلعي فلا يحتاج إلى خصم حاضر لأن العبد في يده وقد أقر به للغائب على وجه يكون مشغولا بحقه
بحر
قال في جامع الفصولين الخصم شرط لقبول البينة لو أراد المدعي أن يأخذ من يد الخصم الغائب شيئا أما إذا أراد أن يأخذ حقه من مال كان للغائب في يده فلا يشترط ولا يحتاج لوكيل كهذه المسألة وكذا لو استأجر إبلا إلى مكة ذاهبا أو جائيا ودفع الكراء ومات رب الدابة في الذهاب فانفسخت الإجارة فله أن يركبها ولا يضمن وعليه أجرتها إلى مكة فإذا أتاها ورفع الأمر إلى القاضي فرأى بيعها ودفع بعض الأجر إلى المستأجر جاز وعلى هذا لو رهن المديون وغاب غيبة منقطعة فرفع المرتهن الأمر إلى القاضي ليبيع الرهن ينبغي أن يجوز كما في هاتين المسألتين ا هـ
وأقره في البحر قوله ( إنه باعه منه ) وأنه لم ينقد إليه الثمن
نهر و فتح
____________________
(5/230)
مطلب للقاضي إيداع مال غائب وإقراضه وبيع منقوله الخ قوله ( باعه القاضي أو مأموره ) ولو أذن له بأن يؤجر الدابة ويعلفها من أجرها جاز كما في جامع الفصولين وظاهر كلامهم أن البائع لا يملك البيع بلا إذن القاضي فإن باع كان فضوليا وإن سلم كان متعديا والمشتري منه غاصب
بحر
قلت وفي الولوالجية اشترى لحما فذهب ليجيء بالثمن فأبطأ فخاف البائع أن يفسد يسع البائع بيعه لأن المشتري يكون راضيا بالانفساخ فإن باع بزيادة تصدق بها أو بنقصان وضع على المشتري وهذا نوع استحسان ا هـ
وبه علم أن ما يسرع فساده لا يتوقف على القاضي لرضاه بالانفساخ بخلاف غيره فإن القاضي يبيعه على ملك المشتري ولذا كان الفضل له والنقص عليه
قوله ( نظرا للغائب ) أي وللبائع لأن البائع يصل به إلى حقه ويبرأ عن ضمانه والمشتري أيضا تبرأ ذمته من دينه ومن تراكم نفقته
بحر
فرع في جامع الفصولين سئل نجم الدين عمن وهبه أمير أمة فأخبرته أنها لتاجر قتل فأخذت وتداولتها الأيدي حتى وصلت إليه ولا يجد وارث القتيل ويعلم أنه لو خلاها ضاعت ولو أمسكها يخاف الفتنة
فأجاب للقاضي بيعها من ذي اليد فلو ظهر المالك كان له على ذي اليد ثمنها
قوله ( وإن اشترى اثنان شيئا ) أي اشتريا عبدا صفقة واحدة كما عبر في الجامع الصغير لقاضيخان
قوله ( وغاب واحد منهما ) أي بحيث لم يدر مكانه نهر
وقيد به لأنه لو كان حاضرا يكون متبرعا بالإجماع لأنه لا يكون مضطرا في إيفاء الكل إذ يمكنه أن يخاصمه إلى القاضي في أن ينقد حصته ليقبض نصيبه
فتح
قوله ( ويجيز الخ ) الظاهر أن هذا لو المبيع غير مثلي أما المثلي كالبر ونحوه مما يمكن قسمته فلا جبر على دفع الكل ولذا صوروا المسألة بالعبد كما ذكرنا
تأمل
قوله ( وله ) أي للحاضر قبضه أي قبض كل المبيع
قوله ( حتى ينقد شريكه الثمن ) أي ثمن حصته إذا كان الثمن حالا
وفي ط عن الواني النقد في الأصل تمييز الجيد من الرديء من نحو الدارهم ثم استعمل في معنى الأداء
قوله ( بخلاف أحد المستأجرين ) لو غاب قبل نقد الأجرة فنقد الحاضر جميعها كان متبرعا لأنه غير مضطر إذ ليس للمؤجر حبس الدار الاستيفاء الأجرة
ذكره التمرتاشي
نهر
وهذه الأحكام المذكورة من دفع الثمن وجبر البائع ودفع الكل والقبض والحبس مذهبهما وخالف أبو يوسف في جميعها ط
مطلب في العلو إذا سقط قوله ( فكان مضطرا ) فصار كمعير الرهن إذا أفلس الراهن وهو المستعير أو غاب فإن المعير إذا افتكه يدفع الدين يرجع على الراهن لأنه مضطر فيه وكصاحب العلو إذا سقط بسقوط السفل كان له أن يبني السفل إذا لم يبنه مالكه بغير أمره ليتوصل به إلى بناء علوه ثم يرجع عليه ولا يمكنه من دخوله ما لم يعطه ما صرفه
وتمامه في الفتح
قوله ( اللهم الخ )
____________________
(5/231)
بحث لصاحب النهر
قوله ( لعدم الأولوية ) لأنه أضاف المثقال إليهما على السواء فيجب من كل واحد منهما نصفه ويشترط بيان الصفة من الجودة وغيرها بخلاف ما إذا قال بألف من الدراهم والدنانير حيث لا يشترط بيان الصفة وينصرف إلى الجياد
نهر
قوله ( وانصرف للوزن المعهود الخ ) فإن المعهود وزن الذهب بالمثاقيل ووزن الفضة بالدراهم فهو كما لو قال بألف من الدراهم والدنانير
قوله ( وهذه قاعدة الخ ) الإشارة إلى ما ذكره المصنف أي إن قوله باع بألف مثقال الخ ليس البيع قيدا في ذلك وكذا الموزون بل مثله المكيل ونحوه كما لو أقر له برطل من سمن وعسل وزيت أو بمائة من بيض وجوز وتفاح أو بمائة ذراع من كتان وإبريسم وخز يلزمه من كل ثلث
قوله ( وزن سبعة ) أي العشرة من الدراهم وزن سبعة مثاقيل كل درهم أربعة عشر قيراطا ا هـ ط
مطلب فيما ينصرف إليه اسم الدرهم قوله ( وأفاد الكمال الخ ) اعلم أنه وقع اشتباه في موضعين بالنظر إلى العرف الحادث الأول فيما ينصرف إليه اسم الدرهم والثاني في قيمته
فذكر في الفتح أن انصراف الدراهم إلى وزن سبعة إذا كان متعارفا في بلد العقد
وأما في عرف مصر فلفظ الدرهم ينصرف الآن إلى زنة أربعة دراهم بوزن سبعة من الفلوس إلا أن يعقد بالفضة فينصرف إلى درهم بوزن سبعة
وأخذ منه في البحر أن الواقف بمصر لو شرط دراهم للمستحق ولم يقيدها ينصرف إلى الفلوس النحاس وإن قيدها بالنقرة ينصرف إلى الفضة
واعترضه في النهر بأن ما في الفتح حكاية عما في زمنه ولا يلزم منه كون كل زمن كذلك فالذي ينبغي أن لا يعدل عنه اعتبار زمن الواقف إن عرف وإلا صرف إلى الفضة لأنه الأصل ا هـ
الموضع الثاني قال في النهر وأما قيمة كل درهم منها فقال في البحر بعدما أعاد المسألة في الصرف قد وقع الاشتباه في أنها خالصة أو مغشوشة وكنت قد استفتيت بعض المالكية عنها يعني به علامة عصره ناصر الدين اللقاني فأفتى أنه سمع ممن يوثق به أن الدرهم منها يساوي نصفا وثلاثة من الفلوس قال فليعول على ذلك ما لم يوجد خلافه ا هـ
وقد اعتبر ذلك في زماننا لأن الأدنى متيقن به وما زاد عليه فهو مشكوك فيه ولكن الأوفق بفروع مذهبنا وجوب درهم وسط لما في جامع الفصولين من دعوى النقرة لو تزوجها على مائة درهم نقرة ولم يصفها صح العقد ولو ادعت مائة درهم مهرا وجب لها مائة وسط ا هـ
فينبغي أن يعول عليه ا هـ
ورأيت في فتاوى بعض الشافعية أن قيمته باعتبار المعاملة نصف وثلث وأنت قد علمت أن القيمة
____________________
(5/232)
تختلف باختلاف الأزمان ولا شك في اختلاف أزمنة الواقفين فينبغي اعتبار زمن الواقف والله تعالى الموفق ا هـ
قلت وفي زماننا وقبله بمدة مديدة ترك الناس التعامل بلفظ الدرهم وإنما يذكرون لفظ القرش وهو اسم لأربعين نصف فضة وهذا يختلف باختلاف الزمان فينظر إلى قرش زمن الواقف أيضا
قوله ( فقيمة درهمها نصفان ) هذا ذكره في النهر بعدما حرر المقام والظاهر أن مراده أن ذلك كان في زمن الواقف فلا ينافي ما حرره قبله
قوله ( أن النقرة تطلق الخ ) إطلاقها على الفلوس عرف حادث
ففي المغرب النقرة القطعة المذابة من الذهب أو الفضة
قوله ( فلا بد من مرجح ) وذلك كأن يعلم ما كانت تطلق عليه في زمن الواقف أو يكون قيدها بشيء فافهم
قوله ( الاستيمارات القديمة ) أي التصرفات أو العطايا أو الدفاتر أو نحوها مأخوذة من استمر الشيء إذا دام والمراد أنه ينظر إلى ما جرى عليه التعامل من قديم الزمان فيتبع
قوله ( ولو قبض زيفا ) أي رديئا وهو من الوصف بالمصدر لأنه يقال زافت الدراهم تزيف زيفا من باب سار أي ردأت ثم وصف به فقيل درهم زيف ودراهم زيوف كفلس وفلوس وربما قيل زائف على الأصل كما في المصباح
مطلب في النبهرجة والزيوف والستوقة وفي التتارخانية الدراهم أنواع أربعة جياد ونبهرجة وزيوف وستوقة
واختلفوا في تفسير النبهرجة قيل هي التي تضرب في غير دار السلطان والزيوف هي المغشوشة
والستوقة صفر مموه بالفضة
وقال عامة المشايخ الجياد فضة خالصة تروج في التجارات وتوضع في بيت المال
والزيوف ما زيفه بيت المال أي يرده ولكن تأخذه التجار في التجارات لا بأس بالشراء بها ولكن يبين للبائع أنها زيوف
والنبهرجة ما يرده التجار
والستوقة أن يكون الطاق الأعلى فضة والأسفل كذلك وبينهما صفر وليس لها حكم الدراهم ا هـ
وقال في أنفع الوسائل وحاصل ما قالوه أن الزيوف أجود وبعده النبهرجة وبعدهما الستوقة وهي بمنزلة الزغل التي نحاسها أكثر من فضتها
قوله ( كان قضاء اتفاقا ) لأنه صار راضيا بترك حقه في الجودة وقيد بقوله وأنفقه لأنه لو عرضه على البيع ولم ينفقه له رده كما سيذكره الشارح آخر الفروع
قوله ( ونفق ) أي هلك يقال نفقت الدابة نفوقا من باب قعد هلكت
مصباح
قوله ( استحسانا ) وقولهما قياس كما ذكره فخر الإسلام وغيره وظاهره ترجيح قول أبي يوسف
بحر
قوله ( ولو فرخ طير ) يقال فرخ بالتشديد وأفرخ صار ذا أفراخ وأفرخت
____________________
(5/233)
البيضة انفلقت عن الفرخ فخرج منها
مصباح
قوله ( أو تكسر ) وقع في الكنز تكنس
وفي المغرب كنس الظبي دخل في الكناس كنوسا من باب طلب وتكنس مثله ومنه الصيد إذا تكنس في أرض رجل أي استتر ويروى تكسر وانكسر ا هـ
وفي الفتح وفي بعض النسخ تكسر أي وقع فيها فتكسر احترازا عما لو كسره رجل فيها
بحر
وقوله من باب طلب صوابه من باب جلس
رملي وقوله احترازا الخ إنما يتم إذا لم يكن تكسر للمطاوعة وإلا فهو من فعل غيره يقال كسره بالتشديد فتكسر وكسره بالتخفيف فانكسر أي قبل ذلك
تأمل
قوله ( إلا إذا هيأ أرضه لذلك الخ ) أي بأن حفر فيها بئرا ليسقط فيها أو أعد مكانا للفراخ ليأخذها
فتح
لأن الحكم لا يضاف إلى السبب الصالح إلا بالقصد
بحر
قوله ( أو كان صاحب الأرض قريبا الخ ) ظاهره أن سبب الملك أحد شيئين إما التهيئة أو القرب ومقتضاه أنه لو خرج الصيد من أرضه المهيأة قبل قربه منه يبقى على ملكه فليس لغيره أخذه لكن يشكل عليه ما في الذخيرة عن المنتقى حيث قال نصب حبالة فوقع فيها صيد فاضطرب وانفلت فأخذه غيره فهو له فلو جاء صاحب الحبالة ليأخذه فلما دنا منه بحيث يقدر عليه انفلت فأخذه غيره فهو لصاحب الحبالة والفرق أن صاحب الحبالة فيهما وإن صار آخذا له إلا أنه في الأول بطل الأخذ قبل تأكده وفي الثاني بعد تأكده وكذا صيد البازي والكلب إذا انفلت فهو على هذا التفصيل ا هـ
أفاده ط
قوله ( فلو أخذه غيره لم يملكه ) استدل عليه في النهر بعبارة المنتقى المذكورة
قوله ( مثل ما مر ) بدل من قوله وكذا أو عطف بيان أفاد به أن الإشارة إلى ما ذكر في أول المسألة من أنه لآخذه
قوله ( أو دخل دار رجل ) وكذا لو دخل بيته وأغلق عليه الباب ولم يعلم به لم يصر آخذا مالكا له حتى لو خرج بعد ذلك فأخذه غيره ملكه
وعن أبي يوسف لو اصطاده في دار رجل من الهواء أو على الشجر ملكه لأن حصوله على حائط رجل أو شجرته ليس بإحراز فإن قال رب الدار كنت اصطدته قبلك فإن كان أخذه من الهواء فهو له لأنه لا يد لرب الدار على الهواء وإن أخذه من حائطه أو شجره فالقول لرب الدار لأخذه من محل هو في يده وإن اختلفا في أخذه من الهواء أو الشجرة فكذلك لأن الظاهر أن ما في داره يكون له
وتمامه في البحر
قوله ( ملكه بهذا الفعل ) أي بالإعداد أو الكف وظاهره أنه بدون ذلك لا يملكه وإن وقع قريبا منه بحيث تناله يده والفرق بينه وبين الصيد أن الصيد يملكه بالقرب منه إذا وقع في أرضه ونحوها لا مطلقا وإلا لزم لزم أنه لو قرب من صيد في برية ملكه والنثار يكون في بيت أهل العرس عادة فلا يعتبر فيه مجرد القرب بل لا بد من إعداد الثوب أو كفه
وأيضا لو اعتبر مجرد القرب يؤدي إلى المنازعة بين الحاضرين الذين وقع بينهم إذ كلهم يدعيه
قوله ( ملكه مطلقا ) أي وإن لم يعدها لذلك
قوله ( لأنه صار من أنزالها ) أي ريعها فهو بفتح الهمزة جمع نزل
قال في المصباح نزل الطعام نزلا من باب تعب كثر ريعه ونماؤه فهو نزل وطعام كثير النزل بوزن سبب أي البركة ومنهم من يقول كثير النزل بوزن قفل
قوله ( لا يجبر عليه ) وكذا لا يجبر على إعطاء الصك القديم كما في الخيرية عن جواهر الفتاوى
قال نعم لو توقف
____________________
(5/234)
إحياء الحق على عرضه كما لو غصب المبيع وامتنعت الشهود من الشهادة حتى يروا خطوطهم يجبر على عرضه كما أفتى به الفقيه أبو جعفر صيانة لحق المشتري ا هـ
قوله ( ولا على الإشهاد والخروج إليه ) أي إلى الإشهاد وهو عطف تفسير على الإشهاد لأنه ليس له الامتناع عن الإشهاد المجرد بقرينة ما بعده
قوله ( فليس له الامتناع عن الإقرار ) فإن لم يقر يرفعه إلى الحاكم فإن أقر بين يديه كتب سجلا وأشهد عليه
ملتقط
قوله ( فغزلته امرأته ) أي بإذنه أو بغير إذنه
ملتقط
قوله ( المرأة إذا كفنت ) أي كفنت زوجها
وعبارة مجمع الفتاوى وغيرها أحد الورثة إذا كفن الميت بماله الخ فالمرأة غير قيد نعم خرج الأجنبي فإنه لا يرجع كما في التتارخانية أي إلا إذا كان وصيا
قوله ( ولو أكثر لا ترجع بشيء ) علله في البزازية بأن اختيار ذلك دليل التبرع وهذا إذا أنفق الوارث من ماله ليرجع وسيذكر المصنف في باب الوصي أنه إذا زاد في عدد الكفن ضمن الزيادة وإن زاد في قيمته ضمن الكل أي لأنه صار مشتريا لنفسه فيضمن مال الميت وقد حررت هذه المسألة بما لا مزيد عليه في تنقيح الحامدية من الوصايا
قوله ( قال رحمه الله ) الضمير عائد إلى صاحب الملتقط فإن هذه الفروع كلها من الملتقط كما ذكره الشارح آخرها والعبارة كذلك مذكورة فيه على عادة المتقدمين في كتبهم فافهم
قوله ( لا يبعد ) لعل وجهه أنه لا يلزم من التكفين بأكثر من كفن المثل اختيار التبرع بالكل بل بالزائد
مطلب إذا اكتسب حراما ثم اشترى فهو على خمسة أوجه قوله ( اكتسب حراما الخ ) توضيح المسألة ما في التتارخانية حيث قال رجل اكتسب مالا من حرام ثم اشترى فهذا على خمسة أوجه أما إن دفع تلك الدراهم إلى البائع أولا ثم اشترى منه بها أو اشترى قبل الدفع بها ودفعها أو اشترى قبل الدفع بها ودفع غيرها أو اشترى مطلقا ودفع تلك الدراهم أو اشترى بدراهم أخر ودفع تلك الدراهم قال أبو نصر يطيب له ولا يجب عليه أن يتصدق إلا في الوجه الأول وإليه ذهب الفقيه أبو الليث لكن هذا خلاف ظاهر الرواية فإنه نص في الجامع الصغير إذا غصب ألفا فاشترى بها جارية وباعها بألفين تصدق بالربح
وقال الكرخي في الوجه الأول والثاني لا يطيب وفي الثلاث الأخيرة يطيب
وقال أبو بكر لا يطيب في الكل لكن الفتوى الآن على قول الكرخي دفعا للحرج عن الناس ا هـ
وفي الولوالجية وقال بعضهم لا يطيب في الوجوه كلها وهو المختار لكن الفتوى اليوم على قول الكرخي دفعا للحرج لكثرة الحرام ا هـ
وعلى هذا مشى المصنف في كتاب الغصب تبعا للدرر وغيرها
قوله ( قال الكرخي ) صوابه قال أبو نصر كما رأيته في الملتقط ولم أر فيه ذكر قول الكرخي أصلا
قوله ( جاز أخذ ربحه ) لأن الظاهر أنه اكتسب في الحلال
الولوالجية
وظاهره أنه لا كراهة فيه وتقدم في شركة المفاوضة أن
____________________
(5/235)
أبا يوسف أجازها مع اختلاف الملة مع الكراهة وعلله الزيلعي هناك بأن الكافر لا يهتدي إلى الجائز من العقود
قوله ( لا يجوز لأحد أخذه الخ ) ظاهره أنه لا يجوز الإقدام على الأخذ ما لم يسمع المالك
قال ليأخذه من أراده وظاهره أنه يملكه بالأخذ إذا قال الملك ذلك وإلا لا
وتقدم تمام الكلام على هذه المسألة في باب الجناية على الإحرام من كتاب الحج
قوله ( والأب مفسد فاسق ) احتراز عما إذا كان محمودا عند الناس أو مستور الحال فإنه حينئذ يصح بيعه عقار ابنه الصغير كما سيذكره في باب الوصي
قوله ( لم يجز بيعه ) نقضه بعد بلوغه هو المختار إلا إذا كان خيرا بأن باع بضعف القيمة وبيع منقوله يجوز في رواية ويوضع ثمنه في يد عدل لا في رواية لولا خير بضعف القيمة وبيع منقوله يجوز في رواية ويوضع ثمنه في يد عدل لا في رواية لولا خير بضعف قيمته وبه يفتى جامع الفصولين
قوله ( على أن لا ترجع عليه ) قيد بذلك لما في الأشباه شراء الأم لابنها الصغير ما لا يحتاج إليه غير نافذ عليه إلا إذا اشترت من أبيه أو منه ومن أجنبي كما في الولوالجية
قوله ( جاز وهو كالهبة ) قال في الخانية تكون الأم مشترية لنفسها ثم يصير منها هبة لولدها الصغير وصلة وليس لها أن تمنع الضيعة عن ولدها الصغير ا هـ ط
قوله ( رجع بما أدى ) مخالف لما صححه في النفقات حيث قال نقلا عن جامع الفصولين الأسير ومن أخذه السلطان ليصادره لو قال لرجل خلصني فدفع المأمور مالا فخلصه قيل يرجع وقيل لا في الصحيح
به يفتى ا هـ
لكن سيأتي في الكفالة قبيل كفالة الرجلين تصحيح الأول ومثله في البزازية و الخانية وقدمنا في النفقات تأييده فهما قولان مصححان
ثم رأيت الجزم بالأول في شرح السير الكبير ولم يحك فيه خلافا فكان هو المذهب فافهم
قوله ( ولو قال بألف الخ ) عبارة الملتقط وقال شداد إذا قال الأسير الحر اشترني بألف درهم فاشتراه بأكثر منه جاز وعليه قدر الألف ولا يلزمه الفضل لأنه تخليص لا شراء بخلاف الوكيل بالشراء ا هـ
قلت بيانه أن الوكيل بالشراء لو شرى بأكثر مما عينه الوكيل وقع الشراء له ولا يلزم الموكل شيء من الثمن لأن الشراء متى وجد نفاذا على المشتري لزم فيلزمه جميع الثمن ولا يلزم الآمر شيء وهنا لزم الآمر قدر ما عينه لأنه هنا تخليص لا شراء حقيقة ووقع في جامع الفصولين خلاف هذا فإنه قال أسير أمره أن يفديه بألف ففداه بألفين يرجع بألفين عليه وليس كوكيل بشراء إذ لا عقد هنا وإنما أمره أن يخلصه فصار كمن أمره أن ينفق عليه ألفا فأنفق عليه ألفين ا هـ
أقول ويظهر لي أن قوله يرجع بألفين سبق قلم وصوابه بألف بدليل التعليل والتنظير فإن المأمور بإنفاق ألف لا شك أنه يرجع بأكثر من ألف ثم راجعت السير الكبير للسرخسي فرأيت فيه مثل ما قدمناه عن الملتقط وقال إنما يرجع عليه بالألف خاصة لأن الرجوع بحكم الاستقراض وذلك في الألف خاصة وهذا بخلاف الشراء الخ فهذا صريح فيما قلنا والله الحمد
فافهم
____________________
(5/236)
مطلب دبغ في داره وتأذى الجيران قوله ( وتأذى جيرانه ) قال في جامع الفصولين القياس في جنس هذه المسائل أن من تصرف في خالص ملكه لا يمنع ولو أضر بغيره لكن ترك القياس في محل يضر بغيره ضررا بينا قيل وبه أخذ كثير من المشايخ وعليه الفتوى ا هـ
وفيه أراد أن يبني في داره تنورا للخبز دائما أو رحى للطحن أو مدقة للقصارين يمنع عنه لتضرر جيرانه ضررا فاحشا
وفيه لو اتخذ داره حماما ويتأذى الجيران من دخانها فلهم منعه إلا أن يكون دخان الحمام مثل دخان الجيران ا هـ
وانظر ما لو كانت دارا قديمة بهذا الوصف هل للجيران الحادثين أن يغيروا القديم عما كان عليه ط
مطلب الضرر البين يزال ولو قديما قلت الضرر البين يزال ولو قديما كما أفتى به العلامة المهمنداري ومثله في حاشية البحر الرملي من كتاب القضاء كما في كتاب الحيطان من الحامدية
قوله ( على أنه لحم غنم ) الغنم اسم جنس يطلق على الضأن والمعز
مصباح
والمراد هنا الضأن بحكم العرف
قوله ( له الرد ) أي لاختلاف الرغبة وإن كانا في باب الربا جنسا واحدا
تأمل
قال في الملتقط وكذلك إذا اشترى على أنه لحم موجوءة فوجده لحم فحل
قوله ( قال زن لي الخ ) في المجرد عن أبي حنيفة قال للحام كيف تبيع اللحم فقال كل ثلاثة أرطال بدرهم فقال أخذت منك زن لي فله أن لا يزن وإن وزن فلكل واحد منهما أن يرجع فإن قبض المشتري أو جعل البائع في وعاء المشتري بأمره فقد تم البيع وعليه درهم
قال محمد قال لقصاب زن لي من هذا اللحم كذا وكذا فوزن فله الخيار ولو قال زن لي من هذا الجنب كذا بكذا أو قال زن لي ما عندك من اللحم بحساب كذا فوزنه جاز ولا خيار له
وعن أبي يوسف مثله
حاوي الزاهدي
قلت ولعل وجه قول الإمام أن هذا بيع بالتعاطي فلا يتم قبل قبض المبيع وعلى قول محمد يتم بالوزن إن عين الموضع أو كان العقد على الكل
تأمل
قوله ( لم بخير ) لعل وجهه أن الخبز المشترى منه لا يختلف بخلاف اللحم فإن لحم الرقبة أو الفخذ أحسن من لحم الخاصرة مثلا فيثبت له الخيار بعد الوزن إلا إذا شرى الكل أو عين الموضع كهذا الجنب فيتم البيع بالوزن كما علمت
تأمل
مطلب شرى بذر بطيخ فوجده بذر قثاء قوله ( إن قائما رده الخ ) أي لاختلاف الجنس فبطل البيع ولو اختلف النوع لا يرجع بثمنه جامع الفصولين
وفيه شرى على أنه بذر بطيخ شتوي فزرعه فوجده صيفيا بطل البيع فيأخذ المشتري ثمنه وعليه مثل ذلك البذر ا هـ
____________________
(5/237)
قلت ومقتضاه أنه من اختلاف الجنس كما لو وجده بذر قثاء
والذي يظهر أنه من اختلاف النوع ويؤيده ما ذكره فيه أيضا لو شرى بذرا على أنه بذر بطيخ كذا فظهر على صفة أخرى جاز البيع لاتحاد الجنس من حيث إنه بطيخ واختلاف الصفة لا يفسد العقد ولا يرجع بنقص العيب عند أبي حنيفة ا هـ أي لأنه ظهر عيبه بعد استهلاكه
وذكر فيه قوله شرى برا على أنه ربيعي فزرعه فظهر أنه خريفي اختار المشايخ أنه يرجع بنقص العيب وهو قولهما بناء على ما إذا شرى طعاما فأكله فظهر عيبه وقد مر أن الفتوى على قولهما ا هـ
والحاصل أنه إذا ظهر خلاف الجنس كبذر البطيخ وبذر القثاء بطل البيع فيرده لو قائما ويرد مثله لو هالكا ويرجع بالثمن ولو ظهر خلاف الوصف كالربيعي والخريفي صح البيع فيرده لو قائما ولا يرجع بشيء لو هالكا عند الإمام
وعندهما يرجع بنقصانه وبه يفتى
بقي ما لو زرعه فلم ينبت ففي الخيرية ليس له الرجوع بالثمن ولا بالنقص لأنه قد استهلك المبيع ولا رجوع بعد الإتلاف كما صرح به ظهير الدين في حب القطن وقيل يرجع بنقصانه إن ثبت عدم نباته لعيب به وإلا لا بالاتفاق لاحتمال أن عدم نباته لرداءة حرثه أو لجفاف أرضه أو لأمر آخر ا هـ
قلت الظاهر أن ما نقله عن ظهير الدين مبني على قول الإمام وقوله وقيل يرجع مبني على قولهما المفتى به كما علمت
قوله ( فانكسروا ) في بعض النسخ فانكسرت وهي الأولى لأن الواو لجاعة العقلاء
قوله ( ضمن الأقداح لا القدح ) لأن القدح قبضه على سوم الشراء بلا بيان الثمن والأقداح انكسرت بفعله فيضمنها بين الثمن أو لا كما في الخانية
قوله ( بأصلها ) هو المدفون في الأرض المسمى شرشا
مطلب شرى شجرة وفي قلعها ضرر قوله ( يقطعه من وجه الأرض ) عبارة الملتقط يقطعها وفيه أيضا إذا اشترى أشجارا من وجه الأرض وفي قطعها بالصيف ضرر فللبائع أن يدفع إليه قيمتها وهي قائمة إلا أن يتراضيا على تركها إلى وقت لا ضرر في قطعها
وفيه أيضا ولو باع شجرة إن بين موضع قطعها من وجه الأرض فعلى ذلك وإن بين بأصلها فعلى قرارها من الأرض وإن لم يبين له أن يقطع من أصلها إلا أن تقوم دلالة ا هـ
قوله ( فكسرها المشتري ) كذا رأيته في الملتقط وكأنه مصور في الصرف وإلا فالمناسب فكسرها البائع
ورأيت فيه تقييد الزيوف بالنبهرجة ويدل له ما نقله بعض المحشين عن الخانية لو أن المشتري دفع إلى البائع دراهم صحاحا فكسرها البائع فوجدها نبهرجة كان له أن يردها على المشتري ولا يضمن بالكسر لأن الصحاح والمكسرة فيه سواء ا هـ
قوله ( وإن طحنه لا يبيع ) أي إلا أن يبين لأنه لا يرى
قوله ( وقال الثاني الخ ) وقال أيضا لا بأس أن يشتري بستوقة إذا بين وأرى للسلطان أن
____________________
(5/238)
يكسرها لعلها تقع في أيدي من لا يبين
وروى بشر في الإملاء عنه أكره للرجل أن يعطي الزيوف والنبهرجة والتسوقة وإن بين ذلك وتجوز بها عند الأخذ من قبل أن إنفاقها ضرر على العوام وما كان ضررا عاما فهو مكروه خوفا من الوقوع في أيدي المدلسة على الجاهل به ومن التاجر الذي لا يتحرج ا هـ ملخصا من الهندية
قوله ( لا ينفقها حتى يعدها ) لاحتمال أن يظهر الدرهم معيبا وقد أنفق الفلوس أو بعضها فيلزم الجهالة في المنفق
والظاهر أن محله إذا أخذها عددا لا وزنا وهل ذلك يجري في صرف الذهب بالفضة يحرر ط تأمل
قوله ( ثمنه ) الضمير راجع للمشتري أي الثمن الواجب عليه أو للثياب باعتبار كونها مبيعا
قوله ( لجهالة الأجل ) لأنه لم يعلم بذلك وقت الدفع
نعم لو قال إلى شهر على أن يؤديه بسمرقند جاز ويبطل الشرط كما قدمناه أول البيوع
قوله ( فهو فاسد ) لأن فيه نفعا للبائع ولا يقتضيه العقد
قوله ( من الأكار ) أي المزارع
قوله ( يرجع على الدهقان ) أي صاحب الأرض
وفي هذه المسألة كلام سيأتي إن شاء الله تعالى قبيل باب كفالة الرجلين
قوله ( إن رضي الأكار جاز ) أي إذا دفع صاحب الكرم كرمه إلى أكار مساقاة بالربع مثلا وعمل الأكار حتى صار له حصة في الثمر يتوقف بيع الثمر على رضا الأكار لأن له فيه حصة فإن أجاز البيع يقسم الثمن على قيمة الأرض وقيمة الثمر فيأخذ الأكار قدر حصته من ثمن الثمر وأما لو دفع أرضه مزارعة على أن يكون البذر من العامل فباع الأرض توقف بيع الأرض على إجازة المزارع لأنه صار بمنزلة مستأجر الأرض كما مر في باب الفضولي ولا يخفى أن هذه مسألة أخرى فافهم
قوله ( فقبله ولم ينفقه ) الأوضح فعرضه على البيع ولم ينفقه ط
قوله ( بخلاف جارية الخ ) الفرق أن المقبوض من الدراهم ليس عين حق القابض بل هو من جنس حقه لو تجوز به جاز وصار عين حقه فإذا لم يتجوز بقي على ملك الدافع فصح أمر الدافع بالتصرف فهو في الابتداء تصرف للدافع وفي الانتهاء لنفسه بخلاف التصرف في العين لأنها ملكه فتصرفه لنفسه فبطل خياره
ط عن البحر
وقدمنا تمام الكلام على هذه المسألة في خيار العيب عند قول المصنف باع ما اشتراه فرد عليه بعيب الخ فراجعه
قوله ( قال أبو حنيفة الخ ) لا مناسبة لهذه المسألة هنا وقدمنا الكلام عليها مستوفى في فصل محرمات النكاح والله سبحانه أعلم
____________________
(5/239)
ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه به لم يترجم له بفصل ولا باب لدخوله في بال المتفرقات وما اسم موصول مبتدأ خبره قوله البيع الخ وتقدم في باب البيع الفاسد بيان الشرط الفاسد
والتعليق ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة أخرى وتقدم الكلام عليه في كتاب الطلاق ومثال الشرط الفاسد بعتك بشرط كذا ومثال التعليق بعتك إن رضي فلان
وفي حاشية الأشباه للحموي عن قواعد الزركشي الفرق بين التعليق والشرط أن التعليق داخل في أصل الفعل بإن ونحوها والشرط ما جزم فيه بأصل الفعل أو يقال التعليق ترتيب أمر لم يوجد على أمر لم يوجد بإن أو إحدى أخراتها والشرط التزام لم يوجد في أمر لم يوجد بصيغة مخصوصة ا هـ
قوله ( هاهنا أصلان الخ ) الذي تحصل من هذين الأصلين أن ما كان مبادلة مال بمال يفسد بالشرط الفاسد ويبطل تعليقه أيضا لدخوله في التمليكات لأنها أعم وما ليس مبادلة مال بمال إن كان من التمليكات أو التقييدات يبطل تعليقه بالشرط فقط وإن لم يكن منهما فإن كان من الإسقاطات والالتزامات التي يحلف بها يصح تعليقه باللائم وغيره وإن كان من الإطلاقات والولايات والتحريضات يصح بالملائم فقط وبه يظهر أن قول المصنف ولا يصح تعليقه به معطوف على ما يبطل عطف تفسير فالمراد بالشرط التعليق به
ويحتمل أن يكون قاعدة ثانية معطوفة على الأولى على تقدير ما أخرى أي وما لا يصح تعليقه به كما في قوله تعالى ( وما أنزلنا إلينا وما أنزل إليكم ) أي وما أنزل إليكم فيكون ما في المتن قاعدتين الأولى ما يبطل بالشرط والثانية ما لا يصح تعليقه به وبدون هذا التقدير يكون قاعدة واحدة أريد بها ما اجتمع فيه الأمران وذلك خاص بالتمليكات التي هي مبادلة مال بمال فإنها تبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقها به وذلك غير مراد لأن المصنف عد من ذلك الرجعة والإبراء وعزل الوكيل والاعتكاف والإقرار والوقف والتحكيم وليس في شيء من ذلك تمليك مال بمال مع أن السبعة المذكورة لا تبطل بالشرط الفاسد فتعين أن يكون ما ذكره المصنف قاعدة واحدة هي ما لا يصح تعليقه بالشرط والعطف للتفسير كما قلنا فإن جميع ما ذكره المصنف يبطل تعليقه بالشرط أو قاعدتين كما دل عليه ذكر الأصلين المذكورين
وعليه فما ذكره المصنف منه ما هو داخل تحتهما معا ومنه ما هو داخل تحت الثانية فقط ويدل عليه أيضا ما في الزيلعي حيث قال بعد ذكر ما لا يبطل بالشرط الفاسد ثم الشيخ ذكر هنا ما يبطل بالشروط الفاسدة وما لا يبطل بها وما لا يصح تعليقه بالشرط ولم يذكر ما يجوز تعليقه بالشرط الخ
إذا علمت ذلك ظهر لك أن هاهنا أربعة قواعد الأولى ما يبطل بالشرط الفاسد
الثانية ما لا يصح تعليقه بالشرط وهاتان المذكورتان هنا
والثالثة عكس الأولى وهي ما يأتي في قول المصنف وما لا يبطل بالشرط الفاسد الخ
والرابعة عكس الثانية وهي المذكورة في قول الشارح وبقي ما يجوز تعليقه الخ
والأولى داخلة تحت الثانية لأن كل ما بطل بالشرط الفاسد لا يصح تعليقه به ولا عكس فالفروع التي ذكرها المصنف كلها داخلة تحت الثانية وبعضها تحت الأولى لخروج الرجعة والإبراء ونحوهما كما ذكرناه وما خرج عنها دخل تحت الثالثة
والرابعة داخلة تحت الثالثة لأن كل ما جاز تعليقه لا يبطله الشرط الفاسد ولا عكس كما ستعرفه
ثم اعلم أن قوله لا يصح تعليقه ليس المراد به بطلان نفس التعليق مع صحة المعلق لأن ما كان من التمليكات
____________________
(5/240)
يفسد بالتعليق بل المراد أنه لا يقبل التعليق بمعنى أنه يفسد به فاغتنم تحرير هذا المقام فإن به يندفع كثير من الأوهام كما يظهر لك في تقدير الكلام
قوله ( وما لا فلا ) أي وما لا يكون مبادلة مال بمال بأن كان مبادلة مال بغير مال كالنكاح والطلاق والخلع على مال ونحوها أو كان من التبرعات كالهبة والوصية لا يفسد بالشرط الفاسد
وقوله كالقرض هو تبرع ابتداء مبادلة انتهاء فيصلح مثالا للشيئين وإنما لم يفسد ذلك لأن الشروط الفاسدة من باب الربا وهو في المعاوضات المالية لا غير لأن الربا هو الفضل الخالي عن العوض
وحقيقة الشروط الفاسدة كما مر هي زيادة ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه فيكون فيها فضل خال عن العوض وهو الربا ولا يتصور ذلك في المعاوضات الغير المالية ولا في التبرعات بل يفسد الشرط ويصح التصرف
وتمامه في الزيلعي
قوله ( من التمليكات ) كبيع وإجارة واستئجار وهبة وصدقة ونكاح وإقرار وإبراء كما في جامع الفصولين فهو أعم مما قبله
قوله ( أو التقييدات ) كرجعة وكعزل الوكيل وحجر العبد كما في الفصولين وذلك أن في الوكالة والإذن للعبد إطلاقا عما كانا ممنوعين عنه من التصرف في مال الموكل والمولى وفي العزل والحجر تقييد لذلك الإطلاق وكذا في الرجعة تقييد للمرأة عما أطلق لها بالطلاق من حقوق الزوجية
قوله ( يبطل تعليقه بالشرط ) أي المحض كما في البحر وغيره والظاهر أنه احتراز عن التعليق بشرط كائن فإنه تنجيز كما في جامع الفصولين
قال ألا ترى أنه لو قال لامرأته أنت طالق إن كان السماء فوقنا والأرض تحتنا تطلق للحال ولو علق البراءة بشرط كائن يصح ولو قال للخطاب زوجت بنتي من فلان فكذبه فقال إن لم أكن زوجتها منه فقد زوجتها منك فقبل الخاطب وظهر كذب الأب انعقد
قوله ( والأصح ) أي أن لا يكن من التمليكات والتقييدات بأن كان من الإسقاطات المحضة أو الالتزامات أو الإطلاقات أو الولايات أو التحريضات صح التعليق
قوله ( لكن في أسقاطات ) أي محضة كالطلاق والعتاق
بحر احترازا عن الإبراء فإنه وإن كان إسقاطا لكنه تمليك من وجه كما يأتي فهو من التمليكات
قوله ( يحلف بهما ) الضمير المثنى عائد إلى إسقاطات والتزامات وقوله كحج وطلاق لف ونشر مشوش وقوله مطلقا أي بشرط ملائم أو غير ملائم ولم يظهر من كلامه حكم ما لا يحلف به من النوعين ولا أمثلته ولم أر من ذلك ذلك
ويظهر لي أنه كالتمليكات يبطل تعليقه وأن من الأول تسليم الشفعة إذا علق بشرط غير كائن فإن فاسد ويبقى على شفعته كما سنوضحه ومن الثاني ما إذا التزم ما لا يلزمه شرعا كما لو استأذن جاره لهدم جدار مشترك بينهما فأذن بشرط منع الضرر عنه بنصب خشبات ولم يفعل حتى انهدم منزل الجار لا يضمن لأنه ليس عليه حفظ دار شريكه كما في الولوالجية ففيه التزام الحفظ كأنه قال اهدم الجدار بشرط نصب الخشبات فلا يصح
تأمل
قوله ( وفي إطلاقات ) كالإذن بالتجارة وولايات كالقضاء والإمارة وتحريضات نحو من قتل قتيلا فله سلبه ا هـ ح
قوله ( بالملائم ) أي يصح تعليقها بالشرط الملائم وفسره في الخلاصة بما يؤكد موجب العقد ا هـ
مثل إن وصلت إلى بلدة كذا فقد وليتك قضاءها أو إمارتها أو إن قتلت قتيلا فلك سلبه بخلاف نحو إن هبت الريح
قوله ( فالأول الخ ) قد علمت أن حاصل الأصلين المذكورين في الشرح أن من المسائل ما يفسد بالشرط الفاسد وما لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد وما يصح بالشرط وما يصح تعليقه به فهي أربعة الفاسد منها قسمان والصحيح قسمان
فقوله فالأول أربعة عشر أراد به الفاسد منها بقسميه وهو الذي عبر عنه المصنف بقوله ما يبطل الشرط الفاسد ولا يصح تعليقه وأما ما يصح
____________________
(5/241)
فسيذكر المصنف القسم الأول منه بقوله وما لا يبطل بالشرط الفاسد وذكر الشارح بعده القسم الآخر بقوله وبقي ما يجوز تعليقه بالشرط كما نبهنا عليه أولا وحينئذ فلا حاجة إلى أن يراد بالأول الأصل الأول من الأصلين حتى يرد عليه أن الصور التي ذكرها المصنف ليست كلها مبادلة مال بمال بل بعضها فافهم
قوله ( على ما في الدرر الخ ) أي كونها أربعة عشر مبني على ما ذكر في هذه الكتب وأشار به إلى أنها تزيد على ذلك كما نبه عليه الشارح بعد ويأتي تمامه
ثم إن المذكور في إجازة الوقاية ما يصح مضافا وهو ما سيأتي آخرا وليس الكلام فيه كما لا يخفى
قوله ( البيع ) صورة البيع بالشرط قوله بعته بشرط استخدامه شهرا وتعليقه بالشرط كقوله بعته إن كان زيد حاضرا وفي إطلاق البطلان على البيع بشرط تسامح لأنه من قبيل الفاسد لا الباطل وإليه يشير قوله وقد مر في البيع الفاسد
شرنبلالية
قوله ( إن علقه بكلمة إن ) إلا في صورة واحدة وهي أن يقول بعت منك هذا إن رضي فلان فإنه يجوز إن وقته بثلاثة أيام لأنه اشتراط الخيار إلى أجنبي وهو جائز
بحر
لكن فيه أن الكلام في الشرط الفاسد وهذا شرط صحيح
تأمل
قوله ( على ما بينا في البيع الفاسد ) أي من أنه إن كان مما يقتضيه العقد أو يلائمه أو فيه أثر أو جرى التعامل به كشرط تسليم المبيع أو الثمن أو التأجيل أو الخيار أو حذاء النعل لا يفسد ويصح الشرط وإن لم يكن كذلك فإن كان فيه منفعة لأهل الاستحقاق فسد وإلا فلا ا هـ
وقول العاقد بشرط كذا بمنزلة على ولا بد أن لا يقرن الشرط بالواو وإلا جاز ويجعل مشاورة وأن يكون في صلب العقد حتى لو ألحقاه به لم يلتحق في أصح الروايتين
مكي
وفي الذخيرة اشترى حطبا في قرية شراء صحيحا وقال موصولا بالشراء من غير شرط في الشراء احمله إلى منزلي لا يفسد أو استأجر أرضا للزراعة ثم قال بعد تمامها إن الجرف على المستأجر لا تفسد لأنه كلام مبتدأ ا هـ ط
وتقدم آخر باب خيار الشرط أن البيع لا يفسد بالشرط في اثنين وثلاثين موضعا ذكرها في الأشباه وأوضحناها هناك قوله ( والقسمة ) من صور فسادها بالشرط ما إذا اقتسم الشريكان على أن لأحدهما الصامت وللآخر العروض أو على أن يشتري أحدهما من الآخر داره بألف أو على شرط هبة أو صدقة أما لو اقتسما على أن يزيده شيئا معلوما فهو جائز كالبيع وكذا على أن يرد أحدهما على الآخر دراهم مسماة
بحر عن الولوالجية
وقال أيضا وصورة تعليقها أن يقتسموا دارا وشرطوا رضا فلان لأن القسمة فيها معنى المبادلة فهي كالبيع
عيني
ومر جواز تعليق البيع برضا فلان على أنه شرط خيار إذا وقته ولكن في الولوالجية خيار الشرط والرؤية يثبت في قسمة لا يجبر الآبي عليها وهي قسمة الأجناس المختلفة لا فيما يجبر عليها كالمثلي من جنس واحد بحر ملخصا
وحاصله أن تعليق القسمة على رضا فلان غير موقت لا يصح مطلقا ومؤقتا يصح في الجنس الواحد على أنه خيار شرط لأجنبي كما يصح في البيع فكلام العيني محمول على غير الموقت أو على الأجناس المختلفة
ثم اعلم أن القسمة التي يجبر الآبي عليها لا تختص بالمثلي لأنها تكون في العروض المتحد جنسها إلا الرقيق والجواهر فلا يجبر عليها كقسمة الأجناس بعضها في بعض وكدور مشتركة أو دار وضيعة فيقسم كل منها وحده لا بعضها في بعض إلا بالتراضي كما سيأتي في بابها
قوله ( أما قسمة القيمي الخ ) أفاد أن قسمة المثلي لا تصح بالشرط مطلقا أما قسمة القيمي فتصح إن علقت بخيار شرط أو رؤية وإلا فلا لكن علمت أن الافتراق بين الجبر وعدمه لا بين المثلي والقيمي فافهم
وأيضا فالكلام في الشرط الفاسد كما مر وشرط الخيار ليس شرطا فاسدا فلا حاجة
____________________
(5/242)
إلى التنبيه على صحته
تأمل
قوله ( والإجارة ) أي كأن آجر داره على أن يقرضه المستأجر أو يهدي إليه أو إن قدم زيد
عيني
ومن ذلك استأجر حانوتا بكذا على أن يعمره ويحسب ما أنفقه من الأجرة فعليه أجر المثل وله ما أنفق وأجر مثل قيامه عليه وتمامه في البحر وبه علم أنها تفسد بالشرط الفاسد وبالتعليق لأنها تمليك المنفعة والأجرة
قوله ( فيصح به يفتى ) لعل وجهه أنه وقت يجيء لا محالة فلم يكن تعليقا بخطر أو هو إضافة لا تعلق والإجارة تقبل الإضافة كما سيأتي وعليه فلا حاجة إلى الاستثناء
قوله ( مع أنه تعليق بعدم التفريغ ) ولعل وجه صحته أنه لما كان التفريغ واجبا على الغاصب في الحال فإذا لم يفرغ صار راضيا بالإجارة في الحال كأنه علقه على القبول فقيل
تأمل
قوله ( فقول البكر ) الأولى إبدال البكر بالبالغة كما هو في عبارة البزازية
قوله ( وكذا كل ما لا يصح تعليقه بالشرط ) وهو التمليكات والتقييدات كما مر وهذا التعميم أخذه في البحر من إطلاق عبارة الكنز لفظ الإجازة واستشهد له بما مر عن البزازية وأقره في النهر
واعترضه الحموي بما في القنية قال باعني فلان عبدك بكذا فقال إن كان كذا فقد أجزته أو فهو جائز جاز إن كان بكذا أو بأكثر من ذلك النوع ولو أجاز بثمن آخر يبطل ا هـ
قلت قد يجاب بأن هذا تعليق بكائن فلم يكن شرطا محضا كما لو قال إن لم أكن زوجتها من فلان فقد زوجتها منك كما قدمناه
تأمل
قوله ( فقصرها على البيع قصور ) تعريض بما يفيده كلام العيني حيث صور الإجازة بقوله بأن باع فضولي عبده فقال أجزته بشرط أن تقرضني أو تهدي إلي أو علق إجازته بشرط لأنها بيع معنى ا هـ
ومثله قول الدرر والبيع وإجازته
وقال ح ينبغي أن يراد بالإجازة إجازة عقد هو مبادلة مال بمال لأن كلامه فيما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه بالشرط وذلك خاص بالمعاوضات المالية وما ذكره عن البزازية من إجازة النكاح صحيح في نفسه لكنه لا يلائم المتن لأن إجازة النكاح مثله فلا تبطل بالشرط الفاسد وإن لم يصح تعليقها به ا هـ ملخصا
قلت قد علمت مما قررناه سابقا أن ما ذكره المصنف قاعدتان لا واحدة والفروع التي ذكرها المصنف بعضها مفرع على القاعدتين وبعضها على واحدة منهما فمثل إجازة النكاح مفرعة على الثانية فقط ومثل إجازة البيع مفرعة على كل منهما وكأن من اقتصر على تصوير الإجازة بالبيع قصد بيان ما تفرع على القاعدتين
فافهم
قوله ( قال شيخنا في بحره ) من كلام المصنف في المنح
قوله ( وأطال الكلام الخ ) حاصله أن ما ذكره في الكنز لم ينفرد به بل قاله جماعة غيره ويدل على بطلانه أن المذكور في كافي الحاكم وغيره أن تعليق الرجعة بالشرط باطل ولم يذكروا أنها تبطل بالشرط الفاسد وكيف تبطل به مع أن أصلها وهو النكاح لا يبطل به وصرح في البدائع بأنها تصح مع الإكراه والهزل واللعب والخطأ كالنكاح وفي كتب الأصول من بحث الهزل أن ما يصح مع الهزل لا تبطله الشروط الفاسدة وما لا يصح معه تبطله ا هـ
____________________
(5/243)
قلت وقد مر أيضا في الأصل الأول أن ما ليس مبادلة مال بمال لا يفسد بالشرط الفاسد ولا يخفى أن الرجعة كذلك والجواب عما قاله في البحر أنه مبني على أن قولهم ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه به قاعدة واحدة والفروع المذكورة بعدها مفرعة عليها وذلك غير صحيح بل هما قاعدتان كما قررناه والرجعة مفرعة على الثانية منهما فقط فلا بطلان في كلامهم بعد فهم مرامهم فافهم
قوله ( لكن تعقبه في النهر ) حيث قال وحيث ذكر الثقات بطلانها بالشرط الفاسد لم يبق الشأن إلا في السبب الداعي للتفرقة بينها وبين النكاح ثم ذكر الفرق المذكور في الشرح
واعترضه ح بأنه لا يلزم من مخالفتها النكاح في أحكام أن تخالفه في هذا الحكم ا هـ
قلت وأيضا فقوله وتبطل بالشرط هو محل النزاع فالصواب ذكره بالفاء لا بالواو على أنك قد سمعت الجواب الحاسم لمادة الإشكال
تنبيه علل في الخلاصة لعدم صحة تعليق الرجعة بالشرط بأنه إنما يحتمل التعليق بالشرط ما يجوز أن يحلف به ولا يحلف بالرجعة ا هـ
واعترضه في نور العين بأن عدم التحليف في الرجعة قوم الإمام والمفتى به قولهما أنه يحلف وعليه فينبغي أن يصح تعليقها بالشرط ا هـ
قلت اشتبه عليه الأمر فإن قول الخلاصة لا يحلف بالرجعة بتخفيف اللام بمعنى أنه لا يقال إن فعلت كذا فعلي أن أراجع زوجتي كما يقال فعلي حج أو عمرة أو غيرهما مما يحلف به وكأنه ظنه يحلف بتشديد اللام وجعل الباء للسببية أي إذا أنكر الرجعة لا يحلفه القاضي عليها كبقية المسائل الست التي لا يحلف عليها المنكر عنده وعندهما يحلف ولا يخفى أن هذا من بعض الظن فاجتنبه
قوله ( والصلح عن مال بمال ) كصالحتك على أن تسكنني في الدار سنة أو إن قدم زيد لأنه معاوضة مال بمال فيكون بيعا
عيني
وفي صلح الزيلعي إنما يكون بيعا إذا كان البدل خلاف جنس المدعى به فلو على جنسه فإن بأقل منه فهو حط وإبراء وإن بمثله فقبض واستيفاء وإن بأكثر فهو فضل وربا
قوله ( وفي النهر الظاهر الإطلاق ) أي عدم التقييد بكونه بيعا فيشمل ما إذا كان على جنس المدعى بصوره الثلاث المذكورة آنفا لكن الأولى منها داخلة في الإبراء الآتي والثالثة فاسدة بدون الشرط والتعليق لكونها ربا وأما الثانية فيظهر عدم فسادها مطلقا
ويحتمل أن يراد بالإطلاق عدم التقييد بكونه عن إقرار بقرينة التفريع وما قيل من أن الحق التقييد لأن الكلام فيما يبطل بالشرط الفاسد وهو المعاوضات المالية والصلح عن سكوت أو إنكار ليس منها فجوابه ما علمته من أن المفرع عليه قاعدتان لا واحدة فما لم يصلح فرعا للأولى يكون فرعا للثاني ولذا اقتصر الشارح على قوله ولا يجوز تعليقه فافهم
قوله ( والإبراء عن الدين ) بأن قال أبرأتك عن ديني على أن تخدمني شهرا أو إن قدم فلان
عيني
وفي العزمية عن إيضاح الكرماني بأن قال أبرأت ذمتك بشرط أن لي الخيار في رد الإبراء وتصحيحه في أي وقت شئت أو قال إن دخلت الدار فقد أبرأتك أو قال لمديونه أو كفيله إذا أديت إلي كذا أو متى أديت أو إن أديت إلي خمسمائة فأنت بريء عن الباقي فهو باطل ولا إبراء ا هـ
وذكر في البحر صحة الإبراء عن الكفالة إذا علقه بشرط ملائم كان وافيت به غدا فأنت بريء فوافاه به برىء من المال وهو قول البعض
وفي الفتح أنه الأوجه لأنه إسقاط لا تمليك
بحر
وسيأتي تمام الكلام عليه في بابها
قوله ( لأنه تمليك من وجه ) حتى يرتد بالرد وإن كان فيه معنى الإسقاط فيكون معتبرا
____________________
(5/244)
بالتمليكات فلا يجوز تعليقه بالشرط
بحر عن العينين
وفي أن الإبراء عن الدين ليس من مبادلة المال بالمال فينبغي أن لا يبطل بالشرط الفاسد وكونه معتبرا بالتمليكات لا يدل إلا على بطلان تعليقه بالشرط ولذلك فرعه عليه وعلى هذا فينبغي أن يذكر في القسم الآتي هذا ما ظهر لي فتأمله ح
وهكذا قال في البحر إن الإبراء يصح تقييده بالشرط وعليه فروع كثيرة مذكورة في آخر كتاب الصلح وذكر الزيلعي هناك أن الإبراء يصح تقييده لا تعليقه ا هـ
وأوضحناه فيما علقناه على البحر لكن لا بد أن يكون الشرط متعارفا كما يأتي
والحاصل أن الإبراء مفرع على القاعدة الثانية فقط فلذا ذكره هنا فافهم
ومن فروعه ما في البحر عن المبسوط لو قال الخصم إن حلفت فأنت بريء فهذا باطل لأنه تعليق البراءة بخطر وهي لا تحتمل التعليق ا هـ
ويصح تفريع الإبراء على القاعدة الأولى أيضا إذا كان الشرط غير متعارف ومنه ما نقلناه عن العزمية فافهم
قوله ( إلا إذا كان الشرط متعارفا ) كما لو أبرأته مطلقته بشرط الإمهار فيصح لأنه شرط متعارف وتعليق الإبراء بشرط متعارف جائز فإن قبل الإمهار وهم بأن يمهرها فأبت ولم تزوج نفسها منه لا يبرأ لفوات الإمهار الصحيح ولو أبرأته المبتوتة بشرط تجديد النكاح بمهر ومهر مثلها مائة فلو جدد لها نكاحا بدينار فأبت لا يبرأ بدون الشرط
قالت المسرحة لزوجها تزوجني فقال هبي لي المهر الذي لك علي فأتزوجك فأبرأته مطلقا غير معلق بشر التزوج يبرأ إذا تزوجها وإلا فلا لأنه إبراء معلق دلالة وقيل لا يبرأ وإن تزوجها لأنه رشوة
بحر عن القنية
ومنه يعلم أن التعليق يكون بالدلالة ويتفرع على ذلك مسائل كثرة فليحفظ ذلك
رملي
والمراد بالتعليق المذكور التقييد بالشرط بقرينة الأمثلة المذكورة
قوله ( أو علقه بأمر كائن الخ ) منه ما في جامع الفصولين لو قال لغريمه إن كان لي عليك دين فقد أبرأتك وله عليه دين برىء لأنه علقه بشرط كائن فتنجز ا هـ
قوله ( كإن أعطيته شريكي الخ ) هذا ذكره في الدرر بألفاظ فارسية وفسره الواني بذلك والظاهر أن المراد بالبراءة هنا براءة الإسقاط فيرد عليه ما قبضه شريكه إلا أن يكون المراد الإبراء عن باقي الدين
مطلب قال لمديونه إذا مت فأنت بريء قوله ( وكذا بموته الخ ) في الخانية لو قال لمديونه إذا مت فأنت بريء من الدين جاز ويكون وصية ولو قال إن مت أي بفتح التاء لا يبرأ وهو مخاطرة كإن دخلت الدار فأنت بريء لا يبرأ ا هـ
وفيها لو قالت المريضة لزوجها إن مت من مرضي هذا فمهري عليك صدقة أو أنت في حل منه فماتت فيه فمهرها عليه لأن هذه مخاطرة فلا تصح ا هـ
____________________
(5/245)
قلت والفرق بين هذه المسائل مشكل فإن الموت في الأوليين محقق الوجود فإن كان المراد بالمخاطرة هو الموت مع بقاء الدين فهو موجود في المسألتين ولعل الفرق أن تعليقه بموت نفسه أمكن تصحيحه على أنه وصية وتعليق الوصية صحيح كما سيأتي حتى تصح من العبد بقوله إذا عتقت فثلث مالي وصية كما في وصايا الزيلعي بخلاف تعليقه بموت المديون فإنه لا يمكن جعله وصية فبقي محض إبراء ولا يعلم أنه هل يبقى الدين إلى موته فكان مخاطرة فلم يصح وكذلك مسألة المهر فيها مخاطرة من حيث تعليق الإبراء على موتها من ذلك المرض فإنه لا يعلم هل يكون أو لا لكن علمت أن الوصية يصح تعليقها بالشرط فإن قيد بما ليس فيه مخاطرة يلزم أن لا تصح هذه الوصية لو كان لأجنبي مع أن حقيقة الوصية تمليك مضاف لما بعد الموت ويصح تعليقها بالعتق كما علمت وإن كانت المخاطرة من حيث إنه لا يعلم تجيز الورثة ذلك أو لا أو هل يكون أجنبيا عنها وقت الموت حتى تصح الوصية أو لا لم يبق فائدة لقولها من مرضي هذا ويلزم منه صحة التعليق إذا قالت إن مت بدون قولها من مرضي هذا ويحتاج إلى نقل في المسألة
قوله ( على ما بحثه في النهر ) حيث قال بعد مسألة المهر السابقة وينبغي أنه إن أجازته الورثة يصح لأن المانع من صحة الوصية كونه وارثا ا هـ
وفيه أن المانع كونه مخاطرة كما صرح به في عبارة الخانية ط
قوله ( وعزل الوكيل ) بأن قال له عزلتك على أن تهدي إلي شيئا أو إن قدم فلانا لأنه ليس مما يحلف به فلا يجوز تعليقه بالشرط عيني
قال في البحر تعليله يقتضي عدم صحة تعليقه لا كونه يبطل بالشرط
وعندي أن هذا خطأ أيضا وأنه مما لا يصح تعليقه لا مما يبطل بالشرط ا هـ ملخصا
ويدل عليه أن ما يفسد بالشرط الفداسد ما كان مبادلة مال بمال وهذا ليس منها بل هو من التقييدات كما مر فيبطل تعليقه فيكون مفرعا على القاعدة الثانية فقط فلم يكن ذكره هنا خطأ فافهم وقيد بعزل الوكيل لأن الوكالة تخالفه حيث يصح تعليقها كما يأتي
قوله ( والاعتكاف ) قال في البحر عندي أن ذكره هنا خطأ لما في القنية قال لله علي اعتكاف شهر إن دخلت الدار ثم دخل لزمه عند علمائنا فإذا صح تعليقه بالشرط لم يبطل بالشرط الفاسد لما في جامع الفصولين ما جاز تعليقه بالشرط لم يبطل بالشرط الفاسد
وكيف والإجماع على صحة تعليق المنذور من العبادات أي عبادة كانت حتى أن الوقف كما يأتي لا يصح تعليقه بالشرط ولو علق النذر به بشرط صح التعليق
وفي الخانية
الاعتكاف سنة مشروعة يجب بالنذر والتعليق بالشرط والشروع فيه
ثم قال وأجمعوا أن النذر لو كان معلقا بأن قال إن قدم غائبي أو شفى الله مريضي فلانا فلله علي أن اعتكف شهرا فعجل شهرا قبل ذلك لم يجز فهذه العبارة دالة على صحة تعليقه بالإجماع وهذا الموضع الثالث مما أخطؤوا فيه والخطأ هنا أقبح لكثرة الصرائح بصحة تعليقه وأنا متعجب لكونهم تداولوا هذه العبارات متونا وشروحا وفتاوى وقد يقع كثيرا أن مؤلفا يذكر شيئا خطأ فينقلونه بلا تنبيه فيكثر الناقلون وأصله لواحد مخطىء ا هـ
وتمامه فيه
وأجاب العلامة المقدسي بأن المراد أن نفس الاعتكاف لا يعلق بالشرط لأنه ليس مما يحلف به
قال في النهر وهو مردود بما في هبة النهاية جملة ما لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد ثلاثة عشر وعد منها تعليق إيجاب الاعتكاف بالشرط ويمكن أن يجاب عنه بأن معناه ما إذا قال أوجبت علي الاعتكاف إن قدم زيد لكنه خلاف الظاهر فتدبره ا هـ
ثم قال والحق أن كلامهم هنا محمول على رواية في الاعتكاف وإن كانت الأخرى هي التي عليها الأكثر ا هـ
قلت وفيه نظر لما علمت من أن ما هنا مذكور في المتون والشروح والفتاوى بل الصواب في الجواب أنه إذا كان كلامهم فيما لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد علم أن مرادهم أنه لا يصح تعليق الاعتكاف بالشرط الفاسد لا بمطلق شرط وإذا أجمعوا على أن تعليق الاعتكاف بشرط ملائم كإن شفى الله مريضي صحيح كيف يصح حمل
____________________
(5/246)
كلامهم هنا على ما يناقضه ثم يعترض عليهم بأنهم أخطؤوا وتداولوا الخطأ حتى لا يبقى لأحد ثقة بكلامهم الذي يتوافقون عليه مع أنا نرد على من خرج عن كلامهم بما يتداولونه فإنهم قدوتنا وعمدتنا شكر الله سعيهم بل الواجب حمل كلامهم على وفق مرامهم وذلك كما مثل به في الحواشي العزمية بقوله فساد الاعتكاف بالشرط بأن قال من عليه اعتكاف أيام نويت أن أعتكف عشرة أيام لأجله بشرط أن لا أصوم أو أباشر امرأتي في الاعتكاف أو أن أخرج عنه في أي وقت شئت بحاجة أو بغير حاجة يكون الاعتكاف فاسدا وتعليقه بالشرط بأن يقول نويت أن أعتكف عشرة أيام إن شاء الله تعالى ا هـ
