القريب في ملكه لا على كونه مما يصدق عليه لفظ مملوك مطلق فلذا دخل الحمل هنا لا هناك فافهم
قوله ( ولو المالك صبيا أو مجنونا ) إنما جعلا أهلا لعتق القريب عليهما لأنه تعلق به حق العبد فشابه النفقة
بحر
قوله ( في دارنا ) أي دار الأسلام قيد به لأنه لا حكم لنا في دار الحرب
فتح
قوله ( حتى ل أعتق إلخ ) تفريع على التقييد بقوله في دارنا وكان الأظهر أن يقول حتى لو ملك قريبه في دار الحرب لكن أفاد ذلك بالأولى لأنه إذا كان لا يعتق بالإعتاق الصريح فكذلك بالملك الأولى وقد جميع بينهما في الفتح فقال فلو ملك قريبه في دار الحرب أو أعتق المسلم قريبه في دار الحدب لا يعتق خلافا لأبي يوسف وعلى هذا الخلاف إذا أعتق الحربي عبده في دار الحرب
ذكر الخلاف في الإيضاح
وفي كافي الحاكم عتق الحربي في دار الحرب قريبه باطل لم يذكر خلافا فأما إذا أعتقه خلاه فقال في المختلف يعتق عند أبي يوسف وولاؤه له وقالا لا ولاء له لكنه عتق بالتخلية لا بالإعتاق فهو كالمراغم ثم قال المسلم إذا دخل دار الحرب فاشترى عبدا حربيا فأعتقه ثمة القياس لا يعتق بدون التخلية لأنه في دار الحرب ولا تجري عليه أحكام الإسلام
وفي الاستحسان يعتق من غير تخلية لأنه لم تنقطع عنه أحكام المسلمين ولا ولاء له عندهما وهو القياس وقال أبو يوسف له الولاء وهو الاستحسان ذكر قول محمد مع أبي يوسف في كتاب السير وعلى هذا فالجميع بينه وبين ما في الإيضاح أن يراد بالمسلم ثمة الذي نشأ في دار الحرب وهنا نص على أنه داخل هناك بعد أن كان هنا فلذا لم تنقطع عنه أحكام الإسلام اه ما في الفتح
وحاصله أن الحربي أذا أسلم في دار الحرب أو بقي حربيا لو ملك أو عتق قريبه ثمة لا يعتق خلافا لأبي يوسف إلا إذا خلى سبيله بأن رفع يده عنه وأطلقه فيعتق بالتخلية لا بالإعتاق ولا ولاء له خلافا لأبي يوسف
فعنده له الولاء وأما المسلم الأصلي إذا دخل دار الحرب فاشترى عبدا حربيا فأعتقه ثمة فالاستحسان أنه يعتق بدون التخلية وله الولاء وعلى هذا فإطلاق الشارح المسلم مقيد بكونه ناشئا في دار الحرب فالأحسن ما في بعض النسخ حتى لو أعتق المسلم الحربي بدون أو أي المسلم الناشىء في دار الحرب
قوله ( عبده ) أي الحربي بقرينة قوله ولو عبده مسلما إلخ ح
قوله ( فلا ولاء له ) تفريع على عتقه بالتخلية لا بالإعتاق لأن الولاء من أحكام الإعتاق ولم يعتق به
قوله ( عتق بالاتفاق ) أي بإعتاق سيده أو بشرائه إن كان ذا رحم محرم ح
قوله ( ويتحرير لوجه الله تعالى إلخ ) لأنه نجز الحرية وبين عرضه الصحيح أو الفاسد فلا يقدح فيه كما في البدائع والمراد بوجه الله تعالى ذاته أو رضاه
والشيطان واحد شياطين الإنس أو الجن بمعنى مردتهم
والصنم صورة الإنسان من خشب أو ذهب أو فضة فلو من حجر فهو وثن كما في البحر
قوله ( وإن أثم وكفر به ) لف ونشر مرتب فالإثم في الإعتاق للشيطان والكفر في الإعتاق للصنم بقرينة تفسيره مرجع الضمير المجرور وإلا فلا فائدة في زيادة لفظ إثم لكن لا يظهر فرق بينهما وما فعله الشارح هو ما مشى عليه المصنف في المنح وهو ظاهر البحر أيضا
والأظهر ما في المتن والجوهرة من الكفر بكل منهما
____________________
(3/650)
قوله ( أي إكراه ) هو حمل الغير على ما يرضاه بحر
وأشار إلى أن المراد مصدر المزيد لأن الكره أثر الإكراه لكن كل منهما صحيح أيضا فافهم
قوله ( وله غير ملجىء ) الملجىء ما يفوت النفس أو العضو وغير الملجىء بخلافه والأولى المبلاغة بالملجىء كما لا يخفي ط
وتجب القيمة على الكره
جوهرة
وفي التاترخانية قال لمولاه في موضع خال إن أعتقتني وإلا قتلتك فأعتقه مخافة القتل يعتق ويسعى في قيمته لمولاه
قوله ( سيجيء ) أي في كتاب الأشربة أن كل مسكر حرام أي كل ما أسكر كثيره حرم قليله وهو قول محمد المفتي به فيدخل فيه الأشربة المتخذة من غير العنب والمثلث لا بقصد السكر بل يقصد الاستمراء والتقوى ونقيع الزبيب بلا طبخ فالسكر بها يكون بسبب محظور كالسكر من الخمر وأما على قول الإمام إذا شربها لا بقصد المعصية فلا يكون محظورا فإذا سكر بها لا يصح طلاقه ولا عتاقه أما السكر نفسه فهو حرام اتفاقا بمعنى أنه يحرم القدر المؤدي إلى الإسكار حتى لو علم أن شرب كأسين لا يسكر وإنما يسكر الكأس الثالث حرم شرب الثالث فقد عند الإمام فلو سكر من كأسين لم يكن بسبب محظور وأما عند محمد فإن الحرام كل ذلك وإن قل كالخمر فافهم قوله ( فلا يخرج ) أي عن السبب المحظور إلا شرب المضطر أي لإساغة اللقمة أو بسبب الإكراه ومثله ما يحصل من مباح كالعسل عند غلبة الصفراء
قوله ( مع هزل ) هو اللعب وقدمنا الكلام فيه
قوله ( وإن علق العتق بشرط إلخ ) شمل تعليقه بالملك أو بسببه كما مر الصريح به لكن لا بد من تعليقه على ملك صحيح
ففي الجوهرة لو قال المكاتب أو العبد كل مملوك أملكه فيما أستقبل فهو حر فعتق ثم ملك مملوكا لا يعتق عنده وعندهما يعتق
وإن قال إذا عتقت فملكت عبدا فهو حر فأعتق فملك عبدا عتق إجماعا لأنه أضاف الحرية إلى ملك صحيح
وإن قال إن اشتريت هذا العبد فهو حر لم يعتق حتى يقول أنا اشتريته بعد العتق وعندهما يعتق اه
قوله ( وعتق إن دخل ) أي إن بقي في ملكه فإنه يجوز له بيعه وإخراج عن ملكه قبل وجود الشرط لأن تعليق العتق بالشرط لا يزيل ملكه إلا في التدبير خاصة
جوهرة
ولو باعه ثم اشتراه فدخل عتق
كافي
قوله ( لقصور الإضافة ) لأن في إضافة المكاتب إلى نفسه بعنوان العبد قصورا أي عدم تحقق إذ مراده بقوله إن أنت عبدي إن كان لا يصدر منك أمر إلا بإذني فأنت حر والمكاتب ليس بهذه الصفة ط
والحاصل أن المطلق ينصرف إلى الكامل والمكاتب عبد ناقص
قوله ( تعليق ) كأنه قال إذا أصبحت فأنت حر ط
قوله ( تنجيز ) لأن المراد أنه معتوق في جميع أحواله ط
قوله ( لأن المراد عرض الماء عليه ) أي لا إزالة لعطش لأنه ليس في وسعه ولأنه يقال سقيته فلم يشرب
قوله ( عتق من صحبه سنة ) المراد أنه يعتق من دخل في ملكه منذ سنة صاحبه أو لا ط
قوله ( ونوى في الملك ) أي أنه قديم في ملكه ط
قوله ( دين ) ولا يصدق قضاء
قوله ( ولو زاد في السن )
____________________
(3/651)
أي صرح بذلك بأن قال أنت عتيق في السن أي كبير في السن
وفي البحر عن الخانية لو قال أنت حر النفس يعني في الأخلاق عتق في القضاء
قوله ( وعتق بما أنت إلا حر ) لأن الاستثناء من النفي على إثبات وجه التأكيد كما في كلمة الشهادة
هداية
ويستثنى منه ما نقله الحموي عن منية المفتي إذا أمر غلامه بشيء فامتنع فقال له ما أنت إلا حر فإنه لا يعتق
ذكره أبو السعود
قال ط لأن قرينة الحال دالة على أن المراد ما أفعالك هذه إلا أفعال الحر
قوله ( لا بما أنت إلا مثل الحر ) وإن نوى كذا نقله في الدر المنتقى عن المحيط مع أنه في البحر والقهستاني نقلا هذه المسألة عن المحيط بدون قوله وإن نوى وكذا في الجوهرة لكن بدون عزو نعم في القهستاني لا يصح بقوله أنت مثل الحر أو الحرة وإن نوى
وقال بعضهم إنه يعتق بالنية كما في الاختيار اه
واقتصر الزيلعي على الثاني وقال لأنه أثبت المماثلة بينهما وهي قد تكون عامة وقد تكون خاصة فلا يعتق بلا نية للشك
قوله ( ولا بكل مالي حر ) لأنه يراد به الصفاء والخلوص عن شركة الغير
بحر
قوله ( أو أهل بلخ ) أي كل عبيد أهل بلخ وهو من أهل بلخ ولم ينو عبده كما في التاترخانية ومقتضاه أنه نوى عبده يعتق
والظاهر أن مثله يقال في كل عبده في الأرض وعبيد أهل الدنيا ويؤيده أنه قال بعده ولو قال ولده آدم كلهم أحرار لا يعتق عبده إلا بالنية بالاتفاق
قوله ( حر ) أفرد الخبر نظرا للفظ كل في المسألة الثانية ط
قوله ( بخلاف هذه السكة أو الدار ) أي فإنه يعتق وإن لم ينو بلا خلاف كما في التاترخانية
وقال قبله وعلى هذا الخلاف إذا قال كل عبد في هذا المسجد المسجد الجامع يوم الجمعة فهو حر وعبده في المسجد إلا أنه ينوه أو وقال كل امرأة طالق وامرأته في المسجد إلا أنه لم ينوها اه
وحينئذ فالفرق بين السكة والجامع أن المسجد الجامع في حكم البلدة لكونه جامعا لأهلها ولذا قيده بيوم الجمعة بخلاف السكة لأنها لها أهلا محصورين فلذا عتق فيها بلا نية اتفاقا هذا والشارح عزا المسألة إلى البحر مع أنه في البحر لم يذكر السكة بل ذكر الدار قوله ( عتقا ) أطلقه فشمل ما إذا استثنى حملها فإنه يعتق تبعا لها كما في التاترخانية
قوله ( أصالة ) بفتح الهمزة وعطف القصد عليها عطف العلة على المعلول ط أما في الأم فظاهر وأما في الجنين فمن حيث أنه جزء والتحرير المسلط على المال مسلط على الجزاء أصالة وقصدا وهذا لا ينافي قول البحر عتقا أي الأم والحمل تبعا لها لأنه باعتبار كون الجزء في ضمن الكل ح
وهذا مقيد بأن لا يكون خرج أكثر الولد فإن خرج أكثره لا يعتق لأنه كالمنفصل في حق الأحكام ألا ترى أنه تنقضي به العدة ولو مات في هذه الحالة يرث وتمامه في البحر
قوله ( إذا ولدته إلخ ) للتيقن بوجوده وقت الإعتاق ط
قوله ( ولو لأكثر ) أي من الأقل فيشمل تمام النصف ح
قوله ( عتق تبعا ) حاصله أن الحمل يعتق بإعتاق أمة مطلقا لكنه إذا ولدته لأقل من نصف حول يعتق أصالة ولأكثر تبعا وإنما قيد المصنف بالأول لئلا يتكرر مع قوله الآتي والولد يتبع الأم إلخ
قوله ( وثمرته ) أي ثمرة الفرق بين عتقه أصالة أو تبعا إنجزار ولائه وهي مذكورة في كتاب الولاء حيث قال هناك ومن أعتق أمته والحال أن زوجها قن للغير فولدت لأقل من نصف حول مذ عتقت لا يتقل ولاء الحمل عن موالي الأم أبدا فإن ولدت بعد عتقها لأكثر من نصف حول فولاؤه لموالي الأم أيضا لتعذر تبعيته للأب لرقه فإن عتق القن وهو الأب قبل موت الولد جر ولائه ابنه إلى مواليه لزوال المانع هذا إذا لم تكن معتدة فلو معتدة فولدت لأكثر من نصف حول من العتق
____________________
(3/652)
ولدون حولين من الفراق لا ينتقل لموالي الأب اه
أي للتيقن بوجود الحمل عند العتق حيث وجبت إضافة العلوق إلى ما قبل الفراق قوله ( ولو حدره إلخ ) أي حدد الحمل وحده بأن قال ملك حد أو قال المضغة أو العلقة التي في بطنك حر عتق خانية لكن لا بد من تحقق وجوده قبل التحرير بأن ولدته لأقل من ستة أشهر فلو لستة فأكثر لا يعتق ولا يكون قوله ما في بطنك حر إقرارا بوجوده لعدم التيقن به لجواز حدوثه وتمامه في البحر
قوله ( أو إن حملت بولد فهو حر ) الظاهر أنه يشترط أن تلده لأكثر من ستة أشهر إذا لو كان أقل علم أنه حمل موجود والشرط حمل حادث وينبغي أنه لو أنكر حدوثه بعد ستة أشهر أن يكون القول له إلى سنتين أما بعدهما فهو حمل حادث يقينا
تأمل
قوله ( عتق فقط ) أي دون الأم إذ لا وجه لإعتاقها مقصودا لعدم الإضافة ولا تبعا لأن فيه قلب الموضوع
نهر
قوله ( ولم يجز بيع الأم إلخ ) لأنه لما كان ما في بطنها لا يقبل النقل صار بمنزلة الحمل المستثنى والاستثناء شرط فاسد في البيع الهبة لكن البيع يبطل بالشروط الفاسدة بخلاف الهبة كما يأتي في البيع الفاسد ح
قوله ( لم تجز هبتها في الأصح ) وافرق أن بالتدبير لا يزول ملكه عما في البطن فإذا وهب الأم بعد التدبير فالموهوب متصل بما ليس موهوب فيكون في معنى هبة المشاع فيما يحتمل القسمة وأما بعد العتق ما في البطن غير مملوك بحر عن المبسوط
قوله ( وبطل شرط المال عليه إلخ ) لأنه لا وجه إلى إلزام المال على الجنين لعدم الولاية عليه ولا إلى إلزام أمه فإذا قال أعتقت ما في بطنك على ألف عليك فقبلت فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر يعتق بلا شيء لأنه معلق بقبولها الألف وقد قبلته فعتق الولد وبطل المال لأن اشتراط بدل العتق على غير المعتق لا يجوز بحر ملخصا
قوله ( لكن يشترط قبولها ) أي قبولها المال إذ شرطه عليها وقوله للعتق متعلق ب يشترط
قوله ( قال ما في بطنك ) الخبر محذوف تقديره حر وهو موجود في بعض النسخ
قوله ( تعليق ) أي على الأداء فإذا ولدت لأقل من ستة أشهر فهو حر متى أدى إليه الألف كما في البحر
قوله ( أوصى به ) أي بما في بطن أمته ومات أي الموصي وأعتقه الورثة أي أعتقوا ما في بطنها تبعا لإعتاق أمه
والعبارة في البحر عن الظهيرية وهكذا رأيتها في الظهيرية
والأحسن عبارة كافي الحاكم فأعتق الوارث الأمة إلخ
قال ط
قوله والظاهر عدم جوار إعتاقه إنه غير مملوك لهم
قوله ( جاز ) أي إعتاقهم لأنها دخلت في ملكهم ولم يدخل حملها في ملك الموصى له إذ ( يدخل في ملكه بعد الولادة وضمنوه يوم الولادة ) لأنه أول يوم يدخل في ملكه أن لو بقي بلا إعتاق ط
قوله ( فأولهما خروجا أكبر ) ظاهره لو خرجت معا لم يعتق واحد منهما إلا أن تلد ثالثا قبل مضي ستة أشهر فيعتقان ولأنهما أكبر منه والولد وإن ذكر مفردا لكنه مفرد مضاف فيعم
ط عن السيد أبي السعود
قوله ( ما دام جنينا ) أما بعد الولادة فلا يتبعها في شيء مما ذكروه حتى لو أعتقت لا يعتق
بحر
وسيذكر الشارح استثناء مسألتين مع زيادة ثلاثة أخر
قوله ( يتبع الأم ) للإجماع ولأنه متيقن به من جهتها لذا تثبت نسب الزنا وولد الملاعنة من أمه حتى ترثه ويرثها لأنه قبل الانفصال كعضو منها حسا وحكما ويتبعها في البيع العتق غيرهما فكان جانبها أرجح
بحر
قوله ( فيكون لصاحب الأنثى ) كما إذا نزا ذكر لرجل على أنثى لآخر كان حملها لصاحبها فقط
قوله ( لو أمه كذلك ) أي لو كانت أمه مما يؤكل ويضحي بها والمراد أنه يأخذ حكم أمه ولا يزول عنه بعد الولادة كما يأخذ
____________________
(3/653)
حكمها في العتق وغيره كذلك فلا يرد أن الكلام في الجنين وهو لا يضحي به قبل الولادة فافهم وفي شرح الوهبانية للشرنبلالي عن جوامع الفقه والولوالجية الاعتبار في المتولد للأم في الأضحية والحل وقيل يعتبر بنفسه فيهما حتى إذا نزا ظبي على شاة أهلية فإن ولدت شاة تجوز التضحية بها وإن ولدت ظبيا لم تجز ولو ولدت الرمكة حمارا لم يؤكل
وفي الخلاصة في الأضحية المتولدة بين الكلب والشاة قال عامة العلماء لا يجوز وقال الإمام الجرجاني إن كان يشبه الأم يجوز اه
وستأتي مسألة المتولدة بين الكلب والشاة في الذبائح عن نظم الوهبانية
والحاصل أن المفهوم مما مر أن الولد تبع لأمه مطلقا وقيل لا تعتبر التبعية بل يعتبر بنفسه والأول المعتمد كما يقتضيه كلام البدائع في كتاب الأضحية وهو مقتضي إطلاق المتون لكن ما قاله عامة العلماء يستثنى ولد الكلب
والظاهر أن المتولد بين آدمي وشاة كذلك بل أولى لأنه جزء آدمي لا يحل الانتفاع به فضلا عن أكله فافهم
قوله ( بسائر أسبابه ) كشراء وهبة وإرث ح
قوله ( إلا ولد المغرور ) كما إذا تزوج امرأة على أنها حرة فإذا في قنة فأولاده منها أحرار بالقيمة وتعتبر القيمة يوم الخصومة شرنبلالية
وهذا إذا كان المغرور حرا فلو مكاتبا أو عبدا أو مدبرا فالأولاد أرقاء حموي عن البرجندي
قال ط وينبغي أن يستثنى أيضا ما لو تزوج أمة وشرط حرية الولد فإنه يكون حرا
مطلب أهل الحرب كلهم أرقاء قوله ( وصورة الرق بلا ملك إلخ ) لما كان الأصل في العطف كان مظنة أن يقال هل يتصور رق بلا ملك فبين صورته وأما صورة الملك بلا رق فهي ظاهرة كالحيوان الثياب وكذا صورة اجتماعهما لكن قد يكونان كاملين كما في القن وقد يكون أحدهما كاملا الآخر ناقضا فالمدبرة وأم الولد الرق فيهما ناقص فلم يجد عتقهما عن الكفارة والملك فيهما كامل حتى جاز وطؤهما والمكاتب رقه كامل فجاز عتقه عن الكفارة وملكه ناقص حتى خرج من يد المولى وتمامه في البحر
قوله ( فإن كلهم أرقاء ) أي بعد الاستيلاء عليهم بدليل التفريع أما قبله فهم أحرار لما في الظهيرية لو قال لعبده نسبك حر أن أصلك حر إن علم أنه سبي لا تعتق وإن لم يعلم في أنه سبي فهو حر
قال وهذا دليل على أن أهل الحرب أحرار اه
وسيأتي في باب استيلاء الكفار ما يؤيده أيضا
قوله ( فإذا أخذت إلخ ) ليس هذا التصوير في القهستاني وهو خطأ إذ الولد حينئذ مسترق أصالة والمثال الصحيح كما قال ح أخد حاملا يتبعها الحمل في الرق وذلك لأن المقام في تبعية الجنين لا الولد المنفصل ط
قوله ( والحرية ) أي الأصلية بأن تزوج عبد حرة أصلية فحملت منه وأما الطارئة فقد مرت
نهر أي في قوله حرر حاملا عتقا
قوله ( والعتق ) هو حرية طارئة وقد مرت كما علمت لكن المراد بما مر عتق الولد قصدا ولذا قيده المصنف هناك بما إذا ولدته بعد عتقها لأقل من نصف حول والمراد بما هنا العتق تبعا للأم فيراد به ما إذا ولدته لنصف حول فأكثر فيكون هذه الصورة مفهوم قوله هناك إذا ولدته لأقل من نصف حول فلا تكرار كما أفاده ح
وقدم الشارح الثمرة في إنجرار الولاء وما قيل إن هذه الصورة سبق قلم لأن الموضوع في الجنين لا في الولد بعد انفصاله ففيه أن المراد أنه يحكم بعتقه قبل الولادة ولكن إذا ولد لنصف حول فأكثر علم أنه عتق تبعا لأمه لكونه جزءا منها وإن ولدته لأقل علم أنه عتق قصدا وأصالة لتيقن وجوده وقت الإعتاق فافهم
قوله ( ككتابة ) بأن
____________________
(3/654)
كاتب أمته الحامل فجاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الكتابة
نهر
قال ح فيعتقان معا بأدائها البدل وكذا كل ولد تلده في مدة الكتابة اه
وعليه فتقييد النهر بأقل من ستة أشهر لتكون الكتابة واقعة على الجمل إصالة وقصدا وإلا فكل حمل في المدة يتبعها من حكم الكتابة كما علمت
قوله ( وتدبير مطلق ) احترز به عن المقيد كإن مت من مرضي هذا فأنت حرة فإنه لا يتبعها فيه اه
وعزاه في النهر للظهيرية
قلت هذا ظاهر في الولد الذي تأتي به بعد التدبير كلامنا في الحمل فإذادبر حاملا من غير سيدها صار الحل مدبرا قصدا وأصالة إن ولدته لأقل من ستة أشهر وإن لأكثر فهو مدبر تبعا لها لكن لا فرق هنا بين التدبير المطلق والمقيد لأن المقيد في حكم المعلق فإذا قال إن مت من مرضي هذا فأنت حرة ثم مات بعد شهر مثلا عتقت وعتق حملها تبعا لها لكن هذا من مسائل التبعية في الحرية العارضة وهذا لو ولدت بعد موت المولى أما قبله فلا يعتق ولدها لأنه ولد قبل عتقها بخلاف التدبير المطلق فإنه لا فرق فيه بين ولادتها قبل موته أو بعده لأنه ثبت تدبيرها قبله حتى لا يجوز له بيعها فلعل تقييده بالمطلق لهذا فتأمل
قوله ( واستيلاد ) بأن زوج أم ولده فحملت تبعها ولدها في حكم الأمومية الولد فيعتق بموت السيد كالأم
نهر
قوله ( إذا لم يشترط الزوج حرية الولد ) هذا بحث لصاحب النهر فلو شرط ذلك عتق بالولادة قبل موت السيد ح
وينبغي أن يستثنى أيضا المغرور كما لا يخفي
قوله ( كما مر ) أي في باب نكاح الرقيق كما قاله في الدر المنتقى
قوله ( وفي رهن ) أي إذا رهن حاملا كان ولدها رهنا معها ح أي فإذا وضعته ليس للرهن نزعته من يد المرتهن ط
قوله ( ودين ) صورته أذن لأمته الحامل في التجارة ثم لزمها دين تبعها الولد فيه حتى يباع فيه ح
قوله ( وحق أضحية ) أي إذا اشترى شاة حاملا للأضحية لزمه التضحية بولد أيضا ح أي بعد خروجه حيا
قوله ( واسترداد بيع ) أي إذا باع أمة بيعا فاسدا ثم استردها وهي حامل يتبعها الولد في الاسترداد ح
قوله ( وسريان الملك ) قال في الأشباه
وحق المالك القديم يسري إليه اه ح
وصورته إذا تداولت الأيدي الجارية فردت بعيب قديم على المالك الأول وهي حامل تبعها حملها وكذا إذا استحقت اه ط
قوله ( فهي اثنا عشر ) أي المسائل التي يتبع فيها الحمل أمه
قوله ( ولا يتبعها في كفالة ) أي إذا كفلت وهي حامل بمال أو نفس لا يتبعها الولد في طلب إذا استمرت الكفالة حتى ولدته وكبر وكذا إذا كفلت أمة حامل بإذن السيد لا يتبعها ولدها ط
أي لا يتبعها بعد الولادة أما قبلها فلرب المال بيعها حاملا إذا لم يفدها المولى فإذا ولدت بعد البيع كان الولد للمشتري
تأمل
قوله ( وإجارة ) أي إذا آجرها عشر سنين مثلا وكانت حاملا فولدت في أثنائها لا يدخل الولد في الإجارة حتى لا يستخدمه ط قوله ( وإجارة ) أي إذا آجرها عشر سنين مثلا وكانت حاملا فولدت في أثنائها لا يدخل الولد في الإجارة حتى لا يستخدمه ط
قوله ( وجناية ) بأن قتلت رحلا خطأ وهي حامل فلا يتبعها ولدها في الدفع عن الجناية وإذا فدى السيد إنما يفدي الأم فقط اه
وحاصله أنه لو تبعها للزم بعد الولادة دفعه معها أو فداؤه أيضا أما لو دفعها قبل الولادة ملكه المجني عليه حتى لو ولدت بعد الدفع لم يكن للسيد أخذ الولد كما لا يخفي لأنه تبعها في الملك
قوله ( وحد ) فلا تحد وهي حامل أي حد كان فإذا ولدته فإن كان حدها الرجم رجمت إلا إذا كان الولد لا يستغني عنها وإن كان الجلد فبعد النفاس كما يأتي في الحدود ط قوله ( وقود ) فلا تقتل إلا بعد الوضع ح
قوله ( وزكاة سائمة ) لأنه لا شيء في الفصلان والعجاجيل والحملان إلا إذا مات الكبار أثناء الحول وخلفت صغارا فيها كبير فبالأولى لا يجب في الحمل شيء
قوله ( ورجوع في هبة ) سيذكر في الهبة ما نصه ولو حبلت ولم تلد هل للواهب الرجوع قال في السراج لا وفي الزيلعي نعم
ووجه في المنح الأول بأن الولد زيادة متصلة لم تكن وقت الهبة والثاني بأن الحبل نقصان لا زيادة اه
____________________
(3/655)
قلت والتوفيق ما سيذكره في باب خيار العيب من أن الحبل عيب في الآدمية لا في البهيمة أو ما في الهندية من الهبة من أن الجواري تختلف فمنهن من تسمن به ويحسن لونها فيكون زيادة تمنع الرجوع ومنهن بالعكس فيكون نقصانا لا يمنع الرجوع اه ويؤيد هذا التوفيق ما في الخلاصة والبزازية من أن الحبل زاد خيرا منع الرجوع وإن نقص لا اه
وإن نقص اه
فإذا كانت الموهوبة أمة وحبلت عند الموهوب له ونقصت بذلك كان لواهب الرجوع ولا يتبعها حملها بل إذا ولدت بعد الرجوع يسترده الموهوب له لكونه حدث على ملكه كما قالوا فيما لو بنى في الدار الموهوبة بناء منقصا كبناء تنور في بيت السكنى فإنه لا يمنع الرجوع كما في الخانية وللموهبون له أخذه فقد سقط ما قيل إن ما ذكره الشارح لا يوافق القولين فافهم ثم لا يخفى أن هذا الحبل العارض أما لو وهبها حبلى ورجع بها كذلك صح وليس الكلام فيه خلافا لما فهمه الحموي
وبقي ما لو كان الحبل من الموهوب فبحث بعضهم بأنه مانع من الرجوع وسيأتي تمام الكلام على ذلك في الهبة إن شاء الله تعالى قوله ( وإيصاء بخدمتها ) يعنى إذا أوصى بخدمة جاريته الحامل من غيره ليس للموصي له أن يستخدم الحمل بعد وضعه لعدم دخوله في الوصية وإن كان متحققا وقتها لأنه إنما جعل له الانتفاع بها خاصة بذات أخرى ط
وحاصله أن الخدمة منفعة وهو إنما أوصى بمنفعتها لا بذاتها ولا بمنفعة ولدها بخلاف ما إذا أوصى بذاتها فإن الحمل الموجود يتبعها في الملك للموصي له لأنه يملكها بسائر أجزائها وحملها جزء منها
قوله ( ولاة يتذاكى بذكاة أمه ) أي بذبحها سواء كان تام الخلق أم لا حتى إذا خرج ميتا لم يؤكل وهو الصحيح وقالا إن تم خلقه أكل ط
قوله ( وزاد في البحر إلخ ) زاد البيري ثانية وهي ما في خزانة الأكمل لو قال لجارية إذا ملكتك فأنت حرة فولدت ثم اشتراها عتقت دون الولد اه
قلت وزدت ثالثة وهي ولد المغصوبة لا يتبعها في الغصب حتى لو ولدته ومات عند الغاصب بلا تعد منه لم يضمنه وكذا سائر زوائد الغصب كثمر الشجر ونحوه لأنه أمانة كما سيأتي في بابه
مطلب الشرف لا يثبت من جهة الأم الشريفة قوله ( ولا في نسب إلخ ) لأن النسب للتعريف وحال الرجال مكشوف دون النساء كذا في الشمني فهذا صريح بأن الشريف لا يثبت من جهة الأم الشريفة
باقاني نعم لولدها شرف ما بالنسبة لغيره
قوله ( رقيق كأمه ) لأن الزوج قد رضي برق الولد حيث قدم على تزوجها مع العلم برقها
بحر
مطلب يتصور هاشمي رقيق والداه هاشميان قال الخير الرملي فلو كان هذا الولد أنثى فزوجت بهاشمي فأتى له ولد منها فهو أي هذا الولد رقيق وهو هاشمي ابن هاشمي وهاشمية فيتصور هاشمي من هاشميين وهو رقيق يصح بيعه وسائر ما يجوز في الرقيق من التصرفات اه
قوله ( ولا يتبعها بعد الولادة ) أي في حكم حدث بعد الولادة أما الحكم الحادث قبلها ولو كان قبل الحمل كالتدبير والاستيلاد فإن الأولاد المتأخرين يتبعونها فيه كما سبق ط
قوله ( إذا استحقت الأم ببينة ) أي إذا ولدت المبيعة عند المشتري لا باستيلاده فاستحقت ببينة يتبعها ولدها بشرط القضاء به في الأصح إذا سكت الشهود فلو بينا أنه لذي اليد أو قالوا لا ندري لا يقضي به وإن أقر ذو اليد بها لرجل لا يتبعها كما سيأتي في الاستحقاق
____________________
(3/656)
إن شاء الله تعالى
والفرق كما ذكره في الدرر هناك أن البينة تثبت من الأصل والولد كان متصلا بها يومئذ فيثبت بها الاستحقاق فيهما والإقرار حجة قاصرة تثبت الملك في المخبر به ضرورة صحة الخبر فتقدر بقدرها
قوله ( وإذا بيعت البهيمة إلخ ) سيأتي في فصل ما يدخل في البيع تبعا أنه يدخل ولد البقرة الرضيع لا ولد الأتان رضيعا أو لا به يفتى اه
والفرق أن البقرة لا ينتفع بها إلا بالعجل ولا كذلك الأتان كما في البحر هناك أي لأن البقرة تقصد للحلب ومثلها الشاة والناقة بخلاف الأتان وبخلاف الولد الفطيم
( تتمة ) يزاد تبعية الولد لها إذا أسلمت فإن الولد يتبع خير الأبوين دينا كما مر في النكاح وزاد البيري مسألتين أيضا عن خزانة الأكمل ما لو وكله أن يعتق أمته فولدت ولدا له أن يعتق ولدها أيضا وما لو ولدت الوديعة للوكيل قبضه معها إلا إذا ولدت قبل أن يوكله اه
فالمستثنى خمس
قوله ( ملك لسيدها ) هذا دخل تحت قوله والولد يتبع الأم في الملك وتقدم استثناء المغرور من شرط حرية الولد قوله ( حر ) لأنه علق حرا لأن ماء جاريته مملوك له فلا يعارض ماءه كما في المبسوط وقيل إنه يعتق عليه وتمامه في النهر قوله ( كأن نكح عبد ) أي بإذن سيده
قوله ( وعليه ) أي على ما في الظهيرية والتفريع لصاحب البحر وفيه استدراك على تقييد المصنف بالمولى
قوله ( أو ابنه أو أبيه ) أي ونحوهما من كل ذي رحم محرم منه
قوله ( من كافر ) أي من زوج كافر قوله ( قلت إلخ ) البحث لصاحب النهر قوله ( لأنه قبل الوضع موهوم ) مفاده أنه تحقق وجوده بالعلامات القاطعة التي تدركها أرباب الخبرة أنه يجبر إلا أن يراد بكونه موهوما ما يعم ما ذكر ويعم كونه ينفصل عنها أو يموت في بطنها فإن انفصاله موهوم ط
قوله ( وبه ) أي بتوهم الحمل المأخوذ من موهوم ط قوله ( لا يسقط حق المالك ) أي من عينها فلا يجبر على بيعها ط والله سبحانه أعلم
باب عتق البعض أخره عن الكل إما لأنه من العوارض لقلة وقوعه أو للخلاف أي لأنه تبع للكل أو لأنه دونه في الثواب
نهر
قوله ( ولو مبهما ) كجزء منك حر أو شيء منك حر ولو قال سهم منك حر عتق السدس خانية قوله ( صح ) أي إعتاقه وهو عبارة عن زوال الملك عن البعض لا عن زوال الرق لأنه عند الإمام رقيق كله كما في الفتح ويأتي تمامه
قوله ( ولزمه بيانه ) أي في المبهم
قوله ( ويسعى فيما بقي ) أي في بقية قيمته لمولاه وتعتبر قيمته في الحال
( فتح )
وفي البحر عن جوامع الفقه الاستسعاء أن يؤاجره ويأخذ قيمة ما بقي من أجره اه
في القهستاني
____________________
(3/657)
وعن أبي يوسف أنه يؤجر ولو صغيرا يعقل فيأخذ من أجرته كالحر المديون إلى أن يؤدي السعاية
قوله ( كمكاتب ) في أنه لا يباع ولا يرث ولا يورث ولا يتزوج ولا تقبل شهادته ويصير أحق بمكاسبه ويخرج إلى الحرية بالسعاية والإعتاق ويزول بعض الملك عنه كما يزول ملك اليد عن المكاتب فيبقى هكذا إلى أن يؤدي السعاية
در منتقى وقهستاني
قوله ( بلا رد إلى الرق لو عجز ) لأنه إسقاط محض فلا يقبل الفسخ بخلاف الكتابة در منتقى
قوله ( بطل فيهما ) لأنه لما تعذر رده إلى الرق صار بمنزلة الحر ولو جمع بين قن وحر في البيع بطل فيهما فكذا هذا ح
قوله ( ولو قتل ) أي لا قتله أحد عمدا أو لم يترك وفاء أي ما يفي بما عليه لسيدة فلا قود بقتله أي قصاص للاختلاف في أنه يعتق كله أو لا كالمكاتب إذا قتل عن وفاء وله وارث فقيل يموت حرا وقيل لا فقد جهل المستحق هل هو الوارث أو المولى
أما المكاتب الذي لم يترك وفاء فإنه مات رقيقا بلا خلاف
قوله ( والصحيح قول الإمام إلخ ) وكذا نقل العلامة قام تصحيحه عن أئمة الصحيح وأيده في فتح القدير بالمعنى وبالسمع ومنه حديث الصحيحين من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق العبد عليه وإلا فقد عتق منه ما عتق أفاد تصور عتق البعض فقط إلخ
قوله ( والخلاف مبني إلخ ) هذا ما حققه في فتح القدير وهو أن يراد الخلاف في تجزي العتق أو الإعتاق وعدمه غلط في تحرير محل النزاع بل الخلاف فيما يوجبه الإعتاق أو لا وبالذات
فعندهما زوال الرق وهو غير منجز اتفاقا
وعنده زوال الملك ويتبعه زوال الرق فلزم تجزي موجبه غير أن زوال الرق لا يثبت إلا عند زوال الملك عن الكل شرعا كحكم الحدث لا يزول إلا عند غسل كل الأعضاء وغسلها منجز وهذا لضرورة أن العتق قوة شرعية هي قدرة على التصرفات ولا يتصور ثبوتها في بعضه شائعا وتمامه فيه
قوله ( وعلى هذا الخلاف التدبير ) فإذا دبر بعض عبده اقتصره عليه عنده وسعى في الباقي بعد موت سيده وسرى إلى كله عندهما ولا سعاية عليه ط
قوله ( والاستيلاد ) أي فإنه منجز عنده لا عندهما
والخلاف في استيلاد المشتركة المدبرة
لا القنة
قال في الفتح وأما الاستيلاد فمنجز عنده حتى لو استولد نصيبه من مدبرة اقتصر عليه حتى لو مات المستولد تعتق من جميع ماله ولو مات المدبر عتقت من ثلث ماله وإنما كمل في القنة لأنه لما ضمن نصيب صاحبه بالإتلاف ملكه من حين الاستيلاد فصار مستولدا جارية فثبت عدم التجزي ضرورة اه
قوله ( ولا خلاف في عدم تجزي العتق والرق ) فيه أن العتق إن كان بمعنى زوال الملك تجزي وإن كان بمعنى زوال الرق لا يتجزى اه ح
قلت ليس مراد الشارح موجب العتق وهو ما ذكر بل مراده نفس العتق ففي الزيلعي الإعتاق يوجب زوال الملك عنده وهو منجز وعندهما زوال الرق وهو غير منجز
وأما نفس الإعتاق أو العتق فلا يتجزى بالإجماع لأن ذات القول هو العلة وحكمه وهو نزول الحرية فيه لا يتصور فيه التجزي وكذا الرق لا يتجزى بالإجماع لأنه ضعف حكمي والعتق والحرية قوة حكمية فلا يتصور اجتماعهما في شخص واحد اه أي اجتماع الضعف الحكمي والقوة الحكمية وهما الرق والعتق
قوله ( ومن الغريب إلخ ) إنما كان غريبا لمخالفته المشهور
____________________
(3/658)
من الاتفاق المذكور ولكن هذا حكاه في البدائع عن بعض المشايخ جوابا عن استدلال الصاحبين بأن الرق لا يتجزى في حالة الثبوت حتى لا يصرف الإمام الرق في نصف السبايا ويمن على نصفهم فكذا في حال البقاء
ثم قال في جوابه من مشايخنا من منع ذلك فإن الإمام لو فعل ذلك جاز ويكون حكمهم حكم معتق البعض في حالة البقاء اه
قلت ويظهر لي الجواب بأنه ليس في ذلك تجزي الرق في حالة الثبوت لأن الرق ثبت عليهم حالة الاستيلاد كما مر فصرف الرق إلى نصف كل واحد منهم تقرير للثابت والمن على النصف الباقي بمعنى إعتاق أنصافهم فصار ذلك إعتاق البعض ابتداء وبقاء فتدبر
قوله ( فلشريكه ) أي الذي يصح منه الإعتاق حتى لو كان صبيا أو مجنونا انتظر بلوغه وإفاقته إن لم يكن ولي أو وصي فإن كان امتنع عليه العتق فقط
نهر
قوله ( بل سبع ) لأن التحرير نوعان منجز ومضاف وهذا قول الإمام
وقالا ليس له إلا الضمان مع اليسار والسعاية مع الإعسار
نهر
قوله ( أو مضافا لمدة كمدة الاستسعاء ) قال في الفتح وينبغي إذا أضافه أن لا تقبل منه إضافته إلى زمان طويل لأنه كالتدبير معنى ولو دبره وجب عليه السعاية في الحالة فيعتق كما صرحوا به فينبغي أن يضاف إلى مدة تشاكل مدة الاستسعاء وكذا في البحر ح
قوله ( أو يصالح ) أي الساكت المعتق أو العبد كما يفاد من البحر ط
قوله ( لا على أكثر من قيمته ) راجع إلى الصلح والكتابة والمراد قيمة حصته كالنصف مثلا فيصح على نصف القيمة أو أقل لا أكثر بزيادة لا يتغابن الناس فيها فالفضل باطل لأنه ربا كما في البحر
قوله ( من النقدين ) فلو على عروض أكثر من قيمته جاز
بحر
قوله ( ولو عجز استسعى ) أي لو عجز العبد عن بدل الكتابة استسعاه الساكت أفاده في البحر
والظاهر أن عجزه عن بدل الصلح كذلك ط
قوله ( فإن امتنع آجره جبر ) أي ويؤخذ نصف القيمة من الأجرة كذا في الشلبي ومنه يستفاد أنه عند العجز عن بدل الكتابة والصلح يرجع إلى اعتبار القيمة لا ما وقع عليه العقد وإن كانت الزيادة يسيرة ط
قوله ( وتلزمه السعاية للحال ) ولا يجوز لسيده أن يتركه على حاله ليعتق بعد الموت بل إذا أدى عتق لأن تدبيره اختيار منه للسعاية
بحر
قوله ( فلو مات المولى الخ ) ظاهر كلام الفتح أنه لا فائدة للتدبير والكتابة لرجوعهما إلى السعاية
وأجاب في البحر بأن للتدبير فائدة هي أنه لو مات المولى سقطت عنه السعاية إذا خرج من الثلث كما أن فائدة الكتابة تعيين البدل لأنه لولا الكتابة لاحتيج إلى تقويمه وإيجاب نصف القيمة وقد يحتاج فيها إلى القضاء عند التنازع في المقدار
قوله ( كما مر ) من كونه يؤجره جبرا إن امتنع كما يفهم من النهر ح
قوله ( والولاء لهما ) أي في جميع الخيارات السابقة ط
قوله ( أو يضمن المعتق ) وحينئذ فالسيد أيضا بالخيار إن شاء أعتق ما بقي وإن شاء دبر وإن شاء كاتب وإن شاء استسعى بدائع
وإن أبرأه الشريك عن الضمان فله أن يرجع على العبد والولاء للمعتق هندية ط قوله ( استسعاه على المذهب ) وعن أبي يوسف أن له التضمين لأنه عنده ضمان تمليك لا إتلاف
بحر
والظاهر أن اقتصاره على السعاية يريد به نفي الضمان لا نفي الإعتاق والتدبير
____________________
(3/659)
والكتابة والصلح فإنها بمنزلة السعاية ط
قوله و ( يرجع بما ضمن ) له أن يحيل الساكت على العبد فيوكله بقبض السعاية اقتضاء من حقه
هندية قوله ( إن تعدد الشركاء نعم ) أي إذا اختار بعضهم السعاية وبعضهم الضمان فلكل منهم ما اختار في قول أبي حنيفة
بحر عن البدائع
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يتعدد الشركاء فليس للساكت أن يختار التضمين في البعض والسعاية في البعض
بحر عن المبسوط
وفي الهندية عن الفقيه أبي الليث أنه لا رواية في ذلك فلقائل أن يقول له ذلك ولقائل أن يقول ليس له ذلك
قوله ( ومتى اختار أمرا تعين ) واختياره أن يقول اخترت أن أضمنك أو يقول أعطني حقي
أما إذا اختار بالقلب فليس بشيء
ط عن النهاية
قوله ( إلا السعاية فله الإعتاق ) الظاهر أن الكتابة والتدبير والصلح مثل السعاية ط
قوله ( ولو باعه ) أي ولو باع الساكت لشريكه المعتق لم يجز استحسانا لأنه ليس محلا للتمليك وإنما يملك بالضمان ضرورة
قلت فلو فعل ذلك هل يترتب عليه موجبه حتى لو أعتقه صح أو يكون لغوا فلو أعتقه الساكت صح وصار الولاء لهما الظاهر الثاني
مقدسي
قوله ( لأنه كمكاتب ) عندهما حر مديون قوله ( ويساره بكونه ملكا إلخ ) هذا ظاهر لارواية كما في الفتح واقتصر عليه في الهداية واختار بعض المشايخ يسار الغني المحرم للصدقة والأول أصح كما في المجتبى قوله ( يوم الإعتاق ) مرتبط بقوله مالكا وبقوله قيمة فلو أعتق وهو موسر ثم أعسر فلشريكه حق التضمين وبعكسه لا ولو كان العبد يوم العتق أعمى فانجلى بياض عينيه تجب قيمته أعمى وعكسه في عكسه كما في الفتح
قوله ( سوى ملبوسه الخ ) قال في الفتح وفي رواية الحسن استثنى الكفاف وهو المنزل والخادم وثياب البدن قال في البحر والذي يظهر أن استثناء الكفاف لا بد منه على ظاهر الرواية ولذا اقتصر عليه في المحيط وصححه في المجتبى اه
قوله ( إن قائما قوم للحال ) هذا إذا لم يتصادقا على العتق فيما مضى وإلا ينظر إلى قيمته يوم ظهر العتق لأن العتق حادث فيحال على أقرب أوقات حدوثه كذا في الفتح
قوله ( وإلا ) بأن كان العبد هالكا فالقول للمعتق لتعذر معرفة قيمته بالعيان يتغبر أوصافه بالموت والساكت يدعي الزيادة والمعتق ينكر فيكون القول له وتمامه في البحر
قوله ( وكذا ) أي يكون القول للمعتق إذا كان العتق متقدما على يوم الخصومة في مدة يختلف فيها اليسار والإعسار وإلا فيعتبر للحال فإن علم يساره في الحال فلا معنى للاختلاف وإن لم يعلم فالقول للمعتق بحر
وبه علم أن القول للمعتق عن الجهالة ولم يقيد بذلك لأنه لا معنى للاختلاف عند العلم كما علمت فافهم
ولم يذكر مسألة ما إذا مات العبد أو المعتق أو الشريك قبل أن يختار شيئا وهي مبسوطة في البحر والفتح
قوله ( لعدم قبولها ) علة لتفسير الشهادة بالإخبار وقوله لجرهم مغنما علة للعلة وأشار إلى أن العلة ليست كونها شهادة فرد إذ لا يطرد لو كانوا جماعة فشهد كل اثنين منهما على آخر فإنها لا تقبل أيضا لأنهما يثبتان لأنفسهما حق التضمين
زاد في الفتح أو يشهدان لعبدهما وإنما أثبتنا السعاية باعتراف كل منهما على نفسه
____________________
(3/660)
بحرمة استرقاقه ضمنا لشهادته فتعين السعاية اه
قوله ( كل من الشريكين ) قيد اتفاقي إذ لو شهد أحدهما على صاحبه أنه أعتقه وأنكره الآخر فالحكم كذلك
بحر ونهر
قوله ( وأنكر كل ) فلو اعترفا أنهما أعتقا معا أو على التعاقب وجب أن لا يضمن كل الآخر إن كانا موسرين ولا يستسعى العبد لأنه عتق كله من جهتهما ولو اعترف أحدهما وأنكر الآخر فإن المنكر يجب أن يحلف لأن فيه فائدة فإنه إن نكل صار معترفا أو باذلا فصارا معترفين فلا تجب على العبد سعاية كما قلنا
فتح
قوله ( ما لم يحلفهما القاضي إلخ ) أشار إلى أن ما ذكره المصنف تبعا لغيره من لزوم استسعاء كل منهما للعبد إنما هو فيما إذا لم يترافعا إلى قاض بل خاطب كل منهما الآخر بأنك أعتقت نصيبك وهو ينكر أما لو أراد أحدهما التضمين أو أراده أو تصبيهما متفاوت فترافعا أو رفعهما ذو حسبة فيما لو استرقاه بعد قولهما فإن القاضي لو سألهما فأجابا بالإنكار فحلفا لا يسترق لأن كلا يقول إن صاحبه حلف كاذبا واعتقاده أن العبد يحرم استرقاقه ولكل استسعاؤه وإن اعترفا أو أحدهما فقد مر آنفا
فتح
والحاصل أنهما إن حلفا لا يسترق بل يسعى لهما وإن اعترفا لا يسترق ولا يسعى ومثله ما لو نكلا لأن النكول اعتراف وبذل كما مر وعلى هذا فقول الشارح فحينذ يسترق أو يسعى صوابه لا يسرق أو ولا يسعى أي لا يسترق إن حلفا ولا يسترق ولا يسعى إن اعترفا أو نكلا
قوله ( ولو نكل أحدهما ) أي وحلف الآخر إذ لو نكل أيضا صار معترفين وقد مر
قوله ( فلا سعاية ) أي على العبد للمعترف وعليه السعاية للحالف ح
قوله ( ولو مات قبل أن يتفقا ) يعني لو مات العبد قبل أن يتفقا على إعتاق أحدهما فولاءه لبيت المال
وأعلم أن وضع الجملة في هذا الموضع غلط لأنه يقتضي أن الولاء عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى موقوف وليس كذلك وموضعها بعد قوله حتى يتصادقا كما فعل في البحر والفتح وغيرهما لأنها من تتمة كلام الصاحبين ح
قوله ( أو مختلفين ) صرح به وإن فهم مما قبله تمهيدا للاعتراض الآتي ولأنه منشأ الوهم في كلام المصنف فافهم
قوله ( والولاء لهما ) لأن كلا منهما يقول عتق نصيب صاحبي عليه بإعتاقه وولاؤه له وعتق نصيبي بالسعاية وولاؤه لي وهو عبد ما دام يسعى كالمكاتب
بحر ط
قوله ( ولو تخالفا إلخ ) عطف على قوله يسعى للمعسرين
قوله ( يسعى للموسر ) لأنه لا يدعى الضمان على صاحبه لإعساره وإنما يدعي عليه السعاية فلا يبرأ عنها ولا يسعى للمعسر لأنه يدعي الضمان على صاحبه ليساره فيكون مبرئا للعبد عن السعاية
ح عن البحر
قوله ( والولاء موقوف ) أي عندهما في الكل أي في يسارهما وإعسارهما واختلافهما لأن كل واحد منهما يحيله على صاحبه ويتبرأ عنه كذا في البحر
قوله ( حتى يتصادقا ) أي على إعتاق أحدهما فلو مات قبل أن يتفقا وجب أن يأخذه بيت المال كذا في البحر
قوله ( كذا في البحر إلخ ) الإشارة راجعة إلى ما قرره من مذهب الإمام ومذهب الصاحبين قوله ( ففي المتن خلل ) وهو قوله ولو تخالفا يسارا إلخ حيث أوهم أنها من كلام أبي حنيفة مع أنها منافية لقوله مطلقا
والشارح أصلح المتن بقوله وقالا يسعى للمعسرين لا للموسرين وجعل قوله ولو تخالفا إلخ من تتمة كلام الصاحبين ح
قوله ( نبه على ذلك ) أي نبه في حاشيته على المنح على هذا الخلل كذلك أي كما فهمه الشارح
____________________
(3/661)
قوله ( ولا بينة للبائع ) أما لو كان له بينة ثبت حنث منكر الشراء فيعتق العبد كله عليه ويلزمه ثمن حصة البائع بموجب الشراء لا الإعتاق
قوله ( عتق بلا سعاية ) أما عتقه فلأن كلا منهما يزعم أن شريكه الآخر حانث وأما عدم السعاية لمدعي البيع فلأن شريكه لما أنكر الشراء وكان القول قوله لم يثبت بيعه فقد وجد شرط عتق مدعي البيع فكان العتق من جهته فليس له سعاية على العبد وأما سعايته لمنكر الشراء فلأنه لم يثبت عتقه لإنكاره وإنما ثبت عتق شريكه لكن لم يثبت عتق شريكه إلا بسبب إنكاره فلم يكن له تضمينه لو كان موسرا وإن أضيف العتق حقيقة إلى تعليق مدعي البيع فكان المعلق صاحب العلة ومنكر صاحب الشرط والحكم يضاف لعلته ولذا لو رجع شهود الزنا وشهود الإحصان يضمن شهود الزنا فقط فلما كان إنكاره شرطا للعتق صار له دخل في عتقه فلا يضمن شريكه ولما كان الشريك مباشر العلة أضيف العتق إليه فكان للمنكر استسعاء العبد بكل حال أي سواء كان البائع موسرا أو معسرا هذا ما ظهر لي في توجيهه
لكن قد يقال إنه كان ينبغي أن يسعى في نصفه لهما لأنه عتق نصفه بيقين لتعليق عتقه على الشراء وعدمه فلا بد من أن يكون الذي عتق منه حصة أحدهما وهو مجهول وكون الذي عتق حصة مدعي البيع غير ظاهر لأنه منكر شرط العتق وكون القول لشريكه أنه ما اشترى إنما يظهر بالنسبة لعدم لزوم الثمن فيكون القول له فيه والقول للبائع بالنسبة لعدم العتق كما لو علق طلاقها على عدم وصول نفقته إليها يوم كذا فادعى الوصول وأنكرت فالقول لها بالنسبة إلى لزوم النفقة والقول له بالنسبة إلى عدم الطلاق لأن القول لمنكر شرط الحنث وهنا كذلك نعم قيل إن القول للمرأة في الطلاق أيضا فيمكن أن يكون ما هنا مبنيا عليه فليتأمل
قوله ( لو البائع معسرا ) لأنه عندهما يلزم السعاية عند الإعسار والضمان عند اليسار
قوله ( لم يسع لأحد ) أي للبائع فلأن العتق من جهته وأما للشاري فلأن حقه في التضمين حينئذ دون الاستسعاء كما علمت قوله ( في الأصح ) هو رواية أبي حفص
وفي رواية أبي سليمان يسعى لهما عندهم جميعا إن كانا معسرين وإن كانا موسرين يسعى لمدعي البيع في نصف قيمته فقط
نهر عن المحيط
قوله ( ولو علق أحدهما ) أي أحد الشريكين في عبد واحد ط
قوله ( بفعل ) سواء كان فعل أجنبي أو المحلوف بعتقه ط
قوله ( مثلا ) يعني أن ذكر الغد ليس قيدا بل المراد وقت معين لا فرق بين الغد واليوم والأمس بحر وكذا ذكر الدخول ط
قوله ( فقال إن لم يدخل ) أي فلان غدا الدار فأنت حر ط
قوله ( فمضى الغد ) أي مع بقاء ملكهما إلى آخر الغد أما إذا أخرجه أحدهما عن ملكه قبل الغد بطل تعليقه بمضي الغد وينظر في تعليق الآخر إن علم وقوع شرطه عتق حظه وإلا فلا كما لا يخفي ط
قوله ( وجهل شرطه ) أي شرط العتق وهو الدخول نفيا أو إثباتا فلو علم أحدهما ببينة أو إقرار الحالف لا إقرار فلان عمل بمقتضاه
قوله ( وسعى في نصفه ) هذا عندهما
وقال محمد يسعى في جميع قيمته لأن المقضي عليه بسقوط السعاية مجهول نهر قوله ( مطلقا ) أي موسرين أو معسرين أو مختلفين ح
قوله ( والمسألة بحالها ) أي بأن حلف أحدهما على فعل فلان غدا عكسه الآخر
قوله ( كل واحد منهما لأحدهما ) أي كل واحد من العبدين بتمامه مملوك لواحد معين من الحالفين
قوله ( لتفاحش الجهالة ) لأن
____________________
(3/662)
المجهول هنا شيئان العبد المقضي له بالحرية وبسقوط نصف السعاية عنه والحانث المقضي عليه بالعتق والمعلوم واحد وهو المقضي به أعني الحرية وسقط السعاية وفي العبد الواحد بالعكس لأن المقضي له بالحرية والمقضي به معلومان المجهول واحد وهو الحانث المقضي عليه فيمتنع القضاء عند غلبة الجهالة كما أفاده عن الزيلعي
قوله ( حتى لو اتحد المالك ) غاية على مفهوم التقييد بتفاحش الجهالة وإنما حكم بعتق أحدهما لأن الجهالة في المقضي عليه ارتفعت ط
قوله ( عتق عليه أحدهما ) ولا ينافي علمه بحنث أحد المالكين صحة شرائه للعبد لأنه قبل ملكه له غير معتبر كما لو أقر بحرية عبد ومولاه ينكر ثم اشتراه صح وإذا صح شراؤه لهما واجتمعا في ملكه عتق عليه أحدهما لأن علمه معتبر الآن ويؤمر بالبيان لأن المقضي عليه معلوم كذا في الفتح
قل في البحر وهو يفيد أن أحد الحالفين لو اشترى العبد من الحالف الآخر يصح ويعتق عليه ويؤمر بالبيان كما لا يخفي وفي المحيط هذا إذا علم المشتري بحالهما فإن لم يعلم فالقاضي يحلفهما ولا يجبر على البيان ما لم تقم البينة على ذلك اه
قوله ( أو الحالف ) عطف على المالك فإنه لا جهالة هنا أصلا العلم بالحانث والمقضي له وهو العبد والمرأة والمقضي به وهو الحرية والطلاق فافهم
والظاهر أن الحكم كذلك لو كانت اليمينان على عبديه
مطلب في الفرق بين إن لم يدخل وبين إن لم يكن دخل قوله ( عتق وطلقت ) وقيل لا يعتق ولا تطلق لأن أحدهما معلق بعدم الدخول والآخر بوجوده وكل منهما يحتمل تحققه وعدمه
قلنا ذاك في مثل قوله إن لم يدخل فعبدي حر بخلاف إن لم يكن دخل فإنه يستعمل لتحقيق الدخول في الماضي ردا على المماري في الدخول وعدمه فكان معترفا بالدخول وهو شرط الطلاق فوقع بخلاف إن لم يدخل ليس فيه تحقق وصيغة إن كان دخل ظاهرة لتحقيق عدم الدخول ردا على من تردد فيه فكان معترفا بعد الدخول وهو شرط وقوع العتق فوقع بخلاف إن دخل فإنه ليس فيه تحقق أصلا فقد أشتبه على ذلك القائل تركيب بآخر وبه سقط أيضا قول الزيلعي فينبغي أن يفرق بين التعليق بكائن فيقع لتصور الإقرار فيه وبين غيره لعدمه اه من البحر والنهر وأصل الجواب للفتح
قوله ( بخلاف ما لو كانت الأولى بالله ) قال ابن بلبان في باب اليمين تنقض صاحبتها من أيمان شرح تلخيص الجامع ما نصه لو كانت اليمين بالله تعالى بأن قال والله ما دخل هذه الدار ثم قال عبده حر إن لم يكن دخل لا تلزمه كفارة ولا عتق لأنه إن كان صادقا فلا كفارة وإن كان متعمدا للكذب فهو الغموس والغموس ليس مما يدخل تحت حكم الحاكم ليكون الحكم إكذابا لليمين الأخرى اه
وقد تقدمت هذه المسألة قبيل طلاق المريض ونبهنا هناك على غلط الشارح في تصويرها ح
قوله ( ومن ملك قريبه ) أي من يعتق عليه
قوله ( بسبب ما ) أي بشراء أو هبة أو صدقة أو إرث
نهر
وصورة الإرث امرأة اشترت ابن زوجها ثم ماتت عن زوجها وعن أخيها وكذلك إذا كان لرجلين ابن عم لابن العم جارية تزوجها أحدهما فولدت ولدا ثم مات ابن العم
جوهرة
قوله ( مع رجل آخر ) أي بعقد واحد قبلاه جميعا
قاله الإتقاني
ويوضح هذا القيد المسألة الآتية حموي عن شرح ابن الحموي
والمراد بالمسألة الآتية قوله وإن اشترى بعضه أجنبي أبو السعود
قوله ( بلا ضمان ) أي لقيمة نصيب شريكه لو موسرا
نهر
قوله ( علم الشريك ) أي لأجنبي والضمير في بقرابته للشريك القريب ط
____________________
(3/663)
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر الرواية وهو مرتبط بقوله بسبب ما وبقوله علم الشريك بقرابته أو لا وهذا قول الإمام
وقالا يضمن في غير الإرث نصف قيمته إن كان موسرا وإن كان معسرا يسعى العبد في نصف قيمته لشريك قريبه المشتري كذا في مسكين ط
قوله ( لأن الحكم ) هو الضمان أو عدمه يدار على السبب وهو التعدي أو عدمه وقد عدم التعدي هنا ط
كما إذا قال لغيره كل هذا الطعام وهو مملوك للآمر ولا يعلم الآمر بملكه
بحر
قوله ( أما لو ملك مستولدته ) ولو بالإرث
بحر
وقوله بالنكاح متعلق بقوله مستولدته ط
قوله ( لكونه ضمان تملك ) أي فلا يختلف باليسار والإعسار اه ح
ولو قال الشارح فيضمن حظ شريكه ولو كان معسرا لكان أولى ليفيد أن هذه العلة للإطلاق ط
قوله ( فله ) أي للأجنبي أن يضمن المشتري لوجوب التعدي ولو أبدل المشتري بالقريب لكان أوضح ط
قوله ( أو يستسعى العبد ) لأن يسار المعتق لا يمنع السعاية عنده خلافا لهما
قوله ( هذه ساقطة ) أي جملة قوله إن اشترى نصفه أجنبي إلخ سقطت من نسخة المتن التي شرحها المصنف ط
قوله ( لا يضمن لبائعه ) وحينئذ فالبائع إن شاء أعتق نصيبه وإن شاء استسعى بحر
قوله ( مطلقا ) أي موسرا كان أو معسرا
وقالا لو موسرا يجب عليه الضمان
بحر
قوله ( لمشاركته ) فإن علة دخول المبيع في ملك المشتري الإيجاب والقبول وقد تشاركا فيه
نهر
قوله ( لزمه الضمان ) أي لزم المشتري ضمان حصة الشريك الذي لم يبع لأنه لم يشاركه في العلة فلا يبطل حقه بفعل غيره ولا يضمن البائع شيئا
بحر ط
قوله ( موسرا ) فلو معسرا سعى العبد بالإجماع
هندية ط
قوله ( وبعده أعتقه آخر ) أي قبل الضمان أما لو أعتقه بعد تضمين الساكت المدبر ضمن المدبر المعتق ثلث قيمته قنا لأن الإعتاق وجد بعد تملك المدبر نصيب الساكت وإنما ضمنه الثلث الذي ضمنه الساكت قنا لبقائه قنا على ملكه فإن التدبير يتجزأ وثلثا الولاء للمدبر وثلثه للمعتق لأن ضمان المعتق ضمان جنايته لا ضمان تمليك ح عن البحر قوله ( وهما موسران ) أما لو كان المدبر معسرا فللمدبر الاستسعاء دون التضمين وكذا المعتق لو كان معسرا فللمدبر الاستسعاء دون تضمين المعتق بحر
قوله ( إن شاء ) وإن شاء دبر نصيبه أو استسعى العبد في نصيبه أو أعتقه أو كاتبه أو تركه على حاله لأن نصيبه باق على ملكه فاسد بإفساد شريكه حيث سد عليه طرق الانتفاع بالبيع ونحوه
ح عن الزيلعي
قوله ( ورجع بها ) أي بثلث قيمته وأنث الضمير لاكتساب المضاف التأنيث من المضاف إليه كما في قطعت بعض أصابعي
قوله ( لأن التدبير إلخ ) على حذف مضاف أي ضمان التدبير
والحاصل أن التدبير لما كان متجزئا عنده اقتصر على نصيب المدبر وفسد به نصيب الآخرين حيث امتنع بيعه وهبته فلكل منهما الخيارات المارة فإذا اختار أحدهما العتق تعين حقه فيه فتوجه للساكت سببا ضمان تدبير المدبر وإعتاق المعتق غير أن له تضمين المدبر ليكون ضمان معاوضة إذ هو الأصل في المضمونات عندنا لكونه قابلا للنقل من ملك إلى ملك وقت التدبير لكونه قنا وقته ولا يمكن ذلك في الإعتاق لأجل التدبير لأنه لا يقبل النقل المذكور ولهذا يضمن المدبر وهذا عنده
وعندهما صار العبد كله مدبرا وإعتاق المعتق باطل ويضمن لشريكيه
____________________
(3/664)
ثلثي قيمته موسرا كان أو معسرا لأن التدبير لا يتجزأ عندهما وتمامه في الزيلعي
قوله ( لنقصه بتدبيره ) علة لتضمينه المعتق ثلثه مدبرا فكان الأولى ذكره عقبة فإن المعتق أفسد على المدبر نصيبه مدبرا والضمان يتقدر بقدر المتلف زيلعي وأما علة عدم تضمينه المعتق ثلثه قنا وهو ما ملكه المدبر من جهة الساكت فهي إن ملكه ثبت مستندا أي إلى ما قبل الإعتاق فكان ثابتا من وجه غير ثابت من وجه فلا يظهر في حق التضمين ولهذا قلنا لو أعتقه بعد تضمين الساكت المدبر كان للمدبر تضمين المعتق ثلث قيمته قنا مع ثلثه مدبرا لأن الإعتاق وجه بعد تملك المدبر نصيب الساكت فله تضمين كل ثلث بصفته وتمامه في الفتح
والحاصل أن المدبر يرجع على المعتق بما كان له قبل الإعتاق فإن كان الساكت ضمنه قيمة ثلثه صار للمدبر الثلثان قبل الإعتاق ثلث مدبر وثلث قن فيرجع بقيمتهما على المعتق وإن لم يكن ضمن للساكت شيئا حتى أعتق الآخر يرجع المدبر بما ضمنه للساكت على العبد كما مر ويرجع بقيمة ثلثه المدبر على المعتق
قوله ( وسيجيء ) أي في المتن آخر باب التدبير
قال في البحر فلو كانت قيمته قنا سبعا وعشرين دينارا ضمن أي المعتق للمدبر ستة دنانير لأن ثلثيها وهو قمية المدبر ثمانية عشر وثلثها وهو المضمون ستة والمدبر يضمن للساكت تسعة
قوله ( أثلاثا ) هذا قول الإمام
وعلى قولهما الولاء كله للمدبر كماا في الهداية وقد أهمل الشراح التنيه على ذلك
أبو السعود
قوله ( لعتقه هكذا على ملكهما ) فإن أحد الثلثين كان للمدبر أصالة والآخر تملكه بأداء الضمان للساكت فصار كأنه دبر ثلثيه من الابتداء بخلاف المعتق فإنه وإن كان له ثلث أعتقه وثلث أدى ضمانه للمدبر ليس له إلا ثلث الولاء لأن ضمانه ضمان إفساد لا ضمان تملك ومعاوضة لما ذكرنا من أن المدبر غير قابل للنقل وحين أعتقه كان مدبرا ولو كان الساكت اختار سعاية العبد فالولاء بينهم أثلاثا لكل ثلثه
فتح
قوله ( وأنكر شريكه ) فلو صدقة كانت أم ولد له ولزمه نصف قيمتها ونصف عقرها كالأمة المشتركة إذا أتت بولد فادعاه أحدهما كما سيأتي
بحر
قوله ( ولا بينة ) أما لو كانت له بينة فهو كما لو صدقه
قوله ( تخدمه ) أي المنكر
قوله ( بلا خدمة ) أي لا تخدم أحدا ولا سعاية عليها للمنكر ولا للمقر لأنه يتبرأ منها ويدعي الضمان على شريكه وهذا عند أبي حنيفة وهو قول الثاني آخرا كما في الأصل
وقال محمد ليس للمنكر إلا الاستسعاء في نصف قيمتها
نهر
قوله ( ونفقتها في كسبها ) قال في الفتح وفي المختلف في باب محمد أن نفقتها في كسبها فإن لم يكن لها كسب فعلى المنكر ولم يذكر خلافا في النفقة
وقال غيره نصف كسبها للمنكر ونصفه موقوف ونفقتها من كسبها فإن لم يكن لها كسب فنصف نفقتها على المنكر لأن نصف الجارية للمنكر وهذا اللائق بقول أبي حنيفة اه
قال في النهر ونسبه العيني إليه
قوله ( وجنايتها موقوفة ) أي إلى تصديق أحدهما صاحبه
فتح
ولم يفصل بين جنايتها والجناية عليه
وفي النهر عن المحيط والجناية عليها موقوفة في نصيب المقر دون المنكر فيأخذ نصف الأرش وأما جنايتها فقيل هي كذلك
والصحيح أنها موقوفة في حقها لأنه تعذر إيجابها في نصيب المنكر عليه لعجزه عن دفعها لها من غير صنع منه فلا تلزمه الفدية فوجب التوقف في نصيبه ضرورة كالمقر بخلاف الجناية عليها لأنه أمكن دفع نصف الأرش إلى المنكر اه
____________________
(3/665)
مطلب أم الولد لا قيمة لها خلافا لهما قوله ( إلا لضرورة إسلام أم ولد النصراني ) فإنها تسعى في قيمتها وهو ثلث قيمتها قنة كما يأتي في الاستيلاد لأنه يعتقد تقومها أمرنا بتركهم وما يدينون وحكمنا بكتابتها عليه دفعا للضرر عنها إذ لا يمكن بقاؤها مملوكة له ولا إخراجها مجانا
ط عن الزيلعي
قوله ( وقوماها ) أي قالا لها قيمة وهي ثلث قيمتها قنة
قوله ( فلا يضمن غني إلخ ) تفريع على ما مهده به يظهر أثر الخلاف وقيد بالغني لأنه محل الخلاف أما المعسر فلا يضمن اتفاقا بل تسعى عندهما للساكت في نصف قيمتها
قوله ( فأعتقها أحدهما إلخ ) أي أعتق نصيبه فإن يعتق كلها ولا سعاية عليها ولا ضمان على المعتق عند أبي حنيفة
خانية
وبه علم أن عتق أم الولد لا يتجزأ لأنه عتق كلها بعتق بعضها اتفاقا كما سيأتي في بابها
قوله ( وكذا لو ولدت ) أي ولدا آخر به الولد المشترك ط
قوله ( ولا ضمان ) أي لا يضمن لشريكه قيمة الولد عنده لأن ولد أم الولد كأمه فلا يكون متقوما عنده بحر عن الكافي وقوله ولا سعاية أي على الولد ولا على أمه
قوله ( خلافا لهما ) فعندهما يضمن الموسر في المسألتين ولو معسرا تسعى الأم في الأولى والولد في الثانية
( تنبيه ) زعم الزيلعي أن ما هنا مخالف لما سيأتي في الاستيلاد من أنه لو ادعى ولد أمه مشتركة ثبت نسبه منه وهي أم ولده وضمن نصف قيمتها ونصف عقرها لا قيمة ولدها ولم يذكروا خلافا فيه فإذا لم يضمن ولد القنة فكيف يضمن عندهما ولد أم ولده مع أنه لم يعلق شيء منه على ملك الشريك
وأجاب في البحر بأنه لم يضمن ولد القنة لأن ملكها بالضمان فتبين إنه علق على ملكه فلا يغرمه بخلاف ولد أم الولد لأنها لا تقبل النفل فلم يكن الاستيلاد في ملكه التام فيضمن نصيب شريكه وتمامه فيه
قوله ( وإنما تضمن بالجناية إجماعا ) أي بثلث قيمتها قنة ط
واحترز بالجناية عن الغصب فإنه على الخلاف فلا تصمن به عنده لو ماتت خلافا لهما كما في النهر قوله ( لأنه ضمان ) كما لو قتلها حيث يضمن باالاتفاق فتح
قوله ( ولذا يضمن الصبي الحر بمثله ) أي بمثل هذا الفعل فإنه لو قربه رجل إلى سبع فافترسه يضمن الرجل ديته مع أنه حر لا قيمة له أصلا فأم الولد بالأولى فليس التقييد بالحر للاحتراز عن المملوك بل لكون الحر أشبه أم الولد في عدم التقوم فافهم
قوله ( عنده ) أي حصرا عنده ط
قوله ( يؤمر بالبيان ) فإن بدأ ببيان الإيجاب الأول فإن عنى به الخارج عتق الخارج بالإيجاب الأول وتبين أن الإيجاب الثاني بين الثابت والداخل وقع صحيحا لوقوعه بين عبدين فيؤمر بالبيان لهذا الإيجاب وإن عني بالإيجاب الأول الثابت عتق الثابت بالإيجاب الأول وتبين أن الإيجاب الثاني وقع لغوا لوقوعه بين حر وعبد في ظاهر الرواية
وإن بدأ ببيان الأيجاب الثاني فإن عني به الداخل عتق الداخل بالإيجاب الثاني وبقي الإيجاب الأول بين الخارح والثابت على حاله كما كان فيؤمر بالبيان وإن عني به الثابت بالإيجاب الثاني وعتق الخارج بالإيجاب الأول لتعينه
____________________
(3/666)
للعتق بإعتاق الثابت وكذا في البحر ح
قوله ( وإن مات ) أي السيد أما لو مات أحد العبيد قبل البيان فالموت بيان فإن مات الخارج عتق الثابت بالإيجاب الأول لزوال المزاحم وبطل الإيجاب الثاني وإن مات الثابت تعين الخارج بالإيجاب الأول والداخل بالإيجاب الثاني وإن مات الداخل خير في الأيجاب الأول فإن عنى به الخارج تعين الثابت بالإيجاب الثاني وإن عنى به الثابت بطل الإيجاب الثاني كذا في التاترخانية ومثله في المعراج والعناية والفتح القدير وغرر الأذكار وغيرها فما في البحر تبعا للبدائع من قوله في الصورة الأخيرة فإن عني به الخارح عتق بالإيجاب الأول وبقي الإيجاب الثاني بين الداخل والثابت فيؤمر بالبيان إلخ مشكل فإن الموت بيان فموت الداخل يقتضي تعين الثابت بالإيجاب الثاني فلعله تحريف أو سبق فلم فافهم قوله ( عتق ممن ثبت ثلاثة أرباعه ومن كل من غيره نصفه ) الخارج فلأن الإيجاب الأول دائر بينه وبين الثابت فأوجب عتق رقبة بينهما فيصيب كلا منهما النصف إذ لا مرجح وكذا الإيجاب الثاني بينه وبين الداخل غير أن نصف الثابت شاع في نصفيه فما أصاب منه المستحق بالأول لغا وما أصب الفارغ من العتق فتم له ثلاثة الأرباع ولا معارض لنصف الداخل فعتق نصفه عندهما
قال محمد يعتق ربعه لأنه إن أريد بالإيجاب الأول الخارج صح الثاني وإن أريد الثابت بطل فدار بين أن يوجب أو لا فينتصف فيعتق نصف رقبة ينهما
نهر
قوله ( لثبوته إلخ ) جواب عما يقال هذا ظاهر عند الإمام لتجزي العتق عنده أما عندهما فلا لعدم تجزيه والجواب أن قولهما بعدم التجزي إذا وقع في محل معلوم أما إذا كان الحكم بثبوته للضرورة وهي متضمنة لانقسامه انقسم للضرورة وهي لا تتعدى موضعها
والحاصل أن عدم التجزي عند الإمكان والانقسام ضروري كذا في الفتح
ثم ذكر فيه إيرادا قويا لبعض الطلبة ونقله ح فراجعه وذكره أيضا في البحر والنهر
قوله ( وضاق الثلث عنهم إلخ ) أماا لو خرجوا في الثلث أو أجاز الورثة فحكم المرض كالصحة
قوله ( وقيمتهم سواء ) ليس هذا القيد لازما حكما
شرنبلالية
قوله ( كما مر ) أي على ثلاثة أرباع الثاتب ونصفي الداخل والخارج
قوله ( بأن جعل إلخ ) بيانه أن حق الخارج في النصف وحق الثابت في ثلاثة الأرباع وحق الداخل عندهما في النصف أيضا فيحتاج إلى مخرج له نصف وربع وأقله فتعول إلى سبعة فحق الخارج في سهمين وحق الثابت في ثلاثة وحق الداخل في سهمين فبلغت سهام العتق سبعة فجعل ثلث المال سبعة لأن العتق في المرض وصية ويصير ثلثا المال أربعة عشر هي سهام السعاية وصار جمع المال أحدا وعشرين وماله ثلاثة أعبد فيصير كل عبد سبعة فيعتق من الخارج سهمان ويسعى في خمسة وكذا الداخل ويعتق من الثابت ثلاثة ويسعى في أربعة فبلغ سهام الوصايا سبعة وسهام السعاية أربعة عشر فاستقام الثلث والثلثان وتمامه في الدرر
قال السائحاني فإن لم تستو قيمتهم بأن كانت قيمة الثابت أحدا وعشرين والخارج أربعة عشر والداخل سبعة فالمال اثنان وأربعون وثلثه أربعة عشر وسهام الوصية سبعة
____________________
(3/667)
فيوضع عن الثابت ستة وعن الخارج أربعة وكذا عن الداخل ويسعى الثابت في خمسة عشر والخارج في عشرة والداخل في ثلاثة فسهام السعاية ثمانية وعشرون
قوله ( ومهرهن سواء ) هذا القيد ليس لازما أيضا كما في الشرنبلالية
قوله ( ليفيد البينونة ) قال في المنح إنما فرضت المسالة في الطلاق قبل الوطء ليكون الإيجاب الأول موجبا للبينونة فما أصاب الأيجاب الأول لا يبقى محلا للإيجاب الثاني فيصير في هذا المعنى كالعتق اه ح
قوله ( ثم بالإيجاب الثاني سقط الربع إلخ ) قيل هذا قول محمد
وعندهما يسقط ربع مهر الداخلة كما في العتق
والمختار أنه بالاتفاق كماا في الملتقى وغيره
والفرق لهما كما في العناية هو أن الثابت في العتق بمنزلة المكاتب لأنه حين تكلم كان له حق البيان وصرف العتق إلى أيهما شاء من الثابت والخارج فما دام له حق البيان كان كل واحد من العبدين حرا من وجه عبدا من وجه فإذا كان الثابت كالمكاتب كان الكلام الثاني صحيحا من وجه لأنه دار بين المكاتب والعبد إلا أنه أصاب الثابت منه الربع والداخل النصف لما قلنا فأما الثابتة في الطلاق فمترددة بين أن تكون منكوحة أو أجنبية لأن الخارجة أن كانت المرادة بالإيجاب الأول كانت الثابتة منكوحة فيصح الإيجاب الثاني فيسقط نصف النصف هو الربع موزعا بين مهر الداخلة والثابتة فيصيب كل واحدة منهما الثمن اه
قوله ( من ربع ) أي إن لم يكن فرع وارث وقوله أو ثمن أي إذا كان فرع وارث ط
قوله ( لأنه لا يزاحمها إلا الثابتة ) أي لا يشاركها في الزوجية
واعلم أنه لم يزاحم الداخلة إلا إحدى الأوليين غير معينة والأخرى مطلقة بيقين فاستحقت الداخلة النصف وتنصف النصف الآخر بين الخارجة والثابتة فالأولى أن يقول لأنه لا يزاحمها إلا واحدة أي غير معينة
ط ملخصا من ح
قوله ( احتياطا ) في أمر الفروج وهي مما يجب الاحتياط فيها
ط عن المصنف قوله ( الطلاق ) أي لا عدة الطلاق لعدم الدخول بهن والعدة في الطلاق إنما تجب بعد الدخول ط والمراد بالدخول الشامل للخلوة الصحيحة
قوله ( في طلاق بائن ) بأن كان قبل الدخول أو بعده فقال طالق بائن أو ثلاثا
فتح
ثم قال وإنما قيدنا به لأنه لو كان رجعيا لا يكون الوطء بيانا لطلاق الأخرى لأنه يحل وطء المطلقة الرجعية اه
وأما بالنسبة إلى الموت فهو غير قيد لأن الطلاق مطلقا لا يقع على الميتة فتعينت الأخرى
قوله ( قيل إلخ ) قال في الفتح وهل يثبت البيان في الطلاق بالمقدمات في الزيادات لا يثبت
وقال الكرخي يحصل بالتقبيل كما يحصل بالوطء اه
قوله ( لا الطلاق ) قال في البحر قيد بالوطء والموت لأنه لو طلق إحداهما ينبغي أن لا يكون بيانا لأن المطلقة يقع الطلاق عليها ما دامت في العدة فلا يدل على أن الأخرى هي المطلقة اه
وفيه إجمال
والتفصيل أن يقال ن كان الطلاق المبهم رجعيا لا يكون طلاق المعينة بيانا رجعيا كان أو بائنا وإن كان بائنا فإن كان طلاق المعينة رحعيا فكذلك وإن كان بائنا كان بيانا لما علم من أن البائن لا يلحق البائن ح
قلت ويشير إلى هذا قول القهستاني ولو طلق طلقة واحدة فهل هو بيان قبل مدة صالحة لانقضاء العدة وينبغي أن يكون بيانا
____________________
(3/668)
لأن الطلاق الرجعي لا يحرم الوطء اه
وأفاد بقوله قبل مدة إلخ إلى زيادة قيد آخر
قوله ( وهل التهديد بالطلاق كالطلاق ) لا معنى لهذا البحث بالنسبة لما قاله من أن الطلاق لا يكون بيانا لأن الطلاق إذا لم يكن بيانا وهو أقوى فلأن يكون التهديد بيانا وهو أدنى أولى نعم لو كان كل من المبهم والمعين بائنا لكان له وجه كما هو ظاهر ح
قلت قد يجاب بأن الطلاق إنما لم يكن بيانا لإمكان وقوعه على المطلقة كما علمت أما التهديد فإنما يكون بغير الحاصل إذ لو كان المهدد به حاصلا لم يكن للتهديد به معنى فعلم بالتهديد أن المطلقة غيرها إلا أنه قد يقال يجوز أن يكون تهديدا بطلاق آخر لكنه خلاف المتبادر فظهر أن تردد الشارح في محله فافهم
قوله ( كالعرض على البيع كالبيع ) في بعض النسخ والعرض بالواو عطفا على التهديد والصواب الكاف لأنه لا يناسبه قوله لم أره فإن كون العرض على البيع بيانا في العتق المبهم كالبيع مشهور فإنه صرح به في متن الملتقى الذي شرحه وكذا في البحر والنهر والقهستاني وشرح المجمع وغيرها وهذه الكتب مآخذ شرحه فكيف يقول لم أره وحينئذ فوجه الشبه أن التهديد بالطلاق في معنى عرض الطلاق عليها لأن قوله أطلقك إن فعلت كذا بمنزلة قوله أبيع عبدي هذا
قوله ( كبيع إلخ ) ابتداء كلام لتشبيه البيع وما عطف عليه بما مر من كون كل من المذكورات بيانا في عتق مبهم فإنه لو قال أحدكما حر ثم باع عبدا معينا منهما لم يبق محلا للعتق من جهته فتعين الآخر للعتق وقوله ولو فاسدا شمل ما كان معه قبض أو لا وما كان مطلقا أو بشرط خيار كما في القهستاني وغيره
قال في النهر وظاهر أنه لو باعهما معا لم يكن بيانا لبطلان البيع لأن أحدهما حر بيقين اه
قلت التعليل ببطلان البيع غير مفيد لما علمت من أن العرض على البيع كالبيع وكذا المساومة وليس في ذلك بيع أصلا بل الأولى التعليل بأنه لم يخص أحدهما بتصرف يدل على تعين الآخر للعتق
قوله ( وموت ) أي موت أحد العبدين لأنه لم يبق محلا للعتق أصلا وقوله ولو بقتل العبد نفسه بحث لصاحب النهر أخذا من الإطلاق فإنه مثل ما لو قتله أجنبي أما لو قتله المولى فظاهر كونه بيانا لأنه بفعله قال في النهر وإذا أخذ المولى القيمة من الأجنبي القاتل فبين العتق في المقتول عتقا وكانت القيمة لورثة المقتول اه أي الإقرار المولى بحريته فلا يستحقها
بحر
واحترز بالموت عن قطع اليد فإنه لا يكون بيانا غير أن المولى إن بين العتق فيه فالأرش له فيما ذكر القدوري
وقال الإسبيجابي للمجني عليه
نهر
قوله ( وتحرير ) المراد به إنشاؤه فيعتق هذا بالإعتاق المستأنف وذاك باللفظ السابق
ولو ادعى أنه عنى بقوله أعتقتك ما لزمه بقوله أحدكما حر صدق قضاء ولو لم يقل شيئا عتقا بحر ونهر
قوله ( ولو معلقا ) كأن قال لأحدهما إن دخلت الداار فأنت حر يعتق الآخر
بحر أي يتعين للعتق الأول وكذا المضاف كأنت حر غدا
قال ط لأنه أقوى لتحقق مجيء الزمان بخلاف دخول الدار اه
قلت ولانعقاده علة في الحال بخلاف المعلق
قوله ( وتدبير ) لأن فيه إبقاء الانتفاع إلى موته أو إلى ما قيده به وكذا الاستيلاد وذلك يعين إرادة العبد الآخر بالعتق المبهم
قوله ( وإجارة ) قال الزيلعي ولا يقال الإجارة لا تختص بالملك لجواز إجارة الحر
لأنا نقول الاستبداد بإجارة الأعيان على وجه يستحق الأجر لا يكون إلا بالملك فتكون تعيينا دلالة وهكذا تقول في الإنكاح اه ح
قوله ( وإيصاء ) أي إيصاء به
بحر لأنه تمليك بعد الموت للموصي له
قوله ( ورهن ) لأن استبداده به على وجه يكون مضمونا بالدين لو هلك دليل على استبقائه على ملكه فيعين الآخر مرادا بالعتق
____________________
(3/669)
قوله ( ولو غير مسلمتين ) أشار به إلى أن قول المتن مسلمتين تبعا للهداية قيد اتفاقي كما نبه عليه في كافي النسفي لأن قيد التسليم لإفادة الملك وهو غير لازم
قوله ( فهذه ) أي هذه التصرفات أعني الهبة والصدقة أولى بكونها بيانا حالة كونها بدون قبض وتسليم قوله ( بخلاف الإقرار ) أي بالمال
قال في الاختيار كأن قال لأحد هذين الرجلين علي ألف درهم فقيل أهو هذا فقال لا لا يجب للآخر شيء
والفرق أن التعيين في الطلاق العتاق واجب عليه فإذا نفاه عن أحدهما تعين الآخر إقامة للواجب أما الإقرار فلا يجب عليه البيان فيه لأن الإقرار بالمجهول لا يلزم حتى لا يجبر عليه فلم يكن نفي أحدهما تعيينا للآخر اه
قوله ( ولو جنى أحدهما ) أما لو جنى عليه بقتل أو قطع فقد مر
قوله ( دفعا للضرر ) أي عن المولى
قوله ( لا يكون الوطء إلخ ) لأن الملك قائم في الموطوءة لأن الإيقاع في المنكرة والموطوءة معينة فكان وطؤها حلالا فلا يجعل بيانا ولهذا حل وطؤها على مذهبه
بحر
قوله ( فيه ) أي في العتق المبهم
قوله ( حبلت أو لا ) أشار به إلى أن قول الإمام مقيد بعدم الحبل فلو حبلت عتقت الأخرى اتفاقا كما في البحر
لقوله ( وعليه الفتوى ) قال في البحر والحاصل أن الراجح فولهما وأنه لا يفتي بقول الإمام كما في الهداية وغيرها لما فيه من ترك الاحتياط مع أن الإمام ناظر إلى الاحتياط في أكثر المسائل
وفي الفتح الحق أنه لا يحل وطؤهما كما لا يحل بيعهماا
قوله ( لعدم حله إلا في الملك ) حاصله أن وطء إحداهما جائز بلا خلاف فلو لم يكن بيانا لتخصيص العتق الأخرى لزم وقوع الوطء في غير الملك ولا سيما على قوله بحل وطء الأخرى إذ لا شك أن إحداهما حرة بيقين كذا ظهر لي في تقرير هذا المحل
قوله ( بخلاف الإنشاء ) ظاهره أن جملة أحدكما ابني لا تصلح لإنشاء الحرية مع أنه يصلح
فالوجه التفصيل بين إرادة الإخبار فلا يكن الموت بيانا وبين إرادة الإنشاء فيكون ط
قوله ( ولم يدر الأول ) أي بأن تصادقا على ذلك أما لو اتفقا على أن الغلام أولا عتقت الأم والجارية أو أنه كان ثانيا لم يعتق أحد وتمامه في ح عن االشرنبلالية
قوله ( بكل حال ) أي على تقدير ولادته أولا أو ثانيا لأن ولادته شرط لحرية الأم فتعتق بعد ولادته فلا يتبعها
قوله ( لعتقهما بتقديم الذكر ) فتعتق الأم بالشرط وعتق البنت بالتبعية لأن الأم حرة حين ولدتها
بحر
وتمام الكلام على هذه المسألة فيه
قوله ( لو أمتيه ) أتى بالمبالغة لأن عتق الأمة لا يتوقف على الدعوى إجماعا لما فيه من تحريم فرجها على المولى وهو خالص حقه تعالى فأشبه الطلاق لكن لم تقبل الشهادة هنا لأنها على عتق مبهم وهو لا يحرم
____________________
(3/670)
الفرج عنده
قوله ( لكونها على عتق مبهم ) أي فلم تصح الدعوى لجهالة من له الحق
قوله ( ألا أن تكون إلخ ) الاستثناء منقطع
بحر ورده في النهر بأن متصل وفيه نظر إذ لا يصح اتصاله قي قوله أو طلاق مبهم فافهم
قوله ( ومنها التدبير في الصحة والعتق في المرض ) المناسب إسقاط قوله ومنها والإتيان بالكاف لأن المراد بالوصية هنا ما ذكر كما فسرها به في البحر والنهر وغيرهما وقيد بالتدبير في الصحة لا للاحتراز بل للعلم بكونه وصية في حال المرض بالأولى
ثم اعلم أن المتبادر من كلام المصنف قبول الشهادة فيما ذكر سواء أديت في مرض موته أو بعده وبه صرح في الهداية وقال إنه الاستحسان يعني عند الإمام
وللشرنبلالي رسالة سماها ( إصابة الغرض الأهم في العتق المبهم ) اعترض فيها على الهداية وشرحها بما في شرح الطحاوي للإسبيجابي حيث قال فيه وإذا شهد على رجل أنه قال لعبديه أحدكما حر والعبدان يدعيان أو يدعي أحدهما ففي قولهما تقبل هذه الشهادة يجبر على البيان وأما على قول أبي حنيفة إن كان هذا في حال الحياة فلا تقبل وإن شهدا بعد الوفاة فإن قالا إن كان في حال الصحة فهو على الاختلاف أيضا وإن قالا كان كذلك في المرض تقبل استحسانا ويعتق من كل واحد نصفه على اعتبار الثلث ولو شهدا أنه قال لعبديه أحدهما مدبر فإن شهدا في حال الحياة فهو على الاختلاف وإن كان بعد الوفاة يقبل سواء ان القول في المرض أو الصحة لأن هذه وصية والجهالة لا تبطل الوصية اه
ثم قال في آخر الرسالة والحاصل أن الشهادة بأنه أعتق أحدهما في صحته لا تقبل عنده أصلا غير أن الأصح أنهما لو شهدا بعد موت المولى أنه قال في صحته أحدكما حر تقبل كما ذكره ابن الهمام ونقل تصحيحه ابن كمال باشا عن المحيط وأما الشهادة على أنه أعتق أحدهما في المرض أو دبر أحدهما في الصحة أو في المرض فلا تقبل حال حياة المولى بل بعد موته اه ملخصا
قلت ويؤيده ما في كافي الحاكم حيث قال وإن شهدا أنه أعتق أحد عبديه بغير عينه فاالشهادة باطلة في قول أبي حنيفة ولو قالا كان هذا الموت استحسنت أن أعتق من كل واحد منهما نصفه وقال أبو يوسف ومحمد الشهادة جائزة في الحياة أيضا اه
قوله ( يحرم الفرج ) أي فرجيهما حتى يبين ولو بوطء وإذا تبين به أنها زوجته تبين عدم حرمته ط
قوله ( فلا يحرمه عنده ) أي لا يحرم فرجيهما بل يحل وطؤهما عنده كما مر
قوله ( على الأصح ) مقابله ما مر آنفا عن شرح الطحاويه قوله ( ولا يعرفونه ) الأولى ولا يعرفانه
قوله ( للجهالة ) علة لقوله فلا عتق ولقوله لم تقبل أي لجهالة المشهود له وهما لم يشهدا بما تحملاه وهو عتق معلوم أو معلومة أو طلاقها وهو قول في الإمام
وعند زفر تقبل ويجبر على البيان قال في الفتح ويجب أن يكون قولهما كقول زفر في هذه لأنها كشهادتهما على عتق إحدى أمتيه أو طلاق إحدى زوجتيه اه ط والله سبحانه أعلم
____________________
(3/671)
باب الحلف بالعتق شروع في بيان التعليق بعد التنجيز وإنما مسألة التعليق بالولادة في معتق البعض لبيان أنه يعتق منه البعض عند عدم العلم نهر وهو بكسر اللام مصدر سماعي وجااء بسكونها وتدخله التاء للمرة كقوله حلفت لها بالله حلفة فاجر وتمامه في الفتح
قوله ( فكل مملوك لي ) يشمل العبد والأمة فإنه كالآدمي يقع على الذكر والأنثى كما في الذخيرة
قهستاني ويأتي بيانه
وفي بعض النسخ بعد قوله لي زيادة وهي بخلاف قوله لعبد غيره إن دخلت الدار فأنت حر فاشتراه فدخل لم يعتق لأنه لم يضف العبد إلى ملكه لا صريحا ولا معنى
قوله ( ولو ليلا ) أي ولو كان دخوله ليلا أفاد أن لفظ اليوم مراد به الوقت لأنه ضيف إلى فعل لا يمتد وهو الدخول
فتح
مطلب تحقيق مهم في يومئذ قوله ( لأن المعنى يوم إذ دخلت ) أشار به إلى أن إضافة يوم إلى الدخول أخذ بالحاصل وميل إلى جانب المعنى وإلا فالذي يقتضيه التركيب أن يوما إلى إذ المضافة إلى الدخول
قال في الفتح لأنه أضيف إلى فعل لا يمتد وهو الدخول وإن كان في اللفظ إنما أضيف إلى إذ المضافة للدخول لكن معنى إذ غير ملاحظ وإلا كان المراد يوم وقت الدخول وهو إن كان يمكن على معنى يوم الوقت الذي فيه الدخول تقييدا لليوم لكن إذا أريد به مطلق الوقت يصير المعنى وقت وقت الدخول ونحن نعلم مثله كثيرا في الاستعمال الفصيح كنحو ( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ) ولا يلاحظ فيه شيء من ذلك إذ لا يلاحظ في هذه الآية وقت يغلبون يفرح المؤمنون ولا يوم وقت يغلبون يفرحون ونظائره كثيرة في كتاب الله تعالى وغيره فعرف أن لفظ إذ لم يذكر إلا تكثيرا للعوض عن الجملة المحذوفة أو عمادا له أعني التنوين لكونه حرفا واحدا ساكنا تحسينا ولم يلاحظ معناها ومثله كثير في أقوال أهل العربية في بعض الألفاظ لا تخفي على من له نظر فيها اه ح
قوله ( فاعتبر ملكه وقت دخوله ) فيشمل من لم يكن في ملكه وقت الحلف ثم اشتراه ثم دخل ومن كان وبقي حتى دخل
قوله ( ولذا ) أي لكون المعنى ما ذكر فإنه مستفاد من لفظة يومئذ
قوله ( لأن لي أو أملكه للحال ) أي فإن لي متعلق بثابت مثلا وهو اسم فاعل
والمختار في الوصف من اسم الفاعل أو المفعول أن معناه قائم حال التكلم بمن نسب إليه على وجه قيامه به أو وقوعه عليه
وصيغة المضارع وإن كانت تستعمل للاستقبال لكن عند الإطلاق يراد بها الحال عرفا وشرعا ولغة واللام للاختصاص فلزم من التركيب اختصاص ياء المتكلم بالمتصف بالمملوكية للحال فلو نوى الاستقبال لم يصدق لصرفه عن ظاهره فيعتق ما ملكه للحال لما ذكرنا وكذا ما استحدث الملك فيه لإقراره
ولو قال كل مملوك أملكه اليوم فهو حر عتق ما في ملكه وما استفاد ملكه في اليوم ومثل اليوم الشهر والسنة فإن عني أحد
____________________
(3/672)
الصنفين صدق ديانة لا قضاء وتمامه في البحر
وفيه كل مملوك أشتريه فهو حر إن كلمت زيدا أو إذا كلمته فهو على ما يشتريه قبل الكلام لا بعده وإن قدم الشرط فبالعكس وكذا إن وسطه مثل كل مملوك أشتريته إذا أدخلت الدار فهو حر ولا يعتق ما اشترى قبله إلا أن ينويهم
قوله ( ودبر ) بالبناء للفاعل كما يفيده قول المصنف في شرحه إن من مفعوله لكن الأظهر بناؤه للمفعول ومن نائب الفاعل
قوله ( مملوك ) كذا في النسخ التي رأيناها وصوابه النصب اه ح
قوله ( بل مقيدا من ملكه بعده ) حاصله أن من كان في ملكه يوم الحلف يصير مدبرا مطلقا فلا يصح بيعه بعد هذا القول ومن ملكه بعده يصير مدبرا مقيدا فيصح بيعه قبل موت سيده قوله ( عتقا من الثلث ) هذا ظاهر مذاهب الكل وعن الثاني لا يعتق ما استفاده بعد لأن اللفظ حقيقة للحال كما سبق فلا يعتق به ما سيملكه لهما أن هذا أي مجموع التركيب إيجاب عتق وإيصاء أيضا بقوله بعد موتي ولذا اعتبر من الثلث فمن حيث الجهة الأولى يتناول المملوك حتى صار مدبرا مطلقا ومن حيث الجهة الثانية يتناول المستفاد لما استقر أن الوصية يعتبر فيها كل من الجهتين ألا ترى أنه يدخل في الوصية بالمال الأولاد فلأن ما يستفيده ومن يولد له بعدها فيصير كأنه قال عند الموت كل مملوك أملكه فهو حر اه
نهر
قوله ( لأنه تبع لأمه ) لأنه كعضو من أعضائها ولذا لم يجز عن الكفارة ولم تجب صدقة فطره ولا يجوز بيعه منفردا
نهر قوله ( ولو لم يقل إلخ ) يعني أن المملوك لا يتناول الحمل سواء وصف المملوك بذكر أو لا وإنما فائدة وصفه به عدم دخول أم الحمل فلو لم يوصف به تدخل أمه ولكن يعتق هو بتناول اللفظ له بل بتبعيته لها وبه اندفع ما فهمه في البحر كما أفاده في النهر
ذكر في الفتح أن تناول مملوك للأم على أن الاستعمال استمر فيه على الأعمية أو على أنه اسم لذا متصفة بالمملوكية وقيد التذكير ليس جزء مفهوم وإن كان التأنيث جزء مفهوم مملوكة فيكون مملوك أعم من مملوكة فالثابت فيه عدم الدلالة على التأنيث لا الدلالة على عدم التأنيث اه
لكن ذكر أيضا في الأيمان في باب الحلف بالعتق والطلاق أن لفظ كل مملوك للرجال حقيقة لأنه تعميم مملوك وهو الذكر وإنما يقال للأنثى مملوكة ولكن عند الإطلاق يستعمل لها المملوك عادة إذا عم بإدخال كل ونحوه فيشمل الإناث حقيقة فلذا كان نية الذكور خاصة خلاف الظاهر فلا يصدق قضاء ولو نوى النساء وحدهن لم يصدق أصلا اه
قوله ( لا يتناول المكاتب ) لأنه غير مملوك على الإطلاق إذ هو حر يدا ولأنه غير عبد كذلك لأنه يتصرف بلا إذن سيده والعبد ليس كذلك وسيأتي في باب الحلف بالعتق والطلاق عن الفتح أنه ينبغي في كل مرقوق لي حر أن يعتق المكاتب لأن الرق فيه كامل لا أم الولد إلا بالنية
قوله ( والمشترك ) قال في البحر إلا بالنية
وذكر في المحيط إلا إذ ملك النصف الأخير بعده فإنه يعتق في قوله إن ملكت مملوكا فهو حر لأنه وجد الشرط وهو مملوك كامل فلو باع نصيبه ثم اشترى نصيب شريكه لم يعتق استحسانا وتمامه فيه
قوله ( على الصواب ) تخطئه لصاحب المجتبى في قوله لا يدخل العبد المرهون والمأذون في التجارة كما ذكره في البحر ح ثم المأذون إن لم يكن عليه دين عتق عبيده إن نواهم
____________________
(3/673)
السيد وإلا فلا وإن كان عليه دين لم يعتقوا وإن نواهم كذا في الفتح وغيره ط
قوله ( ولو نوى الذكور ) أي بقوله كل مملوك لي حر فإنه لا يصدق في القضاء لأنه خلاف الظاهر في عرف الاستعمال ويصدق ديانة ط
قوله ( دين ) لأنه نوى تخصيص العام فقد نوى ما يحتمله لفظه فيصدق ديانة لكنه خلاف الظاهر فلم يصدق قضاء اه ح
والأولى أن يقول أو نوى غير المدبر لأن عدم نية المدبر صادق بعدم نية شيء أصلا وذلك لا يكون تخصيصا
أفاده ط
قوله ( لم يدين إلخ ) أي في نيه المذكور لأنه تخصيص للعام وهو مماليكي فإنه جمع مضاف فيعم مع احتمال التخصيص ولما أكد بكلهم ارتفع احتمال التخصيص بخلاف كل مملوك فإن الثابت فيه أصل العموم فقط فقبل التخصيص
أفاده في البحر
قوله ( حنث ) لأن الكتابة عتق معلق بأداء النجوم وفي شراء القريب قد باشر سبب الإعتاق وفي الثالثة باع العبد لنفسه وهو إعتاق ط
قوله ( وصحيحا لا ) والفرق أن نزول العتق المعلق بعد الشرط وهو بعد البيع ليس بمملوك فلا يعتق والملك في البيع الفاسد باق لا يزول إلا بتسليمه فيعتق إلا أن يكون المشتري تسلمه قبل البيع فحينئذ يزول ملكه بنفس البيع فلا يعتق كما في الفتح عن المبسوط
قوله ( عتق ) لأن الدخول فعل العبد وصاحب الدار في شهادته به غير متهم فصحت شهادته
فتح
قوله ( لأنها على فعل تفسه ) كذا قال في الفتح أي لأن شهادة فلان على فعل نفسه وهو التكليم
قال المقدسي وفيه أنه إنما شهد على فعل العبد وإنما يظهر هذا لو قال إن كلمك فلان قوله ( ولو شهد ابنا فلان ) أي في صورة التعليق على كلام أبيهما قوله ( جازت إن جحد ) أي الأب لأنها على أبيهما بالكلام وعلى أنفسهما بوجود الشرط
فتح
قوله ( عند محمد ) لأنه لا منفعة للمشهود به لأبيهما فمحمد يعتبر المنفعة لثبوت التهمة وأبو يوسف يعتبر مجرد الدعوى والإنكار لأن بشهادتهما يظهر أن صدقه فيما يدعيه
فتح
والله سبحانه أعلم
باب العتق على جعل أخره لأن الأصل عدمه
قوله ( بالضم إلخ ) قال في البحر والجعل في اللغة بضم الجيم ما يجعل للعامل على عمله ثم سمي به ما يعطي المجاهد ليستعين به على جهاده أو جعلت له أعطيته له
والجعائل جمع جعيلة أو جعالة بالحركات بمعنى الجعل وكذا في المغرب وقوله بالحركات أي حركات الفاء في جعالة أي الضم والفتح والكسر وقد اقتصر في العناية تبعا للجوهري على الكسر
واعترضه في النهر بأن المذكور في ديوان الأدب وغيره الفتح ثم ذكر ما في المغرب فعل أن الضم ضعيف وأن الأشهر الكسر والفتح هذا في الجعالة
وأما في الجعل فلم نر من ذكر غير الضم فقول الشارح ويفتح يحتاج إلى نقل وعبارته في شرح الملتقى أحسن حيث قال والجعل بالضم ما جعل للإنسان من شيء على فعل وكذا الجعالة بالكسر والفتح
قوله ( المال ) أي المراد به هنا المال المجعول شرطا لعتقه
نهر
قوله ( أعتق عبده على مال ) مثل أن يقول أنت حر على ألف درهم أو بألف
____________________
(3/674)
درهم أو على أن تعطيني ألفا أو على أن تؤدي إلي ألفا أو على أن تجيئني بألف أو على أن لي عليك ألفا أو على ألف تؤديها إلي أو قال بعتك نفسك منك على كذا أو وهبت لك نفسك على أن تعوضني كذا
ح عن البحر
وله ( صحيح معلوم الجنس والقدر ) هذه شروط لصحة التسمية لا لنفاذ العتق في هذه المسألة لأن نفاذه موقوف على القبول وإن لم تصح التسمية وفسادها موجب لقيمة العبد احترز بصحيح عن الخمر في حق المسلم
قال في البحر وشمل إطلاق المال الخمر في حق الذمي فإنها مال عندهم فلو أعتق الذمي عبده على خمر أو خنزير فإنه يعتق بالقبول ويلزمه قيمة المسمى فإن أسلم أحدهما قبل قبض الخمر فعندهما على العبد قيمته وعند محمد عليه قيمة الخمر كذا في المحيط اه
وقوله معلوم إلخ قال في البدائع وإن كان المسمى معلوم الجنس والنوع والصفة كالمكيل والموزون فعليه المسمى وإن كان معلوم الجنس والنوع مجهول الصفة كالثياب الهروية والحيوان من الفرس والعبد والجارية فعليه الوسط منه وإذا جاء بالقيمة يجبر المولى على القبول وإن كان مجهول الجنس كالثوب والدابة والدار فعليه قيمة نفسه لأن الجهالة متفاحشة ففسدت التسمية اه
وفي النهر وإن لم يعلم الجنس كثوب وحيوان عتق بالقبول ولزمه قيمة رقبته اه فقد ثبت ما قلنا من أن شروط لصحة التسمية لا لنفاذ العتق هنا
وأما نقله ح عن النهر من أنه إذا لم يكن معلوما كدراهم أو كان مجهول الجنس كثوب أو غير صحيح ككذا من الخمر لم يجبر على القبول ففيه أن هذا ذكره في النهر في المسألة الآتية وهي تعليق عتقه بأدائه ففيها لا يعتق إلا بالأداء ويجبر المولى على القبول المؤدي إلا إذا كان مجهولا أو غير صحيح فلا يجبر على قبوله وهذا لا يتأنى في مسألتنا لأن الشرط فيها قبول العبد على المال فإذا قبل عتق بالقبول ثم إذا كان المال صحيحا معلوما لزمه لصحة التسمية وإلا لزمه قيمة نفسه كما قلنا فافهم
قوله ( فقبل العبد ) شرط قبوله لأنه معاوضة من جانبه ولذا ملك الرجوع لو ابتداء وبطل بقيامه قبل قبول المولى وبقيام المولى وإن كان تعليقا من جانب المولى ولذا لم يصح رجوعه عند ولم يبطل بقيامه عن المجلس
نهر
قوله ( كل المال ) فلو قبل في النصف لم يجز عند الإمام لما فيه من الإضرار بالمولى وقالا يجوز ويعتق كله بالكل بناء على تجزي الإعتاق وعدمه
نهر
قوله ( يعم مجلس علمه لو غائبا ) فإن قبل فيه صح وإلا بطل أما الحاضر يعتبر فيه مجلس الإيجاب
قوله ( لأنه ) أي العتق المفهوم من عتق معلق على القبول أي قبول العبد العتق لأنه معاوضة من جانبه كما علمت
قوله ( حتى لو رد إلخ ) تفريع على التعليل ط
قوله ( أو أعرض ) بأن قام من مجلسه أو اشتغل بعمل آخر يعلم منه أنه قاطع لما قبله بحر
قوله ( فأنت حر ) أتى بالفاء في الجواب لأنه لو لم يأت لها أو أتى بالواو تنجز لكونه إبتداء لا جوابا لعدم الرابط
بحر وفيه كلام قدمناه في تعليق الطلاق
قوله ( صار مأذونا ) لم يشترط قبوله هنا
أي فيما إذا علق عتقه بأدائه إذ لا يحتاج إليه ولا يبطل بالرد كما في التبيين بخلاف المسألة السابقة وهي ما إذا قال له أنت حر على ألف شربلالية
قوله ( دلالة ) لأنه رغبة في الاكتساب بطلبه الأداء منه ومراده التجارة لا التكدي فكان إذنا له دلالة
درر
قوله ( تردد فيه في البحر ) حيث قال ولم أر صريحا أنه لو حجر على هذا العبد المأذون هل يصح حجره
وقد يقال إنه لا يصح لأن الإذن له ضروري لصحة التعليل بأداء المال
وقد يقال إنه لما أنه يملك بيعه
____________________
(3/675)
فيملك حجره بالأولى اه
واستظهر السائحاني الأول والأظهر الثاني لأن له أيضا أخذ ما ظفر به من كسب العبد فليتأمل
قوله ( لأنه صريح في تعليق العتق بالأداء ) أما الكتابة فهي صريحة في عقد المعاوضة نعم هو تعليق نظرا إلى اللفظ ومعاوضة نظرا إلى المقصود لكن لما لم يكن المال لازما على العبد تأخر اعتار المعاوضة إلى وقت أدائه إياه ولما تأخر إلى ذلك لم يثبت من أحكام المعاوضة إلا ما هو بعد الأداء وهو ما إذا وجد السيد بعض المؤدي زيوفا له أن يرجع بالجياد وتقديم ملك العبد لما أداه وإنزاله قابضا إذا أتاه به وأما فيما قبل اداء فالمعتبر جهة التعليق فكثرت آثاره فلذا خالف المعاوضة التي هي الكتابة في صور كثيرة اه ملخصا من الفتح
قوله ( فلا يتوقف عتقه على قبوله ) فإذا أدى بعد قول المولى إن أديت إلخ عتق ويشترط القبول في الكتابة كما في الوقاية ط
قوله ( ولا يبطل برده ) أي ولو صريحا كقوله لا أرضى قوله ( قبل وجود شرطه ) أي شرط العتق
قوله ( خلاف ) فعند أبي يوسف يجب وعند محمد لا ولكن لو قبضه عتق بخلاف الكتابة فإنه لا خلاف في أنه يجب أن يقبله ويعد قابضا
بحر
واختار في الفتح الأولى وبين وجهه ثم إن هذه المسألة رابعة قال ط ولا يظهر كون هذه المسألة من مسائل الخلاف وإن عدها في البحرو النهر منها لأن المكاتب لا يباع
قوله ( وعتق بالتخلية ) التخلية رفع الموانع بأن يضع المال بين يدي المولى بحيث لو مد يده أخذه فحينئذ يحكم القاضي بأنه قبضه وكذا في ثمن المبيع وبدل الإجارة وسائر الحقوق وهذا معنى قولهم أجبره الحاكم على قبضه أي حكم به لا أنه يجبره عليه بحبس ونحوه وإنما ذكر التخلية ليفيد أنه يعتق بحقيقة القبض بالأولى
بحر
قال في الفتح وهذا إذا كان العوض صحيحا أما لو كان خمرا أو مجهولا جهالة فاحشة كما لو قال إن أديت إلي خمرا أو ثوبا فأنت حر فأدى ذلك لا يجبر على قبولهما أي لا ينزل قابضا إلا أخذه مختارا
وحاصله أن العتق بالتخلي إنما يثبت لو العوض صحيحا معلوما وإلا فلا يثبت إلا بحقيقة القبض وهذا معنى ما نقله ح عن النهر في المسألة الأولى ومحل ذكره هنا كما نبهنا عليه
( تنبيه ) العتق بالتخلية لا يختص العتق المعلق فإن الكتابة كذلك فلا وجه لعد ذلك من مسائل المخالفة كما أفاده ح ولذا لم يعدها منها في البحر وغيره نعم ذكر في الفتح أنه عند زفر لا يعتق بالتخلية وعليه تظهر المخالفة بينه وبين الكتابة
قوله ( أو أمر غيره بالأداء إلخ ) مثله ما إذا أدى مديون العبد عنه كما لا يخفي فلو أسقط التبرع كان أخصر وأعم ح
قلت وفيه أن أداء المديون دينا على دائنه إن كان بأمره بريء المديون وإلا فهو متبرع فمسألة مديون العبد لم تخرج عن أحدهما نعم لو أسقط متبرعا استغنى عن قوله أو أمر غيره
هذا وقد نقل في البحر مسألة الأمر عن المحيط ثم نقله بعد ورقة عن البدائع لو قال لعبدين له إن أديتما إلي ألفا فأنتما حران فأدى أحدهما حصته لم يعتق أحدهما لأنه علق العتق بأداء الألف ولم يوجد وكذا لو أدى أحدهما الألف كله من عنده وإن أدى أحدهما الألف وقال خمسمائة من عندي وخمسمائة بعث بها صاحبي ليؤديها إليه عتقا لوجود الشرط حصة أحدهما بطريق الأصالة وحصة الآخر بطريق النيابة لأن هذا باب تجري فيه النيابة فقام أداؤه مقام أداء صاحبه اه
قال وبين النقلين تناف إلا أن يوفق بأن ما في المحيط إنما هو في الأمر من غير إعطاء شيء من العبد
وما في البدائع
____________________
(3/676)
فيما إذا بعث مع غيره المال فلا إشكال اه
قوله ( لأن الشرط أداؤه ) لما مر من أنه صريح في تعليق العتق بالأداء بخلاف الكتابة فإنها معاوضة فيها معنى التعليق فكان المقصود منها حصول البدل
قوله ( أو حط عنه البعض بطلبه ) الظاهر أنه إنما قيد بالطلب لأن الحط يلتحق بأصل العقد فإذا لم يلتحق هنا بتراضيهما لا يلتحق بدونه بالأولى أفاده السائحاني وهذا بخلاف مال الكتابة فإنه مال واجب شرعا لأنها عقد معاوضة أما هنا فغير واجب بل هو شرط للعتق وشرط العتق لا يحتمل الحط
ذخيرة
قوله ( وكذا لو أبرأه ) أي عن البعض أو عن الكل لا يبرأ ولا يعتق
بخلاف المكاتب
( جوهرة )
واعترض في البحر تبعا للفتح بأن الفرق إنما يكون بعد تحقق الإبراء في الموضعين والإبراء لا يتصور في مسألة التعليق لأنه لا دين على العبد بخلاف الكتابة اه
ومثله يقال في الحط
لكن قال ح ويمكن أن يجاب بأنه يكفي في الفرق عتق المكاتب إذا قال له مولاه أبرأتك عن بدل الكتابة لصحة الإبراء عنه لأنه دين وعدم عتق العلق عتقه على الأداء إذا أبرأه مولاه لعدم صحة الإبراء
قوله ( وأداه إلى الورثة ) أي أدى المال المعلق عليه العتق
قوله ( لعدم الشرط ) علة للمسائل الست المذكورة في قوله كما لا يعتق إلخ
قوله ( بل العبد بإكسابه للورثة ) أي فلهم بيعه وأخذ كسبه بخلاف المكاتب وهذه المسألة عدها في البحر وغيره من جملة المسائل ولو عدت هنا لزادت على العشرين لأنها الرابعة عشرة ولعل الشارح لم يعد منها قوله وعتق بالتخلية لما مر فتكون هذه الثالثة عشرة فافهم
قوله ( بل له أخذ ما ظفر به ) أي من كسب العبد قبل أداء البدل وقوله أو ما فضل عنده أدى بعد أداء البدل
وحاصله أن السيد أخذ ما ظفر به مما في يد العبد قبل عتقه بأداء البدل وبعده بخلاف المكاتب في الصورتين كما في البحر
قوله ( ولو أدى ن كسبه قبل التعليق ) أي مما أكتسبه قبل التعليق عتق بخلاف الكتابة فإنه لا يعتق بأدائه لأنه ملك المولى إلا أن يكون كاتبه على نفسه وماله فإنه حينئذ يكون أحق به من سيده فإذا أدى منه عتق
بحر
وقوله قبل التعليق متعلق بكسبه وقيد به لمافي البحر عن الهداية لو أدى ألفا اكتسبها قبل التعليق رجع المولى عليه وعتق لاستحقاقها ولو كان اكتسبها بعده لم يرجع عليه لأنه مأذون من جهته بالأداء منه اه
قوله ( وتعلق أداؤه ) في بعض النسخ وتقيد أداه بالمجلس أي فلا يعتق ما لم يؤد في ذلك المجلس فلو اختلف بأن أعرض أو أخذ في عمل آخر فأدى لا يعتق بخلاف الكتابة فتح
قوله ( وبإذا لا ) أي لا يتقيد بالمجلس ومثلها متى كما في الفتح لأنهما لعموم الأوقات كما مر في الطلاق
قوله ( ولا يتبعه أولاده ) أي لو كان المعلق عتقه بأدائه أمة فولدت ثم أدت فعتقت لم يعتق ولدها لأنه ليس لها حكم الكتابة وقت الولادة بخلاف الكتابة
فتح
قوله ( دين صحيح يصح التكفيل به ) فيه أنه قبل الأداء لا دين لأن السيد لا يستوجب على عبده دينا وبعد الأداء لا دين أيضا فلا معنى لهذا الكلام بل ذكر هذه المسألة غلط هنا ومحلها أول الباب عند قول المتن عتق عبده على مال فقبل العبد في المجلس عتق كما فعل في البحر حيث قال فإذا قبل صار مرا وما شرط دين عليه حتى تصح الكفالة به بخلاف بدل
____________________
(3/677)
الكتابة لأنه ثبت مع المنافي وهو قيام الرق على ما عرف اه ح
والكفالة لا تصح إلا بالدين الصحيح وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء وبدل الكتابة يسقط بغيرهما وهو التعجيز
قوله ( وهذه الموفية عشرون ) صوابه عشرين على أنه مفعول الموفية ح وقد علمت أن هذه المسألة ساقطة لأنها ليست من مسائل التعليق على مال فالموفي للعشرين ما في الذخيرة
قوله ( ورجع الغريم على المولى ) أي رجع المقرض على المولى بالألف والظاهر أن المولى لا يرجع به على العبد لأنه إنما يرجع بما اكتسبه قبل التعليق لا بعده كما قدمناه آنفا عن الهداية وهنا الاستقراض بعد التعليق فافهم
قوله ( فدفع أحدهما ) المناسب لما قبله وما بعده إحداهما بألف التأنيث قبل ضمير التثنية
قوله ( فللغريم مطالبة المولى بهما ) أي بالألف التي قبضها وبالألف التي استهلكها العبد وقيد المسألة في الذخيرة بما إذا كانت قيمة العبد ألفين أي فلو أقل فللغريم طالبة المولى بقدر القيمة لأنه بالعتق عطل على الغريم قيمته فقط إذ لولا العتق كان له بيعه لاستيفاء دينه
قوله ( لمنعه بعتقه إلخ ) الضمير الأول والأخير للغريم والثاني والثال للعبد وهذا التعليل كما قال ط إنما يظهر للألف التي استهلكها أما التي دفعها للمولى فعلتها ما مر من أن الغرماء أحق بمال المأذون
قوله ( إن قبل بعده إلخ ) أما لو قبل قبل الموت لا يعتق لأنه مثل أنت مر غدا بألف فإن القبول محله الغد لأن القبول إنما يعتبر في مجلسه ومجلسه وقت وجوده والإضافة تؤخر وجوده إلى وجود المضاف إليه وهو هنا بعد الموت بخلاف أنت مدبر على ألف فإن القبول للحال لأنه إيجاب التدبير في الحال إلا أنه لا يجب المال في الحال لقيام الرق المولى لا يستحق على عبده دينا ولا بعده لأنه لما لم يجب عند القبول لم يجب بعده وروي عن أبي حنيفة أن القبول هنا أيضا بعد الموت وكذا روي عن أبي يوسف إلا أنه اختلف كلامه في لزوم المال والأعدل لزومه وهو المروي عن محمد أيضا لأن المولى ما رضي بعتقه إلا ببدل والمولى يستحق على عبده المال إذا كان بالعتق كالمكاتب على أن استحقاق المال بعد موت المولى وحينئذ يكون حرا اه ملخصا من الفتح
قوله ( مع ذلك ) أي مع وجود القبول المذكور
قوله ( هو الأصح ) مقابله ما روي عن الإمام أنه يعتق بمجرد القبول كما هو ظاهر إطلاق المتون وأيده في غاية البيان والفتح
قوله ( لأن الميت ليس بأهل للإعتاق ) تعليل للأصح
واعترض بأنه لو جن بعد تعليق العتق أو الطلاق ثم وجد الشرط وقع لأن الأهلية ليست بشرط إلا عند التعليق أو الإضافة ولذا يعتق المدبر بعد الموت وليس التدبي إلا تعليق العتق بالموت
وأجيب بالفرق وهو أنه هنا خرج عن ملك المعلق إلى ملك الورثة فلم يوجد الشرط إلا وهو في ملك غيره
ولا يخفي أن هذا غير دافع لأن الاعتراض على التعليل هو أن فوات أهلية المعلق لا أثر له وهذا الجواب إبداء علة أخرى
والصواب في الجواب أن المعترض فهم أن فوات الأهلية بسبب الموت والمراد أنه بخروجه عن ملكه وتمامه في الفتح
وقد عن لي هذا الجواب قبل أن أراه ولله الحمد وبه ظهر أن تعليل الشارح تبعا للهداية صحيح فافهم
قوله ( والولاء للميت ) أي لا للوارث كما في البحر فيرثه عصبته المتعصبون بأنفسهم دون الإناث ولو كان الولاء للورثة ابتداء لدخل فيه الإناث فليتأمل ط
وهو ظاهر
قوله ( لا يعتق بذلك ) أي بذلك القول لأنه عتق بمال فلا بد فيه من القبول
____________________
(3/678)
ولما كان القبول بعد الموت لزم تأخر العتق عن الموت ويلزم منه خروجه إلى ملك الورثة فلا يعتق إلا بعتقهم كما لو قال أنت حر بعد موتي بشهر وتمامه في الفتح
قوله ( ولو حرره على خدمته ) أي خدمة العبد للمولى لغيره
أفاده في النهر قوله فقبل أي في المجلس
در منتقى
قوله ( عتق في الحال ) لأن الإعتاق على الشيء يشترط فيه وجود القبول في المجلس لا وجود المقبول كسائر العقود بحر
قوله ( وفي إن خدمتني إلخ ) تقدم أنه إن علق تقيد أداؤه بالمجلس ولو علقها بأن فلينظر اه شرنبلالية
قوله ( لا يعتق إلا بالشرط ) أي لا يتوقف على القبول بل لا بد من وجود الشرط وهو الخدمة لأنه تعليق لا معاوضة بخلاف مسألة المتن
قوله ( فلو خدمه أقل منها ) أي ولو لعجزه عنها بمرض أو حبس فيما يظهر
قوله ( لأن إن للتعليق إلخ ) بيان لوجه الفرق بين ما في المتن وما في الشرح حيث توقف الأول على القبول فقط الثاني على الشرط فقط
قوله ( وخدمه ) يعني من ساعته
بحر أي أن ابتداء المدة من وقت الحلف
قوله ( الخدمة المعروفة ) عبارة كافي الحاكم والخدمة خدمة البيت المعروفة بين الناس اه
والظاهر أن المراد خدمة مصالح البيت لكن تختلف باختلاف المولى فلو كان صاحب حرفة أو زراعة يخدمه في عمله حيث كان معروفا
تأمل
وصرحوا في الإجارة بأنه لو استأجره للخدمة يخدمه في الحضر لا السفر لأن خدمة السفر أشق
قوله ( أيا كانت ) أي سنة أو أقل أو أكثر
بحر أي المدة المشروطة
قوله ( أو مات هو ) أي العبد قوله ( ولو حكما ) المراد به أن يصير بحالة لا يمكن فيها الخدمة وهذا بحث لصاحب البحر وتبعه أخوه في النهر
قوله ( قبلها ) أي الخدمة متعلق بمات بصورتيه ط
قوله ( ولو خدم بعضها فبحسابه ) كسنة من أربع سنين ثم مات فعندهما عليه ثلاثة أرباع قيمته أو عند محمد قيمة خدمته ثلاث سنين بحر عن شرح الطحاوي قوله ( فتؤخذ منه للورثة ) أي لورثة المولى وقال عيسى بن أبان بل يخدمهم ما بقي منها لأنها دين فيخلفه وارثه فيه كما لو أعتقه على ألف فاستوفى بعضها ومات لكن في ظاهر الرواية لا يخدمهم لأن الخدمة منفعة وهي لا تورث أو لأن الناس يتفاوتون فيها وتمامه في البحر
قوله ( حاوي ) المراد به الحاوي القدسي نقله عنه في البحر
قوله ( وهل نفقة عياله إلخ ) هذه حادثة سئل عنها في البحر ولم يجد لها نقلا
قلت وهذا خاص بمسألة المعاوضة كما هو صورة الحادثة أما في مسألة التعليق فلا شبهة في أن نفقته على سيده لأنه باق على ملكه إلى انتهاء مدة الخدمة
قوله ( حتى يستغنى ) أي عن الاكتساب
قوله ( بحث في البحر الثاني ) وقال لأنه الآن معسر عن أداء البدل فصار كما إذا أعتقه على مال ولا قدرة له عليه فإنه يؤخر إلى الميسرة وأقره في النهر
قوله ( والمصنف الأول ) حيث قال ويمكن أن يقال بوجوبها على المولى في المدة المذكورة ويجعل الموصي له بالخدمة فإن النفقة واجبة عليه وإن لم يكن له ملك الرقبة لكونه محبوسا بخدمته والحبس عن الأصل
____________________
(3/679)
في هذا الباب أصله القاضي والمفتي فإن مرض فينبغي أن تفرض في بيت المال بخلاف الموصي بخدمته إذا مرض فإن نفقته على مولاه اه
واعترضه ح بأنه قياس مع الفارق فإن الموصى به يخدم الموصي له لا في مقابلة شيء فلذا كانت نفقته عليه أما هذا فإنه يخدم في مقابلة رقبته فكان كالمستأجر
تأمل اه
وكذا اعترضه الخير الرملي بأن الموصي بخدمته رقيق محبوس في خدمة الموصي له وليست الخدمة بدل شيء فيه وما نحن فيه هو حر قادر على الكسب فكيف نوجب نفقته ونفقة عياله على معتقه بسبب دين واجب عليه فإن الخدمة هنا بمنزلة الدين لما في التاترخانية عن الأصل إذا قال أنت حر على أن تخدمني سنة فقيل العبد فهو كما لو قال أنت حر على ألف درهم فقبل اه
وقد صرحوا قاطبة بأنها بدل في هذا المحل
تأمل اه
قوله ( كبيع عبد منه ) أي من العبد يعني أن الخلاف المار مبني على الخلاف في مسألة أخرى
وهي ما إذا باع نفس العبد منه بجارية بعينها ثم استحقت أو هلكت قبل تسليمها يرجع عليه بقيمة نفسه عندهما وعند محمد بقيمة الجارية وتمامه في الهداية وغيرها قال في الفتح ولا يخفي أن بناء هذه على تلك ليس بأولى من عكسه بل الخلاف فيهما معا ابتدائي
قوله ( بألف علي على أن تزوجنيها ) كذا في بعض النسخ بزيادة على الجارة لضمير المتكلم وفائدتها الدلالة على عدم وجوب المال عند عدم ذكرها بالأولى أفاده في الفتح والبحر قوله ( وأبت النكاح ) أفاد أن لها الامتاع من تزوجه لأنها ملكت نفسها بالعتق
فتح
وقيد به لأنها لو تزوجته قسم الألف على قيمتها ومهر مثلها كما يأتي
قوله ( ولا شيء له على آمره ) لأن حاصل كلام الآخر أمره المخاطب بإعتاقه أمته بتزويجها منه على عوض ألف مشروطة عليها عنها وعن مهرها فلما لم تتزوجه بطلت عنه حصة المهر منها وأما حصة العتق فباطله لأن العتق يثبت للعبد فيه قوة حكمية هي ملك البيع والشراء ونحو ذلك ولا يجب العوض إلا على من حصل له المعوض اه فتح أي ومن حصل له المعوض لا يجب عليه لأنه لم يشرط عليه
قوله ( في الطلاق ) كخلع الأب صغيرته لأنه ليس في مقابلة عوض حقيقة لأن المرأة لم يحصل لها ملك ما لم تكن تملكه بخلاف العتق قوله ( ولو زاد إلخ ) أي بأن قال أعتق أمتك عني بألف إلخ لم تتزوجه
قوله ( لتضمينه الشراء اقتضاء ) أي مع المقابلة بالبضع أيضا في قوله على أن تزوجنيها ولما كان ذلك واضحا لكونه مذكورا صريحا لم يذكره في علة الانقسام فافهم
والحاصل أن إعتاقه عن الآمر يقتضي سبق ملكه له فصار المعنى بعه مني وأعتقه عني وصار إعتاق المأمور قبولا قال في الدرر وإذا كان كذلك فقد قابل الألف بالرقبة شراء والبضع نكاحا فانقسم عليهما ووجب حصة ما سلم له وهو الرقبة وبطل عنه ما لم يسلم وهو البضع اه
فلو فرض أن قيمتها ألف ومهر مثلها خمسمائة قسم الألف على الألف وخمسمائة فثلثا الألف حصة القيمة وثلثه حصة المهر فيأخذ المولى الثلثين ويسقط الثلث وعكس في الشرنبلالية وهو سبق قلم
قوله ( ولذا ) لا داعي للتعليل هنا فالأولى إبقاء المتن على حاله لأن قوله وتجب عطف على قسم من تتمة الحكم
قوله ( فحصة مهر مثلها مهرها ) أي إذا نكحته يقسم الألف أيضا على مهر
____________________
(3/680)
مثلها وقيمتها فما أصاب المهر وجب لها في الوجهين أعني الوجه الأول على مهر مثلها وقيمتها فما أصاب المهر وجب لها في الوجهين أعني الوجه الأول وهو ما إذا لم يقل عني
والوجه الثاني وهو ما إذا قاله وما أصاب قيمتها سقط عنه في الوجه الأول لعدم الشراء فيه وأخذه مولاها في الوجه الثاني لتضمن الثاني الشراء اقتضاء كما مر فلو فرض أن قيمته مائة ومهرها مائة قسم الألف عليهما نصفين فيجب لها نصفه في الوجهين والنصف الثاني يسقط عنه في الوجه الأول ويأخذ المولى في الوجه الثاني وكذا لو تفاوتا بأن كان قيمتها مائتين ومهرها مائة فيجب لها ثلث الألفين في الوجهين ويسقط عنه ثلثاه في الوجه الأول ويأخذهما المولى في الوجه الثاني
قوله ( ضم عني وتركه ) بدل من وجهيه بدل مفصل من مجمل ح
قوله ( وما أصاب قيمتها إلخ ) قيل فيه تكرار مع ما سبق وليس كذلك فافهم
قوله ( باعتبار تضم الشراء وعدمه ) لف ونشر مشوش ط
قوله ( فلها مهر مثلها ) أي عندهما لأن العتق ليس بمال فلا يصح مهرا
بحر قوله ( وجوزه الثاني ) أي أبو يوسف أي جوز هذا التعويض المعلوم من المقام فقال بجواز جعل العتق صداقا ط
قوله ( في صفية ) هي بنت حيي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها من سبي خيبر أعتقها وجعل عتقها مهرها ط
قوله ( قيمتها ) بدل من السعاية اه ح
وفي نسخة في قيمتها وهي أوضح لكن فيها تغيير إعراب المتن
وفي نسخة سعاية قيمتها بالإضافة على معنى في وفيه تغيير المتن أيضا لكن الشارح يرتكبه كثيرا
قوله ( على ذلك ) أي على شرط التزوج ط
قوله ( فقبلت ) أفاد به أن القبول شرط العتق هنا وفيما قبلها ط
لأنه معاوضة لا تعليق
قوله ( لعدم تقوم أم الولد ) هذا إنما يظهر على قول الإمام لا على قولهما إذ هما يقولان بتقومها ط
قوله ( لأنه إدخال إلخ ) ذكر هذا التعليل في البحر عن المحيط ومقتضاه أنه يعتق بالعبد الرديء في الوجه الأول وهو مخالف لما في الهندية من أنه ينصرف إلى الوسط ويصير العبد مأذونا في التجارة فلو أعتق عبدا رديئا أو مرتفعا لا يجوز وفي الأداء إذا لم يبين القيمة ولا الجنس لو أتى بعبد وسط أو مرتفع يجبر المولى على القبول لا لو أتى برديء إلا إن قبله ولو أتى بقيمة الوسط لا يجبر ولا يعتق وإن قبلها اه ملخصا
( تتمة ) وقال أد إلي ألفا وأنت حر بالواو لا يعتق ما لم يؤد ولو قال فأنت حر بالفاء يعتق في الحال والفرق أن جواب الأمر بالواو بمعنى الحال معناه أنت حر حال الأداء فلا يعتق قبله وأما بالفاء فهو بمعنى التعليل أي فإنك حر مثل أبشر فقد أتاك الغوث قيل هذا قولهما أما عنده فينبغي أن يعتق في الحال كما في طلقني ولك ألف فطلقها يقع مجانا عنده وقيل إنه قول الكل وتمامه في الذخيرة
____________________
(3/681)
باب التدبير باب التدبيرشروع في العتق بعد الموت بعد الفراغ من الواقع في الحياة وقدمه على الاستيلاد لشموله الذكر أيضا وركنه اللفظ الدال على معناه
وشرائطه نوعان عام وخاص
فالعام ما مر في شرائط العتق كونه من الأهل في المحل منجزا أو معلقا أو مضافا إلى الوقت أو إلى الملك أو سببه والخاص تعليقه بمطلق موت المولى لا بموت غيره كما يأتي وصفته التجزي عنده خلافا لهما فلو دبره أحدهما اقتصر على نصيبه وللآخر عند يسار شريكه ست خيارات الخمسة المارة والترك على حاله
وسيأتي بيان أحكامه من عدم جواز إخراجه عن الملك ومن عتقه من الثلث بعد موت المولى إلخ
بحر
قوله ( هو لغة إلخ ) يشمل تعليقه بموته مقيدا وبموت غيره فهو أعم من المعنى الشرعي وفيه بيان وجه التسمية فإن الدبر كما في المصباح بضمتين ويخفف خلاف القبل من كل شيء ومنه يقال لآخر الأمر دبر وأصله ما أدبر عنه الإنسان ومنه دبر عبده وأعتقه عن دبر أي بعد دبر
وفي ضياء الحلوم التدبير العتق بعد الموت وتدبير الأمر النظر فيه إلى ما تصير إليه العاقبة وقصر في الدرر تفسيره لغة على هذا الأخير وقال كأن المولى نظر إلى عاقبة أمره فأخرج عبده إلى الحرية بعده ثم قال إنه شرعا يستعمل في المطلق والمقيد اشتراكا معنويا وهو تعليق العتق بالموت أي موت المولى غيره فما مر من المعنى اللغوي جعله المعنى الشرعي ورد بأنه خلاف ظاهر كلام عامة أئمتنا حيث قصروه شرعا على المدبر المطلق كما بسطه في الشرنبلالية ولذا خالفه المصنف والشارح مع كثرة متابعتهما له
قوله ( ولو معنى ) قال في النهر وقولنا لفظا أو معنى يصح أن يكونا حالين من التعليق والتعليق معنى الوصية برقبته أو بنفسه أو بثلث ماله لأمته وأن يكونا حالين من مطلق والمطلق معنى كإن مت إلى مائة سنة فأنت حر فإنه مطلق في المختار اه
وتمثيل الشارح للثاني فقط يوهم قصره عليه
قوله ( وخرج إلخ ) فيه رد على الدرر كما مر ومن التدبير المقيد تعليقه بموته وموت فلان كما سيأتي وكذا أنت حر قبل موتي بشهر وسيأتي تمامه
قوله ( أصلا ) أي لا مطلقا ولا مقيدا خلافا لما يذكره المصنف
قوله ( أو حدث بي حادث ) لأنه تعورف الحدث والحادث في الموت
بحر قوله ( زاد بعد موتي أو لا ) أي لا يصير مدبرا الساعة لأن التدبير بعد الموت لا يتصور فيلغوا قوله بعد موتي أو يجعل قوله أنت مدبر بمعنى أنت حر كما في البحر عن المحيط
قوله ( أو أنت حر يوم أموت ) لا فرق في العتق المضاف إلى الموت بين أن يكون معلقا بشرط آخر أو لا فلو قال إن كلمت فلانا فأنت حر بعد موتي فكلمه صار مدبرا لأنه بعد الكلام صار التدبير مطلقا وكذا لو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فكلمه فلان كان مدبرا كذا في البدائع
ولا فرق في التدبير بين كونه منجزا أو مضافا كأنت مدبر غدا أو رأس شهر كذا فإذا جاء الوقت مدبرا
بحر قوله ( صح إلخ ) لأنه نوى حقيقة كلامه وكان مدبرا مقيدا لأنه علق عتقه بما ليس بكائن لامحالة وهو موته بالنهار
بحر عن المبسوط
قوله ( وغلب موته قبلها ) بأن كان كبير السن
قوله ( وهو المختار )
____________________
(3/682)
كذا في الزيلعي لكن ذكر قاضيخان أنه على قول أصحابنا مدبر مقيد وهكذا في الينابيع وجوامع الفقه
واعترض في الفتح على صاحب الهداية بأنه كالمناقض لأنه اعتبر في النكاح توقيتا وأبطل به النكاح وهنا جعله تأبيدا وأجاب في البحر بأنه اعتبر في النكاح توقيتا للنهي عن النكاح المؤقت فالاحتياط في منعه تقديما للمحرم لأنه موقت صورة وهنا نظر إلى التأبيد المعنوي لأن الأصل اعتبار المعنى بلا مانع فلذا كان المختار وإن جزم الولوالجي بأنه غير مدبر مطلق تسوية بينه وبين النكاح
مطلب في الوصية للعبد قوله ( وأفاد بالكاف ) أي في قوله كإذا مت عدم الحصر لما في الفتح أن كل ما أفاد إثبات العتق عن دبر فهو صريح
وهو ثلاثة أقسام الأول ما يكون بلفظ إضافة كدبرتك ومنه حررتك أو أعتقتك أو أنت حر أو عتيق بعد موتي
الثاني ما يكون بلفظ التعليق كإن مت إلخ وكذا أنت حر مع موتي أو في موتي بناء على أن مع و في تستعار بمعنى حرف الشرط
الثالث ما يكون بلفظ الوصية أوصيت لك برقبتك أو بنفسك أو بعتقك وكذا أوصيت لك بثلث مالي فتدخل رقبته لأنها من ماله فيعتق ثلث رقبته اه ملخصا
قوله ( وذكرناه في شرح الملتقى ) عبارته وعن الثاني أوصى لعبده بسهم من ماله يعتق بعد موته ولو بجزء لا إذ الجزء عبارة عن الشيء المبهم والتعيين فيه للورثة أي فلم تكن الرقبة داخلة تحت الوصية بخلاف السهم فإنه السدس فكان سدس رقبته داخل في الوصية اه
ومثله في البحر عن المحيط
ثم قال وما عن أبي يوسف هنا جزم به في الاختيار اه
قلت ومقتضى قوله يعتق بعد موته أنه يعتق كله وهو خلاف ما مر آنفا عن الفتح في أوصيت لك بثلث مالي أنه يعتق ثلث رقبته إذ لا فرق بين الوصية بالثلث أو بالسدس الذي هو معنى السهم ولعل ما هنا مبني على قول الصاحبين بعدم تجزي التدبير كالإعتاق فحيث دخل سدسه في الوصية عتق كله
وما في الفتح مبني على قول الإمام فتأمل
ثأ رأيت في وصايا خزانة الأكمل أوصى لعبده بدراهم مسماة أو بشيء من الأشياء لم يجز
ولو أوصى له ببعض رقبته عتق ذلك القدر ويسعى في الباقي عند أبي حنيفة ولو وهب له رقبته أو تصدق عليه بها عتق من ثلثه
ولو أوصى له بثلث ماله صح وعتق ثلثه فإن بقي من الثلث أكمل له وإن كان في قيمته فضل على الثلث سعى للورثة اه
وقوله عند أبي حنيفة يشير إلى أنه عندهما يعتق كله بلا سعاية وقوله فإن بقي من الثلث إلخ معناه والله أعلم أنه بحكم الوصية استحق ثلث جميع المال ومنه ثلث رقبته فإن كانت رقبته جميع لمال سعى للورثة في ثلثي رقبته وإن كان المال أكثر فإن زاد له على ثلثي رقبته شيء أكمل له ليستوفي ثلث جميع المال وإن كان ثلثا رقبته أقل من ثلث باقي المال سعى للورثة فيما زاد قوله ( لما مر ) أي في تعريفه أنه تعليق لكن فيه معنى الوصية لأنه معلق على الموت فكان تعليقا صورة ووصية معنى
قوله ( ولا رجوع ) تكرار مع قول المتن ولا يقبل الرجوع اه ح
قوله ( ثم جن ) قيل شهرا وقيل تسعة أشهر وقيل سنة والفتوى على التفويض لرأي القاضي ط عن الحموي وجزم الشارح في الوصايا بتقديره بستة أشهر
قوله ( بطلت ) الأولى فإنها تبطل
____________________
(3/683)
قوله ( ويزاد مدبر السفيه ) في الخانية يصح تدبير المحجور عليه بالسف بالثلث وبموته يسعى في كل قيمته وإن وصية المحجوز عليه بالسفه بالثلث جائزة اه
فيطلب الفرق ولعل الفرق هو أن التدبير إتلاف الآن بخلاف الوصية فإنها بعد الموت وله الرجوع قبله فلا إتلاف فيها
نهر
والمراد بقوله يسعى بكل قيمته كل قيمته مدبرا كما في البحر ح
قلت وحيث وجبت عليه السعاية في كل قيمته لم يأخذ حكم التدبير من كل وجه فكأن تدبيره لم يصح فافهم
قوله ( ومدبر قتل سيده ) يعني إذا قتل المدبر سيده عتق وسعى في قيمته وإذا قتل الموصى له الموصي فلا شيء له لأنه لا وصية لقاتل وسيأتي تفصيله ح
قوله ( فلا يباع المدبر المطلق ) استشكل بما إذا قال كل مملوك أملكه فهو حر بعد موتي وله مماليك واشترى مماليك ثم مات فإنهم يعتقون ولو باع الذين اشتراهم صح
وأجيب بأن الوصية بالنسبة إلى المعدوم تعتبر يوم الموت وإلى الموجود عند الإيجاب وتمام تقريره في الفتح قال ط والمراد أنه لا يباع من غيره وأما بيعه من نفسه وهبته منه فإعتاق بمال أو بلا مال فلا إشكال كما في شرح النقاية للبرجندي
قوله ( قيل نعم ) قال في البحر وفي الظهيرية فإن باعه وقضي القاضي بجواز بيعه نفذ قضاؤه ويكون فسخا للتدبير حتى لو عاد إليه يوما من الدهر بوجه من الوجوه ثم مات لا يعتق وهذا مشكل لأنه يبطل بقضاء القاضي ما هو مختلف فيه وما هو مختلف فيه لزوم التدبير لا صحة التعليق فينبغي أن يبطل وصف اللزوم لا غير اه
وقله وهذا مشكل إلخ من كلام الظهيرية قوله ( نعم لو قضي ببطلان بيعه صار كالحر ) أي في سريان الفساد إلى القن إن ضم إليه في صفقة قال في البحر وسيأتي في البيوع أن بيع المدبر باطل لا يملك بالقبض فلو باعه المولى فرفعه العبد إلى قاض حنفي وادعى عليه وعلى المشتري فحكم الحنفي ببطلان البيع ولزوم التدبير فإنه يصير متفقا عليه فليس للشافعي أن يقضي بجواز بيعه بعده كما في فتاوي الشيخ قاسم وهو موافق للقواعد فينبغي أن يكون كالحر فلو جمع بينه وبين قن ينبغي أن يسري الفساد إلى القن كما سنبينه إن شاء الله في محله ح
قوله ( ولا يرهن ) لأن الرهن والارتهان من باب إيفاء الدين واستيفائه عندنا فكان من باب تمليك العين وتملكها
بحر عن البدائع
مطلب في شرط واقف الكتب الرهن بها قوله ( فشرط إلخ ) تفريع على العلة التي ذكرناها كما فعل في البحر وأشار إليه الشارح
ووجه التفريع أن العلة كما أفادت أن الرهن لا بد أن يمكن الاستيفاء منه فقد أفادت أيضا أن المرهون به لا بد أن يكون دينا مضمونا يطالب بإيفائه فبالنظر إلى الأول لا يصح رهن المدبر بمال آخر وبالنظر إلى الثاني لا يصح رهن مال بكتب الوقف فالجامع بينهما عدم صحة الرهن في كل للعلة المذكورة فلا تضر المغايرة في كون المدبر مرهونا والكتب مرهونا الكتب مرهونا بها فافهم قوله ( فلا يتأتى إلخ ) قيل مقتضى كونها أمانة أنها تضمن بالتعدي فما المانع من صحة الرهن لهذه الحيثية وعليه يحمل شرط الواقفين تصحيحا لأغراضهم
قلت قد صرحوا بأن الرهن لا يصح إلا بدين مضمون وأنه لا يصح بالأمانات والودائع وسيأتي في بابه
____________________
(3/684)
متنا والأمانات تضمن بالتعدي مطلقا برهن أو غيره ولا يمكن الاستيفاء من الرهن الباطل ولا حبسه على ذلك فلا فائدة له فافهم
ثم أعلم أن هذا كله إن أريد بالرهن مدلوله الشرعي أما إن أريد مدلوله اللغوي وأن يكون تذكرة فيصح الشرط لأنه غرض صحيح كما قاله السبكي قال وإذا لم يعلم مراد الواقف فالأقرب حمله على اللغوي تصحيحا لكلامه ويكون المقصود تجويز الواقف الانتفاع لمن يخرجه من خزانته مشروطا بأن يضع في خزانة ما يتذكر هو به إعادة الموقوف ويتذكر الخازن به مطالبته من غير أن تثبت له أحكام الوقف
قال في الأشباه في القول في الدين بعد أن نقل عبارة السبكي بطولها وأما وجوب اتباع شرطه وحمله على المعنى اللغوي فغير بعيد
قوله ( ولا يخرج من الملك ) عطف عام على خاص
وفي الذخيرة وغيرها كل تصرف لا يقع في الحر نحو البيع والإمهار يمنع في المدبر لأنه باق على حكم ملك المولى إلا أنه انعقد له سبب الحرية فكل تصرف يبطل هذا السبب يمنع المولى منه اه
فلذا لا تجوز الوصية به ولا رهنه
بحر
قوله ( إلا بالإعتاق ) أي بلا بدل أو به
نهر
قوله ( وسيتضح في بابه ) إيضاحه أن المدبر الذي كوتب إما أن يسعى في ثلثي قيمته إن شاء أو يسعى في كل البدل بموت سيده فقيرا لم يترك غيره وأما إذا ترك مالا غيره وهو يخرج من الثلث عتق مجانا ط
وهو حاصل ما في البحر عن الفتح
قوله ( أو إن بقيت إلخ ) حيلة ثانية اختصرها مما في البحر عن الولوالجية قال هذه أمتي إن احتجت إلى بيعها أبيعها وإن بقيت بعد موتي فهي حرة فباعها جاز كذا في فتاوي الصدر الشهيد اه
فافهم
قال في البحر ولم يصرح بأنها مدبرة تدبيرا مطلقا أو مقيدا اه
قلت كيف يصح كون تدبيرها مطلقا مع تصريحه بجواز بيعها فلذا جزم الشارح بكونه مقيدا
قوله ( ويستخدم المدبر إلخ ) هو وما بعده بالبناء للمجهول وكان المناسب أن يقول ويؤجر بدل ويستأجر كما عبر في الكنز وغيره قوله جبرا قيد للجميع أي للمولى أن يجبره على الخدمة وعلى أن يؤجره وعلى أن ينكحه أي يزوجه بالولاية عليه وعلى أن يطأ المدبرة وعلى أن ينكحها أي يزوجها لغيره
قال في البحر وإنما جازت هذه التصرفات لأن الملك ثابت فيه وبه يستفاد ولاية هذه التصرفات
قوله ( وأرشه ) أي أرش الجناية عليه
وما أرش الجناية منه فعلى المولى ويطالب بالأقل من القيمة ومن أرش الجناية ولا يضمن أكثر من قيمة واحدة وإن كثرت الجنايات أفاده في البحر
وفي بعض النسخ وارثه وهو تحريف لأنه ما دام سيده حيا لا يملك شيئا ط
قوله ( لبقاء ملكه في الجملة ) تبع فيه الدرر
واعترضه في الشلانبلالية بأن الملك في المدبر كامل لعتقه بقوله كل مملوك لي حر اه ح
وقد يجاب بأن معنى كمال ملكه أنه مملوك رقبة ويدا بخلاف المكاتب وهذا لا ينافي نقصه من جهة أخرى وهي أنه لا يملك التصرف فيه بما يخرجه عن ملكه بغير العتق والكتابة لأنه انعقد له سبب الحرية كما مر بخلاف القن فإنه ملكه كامل كمن كل وجه
قوله ( وبموته ) أي المولى
قوله ( كلحاقه ) بفتح اللام أي مع الحكم به كما في الدر المنتقى وكذا المستأمن إذا اشترى عبدا في دار الأسلام فدبره ولحق بدار الحرب فاسترق عتق مدبره كما في البدائع
نهر
قوله ( عتق في آخر جزء إلخ ) نقله في البحر عن المحيط
ثم قال وهو التحقيق وعليه يحمل كلامهم اه
ومفاده أن فيه قولين
____________________
(3/685)
وفيه نظر فإنه إذا قال إن مت فأنت حر أو أنت حر بعد موتي لا تقع الحرية إلا بعد الموت ط
قوله ( يوم موته ) صفة لماله أي من ثلث ماله الكائن يوم موته لا يوم التدبير
قوله ( في صحته ) فلو في مرضه فكل من النصفين يخرج من الثلث ط
قوله ( أنت حر أو مدبرا ) أي ردد بينهما
قوله ( ومات مجهلا ) اسم فاعل من المضعف أي لم يبين مراده فلو بين فعلى ما بين ح
قوله ( فيعتق إلخ ) أي مراعاة اللفظين فلو لم يترك غيره كانت قيمته ستمائة مثلا عتق نصفه بثلاثمائة وعتق من نصفه الآخر مائتان وسعى بمائة
قوله ( إن لم يخرج من الثلث ) كما لو كانت قيمته ثلاثمائه وكان الثلث مائتين فإنه يسعى في مائة
قوله ( وفي ثلثيه ) عطف على قوله بحسابه
قوله ( لأن عتقه من الثلث ) لما مر أنه تعليق العتق بالموت فحيث لم يترك سيده غيره يعتق من الثلث ويسعى في ثلثيه أما إذا خرج من الثلث فلا سعاية عليه إلا إذا كان السيده سفيها وقت التدبير أو قتل سيده فإنه يسعى في قيمته كما فى الدر المنتقى عن الأشباه وقد مر ويأتي
قوله ( سعى في قيمته ) لأنه لا وصية لقاتل إلا أن فسخ العقد بعد وقوعه لا يصح فوجب عليه قيمة نفسه
ثم إذا كان القتل خطأ فالجناية هدر وكذا فيما دون النفس ولو عمدا فللورثة تعجيل القصاص أو تأخيره إلى ما بعد السعاية جوهرة ملخصا
قوله ( كمدبر السفيه ) فإنه يسعى في كل قيمته مدبرا وليس عليه نقصان التدبير كالصالح إذا دبره ومات عليه ديون بحر
قوله ( لا شيء عليها ) أي أنها تعتق لأن القتل موت ويقتص منها لو القتل عمدا وإلا فلا سعاية ولا غيرها لأن عتقها ليس بوصية بخلاف المدبرة فإن قتلها له رد للوصية
جوهرة ملخصا
قوله ( أي كل قيمته مدبرا ) وهي ثلثا قيمته لنا كما مر في عتق البعض ويأتي قوله ( وهو حينئذ كمكاتب إلخ ) كذا ذكر في البحر وفرع عليه أنه لا تقبل شهادته ولا يزوج نفسه عنده مستدلا بما في المجمع لو ترك مدبرا فقتل خطأ وهو يسعى للوارث فعليه قيمته لوليه
وقالا ديته على عاقلته اه
قال وكذا المنجز عتقه في مرض الموت إذا لم يخرج من الثلث فإنه في زمن السعاية كالمكاتب عنده وللعلامة الشرنبلالي رسالة سماها ( إيقاظ ذوي الدراية لوصف من كلف السعاية ) حرر فيها أنه لم يخرج من الثلث يسعى وهو حر وأحكامه أحكام الأحرار اتفاقا وكذا المعتق في مرض الموت والمعتق على مال أو خدمة وأطال وأطاب ولخصنا كلامه فيما علقناه على البحر وقال السيد الحموي في حاشية الأشباه وهو تحقيق بالقبول حقيق يعض عليه بالنواجذ
قوله ( بمحيط ) أي بدين محيط بجميع ماله الذي من جملته المدبر أو برقبة المدبر إن لم يكن مال سواه اه ح
أما لو كان الدين أقل من قيمته فإنه يسعى في قدر الدين والزيادة على الدين ثلثها وصية ويسعى في ثلثي الزيادة
بحر في شرح الطحاوي
قوله ( خيارات العتق ) وهي سبعة إذا كان الشريك موسرا وستة إذا كان معسرا بإسقاط التضمين ط
ومرت في باب عتق البعض
قوله ( فإن ضمن شريكه ) أي ضمن الساكت الشريك المدبر فللضامن أن يرجع بما ضمن على العبد وإن لم يرجع حتى مات عتق نصيبه من ثلث ماله وسعى العبد في النصف الآخر كاملا للورثة وهذه الخيارات عند الإمام وعندهما صار العبد كله مدبرا بتدبير أحدهما وهو ضامن لنصيب
____________________
(3/686)
شريكه موسرا كان أو معسرا
ح عن الهندية ملخصا
قوله ( وولد المدبرة ) أي المولود بعد التدبير لا قبله لأن حق الحرية لم يكن ثابتا في الأم وقت الولادة حتى يسري إلى الولد ولو اختلفا فادعت ولادته بعد التدبير فالقول للمولى أنها قبله مع يمينه على العلم والبينة لها وتمامه في البدائع والفتح قوله ( مدبر ) فيعتق بموت سيد أمه
قوله ( وذكر المصنف إلخ ) عبارته وولد المدبر كهو اه ووقع نحوه في بعض نسخ الهداية بلفظ وولد المدبر مدبر
ورده في البحر بأن التبعية إنما هي للأم لا للأب وأجاب ح بأن لفظ المدبر يتناول الذكر والأنثى كما مر في لفظ المملوك ويكون المراد به في عبارتهما الأنثى بقرينة ما قدمناه من أن الولد يتبع الأم في التدبير لا الأب اه
لكن هذا الجواب لا يصح في عبارة الشارح حيث عبر بقوله كأبيه فلو ذكر عبارة المصنف من غير تصرف فيها لكان أولى ط
قوله ( فتأمل ) أمر بالتأمل لمخالفته لما مر من عدم تبعيته للأب
وفي بعض النسخ قال وهو تحريف ظاهر لأن ما بعده لم يذكره المصنف في البيع الفاسد ولو كان ذكره لا يناسب تفريعه على ما قبله كما قاله المحشي
قوله ( وأما تدبير الحمل فكعتقه ) أي أنه يصح تدبيره وحده لكن قال في الكافي لم يكن له أن يبيع الأم ولا يهبها ولا يمهرها فإن ولدت لأقل من ستة أشهر كان الولد مدبرا وإن لأكثر كان رقيقا اه