لكن هذا تصوير لنفس الاعتكاف لا لإيجابه فيصور إيجابه بأن يقول لله علي أن أعتكف شهرا بشرط أن لا أصوم الخ أو إن رضي زيد
وقد يقال إن الشروع فيه موجب أيضا فإذا شرع فيه بالنية على هذا الشرط الفاسد لم يصح إيجابه فافهم والحمد لله على ما ألهم
قوله ( فإنهما ليسا مما يحلف به ) هذا صحيح في عزل الوكيل أما الاعتكاف فيحلف به بالإجماع كما علمت
أفاده ح
قوله ( والصحيح إلحاق الاعتكاف بالنذر ) أي في صحة تعليقه بالشرط وهذا التصحيح مأخوذ من قول النهر وإن كانت الأخرى هي التي عليها الأكثر فهو ضعيف للرواية التي مشى عليها أصحاب المتون والشروح وقد علمت الجواب الصواب
قوله ( لأنهما إجارة ) فيكونان معاوضة مال بمال فيفسدان بالشرط الفاسد ولا يجوز تعليقهما بالشرط كما لو قال زارعتك أرضي أو ساقيتك كرمي على أن تقرضني ألفا أو إن قدم زيد وتمامه في البحر
قال الرملي وبه يعلم فساد ما يقع في بلادنا من المزارعة بشرط مؤنة العامل على رب الأرض سواء كانت من الدراهم أو من الطعام
قوله ( والإقرار ) بأن قال لفلان علي كذا إن أقرضني كذا أو إن قدم فلان لأنه ليس مما يحلف به فلا يصح تعليقه بالشرط
عيني
وفي المبسوط ادعى عليه مالا فقال إن لم آتك به غدا فهو علي لم يلزمه إن لم يأت به غدا لأنه تعليق الإقرار بالخطر
وفيه لفلان علي ألف درهم إن حلف أو على أن يحلف فحلف فلان وجحد المقر لم يؤخذ به لأنه علق الإقرار بشرط فيه خطر والتعليق بالشرط يخرجه من أن يكون إقرارا ا هـ
بحر وظاهره أن قوله على أن يحلف تعليق لا شرط لكن قد يطلق التعليق على التقييد بالشرط
وذكر في البحر أن ظاهر الإطلاق دخول الإقرار بالطلاق والعتق مثل إن دخلت الدار فأنا مقر بطلاقها أو بعتقه فلا يقع بخلاف تعليق الإنشاء ويدل على الفرق بينهما أنه لو أكره على الإنشاء به وقع أو على الإقرار به لم يقع
هذا
وقد حكى الزيلعي في كتاب الإقرار خلافا في أن الإقرار المعلق باطل أولا
ونقل عن المبسوط ما يشهد لصحته فظاهره تصحيحه
والحق تضعيفه لتصريحهم هنا بأنه لا يصح تعليقه بالشرط وأنه يبطل بالشرط الفاسد ا هـ ملخصا
واعترضه في النهر بأنه حيث اعتمد على كلامهم هنا كان عليه التزامه في عزل الوكيل والاعتكاف
قلت إنما لم يلتزمه فيهما بناء على ما فهمه من مخالفته لكلامهم ولا يلزم اطراده في باقي المسائل
نعم في كون الإقرار مما يبطل بالشرط نظر لأنه ليس من المعاوضات المالية ولم أر من صرح ببطلانه به ولا يلزم من ذكره هنا بطلانه لما علمته مما مر مرارا أن ما ذكره المصنف من الفروع بعضه مما يبطل بالشرط وبعضه مما لا يبطل فلا بد من نقل صريح ولا سيما وقد اقتصر الزيلعي وغيره على ذكر أنه لا يصح تعليقه بالشرط فليراجع
____________________
(5/247)
قوله ( إلا إذا علقه بمجيء الغد ) كقوله علي ألف إذا جاء غد أو رأس الشهر أو أفطر الناس لأن هذا ليس بتعليق بل هو دعوى الأجل إلى الوقت المذكور فيقبل إقراره ودعواه الأجل لا تقبل إلا بحجة
زيلعي من كتاب الإقرار
قوله ( أو بموته ) مثل له علي ألف إن مت فهو عليه مات أو عاش لأنه ليس بتعليق لأن موته كائن لا محالة بل مراده الإشهاد عليه ليشهدوا به بعد موته إذا جحدت الورثة فهو تأكيد للإقرار
زيلعي
قوله ( والوقف ) لأنه ليس مما يحلف به فلو قال إن قدم ولدي فداري صدقة موقوفة على المساكين فجاء ولده لا تصير وقفا لأن شرطه أن يكون منجزا جزم به في فتح القدير و الإسعاف حيث قال إذا جاء غد أو رأس الشهر أو إذا كلمت فلانا أو إذا تزوجت فلانة فأرضي صدقة موقوفة يكون باطلا لأنه تعليق والوقف لا يحتمل التعليق بالخطر
وفيه أيضا وقف أرضه على أن له أصلها أو على أن لا يزول ملكه عنها أو على أن يبيع أصلها ويتصدق بثمنها كان الوقف باطلا وحكي في البزازية وغيرها أن عدم صحة تعليقه رواية والظاهر ضعفها لجزم المصنف وغيره بها
نهر
وصوابه أن يقول والظاهر اعتمادها أو ضعف مقابلتها اللهم إلا أن يكون الضمير للحكاية المفهومة من قوله وحكي
تأمل
ومقتضى ما نقله عن الإسعاف ثانيا أن الوقف يبطل بالشرط الفاسد مع أنه ليس مبادلة مال بمال وأن المفتى به جواز شرط استبداله ولا يلزم من ذكر المصنف له هنا أنه مما يبطل بالشرط الفاسد لما قدمناه غير مرة بل ذكر في العزمية أن قاضيخان صرح بأنه لا يبطل بالشروط الفاسدة
ويمكن التوفيق بينه وبين ما في الإسعاف بأن الشرط الفاسد لا يبطل عقد التبرع إذا لم يكن موجبه نقض العد من أصله فإن اشتراط أن تبقى رقبة الأرض له أو أن لا يزول ملكه عنها أو أن يبيعها بلا استبدال نقض للتبرع
قوله ( لأنه صلح معنى ) قال في الدرر فإنه تولية صورة وصلح معنى إذ لا يصار إليه إلا بتراضيهما لقطع الخصومة بينهما فباعتبار أنه صلح لا يصح تعليقه ولا إضافته وباعتبار أنه تولية يصح فلا يصح بالشك ا هـ
والظاهر أنه لا يفسد بالشرط الفاسد لأنه ليس مبادلة مال بمال
قوله ( عند الثاني ) وعند محمد يجوز كالوكالة والإمارة والقضاء بحر
قوله ( كما في قضاء الخانية ) ومثله في بيوع الخلاصة قوله ( وبقي إبطال الأجل ) بقي أيضا تعليق الكفالة بشرط غير ملائم كما سيأتي في بابها إن شاء الله تعالى والإقالة كما مر في بابها ويأتي مثاله والكتابة بشرط في صلب العقد كما يأتي بيانه قريبا والعفو عن القود والإعارة ففي جامع الفصولين قال للقاتل إذاجاء غد فقد عفوتك عن القود لا يصح لمعنى التمليك
قال إذا جاء غد فقد أعرتك تبطل لأنها تمليك المنفعة وقيل تجوز كالإجارة وقيل تبطل الإجارة ولو قال أعرتك غدا تصح العارية ا هـ
وبقي أيضا عزل القاضي في أحد القولين كما يأتي وسيذكر الشارح أن ما لا تصح إضافته لا يعلق بالشرط
قوله ( ففي البزازية أنه يبطل بالشرط الفاسد ) بأن قال كلما حل نجم ولم تؤد فالمال حال صح وصار حالا هكذا عبارة البزازية
واعترضها في البحر بأنها سهو ظاهر لأنه لو كان كذلك لبقي الأجل فكيف يقول صح
و عبارة الخلاصة وإبطال الأجل يبطل بالشرط الفاسد ولو قال كلما حل نجم الخ فجعلها مسألة أخرى وهو الصواب ا هـ
وذكر العلامة المقدسي أن العبارتين مشكلتان وأن الظاهر أن المراد أن الأجل يبطل وأنه إذا علق على شرط فاسد كعدم أداء نجم في المثال المذكور يبطل به الأجل فيصير المال حالا ا هـ
____________________
(5/248)
وحاصله أن لفظ إبطال في عبارتي البزازية و الخلاصة زائد وأنه لا مدخل لذكره في هذا القسم أصلا
قوله ( وكذا الحجر ) يوهم أنه يفسد بالشرط الفاسد وليس كذلك كما سيأتي نعم لا يصح تعليقه بالشرط
قال في جامع الفصولين ولو قال لقنه إذا جاء غد فقد أذنت لك في التجارة صح الإذن ولو قال إذا جاء غد فقد حجرت عليك لا يصح والقاضي لو قال لرجل قد حجرت عليك إذا سفهت لم يكن حكما بحجره ولو قال لسفيه قد أذنت لك إذا صلحت جاز ا هـ
قوله ( وما يصح ولا يبطل بالشرط الفاسد ) شروع في القاعدة الثالثة المقابلة للأولى والأصل فيها ما ذكره في البحر عن الأصوليين في كتب الأصول في بحث الهزل من قسم العوارض أن ما يصح مع الهزل لا تبطله الشروط الفاسدة وما لا يصح مع الهزل تبطله الشروط الفاسدة ا هـ
والمراد بقول الشارح ما يصح أي في نفسه ويلغو الشرط وإنما زاده لكون نفي البطلان لا يستلزم الصحة لصدقه على الفساد فافهم
قوله ( لعدم المعاوضة المالية ) أشار إلى ما قدمه في الأصل الأول من أن ما ليس مبادلة مال بمال لا يفسد بالشرط الفاسد أي ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه وذلك فضل خال عن العوض فيكون ربا والربا لا يكون في المعاوضات الغير المالية ولا في التبرعات
قوله ( وزدت ثمانية ) هي الإبراء عن دم العمد والصلح عن جناية غصب ووديعة وعارية إذا ضمنها الخ والنسب والحجر على المأذون والغصب وأمان القن
ط
قلت وقدمنا أن كل ما جاز تعليقه لا يفسد بالشرط الفاسد وسيأتي أيضا
قوله ( القرض ) كأقرضتك هذه المائة بشرط أن تخدمني سنة
وفي البزازية وتعليق القرض حرام والشرط لا يلزم
والذي في الخلاصة عن كفالة الأصل والقرض بالشرط حرام ا هـ
نهر أي فالمراد بالتعليق الشرط
وفي صرف البزازية أقرضه على أن يوفيه بالعراق فسد ا هـ أي فسد الشرط وإلا خالف ما هنا
تأمل
قوله ( والهبة والصدقة ) كوهبتك هذه المائة أو تصدقت عليك بها على أن تخدمني سنة
نهر
فتصح ويبطل الشرط لأنه فاسد
وفي جامع الفصولين ويصح تعليق الهبة بشرط ملائم كوهبتك على أن تعوضني كذا ولو مخالفا تصح الهبة لا الشرط ا هـ
وفي حاشيته للخير الرملي
أقول يؤخذ منه جواب واقعة الفتوى وهب لزوجته بقرة على أنه إن جاءه أولاد منها تهب البقرة لهم وهو صحة الهبة وبطلان الشرط ا هـ
وسيذكر الشارح أن الهبة يصح تعليقها بالشرط ويأتي الكلام عليه
قوله ( والنكاح ) كتزوجتك على أن لا يكون لك مهر فيصح النكاح ويبطل الشرط ويجب مهر المثل ومن هذا القبيل ما في الخانية تزوجتك على أني بالخيار يجوز النكاح ولا يصح الخيار لأنه ما علق النكاح بالشرط بل باشر النكاح وشرط الخيار ا هـ
وليس منه إن أجاز أبي أو رضي لأنه تعليق والنكاح لا يحتمله فلا يصح كما في الخانية وكلام النهر هنا غير محرر فتدبر
وفي الظهيرية لو كان الأب حاضرا فقبل في المجلس جاز
قال في النهر وهو مشكل
والحق ما في الخانية ا هـ
____________________
(5/249)
قلت ما في الظهيرية ذكره في الخانية أيضا عن أمالي أبي يوسف وقال إنه استحسان
قوله ( والطلاق ) كطلقتك عن أن لا تتزوجي غيري
بحر
والظاهر أنه إذا قال إن لم تتزوجي غيري فكذلك ويأتي بيانه قريبا
قوله ( والخلع ) كخالعتك على أن لي الخيار مدة يراها بطل الشرط ووقع الطلاق ووجب المال
وأما اشتراط الخيار لها فصحيح عند الإمام كما مضى
بحر
قوله ( والعتق ) بأن قال أعتقتك على أني بالخيار
بحر وقدمنا آنفا لو أعتق أمة على أن لا تتزوج عتقت تزوجت أو لا
قوله ( والرهن ) بأن قال رهنتك عبدي بشرط أن أستخدمه أو على أن الرهن إن ضاع ضاع بلا شيء أو إن لم أوف متاعك لك إلى كذا فالرهن لك بمالك بطل الشرط وصح الرهن
بحر
قوله ( كجعلتك وصيا الخ ) هذا المثال أحسن مما في البحر جعلتك وصيا على أن يكون لك مائة لأن الكلام في الشرط الفاسد الذي لا يفسد العقد وما هنا صحيح
نهر
وفيه نظر فإنه قال في البزازية فهو وصي والشرط باطل والمائة له وصية ا هـ
ومعنى بطلانه كما في البحر أنه يبطل جعلها شرطا للإيصاء وتبقى وصية إن قبلها كانت له وإلا فلا ا هـ أي فهو شرط فاسد لم يفسد عقد الإيصاء
قوله ( والوصية ) كأوصيت لك بثلث مالي إن أجاز فلان
عيني
وفيه نظر لأنه مثال تعليقها بالشرط وليس الكلام فيه
وفي البزازية وتعليقها بالشرط جائز لأنها في الحقيقة إثبات الخلافة عند الموت ا هـ
ومعنى صحة التعليق أن الشرط إن وجد كان للموصى له المال وإلا فلا شيء له
بحر
ثم قال في الخانية لو أوصى بثلثه لأم ولده إن لم تتزوج فقبلت ذلك ثم تزوجت بعد انقضاء عدتها بزمان فلها الثلث بحكم الوصية ا هـ
مع أن الشرط لم يوجد إلا أن يكون المراد بالشرط عدم تزوجها عقب انقضاء العدة لا عدمه إلى الموت بدليل أنه قال تزوجت بعد انقضاء عدتها بزمان للاحتراز عن تزوجها عقب الانقضاء ا هـ
قلت ووجهه أنه إذا مضت مدة بعد العدة ولم تتزوج فيها تحقق الشرط فلا تبطل الوصية بتزوجها بعده إذ لو كان الشرط عدم تزوجها أبدا لزم أن لا يوجد شرط الاستحقاق إلا بموتها ويظهر من هذا أنه إذا قال طلقتك إن لم تتزوجي أنه إذا مضى بعد العدة زمان ولم تتزوج يتحقق الشرط لكن فيه أن الطلاق المعلق إنما يتحقق بعد تحقق الشرط فيلزم أن يكون ابتداء العدة بعده لا قبله فالظاهر بطلان هذا الشرط ووقوع الطلاق منجزا ويؤيده ما مر قريبا ومر تحقيقه في كتاب الطلاق في أول باب التعليق
قوله ( والشركة ) فيه أنها تفسد باشتراط ما يؤدي إلى قطع الاشتراك في الربح كاشتراط عشرة لأحدهما
وفي البزازية الشركة تبطل ببعض الشروط الفاسدة دون بعض حتى لو شرط التفاضل في الوضيعة لا تبطل وتبطل باشتراط عشرة لأحدهما
وفيها لو شرط صاحب الألف العمل على صاحب الألفين والربح نصفين لم يجز الشرط والربح بينهما أثلاثا ا هـ
أما لو لم يشرط العمل على أفضلهما مالا بل تبرع به
فأجاب في البحر بأن شرط الربح صحيح لأن التبرع ليس من قبيل الشرط بدليل ما في بيوع الذخيرة اشترى حطبا في قرية وقال موصولا بالشراء من غير شرط في الشراء احمله إلى منزلي لا يفسد لأنه كلام مبتدأ بعد تمام اليبع قوله ( وكذا المضاربة ) كما لو شرط نفقة السفر على المضارب بطل الشرط وجازت بزازية
وفيها ولو شرط من الربح عشرة دراهم فسدت لا لأنه شرط بل لقطع الشركة دفع إليه ألفا على أن يدفع لرب المال للمضارب أرضا يزرعها سنة أو دارا للسكنى بطل الشرط وجازت ولو شرط ذلك على المضارب لرب المال فسدت لأنه جعل نصف الربح عوضا عن عمله وأجرة الدار ا هـ
وبه علم أنها تفسد ببعض الشروط كالشركة
قوله ( كوليتك بلدة كذا مؤبدا ) فقول مؤبدا شرط فاسد لأن التولية لا تقتضي ذلك لأنه ينعزل
____________________
(5/250)
بعارض جنون أو عزل أو نحوه ومثله وليتك على أن لا تعزل أبدا أو على أن لا تركب كما مثل به في البحر وقال فهذا الشرط فاسد ولا تبطل إمرته بهذا
قوله ( واختار في النهر إطلاق الصحة ) حيث قال رادا على ذلك البعض وعندي أنه لا سلف له فيه ولا دليل يقتضيه لأنه حيث صح العزل كان إلغاء للتأبيد سواء نص على الغاية أو لا
قوله ( صح التقليد والشرط ) فإن فعل شيئا من ذلك انعزل ولا يبطل قضاؤه فيما مضى ولا ينفذ قضاء القاضي في خصومة زيد ويجب على السلطان أن يفصل قضيته إن اعتراه قضية
بحر عن البزازية وفيه عنها أيضا لو شرط في التقليد أنه متى فسق ينعزل انعزل ا هـ
قلت وإنما صح الشرط لكونه شرطا صحيحا والقاضي وكيل عن السلطان فيتقيد قضاؤه بما قيده به حتى يتقيد بالزمان والمكان والشخص ومن ذلك ما إذا نهاه عن سماع دعوى مضى عليها خمس عشرة سنة كما سيأتي في القضاء إن شاء الله تعالى
قوله ( والكفالة والحوالة ) بأن قال كفلت غريمك على أن تقرضني كذا وأحلتك على فلان بشرط أن لا ترجع علي عند التوي
نهر يعني فتصح ويبطل الشرط
وفي البزازية لوقال كفلت به على أني متى أو كلما طولبت به فلي أجل شهر فإذا طالبه به فله أجل شهر من وقت المطالبة الأولى فإذا تم الشهر من وقت المطالبة الأولى لزم التسليم ولا يكون للمطالبة الثانية تأجيل ا هـ
وفيه أن كلما تقتضي التكرار مقدسي
ولعله ألغى التكرار هنا لما يلزم عليه من إبطال موجب الكفالة وحيث أمكن الإعمال فهو أولى من الإبطال
تأمل
وسيذكر الشارح هذه المسألة أوائل الكفالة ويأتي توضيحها هناك
وفي البزازية أيضا كفل على أنه بالخيار عشرة أيام أو أكثر يصح بخلاف البيع لأن مبناها على التوسع ا هـ
ففي هذا وفيما قبله صحت الكفالة والشرط لأنه شرط تأجيل أو خيار وكلاهما شرط صحيح ولا يرد على المصنف لأن كلامه في الشرط الفاسد وسيأتي في بابها أنه لا يصح تعليقها بشرط غير ملائم ويأتي هنا في كلام الشارح أيضا
قوله ( إلا إذا شرط الخ ) أي شرط المحال على المحال عليه أن يعطيه المال المحال به من ثمن دار المحيل
قال في البزازية بخلاف ما إذا التزم المحتال عليه الإعطاء من ثمن دار نفسه لأنه قادر على بيع دار نفسه ولا يجبر على بيع داره كما إذا كان قبولها بشرط الإعطاء عند الحصاد لا يجبر على الأداء قبل الأجل ا هـ
وظاهره صحة التأجيل إلى الحصاد لأنه مجهول جهالة يسيرة بخلاف هبوب الريح كما يأتي في بابها
قوله ( من المحتال ) صوابه المحتال عليه
قوله ( فليحرر ) أشار إلى ما في هذا الجواب فإن كونه وعدا لا يخرجه عن كونه شرطا مع أن فرض المسألة أنه مذكور في صلب العقد على أنه شرط إذ لو كان بعد العقد لا على وجه الاشتراط لم يفسد العقد كما مر عند قوله والشركة وأيضا لا يظهر به الفرق بين المسألتين ويظهر لي الجواب بأن الحوالة قد تكون مقيدة كما لو أحال غريمه بألف الوديعة على المودع تقيدت بها حتى لو هلكت الألف برىء المحال عليه كما سيأتي إن شاء الله تعالى في بابها وهنا لما شرط الدفع من ثمن دار المحيل صارت مقيدة به ولما لم يكن له قدرة على الوفاء بذلك فسدت الحوالة بمنزلة ما لو هلكت الوديعة المحال بها ولهذا لو كان البيع مشروطا في الحوالة صحت ويجبر على البيع كما في آخر حوالة البزازية
أما لو شرط الدفع من ثمن داره صحت الحوالة لقدرته على بيع داره ولكن لا يجبر على البيع ولو باع يجبر على الأداء لتحقق الوجوب كما في الدرر
قوله ( والوكالة )
____________________
(5/251)
كوكلتك على أن تبرأني مما لك علي
نهر
وفي البزازية الوكالة لا تبطل بالشروط الفاسدة أي شرط كان وفيها تعليق الوكالة بالشرط جائز وتعليق العزل به باطل وتفرع عليه أنه لو قال كلما عزلتك فأنت وكيلي صح لأنه تعليق التوكيل بالعزل ولو قال كلما وكلتك فأنت معزول لم يصح لأنه تعليق العزل بالشرط بحر
قوله ( والإقالة ) حتى لو تقايلا على أن يكون الثمن أكثر من الأول أو أقل صحت ولغا الشرط وقد مر في بابها
نهر
وذكر المصنف في بابها أنها لا تفسد بالشرط وإن لم يصح تعليقها به وصورة التعليق كما ذكره في البحر هناك عن البزازية
ما لو باع ثورا من زيد فقال اشتريته رخيصا فقال زيد إن وجدت مشتريا بالزيادة فبعه منه فوجد فباع بأزيد لا ينعقد البيع الثاني لأنه تعليق الإقالة لا الوكالة بالشرط
قوله ( والكتابة ) بأن كاتبه على ألف بشرط أن لا يخرج من البلد أو على أن لا يعامل فلانا أو على أن يعمل في نوع من التجارة فتصح ويبطل الشرط لأنه غير داخل في صلب العقد
نهر
قوله ( في صلب العقد ) صلب الشيء ما يقوم به ذلك الشيء وقيام البيع بأحد العوضين فكل فساد يكون في أحدهما يكون فسادا في صلب العقد
درر
قوله ( وعليه ) أي على كون الفساد في صلب العقد ط
قوله ( يحمل إطلاقهم ) أي إطلاق من قال إنها تبطل بالشرط الفاسد كالعمادي والاستروشني فإنهما قالا وتعليق الكتابة بالشرط لا يجوز وإنها تبطل بالشرط ويحمل قولهما ثانيا الكتابة بشرط متعارف وغير متعارف تصح ويبطل الشرط على كون الشرط زائدا ليس في صلب العقد وبه يندفع اعتراض صاحب جامع الفصولين عليهما
هذا حاصل ما في الدرر
وأما ما في البحر عن البزازية كاتبها وهي حامل على أن لا يدخل ولدها في الكتابة فسدت لأنها تبطل بالشرط الفاسد ا هـ
فالمراد به ما كان في صلب العقد لأن استثناء حملها وهو جزء منها شرط في صلب العقد كما لو باع أمة إلا حملها لأنها أحد العوضين فافهم
قوله ( وإذن العبد في التجارة ) ( كأذنت لك في التجارة ) على أن تتجر إلى شهر أو على أن تتجر في كذا فيكون عاما في التجارة والأوقات ويبطل الشرط
بحر
قوله ( كهذا الولد مني إن رضيت امرأتي ) تابع البحر في ذلك مع أنه في البحر اعترض على العيني مرارا بأن الكلام في الشرط الفاسد لا في التعليق فالأولى قول النهر بشرط رضا زوجتي
وقال في العزمية وصور ذلك في إيضاح الكرماني بأن ادعى نسب التوأمين بشرط أن لا تكون نسبة الآخر منه أو ادعى نسب ولد بشرط أن لا يرث منه يثبت نسب كل واحد من التوأمين ويرث وبطل الشرط لأنهما من ماء واحد فمن ضرورة ثبوت نسب أحدهما ثبوت الآخر لما عرف وشرط أن لا يرث شرط فاسد لمخالفة الشرع والنسب لا يفسد به ا هـ
قوله ( والصلح عن دم العمد ) بأن صالح ولي المقتول عمدا القاتل على شيء بشرط أن يقرضه أو يهدي إليه شيئا فالصلح صحيح والشرط فاسد ويسقط الدم لأنه من الإسقاطات فلا يحتمل الشرط
بحر
قوله ( ولم يذكروه اكتفاء بالصلح ) إذ ليس بينهما كثير فرق فإن الولي إذا قال للقاتل عمدا أبرأت ذمتك على أن لا تقيم في هذا البلد مثلا أو صالح معه عليه صح الإبراء والصلح ولا يعتبر الشرط
درر
قوله ( التي فيها القود ) في المصباح القود القصاص وبه عبر في الدرر فلا فرق في التعبير فافهم
قوله ( وإلا ) بأن كان الصلح عن القتل الخطأ أو الجراحة التي فيها الأرش كان من القسم الأول
درر أي لأن موجب ذلك المال فكان مبادلة لا إسقاطا
قوله ( وعن جناية غصب ) أي مغصوب وقوله
____________________
(5/252)
إذا ضمنها أي موجبات الصلح في الصور المذكورة
درر
ولعل صورة المسألة لو أتلف ما غصبه أو أتلف وديعة أو عارية عنده وأراد المالك أن يضمنه ذلك فصالحه على شيء وضمن رجل موجب الصلح بشرط أي يحيله به على آخر أو يكفل به آخر صح الضمان وبطل الشرط لكن لا يخفى أن الضمان كفالة وقد مرت مسألة الكفالة ولم أر من أوضح ذلك
فتأمل
قوله ( والنسب ) تقدم تصويره في مسألة دعوى الولد
قوله ( والحجر على المأذون ) فلا يبطل به ويبطل الشرط
شرنبلالية عن العمادية
ومثله في جامع الفصولين ولا ينافي ما قدمه عن الأشباه لأن ذاك في بطلان تعليقه بالشرط كما قدمناه
قوله ( والغصب ) كذا ذكره في جامع الفصولين وغيره مع ذكرهم مسألة جناية الغصب المارة وفيه أن الغصب فعل لا يقيد بشرط فإن كان المراد ضمان الغصب بشرط فهو داخل في الكفالة فافهم
قوله ( وأمان القن ) أقول في ( السير الكبير ) لمحمد بن الحسن تعليق الأمان بالشرط جائز بدليل أن النبي حين أمن أهل خيبر علق أمانهم بكتمانهم شيئا وأبطل أمان آل أبي الجعد بكتمانهم الحلي ا هـ
وبه يعلم أن القن ليس قيدا
حموي أي سواء كانت إضافة الأمان من إضافة المصدر إلى فاعله أو إلى مفعوله
وفي بعض النسخ وأمان النفس
قوله ( وعقد الذمة ) فإن الإمام إذا فتح بلدة وأقر أهلها على أملاكهم وشرطوا معه في عقد الذمة أن لا يعطوا الجزية بطريق الإهانة كما هو المشروع فالعقد صحيح والشرط باطل
درر
قوله ( وتعليق الرد بالعيب وبخيار الشرط ) هكذا عبر في الكنز وعبر في النهاية بقوله وتعليق الرد بالعيب بالشرط وتعليق الرد بخيار الشرط بالشرط ومثله في جامع الفصولين وغيره فعلم أن قوله بالعيب متعلق بالرد لا بتعليق وأن المراد أن الرد بخيار عيب أو شرط يصح تعليقه بالشرط
ولا يخفى أن الكلام فيما يصح ولا يفسد تقييده بالشرط الفاسد لا فيما يصح تعليقه فكان المناسب حذف لفظة تعليق كما فعل صاحب الدرر
وقد يجاب بأن المراد بالتعليق التقييد أو أن كل ما صح تعليقه صح تقييده كما مر وبه ظهر أنه ليس المراد ما يتوهم أن تعليق الرد بأحد الخيارين بالشرط يصح تقييده بالشرط إذ لا يظهر تصوير تقييد التعليق
ثم إنه مثل للأول في البحر بما إذا قال إن وجدت بالمبيع عيبا أرده عليك إن شاء فلان وللثاني بما إذا قال من له خيار الشرط رددت البيع أو أسقطت خياري إن شاء فلان فإنه يصح ويبطل الشرط ا هـ تأمل
وفي البحر من باب خيار الشرط ما نصه فإن قلت هل يصح تعليق إبطاله وإضافته قلت قال في الخانية لو قال من له الخيار إن لم أفعل كذا اليوم فقد أبطلت خياري كان باطلا ولا يبطل خياره وكذا لو قال في خيار العيب إن لم أرده اليوم فقد أبطلت خياري ولم يرده اليوم لم يبطل خياره ولو لم يكن كذلك ولكنه قال أبطلت غدا أو قال أبطلت خياري إذا جاء غد فجاء غد ذكر في الملتقى أنه يبطل خياره
قال وليس هذا كالأول لأن هذا وقت يجيء لا محالة بخلاف الأول ا هـ
قال في البحر هناك فقد سووا بين التعليق والإضافة في المحقق مع أنهم لم يسووا بينهما في الطلاق والعتاق
وفي التاترخانية لو كان الخيار للمشتري فقال إن لم أفسخ اليوم فقد رضيت أو إن لم أفعل كذا فقد رضيت لا يصح ا هـ
أي بل يبقى خياره
قوله ( وعزل القاضي ) في جامع الفصولين ولو قال الأمير لرجل إذا قدم فلان فأنت قاضي بلدة كذا أو أميرها يجوز ولو قال إذا أتاك كتابي هذا فأنت معزول ينعزل بوصوله وقيل لا ا هـ وذكر في الدرر عن العمادية و الأستروشنية أن الثاني به يفتى
واعترض بأن عبارة العمادية و الأستروشنية قال ظهير الدين المرغيناني ونحن لا نفتي بصحة التعليق وهو فتوى الأوزجندي ا هـ
____________________
(5/253)
وظاهر ما في جامع الفصولين ترجيح الأول ولذا مشى عليه في الكنز و الملتقى وغيرهما
قوله ( كعزلتك إن شاء فلان ) كذا مثل في البحر
واعترض بأن هذا تعليق وليس الكلام فيه
قلت والعجب أنه في البحر اعترض على العيني مرارا بمثل هذا
وقد يجاب بأنه إذا لم يبطل بالتعليق لا يبطل بالشرط بالأولى كعزلتك على أن أوليك في بلدة كذا
قوله ( لما ذكرنا ) أي في قوله لعدم المعاوضة المالية
قوله ( وبقي ما يجوز تعليقه بالشرط ) هذه القاعدة الرابعة وقدمنا أنها داخلة تحت الثالثة لما في جامع الفصولين أن ما جاز تعليقه بالشرط لا تبطله الشروط كطلاق وعتق وحوالة وكفالة ويبطل الشرط ا هـ
قوله ( وهو مختص بالإسقاطات المحضة التي يحلف بها ) لو حذف قوله التي يحلف بها لدخل الإذن في التجارة وتسليم الشفعة لكونهما إسقاطا ولكن لا يحلف بهما
أفاده في البحر
ويدخل فيه أيضا الإبراء عن الكفالة فإنه يصح تعليقه بملائم كما مر في الإبراء عن الدين
قوله ( والتوليات ) فيصح تعليقها بالملائم فقط وكذا في إطلاقات وتحريضات كما مر في الأصل الثاني
قوله ( وتسليم الشفعة ) أي لأنه إسقاط محض كما علمت فيصح تعليقه
هذا
وفي شفعة الهداية عند قوله وإذا صالح من شفعته على عوض بطلت ورد العوض لأن حق الشفعة لا يتعلق إسقاطه بالجائز من الشرط فبالفاسد أولى
واعترضه في العناية بما قال محمد في الجامع الصغير لو قال سلمت الشفعة في هذه الدار إن كنت اشتريتها لنفسك وقد اشتراها لغيره فهذا ليس بتسليم لأنه علقه بشرط وصح لأن تسليم الشفعة إسقاط محض كالطلاق فصح تعليقه بالشرط ا هـ
قال الطوري في تكملة البحر وقد يفرق بحمل ما في الهداية على التي تدل على الأعراض والرضا بالمجاورة مطلقا والثاني على خلافه فيفرق بين شرط وشرط ا هـ
تنبيه لا يخفى أن هذا كله في التسليم بعد وجوبها
وبقي ما لو قال الشفيع قبل البيع إن اشتريت فقد سلمتها هل يصح أم لا بحث فيه الخير الرملي بقوله لا شبهة في أنه تعليق الإسقاط قبل الوجوب بوجود سببه ومقتضى قولهم التعليق بالشرط المحض يجوز فيما كان في باب الإسقاط المحض وقولهم المعلق بالشرط كالمنجز عند وجوده وقولهم من لا يملك التنجيز لا يملك التعليق إلا إذا علقه بالملك أو سببه صحة التعليق المذكور لأنه إسقاط وقد علقه بسبب الملك فكأنه نجزه عند وجوده لكن أورد في الظهيرية إشكالا على كون تسليم الشفعة إسقاطا محضا وهو ما ذكره السرخسي في باب الصلح عن الجنايات من أن القصاص لا يصح تعليق إسقاطه بالشرط ولا يحتمل الإضافة إلى الوقت وإن كان إسقاطا محضا ولهذا لا يرتد برد من عليه القصاص ولو أكره على أسقاط الشفعة لا يبطل حقه
قال وبه تبين أن تسليم الشفعة ليس بإسقاط محض وإلا لصح مع الإكراه كسائر الإسقاطات ا هـ
قال الرملي وعليه لا يصح التعليق قبل الشراء كالتنجيز قبله والمسألة تقع كثيرا والذي يظهر عدم صحة التعليق ا هـ
قوله ( وحرر المصنف دخول الإسلام في القسم الأول ) أي ما لا يصح تعليقه بالشرط وذلك حيث ذكر أولا أن الإسلام لا بد فيه بعد الإتيان بالشهادتين من التبري كما علمت تفاصيله في الكتب المبسوطة
ويؤخذ عدم صحة تعليقه بالشرط من قولهم بعدم صحة تعليق الإقرار بالشرط
وتحقيقه أن الإسلام تصديق الجنان وإقرار باللسان وكلاهما لا يصح تعليقه بالشرط ومن المعلوم أن الكافر الذي يعلق إسلامه على فعل شيء غالبا يكون شيئا لا يريد
____________________
(5/254)
كونه فلا يقصد تحصيل ما علق عليه
وقد ذكر الزيلعي وغيره أن الإسلام عمل بخلاف الكفر فإنه ترك ونظيره الإقامة والصيام فلا يصير المقيم مسافرا ولا الصائم مفطرا ولا الكافر مسلما بمجرد النية لأنه فعل ويصير مقيما وصائما وكافرا بمجرد النية لأنه ترك فإذا علقه المسلم على فعل وفعله والظاهر أنه مختار في فعله فيكون قاصدا للكفر فيكفر بخلاف الإسلام ا هـ
قوله ( ودخول الكفر هنا ) أي فيما يصح تعليقه وفيه أن كلام المصنف كما سمعته آنفا ليس فيه تعرض لدخول الكفر في هذا القسم بل فيه ما ينافيه وهو أنه يصير كافرا بمجرد النية لأنه ترك أي ترك العمل والتصديق فيتحقق في الحال قبل وجود المعلق عليه ولو صح تعليقه لما وجد في الحال فافهم
قوله ( ويصح تعليقه هبة ) في البزازية من البيوع تعليق الهبة بأن باطل وبعلى إن ملائما كهبته على أن يعوضه يجوز وإن مخالفا بطل الشرط وصحت الهبة ا هـ بحر
وهذا مخالف لما ذكره الشارح لأن كلامه في صحة التعليق بأداة الشرط لا في التقييد بالشرط لأن هذا تقدم في المتن حيث ذكر الهبة فيما لا يبطل بالشرط الفاسد فافهم
لكن في البحر أيضا عن المناقب عن الناصحي لو قال إن اشتريت جارية فقد ملكتها منك يصح ومعناه إذا قبضه بناء على ذلك ا هـ أي إذا قبض الموهوب له الموهوب بناء على التمليك يصح مع أنه معلق بإن وهو خلاف ما في البزازية من إطلاق بطلانه ولعله قول آخر يجعل التعليق بالملائم صحيحا كالتقيد
تأمل
قوله ( وحوالة وكفالة ) في البزازية من البيوع وتعليق الكفالة إن متعارفا كقدوم المطلوب يصح وإن شرطا محضا كإن دخل الدار أو هبت الريح لا والكفالة إلى هبوب الريح جائزة والشرط باطل ونص النسفي أن الشرط إن لم يتعارف تصح الكفالة ويبطل الشرط والحوالة كهي ا هـ بحر قوله ( وإبراء عنها ) كإن وافيت به غدا فأنت بريء كما قدمناه في مسألة الإبراء عن الدين
قوله ( بملائم ) قيد للأربعة
تتمة بقي مما يصح تعليقه دعوة الولد كإن كانت جاريتي حاملا فمني وكذا الوصية والإيصاء والوكالة والعزل عن القضاء فهذه نص في البحر عليها في أثناء شرحها ونبهنا على ذلك والإبراء عن الدين إذا علق بكائن أو بمتعارف كما مر وذكر في جامع الفصولين مما يصح تعليقه إذن القن وكذا النكاح بشرط علم للحال وكذا تعليق الإمهال أي تأجيل الدين غير القرض إن علق بكائن ولو قال بعته بكذا إن رضي فلان جاز البيع والشرط جميعا ولو قال بعته منك إن شئت فقال قبلت تم البيع وقدمنا تقييد مسألة البيع بما إذا وقته بثلاثة أيام وذكر خلافا في صحة تعليق القبول
مطلب ما يصح إضافته وما لا يصح قوله ( وما تصح إضافته الخ ) شروع فيما يضاف وما لا يضاف بعد الفراغ من الكلام على التعليق ولم أر من ذكر لذلك ضابطا وسيأتي بيانه ثم الفرق بين التعليق والإضافة هو أن التعليق يمنع المعلق عن السببية للحكم فإن نحو أنت طالق سبب للطلاق في الحال فإذا قال أنت طالق إن دخلت الدار منع انعقاده سببا للحال وجعله متأخرا إلى وجود الشرط فعند وجوده ينعقد سببا مفضيا إلى حكمه وهو الطلاق
وأما الإيجاب المضاف مثل أنت طالق غدا فإنه ينعقد سببا للحال لانتفاء التعليق المانع من انعقاد السببية لكن يتأخر حكمه إلى الوقت المضاف إليه فالإضافة لا تخرجه عن السببية بل تؤخر حكمه بخلاف التعليق فإذا قال إن جاء غد فلله علي أن أتصدق بكذا لا يجوز له التصدق قبل الغد لأنه لا تعجيل قبل السبب ولو قال لله علي أن أتصدق بكذا غدا له التعجيل
____________________
(5/255)
قبله لأنه بعد السبب لأن الإضافة دخلت على الحكم لا السبب فهو تعجيل للمؤجل وتفرع عليه ما لو حلف لا يطلق امرأته فأضاف الطلاق إلى الغد حنث وإن علقه لم يحنث هذا حاصل ما ذكروه في كتب الأصول
وللمحقق ابن الهمام في التحرير أبحاث في الفرق بينهما ذكرها ابن نجيم في شرح المنار في فصل الأدلة الفاسدة
وقال والفرق بينهما من أشكل المسائل
قوله ( الإجارة ) في جامع الفصولين ولو قال آجرتك غدا فيه اختلاف والمختار أنها تجوز ثم في الإجارة المضافة إذا باع أو وهب قبل الوقت يفتى بجواز ما صنع وتبطل الإجارة فلو رد عليه بعيب بقضاء أو رجع في الهبة قبل الوقت عادت الإجارة ولو عاد إليه بملك مستقبل لا تعود الإجارة
وفي فتاوى ظهير الدين لو قال آجرتك هذه رأس كل شهر بكذا يجوز في قولهم
قوله ( وفسخها ) في العزمية على الخانية أن الفتوى عليه
وفي الشرنبلالية المعتمد اختيار عدم الصحة وهو المذكور في الكافي واختيار ظهير الدين ا هـ
ففيه اختلاف التصحيح
قوله ( والمزارعة والمعاملة ) فإنهما إجارة حتى إن من يجيزهما لا يجيزهما إلا بطريقها ويراعى فيهما شرائطها
درر
قوله ( والمضاربة والوكالة ) فإنهما من باب الإطلاقات والإسقاطات فإن تصرف المضارب والوكيل قبل العقد والتوكيل في مال المالك والموكل كان موقوفا حقا للمالك فهو بالعقد والتوكيل أسقطه فيكون إسقاطا فيقبل التعليق
درر أي وإذا قبل التعليق يقبل الإضافة بالأولى لأن التعليق يمنع السببية بخلاف الإضافة كما علمت
وبه اندفع اعتراض المصنف في المنح بأن الكلام في الإضافة لا في التعليق لكن لم أر من صرح بصحة التعليق في المضاربة ولعله أراد بالتعليق التقييد بالشرط فإنهم يطلقون عليه لفظ التعليق
تأمل
قوله ( والكفالة ) لأنها من باب الالتزامات فتجوز إضافتها إلى الزمان وتعليقها بالشرط الملائم درر
قوله ( والإيصاء ) أي جعل الشخص وصيا والوصية بالمال فإنهما لا يفيدان إلا بعد الموت فيجوز تعليقهما وإضافتهما
درر
قوله ( والقضاء والإمارة ) فإنهما تولية وتفويض محض فجاز إضافتهما
درر قوله ( والطلاق والعتاق ) فإنهما من باب الإطلاقات والإسقاطات وهو ظاهر
درر
قوله ( والوقف ) فإن تعليفه إلى ما بعد الموت جائز
درر
والكلام فيه كما مر في المضاربة والوكالة
قوله ( وبقي العارية والإذن في التجارة ) قال في جامع الفصولين الذي جمع فيه الفصول العمادية والفصول الأستروشنية تبطل إضافة الإعارة بأن قال إذا جاء غد فقد أعرتك لأنها تمليك المنفعة وقيل تجوز ولو قال أعرتك غدا تصح وقال قبله ولو قال لقنه إذا جاء غد فقد أذنت لك في التجارة صح الإذن ولو قال إذا جاء غد فقد حجرت عليك لا يصح ا هـ
وأنت خبير بأن الكلام في الإضافة ولفظ إذا جاء غد تعليق ويسمى إضافة باعتبار ذكر الوقف فيه لا حقيقة ولذا فرق في مسألة الإعارة بين ذكر إذا وعدمه فعد الإذن في التجارة هنا تبعا للقهستاني غير ظاهر
تأمل
وفي جامع الفصولين إذا قال أبطلت خياري غدا بطل خياره وقدمنا فيما يصح تعليقه أن إسقاط القصاص لا يحتمل الإضافة إلى الوقت
قوله ( لأنها تمليكات الخ ) كذا في الدرر
وقال الزيلعي آخر كتاب الإجارة لأنها تمليك وقد أمكن تنجيزها للحال فلا حاجة إلى الإضافة يخلاف الفصل الأول لأن الإجارة وما شاكلها لا يمكن تمليكه للحال وكذا الوصية وأما الإمارة والقضاء فمن باب الولاية والكفالة من باب الالتزام ا هـ
____________________
(5/256)
قلت ويظهر من هذا ومما ذكرنا آنفا عن الدرر أن الإضافة تصح فيما لا يمكن تمليكه للحال وفيما كان من الإطلاقات والإسقاطات والالتزامات والولايات ولا تصح في كل ما أمكن تمليكه للحال
تأمل
قوله ( لما فيه من القمار ) هو المراهنة كما في القاموس وفيه المراهنة والرهان المخاطرة
وحاصله أنه تمليك على سبيل المخاطرة
ولما كانت هذه تمليكات للحال لم يصح تعليقها بالخطر لوجود معنى القمار
قوله ( وبقي الوكالة ) الظاهر أنه سبق قلم وصوابه التحكيم فإنه الذي فيه خلاف أبي يوسف
قال في البزازية وتعليق كونه حكما بالخطر أو الإضافة إلى مستقبل صحيح عند محمد خلافا للثاني والفتوى على الثاني ا هـ
وهكذا قدمه الشارح قبيل ما لا يبطل بالشرط الفاسد وكيف يصح عد الوكالة هنا وقد ذكرها المصنف تبعا للكنز والوقاية فيما تصح إضافته وكذا في جامع الفصولين وغيره وكذا تقدم أنها مما لا يفسد بالشرط وبه صرح في الكنز وغيره بل قدمنا جواز تعليقها بالشرط فكيف لا تصح إضافتها
نعم بقي فسخ الإجارة على أحد التصحيحين كما قدمناه آنفا والله سبحانه أعلم
باب الصرف لما كان عقدا على الأثمان والثمن في الجملة تبعا لما هو المقصود من البيع أخره عنه
قوله ( عنونه بالباب ) قال في الدرر عنونه الأكثرون بالكتاب وهو لا يناسب لكون الصرف من أنواع البيع كالربا والسلم فالأحسن ما اختير ها هنا
قوله ( هو لغة الزيادة ) هذا أحد معانيه ففي المصباح صرفته عن وجهه صرفا من باب ضرب وصرفت الأجير والصبي خليت سبيله وصرفت المال أنفقته وصرفت الذهب بالدراهم بعته واسم الفاعل من هذا صيرفي وصيروف وصراف للمبالغة
قال ابن فارس الصرف فضل الدرهم في الجودة على الدرهم وصرفت الكلام زينته وصرفته بالتثقيل واسم الفاعل مصرف والصرف التوبة في قوله عليه الصلاة والسلام لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا والعدل الفدية ا هـ
زاد في القاموس في معنى الحديث المذكور قوله أو هو النافلة
والعدل الفريضة أو بالعكس أو الوزن
العدل الكيل أو هو الاكتساب والعدل الفدية أو الحيل ا هـ
وقد علمت أنه يطلق لغة على بيع الثمن بالثمن لكنه في الشرع أخص
تأمل
قوله ( أي ما خلق للثمنية ) ذكر نحوه في البحر
ثم قال وإنما فسرناه به ليدخل فيه بيع المصوغ بالمصوغ أو بالنقد فإن المصوغ بسبب ما اتصل به من الصنعة لم يبق ثمنا صريحا ولهذا يتعين في العقد ومع ذلك بيعه صرف ا هـ
قوله ( ويشترط عدم التأجيل والخيار ) أي وعدم الخيار أي خيار الشرط بخلاف خيار رؤية أو عيب كما يأتي
ولا يقال هذا مكرر مع قوله الآتي ويفسد بخيار الشرط والأجل لأن
____________________
(5/257)
ذاك تفريع على هذا كما هو العادة من ذكر الشروط ثم التفريع عليها فافهم نعم ذكر في النهر أنه لا حاجة إلى جعلهما شرطين على حدة كما جرى عليه في البحر تبعا للنهاية وغيرها لأن شرط التقابض يغني عن ذلك لأن خيار الشرط يمنع ثوب الملك أو تمامه على القولين وذلك يخل بتمام القبض وهو ما يحصل به التعيين ا هـ
ولا يخفى ما فيه
قوله ( أي التساوي وزنا ) قيد به لأنه لا اعتبار به عددا
بحر عن الذخيرة والشرط التساوي في العلم لا بحسب نفس الأمر فقط فلو لم يعلما التساوي وكان في نفس الأمر لم يجز إلا إذا ظهر التساوي في المجلس كما أوضحه في الفتح ونذكر قريبا حكم الزيادة والحط
قوله ( بالبراجم ) جمع برجمة بالضم وهي مفاصل الأصابع ح عن جامع اللغة
قوله ( لا بالتخلية ) أشار إلى أن التقييد بالبراجم للاحتراز عن التخلية واشتراط القبض بالفعل لا خصوص البراجم حتى لو وضعه له في كفه أو في جيبه صار قابضا
قوله ( قبل الافتراق ) أي افتراق المتعاقدين بأبدانهما والتقييد بالعاقدين يعم المالكين والنائبين وتقييد الفرقة بالأبدان يفيد عموم اعتبار المجلس ومن ثم قالوا إنه لا يبطل بما يدل على الإعراض ولو سارا فرسخا ولم يتفرقا صح وقد اعتبروا المجلس في مسألة هي ما لو قال الأب اشهدوا أني اشتريت هذا الدينار من ابني الصغير بعشرة دراهم ثم قام قبل أن يزن العشرة فهو باطل كذا عن محمد لأنه لا يمكن اعتبار التفرق بالأبدان
نهر
وفي البحر لو نادى أحدهما صاحبه من وراء جدار أو من بعيد لم يجز لأنهما مفترقان بأبدانهما وتفرع على اشتراط القبض أنه لا يجوز الإبراء عن بدل الصرف ولا هبته والتصدق به فلو فعل لم يصح بدون قبول الآخر فإن قبل انتقض الصرف وإلا لم يصح ولم ينتقض وتمامه في البحر
تنبيه قبض بدل الصرف في مجلس الإقالة شرط لصحتها كقبضه في مجلس العقد بخلاف إقالة السلم وقدمنا الفرق في بابه
وفي البحر لو وجب دين بعقد متأخر عن عقد الصرف لا يصير قصاصا ببدل الصرف وإن تراضيا ولو قبض بدل الصرف ثم انتقض القبض فيه
لمعنى أوجب انتقاضه يبطل الصرف ولو استحق أحد بدليه بعد الافتراق فإن أجاز المستحق والبدل قائم أو ضمن الناقد وهو هالك جاز الصرف وإن استرده وهو قائم أو ضمن القابض قيمته وهو هالك بطل الصرف
قوله ( على الصحيح ) وقيل شرط لانعقاده صحيحا وعلى الأول قول الهداية فإن تفرقا قبل القبض بطل فلولا أنه منعقد لما بطل بالافتراق كما في المعراج وثمرة الخلاف فيما إذا ظهر الفساد فيما هو صرف يفسد فيما ليس صرفا عند أبي حنيفة ولا يفسد على القول الأصح
فتح
قوله ( وإن اختلفا جودة وصياغة ) قيد إسقاط الصفة بالأثمان لأنه لو باع إناء نحاس بمثله وأحدهما أثقل من الآخر جاز مع أن النحاس وغيره مما يوزن من الأموال الربوية أيضا لأنه صفة الوزن في النقدين منصوص عليها فلا تتغير بالصنعة ولا يخرج عن كونه موزونا بتعارف جعله عدديا لو تعورف ذلك بخلاف غيرهما فإن الوزن فيه بالعرف فيخرج عن كونه موزونا بتعارف عدديته إذا صيغ وصنع كذا في الفتح حتى لو تعارفوا بيع هذه الأواني بالوزن لا بالعدد لا يجوز بيعها بجنسها إلا متساويا كذا في الذخيرة
نهر
قوله ( لما مر في الربا ) أي من أن جيد مال الربا ورديئه سواء وتقدم استثناء حقوق العباد ومر الكلام فيه فراجعه ومنه ما في البحر عن الذخيرة غصب قلب فضة ثم استهلكه فعليه قيمته مصوغا من خلاف جنسه فإن تفرقا قبل قبض القيمة جاز خلافا لزفر لأنه صرف حكما للضمان
____________________
(5/258)
الواجب بالغصب لا مقصودا فلا يشترط له القبض ا هـ
وإنما لزمه الضمان من خلاف جنسه لئلا يلزم الربا لأن قيمته مصوغا أزيد من وزنه
قوله ( شرط التقابض ) أي قبل الافتراق كما قيد به بعض النسخ
وفي البحر عن الذخيرة لو اشترى المودع الوديعة الدراهم بدنانير وافترقا قبل أن يحدد المودع قبضا في الوديعة بطل الصرف بخلاف المغصوبة لأن قبض الغصب ينوب عن قبض الشراء بخلاف الوديعة ا هـ
قوله ( لحرمة النساء ) بالفتح أي التأخير فإنه يحرم بإحدى علتي الربا أي القدر أو الجنس كما مر في بابه
قوله ( فلو باع النقدين ) تفريع على قوله وإلا شرط التقابض فإنه يفهم منه أنه لا يشترط التماثل وقيد بالنقدين لأنه لو باع فضة بفلوس فإنه يشترط قبض أحد البدلين قبل الافتراق لا قبضهما كما في البحر عن الذخيرة
ونقل في النهر عن فتاوى قارىء الهداية أنه لا يصح تأجيل أحدهما ثم أجاب عنه وقدمنا ذلك في باب الربا وقدمنا هناك أنه أحد قولين فراجعه عند قول المصنف باع فلوسا بمثلها أو بدراهم الخ
قوله ( أحدهما بالآخر ) احترازا عما لو باع الجنس بالجنس جزافا حيث لم يصح ما لم يعلم التساوي قبل الافتراق كما قدمناه قوله ( جزافا ) أي بدون معرفة قدر وقوله أو بفضل أي بتحقق زيادة أحدهما على الآخر وسكت عن التساوي للعلم بصحته بالأولى
قوله ( والعوضان لا يتعينان ) أي في الصرف ما دام صحيحا أما بعد فساده فالصحيح التعيين كما في الأشباه وقدمنا عنها في أواخر البيع الفاسد ما تتعين فيه النقود وما لا تتعين
قوله ( حتى لو استقرضا الخ ) صورته قال أحدهما للآخر بعتك درهما بدرهم وقبل الآخر ولم يكن عندهما شيء ثم استقرض كل منهما درهما من ثالث وتقابضا قبل الافتراق صح وكذا لو قال بعتك هذا الدرهم بهذا الدرهم وأمسك كل منهما درهمه قبل التسليم ودفع كل منهما درهما آخر قبل الافتراق ومثله كما في الدرر ما لو استحق كل من العوضين فأعطى كل منهما صاحبه بدل ما استحق من جنسه
قوله ( وأديا مثلهما ) ضمير مثلهما عائد على ما وثناه باعتبار المعنى
قوله ( ويفسد الصرف ) أي فسادا من الأصل لأنه فساد مقترن بالعقد كما في المحيط
شرنبلالية قوله ( لإخلالهما بالقبض ) لأن خيار الشرط يمتنع به استحقاق القبض ما بقي الخيار لأن استحقاقه مبني عل الملك والخيار يمنعه والأجل يمنع القبض الواجب
درر قوله ( ويصح مع إسقاطهما في المجلس ) هكذا في الفتح وغيره والظاهر أن المراد إسقاطهما بنقد البدلين في المجلس لا بقولهما أسقطنا الخيار والأجل إذ بدون نقد لا يكفي وأنه لا يلزم الجمع بين الفعل والقول ثم رأيت في القهستاني قال فلو تفرقا من غير تقابض أو من أجل شرط خيار فسد البيع ولو تقابضا في الصور قبل التفرق انقلب صحيحا ا هـ
ونحوه في التاترخانية فافهم
قوله ( لزوال المانع ) أي قبل تقرره
درر
قوله ( في مصوغ لا نقد ) فيه أن النقد يدخله خيار العيب كما ذكره المصنف في قوله عقبه ظهر بعض الثمن زيوفا الخ
وقال في البحر وأما خيار العيب فثابت فيه وأما خيار الرؤية فثابت في العين دون الدين الخ
وفي الفتح وليس في الدراهم والدنانير خيار رؤية لأن العقد لا ينفسخ بردها لأنه إنما وقع على مثلها بخلاف التبر والحلي والأواني من الذهب والفضة لأنه ينتقض العقد برده لتعينه فيه الخ فكان الصواب أن يقول في مصوغ لا خيار رؤية في نقد
____________________
(5/259)
قوله ( الشرط الفاسد الخ ) في البحر لو تصارفا جنسا بجنس متساويا وتقابضا وتفرقا ثم زاد أحدهما الآخر شيئا أو حط عنه وقبله الآخر فسد البيع عنده
وعند أبي يوسف بطلا وصح الصرف
وعند محمد بطلت الزيادة وجاز الحط بمنزلة الهبة المستقبلة وهذا فرع اختلافهم في أن الشرط الفاسد المتأخر عن العقد إذا ألحق به هل يلتحق لكن محمد فرق بين الزيادة والحط
ولو زاد أو حط في صرف بخلاف الجنس جاز إجماعا بشرط قبض الزيادة قبل الافتراق ا هـ
وانظر ما حررناه في أول باب الربا
قوله ( ينتقض فيه فقط ) أي ينفسخ الصرف في المردود ويبقى في غيره لارتفاع القبض فيه فقط
درر
وفي كافي الحاكم اشترى عشرة دراهم بدينار وتقابضا ثم وجد فيها درهما ستوقا أو رصاصا فإن كانا لم يتفرقا استبدله وإن كانا قد تفرقا رده عليه وكان شريكا في الدينار بحصته
وهذا بمنزلة ما لو نقده تسعة دراهم ثم فارقه ا هـ
ومقتضاه أنه بعد التفرق لا يتأتى الاستبدال فافهم
قوله ( لا يتصرف في بدل الصرف قبل قبضه ) أي بهبة أو صدقة أو بيع حتى لو وهبه البدل أو تصدق أو أبرأه منه فإن قبل بطل الصرف وإلا لا فإن البراءة ونحوها سبب الفسخ فلا ينفرد به أحدهما بعد صحة العقد
فتح
وقيد بالتصرف لأن الاستبدال به صحيح كما مر
قوله ( فسد بيع الثوب ) لأنه لو جاز سقط حق القبض المستحق لله تعالى فلا يسقط بإسقاط المتعاقدين
فتح
وعند زفر يصح البيع لأن الثمن في بيعه لم يتعين كونه بدل الصرف لأن النقد لا يتعين وقواه في الفتح
ونازعه في البحر بما اعترضه في النهر وأجاب عما في الفتح بجواب آخر فراجعه وأطلق فساد البيع فشمل ما لو كان الشراء من صاحبه أو من أجنبي كما في الكافي
قوله ( والصرف بحاله ) أي فيقبض بدله ممن عاقده معه
فتح
وهذا بخلاف ما لو أبرأه أو وهبه وقبل فإن الصرف يبطل كما علمت
قوله ( باع أمة الخ ) حاصل هذه المسائل أن الجمع بين النقود وغيرها في البيع لا يخرج النقود عن كونها صرفا بما يقابلها من الثمن
نهر
قوله ( قيمته ألف ) كون قيمة الجارية مع الطوق متساويين ليس بشرط بل إذا بيع نقد مع غيره من جنسه لا بد من أن يزيد الثمن على النقد المضمون إليه فلو قال مع طوق زنته ألف بألف ومائة لكان أولى
نهر
قوله ( إنما بين قيمتهما الخ ) أشار إلى ما اعترض به الزيلعي من أن في عبارة المصنف تسامحا لأنه ذكر القيمة في كل منهما ولا تعتبر القيمة في الطوق وإنما يعتبر القدر عند المقابلة بالجنس وكذا لا حاجة إلى بيان قيمة الجارية لأن قدر الطوق مقابل به والباقي بالجارية قلت قيمتها أو كثرت فلا فائدة في بيان قيمتها إلا إذا قدر أن الثمن بخلاف جنس بيان قيمتها إلا إذا قدر أن الثمن بخلاف جنس الطوق فحينئذ يفيد بيان قيمتها لأن الثمن ينقسم عليهما على قدر قيمتهما ا هـ
وبه ظهر أن تقييد الشارح أولا الطوق بكونه فضة لا يناسب ما ذكره من الانقسام إلا أن يحمل الألف في قوله قيمته ألف على أنه من الذهب أي ألف مثقال لكن قوله أو أنه غير جنس الطوق ينافي ذلك وقد تبع فيه العيني
وصوابه إذا كان غير جنس الطوق فيوافق ما أجاب به الزيلعي لأن الانقاسم المذكور إنما يكون عند اختلاف الجنس وبعد هذا يرد عليه كما قال ط إنه عند اختلاف الجنس لا تعتبر القيمة بل يشترط التقابض كما سيذكره في الأصل الآتي
____________________
(5/260)
وفي المنح ولو بيع المصوغ من الذهب أو المزركش منه بالدراهم فلا يحتاج إلى معرفة قدره وهل هو أقل أو أكثر بل يشترط القبض في المجلس فلو بيع بالذهب يحتاج الخ
قلت وقد يجاب بأن بيان القيمة له فائدة وإن اختلف الجنس وذلك عند استحقاق الطوق أو الجارية
تأمل
قوله ( ألف نقد وألف نسيئة ) قيد بتأجيل البعض لأنه لو أجل الكل فسد البيع في الكل عنده وقالا في الطوق فقط
وتمامه في البحر
وذكر في الدرر أنه لو نقد ألفا في تأجيل الكل فهو حصة الطوق
واعترضه في الشرنبلالية بأنه فاسد من الأصل على قوم الإمام فلا يحكم بصحته بنقد الألف بعده
وأجيب بأنه إذا نقد حصة الصرف قبل الافتراق يعود إلى الجواز لزوال المفسد قبل تقرره كما مر في اشتراط الأجل
قوله ( ويخلص بلا ضرر ) الأولى إسقاطه كما فعل في الكنز وقد تبع المصنف في ذكره الوقاية و الدرر
واعترضهم في العزمية وغيرها وأيضا فلا معنى لكونه شرطا في هذه المسألة لأن البيع صح في الكل
وأجيب بأنه يفهم ما إذا تخلص بضرر بالأولى
نعم ذكره عند قوله الآتي فإن افترقا في محله
قوله ( ونقد خمسين ) أي والخمسون الباقية دين أو نسيئة ط
مطلب يستعمل المثنى في الواحد قوله ( تحريا للجواز ) إذ الظاهر قصدهما الوجه المصحح لأن العقد لا يفيد تمام مقصودهما إلا بالصحة فكان هذا الاعتبار عملا بالظاهر
والظاهر يجب العمل به إلا إذا صرح بخلافه كما يأتي وقوله خذ هذا من ثمنهما لا يخالفه لأن المثنى استعمل في الواحد أيضا كما في قوله تعالى { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } الرحمن 22 وقوله تعالى { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم } الأنعام 130 والرسل من الإنس وقوله تعالى { نسيا حوتهما } الكهف 61 وقوله إذا سافرتما فأذنا وأقيما وتمامه في الفتح
قال في البحر ونظيره في الفقه إذا حضتما حيضة أو ولدتما ولدا علق بإحداهما للاستحالة بخلاف ما إذا لم يذكر المفعول به للإمكان
قوله ( لأنه اسم للحلية أيضا الخ ) عبارات الزيلعي لأنهما شيء واحد ا هـ
وبه يظهر أنه في مسألة الجارية المطوقة لو قال خذ هذا من ثمن الجارية يفسد البيع وبه صرح في النهر
قوله ( ولو زاد خاصة فسد البيع ) أي بأن قال هذا المعجل حصة السيف خاصة
و عبارة المبسوط انتقض البيع في الحلية وظاهره أنه يصح في السيف دون الحلية
وعليه فكان المناسب أن يقول فسد الصرف لكن هذا محمول على ما إذا كانت الحلية تتميز بلا ضرر لإمكان التسليم وبهذا الحمل وفق الزيلعي بين ما في المبسوط وبين ما في المحيط من أنه لو قال هذا من ثمن النصل خاصة فإن لم يمكن التمييز إلا بضرر يكون المنقود ثمن الصرف ويصحان جميعا لأنه قصد صحة البيع ولا صحة له إلا بصرف المنقود إلى الصرف فحكمنا بجوازه تصحيحا للبيع وإن أمكن تمييزها بلا ضرر بطل الصرف ا هـ
ولا يخفى حسن هذا التوفيق لأنه إذا صح البيع والصرف مع ذكر النصل بجعل المنقود ثمنا للحلية التي لا يمكن تمييزها إلا بضرر يلزم أن يصح مع ذكر السيف بالأولى إذ لا شك أن لفظ النصل أخص من لفظ السيف لأن السيف يطلق على النصل والحلية وبه اندفع ما في البحر