وتقدم في كتاب العتق أنه لو أعتق الحمل لم يجز بيع الأم وجاز هبتها ولو دبره لم تجز هبتها في الأصح وتقدم وجه الفرق وهذا قبل الولادة فيجوز بعدها البيع والهبة
قوله ( وبطل التدبير ) معنى البطلان كما قاله صاحب الذخيرة أنه لا يظهر حكمه بعد الاستيلاد فكأنه بطل وليس المراد بطلانه بالكلية
فإن قلت ما فائدة التدبير حينئذ قلت دخولها في قوله كل مدبر لي حر فعتق حالا ولا يتوقف عتقها إلى ما بعد الموت ط
قوله ( وبيع إلخ ) قال في البحر بيان المدبر المقيد وأحكامه
وحاصله أن يعلق عتقه بموته على صفة بمطلقة أو بزيادة شيء بعد موته كأن مت وغسلت أو كفنت ودفنت فأنت حر فيعتق إذا مات استحسانا وإنما بيع المدبر المقيد لأن سبب الحرية لم ينعقد في الحال للتردد في هذا القيد لجواز أن لا يموت منه فصار كسائر التعليقات بخلاف المدبر المطلق لأنه تعلق عتقه بمطلق موته وهو كائن لا محالة اه
وأشار الشارح بقوله ووهب إلى أن المراد بالبيع الإخراج عن الملك لا خصوصه ط
قوله ( مما يقع غالبا ) أي مما يقع حياته بعدها غالبا احترز به عن نحو إلى مائة سنة فإنه يكون مدبرا مطلقا وقد مر الكلام عليه ومعنى قوله إلى عشرين سنة أي إن وقع موتي في هذه المدة التي ابتداؤها هذا الوقت وتنتهي إلى عشرين ط وكذا إلى سنة فلو مات قبلها عتق وبعدها لا ولو في رأسها فمقتضى الوجه يعتق لأن الغاية هنا للإسقاط إذ لولاها تناول الكلام ما بعدها
فتح ملخصا
وأجاب في البحر بأن هذا غير مطرد لانتقاضه في لا أكلمه إلى غد فإن الغاية لا تدخل في ظاهر الرواية فله أن يكلمه في الغد مع أنها للإسقاط ونازعه المقدسي بأن السنة ليست في الحقيقة غاية فلا بد أن يقدر إلى ما مضي سنة بخلاف الغد فإنه اسم لزمان مستقبل له اسم خاص دخل عليه إلى التي للغاية
تأمل
قوله ( وكفنت ) في نسخ بأو وهي الموافقة لما في البحر ط
قوله ( أو إن مت أو قتلت ) أي بترداده
____________________
(3/687)
بين الجملتين فليس بمدبر مطلق عند أبي يوسف لأن الموت ليس بقتل وتعليقه بأحد الأمرين يمنع كونه عزيمة في إحدهما خاصة
بحر
مطلب الكمال ابن الهمام من أهل الترجيح قوله ( ورجحه الكمال ) أي رجح قوله زفر إنه مدبر مطلق بأنه أحسن لأنه في المعنى تعليق بمطلق موته كيفما كان قتلا أو غير قتل وقدمنا غير مرة أن الكمال من أهل الترجيح كما أفاده في قضاء البحر بل صرح بعض معاصريه بأنه من أهل الاجتهاد ولاسيما وقد أقره على ذلك في البحر والنهر والمنح ورمز المقدسي والشارح وهم أعيان المتأخرين فافهم
قوله ( بعد موتي وموت فلان ) أو موت فلان وموتي
كافي الحاكم
قوله ( فيصير مطلقا ) جواب للمفهوم والتقدير فإن مات فلان قبله صار الآن مدبرا مطلقا
قال في الكافي ألا ترى أنه لو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فكلم فلانا كان مدبرا وكذلك قوله إن كلمت فلانا فأنت حر بعد موتي فكلمه صار مدبرا اه
قال ح عن الهندية فلو مات المولى قبل موت فلان لا يصير مدبرا وكان للورثة أن يبيعوه
قوله ( من أنه ) أي ما ذكره من مسألة المتن وكذا قوله بعد موتي وموت فلان كما في البحر
قوله ( حتى لو مات الخ ) تفريع على كونه تعليقا متضمن لبيان الفرق بينه وبين التدبير المقيد بعد اشتراكهما في جواز البيع والعتق بالموت والفرق هو أنه إن مات فلان فقط في مسألة المتن عتق من كل المال وإن مات المولى أولا في المسألتين بطل التعليق كما لو قال إن دخلت الدار فأنت حر فمات المولى قبل الدخول والمدبر المقيد مثل المطلق لا يعتق إلا بموت المولى ومن ثلث ماله لا كله
قوله ( بأن مات من سفره أو مرضه ذلك ) أي أو في المدة المعينة فلو أقام أو صح أو مضت المدة ثم مات ويعتق لبطلان اليمين قبل الموت
بحر
قوله ( من الثلث ) متعلق بقوله ويعتق وذكره بيانا لوجه الشبه
وأفاد أنه يسعى فيما زاد وإن استغرق ففي كله كما في الدر المنتقى
قوله ( ففرق بين من وفي ) ووجهه أن من تفيد أن الموت مبتدأ وناشىء من ذلك المرض بأن يكون ذلك المرض سبب الموت والقتل سبب آخر وأما في فإنها تفيد أن الموت واقع في ذلك المرض سواء كان بسببه أو بسبب آخر
قوله ( فتحول ) أعاد الضمير مذكرا مع أن الحمى مؤنثة على تأويلها بالمرض
قوله ( وهو مرض واحد ) لعل وجهه أن أحد هذين المرضين ينشأ عن الآخر غالبا فعدا مرضا واحدا وإلا فالمذكور في كتب الطب أنهما مرضان ولعل تخصيص محمد بالذكر لكونه المخرج للفرع وإلا فلم أر له مقابلا
أفاده ط
قوله ( به يفتى ) وقيل هي قيمته قنا وقيل قيمة خدمته مدة عمره وقيل نصف قيمته فقنا كالمكاتب وهو الأصح وعليه الفتوى
باقاني
وفي البحر أنه مختار الصدر الشهيد والولواجي
قال في الدر المنتقى في باب عتق البعض قلت ولكن المتون على الأول
ووجهه كما صرح به في الهداية أن المنافع أنواع ثلاثة البيع وأشباهه والاستخدام وأمثاله والإعتاق وتوابعه وبالتدبير فات البيع
قوله ( يقوم قنا ) فإذا
____________________
(3/688)
لم يخرج من الثلث ولزمه السعاية في ثلثي قيمته أو في كلها يقوم قنا لا مدبرا
قوله ( قبل موتي بشهر ) أما لو قال بعد موتي بشهر فهو وصية بالإعتاق فلا يعتق إلا بإعتاق الوارث أو الوصي كما في البحر عن المجتبى
قوله ( عتق من كل ماله ) في الخانية ولو مات بعد شهر قيل يعتق من الثلث قيل من الكل لأن على قول الإمام يستند العتق إلى أول الشهر وهو كان صحيحا فيعتق من الكل وهو الصحيح
وعلى قولهما يصير مدبرا بعد مضي الشهر قبل موته اه
وفي الظهيرية فإن مضى شهر كان مطلقا عند البعض
وقال بعضهم وهو باق على التقييد اه
قلت القول بعتقه من الثلث يصح بناؤه على كل من القولين الأخيرين وأما ما صححه في الخانية من عتقه من الكل فهو على أنه غير مدبر أصلا لما علمت من أن المدبر المطلق والمقيد إنما يعتق من الثلث وقيد بأنه مات بعد شهر لما في المجتبى من أنه لو مات المولى قبل مضي الشهر لا يعتق بالإجماع قوله ( ولمولاه بيعه ) قال في الشرنبلالية وتفيد صحة بيعه بأن يعيش المولى بعد البيع أكثر من شهر لينتفي المحل للعتق حال المدة التي يليها موت المولى تأمل اه أي لأنه لو مات بعد البيع بأقل من شهر ظهر أنه وقت البيع كان حرا لإسناد معتق إلى أول الشهر الذي يلي الموت فافهم لكن هذا التقييد غير صحيح لما قالوا من أن الاستناد هو أن يثبت الحكم في الحال ثم يستند إلى وقت وجود السبب حتى لو قال أنت حرة قبل موت فلان بشهر ثم باعها ثم مات فلان لتمام الشهر لم تعتق لعدم المحلية أي لعدم كونها محلا في الحال وانظر ما مر في الطلاق في الأحكام الأربعة في باب الطلاق الصريح
قوله ( في الأصح ) راجع إلى قوله عتق من كل ماله وقوله ولمولاه بيعه
قوله ( لأن الأول أمر الخ ) أي الأمر هو طلب الفعل من المأمور وهو أمر متحقق مع التلفظ به فلا يصح استثناؤه بخلاف أنت حر فإنه في الأصل إختبار محتمل للصدق والكذب ثم استعمل لإنشاء الحرية فيصح استثناؤه نظرا لأصله كما مر في بابه وفرق في الذخيرة هنا بأن الإيجاب يقع ملزما بحيث لا يقدر على إبطاله بعده فيحتاج إلى الاستثناء فيه حتى لا يلزمه حكمه والأمر لا يقع لازما فإنه يقدر على إبطاله بعزل المأمور به فلا يحتاج للاستثناء اه وسيأتي تمامه قبيل باب اليمين في الدخول الخروج والله تعالى أعلم
باب الاستيلاد تقدم في التدبير وجه المناسبة وهو على تقدير مضاف أحكام الاستيلاد
قوله ( وخصه الفقهاء بالثاني ) أي خصوا الاستيلاد بطلب الولد من الأمة أي استلحاقه
قال في الدر المنتقى فأم الولد جارية استولدها الرجل بملك اليمين أو النكاح أو بالشبهة ثم ملكها فإذا استولدها بالزنا لا تصير أم ولد عندهم استحسانا وتصير أم ولد قياسا كما قال زفر اه
لكن لو ملك الولد عتق عليه كما سيأتي في الفروع
قوله ( ولو سقطا ) قال في البحر أطلق في الولد فشمل الولد الحي والميت لأن الميت ولد بدليل أنه يتعلق به أحكام الولادة حتى تنقضي به العدة
____________________
(3/689)
وتصير به المرأة نفساء وشمل السقط الذي استبان بعض خلقه وإن لم يستبن شيء لا تكون أم ولد وإن ادعاها اه
قوله ( ولو مدبرة ) فيجتمع لحريتها سببان التدبير والاستيلاد وقوله في الباب السابق وبطل التدبير تقدم معناه
قوله ( من سيدها ) أي المالك لها كلا أو بعضا وشمل المسلم والكافر ذميا أو مرتدا أو مستأمنا كما في البدائع
قال في الدر المنتقى وسواء كان مولاها حقيقة أو حكما ليشمل ما إذا وطىء الأب جارية الابن ثم ولدت فادعاه
قوله ( ولو باستدخال الخ ) تعميم للولادة أي سواء كان بسبب الوطء أو بإدخالها منيه في فرجها
قوله ( بإقراره ) أي بإقرار المولى بأن الولد منه
منح ومثله في الدرر
وقوله ولو حاملا أي ولو كان إقراره حال كونها حاملا
درر
قلت فالباء في إقراره بمعنى مع حال من الولادة المفهومة من ولدت وقوله ولو حاملا حال من إقراره والمراد منه إقراره بالولد كما علمت فصار المعنى إذا ولدت من سيدها ولادة مقترنة بإقراره بالولد ولو كان إقراره بالولد في حال كونها حاملا لأن الإقرار وإن كان قبل الولادة يبقى حكمه فيقارن الولادة ولا يخفي أن هذا المعنى صحيح فلا حاجة إلى تطريق احتمالات لا تصح وردها فافهم وأفاد أن المدار على الإقرار والدعوى سواء ثبت النسب معها أو لا لما قالوا من أنه لو ادعى نسب ولد أمته التي زوجها من عبده فإن نسبه إنما يثبت من العبد لا من السيد وصارت أم ولد له لإقرار بثبوت النسب منه وإن لم يصدقه الشرع وبه اندفع ما في الفتح من أنهم أخلوا بقيد ثبوت النسب كما حرره في النهر
قلت لكن يرد عليه ما لو زنى بأمة غيره وادعى أن الولد منه فإنها لا تصير أم ولده إذا ملكها عندنا كما مر لأن أمومية الولد فرع ثبوت النسب وسيأتي آخر الباب مزيد بيان
قوله ( كقوله حملها الخ ) قال في النهر ينبغي أن يقيد بما إذا وضعته لأقل من ستة أشهر من وقت الاعتراف فإن وضعته لأكثر لا تصير أم ولد
وفي الزيلعي لو اعترف بالحمل فجاءت به لستة أشهر من وقت الإقرار لزمه للتيقن بوجوده يوافقه ما في المحيط لو أقر أن أمته حبلى منه بولد لستة أشهر يثبت نسبه منه لأنها صادفت ولدا موجودا في البطن وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر لم يلزمه النسب لأنا لم نتيقن بوجوده وقت الدعوى لاحتمال حدوثه بعدها فلا تصح الدعوة بالشك اه
قوله ( وما في بطنها مني ) لكن إن قال ما في بطنها من حمل أو لد لم يقبل قوله إنها لم تكن حاملا وإنما كان ريحا ولو صدقته وإن لم يقل وصدقته يقبل كما في البحر
قوله ( أما ديانة إلخ ) قال في الفتح فأما الديانة فالمروي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه إن كان حين وطئها لم يعزل عنها وحصنها عن مظان ريبه الزنا يلزمه من قبل الله تعالى أن يدعيه بالإجمال لأن الظاهر والحالة هذه كونه منه والعمل وبالظاهر واجب وإن كان عزل حصنها أولا لم يعزل ولكن لم يحصنها فتركها تدخل وتخرج بلا رقيب مأمون جاز له أن ينفيه لأن هذا الظاهر وهو كونه منه يعارضه ظاهر آخر وهو كونه من غيره لوجود أحط الدليلين على ذلك وهما العزل أو عدم التحصين قوله ( كاستيلاد معتوه ومجنون ) مقتضي التشبيه أنه يثبت بلا دعوة ديانة لا قضاء والمتبادر من نظم الوهبانية أنه يثبت قضاء أيضا
وأصله ما في القنية عن نجم الأئمة البخاريمتى ولدت الجارية من مولاها صارت أم ولد له في نفس الأمر وإنما تشترط دعوته للقضاء ولهذا يصح استيلاد المعتوه والمجنون مع عدم الدعوة منهما اه
قال العلامة عبد البر بن الشحنة في شرح النظم وعامة المصنفين لم يستثنوا هاتين الصورتين من القاعدة المقررة في المذهب أنه لا يثبت النسب في ولد الأمة الأول إلا بالدعوة اه
وظاهره أنه فهم
____________________
(3/690)
أن المراد ثبوت الاستيلاد فيهما قضاء وإلا فلا حاجة إلى التنبيه على أن عامتهم لم يستثنوهما وهكذا فهم في البحر حيث قال فهذا إن صح يستثنى وهو مشكل فإن الاستثناء والإشكال في ثبوته قضاء لا في ثبوته ديانة كما لا يخفي وهكذا فهم في النهر أيضا حيث أجاب عن الإشكال بأنه يمكن أن تكو الدعوى من وليه كعرض الإسلام عليه بإسلام زوجته اه
واعترضه بعضهم أن الفرق ظاهر إذ في دعوى الولي تحميل النسب على الغير
ثم لا يخفي أن المشكل الذي فيه الكلام هو ما إذا كان للمجنون أو المعتوه أمة يطؤها فولدت أما إذا كانت به زوجة هي أمة للغير ولدت منه وثبت نسب الولد منه بحكم الفراش ثم ملكها فلا شبهة في أنها تصير أم ولد قضاء بلا دعوى كالعاقل فحمل كلام النظم والقنية عليه غير صحيح بل هو محمول على ما قلنا فافهم
ولكن الحق أن ثبوته في القضاء مشكل إذ هو فرع العلم بالوطء وهذا عسير فمجرد ولادتها في ملكه أن ثبوته في القضاء مشكل بدون دعوى صحيحة لا يثبت به الاستيلاد ولا النسب فلذا لم يستثنه عامة المصنفين من القاعدة المذكورة فالأقرب حمل كلام القنية على ما فهمه الشارح من ثبوته ديانة لا قضاء وإن خالف ما فهمه غيره والمعنى أنها إذا ولدت له ثم أفاق وعلم أنه وطئها في حال جنونه وأن هذا الولد منه صارت أم ولد له في نفس الأمر ووجب عليه ديانة أن يدعيه وأن يبيعها وإلا فلا هذا ما ظهر لي تحريره والله سبحانه أعلم
قوله ( من زوج ) خرج ما لو ولدت من زنا فملكها الزاني كما في البحر وسيأتي في الفروع
قوله ( ولو فاسدا ) كنكاح بلا شهود
قوله ( كوطء بشبهة ) تنظير لا تمثيل للفاسد لأن المراد به ما ليس بعقد أصلا كما لو وطئها على ظن أنها زوجته
قوله ( فاشتراها الزوج ) الأولى أن يزيد أو الواطىء ليشمل الشبهة
قوله ( أي ملكها ) تعميم للشراء ليدخل فيه الملك بإرث أو هبة وقوله كلا أو بعضا تعميم للضمير المفعول وأفاد به عدم تجزيء الاستيلاد
وفي الدر المنتقى هل يتجزأ الاستيلاد في التبيين نعم وفي غيره لا إذا أمكن تكميله اه
وفي البدائع الاستيلاد لا يتجزأ عندهما كالتدبير وعنده هو متجزىء إلا أنه قد يتكامل عند وجود سبب التكامل وشرطه وهو إمكان التكامل وقيل لا يتجزأ عنده أيضا لكن فيما يحتمل النقل فيه ويتجزأ فيما لا يحتمله كأمة بين اثنين ولدت فادعاه أحدهما صارت أو ولد له وإن إدعياه جميعا صارت أم ولد لهما
قوله ( أو بعضا ) بأن اشتراها هو وآخر فتصير أم ولد للزوج ويلزمه قيمة نصيب شريكه وتمامه في البحر قوله ( من حين الملك ) أي لا من حين العلوق
بحر
قوله ( فلو ملك ولدها من غيره ) يعني الولد الحادث قبل ملكه إياها
قال في الفتح وفي المبسوط لو طلقها فتزوجت بآخر فولدت منه ثم اشترى الكل صار أم ولد وعتق ولده وولدها من غيره يجوز بيعه خلافا لزفر بخلاف الحادث في ملكه من غيره فإنه في حكم أمه اه
( تنبيه ) استثنى في الفتح من قوله إن الحادث في ملكه من غيره حكمه كأمه ما إذا كان جارية فإنه لا يستمتع بها لأنه وطىء أمها
وزاد في البحر ما لو سرى أم ولد الغير من رجل جاهلا بحالها فولدت له ثم استحقها مولاها فله على المشتري قيمة الولد للغرور وكان ينبغي أن لا يلزمه شيء عند الإمام لأن أم الولد لا مالية فيه كأمه إلا أنه ضمن عنده لأن عدم ماليته بعد ثبوت حكم أمية الولد فيه لم يثبت لعلوقه حر الأصل فلذا يضمن بالقيمة اه
قوله ( وكذا لو استولدها بملك ) عطف على قوله أو ولدت من زوج أي وكذا تكون أم ولد استولدها ثم استحقت أو لحقت ثم ملكها اه ح
قوله ( ثم استحقت ) أي استحقها الغير بأن أثبت أنها أمته
قال ح
____________________
(3/691)
وينبغي أن يكون ولدها حرا بالقيمة لأنه مغرور
قوله ( فإن عتق أم الولد يتكرر ) يعني أن كونها أم ولد يتكرر وأطلق عليه العتق لأنه إعتاق مالا لحديث أعتقها ولدها
وحاصله أن الاستحقاق أو اللحاق لا ينافي عودها أم ولد بتجدد الملك ولو بعد إعتاقها لأن سبب صيرورتها أم ولد قائم وهو ثبوت النسب منه فافهم
وما ذكره مأخوذ من الخانية ونصها عتق أم الولد يتكرر بتكرر الملك كعتق المحرم يتكرر بتكرر الملك وتفسيره أم الولد إذا أعتقها وارتدت لحقت بدار الحرب ثم سبيت واشتراها المولى فإنها تعود أم ولد له وكذا لو ملك ذات رحم محرم منه وعتقت عليه ثم ارتدت ولحقت بدار الحرب ثم سبيت فاشتراها عتقت عليه وكذا ثانيا وثالثا اه
قوله ( بخلاف المدبرة ) أي فإنه إذا أعتقها ثم ارتدت وسبيت فملكها لا تصير مدبرة
والفرق أن عتق المدبرة وصل إليها بالإعتاق وبطل التدبير فلا يبقى عتقها معلقا بالموت بخلاف الاستيلاد فإنه لا يبطل باالإعتاق والارتداد لقيام سببه وهو ثبوت نسب الولد
بحر
قوله ( حكمها كالمدبرة ) في كونها لا يمكن تمليكها بعوض ولا بدونه قوله ( وقد مر ) في قوله لا تباع المدبرة
مطلب في القضاء بجواز بيع أم الولد قوله ( في ثلاثة عشر ) قال في البيع الفاسد من البحر وفي فتح القدير هنا أعلم أن أم الولد تخالف المدبر في ثلاثة عشر حكما لا تضمن بالغصب وبالإعتاق والبيع ولا تسعى لغريم وتعتق من جميع المال وإذا استولد أم ولد مشتركة لم يتملك نصيب شريكه وقيمتها الثلث ولا ينفذ القضاء بجواز بيعها وعليها العدة بموت السيد أو إعتاق يثبت نسب ولده بلا دعوة ولا يصح تدبيرها ويصح استيلاد المدبرة ولا يملك الحربي بيع أم ولده ويملك بيع مدبره ويصح استيلاد جارية ولده ولا يصح تدبيرها كمذا في التنقيح اه ح
وذكر منها هنا أربعة
قوله ( تعتق بموته ) أي ولو حكما كلحاقه بدار الحرب مرتدا
وكذا المستأمن لو عاد إلى دار الحرب فاسترق وله أم ولدا في دار الإسلام
نهر
قوله ( من كل ماله ) هذا إذا كان إقراره بالولد في الصحة أو المرض ومعها ولد أو كانت حبلى فإن لم يكن شيء من ذلك عتقت من الثلث لأنه عند عدم الشاهد إقرار بالعتق وهو وصية كذا في المحيط وغيره
نهر
وسيأتي في الفروع
قوله ( والمدبرة تسعى ) أي إن لم تخرج من الثلث على ما مر تفصيله
مطلب في قضاء القاضي بخلاف مذهبه قوله ( ولو قضي بجواز بيعها ) أي قضي به حنفي مثلا على إحدى الروايتين عن الإمام من أن القاضي لو قضي بخلاف رأيه ينفذ قضاؤه أي ما لم يقيده السلطان بمذهب خاص أما على الرواية الأخرى وهو قولهما المرجح لا ينفذ مطلقا فيراد القاضي المقلد لداود الظاهري فإنه يقول بجواز بيعها وله واقعة مع أبي سعيد البردعي شيخ الكرخي حكاها الزيلعي وغيره
وذكرها ح فراجعه
قوله ( لم ينفذ ) هذا عند محمد وعليه الفتوى
وقالا ينفذ والخلاف مبني على خلاف في مسألة أصولية هي أن الإجماع المتأخر هل يرفع الخلاف المتقدم عندهما لا يرفع لما فيه من تضليل بعض الصحابة رضي الله عنهم
وعنده يرفع
ح عن المنح
وذكر في التحرير أن الأظهر من الروايات أنه لا ينفذ عندهم جميعا اه
ومفاده ارتفاعه عندهم فيثبت الإجماع المتأخر لأنه حيث ارتفع
____________________
(3/692)
الخلاف المتقدم لم يبق في المسألة قول آخر فكان القضاء به قضاء بما لا قائل به فلا ينفذ لمخالفته الإجماع
قلت لكن المقرر في كتاب القضاء كما سيأتي تحريره إن شاء الله تعالى أن الحكم ثلاثة أنواع منه ما لا يصح أصلا وإن نفذه ألف قاض وهو ما خالف كتابا أو سنة مشهورة أو إجماعا ومنه ما ثبت فيه الخلاف قبل الحكم ويرتفع بالحكم حتى لو رفع إلى قاض آخر لا يراه أمضاه ومنه ما ثبت فيه الخلاف بعد الحكم أي وقع الخلاف في صحة الحكم به فهذا إن رفع إلى قاض آخر فإن كان لا يراه أبطله وإن كان يراه أمضاه
ومقتضى قوله بل يتوقف الخ أنه من هذا النوع ومقتضى كونه مخالفا للإجماع أنه من النوع الأول وبه صرح الشارح في كتاب القضاء حيث قال عند قول المصنف أو إجماعا كحل المتعة لإجماع الصحابة على فساده وكبيع أم ولد على الأظهر وقيل ينفذ على الأصح فجعل عدم النفاذ مبنيا على مخالفته للإجماع وعليه فلا يصح قوله بل يتوقف الخ فتأمل
ثم رأيت في التحرير عز قوله بل يتوقف إلى الجامع
ووجهه بأن الإجماع المبسوط بخلاف مختلف في كونه إجماعا ففيه شبهة كخبر الواحد فكذا في متعلقه وهو ذلك الحكم المجمع عليه فكان القضاء به نافذا لأنه غير مخالف للإجماع القطعي وقال شارحه ثم الأظهر أن الخلاف في القضاء ببيع أم الولد في نفس القضاء كما في متعلقه الذي هو جواز البيع لا في نفس متعلقه فقط
فيتجه ما في الجامع لأن قضاء الثاني هو الذي يقع في مجتهد فيه أعني الأول فلذا قال في الكشف وهذا أوجه الأقاويل اه
والله سبحانه أعلم
فرع باع أم ولده والمشتري يعلم بها فولدت فادعاه فهو للبائع لأن له فراشا عليها فإن نفاه ثبت المشتري استحسانا وكذا لو يعلم المشتري إلا أن الولد يكون حرا لو نفاه البائع ولو باع مدبرته ووطئها المشتري عالما بها فولدت منه ثبت منه ولم يعتق ورده مع أمه إلى البائع لأنه غير مغرور محيط قوله ( وإن ولدت بعده ) أي بعد الولد الذي ثبت منه باعترافه أو بنكاحه
قوله ( إذا لم تحرم ) قيد لقوله بلا دعوى
قوله ( بنحو نكاح ) أي من كل حرمة مزيلة للفراش بخلاف الحرمة بالحيض والنفاس والصوم والإحرام وأدخل بلفظ نحو الاشتراك فيها فلو ولدت المشتركة ولدا ثانيا لم يثبت بلا دعوى كما سيذكره قبيل قوله وهي أم ولدهما ويأتي بيانه أو كانت الحرمة بسبب إرضاعها زوحته الصغيرة
نهر
قوله ( أو وطء ابنه ) مصدر مضاف لفاعله والمراد أن يطأها أحد أصوله أو فروعه
قوله ( أو المولى أمها ) المراد أن يطأ امولى إحدى أصولها أو فروعها ح
قوله ( فحينئذ ) أي فحين إذ حرمت عليه بأحد هذه الأشياء اه ح
قوله ( لأكثر من ستة أشهر ) كذا في البحر عن البدائع
قال ح والأولى لستة أشهر فأكثر كما لا يخفي
قوله ( لا يثبت إلا بدعوة ) لأن الظاهر أنه ما وطئها بعد الحرمة فكانت حرمة الوطء كالنفي دلالة فإن ادعاه يثبت لأن الحرمة لا تزيل الملك
قوله ( فلا يثبت ) لأن الولد للفراش وهو الزوج
قوله ( ولو لأقل إلخ ) قال في البحر بعد عزوه ما مر للبدائع وظاهر تقييده بالأكثر من الستة أنها لو ولدته بعد عروض الحرمة لأقل من ستة أشهر فإنه يثبت نسبه بلا دعوة للتيقن بأن العلوق كان قبل عروضها وقد ذكره في فتح القدير بحثا اه أي فقد وافق بحثه مفهوم الرواية فافهم
لكن ينبغي تقييد هذا بما إذا زوجها المولى غير عالم بالحمل لما في التوشيح وغيره من أنه ينبغي أنه لو زوجها بعد العلم قبل اعترافه به أنه يجوز النكاح ويكون نفيا اه
ذكره في البحر وغيره في فصل محرمات النكاح وقدمناه في نكاح العبد والمدبرة والقنة كأم الولد بالأولى
____________________
(3/693)
لأنه إذا كان نفيا فيما يثبت بالسكوت ففيما لا يثبت إلا بالدعوة أولى كما في النهر من المحرمات قوله ( لندب استبرائها قبله ) أي استبراء المولى إياها قبل النكاح وظاهره أن العلة في فساد النكاح ندب الاستبراء وأن ذلك مذكور في البحر وليس كذلك بل العلة في فساده ظهور الحبل قبل تمام الستة أشهر كما تفيده عبارة البحر حيث قال وأفاد بالتزويج أنه لا يجب عليه الاستبراء
قالوا هو مستحب كاستبراء البائع لاحتمال أنها حبلت منه فيكون النكاح فاسدا فكان تعريضا للفساد اه ط
قلت وقدمنا في فصل المحرمات أن الصحيح وجوب الاستبراء قبل التزويج وقوله لاحتمال الخ يفيد أنه لو تحقق حبلها منها بأن ولدت لأقل من ستة أشهر يكون النكاح فاسدا سواء استبرأها أو لا ويفيده عبارة كافي الحاكم حيث قال ولا ينبغي له أن يزوج أم ولده حتى يستبرئها فيعلم أنها ليست بحامل فإن زوجها فولدت لأقل من ستة أشهر فهو من المولى والنكاح فاسد اه
ووجهه أن الاستبراء علامة ظاهرة باعتبار الغالب وإلا فقد تكون حاملا وما رأته من الدم استحاضة والولادة لأقل من ستة أشهر من وقت التزويج دليل قطعي على كونها حاملا وقته فلا تعارضه العلامة الظاهرة الغالبة
ولا يقال إن تزويجها بعد الاستبراء يكون نفيا للولد فلا يثبت منه لأنا نقول إنما يكون نفيا له إذا علم بوجوده كما مر عن التوشيح أما إذا زوجها على ظن عدم وجوده ثم علم أنه موجود فمن أين يكون نفيا لنسبه فافهم قوله ( للأمة ) فإنه لا يثبت إلا بالدعوة وينتفي بلا لعان
قوله ( لأم الولد ) يثبت بلا دعوة وينتفي بلا لعان ويملك نقل فراشها بالتزويج ( للمعتدة ) أي معتدة البائن ح
قوله ( لعدم اللعان ) لأن شرط اللعان قيام الزوجية بأن تكون منكوحة أو معتدة رجعي كما تقدم في بابه ح
قوله ( إلا إذا قضي به ) استثناء من قوله لكنه ينتفي بنفيه ط
قوله ( غير حنفي ) أما الحنفي فليس له الحكم من غير صريح الدعوى
بحر
قوله ( يرى ذلك ) أي يرى صحة القضاء بأنه ولد بعد نفيه من غير دعوى
قوله ( كما مر في اللعان ) حيث قال هناك نفي الولد الحي عند التهنئة ومدتها سبعة أيام عادة وعند ابتياع آلة الولادة صح وبعده لا لإقراره به دلالة اه
قوله ( لأنه دليل الرضا ) عبارة البحر لأن التطاول دليل إقراره لوجود دليله من قبول التهنئة ونحوه فيكون كالتصريح
قوله ( في هاتين الصورتين ) زاد في الشرنبلالية ما لو أعتقها فإنه يثبت نسب ولدها إلى سنتين من يوم الإعتاق كما إذا مات ولا يمكن نفيه لأن فراشها تأكد بالحرية اه
قوله ( يعني الكافر ) أي ليشمل الحربي المستأمن أما الذي في دار الحرب فلا يتمكن من عرض الإسلام عليه فهو معلوم أنه غير مراد فافهم
قوله ( أو مدبرته ) ذكره في البحر والنهر أيضا
قوله ( نظرا للجانبين ) أي جانب أم الولد بدفع الذل عنها بصيرورتها حرة يدا وجانب الذمي ليصل إلى بدل ملكه
مطلب خصومة الذمي أشد من خصومة المسلم قوله ( لأن خصومة الذمي الخ ) في الخانية من الغصب مسلم غصب من ذمي مالا أو سرقة فإنه يعاقب عليه يوم القيامة لأنه أخذ مالا معصوما والذمي لا يرجى منه العفو بخلاف المسلم فكانت خصومة الذمي أشد وعند
____________________
(3/694)
الخصومة لا يعطي ثواب طاعة المسلم للكافر لأنه ليس من أهل الثواب ولا وجه لأن يوضع على المسلم وبال كفر الكافر فيبقى في خصومته وعن هذا قالوا إن خصومة الدابة تكون أشد من خصومة الآدمي على الآدمي اه
قوله ( في ثلث قيمتها قنة ) كذا قاله الإتقاني بأن يقدر القاضي قيمتها فينجمها عليها فتصبر مكاتبة وهي وإن كانت عند الإمام غير متقومة إلا أن الذمي يعتقد في هذا تقومها أفاده في النهر ومثله في الفتح
قوله ( إذ لو ردت ) أي إلى الرق لأعيدت مكاتبة لقيام الموجب ما لم يسلم مولاها
عيني
قوله ( ولو مات قبل سعايتها ولها ولد إلخ ) كذا في عامة النسخ وفي بعضها ولو مات قبل سعايتها عتقت بلا سعاية ولو ماتت هي ولها ولد إلخ وهو الصواب لأن قوله ولها ولد إنما يناسب موتها هي لا موت سيدها لكن يبقى قوله وإلا عتقت مجانا غير مرتبط بما قبله ولا معنى له فكان عليه أن يقول بعد تمام عبارة المصنف ولو ماتت هي ومعها ولد ولدته في سعايتها سعى فيما عليها كما عبر به في شرحه على الملتقى
قوله ( فيسعى في ثلثي قيمته ) أي قنا وقيل في نصفها كما مر
قوله ( وإلا أمر ببيعها ) لأن البيع هنا ممكن بخلاف أم الولد والمدبر قوله ( ذكره مسكين ) أي ذكر تقييد الجبر على البيع بعرض الإسلام عليه وإبائه كما في البحر
قوله ( ولو مع ابنه ) في بعض النسخ ولو مع أبيه بالموحدة ثم المثثناة وهي الموافقة لقوله في الدر المنتقى ولو كان الشريك أباه واعترضها ج بأنها غير صحيحة واستدل لذلك بقول البحر وشمل ما إذا كان المدعي منهما الأب كما إذا كانت مشتركة بين الأب وابنه فادعاه الأب صح ولزمه نصف القيمة والعقر كالأجنبي بخلاف ما إذا استولدها ولا ملك له فيها حيث لا يجب العقر عندنا اه
قلت وفيه نظر ظاهر إذ لا مانع من دعوى الابن ولد الأمة المشتركة مع أبيه نعم يقدم الأب إذا ادعاه معه كما سيأتي ولا دعوى هنا إلا من واحد وتخصيص صاحب البحر بكون المدعي الأب لبيان الفرق بين هذه المسألة وبين مسألة أخرى وهي ما إذا ادعى ولد أمة ابنه حيث لا يجب عليه العقر لأنه إذا لم يكن للأب فيها
ملك مست الحاجة إلى إثبات الملك فيها سابقا على الوطء نفيا له عن الزنا فلا عقر وإذا كان له فيها ملك في شقص منها لم يكن زنا وانتفت الحاجة فيلزمه نصف العقر فافهم
قوله ( ثبت نسبه منه ) لأن النسب إذا ثبت منه في نصفه لمصادفته ملكه ثبت في الباقي ضرورة أنه لا يتجزأ لما أن سببه وهو العلوق لا يتجزأ إذ الولد الواحد لا يعلق من ماءين
درر
قوله ( أو مكاتبا الخ ) في كافي الحاكم وإذا كانت الجارية بين حر ومكاتب فولدت ولدا فادعاه المكاتب فإن الولد ولده والجارية أم ولد له ويضمن نصف قيمتها يوم علقت منه ونصف عقرها ولا يضمن من قيمة الولد شيئا فإن ضمن ذلك ثم عجز كانت الجارية وولدها مملوكين لمولاه وإن لم يضمنه ذلك ولم يخاصمه رجع نصف الجارية ونصف الولد للشريك الحر اه
قوله ( لكنه إن عجز فله بيعها ) قد علمت أنه إن عجز بعد الضمان صارت الجارية وولدها لمولاه وإن عجز قبله رجع نصف الجارية والولد للشريك وحينئذ فالضمير في له بيعها على الأول يرجع للمكاتب يعني بإذن مولاه أو للمولى وعلى الثاني يرجع للشريك ويكون المراد في بيعها بيع حصته منها فافهم
قوله ( يوم العلوق ) الأولى ذكره بعد قوله نصف قيمتها ونصف عقرها فإن كلا من القيمة
____________________
(3/695)
والعقد يعتبر يوم العلوق كما في الفتح وغيره
قوله ( نصف قيمتها ) لأنه تملك نصيب صاحبه حين استكمل الاستيلاد
درر
قوله ( ونصف عقرها ) لأنه وطىء جارية مشتركة إذ ملكه يثبت بعد الوطء حكما للاستيلاد فيعقبه الملك في نصيب صاحبه
درر
وقدمنا في أول باب المهر عن الفتح أن العقر هو مهر مثلها في الجمال أي ما يرغب به في مثلها جمالا فقط
قوله ( ولو معسرا ) لأنه ضمان تملك بخلاف ضمان العتق كما تقرر في موضعه
درر
قوله ( لأنه علق حر الأصل ) إذ النسب يستند إلى وقت العلوق والضمان يجب في ذلك الوقت فيحدث الولد على ملكه ولم يعلق منه شيء على ملك شريكه
درر
( تنبيه ) قيد المسألة في الفتح بقوله هذا إذا حملت على ملكهما فلواشترياها حاملا فادعاه أحدهما ثبت نسبه منه ويضمن لشريكه نصف قيمة الولد لأنه لا يمكن استناد الاستيلاد إلى وقت العلوق لأنه لم يحصل في ملكها ولذا لا يجب عليه عقر لشريكه هنا وتمامه فيه
قوله ( وإن ادعياه معا ) قيد بالمعية لأنه لو سبق أحدهما بالدعوة فالسابق أولى كائنا من كان
جوهرة
وكونهما اثنين غير قيد عنده بل عند أبي يوسف
وعند محمد يثبت من ثلاثة لا غير وعند زفر من خمسة قوله ( وقد استويا الخ ) أي بأن يكونا مالكين أجنبيين مسلمين أو حرين أو ذميين أو مجوسيين قوله ( وقت الدعوة الخ ) فلو كان أحدهما مسلما والآخر ذميا وقت العلوق ثم أسلم الذمي وقت الدعوة كانا متساويين وكان لهما كما ذكره في غاية البيان
قوله ( قدم من العلوق في ملكه ) قال في الفتح إذا حملت على ملك أحدهما رقبة فباع نصفها من آخر فولدت يعني لتمام ستة أشهر من بيع النصف فادعياه يكون الأول أولى لكون العلوق في ملكه اه
وكان المناسب أن يقول لأقل من ستة أشهر من بيع النصف بدليل قوله لكن العلوق في ملكه وبدليل ما يأتي في مسألة النكاح اه ح
وفي كافي الحاكم من باب دعوة الحمل وإذا كانت الأمة بين رجلين فولدت ولدا فادعياه جميعا وقد ملك أحدهما نصيبه منذ شهر والآخر منذ ستة أشهر قدم صاحب الملك الأول
قوله ( ولو بنكاح ) قال في الفتح إذا كان الحمل على الملك أحدهما نكاحا ثم اشتراها هو وآخر فولدت لأقل من ستة أشهر من الشراء فادعياه فهي أم ولد الزوج فإن نصيبه صار أم ولد له والاستيلاد لا يحتمل التجزي عندهما ولا بقاءه عنده فيثبت في نصيب شريكه أيضا اه ح
قوله ( وأب ) معطوف على من في قوله قدم من العلوق في ملكه ط
قوله ( على ابن الخ ) لف على سبيل المرتب ط
قوله ( ومرتد ) كذا وقع في البحر وتبعه في النهر والشرنبلالية وهو سبق قلم من صاحب البحر لمخالفته لما في كافي الحاكم وغاية البيان والفتح والزيلعي من تقديم المرتد على الذمي لأنه أقرب إلى الإسلام أي لأنه يجبر على الإسلام فيكون الولد مسلما وهذا أنفع له ونقل ط عن أبي السعود التنبيه على أنه سبق قلم كما قلنا
ثم اعلم أن مقتضى تقديم أحدهما في هذه المسائل وهو من وجد معه المرجح أنه يصير حكمه حكم ما لو ادعاه أحد الشريكين فقط لما سمعت من عبارة الفتح من أنها تصير أم ولد الزوج ويثبت النسب منه وعليه فيضمن نصف قيمتها ونصف عقرها هذا ما ظهر لي فاغتنمه فإني لم أرى من صرح به
ثم رأيت في كافي الحاكم الشهيد ما نصه وإذا كانت الجارية بين مسلم وذمي ومكاتب وعبد فادعوا جميعا ولدها فدعوة المسلم أولى وإن كان نصيبه أقل الأنصباء وعليه ضمان حصة شركائه من قيمة الأم والعقر وعلى
____________________
(3/696)
كل واحد من الآخرين حصة شركائه ومن العقر لإقراره بالوطء إلا أن العبد يؤخذ به بعد العتق اه
فهذا صريح فيما قلنا ولله الحمد قوله ( ثم لا يثبت الخ ) أقول هذا راجع لأصل المسألة وهو ما إذا ادعياه معا وقد استويا في الأوصاف وثبت نسبه منهما لا لصور الدعوى مع المرجح وإن أوهم كلامه تبعا للبحر والنهر خلافه لما علمت من تقديم من معه الترجيح وأنها تصير أم ولده ويثبت النسب منه وحيث صارت أم ولده وحده لم يبق له شريك فيها فلا يحرم وطؤها عليه فإذا جاءت بولد ثان يثبت منه بلا دعوى كما لو ادعاه أحد الشريكين فقط وقد نقل في البحر والنهر المسألة عن المجتبى
والذي في المجتبى دليل لما قلنا فإنه قال في تعليل أصل المسألة ولأنهما استويا في سبب الاستحقاق فيستويان فيه حتى لو وجد المرجح لا يثبت منهما بأن أحدهما أبا لاخر أو كان مسلما والآخر ذميا ثبت من الآب والمسلم لوجود المرجح ولما ثبت نسبه منهما صارت أمة أم ولد لهما ويقع عقرها قصاصا ولو جاءت بآخر لم يثبت نسبه من واحد إلا بالدعوى لأن الوطء حرام فتعتبر الدعوى اه
فقوله ولما ثبت نسبه منهما راجع لأصل المسألة لا لمسألة المرجح لقوله في مسألة المرجح لا يثبت منهما فقوله ولو جاءت بآخر من فروع أصل المسألة أيضا كما هو ظاهر فافهم اغتنم هذا التحرير فإنه من فتح القدير
قوله ( كما مر ) أي في قوله إذا لم تحرم عليه ح
قوله ( وهي أم ولدهما ) فتخدم كلا منهما يوما وإذا مات أحدهما عتقت لا وضمان للحي في تركة الميت لرضا كل منهما بعتقها بعد الموت ولا تسعى للحي عند أبي حنيفة لعدم تقومها وعلى قولهما تسعى في نصف قيمتها بحر
قوله ( إن حبلت في ملكهما ) بأن ولدت لستة أشهر فأكثر من يوم الشراء
ح عن البحر
قوله ( لا ) أي لا تكون أم ولد لهما لو اشترياها حبلى بأن ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء فادعياه وكذا لو اشترياها بعد الولادة ثم ادعياه بحر
قوله ( لأنها دعوة عتق ) أي لا دعوة استيلاد فيعتق الولد مقتصرا على وقت الدعوة بخلاف دعوى الاستيلاد فإن شرطها كون العلوق في الملك وتستند الحرية إلى وقت العلوق فيعلق حرا اه فتح
وحاصله أن قول كل منهما هذا الولد ابني تحرير منهما ولا تصير أمه أم ولد لهما ولا يجب على كل واحد منهما العقر لصاحبه لعدم الوطء في ملكه كما في الزيلعي
قوله ( فولاؤه لهما ) تفريع على كونها دعوة عتق من كل منهما فكأن كل واحد أعتق نصيبه منه فيكون ولاؤه له لكن صرح الزيلعي وكذا في الدرر بثبوت النسب منهما فحيث ثبت النسب فما فائدة الولاء
تأمل
نعم تقدم أول العتق أنه إذا قال هذا ابني عتق مطلقا وكذا يثبت نسبه إذا صلح ابنا له وكان مجهول النسب وإلا لم يثبت نسبه وبه يحصل التوفيق
تأمل
قوله ( يضمن نصف قيمة الولد ) أي لأنها دعوة إعتاق فيضمن حصة شريكه من الولد بخلاف ما إذا حبلت في ملكهما فإنه لا يضمنه كما مر في قوله لا قيمة ولدها
قوله ( لا العقر ) لعدم الوطء في ملك صاحبه قوله ( وعلى كل نصف عقرها ) لأن الوطء في المحل المحترم لا يخلو عن عقر أو عقر وقد تعذر الأول للشبهة فتعين الثاني
نهر
قوله ( وتقاصا ) أي سقط ما على كل واحد منهما للآخر بما له على الآخر إن تساويا
قال في النهر وفائدة إيجاب العقر مع هذا أنه لو أبرأ أحدهما صاحبه بقي حق الآخر ولو قوم نصيب أحدهما بالدراهم والآخر بالذهب كان له أن يدفع الدراهم ويأخذ الذهب
قوله ( فيأخذ منه الزيادة ) وكذا الغلة
____________________
(3/697)
والكسب والخدمة
نهر
قوله ( بخلاف البنوة ) أي النسب
قوله ( والإرث ) أي إرث الولد منهما
قوله ( والولاء ) حق التعبير والولاية أي ولاية الإنكاح فإنها تثبت لكل من المدعيين كملا وكذا في المال عند أبي يوسف قال في البحر عن وصايا الخانية فإن كان لهذا الولد مال ورثه من أخ له من أمه أو وهب له لا ينفرد بالتصرف فيه أحد الأبوين عندهما وعند أبي يوسف ينفرد اه
قوله سوية أي لا على قدر الحصص بل يستويان في ثبوته لكل منهما كملا قوله ( لعدم تجزي النسب إلخ ) قال الزيلعي النسب وإن كان لا يتجزى لكن يتعلق به أحكام متجزئة كالميراث والنفقة والحضانة والتصرف في المال وأحكام غير متجزئة كالنسب وولاية الإنكاح فما يقبل التجزئة يثبت بينهما على التجزئة وما لا يقبلها يثبت في حق كل واحد منهما على الكمال كأنه ليس معه غير اه وتمامه في البحر قوله ( إرث ابن كامل ) لإقرار كل منما أنه ابنه على الكمال
نهر
قوله ( وورثا منه إرث أب واحد ) لأن المستحق أحدهما فيقتسمان نصيبه لعدم الأولوية
نهر
وإذا مات أحدهما كان كل الميراث للباقي منهما ولا يكون نصفه للباقي ونصفه لورثة الميت كذا قالوا ويلزم عليه أن تكون أمه أم ولد للباقي فلا يعتق شيء منها بموت أحدهما
حموي عن اليعقوبية
وأجاب السيد أبو السعود بأن عدم توريث ورثة الميت للمانع وهو حجبهم بأبوة الباقي لثبوتها له كملا ولا مانع لعتق الأم بموته فظهر الفرق
قوله ( وكذا الحكم إلخ ) أي أن قوله وإن ادعياه معا ليس بقيد بل إذا كان الشركاء جماعة وادعوه يثبت نسبه منهم عند الإمام وعند أبي يوسف يثبت النسب من اثنين فقط وعند محمد من ثلاثة وعند زفر من خمسة قوله ( ولو نساء ) أي لو تنازع فيه امرأتان قضي به أيضا بينهما عنده لا عندهما ولو معهما رجل يقضي بينهما عنده وللرجل فقط عندهما
بحر
قوله ( عتقت بلا شيء ) أي بلا سعاية ولا ضمان لما مر من عدم تقومها عنده قوله ( قلت إلخ ) هو صاحب البحر وقال إنه نبه عليه في المجتبى
قلت والذي في المجتبى قال أستاذنا ظن بعض الناس أن قوله عتقت بالإجماع دليل على أن الإعتاق لا يتجزأ عند أبي حنيفة وقد كشف السر فيه القاضي الصدر في غنى الفقهاء وشيخ الإسلام بأن الإعتاق يتجزأ عنده لكن العتق لا يتجزأ فيسري إلى نصيب شريكه وإنما أخر العتق فيما إذا أعتق بعض القن نظرا للساكن ليصل إلى حقه بالضمان أو السعاية قبل بطلان ملكه ولا كذلك هنا لأنه لا يجب لا الضمان ولا السعاية عنده فلا فائدة في تأخير العتق فيه فيعتق في الحال اه
ثم اعلم أن الكلام في تجزي إعتاق أم الولد وأما نفس الاستيلاد فإنه يتجزأ عنده كالتدبير كما قدمناه عن البدائع وقوله لا في أم الولد يفيد أن الإعتاق يتجزأ في المدبر والمكاتب وذكرت فيما علقته على البحر ما يدل عليه وأما ما استدل به ط على ذلك فهو إنما يدل على تجزي التدبير والكتابة لا على تجزي إعتاق المكاتب والمدبر فافهم قوله ( وخرج الكلامان منهما معا ) أما لو تقدم أحدهما فإن كان الدعوى فهو كذلك بالأولى
____________________
(3/698)
وإن كان الإعتاق فالظاهر أنه أولى لكون المعتق قد أعتق نصيبه فلشريكه الخيارات السابقة ومنها الإعتاق وقوله إنه ابني إعتاق ويثبت نسبه منه إن جهل نسبه وكأنهم سكتوا عن بيان ذلك لظهوره قوله ( فالدعوة أولى ) ولو المدعي كافرا كما في كافي الحاكم
قوله ( لاستنادها للعلوق ) أي لوقت العلوق والإعتاق يقتصر على الحال فيكون المعتق معتقا ولد الغير
ط عن المنح قوله ( كدعوته ولد جارية الأجنبي ) يجامع عدم ملكه التصرف فيها بخلاف ما لو ادعى ولد جارية ابنه لأن الأب يملك تملكه فلا تعتبر تصديق الابن بل يعتبر تصديق المكاتب والأجنبي لكن يأتي أنه يعتبر في الأجنبي تصديقه في الولد والإحلال إذ لو ادعاه من زنا لا يثبت نسبه
قوله ( أما ولد مكاتبته ) أي لو ادعى ولد نفس مكاتبته لم يشترط تصديقها وخيرت بين البقاء على كتابتها وأخذ عقرها وبين أن تعجز نفسها وتصير أم ولد كذا في الهداية والدراية
نهر
قوله ( كما سيجيء ) أي في كتاب المكاتب ح
قوله ( ولزم المدعي العقر ) لأنه وطىء بغير نكاح ولا ملك يمين
درر
قوله ( وقيمة الولد ) لأنه في معنى المغرور حيث اعتمد ليلا وهو أنه كسب كسبه فلم يرض برقه فيكون حرا بالقيمة ثابت النسب منه إلا أن القيمة هنا تعتبر يوم ولد وقيمة ولد المغرور يوم الخصومة
بحر
والفرق في الفتح
قوله ( لحجره على نفسه ) أي لمنع السيد نفسه عن التصرف في كسب المكاتب بالعقد أي بعقد الكتابة فاشترط تصديقه إلا أنه لو ملك يوما عتقه عليه
نهر
قوله ( ولدت منه الخ ) في كافي الحاكم وإذا وطىء جارية رجل وقال أحلها لي والولد ولدي وصدقة المولى بأنه أحلها له وكذبه في الولد لم يثبت نسب الولد منه لأن الإحلال ليس بنكاح ولا ملك يمين فإن ملكه يوما ثبت نسبه منه وإن ملك أمه كانت أم ولد له وإن صدقه المولى بأن الولد منه فهو ابنه حين صدقه وهو عبد لمولاه
وكذلك الجواب في جارية الزوجة والأبوين إن ادعى أن مولاها أحلها له وأن الولد ولده إلا أن الولد يعتق بالقرابة إذا ثبت نسبه اه
وظاهر قوله لأن الإحلال ليس بنكاح لا ملك يمين يفيد أن المراد به أن يقول أحللتها لك ولعل وجه ثبوت النسب أن هذا القول صار شبهة عقد لأن حلها له لا يكون إلا بالنكاح أو بملك اليمين فكأنه قال ملكتك بضعها بأحد هذين السببين وذلك وإن لم يصح لكنه يصير شبهة مؤثرة في تفي الحد وفي ثبوت النسب إذا صدقه السيد أو ملك الولد لما مر من أنه إذا ملكها بعد ما ولدت منه بنكاح فاسد أو وطء بشبهة تصير أم ولد أي لثبوت النسب بذلك هذا ما ظهر لي وفي حدود الفتاوي الهندية عن المحيط رجل أحل جاريته لغيره فوطئها ذلك الغير لا حد عليه اه
فهذا يؤيد ما مر من أن الإحلال قوله أحللتها لك بدون ملك ولا نكاح إذ لو كان بأحدهما لم يكن للتصريح بسقوط الحد وجه إذ لا معنى للقول بأن من وطىء زوجته أو أمته لا حد عليه فافهم قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يصدقه فيهما جميعا بأن كذبه فيهما جميعا أو في الإحلال فقط أو في الولد فقط لم يثبت نسبه لكن الأخيرة مذكورة في المتن والأولى مفهومه منها بالأولى فبقيت الثانية مقصودة بالتنبيه عليها لمخالفتها لظاهر كلام الزيلعي المذكور ولدفع المخالفة بينهما فافهم قوله ( وقول الزيلعي الخ ) هذا الجواب للمصنف ح
____________________
(3/699)
قوله ( فلا مخالفة ) أي بين ما في الزيلعي وبين ما في الخانية والدرر من أنه لا يثبت النسب إلا إذا صدقه في الأمرين جميعا ومثل ما في الزيلعي ما قدمناه من عبارة الكافي
قوله ( أي المولى ) أفاد أن إضافة تكذيب للضمير من إضافة المصدر لفاعله والمفعول محذوف أي تكذيب المولى إياه
قوله ( ولو مكاتبه ) أي ولو كان مولى الأمة مكاتب المدعي أفاد به ثبوت النسب بملك الولد في مسألة المكاتب المارة
قوله ( ثبت النسب ) أي في الصورتين صورة ملكها وصورة ملكه أما الثانية فظاهرة وأما الأولى فقد تبع المصنف فيها الخانية والدرر
واستشكلها بأن المكذب لدعواه قبل أن يملكه موجود بخلاف ما إذا ملكه فإنه ارتفع المانع وزال المنازع اللهم إلا أن يكون قولهما ملكها أي مع ولدها اه
قلت لكنه خلاف ما فهمه الشارح حيث عطف بأو قوله أو ملكه فإنه ظاهر في أن المراد ملكها وحدها ولعل وجهه أنه إذا ملكها وصارت أم ولده بحكم إقراره لزم ثبوت نسب الولد منه لأن أمومية الولد فرع ثبوت نسب الولد فيثبت نسبه من المدعي ضرورة مع بقائه على ملك المولى حتى إذا ملكه المدعي عتق عليه وهذا إذا كان المراد بقوله بعد تكذيبه أي في الإحلال والولد أما إذا كان المراد تكذيبه في الولد فقط مع تصديقه في الإحلال فالأمر أظهر لتصادقهما على أن وطأها كان حلالا له فتأمل
قوله ( إذا ملكها ) قيد به ليفيد أن قوله وتصير أم ولده راجع للصورة الأولى فقط ولولا ذلك لتوهم أنه راجع للصورتين كما رجع إليهما قوله ثبت النسب وهو غير صحيح لأنه إذا ملك الولد ولم يملكها لا تصير أم ولد له ما لم يملكها ولا يلزم من ملك الولد وثبوت نسبه أن تكون أمه أم ولد قبل أن يملكها كما لا يخفى فعلم أن هذا القيد لا بد منه فافهم قوله ( ولا نسب ) أي لتمحضه زنا كما عللوا به في كتاب الحدود قوله إلا أن يصدقه فيهما مخالف لإطلاقهم في كتاب الحدود عدم ثبوت النسب وإن ادعاه وتعليلهم بتمحضه زنا يدل عليه فلا محل لهذا الإستثناء هنا ولم نجده لغيره نعم محله في المسألة السابقة وضمير فيهما يعود إلى الإحلال والولد
قوله ( عتق عليه ) أي ولم يثبت نسبه كما في الكافي فعلة العتق هنا الجزئية لا النسب كما يأتي لكن توقف عتقه على ملكه خاص بما إذا كانت الجارية لامرأته بخلاف أبيه أو أمه لما في القنية وطىء جارية أبيه فولدت منه سواء ادعى شبهة أو لم يجز يبع الولد لأنه ولد ولده فيعتق عليه وإن لم يثبت النسب اه أي يعتق على الأب للجزئية
قوله ( لعدم ثبوت النسب ) لأن أمومية الولد فرع ثبوت النسب كما قدمناه
قال في الكافي قوله ظننتها تحل لي لم يكن شبهة في ذلك اه أي في ثبوت النسب وإنما هو شبهة في سقوط الحد بخلاف ما مر من دعوى الإحلال فإنها شبهة فيها كما مر
والحاصل أن الوطء في دعوى الإحلال وطء شبهة وبه يثبت النسب فتثبت أمومية الولد بخلاف الوطء مع ظن الحل فإنه زنا محض وإن سقط فيه الحد وإذا كان ظن الحل غير معتبر في ثبوت النسب وتمحض الفعل معه زنا لا تثبت أمومية الولد إذا ملك الأم وإن كان أقر بالولد لأن الزنا لا يثبت فيه النسب وأمومية الولد فرع ثبوته
____________________
(3/700)
وفي الفتح عن الإيضاح أمة جاءت بولد فادعاه أجنبي لا يثبت نسبه صدقه المولى أو كذبه فإن ملكه المدعي عتق ولا تصير أمه أم ولد اه أي لأن عتقه للجزئية لا لثبوت النسب لذا قال عتق ولم يقل ثبت نسبه وبهذا سقط ما أورد على تعليل الشارح أنه لما ادعى الولد فقد أقر له بالنسب ولأمه بأمومية الولد فإذا ملك الأم زال المانع وهو كونها الغير ملك فينبغي أن تصير أم ولد وإن لم يثبت نسب الولد اه
لأنه إذا لم يثبت النسب لا تصير أم ولد فافهم
فإن قلت قد تصير أم ولد مع عدم ثبوت النسب فيما لو زوج أمته من عبده ثم ولدت فادعاه
قلت إنما صارت أم ولد للمولى لإقراره بأأ الولد علق منه قبل التزويج بوطء حلال لكن لم يثبت منه لوجود الفراش الصحيح فقد تعلق به حق الغير وهو الزوج ولولاه لثبت من المولى فلم يثبت منه هنا لعارض والزنا لا يثبت منه الولد على كل حال هذا ما ظهر لي
قوله ( لكنه نقل ) أي المصنف قوله ثبت النسب أي فتصير أم ولده ضرورة ثبوت النسب مع زوال المانع وهو ملك الغير فينافي قوله لا تصير أم ولده لعدم ثبوت نسبه والجواب أن ما نقله لمصنف عن الدرر والخانية ليس في هذه المسألة وهي قوله ظننت حلها لي بل في مسألة دعوى الإحلال
ونقل ح عبارتهما بتمامها وقد علمت الفرق بين المسألتين وأن ظن الحل شبهة في سقوط الحد لا في ثبوت النسب بخلاف دعوى الإحلال فإنها شبهة فيهما فالاستدراك في غير محله فافهم
قوله ( نعم في الخانية الخ ) يعني أن هذا الإشكال فيه لأن الزنا لا يثبت فيه النسب فلا تصير أم ولده وإن ملكها لكن قد علمت أن الوطء في مسألة ظن الحل زنا أيضا
قوله ( لم تصر أم ولده ) أي فله بيعها ط
قوله ( وإن ملك الولد عتق ) لأنه جزؤه حقيقة
قوله ( ولو أخته لأبيه ) والفرق أن الأخ ينسب إلى أخته لأبيه بواسطة الأب ونسبة الأب منقطعة فلا تثبت الأخوة أما بالنسبة إلى الأم تنقطع فتكون الأبوة ثابتة من جهتها فيعتق بالملك كما في شروح الهداية ولذا لو مات يرثه أخوه لأمه دون أخيه لأبيه
قوله ( يملكها لطفله ) فائدة ذلك وإن خرجت من ملكه أنه يخاف أنها ولدت منه قد تتمرد عليه وتكدر عيشه فإذا علمت أن له بيعها كلما أراد انقادت له وإذا باعها ينفق ثمنها على طفله بدلا عما كان ينفقه عليه من ماله وله أيضا إنفاقه على نفسه عند الاحتياج إليه فظهر أن بيعها لطفله ينتفع بلا ضرر يلحقه فافهم
قوله ( ثأ يتزوجها ) أي يزوجها لنفسه وإذا ولدت منه ولدا يعتق على الطفل لكونه ملك أخاه
قوله ( وإلا فمن الثلث ) لأنه عند عدم الشاهد إقرار بالعتق في المرض وهو من الثلث كما قدمناه
قوله ( وما في يدها للمولى ) لأنه كان ملكا له قبل أن تعتق بموته
قوله ( إلا إذا أوصى لها به ) لأنها تعتق بموته فيكون وصية لحرة بخلاف القن إذا أوصى له بشيء من ماله فلا يصح إلا إذا أوصى له بثلث ماله أو برقبته فإنه يصح كما مر في باب التدبير
قوله ( أن يترك لها الخ ) ظاهر الإطلاق أنها تستحق ذلك لأنه يشمل اما إذا كان
____________________
(3/701)
في الورثة صغار ولو كان ذلك على وجه التبرع لم يصح تأمل وقد مر تفسير الملحفة والقميص والمقنعة في المتعة من باب المهر
قوله ( ولا شيء للمدبر ) أي من الثياب وغيرها بحر عن المجتبى ثم هل المدبرة كذلك لم أره ولينظر وجه الفرق بينه وبين أم الولد
وفي الخانية رجل أعتق عبده وله مال فماله لمولاه إلا ثوبا يواري العبد أي ثوب شاء المولى
( تتمة ) نقل ط في هذا الباب عن قاضيخان سئل أبو بكر عن رجل مات وترك أم ولد هل يجب لها النفقة في ماله قال إن كان لها ولد فلها النفقة وإلا فلا نفقة لها اه
قلت المراد أنها تجب نفقتها على ولدها ولو صغيرا كما قدمنا التصريح به في باب النفقة عن الذخيرة أي فتنفق من مال ولدها الذي ورثه لا من أصل مال الميت لأنه صار مال الورثة وهي أجنبية عنهم فافهم والله سبحانه وتعالى أعلم
كتاب الأيمان قوله ( مناسبته الخ ) قال في الفتح اشترك كل من اليمين والعتاق والطلاق والنكاح في أن الهزل والإكراه لا يؤثر فيه إلا أنه قدم النكاح لأنه أقرب إلى العبادات كما تقدم والطلاق رفعه بعد تحققه فإيلاؤه إياه إوجه واختص العتاق عن اليمين بزيادة مناسبته بالطلاق من حهة مشاركته إليه في تمام معناه الذي هو الإسقاط وفي لازمه الشرعي الذي هو السراية فقدمه على اليمين
قوله ( في الإسقاط ) فإن الطلاق إسقاط قيد النكاح
العتاق إسقاط قيد الرق ط
قوله ( والسراية ) فإذا طلق نصفها سرى إلى الكل وكذا العتق أي عندهما لقولهما بعدم تجزيه أما عنده فهو منجز ط
قوله ( لغة القوة ) قال في النهر واليمين لغة لفظ مشترك بين الجارحة والقوة والقسم إلا أن قولهم كما في المغرب وغيره سمي الحلف يمينا لأن الحالف يتقوى بالقسم أو أنهم كانوا يتماسكون بأيمانهم عند القسم يفيد كما في الفتح أن لفظ اليمين منقول اه
أقول هو منقول من أصل اللغة إلى عرفها فلا ينافي كونه في اللغة مشتركا بين الثلاثة وإنما اقتصر الشارح على القوة لظهور المناسبة بينه وبين المعنى الاصطلاحي المذكور في المتن ح
قلت أو لأنها الأصل فقد قال في الفتح في باب التعليق أن اليمين في الأصل القوة وسميت إحدى اليدين باليمين لزيادة قوتها على الأخرى وسمي الحلف بالله تعالى يمينا لإفادته القوة على المحلوف عليه من الفعل والترك ولا شك أن تعليق المكروه للنفس أمر يفيد قوة الامتناع عن ذلك أمر وتعليق المحبوب لها على ذلك يفيد الحمل عليه فكان يمينا اه
فقد أفاد أن أصل المادة بمعنى القوة ثم استعملت في اللغة لمعان أخر لوجود المعنى الأصل فيها كلفظ الكافر من الكفر وهو الستر فيطلق على الكافر بالله تعالى وكافر النعمة وعلى الليل وعلى الفلاح وهكذا في كثير من الألفاظ اللغوية التي تطلق علي أشياء ترجع إلى أصل واحد عام
____________________
(3/702)
فيصح أن يطلق عليها الإشتراك نظرا إلى إتحاد المادة مع اختلاف المعاني وأن يطلق عليها لفظ المنقول نظرا إلى المعنى الأصلي الذي ترجع إليه والقول بأن المنقول يهجر فيه المعنى الأصلي وهذا ليس منه غير مقبول فإن اليمين إذا أطلق على الحلف لا يراد به القوة لغة ولهذا قال في الفتح هنا بعد ذكره أنه منقول ومفهومه لغة جملة أولى إنشائية صريحة الجزأين يؤكد بها جملة بعدها خبرية فاحترز بأولى عن التوكيد اللفظي بالجملة نحو زيد قائم زيد قائم فإن المؤكد فيه هو الثانية لا الأولى عكس اليمين وبإنشائية عن التعليق فإنه ليس يمينا حقيقة لغة الخ
وقوله يؤكد بها الخ إشارة إلى وجود المعنى الأصلي وهو القوة لا على أنه هو المراد وكذا إذا أطلق على الجارحة لا يراد به نفس القوة بل اليد المقابلة لليسار وهي ذات والقوة عرض فقد هجر فيه المعنى الأصلي وإن لوحظ اعتباره في المنقول إليه وبهذا ظهر أن المناسب بيان معنى اليمين اللغوي المراد به الحلف ليقابل به المعنى الشرعي وأما تفسيره بالمعنى الأصلي فغير مرضي فافهم
قوله ( على الفعل أو الترك ) متعلق بالعزم أو بقوى ط
قوله ( فإنه يمين شرعا ) لأنه يقوى به عزم الحالف على الفعل في مثل إن لم أدخل الدار فزوجته طالق وعلى الترك في مثل إن دخلت الدار
قال في البحر وظاهر ما في البدائع أن التعليق يمين في اللغة أيضا قال لأن محمدا أطلق عليه يمينا وقوله حجة في اللغة
مطلب حلف لا يحلف حنث بالتعليق إلا في مسائل قوله ( مذكورة في الأشباه ) عبارته حلف لا يحلف حنث بالتعليق إلا في مسائل أن يعلق بأفعال القلوب أو يعلق بمجيء الشهر في ذوات الأشهر أو بالتطليق أو يقول أديت إلي كذا فأنت حر وإن عجزت فأنت رقيق أو إن حضت حيضة أو عشرين حيضة أو بطلوع الشمس كما في الجامع اه
قلت وإنما لم يحنث في هذه الخمسة لأنها لم تتمحض التعليق
أما الأولى كأنت طالق إن أردت أو أحببت فلأن هذا يستعمل في التمليك ولذا يقتصر على المجلس
وأما الثانية كأنت طالق إذا جاء رأس الشهر أو إذا أهل الهلال المرأة من ذوات الأشهر دون الحيض فلأنه مستعمل في بيان وقت السنة لأن رأس الشهر في حقها وقت وقوع الطلاق السني لا في التعليق وأما الثالثة كأنت طالق إن طلقتك فلأنه يحتمل الحكاية عن الواقع وهو كونه مالكا لتطليقها فلم يتمحض للتعليق
وأما الرابعة كقوله إن أديت إلي ألفا فأنت حر وإن عجزت فأنت رقيق فلأنه تفسير للكتابة
وأما الخامسة كأنت طالق إن حضت حيضة أو عشرين حيضة فلأن الحيضة الكاملة لا وجود لها إلا بوجود جزء من الطهر فيقع في الطهر فأمكن جعله تفسير الطلاق السنة فلم يتمحض للتعليق وحيث لم يتمحض للتعليق في هذه الخمس لا يحمل على التعليق حيث أمكن غيره صونا لكلام العاقل عن المحظور وهو الحلف بالطلاق وإنما حنث في إن حضت فأنت طالق لأنه لا يمكن جعله تفسير للبدعي لأن البدعي أنواع بخلاف السني فإنه نوع واحد وحنث أيضا في أنت طالق إن طلعت الشمس مع أن معنى اليمين وهو الحمل أو المنع مفقود ومع أن طلوع الشمس متحقق الوجود لا خطر فيه
لأنا نقول الحمل والمنع ثمرة اليمين وحكمته فقد تم الركن في اليمين دون الثمرة والحكمة والحكم الشرعي في العقود الشرعية يتعلق بالصورة لا بالثمرة والحكمة ولذا لو حلف لا يبيع فباع فاسدا حنث لوجود ركن البيع وإن كان المطلوب منه وهو الملك غير ثابت اه ملخصا من شرح تلخيص الجامع لابن بلبان الفارسي وبه ظهر أن قول الأشباه أو بطلوع
____________________
(3/703)
الشمس سبق قلم والصواب إسقاطه أو أن يقول لا بطلوع الشمس فافهم
قوله ( فلو حلف لا يحلف الخ ) تفريع على كون التعليق يمينا وقوله حنث بطلاق وعتاق أي بتعليقهما ولكن فيما عدا المسائل المستثناة فكان الأولى تأخير الاستثناء إلى هنا كما مر في عبارة الأشباه
( تنبيه ) يتفرع على القاعدة المذكورة ما في كافي الحاكم لو قال لامرأته إن حلفت بطلاقك فعبدي حر وقال لعبده إن حلفن بعتقك فامرأتي طالق فإن عبده يعتق لأنه قد حلف بطلاق امرأته ولو قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق وكرره ثلاثا طلقت ثنتين باليمين الأولى والثانية لو دخل بها وإلا فواحدة
قوله ( شرطها الإسلام والتكليف ) قال في النهر وشرطها كون الحالف مكلفا مسلما وفسر في الحواشي السعدية التكليف بالإسلام والعقل والبلوغ وعزاه إلى البدائع وما قلناه أولى اه
وجه الأولوية أن الكافر على الصحيح مكلف بالفروع والأصول كما حقق في الأصول فلا يخرج بالتكليف
واعلم أن اشتراط الإسلام إنما يناسب اليمين بالله تعالى واليمين بالقرب نحو إن فعلت كذا فعلي صلاة وأما اليمين بغير القرب نحو إن فعلت كذا فأنت طالق فلا يشترط له الإسلام كما لا يخفي ح
مطلب في يمين الكافر والحاصل أنه شرط لليمين الموجبة لعبادة من كفارة أو نحو صلاة وصوم في يمين التعليق وسيذكر المصنف أنه لا كفارة بيمين كافر ون حنث مسلما وأن الكفر يبطلها فلو حلف مسلما ثم ارتد ثم أسلم ثم حنث فلا كفارة اه
وحينئذ فالأسلام شرط انعقادها وشرط بقائها
وأما تحليف القاضي له فهو يمين صورة رجاء نكوله كما يأتي ومقتضى هذا أنه لا إثم عليه في الحنث بعد ابسلامه ولا في ترك الكفارة وكذا في حال كفره بالأولى على القول بتكليفه بالفروع
فما قيل من أن يمين الكافر منعقدة لغير الكفارة وأن من شرط الإسلام نظر إلى حكمها فهو غير ظاهر فافهم
ويشترط خلوها عن الاستثناء بنحو إن شاء الله أو إلا أن يبدو لي غير هذا أو إلا أن أرى أو أحب كما في ط عن الهندية
قال في البحر ومن زاد الحرية كالشمني فقد سها لأن العبد ينعقد يمينه ويكفر بالصوم كما صرحوا به اه
قلت يشترط أيضا عدم الفاصل من سكوت ونحوه
ففي البزازية أخذه الوالي وقال قل بالله فقال مثله ثم قال لتأتين يوم الجمعة فقال الرجل مثله فلم يأت لا يحنث لأنه بالحكاية والسكوت صار فاصلا بين اسم الله تعالى وحلفه اه
وفي الصيرفية لو قال علي عهد الله وعهد الرسول لا أفعل كذا لا يصح لأن عهد الرسول صار فاصلا اه أي لأنه ليس قسما بخلاف عهد الله قوله ( وإمكان البر أصلا والكفارة خلفا ) كما في الدر المنتقى وأنت خبير بأن الكفارة حاصة باليمين بالله تعالى ح وأراد البر وجودا وعدما فأنه يجب فيما إذا حلف على طاعة ويحرم فيما إذا حلف على معصية ويندب فيما إذا كان عدم المحلف عليه جائزا وفيه زيادة تفصيل سيأتي
____________________
(3/704)
مطلب في حكم الحلف بغيره تعالى قوله ( وهل يكره الحلف تعالى الخ ) قال الزيلعي واليمين بغير الله تعالى أيضا مشروع وهو تعليق الجزاء بالشرط وهو ليس بيمين وضعا وإنما سمي يمينا عند الفقهاء لحصول معنى اليمين بالله تعالى وهو الحمل أو المنع واليمين بالله تعالى لا يكره وتقليله أولى من تكثيره واليمين بغيره مكروهة عند البعض للنهي الوارد فيها وعند عامتهم لا تكره لأنها يحصل بها الوثيقة لا سيما في زماننا وما روي من النهي محمول على الحلف بغير الله تعالى على وجه الوثيقة كقولهم وأبيك ولعمري اه
ونحوه في الفتح
وحاصله أن اليمين بغيره تعالى تارة يحصل بها الوثيقة أي اتثاق الخصم بصدق الحالف كالتعليق والعتاق مما ليس فيه حرف القسم وتارة لا يحصل مثل وأبيك ولعمري فإنه لا يلزمه بالحنث فيه شيء فلا تحصل به الوثيقة بخلاف التعليق المذكور والحديث وهو قوله من كان حالفا فليحلف بالله تعالى الخ محمول عند الأكثرين على غير التعليق فإنه يكره اتفاقا لما فيه من مشاركة المقسم إنه لله تعالى في التعظيم وأما إقسامه تعالى بغيره كالضحى والنجم والليل فقالوا إنه مختص به تعالى إذ له أن يعظم ما شاء وليس لنا ذلك بعد نهينا وأما التعليق فليس فيه تعظيم بل فيه الحمل أو المنع مع حصول الوثيقة فلا يكره اتفاقا كما هو ظاهر ما ذكرناه وإنما كانت الوثيقة فيه أكثر من الحلف بالله تعالى في زماننا لقلة المبالاة بالحنث ولزوم الكفارة أما التعليق فيمتنع الحالف فيه خوفا من وقوع الطلاق والعتاق
وفي المعراج فلو حلف به على وجه الوثيقة أو على الماضي يكره
قوله ( ولعمرك ) أي بقاؤك وحياتك بخلاف لعمر الله فإنه قسم كما سيأتي
قوله ( لعدم تصور الغموس واللغو ) على حذف مضاف أي تصور حكمهما وإلا نافي قوله فيقع بهما ح
قوله ( في غيره تعالى ) أي في الحلف بغيره سبحانه وتعالى
قوله ( فيقع بهما ) أي بالغموس واللغو
قوله ( ولا يرد ) أي على قوله لعدم تصور الخ لو قال هو يهودي إن فعل كذا متعمدا الكذب أو على ظن الصدق فهو غموس أو لغو مع أنه ليس يمينا بالله تعالى
قوله ( وإن لم يعقل وجه الكناية ) أقول يمكن تقرير وجه الكناية بأن يقال مقصود الحالف بهذه الصيغة الامتناع عن الشرط وهو يستلزم النفرة عن اليهودية وهي تستلزم النفرة عن الكفر بالله تعالى وهي تستلزم تعظيم الله تعالى فكأنه قال والله العظيم لا أفعل كذا اه ح
قوله ( تغمسه في الإثم ثم النار ) بيان لما في صيغة فعول من المبالغة ح
قوله ( وهي كبيرة مطلقا ) أي اقتطع بها حق مسلم أو لا وهذا رد على قول البحر ينبغي أن تكون كبيرة إذا اقتطع بها مال مسلم أو آذاه وصغيرة إن لم يترتب عليها مفسدة فقد نازعه في النهر بأنه مخالف لإطلاق حديث البخاري الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين ح الغموس
وقول شمس الأئمة إن إطلاق اليمين عليها مجاز لأنها عقد مشروع وهذه كبيرة محضة صريح فيه ومعلوم أن إثم الكبائر متفاوت اه
وكذا قال المقدسي أي مفسدة أعظم من هتك حرمة اسم الله تعالى
قوله ( على كاذب ) أي على كلام كاذب أي مكذوب
وفي نسخة على كذب
قوله ( عمدا ) حال من فاعل
أي عامدا ومجيء
____________________
(3/705)
الحال مصدر كثير لكنه سماعي
قوله ( ولو غير فعل أو ترك ) كان الأولى ذكره قبيل قوله ووالله إنه بكر فإنه مثال لهذا فيستغنى به عن المثال المذكور وعن تأخير قوله في ماض
قوله ( الآن ) قيد به لما تعرفه قريبا
قوله ( في ماض ) متعلق بمحذوف صفة لموصوف كاذب أي على كلام كاذب واقع مدلوله في حاض ولا يصح تعلقه بقوله حلف إذ ليس المراد أن حلفه وقع في الماضي كما لا يخفي فافهم
قوله ( وتقييدهم بالفعل والماضي الخ ) رد على صدر الشريعة حيث جعل التقييد للاحتراز وإن الله إنه حجر من الحلف على الفعل بتقدير كان أو يكون وجعل الحال من الماضي لأن الكلام يحصل أولا في النفس فيعبر عنه باللسان فالإخبار المعلق بزمان الحال إذا حصل في النفس فعبر عنه اللسان انعقد اليمين وصار الحال ماضيا بالنسبة إلى زمان انعقاد اليمين فإذا قال كتبت لا بد من الكتابة قبل ابتداء التكلم فيكون الحلف عليه حلفا على الماضي وأشار إلى وجود الرد بلفظ الآن فإنه لا يمكن أن يقدر معه كان ليصير فعلا ولا يمكن أن يكون من الماضي لمنافاته للفظ الآن على أن الحال إنما يعبر عنه بصيغة المضارع المستعملة في الحال أو في الاستقبال ولا يخبر عنه بصيغة الماضي أصلا نعم قد يراد تقريب الماضي من الحال فيؤتى بصيغة الماضي مقرونة بقد نحو قد قام زيد إذا أردت أن قيامه قريب من زمن التكلم فإذا قال والله قمت لا يصح أن يراد به الحال أصلا بخلاف أقوم فإنه يراد به الحال أو الاستقبال كما هو مقرر في محله فحيث لا يصح أن يكون فعلا ولا ماضيا تعين أن يكون تقييدهم بالفعل وبالماضي في قولهم هو حلفه على فعل ماض إلخ اتفاقيا أي لا للاحتراز عن غيره أو أكثريا أي لكونه هو الأكثر
قوله ( ويأثم بها ) أي إثما عظيما كما في الحاوي القدسي
مطلب في معنى الإثم الإثم في اللغة الذنب وقد تسمى الخمر إثما
وفي الاصطلاح عند أهل السنة استحقاق العقوبة وعند المعتزلة لزوم العقوبة بناء على جواز العفو وعدمه كما أشار إليه الأكمل في تقريره
بحر
قوله ( فتلزمه التوبة ) إذ لا كفارة في الغموس يرتفع بها الإثم فتعينت التوبة للتخلص منه
قوله ( إلا في ثلاث الخ ) استثناء منقطع لأن الكلام في اليمين بالله تعالى وهذا في غيرخ ولذا قال في الاختيار روى ابن رستم عن محمد لا يكون اللغو إلا في اليمين بالله تعالى وذلك أن في حلفه بالله تعالى على أمر يظنه كما قال ليس كذلك لغا المحلوف عليه وبقي قوله والله فلا يلزمه شيء في اليمين بغيره تعالى يغلو المحلوف عليه ويبقى قوله امرأته طالق وعبده حر وعليه حج فيلزمه اه ملخصا
قوله ( فيقع الطلاق ) أي والعتاق ويلزمه النذر كما علمت
قوله ( يظنه ) أي يظن نفسه
قوله ( فالفارق الخ ) أقول هناك فارق آخر وهو الغموس تكون في الأزمنة الثلاثة على ما سيأتي واللغو لا تكون في الاستقبال ح
قوله ( وأما في المستقبل فالمنعقدة ) لا يخفي أن كلامه في الحلف كاذبا يظنه صادقا وهذا في المستقبل لا يكون إلا يمينا منعقدة فلا يرد أن الغموس يكون في المستقبل أيضا لأن الغموس لا بد فيه من تعمد الكذب وليس الكلام
____________________
(3/706)
فيه فافهم
قوله ( وخصه الشافعي الخ ) اعلم أن تفسير اللغو با ذكره المصنف هو المذكور في المتون والهداية وشروحها
ونقل الزيلعي أنه روي عن أبي حنيفة كقول الشافعي
وفي الاختيار أنه حكاه محمد عن أبي حنيفة وكذا نقل في البدائع الأول عن أصحابنا
ثم قال وما ذكر محمد على أثر حكايته عن أبي حنيفة أن اللغو ما يجري بين الناس من قولهم لا والله وبلى والله فذلك محمول عندنا على الماضي أو الحال وعندنا ذلك لغو
فيرجع حاصل الخلاف بيننا وبين الشافعي في يمين لا يقصدها الحالف في المستقبل
فعندنا ليست بلغو وفيها الكفارة
وعنده هي لغو ولا كفارة فيها اه
فقوله فذلك محمول عندنا إلى آخر كلامه خبر قوله وما ذكر محمد إلخ فهو مبني على تلك الرواية المحكية عن أبي حنيفة أراد به بيان الفرق بينهما وبين قول الشافعي وذلك أن المستقبل يكون لغوا عنده لا عندنا قد فهم صاحب البحر من كلام البدائع حيق عبر بقوله عندنا وقوله فيرجع حاصل بيننا الخلاف بيننا وبين الشافعي الخ أن مذهينا في اليمين اللغو أنها التي لا يقصدها الحالف في الماضي أو الحال كما يقوله الشافعي إلا في المستقبل
قلت هذا وإن كان يوهمه آخر كلام البدائع لكن أوله صريح بخلافه حيث عزا ما في المتون إلى أصحابنا ثم نقل ما حكاه محمد عن أبي حنيفة
فعلم أن قوله عندنا الخ بناء على هذه الرواية كما قلنا وبين المذهب وهذه الرواية منافاة فإن حلفه على أمر يظنه كما قال لا يكون إلا عن قصد فينا في تفسير اللغو كالتي لا يقصدها نعم ادعى في البحر أن المقصود إذا كانت لغوا فالتي لا يقصدها كذلك بالأولى فيكون تفسيرنا اللغو أعم من تفسير الشافعي
ولا يخفي أن هذا خروج عن الجادة وعن ظاهر كلامهم ولا بد له من نقل صريح والذي دعاه إلى هذا التكلف نظره إلى ظاهر عبارة البدائع الأخيرة وقد سمعت تأويلها وكأن الشارح نظر إلى كلام البحر من أن مذهبنا أعم من مذهب الشافعي فلذا قال وخصه الشافعي فافهم
نعم قد يقال إذا لم تكن هذه لغوا يلزم أن تكون قسما خارجا عن الأقسام الثلاثة فالأحسن أن يقال إن اللغو عندنا قسمان الأول ما ذكر في المتون والثاني ما في هذه الرواية فتكون هذه الرواية بيانا للقسم الذي سكت عنه أصحاب المتون ويأتي قريبا عن الفتح التصريح بعد المؤاخذة في اللغو على التفسيرين فهذا مؤيد لهذا التوفيق والله سبحانه أعلم
قوله ( ولو لآت ) أي ولو لزمان آت أي مستقبل فإنه لغو عند الشافعي لا عندنا حتى على الرواية المحكية عن أبي حنيفة
قوله ( فلذا قال الخ ) أي للاختلاف في اللغو
قال ويرجى عفوه وهذا جواب عن الاعتراض على تعليق محمد العفو بالرجاء بأن قوله تعالى { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } مقطوع به فأجاب في الهداية بأنه علقه بالرجاء للاختلاف في تفسير اللغو
اعترضه في الفتح بأن الأصح أن اللغو بالتفسيرين متفق على عدم المؤاخذة به في الآخرة وكذا في الدنيا بالكفارة
قال فالأوجه ما قيل إنه لم يرد به التعليق بل التبرك باسمه تعالى والتأدب كقوله عليه الصلاة والسلام لأهل المقابر وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وأجاب في النهر بأنه اختلف قال ولا شك أن تفسير اللغو على رأينا ليس أمرا مقطوعا به إذ الشافعي قائل بأنه من المنعقدة فلا جرم علقه بالرجاء وهذا معنى دقيق ولم أر من عرج عليه اه
قلت إنما لم يعرج أحد عليه لما علمت من الاتفاق على عدم المؤاخذة هـ في الآخرة وكذا في الدنيا بالكفارة
____________________
(3/707)
فافهم
قوله ( وكاللغو الخ ) حاصله أنت حلفه على ماض صادقا يمين مع أنه لم يدخل في الأقسام الثلاثة فيكون قسما رابعا وهو مبطل لحصرهم اليمين في الثلاثة
أجاب صدر الشريعة بأنهم أرادوا حصر اليمين التي اعتبرها الشرع ورتب عليها الأحكام
ورده في البحر بأن عدم الإثم فيها حكم
وقال في النهر فيه نظر
قال ح والحق ما في البحر ولا وجه للنظر اه
قلت وأجاب في الفتح بأن الأقسام الثلاثة فيما يتصور فيه الحنث لا في مطلق اليمين
قوله ( كوالله إني لقائم الآن ) تبع فيه النهر وكأنه تنظير لا تمثيل أشار به إلى أن الماضي كالحال
والأحسن قول الفتح كوالله لقد قام زيد أمس
قوله ( على مستقبل ) لا حاجة إليه
ا
هـ
ح وقد يجاب بأن لفظ آت اسم فاعل وحقيقته ما اتصف بالوصف في الحال فمثل قائم حقيقة فيمن اتصف بالإتيان في الحال ويحتمل الاستقبال وكذا لفظ آت حقيقة فيمن اتصف بالإتيان في الحال ويحتمل الاستقبال فزاد الشارح لفظ مستقبل لدفع إرادة الحال
ولا يرد أن مستقبل حقيقة في الحال أيضا
لأنا نقول معناه أنه متصف في الحال بكونه مستقبلا أي منتظرا وذلك لا يقتضي حصوله في الحال لكن كان المناسب تأخير مستقبل عن آت
قوله ( يمكنه ) أشار إلى ما في النهر حيث قال ويجب أن يراد بالفعل فعل الحالف ليخرج نحو والله لا أموت إلخ لكن هذا أعم من الممكن وغيره وتعبير الشارح أحسن لأنه يرد على عبارة النهر نحو والله لأشربن ماء هذا الكوز اليوم ولا ماء فيه لا يحنث لعدم إمكان البر مع أنه من فعله ومقتضى كلامه أن هذا المثال من الغموس لكن ينبغي تقييده بما إذا علم وقت الحلف أنه لا ماء فيه
وأما إذا لم يعلم فليس منها ولا من المنعقدة لعدم الإمكان فإن جعلت من اللغو انتقض ما مر أنها لا تكون على الاستقبال والذي يظهر أنها غير يمين أصلا علم أو لا لما مر من أن شرط اليمين إمكان البر فليتأمل
قوله ( ولا يتصور حفظ إلا في مستقبل ) قلت كون الحفظ لا يتصور إلا في مستقبل معناه أنه لا يتصور في ماض أو في حال لأن الحفط منع نفسه عن الحنث فيها بعد وجودها مترددة بين الهتك والحفظ وذلك لا يكون في غير المستقبل
ولا يخفى أن هذا لا يستلزم أن كل مستقبل كذلك أي يتصور فيه الحفظ حتى يرد عليه الغموس المستقبلة التي لا يمكن حفظها نعم يرد لو قال ولا يتصور مستقبل إلا محفوظا والفرق بين العبارتين ظاهر فافهم
قوله ( فقط ) قيد للهاء من فيه فالمعنى أن فيه لا في غيره من قسيميه الكفارة لا للكفارة حتى يصير المعنى أن فيه الكفارة لا غيرها من الإثم لكن الأول أن يقول وفيه فقط الكفارة اه ح
وهذا جواب للعيني دفع به اعتراض الزيلعي على الكنز بأن المنعقدة فيها إثم أيضا
واعترضه في البحر بأن الإثم غير لازم لها لأن الحنث قد يكون واجبا أو مستحبا
وأجاب في النهر بأنه تخلف لعارض فلا يرد
قوله ( وإن لم توجد منه التوبة عنها ) أي عن اليمين المراد عن حنثه فيها وهو متعلق بالتوبة وقوله معها متعلق ب توجد وفي عدم لزوم التوبة مع الكفارة كلام قدمناه في جنايات الحج فراجعه
قوله ( أو مخطئا ) من أراد شيئا فسبق لسانه إلى غيره كما أفاده القهستاني
قال في النهر كما إذا أراد أن يقول اسقني الماء فقال والله لا أشرب الماء
____________________
(3/708)
مطلب في الفرق بين السهو والنسيان قوله ( أو ذاهلا أو قال ابن أمير حاج في شرح التحرير وجزم كثير باتحاد السهو والنسيان لأن اللغة لا الفرق بينهما وإن فرقوا بينهما بأن السهو زوال الصورة عن المدركة مع بقائها في الحافظة والنسيان زوالها عنهما معا فيحتاج في حصولها إلى سبب جديد
وقيل النسيان عدم ذكر ما كان مذكورا والسهو غفلة عما كان مذكورا وما لم يكن مذكورا فالنسيان أخص منه مطلقا
وقيل يسمى زوال إدراك سابق قصر زمان زواله نسيانا وغفلة لا سهوا وزوال إدراك سابق طال زمان زواله سهوا ونسيانا فالنسيان أعم منه مطلقا
وقال الشيخ سراج الدين الهندين والحق أن النسيان من الوجدانيات التي لا تفتقر إلى تعريف بحسب المعنى فإن كل عاقل يعلم النسيان كما يعلم الجوع والعطش اه ح
قلت لكن ظهور الفرق بينه وبين السهو يتوقف على التعريف
وفي المصباح فرقوا بين الساهي والناسي بأن الناسي إذا ذكرته تذكر والساهي بخلافه اه
وعليه فالسهو أبلغ من النسيان فيه ذهل بفتحتين ذهولا غفل
وقال الزمخشري ذهل عن الأمر تناساه عمدا وشغل عنه وفي لغة من باب تعب
قوله ( بأن حلف أن لا يحلف ) قال في النهر أراد بالناسي المخطىء وفي الكافي وعليه اقتصر في العناية والفتح هو من تلفظ باليمين ذاهلا عنه والملجىء إلى ذلك أن حقيقة النسيان في اليمين لا تتصور
قال الزيلعي وقال العيني وتبعه الشمني بل تصور بأن حلف أن لا يحلف ثم نسي الحلف السابق فحلف
ورده في البحر بأنه فعل المحلوف عليه ناسيا لا أن حلفه ناسيا اه
وفيه نظر إذ فعل المحلوف عليه ناسيا لا ينافي كونه يمينا بدليل أنه يكفر مرتين مرة باعتبار أنه فعل المحلوف عليه وأخرى باعتبار حنثه في اليمين اه كلام النهر
أقول الحق ما في البحر فإن فعل المحلوف عليه ناسيا وإن لم يناف كونه يمينا لكن تعلق النسيان به من جهة كونه حنثا لا من جهة كونه يمينا إذ هو من هذه الجهة لم يتعلق به النسيان كما لا يخفي على منصف اه ح
قوله ( لحديث الخ ) في شرح الوقاية للعلامة منلا على القاري لفظ اليمين غير معروف إنما المعروف ما رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث أبي هريرة وحسنه الترمذي وصححه الحاكم بلفظ النكاح والطلاق والرجعة وقد رواه ابن عدي فقال الطلاق والنكاح والعتاق اه
وفي الفتح اعلم أنه لو ثبت حديث اليمين لم يكن فيه دليل لأن المذكور فيه جعل الهزل باليمين جدا والهازل قاصد اليمين غير راض بحكمه فلا يعتبر عدم رضاه به شرعا بعد مباشرته السبب مختارا والناسي بالتفسير المذكور لم يقصد شيئا أصلا ولم ير ما صنع وكذا المخطىء لم يقصد قد التلفظ به بل بشيء آخر فلا يكون الوارد في الهازل واردا في الناسي الذي لم يقصد قط مباشرة السبب فلا يثبت في حقه نصا ولا قياسا اه
قوله ( في اليمين أو الحنث ) متعلق بقوله ولو مكرها أو ناسيا أي سواء كان الإكراه أو النسيان في نفس اليمين وقد مر أو في الحنث بأن فعل ما حلف عليه مكرها أو ناسيا أي سواء كان الإكراه أو النسيان في نفس اليمين وقد مر أو في الحنث بأن فعل ما حلف عليه مكرها أو ناسيا لأن الفعل شرط الحنق وهو سبب الكفارة والفعل الحقيقي لا ينعدم بالإكراه والنسيان
قوله ( فيحنث بفعل المحلوف عليه ) فلو لم يفعله كما لو حلف أن لا يشرب فصب الماء في حلقه مكرها
____________________
(3/709)
فلا حنث عليه
نهر
قوله ( لو فعله وهو مغمى عليه الخ ) أما لو حلف وهو كذلك فلا يلزمه شيء لعدم الصحة كما مر
قوله ( بالله تعالى ) أي بهذا الاسم الكريم
قوله ( ولو برفع الهاء ) مثله سكونها كما في مجمع الأنهر
قال وهذا إذا ذكر بالباء وأما بالواو فلا يكون يمينا إلا بالجر اه ح
قلت أماالرفع مع الواو فلأنه يصير مبتدأ وكذا النصب لأنه يصير مفعولا لنحو أعبد فلا يكون يمينا وأما السكون فغير ظاهر لأنه إذا كان مجرورا وسكن لا يخرج عن كونه يمينا على أن الرفع يحتمل تقدير خبره قسمي كما سيأتي في حذف حرف القسم
والحاصل أن تخصيص ما ذكر بالباء مشكل ولعل المراد أن غير المجرور مع الواو لا يكو صريحا في القسم فيحتاج إلى النية وهذا كله إن كان ما ذكره منقولا ولم أره نعم ذكروا ذلك فيحذف حرف القسم
ففي الخانية لو قال الله لا أفعل كذا وسكن الهاء أو أنصبها لا يكون يمينا لانعدام حرف القسم إلا أن يعربها بالكسر لأن الكسر يقتضي سبق الخافض وهو حرف القسم وقيل يكون يمينا بدون الكسر اه
ومثله في البحر عن الظهيرية
وفي الجوهرة وإن نصبه اختلفوا فيه والصحيح يكون يمينا اه
قلت ومثله تسكين الهاء على ما حققه في الفتح من عدم اعتبار الإعراب كما سنذكره عند الكلام على حروف القسم
قوله ( أو حذفها ) قال في المجتبى ولو قال والله بغير هاء كعادة الشطار فيمين
قلت فعلى هذا يستعمله الأتراك بالله بغير هاء يمين أيضا اه
وهكذا نقله عنه في البحر ولعل أحد الموضعين بغير هاء بالواو لا بالهمز أي بغير الألف التي هي الحرف الهاوي
تأمل
ثم رأيته في الوهبانية وقال ابن الشحنة في شرحها المراد بالهاوي الألف بين الهاء واللام فإذا حدفها الحالف أو الذابح أو الداخل في الصلاة قيل لا يضر لأنه سمع حذفها في لغة العرب وقيل يضر
قوله ( وكذا واسم الله ) في البحر عن الفتح قال باسم الله لأفعلن المختار ليس يمينا لعدم التعارف وعلى هذا بالواو إلا أن نصارى ديارنا تعارفوه فيقولون واسم الله اه
أي فيكون يمينا لمن تعارفه مثلهم لا لهم لما مر من أن شرطه الإسلام
قوله ( ورجحه في البحر ) حيث قال والظاهر أن باسم الله يمين كما جزم به في البدائع معللا بأن الاسم والمسمى واحد عند أهل السنة والجماعة فكان الحلف بالاسم حلفا بالذات كأنه قال بالله اه
والعرف لا اعتبار به في الأسماء اه
ومقتضاه أن واسم الله كذلك فلا يختص به النصارى
قوله ( بكسر اللام الخ ) أي بدون مد
والظاهر أن مثله بالأولى المد على صورة الإمالة وكذا فتح اللام بدون مد لأن ذلك كله يتكلم به كثير من البلاد فهو لغتهم لكن إذا تكلم به من كان ذلك لغته فالظاهر أنه لا يشترط فيه قصد اليمين
تأمل
قوله ( ولو مشتركا الخ ) وقيل كل اسم لا يسمى به غيره تعالى كالله والرحمن فهو يمين وما يسمى به غيره كالحليم والعليم فإن أراد اليمين كان اليمين كان يمينا وإلا لا ورجحه بعضهم بأنه حيث كان مستعملا لغيره تعالى أيضا لم تتعين إرادة أحدهما إلا بالنية
ورده الزيلعي بأن دلالة القسم معينة لإرادة اليمين إذ القسم بغيره تعالى لا يجوز نعم إذا نوى غيره صدق لأنه نوى محتما كلامه
وأنت خبير بأن هذا مناف لما قدمه من أن العامة يجوزون الحلف بغير الله تعالى
نهر
____________________
(3/710)
أقول هذا غفلة عن تحرير محل النزاع فإن الذي جوزه العامة ما كان تعليق الجزاء بالشرط لا ما كان فيه حرف القسم كما قدمناه
والحاصل كما في البحر أن الحلف بالله تعالى لا يتوقف على النية ولا على العرف على الظاهر من مذهب أصحابنا وهو الصحيح
قال وبه اندفع ما في الولوالجية من أنه لو قال والرحمن لا أفعل إن أراد به السورة لا يكون يمينا لأنه يصير كأنه قال والقرآن وإن أراد به الله تعالى يكون يمينا اه
لأن هذا التفصيل في الرحمن قول بشر المريسي قوله ( والطالب الغالب ) فهو يمين وهو متعارف أهل بغداد كذا في الذخيرة والولوالجية
وذكر في الفتح أنه يلزم إما اعتبار العرف فيما لم يسمع من الأسماء فإن الطالب لم يسمع بخصوصه بل الغالب في قوله تعالى { والله غالب على أمره } يوسف 21 وإما كونه بناء على القول المفصل في الأسماء اه
أي من أنه تعتبر النية والعرف في الاسم المشترك كما مر
وأجاب في البحر بأن المراد أنه بعد ما حكم بكونه يمينا أخبر بأن أهل بغداد تعارفوا الحلف بها اه
قلت ينافيه قوله في مختارات النوازل فهو يمين لتعارف أهل بغداد
حيث جعل التعارف علة كونه يمينا فلا محيص عما قاله في الفتح
وأيضا عدم ثبوت كون الطالب من أسمائه تعالى لا بد له من قرينة تعين كون المراد به اسم الله تعالى وهي العرف مع اقترانه بالغالب المسموع إطلاقه عليه تعالى وهو وإن كان مسموعا لكنه لم يجعل مقسما به أصالة بل جعل صفة له فلا يكون قسما بدونه كما في الأول الذي ليس قبله شيء فإنه لا يقسم بالأول بدون هذه الصفة ومثله الآخر الذي ليس بعده شيء فافهم وما وقع في البحر من عطف الغالب بالواو هو خلاف الموجود في الولوالجية والذخيرة وغيرهما
قوله ( كما سيجيء ) أي بعد ورقة وسيجيء تفصيله وبيانه
قوله ( وفي المجتبى الخ ) المراد به الأسماء المشتركة كما في البحر وقدمناه آنفا عن الزيلعي معللا بأنه نوى محتمل كلامه وظاهره أن يصدق قضاء
وعبارة المجتبى واليمين بغير الله تعالى إذا قصد بها غير الله تعالى لم يكن حالفا بالله لكن في البحر عن البدائع فلا يكون يمينا لأنه نوى محتمل كلامه فيصدق في أمر بينه وبين ربه تعالى اه
ولا يصدق قضاء لأنه خلاف الظاهر كما مر
( تنبيه ) اعترض بعض الفضلاء بالقضاء والديانة بما في البحر عند قوله ولو زاد ثوبا الخ من أن الفرق بن الديانة والقضاء إنما يظهر في الطلاق والعتاق لا في الحلف بالله تعالى لأن الكفارة حقه ليس للعبد فيها مدخل حتى يرفع الحالف إلى القاضي
قلت قد يظهر فيما إذا علق طلاقا أو عتقا على حلفه ثم حلف بذلك فافهم
قوله ( أو بصفة الخ ) المراد بها اسم المعنى الذي لا يتضمن ذاتا ولا يحمل عليها بهو هو كالعزة والكبرياء والعظمة لبخلاف نحو العظيم وتتقيد بكون الحلف بها متعارفا سواء كانت صفة ذات أو فعل وهو قول مشايخ ما وراء النهر ولمشايخ العراق تفصيل آخر وهو أن الحلف بصفات الذات يمين لا بصفات الفعل
وظاهر أنه لا اعتبار عندهم للعرف وعدمه
فتح ملخصا
ومثله في الشرنبلالية عن البرهان بزيادة التصريح بأن الأول هو الأصح
وقال الزيلعي والصحيح الأول لأن صفات الله تعالى كلها صفات الذات وكلها قديمة والأيمان مبنية على العرف ما يتعارف الناس الحلف به يكون يمينا وما لا فلا اه
ومعنى قوله كلها صفات الذات أن الذات الكريمة موصوفة بها فيراد بها الذات سواء كانت مما يسمى صفة ذات أو سفة فعل فيكون الحلف بها حلفا بالذات وليس مراده نفي صفة الفعل
تأمل
ذ
____________________
(3/711)
ثم رأيت المصنف استشكله وأجاب بأن مراده أن صفات الفعل ترجع في الحقيقة إلى القدرة عند الأشاعرة والقدرة صفة ذات اه
وما قلنا أولى
قوله ( صفة ذات ) مع قوله بعده أو صفة فعل بدل مفصل من مجمل وقوله لا يوصف بضدها الخ بيان للفرق بينهما كما في الزيلعي وغيره قوله ( كعزة الله ) قال القهستاني أي غلبته من حد نصر أو عدم النظير من حد ضرب أو عدم الحط من منزلته من حد علم وقوله وجلاله أي كونه كامل الصفات وقوله وكبريائه أي كون كامل الذات اه
قوله ( وملكوته وجبروته ) بوزن فعلوت وزيادة الهمزة في جبروت خطأ فاحش وفي شرح الشفاء للشهاب الملكوت صفة مبالغة من الملك كالرحموت من الرحمة وقد يخص بما يقابل عالم الشهادة ويسمى عالم الأمر كما أن مقابله يسمى عالم الشهادة وعالم الملك اه
وفي شرح المواهب قال الراغب أصل الجبر إصلاح الشيء بضرب من القهر
وقد يقال في الإصلاح المجرد كقول علي يا جابر كل كسير ومسهل كل عسير وتارة في القهر المجر اه
أفاده ط
قوله ( وعظمته ) أي كونه كامل الذات أصالة وكامل الصفات تبعا وقوله وقدرته أي كونه يصح منه كل من الفعل والترك
قهستامي
قوله ( كالغصب والرضا ) أي الانتقام والإنعام
وهذا تمثيل لصفة الفعل في حد ذاتها فلا ينافي ما يأتي أن الرضا والغضب لا يحلف بهما ط
قوله ( فإن الإيمان مبنية على العرف ) علة للتقييد بقوله عرفا ط
وهذا خاص بالصفات بخلاف الأسماء فإنه لا يعتبر العرف فيها كما مر
قوله ( لا يقسم بغير الله تعالى ) عطف على قوله القسم بالله تعالى أي لا ينعقد القسم بغيره تعالى أي غير أسمائه وصفاته ولو بطريق الكناية كما مر بل يحرم كما في القهستاني بل يخاف منه الكفر في نحو وحياتي وحياتك كما يأتي
مطلب في القرآن قوله ( قال الكمال الخ ) مبني على أن القرآن بمعنى كلام الله فيكون من صفاته تعالى كما يفيده كلام الهداية حيث قال ومن حلف بغير الله عالى لم يكن حالفا كالنبي والكعبة لقوله عليه الصلاة والسلام من كان منكم حالفا بالله أو ليذر وكذا إذا حلف بالقرآن لأنه غير متعارف اه
فقوله كذا يفيد أنه ليس من قسم الحلف بغير الله تعالى بل هو من قسم الصفات ولذا علله بأنه غير متعارف ولو كان من القسم الأول كما هو المتبادر من كلام المصنف والقدوري لكانت العلة فيه النهي المذكور أو غيره لأن التعارف إنما يعتبر في الصفات المشتركة أو في غيرها وقال في الفتح
وتعليل عدم كونه يمينا بأنه غيره تعالى لأنه مخلوق لأنه حروف وغير المخلوق هو الكلام النفسي منع بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق
ولا يخفي أن المنزل في الحقيقة ليس إلا الحروف المنقضية المنعدمة ما ثبت قدمه استحال عدمه غير أنهم أوجبوا ذلك لأن الدوام إذا قيل لهم إن القرآن مخلوق تعدوا إلى الكلام مطلقا اه
وقوله ولا يخفي الخ رد للمنع
وحاصله أن غير المخلوق هو القرآن بمعنى كلام الله الصفة النفسية القائمة به تعالى لا بمعنى الحروف المنزلة غير أنه لا يقال القرآن مخلوق لئلا يتوهم أرادة المعنى الأول
____________________
(3/712)
قلت فحيث لم يجز أن يطلق عليه أنه محلوق ينبغي أن لا يجوز أن يطلق عليه أنه غيره تعالى بمعنى أنه ليس صفة له لأن الصفات ليست عينا ولا غيرا كما قرر في محله ولذا قالوا من قال بخلق القرآن فهو كافر
ونقل في الهندية عن المضمرات وقد قيل هذا في زمانهم أما في زماننا فيمين وبه نأخذ ونأمر ونعتقد
وقال محمد بن مقاتل الرازي إنه يمين وبه أخذ جمهور مشايخنا اه
فهذا مؤيد لكونه صفة تعورف الحلف بها كعزة الله وجلاله
قوله ( فيدور مع العرف ) لأن الكلام صفة مشتركة
قوله ( وقال العيني الخ ) عبارته وعندي لو حلف بالمصحف أو وضع يده عليه وقال وحق هذا فهو يمين ولا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه الأيمان الفاجرة ورغبة العوام في الحلف بالمصحف اه
وأقره في النهر وفيه نظر ظاهر إذ المصحف ليس صفة لله تعالى حتى يعتبر فيه العرف وإلا لكان الحلف بالنبي والكعبة يمينا لأنه متعارف وكذا بحياة رأسك ونحوه ولم يقل به أحد
على أن قول الحالف وحق الله ليس بيمين كما يأتي تحقيقه وحق المصحف مثله بالأولى وكذا وحق كلام الله لأن حقه تعظيمه والعمل له وذلك صفة العبد نعم لو قال أقسم بما في هذا المصحف من كلام الله تعالى ينبغي أن يكون يمينا
قوله ( ولو تبرأ من أحدها ) أي أحد المذكورات من النبي والقرآن والقبلة
قوله ( إلا من المصحف ) أي فلا يكون التبري منه يمينا لأن المراد به الورق والجلد وقوله إلا أن يتبرأ مما فيه لأن ما فيه هو القرآن وما ذكره في النهر عن المجتبى من أنه لو تبرأ من المصحف انعقد يمينا فهو سبق قلم فإن عبارة المجتبى هكذا ولو قال أنا بريء من القرآن أو مما في المصحف فيمين ولو قال من المصحف فليس بيمين اه
ومثله في الذخيرة
قوله ( بل لو تبرأ من دفتر ) صوابه مما في دفتر كما علمته في المصحف
قال في الخانية ولورفع كتاب الفقه أو دفتر الحساب فيه مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم وقال أنا بريء مما فيه إن فعل كذا ففعل كان عليه الكفارة كما لو قال أنا بريء من بسم الله الرحمن الرحيم
قوله ( ولو تبرأ من كل آية فيه ) أي في المصحف كما في المجتبى والذخيرة والخانية
قوله ( ولو كرر البراءة الخ ) قال في الذخيرة ولو قال فهو بريء من الكتب الأربعة فهو يمين واحدة وكذا هو بريء من القرآن والزبور والتوراة والإنجيل ولو قال فهو بريء من القرآن وبريء من التوراة من الإنجيل وبريء من الزبور فهي أربعة أيمان
وفي البحر عن الظهيرية والأصل في جنس هذه المسائل أنه متى تعددت صيغة البراءة تتعدد الكفارة وإذا اتحدت قوله ( يمينان ) أي لتكرر البراءة مرتين أما لو قال بريء من الله ورسوله فقيل يمينان وصحح في الذخيرة والمجتبى الأول وعبارة البحر هنا موهمة خلاف المراد
قوله ( فأربع ) لأن لفظ البراءة في الثانية مذكور مرتين بسبب التثنية
بحر
قوله ( يمين واحدة ) لأن قوله ألف مرة للمبالغة فلم يتكرر فيها اللفظ حقيقة
تأمل
قوله ( أو صوم رمضان الخ ) زاد في الذخيرة ولو قال أنا بريء من هذه الثلاثين يعني شهر رمضان إن فعلت كذا فإن نوى البراءة من فرضيتها فيمين أومن أجرها فلا وكذا لو لم تكن له نية للشك ولو قال فأنا بريء من حجتي التي حججت أو من صلاتي التي صليت لا يكون يمينا بخلاف قوله من القرآن الذي تعلمت فإنه يمين اه
وفي البحر عن المحيط لأنه في الأول تبرأ عن فعله لا عن الحجة
____________________
(3/713)
الم وفي الثاني القرآن قرآن وإن تعلمه فالتبري عنه كفر
قوله ( أو من المؤمنين ) لأن البراءة منهم تكون لإنكار الإيمان
خانية
قوله ( أو أعبد الصليب ) كأن قال إن فعلت كذا فأنا أعبد الصليب
قوله ( لأنه كفر الخ ) تعليل لقوله ولو تبرأ من أحدها مع ما عطف عليه
قوله ( وتعليق الكفر الخ ) ولو قال هو يستحل الميتة أو الخمر أو الخنزير إن فعل كذا لا يكون يمينا
والحاصل أن كل شيء هو حرام حرمة مؤبدة بحيث لا تسقط حرمته بحال كالكفر وأشباهه فاستحلاله معلق بالشرط يكون يمينا وما تسقط حرمته بحال كالميتة والخمر وأشباه ذلك فلا
ذخيرة قوله ( وسيجيء ) أي قريبا في المتن
قوله ( وإلا يكفر ) بالتشديد أي تلزمه الكفارة
مطلب تتعدد الكفارة لتعدد اليمين قوله ( وتتعدد الكفارة لتعدد اليمين ) وفي البغية كفارات الأيمان إذا كثرت تداخلت ويخرج بالكفارة الواحدة عن عهدة الجميع وقال شهاب الأئمة هذا قول محمد
قال صاحب الأصل هو المختار عندي اه مقدسي
ومثله في القهستاني عن المنية
قوله ( وبحجة أو عمرة يقبل ) لعل وجهه أن قوله إن فعلت كذا فعلي حجة ثم حلف ثانيا كذلك يحتمل أن يكون الثاني إخبارا عن الأول بخلاف قوله والله لا أفعله مرتين فإن الثاني لا يحتمل الإخبار فلا تصح به نية الأول ثم رأيته كذلك في الذخيرة
وفي ط عن الهندية عن المبسوط وإن كان إحدى اليمنيين بحجة والأخرى بالله تعالى فعليه كفارة وحجة
قوله ( وفيه معزيا للأصل الخ ) أي وفي البحر والظاهر أن في العبارة سقطا فإن الذي في البحر عن الأصل لو قال هو يهودي هو نصراني إن فعل كذا يمين واحدة ولو قال هو يهودي إن فعل كذا هو نصراني إن فعل كذا فهما يمينان
قوله ( في الأصح ) راجع للمسألتين أي إذا ذكر الواو بين الاسمين فالأصح أنهما يمينان سواء كان الثاني لا يصلح نعتا للأول أو يصلح وهو ظاهر الرواية
وفي رواية يمين واحدة كما في الذخيرة
قلت لكن يستثنى ما في الفتح حيث قال ولو قال علي عهد الله وأمانته وميثاقه لا نية له فهو يمين عندنا ومالك وأحمد
وحكي عن مالك يجب عليه بكل لفظ كفارة لأن كل لفظ يمين بنفسه وهو قياس مذهبنا إذا كررت الواو كما في والله والرحمن والرحيم إلا في رواية الحسن اه
قوله ( واتفقوا الخ ) يعني أن الخلاف المذكور إذا دخلت الواو على الاسم الثاني وكانت واحدة فلو تكررت الواو مثل والله والرحمن فهما يمينان اتفاقا لأن إحداهما للعطف والأخرى للقسم كما في البحر
وأما إذا لم تدخل على الاسم الثاني واو أصلا كقولك والله الله وكقوبك والله والرحمن فهو يمين واحدة اتفاقا كما في الذخيرة وهذا هو المراد بقوله وبلا عطف واحدة
قوله ( قال الرازي ) هو علي حسام الدين الرازي
له كتب منها خلاصة الدلائل في شرح القدوري
سكن دمشق وتوفي بها
____________________
(3/714)
سنة إحدى وتسعين وخمسمائة
قوله ( وإن اعتقد وجوب البر فيه يكفر ) ليس هذا من كلام الرازي المنقول في الفتح والبحر بل ما بعده وهذا إنما ذكره في الفتح قبل نقل كلام الرازي وكأن الشارح ذكره هنا ليبين به أنه المراد من قوله ( يكفر ) وكان اولى التصريح بأي التفسيرية
ثم المراد باعتقاد وجوب البر فيه كما قال ح اعتقاد الوجوب الشرعي بحيث لو حنث أتم وهذا قلما يقع
قوله ( ولا يعلمون ) أي لا يعلمون أن اليمين ما كان موجبها البر أو الكفارة الساترة لهتك حرمة الاسم وأن في الحلف باسم غيره تعالى تسوية بين الخالق والمخلوق في ذلك
قوله ( لقلت إنه مشرك ) أي إن الحالف بذلك
وفي بعض النسخ إنه شرك بدون ميم أي أن الحلف المذكور وفي القهستاني عن المنية أن الجاهل الذي يحلف بروح الأمير وحياته ورأسه لم يتحقق إسلامه بعده
وفيه وما أقسم الله تعالى بغير ذاته وصفاته من الليل والضحى وغيرهما ليس للعبد أن يحلف بها
قوله ( وعن ابن مسعود الخ ) لعل وجهه أن حرمة الكذب في الحلف به تعالى قد تسقط بالكفارة والحلف بغيره تعالى أعظم حرمة ولذا كان قريبا من الكفر ولا كفارة له ط
قوله ( ولا صفة الخ ) مقابل قوله المار أو بصفة يحلف بها وهذا مبني على قول مشايخ ما وراء النهر من اعتبار العرف في الصفات مطلقا بلا فرق بين صفات الذات وصفات الفعل وهو الأصح كما مر فالعلة في إخراج هذه عدم العرف فلا حاجة إلى ما في الجوهرة من أن القياس في العلم أن يكون يمينا لأنه صفة ذات لكن استحسنوا عدمه لأنه قد يراد به المعلوم وهو غيره تعالي فلا يكون يمينا إلا إذا أراد الصفة لزوال الاحتمال اه
قوله ( ورضائه ) الأنسب ما في البحر ورضاه لأنه مقصور لا ممدود
قوله ( وسخطه ) قال في المصباح سخط سخطا من باب تعب والسخط بالضم اسم منه وهو العضب
قول ( وشريعته ودينه وحدوده ) لا محل لذكرها هنا لأنها ليست من الصفات لأن المراد بها الأحكام المتعبد بها وهي غيره تعالى فلا يقسم بها وإن تعورف عما علم مماا مر ويأتي فالمناسب ذكرها عند قول المصنف المتقدم لا بغير الله تعالى كما فعل صاحب البحر
قوله ( وصفته ) في البحر عن الخانية لو قال بصفة الله لا أفعل كذا لا يكون يمينا لأن من صفاته تعالى ما يذكره في غيره كلا يكون ذكر الصفة كذكر الاسم اه قوله ( وسبحان الله إلخ ) قال في البحر ولو قال لا إله إلا الله لا أفعل كذا لا يكون يمينا إلا أن ينوي وكذا قوله سبحان الله والله أكبر لا أفعل كذا لعدم العادة اه
قلت ولو قال الله الوكيل لا أفعل كذا ينبغي أن يكون يمينا في زماننا لأنه مثل الله أكبر لكنه متعارف
قوله ( لعدم العرف ) قال في البحر والعرف معتبر في الحلف بالصفات
قوله ( وبقوله لعمر الله ) بخلاف لعمرك ولعمر فلان لا يجوز كما في القهساني وقد مر وهو بفتح العين والضم وإن كان بمعنى البقاء إلا أنه يستعمل في القسم لأنه موضع التخفيف لكثرة استعماله وهو مع اللام مرفوع على الابتداء والخبر محذوف وجوبا لسد جواب القسم مسده ومع حذفها منصوب نصف المصادر وحرف القسم محذوف تقول عمر الله فعلت قال في الفتح وأما قولهم عمرك الله ما فعلت فمعناه بإقرارك له بالبقاء وينبغي أن لا ينعقد يمينا لأنه بفعل المخاطبلا
____________________
(3/715)
وهو إقرار واعتقاده اه نهر ملخصا
قوله ( وايم الله ) قال في المصباح وأيمن استعمل في القسم والتزم رفعه وهمزته عند البصريين وصل واشتقاقه عندهم من اليمن وهو البركة
وعند الكوفيين قطع لأنه جمع يمين عندهم وقد يختصر منه فيقال وايم الله بحذف الهمزة والنون ثم اختصر ثانيا فقيل م الله بضم الميم وكسرها اه
قال القهستاني وعلى المذهبين مبتدأ خبره محذوف وهو يميني ومعنى يمين الله ما حلف الله به نحو الشمس والضحى أو اليمين الذي يكون بأسمائه تعالى كما ذكره الوصي قوله ( أي يمين الله ) هذا مبني على قول البصريين إنه مفرد واشتقاقه من اليمن وهو البركة ويكون ذلك تفسيرا لحاصل المعنى وإلا فكان المناسب أن يقول أي بركة الله أو يقول أي أيمن الله بصيغة الجمع على قول الكوفيين
تأمل
قوله ( عهد الله ) لقوله تعالى { وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان } النحل 91 فقد جعل أهل التفسير المراد بالأيمان العهود السابقة فوجب الحكم باعتبار الشرع إياها أيمانا وإن لم تكن حلفا بصفة الله كما حكم بأن أشهد يمين كذلك وأيضا غلب الاستعمال فلا يصرف عن اليمين إلا بنية عدمه وتمامه في الفتح
وفي الجوهرة إذا قال وعهد الله ولم يقل علي عهد الله فقال أبو يوسف هو يمين وعندهما لا اه
قلت لكن جزم في الخانية بأنه يمين بلا حكاية خلاف
( تنبيه ) أفاد ما مر أنه لو قال علي عهد الرسول لا يكون يمينا بل قدمنا عن الصيرفية لو قال علي عهد الله وعهد الرسول لا أفعل كذا لا يصح لأن عهد الرسول صار فاصلا اه
قوله ( ووجه الله ) لأن الوجه المضاف إلى الله تعالى يراد به الذات
بحر أي على القول بالتأويل وإلا فيراد به صفة له تعالى هو أعلم بها
قوله ( إن نوى به قدرته ) وإلا لا يكون يمينا كما في البحر وكأنه احتراز عما إذا نوى بالسلطان البرهان والحجة
قوله ( وميثاقه ) هو عهد مؤكد بيمين وعهد كما في المفردات
قهستاني
قوله ( وذمته ) أي عهده ولذا سمي الذمي معاهدا
فتح قوله ( أو أعزم ) معناه أوجب فكان إخبارا عن الإيجاب في الحال وهذا معنى اليمين وكذا لو قال عزمت لا أفعل كذا كان حالفا
بحر عن البدائع
قوله ( أو أشهد ) بفتح الهمزة والهاء وضم الهمزة وكسر الهاء خطأ
مجتبى أي خطأ في الدين لما يأتي أنه يستغفر الله ولا كفارة لعدم العرف
قوله ( بلفظ المضارع ) لأنه للحال حقيقة ويستعمل للاستقبال بقرينة كالسين وسوف فعل حالفا للحال بلا نية هو الصحيح وتمامه في البحر
قوله ( بالأولى ) لدلالته على التحقق لعدم احتمال الاستقبال
قوله ( وآليت ) بعد الهمزة من الألية وهي اليمين كما في البحر
قوله ( وإذا علقه بشرط ) يعني بمقسم عليه
قال في النهر واعلم أنه وقع في النهاية وتبعه في الدراية أن مجرد قول القائل أقسم وأحلف يوجب الكفارة من غير ذكر محلوف عليه ولا حنث تمسكا بما في الذخيرة أن قوله علي يمين موجب للكفارة وأقسم ملحق به وهذا وهم بين إذ اليمين بذكر المقسم عليه
وما في الذخيرة معناه إذا وجد ذكر المقسم عليه ونقضت اليمين وتركه للعلم به يفصح عن ذلك قول محمد في الأصل واليمين بالله تعالى أو أحلف أو أقسم إلى أن قال إذا حلف بشيء منها ليفعلن كذا فحنث وجبت عليه الكفارة اه
قلت وأصل الرد لصاحب غاية البيان وتبعه في الفتح والبحر أيضا وهو وجيه لكن هذا في غير علي نذر أن علي يمين كما يأتي قريبا
قوله ( فإن نوى ) مقابله محذوف تقديره وإنما يكون يمينا إذا لم ينو به قربة فإن نوى
____________________
(3/716)
الخ
قال في كافي الحاكم وإذا حلف النذر فإن نوى شيئا من حج أو عمرة أو غيره فعليه ما نوى وإن لم تكن له نية فعليه كفارة يمين قوله ( وسيتضح ) أي قبيل الباب الآتي
قوله ( وإن لم يضف إلى الله تعالى ) وكذا إن أضيف بالأولى كأن قال علي نذر الله أو يمين الله أو عهد الله
قوله ( إذا علقته بشرط ) أي بمحلوف عليه حتى يكون يمينا منعقدة مثل علي نذر الله لأفعلن كذا أو لا أفعل كذا فإذا لم يف بما حلف لزمته كفارة اليمين لكن في لفظ النذر إذا لم يسم شيئا بأن قال علي نذر الله فإنه وإن لم يكن يمينا تلزمه الكفارة فيكون هذا إلتزام الكفارة ابتداء بهذه العبارة كما في الفتح
وذكر في الفتح أيضا أن الحق أن علي يمين مثله إذا قاله علي وجه الإنشاء لا الإخبار ولم يزد عليه فيوجب الكفارة لأنه من صيغ النذر ولو لم يمكن كذلك لغا بخلاف أحلف وأشهد ونحوهما فإنها ليست من صيغ النذر فلا يثبت به الإلتزام ابتداء اه
وحاصله أن علي نذر يراد به نذر الكفارة وكذا علي يمين هو نذر للكفارة ابتداء بمعنى علي كفارة يمين لا حلف إلا بعده تعليقه بمحلوف عليه فيوجب الكفارة عند الحنث لا قبله ورده في البحر بما في المجتبى لو قال علي يمين يريد به الإيجاب لا كفارة عليه إذا لم يعلقه بشيء اه
أقول الذي في المجتبى بعد ما رمز بلفظ ط للمحيط ولو قال علي يمين أو يمين الله فيمين
ثم قال أي صاحب الرمز المذكور علي يمين يريد به الإيجاب لا كفارة عليه إذا لم يعلقه بشيء وكذا إذا قال الله علي يمين
هكذا روي عن أبي يوسف
عن أبي حنيفة علي يمين لا كفارة لها يريد به الإيجاب فعليه يمين لها كفارة اه في المجتبى
وظاهر كلامه أن في المسألة اختلاف الرواية وإذا كان علي يمين من صيغ النذر ترجحت الرواية المروية عن أبي حنيفة فالرد على الفتح بالرواية المروية عن أبي يوسف غير صحيح
ثم رأيت في الحاوي ما نصه لو قال علي نذر أو علي يمين ولم يعلقه فعليه كفارة يمين اه
فهذا صريح ما في الفتح فافهم
( تنبيه ) قدمنا أن اليمين تطلق على التعليق أيضا فلو علق طلاقا أو عتقا فهو يمين عند الفقهاء فصار لفظ اليمين مشتركا ولعلهم إنما صرفوه هنا إلى اليمين بالله تعالى لأنه هو الأصل في المشروعية ولأنه هو المعنى اللغوي أيضا فينصرف عند الإطلاق إليه وينبغي أنه لو نوى به الطلاق أن تصح نيته لأن نوى محتمل كلامه فيصير الطلاق معلقا على ما حلف وتقع به عند الحنث طلقه رجعية لا بائنة لأنه ليس من كنايات الطلاق خلافا لمن زعم أنه منها ولمن زعم أنه لا يلزمه إلا كفارة يمين كما حققناه في باب الكنايات لكن بقي لو قال أيمان المسلمين تلزمني إن فعلت كذا فأفتى العلامة الطوري بأنه إن حنث وكانت له زوجة تطلق وإلا لزمته كفارة واحدة
ورده السيد محمدأبو السعود وأفتى بأنه لا يلزمه شيء لأنه ليس من ألفاظ اليمين لا صريحا ولا كناية وأقره المحشي ولا يخفى ما فيه فإن أيمان جمع يمين واليمين عند الإطلاق ينصرف إلى الحلف بالله تعالى وعند النية يصح إرادة الطلاق به كما علمت
وفي الخانية رجل حلف رجلا على طلاق وعتاق وهدي وصدقة ومشي إلى بيت الله تعالى وقال الحالف لرجل آخر عليك هذه الأيمان فقال نعم يلزمه المشي والصدقة لا الطلاق والعتاق لأنه فيهما بمنزلة من قال لله علي أن أعتق عبدي أو أطلق امرأتي فلا يجبر على الطلاق والعتاق ولكن ينبغي له أن يعتق وإن قال الحالف لرجل آخر هذه الأيمان لازمة لك فقال نعم يلزمه الطلاق والعتاق أيضا اه أي لأن قوله نعم بمنزلة قوله هذه الأيمان لازمة لي فصار بمنزلة إنشائه الحلف بها فتلزمه كلها حتى الطلاق والعتاق ومقتضى هذا أن يلزمه كل ذلك في قوله أيمان المسلمين تلزمني خصوصا الهدي والمشي إلى بيت الله لأنها خاصة بالمسلمين وكذا الطلاق والعتق والصدقة فالقول بعد لزوم شيء أو بلزوم الطلاق فقد
____________________
(3/717)
غير ظاهر إلا أن يفرق بأن هذه الأيمان مذمورة صريحا في فرع الخانية بخلافها في فرعنا المذكور لكنه بعيد فإن لفظ إيمان جمع يمين ومع الإضافة إلى المسلمين زادت في الشمول فينبغي لزوم أنواع الإيمان التي يحلف بها المسلمون لا خصوص الطلاق ولا خصوص اليمين بالله تعالى هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم
قوله ( فيكفر بحنثه ) أي تلزمه الكفارة إذا حنث إلحاقا له بتحريم الحلال لأنه لما جعل الشرط علما على الكفر وقد اعتقده واجب الامتناع وأمكن القول بوجوبه لغيره جعلناه يمينا
نهر
قوله ( أما الماضي ) كإن كنت فعلت كذا فهو كافر أو يهودي ومثلها الحال
قوله ( عالما بخلافه ) أما إذا كان ضانا صحته فلغو ح
قوله ( فغموس ) لا كفارة فيها إلا التوبة
فتح
قوله ( واختلف في كفره ) أي إذا كان كاذبا
قوله ( والأصح الخ ) وقيل لا يكفر وقيل يكفر لأنه تنجيز معنى لأنه لما علقه بأمر كائن فكأنه قال ابتداء وهو كافر
واعلم أنه ثبت في الصحيحين عنه أنه قال من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال والظاهر أنه أخرج مخرج الغالب فإن الغالب ممن يحلف بمثل هذه الإيمان أن يكون جاهلا لا يعرف إلا لزوم الكفر على تقدير الحنث فإن تم هذا وإلا فالحديث شاهد لمن أطلق القول بكفره
فتح
قوله ( في اعتقاده ) تفسير لقوله عنده ح
قال في المصباح وتكون عند بمعنى الحكم يقال هذا عندي أفضل من هذا أي في حكمي قوله ( وعنده أنه يكفر ) عطف تفسير على قوله جاهلا
وعبارة الفتح وإن كان في اعتقاده أنه يكفر به يكفر لأنه رضي بالكفر حيث أقدم على الفعل الذي علق عليه كفره وهو يعتقد أنه يكفر إذا فعله اه
وعبارة الدرر وكفر إن كان جاهلا اعتقد أنه كفر الخ وبه ظهر أن عطف وعنده بالواو هو الصواب وما يوجد في بعض النسخ من عطفه بأو خطأ لأنه يفيد أن المراد بالجاهل هو الذي لا يعتقد شيئا ولا وجه لتكفيره لما علمت من أنه إنما يكفر إذا اعتقده كفرا ليكون راضيا بالكفر أما الذي لا يعتقده كذلك لم يرض بالكفر حتى يقال إنه يكفر فافهم
قوله ( يكفر فيهما ) أي في الغموس والمنعقدة أما في الغموس ففي الحال وأما في المنعقدة فعند مباشرة الشرط كما صرح به في البحر قبيل قوله وحروفه ح
ولا يقال إن من نوى الكفر في المستقبل كفر في الحال وهذا بمنزلة تعليق الكفر بالشرط
لأنا نقول إن من قال إن فعلت كذا فأنا كافر مراده الامتناع بالتعليق ومن عزمه أن لا يفعل فليس فيه رضا بالكفر عند التعليق بخلاف ما إذا باشر الفعل معتقدا أنه يكفر وقت مباشرته لرضاه بالكفر وأما الجواب بأن هذا تعليق بما له خطر الوجود فلا يكفر به في الحال بخلاف قوله إذا جاء يوم كذا فهو كافر فإنه يكفر في الحال لأنه تعليق بمحقق الوجود ففيه أنه لو علقه بما له خطر يكفر أيضا كقوله إن كان كذا غدا فأنا أكفر فإنه يكفر من ساعته كما في جامع الفصولين لأنه رضي في الحال بكفره المستقبل على تقدير حصول كذا فافهم وعلى هذا لو كان الحالف وقت الحلف ناويا على الفعل وقال إن فعلت كذا فهو كافر ينبغي أن يكفر في الحال لأنه يصير عازما في الحال على الفعل المستقبل الذي يعتقد كفره به قوله ( بخلاف الكافر ) أي إذا قال إن فعلت كذا فأنا مسلم
قال ح في بعض النسخ بخلاف الكفر وعليها فضمير يصير عائد على الكافر الذي استلزمه الكفر
____________________
(3/718)
والأولى أظهر اه
قوله ( لأنه ترك ) أي لأن الكفر ترك التصديق والإقرار فيصح تعليقه بالشرط بخلاف الإسلام بأنه فعل والأفعال لا يصح تعليقها بالشرط
قال ح وبهذا التقرير عرفت أن هذا تعليل لقوله يكفر فيهما لا لقوله فلا يصير مسلما بالتعليق اه
قلت لكن الظاهر أنه تعليل للمخالفة وبيان لوجه الفرق وإلا لعطفه على التعليل الأول
قوله ( كاذبا ) حال في الضمير في ب قوله
قوله ( الأكثر نعم ) لأنه نسب خلاف الواقع إلى علمه تعالى فيضمن نسبة الجهل إليه تعالى
قوله ( وقال الشمني الأصح لا ) جعله في المجتبى وغيره رواية عن أبي يوسف
ونقل في نور العين عن الفتاوي تصحيح الأول
وعلى القول بعدم الكفر قال ح يكون حينئذ يمينا غموسا لأنه على ماض وهذا إن تعورف الحلف به وإلا فلا يكون يمينا وعلى كل فهو معصية تجب التوبة منه اه
لكن علمت أن التعارف إنما يعتبر في الصفات المشتركة
تأمل
قوله ( وكذا لو وطىء المصحف الخ ) عبارة المجتبى بعد التعليل المنقول هنا عن الشمني هكذا قلت فعلى هذا إذا وطىء المصحف قائلا إنه فعل كذا أو لم يفعل كذا وكان كاذبا لا يكفر لأنه يقصد به ترويج كذبه لا إهانة المصحف اه
لكن ذكر في القنية والحاوي ولو قال لها ضعي رجلك على الكراسة إن لألألألم تكوني فعلت كذا فوضعت عليها رجلها لا يكفر الرجل لأن مراده التخويف وتكفر المرأة قال رحمه الله فعلى هذا لو لم يكن مراده التخويف ينبغي أن يكفر ولو وضع رجله على المصحف حالفا يتوب وفي غير الحالف استخفافا يكفر اه
ومقتضاه أن الوضع لا يستلزم الاستخفاف ومثله في الأشباه حيث قال يكفر بوضع الرجل على المصحف مستخفا وإلا فلا اه
ويظهر لي أن نفس الوضع بلا ضرورة يكون اتخفافا واستهانة له ولذا قال لو لم يكن مراده التخويف ينبغي أن يكفر أي لأنه إذا أراد التخويف يكون معظما له لأن مراده حملها على الإقرار بأنها فعلت لعلمه بأن وضع الرجل أمر عظيم لا تفعله فتقر بما أنكرته أما إذا لم يرد التخويف فإنه يكفر
لأنه أمرها بما هو كفر لما فيه من الاستخفاف والاستهانة ويدل على ذلك قول من قال يكفر من صلى بلا طهارة أو لغير القبلة لأنه استهانة فليتأمل
قوله ( لعدم العرف ) قلت هو في زماننا متعارف وكذا الله يشهد أني لا أفعل ومثله شهد الله علم الله أني لا أفهل فينبغي في جميع ذلك أن يكون يمينا للتعارف الآن
قوله ( يكون يمينا ) قوله في البحر وينبغي أن الحالف إذا قصد نفي المكان عن الله تعالى أنه لا يكون يمينا لأنه حينئذ ليس بكفر بل هو الأيمان اه ح
قوله ( ولا يكفر ) لما كان مقتضى حلفه كون الإله في السماء كان مظنة أن يتوهم كفره بنفس الحلف لأن فيه إثبات المكان له تعالى فقال ولا يكفر ولعل وجهه أن إطلاق هذا اللفظ وارد في النصوص كقوله تعالى { وهو الذي في السماء إله } وقوله تعالى { أأمنتم من في السماء } لللل ( الملك 16 ) فلا يكفر بإطلاقه عليه تعالى وإن كانت حقيقة الظرفية غير مرادة فبالنظر إلى كون هذا اللفظ وارد في القرآن كان فيه كفرا ولذا انعقدت به اليمين كما في نظائره بالنظر إلى أن اعتقاد حقيقته اللغوية كفر كان مظنة كفره لاقتضاء حلفه كون الإله في السماء هذا غاية ما ظهر في هذا المحل
وفي أواخر جامع الفصولين قال الله تعالى في السماء عالم لو أراد به المكان كفر لا لو أراد به حكاية عما جاء في ظاهر الإخبار
____________________
(3/719)
ولو لا نية له يكفر عند أكثرهم اه فتأمل
قوله ( لأن منكرها مبتدع لا كافر ) أي اليمين إنما تنعقد إذا علقت بكفر ط
قوله ( وكذا فصلاتي الخ ) أي أنه ليس بيمين
بحر عن المجتبى ط
قوله ( وأما فصوم الخ ) في حاوي الزاهدي وصلواتي صياماتي لهذا الكافر فليس بيمين وعليه الاستغفار وقيل هذا إذا نوى الثواب وإن نوى القربة فيمين اه
قلت وبه علم أن ما هنا قول آخر إذ لا يظهر فرق بين صلاتي وصومي بل التفصيل جار فيهما على هذا القول أي إن أراد القربة والعبادة يكون يمينا لكونه تعليقا على كفر وأما إن أراد الثواب فلا لأن الثواب على ذلك أمر غيبي غير محقق ولأن هبة الثواب للغير جائزة عندنا فلعله أراد تخفيف عذابه وإن لم يكن الكافر أهلا لثواب العبادة
تأمل
قوله ( وحقا ) في المجتبى وفي قوله وحقا أو حقا اختلاف المشايخ والأكثر على أنه ليس بيمين اه أي لا فرق بين ذكره بالواو وبدونها فما في الملتقى وغيره من ذكر بدونها ليس بقيد فافهم قوله ( إلا إذا أراد به اسم الله تعالى ) مكرر مع ما يأتي متنا وكأنه أشار إلى أن المناسب ذكره هنا ح
قوله ( وحق الله ) الحاصل أن الحق إما أن يذكر معرفا أو منكرا أو مضافا فالحق معرفا سواء كان بالواو أو بالياء يمين اتفاقا كما في الخانية والظهيرية ومنكرا يمين على الأصح إن نوى ومضافا إن كان بالباء فيمين اتفاقا لأن الناس يحلفون به وإن كان بالواو فعندهما إحدى الروايتين عن أبي يوسف لا يكون يمينا وعنه رواية أخرى أنه يمين لأن الحق من صفاته تعالى والحلف به متعارف وفي الاختيار أنه المختار اعتبارا بالعرف اه
وبهذا علم أن المختار أنه يمين في الألفاظ الثلاثة مطلقا أفاده في البحر وتقدم أن المنكر بدون واو أو ياء ليس بيمين عند الأكثر
هذا وقد اعترض في الفتح على ما في الاختيار بأن التعارف يعتبر بعد كون الصفة مشتركة في الاستعمال بين صفة الله تعالى وصفة غيره ولفظ حق لا يتبادر منه ما هو صفة الله تعالى بل ما هو من حقوقه
ثم قال ومن الأقوال الضعيفة ما قال البلخي إن قوله بحق الله يمين لأن الناس يحلفون به وضعفه لما علمت أنه مثل وحق الله
قوله ( وحرمته ) اسم بمعنى الاحترام وحرمة الله ما لا يحل انتهاكه فهو في الحقيقة قسم بغيره تعالى حموي عن البرجندي ط
قوله ( وبحرمة شهد الله ) بالدال المهملة في كثير من النسخ والكتب وفي بعضها شهر الله بالراء وكل من النسختين صحيح المعنى ح
قوله ( وبحق الرسول ) فلا يكون يمينا لكن حقه عظيم
ط عن الهندية
قوله ( ورضاه ) مكرر مع ما مر في قوله ولا بصفة لم يتعارف الحلف بها الخ وكونه ليس يمنيا لا ينافي ما مر في قوله أو صفة فعل يوصف بها وبضدها الخ كما قدمناه هناك
قوله ( لكن في الخانية الخ ) حيث قال وأمانة الله يمين وذكر الطحاوي أنه لا يكون يمينا وهو رواية عن أبي يوسف وفي البحر ذكر في الأصل أنه يكون يمينا خلافا للطحاوي لأنها طاعته ووجه ما في الأصل أن الأمانة المضافة إلى الله تعالى عند القسم يراد بها صفته اه
وفي الفتح فعندنا ومالك وأحمد وهو يمين
وعند الشافعي بالنية لأنها فسرت بالعبادات
قلنا غلب إرادة اليمين إذا ذكرت بعد حرف القسم فوجب عدم توقفها على النية للعادة الغالبة اه
وبه علم أن المعتمد ما في الحلية
قوله ( فليس بيمين ) أي اتفاقا لأنها ليست صفة لكن
____________________
(3/720)
على المعتمد ينبغي أن لا يصدق في القضاء
قوله ( فعليه غضبه الخ ) أي لا يكون يمينا أيضا لأنه دعاء على نفسه ولا يستلزم وقوع المدعو بل ذلك متعلق باستجابة دعائه ولأنه غير متعارف
فتح
قوله ( أو هو زان الخ ) لأن حرمة هذه الأشياء تحتمل النسخ والتبديل فلم تكن في معنى حرمة الاسم ولأنه ليس بمتعارف هداية أي أن حرمة هذه الأشياء تحتمل السقوط للضرورة أو نحوها
قوله ( لعدم التعارف ) ظاهره أنه علة للجميع وقد علمت أن العرف معتبر في الحلف بالصفات المشتركة
تأمل
قوله ( فلو تعورف الخ ) أي في هو زان وما بعدها كما يفيده كلام النهر والظاهر أن مثله فعليه غضبه الخ
قوله ( ظاهر كلامهم نعم ) فيه نظر لأنهم لم يقصروا على التعليل بالتعارف بل عللوا بما يقتضي عدم كونه يمينا مطلقا وهو كون عليه غضبه ونحوه دعاء على نفسه وكون هو زان يحتمل النسخ ثم عللوا بعدم التعارف لأنه عدم التعارف لا يكون يمينا وإن كان مما يمكن الحلف به في غير الاسم فكيف إذا كان مما لا يمكن
قوله ( وظاهر كلام الكمال لا ) حيث قال إن معنى اليمين أن يعلق الحالف ما يوجب امتناعه من الفعل بسبب لزوم وجوده أي وجود ما علقه كالكفر عند وجود الفعل المحلوف عليه كدخول الدار وهنا لا يصير بمجرد الدخول زانيا أو سارقا حتى يوجب امتناعه عن الدخول بخلاف الكفر فإنه بمباشرة الدخول يتحقق الرضا بالكفر فيوجب الكفر اه ملخصا موضحا
والمراد أنه يوجب الكفر عند الجهل والكفارة عند العلم ولا يخفي أن هذا التعليل يصلح أيضا لنحو عليه غضبه لأنه لا تتحقق استجابة دعائه بمباشرة الشرط فلا يوجب امتناعه عن مباشرته فلم يكن فيه معنى اليمين وإن تعورف
قوله ( في البحر الخ ) هذا غير منقول بل فهمه في البحر من قول الولوالجية في تعليل قوله وهو يستحل الدم أو لحم الخنزير إن فعل كذا لا يكون يمينا لأن استحلال ذلك لا يكون كفرا لا محالة فإنه حالة الضرورة يصير حلالا اه
اعترضه المحشي بأنه وهم باطل لأن قول الولوالجية لا محالة قيد للمنفي وهو يكون لا للنفي وهو لا يكون فالمعنى أن كون استحلاله كفرا على الدوام منفي بل قد لا يكون كفرا يوضحه ما في المحيط من أنه لا يكون يمينا للشك لأنه قد يكون استحلاله كفرا كما في غير حالة الضرورة فيكون يمينا وقد لا يكون كفرا كما في حالة الضرورة فلا يكون يمينا فقد حصل الشك في كونه يمينا أو لا بخلاف هو يهودي إن فعل كذا لأن اليهودي من ينكر رسالة محمد وذلك كفر دائما فكل ما حرم مؤبدا فاستحلاله معلقا بالشرط يكون يمينا وما لا فلا اه ملخصا
مطلب حروف القسم قوله ( ومن حروفه ) أفاد أن له حروفا أخر نحو من الله بكسر الميم وضمها صرح به القهستاني عن الرضي ح
قلت وفي الدماميني عن التسهيل ومن مثلث الحرفين مع توافق الحركتين اه فافهم
والمراد بالحروف الأدوات لأن من الله وكذا الميم اسم مختصر من أيمن كما مر والضمير في حروفه راجع إلى القسم أو الحلف أو إلى اليمين بتأويل القسم وإلا فاليمنى مؤنثة سماعا
قوله ( الواو والباء والتاء ) قدم الواو لأنها أكثر استعمالا في القسم لذا
____________________
(3/721)
لم تقع الباء في القرآن إلا في { بالله إن الشرك لظلم عظيم } لقمان 13 مع احتمال تعلقها ب لا تشرك وقدم غيره الباء لأنها الأصل لأنها صلة أحلف وأقسم ولذا دخلت في المظهر والمضمر نحو بك لأفعلن قوله ( ولام القسم ) وهي المختصة بالله في الأمور العظام
قهستاني أي لا تدخل على غير اسم الجلالة وهي مكسورة وحكي فتحها كما في حواشي شرح الأجرومية
وفي الفتح ولا تستعمل اللام إلا في قسم متمن معنى التعجب كقول ابن عباس دخل آدم الجنة فلله ما غربت الشمس حتى خرج وقولهم لله ما يؤخر الأجل فاستعمالها قسما مجردا عنه لا يصح في اللغة إلا أن يتعارف كذلك وقول الهداية في المختار عما في بعض النسخ احتراز عما عن أبي حنيفة أنه إذا قال لله علي أن لا أكلم زيدا ليست بيمين إلا أن ينوي لأن الصيغة للنذر ويحتمل معنى اليمين اه قوله ( وحرف التنبيه ) المراد به هنا محذوف الألف أو ثابتها مع وصول ألف الله وقطعها كما في التسهيل لابن مالك
قوله ( همزة الاستفهام ) هي همزة بعدها ألف ولفظ الجلالة بعدها مجرور وتسميتها بهمزة الاستفهام مجاز كذا في الدماميني على التسهيل ح
الظاهر أن الجر بهذه الأحرف لنيابتها عن أحرف القسم ط
قوله ( وقطع ألف الوصل ) أي مع جر الاسم الشريف ح أي فالهمزة نابت عن حرف القسم وليس حرف القسم مضمرا لأن ما يضمر فيه حرف القسم تبقى همزته همزة وصل نعم عند ابتداء الكلام تقطع الهمزة فيحتمل الوجهين أما عند عدم الابتداء كقولك يا زيد الله لأفعلن فإن قطعتها كان مما نحن فيه وإلا فهو من الإضمار فافهم
قوله ( والميم المكسورة والمضمومة ) وكذا المفتوحة فقد نقل الدماميني فيها التثليث
وفي ط لعلهم اعتبروا صورتها فعدوها بين حروف القسم وإلا فقد سبق أنها من جملة اللغات في أيمن الله كمن الله قوله ( لله ) بكسر لام القسم وجر الهاء كما قدمناه فافهم
قوله ( وها الله ) مثال لحرف التنبيه والهاء مجرورة ح
قوله ( م الله ) بتثليث الميم كما قدمناه والهاء مجرورة
قوله ( وقد تضمر حروفه ) فيه أن الذي يضمر هو الباء فقط لأنها حرف القسم الأصلي كما نقله القهستاني عن الكشف والرضي وأراد بالإضمار عدم الذكر فيصدق بالحذف
والفرق بينهما أن الإضمار يبقى أثره بخلاف الحذف
قال في الفتح وعليه ينبغي كون الحرف محذوفا في حالة النصب ومضمرا في حالة الجر لظهور أثره وقوله في البحر قال تضمر ولم يقل تحذف للفرق بينهما إلخ يوهم أنه مع النصب لا يكون حالفا وليس كذلك ولذا قال في النهر إنه بمعزل عن التحقيق لأنه كما يكون حالفا مع بقاء اثر يكون أيضا حالفا مع النصب بل هو التكثير في الاستعمال وذاك شاذ اه أي شاذ في غير اسم الله تعالى فافهم
قوله ( بالحركات الثلاث ) أما الجر والنصب فعلى إضمار الحرف أو حذفه مع تقدير ناصب كما يأتي أما الرفع فقال في الفتح على إضمار مبتدأ والأولى كونه على إضمار خبر لأن الاسم الكريم أعرف المعارف فهو أولى بكونه مبتدأ والتقدير الله قسمي أو قسمي الله اه
قوله ( وغيره ) أي ويختص غير اسم الجلالة كالرحمن والرحيم بغير الجر أي بالنصب والرفع أما الجر فلا لأنه لا يجوز حذف الجار وإبقاء عمله إلا في موضع منها لفظ الجلالة في القسم دون عوض نحو لأفعلن
قوله ( بنصبه بنزع الحافض ) هذا خلاف أهل العربية بل هو عندهم بفعل القسم لما حذف الحرف اتصل الفعل به إلا أن يراد عند انتزاع الخافض أي بالفعل عنده كذا في الفتح أي فالباء في بنزع للسببية لا صلة نصبه لأن النزع ليس من عوامل النصب بل الناصب هو الفعل يتعدى بنفسه توسعا بسبب نزع الخافض كما في { أعجلتم أمر ربكم } الأعراف 150 أي عن أمره { واقعدوا لهم كل مرصد } التوبة 5 أي عليه قوله ( وجره الكوفيون ) كذا حكي الخلاف في المبسوط قال في الفتح ونظر فيه بأنهما أي
____________________
(3/722)
النصب والجر وجهان سائغان للعرب ليس أحد ينكر أحدهما ليتأتى الخلاف اه
وسكت الشارح عن الرفع مع أنه ذكره أيضا في قوله بالحركات الثلاث
( تنبيه ) هذه الأوجه الثلاثة وكذا سكون الهاء ينعقد بها اليمين مع التصريح بباء القسم
ففي الظهيرية بالله لا أفعل وكذا وسكن الهاء أو نصبها أو رفعها يكون يمينا ولو قال الله لا أفعل كذا وسكن الهاء أو نصبها لا يكون يمينا إلا أن يعبر بها بالجر فيكون يمينا وقيل يكون يمينا مطلقا اه
قلت وقول المتون وقد تضمر يشير إلى القول الأول لما علمت من أن الإضمار يبقى أثره فلا بد من الجر لكنه خلاف ما مشي عليه في الهداية وغيرها من تجويز النصب وقدمنا عن الجوهرة أنه الصحيح بل قال في البحر وينبغي أنه إذا نصب أنه يكون يمينا بلا خلاف لأن أهل اللغة لم يختلفوا في جواز كل من الوجهين ولكن النصب أكثر كما ذكره عبد القاهر في مقتصده كذا في غاية البيان اه
قلت بقي الكلام على عدم كونه يمينا مع سكون الهاء
وقد رده في الفتح حيث قال ولا فرق في ثبوت اليمين بين أن يعرب المقسم به خطأ أو صوابا أو يسكنه خلافا لما في المحيط فيما إذا سكنه لأن معنى اليمين وهو ذكر اسم الله تعالى للمنع أو الحمل معقودا بما أريد منعه أو فعله ثابت فلا يتوقف على خصوصية في اللفظ اه
قوله ( أن إضمار حرف التأكيد ) الإضافة في حرف للجنس لأن المراد اللام والنون فإن حذفهما في جواب القسم المستقبل المثبت لا يجوز نعم حذف أحدهما جائز عند الكوفيين لا عند البصريين وكذا يجوز إن كان الفعل حالا قراءة ابن كثير / < لأ قسم بيوم القيامة > / القيامة 1 وقول الشاعر يمينا لأبغض كل مرىء يزخرف قولا ولا يفعل مطلب فيما لو أسقط اللام النون من جواب القسم قوله ( الحلف بالعربية الخ ) على هذا أكثر ما يقع من العوام لا يكون يمينا لعدم اللام والنون فلا كفارة عليهم فيها مقدسي يعني لا يكون يمينا على الإثبات وقوله فلا كفارة عليهم فيها أي إذا تركوا ذلك الشيء
ثم قال المقدسي لكن ينبغي أن تلزمهم لتعارفهم الحلف بذلك ويؤيده ما نقلناه عن الظهيرية أنه لو سكن الهاء أو رفع أو نصب في بالله يكون يمينا مع أن العرب ما نطقت بغير الجر فليتأمل وينبغي أن يكون يمينا وإن خلا من اللام والنون ويدل عليه قوله في الولوالجية سبحان الله أفعل لا إله إلا الله أفعل كذا ليس بيمين إلا أن ينوب اه
واعترضه الخير الرملي بأن ما نقله لا يدل لمدعاه أما الأول فلأنه تغيير إعرابي لا يمنع المعنى الموضوع فلا يضر التسكين والرفع والنصب لما تقرر أن اللحن لا يمنع الانعقاد وأما الثاني فلأنه ليس من المتنازع فيه إذ المتنازع فيه الإثبات والنفي لا أنه يمين والنقل يجب اتباعه اه
قلت وفيه نظر
أما أولا فلأن اللحن الخطأ كما في القاموس وفي المصباح اللحن الخطأ في العربية
وأما ثانيا فلأن قول الولوالجية سبحان الله أفعل عين المتنازع فيه لا غيره فإنه أتى بالفعل المضارع مجردا من اللام والنون وجعله يمينا مع النية ولو كان على النفي لوجب أن يقال إنه مع النية يمين على عدم الفعل كما لا يخفي وإنما اشترط النية لكونه غير متعارف كما مر
وقال ح وبحث المقدسي وجيه
وقول بعض الناس إنه يصادم المنقول يجاب عنه بأن المنقول في المذهب كان على عرف صدر الإسلام قبل أن تتغير اللغة وأما الآن فلا يأتون باللام
____________________
(3/723)
والنون في مثبت القسم أصلا ويفرقون بين الإثبات والنفي بوجود لا وعدمها وما اصطلاحهم على هذا إلا كاصطلاح لغة الفرس ونحوها في الأيمان لمن تدبر اه