نعم في كلام الزيلعي نظر من وجه آخر بيناه فيما علقناه على البحر
____________________
(5/261)
تنبيه بقي ما لو قال نصفه من ثمن الحلية ونصفه من ثمن السيف فالمقبوض من ثمن الحلية كما في الزيلعي والظاهر حمله على ما إذا لم يمكن تمييز بلا ضرر فلو أمكن فسد الصرف في نصف الحلية يدل عليه ما في كافي الحاكم ولو باع قلب فضة فيه عشرة وثوبا بعشرين درهما فنقده عشرة وقال نصفها من ثمن القلب ونصفها من ثمن الثوب ثم تفرقا وقد قبض القلب والثوب انتقض البيع في نصف القلب
وأما في السيف إذا سمى فقال نصفها من ثمن الحلية ونصفها من ثمن نصل السيف ثم تفرقا لم يفسد البيع ا هـ تأمل
وانظر ما علقناه على البحر
قوله ( وصح في السيف ) لعدم اشتراط قبض ثمنه في المجلس
نهر
قوله ( كطوق الجارية ) الأولى كالجارية المطوقة لأنه إذا تخلص السيف عن حليته بلا ضرر يقدر على تسليمه فيصير كبيع الجارية مع طوقها
قوله ( بطل أصلا ) أي بطل بيع الحلية والسيف لتعذر تسليم السيف بلا ضرر كبيع جذع من سقف
نهر
مطلب في بيع المموه تتمة قال في كافي الحاكم وإذا اشترى لجاما مموها بفضة بدراهم أقل مما فيه أو أكثر فهو جائز لأن التمويه لا يخلص ألا ترى أنه إذا اشترى الدار المموهة بالذهب بثمن مؤجل يجوز ذلك وإن كان ما في سقوفها من التمويه بالذهب أكثر من الذهب في الثمن ا هـ
والتمويه الطلي
ونقل الخير الرملي نحوه عن المحيط ثم قال وأقول يجب تقييد المسألة بما إذا لم تكثر الفضة أو الذهب المموه
أما إذا كثر بحيث يحصل منه شيء يدخل في الميزان بالعرض على النار يجب حينئذ اعتباره ولم أره لأصحابنا لكن رأيته للشافعية وقواعدنا شاهدة به فتأمل ا هـ
قوله ( والأصل الخ ) أشار به إلى فائدة قوله فباعه بمائة أي بثمن زائد على قدر الحلية التي من جنس الثمن ليكون قدر الحلية ثمنا لها والزائد ثمنا للسيف إذ لو لم تتحقق الزيادة بطل البيع أما لو كان الثمن من خلاف جنسها جاز البيع كيفما كان لجواز التفاضل كما في البحر ومقتضاه أن المؤدى من خلاف الجنس وإن قل يقع عن ثمن الحلية وغير المؤدى يكون ثمن النصل تحريا للجواز
مطلب في بيع المفضض والمزركش وحكم علم الثوب قوله ( كمفضض ومزركش ) الأول ما رصع بفضة أو ألبس فضة كسرج من خشب ألبس فضة والثاني في العرف هو المطرز بخيوط فضة أو ذهب وبه عبر في البحر
وأما حلية السيف فتشمل ما إذا كانت الفضة غير ذلك كقبيعة السيف تأمل وخرج المموه كما علمت آنفا
تنبيه لم يذكر حكم العلم في الثوب
وفي الذخيرة وإذا باع ثوبا منسوجا بذهب بالذهب الخالص لا بد لجوازه من الاعتبار وهو أن يكون الذهب المنفصل أكثر وكان ينبغي أن يجوز بدونه لأن الذهب الذي نسج خرج عن كونه وزنيا ولذا لا يباع وزنا لكنه وزني بالنص فلا يخرجه عن كونه مال ربا
ثم قال وفي المنتقى أن في اعتبار الذهب في السقف روايتين فلا يعتبر العلم في الثوب وعن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه يعتبر ا هـ
وفي التاترخانية عن الغيائية لو باع دارا في سقوفها ذهب بذهب في رواية لا يجوز بدون الاعتبار لأن الذهب لا يكون تبعا
____________________
(5/262)
بخلاف علم الثوب والإبريسم في الذهب فإنه لا يعتبر لأنه تبع محض ا هـ
وظاهر التعليل أن ذهب السقوف عين قائمة لا مجرد تمويه ويدل عليه ما قدمناه آنفا عن الكافي من أن المموه لا يعتبر لكونه لا يخلص
وفي الهندية عن المحيط والدار فيها صفائح ذهب أو فضة يبيعها بجنسها كالسيف المحلى ا هـ
وحاصل هذا كله اعتبار المنسوج قولا واحدا واختلاف الرواية في ذهب السقف والعلم وأن المعتمد عدم اعتباره في المنسوج وقد علم بهذا أن الذهب إن كان عينا قائمة في المبيع كمسامير الذهب ونحوها في السقف مثلا يعتبر كطوق الأمة وحلية السيف ومثله المنسوج بالذهب فإنه قائم بعينه غير تابع بل هو مقصود بالبيع كالحلية والطرق وبه صار الثوب ثوبا ولذا يسمى ثوب ذهب بخلاف المموه لأنه مجرد لون لا عين قائمة وبخلاف العلم في الثوب فإنه تبع محض فإن الثوب لا يسمى به ثوب ذهب ولا يرد ما قدمه الشارح من أن الحلية تبع للسيف أيضا فإن تبعيتها له من حيث دخولها في مسماه عرفا سواء كانت فيه أو في قرابه لكنه أصل من حيث قيامها بذاتها وقصدها بالشراء كطوق الجارية ولا كذلك علم الثوب لأن الشرع أهدر اعتباره حتى حل استعماله لكن ينبغي أنه لو زاد على أربعة أصابع أن يعتبر هنا أيضا هذا ما ظهر لي في تحرير هذا المحل فتأمل
قوله ( شرط التقايض فقط ) أي ولا يشترط تحقق زيادة الثمن كما قدمناه
قوله ( صح فيما قبض ) لوجود شرط الصرف فيه
نهر
قوله ( لأنه صرف ) هذا علة العلة لأن علة الاشتراك بطلان البيع فيما لم يقبض لأنه صرف أو هو علة لقوله صح فيما قبض وما بعده والمراد أنه صرف كله كما في الهداية
قال في الكفاية فصح فيما وجد شرطه وبطل فيما لم يوجد بخلاف مسألتي الجارية مع الطوق والسيف مع الحلية فإن كل واحدة منهما صرف وبيع فإذا نقد بدل الصرف صح في الكل
قوله ( لتعيبه من قبله ) أي لتعيب الإناء بعيب الشركة من جهة المشتري بصنعه بسبب عدم نقده كل الثمن قبل الافتراق
قوله ( فيخير ) أي في أخذ الباقي
قوله ( وإذا استحق بعضه ) أي وقد كان نقد كل الثمن
قوله ( لتعيبه بغير صنعه ) لأن عيب الاشتراك كان موجودا عند البائع مقارنا للعقد
قوله ( ومفاده ) أي مفاد التعليل المذكور
قوله ( لا بإقراءه ) أي لو ادعى المستحق ببعض الإناء فأقر له به المشتري لا يخبر لأن الشركة ثبتت بصنعه
ولا يخفى أن النكول عن اليمين إن كان من البائع فهو كالبينة وإن كان من المشتري فهو في حكم الإقرار منه ولذا لا يرجع بالثمن على بائعه إذا نكل كما لو أقر كما مر في بابه
قوله ( اختلفوا الخ ) فإنه قيل إن العقد ينفسخ بقضاء القاضي للمتسحق بالاستحقاق وهو رواية الخصاف وقيل لا ما لم يرجع المشتري على بائعه وقيل ما لم يأخذ المستحق العين وقيل ما لم يقض على البائع بالثمن
وفي الهداية أنه ظاهر الرواية
وقدمنا تحرير الكلام على ذلك والتوفيق بينه وبين ما نقله عن الفتح فراجعه في أول باب الاستحقاق وأشار الشارح إلى أن ما مشى عليه المصنف أحسن مما في البحر عن السراج حيث قال فإن أجاز المستحق قبل أن يحكم له بالاستحقاق فإن مفهومه أنه ليس له الإجازة بعد الحكم بالاستحقاق لانفساخ العقد
____________________
(5/263)
بالحكم وهذه رواية الخصاف كما علمت وهي خلاف ظاهر الرواية
قوله ( وكان الثمن له ) أي للمستحق لأن البائع كان فضوليا في بيع ما استحقه المستحق وتوقف على إجازته قبل الفسخ فإذا أجاز نفذ العقد وكان الثمن له
قوله ( إذا لم يفترقا ) أي البائع والمشتري وهذا متعلق بقوله جاز العقد
قوله ( بعد الإجازة ) كذا في البحر عن السراج مع أن الذي في الجوهرة وهي للحدادي صاحب السراج قبل الإجازة ويؤيده قوله في السراج و الجوهرة
حتى لو افترق العاقدان قبل إجازة المستحق بطل العقد وإن فارقه المستحق قبل الإجازة اللاحقة باقيان في المجلس صح العقد ا هـ
والحاصل أن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة فيصير هذا الفضولي بعد الإجازة كأنه كان وكيلا بالبيع قبلها فإن حصل التقابض بينه وبين المشتري قبل الافتراق نفذ العقد بالإجازة اللاحقة وإن افترقا قبل التقابض لا ينفذ العقد بها لأنه لو كان وكيلا حقيقة قبل العقد يفسد بالافتراق بلا قبض فكيف إذا صار وكيلا بالإجازة اللاحقة ثم إذا حصل التقابض قبل الافتراق والإجازة ثم أجاز نفذ العقد وإن افترقا بعد أما إذا أجاز قبل الافتراق والتقابض فلا بد من التقابض بعدها قبل الافتراق لفساد العقد بالافتراق بدون تقابض وإن أجاز قبله وعلى هذا يحمل كلام المصنف
قوله ( ولو باع قطعة نقرة ) بضم النون وهي كما في المغرب والقاموس القطعة المذابة من الذهب أو الفضة وقبل الإذابة تسمى تبرأ كما في المصباح ويقال نقرة فضة على الإضافة للبيان كما في المغرب
قوله ( لأن التبعيض لا يضرها ) فلم يلزم عيب الشركة لإمكان أن يقطع حصته مثلا
نهر
قوله ( لتفرق الصفقة ) أي قبل تمامها بخلاف ما بعد القبض لتمامها
بحر
ويقال فيما إذا أجاز المستحق قبل فسخ الحاكم العقد ما قيل في مسألة الإناء السابقة أفاده الشرنبلالي
قوله ( وكذا الدينار والدرهم ) أي نظير النقرة لأن الشركة في ذلك لا تعد عيبا كذا في الكرخي
منح عن الجوهرة أي لو استحق بعضه لا يخير لأنه ليس عيبا قال ط لإمكان صرفه واستيفاء كل حقه من بدله
قوله ( بصرف الجنس بخلاف جنسه ) أي تصحيحا للعقد كما لو باع نصف عبد مشترك بينه وبين غيره فإنه ينصرف إلى نصيبه تصحيحا للعقد
وفي الظهيرية عن المبسوط باع عشرة وثوبا بعشرة وثوب وافترقا قبل القبض بطل العقد في الدارهم ولو صرف الجنس إلى خلاف جنسه لم يبطل ولكن قبل في العقود للتصحيح في الابتداء ولا يحتاج للبقاء على الصحة ا هـ
بحر أي لأن الفساد هنا عرض بالافتراق قبل القبض
قوله ( وكذا بيع أحد عشر درهما الخ ) فتكون العشرة بالعشرة والدرهم بالدينار وأردف هذه المسألة وإن علمت مما قبلها لبيان أن صرف الجنس إلى خلاف جنسه لا فرق فيه بين أن يوجد الجنسان في كل من البدلين أو أحدهما
أفاده في النهر عن العناية
قوله ( بفتح وتشديد ) أي بفتح العين المعجمة وتشديد اللام
قوله ( ما يرده بيت المال ) أي لا لزيافتها بل لكونها قطعا
عزمي عن النهاية وفيه توفيق بين تفسيرها بما ذكر الشارح وتفسيرها بالدراهم المقطعة
____________________
(5/264)
مطلب في حكم بيع فضة بفضة قليلة مع شيء آخر لإسقاط الربا تنبيه في الهداية ولو تبايعا فضة بفضة أو ذهبا بذهب ومع أقلهما شيء آخر تبلغ قيمته باقي الفضة جاز البيع من غير كراهة وإن لم تبلغ فمع الكراهة وإن لم يكن له قيمة لا يجوز البيع لتحقق الربا إذ الزيادة لا يقابلها عوض فتكون ربا ا هـ
وصرح في الإيضاح بأن الكراهة قول محمد
وأما أبو حنيفة فقال لا بأس
وفي المحيط إنما كرهه محمد خوفا من أن يألفه الناس ويستعملوه فيما لا يجوز وقيل لأنهما باشرا الحيلة لإسقاط الربا كبيع العينة فإنه مكروه ا هـ
بحر
وأورد أنه لو كان مكروها لزم أن يكره في مسألة الدرهمين والدينار بدرهم ودينارين ولم يذكره
وأجيب عنه بجواب اعتراضه في الفتح ثم قال وغاية الأمر أنه لم ينص هناك على الكراهة فيه ثم ذكر أصلا كليا يفيده وينبغي أن يكون قول أبي حنيفة أيضا على الكراهة كما هو ظاهر إطلاق المصنف بلا ذكر خلاف ا هـ
ويأتي الكلام على بيع العينة آخر الباب وفي الكفالة إن شاء الله تعالى وانظر ما قدمناه قبيل الربا
قوله ( ممن هي له ) متعلق ببيع
قوله ( فصح بيعه منه ) هذا وإن علم لكن كرره ليبين أن قوله دينارا مفعول بيع وكان الأوضح والأخضر للمصنف أن يقول وصح بيع دينار بعشرة عليه أو مطلقة ممن هي له
قوله ( وتقع المقاصة بنفس العقد ) أي بلا توقف على إرادتهما لها بخلاف المسألة الآتية ووجه الجواز أنه جعل ثمنه دراهم لا يجب قبضها ولا تعيينها بالقبض وذلك جائز إجماعا لأن التعيين للاحتراز عن الربا أي ربا النسيئة ولا ربا في دين سقط إنما الربا في دين يقع الخطر في عاقبته ولذا لو تصارفا دراهم دينا بدنانير دينا صح لفوات الخطر
قوله ( إن دفع البائع الدينار ) قيد في الصورتين
ط عن مكي
قوله ( وتقاصا العشرة ) قيد في الثانية فقط
نهر قوله ( بالعشرة الدين استحسانا ) والقياس أن لا يجوز وهو قول زفر لكونه استبدالا ببدل الصرف قبل قبضه وجه الاستحسان أنه بالتقابض انفسخ العقد الأول وانعقد صرف آخر مضاف إلى الدين لأنهما لما غيرا موجب العقد فسخاه إلى آخر اقتضاه كما لو جدد البيع بأكثر من الثمن الأول كذا قالوا
وتمامه في النهر
وأطلق في العشرة الدين فشمل ما إذا كانت عليه قبل عقد الصرف أو حدثت بعده في الأصح فإذا استقرض بائع الدينار عشرة من المشتري أو غصب منه فقد صار قصاصا ولا يحتاج إلى التراضي لأنه قد وجد منه القبض
بحر ملخصا
ولا يخفى أن هذا خاص بالصورة الثانية إذ في المقيدة لا يتصور أن يكون الدين حادثا لأن فرضها أن يبيع الدينار بعشرة عليه فما في النهر من ذكر ذلك في الأولى سبق قلم فتنبه
ثم قال في البحر والحاصل أن الدين إذا حدث بعد الصرف فإن كان بقرض أو غصب وقعت المقاصة وإن لم يتقاصا وإن حدث بالشراء بأن باع مشتري الدينار من بائع الدينار ثوبا بعشرة إن لم يجعلاه قصاصا لا يصير قصاصا باتفاق الروايات وإن جعلاه ففيه روايتان ذخيرة
____________________
(5/265)
مطلب مسائل في المقاصة ومن مسائل المقاصة ما لو كان للمودع صاحب الوديعة دين من جنسها لم تصر قصاصا به إلا إذا اتفقا عليه وكانت في يده أو رجع إلى أهله فأخذها والمغصوب كالوديعة وكذلك لا تقع المقاصة ما لم يتقاصا لو كان الدينان من جنسين أو متفاوتين في الوصف أو مؤجلين أو أحدهما حالا والآخر مؤجلا أو أحدهما غلة والآخر صحيحا كما في الذخيرة
وإذا اختلف الجنس وتقاصا كما لو كان له عليه مائة درهم وللمديون مائة دينار عليه فإذا تقاصا تصير الدراهم قصاصا بمائة من قيمة الدنانير ويبقى لصاحب الدنانير على صاحب الدراهم ما بقي منها ظهيرية
ودين النفقة للزوجة لا يقع قصاصا بدين للزوج عليها إلا بالتراضي بخلاف سائر الديون لأن دين النفقة أدنى
فروق الكرابيسي ا هـ ملخصا
قال وتقدم شيء من مسائل المقاصة في باب أم الولد
قوله ( حكما ) تمييز محول عن المبتدأ أي حكم ما غلب فضته وذهبه حكم الفضة والذهب الخالصين وذلك لأن النقود لا تخلو عن قليل غش للانطباع وقد يكون خلقيا كما في الرديء فيعتبر القليل بالرديء فيكون كالمستهلك ط
قوله ( الاستقراض بها ) الأوضح استقراضه ط
وبه عبر في الملتقى
قوله ( كما مر في بابه ) لم أره صرح بذلك في باب القرض
قوله ( في حكم عروض ) الأولى تعبير الكنز بقوله ليس في حكم الدراهم والدنانير وذلك لأنه يجب فيها الاعتبار والتقابض ولا تتعين بالتعيين إن راجت
قوله ( اعتبارا الغالب ) أي في الصورتين
قوله ( إن كان الخالص أكثر من المغشوش ) أي أكثر من الخالص الذي خالطه الغش
والأوضح أن يقول أكثر مما في المغشوش
قال في الفتح ولا يخفى أن هذا لا يتأتى في كل دراهم غالبة الغش بل إذا كانت الفضة المغلوبة بحيث لا تتخلص من النحاس إذا أريد ذلك
أما إذا كانت بحيث لا تتخلص من النحاس إذا أريد ذلك
أما إذا كانت بحيث لا تتخلص لقتلها بل تحترق لا عبرة بها أصلا بل تكون كالمموهة لا تعتبر ولا تراعى فيها شرائط الصرف وإنما هو كاللون وقد كان في أوائل سبعمائة في فضة دمشق قريب من ذلك
قال المصنف أي صاحب الهداية ومشايخنا يعني مشايخ ما وراء النهر من بخارى وسمرقند لم يفتوا بجواز ذلك أي بيعها بجنسها متفاضلا في العدالى والغطارفة مع أن الغش فيها أكثر من الفضة لأنها أعز الأموال في ديارنا فلو أبيح التفاضل فيها يفتح باب الربا الصريح فإن الناس حينئذ يعتادون في الأموال النفيسة فيتدحرجون ذلك في النقود الخالصة فمنع حسما لمادة الفساد ا هـ
وفي البزازية والصواب أنه لا يفتى بالجواز في الغطارفة لأنها أعز الأموال وعليه صاحب الهداية والفضلي
قوله ( كما مر ) أي في مسألة بيع الزيتون بالزيت
بحر
وهذه مرت في باب الربا
ويحتمل كون التشبيه راجعا إلى ما في المتن من اشتراط كون الخالص أكثر ومراده بما مر مسألة حلية السيف كما أفاده في الهداية
قوله ( وزنا وعددا ) أي على حسب حالها في الرواج
قال في الهداية ثم إن كانت تروج بالوزن فالتتابع والاستقراض فيها بالوزن وإن كانت تروج بالعد فبالعد وإن كانت تروج بهما فبكل واحد منهما لأن المعتبر هو المعتاد فيها إذا لم يكن نص ا هـ
ويأتي قريبا
قوله ( بصرف الجنس لخلافه ) أي بأن يصرف فضة كل واحد منهما إلى غش الآخر
قوله ( في الصورتين )
____________________
(5/266)
أي صورة بيعه بالخالص وصورة بيعه بجنسه
قوله ( لضرر التمييز ) قال في البحر يشترط التقابض قبل الافتراق لأنه صرف في البعض لوجود الفضة أو الذهب من الجانبين ويشترط في الغش أيضا لأنه لا يتميز إلا بضرر ا هـ
فالعلة المذكورة لاشتراط قبض الغش فاشتراط قبضه لا لذاته بل لأنه لا يمكن فصله عن الخالص الذي فيه المشروط قبضه لذاته
لا يقال إن النحاس الذي هو الغش موزون أيضا فقد وجد فيه القدر فيشترط قبضه لذاته أيضا
لأنا نقول وزن الدراهم غير وزن النحاس ونحوه فلم يجمعهما قدر وإلا لزم أن لا يجوز بيع القطن ونحوه مما يوزن إلا إذا كان ثمنه من الدراهم مقبوضا في المجلس لأن القدر يحرم النساء مع أنه يجوز السلم فيه كما مر في بابه
ولا يخفى أن الغش لو كان فضة في ذهب فالشرط قبض الكل لذاته لأنه صرف في الكل
قوله ( وإن كان الخالص مثله الخ ) محترز قوله إن كان الخالص أكثر
وحاصله أن الصور أربعة إما أن يكون الخالص أكثر أو مثله أو أقل أو لا يدري فيصح في الأولى فقط دون الثلاثة الباقية كما مر في بيع السيف مع حليته
قوله ( أي مثل المغشوش ) أي الذي اختلط بالغش
قوله ( فلا يصح البيع ) أي لا في الفضة ولا في النحاس أيضا إذا كان لا تتخلص الفضة إلا بضرر
فتح
قوله ( للربا في الأولين ) بزيادة الغش في الأول وزيادته مع بعض الذهب أو الفضة في الثاني ط
قوله ( ولاحتماله في الثالث ) وللشبهة في الربا حكم الحقيقة ط
قوله ( لا يتعين بالتعيين ) فلو قال اشتريت بهذه الدراهم فله أن يمسكها ويدفع غيرها مثله
قوله ( لثمنيته حينئذ ) أي حين إذ كان رائجا لأنه بالاصطلاح صار أثمانا فما دام ذلك الاصطلاح موجودا لا تبطل الثمنية لقيام المقتضي بحر
فلو هلك قبل القبض لا يبطل العقد
فتح
قوله ( تعين به ) أي بالتعيين لأن هذه الدراهم في الأصل سلعة وإنما صارت أثمانا بالاصطلاح فإذا تركوا المعاملة بها رجعت إلى أصلها
بحر
فيبطل العقد بهلاكها قبل التسليم هذا إذا كانا يعلمان بحالها ويعلم كل منهما أن الآخر يعلم فإن كانا لا يعلمان أو لا يعلم أحدهما أو يعلمان ولا يعلم كل أن الآخر يعلم فإن البيع يتعلق بالدراهم الرائجة في ذلك البلد لا بالمشار إليه من هذه الدراهم التي لا تروج
فتح
قوله ( إن علم علم البائع بحاله ) لأنه رضي بذلك وأدرج نفسه في البعض الذين يقبلونها فتح
قوله ( وإلا ) أي وإن كان لا يعلم بحال هذه الدراهم أو باعه بها على ظن أنها جياد تعلق حقه بالجياد لعدم الرضا بها
بحر
قوله ( بما يروج منه ) أي من الذي غلب غشه
قوله ( عملا بالعرف الخ ) الأولى ذكره بعد قوله فبكل منهما لأن المراد أن اعتبار الوزن أو العدد أو كل منهما مبني على ما هو المتعارف فيها من ذلك
قوله ( فيه ) أي فالبيع والاستقراض بالوزن
قوله ( وذهبه ) الأولى عطفه بأو
قوله ( فلم يجز إلا بالوزن ) بمنزلة الدراهم الرديئة لأن الفضة فيها موجودة حقيقة ولم تصر مغلوبة فيجب الاعتبار بالوزن شرعا
بحر
قوله ( إلا إذا أشار إليهما ) أي إلى المتساوي وغالب الفضة أي في المبايعة فيكون بيانا لقدرها ووصفها ولا يبطل البيع بهلاكها قبل القبض ويعطيه مثلها لكونها ثمنا لم تتعين
بحر
وأفاد أنه
____________________
(5/267)
في الاستقراض لا يجوز إلا وزنا وإن أشار إليها
قوله ( كما في الخلاصة ) أي كما لو أشار إلى الدراهم الخالصة من الغش و عبارة النهر كما لو أشار إلى الجياد ا هـ
أي فإنه يجوز البيع بما أشار إليه منها بلا وزن أيضا
قوله ( فيصح بالاعتبار المار ) أي إذا بيعت بجنسها بصرف الجنس إلى خلاف جنسه أي بأن يصرف ما في كل منهما من الغش إلى ما في الآخر من الفضة كما مر في الغالب غشه وظاهره جواز التفاضل هنا أيضا
لكن قال الزيلعي وفي الخانية إن كان نصفها صفرا ونصفها فضة لا يجوز التفاضل فظاهره أنه أراد به فيما إذا بيعت بجنسها وهو مخالف لما ذكر هنا ووجهه أن فضتها لما لم تصر مغلوبة جعلت كأن كلها فضة في حق الصرف احتياطا ا هـ
وأقره في البحر و النهر و المنح وظاهره اعتماد ما في الخانية
تأمل
وقال الزيلعي ولو باعها بالفضة الخالصة لا يجوز حتى تكون الخالصة أكثر مما فيه من الفضة لأنه لا غلبة لأحدهما على الآخر فيجب اعتبارهما فصار كما لو جمع بين فضة وقطعة نحاس فباعهما بمثلهما أو بفضة فقط ا هـ
وقوله لا غلبة لأحدهما لأي لواحد من الغش والفضة التي فيه المساوية له
قوله ( وهو نافق ) أي رائج من باب تعب
قوله ( فكسد ) من باب قتل أي لم ينفق لقلة الرغبات فيه مصباح
قوله ( ذلك ) أفاد به أن إفراد الضمير في كسد باعتبار المذكور وفيه أن العطف بأو والأولى فيه الإفراد ط قوله ( قبل التسليم للبائع ) قيد به لأنه لو قبضها ولو فضوليا فيه فكسدت لا يفسد البيع ولا شيء له
نهر
وسينبه عليه الشارح
وفي النهر أيضا وإن كان نقد بعض الثمن دون بعض فسد في الباقي
قوله ( بطل البيع ) أي ثبت للمشتري فسخه كما يأتي مع ما فيه ووجه بطلانه عند الإمام كما في الهداية أن الثمن يهلك بالكساد لأن الثمنية بالاصطلاح ولم يبق فبقي بيعا بلا ثمن فيبطل فإذا بطل يجب رد المبيع إن كان قائما وقيمته إن كان هالكا كما في البيع الفاسد ا هـ
قوله ( فإنه كالكساد ) كذا في البحر تبعا للزيلعي
وفي المضمرات لو انقطع ذلك فعليه من الذهب والضة قيمته في آخر يوم انقطع هو المختار
وفي الذخيرة الانقطاع كالكساد والأول أصح ا هـ
رملي عن المصنف
قوله ( وكذا حكم الدراهم ) كذا في البحر ولم أره لغيره
وقال محشيه الرملي أي الدراهم التي لم يغلب عليها الغش فاقتصار المصنف على غالب الغش والفلوس لغلبة الفساد فيهما دون الجيدة ا هـ
تأمل ملخصا
قلت لكن علمت أن بطلان البيع في كساد غالب الغش والفلوس معلل عند الإمام ببطلان الثمنية فبقي بيعا بلا ثمن ولا شك أن الجياد لا تبطل ثمنيتها بالكساد لأن ثمنيتها بأصل الخلقة كما صرحوا به لا بالاصطلاح فلا وجه لبطلانه عنده بكساد الجياد فالظاهر أن مراد البحر بالدراهم غالبة الغش لكنه مكرر بما في المتن
تأمل
ثم رأيت في الفتح قال ولأبي حنيفة أن الثمن يهلك بالكساد لأن مالية الفلوس والدراهم الغالبة الغش بالاصطلاح لا بالخلقة بخلاف النقدين فإن ماليتهما بالخلقة لا بالاصطلاح ا هـ
نعم يمكن أن يجاب بأن هذا في النقض الخالص والمغشوشة التي غلبت فضتها تخالفه لكن قد مر أنها كالخالصة لأن الفضة قلما تنطبع إلا بقليل غش
والحاصل أن ما ذكره في البحر وتبعه الشارح يحتاج إلى نقل صريح أو يحمل على ما قلنا أولا فتأمل وانظر ما قدمناه أول البيوع عند قوله وبثمن حال ومؤجل
قوله ( وصححاه بقيمة المبيع ) صوابه بقيمة الثمن
سائحاني
أو بقيمة
____________________
(5/268)
الهالك ط
قال في الفتح وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي وأحمد لا يبطل
ثم اختلفوا فقال أبو يوسف عليه قيمتها يوم البيع
قال في الذخيرة وعليه الفتوى لأنه مضمون بالبيع كقوله في المغصوب إذا هلك عليه قيمته يوم الغصب لأنه يوم تحقق السبب
وقال محمد عليه قيمتها آخر ما تعامل الناس بها وهو يوم الانقطاع لأنه أوان الانتقال إلى القيمة
وفي المحيط و التتمة و الحقائق به يفتى رفقا بالناس ا هـ
ونحوه في البحر
وبه تعلم ما في عبارة الشارح
قوله ( بل يتخير البائع لتعيبها ) قال في البحر وإن كانت تروج في بعض البلاد لا يبطل لكنصه تعيب إذا لم ترج في بلدهم فيتخير البائع إن شاء وأخذه وإن شاء قيمته ا هـ
ومفاده أن التخيير خاص بما إذا كان الكساد في بلد العقد
قوله ( خلافا لما في نسخ المصنف ) حيث قال في البيوت بدون عطف
قوله ( لو راجت ) أي بعد الكساد
قوله ( عاد جائزا ) الأولى أن يقول بقي على الصحة بدليل التعليل
أفاده ط
قوله ( أي ثبت للبائع ولاية فسخه ) هذا تفسير لمحذوف وهو مؤول وذلك المحذوف خبر المبتدأ وهو قول ثم إن ما ذكره مأخوذ من البحر استدلالا بعبارة البزازية والظاهر أن ما فيها مبني على قول البعض
ففي الفتح لو اشترى مائة فلس بدرهم فكسدت قبل القبض بطل البيع استحسانا لأن كسادها كهلاكها وهلاك المعقود عليه قبل القبض يبطل العقد
وقال بعض مشايخنا إنما يبطل العقد إذا اختار المشتري إبطاله فسخا لأن فسادها كعيب فيها والمعقود عليه إذا حدث به عيب قبل القبض ثبت للمشتري فيه الخيار والأول أظهر ا هـ
ومثله في غاية البيان
قوله ( لو انقضت قيمتها ) أي قيمة غالبة الغش ويعلم منه أنه لا يبطل في غالبة الفضة بالأولى
أفاده ط عن أبي السعود
قوله ( وعكسه ) لا حاجة إليه
قوله ( ويطالب بنقد ذلك العيار ) أي بدفع ذلك المقدار الذي جرى عليه العقد ولا ينظر إلى ما عرض بعده من الغلاء أو الرخص وهذا عزاه الشارح إلى الفتح ومثله في الكفاية والظاهر أنه المراد مما نقله في البحر عن الخانية والإسبيجابي من أنه يلزم المثل ولا ينظر إلى القيمة فمراده بالمثل المقدار
تأمل
وفيه عن البزازية و الذخيرة و الخلاصة عن المنتقى غلت الفلوس القرض أو رخصت فعند الإمام الأول والثاني أولا ليس عليه غيرها وقال الثاني ثانيا عليه قيمتها من الدراهم يوم البيع والقبض وعليه الفتوى أي يوم البيع في البيع ويوم القبض في القرض ومثله في النهر
فهذا ترجيح لخلاف ما مشى عليه الشارح ورجحه المصنف أيضا كما قدمناه في فصل القرض وعليه فلا فرق بين الكساد والرخص والغلاء في لزوم القيمة
قوله ( وكذا فضولي ) يعني غير دلال ولا حاجة إليه لأن الدلال إذا باع بغير إذن كان فضوليا ولعله زاده لأن الدلال في العادة يبيع بالإذن كما هو مقتضى اشتقاقه من الدلالة فإنه يدل البائع على المشتري أو بالعكس ليتوسط بينهما في البيع فزاد قوله أو فضولي ليناسب قول
____________________
(5/269)
المصنف بغير إذنه ويشير إلى أنه لا فرق بين كونه بالإذن أو لا ولذا قال في النهر قيدنا بعدم قبض البائع لأنه لو قبضها ولو فضوليا فكسدت لا يفسد البيع لا شيء
قوله ( عيني وغيره ) اعترض بأن عبارة الفتح و العيني و الخلاصة دلال باع متاع الغير بإذنه
قلت لكن الذي رأيته في الفتح عن الخلاصة كعبارة المصنف ولفظه وفي الخلاصة عن المحيط دلال باع متاع الغير بغير إذنه الخ
نعم الذي في العيني والبحر عن الخلاصة عن المحيط وكذا في متن المصنف مصلحا بإذنه وهو المناسب لقوله لا يفسد البيع ولقوله لأن حق القبض له وعلى ما في الفتح يكون المراد أن المالك أجاز البيع ليناسب ما ذكر
تأمل
قوله ( وإن لم تعين ) لأنها صارت أثمانا بالاصطلاح فجاز بها البيع ووجبت في الذمة كالنقدين ولا تتعين وإن عينها كالنقد إلا إذا قالا أردنا تعليق الحكم بعينها فحينئذ يتعلق بها بخلاف ما إذا باع فلسا بفلسين بأعيانهما حيث يتعين بلا تصريح لئلا يفسد البيع
بحر
وهو ملخص من كلام الزيلعي
قوله ( حتى يعينها ) لأنها مبيعة في هذه الحالة والمبيع لا بدأ أن يعين
نهر قوله ( كسلع ) عبارة البحر لأنها سلع
وفي المصباح السلعة البضاعة جمعها سلع كسدرة وسدر
قوله ( رد مثل أفلس القرض إذا كسدت ) أي رد مثلها عددا عند أبي حنيفة
بحر
وأما إذا استقرض دراهم غالبة الغش فكذلك في قياس قوله
قال أبو يوسف ولست أروي ذلك عنه ولكن لروايته في الفلوس
فتح
قال محشي مسكين وانظر حكم ما إذا اقترض من فضة خالصة أو غالبة أو مساوية للغش ثم كسدت هل هو على هذا الاختلاف أي بين الإمام وصاحبيه أو يجب رد المثل بالاتفاق ا هـ
قلت ويظهر لي الثاني لما قدمناه قريبا ولما يأتي قريبا عن الهداية ولم يذكر الانقطاع
والظاهر أن الكلام فيه كما مر في غالب الغش
تأمل
وفي حاشية مسكين أن تفييد الاختلاف في رد المثل أو القيمة بالكساد يشير إلى أنها إذا غلت أو رخصت وجب رد المثل بالاتفاق وقد مر نظيره فيما إذا اشترى بغالب الغش أو بفلوس نافقة ا هـ
قلت لكن قدمنا قريبا أن الفتوى على قول أبي يوسف
ثانيا أن عليه قيمتها من الدراهم فلا فرق بين الكساد والرخص والغلاء عنده
قوله ( وأوجب محمد قيمتها يوم الكساد ) وعند أبي يوسف يوم القبض
ووجه قول الإمام كما في الهداية أن القرض إعارة وموجبه رد العين معنى والثمنية فضل فيه
ولهما وجوب القيمة أنه لما بطل وصف الثمنية تعذر ردها كما قبض فيجب رد قيمتها كما إذا استقرض مثليا فانقطع ا هـ
وفي الشرنبلالية عن شرح المجمع محل الخلاف فيما إذا هلكت ثم كسدت أما لو كانت باقية عنده فإنه يرد عينها اتفاقا ا هـ
ومثله في الكفاية
قلت ومفاد التعليل المذكور يخالفه فتأمل
قوله ( وعليه الفتوى في بزازية ) وكذا في الخانية و الفتاوى الصغرى رفقا بالناس
بحر
وفي الفتح وقولهما أنظر للمقرض من قوله لأن في رد المثل إضرارا به وقول أبي يوسف أنظر له من قول محمد لأن قيمته يوم القرض أكثر منها يوم الانقطاع وقول محمد أنظر للمستقرض وقول أبي يوسف
____________________
(5/270)
أيسر لأن القيمة يوم القبض معلومة لا يختلف فيها ويوم الانقطاع يعسر ضبطه فكان قول أبي يوسف أيسر في ذلك ا هـ
ومثله في الكفاية
قوله ( وفي النهر الخ ) أصله لصاحب الفتح
قوله ( في اختيار قولهما ) أي بوجوب القيمة
قوله ( اشترى بنصف درهم فلوس ) الظاهر أنه يجوز في درهم عدم التنوين مضافا إلى فلوس على معنى من كإضافة خاتم حديد والتنوين مع رفع فلوس على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو فلوس ويدل عليه قوله بعده أو بدرهين فلوس فإنه لو كان مضافا وجب حذف نون التثنية أو جر فلوس على أنه بدل أو عطف بيان ويجوز نصبه على التمييز
قوله ( مثلا ) الأولى حذفه للاستغناء عنه بقول المصنف بعد وكذا بثلث درهم أو ربعه وإن كان راجعا إلى قوله درهم فهو مستغنى عنه بقوله وكذا لو اشترى بدرهم فلوس الخ ط
قلت ولعله أشار إلى لفظ دينار كذلك
قوله ( للعلم به الخ ) جواب عن قول زفر إنه لا يصح لأنه اشترى بالفلوس وهي تقدر بالعدد لا بالدرهم والدانق لأنه موزون فذكره لا يغني عن العد فبقي الثمن مجهولا
والجواب أنه لما ذكر الدرهم ثم وصفه بأنه فلوس وهو لا يمكن علم أن المراد ما يباع به من الفلوس وهو معلوم فأغنى عن ذكر العدد فلم تلزم جهالة الثمن كما أوضحه في الفتح
قوله ( جاز عند الثاني الخ ) قال في البحر قيد بما دون الدرهم لأنه لو اشترى بدرهم فلوس أو بدرهمين فلوس لا يجوز عند محمد لعدم العرف
وجوزه أبو يوسف في الكل للعرف وهو الأصح كذا في الكافي و المجتبى ا هـ
فافهم
قوله ( بالنصب صفة نصف ) تبع في ذلك النهر
وفيه أن فلوسا اسم جامد غير مؤول فالمناسب أنه تمييز للعدد أو عطف بيان
قوله ( من الفضة صغيرا ) الأولى أن يقول كما في النهاية وغيرها أي درهما صغيرا يساوي نصفا إلا حبة وبه تظهر المقابلة لقوله كبيرا
و عبارة الدرر أي ما ضرب من الفضة على وزن نصف درهم ا هـ
قلت والأولى أن يقول على وزن نصف درهم إلا حبة لأن العادة ما يضرب من أنصاف الدرهم أو أرباعه نقص مجموعها عن الدرهم الكامل
قوله ( بمثله ) أي مبيعا بمثله من الدرهم الكبير
قوله ( ولو كرر لفظ نصف ) بأن قال أعطني بنصفه فلوسا وبنصفه نصفا إلا حبة فعندهما جاز البيع في الفلوس وبطل فيما بقي من النصف الآخر لأنه ربا وعلى قياس قول الإمام بطل في الكل لأن الصفقة متحدة والفساد قوي مقارن للعقد ولو كرر لفظ الإعضاء بأن قال وأعطني بنصفه نصفا إلا حبة اختص الفساد بالنصف الآخر اتفاقا لأنهما بيعان لتعدد الصفقة وهذا هو المختار وتمامه في الفتح
والحاصل أنه في صورة المتن صح البيع اتفاقا وفي صورة الشرح فسد في الكل عنده وفي الفضة فقط عندهما وفي الآخر جاز في الفلوس فقط كما في البحر قال ولم يذكر المصنف القبض قبل الافتراق للعلم به مما قدمه
____________________
(5/271)
وحاصله إن تفرقا قبل القبض فسد في النصف إلا حبة لكونه صرفا لا في الفلوس لأنها بيع فيكفي قبض أحد البدلين ولو لم يعطه الدراهم ولم يأخذ الفلوس حتى افترقا بطل في الكل للافتراق عن دين بدين ا هـ
قوله ( وبما تقرر ) أي في أول البيوع إلى هاهناقوله ( مبيع بكل حال ) أي قوبل بجنسه أو لا دخلت عليه الهاء أو لا
مطلب في بيان ما يكون مبيعا وما يكون ثمنا وقد يقال في كل من السلعتين مبيع من وجه وثمن من وجه ط
قلت المراد بالثمن هنا ما يثبت دينا في الذمة وهذا ليس كذلك
قوله ( كالمثليات ) أي غير النقدين وهي المكيل والموزون والعددي المتقارب
قوله ( فإن اتصل بها الباء فثمن ) هذا إذا كانت غير متعينة ولم تقابل بأحد النقدين كبعتك هذا العبد بكر حنطة أما لو كانت متعينة وقوبلت بنقد فهي مبيعة كما في درر البحار أول البيوع
وفي الشرنبلالية في فصل التصرف في المبيع معزيا للفتح لو قوبلت بالأعيان وهي معينة فثمن ا هـ أي كبعتك هذا العبد بهذا الكر أو هذا الكر بهذا العبد لأنه لم يقيده بدخول الباء عليها
وفي الفتح هنا وإن لم تعين أي المثليات فإن صحبها حرف الباء وقابلها مبيع فهي ثمن أي وإن لم يصحبها حرف الباء ولم يقابلها ثمن فهي مبيعة وهذا لأن الثمن ما يثبت في الذمة دينا عند المقابلة ا هـ فالأول كما مثلنا والثاني كقولك اشتريت منك كر حنطة بهذا العبد فيكون الكر مبيعا ويشترط له شرائط السلم
قوله ( وإلا فمبيع ) أي وإن لم يصحبها الباء فهي مبيع وهذا إذا لم يقابلها ثمن وهي غير متعينة كما علمته من كلام الفتح وتكون سلما كما قلنا وكذا لو قابلها ثمن بالأولى كاشتريت منك كر حنطة بمائة درهم وكذا لو كانت متعينة وقوبلت بثمن كما علمته من عبارة درر البحار
والحاصل أن المثليات تكون ثمنا إذا دخلتها الباء ولم تقابل بثمن أي بأحد النقدين سواء تعينت أولا وكذا إذا لم تدخلها الباء ولم تقابل بثمن وتعينت وتكون مبيعا إذا قوبلت بثمن مطلقا أي سواء دخلتها الباء أو لا تعينت أولا وكذا إذا لم تقابل بثمن ولم يصحبها الباء ولم تعين كبعتك كر حنطة بهذا العبد كما علم من عبارة الفتح الثانية
قوله ( وأما الفلوس الرائجة ) يستفاد من البحر أنها قسم رابع حيث قال وثمن بالاصطلاح وهو سلعة في الأصل كالفلوس فإن كانت رائجة فهي ثمن وإلا فسلعة ا هـ ط
قوله ( ويصح الاستبدال به في غير الصرف والسلم ) الأولى أن يقول ويصح التصرف به قبل قبضه في غير الصرف والسلم لأن الاستبدال يصح في بدل الصرف لأنه لا يتعين بالتعيين فلو تبايعا دراهم بدينار جاز أن يمسكا ما أشارا إليه في العقد ويؤديا بدله قبل الافتراق
____________________
(5/272)
بخلاف التصرف به ببيع ونحوه قبل قبضه كما مر في بابه وأوضحنا ذلك في باب السلم فراجعه
قال في الشرنبلالية في باب التصرف في المبيع قوله جاز التصرف في الثمن قبل قبضه يستثنى منه بدل الصرف والسلم لأنه للمقبوض من رأس المال السلم حكم عين المبيع والاستبدال بالمبيع قبل قبضه لا يجوز وكذا في الصرف
ويصح التصرف في القرض قبل قبضه على الصحيح والمراد بالتصرف نحو البيع والهبة والإجارة والوصية وسائر الديون كالثمن ا هـ
قوله ( وهكذا ) أي وتقول هكذا في عكس باقي الأحكام المذكورة في الثمن بأن تقول ويبطل البيع بهلاكه ولا يصح الاستبدال به
قوله ( ومن حكمهما ) أي حكم الثمن والمبيع
قوله ( كما تقرر ) أي في باب الربا
قوله ( تذنيب ) شبه هذه المسائل التي ذكرها في آخر كتاب البيوع بذنب الحيوان المتصل بعجزه وجعل ذكرها في آخره بمنزلة تعليق الذنب في عجز الحيوان وفيه استعارة لا تخفى
مطلب في بيع العينة قوله ( في بيع العينة ) اختلف المشايخ في تفسير العينة التي ورد النهي عنها
قال بعضهم تفسيرها أن يأتي الرجل المحتاج إلى آخر ويستقرضه عشرة دراهم ولا يرغب المقرض في الإقراض طمعا في فضل لا يناله بالقرض فيقول لا أقرضك ولكن أبيعك هذا الثوب إن شئت باثني عشر درهما وقيمته في السوق عشرة ليبيعه في السوق بعشرة فيرضى به المستقرض فيبيعه كذلك فيحصل لرب الثوب درهمان وللمشتري قرض عشرة
وقال بعضهم هي أن يدخلا بينهما ثالثا فيبيع المقرض ثوبه من المستقرض باثني عشر درهما ويسلمه إليه ثم يبيعه المستقرض من الثالث بعشرة ويسلمه إليه ثم يبيعه الثالث من صاحبه وهو المقرض بعشرة ويسلمه إليه ويأخذ منه العشرة ويدفعها للمستقرض فيحصل للمستقرض عشرة ولصاحب الثوب عليه اثنا عشر درهما كذا في المحيط
وعن أبي يوسف العينة جائزة مأجور من عمل بها كذا في مختار الفتاوى
هندية
وقال محمد هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال ذميم اخترعه أكلة الربا
وقال عليه الصلاة والسلام إذا تبايعتم بالعين واتبعتم أذناب البقر ذللتم وظهر عليكم عدوكم
قال في الفتح ولا كراهة فيه إلا خلاف الأولى لما فيه من الإعراض عن مبرة القرض ا هـ ط
ملخصا
قوله ( ويأتي متنا في الكفالة ) وإنما نبه على ذكره هنا لأنه من أقسام البيوعات ونبه على أن بيانه سيأتي في الكفالة
مطلب في بيع التلجئة قوله ( وبيع التلجئة ) هي ما ألجىء إليه الإنسان بغير اختياره وذلك أن يخاف الرجل السلطان فيقول لآخر أني أظهر أني بعت داري مك وليس ببيع في الحقيقة وإنما هو تلجئة ويشهد على ذلك
مغرب
قوله ( بل كالهزل ) أي في حق الأحكام والهزل كما في المنار هو أن يراد بالشيء ما لم يوضع له ولا ما يصلح اللفظ له استعارة وهو ضد الجد وهو أن يراد ما وضع له أو ما صلح له وأنه ينافي اختيار الحكم والرضا به ولا ينافي الرضا بالمباشرة واختيار المباشرة فصار بمعنى خيار الشرط في البيع وشرطه أن يكون صريحا مشروطا باللسان أي بأن
____________________
(5/273)
يقول إن أبيع هازلا إلا أنه لا يشترط ذكره في العقد بخلاف خيار الشرط ا هـ
فالهزل أعم من التلجئة لأنه يجوز أن لا يكون مضطرا إليه وأن يكون سابقا ومقارنا والتلجئة إنما تكون عن اضطرار ولا تكون مقارنة كذا قيل والأظهر أنهما سواء في الاصطلاح كما قال فخر الإسلام التلجئة هي الهزل كذا في جامع الأسرار على المنار للكاكي
ثم اعلم أن التلجئة تكون في الإنشاء وفي الإخبار كالإقرار وفي الاعتقاد كالردة
والأول قسمان ما يحتمل الفسخ وما لا كالطلاق والعتاق وقد بسط ذلك كله في المنار والغرض الآن بيان الإنشاء المحتمل للفسخ كالبيع وهو ثلاثة أقسام لأنه إما أن يكون الهزل في أصل العقد أو في قدر الثمن أو جنسه
قال في المنار فإن تواضعا على الهزل بأصل البيع واتفقا على البناء أي بناء العقد على المواضعة يفسد البيع لعدم الرضا بالحكم كالبيع بشرط الخيار المؤبد أي فلا يملك بالقبض وإن اتفقا على الإعراض أي بأن قالا بعد البيع قد أعرضنا وقت البيع عن الهزل إلى الجد فالبيع صحيح والهزل باطل
وإن اتفقا على أنه لم يحضرهما شيء عند البيع من البناء والإعراض أو اختلفا في البناء على المواضعة والإعراض عنها فالعقد صحيح عنده في الحالين خلافا لهما فجعل صحة الإيجاب أولى لأنهما الأصل وهما اعتبرا المواضعة إلا أن يوجد ما يناقضها أي كما إذا اتفقا على البناء وإن كان ذلك أي المواضعة في القدر أي بأن اتفقا على الجد في العقد بألف لكنهما تواضعا على البيع بألفين على أن أحدهما هزل فإن اتفقا على الإعراض عن المواضعة كان الثمن ألفين لبطلان الهزل بإعراضهما وإن اتفقا على أنه لم يحضرهما شيء من البناء والمواضعة أو اختلفا فالهزل باطل والتسمية للألفين صحيحة عنده وعندهما العمل بالمواضعة واجب والألف الذي هزلا به باطل لما مر أن الأصل عنده الجد وعندهما المواضعة وإن اتفقا على البناء على المواضعة فالثمن ألفان عنده وإن كان ذلك الهزل في الجنس أي جنس الثمن بأن تواضعا على مائة دينار وإنما الثمن مائة درهم أو بالعكس فالبيع جائز بالمسمى في العقد على كل حال بالإتفاق أي سواء اتفقا على البناء أو على الإعراض أو على عدم حضور شيء منهما أو اختلفا فيهما ا هـ موضحا من شرح الشارح عليه
ومن حواشينا على شرحه المسماة بنسمات الأسحار على إفاضة الأنوار وتمام بيان ذلك مبسوط فيها
قوله ( أن الأقسام ثمانية وسبعون ) قال في التلويح لأن المتعاقدين إما أن يتفقا أو يختلفا فإن اتفقا فالاتفاق إما على إعراضهما وإما على بنائهما وإما علىء ذهولهما وإما على بناء أحدهما وإعراض الآخر أو ذهوله وإما على إعراض أحدهما وذهول الآخر فصور الاتفاق ستة وإن اختلفا فدعوى أحد المتعاقدين تكون إما إعراضهما وإما بناءهما وإما ذهولهما وإما بناؤه مع إعراض الآخر أو ذهوله وإما إعراضه مع بناء الآخر أو ذهوله وإما ذهوله مع بناء الآخر أو إعراضه تصير تسعة وعلى كل تقدير من التقادير التسعة يكون اختلاف الخصم بأن يدعي إحدى الصور الثمانية الباقية فتصير أقسام الاختلاف اثنين وسبعين من ضرب التسعة في الثمانية ا هـ
وهي مع الست صور الاتفاق ثمانية وسبعون
قلت وقد أوصلتها في حاشيتي على شرح المنار للشارح إلى سبعمائة وثمانين ولم أر من أوصلها إلى ذلك فراجعها هناك وامنحني بدعاك
قوله ( ملخصه أنه بيع منعقد غير لازم ) لم يصرح في الخانية بذلك وإنما ذكر أن التلجئة على ثلاثة أوجه كما قدمناه
ثم قال في الأول وهو ما إذا كانت في نفس العقد لو تصادقا على المواضعة
____________________
(5/274)
فالبيع باطل وعنه في رواية أنه جائز ولو تصادقا أن البيع كان تلجئة ثم أجازاه صحت الإجازة كما لو تبايعا هزلا ثم جعلاه جدا يصير جدا وإن إجاز أحدهما لا يصح
وفي بيع التلجئة إذا قبض المشتري العبد المشتري وأعتقه لا يجوز إعتاقه وليس هذا كبيع المكره لأن بيع التلجئة هزل وذكر في الأصل أن بيع الهازل باطل أما بيع المكره ففاسد ا هـ ملخصا
ولعل الشارح فهم أنه منقعد غير لازم من قوله ثم أجازاه صحت الإجازة لكن ينافيه التصريح بأنه باطل فإن أريد بالباطل الفاسد نافاه التصريح بأنه إذا قبض العبد لا يصح إعتاقه أي لأنه لا يملك بالقبض كما مر مع أن الفاسد يملك به
وقد يقال إن صحة الإجازة مبنية على أنها تكون بيعا جديدا فلا تنافي كونه باطلا وحينئذ فلا يصح قوله إنه بيع منعقد غير لازم إلا أن يجاب بأن قوله باطل بمعنى أنه قابل للبطلان عند عدم الإجازة والأحسن ما أجبنا به في أول البيوع من أنه فاسد كما صرح به الأصوليون لأن الباطل ما ليس منعقدا أصلا وهذا منعقد بأصله لأنه مبادلة مال بمال دون وصفه لعدم الرضا بحكمه كالبيع بشرط الخيار أبدا ولذا لم يملك بالقبض وليس كل فاسد يملك بالقبض كما لو اشترى الأب شيئا من ماله لطفله أو باعه له كذلك فاسدا لا يملكه بالقبض حتى يستعمله كما في المحيط وقدمنا هناك تمام الكلام على ذلك والله تعالى هو الموفق للصواب
قوله ( ولو ادعى أحدهما الخ ) هذا أيضا مذكور في الخانية سوى قوله ولو لم تحضرهما نية الخ
قوله ( فالقول لمدعي الجد ) لأنه الأصل
قوله ( ولو برهن أحدهما قبل ) الأظهر قول الخانية ولو برهن مدعي التلجئة قبل لأن مدعي الجد لا يحتاج إلى برهان كما علمت لأن البرهان يثبت خلاف الظاهر
قوله ( فالتلجئة ) أي لأنها خلاف الظاهر
قوله ( فالبيع باطل ) أي فاسد كما علمت فإن نقضه أحدهما انتقض لا إن أجازه أي بل يتوقف على إجازتهما جميعا لأنه كخيار الشرط لهما وإن أجازه جاز بقيد كونها في ثلاثة أيام عنده ومطلقا عندهما كذا في التحرير
قوله ( وإلا ) بأن اتفقا بعد البيع على أنهما أعرضا وقته عن المواضعة
قوله ( ولو لم تحضرهما نية فباطل الخ ) مثله في المؤيدية عن الغنية حيث قال وإن تصادقا على أنهما لم تحضرهما نية عند العقد ففي ظاهر الجواب البيع باطل
وروى المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أن البيع صحيح ا هـ
والأول قولهما كما مر عن المنار ورجحه أيضا المحقق ابن الهمام في التحرير وأقره تلميذه ابن أمير حاج في شرحه وجعل المحقق مثله ما إذا اختلفا في الإعراض والبناء أي بأن قال أحدهما بنينا العقد على المواضعة وقال الآخر على الجد فلا يصح أيضا عندهما
ثم قال ولو قال أحدهما أعرضت والآخر لم يحضرني شيء أو بنى أحدهما وقال الآخر لم يحضرني شيء فعل أصله عدم الحضور كالإعراض أي فيصح وعلى أصلهما كالبناء أي فلا يصح
قوله ( ومفاده الخ ) أي مفاد قوله وإلا فلازم لكن إنما يتم هذا المفاد إذا قصدا إخلاء العقد عن شرط الوفاء
أما لو لم تحضرهما نية فقد علمت أنه باطل وهذا المفاد صرح به في جامع الفصولين حيث قال لو شرطا التلجئة في البيع فسد البيع ولو تواضعا قبل البيع ثم تبايعا بلا ذكر شرط فيه جاز البيع عند أبي حنيفة إلا إذا تصادقا أنهما تبايعا على تلك المواضعة
وكذا لو تواضعا الوفاء قبل البيع ثم عقدا بلا شرط الوفاء فالعقد جائز
____________________
(5/275)
ولا عبرة للمواضعة السابقة ا هـ
وفي البزازية وإن شرطا الوفاء ثم عقاد مطلقا إن لم يقرا بالبناء على الأول فالعقد جائز ولا عبرة بالسابق كما في التلجئة عند الإمام وقوله فالعقد جائز أي بناء على قول أبي حنيفة المذكور ولا يخفى أن الشارح مشى على خلافه وعليه فالمناسب أن يقول فالعقد غير جائز
قوله ( ذكرته هنا تبعا للدرر ) وذكره في البحر في باب خيار الشرط وذكر فيه ثمانية أقوال وعقد له في جامع الفصولين فصلا مستقلا هو الفصل الثامن عشر وذكره في البزازية في الباب الرابع في البيع الفاسد وذكر فيه تسعة أقوال وكتب عليه أكثر من نصف كراسة
مطلب في بيع الوفاء ووجه تسميته بيع الوفاء أن فيه عهدا بالوفاء من المشتري بأن يرد المبيع على البائع حين رد الثمن وبعض الفقهاء يسميه البيع الجائز ولعله مبني على أنه بيع صحيح لحاجة التخلص من الربا حتى يسوغ للمشتري أكل ريعه وبعضهم يسميه بيع المعاملة
ووجهه أن المعاملة ربح الدين وهذا يشتريه الدائن لينتفع به بمقابلة دينه
قوله ( وصورته الخ ) كذا في العناية
وفي الكفاية عن المحيط هو أن يقول البائع للمشتري بعت منك هذا العين بما لك علي من الدين على أني متى قضيته فهو لي ا هـ
وفي حاشية الفصولين عن جواهر الفتاوى هو أن يقول بعت منك على أن تبيعه مني متى جئت بالثمن فهذا البيع باطل وهو رهن وحكمه حكم الرهن وهو الصحيح ا هـ
فعلم أنه لا فرق بين قوله على أن ترده علي أو على أن تبيعه مني
قوله ( بيع الأمانة ) وجهه أنه أمانة عند المشتري بناء على أنه رهن أي كالأمانة
قوله ( بيع الإطاعة ) كذا في عامة النسخ وفي بعضها بيع الطاعة وهو المشهور الآن في بلادنا
وفي المصباح أطاعه إطاعة أي انقاد له وأطاعه طوعا من باب قال لغة وانطاع له انقاد
قالوا ولا تكون الطاعة إلا عن أمر كما أن الجواب لا يكون إلا عن قول يقال أمره فأطاع ا هـ
ووجهه حينئذ أن الدائن يأمر المدين ببيع داره مثلا بالدين فيطيعه فصار معناه بيع الانقياد قوله ( قيل هو رهن ) قدمنا آنفا عن جواهر الفتاوى أنه الصحيح
قال في الخيرية والذي عليه الأكثر أنه رهن لا يفترق عن الرهن في حكم من الأحكام
قال السيد الإمام قلت للإمام الحسن الماتريدي قد فشا هذا البيع بين الناس
وفيه مفسدة عظيمة وفتواك أنه رهن وأنا أيضا على ذلك فالصواب أن نجمع الأئمة ونتفق على هذا ونظهره بين الناس فقال المعتبر اليوم فتوانا وقد ظهر ذلك بين الناس فمن خالفنا فليبرز نفسه وليقم دليله ا هـ
قلت وبه صدر في جامع الفصولين فقال رامزا لفتاوي النسفي البيع الذي تعارفه أهل زماننا احتيالا للربا وسموه بيع الوفاء هو رهن في الحقيقة لا يملكه ولا ينتفع به إلا بإذن مالكه وهو ضامن لما أكل من ثمره وأتلف من شجرة ويسقط الدين بهلاكه لو بقي ولا يضمن الزيادة وللبائع استرداده إذا قضى دينه لا فرق عندنا بينه وبين الرهن في حكم من الأحكام ا هـ
ثم نقل ما مر عن السيد الإمام
وفي جامع الفصولين ولو بيع كرم بجنب هذا الكرم فالشفعة للبائع لا للمشتري لأن بيع المعاملة وبيع التلجئة حكمهما حكم الرهن وللراهن حق الشفعة وإن كان في يد المرتهن ا هـ
قوله ( وقيل بيع يفيد الانتفاع به )
____________________
(5/276)
هذا محتمل لأحد قولين الأول أنه بيع صحيح مفيد لبعض أحكامه من حل الانتفاع به إلا أنه لا يملك بيعه
قال الزيلعي في الإكراه وعليه الفتوى
الثاني القول الجامع لبعض المحققين أنه فاسد في حق بعض الأحكام حتى ملك كل منهما الفسخ صحيح في حق بعض الأحكام كحل الإنزال ومنافع المبيع ورهن في حق البعض حتى لم يملك المشتري بيعه من آخر ولا رهنه وسقط الدين بهلاكه فهو مركب من العقود الثلاثة كالزرافة فيها صفة البعير والبقر والنمر جوز لحاجة الناس إليه بشرط سلامه البدلين لصاحبهما
قال في البحر وينبغي أن لا يعدل في الإفتاء عن القول الجامع
وفي النهر والعمل في ديارنا على ما رجحه الزيلعي
قوله ( لم يكن رهنا ) لأن كلا منهما عقد مستقل شرعا لكل منهما أحكام مستقلة ا هـ درر ط
قوله ( ثم إن ذكرا الفسخ فيه ) أي شرطاه فيه وبه عبر في الدرر ط
وكذا في البزازية
قوله ( أو قبله ) الذي في الدرر بدل هذا أو تلفظا بلفظ البيع بشرط الوفاء ا هـ ط
ومثله في البزازية
قوله ( جاز ) مقتضاه أنه بيع صحيح بقرينة مقابلته لقوله كان بيعا فاسدا والظاهر أنه مبني على قولهما بأن ذكر الشرط الفاسد بعد العقد لا يفسد العقد فلا ينافي ما بعده عن الظهيرية
قوله ( ولزم الوفاء به ) ظاهره أنه لا يلزم الورثة بعد موته كما أفتى به ابن الشلبي معللا بانقطاع حكم الشرط بموته لأنه بيع فيه إقالة وشرطها بقاء المتعاقدين ولأنه بمنزلة خيار الشرط وهو لا يورث ا هـ
قلت وهذا ظاهر على هذا القول بأنه بيع صحيح لا يفسده الشرط اللاحق فلا ينافي ما يأتي عن الشرنبلالية
هذا وفي الخيرية فيما لو أطلق البيع ولم يذكر الوفاء إلا أنه عهد إلى البائع أنه إن أوفى مثل الثمن يفسخ البيع معه
أجاب هذه المسألة اختلف فيها مشايخنا على أقوال
ونص في الحاوي الزاهدي أن الفتوى في ذلك أن البيع إذا أطلق ولم يذكر فيه الوفاء إلا أن المشتري عهد إلى البائع أنه إن أوفى مثل ثمنه فإنه يفسخ معه البيع يكون باتا حيث كان الثمن ثمن المثل أو بغبن يسير ا هـ
وبه أفتى في الحامدية أيضا
فلو كان بغبن فاحش مع علم البائع به فهو رهن وكذا لو وضع المشتري على أصل المال ربحا
أما لو كان بمثل الثمن أو بغبن يسير بلا وضع ربح فبات لأنا إنما نجعله رهنا بظاهر حاله أنه لا يقصد البات عالما بالغبن أو مع وضع الربح
أفاده في البزازية وذكر أنه مختار أئمة خوارزم وذكر في موضع آخر أنه لو آجره من البائع قال صاحب الهداية الإقدام على الإجارة بعد البيع دل على أنهما قصدا بالبيع الرهن لا البيع فلا يحل للمشتري الانتفاع به ا هـ
واعترضه في نور العين بأن دلالة ذلك على قصد حقيقة البيع أظهر
قلت وفيه نظر فإن العادة الفاشية قاضية بقصد الوفاء كما في وضع الربح على الثمن ولا سيما إذا كانت الإجارة من البائع مع الربح أو نقص الثمن
قوله ( لأن المواعيد قد تكون لازمة ) قال في البزازية في أول كتاب الكفالة إذ كفل معلقا بأن قال إن لم يؤد فلان فأنا أدفعه إليك ونحوه يكون كفالة لما علم أن المواعيد باكتساء صور التعليق تكون لازمة فإن قوله أنا أحج لا يلزم به شيء ولو علق وقال إن دخلت الدار فأنا أحج يلزم الحج
قوله ( بزيادة وفي الظهيرية الخ ) يعني أن ابن ملك أقره أيضا وزاد عليه قوله وفي الظهيرية الخ أي مقترنا بهذه
____________________
(5/277)
الزيادة فلفظ زيادة مصدر وما بعده جملة أريد بها لفظها في محل نصب مفعول المصدر
قوله ( يلتحق بالعقد عند أبي حنيفة ) أي فيصير بيع الوفاء كأنه شرط في العقد فيأتي فيه الخلاف أنه رهن أو بيع فاسد أو بيع صحيح في بعض الأحكام وقدمنا في البيع الفاسد ترجيح قولهما بعدم التحاق الشرط المتأخر عن العقد به
قوله ( ولم يذكر أنه في مجلس العقد أو بعده ) أي فيفهم أنه لا يشترط له المجلس
وفي جامع الفصولين اختلف فيه المشايخ والصحيح أنه لا يشترط ا هـ
ومثله في البزازية
قوله ( ولو باعه ) أي البائع وقوله توقف الخ أي على القول بأنه رهن وهل يتوقف على بقية الأقوال المارة محل تردد
قوله ( فللبائع أو ورثته حق الاسترداد ) أي على القول بأنه رهن وكذا على القولين القائلين بأنه بيع يفيد الانتفاع به فإنه لا يملك بيعه كما قدمناه
قوله ( وأفاده في الشرنبلالية الخ ) ذكره بحثا وقوله نظرا لجانب الرهن يفيد أنه لا يخالف ما قدمناه عن ابن الشلبي فافهم
وهذا البحث مصرح به في البزازية حيث قال في القول الأول إنه رهن حقيقة
باع كرمه وفاء من آخر وباعه المشتري بعد قبضه من آخر باتا وسلمه وغاب فللبائع الأول استرداده من الثاني لأن حق الحبس وإن كان للمرتهن لكن يد الثاني مبطلة فللمالك أخذ ملكه من المبطل فإذا حضر المرتهن أعاد يده فيه حتى يأخذ دينه وكذا إذا مات البائع والمشتري الأول والثاني فلورثة البائع الأول الأخذ من ورثة المشتري الثاني ولورثة المرتهن إعادة يدهم إلى قبض دينه ا هـ
قوله ( لا يلزم الأجر الخ ) أفتى به في الحامدية تبعا للخيرية فإنه قال في الخيرية ولا تصح الإجارة المذكورة ولا تجب فيها الأجرة على المفتى به سواء كانت بعد قبض المشتري الدار أم قبله
مطلب باع داره وفاء ثم استأجر قال في النهاية سئل القاضي الإمام الحسن الماتريدي عمن باع داره من آخر بثمن معلوم بيع الوفاء وتقابضا ثم استأجرها من المشتري مع شرائط صحة الإجارة وقبضها ومضت المدة هل يلزمه الأجر فقال لا لأنه عندنا رهن والراهن إذا استأجر الرهن من المرتهن لا يجب الأجر ا هـ
وفي البزازية فإن آجر المبيع وفاء من البائع فمن جعله فاسدا قال لا تصح الإجارة ولا يجب شيء ومن جعله رهنا كذلك ومن أجازه جوز الإجارة من البائع وغيره وأوجب الأجرة وإن آجره من البائع قبل القبض
أجاب صاحب الهداية أنه لا يصح واستدل بما لو آجر عبدا اشتراه قبل قبضه أنه لا تجب الأجرة وهذا في البات فما ظنك بالجائز ا هـ
فعلم به أن الإجارة قبل التقابض لا تصح على قول من الأقوال الثلاثة ا هـ ما في الخيرية
وفيها أيضا وأما إذا آجره المشتري وفاء بإذن البائع فهو كإذن الراهن للمرتهن بذلك
وحكمه أن الأجرة للراهن وإن كان بغير إذنه يتصدق بها أو يردها على الراهن المذكور وهو أولى صرح به علماؤنا ا هـ
قلت وإذا آجره بإذنه يبطل الرهن كما ذكره في حاشيته على الفصولين
قوله ( ولو للبناء وحده ) أي ولو كان البيع وفاء للبناء وحده كالقائم في الأرض المحتكرة
قوله ( فهي صحيحة ) أي بناء على القول بجواز البيع كما علمت فإنه
____________________
(5/278)
يملك الانتفاع به وقد علمت ترجيح القول بأنه رهن وأنه لا تصح إجارته ما البائع
قوله ( لازمة للبائع ) اللام بمعنى على أي على البائع أو للتقوية لكون العامل اسم فاعل فهي زائدة
قوله ( وعليه ) أي على القول بصحة الإجارة
قوله ( بلزوم أجر المثل ) هذا مشكل فإن من آجر ملكه مدة ثم انقضت وبقي المستأجر ساكنا لا يلزمه أجرة إلا إذا طالبه الملاك بالأجرة فإذا سكن بعد المطالبة يكون قبولا للاستئجار كما ذكروه في محله وهذا في الملك الحقيقي فما ظنك في المبيع وفاء مع كون المستأجر هو البائع
نعم قالوا بلزوم الأجرة في الوقف ومال اليتيم والمعد للاستغلال ولعل ما ذكره مبني على أنه صار معدا للاستغلال بذلك الإيجار كما يشير إليه قوله ويسمونه بيع الاستغلال وفيه نظر فليتأمل
وعلى كل فهذا مبني على خلاف الراجح كما علمت
قوله ( واختلف في المنقول ) قال في البزازية بعد كلام ولهذا لم يصح بيع الوفاء في المنقول وصح في العقار باستحسان بعض المتأخرين
ثم قال في موضع آخر وفي النوازل جوز الوفاء في المنقول أيضا ا هـ
والظاهر أن الخلاف فيه على القول بجواز البيع كما يفيده قوله وصح في العقار الخ أما على القول بأنه رهن فينبغي عدم الخلاف في صحته
قوله ( القول لمدعي الجد والبتات ) لأنه الأصل في العقود
قوله ( إلا بقرينة ) هي ما يأتي من نقصان الثمن كثيرا
قوله ( أن القول لمدعي الوفاء ) في جامع الفصولين برمز شيخ الإسلام برهان الدين ادعى البائع وفاء والمشتري باتا أو عكسا فالقول لمدعي البات وكنت أفتي في الابتداء أن القول لمدعي الوفاء وله وجه حسن إلا أن أئمة بخارى هكذا أجابوا فوافقتهم ا هـ
وفي حاشيته للرملي بعد كلام نقله عن الخانية وغيرها قال فظهر به وبقوله كنت أفتي الخ أن المعتمد في المذهب أن القول لمدعي البات منهما وأن البينة بينة مدعي الوفاء منهما
مطلب قاضيخان من أهل التصحيح والترجيح وقد ذكر المسألة في جواهر الفتاوى وذكر فيها اختلافا كثيرا واختلاف تصحيح ولكن عليك بما في الخانية فإن قاضيخان من أهل التصحيح والترجيح ا هـ
وبهذا أفتى في الخيرية أيضا
قلت لكن قوله هنا استحسانا يقتضي ترجيح مدعي الوفاء فينبغي تقييده بقام القرينة ثم راجعت عبارة الملتقط فرأيته ذكر الاستحسان في مسألة الاختلاف في البينة فإنه قال في الشهادات وإن ادعى أحدهما بيعا باتا والآخر بيع الوفاء وأقاما البينة كانوا يفتون أن البات أولى ثم أفتوا أن بيع الوفاء أولى وهذا استحسان ا هـ
ولا يخفى أن كلام الشارح في الاختلاف في القول مع أنه في الملتقط قال في البيوع ولو قال المشتري اشتريته باتا وقال البائع بعته بيع الوفاء فالقول قول من يدعي البتات وكان يفتي فيما مضى أن القول قول الآخر وهو القياس ا هـ
فتحصل من عبارتي الملتقط أن الاستحسان في الاختلاف في البينة ترجيح بينة الوفاء وفي الاختلاف في القول ترجيح قول مدعي البتات وهذا الذي حرره الرملي فيما مر فتدبر
وبه ظهر أن ما ذكره الشارح سبق قلم فافهم
قوله ( ولو قال البائع الخ ) هذه العبارة بعينها ذكرها في الملقط عقب عبارته التي ذكرناها عنه في البيوع
____________________
(5/279)
وهي تفيد تقييد الاستحسان وهو كون القول لمدعي البتات بما إذا لم تقم القرينة على خلافه وهذا مؤيد لما بحثناه آنفا ولكن في التعبير مساهلة فإنه كان بنبغي أن يقول ولو قال المشري اشتريت باتا الخ لأنه هو الذي يدعي البتات عند نقصان الثمن كثيرا بخلاف البائع
قوله ( إلا أن يدل على الوفاء بنقصان الثمن كثيرا ) وهو ما لا يتغابن فيه الناس
جامع الفصولين
قلت وينبغي أن يزاد هنا ما مر في الوعد بالوفاء بعد البيع من أنه لو وضع على المال ربحا يكون ظاهرا في أنه رهن وما قاله صاحب الهداية من أن الإقدام على الإجارة بعد البيع دل على أنهما قصدا بالبيع الرهن لا البيع
قوله ( إلا أن يدعي ) أي مع البرهان
قوله ( وفي الأشباه الخ ) المقصود من هذه العبارة بيان حكم العرف العام والخاص وأن العام معتبر ما لم يخالف نصا وبه يعلم حكم بيع الوفاء وبيع الخلو لابتنائهما على العرف
قوله ( بالنصف ) أي نصف ما ينسجه أجرة على النسخ
قوله ( ثم نقل ) أي صاحب الأشباه
قوله ( والفتوى على جواب الكتاب ) أي المبسوط للإمام محمد وهو المسمى بالأصل لأنه مذكور في صدر عبارة الأشباه
أفاده ط
قوله ( للطحان ) أي لمسألة قفيز الطحان وهي كما في البزازية أن يستأجر رجلا ليحمل له طعاما أو يطحنه بقفيز منه فالإجارة فاسدة ويجب أجر المثل لا يتجاوز به المسمى
قوله ( لأنه منصوص ) أي عدم الجواز منصوص عليه بالنهى عن قفيز الطحان ودفع الغزل إلى حائك في معناه
قال البيري والحاصل أن المشايخ أرباب الاختيار اختلفوا في الإفتاء في ذلك
قال في العتابية قال أبو الليث النسخ بالثلث والربع لا يجوز عند علمائنا لكن مشايخ بلخ استحسنوه وأجازوه لتعامل الناس
قال وبه نأخذ
قال السيد الإمام الشهيد لا نأخذ باستحسان مشايخ بلخ وإنما نأخذ بقول أصحابنا المتقدمين لأن التعامل في بلد لا يدل على الجواز ما لم يكن على الاستمرار من الصدر الأول فيكون ذلك دليلا على تقرير النبي إياهم على ذلك فيكون شرعا منه فإذا لم يكن كذلك لا يكون فعلهم حجة إلا إذا كان كذلك من الناس كافة في البلدان كلها فيكون إجماعا والإجماع حجة ألا ترى أنهم لو تعاملوا على بيع الخمر والربا لا يفتى بالحل ا هـ
قوله ( وفيها ) أي في البزازية وهو من كلام الأشياء قوله ( فرارا من الربا ) لأن صاحب المال لا يقرض إلا بنفع والمستقرض محتاج فأجازوا ذلك لينتفع المقرض بالمبيع وتعارفه الناس لكنه مخالف للنهي عن بيع وشرط وفلذا رجحوا كونه رهنا
قوله ( فأقول على اعتباره الخ ) قدمنا الكلام على مسألة الخلو أول البيوع فراجعه
قوله ( وكذا أقول الخ )
____________________
(5/280)
قدمنا أيضا هناك الكلام على هذه المسألة وذكرنا أيضا عن الحموي أن ما نقله عن واقعات الضريري ليس فيه لفظ الخلو وبسطنا الكلام هناك فراجعه فإنه تكفل بالمقصود والحمد لله ذي الفضل والجود
كتاب الكفالة قوله ( لكونها فيه غالبا ) الأولى حذف اللام ط
والأولى أيضا كونها عقبه غالبا قال في الفتح أوردها عقب البيوع لأنها غالبا يكون تحققها في الوجود عقب البيع فإنه قد لا يطمئن البائع إلى المشتري فيحتاج إلى من يكفله بالثمن أو لا يطمئن المشتري إلى البائع فيحتاج إلى من يكفله في المبيع وذلك في السلم فلما كان تحققها في الوجود غالبا بعدها أوردها في التعليم بعدها
قوله ( ولكونها الخ ) عبارة الفتح ولها مناسبة خاصة بالصرف وهي أنها تصير بالآخرة معاوضة عما ثبت في الذمة من الأثمان وذلك عند الرجوع على المكفول عنه ثم لزم تقديم الصرف لكونه من أبواب البيع السابق على الكفالة
قوله ( هي لغة الضم ) قال تعالى { وكفلها زكريا } آل عمران 37 أي ضمها إلى نفسه
وقال عليه الصلاة والسلام أنا وكافل اليتيم كهاتين أي ضام التيم إلى نفسه
وفي المغرب وتركيبه يدل على الضم والتضمين
قوله ( كلفته وكفلت به وعنه ) أي يتعدى بنفسه وبالباء وبعن
وفي القهستاني يتعدى إلى المفعول الثاني في الأصل بالباء فالمكفول به الدين ثم يتعدى بعن للمديون وباللام للدائن
قوله ( وتثليث الفاء ) متقضاه أن ابن القطاع حكاه وليس كذلك
و عبارة البحر قال في المصباح كفلت بالمال وبالنفس كفلا من باب قتل وكفولا أيضا والاسم الكفالة
وحكى أبو زيد سماعا من العرب من بابي تعب وقرب
وحكى ابن القطاع كفلته وكفلت به وعنه إذا تحملت به ا هـ ح
قوله ( ضم ذمة الكفيل ) الذمة وصف شرعي به الأهلية لوجوب ماله وعليه وفسرها فخر الإسلام بالنفس والرقبة التي لها عهد والمراد بها العهد فقولهم في ذمته أي في نفسه باعتبار عهدها من باب إطلاق الحال وإرادة المحل كذا في التحرير
نهر
قوله ( بنفس ) متعلق بمطالبة ح
قوله ( أو بدين أو عين ) زاد بعضهم رابعا وهو الكفالة بتسليم المال ويمكن دخوله في الدين
قلت وكذا بتسليم عين غير مضمونة كالأمانة وسيأتي تحقيق ذلك كله
قوله ( كمغصوب ونحوه ) أي من كل ما يجب تسليمه بعينه وإذا هلك ضمن مثله أو قيمته كالمبيع فاسدا والمقبوض على سوم الشراء والمهر وبدل الخلع والصلح عن دم عمدا احترازا عن المضمون بغيره كالمرهون وغير المضمون أصلا كالأمانة فلا تصح الكفالة بأعيانها
قوله ( كما سيجيء ) أي في كفالة المال ح
قوله ( لأن المطالبة تعم ذلك ) أي المذكور من الأقسام الثلاثة وهو تعليل لتفسير الإطلاق بها وتمهيد لقوله وبه يستغني الخ
قوله ( ومن عرفها بالضم في الدين الخ ) اعلم أنه اختلف في تعريف
____________________
(5/281)
الكفالة فقيل إنها الضم في المطالبة كما مشى عليه المصنف وغيره من أصحاب المتون وقيل الضم في الدين فيثبت بها دين آخر في ذمة الكفيل ويكتفى باستيفاء أحدهما ولم يرجع في المبسوط أحد القولين لكن في الهداية وغيرها الأول أصح
ووجهه كما في العناية أنها كما تصح بالمال تصح بالنفس ولا دين وكما تصح بالدين تصح بالأعيان المضمونة ويلزم أن يصير الدين الواحد دينين ا هـ
وفيه نظر إذ من عرفها بالضم في الدين إنما أراد تعريف نوع منها وهو الكفالة بالمال
وأما الكفالة بالنفس وبالأعيان فهي في المطالبة اتفاقا وهما ماهيتان لا يمكن جمعهما في تعريف واحد وأفرد تعريف الكفالة بالمال لأنه محل الخلاف
نهر
وحاصله أن كون تعريفها بالضم في المطالبة أعم لشموله الأنواع الثلاثة لا يصح توجيها لكونه أصح من تعريفها بالضم في الدين لأن المراد به تعريف نوع منها وهو كفالة الدين
أما النوعان الآخران فمتفق على كون الكفالة بهما كفالة بالمطالبة ولا يمكن الجمع بين الكفالة بالأول والكفالة بالآخرين في تعريف واحد لأن الضم في الدين غير الضم في المطالبة
ثم لا يخفى أن تعريفها بالضم في الدين يقتضي ثبوت الدين في ذمة الكفيل كما صرح به أولا ويدل عليه أنه لو وهب الدين للكفيل صح ويرجع به على الأصيل مع أن هبة الدين من غير من عليه الدين لا تصح وما أورد عليه من لزوم صيرورة الدين الواحد دينين دفعه في المبسوط بأنه لا مانع لأنه لا يستوفي إلا من أحدهما كالغاصب مع غاصب الغاصب فإن كلا ضامن للقيمة وليس حق المالك إلا في قيمة واحدة لأنه لا يستوفي إلا من أحدهما واختياره تضمين أحدهما يوجب براءة الآخر فكذا هنا لكن هنا بالقبض لا بمجرد اختياره لكن المختار الأول وهو أن الضم في مجرد المطالبة لا الدين لأن اعتباره في ذمتين وإن أمكن شرعا لا يجب الحكم بوقوع كل ممكن إلا بموجب ولا موجب هنا لأن التوثق يحصل بالمطالبة وهو لا يستلزم ثبوت اعتبار الدين في الذمة كالوكيل بالشراء يطالب بالثمن وهو في ذمة الموكل كذا في الفتح
وكذا الوصي والولي والناظر يطالبون بما لزم دفعه ولا شيء في ذمتهم كما في البحر وذكر أنهم لم يذكروا لهذا الاختلاف ثمرة فإن الاتفاق على أن الدين لا يستوفى إلا من أحدهما وأن الكفيل مطالب وأن هبة الدين له صحيحة ويرجع به على الأصيل ولو اشترى الطالب بالدين شيئا من الكفيل صح مع أن الشراء بالدين من غير من عليه لا يصح
ويمكن أن تظهر فيما إذا حلف الكفيل أن لا دين عليه فيحنث على الضعيف لا على الأصح ا هـ
قلت يظهر لي الاتفاق على ثبوت الدين في ذمة الكفيل أيضا بدليل الاتفاق على هذه المسائل المذكورة ولأن اعتباره في ذمتين ممكن كما علمت وما ذكر من هذه المسائل موجب لذلك الاعتبار ولو كانت ضما في المطالبة فقط بدون دين لزم أن لا يؤخذ المال من تركة الكفيل لأن المطالبة تسقط عنه بموته كالكفيل بالنفس لما كان كفيلا بالمطالبة فقط بطلت الكفالة بموته مع أن المصرح به أن المال يحل بموت الكفيل وأنه يؤخذ من تركته ولأن الكفيل يصح أن يكفله عند الطالب كفيل آخر بالمال المكفول به فإذا أدى الآخر المال إلى الطالب لم يرجع به على الأصيل بل يرجع على الكفيل الأول فإن أدى إليه رجع الأول على الأصيل لو الكفالة بالأمر نص عليه في كافي الحاكم ويشهد لذلك فروع أخر ستظهر في محالها
وعلى هذا فمعنى كون التعريف الأول أصح شموله أنواع الكفالة الثلاثة بخلاف التعريف الثاني كما مر عن العناية
والجواب بأنه إنما أراد تعريف نوع منها لا يدفع الإيراد لأنه لم يعرف النوعين الآخرين فكان موهما اختصاصها بذلك النوع فقط هذا ما ظهر لي فتدبره
قوله ( وهو الكفالة بالمال ) أراد بالمال الدين وإلا فهو يشمل العين مقابل الدين ا هـ ح
قوله ( لأنه محل الخلاف ) بيان
____________________
(5/282)
لوجه اقتصاره على تعريف كفالة الدين فقط ولا يخفى أن التعريف يذكر للتعليم والتفهيم في ابتداء الأبواب فلا بد من التنبيه على ما يوقع في الاشتباه فكان عليه أن يذكر تعريف النوعين الآخرين كما قلنا آنفا
قوله ( وبه ) أي بما ذكر من تعميم المطالبة
قوله ( يستغني عما ذكره منلاخسرو ) أي صاحب الدرر
قال في النهر وبه استغنى عما في نكاح الدرر من تعريفها بضم ذمة إلى ذمة في مطالبة النفس أو المال أو التسليم مدعيا أن قولهم والأول أصح لا صحة له فضلا عن كونه أصح لأنهم قسموها إلى كفالة في المال والنفس ثم إن تقسيمهم يشعر بانحصارها مع أنهم ذكروا في أثناء المسائل ما يدل على وجود قسم ثالث وهو الكفالة بالتسليم ا هـ
وأنت قد علمت ما هو الواقع ا هـ أي من أن ما عرف به هو مراده لأن المطالبة تشمل الأنواع الثلاثة فليس فيما قاله زيادة على ما أرادوه غير التصريح به فافهم
قوله ( وركنها إيجاب وقبول ) فلا تتم بالكفيل وحده ما لم يقبل المكفول له أو أجنبي عنه في المجلس
رملي
قوله ( ولم يجعل الثاني ) أي أبو يوسف وقوله الثاني أي القبول وهو بالنصف على أنه مفعول يجعل وقوله ركنا مفعوله الآخر أي فجعلها تتم بالإيجاب وحده في المال والنفس
واختلف على قوله فقيل تتوقف على إجازة الطالب فلو مات قبلها لا يؤاخذ الكفيل وقيل تنفذ وللطالب الرد كما في البحر وهو الأصح كما في المحيط أي الأصح من قوليه
نهر وفي الدرر و البزازية وبقول الثاني يفتى
وفي أنفع الوسائل وغيره الفتوى على قولهما وسيأتي تمامه عند قوله ولا تصح بلا قبول الطالب في مجلس العقد
قوله ( نفسا أو مالا ) الأولى إسقاطه ليأتي له التفريع بقوله فلم تصح بحد وقود فإنهما ليسا بنفس ولا مال إن أريد الضمان بهما
أما إذا أريد الضمان بنفس من هما عليه فإن الكفالة حينئذ تكون جائزة كما سيذكره المصنف
نعم يشترط كون النفس مقدورة التسليم إذ لا شك أن كفالة الميت بالنفس لا تصح لأنه لو كان حيا ثم مات بطلت كفالة النفس وكذا لو كان غائبا لا يدري مكانه فلا تصح كفالته بالنفس كما في جامع الفصولين
وعبارة البحر عن البدائع وأما شرائط المكفول به فالأول أن يكون مضمونا على الأصيل دينا أو عينا أو نفسا أو فعلا ولكن يشترط في العين أن تكون مضمونة بنفسها
الثاني أن يكون مقدور التسليم من الكفيل فلا تجوز بالحدود والقصاص
الثالث أن يكون الدين لازما وهو خاص بالكفالة بالمال فلا تجوز الكفالة ببدل الكتابة
قوله ( وفي الدين كونه صحيحا ) هو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء كما سيأتي متنا وسيذكر الشارح هناك استثناء الدين المشترك والنفقة وبدل السعاية وأفاد أنه لا يشترط أن يكون معلوم القدر كما في البحر وسيأتي أيضا مع بيانه
قوله ( لا ساقطا الخ ) محترز قوله قائما فلا تصح كفالة ميت مفلس بدين عليه كما سيذكره المصنف
قوله ( ولا ضعيفا ) محترز قوله صحيحا
قوله ( كبدل كتابة ) لأنه يسقط بالتعجيز
مطلب في كفالة نفقة الزوجة قوله ( ونفقة زوجة الخ ) عبارة أن يكون من ذلك الكفالة بنفقة الزوجة قبل القضاء بها أو الرضا لما قدمناه من أنها لا تصير دينا إلا بهما وبدل الكتابة دين إلا أنه ضعيف ولا تصح الكفالة به فما ليس دينا أولى ا هـ
وبه يظهر ما في عبارة الشارح من الخفاء فكان عليه أن يقول ولا ضعيفا كبدل كتابة فما ليس دينا كنفقة زوجة قبل القضاء أو الرضا بالأولى
ولا يخفى أنها حيث لم تصر دينا لا تكون من أمثلة الدين الساقط فافهم
ثم
____________________
(5/283)
ظاهر كلام النهر أنها لو صارت دينا بالقضاء بها أو بالرضا تصير دينا صحيحا مع أنه ليس كذلك لسقوطها بالموت أو الطلاق إلا إذا كانت مستدانة بأمر القاضي لكن غير المستدانة مع كونها دينا غير صحيح تصح الكفالة بها استحسانا فهي مستثناة من هذا الشرط كما سينبه عليه الشارح عند قول المصنف إذا كان دينا صحيحا بل ذكر بعده بأسطر عن الخانية لو كفل لها رجل بالنفقة أبدا ما دامت الزوجية جاز وكذا ذكر قبيل الباب الآتي جواز الكفالة بها إذا أراد زوجها السفر وعليه الفتوى مع أنها لم تصر دينا أصلا لأن النفقة لم تجب بعد فيحمل ما ذكره هنا تبعا للنهر على النفقة الماضية لأنها تسقط بالمضي قبل القضاء أو الرضا فلا تصح الكفالة بها والفرق بين الماضية والمستقبلة أن الزوجة مقصرة بتركها بدون قضاء أو رضا إلى أن سقطت بالمضي بخلاف المستقبلة فتدبر
قوله ( وحكمها لزوم المطالبة على الكفيل ) أي ثبوت حق المطالبة متى شاء الطالب سواء تعذر عليه مطالبة الأصيل أو لا
فتح
وذكر في الكفاية أن اختيار الطالب تضمين أحدهما لا يوجب براءة الآخر ما لم توجد حقيقة الاستيفاء فلذا يملك مطالبة كل منهما بخلاف الغاصب وغاصب الغاصب ا هـ
وقدمناه أيضا
قوله ( بما هو على الأصيل ) الأولى بما وقعت الكفالة به على الأصيل لأن الأصيل عليه تسليم نفسه أو تسليم المال والكفيل بالنفس ليس عليه تسليم المال ولأن الكفيل لو تعدد لا يلزمه إلا بقدر ما يخصه كنصف الدين لو كانا اثنين أو ثلثه لو ثلاثة ما لم يكفلوا على التعاقب فيطالب كل واحد بكل المال كما ذكره السرخسي
قوله ( نفسا أو مالا ) شمل المال الدين والعين وينبغي أن يزيد أو فعلا كما لو كفل تسليم الأمانة أو تسليم الدين كما سيأتي بيانه والمراد بالعين المضمونة بنفسها كالمغصوب كما مر
قوله ( فلا تنفذ من صبي ولا مجنون ) أي ولو الصبي تاجرا وكذا لا تجوز له إلا إذا كان تاجرا وأما الكفالة عنه فهي لازمة للكفيل يؤخذ بها ولا يجبر الصبي على الحضور معه إلا إذا كانت بطلبه وهو تاجرأو بطلب أبيه مطلقا فإن تغيب فله أخذ الأب بإحضاره أو تخليصه والوصي كالأب ولو كفل بنفس الصبي على أنه إن لم يواف به فعليه ما ذاب عليه جازت كفالة النفس وما قضى به على أبيه أو وصيه لزم الكفيل ولا يرجع على الصبي إلا إذا أمره الأب أو الوصي بالضمان ا هـ ملخصا من كافي الحاكم
قوله ( إلا إذا استدان له وليه ) أي من له ولاية عليه من أب أو وصي لنفقة أو غيرها مما لا بد له منه
قوله ( وأمره أن يكفل المال عنه ) قيد بالمال احترازا عن النفس لأن ضمان الدين قد لزمه أي لزم الصبي من غير شرط فالشرط لا يزيده إلا تأكيدا فلم يكن متبرعا فأما ضمان النفس وهو تسليم نفس الأب أو الوصي فلم يكن عليه فكان متبرعا به فلم يجز
بحر عن البدائع قوله ( ويكون إذنا في الأداء ) لأن الوصي ينوب عنه في الأداء فإذا أمره بالضمان فقد أذن له في الأداء فيجب عليه الأداء
نهر عن المحيط
قوله ( ولولاها لطولب الولي ) أي فقط
قوله ( ولا من مريض إلا من الثلث ) لكن إذا كفل لوارث أو عن وارث لا تصح أصلا ولو كان عليه دين محيط بماله بطلت ولو كفل ولا دين عليه ثم أقر بدين محيط لأجنبي ثم مات فالمقر له أولى بتركته من المكفول له وإن لم يحط فإن كانت الكفالة تخرج من ثلث ما بقي بعد الدين صحت كلها وإلا فبقدر الثلث وإن أقر المريض أن الكفالة كانت في صحته لزمه الكل في ماله إن لم تكن لوارث أو عن وارث
وتمامه في الفصل التاسع عشر من التاترخانية
قوله ( ولا من عبد ) أي
____________________
(5/284)
لا تصح الكفالة منه بنفس أو مال كما في الكافي وسواء كفل عن مولاه أو أجنبي كما في التاترخانية
قوله ( إلا إن أذن له المولى ) أي بالكفالة عن مولاه أو عن أجنبي فتصح كفالته إذا لم يكن مديونا وكذا الأمة والمدبرة وأم الولد وإن كان مديونا لا يلزمه شيء ما لم يعتق تاترخانية وسيأتي تمام الكلام عليه قبيل الحوالة
قوله ( ولا من مكاتب الخ ) أي ويطالب بها بعد عتقه وهذا لو كانت عن أجنبي كما في البحر
وقال أيضا وتصح كفالة المكاتب والمأذون عن مولاهما
قال في النهر وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا كانت بأمره ثم رأيته كذلك في عقد الفرائد معزيا إلى المبسوط
قلت وسيأتي أيضا متنا قبيل الحوالة في العبد مع التقييد بكونه غير مديون مستغرق
قوله ( والمدعي ) أي من يكون له حق الدعوى على غريمه إذ لا يلزم في إعطاء الكفيل الدعوى بالفعل
قوله ( مكفول له ) ويسمى الطالب أيضا
قوله ( مكفول عنه ) هذا في كفالة المال دون كفالة النفس
ففي البحر عن التاترخانية ويقال للمكفول بنفسه مكفول به ولا يقال مكفول عنه ا هـ
لكن قال الخير الرملي وجدنا بعضهم يقوله ووجد في التاترخانية عن الذخيرة قوله ( كفيل ) ويسمى ضامنا وضمينا وحميلا وزعيما وصبيرا وقبيلا وتمامه في حاشية البحر للرملي
قوله ( وسنده ) أي سند الإجماع إذ لا إجماع إلا عن مستند وإن لم يلزم علمنا به
قوله ( قوله عليه الصلاة والسلام الزعيم غارم ) أي يلزمه الأداء عند المطالبة به فهو بيان لحكم الكفالة والحديث كما في الفتح رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن
وقد استدل في الفتح لشرعيتها بقوله تعالى { يوسف } وعادتهم تقديم ما ورد في الكتاب على ما في السنة والشارح لم يذكره أصلا ولعله لشهرته أو لما قيل إنه لا كفالة هنا لأنه مستأجر لمن جاء بالصواع بحمل بعير والمستأجر يلزمه ضمان الأجرة ولكن جوابه أن الكفيل كان رسولا من الملك لا وكيلا بالاستئجار والرسول سفير فكأنه قال إن الملك يقول لمن جاء به حمل بعير ثم قال الرسول وأنا بذلك الحمل زعيم أي كفيل وبحث فيه في النهر وعادتهم تقديم ما ورد في الكتاب على ما في السنة والشارح لم يذكره أصلا ولعله لشهرته أو لما قيل إنه لا كفالة هنا لأنه مستأجر لمن جاء بالصواع بحمل بعير والمستأجر يلزمه ضمان الأجرة ولكن جوابه أن الكفيل كان رسولا من الملك لا وكيلا بالاستئجار والرسول سفير فكأنه قال إن الملك يقول لمن جاء به حمل بعير ثم قال الرسول وأنا بذلك الحمل زعيم أي كفيل وبحث فيه في النهر
قوله ( وتركها أحوط ) أي إذا كان يخاف أن لا يملك نفسه من الندم على ما فعله من هذا المعروف أو المراد أحوط في سلامة المال لا في الديانة إذ هي بالنية الحسنة تكون طاعة يثاب عليها فقد قال في الفتح ومحاسن الكفالة جليلة وهي تفريج كرب الطالب الخائف على ما له والمطلوب الخائف على نفسه حيث كفيا مؤنة ما أهمهما وذلك نعمة كبيرة عليهما ولذا كانت من الأفعال العالية وتمامه فيه
قوله ( مكتوب في التوراة الخ ) رأيت في الملتقط قيل مكتوب على باب من أبواب الروم وفيه زيادة على ما هنا ومن لم يصدق فليجرب حتى يعرف البلاء من السلامة
قوله ( أولهما ملامة ) سقط أولها من بعض النسخ وهو موجود في البحر عن المجتبى والمراد والله أعلم أنه يعقبها في أول الأمر الملامة لنفسه منه أو من الناس ثم عند المطالبة بالمال يندم على إتلافه لماله ثم بعد ذلك يغرم المال أو يتعب نفسه بإحضار المكفول به لأن الغرم لزوم الضرر ومنه قوله تعالى { إن عذابها كان غراما } الفرقان 65
____________________
(5/285)
مطلب يصح كفالة الكفيل قوله ( وكفالة النفس تنعقد الخ ) عبارة الكنز وتصح بالنفس وإن تعددت
قال في النهر أي بأن أخذ منه كفيلا ثم كفيلا أو كان للكفيل كفيل ويجوز عود الضمير إلى النفس بأن يكفل واحد نفوسا والأول هو الظاهر ا هـ
وقدمنا عن كافي الحاكم صحة كفالة الكفيل بالمال أيضا
قوله ( بكفلت بنفسه ) بفتح الفاء أفصح من كسرها ويكون بمعنى عال فيتعدى بنفسه ومنه { وكفلها زكريا } آل عمران 37 وبمعنى ضمن والتزم فيتعدى بالحرف واستعمال كثير من الفقهاء له متعديا بنفس مؤول
رملي عن شرح الروض
قوله ( مما يعبر به عن بدنه ) أي مما يعبر به من أعضائه عن جملة البدن كرأسه ووجهه ورقبته وعنقه وبدنه وروحه وذكروا في الطلاق الفرج ولم يذكروه هنا قالوا وينبغي صحة الكفالة إذا كانت امرأة كذا في التتارخانية
نهر
وتمامه فيه
قوله ( وبجزء شائع الخ ) لأن النفس الواحدة في حق الكفالة لا تتجزأ فذكر بعضها شائعا كذكر كلها ولو أضاف الكفيل الجزء إلى نفسه ككفل لك نصفي أو ثلثي فإنه لا يجوز كذا في السراج لكن لو قيل إن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله لم يفترق الحال
نهر
قوله ( وتنعقد بضمنته الخ ) أما ضمنته فلأنه تصريح بمقتضى الكفالة لأنه يصير ضامنا للتسليم والعقد ينعقد بالتصريح بموجبه كالبيع ينعقد بالتمليك وأما علي فلأنه صيغة التزام ومن هنا أفتى قارىء الهداية بأنه لو قال التزمت بما على فلان كان كفالة وإلى بمعناه هنا وتمامه في النهر
ثم اعلم أن ألفاظ الكفالة كل ما ينبىء عن العهدة في العرف والعادة وفي جامع الفتاوى هذا إلي أو علي وأنا كفيل به أو قبيل أو زعيم كان كله كفالة بالنفس لا كفالة بالمال ا هـ تتارخانية
وفي كافي الحاكم وقوله ضمنت وكفلت وهو إلي وهو علي سواء كله وهو كفيل بنفسه ا هـ
ثم ذكر في باب الكفالة بالمال إذا قال إن مات فلان قبل أن يوفيك مالك فهو علي فهو جائز ا هـ
فقد علم أن قوله أولا هو إلي هو علي كفيل بنفسه إنما هو حيث كان الضمير للرجل المكفول به أما لو كان الضمير للمال فهو كفالة مال وكذا بقية الألفاظ
ففي التتارخانية أيضا عن الخلاصة لو قال لرب المال أنا ضامن ما عليه من المال فهذا ضمان صحيح ثم قال ولو ادعى أنه غصبه عبدا ومات في يده فقال خله فأنا ضامن بقيمة العبد فهو ضامن يأخذه منه من ساعته ولا يحتاج إلى إثبات بالبينة ا هـ
فقد ظهر لك أن ما مر أولا عن التاترخانية من أن هذه الألفاظ كفالة نفس لا كفالة مال ليس المراد أنها لا تكون كفالة مال أصلا بل المراد أنه إذا قال أنا به كفيل أو زعم الخ أي بالرجل كان كفالة نفس لأنها أدنى من كفالة المال ولم يصرح بالمال بخلاف ما إذا توجهت هذه الألفاظ على المال فإنها تكون كفالة مال لأنها صريحة به فلا يراد بها الأدنى وهو كفالة النفس مع التصريح بالمال أو وبضميره وهذا معنى ما نقله الشلبي عن شرح القدوري للشيخ أبي نصر الأقطع من قوله فإذا ثبت أن هذه الألفاظ يصح الضمان بها فلا فرق بين ضمان النفس وضمان المال ا هـ أي إذا قال ضمنت زيدا أو أنا كفيل به أو هو علي أو إلي يكون كفالة نفس كما أفتى به في الخيرية
وإذا قال ضمنت لك ما عليه من المال أو أنا كفيل به الخ فهو كفالة مال قطعا وأما إذا لم يعلم المكفول به أنه كفالة نفس أو مال فلا تصح الكفالة أصلا كما يأتي بيانه قريبا وبه علم أنه
____________________
(5/286)
لا تحرير فيما قاله الشلبي بعدما مر عن شرح الأقطع من أنه ينبغي أن يقال هذه الألفاظ إذا أطلقت تحمل على الكفالة بالنفس وإذا كان هناك قرينة على الكفالة بالمال تتمحض حينئذ للكفالة به ا هـ
فإنه إذا لم يعلم المكفول به بأن قال أنا ضامن ولم يصرح بنفس ولا مال لا تصح أصلا كما يأتي فقوله تحمل على الكفالة بالنفس مخالف للمنقول كما تعرفه
نعم لو قامت قرينة على أحدهما يمكن أن يقال يعمل بها كما إذا قال قائل اضمن لي هذا الرجل فقال لآخر أنا ضامن فهو قرينة على كفالة النفس وإن قال اضمن لي ما عليه من المال فقال أنا ضامن فهو قرينة على المال لأن الجواب معاد في السؤال فافهم واغنم تحرير هذه المسألة فإنك لا تجده في غير هذا الكتاب ولله الحمد
مطلب لفظ عندي يكون كفالة بالنفس ويكون كفالة بالمال قوله ( أو في البحر عن التتارخانية لك عندي هذا الرجل أو قال دعه إلي كانت كفالة ا هـ يعني بالنفس
وقال في البحر أيضا عند قوله ولو قال إن لم أوافك به غدا الخ عن الخانية إن لم أوافك به فعندي لك هذا المال لزمه لأن عندي إذا استعمل في الدين يراد به الوجوب وكذا لو قال إلي هذا المال ا هـ
فهذا صريح أيضا بأن عندي يكون كفالة نفس وكفالة مال بحسب ما توجه إليه اللفظ وبه أفتى في الخيرية و الحامدية
وأما ما قاله في البحر عند قول الكنز وبما لك عليه من أن عندي كعلي في التعليق فقط ولا تفيد كفالة بالمال بل بالنفس وما أفتى به من أنه لو قال لا تطالب فلانا ما لك عندي لا يكون كفيلا فقد رده في النهر بأن ما مر عن الخانية من العلة المذكورة غير مقيد بالتعليق ورده المصنف أيضا وكذا الخير الرملي بقولهم إن مطلق لفظ عندي للوديعة لكنه بقرينة الدين يكون كفالة
وفي الزيلعي من الإقرار أنه العرف
قال الرملي ومقتضى ذلك أن القاضي لو سأل المدعى عليه عن جواب الدعوى فقال عندي كان إقرارا ا هـ
قوله ( بمعنى محمول ) كذا عزاه المصنف إلى البدائع أيضا قال ط الأظهر أن يكون بمعنى فاعل لأنه حامل لكفالته
قوله ( وتنعقد بقوله أنا ضامن حتى تجتمعا الخ ) أقول اشتبه هنا على المصنف مسألة بمسألة بسبب سقط وقع في نسخة الخانية التي نقل عنها في شرحه فإن قال فيه قال في الخانية وعن أبو يوسف لو قال هو علي حتى تجتمعا أو حتى تلتقيا لا يكون كفالة لأنه لم يبين المضمون أنه نفس أو مال ا هـ
مع أن عبارة الخانية هكذا وعن أبي يوسف لو قال هو علي حتى تجتمعا أو قال علي أو أوافيك به أو ألقاك به كانت كفالة بالنفس ولو قال أنا ضامن حتى تجتمعا أو حتى تلتقيا لا يكون كفالة لأنه لم يبين المضمون أنه نفس أو مال ا هـ كلام الخانية
وفي السراج لو قال هو علي حتى تجتمعا أو تلتقيا فهو جائز لأن قوله هو علي ضمان مضاف إلى العين وجعل الالتقاء غاية له ا هـ يعني أن الضمير في هو علي إلى عين الشخص المكفول به فيكون كفالة نفس إلى التقائه مع غريمه بخلاف قوله أنا ضامن حتى تجتمعا أو حتى تلتقيا فلا يصح أصلا لأن قوله أنا ضامن لم يذكر فيه المضمون به هل هو النفس أو المال فقد ظهر وجه الفرق بين المسألتين فكان الصواب في التعبير أن يقال وتنعقد بقوله هو علي حتى تجتمعا أو تلتقيا لا بأنا ضامن حتى تجتمعا أو تلتقيا لعدم بيان المضمون به فتنبه لذلك
ثم إن المسألة مذكورة في كافي الحاكم الذي جمع فيه كتب ظاهر الرواية وهو العمدة في نقل نص المذهب وذلك أنه قال ولو قال أنابه قبيل أو زعيم أو قال ضمين فهو كفيل
وقال أبو يوسف ومحمد وكذلك لو قال علي أو أوفيك به أو علي أن ألقاك
____________________
(5/287)
به أو قال هو علي حتى تجتمعا أو حتى توافيا أو حتى تلتقيا
وإن لم يقل هو علي وقال أنا ضامن لك حتى تجتمعا أو تلتقيا
فهو باطل ا هـ
ولم يذكر قول أبي حنيفة في المسألة فعلم أنه لا قول له فيها في ظاهر الرواية وإنما المسألة منقولة عن الصاحبين فقط في ظاهر الرواية عنهما وبه علم أن قوله الخانية وعن أبي يوسف ليس لحكاية الخلاف ولا للتمريض بل هو بيان لكون ذلك منقولا عنه وكذا عن محمد كما علمت وحيث لم يوجد نص للإمام فالعمل على ما نقله الثقات عن أصحابه كما علم في محله
قوله ( تاترخانية ) عبارتها هو علي حتى تجتمعا فهو كفيل إلى الغاية التي ذكرها ا هـ
هكذا ذكره المصنف في المنح وأنت خبير بأن هذه المسألة ليست التي ذكرها في متنه فإن التي ذكرها في متنه لا تنعقد فيها الكفالة أصلا كما علمته آنفا
قوله ( كما نقله في الخانية ) قد أسمعناك عبارة الخانية
قوله ( قال المصنف والظاهر أنه ليس المذهب ) الضمير في أنه عائد إلى ما نقله عن الثاني وهو الذي عبر عنه في المتن بقوله وقيل لا وقد علمت أنه ليس في المذهب قول آخر بل هما مسألتان إحداهما تصح فيها الكفالة والأخرى لا تصح بلا ذكر خلاف فيهما كما حررناه آنفا
قوله لكنه استنبط الخ يعني أن المصنف قال في شرحه إنه ليس المذهب مع أنه في فتاويه استنبط منه ما ذكر
ووجه الاستنباط أن الطالب والضامن لم يتفقا على أمر واحد فلم يعلم المضمون به هل هو نفس أو مال فلا تصح الكفالة
قوله ( ثم قال وينبغي الخ ) أقول هذا مسلم إذا كان الطالب يدعي كفالة النفس أيضا أما لو ادعى عليه كفالة المال فقط فلا إذ الإقرار يرتد بالرد ولا يؤاخذ المقر بلا دعوى
أفاده الرحمتي
قوله ( على المذهب ) لأنهم قالوا إنه ظاهر الرواية
زاد في الفتح عن الواقعات وبه يفتى
وفي البحر عن الخلاصة وعليه الفتوى
مطلب لو قال أنا أعرفه لا يكون كفيلا قوله ( لأنه لم يلتزم المطالبة بل المعرفة ) فصار كقوله أنا ضامن لك على أن أوقفك عليه أو على أن أدلك عليه أو على منزله
فتح
قال في البحر وأشار إلى أنه لو قال أنا أعرفه لا يكون كفيلا كما في لسراج
قوله ( والوجه اللزوم ) لأنه مصدر متعد إلى اثنين فقد التزم أن يعرفه الغريم بخلاف معرفته فإنه لا يقتضي إلا معرفة الكفيل للمطلوب فتح
فصار معنى الأول أنا ضامن لأن أعرفك غريمك وتعريفه بإحضاره للطالب وإلا فهو معروف له ومعنى الثاني أنا ضامن لأن أعرفه ولا يلزم منه إحضاره له لكن ما يأتي عن الخانية يفيد لزوم دلالته عليه وإن لم يصر كفيلا
قال في النهر وما مر من أنه صار كالتزامه الدلالة يؤيده قوله ولا يلزم الخ أي لا يلزم من لزوم دلالته عليه أن يكون كفيلا بنفسه ليترتب عليه أحكامها
نهر
أي لأنه يخرج عن ذلك بقوله هو في المحل الفلاني فأذهب إليه فلا يلزمه إحضاره أو السفر إليه إذا غاب وغير ذلك من أحكام كفالة النفس
تتمة قدمنا أن ألفاظ الكفالة كل ما ينبىء عن العهدة في العرف والعادة ومن ذلك كما في الفتح على أن أوافيك به أو على أن ألقاك به أودعه إلي
ثم قال وفي فتاوى النسفي لو قال الدين الذي
____________________
(5/288)
لك على فلان أنا أدفعه إليك أو أسلمه إليك أو أقبضه لا يكون كفالة ما لم يتكلم بما يدل على الالتزام وقيده في الخلاصة بما إذا قاله منجزا فلو معلقا يكون كفالة نحو أن يقول إن لم يؤد فأنا أؤدي نظيره في النذر ولو قال أنا أحج لا يلزمه شيء ولو قال إن دخلت الدار فأنا أحج يلزمه الحج ا هـ
قلت لكن لو قال ضمنت لك ما عليه أنا أقبضه وأدفعه إليك يصير كفالة بالقبض والتسليم كما سنذكره في بحث كفالة المال
مطلب في الكفالة المؤقتة قوله ( وإذا كفل إلى ثلاثة أيام الخ ) حاصلة أنه إذا قال كفلت لك زيدا أو ما على زيد من الدين إلى شهر مثلا صار كفيلا في الحال أبدا أي في الشهر وبعده ويكون ذكر المدة لتأخير المطالبة إلى شهر لا لتأخير الكفالة كما لو باع عبدا بألف إلى ثلاثة أيام يصير مطالبا بالثمن بعد الثلاثة وقيل لا يصير كفيلا في الحال بل بعد المدة فقط وهو ظاهر عبارة الأصل وعلى كل فلا يطالب في الحال وهو ظاهر الرواية كما في التتارخانية
وفي السراجية وهو الأصح وفي الصغرى وبه يفتى كما في البحر
قلت ومقابله ما قاله أبو يوسف والحسن أنه يطالب به في المدة فقط وبعدها يبرأ الكفيل كما لو ظاهر أو آلى من امرأته مدة فإنهما يقعان فيها ويبطلان بمضيها كما في الظهيرية وغيرها
وفيها أيضا ولو قال كفلت فلانا من هذه الساعة إلى شهر تنتهي الكفالة بمضي الشهر بلا خلاف ولو قال شهرا لم يذكره محمد
واختلف فيه فقيل هو كفيل أبدا كما لو قال إلى شهر وقيل في المدة فقط أي كما لو قال من هذه الساعة إلى شهر
والحاصل أنه إما أن يذكر إلى بدون من فيقول كفلته إلى شهر وهي المسألة فيكون كفيلا بعد الشهر ولا يطالب في الحال
وعند أبي يوسف والحسن هو كفيل في المدة فقط وإما أن يذكر من وإلى فيقول كفلته من اليوم إلى شهر فهو كفيل في المدة فقط بلا خلاف وإما أن لا يذكر من ولا إلى فيقول كفلته شهرا أو ثلاثة أيام فقيل كالأول وقيل كالثاني
وفي التتارخانية عن جمع التفاريق قال واعتماد أهل زماننا على أنه كالثاني
قلت وينبغي عدم الفرق بين الصور الثلاث في زماننا كما هو قول أبي يوسف والحسن لأن الناس اليوم لا يقصدون بذلك إلا توقيت الكفالة بالمدة وأنه لا كفالة بعدها وقد تقدم أن مبنى ألفاظ الكفالة على العرف والعادة وأن لفظ عندي للأمانة وصار في العرف للكفالة بقرينة الدين
وقالوا إن كلام كل عاقد وناذر وحالف وواقف يحمل على عرفه سواء وافق عرف اللغة أو لا
ثم رأيت في الذخيرة قال وكان القاضي الإمام الأجل أبو علي النسفي يقول قول أبي يوسف أشبه بعرف الناس إذا كفلوا إلى مدة يفهمون بضرب المدة أنهم يطالبون في المدة لا بعدها إلا أنه يجب على المفتي أن يكتب في الفتوى أنه إذا مضت المدة المذكورة فالقاضي يخرجه عن الكفالة احترازا عن خلاف جواب الكتاب وإن وجد هناك قرينة تدل على إرادته جواب الكتاب فهو عليه ا هـ
لكن نازع في ذلك في أنفع الوسائل بأن القاضي المقلد لا يحكم إلا بظاهر الرواية لا بالرواية الشاذة إلا أن ينصوا على أن الفتوى عليها ا هـ
قلت ما ذكره النسفي مبني على أن المذكور في ظاهر الرواية إنما هو حيث لا عرف إذ لا وجه للحكم على المتعاقدين بما لم يقصداه فليس قضاء بخلاف ظاهر الرواية وما ذكره من إخراج القاضي له عن الكفالة زيادة احتياط لإحتمال كون العاقدين عالمين بذلك المعنى قاصدين له ولذا قال إن وجد قرينة على خلاف العرف
____________________
(5/289)
يحكم بجواب ظاهر الرواية والله سبحانه أعلم
قوله ( لما في الملتقط الخ ) تعليل لما فهم من قوله أيضا من أنه يكون كفيلا قبل الثلاثة ا هـ ح
قوله ( لو سلمه للحال برىء ) ويجبر الطالب على القبول كمن عليه دين مؤجل إذا عجله قبل حلول الأجل يجبر الطالب على القبول
خانية
فلو لم يصل كفيلا قبل مضي المدة لم يصح تسليمه فيها ولم يجبر الآخر على القبول
قوله ( لم يصر كفيلا أصلا ) لأنه لا يصير كفيلا بعد المدة لنفيهما الكفالة فيه صريحا ولا في الحال على ما ذكرنا في ظاهر الرواية
ظهيرية
قوله ( ونقله الخ ) نقل القولين في البحر أيضا عن البزازية
قوله ( أنه يصير كفيلا ) أي في المدة فقط كما يفيده قول جامع الفصولين في الفصل السادس والعشرين
كفل بنفسه إلى شهر على أنه بريء بعد الشهر فهو كما قال
قوله ( لكن تقوى الأول بأنه ظاهر المذهب ) قلت وتقوى الثاني بأنه المتعارف بين الناس بحيث لا يقصدون غيره إلا أن يكون الكفيل عالما بحكم ظاهر المذهب قاصدا له فالأمر ظاهر
قوله ( ولا يطالب الخ ) أي في مسألة المتن
قوله ( لزم التسليم ) أي بالطلب الأول وقوله ولا أجل له ثانيا أي بالطلب الثاني وهذا ما لم يدفعه فإذا دفعه إليه فإن قال برئت إليك منه يبرأ في المستقبل وإن لم يبرأ منه فله أن يطالبه ثانيا ولا يكون ذلك براءة لأنه قال في الكفالة كلما طلبته مني فلي أجل شهر فكأنه قال كلما طلبته مني وافيتك به إلا أن لي أجل شهر حتى أطلبه وكلمة كلما تقتضي التكرار فتقتضي تكرار الموافاة كلما تكرر الطلب فبالدفع إليه يبرأ عن موافاة لزمته بالمطالبة السابقة لا عن موافاة تلزمه بمطالبة توجد في المستقبل وإنما يبرأ عن ذلك لصريح الإبراء فإذا برىء إليه حين دفعه مرة وجد صريح الإبراء وما لا فلا فإذا دفعه إليه ولم يبرأ فطالبه بعد ذلك فللكفيل أجل شهر آخر من يوم طلبه لأنه غير الطلب الأول بخلاف ما إذا لم يدفعه مرة
ذخيرة و بزازية ملخصا
قلت وحاصله أنه إذا طالبه بتسليم المكفول بنفسه فله أجل شهر فإذا تم الشهر فله مطالبته بالتسليم ولا أجل له في هذه المطالبة الثانية فإذا سلمه وتبرأ إليه من عهدته فلا شيء عليه بعد ذلك وإن سلمه ولم يتبرأ ثم طالبه به لزمه تسليمه ثانيا لكن يثبت له أجل شهر آخر بعد هذا الطلب فإذا تم الشهر ولم يسلمه فطالبه به فلا أجل له ما لم يسلمه إلى الطالب وهكذا ثم لا يخفى أن هذا في كفالة النفس أما في كفالة المال فإنه بعد تسليمه لا يطالب به ثانيا لأن الكفالة تنتهي به ولذا قال في الذخيرة ولو كفله بألف على أنه متى طالبه به فله أجر شهر فمتى طلبه فله الأجل فإذا مضى فله أخذه منه متى شاء بالطلب الأول ولا يكون للكفيل أجل شهر آخر ا هـ
وبه ظهر أن كلام الشارح محمول على كفالة المال ولعله جردت متى وكلما عن العموم لعدم إمكانه هنا لما قلنا بخلاف كفالة النفس كما علمت
قوله ( بخلاف البيع ) فإنه لا يصح الخيار فيه أكثر من ثلاثة أيام
قوله ( وإن شرط ) ينبغي كونه بالبناء للمفعول ليشمل ما إذا كان الشرط في لفظ الكفيل أو الطالب ط
قوله ( أحضره ) أي لزمه إحضاره بالشرط
قوله ( فيها ) أي فبالقضية المشروطة قد وفى
قوله ( حين يظهر مطله ) في بعض النسخ حتى والصواب
____________________
(5/290)
الأول وذلك كما لو أنكر الكفالة حتى أقيمت عليه البينة بخلاف ما لو أقر بها فإنه لا يحبسه في أول مرة وهذا ظاهر الرواية كما في البزازية أي لظهور مطله بإنكاره فصار كمسألة المديون وبه صرح في الخانية وكأن الزيلعي لم يطلع على ذلك فذكره بحثا
أفاده في البحر
قوله ( لا يحبسه ) لكن لا يحول بينه وبين الكفيل فيلازمه ولا يمنعه منه أشغاله وفي التاترخانية لو أضرته ملازمته له استوثق منه بكفيل
نهر قوله ( فإن غاب ) أي المكفول عنه وطلب الغريم منه إحضاره
نهر
هذا إذا ثبت عند القاضي غيبته ببلد آخر بعلم القاضي أو ببينة أقامها الكفيل كما في البزازية و كافي الحاكم وأطلقه فشمل المسافلة القريبة والبعيدة كما في الفتح
بحر
قوله ( أمهله ) أي إذا أراد الكفيل السفر إليه فإن أبى حبسه للحال بلا إمهال كما في البزازية
وفي التاترخانية وإن كان في الطريق عذر لا يؤاخذ الكفيل به
بحر
قوله ( وإيابه ) بالكسر أي رجوعه
قوله ( ولو لدار الحرب ) ولا تبطل باللحاق بدار الحرب لأنه وإن كان موتا حكما لكن بالنسبة إلى ماله وإلا فهو حي مطالب بالتوبة والرجوع هكذا أطلقه في النهاية وقيده في الذخيرة بما إذا كان الكفيل قادرا على رده بأن كان بيننا وبينهم موادعة أنهم يردون إلينا المرتد وإلا لا يؤاخذ به ا هـ
وهو تقييد لا بد منه
بحر
قوله ( لا يطالب به ) مقيد بما إذا لم يبرهن الطالب على أنه بموضع كذا فإن برهن أمر الكفيل بالذهاب إليه وإحضاره لأنه علم مكانه بحر
قوله ( إن ثبت ذلك بتصديق الطالب ) عبارة الزيلعي لأنه عاجز وقد صدقه الطالب عليه ا هـ
فأنت ترى أن الزيلعي لم يجعل ذلك شرطا لنفي المطالبة بل بين أن فرض المسألة فيما إذا صدقه الطالب ثم أعقب الزيلعي ذلك بقوله ولو اختلفا إلى آخر ما يأتي فبين حكم ما إذا لم يصدقه وهو أنه إذا لم يكن له خرجة معروفة فالقول للكفيل أي فلا يطالب به فلعم أن تصديق الطالب غير شرط في نفي المطالبة
تأمل وبه يعلم أنه لا حاجة إلى إقامة البينة فعبارة المصنف هنا غير محررة
قوله ( بما في القنية ) أي عن الإمام علي السعدي
قوله ( وحيلة دفعه ) أي دفع الطالب على ملازمته للكفيل
قوله ( فإن برهن على ذلك ) أي برهن الكفيل على أن غيبته لا تدرى لكن هذه بينة فيها نفي ولعله يقبل لكونه تبعا والقصد إثبات سقوط المطالبة
مقدسي
وما قاله الرحمتي من أن الضمير في برهن للطالب فغير صحيح لأنه لا يناسب قوله وحيلة دفعه
قوله ( ولو اختلفا ) أي بأن قال الكفيل لا أعرف مكانه وقال الطالب تعرفه
زيلعي
قوله ( وإلا حلف ) عبارة الزيلعي و الفتح و البحر وإلا فالقول للكفيل لأنه متمسك بالأصل وهو الجهل ومنكر لزوم المطالبة
وقال بعضهم لا يلتفت إلى قول الكفيل ويحبسه القاضي إلى أن يظهر عجزه لأن المطالبة كانت متوجهة عليه فلا يصدق في إسقاطها عن نفسه بما يدعي ا هـ
وكأن الشارح صرح بالتحليف أخذا من قولهم يحلف في كل موضع لو أقر به لزمه ثم قد علمت أن كون القول للكفيل مخالف لما في المتن فإنه يقتضي أنه لا يكتفي بقول الكفيل لا أعرف مكانه ما لم يصدقه الطالب أو يبرهن عليه الكفيل
نعم ما في المتن يتمشى على قول البعض المعبر عنه في الفتح بقيل وذلك يفيد ضعفه
____________________
(5/291)
تنبيه قال في النهر ولم أر ما لو برهنا وينبغي أن تقدم بينة الطالب لأن معها زيادة علم
قوله ( ويبرأ الكفيل بالنفس بموت المكفول به ) أي يبرأ أصلا بموت الشخص المطلوب والمراد أنها تبطل بموته كما عبر به في الكنز وغيره لتحقق عجز الكفيل عن إحضاره كما في النهر أي عجزا مستمرا بخلاف الجهل بمكانه لاحتمال العلم به بعد فلذا قالوا هناك لا يطالب به وقالوا هنا تبطل وأما ما في البزازية و الخلاصة من أنه لو كان المكفول به غائبا لا يعلم مكانه ولا يوقف على أثره يجعل كالموت ولا يحبسه فالمراد به أنه كالموت في عدم المطالبة في الحال ولذا قال ولا يحبسه لا في بطلان الكفالة وسقوط المطالبة أصلا وإلا خالف كلامهم متونا وشروحا ونبهنا على ذلك تمهيدا لما نذكره قريبا من حادثة الفتوى
قوله ( بموت المكفول به ) هذا شامل لبراءة كفيل الكفيل بموت الكفيل ولبراءتهما بموت الأصيل
قال في الخانية الكفيل بالنفس إذا أعطى الطالب كفيلا بنفسه فمات الأصيل برىء الكفيلان وكذا لو مات الكفيل الأول برىء الكفيل الثاني ا هـ
مطلب كفالة النفس لا تبطل بإبراء الأصيل بخلاف كفالة المال قال في البحر وأشار باقتصاره في بطلانها على موت المطلوب والكفيل إلى أنها لا تبطل بإبراء الأصيل وتمامه فيه وسيذكره الشارح قبيل كفالة المال
قوله ( أراد به الخ ) كذا في المنح ولا يخفى أن التوهم باق وذلك أنه قال في الخلاصة لو كفل بنفس عبد فمات العبد برىء الكفيل إن كان المدعى به المال على العبد وإن كان المدعى به نفس العبد لا يبرأ وضمن قيمته ا هـ ففي المسألتين المكفول به نفس العبد لكن المدعى به في الأول المال على العبد وفي الثانية رقبة العبد فقول المصنف ولو عبدا يوهم أنه شامل للمسألتين مع أنه لا يبرأ بموت العبد في الثانية وإن تعذر تسليمه بالموت بل تلزمه قيمته فلا بد في دفع التوهم من أن يقول ولو عبدا ادعى عليه مال تأمل
قوله ( وسيجيء ) أي في الباب الآتي ما لو كفل برقبته أي بأن كان المدعى به رقبة العبد وهي المسألة الثانية وستجيء المسألتان جميعا قبيل الحوالة
قوله ( وبموت الكفيل ) أي الكفيل بالنفس لأن الكلام فيه أما الكفيل بالمال فلا تبطل بموته لأن حكمها بعد موته ممكن فيوفى من ماله ثم ترجع الورثة على المكفول عنه إن كانت بأمره وكان الدين حالا فلو مؤجلا فلا رجوع حتى يحل الأجل
بحر وتمامه في الفتح
قوله ( بل وارثه أو وصيه يطالب الكفيل ) فإن سلمه إلى أحد الورثة أو أحد الوصيين خاصة فللباقي المطالبة بإحضاره
بحر عن الينابيع وقد يشكل عليه قولهم أحد الورثة ينتصب خصما للميت فيما له وعليه
نهر قلت في جامع الفصولين أحد الورثة يصلح خصما عن المورث فيما له وعليه ويظهر ذلك في حق الكل إلا أن له قبض حصته فقط إذا ثبت حق الكل ا هـ وبه يظهر الجواب وذلك أن حق المطالبة ثابت لكل واحد من الورثة فإذا استوفى أحدهم حقه لا يسقط حق الباقين لأن له استيفاء حقه فقط وإنما قام مقام الباقين في إثبات حقهم فافهم
قوله ( وقيل يبرأ ) أي الكفيل بموت الطالب
قوله ( ويبرأ بدفعه إلى من كفل له ) أي بالتخلية بينه وبين الخصم وذلك برفع الموانع فيقول هذا خصمك فخذه إن شئت وأطلقه فشمل ما إذا كان للتسليم وقت فسلمه قبله أو لا لأن الأجل حق الكفيل فله إسقاطه كالدين المؤجل إذا قضاه قبل الحلول بحر
____________________
(5/292)