قلت ويؤيده ما ذكره العلامة قاسم وغيره من أنه يحمل كلام كل عاقد وحالف وواقف على عرفه وعادته سواء وافق كلام العرب أم لا ويأتي نحوه عن الفتح في أول الفصل الآتي وقد فرق أهل العربية بين بلى ونعم في الجواب بأن بلى لإيجاب ما بعد النفي ونعم للتصديق فإذا قيل ما قام زيد فإن قلت بل كان معناه قد قام وإن قلت نعم كان معناه ما قام
ونقل في شرح المنار عن التحقيق أن المعتبر في أحكام الشرع العرف حتى يقام كل واحد منهما مقام الآخر اه ومثله في التلويح وقول المحيط هنا والحلف بالعربية أن يقول في الإثبات والله لأفعلن الخ بيان للحكم على قواعد العربية وعرف العرب وعادتهم الخالية عن اللحن وكلام الناس اليوم خارج عن قواعد العربية سوى النادر فهو لغة اصطلاحية لهم كباقي اللغات الأجنبية فلا يعاملون بغير لغتهم وقصدهم إلا من إلتزم منهم الإعراب أو قصد المعنى اللغوي فينبغي أن يدين وعلى هذا قال شيخ مشايخنا السائحاني إن أيماننا الآن لا تتوقف على تأكيد فقد وضعناها وضعا جديدا واصطلحنا عليها وتعارفناها فيجب معاملتنا على قدر عقولنا ونياتنا كما أوقع المتأخرون الطلاق بعلي الطلاق ومن لم يدر بعرف أهل زمانه فهو جاهل اه
قلت ونظير هذا ما قالوه من أنه لو أسقط الفاء الرابطة لجواب الشرط فهو تنجيز لا تعليق حتى لو قال إن دخلت الدار أنت طالق تطلق في الحال وهذا مبني على قواعد العربية أيضا وهو خلاف المتعارف الآن فينبغي بناؤه على العرف كما قدمناه عن المقدسي في باب التعليق وقدمنا هناك ما يناسب ذكره هنا فراجعه والله سبحانه أعلم
( تنبيه ) ما مر إنما هو في القسم بخلاف التعليق فإن وإن سمي عند الفقهاء حلفا ويمينا لكنه لا يسمى قسما فإن القسم خاص باليمين بالله تعالى كما صرح به القهستاني أما التعليق فلا يجري اشتراط اللام والنون في المثبت منه لا عند الفقهاء ولا عند اللغويين ومنه الحرام يلزمني علي الطلاق لا أفعل كذا فإنه يراد به في العرف إن فعلت كذا فهي طالق فيجب إمضاؤه عليهم كما صرح به في الفتح وغيره كما يأتي
قال ح
فاندفع بهذا ما توهمه بعض الأفاضل من أن في قول القائل علي الطلاق أجيء اليوم إن جاء في اليوم وقع الطلاق وإلا فلا لعدم اللام والنون وأنت خبير بأن النحاة إنما اشترطوا ذلك في جواب القسم المثبت لا في جواب الشرط وإلا كان معنى قولك إن قام زيد أنه إن قام زيد لم أقم ولم يقل به عاقل فضلا عن فاضل على أن قوله أجيء ليس جواب الشرط بل هو فعل الشرط لأن المعنى إن لم أجيء اليوم فأنت طالق وقد وقع هذا الوهم بعينه للشيخ الرزلي في الفتاوي الخيرية ولغيره أيضا قال السيد أحمد الحموي في تذكرته الكبرى رفع إلي سؤال صورته رجل اغتاظ من ولد زوجته فقال علي الطلاق إني أصبح أشتكيك من النقيب فلما أصبح تركه ولم يشتكه ومكث مدة فهل هذه يقع الطلاق أم لا الجواب إذا ترك شكايته ومضى مدة بعد حلفه لا يقع عليه الطلاق لأن الفعل المذكور وقع في جواب اليمين هو مثبت فيقدر النفي حيث لم يؤكد والله تعالى أعلم كتبه الفقير عبد المنعم النبتيتي فرفعه إلى جماعة قائلين ماذا يكون الحال فقد زاد به الأمر وتقدم بين العوام وتأخرت أولو الفضل أفيدوا الجواب
____________________
(3/724)
فأجبت بعدالحمد لله ما أفتى به من عدم وقوع الطلاق معللا بأن الفعل المذكور وقع جوابا ليمين وهو مثبت فيقدر النفي حيث لم يؤكد فمنبىء عن فرط جهله وحمقه وكثرة مجازفته في الدين وخرقه إذ ذاك في الفعل إذ وقع جوابا للقسم بالله نحو { تالله تفتأ } يوسف 85 ) أي لا تفتؤوا لا في جواب اليمين بمعنى التعليق بما يشتق من طلاق وعتاق ونحوهما وحينئذ إذا أصبح الحالف ولم يشتكه وقع عليه الطلاق الثلاث وبانت زوجته منه بينونة كبرى
إذا تقرر هذا فقد ظهر لك أن هذا المفتي أخطأ خطأ صراحا لا يصدر عن ذي دين وصلاح ولله در القائل من الدين كشف الستر عن كاذب وعن كل بدعي أتى بالعجائب فلولا رجال مؤمنون لهدمت صوامع دين الله من كل جانب والله الهادي للصواب إليه المرجع والمآب
قوله ( والله لقد فعلت ) بصيغة الماضي ولا بد فيها من اللام مقرونة بعد أو ربما إن كان متصرفا وإلا فغير مقرونة كما في التسهيل
قوله ( وفي النفي الخ ) عطف على قوله في الإثبات أي أن الحلف إذا كان الجواب فيه مضارعا منفيا لا يكون باللام والنون إلا لضرورة أو شذوذ بل يكون بحرف النفي ولو مقدرا كقوله تعالى { تالله تفتأ } يوسف 85 فقول حتى لو قال الخ تفريع صحيح أفاد به أن حرف النفي إذا لم يذكر يقدر وأن الدال على تقديره عدم شرط كونه مثبتا وهو حرف التوكيد وأنه إذا دار الأمر بين تقدير النافي وحرف التوكيد تعين تقدير النافي لأن كلمة لا بعض كلمة فافهم لكن اعترض الخير الرملي بأن حرف التوكيد كلمة أيضا
والجواب أن المراد بالكلمة ما يتكلم بها بدون غيرها أو ما ليست متصلة بغيرها في الخط
قوله ( وكفارته ) أي اليمين بمعنى الحلف أو القسم فلا يرد أنها مؤنث سماعا
نهر
قوله ( هذه إضافة للشرط ) لما كان الأصل في إضافة الأحكام إضافة الحكم إلى سببه كحد الزنا أو الشرب أو السرقة واليمين ليس سببا عندنا للكفارة خلافا للشافعي رحمه الله تعالى بل السبب عندنا هو الحنث كما يأتي بين أن ذلك خارج عن الأصل وأنه من الإضافة إلى الشرط مجازا وهي جائزة وثابتة في الشرع كما في كفارة الإحرام وصدقة الفطر وكون اليمين شرطا لا سببا مبين بأدلته في الفتح وغيره
مطلب كفارة اليمين قوله ( تحرير رقبة ) لم يقل عتق رقبة لأنه لو ورث من يعتق عليه فنوى عن الكفارة لم يجز
نهر
قوله ( عشرة مساكين ) أي تحقيقا أو تقديرا حتى لو أعطى مسكينا واحدا في عشرة أيام كل يوم نصف صاع يجوز لو أعطاه في يوم واحد بدفعات في عشر أيام كل يوم نصف صاع يجوز ولو أعطاه في يوم واحد بدفعات في عشر ساعات قيل يجزى وقيل لا وهو الصحيح لأنه إنما جاز إعطاؤه في اليوم الثاني تنزيلا له منزلة مسكين آخر لتجدد الحاجة
من حاشية السيد أبي السعود وفيها يجوز أن يكسو مسكيا واحدا في عشر ساعات من يوم عشرة أثواب أو ثوبا واحدا بأن يؤديه إليه ثم يسترده منه إليه أو إلى غيره بهبة أو غيرها لأن لتبدل الوصف تأثيرا في تبدل العين لكن لا يجوز عند أكثرهم قهستاني عن الكشف
وقوله لكن لا يجوز يحتمل تعلقه بالثانية فقط أو بها وبالأولى يضا وهو الظاهر بدليل ما قدمناه اه
قلت ومراده بالثانية قوله أو ثوبا واحدا وفي الجوهرة وإذا أطعمهم بلا إدام لم يجز إلا في خبز الحنطة
____________________
(3/725)
وإذا غدى مسكينا وعشى غيره عشرة أيام لم يجزه لأنه فرق طعام العشرة على عشرين كما إذا فرق حصة المسكين على مسكينين ولو غدى مسكينا وأعطاه قيمة العشاء أجزأه وكذا إذا فعله في عشرة مساكين ولو عشاهم في رمضان عشرين ليلة أجزأه اه
لكن في البزازية إذا غداهم في يوم وعشاهم في يوم آخر فعن الثاني قيمة روايتان في رواية شرط وجودهما في يوم واحد وفي رواية المعلى لم يشترط
وفي كافي الحاكم وإن أطعم عشرة مساكين كل مسكين صاعا عن يمينين لم يجزه إلا عن إحداهما عندهما
وقال محمد يجزيه عنهما
قوله ( كما مر في الظهار ) أي كالتحرير والإطعام المارين في الظهار من كون الرقبة غير فائتة جنس المنفعة ولا مستحقة للحرية بجهة
وفي الإطعام إما التمليك أو الإباحة فيعشيهم ويغديهم ولو أطعم خمسة وكسا خمسة أجزأه ذلك عن الإطعام إن كان أرخص من الكسوة
وعلى العكس لا يجوز هذا في طعام الإباحة أما إذا ملكه فيجوز ويقام مقام الكسوة ولو أعطى عشرة كل واحد ألف من من الحنطة عن كفارة اليمين لا يجوز إلا عن واحدة عند الإمام والثاني وكذا في كفارة الظهار كذا في الخلاصة
نهر
قلت وبه علم أن حيلة الدرر لا تنفع هنا بخلافها في إسقاط الصلاة
قوله ( بما يصلح للأوساط ) وقيل يعتبر في الثوب حال القابض إن كان يصلح له يجوز وإلا فلا
قال السرخسي والأول أشبه بالصواب
بزازية
قوله ( وينتفع به فوق ثلاثة أشهر ) لأنها أكثر نصف مدة الثوب الجديد كما في الخلاصة فلا يشترط كونه جديد والظاهر أنه لو كان جديدا رقيقا لا يبقى هذه المدة لا يجزي
قوله ( ويستر عامة البدن ) أي أكثره كالملاءة أو الجبة أو القميص أو القباء
قهستاني
وهذا بيان لأدناه عندهما
والمروي عن محمد ما تجوز فيه الصلاة وعليه فيجزيه دفع السراويل عنده للرجل لا للمرأة
قوله ( فلم يجز السراويل ) هو الصحيح لأن لبسه يسمى عريانا عرفا فلا بد على هذا أن يعطيه قميصا أو جبة أو رداء أو قباء أو إزارا سابلا بحيث يتوحش به عندهما وإلا فهو كالسراويل لا تجزي العمامة إلا إن أمكن أن يتخذ منها ثوب مجزىء
وأما القلنسوة فلا تجزي بحال ولا بد للمرأة من خمار مع الثوب لأن صلاتها لا تصح بدونه وهذا أي التعليل المذكور يشابه المروي عن محمد في السراويل أنه لا يكفي للمرأة وظاهر الجواب ما يثبت به اسم المكتسي وينتفي عنه اسم العريان لا صحة الصلاة وعدمها والمرأة إذا كانت لابسة قميصا سابلا وخمارا غطى رأسها وأذنيها دون عنقها لا شك في ثبوت اسم أنها مكتسبة لا عريانة ومع هذا لا تصح صلاتها اه
ملخصا من الفتح
وحاصله أنه لا بد مع الثوب من الخمار لكن لا يشترط أن يكون الخمار مما تصح به الصلاة
وقد اقتصر في البحر على صدر عبارة الفتح فأوهم أنه لا يشترط الخمار أصلا وليس كذلك فليتنبه له
وفي الشرنبلالية ولم أر حكم ما يغطي رأس الرجل اه
قلت إن كان توقفه في إجزائه فلا شك في عدمه وإن كان في اشتراطه عن الثوب فظاهر ما مر عدمه وفي الكافي الكسوة ثوب لكل مسكين إزار ورداء أو قميص أو قباء أو كساء اه
وقدمنا أن المراد ما يستر أكثر البدن
قوله ( إلا باعتبار قيمة الإطعام ) ومثله لو أعطى نصف ثوب تبلغ قيمته قيمة نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير أجزأه عن إطعام فقير وكذا لو أعطى عشرة مساكين ثوبا كبيرا لا يكفي كل واحد حصته منه
____________________
(3/726)
للكسوة وتبلغ حصة كل منهم قيمة ما ذكرنا أجزأه عن الكفارة بالإطعام
ثم ظاهر المذهب أنه لا يشترط للإجزاء عن الإطعام أن ينوي به عن الإطعام
وعن أبي يوسف يشترط
فتح
قوله ( ولم ينو بعد تمامها ) شرط في قوله مرتبا فقط
وفيه أن النية بعد تمامها إنما تلائم الإطعام والكسوة لصحة النية بعد الدفع ما داما في يد الفقير ما في الزكاة وأما الإعتاق فلا إلا أن تصور المسألة فيما إذا تقدمت الكسوة والإطعام وعند الإعتاق نوى الثلاثة عن الكفارة اه ح
والمراد بالإطعام التمليك لا الإباحة لأنهم لو أكلوا عنده نوى لم يصح فيما يظهر
تأمل
ثم إن مراد الشارح بيان إمكان تصوير المسألة وهو وقوع الأعلى قيمة عن الكفارة لأنه إذا كان لا بد من النية فإذا فعل الثلاثة فما نواه أولا وقع عنها وإن كان هو الأدنى فبين إمكان ذلك بعد إذا فعل الكل جملة أو مرتبا لكنه أخر النية قوله ( للزوم النية ) علة لما استفيد من المقام أنه لا بد في التكفير من النية وقد نص عليه الكمال وغيره ط
قوله ( وإن عجز الخ ) قال في البحر أشار إلى أنه لو كان عنده واحد من الأصناف الثلاثة لا يجوز له الصوم وإن كان محتاجا إليه
ففي الخانية لا يجوز الصوم لمن يملك ما هو منصوص عليه في الكفارة أو يملك بدله فوق الكفاف والكفاف منزل يسكنه وثوب يلبسه ويستر عورته وقوت يومه ولو له عبد يحتاجه للخدمة لا يجوز له الصوم ولو له ماله وعليه دين مثله فإن قضي دينه كفر بالصوم وإن صام قبل قضائه قيل يجوز وقيل لا ولو له مال غائب أو دين مؤجل ضام إلا إذا كان المال الغائب عبدا لقدرته على إعتاقه اه ملخصا
وفي الجوهرة والمرأة المعسرة لزوجها منعها من الصوم لأن كل صوم وجب عليها بإيجابها له منعها منه وكذا العبد إلا إذا ظاهر من امرأته فلا يمنعه لمولى لتعلق حق المرأة به لأنه لا يصل إليها إلا بالكفارة
قوله ( وقت الأداء ) أي لا وقت الحنث فلو حنث موسرا ثم أعسر جاز له الصوم وفي عكسه لا وعند الشافعي على العكس
زيلعي
قوله ( قلت الخ ) قائله صاحب البحر
ووجهه أنه لو كان فسخا أي كأنه لم يقع لكان المال موجودا في يده فلا يجزيه الصوم ط
قوله ( ولاء ) بكسر الواو والمد أي متتابعة لقراءة ابن مسعود وأبي فصيام ثلاثة أيام متتابعات فجاز التقييد بها لأنها مشهورة فصارت كخبره المشهور وتمامه في الزيلعي
قوله ( بخلاف كفارة الفطر ) أي كفارة الإفطار في رمضان فإنه مدتها لا تخلو غالبا من الحيض
قوله ( التفريق ) أي صوم الثلاثة متفرقة
قوله ( فلو صام المعسر ) مثله العبد إذا أعتق وأصاب ما لا قبل فراغ الصوم كما في الفتح
قوله ( ثم قبل فراغه ) أي من صوم اليوم الثالث بقرينة ثم فافهم والأفضل إكمال صومه فإن أفطر لا قضاء عليه عندنا كما في الجوهرة
قوله ( لم يجز على الصحيح ) وقياسه أنه لو صام لعجزه فظهر أن مورثه مات قبل صومه أن لا يجزيه
نهر
قوله ( ولم يجز التكفير الخ ) لأن الحنث هو السبب كما مر فلا يجوز إلا بعد وجوده
وفي القهستاني واعلم أنه لو أخر كفارة اليمين أثم ولم تسقط بالموت والقتل وفي سقوط كفارة الظهار خلاف كما في الخزانة
قوله ( ولا يسترده ) أي لو كفر بالمال
____________________
(3/727)
قبل الحنث وقلنا لا يجزيه ليس له أن يسترده من الفقير لأنه تمليك لله تعالى قصد به القرية مع شيء آخر وقد حصل التقرب وترتب الثواب فليس له أن ينقصه ويبطله
فتح
قوله ( فما لا فلا ) أي ما يجوز دفع الزكاة إليه لا يجوز دفع الكفارة إليه
قوله ( إلا الذمي ) فإنه لا يجوز دفع الزكاة إليه ويجوز دفع غيرها
قوله ( خلافا للثاني ) فعنده لا استثناء
قوله ( في بابها ) أي الزكاة قوله ( فيعني الصوري ) أي المراد بهذه الآية اليمين صورة كتحليف القاضي لهم إذ المقصود منها رجاء النكول والكافر وأن لم يثبت في حقه شرعا اليمين المتسعقب لحكمه لكنه في نفسه يعتقد تعظيم اسم الله تعالى وحرمة اليمين به كاذبا فيمتنع عنه فيحصل المقصود فشرع إلزامه بصورتها لهذ الفائدة وتمامه في الفتح
قوله ( يبطلها ) مقتضاه أنه لا يأثم بالحنث بعد الإسلام
قوله ( لما تقرر الخ ) علة لكون الكفر العارض مبطلا لليمين كالكفر الأصلي كحرمة المصاهرة العارضة كما إذا زنى بأم امرأته فإنها تمنع بقاء الصحة كالحرمة الأصلية لأن الكفر المحرمية من الأوصاف الراجعة للمحل وهو الكافر والمحرم فيستوي فيها الابتداء والبقاء أي الطرو والعروض ولم أر هذا التعليل لغيره
تأمل
قوله ( أما المطلقة فحنثه في آخر حياته ) هذا إذا كان المحلوف عليه إثباتا أما إن كان نفيا فيأتي الحنث في الحال بأن يكلم أبويه وبهذا عرفت أن اليوم قيد في الثاني فقط ح
قوله ( في آخر حياته ) الأولى أن يقول في آخر الحياة ليشمل حياة الحالف وحياة المحلوف عليه
قوله ( ويكفر ) عطف على يوصي
قوله ( لأنه أهون الأمرين ) لأنه فيه تفويت البر إلى جابر وهو الكفارة ولا جابر للمعصية لو بر كما في البحر
قوله ( وحاصله ) أي حاصل ما قيل في هذا المقام لا حاصل المتن فإنه قاصر على الحلف بمعصية فعلا وتركا ط
قوله ( كحلفه ليصلين الظهر اليوم ) هذا مثال للفعل ومثال الترك والله لا أشرب الخمر اليوم ح
قوله ( أو هو أولى من غيره ) مثال الفعل منه والله لأصلين الضحى اليوم ومثال الترك والله لا آكل البصل وحكم هذا القسم بقسميه أن بره أولى أو واجب ح أي على ما بحثه الكمال في القسم الخامس
قوله ( كحلفه على ترك الخ ) هذا مثال الترك ومثال الفعل والله لآكلن البصل اليوم ح
قوله ( ونحوه ) أي نحو الشهر مما لم يبلغ مدة الإيلاء وإلا كان من قسم المعصية
قوله ( أو مستويان ) أي الفعل والترك بأن لم يترجح أحدهما قبل الحلف بوجوب ولا أولوية
قوله ( تفيد وجوبه ) هو بحث وجيه ويجري أيضا في القسم الثالث ولا يبعد أن يكون الوجوب هو المراد من قولهم أولى وعبر في المجمع بقوله ترجح البر
____________________
(3/728)
مطلب استعملوا لفظ ينبغي بمعنى يجب ويقر به قول الهداية والكنز وغيرهما ومن حلف على معصية ينبغي أن يحنث فإن الحنث واجب كما علمت فأرادوا بلفظ ينبغي الوجوب مع أن الغالب استعماله في غيره فكذا هذا كما تقول الأول المسلم أن يصلي
قوله ( فهي عشرة ) من ضرب اثنين وهي صورتا الفعل والترك في خمسة المعصية والواجب وما هو أولى من غيره وما غيره أولى منه وما استوى فيه الأمران ط
مطلب في تحريم الحلال قوله ( أي على نفسه ) تبع في هذا التعبير صاحب البحر حيث قال وقيد بكونه حرم على نفسه لأنه لو جعل حرمته معلقة على فعله فإنه لا تلزمه الكفارة لما في الخلاصة لو قال إن أكلت هذا الطعام فهو علي حرام فأكله لا حنث عليه اه لام البحر وأنت خبير بأنه في التعليق أيضا حرم على نفسه غاية الأمر أنه تحريم معلق فلا تحسن المقابلة والأولى أن يقول قيد بتنجيز الحرمة لأنه لو علقها الخ اه ح
قلت وفيه أنه لو قال كذلك لو رد عليه مثل إن كلمت زيدا فهذا الطعام علي حرام مع أنه علقها على فعل نفسه بل الأول أن يقول قيد بتنجيز الحرمة لأنه لو علقها على فعل المحلوف عليه ويمكن أن يكون هذا مراد البحر في قوله على فعله أي فعل الحلوف عليه فافهم
قوله ( واستشكله المصنف ) أي حيث قال قلت وهو مشكل بما تقرر أن المعلق بالشرط كالمنجز عند وقوع الشرط اه
والجواب بالفرق هنا بين المنجز والمعلق وهو أن في المنجز حرم على نفسه طعاما موجودا أما في المعلق فإنه ما حرمه ألا بعد الأكل لما علم أن الجزاء ينزل عقب الشرط وحينئذ لم يكن الطعام موجودا اه ح
قلت لكن ذكر في الفتح مسألة الخلاصة المذكورة
ثم قال عقبها وذكر في المنتقى لو قال كل طعام آكله في منزلك فهو علي حرام ففي القياس لا يحنث إذا أكله هذا روي ابن سماعة عن أبي يوسف
وفي الاستحسان يحنث
والناس يريدون بهذا أن أكله حرام اه
وعلى هذا يجب في التي قبلها أن يحنث إذا أكله وكذا ما ذكر في الحيل إن أكلت طعاما عندك أبدا فهو علي حرام فأكله لم يحنث ينبغي أن يكون جواب القياس اه
وتبعه في النهر
قوله ( فيمين ) لأن حرمته لا تمنع كونه حالفا
نهر
قوله ( ما لم يرد الإخبار ) المناسب ان يقول إن أراد الإنشاء فيخرج ما إذا أراد الإخبار أو لم يرد شيئا لأن عبارة الخانية هكذا إذا قال هذه الخمر علي حرام فيه قولان والفتوى على أنه ينوي في ذلك إن أراد به الخبر لا تلزمه الكفارة وإن أراد به اليمين تلزمه الكفارة وعند عدم النية لا تلزمه الكفارة اه
وفي الفتح وإن أراد الإخبار أو لم يرد شيئا لا تجب الكفارة لأنه أمكن تصحيحه إخبارا
قوله ( بأكل أو نفقة ) أي أو نحوهما من لبس ثوب أو سكنى دارا كل شيء بما يناسبه ويقصد منه
قال في الفتح واعلم أن الظاهر من تحريم هذه الأعيان انصراف اليمين إلى الفعل المقصود منها كما في تحريم الشرع لها في نحو { حرمت عليكم أمهاتكم } وحرمت الخمر والخنزير فإنه ينصرف إلى النكاح والشرب والأكل ولذا
____________________
(3/729)
قال في الخلاصة لو قال هذا الثوب علي حرام فلبسه حنث إلا أن ينوي غيره قوله ( ولو تصدق الخ ) قال في الفتح ولو قال لدراهم في يده هذه الدراهم علي حرام وإن اشترى بها حنث وإن تصدق بها أو وهبها لم يحنث بحكم العرف اه أي أن العرف جار على أن المراد تحريم الاستمتاع بها لنفسه بأن يشتري بها ما يأكله أو يلبسه لا بأن يتصدق بها
والظاهر أنه لو قضى بها دينه لا يحنث
تأمل
وفي البحر ولا خصوصية للدراهم بل لو وهب ما جعله حراما أو تصدق به لم يحنث لأن المراد بالتحريم حرمة الاستمتاع قوله ( ليمينه ) أي لأجل يمينه التي حنث بها فهو علة لقوله كفر وقوله لما تقرر الخ علة لكون ذلك يمينا فهو علة للعلة
ولا يرد عليه أن تحريم لحلال قد لا يكون يمينا بأن قصد الأخبار لأنه إذا قصد الإخبار لا يوجد التحريم لأن التحريم إنشاء والإخبار حكاية فافهم
ودليل كون التحريم يمينا مبسوط في الفتح وغيره
قوله ( حنث البعض ) قال في الهداية ثم إذا فعل مما حرمه قليلا أو كثيرا حنث ووجبت الكفارة لأن التحريم إذا ثبت تناول كل جزء منه اه
قوله ( لم يحنث إلا بالكل ) أي بكلام كل القوم المخاطبين وأكل كل الرغيف فلا يحنث بكلام بعضهم ولا أكل لقمة
قال في النهر وجزم في الخلاصة والمحيط في أكل الرغيف علي حرام بأنه يحنث بلقمة ولعل وجه الفرق أن تحريمه الرغيف على نفسه تحريم أجزائه أيضا وفي لا آكله إنما منع نفسه من أكل الرغيف كله فلا يحنث بالبعض وبهذا يضعف ما في الخانية
قال مشايخنا الصحيح أنه لو قال أكل هذا الرغيف علي حرام لا يحنث بأكل لقمة منه لأن هذا بمنزلة قوله والله لا آكل هذا الرغيف ولو قال هكذا لا يحنث بأكل البعض اه
قلت ويشير إلى هذا الفرق ما نقلناه عن الهداية
وتوضيحه أن الرغيف اسم لكله وبأكل بعضه لا يسمى آكلا له لكن إذا حرمه على نفسه فقد جعله بمنزلة محرم العين حيث نسب التحريم إلى ذات الرغيف وجعله بمنزلة الخمر والميتة وما كان محرما لا يحل تناوله قليله ولا كثيره وحيث جعلنا هذا التحريم يمينا صار حالفا على عدم تناول شيء منه لأن ذلك مدلول الأصل وهو التحريم بخلاف قوله والله لا آكله فإنه ليس فيه منع نفسه عن كل جزء منه بل عن جميعه لكن أيد في البحر كلام الخانية بأن حرمة العين يراد منها تحريم الفعل فإذا قال هذا الطعام علي حراك فالمراد أكله وفي هذا الثوب المراد لبسه
قلت وفيه أن إسناد الحرمة إلى العين حقيقة عندنا كما تقرر في كتب الأصول على معنى إخراج العين عن محلية الفعل لينتفي الفعل بالأولى فالمقصود نفي الفعل وتوصيفه بالحرمة بطريق الكناية والانتقال عن نفي العين فلا بد من ظهور الفرق بين إسناد الحرمة إلى الفعل ابتداء وإسنادها إلى العين وقد ظهر فيما ذكروه هنا لكن هذا يظهر في قوله هذا الرغيف علي حرام أما لو قال أكل هذا الرغيف علي حرام لا يحنث بالبعض لإسناده الحرمة إلى الفعل فصار كقوله والله لا آكله ومثله كلامكم علي حرام لأن الحرمة لم تضف إلى العين بل الفعل وهو الكلام بمعنى التكليم ولم أرى من فرق بين ذلك مع أن الذي في الخانية هذا الرغيف بدون لفظة أكل على خلاف ما نقله في النهر مع أنه لا يظهر الفرق المار إلا بدون لفظة أكل نعم وقع التعبير بها في غير الخانية والحاصل أن المسألة مشكلة فلتحرر
قوله ( إلا إذا لم يمكن الخ ) أي فيحنث بأكل بعضه وهو الأصح المختار لمشايخنا
____________________
(3/730)
مطلب حلف لا يأكل معينا فأكل بعضه والأصل فيما إذا حلف معينا فأكل بعضه إن كان يأكله الرجل في مجلس أو يشربه في شربة فالحلف على جميعه ولا يحنث بأكل بعضه لأن المقصود الامتناع عن أكله وكل ما لا يطاق أكله في المجلس ولا شربه في شربة يحنث بأكل بعضه لأن المقصود من اليمين الامتناع عن أصله لا عن جميعه ولو قال لا أشرب لبن هاتين الشاتين لم يحنث حتى يشرب من لبن كل شاة ولم يعتبر شرب الكل لأنه غير مقصود أو لا يأكل سمن هذه الخابية فأكل بعضه حنث ولو كان مكان الأكل بيع فباع بعضها لا يحنث لأن الأكل لا يتأتى على جميعه في مجلس ويتأتى البيع كذا في المحيط زاد في البدائع عن الأصل لو قال لا كل هذه الرمانة فأكلها إلا حبة أو حبتين حنث في الاستحسان لأن ذلك القدر لا يعتد به لأنه في العرف يقال إنه أكلها وإن ترك نصفها أو ثلثها أو أكثر مما لا يجري في العرف أنه يسقط من الرمانة لم يحنث لأنه لا يسمى أكلا لجميعها اه
وبه يعلم أن اليسير من الرغيف غيره كاللقمة كالعدم اه ملخصا من البحر في باب اليمين بالأكل والشرب وسيأتي هذا الأصل هناك
قوله ( أو حلف الخ ) معطوف على المستثنى وهو قوله إذا لم يكن أكله
قال في النهر وفي مجموع النوازل وكذا كلام فلان وفلان علي حرام يحنث بكلام أحدهما وكذا كلام أهل بغداد
وفي المحيط في كلام فلان وفلان علي حرام أو والله لا أكلم فلانا وفلانا الصحيح أنه لا يحنث في المسألتين ما لم يكلمهما إلا أن ينوي كلام واحد منهما فيحنث بكلام أحدهما لأنه شدد على نفسه اه
قلت وهذا إذا لم يذكر لا بعد العاطف
مطلب لا أذوق طعاما ولا شرابا حنث بأحدهما بخلاف لا أذوق طعاما وشرابا ففي البزازية حلف بالطلاق لا يذوق طعاما ولا شرابا فذاق أحدهما طلقت كما لو حلف لا يكلم فلانا ولا فلانا ولو قال لا أذوق طعاما وشرابا فذاق أحدهما لا يحنث اه
وإذا كرر لا فإنه يصير يمينين كما سنذكر في بحث الكلام عن الواقعات
قوله ( ونوى أحدهما ) أي نوى أن لا يكلم كل واحد منهما
( تنبيه ) في الحاوي الزاهدي عن الجامع إن لم أكن ضربت هذين السوطين في دار فلان فعبدي حر فضرب أحدهما في دار غيره أو قال إن لم أكلم فلانا وفلانا اليوم فأنت طالق فكلم أحدهما اليوم فقط يحنث وقال وألحق بعضهم بذلك إن لم تحضري فراشي ولم تراعيني فأنت طالق فلم تحضر فراشه ولكن راعته فإنه يحنث
قال وفيه إشكال وبينهما فرق جلي لأن الحنث في اليمين إنما يتحقق إذا صدق ما دخل عليه حرف الشرط ففي إن دخلت الدار إنما يحنث إذا صدق دخلت وفي إن لم أدخل إنما يحنث إذا صدق لم أدخل فإذا قال إن لم أدخل هاتين الدارين اليوم أو إن لم أكن ضربت هذين السوطين في دار فلان فحرف الشرط دخل على النفي وهو لم أكن دخلت أو ضربت هاتين هو نفي المجموع دخول الدارين وضرب السوطين ونفي المجموع يتحقق بنفي أحد أجزائه
بخلاف قوله إن لم تحضري فراشي ولم تراعيني فإنه لما كرر حرف النفي كان نفيا لكل واحد منهما لا يصدق مع ثبوت أحدهما فإنه لا يصدق قولنا لم يقدم زيد ولم يقدم عمرو مع قدوم أحدهما ويصدق إن لم يقدم زيد وعمرو مع أحدهما لكن ذكر في المحيط ما يدل على صحة هذا الجواب فإنه قال إذا قال إن لم تكلمي فلانا ولم تكلمي
____________________
(3/731)
فلانا اليوم فأنت طالق فكلمت أحدهما ومضى اليوم طلقت فقد صح هذا الجواب من حيث الرواية لكن ما قلته من الإشكال قوي اه
قلت الجواب أنه إذا كرر حرف النفي يكون نفي كل واحد بانفراده مقصودا ففي إن لم تحضري فراشي ولم تراعيني يتحقق شرط الحنث بنفي كل واحد بانفراده لأنه يصير كأنه حلف على كل واحد بعينه لأنه إذا كرر النفي تكرر اليمين حتى لو قال لا أكلمك اليوم ولا غدا ولا بعد غد فهي أيمان ثلاثة وإن لم يكرر النفي فهي يمين واحد حتى لو كلمه ليلا يحنث يمنزلة قوله ثلاثة أيام كما سيأتي عن الواقعات في بحث الكلام وأما عدم الصدق في لم يقدم زيد ولم يقدم عمرو مع قدوم زيد مثلا فلأنه إخبار عن قدوم في كل منهما بانفراده حيث جعله مقصودا بالنفي فإذا علق ذلك بالشرط يتحقق شرط الحنث وهو أنه لم يقدم زيد هذا ما ظهر لي فتدبره قوله ( وله أخ واحد ) أي وهو عالم به كما قيد بذلك قبيل باب اليمين بالطلاق والعتاق فحينئذ يحنث إذا كلمه لأنه ذكر الجمع وأراد الواحد وإن كان لا يعلم أن الأخ واحد لا يحنث لأنه لم يرد الواحد فبقيت اليمين على الجمع كمن حلف لا يأكل ثلاثة أرغفة من هذا الحب وليس فيه إلا رغيف واحد وهو لا يعلم لا يحنث بحر عن الواقعات
قوله ( قلت الخ ) البحث لصاحب البحر في الباب الآتي وقوله وبه علم أي بما ذكره من مسألة الإخوة فإنه جمع ليس فيه الألف واللام بل هو مضاف مثل أولاد زوجته فحيث كان عالما بتعددهم لا يحنث إلا بالجمع كما في لا أكلم رجالا أو نساء بخلاف ما فيه الألف واللام مثل لا أكلم الفقراء أو المساكين أو الرجال فإنه يحنث بالواحد لأنه اسم جنس كما في الواقعات
مطلب الجمع المضاف كالمنكر بخلاف المعرف بأل وما مر عن الواقعات في إخوة فلان صريح في أن الجمع المضاف كالمنكر وسيأتي في آخر باب اليمين بالأكل والشرب والكلام تمام تحقيق المعرف والمنكر المضاف وتحرير جواب هذه الحادثة قال في البحر لكن قال في القنية إن أحسنت إلى أقربائك فأنت طالق فأحسنت إلى واحد منهم يحنث ولا يراد الجمع في عرفنا اه فيحتاج إلى الفرق إلا أن يدعي أن في العرف فرقا اه
قلت لا يخفي أن العرف الآن عدم التفرقة بين إخوة فلان وأقربائك وأولاد زوجته ونحوه من الجمع المضاق في أنه يراد به الجنس الصادق بالواحد والأكثر فينبغي الحنث في الحادثة المذكورة
مطلب كل حل عليه حرام قوله ( كل حل الخ ) قال في الهداية ولو قال كل حل علي حرام فهو على الطعام والشراب إلا أن ينوي غير ذلك والقياس أن يحنث كما فرغ لأنه باشر فعلا مباحا وهو التنفس ونحوه وهذا قول زفر وجه الاستحسان أن لمقصود وهو البر لا يحصل مع اعتبار العموم فينصرف إلى الطعام والشراب للعرف فإنه يستعمل فيما يتناول عادة ولا يتناول المرأة إلا بالنية لإسقاط اعتبار العموم وإذا نواها ان إيلاء ولا يصرف اليمين عن المأكول
____________________
(3/732)
والمشروب وهذا كله جواب ظاهر الرواية ومشايخنا قالوا يقصر به الطلاق من غير نية لغلبة الاستعمال وعليه الفتوى اه
قلت ومقتضى قوله فإنه يستعمل فيما يتناول عادة أن العرف كان أولا في استعماله في الطعام أو الشرب ثم تغير ذلك إلى عرف آخر وغلب استعماله في الطلاق ثم إن ما ذكروه هنا لا ينافي ما ذكره في الإيلاء من التفصيل بين نية تحريم المرأة أو الظهار أو الكذب أو الطلاق لأن ذاك في أنت علي حرام وما هنا في التحريم باللفظ العام والفتوى على قول المتأخرين بانصرافه إلى الطلاق البائن عاما أو خاصا كما ذكرناه هناك
قوله ( زاد الكمال الخ ) لا محل لذكر هذا هنا لأن مراد الكمال أن هذا يراد به الطلاق فقط بحسب العرف كما يأتي
قوله ( ولكن الفتوي في زماننا ) أي الزمان المتأخر عن زمان المتقدمين
وتوقف البزدوي في مبسوطه في كون عرف الناس إرادة الطلاق به فالاحتياط أن لا يخالف المتقدمين
مطلب تعارفوا الحرام يلزمني والطلاق يلزمني قال في الفتح واعلم أن مثل هذا اللفظ لم يتعارف في ديارنا بل المتعارف فيه حرام علي كلامك نحوه كأكل كذا ولبسه دون الصيغة العامة
وتعارفوا أيضا الحرام يلزمني ولا شك في أنهم يريدون الطلاق معلقا فإنهم يذكرون بعده لا أفعل كذا ولأفعلن وهو مثل تعارفهم الطلاق يلزمني لا أفعل كذا فإنه يراد به إن فعلت كذا فهي طالق ويجب إمضاؤه عليهم
والحاصل أن المعتبر انصراف هذه الألفاظ عربية أو فارسية إلى معنى بلا نية التعارف فيه فإن لم يتعارف سئل عن نيته وفيما ينصرف بلا نية لو قال أردت غيره لا يصدقه القاضي وفيما بينه وبين الله تعالى هو المصدق اه
وأقره في البحر والنهر والمقدسي والشرنبلالي غيرهم وتقدم تمام الكلام على ذلك في الطلاق قوله ( ولو له أكثر بن جميعا ) في هذه المسألة كلام طويل قدمناه في باب طلاق غير المدخول بها وفي باب الإيلاء والذي حررناه هناك أنه لا خلاف في أن أنت علي حرام يخص المخاطبة وفي كل حل علي حرام يعم الزوجات الأربع لصريح أداة العموم الاستغراقي وفي امرأتي حرام أو طالق يقع على واحدة منهن وإنما الخلاف في نحو حلال الله أو حلال المسلمين فقيل يقع على واحدة غير معينة نظرا إلى صورة أفراده والأشبه أنه يعم الكل فافهم
قوله ( وإن لم تكن له امرأة الخ ) قال في الظهيرية وإن قال لم أنو الطلاق لا يصدق قضاء لأنه صار طلاقا عرفا
ثم قال إن حلف به إن كان فعل كذا وقد كان فعل له امرأة واحدة أو أكثر بنى جميعا وإن لم تكن له امرأة لا يلزمه شيء لأنه جعل يمينا بالطلاق ولو جعلناه يمينا بالله تعالى فهو غموس وإن حلف بهذا على أمر في المستقبل ففعل ذلك وليس له امرأة كان عليه الكفارة لأن تحريم الحلال يمين اه
وحاصله أنه إذا لم تكن له امرأة وحلف على ماض كذبا لا يلزمه شيء لأنه جعل طلاقا على المفتي به فيلغو لعدم الزوجة ولو جعل يمينا بالله تعالى فغموس لأنه كناية عن الحلف بالله تعالى كما مر في هو يهودي أنه كناية
____________________
(3/733)
وأن لم يعقل وجهها فعلى الوجهين لا يلزمه شيء سوى الاستغفار وقيل إن قوله ولو جعل يمينا بالله تعالى أي بناء على ظاهر الرواية من حمله على الطعام والشراب وفيه نظر لأنه إذا قال إن كنت فعلت كذا فكل حل علي حرام يصير بمعنى إن كنت فعلته فوالله لا آكل ولا أشرب فإذا كان قد فعل انعقدت يمينه على عدم الأكل والشرب فيكفر بأكله أو شربه فلا تكون لغوا فافهم
وعلى هذا فما في النهاية عن النوازل من أنه إن لم تكن له امرأة تجب عليه الكفارة محمول على أنه جعل يمينا بالله تعالى مع كون الحلف على مستقبل وإلا كان غموسا فلا تلزمه الكفارة وأما قوله في البحر معناه إذا أكل أو شرب لانصرافه عند عدم الزوجة إلى الطعام والشراب لا كما يفهم من ظاهر العبارة اه
ففيه نظر بل هو محمول على ما يفهم من ظاهر العبارة وهو وجوب الكفارة وإن لم يأكل ولم يشرب بناء على ما قلنا وإلا ورد عليه ما ذكرناه من النظر السابق ويؤيده أن انصرافه إلى الطعام والشراب كان في العرف السابق ثم تغير ذلك العرف وصار مصروفا إلى الطلاق كما مر فبعد ما صار حقيقة عرفية في الطلاق لا يصح حمله على العرف المهجور بل يبقى مرادا به الطلاق غير أنه إذا لم تكن له امرأة يبقى مرادا به الطلاق فيلغوا ويجعل يمينا بالله تعالى فتجب به الكفارة إن لم يكن غموسا فالترديد في كلام الظهيرية مبني على قولين بدليل ما في البزازية حيث قال وفي المواضع التي يقع الطلاق بلفظ الحرام إن لم تكن له امرأة إن حنث لزمته الكفارة والنسفي على أنه لا تلزمه اه
فما قاله النسفي مبني على أنه يبقى مرادا به الطلاق وظاهر كلامهم ترجيح خلافه فاغتنم تحقيق هذا المقام فإنه من منح الملك السلام
قوله ( سواء نكح بعده أو لا ) هو ما عليه الفتوى كما يأتي
قوله ( فيكفر بأكله أو شربه ) مبني على ما فسر به في البحر عبارة النوازل وقد علمت ما فيه والصواب ان يقول فيكفر بحنثه أي بفعله المحلوف عليه كأن قال إن دخلت الدار فكل حل علي حرام ثم دخلها يلزمه كفارة اليمين لأنها يمين منعقدة على عدم الدخول في المستقبل لا على عدم الأكل والشرب حتى لو أكل أو شرب قبل الدخول أو بعده لا يلزمه شيء
قوله ( ولو بالله علي ماض ) لفظ بالله سبق قلم أي ولو كانت يمينه على ماض كما إذا قال إن كنت فعلت كذا فكل حل علي حرام وكان عالما بأنه فعله فهي غموس إن جعلت يمينا بالله تعالى فلا تلزمه كفارة وقوله أو لغو أي إن جعلت يمينا بالطلاق كما قاله النسفي
وظاهر ما مر عن الظهيرية من قوله لأنه جعل يمينا بالطلاق اعتماد الأول وهو ظاهر ما قدمناه أيضا عن البزازية وكذا ما يأتي قريبا
وبما قررناه علم أن ما ذكره الشارح من قوله فغموس أو لغو هو حاصل ما قدمناه عن الظهيرية فليس في كلامه خلل سوى زيادة لفظ بالله فافهم
قوله ( ولو له امرأة وقتها الخ ) مقابل قول المصنف وإن لم تكن له امرأة
قال في الظهيرية وإن حلف بهذا على أمر في المستقبل ففعل ذلك وليس له امرأة كان عليها الكفارة لأن تحريم الحلال يمين وإن كان له امرأة وقت اليمين فماتت قبل الشرط أو بانت لا إلى عدة ثم باشر الشرط لا تلزمه الكفارة لأن يمينه انصرف إلى الطلاق وقت وجودها وإن لم تكن له امرأة وقت اليمين ثم تزوج امرأة ثم باشر الشرط اختلفوا فيه
قال الفقيه أبو جعفر تبين المتزوجة
وقال غيره لا تبين وبه أخذ القفيه أبو الليث وعليه الفتوى لأن يمينه جعل يمينا بالله تعالى وقت وجودها فلا يكون طلاقا بعد ذلك اه ومثله في الخانية
وفي عبارة البزازية في هذه المسائل خلل نبهنا عليه في باب الإيلاء
قوله ( فأكل ) صوابه فباشر الشرط كما في عبارة الظهيرية وغيرها وذلك كدخول الدار مثلا ولا نظر فيه للأكل وعدمه كما علمت
قوله ( وقد مر في الإيلاء ) ما مر هناك فيه خلل تابع فيه البزازية كما أوضحناه هناك
____________________
(3/734)
مطلب في أحكام النذر قوله ( ومن نذر نذرا مطلقا ) مثل لله علي صوم سنة فتح وأفاد أنه يلزمه ولو لم يقصده كما لو أراد أن يقول كلاما فجرى على لسانه النذر لأن هزل النذر كالجد كالطلاق كما في صيام الفتح وكما لو أراد أن يقول لله علي صوم يوم فجرى على لسانه صوم شهر كما في صيام البحر عن الولوالجية
واعلم أن النذر قربة مشروعة أما كونه قربة فلما يلازمه من القرب كالصلاة والصوم والحج والعتق ونحوها وأما شرعيته فللأوامر الواردة بإيفائه وتمامه في الاختيار
قلت وإنما ذكروا النذر في الأيمان لما يأتي في أنه قال علي نذر ولا نية له لزمه كفارة ومر في آخر كتاب الصيام أنه لو نذر صوما فإن لم ينو شيئا أو نوى النذر فقط نوى النذر وأن لا يكون يمينا كان نذرا فقط وإن نوى اليمين وأن لا يكون نذرا كان يمينا وعليه كفارة إن أفطر وإن نواهما أو نوى اليمين كان نذرا ويمينا حتى لو أفطر قضى وكفر ومر هناك الكلام فيه
قوله ( كما سيصرح به ) أي المصنف قريبا ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى ط
قوله ( وهو عبادة مقصودة ) الضمير راجع للنذر بمعنى المنذور لا للواجب خلافا لما في البحر
قال في الفتح مما هو طاعة مقصودة لنفسها ومن جنسها واجب الخ
وفي البدائع ومن شروطه أن يكون قربة مقصودة فلا يصح النذر بعيادة المريض وتشييع الجنازة والوضوء والاغتسال ودخول المسجد ومس المصحف والأذان وبناء الرباطات والمساجد وغير ذلك وإن كانت قربا إلا أنها غير مقصودة اه
فهذا صريح في أن الشرط كون المنذر نفسه عبادة مقصودة لا ما كان من جنسه ولذا صححوا النذر بالوقف لأن من جنسه واجبا وهي بناء مسجد للمسلمين كما يأتي مع أنك علمت أن بناء المساجد غير مقصود لذاته
قوله ( خرج الوضوء ) لأنه عبادة ليست مقصودة لذاتها وإنما هو شرط لعبادة مقصودة وهي الصلاة
ط عن المنح
قوله ( وتكفين الميت ) لأنه ليس عبادة مقصودة بل هو لأجل صحة الصلاة عليه لأن ستره شرط صحتها ط
قوله ( ووجد الشرط ) معطوف على قوله وكان من جنسه عبادة وهذا إن كان معلقا بشرط وإلا لزم في الحال والمراد الشرط الذي يريد كونه كما يأتي تصحيحه
قوله ( لزم الناذر ) أي لزمه الوفاء به والمراد أن يلزمه الوفاء بأصل القربة التي التزمها لا بكل وصف إلتزمه لأنه لو عين درهما أو فقيرا أو مكانا للتصدق أو للصلاة فالتعيين ليس بلازم
بحر
وتحقيقه في المنح
قوله ( الحديث الخ ) قال في الفتح هو حديث غريب إلا أنه مستغنى عنه ففي لزوم المنذور الكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى { وليوفوا نذورهم } الحج 29 وصرح المصنف أي صاحب الهداية في كتاب الصوم بأنه واجب للآية وتقدم الاعتراض بأنها توجب الافتراض للقطعية والجواب بأنها مؤولة إذ خص منها النذر بالمعصية وما ليس من جنسه واجب فلم تكن قطعية الدلالة ومن قال من المتأخرين بافتراضه استدل بالإجماع على وجوب الإيفاء به اه
ملخصا وفي الشرنبلالية عن البرهان أنه أي الافتراض هو الأظهر
قوله ( لوجوب العتق ) ترك ذكر الواجب من الصلاة والصوم والصدقة لظهوره ط
قوله ( والمشي للحج ) المراد الحج ماشيا وإلا فالمشي ليس عبادة مقصودة اه ح
وفيه أن المشروط كونه عبادة مقصودة هو المنذور لا ما كان
____________________
(3/735)
من جنسه كما قدمناه وسيأتي في باب اليمين في البيع أنه لو قال علي المشي إلى بيت الله أو الكعبة يلزمه حج أو عمرة وسنذكر أن هذا استحسان
والقياس أن لا يجب به شيء لأنه ليس بقرية تأمل
قوله ( والقعدة الأخيرة الخ ) كذا ذكره في اعتكاف البحر أورده عليه أن التشبيه إن كان في خصوص القعدة فهو غير لازم في الاعتكاف لجواز الوقوف في مدته وإن كان في مطلق الكينونة فلم خص التشبيه بالعقدة مع أن الركوع كذلك
والجواب اختيار الأول والغالب في الاعتكاف القعود وذكر في اعتكاف المعراج قلنا بل من جنسه واجب لله تعالى وهو اللبث بعرفة وهو الوقوف والنذر الشيء إنما يصح إذا كان من جنسه واجب أو مشتملا على الواجب وهذا كذلك لأن الاعتكاف يشمل على الصوم ومن جنس الصوم واجب وإن لم يكن من جنس اللبث واجب وتعقبه في الفتح في باب اليمين في الحج والصوم بأن وجوب الصوم فرع وجوب الاعتكاف بالنذر والكلام الآن في صحة وجوب المتبوع فكيف يستدل على لزومه بلزومه ولزوم الشرط فرع لزوم المشرط ثم قد يقال تحقق الإجماع على لزوم الاعتكاف بالنذر موجب إهدار اشتراط وجود واجب من جنسه اه أي فهو خارج عن الأصل
قوله ( ووقف مسجد ) أي في كل بلدة على الظاهر ط
قوله ( وإلا ) وإن لم يفعل الإمام فعلى المسلمين
قوله ( ما ليس من جنسه فرض ) هذا هو الذي وعد بذكره
قال المصنف في شرحه وهذا يثبت أن المراد بالواجب في قولهم من جنسه واجب الفرض وبه صرح شيخنا في بحره الخ
ويأتي تمام الكلام عليه قوله ( كعيادة مريض الخ ) هذا يفيد أن مرادهم بالفرض هنا فرض العين دون ما يشمل فرض الكفاية اه ح
أي فإن هذه فرض كفاية كما في مقدمة أبي الليث فافهم وقدمنا عن البدائع خروج هذه المذكرات بقوله عبادة مقصودة على أنه يرد عليه دخول المسجد للطواف ولصلاة الجمعة إذا كان الإمام فيه فإن الدخول حينئذ فرض لكنه ليس مقصودا لذاته وكذا عيادة الوالدين إذا احتاجا إليه لأن برهما فرض وقدمنا أن المشروط كونه عبادة مقصودة هو المنذور
قوله ( ولو مسجد الرسول ) الأولى ذكر مسجد مكة لأنه المتوهم ط
قوله ( وهذا هو الضابط ) الإشارة إلى ما ذكره من أن ما ليس من جنسه فرض لا يلزم
وعبارة الدرر المنذور إذا كان له أصل في الفروض لزم الناذر كالصوم والصلاة والصدقة والاعتكاف وما لا أصل له في الفروض فلا يلزم الناذر كعبادة المريض وتشييع الجنازة ودخول المسجد وبناء القنطرة والرباط والسقاية ونحوها وهذا هوالأصل الكلي قوله ( فزاد ) أي على الشرطين المارين في المتن
قوله ( أن لا يكون معصية لذاته ) قال في الفتح وأما كون المنذور معصية يمنع انعقاد النذر فيجب أن يكون معناه إذا كان حراما لعينه أو ليس فيه جهة قربة فإن المذهب أن نذر صوم يوم العيد ينعقد ويجب الوفاء بصوم يوم غيره ولو صامه خرج عن العهدة ثم قال بعد ذلك قال الطحاوي إذا أضاف النذر إلى المعاصي كلله علي أن أقتل فلانا كان يمينا ولزمته الكفارة بالحنث اه
قلت وحاصله أن الشرط كونه عبادة فيعلم منه أنه لو كان معصية لم يصح فهذا ليس شرطا خارجا عما مر لكن صرح به مستقلا لبيان أن ما كان فيه جهة العبادة يصح النذر به لما مر من أنه يلزم الوفاء بالنذر من حيث هو قربة لا بكل وصف التزمه به فصلح التزام الصوم من حيث هو صوم مع إلغاء كونه في يوم العيد ولذا قال
____________________
(3/736)
في الفتح إن قلت من شروط النذر كونه النذر بغير معصية فكيف قال أبو يوسف إذا نذر ركعتين بلا وضوء يصح نذره خلافا لمحمد
فالجواب أن أبا يوسف صححه بوضوء لأنه حين نذر ركعتين لزمتاه بوضوء لأن إلتزام المشروط إلتزام الشرط فقوله بعده بغير وضوء لغو لا يؤثر ونظيره إذا نذر بلا قراءة ألزمناه ركعتين بقراءة أو نذر أن يصلي ركعة واحدة ألزمناه ركعتين أو ثلاثة ألزمناه بأربع اه
وتمامه فيه
قوله ( لأنه لغيره ) أي لأن كونه معصية لغيره وهو الإعراض عن ضيافة الحق تعالى
قوله ( وأن لا يكون واجبا عليه قبل النذر ) في أضحية البدائع لو نذر أن يضحي شاة وذلك في أيام النحر وهو موسر فعليه أن يضحي بشاتين عندنا شاة للنذر وشاة بإيجاب الشرع ابتداء إلا إذا عني به الإخبار عن الواجب عليه فلا يلزمه إلا واحدة ولو قبل أيام النحر لزمه شاتان بلا خلاف لأن الصيغة لا تحتمل الإخبار عن الواجب إذ لا وجوب قبل الوقت وكذا لو كان معسرا ثم أيسر في أيام النحر لزمه شاتان اه
والحاصل أن نذر الأضحية صحيح لكنه ينصرف إلى شاة أخرى غير الواجبة عليه ابتداء بإيجاب الشرع إلا إذا قصد الإخبار عن الواجب عليه وكان في أيامها مثله ما لو نذر الحج لأن الأضحية والحج قد يكونان غير واجبين بخلاف حجة الإسلام فإنها نفس الواجب عليه لأنها اسم لفريضة العمر كصوم رمضان وصلاة الظهر فلا يصح النذر بها بخلاف ما قد يكون تطوعا واجبا كالصلاة والصوم كما سنحققه في الأضحية إن شاء الله تعالى
قوله ( أو ملكا لغيره ) فإن قيل إن النذر به معصية فيغني عنه ما مر
قلنا إنه ليس معصية لذاته وإنما هو لحق الغير
إفاده في البحر لكنه خارج بكونه لا يملكه فيشمل الزائد على ما يملكه وما لا ملك له فيه أصلا كهذا
في البحر عن الخلاصة لو قال لله علي أن أهدي هذه الشاة وهي ملك الغير لا يصح النذر بخلاف قوله لأهدين ولو نوى اليمين كان يمينا اه
قال في النهر والفرق بين التأكيد وعدمه مما لا أثر له يظهر في صحة النذر وعدمه ثم على الصحة هل تلزمه قيمتها أو يتوقف الحال إلى ملكها محل تردد اه
قلت الظاهر الثاني لأن الهدي اسم لما يهدي إلى الحرم فإذا صح نذره توقف إلى ملكها ليمكن إهداؤها
تأمل ويظهر لي أن قوله لأهدين يمين لا نذر وقوله ولو نوى اليمين كان يمينا راجع المسألة الأولى فإن تم هذا اتضح الفرق فتأمل
قوله ( لزمه المائة فقط ) سيذكر الشارح وجهه
قوله ( قلت ويزداد الخ ) ذكر هذا الشرط صاحب البحر في باب الاعتكاف وعزا الفرع المذكور إلى الولوالجية
قال ط وبه صارت الشروط سبعة ما في المتن وهذه الخمسة لكن اشتراط أن لا يكون أكثر مما يملك وأن لا يكون ملك الغير خاصا ببعض صور النذر قوله ( مستحيل الكون ) يشمل الاستحالة الشرعية لما في الاختيار لو نذرت صوم أيام حيضها أو قالت لله علي أن أصوم غدا فحاضت فهو باطل عند محمد وزفر لأنها أضافت الصوم إلى وقت لا يتصور فيه
وقال أبو يوسف تقضي في المسألة الثانية لأن الإيجاب صدر صحيحا في حال لا ينافي الصوم ولا إضافة إلى زمان ينافيه إذ الصوم يتصور فيه والعجز بعارض محتمل كالمريض فتقضيه كما إذا نذرت صوم شهر يلزمها قضاء أيام حيضها لأنه يجوز خلو الشهر
____________________
(3/737)
عن الحيض فيصح الإيجاب وتمامه فيه
قوله ( وفي القنية الخ ) عبارتها كما في البحر نذر أن يتصدق بدينار على الأغنياء ينبغي أن لا يصح
قلت وينبغي أن يصح إذا نوى أبناء السبيل لأنهم محل الزكاة اه
قلت ولعل وجه عدم الصحة في الأول عدم كونها قربة أو مستحيلة الكون لعدم تحققها لأنها للغني هبة كما أن الهبة للفقير صدقة
قوله ( ولو نذر التسبيحات ) لعل مراده التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا والثلاثين في كل وأطلق على الجميع تسبيحا تغليبا لكونه سابقا وفيه إشارة إلى أنه ليس من جنسها واجب ولا فرض وفيه أن تكبير التشريق واجب على المفتي به وكذا تكبيرة الإحرام وتكبيرات العيدين فينبغي صحة النذر به بناء على أن المراد بالواجب هو المصطلح ط
قلت لكن ما ذكره الشارح ليس عبارة القنية وعبارتها كما في البحر ولو نذر أن يقول دعاء كذا في دبر كل صلاة عشر مرات لم يصح
قوله ( لم يلزمه ) وكذا لو نذر قراءة القرآن وعلله القهستاني في باب الاعتكاف بأنها الصلاة
في الخانية ولو قال علي الطواف بالبيت السعي بين الصفا والمروة أو علي أن أقرأ القرآن إن فعلت كذا لا يلزمه شيء اه
قلت وهو مشكل فإن القراءة عبادة مقصودة ومن جنسها واجب وكذا الطواف فإنه عبادة مقصودة أيضا
ثم رأيت في لباب المناسك قال في باب أنواع الأطوفة الخامس طواف الندر وهو واجب ولا يختص بوقت فهذا صريح في صحة النذر به
قوله ( لزمه ) لأن من جنسه فرضا وهو الصلاة عليه مرة واحدة في العمر وتجب كلما ذكر وإنما هي فرض عملي قال ح ومنه يعلم أنه لا يشترط كون الفرض قطعيا ط
قوله ( وقيل لا ) لعل وجهه اشتراطه كونه الفرض قطعيا ح
قوله ( ثم أن المعلق إلخ ) أعلم أن المذكور في كتب ظاهر الرواية أن المعلق يجب الوفاء به مطلقا أي سواء كان الشرط مما يراد كونه أي يطلب حصوله كإن شفى الله مريضي أو لا كإن كلمت زيدا أو دخلت الدار فكذا وهو المسمى عند الشافعية نذر اللجاج وروي عن أبي حنيفة التفصيل المذكور هنا وأنه راجع إليه قبل موته بسبعة أيام وفي الهداية إنه قول محمد وهو الصحيح اه ومشى عليه أصحاب المتون كالمختار والمجمع ومختصر النقابة والملتقى وغيرها وهو مذهب الشافعي وذكر في الفتح أنه المروي في النوادر وأنه مختار المحققين وقد انعكس الأمر على صاحب البحر فظن أن هذا له لا أصل في الرواية وأن رواية النوادر أنه مخير فيهما مطلقا وأن في الخلاصة قال وبه يفتي وقد علمت أن المروي في النوادر هو التفصيل المذكور ذكر في النهر أن الذي في الخلاصة هو التعليق بما لا يراد كونه فالإطلاق ممنوع اه
والحاصل أنه ليس في المسألة سوى قولين الأول ظاهر الرواية عدم التخيير أصلا
والثاني التفصيل المذكور
وأما ما توهمه في البحر من القول الثالث هو التخيير مطلقا وأنه المفتي به فلا أصل له كما أوضحه العلامة الشرنبلالي في رسالته المسماة تحفة التحرير فافهم
قوله ( بشرط يريده الخ ) انظر لو كان فاسقا يريد شرطا هو معصية فعلق عليه كما في قول الشاعر
____________________
(3/738)
علي إذا ما زرت ليلي بخفية زيارة بيت الله رجلان حافيا فهل يقال إذا باشر الشرط يجب عليه المعلق أم لا ويظهر لي الوجوب لأن المنذور طاعة وقد علق وجوبها على شرط فإذا حصل الشرط لزمته وإن كان الشرط معصية يحرم فعلها لأن هذه الطاعة غير حاملة على مباشرة المعصية بل بالعكس وتعريف النذر صادق عليه ولذا صح النذر في قوله إن زنيت بفلانة لكنه بتخير بينه وبين كفارة اليمين لأنه إذا كان لا يريده يصير فيه معنى اليمين فيخير كما يأتي تقريره بخلاف ما إذا كان يريده لفوات معنى اليمين فينبغي الجزم بلزوم المنذور فيه وإن لم أره صريحا فافهم
قوله ( لأنه نذر بظاهره الخ ) لأنه قصد به المنع عن إيجاد الشرط فيميل إلى أي الجهتين شاء بخلاف ما إذا علق بشرط يريد ثبوته لأن معنى اليمين وهو قصد المنع غير موجود فيه لأن قصده إظهار الرغبة فيما جعل شرطا
درر
قوله ( فيخير ضرورة ) جواب عن قول صدر الشريعة
أقول إن كان الشرط حراما كإن زنيت ينبغي أن لا يتخير لأن التخيير تخفيف والحرام لا يوجب التخفيف
قال في الدرر أقول ليس الموجب للتخفيف هو الحرام بل وجود دليل التخفيف لأن اللفظ لما كان نذرا من وجه يمينا من وجه لزم أن يعمل بمقتضى الوجهين ولم يجز إهدار أحدهما فلزم التخيير الموجب للتخفيف بالضرورة فتدبر اه
قوله ( فلا يجبره القاضي ) لأن العبد لم يثبت له حق العتق عليه لأن ذلك بمنزلة ما لو حلف بالله تعالى ليعتقنه ليس له إجباره على أن يبر يمينه لأن ذلك مجرد حق الله تعالى
قوله ( نذر أن يذبح ولده الخ ) المسألة منصوصة في كافي الحاكم الشهيد وغيره وفي شرح المجمع وشرح درر البحار أنه يجب به ذبح كبش في الحرم أو في أيام النحر في غير الحرم وأنه يشترط لصحة النذر به في عامة الروايات أن يقول في النذر عند مقام إبراهيم أو بمكة
وفي رواية عنه لا يشترط وفي الاختيار ولو نذر ذبح ولده أو نحره لزمه ذبح شاة عند أبي حنيفة ومحمد وكذا النذر بذبح نفسه أو عبده عند محمد وفي الوالد والوالدة عن أبي حنيفة روايتان والأصح عدم الصحة وقال أبو يوسف وزفر لا يصح شيء من ذلك لأنه معصية فلا يصح ولهما في الولد مذهب جماعة من الصحابة كعلي وابن عباس وغيرهما ومثله لا يعرف قياسا فيكون سماعا ولأن إيجاب ذبح الولد عبارة عن إيجاب ذبح الشاة حتى لو نذر ذبحه بمكة يجب عليه ذبح الشاة بالحرم
بيانه قصة الذبيح فإن الله تعالى أوجب على الخليل ذبح ولده وأمره بذبح الشاة حيث قال { قد صدقت الرؤيا } فيكون كذلك في شريعتنا أما لقوله تعالى { ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا } أو لأن شريعة من قبلنا تلزمنا حتى يثبت النسخ وله نظائر منها أن إيجاب المشي إلى بيت الله تعالى عبارة عن حج أو عمرة وإيجاب الهدي عبارة عن إيجاب شاة ومثله كبير وإذا كان نذر ذبح الولد عبارة عن ذبح الشاة لا يكون معصية بل قربة حتى قال الإسبيجابي وغيره من المشايخ إن أراد عين الذبح وعرف أنه معصية لا يصح ونظيره الصوم في حق الشيخ الفاني معصية لإفضائه إلى إهلاكه ويصح نذره بالصوم وعليه الفدية وجعل ذلك إلتزاما للفدية كذا هذا
ولمحمد في النفس والعبد أن ولايته عليهما فوق ولايته على ولده ولأبي نيفة أن وجوب الشاة على خلاف القياس
____________________
(3/739)
عرفناه استدلالا بقصة الخليل وإنما وردت في الولد فيقتصر عليه ولو نذر بلفظ القتل لا يلزمه شيء بالإجماع لأن النص ورد بلفظ الذبح النحر مثله ولا كذلك القتل ولأن الذبح والنحر وردا في القرآن على وجه القربة والتعبد والقتل لم يرد إلا على وجه العقوبة والانتقام والنهي ولأنه لو نذر ذبح الشاة بلفظ القتل لم يصح فهذا أولى اه
قوله ( لغا إجماعا ) أي بناء على أصح الروايتين كما مر
قوله ( لأن الذبح ليس من جنسه فرض الخ ) هذا التعليل لصاحب البحر وينافيه ما في الخانية قال إن برئت من مرضي هذا ذبحت شاة فبرىء لا يلزمه شيء إلا أن يقول فلله علي أن أذبح شاة اه
وهي عبارة متن الدرر وعللها في شرحه بقوله لأن اللزوم لا يكون إلا لبالنذر والدال عليه الثاني لا الأول اه
فأفاد أن عدم الصحة لكون الصيغة المذكورة لا تدل على النذر أي لأن قوله ذبحت شاة وعد لا نذر ويؤيده ما في البزازية لو قال إن سلم ولدي أصوم ما عشت فهذا وعد لكن في البزازية أيضا إن عوفيت صمت كذا لم يجب ما لم يقل لله علي وفي الاستحسان يجب ولو قال إن فعلت كذا فأنا أحج ففعل يجب عليه الحج اه
فعلم أن تعليل الدرر مبني على القياس والاستحسان خلافه وينافيه أيضا قول المصنف علي شاة أذبحها أو عبارة الفتح فعلي بالفاء في جواب الشرط إذ لا شك أن هذا ليس وعدا ولا يقال إنما لم يلزمه شيء لعدم قوله لله علي لأن المصرح به صحة النذر بقوله لله علي حج أو علي حجة فيتعين حمل ما ذكره المصنف على القول بأنه لا بد من أن يكون من جنسه فرض وحمل ما في الخانية والدرر من صحة قوله لله علي أن أذبح شاة على القول بأنه يكفي أن يكون من جنسه واجب وسيأتي في آخر الأضحية عن الخانية لو نذر عشر أضحيات لزمه ثنتان لمجيء الأمر بهما وفي شرح الوهبانية الأصح وجوب الكل لإيجابه مالله من جنسه إيجاب ونقل الشارح هناك عن المصنف أن مفاده لزوم النذر بما من جنسه زاجب اعتقادي أو اصطلاحي اه
ويؤيده أيضا ما قدمناه عن البدائع وبه يهلم أن الأصح أن المراد بالواجب ما يشمل الفرض والواجب الاصطلاحي لا خصوص الفرض فقط
قوله ( فتح وبحر ) يوهم أنه في الفتح ذكر هذا التعليل مع أن المذكور فيه عبارة المتن فقط وكذلك في البحر معزيا إلى مجموع النوازل
قوله ( ففي متن الدرر تناقض ) أي حيث صرح أولا بأنه يشترط في النذر أن يكون به أصل في الفروض ونص ثانيا على صحة النذر بقوله لله علي أن أذبح شاة مع أن النذر ليس له اصل في الفروض بل في الواجبات
وأجاب ط بأن مراده بالفرض ما يعم الواجب بأن يراده به اللازم فلا تناقض
قوله ( كذا في مجموع النوازل ) الإشارة إلى ما في المتن من قوله ولو قال إن برئت إلى قوله جاز
قوله ( ووجهه يخفى ) وهو أن السبع تقوم مقامه في الضحايا والهداية ط
مطلب النذر غير المعلق لا يختص بزمن ومكان ودرهم وفقير قوله ( لما تقرر في كتاب الصوم ) أي في آخر قبيل باب الاعتكاف وعبارته هناك مع المتن والنذر من اعتكاف أو حج أو صلاة أو صيام أو غيرها غير المعلق لو معينا لا يختص بزمان ومكان ودرهم وفقير فلو نذر
____________________
(3/740)
التصدق يوم الجمعة بمكة بهذا الدرهم على فلان فخالف جاز وكذا لو عجل قبله فلو عين شهرا للاعتكاف أو للصوم فعجل قبله عنه صح وكذا لو نذر أن يحج سنة كذا فحج سنة قبلها صح أو صلاة في يوم كذا فصلاها قبله لأنه تعجيل بعد وجود السبب وهو النذر فيلغو التعيين بخلاف النذر العلق فأنه لا يجوز تعجيله قبل وجود الشرط اه
قلت وقدمنا هناك الفرق وهو أن المعلق على شرط لا ينعقد سببا للحال كما تقرر في الأصول بل عند وجود شرطه فلو جاز تعجيله لزم وقوعه قبل سببه فلا يصح ويظهر من هذا أن المعلق يتعين فيه الزمان بالنظر إلى التعجيل أما تأخيره فالظاهر هـ جائز إذ لا محذور فيه وكذا يظهر منه أنه لا يتعين فيه المكان والدرهم والفقير لأن التعليق إنما أثر في انعقاد السببية فقط فلذا امتنع فيه التعجيل وتعين فيه الوقت أما المكان والدرهم والفقير فهي باقية على الأصل من عدم التعيين ولذا اقتصر الشارح في بيان المخالفة على التعجيل فقط حيث قال فإنه لا يجوز تعجيله فتدبر
قلت وكما لا يتعين الفقير لا يتعين عدده ففي الخانية إن زوجت بنتي فألف درهم من مالي صدقة لكل مسكين درهم فزوج ودفع الألف إلى مسكين جملة جاز
( تنبيه ) إنما لم يختص في النذر بزمان ونحوه خلافا لزفر لأن لزوم ما إلتزمه باعتبار ما هو قربة لا باعتبارات أخر لا دخل لها في صيرورته قربة كما مر
قال في الفتح وكذا إذا نذر ركعتين في المسجد الحرام فأداها في أقل شرفا منه أو فيما لا شرف له أجزأه خلافا لزفر لأن المعروف من الشرع أن إلتزامه بما هو قربة موجب ولم يثبت من الشرع اعتبار تخصيص العبد العبادة بالمكان بل إنما عرف ذلك لله تعالى وتمامه فيه
قلت وإنما تعين المكان في نذر الهدي الزمان في نذر الأضحية من كلا منهما اسم خاص معين فالهدي ما يهدي للحرم والأضحية ما يذبح في أيامها حتى لو لم يكن كذلك لم يوجد الاسم وسنذكر تمام تحقيقه في باب اليمين في البيع إن شاء الله تعالى
قوله ( جاز ) أشار إلى أن تعيين ما يشتري به مثل تعيين الزمان والمكان
قوله ( قضاه وحده ) أي قضي ذلك اليوم فقط لئلا يقع كل الصوم في غير الوقت كما مر في الصيام
قوله ( وإن قال متتابعا ) لأن شرط التتابع في شهر بعينه لغو لأنه متتابع لتتابع الأيام وأيضا لا يمكن الاستقبال لأنه معين درر وأما إذا كان لشهر غير معين فإن شاء تابعه وإن شاء فرقه إلا إذا شرط التتابع فيلزمه ويسقبل
فتح أي يستقبل شهرا غيره أفطر يوما ولو من الأيام المنهية كما مر في الصوم وتقدم هناك تمام الكلام على ما يجب فيه التتابع وما لا يجب وما يجوز تقديمه أو تأخيره وما لا يجوز تقديمه أو تأخيره وما لا يجوز فراجعه
قوله ( فأكل لعذر ) وكذا لدونه ح
قوله ( فدى ) أي لكل يوم نصف صاع من بر أو صاعا من شعير وإن لم يقدر استغفر الله تعالى كما مر
قوله ( لزمه ما يملك منها فقط ) وإن كان عنده عروض أو خادم يساوي مائة فإنه يبيع ويتصدق وإن كان يساوي عشرة يتصدق بعشرة وإن لم يكن شيء فلا شيء عليه كمن أوجب على نفسه ألف حجة يلزمه بقدر ما عاش في كل سنة حجة شرنبلالية عن الخانية
وانظر هل يدخل في ذلك الدين كما يدخل في الوصية بثلث ماله ظاهر التعليل عدم الدخول لأن الدين لا يملكه
____________________
(3/741)
قبل قبضه إذا قبضه صار ملكا حادثا بعد النذر وفي الوصية بثلث المال يعتبر ماله عند الموت تأمل
لكن سيأتي في أول الشركة أن الحق كونه مملوكا
قوله ( لم يوجد الخ ) أي وشرط صحة النذر أن يكون المنذور ملكا للناذر أو مضافا إلى السبب كقوله إن اشتريتك فلله علي أن أعتقك ط
قوله ( في المساكين صدقه ) أي ينفق عليهم ففي بمعنى على
قوله ( ولم يصح اتفاقا ) أما لو كان له مال يصح ويكون المراد به جنس مال الزكاة استحسانا أي جنس كان بلغ نصابا أو لا عليه دين مستغرق أو لا وإن لم يجد غيره أمسك منه قدر قوته فإذا ملك غيره تصدق بقدره أي بقدر ما أمسك كما سيأتي في متفرقات القضاء إن شاء الله تعالى
وذكر الشارح هناك عن البحر قال إن فعلت كذا فما أملكه صدقة فحيلته أن يبيع ملكه من رجل بثوب في منديل ويقبضه ولم يره ثم يفعل ذلك ثم يرده بخيار الرؤية فلا يلزمه شيء اه
قوله ( فيما مر ) أي من قوله إن النذر غير المعلق لا يختص بشيء
قوله ( ولم يزد عليه ) فلو قال نذر حج مثلا لزمه قوله ( ولو نوى صياما الخ ) محترز قوله ولا نية له وأشار إلى أنه لو نوى شيئا من حج أو عمر أو غيره فعليه ما نوى كما في كافي الحاكم
قوله ( لزمه ثلاثة أيام ) لأن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى
وأدنى ذلك في الصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين
بحر عن الولوالجية
قوله ( ولو صدقة ) أي بلا عدد
قوله ( كالفطرة ) أي لكل مسكين نصف صاع بر وكذا لو قال لله علي إطعام مسكين لزمه نصف صاع بر استحسانا وإن قال لله علي أن أطعم المساكين على عشرة عند أبي حنيفة
فتح
قوله ( لزمه بقدر عمره ) أي لزمه أن يحج بقدر ما يعيش ومشى في لباب المناسك على أنه يلزمه الكل وعليه أن يحج بنفسه قدر ما عاش ويجب الإيصاء بالبقية وعزاه القاري في شرحه إلى العيون والخانية والسراجية
قال وفي النوازل أنه قولهما والأول قول محمد
وفي الفتح الحق لزوم الكل اه ملخصا
قوله ( وصل بحلفه ) قيد بالوصل لأنه لو فصل لا يفيد إلا إذا كان لتنفس أو سعال أو نحوه وعن ابن عباس أنه كان يجوز الاستثناء المنفصل لا ستة أشهر ويلزمه إخراج العقود كلها عن أن تكون ملزمة وأن لا يحتاج للمحلل الثاني لأن الطلق يستثنى وفي المسألة حكاية الإمام مع المنصور ذكرها في الدرر وغيره
قوله ( إن شاء الله ) مفعول وصل
قوله ( عبادة ) كنذر وإعتاق أو معاملة كطلاق وإقرار ط
قوله ( أو النهي ) كقولع لوكيله لا تبع لفلان إن شاء الله ط
قوله ( لم يصح الاستثناء ) جواب قوله ولو بالأمر فافهم
أي فللمأمور أن يبيعه والفرق أن الإيجاب يقع ملزما بحيث لا يقدر على إبطاله بعد فيحتاج إلى الاستثناء حتى لا يلزمه حكم الإيجاب والأمر لا يقع لازما فإنه يقدر على إبطاله بعزل المأمور به فلا يحتاج إلى الاستثناء فيه
ذخيرة
وقدمناه قبيل باب الاستيلاد
قوله ( كما مر في الصوم ) من أنه إذا وصل المشيئة بالتلفظ بالنية لا تبطل لأنها لطلب التوفيق
حموي وظاهره أنها ليست فيه للاستثناء حتى يقال إن النية ليست من الأقول فلا تبطل بالاستثناء ط عن أبي مسعود والله سبحانه وتعالى أعلم
____________________
(3/742)
باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان والركوب وغير ذلك قوله وغير ذلك كالجلوس والتزويج والتطهير
مطلب الأيمان مبنية على العرف بيتا ببيت العنكبوت قوله ( وعندنا على العرف ) لأن المتكلم إنما يتكلم بالكلام العرفي أعني الألفاظ التي يراد بها معانيها التي وضعت لها في العرف كما أن العربي حال كونه بين أهل اللغة أنما يتكلم بالحقائق اللغوية فوجب صرف ألفاظ المتكلم إلى ما عهد أنه المراد بها
فتح
قوله ( فلا حنث الخ ) صرح صاحب الذخيرة والمرغيناني بأنه يحنث بهدم بيت العنكبوت في الفرع المذكور فمن المشايخ من حكم بأنه خطأ ومنهم من قيد حمل الكلام على العرف بما إذا لم يمكن العمل بحقيقته
قال في الفتح ولا يخفي أنه على هذا يصير ماله وضع لغوي ووضع عرفي عتبر معناه اللغوي وإن تكلم به أهل العرف وهذا يهدم قاعدة حمل الأيمان على العرف لأنه لم يصر المعتبر إلا اللغة إلا ما تعذر وهذا بعيد إذ لا شك أن المتكلم لا يتكلم إلا بالعرف الذي به التخاطب سواء كان عرف اللغة إن كان من أهلها أو غيرها إن كان من غيرها نعم ما قع مشتركا بين اللغة والعرف تعتبر فيه اللغة على أنها العرف فأما الفرع المذكور فالوجه فيه إن كان نواه في عموم قوله بيتا حنث وإن لم يخطر له فلا لانصراف الكلام إلى المتعارف عند إطلاق لفظ بيت فظهر أن مرادنا بانصراف الكلام إلى العرف إذا لم تكن له نية وإن كان له نية شيء واللفظ يحتمله انعقد اليمين باعتبار اه
وتبعه في البحر وغيره
مبحث مهم في تحقيق قولهم الأيمان مبية على الألفاظ لا على الأغراض قوله ( الأيمان مبنية على الألفاظ الخ ) أي الألفاظ العرفية ما قبله واحترز به عن القول ببنائها على عرف اللغة أو عرف القرآن ففي حلفه لا يركب دابة ولا يجلس على وتد لا يحنث بركوبه إنسانا وجلوسه على جبل وإن كان الأول في عرف اللغة دابة والثاني في القرآن وتدا كما سيأتي وقوله لا على الإغراض أي المقاصد والنيات احترز به عن القول ببنائها على النية
فصار الحاصل أن المعتبر إنما هو اللفظ العرفي المسمى وأما غرض الحالف فإن كان مدلول اللفظ المسمى اعتبر وإن كان زائدا على اللفظ فلا يعتبر ولهذا قال في تلخيص الجامع الكبير وبالعرف يخص ولا يزاد حتى خص الرأس بما يكبس ولم يرد الملك في تعليق طلاق الأجنبية بالدخول اه
ومعناه أن اللفظ إذا كان عاما يجوز
____________________
(3/743)
تخصيصه بالعرف كما لو حلف لا يأكل رأسا فإنه في العرف اسم لما يكبس في التنور ويباع في الأسواق وهو رأس الغنم دون رأس العصفور ونحوه فالغرض العرفي يخصص عمومه فإذا أطلق ينصرف إلى المتعارف بخلاف الزيادة الخارجة عن اللفظ كما لو قال لأجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق فإنه يلغو ولا يصح إرادة الملك أي إن دخلت وأنت في نكاحي وإن كان هو المتعارف لأن ذلك غير مذكور ودلالة العرف لا تأثير لها في جعل غير الملفوظ ملفوظا
إذا علمت ذلك فاعلم أنه إذا حلف لا يشتري لإنسان شيئا بفلس فاللفظ المسمى وهو الفلس معناه في اللغة والعرف واحد وهو القطعة من النحاس المضروبة المعلومة فهو اسم خاص معلوم لا يصدق على الدرهم أو الدينار فإذا اشترى له شيئا بدرهم لا يحنث وإن كان الغرض عرفا أن لا يشتري أيضا بدرهم ولا غيره ولكن ذلك زائد على اللفظ المسمى غير داخل في دلوله فلا تصح إرادته بلفظ الفلس وكذا لو حلف لا يخرج من الباب فخرج من السطح لا يحنث وإن كان الغرض عرفا القرار في الدار وعدم الخروج من السطح أو الطاق أو غيرهما ولكن ذلك غير المسمى ولا يحنث بالغرض بلا مسمى وكذا لا يضربه سوطا فضربه بعصا لأن العصا غير مذكورة وإن كان الغرض لا يؤلمه بأن لا يضربه بعصا ولا غيرها وكذا ليغدينه بألف فاشترى رغيفا بألف وغداه به لم يحنث وإن كان الغرض أن يغديه بما له قيمة وافية وعلى ذلك مسائل أخرى ذكرها أيضا في تلخيص الجامع لو حلف لا يشتريه بعشرة حنث بأحد عشر ولو حلف البائع لم يحنث به لأن مراد المشتري المطلقة ومراد البائع المفردة وهو العرف ولو اشترى أو باع بتسعة لم يحنث لأن المشتري مستنقص والبائع وإن كان مستزيدا لكن لا يحنث بالغرض بلا مسمى كما في المسائل المارة اه
فهذه أربع مسائل أيضا
الأولى حلف لا يشتريه بعشرة فاشتراه بأحد عشر حنث لأنه اشتراه بعشرة وزيادة والزيادة على شرط الحنث لا تمنع الحنث كما لو حلف لا يدخل هذه الدار فدخلها ودخل دارا أخرى
الثانية لو حلف البائع لا يبيعه بعشرة فباعه بأحد عشر لم يحنث لأن العشرة تطلق على المفردة وعلى المقرونة أي التي قرن بها غيرها من الأعداد ولما كان المشتري مستنقصا أي طالبا لنقص الثمن عن العشرة علم أن مراده مطلق العشرة أي مفردة أو مقرونة ولما كان البائع مستزيدا أي طالب لزيادة الثمن عن العشرة علم أن مراده بقوله لا أبيعه بعشرة العشرة المفردة فقط تخصيصا بالعرف فلذا حنث المشتري بالأحد عشر دون البائع
الثالثة لو اشترى بتسعة لم يحنث لأنه لو توجد العشرة بنوعيها مع أنه وجد الغرض أيضا لأنه مستنقص
الرابعة لو باع بتسعة لم يحنث أيضا لأنه وإن كان غرضه الزيادة على العشرة وأنه لا يبيعه بتسعة ولا بأقل لكن ذلك غير مسمى لأنه إنما سمي العشرة وهي لا تطلق على التسعة ولا يحنث بالغرض بلا مسمى لأن الغرض يصلح مخصصا لا مزيدا كما مر
إذا علمت ذلك ظهر لك أن قاعدة بناء الأيمان على العرف معناه أن المعتبر هو المعنى المقصود في العرف من اللفظ المسمى وإن كان في اللغة أو في الشرع أعم من المعنى المتعارف ولما كانت هذه القاعدة موهمة اعتبار الغرض العرفي وإن كان زائدا على اللفظ المسمى وخارجا عن مدلوله كما في المسألة الأخيرة وكما في المسائل الأربعة التي ذكرها المصنف دفعوا ذلك الوهم بذك القاعدة الثانية وهي بناء الأيمان على الألفاظ لا على الإغراض فقولهم لا على الأغراض دفعوا به توهم اعتبار الغرض الزائد على اللفظ المسمى وأرادوا بالألفاظ الألفاظ العرفية بقرينة القاعدة الأولى ولولاها لتوهم اعتبار الألفاظ ولو لغوية أو شرعية فلا تنافي بين
____________________
(3/744)
القاعدتين كما يتوهمه كثير من الناس حتى الشرنبلالي فحمل الأولى على الديانة والثانية على القضاء ولا تناقض بين الفروع التي ذكروها
ثم اعلم أن هذا كله حيث لم يجعل اللفظ في العرف مجازا عن معنى آخر كما في لا أضع قدمي في دار فلان فإنه صار مجازاد عن الدخول مطلقا كما سيأتي ففي هذا لا يعتبر اللفظ أصلا حتى لو وضع قدمه ولم يدخل لا يحنث لأن اللفظ هجر وصار المراد به معنى آخر ومثله لا آكل من هذه الشجرة وهي لا تثمر ينصرف إلى ثمنها جتى لا يحنث بعينها وهذا بخلاف ما مر فإن اللفظ فيه لم يهجر بل أريد هو وغيره فيعتبر اللفظ المسمى دون غيره الزائد عليه أما هذا قد اعتبر فيه الغرض فقط لأن اللفظ صار مجازا عنه فلا يخالف ذلك القاعدتين المذكورتين فاغتنم هذا التقرير الساطع المنبر الذي لخصناه من رسالتنا المسماة رفع الانتفاض ودفع الاعتراض على قولهم الأيمان مبنية على الألفاظ لا على الأغراض فإن أردت الزيادة على ذلك والوقوف على حقيقة ما هنالك فارجع إليها الحرص عليهم فإنها كشفت اللثام عن حور مقصورات في الخيام والحمد لله رب العالمين
قوله ( أو لا يضربه أسواطا ) في بعض النسخ سوطا وهو الموافق لما في تلخيص الجامع
قوله ( وضرب بعضها ) أي بعض الأسواط وفيه أنه لم يذكر للأسواط عدد وفي بعض النسخ وضرب بعصا بعين وصاد مهملتين وهو الموافق لما في تلخيص الجامع
قوله ( لأن العبرة لعموم اللفظ ) فيه أنه لا عموم في هذه الفروع على أن العرف يصلح مخصصا لعموم اللفظ كما قدمناه فصارت العبرة للعرف لا لعموم اللفظ فالصواب إسقاط لفظة عموم ما مر من اعتبار الألفاظ لا الأغراض على ما قررناه آنفا
قوله ( إلا في مسائل ) لا حاجة إلى هذا الاستثناء لأن هذه المسائل داخلة في قاعدة اعتبار اللفظ كما علمت
قوله ( والبيعة ) بكسر الباء وسكون الياء قوله النصارى أي متعبدهم والكنيسة لليهود أي متعبدهم وتطلق أيضا على متعبد النصارى
مصباح
وفي القهستاني عن القاموس البيعة متعبد النصارى أو متعبد اليهود أو الكفار اه
فيستعمل كل منهما مكان الآخر
قوله ( والدهليز ) بكسر الدار ما بين الباب والدار فارسي معرب
بحر عن الصحاح
قوله ( والظلة التي على الباب ) قال في البحر والظلة الساباط الذي يكون على باب الدار من سقف له جذوع أطرافها على جدار الباب وأطرافها الأخر على الجدار المقابل له وإنما قيدنا به لأن الظلة إذا كان معناها ما هو داخل البيت مسقفا فإنه يحنث بدخوله لأن يبات فيه اه
قوله ( إذا لم يصلحا للبيتوتة ) أما إذا صلحا لها يحنث بأن كانت الظلة داخل البيت كما مر وكان الدهليز كبيرا بحيث بيات فيه قال في الفتح فإن مثله يعتاد بيتوتته للضيوف في بعض القرى وفي المدن يبيت فيه بعض الأتباع في بعض الأوقات فيحنث
والحاصل أن كل موضع إذا أغلق الباب صار داخلا لا يمكنه الخروج من الدار وله سعة تصلح للمبيت من سقف يحنث بدخوله اه
قوله ( في حلفه ) متعلق بقوله لا يحنث ط
قوله ( لأنها ) أي هذه المذكورات وهو علة لقوله لا يحنث والصالح للبيتوتة من دهليز وظلة يعد عرفا للبيتوتة ط
قوله ( ولذا ) أي لكون المعتبر الصلوح للبيتوتة وعدمه ط
قوله ( في الصفة ) أي سواء كان لها أربع حوائط كما هي صفات الكوفة أو ثلاثة على ما صححه في الهداية بعد أن يكون مسقفا كما هي صفاف دورنا لأنه يبات فيها غاية الأمر أن مفتحه واسع كذا في الفتح
____________________
(3/745)
قوله ( والإيوان ) عطف تفسير ط
قوله ( لأنه ) أي الصفة بتأويل البيت أو المكان
قوله ( وإن لم يكن مسقفا ) قد علمت أنه في الفتح قال بعد أن يكون مسقفا نعم ذكر في الفتح أن السقف ليس شرطا في مسمى البيت والدهليز
قال في الشرنبلالية فكذا الصفة اه
قلت وعرفنا في الشام إطلاق البيت على ما له أربع حوائط من جملة أماكن الدار السفلية أما الأماكن العلوية فتسمى طبقة وقصرا وعليه ومشرفة وأهل مدينة دمشق عرفهم إطلاق البيت على الدار بجملتها فيحكم على كل قوم بعرفهم
قوله ( لا بناء بها أصلا ) قيد به تبعا للفتح حيث قال وهذا هو المراد فإنه قال في مقابله فيما إذا حلف لا يدخل هذه الدار فدخلها بعد ما صارت صحراء حنث وإنما تقع المقابلة بين المعين والمنكر في الحكم إذا توارد حكمها على محل فأما إذا دخل بعد ما زال بعض حيطانها فهذه دار خربة فينبغي أن يحنث في المنكر إلا أن تكون له نية اه
قوله ( لأن الدار اسم للعرصة ) أي أنها في اللغة اسم للعرصة التي ينزل بها أهلها وإن لم يكن بها بناء أصلا لأنهم كانوا يضعون فيها الأجنبية لا أبنية الحجر والمدر فصح أن البناء وصف فيها غير لازم بل اللازم فيها كونها قد نزلت غير أنها في عرف أهل المدن لا تقال إلا بعد بالبناء فيها ولو انهدم بعد ذلك قبل دار خراب فيكون الوصف جزء مفهومها فإن زالت بالكلية وعادت ساحة فالظاهر أن إطلاق اسم الدار عليها عرفا كهذه دار فلان مجاز باعتبار ما كان والحقيقة أن يقال كانت دار
فتح
قوله ( والبناء وصف الخ ) بيان لوجه الفرق بين الدار المنكرة والمعرفة أما البيت فلا فرق فيه كما يأتي
قوله ( إنما تعتبر في المنكر ) لأنها هي المعرفة له لا في المعين لأن ذاته تتعرف بالإشارة فوق ما تتعرف بالصفة
فتح
قوله ( إلا إذا كانت شرطا ) في الذخيرة قالوا الصفة إذ لم تكن داعية إلى اليمين إنما لا تعتبر في المعين إذا ذكرت على وجه التعريف أما إذا ذكرت على وجه الشرط تعتبر وهو الصحيح ألا ترى أن من قال لامرأته إن دخلت هذ الدار راكبة فهي طالق فدخلتها ماشية لا تطلق واعتبرت الصفة في المعين لما ذكرت على سبيل الشرط اه
قلت وقوله هذه إشارة للمرأة فاعل دخلت والدار مفعول ليصير قوله راكبة صفة للمعين بالإشارة وهو امرأة
قوله ( أو داعية لليمين ) أي حاملة عليه فإن الامتناع عن أكل الرطب قد يكون لضرره فلا يحنث بعد صيرورته تمرا وسيأتي تمام الكلام عليه
قوله ( وإن جعلت ) أي الدار المعرفة بالإشارة
قوله ( أو بيتا ) في النهر عن المحيط لو كانت دارا صغيرة فجعلها بيتا واحدا وأشرع بابه إلى الطريق أو إلى دار أخرى لا يحنث بدخلوها لتبدل الاسم والصفة بحدوث أمر جديد اه
قوله ( لا يحنث ) لأنها لا تسمى دارا لحدوث اسم آخر لها
ذخيرة
قوله ( وإن بنيت بعد ذلك ) لأنه عاد اسم الدار بسبب جديد فنزل منزلة اسم آخر وكذا لو لم تبن لأنه لم يزل اسم المسجد ونحوه عنها
يقال مسجد خراب وحمام خراب
ذخيرة
قوله ( وكذا بيتا بالأولى ) لأنه إذا اعتبر وصف البناء في معرفة ففي منكره أولى
قال في البحر فصار الحاصل أن البيت لا فرق فيه بين أن يكون منكرا أو معرفا فإذا دخله وهو صحراء
____________________
(3/746)
لا يحنث لزوال الاسم بزال البناء وأما الدار ففرق بين المنكرة والمعرفة اه
قوله ( لزوال اسم البيت ) أي بالانهدام لزوال مسماه وهو البناء الذي يبات فيه بخلاف الدار لأنها تسمى دارا ولا بناء فيها
فتح
وفي الذخيرة قال قائلهم الدار دار وإن زالت حوائطها والبيت ليس ببيت بعد تهديم قوله ( لأنه كالصفة ) الضمير للسقف قال في الهداية يحنث لأنه يبات فيه والسقف وصف فيه اه وفي الذخيرة لأن اسم البيت لم يزل عنه لإمكان البيتوتة فيه أو نقول اسم البيت ثابت لهذه البقعة لأجل الحيطان والسقف جميعا فإذا زال السقف فقد زال الاسم اسم من وجه دون وجه فلا تبطل اليمين بالشك وقياس الأول يحنث في المنكر أيضا لأن اسم البيت لم يزل وعلى قياس الثاني لا يحنث لأنه بيت من وجه والحاجة هنا إلى عقد اليمين فلا ينعقد عليه بالشك بخلاف المعين فإن اليمين كانت منعقدة على هذه العين فلا تبطل بالشك اه ملخصا
قوله ( وعزاه في البحر إلى البدائع الخ ) أي عزا ما ذكر في المنكر ومقتضى ما نقلناه عن الذخيرة أن الحكم فيه غير منقول وإنما هو تخريج مبني على اختلاف التعليل في المعرف فما في البدائع أحد وجهين والوجه الآخر ما بحثه في النهر فافهم قوله ( حنث بدخولها على أي صفة كانت ) أي دارا مسجدا أو حماما لانعقاد اليمين على العين دون الاسم والعين باقية
ذخيرة
قوله ( كهذا المسجد ) أي فإنه يحنث بدخوله على أي صفة كان ط
قوله ( به يفتى ) خلافا لقول محمد إنه إذا خرب واستغنى عنه يعود إلى ملك الباني أو ورثته
ط عن الإسعاف
قوله ( لم يحنث ) لأن اليمين وقعت على بقعة معينة فلا يحنث بغيرها
بحر
قوله ( وكذلك الدار ) أي لو زيد فيها حصة
قوله ( وذلك ) أي ما عقد يمينه عليه موجود في الزيادة
قلت وهذا الفرع يؤيد القول بأن ما زيد في مسجده له فضيلة أصل المسجد الواردة في حديث صلاة في مسجدي وقدمنا تمام الكلام على ذلك في الصلاة
قوله ( فنقضت ) أي حين صارت خشبا
قوله ( لم يحنث ) لأن ذلك أعيد بصنعة جديدة قائمة بالعين ومن ذلك إذا حلف لا يجلس على هذا البساط فخيط جانباه وجعل خرجا وجلس عليه لا يحنث لأنه صار يسمى خرجا فإن فتقت الخياطة حتى عاد بساطا فجلس عليه حنث لأن الاسم عاد لا بصنعة جديدة قائمة بالعين لأن الفتق إبطال الصنعة لا صنعة ولو قطع وجعله خرجين ثم فتقه وخاط القطع وجعلهما بساطا واجدا لا يحنث وإن عاد الاسم لأنه عاد بصنعة جديدة قائمة العين ألا ترى أنه بمجرد الفتق لا يعود اسم البساط إلا بعد الخياطة وهذا إذا كان واحد من الخرجين لا يسمى بساطا لصغره فلو سمي يحنث وتمامه في الذخيرة
قوله ( ثم براه ) لأنه صار قلما بسبب جديد
ذخيرة
قوله ( فإذا كسره ) قال فضيلي هذا إذا كسره على وجه يزول عنه اسم القلم فإنه يحتاج إلى الثناء أما إذا كسر رأس القلم بأن لا يحتاج إلى الإصلاح يحنث
صيرفية
قال ط أو العرف الآن بخلاف هذا فإنه يقال قلم مكسور
قوله ( والواقف على السطح )
____________________
(3/747)
أي سطح الدار المحلوف على عدم دخلوها إذا وصل إليه من سطح آخر وإنما عد داخلا لأن الدار عبارة عما أحاطت به الدائرة وهذا حاصل في علو الدار وسفلها كما في الفتح
قوله ( خلافا للمتأخرين ) هم المعبر عنهم في قول الهداية وقيل في عرفنا يعني عرف العجم لا يحنث
فتح
قوله ( وعدمه على مقابله ) أي عدم الحنث الذي هو قول المتأخرين على مقابله أي على سطح لا ساتر له لأنه ليس إلا في هواء الدار فلا يحنث من حيث اللغة إلا أن يكون عرف أنه داخل الدار والحق أن السطح لا شك أنه من الدار لأنه من أجزائها حسا لكن لا يلزم من القيام عليه أنه يقال إنه في العرف داخل الدار ما لم يدخل جوفها إذ لا يتعلق لفظ دخل إلا بجوف حتى صح أن يقال لم يدخل الدار ولكن صعد السطح من خارج
أفاده في الفتح
وحاصله أن الدخول لا يتحقق في العرف إلا في موضع له ساتر من حيطان أو داربزين أو نحوه قال في النهر ومقتضى كلام الكمال أنه لو حلف لا يخرج منها فصعد إلى سطحها الذي لا ساتر أن يحنث والمسطور في غاية البيان أنه لا يحنث مطلقا لأنه ليس بخارج اه
قلت فيه نظر لأنه لا يلزم من عدم تحقق الدخول في صعود السطح أن يتحقق الخروج فيه بل يصح أن يقال إن من صعد السطح ليس بداخل ولا خارج لأن حقيقة الدخول الانفصال من الخارج إلى الداخل والخروج عكسه ولا شك أن السطح حيث كان من أجزاء الدار لم يكن الصاعد إليه خارجا عنها ومقتضى هذا إن يحنث إذا توصل إليه من خارجها لأنه انفصل من خارجها إلى داخلها لكن مبني كلام الكمال على أنه لا يسمى في العرف داخلا فيها ما لم يدخل جوفها والجوف المستور بساتر هذا ما ظهر لي فافهم
قوله ( لا يحنث ) لأن الواقف على السطح لا يسمى واقفا عندهم
زيلعي وهذا على توفيق الكمال محمول على سطح لا ساتر له لما علمت من أن المتأخرين هم المعبر عنهم في كلامهم الهداية بقوله وقيل في عرفنا يعني عرف العجم فكان ينبغي للشارح أن يذكر توفيق الكمال بعد قوله وقال ابن الكمال لكن يبقى بعد هذا في كلامه إبهام أن ما نقله عن ابن الكمال قول ثالث خارج عن قولي المتقدمين والمتأخرين مع أنه قال المتأخرين كما سمعت قوله ( وعليه الفتوى ) لأن المفتي به اعتبار العرف فحيث تغير العرف فالفتوى على العرف الحادث فافهم
قوله ( وأفاد ) أي قوله والواقف على السطح داخل
قوله ( ولو ارتقى شجرة ) أي في الدار والمراد أنه ارتقى إليها من خارج الدار وإلا كان داخلا في الدار فيحنث بلا خلاف ح
قوله ( أو حائطا ) أي مختصا بالدار فلو مشتركا بينه وبين الجار لم يحنث كما في الظهيرية
بحر
فافهم
قوله ( لأنه لا يسمى داخلا عرفا ) لما مر من أنه لا يتعلق لفظ دخل إلا بجوف
قوله ( لا ينتفع بها أهل الدار ) أما لو كان للقناة موضع مكشوف في الدار يستقون منه فإذا بلغه حنث لأنه من منافع الدار بمنزلة بئر الماء وإن كان للضوء لم يحنث لأنه ليس من مرافقها ولا يعد داخله داخلا في الدار بحر عن المحيط ملخصا وقوله للضوء أي لضوء القناة كما عبر في الخانية وفي بعض نسخ البحر للوضوء وهو تحريف
قوله ( قال ) أي في البحر
قوله ( وعم إطلاقه ) أي إطلاق السطح بأن حلف لا يدخل المسجد فدخل سطحه
قوله ( لأنه ليس بمسجد ) ظاهره كما قال ط إن المراد مسكن بناه الواقف أما الحادث على سطحه فلا يخرج السطح عن حكم المسجد
____________________
(3/748)
قلت لكن في العرف لا يسمى ذلك المسكن مسجدا مطلقا
تأمل
قوله ( ولو نقبا ) قال في البحر فإن نقب للدار بابا آخر فدخل يحنث لأنه عقد يمينه على الدخول من باب منسوب للدار وقد وجد وإن عني به الباب الأول يدين لأن لفظه يحتمله ولا يصدق في القضاء لأنه خلاف الظاهر حيث أراد بالمطلق المقيد
قوله ( إلا إذا عينه بالإشارة ) فإذا دخل في باب آخر لا يحنث لأنه لم يوجد الشرط
بحر
قوله ( كان خارجا ) أي كان الطاق أو الواقف خارجا عن الباب
قوله ( بحيث الخ ) تصوير للعكس
قوله ( انعكس الحكم ) ففي الوجه الأول يحنث وفي عكسه لا
قوله ( لكن في المحيط الخ ) استدراك على ما أفاده قوله انعكس الحكم من أنه إذا وقف على العتبة الخارجة يحنث في حلفه لا يخرج فإن مقتضى ما في المحيط أن لا يحنث لكون العتبة من بناء الدار اللهم إلا أن يفرق بالعرف فإن من كان على العتبة الخارجة يعد خارجا ومن كان على أغصان الشجرة يعد مستعليا على أغصان الشجرة التي في الدار لا خارجا ط
قلت ومر أن الظاهر قول المتأخرين في أنه لا يعد عرفا داخلا بارتقاء الشجرة فكذا لا يعد خارجا في مسألتنا
قوله ( لأن الشجرة كبناء الدار ) أي فهي كظلة في الدار على الطريق
قوله ( إذا كان الحالف ) أي على عدم الخروج
قوله ( لم يحنث ) لأن اعتماد جميع بدنه على رجله التي هي في الجانب الأسفل
قوله ( زيلعي ) ومثله في كثير من الكتب بحر
قوله ( هو الصحيح ) عزاه في الظهيرية إلى السرخسي وفي البحر وهو ظاهر لأن الانفصال التام الخ
وقال في الفتح وفي المحيط لو أدخل إحدى رجليه لا يحنث وبه أخذ الشيخان الإمامان شمس الأئمة الحلواني والسرخسي هذا إذا كان يدخل قائما فلو مستلقيا على ظهره أو بطنه أو جنبه فتدحرج حتى صار بعضه داخل الدار إن كان الأكثر داخل الدار يصير داخلا وإن كان ساقاه خارجها
قوله ( ودوام الركوب واللبس الخ ) يعني لو حلف لا يركب هذه الدابة وهو راكبها أو لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه أو لا يسكن هذه الدار وهو ساكنها فمكث ساعة حنث فلو نزل أو نزع الثوب أو أخذ في النقلة من ساعته لم يحنث
قوله ( فيحنث بمكث ساعة ) لأن هذه الأفاعيل لها دوام بحدوث أمثالها وإلا فدوام الفعل حقيقة مع أنه عرض لا يبقى مستحيل كما في النهر والمراد بالساعة التي تكون دواما هي ما يمكنه فيها النزول ونحوه كما في البحر فلو دام على السكنى لعدم إمكان الخروج والنقلة لا يحنث كما يأتي بيانه
قوله ( لا دوام الدخول الخ ) لأن الدخول حقيقة ولغة وعرفا في الانفصال من الخارج إلى الداخل ولا دوام لذلك ولذا لو حلف ليدخلنها غدا وهو فيها فمكث حتى مضى الغد حنث لأنه لم يدخلها فيها إذا لم يخرج ولو نوى بالدخول الإقامة فيها لم يحنث وكذا لو حلف لا يخرج وهو خارج لا يحنث حتى يدخل ثم يخرج وكذا لا يتزوج وهو متزوج ولا يتطهر وهو متطهر فاستدام
____________________
(3/749)
النكاح والطهارة لا يحنث
فتح
قوله ( والضابط أن ما يمتد ) أي ما يصح امتداده كالقعود والقيام ولذا يصح قران المدة به كاليوم والشهر
قوله ( وهذا ) أي الحنث بالمكث ساعة فيما يمتد لو اليمين حال الدوام أي لو حلف وهو متلبس بالفعل بأن قال إن ركبت فكذا وهو راكب فيحنث بالمكث أما لو حلف قبله فلا يحنث بالمكث بل بإنشاء الركوب قال في الفتح لأن لفظ ركبت إذا لم يكن الحالف راكبا يراد به إنشاء ركوب فلا يحنث بالاستمرار وإن كان له حكم الابتداء بخلاف حلف الراكب لا أركب فإنه يراد به الأعم من ابتداء الفعل وما في حكمه عرفا اه قوله ( في الفصول كلها ) أي يمتد وما لا يمتد سواء كان متلبسا بالفعل ثم حلف أو لم يكن ط
قوله ( وإليه مال أستأذنا ) عبارة المجتبي وفيه عن أبي يوسف ما يدل عليه وإليه أشار أستأذنا اه
ونقل كلامه في البحر وأقره عليه والظاهر أن عرف زمانه كان كذلك أيضا
مطلب حلف لا يسكن الدار قوله ( حلف لا يسكن الخ ) فلو حلف لا يعقد في هذه الدار ولا نية له قالوا إن كان ساكنا فيها فهو على السكنى وإلا فعلى القعود حقيقة بحر عن المحيط
وفي الخانية حلف لا يخرج من بلد كذا فهو على الخروج ببدنه وفي لا يخرج من هذه الدار فهو على النقلة منها بأهله إن كان ساكنا فيها إلا إذا دل الدليل على أنه أراد الخروج ببدنه اه
قوله ( يعني الحارة ) كذا قال في البحر المحلة هي المسماة في عرفنا بالحارة اه
قلت المحلة في عرفنا الآن تطلق على الصقع الجامع لأزقة متعددة كل زقاق منها يسمى حارة وقد تطلق الحارة على المحلة كلها
قوله ( فخرج ) وكذا لو لم يخرج بالأولى
بحر
لأن السكنى مما يمتد فلدوامه حكم الابتداء وظاهره ما مر عن المجتبى عدم الحنث في عرفهم
قوله ( وأهله ) قال في البحر الواو بمعنى أو لأن الحنث يحصل ببقاء أحدهما والمراد بالأهل زوجته وأولاده الذين معه وكل من كان يأويه لخدمته والقيام بأمره كما في البدائع
قوله ( حتى لو بقي وتد حنث ) جعل حنث جواب لو فصار المتن بلا جواب فكان المناسب الأخصر أن يقول ولو وتدا وهو بكسر التاء أفصح من فتحها
قهستاني
وهذا تعميم للمتاع جريا على قول الإمام بأنه لا بد من نقل المتاع كله كالأهل
قوله ( واعتبر محمد الخ ) أي لأن ما وراء ذلك ليس من السكنى
هداية
وقال أبو يوسف يعتبر نقل الأكثر لتعذر الكل في بعض الأوقات
قال في البحر وقد اختلف الترجيح فالفقيه أبو الليث رجح قول الإمام وأخذ به والمشايخ استثنوا منه ما لا يتأتى به السكنى كقطعة حصير ووتد كما ذكره في التبيين وغيره
ورجح في الهداية قول محمد بأنه أحسن وأرفق ومنهم من صرح بأن الفتوى عليه كما في الفتح
وصرح كثير كصاحب المحيط والفوائد الظهيرية والكافي بأن الفتوى على قول أبي يوسف والإفتاء بقول الإمام أولى لأنه أحوط وإن كان غيره أوفق اه
قال في النهر أنت خبير بأنه ليس المدار إلا على العرف ولا شك أن من خرج على نية ترك المكان وعدم العود إليه ونقل من أمتعته ما يقوم به أمر سكناه وهو على نية نقل الباقي يقال ليس ساكنا فيه بل انتقل منه وسكن في المكان الفلاني وبهذا يترجح قول محمد اه
____________________
(3/750)
قلت وهذا الترجيح بالوجه المذكور مأخوذ من الفتح وفي الشرنبلالية عن البرهان إن قول محمد أصبح ما يفتى به من التصحيحين اه
قلت ويؤيده ما مر من استثناء المشايخ فإن عليه يتحد قول الإمام مع قول محمد وأما قول النهر إنه ليس قول واحد منهم فهو غير ظاهر وإن كان كلام الزيلعي وغيره يومهم ما قاله فتأمل
قوله ( على الأوجه ) قال في الهداية فإن انتقل إلى السكة أو إلى المسجد قالوا لا يبر دليله في الزيارات أن من خرج بعياله من مصره فما لم يتخذ وطنا آخر يبقى وطنه الأول في حق الصلاة كذا هذا اه
وفي الزيلعي وقال أبو الليث وهذا إذا لم يسلم الدار المستأجرة إلى أهلها وأما إذا سلم فلا يحنث وإن كان هو والمتاع في السكة أو في المسجد اه
قال في الفتح وإطلاق عدم الحنث أوجه وبقاء وطنه في حق إتمام الصلاة لا يستلزم تسميته ساكنا عرفا بل يقطع العرف فيمن نقل أهله وأمتعته وخرج مسافرا أن لا يقال فيه إنه ساكن وتمامه فيه
وفي البحر عن الظهيرية والصحيح أنه يحنث ما لم يتخذ مسكنا آخر اه
قلت المعتبر العرف والعرف خلافه كما علمت قوله ( وهذا الخ ) الإشارة إلى ما في المتن
قال في النهر وجواب المسألة مقيد بقيود أن تكون اليمين بالعربية وأن يكون الحالف مستقلا بالسكنى وأن لا كون الترك لطلب منزل ( ولو بالفارسية بخروجه بنفسه ) وإن كان مستقلا بسكناه
فتح
وهذا الفرق منقول عن أبي الليث
قال في النهر وكأنه بناه على عرفهم
قوله ( كما لو كان سكناه تبعا ) كابن كبير ساكن مع أبيه أو أمرأة مع زوجها فلو حلف أحدهما لا يسكن هذه الدار فخرج بنفسه وترك أهله وماله أو هي زوجها ومالها لا يحنث
فتح
قوله ( كما لو أبت المرأة وغلبته ) أي وخرج هو ولم يرد العود إليه
بحر
وأطلقه فشمل ما إذا خاصما عند الحاكم أو كما في البزازية
قوله ( أو لم يمكنه الخروج الخ ) عطفه على ما قبله غير مناسب لأن ما قبله في المسائل التي يبر فيها بخروجه بنفسه وهذا ليس منها فالمناسب أن يقول ولو لم يمكنه الخروج الخ
ويكون الجواب قوله الآتي لم يحنث قال في الفتح ثم إنما يحنث بتأخير إذا أمكنه النقل فيها وإلا بأن كان لعذر ليل أو خوف اللص أو منع ذي سلطان أو عدم موضع ينتقل إليه أو أغلق عليه الباب فلم يستطع فتحه أو كان شريفا أو ضعيفا لا يقدر على حمل المتاع بنفسه ولم يجد من ينقله لا يحنث ويلحق ذلك الوقت بالعدم للعذر
مطلب إن لم أخرج كذا فقيد أو منع حنث وأورد ما ذكره الفضلي فيمت قال إن لم أخرج هذا المنزل فهي طالق فقيد أو منع من الخروج حنث وكذا إذا قال لامرأته وهو في منزل أبيها إن لم تحضري الليلة منزلي فمنعها أبوها من الخروج حنث وأجبيب بالفرق بين كون المحلوف عليه عدما فيحنث بتحققه كيفما كان لأن العدم لا يتوقف على الاختيار وكونه فعلا فيتوقف عليه كالسكنى لأن المعقود عليه الاختياري وينعدم بعدمه فيصير مسكنا لا ساكنا فلم يتحقق شرط الحنث اه
ثم أعاد المسألة في آخر الأيمان
وذكر عن الصدر الشهيد في الشرط العدمي خلافا وأن الأصح الحنث لأن الشرح قد يجعل الموجود معدوما بالعذر كالإكراه وغيره ولا يجعل المعدوم موجودا وإن وجد العذر اه
ونحوه في الزيلعي والبحر وقد أوضحنا هذه المسألة في آخر التعليق من الطلاق
قوله ( ولو بدخول ليل ) هذا بمجرده
____________________
(3/751)
عذر في حق المرأة بخلاف الرجل لما في آخر يمان الفتح عن الخلاصة قال لها إن سكنت هذه الدار فأنت طالق وكان ليلا فهي للمعذورة حتى تصبح ولو قال لرجل لم يكن معذورا هو الأصح إلا لخوف لص أو غيره
قوله ( أو غلق باب ) أي إذا لم يقدر على فتحه والخروج منه ولو قدر على خروج بهدم بعض الحائط ولم يهدم لم يحنث لأن المعتبر القدرة على الخروج من الوجه المعهود عند النفس كما في الظهيرية
بحر
قوله ( وإن بقي أياما ) هو الصحيح لأن طلب المنزل من عمل النقلة فصار مدة الطلب مستثنى إذا لم يفرط في الطلب
فتح
قوله ( وإن أمكنه أن يستكري دابة ) أي لنقل المتاع في يوم واحد مثلا إذ لا يلزمه النقل بأسرع الوجوه بل بقدر ما يسمى ناقلا في العرف
فتح
قوله ( دين ) أي ولا يصدق في القضاء
بحر عن البدائع
فرع حلف لا يسكن هذه الدار ولم يكن ساكنها فيها لا يحنث حتى يسكنها بنفسه وينقل إليها من متاعه ما يبات فيه ويستعمله في منزله كما في البحر عن البدائع
قوله ( فإنه يبر بنفسه فقط ) أي ولا يتوقف على نقل المتاع والأهل
فتح
قال في النهر وفي عصرنا يعد ساكنا بترك أهله ومتاعه فيها ولو خرج وحده فينبغي أن يحنث قال الرملي كونه يعد ساكنا مطلقا غير مسلم بل إنما يعد ساكنا إذا كان قصده العود أما إذا خرج منها لا بقصد العود لا يعد ساكنا ولعله مقيد بذلك
مطلب حلف لا يساكن فلانا قوله ( حلف لا يساكن فلانا ) فإن كان ساكنا معه فإن أخذ في النقلة وهي ممكنة وإلا حنث
قال محمد فإن كان وهب له المتاع وقبضه منه وخرج من ساعته وليس من رأيه العود فليس بمساكن وكذلك إن أودعه المتاع أو أعاره ثم خرج لا يريد العود
بحر وفي حاشية الرملي عن التاترخانية لا تثبت المساكنة إلا بأهل كل منهما ومتاعه
قوله قوله ( فساكنه في عرصة دار ) أي ساحتها وكذا في بيت أو غرفة بالأولى
قوله ( فساكنه في عرصة دار ) أي ساحتها وكذا في بيت أو غرفة بالأولى
قوله ( أو هذا في حجرة ) في بعض النسخ بالواو ونسخة أو أحسن وهي الموافقة للبحر
قوله ( حنث ) فلو نوى أن لا يساكنه في بيت واحد أو حجرة واحدة يكونان فيه معا لم يحنث حتى يساكنه في فيما نوى وإن نوى بينا بعينه لم يصح بزازية وفي الذخيرة وغيرها لا يساكنه في هذه المدينة أو القرية أو في الدنيا فساكنه في دار حنث ولو سكن كل في دار فلا إلا إذا نوى
قوله ( إلا أن تكون دارا كبيرة ) نحو دار الوليد بالكوفة ودار نوح ببخارى لأن هذه الدار بمنزلة المحلة
ظهيرية
قوله ( ولو تقاسماها الخ ) يعني و حلف لا يساكن كلا منهما في طائفة فإن سمي دارا بعينها حنث وإن لم يسم ولم ينو فلا كما في الخانية
ووجهه كما قال السائحاني إن اليمين إذا عقدت على دار بعينها يحنث بعد زوال البناء فبعد القسمة الأولى
قوله ( ولو دخلها فلان غصبا ) معناه وسكنها لأنه لا يحنث بمجرد الدخول
رملي
ومر أن المساكنة لا تثبت إلا بأهل كل منهما ومتاعه قوله ( وإن انتقل فورا ) أي على التفصيل السابق
____________________
(3/752)
قوله ( وكما لو نزل ضيفا ) أي لا يحنث قال في الخلاصة وفي الاصل لو دخل عليه زائرا أو ضيفا فأقام فيه يوما أو يومين لا يحنث والمساكنة بالاستقرار الدوام وذلك بأهله ومتاعه اه
وفي الخانية حلف لا يساكن فلانا فنزل الحالف وهو مسافر منزل فلان فسكنا يوما أو يومين لا يحنث حتى يقيم معه في منزله خمسة عشر يوما كما لو حلف لا يسكن الكوفة فمر بها مسافرا ونوى إقامة أربعة أربعة عشر يوما لا يحنث وإن نوى إقامة خمسة عشر يوما حنث اه
وقد وقعت هذه المسألة في البحر بدون قوله وهو مسافر فأوهم أن مسألة الضيف مقيدة بما دون خمسة عشر يوما مع احتمال أن يفرقوا بينهما والله أعلم
قوله ( به يفتى ) هو قول أبي يوسف وعند الإمام يحنث بناء على أن قيام السكنى بالأهل والمتاع بزازية
وفرض المسألة في التاترخانية عن المنتقى فيما إذا سافر المحلوف عليه وسكن الحالف مع أهله ولا يخفي أن هذه أقرب إلى مظنة الحنث
قوله ( ولو قيد المساكنة بشهر الخ ) عبارة البحر لو حلف لا يساكنه شهر كذا فساكنه ساعة فيه حنث لأن المساكنة مما لا يمتد ولو قال لا أقيم بالرقة شهرا لا يحنث ما لم يقم جميع الشهر ولو حلف لا يسكن الرقة شهرا فسكن ساعة حنث اه
قلت فقد فرقوا بين لفظ المساكنة ولفظ الإقامة وعلله الفارسي في باب يمين الأبد والساعة من شرحه على تلخيص الجامع بأن الوقت في غير المقدر بالوقت ظرف لا معيار والمساكنة والمجالسة ونحوهما غير مقدرة بالوقت لصحتها في جميع الأوقات وإن قلت فيكون الوقت لتقدير المنع الثابت باليمين لا لتقدير الفعل بالوقت وذكر أن السكنى لم يذكرها محمد في الأصل وإنما اختلف فيها المشايخ فقيل كالمساكنة وقيل يشترط استيعابها الوقت اه
ومقتضى هذا أن الإقامة مقدرة بالوقت مقدرة بالوقت بمعنى أنها لا تسمى إقامة ما لم تمتد مدة ويشير إلى هذا ما في التاترخانية وإذا حلف لا يقيم في هذه الدار كان أبو يوسف يقول إذا قام فيها أكثر النهار أو أكثر الليل يحنث ثم رجع وقال إذا أقام فيها ساعة واحدة يحنث وهو قول محمد وإذا حلف لا يقيم بالرق شهرا فليس بحانث حتى يقيم بها تمام الشهر اه
ومفاده أن الإقامة متى قيدت بالمدة لزم في مفهومها الامتداد وتقيدت بالمدة المذكورة كلها بخلاف المساكنة فإنه لا يلزم امتدادها مطلقا لصدقها على القليل والكثير فلا تكون المدة قيدا لها بل قيد للمنع بمعنى أنه منع نفسه عن المساكنة في الشهر فإذا سكن يوما منه حنث لعدم المنع هذا غاية ما ظهر لي في هذا المحل وبه ظهر أن قولهم هنا إن المساكنة مما لا يمتد معناه لا يلزم في تحققها الامتداد بخلاف الإقامة إذا قرنت بالمدة فلا ينافي ما مر في كلام المصنف والشارح تبعا لغيرهما أن المساكنة مما يمتد بخلاف الدخول والخروج لأن معناه أنه يمكن امتدادها وهذا غير المعنى المراد هنا وقد خفي هذا على الخير الرملي وغيره فادعوا أنا ما هنا مناقض لما مر وأن الصواب إسقاط عدم من قوله لعدم امتدادها فافهم
ثم اعلم أنه في التاترخانية وغيرها ذكر أنه لو قال عنيت المساكنة جميع الشهر صدق ديانة لا قضاء وقيل قضاء أيضا والصحيح الأول
قلت وأنت خبير بأن مبنى الأيمان على العرف والعرف الآن فيمن حلف لا يساكن فلانا شهرا أو لا يسكن هذه الدار شهرا أو لا يقيم فيها شهرا أنه يراد جميع المدة في المواضع الثلاثة والله سبحانه أعلم قوله ( وفي خزانة الفتاوى الخ ) مخالف لما يأتي في باب اليمين بالضرب من أنه يشترط في الضرب القصد على الأظهر اه ح
____________________
(3/753)
قلت ومع هذا لا مناسبة هنا إلا أن يقال استوضح به قوله في المسألة المار إن أقام معه حنث علم أو لا
قوله ( من المسجد ) قيد به تبعا للإمام محمد في الجامع الصغير احترازا عن الدار المسكونة
قال في الذخيرة ما نصه قال القدوري الخروج من الدار المسكونة أن يخرج بنفسه ومتاعه وعياله والخروج من البلدة أو القرية أن يخرج ببدنه خاصة زاد في المنتقى إذا خرج ببدنه فقد بر أراد سفرا أو لم يرد اه
ولا يخي أن قوله زاد في المنتقى الخ راجع لمسألة الخروج من البلدة والقرية فلا يدل على أنه يكفي أن يخرج ببدنه في مسألة الدار أيضا فليس في ذلك ما يخالف ما في البحر وغيره فافهم نعم في الظهيرية والخانية ولوحلف لا يخرج من هذه الدار فهو على الرحيل منها بأهله إن كان ساكنا فيها إلا إذا دل الدليل على أنه أراد به الخروج ببدنه
قوله ( بأن حمل مكرها ) أي ولو كان بحال يقدر على الامتناع ولم يمتنع في الصحيح
خانية
وفي البزازية تصحيح الحنث في هذه الصورة هذا واعترض في الشرنبلالية ذكر الإكراه هنا بأنه لا يناسب قوله ولو راضيا إذ لا يجامع الإكراه الرضا اه
وفي الفتح والمراد من الإخراج مكرها هنا أن يحمله ويخرجه كارها لذلك لا الإكراه المعروف هو أن يتوعده حتى يفعل فإنه إذا توعده فخرج بنفسه حنث لما عرف أن الإكراه لا يعدم الفعل عندنا اه
وأقره في البحر واعترض في اليعقوبية التعليل بما قالوا في لا أسكن الدار فقيد ومنع يحنث لأن للإكراه تأثيرا في إعدام الفعل وأجبت عنه فيما علقته على البحر بأنه قد يقال إنه يعدم الفعل بجيث لا ينسب إلى فاعله إذا أعدم الاختيار وهنا دخل باختيار فليتأمل
وفي القهستاني عن المحيط لو خرج بقدميه للتهديد لم يحنث وقيل حنث اه
ومفاده اعتماد عدم الحنث لكن في إكراه الكافي للحاكم الشهيد لو قال عبده حر إن دخل هذه الدار بوعيد تلف حتى دخل عتق ولا يضمن المكره قيمة العبد
قوله ( لا يحنث ) لأن الفعل وهو الخروج لم ينتقل إلى الحالف لعدم الأمر وهو الموجب للنقل فتح
قوله ( في الأصح ) وقيل يحث إذا حمله برضاه لا بأمره لأنه لما كان يقدر على الامتناع فلم يفعل صار كالآمر وجه الصحيح الفعل بالأمر لا بمجرد الرضا ولم يوجد الأمر ولا الفعل منه فلا ينسب الفعل إليه ولو قيل إن الرضا ناقل دفع بفرع اتفاقي وهو ما إذا أمره أن يتلف ماله ففعل لا يضمن المتلف لانتساب الإتلاف إلى المالك بالأمر فلو أتلفه وهو ساكن ينظر لم ينهه ضمن بلا تفصيل لأحد بين كونه راضيا أو لا
فتح قوله ( أقساما ) من الحمل والإدخال بالأمر أو بغيره مكرها أو راضيا
قهستاني
قوله ( وأحكاما ) من الحنث وعدمه
قوله ( وإذا لم يحنث ) شرط جوابه قول المصنف لا تنحل يمينه ط
قوله ( أو بزلق ) عطف على قوله بلا أمره أي بزلق قدميه وهو بفتحتين مصدر زلق كفرح وفي نسخة ولو بزلق
قوله ( أو بعثر ) بصيغة المصادر فهو بسكون الثاء المثلثة قال في القاموس عثر كضرب ونصر وعلم وكرم وعثرا وعثيرا وعثارا تعثرا كبا اه ط
قوله ( أو جمع دابة ) في المصباح جمع الفرس براكبه بجمع جماحا بالكسر وجموحا استعصى حتى غلب
تأمل
قوله ( على الصحيح ) راجع إلى جميع المعاطيف ط
قوله ( فتح وغيره ) عبارة الفتح قال السيد أبو شجاع تنحل وهو أرفق بالناس
وقال غيره من المشايخ لا تنحل وهو الصحيح
ذكر التمرتاشي وقاضيخان وذلك لأنه إنما لا يحنث لانقطاع نسبة الفعل إليه وإذا لم يوجد منه المحلوف عليه كيف تنحل اليمين فبقيت على حالها في الذمة ويظهر أثر هذا الخلاف فيما لو دخل
____________________
(3/754)
بعد هذا الإخراج هل يحنث فمن قال انحلت قال لا يحنث وهذا بيان كونه أرفق بالناس ومن قال لم تنحل قال حنث
ووجبت الكفارة وهو الصحيح اه
وقوله فيما لو دخل بعد هذا الإخراج يعني ثم خرج بنفسه لأن كلامه فيما لو حلف لا يخرج فأخرج محمولا بدون أمره وإذا لم تنحل اليمين لبهذا الإخراج يحنث لو دخل ثم خرج بنفسه لا بمجرد دخوله فافهم
قوله ( لكنه خالف في فتاويه الخ ) ذكر الرملي أنه لم يجد ذلك في فتاوي صاحب البحر بل وجد ما يخالفه
قلت ولعل ذلك ساقط من نسخته وإلا فقد وجدته فيها
قوله ( قاصدا ) أي قاصدا الخروج إليها فلو قصد الخروج لغيرها حنث وإن ذهب إليها
قوله ( عند انفصاله من باب داره ) لأنه بذلك يعد خارجا بها فلو كان في منزل داره فخرج إلى صحنها ثم رجع لا يحنث لم يخرج باب الدار لأنه لا يعد خارجا في جنازة فلان ما دام في دار
بحر عن المحيط
قوله ( لأن الشرط الخ ) علة لقوله مشى معها أم لا ولما استشهد عليه من عبارة البدائع أيضا
وحاصله أن المستثنى هو الخروج على قصد الجنازة الخروج هو الانفصال من داخل إلى خارج ولا يلزم فيه الوصول إليها ليمشي معها أو يصلي عليها وأما علة عدم الحنث فيما إذا أتى أمرا آخر بعد خروجه إليها فهي ما أفاده في الفتح من أن ذلك الإتيان ليس بخروج والمحلوف عليه هو الخروج قوله ( والذهاب ) كون الذهاب مثل الخروج هو الذي يمشي عليه في الكنز وغيره وصححه في الهداية وغيرها
قال في الدر المنتقى وقيل كالإتيان فيشترط فيه الوصول وصححه في الخانية والخلاصة
قال الباقاني والمعتمد الأول نعم لو نوى بالذهاب الإتيان أو الخروج فكما نوى اه
قلت والإرسال والبعث كالخروج أيضا فإنه لا يشترط فيهما الوصول ففي الذخيرة لو قال إن لم أرسل إليك أو إن لم أبعث إليك هذا الشهر نفقتك فأنت كذا فضاعت من يد الرسول لا يحنث
قوله ( والرواح ) هو بحث للبحر كما يأتي ويظهر لي أن العرف فيه استعماله مرادا به الوصول ولا يخفي أن النية تكفي أيضا قوله ( والعيادة والزيادة ) تابع في ذلك صاحب البحر حيث قال وقيد الإتيان لأن العيادة والزيارة لا يشترط فيهما الوصول ولذا قال في الذخيرة إذا حلف ليعودن فلانا وليزورنه فأتى بابه فلم يؤذن له فرجع ولم يصل إليه لا يحنث وإن أتى بابه ولم يستأذن حنث اه
قلت ومقتضاه أن الإتيان يشترط فيه الاجتماع وليس كذلك لما في الذخيرة ولو حلف لا يأتي فلانا فهو على أن يأتي منزله أو حانوته لقيه أو لم يلقه وإن أتى مسجده لم يحنث رواه إبراهيم عن محمد اه
فقد علم أن العيادة والزيادة مثل الإتيان في اشتراط الوصول إلى المنزل دون صاحبه بل يشترط في العيادة والزيارة الاستئذان فهما أقوى من الإتيان في اشتراط الوصول فلا يصح إلحاقهما بالخروج والذهاب والحمد لله ملهم الصواب
قوله ( إلا في الإتيان ) صوابه إلا في الإتيان والعيادة الزيارة كما علمت من اشتراط الوصول
____________________
(3/755)
في الثلاثة ومثله الصعود
ففي الذخيرة قال لامرأته إن صعدت هذا السطح فأنت كذا فارتقت مرقاتين أو ثلاثة فقيل يجب أن يكون فيه الخلاف المار في الذهاب
وقال أبو الليث وعندي لا يحنث هنا بالاتفاق اه
قلت وصححه في الخانية ولعل وجهه أن صعود السطح الاستعلاء عليه فلا بد من الوصول نعم لو قال إن صعدت إلى السطح ينبغي أن يجرد فيه الخلاف المار تأمل
وفي الذخيرة عن المنتقى لزم رجلا فحلف الملتزم ليأتينه غدا فأتى في الموضع الذي لزمه فيه لا يبر حتى يأتي منزله تحول إليه ولو قال إن لم آتك غدا في موضع كذا فأتاه فلم يجده فقد بر بخلاف إن لم أوفك لأنه على أن يجتمعا
قوله ( فلو حلف الخ ) تفريع على قوله لأن الشرط في الخروج والذهاب الخ ط
قوله ( بحر بحثا ) يؤيده العرف وكذا ما في المصباح حيث قال وقد يتوهم بعض الناس أن الرواح لا يكون إلا في آخر النهار وليس كذلك بل الرواح والغدو عند العرب يستعملان في المسير أي وقت كان من ليل أو نهار
قاله الأزهري وغيره وعليه قوله عليه الصلاة والسلام من راح إلى الجمعة في أول النهار فله كذا أي من ذهب اه
قوله ( ثم رجع عنها ) وكذا لو لم يرجع بالأولى فهو غير قيد ولذا قال في الفتح رجع عنها أو لم يرجع
مطلب حلف لا يخرج إلى مكة ونحوها قوله ( قصد غيرها أم لا ) أي لأن الحنث تحقق بمجرد الخروج على قصدها فلا فرق حينئذ بعد ما خرج بين أن يقصد الذهاب إلى غيرها أو لا
قوله ( فتح بحثا ) حيث قال وقد قالوا إنما يحنث إذا جاوز عمرانه على قصدها كأنه ضمن لفظا أخرج معنى أسار للعلم بأن المضي إليها سفر لكن على هذا لو لم يكن بينه وبينها مدة سفر ينبغي أن يحنث بمجرد انفصاله من الداخل اه
قلت يؤيده قوله في الذخيرة لأن الخروج إلى مكة سفر الإنسان لا يعد مسافرا إذا لم يجاوز عمران مصره اه أي بخلاف الخروج إلى الجنازة لكن لما كانت الجنازة في المصر اعتبر في الخروج انفصاله من باب داره وإن كانت المقبرة خارج المصر لأنه لم يحلف على الخروج إلى المقبرة أما لو حلف على ذلك أو على الخروج إلى القرية مثلا مما يلزم منه الخروج من المصر فالظاهر أنه يلزم مجاوزة العمران وإن لم يقصد مدة سفر وفي البحر عن البدائع قال عمر بن أسد سألت محمدا عن رجل حلف ليخرجن من الرقة ما الخروج قال إذا جعل البيوت خلف ظهره لأن من حصل في هذه المواضع جاز له القصر اه قال في البحر فالحاصل أن الخروج إذا كان من البلد فلا يحنث حتى يجاوز عمران مصره سواء كان إلى مقصده مدة سفر أو لا وإن لم يكن خروجا من البلد فلا يشترط مجاوزة العمران اه وهذا مخالف لما بحثه في الفتح فليتأمل قوله ( وفيه الخ ) لم أجد ذلك في الفتح بل هو في البحر وغيره قوله ( مع فلان العالم ) الذي في البحر وغيره العالم أي هذه السنة فهو ظرف زمان معرف بأل التي للحضور
قوله ( بر ) فإذا بدا له أن يرجع رجع بلا ضرر بحر
قلت والظاهر أنه لا بد من أن يكون خروجه على قصد السفر لا على قصد الرجوع ولذا قال فإذا بدا له الخ
____________________
(3/756)
ويدل عليه قوله في الخانية فإذا خرج معه فجاوز البيوت ووجب عليه قصر الصلاة فقد بر إذ لا يخفي أن وجوب القصر لا يكون إلا عند قصر السفر وكذا قول المصنف وغيره فخرج يريدها
( تنبيه ) يعلم مما قررناه جواب ما يقع كثيرا فيمن خلف ليسافرن فإنه يبر بمجاوزته العمران على قصد السفر إلى مكان بينه وبين مدة السفر فإذا بدا له الرجوع رجع بلا ضرر وبه أفتى المصنف وغيره لكن لا بد من قصد السفر كما قلنا ولا مجرد الخروج على قصد الرجوع لأنه لا يتحقق به السفر والله أعلم
قوله ( فخرج من جنازة ) أي خرج من بغداد مع الجنازة بأن جاوز العمران قال ط لكن العرف بخلافه فإن من حلف لا يخرج من مصر فزار الإمام لا يعد خارجا منها في عرفنا اهل
قلت لكن إذا قامت قرينة على إرادة الخروج مطلقا لسفر أو غيره يعد خارجا
قوله ( كما مر ) أي قريبا في قوله إلا في الإتيان
قوله ( والفرق لا يخفي ) هو أن الخروج الانفصال من الداخل إلى الخارج وأما الإتيان فعبارة عن الوصول قال تعالى { فأتيا فرعون فقولا } الشعراء 16 قوله ( فذهبت قبل العرس ) أي بحيث لا تعد عرفا أنها أتت العرس بأن كان ذلك قبل الشروع في مبادئه
وفي البزازية لا يذهب إلى وليمة فذهب لطلب غريمه لا يحنث اه أي إذا كان الغريم في الوليمة وذكر في الذخيرة أنه أفتى بذلك شيخ الإسلام الإسبيجابي
قوله ( فهو أن يأتي منزله أو حانوته ) فلو أتى مسجده لا يكفي فالشرط الوصول إلى محله لا الاجتماع كما قدمناه
قوله ( حتى مات أحدهما ) قدر لفظ أحدهما لأن الحنث لا يختص بموت الحالف فقط بل المحلوف عليه مثل كما يأتي
قوله ( حنث في آخر حياته ) أي حياة أحدهما فلو كانت يمينه بالطلاق فماتت المرأة تبقى اليمين لإمكان الإتيان بعد موتها نعم لو كان الشرط طلاقها مثل إن لم أطلقك فأنت طالق ثلاثا يحنث بموتها أيضا لتحقق اليأس على الشرط بموتها إذ لا يمكن طلاقها بعده بخلاف الإتيان ونحوه كما قدمناه في الطلاق الصريح عن الفتح وكلام الفتح هنا موهم خلاف المراد فتنبه
قوله ( وكذا كل يمين مطلقة ) أي لا خصوصية للإتيان بل كل فعل حلف أن يفعله في المستقبل وأطلقه ولم يقيده بوقت لم يحنث حتى يقع اليأس عن البر مثل ليضربن زيدا أو ليعطين فلانة أو ليطلقن زوجته وتحقق اليأس عن البر يكون بفوت أحدهما ولذا قال في غاية البيان وأصل هذا أن الحالف في اليمين المطلقة لا يحنث ما دام الحالف والمحلوف عليه قائمين لتصور البر فإذا فات أحدهما فإنه يحنث اه بحر
قال ح وهذا إذا كانت على الإثبات فإن كانت على النفي لا يحنث في آخر حياته ويمكن حنثه حالا كما لا يخفي
قوه ( وأما المؤقتة فيعتبر آخرها ) أي آخر وقتها وفي بعض النسخ آخره أي آخر الوقت المعلوم من المقام أي فإذا مضى الوقت ولم يفعل حنث
قوله ( فلا حنث ) لتعلق الحنث بآخر الوقت ولم يوجد في حقه
قوله ( لبطلان يمينه بالله تعالى ) أشار به إلى أن يمينه لو كانت بالطلاق مثلا لا تبطل بالردة لأن الكفر لا ينافي التعليق بغير القرب ابتداء فكذا بقاء اه ح
قوله ( كما مر )
____________________
(3/757)
أي أول الأيمان قوله ( فتدبر ) أمر بالتدبر إشارة إلى خفاء إفادة ذلك من قوله حنث ووجهها أن حنثه في آخر حياته يدل على بقاء اليمين صحيحة قبل الموت إذ الباطلة لا حنث فيها والحكم باللحاق مرتدا وإن كان موتا حكما لكنه غير مراد هنا لبطلان اليمين بمجرد الرد قبل الحكم باللحاق الذي هو في حكم الموت فحيث بطلت اليمين قبل الموت علم أن مراده بقوله حتى مات الموت الحقيقي إذ لا يتصور الحنث بالموت الحكمي فافهم
مطلب حلف لا يأتينه إن استطاع قوله ( فهي استطاعة الصحة ) أي الاستطاعة المعلومة من استطاع هي سلامة آلات الفعل المحلوف عليه وصحة أسبابه كما في الفتح والمراد بالآلات الجوارح فالمريض ليس بمستطيع وصحة الأسباب تهيئة لإرادة الفعل على وجه الاختيار فخرج الممنوع
نهر أي من منعه سلطان ونحوه
قوله ( لأنه المتعارف ) أي المعنى المذكور هو المعروف عند الإطلاق كما في قوله تعالى { من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 بخلاف المعنى الآتي في المتن
قوله ( فتقع على رفع الموانع ) يشمل المانع المعنوي كالمرض والحسي كالقيد ونحوه فيستغنى بذلك عن ذكر سلامة الآلات
ولهذا فسرها محمد بقوله إذا لم يمرض ولم يمنعه السلطان ولم يجيء أمر لا يقدر على إتيانه فلم يأته حنث اه
قوله ( بحر بحثا ) حيث قال فينبغي أنه إذا نسي اليمين لا يحنث لأن النسيان مانع وكذا لو جن فلم يأته حتى مضى الغد كما لا يخفي
قوله ( المقارنة للفعل ) أي التي تخلق معه بلا تأثير لها فيه لأن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى
فتح قوله ( صدق ديانة ) فإذا لم تأته لعذر أو لغيره لا يحنث كأنه قال لآتينك إن خلق الله تعالى إتياني وهو إذا لم يأت لم يخلق إتيانه ولا استطاعته المقارنة وإلا لأتى فتح
قوله ( لأنه خلاف الظاهر ) قال في الفتح وقيل يصدق ديانة وقضاء لأنه نوى حقيقة كلامه لأن اسم الاستطاعة يطلق بالاشتراك على كل من المعنيين والأول أوجه لأنه بخصوصه فصار ظاهرا فيه بخصوصه يصدقه يصدقه القاضي بخلاف الظاهر اه
قوله ( وقد أظهر الزاهدي اعتزاله هنا ) وتقدم نظير ذلك في باب الحج عن الغير حيث قال إن مذهب أهل العدل والتوحيد أنه ليس أن يجعل ثواب عمله لغيره وأراد بهم أهل الاعتزال كما مر بيانه وعبارته هنا وفي قوله أي صاحب الهداية حقيقة الاستطاعة فيما يقارن الفعل قوي لأنه بناه على مذهب الأشعرية والسنية أن القدرة تقارن الفعل وأنه باطل إذ لو كان كذلك لما كان فرعون وهامان وسائر الكفرة الذين ماتوا على الكفر قادرين على الإيمان وكان تكليفهم بالإيمان تكليفا بما لا يطاق وكان إرسال الرسل والأنبياء وإنزال الكتب والأوامر والنواهي والوعد والوعيد ضائعة في حقهم اه
قال في البحر وهو غلط لأن التكليف ليس مشروطا بهذه القدرة حتى يلزم ما ذكره وإنما هو مشروط بالقدرة الظاهرة وهي سلامة الآلات وصحة الأسباب كما عرف في الأصول
____________________
(3/758)
مطلب لا تخرجي إلا بإذني قوله ( شرط للبر لكل خروج إذن ) للبر متعلق بشرط ولكل متعلق بنائب الفاعل وهو إذن لا بشرط لئلا يلزم تعدية فعل بحرفين متقي اللفظ والمنى
أفاده القهستاني ثم لا يخفي أن اشتراط الإذن راجع لقوله إلا بإذني أما ما بعده فيشترط فيه الأمر أو العلم أو الرضا وإنما شرط تكراره لأن المستثنى خروج مقرون بالإذن فما وراءه داخل في المنع العام لأن المعنى لا تخرجي خروجا إلا خروجا ملصقا بإذني
قال في النهر ويشترط في إذنه أن تسمعه وإلا لم يكن إذنا وأن تفهمه فلو أذن لها بالعربية ولا عهد لها بها فخرجت حنث وأن لا تقوم قرينة على أنه لم يرد الإذن فلو قال لها اخرجي أما والله لو خرجت ليخرينك الله لا يكون إذنا صرح به محمد وكذا لو قال لها في غضب اخرجي ينوي التهديد لم يكن إذنا إذ المعى حينئذ اخرجي حتى تطلقي اه ملخصا
وفي البزازية قامت للخروج فقال دعوها تخرج ولا نية له لم يكن إذنا سمع سائلا فقال لها أعطيه لقمة فإن لم تقدر على إعطائه بلا خروج كان إذنا بالخروج وإلا فلا وإن قال اشترى اللحم فهو إذن ولو أذن لها بالخروج إلى بعض أقاربه فخرجت لكنس الباب أو خرجت في وقت آخر حنث ولو استأذنت في زيارة الأم فخرجت إلى بيت الأخ لا يحنث لوجود الإذن بالخروج إلا إن قال إن خرجت إلى أحد إلا بإذني وفي لا تخرجي إلا برضاي فإذن ولم تسمع أو سمعت ولم تفهم لا يحنث بالخروج لأن الرضا يتحقق بلا علمها بخلاف الإذن وفي إلا بأمري فالآمر أن يحنث بالخروج لأن الرضا يتحقق بلا علمها خلاف الإذن وفي إلا بأمري فالأمر أن يسمعها بنفسه أو رسوله وفي الإرادة والهوى والرضا لا يشترط سماعها وفي إلا بعلمي لا يحنث لو خرجت وهو يراها أو أذن لها بالخروج فخرجت بعده بلا علمه اه ملخصا
وتمام فروع المسألة هناك
قال في البحر ولا فرق في المسألة بين أن يكون المخاطب الزوجة أو العبد بخلاف ما لو قال لا أكلم فلانا إلا بإذن فلان أو حتى يأذن أو إلا أن يأذنه أو إلا أن يقدم فلان أو حتى يقدم أو قال لرجل في داره والله لا تخرج إلا بإذني فإنه لا يتكرر الإذن في هذا كله لأن قدوم فلان لا يتكرر عادة والإذن في الكلام يتناول كل ما يوجد من الكلام بعد الإذن وكذا خروج الرجل مما لا يتكرر عادة بخلاف الإذن للزوجة فإنه لا يتناول إلا ذلك الخروج المأذون فيه لا كل خروج إلا بنص صريح فيه مثل أذنت لك أن تخرجي كلما أردت الخروج كذا في الفتح اه
( تتمة ) في النهر عن المحيط لو قال إلا بإذن فلان فمات المحلوف عليه بطلت اليمين عندهما خلافا لأبي يوسف اه
وفي الذخيرة حلف لا يشرب بغير إذن فلان فناوله فلان بيده ولم يأذن باللسان وشرب ينبغي أن يحنث لأنه ليس بإذن بل هو دليل الرضا
قوله ( أو فرقة ) قال في الفتح ثم انعقاد اليمين على الإذن في قوله إن خرجت إلا بإذني فأنت طالق والله لا تخرجي إلا بإذني مقيد ببقاء النكاح
لأن الإذن إنما يصح لمن له المنع وهو مثل السلطان إذا حلف إنسانا ليرفعن إليه خبر كل داعر في المدينة كان على مدة ولايته فلو أبانها ثم تزوج فخرجت بلا إذن لا تطلق وإن كان زوال الملك لا يبطل اليمين عندنا لأنها لم تنعقد إلا على بقاء النكاح اه
فلو لم يقيد بالإذن لم يتقيد بقيام النكاح كما سيذكره الشارح عن الزيلعي في أواخر الأيمان مع عدة مسائل من هذا الجنس وهو كون اليمين المطلقة تصير مقيدة بدلالة الحال بقي لو خرجت في عدة البائن هل يحنث يظهر لي عدمه لأنها وإن
____________________
(3/759)
كانت ممنوعة لكن مانعها الشرع لا الزوج
تأمل
قوله ( دين ) أي ولا يصدق في القضاء وعليه الفتوى
خانية أي لأنه خلاف الظاهر وإنما دين لأنه محتمل كلامه لأن الإذن مرة موجب الغاية في قوله حتى آذن وبين الاستثناء والغاية مناسبة من حيث إن ما بعدهما مخالف لما قبلهما فيستعار إلا بإذني لمعنى حتى آذن فتح
قوله ( وتنحل يمينه الخ ) أي لو خرجت بغير إذن ووقع الطلاق ثم خرجت مرة ثانية بلا إذن لا يقع شيء لانحلال اليمين بوجود الشرط وليس فيها ما يدل على التكرار بحر عن الظهيرية قوله ( ولو نهاها بعد ذلك صح ) أي بعد قوله كلما خرجت الخ قال في الخانية وبه أخذ الشيخ الإمام ابن الفضل حتى لو خرجت بعد ذلك حنث ولو أذن لها بالخروج ثم قال لها كلما نهيتك فقد أذنت لك فنهاها لا يصح نهيه اه
قوله ( وفي الصيرفية الخ ) هذه مسألة استطرادية وذكر في الذخيرة عبارة فارسية وقال بعدها ثم إن الزوج ذهب إلى سمرقند وبعث إليها أصحاب السلطان حتى أخرجوها على كره منها وذهبوا بها إلى زوجها بسمرقند بأمر الزوج هل يحنث في يمينه فقيل ينبغي أن يحنث على ظاهر جواب الكتاب أن للزوج نقلها من بلدة إلى بلدة أخرى بعد ما أوفى في المعجل لأنه صح الأمر بالإخراج من الزوج وانتقل فعل المخرج إليه فكأن الزوج أخرجها بنفسه أما على اختبار أبي الليث أنه ليس له نقلها لم يصح الأمر ولم ينتقل فعل المخرج إليه فلا يحنث اه
قوله ( بخلاف قوله الخ ) مرتبط بما تقدم في المتن أي لو قال لا تخرجي إلا أن آذن أو حتى آذن لك فإنه يكفي الإذن مرة واحدة لأنه للغاية أما حتى فظاهر وأما إلا أن فتجوز بإلا عنها لتعذر استثناء الإذن من الخروج وتمامه في الفتح والبحر
قال في البحر وأشار إلى أنه لو قال عبده حر إن دخل هذه الدار إلا أن ينسى فدخلها ناسيا ثم دخل ذاكرا لم يحنث بخلاف قوله إلا ناسيا لأنه استثنى من كل دخول دخولا بصفة فبقي ما سواه داخلا تحت اليمين أما الأول فإن بمعنى حتى فلما دخلها ناسيا انتهت اليمين اه
قوله ( صدق ) أي قضاء لأنه محتمل كلامه وفيه تشديد على نفسه
بحر
مطلب لا يدخل دار فلان يراد به نسبة السكنى قوله ( ولو تبعا ) حتى لو حلف لا يدخل دار أمه أو بنته وهي تسكن مع زوجها حنث بالدخول
نهر عن الخانية
قلت وهو خلاف ما سيذكره آخر الأيمان عن الواقعات لكن ذكر في التاترخانية أن فيه اختلاف الرواية ويظهر لي أرجحية ما هنا حيث كان المعتبر نسبة السكنى عرفا ولا يخفي أن بيت المرأة في العرف ما تسكنه تبعا لزوجها وانظر ما سنذكره آخر الأيمان قوله ( أو بإعارة ) أي لا فرق بين كون السكنى بالملك أو الإجارة أو العارية إلا إذا استعارها ليتخذ فيها وليمة فدخلها الحالف فإنه لا يحنث كما في العمدة والوجه فيه ظاهر
نهر أي لأنها ليست مسكنا له
قوله ( باعتبار عموم المجاز الخ ) مرتبط بقوله يراد يعني أن الأصل في دار زيد أن يراد بها نسبة الملك وقد أريد بها ما يشمل العارية ونحوها وفي جمع بين الحقيقة والمجاز وهو لا يجوز عندنا فجاب بأنه من عموم المجاز بأن يراد به معنى عام يكون المعنى الحقيقي فردا من أفراده وهو نسبة السكنى أي ما يسكنها زيد بملك أو عارية لكن بقي ما إذا دخل دار مملوكة لزيد وساكنها غيره فحلف رجل لا يدخل دار زيد فمقتضى كون المعتبر نسبة
____________________
(3/760)
السكنى أن لا يحنث وفي المجتبى عن الإيضاح أن فيه عن محمد روايتين وقيل إذا كان لزيد دار غيرها سكنها لم يحنث وإلا فيحنث اه
قلت وجزم في الخانية بالحنث ولم يفصل وهو مرجح لإحدى الروايتين وعليه فكان على المصنف أن يقول يراد به نسبة السكنى أو الملك لكن مشى في المحيط على عدم الحنث
ففي النهر اعلم أنه إذا حلف لا يدخل دار زيد فداره مطلقا دار يسكنها فلو دخل دار غلته لم يحنث كما في المحيط وعليه تفرع ما في المجتبى إن دخلت دار زيد فعبدي حر إن دخلت دار عمرو فامرأته طالق فدخل دار زيد وهي في يد عمرو بإجارة لم يعتق وتطلق فإن نوى شيئا صدق اه
قلت لكن الذي رأيته في المجتبى وكذا في البحر نقلا عنه يعتق وتطلق وعليه متفرع على ما في الخانية لا على ما في المحيط
وفي الخانية أيضا لا يدخل دار فلان فآجرها فلان فدخلها الحالف فيه روايتان قالوا عدم الحنث قول أبي حنيفة وأبي يوسف لأن الإضافة عندهما كما تبطل بالبيع بالإجارة والتسليم وملك اليد للغير اه
قلت هذا يفيد أن ما جزم به في الخانية أولا قولهما وإحدى الروايتين عن محمد ويفيد أيضا أنها إذا بقيت بيد الملك غير مسكونة لأحد تبقى النسبة له فيحنث الحالف بدخولها ولو كان الملك ساكنا في غيرها تأمل
( تنبيه ) في الخانية أيضا حلف لا يدخل دار زيد ثم حلف لا يدخل دار عمرو فباعها زيد من عمرو وسلمها إليه فدخلها الحالف حنث في اليمين الثانية عنده لأن عنده المستحدث بعد اليمين يدخلها فيها لو مات مالك الدار فدخل لا يحنث لانتقالها للورثة ولو كان عليه دين مستغرق قال محمد بن سلمة يحنث وقال أبو الليث لا وعليه الفتوى لأنها وإن لن يملكها الورثة وبقيت على حكم ملك الميت لم تكن مملوكة له من كل وجه اه ملخصا
مطلب لا يضع قدمه في دار فلان قوله ( ولو حافيا ) الأولى أن يقول ولو منتعلا لأنه مع النعل لم تمس قدمه الأرض فيشمل الحافي بالأولى
قدمه ( متعذرة ) نحو والله لا آكل من هذه النخلة كما يأتي أول الباب الآتي
قوله ( أو مهجورة ) كما في مثالنا
قوله ( ووضع قدميه ) أي بحيث يكون جسده خارج الدار
درر
قوله ( لم يحنث ) هو ظاهر الرواية كما في الفتح
شرنبلالية
قال في الذخيرة ومتى صار اللفظ مجازا عن غيره لا يعتبر اللفظ بحقيقته ويتصرف إلى المجاز كما في وضع القدم إلا لدليل يدل على عدم إرادة المجاز فتعتبر الحقيقة فإذا قال لامرأته إن ارتقيت هذا السلم أو وضعت رجلك عليه فأنت كذا فوضعت رجلها عليه ولم ترتق حنث لأن العطف دل على أنه أراد به الحقيقة ثم قال وفي المنتقى لأضربنك بالسياط حتى أقتلك فهذا على الضرب الوجيع ولو قال لأضربنك بالسيف حتى تموتي فذا على الموت عرف مراده من تقييده بالسيف اه
قلت وهذا لا ينافي قولهم الأيمان مبنية على الألفاظ لا على الأغراض لأن المراد الألفاظ التي لم تهجر كما قدمناه أول الباب
قوله ( لمزيد الخروج والضرب ) أي لشخص أراد الخروج أو أراد الضرب وهو متعلق بقوله المصنف في قوله أي قول الحالف وقوله فعله فورا نائب فاعل شرط وضميره للمذكور من الخروج والضرب
____________________
(3/761)
مطلب في يمين الفور قوله ( فورا ) سئل السغدي بماذا بساعة واستدل بما ذكر في الجامع الصغير أرادت أن تخرج فقال الزوج إن خرجت فعادت وجلست وخرجت بعد ساعة لا يحنث حموي عن البرجندي ولا يشترط لعدم حنثه إذا خرجت بعد ساعة تغيير تلك الهيئة الحاصلة مع إرادة الخروج يشير إليه قول الفتح تهيأت للخروج فحلف لا تخرج فإذا جلست ساعة ثم خرجت لا يحنث لأن قصده منعها من الخروج الذي تهيأت له فكأنه قال إن خرجت الساعة وهذا إذا لم يكن له نية فإن نوى شيئا عمل به
شرنبلالية
قلت وهو مفاد عبارة الجامع الصغير أيضا لكن في البحر عن المحيط إن لم تقومي الساعة ولبست الثياب وخرجت ثم رجعت وجلست حتى خرج الزوج فخرجت وأتت الدار بعده لا يحنث لأن رجوعها وجلوسها ما دامت في تهيؤ الخروج لا يكون تركا للفور كما لو أخذها البول فبالت قبل لبس الثياب اه ملخصا
إلا أن يفرق بين الإثبات والنفي فإن المحلوف عليه في الأول عدم الخروج وهو ترك فيتحقق بتحقق ضده وهو الجلوس على وجه الإعراض فإنها إنما جلست للإعراض عن الخرجة المحلوف عليها فيتحقق عدم الخروج سواء تغيرت الهيئة أو لا والمحلوف عليه في الثاني المجيء المثبت وهو لا يتحقق إلا يفعله والفاعل إذا تهيأ للفعل وجلس منتظرا الهيئة هنا فيعلم بها أن الحلوس ليس على وجه فاعل حكما لكن لا بد من بقاء تلك الهيئة هناك فيعلم بها أن الجلوس ليس على وجه الإعراض لأن الجلوس ضد الفعل المراد ظاهرا هذا ما ظهر لي فتدبره
قوله ( وهذه تسمى يمين الفور الخ ) من فارت القدر غلت استعير للسرعة أو من فوران الغضب انفرد الإمام بإظهارها
وكانت اليمين أولا قسمين مؤبدة أي مطلقة ومؤقتة وهذه مؤبدة لفظا مؤقتة معنى تتقيد بالحال إما بأن تكون بناء على أمر حالي كما مثل أو أن تقع جوابا بالكلام يتعلق بالحال كما في إن تغديت أفاده في النهر
قوله ( ولم يخالفه أحد ) كذا في البحر عن المحيط لكم نقل في الفتح عن زفر والشافعي الحنث بها اعتبارا للإطلاق اللفظي
قوله ( تغديه معه ) نائب فاعل شرط فلو خرج إلى منزله فتغدى لم يحنث لأن جوابه خرج مخرج الجواب فينطبق على السؤال فينصرف إلى الغداء المدعو إليه كذا في الهداية
قوله ( ذلك الطعام المدعو إليه ) كذا في الإيضاح لابن كمال معزيا إلى الهداية والذي في الهداية هو ما سمعته وهو محتمل أن يكون المراد به الفعل أي التغدي وأن يكون المراد به الطعام الذي هو حقيقة أن يكون المراد به الفعل أي التغدي وأن يكون المراد به الطعام الذي هو حقيقة الغداء بالدال المهملة والظاهر الأول وأن قول الهداية فينصرف إلى الغداء الخ على خذف مضاف أي إلى أكل الغداء أو أنه أطلق الغداء على التغدي تساهلا بدليل قوله في الباب الآتي الغداء الأكل من طلوع الفجر إلى الظهر قال في الفتح هناك وهذا تساهل معروف فلا يعترض به اه
ويلزم على من فهمه ابن كمال أنه لو أكل ذلك الطعام في بيته وحده يحنث وليس كذلك لأن المحلوف عليه هو التغدي مع الطالب لأنه هو المدعو إليه ولي في كلام الطالب الحالف تعيين طعام بل لو دعاه إلى الغداء معه قبل حضور طعام أصلا فالظاهر أن الحكم كذلك بدليل تعليلهم بأن الجواب ينطبق على السؤال نعم لو قال الطالب تغد معي هذا الطعام تقيد به أما بدون ذلك فلا والذي يظهر لي أن هذا الفهم الذي فهمه ابن كمال غير صحيح ولم أر من سبقه إليه وإن عول الشارح عليه
تأمل
قوله ( اليوم أو معك ) مفعول ضم أي بأن قال إن تغديت اليوم أو قال إن تغديت معك حنث
____________________
(3/762)
بمطلق التغدي واعترض ح قوله أو معك بأنه لم يزد على السؤال لأن السؤال فيه لفظة مع فالصواب أن يقول تغد عندي كما قال في الكنز اه
قلت لكن في الذخيرة قال له تغد قال له تغد معي فقال والله لا أتغدى فذهب إلى بيته وتغدى مع أهله لا يحنث ووجه ذلك أن يمينه عقدت على غداء معين وهو الذي دعاه إليه لأن قوله والله لا أتغدى خرج جوابا لسؤال المخاطب وأمكن جعله جوابا لأنهم لم يزد على حرف الجواب فيجعل جوابا والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال والسؤال وقع على غداء بعينه بدلالة قوله تغد معي أي هذا الغداء فيجعل ذلك كالمصرح به في السؤال كأنه قال تغد معي هذا الغداء والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال بخلاف ما لو قال والله لا أتغدى معك لأنه زاد على حرف الجواب ومع الزيادة عليه لا يمكن أن يجعل جوابا فجعل ابتداء ولا قيد فيه اه ومثله في التاترخانية عن السراجية فعلم أن قوله إن تغديت معك زيادة على الجواب وإن كان لفظ مع مذكورة في كلام الطالب للاستغناء عنه ولعمومه المدعو إليه وغيره أي التغدي معه في ذلك اليوم وغيره لكن لا يخلو عن نظر فالظاهر ما قاله ح فتدبر
ثم في هذه العبارة إطلاق الغداء على التغدي كما وقع في عبارة الهداية تساهلا
قوله ( حنث بمطلق التغدي ) الإطلاق بالنظر لليوم معناه سواء تغدى معه أو في بيته مثلا في ذلك اليوم وبالنظر إلى قوله معي تغديه معه ولو في غير هذا الوقت ولا يحنث إن تغدى مع غيره ولو في الوقت الذي حلف فيه ط
قوله ( فجعل مبتدئا ) لكن لو نوى الجواب دون الابتداء صدق ديانة لأن احتمال كونه جوابا قائم ولا قضاء لمخالفته الظاهر فيما فيه تخفيف عليه ولو قال إن تغديت نوى ما بين الفور والأبد كاليوم أو الغد لم يصدق أصلا لأن النية إنما تعمل في الملفوظ والحال لا تدل عليه فانتفى دلالة الحال ودلالة المقال كما لو حلف لا يتزوج النساء ونوى عددا أو لا يأكل طعاما ونوى لقمة أو لقمتين لم يصح كذا في شرح تلخيص الجامع
قوله ( إن للتراخي الخ ) احترز بها عن إذا فإنها للفور ففي الخانية إذا فعلت كذا فلم أفعل كذا قال أبو حنيفة إذا لم يفعل على أثر الفعل المحلوف عليه حنث ولو قال إن فعلت كذا فلم أفعل كذا فهو على الأبد وقال أبو يوسف على الفور أيضا اه ومعنى كون إن التراخي أنها تكون للتراخي وغيره عند عدم قرينة الفور والمراد فعل الشرط الذي دخلت عليه وما رتب عليه فإذا قال لها إن خرجت فكذا وخرجت فورا أو بعد يوم مثلا حنث إلا لقرينة الفور فيتقيد به كما مر ومنه ما مثل به وكذا ما في الخانية إن دخلن دارك فلم أجلس فهو على الفور اه أي الجلوس على فور الدخول وفيها أيضا إن بعثت إليك فلم تأتني فعبدي حر فبعث إليه فأتاه ثم بعث إليه ثانيا فلم يأته حنث ولا يبطل اليمين بالبر حتى يحنث مرة فحينئذ يبطل اليمين اه
مطلب إن ضربتني ولم أضربك وفي الذخيرة إن ضربتني ولم أضربك فهذا على الماضي عندنا كأنه قال ولم أكن ضربتك قبل ضربك إياي وإن نوى بعد صح أي إن ضربتني ابتداء ولم أضربك بعده ويكون على الفور
والحاصل أن كلمة ولم تقع على الأبد كإن أتيتني ولم آتك إن زرتني ولم أزورك وقد تقع على الفور والمعتبر في ذلك معاني كلام الناس وكذلك تقع على قبل وعلى بعد كما مر وفي إن كلمتني ولم أجبك على بعد لأن الجواب لا يتقدم وعلى الفور أيضا باعتبار العادة اه ملخصا
قوله ( حنث ) قال في الاختيار لأن مقصوده الدخول لقضاء الشهوة وقد فات فصار شرط الحنث عدم الدخول لقضاء الشهوة وقد وجد اه
قوله ( وفي البحر عن المحيط )
____________________
(3/763)
عبارته إذا قال لامرأته إذا لم تجيئي إلى الفراش هذه الساعة فأنت طالق وهما في التشاجر فطال بينهما كان على الفور حتى لو ذهبت إلى الفراش لا يحنث اه
وظاهره ولو كان بعد سكون شهوته فيقيد به ما قبله لكنه خلاف ما يفهم مما نقلناه عن الاختيار فينبغي تقييد هذا بما إذا لم تسكن شهوته فتأمل
قوله ( وكذا الخ ) وكذا لو أخذها البول فبالت كما قدمناه وقيل الصلاة تقع على الفور لأنها عمل آخر والفتوى على الأول كما في البحر قوله ( واشتغلت بالصلاة ) المكتوبة أي إذا خافت فوتها كما يعلم مما قبله وهذا تكرار إلا أن يحمل على ما إذا كان الحلف وهي تصلي
تأمل
قال في البحر ولو اشتغلت بالتطوع أو بالوضوء أو أكلت أو شربت حنث لأن هذا ليس بعذر شرعا اه
مطلب لا يركب دابة فلان قوله ( مركب العبد المأذون الخ ) يعني لو حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة عبده فإنه يحنث بشرطين الأول أن ينويها
الثاني أن لا يكون عليه دين مستغرق أما إذا كان عليه دين مستغرق لا يحنث وإن نوى لأنه لا ملك للمولى فيه عند أبي حنيفة
وإن كان الدين غير مستغرق أو لم يكن عليه دين لا يحنث ما لم ينوه لأن الملك فيه للمولى لكنه يضاف للعبد عرفا وكذا شرعا قال من باع عبدا وله مال الحديث فتخيل الأضافة إلى المولى فلا بد من النية وقال أبو يوسف في الوجوه يحنث وإن لم ينو لاعتبار الملك إذ الدين لا يمنع وقوعه للسيد عندهما
هداية
قلت وبه ظهر أن التقييد بالمأذون لأنه محل الخلاف فيحنث في غير المأذون إذا نواه بالأولى اتفاقا
قوله ( والمكاتب ) لم أرى من ذكره هنا ولا يتأتى فيه هذا التفصيل وإنما قال في البحر عن المحيط ولو ركب دابة مكاتبة لا يحنث لأن ملكه ليس بمضاف إلى المولى لا ذاتا ولا يدا اه
ومقتضاه أنه لا يحنث وإن نواه اتفاقا لأن دابته ملك له لا لمولاه ولذا يضمنها المولى بالإتلاف سواء كان عليه دين أو لا
فتدبر
ثم رأيت القهستاني قال والإضافة إلى المأذون تشير إلى أنه لو ركب المكاتب لم يحنث قوله ( لا يحنث استحسانا ) أي وإن كان اسم الدابة لما يدب على الأرض إذا قال دابة فلان لأن العرف خصصه بالركوب المعتاد والمعتاد هو الحمار والبغل والفرس فيقيد به وإن كان الجمل مما يركب أيضا في الأسفار وبعض الأوقات فلا يحنث بالجمل إلا إذا نواه وكذا الفيل والبقر إذا نواه حنث وإلا لا وينبغي إن كان الحالف من البدو أن ينعقد على الجمل أيضا بلا نية لأن ركوبه معتاد لهم وكذا إن كان حضريا جمالا والمحلوف على دابته جمال دخل في يمينه بلا نية وإذا كان مقتضى اللفظ انعقادها على الأنواع الثلاثة فلو نوى بعضها دون بعض بأن نوى الحمار دون الفرس مثلا لا يصدق ديانة ولا قضاء لأن نية الخصوص لا تصح في غير اللفظ وسيأتي تمامه في الفصل الآتي وكذا في الفتح
قلت أي لأن المحمول على العرف هو لفظ أركب لا لفظ دابة فإن لفظ دابة يشمل الكل عرفا ولغة وإنما خصص العرف لفظ أركب لهذه الأنواع الثلاثة فلو نوى بعضها لم يصح
لأنه تخصيص الفعل ولا عموم له وسيأتي تمامه ثم حيث كان المدار على العرف المعتاد فينبغي أن الحالف لو كان ليس ممن يركب الحمار أن لا يحنث
____________________
(3/764)
بالحمار وأنه لو كان الحالف مسافرا أن يحنث بالجملة بلا نية
قوله ( وينبغى حنثه بالبعير الخ ) أي إذا كان ممن يركب البعير كالمسافر والجمال وأهل البدو كما عرف مما نقلناه عن الفتح
قوله ( ولو حمل الخ ) أما لو أكره على الركوب فركب حنث ط
قوله ( ولو حلف لا يركب أو لا يركب مركبا ) كذا في بعض النسخ ومثله في البحر عن الظهيرية وكذا في الخانية وهو المخالف لقول المصنف المار قريبا فاليمين على ما يركبه الناس نعم في بعض حلف لا يركب مركبا ومثله في النهر وفي التاترخانية حلف لا يركب مركبا فركب سفينة قال الحسن في المجرد لا يحنث وعلي الفتوى اه لكن العرف الآن المركب خاص بالسفينة فينبغي أن لا يحنث بغيرها
قوله ( وسيجيء ) أي قريبا في الباب الآتي والله سبحانه أعلم
باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام لم يذكر مسائل اللبس هنا بل ذكرها في باب اليمين بالبيع والشراء فكان المناسب إسقاط اللبس من هذه الترجمة وذكره هناك قوله ( ثم الأكل ) ترتيب إخباري ط
قوله ( إلى الجوف ) متعلق بإيصال فلو حلف لا يأكل كذا أو لا يشرب فأدخله في فيه ومضغه ثم ألقاه لا يحنث حتى يدخله في جوفه لأنه بدون ذلك لا يكون أكلا بل يكون ذوقا
ط عن البحر
قوله ( كماء وعسل ) أي غير جامد وإلا فهو مأكول
تأمل
ثم إن المائع الذي لا يحتمل المضغ إنما يسمى مشروبا إذا تناوله وحده وإلا فهو مأكول وكذا عكسه
ففي البحر عن البدائع لو حلف لا يأكل هذا اللبن فأكل بخبز أو تمر أو لا يأكل هذا العسل أو الخل فأكله بخبز يحنث لأنه هكذا يكون ولو أكله بانفراده لا يحنث لأنه شرب لا أكل وكذلك إن حلف لا يأكل هذا الخبز فجففه ثم دقه وصب عليه الماء فشربه لا يحنث لأنه شرب لا أكل اه
وفي الفتح حلف لا يأكل لبنا فشربه لا يحنث ولو ثرد فيه فأوصله إلى جوفه حنث اه
وقوله ثرد فيه بالثاء المثلثة أي فت الخبز فيه
وفي الخانية حلف لا يأكل اللبن فطبخ به أرزا فأكله قال أبو بكر البلخي لا يحنث وإن لم يجعل فيه ماء وإن كان يرى عينه وكذا لو جعله جنبا إلا أن ينوي أكل ما يتخذ منه حلف لا يأكل السمن فأكل سويقا ملتوتا بالسمن ذكر في الأصل إن كان السمن مستبينا يجد طعمه لأنه ليس بمستهلك وذكر الحاكم في المختصر إن كان بحيث لو عصر سال منه السمن حنث وإلا لا وإن وجد طعمه قال أي قاضيخان وينبغي أن يكون الجواب في مسألة الأرز على هذا التفصيل اه
قلت والحاصل أنه إذا حلف لا يأكل مائعا كلبن وسمن وخل فإن شربه لا يحنث وإن تناوله مع غيره ولم يستهلك كأكله بخبز أو تمر حنث وإن استهلك بأن لا يجد طعمه أو بأن لا ينعصر على الخلاف في تفسيره لم يحنث
قال السائحاني وقول الحاكم أرفق ولذا مشت عليه الشروح اه
وأما لو خلط مأكولا بمأكول آخر فيأتي بيانه في الفروع الآتية في أثناء الباب
قوله ( ففي حلفه الخ ) تفريع على تعريف الأكل ط
للقوله ( حنث ببلعها ) أي مع قشرها أو بدونه
____________________
(3/765)
إذا كانت مسلوقة
قوله ( وفي لا يأكل عنبا الخ ) قال في الفتح ولو حلف لا يأكل عنبا أو رمانا فجعل يمصه ويرمي تفله ويبتلع المتحصل لا يحنث لأن هذا ليس أكلا ولا شربا بل مص اه
ومثله في البحر عن البدائع
قلت لكن يصدق عليه تعريف الشرب المذكور وهو إيصال ما لا يحتمل المضغ من المائعات إلى الجوف إلا أن يكون المراد المائع وقت إدخاله الفم وعليه فالمراد بالمص استخراج مائية الجامد بالفم وأيصالها إلى الجوف
ومقتضاه أنه لو حلف لا يمص شيئا لا يحنث بشرب المائع مع أن السنة في شرب الماء المص فعلم أن المص أعم من الشرب من وجه فيجتمعان فيما إذا أخذ الماء بفيه مع ضيق الشفتين وينفرد الشرب بالعب والمص باستجلاب مائية الجامد بالفم حتى لو عصر الفاكهة وشرب ماءها عبا يحنث في حلفه لا يشرب لا في حلفه لا يمص ولو شربه مصا حنث فيهما هذا ما ظهر لي
قوله ( لأن المص نوع ثالث ) أي في بعض الأوجه كما في الصورة المذكورة وإلا فقد يكون شربا ما علمته
قوله ( وأكل قشره ) أي ولم يشرب ماءه لأن ذهاب الماء لا يخرجه من أن يكون أكلا له ألا ترى أنه إذا مضغه وابتلع الماء أنه لا يكون أكلا له بابتلاع الماء فدل أن أكل العنب هو أكل القشر والحصرم منه وقد وجد فيحنث
بحر عن البدائع
وفيه نظر كما في الذخيرة
وحاصله أنه ذكر في العيون أنه إذا ابتلع ماءه فقط لم يحنث ولو ابتلع الحب أيضا دون القشر يحنث وعلله الصدر الشهيد بأن العنب اسم لهذه الثلاثة ففي الأول أكل الأقل وفي الثاني الأكثر وله حكم الكل
قوله ( لا يحنث بمصه ) لأنه ليس بأكل فقد وصل إلى جوفه ما لا يتأتى فيه المضغ
ذخيرة
قوله ( وفي عرفنا يحنث ) من تتمة كلام القلانسي وهو محط الاستدراك اه ح أي لأنه يؤكل بالمضغ وبالمص عادة وكذا العنب الرمان قوله ( وأما الذوق فعمل الفم الخ ) هذا هو الحق على ما في الفتح خلافا لما في النظم من أنه عمل الشفاه دون الحلق فإنه يدل على أن عدم الوصول إلى الجوف مأخوذ في مفهوم الذوق
قلت لكنه موافق لما في الفتح من رواية هشام حلف لا يذوق فيمينه على الذوق حقيقة وهو أن لا يوصل إلى جوفه إلا أن يتقدمه كلام يدل عليه نحو أن يقال تغد فحلف لا يذوق معه طعاما فهذا على الأكل والشرب اه
مطلب في الفرق بين الأكل والشرب والذوق قوله ( فكل أكل وشرب ذوق ولا عكس ) أي وليس كل ذوق أكلا أو شربا بناء أن الذوق أعم مطلقا لأن لا يشترط فيه الوصول إلى الجوف بل يصدق بدونه بخلافهما فإذا أكل أو شرب يحنث في حلقه لا يذوق وإذا حلف لا يأكل أو لا يشرب فذاق فلا إيصال إلى الجوف لم يحنث لكن فيه أنه قد يتحقق الأكل بلا ذوق كما لو ابتلع بما يتوقف معرفة طعمه على المضغ كبيضة أو لوزة وعليه فبين الأكل والذوق عموم وجهي وعن هذا
____________________
(3/766)
قال في الفتح إن قول المحيط لو حلف لا يذوق فأكل أو شرب يحنث يغلب على الظن أن المراد به الأكل المقترن بالمضغ أو بلع ما يدرك طعمه بلا مضغ لأنا نقطع بأن من ابتلع قلب لوزة لا يقال فيه ذاقها ولا يحنث ببلعها اه
قلت وعلى ما مر عن النظم فبينهما التباين كما بين الأكل والشرب فلا يحنث الحالف على واحد من الثلاثة بفعل الآخر
قوله ( لا يحنث ) أي في حلفه لا يذوق الماء كما في الجوهرة لأنه لا يقصد به ذوق الماء بل إقامة القربة ولذا كره الذوق للصائم دون المضمضة
قوله ( بم يصدق إلا بدليل ) أي كقول القائل له تغد معي كما مر وكذا العرف الآن لو قال ابتداء لا أذوق في بيت زيد طعاما فإنه يراد به الأكل
مطلب حلف لا يأكل من هذه النخلة مطلب إذا تعذرت الحقيقة أو وجد عرف بخلافها تركت قوله ( حلف لا يأكل من هذه النخلة الخ ) الأصل في جنس هذه المسائل أن العمل بالحقيقة عند الإمكان فإن تعذر أو وجد عرف بخلاف الحقيقة تركت فإذا عقد يمينه على ما هو مأكول بعينه انصرفت إلى العين لإمكان العمل بالحقيقة وإذا عقدها على ما ليس مأكولا بعينه أو هو مأكولا إلا أنه لا تؤكل عينه عادة انصرفت إلى ما يتخذ منه مجازا لأن العمل بالحقيقة غير ممكن فإذا حلف لا يأكل من هذه الشاة شيئا فأكل من لبنها أو سمنها لا يحنث لأن عين الشاة مأكولة فينصرف إلى عينها لا ما يتولد منها وكذا العنب فلا يحنث بزبيبه وعصيره وفي النخلة يحنث بتمرها وطلعها لأن عينها مأكولة وفي الدقيق يحنث بخبزه لأن الدقيق وإن كان يؤكل إلا أنه لا يؤكل كذلك عادة وتمامه في الذخيرة
قوله ( أو الكرمة ) شجرة العنب ولم أرها بالتاء فلتراجع
قوله ( بالمثلثة ) لأن المراد ما يتولد منها سواء كان تمرا بالمثناة أو غيره كالجمار وهو شيء أبيض لين في رأس النخلة ولأن النخلة مثال والمراد ما يعمها وغيرها مما لا تؤكل عينه
قوله ( فيحنث بالعصير ) استشكل بأن اليمين على الأكل العصير مما لا يؤكل
وأجيب بأن الأكل هنا مجاز عن التناول فالمراد لا أتناول منها شيئا ط
قلت مقتضى الجواب أنه يحنث بشرب العصير ويحتاج إلى نقل فإن كلامهم يصح بدون هذا التأويل
فقد ذكرنا عن البحر لو حلف لا يأكل هذا اللبن أو العسل أو الخل فأكله بخبز يحنث لأن أكله هكذا يكون وكذا لو ثرد في اللبن
وفي البزازية لا يأكل طعاما ينصرف إلى كل مأكول مطعوم حتى لو أكل الخل يحنث اه
فقد صح أكل ما يشرب فكذا يقال هنا فتأمل
قوله ( لا بالدبس المطبوخ ) وكذا النبيذ والناطف والخل لأنه مضاف إلى فعل حادث فلم يبق مضافا إلى الشجرة
بحر
ولذا عطف عليه في قوله تعالى { ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم } يس 35 فتح
واحترز بالمطبوخ عما يسيل من الرطب فإنه يحنث بأكله كما في الذخيرة
مطلب فيما لو وصل غصن شجرة بأخرى قوله ( ولا بوصل الخ ) يعني إذا قطع غصنا من الشجرة المحلوف عليها ووصله بشجرة أخرى وأكل من الثمر الخارج منه لا بحنث اه ح
وقال بعضهم يحنث
فتح وبحر
ولعل وجه الأول أن الغصن صار جزءا من الثانية ولا يسمى في العرف أكلا من الأولى ومقتضى الإطلاق أنه لا فرق بين كون الشجرتين من نوع واحد أو نوعينلا
____________________
(3/767)
ونقل في الذخيرة المسألة مطلقة كما مر ثم صورها بما إذا حلف لا يأكل من شجرة التفاح فوصل بها غصن شجرة التفاح لم يحنث وإن لم يسمها بل قال من هذه الشجرة حنث ثم نقل عن بعضهم أن الرواية هكذا
قلت ويمكن التوفيق بين القولين بحمل الحنث على ما إذا اختلف النوع وسمي الشجرة باسمها ثم أكل مما سمي والقول بعدم الحنث على ما إذا اتحد النوع أو اختلف ولم يسم والله تعالى أعلم
قوله ( فيحنث إذا اشترى به مأكولا وأكله ) لفظة وأكله زادها في البحر على ما في الفتح
قال في الشرنبلالية وقد يقال يراد بالأكل الإنفاق في أي شيء فيحنث به إذا نوى فلينظر اه
قلت إذا نوى ذلك لا كلام أما إذا لم ينو فالظاهر تقييده حقيقة حتى لو اشترى به مشروبا وشربه لا يحنث إلا إذا أكله مع غيره عملا بحقيقة الكلام ما لم يوجد نقل بخلافه فافهم
قوله ( ولو أكل من عين النخلة لا يحنث ) هو الصحيح كما في النهر وغيره
قوله ( مهجورة ) صوابه متعذرة كما عبر به في إيضاح الإصلاح
وقال في حاشيته ومن قال مهجورة لا يفرق بين المتعذر والمهجورة قال صاحب الكشف المعتذر ما لا يوصل إليه إلا بمشقة كأكل النخلة
والمهجور ما يتيسر إليه الوصول لكن الناس تركوه كوضع القدم اه ح
وقد يقال أراد بالمهجورة الغير المستعملة تجوزا كما تجوز صاحب الكشف بإطلاق المتعذر على المتعسر مع أن المراد ما يشمل القسمين وحقيقة المعتذر مثل قوله لا يأكل من هذا القدر فافهم
قوله ( لم يحنث بأكل ما يخرج منها ) مقتضاه أن نية عينها صحت فهو قول أخر غير ما في الولوالجية كما أفاده في النهر فافهم ولم أر من صحح أحدهما وما نقل عن حاشية أبي السعود أنه المتن ثم ذكر بعد عبارة الولوالجية فافهم
قوله ( لتعين المجاز ) ولذا انصرف إليه عند عدم النية فكانت الحقيقة خلاف الظاهر
قوله ( إنما يأكلونه مطبوخا ) أي فلا يحنث بأكله لكونه دخله صنعة جديدة ح
قوله ( من هذا البسر أو الرطب ) النخلة على ست مراتب أولها طلع وثانيها حلال وثالثها بلح ورابعها بسر وخامسها رطب وسادسها تمر كما يظهر من الصحاح عزمية قوله ( بأكل رطبه وتمره وشيرازه ) لف ونشر مرتب
قال في المصباح الشيراز مثال دينار اللبن الرائب يستخرج منه ماؤه وقال بعضهم لبن يغلي حتى يثخن ثم ينشف ويميل إلى الحموضة اه
قوله ( لأن هذه صفات الخ ) إذ لا خفاء أن صفة البسورة والرطوبة واللبنية مما قد تدعو إلى اليمين
____________________
(3/768)
بحسب الأمزجة فإذا زالت زال ما عقدت عليه اليمين فأكله أكل ما لم تنعقد عليه اليمين نهر وفتح
قوله ( بعد ما شاخ ) أي صار شيخا وهو قول فوق الكهل كما يأتي
قوله ( بفتحتين ) أي فتح الحاء المهملة والميم ولد الشاة في السنة الأولى جمعه حملان كما في المصباح
قوله ( لأنها غير داعية ) أي هذه الصفات غير داعية إلى الامتناع لأن هجران المسلم بمنع الكلام منهي فلا يعتبر ما يخال داعيا إلى اليمين من جهل الصبي أو الشاب وسوء أدبه وكذا صفه الصغر في الحمل فإن الممتنع عنه أكثر امتناعا عن لحم الكبش لأن الصغر داع إلى الأكل لا إلى عدمه واعترض بأن الهجران قد يجوز أو يجب إذا كان لله تعالى بأن كان يتكلم بما هو معصية أو يخشى فتنته أو فساد عرضه بكلامه فإذا حلف لا يكلمه علم أنه وجد المسوغ فيعتبر الداعي فيتقيد بصباه وشبيبه وبأن الحمل غير محمود لكثرة رطوباته حتى قبل فيه النحس بين الجيدين وأجاب في الفتح بأن الاعتراض بذلك ذهول ونسيان عن وضع المسألة وأنها بنيت على العرف وأن المتكلم لو أراد ما تصح إرادته من اللفظ لا يمنع منه فالحمل عند العموم غذاء في غاية الصلاح وما يدرك نحسه إلا أفراد عرفوا الطب فوجب تحكيم العرف إذا لم ينو ذات الحمل إذ لا يحكم على فرد من العموم أنه على خلافهم فينصرف حلفه إليهم وكذا الصبي لما كان موضع الشفقة والرحمة عند العموم وفي الشرع لم يجعل الصبا داعية إلى اليمين في حق العموم وهذا لا ينفي كونه حالفا عرفا عدم طيب الحمل أو سوء أدب صبي علم أنه لا يردعه إلا الهجر أو علم أن الكلام معه يضره في دينه أو عرضه فعقد يمينه على مدة الحملية أو الصبا فإنا نصرف يمينه حيث صرفها وإنما الكلام إذا لم ينو شيئا فيسلك به ما عليه العموم أخطؤوا فيه أو أصابوا فليكن هذا منك ببال فإنك تدفع به كثيرا من أمثال هذا الغلط المورد على الأئمة اه ملخصا
وهو في غاية الحسن
وقد عدل في الذخيرة عن التعليل بكون الصفة داعية أو غير داعية وقال الصحيح أنه لا يحنث في الرطب أو العنب إذا صار تمرا أو زبيبا لأنه اسم لهذه الذات والرطوبة التي فيها فإذا أكله بعد الجفاف فقد أكل بعض ما عقد اليمين عليه بخلاف الصبي بعد ما شاخ أو الحمل بعد ما صار كبشا فإنه لم ينقص بل زاد والزيادة لا تمنع الحنث ثم قال فهذا الفرق هو الصحيح وعليه الاعتماد
قوله ( تقيد به ) الأولى بها
قوله ( في المعرف والمنكر ) مثل لا آكل هذا البسر أو لا آكل بسرا
قوله ( اعتبر في المنكر ) مثل لا آكل حملا أو لا أكلم صبيا لأن الكبش لا يسمى حملا ولا الشيخ صبيا فلم يوجد المحلوف عليه بخلاف المعرف كهذا الحمل أو هذا الصبي لأن الصفة الغير الداعية تلغو مع الإشارة فتعتبر الذات المشار إليها وهي باقية بعد زوال الصفة فلا تزول اليمين قوله ( فبرأ ) في المصباح برىء من المرض يبرأ من باب تعب ونفع
مطلب حلف لا يكلم هذا الصبي قوله ( فكلم صبيا حنث ) لأن اسم الرجل يتناول الصبي في اللغة كما صرح به ابن الكمال في تصحيح السراجية ولكن في العرف لا يسمى فالحق القول الثاني اه ح
قوله يدعى شابا الخ في الوجيز لبرهان الدين
____________________
(3/769)
البخاري حلف لا يكلم صبيا أو غلاما أو شابا أو كهلا فالكلام في معرفته لغة وشرعا عرفا
أما اللغة فقالوا الصبي يسمى غلاما إلى تسع عشرة ثم شابا إلى أربع وثلاثين ثم كهلا إلى أحد وخمسين ثم شيخا إلى آخر عمره وأما الشرع فالغلام إلى أن يبلغ فيصير شابا وفتى وعن أبي يوسف من ثلاث وثلاثين إلى خمسين فهو شيخ
قال القدوري قال أبو يوسف الشاب من خمس عشرة إلى خمسين ما لك يغلب عليه الشمط قبل ذلك والكهل
من ثلاثين إلى آخر عمره والشيخ فيما زاد على الخمسين وكان يقول قبل هذا الكهل من ثلاثين إلى مائة سنة فأكثر والشيخ من أربعين إلى مائة وهنا روايات آخر والمعول عليه ما به الإفتاء كذا في الفتح ملخصا لم يذكر معناها عرفا لأن كل أناس قد علموا مشربهم
قوله ( فصار جنبا ) فيه ثلاث لغات أجودها سكون الباء والثانية ضمها للإتباع والثالثة وهي أقلها التثقيل ومنهم من يجعلها من ضرورة الشعر مصباح
قوله ( كذا في نسخ الشرح ) أي شرح المصنف حيث جعلها متنا في شرحه
قوله ( لم يحنث ) لأن بعضها صفات داعية وبعضها انقلبت عينها
قوله ( فأكل حيسا ) فسر الحيس في البدائع بأنه اسم لتمر ينفع في اللبن ويتشرب فيه اللبن وقيل هو طعام يتخذ من تمر ويضم إلى شيء من السمن أو غيره والغالب هو التمر فكان أجزاء التمرم بحالها فيبقى الاسم اه بحر
قوله ( الأصل الخ ) قدمناه الكلام عليه قبل قوله كل حل عليه حرام
( فرع ) ذكر في البحر عن الواقعات إن أكلت هذا الرغيف اليوم فامرأته كذا وإن لم آكله اليوم فأمته حرة فأكل النصف لم يحنث وكذا لو حلف على لقمة في فيه فأكل بعضها وأخرج البعض لأن شرط الحنث أكل الكل اه ملخصا
( تنبيه ) الأكل والشرب غير قيد ففي البزازية ضاع مال في دار فحلف كل واحد أنه لم يأخذه ولم يخرجه من الدار ثم علم أن واحدا أخرجه مع آخر إن كان لا يطيق حمله وحده حنث لأن إخراجه كذلك يكون وإن أطاقه وحده لا يحنث لأنه صادق اه
قلت وعليه لو حلف لا يحمل هذه الخشبة أو الحجر فهو على هذا التفصيل
ثم اعلم أن ما مر عن الواقعات مشكل جدا كما قال في الحاوي الزاهدي قال فإنه يجب أن يحنث في يمين العتق لأنه لم يأكل الرغيف إذ تقول لا واسطة بين النفي والإثبات وكل واحد منهما شرط الحنث فيحنث في أحدهما
وفي الجامع الأصغر عن أبي القاسم الصفار قال إن شرب فلان هذا الشراب فامرأته طالق وقال الآخر إن لم يشربه فلان فامرأته طالق فشرب فلان مع غيره أو انصب بعضه في الأرض حنث الثاني دون الأول اه
قوله ( أن كل شيء ) بفتح همزة أن والمصدر المنسبك خبر الأصل
قوله ( وكذا لا يحنث الخ ) أشار إلى أنه لا فارق بين ذكره معرفا وهو ما مر أو منكرا لزوال اليمين بزوال الصفة الداعية كما تقدم
قوله ( فإن الاسم يتناول الرطب أيضا ) بسكون الطاء في الرطب وكان المناسب إبداله باليابس لأن وجه المخالفة بين البسر والعنب وبين الجوز
____________________
(3/770)
واللوز الحنث في يابس الأخيرين لتناول الاسم له دون الأولين هذا وفي عرف الشام الآن اللوز خاص باليابس أما الرطب فيسمونه عقابية فلا يحنث بها قوله ( أو بسرا ) أي أو فحلف لا يأكل بسرا
قوله ( حنث بأكل المذنب ) في المغرب بسر مذهب بكسر النون أي مع التشديد وقد ذنب إذا بدا الإرطاب من قبل ذنبه وهو ما سفل من جانب القمع والعلاقة اه
وفي المصباح ذنب الرطب تذيبا بدا فيه الإرطاب والمراد أنه يحنث بأكل البسر المذنب أو الرطب المذنب وهو الذي أكثره رطب شي قليل منه عكس الأول
قال في البحر وحاصل المسائل أربع وفاقيتان وخلافيتان فالوفاقيتان لا يأكل رطبا فأكل رطبا مذنبا لا يأكل بسرا فكل بسرا مذنبا فيحنث فيهما اتفاقا والخلافيتان لا يأكل رطبا فأكل بسرا مذنبا لا يأكل بسرا فأكل رطبا مذنبا فيحنث عندهما خلافا لأبي يوسف اه
وفي عامة نسخ الهداية ذكر قول محمد مع أبي يوسف وفي بعضها مع الإمام وهو الموافق لما في أكثر الكتب المعتبرة كما في الفتح والزيلعي
قوله ( لأكله المحلوف عليه زيادة ) لأن آكل ذلك الموضع آكل رطب وبسر فيحنث به وإن كان قليلا لأن ذلك القدر كاف للحنث ولهذا لو ميزه وأكله يحنث
زيلعي
وبحث فيه في الفتح بأن هذا بناء على انعقاد اليمين على الحقيقة لا العرف وإلا فالرطب الذي فيه بقعة بسر لا يقال لآكله آكل بسر في العرف فكان قول أبي يوسف أقعد
قوله ( لأن الشراء الخ ) جواب عما استشهد به أبو يوسف على قوله بعدم الحنث في المسألة الأولى اعتبارا للغالب كما في هذه المسألة
وحاصل الجواب أن اعتبار الغالب هنا لوقوع الشراء على الجملة أما الأكل فينقضي شيئا فشيئا فيصادف المغلوب وحده فلا يتبع الغالب وبحث فيه في الفتح بأن هذا قاصر على ما إذا فصله فأكله وحده أما لو أكله جملة تحققت التبعية اه وأشار إلى أن البسر غالب بقرينة الإضافة
قال القهستاني إذ المتبادر من إضافة الكباسة إلى البسر وجعلها ظرفا للرطب أن البسر غالب فلو كان الرطب غلبا أو هو والبسر متساويين ينبغي أن يحنث اه
مطلب حلف لا يأكل لحما قوله ( لا يأكل لحما ) تنعقد هذه على لحم الإبل والبقر والجاموس والغنم والطيور مطبوخا ومشويا أو قديدا كما ذكر محمد في الأصل فهذا من محمد إشارة إلى أنه لا يحنث بالنيء وهو الأظهر وعند أبي الليث يحنث بحر عن الخلاصة وغيرها قوله ( بأكل مرقه ) قيده في الفتح بحثا في فروع ذكرها آخر الأيمان بما إذا لم يجد طعم اللحم أخذا مما في الخانية لا يأكل مما يجيء به فلان فجاء بحمص فأكل من مرقه وفيه طعم الحمص يحنث اه
قوله ( مع تسميتها في القرآن لحما ) هذا يظهر في الثلاثة الأخيرة وأما المرق ففي الحديث المرق أحد اللحمين ط
____________________
(3/771)
مطلب في اعتبار العرف العملي كالعرف اللفظي قوله ( وما في أي تبيين الكنز للزيلعي حيث قال وذكر العتابي أنه لا يحنث بأكل لحم الحنزير والآدمي وقال في الكافي وعليه الفتوى فكأنه اعتبر فيه العرف ولكن هذا عرف عملي فلا يصح بقيدا بخلاف العرف اللفظي ألا ترى أنه لو حلف لا يركب دابة لا يحنث بالركوب على إنسان للعرف اللفظي فإن اللفظ عرفا لا يتناول إلا الكراع وإن كان في اللغة يتناوله ولو حلف لا يركب حيوانا بحنث لركوب على إنسان لأن اللفظ يتناول جميع الحيوان والعرف العملي وهو أنه لا يركب عادة لا يصلح مقيدا اه
قوله ( رده في النهر ) وكذا قل في البحر رده في فتح القدير بأنه غير صحيح لتصريح أهل الأصول بقولهم الحقيقة تترك بدلالة العادة إذ ليست العادة إلا عرفا عمليا ولم يجب أي صاحب الفتح عن الفرق بين الدابة والحيوان وهي واردة علي إن سلمها اه
ولا يخفي أنه لا يسلمها بدليل أنه رد مبناها وهو عدم اعتبار العرف العملي وعبارة النهر هكذا وفي بحث التخصيص من التحرير مسألة العادة العرف العملي مخصص عند الحنفية خلافا للشافعية كحرمت الطعام وعادتهم أكل البر انصرف إليه وهو الوجه أما بالعرف القولي فاتفاق كالدابة للحمار والدراهم على النقد الغالب وفي الحواشي السعدية أن العرف العملي يصلح مقيدا عند بعض مشايخ بلخ لما ذكر في كتب الأصول في مسألة إذا كانت الحقيقة مستعملة والمجاز متعارفا اه
قال في النهر وهذه النقول تؤذن بأنه لا يحنث بركوب الآدمي في لا يركب الآدمي في لا يركب حيوانا قوله ( والكبد ) بالرفع وكذا ما بعده عطفا على لحم وكان الأولى ذك الخنزير عقب الإنسان كما فعل في الكنز ليكون مجرورا عطفا غلى الإنسان بإضافة لحم إليهما لأنهما أعم فتكون من إضافة الجزء إلى الكل بخلاف الكبد وما بعده فإن اللحم ليس جزءا منه بل هو عينه فلذا قلنا إنه بالرفع عطفا على المضاف وإن صح جره عطفا على المضاف إليه على جعل الإضافة فيه بيانية لكن يلزم عليه اختلاف الإضافتين في لفظ واحد
وفي القهستاني الكبد بفتح الكاف وكسرها مع سكون الباء والكرش بفتح الكاف وكسر الراء وسكونها
قوله ( والرئة ) بالهمزة ويجوز قلبها ياء السحر
مصباح
وفيه السحر وزان فلس وسبب وقفل هو الرئة وقيل ما لصق بالحلقوم والمريء من أعلى البطن وقيل كل ما تعلق بالحلقوم من كبد وقلب ورئة قوله ( لحم ) خبر المبتدأ وما عطف عليه أي هذه المذكورات داخلة في مسمى اللحم
قوله ( هذا الخ ) الإشارة إلى الكبد والأربعة التي بعده وعبارة البحر وفي الخلاصة لو حلف لا يأكل لحما فأكل شيئا من البطون كالكبد والطحال يحنث في عرف أهل الكوفة وفي عرفنا لا يحنث وهكذا في المحيط والمجتبى
ولا يخفي أنه لا يسمى لحما في عرف أهل مصر أيضا فعلم أن ما في المختصر أي الكنز مبني على عرف أهل الكوفة وأن ذلك يختلف باختلاف العرف اه كلام البحر
قلت وأما لحم الإنسان ولحم الخنزير فهو لحم حقيقة لغة وعرفا فلذا مشى المصنف كغيره على أنه يحنث به لكن يرد عليه كما أفاد في الفتح أن لفظ آكل لا ينصرف إليه عرفا وإن كان في العرف يسمى لحما كما مر في لا يركب دابة فلان فإن العرف اعتبر في ركب والمتبادر منه ركوب الأنواع الثلاثة وهي الحمار والبغل والفرس وإن كان لفظ دابة في العرف يشمل غيرها أيضا كالبقر والإبل فقد تقيد الركوب المحلوف عليه بالعرف
____________________
(3/772)
ولذا نقل العتابي خلاف ما هنا فقال قيل الحالف إذا كان مسلما ينبغي أن لا يحنث لأن أكله ليس بمتعارف ومبني الأيمان على العرف قال وهو الصحيح وفي الكافي وعليه الفتوى
هذا خلاصة ما حققه في الفتح وهو حسن جدا ويؤيذه ما قدمناه ويأتي أيضا من أنه لا يحنث باللحم النيء كما أشار إليه محمد وهو الأظهر قال في الذخيرة لأنه عقد يمينه على ما يؤكل عادة فينصرف إلى المعتاد وهو الأكل بعد الطبخ اه
مع أنه لا شك في أمن النيء لحم حقيقة فعلم أن الملحوظ إليه والعرف هو الأكل لا لفظ اللحم
قوله ( ومنه علم ) أي من قولهم أما في عرفنا فإن المراد عرف بلادهم وهي من العجم فافهم
ثم إن التنبيه على هذا ليس فيه كبير فائدة
لأن قولهم باعتبار العرف في الأيمان ليس المراد به عرف العرب بل أي عرف كان في أي بلد كان كما سيأتي عند قوله والخبز ما اعتاده أهل بلد الحالف وفي البحر عن المحيط وفي الأيمان يعتبر العرف في كل موضع حتى قالوا لو كان الخالف خوارزميا فأكل لحم السمك يحنث لأنهم يسمونه لحما
قوله ( لحم في يمين الأكل لا في يمين الشراء ) وجعل في الشافي الأكل والشراء واحدا والأول أصح
بزازية
قلت ولعل وجهه أن الرأس والأكارع مشتملة على اللحم وغيره لكنها عند الإطلاق لا تسمى لحما فإذا حلف لا يشتري لحما لا يقال في العرف إنه اشترى لحما بل اشترى رأسا أو أكارع أما إذا أكل اللحم الذي فيها فقد أكل لحما فيحنث ويشير إلى هذا الفرق ما في الذخيرة ولو أكل رؤوس الحيوان يحنث لأن ما عليها لحم حقيقة
قوله ( لا يقع على صيده ) وإنما يقع على لحمه وهو القياس في الحمار إلا أن الحمار لما كان له كراء ويستعملون هذا اللفظ في الأكل من كرائه حملوه على الكراء وفيما وراءه يبقى على الأصل
منح عن جواهر الفتاوي ط
قوله ( ولا يعم البقر الجاموس ) أي فلو حلف لا يأكل لحم بقر ولا يحنث بأكل الجاموس كعكسه لأن الناس يفرقون بينهما قيل يحنث لأن البقر أعم والصحيح الأول كما في النهر عن التاترخانية
وفي الذخيرة لا يأكل لحم شاة لا يحنث بلحم العنز مصريا كان أو قرويا
قال الشهيد وعليه الفتوى
قوله ( ولا يحنث بأكل النيء ) بالهمز وزان حمل والإبدال والإدغام عامي
مصباح أي إبدال الهمزة ياء إدغامها في الياء لغة العوام وقدمنا وجه عدم الحنث قريبا
قوله ( وهو اللحم السمين ) كذا فسره في الهداية والظاهر أن المراد به اللحم الأبيض المسمى في العرف دهن البدن فإنه يكون في حالة السمن دون الهزال قد يراد به شحم الكلية لأنها معلقة بالظهر
قال في البحر قال القاضي الإسبيجابي إن أريد بشحم الظهر شحم الكلية فقولهما أظهر وإن أريد به شحم اللحم فقوله أظهر اه
قوله ( بل بشحم البطن ) هو ما كان مدورا على الكرش وما بين المصارين شحم الأمعاء ط
قوله ( اتفاقا ) رد على صاحب الكافي حيث ذكر الخلاف في شحم الأمعاء والشحم المختلط بالعظم
قال السرخسي إنه لم يقل أحد بأن مخ العظم شحم اه
وكذا لا ينبغي خلاف في الحنث بما على الأمعاء فإنه لا يختلف في تسميته شحما
فتح
قوله ( زيلعي ) عبارته لا يحنث بأكل شحم الظهر وشرائه وبيعه في يمينه لا يأكل شحما ولا يشتريه ولا يبيعه وهذا عند أبي حنيفة وقالا يحنث
قوله ( بألية ) بفتح الهمزة قال في المصباح قال ابن السكيت وجماعة ولا تكسر الهمزة ولا يقال لية والجمع أليات كسجدة وسجدات والتثنية أليان بحذف
____________________
(3/773)
الهاء على خلاف القياس
قوله ( إلا بالقضم من عينها ) أي عين البر وأنت ضميره لأنه يسمى حنطة أيضا وإلا بمعنى لكن أي لكنه يحنث بقضمه من قضمت الدابة الشعير تقضمه من باب تعب كسرته بأطراف الأسنان ومن باب ضرب الأسنان أو بسطوحها
وفي القهستاني فلو ابتلعه صحيحا حنث بالأولى كما في الكرماني فإن احترز بالقضم عما يتخذ منه كالخبز والسويق فإنه لا يحنث به عنده لأن عين الحنطة مأكول وعندهما يحنث
قلت ومبنى الخلاف على أن الحقيقة المستعملة أولى من المجاز المتعارف عنده خلافا لهما فإن لفظ أكل الحنطة يستعمل حقيقة في أكل عينها فإن الناس يقلونها ويأكلونها فهو أولى من المجاز المتعارف وهو أن يراد بأكلت الحنطة أكل خبزها قال في الفتح لفظ أكلت حنطة يحتمل أن يراد به كل من المعنيين فيترحع قوله لترجع الحقيقة عند مساواة المجاز بل الآن لا يتعارف في أكل الخبز منها إلا لفظ آخر وهو أكلت الخبز
ثم قال وهذا الخلاف إذا حلف على حنطة معينة أما فلو حلف لا يأكل حنطة ينبغي أن يكون قوله كقولهما
ذكره شيخ الإسلام ولا يخفي أنه تحكم والدليل المذكور المتفق على إيراده في جميع الكتب يعم المعينة والمنكرة وهو أن عنيها مأكول اه
قوله ( لو مقلية كالبليلة ) قال في الفتح فإن الناس يغلون الحنطة ويأكلونها وهي التي تسمى في عرف بلادنا بليلة وتقلى أيضا أي توضع جافة في القدر ثم تؤكل قضما اه
وحينئذ فقوله كالبليلة الكاف فيه للتنظير إن كانت النسخ لو مقلية بالقاف أما إذا كانت بالغين المعجمة فهي للتمثيل والبليلة هي المسماة في عرف بلادنا سليقة لأنها تسلق بالماء المغلي
قوله ( فلا حنث إلا بالنية ) ولو نوى ما يتخذ منها صح ولا يحنث بأكل عينها
ذخيرة قوله ( وهي مسألة المختصر ) أي المتن أي أنه يحنث بأكل عينها لو مغلية أو مقلية لا لو نيئة ولا بنحو خبزها
مطلب لا يأكل هذا البر قوله ( فيحنث بأكلها كيف كان ) لعل وجهه أنه إذا وجدت الإشارة بدون تسمية تعتبر ذات المشار إليه سواء بقيت على حالها أو حدث لها اسم آخر
قوله ( فيحنث بأكلها ولو نيئة ) أي بخلاف الحنطة المعرفة وهو الوجه الأول فإنه لا يحنث بالنيء منها
وأما عدم الحنث بالخبز ونحوه كالدقيق والسويق فقد اشترك فيه المعرفة والنكرة لتقيد الحلف بالاسم فإن الخبز ونحوه لا يسمى حنطة على الإطلاق بل يقال خبز حنطة لكن يبقى الكلام في وجه الفرق بينهما في النيء حيث دخل في المنكر دون المعرف ولعل وجهه أن حنطة نكرة في سياق النفي فتعم جميع أنواع مسماها بخلاف المغرفة فإنها تنصرف إلى المعهودة في الأكل والنيء غير معهود فيه هذا
____________________
(3/774)
غاية ما ظهر لي في توجيهه لكن ما ذكر من الفرق بينهما مبني على أن المنظور إليه لفظ حنطة أما لو نظرنا إلى لفظ أكلت الحنطة فإنه لا يظهر الفرق إذ قولك أكلت حنطة مثله في أنه يراد به حقيقته أو مجازه المستعمل على الخلاف بين الإمام وصاحبيه ويؤيده ما مر عن الفتح من رده ما ذكره شيخ الإسلام وإن كان من جهة أخرى وكذا يؤيده ما قدمناه في لا أركب دابة فلان وفي لا آكل لحما حيث اعتبر لفظ أركب وآكل فصرف إلى المعهود وقيد به لفظ دابة ولفظ لحما بلا فرق بين معرفة ومنكره والله سبحانه أعلم
قوله ( لم يحنث بالخارج ) أي اتفاقا
نهر
وهذا إذا لم يقل حنطة بالتنكير
قوله ( بما يتخذ منه ) في النوازل لو اتخذ منه خبيصا أخاف أن يحنث وينبغي أن لا يتردد في حنثه إذا أكل منه ما يسمى في ديارنا بالكسكس
نهر
وهو المسمى في الشام بالمغربية مثله الشعيرية
قوله ( في الأصح ) احتراز عما قيل إنه يحنث لأنه حقيقة كلامه قلنا نعم ولكن حقيقة مهجورة ولما تعين المجاز سقطت الحقيقة كقوله لأجنبية إن نكحتك فعبدي حر فزني بها لا يحنث لانصراف يمينه إلى العقد فلم يتناول الوطء إلا أن ينويه
فتح
قوله ( كما مر في أكل عين النخلة ) إلا أنه لو نوى أكل عين الدقيق لم يحنث بأكل خبزه لأنه نوى الحقيقة
بحر أي بخلاف النخلة بناء على ما مر عن الولوالجية
قوله ( فالشامي بالبر الخ ) هذا حيث لا مجاعة وإلا فالظاهر أن المراد ما يسمى خبزا في ذلك الوقت
قوله ( والطبري ) نسبة إلى طبرستان وهي اسم آمل وأعمالها سميت بذلك لأن أهلها كانوا يحاربون بالفأس ومعناها بالفارسية أخذ الفأس بيده اليمنى والمراد بالفأس الطبر وهو معرب تبر كما في الفتح
مطلب لا يأكل خبزا قوله ( فلو دخل الخ ) عبارة الفتح قال العبد الضعيف وقد سئلت لو أن بدويا اعتاد أكل خبز الشعير فدخل بلدة المعتاد فيها أكل خبز الحنطة واستمر هو لا يأكل إلا الشعير فحلف لا يأكل خبزا فقلت ينعقد على عرف نفسه فيحنث بالشعير لأنه لم ينعقد على عرف الناس إلا إذا كان الخالف يتعاطاه فهو متهم فيهم فيصرف كلامه إليه لذلك وهذا منتف فيمن لم يوافقهم بل هو مجانب لهم اه
فقول الشارح لأن العرف الخاص معتبر ليس لفظه موجودا في الفتح بل معناه فهم منه فافهم
وقال المصنف في منحه قلت وبهذا ظهر أن قول بعض المحققين أن مذهب عدم اعتبار العرف الخاص ولكن أفتى كثير باعتباره محله فيما عدا الأيمان أما هي فالعرف الخاص معتبر فيها يعرف ذلك من تتتبع كلامهم ومما يدل عليه ما في فتح القدير الخ
قوله ( انصرف إلى الخابزة الخ ) الأوضح أن يقال انصرف إلى ما تضربه في التنور لا ما تعجنه وتهيئه للضرب
فيكون المعنى لو قال لا آكل من خبز هند فإن كانت خبزته في التنور حنث وإن كانت عجنته وهيأته أي قطعته أقراصا للخبز وخبزه غيرها لا يحنث وإلا فبعد التصريح باسمها لا يدخل غيرها إلا أن يكون المراد بقوله من خبز فلانة أنه ذكر لفظ فلانة فيكون مشتركا يتناول الخابزة والعاجنة ثم هذا كله لو كان مراده بالإضافة إضافة الصنعة أما لو أراد إضافة الملك فإنه يحنث بالخبز المملوك لها ولو كان العاجن والخابز غيرها كما لا يخفى
____________________
(3/775)
قوله ( ومنه ) أي من الخبز الرقاق وينبغي أن يخص ذلك بالرقاق البيساني بمصر أما الرقاق الذي يحشى بالسكر واللوز فلا يدخل تحت اسم الخبز في عرفنا كما لا يخفي
بحر
قلت وذلك كالذي يعمل منه البقلاوي والسنبوسك وينبغي أيضا أن لا يحنث بالكعك والبقسماط لأنه لا يسمى خبزا في العرف
قوله ( لا الفطائر ) الذي في الفتح والبحر القطائف وأما الفطائر فالظاهر أنها كذلك فهي اسم عندنا لما يعجن بالسمن ويخبز أقراصا كالخبز ولا يسمى خبزا في العرف وكذا ما يوضع في الصواني ويخبز ويسمى بغاجه لا يحنث به وكذا الزلابيه
قوله ( والثريد الخ ) فعيل بمعنى مفعول وهو أن تفت الخبز ثم تبله بمرق مصباح قال في الفتح ولا يحنث بالثريد لأنه لا يسمى خبزا مطلقا وفي الخلاصة لا يأكل من هذا الخبز وأكله بعد ما تفتت لا يحنث لأنه لا يسمى خبزا ولا يحنث بالعصيد والططماج ولا يحنث لو دقه فشربه وعن أبي حنيفة في حيلة أكله أن يدقه فيلقيه في عصيدة ويطبخ حتى يصير الخبز هالكا اه ما في الفتح
ومثله في البحر
قلت ومقتضى هذه الرواية أن يحنث لو فته بلا طبخ وكذا لو جعله ثريدا لأن قوله حتى يصير الخبز هالكا يقتضي أن بقاء عينه يخرجه عن كونه خبزا وهذا موافق لعرفنا الآن ويؤيده ما قدمه الشارح في حلفه لا يأكل تمرا فأكل حيسا فإنه لا يحنث لأنه تمر مفتت وإن ضم إليه شيء من السمن أو غيره نعم لو دق الخبز وشربه بماء لا يحنث لأنه شرب لا أكل وكذا لو حلف لا يأكل رغيفا وفت أرغفة وأكل منها لا يحنث بخلاف ما إذا فت رغيفا واحدا وأكله كله فإنه يحنث هذا ما يقتضيه عرف زماننا والله أعلم
مطلب لا يأكل طعاما قوله ( وحنث في لا يأكل طعاما الخ ) الأنسب ذكر هذه المسائل بعد قوله والشواء والطبيخ على اللحم كما فعل في البحر ثم إن ما ذكره من الخل والزيت والملح لا يسمى في عرفنا طعاما فينبغي الجزم بعدم حنثه ثم رأيته في النهر كما يأتي وكذا في ح حيث قال هذا في عرفهم أما في عرفنا فالطعام كالطبيخ ما يطبخ على النار
قوله ( ولو بطعام نفسه ) أي ولو خلط ذلك بطعام نفسه
قوله ( إن يحنث لو عصر سال السمن ) هذا مبني على ما في مختصر الحاكم واعتبر في الأصل وجود الطعم كما قدمناه أول الباب
قوله ( لم يحنث ) لأن العرف في قولنا أكل طعاما ينصرف إلى أكل الطعام المعتاد والتقييد بالاضطرار للحل وإلا فلا يحنث بدونه الأولى
قوله ( على اللحم المشوي والمطبوخ بالماء ) لف ونشر مرتب وخرج ما يشوي أو يطبخ من غير اللحم قال في النهر فلو حلف لا يأكل شواء لا يحنث بأكل الجزر والباذنجان المشويين إلا أن ينوي كل ما يشوي وكذا لو حلف لا يأكل طبيخا لا يحنث إلا بأكل اللحم المطبوخ بالماء لتعذر التعميم إذ الدواء مما يطبخ وكذا الفول اليابس فصرف إلى أخص الخصوص هو ما ذكرنا عملا بالعرف فيهما وفي عطف الطبيخ على الشواء إيماء إلى تغايرهما وهذا لأن الماء مأخوذ في مفهوم الطبيخ وإلا لكانا سواء ولذا لو أكل قلية لم يحنث لأنها لا تسمى طبيخا
____________________
(3/776)
وتمامه فيه وفي البحر عن الفتح وإن أكل من مرقه يحنث لما فيه من أجزاء اللحم ولأنه يسمى طبيخا وإن كان لا يسمى لحما كما قدمناه اه
أي فيما إذا حلف لا يأكل لحما لا يحنث بالمرق فإنه لا يسمى لحما وإن كان فيه أجزاء اللحم
قوله ( كجبن ) الذي في النهر خبز
قوله ( لكن في عرفنا لا ) عبارة النهر وأنت خبير أن الطعام في عرفنا لا يطلق على ما ذكر فينبغي أن يجزم بعدم حنثه اه
ورأيت بهامش نسخة النهر عن خط بعض العلماء ما نصه الذي رأيته بخط الشارح وأنت خبير بأنه في عرف أهل مصر مرادف للطبيخ لا يطلق علي غيره فينبغي أن لا يحنث إلا بما يسمى طبيخا اه
ثم رأيت في الخانية لا يشتري طعاما فاشترى حنطة حنث
قال الفقيه أبو بكر البلخي في عرفنا الحنطة لا تسمى طعاما إنما الطعام هو المطبوخ
قوله ( ما يباع في مصره ) وهو ما يكبس في التنور أي يطم ويدخل فيه وهذا لأن العموم المتناول للجراد والعصفور غير مراد فصرفناه إلى ما تعورف
نهر
قال في البحر وفي زماننا هو خاص الغنم فوجب على المفتي أن يفتي بما هو المعتاد في كل مصر وقع فيه حلف الحالف كما أفاده في المختصر وما في التبيين من أن الأصلي اعتبار الحقيقة اللغوية إن أمكن العمل بها وإلا فالعرف الخ مردود لأن الاعتبار أنما هو للعرف وتقدم أن الفتوى على أنه لا يحنث بأكل لحم الخنزير والآدمي ولذا قال في فتح القدير ولو كان هذا الأصل المذكور منظورا إليه لما تجاسر أحد على خلافه في الفروع اه
وفي البدائع والاعتماد إنما هو على العرف اه
قوله ( والطبيخ ) بكسر الباء ويقال الطبيخ أيضا أخضر كان أو أصفر
وذكر السرخسي أن البطيخ ليس من الفاكهة وما هنا رواية القدوري ورواه الحاكم الشهيد في المنتقى عن أبي يوسف
نهر
قوله ( والمشمش ) بكسر الميمين وفتحهما كما في المختار وبضمهما نقله الأجهوري الشافعي
محشي التحرير
مطلب لا يأكل فاكهة قوله ( ونحوها ) كالخوخ والسفرجل والإجاص والكمثرى فيحنث بأكل هذه الأشياء في حلفه لا يأكل الفاكهة لأنها اسم لما يتفكه به أي يتنعم قبل الطعام وبعد زيادة على المعتاد من الغذاء الأصلي
وفي المحيط ما روي أن الجوز واللوز فاكهة في عرفهم أما في عرفنا فإنه لا يؤكل للتفكه
نهر
قوله ( خلافا لهما ) لأنها مما قد يتغذى بها فسقطت عن كمال التفكه فلا يتناولها مطلق الفاكهة وأما عندهما فهي فاكهة نظرا للأصل وعليه الفتوى ولا خلاف أن اليابس منها كالزبيب والتمر وحب الرمان ليست بفاكهة كما في الكرماني
قهستاني
وكذا لا خلاف في القثاء والخيار والفقوس والعجور
والحاصل أنه لا خلاف في أن النوع الأول فاكهة كما لا خلاف في أن الأخير ليس بفاكهة وفي الوسط خلاف نهر قوله ( خلاف عصر ) أي أن الإمام قال إن العنب وأخويه ليس بفاكهة لأنه كان في زمنه لا يعد منها وعد منها في زمنهما
ولقائل أن يقول مبنى هذا الجمع على اعتبار العرف والاستدلال بأنها قد يتغذى بها مبناه اللغة
ويمكن الجواب بجواز كون العرف وافق اللغة في زمنه ثم خالفها في زمانهما وتمامه
في الفتح
قوله ( فيحنث بكل الخ ) صرح بذلك في الذخيرة
____________________
(3/777)
مطلب حلف لا يأكل حلوى قوله ( ما ليس من جنسه فإنه ليس من جنسه حامض فخلص معنى الحلاوة فيه فلو أكل عنبا أو بطيخا أو رمانا أو إجاصا لم يحنث لأن من جنسه ما ليس بحلو وكذا إذا حلف لا يأكل حلاوة فهو كالحلوى وتمامه في البحر
قوله ( لكن الخ ) استدراك على المتن حيث أطلقه مع أن ما ذكره تفسيرا للحلوى عندهم وقالوا المرجع فيه إلى العرف
قال في البحر والحاصل أن الحلو والحلوى والحلاوة واحد وأما في عرفنا فالحلو اسم للعسل المطبوخ على النار بنشا ونحوه وأما الحلوى والحلاوة فاسم لسكر أو عسل أو ماء عنب طبخ وعقد والحلاوة الجوزية والسمسمية ا هـ
قلت وفي زماننا الحلو كل ما يتحلى به من فاكهة وغيرها كتين وعنب وخبيصة وكنافة وقطائف وأما الحلاوة والحلوى بالقصر فهي اسم لنوع خاص كالجوزية والسمسمية مما يعقد وكذا ما يطبخ من السكر أو العسل بطحين أو نشا
قوله ( لا حنث في فانيذ ) فيه نظر
ففي المصباح الفانيذ نوع من الحلوى يعمل من القند والنشا ا هـ
وفيه أيضا القند ما يعمل منه السكر فالسكر من القند كالسمن من الزبد
قوله ( والإدام ما يصطبغ به الخبز ) في المغرب صبغ الثوب يصبغ حسن وصباغ وهو ما يصبغ به ومنه الصبغ والصباغ من الإدام لأن الخبز يغمس فيه ويلون به كالخل والزيت ا هـ وفي المصباح ويختص بكل إدام مائع كالخل وفي التنزيل { وصبغ للآكلين } المؤمنون 20 قال الفارابي واصطبغ بالخل وغيره وقال بعضهم واصطبغ من الخل وهو فعل لا يتعدى إلى مفعول صريح فلا يقال اصطبغ الخبز بخل ا هـ
وفي الفتح والاصطباغ افتعال من الصبغ ولما كان ثلاثيه وهو صبغ متعديا لواحد جاء الافتعال منه لازما فلا يقال اصطبغ الخبز لأنه لايصل إلى المفعول بنفسه حتى يقال يقام الفاعل إذا بنى الفعل له وإنما يقام غيره من الجار والمجرور ونحوه فلذا يقال اصطبغ به ا هـ
قلت وبه علم أنه كان على الشارح أن لا يذكر لفظ الخبز وإن تبع فيه النهر
قوله ( لذوبه في الفم ) جواب عما يقال إنه لا يصبغ به
تأمل قوله ( به يفتى ) وبه أخذ الفقيه أبو الليث
قال في الاختيار وهو المختار عملا بالعرف
وفي المحيط وهو الأظهر
مطلب حلف لا يأكل إداما أو لا يأتدم قوله ( وفيه ) أي البحر حيث قال وفي المحيط قال محمد التمر والجوز ليس بإدام لأنه يفرد بالأكل في الغالب فكذا العنب والبطيخ والبقل لأنه لا يؤكل تبعا للخبز بل يؤكل وحده غالبا وكذا سائر الفواكه
____________________
(3/778)
حتى لو كان في موضع يؤكل تبعا للخبز غالبا يكون إداما عنده اعتبارا للعرف ا هـ
وذكر في البحر أيضا وإذا أكل الإدام وحده فإن كان حلف لا يأكل إداما حنث وإن حلف لا يأتدم بإدام لا يحنث فلا بد أن يأكل معه الخبز كما أشار في الكشف الكبير ا هـ
قوله ( وبقل ) يعتاد في زماننا أكل الفقراء الخبز بالبصل والنعنع والطرخون
قوله ( وفي البدائع الخ ) مخالف لقوله قبله وجوز إلا أن يحمل قبله على الرطب وقدمنا عن المحيط أن ما روي من أن الجوز واللوز فاكهة هو في عرفهم لا في عرفنا إلا أن يحمل على اليابس وهو بعيد فالظاهر أن ما في البدائع مبني على عرفهم وأيضا فإن الجوز اليابس لا يؤكل الآن مع الخبز غالبا وإنما يفرد بالأكل وقد علمت أن المعتبر في الإدام ما يؤكل تبعا للخبز في الغالب وليس المراد كل ما يمكن أكله مع الخبز ولذا لم يحنث بالفاكهة مع الخبز وكذا لو أكل مع الخبز كنافة أو قطائف لأن الغالب أكل ذلك وحده لا مقرونا بالخبز فلا يسمى إداما نعم يقال في العرف لا آكل هذا الرغيف إلا حافا ويراد بالحاف أكله بلا شيء معه فإذا قرن معه فاكهة أو نحوها يحنث تأمل
قوله ( وهذا إن وجد الخ ) وكذا لو حلف لا يأكل ملحا فأكل طعاما إن كان مالحا حنث وإلا فلا
وقال الفقيه لا يحنث ما لم يأكل عين الملح مع الخبز أو مع شيء آخر لأن عينه مأكول بخلاف الفلفل وعليه الفتوى فإن كان في يمينه ما يدل على أنه يراد به الطعام المالح فهو على ذلك
خانية
قلت وكذا يقال في اللحم ونحوه ولكن ينبغي الحنث في عرفنا في اللحم مطلقا إذا كان ظاهرا في الحشو فإنه يسمى آكلا له
قوله ( ويزاد في الزعفران رؤية عينه ) مقتضى قوله ويزاد أنه لا بد من وجود طعمه أيضا لكنه بعيد
وفي البزازية لا يأكل زعفرانا فأكل كعكا على وجه زعفران يحنث
قوله ( فطبخه بأرز ) أي وإن لم يجعل فيه ماء ويرى عينه إلا أن ينوي ما يتخذ منه كما قدمناه أول الباب عن الخانية ومثله في البزازية لكنه قال بعده وفي النوازل إن كان يرى عينه ويجد طعمه يحنث
قوله ( ولا ينظر الخ ) ذكر هذه وما بعدها لكونها من تمام كلام الصيرفية وإلا فهي استطرادية ليست من مسائل الباب
قوله ( وإلى رأسه وظهره وبطنه حنث ) فصل فيه في التاترخانية وكذا قال في البزازية وإن رأى الصدر والظهر والبطن أو أكثر الصدر والبطن فقد رآه وإن أقل من النصف لا وإن رآه ولم يعرفه فقد رآه وإن رآها جالسة أو متنقبة أو متقنعة فقد رآها إلا إذا عنى رؤية الوجه فيدين لا قضاء أيضا وإن رآه خلف الزجاج أو الستر وتبين الوجه يحنث لا من المرآة
قوله ( بمس اليد والرجل ) مفاده أنه إذا مس غيرهما لا يحنث وفيه نظر
وقد يقال إنما قيد بهما لذكرهما في النظر أي فالمس يخالف النظر في ذلك فلا ينافي أنه يحنث بمس غيرهما ط
مطلب عرض عليه اليمين فقال نعم قوله ( كان حالفا ) لأنه إذا قال والله لتفعلن كذا فقال نعم كأنه يصير قال والله لأفعلن لأن ما في السؤال معاد
____________________
(3/779)
في الجواب كما سيأتي آخر الأيمان
قوله ( لكن في فوائد شيخنا عن التاترخانية الخ ) ما عزاه إلى التاترخانية خلاف الموجود فيها فإنه ذكر فيها مسألة ثم قال وهذه المسألة تشير إلى أن الرجل إذا عرض على غيره يمينا من الأيمان فيقول ذلك الغير نعم أنه يكفي ويصير حالفا بتلك اليمين التي عرضت عليه وهذا فصل اختلف فيه المتأخرون قال بعضهم لا يكفي وقال بعضهم يكفي وهذه المسألة دليل عليه وهو الصحيح ا هـ
فعلم أن قوله في الفوائد لا يصير حالفا صوابه يصير بدون لا كما نبه عليه السيد الحموي ويؤيده ما قدمناه عن الخانية قبيل قوله إن فعل كذا فهو كافر وفي آخر أيمان الفتح ولو قال عليك عهد الله إن فعلت فقال نعم فالحالف المجيب ولا يمين على المبتدىء ولو نواه ا هـ أي لأن قوله عليك صريح في التزام العهد أي اليمين على المخاطب فلا يمكن أن يكون يمينا على المبتدىء بخلاف ما إذا قال والله لتفعلن وقال الآخر نعم فإنه إذا نوى المتبدىء التحليف والمجيب الحلف يصير كل منهما حالفا الخ ما نقله ح عن البحر فراجعه
وفي مجموع النوازل قال لآخر والله لا أجيء إلى ضيافتك فقال الآخر ولا تجيء إلى ضيافتي فقال نعم يصير حالفا ثانيا ا هـ
وبه جزم في الذخيرة و الفتح وبما ذكرناه مع ما قدمناه عن الخانية علم أنه لا فرق بين التعليق والحلف بالله تعالى فافهم
قوله ( ثم فرع ) من كلام المصنف فالضمير عائد إلى شيخه
قوله ( أن الشاهد ) أي كاتب القاضي وهذا بدل من قوله أن ما يقع
قوله ( يقول للزوج تعليقا ) أي يقول له كلاما فيه تعليق كأن يقوله له إن تزوجت عليها تكن طالقا
قوله ( لا يصح على الصحيح ) أي المنقول عن التاترخانية وقد علمت أنه خلاف ما فيها فالصحيح أنه يصح كما مر عن الصيرفية ولم يثبت اختلاف التصحيح فافهم
مطلب حلف لا يتغدى أو يتعشى قوله ( التغذي الخ ) هذا أولى من قول غيره الغداء والعشاء لأن الغداء والعشاء بفتح أولهما مع المد اسم لما يؤكل في الوقتين لا للآكل فيهما والمحلوف عليه الأكل فيهما لا المأكول وإن أجاب عنه في الفتح بأنه تساهل معروف المعنى لا يعترض به ا هـ
قوله ( الأكل المترادف ) فلو أكل لقمتين ثم فصل بزمن يعد فاصلا ثم أكل لقمتين وهكذا لا يكون غداء ط
قوله ( الذي يقصد به الشبع ) احترز به عن نحو لقمة ولقمتين أو أكثر ما لم يبلغ نصف الشبع كما في الفتح وأما الاحتراز عن نحو اللبن والتمر فسيذكره في قوله مما يتغدى به عادة فافهم
قوله ( وكذا التعشي ) ومثله التسحر على الظاهر هـ
قوله ( أكثر من نصف الشبع ) كذا في البحر عن الزيلعي والظاهر أن المراد به الشبع المعتاد له لا الشرعي كالثلث وظاهره عدم الحنث بأكل نصف الشبع ط
وقوله ( فيدخل وقت الغداء ) وينتهي إلى العصر لأنه أول وقت العشاء في عرفنا كما يأتي
قوله ( إلى زوال الشمس ) غاية لقوله وهو ما بعد طلوع الفجر وكان المناسب عدم الفصل بينهما
قوله ( وغداء كل بلدة ما تعارفه أهلها ) يغني عنه ما قبله ومثله العشاء
____________________
(3/780)
والسحور ط
قوله ( حتى لو شبع الخ ) قال الكرخي إذا حلف لا يتغذى فأكل تمرا أو أرزا أو غيره حتى شبع لا يحنث ولا يكون غداء حتى يأكل الخبز وكذلك إن أكل لحما بغير خبز اعتبارا للعرف كذا في الاختيار ونحوه فيء البحر و الفتح والظاهر أنه مبني على أن المراد بالغداء ما يتغدى به في العرف غالبا وهذا وإن كان يتغدى به في العرف لكنه قليل ونظيره ما مر في الإدام وفي البحر عن المحيط لو تغدى بالعنب لا يحنث إلا أن يكون من أهل الرستاق من عادتهم التغدي به في وقته
قوله ( بعد صلاة العصر ) والظاهر أنه ينتهي إلى دخول وقت السحور
قوله ( والسحور ) بالفتح ما يؤكل وبالضم فعل الفاعل
مصباح
والمناسب هنا ضبطه بالضم لقوله هو الأكل وليناسب التعبير بالتغدي والتعشي
قال في الفتح لما كان السحور ما يؤكل في السحر والسحر من الثلث الأخير سمي ما يؤكل في النصف الثاني لقربه من الثلث الأخير سحورا بالفتح والأكل فيه التسحر ا هـ
قلت في زماننا لا يطلقون السحور إلى على ما يؤكل ليلا لأجل الصوم
مطلب قال إن أكلت أو شربت ونوى معينا لم يصح قوله ( ونحو ذلك ) كما لو حلف لا يركب أو لا يغتسل أو لا ينكح أو لا يسكن دار فلان أو لا يتزوج امرأة ونوى الخيل أو من جنابة امرأة معينة أو بالإجارة أو الإعارة أو كوفية لم تصح نيته أصلا
نهر
قوله ( أي خبزا أو لبنا الخ ) لف ونشر مرتب وأفاد أنه ليس المراد بالمعين الفرد الشخصي بل ما يعم النوعي
قوله لم يصدق أصلا أي لا قضاء ولا ديانة لأن النية إنما تعمل في الملفوظ لتعين بعض محتملاته وما نواه غير مذكور نصا فلم تصادف النية محلها فلغت
نهر قوله ( وقيل يدين ) هو رواية عن الثاني واختاره الخصاف لأنه مذكور تقديرا وإن لم يذكر تنصيصا
وأجيب بأن تقديره لضرورة اقتضاء الأكل مأكولا وكذا اللبس والشراب والمقتضى لا عموم له كذا قالوا
والتحقيق أن هذا ليس من المقتضى لأنه ما يقدر لتصحيح المنطوق بأن يكون الكلام كذبا ظاهرا كرفع الخطأ والنسيان أو غير صحيح شرعا كأعتق عبدك عني وقولك لا آكل خال عن ذلك نعم المفعول أعني المأكول من ضروريات وجود الأكل ومثله ليس من المقتضي بل من حذف المفعول اقتصارا وإلا لزم أن يكون كل كلام مقتضي إذ لا بد أن يستدعي مكانا وزمانا وحيث كان هذا المصدر ضروريا للفعل لا يصح تخصيصه وإن عم بوقوعه في سياق النفي فإن من ضرورة ثبوت الفعل في النفي ثبوت المصدر العام بدون ثبوت التصرف فيه بالتخصيص فإن عمومه ضرورة تحقق الفعل في النفي فلا يقبل التخصيص بخلاف إن أكلت أكلا فإن الاسم مذكور صريحا فيقبله وتمامه في الفتح قوله كما لو نوى الخ أي كما يصدق ديانة لو نوى كل الأطعمة أو المياه حتى لو أكل طعاما أو طعامين أو أكثر لا يحنث وكذا لو شرب مدة عمره لأنه لم يأكل الكل ولم يشرب الكل
____________________
(3/781)
ثم اعلم أنه لا محل لتذكر هذه المسألة هنا بل محلها بعد قوله ولو ضم طعاما الخ كما فعله في البحر أي فيما صرح بالمفعول كما نبه عليه ويدل عليه التعليل بقوله لنيته محتمل كلامه لأنه إذا لم يصرح به ويكون معناه لا أوجد أكلا أو شربا أو لبسا فيحنث بكل أكل وجد ولذا لم تصح نيته المعين منه بخلاف ما إذا صرح به لأن طعاما المذكور يحتمل البعض والكل فأيهما نوى صح ولذا نقل في البحر عن المحيط أنه يصدق قضاء أيضا وعلله في البدائع بأنه نوى حقيقة كلامه ثم نقل عن الكشف أنه إنما يصدق ديانة فقط وقال لأنه خلاف الظاهر لأن الإنسان إنما يمنع نفسه عما يقدر عليه والكل ليس في وسعه وفيه تخفيف عليه أيضا وتمامه فيه
أقول ويظهر لي ترجيح الأول لأنه إذا نوى البعض إنما يصدق ديانة فقط كما يأتي وهذا لا نزاع فيه ويلزم منه أن يصدق قضاء وديانة إذا نوى الكل لأن عدم تصديقه في الأول قضاء لأنه خلاف ظاهر اللفظ فيكون الظاهر العموم وإلا لزم تصديقه اقتضاء في نية الخصوص
وفي تلخيص الجامع إن كلمت بني آدم أو الرجال أو النساء حنث بالفرد إلا أن ينوي الكل قال شارحه فيصدق ديانة وقضاء لا يحنث أبدا لأن الصرف إلى الأدنى عند الإطلاق لتصحيح كلامه فإذا نوى الكل فقد نوى حقيقة كلامه فيصدق وقيل لا يصدق قضاء لأن الحقيقة مهجورة ا هـ
وسيأتي هذا آخر الباب وتعبيره عن الثاني بقبل يفيد ضعفه وترجيح الأول كما قلنا فافهم
قوله ( دين ) أي يؤكل إلى دينه فيما بينه وبين ربه تعالى وأما القاضي فلا يصدقه لأنه خلاف الظاهر وقدمنا في الطلاق أن المرأة كالقاضي
قوله ( لأنه نكرة في سياق الشرط فتعم ) لأن الحلف في الشرط المثبت يكون على نفيه فقوله إن لبست ثوبا في معنى لا ألبس ثوبا
قوله ( إلا في ثلاث فيدين الخ ) يعني لو قال إن خرجت فعبدي حر نوى السفر مثلا أو إن ساكنت فلانا فعبدي حر ونوى المساكنة في بيت واحد يدين لأن الخروج في نفسه متنوع إلى سفره وغيره حتى اختلفت أحكامهما فقبلت إرادة أحد نوعيه وكذا المساكنة متنوعة إلى كاملة هي المساكنة في بيت واحد ومطلقة وهي ما تكون في دار فإرادة المساكنة في بيت إرادة أخص أنواعها كما في الفتح
وحاصله أن النية صحت هنا لكون المصدر متنوعا باعتبار عمومه فهو تخصيص أحد نوعي الجنس وزاد في تلخيص الجامع إن اشتريت ونوى الشراء لنفسه أي فتصح نيته ديانة وإن لم يذكر المفعول لتنوع الشراء فإنه تارة يكون لنفسه وتارة يكون لموكله ولذا رتب على الأول الملك لنفسه وعلى الثاني الملك للموكل وهذا بخلاف ما إذا نوى الخروج لبغداد أو المساكنة بالإجارة أو الشراء لعبد فإن الفعل فيه غير متنوع فلم يصح تخصيصه بالنية بدون ذكر كما في شرح التلخيص
قلت ونظير ذلك ما إذا قال أنت بائن ونوى الثلاث أو الواحدة يصح بخلاف نية الثنتين لأن البينونة نوعان غليظة وخفيفة فتصح نية إحداهما بخلاف الثنتين لأنه عدد محض كما مر تقريره في محله لكنه يصدق في نية البينونة قضاء
قال في الفتح وكذا لو حلف لا يتزوج امرأة ونوى كوفية أو بصرية لا يصح لأنه تخصيص الصفة ولو نوى حبشية أو عربية صحت ديانة لأنه تخصيص الجنس ثم قال وكون إرادة نوع ليس تخصيصا للعام مما لا يقبل المنع لأنه لا يخرج عن قصر عام على بعض متناولاته ا هـ
____________________
(3/782)
أقول قد يقال لا عموم هنا ولا تخصيص لعام وإنما هو إرادة أحد محتملي اللفظ المشترك أو أحد نوعي الجنس كما في التوضيح و التلويح والأول أولى وبيانه أن الخروج مشترك بين سفر والانفصال من داخل إلى خارج وكذا المساكنة مشتركة بين الكاملة وهي ما تكون في بيت واحد ومطلقة وهي ما تكون في الدار مطلقا وكذا الشراء فإنه يحتمل الخاص وهو ما يكون له والمطلق ولكن لما كان المتبادر عرفا هو المعنى الثاني في المسائل الثلاث صدق ديانة فقط في نية المعنى الأول منها ولا يصدقه القاضي لأنه خلاف الظاهر وله نظائر في تلخيص الجامع لو قال إن جامعتك أو باضعتك فهو على الجماع في الفرج لأنه المتفاهم عرفا إلا أن ينوي ما دونه للاحتمال لكن لا يصرف عن الظاهر في القضاء فيحنث بهما أي إذا نوى ما دونه يحنث به عملا بإقراره على نفسه بالحنث ويحنث بالجماع في الفرج لتبادره وكذا إن وطئتك فعبدي حر إلا أن يعني الوطء بالقدم وفي إن أتيتك ينوي لاستواء احتمالي الجماع والزيارة لكن لو نوى الزيارة حنث بالجماع لأنه زيارة وزيادة ا هـ
وبما قررناه ظهر الفرق بين هذه المسائل المستثناة وبين ما مر في لا آكل ونحوه فإن حقيقة الأكل فيه واحدة فلم تصح نية التخصيص بخلاف ما إذا صرح بالمفعول فإنه لفظ صريح فيصح تخصيصه لكن نية التخصيص إنما تصح فيما كان من أفراد ذلك العام وهو المأكولات كالخبز ونحوه دون ما كان من متعلقاته الضرورية كالزمان والمكان والوصف فلو نوى في زمان كذا لم يصح ومثله لا أتزوج امرأة ونوى حبشية أو عربية فإنها بعض أفراد العام لأن الإنسان أنواع حبشي وعربي ورومي باعتبار أصوله الذين ينسب إليهم بخلاف كوفية أو بصرية لأنه وصف ضروري راجع إلى تخصيص المكان وهو غير ملفوظ صريحا فلا تصح نيته كبقية الصفات الضرورية ومثله ما في البحر عن البدائع لا يكلم هذا الرجل ونوى ما دام قائما لم يصح بخلاف لا يكلم هذا القائم ونوى ذلك يدين لتخصيصه الملفوظ وكذا لأضربنه خمسين ونوى سوطا بعينه فإنه يبر بأي شيء ضربه وكذا لا أتزوج امرأة أبوها يعمل كذا وكذا فهو باطل ا هـ
وظهر بما قررناه أيضا أن الاستثناء في المسائل الثلاث في غير محله لأن النية إنما وجدت في الملفوظ أيضا لأن الفعل فيها صار مشتركا بواسطة اشتراك المصدر تأمل على أن لا أتزوج امرأة صرح فيه بالمفعول فهو مثل لا آكل طعاما ولعله ذكره لينبه على أنه إنما يصح فيه تخصيص الجنس فقط دون الوصف لكن فيه أن لا آكل طعاما كذلك بدليل أنه لو نوى لقمة أو لقمتين لم يصح على أنه يخالفه ما يذكره قريبا فيما لو قال نويت من بلد كذا فإنه يصدق ديانة لا قضاء ولعل في المسألة قولين يدل عليه أنه في التاترخانية قال وروي عن محمد فيمن قال لا أتزوج امرأة ونوى كوفية أو بصرية الخ وذكر فيها أيضا إن تزوجت فعبدي حر وقال عنيت فلانة وامرأة ممن أهل الكوفة لا يصح ولو قال إن تزوجت امرأة وقال عنيت فلانة يصح ا هـ
وهذا ظاهر لأنه في الأول لم يذكر المفعول
ثم اعلم أنه يرد ما مر في يمين الفور حيث خصص بما دلت عليه القرينة كالغداء المدعو إليه ولعل وجهه أن العرف جعل اللفظ كالمصرح به ولا سيما إذا كان جوابا لكلام قبله لأن السؤال معاد فيه فلم يكن تخصيصا للعام الغير مذكور بالنية وهذا الموضع من مشكلات مسائل الإيمان ولم أجد من أعطاه حقه من البيان وما ذكر به هو غاية ما ظهر لفهمي القاصر وفكري الفاتر
____________________
(3/783)
مطلب نية تخصيص العام تصح ديانة لا قضاء خلافا للخصاف قوله نية تخصيص العام تصح ديانة لا قضاء ) هذه الجملة بمنزلة التعليل لقوله قبله ولو ضم طعاما أو شرابا أو ثيابا دين لما علمت من أنه إذا ضم ذلك يصير نكرة في سياق الشرط فتعم والعام تصح فيه نية التخصيص لكن لا يصدقه القاضي لأنه خلاف الظاهر
واعلم أن الفعل لا يعم ولا يتنوع كما في تلخيص الجامع لأن العموم للأسماء لا للفعل هو المنقول عن سيبويه كذا في شرحه للفارسي
قلت ويرد عليه ما مر من مسألة الخروج والمساكنة والشراء إلا أن يقال كما مر إن التنوع هناك للفعل بواسطة مصدره لا أصالة
تأمل
تنبيه قيد بالنية لأن تخصيص العام بالعرف يصح ديانة وقضاء أيضا وأما الزيادة على اللفظ بالعرف فلا تصح كما أوضحنا ذلك أول باب اليمين في الدخول والخروج
بقي هل يصح تعميم الخاص بالنية قال في الأشباه لم أره
قلت والظاهر أن تعميمه من الزيادة على اللفظ وإذا لم تصح الزيادة عليه بالعرف فلا تصح بالنية الأولى لأن العرف ظاهر بخلاف النية
تأمل
قوله ( لا يصدق قضاء ) ظاهره أنه يصدق ديانة وهو مخالف لقوله آنفا لا الصفة ككوفية أو بصرية أي أنه لا يدين فيها كما نبهنا عليه وما ذكره الشارح مأخوذ من الولوالجية كما ذكره في البحر ومثله في البزازية حيث قال كل امرأة من بلد كذا لا يصدق في ظاهر الرواية وذكر الخصاف أنه يصدق وهذا بناء على جواز تخصيص العام بالنية فالخصاف جوزه وفي الظاهر لا وعلى هذا لو أخذ منه دراهم وحلفه على أنه ما أخذ منه شيئا ونوى الدنانير فالخصاف جوزه والظاهر خلافه والفتوى على الظاهر وإذا أخذ بقول الخصاف فيما إذا وقع في يد الظلمة لا بأس به ا هـ
قلت وهذا كله في القضاء أما في الديانة فنية تخصيص العام صحيحة بالإجماع كما في البحر وقد مر
والحاصل أن نية تخصيص العام تصح في ظاهر الرواية ديانة فقط وعند الخصاف تصح قضاء أيضا وهذا إذا كان العام مذكورا وإلا فلا تصح نية تخصيصه أصلا في ظاهر الرواية وقيل يدين كما قدمه الشارح وقدمنا أنه رواية عن الثاني وأنه اختاره الخصاف فصار حاصل ما اختاره الخصاف المذكور في أنه يصدق ديانة وقضاء وفي غيره ديانة فقط
قوله ( متى حلفه ظالم وأخذ بقوله الخصاف فلا بأس ) أقول المناسب أن يكون أخذ بضم أوله مبنيا للمجهول أي وأخذ القاضي إذ لا معنى لأخذ الحالف به قضاء لأن أخذ الحالف بما نواه غير خاص بقول الخصاف
مطلب إذا كان الحالف مظلوما يفتى بقول الخصاف والحاصل أنه لو حلفه ظالم فحلف ونوى تخصيص العام أو غير ذلك مما هو خلاف الظاهر وعلم القاضي بحاله لا يقضي عليه بل يصدقه أخذا بقول الخصاف وأما إذا لم يكن مظلوما فلا يصدقه فافهم
قال في الفتاوي
____________________
(3/784)
الهندية عن الخلاصة ما حاصله أراد السلطان استحلافه بأنك ما تعلم غرماء فلان وأقرباه ليأخذ منهم شيئا بلا حق لا يسعه أن يحلف والحيلة أن يذكر اسم الرجل وينوي غيره وهذا صحيح عند الخصاف لا في ظاهر الرواية فإن كان الحالف مظلوما يفتى بقول الخصاف ولو حلفه القاضي ما له عليك كذا فحلف وأشار بأصبعه في كمه إلى غير المدعي صدق ديانة لا قضاء ا هـ
مطلب النية للحالف لو بطلاق أو عتاق قوله ( وقالوا النية للحالف الخ ) قال في الخانية رجل حلف رجلا فحلف ونوى غير ما يريد المستحلف إن بالطلاق والعتاق ونحوه يعتبر نية الحالف إذا لم ينو الحالف خلاف الظاهر ظالما كان الحالف أو مظلوما وإن كان اليمين بالله تعالى فلو الحالف مظلوما فالنية فيه إليه وإن ظالما يريد إبطال حق الغير اعتبر نية المستحلف وهو قول أبي حنيفة ومحمد ا هـ
قلت وتقييده بما إذا لم ينو خلاف الظاهر يدل على أن المراد باعتبار نية الحالف اعتبارها في القضاء إذ لا خلاف في اعتبار نية ديانة وبه علم الفرق بينه وبين مذهب الخصاف فإن عنده تعتبر نية في القضاء أيضا ويفتى بقوله إذا كان الحالف مظلوما كما علمت
وفي الهندية عن المحيط ذكر إبراهيم النخعي اليمين على نية الحالف لو مظلوما وعلى نية المستحلف لو ظالما وبه أخذ أصحابنا
مثال الأول لو أكره على بيع شيء بيده فحلف بالله أنه دفعه لي فلان يعني بائعه لئلا يكره على بيعه لا يكون يمينه غموس حقيقة لأنه نوى ما يحتمله لفظه ولا معنى لأن الغموس ما يقتطع به حق مسلم
ومثال الثاني لو ادعى شراء شيء في يد آخر بكذا وأنكر فحلفه بالله ما وجب عليك تسليمه إلي فحلف ونوى التسليم إلى المدعي بالهبة لا بالبيع فهذا وإن كان صادقا فهو غموس معنى فلا تعتبر نيته
قال الشيخ الإمام خواهر زاده هذا في اليمين بالله تعالى فلو بالطلاق أو العتاق وهو ظالم أو لا ونوى خلاف الظاهر بأن نوى الطلاق عن وثاق أو العتاق عن عمل كذا أو نوى الإخبار فيه كاذبا فإنه يصدق ديانة لأنه نوى محتمل لفظه إلا أنه لو ظالما أثم إثم الغموس لأنه وإن كان ما نوى صدقا حقيقة إلا أن هذا اليمين غموس معنى لأنه قطع بها حق مسلم ا هـ ملخصا
وقوله ونوى خلاف الظاهر وقوله بعده فإنه يصدق ديانة يدل على أنه لا يصدق قضاء وهذا على إطلاقه موافق لظاهر الرواية أما على مذهب الخصاف فيفرق بين المظلوم فيصدق قضاء أيضا وبين الظالم فلا يصدق
والحاصل أن الحالف بطلاق ونحوه تعتبر فيه نية الحالف ظالما أو مظلوما إذا لم ينو خلاف الظاهر كما مر عن الخانية فلا تطلق زوجته لا قضاء ولا ديانة بل يأثم لو ظالما إثم الغموس ولو نوى خلاف الظاهر فكذلك لكن تعتبر نية ديانة فقط فلا يصدق القاضي بل يحكم عليه بوقوع الطلاق إلا إذا كان مظلوما على قول الخصاف ويوافقه ما قدمه الشارح أو الطلاق من أنه لو نوى الطلاق عن وثاق دين إن لم يقرنه بعدد ولو مكرها صدق قضاء أيضا ا هـ
وأما الحلف بالله تعالى فليس للقضاء فيه دخل لأن الكفارة حقه تعالى لا حق فيها للعبد حتى يرفع الحالف إلى القاضي كما في البحر لكنه إن كان مظلوما تعتبر نيته فلا يأثم لأنه غير ظالم وقد نوى ما يحتمله لفظه فلم يكن غموسا
____________________
(3/785)
لا لفظا ولا معنى وإن كان ظالما تعتبر نية المس فيأثم إثم الغموس وإن نوى ما يحتمله لفظه
قال ح وهذا مخصص لعموم قولهم نية تخصيص العام تصح ديانة فاغتنم توضيح هذا المحل
مطلب حلف لا يشرب من دجلة فهو على الكرع قوله ( يمكن فيه الكرع ) قال في المصباح كرع الماء كرعا من باب نفع وكروعا شرب بفيه من موضعه فإن شرب بكفيه أو بشيء آخر فليس بكرع وكرع في الإناء أمال عنقه إليه فشرب منه
قوله ( فيمينه على الكرع منه الخ ) قال في الفتح أي بأن يتناوله بفمه من نفس النهر عن أبي حنيفة يعني إذا لم يكن له نية فلو نوى بإناء حنث به إجماعا وقال إذا شرب منها كيفما شرب حنث بلا فرق بينه وبين قوله من ماء دجلة ا هـ
قلت هو المتعارف في زماننا بخلاف من هذا الكوز فإنه على الكرع منه في العرف أيضا
وفي البحر عن المحيط لا يشرب من هذا الكوز فحقيقته أن يشرب منه كرعا حتى لو صب على كفه وشرب لم يحنث ا هـ
لكن فيه إن وضعه على فمه وشربه منه لا يسمى كرعا كما علم من تعريفه
تأمل قوله ( لم يحنث ) لعدم الكرع في دجلة لحدوث النسبة إلى غيره
بحر قوله ( لا يكون إلا بعد الخوض في الماء ) فإنه من الكراع وهو من الإنسان ما دون الركبة ومن الدواب ما دون الكعب كذا قال الشيخ الإمام نجم الدين النسفي بحر عن الظهيرية
قوله ( لكن في القهستاني الخ ) مثله في المنح عن التلويح وفي النهر وهذا الشرط أهمله شراح الهداية كغيرهم لما قدمناه عن المغرب أي من أن الكرع تناول الماء بالفم من موضعه ولو إناء
قوله ( فيحنث بغير الكرع أيضا ) كما إذا تناوله بكفه أو بإناء من غير أن يدخل فمه داخله
قوله ( كالبئر والحب ) أي إذا لم يكونا ممتلئين وإلا حنث بالكرع
والحب بالحاء المهملة الخابية والكرامة عطاؤها ويقال لك عندي حب وكرامة يعني خابية وغطاؤها ط
قوله ( ولو تكلف الكرع ) أي من أسفل البئر فيما إذا قال لا أشرب من هذا البئر بدون إضافة ماء قوله ( لعدم العرف ) لأن اليمين انعقد على غير الكرع لكون الحقيقة مهجورة كما لا يضع قدمه في دار فلان
تنبيه قال في الفتح ونظير المسألتين ما لو حلف لا يشرب من هذا الكوز فصب الماء في كوز آخر فشرب منه لا يحنث بالإجماع ولو قال من ماء هذا الكوز فصب في كوز آخر فشرب منه حنث بالإجماع وكذا لو قال من هذا الحب أو من ماء هذا الحب فنقل إلى حب آخر ا هـ
مطلب تصور البر في المستقبل شرط انعقاد اليمين وبقائها قوله ( إمكان تصور البر ) قال في المنح كل ما وقع في هذه المسائل من لفظ تصور فمعناه ممكن وليس معناه متعقل ا هـ
فالصواب حينئذ إسقاط تصور كما هو في بعض النسخ ط
قلت لكن عبر في البحر وعليه فالمراد بتصوره كونه ذا صورة أي كونه موجودا فالمراد إمكان وجوده
____________________
(3/786)
في المستقبل أي إمكانه عقلا وإن استحال عادة احترازا عما لا يمكن عقلا ولا عادة كما في المثال الآتي فهذا لا تنعقد في اليمين ولا تبقى منعقدة بخلاف ما أمكن وجوده عقلا وعادة أو عقلا فقط مع استحالته عادة كما في مسألة صعود السماء وقلب الحجر ذهبا فإنها تنعقد كما سيأتي
قوله ( في المستقبل ) قيد لبيان الواقع لأن المنعقدة لا تتأتى في غيره
قوله ( شرط انعقاد اليمين ) أي المطلقة أو المقيدة بوقت
قوله ( ولو بطلاق ) تعميم لليمين أي لا فرق بين اليمين بالله تعالى أو بطلاق
قوله ( وبقائها ) أي شرط بقاء اليمين منعقدة وهذا في اليمين المقيدة فقط فإذا قال والله لأوفينك حقك غدا فمات أحدهما قبل الغد بطلت اليمين بخلاف المطلقة حيث لا يشترط لها تصور البر في البقاء باتفاق كما يأتي في قوله وإن أطلق وكان فيه ماء فصب حنث
قوله ( إذ لا بد من تصور الأصل الخ ) بيانه أن اليمين إنما تنعقد لتحقيق البر فإن من أخبر بخبر أو وعد بوعد يؤكده باليمين لتحقيق الصدق فكان المقصود هو البر فلا تجب الكفارة خلفا عنه لرفع حكم الحنث وهو الإثم ليصير بالتكفير كالبار فإذ لم يكن البر منصورا لا تننعقد
فلا تجب الكفارة ملفا عنه لأن الكفارة حكم اليمين وحكم الشيء إنما يثبت بعد انعقاده كسائر العقود وتمامه في شرح الجامع الكبير
ثم اعلم أن هذا الأصل وما فرع عليه قولهما
وقال أبو يوسف لا يشترط تصور البر
مطلب حلف لا يشرب ماء هذا الكوز ولا ماء فيه أو كان فيه ماء فصب قوله ( ففي حلفه الخ ) في محل مفعول فرع
وحاصل المسألة أربعة أوجه لأن اليمين إما مقيدة أو مطلقة وكل منهما على وجهين إما أن لا يكون فيه ماء أصلا أو كان فيه ماء وقت الحلف ثم صب
ففي المقيدة لا يحنث في الوجهين لعدم انقعادها في الوجه الأول ولبطلانها عند الصب في الثاني وفي المطلقة لا يحنث أيضا في الوجه الأول لعدم الانعقاد ويحنث في الثاني
قوله ( اليوم ) أي مثلا إذا المراد كل وقت معين من يوم أو جمعة أو شهر
قوله ( أو بنفسه ) أي أو انصب بنفسه بلا فعل أحد
قوله ( قبل الليل ) أشار إلى أن المراد باليوم بياض النهار فلا يدخل فيه الليل
قوله ( أو لا ) صادق بما إذا علم عدم الماء فيه أو لم يعلم شيئا
وقصره الإسبيجابي على الثاني لأنه إذا علم تقع يمينه على ما يخلقه الله تعالى فيه وقد تحقق العدم فيحنث
وصحح الزيلعي الإطلاق وبه جزم في الفتح فقوله في الأصح قيد للتعميم في قوله أو لا لكن فصل المصنف في قوله الآتي ليقتلن فلانا بين علمه بموته فيحنث وبين عدمه فلا ومثله في الكنى فيحمل ما هنا على التفصيل الآتي فيقيد عدم حنثه بما إذا لم يعلم لكن فرق الزيلعي هناك بأن حنثه إذا علم تكون يمينه عقدت على حياة ستحدث وهو متصور أما هنا فلأن ما يحدث في الكوز غير المحلوف عليه ا هـ أي لأن المحلوف عليه ماء مظروف في الكوز وقت الحلف دون الحادث بعد
قلت وفيه نظر فإنه إذا علم بأنه لا ماء فيه يراد ماء مظروف فيه بعد الحلف أي ماء سيحدث مثل لأقتلن زيدا فإن القتل إزهاق الروح فإذا علم بموته يراد روح ستحدث لكن سيأتي أن ذات الشخص لم تتغير بخلاف الماء فليتأمل
____________________
(3/787)
تنبيه قال ط هل يأثم إذا علم أنه لا ماء فيه قياس ما مر عن التمرتاشي في ليصعدن السماء الإثم ا هـ
قلت وقد مر أن الغموس تكون على المستقبل فهذا منها
قوله ( لعدم إمكان البر ) اعترض بأن البر متصور في صورة الإراقة لأن الإعادة ممكنة
وأجيب بأن البر إنما يجب في هذه الصورة في آخر جزء من أجزاء اليوم بحيث لا يسع فيه غيره فلا يمكن إعادة الماء في الكوز وشربه في ذلك الزمان ا هـ ح عن العناية
قوله ( لوجوب البر في المطلقة كما فرع ) قال في الفتح لقائل أن يقول وجوبه في الحال إن كان بمعنى تعينه حتى يحنث في ثاني الحال فلا شك أنه ليس كذلك وإن كان بمعنى الوجوب الموسع إلى الموت فيحنث في آخر جزء من الحياة فالموقتة كذلك لأنه لا يحنث إلا في آخر جزء من الوقت الذي ذكره فذلك الجزء بمنزلة آخر جزء من الحياة فلأي معنى تبطل اليمين عند آخر جزء من الوقت في الموقتة ولم تبطل عند آخر جزء من الحياة في المطلقة ا هـ
وأجاب في النهر بما حاصله أن الحالف في الموقتة لم يلزم نفسه بالفعل إلا في آخر الوقت بخلاف المطلقة لأنه لا فائدة في التأخير
قلت أنت خبير بأنه غير دافع مع استلزامه وجوب البر في المطلقة على ل الحلف وإلا فلا فرق فافهم
ويظهر لي الجواب بأن المقيدة لما كان لها غاية معلومة لم يتعين الفعل إلا في آخر وقتها فإذا فات المحل فقد فات قبل الوجوب فتبطل ولا يحنث لعدم إمكان البر وقت تعينه أما المطلقة فغايتها آخر جزء من الحياة وذلك الوقت لا يمكن البر فيه ولا خلفه وهو الكفارة ففي تأخير الوجوب إليه إضرار بالحالف لأنه إذا حنث في آخر الحياة لا يمكنه التكفير ولا الوصية بالكفارة فيبقى في الإثم فتعين الوجوب قبله ولا ترجيح لوقت دون آخر فلزم الوجوب عقب الحلف موسعا بشرط عدم الفوات فإذا فات المحل ظهر أن الوجوب كان مضيقا من أول أوقات الإمكان
ونظيره ما قرروه في القول بوجوب الحج موسعا فقد ظهر أن المعنى الذي لأجله اعتبر آخر الوقت في الموقتة ولم يعتبر آخر الحياة في المطلقة هذا ما وصل إليه فهمي القاصر فتدبره
قوله ( وهذا الأصل ) وهو إمكان البر في المستقبل
قوله ( منها الخ ) ومنها ما سيذكره المصنف في باب اليمين بالضرب والقتل بقوله لو حلف ليقضين دينه غدا فقضاه اليوم الخ ومنها ما في البحر لو قال لها بعد ما أصبح إن لم أجامعك هذه الليلة فأنت كذا ولا نية له فإن علم أنه أصبح انصرف إلى الليلة القابلة وإن نوى تلك الليلة بطلت يمينه وكذا إن نمت الليلة أو إن لم أبت الليلة هنا وقد انفجر الصبح وهو لا يعلم لا يحنث لأن النوم في الليلة الماضية لا يتصور كقوله إن صمت أمس ومنها إن لم آت بامرأت إلى داري الليلة فلما أصبح قالت كنت في الدار لم يحنث وإن قالت كنت غائبة حنث إن صدقها ومنها لا يعطيه أو لا يضربه حتى يأذن فلان فمات فلان ثم أعطاه لم يحنث ا هـ
قال الرملي ولم يقيد هذه بالوقت ومثله في الفتح وانظر ما الفرق بينها وبين مسألة الكوز إذا أطلق وكان فيه ماء فصب
قوله ( فحاضت بكرة ) الظاهر أن المراد وقت الطلوع أو بعيده في وقت لا يمكن أداء الصلاة فيه ثم ما ذكره من تصحيح عدم الحنث عزاه في البحر إلى المبتغى لكن ذكر في باب اليمين بالبيع والشراء تصحيح الحنث وعليه مشى المصنف هناك وسيأتي تمام الكلام عليه
قوله ( لعدم تصور البر ) أي فلم تنعقد اليمين فلا يترتب الحنث ط
وانظر ما تذكره
____________________
(3/788)
قريبا عن شرح الجامع الكبير
قوله ( ثوبا ملفوفا ) قيد به ليمكنها الرد عليه بخيار الرؤية ليعود مهرها كما في الفتح قوله ( وتقبضه ) هذا ليس بقيد فإنه بمجرد الشراء ثبت لها في ذمته الثمن فانتفيا قصاصا ولذا لم يذكره الزيلعي وتمامه في ح
قوله ( لعجزها عن الهبة الخ ) يشكل عليه قولهم إن الدين إذا قبض لا يسقط عن ذمة المديون حتى لو برأه الدائن يرجع عليه بما قبضه منه وقصارى أمر الشراء به أن تكون كقبضه ا هـ ح عن شرح المقدسي
قلت وأصل الإشكال لصاحب البحر ذكره في باب التعليق عند قوله وزوال الملك لا يبطل اليمين
وأجاب ط بأن مبنى الأيمان على العرف والعرف يقضي بأنها إذا اشترت بمهرها شيئا تصير لا شيء لها وفيه أن المقصود العجز وعدم التصور شرعا لا عرفا وإلا انتقض الأصل المار في كثير من المسائل فافهم وأجاب السائحاني بأنها لما جعلت المهر ثمنا والكل وصف في الذمة تغير من المهرية إلى الثمنية فلم يكن هناك مهر حتى يوهب وأما الدين فبدله لم يدفع على صريح المعاوضة فلم يقع التقاص به من كل وجه ولم يدفع حالة كونه وصفا في الذمة حتى ينتقل إليه لقربه منه ا هـ
مطلب في قولهم الديون تقضى بأمثالها قلت والجواب الواضح أن يقال قد قالوا إن الديون تقضى بأمثالها أي إذا دفع الدين إلى دائنه ثبت للمديون بذمة دائنه مثل ما للدائن بذمة المديون فيلتقيان قصاصا لعدم الفائدة في المطالبة ولذا لو أبرأه الدائن براءة إسقاط يرجع عليه المديون كما مر وكذا إذا اشترى الدائن شيئا من المديون بمثل دينه التقيا قصاصا أما إذا اشتراه بما في ذمة المديون من الدين ينبغي أن لا يثبت للمديون بذمة الدائن شيء لأن الثمن هنا معين وهو الدين فلا يمكن أن يجعل شيئا غيره فتبرأ ذمة المديون ضرورة بمنزلة ما لو أبره من الدين وبه يظهر الفرق بين قبض الدين وبين الشراء به فتدبر
مطلب حلف ليصعدن السماء أو ليقلبن الحجر ذهبا قوله ( وفي ليصعدن السماء الخ ) مثله إن لم أمس السماء بخلاف إن تركت مس السماء فعبدي حر لا يحنث لأن الشرط هو الترك وهو لا يتحقق في غير المقدور عادة وفي الأول شرط عدم المس والعدم يتحقق في غير المقدور كذا في التحرير شرح الجامع الكبير للحصيري معزيا إلى المنتقى ومثله في النهر عن المحيط
قلت ويظهر الفرق في قولك لا أمس السماء وقولك أترك مس السماء فإن الأول لا يقتضي أنه معتاد ممكن بخلاف الثاني وهذا ينافي ما مر في إن لم تصل الصبح غدا وفي إن لم تردي الدينار ولعله رواية أخرى فتأمل
____________________
(3/789)
مطلب يجوز تحويل الصفات وتحويل الأجزاء قوله ( لإمكان البر حقيقة لأنه صعدتها الملائكة وبعض الأنبياء وكذا تحويل الحجر ذهبا بتحيل الله تعالى صفة الحجرية إلى صفة الذهبية بناء على أن الجواهر كلها متجانسة في قبول الصفات أو بإعدام الأجزاء الحجرية وإبدالها بأجزاء ذهبية والتحويل في الأول أظهر وهو ممكن عند المتكلمين على ما هو الحق
فتح
قوله ( ثم يحنث ) عطف على معلوم من المقام أي فتنعقد ثم يحنث ط
قال في شرح الجامع الكبير فباعتبار التصور في الجملة انعقدت اليمين وباعتبار العجز عادة حنث للحال وهذا العجز غير العجز المقارن لليمين لأن هذا هو العجز عن البر الواجب باليمين ا هـ أي بخلاف العجز في مسألة الكوز فإنه مقارن لليمين فلذا لم تنعقد
واعلم أن الحنث في هذه المسألة عند أئمتنا الثلاثة وفيها خلاف زفر فعنده لا تنعقد اليمين ولا يحنث لإلحاقه المستحيل حقيقة بخلاف مسألة الكوز فإن فيها خلاف أبي يوسف كما مر
تنبيه المراد بالعجز هنا عدم الإمكان والتصور عادة فلو حلف ليؤدين له دينه اليوم فلم يكن معه شيء ولم يجد من يقرضه يحنث بمضي اليوم على المفتى به كما مر في باب التعليق لأن الأداء غير مستحيل عادة
قوله ( لم يحنث ما لم يمض ذلك الوقت ) أي فيحنث في آخره
قال في الفتح فلو مات قبله فلا كفارة عليه إذ لا حنث ا هـ
تنبيه قال في شرح الجامع الكبير قال الكرخي إذا حلف أن يفعل ما لا يقدر عليه كقوله لأصعدن السماء فهو آثم
وروى الحسن عن زفر فيمن قال لأمسن السماء اليوم إنه آثم ولا كفارة عليه لأنه لا تنعقد عنده إلا على ما يمكن
قوله ( والظاهر خروجها الخ ) هذا الاعتذار يحتاج إليه إن كانت المسألة من نص المذهب لا إن كانت من تخريج بعض المشايخ على القول باعتبار الحقيقة االلغوية وإن لم يكن فالعرف وعليه مشى الزيلعي وقد تقدم رده وإن الاعتماد على العرف ولو كانت هذه المسألة منصوصة لذكروا استثناءها من القاعدة المبني عليها مسائل الأيمان وهو العرف والذي ظهر حمل هذه المسألة على ما إذا نوى سقف البيت كما أجابوا عن قول صاحب الذخيرة و المرغيتاني في لا يهدم بيتا أنه يحنث بهدم بيت العنكبوت كما أوضحناه في أول الباب السابق فراجعه ليظهر لك ما قلنا
قوله ( وكذا الحكم ) أي في الانعقاد والحنث للحال وقيد بالقتل احترازا عن الضرب
ففي الخانية ليضربن فلانا اليوم وفلان ميت لا يحنث علم بموته أو لا ولو حيا ثم مات فكذلك عندهما وحنث عند أبي يوسف ا هـ
أفاده في الشرنبلالية فافهم
قوله ( فيحنث ) أي بالإجماع لأن يمينه انصرفت إلى حياة يحدثها الله تعالى فيه وأنه تصور وإذا أحياه الله تعالى فهو فلان بعينه لكنه خلاف العادة فيحنث كما في صعود السماء
قوله ( كمسألة الكوز ) تشبيه في عدم الحنث لعدم التصور لا في التفصيل بين العالم وغيره لما مر أن الأصح عدم التفصيل فيها فإن حنث العالم هنا لأن البرج متصور كما علمت أما في الكوز لو خلق الماء لا يكون عين الماء الذي انعقد عليه اليمين فلا يتصور البر أصلا فكان الماء نظير الشخص لا نظير الحياة كذا في شرح الجامع
____________________
(3/790)
وكأنه يشير إلى أنه لو جعل الماء نظير الحياة فلزم التفصيل فيه أيضا لأن الحياة الحادثة غير المعقود عليها
تأمل قوله ( لأن الترك لا يتصور في غير المقدور ) لأن ترك الشيء فرع عن إمكان فعله عادة أي بخلاف العدم فإنه يتحقق مطلقا فلذا حنث في إن لم أمس السماء كما في النهر وقدمناه عن شرح الجامع
مطلب حلف لا يكلمه قوله ( حلف لا يكلمه ) قال في الذخيرة يقع على الأبد وإن نوى يوما أو يومين أو بلدا أو منزلا فإنه لا يصدق ديانة ولا قضاء وفي أي يوم كلمه حنث لأنه نوى تخصيص ما ليس بملفوظ ا هـ
قوله ( هو المختار ) خلافا لما ذكره القدوري من أنه يحنث إذا كان بحيث لم يسمع ورجحه السرخسي متمسكا بما في السير لو أمن المسلم أهل الحرب من موضع بحيث يسمعون صوته لكنهم باشتغالهم بالحرب لم يسمعوه فهذا أمان ودفع بالفرق وذلك أن الأمان يحتاط في إثباته بخلاف غيره
نهر قوله ( لو بحيث يسمع ) أي إن أصغى إليه بإذنه وإن لم يسمع لعارض شغل أو صمم فلو لم يسمع مع الإصغاء لشدة بعد لا يحنث كما في البحر عن الذخيرة وفيه لو كلمه بكلام لم يفهمه المحلوف عليه ففيه روايتان
قوله ( لا تطلق ) أقول في البزازية فلو وصل وقال إن كلمتك فأنت طالق فاذهبي لا يحنث ولو اذهبي أو اذهبي يحنث ا هـ
لكن ما ذكره الشارح من التسوية بين الواو والفاء هو المذكور في الفتح و البحر عن المنتقى ومثله في التاترخانية
قوله ( ما لم يرد الاستئناف ) قال في التاترخانية وفي الذخيرة و المنتقى إن أراد بقوله فاذهبي طلاقا طلقت به واحدة وباليمين أخرى
قوله ( وقصد إسماع المحلوف عليه ) أي ولم يقصد خطابه مع الحائط بل قصد خطاب الحائط فقط ولذا قال في البحر وغيره لو سلم على قوم هو فيهم حنث إلا أن لا يقصده فيدين أما لو قال السلام عليكم إلا على واحد فيصدق قضاء عندنا ولو سلم من الصلاة لا يحنث وإن كان المحلوف عليه عن يساره هو الصحيح لأن السلامين في الصلاة من وجه ولو سبح له لسهو أو فتح عليه القراءة وهو مقتد لم يحنث وخارج الصلاة يحنث
تنبيه لو قال إن ابتدأتك بكلام فعبدي حر فالتقيا فسلم كل على الآخر لا يحنث وانحلت اليمين لعدم تصور أن يكلمه بعد ذلك ابتداء ولو قال لها إن ابتدأتك بكلام وقالت هي كذلك لا يحنث إذا كلمها لأنه لم يبتدئها ولا تحنث هي بعد ذلك لعدم تصور ابتدائها كذا في الفتح ومثله في البحر و الزيلعي و الذخيرة و الظهيرة
وفي تلخيص الجامع إن ابتدأتك بكلام أو تزوج أو كلمتك قبل أن تكلمني فتكالما أو تزوجا معا لم يحنث أبدا لاستحالة السبق مع القرآن ا هـ
وبه ظهر أن قول البزازية حنث الحالف صوابه لا يحنث
قوله ( حنث مرتين ) لأنه انعقد اليمين بالأولى فيحنث بالثانية وتنعقد بها يمين أخرى فيحنث بها في الثالثة مرة لأن اليمين الأولى قد انحلت بالثانية وفي
____________________
(3/791)
تلخيص الجامع لو قال ثلاثا لغير المدخولة إن كلمتك فأنت طالق انحلت الأولى بالثانية لاستئناف الكلام بخلاف فاذهبي يا عدوة الله
ا هـ
وحيث انحلت الأولى بالثانية لا يقع بالثالثة شيء لأنها بانت لها إلى عدة بخلاف المدخول بها
قوله ( حسنا أو أحسنت ) لأن قوله انظر حسنا يفيد التفريع بأنك لم تتأمل في الجواب وقوله أحسنت وإن كان تصويبا إلا أنه يتضمن أنه لم يحسن قبله فكل من الكلمتين موجع
قوله ( أو حلف الخ ) عطف على قول المصنف حلف لا يكلمه وقوله حنث جواب المسألتين
قوله ( لاشتقاق الإذن ) أي اشتقاقا كبيرا كما في النهر من الأذان وهو الاعلام ح
قلت وفيه نظر يعلم مما قدمناه في الوضوء
قوله ( فيشترط العلم ) ظاهره أنه لا يكتب بمجرد السماع بل لا بد معه من العلم بمعناه احترازا عما لو خاطبه بلغة لا يفهمها كما قدمنا نظيره في حلفه لا تخرجي إلا بإذني
قوله ( فرضي ) أي بأن أخبره بعد الكلام بأنه كان رضي
قوله ( فلا يحنث بإشارة وكتابة ) وكذا بإرسال رسول لأنه لا يسمى كلاما عرفا خلافا لمالك وأحمد رحمهما الله تعالى استدلالا بقوله تعالى { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا } إلى قوله { أو يرسل رسولا } الشورى 51 أجيب عنه بأن مبنى الأيمان على العرف
فتح قوله ( عن الجامع ) حيث قال إذا حلف لا يكلم فلانا أو قال والله لا أقول لفلان شيئا فكتب له كتابا لا يحنث وذكر ابن سماعة في نوادره أنه يحنث ا هـ
فقوله خلافا لابن سماعة أي فيهما فتحصل أن الأقوال ثلاثة الحنث مطلقا وعدمه مطلقا وتفصيل
قاضيخان ط
قوله ( تكون بالكتابة ) أي كما تكون باللسان ولم ينبه عليه لظهوره فافهم
قوله ( والإيماء ) بالجر عطف على الإشارة وكأنه أراد الإشارة باليد والإيماء بالرأس لأن الأصل في العطف المغايرة
قوله ( والإظهار الخ ) بالرفع مبتدأ
قوله ( والإنشاء ) كذا في النسخ والذي في الفتح و البحر و المنح الإفشاء بالفاء أي لو حلف لا يفشي سر فلان أو لا يظهره أو لا يعلم به يحنث بالكتابة وبالإشارة
قوله ( ولو قال الخ ) قال في البحر فإن نوى في ذلك كله أي في الإظهار والإفشاء والإعلام والإخبار كونه بالكتابة دون الإشارة دين فيما بينه وبين الله تعالى ا هـ
وهكذا في الفتح ونحوه في البزازية ولم يذكر في النهر الإخبار وهو الظاهر لما مر أن الإخبار لا يكون بالإشارة فما معنى أنه يدين في أنه لم ينو به الإشارة ومفهوم قوله دين الخ أنه لا يصدق قضاء كما عزاه في التاترخانية إلى عامة المشايخ وفيها وكل ما ذكرنا أنه يحنث بالإشارة إذا قال أشرت وأنا لا أريد الذي حلفت عليه فإن كان جوابا لشيء سئل عنه لم يصدق في القضاء ويدين
قوله ( أو لا يبشره ) تكرار مع قول المتن والبشارة تكون بالكتابة ا هـ ح
ولعله أو لا يسره من الإسرار
قوله ( إن أخبرتني أو علمتني الخ ) وكذا البشارة كما في الفتح و البحر وهو مخالف لما سيذكره في الباب الآتي عن البدائع من أن الإعلام كالبشارة لا بد فيهما من الصدق ولو بلا باء ويؤيده ما في
____________________
(3/792)
تلخيص الجامع الكبير لو قال إن أخبرتني أن زيدا قدم فكذا حنث بالكذب كذا إن كتبت إلي وإن لم يصل وفي بشرتني أو أعلمتني يشترط الصدق وجهل الحالف لأن الركن في الأوليين الدال على المخبر وجمع الحروف وفي الأخريين إفادة البشر و العلم بخلاف ما إذا قال بقدومه لأن باء الإلصاق تقتضي الوجود وهو بالصدق ويحنث بالإيماء في أعلمتني وبالكتاب والرسول في الكل ا هـ
قوله ( لإفادتها ) أي الباء إلصاق الخبر بنفس القدوم أي فصار كأنه قال إن أخبرتني خبرا ملصقا بقدوم زيد فاقتضى وجود القدوم لا محالة
قال ط وفيه أن الباء في إن أخبرتني أن فلانا قدم مقدرة ومقتضاه قصره على الصدق ا هـ
قلت قد يجاب بأنها لم تدخل على المصدر الصريح وفرقا بين الصريح والمؤول على أن تقديرها لضرورة التعدية فلا تفيد ما تفيده ملفوظة فتأمل
قوله ( وكذا إن كتبت بقدوم فلان ) أي أنه مثله في اقتصاره على الصدق بخلاف إن كتبت إلي أن فلانا قدم فعبدي حر يحنث بالخبر الكاذب حتى لو كتب إليه قبل القدوم أن زيدا قدم حنث وإن لم يصل الكتاب إلى الحالف كذا في شرح التلخيص
ومفاده الحنث بمجرد الكتابة ومقاد الفتح و البحر اشتراط الوصول ويدل للأول تعليل التلخيص المار بأن الركن في الكتابة جمع الحروف أي تأليفها بالقلم وقد وجد
قوله ( فقال نعم الخ ) قال السرخسي هذا صحيح لأن السلطان لا يكتب بنفسه وإنما يأمر به ومن عادتهم الأمر بالإيماء والإشارة فتح
مطلب في حلف لا يكلمه شهرا فهو من حين حلفه قوله ( فمن حين حلفه ) أي يقع على ثلاثين يوما من حين حلف لأن دلالة حاله وهي غيظه توجب ذلك كما إذا آجره شهرا لأن العقود تراد لدفع الحاجة القائمة بخلاف لأصومن شهرا فإنه نكرة في الإثبات توجب شهرا شائعا ولا موجب لصرفه إلى الحال فتح قوله ( ولو عرفه ) كقوله لا أكلمه الشهر يقع على باقيه وكذا السنة واليوم والليلة وأشار إلى أنه لو حلف بالليل لا يكلمه يوما حنث بكلامه في بقية الليل وفي الغد لأن ذكر اليوم للإخراج وكذا لو حلف بالنهار لا يكلمه ليلة حنث بكلامه من حين حلف إلى طلوع الفجر ولو قال في النهار لا أكلمه يوما فهو من ساعة حلفه مع الليلة المستقبلة إلى مثل تلك الساعة من الغد لأن اليوم منكر فلا بد من استيفائه ولا يمكن إلا بإتمامه من الغد فلا يتبعه الليل وكذا لا يكلمه ليلة فهو من تلك الساعة إلى مثلها من الليلة الآتية مع النهار الذي بينهما
أفاده في البحر عن البدائع 7
وفيه عن الواقعات لا أكلمك اليوم ولا غدا ولا بعد غد فله أن يكلمه ليلا لأنها أيمان ثلاثة ولو لم يكرر النفي فهي واحدة فيدخل الليل بمنزلة قوله ثلاثة أيام
قوله ( فيما يتناول الأبد الخ ) مثل لا أكلمه فإنه لو لم يذكر الشهر تتأبد اليمين فذكر الشهر لإخراج ما وراءه فبقي ما يلي يمينه داخلا
بحر
قوله ( وفيما لا يتناوله ) مثل لأصومن أو لأعتكفن فإنه لو لم يذكر الشهر لا تتأبد اليمين فكان ذكره لتقدير الصوم به وأنه منكر فالتعيين إليه بخلاف إن تركت الصوم شهرا فإن الشهر من حين حلف لأن تركه مطلقا يتناول الأبد فذكر الوقت
____________________
(3/793)
لإخراج ما وراءه وتمامه في البحر
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر الرواية من الفرق بين الصلاة وخارجها وهو ما عليه القدوري
قوله ( كما رجحه في البحر ) حيث قال فقد اختلفت الفتوى والإفتاء بظاهر المذهب أولى
قوله ( ورجح في الفتح عدمه ) حيث قال ولما كان مبنى الإيمان على العرف وفي العرف المتأخر لا يسمى التسبيح والقرآن كلاما حتى يقال لمن سبح طول يومه أو قرأ لم يتكلم اليوم بكلمة اختار المشايخ أنه لا يحنث بجميع ما ذكر خارج الصلاة واختير للفتوى من غير تفصيل بين اليمين بالعربية والفارسية ا هـ
وأفاد أن ظاهر الرواية مبني على عرف المتقدمين وقوله من غير تفصيل الخ يبين قول الشارح مطلقا
قوله ( وقواه في الشرنبلالية الخ ) الضمير راجع إلى ما في الفتح فكان الأولى تقديمه على قوله بل في البحر
قوله ( قائلا ولا عليك الخ ) الذي رأيته في الشرنبلالية بعد نقله عن البحر أن الإفتاء بظاهر المذهب أولى
قلت الأولوية غير ظاهرة لما أن مبنى الأيمان على العرف المتأخر ولما علمت من أكثرية التصحيح له ا هـ
قوله ( ويقاس عليه ) أي على ما في التهذيب و البحث لصاحب النهر وكذلك الاستدراك بعده
قوله ( فتأمل ) إشارة إلى مخالفة ما في الفتح لكلام التهذيب أو إلى ما في دعوى الأولوية من البحث إذ لا يلزم من كونه كلاما منظوما وكون قائله متكلما أن يسمى إلقاء الدرس كلاما وإلا لزم أن تكون قراءة الكتب كذلك وهذا كله بناء على عدم العرف وإلا فإن وجد عرف فالعبرة له كما تقرر فافهم
مطلب مهم لا يكلمه اليوم ولا غدا أو لا بعد غد فهي أيمان ثلاثة قوله ( اليوم ) قيد اتفاقي ط
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم ينو ما في النمل بأن نوى غيرها أو لم ينو شيئا لا يحنث كما في البحر
قوله ( لأنهم لا يريدون به القرآن ) أي لأن الناس لا يريدون بغير ما في النمل القرآن بل التبرك
قوله ( به يفتى ) هو قول أبي يوسف
وفرق محمد فقال المقصود من قراءة كتاب فلان فهم ما فيه وقد حصل ويحنث بقراءة سطر منه لا نصفه لأنه لا يكون مفهوم المعنى غالبا والمقصود من قراءة القرآن عين القرآن إذ الحكم متعلق به كما في البحر
قال ح قول محمد هو الموافق لعرفنا كما لا يخفى
مطلب أنت طالق يوم أكلم فلانا فهو على الجديدين قوله ( حلف لا يكلم فلانا اليوم ) هذا المثال غير صحيح هنا لأن الحكم فيه أن اليمين على باقي اليوم كما في البحر والذي مثل به في الكنز كعامة المتون يوم أكلم فلانا فعلى الجديدين ا هـ ح أي لو قال يوم أكلم فلانا فأنت طالق
____________________
(3/794)
فهو على الليل والنهار
سميا جديدين لتجددهما أي عودهما مرة بعد أخرى فإن كلمه ليلا أو نهارا حنث
قوله ( لقرانه اليوم بفعل لا يمتد ) قيل المراد به الكلام لأن عرض والعرض لا يقبل الأمتداد إلا بتجدد الأمثال كالضرب والجلوس والسفر والركوب ولك عند الموافقة صورة ومعنى والكلام الثاني يفيد معنى غير مفاد الأول وفيه أن الكلام اسم لألفاظ مفيدة معنى كيفما كان فتحققت المماثلة ولذا يقال كلمته يوما فالصحيح أن المراد بما لا يمتد الطلاق ولأن اعتبار العامل في الظرف أولى من اعتبار ما أضيف إليه الظرف لأنه غير مقصود إلا لتعيين ما تحقق فيه المقصود وتمامه في الفتح
وقد مر مبسوطا في بحث إضافة الطلاق إلى الزمان
قوله ( صدق ) أي ديانة وقضاء وعن الثاني لا يصدق قضاء
بحر قوله ( لعدم استعماله مفردا الخ ) أي بخلاف الجمع فإنه يستعمل في مطلق الوقت كقول الشاعر وكنا حسبنا كل بيضاء شحمة ليالي لاقينا جذاما وحميرا قوله ( ولو بعدهما لا يحنث ) أقول وكذا معهما لقول الخانية حلف لا يدخل هذه الدار حتى يدخلها فلان فدخلاها معا لم يحنث وكذا لا أكلمك حتى تكلمني وكذا إن كلمتك إلا أن تكلمني ا هـ
سائحاني
قوله ( لجعله القدوم والإذن غاية لعدم الكلام ) أما الغاية في حتى فظاهرة وأما في إلا أن فإن الاستثناء وإن كان هو الأصل فيها إلا أنها تستعار الشرط والغاية عند تعذره لمناسبة هي أن حكم كل واحد منها يخالف ما بعده وقيل هي للاستثناء
قال في الفتح وفيه شيء وهو أن الاستثناء فيها إنما يكون من الأوقات أو الأحوال على معنى امرأته طالق في جميع الأوقات أو الأحوال إلا وقت قدوم فلان أو إذنه أو إلا حال قدومه أو إذنه وهو يستلزم تقييد الكلام بوقت الإذن أو القدوم فيقتضي أنه لو كلمه بعده حنث لأنه لم يخرج من أوقات وقوع الطلاق إلا ذلك الوقت ا هـ
قلت وللفرق بين الغاية والحال قال في التاترخانية وغيرها لا يكلمه إلا ناسيا فكلمه مرة ناسيا ثم مرة ذاكرا حنث وفي إلا أن ينسى لا يحنث
قوله ( سقط الحلف ) أي بطل ويأتي وجهه
قوله ( قيد بتأخير الجزاء ) تبع في هذا التعبير صاحب النهر وأحسن منه قول البحر قيد بالشرط لأنه لو قال الخ
أفاده ح
مطلب إن كلمه إلا يقدم زيد أو حتى قوله ( بل للشرط الخ ) قال في البحر وهي هنا للشرط كأنه قال إن لم يقدم فلان فأنت طالق ولا تكون للغاية لأنها إنما تكون لها فيما يحتمل التأقيت والطلاق مما لا يحتمله معنى فتكون للشرط
قوله ( لأن الطلاق مما لا يحتمل التأقيت ) يعني أنها إنما تكون للغاية فيما يحتمل التأقيت والطلاق مما لا يحتمله فتكون فيه للشرط
واعترض بأن الشرط وهو إلا أن يقدم مثبت فالمفهوم أن القدوم شرط الطلاق لا عدمه
وأجيب بأنه حمل على النفي لأنه جعل القدوم
____________________
(3/795)
رافعا للطلاق
وتحقيقه أن معنى التركيب وقوع الطلاق من الحال مستمرا إلى القدوم فيرتفع فالقدوم علم على الوقوع قبله وحيث لم يمكن ارتفاعه بعد وقوعه وأمكن وقوعه عند عدم القدوم اعتبر الممكن فجعل عدم القدوم شرطا فلا يقع الطلاق إلا أن يموت فلان قبل القدوم أو الإذن ا هـ ملخصا من الفتح أي لأنه إذا مات تحقق الشرط
قوله ( بطل اليمين ) بناء على ما مر من أن بقاء تصور البر شرط لبقاء اليمين المؤقتة وهذه كذلك لأنها مؤقتة ببقاء الإذن والقدوم إذ بهما يتمكن من البر بلا حنث ولم يبق ذلك بعد موت من إليه الإذن والقدوم وعند الثاني لما كان التصور غير شرط فعند سقوط الغاية تتأبد اليمين فأي وقت كلمه فيه يحنث وتمامه في الفتح
قوله ( كلمة ما زال وما دام الخ ) هذا مما دخل تحت الأصل المذكور
قلت ومنه قول العوام في زماننا لا أفعل كذا طول ما أنت ساكن
وفي البحر لا أكلمه ما دام عليه هذا الثوب فنزعه ثم لبسه وكلمه لا يحنث ولو قال لا أكلمه وعليه هذا الثوب الخ حنث لأنه ما جعل اليمين مؤقتة بوقت بل قيدها بصفة فتبقى ما بقيت تلك الصفة
قال لأبويه إن تزوجت ما دمتما حيين فكذا فتزوج في حياتهما حنث ولو تزوج أخرى لا يحنث إلا إذا قال كل امرأة أتزوجها ما دمتما حيين فيحنث بكل امرأة وإن مات أحدهما سقط اليمين لأن شرط الحنث التزوج ما داما حيين ولا يتصور بعد موت أحدهما
مطلب لا أفعل كذا ما دام كذا قوله ( فخرج منها ) أي بنفسه بخلاف ما دام في الدار فإنه لا بد من خروجه بأهله وهذا إذا لم ينو ما دامت بخارى وطنا له فإن نوى ذلك فهو كالدار
قال في الخانية حلف لا يشرب النبيذ ما دام ببخارى ففارقها ثم عاد وشرب قال ابن الفضل إن فارقها بنفسه ثم عاد وشرب لا يحنث إلا أن ينوي ما دامت بخارى وطنا له فإن نوى ذلك ثم عاد وشرب حنث لبقاء وطنه بها ا هـ
وفيها والله لا أقربك ما دمت في هذه الدار لا يبطل اليمين إلا بانتقال تبطل به السكنى لأن معنى ما دمت في هذه الدار ما سكنت فيها وما بقي في الدار وتد يكون ساكنا عند أبي حنيفة وعندهما لا يكون ساكنا بذلك والفتوى على قولهما
قوله ( لانتهاء اليمين ببيع البعض ) الذي يظهر تقييده بما إذا كان يمكنه أكل كله وقد تقدم ما يدل على ذلك أبو السعود أي تقدم في قول الشارح كل شيء يأكله الرجل في مجلس أو يشربه في شربة فالحلف على كله وإلا فعلى بعضه
أقول ويظهر لي عدم الحنث مطلقا لعدم الشرط نظير ما قدمناه آنفا في ما دمتما حيين إذا مات أحدهما ثم رأيت في الخانية علل المسألة بقوله لأن شرط الحنث الأكل حال بقاء الكل في ملك فلان ولم يوجد ا هـ فافهم
مطلب لا أفارقك حقي اليوم قوله ( وكذا لا أفارقك أفارقك حتى تقضيني حقي اليوم ) أي وهو ينوي أن لا يترك لزومه حتى يعطيه حقه بحر
قوله ( بل بمفارقته بعده ) أي بل يحنث بمفارقته بعد اليوم دون إعطاء لوأما لو فارقه قبل مضي اليوم فهو كذلك
____________________
(3/796)
بالأولى ولذا لم يصرح به فافهم
قوله ( ولو قدم اليوم ) أي بأن لا أفارقك اليوم حتى تعطيني حقي فمضى اليوم ولم يفارقه ولم يعطه حقه لم يحنث وإن فارقه بعد مضي اليوم لا يحنث لأنه وقت للفراق ذلك اليوم
بحر ووقع في الخانية ذكر اليوم مقدما ومؤخرا والظاهر أنه لا فرق
قوله ( وإن فارقه بعده ) مفاده أنه لو فارقه في اليوم لا يحنث لكنه مقيد بما إذا قضاه حقه وإلا حنث فالإطلاق في محل التقييد كما لا يخفى أفاده ح
مطلب حلف لا يفارقني ففر منه يحنث تنبيه قيد بالمفارقة لأنه لو فر منه لا يحنث ولو قال لا يفارقني يحنث
خانية
وفيها لا أدرع مالي عليك اليوم فحلفه عند القاضي بر وكذا لو أقر فحبسه وإن لم يحبسه يلازمه إلى الليل ولو كان الدين مؤجلا لم يحل يقول له أعطني مالي فإذا قاله صار بارا وسيأتي في باب اليمين بالضرب والقتل أنه لو قعد بحيث يراه ويحفظه فليس بمفارق وسيأتي تمام مسائل قضاء الدين هناك
قوله ( وكذا لو حلف الخ ) نقل في المنح هذا الفرع عن جواهر الفتاوى بعبارة مطولة فراجعها
قوله ( لتقييده من جهة المعنى بحال إنكاره ) أي كما لو حلف المديون لغريمه أن لا يخرج من البلد إلا بإذنه فإنه مقيد بحال قيام الدين لكن هذا التعليل لا يظهر بالنسبة إلى قوله أو ظهر شهود فإنه بظهور الشهود لم يزل الإنكار بل العلة فيه أنه بعد ظهور الشهود لا يمكن التحليف
تأمل وفي البرازية حلفه ليوفين حقه يوم كذا وليأخذن بيده ولا ينصرف بلا إذنه فأوفاه اليوم ولم يأخذ بيده وانصرف بلا إذنه لا يحنث لأن المقصود هو الإيفاء ا هـ
قلت وقد تقدم أن الأيمان مبنية على الألفاظ لا على الأغراض وهذا المقصود غير ملفوظ لكن قدمنا أن العرف يصلح مخصصا وهنا كذلك فإن العرف يخصص ذلك بحال قيام الدين قبل الإيفاء ويوضحه أيضا ما يأتي قريبا عن التبيين
تنبيه رأيت بخط شيخ مشايخنا السائحاني عند قول الشارح لو حلف أن يجره الخ هذا يفيد أن من حلف أن يشتكي فلانا ثم تصالحا وزال قصد الإضرار واختشى عليه من الشكاية يسقط اليمين لأنه مقيد في المعنىء بدوام حالة استحقاق الانتقام كما ظهر لي ا هـ
فتأمله
مطلب حلف لا يكلم عبد فلان أو عرسه ثم زالت الإضافة ببيع أو طلاق قوله ( لا يكلم عبده ) هذه الأضافة إضافة ملك وقوله أو عرسه أو صديقه إضافة نسبة وهذا في إضافة الفرد
وأما إضافة الجمع فالظاهر أنها كذلك من حيث زوال الإضافة والتجدد نعم يفرق في إضافة الجمع بين إضافة الملك والنسبة من حيث إنه لا يحنث إلا بالكل في النسبة وبأدنى الجمع في الملك كما سيذكره المصنف
قوله ( إن زالت إضافته ) أي ولو إلى الحالف كما في لا آكل طعامك هذا فأهداه له فأكل لم يحنث في قياس قولهما
وعند محمد يحنث وكذلك في بقية المسائل
بحر عن الذخيرة قوله ( ببيع ) أي أو هبة أو صدقة أو إرث أو غير ذلك
رملي
وهذا راجع للعبد والدار وما بعدهما
قوله ( أو طلاق ) راجع للعرش وقوله أو عداوة راجع للصديق
قوله ( ونحوه مما يملك كالدار )
____________________
(3/797)
هذا التعميم لا يناسب حله الآتي حيث جعل الدار مسكوتا عنها لكونها لا تكلم وجعل القهستاني قوله وكلمه من عموم المجاز أي وفعل الحالف واحدا من هذه الأفعال بأن كلم العبد أو دخل الدار المعين أو غيره ا هـ
ولو فعل الشارح كذلك لصح تعميمه واستغنى عما يأتي
تنبيه استثنى في البحر مسألة يحنث فيها وإن زالت الإضافة وهي ما لو حلف لا يأكل من طعام فلان وفلان بائع الطعام فاشترى منه وأكل حنث
قال وعلله في الواقعات بأن يراد به طعامه باسم ما كان مجازا بحكم دلالة الحال وكذا لا ألبس من ثياب فلان ا هـ
قلت ووجهه أنه إذا كان بائعا يراد به ما يشترى منه أو ما يصنعه فلا تتقيد اليمين بحال قيام الإضافة لأن إضافة الملك غير مقصودة
قوله ( أشار إليه بهذا أولا ) أما إذا لم يشر إليه فلأنه عقد يمينه على فعل واقع في محل مضاف إلى فلان فيحنث ما دامت الإضافة باقية وإن كانت متجددة بعد اليمين ولا يحنث بعد زوالها لعدم شرط الحنث
وأما إذا أشار إليه فلأن اليمين عقدت على عين مضافة إلى فلان إضافة ملك فلا تبقى اليمين بعد زوال الملك كما إذا لم يعين وهذا لأن هذه الأعيان لا يقصد هجرانها لذواتها بالمعنى في ملاكها واليمين تتقيد بمقصود الحالف ولهذا تتقيد بالصفة الحاملة على اليمين وإن كانت في الحاضر على ما بينا من قبل وهذه صفة حاملة على اليمين فتتقيد بها فصار كأنه قال ما دام ملكا لفلان نظرا إلى مقصوده كذا في التبيين ولم يذكر المصنف حنثه بالمتجدد والحكم أنه إن لم يشر حنث بالتجدد وإن أشار لا يحنث كما في الكنز ح
قوله ( على المذهب ) مقابله رواية ابن سماعة أن العبد كالصديق لا كالدار
بحر وعند محمد يحنث في الدار والعبد عند الإشارة وبه قال زفر والأئمة الثلاثة كما في الدر المنتقى
قوله ( لأن العبد ساقط الاعتبار ) هذا وجه ظاهر المذهب ولذا يباع كالحمار فالظاهر أنه إن كان منه أذى إنما يقصد هجران سيده بهجرانه قوله ( بالطريق الأولى ) لأن العبد عاقل يمكن أن يعادي لذاته ومع هذا قيل إنه ساقط الاعتبار فالدار بالأولى
قوله ( فتنبه ) أي لكون هذا مراد المصنف
قوله ( إن أشار بهذا ) أي بأن قال لا أكلم صديق فلان هذا أو زوجته هذه
قوله ( أو عين ) مثل لا أكلم عبدك زيدا
قوله ( حنث ) أي بفعل المحلوف عليه بعد زوال الإضافة كما هو موضوع المسألة ولا يحنث بالمتجدد كما في الكنز
قوله ( لأن الحر يهجر لذاته ) أي فكانت الإضافة للتعريف المحض والداعي لمعنى في المضاف إليه غير ظاهر لأنه لم يقل لا أكلم صديق فلان لأن فلانا عدو لي
زيلعي
أفاد أن هذا عند عدم قرينة تدل على أن الداعي لمعنى في المضاف إليه فلو وجدت لا يحنث بعد زوال الإضافة ومثلها النية ولذا قال في البحر إن ما في المختصر أي الكنز إنما هو عند عدم النية وأما إذا نوى فهو على ما نوى لأنه محتمل كلامه
قوله ( وإن لم يشر ولم يعين لا يحنث ) إلا في رواية عن محمد والمعتمد الأول شرح الملتقى
قوله ( بأن اشترى عبدا أو تزوج بعد اليمين ) لما كان المتبادر من كلام المصنف أن قوله وحنث بالمتجدد مرتبط بقوله وإلا لا الواقع في مسألة غير العبد مثل بمثالين أحدهما في العبد والآخر في غيره إشارة إلى أن قوله وحنث بالمتجدد مرتبط بمسألة العبد أيضا بقرينة أن المصنف لم يذكر فيها حكم المتجدد فعلم أن هذا راجع
____________________
(3/798)
إلى المسألتين جميعا لكن هذا إذا لم يشر فيهما أما إذا أشار فيهما فمعلوم أنه لا يحنث لأن المتجدد غير المشار إليه وقت الحلف فافهم
والحاصل كما في البحر أنه إذا أضاف ولم يشر لا يحنث بعد الزوال في الكل لانقطاع الإضافة ويحنث في المتجدد في الكل لوجودها
وإذا أضاف وأشار فلا يحنث بعد الزوال والتجدد إن كان المضاف لا يقصد بالمعاداة وإلا حنث ا هـ
لكن قوله وإلا حنث أي بأن كان المضاف يقصد بالمعاداة كالزوجة والصديق مقتضاه أنه يحنث بالمتجدد إذا أشار مع أن الحنث بالمتجدد هنا قد خصه الزيلعي بما إذا لم يشر كما هو المتبادر من عبارة الكنز والمصنف فافهم
قوله ( لا يكلم هذا الطيلسان ) مثلث اللام
قاموس وهو ثوب طويل عريض قريب من طول وعرض الرداء مربع يجعل على الرأس فوق نحو العمامة ويغطى به أكثر الوجه كما قاله جمع محققون وهو لبيان الأكمل فيه ثم يدار طرفه الأيمن من تحت الحنك إلى أن يحيط بالرقبة جميعها ثم يلقي طرفه على المنكبين وتمامه في حاشية الخير الرملي عن شرح المنهاج لابن حجر
قوله ( مثلا ) لأن قوله صاحب هذه الدار ونحوها كذلك
نهر قوله ( لأن الإضافة للتعريف ) لأن الإنسان لا يعادي لمعنى الطيلسان فصار كما لو أشار إليه وقال لا أكلم هذا الرجل فتعلقت اليمين بعينه
فتح قيل يجوز أن يكون حريرا فيعادي لأجله
قلت هو مدفوع بأن عداوة الشخص منشؤها صفة في الشخص وهي ارتكابه المحرم شرعا نحوه لا ذات الحرير وإلا لزم أنه لو كلم المشتري ولو امرأة أن يحنث فافهم
مطلب لا أكلمه الحين أو حينا قوله ( الحين والزمان الخ ) أي سواء كان في النفي كوالله لا أكلمه الحين أو حينا إو الإثبات نحو لأصومن الحين أو حينا أو الزمان أو زمانا
قوله ( من حين حلفه ) أي يعتبر ابتداء الستة أشهر من وقت اليمين بخلاف لأصومن حينا أو زمانا فإن له أن يعين أي ستة أشهر شاء وتقدم الفرق
فتح أي تقدم في قوله لا أكلمه شهرا
قوله ( لأنه الوسط ) علقة لقوله ستة أشهر وذلك الحين قد يراد به ساعة كما في { فسبحان الله حين تمسون } الروم 17 وأربعون سنة كما قال المفسرون في { هل أتى على الإنسان حين من الدهر } الإنسان 1 وستة أشهر كما قال ابن عباس في { تؤتي أكلها كل حين } إبراهيم 25 لأنها مدة بين أن يخرج الطلع إلى أن يصير رطبا فعند عدم النية ينصرف إليه لأنه الوسط ولأن القليل لا يقصد بالمنع لوجود الامتناع فيه عادة والأربعون سنة لا تقصد بالحلف عادة لأنه في معنى الأبد ولو سكت عن الحين تأبد فالظاهر أنه لم يقصد الأقل ولا الأبد ولا أربعين سنة فيحكم بالوسط في الاستعمال والزمان استعمل استعمال الحين وتمامه في الفتح
قوله ( أي النية ) أي يصح بالنية ما نواه وبين الشارح بتفسير الضمير أن الضمير عائد على النية التي تضمنها نوى فهو من قبيل عود الضمير على مرجع معنوي متضمن في لفظ متأخر لفظا متقدم رتبة لأن الأصل ما نواه كائن بها ا هـ ح
قوله ( فيهما ) أي في الحين والزمان أي إذا نوى مقدارا صدق لأنه نوى حقيقة كلامه لأن كلا منهما للقدر المشترك بين القليل والكثير والمتوسط واستعمل في كل كما مر
فتح
____________________
(3/799)
مطلب لا أكلمه غرة الشهر أو رأس الشهر قوله ( وغرة وكذا عند الهلال أو إذا أهل الهلال وإن نوى الساعة التي أهل فيها صح لأنه الحقيقة وفيه تغليظ عليه كذا في الفتح
وفيه أيضا أن الغرة في العرف ما ذكر وإن كان في اللغة للأيام الثلاثة وبلغ الشهر التاسع والعشرون
قوله ( وأوله إلى ما دون النصف ) كذا في البحر عن البدائع ومقتضاه أن الخامس عشر ليس من أوله ويخالفه الفرع الآتي وكذا ما في الخانية حلف ليأتينه في أول شهر رمضان فأتاه لتمام خمسة عشر لا يحنث فإن كان الشهر تسعة وعشرون يوما قال محمد إن أتاه قبل الزوال من اليوم الخامس عشر ينبغي ألا لا يحنث وإن أتاه بعد الزوال في هذا اليوم حنث ا هـ
ونحوه في ح عن القهستاني ومثله في التاترخانية ولعلهما قولان يشير إليه ما في البزازية أوله قبل مضي النصف وعن الثاني فيمن قال لا أكلمك آخر يوم من أول الشهر وأول يوم من آخره فعلى الخامس عشر والسادس عشر
قوله ( والصيف الخ ) قال في الفتح وفي الواقعات و المختار أنه إذا كان الحالف في بلد لهم حساب يعرفون الصيف والشتاء مستمرا ينصرف إليه وإلا فأول الشتاء ما يلبس الناس فيه الحشو والفرو وآخره ما يستغني الناس فيه عنهما والفاصل بين الشتاء والصيف إذا استثقل ثياب الشتاء واستخف ثياب الصيف والربيع من آخر الشتاء إلى أول الصيف والخريف من آخر الصيف إلى أول الشتاء لأن معرفة هذا أيسر للناس
قوله ( أو الأبد ) أي معرفا أو منكرا بقرينة قصر التفصيل على الدهر
قوله ( هو العمر ) أشار إلى أنه لو قال لا أكلمه العمر فهو على الأبد عند عدم النية ولو نكره فعن الثاني على يوم وعنه على ستة أشهر كالحين وهو الظاهر
نهر عن السراج
قوله ( عند عدم النية ) أما إذا نوى شيئا فتعمل نيته
أفاده ط
قوله ( لم يدر ) أي توقف فيه أبو حنيفة وقال لا أدري ما هو قال في الاختيار لأنه لا عرف فيه فيتبع واللغات لا تعرف قياسا و الدلائل فيه متعارضة فتوقف فيه
وروى أبو يوسف عنه أن دهرا والدهر سواء وهذا عند عدم النية فإن كان له نية فعلى ما نوى ا هـ أي لو نوى مقدارا من الزمان عمل به اتفاقا فتح
فإن قيل ذكر في الجامع الكبير أجمعوا فيمن قال إن كلمته دهورا أو شهورا أو سنينا أو جمعا أو أياما يقع على ثلاثة من هذه المذكورات
قلنا هذا تفريع لمسألة الدهر على قول من يعرف الدهر كما فرع مسائل المزارعة على قول من يرى جوازها
قاله ابن الضياء شرنبلالية
قلت والأحسن ما أجاب به في الفتح من أن قوله إنه على ثلاثة ليس فيه تعيين معناه أنه ما هو
مطلب المسائل التي توقف فيها الإمام قوله ( توقف الإمام في أربع عشرة مسألة ) منها لفظ دهر ومنها الدابة التي لا تأكل إلا الجلة وقيل التي أكثر غذائها متى يطيب لحمها فروي تحبس ثلاثة أيام وقيل سبعة ومنها الكلب متى يصير معلما ففوضه للمبتلى وعنه هو قولهما بترك الأكل ثلاثا ومنها وقت الختان روي عشر سنين أو سبع وعليه مشى المصنف آخر المتن
____________________
(3/800)
وقيل أقصاه اثنا عشر
ومنها الخنثى المشكل إذا بال من فرجيه
وقالا يعتبر الأكثر
ومنها سؤر الحمار والتوقف في طهوريته لا في طهارته
ومنها هل الملائكة أفضل من الأنبياء ومر في الصلاة أن خواص البشر أفضل
ومنها أطفال المشركين
وقال محمد لا يعذب الله أحدا بلا ذنب ومر في الجنائز
ومنها نقش جدار المسجد من ماله ومر أنه يجوز لو خيف عليه من ظالم أو كان منقوشا زمن الواقف أو لإصلاح الجدار
وفي الشرنبلالية أنه نظمها شيخ الإسلام ابن أبي شريف بقوله حمل الإمام أبا حنيفة دينه أن قال لا أدري لتسعة أسئله أطفال أهل الشرك أين محلهم وهل الملائكة الكرام مفضله أم أنبياء الله ثم اللحم من جلالة أنى يطيب الأكل له والدهر مع وقت الختان وكلبهم وصف المعلم أي وقت حصله والحكم في الخنثى إذا ما بال من فرجيه مع سؤر الحمار استشكله وأجائز نقش الجدار لمسجد من وقفه أم لم يجز أن يفعله قلت وألحقت بها ببيتا آخر فقلت ويزاد عاشرة هل الجني يثا ب بطاعة كالإنس يوم المسأله قوله ( بل عن النبي وعن جبريل أيضا ) في الكرماني سئل رسول الله عن أفضل البقاع فقال لا أدري حتى أسأل جبريل فسأله فقال لا أدري حتى أسأل ربي فقال عز وجل خير البقاع المساجد وخير أهلها أولهم دخولا وآخرهم خروجا وفي الحقائق أنه تنبيه لكل مفت أن لا يستنكف من التوقف فيما لا وقوف له عليه إذ المجازفة افتراء على الله تعالى بتحريم الحلال وضده كذا في القهستاني
وقال الغزالي في الإحياء وقال ما أدري أعزير نبي أم لا وما أدري أتبع ملعون أم لا وما أدري أذو القرنين نبي أم لا ا هـ ح
وهذا قبل أن يطلعه الله تعالى على أمرهم وقد أخبر عليه الصلاة والسلام بأن تبعا مؤمن ط
قوله ( والجمع ) معناه أنه إذا حلف لا يكلمه الجمع بترك كلامه عشرة أيام كل يوم هو يوم الجمعة لا أنه يترك كلامه عشرة أسابيع كما قد يتوهم وهذا حيث لا نية له فإن نوى الأسابيع صح بخلاف جمعة مفردا كقوله علي صوم جمعة إذا نوى الأسبوع أو لم ينو يلزمه صوم الأسبوع بحكم غلبة الاستعمال يقال لم أرك منذ جمعة
أفاده في البحر
قوله ( عشرة من كل صنف ) هذا عنده وقال في الأيام وأيام كثيرة سبعة والشهور اثنا عشر وما عداها للأبد
والأصل فيه أنه لتعريف العهد لو ثم معهود وإلا فللجنس فإذا كان للجنس فإما أن ينصرف إلى أدناه أو إلى الكل لا ما بينهما فهما يقولان وجد العهد في الأيام والشهور لأن الأيام تدور على سبعة والشهور على اثني عشر فيصرف إليه وفي غيرهما لم يوجد فيستغرق العمر وهو يقول إن أكثر ما يطلق عليه اسم الجمع عشرة وأقله ثلاثة فإذا دخلت عليه أل استغرق الجمع وهو العشرة لأن الكل من الأقل بمنزلة العام من الخاص والأصل في العام العموم فحملنا عليه
زيلعي قوله ( لأنه أكثر ما يذكر بلفظ الجمع ) يعني أن العشرة أقصى ما عهد مستعملا فيه لفظ الجمع على اليقين لأنه يقال ثلاثة رجال وأربعة رجال إلى عشرة رجال فإذا جاوز العشرة ذهب الجمع فيقال أحد عشر رجلا الخ
ح عن البحر قوله ( خمس سنين ) لأن كل زمان ستة أشهر عند عدم النية
فتح
____________________
(3/801)
قوله ( ومنكرها ) أي منكر هذه الألفاظ
قوله ( كما مر ) أي في أيام كثيرة ويقاس عليها غيرها ط