قوله ( أي في موضع يمكن الخ ) ويشترط عندهما أن يكون هو المصر الذي كفل فيه لا عند الإمام وقولهما أوجه كما في الفتح وقيل إنه اختلاف عصر وزمان لا حجة وبرهان وبيانه في الزيلعي واحترز به عما لو سلمه في برية أو سواد وتمامه في النهر
قوله ( سواء قبله الطالب أولا ) فيجبر على قبوله بمعنى أنه ينزل قابضا كالغاصب إذا رد العين والمديون إذا دفع الدين منح بخلاف ما إذا سلمه أجنبي فلا يجبر كما يأتي
قوله ( ويبرأ بتسليمه مرة ) إلا إذا كان فيها ما يتقضي التكرار كما إذا كفله على أنه كلما طلبه فله أجل شهر كما مر تقريره
قوله ( به يفتى ) وهو قول زفر وهذه إحدى المسائل التي يفتى فيها بقول زفر بحر وعدها سبعا وقال وليس المراد الحصر قلت وقد زدت عليها مسائل وذكرتها منظومة في النفقات قال في النهر وفي الواقعات الحسامية جعل هذا رأيا للمتأخرين لا قولا لزفر
ولفظه والمتأخرين من مشايخنا يقولون جواب الكتاب أنه يبرأ إذا سلمه في السوق أو في موضع آخر في المصر بناء على عاداتهم في ذلك الزمان أما في زماننا فلا يبرأ لأن الناس يعينون المطلوب على الامتناع عن الحضور لغلبة الفسق فكان الشرط مقيدا فيصح وبه يفتى ا هـ وهو الظاهر إذ كيف يكون هذا اختلاف عصر وزمان مع أن زفر كان في ذلك الزمان ا هـ
قلت فيه نظر ظاهر فكم من مسألة اختلف فيها الإمام وأصحابه وجعلوا الخلاف فيها بسب اختلاف الزمان كمسألة الاكتفاء بظاهر العدالة وغيرها وكالمسألة المارة آنفا وبعد نقل الثقات ذلك عن زفر كيف ينفي بكلام يحتمل أنه مبني على قوله والمشاهد اختلاف الزمان في مدة يسيرة
قوله ( ولو سلمه عند الأمير ) أي وقد شرط تسليمه عند القاضي
قوله ( عند قاض آخر ) أي غير قاضي الرساتيق كما أجاب بعضهم واستحسنه في القنية لأن أغلبهم ظلمة
قال ط قلت ولا خصوص للرساتيق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
قوله ( ابن مالك ) ونص كلامه في شرحه على المجمع ولو سلمه في السجن وقد حبسه غير الطالب لا يبرأ لأنه لا يتمكن من إحضاره مجلس الحكم
وفي المحيط هذا إذا كان السجن سجن قاض آخر في بلد آخر
أما لو كان سجن هذا القاضي أو سجن أمير البلد في هذا المصر يبرأ وإن كان حبسه قد غير الطالب لأن سجنه في يده فيخلى سبيله حتى يجيب خصمه ثم يعيده إلى السجن ا هـ
وفي البحر عن البزازية ولو ضمن وهو محبوس فسلمه فيه يبرأ ولو أطلق ثم حبس ثانيا فدفعه إليه فيه إن الحبس الثاني في أمور التجارة ونحوها صح الدفع وإن في أمور السلطان ونحوها لا اه
وفي كافي الحاكم وإذا حبس المكفول به بدين أو غيره أخذت الكفيل لأنه يقدر على أنه يفكه مما حبس به بأداء حقه الذي حبسه ا هـ
أي إذا لم يمكنه تسليمه كما يعلم من كلام المحيط المار
قوله ( وكذا يبرأ الكفيل بتسليم المطلوب نفسه ) هذا إذا كانت الكفالة بالأمر أي أمر المطلوب وإلا فلا يبرأ كما في السراج عن الفوائد والوجه فيه ظاهر لأنها إذا
____________________
(5/293)
كانت بغيرأمره لا يلزم المطلوب الحضور فليس مطالبة بالتسليم فإذا سلم نفسه لا يبرأ الكفيل نهر وفي التاترخانية لو كفل بنفسه بلا أمره فلا مطالبة للكفيل عليه إلا أن يجده فيسلمه فيبرأ ا هـ فلا يأثم بعدم التمكين منه فله الهرب بخلاف ما إذا كانت بأمره وكذا قولهم له منعه من السفر إنما هو إذا كانت بأمره أفاده في البحر
قوله ( وبتسليم وكيل الكفيل ) لو قال وبتسليم نائبه لكان أجود وأفود لأن كفيل الكفيل لو سلمه برىء الكفيل أيضا كما في الخانية نهر
قوله ( ورسوله إليه ) أي إلى الطالب بأن دفع المطلوب إلى رجل يسلمه إلى الطالب على وجه الرسالة فيقول الرجل إن الكفيل أرسل معي هذا لأسلمه إليك
قوله ( لأن رسوله إلى غيره كالأجنبي ) تعليل لمفهوم قوله إليه فإن مفهومه أنه لا يبرأ لو كان رسولا إلى غيره بمجرد التسليم ومثاله كما في ط لو قال الكفيل لشخص خذ هذا وسلمه لفلان ليسلمه للطالب فأخذه الرسول وسلمه إلى الطالب بنفسه فإنه يكون كتسليم الأجنبي
قوله ( وفيه ) أي في تسليم الأجنبي يشترط أي زيادة على الشرط الذي بعده قبول الطالب
قال في البحر وقيد بالوكيل والرسول لأنه لو سلمه أجنبي بغير أمر الكفيل وقال سلمت إليك عن الكفيل وقف على قبوله فإن قبله الطالب برىء الكفيل وإن سكت لا ا هـ
قوله ( ويشترط أن يقول كل واحد من هؤلاء ) أي الثلاثة وهم المطلوب والوكيل والرسول وهذا دخول على المتن أراد به التنبيه على أمرين أحدهما أن قول المصنف من كفالته قيد في الكل لا في الوكيل والرسول فقط كما قد يتوهم من عبارة المصنف حيث كرر لفظ بتسليم ولا في المطلوب فقط كما يتوهم من عبارة الكنز حيث قدم قوله من كفالته على تسليم الوكيل
ثانيهما أنه لا يكفي قصد كون التسليم عن الكفالة بل لا بد من التصريح به بأن يقول سلمت إليك عن الكفيل من كفالته فافهم لكن اقتصر في الدرر على قوله عن الكفيل وعزاه إلى الخانية واقتصر في البحر على قوله عن الكفالة وعبر في الفتح مرة بالأول ومرة بالثاني فعلم أنه لا يلزم الجمع بينهما فلو زاد الشارح كلمة أو بأن قال أو من كفالته لكان أولى
قوله ( وإلا لا يبرأ ) أي إن لم يقل أحد هؤلاء ذلك لا يبرأ الكفيل
قوله ( ابن كمال ) ومثله في الفتح و البحر و المنح وغيرها
قوله ( فإن قال إن لم أواف الخ ) قيد بعدم الموافاة للاحتراز عما في البزازية كفل بنفسه على أنه متى طالبه سلمه فإن لم يسلمه فعليه ما عليه ومات المطلوب وطالبه بالتسليم وعجز لا يلزمه المال لأن المطالبة بالتسليم بعد الموت لا تصح فإن لم تصح المطالبة لم يتحقق العجز الموجب للزوم المال فلم يجب ا هـ بحر
قوله ( أي آت ) ومثله إن لم أدفعه إليك أو إن غاب عنك
نهر قوله ( فهو ) أي القائل وهو من تتمة المقول بالمعنى لأنه إنما يقول فأنا ضامن لما عليه أو عندي كما في الخانية وقد مر
قوله ( لما عليه ) أشار إلى أنه لا يشترط تعيين قدر المال كما يأتي وقيد بقوله لما عليه لأنه لو قاله فالمال الذي لك على فلان رجل آخر وهو ألف درهم فهو علي جاز في قول أبي يوسف
وقال محمد الكفالة بالنفس جائزة والكفالة بالمال باطلة لأنه مخاطرة إذا كان المال على غيره وإنما يجوز إذا كان المال عليه استحسانا ولو كفل بنفس رجل للطالب
____________________
(5/294)
عليه مال فلزم الطالب الكفيل وأخذ منه كفيلا بنفسه على أنه إن لم يواف به فالمال الذي على المكفول به الأول عليه جاز وليس هذا كالذي عليه مال ولم يكفل به أحد كذا في كافي الحاكم
قوله ( مع قدرته عليه ) صرح بهذا القيد الزيلعي والشمني في شرح النقاية وكذا في البحر
وقال المصنف في المنح إنه قيد لازم لأنه إذا عجز لا يلزمه إلا إذا عجز بموت المطلوب أو جنونه ا هـ
قوله ( فلو عجز لحبس أو مرض ) أي مثلا فيدخل فيه ما إذا غاب المكفول به ولم يعلم مكانه فقد مر التصريح بأن ذلك عجز وقد علمت أن شرط ضمان المال عدم الموافاة مع القدرة وحيث صرحوا بأن الغيبة المذكورة عجز عن الموافاة لم يتحقق القدرة ولم يستثنوا من العجز إلا العجز بموت المطلوب أو جنونه فدخلت الغيبة المذكورة في العجز
وأما ما قدمناه عن الخلاصة و البزازية من أن الغيبة المذكورة كالموت فقدمنا أن المراد أنها مثله في سقوط المطالبة في الحال لا من كل وجه على أن ذلك مذكور في كفالة النفس والموت هناك مبطل للكفالة بالنفس ومسقط للمطالبة بالكلية وليس هناك كفالة بالمال وهنا المراد ثبوت كفالة المال المعلقة على عدم الموافاة مع القدرة والموت هنا محقق لكفالة المال ومثبت للضمان فإذا جعلت الغيبة المذكورة كالموت بالمعنى المراد فيما مر وهو سقوط المطالبة بالنفس للعجز عن تسليمه لا يلزم منه ثبوت ضمان المال المعلق على عدم الموافاة مع القدرة بل يلزم عدم ثبوته لتحقق العجز وإن جعلت كالموت بالمعنى المراد هنا هو ثبوت الضمان نافي قولهم مع القدرة وقد علمت أن الغيبة المذكورة عجز مناف للضمان وأنهم لم يستثنوا من العجز إلا الموت والجنون على أن جعلها كالموت في ثبوت الضمان خلاف ما أراده في البزازية و الخلاصة لأنهما إنما ذكرا ذلك في كفالة النفس المجردة عن كفالة المال وقد صرح أصحاب المتون وغيرهم بأن الغيبة المذكورة مسقطة للمطالبة بالتسليم وذلك مناف لثبوت الضمان أي ضمان النفس فلا يصح الاستدلال بتلك العبارة على كون الغيبة المذكورة مسقطة للمطالبة بالمال في مسألتنا وإنما تسقط المطالبة بالنفس فقط وأما المطالبة بالمال فهي حكم الكفالة الأخرى المعلقة على عدم الموافاة مع القدرة فإذا وجد ما علقت عليه ثبتت وإلا فلا ومع الغيبة المذكورة لم توجد القدرة فلا تثبت المطالبة بالمال كمالا يخفى
مطلب حادثة الفتوى فإذا علمت ذلك ظهر لك جواب حادثة الفتوى قريبا من كتابتي لهذا المحل وهي رجلان عليهما ديون فكفلهما زيد كفالة مال وكفلهما عند زيد أربعة رجال على أنهم إن لم يوافوه بالمطلوبين عند حلول الأجل فالمال المذكور عليهم ثم حل الأجل وأدى زيد إلى أصحاب الديون وطالب الأربعة بالمطلوبين فأحضروا له أحدهما وعجزوا عن إحضار الآخر لكونه سافر إلى بلاد الحرب ولا يدرى مكانه
فأجبت بأنه لا يلزمهم المال للعجز عن الموافاة بالغيبة المذكورة فعارضني الحاكم الشرعي بعبارة البزازية المارة فأجبته بما حررته والله سبحانه أعلم
قوله ( كما أفاده بقوله الخ ) أي أفاد بعضه لأنه لم يذكر الجنون لكن يفهم حكمه من الموت لأن المستحق عليه تسليم يكون ذريعة إلى الخصام ولا يتحقق ذلك مع الجنون كالموت
قوله ( أو مات المطلوب ) يعني بعد الغد كذا في الفتح وبهذا يزول إشكال المسألة وهو أن شرط الضمان عدم الموافاة مع القدرة ولا شك أنه لا قدرة على الموافاة بالمطلوب بعد موته فإذا قيد الموت بما بعد الغد يكون قد وجد شرط الضمان قبله لأن فرض المسألة عدم الموافاة به غدا كما نبه عليه الشارح بقوله في الصورة المذكورة أي المقيدة بالغد لكن مفاده أنه لو لم يقيد بالغد
____________________
(5/295)
لا يثبت الضمان بالموت مع أنه صرح في الفتح أيضا بأنه لا فرق بين المقيد والمطلق فليتأمل
ثم رأيت في كافي الحاكم قيد بقوله فمات المكفول به قبل الأجل ثم حل الأجل فالمال على الكفيل فهذا مخالف لقول الفتح يعني بعد الغد
قوله ( في الصورتين ) أي صورة عدم الموافاة مع القدرة وصورة موت المطلوب وموت المطلوب وإن أبطل الكفالة بالنفس فإنما هو في حق تسليمه إلى الطالب لا في حق المال
بحر
قوله ( بشرط متعارف ) فلو قال إن وافيتك به غدا فعلي ما عليه ثم وافى به لم يلزمه المال لأنه شرط لزومه إن أحسن إليه كذا في منية المفتي يعني أنه تعليق بشرط غير متعارف
نهر
لكن في جامع الفصولين لو قال إن وافيتك به غدا فعلي المال لم تصح الكفالة بخلاف إن لم أوافك به غدا ا هـ
واستشكل في نور العين الفرق بين المسألتين لأن قوله وإلا فعلي المال بمعنى إن لم أوافك به غدا
قلت الظاهر أن قوله وإلا زائد والصواب إسقاطه بدليل كلام المنية وبه يزول الإشكال
تدبر
قوله ( لعدم التنافي ) إذ كل منهما للتوثق ولعله يطالبه بحق آخر يدعي به غير المال الذي كفل به معلقا كما في الفتح
قوله ( لفقد شرط ) وهو بقاء الكفالة بالنفس لزوالها بالإبراء وطولب بالفرق بينه وبين موت المطلوب فإنها بالموت زالت أيضا
وأجيب بأن الإبراء وضع لفسخ الكفالة فتفسخ من كل وجه والانفساخ بالموت إنما هو لضرورة العجز عن التسليم المفيد فيقتصر إذ لا ضرورة إلى تعديه إلى الكفالة بالمال كذا في الفتح
نهر
قوله ( طلب وارثه ) أي طلب وارثه من الكفيل إحضار المكفول به في الوقت وإن مضى الوقت طلب منه المال
قوله ( طولب وارثه ) أي بإحضار المكفول به في الوقت وبالمال بعده
قوله ( فإن دفعه ) تفريع على قوله ولو مات الكفيل الخ
قوله ( فالقول للطالب ) ويكون الأمر على ما كان في الابتداء ولا يمين على واحد منهما لأن كلا منهما مدع الكفيل البراءة والطالب الوجوب ولا يمين على المدعي عندنا بحر عن نظم الفقه
قوله ( ولو اختفى الطالب ) أي عند مجيء الوقت
في المواضع التي ينصب فيها القاضي وكيلا بالقبض المتواري عن الغائب المتواري قوله ( نصب القاضي عنه وكيلا ) أي فيسلمه إليه وكذا لو اشترى بالخيار فتوارى البائع أو حلف ليقضين دينه اليوم فتغيب الدائن أو جعل أمرها بيدها إن لم تصل نفقتها فتغيبت فالمتأخرون على أن القاضي ينصب وكيلا عن الغائب في الكل وهو قول أبي يوسف كذا في الخانية
قال أبو الليث هذا خلاف قول أصحابنا وإنما روي في بعض الروايات عن أبي يوسف ولو فعله القاضي فهو حسن
نهر
قوله ( ولا يصدق الكفيل الخ ) الأولى ذكره بعد قوله لأنه منكرها
قوله ( ادعى على آخر حقا ) أفاد أنه لا فرق بين أن يبين مقدارا أصلا أو يبين
____________________
(5/296)
المقدار ولم يبين صفته وقد جمع بين المسألتين الإمام محمد في الجامع الصغير واقتصر في الكنز على الثانية
قال في النهر ولو تبعه المصنف لكان أولى والخلاف الآتي جار فيهما خلافا لما يوهمه كلام البحر
قوله ( لتصح الدعوى ) علة للمنفي بلم أفاد أن صحة الدعوى وقت الكفالة غير شرط
قوله ( أي فعليه المائة ) أي المائة الدينار المذكورة والأولى أن يزيد مائة دينار منكرة لأجل قوله حقا وقيد بكونه كفل بقدر معلوم لما في كافي الحاكم من أنه لو كفل بنفسه على أنه إن لم يواف به غدا فعليه ما للطالب عليه من شيء فلم يواف به في الغد وقال الكفيل لا شيء لك عليه فالقول له مع يمينه على علمه وكذلك إذا أقر الكفيل بمائة والمطلوب بمائتين صدق المطلوب على نفسه ولم يصدق على الكفيل ولو قال فعليه من المال ما أقر به المطلوب فأقر المطلوب بألف فالكفيل ضامن لها ولو قال فعليه ما ادعى الطالب وادعى ألفا وأقر له بها المطلوب فالقول للكفيل مع يمينه على علمه ا هـ
قوله ( فعليه المائة ) هذا قول الإمام والثاني آخرا
وقال محمد إن لم يبينها ثم ادعى وبينها لا تلزمه وتمامه في النهر قوله ( أما بالبينة الخ ) تابع فيه صاحب النهر وكأنه أخذه مما يأتي عن السراج من اشتراط إقرار المدعى عليه بالمال والبينة مثل الإقرار لكن هذا مخالف لكلام المصنف وغيره من أن القول للمدعي كما يأتي
قوله ( والقول له أي للكفيل ) عبارة المصنف في المنح أي للمكفول له وهي الصواب وقد تبع الشارح الدرر
واعترضه في العزمية بقوله هذا سهو ظاهر والصواب للمدعي
أما دراية فلأن قولهم لأنه يدعي الصحة يشهد بذلك فإن ادعاء الصحة لا يوافق مدعاه
وأما رواية فلقوله في معراج الدراية ويكون القول له في هذا البيان لأنه يدعي الصحة والكفيل يدعي الفساد ذكره في الذخيرة ا هـ
وفي غاية البيان ويقبل قول المدعي أنه أراد ذلك عند الدعوى لأنه يدعي الصحة ا هـ ما في العزمية
وفي النهاية فإذا بين المدعي ذلك عند القاضي ينصرف بيانه إلى ابتداء الدعوى والملازمة فتظهر صحة الكفالة بالنفس والمال جميعا ويكون القول قوله في هذا البيان لأنه يدعي صحة الكفالة ا هـ
ومثله في شرح الجامع الصغير لقاضيخان
فهذه العبارات صريحة في المراد وهو ظاهر عبارات المتون و الهداية
قوله ( وكلام السراج يفيد الخ ) وذلك حيث قال لو ادعى على رجل ألفا فأنكره فقال له رجل إن لم أوافك به غدا فهي علي فلم يوافه به غدا لا يلزمه شيء لأن المكفول عنه لم يعترف بوجود المال ولا اعترف الكفيل بها أيضا فصار هذا مالا معلقا بخطر فلا يجوز ا هـ
قوله ( فليحرر ) لا يخفى أن ما في السراج لا يعارض ما في مشاهير كتب المذهب التي ذكرناها
وقال السائحاني الذي تحرر لي أن يحمل ما في السراج على قول محمد وقول أبي يوسف ثانيا ا هـ
وهو ظاهر
ولا يقال إن قول السراج فأنكره يفيد التوفيق بحمل كلامهم على الإقرار لأنه خلاف ما فرض به المسألة في كافي
____________________
(5/297)
الحاكم من كون الكفيل والمطلوب منكرين للمال
قوله ( في دعوى حد وقود ) قيد بالدعوى لأن الكفالة بنفس الحد والقود لا تجوز إجماعا كما يأتي إذ لا يمكن استيفاؤهما من الكفيل وقيد بالقصاص لأنه في القتل والجراحة خطأ يجبر عليه الكفيل إجماعا لأن الموجب هو المال
نهر
قوله ( مطلقا ) أي في حقه تعالى أو حق عبد وهذا راجع لقوله حد والأولى ذكره عقبه قوله ( وسرقة ) هذا ألحقه التمرتاشي وجعله من حقوق العباد لكون الدعوى فيه شرطا بخلاف غيره لعدم اشتراطها
بحر
قلت قد صرح به الحاكم في الكافي حيث قال ولو ادعى رجل قبل رجل أنه سرق مالا منه وقال بينتي حاضرة فإنه يؤخذ له كفيل بنفسه ثلاثة أيام ولو قال قد قبضت منه السرقة ولكني أريد أن أقيم الحد لم يؤخذ منه كفيل
ثم قال وإذا أقام شاهدين على السارق وعلى السرقة وهي بعينها في يديه لم يؤخذ منه كفيل ولكن يحبس وتوضع السرقة على يدي عدل حتى يزكي الشهود ا هـ
قلت والظاهر أنه يحبس ولا يكفل في الثانية لأنه صار متهما بقيام البينة قبل التزكية والمتهم يحبس كما يأتي وفي الأولى لم يحبس لأن الحبس عقوبة فلا يفعلها قبل الشهادة
قوله ( كتعزير ) قال في الكافي لو ادعى رجل قبل رجل شتيمة فيها تعزير وقال بينتي حاضرة أخذ له منه كفيلا بنفسه ثلاثة أيام لأنه ليس بحد وهو من حقوق الناس ألا ترى أنه لو عفا عنه وتركه جاز
ثم قال وإن أقام عليه شاهدين بالشتيمة لم يحبس ولكن يؤخذ منه كفيل بنفسه حتى يسأل عن الشهود فإن زكوا عزره القاضي أسواطا وإن رأى أن لا يضربه وأن يحبسه أياما عقوبة فعل وإن كان المدعى عليه رجلا له مروءة وخطر استحسنت أن لا أحبسه ولا أعزره إذا كان ذلك أول ما فعل ا هـ
قوله ( لأنه حق آدمي ) ظاهره أن ما كان أي من التعزير من حقوقه تعالى لا يجوز به التكفيل كالحد
بحر قوله ( والمراد بالجبر ) أي على قولهما كما في البحر
قوله ( الملازمة ) أي بأن يدور معه الطالب حيث دار كي لا يتغيب عنه
وإذا أراد دخول داره فإن شاء المطلوب أدخله معه وإلا منعه الطالب عنه
نهر
قوله ( جاز ) لأنه أمكن ترتيب موجبه عليه لأن تسليم النفس فيها واجب فيطالب به الكفيل فيتحقق الضم
هداية
قال في الفتح ومقتضى هذا التعليل صحة الكفالة إذا سمح بها في الحدود الخالصة لأن تسليم النفس واجب فيها لكن نص في الفوائد الخبازية على أن ذلك في الحدود التي للعباد فيها حق كحد القذف لا غير ا هـ نهر
وفي البحر قدمنا أنه لا تجوز بنفس من عليه في الحدود الخالصة
قوله ( وظاهر كلامهم ) أي حيث اقتصروا على هذه الثلاثة وقد أسمعناك التصريح به في الفتح عن الخبازية وذكره قبل ذلك أيضا حيث قال بخلاف الحدود الخالصة حقا لله تعالى كحد الزنا والشرب لا تجوز الكفالة وإن طابت نفس المدعى عليه بإعطاء الكفيل بعد الشهادة أو قبلها ثم ذكر وجهه
قوله ( فليكن التوفيق ) أي فليكن ظاهر كلامهم المذكور توفيقا بين ما ذكره المصنف من أنه لو أعطى كفيلا برضاه جاز وبين ما سيجيء بحمل ما هنا على حقوق العباد وما سيجيء على حقوقه تعالى
لكن فيه أن الكفالة بنفس الحد لا تصح مطلقا لأن حد السرقة وإن كان ملحقا بحقوق العباد كما مر لكن إذا قال قبضت السرقة وقال أريد إقامة الحد لم يؤخذ له كفيل كما قدمناه فالأظهر أن يكون مراده أن ما سيجيء
____________________
(5/298)
من قولهم لا تصح بنفس حد وقود هو التوفيق بينه وبين ما هنا من أنه لو أعطى كفيلا برضاه جاز فإن ذاك في أنها لا تصح بنفس الحد والقود وما هنا من الجواز في دعوى الحد والقود كما أشار إليه أولا حيث قال وفي دعوى حد وقود
قوله ( ولا حبس فيهما ) أي في الحدود والقصاص
قوله ( يعرفه القاضي بالعدالة ) أي فلا يحتاج إلى تعديله
قوله ( لأن الحبس للتهمة مشروع ) أي والتهمة تثبت بأحد شطري الشهادة العدد أو العدالة
فتح
وهذا جواب عما قد يقال الحبس أقوى من الكفالة فإذا لم يؤاخذ بالأدنى يؤاخذ بالأقوى فأجاب بأن الحبس للتهمة لا للحد
أفاده السائحاني
مطلب في تعزير المتهم قوله ( وكذا تعزير المتهم ) أي في غير هذه المسألة وإلا فهي أيضا من تعزير المتهم فإن الحبس من أنواع التعزير
و عبارة البحر وكلامهم هنا يدل ظاهرا على أن القاضي يعزر المتهم وإن لم يثبت عليه
وقد كتبت فيها رسالة وحاصلها أن ما كان من التعزير من حقوقه تعالى لا يتوقف على الدعوى ولا على الثبوت بل إذا أخبر القاضي عدل بذلك عزره لتصريحهم هنا بحبس المتهم بشهادة مستورين أو عدل والحبس تعزير ا هـ ملخصا
وحاصله جواز تعزير المتهم فيما هو من حقوقه تعالى ويدل عليه ما قدمناه آنفا على الكافي من جواز حبسه إذا أقيمت البينة على السرقة حتى تزكي الشهود بخلاف ما إذا أقيمت على شتمه فإنه يكفل ولا يحبس إلا بعد تزكيتهم فحينئذ يضرب أو يحبس
تنبيه أورد في النهر أن تعزير القاضي المتهم وإن لم يثبت عليه مبني على خلاف المفتى به عند المتأخرين من أنه ليس للقاضي أن يقضي بعلمه ثم أجاب بأن الخلاف فيما كان من حقوق العباد أما في حقوقه تعالى فيقضى فيها بعلمه اتفاقا
ثم قال فما يكتب من المحاضر في حق إنسان فإن للحاكم أن يعتمده من العدول ويعمل بموجبه في حقوقه تعالى ا هـ ملخصا
قلت وهذا خاص بالتعزير لأن قضاءه بعلمه في الحدود الخالصة لا يصح اتفاقا كما صرح به في الفتح قبيل باب التحكيم وكذا في شرح الوهبانية للشرنبلالي وجزم به في شرح أدب القضاء بلا حكاية خلاف فما أجاب به في النهر غير صحيح وسيأتي تمام الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى في باب كتاب القاضي إلى القاضي
مطلب لا يلزم أحدا إحضار أحد إلا في أربع قوله ( إلا في أربع ) استثناء من قوله لا يلزم أحدا
قوله ( كفيل نفس ) أي عند القدرة
أشباه قوله ( وسجان قاض ) أي إذا خلي رجلا من المسجونين حبسه القاضي بدين عليه فلرب الدين أن يطلب السجان بإحضاره كما في القنية
أشباه وقيد بإحضاره إذ لا يلزمه الدين لعدم موجبه
قوله ( والأب في صورتين ) الأولى الأب إذا أمر أجنبيا بضمان ابنه فطلبه الضامن منه
الثانية ادعى الأب مهر ابنته من الزوج فادعى الزوج أنه دخل بها وطلب من الأب إحضارها فإن كانت تخرج في حوائجها أمر القاضي الأب بإحضارها وكذا لو ادعى الزوج عليها شيئا آخر وإلا أرسل إليها أمينا من أمنائه ذكره الولوالجي
أشباه
____________________
(5/299)
قلت والمقصود من طلب إحضارها أن يسألها القاضي عن دعوى الزوج أنه دخل بها فإن أقرت بذلك أجبرها القاضي على المصير إلى بيت الزوج وإن أنكرت فالقول قولها كذا في الولوالجية
وهكذا فهمته قبل أن أراه ولله تعالى الحمد فافهم
وهذا مبني على القول بأنها بعد الدخول بها برضاها ليس لها منع نفسها لقبض المهر
قوله ( الأب يطالب بإحضار طفله إذا تغيب ) أي إذا كان مأذونا في التجارة وطلب من رجل أن يضمنه فافهم وهذه غير الأولى من الصورتين السابقتين وقدمناه عن الكافي وكذا قال في جامع الفصولين من الإحكامات لو تغيب الغلام وآخذ الكفيل أبا الغلام وقال أنت أمرتني أن أضمنه فخلصني فإن الأب يؤاخذ به حتى يحضر ابنه إذ الصبي في يده وتدبيره وكذا قالوا إن الصبي المأذون لو أعطى كفيلا بنفسه ثم تغيب الصبي فإن الأب يطالب بإحضاره بخلاف أجنبي قال أكفل بنفس زيد وكفل فغاب زيد فالآمر بالكفالة لا يطالب بإحضار زيد لأنه لم يكن بيده وتدبيره ا هـ
قوله ( وفيها ) أي في الأشباه
قوله ( بإحضار المدعى ) بالفتح أي المدعى به إذا كان منقولا
قوله ( وكذا المدعى عليه ) أي يأخذ من المدعى عليه كفيلا بنفسه إذا برهن المدعى ولم تزك شهوده أو أقام واحدا أو ادعى وقال شهودي حضور ولا يجبر على إعطاء كفيل بالمال
أشباه
قوله ( إلا في أربع الخ ) عبارة الأشباه ويستثنى من طلب كفيل بنفسه إذا كان المدعى عليه وصيا أو وكيلا ولم يثبت المدعي الوصاية والوكالة وهما في أدب القضاء للخصاف وما إذا ادعى بدل الكاتبة على مكاتبه أو دينا غيرها وما إذا ادعى العبد المأذون الغير المديون على مولاه دينا بخلاف ما إذا ادعى المكاتب على مولاه أو المأذون المديون فإنه يكفل كذا في كافي الحاكم ا هـ
قوله ( إذا لم يثبت المدعي الوصاية والوكالة ) لأن المدعى عليه إذا أنكر كونه وصيا أو وكيلا لم يكن خصما عن الميت أو الغائب بل هو أجنبي فإذا قال المدعي عندي بينة على كونه وصيا أو وكيلا لم يؤخذ له كفيل من المدعى عليه بنفسه لأن الوصاية أو الوكالة ليست حقا على المدعى عليه أما لو أثبت ذلك وأراد أن يثبت دينا له على الميت أو الموكل فقد صار المدعى عليه خصما فإذا قال للقاضي لي بينة حاضرة في المصر فخذ لي كفيلا بنفسه إلى ثلاثة أيام مثلا فإنه يجيبه هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل
قوله ( لا يجبر على الكفيل ) وفي ظاهر الرواية يجبر كما أنه يجبر علي إعطاء الكفيل وإن كان المال حقيرا ط عن حاشية أبي السعود
قوله ( إلا كفيل النفس ) فإن الطالب إذا أقر أنه لا حق له قبل المكفول به فإن أبا حنيفة قال له أن يأخذ الكفيل به ألا ترى أنه يكون وصيا يثبت عليه أو وكيلا في خصومة
كافي
مطلب كفالة المال قوله ( وأما كفالة المال الخ ) معطوف على قوله وكفالة النفس قال في شرح الملتقى وزاد بعضهم الكفالة بتسليم المال ويمكن دخوله في المال فلا يحتاج إلى جعله قسما ثالثا فتأمل ا هـ
وهو ظاهر ما في البحر عن التاترخانية له مال على رجل فقال رجل للطالب ضمنت لك ما على فلان أن أقبضه وأدفعه إليك قال ليس هذا على ضمان المال أن يدفعه من عنده إنما هو على أن يتقاضاه ويدفعه إليه وعلى هذا معاني كلام الناس ولو غصب من مال رجل
____________________
(5/300)
ألفا فقاتله المغصوب منه وأراد أخذها منه فقال رجل لا تقاتله فأنا ضامن لها آخذها وأدفعها إليك لزمه ذلك ولو كان الغاصب استهلك الألف وصارت دينا كان هذا الضمان باطلا وكان عليه ضمان التقاضي ا هـ
فهذه الألفاظ لا تكون كفالة بنفس لمال بل بتقاضيه وهذا إذا لم يذكره معلقا
ففي جامع الفصولين قال دينك الذي على فلان أنا أدفعه إليك أنا أسلمه أنا أقبضه لا يكون كفيلا ما لم يتكلم بلفظة تدل على الالتزام
ثم قال لو أتى بهذه الألفاظ منجزا لا يصير كفيلا ولو معلقا كقوله لو لم يؤد فأنا أؤدي فأنا أدفع يصير كفيلا ا هـ
مطلب كفالة المال قسمان كفالة بنفس المال وكفالة بتقاضيه وقد علم بما مر أن كفالة المال قسمان كفالة بنفس المال وكفالة بتقاضيه ومن الثاني الكفالة بتسليم عين كأمانة ونحوها كما يأتي ومنه أيضا قوله ولو غصب من مال رجل الخ لأن دراهم الغصب تتعين فيجب رد عينها لو قائمة بخلاف ما إذا هلكت لأنها تصير دينا فلا تصح الكفالة بدفعها بل يصير كفيلا بالتقاضي وبه ظهر الفرق بين المسألتين
قوله ( فتصح به ) أطلقه فشمل ما إذا كان الأصيل مطالبا به الآن أو لا فتصح عن العبد المحجور بما يلزمه بعد العتق باستهلاك أو قرض ويطالب الكفيل الآن كما لو فلس القاضي المديون وله كفيل فإن المطالبة تتأخر عن الأصيل دون الكفيل كما في التاترخانية
نهر
وشمل كفالة المال عن الأصيل وعن الكفيل بأن كفل عن الكفيل كفيل آخر بما على الأصيل كما قدمناه أول الباب عن الكافي
وقال في البحر أطلق صحتها فشمل كل من عليه المال حرا كان أو عبدا مأذونا أو محجورا صبيا أو بالغا رجلا أو امرأة مسلما كان أو ذميا وكان من له المال لكن في البزازية الكفالة للصبي التاجر صحيحة لأنه تبرع عليه وللصبي العاقل غير التاجر روايتان ا هـ
وذكر الحاكم الشهيد أن الجواز قول أبي يوسف
وفي التاترخانية إذا كفل رجل لصبي إن كان الصبي تاجرا صح بخطابه وقبوله وإن كان محجورا فإن قبل عنه وليه أو أجنبي وأجاز وليه جاز وإن لم يخاطب ولي ولا أجنبي بل الصبي فقط فعن الخلاف ا هـ
قلت والظاهر أن مبنى الخلاف على أنه هل يشترط في الكفالة القبول في المجلس ولو من فضولي وعند أبي يوسف لا يشترط وسيأتي اختلاف التصحيح وقد صرحوا بأن يصح ضمان الولي مهر الصغيرة وسيأتي تمام الكلام عليه
قوله ( ولو المال مجهولا ) لابتنائها على التوسع وقد أجمعوا على صحتها بالدرك مع أنه لا يعلم كما يستحق من المبيع
نهر ويأتي في المتن أربعة أمثلة للمجهول وفي الفتح وما نوقض به من أنه لو قال كفلت لك بعض مالك على فلان فإنه لا يصح ممنوع بل يصح عندنا والخيار للضامن ويلزمه أن يبين أي مقدار شاء ا هـ
وفي البحر عن البدائع لو كفل بنفس رجل أو بما عليه وهو ألف جاز وعليه أحدهما أيهما شاء ا هـ
ومثله في الكافي
قوله ( إذا كان ذلك المال دينا صحيحا ) يأتي تفسيره ودخل فيه المسلم فيه فتصح الكفالة به كما عزاه الحانوتي إلى شرح التكملة
ويشترط أيضا أن يكون الدين قائما كما قدمه أول الباب
قوله ( كم سيجيء ) في قوله ولا لشريك بدين مشترك فهذا دين صحيح لا تصح به الكفالة
قوله ( لأن قسمة الدين قبل قبضه لا تجوز ) لأنه إما أن يكفل نصفا مقدرا فيكون قسمة الدين قبل قبضه أو نصفا شائعا فيصير كفيلا لنفسه لأن له أن يأخذ من المقبوض نصفه
____________________
(5/301)
كما في النهر عن المحيط
قوله ( وإلا في مسألة النفقة المقررة ) ما قبل هذا الاستثناء وما بعده استثناء من صريح قوله
إذا كان دينا صحيحا وهذا استثناء من مفهومه فإنه يفهم منه أنه إذا كان الدين غير صحيح لا تصح الكفالة فقال إلا في مسألة النفقة المقررة فإنها تصح الكفالة بها مع أنها دين غير صحيح لسقوطها بموت أو طلاق وهذا إذا كانت غير مستدانة بأمر القاضي وإلا فهي دين صحيح لا يسقط إلا بالقضاء أو الإبراء والمراد بالمقررة ما قرر منها بالتراضي أو بقضاء القاضي وتصح الكفالة أيضا بالنفقة المستقبلة كما يذكره الشارح بعد أسطر مع أنها لم تصر دينا أصلا
وأما ما قدمه أول الباب من أنها لا تصح بالنفقة قبل الحكم فمحمول على الماضية لأنها تسقط بالمضي إلا إذا كانت مقررة بالتراضي أو بقضاء القاضي كما حررناه هناك
قوله ( وإلا في بدل السعاية ) أي كما إذا أعتق بعضه وسعى في باقيه وفي كافي الحاكم والمستسعى في بعض قيمته بعدما عتق بمنزلة المكاتب في قوله أبي حنيفة لا تجوز كفالة أحد عنه بالسعاية لمولاه ولا بنفسه وكذلك المعتق عند الموت إذا لم يخرج من الثلث فتلزمه السعاية وأما المعتق على جعل فهو بمنزلة الحر والكفالة للمولى بالجعل عنه وغيره جائزة ا هـ
قوله ( فيلغز أي دين صحيح الخ ) فيقال هو بدل السعاية وكذا الدين المشترك كما علمته
قال في النهر فإن قلت دين الزكاة كذلك ولا تصح الكفالة به
قلت إنما لم تصح لأنه ليس دينا حقيقة من كل وجه ا هـ
قلت وفي قوله كذلك نظر لأن الدين الصحيح ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء ودين الزكاة يسقط بالموت وبهلاك المال فلا يرد السؤال من أصله
قوله ( وأي دين ضعيف ) هو دين النفقة
قوله ( ولو حكما ) أي ولو كان الإبراء حكما ط
قوله ( بفعل ) الباء للسببية
ط
قوله ( فيسقط دين المهر ) الأولى فدخل دين المهر الساقط بمطاوعتها ط
قوله ( للإبراء الحكمي ) لأن تعمدها ذلك قبل الدخول مسقط لمهرها فكأنها أبرأته منه
لكن بقي أن المهر يسقط منه نصفه بالطلاق قبل الدخول مع أنه لم يوجد من الزوج إبراء أصلا لا حقيقة ولا حكما إذ يتصور كون الطلاق قبل الدخول إبراء نصف المهر لأنه بطلاقه سقط عنه لا عنها
وقد يجاب بأن المهر وجب بنفس العقد لكن مع احتمال سقوطه بردتها أو تقبيلها ابنه أو تنصفه بطلاقها قبل الدخول ويتأكد لزوم تمامه بالوطء ونحوه حتى إنه بعد تأكده بالدخول لا يسقط وإن كانت الفرقة من قبل المرأة كالثمن إذا تأكد بقبض المبيع كما قدمناه في باب المهر وقد صرحوا هناك بصحة كفالة ولي الصغيرة بالمهر وكذا كفالة وكيل الكبيرة ولم يقيدوه بكونه بعد الدخول
ووجه ذلك والله تعالى أعلم أن احتمال سقوطه أو سقوط نصفه لا يضر لأنه بعد السقوط تظهر براءة الكفيل كما لا يضر احتمال سقوط ثمن المبيع باستحقاق المبيع أو برده بخيار عيب أو شرط أو رؤية فإن الكفيل به يبرأ من الكفالة مع أن الثمن عند العقد دينا صحيحا يصدق عليه أنه لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء أي لا يسقط إلا بذلك ما لم يعرض له مسقط ناسخ لحكم العقد وهو لزوم الثمن لأنه بأحد هذه الأشياء ظهر أن العقد غير ملزم للثمن في حق العاقدين فكذا عقد النكاح يلزم به تمام المهر بحيث لا يسقط إلا بالأداء
____________________
(5/302)
أو الإبراء ما لم يعرض له مسقط لكله أو نصفه لأنه انعقد من أصله محتملا لسقوطه بذلك المسقط فإذا عرض ذلك المسقط تبين أنه لم يجب من أصله بخلاف سقوطه بالأداء أو الإبراء فإنه مقتصر على الحال
وبهذا التقرير ظهر أنه لا حاجة إلى ما نقله عن ابن كمال فاغتنم ذلك ولله الحمد
قوله ( فلا تصح ببدل الكتابة ) وكذا لا تصح الكفالة بالدية كما في الخلاصة و البزازية
وفي الظهيرية واعلم أن الكفالة ببدل الكتابة والدية لا تصح ا هـ
ونقلها في التاترخانية عن الظهيرية ولم ينقل فيه خلافا ونقلها صاحب النقول عن الخلاصة
رملي
ولعل وجهه أن الدية ليست دينا حقيقة على العاقلة لأنها إنما جب أولا على القاتل ثم على العاقلة بطريق التحمل والمعاونة والظاهر أنها لو وجبت في مال القاتل كما لو كانت باعترافه تصح الكفالة بها فتأمل
وفي كافي الحاكم قال إن قتلك فلان خطأ فأنا ضامن لديتك فقتله فلان خطأ فهو ضامن لديته
قوله ( بالتعجيز ) بدل من قوله بدونهما
وحاصله أن عقد الكتابة عقد غير لازم من جانب العبد فله أن يستقل بإسقاط هذا الدين بأن يعجز نفسه متى أراد فلم يكن دينا صحيحا لأن العقد من أصله لم ينعقد ملزما لبدل الكتابة لأنه دين للسيد على عبده ولا يستحق السيد على عبده دينا ولذا ليس له حبسه به فظهر الفرق بينه وبين المهر والثمن فتدبر
قوله ( ولو كفل ) أي ضمن بدل الكتابة
قوله ( يعني الخ ) هذا ذكره صاحب النهر
قوله ( وسيجيء ) أي عند قوله وبالعهدة وبالخلاص
قوله ( قيد آخر ) هو إذا حسب أنه مجير على ذلك لضمانه السابق
قلت ويظهر من هذا أنه يرجع على المولى لأنه دفع له مالا على ظن لزومه له ثم تبين عدمه وحينئذ فلا فائدة للقيد الأول إلا إذا كان المراد الرجوع على المكاتب تأمل
ثم رأيت بعض المحشين ذكر نحو ما قلته
قوله ( بكفلت الخ ) أشار إلى أن الكفالة بالمال لا تكون به ما لم يدل عليه دليل وإلا كانت كفالة نفس وإل أن سائر ألفاظ الكفالة المارة في كفالة النفس تكون كفالة مال أيضا كما حررناه هناك وإلى ما في جامع الفصولين من أنه لو قال دينك الذي على فلان أنا أدفعه إليك أنا أسلمه أقبضه لا يصير كفيلا ما لم يتكلم بلفظه تدل على الالتزام كقوله كفلت ضمنت علي إلي وقدمنا عنه قريبا في أنا أدفعه الخ لو أتى بهذه الألفاظ منجزا لا يصير كفيلا ولو معلقا كقوله لو لم يؤد فأنا أؤدي فأنا أدفع يصير كفيلا
قوله ( بما لك عليه ) قال في البحر
وسيأتي أنه لا بد من البرهان أن له عليه كذا أو إقرار الكفيل وإلا فالقول له مع يمينه ا هـ
وقدمنا عن الفتح صحة الكفالة بكفلت بعض ما لك عليه ويجبر الكفيل على البيان
قوله ( وهذا يسمى ضمان الدرك ) بفتحتين وبسكون الراء وهو الرجوع بالثمن عند استحقاق المبيع وتمامه في البحر
شرطه ثبوت الثمن على البائع بالقضاء كما سيذكره المصنف آخر الباب ويأتي بيانه
قوله ( وبما بايعت فلانا فعلي ) معطوف على قوله بكفلت فهو متعلق أيضا بتصح لا على قوله بألف إذ لا يناسبه جعل ما شرطية جوابها قوله فعلي
قوله ( وكذا قول الرجل الخ ) في الخانية قال لغيره ادفع إلى فلان كل يوم درهما على أن ذلك علي فدفع حتى اجتمع عليه مال كثير فقال الآمر لم أرد جميع ذلك كان عليه الجميع بمنزلة قوله ما بايعت فلانا فهو علي يلزمه جميع ما بايعه وهو كقوله لامرأة الغير كفلت لك
____________________
(5/303)
بالنفقة أبدا يلزمه النفقة أبدا
ما دامت في نكاحه ولو قال لها ما دمت في نكاحه فنفقتك علي فإن مات أحدهما أو زال النكاح لا تبقى النفقة ا هـ
وقدمنا في باب النفقات لزوم الكفيل نفقة العدة أيضا
قوله ( وما غصبك فلان ) وكذا ما أتلف لك المودع فعلي وكذا كل الأمانات
جامع الفصولين
قوله ( ما هنا شرطية ) أي في قوله ما بايعت وما غصبك
قوله ( أي إن بايعته فعلي لا ما اشتريته ) أراد بيان أمرين كون ما لمجرد الشرط مثل إن وكون المكفول به الثمن لا المبيع بقرينة التعليل
و عبارة الدرر أظهر في المقصود حيث قال أي ما بايعت منه فإني ضامن لثمنه لا ما اشتريته فإني ضامن للمبيع لأن الكفالة بالمبيع لا تجوز كما سيأتي
ثم قال و ما في هذه الصور شرطية معناه إن بايعت فلانا فيكون في معنى التعليق ا هـ
وما كتبه ح هنا لا يخفى ما فيه على من تأمله فافهم
تنبيه قيد بضمان الثمن لما في البحر عن البزازية لو قال بايع فلانا على أن ما أصابك من خسران فعلي لم يصح ا هـ
قال الخير الرملي وهو صريح بأن من قال استأجر طاحونة فلان وما أصابك من خسران فعلي لم يصح وهي واقعة الفتوى ا هـ
قوله ( لما سيجييء ) أي في قوله ولا بمبيع قبل قبضه وهذا في البيع الصحيح وسيأتي تمامه
قوله ( بأن بايعه الخ ) تصوير للقبول دلالة
و عبارة النهر هكذا وفي الكل يشترط القبول إلا أنه في البزازية قال طلب من غيره قرضا فلم يقرضه فقال رجل أقرضه فما أقرضته فأنا ضامن فأقرضه في الحال من غير أن يقبل ضمانه صريحا يصح ويكفي هذا القدر ا هـ
وينبغي أن يكون ما بايعت فلانا أو ما غصبك فعلي كذلك إذا بايعه أو غصب منه للحال ا هـ ما في النهر
قلت ما ذكره في المبايعة صحيح بخلاف الغصب فإن الطالب مغصوب منه فكيف يتصور كون الغصب قبولا منه للكفالة لأن الغصب فعل غيره
أما المبايعة فهي فعله فإقدامه عليها في الحال يصح كونه قبولا منه فافهم
قوله ( إلا في كلما ) هذا ما مشى عليه العيني وابن الهمام
قال في الفتح لأن المعنى إن بايعته فعلي درك ذلك البيع وإن ذات لك عليه شيء فعلي وكذا ما غصبك فعلي وإذا صحت فعليه ما يجب بالمبايعة الأولى فلو بايعه مرة بعد مرة لا يلزمه ثمن في المبابعة الثانية ذكره في المجرد عن أبي حنيفة نصا وفي نوادر أبي يوسف برواية ابن سماعة يلزمه كله ا هـ
قوله ( وقيل يلزم ) أي في ما مثل كلما وكذا الذي
قوله ( إلا في إذا ) أي ونحوها مما لا يفيد التكرار مثل متى وإن قال في النهر وفي المبسوط لو قال متى أو إذا إن بايعت لزمه الأول فقط بخلاف كلما وما ا هـ
وزاد في المحيط الذي ا هـ
ومقتضى ما مر عن الفتح أن ما في المبسوط رواية عن أبي يوسف وأن الأول قول الإمام ونقل ط التصريح بذلك عن حاشية سري الدين على الزيلعي عن المحيط وغيره لكن ما في المبسوط هو الذي في كافي الحاكم ولم يذكر فيه خلافا فكان هو المذهب والحاصل الاتفاق على إفادة التكرار في كلما وعلى عدمها في إذا ومتى وإن والخلاف في ما
قوله ( وعليه القهستاني والشرنبلالي ) ومشى عليه أيضا في جامع الفصولين
قوله ( ولو رجع عنه الكفيل الخ ) في البزازية تبعا للمبسوط
____________________
(5/304)
لو رجع عن هذا الضمان قبل أن يبايعه ونهاه عن مبايعته لم يلزمه بعد ذلك شيء ولم يشترط الولوالجي نهيه عند الرجوع حيث قال لو قال رجعت عن الكفالة قبل المبايعة لم يلزم الكفيل شيء وفي الكفالة بالذوب لا يصح والفرق أن الأولى مبنية على الأمر دلالة وهذا الأمر غير لازم وفي الثانية مبنية على ما هو لازم ا هـ
وهو ظاهر
نهر أي لأن قوله كفلت لك مما ذاب لك على فلان أي بما ثبت لك عليه بالقضاء كفالة بمحقق لازم بخلاف بما بايعته فإنه لم يتحقق بعد بيانه ما في البحر عن المبسوط لأن لزوم الكفالة بعد وجود المبايعة وتوجه المطالبة على الكفيل فأما قبل ذلك هو غير مطلوب بشيء ولا ملتزم في ذمته شيئا فيصح رجوعه يوضحه أن بعد المبايعة إنما أوجبنا المال على الكفيل دفعا للغرور عن الطالب لأنه يقول إنما اعتمدت في المبايعة معه كفالة هذا الرجل وقد اندفع هذا الغرور حين نهاه عن المبايعة ا هـ
قوله ( وبخلاف ما غصبك الناس الخ ) مرتبط بالمتن
قال في الفتح قيد بقوله فلانا ليصير المكفول عنه معلوما فإن جهالته تمنع صحة الكفالة ا هـ
وقد ذكر الشارح ست مسائل ففي الأولى جهالة المكفول عنه وفي الثانية والثالثة والرابعة جهالة المكفول بنفسه وفي الخامسة والسادسة جهالة المكفول له وهذا داخل تحت قوله الآتي ولا تصح بجهالة المكفول عنه الخ
قوله ( كقوله ما غصبك أهل هذه الدار الخ ) أي لأن فيه جهالة المكفول عنه بخلاف ما لو قال لجماعة حاضرين ما بايعتموه فعلي فإنه يصح فأيهم بايعه فعلى الكفيل
والفرق أنه في الأولى ليسوا معينين معلومين عند المخاطب وفي الثانية معنيون
والحاصل أن جهالة المكفول له تمنع صحة الكفالة وفي التخيير لا تمنع نحو كفلت مالك على فلان أو فلان كذا في الفتح
نهر
وذكر في الفتح أنه يجب كون أهل الدار ليسوا معينين معلومين عند المخاطب وإلا فلا فرق
قوله ( أو علقت بشرط صريح ) عطف على قوله بكلفت من حيث المعنى فإنه منجز فهو في معنى قولك إذا نجزت أو علقت الخ والمراد بالصريح ما صرح به بأداة التعليق وهي إن أو إحدى أخواتها فدخل فيه بالأولى ما كان في معنى التعليق مثل علي فإنه يسمى تقييدا بالشرط لا تعليقا محضا كما يعلم مما مر في بحث ما يبطل تعليقه أو المراد بالصريح ما قابل الضمني في قوله ما بايعت فلانا فعلي فإن المعنى إن بايعت كما في الفتح وقد عده في الهداية من أمثلة المعلق بالشرط فافهم
قوله ( ملائم ) أي موافق من الملاءمة بالهمز وقد تقلب ياء
قوله ( بأحد أمور ) متعلق بموافق والباء للسببية ط
قوله ( بكونه شرطا الخ ) بدل من أحد أمور بدل مفصل من مجمل ط وعبر في الفتح بدل الشرط بالسبب وقال فإن استحقاق المبيع سبب لوجود الثمن على البائع للمشتري
قوله ( أو جحدك المودع ) ومثله إن أتلف لك المودع وكذا كل الأمانات كما قدمناه عن الفصولين
قوله ( أو قتلك ) أي خطأ كما في الفتح عن الخلاصة وقدمناه عن الكافي وقدمنا أيضا عن عدة كتب أن الكفالة بالدية لا تصح فليتأمل
قوله ( فعلي الدية ) أراد بها البدل فيشمل باقي الأمثلة
قوله ( ورضي به المكفول ) أي المكفول له
قوله ( بخلاف إن أكلك السبع ) لأن فعله غير مضمون لحديث جرح العجماء جبار
____________________
(5/305)
قوله ( أو شرطا لإمكان الاستيفاء الخ ) أي لسهولة تمكن الكفيل من استيفاء المال من الأصيل قال في الفتح فإن قدومه سبب موصل للاستيفاء منه
قوله ( وهو معنى قوله ) أي ما ذكر من كون التقدير فعلي ما عليه من الدين هو معنى قوله وهو مكفول عنه
قوله ( أو مضاربه ) الضمير فيه وفيما بعده يرجع إلى المكفول عنه ا هـ ح وقد أفاد أنه لا بد أن يكون قدوم زيد وسيلة للأداء في الجملة وإن لم يكن أصيلا بخلاف ما إذا كان أجنبيا من كل وجه وهذا ما حققه في النهر و الرملي في حاشية البحر ردا على ما فهمه في البحر
قلت ومن أمعن النظر في كلام البحر لم يجده مخالفا لذلك بل مراده ما ذكر فإنه ذكر أولا أن كلام القنية شامل لكون زيد أجنبيا ثم قال والحق أنه لا يلزم أن يكون مكفولا عنه لما في البدائع لأن قدومه وسيلة إلى الأداء في الجملة لجواز أن يكون مكفولا عنه أو مضاربة ا هـ ثم قال و عبارة البدائع أزالت اللبس وأوضحت كل تخمين وحدس ا هـ
فهذا ظاهر في أنه لم يرد الأجنبي من كل وجه تأمل
قوله ( وأمثلته كثيرة ) منها ما في الدراية ضمنت كل مالك على فلان إن توى وكذا إن مات ولم يدع شيئا فأنا ضامن وكذا إن حل مالك على فلان ولم يوافك به فهو علي وإن حل مالك على فلان أو إن مات فهو علي وقدمنا عن الخانية إن غاب ولم أوافك به فأنا ضامن لما عليه فهذا على أن يوافي به بعد الغيبة وعن محمد إن لم يدفع مديونك أو إن لم يقضه فهو علي ثم إن الطالب تقاضى المطلوب فقال المديون لا أدفعه ولا أقضيه وجب على الكفيل الساعة وعنه أيضا وإن لم يعطك فأنا ضامن فمات قبل أن يتقاضاه ويعطيه بطل الضمان ولو بعد التقاضي قال أنا أعطيك فإن أعطاه مكانه أو ذهب به إلى السوق أو منزله وأعطاه جاز وإن طال ذلك ولم يعطه لزم الكفيل
وفي القنية إن لم يؤد فلان ما لك عليه إلى ستة أشهر فأنا ضامن له يصح التعليق لأنه شرط متعارف
نهر
قلت ويقع كثيرا في زماننا إن راح لك شيء عنده فأنا ضامن وهذا معنى قوله المار إن توى أي هلك وسيأتي في الحوالة أن التوي عند الإمام لا يتحقق لا بموته مفلسا
مطلب في تعليق الكفالة بشرط غير ملائم وفي تأجيلها قوله ( ولا تصح إن علقت بغير ملائم الخ ) اعلم أن هاهنا مسألتين إحداهما تأجيل الكفالة إلى أجل مجهول فإن كان مجهولا جهالة متفاحشة كقوله كفلت لك بزيد أو كفلت بمالك عليه إلى أن يهب الريح أو إلى أن يجيء المطر لا يصح ولكن تثبت الكفالة ويبطل الأجل ومثله إلى قدوم زيد وهو غير مكفول به وإن كان مجهولا جهالة غير متفاحشة مثل إلى الحصاد أو الدياس أو المهرجان أو العطاء أو صوم النصارى جازت الكفالة والتأجيل وكذلك الحوالة ومثله إلى أن يقدم المكفول به من سفره صرح بذلك كله في كافي الحاكم وكذا في الفتح وغيره بلا حكاية خلاف وهذا لا نزاع فيه
المسألة الثانية تعليق الكفالة بالشرط وهذا لا يخلو إما أن يكون شرطا ملائما أو لا ففي الأول تصح الكفالة والتعليق وقد مر وفي الثاني وهو التعليق بشرط غير ملائم مثل أن يقول إذا هبت الريح أو إذا جاء المطر أو إذا
____________________
(5/306)
قدم فلان الأجنبي فأنا كفيل بنفس فلان أو بما لك عليه فالكفالة باطلة كما نقله في الفتح عن المبسوط و الخانية وصرح به أيضا في النهاية و المعراج و العناية و شرح الوقاية ومثله في أجناس الناطفي حيث قال كل موضع أضاف الضمان إلى ما هو سبب للزوم المال فذلك جائز وكل موضع أضاف الضمان إلى ما ليس بسبب اللزوم فذلك باطل كقوله إن هبت الريح فما لك على فلان فعلي ا هـ
وجزم بذلك الزيلعي وصاحب البحر و النهر و المنح
ولكن وقع في كثير من الكتب أنه يبطل التعليق وتصح الكفالة ويلزم المال حالا منها حاشية الهداية للخبازي و غاية البيان وكذلك الكفاية للبيهقي حيث قال فإن قال إذا هبت الريح أو دخل زيد الدار فالكفالة جائزة والشرط باطل والمال حال وكذا في شرح العيون لأبي الليث و المختار ووقع اختلاف في نسخ الهداية ونسخ الكنز ففي بعضها كالأول وفي بعضها كالثاني وقد مال إلى الثاني العلامة الطرسوسي في أنفع الوسائل وأرجع ما مر عن الخانية وغيرها إليه ورد عليه العلامة الشرنبلالي في رسالة خاصة وادعى أن ما في الخبازية مؤول وأرجعه إلى ما في الخانية وغيرها ورد أيضا على قول الدرر إن في المسألة قولين
أقول والإنصاف ما في الدرر لأن ارتكاب تأويل هذه العبارات وإرجاع بعضها إلى البعض يحتاج إلى نهاية التكلف والتعسف والأولى اتباع ما مشى عليه جمهور شراح الهداية و شراح الكنز وغيرهم للمبسوط و الخانية من بطلان الكفالة
قوله ( وما في الهداية ) حيث قال لا يصح التعليق بمجرد الشرط كقوله إن هبت الريح أو جاء المطر إلا أنه تصح الكفالة ويجب المال حالا لأن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط لا تبطل بالشروط الفاسدة كالطلاق والعتاق وتبعه صاحب الكافي
لكن في بعض نسخ الهداية بعد قوله أو جاء المطر وكذا إذا جعل واحدا منها أجلا وحينئذ فقوله إلا أنه تصح الكفالة الخ راجع إلى مسألة الأجل فقط ولا ينافيه قوله لأن الكفالة لما صح تعليقها بالشرط الخ لأن المراد به الشرط الملائم وقد أطال الكلام على تأويل عبارة الهداية في البحر و النهر وغيرهما
قوله ( نعم لو جعله أجلا ) أي بأن قال إلى هبوب الريح أو مجيء المطر ونحوه مما هو مجهول جهالة متفاحشة فيبطل التأجيل وتصح الكفالة بخلاف ما كانت جهالته غير متفاحشة كالحصاد ونحوه فإنها تصح إلى الأجل كما قدمناه آنفا
قوله ( في تعليق ) نحو إن غصبك إنسان شيئا فأنا كفيل ا هـ ح
ويستثنى منه ما سيأتي متنا آخر الباب وهو ما لو قال له اسلك هذا الطريق الخ وسيأتي بيانه
قوله ( وإضافة ) نحو ما ذاب لك على الناس فعلي ا هـ ح
وقد صرح أيضا في الفتح بأنه من جهالة المضمون في الإضافة
قلت ووجهه أن ما ذاب ماض أريد به المستقبل كما يأتي فكان مضافا إلى المستقبل معنى وعن هذا جعل في الفصول العمادية المعلق من المضاف لأن المعلق واقع في المستقبل أيضا وقدمنا أن في الهداية جعل ما بايعت فلانا من المعلق لأنه في حكمه من حيث وقوع كل منهما في المستقبل وبه ظهر أن كلا منهما يطلق على الآخر نظرا إلى المعنى وأما بالنظر إلى اللفظ فما صرح فيه بأداة الشرط فهو معلق وغيره مضاف وهو الأوضح فلذا غاير بينهما تبعا للفتح
فافهم
قوله ( لا تخيير ) بالخاء المعجمة وسماه تخييرا لكون المكفول له مخيرا كما ذكره لكن الواقع في عبارة الفتح وغيره تنجيز بالجيم والزاي وهو الأصوب لأن المراد به الحال المقابل للتعليق والإضافة المراد بهما المستقبل ووجه جواز جهالة المكفول عنه في التنجيز دون التعليق كما في الفتح أن القياس يأتي جواز إضافة الكفالة لأنها تمليك في حق الطالب وإنما جوزت استحسانا للتعامل والتعامل فيما إذا كان المكفول عنه
____________________
(5/307)
معلوما ما فبقى المجهول على القياس
قوله ( والتعيين للمكفول له لأنه صاحب الحق ) كذا في البحر عند قوله وبالمال ولو مجهولا وتبعه في النهر
لكن جعل في الفتح الخيار للكفيل
ونصه
ولو قال رجل كفلت بمالك على فلان أو مالك على فلان رجل آخر جاز لأنها جهالة المكفول عنه في غير تعليق
ويكون الخيار للكفيل ا هـ
ومثله ما في كافي الحاكم ولو قال أنا كفيل بفلان أو فلان كان جائزا يدفع أيهما شاء الكفيل فيبرأ عن الكفالة
ثم قال وإذا كفل بنفس رجل أو بما عليه وهو مائة درهم كان جائزا وكان عليه أي ذلك شاء الكفيل وأيهما دفع فهو بريء ا هـ
وبه علم أن ما هنا قول آخر أو سبق قلم
قوله ( ولا بجهالة المكفول له ) يستثنى منه الكفالة في شركة المفاوضة فإنها تضح مع جهالة المكفول له لثبوتها ضمنا لا صريحا كما ذكره في الفتح من كتاب الشركة
قوله ( وبه ) أي ولا تصح بجهالة المكفول به والمراد هنا النفس لا المال لما تقدم من أن جهالة المال غير مانعة من صحة الكفالة والقرينة على ذلك الاستدراك ا هـ ح
قلت والظاهر أن المانع هنا جهالة متفاحشة لما علمت آنفا من قول الكافي لو قال أنا كفيل بفلان أو فلان جاز
تأمل
قوله ( مطلقا ) أي سواء كانت في تعليق أو إضافة أو تنجيز
قال في الفتح والحاصل أن جهالة المكفول له تمنع صحة الكفالة مطلقا وجهالة المكفول به لا تمنعها مطلقا وجهالة المكفول عنه في التعليق والإضافة تمنع صحة الكفالة وفي التنجيز لا تمنع ا هـ
ومراده بالمكفول به المال عكس ما في الشرح