قوله ( لا يكلم عبيدا ) أشار به إلى أنه لا فرق بين المنكر والمضاف ط
وإلى أنه لا غير فرق بين منكر هذه الألفاظ المارة ومنكر غيرها إذا لم يوصف بالكثرة ويأتيك قريبا تحقيق ذلك
قوله ( وتصح نية الكل ) أي قضاء وديانة لأنه نوى حقيقة كلامه كذا في الزيادات وظاهر أنه لا يحنث بواحد
بحر قوله ( لأن المنع لمعنى في هؤلاء ) فإن الإضافة فيهم إضافة تعريف فتعلقت اليمين بأعيانهم فما لم يكلم الكل لا يحنث وفي الأول إضافة ملك لأنها لا تقصد بالهجران وإنما المقصود المالك فتناولت اليمين أعيانا منسوبة إليه وقت الحنث وقد ذكر النسبة بلفظ الجمع وأقله ثلاثة كذا في الاختيار ونحو في البحر
قلت وهو مخالف للعرف فإن أهل العرف يريدون عدم الكلام مع أي زوجة منهن ومع من كان له صداقة مع فلان ط
قلت وقدمنا أول الأيمان قبيل قوله كل حل عليه حرام عن القنية إن أحسنت إلى أقربائك فأنت طالق فأحسنت إلى واحد منهم يحنث ولا يراد الجمع في عرفنا ا هـ
قوله ( فإن كان يعلم به ) أي يعلم بأنه واحد حنث لأن الجمع قد يراد به الجنس كلا اشترى العبيد لكن الفرق هنا أن إخوة فلان خاص معهود بخلاف العبيد
قوله ( وألحق في النهر ) أي بالإخوة بحثا والظاهر أنه لا خصوصية للأصدقاء والزوجات بل الأعمام ونحوهم والعبيد والدواب وغيرهم كذلك لما قلنا
مطلب الجمع لا يستعمل لواحد إلا في مسائل قوله ( من المسائل الأربع الخ ) ذكرها في شرحه على الملتقى آخر كتاب الوقف وزاد عليها حيث قال فائدة الجمع لا يكون أي لا يستعمل للواحد إلا في مسائل وقف على أولاده وليس له إلا واحد فله كل الغلة بخلاف بنيه وقف على أقاربه المقيمين ببلد كذا فلم يبق منهم إلا واحد
حلف لا يكلم إخوة فلان وليس له إلا واحد حلف لا يأكل ثلاثة أرغفة من هذا الحب أو الخبز وليس منه إلا رغيف واحد
حلف لا يكلم الفقراء أو المساكين أو الناس أو بني آدم وهؤلاء القوم أو أهل بغداد حنث بواحد كما في الأطعمة والثياب والنساء ثم أطال في ذلك وفي الكلام على المسألة الأولى وأنها مخالفة لما في الخانية ثم وقف بينهما فراجعه وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام عليها في الوقف
قوله ( وأما الأطعمة والثياب الخ ) أي إذا كانت معرفة بأل مثل لا آكل الأطعمة ولا ألبس الثياب بخلاف أطعمة زيد وثيابه فلا بد من الجمعية كما مر وقوله لانصراف المعرف للعهد الخ بيان لوجه الفرق
____________________
(3/802)
مطلب تحقيق مهم في الفرق بين لا أكلم عبيد فلان أو زوجاته أو النساء أو نساء أقول والفرق بين هذه المسائل من المواضع المشكلة فلا بد من بيانه فنقول قال في تلخيص الجامع وشرحه إن كلمت بني آدم أو الرجال أو النساء حنث بالفرد إلا أن ينوي الكل إلحاقا للجمع المعرف بالجنس فيصدق قضاء ولا يحنث أبدا لأن الصرف إلى الأدنى عند الإطلاق لتصحيح كلامه إذ ليس في وسعه إثبات كل الجنس وإذا نوى الكل فقد نوى حقيقة كلامه وأما الجمع المنكر كإن كلمت نساء فيحنث بالثلاث لأنه أدنى الجمع ولو نوى الزائد صدق قضاء وإن كان فيه تخفيف عليه لأن الزائد على الثلاث جمع حقيقة وله نية الفرد أيضا لجواز إرادته بلفظ الجمع نحو { إنا أنزلناه } القدر 1 لا نية المثنى ا هـ
وقد صرح الأصوليون بأن المعرف يصرف للعهد إن أمكن وإلا فللجنس لأن أل إذا دخلت على الجمع ولا عهد تبطل معنى الجمعية كلا أشتري العبيد
إذا علمت ذلك فنقول إن الجمع المضاف إذا كان محصورا فهو من قسم المعرف المعهود فلا تبطل فيه الجمعية ولكن تارة يكتفي بأدنى الجمع كما في عبيد فلان ودوابه وثيابه وتارة لا بد من الكل كما في زوجاته وأصدقائه وإخوته وقد مر الفرق
وأما إذا كان غير محصور مثل لا أكلم بني آدم أو أهل بغداد أو هؤلاء القوم فإنه يكون للجنس لعدم العهد فيحنث بواحد ويشير إلى هذا الفرق ما في منية المفتي
وعن أبي يوسف إن كان له من العبيد ما يجمعهم بتسليم واحد لم يحنث حتى يكلم الكل وإن كانوا أكثر من ذلك فكلم واحدا حنث وكذا في الثياب إن كان له منها ما يلبس بلبسة واحدة لا يحنث إلا بالكل وإن كان أكثر فبواحد ا هـ
فهذا صريح في الفرق بين المضاف المحصور وغيره فصار المضاف المحصور مثل العرف بأل المعهود لا بد فيه من الجمعية وغير المحصور مثل المنكر والمعرف بأل غير المعهود يكتفى في بالواحد وعليه يخرج المسائل المارة عن شرح الملتقى وبه يظهر صحة ما أجاب به صاحب البحر فيمن حلف أن أولاد زوجته لا يطلعون بيته فطلع واحد بأنه لا يحنث ولا بد من الجمع كما تقدم قبيل قول المصنف كل حل عليه حرام لكن كان المناسب أن يقول لا بد من طلوع الكل لأنه مثل زوجات فلان لا مثل عبيده وتقدم الفرق لكن العرف الآن خلاف هذا كما ذكرناه قريبا وظهر أيضا أن مسألة الوقف الصواب فيها ما في الخانية من التسوية بني الأولاد والبنين من أنه إذا لم يكن له إلا ولد واحد فالنصف له والنصف للفقراء إذ لا فرق بين قوله على أولادي وقوله على بني فإن كلا منهما جمع مضاف معهود بخلاف قوله على ولدي فإنه مفرد مضاف يشمل الواحد فكل الغلة له وبه يظهر أيضا أن الجمع المضاف المعهود إذا لم يوجد منه إلا فرد لا يبطل اللفظ بالكلية بل يبقى له مدخل في الكلام وإلا لم يستحق الولد شيئا ولذا حنث في لا أكلم إخوة فلان إذا لم يوجد غير واحد لكن هذا مع العلم وإلا كان المقصود هو الجمع لا غير كما مر فاغتنم تحقيق هذا المقام فإنه من مفردات هذا الكتاب والحمد لله على الإتمام والإنعام
باب اليمين في الطلاق والعتاق قوله ( الأصل فيه ) أي في مسائله أي بعضها ط
قوله ( أن الولد الميت ) قيد بلفظ الولد إشارة إلى اشتراط أن يستبين بعض خلقه
قال في الفتح ولو لم يستبن شيء من خلقه لم يعتبر
قوله ( ولد في حق غيره ) فتنقضي به العدة والدم بعده نفاس وأمه أم ولد ويقع به المعلق على ولادته ط أي من عتقها أو طلاقها مثلا
قوله ( لا في حق نفسه )
____________________
(3/803)
فلا يسمى ولا يغسل ولا يصلي عليه ولا يستحق الإرث والوصية ولا يعتق ا هـ شلبي
وسيأتي مثال هذا الأصل في قوله إن ولدت فأنت كذا حنث بالميت بخلاف فهو حر ط
قوله ( وأن الأول اسم لفرد سابق ) فيه أن المعتبر عدم تقدم غيره عليه السابق يوهم وجود لاحق وهو غير شرط كما يأتي فالأوضح أن يقول والأول اسم لفرد لم يتقدمه غيره
أفاده ط
قوله ( والأخير ) كذا في البحر وفي نسخة والآخر بمد الهمزة وكسر الخاء بلا ياء وهي أولى ولا يصح الفتح لصدقه على السابق وعلى اللاحق
قوله ( بين العددين المتساويين ) كالثاني من ثلاثة والثالث من خمسة ولم يمثل المصنف له كالكنز ط
وسيأتي بيانه
قوله ( بأحدها ) أي أحد الثلاثة المذكورة وفي نسخة بضمير التثنية والأولى أولى
قوله ( لا يتصف بالآخر ) بالمد والكسر فلو قال آخر امرأة أتزوجها طالق فتزوج امرأة ثم أخرى ثم طلق الأولى ثم تزوجها ثم مات طلقت التي تزوجها مرة لأن التي أعاد عليها التزوج اتصفت بكونها أولى فلا تتصف بالآخرية للتضاد كما لو قال آخر عبد أضربه فهو حر فضرب عبدا ثم ضرب آخر ثم أعاد الضرب على الأول ثم مات عتق المضروب مرة
ح عن البحر
قوله ( لعدمه ) أي لعدم التنافي بيانه أن الفعل يتصف بالأولية وإذا وقع وقع ثانيا بالآخرية لكون الثاني غير الأول فإنه عرض لا يبقى زمانين وإنما يعتبره الشرع باقيا كالبيع ونحوه إذا لم يعرض عليه ما ينافيه كفسخ وإقالة وإلا فهو زائل وما يوجد بعده فهو غير حقيقة وإن كان عينه صورة فصح وصفه بالأولية والآخرية باعتبار الصورة وانتفى التنافي بين الوصفين باعتبار الحقيقة وذلك لكون الواقع آخرا غير الواقع أولا ولذا قال لأن الفعل الثاني غير الأول فافهم
قوله ( مرتين ) ظرف للمتزوجة لا لطلقت ح
قوله ( لعدم الفردية ) أي في العبدين وأما العبد فلعدم السبق فكان عليه أن يقول لعدم الفردية والسبق ا هـ ح
مطلب أول عبد أشتريه حر قوله ( عتق الثالث ) أي في المثال المذكور لأنه هو الموصوف بكونه أول عبد اشتراه وحده ولا يخرجه عن الأولية شراء عبدين معا قبله وكذا لو قال أول عبد أشتريه أسود أو بالدنانير فاشترى عبيدا بيضا أو بالدراهم ثم اشترى عبدا أسود أو بالدنانير عتق كما في البحر ولا يلزم في المشتري أولا أن يكون جمعا كما لا يخفى
قوله ( وأشار إلى الفرق ) أي بين وحده وبين واحدا
قوله ( للاحتمال الخ ) هذا الفرق لشمس الأئمة ومقتضاه أنه لو نوى كونه حالا من العبد يعتق لكن عبر عنه في الفتح بقيل والذي اقتصر عليه في تلخيص الجامع الكبير وأوضحه قاضيخان في شرح الجامع الصغير و شرح الهداية وغيرهم هو أن الواحد يقتضي الانفراد في الذات ووحده الانفراد في الفعل المقرون به ألا ترى أنه لو قال في الدار رجل واحد كان صادقا إذا كان معه صبي أو امرأة بخلاف في الدار رجل وحده فإنه كاذب فإذا قال واحدا لا يعتق الثالث لكونه حالا مؤكدة لم تفد غير ما أفاده لفظ أول فإن مفاده الفردية والسبق ومفادها التفرد فكان كما لو لم يذكرها أما إذا قال وحده فقد أضاف
____________________
(3/804)
العتق إلى أول عبد لا يشاركه غيره في التملك والثالث بهذه الصفة وإن عنى بقوله واحدا معنى التوحد صدق ديانة وقضاء لما فيه من التغليظ فيكون الشرط حينئذ التفرد والسبق في حالة التملك كما ذكره الفارسي في شرح التلخيص وبما ذكر من الفرق علمت أنه لا فرق بين النصب والجر بل ذكر في تلخيص الجامع أن حقه الكسر كما في بعض نسخ الجامع وذكر شارحه عن كافي النسفي أن الألف خطأ من بعض الكتاب
قوله ( فهو كوحده ) أي فيعتق العبد الثالث ورده في النهر بأن الجر كالنصب الفرق السابق
قلت ويؤيده ما نقلنا عن تلخيص الجامع وشرحه قوله وفي النهر الخ في بعض النسخ وجوز في النهر الخ وعبارته ولم أرى في كلامهم الرفع على أنه خبرا لمبتدأ محذوف والظاهر أنه لا يعتق أيضا كالنصف فتدبره ا هـ
قوله ( فملك عبدا ونصف عبد ) أي معا كما في الفتح
قوله ( عتق الكامل ) لأن نصف العبد ليس بعبد فلم يشاركه في اسمه فلا يقطع عنه وصف الأولية والفردية كما لو ملك معه ثوبا أو نحوه
زيلعي قوله ( كذا الثياب ) مثل أول ثوب أملكه فهو هدي فملك ثوبا ونصفا
قوله ( للمزاحمة ) فإنه إذا قال أول كر أملكه فهو صدقة فملك كرا ونصف كر جملة لا يلزمه التصدق بشيء لأن النصف الزائد على الكر مزاحم له يخرجه عن الأولية والفردية لأن الكر اسم لأربعين قفيزا وقد ملك ستين جملة نظيره أول أربعين عبدا أملكهم فهم أحرار فملك ستين لا يعتق أحد فعلم أن النصف في الكر يقبل الانضمام إليه إذ لو أخذت أي نصف شئت وضممته إلى النصف الزائد يصير كرا كاملا ونصف العبد ليس كذلك زيلعي قوله ( فمات الحالف ) وكذا لا يعتق لو لم يمت بالأولى لأنه ما دام حيا يحتمل أن يملك غيره
قوله ( إذ لا بد للآخر من الأول الخ ) قال في الفتح وهذه المسألة مع التي تقدمت تحقق أن المعتبر في تحقق الآخرية وجود سابق بالفعل وفي الأولية عدم تقدم غيره لا وجود آخر متأخر عنه وإلا لم يعتق المشتري في قوله أول عبد أشتريه فهو حر إذا لم يشتر بعده غيره ا هـ
قوله ( بخلاف القبل ) فإذا قلت جاء زيد قبل لا يقتضي مجيء أحد بعده فإن معناه أن أحدا لم يتقدمه في المجيء ط
قلت والظاهر أن هذا فيما إذا كان قبل منصوبا منونا وإلا فهو مضاف تقديرا إلى شيء وجد بعده إلا أن يقال إنه لا يلزم وجوده بعده ولو صرح بالمضاف إليه كجئت قبل زيد فليتأمل
قوله ( ثم مات الحالف ) قيد به لأنه لا يعلم أن الثاني آخر إلا بموت المولى لجواز أن يشتري غيره فيكون هو الآخر بحر
قلت وهذا إذا تناولت اليمين غير هذا العبد وكانت على فعل لا يوجد بعد موت المولى ولم يؤقت وقتا لما في شرح الجامع الكبير لو قال لامرأتين آخر امرأة أتزوجها منكما طالق فتزوج امرأة ثم الأخرى طلقت الثانية في الحال لاتصافها بالآخرية في الحال واليمين لم يتناول غيرهما ولو قال لعشرة أعبد آخركم تزوجا حر فتزوج بإذنه عبد ثم تزوج الأول أخرى ثم مات المولى لم يعتق واحد منهم لأن بموته لم يتحقق الشرط لاحتمال ان يتزوج آخر بعد موت المولى فلم يكن آخرهم إلا إذا تزوج كلهم بإذنه فيعتق العاشر في الحال بلا توقف على موت المولى لأنه آخرهم ولا يتوهم زوال وصف الآخرية عنه وكذا لو ماتوا قبله سوى المتزوجين فيعتق الذي تزوج مرة ولو قال آخرهم تزوجا اليوم حر عتق الثاني الذي تزوج مرة بمضي اليوم دون الأول الذي تزوج
____________________
(3/805)
مرتين لأنه اتصف بالأولية فلا يتصف بالآخرية ا هـ ملخصا وتمامه فيه
قوله ( مستندا إلى وقت الشراء ) هذا عنده وعندهما يقع مقتصرا على حالة الموت فيعتبر من الثلث على كل حال لأن الآخرية لا تثبت إلا بعدم شراء غيره بعده وذلك يتحقق بالموت فيقتصر عليه
وله أن الموت معرف فأما اتصافه بالآخرية فمن وقت الشراء فيثبت مستندا بحر
قوله ( لو علق البائن بالآخر ) كقوله آخر امرأة أتزوجها فهي طالق ثلاثا فعنده يقع منذ تزوج وإن كان دخل بها فلها مهر بالدخول بشبهة ونصف مهر الطلاق قبل الدخول وعدتها بالحيض بلا حداد ولا ترث منه وعندهما يقع عند الموت وترث لأنه فار ولها مهر واحد وعليها العدة أبعد الأجلين من عدة الطلاق والوفاة وإن كان الطلاق رجعيا فعليها الوفاة وتحد كما في البحر قوله ( وأما الوسط الخ ) فإذا اشترى ثلاثة أعبد متفرقين ثم مات عتق الثاني عند الموت عندهما وعند الإمام عتق مستندا إلى وقت شراء الثالث لأنه اكتسب اسم الوسط في نفس الأمر عند شراء الثالث وعرفنا ذلك بموت السيد قبل أن يشتري رابعا وأما قبل الثالث فلم يكتسب الثاني اسم الوسط لا عندنا ولا في نفس الأمر فلا يستند العتق إلى وقت شراء الثاني بخلاف ما إذا قال آخر عبد أملكه فهو حر ثم اشترى عبدين متفرقين ثم مات حيث يعتق الثاني مستندا إلى وقت شرائه عند الإمام لأنه اكتسب اسم الآخر بالشراء في نفس الأمر وعرفنا ذلك بموت السيد قبل أن يشتري عبدا آخر هذا ما ظهر لي فتأمل وراجع ا هـ ح
قلت وهو بحث جيد والقواعد له تؤيد
وفي التلخيص وشرحه للفارسي لو قال كل مملوك أملكه حر إلا الأوسط فملك عبدا عتق في الحال لامتناع الأوسطية في حالا ومالا فلو ملك ثانيا ثم ثالثا لم يعتق واحد منهما لأن الثاني صار أوسط بشراء الثالث والثالث يحتمل أن يصير أوسط بملك خامس وإنما يعتق الثاني إذا انتفت عنه الأوسطية بأن ملك رابعا فيعتق حين ملك الرابع وهلم جرا والأوسطية تزول بموت المولى عن شفع كالاثنين والأربعة والستة وتتحقق بموته عن وتر كثلاثة أو خمسة أو سبعة ونحوها فيعتقون إلا أوسطهم وتمامه هناك
قوله ( مستبين الخلق ) أي ولو بعض الخلق كما قدمناه
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يستبن
مطلب إن ولدت فأنت كذا حنث بالميت بخلاف فهو حر قوله عتق الحي وحده أي عند الإمام وعندهما لا يعتق أحد لأن الشرط تحقق بولادة الميت فتنحل اليمين لا إلى جزاء لأن الميت ليس بمحل للحرية وله أن مطلق الاسم تقيد بوصف الحياة لأنه قصد إثبات الحرية له وعلى هذا الخلاف أول ولد تلدينه فهو حر فولدت ميتا ثم حيا
أفاده في البحر
قوله ( لبطلان الرق الخ ) هذا تعليل من طرفهما لغير مذكور في كلام الشارح وهو ما لو قال أول عبد يدخل علي فهو حر فأدخل عليه عبد ميت ثم آخر حي عتق الحي إجماعا على الصحيح والعذر لهما أن العبودية بعد الموت لا تبقى لأن الرق يبطل بالموت بخلاف الولد في أول ولد تلدينه والولادة في إن ولدت لتحققهما بعد الموت
أفاده ح
قوله ( بل لغة الخ ) قال في النهر ولا تختص لغة بالسار بل قد تكون في الضار ومنه { فبشرهم بعذاب أليم } التوبة 34 ودعوى المجاز مدفوعة بمادة الاشتقاق إذ لا شك
____________________
(3/806)
أن الإخبار بما يخافه الإنسان يوجب تغير البشرة أيضا ا هـ
أقول لا منافاة بين ما قاله من أنها حقيقة في خبر يغير البشرة وبين تقرير البيانيين الاستعارة التهكمية في الآية لأنه نظر فيما قاله إلى أصل اللغة وهم نظروا إلى عرف اللغة وكم لفظ اختلف معناه في أصلها وعرفها كالدابة فإنها اسم لما يدب على الأرض في أصل اللغة وخصت في عرفها بذوات الأربع وكاللفظ فإن معناه في أصل اللغة الرمي ثم خص في عرفها بما يطرحه الفم كما في رسالة الوضع ا هـ ح
وحاصله أنه منقول لغوي فيصح إطلاق لفظ الحقيقة والمجاز عليه باختلاف الاعتبار كما أوضحه في التلويح في أول التقسيم في استعمال اللفظ في المعنى
قوله ( خرج الكذب ) فلا يعتبر
وأورد أنه يظهر به في بشرة الوجه الفرح والسرور باعتبار الظاهر
وأجيب بأنه إذا ظهر خلافه يزول لكن في الفتح أن الوجه فيه نقل اللغة والعرف
قوله ( فيكون ) أي التبشير أو الضمير عائد للخبر الذي عاد إليه ضمير به
مطلب كل عبد بشرني بكذا حر قوله من الأول أي من المخبر الأول دون الباقين أي المخبرين بعده في المثال الآتي
قال في الفتح وأصله ما روي أنه عليه الصلاة والسلام مر بابن مسعود وهو يقرأ القرآن فقال عليه الصلاة والسلام من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد فابتدر إليه أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما بالبشارة فسبق أبو بكر عمر فكان ابن مسعود اث يقول بشرني أبو بكر وأخبرني عمر
قوله ( لما قلنا ) من أن المبشر هو الأول دون الباقين
قوله ( فتكون الحديث ) أي فلا يعتق بالكتابة والرسالة لما مر في الباب السابق أن الحديث لا يكون إلا باللسان
قوله ( إن ذكر الرسالة ) بأن قال له إن فلانا يقول لك إن فلانا قدم كما في البحر فالمعتبر في الرسالة إسناد الكلام إلى المرسل بلا اشتراط ذكر مادة الرسالة
قوله ( وإلا الرسول ) أي وإن لم يذكر الرسالة وإنما قال له إن فلانا قدم من غير إسناد إلى المرسل عتق الرسول
قوله ( عتقوا ) وإن قال عنيت واحدا لم يصدق قضاء بل ديانة فيسعه أن يختار واحدا فيمضي عتقه ويمسك البقية
ط عن الهندية
قوله ( فبشروه ) كذا وقع للزيلعي و الكمال و صاحب البحر و التلاوة بالواو ط
قوله ( والإعلام لا بد فيه من الصدق ) كان عليه أن يزيد وجهل الحالف كما قدمناه في التلخيص في الباب السابق لأن الإعلام لا يكون للعالم وقدمنا أن ما ذكره هنا من اشتراط الصدق في الإعلام والبشارة مخالف لما قدمه هناك تبعا للفتح و البحر من عدم اشتراطه إذا كانا بدون باء وأن ما هنا مذكور في التلخيص قوله ( والكذب لا يفيده ) لأن العلم الجزم المطابق للحق والكذب لا مطابقة فيه ط
مطلب النية إذا قارنت علة العتق صح التكفير قوله ( النية الخ ) أي نية العتق عن الكفارة وقد ذكروا هذه القاعدة هنا لمناسبة تعليق العتق بالشراء فإنه يمين وإلا فالمناسب لها كفارة الظهار أو كفارة اليمين
قوله ( كالشراء ) أي شراء القريب أي إذا نواه عن كفارته أجزأه
____________________
(3/807)
عندنا خلافا لزفر والأئمة الثلاثة وهو قول أبي حنيفة أولا بناء على أن علة العتق عندهم القرابة لا الشراء ولنا أن شراء القريب إعتاق لما روى السته إلا البخاري أنه قال لن يجزي ولد عن والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه يريد فيشتريه فيعتق عند ذلك الشراء وقد رتب عتقه على شرائه بالفاء لما علمت من أن المعنى فيعتق هو فهو مثل سقاه فأرواه والترتيب بالفاء يفيد العلة على ما عرف مثل سها فسجد وتمامه في الفتح
قوله ( لأنه جبري ) فإن الملك يثبت فيه بلا اختيار فلا تتصور النية فيه فلا يعتق عن كفارته إذا نواه لأنها نية متأخرة عن العتق بخلاف ما إذا ملكه بهبة أو وصية ناويا عند القبول كما يأتي
قوله ( بأن لم تقارن ) أي النية العلة أي علة التكفير كما ذكرنا في الإرث وكما يأتي
قوله ( ثم فرع عليها ) أي على القاعدة المذكورة
قوله ( فصح شراء أبيه ) أي ونحوه من كل قريب محرم
قوله ( لا شراء من حلف بعتقه ) كقوله لعبد الغير إن اشتريتك فأنت حر فاشتراه ناويا عن التكفير لا يجزيه لعدمها أي عدم المقارنة للنية فإن علة العتق قوله فأنت حر والشراء شرط والعتق وإن كان ينزل عند وجود الشرط لكنه إنما ينزل بقوله أنت حر السابق فإنه العلة والشراء شرط عملها فلا يعتبر وجود النية عنده لأن النية شرط متقدم لا متأخر حتى لو كان نوى عند الحلف يعتق عنها كما يأتي وتمامه في الفتح
قوله ( ولا شراء مستولدة الخ ) أي إذا تزوج أمة لغيره فأولدها بالنكاح ثم قال لها إذا اشتريتك فأنت حرة عن كفارة يميني ثم اشتراها لا تجزيه عن الكفارة
قوله ( لنقصان رقها ) لأنها استحقت العتق بالاستيلاد حتى جعل إعتاقا من وجه ولذا لا يجزي إعتاقها عن الكفارة ولو منجزا ولكن أراد والفرق بينها وبين القريب لأن شراءه إعتاق من كل وجه لأنه لم يثبت له قبل الشراء عتق من وجه
أفاده في الفتح
قوله بخلاف الخ مرتبط بقوله ولا شراء مستولدة
قوله للمقارنة تعليل قاصر فإن المقارنة موجودة في المستولدة أيضا وإنما وجه المخالفة ما في الفتح وهو أن حرية القنة غير مستحقة بجهة أخرى فلم تختل إضافة العتق إلى الكفارة وقد قارنته النية فكمل الموجب
قوله ( كاتهاب الخ ) كان عليه أن يذكره بعد قول المتن فصح شراء أبيه للكفارة بأن يقول وكذا إذا وهب له أو تصدق عليه به أو أوصى له به ناويا عند القبول ح
وهذه الثلاثة ذكرها في البحر بحثا وزاد أو جعل مهرا لها مع أن الثلاثة في الفتح و الزيلعي
مطلب إن تسريت أمة فهي حرة قوله ( إن تسريت أمة ) أي اتخذتها سرية فعلية منسوبة إلى السر وهو الجماع أو الإخفاء
قوله ( لمصادفتها الملك ) أي لمصادفة الحلف وأعاد عليه الضمير مؤنثا لأن الحلف بمعنى اليمين وهي هنا التعليق أي لوقوعها في حالة الملك
____________________
(3/808)
فهو كقوله إن ضربت أمة فهي حرة فضرب أمة في ملكه عتقت بخلاف من ملكها بعد التعليق
قوله ( لا يعتق من شراها فتسراها ) أي عندنا خلافا لزفر فإنه يقول التسري لا يصح إلا في الملك فكان ذكره ذكر الملك
ولنا أنه لو عتقت المشتراة لزم صحة تعليق عتق من ليس في الملك بغير الملك وسببه لأن التسري ليس نفس الملك ولا سببه وتمام تحقيق ذلك في الفتح
قوله ( ويثبت التسري بالتحصين والوطء ) التحصين أن يبوئها بيتا ويمنعها من الخروج
أفاده مسكين ط
فلو وطىء أمة له ولم يفعل ما ذكر من التحصين والإعداد للوطء لا يكون تسريا وإن علقت منه
فتح
وأفاد قول الشارح والوطء أنه لا بد منه فلا يكفي الإعداد له بدونه في مفهوم التسري وهذا نبه عليه في النهر أخذا من قولهم لو حلف لا يتسرى فاشترى جارية فحصنها ووطئها حنث ثم قال إنهم أغفلوا التنبيه عليه ا هـ
قلت لكن صرح به ابن كمال فقال وشرط في الجامع الكبير شرطا ثالثا وهو أن يجامعها
قوله ( وشرط الثاني ) أي مع ذلك
فتح أي مع المذكور من الشرطين
قوله ( طلقت وعتق ) أي طلقت امرأته المعلق طلاقها على التسري وعتق عبده المعلق عتقه عليه والمراد به العبد الذي كان في ملكه وقت الحلف دون المشري بعده كما في الفتح و النهر أي لأن قوله فعبدي حر ينصرف إلى العبد المضاف إليه وقت الحلف دون الحادث بعده كما مر في كتاب الاعتاق في باب الحلف بالعتق ومثله يقال في الزوجة
قوله ( وأفاد الفرق الخ ) أي بين تعليق عتق الأمة الغير المملوكة وقت الحلف على تسريها وبين تعليق عتق عبده الذي في ملكه أو طلاق زوجته على تسري أمة وإن لم تكن في ملكه وقت الحلف حيث صح الثاني دون الأول وبيان الفرق أن الأول لم يصح للمانع وهو تعليق عتق من ليس في الملك بغير الملك وسببه كما مر أما الثاني فقد صح لعدم المانع لكونه تعليق عتق عبد أو طلاق زوجة في ملكه وقت الحلف وذلك جائز بأي شرط كان كدخول الدار وغيره من الشروط ومنها تسري أمة في ملكه وقت الحلف أو مستجدة بعده وهذا الفرق ظاهر خلافا لبعض معاصري صاحب البحر حيث قاس الثاني على الأول فإنه غلط فاحش كما نبه عليه في البحر و النهر و الشرنبلالية وأشار إليه المصنف بتصريحه بتعليله ولذا أمر الشارح بحفظه
مطلب كل مملوك لي حر قوله ( كل مملوك لي حر ) هذه المسائل إلى آخر الباب ليست من الأيمان لعدم التعليق فيها فالأولى بها أبوابها ا هـ ح
قلت ولعلهم ذكروها هنا لبيان حكمها إذا وقعت جزاء في التعليق ثم رأيت ط ذكره
قوله ( عتق عبيده ومدبروه ) أي الإماء والذكور
فتح قوله ( ويدين في نية الذكرو ) أي ولا يصدق قضاء لأنه نوى التخصيص في اللفظ العام ولو نوى السود دون غيرهم لا يصدق أصلا لأنه نوى التخصيص بوصف ليس في لفظه ولا عموم إلا للفظ فلا تعمل نيته بخلاف الذكور فإن لفظ كل مملوك للرجال حقيقة لأنه تعميم مملوك وهو الذكر وإنما يقال للأنثى مملوكة ولكن عند الإطلاق يستعمل لها المملوك عادة يعني إذا عمم مملوك بإدخال كل
____________________
(3/809)
ونحوه شمل الإناث حقيقة فلذا كان نية الذكور خاصة خلاف الظاهر فلا يصدق قضاء ولو نوى النساء وحدهن لا يصدق أصلا
فتح
قلت وتقدم في باب الحلف بالعتق من كتاب العتق أنه لو قال مماليكي كلهم أحرار لم يدين في نية الذكور لأنه جمع مضاف يعم مع احتمال التخصيص وقد ارتفع الاحتمال بالتأكيد بخلاف كل مملوك فإن الثابت فيه أصل العموم فقط فقيل التخصيص وقدم الشارح هناك أن لفظ المملوك والعبد يتناول المدبر والمرهون والمأذون على الصواب أي خلافا للمجتبى في الأخرين
قوله ( لملكهم يدا ورقبة ) عائد للكل وهو من إضافة المصدر لمفعوله أي لكونهم مملوكين له يدا أي أكسابا ورقبة
قوله ( ومعتق البعض كالمكاتب ) أي في أنه لا يدخل في المملوك لا أنه مثله في الدخول في المرقوق أيضا لأن كلا من الملك والرق ناقص في معتق البعض فلا يدخل في المملوك ولا في المرقوق ا هـ ح
قلت وتقدم في العتق أن المشترك كالمكاتب أيضا لا يدخل إلا بالنية وتقدم تمام الكلام عليه
قوله ( لعدم الملك يدا ) أي لعدم ملك المولى ما في يد المكاتب فصار الملك ناقصا فلا يدخل في المملوك المطلق وكذا معتق البعض والمشترك لما علمت
قوله ( أن يعتق المكاتب ) لأن الرق فيه كامل
فتح قوله ( لا أم الولد ) لنقصان رقها بالاستيلاد ط
مطلب لا يكلم هذا الرجل وهذا وهذا قوله ( هذه طالق الخ ) كان الأنسب بها الباب ذكر ما لو حلف لا يكلم هذا الرجل أو هذا وهذا ففي تلخيص الجامع وشرحه أنه يحنث بكلام الأول أو بكلام الأخرين لأن أو لأحد الشيئين ولو كلم أحد الأخيرين فقط لا يحنث ما لم يكلم الآخر ولو عكس فقال لا أكلم هذا وهذا أو هذا حنث بكلام الأخير أو بكلام الأولين لأن الواو للجمع وكلمة أو بمعنى ولا لتناولها نكرة في النفي فتعم كما في قوله تعالى { ولا تطع منهم آثما أو كفورا } الإنسان 24 أي ولا كفورا ففي الأول جمع بين الأخيرين بحرف الجمع فصار كأنه قال لا أكلم هذا ولا هذين وفي الثاني جمع الأولين بحرف الجمع كأنه قال لا أكلم هذين ولا هذا ا هـ
وذكر الفرق بينه وبين ما في المتن إن هذا في النفي وذاك في الإثبات فلا يعم ونحوه في البحر
قوله ( والإقرار ) كما لو قال لفلان علي ألف درهم أو لفلان وفلان لزمة خمسمائة للأخير وله أن يجعل خمسمائة لأي الأولين شاء فإن مات من غير بيان اشترك في الخمسمائة الأولان ح
قوله ( على الواقع منهما ) أي على الثابت من الأولين وهو الواحد المبهم ولذا قال في التلويح إن المعطوف عليه هو المأخوذ من صدر الكلام لا أحد المذكورين بالتعيين ا هـ
قوله ( ولا يصح الخ ) قال في التلويح وقيل إنه لا يعتق أحدهم في الحال له الخيار بين الأول والأخيرين لأن الثالث عطف على ما قبله والجمع بالواو كالجمع بألف التثنية فكأنه قال هذا حر وهذان كما إذا حلف لا يكلم هذا أو هذا وهذا وأجاب شمس الأئمة بأن الخبر المذكور وهو حر لا يصلح خبرا للاثنين ولا وجه لإثبات خبر آخر لأن العطف للاشتراك في الخبر أو لإثبات خبر آخر مثله لا لإثبات مخالف له لفظا بخلاف مسألة اليمين لأن الخبر يصلح للاثنين يقال لا أكلم هذا أو لا أكلم هذين وجعل صدر الشريعة
____________________
(3/810)
هذا الجواب سببا للأولوية والرجحان لا للامتناع لأن المقدر قد يغاير المذكور لفظا كما في قولك هند جالسة وزيد ويقول الشاعر نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف وأجاب صدر الشريعة في التنقيح بجواب آخر وهو أن قوله أو هذا مغير لمعنى قوله هذا حر ثم قوله وهذا غير مغير لأن الواو للتشريك فيقتضي وجود الأول وإنما يتوقف أول الكلام على المغير لا على ما ليس بمغير فيثبت التخيير بين الأول والثاني بلا توقف على الثالث
فصار معناه أحدهما حر ثم قوله وهذا يكون عطفا على أحدهما ا هـ
قلت وهذا أظهر من الجواب الأول لشموله صورة الإقرار دون الأول لأنه لا يختلف فيها تقدير الخبر فتدبر
قوله ( وهذا إذا لم يذكر الثاني والثالث خبرا ) صادق بعدم ذكر خبر أصلا وبذكر خبر للثالث فقط بأن يقول هذه طالق أو هذه وهذه طالق
ذكره مسكين ط
قوله ( بأن قال الخ ) والظاهر أن الإقرار كذلك كما إذا قال لهذا ألف درهم أو لهذا وهذا ألف درهم ط
قوله حلف لا يساكن فلانا محل هذه المسألة
باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى وقدمها الشارح بعينها هناك ح
قوله ( وبه يفتى ) لأنه لم يساكنه حقيقة كما قدمه الشارح
قوله ( قال لعبده الخ ) سيذكر الشارح هذا الفرع في محله وهو باب اليمين بالضرب والقتل
مطلب في استعمال حتى للغاية وللسببية وللعطف قوله ( وبه يفتى ) لأن حتى للتعليل والسببية لا للغاية وفي الذخيرة أن حتى في الأصل للغاية إن أمكن بأن يكون مدخولها مقصودا ومؤثرا في إنهاء المحلوف عليه وفي تركه فإن لم يمكن حملت على السببية وشرطها كون العقد معقودا على فعلين أحدهما منه والآخر من غيره ليكون أحدهما جزاء عن الآخر فإن تعذر حملت على العطف ومن حكم الغاية اشتراط وجودها فإن أقلع عن الفعل قبل الغاية حنث وفي السببية اشتراط وجود ما يصلح سببا لا وجود المسبب وفي العطف اشتراط وجودهما
مطلب إن لم أخبر فلانا حتى يضربك فإذا قال إن لم أخبر فلانا بما صنعت حتى يضربك فعبدي حر فشرط البر الإخبار فقط وإن لم يضربه لأنه مما لا يمتد فلا يمكن حملها على الغاية وأمكنت السببية لأن الإخبار يصلح سببا للضرب كأنه قال إن لم أخبره بصنعك ليضربك كما لو حلف ليهبن له ثوبا حتى يلبسه أو دابة حتى يركبها فوهبه بر وإن لم يلبس ولم يركب
____________________
(3/811)
مطلب إن لم أضربك حتى يدخل الليل وإذا قال إن لم الليل أو حتى يشفع لك فلان أو حتى تصيح فأقلع عن الضرب قبل ذلك حنث لأن ذلك يصلح غاية للضرب وكذا إن لم ألازمك حتى تقضيني ديني
مطلب إن لم آتك حتى أتغذى وإذا قال عبده حر إن لم آتك اليوم حتى أتغدى عندك أو حتى أغديك أو حتى أضربك فشرط البر وجودهما إذ لا تمكن الغاية لأن الإتيان لا يمتد ولا السببية لأن الفعلين من واحد وفعل الإنسان لا يصلح جزاء لفعله فحمل على العطف وصار التقدير إن لم آتك وأتغدى عندك وإن لم يقيد باليوم فأتاه فلم يتغد عنده ثم تغدى عنده في يوم آخر من غير أن يأتيه بر لأنه لما أطلق لا فرق بين وجود شرطي البر معا أو متفرقا ا هـ مخلصا
مطلب لا يلتحق الشرط بعد السكوت سواء كان له أو عليه قوله ( اختلف في لحاق الشرط الخ ) الخلاف فيما إذا كان الشرط عليه كالمثال الآتي أما إذا كان له لا يلحق بالإجماع كقوله إن دخلت هذه الدار فأنت طالق فسكت سكتة ثم قال وهذه الدار لأن الثانية لو لحقت باليمين لا تطلق بدخول الأولى وحدها ولا يملك تغيير اليمين كذا في الذخيرة ومثله في البزازية وكذا قال في الخانية لا يصح في قولهم ا هـ
والحاصل أنه على المفتى به لا يلحق مطلقا سواء كان له أو عليه
قوله ( بعد السكوت ) متعلق بلحاق
قوله ( فلا حنث في إن كان كذلك الخ ) مثاله ما في الخانية رجل قال لجاره إن امرأتي كانت عندك البارحة فقال الجار إن كانت امرأتك عندي البارحة فامرأتي طالق فسكت ساعة ثم قال ولا غيرها ثم ظهر أنه كان عند الحالف امرأة أخرى
باب اليمين في البيع والشراء والصوم والصلاة وغيرها قوله ( وغيرها ) كالمشي واللبس والجلوس ط
قوله ( الأصل فيه الخ ) ذكر في الفتح أصلا أظهر من هذا وهو أن كل عقد ترجع حقوقه إلى المباشر ويستغني الوكيل فيه عن نسبة العقد إلى الموكل لا يحنث الحالف على عدم فعله بمباشرة المأمور لوجوده من المأمور حقيقة وحكما فلا يحنث بفعل غيره لذلك وذلك كالبيع والشراء والإيجار والاستئجار والصلح عن مال والمقاسمة وكذا الفعل الذي يستناب فيه ويحتاج للوكيل إلى نسبته للموكل كالمخاصمة فإن الوكيل يقول أدعي لموكلي وكذا الفعل الذي يقتصر أصل الفائدة فيه على محله كضرب الولد فلا يحنث في شيء من هذه بفعل المأمور وكل عقد لا ترجع حقوقه إلى المباشر بل هو سفير وناقل
____________________
(3/812)
عبارة يحنث فيه بمباشرة المأمور كما يحنث بفعله كالتزوج والعتق بمال أو بدونه والكتابة والهبة والصدقة والوصية والاستقراض والصلح عن دم العمد والايداع والاستيداع والاعارة والاستعارة وكذا كل فعل ترجع مصلحته إلى الآمر كضرب العبد والذبح وقضاء الدين وقبضه والكسوة والحمل على دابته وخياطة الثوب وبناء للدار ا هـ ملخصا
قوله ( تتعلق حقوقه بالمباشر ) خرج عنه المخاصمة وضرب الولد فإنه لا يحنث فيهما بفعل المأمور مع أنه ليس في ذلك حقوق تتعلق بالمباشر فالمناسب تعبير الفتح المار
قوله ( كنكاح وصدقة ) أما النكاح فكون حقوقه تتعلق بالأمر الظاهر ولذا ينسبه المباشر إلى آمره فيطالب الآمر بحقوقه من مهر ونفقة وقسم ونحوه وأما الصدقة فلم يظهر لي فيها ذلك وكذا الهبة ولعل المراد بالحقوق فيهما صحة الرجوع للآمر في الهبة وعدم صحته في الصدقة نعم سيأتي في كتاب الوكالة أنه لا بد من إضافتهما إلى الموكل وكذا بقية المذكورات في قول الفتح المار وكل عقد لا ترجع إلى المباشر الخ ونذكر قريبا الكلام عليه
قوله ( وما لا حقوق له ) يشمل نحو المخاصمة وضرب الولد مع أنه لا يحنث فيهما بفعل وكيله
تأمل قوله ( يحنث بفعل وكيله أيضا ) أي كما يحنث بفعل نفسه والأولى إبدال وكيله بمأموره لما سيأتي وللتعليل بأنه سفير ومعبر فإن ذلك صفة الرسول لأنه يعبر عن المرسل لكن يطلق عليه وكيل لما في المغرب السفير الرسول المصلح بين القوم ومنه قولهم الوكيل سفير ومعبر يعني إذا لم يكن العقد معارضة كالنكاح والخلع والعتق ونحوها لا يعتق به شيء ولا يطالب بشيء ا هـ قوله ( يحنث بالمباشرة ) شمل ما لو كان المباشر أصيلا أو وكيلا إذا حلف لا يبيع أو لا يشتري الخ
أفاده في الفتح
قوله ( لا بالأمر ) أي لا يحنث بأمره لغيره بأنه يباشر عنه يعني وقد باشر المأمور
قوله ( ممن يباشر بنفسه ) أي دائما أو غالبا كما يأتي
قوله ( ومنه الهبة بعوض ) فلو حلف لا يبيع فوهب بشرط العوض ينبغي أن يحنث كذا في القنية
وبه جزم في الظهيرية
ولو حلف لا يبيع داره فأعطاها صداقا لامرأته إن أعطاها عوضا عن دراهم المهر حنث لا إن تزوج عليها ا هـ نهر
فإذا دخل ذلك تحت اسم البيع لزم منه إعطاء حكمه وهو أنه لا يحنث بفعل مأموره ويكون القابل له مشتريا فيدخل في قوله لا أشتري حتى يحنث أيضا بالمباشرة لا بالأمر كما أفاده ح فافهم
قوله ( ومنه السلم ) فلو حلف أن لا يشتري من فلان فأسلم إليه في ثوب حنث لأنه اشترى مؤجلا
بحر عن الواقعات
قال ح وإذا كان المسلم مشتريا يجب أن يكون المسلم إليه بائعا ا هـ
فلا يحنثان إلا بالمباشرة ط
قوله ( والإقالة ) أي فيما لو حلف لا يشتري ما باعه ثم أقال المشتري حنث كما عزاه في البحر للقنية وفيه عن الظهيرية لو كانت بخلاف الثمن الأول قدرا أو جنسا حنث
قيل هذا قولهما أما عنده فلا لكونه إقالة على كل حال ا هـ
ومقتضاه أنها لو كانت بعين الثمن الأول لا يحنث عند الكل ووجهه أن الإقالة فسخ في حق المتعاقدين بيع جديد في حق غيرهما وهذا إذا لم تكن بلفظ مفاسخة أو متاركة أو تراد وإلا لم تجعل بيعا ولا بلفظ البيع وإلا فبيع إجماعا كما سيأتي في بابها وهل يقال لو الحلف بعتق أو طلاق تجعل بيعا ولا بلفظ البيع وإلا فبيع إجماعا كما سيأتي في بابها وهل يقال لو الحلف بعتق أو طلاق تجعل بيعا في حق ثالث وهو هنا العبد أو المرأة فيحنث بها لم أر من صرح به وينبغي الحنث تأمل ولا يخفى أنه إن وجد عرف عمل به
قوله ( قيل والتعاطي ) يفيد ضعفه ونقل في النهر عن البدائع تأييد عدم الحنث في البيع بالتعاطي والظاهر أن الشراء مثله يفيد ترجيح عدم
____________________
(3/813)
الحنث فيه أيضا لكن لا يخفى أن العرف الآن يخالفه
قوله ( آجرتها امرأته ) أي ولو بإذنه
قوله ( كتركها في أيدي الساكنين ) أي من غير قوله لهم اقعدوا فيها وإلا حنث كما في البحر والمراد أن مجرد الترك لا يكون إجارة وأما أخذ الأجرة ففيه التفصيل الآتي
قوله ( قد سكنوا فيه ) أي بعد الحلف أو قبله فيما يظهر لأن الإجارة بيع المنافع المستقبلة
قوله ( بخلاف شهر لم يسكنوا فيه ) أي بخلاف شهر مستقبل لم يسكنوا فيه فإذا تقاضاهم بأجرته حنث
قال في النهر وهذا ليس إلا الإجارة بالتعاطي فينبغي أن يجري فيه الخلاف السابق
قوله ( وقيده بقوله الخ ) هذا التقييد فيما إذا كان الحالف هو المدعى عليه لأن الصلح إقرارا عن بيع أما عن إنكار أو عن سكوت فهو في حقه إفداء يمين فيكون الوكيل من جانبه سفيرا محضا فيحنث بمباشرته بخلاف ما إذا كان الحالف على عدم الصلح هو المدعي فإنه يحنث بفعل وكيله مطلقا
أفاده ح عن البحر
قوله ( والقسمة ) بأن حلف لا يقاسم مع شريكه لا يحنث بفعل وكيله
قوله ( والخصومة ) أي جواب الدعوى سواء كان إقرارا أو إنكارا ح عن القهستاني
وقيل إنه يحنث بفعل وكيله كفعله والفتوى على الأول كما في شرح الوهبانية
قوله ( فيحنث بفعل وكيله ) عبارة الخانية فينبغي أن يحنث
قال في البحر وإنما لم يجزم به لأن الولد أعم ولم يخصص بالكبير في الروايات وذكر في الفتح أنه في العرف يقال فلان ضرب ولده وإن لم يباشر ويقول العامي لولده غدا أسقيك علقة ثم يذكر لمؤدب الولد أن يضربه تحقيقا لقوله فمقتضاه أن تنعقد على معنى لا يقع به ضرب من جهتي ويحنث بفعل المأمور ا هـ ملخصا
قوله ( كالقاضي ) أي إذا وكل بضرب من يحل له ضربه صح أمره به فيحنث بفعله ومثله السلطان والمحتسب كما في الدر المنتقى ح
قوله ( وإن كان الحالف الخ ) محترز قوله إذا كان ممن يباشر بنفسه وهو بمنزلة الاستثناء من قوله لا بالأمر
وحاصله أنه لا يحنث بفعل المأمور إلا إذا كان لا يباشر بنفسه
قال في الفتح فإن مقصوده من الفعل ليس إلا الأمر به فيوجد الحنث بوجود الأمر به للعادة وإن كان السلطان ربما يباشر بنفسه عقد بعض المبيعات ثم لو فعل الآمر بنفسه يحنث أيضا لانعقاده على الأعم من فعله بنفسه أو مأموره ا هـ
فتأمل
ثم قال وكل فعل لا يعتاده الحالف كائنا من كان كحلفه لا يبني ولا يطين انعقد كذلك ا هـ
واستثنى في الهداية أيضا ما إذا نوى الحالف البيع بنفسه أو بوكيله فإنه يحنث ببيع الوكيل لأنه شدد على نفسه وإن نوى السلطان ونحوه أن لا يتولاه بنفسه دين في القضاء لأنه نوى حقيقة كلامه كما في الجوهرة أي فلا يحنث بفعل مأموره
قوله ( لتقييد اليمين بالعرف ) فإن العرف انعقاد يمينه على الأعم من فعله بنفسه أو مأموره كما مر
قوله ( وبمقصود الحالف ) الأولى إسقاطه لا غناء ما قبله عنه ولأن القصد إنما يعتبر إذا ويخالف الظاهر لا مطلقا ولعله أشار إلى أنه إنما يحنث إذا قصد الأعم أما لو قصد فعل نفسه الذي هو حقيقة كلامه لا يحنث كما ذكرناه آنفا
قوله ( وإن كان ) أي الحالف وعبارة الفتح ولو كان رجلا يباشر بنفسه الخ ومفاده أن الضمير ليس عائد للسلطان وهو مفاد البحر وغيره أيضا قوله ( اعتبر الأغلب ) هذا هو الذي اعتمده في الخانية و المحيط و البزازية واقتصر عليه في البحر تبعا للزيلعي
منح
____________________
(3/814)
قلت وكذا جزم به في الفتح ومقابله ما ذكره الشارح ولذا عبر عنه بقيل
قوله ( ويحنث بفعله وفعل مأموره الخ ) هذا هو النوع الثاني مقابل قوله يحنث بالمباشرة لا بالأمر ثم هذا النوع منه ما هو فعل حكمي شرعي كالطلاق ومنه ما هو فعل حسي كالضرب فلو نوى أن لا يفعل بنفسه ففي الأفعال الحسية يصدق قضاء وديانة لأنها لا توجد إلا بمباشرته لها حقيقة فإذا لم يباشرها فقد نوى حقيقة كلامه وفي غيرها روايتان أشهرهما أنه لا يصدق إلا ديانة لأنه كما يوجد بمباشرته يوجد بأمره فإذا نوى المباشرة فقط فقد نوى تخصيص العام وهو خلاف الظاهر فلا يقبل منه كما في النهر عن كافي النسفي
قوله ( لم يقل وكيله ) حاصله أنه عدل عن قول الكنز وفعل وكيله لأنه اعترضه في البحر بأن الاستقراض لا يصح التوكيل به لكن أجاب في النهر بأنه إنما خص الوكيل لتعليم الرسالة منه بالأولى ا هـ
وقال القهستاني يمكن أن يحمل على ما هو متعارف من تسمية الرسول بالاستقراض وكيلا كما إذا قال المستقرض وكلتك أن تستقرض لي من فلان كذا درهما وقال الوكيل للمقرض إن فلانا يستقرض منك كذا ولو قال أقرضني مبلغ كذا فهو باطل حتى إنه لا يثبت الملك إلا للوكيل كما في وكالة الذخيرة ا هـ
قال ط ووجهه الزيلعي في الوكالة بأنه لا يجب دين في ذمة المستقرض بالعقد بل بالقبض والأمر بالقبض لا يصح لأنه ملك الغير وتصح الرسالة في الاستقراض لأن الرسول معبر والعبارة ملك المرسل فقد أمره بالتصرف في ملكه يصح التوكيل بالإقراض ويقبض القرض كأنه يقول لرجل أقرضني ثم يوكل رجلا بقبضه فإنه يصح ا هـ
قلت وحاصله أن التوكيل بالقرض أو بقبضه صحيح لا بالاستقراض بل لا بد من إخراجه مخرج الرسالة ليقع الملك للآمر وإلا وقع للمأمور ولا يخفى أن هذا ليس خاصا بالاستقراض بل النكاح مثله وكذا لاستعارة كما سنذكره
مطلب حلف لا يتزوج قوله ( في النكاح ) فلو حلف لا يتزوج فعقده بنفسه أو وكل فعقد الوكيل حنث كذا لو كان الحالف امرأة فلو حلفت وأجبرت ممن له ولاية الإجبار ينبغي أن لا تحنث كما لو جن فزوجه أبوه كارها ولو صار معتوها فزوجه أبوه لا يحنث كذا لو كان التوكيل قبل اليمين
نهر عن شرح الوهبانية
قلت وسيأتي متنا آخر الباب الآتي ما لو حلف لا يتزوج فزوجه فضولي أو زوجه فضولي ثم حلف لا يتزوج
مطلب حلف لا يزوج عبده قوله ( لا الإنكاح ) أي التزويج فلا يحنث به إلا بمباشرته وهذا في الولد الكبير أو الأجنبي لما في المختار وشرحه حلف لا يزوج عبده أو أمته يحنث بالتوكيل والإجازة لأن ذلك مضاف إليه متوقف على إرادته لملكه وولايته وكذا في ابنه وبنته الصغيرين لولايته عليهما وفي الكبيرين لا يحنث إلا بالمباشرة لعدم ولايته عليهما فهو كالأجنبي عنهما فيتعلق بحقيقة الفعل ا هـ
ومثله في الزيلعي و البحر في آخر الباب الآتي بلا حكاية خلاف فقول القهستاني وعن محمد لا يحنث في الكل رواية ضعيفة
قوله ( كتعليق ) يصلح مثالا للقبل والبعد وعبارة الزيلعي وإنما يحنث بالطلاق والعتاق إذا وقعا بكلام وجد بعد اليمين وأما إذا وقعا بكلام وجد قبل اليمين فلا يحنث حتى لو قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق ثم حلف أن لا يطلق فدخلت لم يحنث لأن وقوع الطلاق عليها بأمر كان قبل اليمين ولو حلف أن لا يطلق ثم علق الطلاق بالشرط ثم وجد الشرط حنث ولو وقع الطلاق
____________________
(3/815)
عليها بمضي مدة الإيلاء فإن كان الإيلاء قبل اليمين لا يحنث وإلا حنث وتمامه فيه
قوله ( والخلع ) هو الطلاق وقد مر
نهر قوله ( والكتابة ) هو الصحيح وفي المجتبى عن النظم أنها كالبيع
نهر
قوله ( والصلح عن دم العمد ) لأنه كالنكاح في كونه مبادلة مال بغيره وفي حكمه الصلح عن إنكار
قهستاني
وفي حاشية أبي السعود واحترز عن الصلح عن دم غير عمد لأنه صلح عن مال فلا يحنث فيه بفعل الوكيل أما عن دم العمد فهو في المعنى عفو عن القصاص بالمال ولا تجري النيابة في العفو بخلاف الصلح عن المال
حموي عن البرجندي
قوله ( أو إنكار ) لأن الصلح عنه فداء باليمين في حق المدعى عليه فوكيله سفير محض ومثله السكوت وأما المدعي لا يحنث بالتوكيل مطلقا كما مر وشمل الإنكار إنكار المال وإنكار الدم العمد وغيره
قوله ( والهبة ) فلو حلف لا يهب مطلقا أو معينا أو شخصا بعينه فوكل من وهب حنث صحيحة كانت الهبة أو لا قبل الموهوب له أو لا قبض أو لم يقبض لأنه لم يلزم نفسه إلا بما يملكه ولا يملك أكثر من ذلك
وفي المحيط حلف لا يهب عبده هذا لفلان ثم وهبه له على عوض حنث لأنه هبة صيغة ولفظا ا هـ نهر
وفي التاترخانية إن وهب لي فلان عبده فامرأته طالق فوهب ولم يقبل الحالف حنث الحالف
قوله ( أو بعوض ) يعني إذا وهب بنفسه لا بوكيله أيضا لما قدمه من أنه لا يحنث بفعل وكيله في الهبة بشرط العوض وسبب وهم الشارح قوله البحر فالهبة بشرط العوض داخلة تحت يمين لا يهب نظرا إلى أنها هبة ابتداء فيحنث وداخلة تحت يمين لا يبيع نظرا إلى أنها بيع انتهاء فيحنث ا هـ
وأنت خبير بأن كلامه فيما إذا فعل بنفسه وإلا لما صح قوله يحنث في الموضعين
أفاده ح أي لأنه في البيع لا يحنث بفعل وكيله
قوله ( والصدقة ) هي كالهبة فيما مر
قال ابن وهبان وكذا ينبغي أن يحنث في حلفه أن لا يقبل صدقة فوكل بقبضها
بقي لو حلف لا يتصدق فوهب لفقير أو لا يهب فتصدق على غني قال ابن وهبان ينبغي الحنث في الأول لأن العبرة للمعاني لا في الثاني لأنه لا يثبت له الرجوع استحسانا إذ قد يقصد بالصدقة على الغني الثواب ويحتمل العكس فيهما اعتبارا باللفظ ا هـ ملخصا
وأيد ابن الشحنة الاحتمال الأخير بما في التاترخانية عن الظهيرية ولا يحنث بالصدقة في يمين الهبة ا هـ
قلت لكن هذا ليس نصا فيما نحن فيه لاحتمال أن المراد الهبة لغني
تأمل هذا ونقل في النهر كلام ابن وهبان باختصار مخل
قوله ( والاستقراض ) أي إن أخرج الوكيل الكلام مخرج الرسالة وإلا فلا حنث كما مر
قوله ( وإن لم يقبل ) راجع للهبة وما بعدها كما في النهر ح وكذا العطية والعارية
نهر
قلت لكن صرح في التاترخانية بأن القبول شرط الحنث في القرض عند محمد ورواية عن الثاني وفي أخرى لا والرهن بلا قبول ليس برهن ولو استقرض فلم يقرضه حنث
قال في النهر وقياس ما مر من أنه لم يلزمه نفسه إلا بما يملك ترجيح الرواية الأخرى وينبغي أن يجري في الاستقراض الخلاف في القبول كالقرض ا هـ
قلت يمكن دفع هذا القياس بالفرق بين ما فيه بدل مالي وما ليس فيه وأما الاستقراض فهو طلب القرض فيتحقق بدون إقراض
تأمل وسيأتي تمام هذا البحث في آخر الباب الآتي عند قول المصنف حلف ليهبن فلانا فوهبه له فلم يقبل بر بخلاف البيع
قوله ( وضرب العبد ) لأن المقصود منه وهو الائتمار بأمره راجع إليه بخلاف ضرب الولد فإن المقصود منه وهو التأدب راجع إلى الولد
نهر أي الولد الكبير أما الصغير فكالعبد كما مر وقدمنا أن العرف خلافه
قوله ( قيل والزوجة ) قال في النهر والزوجة قيل نظير العبد وقيل نظير الولد
قال في البحر وينبغي ترجيح الثاني لما مر في الولد ورجح ابن وهبان الأول لأن النفع عائد إليه بطاعتها له وقيل إن حنث فنظير العبد وإلا فنظير الولد
قال بديع الدين ولو فصل هذا في الولد لكان حسنا كذا في القنية ا هـ ح
قوله ( وإن لم يحسن ذلك ) الأولى أن يقول وإن كان يحسن ذلك وعبارة الخانية حلف ليخطبن هذا الثوب أو ليبنين هذا
____________________
(3/816)
الحائط فأمر غيره بذلك حنث الحالف سواء كان يحسن ذلك أو لا ا هـ
قلت وظاهره أنه لو تكلف ذلك بنفسه يحنث أيضا وكذا لو حلف لا يختتن أو لا يحلق رأسه أو لا يقع ضرسه ونحوه ذلك من الأفعال التي لا يليها الإنسان بنفسه عادة أو لا يمكنه فعلها إلا بمشقة عظيمة مع أن الظاهر أن اليمين في ذلك تنعقد على فعل المأمور لا على فعل نفسه لأن الحقيقة مهجورة عادة
ثم رأيت في البحر عن النوازل لو قال لامرأته إن لم تكوني غسلت هذه القصعة فأنت طالق وغسلها خادمها بأمرها فإن كان من عادتها أنها تغسل بنفسها لا غير وقع وإن كانت لا تغسل إلا بخادمها وعرف الزوج ذلك لا يقع وإن كانت تغسل بنفسها وبخادمها فالظاهر أنه يقع إلا إذا نوى الأمر بالغسل ا هـ
فليتأمل قوله ( والذبح الخ ) فلو حلف لا يذبح في ملكه شاة أو لا يودع شيئا يحنث بفعل وكيله لأن المنفعة تعود إليه وكذا لو حلف لا يعير ولو عين شخصا فأرسل المحلوف عليه شخصا فاستعار حنث لأنه سفير محض فيحتاج إلى الإضافة إلى الموكل فكان كالوكيل بالاستقراض خانية وفي جمع التفاريق أن الحنث قول زفر وعليه الفتوى خلافا لأبي يوسف كما فيالنهر
مطلب في العقود التي لا بد من إضافتها إلى الموكل قوله ( إن أخرج الوكيل الخ ) راجع لقوله والاستعارة كما هو في عبارة لتاترخانية حيث قال وهذا إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة بأن قال إن فلانا يستعير منك كذا فأما إذا لم يقل ذلك لا يحنث ا هـ
أي لأنه لو قال أعرني كذا يقع ملك المنفعة له لا للآمر فلا يحنث الآمر بذلك
وبه علم أن فائدة التقييد هي أن المراد بالأمر هنا الرسالة لا الوكالة كما مر في الاستقراض
وأما ما كان من الأفعال الحسية كالضرب والبناء فلا شبهة في أنه لا يحتاج إلى الإسناد وبما قررناه سقط ما قيل إن ما ذكره غير خاص بالاستعارة بل الوكيل في النكاح وما بعده سفير محض فلا بد من إضافة هذه العقود المذكورة إلى الموكل لما سيأتي في كتاب الوكالة أن العقود التي لا بد من إضافتها إلى الموكل النكاح والخلع والصلح عن دم عمد وإنكار والعتق على مال والكتابة والهبة والتصدق والإعارة والإيداع والرهن والإقراض والشركة والمضاربة ا هـ
قلت المراد من الإضافة في هذه المذكورات التصريح باسم الآمر لكن بعضها يصح مع إسناد الفعل إلى الوكيل كقوله صالحتك عن دعواك على فلان أو عما لك عليه من الدم وزوجتك فلانة وأعتقت عبد فلان أو كاتبته وبعضها لا يصح فيها إسناد الفعل إلى الوكيل بل لا بد من إخراج الكلام مخرج الرسالة كقوله إن فلانا يطلب منك أن تهبه كذا أو تتصدق عليه أو تودع عنده أو تعيره أو تقرضه أو ترهن عنده أو تشاركه أو تضاربه بمال كذا
أما لو أسنده إلى نفسه كقوله هبني أو تصدق علي الخ فإنه يقع للوكيل وكذا قوله زوجني بخلاف القسم الأول فإنه يقول بعت واشتريت وأجرت بإسناد الفعل إلى نفسه بدون ذكر اسم الآمر أصلا هذا ما ظهر لي وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق ذلك في محله فافهم
قوله ( وقضاء الدين وقبضه ) فلو حلف لا يقبض الدين من غريمه اليوم يحنث بقبض وكيله فلو كان وكل قبل فقبض الوكيل بعد اليمين لا يحنث
قال قاضيخان وينبغي الحنث كما في النكاح نهر
قوله ( والكسوة ) فلو حلف لا يلبس أو لا يسكو مطلقا أو كسوة بعينها أو معينا حنث بفعل وكيله وتمامه في النهر
قوله ( وليس منها التكفين ) وكذا الإعارة فلو كفنته بعد موته أو أعاره ثوبا لا يحنث
شرح الوهبانية عن السراجية قوله ( والحمل ) فلو حلف لا يحمل لزيد متاعا حنث بفعل وكيله وهذا في غير الإجارة لما مر
قال
____________________
(3/817)
أي الناظم والظاهر أنه لا فرق بينه وبين الاستخدام فإن المنفعة دائرة عليه والمدار عليها
شرح الوهبانية قوله ( وذكر منها في البحر نيفا وأربعين ) صوابه في النهر فإنه قال تكميل من هذا النوع الهدم والقطع والقتل والشركة كما في الوهبانية وضرب الزوجات والولد الصغير في رأي قاضيخان وتسليم الشفعة والإذن كما في الخانية والنفقة كما في الإسبيجابي والوقف والأضحية والحبس والتعزير بالنسبة للقاضي والسلطان وينبغي أن الحج كذلك كذا في شرح ابن الشحنة ومنه الوصية كما في الفتح وينبغي أن يكون منه الحوالة والكفالة فلا يحيل فلانا فوكل من يحيله أو لا يقبل حوالته أو لا يكفل عنه فوكل بقبول ذلك والقضاء والشهادة والإقرار وعد منه في البحر التولية فلو حلف لا يولي شخصا ففوض إلى من يفعل ذلك حنث وهي حادثة الفتوى ا هـ
قلت وبهذا تمت المسائل أربعة وأربعين والظاهر أنها لا تنحصر لأن منها الأفعال الحسية وهي لا تختص بما مر بل منها الطبخ والكنس وحلق الرأس ونحو ذلك وإذا عد منها الاستخدام دخلت فيه هذه الصور وكثير من الصور المارة أيضا فافهم
قوله ( مشيرا إلى حنثه فيما بقي ) الإشارة من حيث إنه لم يصرح بعدد ما بقي وإلا فالحنث صريح في كلامه
وقد يقال سماه إشارة لأنه ساق الكلام لما لا يحنث به فيكون عبارة وغيره إشارة كما في عبارة النص وإشارة النص
تأمل قوله ( والحنث ) بالنصب مفعول مقدم لقوله اثبت بوصل الهمزة للضرورة
قوله ( أراد بدخولها عليه قربها منه ) أي بأن تقع متوسطة بين الفعل ومفعوله كإن بعت لك ثوبا احترازا عما لو تأخرت عن المفعول كإن بعت ثوبا لك فالمتوسطة متعلقة بالفعل لقربها منه لا على أنها صلة له لأنه يتعدى إلى مفعولين بنفسه مثل بعث زيدا ثوبا ولأنه لو كانت اللام صلة له كان مدخولها مفعولا في المعنى فيكون شاريا وليس المعنى عليه بل الشاري غيره والبيع وقع لأجله فهي متعلقة به على أنها علة له مثل قمت لزيد وعلى هذا فلو عبر المصنف بقوله ولام تعلق بفعل كما عبر صاحب الدرر وغيره لكان أولى لكنه عدل عن ذلك تبعا للكنز وغيره لئلا يتوهم تعلقها به على أنها صلة له ولئلا يتوهم أن الواقعة بعد المفعول متعلقة به أيضا مع أن المراد بيان الفرق بينهما بأن الأولى للتعليل والثاني للملك لكونها صفة له أي إن بعت ثوبا مملوكا لك هذا ما ظهر لي فافهم
قوله ( تجري فيه النيابة ) الجملة صفة فعل وقوله للغير اللام فيه بمعنى عن أو عن الغير كما في قوله تعالى { وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه } الأحقاف 11 واحترز به عن فعل لا تجري فيه النيابة كالأكل والشرب فإنه لا فرق فيه بين دخول الباء على الفعل أو على العين كما يأتي
قوله ( وصياغة ) بالياء المثناة التحتية أو بالباء الموحدة كما في القهستاني
قوله ( أمره ) بالنصب مفعول اقتضى وهو مصدر مضاف لفاعله وهو الضمير العائد إلى الغير وهو المخاطب بالكاف والمفعول محذوف وهو الحالف
وقوله ليخصه به أي ليخص الحالف الغير أي المخاطب به أي بالفعل المحلوف عليه وفي المنح أي لتفيد اللام اختصاص ذلك الفعل به أي بذلك الغير ا هـ
فأرجع الضمير المستتر للام والبارز للفعل والمجرور للغير وعليه فالمراد بالمحلوف عليه في كلام الشارح هو المخاطب
____________________
(3/818)
وهو الموافق لقول الزيلعي لاختصاص الفعل بالشخض المحلوف عليه
قوله ( إذا اللام للاختصاص ) وجه إفادتها الاختصاص هو أنها تضيف متعلقها وهو الفعل لمدخولها وهو كاف المخاطب فتفيد أن المخاطب مختص بالفعل وكونه مختصا به يفيد أن لا يستفاد إطلاق فعله إلا من جهته وذلك يكون بأمره وإذا باع بأمره كان بيعه إياه من أجله وهي لام التعليل فصار المحلوف عليه أن لا يبيعه من أجله فإذا دس المخاطب ثوبه بلا علمه فباعه لم يكن باعه من أجله لأن ذلك لا يتصور إلا بالعلم بأمره به ويلزم من هذا أن لا يكون إلا في الأفعال التي تجري فيها النيابة كذا في الفتح
قوله ( ولا يتحقق إلا بأمره ) قيده في البحر بأن يكون أمره بأن يفعله لنفسه لقول الظهيرية لو أمره أن يشتري لابنه الصغير ثوبا لا يحنث
وفي النهر أن مقتضى التوجيه يعني بكونها للاختصاص حنثه إذا كان الشراء لأجله ألا ترى أن أمره ببيع مال غيره موجب لحنثه غير مقيد بكونه له ا هـ
تنبيه ذكر في الخانية ما يفيد أن الأمر غير شرط بل يكفي في حنثه قصده البيع لأجله سواء كان بأمره أو لا
قال في البحر وهذا مما يجب حفظه فإن ظاهر كلامهم هنا يخالفه مع أنه هو الحكم ا هـ
قلت يؤيده ما في شرح تلخيص الجامع لو قال لزيد إن بعت لك ثوبا فعبدي حر ولا نية له فدفع زيد ثوبا لرجل ليدفعه للحالف ليبيعه فدفعه وقال بعه لي ولم يعلم الحالف أنه ثوب زيد لم يحنث لأن اللام في بعت لزيد لاختصاص الفعل بزيد وذلك إنما يكون بأمره الحالف أو بعلم الحالف أنه باعه له سواء كان الثوب لزيد أو لغيره ا هـ
وتمام الكلام فيما علقته في البحر
قوله ( فلم يحنث في إن بعت لك ثوبا ) التصريح بالمفعول به ليس بشرط لقول المحيص حلف لا يبيع لفلان فباع ماله أو مال غيره بأمره حنث
بحر وأنت خبير بأن تمايز الأقسام أعني تارة تدخل على الفعل أو على العين إنما يظهر بالتصريح بالمفعول به فلذا صرح به المصنف نهر
وحاصله أن تصريح المصنف به لا لكونه شرطا بل ليظهر الفرق بين دخول اللام عليه أو على الفعل
قوله ( سواء ملكه الخ ) تعميم لقوله إن باعه بلا أمر
وحاصله أن الشرط أمره بالبيع لا كون الثوب ملك الآمر
قوله ( أي المخاطب ) تفسير للضمير المستتر في ملكه وقوله ذلك الثوب تفسير للضمير البارز
قوله ( فإن دخل اللام الخ ) حاصله أن الفعل إما أن يحتمل النيابة عن الغير أو لا وعلى كل فإما أن تدخل اللام على الفعل أو على مفعوله وهو العين فإن دخلت على فعل يحتمل النيابة اقتضت ملك الفعل للمخاطب وهو أن يكون الفعل بأمره سواء كان العين مملوكا له أو لا وهذا ما مر وفي الباقي وهو دخولها على فعل لا يحتمل النيابة كالأكل والشرب أو على العين مطلقا اقتضت ملك العين للمخاطب سواء كان الفعل بأمره أو لا
قوله ( للمحلوف عليه ) المراد به هنا العين
قوله ( لأنه كمال الاختصاص ) أي أن اللام للاختصاص كما مر وحيث دخلت اللام على العين أو على فعل لا يقبل النيابة اقتضت اختصاص العين بالمخاطب وكمال الاختصاص بالملك فحملت عليه لكن يراد ما يشمل الملك الحقيقي والحكمي لأن الولد لا يملك حقيقة كما يشير إليه الشارح ولذا قال في الفتح فإنه يحنث بدخول دار يختص بها المخاطب أي تنسب إليه وأكل طعام يملكه ا هـ
وقوله أي تنسب إليه ظاهره نسبة السكنى كما مر في لا أدخل دار زيد فيشمل الأجرة والعارية فالمراد
____________________
(3/819)
ملك المنفعة
تأمل قوله ( ثوبا لك ) أي موصوفا بكونه لك
قوله ( إن باع ثوبه بلا أمره ) لأن اللام لم تدخل على الفعل حتى يعتبر اختصاص الفعل في المخاطب بأن يكون بأمر وإن صح تعلقها به ولذا لو نواه يصح كما يأتي لكن لما كانت أقرب إلى الاسم وهو الثوب من الفعل اقتضت إضافة الاسم إلى مدخولها وهو كاف المخاطب لأن القرب من أسباب الترجيح كما في الفتح ولذا إذا توسطت تعلقت بالفعل لقربه كما مر مع أنه يصح جعلها حالا من الاسم المتأخر
قوله ( هذا نظير ) أي مثال وكذا ما بعده قوله ( إن أكلت لك طعاما ) بتقديم اللام على الاسم ولا يصح تعلقها هنا بالفعل وإن كان أقرب إليه لأنه لا يحتمل النيابة فلا يصح جعلها لملك الفعل للمخاطب فصارت داخلة على الاسم وإن تقدمت عليه كما لو تأخرت عنه وهو ظاهر فلزم كون الاسم مملوكا للمخاطب
وقوله ( لأن اللام هنا الخ ) الصواب ذكر هذا التعليل قبل قوله وأما نظير دخوله على فعل لا يقع عن غيره كما ذكره في الفتح وغيره إذ لا فرق هنا بين قرب اللام من الاسم أو من الفعل كما علمت بل العلة هنا كون الفعل لا يقبل النيابة كما قررناه
قوله ( وأما ضرب الولد الخ ) أشار إلى ما ذكرناه من أن المراد بملك العين ما يشمل الحكمي
قوله ( فيما فيه تشديد عليه ) بأن باع ثوبا مملوكا للمخاطب بغير أمره في المسألة الأولى ونوى بالاختصاص الملك فإنه يحنث ولولا نيته لما حنث أو باع ثوبا لغير المخاطب بأمر المخاطب في المسألة الثانية ونوى الاختصاص بالأمر فإنه يحنث ولولا نيته لما حنث لأن نوى ما يحتمله كلامه بالتقديم والتأخير وليس فيه تخفيف فيصدقه القاضي
بحر
قوله ( ودين فيما له ) كما إذا باع بالأمر ثوبا لغير المخاطب ونوى بالاختصاص الملك في الأولى أو باع بلا أمر ثوبا للمخاطب ونوى الاختصاص بالأمر في الثانية لأن اللام إذا قدمت على الاسم فالظاهر اختصاص الأمر وإذا أخرت فالظاهر اختصاص الملك فإذا عكس فقد نوى خلاف الظاهر فلا يصدقه القاضي بل يصدق ديانة لأنه نوى محتمل كلامه قوله ( كما مر ) أي قبيل قول المصنف لا يشرب من دجلة
مطلب قال إن بعته أو ابتعته فهو حر فعقد بالخيار لنفسه عتق ( أو ابتعته ) أي اشتريته
قوله ( فعقد ) أي الحالف من بائع أو مشتر عليه أي على العبد وقوله بيعا يشمل المسألتين لأن العقد بين البائع والمشتري يسمى عقد بيع
قوله ( بالخيار لنفسه ) أي نفس الحالف المذكور وهو البائع أو المشتري
قوله ( حنث ) نقل بعض المحشين عن حيل الخصاف أنه لا يحنث وتنحل اليمين حتى لو نقض الشراء ثم اشتراه ثانيا باتا لا يعتق ا هـ
قلت لكنه خلاف ما في المتون
قوله ( لوجود الشرط ) أي مع قيام الملك لأن خيار البائع لا يخرج المبيع عن ملكه بالاتفاق وخيار المشتري يدخل المبيع في ملكه عندهما وأما عنده فالمبيع وإن خرج عن ملك البائع ولم يدخل في ملك المشتري لكن المعلق بالشرط كالمنجز عند الشرط فيصير كأنه قال بعد الشراء أنت حر
____________________
(3/820)
ولو نجز المشتري بالخيار لنفسه العتق يثبت الملك سابقا عليه فكذا إذا علق وتمامه في النهر
قال ح ومثل عقد البائع بالخيار لنفسه عقده بالخيار لأجنبي أو لنفسه وللمشتري ومثل عقد المشتري بالخيار لنفسه عقده بالخيار لأجنبي
قوله ( ولو بالخيار لغيره لا ) يعني لو باعه الحالف بشرط الخيار للمشتري أو اشتراه بشرط الخيار للبائع لا يحنث
أما الأول فلأنه بات من جهته فلا يعتق لخروجه عن ملكه
وأما الثاني فلأنه باق على ملك بائعه كما في البحر عن الذخيرة ولا يصح أن يراد هنا بالغير ما يشمل الأجنبي لأن الحالف يحنث بائعا أو مشتريا
أفاده ح
قوله ( وإن أجيز بعد ذلك ) مرتبط بقوله ولو بالخيار لغيره لا يعني هذا إذا رد العقد ممن له الخيار وكذا إن أجيز في الصورتين
أما في الأولى أعني ما إذا باعه الحالف بشرط الخيار للمشتري فظاهر لخروجه عن ملك البائع ثم دخوله في ملك المشتري
وأما في الثانية وهي عكس الأولى فلأنه في مدة الخيار لم يخرج عن ملك البائع وانحلت اليمين بالعقد
أفاده ط فافهم
قلت وهذا يصلح حيلة للحالف وهو أن يبيعه أو يشتريه بالخيار لغيره فلا يعتق عليه
قوله ( في الأصح ) لم أر من صرح بتصحيحه وإنما قال في البحر وسواء أجاز البائع بعد الإجازة مستندا إلى وقت العقد بدليل أن الزيادة الحادثة بعد العقد قبل الإجازة تدخل في العقد كذا في البدائع ا هـ
تأمل قوله ( كما لو قال الخ ) تشبيه في عدم الحنث وبيان لفائدة التقييد بتعليق البيع أو الشراء
قال الزيلعي بخلاف ما إذا علقه بالملك بأن قال إن ملكتك فأنت حر حيث لا يعتق به عنده لأن الشرط وهو الملك لم يوجد عنده لأن خيار الشرط للمشتري يمنع دخول المبيع في ملكه على قوله
وعندهما يعتق بوجود الشرط لأن خيار المشتري لا يمنع دخول المبيع في ملكه ا هـ
قلت وهذا مقيد بما إذا لم يجز العقد بعد فلو أجازه وأبطل الخيار أو مضت مدته تحقق الشرط وهو الملك كما لا يخفى فيعتق عند الكل
أفاده ط
قوله ( لأنه لو قال إن بعته ) اقتصر على البائع لأن المشتري إذاحنث بشرائه بالخيار فحنثه بشرائه الباب بالأولى
أفاده ط
قوله ( وتنحل ) عبارة الزيلعي وينبغي أن تنحل
قوله ( في المسألتين ) هما إن بعته أو ابتعته ح
قوله ( بالبيع أو الشراء ) كذا في أغلب النسخ التي رأيناها بالعطف بأو وفي بعضها بالواو وهو لا يناسبه إفراد الفاسد ولأنه بيان لما يحنث به في المسألتين وهو أحدهما لا مجموعهما
قوله ( الفاسد ) قام في البحر وهو مجمل لا بد من بيانه
أما في المسألة الأولى وهي ما إذا قال إن بعتك فأنت حر فباعه بيعا فاسدا فإن كان في يد البائع أو في يد المشتري غائبا عنه بأمانة أو رهن يعتق لأنه لم يزل ملكه عنه وإن كان في يد المشتري حاضرا أو غائبا مضمونا بنفسه لا يعتق لأنه بالعقد زال ملكه عنه
وأما في الثانية وهي ما إذا قال إن اشتريته فهو حر فاشتراه شراء فاسدا فإن كان في يد البائع لا يعتق لأنه على ملك البائع بعد وإن كان في يد المشتري وكان حاضرا عنده وقت العقد يعتق لأنه صار قابضا له عقب العقد فملكه وإن كان غائبا في بيته أو نحوه فإن كان مضمونا بنفسه كالمغصوب يعتق لأنه ملكه بنفس الشراء وإن كان أمانة أو مضمونا بغيره كالرهن لا يعتق لأنه لا يصير قابضا عقب العقد كذا في البدائع ا هـ
قوله ( والموقوف ) أي ويحنث بالموقوف في حلفه لا يبيع بأن يبيعه لغائب قبل عنه فضولي أو لا يشتري بأن اشتراه ببيع فضولي فإنه يحنث عند إجازة البائع
وفي التبيين ما يخالفه بحر و نهر أي حيث قال وصورة المسألة أن يقول إن اشتريت عبدا فهو حر فاشترى عبدا من فضولي حنث بالشراء ثم قال
____________________
(3/821)
وعن أبي يوسف أنه يصير مشتريا عند الإجازة كالنكاح ا هـ
ومفاده أن ما في البحر رواية وأن المذهب حنثه بالشراء أي قبل الإجازة لا عندهما مستندا كما زعمه المحشي بدليل ما في تلخيص الجامع ويحنث بالشراء من فضول أو بالخمر أو بشرط الخيار إذ الذات لا تختل لخلل في الصفة ا هـ
قال شارحه الفارسي لأن شرط الحنث وجد وهو ذات البيع بوجود ركنه من أهله في محله وإن لم يفد الملك في الحال لمانع وهو دفع الضرر عن المالك في الأول واتصال المفسد به في الثاني والخيار في الثالث وإفادة الملك في الحال صفة البيع لا ذاته فإن العرب وضعت لفظ البيع لمبادلة مال بمال مع أنهم لا يعرفون الأحكام ولا الصحيح والفاسد ومتى وجدت الذات لا تختل لخلل وجد في الصفات ا هـ
فافهم قوله ( لا الباطل ) أي كما لو اشترى بميتة أو دم فلا يحنث لعدم ركن البيع وهو مبادلة مال بمال ولهذا لا يملك المبيع بخلاف ما لو اشترى بخمر أو خنزير لأنهما مال متقوم في حق بعض الناس إلا أن البيع بهما فاسد لاشتراطه في البيع ما لا يقدر على تسليمه فأشبه سائر البيوع الفاسدة كذا في التلخيص وشرحه قوله ( إلا بإجازة قاض أو مكاتب ) لأن المنافي زال بالقضاء لأنه فصل مجتهد فيه وبإجازة المكاتب انفسخت الكتابة فارتفع المنافي فتم العقد بحر
ومن قوله زال بالقضاء تعلم أن استعمال الإجازة في القضاء من باب عموم المجاز ا هـ ح
قلت وفي شرح التلخيص ما يفيد أنه لا بد من القضاء مع إجازة المكاتب لكن ذكر الزيلعي نحو ما في البحر
وفي الخانية إذا بيع المكاتب برضاه جاز وكان فسخا للكتابة ا هـ
تتمة قال الزيلعي ولو حلف أن يبيع هذا الحر فباعه بر لأن البيع الصحيح لا يتصور فيه فانعقد على الباطل وكذا الحرة وأم الولد
وعن أبي يوسف ينصرف إلى الصحيح لإمكانه بالردة ثم السبي
قوله ( والفرق في الظهيرية ) هو أن الولادة من الزوج والنسب من الأب مقدم فيقع بما تقدم سببه أولا وهذا المعنى لا يمكن اعتباره في حق الأجنبي كما في البحر ح
وبيانه كما أفاده بعض المحشين أنه لما باع نصفها من الزوج صارت أم ولده قبل الجزاء وهو العتق فلا تعتق على البائع لأنها أم ولد غيره وكذا يثبت النسب من الأب فتعتق عليه
قوله ( في الصحيح ) راجع للتعميم كما يفيده قول النهر لأن بالنكاح لا يحنث بالفاسد سواء عينها أو لم يعينها هو الصحيح كما في الخانية قوله ( وكذا لو حلف لا يصلي الخ ) قال في التاترخانية عن الخلاصة النكاح والصلاة وكل فعل يتقرب به أى الله تعالى على الصحيح دون الفاسد
قوله ( أو لا يحج ) ذكره هنا إشارة إلى أن ذكر المصنف إياه فيما سيأتي ليس في محله ح
قوله ( ولا يثبت بالفاسد ) أي الذي فساده مقارن كالصلاة بغير طهارة أما الذي طرأ عليه الفساد كما إذا شرع ثم قطع فيحنث به على التفصيل الآتي وسنتكلم عليه ح
قوله ( فلا تنحل به اليمين ) حتى لو تزوج فاسدا أو صلى كذلك ثم أعاد صحيحا حنث
قوله ( وإنه ) أي الملك يثبت بالفاسد إذا اتصل به القبض
قوله ( والهبة والإجارة كبيع ) قال في البحر وقدمنا أنه لو حلف لا يهب فوهب قبة غير مقسومة حنث كما في الظهيرية فعلم أن فاسد الهبة كصحيحها ولا يخفى أن الإجارة كذلك لأنها بيع ا هـ أي بيع المنافع
____________________
(3/822)
مطلب إذا دخلت أداة الشرط على كان تبقى على معنى المضي قوله ( كإن تزوجت أو صممت ) كان المناسب أن يقول كإن كنت تزوجت كما عبر في البحر بزيادة كنت لأن أداة الشرط تقلب معنى الماضي إلى الاستقبال غالبا فإذا أريد معنى الماضي جعل الشرط كإن كقوله تعالى { إن كنت قلته فقد علمته } إن كان قميصه قد لأن المستفاد من كان الزمن الماضي فقط ومع النص على المضي لا يمكن إفادة الاستقبال وهذا من خصائص كان دون سائر الأفعال الناقصة
ذكره المحقق الرضي
والظاهر أن هذا أغلبي أيضا بدليل قوله تعالى { وإن كنتم جنبا } المائدة 6 بمعنى صرتم كما في { فكانت هباء } الواقعة 6 أي صارت
قوله ( لأنه إخبار ) أي فلا يقصد منه الحل والتقريب كما في البحر ولأن ما مضى معرف معين لغو وما يستقبل معدم غائب والصفة في الغائب معتبرة
شرح التلخيص قوله ( لأن النكاح المعنوي ) خص بالتعليل النكاح لأنه المحدث عنه أولا ومثله غيره والمعنوي اسم مفعول من عنى بمعنى قصد عبر به تبعا للبحر عن البدائع والمختار في الاستعمال معنى بدون واو مثل مرمى والمراد أنه الحقيقة المقصودة
قال في شرح التلخيص إلا أن ينوي نكاحا أو فعلا صحيحا في الماضي فيصدق ديانة وقضاء وإن كان فيه تخفيف عليه لأنه نوى حقيقة كلامه ورعاية الحقيقة واجبة ما أمكن وإن نوى الفاسد في المستقبل صدق قضاء وإن نوى المجاز لما فيه من التغليظ ويحنث بالجائز أيضا لأن فيه ما في الفاسد وزيادة ا هـ
قوله ( فلا يحنث بالمقيد ) لجواز بيعه قبل وجود شرطه
قوله ( حتى لو قال ) تفريع علي التعليل ولا فرق بين هذا وبين ما في المتن إلا من حيث إن المعلق عتق المخاطب وفي الأول طلاق الزوجة أو عتق عبد آخر
قوله ( أو استولد ) هذا خاص بالأمة ولا يناسبه فتح الكاف والتاء في إن لم أبعك فأنت حر إلا أن يراد به الشخص الصادق بالذكر والأنثى
قوله ( ولا يعتبر الخ ) قيل وقوع اليأس في الأمة والتدبير ممنوع لجواز أن ترتد فتسبى فيملكها الحالف وأن يحكم القاضي ببيع المدبر
وأجيب بأن من المشايخ من قال لا تطلق لهذا الاحتمال والأصح ما في الكتاب لأن ما فرض أمر متوهم نهر
زاد في غاية البيان في الجواب عن الأمة أو نقول إن الحالف عقد يمينه على الملك القائم لا الذي سيوجد
مطلب قالت له تزوجت علي فقال كل امرأة لي طالق طلقت المحلفة ( طلقت المحلفة ) أي التي دعته إلى الحلف وكانت سببا فيه بحر
وهذا إذا لم يقل ما دامت حية لأن كل امرأة نكرة والمخاطبة معرفة بتاء الخطاب فلا تدخل تحت النكرة
شرح التلخيص
قوله ( وعن الثاني لا ) أي لا تطلق لأنه أخرجه جوابا فينطبق عليه ولأن غرضه إرضاؤها وهو بطلاق غيرها فيتقيد به
وجه الظاهر عموم الكلام وقد زاد على حرف الجواب فيجعل مبتدئا وقد يكون غرضه إيحاشها حين اعترضت عليه ومع التردد لا يصلح مقيدا ولو نوى غيرها صدق ديانة لا قضاء لأنه تخصيص العام بحر
قوله ( وصححه السرخسي الخ ) وفي شرح التلخيص قال البزدوي في شرحه إن الفتوى عليه قوله ( وفي الذخيرة الخ ) حيث قال وحكي عن بعض المتأخرين أنه ينبغي
____________________
(3/823)
أن يحكم الحال فإن جرى بينهما قبل ذلك خصومة تدل على أنه قال ذلك على سبيل الغضب يقع عليها وإلا فلا
قال شمس الأئمة السرخسي وهذا القول حسن عندي ا هـ
قلت وهذا توفيق بين ظاهر الرواية الذي عليه المتون وبين رواية أبي يوسف وهو ظاهر فإن حالة الرضا دليل على أنه قصد مجرد الجواب وإرضاءها لا إيحاشها بخلاف حالة الغضب وفي ذلك إعمال كل من القولين فينبغي الأخذ به
قوله ( لا يحتمل هذه المرأة ) لأن كلام الزوج في المسألتين مبني على السؤال وإنما يدخل في كلامه ما يجوز دخوله في السؤال ولفظ امرأة في المسألة الأولى يتناولها بخلاف لفظ غير هذه في المسألة الثانية
أفاده في الذخيرة
قوله ( لفوات المحل ) أي المذكور في مسألة إن لم أبع هذا الرقيق الخ فكان الأولى ذكر ذلك هناك كما فعل في البحر و النهر
قوله ( فكسرته ) أي على وجه لا يمكن التئامه إلا بسبك جديد كما هو ظاهر
قوله ( طلقت ) أي لبطلان اليمين باستحالة البر كما إذا كان في الكوز ماء فصب على ما مر
نهر
وأراد ببطلانها بطلان بقائها
وقال في النهر أيضا وكان ذلك في الحمام يمين الفور وإلا فعود الحمام بعد الطيران ممكن عقلا وعادة فتدبره
قوله ( قال لمحرمه ) أي نسبا أو رضاعا أو مصاهرة ط
قوله ( إلى ما يتصور ) وهو العقد عليها فإنها محل له في الجملة
قال في التاترخانية ولو قال إن تزوجت الجدار أو الحمار فعبدي حر لا تنعقد يمينه ا هـ أي لأنه غير محل أصلا
وفيها قال لأجنبية إن نكحتك فأنت طالق لا تنصرف إلى العقد ولو لامرأته أو جاريته فإلى الوطء حتى لو تزوجها بعد الطلاق أو العتق لا يحنث
قوله ( عقد خارجها ) أي بنفسه أو وكيله فإذا كان في الكوفة وعقد وكيله خارجها لا يحنث كما في الخانية عن حيل الخصاف
قوله ( لأن المعتبر مكان العقد ) فلو تزوج امرأة بالكوفة وهي في البصرة زوجها منه فضولي بلا أمرها فأجازت وهي في البصرة حنث الخالف ويعتبر مكان العقد وزمانه لإمكانه الإجازة وزمنها خانية
قوله ( اعتبارا للغرض ) فإن غرضه غير التي معه
قوله ( لا يحنث بمن ولدت له ) قال الصدر الشهيد هذا موافق قول محمد
أما ما يوافق قولهما فقد ذكر في الجامع الصغير أن من حلف لا يكلم امرأة فلان وليس لفلان امرأة ثم تزوج امرأة وكلمها الحالف حنث عندهما خلافا لمحمد وفي الحجة و الفتوى على قولهما
تاترخانية
مطلب النكرة تدخل تحت النكرة والمعرفة لا تدخل قوله ( النكرة تدخل تحت النكر الخ ) المراد بالنكرة ما يشمل المعرف من وجه كالعلم المشارك له غيره في الاسم وكالمضاف إلى الضمير إذا كان تحته أفراد مثل نسائي طوالق كما يظهر والمراد بالمعرفة كما قال في الذخيرة ما كان معرفا من كل وجه وهو ما يشاركه غيره في ذلك كالمشار إليه كهذه الدار وهذا العبد والمضاف إلى الضمير كداري
____________________
(3/824)
وعبدي أما المعرف بالاسم كمحمد بن عبد الله والمضاف إليه كدار محمد بن عبد الله فإنه يدخل تحت النكرة لأن الاسم لا يقطع الشركة من كل وجه ولذا يحسن الاستفهام فيقال من محمد بن عبد الله فبقي فيه نوع تنكير فمن حيث التعريف يخرج عن اسم النكرة ومن حيث التنكير لا يخرج فلا يخرج بالشك والاحتمال ولا يرد ما لو قال فلانة بنت فلان التي أتزوجها طالق حيث يتعلق الطلاق بالاسم لا بالتزوج لأنه احتمال للخروج هنا ولا يرد أيضا كل امرأة أتزوجها ما دامت عمرة حية فهي طالق حيث لا تطلق عمرة إذا تزوجها لأن عامة المشايخ على تقييده بما إذا كانت مشارا إليها بأن قال عمرة هذه وإلا دخلت تحت اسم امرأة ولأن الاسم والنسب وضعا لتعريف الغائب لا الحاضر لأن تعريفه بالإشارة كما في الشهادة وتمام الكلام على ذلك في الذخيرة وما ذكر من عدم دخول المعرفة تحت النكرة إنما هو إذا كانا في جملة واحدة بخلاف الجملتين كما يأتي
قوله ( والدار له أو لغيره ) أشار بالتعميم إلى خلاف الحسن بن زياد حيث قال إن الدار لو كانت له لا يحنث لأن الإنسان لا يمنع نفسه عن دخول دار نفسه والجواب أنه قد يمنع نفسه لغيظ ونحوه كما في شرح التلخيص
قوله ( لتنكيره ) أي لتنكير الحالف نفسه حيث لم يعينها بإضافة الدار إليه لأن الدار وإن ذكرت بالإشارة إليها لم يتعين مالكها بخلاف الإشارة إلى جزئه كهذا الرأس كما يأتي
قوله ( لا حنث بالحالف ) كان المناسب زيادة والمخاطب أي في قوله دارك وفي بعض النسخ لا حنث بالمالك وهي أولى
قوله ( لتعريفه ) أي من كل وجه لأن ياء المتكلم وكاف المخاطب لا يدخل فيهما غيرهما فلا يدخلان تحت النكرة وهي أحد إلا أن ينوي دخول نفسه أو المخاطب لأن أحد شخص من بني آدم وهما كذلك وكذا لو قال إن ألبست هذا القميص أحدا فأنت طالق لا يدخل الحالف فلا يحنث إذا ألبسه لنفسه إلا بالنية وكذا لو قال لعبده أعتق أي عبيدي شئت لا يدخل المخاطب حتى لو أعتق نفسه لا يعتق لأن الضمير المستتر في أعتق معرفة فلا يدخل تحت أي لأنها وإن كانت عند النحاة معرفة بالإضافة إلا أنها بمنزلة النكرة لأنها تصحب النكرة لفظا مثل أي رجل ومعنى مثل { أيكم يأتيني بعرشها } النمل 38 لأن المعنى أي واحد منكم ولأن الأمر بالإعتاق توكيل فلا يدخل المأمور فيه كقولها لرجل زوجني من شئت ليس له أن يزوجها من نفسه وتمامه في شرح التلخيص
قوله ( فكان ) أي الحالف أو ما ذكر من التعريف أقوى من ياء الإضافة أي أقوى تعريفا من تعريف ياء الإضافة
قوله ( إلا بالنية ) أي لو نوى دخول المعرف تحت النكرة فإنها تشمله وغيره كما مر فيحنث
قال في الذخيرة لأنه نوى المجاز وفيه تغليظ عليه فيحنث بما نوى ويحنث بغيره لأنه الظاهر في القضاء
قوله ( وفي العلم ) لا حاجة إلى استثنائه لما قدمناه من أن المراد بالمعرفة ما كان معرفا من كل وجه وهو ما لا يشاركه غيره
قوله ( دخل الحالف لو هو كذلك ) أي لو كان اسمه محمد بن أحمد والغلام له فإذا كلم غلامه حنث وأما لو كان الحالف غيره فإنه يحنث بالأولى لأنه منكر من كل وجه
قوله ( لجواز استعمال العلم في موضع النكرة ) أي من حيث إن المسمى بهذا الاسم كثير فصار كأنه قال من كلم غلام رجل مسمى بهذا الاسم ولو قال كذلك لم يتعين الحالف
____________________
(3/825)
فصح دخوله تحت النكرة التي هي أحد
قوله ( إلا المعرفة في الجزاء الخ ) وكذا عكسه وهو لمعرفة في الشرط فإنها تدخل تحت النكرة في الجزاء
وحاصله كما في شرح التلخيص أن المعرفة لا تدخل تحت النكرة إذا كانت في جملة واحدة فلو في جملتين لا يمتنع دخولها لأن الشيء لا يتصور أن يكون معرفا منكرا في جملة واحدة بخلاف الجملتين لأنهما كالكلامين ففي إن دخل داري هذه أحد فأنت طالق فدخلتها هي تطلق لأنها وإن كانت معرفة بتاء الخطاب إلا أنها وقعت في الجزاء فلم يمتنع دخولها تحت نكرة الشرط وهي أحد وفي قوله لها إن فعلت كذا فنسائي طوالق ففعلت المخاطبة تطلق معهن لأنها معرفة في الشرط فجاز أن تدخل تحت الجزاء وتكون منكرة في الجزاء يعني باعتبار كونها واحدة غير معينة من جملة معلومة ذكرت في الجزاء ا هـ
وبه علم أن نسائي نكرة هنا وإن أضيف إلى الضمير لأن المراد بالنكرة ما ليس معرفا من كل وجه وهذا كذلك ولذا يصح الاستفهام عنهن فيقال من نساؤك كما مر في العلم
قوله ( لأن المعرفة الخ ) علة لقوله لم يحنث والمراد بالمعرفة ياء المتكلم في داري وقوله لا تدخل تحت النكرة أي التي في جملتها
مطلب قال علي المشي إلى بيت الله تعالى أو الكعبة قوله ( ويجب حج أو عمرة ماشيا الخ ) أي استحسانه وعلله في الفتح بأنه تعورف إيجاب أحد النسكين به فصار فيه مجازا لغويا حقيقة عرفية مثل ما لو قال علي حجة أو عمرة وإلا فالقياس أن لا يجب بهذا شيء لأنه التزم ما ليس بقربة واجبة وهو المشي ولا مقصودة ا هـ
وقدمنا أول الأيمان في بحث النذر أن مثله النذر بذبح فإنه عبارة عن النذر بذبح شاة وقدمنا أن صيغة النذر تحتمل اليمين كما مر بيانه في آخر كتاب الصوم فلذا ذكروا مسائل النذر في الأيمان فافهم
قوله ( من بلده ) قال في النهر ثم إن لم يكن بمكة لزمه المشي من بيته على الراجح لا من حيث يحرم من الميقات والخلاف فيما إذا لم يحرم من بيته فإن أحرم منه لزمه المشي منه اتفاقا وإن كان بمكة وأراد أن يجعل الذي لزمه حجا فإنه يحرم من الحرم ويخرج إلى عرفات ماشيا إلى أن يطوف طواف الزيارة كغيره وإن أراد إسقاطه بعمرة فعليه أن يخرج إلى الحل ويحرم منه
وهل يلزمه المشي في ذهابه خلاف والوجه يقتضي أنه يلزمه إذ الحاج يلزمه المشي من بلدته مع أنه ليس محرما بل ذاهب إلى محل الإحرام ليحرم منه فكذا هذا ا هـ
والتوجيه لصاحب الفتح وتبعه في البحر أيضا
قوله ( إن ركب ) أي في كل الأوقات أو أكثرها فإن ركب في غير ذلك تصدق بقدره ط
قوله ( لإدخاله النقص ) أي فيما التزمه قوله ( أو المشي إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام ) هذا قوله وقالا لزمه في هذين أحد النسكين والوجه أن يحمل على أنه تعورف بعد الإمام إيجاب النسك فيهما فقالا به فيرتفع الخلاف كما حققه في الفتح وتبعه في البحر وغيره
قوله ( لعدم العرف ) علة لجميع ما تقدم فليس الفارق في هذه المسائل إلا لعرف ط
____________________
(3/826)
مطلب إن لم أحج العام فأنت حر فشهدا بنحره بالكوفة لم يعتق قوله ( لم تقبل الخ ) أي عندهما لأنها قامت على النفي لأن المقصود منها نفي الحج لا إثبات التضحية لأنها لا مطالب لها فصار كما إذا شهدوا أنه لم يحج غاية الأمر أن هذا النفي مما يحيط به علم الشاهد لكنه لا يميز بين نفي ونفي تيسيرا هداية
مطلب شهادة النفي لا تقبل إلا الشروط وحاصله أنه لا يفصل النفي بين أن يحيط علم الشاهد فتقبل الشهادة به أو لا فلا بل لا تقبل على النفي مطلقا
نعم على النفي في الشروط حتى لو قال لعبده إن لم تدخل الدار اليوم فأنت حر فشهد أنه لم يدخلها قبلت ويقضي بعتقه كما في المبسوط وأراد أن ما نحن فيه كذلك
وأجيب بأنها قامت على أمر معاين وهو كونه خارج البيت فيثبت النفي ضمنا واعترضه في الفتح بأن العبد كما لا حق له في التضحية لا حق له في الخروج فإذا كان مناط القبول كون المشهود به أمرا وجوديا متضمنا للمدعي به كذلك يجب قبول شهادة التضحية المتضمنة للنفي فقول محمد أوجه ا هـ
وتبعه في البحر و النهر لكن أجاب المقدسي في شرحه بأن الشهادة بعد الدخول أولت بالخروج الذي هو وجودي صورة وفي الحقيقة المقصود أن الخروج يمكن الإحاطة به بلا ريب بأن يشاهد العبد خارج الدار في جميع اليوم فهي نفي محصور بخلاف التضحية بالكوفة ليست ضدا للحج على أنه يمكن أن يكون ذلك كرامة له وهي جائزة كما قالوا في المشرقي والمغربية فتأمل ا هـ
مطلب حلف لا يصوم حنث بصوم ساعة قوله ( لوجود شرطه ) وهو الصوم الشرعي إذ هو الإمساك عن المفطر على قصد التقرب وقد وجد تمام حقيقته وما زاد على أدنى إمساك في وقته فهو تكرار الشرط ولأنه بمجرد الشروع في الفعل إذا تمت حقيقته يمسى فاعلا ولذا نزل إبراهيم عليه السلام ذابحا بإمرار السكين في محل الذبح فقيل له { قد صدقت الرؤيا } بخلاف ما إذا كانت حقيقته تتوقف على أفعال مختلفة كالصلاة كما يأتي فتح واعترض بأن الصوم الشرعي أقله يوم وأجيب بأنه يطلق شرعا على ما دونه
ودفع بأن المطلق ينصرف إلى الكامل
قلت جوابه أن هذا لو قال صوما كما يأتي أما بدون تصريح بمصدر أو ظرف فالمراد الحقيقة وقد وجدت بالأقل ولهذا في الشرع والعرف إنه صام ثم أفطر فيحنث لوجود شرط الحنث قبل الإفطار ثم لا يرتفع بعد تحققه فافهم
ثم اعلم أن ما ذكره المصنف هنا كبقية المتون مخالف لما قدمه في هذا الباب من أنه لو حلف لا يصلي أو لا يصوم فهو على الصحيح دون الفاسد كما قدمناه وكنت أجبت عنه في باب نكاح الرقيق بأن المراد بالصحيح ما وجدت حقيقته الشرعية على وجه الصحة فلا يضره عروض الفساد بعد ذلك ويفيده ما ذكرناه عن الفتح من التعليل وعليه فقوله دون الفاسد احتراز عن الفاسد ابتداء كما لو نوى الصوم عند الفجر وهو يأكل أو شرع في الصلاة
____________________
(3/827)
محدثا فليتأمل
ثم رأيت في الفتح ما يفيد المنافاة بين القولين حيث استشكل المسألة المارة ثم أجاب بأن ما هنا أصح لأنه نص عن محمد في الجامع الصغير لكنه بعد أسطر أجاب مستندا للذخيرة بأن المراد بالفاسد ما لم يوصف بوصف الصحة في وقت بأن يكون ابتداء الشروع غير صحيح وقال وبه يرتفع الإشكال وتبعه في البحر و النهر وهذا عين ما فهمته من الإشكال والجواب والحمد لله على إلهام الصواب
قوله ( لأنه مطلق الخ ) علة للمسألتين أي فلا يراد باليوم بعضه وكذا في صوم لأن المراد بهما المعتبر شرعا فافهم
لقال في الفتح أما في يوما فظاهر وكذا في صوما لأنه مطلق فينصرف إلى الكامل وهو المعتبر شرعا ولذا قلنا لو قال لله علي صوم وجب عليه صوم يوم كامل بالإجماع وكذا إذا قال علي صلاة تجب ركعتان عندنا لللا يقال المصدر مذكور بذكر الفعل فلا فرق بين حلفه لا يصوم ولا يصوم صوما فينبغي أن لا يحنث في الأول إلا بيوم لأنا نقول الثابت في ضمن الفعل ضروري لا يظهر أثره في غير تحقق الفعل بخلاف صريح فإنه اختياري يترتب عليه حكم المطلق فيوجب الكمال ا هـ
قوله ( لأن اليمين الخ ) جواب عما أورد من أن اليمين هنا صحت مع أنه مقرون بذكر اليوم ولا كمال
للورد في الفتح إلا أن يراد بأن كلامنا كان في المطلق وهو لفظ يوما ولفظ هذا اليوم مقيد معرف وإنما تشكل هذه المسألة والتي بعدها على قول أبي حنيفة ومحمد لأن التصور شرعا منتف وكونه ممكنا في صورة أخرى وهي صورة النسيان والاستحاضة لا يفيد حيث كان في صورة الحلف مستحيلا شرعا لأنه لم يحلف إلا على الصوم والصلاة الشرعيتين أما على قول أبي يوسف فظاهر ا هـ
قوله ( كتصوره في الناسي ) أي في الذي أكل ناسيا فإن حقيقة الصوم وهي الإمساك عن المفطرات غير موجودة مع أنه اعتبره الشارع صائما فقد وجد الصوم مع الأكل وهذا نظير قوله بعد أكله وأما قوله أو بعد الزوال فلم يوجد له نظير والناسي لا يصلح نظيرا له وعن هذا قال في النهر وأنت خبير بأن الصورة فيما إذا حلف بعد الزوال في الناسي الذي لم يأكل ممنوع ا هـ
قلت ويجاب بأن المراد إمكان تصوره مع فقد شرط وقد وجد ذلك في الناسي ولا فرق بين شرط وشرط فيصلح ذلك نظيرا لهما ويدل لما قلنا ما في الذخيرة من أن المراد بالتصور بعد الزوال وبعد الأكل أن الله سبحانه لو شرع الصوم بعدهما لم يكن مستحيلا ألا ترى كيف شرعه بعد الأكل ناسيا وكذا الصلاة مع الحيض تتصور لأن الحيض ليس إلا درور الدم وأنه لا ينافي شرعية الصلاة ألا ترى أن للصلاة في حق المستحاضة مشروعة وشرط إقامة الدليل مقام المدلول التصور لا الوجود بخلاف مسألة الكوز الخ ا هـ ملخصا
قلت وبهذا يجاب عن إشكال الفتح لأن المراد أنه لو شرع لم يكن مستحيلا شرعا لهذه الشواهد نعم يقوي إشكاله ما قدمه الشارح في بحث مسألة الكوز إن تصل الصبح غدا فأنت كذا لا يحنث بحيضها بكرة في الأصح وعزاه في البحر هنا للمنتقى وقال هنا فحينئذ لا يحنث في مسألة الصوم أيضا على الأصح قال لكن جزم في المحيط بالحنث فيهما
وفي الظهيرية أنه الصحيح ا هـ
فافهم
قوله ( كما في الاستحاضة ) فإنها فقد معها شرط الصلاة مع حكم الشارع عليها بالصحة فعلم أن شرعيتها مع فقد شرط غير مستحيلة بمعنى أنه تعالى لو شرعها مع الحيض
____________________
(3/828)
لأمكن كما مر فلا يرد إشكال الكمال فافهم
قوله ( لأن محل الفعل ) أي المحلوف عليه بقوله لا أشرب ماء هذا الكوز والحال أنه لا ماء فيه
مطلب حلف لا يصلي حنث بركعة قوله ( بركعة ) أي استحسانا لأن الصلاة عبارة عن أفعال مختلفة فما لم يأت بها لا تسمى صلاة يعني لم يوجد تمام حقيقتها والحقيقة تنتفي بانتفاء الجزء بخلاف الصوم فإنه ركن واحد ويتكرر بالجزء الثاني
وأورد أن من أركان الصلاة القعدة وليست في الركعة الواحدة فيجب أن لا يحنث
وأجيب بأنها موجودة بعد رفع رأسه من السجدة وهذا إنما يتم بناء على توقف الحنث على الرفع منها والأوجه خلافه على أنه لو سلم فليست تلك القعدة هي الركن
والحق أن الأركان الحقيقية هي الخمسة والقعدة ركن زائد على ما تحرر وإنما وجبت للختم فلا تعتبر ركنا في حق الحنث ا هـ فتح ملخصا
قال فيالنهر وقدمنا أنها شرط لا ركن وهو ظاهر في توقف حنثه على القراءة في الركعة وإن كانت ركنا زائدا وهذا أحد قولين وقيل يحنث بدونها
حكاهما في الظهيرية
قوله ( بنفس السجود ) أي بوضع الجبهة على الأرض لتمام حقيقة السجود به بلا توقف على الرفع وهو الأوجه كما في الفتح
قوله ( لتحقق الركعة ) تقدم أن الصلاة تتحقق بوجود الأركان الأربعة لكن إذا قال ركعة فقد التزم زيادة على حقيقة الصلاة وهو صلاة تسمى ركعة وهي الأولى من شفع فلو صلى ركعة ثم تكلم لا يحنث لأنها صورة ركعة لا صلاة هي ركعة
وقال في الظهيرية لأنه ما صلى ركعة لأنها بتيراء ولو صلى ركعتين حنث بالركعة الأولى
قال في البحر وقد علم مما ذكرنا أن النهي عن البتيراء مانع لصحة الركعة وهي تصغير البتراء تأنيث الأبتر وهو في الأصل مقطوع الذنب ثم صار يقال للناقص ا هـ
قوله ( وإن لم يقعد الخ ) مأخوذ من الفتح حيث قال حلف لا يصلي صلاة فهل يتوقف حنثه على قعوده قدر التشهد بعد الركعتين اختلفوا فيه والأظهر أنه إن عقد يمينه على مجرد الفعل وهو ما إذا حلف لا يصلي صلاة يحنث قبل القعدة لما ذكرته أي من أنها ركن زائد وإن عقدها على الفرض كصلاة الصبح أو ركعتي الفجر ينبغي أن لا يحنث حتى يقعد ا هـ
وفي النهر عن العناية أن الصلاة لا تعتبر شرعا بدونها وصلاة الركعتين عبارة عن صلاة تامة وتمامها شرعا لا يكون إلا بالقعدة ثم نقل بعد نقل ما في الفتح وتوجيه المسألة يشهد لما في العناية ا هـ
وحاصله أنه لا بد من القعدة مطلقا وهذا كله مخالف لما في البحر عن الظهيرية حيث قال والأظهر والأشبه أن عقد يمينه على مجرد الفعل وهو إذا حلف لا يصلي صلاة لا يحنث قبل القعدة وإن عقدها على الفرض وهي من ذوات المثنى فكذلك وإن كان من ذوات الأربع حنث ولو حلف لا يصلي الظهر لا يحنث حتى يتشهد بعد الأربع ا هـ
لكن فيه شبه المنافاة إذ لا فرق يظهر بين قوله لا أصلي الفرض وقوله لا أصلي الظهر مثلا
تأمل وفي التاترخانية لو حلف لا يصلي الظهر أو الفجر أو المغرب لا يحنث حتى يقعد في آخرها ويظهر لي أن الأوجه ما في العناية كما مر عن النهر ويظهر منه أيضا اشتراط القعدة في قوله لا أصلي ركعة وإلا فهي صورة ركعة لا ركعة حقيقية
تأمل قوله ( بعد شروعه ) متعلق باقتداء
قوله ( وإن وصلية ) لكن الذي في نسخ المتن المجردة صدق بلا واو فتكون إن شرطية وجوابها صدق
____________________
(3/829)
مطلب حلف لا يؤم أحدا قوله ( لأنه أمهم ) أي في الظاهر
قال في الظهيرية وقصده أن لا يؤم أحدا أمر بينه وبين الله تعالى ثم قال وذكر الناطفي أنه إذا نوى أن لايؤم أحدا فصلى خلفه رجلان جازت صلاتهما ولا يحنث لأن شرط الحنث أن يقصد الإمامة ولم يوجد ا هـ
وظاهره أنه لا يحنث قضاء أيضا ففي المسألة قولان ويظهر لي الثاني لأنه شروعه وحده أولا ظاهر في أنه لم يرد الإمامة وصحة اقتدائهم به لا يلزم منها نيته ولذا لو أشهد لم يحنث مع صحة اقتدائهم لأن نية الإمام الإمامة شرط لحصول الثواب له لا لصحة الاقتداء
قوله ( ولو في الجمعة ) لأن الشرط فيها الجماعة وقد وجد فتح وعبارة البحر عن الظهيرية وكذلك لو صلى هذا الحالف بالناس الجمعة فهو على ما ذكرنا ا هـ
ومقتضاه أنه إن أشهد لا يحنث أصلا وإلا حنث قضاء لا ديانة إن نوى لكن في البزازية ولو أشهد قبل دخوله في الصلاة في غير الجمعة أن يصلي لنفسه لم يحنث ديانة ولا قضاء ا هـ
ومفهومه أنه في الجمعة يحنث قضاء وإن أشهد ولعل وجهه أن الجماعة شرط فيها فإقدامه عليها ظاهر في أنه أم فيها
تأمل قوله ( لعدم كمالها ) قال في الظهيرية لأن يمينه انصرفت إلى الصلاة المطلقة ا هـ أي والمطلقة هي الكاملة ذات الركوع والسجود وما بحثه في الفتح من أنه ينبغي إذا أم في الجنازة إن أشهد صدق فيهما وإلا ففي الديانة خلاف المنقول كما في النهر
قلت وبحث الفتح وجيه إلا إذا حلف أن لا يؤم أحدا في الصلاة فتنصرف الصلاة إلى الكاملة أما بدون ذكر الصلاة فالإمامة موجودة في الجنازة
تأمل
قوله ( فإنه يحنث ) أي على التفصيل المار كما هو ظاهر
قوله ( منهيا عنها ) أي إذا كانت على وجه التداعي وهو أن يقتدي أربعة بواحد ط
قوله ( لإمكان الوقوف عليها ) أي فكان القول للمولى لإنكاره شرط العتق بخلاف نحو المحبة والرضا من الأمور القلبية فإن القول فيها للمخبر عنها
قوله ( طلقت على الأظهر ) الظاهر أن هذا في عرفهم وفي عرفنا تارك الصلاة من لا يصلي أصلا ا هـ ح
قوله ( استظهر الباقاني الخ ) هو أحد القولين ومبنى الثاني على انصراف الوقت إلى الأصل كما في الفتح وهو الموافق للعرف كما أفاده ح
لكن قد يقال لا تأخير من النائم فالأظهر ما في البزازية من أن الصحيح أنه إن كان نام قبل دخول الوقت وانتبه بعده لا يحنث وإن كان نام بعد دخوله حنث
قوله ( اجتمع حدثان فالطهارة منهما ) أي مطلقا كجنابتين من امرأتين أو جنابة وحيض أو بول ورعاف
قال في البحر فلو حلف لا يغتسل من امرأته هذه فأصابها ثم أصاب أخرى أو بالعكس ثم اغتسل فهو منهما وحنث وكذا لو حلفت لا تغتسل من جنابة أو من حيض فأجنبت وحاضت ثم اغتسلت فهو منهما
وقال الجرجاني هو من الأول اتحد الجنس أو لا كبول ورعاف
وقال أبو جعفر إن اتحد فمن الأول وإلا فمنهما
وقال الزاهد عبد الكريم كنا نظن أن الوضوء
____________________
(3/830)
من أغلظهما وإن استويا فمنهما وقد وجدنا الرواية عن أبي حنيفة أنه منهما فرجعنا إلى قوله ا هـ ملخصا
وثمرة الخلاف تظهر فيما لو حلف لا يتوضأ من الرعاف فرعف ثم بال فتوضأ حنث بلا خلاف وإن بال أولا ثم رعف وتوضأ فعلى قول الجرجاني لا يحنث وعلى ظاهر الجواب وقول أبي جعفر يحنث
تاترخانية
قلت وبه علم أن ما جزم به الشارح هو ظاهر الرواية
قوله ( يصلي الفجر الخ ) كذا أجاب ابن الفضل حين سئل عنه فقال ينبغي أن يصلي الفجر الخ
قال ح وفيه أنه إن كان المراد باليوم بقية النهار إلى الغروب فكيف يبر بثلاث صلوات فيه وإن كان المراد منه ما يشمل الليلة بقرينة الخمس صلوات فما الحاجة إلى مجامعتها قبل الغروب على أن قوله بجماعة لا دخل له في الألغاز فتأمل ا هـ
قلت لعل وجهه أن يمينه بظاهرها معقودة على بقية النهار وبذكره الخمس احتمل أنه أراد ما يشمل الليل فإذا جامع واغتسل نهارا يحنث يقينا وكذا لو جامع واغتسل ليلا لأنه وجد شرط الحنث على كلا الاحتمالين لأنه في النهار لم يجامع وفي الليل قد اغتسل وقد حلف أنه يجامع ولا يغتسل أما إذا جامع في النهار واغتسل بعد الغروب فإنه على احتمال كون المراد بقية اليوم لم يوجد شرط الحنث وعلى الاحتمال الآخر وجد فلا يحنث بالشك وأما التقييد بالجماعة فهو لتأكيد كون الخمس هي المكتوبة
ثم ظهر لي جواب آخر وهو اين يقال إنها انعقدت عن النهار فقط لكن يمكنه أداء الخمس في النهار انصرفت إلى ما يتصور شرعا وهو أداء الكل في أوقاتها كما مر فيما لو حلف على تزوج محرمة فتزوجها حنث لأن يمينه تنصرف إلى ما يتصور وحينئذ فلا يبر إلا إذا صلى كل صلاة في وقتها وجامع قبل الغروب واغتسل بعده إذ لو جامع واغتسل نهارا حنث لأنه حلف أن لا يغتسل في هذا اليوم وإن كانا في الليلة حنث أيضا لأنه حلف أن يجامع في النهار وأظن أن هذا الوجه هو المراد وبه يندفع الإيراد فافهم والله سبحانه أعلم
مطلب حلف لا يحج قوله ( حلف لا يحج ) أي سواء قال حجة أو لا كما في البحر وغيره
قوله ( عن الثالث ) أي أن هذا مروي عنه
قوله ( عن الثاني ) أي عن أبي يوسف
قوله ( وبه جزم في المنهاج ) جزم به أيضا في تلخيص الجامع الكبير لأن الحج عبارة عن أجناس من الفعل كالصلاة فتناولت اليمين جميعها وذلك لا يوجد إلا بأكثر طواف الزيارة
فإن جامع فيها لا يحنث لأن المقصود من الحج القربة فتناولت اليمين الحج الصحيح كالصلاة
شرح الجامع
قوله ( ولا يحنث في العمرة ) أي فيما لو حلف لا يعتمر
مطلب إن لبست من مغزولك فهو هدي قوله ( أي صدقة أتصدق به بمكة ) ذكر ضمير به على أن الصدقة بمعنى المتصدق به
____________________
(3/831)
مطلب في معنى الهدي قال في الفتح ومعنى الهدي هنا ما يتصدق به بمكة لأنه اسم لما يهدى إليها فإن كان نذر هدي شاة أو بدنة فإنما يخرجه عن العدة ذبحه في الحرم والتصدق به هناك فلا يجزيه إهداء قيمته
وقيل في إهداء قيمة الشاة روايتان فلو سرق بعد الذبحة فليس عليه غيره وإن نذر ثوبا جاز التصدق في مكة بعينه أو بقيمته ولو نذر إهداء ما لم ينل كإهداء دار ونحوها فهو نذر بقيمتها ا هـ
فالحاصل أن في مسألتنا لا يخرج عن العهدة إلا بالتصدق بمكة مع أنهم قالوا لو التزم التصدق على فقراء مكة بمكة ألغينا تعيينه الدرهم والمكان والفقير فعلى هذا يفرق بين التزام بصيغة الهدي وبينه بصيغة النذر
بحر
مطلب في الفرق بين تعيين المكان في الهدى دون النذر ووجهه أن جعل التصدق به في الحرم جزء من مفهومه بخلاف ما لو نذر التصدق بدرهم على فقراء الحرم فإن الدرهم لم يجعل التصدق به في الحرم جزاء من مفهومه بل ذلك وصف خارج عن ماهيته ومثله تعيين الزمان والدرهم فلذا لم يلزم بالنذر ثم رأيت نحوه في ط عن الشرنبلالية وكالهدي الأضحية فإنها اسم لما يذبح في أيام النحر فالزمان مأخوذ في مفهومها كما سنذكر تحقيقه في بابها إن شاء الله تعالى فالهدي والأضحية خارجان من قولهم ألغينا تعيين الزمان والمكان فإن الزمان متعين في نذر الأضحية والمكان في الهدي وكذا النذر المعلق كإن شفى الله مريضي فلله علي صوم شهر مثلا فإنه يتعين فيه الزي بمعنى أنه لا يصح صومه قبل وجود المعلق عليه أما المكان والدرهم والفقير فلا تتعين فيه كما حققناه في بحث النذر أول الأيمان فافهم
قوله ( بعد الحلف ) أفاد أنه لو كان مملوكا وقت الحلف فغزلته فلبسه فإنه هدي بالأولى وهو متفق عليه
بحر قوله ( وشرطا ملكه يوم حلف ) لأن النذر إنما يصح في الملك أو مضافا إلى سبب الملك ولم يوجد لأن اللبس وغزل المرأة ليسا من أسباب الملك وله أن غزل المرأة عادة يكون من قطن الزوج والمعتاد هو المراد وذلك سبب لمالكه
بحر أي الغزل من قطن الزوج سبب لملك الزوج لما غزلته ولهذا يحنث إذا غزلت من قطن مملوك للزوج وقت الحلف لأنها إذا غزلته كان ذلك سببا لأن يملك الزوج غزلها مع أن القطن ليس بمذكور وتمامه في العناية لكن يشكل أن الشرط إنما هو اللبس وهو ليس سببا للملك
إلا أن يقال إن المراد إن غزلت ثوبا ولبسته فيكون الشرط هو الغزل الذي هو سبب الملك لا مجرد اللبس
قوله ( لأنها إنما تغزل من كتان نفسها ) أي فلم يوجد شرط النذر وهو الإضافة إلى ملكه أو سببه ط
قوله ( وبقوله الخ ) هذا ذكره في النهر والأول ذكره في الفتح وبحث في كل منهما نوح أفندي بأنه في حيز المنع فإن بعض نساء مصر تغزل من كتان الزوج وبعض نساء الروم بالعكس لا سيما نساء الجنود الذين يغيبون عنهن سنين فالأولى اعتبار الغالب ا هـ ملخصا
قوله ( لا يلبس من غزلها ) أي مغزولها كما عبر به قبله وهو عند عدم النية على الثوب وإن نوى عين الغزل لا يحنث بلبس الثوب لأنه نوى الحقيقة
____________________
(3/832)
ولو حلف لا يلبس من غزلها فلبس ثوبا من غزلها وغزل غيرها حنث ولو من غزلها خيط واحد لأن الغزل غير مقدر إلا إذا قال ثوبا من غزلها لأن بعض الثوب لا يسمى ثوبا محيط لا يلبس من غزلها فلبس زره وعراه من غزلها لا يحنث لأنه لا يسمى لبسا عرفا بخلاف اللبنة والزيق
منتقى ا هـ بحر ملخصا ولو لبس ثوبا فيه رقعة من غزل غيرها حنث لا لو حلف لا يلبس من غزلها فلبس ما خيط من غزلها فتح
قوله ( لأنه لا يسمى لابسا عرفا ) بخلاف ما إذا لبس تكة من حرير فإنه يكره اتفاقا لأن المحرم استعمال الحرير مقصودا وإن لم يصر لابسا وقد وجد والمحرم باليمين اللبس ولم يوجد
بحر
واعترض المصنف قوله اتفاقا بل هو الصحيح وكذا القلنسوة ولو تحت العمامة كما في شرح الوهبانية وعلى مقابل الصحيح لا حاجة إلى الفرق ا هـ
قال في البحر ولا يكره الزر والعرى من الحرير لأنه لا يعد لابسا ولا مستعملا وكذا اللبنة والزيق لأنه تبع كالعلم
قوله ( ولو رجلا ) أتى به لأن خاتم الفضة ليس حليا في حقه للعرف بخلاف الذهب
قوله ( بلا ) بفتح الفاء أي ولو بلا
قوله ( ولو غير مرصع عندهما ) أما عند الإمام فلو غير مرصع لا يحنث وبقولهما قالت الأئمة الثلاثة لأنه حلي حقيقة فإنه يتزين به وقال تعالى { وتستخرجون حلية تلبسونها } والمستخرج من البحر اللؤلؤ والمرجان وله أنه لا يتحلى به عادة إلا مرصعا بذهب أو فضة والأيمان على العرف لا على استعمال القرآن
قال بعض المشائخ قياس قوله إنه لا بأس بلبس اللؤلؤ للغلمان والرجال وقيل هذا اختلاف عصر ففي زمانه كان لا يتحلى به إلا مرصعا ويفتى بقولها لأن العرف القائم أنه يتحلى به مطلقا قتح
مطلب حلف لا يلبس حليا قوله ( في حلفه ) متعلق بقوله كما حنث
قوله ( لا يلبس ) بفتح أوله وثالثه وقوله حليا بضم الحاء وتشديد الياء جمع حلي بفتح فسكون كسدي وسدى
بحر
قوله ( بدليل حله للرجال ) أي مع منعهم من التحلي بالفضة وإنصما أبيح لهم لقصد التختم لا للزينة وإن كانت الزينة لازم وجوده لكنها لم تقصد به فكان عدما خصوصا في العرف الذي هو مبنى الأيمان وعند الأئمة الثلاثة يحنث
فتح
قوله ( بأن كان له ) يوهم كلامه ككلام الزيلعي أن ما له لا يحل للرجال وفي كراهية القهستاني يجوز الخاتم من الفضة على هيئة خاتم الرجال وأما إذا كان له فصان أو أكثر فحرام ا هـ
وعبارة الفتح ليس فيها هذا الإيهام وهي قال المشايخ هذا إذا لم يكن مصبوغا على هيئة خاتم النساء بأن كان له فإن كان حنث لأنه لبس النساء ا هـ تأمل
قوله ( هو الصحيح ) وقيل لا يحنث بخاتم الفضة مطلقا وإن كان مما يلبسه النساء
قال في الفتح وليس ببعيد لأن العرف بخاتم الفضة ينفي كونه حليا وإن كان زينة
قوله ( كخلخال وسوار ) لأنه لا يستعمل إلا للتزين فكان كاملا في معنى الحلي
بحر عن المحيط
تتمة حلف لا يلبس ثوبا أو لا يشتريه فيمينه على كل ملبوس يستر العورة وتجوز به الصلاة فلا يحنث ببساط أو طنفسة أو قلنسوة أو منديل يمتخط به أو مقنعة أو لفافة إلا إذا بلغت مقدار الإزار وكذا العمامة ولو اتزر بالقميص
____________________
(3/833)
أو ارتدى لا يحنث والأصل أنه لو حلف على لبس ثوب غير معين لم يحنث إلا باللبس المعتاد وفي المعين يحنث كيفما لبسه ولا يحنث بوضع القباء على اللحاف حالة النوم ا هـ ملخصا من البحر
مطلب حلف لا يجلس على الأرض أو لا ينام على هذا الفراش أو هذا السرير قوله ( على حائل منفصل ) أي ليس بتابع للحالف بخلاف ما إذا كان الحائل ثيابه لأنه تبع له فلا يصير حائلا ولو خلع ثوبه فبسطه وجلس عليه لا يحنث لارتفاع التبعية بحر و فتح
قال في النهر ولم أر ما لو جلس على حشيش وينبغي أنه لو كان كثيرا يحنث ا هـ
وظاهره ولو غير مقلوع لأنه في العرف جالس على الحشيش لا على الأرض
قوله ( على هذا الفراش ) مثله هذا الحصير وهذا البساط
هندية ط
قوله ( لا يحنث ) لأن الشيء لا يتبع مثله فتنقطع النسبة عن الأسفل
وعن أبي يوسف رواية غير ظاهرة عنه أنه يحنث لأنه يسمى نائما على فراشين فلم تنقطع النسبة ولم يصر أحدهما تبعا للآخر
وحاصله أن كون الشيء ليس تبعا لمثله مسلم ولا يضرنا نفيه في الفراشين بل كل أصل في نفسه ويتحقق الحنث بتعارف قولنا نام على فراشين وإن كان لم يماسه إلا الأعلى
فتح
قلت وهذا هو المتعارف الآن
قوله ( كما لو أخرج الحشو ) أي ونام على الظهارة أو على الصوف والحشو فلا يحنث فيهما لأنه لا يسمى فراشا كما في البحر عن الواقعات
قوله ( للعرف ) راجع للمسائل الثلاث
قوله ( الأخيرين ) أي الفراش والسرير
قوله ( للعموم ) أي عموم اللفظ المنكر للأعلى والأسفل ط
قوله ( وما في القدوري ) وقع مثله في الهداية و الكنز قوله ( حمله في الجوهرة على المعرف ) وكذا في الفتح حيث قال قوله ومن حلف لا ينام على فراش أي فراش معين بدليل قوله وإن جعل فوقه فراشا آخر فنام عليه لا يحنث ا هـ
قلت ووجه الدلالة أن قوله فراشا آخر يقتضي أن المحلوف عليه معين ليكون الآخر غيره إذ لو كان منكرا لكان الآخر محلوفا عليه أيضا فافهم
قال في النهر ويمكن أن يقال إن المدعي أنه لا يحنث لأنه لم ينم على الأسفل وهذا لا فرق فيه بين المنكر والمعين لانقطاع النسبة إليه بالثاني وأما حنثه في المنكر بالأعلى فبحث آخر ولا يخفى ما فيه فإن قوله لا يحنث مطلق فالأحسن ما مر فتدبر
قوله ( لكن ينبغي ) أي يجب
قوله ( الملاءة ) الذي في الفتح أنه ساتر رقيق يجعل فوقه كالملاءة المجعولة فوق الطراحة ا هـ
وفي المصباح القران وزان كتاب الستر الرقيق وبعضهم يزيد وفيه رقم ونقوش
ثم قال والملاءة بالضم والمد الريطة ذات لفقين والجمع ملاء بحذف الهاء
وقال أيضا الريطة بالفتح كل ملاءة ليست لفقين أي قطعتين وقد يسمى كل ثوب رقيق ريطة
قوله ( بخلاف ما مر ) أي من الطور الثلاث
____________________
(3/834)
قوله ( بخلاف ما لو حلف لا ينام على ألواح هذا السرير الخ ) هذا يوجد في بعض النسخ وهو الموجود في نسخ المتن التي بديارنا كما قدمه الشارح لكن يجب إسقاطه كما في كثير من النسخ لئلا يتكرر بما مر
قوله ( حنث ) لأنه في العرف ماش على الأرض ولو كانت الأحجار غير متصلة بها
قوله ( إن نمت على ثوبك الخ ) في البحر عن المحيط قال لها إن نمت على ثوبك فأنت طالق فاتكأ على وسادة لها أو وضع رأسه على مرفقة لها أو اضطجع على فراشها إن وضع جنبه أو أكثر بدنه على ثوب من ثيابها حنث لأنه يعد نائما وإن اتكأ على وسادة أو جلس عليها لم يحنث لأنه لا يعد نائما ا هـ
والله سبحانه أعلم
باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك قوله ( مما يناسب الخ ) بيان لقوله وغير ذلك لأن مسائل الضرب والقتل ترجم لها في الهداية بابا مستقلا وكذا مسائل تقاضي الدين وترجم لما بقي بمسائل متفرقة لأنها ليست من باب واحد ويحتمل أن يكون الجار والمجرور في وضع خبر لمبتدأ محذوف أي هذا الباب مما يناسب ترجمته الخ فالمصدر المنسبك من أن والفعل فاعل يناسب أو هو مبتدأ مؤخر والجار والمجرور خبر مقدم
قوله ( من الغسل والكسوة ) بيان لقوله وغير ذلك فالأولى تقديمه على قوله مما يناسب ط
قوله ( أو قبلتك ) في بعض النسخ أو قتلتك من القتل
مطلب ترد الحياة إلى الميت بقدر ما يخص بالألم قوله ( تقيد كل منها بالحياة ) أما الضرب فلأنه اسم لفعل مؤلم يتصل بالبدن أو استعمال آلة التأديب في محل يقبله والإيلام والأدب لا يتحقق في الميت ولا يرد تعذيب الميت في قبره لأنه توضع فيه الحياة عند العامة بقدر ما يحس بالألم والبنية ليست بشرط عند أهل السنة بل تجعل الحياة في تلك الأجزاء المتفرقة التي يدركها البصر وأما الكسوة فلأن التمليك معتبر في مفهومها كما في الكفارة ولهذا لو قال كسوتك هذا الثوب كان هبة والميت ليس أهلا للتمليك
وقال الفقيه أبو الليث لو كانت يمينه بالفارسية ينبغي أن يحنث لأنه يراد به اللبث دون التمليك ولا يرد قولهم إنه لو نصب شبكة فتعلق بها صيد بعد موته ملكه لأنه مستند إلى وقت الحياة والنصب أو المراد أنه على حكم ملكه فتملكه ورثته حقيقة لا هو وأيضا هذا ملك لا تمليك هذا ما ظهر لي
____________________
(3/835)
مطلب في سماع الميت الكلام وأما الكلام فلأن المقصود منه الإفهام والموت ينافيه ولا يرد ما في الصحيح من قوله لأهل قليب بدر هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فقال عمر أتكلم الميت يا رسول الله قال عليه الصلاة والسلام والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع من هؤلاء أو منهم فقد أجاب عنه المشايخ بأنه غير ثابت يعني من جهة المعنى وذلك لأن عائشة ردته بقوله تعالى { وما أنت بمسمع من في القبور } فاطر 22 { إنك لا تسمع الموتى } النمل 80 وأنه إنما قاله على وجه الموعظة للأحياء وبأنه مخصوص بأولئك تضعيفا للحسرة عليهم وبأنه خصوصية له عليه الصلاة والسلام معجزة لكن يشكل عليهم ما في مسلم إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا إلا أن يخصوا ذلك بأول الوضع في القبر مقدمة للسؤال جمعا بينه وبين الآيتين فإنه شبه فيهما الكفار بالموتى لإفادة بعد سماعهم وهو فرع عدم سماع الموتى هذا حاصل ما ذكره في الفتح هنا
وفي الجنائز ومعنى الجواب الأول أنه وإن صح سنده لكنه معلوم من جهة المعنى بعلة تقتضي عدم ثبوته عنه عليه الصلاة والسلام وهي مخالفته للقرآن فافهم
أما الدخول فلأن المراد به زيارته أو خدمته حتى لا يقال دخل على حائط أو دابة والميت لا يزار هو وإنما يزار قبره
قال عليه الصلاة والسلام كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ولم يقل عن زيارة الموتى هذا حاصل ما ذكره الشراح هنا فتأمله
وأما التقبيل فلأنه يراد به اللذة أو الإسرار أو الشفقة وأما القتل فكالضرب بل أولى
قوله ( كحلفه لا يغسله الخ ) تمثيل لقوله بخلاف الغسل
قوله ( أو خنقها ) أي عصر حلقها
ط عن الحموي
قوله ( خلافا لما صححه في الخلاصة ) قال في النهر وإطلاقه يعم حالة الغضب والرضا لكن في الخلاصة لو عضها أو أصاب رأس أنفها فأدماها ففي الجامع الصغير إن كان في حالة الغضب يحنث وإن كان في حالة الملاعبة لا يحنث وهو الصحيح ا هـ
وذكره في البحر أيضا عن الظهيرية
لكن في الفتح قال فخر الإسلام وغيره هذا يعني الحنث إذا كان في الغضب أما إذا فعل في الممازحة فلا يحنث ولو أدماها بلا قصد الإدماء
وعن الفقيه أبي الليث أنه قال أراها في العربية أما إذا كانت بالفارسية فلا يحنث بمد الشعر والخنق والعض
والحق أن هذا هو الذي يقتضيه النظر في العربية أيضا إلا أنه خلاف المذهب ا هـ
قال المقدسي لعل وجهه أن هذا اللفظ صار في العرف منعا لنفسه عن إيلامها بوجه ما هو يشبه عموم المجاز فإن مطلق الإيلام شامل لتلك الأقسام ا هـ
وقول الفتح إلا أنه خلاف المذهب قد يشمل حالة الممازحة كما فهمه الشارح تبعا للمصنف مخالفا لتصحيح الخلاصة وعبارة المصنف في منحه أطلقه تبعا لما في الهداية و الكنز وغيرهما من المعتبرات فانتظم ما إذا كانت اليمين بالعربية والفارسية وما إذا كان في حالة الغضب أو المزاح وهو المذهب كما أفاده الكمال ا هـ
فافهم قوله ( والقصد ليس بشرط فيه ) حتى لو حلف لا يضرب زوجته فضرب غيرها فأصابها يحنث لأن عدم القصد لا يعدم الفعل
قوله ( وقيل شرط ) لأنه لا يتعارف والزوج لا يقصده بيمينه
بحر قوله ( ويكفي جمعها الخ ) أي لو حلف على عدد معين من الأسواط قال في البحر عن الذخيرة حلف ليضربن عبده مائة سوط فجمع مائة سوط وضربه مرة لا يحنث
قالوا هذا إذا ضرب ضربا يتألم به وإلا فلا يبر لأنه
____________________
(3/836)
صورة لا معنى والعبرة للمعنى ولو ضربه بسوط واحد له شعبتان خمسين مرة كل مرة تقع الشعبتان على بدنه بر لأنها صارت مائة وإن جمع الأسواط جميعا وضربه ضربة إن ضرب بعرض الأسواط لا يبر لأن كل الأسواط لم يقع على بدنه وإن ضربه برأسها إن سوى رؤوسها قبل الضرب بحيث يصيبه رأس كل سوط بر وأما إذا اندس منها شيء لا يبر عند عامة المشايخ وعليه الفتوى ا هـ
وفي الفتح حتى إن من المشايخ من شرط كون كل عود بحال لو ضرب به منفردا لأوجع المضروب وبعضهم قالوا بالحنث على كل حال والفتوى على قول عامة المشايخ وهو أنه لا بد من الألم
قوله ( وأما قوله تعالى الخ ) جواب عما أورد على أخذ الإيلام في مفهوم الضرب فإنه لا إيلام بحزمة الريحان فيكون خصوصية إن كانت هي المرادة بالضغث
وعن ابن عباس أنها قبضة من أغصان الشجر وهذا جواب بالمنع أي منع الإيراد والأول جواب بالتسليم كما في الفتح
وأجاب في الحواشي السعدية بأن الضرب في الآية مستعمل فيما لا إيلام فيه فلا يرد السؤال فإن مبنى الأيمان على العرف لا على ألفاظ القرآن
قوله ( ضغثا ) في المصباح هو قبضة من حشيش مختلط رطبها بيابسها ويقال ملء الكف من قضبان وحشيش أو شماريخ والذي في الآية قيل كان حزمة من أسل فيها مائة عود وهو قضبان دقاق لا ورق لها يعمل منه الحصر والأصل في الضغث أن يكون له قضبان يجمعها أصل واحد ثم كثر حتى استعمل فيما يجمع قوله ( فخصوصية لرحمة ) قال القاضي البيضاوي زوجته ليا بنت يعقوب وقيل رحمة بنت قراثيم بن يوسف ذهبت لحاجة وأبطأت فحلف إن برىء ضربها مائة ضربة
فحلل الله تعالى يمينه من ذلك ا هـ ح
قال في الفتح ودفع كونه خصوصية بأنه تمسك به في كتاب الحيل في جواز الحيلة وفي الكشاف هذه الرخصة باقية
والحق أن البر بضرب بضغث بلا ألم أصلا خصوصية لزوجة أيوب عليه السلام
ولا ينافي ذلك بقاء شرعية الحيلة في الجملة حتى أنه لو حلف ليضربنه مائة سوط فجمعها وضرب بها مرة لا يحنث لكن بشرط أن يصيب بدنه كل سوط منها الخ
قوله ( فهو على الكثرة والمبالغة ) تقدم في آخر باب التعليق إن لم أجامعها ألف مرة فكذا فعلى المبالغة لا العدد وقالوا هناك والسبعون كثير وأفاد أن القتل بمعنى الضرب كما هو العرف لأن الذي تمكن فيه الكثرة لا بمعنى إزهاق الروح إلا مع النية أو القرينة ولذا قال في الدرر شهر علي إنسان سيفا وحلف ليقتلنه فهو على حقيقته ولو شهر عصا وحلف ليقتلنه فعلى إيلامه
قوله ( كحلفه ليضربنه الخ ) الظاهر أن المراد بالمبالغة هنا الشدة لا خصوص كثرة العدد لقول البحر في مسألة لا حيا ولا ميتا
قال أبو يوسف هذا على أن يضربه ضربا مبرحا ثم إن هذا إذا حلف ليضربنه بالسياط حتى يموت أما لو قال بالسيف فهو على أن يضربه بالسيف ويموت كما في البحر ولم يذكر ما لو لم يذكر آلة والظاهر أنه مثل الأول إلا مع النية كما قدمناه
____________________
(3/837)
قوله ( وقد قدمها ) أي هذه المسألة وبين الشارح وجهها هناك
قوله ( فضربه بالسواد ) أي بالقرى
في المصباح العرب تسمي الأخضر أسود لأنه يرى كذلك على بعد ومنه سواد العراق لخضرة أشجاره وزرعه
قوله ( زمان الموت ومكانه ) نشر مشوش وإنما اعتبر ذلك لأن القتل هو إزهاق الروح فيعتبر الزمان والمكان الذي حصل فيه ذلك ط
قوله ( بشرط كون الخ ) فإن كان قبل اليمين فلا حنث أصلا لأن اليمين تقتضي شرطا في المستقبل لا في الماضي بحر عن الظهيرية
قوله ( إن لم تأتني الخ ) قدم هذا الفرع قبيل الباب الذي قبل هذا ومحل ذكر هنا وقدمنا وجهه أن حتى فيه للتعليل والسببية لا للغاية ولا للعطف وذكرنا تفاريع ذلك هناك
قوله ( فعلى التراخي ) أي إلى آخر جزء من أجزاء حياته أو حياة المحلوف عليه فإن لم يضربه حتى مات أحدهما حنث
قوله ( لم يحنث ) لأن اللقى الذي رتب عليه الضرب لا يكون إلا في مكان يمكن فيه الضرب ولذا قالوا لو لقيه على سطح لا يحنث أيضا
قلت وهذا لو كانت يمينه على الضرب باليد فلو بسهم أو حجر اعتبر ما يمكن
تأمل قوله ( فيعتبر ذلك الخ ) أي إذا حلف ليقضين دينه إلى بعيد فقضى بعد شهر أو أكثر بر في يمينه لا لو قضاه قبل شهر وفي إلى قريب بالعكس
قوله ( فعلى ما نوى ) حتى لو نوى بالقريب سنة أو أكثر صحت نيته وكذا إلى آخر الدنيا لأنها قريبة بالنسبة إلى الآخر
فتح قوله ( ويدين فيما فيه تخفيف عليه ) هذا ذكره في البحر بحثا وكذا في النهر ويأتي ما يؤيده
قوله ( كذا في البحر عن الظهيرية ) ومثله في الخانية
قوله ( وفي النهر عن السراج ) ذكر ذلك في النهر عند قوله الكنز الحين والزمان ومنكرهما ستة أشهر حيث قال وفي السراج لا أكلمه مليا فهذا على شهر إلا أن ينوي غير ذلك ولو قال لأهجرنك مليا فهو على شهر فصاعدا وإن نوى أقل من ذلك لم يدين في القضاء ا هـ
فافهم وفي بعض نسخ النهر فهو على ستة أشهر في الموضعين وما نقله الشارح موافق للنسخة الأولى
وعبارة النهر هنا وقياس ما مر أن يكون على شهر أيضا أي قياس ما ذكره في البعيد والآجل فإن مليا وطويلا في معناهما وكأن صاحب النهر نسي ما قدمه عن السراج بدليل عدوله إلى القياس وإلا فكان المناسب أن يقول وقدمنا عن السراج أنه يكون على شهر أيضا إلا أن تكون النسخة ستة أشهر
هذا وقول السراج لم يدين في القضاء يؤيد بحث البحر المار آنفا تأمل
____________________
(3/838)
تنبيه في المغرب الملي من النهار الساعة الطويلة
وعن أبي علي الفارسي الملي المتسع وقيل في قوله تعالى { واهجرني مليا } مريم 46 أي دهرا طويلا عن الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير والتركيب دال على السعة والطوال ا هـ
قلت يمكن أن يكون مأخوذ تركيبه وجها لزيادة مدته على البعيد والآجل فلذا جزم في الظهيرية و الخانية بأنه شهر ويوم وتبعهما المصنف وأما على نسخة ستة أشهر فباعتبار أنه اسم لزمان طويل والزمان ستة أشهر تأمل
قوله ( أحد عشر ) لأنه أقل عدد مركب بدون عطف وأما بالعطف نحو كذا وكذا فأقل عدد نظيره أحد وعشرون
قوله ( ثلاثة عشر ) لأن البضع بالكسر ما بين الثلاثة إلى العشرة وقيل إلى التسع كما في المصباح لكن صريح ما في الشرح أن الثلاثة داخلة وما في المصباح يخالفه تأمل
مطلب ليقضين دينه فقضاه نبهرجة أو ستوقة قوله ( نبهرجة ) هذا عربي
وأصله نبهره وهو الحظ أي حظ هذه الدراهم من الفضة أقل وغشه أكثر ولذا ردها التجار أي المستقصي منهم والمسهل منهم يقبلها نهر قوله ( أو زيوفا ) جمع زيف أي كفلس وفلوس
مصباح وهي المغشوشة يتجوز بها التجار ويردها بيت المال ولفظ الزيافة غير عربي وإنما هو من استعمال الفقهاء
نهر فتح يعني أن فعله زاف وقياس مصدره الزيوف لا الزيافة كما في المغرب
قوله ( ما يرده بيت المال ) لأنه لا يقبل إلا ما هو في غاية الجودة
قهستاني فالنبهرجة غشها أكثر من الزيوف
فتح
قوله ( أو مستحقة للغير ) بفتح الحاء أي أثبت الغير أنها حقه
قال في الفتح وإذ بر في دفع هذه المسميات الثلاثة فلو رد الزيوف أو النبهرجة أو استردت المستحقة لا يرتفع البر وإن انتقض القبض فإنما ينتقض في حق حكم يقبل الانتقاض ومثله لو دفع المكاتب هذه الأنواع وعتق فردها مولاه لا يرتفع العتق ا هـ
قوله ( أو ستوقة ) بفتح السين المهملة وضمها وتشديد التاء
قهستاني
قال في الفتح وهي المغشوشة غشا زائدا وهي تعريب ستوقة أي ثلاثة طبقات طبقتا الوجهين فضة وما بينهما نحاس ونحوه
قوله ( لأنهما الخ ) علة لقوله لا يبر قال الزيلعي وإن كان الأكثر فضة والأقل ستوقة لا يحنث وبالعكس يحنث لأن العبرة للغالب
قوله ( لم يجز ) لأنه يلزم الاستبدال ببدلهما قبل قبضه وهو غير جائز كما علم في بابه ح
قوله ( ونقل مسكين ) أي عن الرسالة اليوسفية وهي التي عملها أبو يوسف في مسائل الخراج و العشر للرشيد
ونقل العبارة أيضا في المغرب عند قوله ستوقة وكذا في البحر و النهر عن مسكين ولعل المراد أن الإمام لا ينبغي له أن يأخذ النبهرجة من أهل الجزية أو أهل الأراضي بخلاف الستوقة فإنه يحرم عليه أخذها لأن في ذلك تضييع حق بيت المال والله سبحانه أعلم
المسائل الخمس التي جعلوا الزيوف فيها كالجياد قوله ( وهذه إحدى المسائل الخمس ) الثانية رجل اشترى دارا بالجياد ونقد الزيوف أخذ الشفيع بالجياد لأنه لا يأخذها إلا بما اشترى
الثالثة الكفيل إذا كفل بالجياد ونقد الزيوف يرجع على المكفوف عنه بالجياد
____________________
(3/839)
الرابعة إذا اشترى شيئا بالجياد ونقد البائع الزيوف ثم باعه مرابحة فإن رأس المال هو الجياد
الخامسة إذا كان له على آخر دراهم جياد فقبض الزيوف فأنفقها ولم يعلم إلا بعد الإنفاق لا يرجع عليه بالجياد في قول أبي حنيفة ومحمد كما لو قبض الجياد كذا في البحر ح
مطلب لأقضين مالك اليوم قوله ( ودفع للقاضي ) وذكر الناطفي أن القاضي ينصب على الغائب وكيلا وقيل إذا غاب الطالب لا يحنث الحالف وإن لم يدفع إلى القاضي ولا إلى الوكيل وفي بعض الروايات يحنث وإن دفع للقاضي والمختار الأول
خانية
قلت وهذه إحدى المسائل الخمسة التي جوز فيها القضاء على المسخر وذكرها ط وسيذكرها الشارح في كتاب القضاء
قوله ( باع ما للقاضي بيعه الخ ) أي لا يبر بيمينه إلا إذا باع ما يبيعه القاضي عليه إذا امتنع من البيع بنفسه وذلك كما في الجوهرة وغيرها أنه يباع في الدين العروض أولا ثم العقار ويترك له دست من ثياب بدنه وإن أمكنه الاجتزاء بدونها باعها واشترى من ثمنها ثوبا يلبسه لأن قضاء الدين فرض مقدم على التجمل وكذا لو كان له مسكن يمكنه أن يجتزىء بدونه ويشتري من ثمنه مسكنا يبيت فيه وقيل يباع ما لا يحتاج إليه في الحال فتباع الجبة واللبد والنطع في الشتاء
قوله ( وكذا يبر بالبيع ) أي وإن لم يقبض لأن البر وقضاء الدين يحصل بمجرد البيع حتى لو هلك المبيع قبل قبضه انفسخ البيع وعاد الدين ولا ينتقض البر في اليمين وإنما نص محمد على القبض ليتقرر الدين على رب الدين لاحتمال سقوط الثمن بهلاك المبيع قبل قبضه ولو كان البيع فاسدا وقبضه فإن كانت قيمته تفي بالدين وإلا حنث لأنه مضمون بالقيمة
فتح قال في البحر وشمل ما إذا كان المبيع مملوكا لغير الحالف ولذا قال في الظهيرية إن ثمن المستحق مملوك ملكا فاسدا فملك المديون ما في ذمته
قوله ( ونحوه الخ ) كما لو تزوج الطالب أمة المطلوب ودخل بها أو وجب عليه دين بالاستهلاك أو بالجناية يبر أيضا
نهر والظاهر أن التقييد بالدخول اتفاقي واحتمال سقوط نصف المهر بالطلاق قبل الدخول لا ينقص البر كاحتمال هلاك المبيع قبل قبضه كما مر ويؤيده ما في الظهيرية حلف لا يفارقها حتى يستوفي حقه منها فتزوجها على ماله عليها فهو استيفاء
وفيها حلف لا يقبض دينه من غريمه اليوم واستهلك شيئا من ماله اليوم فلو مثليا لا يحنث لأن الواجب مثله لا قيمته ولو قيميا وقيمته مثل الدين أو أكثر حنث لأنه صار قابضا بطريق المقاصة وهذا إن استهلكه بعد غصبه لأنه وجد القبض الموجب للضمان فيصير قابضا دينه وإن قبله كأن أحرقه لم يحنث لعدم القبض ا هـ ملخصا
وتمام فروع المسألة في البحر
قوله ( به ) متعلق بالبيع والظاهر أنه غير قيد حتى لو باعه شيئا بثمن قدر الدين تقع المقاصة وإن لم يجعل الدين الثمن يدل عليه مسألة الاستهلاك المذكورة آنفا ولذا لم يقيد به في الفتح
قوله ( لأن الديون تقضى بأمثالها ) قال في الفتح لأن قضاء الدين لو وقع بالدارهم كان بطريق المقاصة وهو أن يثبت في ذمة القابض وهو الدائن مضمونا عليه لأنه قبضه لنفسه ليتملكه وللدائن مثله على المقبض فيلتقيان قصاصا وكذا هنا قوله ( لأن الهبة إسقاط ) ولأن القضاء فعل المديون والهبة فعل الدائن بالإبراء فلا يكون فعل هذا فعل الآخر فتح
____________________
(3/840)
تنبيه قيل إن شرط البر القضاء ولم يوجد فيلزم الحنث وإلا لزم ارتفاع النقيضين
قال في الفتح وهو غلط فإن النقيضين الواجب صدق أحدهما دائما هما في الأمور الحقيقة كوجود زيد وعدمه أما المتعلق قيامهما بسبب شرعي فيثبت حكمهما ما بقي السبب قائما وقيام اليمين سبب لثبوت أحدهما من الحنث أو البر وينتفيان بانتفائه كما هو قبل اليمين حيث لا بر ولا حنث ولذا قالوا هنا لم يحنث ولم يقولوا بر ولم يحنث ا هـ
قوله ( وإمكان البر شرط البقاء الخ ) أي في اليمين المؤقتة بخلاف المطلقة فإنه فيها شرط الابتداء فقط وحين حلف كان الدين قائما فكان تصور البر ثابتا فانعقدت ثم حنث بعد مضي زمن يقدر فيه على القضاء باليأس من البر بالهبة فتح قوله ( وعليه ) أي ويبتنى على اعتبار هذا الشرط قوله ( لم يحنث ) لفوات إمكان البر في الغد قبل وقته فبطلت اليمين
قوله ( فأمر غيره ) الضمير فيه عائد إلى الحلف وضمير أحاله وقبض إلى فلان
قال ط أفاد به أن القضاء لا يتحقق بمجرد الحوالة والأمر بل لا بد معهما من القبض
قال في الهندية وإن نوى أن يكون ذلك بنفسه صدق قضاء وديانة
ولو حلف المطلوب أن لا يعطيه فأعطاه على أحد هذه الوجوه حنث وإن نوى أن لا يعطيه بنفسه لم يدين في القضاء
قوله ( حلف لا يفارق غريمه الخ ) تقدم بعض مسائل الغريم في أواخر باب اليمين بالأكل والشرب
قوله ( أو يحفظه ) الذي في المنح و البحر ويحفظه بالواو ط
قال في البحر وكذلك لو حال بينهما ستر أو أسطوانة من أساطين المسجد وكذلك لو قعد أحدهما داخل المسجد والآخر خارجه والباب بينهما مفتوح بحيث يراه وإن توارى عنه بحائط المسجد والآخر خارجه فقد فارقه وكذلك لو كان بينهما باب مغلق إلا إن أدخله وأغلق عليه وقعد علي الباب قوله ( قال ) أي صاحب مجموع النوازل كما عزاه إليه في البحر عن الظهيرية
قوله ( لم يحنث ) الظاهر أن وجهه أنه يراد باليوم عرفا ما يشمل الليل وتقدم أنه لو قال يوم أكلم فلانا فكذا فهو على الجديدين لقرانه بفعل لا يمتد فعم وكذلك هنا لا الإعطاء لا يمتد فافهم
مطلب لا يقبض دينه درهما دون درهم قوله ( لا يقبض دينه درهما دون درهم ) أي لا يقبضه حالة كون درهم منه مخالفا لدرهم آخر في كونه غير مقبوض أي لا يقبضه متفرقا بل جملة فالمجموع في تأويل حال مشتقة فهو مثل بعته يدا بيد أي متقابضين كذا ظهر لي
قوله ( لا يحنث حتى يقبض كله متفرقا ) أي لا يحنث بمجرد قبض ذلك البعض بل يتوقف حنثه على قبض باقيه فإذا قبضه حنث
فتح قوله ( وهو قبض الكل الخ ) لأنه أضاف القبض المتفرق إلى كل الدين حيث قال ديني وهو اسم لكله
فتح فلو قال من ديني يحنث بقبض البعض لأن شرط الحنث هنا قبض البعض من الدين متفرقا
____________________
(3/841)
وأشار إلى أنه لو قيد باليوم فقبض البعض فيه متفرقا أو لم يقبض شيئا لم يحنث لأن الشرط أخذ الكل في اليوم متفرقا ولم يوجد وتمامه في البحر
قوله ( بوزنين ) أو أكثر لأنه قد يتعذر قبض الكل دفعة فيصير هذا المقدار مستثنى ولأن هذا القدر من التفريق لا يسمى تفريقا عادة والعادة هي المعتبرة
زيلعي
قوله ( فترك منه درهما ) أي لم يأخذ منه أصلا قوله ( كيف شاء أي جملة أو متفرقا )
مطلب حلف لا يأخذ ما له على فلان إلا جملة قوله ( لا يحنث ) كذا ذكر في البحر عن الظهيرية هذه المسألة غير معللة والظاهر أنها بمعنى المسألة المارة لأن درهما دون درهم بمعنى متفرقا كما مر وقوله هنا إلا جملة هو معنى لا يقبضه متفرقا لكن الأولى في الإثبات وهذه في النفي والمعنى واحد
مطلب إن أنفقت هذا المال إلا على أهلك فكذا فأنفق بعضه لا يحنث ورأيت في طلاق الذخيرة المسائل التي ينظر فيها إلى شرط البر وهب لرجل مالا فقال الواهب امرأتي طالق ثلاثا إن أنفقت هذا المال الذي وهبتك إلا على أهلك ثم إنه أنفق بعضه على أهله وقضى بالباقي دينا أو حج أو تزوج لا تطلق امرأة الحالف
ذكره خواهر زاده في شرح الحيل وعلله بأن شرط بره إنفاق جميع ا لهبة على أهله فيكون شرط حنثه ضد ذلك وهو إنفاق جميعها على غيرهم ولم يوجد وهو نظير ما لو حلف لا يأخذ ما له على فلان إلا جميعا وأخذ البعض دون البعض لا يحنث لأن شرط بره أخذ جميع الدين جملة فيكون شرط حنثه ضد ذلك وهو أخذ جميع الدين متفرقا ولم يوحد ذلك كذا هنا ا هـ
وحاصله أنه لا يحنث بمجرد قبض البعض جملة أو متفرقا ما لم يقبض الباقي كما مر فإذا ترك البعض بأن لم يقبضه أصلا بإبراء أو بدونه لم يحنث لعدم شرطه وهو قبض كله غير جملة أي متفرقا
ولما كانت هذه المسألة في معنى الأولى كما ذكرنا قال الشارح وهو الحيلة في عدم حنثه في الأولى وبقي هنا شيء وهو ما لم يأخذ من دينه شيئا أصلا أو لم ينفق في مسألة الهبة شيئا بأن ضاعت الهبة مثلا والظاهر أنه لا يحنث لأن المعنى إن أخذت دين لا آخذه إلا جملة أو إن أنفقتها لا تنفقها إلا على أهلك ونظيره لا أبيع هذا الثوب إلا بعشرة أو لا تخرجي إلا بإذني فلم يبعه أو لم تخرج أصلا فلا شك في عدم الحنث فكذا هنا
مطلب حلف لا يشكوه إلا من حاكم السياسة ولم يشكه أصلا لم يحنث ومنه يعلم جواب ما لو حلف لا يشكوه إلا من حاكم السياسة وترك شكايته أصلا لا يحنث هذا ما ظهر لي فاغتنمه
قوله ( بملكها ) متعلق بقوله لا يحنث
قوله ( لأن غرضه نفي الزيادة على المائة ) أي أن ذلك هو المقصود عرفا والخمسون مثلا ليس زائدا على المائة وهذا بخلاف ما لو قال لي على زيد مائة وقال زيد خمسون فقال إن كان لي عليه إلا مائة فهذا لنفي النقصان لأن قصده بيمينه الرد على المنكر ا هـ فتح
قوله ( لو مما فيه الزكاة ) أي لو كانت الزيادة من جنس ما تجب فيه الزكاة كالنقدين والسائمة وعرض التجارة وإن قلت الزيادة ولو كانت
____________________
(3/842)
من غيره كالرقيق والدور لم يحنث وهذا لأن المستثنى منه عرفا المال لا الدراهم ومطلق المال ينصرف إلى الزكوي كما لو قال والله ليس لي مال أو قال مالي في المساكين صدقة وهذا بخلاف ما لو أوصى بثلث ماله أو استأمن الحربي على ماله حيث يعم جميع الأموال لأن الوصية خلافه كالميراث ومقصود الحربي الغنية له بماله وتمامه في شرح التلخيص
قوله ( حتى لو قال الخ ) تفريع على ما فهم من كلامه من أن المال إذا أطلق ينصرف إلى الزكوي كما قررناه فافهم
مطلب حلف لا يفعل كذا تركه على الأبد قوله ( تركه على الأبد الخ ) ففي أي وقت فعله حنث وإن نوى يوما أو يومين أو ثلاثة أو بلدا أو منزلا أو ما أشبهه لم يدين أصلا لأنه نوى تخصيص ما ليس بملفوظ كما في الذخيرة
قوله ( لأن الفعل يقتضي مصدرا منكرا الخ ) فإذا قال لا أكلم زيدا فهو بمعنى لا أكلمه كلاما وهذا أحد تعليلين ذكرهما في غاية البيان
ثانيهما أنه نفى فعل ذلك الشيء مطلقا ولم يقيده بشيء دون شيء فيعم الامتناع عنه ضرورة عموم النفي وعليه اقتصر في البحر وهو أظهر وأحسن منهما ما نقلناه عن الذخيرة لما يرد على الأول أن عموم ذلك المصدر في الأفراد لا في الأزمان وأيضا فقد قال ح إن هذا ينافي ما مر في باب اليمين في الأكل أي من أن الثابت في ضمن الفعل ضروري لا يظهر في غير تحقيق الفعل بخلاف الصريح ومن أن الفعل لا عموم له كما في المحيط عن سيبويه
قوله ( وما في شرح المجمع ) أي لابن ملك من عدمه أي عدم انحلال اليمين فهو سهو كما في البحر بل تنحل فإذا حنث مرة بفعله لم يحنث بفعله ثانيا وللعلامة قاسم رسالة رد فيها على العلامة الكافيجي حيث اغتر بما في شرح المجمع ونقل فيها إجماع الأئمة الأربعة على عدم تكرار الحنث
قوله ( لا يحنث ) لأنه بعد الحنث لا يتصور البر وتصور البر شرط بقاء اليمين فلم تبق اليمين فلا حنث
رسالة العلامة قاسم عن شرح مختصر الكرخي
قوله ( إلا في كلما ) لاستلزامها تكرر الفعل فإذا قال كلما فعلت كذا يحنث بكل مرة
قوله ( وكذا الخ ) هذا إذا لم يمض الوقت
قوله ( والمحلوف عليه ) الواو بمعنى أو
قال ( لتحقق العدم ) أي عدم الفعل في اليوم ط
قوله ( ولو جن الحالف الخ ) محل هذا في الإثبات كما في الفتح
وصورته قال لآكلن الرغيف في هذا اليوم فجن فيه ولم يأكل أما في صورة النفي إذا جن ولم يأكل فلا شك في عدم الحنث ط وقدم المصنف أول الأيمان أنه يحنث لو فعل المحلوف عليه وهو مغمى عليه أو مجنون
مطلب حلف ليفعلنه بر بمرة قوله ( لأن النكرة في الإثبات تخص ) أراد بالنكرة المصدر الذي تضمنه الفعل وهذا مبني على التعليل السابق وقد علمت ما فيه
وفي الفتح لأن الملتزم فعل واحد غير عين إذ المقام للإثبات فيبر بأي فعل سواء كان مكرها فيه
____________________
(3/843)
أو ناسيا أصيلا أو وكيلا عن غيره وإذا لم يفعل لا يحكم بوقوع الحنث حتى يقع اليأس عن الفعل وذلك بموت الحالف قبل الفعل فيجب عليه أن يوصي بالكفارة أو بفوات محل الفعل كما لو حلف ليضربن زيدا أو ليأكلن هذا الرغيف فمات زيد أو أكل الرغيف قبل أكله وهذا إذا كانت اليمين مطلقة ا هـ
قوله ( ولو قيدها بوقت ) مثل ليأكلنه في هذا اليوم
فتح قوله ( بأن وقع اليأس ) أي قبل مضي الوقت
قوله ( أو بفوت المحل ) هذا عندهما خلافا لأبي يوسف فتح
مطلب حلفه وال ليعلمنه بكل داعر قوله ( تقيد حلفه بقيام ولايته ) هذا التخصيص بالزمان ثبت بدلالة الحال وهو العلم بأن المقصود من الاستحلاف زجره بما يدفع شره أو شر غيره بزجره لأنه إذا زجر داعرا انزجر آخر وهذا لا يتحقق إلا في حال ولايته لأنها حال قدرته على ذلك فلا يفيد فائدته بعد زوال سلطنته والزوال بالموت وكذا بالعزل في ظاهر الرواية
وعن أبي يوسف أنه يجب عليه إعلامه بعد العزل
فتح قوله ( وينبغي تقييد يمينه بفور علمه ) هذا بحث لابن همام فإنه قال وفي شرح الكنز ثم إن الحالف لو علم بالداعر ولم يعلم به لم يحنث إلا إذا مات هو أو المستحلف أو عزل لأنه لا يحنث في اليمين المطلقة إلا باليأس إلا إذا كانت مؤقتة فيحنث بمضي الوقت مع الإمكان ا هـ
ولو حكم بانعقاد هذه للفور لم يكن بعيدا نظرا إلى المقصود وهو المبادرة لزجره ودفع شره والداعي يوجب التقييد بالفور أي فور علمه به ا هـ
وأقره في البحر و النهر و المنح واعترض بأنه خلاف ظاهر الرواية ففي العناية وليس يلزمه الإعلام حال دخوله وإنما يلزمه أن لا يؤخر الإعلام إلى ما بعد موت الوالي أو عزله على ظاهر الرواية ا هـ
قلت على ظاهر الرواية راجع إلى قوله أو عزله أي بناء على ظاهر الرواية من أن العزل كالموت في زوال الولاية خلافا لما عن أبي يوسف كما يعلم مما نقلناه سابقا على الفتح ولا شك أن التقييد بالفور عند قيام القرينة حكم ثابت في المذهب
فصار حاصل بحث ابن الهمام أن الوالي إذا كان مراده دفع الفساد في البلد وحلف رجلا بأن يعلمه بكل مفسد دخل البلد فليس مراده أن يخبره بعد إفساده سنين في البلد بل مراده إخباره به قبل إظهاره الفساد فهذا قرينة واضحة على أن هذه اليمين يمين الفور الثابت حكمها في المذهب فما في شرح الكنز والعناية مبني على عدم قيام قرينة الفور وما بحثه ابن الهمام مبني على قيامها فحيث قامت القرينة على الفور حكم بها بنص المذهب وإلا فلا فلم يكن بحثه مخالفا للمنقول بل هو معقول مقبول فلذا أقره عليه الفحول فافهم
قوله ( وإذا سقطت لا تعود ) أي إذا سقطت بالعزل كما هو ظاهر الرواية كما مر لا تعود بعوده إلى الولاية
قوله ( ولو ترقى بلا عزل الخ ) هذا لم يذكره في الفتح بل ذكره في البحر بحثا بقوله ولم أر حكم ما إذا عزل من وظيفته وتولى وظيفة أخرى أعلى منها وينبغي أن لا تبطل اليمين لأنه صار متمسكا من إزالة الفساد أكثر من الحالة الأولى ا هـ
قلت الظاهر أن محل هذا ما إذا لم يكن فاصل بين عزله وتوليته بل المراد ترقيه في الولاية وانتقاله عن الأولى إلى أعلى منها ولذا عبر الشارح بقوله ولو ترقى بلا عزل أما لو عزل ثم تولى بعد مثلا فقد تحقق سقوط
____________________
(3/844)
اليمين والساقط لا يعود
قوله ( ومن هذا الجنس ) أي جنس ما تقيد بالمعنى وإن كان مطلقا في اللفظ
قوله ( أو الكفيل بأمر المكفول عنه ) كذا وقع في البحر ولم يذكر في الفتح و النهر لفظ الأمر ولذا قيل إنه لا فائدة للتقييد به
أقول أي لأن رب الدين له ولاية المطالبة على الكفيل سواء كان كفيلا بأمر المكفول عنه أو لا لكن هذا بناء على أن الكفيل منصوب عطفا على غريمه ولفظ أمر مضاف إلى المكفول عنه وليس كذلك بل الكفيل مرفوع عطفا على رب الدين ولفظ أمر بالتنوين والمكفول عنه منصوب عطف على غريمه مفعول حلف ويوضحه قول كافي النسفي أو الكفيل بالأمر المكفول عنه وعليه فالتقييد بالأمر له فائدة ظاهرة لأن الكفيل بالأمر له الرجوع على المكفول عنه فيصير بمنزلة رب الدين فلذا كان لتحليفه المكفول فائدة ويتقيد تحليفه بمدة قيام الدين بمنزلة رب الدين فافهم
وفي الخانية الكفيل بالنفس إذا حلف الأصيل لا يخرج من البلدة إلا بإذنه فقضى الأصيل دين الطالب ثم خرج بعد ذلك لا يحنث
قوله ( وولاية المنع حال قيامه ) أي قيام الدين ومفاده أن ذلك فيما إذا لم يكن الدين مؤجلا إذ ليس له منعه من الخروج ولا مطالبته قبل حلول الأجل وفيما إذا أدى الكفيل لرب المال إذ ليس له مطالبة المكفول عنه قبل الأداء نعم له ملازمته أو حبسه إذا لوزم الكفيل أو حبس فليتأمل
قوله ( لعدم دلالة التقييد ) لأنه لم يذكر الإذن فلا موجب لتقييده بزمان الولاية في الإذن وعلى هذا لو قال لامرأته كل امرأة أتزوجها بغير إذنك فطالق فطلق امرأته طلاقا بائنا أو ثلاثا ثم تزوج بغير إذنها طلقت لأنه لم تتقيد يمينه ببقاء النكاح لأنها إنما تتقيد به لو كانت المرأة تستفيد ولاية الإذن والمنع بعقد النكاح ا هـ فتح أي بخلاف الزوج فإنه يستفيد ولاية الإذن بالعقد وكذا رب الدين كما في الذخيرة وما قيل من أن الإضافة في قوله امرأتي تدل على التقييد لأنها بعد العدة لم تبق امرأته مدفوع بأن الإضافة لا للتقييد بل للتعريف كما قالوا في قوله إن قبلت امرأتي فلانة فعبدي حر فقبلها بعد البينونة يحنث فافهم وانظر ما قدمناه في التعليق من كتاب الطلاق
مطلب حلف ليهبن له فوهب له فلم يقبل بخلاف البيع ونحوه قوله ( ونحوه ) كالإجارة والصرف والسلم والنكاح والرهن والخلع
بحر
قوله وكذا في طرف النفي فإذ قال لا أهب حنث بالإيجاب فقط بخلاف لا أبيع
قوله ( والأصل الخ ) الفرق أن الهبة عقد تبرع فيتم بالمتبرع أما البيع فمعاوضة فاقتضى الفعل من الجانبين وعند زفر الهبة كالبيع واتفقوا على أنه لو قال بعتك هذا الثوب أو أجرتك هذه الدار فلم تقبل وقال بل قبلت فالقول له لأن الإقرار بالبيع تضمن الإقرار بالإيجاب والقبول وعلى الخلاف القرض
وعن أبي يوسف أن القبول فيه شرط لأنه في حكم المعاوضة ونقل فيه عن أبي حنيفة روايتان والإبراء يشبه البيع لإفادته الملك باللفظ والهبة لأنه تمليك بلا عوض
وقال الحلواني إنهما كالهبة وقيل الأشبه أن يلحق الإبراء بالهبة والقرض بالبيع والاستقراض كالهبة بلا خلاف ا هـ ملخصا في الفتح و البحر وانظر ما قدمناه في باب اليمين بالبيع والشراء
فرع في الفتح لو قال لعبد إن وهبك فلان مني فأنت حر فوهبه منه إن كان العبد في يد الواهب لا يعتق سلمه له أولا وإن كان وديعة في يد الموهوب له إن بدأ الواهب فقال وهبتكه لا يعتق قبل أولا وإن بدأ الآخر فقال
____________________
(3/845)
هبه مني فقال وهبته منك عتق
قوله ( شرط في الحنث ) هذا فيما لو كان الحلف على النفي فلو على الإثبات فهو شرط في البر فكان المناسب إسقاط قوله في الحنث
فافهم
مطلب حلف لا يشم ريحانا قوله ( لا يشم ) بفتح الياء والشين مضارع شممت الطيب بكسر الميم في الماضي وجاء في لغة فتح الميم في الماضي وضمها في المضارع نهر
والمشهورة الفصيحة الأولى كما في الفتح
قوله ( وياسمين ) بكسر السين وبعضهم بفتحها وهو غير منصرف وبعض العرب يعربه إعراب جمع المذكر السالم على غير قياس مصباح قوله ( والمعول عليه العرف ) ذكر ذلك في الفتح بعد حكاية الخلاف في تفسير الريحان وهو أنه ما طاب ريحه من النبات أو ما ساقه رائحة طيبة كالورد أو ما لا ساق له من البقول مما له رائحة مستلذة وغير ذلك
قوله ( فوجد ريحه ) أي من غير قصد شمه
قوله ( للعرف ) فما في الهداية من حنثه بالدهن لا الورق وما قاله الكرخي من حنثه بهما مبني على اختلاف العرف وعرفنا ما ذكره المصنف فتح ملخصا
مطلب حلف لا يتزوج فزوجه فضولي قوله ( فأجاز بالقول ) كرضيت وقبلت نهر
وفي حاوي الزهدي لو هناه الناس بنكاح الفضولي فسكت فهو إجازة
قوله ( حنث ) هذا هو المختار كما في التبيين وعليه أكثر المشايخ والفتوى عليه كما في الخانية وبه اندفع ما في جامع الفصولين من أن الأصح عدمه بحر
قوله ( وبالفعل ) كبعث المهر أو بعضه بشرط أن يصل إليها وقيل الوصول ليس بشرط
نهر
وكتقبيلها بشهوة وجماعها لكن يكره تحريما لقرب نفوذ العقد من المحرم بحر
قلت فلو بعث المهر أولا لم يكره التقبيل والجماع لحصول الإجازة قبله قوله ( ومنه الكتابة ) أي من الفعل ما لو أجاز بالكتابة لما في الجامع حلف لا يكلم فلانا أو لا يقول له شيئا فكتب إليه كتابا لا يحنث وذكر ابن سماعة أنه يحنث نهر
قوله ( به يفتى ) مقابله ما في جامع الفصولين من أنه لا يحنث بالقول كما مر فكان المناسب ذكره قبل زواله وبالفعل أفاده ط
قوله ( لاستنادها ) أي الإجازة لوقت العقد وفيه لا يحنث بمباشرته ففي الإجازة أولى
بحر
مطلب قال كل امرأة تدخل في نكاحي فكذا قوله ( لا يحنث ) هذا أحد قولين قاله الفقيه أبو جعفر ونجم الدين النسفي والثاني أنه يحنث وبه قال شمس الأئمة والإمام البزدوي والسيد أبو القاسم وعليه مشى الشارح قبيل فصل المشيئة لكن رجح المصنف في فتاواه الأول ووجهه أن دخولها في نكاحه لا يكون إلا بالتزويج فيكون ذكر الحكم ذكر سببه المختص به فيصير في التقدير كأنه قال إن تزوجتها وبتزويج الفضولي لا يصير متزوجا كما في فتاوى العلامة قاسم
____________________
(3/846)
قلت قد يقال إن له سببين التزوج بنفسه والتزويج بلفظ الفضولي والثاني غير الأول بدليل أنه لا يحنث به في حلفه لا يتزوج
تأمل قوله ( لكثرة أسباب الملك ) فإنه يكون بالبيع والإرث والهبة والوصية وغيرها بخلاف النكاح كما علمت فلا فرق بين ذكره وعدمه
قوله ( أو فعلا ) بإخراج متاعها من بيته ط
قوله ( لوجوبه قبل الطلاق ) فلا يحال به إلى الطلاق بخلاف النكاح لأن المهر من خصائصه منح عن العمادية قوله ( قال ) أي فضولي
قوله ( فأجاز الزوج ) أي أجاز تعليق الفضولي
قوله ( ومثله ) أي مثل ما في المتن
قوله ( ما يكتبه الموثوقون ) أي الذين يكتبون الوثائق أي الصكوك قوله ( إلى آخره ) المناسب حذفه لأن قوله أو دخلت في نكاحي معطوف على تزوجت لا على بنفسي فلا يصح تعليله بأن عامله تزوجت بل العلة فيه أنه ليس له إلا سبب واحد وهو التزوج كما مر وهو لا يكون إلا بالقول
أفاده ط
قوله ( وهو خاص بالقول ) فقوله أو بفضولي ينصرف إلى الإجازة بالقول فقط
بحر
قوله ( فلا مخلص له الخ ) كذا في البحر وتبعه في النهر و المنح وفي فتاوى العلامة قاسم و جامع الفصولين أنه اختلف فيه
قيل لا وجه لجوازه لأنه شدد على نفسه
وقال الفقيه أبو جعفر وصاحب الفضول حيلته أن يزوجه فضولي بلا أمرهما فيجيزه هو فيحنث قبل إجازة المرأة لا إلى جزاء لعدم الملك ثم تجيزه هي فإجازتها لا تعمل فيجددان العقد فيجوز إذا اليمين انعقدت على تزوج واحد
وهذه الحيلة إنما يحتاج إليها إذا قال أو يزوجها غير لأجلي وأجيزه أما إذا لم يقل وأجيزه قال النسفي يزوج الفضولي لأجله فتطلق ثلاثا إذ الشرط تزويج الغير له مطلقا ولكنها لا تحرم عليه طلاقها قبل الدخول في ملك الزوج
قال صاحب جامع الفصولين فيه تسامح لأن وقوع الطلاق قبل الملك محال ا هـ
قلت إنما سماه تسامحا لظهور المراد وهو انحلال اليمين لا إلى جزاء لأن الشرط تزويج الغير له وذلك يوجد من غير توقف على إجازته بخلاف قوله أتزوجها فإنه لا يوجد إلا بعقده بنفسه أو عقد غيره له وإجازته
قوله ( إلا إذا كان المعلق طلاق المزوجة ) في بعض النسخ المتزوجة أي التي حلف ألا يتزوجها بنفسه أو بفضولي احتراز عما لو كان المعلق طلاق زوجته الأصلية بأن قال إن تزوجت عليك بنفسي أو بفضولي فأنت طالق فإن حكم الشافعي بفسخ اليمين المضافة يؤكد الحنث لا ينافيه
قوله ( إن الإفتاء كاف ) أي إفتاء الشافعي للحالف ببطلان هذه اليمين وهو رواية عن محمد أفتى بها أئمة خوارزم لكنها ضعيفة نعم لو قال كل امرأة أتزوجها فهي كذا فتزوج امرأة وحكم القاضي بفسخ اليمين ثم تزوج أخرى يحتاج إلى الفسخ ثانيا عندهما وقال محمد لا يحتاج وبه يفتى كما في الظهيرية
فمن قال إن بطلان اليمين هو قول محمد المفتى به كما في الظهيرية فقد اشتبه عليه حكم بآخر كما قدمنا بيانه في باب التعليق فافهم قوله ( بحر ) الأولى أن يقول نهر لأن جميع ما قدمه مذكور فيه أما في البحر فإنه لم يذكر قوله أنه مما يكتبه الموثقون ولا قوله أو دخلت في نكاحي بوجه ما ولا قوله وقدمنا في التعاليق
____________________
(3/847)
قوله ( لأن المراد بها المسكن عرفا ) يعني أن المراد ما يشمل المسكن فيصدق على المملوكة غير المسكونة وفيه تفصيل وخلاف ذكرناه في باب اليمين بالدخول
قوله ( ولا بد أن تكون سكناه لا بطريق التبعية الخ ) مخالف لما قدمه في الباب المذكور من قوله ولو تبعا وهو ما في الخانية لو حلف لا يدخل دار بنته أو أمه وهي تسكن في بيت زوجها فدخل الحالف حنث
وقد ذكر في الخانية أيضا مسألة الواقعات وقال إن لم ينو تلك الدار لا يحنث لأن السكنى تضاف إلى الزوج لا إلى المرأة ويمكن الجواب بأن الدار في مسألة الخانية المارة لما لم تكن للمرأة انعقدت يمينه على دار السكنى بالتبعية فحنث أما في مسألة الواقعات المذكورة هنا فالدار فيها ملك المرأة فانصرفت اليمين إلى ما ينسب إليها أصالة فلما سكنها زوجها نسبت إليه وانقطعت نسبتها إليها فلم يحنث الحالف بدخولها ما لم ينوها
أفاد بعضه السيد أبو السعود لكن قدمنا في باب الدخول عن التاترخانية ما يفيد اختلاف الرواية ولكن ما ذكر من الجواب توفيق حسن رافع للخلاف بقيد عدم النية المذكور أخذا مما مر عن الخانية فافهم
مطلب حلف لا مال له قوله ( بل بتشديد اللام ) كذا في البحر عن مسكين والظاهر أن التشديد غير لازم لأنه يقال مفلس وجمعه مفاليس كما في المصباح وهذا أعم من المحكوم بإفلاسه وغيره كما لا يخفى
مطلب الديون تقضى بأمثالها قوله ( بل وصف للذمة الخ ) ولهذا قيل إن الديون تقضى بأمثالها على معنى أن المقبوض مضمون على القابض لأن قبضه بنفسه على وجه التملك ولرب الدين على المدين مثله فالتقى الدينان قصاصا وتمامه في البحر
مطلب قال لغيره والله لتفعلن كذا فهو حالف قوله ( فإن لم يفعله المخاطب حنث ) كذا أطلقه في الخانية و الفتح و النهر وظاهره أنه يحنث سواء أمره بالفعل أو لا وهو كذلك لأن أمره لا يحقق الفعل من المحلوف عليه وشرط بره هو الفعل وشرط حنثه عدمه ويأتي تمام بيانه قريبا
مطلب والله لا تقم فقام لا يحنث هذا ورأيت في الصيرفية مر علي رجل فأراد أن يقوم فقال والله لا تقم فقام لا يلزم المار شيء لكن عليه تعظيم اسم الله تعالى ا هـ
وذكره في البزازية بعبارة فارسية فهذا الفرع مخالف لما مر وقد يجاب بأن قوله لا يقم نهي وهو إنشاء في الحال تحقق مضمونه عند التلفظ به وهو طلب الكف عن القيام فصار الحلف على هذا الطلب الإنشائي لا على عدم القيام فالمقصود من الحلف تأكيد ذلك الطلب فليتأمل
والظاهر أن الأمر مثل النهي فإذا قال الله أضرب زيدا اليوم لا يحنث بعدم ضربه ويظهر أيضا أنه لو قعد ثم قام لا يحنث ولو لم يكن بلفظ النهي لأن المراد النهي عن القيام الذي تهيأ له المحلوف عليه فهو يمين الفور المار بيانها وهذه المسألة تقع كثيرا
____________________
(3/848)
مطلب قال لتفعلن كذا قال نعم قوله ( ما لم ينو الاستحلاف ) فإن نوى الاستحلاف فلا شيء على واحد منهما
خانية و فتح أي لأن المخاطب لم يجبه بقوله نعم حتى يصير حالفا
قال في الخانية ولو قال والله لتفعلن كذا فقال الآخر نعم فهو على خمسة أوجه أحدها أن ينوي كل من المبتدىء والمجيب الحلف على نفسه فهما حالفان أما الأول فظاهر وأما الثاني فلأن قوله نعم يتضمن إعادة ما قبله فكأنه قال والله لأفعلن كذا فإذا لم يفعل حنثا جميعا
الثاني أن يريد المبتدىء الاستحلاف والمجيب اليمين على نفسه فالحالف هو المجيب فقط
الثالث أن لا يريد المجيب اليمين بل الوعد فلا يكون أحدهما حالفا
الرابع أن لا يكون لأحدهما نية فالحالف هو المبتدىء فقط
الخامس أن يريد المبتدىء الاستحلاف والمجيب الحلف فالمجيب حالف لا غير ا هـ ملخصا
قلت هذا الأخير هو عين الثاني فتأمل
قوله ( فالحالف هو المبتدىء ) وكذا فيما لو قال أحلف أو أشهد بالله قال عليك أو لا فلا يمين على المجيب في الثلاثة وإن نويا أن يكون الحالف هو المجيب
خانية
قلت ووجهه أنه أسند فعل القسم إلى نفسه فلا يمكن أن يكون فاعله غيره
قوله ( ما لم ينو الاستفهام ) أي بأن تكون همزة الاستفهام مقدرة فيصير المعنى هل أحلف أم لا وهذا يصلح حيلة إذا أراد أن لا يحنث فافهم
قوله ( فالحالف المجيب ) ولا يمين على المبتدىء وإن نوى اليمين
خانية و فتح أي لإسناده الحلف إلى المخاطب فلا يمكن أن يكون الحالف غيره
مطلب حلف لا يدخل فلان داره قوله ( لا يدخل فلان داره في النهر عن منية المفتي وهذا رأيته فيها لكن بلفظ الدار معرفة وهذا محمول على ما إذا كان فلان ظالما لا يمكن الحالف أن يمنعه كما يعلم مما ذكره الشرنبلالي في رسالة عن الخانية و الخلاصة وغيرهما حلف لا يدع فلانا يدخل هذه الدار فلو الدار ملك الحالف فشرط البر منعه بالقول والفعل بقدر ما يطيق فلو منعه بالقول دون الفعل حنث وإن لم تكن له فمنعه بالقول دون الفعل لا يحنث بالدخول
وفي القنية عن الوبري حلف ليخرجن ساكن داره اليوم والساكن ظالم غالب يتكلف في إخراجه فإن لم يمكنه فاليمين على التلفظ باللسان ا هـ
قال وهذا يفيد أن ما مر من حنث المالك بالمنع بالقول فقط مقيد بما إذا قدر على منعه بالفعل وإلا فيكفيه القول ويفيده قول الخانية بقدر ما يطيق
هذا حاصل ما ذكره في الرسالة وقد لخصها السيد أبو السعود تلخيصا مخلا ونقله عنه ط في الباب السابق وأنه أفتى بناء على ما فهمه فيمن حلف على أخته أن لا تتكلم بأنها لو تكلمت
____________________
(3/849)
بعد ما نهاها عن الكلام لا يحنث لأنه لا يملك منعها وقاس على ذلك أيضا أنه لو كانت اليمين على الإثبات مثل لتفعلن يكفي أمره بالفعل
مطلب في الفرق بين لا يدعه يدخل وبين لا يدخل قلت وهذا خطأ فاحش للفرق البين بين قولنا لا أدعه يفعل وبين لا يفعل يوضح ذلك ما قدمناه في التعليق عن الولوالجية رجل قال إن أدخلت فلانا بيتي أو قال إن تركت فلانا يدخل بيتي فامرأته طالق فاليمين في الأول على أن يدخل بأمره لأنه متى دخل بأمره فقد أدخله وفي الثانية على الدخول أمر الحالف أو لم يأمر علم أو لم يعلم لأنه وجد الدخول وفي الثالث على الدخول بعلم الحالف لأن شرط الحنث الترك للدخول فمتى علم ولم يمنع فقد ترك ا هـ
ونقل مثله في البحر عن المحيط وغيره فانظر كيف جعلوا اليمين في الثاني على مجرد الدخول لأن المحلوف عليه هو دخول فلان فمتى تحقق دخوله تحقق شرط الحنث وإن منعه قولا أو فعلا لأن منعه لا ينفي دخوله بعد تحققه
وأما عدم الحنث بالمنع قولا وفعلا أو قولا فقط على التفصيل المار فهو خاص بالحلف على أنه لا يدعه أو لا يتركه يدخل وكذا قوله لا يخليه يدخل لأنه متى لم يمنعه تحقق أنه تركه أو خلاه فيحنث هذا هو المصرح به في عامة كتب المذهب وهو ظاهر الوجه وقدمنا في آخر اليمين في الأكل والشرب فيما لو قال لا أفارقك حتى تقضبني حقي أنه لو فر منه لا يحنث ولو قال لا يفارقني يحنث كما في الخانية فقد جزم بحنثه إذا فر منه بعد حلفه لا يفارقني
وعلى هذا فالصواب في جواب الفتوى السابعة أن أخته إذا تكلمت يحنث سواء منعها عن الكلام أو لا لتحقق شرط الحنث وهو الكلام ومنعه لها لا يرفعه بعد تحققه كما لا يخفى نعم لو كان الحلف على أنه لا يتركها أو لا يخليها تتكلم فإنه يبر بالمنع قولا فقط ولا يحتاج إلى المنع بالفعل لأنه لا يملكه
كما قال في الخانية رجل حلف بطلاق امرأته أن لا يدع فلانا يمر على هذه القنطرة فمنعه بالقول يكون بارا لأنه لا يملك المنع بالفعل ا هـ
وبما قررناه ظهر أن ما نقله الشارح تبعا للمنية لا يصح حمله على ظاهره لمخالفته للمشهور في الكتب فلا بد من تأويله بما قدمناه
وقد يؤول بأنه أراد معنى لا يدعه يدخل كما أفتى به في الخيرية حيث سئل عمن حلف على صهره أنه لا يرحل من هذه القرية فرحل قهرا عليه فهل يحنث أجاب مقتضى ما أفتى به قارىء الهداية واستدل به الشيخ محمد الغزي وأفتى به أنه إن نوى لا يمكنه فرحل قهرا عليه لا يحنث ا هـ
أو يؤول بأنه سقط من عبارة المنية لفظ لا بدعه وإلا فهو مردود لأن العمل على ما هو المشهور الموافق للمعقول والمنقول دون الشاذ الخفي المعلول فاغتنم هذا التحرير والله سبحانه أعلم
تنبيه علم أيضا مما ذكرناه أنه لو كان الحالف على الإثبات مثل قوله والله لتفعلن كذا فشرط البر هو الفعل حقيقة ولا يمكن قياسه على لا يدعه يفعل بأن يقال هنا يكفي أمره بالفعل فإن ذلك لم يقل به أحد وأما ما مر عن القنية في ليخرجن ساكن داره فذاك في معنى لا يدعه يسكن كما علم مما مر أما هنا فلا يكفي الأمر لأنه حلف على الفعل لا على الأمر به ومجرد الأمر به لا يحققه كما لا يخفى فإذا لم يفعل يحنث الحالف كما مر سواء أمره أو لا وهذا ظاهر جلي أيضا ولكن جل من لا يسهو فافهم
قوله ( بر بقوله اخرج ) لأن عقد الإجارة منعه من الإخراج بالفعل لأن مالك الدار لا يملك المنفعة مدة الإجارة فهو حينئذ كالأجنبي
شرنبلالي قوله ( وحلفه بر ) لأن قوله
____________________
(3/850)
لا يدع ينصرف إلى ما يقدر عليه وبعد تحليفه لا يقدر على الأخذ وشرط الحنث أن يتركه مع القدرة ولذا لا يحنث إذا قال لا أدع فلانا يفعل ففعل في غيبته
قوله ( طلقت ) لأنه صار حالفا للقاعدة المذكورة عقبه
قوله ( به يفتى ) وهو قول أبي يوسف خلافا لمحمد بخلاف ما لو برهن أنه أقرضه ألفا والمسألة بحالها لا يحنث ا هـ فتح أي لجواز أنه أقرضه ثم أبرأه أو استوفى منه قبل الدعوى فلم يظهر كذب المدعى عليه
قوله ( حنث الخ ) لأن كل واحد من الشريكين يرجع بالعهدة على صاحبه ويصير الحالف عاملا مع المحلوف عليه وإن كان عقد الشركة نفسه لا يوجب الحقوق
أما العبد المأذون فلا يرجع بالعهدة على المولى فلا يصير الحالف شريكا لمولاه
بحر عن الظهيرية قوله ( فدخل المشتركة ) أي فلا يحنث
لأن نصف الدار لا يسمى دارا
فتح قوله ( إذا لم يكن ساكنا ) ترك في الفتح هذا القيد وقد صرح به في الخانية قال ط أما إذا كان ساكنا فهي داره لأن الدار حينئذ تعم المستأجرة فأولى المشتركة التي سكنها والله سبحانه أعلم 4
____________________
(3/851)
كتاب الحدود لما فرغ من الأيمان وكفارتها الدائرة بين العبادة والعقوبة ذكر بعدها العقوبات المحضة ولولا لزوم التفريق بين العبادات لكان ذكرها بعد الصوم أولى لاشتماله على بيان كفارة الفطر المغلب فيها جهة العقوبة نهر وفتح
وهي ستة أنواع حد الزنا وحد شرب الخمر خاصة وحد السكر من غيرها والكمية متحدة فيهما وحد القذف وحد السرقة وحد قطع الطريق ابن كمال
قوله ( الحد لغة ) في بعض النسخ هو لغة فالضمير عائد على الحد المفهوم من الحدود
قوله ( المنع ) ومنه سمي البواب والسجان حدادا لمنع الأول من الدخول والثاني من الخروج وسمي المعرف للماهية حدا لمنعه من الدخول والخروج
وحدود الدار نهاياتها لمنعها عن دخول ملك الغير فيها وخروج بعضها إليه وتمامه في الفتح
قوله ( عقوبة ) أي جزاء بالضرب أو القطع أو الرجم أو القتل سمي بها لأنها تتلو الذنب من تعقبه إذا تبعه
قهستاني
قوله ( مقدرة ) أي مبنية بالكتاب أو السنة أو الإجماع
قهستاني
أو المراد لها قدر خاص ولذا قال في النهر مقدرة بالموت في الرجم وفي غيره بالأسواط الآتية اه أي وبالقطع الآتي
قوله ( حقا لله تعالى ) لأنها شرعت لمصلحة تعود إلى كافة الناس من صيانة الأنساب والأموال والعقول والأعراض
قوله ( زجرا ) بيان لحكمها الأصلي وهو الانزجار عما يتضرر به العباد من أنواع الفساد وهو وجه تسميتها حدودا
قال في الفتح والتحقيق ما قال بعض المشايخ إنها موانع قبل الفعل زواجر بعده أي العلم بشرعيتها يمنع الإقدام على الفعل وإيقاعها بعده يمنع من العود إليه
قوله ( فلا تجوز الشفاعة فيه تفريع على قوله تجب الخ )
قال في الفتح
____________________
(4/3)
فإنه طلب ترك الواجب ولذا أنكر على أسامة بن زيد حين شفع في المخزومية التي سرقت فقال أتشفع في حد من حدود لله
قوله ( بعد الوصول للحاكم ) وأما قبل الوصول إليه والثبوت عنده فتجوز الشفاعة عند الرافع له إلى الحاكم ليطلقه لأن وجوب الحد قبل ذلك لم يثبت فالوجوب لا يثبت بمجرد الفعل بل على الإمام عند الثبوت عنده كذا في الفتح
وظاهره جواز الشفاعة بعد الوصول للحاكم قبل الثبوت عنده وبه صرح ط عن الحموي
قوله ( بل المظهر التوبة ) فإذا حد ولم يتب يبقى عليه إثم المعصية
وذهب كثير من العلماء إلى أنه مطهر وأوضح دليلنا في النهر
مطلب التوبة تسقط الحد قبل ثبوته قوله ( وأجمعوا الخ ) الظاهر أنها لا تسقط الحد الثابت عند الحاكم بعد الرفع إليه أما قبله فيسقط الحد بالتوبة حتى في قطاع الطريق سواء كان قبل جنايتهم عل نفس أو عضو أو مال أو كان بعد شيء من ذلك كما سيأتي في بابه وبه صرح في البحر هنا خلافا لما في النهر نعم يبقى عليهم حق العبد من القصاص إن قتلوا والضمان إن أخذوا المال وقول البحر والقطع إن أخذوا المال سبق قلم وصوابه والضمان
والحاصل أن بقاء حق العبد لا ينافي سقوط الحد وكأنه في النهر توهم أن الباقي هو الحد وليس كذلك فافهم وفي البحر عن الظهيرية رجل أتى بفاحشة ثم تاب وأناب إلى الله تعالى فإنه لا يعلم القاضي بفاحشته لإقامة الحد عليه لأن الستر مندوب إليه اه
وفي شرح الأشباه للبيري عن الجوهر رجل شرب الخمر وزنى ثم تاب ولم يحد في الدنيا هل يحد له في الآخرة قال الحدود حقوق الله تعالى إلا أنه تعلق بها حق الناس وهو الانزجار فإذا تاب توبة نصوحا أرجو أن لا يحد في الآخرة فإنه لا يكون أكثر من الكفر والردة وإنه يزول بالإسلام والتوبة
قوله ( فلا تعزير حد ) تعزير اسم لا مبني معها على الفتح وحد خبرها وكذا قوله ولا قصاص حد وقدر الشارح خبرا للأول لأن الخبر المذكور مفرد لا يصلح خبرا لهما لكنه مصدر للجنس فيصلح لهما والخطب في ذلك سهل
ثم إن الأول مفرع على قوله مقدرة والثاني على قوله وجبت حقا لله تعالى
وقوله لعدم تقديره أي تقدير التعزير أي كل أنواعه لأن المقدر بعضها وهو الضرب على أن الضرب وإن كان أقله ثلاثة وأكثره تسعة وثلاثون لكن ما بين الأقل والأكثر ليس بمقدر كما أفاده في البحر
مطلب أحكام الزنا قوله ( والزنا ) بالقصر في لغة أهل الحجاز فيكتب بالياء وبالمد في لغة أهل نجد فيكتب بالألف
بدأ بالكلام عليه لأنه لصيانة النسل فكان راجعا إلى الوجود وهو الأصل ولكثرة وقوع سببه مع قطيعته بخلاف السرقة فإنها لا تكثر كثرته والشرب وإن كثر فليس حده بتلك القطعية
نهر وفتح
مطلب الزنا شرعا لا يختص بما يوجب الحد بل أعم قوله ( الموجب للحد ) قيد به لأن الزنا في اللغة والشرع بمعنى واحد وهو وطء الرجل المرأة في القبل في غير الملك وشبهته فإن الشرع لم يخص اسم الزنا بما يوجب الحد بل بما هو أعم والموجب للحد بعض أنواعه
ولو وطىء جارية ابنه لا يحد للزنا ولا يحد قاذفه بالزنا فدل على أن فعله زنا وإن كان لا يحد به وتمامه في الفتح
وبه علم
____________________
(4/4)
أن ما في الكنز وغيره من تعريف الزنا بما مر تعريف للشرعي الأعم فلا يعترض عليه بترك القيود التي ذكرها المصنف هنا لأنه تعريف للأخص الموجب للحد على أن القيود المذكورة خارجة عن الماهية لأنها شروط لإجراء الحكم كما في النهر
تأمل
قوله ( قدر حشفة ) أي حشفة أو قدرها ممن كان مقطوعها لكن صرح بالخفي وسكت عن الظاهر لعلمه بالأولى اختصارا أو أقحم لفظ قدر لإفادة التعميم لا للاحتراز عن نفس الحشفة فإيلاج بعضها غير موجب للحد لأنه ليس وطئا ولذا لم يوجب الغسل ولم يفسد الحج كما في الجوهرة وأشار بسكوته عن الإنزال إلى أنه غير شرط
قوله ( مكلف ) أي عاقل بالغ ولم يقل مسلم لأنه غير شرط في حق الجلد
قوله ( مطلقا ) سواء ثبت عليه بإقراره بالإشارة أو ببينة كما في البحر وغيره
قوله ( لا بالبرهان ) ذكر ابن الشحنة في شرح الوهبانية أنه رآه في نسخته الخانية وذكر أن المصنف يعني ابن وهبان خص ذلك بالأخرس
أقول الذي رأيته في نسختين من الخانية هكذا ولو أقر الأخرس بالزنا أربع مرات في كتاب كتبه أو إشارة لا يحد ولو شهد عليه الشهود بالزنا لا تقبل
الأعمى إذا أقر بالزنا فهو بمنزلة البصير في حكم الإقرار اه فقوله ولو شهد عليه الشهود الخ إنما ذكره في الأخرس لا في الأعمى خلافا لما رآه ابن الشحنة في نسخته فإنه غلط لقول الفتح والبحر بخلاف الأعمى صح إقراره والشهادة عليه ومثله في التتارخانية عن المضمرات وبه جزم في شرح الوهبانية للشرنبلالي وشرح الكنز للمقدسي
قوله ( في قبل ) متعلق بوطء
قوله ( أو ماضيا ) أدخل به العجوز الشوهاء فإنها وإن لم تكن مشتهاة في الحال لكنها كانت مشتهاة فيما مضى
قوله ( خرج المكره ) أي بقيد طائع والدبر بقيد قبل وهذا بناء على قول الإمام من أنه لا حد باللواطة أما على قولهما من أنه يحد بفعل ذلك في الأجانب فيدخل في الزنا وسيأتي في الباب الآتي
قوله ( ونحو الصغيرة ) هو الميتة والبهيمة ح
وهذا خرج بقيد مشتهاة والمراد الصغيرة ونحوها فإقحام لفظ نحو لقصد التعميم كما مر آنفا ونظيره على أحد الاحتمالات قولهم مثلك لا يبخل
قوله ( خال عن ملكه ) أي ملك يمينه وملك نكاحه وهو صفة لقبل ط
أو صفة لوطء
قوله ( وشبهته ) أي شبهة ملك اليمين وملك النكاح
فالأولى كوطء جارية مكاتبة أو عبده المأذون المديون أو جارية المغنم بعد الإحراز بدارنا في حق الغازي
والثانية كتزوج امرأة بلا شهود أو أمة بلا إذن مولاها أو تزوج العبد بلا إذن مولاه حموي عن المفتاح ط
قوله ( أي في المحل ) ويقال لها شبهة حكمية كوطء جارية ابنه ط
قوله ( لا في الفعل ) وتسمى شبهة اشتباه كوطء معتدة الثلاث
وحاصله أن شرط كون الوطء زنا خلوه عن شبهة المحل لأنها توجب نفي الحد وإن لم يظن حله بخلاف شبهة الفعل فإنها لا تنفيه مطلقا بل إن ظن الحل أما إن لم يظنه فلا ولذا خصص الأولى بالإرادة مع أنه لو أريد خلوه عما يعم شبهة الفعل بقيد ظن الحل فيها صح أيضا
أفاده السيد أبو السعود
قوله ( في دار الإسلام ) مفعول زاد وهذا القيد يومىء إليه قولهم وأين هو وكذا قولهم في الباب الآتي لا حد بالزنا في دار الحرب والبغي
وعليه فكان الأولى أن يقول في دار العدل ليخرج دار البغي أيضا وهذا إذا لم يزن داخل العسكر الذي فيه السلطان أو نائبه المأذون له بإقامة الحد وإلا فإنه يحد كما سيأتي هناك
قوله ( أو تمكينه ) بالرفع عطف على وطء وأو للتقسيم
____________________
(4/5)
والتنويع واسم الإشارة للوطء ط
قوله ( فقعدت على ذكره ) أي واستدخلته بنفسها
قوله ( أو تمكينها ) لما كانت المرأة تحد حد الزنا وقد سماها الله تعالى زانية في قوله { الزانية والزاني } سورة النور الآية 2 علم أنها تسمى زانية حقيقة ولا يلزم من كونها لا تسمى واطئة أنها زانية مجازا فلذا زاد في التعريف تمكينها حتى يدخل فعلها في المعرف وهو الزنا الموجب للحد فلو لم يكن تمكينها زنا حقيقة لما احتيج إلى إدخاله في التعريف وهو أيضا أمارة كونها زانية حقيقة وإن لم تكن واطئة كما أن الرجل يسمى زانيا حقيقة بالتمكين وإن لم يوجد منه الوطء حقيقة وبه سقط ما في البحر من أن تسميتها زانية مجاز فافهم
قوله ( فتم التعريف ) تعريض بصاحب الكنز وغيره حيث عرفوه بالتعريف الأعم وتقدم جوابه
تأمل
قوله ( وزاد في المحيط الخ ) حيث قال إن من شرائطه العلم بالتحريم حتى لو لم يعلم بالحرمة لم يجب الحد للشبهة
وأصله ما روى سعيد بن المسيب أن رجلا زنى باليمن فكتب في ذلك عمر رضي الله تعالى عنه أن الله حرم الزنا فاجلدوه وإن كان لا يعلم فعلموه فإن عاد فاجلدوه ولأن الحكم في الشرعيات لا يثبت إلا بعد العلم فإن كان الشيوع والاستفاضة في دار الإسلام أقيم مقام العلم ولكن لا أقل من إيراث شبهة لعدم التبليغ اه
وبه علم أن الكون في دار الإسلام لا يقوم مقام العلم في وجوب الحد كما هو قائم مقامه في الأحكام كلها
ح عن البحر
قوله ( ورده في فتح القدير ) أي في الباب الآتي بأن الزنا حرام في جميع الأديان والملل فالحربي إذا دخل دار الإسلام فأسلم فزنى وقال ظننت أنه حلال يحد ولا يلتفت إليه وإن كان فعله أول يوم دخوله فكيف يقال إذا ادعى مسلم أصلي أنه لا يعلم حرمة الزنا لا يحد لانتفاء شرط الحد اه
وأقره في البحر والنهر والمنح والمقدسي والشرنبلالي
ونازع فيه ط بما مر عن عمر وبأن الحرمة الثابتة في كل ملة لا تنافي أن بعض الناس يجهلها
كيف والباب تقبل فيه الشبهات
وأما مسألة الحربي فلعلها على قول من لا يشترط العلم اه
قلت وكذا نازع فيه المحقق ابن أمير حاج في آخر شرحه على التحرير في بحث الجهل حيث قال بعد نقله ما مر عن المحيط غير أن ظاهر قول المبسوط عقب هذا الأثر فقد جعل ظن الحل في ذلك الوقت شبهة لعدم اشتهار الأحكام يشير إلى أن هذا الظن في هذا الزمان لا يكون شبهة معتبرة لاشتهار الأحكام فيه ولكن هذا إنما يكون مفيدا للعلم بالنسبة إلى الناشىء في دار الإسلام والمسلم المهاجر المقيم بها مدة يطلع فيها على ذلك فأما المسلم المهاجر الواقع منه ذلك في فور دخوله فلا
وقد قال المصنف يعني الكمال في شرح الهداية ونقل في اشتراط العلم بحرمة الزنا إجماع الفقهاء وهو مفيد أن جهله يكون عذرا وإذا لم يكن عذرا بعد الإسلام ولا قبله فمتى يتحقق كونه عذرا وحينئذ فالفرع المذكور أي فرع الحربي هو المشكل فليتأمل اه
قلت قد يجاب بأن العلم بالحرمة شرط فيمن ادعى الجهل بها وظهر عليه أمارة ذلك بأن نشأ وحده في شاهق أو بين قوم جهال مثله لا يعلمون تحريمه أو يعتقدون إباحته إذ لا ينكر وجود ذلك فمن زنى وهو كذلك في فور دخوله دارنا لا شك في أنه لا يحد إذ التكليف بالأحكام فرع العلم بها وعلى هذا يحل ما في المحيط
وما ذكر من نقل الإجماع بخلاف من نشأ في دار الإسلام بين المسلمين أو في دار أهل الحرب المعتقدين حرمته ثم دخل دارنا فإنه إذا زنى يحد ولا يقبل اعتذاره بالجهل
وعليه يحمل فرع الحربي ويزول عنه الإشكال وهو أيضا محمل كلام الكمال وبه يحصل التوفيق وهو أولى من شق العصا والتفريق هذا ما ظهر لي والله سبحانه وتعالى أعلم
____________________
(4/6)
قوله ( ويثبت ) أي الزنا عند القاضي أما ثبوته في نفسه فبإيجاد الإنسان له لأنه فعل حسي
نهر
قوله ( رجال ) لأنه لا مدخل لشهادة النساء في الحدود وقيد بذلك من إدخال التاء في العدد كما هو الواقع في النصوص
قوله ( فلو جاؤوا متفرقين حدوا ) أي حد القذف ولو جاؤوا فرادى وقعدوا مقعد الشهود وقام إلى القاضي واحد بعد واحد قبلت شهادتهم وإن كانوا خارج المسجد حدوا جميعا
بحر عن الظهيرية
وعبر بالمسجد لأنه محل جلوس القاضي يعني أن اجتماعهم يعتبر في مجلس القاضي لا خارجه فلو اجتمعوا خارجه ودخلوا عليه واحدا فهم متفرقون فيحدون
قوله ( بلفظ الزنا ) متعلق بشهادة فلو شهد رجلان أنه زنى وآخران أنه أقر بالزنا لم يحد ولا تحد الشهود أيضا إلا إذا شهد ثلاثة بالزنا والرابع بالإقرار به فتحد الثلاثة
ظهيرية
لأن شهادة الواحد بالإقرار لا تعتبر فبقي كلام الثلاثة قذفا
بحر
قوله ( لا مجرد لفظ الوطء والجماع ) لأن لفظ الزنا هو الدال على فعل الحرام دونهما فلو شهدوا أنه وطئها وطئا محرما لا يثبت
بحر أي إلا إذا قال وطئا هو زنا
والظاهر أنه يكفي صريحه من أي لسان كان كما صرح به في الشرنبلالية في حد القذف فإنه يشترط فيه صريح الزنا كما هنا
تأمل
قوله ( وظاهر الدرر الخ ) ونصها أي بشهادة ملتبسة بلفظ الزنا لأنه الدال على فعل الحرام أو ما يفيد معناه وسيأتي بيانه اه
ولا يخفى أنها محتملة أن يكون قوله أو ما يفيد معناه عطفا على الضمير في قوله لأنه الدال يعني أن الدال على فعل الحرام لفظ الزنا أو ما يفيد معناه وليس ذلك صريحا في أن ما يفيد معناه تصح الشهاداة به نعم ظاهر العبارة عطفه على لفظ الزنا لكن قوله وسيأتي بيانه أراد به كما قاله بعض المحشين ما ذكره في التعزير من أن حد القذف يجب بصريح الزنا أو بما هو في حكمه بأن يدل عليه اللفظ اقتضاء كقوله في غضب لست لأبيك أو بابن فلان أبيه اه
وأنت خبير بأن هذا لا يتأتى هنا فهذا يؤيد ما قلنا من العطف على الضمير فافهم
ثم إنه لو لم يبينه بما ذكر في التعزير أمكن حمله على أن المراد به ما كان صريحا فهي من لغة أخرى فافهم
قوله ( لأنه يدفع اللغات عن نفسه ) بيان للتهمة وعليه لو كان قذف أحدهم الرجل لم تقبل شهادته لما ذكر في الزوج
أفاده في البحر
قوله ( ويسقط نصف المهر ) أي يسقط الزوج بهذه الشهادة لتضمنها مجيء الفرقة من قبلها حيث كانت مطاوعة لولده وأما بعد الدخول فلا يسقط شيء من المهر بمطاوعتها له بل تسقط النفقة لنشوزها
قوله ( ظهيرية ) ومثله في البحر عن المحيط بزيادة وتحد الثلاثة ولا يحد الزوج
قوله ( فيسألهم الإمام الخ ) أي وجوبا
وقال قاضيخان ينبغي أن يسألهم
در منتقى
والظاهر أن ينبغي بمعنى يجب لأن هذا البيان شرط لإقامة الحد
قال في الفتح بعدما صرح بالوجوب ولو سألهم فلم يزيدوا على قولهم إنهما زنيا لا يحد المشهود عليه ولا الشهود وتمامه فيه
قوله ( أي عن ذاته وهو الإيلاج ) تفسير للماهية المعبر عنها بما هو وظاهر كلامهم أنه ليس المراد بالماهية الحقيقية الشرعية المارة كما في البحر لكن ذكر في الفتح فائدة سؤاله عن الماهية أن الشاهد عساه يظن أن مماسة الفرجين حرام زنا أو أن كل وطء محرم زنا يوجب الحد فيشهد بالزنا
قال في النهر وهو ظاهر في أن المراد بماهيته حقيقته الشرعية إلا أن هذا يستلزم الاستغناء عن الكيفية والمكان لتضمن التعريف ذلك فهو من عطف الخاص على العام اه
قلت الاستغناء مدفوع لأن الماهية بيان حقيقة الزنا من حيث هو وأما الكيفية والمكان وغيرهما فهي
____________________
(4/7)
في هذا الزنا الزنا الخاص المشهود به فيسألهم عن ذلك ليعلم أن هذا الخاص تحققت فيه الماهية الشرعية احتياطا في درء الحد فتدبر
قوله ( لجواز كونه مكرها الخ ) بيان لقوله وكيف هو على طريق الترتيب والأولى أن يقول بإكراه لأن الضمير عائد على الزنا لأنه المسؤول عنه لا على الزاني
قوله ( أو في صباه ) وكذا يحتمل أن يكون بعد بلوغه لكن في زمان متقادم كما في الفتح وغيره وسيأتي حد التقادم
قوله ( أو بأمة ابنه ) أي ونحوها ممن لا يحد بوطئها كأمته وزوجته
قال في الفتح وقياسه في الشهادة على زنا المرأة أن يسألهم عمن زنى بها من هو للاحتمال المذكور وزيادة كونه صبيا أو مجنونا فإنه لا حد عليها فيه عند الإمام
قوله ( هو زيادة بيان ) أي لأنه يغني عنه بيان الماهية مع أن ظاهر كلامهم أن الحكم موقوف على بيانه كما في البحر وأشار إلى أن الضمير في بينوه عائد إلى المذكور من الأوجه المسؤول عنها كما يؤخذ من عبارة القدوري خلافا لما في بعض الشروح من أن قوله وقالوا الخ بيان لقوله وبينوه لأنه بمجرد القول المذكور لا يتم البيان كما في النهر
قوله ( وعدلوا سرا وعلنا ) السر بأن يبعث القاضي ورقة فيها أسماؤهم وأسماء محلتهم على وجه يتميز به كل واحد منهم لمن يعرفه فيكتب تحت اسمه هو عدل مقبول الشهادة
والعلانية بأن يجمع القاضي بين المزكي والشاهد ويقول هذا الذي زكيته يعني سرا ولم يكتف هنا بظاهر العدالة اتفاقا بأن يقال هو مسلم ليس بظاهر الفسق احتيالا للدرء بخلاف سائر الحقوق عند الإمام
قالوا ويحبسه هنا حتى يسأل عن الشهود بطريق التعزير بخلاف الديون فإنه لا يحبس فيها قبل ظهور العدالة وتمامه في البحر
واعترضه بأنه يلزم الجمع بين الحد والتعزير
قلت وفيه نظر لأنه بهذه الشهادة صار متهما والمتهم يعزر والحد لم يثبت بعد على أنه لا مانع من اجتماعهما بدليل ما يأتي من أنه لا يجمع بين جلد ونفي إلا سياسة وتعزيرا فتدبر
قوله ( إذا لم يعلم بحالهم ) أما لو علم عدالتهم لا يلزمه السؤال لأن علمه أقوى من الحاصل له من المزكى ولولا إهدار الشرع إقامة الحد بعلمه لكان يحده بعلمه كما في الفتح قيل والاكتفاء بعلمه هنا مبني على أنه يقضي بعلمه وهو خلاف المفتى به
قال ط وفيه أن القضاء هنا بالشهادة لا بعلمه بالعدالة فتأمل
قوله ( حكم به ) أي بالحد وهذا إذا لم يقر المشهود عليه كما يأتي
قوله ( ما لم يكن متهتكا ) من هتك زيد الستر هتكا من باب ضرب خرقه وهتك الله ستر الفاجر فضحه
مصباح
قال في الفتح بعد سوقه الأحاديث الدالة على ندب الستر وإذا كان الستر مندوبا إليه ينبغي أن تكون الشهادة به خلاف الأولى التي مرجعها إلى كراهة التنزيه وهذا يجب أن يكون بالنسبة إلى من لم يعتده ولم يتهتك به وإلا وجب كون الشهادة أولى لأن مطلوب الشارع إخلاء الأرض من المعاصي والفواحش بخلاف من زنى مرة أو مرارا متسترا متخوفا اه
ملخصا
بقي لو كان أحدهما متهتكا دون الآخر وظاهر التعليل المذكور أن الشهادة أولى لأن درء المفاسد مقدم
تأمل
قوله ( ويثبت أيضا بإقراره ) عطف على قوله ويثبت بشهادة أربعة وقدم الأول لأنه المذكور في القرآن ولأن الثابت بها أقوى حتى لا يندفع الحد بالفرار ولا بالتقادم ولأنها حجة متعدية الإقرار قاصرة
كذا في الفتح والبحر لكن قوله ولا بالتقادم مخالف لما قدمناه ولما سيأتي في باب الشهادة على الزنا
ثم رأيت الرملي نبه على ذلك في حاشية المنح فقال المقرر أن التقادم يمنعها دون الفرار وكما يمنع التقادم
____________________
(4/8)
قبولها في الابتداء فكذا يمنع الإقامة بعد القضاء
قوله ( صريحا ) أخرج به إقرار الأخرس بكتابة أو إشارة فلا يحد للشبهة بعدم الصراحة بخلاف الأعمى فإنه يصح إقراره والشهادة عليه
بحر
وقد مر
قوله ( صاحيا ) احتراز عن السكر كما يأتي
قوله ( ولم يكذبه الآخر ) فلو أقر بالزنا بفلانة فكذبته درىء الحد عنه سواء قالت تزوجني أو لا أعرفه أصلا وعليه المهر إن ادعته المرأة وإن أقرت الزنا بفلان فكذبها فلا حد عليها أيضا عنده خلافا لهما في المسألتين
بحر
قوله ( أو رتقها ) بأن تخبر النساء بأنها رتقاء قبل الحد لأن إخبارهن بالرتق يوجب شبهة في شهادة الشهود
بحر
قوله ( لجواز إبداء ما يسقط الحد ) أي من الخرساء أو الأخرس على تقدير عدم الخرس
واستشكل ما لو أقر أنه زنى بغائبة فإنه يحد قبل حضورها مع احتمال أن تذكر مسقطا عنه وعنها إذا حضرت فيحتاج إلى الفرق
قلت يؤخذ جوابه مما في الجوهرة من أن القياس عدم الحد في الثانية لجواز أن تحضر فتجحد فتدعي حد القذف أو تدعي نكاحها فتطلب المهر وفي حده إبطال حقها والاستحسان أن يحد لحديث ماعز فإنه حد مع غيبة المرأة اه
والحاصل أن القياس عدم الفرق بين المسألتين ولكنه حد في الثانية على خلاف القياس للحديث وهذا أولى مما أجاب به بعضهم من أن الزيلعي علل الثانية بأن حضور الغائبة ودعواها النكاح شبهة واحتمال ذلك يكون شبهة الشبهة والمعتبر هو الشبهة دون شبهة الشبهة لما أورد عليه من أنه في المسألة الأولى كذلك
قلت وقد يفرق بينهما بأن نفس الخرس شبهة محققة مانعة بخلاف الغيبة ولذا لو أقر بالزنا بمن لا يعرفها فإنه يحد
قال في الفتح لأنه أقر بالزنا ولم يذكر مسقطا لأن الإنسان لا يجهل زوجته وأمته اه
فعلم أن الغائبة إنما حد فيها لأنه لم يبد مسقطا بخلاف الخرساء فإن الخرس نفسه مسقط للعلة المذكورة
قوله ( في حال سكره ) متعلق بأقر
قوله ( ولو سرق أو زنى ) أي في حال سكره وثبت ذلك بالبينة
قوله ( لأن الإنشاء ) أي إنشاء الزنا أو السرقة المعاين للشهود في حال سكره لا يحتمل التكذيب فيحد بخلاف إقراره بذلك في حال سكره
قوله ( أربعا في مجالسه ) ولو كل شهر مرة أما لو أقر أربعا في مجلس واحد كان بمنزلة إقرار واحد كما في النهر
قوله ( أي المقر ) وقيل مجالس القاضي والأول أصح
وفسر محمد تفرق المجلس بأن يذهب المقر عنه بحيث يتوارى عن بصر القاضي
وظاهر قوله في الهداية لا بد من اختلاف المجالس وهو أن يرده القاضي كلما أقر فيذهب حتى لا يراه أن اختلاف المجالس لا يكون إلا برده
نهر
قوله ( كلما أقر رده ) فيه تسامح كما قال صدر الشريعة لأنه في الرابعة لا يرده ومن ثم قال في الإصلاح إلا الرابعة
نهر
قوله ( سأله كما مر ) أي سؤالا مماثلا لما مر وهذا السؤال بعد الرابعة كما في الكافي وذكر أنه يسأل عن عقله وعن إحصانه
قوله ( حتى عن المزني بها الخ ) سقط لفظ حتى من بعض النسخ ولا بد نه لأن مراده إفادة أنه لا بد من السؤال عن الخمسة المارة وصرح بالمزني بها ردا على ابن الكمال حيث قال لك أن تقول إنه لا حاجة إليه لكن كان عليه التصريح بالزمان أيضا لأنه قيل لا يلزم لأن التقادم يمنع الشهادة دون الإقرار ورد بأن فائدته احتمال أنه زنى في حال صباه
قوله ( فلا يثبت الخ ) تفريع على ما فهم
____________________
(4/9)
من حصر ثبوته بأحد شيئين الشهادة بالزنا أو الأقرار به وقوله ولا بالبينة على الإقرار بيان لفائدة تقييد الشهادة بأن تكون على الزنا
ووجهه كما في الزيلعي أنه إن كان منكرا فقد رجع وإن كان مقرا لا تعتبر الشهادة مع الإقرار
قوله ( ولو قضى بالبينة ) أي البينة على الزنا لا على الإقرار
قوله ( فأقر مرة ) أو مرتين
نهر
والظاهر أن الثلاث كذلك وقيد بما بعد القضاء لأنه لو أقر قبله يسقط الحد بالاتفاق كما صرح به في الفتح وظاهره ولو أقر مرة واحدة
قوله ( لم يحد ) أي خلافا لمحمد لأن شرط الشهادة عدم الإقرار ففات الشرط قبل العمل بها لأن الإمضاء من القضاء في الحدود كما يأتي فصار كالأول وهو ما لو أقر قبل القضاء كما في الفتح ثم إذا لم يكمل نصاب الإقرار الموجب للحد فلا يحد
قوله ( بطلت الشهادة ) أي وصار الحكم للإقرار فيعامل بموجبه لا بموجب الشهادة
قوله ( بخلاف الشهادة ) أي بخلاف ما لو ثبت زناه بالشهادة فهرب في حال الرجم فإنه يتبع بالحجارة حتى يؤتى عليه
بحر عن الحاوي
وسيأتي أنه لو هرب بعد ما ضرب بعد الحد ثم أخذ بعد ما تقادم الزمان لا يقام
قوله ( وإنكار الإقرار رجوع ) أي إذا قال بعد ما أقر أربعا وأمر القاضي برجمه والله ما أقررت بشيء فإنه يدرأ عنه الحد
خانية
وهذا مكرر مع قوله ويخلى سبيله إن رجع إلخ إلا أن يفسر ذاك بقوله رجعت عما أقررت به
تأمل
قوله ( كما سيجيء ) أي في بابها
قوله ( وكذا يصح الرجوع الخ ) أي فلا يحد وهذا إذا لم تقم البينة على إحصانه وإلا فيحد كما يأتي متنا قبيل حد الشرب
قوله ( لعدم المكذب ) أي لأنه خبر محتمل للصدق كالإقرار ولا مكذب له فيه فتحقق الشبهة في الإقرار بخلاف ما فيه حق العبد وهو القصاص وحد القذف لوجود من يكذبه
بحر
قوله ( كحد شرب وسرقة ) فإنه يسقط بالرجوع عن الإقرار بهما كما سيأتي في بابيهما
قوله ( وإن ضمن المال ) لأنه حق العبد فلا يسقط بعد إقراره بسرقته
قوله ( لحديث ماعز ) هو ابن مالك الأسلمي المروي في البخاري فإنه فيه تلقينه بما ذكر
قال في الأصل ينبغي أن يقول له لعلك تزوجتها أو وطئتها بشبهة والمقصود أن يلقنه ما يكون ذكره دارئا ليذكره أيا ما كان
بحر وفتح
قوله ( بلا بينة ) متعلق بادعى
قال في البحر ولا يكلف إقامة البينة كما لو ادعى السارق العين أنها ملكه سقط القطع بمجرد دعواه ولهذه المسألة أخوات سنذكرها في الباب الآتي
قوله ( لا يسقط في الأصح ) أي إذا ثبت زن بالبينة وكذا لو بالإقرار إذا لم يتقادم وستأتي هذه المسألة آخر الباب الآتي
قوله ( ويرجم محصن ) بفتح الصاد من أحصن إذا تزوج وهي مما جاء اسم فاعله على لفظ اسم المفعول ومنه أسهب فهو مسهب إذا أطال في الكلام وألفج بالفاء والجيم فهو ملفج إذا افتقر
فتح مخلصا
قوله ( في فضاء ) هو المكان الواسع لأنه أمكن في رجمه ولئلا يصيب بعضهم بعضا
نهر
قوله ( حتى يموت ) أشار إلى أنه
____________________
(4/10)
لا بأس لكل من رمى أن يتعمد مقتله لأنه واجب القتل إلا أن يكون ذا رحم منه فإن الأولى أن لا يتعمده لأنه نوع من قطيعة الرحم
قهستاني ويأتي تمامه
قوله ( فهدر ) أي لا قصاص فيه لو عمدا ولا دية لو خطأ
قوله ( وينبغي الخ ) صرح به في الفتح في باب الشهادة على الزنا
قوله ( لا فتياته ) افتعال من فات يفوت فوتا وفواتا
قال في المصباح وفاته فلان بذراع سبقه بها ومنه قيل افتات فلان افتياتا إذا سبق بفعل شيء واستبد برأيه ولم يؤامر فيه من هو أحق منه بالأمر فيه
قوله ( والشرط بداءة الشهود به ) أي بالرجم لأنهم قد يتجاسرون على الأداء ثم يستعظمون المباشرة فيرجعون وفيه احتيال للدرر كما في المحيط
قهستاني
قوله ( أو قطعوا بعد الشهادة ) وكذا لو مرضوا بعدها قيد به لأنهم لو قطعوا قبلها رمى القاضي بحضرتهم لأنهم إذا كانوا مقطوعي الأيدي لم تستحق البداءة بهم وإن قطعت بعدها فقد استحقت وهذا يفيد أن كون البداءة بهم شرطا إنما هو عند قدرتهم على الرجم
بحر وفتح
والمراد القطع بلا جناية مفسقة وإلا خرجوا عن الأهلية
قوله ( ولا يحدون في الأصح ) لأن امتناعهم ليس صريحا في رجوعهم وإن كان ظاهرا فيه لامتناع بعض الناس من ذبح الحيوان الحلال وتمامه في الفتح
ولا يخفى أن هذا راجع لقوله فإن أبوا أما في الموت والغيبة فلا شبهة في أنهم لا يحدون وإنما سقط الرجم لاحتمال رجوعهم لو حضروا
قوله ( أو قذف ) أي إذا حد به كما قيده في الفتح
قوله ( لأن الإمضاء من القضاء ) أي إمضاء الحد وإيقاعه بالفعل من القضاء فإذا لم يمضه ثم حصل مانع من العمل أو الشهادة بعد ثبوتها فكأنه لم يحصل القضاء بها أصلا
ط
قوله ( كما في الحاكم ) أي الحاكم الشهيد أي كتابه الكافي
والظاهر أن الميم في كما زائدة والأصل كافي الحاكم وهو كذلك في بعض النسخ
قال في الفتح وفي غير المحصن
قال الحاكم في الكافي يقام عليه الحد في الموت والغيبة اه أي موت الشهود وغيبتهم وبه سقط ما قيل إن المراد كما في الحاكم أي كما يحد لو مات الحاكم أو غاب وكيف يصح ذلك مع أن الإمضاء من القضاء كما سمعت ولذا قال في الكافي وإذا حكم الحاكم بالرجم ثم عزل قبل أن يرجمه وولى غيره لم يحكم بذلك اه
فافهم
قوله ( ثم الإمام ) استظهارا في حقه فربما يرى في الشهود ما يوجب درء الحد اه
جوهرة
قوله ( قاله ابن الكمال ) لم ينقله ابن الكمال عن أحد وهو محتاج إلى النقل فإنه خلاف ظاهر المتون
قوله ( وما نقله المصنف عن الكمال رده في النهر ) يأتي بيان ذلك قريبا
قوله ( أفاد في النهر الخ ) حيث قال وفي الدراية يستحب للإمام أن يأمر طائفة من المسلمين أن يحضروا لإقامة الحدود
واختلفوا في عددها فعن ابن عباس واحد
وقال عطاء اثنان
والزهري ثلاثة
والحسن البصري عشرة اه
وهذا صريح في أن حصورهم ليس شرطا فرميهم كذلك فلو امتنعوا لم يسقط اه
____________________
(4/11)
قلت وفيه نظر فإن هذا ذكروه تفسيرا للطائفة في قوله تعالى { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } سورة النور الآية 2 والواقع في الآية الجلد لا الرجم ولو سلم فالمراد أنه إذا كان عند الإمام من يرجمه ينبغي له أن يأمر غيرهم بأن يحضروا لما قالوا من أن مبنى الحد على التشهير فالمراد بالناس من يباشر الرجم وحضورهم لا بد منه وإلا لزم فوات الرجم أصلا فيأثم الجميع
قوله ( ويبدأ الإمام لو مقرا ) أي يبدأ الإمام بالرجم لو كان الزاني مقرا وثبت بإقراره لقول علي رضي الله تعالى عنه أيها الناس إن الزنا زناءان زنا السر وزنا العلانية
فزنا السر أن يشهد الشهود فيكون الشهود أول من يرمي ثم الإمام ثم الناس
وزنا العلانية أن يظهر الحبل أو الاعتراف فيكون الإمام أول من يرمي وتمامه في الفتح
قوله ( مقتضاه الخ ) قال في الفتح واعلم أن مقتضى هذا أنه لو امتنع الإمام لا يحل للقوم رجمه ولو أمرهم لعلمهم بفوات شرط الرجم وهو منتف برجم ماعز للقطع بأنه عليه الصلاة والسلام لم يحضره
ويمكن الجواب بأن حقيقة ما دل عليه قول علي هو أنه يجب على الإمام أمر الشهود بالابتداء احتيالا لثبوت دلالة الرجوع وعدمه وأن يبتدىء هو في صورة الإقرار لينكشف للناس عدم تساهله في بعض شروط القضاء والحد فإذا امتنع ظهرت أمارة الرجوع وامتنع الحد لظهور الشبهة وهذا منتف في حقه عليه الصلاة والسلام فلم يكن عدم رجمه دليلا على سقوط الحد ومقتضى ما ذكر أنه لو بدأ الشهود فيما إذا ثبت بالشهادة يجب أن يثني الإمام فلو لم يثن سقط الحد لاتحاد المأخذ فيهما اه
ملخصا
وقوله ومقتضى ما ذكر الخ هو الذي نقله المصنف عن الكمال
ورده في النهر بأنه إنما يتم لو سلم وجوب حضور الإمام كالشهود وهو غير لازم كما في إيضاح الإصلاح لابن كمال
قلت ما ذكره ابن كمال لم يعزه لأحد كما مر وما ذكره المحقق صاحب الفتح هو ظاهر المتون والدليل فلا يعدل عنه إلا بنقل صريح معتبر
ثم رأيت في الذخيرة ما نصه تجب البداءة من الشهود ثم من الإمام ثم من الناس فافهم
قوله ( لكن سيجيء الخ ) أي في كتاب القضاء
وهذا الاستدراك في غير محله لأنه ليس في ذلك أن القاضي امتنع من البداءة بالرجم بل المراد أن الحاكم إذا ثبت عنده الحد بالحجة أي بالبينة أو الإقرار وأمر الناس بالرجم لهم أن يرجموا بالشرط المتقدم وإن لم يحضروا مجلس الحكم ولم يعاينوا الحجة
وقيل لا لفساد الزمان
قال في غرر الأذكار والأحسن التفصيل بأن القاضي إذا كان عالما عادلا وجب ائتماره بلا تفحص وإن كان عادلا لا جاهلا سئل عن كيفية قضائه فإذا أخبر بما يوافق الشرع يؤتمر قوله وإن كان ظالما لا يقبل قوله عالما كان أو جاهلا اه
قوله ( ويكره للمحرم الرجم ) كذا في البحر عن المحيط
وفيه عن الزيلعي وغيره أنه لا يقصد مقتله فإن بغيره كفاية وظاهره أنه إذا لم يقصد مقتلا لا يكره كما يفيد ما قدمناه عن القهستاني أيضا ثم إن محل الكراهة إذا لم يكن المحرم شاهدا
ففي الجوهرة لو شهد أربعة على أبيهم بالزنا وجب عليهم أنم يبتدئوا بالرجم وكذا الإخوة وذو الرحم
ويستحب أن لا يتعمدوا مقتلا وأما ابن العم فلا بأس أن يتعمد مقتله لأن رحمه لم يكمل فأشبه الأجنبي
وقوله يستحب الخ يفيد أن الكراهة تنزيهية تأمل
قوله ( وإن فعل لا يحرم الميراث ) نص عليه في كافي الحاكم
قال في الجوهرة
____________________
(4/12)
ولو شهد على أبيه بالزنا أو بالقصاص لم يحرم الميراث
قوله ( وصح أنه عليه الصلاة والسلام صلى على الغامدية ) أخرجه الستة إلا البخاري
وأما أنه صلى على ماعز ففيه تعارض وتمامه في الفتح
قوله ( بدلالة النص ) هو قوله تعالى { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } سورة النساء الآية 25 نزلت في الإماء
وإذا ثبت فيهن للرق ثبت في الذكور الأرقاء دلالة إذ لا يشترط فيها أولوية المسكوت عنه بالحكم بل تكفي المساواة
نهر
قوله ( وذكر الزيلعي الخ ) فيكون دخول الذكور ثابتا بعبارة النص لا بدلالته
قوله ( لكنه عكس القاعدة ) وهي تغليب الذكور على الإناث
ووجه العكس هنا كما أفاده في الفتح هو كون الداعية فيهن أقوى ولذا قدمت الزانية على الزاني في الآية
قوله ( لقولهم ركنه ) أي ركن الحد وفيه تأمل
بل الظاهر أن الركون هو الضرب أو الرجم
تنبيه في كافي الحاكم يقام الحد على العبد إذا أقر بالزنا أو بغيره مما يوجبه وإن كان مولاه غائبا وكذا في القطع والقصاص وإن قال بعد عتقه زنيت وأنا عبد لزمه حد العبيد اه
قوله ( في الصحاح الخ ) تفسير لما وقع في عبارة المتون كالقدوري والكنز وغيرهما بسوط لا ثمرة له إشارة إلى أن ما ذكره المصنف هو المراد بالثمرة لأنه المشهور في الكتب كما قاله في معراج الدراية
ورجح في المغرب أن المراد بها ذنبه
وذكر في الفتح من رواية أنس أنه كان يؤمر بالسوط فتقطع ثمرته ثم يدق بين حجرين حتى يلين ثم يضرب به فالمراد أن لا يضرب وفي طرفه يبس لأنه يجرح أو يبرح فكيف إذا كان فيه عقدة
والحاصل أنه يجتنب كل من الثمرة بمعنى العقدة وبمعنى الفرع الذي يصير به ذنبين تعميما للمشترك في النفي ولو تجوز بالثمرة فيما يشاكل العقد ليعم المجاز ما هو يابس الطرف على ما ذكرنا لكان أولى فإنه لا يضرب بمثله حتى يدق رأسه فيصير متوسطا اه
ملخصا
قوله ( بين الجارح وغير المؤلم ) بأن يكون مؤلما غير جارح ولو كان المجلود ضعيف الخلقة فخيف هلاكه يجلد جلدا ضعيفا يحتمله
فتح
قوله ( وفرق جلده الخ ) لأن جمعه على عضو واحد قد يفسده وضرب ما استثنى قد يؤدي إلى الهلاك حقيقة أو معنى بإفساد بعض الحواس الظاهرة أو الباطنة
قوله ( قيل وصدره الخ ) قائله بعض المشايخ وهو رواية عن أبي يوسف وفيه نظر بل الصدر من المحامل والضرب بالسوط المتوسط عددا يسيرا لا يقتل في البطن فكيف بالصدر نعم إذا فعل بالعصا كما يفعل في زماننا ببيوت الظلمة ينبغي أن لا يضرب البطن
فتح
قوله ( خمسين متوالية ) قيد بالتوالي ليحصل بها الألم ولذا قال في الجوهرة أيضا ولا يجوز أن يفرقه في كل يوم سوطا أو سوطين لأنه لا يحصل به الإيلام
قوله ( وقال علي رضي الله تعالى عنه ) لفظه كما في الفتح عن مصنف عبد الرزاق يضرب الرجل قائما والمرأة قاعدة في الحدود اه
فقوله والتعازير الخ ليس منه
قوله ( غير ممدود على الأرض ) لأن مبنى الحد على التشهير زجرا للعامة والقيام أبلغ فيه
____________________
(4/13)
والمرأة مبني أمرها على الستر وإن امتنع الرجل ولم يقف لا بأس بربطه بأسطوانة أو يمسك
فتح
قوله ( وكذا لا يمد السوط ) أفاد أن قوله غير ممدود يحتمل أن يعود إلى السوط أيضا أي ضربا غير ممدود ومد السوط فيه تفسيران قيل بأن يرفعه الضارب فوق رأسه وقيل أن يمده على جسد المضروب بعد وقوعه عليه وفيه زيادة ألم
قال في الفتح وكل ذلك لا يفعل
فلفظ ممدود معمم في جميع معانيه لأنه في النفي فجاز تعميمه اه أي في مد الرجل على الإرض ومد السوط بمعنييه وهذا بناء على مختار صاحب الهداية وشمس الأئمة في جواز تعميم المشترك في النفي وكذا الجمع بين الحقيقة والمجاز في النفي وهو خلاف المشهور في كتب الأصول كما بيناه في حواشينا على شرح المنار
قوله ( ولا يجوز الحفر له ) لعله أخذه من قول الهداية وغيرها إن الربط والإمساك غير مشروع وأما الحفر للمرأة فلكونه أستر لها
قلت وينبغي تقييده بما لو ثبت الحد بالإقرار ليكون متمكنا من الرجوع بالهرب بخلاف ما لو ثبت بالبينة
تأمل
قوله ( ولا يربط الخ ) إلا إذا امتنع كما مر
قوله ( ولا جمع بين جلد ورجم ) للقطع بأنه لم يجمع بينهما ولأن الجلد يعرى عن المقصود مع الرجم
فتح
قوله ( أي تغريب في البكر ) أي في غير المحصن وقوله عليه الصلاة والسلام البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام منسوخ كشطره الآخر وقوله عليه الصلاة والسلام والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة بحر
وتمام تحقيقه في الفتح
قوله ( وفسره ) أي فسر النفي المروي في حديث آخر كرواية البخاري من قول أبي هريرة إن رسول الله قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام وإقامة لحد
قوله ( وهو أحسن الخ ) فيه أنه مخالف لروايات التغريب وقولهم إن في النفي فتح باب الفتنة لانفرادها عن العشيرة وعمن تستحي منه ولقول علي حسبهما من الفتنة أن ينفيا
وروى عبد الرزاق قال غرب عمر رضي الله عنه ربيعة بن أمية بن خلف في الشراب إلى خيبر فلحق بهرقل فتنصر فقال عمر لا أغرب بعد مسلما كما في الفتح ولعل المراد أن فعل الحبس أحسن من فعل التغريب فليس المراد تفسير الوارد بذلك بقرينة التعليل فتأمل
قوله ( لأنه يعود على موضوعه بالنقض ) أي لأن المقصود من إقامة الحد المنع عن الفساد وفي التغريب فتح باب الفساد كما علمت ففيه نقض وإبطال للمقصود منه شرعا فكأنه شبه المقصود الأصلي بالموضوع وهو محل العرض المختص به أو بموضوع العلم وهو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية كبدن الإنسان لعلم الطب
تأمل
مطلب في الكلام على السياسة قوله ( إلا سياسة وتعزيرا ) أي أنه ليس من الحد ويؤيده ما قدمناه من حديث البخاري من عطف وإقامة حد على نفي عام كما أوضحه في الفتح
وفيه أيضا لو غلب على ظن الإمام مصلحة في التغريب تعزيرا فله أن يفعله وهو محمل الواقع للنبي وأصحابه كما غرب عمر نصر بن الحجاج لافتتان النساء بجماله والجمال لا يوجب نفيا وعلى هذا كثير من مشايخ السلوك المحققين رضي الله عنا بهم وحشرنا معهم يغربون
____________________
(4/14)
المريد إذا بدا منه قوة نفس ولجاج لتنكسر نفسه وتلين مثل هذا المريد أو من هو قريب منه هو الذي ينبغي أن يقع عليه رأي القاضي في التغريب أما من لم يستح وله حال تشهد عليه بغلبة النفس فنفيه يوسع طرق الفساد ويسهلها عليه اه
تنبيه أشار كلام الفتح إلى أن السياسة لا تختص بالزنا وهو ما عزاه الشارح إلى النهر
وفي القهستاني السياسة لا تختص بالزنا بل تجوز في كل جناية والرأي فيها إلى الإمام على ما في الكافي كقتل مبتدع يتوهم منه انتشار بدعته وإن لم يحكم بكفره كما في التمهيد وهي مصدر ساس الوالي الرعية أمرهم ونهاهم كما في القاموس وغيره فالسياسة استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي في الدنيا والآخرة فهي من الأنبياء على الخاصة والعامة في ظاهرهم وباطنهم ومن السلاطين والملوك على كل منهم في ظاهره لا غير ومن العلماء ورثة الأنبياء على الخاصة في باطنهم لا غير كما في المفردات وغيرها اه
ومثله في الدر المنتقى
قلت وهذا تعريف للسياسة العامة الصادقة على جميع ما شرعه الله تعالى لعباده من الأحكام الشرعية وتستعمل أخص من ذلك مما فيه زجر وتأديب ولو بالقتل كما قالوا في اللوطي والسارق والخناق إذا تكرر منهم ذلك حل قتلهم سياسة وكما مر في المبتدع ولذا عرفها بعضهم بأنها تغليظ جناية لها حكم شرعي حسما لمادة الفساد وقوله لها حكم شرعي معناه أنها داخلة تحت قواعد الشرع وإن لم ينص عليها بخصوصها فإن مدار الشريعة بعد قواعد الإيمان على حسم مواد الفساد لبقاء العالم ولذا قال في البحر وظاهر كلامهم أن السياسة هي فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي اه
وفي حاشية مسكين عن الحموي السياسة شرع مغلظ وهي نوعان سياسة ظالمة فالشريعة تحرمها
وسياسة عادلة تخرج الحق من الظالم وتدفع كثيرا من المظالم وتردع أهل الفساد وتوصل إلى المقاصد الشرعية فالشريعة توجب المصير إليها والاعتماد في إظهار الحق عليها وهي باب واسع فمن أراد تفصيلها فعليه بمراجعة كتاب معين الحكام للقاضي علاء الدين الأسود الطرابلسي الحنفي اه
قلت والظاهر أن السياسة والتعزير مترادفان ولذا عطفوا أحدهما على الآخر لبيان التفسير كما وقع في الهداية والزيلعي وغيرهما بل اقتصر في الجوهرة على تسميته تعزيرا وسيأتي أن التعزير تأديب دون الحد من العزر بمعنى الرد والردع وأنه يكون بالضرب وغيره ولا يلزم أن يكون بمقابلة معصية ولذا يضرب ابن عشر سنين على الصلاة وكذلك السياسة كما مر في نفي عمر لنصر بن الحجاج فإنه ورد أنه قال لعمر ما ذنبي يا أمير المؤمنين فقال لا ذنب لك وإنما الذنب لي حيث لا أطهر دار الهجرة منك فقد نفاه لافتتان النساء به وإن لم يكن بصنعه فهو فعل لمصلحة وهي قطع الافتتان بسببه في دار الهجرة التي هي من أشرف البقاع ففيه رد وردع عن منكر واجب الإزالة
وقالوا إن التعزير موكول إلى رأي الإمام فقد ظهر لك بهذا أن باب التعزير هو المتكفل لأحكام السياسة وسيأتي بيانه وبه علم أن فعل السياسة يكون من القاضي أيضا والتعبير بالإمام ليس للاحتراز عن القاضي بل لكونه هو الأصل والقاضي نائب عنه في تنفيذ الأحكام كما مر في قوله فيسألهم الإمام وبدأ الإمام برجمه ونحو ذلك
وفي الدر المنتقى عن قوله ( معين الحكام ) للقضاة تعاطي كثير من هذه الأمور حتى إدامة الحبس والإغلاظ على أهل الشر بالقمع لهم والتحليف بالطلاق وغيره وتحليف الشهود إذا ارتاب منهم
ذكره في التاترخانية
وتحليف المتهم لاعتبار حاله أو المتهم بسرقة يضربه ويحبسه الوالي والقاضي اه
وسيأتي في باب التعزير أن للقاضي تعزير المتهم وصرح الزيلعي قبيل الجهاد أن من السياسة عقوبته إذا غلب على ظنه أنه سارق وأن المسروق عنده فقد أجازوا
____________________
(4/15)
قتل النفس بغلبة الظن كما إذا دخل عليه رجل شاهرا سيفه وغلب على ظنه أنه يقتله وسيأتي تمام ذلك في كتاب السرقة
قوله ( إلا أن يقع اليأس من برئه فيقام عليه ) أي بأن يضرب ضربا خفيفا يحتمله
وفي الفتح ولو كان المرض لا يرجى زواله كالسل أو كان ضعيف الخلقة فعندنا وعند الشافعي يضرب بعثكال فيه مائة شمراخ دفعة وتقدم في الأيمان أنه لا بد من وصول الكل إلى بدنه ولذا قيل لا بد أن تكون مبسوطة اه
والعثكال والعثكول عنقود النخل
قوله ( لا قبله أصلا ) أي سواء كان حدها الجلد والرجم كي لا يؤدي إلى هلاك الولد لأنه نفس محترمة لا جريمة منه
فتح
قوله ( إلا إذا لم يكن الخ ) هذه رواية عن الإمام اقتصر عليها صاحب المختار
قال في البحر وظاهره أنها هي المذهب
وفي النهر ولعمري إنها من الحسن بمكان اه
وفي حديث الغامدية أنه صلى الله عليه وسلم رجمها بعد ما فطمته وفي حديث آخر قال لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه فقال له رجل من الأنصار إلي رضاعه فرجمها قال في الفتح وهذا يقتضي أن الرجم عند الوضع بخلاف الأول والطريقان في مسلم وهذا أصح طريقا الخ
قوله ( فحتى يستغني ) عبارة الفتح حتى تفطمه
قوله ( حبسها سنتين ) أي إذا ثبت زناها بالبينة كما مر
ط
مطلب شرائط الإحصان قوله ( وشرائط إحصان الرجم ) الإضافة بيانية أي الشرائط التي هي الإحصان فالإحصان هو الأمور المذكورة فهي أجزاؤه وقيد بالرجم لأن إحصان القذف غير هذا كما سيأتي
فتح ملخصا
قوله ( عقل وبلوغ ) بدل من قوله والتكليف وبيان له
واعترض بأن التكليف شرط لكون الفعل زنا لأن فعل الصبي والمجنون ليس بزنا أصلا
وأجاب في البحر بأنه إنما جعله شرط الإحصان لأجل قوله كونهما بصفة الإحصان اه
يعني أنه شرط باعتبار أن الزاني لو كان رجلامثلا فلا يرجم إلا إذا كان قد وطىء زوجة له مكلفة فكونها مكلفة شرط في كونه محصنا لا في كون فعله الذي فعله مع الأجنبية زنا ولذا لم يجلد به إذا لم تكن زوجته مكلفة ولا يرجم لعدم إحصانه
قوله ( والإسلام ) لحديث من أشرك بالله فليس بمحصن ورجمه اليهوديين إنما كان بحكم التوراة قبل نزول آية الرجم ثم نسخ
بحر
وتحقيقه في الفتح وخالف في هذا الشرط أبو يوسف والشافعي
قوله ( والوطء ) أي الإيلاج وإن لم ينزل كما في الفتح وغيره
قوله ( وكونه بنكاح صحيح ) خرج الفاسد كالنكاح بغير شهود فلا يكون به محصنا ط
وينبغي أن يزيد اتفاقا لما سيذكره المصنف قبيل حد الشرب أنه لو كان بلا ولي لا يكون محصنا عند الثاني
تأمل
قوله ( حال الدخول ) متعلق بقوله صحيح
قال في الفتح يعني تكون الصحة قائمة حال الدخول حتى لو تزوج من علق طلاقها بتزوجها يكون النكاح صحيحا فلو دخل بها عقيبه لا يصير محصنا لوقوع الطلاق قبله اه
وتبعه في النهر
____________________
(4/16)
قلت ومقتضاه أن الوطء حصل في نكاح لكنه غير صحيح مع أنه لم يحصل في النكاح أصلا فالأولى أن يكون احترازا عما لو وطىء في نكاح موقوف على الإجازة ثم أجازت المرأة العقد أو ولي الصغيرة فلا يكون بهذا الوطء محصنا وإن كان العقد صحيحا لأنه وطء في عقد لم يصح إلا بعده لا في حالة الوطء
تأمل
قوله ( وكونهما ) أي الزوجين المفهومين من قوله ولوطء بنكاح صحيح وفي هذا الحل إصلاح لعبارة المتن
فإنها لا تفيد اشتراط إحصان كل منهما لإحصان الآخر وفيه خلاف الشافعي
قلت وقد يكون أحدهما محصنا دون الآخر كما لو خلا بها وأقر بأنه وطئها أو بأنها كانت مسلمة وأنكرت فإذا زنى يرجم لأنه محصن بإقراره كما سيأتي قبيل حد الشرب
قوله ( فلو نكح أمة الخ ) تفريع على الشرط الأخير أي لو نكح الحر أمة أو العبد حرة ووطئها لم يكن واحد منهما محصنا إلا أن يطأها بعد العتق في الصورتين فحينئذ يحصل لكل منهما الإحصان بهذا الوطء لاتصاف كل منهما بصفة الإحصان وقته حتى لو زنى أحدهما بعد هذا الوطء يرجم بخلاف الوطء الحاصل قبل العتق
وكذا لو دخل الحر المكلف المسلم بمنكوحته الكافرة أو المجنونة أو الصغيرة لم يكن أحدهما محصنا إلا أن يطأها ثانيا بعد إسلامها أو إفاقتها أو بلوغها
وكذا لو كان الزوج صبيا أو مجنونا أو كافرا وهي حرة مكلفة مسلمة حتى لو دخل بها الزوج وهو كذلك ثم زنت لا ترجم لعدم إحصانها
وصورة كون زوج المسلمة كافرا كما في الفتح أن يكونا كافرين فتسلم هي فيطأها قبل عرض القاضي الإسلام عليه وإبائه فإنهما زوجان ما لم يفرق القاضي بينهما بإبائه اه
تنبيه اشتراط إحصان كل من الزوجين للرجم لا ينافي قولهم كما يأتي قبيل حد الشرب إذا كان أحد الزانيين محصنا دون الآخر يرجم المحصن ويجلد غير المحصن لأن المراد أن الرجل إذا كان محصنا الإحصان المذكور بشروطه ثم زنى بامرأة فإنه يرجم ثم المرأة المزني بها إذا كانت محصنة مثله ترجم أيضا وإلا فتجلد وكذا المرأة إذا كانت محصنة الإحصان المذكور ثم زنت برجل
قوله ( حتى لو زنى ذمي بمسلمة الخ ) أطلق الذمي فشمل لو كان له زوجة أدخل بها أولا وكون المزني بها مسلمة غير قيد وإنما لم يرجم لعدم إحصانه لكونه غير مسلم وقت الفعل وإن صار محصنا بعد إسلامه كما يفهم من الإطلاق فيفيد أنه لا بد في الرجم من كونه مسلما وقت الزنا وكذا الحرية حتى لو أسلم أو أعتق بعد الزنا ثم صار محصنا لا يرجم بل يجلد فالمراد بهذا التفريع بيان هذه الفائدة مع تأويل ما وقع في فتاوى قارىء الهداية كما أفاده في النهر حيث قال بعد تقرير شرائط الإحصان وهذا يقتضي أن الذمي لو زنى بمسلمة ثم أسلم لا يرجم
ولا يعارضه ما في فتاوى قارىء الهداية من أنه لو زنى أو سرق ثم أسلم إن ثبت ذلك بإقراره أو بشهادة المسلمين لا يدرأ عنه الحد وإن بشهادة أهل الذمة لا يقام عليه الحد لأنه أراد بالحد هنا الجلد اه
قوله ( فلو ارتدا ثم أسلما الخ ) عزاه ابن الكمال إلى شرح الطحاوي ومثله في الفتح وقيد بارتدادهما معا في الفتح أي ليعود النكاح بعودهما إلى الإسلام بلا تجدد عقد آخر
بقي لو ارتد أحدهما ففي النهر وعن محمد لو لحقت الزوجة بدار الحرب مرتدة وسبيت لا يبطل إحصان الزوج كذا في المحيط اه
وهو ظاهر لما يأتي من أنه لا يجب بقاء النكاح لبقاء الإحصان وظاهره أنه لا يبطل إحصانها
____________________
(4/17)
وإن عادت مسلمة ولذا قال لو أسلم لم يعد إلا بالدخول بعد أي لا بد من تحقق شروط الإحصان عند وطء آخر بعد الإسلام
فعلم أن الردة تبطل اعتبار الوطء بالنكاح الصحيح وإذا بطل اعتباره بطل الإحصان سواء كان المرتد كلا منهما معا أو أحدهما لكن إذا ارتد أحدهما ثم أسلم لا يصير محصنا إلا بتجديد عقده عليها أو على غيرها ويطؤها بعده وهما بصفة الإحصان فيعود له إحصان جديد لأن الردة أبطلت الإحصان السابق
قوله ( وقيل بالوطء بعده ) نسبه في النهر والبحر إلى أبي يوسف
قوله ( واعلم الخ ) ذكر هذه المسألة في الدرر
قوله ( فلو نكح في عمره مرة ) أي ودخل بها
درر
قوله ( ثم طلق ) عبارة الدرر ثم زال النكاح وهي أعم لشمولها زوال النكاح بموتها أو ردتها أو نحو ذلك
قوله ( ونظم بعضهم الخ ) نقله القاضي زين الدين بن رشيد صاحب العمدة عن الفاكهاني المالكي كما في التتائي ويوجد في بعض النسخ شروط الحصانة في ستة اه ط
أقول وهذا هو الصواب لأن الشطر الأول الذي ذكره الشارح من بحر السريع والبقية من بحر المتقارب فافهم
وقوله في آخر الأبيات فلا يرجما بالياء المثناة التحتية كما رأيناه في النسخ وينبغي أن يكون بالفوقية ولا ناهية وأصله لا ترجمن بنون التوكيد المخففة قلبت ألفا إذ لو كانت لا نافية وجب الرفع ولعل اقتصار الناظم على الشروط الستة لكونها مذهب المالكية وزيد عليها عندنا كونهما بصفة الإحصان وقت الوطء وعدم الارتداد فصارت ثمانية ويزاد كون العقد صحيحا فتصير تسعة وقد غيرت هذا النظم جامعا للتسعة فقلت شرائط الإحصان تسع أتت متى اختل شرط فلا ترجما بلوغ وعقل وحرية ودين وفقد ارتدادهما ووطء بعقد صحيح لمن غدت مثله في الذي قدما باب الوطء لذي يوجب لحد والذي لا يوجبه قوله ( لقيام الشبهة ) علة لقوله لا يوجبه
قوله ( لحديث ) علة لما فهم من العلة الأولى وهو أن الحد لا يثبت عند قيام الشبهة
وطعن بعض الظاهرية في الحديث بأنه لم يثبت مرفوعا
والجواب أن له حكم الرفع لأن إسقاط الواجب بعد ثبوته بالشبهة خلاف مقتضى العقل
وأيضا في إجماع فقهاء الأمصار على الحكم المذكور كفاية ولذا قال بعضهم إن الحديث متفق عليه وأيضا تلقته الأمة بالقبول
وفي تتبع المروي عن النبي وعن أصحابه من تلقين ماعز وغيره الرجوع احتيالا للدرء بعد الثبوت ما يفيد القطع بثبوت الحكم وتمامه في الفتح
قوله ( ثلاثة أنواع ) يأتي بيانها
قوله ( في المحل ) هو الموطوءة كما في العيني والشلبي وغيرهما فقوله
____________________
(4/18)
الآتي أي الملك بمعنى المملوك
قوله ( وبرهن ) أي على أنها أمة ولده أو أمة أبويه مثلا
قوله ( وكذا يسقط بمجرد دعواها ) أي دعوى الشبهة وهذا يغني عما قبله لانفهامه منه بالأولى
قوله ( إلا في دعوى الإكراه الخ ) قلت الظاهر في وجه الفرق أن الإكراه لا يخرج الفعل عن كونه زنا وإنما هو عذر مسقط للحد وإن لم يسقط الإثم كما يسقط القصاص بالإكراه على القتل دون الإثم فلا يقبل قوله بمجرد دعواه بخلاف دعواه شبهة من الشبهة الثلاث لأنه ينكر السبب الموجب للحد فإن دعواه أنه تزوجها أو أنها أمة ولده إنكار للوطء الخالي عن الملك وشبهته فلذا قبل قوله بلا برهان
تأمل
والظاهر أن لزوم البرهان على الإكراه خاص بما إذا ثبت زناه بالبينة لا بإقراره
قوله ( لا حد بلازم ) أي ثابت
مطلب في بيان شبهة المحل قوله ( بشبهة المحل ) هو الموطوءة كما مر وهي المنافية للحرمة ذاتا على معنى أنا لو نظرنا إلى الدليل مع قطع النظر عن المانع يكون منافيا للحرمة
نهر
يعني أن النظر إلى ذات الدليل ينفي الحرمة ويثبت الحل مع قطع النظر عن المانع كما في القهستاني
وحاصله أنها وجد فيها دليل مثبت للحل لكنه عارضه مانع فأورث هذا الدليل شبهة في حل المحل والإضافة على معنى في
وقال الزيلعي أي لا يجب الحد بشبهة وجدت في المحل وإن علم حرمته لأن الشبهة إذا كانت في الموطوءة ثبت فيها الملك من وجه فلم يبق معه اسم الزنا فامتنع الحد على التقادير كلها وهذا لأن الدليل المثبت للحل قائم وإن تخلف عن أثباته حقيقة لمانع فأورث شبهة فلهذا سمي هذا النوع شبهة في المحل لأنها نشأت عن دليل موجب للحل في المحل بيانه قوله عليه الصلاة والسلام أنت ومالك لأبيك يقتضي الملك لأن اللام فيه للملك اه أي وقد عارضه مانع من إرادة حقيقة الملك وهو الإجماع على عدم إرادته حقيقة فثبتت الشبهة عملا باللام بقدر الإمكان
قوله ( أي الملك ) بمعنى المملوك فلا ينافي تفسيره أيضا بالموطوءة فافهم أي شبهة كون المحل مملوكا له أو المصدر بمعنى المالكية أي كونه مالكا له
قوله ( وتسمى شبهة حكمية ) لكون الثابت فيها شبهة الحكم بالحل
قوله ( أي الثابت حكم الشرع محله ) بنصب الثابت على أن ذلك تفسير لقوله شبهة حكمية أو يجره على أنه تفسير لقوله بشبهة المحل وضمير حله للمحل
وعبارة الفتح وشبهة في المحل وتسمى شبهة حكمية وشبهة ملك أي الثابت شبهة حكم الشرع بحل المحل فأسقط الشارح لفظ شبهة ولا بد منه لأن نفس حكم الشرع بحله لم يثبت وإنما الثابت شبهته يعني أنها هي التي ثبت فيها شبهة الحكم بالحل لا حقيقته لكون دليل الحل عارضه مانع كما مر
قوله ( ولو ولده حيا ) مبالغة على قوله وولده ولده ج
وتمام عبارة الفتح وإن لم يكن له ولاية تملك مال ابن ابنه حال قيام ابنه وتقدمت هذه المسألة في باب نكاح الرقيق ثم في الاستيلاد اه
وسنذكر أنه لا يثبت فيها النسب من الجد إذا كان ولده حيا
قوله ( لحديث الخ ) رواه ابن ماجه عن جابر بسند صحيح وتمامه في الفتح وذكر فيه قصة
قوله ( ولو خلعا خلا عن مال ) أما لو كانت بغير لفظ الخلع فهي داخلة بالأولى وقد يكون الخلع
____________________
(4/19)
خلا عن مال لأنه لو كان على مال لم يكن من هذا القسم بل يكون من شبهة الفعل الآتية فلا ينتفي عنه الحد إلا إذا ظن الحل كما في المطلقة ثلاثا لأنه لم يقل أحد إن المختلعة على مال تقع فرقتها طلاقا رجعيا وإنما اختلف الصحابة في كونها فسخا أو طلاقا يعني بائنا فالحرمة ثابتة على كل حال وبهذا يعرف خطأ من بحث
وقال ينبغي جعلها من الشبهة الحكمية هذا حاصل ما حققه في فتح القدير ويشهد له قوله في الهداية والمختلعة والمطلقة على مال بمنزلة المطلقة الثلاث لثبوت الحرمة بالإجماع ومثله في البحر عن البدائع
وبه يعلم أن ما نقله قبله عن جامع النسفي من أنه لا حد وإن علم الحرمة لاختلاف الصحابة في كونه بائنا محمول على ما إذا كان الخلع بلا مال كما أن ما في المجتبى من أن المختلعة ينبغي أن تكون كالمطلقة ثلاثا لحرمتها إجماعا محمول على ما إذا كان بمال توفيقا بين كلامهم فافهم
قوله ( وإن نوى بها ثلاثا ) أي بالكنايات فلا يحد بوطئها في العدة وإن قال علمت أنها حرام لتحقق الاختلاف لأن دليل المخالف قائم وإن كان غير معمول به عندنا
أفاده في الفتح
ثم قال وفي هذه المسألة يقال مطلقة ثلاث وطئت في العدة وقال علمت حرمتها لا يحد
قوله ( الممهورة ) أي التي جعلها مهرا لزوجته
قوله ( قبل تسليمها لمشتر وزوجة ) لف ونشر مرتب لأنهما في ضمان البائع أو الزوج وتعودان إلى ملكه بالهلاك قبل التسليم وكان مسلطا على الوطء بالملك واليد وقد بقيت اليد فتبقى الشبهة
زيلعي
قوله ( وكذا بعده في الفاسد ) الأولى أن يقول وكذا في الفاسد ولو بعده أي بعد التسليم
قال في البحر أما قبله فلبقاء الملك وأما بعده فلأن له حق الفسخ فله حق الملك اه
وقد يقال إن وطء البائع في الفاسد قبل التسليم ليس مما نحن فيه لأنه وطء في حقيقة الملك لا في شبهته فقوله بعده للاحتراز عما قبله
تأمل
قوله ( ووطء الشريك الخ ) لأن ملكه في البعض ثابت فتكون الشبهة فيها أظهر
زيلعي
وهذا إذا لم يكن أعتقها أحد الشريكن وإلا ففيه تفصيل مذكور في الخانية
قوله ( ووطء جارية مكاتبه وعبده الخ ) لأن له حقا في كسب عبده فكان شبهة في حقه زيلعي وأما غير المديون فهو على ملك سيده
قوله ( ووطء جارية من الغنيمة ) أي وطء أحد الغانمين قبل القسمة كما في البحر عن البدائع
قال ح وسيأتي في كتاب السرقة عن الغاية بحثا عدم قطع من سرق من المغنم وإن لم يكن حق فيه لأنه مباح الأصل فصار شبهة فكان ينبغي الإطلاق هنا أيضا
تأمل اه
قلت وفيه أن ما كان مباح الأصل هو ما يوجد في دار الإسلام تافها مباحا كالصيد والحشيش فهذا لا يقطع به وإن ملك وسرق من حرز وجارية المغنم ليست كذلك وإلا لزم أن يقطع بها ولو بعد الإحراز والقسمة وكذا لو زنى بها
تأمل
قوله ( ووطء جاريته قبل الاستبراء ) هذه من زيادات الفتح
وفيه أن الملك فيها كامل من كل وجه إلا أنه منع من وطئه لها خوف اشتباه النسب والكلام في وطء حرام سقط فيه الحد لشبهة الملك وهذه فيها حقيقة الملك فكانت كوطء الزوجة الحائض والنفساء والصائمة والمحرمة مما منع من وطئها لعارض الأذى أو إفساد العبادة مع قيام الملك إلا أن يراد بشبهة الملك ملك الوطء لا ملك الرقبة فليتأمل
قوله ( والتي فيها خيار للمشتري ) أي إذا وطئها البائع واقتصر على ذكر المشتري لأنه يعلم منه ما إذا كان الخيار للبائع بالأولى لأنه لم يحد
____________________
(4/20)
إذا كان للبائع لبقاء ملكه وإن كان للمشتري فلأن المبيع لم يخرج عن ملك بائعه بالكلية كما في البحر
أفاده ط
وقد يقال إن المناسب أن لا يذكر خيار البائع لأن وطأه في حقيقة الملك لا في شبهته نظير ما مر فكان الأولى ما ذكره الشارح ويفهم منه ما إذا كان الخيار لهما أو لأجنبي فافهم
وفي التتارخانية ولو باع جارية على أنه بالخيار فوطئها المشتري أو كان الخيار للمشتري فوطئها البائع فإنه لا يحد علم بالحرمة أو لم يعلم
قوله ( والتي هي أخته رضاعا ) أي ووطء أمته التي هي أخته رضاعا
قلت ومثلها أمته المجوسية والتي تحته أختها لوجود الملك فيهما أيضا مع أن حرمتهما غير مؤبدة
تأمل
قوله ( من لم يحرم به ) أي بالمذكور من الردة وما بعدها أما الردة فقد تقدم في كتاب النكاح أن مشايخ بلخ أفتوا بعدم الفرقة بردتها وأما فيما بعدها فلخلاف الشافعي رحمه الله تعالى اه ح
قوله ( وغير ذلك ) منه ما ذكرناه من المجوسية والتي تحته أختها
قوله ( فدعوى الحصر ) أي المفهوم من قول الهداية وغيرها والشبهة في المحل في ستة مواضع
مطلب في بيان شبهة الفعل قوله ( بشبهة الفعل ) أي الشبهة في الفعل الذي هو الوطء حيث كان مما قد يشتبه على حرمته لا في محله وهو الموطوءة لأن حرمة المحل هنا مقطوع بها إذا لم يقم فيه دليل ملك عارضه غيره فلم يكن في حل المحل شبهة أصلا
قوله ( أي شبهة في حق من حصل له اشتباه ) هو معنى قول المصنف إن ظن حله لأن من ظن الحل فقد اشتبه عليه الأمر ولذا قال في الفتح إنها تتحقق في حق من اشتبه عليه الحل والحرمة إذ لا دليل في السمع يفيد الحل بل ظن غير الدليل دليلا كما يظن أن جارية زوجته تحل له لظنه أنه استخدام واستخدامها حلال فلا بد من الظن وإلا فلا شبهة أصلا لفرض أن لا دليل أصلا لتثبت الشبهة في نفس الأمر فلو لم يكن ظنه الحل ثابتا لم تكن شبهة أصلا اه
قوله ( إن ظن حله ) شرط لقوله ولا حد الخ فنفي الحد هنا مشروط بظن الحل لما علمت أن هذا الظن هو الشبهة لعدم دليل قائم تثبت به الشبهة فلو لم يظن الحل شبهة أصلا بخلاف ما مر فإن الشبهة فيه جاءت من دليل حل المحل فلا حاجة فيه إلى ظن الحل فلذا انتفى الحد فيه سواء ظن الحل أو لا
قوله ( العبرة لدعوى الظن الخ ) أي لا للظن نفسه فإنه يحد إن لم يدع وإن حصل له الظن ولا يحد إن ادعى وإن لم يحصل له الظن
ابن كمال
وفيه تورك على عبارة المصنف لكن لا يخفى أن الظن أمر باطني لا يعلمه القاضي إلا بدعوى صاحبه فقوله إن ظن حله أي إن علم القاضي أنه ظن الحل يدرأ عنه الحد وذلك لا يكون إلا بدعواه وإخباره
قوله ( ولو ادعاه أحدهما الخ ) لأن الشبهة إذا تمكنت في الفعل من أحد الجانبين تتعدى إلى الجانب الآخر ضرورة
بحر
قوله ( كوطء أمة أبويه الخ ) لأن بين الإنسان وبين أبويه وزوجته وسيده انبساطا في الانتفاع بمالهم واستخدام جواريهم فكان مظنة حل الوطء على توهم أنه من الاستخدام وكذا بقاء أثر الفراش في المعتدة من وجوب النفقة وحرمة تزوج أختها مظنة لتوهم حل وطئها وقيد بالأمة لما في الخانية لو زنى بامرأة الأب أو الجد فإنه يحد وإن قال ظننت أنها تحل لي
____________________
(4/21)
قوله ( ومعتدة الثلاث ) هذا إذا لم ينو الثلاث بالكنايات إذ لو نواها بها كان من شبهة المحل كما قدمه عن النهر
قوله ( ولو جملة ) أي ولو كان تطليقه الثلاث بلفظ واحد فلا يسقط عنده الحد إلا أن ادعى ظن الحل وكذا لو أوقع الثلاث متفرقة بالطريق الأولى إذ لم يخالف فيه أحد لأن القرآن ناطق بانتفاء الحل بعد الثالثة فلم يبق شبهة في حل المحل ولا اعتبار بخلاف من أنكر وقوع الجملة لمخالفته للقطعي وهو إجماع الصحابة الذي تقرر في زمن عمر لكن يشكل ما في نكاح الهداية من أن الحد لا يجب بوطء المطلقة بائنا واحدة أو ثلاثا مع العلم بالحرمة على إشارة كتاب الطلاق
وعلى عبارة كتاب الحدود يجب لأن الملك قد أزال حق الحل فيتحقق الزنا اه
ووفق في البحر بحمل إشارة كتاب الطلاق على ما إذا أوقع الثلاث جملة وحمل عبارة الحدود على ما إذا أوقعها متفرقة لأن إيقاعها جملة خالف فيه الظاهرية أي فيكون من شبهة المحل فلا يحد وإن اعتقد الحرمة لشبهة الدليل واعترضه ح بأن المصرح به في الفتح وغيره الجزم بأنها من شبهة الفعل وعدم اعتبار الخلاف بعد انعقاد الإجماع وبأن الإشارة لا تعارض العبارة
قلت على أنه يمكن التوفيق بوجه آخر وهو حمل الإشارة على ما إذا كان الطلاق البائن بلفظ الكنايات والعبارة على ما إذا كان بلفظ الصريح والله أعلم
قوله ( في رواية كتاب الحدود ) أي أن محمدا ذكرها في كتاب الحدود من مسائل شبهة الفعل وذكر في كتاب الرهن أنها من شبهة المحل
قال في البحر والحاصل أنه إذا ظن الحل فلا حد باتفاق الروايتين والخلاف فيما إذا علم الحرمة والأصح وجوبه وذكر في الإيضاح وجوبه وإن ظن الحل وهو مخالف لعامة الروايات
مطلب الحكم المذكور في بابه أولى من المذكور في غير بابه قال في الدر المنتقى واستفيد منه أن الحكم المذكور في بابه أولى من المذكور في غير بابه لأنه كأنه استطراد هكذا كان
أفادنيه والدي فليحفظ
قوله ( وهي المختار ) وفي الهداية وهي الأصح وتبعه الشارحون لأن عقد الرهن لا يفيد ملك المتعة بحال لأنه إنما يفيد له الملك بعد الهلاك فيصير به مستوفيا لحقه لكنه بعد الهلاك لا يملك المتعة أي الوطء
ومقتضى هذا وجوب الحد وإن ظن الحل لكن لما كان الاستيفاء سببا لملك المال وملك المال سببا لملك المتعة في الجملة حصل الاشتباه
ذخيرة
قوله ( المستعير للرهن ) اللام للتعليل أي الذي استعار أمة ليرهنها لا للتعدية حتى يكون المعنى استعار أمة مرهونة من المرتهن اه ح
والمناسب أن يقول لا للتقوية لأن اسم الفاعل هنا متعد بنفسه تقول أنا مستعير فرسا فإذا قلت مستعير للفرس كانت زائدة لتقوية العامل كقوله تعالى { مصدقا لما معهم } سورة البقرة الآية 91 ولعل وجه كون المستعير بمنزلة المرتهن هو أنه إذا استعار شيئا ليرهنه بكذا ثم هلك عند المرتهن صار مستوفيا لدينه ووجب مثل الدين للمعير على المستعير لأنه صار قاضيا دينه بالرهن كما تقرر في محله فإذا غرم مثله للمعير صار مالكا له فكان بمنزلة المرتهن
تأمل
قوله ( وسيجيء ) أي في هذا الباب
قوله ( وكذا المختلعة ) أي على مال لأنه لو كان خلعا خلا عن مال كان من شبهة المحل كما قدمه عن النهر
قوله ( يثبت في الأولى ) هذا في غير الجد إذا وطىء جارية ابن ابنه وابنه حي لأن الجد لا يتملكها حال حياة الأب
____________________
(4/22)
فلا يثبت النسب بدعوى الجد نعم إن صدقه ابن الابن عتق لزعمه أنه عمه وما في النهاية من أنه يثبت نسبه غلط كما حققه في الفتح
قوله ( لتمحضه زنا ) لأنه لا شبهة ملك فيه بل سقط الحد لظنه فضلا من الله تعالى وهو راجع إليه أي إلى الواطىء لا إلى المحل فكأن المحل ليس فيه شبهة حل فلا يثبت النسب بهذا الوطء ولذا لا تثبت به عدة لأنه لا عدة من الزنا
فتح
قوله ( بشرطه ) أي بشرط الثبوت والمناسب إسقاطه كما يظهر قريبا
قوله ( بأن تلد الخ ) بدل من قوله بشرطه قال ح ويحمل على وطء سابق على الطلاق كما تقدم في باب ثبوت النسب
ولا نقول إنه انعقد من هذا الوطء الحرام حيث أمكن حمله على الحلال
قوله ( لا لأكثر ) ومثل الأكثر تمام السنتين ح
قوله ( كما مر في بابه ) من أنه لا يثبت النسب في المطلقة ثلاثا بعد سنتين إلا بدعوة ح
قلت وتحصل من هذا أنه إذ ادعى الولد يثبت النسب سواء ولدت لأقل من سنتين أو لأكثر وإن لزم الوطء في العدة لوجود شبهة العقد وأما بدون الدعوى فلا يثبت إلا إذا ولدت لأقل من سنتين حملا على أنه بوطء سابق على الطلاق فقول المصنف بشرطه لا محل له لأن كلامه فيما إذا ادعى النسب وفيه يثبت مطلقا كما علمت وهو الذي حرره في الفتح وتبعه في البحر
قوله ( بالأولى ) لأنها أقل من الثلاث ط
فإن حرمة الثلاث تزيل حل المحلية ولذا لا تحل له إلا بعد زوج آخر
قوله ( وإلا في وطء امرأة الخ ) الاستثناء في هذه مبني على أنها من شبهة الاشتباه أي شبهة الفعل وعليه مشى الزيلعي وكذا صاحب البحر أولا وقيل إنها شبهة محل وذكر في الفتح أولا أنه الأوجه لأن قولهن هي زوجتك دليل شرعي مبيح للوطء لقبول قول الواحد في المعاملات ولذا حل وطء من قالت أرسلني مولاي هدية إليك
ثم قال والحق أنه شبهة اشتباه لأن الدليل المعتبر فيها ما يقتضي ثبوت الملك لا ما يطلق شرعا مجرد الوطء
اه ملخصا
فليتأمل
قوله ( وقال النساء ) الجمع غير قيد كما يأتي
قوله ( فيثبت نسبه بالدعوة بحر ) لفظ بالدعوة الخ يوجد في بعض النسخ وهو غير لازم لأن أصل الكلام فيه
مطلب في بيان شبهة العقد قوله ( بشبهة العقد ) أي ما وجد فيه العقد صورة لا حقيقة لأن الشبهة كما مر ما يشبه الثابت وليس بثابت فخرج ما وجد فيه العقد حقيقة ولذا قال في التاترخانية وإذا كان الوطء بملك النكاح أو بملك يمين والحرمة بعارض آخر فذلك لا يوجب الحد نحو الحائض والنفساء والصائمة صوم الفرض والمحرمة والموطوءة بشبهة والتي ظاهر منها أو آلى منها فوطئها في العدة لا حد عليه وكذا الأمة المملوكة إذا كانت محرمة عليه برضاع أو مصاهرة أو لكون أختها مثلا في نكاحه أو هي مجوسية أو مرتدة فلا حد عليه وإن علم الحرمة اه
قوله ( كوطء محرم نكحها ) أي عقد عليها أطلق في المحرم فشمل المحرم نسبا ورضاعا وصهرية وأشار إلى أنه لو عقد على منكوحة الغير أو معتدته أو مطلقته الثلاث أو أمة على حرة أو تزوج مجوسية أو أمة بلا إذن سيدها أو تزوج العبد بلا إذن سيده أو تزوج خمسا في عقد فوطئهن أو جمع بين أختين في عقد فوطئهما أو الأخيرة لو كان متعاقبا بعد التزوج فإنه لا حد وهو بالاتفاق على الأظهر
أما عنده فظاهر وأما عندهما فلأن الشبهة إنما تنتفي عندهما إذا كان مجمعا على تحريمه وهي محرمة على التأبيد
بحر
____________________
(4/23)
قلت وهذا هو الذي حرره في فتح القدير وقال إن الذين يعتمد على نقلهم وتحريرهم كابن المنذر ذكروا أنه إنما يحد عندهما في ذات المحرم لا في غير ذلك كمجوسية وخامسة ومعتدة وكذا عبارة الكافي للحاكم تفيده حيث قال تزوج امرأة ممن لا يحل له نكاحها فدخل بها لا حد عليه وإن فعله على علم لم يحد أيضا ويوجع عقوبة في قول أبي حنيفة
وقالا إن علم بذلك فعليه الحد في ذوات المحارم اه
فعمم في المرأة على قوله ثم خص على قولهما بذوات المحرم
قوله ( وقالا الخ ) مدار الخلاف على ثبوت محلية النكاح للمحارم وعدمه فعنده هي ثابتة على معنى أنها محل لنفس العقد لا بالنظر إلى خصوص عاقد لقبولها مقاصده من التوالد فأورث شبهة ونفياها على معنى أنها ليست محلا لعقد هذا العاقد فلم يورث شبهة وتمامه في الفتح والنهر
قوله ( إن علم الحرمة حد ) أما إن ظن الحل فلا يحد بالإجماع ويعزر كما في الظهيرية وغيرها
مطلب إذا ستحل المحرم على وجه الظن لا يكفر كما لو ظن علم الغيب وعلم من مسائلهم هنا أن من استحل ما حرمه الله تعالى على وجه الظن لا يكفر وإنما يكفر إذا اعتقد الحرام حلالا ونظيره ما ذكره القرطبي في شرح مسلم أن ظن الغيب جائز كظن المنجم والرمال بوقوع شيء في المستقبل بتجربة أمر عادي فهو ظن صادق والممنوع ادعاء علم الغيب
والظاهر أن ادعاء ظن الغيب حرام لا كفر بخلاف ادعاء العلم وسنوضحه في الردة
بحر
قوله ( لكن في القهستاني الخ ) الاستدراك على قوله في جميع الشروح فإن المضمرات من الشروح
وفيه أن القهستاني ذكر عن المضمرات أنه قال والصحيح الأول وأنه في موضع آخر قال إذا تزوج بمحرمه يحد عندهما وعليه الفتوى اه
على أن ما في عامة الشروح مقدم
وكذلك في الفتح نقل عن الخلاصة أن الفتوى على قولهما ثم وجهه بأن الشبهة تقتضي تحقق الحل من وجه وهو غير ثابت وإلا وجبت العدة والنسب ثم دفع ذلك بأن من المشايخ من التزم وجوبهما ولو سلم عدم وجوبهما لعدم تحقق الحل من وجه فالشبهة لا تقتضي تحقق الحل من وجه لأن الشبهة ما يشبه الثابت وليس بثابت فلا ثبوت لما له شبهة الثبوت بوجه ألا ترى أن أبا حنيفة ألزم عقوبته بأشد ما يكون وإنما لم يثبت عقوبة هي الحد فعرف أنه زنا محض إلا أن فيه شبهة فلا يثبت نسبه اه ملخصا
وحاصله أن عدم تحقق الحل من وجه في المحارم لكونه زنا محضا يلزم منه عدم ثبوت النسب والعدة ولا يلزم منه عدم الشبهة الدارئة للحد
ولا يخفى أن في هذا ترجيحا لقول الإمام
قوله ( وحرر في الفتح الخ ) صوابه في النهر فإنه بعد ما ذكر ما قدمناه عن الفتح قال وهذا إنما يتم بناء على أنها شبهة اشتباه
قال في الدراية وهو قول بعض المشايخ
والصحيح أنها شبهة عقد لأنه روى عن محمد أنه قال سقوط الحد عنه لشبهة حكمية فيثبت النسب وهكذا ذكر في المنية اه
وهذا صريح بأن الشبهة في المحل وفيها النسب على ما مر اه
كلام النهر
قلت وفي هذه زيادة تحقيق لقول الإمام لما فيه من تحقيق الشبهة حتى ثبت النسب ويؤيده ما ذكره الخير الرملي في باب المهر عن العيني ومجمع الفتاوى أنه يثبت النسب عنده خلافا لهما
قوله ( وفي المجتبى الخ ) مثله في الذخيرة
قوله ( ظانا الحل ) أما لو اعتقده يكفر كما مر
قوله ( ويعزر ) أي إجماعا كما في الذخيرة لكنه مخالف لما في الهداية من قوله ولكن يوجع عقوبة إذا كان علم بذلك فقيد العقوبة بما إذا علم ومثله ما مر عن كافي الحاكم
وفي الفتح لم يجب عليه الحد عند أبي حنيفة وسفيان الثوري وزفر وإن قال علمت أنها علي حرام ولكن
____________________
(4/24)
يجب الحد ويعاقب عقوبة هي أشد ما يكون من التعزير سياسة لا حدا مقدرا شرعا إذا كان عالما بذلك
وإن لم يكن عالما لا حد ولا عقوبة تعزير اه
وقد يجاب بأن قوله ولا عقوبة تعزير المراد به نفي أشد ما يكون فلا ينافي أن يعزر بما يليق بحاله حيث جهل أمرا لا يخفى عادة
تأمل
قوله ( خلافا لهما ) أي في ذات المحرم فقط كما مر
قوله ( فظهر أن تقسيمها الخ ) إن أراد التقسيم من حيث الحكم فهي اثنان عند الكل غايته أن حكم شبهة العقد عند الإمام حكم شبهة المحل
وعندهما حكم شبهة الفعل وإن أراد التقسيم من حيث المفهوم فهي اثنان أيضا لأن شبهة العقد منها ما هو شبهة الفعل كمعتدة الثلاث كما صرح به في النهر في باب ثبوت النسب ومنها ما هو شبهة المحل كمسألة المتن اه ح
قوله ( وحد بوطء أمة أخيه الخ ) أي وإن قال ظننت أنها تحل لي لأنه لا شبهة في الملك ولا في الفعل لعدم انبساط كل في مال الآخر فدعوى ظنه الحل غير معتبرة
ومعنى هذا أنه علم أن الزنا حرام لكنه ظن أن وطأه هذه ليس زنا محرما فلا يعارض ما مر عن المحيط من أن شرط وجوب الحد أن يعلم أن الزنا حرام
فتح
قوله ( سوى الولاد ) بالكسر مصدر ولدت المرأة ولادا وولادة أي سوى قرابة الولادة أي قرابة الأصول أو الفروع فلا حد فيها لكن لا يحد في قرابة الأصول إذا ظن الحل كما مر
قوله ( وجدت على فراشه ) يعني في ليلة مظلمة كما في الخانية
شرنبلالية
فيعلم حكم النهار بالأولى
قوله ( إلا إذا دعاها ) يعني الأعمى بخلاف البصير كما في الخانية وهو ظاهر عبارة الزيلعي والفتح أيضا
ثم اعلم أن ما ذكره المصنف والشارح هو المذكور في المتون والشروح وعزاه في التتارخانية إلى المنتقى والأصل لكنه قال بعد ذلك وفي الظهيرية رجل وجد في بيته امرأة في ليلة ظلماء فغشيها وقال ظننت أنها امرأتي لا حد عليه ولو كان نهارا يحد
وفي الحاوي وعن زفر عن أبي حنيفة فيمن وجد في حجلته أو في بيته امرأة فقال ظننت أنها امرأتي إن كان نهارا يحد وإن كان ليلا لا يحد
وعن يعقوب عن أبي حنيفة أن عليه الحد ليلا كان أو نهارا قال أبو الليث وبرواية زفر يؤخذ اه
قلت ومقتضاه أنه لا حد على الأعمى ليلا كان أو نهارا
قوله ( وجاز ) أي العطف على ضمير الرفع المتصل
قوله ( لا يحد الحربي الخ ) أي خلافا لأبي يوسف فعنده يحد الحربي المستأمن أيضا
وقال محمد لا يحد واحد منهما غير أنه قال في العكس وهو ما لو زنى ذمي بمستأمنة كقول الإمام من أن الذمي يحد
والحاصل أن الزانيين إما مسلمان أو ذميان أو مستأمنان أو الرجل مسلم والمرأة ذمية أو مستأمنة أو بالعكس أو الرجل ذمي والمرأة مستأمنة أو بالعكس فهي تسع صور
والحد واجب عند الإمام في الكل إلا في ثلاث إذا كانا مستأمنين أو أحدهما
أفاده في البحر
____________________
(4/25)
مطلب في وطء الدابة قوله ( وتذبح ثم تحرق ) أي لقطع امتداد التحدث به كلما رؤيت وليس بواجب كما في الهداية وغيرها وهذا إذا كانت مما لا يؤكل فإن كانت تؤكل جاز أكلها عنده
وقالا تحرق أيضا فإن كانت الدابة لغير الواطىء يطالب صاحبها أن يدفعها إليه بالقيمة ثم تذبح هكذا قالوا ولا يعرف ذلك إلا سماعا فيحمل عليه
زيلعي ونهر
قوله ( الظاهر أنه يطالب ندبا الخ ) أي قولهم يطالب صاحبها أن يدفعها إلى الواطىء ليس على طريق الجبر
وعبارة النهر والظاهر أنه يطالب على وجه الندب ولذا قال في الخانية كان لصاحبها أن يدفعها إليه بالقيمة اه
وعبارة البحر والظاهر لا يجبر على دفعها
تنبيه لو مكنت امرأة قردا من نفسها فوطئها كان حكمها كإتيان البهائم
جوهرة أي في أنها لا حد عليها بل تعزر
وهل يذبح القرد أيضا مقتضى التعليل بقطع امتداد التحدث نعم فتأمل
قوله ( خبر الواحد كاف الخ ) جملة معترضة بين القول ومقوله والأولى ذكرها بعد هي عرسك لئلا يوهم أنها مقولة القول والمراد أن تعبير المصنف كالكنز بقيل أولى من تعيبر القدوري بقلن
مطلب فيمن وطىء من زفت إليه تنبيه مقتضى هذا كله أنه لا بمجرد الزفاف وأنه لا بد من أن ينضم إليه الإخبار بأنها زوجته ويلزم عليه أن من زفت إليه زوجته ليلة عرسه ولم يكن يعرفها أنه لا يحل له وطؤها ما لم تقل له واحدة أو أكثر إنها زوجتك وهو خلاف الواقع بين الناس وفيه حرج عظيم لأنه يلزم منه تأثيم الأمة
والظاهر أنه يحل وطؤها بدون إخبار ولا سيما إذ أحضرها النساء من أهله وجيرانه إلى بيته وجليت على المنصة ثم زفت إليه فإن احتمال غلط النساء فيها وأنها غيرها أبعد ما يكون ومع هذا لو فرض الغلط وقد وطئها على ظن أنها زوجته وأنها تحل له فوجوب الحد عليه إذا لم يقل له أحد إنها زوجتك في غاية البعد أيضا إذ لا شك أن هذه الشبهة أقوى من شبهة العقد على أمه أو بنته وظنه حلها له وأقوى من ظنه حل أمة أبويه ونحوها وكذا من وجدها على فراشه ليلا على ما صححه أبو الليث
ورأيت في الخانية رجل زفت إليه غير امرأته ولم يكن رآها قبل ذلك فوطئها كان عليه المهر ولا حد عليه اه
وظاهره أن الإخبار غير شرط
وأظهر منه ما في كافي الحاكم الشهيد رجل تزوج فزفت إليه أخرى فوطئها لا حد عليها ولا على قاذفه
رجل فجر بامرأة ثم قال حسبتها امرأتي قال عليه الحد وليست هذه كالأولى لأن الزفاف شبهة ألا ترى أنها إذا جاءت بولد ثبت نسبه منه وإن جاءت هذه التي فجر بها بولد لم يثبت نسبه منه اه
فقوله لأن الزفاف شبهة صريح في أن نفس الزفاف شبهة مسقطة للحد بدون إخبار فهذا نص الكافي وهو الجامع لكتب ظاهر الرواية فالظاهر أن ما في المتون رواية أخرى أو هو محمول على ما إذا لم نقم قرينة ظاهرة من عرس تجتمع فيه النساء أو من إرسال من تأتي بها إليه أو نحو ذلك مما يزيد على الإخبار فلو لم يكن شيء من ذلك كما إذا تزوج امرأة ثم بعد مدة أدخلت عليه امرأة في بيته ولم يعلم أنها التي عقد عليها أو غيرها ولكنه ظن أنها هي فوطئها فهنا لا بد من إخبار واحدة أو أكثر بأنها زوجته وإلا لزمه الحد هذا ما ظهر لي ولم أر من تعرض له والله تعالى
____________________
(4/26)
أعلم
قوله ( وعليه مهرها ) أي ويكون لها كما قضى به علي رضي الله عنه وهو المختار لأن الوطء كالجناية عليها لا لبيت المال كما قضى به عمر رضي الله عنه وكأنه جعله حق الشرع عوضا عن الحد وتمامه في الزيلعي وغيره
قوله ( بذلك قضى عمر ) كذا وقع في الدرر وصوابه علي
وفي العزمية أنه سهو ظاهر
مطلب في وطء الدبر قوله ( أو بوطء دبر ) أطلقه فشمل دبر الصبي والزوجة والأمة فإنه لا حد عليه مطلقا عند الإمام
منح ويعزر
هداية
قوله ( حد ) فهو عندهما كالزنا في الحكم فيجلد جلدا إن لم يكن أحصن ورجما إن أحصن
نهر
مطلب في حكم اللواطة قوله ( بنحو الإحراق الخ ) متعلق بقوله يعزر
وعبارة الدرر فعند أبي حنيفة يعزر بأمثال هذه الأمور
واعترضه في النهر بأن الذي ذكره غيره تقييد قتله بما إذا اعتاد ذلك
قال في الزيادات والرأي إلى الإمام فيما إذا اعتاد ذلك إن شاء قتله وإن شاء ضربه وحبسه
ثم نقل عبارة الفتح المذكورة في الشرح وكذا اعترضه في الشرنبلالية بكلام الفتح
وفي الأشباه من أحكام غيبوبة الحشفة ولا يحد عند الإمام إلا إذا تكرر فيقتل على المفتى به اه
قال البيري والظاهر أنه يقتل في المرة الثانية لصدق التكرار عليه اه
ثم ظاهر عبارة الشارح أنه يعزر بالإحراق ونحوه ولو في عبده ونحوه وهو صريح ما في الفتح حيث قال ولو فعل هذا بعبده أو أمته أو زوجته بنكاح صحيح أو فاسد لا يحد إجماعا كذا في الكافي نعم فيه ما ذكرنا من التعزير والقتل لمن اعتاده
قوله ( والتنكيس الخ ) قال في الفتح وكان مأخذ هذا أن قوم لوط أهلكوا بذلك حيث خملت قراهم ونكست بهم ولا شك في اتباع الهدم بهم وهم نازلون
قوله ( وفي الحاوي ) أي الحاوي القدسي
وعبارته وتكلموا في هذا التعزير من الجلد ورميه من أعلى موضع وحبسه في أنتن بقعة وغير ذلك سوى الإخصاء والجب والجلد أصح اه
وسكت عليه في البحر والنهر فتأمل
قوله ( التقييد بالإمام الخ ) فيه كلام قدمناه قبل هذا الباب
قوله ( الاستمناء حرام ) أي بالكف إذا كان لاستجلاب الشهوة أما إذا غلبته الشهوة وليس له زوجة ولا أمة ففعل ذلك لتسكينها فالرجاء أنه لا وبال عليه كما قاله أبو الليث ويجب لو خاف الزنا
قوله ( كره ) الظاهر أنها كراهة تنزيه لأن ذلك بمنزلة ما لو أنزل بتفخيذ أو تبطين
تأمل
وقدمنا عن المعراج في باب مفسدات الصوم يجوز أن يستمني بيد زوجته أو خادمته وانظر ما كتبناه هناك
قوله ( ولا شيء عليه ) أي من حد وتعزير وكذا من إثم على ما قلناه
____________________
(4/27)
مطلب لا تكون اللواطة في الجنة قوله ( ولا تكون اللواطة في الجنة ) قال السيوطي قال ابن عقيل الحنبلي جرت مسألة بين أبي علي بن الوليد المعتزلي وبين أبي يوسف القزويني في ذلك فقال ابن الوليد لا يمنع أن يجعل ذلك من جملة اللذات في الجنة لزوال المفسدة لأنه إنما منع في الدنيا لما فيه من قطع النسل وكونه محلا للأذى وليس في الجنة ذلك ولهذا أبيح شرب الخمر لما ليس فيه من السكر وغاية العربدة وزوال العقل فلذلك لم يمنع من الالتذاذ بها
فقال أبو يوسف الميل إلى الذكور عاهة وهو قبيح في نفسه لأنه محل لم يخلق للوطء ولهذا لم يبح في شريعة بخلاف الخمر وهو مخرج الحدث والجنة نزهت عن العاهات
فقال ابن الوليد العاهة هي التلويث بالأذى فإذن لم يبق إلا مجرد الالتذاذ اه كلامه
رملي على المنح
قوله ( حرمتها عقلية ) الظاهر أن المراد بالحرمة هنا القبح إطلاقا لاسم المسبب على السبب أي قبحها عقلي بمعنى أنه يدرك بالعقل وإن لم يرد به الشرع كالظلم والكفر لأن مذهبنا أنه لا يحرم بالعقل شيء أي لا يكون العقل حاكما بحرمته وإنما ذلك لله تعالى بل العقل مدرك لحسن بعض المأمورات وقبح بعض المنهيات فيأتي الشرع حاكما بوفق ذلك فيأمر بالحسن وينهى عن القبح
وعند المعتزلة يجب ما حسن عقلا ويحرم ما قبح وإن لم يرد الشرع بوجوبه أو حرمته
فالعقل عندهم هو المثبت وعندنا المثبت هو الشرع والعقل آلة لإدراك الحسن والقبح قبل الشرع
وعند الأشاعرة لا حظ للعقل قبل الشرع بل العقل تابع للشرع فما أمر به الشرع يعلم بالعقل أنه حسن وما نهى عنه يعلم أنه قبيح وتمام أبحاث المسألة يعلم من كتب الأصول ومن حواشينا على شرح المنار
قوله ( وقيل سمعية ) أي لا يستقل العقل بإدراك قبحها قبل ورود الدليل السمعي
قوله ( فتوجد ) أي يمكن أن توجد
قوله ( وقيل يخلق الله تعالى الخ ) هذا خارج عن محل النزاع لأن الكلام في الإتيان في الدبر
قوله ( والصحيح الأول ) هو أنه لا وجود لها في الجنة
قوله ( لحرمتها ) أي قبحها كما مر
قوله ( وتزول حرمته الخ ) وجه آخر لبيان أشدية اللواطة وهو أن وطء الذكر لا يمكن زوال حرمته بخلاف وطء الأنثى فإنه يمكن بتزوجها أو شرائها
قوله ( لأنه مطهر على قول ) أي قول كثير من العلماء وأن كان خلاف مذهبنا كما مر
قوله ( يكفر مستحلها ) قدم الشارح في باب الحيض الخلاف في كفر مستحل وطء الحائض ووطء الدبر ثم وفق بما في التتارخانية عن السراجية اللواطة بمملوكه أو مملوكته أو امرأته حرام إلا أنه لو استحله لا يكفر
قاله حسام الدين اه أي فيحمل القول بكفره على ما إذا استحل اللواطة بأجنبي بخلاف غيره لكن في الشرنبلالية أن هذا يعلم ولا يعلم أي لئلا يتجرأ الفسقة عليه بظنهم حله
تتمة للواطة أحكام أخر لا يجب بها المهر ولا العدة في النكاح الفاسد ولا في المأتي بها لشبهة ولا يحصل بها التحليل للزوج الأول ولا تثبت بها الرجعة ولا حرمة المصاهرة عند الأكثر ولا الكفارة في رمضان في رواية
ولو قذف بها لا يحد خلافا لهما ولا يلاعن خلافا لهما
بحر
وهو مأخوذ من المجتبى
ويزاد ما في الشرنبلالية عن الشراج يكفي في الشهادة عليها عدلان لا أربعة خلافا لهما
قوله ( إلا إذا زنى الخ ) يعني أن ما في المتن خاص
____________________
(4/28)
بما إذا خرج من عسكر من له ولاية إقامة الحدود فدخل دار الحرب وزنى ثم عاد أو كان مع أمير سرية أو أمير عسكر فزنى ثمة أو كان تاجرا أو أسيرا
أما لو زنى مع عسكر من له ولاية إقامة الحد فإنه يحد بخلاف أمير العسكر أو السرية لأنه إنما فوض لهما تدبير الحرب لا إقامة الحدود وولاية الإمام منقطعة ثمة كما في الفتح
شرنبلالية
قوله ( لا عليه ولا عليها ) لأن فعل الرجل أصل في الزنا والمرأة تابعة له وامتناع الحد في حق الأصل يوجب امتناعه في حق التبع
نهر
وكذا لا عقر عليه لأنه لو لزمه لرجع به الولي عليها لأمرها له بمطاوعتها له بخلاف ما لو زنى الصبي بصبية أو بمكرهة فإنه يجب عليه العقر كما في الفتح
شرنبلالية
قوله ( والحق وجوب الحد ) أي كما هو قولهما وهذا بحث لصاحب الفتح وسكت عليه في النهر والمتون والشروح على قول الإمام
قوله ( ولا بالزنا بإكراه ) هذا ما رجع إليه الإمام وكان أولا يقول إن الرجل يحد لأنه لا يتصور إلا بانتشار الآلة وهو آية الطواعية بخلاف المرأة فلا تحد إجماعا وأطلق فشمل الإكراه من غير السلطان على قولهما المفتى به من تحققه من غيره وهو اختلاف عصر وزمان وتمامه في البحر
قال ط والمراد أنه لا يجب على الزاني المكره فلو زنى مكرها بمطاوعة وجب عليها الحد كما في حاشية الشلبي
قوله ( ولا بإقرار إن أنكره الآخر ) أي لو أقر أحدهما بالزنا أربع مرات في أربع مجالس وأنكر الآخر سواء ادعى المنكر النكاح أو لم يدعه لا يحد المقر خلافا لهما في الثانية لانتفاء الحد عن المنكر بدليل موجب للنفي عنه فأورث شبهة في حق المقر لأن الزنا فعل واحد يتم بهما فإذا تمكنت فيه شبهة تعدت إلى طرفيه لأنه ما أطلق بل أقر بالزنا بمن درأ الشرع الحد عنه بخلاف ما لو أطلق وقال زنيت فإنه لا موجب شرعي يدفعه ومثله لو أقر بالزنا بغائبة لأنه لم ينتف في حقها بما يوجب النفي وهو الإنكار ولذا لو حضرت وأقرت تحد فظهر أن الاعتبار للإنكار لا للغيبة
فتح ملخصا
قلت ويظهر من هذا أن السكوت لا يقوم مقام الإنكار
تأمل نعم تقدم أنه لو أقر بالزنا بخرساء لا يحد لاحتمال أنها لو كانت تتكلم لأبدت مسقطا وقدمنا في الباب السابق الفرق بينهما وبين الغائبة
تنبيه حيث سقط الحد يجب لها المهر وإن أقرت هي بالزنا وادعى النكاح لأنه لما سقط الحد صارت مكذبة شرعا ثم لو أنكرت الزنا ولم تدع النكاح وادعت على الرجل حد القذف فإنه يحد له ولا يحد للزنا وتمامه في الفتح
قوله ( وكذا لو قال اشتريتها ولو حرة ) أي ولو كانت حرة لا يحد لأنه لم يقر بالزنا حيث ادعى الملك
وفي كافي الحاكم زنى بأمة ثم قال اشتريتها شراء فاسدا أو على أن للبائع فيه الخيار أو ادعى صدقة أو هبة وكذبه صاحبها ولم يكن له بينة درىء عنه الحد اه
وفي التتارخانية عن شرح الطحاوي شهد عليه أربعة بالزنا وأثبتوه ثم ادعى شبهة فقال ظننت أنها امرأتي لا يسقط الحد ولو قال هي امرأتي أو أمتي لا حد عليه ولا على الشهود اه
وفي البحر لو ادعى أنها زوجته فلا حد وإن كانت زوجة للغير ولا يكلف إقامة البينة للشبهة كما لو ادعى السارق أن العين ملكه سقط الحد بمجرد دعواه اه وتقدمت هذه متنا في الباب السابق
قلت وانظر وجه الفرق بين قوله ظننت أنها امرأتي وقوله هي امرأتي ولعل وجهه أن قوله ظننت يدل على إقراره بأنها أجنبية عنه فكان إقرارا بالزنا بأجنبية بخلاف قوله هي امرأتي أو اشتريتها ونحوه فإنه جازم به وبأن فعله غير زنا فتأمل
بقي هنا شيء وهو أن الشبهة في هذه المسائل وفي مسألة المتن التي قبلها لم أر من ذكر أنها من أي أقسام الشبه الثلاثة وظاهر كلامهم أنها خارجة عنها
ووجهه أنه في هذه المسائل يدعي حقيقة الملك الذي
____________________
(4/29)
لو ثبت لم يكن وطؤه فيه محرما بخلاف تلك الأقسام والظاهر أن النسب هنا لا يثبت وأن الفعل تمحض زنا وإنما سقط الحد لشبهة صدقه في دعواه الملك بالعقد أو بالشراء ونحوه وبهذا لا يثبت النسب لأن الملك ثابت لغيره وعلى هذا فيمكن دخولها في شبهة الفعل وهي شبهة الاشتباه لأن مرجعها إلى أنه اشتبه عليه الأمر بظنه الحل والله سبحانه أعلم
قوله ( وفي قتل أمة بزناها ) هذا عندهما
وأما عند أبي يوسف فعليه القيمة لا الحد لأنه لم يبق زنا حيث اتصل بالموت كما في المحيط
قهستاني
قلت وصحح في الخانية قول أبي يوسف لكن المتون والشروح على الأول بل ما ذكر عن أبي يوسف هو رواية عنه لا قوله وهي خلاف ظاهر الرواية عنه كما أوضحه في الفتح
قوله ( الحد بالزنا والقيمة بالقتل ) أشار إلى توجيه وجوب الحد والقيمة بأنهما جنايتان مختلفتان بموجبين مختلفين ط
قوله ( ولو أذهب عينها ) كذا في البحر وغيره والأظهر عينيها بالتثنية ليلزم كل القيمة لكنه مفرد مضاف فيعم بقرينة قوله الجثة العمياء
قوله ( فأورث شبهة ) أي في ملك المنافع تبعا فيندرىء عنه الحد بخلاف ما مر فإن الجثة فائتة بالقتل فلا تملك بعد الموت وتمامه في الفتح
قوله ( وتفصيل ما لو أفضاها في الشرح ) أي شرح المصنف
وحاصله أنه إن أفضاها وهي كبيرة مطاوعة بلا دعوى شبهة حد ولا عقر عليه لرضاها به ولا مهر لوجوب الحد وإن كان مع دعوى شبهة فلا حد ويجب العقر وإن كانت مكرهة ولم يدع شبهة لزمه الحد لا المهر وضمن ثلث الدية إن استمسك بولها وإلا فكلها لتفويته جنس المنفعة على الكمال وإن ادعى شبهة فلا حد ثم إن استمسك فعليه ثلث الدية ويجب المهر في ظاهر الرواية وإن لم يستمسك فكل الدية ولا مهر خلافا لمحمد
وإن أفضاها وهي صغيرة فإن كان يجامع مثلها فكالكبيرة إلا في حق سقوط الأرش برضاها وإلا فلا حد ولزمه ثلث الدية والمهر كاملا إن استمسك بولها وإلا فكل الدية دون المهر خلافا لمحمد لدخول ضمان الجزء لضمان الكل كما لو قطع أصبع إنسان ثم كفه قبل البرء اه
قوله ( فلا حد عليه اتفاقا ) لأنه ملكها بالضمان فأورث شبهة في ملك المنافع أخذا مما مر وهذا إذا لم تمت
ففي الجوهرة ولو غصب أمة فزنى بها فماتت من ذلك أو غصب حرة ثيبا فزنى بها فماتت من ذلك
قال أبو حنيفة عليه الحد في الوجهين مع دية الحرة وقيمة الأمة أما الحرة فلا إشكال فيها لأنها لا تملك بدفع الدية وأما الأمة فإنها تملك بالقيمة إلا أن الضمان وجب بعد الموت والميت لا يصلح تملكه
قوله ( كما لو زنى بحرة ) تقدمت متنا في الباب السابق عند قوله وندب تلقينه
قوله ( لا يسقط الحد ) أي في المسألتين لعدم الشبهة وقت الفعل كما ذكره الشارح هناك
وقوله اتفاقا ذكره في الفتح عن جامع قاضيخان في المسألة الأخيرة وقدم الشارح أنه الأصح ومفاده الخلاف
وذكر في البحر عن المحيط لو تزوج المزني بها أو اشتراها لا يسقط الحد في ظاهر الرواية لأنه لا شبهة له وقت الفعل اه
ثم ذكر في أول هذا الباب عن الظهيرية خلافا في المسألتين هو أنه لا حد فيهما عنده بل عند أبي يوسف
وروى الخلاف بالعكس
وروى الحسن عن الإمام أنه لا حد في الشراء بل في التزوج لأنه بالشراء يملك عينها بخلاف التزوج
____________________
(4/30)
قلت ومسألة الغصب الثانية التي ذكرها المصنف توافق ظاهر الرواية
قوله ( أما بتمكينه ) أي تمكين الخليفة ولي الحق من الاستيفاء
قوله ( وبه علم الخ ) لأنه لم يشترط القضاء هنا فلو قتل الولي القاتل قبل القضاء لم يضمن وكذا لو أخذ ماله من غاصبه بخلاف ما لو قتل أحد الزاني قبل القضاء برجمه فإنه يضمن كما مر لأن القضاء شرطه
قوله ( ولا ولاية لأحد عليه ) أي ليستوفيه
وفائدة الإيجاب الاستيفاء فإذا تعذر لم يجب
وأورد عليه ما المانع من أن يولي غيره الحكم بما يثبت عنده كما في الأموال قيل ولا مخلص إلا إن ادعى أن قوله تعالى { فاجلدوا } سورة النور الآية 2 يفهم أن الخطاب للإمام أن يجلد غيره وقد يقال أين دليل إيجاب الاستنابة
فتح
والله سبحانه أعلم
باب الشهادة على الزنا والرجوع عنها تقدم أن الزنا يثبت وقدم كيفية ثبوته بالأول لأن الثاني أندر نادر لضيق شروطه
وأيضا لم يثبت عنده ولا عند أصحابه بعده إلا بالإقرار كما في الفتح
قوله ( شهدوا بحد متقادم ) أي بسبب حد لأنه المشهود به لا نفس الحد اه ح أي ففي التعبير تساهل كما في الفتح
قوله ( للتهمة ) لأن الشاهد مخير بين أداء الشهادة والستر فالتأخير إن كان لاختيار الستر فالإقدام على الأداء بعده لعداوة حركته فيتهم فيها وإن كان لا للستر يصير فاسقا آثما فتيقنا بالمانع بخلاف الإقرار لأن الإنسان لا يعادي نفسه
هداية
وأورد على قوله يصير فاسقا بأن ذلك لو كان الأداء واجبا وليس كذلك إلا أن يجاب بأن سقوط الوجوب لأجل الستر فإذا أدى لم يوجد موضع الرخصة المسقطة للوجوب
تأمل
قوله ( إذ فهي حق العبد الخ ) أي وإن كان الغالب فيه حق الله تعالى اه ح
قال في الهداية فحد الزنا والشرب والسرقة خالص حقه تعالى حتى يصح الرجوع عنها بعد الإقرار فيكون التقادم فيه مانعا
وحد القذف فيه حق العبد لما فيه من دفع العار عنه ولهذا لا يصح رجوعه بعد الإقرار والتقادم غير مانع في حقوق العباد ولأن الدعوى فيه شرط فيحمل تأخيرهم على انعدام الدعوى فلا يوجب تفسيقهم بخلاف السرقة لأن الدعوى ليست بشرط للحد لأنه خالص حقه تعالى على ما مر وإنما تشترط للمال
هداية
وحاصله أن في السرقة أمرين الحد والمال وإنما تشترط الدعوى للزوم المال لا للزوم الحد ولذا ثبت المال بها بعد التقادم لأنه لا يبطل به بخلاف الحد