قوله ( جاز ) لأن الجهالة في الإقرار لا تمنع صحته
بحرعن البزازية
وذكر عنها أيضا لو شهد على رجل أنه كفل بنفس رجل نعرفه بوجهه إن جاء لكن لا نعرفه باسمه جاز
قوله ( لم يضمن ) لأن فعله جبار كما مر في إن أكلك سبع
قوله ( أي ما ثبت ) قال في المنصورية الذوب واللزوم يراد بهما القضاء فما لم يقض بالمكفول به بعد الكفالة على المكفول عنه لا يلزم الكفيل وهذا في غير عرف أهل الكوفة أما عرفنا فالذوب واللزوم عبارة عن الوجوب فيجب المال وإن لم يقض به ا هـ ط
وهذا أي ما ذاب ماض أريد به المستقبل كما في الهداية وسيذكره الشارح أيضا أي لأنه معنى الشرط كما تقدم فلا يلزم الكفيل ما لم يقض به على الأصيل بعد الكفالة لكنه هنا لا يلزمه شيء لجهالة المكفول عنه
قوله ( مثال للأول ) وهو جهالة المكفول عنه
قوله ( ونحوه ما بايعت الخ ) أي هو مثال للأول أيضا
قوله ( مثال للثاني ) أي جهالة المكفول له
قوله ( ولا تصح بنفس حد وقصاص ) أما لو كفل بنفس من عليه الحد تصح لكن هذا في الحدود التي فيها للعباد حق كحد القذف بخلاف الحدود الخالصة كما تقدم بيانه
قوله ( مستأجرة له ) أي للحمل
قوله ( لأنه يلزم الخ ) قال في الدرر لأنه استحق عليه الحمل على دابة معينة والكفيل لو أعطى دابة من عدنه لا يستحق الأجرة لأنه أتى بغير المعقود عليه ألا ترى أن المؤجر لو حمله على دابة أخرى لا يستحق الأجرة فصار عاجزا ضرورة وكذا العبد للخدمة بخلاف ما إذا كانت الدابة غير معينة لأن الواجب على المؤجر الحمل مطلقا والكفيل يقدر عليه بأن يحمل على
____________________
(5/308)
دابة نفسه ا هـ
قوله ( لا التسليم ) لأن لو كان الواجب التسليم لزم صحة الكفالة في المعينة أيضا لأن الكفالة بتسليمها صحيحة كما يأتي
قوله ( ولا بمبيع قبل قبضه ) بأن يقول للمشتري إن هلك المبيع فعلي
درر لأن ماليته غير مضمونة على الأصيل فإنه لو هلك ينفسخ البيع ويجب رد الثمن كما ذكره صدر الشريعة
قوله ( ومرهون وأمانة ) اعلم أن الأعيان إما مضمونة على الأصيل أو أمانة
فالثاني كالوديعة ومال المضاربة والشركة والعارية والمستأجر في يد المتسأجر والمضمونة إما بغيرها كالبيع قبل القبض والرهن فإنهما مضمونان بالثمن والدين وإما بنفسها كالمبيع فاسدا والمقبوض على سوم الشراء والمغصوب ونحوه مما تجب قيمته عند الهلاك وهذا تصح الكفالة به كما يذكره المصنف دون الأولين لفقد شرطها وهو أن يكون المكفول مضمونا على الأصيل لا يخرج عنه إلا بدفع عينه أو بدله هذا خلاصة ما في البحر وغيره
قوله ( فلو بتسليمها صح في الكل ) أي في الأمانات والمبيع والمرهون فإذا كانت قائمة وجب تسليمها وإن هلكت لم يجب على الكفيل شيء كالكفيل بالنفس وقيل إن وجب تسليمها على الأصيل كالعارية والإجارة جازت الكفالة بتسليمها وإلا فلا
درر
أي وأن لم يجب تسليمها على الأصيل كالوديعة ومال المضاربة والشركة فلا تجوز لأن الواجب عليه عدم المنع عند الطلب لا الرد وهذا التفصيل جزم به شراح الهداية
قوله ( ورجحه الكمال ) أي رجح ما في الدرر من صحتها في تسليم الأمانات كغيرها
وحاصل ما ذكره الوجه عندي صحة الكفالة بتسليم الأمانة إذ لا شك في وجوب ردها عند الطلب غير أنه في الوديعة وأخويها يكون بالتخلية وفي غيرها بحمل المردود إلى ربه
قال في الذخيرة الكفالة بتمكين المودع من الأخذ صحيحة ا هـ
وما ذكره السرخسي من أن الكفالة بتسليم العارية باطلة فهو باطل
لما في الجامع الصغير والمبسوط أنها صحيحة
ونص القدوري أنها بتسليم المبيع جائزة وأقره في الفتح وانتصر له في العناية بأنه لعله اطلع على رواية أقوى من ذلك فاختارها
واعترضه في النهر بأنه أمر موهوم
قال في البحر ورده على السرخسي مأخوذ من معراج الدراية ويساعده قول الزيلعي ويجوز في الكل أن يتكفل بتسليم العين مضمونة أو أمانة
وقيل إن كان تسليمه واجبا على الأصيل كالعارية والإجارة جاز وإلا فلا فأفاد أن التفصيل بين أمانة وأمانة ضعيف ا هـ
قوله ( فلو هلك المستأجر ) بفتح الجيم
قال في الفتح ولو عجز أي عن التسليم بأن مات العبد المبيع أو المستأجر أو الرهن انفسخت الكفالة على وزان كفالة النفس
قوله ( وصح لو ثمنا ) أي صح تكفله الثمن عن المشتري واحترز به عن تكفل المبيع عن البائع فإنه لا يصح لأنه مضمون بغيره وهو الثمن كما تقدم والمراد بقوله لو ثمنا أي ثمن مبيع بيعا صحيحا لما في النهر عن التاترخامية لو ظهر فساد البيع رجع الكفيل بما أداه على البائع وإن شاء على المشتري ولو فسد بعد صحته بأن ألحقا به شرطا فاسدا فالرجوع للمشتري على البائع يعني والكفيل يرجع بما أداه على المشتري وكأن الفرق بينهما أنه بظهور الفساد تبين أن البائع أخذ شيئا لا يستحقه فيرجع الكفيل عليه وإن ألحقا به شرطا فاسدا لم يتبين أن البائع حين قبضه قبض شيئا لا يستحقه ا هـ
وفيه أيضا وقالوا لو استحق المبيع برىء الكفيل بالثمن ولو كانت الكفالة لغريم البائع ولو رد عليه بعيب بقضاء أو بغيره أو بخيار رؤية أو شرط برىء الكفيل إلا أن تكون الكفالة
____________________
(5/309)
لغريم فلا يبرأ والفرق بينهما فيما يظهر أنه مع الاستحقاق تبين أن الثمن غير واجب على المشتري وفي الرد بالعيب ونحوه وجب المسقط بعدما تعلق حق الغريم به فلا يسري عليه ا هـ
قوله ( إلا أن يكون الخ ) قال في النهر وقدمنا أنه لو كفل عن صبي ثمن متاع اشتراه لا يلزم الكفيل شيء ولو كفل بالدرك بعد قبض الصبي الثمن لا يجوز وإن قبله جاز ا هـ
ومسألة الدرك فيما لو كان الصبي بائعا وهو الذي قدمه في النهر عند قول الكنز إذا كان دينا صحيحا
قوله ( وكذا لو مغصوبا الخ ) لأن هذه الأعيان مضمونة بنفسها على الأصيل فيلزم الضامن إحضارها وتسليمها وعند الهلاك تجب قيمتها وإن مستهلكة فالضمان لقيمتها
نهر بخلاف الأعيان المضمونة بغيرها كالمبيع والرهن بخلاف الأمانات على ما تقدم
زيلعي
قوله ( وإلا فهو أمانة كما مر ) أي في البيوع وإذا كان أمانة لا يكون من هذا النوع بل من نوع الأمانات وقد مر حكمها
قوله ( وبدل صلح عن دم ) أي لو كان البدل عبدا مثلا فكفل به إنسان صحت فإن هلك قبل القبض فعليه قيمته
بحر
وتقييده بالدم يفيد أن الكفالة ببدل الصلح في المال لا تصح لأنه إذا هلك انفسخ لكونه كالبيع ط
قوله ( وخلع ) عطف على صلح أي وبدل خلع
قوله ( ومهر ) أي وبدل مهر فتصح الكفالة في هذه المواضع بالعين كعبد مثلا لأن هذه الأشياء لا تبطل بهلاك العين كما في البحر
قوله ( بنوعيها ) أي بالنفس والمال
قوله ( ولو فضوليا ) أي ويتوقف على إجازة الطالب وبه ظهر أن شرط الصحة مطلق القبول
وأما قبول الطالب بخصوصه فهو شرط النفاذ كما أفاده ابن الكمال
وفي كافي الحاكم كفل بكذا عن فلان لفلان فقال قد فعلت والطالب غائب ثم قدم فرضي بذلك جاز لأن خاطب به مخاطبا وإن لم يكن وكيلا وللكفيل أن يخرج من الكفالة قبل قدوم الطالب
وفي البحر عن السراج لو قال ضمنت ما لفلان على فلان وهما غائبان فقبل فضولي ثم بلغهما وأجازا فإن أجاب المطلوب أولا ثم الطالب جازت وكانت كفالة بالأمر وإن بالعكس كانت بلا أمر وإن لم يقبل فضولي لم تجز مطلقا وإن كان الطالب حاضرا وقبل ورضي المطلوب فإن رضي قبل قبول الطالب رجع عليه وإن بعده فلا ا هـ
علله في الخانية بأن الكفالة تمت أي بقبول الطالب أولا ونفذت ولزم المال الكفيل فلا تتغير بإجازة المطلوب ا هـ
وبه علم أن إجازة المطلوب قبل قبول الطالب بمنزلة الأمر بالكفالة فللكفيل الرجوع بما ضمن فتنبه لذلك
مطلب في ضمان المهر تنبيه قدمنا أنه لو كفل رجل لصبي صح لو مأذونا وإلا فبقبول وليه أو قبول أجنبي وإجازة وليه وإن لم يقبل عند أحد فعلى الخلاف أي فعندهما لا يصح وعليه فلو ضمن للصغيرة مهرها لم يصح إلا بقبول كما ذكر وهذا لو أجنبيا
ففي باب الأولياء من الخانية زوج صغيرته وضمن لها مهرها عن الزوج صح إن لم يكن في مرض موته فإذا بلغت وضمنت الأب لم يرجع على الزوج إلا إذا كان بأمره وإن زوج ابنه الصغير وضمن عنه المهر في صحته جاز ويرجع بما ضمن في مال الصغير قياسا وفي الاستحسان لا يرجع وتمامه هناك
____________________
(5/310)
قوله ( واختاره الشيخ قاسم ) حيث نقل اختيار ذلك عن أهل الترجيح كالمحبوب والنسفي وغيرهما وأقره الرملي وظاهر الهداية ترجيحه لتأخيره دليلهما وعليه المتون
قوله ( ولو أخبر عنها الخ ) بيان لاستثناء مسألتين من قوله ولا تصح بلا قول الطالب وفي استثناء الأولى نظر كما يظهر من التعليل
قوله ( بمال فلان ) الأولى جعل ما موصولة وجعل اللام متصلة بفلان على أنها جارة كما يوجد في بعض النسخ
قوله ( وإرث المريض ) قيد به لأنه قال هذا في الصحة لم يجز ولم يلزم الكفيل شيء وهذا قول محمد وهو قول أبو يوسف الأول ثم رجع وقال الكفالة جائزة
كافي وجزم بالأول في الفتح عن المبسوط
قوله ( الملي ) أي الذي عنده ما يفي بدينه
قوله ( لأنها وصية ) تعليل للثانية وترك تعليل الأولى لظهوره فإن الإخبار عن العقد إخبار عن ركنيه الإيجاب والقبول ا هـ ح
فليست في الحقيقة كفالة بلا قبول وما ذكره في وجه الاستحسان من أنها وصية هو أحد وجهين في الهداية
قال ولهذا تصح وإن لم يسم المكفول لهم وإنما تصح إذا كان له مال
الوجه الثاني أن المريض قائم مقام الطالب لحاجته إليه تفريغا لذمته وفيه نفع للطالب فصار كما إذا حضر بنفسه فعلى الأول هي وصية لا كفالة وعلى الثاني بالعكس
واعترض الأول بأنه يلزم عدم الفرق بين حال الصحة والمرض إلا أن يؤول بأنه في معنى الوصية وفيه بعد
واعترض الثاني في البحر بأنه لا فائدة في الكفالة لأنا حيث اشترطنا وجود المال فالوارث يطالب به على كل حال
وأجاب بأن فائدته تظهر في تفريغ ذمته
تأمل
قال في النهر والاستثناء على الأول منقطع وعلى الثاني متصل ولذا كان أرجح إلا أن مقتضاه مطالبة الوارث وإن لم يكن للميت مال ا هـ
قلت الظاهر أن هذا وصية من وجه وكفالة من وجه فيراعى الشبه من الطرفين لأنهم ذكروا للاستحسان وجهين متنافيين فعلم أن المراد مراعاتهما بالقدر الممكن وإلا لزم إلغاؤهما
قوله ( الصحة أوجه ) أيده في الحواشي السعدية بأن الوارث حيث كان مطالبا بالدين في الجملة كان فيه شبهة الكفالة عن نفسه في الجملة فكان ينبغي أن لا تجوز كفالته فإذا جازت لما مر في الوجهين فكفالة الأجنبي وهي سالمة عن هذا المانع أولى أن تصح ا هـ
وأقره في النهر
قوله ( وحقق أنها كفالة ) أي وبنى عليه صحتها من الأجنبي لكن يرد عليه إلغاء أحد وجهي الاستحسان وإذا مشينا على ما قلنا من إعمال الوجهين وتوفير الشبهين بالوصية والكفالة لم يضرنا لأن الأجنبي يصح كونه وصيا وكونه كفيلا قوله ( لكن يرد عليه توقفها على المال ) حيث قد يكون المريض مليا والكفالة عن المريض لا تتوقف على المال
قلت وهذا وارد على كونها كفالة من كل وجه وقد علمت أن لها شبهين واشتراط المال مبني على شبه الوصية كما أن اشتراط المرض مبني على شبه الكفالة دون الوصية
قوله ( لم أره ) أصل التوقف لصاحب البحر
____________________
(5/311)
والجواب لصاحب النهر ولا يخفى عدم إفادته رفع التوقف لأن مبنى التوقف وجود الشبهين
نعم على ما حققه في الفتح من أنها كفالة حقيقة لا ينتظر لكن علمت ما فيه
وقد يقال إن اشتراط المال مبني على شبه الوصية دون الكفالة كما علمت وبه يظهر أنه ليس المراد دفع الورثة من مالهم بل من مال الميت وذلك يفيد الانتظار ويفيد أيضا أنه لو هلك المال بعد الموت لا يلزم الورثة لم أره صريحا
قوله ( ولو ضمنه ) أي لو ضمن وارث المريض الملي بعد موته في غيبة الطالب
قوله ( ولعله قول الثاني لما مر ) أي من تجويزه الكفالة بلا قبول وهذا الحمل متعين لأنها إذا لم تصح عندهما في حال الصحة لا تصح بعد الموت بالأولى ولأن وجه كونها كفالة في المرض قيام المريض مقام الطالب في القبول
قوله ( اختلفا في الإخبار والإنشاء ) راجع لمسألة المصنف الأولى أي إذا قال أنا كفيل زيد فقال الطالب كنت مخبرا بذلك فلا يحتاج لقبولي وقال الكفيل كنت منشئا للكفالة فالقول للمخبر لأنه يدعي الصحصة والآخر الفساد
كذا في شرح الجامع لقاضيخان
قوله ( بدين ساقط ) أي بسبب موته مفلسا
قوله ( عن ميت مفلس ) هو من مات ولا تركة له ولا كفيل عنه
بحر
قوله ( إلا إذا كان به كفيل أو رهن ) استثناء من قوله ساقط ولو حذف ساقط أولا ثم علل بقوله لأنه يسقط بموته ثم استثنى منه لكان أوضح يعني أن الدين يسقط عن الميت المفلس إلا إذا كان به كفيل حال حياته أو رهن
قال في البحر قيد بالكفالة بعد موته لأنه لو كفل في حياته ثم مات مفلسا لم تبطل الكفالة وكذا لو كان به رهن ثم مات مفلسا لا يبطل الرهن لأن سقوط الدين في أحكام الدنيا في حقه للضرورة فتتقدر بقدرها فأبقيناه في حق الكفيل والرهن لعدم الضرورة كذا في المعراج
ولا يلزم مما ذكر صحة الكفالة به حينئذ للاستغناء عنها بالكفيل وببيع الرهن ط
قوله ( أو ظهر له مال ) في كافي الحاكم لو ترك الميت شيئا لا يفي لزم الكفيل بقدره
قوله ( على الطريق ) المراد به الحفر في غير ملكه
قوله ( لزمه ضمان المال في ماله وضمان النفس على عاقلته ) هذا زيادة من الشارح على ما في البحر
قوله ( وهو الحفر الثابت حال قيام الذمة ) والمستند يثبت أولا في الحال ويلزمه اعتبار قوتها حينئذ به لكونه محل الاستيفاء
بحر عن التحرير أي ويلزم ثبوته في الحال اعتبار قوة الذمة حين ثبوته به أي بالدين وقوله لكونه محل الاستيفاء زيادة من البحر على ما في التحرير
قوله ( وهذا ) الإشارة إلى ما في المتن
قوله ( مطلقا ) أي ظهر له مال أولا
قوله ( ولو تبرع به ) أي بالدين أي بإيفائه
قوله ( صح إجماعا ) لأنه عند الإمام وإن سقط لكن سقوطه بالنسبة إلى من هو عليه لا بالنسبة إلى من هو له فإذا كان باقيا في حقه حل له أخذه
قوله ( ولا تصح كفالة الوكيل بالثمن ) وكذا عكسه وهو توكيل الكفيل بقبض الثمن كما سيأتي في الكفالة
بحر
قيد بالوكيل لأن الرسول بالبيع يصح ضمانه الثمن عن المشتري ومثله الوكيل ببيع الغنائم عن الإمام لأنه كالرسول وقيد بالثمن لأن الوكيل بتزويج المرأة لو ضمن لها المهر صح لكونه سفيرا ومعبرا
بحر
وقيد بالكفالة
____________________
(5/312)
لأنه لو تبرع بأداء الثمن عن المشتري صح كما في النهر عن الخانية
قوله ( فيما لو وكل ببيعه ) الأولى أن يقول أي ثمن ما وكل ببيعه قيد به لأن الوكيل بقبض الثمن لو كفل به يصح كما في البحر
قوله ( لأن حق القبض له بالأصالة ) ولذا لا يبطل بموت الموكل وبعزله وجاز أن يكون الموكل وكيلا عنه في القبض وللوكيل عزله وتمامه في البحر
قوله ( ومفاده الخ ) هو لصاحب البحر وتبعه في النهر
قوله ( لو أبرآه ) بمد الهمزة بضمير التثنية
قوله ( لما مر ) أي في الوكيل من قوله لأن حق القبض له الخ
قوله ( ولأن الثمن الخ ) ذكره الزيلعي وقوله أمانة عندهما أي عند الوكيل والمضارب وهذا بعد القبض أشار به إلى أنه لا فرق في عدم صحة الكفالة بين أن تكون قبل قبض الثمن أو بعده ووجه الأول ما مر ووجه الثاني أن الثمن بعد قبضه أمانة عندهما غير مضمونة أو بعده ووجه الأول ما مر ووجه الثاني أن الثمن بعد قبضه أمانة عندهما غير مضمونة والكفالة غرامة وفي ذلك تغيير لحكم الشرع بعد ضمانه بلا تعد وأيضا كفالتهما لما قبضاه كفالة الكفيل عن نفسه وأما ما مر من صحة الكفالة بتسليم الأمانة فذاك في كفالة من ليست الأمانة عنده
قوله ( ولا تصح للشريك الخ ) مفهومه أنه لو ضمن أجنبي لأحد الشريكين بحصته تصح والظاهر أنه يصح مع بقاء الشركة فما يؤديه الكفيل يكون مشتركا بينهما كما لو أدى الأصيل تأمل
قوله ( ولو بإرث ) تفسير للإطلاق وأشار به إلى أن ما وقع في الكنز وغيره من فرض المسألة في ثمن المبيع غير قيد
قوله ( مع الشركة ) بأن ضمن نصفا شائعا
قوله ( يصير ضامنا لنفسه ) لأنه ما من جزء يؤديه المشتري أو الكفيل من الثمن إلا لشريكه فيه نصيب
زيلعي
قوله ( ولو صح في حصة صاحبه ) بأن كفل نصفا مقدرا
قوله ( وذا لا يجوز ) لأن القسمة عبارة عن الإفراز والحيازة وهو أن يصير حق كل واحد منهما مفرزا في حيز على جهة وذا لا يتصور في غير العين لأن الفعل الحسي يستدعي محلا حسيا والدين حكمي وتمامه في الزيلعي قوله ( نعم لو تبرع جاز ) أي لو أدى نصيب شريكه بلا سبق ضمان جاز ولا يرجع بما أدى بخلاف صورة الضمان فإنه يرجع بما دفع إذ قضاه على فساد كما في جامع الفصولين قوله ( كما لو كان صفقتين ) بأن سمى كل منهما لنصيبه ثمنا صح ضمان أحدهما نصيب الآخر لامتياز نصيب كل منهما فلا شركة بدليل أن له أي للمشتري قبول نصيب أحدهما فقط ولو قبل الكل ونقد حصة أحدهما كان للناقد قبض نصيبه وقد اعتبروا هنا لتعدد الصفقة تفصيل الثمن وذكروا في البيوع أن هذا قولهما وأما قوله فلا بد من تكرار لفظ بعت
بحر
قوله ( ولا تصح الكفالة بالعهدة ) بأن يشتري عبدا فيضمن رجل العهدة للمشتري
نهر
قوله ( لاشتباه المراد بها ) لانطلاقها على الصك القديم أي الوثيقة التي تشهد للبائع بالملك وهي ملكه فإذا ضمن بتسليمها للمشتري لم يصح لأنه ضمن ما لم يقدر عليه وعلى العقد وحقوقه وعلى الدرك وخيار الشرط فلم تصح الكفالة للجهالة نهر
قلت فلو فسرها بالدرك صح كما لو اشتهر إطلاقها عليه في العرف لزوال المانع
تأمل
قوله ( ولا بالخلاص ) أي عند الإمام
وقالا تصح والخلاف مبني على تفسيره فهما فسراه بتخليص المبيع إن قدر عليه ورد الثمن إن
____________________
(5/313)
لم يقدر عليه وهذا ضمان الدرك في المعنى وفسره الإمام بتخليص المبيع فقط ولا قدرة له عليه
نهر
قوله ( متى أدى بكفالة فاسدة رجع كصحيحة ) لم أر هذه العبارة في جامع الفصولين وإنما قال في صورة الضمان أي ضمان أحد الشريكين يرجع بما دفع إذ قضاه على فساد فيرجع كما لو أدى بكفالة فاسدة
ونظيره لو كفل ببدل الكتابة لم يصح فيرجع بما أدى إذ حسب أن مجبر على ذلك لضمانه السابق وبمثله لو أدى من غير سبق ضمان لا يرجع لتبرعه وكذا وكيل البيع إذا ضمن الثمن لموكله لم يجز فيرجع لو أدى بغير ضمان جاز ولا يرجع ا هـ قوله ( ولو كفل بأمره ) شمل الآمر حكما كما إذا كفل الأب عن ابنه الصغير مهر امرأته ثم مات الأب وأخذ من تركته كان للورثة الرجوع في نصيب الابن لأنه كفالة بأمر الصبي حكما لثبوت الولاية فإن أدى بنفسه فإن أشهد رجع وإلا لا كذا في نكاح المجمع وكما لو جحد الكفالة فبرهن لامدعي عليها بالأمر وقضى على الكفيل فأدى فإنه يرجع وإن كان متناقضا لكونه صار مكذبا شرعا بالقضاء عليه كذا في تلخيص الجامع الكبير
نهر
وقدمنا قريبا عند قول الشارح ولو فضوليا أن إجازة المطلوب قبل قبول الطالب بمنزلة الأمر بالكفالة ونقله أيضا في الدر المنتقى عن القهستاني عن الخانية وتأتي الإشارة إليه في كلام الشارح قريبا
قوله ( أي بأمر المطلوب ) فلو بأمر أجنبي فلا رجوع أصلا ففي نور العين عن الفتاوى الصغرى أمر رجلا أن يكفل عن فلان لفلان فكفل وأدى لم يرجع على الآمر ا هـ
قوله ( أو على أنه علي ) أي على أن ما تضمنه يكون علي قال في الفتح فلو قال اضمن الألف التي لفلان علي لم يرجع عليه عند الأداء لجواز أن يكون القصد ليرجع أو لطلب التبرع فلا يلزم المال وهذا قول أبي حنيفة ومحمد ا هـ
لكن في النهر عن الخانية علي كعني فلو قال اكفل لفلان بألف درهم علي أو انقده ألف درهم علي أو اضمن له الألف التي علي أو اقضه ما له علي ونحو ذلك رجع بما دفع في رواية الأصل وعن أبي حنيفة في المجرد إذا قال لآخر اضمن لفلان الألف التي له علي فضمنها وأدى إليه لا يرجع ا هـ
فعلم أن ما في الفتح على رواية المجرد وقد جزم في الولوالجية بالرجوع وإنما حكي الخلاف في نحو اضمن له ألف درهم إذا لم يقل عني أو هي له علي ونحوه فعندهما لا يرجع إلا إذ كان خليطا
وعند أبي يوسف يرجع مطلقا ومثله في الذخيرة وكذا في كافي الحاكم
قال في النهر وأجمعوا على أن المأمور لو كان خليطا رجع وهو الذي في عياله من والد أو ولد أو زوجة أو أجير والشريك شركة عنان كذا في الينابيع
وقال في الأصل والخليط أيضا الذي يأخذ منه ويعطيه ويداينه ويضع عنده المال والظاهر أن الكل يعطى لهم حكم الخليط وتمامه فيه
قلت وما استظهره مصرح به في كافي الحاكم
قوله ( وهو غير صبي الخ ) قال في جامع الفصولين الكفالة بأمر إنما توجب الرجوع لو كان الآمر ممن يجوز إقراره على نفسه فلا يرجع على صبي محجور ولو أمره ويرجع على القن بعد عتقه ا هـ
قال في البحر بخلاف المأذون فيهما لصحة أمره وإن لم يكن أهلا لها أي للكفالة
قوله ( رجع بما أدى ) شمل ما إذا صالح الكفيل الطالب عن الألف بخمسمائة فيرجع بها لا بألف لأنه إسقاط أو إبراء كما في البحر وقال أيضا إن قوله رجع بما أدى مقيد بما إذا دفع ما وجب دفعه على الأصيل فلو كفل عن المستأجر بالأجرة فدفع الكفيل قبل الوجوب لا رجوع له كما في إجارات البزازية ا هـ
____________________
(5/314)
قلت ونظيره ما لو أدى الأصل قبله ففي حاوي الزاهدي الكفيل بأمر الأصيل أدى المال إلى الدائن بعدما أدى الأصيل ولم يعلم به لا يرجع به لأنه شيء حكمي فلا فرق فيه بين العلم والجهل كعزل الوكيل ا هـ أي بل يرجع على الدائن
قوله ( إن أدى بما ضمن ) الأولى حذف الباء
قوله ( وإن أدى أردأ ) إن وصلية أي إن لم يؤد ما ضمن لا يرجع بما أدى بل بما ضمن كما إذا ضمن بالجيد فأدى الأردأ أو بالعكس
قوله ( لملكه الدين بالأداء الخ ) أي يرجع بما ضمن لا بما أدى لأن رجوعه بحكم الكفالة وحكمها أنه يملك الدين بالأداء فيصير كالطالب نفسه فيرجع بنفس الدين فصار كما إذا ملك الكفيل الدين بالإرث بأن مات الطالب والكفيل وارثه فإنما له عينه وكذا إذا وهب الطالب الدين للكفيل فإنه يملكه ويطالب به المكفول بعينه وصحت الهبة مع أنه هبة الدين لا تصح إلا ممن عليه الدين وليس الدين على الكفيل على المختار لأن الواهب إذا أذن للموهوب بقبض الدين جاز استحسانا وهنا بعقد الكفالة سلطه على قبضه عند الأداء وهذا بخلاف المأمور بقضاء فإنه يرجع بما أدى لأنه لم يملك الدين بالأداء وتمامه في الفتح
قوله ( وإن بغيره ) أي وإن كفل بغيره أمره لا يرجع
قوله ( إلا إذا إجاز في المجلس ) أي قبل قبول الطالب فلو كفل بحضرتهما بلا أمره فرضي المطلوب أولا رجع ولو رضي الطالب أولا لا لتمام العقد به فلا يتغير
قهستاني عن الخانية وقدمناه أيضا عن السراج
قوله ( وحيلة الرجوع بلا أمر الخ ) عبارة الولوالجية رجل كفل بنفس رجل ولم يقدر على تسليمه فقال له الطالب ادفع إلي مالي على المكفول عنه حتى تبرأ من الكفالة فأراد أن يؤديه على وجه يكون له حق الرجوع على المطلوب فالحيلة في ذلك أن يدفع الدين إلى الطالب ويهبه الطالب ما له على المطلوب ويوكله بقبضه فيكون له حق المطالبة فإذا قبضه يكون له حق الرجوع لأنه لو دفع المال إليه بغير هذه الحيلة يكون متطوعا ولو أدى بشرط أن لا يرجع لا يجوز ا هـ ولا يخفى أنه ليس في ذلك كفالة مال بل كفالة نفس فقط لكن إذا ساغ له الرجوع بدون كفالة بهذه الحيلة فمع الكفالة أولى لكن علمت آنفا أن هبة الطالب الدين للكفيل لا يشترط فيها الإذن بقبضه لأن عقد الكفالة يتضمن إذنه بالقبض عند الأداء والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين كونها بإذن المطلوب أو بدونه فقول الشارح ويوكله بقبضه غير لازم هنا بخلافه في مسألة الولوالجية لأنها ليس فيها عقد كفالة بالمال فلذلك ذكر فيها التوكيل بالقبض إذ لا تصح الهبة بدونه
وأورد أنه إذا دفع دين الأصيل برىء الأصيل من دينه فلا رجوع له عليه إلا إذا دفع قدر الدين من غير تعرض لكونه دين الأصيل أي بأن يدفعه للطالب على وجه الهبة
قلت هذا وارد على مسألة الولوالجية أما على ما ذكره الشارح من فرض المسألة في الكفيل بلا أمر فلا لما علمت من أن الكفيل يملك الدين بمجرد الهبة ويرجع بعينه على الأصيل فافهم
نعم ينبغي أن تكون الهبة سابقة على أداء الكفيل وإلا كانت هبة دين سقط بالأداء فلا تصح
قوله ( لأن تملكه بالأداء ) أي تملك الكفيل الدين إنما يثبت له بالأداء لا قبله فإذا أداه يصير كالطالب كما قررناه آنفا فحينئذ يثبت له حبس المطلوب
قوله ( نعم للكفيل أخذ رهن الخ ) يعني لو دفع الأصيل إلى الكفيل رهنا بالدين فله أخذه والأولى في التعبير أن يقال
____________________
(5/315)
نعم للأصيل دفع رهن للكفيل لئلا يوهم لزوم الدفع على الأصيل بطلب الكفيل وقد تبع الشارح في هذا التعبير صاحب البحر أخذا من عبارة الخانية مع أنها إنصما تفيد ما قلنا فإنه قال فيها ذكر في الأصل أنه لو كفل بمال مؤجل على الأصيل فأعطاه المكفول عنه رهنا بذلك جاز ولو كفل بنفس رجل على أنه إن لم يواف به إلى سنة فعليه المال الذي عليه وهو ألف درهم ثم أعطاه المكفول عنه بالمال رهنا إلى سنة كان الرهن باطلا لأنه لم يجب المال للكفيل على الأصيل بعد وكذا لو قال إن مات فلان ولم يؤدك فهو علي ثم أعطاه المكفول عنه رهنا لم يجز
وعن أبي يوسف في النوادر يجوز ا هـ
قوله ( وإذا حبسه له حبسه ) في حاشبة المنح للرملي
أقول سيأتي في كتاب القضاء من بحث الحبس أن المكفول له يتمكن من حبس الكفيل والأصيل وكفيل الكفيل وإن كثروا ا هـ
مطلب فيما يبرأ به الكفيل عن المال قوله ( هذا إذا كفل بأمره الخ ) تقييد لقول المصنف فإن لوزم لازمه الخ وقيده أيضا في البحر بحثا بما إذا كان المال حالا على الأصيل كالكفيل وإلا فليس له ملازمته ا هـ
وقيده في الشرنبلالية أيضا بما إذا لم يكن المطلوب من أصول الطالب فلو كان أباه مثلا ليس له حبس الكفيل لما يلزم من فعل ذلك بالمطلوب وهو ممتنع أي لأنه لا يحبس الأصل بدين فرعه وإذا امتنع اللازم امتنع الملزوم
واعترضه السيد أبو السعود بمنع الملازمة وبأنه مخالف للمنقول في القهستاني فلا يعول عليه وإن تبعه بعضهم ا هـ
قلت و عبارة القهستاني وإن حبس حبس هو المكفول عنه إلا إذا كان كفيلا عن أحد الأبوين أو الجدين فإنه إن حبس لم يحبسه به يشعر قضاء الخلاصة ا هـ
ولا يخفى أن المتبادر من هذه العبارة ما إذا كان الطالب أجنبيا والمطلوب أي المدين أصلا للكفيل لا للطالب وهذا غير ما في الشرنبلالية وهو ما إذا كان المطلوب أصلا للطالب لا للكفيل فما في الشرنبلالية تقييد لقولهم إن للطالب حبس الكفيل وما في القهستاني تقييد لقولهم للكفيل حبس المكفول إذا حبس أي إذا كان المكفول أصلا للكفيل فللطالب الأجنبي حبس الكفيل وليس للكفيل إذا حبس أن يحبس المكفول لكونه أصله بخلاف ما إذا كان المفكول أصلا للطالب فإنه ليس للطالب حبس الكفيل لأنه يلزم من حبسه له أن يحبس هو المكفول فيلزم حبس الأصل بدين فرعه
وقد ذكر الشرنبلالي في رسالة خاصة وذكر فيها أنه سئل عن هذه المسألة ولم يجد فيها نقلا وحقق فيها ما ذكرناه لكن ذكر الخبر الرملي في حاشية البحر في باب الحبس من كتاب القضاء أنه وقع الاستفتاء عن هذه المسألة ثم قال للكفيل حبس المكفول الذي هو أصل الدائن لأنه إنما حبس لحق الكفيل ولذلك يرجع عليه بما أدى فهو محبوس بدينه فلم يدخل في قولهم لا يحبس أصل في دين فرعه لأنه إنما حبسه أجنبي فيما ثبت له عليه ا هـ ملخصا ومفاده أن للطالب الذي هو فرع المكفول حبس الكفيل الأجنبي لأن الكفيل لا يحبس المكفول ما لم يحبسه الطالب ولا يخفى أن المكفول إنما يحبس بدين الطالب حقيقة فيلزم حبس الأصل بدين فرعه وإن كان الحابس له مباشرة غير الفرع نعم يظهر ما ذكره الخير الرملي على القول بأن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في الدين لكن علمت أن الكفيل لا يملك الدين قبل الأداء فبقي الدين للطالب ولزم المحذود والله سبحانه أعلم فافهم
قوله ( يوجب براءتهما ) أي براءة الكفيل والأصيل وقوله للطالب قيل متعلق بأداء
____________________
(5/316)
قلت وفيه بعد والأظهر تعلقه بمحذوف على أنه حال من براءة أي منتهية إلى الطالب على أن اللام بمعنى إلى ونظيره قوله الآتي برئت إلى فافهم
قوله ( إلا إذا أحاله ) فإن الحوالة كما يأتي نقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه فهو في حكم الأداء فصح الاستثناء فافهم
قوله ( وشرط براءة نفسه فقط ) فحينئذ يبرأ الكفيل دون الأصيل وللطالب أخذ الأصيل إو المحال عليه بدينه ما لم ينو المال على المحال عليه وبدون هذا الشرط يبرأ الأصيل أيضا لأن الدين عليه والحوالة حصلت بأصل الدين فتضمنت براءتهما كما في البحر عن السراج
قوله ( وبرىء الكفيل بأداء الأصيل ) وكذا يبرأ لو شرط الدفع من وديعة فهلكت
ففي الكافي لو كفل بألف عن فلان على أن يعطيها إياه من وديعة لفلان عنده جاز فإن هلكت الوديعة فلا ضمان على الكفيل ا هـ
وفيه أيضا في باب بطلان المال عن الكفيل بغير أداء ولا إبراء لو كفل عن رجل بالثمن فاستحق المبيع من يده أو رده بعيب ولو بلا قضاء أو بإقالة أو بخيار رؤية أو بفساد البيع برىء الكفيل وكذا لو بطل المهر أو بعضه عن الزوج بوجه برىء مما بطل عن الزوج أو ضم المشتري الثمن لغريم البائع فاستحق المبيع من يد المشتري بطلت الكفالة أيضا وكذلك الحوالة أما لو رده المشتري بعيب ولو بلا قضاء لم يبرأ الكفيل ويرجع به على البائع وكذا لو هلك المبيع قبل التسليم أو ضمن الزوج مهر المرأة لغريمها ثم وقعت بينهما فرقة من قبله أو من قبلها لم يبطل الضمان وتمامه فيه
قوله ( إلا إذا برهن ) أي الأصيل على أدائه قبل الكفالة فيبرأ أي الأصيل فقط أي دون الكفيل لأنه أقر بهذه الكفالة أن الألف على الأصيل وبهذا يظهر أن الاستثناء منقطع لما في البحر من أن هذا ليس من البراءة وإنما تبين أن لا دين على الأصيل والكفيل عومل بإقراره أي لأن البينة لما قامت على الأداء قبل الكفالة علم أن ما كفل به الكفيل غير هذا الدين بخلاف ما إذا برهن أنه قضاه بعد الكفالة ففي البحر أنهما يبرآن
قوله ( بحر ) صوابه نهر فإنه نقل عن القنية براءة الأصيل إنما توجب براءة الكفيل إذا كانت بالأداء أو الإبراء فإن كانت بالحلف فلا لأن الحلف يفيد براءة الحالف فحسب ا هـ
والظاهر أنه مصور فيما إذا كانت الكفالة بغير أمره وإلا فقوله اكفل عني لفلان بكذا إقرار بالمال لفلان كما في الخانية وغيرها وحينئذ فإذا ادعى عليه المال فأنكر وحلفه برىء وحده إنما قلنا كذلك لأنه لو ادعى الأصيل الأداء فعليه البينة لا اليمين
تأمل
قوله ( ولو أبرأ الطالب الأصيل الخ ) محل براءة الكفيل بإبراءه الطالب الأصيل إذا لم يكفل بشرط براءة الأصيل فإن كفل كذلك برىء الأصيل دون الكفيل لأنها حوالة ط
ولو قال ولو برىء الأصيل لشمل ما في الخانية لو مات الطالب والأصيل وارثه برىء الكفيل أيضا ا هـ بحر
قوله ( برىء الكفيل ) بشرط قبول الأصيل وموته قبل القبول والرد يقول مقام القبول ولو رده ارتد
وهل يعود الدين على الكفيل أم لا خلاف كذا في الفتح
نهر
وفي التتارخانية عن المحيط لا ذكر لهذه المسألة في شيء من الكتب
واختلف المشايخ فمنهم من قال لا يبرأ الكفيل أي برد الأصيل الإبراء كما في رد الهبة ومنهم من قال يبرأ الكفيل ا هـ
قال في الفتح
وهذا بخلاف الكفيل فإنه إذا أبرأه صح وإن لم يقبل ولا يرجع على الأصيل ولو كان إبراء الأصيل أو هبته أو التصدق عليه بعد موته فعند أبي يوسف القبول والرد للوارث فإن قبلوا صح وإن ردوا ارتد
وقال محمد لا يرتد بردهم كما لو أبرأهم
____________________
(5/317)
في حال حياته ثم مات وهذا يختص بالإبراء ا هـ
قوله ( كما مر ) أي قبيل الكفالة بالمال
قوله ( وتأخر الدين عنه ) مرتبط بقوله أو أخر عنه وشمل كقيل الكفيل فإذا أخر الطالب عن الأصيل تأخر عن الكفيل وكفيله وإن أخره عن الكفيل الأول تأخر عن الثاني أيضا لا عن الأصيل كما في الكافي وشرطه أيضا قبول الأصيل فلو رده ارتد كما أفاده الفتح
قوله ( تأخرت مطالبة المصالح ) مصدر مضاف إلى مفعوله والمراد به المكاتب والفاعل ولي القتيل أو إلى فاعله والمراد به الولي والمفعول المكاتب فإن المصالحة مفاعلة من الطرفين وهذا أولى لئلا يلزم الإظهار في مقام الإضمار فافهم ومثل هذه المسألة ما لو كفل العبد المحجور بما لزمه بعد عتقه فإن المطالبة تتأخر عن الأصيل إلى عتقه ويطالب كفيله للحال لكن في هذين الفرعين تأخر لا بتأخير الطالب فلم يدخلا في كلام المصنف كما أفاده في البحر و النهر
قوله ( ولا ينعكس ) أي لو أبرأ الكفيل أو أخر عنه أي أجله بعد الكفالة بالمال حالا لا يبرأ الأصيل ولا يتأخر عنه
قال في النهر وإذا لم يبرأ الأصيل لم يرجع عليه الكفيل بشيء بخلاف ما لو وهبه الدين أو تصدق عليه به حيث يرجع ا هـ
قوله ( نعم لو تكفل بالحال مؤجلا الخ ) أفاد أنه لو كان مؤجلا على الأصيل فكفل به تأخر عنهما بالأولى وإن لم يسم الأجل في الكفالة كما صرح به في الكافي وغيره
قوله ( لأن تأجيله على الكفيل تأجيل عليهما ) هذا التعليل غير تام فإن العلة كما في الفتح هي أن الطالب ليس له حال الكفالة حق يقبل التأجيل إلا الدين فبالضرورة يتأجل عن الأصيل بتأجيل الكفيل أما في مسألة المتن وهي ما إذا كانت الكفالة ثابتة قبل التأجيل فقد تقرر حكمها وهو المطالبة ثم طرأ التأجيل عن الكفيل فينصرف إلى ما تقرر عليه بها وهو المطالبة
تنبيه ما ذكره الشارح تبعا للهداية وغيرها من أنه يتأجل عليهما يستثنى منه ما إذا أضاف الكفيل الأجل إلى نفسه بأن قال أجلني أو شرط الطالب وقت الكفالة الأجل للكفيل خاصة فلا يتأخر الدين حينئذ عن الأصيل كما ذكره في الفتاوى الهندية
ونقل ط عبارتها
مطلب لو كفل بالقرض مؤجلا تأجل عن الكفيل دون الأصيل ويستثنى أيضا ما لو كفل بالقرض مؤجلا إلى سنة مثلا فهو على الكفيل إلى الأجل وعلى الأصيل حال كما في البحر عن التتارخانية معزيا إلى الذخيرة و الغياثية
ثم نقل خلافه عن تلخيص الجامع من شموله للقرض وأن هذا هو الحيلة في تأجيل القرض وسيذكره الشارح آخر الباب
قلت لكن رده العلامة الطرسوسي في أنفع الوسائل بأن هذا إنما قاله الحصيري في شرح الجامع وكل الكتب تخالفه فلا يلتفت إليه ولا يجوز العمل به وقدمنا تمام الكلام عليه قبيل فصل القرض ويؤيده أن الحاكم الشهيد في الكافي صرح بأنه لا يتأخر عن الأصيل وكفى به حجة
قوله ( وفيه ) متعلق بقوله يشترط والضمير المجرور عائد إلى قول المتن ولو أبرأ الأصيل الخ ولو أسقط لفظة فيه لكان أوضح
و عبارة الدرر هكذا أبرأ الطالب الأصيل إن قبل برئا أي الأصيل والكفيل معا أو أخره عنه تأخر عنهما بلا عكس فيهما ولو أبرأ الكفيل فقط برىء وإن لم يقبل إذ لا دين عليه ليحتاج إلى القبول بل عليه المطالبة وهي تسقط بالإبراء ولو وهب الدين له أي للكفيل إن كان غنيا أو تصدق عليه إن كان فقيرا يشترط القبول كما هو حكم الهبة والصدقة وهبة الدين لغير من عليه الدين
____________________
(5/318)
تصح إذا سلط عليه والكفيل مسلط على الدين في الجملة كذا في الكافي وبعده له الرجوع على الأصيل ا هـ
وضمير بعده للقبول
وحاصله أن حكم الإبراء والهبة في الكفيل مختلف ففي الإبراء لا يحتاج إلى القبول وفي الهبة والصدقة يحتاج وفي الأصيل متفق فيحتاج إلى القبول في الكل وموته قبل القبول والرد كالقبول
شرنبلالية
ولم يذكر حكم الرد
وأفاد في الفتح أن الإبراء والتأجيل يرتدان برد الأصيل
وأما الكفيل فلا يرتد برده الإبراء بل التأجيل
والفرق أن الإبراء إسقاط محض في حق الكفيل ليس فيه تمليك مال لأن الواجب عليه مجرد المطالبة والإسقاط المحض لا يحتمل الرد لتلاشي الساقط بخلاف التأخير لعوده بعد الأجل فإذا عرف هذا فإن لم يقبل الكفيل التأخير أو الأصيل فالمال حال يطالبان به للحال ا هـ
وقدمنا تمام الكلام عليه
تنبيه نقل في البحر عن قوله وبطل تعليق البراءة عن الهداية مثل ما هنا من أن إبراء الكفيل لا يرتد بالرد بخلاف إبراء الأصيل
ثم نقل عن الخانية لو قال للكفيل أخرجتك عن الكفالة فقال الكفيل لا أخرج لم يصر خارجا
ثم قال في البحر فثبت أن إبراء الكفيل أيضا يرتد بالرد ا هـ
قال في النهر وفيه نظر ولم يبين وجهه
وأجاب المقدسي بأن ما في الخانية في معنى الإقالة لعقد الكفالة فحيث لم يقبلها الكفيل بطلت فتبقى الكفالة بخلاف الإبراء لأنه محض إسقاط فيتم بالمسقط ا هـ
على أن ما في الهداية منصوص عليه في كافي الحاكم
قوله ( والتأجيل ) هذا غير موجود في عبارة الدرر كما عرفته
نعم هو في الفتح كما ذكرناه آنفا
قوله ( لا الكفيل ) أي لا يشترط قبول الكفيل الإبراء والتأجيل لكن لم يذكر في الدرر عدم اشتراطه في التأجيل وهو غير صحيح بل هو شرط كما سمعته من كلام الفتح
قوله ( وفي فتاوى ابن نجيم الخ ) ونصها سئل عن رجل ضمن آخر في دين عليه ثمن مبيع أو أجرة لازمة عليه ثم إن رب المال أجله على الكفيل إلى مدة معلومة هل يصير مؤجلا عليه وحده وعلى الأصيل حالا أو مؤجلا عليهما أجاب يصير مؤجلا عليهما كما صرح به في الحاوي القدسي ا هـ
أقول هذا غير صحيح لمخالفته لعبارات المتون والشروح على أني راجعت الحاوي القدسي فرأيت خلاف ما عزاه إليه
ونص عبارة الحاوي وإن أخر الطالب الدين عن الأصيل كان تأخيرا عن الكفيل وإن أخره عن الكفيل لم يكن تأخيرا عن الأصيل ا هـ بالحرف وكأن ابن نجيم اشتبه عليه ذلك بما لو تكفل بالحال مؤجلا مع أن صريح السؤال خلافه فافهم
قوله ( فليحفظ ) بل الواجب حفظ ما في كتب المذهب لأن هذا سبق نظر فلا يحفظ ولا يلحظ
قوله ( وهو المختار ) لأن الناس لا يريدون نفي التعلق أصلا وإنما يريدون نفي التعلق الحسي وإني لا أتعلق به تعلق المطالبة ا هـ ح
على أن إبراء الأصيل يتوقف على قبوله ولم يوجد
قوله ( وإذا حل الدين المؤجل الخ ) أفاد أن الدين يحل بموت الكفيل كما صرح به في الغرر و شرح الوهبانية عن المبسوط وعلله في المنح عن الولوالجية بأن الأجل يسقط بموت من له الأجل
قوله ( لا يحل على الأصيل ) وكذا إذا عجل الكفيل الدين حال حياته لا يرجع على المطلوب
____________________
(5/319)
إلا عند حلول الأجل عند علمائنا الثلاثة وهو نظير ما لو كفل بالزيوف وأدى الجياد
تاترخانية
قوله ( خير الطالب ) أي في أخذه من أي التركتين شاء لأن دينه ثابت على كل واحد منهما كما في حال الحياة
درر
قوله ( مثلا ) فالنصف غير قيد
قوله ( برئا ) أي الأصيل والكفيل لأنه أضاف الصلح إلى الألف الدين وهو على الأصيل فيبرأ عن خمسمائة وبراءته توجب براءة الكفيل
درر
قوله ( وإذا شرط براءة الكفيل وحده الخ ) ليس المراد أن الطالب يأخذ البدل في مقابلة إبراء الكفيل عنها وإنما المراد أن ما أخذه من الكفيل محسوب من أصل دينه ويرجع بالباقي على الأصيل
بحر
ونبه بذلك على الفرق بني هذه وبين المسألة التي عقبها كما يأتي ويوضحه ما في الفتح عن المبسوط لو صالحه على مائة درهم على أن أبرىء الكفيل خاصة من الباقي رجع الكفيل عن الأصيل بمائة ورجع الطالب على الأصيل بتسعمائة لأن إبراء الكفيل يكون فسخا للكفالة ولا يكون إسقاطا لأصل الدين ا هـ
قوله ( كانت فسخا للكفالة ) هذه عبارة المبسوط كما علمت أي أن البراءة عن باقي الدين التي تضمنها عقد الصلح تتضمن فسخ الكفالة لسقوط المطالبة عن الكفيل بهذا الشرط ولا يسقط بها أصل الدين إذ لو سقط لم يبق للطالب على المطلوب شيء مع أنه يطالبه بالنصف الباقي بخلاف الصور الثلاث فإن مطالبته سقطت عنهما جميعا
قوله ( فيبرأ هو ) أي الكفيل وحده عن خمسمائة وهي التي سقطت بعقد الصلح وكذا عن التي دفعها بدلا عن الصلح وهو ظاهر لأن الصلح على بعض الدين أخذ لبعض حقه وإبراء عن الباقي فحيث أخذ الطالب من الكفيل بعض حقه وأبرأه عن باقيه فقد سقطت المطالبة عنه أصلا وبراءة الكفيل لا توجب براءة الأصيل فلذا قال دون الأصيل
قوله ( والكفيل بخمسمائة ) أي ويرجع الكفيل على الأصيل بخمسمائة وهي التي أداها للطالب بدل الصلح في الصور الأربع
قوله ( لو بأمره ) أي يرجع بها لو كفل عنه بأمره وإلا فلا رجوع له
قوله ( على جنس آخر ) مفهوم قوله على نصفه ا هـ ح
قوله ( رجع بالألف ) لأن الصلح بجنس آخر مبادلة فيملك الدين فيرجع بجميع الألف
فتح
وكذا يرجع بجميع الألف لو صالحه على خمسمائة على أن يهب له الباقي كما في الفتح أيضا ومثله في الكافي
قوله ( كما مر ) الأولى أن يقول لما مر أي من أنه يملك الدين بالأداء
قوله ( صالح الكفيل الطالب الخ ) في الهداية ولو كان صالحه عما استوجب بالكفالة لا يبرأ الأصيل لأن هذا إبراء الكفيل عن المطالبة ا هـ
ومقتضاه صحة الصلح ولزوم المال وسقوط المطالبة عن الكفيل دون الأصيل وهو خلاف ما ذكره المصنف تبعا للخانية إلا أن يحمل على الكفالة بالنفس لما في التتارخانية الكفيل بالنفس إذا صالح الطالب على خمسمائة دينار على أن أبرئه من الكفالة بالنفس لا يجوز ولا يبرأ عنها فلو كان كفيلا بالنفس والمال على إنسان واحد برىء ا هـ
وفي الهندية عن الذخيرة صالح على مال لإسقاط الكفالة لا يصح أخذ المال وهل تسقط الكفالة بالنفس فيه روايتان في رواية تسقط وبه يفتى ا هـ
وحينئذ فيحمل ما في الهداية على الكفالة بالمال توفيقا بين الكلامين
تأمل
ثم لا يخفى أن الفرق بين هذه المسألة والتي قبلها في المتن وهي الرابعة هو أن هذه في الصلح عن الكفالة
____________________
(5/320)
والتي قبلها في الصلح عن المال المكفول به فالمال هنا في مقابلة الإبراء عن الكفالة وهناك في مقابلة الإبراء عن المال الباقي كما مر في عبار المبسوط
ومن العجب ما في النهاية حيث جعل عبارة المبسوط المارة تصويرا لما ذكره هنا في الهداية فإنه عكس الموضع لأن كلام المبسوط مفروض في الصلح على إبراء الكفيل فقط عن المال وهو الصورة الرابعة المذكورة في كلام المصنف وكلام الهداية في الصلح على إبراء الكفيل عن المطالبة ولم أر من نبه على ذلك مع أنه نقله في البحر وغيره وأقروه عليه نعم ربما يشعر كلام الفتح بأنه لم يرض به فراجعه
قوله ( وهو بإطلاقه يعم الكفالة بالمال والنفس ) قد علمت ما فيه
قوله ( برئت إلي ) متعلق بمحذوف حال أي حال كونك مؤديا إلي كما في شرح مسكين أي فهو براءة استيفاء لا براءة إسقاط
قوله ( لإقراره بالقبض ) لأن مفاد هذا التركيب براءة من المال مبدؤها من الكفيل ومنتهاها صاحب الدين وهذا هو معنى الإقرار بالقبض من الكفيل فكأنه قال دفعت إلي
قوله ( ومفاده ) أي مفاد التعليل المذكور وهذا الكلام لصاحب البحر
قوله ( براءة المطلوب ) أي المديون للطالب أي الدائن يعني أنه يفيد أن المطلوب يبرأ من المطالبة التي كانت للطالب عليه وكذا يبرأ منها الكفيل فلا مطالبة له على واحد منهما لإقراره بالقبض إذ لا يستحق القبض أكثر من مرة واحدة
قوله ( لا رجوع ) أي للكفيل على المطلوب
نعم للطالب أن يأخذ المطلوب بالمال كما في الكافي للحاكم
قوله ( لأنه إبراء ) تعليل لعدم الرجوع في الصور الثلاث إذ ليس فيها ما يفيد القبض ليكون إقرارا به بل هو محتمل للإبراء بسبب القبض وللإسقاط فلا يثبت القبض بالشك
قوله ( أي إلى ) المراد برئت إلي
قوله ( وهو أقرب الاحتمالين ) أي احتمال أنه براءة قبض واحتمال أنه براءة إسقاط
ووجه الأقربية ما في الفتح من قوله لأنه إقرار ببراءة ابتداؤها من الكفيل المخاطب
وحاصله إثبات البراءة منه على الخصوص مثل قمت وقعدت والبراءة الكائنة منه خاصة كالإيفاء بخلاف البراءة بالابراء فإنها لا تتحقق بفعل الكفيل بل بفعل الطالب فلا تكون حينئذ مضافه إلى الكفيل وما قاله محمد أي من أنه لا يثبت القبض بالشك إنما يتم إذا كان الاحتمالان متساويين ا هـ
وهذا أيضا ترجيح منه لقول أبي يوسف
قوله ( لو كتبه في الصك ) بأن كتب برىء الكفيل من الدراهم التي كفل بها
بحر
قوله ( عملا بالعرف ) فإن العرف بين الناس أن الصك يكتب على الطالب بالبراءة إذا حصلت بالإيفاء وإن حصلت بالإبراء لا يكتب الصك عليه فجعلت إقرارا بالقبض عرفا ولا عرف عند الإبراء
فتح
قوله ( وهذا كله الخ ) عزاه في فتح القدير إلى شروح الجامع الصغير وجزم به في الملتقى والدرر وأقره الشرنبلالي وكذا الزيلعي وابن كمال فتعبير البحر عنه بقبل غير ظاهر فافهم والإشارة إلى جميع الألفاظ المارة
قال في البحر عن النهاية حتى في برئت إلي لاحتمال لأني أبرأتك مجازا وإن كان بعيدا في الاستعمال ا هـ
قال في النهر والظاهر أن في لفظ الحل لا يرجع إليه لظهور أنه مسامحة لا أنه أخذ منه شيئا ا هـ
____________________
(5/321)
قلت وفيه نظر يظهر بأدنى نظر
قوله ( لمراده ) متعلق بالبيان أي يسأل هل أردت القبض أو لا قوله ( لأنه المجمل ) بكسر ثالثه اسم فاعل أي فإن الأصل في الإجمال أن يرجع فيه إلى المجمل والمراد بالمجمل هنا ما يحتاج إلى تأمل ويحتمل المجاز وإن كان بعيدا لا حقيقة المجمل يعني يرجع إليه إذا كان حاضرا لإزالة الاحتمالات خصوصا إن كان العرف في ذلك اللفظ مشتركا منهم من يقصد القبض ومنهم من يقصد الإبراء
فتح
قوله ( ومثل الكفالة الحوالة ) في كافي الحاكم و المحتال عليه في جميع ذلك كالكفيل ا هـ
قال ط فإن قال المحال للمحتال عليه برئت إلي رجع المحتال عليه على المحيل وإن قال أبرأتك لا
واختلف فيما إذا قال برئت فقط ا هـ
وإنما يرجع إذا لم يكن للمحيل دين على المحتال عليه
مطلب في بطلان تعليق البراءة من الكفالة بالشرط قوله ( وبطل تعليق البراءة من الكفالة بالشرط ) أي لما فيه من معنى التمليك ويروى أنه يصح لأنه عليه المطالبة دون الدين في الصحيح فكان إسقاطا محضا كالطلاق
هداية
وظاهره ترجيح عدم بطلانه بناء على الصحيح
بحر
قلت ولذا قال في متن الملتقى و المختار الصحة
واعلم أن إضافته تعليق إلى البراءة من إضافة الصفة إلى موصوفها والمعنى وبطلت البراءة المعلقة بالشرط وإذا بطلت البراءة من الكفالة تبقى الكفالة على أصلها فللطالب مطالبة الكفيل بدليل التعليل فليس المراد بطلان تعليق البراءة لأنه يلزم منه بقاء البراءة صحيحة منجزة وتبطل الكفالة بها ولا يناسبه العلة المذكورة لأن نفس التعليق ليس فيه معنى التمليك بل الذي فيه معنى التمليك هو البراءة المعلقة فتبطل
ثم رأيت بخط بعض العلماء على نسخة قديمة من شرح المجمع ما نصه معناه أن الكفالة جائزة والشرط باطل ا هـ
وهذا عين ما قلته
قوله ( بالشرط الغير الملائم ) نحو إذا جاء غدا فأنت بريء من المال ومثال الملائم ما لو كفل بالمال أو بالنفس وقال إن وافيت به غدا فأنت بريء من المال فوافاه من الغد فهو بريء من المال كذا في العناية ا هـ ح
وفي البحر عن المعراج الغير الملائم هو ما لا منفعة فيه للطالب أصلا كدخول الدار ومجيء الغد لأنه غير متعارف ا هـ
قلت وسئلت عمن قال كفلته عن أنك إن طالبتني به قبل حلول الأجل فلا كفالة لي ويظهر لي أنه من غير الملائم فليتأمل
قوله ( على ما اختاره في الفتح والمعراج ) أقول الذي في الفتح هكذا قوله ولا يجوز تعليق الإبراء من الكفالة بالشرط أي بالشرط المتعارف مثل أن يقول إن عجلت لي البعض أو دفعت البعض فقد أبرأتك من الكفالة أما غير المتعارف فلا يجوز ثم قال ويروى أنه يجوز وهو أوجه الخ
فهذا شرح لعبارة الهداية التي قدمناها آنفا وقدمنا أن ظاهر ما في الهداية ترجيح الرواية الثانية وأنه اختارها في متن الملتقى وكذا اختارها في الفتح كما ترى والمتبادر من كلام الفتح أن المراد بهذه الرواية جواز الشرط المتعارف لأنه قيد رواية عدم الجواز بالشرط المتعارف وذكر أن غير المتعارف لا يجوز وهو تصريح بما فهم بالأولى
ثم ذكر مقابل الرواية الأولى وهي رواية الجواز فعلم أن المراد بها الشرط المتعارف أيضا وأن غير المتعارف لا يجوز أصلا ويحتمل أن يكون قوله ويروى أنه يجوز أي إذا كان الشرط غير متعارف ويلزم منه جواز المتعارف بالأولى فعلى الاحتمال الأول يكون قد اختار في الفتح جواز التعليق بالشرط المتعارف وعلى الثاني اختار جوازه مطلقا وهذا الاحتمال
____________________
(5/322)
أظهر لأنه حيث قيد رواية عدم الجواز بالمتعارف علم أن غير المتعارف لا يجوز بالأولى ثم اختار مقابل هذه الرواية وهو رواية الجواز أي مطلقا فكان على الشارح أن يقول وبطل تعليق البراءة من الكفالة بالشرط ولو ملائما وروي جوازه مطلقا واختاره في الفتح نعم ذكر في الدرر عن العناية قولا ثالثا وهو عدم جواز التعليق بالشرط لو غير متعارف والجواز لو متعارفا وذكر في المعراج هذا القول وجعله محمل الروايتين وأقره في البحر وقال إن قول الكنز وبطل التعليق محمول على غير المتعارف وتبعه الشارح لكن لا يخفى أن كلام الفتح مخالف لهذا التوفيق لأنه حمل بطلان التعليق على الشرط المتعارف كما علمت فكيف ينسب إليه ما ذكره الشارح فافهم
قوله ( وأقره المصنف ) أي في شرحه في هذا المحل أي أقر ما في المعراج من التفصيل والتوفيق
قوله ( والمتفرقات ) أي متفرقات البيوع في بحث ما يبطل تعليقه
قوله ( ترجيح الإطلاق ) أي رواية بطلان التعليق المتبادر منها الإطلاق عما فصله في المعراج وفي كون الزيلعي رجح ذلك نظر بل كلامه قريب من كلام الهداية المار فراجعه
قوله ( قيد بكفالة النفس ) أي باعتبار أن الكلام فيها وإلا فلم يذكر القيد في المتن كالكنز ا هـ ح
قوله ( مبسوطا في الخانية ) حاصله أن تعليق البراءة من الكفالة بالنفس على وجوه في وجه تصح البراءة ويبطل الشرط كما إذا أبرأ الطالب الكفيل على أن يعطيه الكفيل عشرة دراهم وفيه وجه يصحان كما إذا كان كفيلا بالمال أيضا وشرط الطالب عليه أن يدفع المال ويبرئه من الكفالة بالنفس وفي وجه ببطلان كما إذا شرط الطالب على الكفيل بالنفس أن يدفع إليه المال ويرجع به على المطلوب ا هـ
قوله ( لا يسترد أصيل الخ ) أي إذا دفع الأصيل وهو المديون إلى الكفيل المال المكفول به ليس للأصيل أن يسترده من الكفيل وإن لم يعطه الكفيل إلى الطالب
قال في النهر لأنه أي الكفيل ملكه بالاقتضاء وبه ظهر أن الكفالة توجب دينا للطالب على الكفيل ودينا للكفيل على الأصيل لكن دين الطالب حال ودين الكفيل مؤجل إلى وقت الأداء ولذا لو أخذ الكفيل من الأصيل رهنا أو أبرأه أو وهب منه الدين صح فلا يرجع بأدائه كذا في النهاية ولا ينافيه ما مر من أن الراجح أن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة لأن الضم إنما هو بالنسبة إلى الطالب وهذا لا ينافي أن يكون للكفيل دين على المكفول عنه كما لا يخفى وعلى هذا فالكفالة بالأمر توجب ثبوت دينين وثلاث مطالبات تعرف بالتدبر ا هـ ما في النهر أي دين ومطالبة حالين للطالب على الأصيل ودين ومطالبة مؤخرين للكفيل على الأصيل أيضا ومطالبة فقط للطالب على الكفيل بناء على الراجح من أنها الضم في المطالبة
تنبيه نقل محشي مسكين عن الحموي عن المفتاح أن عدم الاسترداد مقيد بما إذا لم يؤخره الطالب عن الأصيل أو الكفيل فإن أخره له أن يسترده ا هـ
قلت لكن قوله أو الكفيل لم يظهر لي وجهه
تأمل
قوله ( بأمره ) متعلق بالكفيل احترازا عن الكفيل بلا أمر كما سيأتي
قال في النهر قيد به في الهداية ولا بد منه
قوله ( ليدفع للطالب ) متعلق بأدى
واعلم أن ما مر من أن الكفيل ملك المؤدى فذلك فيما إذا دفعه إليه الأصيل على وجه القضاء بأن قال له إني لا آمن أن يأخذ منك الطالب حقه فأنا أقضيك المال قبل أن تؤديه بخلاف ما إذا كان الدفع على وجه الرسالة
____________________
(5/323)
بأن المطلوب للكفيل خذ هذا المال وادفعه إلى الطالب حيث لا يصير المؤدى ملكا للكفيل بل هو أمانة في يده لكن لا يكون للمطلوب أن يسترده من الكفيل لأنه تعلق به حق الطالب كذا في الكافي لكن ذكر في الكبرى أن له الاسترداد وأنه أشار إليه في الأصل كذا في الكفالة شرح الهداية وما نقله عن الكافي نقل ط مثل عن العناية و المعراج وعليه مشى في البحر و النهر
والمراد بالكافي كافي النسفي أما كافي الحاكم الشهيد الذي جمع كتب ظاهر الرواية فإنه أشار فيه أيضا إلى أن له الاسترداد لو دفعه على وجه الرسالة فإنه ذكر أنه لو قبضه على وجه القضاء فله التصرف فيه وله ربحه لأنه له ولو هلك منه ضمنه ولو قبضه على وجه الرسالة فهلك كان مؤتمنا ويرجع به على الأصيل ولو لم يهلك فعمل به وربح تصدق بالربح لأنه غاصب وكذا في الهداية إشارة إليه حيث ذكر أولا أنه إذا قضاه لا يسترد
ثم قال بخلاف ما إذا كان الدفع على وجه الرسالة لأنه تمحض أمانة في يده فدل كلامه على أن عدم الاسترداد في الأداء على وجه القضاء لا الرسالة حيث جعله في الرسالة محض أمانة والأمانة مستردة
ونقل ط عن غاية البيان أن له الاسترداد
قال ومثله في صدر الشريعة
قال في اليعقوبية إنه الظاهر لأنه أمانة محضة ويد الرسول يد المرسل فكأنه لم يقبضه فلا يعتبر حق الطالب وهو المتبادر من الهداية ا هـ
قلت وهو المتبادر أيضا مما في المتون من أن الربح يطيب له فإنه دليل على أن المراد الأداء على وجه القضاء وقول الشارح تبعا للدرر ليدفعه للطالب ظاهره الدفع على وجه الرسالة وهو موافق لما في كافي النسفي وغيره ويفهم منه أنه في الدفع على وجه القضاء له ذلك بالأولى
ويمكن حمله على ما في كافي الحاكم وغيره بأن يكون المراد أنه لم يصرح له بأنه يدفعه للطالب بل أضمر ذلك في نفسه وقت الأداء
ففي الشرنبلالية عن القنية لو أطلق عند الدفع فلم يبين أنه على وجه القضاء أو الرسالة يقع عن القضاء فافهم
تنبيه لو قضى المطلوب الدين إلى الطالب فللمطلوب أن يرجع على الكفيل بما أعطاه كما في الكافي وغيره
قوله ( وإن لم يعطه طالبه ) إن وصلية وطالبه بكسر اللام بزنة اسم الفاعل مضاف للضمير وهو المفعول الثاني ليعطه
قوله ( ولا يعمل نهيه الخ ) هذا ما أجاب به في البحر حيث قال وقد سئلت عما إذا دفع المديون الدين للكفيل ليؤديه إلى الطالب ثم نهاه عن الأداء هل يعمل نهيه فأجبت إن كان كفيلا بالأمر لم يعمل نهيه لأنه لا يملك الاسترداد وإلا عمل لأنه يملكه ا هـ
قلت وظاهر قوله ليؤديه أن الدفع على وجه الرسالة فهو مبني على ما في كافي النسفي
قوله ( لأنه حينئذ ) أي حين إذ كان كفيلا بلا أمر يملك الأصيل الاسترداد لأن الكفيل لا دين له عليه فلم يملك المؤدى بل هو في يده محض أمانة كما إذا أداه الأصيل إليه على وجه الرسالة وكانت الكفالة بالأمر على ما مر بل هذا بالأولى لما علمت من أنه هنا لا دين له أصلا
قوله ( لكنه قدم قبله ما يخالفه ) لعل مراده بالمخالفة أن المصنف لم يقيد متنه بكون الكفيل كفيلا بالأمر وفرق هنا بين كونه بالأمر فلا يعمل نهيه وإلا عمل لكن في شرح المصنف إشارة إلى أن مراده في المتن الكفيل بالأمر وقد علمت أن هذا القيد لا بد منه فلا مخالفة
قوله ( حيث قبضه على وجه الاقتضاء ) تقييد للمتن ولتعليله بأنه نماء ملكه وصرح بعده بمفهومه و عبارة الهداية فإن ربح الكفيل فيه فهو له لا يتصدق به لأنه ملكه حين قبضه وهذا إذا قضى الدين ظاهر وكذا إذا قضاه المطلوب بنفسه وثبت له استرداد ما دفع
____________________
(5/324)
للكفيل وإنما حكمنا بثبوت ملكه إذا قضاه المطلوب بنفسه لأن الكفيل وجب له بمجرد الكفالة على الأصيل مثل ما وجب للطالب على الكفيل وهو المطالبة ا هـ
موضحا من الفتح وتمامه فيه
قوله ( خلافا للثاني ) أي أبي يوسف فعنده يطيب له كمن غصب من إنسان وربح فيه يتصدق بالربح عندهما لأنه استفاده من أصل خبيث ويطيب له عنده مستدلا بحديث الخراج بالضمان فتح قوله ( وندب رده ) مرتبط بقوله بعده فيما يتعين بالتعيين أي أن قوله طاب له أي الربح إنما هو فيما لو كان المؤدى للكفيل شيئا لا يتعين بالتعيين كالدراهم والدنانير فإن الخبث لا يظهر فيها بخلاف ما يتعين كالحنطة ونحوها بأن كفل عنه حنطة وأداها الأصيل إلى الكفيل وربح الكفيل فيها فإنه يندب رد الربح إلى الأصيل
قال في النهر وهذا هو أحد الروايات عن الإمام وهو الأصح وعنه أنه لا يرده بل يطيب له وهو قولهما لأنه نماء ملكه وعنه أنه يتصدق به وتمامه فيه
قوله ( إن قضى الدين بنفسه ) أي إن قضاه الأصيل للطالب وهذه العبارة تابع فيها صاحب الدرر الزيلعي وأقره الشرنبلالي لكن اعترضه الواني بأن هذا القيد غير لازم وموهم خلاف المقصود
قلت وهو كذلك كما يعلم من الهداية حيث قال في توجيه الأصح وله أي للإمام أنه تمكن الخبث مع الملك لأنه بسبيل من الاسترداد بأن يقضيه بنفسه الخ فجعل إمكان الاسترداد بقضاء الدين بنفسه دليل ثبوت الخبث في الربح مع قيام الملك فعلم أن ذلك غير قيد في المسألة
قوله ( الأشبه نعم ولو غنيا ) الذي في العناية وكذا البحر و النهر إن كان فقيرا طاب وإن كان غنيا ففيه روايتان والأشبه أن يطيب له أيضا فكان الأولى للشارح أن يؤخر قوله الأشبه نعم عن قوله ولو غنيا لأن الروايتين فيه لا في الفقير
مطلب بيع العينة قوله ( أمر كفيله ببيع العينة ) بكسر العين المهملة وهي السلف يقال باعه بعينة أي نسيئة
مغرب وفي المصباح وقيل لهذا البيع عينة لأن مشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عينا أي نقدا حاضرا ا هـ
أي قال الأصيل للكفيل اشتر من الناس نوعا من الأقمشة ثم بعه فما ربحه البائع منك وخسرته أنت فعلي فيأتي إلى تاجر فيطلب منه القرض ويطلب التاجر منه الربح ويخاف من الربا فيبيعه التاجر ثوبا يساوي عشرة مثلا بخمسة عشر نسيئة فيبيعه هو في السوق بعشرة فيحل له العشرة ويجب عليه للبائع خمسة عشر إلى أجل أو يقرضه خمسة عشر درهما ثم يبيعه المقرض ثوبا يساوي عشرة بخمسة عشر فيأخذ الدراهم التي أقرضه على أنها ثمن الثوب فيبقى عليه الخمسة عشر قرضا
درر
ومن صورها أن يعود الثوب إليه كما إذا اشتراه التاجر في الصورة الأولى من المشتري الثاني ودفع الثمن إليه ليدفعه إلى المشتري الأول وإنما لم يشتره من المشتري الأول تحرزا عن شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن
قوله ( أي بيع العين بالربح ) أي بثمن زائد نسيئة أي إلى أجل وهذا تفسير للمراد من بيع العينة في العرف بالنظر إلى جانب البائع فالمعنى أمر كفيله بأن يباشر عقد هذا البيع مع البائع بأن يشتري منه العين على هذا الوجه لأن الكفيل مأمور بشراء العينة لا ببيعها وأما بيعه بعد ذلك لما اشتراه فليس على وجه العينة لأنه يبيعها حالة بدون ربح
قوله ( وهو مكروه ) أي عند محمد وبه جزم في الهداية
قال في الفتح وقال أبو يوسف لا يكره هذا
____________________
(5/325)
البيع لأنه فعله كثير من الصحابة وحمدوا على ذلك ولم يعدوه من الربا حتى لو باع كاغدة بألف يجوز ولا يكره وقال محمد هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال ذميم اخترعه أكلة الربا وقد ذمهم رسول الله فقال إذا تبايعتم بالعينة واتبعتم أذناب البقر ذللتم وظهر عليكم عدوكم أي اشتغلتم بالحرث عن الجهاد
وفي رواية سلط عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لكم وقيل إياك والعينة فإنها العينة
ثم قال في الفتح ما حاصله إن الذي يقع في قلبي أنه إن فعلت صورة يعود فيها إلى البائع جميع ما أخرجه أو بعضه كعود الثوب إليه في الصورة المارة وكعود الخمسة في صورة إقراض الخمسة عشر فيكره يعني تحريما فإن لم يعد كما إذا باعه المديون في السوق فلا كراهة فيه بل خلاف الأولى فإن الأجل قابله قسط من الثمن والقرض غير واجب عليه دائما بل هو مندوب وما لم ترجع إليه العين التي خرجت منه لا يسمى بيع العينة لأن من العين المسترجعة لا العين مطلقا وإلا فكل بيع بيع العينة ا هـ
وأقره في البحر و النهر و الشرنبلالية وهو ظاهر وجعله السيد أبو السعود محمل قول أبي يوسف وحمل قول محمد والحديث على صورة العود
هذا وفي الفتح أيضا ثم ذموا البياعات الكائنة الآن أشد من بيع العينة حتى قال مشايخ بلخ منهم محمد بن سلمة للتجار إن العينة التي جاءت في الحديث خير من بياعاتكم وهو صحيح فكثير من البياعات كالزيت والعسل والشيرج وغير ذلك استقر الحال فيها على وزنها مظروفة ثم إسقاط مقدار معين على الظرف وبه يصير البيع فاسدا ولا شك أن البيع الفاسد بحكم الغصب المحرم فأين هو من بيع العين الصحيح المختلف في كراهته ا هـ
قوله ( لأنه إما ضمان الخسران ) أي نظرا إلى قوله علي فإنها للوجوب فلا يجوز كما إذا قال لرجل بايع في السوق فما خسرت فعلي
درر قوله ( أو توكيل بمجهول ) أي نظرا إلى الأمر به فلا يجوز أيضا لجهالة نوع الثوب وثمنه
درر
قوله ( كفل عن رجل ) الأولى أن يقول كفل عن رجل لرجل ليكون مرجع الضمير في له مذكورا وهو الرجل الثاني المكفول له وإن كان معلوما من المقام
قوله ( بما ذاب له ) أي بما ثبت ووجب بالقضاء
قوله ( عبارة الدرر لزم بلا ضمير ) الذي رأيناه في الدرر لزمه بالضمير وكأنه سقط من نسخة الشارح وهي أولى لأن ضمير له في المواضع الثلاثة للمكفول له وضمير لزمه للمكفول ففيه تشتيت الضمائر مع إيهام عوده للمكفول أيضا كبقية الضمائر المذكورة ولا حاجة إلى تقديره ولا إلى التصريح به لأن لزم بمعنى ثبت فهو قاصر في المعنى لا يحتاج إلى مفعول والمعنى بما ثبت له عليه فلما كان الأولى إسقاطه نبه الشارح عليه فافهم
قوله ( أريد به المستقبل ) لأنه معلق عليه فإن المعنى إن وجب لك عليه شيء في المستقبل فأنا كفيل به حتى لو كان له عليه مال ثابت قبل الكفالة لم يكن مكفولا به كما يعلم مما يأتي
قوله ( لم يقبل برهانه ) لأنه إنما كفل عنه بمال مقضى بعد الكفالة لأنه جعل الذوب شرطا والشرط لا بد من كونه مستقبلا على خطر الوجود فما لم يوجد الذوب بعد الكفالة لا يكون كفيلا والبينة لم تشهد بقضاء دين وجب بعد الكفالة فلم تقم على من اتصف بكونه كفيلا عن الغائب بل على أجنبي وهذا في لفظ القضاء ظاهر وكذا في ذاب لأن معناه تقرر ووجب وهو بالقضاء بعد الكفالة حتى لو ادعى أني قدمت الغائب إلى قاضي كذا وأقمت عليه بينة بكذا بعد الكفالة وقضى لي عليه بذلك وأقام البينة على ذلك صار كفيلا وضحت الدعوى وقضى على الكفيل بالمال لصيرورته خصما عن الغائب سواء كانت الكفالة بأمره أو لا إلا أنه إذا كانت بغير أمر
____________________
(5/326)
يكون القضاء على الكفيل خاصة كذا في الفتح وقوله حتى لو ادعى الخ هو معنى ما في الفصول العمادية ادعى على رجل أنه كفل عن فلان بما يذوب له عليه فأقر المدعى عليه بالكفالة وأنكر الحق وأقام المدعي بينة أنه ذاب له على فلان كذا فإن يقضي به في حق الكفيل الحاضر وفي حق الغائب جميعا حتى لو حضر الغائب وأنكر لا يلتفت إلى إنكاره ا هـ
فإن قوله وأقام المدعي بينة أنه ذاب له على فلان كذا معناه أنه وجب له عليه بالقضاء بعد الكفالة أي أن القاضي قضى له عليه بذلك فحيث برهن على أن الأصيل الغائب محكوم عليه بذلك ثبت شرط الكفالة فصار الكفيل خصما فيثبت عليه المال قصدا أو على الغائب ضمنا بخلاف ما في المتن فإن المدعي برهن على أن له على الأصيل كذا لا على أنه كان حكم له على الأصيل بكذا فلو قبلت هذه البينة يكون قضاء على الغائب قصدا لأن الكفيل لم يصر خصما لأنه لم يثبت شرط كفالته فالفرق بين المسألتين جلي واضح وإن خفي على صاحب النهر وغيره
والعجب من قول البحر إن جزمهم هنا بعدم القبول ينبغي أن يكون على الرواية الضعيفة أما على أظهر الروايتين المفتى به من نفاذ القضاء على الغائب فينبغي النفاذ ا هـ
فإن المفتى به نفاذ القضاء على الغائب من حكم يراه كشافعي حتى لو رفع حكمه إلى الحنفي نفذه كما حرره صاحب البحر نفسه في كتاب القضاء وكلامهم هنا في الحاكم الحنفي فإن حكمه لا ينفذ لما علمته من عدم الخصم
قوله ( وإن برهن الخ ) هذه مسألة مبتدأة غير داخلة تحت قوله كفل بما ذاب الخ كما نبه عليه صدر الشريعة وابن الكمال وغيرهما لأن الكفالة هنا بمال مطلق كما يأتي
قوله ( وهو كفيل ) أي بذلك المال
قوله ( فللكفيل الرجوع ) أي فإذا قضى عليهما أي على الكفيل الحاضر وعلى الأصيل الغائب ثبت للكفيل بالأمر الرجوع على الغائب بلا إعادة بينة عليه إذا حضر لأنه صار مقضيا عليه ضمنا
قوله ( لأن المكفول به هنا ) أي في قوله وإن برهن الخ مال مطلق أي غير مقيد بكونه ثابتا بعد الكفالة بخلاف ما تقدم في قوله كفل بما ذاب الخ لأن الكفالة فيه بمال موصوف بكونه مقضيا به بعد الكفالة فما لم تثبت تلك الصفة لا يكون كفيلا فلا يكون خصما كما في شرح الجامع لقاضيخان وهذا تعليل الأصل القضاء على الكفيل
وأما كون القضاء يتعدى إلى الأصيل لو الكفالة بأمره ولا يتعدى لو بدون أمره فوجهه كما في النهر أن الكفالة بلا أمر إنما تفيد قيام الدين في زعم الكفيل فلا يتعدى زعمه إلى غيره أما بالأمر الثابت فيتضمن إقرار المطلوب بالمال إذ لا يأمر غيره بقضاء ما عليه إلا وهو معترف به فلذا صار مقضيا عليه
ثم قال في النهر وفي الجامع الكبير جعل المسألة مربعة إذ الكفالة إما مطلقة ككفلت بما لك على فلان أو مقيدة بألف درهم وكل إما بالأمر أو بدونه وقد علمت أن المقيدة إذا كانت بالأمر كان القضاء بها عليهما وإلا فعلى الكفيل فقط
وأما المطلقة فإن القضاء بها عليهما سواء كانت بالأمر أو لا لأن الطالب لا يتوصل لإثبات حقه على الكفيل إلا بعد إثباته على الأصيل وهذا لأن المذهب أن القضاء على الغائب لا يجوز ا هـ
وتمامه في الفتح
قوله ( وهذه حيلة الخ ) ذكر في البحر الأوجه الأربعة المذكورة آنفا عن الجامع ثم ذكر أن المطلقة هي الحيلة
____________________
(5/327)
في القضاء على الغائب وأن المقيدة لا تصلح للحيلة لأن شرط التعدي على الغائب كونها بأمره ا هـ
قلت وطريق جعلها حيلة هو المواضعة الآتية بشرط أن يكون له بينة على الدين الذي له على الغائب وهذا ظاهر في المطلقة عن التقييد بمقدار من المال سواء كانت الكفالة بالأمر أو لا فيتعدى فيها الحكم إلى الغائب لأن الكفيل إذا أقر بالكفالة وأنكر الدين على الأصيل فبرهن المدعي على الدين وقدره لإلزام الكفيل به لا يمكن إثباته إلا بعد إثباته على الأصيل فيثبت عليهما لأن المذهب عندنا كما في الفتح أن القضاء على الغائب لا يجوز إلا إذا ادعى على الحاضر حقا لا يتوصل إليه إلا بإثباته على الغائب فإذا ثبت عليهما ثم أبرأ المدعي الكفيل يبقى المال ثابتا على الغائب
وأما الكفالة المقيدة بألف مثلا فلا يتعدى الحكم فيها إلى الغائب إلا إذا كانت بأمره كما مر تقريره وإنما لم تصلح للحيلة مع تعدي الحكم فيها لأنه يحتاج إلى إثبات كون الكفالة بالأمر وليس له بينة على ذلك ولا تجوز الحيلة بإقامة شهود الزور وإقرار الكفيل بالدين يقتصر عليه ولا يتعدى إلى الغائب فضلا عن إقراره بكون الكفالة بأمر الغائب وبهذا التقرير يظهر لك أن الإشارة في قول الشارح وهذه لا مرجع لها لأن المذكور في كلامه الكفالة المقيدة وفي بقسميها لا تصلح للحيلة فافهم
قوله ( وكذا الحوالة ) عبارة الفتح وكذا الحوالة على هذه الوجوه ا هـ
أي إنها تكون مطلقة ومقيدة وكل منهما بالأمر وبدونه فهي مربعة أيضا
وبيانه ما في شرح المقدسي عن التحرير شرح الجامع الكبير وكذا لو شهدوا على الحوالة المطلقة يكون قضاء على الحاضر والغائب ادعى الأمر أو لم يدع فإن شهدوا بالحوالة المقيدة إن ادعى الأمر يكون قضاء على الحاضر والغائب فيرجع وإن لم يدع الأمر يكون قضاء على الحاضر خاصة ولا يرجع وتمامه فيه وبه ظهر أن الإشارة بقوله وكذا الحوالة راجعة إلى أصل المسألة لا إلى بيان جعلها حيلة لأن شرط صحة الحوالة كون المال معلوما كما سيأتي
فلو قال له إن فلانا أحالني عليك بألف درهم فأقر له بالحوالة بها كان مقرا بالمال فيلزمه ولا يمكن المدعي إثباته على الغائب بالبينة وهذه حوالة مطلقة لأنها لم تقيد بنوع مخصوص كما سيأتي بيانها في بابها إن شاء الله تعالى هذا ما ظهر لي
قوله ( كفالته بالدرك ) هو ضمان الثمن عند استحقاق المبيع كما مر
نهر قوله ( تسليم المبيع ) أي تصديق منه بأن المبيع ملك للبائع لأنها إن كانت مشروطة في البيع فتمامه بقبول الكفيل فكأنه هو الموجب له وإن لم تكن مشروطة فالمراد بها إحكام البيع وترغيب المشتري فينزل منزلة الإقرار بالملك
فكأنه قال اشتراها فإنها ملك البائع فإن استحقت فأنا ضامن ثمنها
نهر
قوله ( كشفعة ) أي لو كان الكفيل شفيعها فلا شفعة له
بحر
لرضاه بشراء المشتري
قوله ( فلا دعوى له ) أي فلا تسمع دعواه بالملك فيها وبالشفعة وبالإجارة
بحر قوله ( كتب فيه ) بالبناء للمجهول وقوله باع ملكه الخ جملة قصد بها لفظها نائب الفاعل وجملة كتب الخ صفة لصك
قوله ( كما لو شهد بالبيع الخ ) لأن الشهادة به على إنسان إقرار منه بنفاذ البيع باتفاق الروايات
نهر عن الزيلعي
قوله ( مطلق عما ذكر ) أي عن قيد الملكية وكونه نافذا باتا فتسمع دعواه الملك بعده إذ ليس فيه ما يدل على إقراره بالملك للبائع لأن البيع قد يصدر من غير المالك ولعله كتب شهادته ليحفظ الواقعة بخلاف ما تقدم فإنه مقيد بما ذكر درر أي ليسعى بعد ذلك في تثبيت البينة
فتح
قوله ( لأنه مجرد إخبار ) ولو أخبر بأن فلانا باع شيئا كان له أن يدعيه
درر
وقولهم هنا إن الشهادة لا تكون إقرارا بالملك يدل بالأولى على أن السكوت زمانا لا يمنع الدعوى
بحر
____________________
(5/328)
وفي حاشية السيد أبي السعود لكن نقل شيخنا عن فتاوى الشيخ الشلبي أن حضوره مجلس البيع وسكوته بلا عذر مانع له من الدعوى بعد ذلك حسما لباب التزوير ا هـ
قلت سيأتي آخر الكتاب قبيل الوصايا إن شاء الله تعالى أن ذلك في القريب والزوجة وكذا في الجار إذا سكت بعد ذلك زمانا
وفي دعوى الخيرية أن علماءنا نصوا في متونهم وشرحهم وفتاويهم أن تصرف المشتري في المبيع مع اطلاع الخصم ولو كان أجنبيا بنحو البناء أو الغراس أو الزرع يمنعه من سماع الدعوى
قوله ( ولم يذكر الختم الخ ) أي كما قال في الكنز وشهادته وختمه
قال في الفتح الختم أمر كان في زمانهم إذا كتب اسمه في الصك جعل اسمه تحت رصاص مكتوبا ووضع نقش خاتمه كي لا يطرقه التبديل وليس هذا في زماننا ا هـ
فالحكم لا يتفاوت بين أن يكون فيه ختم أو لا كذا في العناية
قال في النهر ولم أر ما لو تعارفوا رسم الشهادة بالختم فقط والذي يجب أن يعول عليه اعتبار المكتوب في الصك فإن كان فيه ما يفيد الاعتراف بالملك ثم ختم كان اعترافا به وإلا لا ا هـ
قوله ( إلى شهر ) أي بعد شهر فلا مطالبة لك علي الآن
قوله ( هو ) أي الضمان
قوله ( فالقول للضامن ) أي مع يمينه في ظاهر الرواية
ط عن الشلبي
واحترز به عما روي عن الثاني أن القول للمقر له
قوله ( لأنه ينكر المطالبة ) أي في الحال
قوله ( لأن المقر له ينكر الأجل ) فإن المقر بالدين أقر بما هو سبب المطالبة في الحال إذ الظاهر أن الدين كذلك لأنه إنما يثبت بدلا عن قرض أو إتلاف أو بيع ونحوه والظاهر أن العاقل لا يرضى بخروج مستحقه في الحال إلا لبدل في الحال فكان الحلول الأصل والأجل عارض فكان الدين المؤجل معروضا لعارض لا نوعا ثم ادعى لنفسه حقا وهو تأخيرها والآخر ينكره وفي الكفالة ما أقر بالدين على ما هو الأصح بل بحق المطالبة بعد شهر والمكفول له يدعيها في الحال والكفيل ينكر ذلك فالقول له وهذا لأن التزام المطالبة يتنوع إلى التزامها في الحال أو في المستقبل كالكفالة بما ذاب أو بالدرك فإنما أقر بنوع منها فلا يلزم بالنوع الآخر ا هـ فتح
قوله ( وخاف الكذب ) أي إن أنكر الدين
قوله ( أو حلوله ) أي دعوى المقر له أنه حال بسبب إقرار المقر بالدين
قوله ( أن يقول الخ ) أي المدعى عليه للمدعي وقيل إذا قال ليس لك علي حق فلا بأس به إذا لم يرد إتواء حقه
زيلعي
ولم يذكر أمر حلفه لو استحلف والظاهر أن له ذلك إذ مجرد إنكاره مما لا أثر له
نهر أي أن قوله لا بأس به أي بإنكاره المذكور لا أثر لا لأن الخصم يطلب تحليفه ويكذبه في الإنكار فالإذن له بالإنكار إذن بالحلف ولا يخفى أن ليس للنفي في الحال إلا لقرينة على خلافه فإذا حلف وقال ليس لك علي حق أي في الحال فهو صادق فافهم
قوله ( إذا استحق المبيع قبل القضاء على البائع ) الظرف متعلق بقوله ولا يؤخذ وأراد بالاستحقاق الناقل أما المبطل كدعوى النسب ودعوى الوقف في الأرض المشتراة أو أنها كانت مسجدا يرجع على الكفيل وإن لم يقض بالثمن على
____________________
(5/329)
المكفول عنه ولكل الرجوع على بائعه وإن لم يرجع عليه بخلاف الناقل ومر تمام أحكامه في بابه
قيد بالاستحقاق لأنه لو انفسخ بخيار رؤية أو شرط أو عيب لم يؤاخذ الكفيل به وبالثمن لأنه لو بنى في الأرض لا يرجع على الكفيل بقيمة البناء وكذا لو كان المبيع أمة استولدها المشتري وأخذ من المشتري مع الثمن قيمة الولد والعقر لم يرجع على الكفيل إلا بالثمن كذا في السراج نهر
قوله ( لا ينتقض البيع ) ولهذا لو أجاز المستحق البيع قبل الفسخ جاز ولو بعد قبضه وهو الصحيح فما لم يقض بالثمن على البائع لا يجب رد الثمن على الأصيل فلا يجب على الكفيل وقوله كما مر أي في باب الاستحقاق وانظر ما كتبناه هناك
قوله ( أي الموظف في كل سنة ) لأنه دين له مطالب من جهة العباد فصار كسائر الديون وتمامه في الزيلعي وهذا التعليل اعتمدوه جميعا فيدل على اختصاص الخراج المضمون بالموظف
أما خراج المقاسمة فجزء من الخارج وهو عين غيره مضمون حتى لو هلك لا يؤخذ بشيء والكفالة بأعيان لا تجوز ط
قوله ( على خلاف ما أطلقه في البحر ) فإنه قال وأطلقه فشمل الخراج الموظف وخراج المقاسمة وخصصه بعضهم بالموظف الخ
ووجه الاعتراض على البحر حيث حمل كلام الكنز على الإطلاق مع وجود القرينة المذكورة على التقييد بالموظف فكان الأولى التقييد فافهم وكذا التعليل المار يدل عليه
ولذا قال في الفتح وقد قيدت الكفالة بما إذا كان خراجا موظفا لا خراج مقاسمة فإنه غير واجب في الذمة
قوله ( منقوض ) النقض لصاحب البحر
قوله ( وكذا النوائب ) جمع نائبة
وفي الصحاح النائبة المصيبة واحدة نوائب الدهر ا هـ
وفي اصطلاحهم ما يأتي قال في الفتح قيل أراد بها ما يكون بحق كأجرة الحراس وكرى النهر المشترك والمال الموظف لتجهيز الجيش وفداء الأسرى إذا لم يكن في بيت المال شيء وغيرهما مما هو بحق فالكفالة به جائزة بالاتفاق لأنها واجبة على كل مسلم موسر بإيجاب طاعة ولي الأمر فيما فيه مصلحة المسلمين ولم يلزم بيت المال أو لزمه ولا شيء فيه وإن أريد بها ما ليس بحق كالجبايات الموظفة على الناس في زماننا ببلاد فارس على الخياط والصباغ وغيرهم للسلطان في كل يوم أو شهر فإنها ظلم
فاختلف المشايخ في صحة الكفالة بها فقيل تصح إذ العبرة في صحة الكفالة وجود المطالبة إما بحق أو باطل ولهذا قلنا إن من تولى قسمتها بين المسلمين فعدل فهو مأجور وينبغي أن من قال الكفالة ضم في الدين يمنعها هنا ومن قال في المطالبة يمكن أن يقول بصحتها أو يمنعها بناء على أنها في المطالبة بالدين أو مطلقا ا هـ أي فإن قال بالدين منعها وإن قال مطلقا أي بالدين وغيره أجازها
قوله ( حتى لو أخذت الخ ) تأييد للقول بجواز الكفالة بها فإنها إذا أخذت من الأكار وجاز له الرجوع بها بلا كفالة فمع الكفالة بالأولى لكن في البزازية لا يرجع الأكار في ظاهر الرواية وقال الفقيه
يرجع وإن أخذ من الجار لا يرجع
وزاد في جامع الفصولين أن أحد الشريكين لو أدى الخراج يكون متبرعا
نعم في آخر إجارات القنية برمز ظهير الدين المرغيناني وغيره المستأجر إذا أخذ منه الجباية الراتبة على الدور والحوانيت يرجع على الآجر وكذا الأكار في الأرض وعليه
____________________
(5/330)
الفتوى ا هـ
قوله ( وعليه الفتوى ) راجع لقوله ولو بغير حق وكذا المسألة الأكار كما علمت
وفي البحر وظاهر كلامهم ترجيح الصحة أي في كفالة النوائب بغير حق ولذا قال في إيضاح الإصلاح والفتوى على الصحة
وفي الخانية الصحيح الصحة ويرجع على المكفول عنه إن كان بأمره ا هـ
وعليه مشى في الاختيار و المختار و الملتقى
نعم صحح صاحب الخانية في شرحه على الجامع الصغير عدم الصحة وكذلك أفتى في الخيرية بعدم الصحة مستندا لما في البزازية و الخلاصة من أنه قول عامة المشايخ ولما في العمادية من أن الأسير لو قال لغيره خلصني فدفع المأمور مالا وخلصه قال السرخسي يرجع وقال صاحب المحيط لا وهو الأصح وعليه الفتوى
قال فهذا يدفع ما في الإصلاح وما في الخانية والعلة فيه أن الظلم يجب إعدامه ويحرم تقريره وفي القول بصحة تقريره ا هـ ملخصا
قلت غاية الأمر أنهما قولان مصححان ومشى على الصحة بعض المتون وهو ظاهر إطلاق الكنز وغيره لفظ النوائب فكان أرجح
وأما مسألة الأسير فليس فيها كفالة ولا أمر الرجوع على أنه في الخانية صحح أنه يرجع على الأسير وبه جزم في شرح السير الكبير بلا حكاية خلاف كما قدمناه في متفرقات البيوع وأما قوله والعلة فيه الخ فهو مدفوع بما رأيته في هامش نسختي المنح بخط بعض العلماء وأظنه السيد الحموي مما حاصله أن المراد من صحة الكفالة بالنوائب رجوع الكفيل على الأصيل لو كانت الكفالة بالأمر لا أنه يضمن لطالبها الظالم لأن الظلم يجب إعدامه ولا يجوز تقريره
فلا تغتر بظاهر الكلام ا هـ
وهو تنبيه حسن ولهذا لم يذكروا الرجوع على الكفيل بل اقتصروا على بيان الرجوع على الأصيل لو الكفالة بأمره وليس في هذا تقرير الظلم بل فيه تحقيقه لأن لولا الكفالة يحبس الظالم المكفول ويضربه ويكلفه ببيع عقاره وسائر أملاكه بثمن بخس أو بالاستدانة بالمرابحة ونحو ذلك مما هو مشاهد ولعلهم لهذا أجازوا هذه الكفالة وإن لم يجيزوها بثمن خمر ونحوه والله سبحانه أعلم
قوله ( وقيده شمس الأئمة ) لا مرجع في كلامه لهذا الضمير والمناسب قوله النهر
وفي الخانية قضى نائبة غيره بأمره رجع عليه وإن لم يشترط الرجوع وهو الصحيح وقيده شمس الأئمة الخ أي قيد قوله بأمره وهذا التقييد ظاهر إذ لا خفاء أن أمر المكره غير معتبر
فرع في مجموع النوازل جماعة طمع الوالي أن يأخذ منهم شيئا بغير حق فاختفى بعضهم وظفر الوالي ببعضهم فقال المختفون لهم لا تطلعوه علينا وما أصابكم فهو علينا بالحصص فلو أخذ منهم شيئا فلهم الرجوع قال هذا مستقيم على قول من جوز ضمان الجباية وعلى قول عامة المشايخ لا يصح
فتح
قوله ( لم يعتبر لما أمره بالرجوع ) الأصوب في الرجوع كما هو في البحر وغيره عن العناية للأكمل
فالباء بمعنى في متعلقة بيعتبر لا بأمره ليس المراد أنه أمره بالرجوع عليه بل أمره بقضاء النائبة وإن لم يشترط الرجوع وحينئذ فالمعنى أنه إذا كان مكرها بالأمر بالقضاء لم يعتبر أمره في حق الرجوع لفساد الأمر بالإكراه فلا رجوع للمأمور عليه
قوله ( بلا شرط ) أي بلا شرط الرجوع
قوله ( على الصحيح ) مخالف لما قدمه في النفقات من أن الصحيح عدم الرجوع وبه يفتى
____________________
(5/331)
ففيه اختلاف التصحيح كما ذكرناه آنفا
قوله ( على هامشها ) أي هامش البزازية وفي القاموس الهامش حاشية الكتاب
مولد
تتمة من أصحابنا من قال الأفضل أن يساوي أهل محلته في إعطاء النائبة
قال القاضي هذا كان في زمانهم لأنه على إعانة على الحاجة والجهاد أما في زماننا فأكثر النوائب تؤخذ ظلما ومن تمكن من دفع الظلم عن نفسه فهو خير له
نهر
وتمامه في الفتح
ونقل في القنية أن الأولى الامتناع إن لم يحمل حصته على الباقين وإلا فالأولى عدمه
ثم قال وفيه إشكال لأن الإعطاء إعانة للظالم على ظلمه
قوله ( أي النصيب من النائبة ) أي حصة الشخص منها إذا قسمها الإمام
فتح قوله ( وقيل هي النائبة الموظفة ) والمراد بالنوائب ما هو منها غير راتب فتغايرا فتح قوله ( وقيل غير ذلك ) قال في النهر وقيل هو أن يقسم ثم يمنع أحد الشريكين قسم صاحب
وقال الهندواني هي أن يمتنع أحد الشريكين من القسمة فيضمنه إنسان ليقوم مقامه فيها
قوله ( فإنه أمن ) بقصر الهمزة على تقدير مضاف أي ذو أمن أو يمدها على صورة اسم الفاعل بمعنى المفعول كساحل بمعنى مسحول أو بمعنى آمن سالكه مثل نهاره صائم وعلى الوجهين عيشة راضية
قوله ( لم يضمن ) مثله كل هذا الطعام فإنه ليس بمسموم فأكله فمات لا ضمان عليه وكذا لو أخبره رجل أنها حرة فتزوجها ثم ظهرت مملوكة فلا رجوع بقيمة الولد على المخبر
أشباه ط
قوله ( والمسألة بحالها ) أي فسلكه وأخذ ماله ط
قوله ( ضمن ) أما لو قال له إن أكل ابنك سبع أو أتلف مالك سبع فأنا ضامن لا يصح
هندية
لما تقدم من أن السبع لا يكفل وإن فعله جبار ط
قوله ( هذا وارد الخ ) أقول صحة الضمان لا من حيث صحة الكفالة حتى يرد ما ذكر بل من حيث إنه غره لأن الغرور يوجب الرجوع إذا كان بالشرط أبو السعود
ط
ولذا أعقبه الشارح بذكر الأصل لكن يأتي أن ضمان الغرر في الحقيقة هو ضمان الكفالة
ثم اعلم أن المصنف في ذكر هذه المسألة صاحب الدرر عن العمادية وعزاها البيري إلى الذخيرة بزيادة أن المكفول عنه مجهول ومع هذا جوزوا الضمان ا هـ
لكن قال في الثالث والثلاثين من جامع الفصولين برمز المحيط ما ذكر من الجواب مخالف لقول القدوري من قال لغيره من غصبك من الناس أو من بايعت من الناس فأنا ضامن لذلك فهو باطل ا هـ
وأجاب في نور العين بأن عدم الضمان في مسألة القدوري لعدم التغرير فظهر الفرق
قلت لكن في البزازية وذكر القاضي بايع فلانا على أن ما أصابك من خسران فعلي أو قال لرجل إن هلك عينك هذا فأنا ضامن لم يصح ا هـ
إلا أن يجاب بأن قوله بايع فلانا لا تغرير فيه لعدم العلم بحصول الخسران في المبايعة معه ولأن الخسران يحصل بسبب جهل المأمور بأمر البيع والشراء بخلاف قوله اسلك هذا الطريق والحال أنه مخوف فإن الطريق المخوف يؤخذ فيه المال غالبا ولا صنع فيه للمأمور فقد تحقق فيه التغرير فإذا ضمنه الآمر نصا رجع عليه ولعلهم أجازوا الضمان فيه مع جهل المكفول عنه زجرا عن هذا الفعل كما في تضمين الساعي والله
____________________
(5/332)
سبحانه أعلم
قوله ( في ضمن المعاوضة ) فيرجع على البائع بقيمة الولد إذا استحقت بعد الاستيلاد وبقيمة البناء بعد أن يسلم البناء إليه واحترز عما إذا كان في ضمن عقد التبرع كالهبة والصدقة
قوله ( أو ضمن الغار صفة السلامة للمغرور نصا ) أي كمسألة المتن الثانية فإنه نص فيها على الضمان بخلاف الأولى وتمام عبارة الدرر حتى لو قال الطحان لصاحب الحنطة اجعل الحنطة في الدلو فذهب من ثقبه ما كان فيه إلى الماء والطحان كان عالما به يضمن لأنه صار غارا في ضمن العقد بخلاف المسألة الأولى لأن ثمة ما ضمن السلامة بحكم العقد وهنا العقد يقتضي السلامة كذا في العمادية ا هـ
وأراد بالأولى قوله اسلك هذا الطريق فإنه أمن ويظهر من التعليل أن قوله حتى لو قال الخ تفريع على الأصل الأول وقوله إن كان عالما به أي بثقب الولد يشكل عليه مسألة الاستحقاق
قوله ( وتمامه في الأشباه ) ذكرناه في آخر باب المرابحة وتكلمنا عليه هناك فراجعه
قوله ( هو ضمان الكفالة ) أما في الأصل الثاني فهو ظاهر لأن شرطه أن يذكر الضمان نصا وأما في الأول فلأن عقد المعاوضة يقتضي السلامة فكأنه بسبب أخذ العوض ضمن له سلامة المعوض
قوله ( لو كفالته حالة ) ينبغي أن يجري فيه ما سيذكره الشارح آخر الباب عن المحيط
قوله ( ليخلصه بأداء أو إبراء ) أي بأن يؤدي المال إليه أو إلى الطالب أو بأن يتكلم مع الطالب ليبرىء الكفيل
قوله ( يرده إليه ) في بعض النسخ برده بالباء الموحدة وهي أحسن فهو متعلق بيخلصه أي برد نفسه وتسليمها إلى الطالب
قوله ( أي ولو بأمره ) لأن الكفيل بلا أمر متبرع ليس له مطالبة الأصيل بمال ولا نفس حتى إنه لا يأثم بالامتناع من تسليم نفسه معه كما مر سابقا
قوله ( من قام عن غيره بواجب بأمره الخ ) الظاهر أن المراد بالواجب اللازم شرعا أو عادة ليصح استثناء التعويض عن الهبة ونفس الهبة إلا أن يكون لفظ إلا بمعنى لكن وقوله بأمره متعلق بقام
قوله ( أمره بتعويض عن هبته ) أي أمر الموهوب له رجلا أن يعوض الواهب عن هبته
قوله ( وبإطعام الخ ) وكذا لو قال أحجج عني رجلا أو أعتق عني عبدا عن ظهاري خانية فالمراد الواجب الأخروي
قوله ( وبأن يهب فلانا ) فلو قال هب لفلان عني ألفا تكون من الآمر ولا رجوع للمأمور عليه ولا على القابض وللآمر الرجوع فيها والدافع متطوع ولو قال على أني ضامن ضمن للمأمور وللآمر الرجوع فيها دون الدافع
خانية
قوله ( في كل موضع الخ ) فالمشتري أو الغاصب إذا أمر رجلا بأن يدفع الثمن أو بدل الغصب إلى البائع أو المالك كان المدفوع إليه مالكا للمدفوع بمقابلة مال هو المبيع أو المغصوب وظاهره أن الهبة لو كانت بشرط العوض فأمره بالتعويض عنها يرجع بلا شرط لوجود الملك بمقابلة مال بخلاف ما لو أمره بالإطعام عن كفارته أو بالإحجاج عنه ونحوه فإنه ليس بمقابلة مال فلا رجوع للمأمور على الآمر إلا بشرط الرجوع ويرد عليه الأمر بالإنفاق عليه فإنه قدم أنه يرجع بلا شرط مع أنه ليس بمقابلة ملك مال وكذا الأمر بأداء النوائب وبتلخيص الأسير على ما مر
____________________
(5/333)
هذا وسيذكر المصنف في باب الرجوع عن الهبة أصلا آخر وهو كل ما يطالب به بالحبس والملازمة فالأمر بأدائه يثبت الرجوع وإلا فلا إلا بشرط الضمان ويرد عليه أيضا الأمر بالإنفاق وانظر ما حررناه في تنقيح الحامدية
قوله ( الكفيل للمختلعة الخ ) صورته خالعت زوجها على مهرها مثلا ولها عليه دين فكلفه به لها رجل ثم جددا عقد النكاح بينهما لا يبرأ الكفيل لعدم ما يسقط ما ثبت عليه بالكفالة أفاده ط
قوله ( ثوب الخ ) تابع صاحب الملتقط في ذكر هذه الفروع في الكفالة لمناسبة الضمان وإلا فمحلها الوديعة أو الإجارات
قوله ( لا ضمان عليه ) هذا لو ضاع منه أما لو قال لا أدري في أي حانوت وضعته ضمن نقله بعض المحشين عن الخانية
وذكر الشارح نحوه آخر الوديعة
قوله ( واتفقا على الثمن ) أي قبل العقد فيكون مقبوضا على سوم الشراء
قوله ( ضمن الدلال بالاتفاق ) أقول هذا إذا وضعه أمانة عند صاحب الدكان أما لو وضعه عنده ليشتريه ففيه خلاف مذكور في الثالث والثلاثين من جامع الفصولين فقيل يضمن لأنه مودع وليس للمودع أن يودع وقيل لا يضمن في الصحيح لأنه أمر لا بد منه في البيع وبه جزم في الوهبانية كما نقله الشارح عنها آخر الإجارات
قوله ( بريء ) لأنه كغاصب الغاصب إذا رد على الغاصب يبرأ وإنما يبرأ لو أثبت رده بحجة جامع الفصولين
قوله ( لأنه يصير عاملا لنفسه ) إذ ولاية القبض له والضامن يعمل لغيره ط
فلو أن وكيل البيع ضمن الثمن لموكله وأدى يرجع ولو أدى بلا ضمان لا يرجع كما في الفصولين وقد مر
قوله ( إلا لعمال بيت المال ) أي إذا كان يرده لبيت المال أو على أربابه إن علموا كما ذكره في آخر العبارة
قوله ( رواه الحاكم وغيره ) أخرج في الدر المنثور في سورة يوسف في قوله تعالى { اجعلني على خزائن الأرض } يوسف 55 قال أخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن أبي هريرة قال استعملني عمر على البحرين ثم نزعني وغرمني اثني عشر ألفا ثم دعاني بعد إلى العمل فأبيت فقال لم وقد سأل يوسف العمل وكان خيرا منك فقلت إن يوسف عليه السلام نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي وأنا ابن أمية وأخاف أن أقول بغير علم وأفتي بغير علم وأن يضرب ظهري ويشتم عرضي ويؤخذ مالي ا هـ بحر
قلت ولعل مذهبه أن هدية العمال جائزة بخلاف مذهب عمر رضي الله تعالى عنه فلذا غرمه
____________________
(5/334)
قوله ( ويلحق بهم الخ ) قال السيد الحموي هذا مما يعلم ويكتم ولا تجوز الفتوى به لأنه يكون ذريعة إلى ما لا يجوز وذلك لأن حكام زماننا لو أفتوا بهذا وصادروا من ذكر لا يردون الأموال إلى الأوقاف وإن علمت أعيانها ولا لبيت المال بل يصرفونها فيما لا يليق ذكره فليكن هذا على ذكر منك ا هـ
قلت والفاعل لهذا عمر وأين عمر ط
قوله ( وفي التلخيص الخ ) قدمنا عند قوله ولوأبرأ الأصيل أو أخر عنه برىء الكفيل ولا ينعكس أن هذا مخالف لما في كل الكتب ولا يجوز العمل به بل يتأخر عن الكفيل فقط دون الأصيل
قوله ( وقدمنا ) أي قبيل فصل القرض وذكرنا هناك أيضا ما فيه كفاية
قوله ( وسيجيء ) أي في فصل الحبس من كتاب الفضاء
قوله ( وليس للدائن منعه الخ ) وكذا ليس له أن يطالبه بإعطاء الكفيل وإن قرب حلول الأجل كما في الأقضية
وذكر في المنتقى يطالبه باإعطاء الكفيل وإن كان الدين مؤجلا وتمامه في التاسع والعشرين من نور العين
وفصل في القنية بأنه إن عرف المديون بالمطل والتسويف يأخذ الكفيل وإلا فلا ا هـ
فالأقوال ثلاثة
قوله ( واستحسن الخ ) وفي الظهيرية قالت زوجي يريد أن يغيب فخذ بالنفقة كفيلا لا يجيبها الحاكم إلى ذلك لأنها لم تجب بعد واستحسن الإمام الثاني أخذ الكفيل رفقا بها وعليه الفتوى
ويجعل كأنه كفل بما ذاب لها عليه ا هـ
بحر
عند قوله وتصح بالنفس وإن تعددت
قال في النهر وظاهره يفيد أنه يكون كفيلا بنفقتها عند الثاني ما دام غائبا ووقع في كثير من العبارات أنه استحسن أخذ الكفيل بنفقة شهر
وقد قال كما في المجمع لو كفل لها بنفقة كل شهر لزمته ما دام النكاح بينهما عند أبي يوسف وقالا يلزمه نفقة شهر ا هـ
وقدم الشارح نحو هذا عن الخانية عند قول المصنف وبما بايعت فلانا فعلي لكن هذا فيما لو كفل بلا إجبار
والظاهر أن ما وقع في كثير من العبارات فيما إذا أراد القاضي إجباره على إعطاء كفيل
نعم في نور العين عن الخلاصة لو علم القاضي أن الزوج يمكث في السفر أكثر من شهر يأخذ الكفيل بأكثر من شهر عند أبي يوسف ا هـ
قوله ( وقاس عليه الخ ) في البحر عن المحيط بعدما مر عن أبي يوسف لو أفتى بقوله الثاني في سائر الديون بأخذ الكفيل كان حسنا رفقا بالناس ا هـ
قال وفي شرح المنظومة لابن الشحنة هذا ترجيح من صاحب المحيط ا هـ
ومثله في النهر قوله ( لكنه مع الفارق ) عبارة الشرنبلالي في شرحه لكن الفرق ظاهر بين نفقة المرأة التي يؤدي تركها إلى هلاكها وبين دين الغريم الذي ليس كذلك ا هـ
قلت ورأيت بخط شيخ مشايخنا التركماني وتعليل الرفق من صاحب المحيط والصدر الشهيد يفيد أنه لا فرق بين نفقة المرأة وبين دين الغريم وأي رفق في أن يقال لصاحب الدين سافر معه إلى أن يحل الأجل إذ ربما يصرف في السفر أكثر من دينه فلو أفتى بقول صاحب المحيط وحسام الدين الشهيد و المنتقى والمحبية كان حسنا وفيه حفظ لحقوق العباد من الضياع والتلف خصوصا في هذا الزمان ا هـ
ونحوه في مجموعة السائحاني وإليه يميل
____________________
(5/335)
كلام الشارح بقرينة الاستدراك عليه وفي البيري عن خزانة الفتاوى يأخذ كفيلا أو رهنا بحقه وإن كان ظاهر المذهب عدمه لكن المصلحة في هذا لما ظهر من التعنت والجور في الناس ا هـ
ثم رأيت المفتي أبا السعود أفتى به في معروضاته
قوله ( لو حبس المديون الخ ) تقدم هذا في قول المتن وإذا حبسه له حبسه وتقدم بيان شروطه وقوله حبس بالنصب لأنه تنازع فيه جاز وأراد وأعمل الثاني وأضمر للأول مرفوعه ولو أعمل الأول لوجب أن يقال وأراده بإبراز الضمير فافهم
قوله ( ثم الكفيل الخ ) تقدم هذا أيضا عند قول المصنف وإذا حل على الكفيل بموته لا يحل على الأصيل
قوله ( من قبل ما التأجيل تم ) ما مصدرية
والتأجيل فاعل لفعل محذوف دل عليه المذكور وهو تم فافهم والله سبحانه أعلم
باب كفالة الرجلين شروع فيما هو كالمركب بعد الفراغ من المفرد ط
قوله ( بأن اشتريا منه عبدا بمائة ) أشار إلى استواء الدينين صفة وسببا فلو اختلفا صفة بأن كان ما عليه أي ما على المؤدي مؤجلا وما على صاحبه حالا فإذا أدى صح تعيينه عن شريكه ورجع به عليه وعلى عكسه لا يرجع لأن الكفيل إذا عجل دينا مؤجلا ليس له الرجوع على الأصيل قبل الحلول ولو اختلف سببهما نحو أن يكون ما على أحدهما فرضا وما على الآخر ثمن مبيع فإنه يصح تعيين المؤدي لأن النية في الجنسين المختلفين معتبرة وفي الجنس الواحد لغو
بحر عن الفتح
قوله ( وكفل كل عن صاحبه ) فلو كفل أحدهما عن صاحبه دون الآخر وأدى الكفيل فجعله عن صاحبه فإنه يصدق
بحر
قوله بأمره وإلا فلا رجوع بشيء أصلا قوله ( زائدا على النصف ) المراد أن يكون زائدا على ما عليه ولو كان دون النصف أو أكثر ط
قوله ( لرجحان جهة الأصالة على النيابة ) لأن الأول دين عليه والثاني مطالبة بلا دين
ثم هو تابع فوجب صرف المؤدي إلى الأقوى حتى على القول بجعل الدين على الكفيل مع المطالبة فإن ما عليه بالأصالة أقوى فإن من اشترى في مرض موته شيئاكان من كل المال ولو مديونا ولو كفل كان من الثلث إلا إذا كان مديونا فلا يجوز أفاده في الفتح
قوله ( لأدى إلى الدور ) لأن لو جعل شيء من المؤدى عن صاحبه فلصاحبه أن يقول أداؤك كأدائي فإن جعلت شيئا من المؤدى عني ورجعت علي بذلك فلي أن أجعل المؤدى عنك كما لو أديت بنفسي فيفضي إلى الدور
كذا في الكفاية
وذكر في الفتح أنه ليس المراد حقيقة الدور فإنه توقف الشيء على ما توقف عليه بل اللازم
____________________
(5/336)
في الحقيقة التسلسل في الرجوعات بينهما فيمتنع الرجوع إلى المؤدي إليه وتمامه فيه قوله ( كل واحد منهما بجميعه منفردا ) قيد بقوله بجميعه للاحتراز عما لو تكفل كل واحد منهما بالنصف ثم تكفل كل عن صاحبه فهي كالمسألة الأولى في الصحيح فلا يرجع حتى يزيد على النصف وبقوله منفردا وهو حال من كل للاحتراز عما لو تكفلا عن الأصيل بجميع الدين معا ثم تكفل كل واحد منهما عن صاحبه فهو كذلك لأن الدين ينقسم عليهما نصفين فلا يكون كفيلا عن الأصيل بالجميع كما في البحر وفي نور العين عن النهاية عن الشافي ثلاثة كفلوا بألف يطالب كل واحد بثلث الألف وإن كفلوا على التعاقب يطالب كل واحد بالألف كذا ذكره شمس الأئمة السرخسي والمرغيناني والتمرتاشي ا هـ
قوله ( ثم كفل كل من الكفيلين عن صاحبه ) قيد به لأنه بدون ذلك لا رجوع لأحدهما على الآخر
وفي الهندية عن المحيط كفل ثلاثة عن رجل بألف فأدى أحدهم برئوا جميعا ولا يرجع على صاحبيه بشيء ولو كان كل واحد كفيلا عن صاحبه رجع المؤدي عليهما بالثلثين ولصاحب المال أن يطالب كل واحد منهم بالألف هذا إذا ظفر أي المؤدي بالكفيلين فإن ظفر بأحدهما رجع عليه بالنصف ثم رجعا على الثالث بالثلث ثم رجعوا جميعا على الأصيل بالألف وإن ظفر بالأصيل قبل أن يظفر بصاحبه رجع عليه بجميع الألف ا هـ
قوله ( بالجميع ) احتراز عما لو تكفل كل عن الأصيل بالجميع متعاقبا ثم كفل كل واحد منهما عن صاحبه بالنصف فإنه كالأولى كما في البحر قوله ( وبهذه القيود ) أي كون كفالة كل منهما عن الأصيل بالجميع وكونها على التعاقب وكون كفالة كل واحد منهما عن صاحبه بالجميع أيضا
قوله ( خالفت الأولى ) أي في الحكم وإلا فالموضوع مختلف فإن أصل الدين في الأولى عليهما لآخر وفي الثانية على غيرهما وقد كفلا به
قوله ( رجع بنصفه على شريكه ) أي ثم يرجعان على الأصيل لأنهما أديا عنه أحدهما بنفسه والآخر بنائبه
بحر
قوله ( لكون الكل كفالة هنا ) أي ما عن نفسه وما عن الكفيل الآخر فلا ترجيح للبعض على البعض ليقع النصف الأول عن نفسه خاصة بخلاف ما تقدم وتمامه في الفتح
قوله ( أخذ الآخر ) ضبطه في النهر بالمد وهو غير متعين ففي المصباح أخذه الله أهلكه وأخذه بذنبه عاقبة عليه وآخذ بالمد مؤاخذة كذلك ا هـ
قوله ( بكله ) لأن إبراء الكفيل لا يوجب إبراء الأصيل الثاني كفيل عنه بكله فيأخذه بكفله نهر
قوله ( ولو افترق المفاوضان ) قيد بالمفاوضين لأن شريكي العنان لو افترقا وثمة دين لم يأخذ الغريم أحدهما إلا بما يخصه
نهر
قوله ( أخذ الغريم ) يطلق الغريم على من له الدين ومن عليه كما في ط عن الدستور
قوله ( لتضمنها الكفالة ) ولا تبطل بالافتراق ط عن الإتقاني
قوله ( كما مر ) أي في كتاب الشركة
قوله ( لما مر ) أي في المسألة الأولى من أنه أصيل في النصف وكفيل في الآخر فما أدى يصرف إلى ما عليه
بحق الأصالة فإن زاد على النصف كان الزائد عن الكفالة فيرجع
نهر
قوله ( كتابة واحدة ) بأن قال كاتبتكما على ألف إلى سنة قيد بالواحدة لأنه لو كانت كلا على حدة فكفل كل منهما عن صاحبه ببدل الكتابة للمولى لا يصح قياسا واستحسانا ا هـ
كفاية
____________________
(5/337)
قوله ( صح استحسانا ) والقياس أن لا يصح لأنه شرط فيه كفالة المكاتب والكفالة ببدل الكتابة وكل ذلك باطل فيكون شرطها في الكتابة مفسدا
وجه الاستحسان أن هذا عقد يحتمل الصحة بأن يجعل كل واحد في حق المولى كأن المال كله عليه وعتق الآخر معلقا بأدائه فيطالب كل منهما بجميع المال بحكم الأصالة لا بحكم الكفالة وفي الحقيقة المال مقابل بهما حتى يكون منقسما عليهما ولكنا قدرنا المال على كل واحد منهما تصحيحا للكتابة وفيما وراء ذلك العبرة للحقيقة
كفاية
قوله ( المعتق ) مبني للمجهول والآخر معطوف عليه منصوبان على البدلية من أيا شاء أو مرفوعان بفعل محذوف دل عليه المذكور أو على الابتداء والخبر محذوف أي مؤاخذ
قوله ( لكفالته ) أي يرجع بما أداه عنه من بدل الكتابة لكفالته بأمره وجازت الكفالة ببدل الكتابة هنا لأنها في حالة البقاء وفي الابتداء كان كل المال عليه
نهر قوله ( لم يظهر حق مولاه الخ ) أفاد أن حكم ما يظهر وهو ما يؤاخذ به للحال كذلك بالأولى كدين الاستهلاك عيانا وما لزمه بالتجارة بإذن المولى وجعله الزيلعي قيدا احترازيا وهو سهو
بحر
قوله ( لزمه بإقراره ) أي وكذبه المولى
بحر
قوله ( أو استقراض ) أي أو بيع وهو محجور عليه
بحر
قوله ( لحلوله على العبد ) لوجود السبب وقبول الذمة
بحر قوله ( وعدم مطالبته لعسرته ) إذ جميع ما في يده ملك المولى ولم يرض بتعلق الدين به
فتح قوله ( والكفيل غير معسر ) فالمانع الذي تحقق في الأصيل منتف عن الكفيل مع وجود المقتضي وهو الكفالة المطلقة بمال غير مؤجل فيطالب به في الحال كما لو كفل عن مفلس أو غائب يلزمه في الحال مع أن الأصيل لا يلزمه وتمامه في الفتح
قوله ( ويرجع بعد عتقه ) لأن الطالب لا يرجع عليه إلا بعد العتق فكذا الكفيل لقيامه مقامه بحر وقوله لو بأمره أي لو كانت الكفالة بأمر العبد
وبقي ما لو كفل بدين الاستهلاك المعاين قال في الفتح ينبغي أن يرجع قبل العتق إذا أدى لأنه دين غير مؤخر إلى العتق فيطالب السيد بتسليمه رقبته أو القضاء عنه وبحث أهل الدرس هل المعتبر في هذا الرجوع الأمر بالكفالة من العبد أو السيد وقوى عندي الثاني لأن الرجوع في الحقيقة على السيد ا هـ
قال في النهر ورأيت مقيدا عندي أن ما قوي عنده هو المذكور في البدائع
قال ط
فلو كانت بأمر العبد لا يرجع عليه إلا بعد العتق
فالحاصل أن ضمان العبد فيما لا يؤاخذ به حالا صحيح والرجوع عليه بعد العتق إن كان بأمره وضمانه فيما يؤاخذ به حالا إن كان بأمر السيد صح ورجع به حالا عليه وإن كان بأمر العبد صح ورجع به عليه بعد العتق كذا يؤخذ من كلامهم ا هـ
قوله ( كما مر ) أي عند قول المتن ولا ينعكس من قوله نعم لو تكفل بالحال مؤجلا تأجل عنهما الخ
قوله ( فمات العبد ) بأن ثبت موته ببرهان ذي اليد أو بتصديق المدعي فلو لم يكن ثمة برهان ولا تصديق لم يقبل قول ذي اليد أنه مات بل يحبس هو والكفيل فإن طال الحبس ضمن القيمة وكذا الوديعة المجحودة نهر عن النهاية
____________________
(5/338)
قوله ( فبرهن المدعي ) قيد بالبرهان لأنه لو ثبت ملكه بإقرار ذي اليد أو بنكوله لم يضمن شيئا
نهر
قوله ( لجوازها بالأعيان المضمونة ) أي بنفسها وفيها يجب على ذي اليد رد العين فإن هلكت وجب رد القيمة
قوله ( ولو ادعى على عبد مالا ) أي معلوم القدر بأن قال أخذ مني كذا بالغصب أو استهلكه ط
قوله ( برىء الكفيل ) أي كل لو كان المكفول بنفسه حرا
قال في النهر واعلم أن هاتين المسألتين مكررتان أما الأولى فلاستفادتها من قوله فيما مر ومغصوب وأما الثانية فلما قدمه من أن الكفالة بالنفس تبطل بموت المطلوب اه
قال قي البحر لكن ذكر الثانية هنا ليبين الفرق بينها وبين الأولى وهو ظاهر لأن المكفول به في الأولى رقبة العبد وهي مال وهي لا تبطل بهلاك المال بخلاف الثانية قوله ( ولو كفل عبد غير مديون مستغرق الخ ) بجر مستغرق بكسر الراء على أنه صفة لمديون ونسبه الاستغراق إليه مجاز لأن الدين استغرقه أي استغرق رقبته ومات في يده أو بفتح الراء وقيد به لأنه لو كان عليهن دين مستغرق لم تلزمه الكفالة في رقه فإذا عتق لزمته كذا في كافي الحاكم أي لأن حق الغرماء مقدم وحقهم في قيمة رقبته يبيعونه بدينهم إن لم يفده سيده وبعد العتق صار الحق في ذمته
وأما إذا كان دينه غير مستغرق فالظاهر أنه يقدم دين الغرماء والباقي للكفالة كما لو كفل عن غير سيده
قال في الكافي وكفالة العبد والمدبر وأم الولد عن غير السيد بنفس أو مال بلا إذن السيد باطلة حتى يعتق فإذا عتق تلزمه وإن أذن سيده جازت إن لم يكن عليه دين ويباع في دين الكفالة وإن كان عليهن دين بدىء بدينه قبل دين الكفالة ويسعى المدبر وأم الولد في الدين اه