قوله ( ويضمن المال الخ ) عطف على قوله لم تقبل قال في البحر وقولهم بضمان المال مع تصريحهم بوجود التهمة في شهادتهم مع التقادم مشكل لأنه لا شهادة للمتهم ولو بالمال إلا أن يقال إنها غير محققة وإنما الموجود الشبهة اه أي إنما سقط الحد لاحتمال العداوة وذلك غير محقق لكنه يصير شبهة يسقط بها الحد دون المال
قوله ( لأنه حق العبد ) ولأن تأخير الشهادة لتأخير الدعوى لا يوجب فسقا
____________________
(4/31)
وينبغي أنهم لو أخروا الشهادة لا لتأخير الدعوى أن لا تقبل في حق المال أيضا كما في الفتح
نهر
قوله ( لانتفاء التهمة ) لأن الإنسان لا يعادي نفسه كما مر
قوله ( إلا في الشرب ) فإن التقادم فيه يبطل الإقرار عند أبي حنيفة وأبي يوسف
بحر عن غاية البيان
وأما عند محمد فلا يبطله وسيجيء تصحيحه في بابه
قوله ( هو الأصح ) اعلم أن التقادم عند الإمام مفوض إلى رأي القاضي في كل عصر لكن الأصح ما عن محمد أنه مقدر بشهر وهو مروي عنهما أيضا
وقد اعتبره محمد في شرب الخمر أيضا
وعندهما هو مقدر بزوال الرائحة وجزم به في الكنز في بابه فظاهره كغيره أنه المختار
فعلم أن الأصح اعتبار الشهر إلا في الشرب
بحر
وبه ظهر أن ما ذكره المصنف ليس قول محمد على إطلاقه بل هو ماش على قولهما في الشرب وعلى قول محمد في غيره فافهم
قوله ( وقيل لا ) أقول هذا هو المذهب لأنه هو المذكور في كافي الحاكم الشهيد حيث قال وإذا شهد الشهود على رجل بزنا قديم لم آخذ بشهادتهم ولا أحدهم اه
ولذا قال الكرخي إنه الظاهر أي ظاهر الرواية
وعلله في العناية بأن عددهم متكامل وأهلية الشهادة موجودة وذلك بمنع أن يكون كلامهم قذفا
قوله ( بغائبة ) أي والشهود يعرفونها إذ لا حد عليه بعدم معرفتها كما يأتي
شرنبلالية
قوله ( ولو على سرقة ) مثله القذف كما يشير إليه تعليله ح
قوله ( لشرطية الدعوى الخ ) أي أنها شرط للعمل بالبينة لأن الشهادة بالسرقة تتضمن الشهادة بملك المسروق للمسروق منه فلا تقبل بلا دعوى وليست شرطا لثبوت الزنا عند القاضي ولا يقال يحتمل أن الغائبة لو حضرت تدعي النكاح فيسقط الحد
لأنا نقول دعواها النكاح شبهة واحتمال دعواها ذلك شبهة الشبهة فلا تعتبر وإلا أدى إلى نفي كل حد لأن ثبوته بالبينة أو الإقرار
ويحتمل أن يرجع المقر أو الشهود وذلك لا يعتبر لأن نفس هذا الرجوع شبهة واحتماله شبهة الشبهة
أفاده في الفتح
قوله ( حد ) لأنه لا يخفى عليه من له فيها شبهة فإنه كما لا يقر على نفسه كاذبا لا يقر على نفسه حال الاشتباه فلما أقر بالزنا كان فرع علمه أنها لم تشتبه عليه وصار معنى قوله لم أعرفها أي باسمها ونسبها ولكن علمت بأنها أجنبية فكان هذا كالمنصوص عليه بخلاف الشاهد فإنه يجوز أن يشهد على من تشتبه عليه فلا يكون قول الشاهد لا أعرفها موجبا للحد فتح
قوله ( لاحتمال أنها امرأته أو أمته ) لو قال لاحتمال أن يكون له فيها شبهة لكان أعم اه ح
وفي كافي الحاكم وإن قال المشهود عليه إن التي رأوها معي ليست لي بامرأة ولا خادم لم يحد أيضا لتصور أن تكون أمة ابنه أو منكوحته نكاحا فاسدا
بحر
قوله ( كاختلافهم في طوعها ) بأن شهد اثنان أنه أكرهها وآخران أنها طاوعته لم يحدا عنده
وقالا يحد الرجل لاتفاقهم على أنه زنى وتفرد اثنان منهم بزيادة جناية وهي الإكراه وله أنه زناءان مختلفان لم يكمل في كل نصاب لأن زناها طوعا غير مكرهة فلا حد ولأن الطوع يقتضي اشتراكهما في الفعل والكره يقتضي تفرده فكانا غيرين ولم يوجد في كل نصاب
ثم إن اتفاق الشهود على النسبة إلى الزنا بلفظ الشهادة مخرج لكلامهم من أن يكون قذفا وتمامه في الزيلعي
قوله ( ولو على كل زنا أربعة ) راجع لقوله أو في البلد كما اقتضاه كلام الشراح في تصويرهم المسألة وتعليلهم بامتناع فعل واحد في ساعة واحدة في مكانين
____________________
(4/32)
متباينين فتيقنا بكذب أحد الفريقين
وظاهره أنه لو شهد أربعة بالطوع وأربعة بالإكراه يحدان وبه جزم محشي مسكين معللا بعدم التيقن بكذب أحد الفريقين حيث لم يذكروا وقتا واحدا وجزم ج بأن لا حد لما مر أول الباب السابق من أن الحد يسقط في دعوى الإكراه إذا برهن
قال ومعلوم أن ذلك بعد ثبوت الحد عليه بالبينة والبينة المثبتة للحد لا بد وأن تشهد بالطوع اه
قلت هذا إنما يظهر إذا ذكروا وقتا واحدا وإلا فيمكن حمله على فعلين أحدهما بالإكراه والآخر بالطوع
وأما ما مر في الباب السابق فهو فيما إذا شهد أربعة على زناه طوعا وأقام شاهدين على الإكراه في ذلك الفعل بعينه لا مطلقا فيندرىء الحد عنه للشبهة فافهم والله سبحانه أعلم
قوله ( وإلا ) بأن اتحد الوقت وتقارب المكانان أو اختلف الوقت وتباعد المكانان أو تقاربا
ح
قوله ( في زاويتي بيت ) أي جانبيه
قوله ( لإمكان التوفيق ) بأن يكون ابتداء الفعل في زاوية والانتهاء في أخرى بالاضطراب والحركة
بحر
لا يقال هذا تو أما الأولى فلأن الزنا لا يتحقق مع بقاء البكارة ونحوه فلا يحدان لظهور الكذب ولا الشهود لأن ثبوت البكارة ونحوها بقول امرأة أو أكثر حجة في إسقاط الحد لا في إيجابه
وأما الثانية فلم يحد لاشتراط العدالة لثبوت الزنا ولا الشهود سواء علم فسقهم في الابتداء أو ظهر بعده لأن الفاسق من أهل الأداء والتحمل وإن كان في أدائه نوع قصور لتهمة الفسق ولذا لو قضى بشهادته ينفذ عندنا فيثبت بشهادتهم شبهة الزنا فسقط الحد عنهم ولذا لا يحد القاذف لو أقام أربعة من الفساق على زنا المقذوف
وأما الثالثة فلأن الشهادة على الشهادة لا تجوز في الحدود لزيادة الشبهة باحتمال الكذب في موضعين في الأصول وفي الفروع ولا يحد الفروع لأن الحاكي للقذف غير قاذف وكذا الأصول بالأولى ولو شهدوا بعد الفروع لرد شهادتهم من وجه برد شهادة الفروع اه
ملخصا من البحر
قوله ( فوجد مجبوبا ) وجه عدم حد الشهود فيه يؤخذ مما عللوا به أيضا في البكارة والرتق وهو تكامل عددهم ولفظ الشهادة ثم رأيته كذلك في الدرر فافهم
وأيضا سيأتي أن المجبوب لا حد على قاذفه وبه علل المسألة هنا الحاكم في الكافي
قوله ( عميان ) أي أو عبيد أو صبيان أو مجانين أو كفار
نهر
قوله ( حدوا القذف ) أي دون المشهود عليه لعدم أهلية الشهادة فيهم أو عدم النصاب فلا يثبت الزنا
قوله ( وأرش جلده ) أي إذا كان جرحه الجلد كما في الهداية
قوله ( خلافا لهما ) حيث قال إن الأرش في بيت المال لأنه ينتقل فعل الجلاد للقاضي وهو عامل للمسلمين فتجب الغرامة
____________________
(4/33)
في مالهم
وله أن الفعل الجارح لا ينتقل للقاضي لأنه لم يأمر به فيقتصر على الجلاد إلا أنه لا يجب عليه الضمان في الصحيح كيلا يمتنع الناس عن الإقامة مخافة الغرامة
ابن كمال
وعلى هذا الخلاف إذا رجع الشهود لا يضمنون عنده
وعندهما يضمنون وتمامه في الهداية والنهر
وفي العزمية عن بعض شرح الهداية ومعرفة الأرش أن يقوم المحدود عبدا سليما من هذا الأثر فينظر ما ينقص به القيمة ينقص من الدية بمثله اه
قلت لكن قوله ينقص من الدية بمثله لا محل له بل الظاهر أن يقال فينظر ما ينقص به القيمة يؤخذ من الشهود
وبيانه أنه لو فرض أن قيمته سليما ألف وقيمته بهذه الجراحة تسعمائة تكون الجراحة نقصته مائة هي الأرش فيرجع على الشهود بها
قوله ( فقط ) قيد لقوله ويحد من رجع أي يحد الراجع فقد حد القذف دون الباقين لبقاء شهادتهم
قوله ( وغرم ربع الدية ) لأن التألف بشهادته ربع الحق وكذا لو رجع الكل حدوا وغرموا الدية
نهر
وقول البحر وغرموا ربع الدية صوابه جميع الدية كما قاله الرملي
قوله ( وإن رجع قبله ) أي الرجم سواء كان قبل القضاء أو بعده
نهر
قوله ( حدوا للقذف ) أي حد الشهود كلهم
أما إذا كان قبل القضاء فهو قول علمائنا الثلاثة لأنهم صاروا قذفة
ك أما بعده فهو قولهما وقال محمد يحد الراجع فقط لأن الشهادة تأكدت بالقضاء فلا تنفسخ إلا في حق الراجع
ولهما أن الإمضاء من القضاء ولذا سقط الحد عن المشهود عليه
نهر
قوله ( لأن الإمضاء الخ ) هذا التعليل فيما إذا كان الرجوع بعد القضاء واقتصر عليه لعدم الخلاف عند الثلاثة فيما قبله فافهم
ومعناه أن إمضاء الحد من تمام القضاء به
وثمرته تظهر أيضا فيما إذا اعترضت أسباب الجرح أو سقوط إحصان المقذوف أو عزل القاضي كما في المعراج
قوله ( حدا وغرما ربع الدية ) أما الحد فلانفساخ القضاء بالرجم في حقهما
وأما الغرم فلأن المعتبر بقاء من بقي لا رجوع من رجع
وقد بقي من يبقى ببقائه ثلاثة أرباع الدية فيلزمهما الربع
فإن قيل الأول منهما حين رجع لم يلزمه شيء فكيف يجتمع عليه الحد والضمان بعد ذلك برجوع غيره قلنا وجد منه الموجب للحد والضمان وهو قذفه وإتلافه بشهادته وإنما امتنع الوجوب لمانع وهو بقاء من يقوم بالحق فإذا زال المانع برجوع الثاني ظهر الوجوب
ح عن الزيلعي
قوله ( ولو رجع الثالث ضمن الربع ) وكذا الثاني والأول
بحر عن الحاوي القدسي
قوله ( ولو رجع الخمسة ) أي معا لا مرتبا
قوله ( وضمن المزكي ) أفرده لأنه لا يشترط العدد في التزكية كما في الفتح أي ضمن من زكى شهود الزنا إذا رجع عن التزكية وتؤخذ الدية من ماله لا من بيت المال خلافا لهما لأن الشهادة إنما تصير حجة بالتزكية فكانت في معنى علة العلة فيضاف الحكم إليها بخلاف شهود الإحصان إذا رجعوا لأنه محض الشرط
قوله ( إن ظهروا ) أي شهود الزنا
قوله ( عبيدا أو كفارا ) بيان لقوله غير أهل أشار به إلى أن المراد به كونهم غير أهل للأداء وإن كانوا أهلا للتحمل
قوله ( وهذا الخ ) تورك على المصنف
____________________
(4/34)
حيث ترك كالكنز قيد الرجوع أخذا بظاهر كلام المنظومة وقد حقق المقام في الفتح فراجعه
قوله ( بحرية الشهود وإسلامهم ) أي وعدالتهم وقيد بالإخبار بذلك ليكون تزكية سواء كان بلفظ الشهادة أو بلفظ الإخبار لأنه لو أخبر بأنهم عدول ثم ظهروا عبيدا لم يضمن اتفاقا لأنها ليست تزكية والقاضي قد أخطأ حيث اكتفى بهذا القدر
بحر
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يرجع بل استمر على تزكيته قائلا هم أحرار مسلمون وكذا لو قال أخطأت
فتح
قوله ( ولا يحدون ) أي الشهود وكذا لا يضمنون
بحر
قوله ( لأنه لا يورث ) لأنهم قذفوا حيا وقد مات فلا يورث كما في الفتح
قلت ولا يرد عليه المسألة المتقدمة وهي ما إذا رجع أحد الأربعة بعد الرجم لما مر من انقلاب شهادته بالرجوع قذفا أي لأنها وقعت كانت معتبرة شهادة ثم انفسخت فصارت قذفا للحال كما حققه في الفتح هناك
قوله ( كما لو قتل الخ ) هكذا عبر في الدرر
واعترض بأنه يوهم أن الضامن هو المزكي
وليس كذلك بل هو القاتل فالتشبيه بين الضمانين فقط لا مع ما أسند إليهما
والأوضح قول الوقاية ضمن الدية من قتل المأمور برجمه أو زكى شهود زناه فظهروا عبيدا أو كفارا اه
قوله ( بعد التزكية ) قيد به لأن المراد بالأمر هو الكامل وهو أن يكون بعد استيفاء ما لا بد منه نهر ويأتي محترزه
قوله ( فظهروا كذلك ) أما لو لم يظهروا كذلك فلا شيء على القاتل لكنه يعزر لافتيائه على الإمام
بحر عن الفتح
وقدمه الشارح أول الحدود عن النهر بحثا
قوله ( غير أهل ) بدل من قوله كذلك
قوله ( يضمن الدية ) أي في ماله لأنه عمد والعاقلة لا تعقل العمد وتجب في ثلاث سنين لأنه وجب بنفس القتل فيجب مؤجلا كالدية
فتح
قوله ( استحسانا ) والقياس وجوب القصاص لأنه قتل نفسا محقونة الدم عمدا بفعل لم يؤمر به إذ المأمور به الرجم فلا يصير فعله منقولا إلى القضاء
قوله ( لشبهة صحة القضاء ) أي ظاهرا لأنه حين قتله كان القضاء بالرجم صحيحا ظاهرا فأورث شبهة الإباحة
قوله ( قبل الأمر ) أي قبل القضاء بالرجم كما عبر في الفتح لأن المراد بالأمر الكامل كما مر
قوله ( أو بعده ) أي بعد الأمر قبل التزكية خطأ من القاضي
بحر
قوله ( اقتص منه ) أي في العمد ووجب في الخطإ الدية على عاقلته في ثلاث سنين
بحر
قوله ( كما يقتص الخ ) التشبيه من حيث وجوب القصاص فقط
وأفاد الفرق بين المسألتين من حيث وجوب القصاص هنا وإن لم يظهر الشهود عبيدا وذلك أن المقتضي بقتله قصاصا حق الاستيفاء منه للولي بخلاف المقضي برجمه
قوله ( زيلعي من الردة ) أي من باب الردة وهذا العزو كذلك وقع في البحر وعزاه في النهر إلى الزيلعي من الدية
قوله ( وإن رجم ) بالبناء للمفعول أي من أمر القاضي برجمه لو رجمه أحد
قوله ( فديته في بيت المال ) قال في البحر لم أر هل الدية تؤخذ حالا أو مؤجلة
قوله ( فنقل فعله إليه ) أي إلى الإمام لأن الراجم فعل ما أمره به وقد ظهر عدم صحة الأمر فنقل فعله إلى الإمام وهو عامل للمسلمين فتجب الغرامة في مالهم بخلاف ما إذا قتله بغير الرجم لأنه لم يأتمر أمره فلم ينقل فعله إليه كما أفاده في الفتح
____________________
(4/35)
مطلب المواضع التي يحل فيها النظر إلى عورة الأجنبي قوله ( لإباحته لتحمل الشهادة ) ومثله نظر القابلة والخافضة والختان والطبيب
وزاد في الخلاصة من مواضع حل النظر للعورة عند الحاجة الاحتقان والبكارة في العنة والرد بالعيب
فتح
قلت وكذا لو ادعى الزاني بكارتها ونظمتها بقولي ولا تنظر لعورة أجنبي بلا عذر كقابلة طبيب وختان وخافضة وحقن شهود زنا بلا قصد مريب وعلم بكارة في عنة أو زنا أو حين رد للمعيب قوله ( وإن أنكر الإحصان ) أي استجماع شرائطه المتقدمة كأن أنكر النكاح والدخول فيه والحرية
قوله ( فشهد عليه رجل وامرأتان ) أشار به إلى أنه يقبل شهادة النساء في الإحصان عندنا وفيه خلاف زفر والأئمة الثلاثة
وكيفية الشهادة به أن يقول الشهود تزوج امرأة وجامعها أو باضعها
ولو قالوا دخل بها يكفي عندهما لأنه متى أضيف إلى المرأة بحرف الباء يراد به الجماع
وقال محمد لا يكفي وتمامه في الزيلعي والفتح
قوله ( أو ولدت زوجته منه ) أي إذا ولدت في مدة يتصور أن يكون منه جعل واطئا شرعا لأن الحكم بثبوت النسب منه حكم بالدخول بها ولذها يعقب الرجعة
زيلعي
قلت ظاهرة ثبوت الإحصان ولو كان ثبوت النسب بحكم الفراش كتزوج مشرقي بمغربية وفيه نظر لكن في الفتح أن الفرض أنهما مقران بالولد ومثله في شرح الشلبي
تأمل
قوله ( قبل الزنا ) متعلق بولدت
والظاهر أنه غير قيد كما يعلم من تعليل الزيلعي المذكور آنفا حتى لو ولدت بعد الزنا لدون ستة أشهر يثبت نسبه ويعلم أنه وقت الزنا كان واطئا لزوجته
تأمل
قوله ( فهو محصن بإقراره ) أي مؤاخذة له بإقراره فلا يقال إنها بإنكارها الوطء لم تصر محصنة فلا يكون هو محصنا أيضا
قوله ( وبه استغنى الخ ) وجه الاستغناء أنه إذا كان أحدهما محصنا دون الآخر علم أن كل واحد منهما إذا زنى يحد بما يستوجبه فالمحصن يرجم وغيره يجلد كما أفاده التفريع نعم ما في بعض النسخ أعم لأنه يشمل ما لو كان عدم إحصان أحدهما ببكارته ولعله أشار إلى هذا بقوله فتأمل
لا يقال ما في بعض النسخ غير صحيح كما توهم لأن شرط الرجم إحصان كل ولم يوجد
لأنا نقول شرط الرجم إحصان كل من الزوجين لا الزانيين فيرجم من زنى بامرأة إذا كان فيه شروط الإحصان التي منها دخوله بامرأة محصنة مثله
وأما المرأة المزني بها فلا يشترط لرجمه أن تكون محصنة بل إحصانها شرط لرجمها هي فإن كانت محصنة مثله رجمت معه وإلا جلدت وهذا ظاهر نبهنا عليه عند الإحصان أيضا فافهم
والحاصل أن الزانيين إما محصنان فيرجمان أو غير محصنين فيجلدان أو مختلفان فيرجم المحصن ويجلد غيره
قوله ( لشبهة الخلاف ) أي خلاف العلماء والأخبار في صحته فلم تكن صحته قطعية وهذه المسألة نقلها في البحر
____________________
(4/36)
عن المحيط كذلك فيحتمل أن يكون إسنادها إلى أبي يوسف لكونه هو الذي خرجها لا لكون غيره قائلا بخلافه ويحتمل أن يكون فيها خلافهما والأول أظهر لعدم ذكر المخالف
تأمل والله سبحانه أعلم
باب حد الشرب أخره عن الزنا لأن الزنا أقبح منه وأغلظ عقوبة على حد القذف لتيقن الجريمة في الشارب دون القاذف لاحتمال صدقه وتأخير حد السرقة لأنه لصيانة الأموال التابعة للنفوس
بحر
قوله ( فلو ارتد فسكر الخ ) أقول ذكر في الدر المنتقى أن المرتد لا يحد للشرب سواء شرب قبل ردته أو فيها فأسلم اه
ومثله في كافي الحاكم وسيذكر الشارح في حد القذف عن السراجية لو اعتقد الذمي حرمة الخمر فهو كالمسلم أي فيحد
قوله ( لأنه لا يقام على الكفار ) يعني أنه لما شرب في ردته لم يكن أهلا لقيام حد الشرب عليه لأنه لا يقام على الكفار وإذا كان وقت الشرب غير موجب للحد لا يحد بعد الإسلام بخلاف ما إذا زنى أو سرق ثم أسلم فإنه يحد له لوجوبه قبله كما يفيده ما في البحر عن الظهيرية فافهم
قوله ( حد في الأصح ) أفتى به الحسن واستحسنه بعض المشايخ
والمذهب أنه إذا شرب الخمر وسكر منه أنه لا يحد كما في النهر عن فتاوى قارىء الهداية ومشى في المنظومة المحبية على الأول كما ذكره الشارح في الدر المنتقى
قلت وعبارة الحاكم في الكافي من الأشربة ولا حد على الذمي في الشراب اه
ولم يحك فيه خلافا وهو بإطلاقه يشمل ما لو سكر منه
قوله ( لحرمة السكر في كل ملة ) هذا ذكره قارىء الهداية
قلت ولي فيه نظر فإن الخمر لم تكن محرمة في صدر الإسلام وقد كان الصحابة يشربونها وربما سكروا منها كما جاء صريحا
فمن ذلك ما في الفتح عن الترمذي عن علي رضي الله تعالى عنه صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا من الخمر فأخذت الخمر منا وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت { قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون } ونحن نعبد ما تعبدون قال فأنزل الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } سورة النساء الآية 43 الآية اه
فلو كان السكر حراما لزم تفسيق الصحابة
ثم رأيت في تحفة ابن حجر قال وشربها المسلمون أول الإسلام قيل استصحابا لما كان قبل الإسلام
والأصح أنه بوحي ثم قيل المباح الشرب لا غيبة العقل لأنه حرام في كل ملة
وزيفه المصنف يعني النووي وعليه فالمراد بقولهم بحرمته في كل ملة أنه باعتبار ما استقر عليه أمر ملتنا اه
وهذا مؤيد لما بحثته لكن في جوابه الأخير نظر
قوله ( فلا يحد أخرس ) سواء شهد الشهود عليه أو أشار بإشارته المعهودة وأفاد أن الأعمى يحد كما في البحر
قوله ( للشبهة ) لأنه لو كان ناطقا يحتمل أن يخبر بما لا يحد به كإكراه أو غص بلقمة
قال في البحر ولو قال المشهود عليه بشرب الخمر ظننتها لبنا أو لا أعلم أنها خمر لم يقبل فإن قال ظننتها نبيذا قبل لأنه بعد الغليان والشدة يشارك الخمر في الذوق والرائحة
قوله ( طائع ) مكرر مع قول المتن طوعا
ح
قوله ( غير مضطر ) فلو شرب للعطش المهلك مقدار ما يرويه فسكر لم يحد لأنه بأمر مباح
وقالوا لو شرب مقداره وزيادة ولم يسكر حد كما في حالة الاختيار
قهستاني
وبه صرح الحاكم في الكافي
قوله ( شرب الخمر ) هي النيء من ماء العنب إذا
____________________
(4/37)
غلا واشتد وقذف بالزبد
فإن لم يقذف فليس بخمر عند الإمام خلافا لهما وبقولهما أخذ أبو حفص الكبير
خانية
ولو خلط بالماء فإن كان مغلوبا حد وإن كان الماء غالبا لا يحد إلا إذا سكر
نهر
مطلب في نجاسة العرق ووجوب الحد بشربه وفي أشربة القهستاني من قال إنها لم تبق خمرا بالطبخ لم يحد شاربها إلا إذا سكر وعلى هذا ينبغي أن لا يحد شارب العرق ما لم يسكر
ومن قال إنها بقيت خمرا فالحكم عنده بالعكس وإليه ذهب الإمام السرخسي وعليه الفتوى كما في تتمة الفتاوى اه
قلت علم بهذا أن المعتمد المفتى به أن العرق لم يخرج بالطبخ والتصعيد عن كونه خمرا فيحد بشرب قطرة منه وإن لم يسكر
وأما إذا سكر منه فلا شبهة في وجوب الحد به وقد صرح في منية المصلي بنجاسته أيضا فلا يغرنك ما أشاعه في زماننا بعض الفسقة المولعين بشربه من أنه طاهر حلال كأنه قاله قياسا على ما قالوه في ماء الطابق أي الغطاء من زجاج ونحوه فإنه قياس فاسد لأن ذاك فيما لو أحرقت نجاسة في بيت فأصاب ماء الطابق ثوب إنسان تنجس قياسا لا استحسانا ومثله حمام فيها نجاسات فعرق حيطانها وكواتها وتقاطر فإن الاستحسان فيها عدم النجاسة للضرورة لعدم إمكان التحرز عنه
والقياس النجاسة لانعقاده من عين النجاسة
ولا شك أن العرق المستقطر من الخمر هو عين الخمر تتصاعد مع الدخان وتقطر من الطابق بحيث لا يبقى منها إلا أجزاؤها الترابية ولذا يفعل القليل منه في الإسكار أضعاف ما يفعله كثير الخمر بخلاف المتصاعد من أرض الحمام ونحوه فإنه ماء أصله طاهر خالط نجاسة مع احتمال أن المتصاعد نفس الماء الطاهر
ويمكن أن يكون هذا وجه الاستحسان في طهارته وعلى كل فلا ضرورة إلى استعمال العرق الصاعد من نفس الخمر النجسة العين ولا يطهر بذلك وإلا لزم طهارة البول
ونحوه إذا استقطر في إناء ولا يقول به عاقل
وقد طلب مني أن أعمل بذلك رسالة وفيما ذكرناه كفاية
قوله ( بلا قيد سكر ) تصريح بما أفاده قوله ولو قطرة إشارة إلى أن هذا هو المقصود من المبالغة للتفرقة بين الخمر وغيرها من باقي الأشربة وإلا فلا يحد بالقطرة الواحدة لأن الشرط قيام الرائحة
ومن شرب قطرة خمر لا يوجد منه رائحتها عادة نعم يمكن الحد به على قول محمد الآتي من أنه لو أقر بالشرب لا يشترط قيام الرائحة بخلاف ما إذا ثبت ذلك بالشهادة
هذا ما ظهر لي ولم أر من تعرض له فتأمل
قوله ( أو سكر من نبيذ ما ) أي من أي شراب كان غير الخمر إذا شربه لا يحد به إلا إذا سكر به وعبر ب ما المفيدة للتعميم إشارة إلى خلاف الزيلعي حيث خصه بالأنبذة الأربعة المحرمة بناء على قولهما
وعند محمد ما أسكر كثيره فقليله حرام وهو نجس أيضا
قالوا وبقول محمد نأخذ
وفي طلاق البزازية لو سكر من الأشربة المتخذة من الحبوب والعسل المختار في زماننا لزوم الحد اه
نهر
قلت وما ذكره الزيلعي تبع فيه صاحب الهداية لكنه في الهداية من الأشربة ذكر تصحيح قول محمد فعلم أن ما مشى عليه هنا غير المختار كما في الفتح
وقد حقق في الفتح قول محمد إن ما أسكر كثيره حرم قليله وأنه لا يلزم من حرمة قليله أنه يحد به بلا إسكار كالخمر خلافا للأئمة الثلاثة وأن استدلالهم على الحد بقليله بحديث مسلم كل مسكر خمر وبقول عمر في البخاري الخمر ما خامر العقل وغير ذلك لا يدل على ذلك لأنه محول على التشبيه البليغ كزيد أسد والمراد به ثبوت الحرمة ولا يلزم منه ثبوت الحد بلا إسكار وكون التشبيه خلاف الأصل أوجب المصير إليه قيام الدليل عليه لغة وشرعا ولا دليل لهم على ثبوت الحد بقليله سوى القياس ولا يثبت الحد به نعم الثابت الحد بالسكر منه وقد أطال في ذلك إطالة حسنة فجزاه الله خيرا ويأتي حكم البنج والأفيون والحشيش
قوله ( بكونه في دارنا ) أي ناشئا فيها
قوله ( لما قالوا الخ ) تعليل لتفسير العلم الحكمي بكونه
____________________
(4/38)
في دارنا لكن بالمعنى الذي ذكرناه لا بمجرد الكون في دارنا وإلا لم يوافق التعليل المعلل
ويوضح المقام ما في كافي الحاكم الشهيد من الأشربة حيث قال وإذا أسلم الحربي وجاء إلى دار الإسلام ثم شرب الخمر قبل أن يعلم أنها محرمة عليه لم يحد وإن زنى أو سرق أخذ بالحد ولم يعذر بقوله لم أعلم
وأما المولود بدار الإسلام إذا شرب الخمر وهو بالغ فعليه الحد ولا يصدق أنه لم يعلم
قوله ( قلت يرد عليه الخ ) أي على ما يفهم من قولهم لحرمته أي الزنا في كل ملة حيث جعلوه وجه الفرق بين الشرب والزنا فإنه يفهم منه أن الشرب لا يحرم في كل ملة مع أنه مناف لما مر من حرمته كذلك
ودفع بأن المحرم في كل ملة هو السكر لا نفس الشرب والمراد التفرقة بين الشرب والزنا
قلت وفيه نظر فإن قولهم فشرب الخمر جاهلا بالحرمة لا يحد أعم من أن يكون سكر من هذا الشرب أو لا بل المتبادر السكر ولو كان المراد الشرب بلا سكر لكان الواجب تقييده أو كان يقال فشرب قطرة نعم قد يدفع أصل الإيراد بمنع حرمة السكر في كل ملة لما قدمناه فافهم
تتمة لو شرب الحلال ثم دخل الحرم حد لكن لو التجأ إلى الحرم لم يحد لأنه قد عظمه بخلاف ما إذ شرب في الحرم لأنه قد استخفه
قهستاني عن العمادي
ويأتي أنه لو شرب في دار الحرب لا يحد
فعلم من مجموع ذلك أنه لا يحد للشرب عشرة ذمي على المذهب ومرتد وإن شرب قبل ردته وإن أسلم بعد الشرب وصبي ومجنون وأخرس ومكره ومضطر لعطش مهلك وملتجىء إلى الحرم وجاهل بالحرمة حقيقة وحكما ومن شرب في غير دارنا وبه يعلم شروط الحد هنا
قوله ( بعد الإفاقة ) أي الصحو من السكر وهو متعلق بقوله يحد مسلم
قوله ( فظاهره أنه يعاد ) جزم به في البحر
قال في الشرنبلالية وفيه تأمل اه
وبين وجهه فيما نقل عنه بأن الألم حاصل وإن لم يكن كاملا ويصدق عليه أنه حد فلا يعاد بعد صحوه اه
قلت وفيه نظر لما في الفتح ولا يحد السكران حتى يزول عنه السكر تحصيلا لمقصود الانزجار وهذا بإجماع الأئمة الأربعة لأن غيبوبة العقل أو غلبة الطرب تخفف الألم
ثم ذكر حكاية
حاصلها أن السكران وضع على ركبته جمرة حتى طفئت وهو لا يلتفت إليها حتى أفاق فوجد الألم
قال وإذا كان كذلك فلا يفيد الحد فائدته إلا حال الصحو وتأخير الحد لعذر جائز اه
وحينئذ فلا يلزم من أن الإمام لو أخطأ فحده قبل صحوه أن يسقط الواجب عليه من إقامة الحد بعد الصحو
ولا يرد أنه لو قطع يسار السارق لا تقطع يمينه أيضا للفرق الواضح فإن الانزجار حاصل باليسار أيضا وإن كان الواجب قطع اليمين ولأنه لو قطعت اليمين أيضا يلزم تفويت المنفعة من كل وجه وذلك إهلاك ولذا لا يقطع لو كانت يسراه مقطوعة أو إبهامها
قوله ( إذا أخذ الشارب ) شرط تقدم دليل جوابه وهو قوله يحد مسلم الخ وضمير أخذ يعود عليه وهو المراد بالشارب والمراد أخذه إلى الحاكم
قوله ( وريح ما شرب الخ ) قال في الفتح فالشهادة بكل منهما أي من شرب الخمر والسكر من غيره مقيدة بوجود الرائحة فلا بد مع شهادتهما بالشرب أن يثبت عند الحاكم أن الريح قائم حال الشهادة وهو بأن يشهدا به وبالشرب أو يشهد به فقط فيأمر القاضي باستنكاهه فيستنكه ويخبر بأن ريحها موجود اه
قوله ( وهو مؤنث سماعي ) الأولى وهي لعوده إلى الريح ولكنه ذكر ضميرها
____________________
(4/39)
لتذكير الخبر والمؤنث السماعي هو ما لم يقترن لفظه بعلامة تأنيث ولكنه سمع مؤنثا بالإسناد إن كان رباعيا كهذه العقرب قتلتها وبه أو بالتصغير إن كان ثلاثيا كعيينة في تصغير عين وهذه النار أضرمتها وذلك في ألفاظ محصورة
قوله ( لبعد المسافة ) أفاد أن زوالها المعالجة دواء لا يمنع الحد كما في حاشية مسكين معزيا إلى المحيط
قوله ( ولا يثبت الشرب بها ) لأنها قد تكون من غيره كما قيل يقولون لي انكه قد شربت مدامة فقلت لهم لا بل أكلت السفرجلا وانكه بوزن امنع ونكه من بابه أي أظهر رائحة فمك
فتح
قوله ( بالرائحة ) بدل من قوله بها
قوله ( ولا بتقايئها ) مصدر تقايأ اه ح
لاحتمال أنه شربها مكرها أو مضطرا فلا يجب الحد بالشك وأشار إلى أنه لو وجد سكران لا يحد من غير إقرار ولا بينة لاحتمال ما ذكرنا أو أنه سكر من المباح
بحر
لكنه يعزر بمجرد الريح أو السكر كما في القهستاني
قوله ( رجلين ) احتراز عن رجل وامرأتين لأن الحدود لا تثبت بشهادة النساء للشبهة كما في البحر
قوله ( يسألهما الإمام ) أشار إلى ما في البحر عن القنية من أنه ليس لقاضي الرستاق أو فقيهه أو المتفقهة أو أئمة المساجد إقامة حد الشرب إلا بتولية الإمام
قوله ( عن ماهيتها ) لاحتمال اعتقادهم أن باقي الأشربة خمر
قوله ( لاحتمال الإكراه ) لكن لو قال أكرهت لا يقبل لأنهم شهدوا عليه بالشرب طائعا وإلا لم تقبل شهادتهم وتمامه في البحر
قوله ( لاحتمال التقادم ) هذا مبني على قول محمد بأن التقادم مقدر بالزمان وهو شهر وإلا فالشرط عندهما أن يؤخذ والريح موجودة كما مر
أفاده في البحر فالتقادم عندهما مقدر بزوال الرائحة وهو المعتمد كما مر في الباب السابق
والحاصل أن التقادم يمنع قبول الشهادة اتفاقا وكذا يمنع الإقرار عندهما لا عند محمد ورجح في غاية البيان قوله وفي الفتح أنه الصحيح
قال في البحر والحاصل أن المذهب قولهما إلا أن قول محمد أرجح من جهة المعنى اه
قوله ( من السكر ) بفتح السين والكاف وهو عصير الرطب إذا اشتد وقيل كل شراب أسكر
عناية
قلت وهذا ظاهر على قولهما إنه لا يحد بالسكر من الأشربة المباحة وكذا على قول محمد إنه يحد لعدم توافق الشاهدين على المشروب كما لو شهد اثنان أنه زنى بفلانة واثنان أنه زنى بفلانة غيرها
تأمل
قوله ( ظهيرية ) ومثله في كافي الحاكم
قوله ( أو بإقراره ) عطف على قوله بشهادة رجلين وقدر الشارح يثبت لطول الفصل
قال في البحر وفي حصره الثبوت في البينة والإقرار دليل على أن من يوجد في بيته الخمر وهو فاسق أو يوجد القوم مجتمعين عليها ولم يرهم أحد شربوها لا يحدون وإنما يعزرون وكذا الرجل معه ركوة من الخمر اه
بل تقدم أنه لو وجد سكران لا يحد بلا بينة أو إقرار بل يعزر
قوله ( مرة ) رد لقول أبي يوسف إنه لا بد من إقراره مرتين
بحر
ولم يتعرض لسؤال القاضي المقر عن الخمر ما هي وكيف شربها وأين شرب وينبغي ذلك كما في الشهادة ولكن في قول المصنف وعلم شربه طوعا إشارة إلى ذلك
شرنبلالية
تأمل
قوله ( متعلق بيحد ) أي تعلقا معنويا
____________________
(4/40)
لأنه مفعول مطلق عامله يحد
قوله ( كما مر ) فلا يضرب الرأس والوجه ويضرب بسوط لا ثمرة له وينزع عنه ثيابه في المشهور إلا الإزار احتراز عن كشف العورة
بحر
وفي شرح الوهبانية والمرأة تحد في ثيابها
قوله ( فلو أقر سكران ) أي أقر على نفسه بالحدود الخالصة حقا لله تعالى كحد الزنا والشرب والسرقة لا يحد إلا أنه يضمن المسروق بخلاف حد القذف لأن فيه حق العبد والسكران كالصاحي فيما فيه حقوق العباد عقوبة له لأنه أدخل الآفة على نفسه فإذا أقر بالقذف سكران حبس حتى يصحو فيحد للقذف ثم يحبس حتى يخف عنه الضرب فيحد للسكر وينبغي أن يقيد حده للسكر بما إذا شهد عليه به وإلا فبمجرد سكره لا يحد لإقراره بالسكر وكذا يؤاخذ بالإقرار بسبب القصاص وسائر الحقوق من المال والطلاق والعتاق وغيرها فتح ملخصا
وقوله عقوبة له الخ يدل على أنه لو سكر مكرها أو مضطرا لا يؤاخذ بحقوق العباد أيضا
قوله ( أو أقر كذلك ) أي بعد زوال ريحها وهذا على قولهما إن التقادم يبطل الإقرار وإنه مقدر بزوال الرائحة
قوله ( فيعمل الرجوع فيه ) لاحتمال صدقه وأنه كاذب في إقراره
وإذا أقر وهو سكران يزيد احتمال الكذب فيدرأ عنه الحد أيضا
قوله ( ثم ثبوته الخ ) هذا بيان لدليلهما على اشتراط قيام الرائحة وقت الإقرار فعند عدم قيامها ينتفي الحد لعدم ما يدل عليه لأن الإجماع لم يكمل إلا بقول من اشترط قيامها لكن قدمنا تصحيح قول محمد بعدم الاشتراط وبيانه في الفتح
قوله ( والسكران الخ ) بيان لحقيقة السكر الذي هو شرط لوجوب الحد في الشرب ما سوى الخمر من الأشربة
ولما كان السكر متفاوتا اشترط الإمام أقصاه درءا للحد وذلك بأن لا يميز بين شيء وشيء لأن ما دون ذلك لا يعري عن شبهة الصحو نعم وافقهما الإمام في حق حرمة القدر المسكر من الأشربة المباحة فاعتبر فيها اختلاط الكلام وهذا معنى قوله في الهداية والمعتبر في القدر المسكر في حق الحرمة ما قالاه إجماعا أخذا بالاحتياط اه
وذكر في الفتح أنه ينبغي أن يكون قوله كقولهما أيضا في السكر الذي لا يصح معه الإقرار بالحدود لأنه يكون أدرأ للحدود وكذا في الذي لا تصح معه الردة إذ لو اعتبر فيه أقصاه لزم أن تصح ردته فيما دونه مع أنه يجب أن يحتاط في عدم تكفير المسلم والإمام إنما اعتبر أقصى السكر للاحتياط في درء حد السكر واعتبار الأقصى هنا خلاف الاحتياط
هذ حاصل ما في الفتح
قلت لكن ينبغي أن تصح ردته فيما دون الأقصى بالنسبة إلى فسخ النكاح لأن فيه حق العبد وفيه العمل بالاحتياط أيضا كما لا يخفى
قوله ( ولو ارتد السكران لم يصح ) أي لم يصح ارتداده أي لم يحكم به
قال في الفتح لأن الكفر من باب الاعتقاد أو الاستخفاف ولا اعتقاد للسكران ولا استخفاف لأنهما فرع قيام الإدراك
وهذا في حق الحكم أما فيما بينه وبين الله تعالى فإن كان في الواقع قصد أن يتكلم به ذاكرا لمعناه كفر وإلا لا اه
وقد علمت آنفا ما المراد بالسكر هنا
قوله ( فلا تحرم عرسه ) أي بسبب الردة في حالة السكر أما لو طلقها فإنه يقع كما يأتي بيانه
قوله ( وهذه الخ ) يعني أن حكم السكران من محرم كالصاحي إلا في سبع لا تصح ردته
____________________
(4/41)
ولا إقراره بالحدود الخالصة ولا إشهاده على شهادة نفسه ولا تزويجه الصغير بأكثر من مهر المثل أو الصغيرة بأقل ولا تطليقه زوجة من وكله بتطليقها حين صحوه ولا بيعه متاع من وكله بالبيع صاحيا ولا رد الغاصب عليه ما غصب منه قبل سكره هذا حاصل ما في الأشباه
ونازعه محشيه الحموي في الأخيرة بأن المنقول في العمادية أن حكم السكران فيها كالصاحي فيبرأ الغاصب من الضمان بالرد عليه وفي مسألة الوكالة بالتطليق بأن الصحيح الوقوع نص عليه في الخانية والبحر اه
وقدمناه أول كتاب الطلاق وكتبنا هناك عن التحرير أن السكران إن كان سكره بطريق محرم لا يبطل تكليفه فتلزمه الأحكام وتصح عباراته من الطلاق والعتاق والبيع والإقرار وتزويج الصغار من كفء والإقراض والاستقراض لأن العقل قائم وإنما عرض فوات فهم الخطاب بمعصيته فبقي في حق الإثم ووجوب القضاء ويصح إسلامه كالمكره لا ردته لعدم القصد اه وقدم الشارح هناك أنه اختلف التصحيح في طلاق من سكر مكرها أو مضطرا وقدمنا هناك أن الراجح عدم الوقوع وقدمنا آنفا عن الفتح أنه كالصاحي فيما فيه حقوق العباد عقوبة له
مطلب في البنج والأفيون والحشيشة قوله ( لكن دون حرمة الخمر ) لأن حرمة الخمر قطعية يكفر منكرها بخلاف هذه
قوله ( لا يحد بل يعزر ) أي بما دون الحد كما في الدر المنتقى عن المنح لكن فيه أيضا عن القهستاني عن متن البزودي أنه يحد بالسكر من البنج في زماننا على المفتى به اه
تأمل
قال في المنح وفي الجواهر ولو سكر من البنج وطلق تطلق زجرا وعليه الفتوى اه
وقد تقدم عن قاضيخان تصحيح عدم الوقوع فليتأمل عند الفتوى اه
وتقدم أول الطلاق عن تصحيح العلامة قاسم أنه إذا سكر من البنج والأفيون يقع زجرا وعليه الفتوى وقدمنا هناك عن النهر أنه صرح في البدائع وغيرها بعدم الوقوع لأنه لم يزل عقله بسبب هو معصية
والحق التفصيل إن كان للتداوي فكذلك وإن للهو وإدخال الآفة قصدا فينبغي أن لا يتردد في الوقوع اه
قلت ويدل عليه للأول تعليل البدائع وللثاني تعليل العلامة قاسم وقدمنا هناك أيضا عن الفتح أن مشايخ المذهبين من الحنفية والشافعية اتفقوا على وقوع طلاق من غاب عقله بالحشيشة وهي ورق القنب بعد أن اختلفوا فيها قبل أن يظهر أمرها من الفساد
قوله ( إن البنج مباح ) قيل هذا عندهما
وعند محمد ما أسكر كثيره فقليله حرام وعليه الفتوى كما يأتي اه
أقول المراد بما أسكر كثيره الخ من الأشربة وبه عبر بعضهم إلا لزم تحريم القليل من كل جامد إذا كان كثيره مسكرا كالزعفران والعنبر ولم أر من قال بحرمتها حتى أن الشافعية القائلين بلزوم الحد بالقليل مما أسكر كثيره خصوه بالمائع
وأيضا لو كان قليل البنج أو الزعفران حراما عند محمد لزم كونه نجسا لأنه قال ما أسكر كثيره فإن قليله حرام نجس ولم يقل أحد بنجاسة البنج ونحوه
وفي كافي الحاكم من الأشربة ألا ترى أن البنج لا بأس بتداويه وإذا أراد أن يذهب عقله لا ينبغي أن يفعل ذلك اه
وبه علم أن المراد الأشربة المائعة وأن البنج ونحوه من الجامدات إنما يحرم إذا أراد به السكر وهو الكثير منه دون القليل المراد به التداوي ونحوه كالتطبب بالعنبر وجوزة الطيب ونظير ذلك ما كان سميا قتالا كالمحمودة وهي السقمونيا ونحوها من الأدوية السمية
____________________
(4/42)
فإن استعمال القليل منها جائز بخلاف القدر المضر فإنه يحرم فافهم واغتنم هذا التحرير
قوله ( لأنه حشيش ) لا معنى لهذا التعليل وليس في عبارة العناية اه ح
قلت وكذا ليس هو في عبارة النهر ويمكن الجواب بأنه إشارة إلى ما قلناه فالمراد التعليل بأنه من الجامدات لا من المائعات التي فيها الخلاف في أن قليلها حرام أو لا فافهم
قوله ( أقيم عليه بعض الحد ) أي حد الزنا أو السرقة أو الشرب كما في الكافي
قلت وأما حد القذف ففيه تفصيل سيأتي في آخر الباب الآتي
قوله ( ثم أخذ الخ ) أقحم الشارح هذه المسألة بين كلامي المصنف إشارة إلى أن استئناف الحد للشرب الثاني لا يتقيد بما إذا أقيم عليه بعض الحد فحول العبارة عن أصلها وكملها بما يناسبها وأتى ب لو في قوله ولو شرب الخ ليجعله مسألة مستأنفة ولا يخفى ما فيه من حسن الصناعة
قوله ( لما مر الخ ) أي في أثناء الباب السابق وقال في الهداية هناك إن التقادم كما يمنع قبول الشهادة في الابتداء يمنع الإقامة بعد القضاء حتى لو هرب بعد ما ضرب بعض الحد ثم أخذ بعد ما تقادم الزمان لم يحد لأن الإمضاء من القضاء في باب الحدود
قلت لكن هذا ظاهر في حد الزنا والسرقة فإن التقادم مقدر فيهما بشهر كما مر أما في الشرب فإنه مقدر عندهما بزوال الرائحة وعند محمد بشهر أيضا والمعتمد قولهما كما مر وقيام الرائحة إنما يشترط عند الإقرار أو عند الرفع إلى الحاكم إلا لبعد المسافة ولا يحد إلا بعد الصحو كما مر ولم يشترطوا قيام الرائحة عند إقامة الحد بل الصحو مظنة زوالها فإذا كان عدم إكمال الحد بسبب زوال الرائحة على قولهما يلزم أن لا يقام عليه الحد إلا مع قيام الرائحة ولم نر من قال بذلك
فالظاهر أن هذا تفريع على قول محمد فقط ولا يصح أن يقال إنه مفرع على قولهما أيضا بأن تفرض المسألة فيماإذا أقر بالشرب فهرب لأن التقادم يبطل الإقرار عندهما كما تقدم لرجوع المحذور فإنه يلزم عليه أن المقر لا يحد إلا إذا بقيت الرائحة موجودة وإن لم يرجع عن إقراره الصادر عند قيام الرائحة
وأيضا فالهرب رجوع عن الإقرار فلا حاجة معه إلى التقادم هذا ما ظهر لي فتأمله
قوله ( ولو شرب أو زنى ثانيا ) أي قبل إكمال الحد كما هو صورة المتن أو قبل إقامة شيء منه
ففي الصورتين يحد حدا كاملا بعد الفعل الأخير ويدخل ما بقي من الأول في الثاني بخلاف ما إذا أقيم عليه حد الشرب فشرب ثانيا أو حد الزنا فزنى ثانيا فإنه يحد للثاني حدا آخر وبخلاف ما إذا اختلف الجنس وسيجيء تمام الكلام على ذلك في باب القذف
قوله ( وإلا لا ) أي لا يضمن لأن فعلها غير مضاف إليه
قوله ( مصنف عمادية ) أي نقله المصنف عن العمادية ح
باب حد القذف قوله ( وشرعا الرمي بالزنا ) الأولى ما في العناية من أنه نسبة المحصن إلى الزنا صريحا أو دلالة إذ الحد إنما هو في المحصن
نهر
____________________
(4/43)
قلت لكن الإحصان شرط الحد وله شروط أخر ستذكر والكلام في الحقيقة الشرعية المشروطة بما يأتي
وينبغي أن يقيد أيضا بكونه على سبيل التعبير والشتم ليخرج شهادة الزنا
قوله ( لكن في النهر الخ ) عزاه في النهر إلى الحليمي من الشافعية معللا بأن الإيذاء في قذف هؤلاء دونه في الحرة الكبيرة المتسترة وذكره في البحر بحثا غير معزي
ونقل أيضا عن شرح جمع الجوامع أن القذف في الخلوة صغيرة عند الشافعية قال وقواعدنا لا تأباه لأن العلة فيه لحوق العار وهو مفقود في الخلوة
واعترضه في النهر بأنه في الفتح استدل للإجماع بآية { والذين يرمون المحصنات } سورة النور الآية 4 وبحديث جتنبوا السبع الموبقات وعد منها قذف المحصنات أي وهذا صادق على قذف المحصنة في الخلوة بحيث لم يسمعه أحد
واعترضه أيضا الباقاني في شرح الملتقى بأن المذكور في شرح جمع الجوامع عن ابن عبد السلام أنه ليس بكبيرة موجبة للحد لانتفاء المفسدة
وقال محشيه اللقاني إن المحقق من هذه العبارة نفي إيجاب الحد لا نفي كونه كبيرة أيضا لتوجه النفي على القيد
وقال الزركشي أيضا إن هذا ظاهر فيما إذا كان صادقا دون الكاذب لجراءته على الله تعالى أي فهو كبيرة وإن كان في الخلوة
وقال الشارح في شرح الملتقى قلت الذي حررته في شرح منظومة والد شيخنا تبعا لشيخنا النجم الغزي الشافعي إنه من الكبائر وإن كان صادقا ولا شهود له عليه ولو من الوالد لولده أو لولد لولده إن لم يحد به يعزر ولو غير محصن وشرط الفقهاء الإحصان إنما هو لوجوب الحد لا لكونه كبيرة
وقد روى الطبراني عن واثلة عن النبي أنه قال من قذف ذميا حد له يوم القيامة بسياط من نار
ثم من المعلوم ضرورة أن قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها كفر سواء كان سرا أو جهرا وكذا القول في مريم وكذا الرمي باللواطة اه أي إنه من الكبائر أيضا وسيأتي بيان حكمه في باب التعزير
قوله ( كمية ) أي قدرا وهو ثمانون سوطا إن كان حرا ونصفها إن كان القاذف عبدا
بحر
قوله ( فيثبت برجلين ) بيان لقوله وثبوتا وأشار إلى أنه لا مدخل فيه لشهادة النساء كما مر وكذا الشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي
ويثبت أيضا بإقرار القاذف مرة كما في البحر ولا يستحلف على ذلك ولا يمين في شيء من الحدود إلا أنه يستحلف في السرقة لأجل المال فإن أبى ضمن المال ولم يقطع
وإذا اختلف الشاهدان في الزمان لم تبطل شهادتهما عنده كما في الإقرار بالمال أو بالطلاق أو العتاق وعندهما لا يحد القاذف وإن شهد أحدهما بالقذف والآخر على الإقرار به لم يحد اتفاقا استحسانا وكذا تبطل لو اختلفا في اللغة التي قذف بها أو شهد أحدهما أنه قال يا ابن الزانية والآخر أنه قال لست لأبيك اه
ملخصا من كافي الحاكم
قوله ( عن ماهيته ) أي حقيقته الشرعية المارة
قوله ( وكيفيته ) أي اللفظ الذي قذف به اه ح
قلت فيه أن هذا اللفظ ركن القذف والكيفية الحالة والهيئة كما يقال كيف زيد فتقول صحيح أو سقيم وقد مر تفسير السؤال عن الكيفية في الشهادة على الزنا بالطوع أو الإكراه
فالظاهر أن يقال هنا كذلك إذ لو أكره القاذف على القذف لم يحد لكن ظاهر ما في الكافي أن السؤال عن هذا غير لازم حيث قال وإن جاء المقذوف بشاهدين فشهدا أنه قذفه سئلا عن ماهيته وكيفيته فإن لم يزيدا على ذلك لم تقبل فإن القذف يكون بالحجارة ويغير الزنا وإن قالا نشهد أنه قال يا زاني قبلت شهادتهما وحددت القاذف اه
فظاهره أن السؤال عن الماهية والكيفية إنما هو إذا شهد بالقذف أما لو شهدا بأنه قال يا زاني لا يلزم السؤال عن ذلك أصلا إذ لو كان مكرها لبيناه
____________________
(4/44)
فليتأمل
وعلى هذا فيمكن أن يراد بالكيفية أنه صريح أو كناية فتأمل
وفي حاشية مسكين عن الحموي وينبغي أن يسألهما عن المكان لاحتمال قذفه في دار الحرب أو البغي وعن الزمان لاحتمال قذفه في صباه لا لاحتمال التقادم لأنه لا يبطل به بخلاف سائر الحدود ثم رأيت الأول في البدائع اه
قوله ( إلا إذا شهدا الخ ) تكلمنا عليه آنفا
قوله ( كما يحبسه لشهود ) الأولى لشاهد بصيغة المفرد
قال في النهر فإن لم يعرف عدالتهما حبسه القاضي حتى يسأل عنهما وكذا لو أقام شاهدا واحدا عدلا وادعى أن الثاني في المصر حبسه يومين أو ثلاثة ولو زعم أن له بينة في المصر حبسه إلى آخر المجلس
قالوا والمراد بالحبس في الأولين حقيقته وفي الثالث الملازمة
قوله ( ولا يكلفه ) أي لا يأخذ منه كفيلا إلى المجلس الثاني
وقال أبو يوسف يأخذه
نهر
وسيأتي توضيحه في عبارة المتن
قوله ( ويحد الحر الخ ) أي الشخص الحر فلا ينافي قوله ولو ذميا أو امرأة فافهم ولم أر من تعرض لشروط القاذف وينبغي أن يقال إن كان عاقلا بالغا ناطقا طائعا في دار العدل فلا يحد الصبي بل يعزر ولا المجنون إلا إذا سكر بمحرم لأنه كالصاحي فيما فيه حقوق العباد كما مر ولا المكره ولا الأخرس لعدم التصريح بالزنا كما صرح به ابن الشلبي عن النهاية ولا القاذف في دار الحرب أو البغي كما مر
وأما كونه عالما بالحرمة حقيقة أو حكما بكونه ناشئا في دار الإسلام فيحتمل أن يكون شرطا أيضا لكن في كافي الحاكم حربي دخل دار الإسلام بأمان فقذف مسلما لم يحد في قول أبي حنيفة الأول ويحد في قوله الأخير وهو قول صاحبيه اه
فظاهره أنه يحد ولو في فور دخوله ولعل وجهه أن الزنا حرام في كل ملة فيحرم القذف به أيضا فلا يصدق بالجهل هذا ما ظهر لي ولم أر من تعرض لشيء منه
قوله ( ولو ذميا ) الأولى ولو كافرا ليشمل الحربي المستأمن كما علمته آنفا وسيذكره المصنف أيضا
قوله ( قاذف المسلم الحر الخ ) بيان لشروط المقذوف
قوله ( الثابتة حريته ) أي بإقرار القاذف أو بالبينة إذا أنكر القاذف حريته وكذا لو أنكر حرية نفسه وقال أنا عبد وعلى حد العبيد كان القول قوله
بحر عن الخانية
قوله ( وإلا ) أي وإن لم يكن المقذوف مسلما حرا بأن كان كافرا أو مملوكا وكذا من ليس بمحصن إذا قذفه بالزنا فإنه يعزر ويبلغ به غايته كما سيذكره في بابه
قوله ( البالغ العاقل ) خرج الصبي والمجنون لأنه لا يتصور منهما الزنا إذ هو فعل محرم والحرمة بالتكليف
وفي الظهيرية إذا قذف غلاما مراهقا فادعى الغلام البلوغ بالسن أو بالاحتلام لم يحد القاذف بقوله
بحر
فهذا يستثنى من قولهم لو راهقا وقالا بلغنا صدقا وأحكامهما أحكام البالغين
شرنبلالية
قوله ( العفيف عن فعل الزنا ) زاد الشارح في باب اللعان وتهمته واحترز به عن قذف ذات ولد ليس له أب معروف ويأتي أنه لا يحد قاذفها لأن التهمة موجودة فينبغي ذكر هذا القيد هنا ولم أر من ذكره
ثم اعلم أن الزنا في الشرع أعم مما يوجب الحد وما لا يوجبه وهو الوطء في غير الملك وشبهته حتى لو وطىء جارية ابنه لا يحد للزنا ولا يحد قاذفه بالزنا فدل على أن فعله زنا وإن كان لا يحد به كما قدمناه عن الفتح أول الحدود
وأما لو وطىء جاريته قبل الاستبراء فليس بزنا لأنه في حقيقة الملك كوطء زوجته الحائض وإنما هو وطء محرم لعارض والزنا لا بد أن يكون وطئا محرما لعينه كما يأتي بيانه عند قوله أو رجل وطىء في غير ملكه ولهذا
____________________
(4/45)
قال مسكين قوله عفيفا عن الزنا احتراز عن الوطء الحرام في الملك فإنه لا يخرج الواطىء عن أن يكون محصنا اه
فما قيل إنه لا يصح أن يراد بالزنا هنا المصطلح ولا غيره غير صحيح فافهم
قوله ( فينقص عن إحصان الرجم بشيئين ) الأولى شيئين بدون الباء الجارة لأن نقص يتعدى بنفسه
أفاده ط
هذا وقدمنا أن شروط الإحصان تسعة فتدبره
قوله ( وبقي من الشروط الخ ) قلت بقي منها أيضا على ما في شرح الوهبانية أن لا يكون أم ولده الحرة الميتة وأن لا يكون أم عبدة الحرة الميتة وأن يطلب المقذوف الحد وأن لا يموت قبل أن يحد القاذف لأن الحدود لا تورث
قوله ( أن لا يكون ) أي المقذوف وولد القاذف
قوله ( أو أخرس ) لأنه لا بد فيه من الدعوى وفي إشارة الأخرس احتمال يدرأ به الحد
قوله ( أو مجبوبا ) هو مقطوع الذكر والأنثيين جميعا كما فسروه في باب العنين ولا يخفى أن مقطوع الذكر وحده مثله اه ح
ووجهه أن الزنا منه لا يتصور فلم يلحقه عار بالقذف لظهور كذب القاذف
تأمل
قوله ( أو خصيا ) بفتح الخاء من سلت خصيتاه وبقي ذكره والشارح تبع في التعبير به صاحب النهر وهو وهم سري من ذكر المجبوب لتقارنهما في الخيال
قال في المحيط بخلاف ما لو قذف خصيا أو عنينا لأن الزنا منهما متصور لأن لهما آلة الزنا اه ح
قوله ( أو ملك فاسد ) كذا في شرح الوهبانية عن النتف وتبعه المصنف في المنح وهو خلاف نص المذهب
ففي كافي الحاكم رجل اشترى جارية شراء فاسدا فوطئها ثم قذفه إنسان قال على قاذفه الحد اه
ومثله في القهستاني وكذا في الفتح قال لأن الشراء الفاسد يوجب الملك بخلاف النكاح الفاسد لا يثبت فيه ملك فلذا يسقط إحصانه بالوطء فيه فلا يحد قاذفه اه
ونحوه في ح عن المحيط
قلت وقد يجاب بأن المراد بالملك الفاسد ما ظهر فيه فساد الملك بالاستحقاق
ففي الخانية اشترى جارية فوطئها ثم استحقت فقذفه إنسان لا يحد
قوله ( حتى لو ارتد ) وكذا لو زنى أو وطىء وطئا حراما أو صار معتوها أو أخرس أو بقي كذلك لم يحد القاذف كافي الحاكم
تنبيه ذكر في النهر عن السراجية أنه لو قذف خنثى بلغ مشكلا لا يحد
قال ووجهه أن نكاحه موقوف وهو لا يفيد الحل اه
واعترضه الحموي بأنه لا دخل للنكاح البات المفيد للحل في إيجاب حد القذف حتى يترتب على عدمه عدم وجوب الحد وإنما ذاك في حد الزنا بالرجم اه
قلت مراد النهر أن الخنثى لو تزوج ودخل فقذفه آخر لا يحد لأنه وطىء في غير ملكه إذ لا يصح النكاح إلا إذا زال الإشكال
قوله ( بصريح الزنا ) بأي لسان كان
شرنبلالية وغيرها
واحترز عما لو قال وطئك فلان وطئا حراما أو جامعك حراما فلا حد
بحر
وكذا لو قال فجرت بفلانة أو عرض فقال لست بزان كما في الكافي
وفيه وإن قال قد أخبرت بأنك زان أو أشهدني رجل على شهادته إنك زان أو قال اذهب فقل لفلان إنك زان فذهب الرسول فقال له ذلك عنه لم يكن في شيء من ذلك حد
قوله ( على ما في الظهيرية ) ويخالفه ما في الفتح عن المبسوط أنت أزنى من فلان أو أزنى الناس لا حد عليه
وعلله في الجوهرة بأن معناه أنت أقدر الناس على الزنا
ونقل في الفتح أيضا عن الخانية أنت أزنى الناس أو أزنى من فلان عليه الحد وفي أنت أزنى مني لا حد عليه اه
____________________
(4/46)
قلت ووجه ما في الظهيرية ظاهر لأن فيه النسبة إلى الزنا صريحا
وما في المبسوط ناظر إلى احتمال التأويل وما في الخانية من التفرقة مشكل
وقد يوجه بأن قوله أنت أزنى من فلان فيه نسبة فلان إلى الزنا وتشريك المخاطب معه في ذلك القذف بخلاف أنت أزنى مني لأن فيه نسبة نفسه إلى الزنا وذلك غير قذف فلا يكون قذفا للمخاطب لأنه تشريك له فيما ليس بقذف
قوله ( عن شرح المنار ) أي لابن ملك في بحث الكناية اه
قلت ومثله في المغرب حيث قال النيك من ألفاظ الصريح في باب النكاح ومنه حديث ماعز أنكتها قال نعم
قوله ( لم يحد ) الظاهر أن ذكر لم سبق قلم
قال في المحيط ولو قال لغيره يا زانىء برفع الهمزة ذكر في الأصل أنه إذا قال عنيت به الصعود على شيء أنه لا يصدق ويحد من غير ذكر خلاف لأنه نوى ما لا يحتمله لفظه لأن هذه الكلمة مع الهمز إنما يراد به الصعود إذا ذكر مقرونا بمحل الصعود يقال زانىء الجبل وزانىء السطح أما غير مقرون بمحل الصعود إنما يراد به الزنا إلا أن العرب قد تهمز اللين وقد تلين الهمزة فقد نوى ما لا يحتمله فلا يصدق اه ح
قلت وقوله من غير ذكر خلاف صريح بالخلاف في كافي الحاكم فقال وقال محمد لا حد عليه ومثله في الخانية فما ذكره الشارح قول محمد فافهم
قوله ( أو بقوله زنأت في الجبل ) أي وإن قال عنيت به الصعود خلافا لمحمد فلا يحد عنده لأنه حقيقة في الصعود عنده
قوله ( بالهمز ) فلو أتى بالياء المثناة حد اتفاقا وكذا لو حذف الجبل كما أفاده في غاية البيان ولو قال عن الجبل قيل لا يحد وجزم في المبسوط بأنه يحد
قال في الفتح وهو الأوجه لأن حالة الغضب تعين تلك الإرادة وكونها فوقه وتعين الصعود مسلم في غير حالة السباب
نهر
وفي البحر عن غاية البيان وهو المذهب عنده
قوله ( فلا حد ) للكذب ولأن فيه نفي الزنا لأن نفي الولادة نفي للوطء
بحر
وكذا لو نفاه عن أمه فقط للصدق لأن النسب ليس لأمه
بحر
قوله ( لأبيه المعروف ) أي الذي يدعى له وكذا لست من ولد فلان أو لست لأب أو لم يلدك أبوك بخلاف لست من ولادة فلان فإنه ليس بقذف
بحر عن الظهيرية
وبه علم أن التقييد بأبيه المعروف احتراز عما لو نفاه عن شخص معين غير أبيه لا عما لو نفاه عن أب مطلق شامل لأبيه وغيره
قال في البحر وأشار المصنف إلى أنه لو قال إنك ابن فلان لغير أبيه فالحكم كذلك من التفصيل اه
قوله ( لأنها المقذوفة في الصورتين ) لأن نفي نسبه من أبيه يستلزم كونه زانيا فلزم أن أمه زنت مع أبيه فجاءت به من الزنا
نهر ونحوه في الفتح
قلت وفيه نظر بل يستلزم كون المقذوف هو الأم وحدها كما صرح به أو لا أما زنا الأب فغير لازم لأنه إذا ولد على فراش أبيه وقد نفى القاذف نسبه عن أبيه لزم منه أن أمه زنت برجل آخر لأن المراد بالأب أبوه المعروف الذي يدعى له كما مر نعم يصح ذلك لو أريد بالأب من خلق هو من مائه فحينئذ يكون قذفا للأم ولمن علقت به من مائه لا للأب المعروف لكنه يخالف قوله قبله لأبيه المعروف هذا ما ظهر لي فتأمله
قوله ( لا الطالب ) هو الذي يقع القدح في نسبه كما يأتي والمراد به هنا الابن وهذا إذا كانت المقذوفة ميتة فلو حية فالطالب هي وعلى كل فالشرط إحصانها لا إحصان ابنها
قوله ( في غضب ) إذ في الرضا يراد به المعاتبة بنفي مشابهته له في أسباب المروءة
هداية
قوله ( يتعلق بالصور الثلاث ) فيه رد على البحر حيث لم يقيده بالغضب في الثانية
____________________
(4/47)
بل أطلق فيها تبعا لظاهر عبارة الهداية لكن أولها الشراح فأجروا التفصيل في الكل
وذكر في شرح الوهبانية أنه ظاهر المذهب والاعتماد عليه وتمام تحقيقه في النهر
قوله ( بطلب المقذوف المحصن ) لعل المراد به المحصن في نفس الأمر وإلا فاشتراط الإحصان علم مما مر فيكون إشارة إلى ما بحثه في القنية حيث نقل أنه إذا كان غير عفيف في السر له مطالبة القاذف ديانة ثم قال وفيه نظر لأنه إذا كان زانيا لم يكن قذفه موجبا للحد وأيده في النهر بأن رفع العار مجوز لا ملزم وإلا لامتنع عفوه عنه وأجبر على الدعوى وهو خلاف الواقع اه
قلت بل في التتارخانية وحسن أن لا يرفع القاذف إلى القاضي ولا يطالبه بالحد وحسن من الإمام أن يقول له قبل الثبوت أعرض عنه ودعه اه
فحيث كان الطلب غير لازم بل يحسن تركه فكيف يحل طلبه ديانة إذا كان القاذف صادقا
قوله ( لأنه حقه ) عبارة النهر لأن فيه حقه من حيث دفع العار عنه اه
وهذه العبارة أولى لأن فيه حق الشرع أيضا بل هو الغالب فيه كما أوضحه في الهداية وشروحها
قوله ( ولو المقذوف غائبا الخ ) ذكر هذا التعميم في التتارخانية نقلا عن المضمرات واعتمده في الدرر وقال ولا بد من حفظه فإنه كثير الوقوع
منح
قلت ولعله يشير إلى ضعف ما في حاوي الزاهدي سمع من أناس كثيرة أن فلانا يزني بفلانة فتكلم ما سمعه منهم لآخر مع غيبة فلان لا يجب حد القذف لأنه غيبة لا رمي وقذف بالزنا لأن الرمي والقذف به إنما يكون بالخطاب كقوله يا زاني أو يا زانية
قوله ( حال القذف ) احتراز عن حال الحد لما في البحر عن كافي الحاكم غاب المقذوف بعد ما ضرب بعض الحد لم يتم إلا وهو حاضر لاحتمال العفو اه
وسينبه عليه الشارح
قوله ( وإن لم يسمعه أحد نهر ) لم أره في النهر هنا وإنما ذكره أول الباب عن البلقيني الشافعي وقدمنا الكلام عليه
قوله ( وإن أمره المقذوف بذلك ) أي بالقذف لأن حق الله تعالى فيه غالب ولذا لم يسقط بالعفو كما يأتي بخلاف ما لو قال لآخر اقتلني فقتله حيث يسقط القصاص لأنه حقه ويصح عفوه عنه
قوله ( وينزع عنه الفرو والحشو ) لأنهما يمنعان وصول الألم ومقتضى هذا أنه لو كان عليه ثوب ذو بطانة غير محشو لا ينزع
والظاهر أنه إن كان فوق قميص نزع لأنه يصير مع القميص كالحشو أو قريبا منه كذا في الفتح
قوله ( بخلاف حد شرب وزنا ) فإنه فيهما يجرد من ثيابه كما مر
قوله ( لصدقه ) لأن معناه الحقيقي نفي كونه مخلوقا من مائه
واعترضهم في الفتح بأن في نفيه عن أبيه احتمال هذا مع احتمال المجاز وهو نفي المشابهة وقد حكموا حالة الغضب فجعلوها قرينة على إرادة المعنى الثاني المجازي ونفيه عن جده له معنى مجازي أيضا وهو نفي المشابهة ومعنى آخر وهو نفي كونه أبا أعلى له بأن لا يكون أبوه مخلوقا من مائه بل زنت به جدته وحالة الغضب تعين هذا الأخير إذ لا معنى لإخباره في حالة الغضب بأنك لم تخلق من ماء جدك ولا مخلص إلا أن يوجد إجماع فيه على نفي التفصيل كالإجماع على ثبوته هناك اه
ملخصا
قلت وقد يجاب بالفرق وهو أن نفيه عن أبيه قذف صريح لأنه المعنى الحقيقي وحالة الغضب تنفي احتمال المجاز وهو المعاتبة بنفي المشابهة في الأخلاق فقد ساعدت القرينة الحقيقة بخلاف نفيه عن جده فإن معناه الحقيقي ليس قذفا بل هو صدق لكن القرينة وهي حالة الغضب تدل على إرادة القذف فيلزم منه العدول عن الحقيقة إلى المجاز لإثبات الحد وهو خلاف القاعدة الشرعية من أنه يحتاط في درئه لا في إثباته على أنه لا مانع
____________________
(4/48)
من أن يأتي في حالة الغضب بكلام موهم للشتم والسب بظاهره ويريد به معناه الحقيقي احتيالا لدرء الحد عنه ولصيانة ديانته من إرادة المنكر والزور الذي هو من السبع الموبقات بل حال المسلم يقتضي ذلك بخلاف نفيه عن أبيه فإنه قذف صريح بحقيقته مع زيادة القرينة كما قلنا ففي العدول عنه تفويت حق المقذوف بلا موجب هذا ما ظهر لي فتدبره
قوله ( وبنسبته إليه ) أي إلى جده بأن قال له أنت ابن فلان لجده
قوله ( لأنهم آباء مجازا ) أما الجد فلأنه الأب الأعلى وأما الخال فلما أخرجه الديلمي في الفردوس عن ابن عمر مرفوعا الخال والد من لا والد له
وأما العم فلقوله تعالى { وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } سورة البقرة الآية 133 فإن إسماعيل كان عما ليعقوب عليهم السلام
وأما الراب فللتربية وقيل في قول نوح { ابني من أهلي } سورة هود الآية 45 إنه كان ابن امرأته
أفاده في الفتح
قوله ( ولا بقوله يا بن ماء السماء ) لأنه يراد به التشبيه في الجود والسماحة لأن ماء السماء لقب به عامر بن حارثة الأزدي لأنه في وقت القحط كان يقيم ماله مقام القطر فهو كالسماء عطاء وجودا وتمام في الفتح
قوله ( وفيه نظر ) لأن حالة الغضب تأتي عن قصد التشبيه كما قاله ابن كمال
قلت وقد أورد هذا في الفتح سؤالا
وأجاب عنه بأنه لما لم يعهد استعماله لنفي النسب يمكن أن يجعل المراد به في حالة الغضب التهكم به عليه كما قلنا في قوله لست بعربي لما لم يستعمل للنفي يحمل في حالة الغضب على سبه بنفي الشجاعة والسخاء ليس غير اه
قلت واستعمال مثل ذلك في التهكم سائغ لغة وشائع عرفا كما يقال في حال الخصام يا ابن النبي يا ابن الكرام يا كامل يا مؤدب ونحو ذلك مما لا يقصد حقيقته فافهم
تنبيه قال في الفتح وقد ذكر أنه لو كان هناك رجل اسمه ماء السماء وهو معروف يحد في حال السباب بخلاف ما إذ لم يكن اه
وأقره في البحر والنهر
قلت لكن ينبغي تقييده بما إذا لم يكن ذلك الرجل مشهورا بالكرم ونحوه وإلا فهو أصل المسألة إذ لا فرق بين كونه حيا أو ميتا ولا خصوصية أيضا لهذا الاسم بل مثله كل اسم مشهور بصفة جميلة أو قبيحة فابن ماء السماء والنبطي مثالان هذا ما ظهر لي
قوله ( يا نبطي ) النبط جيل من الناس كانوا ينزلون سواد العراق ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم والجمع أنباط مثل سبب وأسباب الواحد نباطي بفتح النون وضمها وبزيادة الألف
مصباح
تنبيه في البحر أن ظاهر كلامهم أنه لا يحد في هذه المسائل سواء كان في حالة الغضب أو الرضا
قوله ( في النهر الخ ) عبارته ينبغي أن يعزر به أي بقوله يا نبطي لأن النسبة إلى الأخلاق الدنيئة تجعل شتما في الغضب ويؤيده ما في المبسوط لو قال لهاشمي لست بهاشمي عزر وعلى هذا لو نسبه لغير قبيلته أو نفاه عنها
قوله ( وفيه ) أي في النهر عن التتارخانية عن أبي يوسف
قوله ( يا حمل الزنا ) الظاهر أنه محرك الميم بقرينة ما قبله وما بعده وهو ولد الضأن في السنة الأولى والسخلة تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن ساعة تولد والجمع سخال وتجمع أيضا على سخل مثل تمرة وتمر
مصباح
قوله ( قذف ) لأن هذه الألفاظ تنبىء عن الولادة فكانت بمعنى يا ولد الزنا
قوله ( بخلاف يا كبش الزنا ) لأنه لا ينبىء عن ذلك أو لأنه يطلق على سيد القوم وقائدهم كما في القاموس
قوله ( يا حرام زاده ) لأن معناه المتولد من الوطء الحرام فيعم حالة الحيض كما سيذكره
____________________
(4/49)
الشارح مع دفع ما يرد عليه في باب التعزير
قوله ( وفيها ) أي في القنية
قوله ( فلا حد ) أي على قاذف الولد بقوله يا ولد الزنا
قوله ( لأنه ليس بزنا ) لأن الزنا إدخال رجل ذكره
فتح
قوله ( فيراد زنيت وأخذت البدل ) أي بلا استئجار
قال في البحر فإن قيل بل معناه زنيت بدرهم استؤجرت عليه فينبغي أن لا يحد في قول أبي حنيفة
قلنا هذا محتمل أيضا فيتقابل المحتملان ويبقى قوله زنيت
قوله ( لعدم العرف بأخذه للمال ) هكذا علل في الفتح والنهر وفيه نظر فإنه كما يحتمل أن يكون هو الآخذ يحتمل أن يكون هو الدافع بل هو الأظهر بقرينة العرف وهو أن الرجل يدفع المال بمقابلة الزنا نعم قد يأخذ على اللواطة به بدلا لكن الكلام في الزنا واللواطة غيره فتأمل ويؤيد ما قلنا ما في البحر ولو قال لرجل زنيت ببعير أو بناقة أو ما أشبه ذلك لا حد عليه لأنه نسبه إلى إتيان البهيمة فإن قال بأمة أو دار أو ثوب فعليه الحد كذا في الخانية والظهيرية اه
قوله ( وإنما يطلبه ) أي الحد
قوله ( بسبب ) متعلق بالقدح
قوله ( وهم الأصول والفروع ) شمل الأصول الجد ولا يخالفه قول الخانية لو قال جدك زان لا حد عليه لما في الظهيرية من أنه لا يدري أي جد هو
وفي الفتح لأن في أجداده من هو كافر فلا يكون قاذفا ما لم يعين مسلما بخلاف أنت ابن ابن الزاني لأنه قذف لجده الأدنى وشمل أيضا الأم فتطالب بقذف ولدها ويستثنى من الأصول أبو الأم وأم الأم وما في الفتح عن الخانية من ذكره أبا الأب بدل أبي الأم سبق قلم فإن الموجود في الخانية أبو الأم
وخرج الأخ والعم والعمة والمولى كما في الخانية أفاد ذلك كله في البحر
قلت والمراد بالأخ والعم أخو الميت وعمه
قوله ( محجوبا ) كالجد أو ابن الابن مع وجود الأب أو الابن ط
قوله ( أو رق أو كفر ) لأنه لا يشترط إحصان الطالب كما مر
قوله ( أو ولد بنت ) فله المطالبة بقذف جده وعن محمد خلافه والمذهب الأول لأن الشين يلحقه إذ النسب ثابت من الطرفين
بحر أي طرف الأب وطرف الأم
قلت ويشكل استثناء أبي الأم وأم الأم من الأصول كما مر فليس لهما الطلب بقذف ولد البنت وهنا أثبتوا لابن البنت الطلب بقذف أحدهما
ويمكن دفع الإشكال بكون الاستثناء المار مبنيا على قول محمد فليتأمل
الى ص
مطلب في الشرف من الأم ثم إن المراد بالنسب الجزئية فإنها مبنى ثبوت حق المطالبة هنا كما في الفتح وإلا فالنسب للأب فقط فليس فيه دليل على أن ابن الشريفة شريف ولذا قال الشارح في باب الوصية للأقارب من كتاب الوصايا إن الشرف من الأم فقط غير معتبر كما في أواخر فتاوى ابن نجيم وبه أفتى شيخنا الرملي نعم له مزية في الجملة اه
وسيأتي تمامه هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( ولو مع وجود الأقرب ) مرتبط بقوله وإنما يطلبه الخ ودخل المساوي
____________________
(4/50)
بالأولى
قوله ( للحوقهم العار ) من إضافة المصدر إلى مفعوله والعار بالرفع فاعل المصدر
ط
قوله ( بسبب الجزئية ) أي كون الميت جزءا منهم أو كونهم جزءا منه
ط
قوله ( في الغائب ) أي في قذف الغائب وكذا في الحاضر بالأولى
قوله ( للتداخل الآتي ) أي في آخر الباب وأشار إلى أن هذه المسألة من فروع تلك فكان المناسب ذكرها هناك
قوله ( ليس بقيد ) أي في التداخل فإن عليه حدا واحدا وإن كانا حيين
قوله ( بل فائدته في المطالبة ) أي في ثبوت المطالبة للابن بخلاف ما إذا كانا حيين فإن الطلب لهما
ط عن المنح
قوله ( فجاء بها ) الذي رأيته في المبسوط فأتى بها والظاهر أنه بالبناء للمجهول لما في التتارخانية وغيرها إن من مواضع الخطأ أنه ضربها بغير خصم وهذا يقتضي أن الرجل المذكور لم يرفعها إليه
قوله ( على إقرار المعتوهة ) وإقرارها هدر
مبسوط
قوله ( وألزمها الحد ) والمعتوهة ليست من أهل العقوبة
مبسوط أي لا يلزمها الحد ولو ثبت عليها ذلك بالبينة فإلزامها به خطأ من حيث ذاته وكونه بإقرارها خطأ آخر فافهم
قوله ( وحدها حدين ) ومن قذف جماعة لا يقام عليه إلا حد واحد
مبسوط
قوله ( وأقامهما معا ) ومن اجتمع عليه حدان لا يوالي بينهما كما يأتي قريبا
قوله ( وفي المسجد ) وليس للإمام أن يقيم الحد في المسجد
مبسوط
قوله ( وقائمة ) وإنما تضرب المرأة قاعدة
مبسوط
قوله ( وبلا حضرة وليها ) وإنما يقام الحد على المرأة بحضرة وليها حتى إذا انكشف شيء من بدنها في اضطرابها ستر الولي ذلك عليها
مبسوط
فالمراد بالولي من يحل نظره إليها من زوج أو محرم
قوله ( وقال في الدرر الخ ) ومثله في الفتح والبحر
قوله ( غير محصن ) يأتي محترزة قريبا
قوله ( بخلاف المتحد ) فإنه يتداخل كما مر آنفا ويأتي آخر الباب بيانه
قوله ( ولا يوالي ) الظاهر أنه مبني للمجهول ليناسب قوله قبله يقام عليه الكل ويحتمل بناؤه للفاعل وكذا قوله فيبدأ لكنه خلاف المتبادر من عبارة الشارح حيث لم يفسره بالإمام بل فسر به الضمير البارز فقط وإلا كان المناسب تقديمه فافهم
قوله ( لحق العبد ) أي لما فيه من حق العبد وإن كان الغالب فيه حق الله تعالى
قوله ( ولو فقأ ) أي فقأ عين رجل
نهر
والذي يظهر أن المراد به ذهاب البصر
رملي أي لا إذهاب الحدقة لأنه لا يمكن فيه القصاص إذ المراد أنه لو فعل مع هذه الجنايات ما يوجب القصاص فيما دون النفس من إذهاب البصر ونحوه فيبدأ به لأنه خالص حق العبد ثم بالقذف لأنه مشوب بحقه
قوله ( لو محصنا ) أما لو غير محصن فإنه يخير لأنه يقام عليه الكل ولا يلغى شيء كما مر
قوله ( ولغا غيرها )
____________________
(4/51)
هو حد السرقة والشرب لأنه محض حق الله تعالى وقد فات محله
قوله ( وضمن للسرقة ) يغني عنه ما ذكره بعده وقيد بالضمان لأنه لا يقطع لأن القطع حقه تعالى
قوله ( وترك ما بقي ) أي حد السرقة والشرب كما لو لم يوجد مع القتل غيرهما
قال في النهر ومتى اجتمعت الحدود لحق الله تعالى وفيها قتل نفس قتل وترك ما سوى ذلك لأن المقصود الزجر له ولغيره وأتم ما يكون باستيفاء النفس والاشتغال بما دونه لا يفيد اه
وفي أحكام الدين من الأشباه ما نصه ولم أر إلى الآن ما إذا اجتمع قتل القصاص والردة والزنا وينبغي تقديم القصاص قطعا لحق العبد وما إذا اجتمع قتل الزنا والردة وينبغي تقديم الرجم لأن به يحصل مقصودهما بخلاف ما إذا قدم قتل الردة فإنه يفوت الرجم اه
قوله ( لعدم قطعه ) فإن الضمان إنما يسقط لضرورة القطع ولم يوجد
نهر
قوله ( وعبد ) الواو بمعنى أو فلذا أفرد الضمير بعده
تأمل
قوله ( أي أصله وإن علا ) ذكرا كان أو أنثى فلا يطالب أباه أو جده وإن علا وأمه وجدته وإن علت
بحر
قوله ( بقذف أمه ) أي الميتة
نهر
فلو حية كانت المطالبة لها كما مر
قال في البحر وأشار إلى أنهما أي الولد والعبد لا يطالبان بقذفهما بالأولى اه أي بقذف الأب والمولي لهما
قوله ( المحصنة ) علم منه أنه لا بد أن تكون حرة
قوله ( أو نحوه ) أي كالأم وغيرها مما يقع القدح في نسبه كما مر بيانه
قوله ( ملك الطلب ) أي حيث لم يكن مملوكا للقاذف فسقوط حق بعضهم لا يوجب سقوط حق الباقين
بحر وقيد بقوله للقاذف بأنه لو كان مملوكا لغيره له الطلب كما أفاده أبو السعود الأزهري
قوله ( عزر ) ذكره في النهر بحثا أخذا مما في القنية لو قال لآخر يا حرامي زاده لا يحد ولو قاله الولد لوالده يعزر فإذا وجب التعزير بالشتم فبالقذف أولى فقوله في البحر وفي نفسي منه شيء لتصريحهم بأن الوالد لا يعاقب بسبب ولده فإذا كان لقذف لا يوجب عليه شيئا فالشتم أولى اه ممنوع
نهر
ووجه المنع أن الأولوية بالعكس كما علمته ولا يلزم من سقوط الحد بالقذف سقوط التعزير به لسقوط الحد بشبهة الأبوة لكون الغالب فيه حق الله تعالى بخلاف التعزير ولأنه لا يلزم من سقوط الأعلى سقوط الأدنى لكن لا يخفى أن قولهم لا يعاقب الوالد بسبب ولده يشمل التعزير لأنه عقوبة فبقي توقف صاحب البحر على حاله
وقد يجاب بأن القاضي لم يعاقبه لأجل ولده بل لمخالفته أمر الله تعالى
قوله ( ولا إرث فيه ) أي إذا مات المقذوف قبل إقامة الحد على القاذف أو بعد إقامة بعضه بطل الحد وليس لوارثه إقامته وهذا بخلاف ما إذا كان المقذوف ميتا فإن الطلب يثبت لأصوله وفروعه أصالة لا بطريق الإرث وتمامه في البحر
قوله ( خلافا للشافعي ) الأولى ذكره بعد قوله فيه وعنه لأن الخلاف في الكل ومبني الخلاف أن الغالب في حد القذف حق الشرع عندنا وعنده حق العبد فعنده يورث ويصح الرجوع عنه والعفو والاعتياض نظرا إلى جانب حق العبد وعندنا بالعكس نظرا إلى جانب حقه تعالى وبيان تحقيق ذلك في الفتح
قوله ( ولا اعتياض ) مقتضاه أن القاذف إذا دفع شيئا للمقذوف ليسقط حقه رجع به قال المولى سري الدين في حواشي الزيلعي وهل يسقط الحد إن كان ذلك بعد ما رفع إلى القاضي لا يسقط وإن كان قبله سقط كذا في فصول العمادي اه
____________________
(4/52)
قلت ينبغي أن يكون العفو عن هذا التفصيل ولا ينافيه قولهم إنه لا يبطل بالعفو لحمله على ما بعد المرافعة
أبو السعود
أقول والمنقول خلافه
ففي الخانية ولا يسقط هذا الحد بالعفو ولا بالإبراء بعد ثبوته وكذا إذا عفى قبل الرفع إلى القاضي اه
قوله ( ولا صلح ) فلا يجب المال وسقوط الحد على التفصيل السابق أفاده المصنف
وأورد أن الصلح هو الاعتياض فلا وجه لذكره بعده
وأجيب بأن الاعتياض يعم عقد البيع بخلاف الصلح
ط
قوله ( ولا عفو ) فلا يسقط الحد بعد ثبوته إلا أن يقول المقذوف لم يقذفني أو كذب شهودي فيظهر أن القذف لم يقع موجبا للحد لا أنه وقع ثم سقط وهذا كما إذا صدقه المقذوف
فتح
قوله ( فيه ) متعلق برجوع وقوله وعنه متعلق باعتياض وما بعده ففيه لف ونشر مرتب
قوله ( نعم لو عفا الخ ) فيه رد على بعض معاصري صاحب البحر حيث توهم من عدم صحة العفو أن القاضي يقيم الحد عليه مع عفو المقذوف متمسكا بقول الفتح لا يصح العفو ويحد
قال في البحر وهو غلط فاحش
ففي المبسوط لا يكون للإمام أن يستوفيه لأن الاستيفاء عند طلبه وقد تركه إلا إذا عاد وطلب فحينئذ يقيم الحد لأن العفو كان لغوا فكأنه لم يخاصم اه
قال فتعين حمل ما في الفتح على ما إذا عاد وطلب اه
قوله ( وكذا الخ ) دليل آخر لصاحب البحر استدل به على الرد المذكور وهو ما في كافي الحاكم لو غاب المقذوف بعد ما ضرب الحد لم يتم الحد إلا وهو حاضر لاحتمال العفو فالعفو الصريح أولى
قوله ( حدا ) أي المبتدىء والمجيب لأن كلا منهما قذف صاحبه أما الأول فظاهر وكذا الثاني لأن معناه لا بل أنت زان إذ هي كلمة عطف يستدرك به الغلط فيصير المذكور في الأول خبرا لما بعد بل بحر
ولا يحدان إلا بطلبهما ولو بعد العفو والإسقاط كما مر وقرره في البحر خلافا لما يوهمه كلام الفتح
قوله ( لغلبة حق الله تعالى ) فلو جعل قصاصا يلزم إسقاط حقه تعالى وهو لا يجوز
بحر
قلت ولعل اشتراط الطلب ولو بعد الثبوت بالنظر إلى ما فيه من حق العبد
قوله ( مثلا ) أي من كل لفظ غير موجب لحد
قوله ( ما سيجيء ) أي في باب التعزير
قوله ( أو تضاربا ) أي ولو في غير مجلس القاضي كما يفيده كلام البحر والتعليل المذكور
قوله ( لم يتكافآ ) فيعزرهما ويبدأ بتعزير المبتدىء منهما لأنه أظلم كما سيجيء
قوله ( لهتك مجلس الشرع ) أي هتك احترامه فلم يكن ذلك محض حقهما حتى يعتبر التساوي فيه وقوله ولتفاوت الضرب علة لقوله أو تضاربا ففيه لف ونشر مرتب
تنبيه لو تشاتما بين يدي القاضي هل له العفو عنهما قال في النهر لم أره والظاهر لا بخلاف قوله أخذت الرشوة من خصمي وقضيت علي فقد صرحوا بأن له أن يعفو والفرق بين اه
مطلب هل للقاضي العفو عن التعزير قلت وفيه نظر لأنهما إذا تشاتما استويا حقهما لكنهما أخلا بحرمة مجلس القاضي فبقي مجرد حقه فصار بمنزلة قوله أخذت الرشوة فله العفو
يدل عليه ما في الولوالجية لو تشاتما بين يديه ولم ينتهيا بالنهي إن حبسهما وعزرهما فهو حسن لئلا يجترىء بذلك غيرهما فيذهب ماء وجه القاضي وإن عفى عنهما فهو حسن لأن العفو مندوب
____________________
(4/53)
إليه في كل أمر اه
وسنذكر في التعزير الاختلاف في أن الإمام هل له العفو والتوفيق لصاحب القنية بأن له ذلك في الواجب حقا لله تعالى بخلاف ما كان لجناية على العبد فإن العفو فيه للمجني عليه والظاهر أن تشاتمهما عند القاضي
وقوله أخذت الرشوة اجتمع فيه حق الشرع مع حق العبد وهو القاضي وترجح فيه حقه فكان حق عبد كما يفيده كلام الولوالجية وإلا لم يكن له العفو
تأمل
قوله ( ولو قاله لعرسه ) أي لو قال لزوجته يا زانية
قوله ( وهو من أهل الشهادة ) قيد به لأنه إذا لم يكن أهلا لها لا يكون موجب قذفه لعانا بل حدا فيحد اه
ح عن إيضاح الإصلاح لابن كمال أي فيحد كل منهما بطلبهما كما لو للقاله لغير عرسه وهو المسألة المارة
قوله ( فردت به ) أي بذلك اللفظ بأن قالت بل أنت
قوله ( ولا لعان ) لأنها لما حدت في القذف لم تبق أهلا للعان لأنه شهادة ولا شهادة للمحدود في قذف
قوله ( الأصل الخ ) جواب عما قد يقال لم قدم حدها حتى سقط اللعان مع أنه لو قدم اللعان لا يسقط حد القذف عنها لأن حد القذف يجري على الملاعنة كما في الفتح
قوله ( واللعان في معنى الحد ) استئناف لبيان دخول المسألة تحت هذا الأصل فافهم
قوله ( ولذا ) أي لكونه في معنى الحد
قوله ( بدىء بالحد الخ ) الأولى أن يقول فبدىء بالحد ينفي اللعان لأن البداءة بالحد موقوفة على مخاصمة الأم أولا فيسقط اللعان لأنه بطلت شهادة الرجل أما لو خاصمت المرأة أولا فلاعن القاضي بينهما ثم خاصمت الأم يحد الرجل للقذف كما في البحر
قوله ( ولو قالت في جوابه ) أي في جواب قول الزوج لها يا زانية
قوله ( للشك ) لأنه يحتمل أنها أرادت به ما قبل النكاح فتحد لقذفها ولا لعان لتصديقها إياه أو ما كان معه بعد النكاح وأطلقت عليه زنا للمشاكلة فيجب اللعان دون الحد لوجود القذف منه وعدمه منها والحكم بتعيين أحدهما بعينه متعذر فوقع الشك في كل من وجوب اللعان والحد فلا يجب واحد منهما بالشك حتى لو زال الشك بأن قالت قبل أن أتزوجك أو كانت أجنبية حدت فقط وهو ظاهر اه
نهر وغيره
قوله ( قيد بالخطاب ) أي بكاف الخطاب فافهم
قوله ( حد وحده ) في بعض النسخ حد وحدت وهو تحريف لأن الذي في الخانية أن قوله أنت أزنى مني ليس بقذف لما قدمناه من أن معناه أنت أقدر على الزنا نعم على ما مر عن الظهيرية من أنه قذف تحد هي أيضا
وقد يقال إن الحد عليها وحدها لأنه إذا كان قذفا يكون تصديقا له في أنها زانية على ما هو الأصل في أفعل التفضيل من اقتضائه المشاركة والزيادة
تأمل
قوله ( ولو كان ذلك ) أي المذكور من قوله يا زانية وردها بقوله زنيت بك
قوله ( حدت ) لزوال الشك كما مر
قوله ( لتصديقها ) علة لقوله دونه أي لا يحد هو أيضا لأنها صدقته
قوله ( يلاعن ) لأن النسب لزمه بإقراره وبالنفي بعده صار قاذفا لزوجته فيلاعن
نهر قوله ( وإن عكس ) بأن نفاه أولا ثم أقر به قبل اللعان حد لأنه لما أكذب نفسه بطل اللعان الذي كان وجب بنفي الولد لأنه ضروري صير إليه ضرورة التكاذب بين الزوجين فكان خلفا عن الحد فإذا بطل صير إلى الأصل
قوله ( لإقراره ) أي سابقا ولاحقا واللعان يصح بدون قطع النسب كما يصح بدون الولد
بحر
قوله ( فهدر ) أي لا يتعلق به حد ولا لعان
بحر
قوله ( لأنه أنكر الولادة ) وبه لا يصير قاذفا ولذا لو قال لأجنبي لست بابن فلان وفلانة وهما أبواه لا يجب عليه شيء
زيلعي
قوله ( لأن الهاء تحذف للترخيم ) كذا علله في الفتح وعلله
____________________
(4/54)
في الجوهرة بأن الأصل في الكلام التذكير
قوله ( قلنا الأصل الخ ) كذا علله في الفتح وعلله في الجوهرة بأن الأصل في الكلام التذكير
قوله ( قلنا الأصل الخ ) قد علمت أن هذا تعليل المسألة الوفاقية وعلل لهذه في الجوهرة وغيرها بأنه أحال كلامه فوصف الرجل بصفة المرأة
وقال في الفتح ولهما أنه رماه بما يستحيل منه فلا يحد كما لو قذف مجبوبا وكما لو قال أنت محل للزنا لا يحد وكون التاء للمبالغة مجاز بل هي لما عهد لها من التأنيث
ولو كان حقيقة فالحد لا يجب بالشك
قوله ( في بلد القذف ) أي لا في كل البلاد
بحر
وهذا أعم من مجهول النسب لأنه من لا يعرف له أب في مسقط رأسه
شرنبلالية
قوله ( أو من لاعنت بولد ) أي سواء كان حيا أو ميتا وهذا إذا قطع القاضي نسب الولد وألحقه بأمه وبقي اللعان فلو لاعنت بغير ولد أو لاعنت بولد ولم يقع نسبه أو بطل اللعان بإكذاب الزوج نفسه ثم قذفها رجل وجب الحد
أفاده في البحر
قوله ( لأنه ) أي الولد في المسألتين أمارة أي علامة الزنا ففاتت العفة
قوله ( أو بقذف رجل وطىء في غير ملكه الخ ) الأصل فيه أن من وطىء وطئا حراما لعينه لا يحد قاذفه لأن الزنا هو الوطء المحرم لعينه وإن كان محرما لغيره يحد قاذفه لأنه ليس بزنا فالوطء في غير ملكه من كل وجه أو من وجه حرام لعينه وكذا الوطء في الملك والحرمة مؤبدة بشرط ثبوتها بالإجماع أو بالحديث المشهور عند أبي حنيفة لتكون ثابتة من غير تردد بخلاف ثبوت المصاهرة بالمس والتقبيل لأن فيها خلافا ولا نص فيها بل هي احتياط
أما ثبوتها بالوطء فهو بنص { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم } سورة النساء الآية 22 ولا يعتبر الخلاف مع النص فإنت كانت الحرمة مؤقتة فالحرمة لغيره وتمامه في الهداية وشروحها
قوله ( كأمة ابنه ) مثل له في الفتح بقوله كوطء الحرة الأجنبية والمكرهة فالموطوءة إذا كانت مكرهة يسقط إحصانها فلا يحد قاذفها لأن الإكراه يسقط الإثم ولا يخرج الفعل عن كونه فكذا يسقط إحصانها كما يسقط إحصان المكره الواطىء
قوله ( كأمة مشتركة ) أي بين الواطىء وغيره
قوله ( أو في ملكه المحرم أبدا ) إسناد الحرمة إلى الملك من إسناد ما للمسبب إلى سببه لأن المحرم هو المتعة والملك سببها
واحترز بقوله أبدا عن الحرمة المؤقتة ويأتي أمثلتها قريبا وترك اشتراط ثبوت الحرمة بالإجماع
قوله ( في الأصح ) احتراز عن قول الكرخي كالأئمة الثلاثة إنه يحد قاذفه لقيام الملك فكان كوطء أمته المجوسية
وجه الصحيح أن الحرمة في المجوسية ونحوها يمكن ارتفاعها فكانت مؤقتة بخلاف حرمة الرضاع فلم يكن المحل قابلا للحل أصلا فكيف يجعل حراما لغيره فتح
قوله ( لفوات العفة ) تعليل للمسائل الثلاث أي وإذا زالت العفة زال الإحصان والنص إنما أوجب الحد على من رمى المحصنات وفي معناه المحصنين رميه رمي غير المحصن ولا دليل يوجب الحد فيه نعم هو محرم بعد التوبة فيعزر
فتح
قوله ( أو بقذف من زنت في كفرها ) الأنوثة غير قيد كما في الفتح وأطلقه فشمل الحربي والذمي وما إذا كان الزنا في دار الإسلام أو في دار الحرب وما إذا قال له زنيت وأطلق ثم أثبت أنه زنى في كفره أو قال له زنيت وأنت كافر فهو كما قال لمعتق زنيت وأنت عبد بحر
وما ذكره من شمول الإطلاق والإسناد إلى وقت الكفر هو المتبادر من إطلاق المصنف كالكنز والهداية والزيلعي والاختيار وغيرها
ويخالفه ما في الفتح من أن المراد قذفها بعد الإسلام بزنا كان في نصرانيتها بأن قال زنيت وأنت كافرة كما لو قال قذفتك بالزنا وأنت أمة فلا حد عليه لأنه إنما أقر أنه قذفها في حال لو علمنا منه صريح القذف لم يحد لأن الزنا يتحقق من الكافر ولذا يقام عليه الحد حدا لا الرجم ولا يسقط الحد بالإسلام وكذا
____________________
(4/55)
العبد اه
وتبعه في الشرنبلالية
ومقتضاه أنه لو قال زنيت وأطلق يحد إلا أن يقال أنه يحد مع الإطلاق إذا لم يكن زناه في كفره ثابتا فلو كان ثابتا لا يحد ولذا قيده في البحر بقوله ثم أثبت أنه زنى في كفره وهو المفهوم من كلام المصنف كغيره حيث جعل موضوع المسألة قذف من زنت في كفرها فمقتضاه ثبوت الزنا في حال كفرها وأما لو قال قذفتك وأنت أمة فلا يحتاج إلى ثبوت زناها لما مر من التعليل
قوله ( مات عن وفاء ) وكذا لو مات عن غير وفاء بالأولى لموته عبدا
بحر
قوله ( في حريته ) أي التي هي شرط الإحصان قوله ( وحد الخ ) شروع في محترز قوله أو في ملكه المحرم أبدا فإن الحرمة في هذه المذكورات مؤقتة ومثل الحائض المظاهر منها والصائمة صوم فرض ومثل الأمة المجوسية الأمة المتزوجة والمشتراة شراء فاسدا لأن الشراء الفاسد يوجب الملك بخلاف المنكوحة نكاحا فاسدا فإن الملك لا يثبت فيه فلذا يسقط إحصانه بالوطء فيه فلا يحد قاذفه كما في الفتح
قوله ( ومسلم ) بالجر وفي بعض النسخ ومسلما بالنصب فالأول عطف على لفظ واطىء والثاني على محله
قوله ( لثبوت ملكه فيهن ) أي في هذه المسائل ففي بعضها ملك نكاح وفي بعضها ملك يمين وحرمة المتعة فيها ليست مؤبدة بل مؤقتة كما علمت فكان الوطء فيها حراما لغيره لا لعينه فلم يكن زنا لأن الزنا ما كان بلا ملك
قوله ( وفي الذخيرة خلافهما ) وأصله أن تزوج المجوسي له حكم الصحة عنده وحكم البطلان عندهما
غاية البيان
قوله ( مستأمن ) بكسر الميم الثانية كما يأتي في بابه
قوله ( لأنه التزم الخ ) أي وحد القذف فيه حق العبد كما مر
قوله ( بخلاف حد الزنا والسرقة ) أي فلا يلزمه خلافا لأبي يوسف
قوله ( فيحد في الكل ) أي اتفاقا قوله ( غاية ) أي غاية البيان
قوله ( لكن الخ ) استدرك على قوله إلا الخمر فإنه بإطلاقه شامل لما إذا سكر منه فافهم
قوله ( أيضا ) أي كما يحد للزنا والسرقة لكن قدمنا أن المذهب أنه لا يحد
قوله ( وفي السراجية الخ ) تقييد لقوله إلا الخمر
قوله ( حد ) أي إذا لم يتقادم على ما مر بيانه في الباب السابق
قوله ( لا ) أي لا يحد لأن شهادتهم قامت على مسلم فلم تقبل
قوله ( على زناه ) أي زنا بالمقذوف
قوله ( لسقوط إحصانه ) لا محل لذكره هنا لأن جواب المسألة هو قول المصنف حد المقذوف فالكلام في حد المقذوف لا في حد القاذف وقدمنا قريبا عن الفتح أن الزنا يتحقق من الكافر ويقام عليه حد الجلد لا الرجم ولا يسقط الحد بالإسلام وقدمه الشارح أيضا عند بيان شروط الإحصان نعم هذا التعليل يناسب سقوط الحد عن القاذف وإذا كان جواب المسألة حد المقذوف يلزم منه سقوط الحد عن القاذف فلم يكن التعليل خارجا عن المناسبة من كل وجه كيف والباب معقود لحد القاذف دون المقذوف فافهم
قوله ( كما مر ) أي نظير ما مر من كونه في أربعة مجالس
قوله ( وقد حرر في البحر الخ ) أي في باب حد الزنا وذكر مثله هنا في الشرنبلالية عن البدائع
____________________
(4/56)
والحاصل أن تعبير الدرر بالإقرار لا يناسب قوله حد المقذوف وإنما يناسب لو قال سقط الحد عن القاذف وهو الأولى لأن الباب معقود له لا لحد المقذوف
قال في الفتح فإن شهد رجلان أو رجل وامرأتان على إقرار المقذوف بالزنا يدرأ عن القاذف الحد وعن الثلاثة أي الرجل والمرأتين لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة فكأنا سمعنا إقراره بالزنا اه
ونحوه ما يذكره الشارح قريبا عن الملتقط فقوله لا تعتبر أصلا الخ أي بالنسبة إلى حد المقذوف
مطلب لا تسمع البينة مع الإقرار إلا في سبع قوله ( لا تسمع مع الإقرار إلا في سبع ) في وارث مقر بدين على الميت فتسمع للتعدي أي تعدي الحكم بالدين إلى باقي الورثة وفي مدعى عليه أقر بالوصاية فبرهن الوصي وفي مدعى عليه أقر بالوكالة فيثبتها الوكيل دفعا للضرر
وفي الاستحقاق إذا أقر المستحق عليه ليتمكن من الرجوع على بائعه وفيما لو خوصم الأب بحق عن الصبي فأقر لا يخرج عن الخصومة فتسمع البينة عليه بخلاف الوصي وأمين القاضي وفيما لو أقر الوارث للموصى له وفيما لو آجر دابة بعينها من رجل ثم من آخر فبرهن الأول على المؤجر تقبل وإن كان مقرا له اه
ملخصا
قوله ( حد المقذوف ) أي دون القاذف كما علمت وترك التصريح به لظهوره
قوله ( بحد متقادم ) تقدم بيانه في باب الشهادة على الزنا
قوله ( وإن عجز عن البينة للحال الخ ) أما لو أقام شاهدين لم يزكيا أو شاهدا واحدا وادعى أن الثاني في المصر فإنه يحبسه ثلاثة أيام للتزكية أو لإحضار آخر كما قدمناه أول الباب
قوله ( إلى قيام المجلس ) أي مقدار قيام القاضي من مجلسه
فتح
قوله ( ولا يكفل الخ ) لأن سبب وجوب الحد ظهر عند القاضي فلا يكون له أن يؤخر الحد لتضرر المقذوف بتأخير دفع العار عنه وإلى آخر المجلس قليل لا يتضرر
وفي قول أبي يوسف الآخر وهو قول محمد يكفل فلذا يحبس عندهما في دعوى الحد والقصاص ولا خلاف أنه لا يكفل بنفس الحد والقصاص
وكان أبو بكر الرازي يقول مراد أبي حنيفة أن القاضي لا يجبره على إعطاء الكفيل فأما إذا سمحت نفسه به فلا بأس لأن تسليمه نفسه مستحق عليه والكفيل بالنفس إنما يطالب بهذا القدر
فتح
قوله ( درىء الحد الخ ) لأن الفاسق فيه نوع قصور وإن كان من أهل الأداء والتحمل ولذا لو قضى بشهادته نفذ عندنا فيثبت بشهادتهم شبهة الزنا فيسقط الحد عنهم وعن القاذف وكذا عن المقذوف لاشتراط العدالة في الثبوت
وأما لو كانوا عميانا أو عبيدا أو محدودين في قذف أو كانوا ثلاثة فإنهم يحدون للقذف دون المشهود عليه لعدم أهلية الشهادة فيهم أو عدم النصاب كما تقدم في باب الشهادة على الزنا
قلت والظاهر أن القاذف يحد أيضا لأن الشهود إذا حدوا مع أنهم إنما تكلموا على وجه الشهادة لا على وجه القذف يحد القاذف بالأولى ولم أره صريحا وهذا بخلاف شهادة الاثنين على الإقرار كما مر قريبا
قوله ( يكتفي بحد واحد الخ ) أفاد أن الحد وقع بفعل المتكرر إذ لو حد للأول ثم فعل الثاني يحد حدا آخر للثاني سواء
____________________
(4/57)
كان قذفا أو زنا أو شربا كما صرح به في الفتح وغيره
بحر
لكن استثنى ما إذا قذف المحدود ثانيا المقذوف الأول كما يأتي قريبا
قوله ( اتحد جنسها ) بأن زنا أو شرب أو قذف مرارا
كنز وكذا السرقة
بحر
قوله ( كما بيناه ) أي عند قوله اجتمعت عليه أجناس مختلفة الخ
قوله ( بكلمة ) مثل أنتم زناة
نهر
ومثله يا ابن الزانيين كما مر أول الباب
قوله ( إلا سوطا ) احتراز عما لو تمم الحد ثم قذف رجلا آخر فإنه يحد ثانيا
قوله ( في المجلس ) لم أر من صرح بمحترزه
قوله ( ولا شيء للثاني للتداخل ) والأصل أنه متى بقي عليه من الحد الأولى شيء فقذف آخر قبل تمامه ضرب بقية الأول ولم يحد للثاني
جوهرة
قلت وقيد ذلك في البحر والنهر بما إذا حضرا جميعا لما في المحيط والتبيين لو ضرب للزنا أو للشرب بعض الحد فهرب ثم زنى أو شرب ثانيا حد حدا مستأنفا ولو كان ذلك في القذف فإن حضر الأول والثاني جميعا أو الأول كمل الأول ولا شيء للثاني للتداخل وإن حضر الثاني وحده يجلد حدا مستقبلا للثاني ويبطل الأول لعدم دعواه اه أي لعدم دعوى الأول تكميل الحد الواجب له لأنه بمنزلة العفو ابتداء فكما لا يقام له الحد ابتداء إلا بطلبه كذلك لا يكمل له إلا بطلبه هذا ما ظهر لي فتأمل
والحاصل أنه إنما يكتفي بتكميل الحد الأول إن طلب المقذوف الأول وحده أو مع الثاني فلو طلب الثاني وحده حد له حدا مستقبلا كحد الزنا والشرب
وبه علم أن شرط تكميل الأول حضور الأول فقط وأن التداخل قد يكون بتداخل الثاني فيما بقي من الأول وقد يكون بتداخل ما بقي من الأول في الثاني وذلك فيما يحد به حدا مستقبلا كما علمت آنفا ومر أيضا قبيل هذا الباب في قول المصنف أقيم عليه بعض الحد فهرب وشرب ثانيا يستأنف فما ظنه بعض المحشين من التعارض بين ما مر وما هنا فهو خطأ لما علمت من اختلاف الموضوع
قوله ( وما إذا قذف الخ ) معطوف كسابقه على قوله ما إذا اتحد
قوله ( فعتق ) بالبناء للفاعل لأنه لازم لا يتعدى إلا بالهمزة
ط عن ابن الشحنة
قوله ( فإن آخذه الثاني ) أي طالبه في أثناء الحد أو بعد تمامه ط
قوله ( ثم قذفه ) أي قذف المقذوف أو لا بخلاف ما إذا قذف شخصا آخر بعد حده للأول فإنه يحد للثاني كما قدمناه
قوله ( لأن المقصود الخ ) قال في البحر لا يخفى ما فيه فإنه بالحد الأول لم يظهر كذبه في إخبار مستقبل بل فيما أخبر به ماضيا قبل الحد ولهذا قال في الفتح وصار كما لو قذف شخصا فحد به ثم قذفه بعين ذلك الزنا بأن قال أنا باق على نسبتي إليه الزنا الذي نسبته إليه لا يحد ثانيا فكذا هذا أما لو قذفه بزنا آخر حد به اه
لكن في الظهيرية ومن قذف إنسانا فحد ثم قذفه ثانيا لم يحد
والأصل فيه ما روى أن أبا بكرة لما شهد على المغيرة بالزنا وجلده عمر لقصور العدد بالشهادة كان يقول بعد ذلك في المحافل أشهد أن المغيرة لزان فأراد عمر أن يحده ثانيا فمنعه علي فرجع إلى قوله وصارت المسألة إجماعا اه
فظهر أن المذهب إطلاق المسألة كما ذكره الزيلعي اه
ما في البحر
وتبعه في النهر أي المذهب أنه شامل لما إذا قذفه بعين الزنا الأول أو بزنا آخر خلافا لما قاله في الفتح
قلت والذي يظهر لي أن الصواب ما في الفتح وأنه إذا صرح بنسبته إلى زنا غير الأول يحد ثانيا كما لو قذف
____________________
(4/58)
شخصا آخر لأنه لم يظهر كذبه في القذف الثاني بخلاف ما إذا حد ثم قذفه بالزنا الأول أو أطلق لحمل إطلاقه على الأول لأن المحدود بالقذف يكرر كلامه بعد القذف لإظهار صدقه فيما حد بسببه كما فعله أبو بكرة فإن قوله أشهد إن المغيرة لزان لم يرد به زنا آخر وبه ظهر أن ما في الظهيرية لا ينافي ما في الفتح فلا يصلح للاستدراك به عليه
قوله ( ومفادة الخ ) أي مفاد ما مر عن الزيلعي من انتفاء الحد ثانيا حيث اتحد المقذوف أنه لو تعدد يحد وقدمنا التصريح به عن الفتح وغيره فإذا قذف شخصا بالزنا فحد له ثم قال له يا ابن الزانية فإنه يحد ثانيا وإن كانت أم المقذوف ميتة وكان الطلب له لأن الثاني قذف لأمه وكذا يحد بالأولى لو كانت الأم حية فخاصمته
قوله ( إن التعزير يتعدد الخ ) جزم به مع أن المصنف قال لم أر من صرح به لكنه يؤخذ من كلامهم اه ط
والمراد التعزير الذي هو حق العبد كما يفيده التعليل وسيأتي تمام الكلام على ذلك عند قول المصنف في الباب الآتي وهو حق العبد
قوله ( قلنا ) أي في وجه الاستحسان بإبداء الفارق وهو أن حد الزنا أو الشرب ليس له مطالب مخصوص فكان استيفاؤه للقاضي ابتداء والقاضي مندوب أي مأمور بالدرء أي درء الحد بالستر عليه كما مر في الشاهد للخبر وهو حديث من رأى عورة فسترها كن كمن أحيا موءودة فإذا أعرض القاضي عما ندب إليه وأراد استيفاءه لحقته تهمة بذلك فلم يجز له استيفاؤه بخلاف حد القذف والقود فإن له مطالبا وهو المقذوف وولي المقتول حتى قيل إن إقامة التعزير لصاحبه كالقصاص كما نقله في المجتبى فلم يوجد من القاضي تهمة فيه فكان له استيفاؤه فيما بينه وبين الله تعالى لأن القضاء ليس شرطا لاستيفاء القصاص بل للتمكين كما مر قبيل باب الشهادة على الزنا هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل فتأمله والله سبحانه أعلم
باب التعزير لما ذكر الزواجر المقدرة شرع في غير المقدرة وأخرها لضعفها وألحقه بالحدود مع أن منه محض حق العبد لما أنه عقوبة وتمامه في النهر
قوله ( هو لغة التأديب مطلقا ) أي بضرب وغيره دون الحد أو أكثر منه
ويطلق على التفخيم والتعظيم ومنه { وتعزروه وتوقروه } سورة الفتح الآية 9 فهو من أسماء الأضداد
قوله ( غلط ) لأن هذا وضع شرعي لا لغوي إذ لم يعرف إلا من جهة الشرع فكيف نسب لأهل اللغة الجاهلين بذلك من أصله والذي في الصحاح بعد تفسيره بالضرب ومنه سمى ضرب ما دون الحد تعزيرا فأشار إلى أن هذه الحقيقة الشرعية منقولة عن الحقيقة اللغوية بزيادة قيد هو كون ذلك الضرب دون الحد الشرعي فهو كلفظ الصلاة والزكاة ونحوهما المنقولة لوجود المعنى اللغوي فيها وزيادة وهذه دقيقة مهمة تفطن لها صاحب الصحاح وغفل عنها صاحب القاموس وقد وقع له نظير ذلك كثيرا وهو غلط يتعين التفطن له اه
نهر عن ابن حجر المكي
وأجيب بأنه لم يلتزم الألفاظ اللغوية فقط بل يذكر المنقولات الشرعية والاصطلاحية وكذا الألفاظ الفارسية تكثيرا
____________________
(4/59)
للفوائد وفيه نظر لأن كتابة موضوع لبيان المعاني اللغوية فحيث ذكر غيرها كان عليه التنبيه عليه لئلا يوقع الناظر في الاشتباه
قوله ( تأديب دون الحد ) الفرق بين الحد والتعزير أن الحد مقدر والتعزير مفوض إلى رأي الإمام وأن الحد يدرأ بالشبهات والتعزير يجب معها وأن الحد لا يجب على الصبي والتعزير شرع عليه
والرابع أن الحد يطلق على الذمي والتعزير يسمى عقوبة له لأن التعزير شرع للتطهير تتارخانية
وزاد بعض المتأخرين أن الحد مختص بالإمام والتعزير يفعله الزوج والمولى وكل من رأى أحدا يباشر المعصية وأن الرجوع يعمل في الحد لا في التعزير وأنه يحبس المشهود عليه حتى يسأل عن الشهود في الحد لا في التعزير وأن الحد لا تجوز الشفاعة فيه وأنه لا يجوز للإمام تركه وأنه قد يسقط بالتقادم بخلاف التعزير فهي عشرة
قلت وسيجيء غيرها عند قوله وهو حق العبد
قوله ( أكثره تسعة وثلاثون سوطا ) لحديث من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين وحد الرقيق أربعون فنقص عنه سوطا وأبو يوسف اعتبر أقل حدود الأحرار لأن الأصل الحرية فنقص سوطا في رواية عنه
وظاهر الرواية عنه تنقيص خمسة كما روى عن علي
ويجب تقليد الصحابي فيما لا يدرك بالرأي لكنه غريب عن علي وتمامه في الفتح
وفي الحاوي القدسي قال أبو يوسف أكثره في العبد تسعة وثلاثون سوطا وفي الحر خمسة وسبعون سوطا وبه نأخذ اه
فعلم أن الأصح قول أبي يوسف
بحر
قلت يحتمل أن قوله وبه نأخذ ترجيح للرواية الثانية عن أبي يوسف على الرواية الأولى لكون الثانية هي ظاهر الرواية عنه ولا يلزم من هذا ترجيح قوله على قولهما الذي عليه متون المذهب مع نقل العلامة قاسم تصحيحه عن الأئمة ولذا لم يعول الشارح على ما في البحر وعن أبي يوسف أنه يقرب كل جنس إلى جنسه فقرب اللمس والقبلة من حد الزنا وقذف غير المحصن أو المحصن بغير الزنا من حد القذف صرفا لكل نوع إلى نوعه
وعنه أنه يعتبر على قدر عظم الجرم وصغره
زيلعي
قوله ( وأقله ثلاثة ) أي أقل التعزير ثلاث جلدات وهكذا ذكره القدوري فكأنه يرى أن ما دونها لا يقع به الزجر وليس كذلك بل يختلف ذلك باختلاف الأشخاص فلا معنى لتقديره مع حصول المقصود بدونه فيكون مفوضا إلى رأي القاضي يقيمه بقدر ما يرى المصلحة فيه على ما بينا تفاصيله وعليه مشايخنا رحمهم الله تعالى
زيلعي ونحوه في الهداية
قال في الفتح فلو رأى أنه ينزجر بسوط واحد اكتفى به وبه صرح في الخلاصة
ومقتضى الأول أنه يكمل له ثلاثة لأنه حيث وجب التعزير بالضرب فأقل ما يلزم أقله إذ ليس وراء الأقل شيء ثم يقتضي أنه لو رأى أنه إنما ينزجر بعشرين كانت أقل ما يجب فلا يجوز نقصه عنها فلو رأى أنه لا ينزجر بأقل من تسعة وثلاثين صار أكثره أقل الواجب وتبقى فائدة تقدير الأكثر بها أنه لو رأى أنه لا ينزجر إلا بأكثر منها يقتصر عليها ويبدل ذلك الأكثر بنوع آخر وهو الحبس مثلا
قوله ( لو بالضرب ) يعني أن تقدير التعزير بما ذكر إنما هو فيما لو رأى القاضي تعزيره بالضرب فليس له الزيادة على الأكثر فلا ينافي ما يأتي من أن التعزير ليس فيه تقدير بل هو مفوض إلى رأي القاضي لأن المراد تفويض أنواعه من ضرب ونحوه كما يأتي
قوله ( على أربع مراتب ) تعزير أشراف الأشراف وهم العلماء والعلوية بالإعلام بأن يقول له القاضي بلغني أنك تفعل كذا فينزجر به
وتعزير الأشراف وهم نحو الدهاقين بالإعلام والجر إلى باب القاضي والخصومة في ذلك
وتعزير الأوساط وهم السوقة بالجر والحبس
وتعزير الأخساء بهذا كله وبالضرب اه
ومثله في الفتح عن الشافي والزيلعي عن النهاية ويأتي الكلام عليه
والدهاقين جمع دهقان بكسر الدال وقد نضم
____________________
(4/60)
وهو معرب يطلق على رئيس القرية والتاجر ومن له مال وعقار
مصباح
قوله ( وكله مبني الخ ) أي كل ما ذكر من المراتب الأربعة ولا يصح أن يرجع إلى ما في المتن أيضا لأن ما ذكر فيه من التقدير لا فرق فيه بين القول بالتفويض وعدمه كما علمت فافهم
ثم إن ما ذكره من أنه مخالف للقول بالتفويض هو ما فهمه في البحر حيث قال وظاهره أنه ليس مفوضا إلى رأي القاضي وأنه ليس له التعزير بغير المناسب لمستحقه وظاهر الأول أي القول بالتفويض أن له ذلك اه
قلت وفيه كلام نذكره قريبا
قوله ( فإن من كان الخ ) سنذكر ما يؤيده قريبا
قوله ( ولا يفرق الضرب فيه ) بل يضرب في موضع واحد لأنه جرى فيه التخفيف من حيث العدد فلو خفف من حيث التفريق أيضا يفوت المقصود من الانزجار
قوله ( وقيل يفرق ) ذكره محمد في حدود الأصل والأول ذكره في أشربة الأصل
قوله ( ووفق الخ ) فليس في المسألة روايتان بل اختلاف الجواب لاختلاف الموضوع وهذا التوفيق مذكور في شروح الهداية والكنز
قوله ( وإلا لا ) أي إن لم يبلغ الأكثر بل كان بالأدنى كثلاث ونحوها لأنه لا يفسد العضو كما في الفتح وبه علم أن المراد بالأقصى الأكثر أو ما قاربه مما يخشى من جمعه على عضو واحد إفساده فافهم
قال الزيلعي ويتقي المواضع التي تتقى في الحدود أي كالرأس والمذاكير
قوله ( ويكون ) أي التعزير به أي بالضرب الخ وليس مراده حصر أنواعه فيما ذكر كما يفيده قوله الآتي ويكون بالنفي
عن البدائع
قلت ويكون أيضا بالتشهير والتسويد لشاهد الزور كما سنذكره آخر الباب
قوله ( وبالصفع ) هو أن يبسط الرجل كفه فيضرب بها قفا الإنسان أو بدنه فإذا قبض كفه ثم ضربه فليس بصفع بل يقال ضربه بجمع كفه
مصباح
قوله ( فيصان عنه أهل القبلة ) وإنما يكون لأهل الذمة عند أخذ الجزية منهم
مطلب في التعزير بأخذ المال قوله ( لا بأخذ مال في المذهب ) قال في الفتح وعن أبي يوسف يجوز التعزير للسلطان بأخذ المال وعندهما وباقي الأئمة لا يجوز اه
ومثله في المعراج وظاهره أن ذلك رواية ضعيفة عن أبي يوسف
قال في الشرنبلالية ولا يفتى بهذا لما فيه من تسليط الظلمة على أخذ مال الناس فيأكلونه اه
ومثله في شرح الوهبانية عن ابن وهبان
قوله ( وفيه الخ ) أي في البحر حيث قال وأفاد في البزازية أن معنى التعزير بأخذ المال على القول به إمساك شيء من ماله عند مدة لينزجر ثم يعيده الحاكم إليه لا أن يأخذه الحاكم لنفسه أو لبيت المال كما يتوهمه الظلمة إذ لا يجوز لأحد من المسلمين أخذ مال أحد بغير سبب شرعي
وفي المجتبى لم يذكر كيفية الأخذ ورأى أن يأخذها فيمسكها فإن أيس من توبته يصرفها إلى ما يرى
وفي شرح الآثار التعزير بالمال كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ اه
____________________
(4/61)
والحاصل أن المذهب عدم التعزير بأخذ المال وسيذكر الشارح في الكفالة عن الطرسوسي أن مصادرة السلطان لأرباب الأموال لا تجوز إلا لعمال بيت المال أي إذا كان يردها لبيت المال
قوله ( والتعزير ليس فيه تقدير ) أي ليس في أنواعه وهذا حاصل قوله قبله ويكون به وبالصفع الخ
قال في الفتح وبما ذكرنا من تقدير أكثره يعرف ما ذكر من أنه ليس في التعزير شيء مقدر بل مفوض إلى رأي الإمام أي من أنواعه فإنه يكون بالضرب وبغيره
أما إذا اقتضى رأيه الضرب في خصوص الواقعة فإنه حينئذ لا يزيد على تسعة وثلاثين اه
قلت نعم له الزيادة من نوع آخر بأن يضم إلى الضرب الحبس كما يذكره المصنف وذلك يختلف باختلاف الجناية والجاني
قال الزيلعي وليس في التعزير شيء مقدر وإنما هو مفوض إلى رأي الإمام على ما تقتضي جنايتهم فإن العقوبة فيه تختلف باختلاف الجناية فينبغي أن يبلغ غاية التعزير في الكبيرة كما إذا أصاب من الأجنبية كل محرم سوى الجماع أو جمع السارق المتاع في الدار ولم يخرجه وكذا ينظر في أحوالهم فإن من الناس من ينزجر باليسير ومنهم من لا ينزجر إلا بالكثير
وذكر في النهاية التعزير على مراتب إلى آخر ما مر عن الدرر
أقول وظاهر عبارته أن قوله وذكر في النهاية إلخ بيان لقوله وكذا ينظر في أحوالهم الخ أي أن أحوال الناس على أربع مراتب فلا يكون ما في النهاية والدرر مخالفا للقول بالتفويض وحينئذ فيكون المراد بالمرتبة الأولى وهي أشراف الأشراف من كان ذا مروءة صدرت منه الصغيرة على سبيل الزلة والندور فلذا قالوا تعزيره بالإعلام لأنه في العادة لا يفعل ما يقتضي التعزير بما فوق ذلك ويحصل انزجاره بهذا القدر من التعزير فلا ينافي أنه على قدر الجناية أيضا حتى لو كان من الأشراف لكنه تعدى طوره ففعل اللواطة أو وجد مع الفسقة في مجلس الشرب ونحوه لا يكتفي بتعزيره بالإعلام فيما يظهر لخروجه عن المروءة لأن المراد بها كما في الفتحوغيره الدين والصلاح وسيأتي آخر الباب أنه لو تكرر منه الفعل يضرب التعزير فهذا صريح في أنه بالتكرار لم يبق ذا مروءة وهذا مؤيد لما قدمه عن النهر من أنه لو ضرب غيره فأدماه لا يكفي تعزيره بالإعلام الخ
ثم رأيت في الشرنبلالية عين ما بحثته حيث قال ولا يخفى أن هذا أي الاكتفاء بتعزيره بالإعلام إنما هو مع ملاحظة السبب فلا بد أن يكون مما يبلغ به أدنى الحد كما إذا أصاب من أجنبية غير الجماع اه
فهذا صريح في أن من كان من الأشراف يعزر على قدر جنايته وأنه لا يكتفي فيه بالإعلام إذا كانت جنايته فاحشة تسقط بها مروءته فقد ثبت بما قلنا عدم مخالفة ما في الدرر للقول بتفويضه للقاضي وأن المعتبر حال الجناية والجاني
خلافا لما فهمه في البحر كما قدمناه فاغتنم هذا التحرير المفرد
قوله ( وعليه مشايخنا ) قدمنا عبارة الزيلعي عند قوله وأقله ثلاثة
مطلب يكون التعزير بالقتل قوله ( ويكون التعزير بالقتل ) رأيت في الصارم المسلول للحافظ ابن تيمية أن من أصول الحنفية أن ما لا قتل فيه عندهم مثل القتل بالمثقل والجماع في غير القبل إذا تكرر فللإمام أن يقتل فاعله وكذلك له أن يزيد
____________________
(4/62)
على الحد المقدر إذا رأى المصلحة في ذلك ويحملون ما جاء عن النبي وأصحابه من القتل في مثل هذه الجرائم على أنه رأى المصلحة في ذلك ويسمونه القتل سياسة
وكان حاصله أن له أن يعزر بالقتل في الجرائم التي تعظمت بالتكرار وشرع القتل في جنسها ولهذا أفتى أكثرهم بقتل من أكثر من سب النبي من أهل الذمة وإن أسلم بعد أخذه وقالوا يقتل سياسة اه
وسيأتي تمامه في فصل الجزية إن شاء الله تعالى ومن ذلك ما سيذكره المصنف من أن للإمام قتل السارق سياسة أي إن تكرار منه
وسيأتي أيضا قبيل كتاب الجهاد أن من تكرر الخنق منه في المصر قتل به سياسة لسعيه بالفساد وكل من كان كذلك يدفع شره بالقتل
وسيأتي أيضا في باب الردة أن الساحر أو الزنديق الداعي إذا أخذ قبل توبته ثم تاب لم تقبل توبته ويقتل ولو أخذ بعدها قبلت وأن الخناق لا توبة له
وتقدم كيفية تعزير اللوطي بالقتل
قوله ( مع امرأة ) ظاهره أن المراد الخلوة بها وإن لم ير منه فعلا قبيحا كما يدل عليه ما يأتي عن منية المفتي كما تعرفه فافهم
قوله ( فلها قتله ) أي إن لم يمكنها التخلص منه بصياح أو ضرب وإلا لم تكن مكرهة فالشرط الآتي معتبر هنا أيضا كما هو ظاهر
ثم رأيته في كراهية شرح الوهبانية ونصه ولو استكره رجل امرأة لها قتله وكذا الغلام فإن قتله فدمه هدر إذا لم يستطع منعه إلا بالقتل اه
فافهم
قوله ( إن كان يعلم ) شرط للقتل الذي تضمنه قوله كمن وجد رجلا
قوله ( ومفاده الخ ) توفيق بين العبارتين حيث اشترط في الأولى العلم بأنه لا ينزجر بغير القتل ولم يشترط في الثانية فوفق بحمل الأولى على الأجنبية والثانية على غيرها وهذا بناء على أن المراد بقوله في الأولى مع امرأة أي يزني بها ويأتي الكلام عليه
قوله ( مطلقا ) زاده المصنف على عبارة المنية متابعة لشيخه صاحب البحر
قوله ( بما في البزازية وغيرها ) أي كالخانية ففيها لو رأى رجلا يزني بامرأته أو امرأة آخر وهو محصن فصاح به فلم يهرب ولم يمتنع عن الزنا حل له قتله ولا قصاص عليه اه
قوله ( فيحمل على المقيد ) أي يحمل قول المنية قتلهما جميعا على ما إذا علم عدم الانزجار بصياح أو ضرب
قلت وقد ظهر لي في التوفيق وجه آخر وهو أن الشرط المذكور إنما هو فيما إذا وجد رجلا مع امرأة لا تحل له قبل أن يزني بها فهذا لا يحل قتله إذا علم أنه ينزجر بغير القتل سواء كانت أجنبية عن الواجد أو زوجة له أو محرما منه
أما إذا وجده يزني بها فله قتله مطلقا ولقد قيد في المنية بقوله وهو يزني وأطلق قوله قتلهما جميعا وعليه فقول الخانية الذي قدمناه آنفا فصاح به غير قيد ويدل عليه أيضا عبارة المجتبى الآتية ثم رأيت في جنايات الحاوي الزاهدي ما يؤيده أيضا حيث قال رجل رأى رجلا مع امرأة يزني بها أو يقبلها أو يضمها إلى نفسه وهي مطاوعة فقتله أو قتلهما لا ضمان عليه ولا يحرم من ميراثها إن أثبته بالبينة أو بالإقرار ولو رأى رجلا مع امرأة في مفازة خالية أو رآه مع محارمه هكذا ولم ير منه الزنا ودواعيه قال بعض المشايخ حل
____________________
(4/63)
قتلهما
وقال بعضهم لا يحل حتى يرى منه العمل أي الزنا ودواعيه ومثله في خزانة الفتاوى اه
وفي سرقة البزازية لو رأى في منزله رجلا معه أهله أو جاره يفجر وخاف إن أخذه أن يقهره فهو في سعة من قتله ولو كانت مطاوعة له قتلهما فهذا صريح في أن الفرق من حيث رؤية الزنا وعدمها
تأمل
قوله ( مطلقا ) أي بلا فرق أجنبية وغيرها
قوله ( وهو الحق ) مفهومه أن مقابله باطل ولم يظهر من كلامه ما يقتضي بطلانه بل ما نقله بعده عن المجتبى يفيد صحته وقد علمت مما قررناه ما ينفق به كلامهم وأما كون ذلك من الأمر بالمعروف لا من الحد فلا يقتضي اشتراط العلم بعدم الانزجار
تأمل
قوله ( بلا شرط إحصان الخ ) رد على ما في الخانية من قوله وهو محصن كما قدمناه وجزم به الطروسوسي
قال في النهر ورده ابن وهبان بأنه ليس من الحد بل من الأمر بالمعروف والنهق عن المنكر وهو حسن فإن هذا المنكر حيث تعين القتل طريقا في إزالته فلا معنى لاشتراطه الإحصان فيه ولذا أطلقه البزازي اه
قلت ويدل عليه أن الحد لا يليه إلا الإمام
قوله ( وفي المجتبى الخ ) عزاه بعضهم أيضا إلى جامع الفتاوى وحدود البزازية
وحاصله أنه لا يحل ديانة لا قضاء فلا يصدقه القاضي إلا ببينة
والظاهر أنه يأتي هنا التفصيل المذكور في السرقة وهو ما في البزازية وغيرها إن لم يكن لصاحب الدار بينة فإن لم يكن المقتول معروفا بالشر والسرقة قتل صاحب الدار قصاصا وإن كان متهما به فكذلك قياسا
وفي الاستحسان تجب الدية في ماله لورثة المقتول لأن دلالة الحال أورثت شبهة في القصاص لا في المال
قوله ( وعلى هذا القياس الخ ) هو من تتمة عبارة المجتبى وأقره في البحر والنهر ولذا مشى عليه المصنف
قوله ( المكابر ) أي الآخذ علانية بطريق الغلبة والقهر
قال في المصباح كابرته مكابرة غالبته مغالبة
قوله ( وقطاع الطريق ) أي إذا كان مسافرا ورأى قاطع طريق له قتله وأن لم يقطع عليه بل على غيره لما فيه من تخليص الناس من شره وأذاه كما يفيده ما بعده
قوله ( وجميع الكبائر ) أي أهلها
والظاهر أن المراد المتعدي ضررها إلى الغير فيكون قوله والأعونة والسعاة عطف تفسير أو عطف خاص على عام فيشمل كل من كان من أهل الفساد كالساحر وقاطع الطريق واللص واللوطي والخناق ونحوهم ممن عم ضرره ولا ينزجر بغير القتل
قوله ( والأعونة ) كأنه جمع معين أو عوان بمعناه والمراد به الساعي إلى الحكام بالإفساد فعطف السعاة عليه عطف تفسير
وفي رسالة أحكام السياسة عن جمع النسفي سئل شيخ الإسلام عن قتل الأعونة والظلمة والسعاة في أيام الفترة قال يباح قتلهم لأنهم ساعون في الأرض بالفساد فقيل إنهم يمتنعون عن ذلك في أيام الفترة ويختفون قال ذلك امتناع ضرورة { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } سورة الأنعام الآية 28 كما نشاهد
قال وسألنا الشيخ أبا شجاع عنه فقال يباح قتله ويثاب قاتله اه
قوله ( وأفتى الناصحي الخ ) لعل الوجوب بالنظر للإمام ونوابه والإباحة بالنظر لغيرهم ط
قوله ( ويكون بالنفي عن البلد ) ومنه ما مر من نفي الزاني البكر
ونفى عمر رضي الله عنه نصر بن حجاج لافتتان النساء بجماله
وفي النهر عن شرح البخاري للعيني أن من آذى الناس ينفي عن البلد
قوله ( وبالهجوم الخ )
____________________
(4/64)
من باب قعد الدخول على غفلة بغتة
قال في أحكام السياسة وفي المنتقى وإذا سمع في داره صوت المزامير فأدخل عليه لأنه لما سمع الصوت فقد أسقط حرمة داره
وفي حدود البزازية وغصب النهاية وجناية الدراية ذكر الصدر الشهيد عن أصحابنا أنه يهدم البيت على من اعتاد الفسق وأنواع الفساد في داره حتى لا بأس بالهجوم على بيت المفسدين
وهجم عمر رضي الله عنه على نائحة في منزلها وضربها بالدرة حتى سقط خمارها فقيل له فيه فقال لا حرمة لها بعد اشتغالها بالمحرم والتقحت بالإماء
وروى أن الفقيه أبا بكر البلخي خرج إلى الرستاق وكانت النساء على شط النهر كاشفات الرؤوس والذراع فقيل له كيف فعلت هذا فقال لا حرمة لهن إنما الشك في إيمانهن كأنهن حربيات وهكذا في جنايات مجمع الفتاوى
وذكر في كراهية البزازية عن الواقعات الحسامية ويقدم إبلاء العدر عن مظهر الفسق بداره فإن كف فيها وإلا حبسه الإمام أو أدبه أسواطا أو أزعجه من داره إذ الكل يصلح تعزيرا
وعن عمر رضي الله تعالى عنه أنه أحرق بيت الخمار
وعن الصفار الزاهدي الأمر بتخريب دار الفسق
قوله ( وإن ملحوها ) أي تكسر وإن قال أصحابها نلقي فيها ملحا لأجل تخليلها
وفي كراهية البزازية قال في العيون وفتاوى النسفي إنه يكسر دنان الخمر ولا يضمن الكاسر ولا يكتفي بإلقاء الملح وكذا من أراق خمور أهل الذمة وكسر دنانها وشق زقاقها إن كانوا أظهروها بين المسلمين لا يضمن لأنهم لما أظهروها بيننا فقد أسقطوا حرمتها
وفي سير العيون يضمن إلا إذا كان إماما يرى ذلك لأنه مختلف فيه وفي المسلم يضمن الزق
مسلم في منزله دن من خمر يريد اتخاذها خلا يضمن الدن عند الثاني وإن لم يرد الاتخاذ لا يضمن عند الثاني
وذكر الخصاف أن الكسر لو بإذن الإمام لا يضمن وإلا يضمن
وأصله فيمن كسر بربطا لمسلم والفتوى على قولها في عدم الضمان اه
قوله ( ولم ينقل إحراق بيته ) تقدم نقله عن عمر في بيت الخمار فالمراد أنه لم ينقل عن علمائنا لكن ما مر عن الصفار يفيده
قوله ( ويقيمه الخ ) أي التعزير الواجب حقا لله تعالى لأنه من باب إزالة المنكر والشارع ولي كل أحد في ذلك حيث قال من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه الحديث بخلاف الحدود لم يثبت توليتها إلا للولاة وبخلاف التعزير الذي يجب حقا للعبد بالقذف ونحوه فإنه لتوقفه على الدعوى لا يقيمه إلا الحاكم إلا أن يحكما فيه اه
قوله ( قنية ) هذا العزو لقوله حال مباشرة المعصية وأما قوله يقيمه كل مسلم فقد صرح به في الفتح وغيره
قوله ( وأما بعده الخ ) تصريح بالمفهوم
قال في القنية لأنه لو عزره حال كونه مشغولا بالفاحشة فله ذلك لأنه نهى عن المنكر وكل واحد مأمور به وبعد الفراغ ليس بنهي لأن النهي عما مضى لا يتصور فيتمحص تعزيرا وذلك إلى الإمام اه
وذكر قبله أن للمحتسب أن يعزر المعزر إن عزره بعد الفراغ منها
قوله ( لكن في الفتح الخ ) وعليه فما في القنية محمول على ما إذا كان حقا لله تعالى أو حقا لعبد وحكما فيه
قوله ( لا يقيمه إلا الإمام ) وقيل لصاحب الحق كالقصاص
____________________
(4/65)
وجه الأول أن صاحب الحق قد يسرف فيه غلظا بخلاف القصاص لأنصه مقدر كما في البحر عن المجتبى
قوله ( ولم يتكافئا ) عطف على يعزران وفيه إشارة إلى الجواب عما يتوهم من إطلاق قول مجمع الفتاوى الآتي جاز المجازاة بمثله الخ
والجواب أن ذلك فيما تمحض حقا لهما وأمكن فيه التساوي كما لو قال له يا خبيث فقال بل أنت بخلاف الضرب فإنه يتفاوت وبخلاف التشاتم عند القاضي فإن فيه هتك مجلس الشرع كما مر في الباب السابق وقدمنا تمامه
قوله ( جاز المجازاة بمثله ) فيه إشارة إلى اشتراط إمكان التساوي وتمحض كونه حقا لهما كما قلنا إذ بدون ذلك لا مماثلة
قوله ( إذا احتيج لزيادة تأديب ) وذلك بأن يرى أن أكثر الضرب في التعزير وهو تسعة وثلاثون لا بنزجر بها أو هو في شك من انزجاره بها يضم إليه الحبس لأن الحعبس صلح تعزيرا بانفراده حتى لو رأى أن لا يضر به ويحبسه أياما عقوبة فعل
فتح
قال ط وصح القيد في السفهاء والدعار وأهل الإفساد
حموي عن المفتاح
قوله ( وضربه أشد ) أي أشد من ضرب حد الزنا
ويؤخذ من التعليل أن هذا فيما إذا عزر بما دون أكثره وإلا فتسعة وثلاثون من أشد الضرب فوق ثمانين حكما فضلا عن أربعين مع تنقيص واحد من الأشدية فيفوت المعنى الذي لأجله نقص كذا قاله الشيخ قاسم بن قطلوبغا
شرنبلالية
وإطلاق الأشدية شامل لقوته وجمعه في عضو واحد فلا يفرق الضرب فيه وقد مر الكلام فيه أول الباب وأشار إلى أنه يجرد من ثيابه كما في غاية البيان ويخالفه ما في الخانية يضرب التعزير قائما بثيابه وينزع الفرو والحشو ولا يمد في التعزير اه
والظاهر الأول لتصريح المبسوط به
بحر
أي الانزجار
قوله ( ثم حد الزنا ) بالرفع لحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه والأصل ثم ضرب حد الزنا
ط
قوله ( لا بالقياس ) رد على صدر الشريعة كما نبه عليه ابن كمال في هامش الإيضاح
قوله ( لضعف سببه ) أي فسببه محتمل وسبب حد الشرب متيقن به وهو الشرب والمراد أن الشرب متيقن السببية للحد لا متيقن الثبوت لأنه بالبينة أو الإقرار وهما لا يوجبان اليقين
بحر
وهو مأخوذ من الفتح
تأمل
قوله ( وعزر كل مرتكب منكر الخ ) وهذا هو الأصل في وجوب التعزير كما في البحر عن شرح الطحاوي
مطلب التعزير قد يكون بدون معصية وظاهره أن المراد حصر أسباب التعزير فيما ذكر مع أنه قد يكون بدون معصية كتعزير الصبي والمتهم كما يأتي وكنفي من خيف منه فتنة بجماله مثلا كما مر في نفي عمر رضي الله تعالى عنه نصر بن حجاج
وذكر في البحر أن الحاصل وجوبه بإجماع الأمة لكل مرتكب معصية ليس فيها حد مقدر كنظر محرم ومس محرم وخلوة محرمة وأكل ربا ظاهر اه
قلت وهذه الكلية غير منعكسة لأنه قد يكون في معصية فيها حد كزنا غير المحصن فإنه يجلد حدا وللإمام
____________________
(4/66)
نفيه سياسة وتعزيرا كما مر في بابه
وروى أحمد أن النجاشي الشاعر جيء به إلى علي رضي الله تعالى عنه وقد شرب الخمر في رمضان فضربه ثمانين ثم ضربه من الغد عشرين لكن ذكر في الفتح أنه ضربه العشرين فوق الثمانين لفطره في رمضان كما جار في رواية أخرى أنه قال له ضربناك العشرين بجراءتك على الله وإفطارك في رمضان اه
فالتعزير فيه من جهة أخرى غير جهة الحد
قوله ( إلا إذا كان الكذب ظاهرا الخ ) سيأتي الكلام فيه
قوله ( لأنه غيبة ) ظاهره لزوم التعزير وإن لم يعلم صاحب الحق لكن مر عن الفتح أن ما يجب حقا للعبد يتوقف على الدعوى
قوله ( وكل ما ارتكب معصية ) لعله ذكره مع إغناء ما قبله عنه ليفيد أن المراد بالمنكر ما لا حد فيه
قال في الفتح ويعزر من شهد شرب الشاربين والمجتمعون على شبه الشرب وإن لم يشربوا ومن معه ركوة خمر والمفطر في رمضان يعزر ويحبس وكذا المسلم يبيع الخمر ويأكل الربا
والمغني والمخنث والنائحة يعزرون ويحبسون حتى يحدثوا توبة ومن يتهم بالقتل والسرقة يحبس ويخلد في السجن إلى أن يظهر التوبة وكذا من قبل أجنبية أو عانقها أو مسها بشهوة اه
قوله ( فيعزر بشتم ولده ) فيه كلام لصاحب البحر تقدم في حذ القذف
قوله ( وكل من ليس بمحصن ) أي إحصان القذف
ط
وحاصله أن من لم يجد قاذفه لعدم إحصانه يعزر قاذفه فلا يلزم من سقوط الحد لعدم الإحصان سقوط التعزير
قوله ( ويبلغ به غايته ) أي تسعة وثلاثون سوطا وهذا معطوف على قوله فيعزر ومقتضاه بلوغ الغاية في شتم ولده وليس كذلك
قوله ( محرما غير جماع ) الذي في الفتحر والبحر وغيرهما كما محرم غير جماع
ومفاده أنه لا يبلغ الغاية بمجرد لمس أو تقبيل وهو خلاف ما يفيده كلام الشارح
قوله ( وفيما عداها ) أي ما عدا هذه المواضع الثلاث لا يبلغ غاية التعزير واقتصر عليها تبعا للبحر
وزاد بعضهم غيرها منها ما في الدرر قيل تارك الصلاة يضرب حتى يسيل منه الدم
وفي الحجة لو ادعى الإمام أنه كان مجوسيا لا يصدق إلا أنه يضرب ضربا شديدا
اه
أي ولا يلزم القوم إعادة الصلاة
وفي الخانية من وطى غلاما يعزر أشد التعزير
وفي التاترخانية إن المرأة إذا ارتدت تجبر على الإسلام وتضرب خمسة وسبعين اه أي على قول أبي يوسف أن أكثره ذلك أما على قولهما فأكثره تسعة وثلاثون
قوله ( أي بشتم ) إطلاق القذف على الشتم مجاز شرعي حقيقة لغوية
قوله ( بحر )
قوله ( مسلم ما ) أي سواء كان عدلا أو مستورا وسيأتي أن الذمي كالمسلم
قوله ( أو علم القاضي بفسقه ) هذا لم يذكره في الفتح بل ذكره في النهر عن الخانية ولعله مبني على القول المرجوح من أن للقاضي أن يقضي بعلمه
تأمل
قوله ( بلا بيان سببه ) مثل أنه فاسق وهذا تفسير لقوله مجردا واحترز به عما لو بين سببا شرعيا كتقبيل أجنبية كما ذكره بعد
مطلب في الجرح المجرد قلت وهذا مخالف لما ذكروه في الشهادات من أن الشهادة لا تقبل على جرح مجرد عن إثبات حق لله تعالى أو للعبد مثل أن يشهدوا على شهود المدعي بأنهم فسقة أو زناة أو أكلة الربا أو شربة الخمر أو على إقرارهم
____________________
(4/67)
أنهم شهدوا بزور ونقبل لو شهدوا على الجرح المركب مثل إنهم زنوا ووصفوا الزنا أو شربوا الخمر أو سرقوا مني كذا ولم يتقادم العهد أو إني صالحتهم بكذا من المال على أن لا يشهدوا علي بالباطل وأطلب رد المال منهم ففي هذا إثبات حق لله تعالى وهو الحد أو إثبات حق العبد وهو المال بخلاف ما قبله لأنه ليس فيه إثبات فعل خاص موجب للحد بل غايته أن عادتهم فعل الزنا أو نحوه فهو جرح مجرد وقد قال في القنية هنا إن الشهادة على الجرح المرجد لا تصح بل تصح إذا ثبت فسقه في ضمن ما تصح فيه الخصومة كجرح الشهود اه
فهذا يفيد أن ما بين سببه كتقبيل أجنبية مثلا جرح مجرد لأنه ليس في ضمن ما تصح فيه الخصومة ولهذا أورد المصنف وغيره هناك أن إقرارهم بشهادة الزور موجب للتعزير وهو من حقوقه تعالى
وأجاب بأن الظاهر بأن مرادهم بحقه تعالى الحد لا التعزير لأنصه يسقط بالتوبة فليس في وسع القاضي إلزامه به بخلاف الحد فإنه لا يسقط بها
قلت والتحقيق أنه يفرق بين البابين بأن المراد بالمجرد هنا ما لم يبين سببه وغير المجرد ما بين له سبب موجب لحق الله تعالى من حد أو تعزير أو لحق العبد والمراد بالمجرد في باب الشهادة ما لم يوجب حدا أو حق عبد وغير المجرد ما ثبت في ضمن ما تصح فيه الخصومة من حق لله تعالى أو للعبد
ووجه الفرق أن المقصود هنا إسقاط التعزير عن القاذف بإثبات ما يوجب صدقه لا إثبات فسق المقذوق ابتداء فلذا اكتفى ببيان السبب الموجب لفسقه ولم يكتف بالمجرد عنه لاحتمال ظن الشاهدين ما ليس بموجب للفسق مفسقا
وأما في باب الشهادة فإن المقصود إثبات فسق الشاهد ابتداء لأن القاضي يبحث أولا عن عدالته ليقبل شهادته فإذا برهن الخصم على جرحه كان المقصود إثبات فسقه لتسقط عدالته لأن الجرح مقدم على التعديل وإثبات الفسق مقصودا إظهار الفاحشة
وقد قالوا إنه مفسق لشهود الجرح فلا تقبل شهادتهم إلا إاذ كان في ضمن إثبات حق تصح فيه الخصومة لأنه لم يصر مقصودا بإظهار الفاحشة بل يثبت ضمنا ولا يدخل في الحق هنا التعزير لما مر عن المصنف
فالحاصل أن ما يوجب التعزير جرح مجرد في باب الشهادة لا هنا فيقبل هنا بعد بيان سببه لا هناك لما علمت ويدل على ما قلنا ما صرحوا به هناك من أن الجرح المجرد إنما لا يقبل لو كان جهرا لأنه إظهار للفاحشة أما لو كان سرا فإنه يقبل وكذا ما صرحوا به أيضا من أنه لا يقبل إذا كان بعد التعديل كما اعتمده المصنف ومشى عليه يقبل القاضي شهادتهم ولذا يقبل الجرح سرا من واحد ولو كان شهادة لم يقبل ولهذا لو عدلوا بعد الجرح تثبت عدالتهم وتقبل شهادتهم ولو كان الجرح سرا شهادة مقبولة لسقطوا عن حيز الشهادة ولم يبق لهم مجال التعديل فثبت أنه إخبار لا شهادة
ونظيره سؤال القاضي المزكين عن الشهود فصار الحاصل أن الجرح المجرد لا يقبل في باب الشهادة إذا كان على وجه الشهادة جهرا بعد التعديل وإلا قبل
وأما في باب التعزير فإنه يقبل بعد بيان سببه ويخرج بذلك عن كونه مجردا
تنبيه سيأتي أن التعزير يثبت بشهادة المدعي مع آخر وبشهادة عدل إذا كان في حقوقه تعالى لأنه من باب الإخبار وظاهر كلامه هنا أنه لا بد من شاهدين غيره لأن تعزير القاذف ثبت حقا للمقذوف فإذا ادعى القاذف فسق المقذوف لا تكفي شهادته لنفسه فلا بد من إقامة البينة على صدق القاذف ليسقط عنه التعزير الثابت حقا للمقذوف بخلاف ما كان حقا لله تعالى هذا ما ظهر لي في هذا المقام والسلام
قوله ( وأراد إثباته ) أي لإسقاط الحد عنه
قوله ( لثبوت الحد ) أي فكان الجرح ثابتا ضمنا لا قصدا فلم يكن مجردا لكن المناسب التعليل ببيان السبب ويؤيد ما مر قبل هذا الباب عن قوله ( الملتقط ) من أنه لو أقام أربعة فساقا يدرأ الحد عن القاذف والمقذوف والشهود
____________________
(4/68)
فعلم أن ثبوت الحد غير لازم وهذا مؤيد لما حققناه آنفا من أن المراد بالمجرد هنا ما لم يبين سببه لا ما لم يثبت ضمنا
قوله ( حتى لو بينوا الخ ) تفريع على قوله بلا بيان سببه
قوله ( وكذا في جرح الشاهد ) قد علمت الفرق بين البابين قوله ( وينبغي الخ ) قاله صاحب البحر قوله ( ليعزره ) أي يعزر المقذوف ويسقط التعزير عن القاذف
قوله ( سأل القاضي المشتوم ) أي ولا يطلب من الشاتم البينة في مثل هذا كما في البحر
قوله ( من الفرائض ) أراد بها ما يشمل الواجبات كما ذكره بعد
قوله ( ثبت فسقه ) وينبغي أن يلزمه التعزير لما مر من أنه يعزر كل مرتكب معصية لا حد فيها
قوله ( بيا كافر ) لم يقيد بكون المشتوم بذلك مسلما لما يذكره بعد
قوله ( إن اعتقد المسلم كافرا نعم ) أي يكفر إن اعتقده كافرا لا بسبب مكفر
قال في النهر وفي الذخيرة المختار للفتوى أنه إن أراد الشتم ولا يعتقده كفرا لا يكفر وإن اعتقده كفرا فخاطبه بهذا بناء على اعتقاده أنه كافر يكفر لأنه لما اعتقد المسلم كافرا فقد اعتقد دين الإسلام كفرا اه
قوله ( كفر ) أي لأن إجابته إقرار بأنه كافر فيؤاخذ به لرضاه بالكفر ظاهرا إلا إذا كان مكرها
وأما فيما بينه وبين الله تعالى فإن كان متأولا بأنه كافر بالطاغوت مثلا فلا يكفر
قوله ( فيكون محتملا ) قال في الشرنبلالية ويرجح خلافه حال السب فلذا أطلقه في الهداية وغيرها
قوله ( يا فاجر ) يستعمل في عرف الشرع بمعنى الكافر والزاني وفي عرفنا اليوم بمعنى كثير الخصام والمنازعة
قال في البحر وأفاد بعطفه يا فاجر على يا فاسق التغاير بينهما ولذا قال في القنية لو أقام مدعي الشتم شاهدين شهد أحدهما أنه قال له يا فاسق والآخر على أنه قال له يا فاجر لا تقبل هذه الشهادة اه
قوله ( يا مخنث ) بفتح النون أما بكسرها فمرادف للوطي
نهر
وقيل المخنث من يؤتى كالمرأة وعليه اقتصر في الدر المنتقى