قوله ( لأن الحق له ) أي إذا لم يكن على العبد دين يكون الحق في ماليته لمولاه فصح إذنه له في كفالته قوله ( فإذا عتق فأداه ) نص على المتوهم فإنه إذا أداه حال رقهن لا يرجع بالأولى ط قوله ( بأمره ) أي بأمر العبد وهذا زاده في النهر وقال هذا القيد لا بد منهن اه
ثم رأيته مذكورا في شرح الجامع لقاضيخان ولا يخفى أنه إذا لم يرجع مع الأمر فعدم الرجوع بدونه بالأولى ولعل فائدته أنه محل الخلاف الآني قوله ( لانعقادها غير موجبة للرجوع الخ ) جواب عن قول زفر بالرجوع لتحقق الموجب له وهو الكافة بالأمر والمانع هو الرق وقد مال كما في الهداية قوله ( بعد ذلك ) أي بعد انعقادها غير موجبة للرجوع قوله ( كما لو كفل الخ ) من تتمة الجواب وهذه المسألة تقدمت عند قول المصنف في باب الكفالة ولو كفل بأمره رجع عليه بما أدى الخ قوله ( لما قلناه ) أي من قوله لانعقادها غير موجبة الخ قوله ( من سائر أمواله ) بخلاف ما إذا لم يكفل فإنه لا يلزمه عينا إلا أن يسلمه ليباع وقد لا يفي ثمنه بالدين فلا يصل الغرماء إلى تمام الدين وبالكفالة يصلون فتح قوله ( برقبته ) أي فيثبت لهن بيعه إن لم يفده المولى ولذا اشترط أن يكون مديونا كما مر وبدون الكفالة ليس لهم ذلك قوله قوله ( وهذا ) أي قوله فائدة كفالة المولى الخ قوله ( في شرحه ) وأثبته شرحا وهو موجود فيما من رأيته من نسخ المتن المجردة ط والله سبحانه أعلم
____________________
(5/339)
كتاب الحوالة كل من الحوالة والكفالة عقد التزام ما على الأصيل للتوثق إلا أن الحوالة تتضمن إبراء الأصيل إبراء مقيدا كما سيجيء فكانت كالمركب مع المفرد والثاني مقدم فلزم تأخير الحوالة
نهر
قوله ( هي لغة النقل ) أي مطلقا لدين أو عين وهي اسم من الإحالة ومنه يقال أحلت زيدا على عمرو فاحتال أي قبل
وفي المغرب تركيب الحوالة يدل على الزوال والنقل ومنه التحويل وهو نقل الشيء من محل إلى محل وتمامه في الفتح
قوله ( وشرعا نقل الدين الخ ) أي مع المطالبة وقيل نقل المطالبة فقط ونسب الزيلعي الأول إلى أبي يوسف والثاني إلى محمد
وجه الأول دلالة الإجماع على أن المحتال لو أبرأ المحال عليه من الدين أو وهبه منه صح ولو أبرأ المحيل أو وهبه لم يصح وحكي في المجمع خلاف محمد في الثانية ووجه الثاني دلالة الإجماع أيضا على أن المحيل إذا قضى دين الطالب قبل أن يؤدي المحتال عليه لا يكون متطوعا ويجبر على القبول وكذا المحتال لو أبرأ المحال عليه عن دين الحوالة لا يرتد بالرد ولو وهبه منه ارتد كما لو أبرأ الطالب الكفيل أو وهبه ولو انتقل الدين إلى ذمته لما اختلف حكم الإبراء والهبة وكذا المحال لو أبرأ المحال عليه لم يرجع على المحيل وإن كانت بأمره كالكفالة ولو وهبه رجع إن لم يكن للمحيل عليه دين وتمامه في البحر
وظاهره اتفاق القولين على هذه المسائل ثم ذكر ما يفيد اتفاق القولين أيضا على عود الدين بالتوى وعلى جبر المحال على قبول الدين من المحيل وعلى قسمة الدين بين غرماء المحيل بعد موته قبل قبض المحتال وعلى أن إبراء المحال المحال عليه لا يرتد بالرد وعلى أن توكيل المحال المحيل بالقبض من المحال عليه غير صحيح وعلى أن المحتال لو وهب الدين للمحال عليه كان للمحال عليه أن يرجع على المحيل وعلى أنها تفسخ بالفسخ وعلى عدم سقوط حق حبس المبيع فيما إذا أحاله المشتري وكذلك لو كان عند المحتال رهن للمحيل لا يسقط حق حبسه بخلاف ما إذا كان المحيل هو البائع على المشتري أو المرتهن على الراهن فإنه يبطل حبس المبيع والرهن لسقوط المطالبة مع أن هذه المسائل تباين كونها نقلا للدين ولكن اعتبرت الحوالة تأجيلا إلى التوى في بعض الأحكام وجعل النقل للمطالبة وفي بعضها اعتبرت إبراء وجعل النقل للدين أيضا وتمام التوجيه في البحر
وفي الحامدية عن فتاوي قارىء الهداية إذا أحال الطالب إنسانا على مديونه وبالدين كفيل برىء المديون من دين المحيل وبرىء كفيله ويطالب المحتال الأصيل لا الكفيل لأنه لا يضمن له شيئا لكنها براءة موقوفة وكذا إذا أحال المرتهن بدينه على الراهن بطل حقه في حبس الرهن ولا يكون رهنا عند المحتال ا هـ
وفي هذه المسألة المرتهن هو المحيل وفيما مر هو المحتال وعلمت وجه الفرق بينهما ويأتي أيضا ومسألة الكفالة في البزازية وفيها لو أحال الكفيل الطالب بالمال على رجل برىء الأصيل والكفيل إلا أن يشترط الطالب براءة الكفيل فقط فلا يبرأ الأصيل
قوله ( والدائن محتال ومحتال له الخ ) يعني يطلق عليه هذه الألفاظ الأربعة في الاصطلاح
درر
وظاهره أن اللغة بخلافه ولذا قال في المعراج قولهم للمحتال له لغو لأنه لا حاجة إلى هذه الصلة زاد في الفتح بل الصلة مع المحال عليه لفظة عليه فهما محتال ومحتال عليه فالفرق بينهما بعدم الصلة وبصلة عليه ا هـ
قلت ويمكن تصحيح كلامهم وذلك أن الحوالة لغة بمعنى النقل مطلقا كما مر فالمديون يدفع الطالب عن نفسه ويسلطه على غريمه وفي الاصطلاح نقل الدين وهو من أفراد المعنى اللغوي أيضا فعلى الأول يقال محتال لا غير
____________________
(5/340)
وعلى الثاني محتال له لا غير لأن المحيل بمعنى الناقل والمحال عليه بمعنى المنقول عليه الدين والدين منقول والطالب محال له أي منقول لأجله ولو قيل محال بمعنى منقول لم يصح لأن المنقول هو الدين على هذا الوجه بخلافه على الأول فإن المنقول هو ذات الطالب وبهذا ظهر أن قولهم محتال ومحتال له مبني على اختلاف المراد في المنقول هل هو ذات الطالب أو دينه فافهم نعم يصح على الثاني أن يقال فيه محتال بطريق المجاز أي محتال دينه وبه ظهر أنه لا لغو في كلامهم فاغتنم هذا التقرير
قوله ( ويزاد خامس وهو حويل ) عبارة الفتح ويقال للمحتال حويل أيضا فما ذكره الشارح نقل لعبارة الفتح بالمعنى فافهم
ونقل في البحر عبارة عن تلخيص الجامع فيها إطلاق الحويل على المحال عليه
قال الرملي فلعله يطلق عليهما
قوله ( فالفرق بالصلة ) أي باختلافها وهي اللام في الأول وعلى في الثاني وهذا على وجودها في الأول وقد علمت وجه صحته وأما على حذفها المفاد بقوله وقد تحذف فالمراد أن الفرق بالصلة وجودا وعدما كما مر عن الفتح فافهم
قوله ( والحوالة شرط لصحتها الخ ) قال في النهر وشرط صحتها في المحيل العقل فلا تصح حوالة مجنون وصبي لا يعقل والرضا فلا تصح حوالة المكره وأما البلوغ فشرط للنفاذ فصحة حوالة الصبي العاقل موقوفة على إجازة وليه وليس منها الحرية فتصح حوالة العبد مطلقا غير أن المأذون يطالب للحال والمحجور بعد العتق ولا الصحة فتصح من المريض
وفي المحتال العقل والرضا وأما البلوغ فشرط النفاذ أيضا فانعقد احتيال الصبي موقوفا على إجازة وليه إن كان الثاني أملأ من الأول كاحتيال الوصي بمال اليتيم
ومن شرط صحتها المجلس قال في الخانية والشرط حضرة المحتال فقط حتى لا تصح في غيبته إلا أن يقبل عنه آخر وأما غيبة المحتال عليه فلا تمنع حتى لو أحال عليه فبلغه فأجاز صح وهكذا في البزازية ولا بد في قبولها من الرضا فلو أكره على قبولها لم تصح وفي المحال به أن يكون دينا لازما فلا تصح ببدل الكتابة كالكفالة ا هـ
قوله ( رضا الكل ) أم رضا الأول فلأن ذوي المروءات قد يأنفون تحمل غيرهم ما عليهم من الدين فلا بد من رضاه وأما رضا المحتال فلأن فيها انتقال حقه إلى ذمة أخرى والذمم متفاوتة وأما رضا الثالث وهو المحتال عليه فلأنها إلزام الدين ولا لزوم بلا التزام
درر
قلت نقل السائحاني عن لقطة البحر إذا استدانت الزوجة النفقة بأمر القاضي لها أن تحيل على الزوج بلا رضاه
قوله ( فلا يشترط على المختار ) هو رواية الزيادات قال فيها لأن التزام الدين من المحتال عليه تصرف في حق نفسه والمحيل لا يتضرر بل فيه منفعة لأن المحال عليه لا يرجع إذا لم يكن بأمره
درر قوله ( للرجوع عليه ) أي رجوع المحال عليه على المحيل أو ليسقط الدين الذي للمحيل على المحال عليه كما في الزيلعي أما بدون الرضا فلا رجوع ولا سقوط وهو محمل رواية الزيادات
قوله ( لكن استظهر الأكمل الخ ) أي في العناية وهو توفيق آخر بين روايتي الزيادات والقدوري لكن لا بد فيه من ضميمة التوفيق الأول كما تعرفه
قوله ( شرط ضرورة ) لأنها إحالة وهي فعل اختياري ولا يتصور بدون الإرادة والرضا وهو محمل رواية القدوري وقوله إلا لا أي وإن لم يكن ابتداؤها من المحيل بل من المحال عليه تكون احتيالا يتم بدون إرادة المحيل بإرادة المحال علية ورضاه وهو وجه رواية الزيادات
عناية
لكن لا يخفى أنه على الثاني لا يثبت للمحال عليه الرجوع بما أدى ولو كان عليه للمحيل دين
____________________
(5/341)
لا يسقط إلا برضا المحيل فرجع إلى التوفيق الأول
قوله ( وأراد بالرضا القبول ) أي الذي هو أحد ركني العقد فيشترط له المجلس لأن شطر العقد لا يتوقف على قبول غائب بل يلغو بخلاف الرضا الذي ليس ركن عقد
قوله ( فإن قبولها الخ ) ذكر في البحر أولا أن من الشروط مجلس الحوالة وقال وهو شرط الانعقاد في قولهما خلافا لأبي يوسف فإنه شرط النفاذ عنده فلو كان المحتال غائبا عن المجلس فبلغه الخبر فأجاز لم ينعقد عندهما خلافا له والصحيح قولهما ا هـ
ثم قال هنا وأراد من الرضا القبول في مجلس الإيجاب لما قدمناه أن قبولهما في مجلس الإيجاب شرط الانعقاد وهو مصرح به في البدائع ا هـ
وما ذكره في البحر أولا هو عبارة البدائع فقوله لما قدمناه أن قبولهما الظاهر أن الميم فيه زائدة وأن الضمير فيه مفرد عائد للحوالة لأن المتبادر من كلام البدائع أن اشتراط المجلس عندهما إنما هو في المحتال فقط بقرينة التفريع ويأتي قريبا ما يؤيده ا هـ
قوله ( لكن في الدرر وغيرها ) أي كالخانية والبزازية والخلاصة
وعبارة الخانية الحوالة تعتمد قبول المحتال له والمحال عليه ولا تصح في غيبة المحتال له في قول أبي حنيفة ومحمد كما قلنا في الكفالة إلا أن يقبل رجل الحوالة للغائب ولا تشترط حضرة المحتال عليه لصحة الحوالة حتى لو أحاله على رجل غائب ثم علم الغائب فقبل صحت الحوالة ا هـ
ومراده بالقبول في قوله تعتمد قبول الخ الرضا الأعم من القبول المشروط له المجلس بقرينة آخر العبارة ولم يذكر رضا المحيل بناء على رواية الزيادات أنه غير شرط
فتلخص من كلامه أن الشرط قبول المحتال في المجلس ورضا المحال عليه ولو غائبا وهو ما لخصه في النهر كما مر وظاهره أن خلاف أبي يوسف في المحتال فقط فعنده لا تشترط حضرته بل يكفي رضاه كالمحال عليه وأنه لا خلاف في المحال عليه في أن حضرته غير شرط وبه ظهر أنه لا يصح التوفيق بحمل ما في الدرر وغيرها على قول أبي يوسف الذي هو خلاف الصحيح بل هو محمول على قولهما المصحح فافهم
وبما قررناه ظهر أنه لا خلاف في اشتراط الرضا الأعم وأن الخلاف في قبول المحتال في المجلس لا في رضاه فلا ينافي ذلك قول المصنف شرط رضا الكل بلا خلاف الخ خلافا لما ظنه في العزمية
قوله ( أو نائبه ) أي ولو فضوليا وبه عبر في الدرر
قال في الفتح فيتوقف أي قبول الفضولي على إجازة المحتال إذا بلغه
قوله ( ورضا الباقين ) كذا في بعض النسخ بياءين ثانيتهما ياء التثنية وفي عامة النسخ بياء واحدة على أنه جمع أريد به ما فوق الواحد ثم لا يخفى أن اشتراط رضا المحيل مبني على رواية القدوري وهي خلاف المختار كما قدمه فالأحسن عبارة الغرر متن الدرر وهي وشرط حضور الثاني إلا أن يقبل فضولي له لا حضور الباقين ا هـ
فلم يذكر اشتراط رضاهما فيصدق بكل من الروايتين
وقال في الدرر أما عدم اشتراط حضور الأول وهو المحيل فبأن يقول رجل للدائن لك على فلان بن فلان ألف درهم فاحتل بها علي فرضي الدائن فإن الحوالة تصح حتى لا يكون له أن يرجع وأما عدم اشتراط حضور الثالث وهو المحتال عليه فبأن يحيل الدائن على رجل غائب ثم علم الغائب فقبل صحت الحوالة كذا في الخانية
قلت فلم يذكر في هذا التصوير رضا المحيل الغائب وذكر في الثاني رضا المحتال عليه الغائب وذلك مبني على رواية الزيادات المختارة كما مر
قوله ( وتصح في الدين ) الشرط كون الدين للمحتال على المحيل وإلا فهي وكالة لا حوالة وأما الدين على المحال عليه فليس بشرط
أفاده في البحر
وفيه عن المحيط ولو أحال المحال عليه المحتال على آخر جاز وبرىء الأول والمال على الآخر كالكفالة من الكفيل ا هـ
فدخل في الدين دين الحوالة كما دخل دين الكفالة فإن الكفيل لو أحال الطالب جاز كما يأتي
وفي البزازية كل دين جازت به الكفالة جازت به الحوالة
وفي
____________________
(5/342)
الهندية ما لا تجوز به الكفالة لا تجوز به الحوالة
قوله ( المعلوم ) فلو احتال بمال مجهول على نفسه بأن قال احتلت بما يذوب لك على فلان لا تصح الحوالة مع جهالة المال ولا تصح الحوالة أيضا بهذا اللفظ
بحر عن البزازية
قوله ( لا في العين ) لأن النقل الذي تضمنته نقل شرعي وهو لا يتصور في الأعيان بل المتصور فيها النقل الحسي فكانت نقلا للوصف الشرعي وهو الدين
فتح
قال في الشرنبلالية يرد عليه ما سيذكره من أنها تصح بالدراهم الوديعة إذ ليس فيها نقل الدين وكذا الغصب على القول بأن الواجب فيه رد العين والقيمة مخلص ودفع الإيراد بأن الحوالة بالوديعة وكالة حقيقة ا هـ
قلت فيه نظر لما سيأتي في الحوالة المقيدة بوديعة ونحوها أنه لا يملك المحيل مطالبة المحتال عليه ولا المحتال عليه دفعها للمحيل ولا يخفى أن الوكالة حقيقة تنافي ذلك فالصواب في دفع الإيراد أن النقل موجود لأن المديون إذا أحال الدائن على المودع فقد انتقل الدين عن المديون إلى المودع وصار المودع مطالبا بالدين كأنه في ذمته فكانت حوالة بالدين لا بالعين
نعم لو أحال المودع رب الوديعة بها على آخر كانت حوالة بالعين فلا تصح
مطلب في حوالة الغازي وحوالة المستحق من الوقف قوله ( وبه عرف الغازي ) مصدر مضاف لفاعله أي إحالته غيره على الإمام
وعبارة النهر وبه عرف أن الحوالة على الإمام من الغازي الخ
ولا يخفى أن ما ذكره غير ما نحن فيه إذ كلام المصنف في بيان المكفول به فذكر أنه المال لا العين ولا الحقوق فإذا استدان الغازي دينا من زيد ثم أحاله به على الإمام صحت الحوالة سواء قيدها بأن يعطيه الإمام من حقه من الغنيمة المحرزة أو لا لأن المحال عليه لا يشترط أن يكون عليه للمحيل دين أو عين من وديعة أو غيرها ولأن المحال به دين صحيح معلوم فالقول بعدم صحتها ليس له وجه صحة أصلا وهكذا يقال في المستحق إذا استدان ثم أحال الدائن على الناظر سواء قيد الحوالة بمعلومه الذي في يد الناظر أو لا فهي أيضا من الحوالة بالدين لا بالحقوق
نعم لو أحال الإمام الغازي أو أحال الناظر المستحق على آخر كان مظنة أن يقال إنها من الحوالة بالحقوق لأن الغنيمة إذا أحرزت بدارنا يتأكد فيها حق الغانمين ولا تملك إلا بالقسمة ولا يقال إن الوارث إذا مات بعد الإحراز قبل القسمة يورث نصيبه فيقتضي الملك قبل القسمة
لأنا نقول إن الحق المتأكد يورث كحق حبس الرهن والرد بالعيب بخلاف الضعيف كالشفعة وخيار الشرط كما قدمناه عن الفتح في باب المغنم وقسمته وكذا يقال في غلة الوقف فإن نصيب المستحق يورث عنه إذا مات قبل القسمة بعد ظهور غلة الوقف في وقف الذرية أو بعد عمل صاحب الوظيفة كما قدمناه هناك ومقتضى هذا أن لا تصح هذه الحوالة لأن كلا من الغازي والمستحق لم يثبت له دين في ذمة الإمام والناظر
نعم تكون وكالة بالقبض من المحال عليه كما يأتي في قول المصنف وإن قال المحيل للمحتال وهذا يقع كثيرا فإن الناظر يحيل المستحق على مستأجر عقار الوقف
وقد أفتى في الحامدية بأن لو مات الناظر قبل أخذ المحتال فللناظر الثاني أخذه لكن ذكرنا في باب المغنم أن غلة الوقف بعد ظهورها يتأكد فيها حق المستحقين فتورث عنهم وأما بعد قبض الناظر لها فينبغي أن تصير ملكا لهم للشركة الخاصة بخلاف المغنم فإنه لا يملك إلا بعد القسمة حتى لو أعتق أحد الغانمين حصته من أمة لا تعتق للشركة العامة إلا إذا قسمت الغنيمة على الرايات فيصح للشركة الخاصة وعلى هذا فإذا صارت الغلة في يد الناظر صارت أمانة عنده ملكا للمستحقين لهم مطالبته بها ويحبس إذا امتنع من أدائها ويضمنها إذا
____________________
(5/343)
استهلكها أو هلكت بعد الطلب فإذا أحال الناظر بعض المستحقين على آخر لا يصح لأنها حوالة بالعين لا بالدين إلا إذا كان الناظر استهلكها أو خلطها بماله فتصير دينا بذمته فتصح الحوالة لأنها حوالة بالدين لا بالعين ولا بالحقوق فقد ظهر أن هذه الحوالة لا تكون من الحوالة بالحقوق أصلا سواء كان الغازي أو الناظر محيلا أو محتالا وسواء كانت الحوالة مطلقة أو مقيدة وأن ما ذكره الشارح عن النهر غير محرر فافهم وتدبر واغنم تحرير هذا المقام فإنه من فيض ذي الجلال والإكرام
قوله ( لا تصح ) قد علمت أنه لا وجه له
قوله ( وهذا في الحوالة المطلقة ظاهر ) لتصريحهم باختصاصها بالديون لابتنائها على النقل
نهر
قلت وهذه حوالة بالدين وإن كانت مطلقة بل الصحة فيها أظهر من عدمها لأن الحوالة المطلقة على ما يأتي أن لا يقيد المحيل بدين له على المحال عليه ولا بعين له في يده فإذا أحال المستحق غريمه بدينه على الناطر حوالة مطلقة فلا شك في صحتها
قوله ( ينبغي أن تصح ) لما علمت من أن مال الوقف في يده أمانة ولكن إذا صحت لا تكون من الحوالة بالحقوق لأن المستحق إنما أحال دائنه بدين صحيح بل هي حوالة بالدين مقيدة بما عند المحال عليه وهو الناظر
قوله ( كالإحالة على المودع ) بجامع أن كلا منهما أمين ولا دين عليه ط
قوله ( لأنها مطالبة ) أي لأن الحوالة تثبت المطالبة ولا مطالبة على الناظر فيما لم يصل إليه من مال الوقف الذي قيدت الحوالة به
قوله ( انتهى ) أي كلام البحر وقوله ومقتضاه الخ من كلام النهر أيضا فافهم
قوله ( وعندي فيه تردد ) نقله الحموي وأقره ويؤيد الصحة ما ذكروه في المغنم أنه يورث عنه لتأكد ملكه فيه وقد وجد الجامع للقياس فيها وفي الوديعة ط
قوله ( وبرىء المحيل من الدين الخ ) أي براءة مؤقتة بعدم التوى وفائدة براءته أنه لو مات لا يأخذ المحتال الدين من تركته ولكنه يأخذ كفيلا من ورثته أو من الغرماء مخافة أن يتوى حقه كذا في شرح المجمع ط
ومقتضى البراءة أن المشتري لو أحال البائع على آخر بالثمن لا يحبس المبيع وكذا لو أحال الراهن المرتهن بالدين لا يحبس الرهن ولو أحالها بصداقها لم تحبس نفسها بخلاف العكس أي إحالة البائع غريمه على المشتري بالثمن أو المرتهن غريمه على الراهن أو المرأة على الزوج والمذكور في الزيادات عكس هذا وهو أن البائع والمرتهن إذا أحالا سقط حقهما في الحبس ولو أحيلا لم يسقط تمامه في البحر
قلت ووجهه ظاهر وهو أن البائع والمرتهن إذا أحالا غريما لهما على المشتري أو الراهن سقطت مطالبتهما فيسقط حقهما في الحبس بخلاف ما لو أحيلا فإنه مطالبتهما باقية كما أوضحه الزيلعي
قال في البحر وفي قوله برىء المحيل إشارة إلى براءة كفيله فإذا أحال الأصيل الطالب برىء كذا في المحيط ا هـ
وقوله والمطالبة جميعا دخل فيه ما لو أحال المكفول له ونص على براءته فإنه يبرأ عن المطالبة وإن أطلق الحوالة برىء الأصيل أيضا
نهر
وفي حاشية البحر للرملي يؤخذ من براءة المحيل أن الكفيل لو أحال المكفول له على المديون بالدين المكفول به وقبله برىء وهي واقعة الفتوى ا هـ
وأطال في الاستشهاد له
قوله ( بالقبول من المحتال ) اقتصر عليه تبعا للبحر وزاد في النهر والمحتال عليه وهو مخالف لما قدمه من أن الشرط قبول المحتال أو نائبه ورضا الباقين
وأفاد أنه لا يلزم قبض المحتال في المجلس إلا إذا كان صرفا بأن كان دينه ذهبا فأحال عنه بفضة جاز إن قبل الغريم ناقدا في مجلس المحيل والمحتال وتمامه في البحر عن تلخيص الجامع
قوله ( ولا يرجع المحتال على المحيل الخ ) هذا
____________________
(5/344)
إذا لم يشترط الخيار للمحال أو لم يفسخها المحيل والمحتال أما إذا جعل للمحال الخيار أو أحاله على أنه له أن يرجع على أيهما شاء صح
بزازية
وكذا إذا فسخت رجع المحتال على المحيل بدينه ولذا قال في البدائع إن حكمها ينتهي بفسخها وبالتوى
وفي البزازية والمحيل والمحتال يملكان النقض فيبرأ المحتال عليه
وفي الذخيرة إذا أحال المديون الطالب على رجل بألف أو بجميع حقه وقبل منه ثم أحاله أيضا بجميع حقه على آخر وقبل منه صار الثاني نقضا للأول وبرىء الأول ا هـ
بحر
قلت وكذا تبطل لو أحال البائع على المشتري بالثمن ثم استحق المبيع أو ظهر أنه حر لا لو رد بعيب ولو بقضاء وكذلك لو مات العبد قبل القبض وإذا مات المحال عليه مديونا قسم ماله بين الغرماء وبين المحال بالحصص وما بقي له يرجع به على المحيل وإن مات المحيل مديونا فما قبض المحتال في حياته فهو له وما لم يقبضه فهو بيه وبين الغرماء ا هـ ملخصا من كافي الحاكم
قوله ( إلا بالتوى ) وزان حصى وقد يمد
مصباح
يقال توى المال بالكسر يتوى توى وأتواه غيره بحر عن الصحاح
قوله ( هلاك المال ) هذا معناه اللغوي ومعناه الاصطلاحي ما ذكره المصنف
بحر
قوله ( لأن براءته ) أي براءة المحيل من الدين مقيدة بسلامة حقه أي حق المحتال واختلف المشايخ في كيفية عود الدين فقيل بفسخ الحوالة أي يفسخها المحتال كالمشتري إذا وجد بالمبيع عيبا وقيل تنفسخ كالمبيع إذا هلك قبل القبض وقيل في الموت تنفسخ وفي الجحود لا تنفسخ ولم أر أن فسخ المحتال هل يحتاج إلى الترافع عند القاضي وظاهر التشبيه بالمشتري إذا وجد عيبا أنه يحتاج
نعم على أنها تنفسخ لا يحتاج فتدبره
نهر
قلت المشتري يستقل بالفسخ بخيار العيب بدون الترافع عند القاضي وإنما الترافع شرط لرد البائع على بائعه بذلك العيب
قوله ( وقيده في البحر الخ ) وقال لما في الذخيرة رجل أحال رجلا له عليه دين على رجل ثم إن المحتال عليه أحاله على الذي عليه الأصل برىء المحتال عليه الأول فإنه توى المال على الذي عليه الأصل لا يعود إلى المحتال عليه الأول ا هـ
قوله ( وبأحد أمرين الخ ) الضمير راجع للتوى وهذا في الحوالة المطلقة أما المقيدة بوديعة فيثبت له الرجوع بهلاكها كما يأتي
قوله ( أي لمحتال ومحيل ) فقوله له أي لكل منهما كما في الفتح
قوله ( مفلسا ) بالتخفيف يقال أفلس الرجل إذا صار ذا فلس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير فاستعمل مكان افتقر ا هـ
كفاية ونهر عن طلبة الطلبة للعلامة عمر النسفي
قوله ( بغير عين ) الأوضح أن يقول بأن لم يترك عينا الخ أي عينا تفي بالمحال به وكذا يقال في الدين ولا بد في الكفيل أن يكون كفيلا بجميعه فلو كفل البعض فقد توى الباقي كما لا يخفى ط
وكذا لو ترك ما يفي بالبعض فقد توى الباقي وكذا لو مات مديونا وقسم ماله بالحصص كما قدمناه آنفا
قوله ( ودين ) المراد به ما يمكن أن يثبت في الذمة بقرينة مقابلته بالعين فيشمل النقود والمكيل والموزون
وفي الهندية عن المحيط لو كان القاضي يعلم أن للميت دينا على مفلس فعلى قول الإمام لا يقضي ببطلان الحوالة ا هـ أي لأن الإفلاس ليس بتوى عنده لاحتمال أن يحدث له مال فيكون المحال عليه قد ترك مالا حكما وهو ما على مديونه المفلس
قوله ( وكفيل ) فوجود الكفيل يمنع موته مفلسا على ما في الزيادات وفي الخلاصة لا يمنع
بحر
وتبعه في المنح لكني لم أر في الخلاصة ما عزاه إليها بل اقتصر فيها على نقل عبارة الزيادات
نعم قال فيها ولو مات المحتال عليه ولم يترك شيئا وقد أعطى كفيلا بالمال ثم أبرأ صاحب المال الكفيل منه له أن يرجع على الأصيل ا هـ
وهذه مسألة أخرى
____________________
(5/345)
وقد جزم في الفتح وغيره بما في الزيادات بلا حكاية خلاف
تنبيه في البحر عن اليزازية وإن لم يكن به كفيل ولكن تبرع رجل ورهن به رهنا ثم مات المحال عليه مفلسا عاد الدين إلى ذمة المحيل ولو كان مسلطا على البيع فباعه ولم يقبض الثمن حتى مات المحال عليه مفلسا بطلت الحوالة والثمن لصاحب الرهن ا هـ
وفي حكم التبرع بالرهن ما لو استعار المطلوب شيئا ورهنه عند الطالب ثم مات مفلسا
شرنبلالية عن الخانية
قوله ( وقالا بهما ) أي بالجحد والموت مفلسا
قوله ( وبأن فلسه الحاكم ) أي في حياته يقال فلسه القاضي إذ قضى بإفلاسه حين ظهر له حاله كفاية عن الطلبة وهذا بناء على أن تفليس القاضي يصح عندهما وعنده لا يصح لأنه يتوهم ارتفاعه بحدوث مال له فلا يعود بتفليس القاضي على المحيل
فتح
وتعذر الاستيفاء لا يوجب الرجوع ألا ترى أنه لو تعذر بغيبة المحتال عليه لا يرجع على المحيل بخلاف موته مفلسا لخراب الذمة فيثبت الفتوى وتمامه في الكفاية وظاهر كلامهم متونا وشروحا تصحيح قول الإمام ونقل تصحيحه العلامة قاسم ولم أر من صحح قولهما
نعم صححوه في صحة الحجر عن السفينة صيانة لما له كما سيأتي في بابه
قوله ( ولو اختلفا فيه ) بأن قال المحتال مات المحتال عليه بلا تركه وقال المحيل عن تركة
بزازية
قوله ( وكذا في موته قبل الأداء أو بعده ) الأولى وبعده بالواو كما في بعض النسخ لأن الاختلاف فيهما لا في أحدهما
قوله ( على العلم ) أي نفي العلم بأن يحلف أنه لا يعلم يساره ط
وهذا في مسألة المتن
أما في الاختلاف في الموت قبل الأداء أو بعده فإنه يحلف على البتات لكونه على فعل نفسه وهو القبض
أفاده ح
قوله ( وهو العسرة ) أي في المسألة الأولى وعدم الأداء في الثانية
قوله ( وقيل القول للمحيل بيمينه ) لإنكاره عود الدين فتح
قوله ( طالب المحتال عليه المحيل الخ ) أي بعد ما دفع المحال به إلى المحتال ولو حكما بأن وهبه المحتال من المحال عليه لأنه قبل الدفع إليه لا يطالبه إلا إذا طولب ولا يلازمه إلا إذا لوزم وتمامه في البحر
قوله ( بأمره ) قيد به لأنه لو قضاه بغير أمره يكون متبرعا ولو لم يدع المحيل ما ذكر ط
قوله ( مثل الدين ) إنما لم يقل بما أداه لأنه لو كان المحال به دراهم فأدى دنانير أو عكسه صرفا رجع بالمحال به وكذا إذا أعطاه عرضا وإن أعطاه زيوفا بدل الجياد رجع بالجياد وكذا لو صالحه بشيء رجع بالمحال به إلا إذا صالحه عن جنس الدين بأقل فإنه يرجع بقدر المؤدي بخلاف المأمور بقضاء الدين فإنه يرجع بما أدى إلا إذا أدى أجود أو جنسا آخر
بحر
قوله ( لإنكاره ) قال في البحر لأن سب الرجوع قد تحقق وهو قضاء دينه بأمره إلا أن المحيل يدعي عليه دينا وهو ينكر والقول للمنكر ا هـ
قوله ( فقال المحتال ) فيه إيماء إلى أنه حاضر فلو كان غائبا وأراد المحيل قبض ما على المحال عليه قائلا إنما وكلته يقبضه قال أبو يوسف لا أصدقه ولا أقبل بينته
وقال محمد يقبل قوله كما في الخانية
ولو ادعى المحال أن المحال به ثمن متاع كان المحيل وكيلا في بيعه وأنكر المحيل ذلك فالقول له أيضا
نهر
قوله ( فالقول للمحيل ) فيؤمر المحتال برد ما أخذه إلى المحيل لأن المحيل ينكر أن عليه شيئا والقول للمنكر ولا تكون الحوالة إقرارا من المحيل بالدين للمحتال على المحيل لأنها مستعملة للوكالة أيضا
ابن كمال
قوله ( يستعمل في الوكاة ) أي مجازا ومنه قول محمد إذا امتنع المضارب عن تقاضي الدين لعدم الربح يقال له أحل رب
____________________
(5/346)
الدين أي وكله
نهر
ولكن لما كان فيه نوع مخالفة للظاهر صدق مع يمينه كما في المنح
وأفاد في البحر عن السراج أن المحيل لا يملك إبطال هذه الحوالة لأنها صحت محتملة أن تكون بمال هو دين عليه وأن تكون توكيلا فلا يجوز إبطالها بالاحتمال ا هـ
قوله ( بماله ) الأظهر أن ما موصولة أو موصوفة واللام جارة ويحتمل أنها كلمة واحدة مجرورة بكسرة اللام
قوله ( وديعة ) المراد بها الأمانة كما عبر في الفتح وغيره
قال ط فيعم العارية والموهوب إذا تراضيا على رده أو قضى القاضي به والعين المستأجرة إذا انقضت مدة الإجارة
قوله ( صحت ) لأنه أقدر على القضاء لتيسر ما يقضي به وحضوره بخلاف الدين فتح
قوله ( فإن هلكت الوديعة ) قيد بهلاك الوديعة لأن الحوالة لو كانت مقيدة بدين ثم ارتفع ذلك الدين لم تبطل على تفصيل فيه
بحر
ويأتي بعضه
قوله ( برىء المودع ) ويثبت الهلاك بقوله
نهر
واستحقاق الوديعة مبطل للحوالة كهلاكها كما في الخانية ولو لم يعط المحال عليه الوديعة وإنما قضى من ماله كان متطوعا قياسا لا استحسانا كذا في المحيط
وفي التاترخانية لو وهب المحتال الوديعة من المحال عليه صح التمليك لأنه لما كان له حق أن يتملكها كان له حق أن يملكها
بحر
قوله ( وعاد الدين على المحيل ) لأنه توى حقه وأما ما سبق من أن التوي بوجهين عنده وثلاثة أوجه عندهما ففي الحوالة المطلقة فلا يرد شيء بهذا الوجه الرابع
يعقوبية
قوله ( لأن مثله يخلفه ) أراد بالمثل البدل ليشمل القيمي
قال في الفتح فإذا هلك المغصوب المحال به لا تبطل الحوالة ولا يبرأ المحال عليه لأن الواجب على الغاصب رد العين فإن عجز رد المثل أو القيمة فإذا هلك في يد الغاصب المحال عليه لا يبرأ لأن له خلفا والفوات إلى خلف كلا فوات فبقيت متعلقة بخلفه فيرد خلفه على المحتال ا هـ
فلو استحق المغصوب بطلت لعدم ما يخلفه كما في الدرر
قوله ( وتصح أيضا بدين خاص ) بأن يحيله بدينه الذي له على فلان المحال عليه
فتح
وفي الخلاصة عن التجريد لو كان للمحيل على المحتال عليه دين فأحال به مطلقا ولم يشترط في الحوالة أن يعطيه مما عليه فالحوالة جائزة ودين المحيل بحاله وله أن يطالبه به ا هـ
ومثله في البزازية ومقتضاه أنها لا تكون مقيدة ما لم ينص على الدين
قوله ( ثلاثة أقسام ) أي مقيدة بعين أمانة أو مغصوبة أو بدين خاص
قوله ( وحكمها الخ ) أي حكم المقيدة في هذه الأقسام الثلاثة أن لا يملك المحيل مطالبة المحال عليه بذلك العين ولا بذلك الدين لأن الحوالة لما قيدت بها تعلق حق الطالب به وهو استيفاء دينه منه على مثال الرهن وأخذ المحيل يبطل هذا الحق فلا يجوز فلو دفع المحال عليه العين أو الدين إلى المحيل ضمنه للطالب لأنه استهلك ما تعلق به حق المحتال كما إذا استهلك الرهن أحد يضمنه للمرتهن لأنه يستحقه
فتح
قوله ( مع أن المحتال الخ ) يعني أن هذه الأموال إذا تعلق بها حق المحتال كان ينبغي أن لا يكون المحتال أسوة لغرماء المحيل بعد موته كما في الرهن مع أنه أسوة لهم لأن العين التي بيد المحتال عليه للمحيل والدين الذي له عليه لم يصر مملوكا للمحال بعقد الحوالة لا يدا وهو ظاهر ولا رقبة لأن الحوالة ما وضعت للتملك بل للنقل فيكون بين الغرماء وأما المرتهن فملك المرهون يدا وحبسا فيثبت له نوع اختصاص بالمرهون شرعا لم يثبت لغيره فلا يكون لغيره أن يشاركه فيه ا هـ درر
قال في البحر وإذا قسم الدين بين غرماء المحيل لا يرجع المحتال على المحال عليه بحصة الغرماء لاستحقاق الدين الذي كان عليه ولو مات المحيل وله ورثة لا غرماء استظهر البحر وأقره من بعده أن الدين المحال به
____________________
(5/347)
قبل قبض المحتال يقسم بين الورثة بمعنى أن لهم المطالبة به دون المحتال فيضم إلى تركته ا هـ
وحينئذ فيتبع المحتال التركة ط
تنبيه ما ذكر من القسمة وكون المحتال أسوة الغرماء في الحوالة المقيدة يعلم منه بالأولى أن الحوالة المطلقة كذلك لما صرح به في الخلاصة والبزازية وصرح في الحاوي ببطلان الحوالة بموت المحال عليه وقدمنا عن الكافي أن ما بقي للمحتال بعد القسمة يرجع به على المحيل وأنه لو مات المحيل مديونا فما قبضه المحتال فهو له وما بقي يقسم بينه وبين الغرماء
قوله ( بخلاف الحوالة المطلقة ) أي فيملك المحيل المطالبة
قال في الفتح هذا متصل بقوله لا يملك المحيل مطالبة المحتال عليه بالعين المحال به والدين والمطلقة هي أن يقول المحيل للطالب أحلتك بالألف التي لك على هذا الرجل ولم يقل ليؤديها من المال الذي عليه فلو له عنده وديعة أو مغصوبة أو دين كان له أن يطالبه به لأنه لا تعلق للمحتال بذلك الدين أو العين لوقعها مطلقة عنه بل بذمة المحتال عليه وفي الذمة سعة فيأخذ دينه أو عينه من المحتال عليه لا تبطل الحوالة ومن المطلقة أن يحيل على رجل ليس له عنده ولا عليه شيء
وقال في الجوهرة والفرق بين المطلقة والمقيدة أنه في المقيدة انقطعت مطالبة المحيل من المحال عليه فإن بطل الدين في المقيدة وتبين براءة المحال عليه من الدين الذي قيدت به الحوالة بطلت مثل أن يحيل البائع رجلا على المشتري بالثمن ثم استحق المبيع أو ظهر حرا فتبطل وللمحال الرجوع على المحيل بدينه وكذا لو قيد بوديعة فهلكت عند المودع وأما إذا سقط الدين الذي قيدت به الحوالة بأمر عارض ولم تتبين براءة الأصيل منه فلا تبطل مثل أن يحتال بألف من ثمن مبيع فهلك المبيع عنده قبل تسليمه للمشتري سقط الثمن عن المشتري ولا تبطل الحوالة ولكنه إذا أدى رجع على المحيل بما أدى لأنه قضى دينه بأمره وأما إذا كانت مطلقة فإنها لا تبطل بحال من الأحوال ولا تنقطع فيها مطالبة المحيل عن المحال عليه إلى أن يؤدي فإذا أدى سقط ما عليه قصاصا ولو تبين براءة المحال عليه من دين المحيل لا تبطل أيضا ولو أن المحال أبرأ المحال عليه من الدين صح وإن لم يقبل المحال عليه ولا يرجع المحال عليه على المحيل بشيء لأن البراءة إسقاط لا تمليك وإن وهبه له احتاج إلى القبول وله أن يرجع على المحيل لأنه ملك ما في ذمته بالهبة فصار كما لو ملكه بالأداء وكذا لو مات المحيل فورثه المحال عليه له أن يرجع على المحيل لأنه ملكه بالإرث وتمام الكلام فيها
قال في البحر وقد وقعت حادثة الفتوى في المديون إذا باع شيئا من دائنه بمثل الدين ثم أحال عليه بنظير الثمن أو بالثمن فهل يصح أم لا فأجبت إذا وقع بنظيره صحت لأنها لم تقيد بالثمن ولا يشترط لصحتها دين على المحال عليه وإن وقعت بالثمن فهي مقيدة بالدين وهو مستحق للمحال عليه لوقوع المقاصة بنفس الشراء وقدمنا أن الدين إذا استحق للغير فإنها تبطل والله سبحانه وتعالى أعلم ا هـ أي لأن الدين لم يسقط بأمر عارض بعد الحوالة بل تبين براءة المحال عليه منه بأمر سابق
قوله ( بطل ) أي البيع أي فسد لأنه شرط لا يقتضيه العقد وفيه نفع للبائع
درر أي وبطلت الحوالة التي في ضمنه ط
قلت ووجه النفع أن فيه دفع مطالبة غريمه له وتسليطه على المشتري
قوله ( لأنه شرط ملائم ) لأنه يؤكد موجب العقد إذ الحوالة في العادة تكون على المليء والأحسن قضاء فصار كشرط الجودة
درر
قلت وحاصله أن في هذا الشرط تعجيل اقتضائه الثمن في زعم البائع
قوله ( بخلاف الأول ) لأن المطلوب
____________________
(5/348)
بالثمن قبل الحوالة وبعدها واحد وهو المشتري
قوله ( في الحوالة الفاسدة ) كالصور الآتية
قوله ( فهو ) أي المؤدي وهو المحال عليه
قوله ( وكذا في كل موضع ورد الاستحقاق ) أي استحقاق المبيع الذي أحيل بثمنه
قال في الخلاصة والبزازية وعلى هذا إذا باع الآجر المستأجر وأحال المستأجر على المشتري ثم استحق المبيع من يد المشتري وهو قد أدى الثمن إلى المستأجر إن شاء رجع بالثمن على المؤجر المحيل وإن شاء رجع على المستأجر القابض ا هـ
قوله ( ما لو شرط فيها الإعطاء الخ ) صادق بما إذا وقع الشرط بين المحيل والمحال أو بين الثلاثة عليه فافهم وهي من قسم الحوالة المقيدة
قوله ( مثلا ) أدخل به الأجنبي للعلة المذكورة ط
قوله ( لعجزه عن الوفاء ) علة للفساد لأنه شرط غير ملائم
قوله ( نعم لو أجاز ) أي المحيل بيع داره بأن أمره بالبيع فحينئذ يصح لوجود القدرة على البيع والأداء كما في الدرر وقد ذكر في البزازية المسألة بدون هذا الاستدراك ثم قال بعد نحو صفحة ما نصه وفي الظهيرية احتال على أن يؤديه من ثمن دار المحيل وقد كان أمره بذلك حتى جازت الحوالة لا يجبر المحتال عليه على الأداء قبل البيع ويجبر على البيع إن كان البيع مشروطا في الحوالة كما في الرهن وإنما أعدنا المسألة لأنه توفيق بين الروايات المختلفة ا هـ
ومفاده أنه يجبر في بعض الروايات وفي بعضها لا يجبر والتوفيق أنه إن قبل المحال عليه الحوالة من المحيل بشرط بيع دار المحيل ليؤدي المال من ثمنها صحت الحوالة والشرط كما لو شرط المرتهن بيع الرهن إذا لم يؤد الراهن المال فإنه يصح ولا يملك الرجوع عن ذلك
قوله ( كما لو قبلها الخ ) وجه الجواز أن المحال عليه قادر على الوففاء بما التزم
قوله ( ولكن لا يجبر على البيع ) لعدم وجوب الأداء قبل البيع
درر
وعبارة البزازية أولا يجبر على بيع داره كما إذا كان قبولها بشرط الإعطاء عند الحصاد لا يجبر على الإعطاء قبل الأجل ا هـ
قوله ( ولو باع يجبر على الأداء ) لتحقق الوجوب
درر
قوله ( على أن أحيلك به على فلان ) فإن أحاله وقبل جاز وإن لم يقبل برىء الكفيل عن الضمان وإن لم يقبل فلان فالكفيل على ضمانه وإن مات فلان لم يطالب بالمال حتى يمضي شهر
هذا حاصل ما في البحر عن المحيط ووجه قوله لم يطالب الخ أنه بموت فلان لم تبق الحوالة ممكنة وقد رضي الطالب بتأخير المطالبة إلى شهر فبقي الأجل للكفيل فلا يطالب قبله وكذا يقال فيما إذا لم يقبل فلان هذا ما ظهر لي
مطلب في تأجيل الحوالة قوله ( انصرف التأجيل إلى الدين الخ ) أي فلا يطالب فلان إلا بعد الشهر ولو انصرف التأجيل إلى العقد يصير المعنى على أن أحيلك حوالة مقيدة بشهر وذلك لا يصح لأنه ينافي انتقال الدين إلى ذمة المحال عليه
تأمل
تنبيه قال في الفتح تنقسم الحوالة المطلقة إلى حالة ومؤجلة فالحالة أن يحيل الطالب بألف هي على المحيل حالة فتكون على المحتال عليه حالة لأن الحوالة لتحويل الدين فيتحول بصفته التي علي الأصيل
والمؤجلة أن تكون الألف إلى سنة فأحال بها إلى سنة ولو أبهمها لم يذكره محمد وقالوا ينبغي أن تثبت مؤجلة كما في الكفالة فلو مات
____________________
(5/349)
المحيل بقي الأجل لا لو مات المحال عليه لاستغنائه عن الأجل بموته فإن لم يترك وفاء رجع الطالب على المحيل إلى أجله لأن الأجل سقط حكما للحوالة وقد انتقضت بالتوي فينتقض ما في ضمنها كما لو باع المديون بدين مؤجل عبدا من الطالب ثم استحق العبد عاد الأجل ا هـ
ملخصا
وقدمنا قريبا عن البزازية لو قبلها إلى الحصاد لا يجبر على الإعطاء قبله فأفاد صحة التأجيل مع الجهالة القريبة وقدمنا التصريح به في كتاب الكفالة وشمل التأجيل القرض فيصح هنا
ففي كافي الحاكم ما حاصله لو كان لزيد على عمرو ألف قرض ولعمرو على بكر ألف قرض فأحال عمرو زيدا بالألف على بكر إلى سنة جاز وليس لعمرو أن يأخذ بكرا بها وإن أبرأه منها أو وهبها له لم يجز ا هـ
مطلب في السفتجة وهي البوليصة قوله ( وكرهت السفتجة ) واحدة السفاتج فارسي معرب أصله سفته وهو الشيء المحكم سمي هذا القرض به لإحكام أمره كما في الفتح وغيره
قوله ( بضم السين ) أي وسكون الفاء كما في ط عن الوالي
قوله ( وهي إقراض الخ ) وصورتها أن يدفع إلى تاجر مالا قرضا ليدفعه إلى صديقه وإنما يدفعه قرضا لا أمانة ليستفيد به سقوط خطر الطريق
وقيل هي أن يقرض إنسانا ليقضيه المستقرض في بلد يريده المقرض ليستفيد به سقوط خطر الطريق كفاية
قوله ( فكأنه أحال الخ ) بيان لمناسبة المسألة بكتاب الحوالة ا هـ
وفي نظم الكنز لابن الفصيح
وكرهت سفاتج الطريق وهي إحالة على التحقيق قال شارحه المقدسي لأنه يحيل صديقه عليه أو من يكتب إليه
قوله ( وقالوا الخ ) قال في النهر وإطلاق المصنف يفيد إناطة الكراهة بجر النفع سواء كان ذلك مشروطا أو لا
قال الزيلعي وقيل إذا لم تكن المنفعة مشروطة فلا بأس به ا هـ
وجزم بهذا القيل في الصغرى والواقعات الحسامية والكفاية للبيهقي وعلى ذلك جرى في صرف البزازية ا هـ
وظاهر الفتح اعتماده أيضا حيث قال وفي الفتاوي الصغرى وغيرها إن كان السفتج مشروطا في القرض فهو حرام والقرض بهذا الشرط فاسد وإلا جاز
وصورة الشرط كما في الواقعات رجل أقرض رجلا مالا على أن يكتب له بها إلى بلد كذا فإنه لا يجوز وإن أقرضه بلا شرط وكتب جاز
وكذا لو قال اكتب لي سفتجة إلى موضع كذا على أن أعطيك هنا فلا خير فيه
وروي عن ابن عباس ذلك ألا ترى أنه لو قضاه أحسن مما عليه لا يكره إذا لم يكن مشروطا قالوا إنما يحل ذلك عند عدم الشرط إذا لم يكن فيه عرف ظاهر فإن كان يعرف أن ذلك يفعل كذلك فلا ا هـ
قوله ( فرع الخ ) ذكره استطرادا
نعم ذكر في البحر والنهر عن البزازية ما له مناسبة هنا
وحاصله أن المستقرض لو قضى أجود مما استقرض يحل بلا شرط ولو قضى أزيد فيه تفصيل الخ وقدمنا في فصل القرض عن الخانية أن الزيادة إذا كانت تجري بين الوزنين أي بأن كانت تظهر في ميزان دون ميزان جاز كالدانق في المائة بخلاف قدر درهم وإن لم تجز فإن لم يعلم صاحبها بها ترد عليه وإن علم وأعطاها اختيارا
____________________
(5/350)
فلو كانت الدراهم لا يضرها التبعيض لا تجوز لأنها هبة المشاع فيما يحتمل القسمة ولو يضرها جاز وتكون هبة المشاع فيما يقسم ا هـ
وعليه فلو قضاه مثل قرضه ثم زاده درهما مفروزا أو أكثر جاز إن لم يكن مشروطا وقدمنا هناك عن خواهر زاده أن المنفعة في القرض إذا كانت غير مشروطة تجوز بلا خلاف
قوله ( لم يصح ) لكون المحيل يعمل لنفسه ليستفيد الإبراء المؤبد
بحر عند قوله هي نقل الدين ط
وإذا لم تصح لا يجبر المحال عليه على الدفع إليه
قوله ( لأن الحوالة الخ ) كما أن الكفالة بشرط براءة الأصيل حوالة كما في الهداية والملتقى
قوله ( ولا بينة ) أي وحلف الجاحد ط
قوله ( وجعل جحوده فسخا ) هي مسألة تواء الدين السابقة في المتن ومر أن الرجوع إنما هو لأن براءة المحيل مشروط بسلامة حق المحال ط
قوله ( وإلا لم يجز ) لأن تصرفهما مقيد بشرط النظر
قال في كافي الحاكم ومنه ما لو احتال إلى أجل وكذا الوكيل إذا لم يفوض إليه الموكل ذلك ا هـ
قال في البحر عن المحيط لكونه إبراء مؤقتا فيعتبر بالإبراء المؤبد وهذا إذا كان دينا ورثه الصغير وإن وجب بعقدهما جاز التأجيل عندهما خلافا لأبي يوسف ا هـ
قوله ( قلت ومفادهما ) أي مفاد ما في السراجية وما في الجوهرة وهذا أحد قولين حكاهما المصنف عن الذخيرة ثم رجح ما في الخانية بما ذكره الشارح والله تعالى أعلم
كتاب القضاء ترجم له في الهداية بأدب القاضي والأدب الخصال الحميدة فذكر ما ينبغي للقاضي أن يفعله ويكون عليه وهو في الأصل من الأدب بسكون الدال وهو الجمع والدعاء وهو أن تجمع الناس وتدعوهم إلى طعامك يقال أدب يأدب كضرب يضرب إذا دعا إلى طعامه سميت به الخصال الحميدة لأنها تدعو إلى الخير وتمامه في الفتح
قوله ( لما كان الخ ) كذا في العناية والفتح وهو صريح في أن المراد بالقضاء الحكم وحينئذ فكان ينبغي إيراده عقب الدعوى وأيضا كان ينبغي بيان وجه التأجير عما قبله كذا قيل
ويمكن أن يقال أرادوا بيان من يصلح للقضاء أي الحكم لتصح الدعوى عنده فلا جرم أن ذكر قبلها ولا خفاء أن وجه التأخير عما قبله مستفاد من أن أكثر المنازعات في الديون والحوالة المطلقة مختصة بها فذكر بعدها
نهر
قوله ( لغة الحكم ) وأصله قضاي لأنه من قضيت إلا أن الياء لما جاءت بعد الألف همزت والجمع الأقضية الإسراء 23 أي حكم وقد يكون بمعنى الفراغ تقول قضيت حاجتي وضربه فقضى عليه أي قتله وقضي نحبه مات وبمعنى الأداء والإنهاء ومنه قوله
____________________
(5/351)
تعالى { وقضينا إليه ذلك الأمر } الحجر 66 وبمعنى الصنع والتقدير ومنه قوله تعالى { فقضاهن سبع سماوات } فصلت 12 ومنه القضاء والقدر
بحر ملخصا عن الصحاح
قوله ( وشرعا فصل الخصومات الخ ) عزاه في البحر إلى المحيط ولا بد أن يزاد فيه على وجه خاص وإلا دخل فيه نحو الصلح بين الخصمين
قوله ( وقيل غير ذلك ) منه قول العلامة قاسم إنه إنشاء إلزام في مسائل الاجتهاد المتقاربة فيما يقع فيه النزاع لمصالح الدنيا فخرج القضاء على خلاف الإجماع وما ليس بحادثة وما كان من العبادات ومنه قول العلامة ابن الغرس إنه الإلزام في الظاهر على صيغة مختصة بأمر ظن لزومه في الواقع شرعا
قال فالمراد بالإلزام التقرير التام وفي الظاهر فصل احترز به عن الإلزام في نفس الأمر لأنه راجع إلى خطاب الله تعالى وعلى صيغة مختصة أي الشرعية كألزمت وقضيت وحكمت وأنفذت عليك القضاء وبأمر ظن لزومه الخ فصل عن الجور والتشهي ومعنى في الظاهر أي الصور الظاهرة إشارة إلى أن القضاء مظهر في التحقيق للأمر الشرعي لا مثبت خلافا لما يتوهم من أنه مثبت أخذا من قول الإمام بنفوذه ظاهرا وباطنا في العقود والفسوخ بشهادة الزور لأن الأمر الشرعي في مثله ثابت تقديرا والقضاء يقرره في الظاهر ولم يثبت أمرا لم يكن لأن الشرع قد يعتبر المعدوم موجودا أو الموجود معدوا كوجود الدخول حكما في إلحاق نسب ولد المشرقية بالمغربي فأجري الممكن مجرى الواقع لئلا يهلك الولد بانتفاء نسبه مع وجود العقد المفضي إلى ثبوته ا هـ ملخصا
وتمامه في رسالته
قوله ( وأركانه ستة الخ ) فيه نظر لأن المراد بالقضاء الحكم كما مر والحكم أحد الستة المذكورة فيلزم أن يكون ركنا لنفسه فالمناسب ما في البحر من أن ركنه ما يدل عليه من قول أو فعل ويأتي بيانه
قوله ( على ما نظمه ) أي من بحر الكامل ونصف البيت الثاني الحاء من محكوم ط
قوله ( ابن الغرس ) بالغين المعجمة هو العلامة أبو اليسر بدر الدين محمد الشهير بابن الغرس له شرح على البيتين المذكورين وهو الرسالة المشهورة المسماة ( الفواكه البدرية في البحث عن أطراف القضايا الحكمية ) وله الشرح المشهور على شرح العقائد النسفية للتفتازاني
قوله ( أطراف كل قضية حكمية ) الأطراف جمع بالتحريك وطرف الشيء منتهاه وقضية أصله قضوية بياء النسبة إلى القضاء حذفت منه الواو بعد قلبها ألفا وحكمية صفة مخصصة لأن القضاء يطلق على معان منها الحكم كما مر والمراد بالقضية الحادثة التي يقع فيها التخاصم كدعوى بيع مثلا فركنها اللفظ الدال عليها ولا تكون قضوية أي منسوبة إلى القضاء والحكم أي لا تكون محلا لثبوت حق المدعي فيها وعدمه إلا باستجماع هذه الشروط الستة التي هي بمنزلة أطراف الشيء المحيطة به أو أطراف الإنسان هذا ما ظهر لي فافهم
قوله ( بعدها ) بتشديد الدال مصدر عد الشيء يعده أحصى عدة أفراده ويلح بمعنى يظهر والتحقيق فاعله
قوله ( حكم ) تقدم تعريفه وعلمت أنه قولي وفعلي فالقولي مثل ألزمت وقضيت مثلا وكذا قوله بعد إقامة البينة لمعتمده أقمه واطلب الذهب منه وقوله ثبت عندي يكفي وكذا ظهر عندي أو علمت فهذا كله حكم في المختار
زاد في الخزانة أو أشهد عليه
وحكى في التتمة الخلاف في الثبوت والفتوى على أنه حكم كما في الخانية وغيرها وتمامه في البحر
وذكر في الفواكه البدرية أنه المذهب ولكن عرف المتشرعين والموثقين الآن على أنه ليس بحكم ولذا يقال ولما ثبت عنده حكم والوجه أن يقال إن وقع الثبوت على مقدمات الحكم كقول المسجل ثبت عنده جريان العين في ملك البائع إلى حين البيع فليس بحكم إذا كان المقصود من الدعوى الحكم على البائع بملك المشتري للعين المبيعة وإلا فهو حكم وتمامه فيها وفيها أيضا
____________________
(5/352)
مطلب في التنفيذ وأما التنفيذ فالأصل فيه أن يكون حكما إذ القضاء قوله أنفذت عليك القضاء
قالوا وإذا رفع إليه قضاء قاض أمضاه بشروطه وهذا هو التنفيذ الشرعي ومعنى رفع اليد حصلت عنده فيه خصومة شرعية وأما التنفيذ المتعارف في زماننا غالبا فمعناه إحاطة القاضي الثاني علما بحكم الأول على وجه التسليم له ويسمى اتصالا ا هـ ملخصا
وسيأتي تمام الكلام عليه في آخر فصل الحبس
مطلب أمر القاضي هل هو حكم أو لا وأما أمر القاضي فاتفقوا أمره بحبس المدعى عليه قضاء بالحق كأمره بالأخذ منه وعلى أن أمره بصرف كذا من وقف الفقراء إلى فقير من قرابة الواقف ليس بحكم حتى لو صرفه إلى فقير آخر صح
واختلفوا في قوله سلم الدار وتمام الكلام عليه في البحر والنهر وأطلق الشارح في الفروع آخر الفصل الآتي تبعا للبزازي أنه حكم إلا في مسألة الوقف وسيأتي تمامه
مطلب الحكم الفعلي وأما الحكم الفعلي فسيأتي في الفروع هناك أن فعل القاضي حكم إلا في مسألتين وحقق ابن الغرس أنه ليس بحكم وأطال الكلام عليه في البحر والنهر وسيأتي توضيحه هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( ومحكوم به ) وهو أربعة أقسام حق الله تعالى المحض كحد الزنا أو الخمر وحق العبد المحض وهو ظاهر وما فيه الحقان وغلب فيه حق الله تعالى كحد القذف أو السرقة أو غلب فيه حق العبد كالقصاص والتعزير ابن الغرس
وشرطه كونه معلوما
بحر عن البدائع وعن هذا فالحكم بالموجب بفتح الجيم لا يكفي ما لم يكن الموجب أمرا واحدا كالحكم بموجب البيع أو الطلاق أو العتاق وهو ثبوت الملك والحرية وزوال العصمة فلو أكثر فإن استلزم أحدهما الآخر صح كالحكم على الكفيل بالدين فإن موجبه الحكم عليه به وعلى الأصيل الغائب وإلا فلا كما لو وقع التنازع في بيع العقار فحكم شافعي بموجبه فإنه لا يثبت به منع الجار عن الشفعة فللحنفي الحكم بها وأطال في بيانه العلامة ابن الغرس وسيذكره الشارح آخر الفصل الآتي لكن هذا في الحقيقة راجع إلى اشتراط الدعوى في الحكم كما أشار إليه في البحر ويأتي ذكره في الطريق
قوله ( وله ) أي ومحكوم له وهو الشرع كما في حقوقه المحضة أو التي غلب فيها حقه ولا حاجة في ذلك إلى الدعوى بخلاف ما تمحض فيها حق العبد أو غلب والعبد هو المدعي وعرفوه بمن لا يجبر على الخصومة إذا تركها وقيل غير ذلك والشرط فيه بالإجماع حضرته أو حضرة نائب عنه كوكيل أو ولي أو وصي فالمحكوم له المحجور كالغائب ا هـ ملخصا من الفواكه البدرية
قوله ( ومحكوم عليه ) وهو العبد دائما لكنه إما متعين واحدا أو أكثر كجماعة اشتركوا في قتل فقضي عليهم بالقصاص أو لا كما في القضاء بالحرية الأصلية فإنه حكم على كافة الناس بخلاف العارضة بالإعتاق فإنه جزئي واختلفوا في الوقف والصحيح المفتى به أنه لا يكون على الكافة فتسمع فيه دعوى الملك أو وقف آخر والمحكوم عليه في حقوق الشرع من يستوفي منه حق سواء كان مدعى عليه أو لا كما مرت الإشارة إليه ا هـ ملخصا من الفواكه
وسيذكر المصنف آخر الفصل الآتي حكاية الخلاف في نفاذ الحكم على الغائب ويأتي تحقيقه هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( وحاكم ) هو إما الإمام أو القاضي أو المحكم أما الإمام فقال علماؤنا حكم السلطان العادل ينفذ
واختلفوا في المرأة فيما سوى الحدود والقصاص وإطلاقهم
____________________
(5/353)