ونقل بعض المحشين عن الإشارات أن كسر النون أفصح والفتح أشهر وهو من خلقه خلق النساء في حركاته وسكناته وهيئاته وكلامه فإن كان خلقة فلا ذم فيه ومن يتكلفه فهو المذموم
قوله ( يا خائن ) هو الذي يخون فيما في يده من الأمانات
أبو السعود عن الحموي
قوله ( يا سفيه ) هو المبذر المسرف وفي عرفنا اليوم بمعنى بذي اللسان
قوله ( يا بليد ) إنما يعذر لأنه يستعمل بمعنى الخبيث الفاجر
نهر
عن السراج
قلت وهو في العرف اليوم بمعنى قليل الفهم فينبغي أن لا يعزر به
ثم رأيت في الفتح قال وأنا أظن أنه يشبه يا أبله ولم يعزروا به
قوله ( يا أحمق ) بمعنى ناقص العقل سيىء الأخلاق
قوله ( يا مباحي ) هو من يعتقد أن الأشياء كلها مباحة
قوله ( يا عواني ) هو الساعي إلى الحاكم بالناس ظلما
قوله ( أو هزل ) عبارة الفتح قلت أو هزل من تعود بالهزل بالقبيح اه
قوله ( يا زنديق يا منافق ) الأول هو من لا يتدين بدين والثاني هو من يبطن الكفر ويظهر الإسلام كما سيذكره في الردة عن الفتح
قوله ( يا رافضي ) قال في البحر ولا يخفى أن قوله يا رافضي
____________________
(4/69)
بمنزلة يا كافر أو يا مبتدع فيعزر لأن الرافضي كافر إن كان يسب الشيخين مبتدع إن فضل عليا عليهما من غير سب كما في الخلاصة اه
قلت وفي كفر الرافضي بمجرد السب كلام سنذكره إن شاء الله تعالى في باب المرتد نعم لو كان يقذف السيدة عائشة رضي الله عنها فلا شك في كفره
قوله ( يا مبتدعي ) أهل البدعة كل من قال قولا خالف فيه اعتقاد أهل السنة والجماعة
قوله ( يا لص ) بكسر اللام وتضم
در منتقى
قوله ( إلا أن يكون لصا ) الأولى أن يقول إلا أن يكون كذلك لئلا يوهم اختصاصه باللص إذ لا فرق بين الكل كما بحثه في اليعقوبية وقال إنه لا تصريح به اه
قلت ويدل له قوله في الفتح وقيد الناطفي بما إذا قاله لرجل صالح أما لو قال الفاسق أو للص يا لص أو لفاجر يا فاجر لا شيء عليه والتعليل يفيد ذلك وهو قولنا إنه آذاه بما ألحق به من الشين فإن ذلك إنما يكون فيمن لم يعلم اتصافه بهذه أما من علم فإن الشين قد ألحقه بنفسه قبل قول القائل اه
كلام الفتح
قلت ويظهر من هذا وكذا من قول المصنف السابق إلا أن يكون معلوم الفسق أن المراد المجاهر المشتهر بذلك فلا يعزر شاتمه بذلك كما لو اغتابه فيه بخلاف غيره لأن فيه إيذاءه بما يعلم اتصافه به وتقدم أمه يعزر بالغيبة وهي لا تكون إلا بوصفه بما فيه وإلا كانت بهتانا فإذا عزر بوصفه بما فيه مما لم يتجاهر به ففي شتمه به في وجهه بالأولى لأنه أشد في الإيذاء والإهانة هذا ما ظهر لي فتأمله
قوله ( كما مر ) أي عند قوله يا فاسق
قوله ( ما لم يخرج مخرج الدعوى ) قيد للزوم لتعزير بالإخبار عن هذه الأوصاف يعني أنه إذا ادعى عند الحاكم أن فلانا فعل كذا مما هو من حقوق الله تعالى فإن المدعي لا يعزر إذا لم يكن على وجه السب والانتقاص بل يعزر المدعى عليه لما سيذكره الشارح عن كفالة النهر أن كل تعزير لله تعالى يكفي فيه خبر العدل وكذا لو ادعى عليه سرقة أو ما يوجب كفرا وعجز عن إثباته بخلاف دعوى الزنا كما يأتي والفرق وجود النص على حده للقذف إذا لم يأت بأربعة من الشهداء
قوله ( يا ديوث ) بتثليث الدال ط
ومثله القواد في عرف مصر والشام
فتح
قوله ( يا قرطبان ) معرب قلتبان
درر
ومثله يا كشخان وهو ألحق خلافا لما في الكنز من أنه لا تعزير فيه كما في الفتح وهو بالخاء المعجمة كما في القاموس خلافا لما في البحر والنهر من أنه بالمهملة
قوله ( مرادف ديوث ) قال الزيلعي هو الذي يرى مع امرأته أو محرمه رجلا فيدعه خاليا بها
وقيل هو المتسبب للجمع بين اثنين لمعنى غير ممدوح
وقيل هو الذي يبعث امرأته مع غلام بالغ أو مع مزارعه إلى الضيعة أو يأذن لهما بالدخول عليها في غيبته
قوله ( بمعنى معرص ) في بعض النسخ معرس بالسين
قال في النهر بعد ما مر عن الزيلعي وعلى كل تقدير فهو المعنى بالمعرس بكسر الراء والسين المهملة والعوام يلحنون فيه فيفتحون الراء ويأتون بالصاد
قال العيني قوله ( عزر بطلب الولد ) لأنه هو المقصود بالشتم والظاهر أن له الطلب وإن كان أصله حيا بخلاف قوله يا ابن الزانية وأنه يعزر أيضا بطلب الأصل
تأمل
قوله ( وأنه يعزر الخ ) عطف على قوله أنه إذا شتم أي أن في كلام المصنف إيماء أيضا إلى أن موجبه التعزير لا الحد
قوله ( لا يقال الخ ) حاصله أنه كان ينبغي أن يوجب الحد لا التعزير
____________________
(4/70)
قوله ( يسقط الحد ) أي حد الزنا لشبهة العقد فلم يكن قاذفا بالزنا الخالي عن الملك وشبهته فلا يحد القاذف أيضا لكنه يعزر
وكتب ابن كمال بهامش شرحه هنا أن النسبة إلى فعل لا يجب الحد بذلك الفعل لا يوجب الحد اه
فافهم
قوله ( وهو ظاهر ) لعل وجهه أنه صار حقيقة عرفية بمعنى الزانية فهو قذف بصريح الزنا ولأن القحبة لا تلتزم عقد الإجارة الذي هو علة سقوط الحد عند الإمام
قوله ( يا من يلعب بالصبيان ) أي معهم
نهر
والظاهر أن المراد به في العرف من يفعل معهم القبيح بقرينة الشتم والغضب
قوله ( فيعم حالة الحيض ) أي فلم يكن قذفا بصريح الزنا فلا يوجب الحد بل التعزير
قوله ( ويبالغ في تعزيره ) أي فيما إذا عرف بالدياثة وقوله أو يلاعن أي فيما إذا أقر بها ففيه لف ونشر مشوش كما تفيده عبارة المنحعن جوهر الفتاوى لأنه إذا لاعن لا يحتاج إلى التعزير وإذا أكذب نفسه يلزمه الحد كما في الجواهر أيضا واعترض بأن الديوث من لا يغار على أهله أو محرمه فهو ليس بصريح الزنا فكيف يجب اللعان بإقراره بالدياثة قلت الظاهر أن المراد إقراره بمعناها لا بلفظها أي بأن قال كنت أدخل الرجال على زوجتي يزنون بها
قوله ( تلزمه كفارة يمين ) لأنه علق رجوعه على الكفر فينعقد يمينا كما مر في بابه وأشار إلى أنه لا يصير كافرا برجوعه لكن هذا إذا علم أنه برجوعه لا يصير كافرا وإلا كفر لرضاه بالكفر كما مر في محله وإلى أنه لا يلزمه كفارة في المسألة الأولى لأنه ليس كل رافضي كافرا كما مر فلم يكن تعليقا على الكفر
قوله ( لظهور كذبه ) أي يقينا كما في الهداية
وفي البحر عن الحاوي القدسي الأصل أن كل سب عاد شينه إلى الساب فإنه لا يعزر فإن عاد الشين فيه إلى المسبوب عزر اه
وإنما يعود شينه إلى الساب لظهور كذبه
قوله ( واستحسن في الهداية ) وكذا في الكافيكما في التاترخانية ونقل القهستاني تصحيحه عن الفتاوى وعبارة الهداية وقيل في عرفنا يعزر لأنه يعد شينا
وقيل إن كان المسبوب من الأشراف كالفقهاء والعلوية يعزر لأنه يلحقهم الوحشة بذلك وإن كان من العامة لا يعزر وهذا أحسن اه
والحاصل أن ظاهر الرواية أنه لا يعزر مطلقا ومختار الهندواني أنه يعزر مطلقا والتفصيل المذكور كما في الفتح وغيره
قال السيد أبو السعود وقوي شيخنا ما اختاره الهنداوني بأنه الموافق للضابط كل من ارتكب منكرا أو آذى مسلما بغير حق بقول أو بفعل أو إشارة يلزمه التعزير
قلت ويؤيده أن هذه الألفاظ لا يقصد بها حقيقة اللفظ حتى يقال بظهور كذبه ولولا النظر إلى ما فيها من الأذى لما قيل بالتعزير بها في حق الأشراف وإلا فظهور الكذب فيها موجود في حق الكل فينبغي أن يلحق بهم من كان
____________________
(4/71)
في معناهم ممن يحصل له بذلك الأذى والوحشة بل كثير من أصحاب الأنفس الأبية يحصل له من الوحشة أكثر من الفقهاء والعلوية
وقد يجاب بأن المراد بالأشراف من كان كريم النفس حسن الطبع وذكر الفقهاء والعلوية لأن الغالب فيهم ذلك فمن كان بهذه الصفة يلحقه الشين بهذه الألفاظ المراد لازمها من نحو البلادة وخبث الطباع وإلا فلا لأنه هو الذي ألحق الشين بنفسه فلا يعتبر لحوق الوحشة به كما لو قيل الفاسق يا فاسق فيرجع إلى ما استحسنه في الهداية وغيرها
ثم رأيت الشارح في شرح الملتقى قال ولعل المراد بالعلوي كل منق وإلا بالتخصيص غير ظاهر بل قال الفقيه أبو جعفر إنه في الأخسة أما في الأشراف فالتعزير
اه
فافهم
تنبيه ذكر في شرحه على الملتقى أيضا أنه لو على وجه المزاح يعزر فلو بطريق الحقارة كفر لأن إهانة أهل العلم كفر على المختار
فتاوى بديعية
لكنه يشكل بما في الخلاصة أن سب الختنين ليس بكفر اه والمراد بالختنين عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما
قوله ( يا أبله ) بمعنى الغافل
قوله ( وأبوه ليس كذلك ) أي ليس بحجام وكذا لا تعزير لو كان كذلك بالأولى
قوله ( وأوجب الزيلعي الخ ) لعدم ظهور الكذب في يا ابن الحجام لموت أبيه فالسامعون لا يعلمون كذبه فلحقه الشين بخلاف قوله يا حجام لأنهم يشاهدون صنعته
بحر
ودفعه في النهر بأن التفرقة تحكم لأن الحكم بتعزيره غير مقيد بموت أبيه اه
قلت والذي رأيته في الزيلعي هكذا ومن الألفاظ التي لا توجب التعزير قوله يا رستاقي ويا ابن الأسود ويا بن الحجام وهو ليس كذلك اه
فقوله وليس كذلك أي ليس بهذه الصفة فليس المراد نفي الحكم المذكور كما فهمه الشارح وغيره فافهم
قوله ( لأنه عرفا بمعنى المؤجر ) قال منلاخسروا المؤاجر يستعمل فيمن يؤجر أهله للزنا لكنه ليس معناه الحقيقي المتعارف بل بمعنى المؤجر
قوله ( يابغا ) هو بالناء الموحدة والغين المعجمة المشددة ويقال باغا وكأنه انتزع من البغاء
بحر عن المغرب
قوله ( هو المأبون ) أي الذي لا يقدر على ترك أن يؤتى في دبره لدودة ونحوها
بحر
قلت لكن قال المصنف في شرحه تبعا للدرر إن البغا من شتم العوام يتفوهون به ولا يعرفون ما يقولون اه
وهذا هو المناسب لما مشى عليه تبعا للمتون من أنه لا تعزير فيه
أما على تفسيره بالمأبون فلا ولذا قال في البحر بعد ما نقل عن المغرب إنه المأبون وينبغي أن يجب التعزير فيه اتفاقا لأنه ألحق الشين به لعدم ظهور الكذب فيه ثم استشهد لذلك بما صرحج به في الظهيرية من وجوب التعزير في يا معفوج وهو المأتي في الدبر معللا بأنه ألحق الشين به بل البغا أقوى لأن الأبنة عيب شديد
قلت وحاصله أن المأبون هو الذي يطلب أن يؤتى بخلاف المعفوج وهو بالعين المهملة والفاء والجيم وفسره في التاترخانية بالمضروب في الدبر
وفي القاموس عفج يعفج ضرب وجاريته جامعها
قوله ( يعزر فيهما ) أي في يا مؤاجر ويابغا بناء على أن عرفهم استعمال مؤاجر فيمن يؤاجر أهله للزنا وبغا في المأبون وهذا يؤيد لما بحثه في البحر
قلت ولا يستعمل في عرفنا هذا اللفظان في الشتم فينبغي عدم العزير فيهما كما عليه المتون
قوله ( وفي ولد الحرام ) هذا ذكره في النهر بحثا حيث قال وينبغي أن يعزر في ولد الحرام بل أولى من حرام زاده ولم يذكر في النهر عبارة الملتقط ففي كلام الشارح إيهام
قوله ( والضابط الخ ) قال ابن كمال فخرج بالقيد
____________________
(4/72)
الأول النسبة إلى الأمور الخلقية فلا يعزر في يا حمار ونحوه فإن معناه الحقيقي غير مراد بل معناه المجازي كالبليد وهو أمر خلقي وبالقيد الثاني النسبة إلى ما لا يحرم في الشرع فلا يعزر في يا حجام ونحوه مما يعد عارا في العرف ولا يحرم في الشرع وبالقيد الثالثة إلى ما لا يعد عارا فلا يعزر في لا لاعب النرد ونحوه مما يحرم في الشرع اه
قلت وهذا الضابط مبني على ظاهر الرواية وقد علمت تفصيل الهداية
قوله ( بسكون الحاء ) أي مع ضم أوله في الموضعين
قوله ( وفي يا ساحر ) رأيته في البحر بالخار المعجمة
تأمل
قوله ( يا مقامر ) من قامره مقامرة وقمارا فقمره إذا راهنه فغلبه كما في الاقموس
قوله ( وفي الملتقى الخ ) هذا بمعنى ما مر عن الهداية والزيلعي
لكنه في الملتقى ذكره بعد جميع ما مر من الألفاظ
وعبارة الهداية والزيلعي توهم أن هذا التفصيل في نحو حمار وخنزير مما يتيقن فيه بكذب القائل فأعاده الشارح آخرا لدفع هذا الإيهام فافهم
قوله ( ادعى سرقة ) ذكر في البحر هذه المسألة عن القنية وذكر الثانية عن فتاوى قارىء الهداية وقوله بخلاف دعوى الزنا من كلام القنية وأشار الشارح إلى المسألتين بقوله فيما تقدم ما لم يخرج مخرج الدعوى وقدمنا أنه دخل في ذلك دعوى ما يوجب التعزير حقا لله تعالى
قوله ( لما مر ) أي قبيل هذا الباب من أنه مندوب للدرء أي مأمور بالستر فإذا لم يقدر على إثباته كان مخالفا للأمر
وذكرنا الفرق فيما تقدم بورود النص على جلده إذا لم يأت بأربعة شهداء
وأما ما في البحر عن القنية من الفرق بأن دعوى الزنا لا يمكن إثباتها إلا بنسبته إلى الزنا بخلاف دعوى السرقة فإن المقصود منها إثبات المال ويمكنه إثباته بدون نسبته إلى السرقة فلم يكن قاصدا نسبته إلى السرقة فلم يكن قاصدا نسبته إلى السرقة ففيه نظر لاقتضائه عكس الحكم المذكور فيهما
ثم رأيت الخير الرملي نبه على ذلك أيضا كما أوضحته فيما علقته على البحر فافهم
قوله ( وهو أي التعزير الخ ) لما كان ظاهر كلام المصنف كالزيلعي وقاضيخان أن كل تعزير حق العبد مع أنه قد يكون حق الله تعالى كما يأتي زاد الشارح قوله غالب فيه تبعا للدرر وشرح المصنف فصار قوله حق العبد مبتدأ وقوله غالب فيه خبره والجملة خبر قوله وهو والمراد كما أفاده ح أن أفراده التي هي حق العبد أكثر من أفراده التي هي حق الله وليس المراد أن الحقين اجتمعا فيه وحق العبد غالب كما قيل بعكسه في حد القذف اه
قلت هذا وإن دفع الإيراد المار لكن المتبادر خلافه وهو أنه اجتمع فيه الحقان وحق العبد غالب فيه عكس حد القذف وقد دفع الشارح الإيراد بقوله بعده ويكون أيضا حقا لله تعالى
فعلم أن المراد بالأول ما كان حقا للعبد وأن فيه حق الله تعالى أيضا ولكن حق العبد غالب فيه على عكس حد القذف
____________________
(4/73)
وبيان ذلك أن جميع ما مر من ألفاظ القذف والشتم الموجبة للتعزير منهي عنها شرعا
قال تعالى { ولا تنابزوا بالألقاب } سورة الحجرات الآية 11 فكان فيها حق الله تعالى وحق العبد وغلب حق العبد لحاجته ولذا لو عفا سقط التعزير بخلاف حد القذف فإنه بالعكس كما مر وربما تمحض حق العبد كما إذا شتم الصبي رجلا فإنه غير مكلف بحق الله تعالى هذا ما ظهر لي في تحقيق هذا المحل فافهم
مطلب فيما لو شتم رجلا بألفاظ متعددة تنبيه ذكر ابن المصنف في حواشيه على الأشباه أنه يؤخذ من كونه حق عبد جواب حادثة الفتوى هي أن رجلا شتم آخر بألفاظ متعددة من ألفاظ الشتم الموجب للتعزير وهو أنه يعزر لكل واحد منها ن حقوق العباد لا تداخل فيها بخلاف الحدود ولم أر من صرح به لكن كلامهم يفيده نعم التعزير الذي هو حق الله تعالى ينبغي القول فيه بالتداخل اه
وأصل البحث لوالده المصنف وجزم به الشارح كما مر قبيل هذا الباب
قلت ومقتضى هذا تعدده أيضا لو شتم جماعة بلفظ واحد مثل أنتم فسقة أو بألفاظ بخلاف حد القذف كما مر هناك
قوله ( والتكفيل ) أي أخذ كفيل بنفس الشاتم ثلاثة أيام إذا قال المشتوم لي عليه بينة حاصرة كما في كافي الحاكم
قوله ( زيلعي ) تمام عبارة الزيلعي وشرع في حق الصبيان اه
وسيأتي متنا
قوله ( واليمين ) يعني إذا أنكر أنه سبه يحلف ويقضي عليه بالنكول
فتح
قوله ( لا بالله ما قلت ) أي لا يحلفه بالله ما قلت له يا فاسق لاحتمال أنه قال ذلك ورد عليه المشتوم بمثله أو عفى عنه أو أنه فاسق في نفس الأمر ولا بينة للشاتم ففي ذلك ك ** له ليس عليه للمشتوم حق التعزير الذي يدعي كما لو ادعى على آخر أنه استقرض منه كذا وأنكر فإنه يحلفه ما له عليك الألف الذي يدعي لاحتمال أنه استقرض وأوفاه أو أبرأه المدعي
قوله ( وشهادة رجل وامرأتين ) صرح به الزيلعي وكذا في التاترخانية عن المنتقى
ويحالفه ما في الجوهرة لا تقبل في التعزير شهادة النساء مع الرجال عنده لأنه عقوبة كالحد والقصاص
وعندهما تقبل لأنه حق آدمي اه
أفاده الشرنبلالي
قلت ومقتضى هذا أنه لا تقبل فهي الشهادة على الشهادة أيضا عنده مع أنه جزم الزيلعي وكذا في الفتح والبحر عن الخانية بأنها تقبل فلذا جزم المصنف بقبولها في الموضعين
قوله ( كما في حقوق العباد ) أي كما في باقيها
قوله ( ويكون أيضا حقا لله تعالى ) أي خالصا له تعالى كتقبيل أجنبية وحضور مجلس فسق
قوله ( فلا عفو فيه ) كذا قاله في فتح القدير لكن في القنية عن مشكل الآثار أن إقامة التعزير إلى الإمام عن أئمتنا الثلاثة والشافعي والعفو إليه أيضا
قال الطحاوي وعندي أن العفو للمجني عليه لا للإمام
قال صاحب القنية ولعل ما قالوه في التعزير الواجب حقا لله تعالى وما قاله الطحاوي فيماإذا جنى على إنسان اه
فهذا مخالف لما في فتح كما في البحر والنهر
قلت لكن ذكر في الفتح أول الباب أن ما نص عليه من التعزير كما في وطء جارية امرأته أو المشتركة وجب امتثال الأمر فيه وما لم ينص عليه إذا رأى الإمام المصلحة أو علم أنه لا ينزجر إلا به وجب لأنه زاجر مشروع لحقه تعالى كالحد وما علم أنه انزجر بدونه لا يجب اه
فعلم أن قولهم إن العفو فيه للإمام بمعنى تفويضه إلى رأيه إن ظهر له المصلحة فيه أقامه وإن ظهر عدمها أو علم انزجاره بدونه يتركه وبه تندفع المخالفة فافهم
قوله ( ولا يمين )
____________________
(4/74)
عطف على قوله فلا عفو وهذا أخذه في النهر من قولهم في الأول واليمين فقال وهو ظاهر في أن ما كان منه حق الله تعالى لا يحلف فيه الخ
قوله ( كما لو ادعى عليه أنه قبل أخته ) أي أخت نفسه
والذي في النهر أجنبية وهو المناسب لأنها لو كانت أخت المدعي فالظاهر أنه يكون حق عبد لأنه يلحقه بذلك عار شديد يحمله على الغيرة لمحارمه كما لا يخفى إلا أنه يراد أخت المقبل
قوله ( ويجوز إثباته الخ ) عطف على قوله فلا عفو فهو من التفريع أيضا على كونه حق الله تعالى
قوله ( لو معه آخر ) كذا في الفتح ويأتي أنه يكفي فيه إخبار عدل واحد وعليه فلو كان المدعي عدلا يكفي وحده
قوله ( وغيرها ) كالخانية والكافي
قوله ( ذا مروءة ) قال محمد رحمه الله والمروءة عندي في الدين والصلاح كما في الفتح وغيره
قوله ( فتح ) أقول اختصر عبارة الفتح اختصارا مخلا تبع فيه النهر فإنه في الفتح ذكر أولا أن ما وجب من التعزير حقا لله تعالى لا يجوز للإمام تركه
ثم استشكل عليه ما في الخانية وهو ما نقله الشارح عن القنية فقال إنه يجب أن يكون في حقوق الله تعالى الخ أي وإذا كان كذلك ناقض قوله أولا إنه لا يجوز للإمام تركه
ثم أجاب عنه بأن ما ذكر عن القنية والخانية سواء حمل على أنه من حقوق الله تعالى أو من حقوق العباد لا يناقض ما مر لأنه إذا كان المدعى عليه ذا مروءة فقد حصل تعزيره بالجر إلى باب القاضي والدعوى ويكون قوله ولا يعزر معناه لا يعزر بالضرب في أول مرة فإن عاد عزره بالضرب اه
ملخصا
وبه تعلم أن الشارح اقتصر على محل الاستشكال المخالف لقوله أولا فلا عفو فيه وترك المقصود من الجواب فافهم
أقول ويظهر لي دفع المناقضة من وجه آخر وهو أن ما وجب حقا لله تعالى لا يجوز للإمام تركه إلا إذا علم انزجار الفاعل كما مر
ولا يخفى أن الفاعل إذا كان ذا مروءة في الدين والصلاح يعلم من حاله الانزجار من أول الأمر لأن ما وقع منه لا يكون عادة إلا عن سهو وغفلة ولذا لم يعزر في أول مرة ما لم يعد بل يوعظ ليتذكر إن كان ساهيا وليتعلم إن كان جاهلا بدون جر إلى باب القاضي ويؤيد هذا ما سيذكره الشارح آخر الباب من بناء ما هنا على استثناء ذوي الهيئات من وجوب التعزير
قوله ( يفيد أنه من باب الإخبار ) أي فلا يحتاج إلى لفظ الشهادة ولا إلى مجلس القضاء كما في كفالة النهر فهذا يخالف ما مر من اشتراط الشهادة
قلت لكن غاية ما أفاده فرع الظهيرية أنه لا يأثم من أعلم السلطان به وظاهر إطلاقه أنه لا فرق بين كون السلطان عادلا أو جائرا يخشى منه قتله لما مر أنه يباح قتل كل مؤذ أي إذا لم ينزجر
ولا يخفى أنه ليس في هذا تعرض لثبوت تعزيره بمجرد اخلإخبار عند السلطان فضلا عن ثبوته عند القاضي
على أنه يمكن أن يراد بإعلام السلطان الشهادة عليه عنده تأمل
مطلب في تعزير المتهم قوله ( للقاضي تعزير المتهم ) ذكروا في كتاب الكفالة أن التهمة تثبت بشهادة مستورين أو واحد عدل فظاهره أنه لو شهد عند الحاكم واحد مستور وفاسق بفساد شخص ليس للحاكم حبسه بخلاف ما إذا كان عدلا أو مستورين فإن له حبسه
بحر
____________________
(4/75)
قلت ومثله ما لو كان المتهم مشهورا بالفساد فيكفي فيه علم القاضي كما أفاده كلام الشارح
وفي رسالة دده أفندي في السياسة عن الحافظ ابن قيم الجوزري الحنبلي ما علمت أحدا من أئمة المسلمين يقول إن هذا المدعى عليه بهذه الدعوى وما أشبهها يحلف ويرسل بلا حبس وليس تحليفه وإرساله مذهبا لأحد من الأئمة الأربعة ولا غيرهم ولو حلفنا كل واحد منهم وأطلقناه مع العلم باشتهاره بالفساد في الأرض وكثرة سرقاته وقلنا لا نأخذه إلا بشاهدي عدل كان مخالفا للسياسة الشرعية
ومن ظن أن الشرع تحليفه وإرساله فقد غلط غلطا فاحشا لنصوص رسول الله ولإجماع الأئمة ولأجل هذا الغلط الفاحش تجرأ الولاة على مخالفة الشرع وتوهموا أن السياسة الشرعية قاصرة عن سياسة الخلق ومصلحة الأمة فتعدوا حدود الله تعالى وخرجوا من الشرع إلى أنواع من الظلم والبدع في السياسة على وجه لا يجوز وتمامه فيها
وفي هذا تصريح بأن ضرب المتهم بسرقة من السياسة وبه صرح الزيلعي أيضا كما سيأتي في السرقة وبه علم أن للقاضي فعل السياسة ولا يختص بالإمام كما قدمناه في حد الزنا مع تعريف السياية
قوله ( وإن لم يثبت ) أي ما اتهم به أما نفس التهمة أي كونه من أهلها فلا بد من ثبوتها كما علمت
قوله ( يكفي فيه خبر العدل ) مخالف لما قدمه من أنه يجوز إثباته بمدع شهد به لو معه آخر وهو مصرح به في الفتح ولعله محمول على عدم العدالة
قوله ( يقضي فيها بعلمه اتفاقا ) وأما ما ذهب إليه المتأخرون وهو المفتى به من أنه لا يقضي بعلمه في زماننا فيجب حمله على ما كان من حقوق العباد كذا في كفالة النهر وفيه كلام كتبناه في قضاء البحر حاصله أن ما ذكره غير صحيح وسيأتي تمامه هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( كما مر ) الذي مر تقييده بما إذا بين سببه كتقبيل أجنبية وعناقها وقد فسر المجرد بما لم يبين سببه فالمراد بالمجرد هنا ما لم يكن في ضمن ما تصح به الدعوى وقدمنا الكلام فيه فافهم
قوله ( وعليه ) أي على ما ذكر من أنه من باب الإخبار وأنه يكفي فيه خبر العدل
قوله ( من المحاضر ) جمع محضر والمراد به هنا ما يعرض على السلطان ونحوه في شكاية متول أو حاكم ويثبت فيه خطوط أعيان البلدة وختمهم ويسمى في عرفنا عرض محضر
قوله ( يعمل به الخ ) قال في كفالة النهر وظاهره أن الإخبار كما يكون باللسان يكون بالبنان فإذا كتب إلى السلطان بذلك ليزجره جاز وكان له أن يعتمد عليه حيث كان معروفا بالعدالة
قوله ( فقد أخطأ ) والفرع المتقدم أي عن الظهيرية ينادي بخطئه
نهر
قوله ( وفي كفالة العيني الخ ) ذكره في البحر في هذا الباب ومثهل في الخانية
قوله ( وأؤدبه ) الظاهر أن المراد به الضرب ويحتمل أنه عطف تفسير
ط
قوله ( والسرقة وضرب الناس ) الظاهر أن الواو بمعنى أو لصدق التعليل على كل فرد بخصوصه ط
قوله ( حتى يتوب ) المراد حتى تظهر أمارات توبته إذ لا وقوف لنا على حقيقتها ولا يقدر بستة أشهر إذ قد تحصل التربة قبلها وقد لا تظهر بعدها كذا حققه الطرسوسي وأقره ابن الشحنة
قوله ( وتقييد مسائل الشتم ) أي الواقع في الكنز والهداية وهذا ذكره في البحر والنهر
والذي في الفتح الاقتصار على ما قبله
____________________
(4/76)
من المسألة وتعليلها
ذكر ذلك آخر الباب
قوله ( ولعل وجهه ما مر في يا فاسق ) أي من أنه الحق الشين بنفسه قبل قول القائل وأشار بقوله فتأمل إلى ضعف هذا الوجه فإنه وإن كان ألحقه بنفسه لكنا التزمنا بعقد الذمة معه أن لا تؤذيه اه ح
وقد يقال إنه وصفه بما هو فيه فهو صادق كقوله للفاسق يا فاسق مع أنه قد يشق عليه إلا أن يفرق بأن اليهودي مثلا لا يعتقد في نفسه أنه كافر فتأمل
قوله ( يعزر المولى عبده ) قال في الفتح وإذا أساء العبد الأدب حل لمولاه تأديبه وكذا الزوجة
قوله ( لما سيجيء ) أي من أن الصغر لا يمنع وجوب التعزير
قوله ( الشرعية الخ ) احترازا عما لو أمرها بنحو لبس الرجال أو بالوشم وعما لو كانت لا تقدر عليها لمرض أو إحرام أو عدم ملكها أو نحو ذلك
قوله ( وتركها غسل الجنابة ) أي إن كانت مسلمة بخلاف الذمية لعدم خطابها به ويمنعها من الخروج إلى الكنائس
ط عن حاشية الشلبي
قوله ( وعلى الخروج من المنزل ) أي بغير إذنه بعد إيفاء المهر
قوله ( لو بغير حق ) فلو بحق فلها الخروج بلا إذنه وتقدم بيانه في النفقات
قوله ( لو طاهرة الخ ) أي وكانت خالية عن صوم فرض
ط عن المفتاح
قوله ( ويلحق بذلك الخ ) أشار إلى أن تعزير الزوج لزوجته ليس خاصا بالمسائل الأربعة المذكورة في المتون ولذا قال في الولوالجية له ضربها على هذه الأربعة وما في معناها وهو صريح الضابط الآتي أيضا وكذا ما نقلناه آنفا عن الفتح من أن له تأديب العبد والزوجة على إساءة الأدب لكن على القول بأنه لا يضربها لترك الصلاة يخص الجواز بما لا تقتصر منفعته عليها كما يفيده التعليل الآتي هناك
قوله ( ما لو ضربت ولدها الخ ) هذه ذكرها في البحر بحثا أخذا من مسألة ضرب الجارية وقال فإن ضرب الدابة إذا كان ممنوعا فهذا أولى
قوله ( غيرة ) بفتح الغين المعجمة ط وهو منصوب على الحالية أو المصدرية أو التمييز تأمل
قوله ( ولا تتعظ بوعظه ) مفاده أنه لا يعزرها أول مرة ط
قوله ( أو شتمته الخ ) سواء شتمها أو لا على قول العامة
بحر
وثبوت التعزير للزوج بما ذكر إلى قوله والضابط غير مصرح به وإنما أخذه في البحر والنهر من قول البزازية وغيرها لو قال لها إن ضربتك بلا جناية فأمرك بيدك فشتمته الخ فضربها لا يكون الأمر بيدها لأن ذلك كله جناية
قال في النهر وهو ظاهر في أنه له تعزيرها في هذه المواضع اه
قلت وفيه أنه إذا كان ذلك جناية علق عليها الأمر لا يلزمه منه أن يكون موجبه التعزير إذ لو زنت أو سرقت فضربها لم يصر الأمر بيدها لكونه ضربا بجناية مع أن هذه الجناية لا توجب التعزير فالأولى الاقتصار على الضابط
قوله ( ولو بنحو يا حمار ) ينبغي على ظاهر الرواية عدم التعزير في يا حمار يا أبله
وعلى القول الثاني من أنه يعزر وإن كان المقول له من الأشراف وإلا لا ينبغي أن يفصل في الزوج إلا أن يفرق بين الزوجة وغيرها والموضع يحتاج إلى تدبر وتأمل
نهر
قلت يظهر لي الفرق بينهما إذ لا شك أن هذا إساءة أدب منها في حق زوجها الذي هو لها كالسيد وقدمنا عن الفتح أن له تعزيرها بإسارة الأدب
تأمل
قوله ( أو كلمته أو شتمته ) الضمير لغير المحرم
قوله ( والضابط الخ )
____________________
(4/77)
عزاه في البحر إلى البدائع من فصل القسم بين النساء قال وهو شامل لما كان متعلقا بالزوج وبغيره اه أي سواء كان جناية على الزوج أو غيره
قوله ( ولا على ترك الصلاة ) عطف على قوله وليس منه الخ لأنه في معنى لا يضربها على طلب نفقتها ط
قوله ( تبعا للدرر ) وكذا ذكره في النهاية تبعا لكافي الحاكم كما في البحر
وفيه عن القنية ولا يجوز ضرب أختها الصغيرة التي ليس لها ولي بترك الصلاة إذا بلغت عشرا
قوله ( واستظهره ) أي ما في الكنز والملتقى من أن له ضربها على ترك الصلاة وبه قال كثير كما في البحر
قوله ( والأب يعزر الابن عليه ) أي على ترك الصلاة
ومثلها الصوم كما صرحوا به وتعليل القنية الآتي يفيد أن الأم كالأب
والظاهر أن الوصي كذلك وأن المراد بالابن الصغير بقرينة ما بعده أما الكبير فكالأجنبي نعم قدم الشارح في الحضانة عن البحر أنه إذا لم يكن مأمونا على نفسه فله ضمه لدفع فتنة أو عار وتأديبه إذا وقع منه شيء
فرع في فصول العلامي إذا رأى منكرا من والديه يأمرهما مرة فإن قبلا فبها وإن كرها سكت عنهما واشتغل بالدعاء والاستغفار لهما فإن الله تعالى يكفيه ما أهمه من أمرهما
له أم أرملة تخرج إلى وليمة وإلى غيرها فخاف ابنها عليها الفساد ليس له منعها بل يرفع أمرها للحاكم ليمنعها أو يأمره بمنعها
قوله ( ابن سبع ) تبع فيه النهر
والذي قدمه في كتاب الصلاة أمر ابن سبع وضرب ابن عشر اه ح
وهكذا ذكره القهستاني عن الملتقط والمراد ضربه بيد لا بخشية كما تقدم هناك
قوله ( ويلحق به الزوج ) فله ضرب زوجته الصغيرة على الصلاة كالأب
قوله ( وفي القنية الخ ) وفيها عن الروضة ولو أمر غيره بضرب عبده حل للمأمور ضربه بخلاف الحر
قال فهذا تنصيص على عدم جواز ضرب ولد الآمر بأمره بخلاف المعلم لأن المأمور يضربه نيابة عن الأب لمصلحة والمعلم يضربه بحكم الملك بتمليك أبيه لمصلحة الولد اه
وهذا إذا لم يكن الضرب فاحشا كما يأتي في المتن قريبا
قوله ( فيجري بين الصبيان ) أي يشرع في حقهم كما عبر الزيلعي وهل يضرب تعزيرا بمجرد عقله أو إذا بلغ عشرا كما في ضربه على الصلاة لم أره نعم في البحر عن القنية مراهق شتم عالما فعليه التعزير اه
والظاهر أن المراهقة غير قيد
تأمل
تنبيه في شهادات البحر لم أر حكم الصبي إذا وجب التعزير عليه للتأديب فبلغ
ونقل الفخر الرازي عن الشافعية لزجره بالبلوغ ومقتضى ما في اليتيمة من كتاب السير أن الذمي إذا وجب التعزير عليه فأسلم لم يسقط عنه اه
قال الخير الرملي لا وجه لسقوطه خصوصا إذا كان حق آدمي
قوله ( وهذا لو كان حق عبد الخ ) بهذا وفق صاحب المجتبى بين قول السرخسي إن الصغر لا يمنع وجوب التعزير وقول الترجمان يمنع بحمل الأول على حق العبد والثاني على حقه تعالى كما إذا شرب الصبي أو زنى أو سرق وأقره في البحر والنهر وتبعهم المصنف
قلت لكن يشكل عليه ضربه على ترك الصلاة بل ورد أنه تضرب الدابة على النفار لا على العثار فتأمل
قوله ( من حد أو عزر ) أي من حده الإمام أو عزره كما في الهداية
قوله ( فدمه هدر ) أي عندنا ومالك
____________________
(4/78)
وأحمد خلافا للشافعي لأن الإمام مأمور بالحد والتعزير وفعل المأمور لا يتقيد بشرط السلامة وتمامه في الفتح والتبيين
قلت ومقتضى التعليل بالأمر أن ذلك غير خاص بالإمام فقد مر أن لكل مسلم إقامة التعزير حال مباشرة المعصية لأنه مأمور بإزالة المنكر إلا أن يفرق بأنه يمكنه الرفع إلى الإمام فلم تتعين الإقامة عليه بخلاف الإمام
تأمل
قوله ( بمثل ما مر ) أي من الأشياء التي يباح له تعزيره فيها ط
قوله ( فيتقيد بشرط السلامة ) أي كالمرور في الطريق ونحوه
وأورد ما لو جامع امرأة فماتت أو أفضاها فإنه لا يضمن عند أبي حنيفة وأبي يوسف مع أنه مباح
وأجيببأنه يضمن الجهر بذلك فلو وجبت الدية لوجب ضمانان بمضمون واحد
نهر
قوله ( قال المصنف ) أخذه من كلام شيخه في البحر
قوله ( وبهذا ) أي التعليل المذكور
قوله ( ضربا فاحشا ) قيد به لأنه ليس له أن يضربها في التأديب ضربا فاحشا وهو الذي يكسر العظم أو يخرق الجلد أو يسوده كما في التاترخانية
قال في البحر وصرحوا بأنه إذا ضربها بغير حق وجب عليه التعزير اه أي وإن لم يكن فاحشا
قوله ( ويضمنه لو مات ) ظاهره تقييد الضمان بما إذا كان الضرب فاحشا ويخالفه إطلاق الضمان في الفتح وغيره حيث قال وذكر الحاكم لا يضرب امرأته على ترك الصلاة ويضرب ابنه وكذا المعلم إذا أدب الصبي فمات منه يضمن عندنا والشافعي اه
وقال في الدر المنتقى يضمن المعلم بضرب الصبي
وقال مالك وأحمد لا يضمن الزوج ولا المعلم في التعزير ولا الأب في التأديب ولا الجد ولا الوصي لو بضرب معتاد وإلا ضمنه بإجماع الفقهاء اه
لكن سيأتي في الجنايات قبيل باب الشهادة في القتل تفصيل وهو الضمان في ضرب التأديب لا في ضرب التعليم لأنه واجب ما لم يكن ضربا غير معتاد فإنه موجب للضمان مطلقا وسيأتي تمامه هناك
قوله ( وعن الثاني الخ ) عبارة الزيلعي هكذا وروى عن أبي يوسف أن القاضي إذا لم يزد في التعزير على مائة لا يجب عليه الضمان إذا كان يرى ذلك لأنه قد ورد أن أكثر ما عزروا به مائة فإن زادت على مائة فمات يجب نصف الدية على بيت المال لأن ما زاد على المائة غير مأذون فيه فحصل القتل بفعل مأذن فيه وبفعل غير مأذون فيه فيتنصف اه
فعلم أن الكلام في القاضي الذي يرى ذلك اجتهادا أو تقليدا وقدمنا أول الباب استدلال ؤئمتنا بحديث من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين ومقتضى ما قررناه هناك وجوب الضمان إذا تعدى بالزيادة مطلقا وأن هذه الرواية غير معتمدة عند الكل فافهم
قوله ( وتعزر خمسة وسبعين ) جرى على ظاهر الرواية عن أبي يوسف وقدمنا ترجيح قولهما إذ لا يبلغ التعزير أربعين
قوله ( ولا تتزوج بغيره ) بل تقدم أنها تجبر على تجديد النكاح بمهر يسير وهذه إحدى روايات ثلاث تقدمت في الطلاق
الثانية أنها لا تبين ردا لقصدها السيىء
الثالثة ما في النوادر من أنه يتملكها رقيقة إن كان مصرفا ط
____________________
(4/79)
مطلب فيما إذا رتحل إلى غير مذهبه قوله ( ارتحل إلى مذهب الشافعي يعزر ) أي إذا كان ارتحاله لا لغرض محمود شرعا لما في التاترخانية حكى أن رجلا من أصحاب أبي حنيفة خطب إلى رجل من أصحاب الحديث ابنته في عهد أبي بكر الجوزجاني فأبى إلا أن يترك مذهبه فيقرأ خلف الإمام ويرفع يديه عند الانحطاط ونحو ذلك فأجابه فزوجه فقال الشيخ بعد ما سئل عن هذه وأطرق رأسه النكاح جائز ولكن أخاف عليه أن يذهب إيمانه وقت النزع لأنه استخف بمذهبه الذي هو حق عنده وتركه لأجل جيفة منتنة ولو أن رجلا برىء من مذهبه باجتهاد وضح له كان محمودا مأجورا
أما انتقال غيره من غير دليل بل بما يرغب من عرض الدنيا وشهوتها فهو المذكوم الآثم المستوجب للتأديب والتعزير لارتكابه المنكر في الدين واستخفافه بدينه ومذهبه اه
ملخصا
وفيها عن الفتاوى النسفية الثبات على مذهب أبي حنيفة خير وأولى قال وهذه الكلمة أقرب إلى الألفة اه
وفي آخر التحرير للمحقق ابن الهمام مسألة لا يرجع فيما قلد فيه أي عمل به اتفاقا وهل يقلد غيره في غيره المختار نعم للقطع بأنهم كانوا يستفتون مرة واحدا ومرة غيره غير ملتزمين مفتيا واحدا فلو التزم مذهبا معينا كأبي حنيفة والشافعي فقيل يلزم وقيل لا وقيل مثل من لم يلتزم وهو الغالب على الظن لعدم ما يوجبه شرعا اه
ملخصا
قال شارحه المحقق ابن أمير حاج بل الدليل الشرعي اقتضى العمل بقول المجتهد وتقليده فيه فيما احتاج إليه وهو { فاسألوا أهل الذكر } سورة النحل الآية 43 والسؤال إنما يتحقق عند طلب حكم الحادثة المعينة فإذا ثبت عنده قول المجتهد وجب عمله به وأما التزامه فلم يثبت من السمع اعتباره ملزما إنما ذلك في النذر ولا فرق في ذلك بين أن يلتزمه بلفظه أو بقلبه
على أن قول القائل مثلا قلدت فلانا فيما أفتى بتعليق التقليد والوعد به ذكره المصنف اه
مطلب العامي لا مذهب له قلت وأيضا قالوا العامي لا مذهب له مذهب مفتيه وعلله في شرح التحرير بأن المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال وبصر بالمذهب على حسبه أو لمن قرأ كتابا في فروع ذلك المذهب وعرف فتاوى إمامه وأقواله
وأما غيره ممن قال أنا حنفي أو شافعي لم يصر كذلك بمجرد القول كقوله أنا فقيه أو نحوي اه
وتقدم تمام ذلك في المقدمة أول هذا الشرح وإنما أطلنا في ذلك لئلا يغتر بعض الجهلة بما يقع في الكتب من إطلاق بعض العبارات الموهمة خلاف المراد فيحملهم على تنقيص الأئمة المجتهدين فإن العلماء حاشاهم الله تعالى أن يريدوا الازدراء بمذهب الشافعي أو غيره بل يطلقون تلك العبارات بالمنع من الانتقال خوفا من التلاعب بمذاهب المجتهدين نفعنا الله تعالى بهم وأماتنا على حبهم آمين
يدل لذلك ما في القنية رامزا لبعض كتب المذهب ليس للعامي أن يتحول من مذهب إلى فصل قبول من الشهادات
قوله ( قذف بالتعريض ) كأن قال أنا لست بزان يعزر لأن الحد سقط للشبهة وقد ألحق الشين بالمخاطب لأن المعنى بل أنت زان فيعزر وظاهر التقييد بالقذف أنه لو شتم بالتعريض لا يعزر ( فله قيمة النقصان ) أي له قدر ما نقص من قيمتها ولم يذكر أنه يحد أو لا لعلمه مما مر في بابه وتقدم قبيل باب الشهادة
____________________
(4/80)
على الزنا ما لو زنا بأمة فقتلها أنه يجب الحد والقيمة بالقتل وفي إفضائها تفصيل طويل
قوله ( وإن حلف خصمه ) أي عند عدم البرهان قوله ( حتى يتوب أو يموت ) عبارة غيره حتى يردها
وفي الهندية وغيرها قال محمد أحبسه أبدا حتى يردها أو يموت
قوله ( يعزر على الورع البارد الخ ) قال في التاترخانية روى أن رجلا وجد تمرة ملقاة فأخذها وعرفها مرارا ومراده إظهار ورعه وديانته فقال له عمر رضي الله عنه تعالى عنه كلها يا بارد الورع فإنه ورع يبغضه الله تعالى وضربه بالدرة
اه
قلت وبه علم أن مراد ما كان على وجه الرياء كما أفاده بقوله البارد فافهم
فلو كان من أهل الورع فهو ممدوح كما نقل أن امرأة سألت بعض الأئمة عن الغزل على ضوء العسس حين يمر على بيتها فقال من أنت فقالت أنا أخت بشر الحافي فقال لها لا تفعلي فإن الورع خرج من بيتكم
قوله ( التعزير لا يسقط بالتوبة ) لما مر أن الذمي إذا لزمه التعزير فأسلم لم يسقط عنه لكن هذا مقيد بما إذا كان حقا لعبد أما ما وجب حقا لله تعالى فإنه يسقط كما في شهادات البحر
حموي على الأشباه
قوله ( قلت قد قدمناه لأصخابنا الخ ) تقدم ذلك عند قوله والشهادة على الشهادة وهذا جواب لقول الأشباه ولم أره لأصحابنا اه
قلت وفي كفالة كافي الحاكم الشهيد وإذا كان المدعى عليه رجلا له مروءة وخطر استحسنت أن لا أحبسه ولا أعزره إذا كان ذلك أول ما فعل
وذكر عن الحسن رضي الله تعالى عنه عن رسول الله تجافوا عن عقوبة ذي المروءة إلا في الحدود
اه
وقال البيري وفي الأجناس عن كفالة الأصل لو ادعى قبل إنسان ستيمة فاحشة أو أنه ضربه عزر أسواطا وإن كان المدعى عليه رجلا له مروءة وخطر استحسنت أنه لا يعزر إذا كان أول ما فعل
وفي نوادر ابن رستم عن محمد وعظ حتى لا يعود إليه فإن عاد وتكرر منه ضرب التعزير
قلت لمحمد والمروءة عندك في الدين والصلاح قال نعم
وفي التمرتاشي إن كان له خطر ومروءة فالقياس أن يعزر وفي الاستحسان لا إن كان أول ما فعل فإن فعل أي مرة أخرى علم أنه لم يكن ذا مروءة والمروءة مروءة شرعية وعقلية رسمية اه
ملخصا
تنبيه قال ابن حجر في الفتاوى الفقهية جاء الحديث من طرق كثيرة من رواية جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة منها أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود وفسرهم الشافعي بأنهم الذين لا يعرفون بالشر فيزل أحدهم الزلة فيترك
وقيل هم أصحاب الصغائر دون الكبائر
وقيل الذين إذا وقع منهم الذنب تابوا والأول أظهر وأمتن اه
ملخصا
قلت وقول أئمتنا إذا كان أول ما فعل يشير إلى التفسير الأول وكذا ما مر من تفسير المروءة
قوله ( في حديث اتق الله لا تأتي الخ ) لفظ الجامع الصغير تق الله يا أبا الوليد وقوله لا تأتي أصله لئلا تأتي فحذف اللام كذا في المناوي ح
____________________
(4/81)
قلت ومقتضاه أن تأتي منصوب بأن المضمرة بعد اللام المقدرة مع أن شرط إضمار أن عدم وجود لا بعدها مثل لنعلم أي الحزبين فلو وجدت امتنع الإضمار مثل لئلا يعلم إلا أن يقال سوغ ذلك عدم التصريح باللام التعليلية لكنه يتوقف على كون الرواية بالنصب وإلا فالأظهر أنه نفي بمعنى النهي مثل { فلا رفث ولا فسوق } سورة البقرة الآية 197 أو نهي والياء للإشباع وعلى كل فهو نهي عن المسبب والمراد النهي عن السبب مثل { ولا تقتلوا أنفسكم } النساء 29 { لا يفتننكم الشيطان } أي لا تفعلوا سبب القتل والفتنة وهنا المراد النهي عن منع زكاة المواشي أو السرقة التي هي سبب الإتيان بما ذكر
وعلى هذا التقرير يظهر في الحديث نكات لطيفة لا تخفى على المتأمل فافهم
قوله ( له رغاء الخ ) الرغاء صوت الإبل كما أن الخوار صوت البقر
والثؤاج بالثاء المثلثة المضمومة وبعدها همزة مفتوحة ممدودة ثم جيم صوت الغنم ط
قوله ( قال يؤخذ منه ) عبارة المناوي قال ابن المنير أظن أن الحكام أخذوا بتجريس السارق ونحوه من هذا الحديث ونحوه اه ح
والتجريس بالقوم التسميع بهم قاموس
قلت وهو معنى التشهير الذي ذكروه عندنا في شاهد الزور
ففي التتارخانية قال أبو حنيفة في المشهور يطاف به ويشهر ولا يضرب
وفي السراجية وعليه الفتوى
وفي جامع العتابي التشهير أن يطاف به في البلد وينادي عليه في كل محلة إن هذا شاهد الزور فلا تشهدوه
وذكر الخصاف في كتابه أنه يشهر على قولهما بغير الضرب
والذي روى عن عمر أنه يسخم وجهه فتأويله عند السرخسي أنه بطريق السياسة إذا رأى المصلحة وعند الشيخ الإمام أنه التفضيح والتشهير فإنصه يسمى سوادا اه
ملخصا
وسيأتي تمامه قبيل باب الرجوع عن الشهادة إن شاء الله تعالى والله سبحانه أعلم
كتاب السرقة عقب به الحدود لأنه منها مع الضمان
قهستاني
قلت وكأنهم ترجموا لها بالكتاب دون الباب لاشتمالها على بيان حكم الضمان الخارج عن الحدود فكانت غيرها من وجه فأفردت عنها بكتاب متضمن لأبواب
تأمل
قال القهستاني وهو نوعان لأنه إما أن يكون ضررها بذي المال أو به وبعامة المسلمين فالأول يسمى بالسرقة الصغرى والثاني بالكبرى بين حكمها في الآخر لأنها أقل وقوعا وقد اشتركا في التعريف وأكثر الشروط اه أي لأن المعتبر في كل منهما أخذ المال خفية لكن الخفية في الصغرى هي الخفية عن عين المالك أو من يقوم مقامه كالمودع والمستعير
وفي الكبرى عن عين الإمام الملتزم حفظ طرق المسلمين وبلادهم كما في الفتح والشروط تعلم مما يأتي
قوله ( هي لغة أخذ الشيء الخ ) أفاد أنها مصدر وهي أحد خمسة ففي القاموس سرق منه الشيء يسرق أي من باب ضرب سرقا محركة وككتف وسرقة محركة أي ككلمة وكفرجة أي بضم فسكون وسرقا بالفتح أي مع السكون والاسم السرقة بالفتح وكفرجة وكتف اه
موضحا
قوله ( خفية ) بضم الخاء وكسرها ط عن المصباح
قوله ( مجاز ) أي من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول كالخلق بمعنى المخلوق
قوله ( وشرعا باعتبار الحرمة الخ ) يعني أن لها في الشرع تعريفين تعريفا باعتبار كونها محرمة وتعريفا باعتبار ترتب حكم شرعي عليها وهو القطع ومر نظيره في الزنا
قوله ( أخذه كذلك ) أي أخذ الشيء خفية
قوله ( أخذ مكلف ) شمل الأخذ حكما وهو أن يدخل جماعة
____________________
(4/82)
من اللصوص منزل رجل ويأخذوا متاعه ويحملوه على ظهر واحد ويخرجوه من المنزل فإن الكل يقطعون استحسانا وسيأتي
بحر
وأخرج الصبي والمجنون لأن القطع عقوبة وهما ليسا من أهلها لكنهما يضمنان المال كما في البحر
قوله ( أو عبدا ) فهو كالحر هنا لأن القطع لا يتنصف بخلاف الجلد
قوله ( أو كافرا ) الأولى أو ذميا لما في كافي الحاكم أن الحربي المستأمن إذا سرق في دار الإسلام لم يقطع في قول أبي حنيفة ومحمد
وقال أبو يوسف أقطعه
قوله ( أو مجنونا حال إفاقته ) الأولى أن يقول أو مجنونا في غير حال أخذه لأن قوله ولو أنثى الخ تعميم للمكلف فيصير المعنى أخذ مكلف ولو كان ذلك المكلف مجنونا في حال إفاقته ولا يخفى ما فيه فإنه في حال الإفاقة عاقل لا مجنون إلا أن يجعل حال إفاقته ظرفا لأخذ فكأنه قال أخذ مجنون في حال إفاقته فيصدق عليه أخذ مكلف وإنما سماه مجنونا نظرا إلى حاله في غير وقت الأخذ فيرجع إلى ما قلنا
تأمل
والحاصل كما في البحر والنهر أنه إذا كان يجن ويفيق فإذا سرق في حال إفاقته قطع وإلا فلا اه
بقي لو جن بعد الأخذ هل يقطع أم تنتظر إفاقته قال السيد أبو السعود ظاهر ما قدمه في قوله النهر من أنه يشترط لإقامة الحد كونه من أهل الاعتبار يقتضي اشتراط إفاقته إلا أن يفرق بين الجلد والقطع بأن الذي يحصل به الجلد لا فائدة فيه قبلها لزوال الألم قبل الإفاقة بخلاف القطع اه
قلت لكن في حد الشرب من البحر إذا أقر السكران بالسرقة ولم يقطع لسكره أخذ منه المال ثم قال شهدوا عليه بالشرب وهو سكران قبلت وكذا بالزنا وهو سكران كما إذا زنى وهو سكران وكذا بالسرقة وهو سكران ويحد بعد الصحو ويقطع اه
فهذا يفيد اشتراط صحوه إلا أن يفرق بين الجنون والسكر بأن السكر له غاية بخلاف الجنون لكن الظاهر انتظار إفاقته لاندراء الحد بالشبهة وهي هنا احتمال إبداء ما يسقطه إذا أفاق كما لا يقطع الأخرس لذلك
تأمل
قوله ( ناطق بصير ) زاد في البحر هنا قيدا آخر وهو كونه صاحب يد يسرى ورجل يمنى صحيحتين وسيأتي في فصل القطع
قوله ( لجهله بمال غيره ) يعني أن مقتضى حاله ذلك
قوله ( عشرة دراهم ) لما رواه أبو حنيفة مرفوعا لا تقطع اليد في أقل من عشرة دراهم ورجح هذه على رواية ربع دينار ورواية ثلاثة دراهم لأن الأخذ بالأكثر أحوط احتيالا للدرء كما بسطه في الفتح وأطلق الدراهم فانصرفت إلى المعهودة وهو أن تكون العشرة منها وزن سبعة مثاقيل كما في الزكاة
بحر
ومثله في الهداية وغيره
وبحث فيه الكمال بأن الدراهم كانت في زمنه مختلفة صنف عشرة وزن خمسة وصنف وزن ستة وصنف وزن عشرة فمقتضى ترجيحهم الأكثر فيما مر ترجيحه لنا أيضا وتمامه في الشرنبلالية
قوله ( ولم يقل مضروبة ) أي مع أن ذلك شرط للقطع في ظاهر الرواية
قوله ( جياد ) فلو سرق زيوفا أو نبهرجة أو ستوقة فلا قطع إلا أن تكون كثيرة قيمتها نصاب من الجياد
بحر
قوله ( أو مقدارها ) أي قيمة فلو سرق نصف دينار قيمته النصاب قطع عندنا
بحر
وهو عطف على عشر اه ح
قوله ( فلا قطع بنقرة ) هي القطعة المذابة من الذهب والفضة قاموس والمراد الثاني ط
وهذا محترز كون العشرة مضروبة
ومثله ما لو سرق أقل من وزن عشرة فضة تساوي عشرة مسكوكة لا يقطع لأنه مخالف للنص في محل النص وهو أن يسرق فضة وزن عشرة كذا في الفتح فأفاد أن الفضة غير المسكوكة يعتبر فيها الوزن والقيمة أي كونها وزنها عشرة تساوي عشرة مسكوكة فلا قطع لو نقص الوزن عن عشرة
____________________
(4/83)
وإن بلغ قيمة المسكوكة كمسألتنا هذه ولا في عكسه كمسألة النقرة
قوله ( ولا بدينار ) محترز قوله أو قيمتها
وأفاد به أن غير الدراهم يقوم بها وإن كان ذهبا كما في الفتح
قوله ( وقت السرقة ووقت القطع ) فلو كانت قيمته يوم السرقة عشرة فانتقص وقت القطع لم يقطعه إلا إذا كان النقص لعيب حدث أو لفوات بعض العين كما في الفتح والنهر
قوله ( ومكانه ) فلو سرق في بلد ما قيمته فيها عشرة فأخذ في أخرى وقيمته فيها أقل لا يقطع
( فتح )
قوله ( بتقويم عدلين ) حال من قوله أو مقدارها
قوله ( عند اختلاف المقومين ) أي بأن قومه عدلان بنصاب وعدلان آخران بأقل منه
وأما لو اختلفوا بعد اتفاقهم على النصاب فإنه لا يضر كما هو ظاهر
قوله ( إلا إذا كان وعاء لها عادة ) لأن القصد فيه يقع على سرقة الدراهم ألا ترى أنه لو سرق كيسا فيه دراهم كثيرة يقطع وإن كان الكيس يساوي درهما
بحر
وفهم منه أنه لو علم بما في الثوب يقطع كما صرح به في المبسوط لأن المعتبر ظهور قصد النصاب وكون المسروق كيسا فيه دلالة القصد ولا يقبل قوله لم أقصد لم أعلم كما في الفتح فإقراره بالعلم بما في الثوب فيه دلالة القصد بالأولى
قوله ( ولا ينتظر ) أي إذا طلب المالك تضمينه فله ذلك في الحال لوجود سببه لأنه يقدر على تسليمه للحال فصار مستهلكا
قوله ( خفية ) خرج به الأخذ مغالبة أو نهبا فلا قطع به لو كان في المصر نهارا وإن دخل خفية استحسانا
نهر
قوله ( وابتداء فقط لو ليلا ) حتى لو دخل البيت ليلا خفية ثم أخذ المال مجاهرة ولو بعد مقاتلة من في يده قطع
بحر
قوله ( وهل العبرة ) أي في الخفية لزعم السارق أن رب الدار لم يعلم به أم لزعم أحدهما وإن كان رب الدار فيه خلاف
ويظهر ذلك فيما لو ظن السارق أن رب الدار علم به مع أنه لم يعلم فالخفية هنا في زعم رب الدار لا في زعم السارق
ففي الزيلعي لا يقطع لأنه جهر في زعمه
وفي الخلاصة والمحيط والذخيرة يقطع اكتفاء بكونها خفية في زعم أحدهما أما لو زعم اللص أنه لم يعلم به مع أنه عالم يقطع اكتفاء بزعمه الخفية وكذا لو لم يعلما اتفاقا
وأما لو علما فلا قطع بالمسألة رباعية كما أفاده في البحر
قوله ( من صاحب يد صحيحة ) حتى لو سرق عشرة وديعة عند رجل ولو لعشرة رجال يقطع
فتح
قوله ( فلا يقطع السارق من السارق ) هكذا أطلقه الكرخي والطحاوي لأن يده ليست يد أمانة ولا ملك فكان طائعا قلنا نعم لكن يده يد غصب والسارق منه يقطع
والحق ما في نوادر هشام عن محمد إن قطعت الأولى لم أقطع الثاني وإن درأت عنه الحد قطعته ومثله في أمالي أبي يوسف كذا في الفتح
نهر
وعلى هذا التفصيل مشى المصنف في الباب الآتي
تنبيه في كافي الحاكم ولا يقطع السارق من مال الحربي المستأمن
قوله ( مما لا يتسارع إليه الفساد ) سيأتي هذا في المتن مع أشياء أخر لا يقطع بها فإذا كان مراده استيفاء الشروط كان عليه ذكر الباقي
تأمل
قوله ( متقوما مطلقا ) أي عند أهل كل دين
ط
قوله ( فلا قطع بسرقة خمر مسلم ) هذه العبارة مع التطويل لا تشمل سرقة المسلم خمر الذمي ولو قال فلا قطع بسرقة خمر لكان أخصر وأشمل اه ح
قوله ( بدائع ) تمام عبارتها على ما في البحر
____________________
(4/84)
فلو سرق بعض تجار المسلمين من البعض في دار الحرب ثم خرجوا إلى دار الإسلام فأخذ السارق لا يقطعه الإمام اه
قلت وظاهره أن الحكم كذلك لو سرق في دار البغي ثم خرجوا إلى دار العدل
تأمل
ولم يذكر سرقة أهل العدل من أهل البغي وعكسه
وفي كافي الحاكم رجل من أهل العدل أغار على عسكر البغي ليلا فسرق من رجل منهم مالا فجاء به إلى إمام العدل لا يقطعه لأن لأهل العدل أخذ أموالهم على وجه السرقة ويمسكه إلى أن يتوبوا أو يموتوا وفي العكس لو أخذ بعد ذلك فأتى به إمام أهل العدل لم يقطعه أيضا لأنه محارب يستحل هذا اه
ملخصا
قوله ( من حرز ) هو على قسمين حرز بنفسه وهو كل بقعة معدة للإحراز ممنوع من الدخول فيها إلا بإذن كالدور والحوانيت والخيم والخزائن والصناديق
أو بغيره وهو كل مكان غير معد للإحراز وفيه حافظ كالمساجد والطرق والصحراء
وفي القنية لو سرق المدفون في مفازة يقطع بحر
قلت وجزم المقدسي بضعف ما في القنية كما نذكره في النباش
قوله ( بمرة واحدة ) فلو أخرج بعضه ثم دخل وأخرج باقيه لم يقطع زيلعي وغيره
قلت وهذا لو أخرجه إلى خارج الدار لما في الجوهرة ولو دخل دارا فسرق من بيت منها درهما فأخرجه إلى صحنها ثم عاد فسرق درهما آخر وهكذا حتى سرق عشرة فهذه سرقة واحدة فإذا أخرج العشرة من الدار قطع وإن خرج في كل مرة من الدار ثم عاد حتى فعل ذلك عشر مرات لم يقطع لأنها سرقات اه
ومثله في التتارخانية لكن ذكر في الجوهرة أيضا لو أخرج نصابا من حرز مرتين فصاعدا إن تخلل بينهما إطلاع المالك فأصلح النقب أو أغلق الباب فالإخراج الثاني سرقة أخرى فلا يجب القطع إذا كان المخرج في كل دفعة دون النصاب وإن لم يتخلل ذلك قطع اه
ومثله في النهر عن السراج قبيل فصل القطع فقوله وإن لم يتخلل ذلك قطع يقتضي أنه لو أخرج بعض النصاب إلى خارج الدار ثم عاد قبل اطلاع المالك وإصلاحه النقب أو إغلاقه الباب أنه يقطع وهو خلاف ما أطلقه هو وغيره من عدم القطع كما علمت لأنه لم يصدق عليه أنه في كل مرة أخرج نصابا من حرز بل بعض نصاب نعم اطلاع المالك له اعتبار في مسألة أخرى ذكرها في الجوهرة أيضا وهي لو نقب البيت ثم خرج ولم يأخذ شيئا إلا في الليلة الثانية إن كان ظاهرا وعلم به رب المنزل ولم يسده لم يقطع وإلا قطع اه
ووجهه ظاهر وهو أنه لو علم به ولم يسده لم يبق حرزا وإلا بقي حرزا إذ لو لم يبق حرزا لزم أن لا تتحقق سرقته بعد هتك الحرز
قوله ( اتحد مالكه أم تعدد ) فلو سرق واحد من جماعة قطع ولو سرق اثنان نصابا من واحد فلا قطع عليهما فالعبرة للنصاب في حق السارق لا المسروق منه بشرط أن يكون الحرز واحدا فلو سرق نصابا من منزلين فلا قطع والبيوت من دار واحدة بمنزلة بيت واحد حتى لو سرق من عشرة أنفس في دار كل واحد في بيت على حدة من كل واحد منهم درهما قطع بخلاف ما إذا كانت الدار عظيمة فيها حجر كما في البدائع
بحر
وستأتي مسألة الحجر
قوله ( لا شبهة ولا تأويل فيه ) أخرج بالأول السرقة من دار أبيه ونحوه وبالثاني سرقة مصحف لتأويل أخذه للقراءة
أفاده ط
قوله ( وثبت ذلك الخ ) لا يصح كون ذلك جزءا من التعريف بل هو شرط للقطع كما أفاده بقوله فيقطع إن أقر مرة أو شهد رجلان الخ
تأمل
قوله ( وإليه رجع الثاني ) أي أبو يوسف وكان أولا يقول لا يقطع إلا إذا أقر مرتين في مجلسين مختلفين كما في الزيلعي
قوله ( ومن المتأخرين من أفتى بصحته ) مقتضى صنيعه أن ذلك صحيح في حق القطع ولا يخفى ما فيه لأن القطع حد يسقط بالشبهة والإنكار أعظم
____________________
(4/85)
شبهة مع أنه سيأتي أنه لا قطع بنكول عن اليمين وأنه لو أقر ثم هرب لا يتبع فيتعين حمل ما ذكره على صحته في حق الضمان
قوله ( أو شهد رجلان ) فلا يقبل رجل وامرأتان للقطع بل للمال وكذا الشهادة على الشهادة كما في كافي الحاكم
قوله ( ولو عبدا ) تعميم للضمير في عليه المقدر بعد قوله أو شهد رجلان وسيأتي الكلام على سرقة العبد في الباب الآتي
قوله ( وسألهما الإمام كيف هي ) ليعلم أنه أخرج من الحرز أو نول من هو خارج وأين هي ليعلم أنها ليست في دار الحرب وكم هي ليعلم أنها نصاب أم لا
قوله ( زاد في الدرر ) نقله في البحر أيضا عن الهداية وقال السؤال عن الماهية لإطلاقها على استرقاق السمع والنقص من أركان الصلاة وعن الزمان لاحتمال التقادم
زاد في الكافي أنه يسألهما عن المسروق إذ سرقة كل مال لا توجب القطع
قوله ( وممن سرق ) ليعلم أنه ذو رحم محرم منه أم لا
قوله ( وبيناها ) أي المذكورات وهو عطف على قوله وسألهما
قوله ( احتيالا ) علة للسؤال
قوله ( ويحبسه حتى يسأل عن الشهود ) أي عن عدالتهم
قال في الشرنبلالية يشير إلى ما قاله الكمال إن القاضي لو عرف الشهود بالعدالة له قطعه اه
ولعله على القول بأن القاضي يقضي بعلمه وهو خلاف المختار الآن اه
وهذا اشتباه فإن قضاءه بالقطع بالبينة لا بعلمه وعلمه بعدالة الشهود المتوقف عليها القضاء بالقطع ليس قضاء به
حموي
قلت على أنه مر في الباب السابق أن في حقوقه تعالى يقضي القاضي بعلمه اتفاقا وقد صرح في البحر عن الكشف بأن وجوب القطع حق الله تعالى على الخلوص
قوله ( لعدم الكفالة في الحدود ) لأنه إذا جاء أخذ الكفيل بالنفس لا يحبس
قوله ( إلا الزمان ) لأن تقادم العهد لا يمنع صحة الإقرار بها
نوح عن المبسوط والمحيط
واعترضه الحموي بأنه يجوز أن تكون السرقة في صباه فلا يحد
قلت لكن قال في حاوي الزاهدي لو ثبتت السرقة بالإقرار لا يلزم السؤال عن زمانها حتى قال في أسنع لو قال سرقت في زمان الصبا يقطع ولا يلتفت إلى قوله اه
وفي لفظ أسنع رمز لكتاب الأسرار
قوله ( إلا المكان ) المناسب وإلا المكان بالعطف لأنه في الفتح استثنى الزمان والمكان
قوله ( تحريف ) أي لجواز أن يكون في دار الحرب والمراد أن ذكر المكان في عبارة الفتح غير صحيح
قوله ( وكذا لو رجع أحدهم ) أي أحد السارقين المقرين
قوله ( أو قال ) أي أحد السارقين
قوله ( أو شهدا على إقراره ) أي إقرار السارق
قوله ( فلا قطع ) أي في المسائل الثلاث أما في الأوليين فلأنه إذا سقط عن البعض لشبهة سقط عن الباقين كما في الكافي والرجوع ودعوى الملك شبهة
وأما في الثالثة فلأن جحود الإقرار بمنزلة الرجوع وهو لو أقر صريحا يصح رجوعه فكذا لو شهدا على إقراره والسكوت في باب الشهادة جعل إنكارا حكما كما ذكره المصنف
قوله ( ونقله شارح الوهبانية الخ ) حاصل ما نقله عن المبسوط أنه لو أقر ثم هرب لم يقطع ولو في فوره لأن الهرب دليل الرجوع ولو رجع
____________________
(4/86)
لا يقطع فكذا إذا هرب بل يضمن المال
وأما لو هرب بعد الشهادة ولو قبل الحكم فإن أخذ في فوره قطع وإلا لا فإن حد السرقة لا يقام بالبينة بعد التقادم والعارض في الحدود بعد القضاء قبل الاستيفاء كالعارض قبل القضاء اه
وبه ظهر أنه قول المصنف تبعا للظهيرية فإن في فوره لا يقطع صوابه ولو في فوره ليعلم أنه بعد التقادم لا يقطع أيضا
وأجيب بأنه قيد بالفورية ليصح قوله بخلاف الشهادة لأنه بعد التقادم لا يخالف الإقرار الشهادة في عدم القطع
على أنه إذا كان لا يقطع بالهرب في فور الإقرار لا يقطع بعد التقادم فيه بالأولى كما أفاده ح
لكن لا يخفى ما في العبارة من الإيهام والعبارة المحررة عبارة كافي الحاكم وهي وإذا أقر بالسرقة ثم هرب لم يطلب وإن كان ذلك بشهود طلب ما دام في فور ذلك
قوله ( ولا قطع بنكول ) أي نكول السارق عن الحلف عند القاضي
قوله ( لإقراره على نفسه ) علة للزوم المال في المسألتين لأن النكول إقرار معنى وإقرار السيد على عبد يوجب توجه المطالبة على نفسه
أفاده ط
قوله ( ونقل ) أي في القهستاني ومثله في الذخيرة وهو تأييد لما قبله حيث سماه جورا شبيها بالعدل
مطلب ترجمة عصام بن يوسف قوله ( عن عصام ) هو عصام أبي يوسف ومحمد ومن أقران محمد بن سماعة وابن رستم وأبي حفص البخاري
قوله ( إنه سئل ) أي سأله حبان بن جبلة أمير بلخ
رملي
قوله ( سارق ويمين ) تعجب من طلب اليمين منه فإنه لا يبالي لإقدامه على ما هو أشد جناية لكن الشرع لم يعتبر هذا
قوله ( فقال ) أي عصام
قوله ( ما رأيت جورا الخ ) سماه جورا تعزير المتهم وقدمنا بيانه
قوله ( بصحة إقراره بها مكرها ) أي في حق الضمان لا في حق القطع كما قدمناه
قوله ( وعن الحسن ) هو ابن زياد من أصحاب الإمام
قوله ( يحل ضربه الخ ) لم يصرح الحسن به بل هو مفهوم كلامه
مطلب في جواز ضرب السارق حتى يقر قال في البحر وسئل الحسن بن زياد أيحل ضرب السارق حتى يقر قال ما لم يقطع اللحم لا يتبين العظم ولم يزد على هذا اه كلام البحر
وهو ضرب مثل أي ما لو لم يعاقب لا تظهر السرقة ففي عبارة الشارح سقط من الكاتب أو من قلمه بدليل أنه في شرحه على الملتقى ذكر عبارة الحسن على وجهها فلم يكن ما هنا تصرفا منه بسوء فهمه إذ لم نعهد هذا الشارح الفاضل وصل في البلادة إلى ما زعمه من هو مولع بالاعتراض عليه فافهم
قوله ( عن ابن العز ) أي في كتابه التنبيه على مشكلات الهداية حيث قال الذي عليه جمهور الفقهاء في المتهم بسرقة ونحوها أن ينظر فإما أن يكون معروفا بالبر لم تجز مطالبته ولا عقوبته
وهل يحلف قولان
ومنهم من
____________________
(4/87)
قال يعزر متهمه وإما أن يكون مجهول الحال فيحبس حتى يكشف أمره قيل شهرا وقيل باجتهاد ولي الأمر وإن كان معروفا بالفجور فقالت طائفة يضربه الوالي أو القاضي
وقالت طائفة يضربه الوالي دون القاضي
ومنهم من قال لا يضربه وقد ثبت في الصحيح أن النبي أمر الزبير بن العوام أن يمس بعض المعاهدين بالعذاب لما كتم إخباره بالمال الذي كان قد عاهدهم عليه وقال له أين كنز حيي بن أخطب فقال يا محمد أنفذته النفقات ولحروب فقال المال كثير والمسألة أقرب وقال للزبير دونك هذا فمسه الزبير بشيء من العذاب فدلهم على المال وهو الذي يسع الناس وعليه العمل الخ وتمامه في المنح
قوله ( ثم نقل ) أي المصنف وقوله جواز ذلك أي جواز ضرب المتهم حيث قال نقلا عن الزيلعي
ومنها أي ومن السياسة ما حكي عن الفقيه أبي بكر الأعمش أن المدعى عليه إذا أنكر فللإمام أن يعمل فيه بأكبر رأيه فإن غلب على ظنه أنه سارق وأن المسروق عنده عاقبه ويجوز ذلك كما لو رآه الإمام مع الفساق في مجلس الشرب وكما لو رآه يمشي مع السراق وبغلبة الظن أجازوا قتل النفس كما إذا دخل عليه رجل شاهرا سيفه وغلب على ظنه أنه يقتله اه
قوله ( لغلبة الفساد ) تمام عبارة النهر وكيف يؤتى للسارق ليلا بالبينة بل ولا في النهار اه يعني لا يتوقف تعزير المتهم وقدمنا هناك عن ابن القيم حكاية الإجماع على ذلك وقد سمعت آنفا تصريح الزيلعي بأن هذا من السياسة وبه يعلم أن للقاضي فعل السياسة
قوله ( ويحمل ما في التجنيس ) وهو ما قدمه المصنف من أنه لا يفتى بعقوبة السارق
قوله ( لو كسر سنه ) بضم أوله مبنيا للمجهول وأصل العبارة لو شكا للوالي بغير حق فأتى بقائد فضرب المشكو عليه فكسر سنه أو يده الخ
قوله ( كالمال ) أي كما يضمن لو غرمه الوالي مالا
قوله ( لا لو حصل ) أي لا يضمن الأرش لو حبسه الوالي فهرب وتسور جدار السجن فحصل ما ذكر من كسر سنه أو يده أو مات بضرب القائد
قوله ( كان للورثة أخذ الشاكي بدية أبيهم ) الظاهر أنه لا ينافي ما مر عن القنية لتعليله بظهور تعديه هنا أي حيث ظهرت السرقة على يد آخر بخلاف ما مر
تأمل
قوله ( لتعديه في هذا التسبب ) قال في الذخيرة بعد عزوه المسألة لمجموع النوازل قيل هذا الجواب مستقيم في حق الغرامة أصله السعاية غير مستقيم في حق الدية لأنه صعد السطح باختياره وقيل هو مستقيم في الدية أيضا لأنه مكره على الصعود للفرار من حيث المعنى اه
وقوله أصله السعاية أي أن الأصل في ذلك تضمينهم الساعي إذا كان بغير حق
قوله ( وسيجيء في الغصب ) حيث قال متنا وشرحا لو سعى إلى سلطان بمن يؤذيه والحال أنه لا يدفع بلا رفع إلى السلطان أو سعى بمن يباشر الفسق ولا يمتنع بنهيه أو قال لسلطان قد يغرم وقد لا يغرم أنه قد وجد كنزا فغرمه السلطان شيئا لا يضمن في هذه المذكورات ولو غرم السلطان ألبتة بمثل هذه السعاية ضمن وكذا يضمن لو سعى بغير حق عند محمد زجرا له أي للساعي وبه يفتى وعزر ولو الساعي عبدا طولب بعد عتقه ولو مات الساعي
____________________
(4/88)
فللمسعى به أن يأخذ قدر الخسران من تركته هو الصحيح
جواهر الفتاوى
ونقل المصنف أنه لو مات المشكو عليه بسقوطه من سطح لخوفه غرم الشاكي ديته لا لو مات بالضرب لندوره وقد مر في باب السرقة اه
مطلب في ضمان الساعي ثم حاصل ما ذكره من ضمان الساعي أنه لو سعى بحق لا يضمن ولو بلا حق فإن كان السلطان يغرم بمثل هذه السعاية ألبتة يضمن وإن كان قد يغرم وقد لا يغرم لا يضمن
والفتوى على قول محمد من ضمان الساعي بغير حق مطلقا ويعزر بل قدمنا إباحة قتله بل أفتى بعض مشايخ المذهب بكفره
قوله ( يسرقه مني ) المناسب عطفه ب أو لأنه مسألة ثانية
ففي كافي الحاكم أو قال لم يسرقه مني وإنما كنت أودعته
قوله ( فلا يقطع ) أما لو قال عفوت عنه لم يبطل القطع
كافي الحاكم أي لأن القطع محض حقه تعالى فلا يملك إسقاطه بخلاف ما قبله لأنه ثبت في ضمن ثبوت حق العبد وقد بطل بإقراره فبطل ما في ضمنه
تأمل
قوله ( وندب تلقينه ) المناسب ذكره عند قوله إن أقر بها أي ندب للإمام أن يلقنه
كافي لما أخرجه أبو داود أنه أتي بلص قد عترف ولم يوجد معه متاع فقال ما إخالك سرقت قال بلى يا رسول الله فأعادها عليه الصلاة والسلام مرتين أو ثلاثا فأمر به فقطع وتمامه في الفتح
قوله ( في حقهما ) متعلق بلا قطع ح أي لا قطع في حق الكافر ولا في حق المسلم ولعل وجهه أنها سرقة واحدة فلما بطلت الشهادة في حق المسلم بطلت في حق الكافر
وأما الضمان فلا شك في انتفائه عن المسلم وهل يضمن الكافر حصته منها الظاهر نعم
قلت وفي كافي الحاكم لو شهد رجلان على رجلين بسرقة وأحد السارقين غائب قطع الحاضر فإن جاء الغائب لم يقطع حتى تعاد عليه تلك البينة أو غيرها فيقطع اه
فلينظر الفرق بين المسألتين ولعل وجهه أن الكافر ليس أهلا للشهادة على المسلم بخلاف شهادة المسلم على الغائب فإن المانع من قبولها الغيبة لا عدم الأهلية
قوله ( تشارك جمع ) أي في دخول الحرز بقرينة قوله وإن أخذ المال بعضهم
قال في الفتح وإنما وضعها في دخول الكل لأنه لو دخل بعضهم لكنهم اشتركوا بعد ذلك في فعل السرقة لا يقطع إلا الداخل إن عرف بعينه وإن لم يعرف عزروا كلهم وأبد حبسهم إلى أن تظهر توبتهم اه
وقيد بقوله وأصاب كلا نصاب لأنه لو أصابه أقل لم يقطع بل يضمن ما أصابه من ذلك
جوهرة
قوله ( استحسانا ) والقياس أن يقطع الحامل وحده وهو قول زفر والأئمة الثلاثة
فتح
قوله ( أو محرم ) أي ذو رحم محرم من المسروق منه
بحر
قوله ( لم يقطع أحد ) أطلقه فشمل ما إذا تولى الأخذ الكبار العقلاء خلافا لأبي يوسف كما في الزيلعي
قوله ( لا قطع ) هذا قول أبي حنيفة الأول وقوله الأخير يقطع كما يأتي قريبا وبه صرح في التتارخانية وغيرها
قوله ( سوى رجم ) في بعض النسخ
____________________
(4/89)
سوى جلد وهي الصواب وإن كان الأول هو الذي في الفتح والبحر والنهر نقلا عن كافي الحاكم فقد رده في الشرنبلالية بأنه مخالف لما قدموه في حد الزنا بالرجم من أنه إذا غاب الشهود أو ماتوا سقط الحد فيتجه استثناء الجلد فإنه يقام حال الغيبة والموت بخلاف الرجم لاشتراط بداءة الشهود به
وعبارة كافي الحاكم في الحدود مصرحة بذلك وكذلك عبارته في السرقة ونصها وإذا كان أي المسروق منه حاضرا والشاهدان غائبان لم يقطع أيضا حتى يحضروا
وقال أبو حنيفة بعد ذلك يقطع وهو قول صاحبيه وكذلك الموت وكذلك هذا في كل حد وحق سوى الرجم ويمضي القصاص وإن لم يحضروا استحسانا لأنه من حقوق الناس اه
فهذا تصريح الحكم في الحدود والسرقة بما قلنا فليتنبه له اه
قلت والظاهر أن نسخة الكافي التي وقعت لصاحب الفتح سقط منها قوله وقال أبو حنيفة إلى قوله وكذلك الموت فوقع الخلل في اشتراط حضور الشاهدين وفي استثناء الرجم لأن الاستثناء وقع من القول الأخير الذي رجع إليه الإمام فكان العمل عليه لأن ما رجع عنه المجتهد بمنزلة المنسوخ ولذا صرح في شرح الوهبانية بتصحيح قوله الأخير فجزى الله تعالى الشرنبلالي خيرا على هذا التنبيه الحسن
قوله ( تصحيح خلافه ) أي خلاف قوله لا قطع وهذا هو الصواب كما علمت
قوله ( ويقطع بساج ) قال الزمخشري الساج خشب أسود رزين يجلب من بلاد الهند ولا تكاد الأرض تبليه والجمع سيجان مثل نار ونيران
وقال بعضهم الساج يشبه الأبنوس وهو أقل سوادا منه
مصباح
قوله ( وقنا ) بالفتح والقصر هو الرمح
قوله ( بفتح الباء ) كذا في البحر عن الطلبة ومثله في الفتح والنهر
ورأيت في المصباح ضبطه بضمهما وقال إنه خشب معروف وهو معرب ويجلب من الهند واسمه بالعربية سأسم بهمزة وزان جعفر
قوله ( وعود ) بالضم الخشب جمعه عيدان وأعواد وآلة من المعازف
قاموس
قلت والمراد هنا الأول وهو الطيب لأن آلة اللهو لا قطع بها كما يأتي قوله ( وأدهان ) جمع دهن كزيت وشيرج
قوله ( وورس ) نبت أصفر يزرع باليمن ويصبغ به قيل هو صنف من الكركم وقيل يشبهه
مصباح
قوله ( وصندل ) خشب معروف طيب الرائحة
قوله ( وفصوص خضر ) قيد الخضر اتفاقي
در منتقى
قوله ( وزبرجد ) جوهر معروف ويقال هو الزمرد
مصباح
قوله ( ولعل ) بالتخفيف ما يتخذ منه الحبر الأحمر غير الزنجفر والدودة ويطلق على نوع من الزمرد ط
وفي بعض النسخ لعلع وهو شجر حجازي كما في القاموس
تأمل
قوله ( غير مركب ) احترز به عن باب الدار المركب فإنه لا يقطع به كما يأتي ثم إنه يشترط للقطع هنا أن يكون به الحرز وأن يكون خفيفا لا يثقل حمله على الواحد لأنه لا يرغب في سرقة الثقيل من الأبواب كما في الهداية والزيلعي
قال في الفتح ونظر فيه بأن لا ينافي ماليته ولا ينقصها وإنما تقل فيه رغبة الواحد لا الجماعة ولو صح هذا امتنع القطع في فردة حمل من قماش ونحوه وهو منتف ولذا أطلق الحاكم في الكافي القطع اه
وأجيب بأنه إنما يرد لو لم يقل الثقيل من الأبواب
قلت لا يخفى أن هذا هو منشأ النظر فافهم
قوله ( ولو متخذين ) أي الإناء والباب أشار به إلى أن قوله من خشب غير قيد لأن المراد ما دخلته الصنعة فالتحق بالأموال النفيسة بخلاف الأواني المتخذة من الحشيش
____________________
(4/90)
والقصب فلا قطع بها لأن الصنعة لم تغلب فيها حتى لا تتضاعف قيمتها ولا تحرز حتى لو غلبت كأواني اللبن والماء من الحشيش في بلاد السودان يقطع بها لما ذكرنا وكذا الحصر البغدادية لغلبة الصنعة على الأصل
أفاده في البحر ومثله في الزيلعي
قوله ( ولا يوجد في دار العدل الخ ) الأولى التعبير بدار الإسلام
قال في الفتح فأما كونها توجد في دار الحرب فليس شبهة في سقوط القطع لأن سائر الأموال حتى الدنانير والدراهم مباحة في دار الحرب ومع هذا يقطع فيها في دارنا اه
قوله ( لا يقطع بتافه الخ ) أي إذا سرق من حرز لا شبهة فيه بعد أن أخذ وأحرز وصار مملوكا
فتح
قوله ( يوجد مباحا في دارنا ) أي يوجد جنسه مباحا في الأصل بصورته الأصلية بأن لم يحدث فيه صنعة متقومة غير مرغوب فيه فخرج بصورته الأبواب والأواني من الخشب وبغير مرغوب فيه نحو المعادن من الذهب والصفر واليواقيت واللؤلؤ ونحوها من الأحجار فيقطع لكونها مرغوبا فيها
وعلى هذا نظر بعضهم في الزرنيخ بأنه ينبغي القطع به لإحرازه في دكاكين العطارين كسائر الأموال بخلاف الخشب لأنه إنما يدخل الدور للعمارة فكان إحرازه ناقصا بخلاف الساج والأبنوس
واختلف في الوسمة والحناء والوجه القطع لإحرازه عادة في الدكاكين كذا في الفتح ومفاده اعتبار العادة في الأحراز
قوله ( لا يحرز عادة ) احتراز عن الساج والأبنوس
قلت وقد جرت العادة إحراز بعض الخشب كالمخروط والمنشور دفوفا وعواميد ونحو ذلك فينبغي القطع به كما يفيده ما مر
تأمل
قوله ( ولو مليحا ) بتشديد اللام ودخل فيه الطري بالأولى
قوله ( وطير ) لأن الطير يطير فيقل إحرازه
فتح
قوله ( وصيد ) هو الحيوان الممتنع المتوحش بأصل خلقته إما بقوائمه أو بجناحيه فالسمك ليس منه
ابن كمال
قوله ( وزرنيخ ) بالكسر فارسي معرب
مصباح
قوله ( ومغرة ) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وتحرك الطين الأحمر وظاهر كلام الصحاح والقاموس أن التسكين هو الأصل والتحريك خلافه وظاهر المصباح العكس
نوح
قوله ( ونورة ) بضم النون حجر الكلس ثم غلبت على أخلاط تضاف إلى الكلس من زرنيخ وغيره ويستعمل لإزالة الشعر
مصباح وكذا ضبطها بالضم في القاموس
قوله ( وخزف وزجاج ) الخزف كل ما عمل من طين وشوي بالنار حتى يكون فخارا قاموس
قال في الفتح ولا يقطع في الآجر والفخار لأن الصنعة لا تغلب فيها على قيمتها
وظاهر الرواية في الزجاج أنه لا يقطع لأنه يسرع إليه الكسر فكان ناقص المالية
وعن أبي حنيفة يقطع كالخشب إذا صنع منه الأواني اه
وفي الزيلعي ولا قطع في الزجاج لأن المكسور منه تافه والمصنوع منه يتسارع إليه الفساد اه
قلت وظاهره أنه لا يقطع في الزجاج وإن غلبت عليه الصنعة وهل يقال مثله في الصيني والبلور مع أنه قد يبلغ بالصنعة نصبا كثيرة ومفهوم علة الفخاء أنه يقطع به
تأمل
قوله ( وكل مهيأ لأكل ) أما غير المهيأ مما لا يتسارع إليه الفساد كالحنطة والسكر فإنه يقطع فيه إجماعا كما في الفتح
قوله ( مطلقا ) ولو غير مهيأ لأنه عن ضرورة ظاهرا وهي تبيح التناول
فتح
قوله ( وفاكهة رطبة ) كالعنب والسفرجل والتفاح والرمان وأشباه ذلك
____________________
(4/91)
ولو كانت محروزة في حظيرة عليها باب مقفل
وأما الفواكه اليابسة كالجوز واللوز فإنه يقطع فيها إذا كانت محرزة
جوهرة
قوله ( وثمر على شجر ) لأنه لا إحراز فيما على الشجر ولو كان الشجر في حرز لما في كافي الحاكم وإن سرق التمر من رؤوس النخل في حائط محرز أو حنطة في سنبلها لم تحصد لم يقطع فإن أحرز التمر في حظيرة عليها باب أو حصدت الحنطة وجعلت في حظيرة فسرق منها قطع وكذلك إن كانت في صحراء وصاحبها يحفظها اه
قوله ( وأشربة مطربة ) أي مسكرة
والطرب استخفاف العقل من شدة حزن وجزع حتى يصدر عنه ما لا يليق كما تراه من صياح الثكالى وضرب خدودهن وشق جيوبهن أو شدة سرور توجب ما هو معهود من الثمالى
ثم الشراب إن كان حلوا فهو مما يتسارع إليه الفساد أو مرا فإن كان خمرا فلا قيمة لها أو غيره ففي تقويمه خلاف ولتأول السارق فيه الإراقة فتثبت شبهة الإباحة وتمامه في الفتح
وشمل ما إذا كان السارق مسلما أو ذميا كما في البحر
قوله ( ولو الإناء ذهبا ) أي على المذهب لأن الإناء تابع ولم يقطع في المتبوع فكذا في التبع
وفي رواية عن أبي يوسف أنه يقطع وهو قول الأئمة الثلاثة ورجحه في الفتح فيما تعاين ذهبيته بأن الظاهر أن كلا مقصود بالأخذ بل أخذ الإناء أظهر
واستشهد بما في التجنيس سرق كوزا فيه عسل وقيمة الكوز تسعة وقيمة العسل درهم يقطع وهو نظير ما تقدم فيمن سرق ثوبا لا يساوي عشرة مصرور عليه عشرة يقطع إذا علم أن عليه مالا بخلاف ما إذا لم يعلم اه
ملخصا
وأقره في البحر
قوله ( وآلات لهو ) أي بلا خلاف لعدم تقومها عندهما حتى لا يضمن متلفها
وعنده وإن ضمنها لغير اللهو إلا أن يتأول آخذها للنهي عن المنكر
فتح
قوله ( وصليب ) هو بهيئة خطين متقاطعين ويقال لكل جسم صليب
فتح
قوله ( وشطرنج ) بكسر الشين فتح
قيل هو عربي وقيل معرب وهو داخل في آلات اللهو وكذا النرد بفتح النون
قوله ( لتأويل الكسر الخ ) علة للثلاثة وعن أبي يوسف يقطع بالصليب لو في يد رجل في حرز لا شبهة فيه لا لو في مصلاهم لعدم الحرز وجوابه ما قلنا من تأويل الإباحة
فتح
قلت لكن هذا التأويل لا يظهر فيما لو كان السارق ذميا
ثم رأيت في الذخيرة ذكرها هذا التفصيل عن أبي يوسف في الذمي
ووجهه ظاهر لأن مصلاهم بمنزلة المسجد
فلذا لم يقطع بخلاف الحرز فيقطع لأنه لا تأويل له إلا أن يقال تأويل غيره يكفي في وجود الشبهة فلا يقطع
تأمل
وفي النهر ولو سرق دراهم عليها تمثال قطع لأنه إنما أعد للتمول فلا يثبت فيه تأويل
قوله ( لأنه حرز لا محرز ) أفاد أن الكلام في الباب الخارج فلو دخل الدار فهو محرز فيقطع به
أفاده ط
قلت وهذا إذا لم يكن ثقيلا على ما مر عن الهداية في غير المركب
وظاهره أن باب المسجد حرز وليس كذلك فالأولى تعليل الهداية بقوله ولا يقطع في أبواب المسجد لعدم الإحراز فصار كباب الدار بل أولى لأنه يحرز بباب الدار ما فيها ولا يحرز بباب المسجد ما فيه حتى لا يجب القطع بسرقة متاعه اه
زاد في البحر وكذا أستار الكعبة وإن كانت محرزة لعدم المالك
____________________
(4/92)
تنبيه قال في فخر الإسلام لو اعتاد سرقة أبواب المسجد يجب أن يعزر ويبالغ فيه ويحبس حتى يتوب
قال في البحر وينبغي أن يكون كذلك سارق البزابيز من الميض اه
قال ط وكذا سارق نعال المصلين اه
قلت بل كل سارق انتفى عنه القطع لشبهة ونحوها
تأمل
قوله ( ومصحف ) مثلث الميم قاموس والضم أشهر مصباح لأن الآخذ يتأول في أخذه القراءة والنظر فيه ولأنه لا مالية له على اعتبار المكتوب وإحرازه لأجله لا للجلد والأوراق
هداية
والإطلاق يشمل الكافر وغير القارىء
قوله ( ولو محليين ) قال نوح أفندي في حاشية الدرر هذا اللفظ في أكثر النسخ بالياءين ولكن الصواب أن يكون بياء واحدة كما يظهر من الصرف اه
ومثله في شرح درر البحار
قوله ( لأن الحلية تبع ) وعن أبي يوسف يقطع في المصحف المحلى
وعنه أنه يقطع إذا بلغت الحلية نصابا كما قال في حلية الصبي
قال في الفتح والخلاف في صبي لا يمشي ولا يتكلم فلو كان يمشي ويتكلم ويميز لا قطع إجماعا لأنه في يد نفسه وكان أخذه خداعا ولا قطع في الخداع
قوله ( يعبر عن نفسه ) فالمراد بالكبير المميز المعبر عن نفسه بالغا كان أو صبيا
بحر
قوله ( لأنه إما غصب ) أي إن أخذه بالقهر أو خداع أي إن أخذه بالحيلة وكلاهما غير سرقة
ط
قوله ( ودفاتر ) جمع دفتر بالفتح وقد يكسر جماعة الصحف المضمومة
قاموس
قوله ( فكمصحف ) أي في تأويل أخذها للقراءة وكون المقصود ما فيها ولا مالية له
قوله ( وإلا فكطنبور ) أي في تأويل أخذها لإزالة ما فيها نهيا عن المنكر
والحاصل إنه يقطع بكتب علوم شرعية أو غيرها
قال القهستاني فيشمل أي الدفتر المصحف وكتب العلوم الشرعية والآداب ودواوين فيها حكمة دون ما فيها أشعار مكروهة وكتب العلوم الحكمية فإنهما داخلان في آلات لهو كما أشار إليه في الزاد وغيره اه
ثم نقل قولا آخر بالقطع بكتب الأدب والشعر لكن قال في الفتح والبحر شمل مثل كتب السحر ومثل كتب العربية
واختلف في غيرها أي غير كتب الشريعة من العربية والشعر فقيل ملحقة بدفاتر الحساب فيقطع فيها
وقيل بكتب الشريعة لأن معرفتها قد تتوقف على اللغة والشعر والحاجة وإن قلت كفت في إيراث الشبهة اه
فتعليل القول الثاني يفيد ترجيحه ثم قال ومقتضى هذا أنه لا يختلف في القطع بكتب السحر والفلسفة لأنه لا يقصد ما فيها لأهل الديانة فكانت سرقة صرفا اه
زاد في النهر وينبغي أن ينظر في الآخذ لكتب السحر والفلسفة فإن كان مولعا بذلك لا يقطع للقطع بأن المقصود ما فيها اه
قلت لكن كلام الفتح يخالفه لأنه جعل كون الديانة لا يقصدونها علة لكونها سرقة صرفا ومعلوم أن السارق لا يلزم أن يكون من الذين لا يقصدونها بل الغالب أن يكون غيرهم من أهل الشر كالسحرة ونحوهم
فعلم أن الشبهة المسقطة للقطع لا يلزم وجودها في السارق وإلا كانت علة حقيقة لا شبهة العلة لأن الشبهة ما يشبه الثابت وهو ليس بثابت وإلا لزم ثبوت التفصيل المذكور في كتب الشريعة أيضا وكذا في آلات اللهو والطعام في سنة القحط ولم نر من عرج عليه نعم قدمنا عن الذخيرة في الصليب ما يفيده عند أبي يوسف فليتأمل
قوله ( بخلاف العبد الصغير ) لأنه مال منتفع به إن كان يمشي ويعقل أو بعرضية أن يصير كذلك إن كان خلافه وتمامه في النهر
قوله ( والماضي حسابها ) أي الذي لم يبق لأحد فيه علقة فلم يبق إلا كاغد فإذا بلغت قيمته نصابا
____________________
(4/93)
قطع كذا في تصحيح العلامة قاسم
قوله ( وكلب وفهد ) عطف على مالا قطع فيه بقرينة تنكيره ولو قال وبكلب وفهد كما صنع في الوافي لكان أحسن
حموي
وشمل كلب الصيد والماشية لأنه يوجد من جنسه مباح الأصل ولاختلاف العلماء في ماليته فأورث شبهة
بحر
ط
قوله ( في وديعة ) أي تحت يده
قوله ( أي أخذ قهرا ) أي على وجه العلانية
قوله ( أي اختطاف ) أي علانية أيضا فالنهب والاختلاس أخذ الشيء علانية إلا أن يفرق بينهما من جهة سرعة الأخذ في جانب الاختلاس بخلاف النهب فإن ذلك غير معتبر فيه
ط عن أبي السعود
قوله ( لانتفاء الركن ) وهو الحرز في الخيانة والأخذ خفية فيما بعدها ط
قوله ( ونبش ) أي لا قطع على النباش وهو الذي يسرق أكفان الموتى بعد الدفن
( بحر )
لأن الحرز بالقبر أو الميت باطل لأنه لا يحفظ نفسه والصحراء ليست حرزا حتى لو دفن بها مال فسرق لم يقطع
فما في القنية من أنه لو سرق المدفون بالمفازة قطع ضعيف
مقدسي
قوله ( في الأصح ) لاختلال الحرز بحفر القبر وقيل يقطع إذا كان مقفلا
قهستاني
قوله ( ولو اعتاده ) أي اعتاد النبش
وفيه إشارة إلى الجواب عما استدل به أبو يوسف والأئمة الثلاثة من حديث من نبش قطعناه بحمله على السياسة وتمام تحقيقه في الفتح
قوله ( ومال عامة ) وهو مال بيت المال فإنه مال المسلمين وهو منهم وإذا احتاج ثبت له الحق فيه بقدر حاجته فأورث شبهة والحدود تدرأ بها
بحر
قوله ( ومشترك ) أي بين السارق وبين ذي اليد
قوله ( وحصر مسجد الخ ) أي وإن كانت محرزة كما في البحر
قوله ( ومال وقف ) ذكره في البحر بحثا فقال وأما مال الوقف فلم أر من صرح به ولا يخفى أنه لا يقطع به وقد عللوا عدم القطع فيما لو سرق حصر المسجد ونحوها من حرز بعدم المالك وتبعه في النهر
وقال ولو قيل إن كان الوقف على العامة فماله كبيت المال وإن كان على قوم محصورين فلعدم المالك حقيقة لكان حسنا اه
ولا يخفى جريان العلة الثانية فيهما لكن رده المقدسي والرملي بأنهم صرحوا بأنه يقطع بطلب متولي الوقف وسيأتي التصريح به في الباب الآتي وصرح به أيضا ابن مالك في شرح المنار في بحث الخاص
قلت ولذا والله أعلم علل في الفتح لعدم القطع في حصر المسجد بعدم الحرز أي لكون المسجد غير حرز ومفاده أنه يقطع لو سرقها من حرز
والظاهر أن وجهه كون الوقف يبقى على ملك الواقف حكما عند الإمام وهذا في أصل الوقف
وأما الغلة فقد صرحوا بأنها ملك المستحقين لكن ينبغي أن يقال إن كان السارق له حق في الغلة لا يقطع بسرقته منها سواء كان وقفا على العامة أو على قوم محصورين لثبوت الشركة وكذا وقف المسجد إذا كان للسارق وظيفة فيه بخلاف سرقته لحصره وقناديله إذ حقه في الغلة لا في الحصر
تأمل
مطلب في أخذ الدائن من مال مديونه من خلاف جنسه قوله ( ومثل دينه ) أي مثله جنسا لا قدرا ولا صفة كما أفاده ما بعده
قوله ( ولو دينه مؤجلا ) لأنه استيفاء لحقه والحال والمؤجل سواء في عدم القطع استحسانا لأن التأجيل لتأخير المطالبة والحق ثابت فيصير شبهة دارئة وإن لم يلزمه
____________________
(4/94)
الإعطاء الآن
ولا فرق بين كون المديون المسروق منه مماطلا أو لا خلافا للشافعي وتمامه في الفتح
قوله ( أو زائدا عليه أو أجود ) بأنت خبير بأن الضمير في زائد أو أجود عائد على الدين وفي عليه على المسروق فالمناسب للتعميم أن يقال أو أنقص منه أو أردأ فيعلم حكم الزائد والأجود بالأولى
والحاصل أنه لو سرق أكثر من دينه لا يقطع لأنه يصير شريكا في ذلك المال بمقدار حقه كما في الفتح وعلى قياسه يقال فيما لو سرق الأجود
تأمل
قوله ( لأن النقدين جنس واحد حكما ) ولهذا كان للقاضي أن يقضي بها دينه من غير رضا المطلوب
بحر
قلت وهذا موافق لما صرحوا به في الحجر
ومفاده أنه ليس للدائن أخذ الدراهم بدل الدنانير بلا إذن المديون ولا فعل حاكم وقد صرح في شرح تلخيص الجامع في باب اليمين في المساومة بأن له الأخذ وكذا في حظر المجتبى ولعله محمول على ما إذا لم يمكنه الرفع للحاكم فإذا ظفر بمال مديونه له الأخذ ديانة بل له الأخذ من خلاف الجنس على ما نذكره قريبا
قوله ( ومنه الحلي ) أي بسبب ما فيه من الصياغة التحق بالعرض
قوله ( ما لم يقل الخ ) لأنه لا يكون رهنا أو قضاء لدينه إلا بإذن مالكه فكأنه ادعى أخذه بإذنه فلا يقطع
وفي الفتح وعن أبي يوسف لا يقطع بالعروض لأن له الأخذ عند بعض العلماء
قلنا هذا قول لا يستند إلى دليل ظاهر فلا يصير شبهة دارئة إلا إن ادعى الرهن أو القضاء
مطلب يعذر بالعمل بمذهب الغير عند الضرورة قوله ( وأطلق الشافعي أخذ خلاف الجنس ) أي من النقود أو العروض لأن النقود يجوز أخذها عندنا على ما قررناه آنفا
قال القهستاني وفيه إيماء إلى أن له أن يأخذ من خلاف جنسه عند المجانسة في المالية وهذا أوسع فيجوز الأخذ به وإن لم يكن مذهبنا فإن الإنسان يعذر في العمل به عند الضرورة كما في الزاهدي اه
قلت وهذا ما قالوا إنه لا مستند له لكن رأيت في شرح نظم الكنز للمقدسي من كتاب الحجر
قال ونقل جد والدي لأمه الجمال الأشقر في شرحه للقدوري أن عدم جواز الأخذ من خلاف الجنس كان في زمانهم لمطاوعتهم في الحقوق
والفتوى اليوم على جواز الأخذ عند القدرة من أي كان لا سيما في ديارنا لمداومتهم للعقوق عفاء على هذا الزمان فإنه زمان عقوق لا زمان حقوق وكل رفيق فيه غير مرافق وكل صديق فيه غير صدوق قوله ( بخلاف سرقته من غريم أبيه ) سقط من بعض النسخ لفظ غريم وهو خطأ
قوله ( لا ) أي لا يقطع لأن له ولاية أخذ دين ابنه الصغير
بقي لو لم يكن له ولاية لسوء اختياره أو لكونه رقيقا
واستظهر ط أنه كذلك ويظهر لي خلافه
تأمل
قوله ( كسرقة شيء الخ ) أي إذا سرق شيئا فقطع فيه فرده إلى مالكه ثم سرقه ثانيا
____________________
(4/95)
ولم يتغير المسروق عن الحالة الأولى لا يقطع والقياس أنه يقطع وهو رواية عن أبي يوسف وقول الأئمة الثلاثة وبيانه في الفتح
قوله ( أما لو تبدل العين ) كما لو كان غزلا فسرقه فقطع فيه فرده ثم نسج فسرقه فإنه يقطع
وعلى هذا الصوف والقطن والكتان
وكل عين أحدث المالك فيه صنعا بعد القطع لو أحدثه الغاصب ينقطع به حق المالك
بحر
قوله ( كالبيع ) أي لو باعه المالك من السارق ثم اشتراه منه فسرقه يقطع ثانيا عند مشايخ بخارى
وقال مشايخ العراق لا يقطع
وظاهر الفتح اعتماد الثاني وذكر في النهر ما يؤيد الأول
قوله ( على ما في المجتبى ) أشار به إلى ما ذكرنا من الخلاف وهذا القول ذكره في المجتبى جازما به بلا حكاية خلاف كما ذكره المصنف في شرحه
قوله ( أو من ذي رحم محرم ) ترجم في الهداية والكنز لهذه المسائل بقوله فصل في الحرز وهو كما في النهر لغة الموضع الذي يحرز فيه شيء
وشرعا ما يحفظ فيه المال عادة كالدار وإن لم يكن لها أبواب أو كان وهو مفتوح لأن البناء لقصد الإحراز وكالحانوت والخيمة والشخص اه
ومثله في الفتح
لكن قوله وإن لم يكن لها باب الخ فيه كلام نذكره عند مسألة الفشاش
قوله ( فسقط كلام الزيلعي ) حيث قال وقوله لا برضاع لا حاجة إلى إخراجه لأنه لم يدخل في ذي الرحم المحرم
ورده في البحر بأن هذا ظن منه أنه متعلق بالرحم وليس كذلك بل متعلق بالمحرم اه ح
قلت لا يظن بالزيلعي أنه ظن ذلك لأن الرحم وهو القرابة النسبية لا تكون بالرضاع أصلا حتى يظن أن قوله لا برضاع تقييد له بل مبني كلامه على أن المراد بالمحرم ما تكون محرميته من النسب كما هو المتبادر وكما عبر به في الهداية حيث قال ذي رحم محرم منه فقوله منه أي من الرحم تصريح بالمراد وعليه فلا يدخل فيه ابن العم الذي هو أخ رضاعا لأنه محرم من الرضاع لا من الرحم
ثم رأيت عبارة الكنز التي شرح عليها الزيلعي بلفظ منه كعبارة الهداية فتعين ما قلنا وسقط ما سواه فافهم
قوله ( بخلاف ماله إذا سرق من بيت غيره ) أي إذا سرق مال رحمه المحرم من بيت أجنبي فإنه يقطع لوجود الحرز
وفي الفتح ينبغي أن لا يقطع لما في القطع من القطيعة
وأجاب في البحر بأن القطع حق الشرع لا حقه فلا يكون قطيعة
واعترضه في النهر بأنه مشترك الإلزام بأنه لو سرق من بيت رحمه المحرم يقطع ولا يلزم القطيعة لما ذكر
قلت أنت خبير بأنه لا يصح القول بالقطع فيه لقيام المانع وهو عدم الحرز بخلاف بيت الأجنبي نعم ينبغي تقييده بغير قرابة الولاد فلا يقطع في الولاية للشبهة في ماله على ما مر كما في التبيين والبحر والنهر
قوله ( اعتبارا للحرز وعدمه ) أي قطع في المسألة الأخيرة اعتبارا للحرز ولم يقطع فيما قبلها اعتبارا لعدمه ففيه لف ونشر مشوش
وعن هذا قال البرجندي الظاهر أنه لا دخل للقرابة بل المعتبر الحرز ففي كل موضع كان له أن يدخل فيه بلا مانع ولا حشمة لا يقطع سواء كان بينهما قرابة أو لا
قال الحموي وفيه نظر فإن الصديقين يدخل أحدهما بيت الآخر بلا مانع ولا حشمة مع أنه يقطع فظهر أن للقرابة المحرمية مدخلا
واعترضه الشيخ أبو السعود بأن هذا فيما لم يؤذن له بدخوله حتى لو سرق من محل جرت عادته بدخوله لم يقطع اه
____________________
(4/96)
قلت لكن المنقول في الهداية وغيرها قطع الصديق لأنه عاداه في السرقة ولم يفصلوا بين جريان عادة في الدخول أو عدمه ويأتي له مزيد بيان عقيبه
قوله ( ابن كمال ) حيث قال المرضع التي شأنها الإرضاع والمرضعة التي هي في حال الرضاع ملقمة ثديها للصبي كذا في الكشاف فمن قال هنا مرضعة لم يصب اه
لأنه لا يمكن أن يسرق منها في حال إرضاعها له
قوله ( لما مر ) أي من اعتبار الحرز
وعن أبي يوسف لا يقطع لدخوله عليها بلا استئذان وحشمة بخلاف الأخت رضاعا لانعدام هذا المعنى فيها عادة
وجه الظاهر أنه لا قرابة بينهما والمحرمية بدون القرابة لا تحترم
فتح
قلت وإذا كان يقطع في السرقة من أمه رضاعا مع الدخول بلا استئذان وحشمة فكذا في الصديق
وبه ظهر أن للقرابة المحرمية دخلا وكذا قولهم لأنه عاداه في السرقة يفيد الفرق وهو زوال الصداقة بخلاف القرابة
تأمل
والله تعالى أعلم
قوله ( ولا بسرقة من زوجته ) أي ولو من وجه كالمبتوتة المعتدة في منزل على حدة ولو سرق بعد انقضاء العدة قطع
كافي الحاكم
قوله ( وإن تزوجها بعد القضاء ) بالقطع لوجود الشبهة قبل الإمضاء
وأفاد أنه لا فرق بين كونه زوجها وقت السرقة أو بعدها قبل القضاء بالقطع أو بعده وفي الأخير خلاف أبي يوسف ولو سرق أحدهما من الآخر فطلقها قبل الدخول لم يقطع أيضا كما في النهر
قوله ( من حرز خاص له ) يعني بأن كان خارج مسكنهما صرح به في الهداية والبحر شرنبلالية
فالضمير في له عائد على المسروق لا على السارق فافهم
قوله ( أو عرسه ) أي زوجة سيده وشريكه مثلا قال في البحر والعبد في هذا ملحق بمولاه حتى لا يقطع في سرقة لا يقطع فيها المولى كالسرقة من أقارب المولى وغيرهم لأنه مأذون بالدخول عادة في بيت هؤلاء لإقامة المصالح
قوله ( ولا من مكاتبه ) لأن له حقا في أكسابه
نهر
قوله ( وختنه وصهره ) ختنه زوج كل ذي رحم محرم منه وصهره كل ذي رحم محرم من امرأته وهذا عند الإمام
وقالا يقطع لعدم الشبهة في ملك البعض لأنه تكون بالقرابة وهي منتفية
وله أن العادة جارية في دخول بعضهم منازل البعض بلا استئذان فتمكنت الشبهة في الحرز وتأخير الزيلعي لدليله مؤذن بترجيحه
نهر
وفي كافي الحاكم ولا يقطع السارق من امرأة أبيه وزوج ابنته وابن امرأته وأبويها استحسانا
قوله ( ومغنم الخ ) علله في الهداية بقوله لأن له فيه نصيبا وذكر أن ذلك مأثور عن علي رضي الله عنه حكما وتعليلا
هو أنه أتى برجل سرق من المغنم فقال له فيه نصيب وهو خائن فلم يقطعه وكان قد سرق مغفرا رواه عبد الرزاق والدارقطني وهذا ظاهر في أن الكلام فيمن له فيه استحقاق وبه صرح في الفتح لكن في النهر قال في الحواشي السعدية وهذا التعليل يدل على أنه لو لم يكن له فيه نصيب يقطع لكن الرواية مطلقة في مختصر القدوري وشرح الطحاوي فلا بد من تعليل آخر اه
وفي غاية البيان ينبغي أن يكون المراد من السارق من له نصيب فيه أما من لا نصيب له فيقطع اللهم إلا أن يقال إنه مباح الأصل وهو على صورته لم يتغير فصار شبهة
وفي كلام المصنف يعني صاحب الكنز ما يومىء إلى اعتبار الإطلاق حيث قدم أنه لا قطع في المال المشترك وإذا كان له حق فيه كان من المشترك فذكره هنا ليس إلا لإفادة التعميم اه
قلت ما ذكر من إطلاق الرواية قد يدعي أنه خصصه التعليل المأثور الذي جعلوه دليل الحكم وإلا لزم إثبات
____________________
(4/97)
حكم بلا دليل وما ذكره في غاية البيان من أنه مباح الأصل فيه نظر لأن مباح الأصل ما يكون تافها ويوجد مباحا في دار الإسلام كالصيد والحشيش كما مر والمغنم قد يكون من أعز الأموال
وأيضا حكم مباح الأصل أنه لا يقطع به وإن ملك وسرق من حرز والمغنم ليس كذلك قطعا
نعم قال القهستاني بعد التعليل المأثور ولا يخفى أن الآخذ إن كان من العسكر فالمغنم داخل في مال الشركة وإلا ففي مال العامة اه
وهذا في غاية الحسن فإن خمس المغنم لذوي الحاجة من العامة
ومن سرق من مال العامة لا يقطع لأنه يستحق منه عند الحاجة فأورث شبهة كما عللوا به كما قدمناه عن البحر
قوله ( في وقت جرت العادة بدخوله ) فيقطع لو سرق ليلا لأن الإذن يختص بالنهار
بحر
وفيه إشارة إلى أنه لو اعتاد الناس دخوله في بعض الليل فهو كالنهار كما في المضمرات
قهستاني وإلى أن ذلك إذا كان الباب مفتوحا
ففي الحاوي الزاهدي ولو سرق من حمام أو خان أو رباط أو حوانيت التجار وبابها مغلق يقطع وإن كان نهارا في الأصح اه
قوله ( وبيت أذن في دخوله ) فلا قطع بالسرقة منه في الوقت المأذون بالدخول فيه
ط
قوله ( ينبغي أن يقطع ) البحث لصاحب البحر وتبعه من بعده ط
قوله ( لا يعتبر الحرز بالحافظ الخ ) فلو سرق شيئا من الحمام وصاحبه عنده أو المسروق تحته لا يقطع بخلاف المسجد
والفرق أن الحمام بني للإحراز فكان حرزا كالبيت فلا يعتبر الحافظ والمسجد لم يبن لإحراز الأموال فيعتبر الحافظ كالطريق والصحراء وتمامه في الزيلعي
وأفاد أن الحرز نوعان كما قدمناه عند قوله من حرز
قوله ( به يفتى ) زاد في الفتح وهو ظاهر المذهب ومقابله القول بأنه يقطع عنده لو سرق من الحمام في وقت الإذن إذا كان ثمة حافظ ولا يقطع عندهما
قوله ( فيقطع بسرقة لؤلؤة من إصطبل ) لأن الحرز كما قدمناه كل بقعة معدة للإحراز ممنوع من الدخول فيها إلا بإذنه
ولا يخفى أن الإصطبل كذلك وهذا بخلاف الوديعة فإنه يعتبر فيها حرز مثلها حتى لو وضع المودع اللؤلؤ في الإصطبل يضمن كما حققناه في تنقيح فتاوى الحامدية من الوديعة وسنذكره هناك إن شاء الله تعالى
قوله ( والأول هو المذهب عندنا ) إن كان أعاده لأجل نسبته إلى المجتبى كان أخصر عزوه إليه عقب عبارة المتن ولعل المراد إفادة الحصر بالجملة المعروفة الطرفين فإنه زائد على ما في المتن فافهم
قوله ( لكن جزم القهستاني الخ ) لم ينسبه القهستاني إلى أحد يعتمد عليه وما مشى عليه المصنف قال فيه شمس الأئمة السرخسي هو المذهب عندنا كما نقله في الذخيرة وغيرها وقد قال في الفتح إنه هو الصحيح كما ذكره الكرخي
ثم قال ونقل الإسبيجابي عن بعض أصحابنا أن كل شيء يعتبر بحرز مثله
فعلم أن ما في القهستاني قول البعض وأن المذهب المصحح خلافه ولعل قوله إنه المذهب سبق نظر فليس في المسألة اختلاف تصحيح فافهم
قوله ( ولا يقطع قفاف ) بقاف وفاءين بينهما ألف
قوله ( هو من يسرق الدراهم ) الذي في المغرب وغيره هو الذي يعطي الدراهم لينقدها فيسرقها من بين أصابعه ولا
____________________
(4/98)
يشعر به صاحبه
قوله ( بالفاء ) أي وبسينين معجمتين بينهما ألف
قوله ( لغلق الباب ) بالتحريك جمعه أغلاق كسبب وأسباب
مصباح
قوله ( نهارا ) لعل وجهه أن يكون مجاهرا وشرط القطع الخفية بخلاف ما إذا كان ليلا
قال الزيلعي ولو كان باب الدار مفتوحا في النهار فسرق لا يقطع لأنه مكابرة لا سرقة ولو كان في الليل بعد انقطاع انتشار الناس قطع اه
زاد في الذخيرة عن أبي العباس أنه سوى في الليل بين ما إذا كان الباب المفتوح مردودا أو غير مردود في أنه يقطع فيهما
وفرق بينهما في النهار في أنه لو مردودا قطع وإلا لا اه
قلت ومسألة الفشاش مذكورة في كافي الحاكم وهي تدل على أنه لا يقطع في النهار بلا فرق بين كونه مردودا أو لا لأنه إذا لم يقطع بفتحه نهارا وهو مقفل فإذا كان مفتوحا مردودا أو لا فهو كذلك بالأولى فلذا أطلق الزيلعي عدم القطع كما علمت ثم ذكر بعده مسألة الفشاش المذكورة
وبهذا علم أن ما قدمنا عن النهر عند قوله أو من ذي رحم ليس على إطلاقه فتدبر
قوله ( قطع ) أي لظنه الخفية وأما لو علم فلا يقطع لأنه مجاهر
قوله ( من السطح ) أي إذا صعد إليه أو تناوله من داخل الدار واحترز به عما لو سرق ثوبا بسط على حائط إلى السكة بخلاف ما إذا كان إلى الدار فإنه يقطع كما في البحر
قوله ( أي بحيث يراه ) أفاد أنه ليس المراد بالعندية الحضور بل الاطلاع عليه
قوله ( ولو الحافظ نائما ) عبر بالحافظ لأنه أعم من أن يكون هو رب المتاع أو غيره وأطلق النائم فشمل ما إذا نام مضطجعا أو لا وما إذا كان المتاع تحت رأسه أو تحت جنبه أو بين يديه حالة النوم هو الصحيح
وقيل باشتراط كونه تحت رأسه أو جنبه
فتح
قال في النهر ونبه بقوله عنده إلى أنه لو كان لابسا له لم يقطع
وقيل يقطع حكاه في المجتبى اه
وبسطه في البحر
وفصل الزيلعي بين النائم وغيره فيقطع في الأول لأنه أخذ خفية لا في الثاني لأنه اختلاس وذلك حيث قال وفي المحيط لو سرق ثوبا عليه وهو رداؤه أو قلنسوة أو طرف منطقة أو سيفه أو سرق من امرأة حليا عليها لا يقطع لأنها خلسة وليست بخفية سرقة ولو سرق من رجل نائم قلادة عليه وهو لابسها أو ملاءة له وهو لابسها أو واضعها قريبا منه بحيث يكون حافظا لها قطع لأنه أخذها بخفية وسرا ولها حافظ وهو النائم اه
قوله ( ولو من بعض بيوت الدار ) أي لا فرق بين أن يسرق من البيت الذي أضافه فيه أو من بيت آخر فيها
قوله ( لاختلال الحرز ) لأن الدار مع جميع بيوتها حرز واحد فبالإذن فيها اختل الحرز في جميع بيوتها
بحر
قوله ( لشبهة عدم الأخذ ) لأن الدار وما فيها في يد صاحبها فتح
وفيه أيضا أن المحرز بالمكان لا يجب القطع فيه إلا بالإخراج لقيام يد المالك قبل الإخراج من داره فلا يتحقق الأخذ إلا بإزالة يده وذلك بالإخراج من حرزه بخلاف المحرز بالحافظ فإنه يقطع كما أخذه لزوال يد المالك بمجرد الأخذ فتتم السرقة فيجب موجبها اه
قوله ( بخلاف الغصب ) يعني أن هذا في حق القطع لسقوط الحد بالشبهة بخلاف ضمان الغصب يعني لو هلك ما سرقه ولم يخرجه
قال في الفتح قال بعضهم لا ضمان عليه إذا تلف المسروق في يده قبل الإخراج من الدار ولا قطع عليه
والصحيح أنه يضمن لوجود التلف على وجه التعدي بخلاف القطع لأن شرطه هتك الحرز ولم يوجد اه
قوله ( المتسعة جدا ) أي التي فيها منازل وفي كل منزل مكان يستغني به أهله عن الانتفاع بصحن الدار وإنما ينتفعون به
____________________
(4/99)
انتفاع السكة وإلا فهي المسألة السابقة التي لا بد فيها من الإخراج من الدار
بحر
ونحو في الزيلعي وفي الكافي يقطع إذا كانت دار واحدة عظيمة فيها مقاصير كل مقصورة مسكن على حيالها اه
والمقصورة الحجرة بلسان أهل الكوفة
معراج
قوله ( أو أغار ) المراد دخل مقصورة على غرة فأخذ بسرعة يقال أغار الفرس والثعلب في العدو أسرع
بحر
قوله ( من أهل الحجر ) حال من فاعل أغار
قوله ( لأن كل حجرة حرز ) علة للمسألتين إذ لكل مقصورة باب وغلق على حدة ومال كل واحد محرز بمقصورته فكانت المنازل بمنزلة دور في محلة وإن كانت الدار صغيرة بحيث لا يستغني أهل المنازل عن الانتفاع بصحن الدار بل ينتفعون به انتفاع المنازل فهي بمنزلة مكان واحد فلا يقطع الساكن فيها ولا المأذون له بالدخول فيها إذا سرق من بعض مقاصيرها
زيلعي
قوله ( في الطريق ) أي بحيث يراه لأنه باق في يده فصار كأنه أخرجه معه وإلا فلا قطع فيه عليه وإن خرج وأخذه لأنه صار مستهلكا له قبل خروجه بدليل وجوب الضمان عليه كما لو ذبح الشاة في الحرز
جوهرة
قوله ( ثم أخذه ) أشار إلى أنه لا يشترط للقطع الأخذ على فور الإلقاء اه ط
قوله ( يعتاده السراق ) إما لتعذر الخروج مع المتاع أو ليمكنه الدفع أو الفرار
زيلعي
قوله ( فاعتبر الكل فعلا واحدا ) أي كل من النقب والدخول والإلقاء والأخذ حيث لم يعترض عليه يد معتبرة وهذا جواب عن قول زفر إنه لا يقطع لأن الإلقاء غير موجب له
قوله ( ولو لم يأخذه ) أي بأن خرج وتركه وقوله أو أخذه غيره أي قبل خروجه
قوله ( فهو مضيع ) فعليه ضمانه
قوله ( لأن سيره يضاف إليه ) أما لو خرج بلا سوق ولا زجر لم يقطع لأن للدابة اختيارا فما لم يفسد اختيارها بالحمل والسوق لا ينقطع نسبة الفعل إليها كما في البحر
قوله ( لما مر ) أي من أن الإخراج يضاف إليه
ط
قوله ( قوة جريه ) في بعض النسخ بقوة جريه
قوله ( لأنه أخرجه ) أي لأن الماء أخرجه بسبب إلقائه فيه
قوله ( ويشكل على الأخير ) أي ما لو ألقاه في الماء وأخرجه بقوة جريه والاستشكال لصاحب النهر
قلت وقد يدفع بأن الطائر فعله يضاف إليه لأن للدابة اختيارا كما مر فإذا لم يزجره بل طار بنفسه فقد عرض على فعل السارق فعل مختار فلم يضف إليه
نظيره ما إذا خرج الحمار بنفسه بلا سوق في المسألة المارة وكذا ما يأتي في الغصب لو حل قيد عبد غيره أو رباط دابته أو فتح باب اصطبلها أو قفص طائره فذهبت لا يضمن فافهم
قوله ( بعدم القطع ) هو خلاف ما صححه في المبسوط ومشى عليه المصنف تبعا للزيلعي والفتح والنهاية
وفي الفتح إنه قول الأئمة الثلاثة فيرجع على ما جزم به الحدادي صاحب الجوهرة ولا سيما بعد اتضاح الجواب بما قلناه
قوله ( وإن نقب ثم ناوله آخر الخ ) جواب الشرط قوله الآتي لا يقطع وأفاد أنه لا يقطع المناول ولا المتناول لأن الأول لم يوجد منه الإخراج لاعتراض يد معتبرة على المال قبل خروجه والثاني لم يوجد منه هتك الحرز فلم تتم السرقة من كل واحد وأطلقه فشمل ما إذا أخرج الداخل يده وناول الخارج أو أدخل الخارج يده فتناول من يد الداخل وهو ظاهر المذهب
بحر
قوله ( أو أدخل يده في بيت وأخذ ) أي من غير دخول في البيت وقيد
____________________
(4/100)
بالبيت احترازا عن الصندوق ونحوه كما يأتي
قوله ( ويسمى اللص الظريف ) مأثور عن علي رضي الله عنه مع تفسيره بمن يدخل يده في نقب البيت كما في الزيلعي
قوله ( لم يقطع في الصحيح ) ذكره أيضا في الفتح والبحر ولينظر الفرق بين هذه المسألة ومسألة ما لو ألقاه في الطريق ثم أخذه حيث لم يعتبر الكل فعلا واحدا كما اعتبر هناك مع أنه في المسألتين لم يوجد اعتراض يد معتبرة على المال قبل خروج السارق ولعل الفرق أنه هناك تحقق إخراج المال خفية قبل خروجه أما هنا فلا ثم لما خرج وأخذه من النقب لم يأخذه من حرز فصار كما إذا أدخل يده في بيت وأخذ
تأمل
قوله ( أو طرصرة خارجة ) الصرة هي الخرقة التي يشد فيها الدراهم يقال صررت الدراهم أصرها صرا شددتها والمراد لكم المشدودة التي فيها الدراهم
نهر
فقوله من نفس الكم بيان لقوله صرة ولذا زاد لفظ نفس لئلا يتوهم أنها من غيره
وحاصل صور المسألة أربعة
قال في غرر الأحكام اعلم أن الصرة إن جعلت نفس الكم فأما إن جعل الدراهم داخل الكم والرباط من خارج أو بالعكس وعلى التقديرين فإما إن طر أو حال الرباط فإن طر والرباط من خارج فلا قطع وإن طر والرباط من الداخل بأن أدخل يده في الكم فقطع موضع الدراهم فأخذها من الكم قطع للأخذ من الحرز وإن حل الرباط وهو خارج قطع لأنه حينئذ لا بد أن يدخل يده في الكم فيأخذ الدراهم وإن حل الرباط وهو داخل لا يقطع لأنه لما حل الرباط في الكم بقي الدراهم خارج الكم وأخذها من خارج وعند أبي يوسف والأئمة الثلاثة يقطع في الوجوه كلها لأن الكم حرز اه
وتمام تحقيقه في الفتح
قوله ( بفتح القاف ) صوابه بكسرها كما في شرحه على الملتقى والمنح وغيرها والطلبة والقاموس
ط
قوله ( أو حملا عليه ) أي على البعير فلو على الأرض فهي مسألة الجوالق الآتية
قوله ( لأن السائق الخ ) تعليل على النشر المشوش فقوله لأن السائق والقائد راجع لقوله أو من قطار وقوله والراعي راجع لقوله من مرعى ط
قوله ( لم يقصدوا للحفظ ) بل يقصد الراعي لمجرد الرعي والسائق والقائد وكذا الراكب يقصدون قطع المسافة ونقل الأمتعة
وعند الأئمة الثلاثة كل من الراكب والسائق حافظ حرز فيقطع في أخذ الحمل
والحمل والجوالق والشق ثم الأخذ وأما القائد فحافظ للجمل الذي زمامه بيده فقط عندنا
وعندهم إذا كان بحيث يراها إذ التفت إليها حافظ للكل محرزة عندهم بقوده
فتح
وبه علم أن القائد ليس على إطلاقه عندنا لأنه حافظ ما زمامه بيده ولم أر التصريح به في غير هذه العبارة
تأمل
قوله ( وإن كان معها حافظ ) أي مع ما ذكر من بعير المرعى والقطار والحمل وإطلاق محمد عدم القطع في مواشي المرعى محمول على عدم الحافظ ولو كان الحافظ هو الراعي اختلف المشايخ
ففي البقالي لا يقطع وهو الذي في المنتقى عن أبي حنيفة وأطلق خواهر زاده ثبوت القطع مع الحافظ
ويمكن التوفيق بأن الراعي لم يقصد لحفظها من السراق بخلاف غيره
فتح
وفي المجتبى وكثير من المشايخ أفتوا بما قاله البقالي
نهر
قوله ( وإن شق الحمل ) أي جوالقا على الأرض أو على ظهر جمل
قهستاني
وإنما قطع لأن صاحب المال اعتمد الجوالق فكان هاتكا للحرز بخلاف ما إذا أخذ الجوالق بما فيه وكذا لو سرق من الفسطاط فإنه يقطع ولو سرق نفس الفسطاط لا يقطع
بحر
ويأتي بيانه
قوله ( فسرق منه ) أي أخرج
____________________
(4/101)
منه بيده ما قيمته عشرة دراهم فصاعدا فلو خرج الشيء بنفسه ثم أخذه لا يقطع لأن الإخراج من الحرز شرط
قهستاني
وفي حاشية نوح أفندي قيد بالأخذ من الحمل لأنه إذا لم يأخذ منه بالذات بل أخذ من الأرض ما سقط منه بسبب شقه لا يقطع لأنه لم يأخذ من الحرز اه
ومثله في اليعقوبية
قلت ويشكل عليه ما لو نقب فدخل وألقى شيئا في الطريق ثم أخذه فإنه يقطع كما مر إلا أن يجاب بأن الإلقاء في الطريق هناك معتاد كما مر بخلافه هنا فتأمل
قوله ( أو سرق جوالقا الخ ) معناه إذا كان الجوالق في موضع ليس بحرز كالطريق والمفازة والمسجد ونحوه حتى يكون محرزا بصاحبه
فتح
قوله ( بضم الجيم ) أي مع فتح اللام وكسرها وبكسر الجيم واللام الوعاء المعروف وجمعه كصحائف وجواليق وجوالقات
قاموس ونحوه في الصحاح
وفيهما أن القاف والجيم لا يجتمعان في كلمة إلا معربة أو صوتا
قوله ( وربه يحفظه ) أي يحفظ المسروق من الحيوان والحمل والمتاع مالكه أو غيره
قوله ( قهستاني ) أي فلا يلزم أن يكون الحافظ رب الجمل أو الجمل ابن كمال
وأفاد أن هذه الجملة الحالية قيد في مسألة القطار أيضا وهو ما أفاده الشارح أولا بقوله وإن كان معها حافظ وهذا بخلاف مسألة الشق فقد قال السيد أبو السعود إنه يجب فيها القطع مطلقا فإن الجوالق غير محرز فاعتبر الحافظ وما فيه محرز به ففي شقه وأخذ ما فيه يقطع وإن لم يكن معه حافظ للأخذ من الحرز وفي أخذه بجملته لا يقطع إلا أن يكون معه من يحفظه وكأنهم إنما تركوا التنبيه على ذلك لوضوحه اه ملخصا قوله ( أو بقربه ) أي بحيث يراه كما مر
قوله ( أو أدخل يده ) وكذا لو أدخل شيئا آخر يعلق بالمتاع
قهستاني
قوله ( في صندوق ) بالضم وقد يفتح جمعه صناديق كعصفور وعصافير
قاموس
وفي المصباح أن الفتح عامي
قوله ( أو في جيبه ) جيب القميص ونحوه بالفتح طوقه قاموس وكذا قال في المصباح جيب القميص بالفتح ما على النحر والجمع أجياب وجيوب والمراد بالجيب هنا ما يشق بجانب الثوب لتحفظ فيه الدراهم وهل إطلاق الجيب عليه عربي أو عرفي
حموي
وفي حاشية أبي السعود أن الأخذ من العمامة أو الحزام كالأخذ من الجيب
قوله ( أو كمه ) أي بأن وضع شيئا في داخل الكم من غير ربط وإلا فهي مسألة الطر
تأمل
قوله ( فهتكه ) الهتك الخرق والشق
قوله ( فسطاطا ) هو الخيمة قوله ( لم يقطع ) لأنه ليس محرزا بل ما فيه محرز به
فلذا قطع فيما فيه دونه فتح
ونظيره ما لو سرق الجوالق كما مر
قوله ( ولو ملفوفا ) أي ولو كان ملفوفا عنده يحفظه
فتح
قوله ( قطع ) أي إذا أخذه من حرز هو مكان أو حافظ
قوله ( فتبعها أخرى ) أي خرجت من الحرز بنفسها من غير سوقه ولا إخراجه
قوله ( قطع المحمول فقط ) لأنه لا عبرة للحامل ألا ترى أن من حلف أن لا يحمل طبقا فحمل حامل الطبق لم يحنث
جوهرة
قلت ولذا لو جلس على المصلى طائر عليه نجاسة لا تفسد صلاته ومثله صبي يستمسك بنفسه بخلاف من لا يستمسك لأن المصلى يصير حاملا للصبي والنجاسة
قوله ( لكونه إقرارا بالسرقة الخ ) المسألة منقولة
____________________
(4/102)
في الفتح وغيره معللة بأن الإضافة على الحال والنصب على الاستقبال وما هنا علل به في شرح الوهبانية عن التجنيس
قلت وتحقيق المقام أن اسم الفاعل لا ينصب المفعول إلا إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال فلو بمعنى الماضي مثل أنا ضارب زيد أمس وجبت إضافته وتسمى إضافة محضة والعامل تجوز إضافته وتسمى غير محضة لأنها على نية العمل والقطع عن الإضافة كما قرر في محله
وبه ظهر أن اسم الفاعل حل الإضافة يحتمل أن يكون بمعنى الماضي أو الحال أو الاستقبال لا لكن لما كان الأصل فيما كان بمعنى الحال أو الاستقبال هو العمل فالأصل في المضاف أن يكون بمعنى الماضي فيكون إقرارا بأنه سرق الثوب في الماضي ويلزم منه أن يكون متصفا بسرقته أيضا في الحال فيقطع
أما إذا نصب الثوب لزم أن يكون الوصف بمعنى الحال أو الاستبقال فإن حمل على الحال لزم القطع وأن حمل على الاستقبال لم يلزم فلا يقطع بالشك وتعين حمله على الاستقبال فيكون عدة بأنه سوف يسرق هذا الثوب لا إقرارا بأنه هو سارقه في الحال أي هذه السرقة المدعى بها فافهم
ووقع في شرح الوهبانية هنا كلام غير محرر فتدبر
قوله ( قلت في شرح الوهبانية الخ ) وعبارته قلت والقطع المذكور بإصراره وعدم رجوعه أما لو رجع قبل رجوعه كما تقدم وينبغي أن لا يجري في هذا الإطلاق لأن العوام لا يفرقون بين العالم والجاهل اللهم إلا أن يقال يجعل هذا شبهة في درء الحد وفيه بعد والله أعلم اه
أقول معناه أنه ينبغي أن يكون التفصيل السابق في حق العالم أما الجاهل فلا يفرق بين كونه بمعنى الماضي أو الحال وإنما يقصد الإقرار فيقطع مطلقا إلا أن يجعل الإعراب شبهة دارئة في حقه فلا يقطع إذا نون وفيه بعد لأن التنوين دليل عدم إرادة الإقرار هذا ما ظهر لي فتأمل
قوله ( وهذا إن عاد ) ظاهره ولو في المرة الثانية لكن قيد بعضهم بما إذا سرق بعد القطع مرتين
وفي حاشية السيد أبي السعود رأيت بخط الحموي عن السراجية ما نصه إذا سرق ثالثا ورابعا للإمام أن يقتله سياسة لسعيه في الأرض بالفساد اه
قال الحموي فما يقع من حكام زماننا من قتله أول مرة زاعمين أن ذلك سياسة جور وظلم وجهل والسياسة الشرعية عبارة عن شرع مغلظ اه
قوله ( قلت وقدمنا الخ ) فيه كلام قدمناه هناك وفي هذا الباب عند تعزير المتهم والله سبحانه أعلم
____________________
(4/103)
باب كيفية القطع وإثباته لما كان القطع حكم السرقة ذكره عقبها حكم الشيء يعقبه
بحر
قوله ( تقطع يمين السارق ) أي ولو كانت شلاء أو مقطوعة الأصابع أو الإبهام وإن كانت اليمنى مقطوعة قبل ذلك قطعت رجله اليسرى فإن كانت رجله اليسرى مقطوعة قبل ذلك لم يقطع ويضمن السرقة ويحبس حتى يتوب
جوهرة
قوله ( من زنده ) بفتح الزاي وسكون النون
قوله ( هو مفصل رسغ ) الإضافة بيانية
قال في النهر من مفصل الزند وهو الرسغ قال الجوهري الزند موصل طرف الذراع وهما زندان الكوع والكرسوع فالكوع طرف الزند الذي يلي الإبهام
والكرسوع طرف زند الذي يلي الخنصر اه ح
قوله ( وتحسم ) بالحاء المهملة أي تكوى بزيت مغلي ونحوه
نهر
ومثله في المغرب
وقال مسكين الحسم الكي بحديدة محماة لئلا يسيل دمه
قوله ( وجوبا ) أي كما يفيده قول الهداية لأنه لو لم يحسم يؤدي إلى التلف
فتح
وقد صرح به القهستاني
قوله ( إلا في حر وبرد شديدين ) وإلا في حال مرض
مفتاح وقيده في البناية بالمرض الشديد
أفاده ط عن الحموي قوله ( فلا يقطع ) إنما ذكره ليفيد أن الاستثناء من قوله تقطع لا من قوله تحسم وإن قرب ذكره
ط
قوله ( ليتوسط الأمر ) أي أمر الحر والبرد
قوله ( ومؤنته ) أي مؤنة القطع أي ما ينفق فيه وبينها بقوله كأجرة حداد أي من يباشر الحد وهو القطع هنا وقوله وكلفة حسم يشمل ثمن الزيت وكذا ثمن حطب وأجرة إناء يغلي فيه الزيت
تنبيه يسن عند الشافعي وأحمد تعليق يده في عنقه لأنه عليه الصلاة ولسلام أمر به
وعندنا ذلك مطلق للإمام إن رآه ولم يثبت عنه في كل من قطعه ليكون سنة
فتح
قوله ( كالسارق ) محل هذه الكلمة عقب قوله على المتمرد
قال في شرح الوهبانية قيل أجرة المشخص أي المحضر للخصوم في بيت المال وقيل على المتمرد كالسارق إذا قطعت يده فأجرة الحداد والدهن الذي تحسم به العروق على السارق لأنه المتسبب اه ح
قوله ( من الكعب ) أي لا من نصف القدم من معقد الشراك خلافا للروافض
قوله ( إن عاد ) أي بعد ما قطعت يمينه وإلا بأن سرق مرات قبل القطع تقطع يمينه للكل لأنه يكتفي بحد واحد لجنايات اتحد جنسها كما تقدم بيانه قبيل باب التعزير
قوله ( حتى يتوب الخ ) أي أو يموت فتح
وفي القهستاني ومدة التوبة مفوضة إلى رأي الإمام وقيل ممتدة إلى أن يظهر سيما الصالحين في وجهه وقيل يحبس سنة وقيل إلى أن يموت كما في الكفاية اه
قوله ( ثالثا ورابعا ) أي اليد اليسرى ثم الرجل اليمنى
قوله ( إن صح حمل على السياسة أو نسخ ) أشار إلى ما قاله الإمام الطحاوي تتبعنا هذه الآثار فلم نجد لشيء منها أصلا
قال في الفتح وفي المبسوط الحديث غير صحيح
ولئن سلم
____________________
(4/104)
يحمل على الانتساخ لأنه كان في الابتداء تغليظ في الحدود كقطع أيدي العرنيين وأرجلهم وسمر أعينهم
ثم قال في الفتح بعد نقله بل مذهبنا عن علي وابن عباس وعمر أن هذا قد ثبت ثبوتا لا مرد له وبعيد أن يقطع أربعة السارق ثم يقتله ولا يعلمه مثل علي وابن عباس وعمر من الصحابة الملازمين ولو غابوا لا بد من علمهم عادة فامتناع علي رضي الله تعالى عنه إما لضعف ما مر أو لعلمه بأن ذلك ليس حدا مستمرا بل من رأى الإمام قتله لما شاهد فيه من السعي بالفساد في الأرض وبعد الطباع عن الرجوع فله قتله سياسة فيفعل ذلك القتل المعنوي اه أي أن قطع أربعته قتل معنى فإذا رأى أن له قتله سياسة فله قتله معنى وهذا يشير إلى ما قدمناه من أن له قتله سياسة في الثالثة تأمل
قوله ( كمن سرق الخ ) أي كما لا يقطع بل يحبس حتى يتوب من سرق الخ لأن القطع حينئذ تفويت جنس المنفعة بطشا وذلك إهلاك وفوت الإصبعين منها يقوم مقام فوت الإبهام في نقصان البطش بخلاف فوت واحدة غير الإبهام لم قيد باليسرى لأن اليمنى لو كانت شلاء أو ناقصة الأصابع قطع في ظاهر الرواية لأن استيفاء الناقص عند تعذر الكامل جائز
نهر
قوله ( أو رجله اليمنى مقطوعة ) قيد بقطعها لأن المقطوع لو كان هو الأصابع منها فإن استطاع المشي قطعت يده وإلا لا كما في البحر عن السراج وقيد باليمنى لأنه لو كانت رجله اليسرى مقطوعة قطع
قال في كافي الحاكم وإن كانت رجله اليسرى شلاء قطعت يده اليمنى اه
فلو يده اليمنى أيضا مقطوعة لم يقطع كما قدمناه أول الباب
قوله ( لم يقطع ) أي لم يقطع يده اليمنى في جميع ما ذكر كما نص عليه في غاية البيان خلافا لما يوهمه كلام العيني والنهر حيث قالا لا تقطع رجله اليسرى اه
وأجاب ابن الشلبي بأنه محمول على ما إذا سرق ثانيا والحال أن رجله اليمنى مقطوعة فإنه حينئذ لا تقطع رجله اليسرى
قال وهذا الحمل صحيح لكنه بعيد مخالف لما يقتضيه سياق الكلام
قوله ( لأنه إهلاك ) أي بتفويت جنس منفعة البطش أو المشي لأنه إذا لم يكن له يد ورجل من طرف واحد لم يقدر على المشي أصلا بخلاف ما إذا كان من طرفين فإنه حينئذ يضع العصا تحت إبطه
ابن كمال
قوله ( ولا يضمن ) غير أن يؤدب
نهر أي إن كان عمدا
بحر من الفتح قوله ( ولو عمدا ) هذا عند الإمام
وقالا إنه يضمن في العمد أرش اليسار
وقال زفر يضمن مطلقا أي في العمد والخطإ والمراد بالخطإ هو الخطأ في الاجتهاد من القاطع في أن قطعها يجزى نظرا إلى إطلاق النص
أما الخطأ في معرفة اليمين من اليسار فلا يجعل عفوا لأنه يعيد بعيد يتهم به مدعيه وقيل يجعل عفوا
قال في المصفى هو الصحيح والقياس ما قاله زفر
نهر
قوله ( في الصحيح ) ظاهره أنه تصحيح لقول الإمام في شموله العمد والخطأ وهذا لم يذكره في النهر وإنما الذي فيه تصحيح القول بجعل الخطإ عفوا على التفسير الثاني من تفسيري الخطإ كما سمعت من عبارة النهر نعم ظاهر الرواية وغيرها اعتماد قول الإمام وهو ظاهر إطلاق المتون فافهم
قوله ( إذا أمر بخلافه ) أي بأن أمره الحاكم بقطع اليمين فقطع اليسرى أما لو أطلق وقال أقطع يده ولم يعين اليمنى فلا ضمان على القاطع اتفاقا لعدم المخالفة إذ اليد تطلق عليهما وكذا لو أخرج السارق يده فقال هذا يميني لأنه قطعه بأمره
بحر
تنبيه لم يبين المصنف أن هذا القطع وقع حدا أم لا قيل نعم فلا ضمان على السارق لو استهلك العين وقيل لا فيضمن في العمد والخطإ كما في البحر والنهر
قوله ( لأنه أتلف وأخلف الخ ) أي فلا يعد إتلافا كمن شهد على غيره يبيع ماله بمثل قيمته ثم رجع
هداية
إنما قلنا إنه أخلف لأن اليمنى كانت على شرف الزوال فكانت
____________________
(4/105)
كالفائتة فأخلفها إلى خلف استمرارها
بخلاف ما لو قطع رجله اليمنى أي حيث يضمن لأنه وإن امتنع به قطع يده لكن لم يعوضه من جنس ما أتلف عليه من المنفعة لأن منفعة البطش ليست من جنس منفعة المشي وأما إن قطع رجله اليسرى فلأنه لم يعوض عليه شيئا
فتح
قوله ( وكذا لو قطعه غير الحداد ) أي بعد أمر القاضي الحداد أما إذا صدر ذلك قبل الأمر أصلا فهو ما ذكره بعد
ط
والحاصل أن القاضي إذا أمر الحداد بقطعه فقطع اليسرى الحداد أو غيره لا يضمن
قوله ( في الأصح ) قال في الفتح احتراز عما ذكر الإسبيجابي في شرحه لمختصر الطحاوي حيث قال هذا كله إذا قطع الحداد بأمر السلطان
ولو قطع يساره غيره ففي العمد القصاص وفي الخطإ الدية
قوله ( ولو قطعه أحد الخ ) قال في شرح الطحاوي من وجب عليه القطع في السرقة فلم يقطع حتى قطع قاطع يمينه فهذا لا يخلو إما أن يكون قبل الخصومة أو بعدها قبل القضاء أو بعده فإن كان قبل الخصومة فعلى قاطعه القصاص في العمد والأرش في الخطإ وتقطع رجله اليسرى في السرقة وإن كان بعد الخصومة قبل القضاء فكذلك الجواب إلا أنه لا تقطع رجله في السرقة لأنه لما خوصم كان الواجب في اليمنى وقد فاتت فسقط وإن كان بعد القضاء فلا ضمان على القاطع وكان قطعه من السرقة حتى لا يجب الضمان على السارق فيما استهلك من مال السرقة أو سرق هي في يده اه
ط عن حاشية الشلبي على الزيلعي
قال فقول المصنف وسقط القطع الخ تبع فيه شيخه في بحره وقد علمت ما فيه إلا أن يحمل على ما إذا كان القطع بعد الخصومة
قوله ( قصاصا ) احترز به عن القطع للسرقة فإنه لا يقطع ثانيا لاتحاد الجنس ط أي فيقع هذا القطع عن السرقتين السابقتين بخلاف ما إذا سرق بعد القطع كما مر
قوله ( قطعت رجله اليسرى ) لأنها المحل وقت القطع اه
ح
قوله ( لا القطع على الظاهر ) قال في البحر وأشار الشمني إلى أنه لا بد من الطلبين لكن في الكشف الكبير أن وجوب القطع حق الله تعالى على الخلوص ولذا لا يملك المسروق منه الخصومة بدعوى الحد وإثباته ولا يملك العفو بعد الوجوب ولا يورث عنه اه
فقد صرح بأنه لا يملك طلب القطع إلا أن يقال إنه لا يملكه مجردا عن طلب المال
والظاهر أن الشرط إنما هو طلب المال وتشترط حضرته عند القطع لا طلبه القطع إذ هو حقه تعالى فلا يتوقف على طلب العبد اه
وفي النهر والظاهر ما جرى عليه الشارح الزيلعي وغيره من الاكتفاء بدعوى المال
قوله ( على المذهب ) وروى عن أبي يوسف أنه في الإقرار لا تشترط المطالبة كما في الفتح
قوله ( لأن الخصومة الخ ) أفاد أن حد السرقة لا يثبت بدعوى الحسبة
تأمل
قوله ( قلت لكنه مخالف لما قدمه ) أي في الباب السابق في قوله وشرط للقطع حضور شاهديها وقته
قوله ( بما يفيد ترجيح الأول ) أي ما تقدم من اشتراط الحضور وفيه نظر بل مفاده ترجيح ما هنا فإن الذي حرره هو ما نقله عن كافي الحاكم من أن ما هنا هو قول الإمام الأخير فيكون
____________________
(4/106)
الأول مرجوعا عنه ولذا صحح ما هنا في شرح المنظومة الوهبانية كما حررناه فيما تقدم فافهم
قوله ( وكل من له يد صحيحة ملك الخصومة ) شمل المالك والأمين والضامن كالغاصب فإنه يجب عليه حفظ المغصوب كالأمين فيملك الخصومة لأنه لا يقدر على إسقاط الضمان عن نفسه إلا بذلك كما أفاده في الفتح وشمل ما إذا كان المالك حاضرا أو غائبا كما في النهر عن السراج
قوله ( ثم فرع عليه ) الأولى ثم مثل له ط
قوله ( متول ) أي متولي الوقف كما في الزيلعي والفتح وعبر في البحر بمتولي المسجد وهذا يرد ما بحثه في البحر في الباب السابق من أنه لا قطع بسرقة مال الوقف وقدمنا الكلام فيه هناك
قوله ( وقابض على سوم الشراء ) لأنه إن سمى الثمن كان مضموما عليه وإلا كان أمانة بمنزلة المودع وعلى كل فيده صحيحة ومثل من ذكر كما في الفتح وغيره المستعير والمستأجر والمضارب والمستبضع
قوله ( بأن باع درهما بدرهمين ) الأحسن قول النهر باع عشرة بعشرين وقبضها فسرقت اه
لتحقق النصاب الموجب للقطع اه
ح
قوله ( لأن الشراء فاسدا ) أي الذي منه الربا بمنزلة المغصوب في أن كلا منهما مضمون على ذي اليد بالقيمة
قوله ( بخلاف معطي الربا ) مخالف لقوله ويقطع بطلب المالك لو سرق منهم
قوله ( لأنه بالتسليم لم يبق له ملك ولا يد ) فيه نظر لما في الأشباه من أن الربا لا يملك فيجب عليه رد عينه ما دام قائما حتى لو أبرأه صاحبه لا يبرأ منه لأن رد عينه القائمة حق الشرع اه
وبه علم أن صاحب الربا في عبارة المصنف وهو الذي قبضه لم يملكه بل بقي على ملك المعطي فصار المعطي مالكا والقابض ذا يد فتصح مطالبة كل منهما بمنزلة المغصوب كما هو صريح عبارة المصنف الآتية تبعا للكنز ولصاحب النهر هنا كلام غير محرر فراجعه وتدبر
قوله ( ولا قطع بسرقة اللقطة ) هذا لم يصرح به في الخانية وإنما يفهم منها كما بحثه في البحر
وعبارة الخانية رجل التقط لقطة فضاعت منه فوجدها في يد غيره فلا خصومة بينه وبين ذلك الرجل بخلاف الوديعة فإن في الوديعة يكون للمودع أن يأخذها من الثاني لأن لقطة الثاني كالأول في ولاية أخذ اللقطة وليس الثاني كالأول في إثبات اليد على الوديعة اه قال في البحر فينبغي أن لا يقطع بطلب الملتقط كما لا يخفى اه
وتبعه أخوه في النهر وكذا المقدسي
واعترضه السيد أبو السعود بأن نفي الخصومة بين الملتقط الأول والثاني لا يدل على أنه لا خصومة بين الملتقط والسارق منه
اه
قلت أي لأن الملتقط يده يد أمانة حتى لا يتمكن أحد من أخذها منه ولو دفعها لآخر له أن يستردها منه ولو ذكر أحد علامتها ولم يصدقه الملتقط أنها له لا يجبر على دفعها إليه فلو لم تكن له يد صحيحة لم يكن له شيء من ذلك وهذا يدل على أن له مخاصمة السارق منه بخلاف ما إذا ضاعت منه فالتقطها غيره فإن يد الأول زالت بإثبات يد مثل يده عليها لأن الثاني له ولاية أخذها فليس للأول بعد زوال يده مخاصمة الثاني
وأما الوديعة إذا ضاعت من المودع فإن له مخاصمة ملتقطها إذ ليس له إثبات يد عليها كالمودع ولعل وجه الفرق بين المودع والملتقط الأول مع أن كلا منهما يده يد أمانة إن يد المودع أقوى لأنها بإذن المالك فكانت يده يد المالك بخلاف يد الملتقط
____________________
(4/107)
والله تعالى أعلم
قوله ( سرق منه ) بالبناء للمجهول والجملة صفة لسارق وقوله بعد القطع أي قطع السارق الأول وقوله لم يقطع أي السارق الثاني وقوله لأن يده أي يد السارق الأول
قوله ( كما يأتي آنفا ) أي قريبا وهو بكسر النون ويجوز في أوله المد والقصر وقرىء بهما كما في القاموس
قوله ( ويقطع بطلب المالك ) شمل ما إذا حضر المسروق منه أو لم يحضر
وعن محمد أنه لا بد من حضوره وظاهر الرواية الأول كما في النهر والزيلعي
قوله ( أي من الثلاثة ) هم المودع والغاصب وصاحب الربا
زيلعي وغيره
ولا يخفى أن المراد بالمالك في مسألة الربا هو المعطي لأنه باق على ملكه فهذا صريح في أنه يقطع السارق بطلبه خلافا لما قدمه عن الشمني ومثل الثلاثة غيرهم ممن مر كما في الفتح وغيره
قوله ( وكذا بطلب الراهن ) أي إذا كانت العين قائمة وقد قضى الدين أما إذا لم يقضه أو استهلك السارق العين فلا قطع بخصومته لأنه قبل الإيفاء لا حق له في المطالبة بالعين وبالاستهلاك صار المرتهن مستوفيا لدينه
قال الزيلعي وينبغي أن يقطع بخصومته فيما إذا زادت قيمة الراهن على دينه بما يبلغ نصابا لأن له المطالبة بما زاد كالوديعة وارتضاه في الفتح وهو المذكور في غاية البيان نهر أي أن له مطالبة السارق بعد الهلاك بما زاد كما عبر به الزيلعي فليس المراد أن له مطالبة المرتهن إذ ليس له ذلك
قوله ( لا بطلب المالك الخ ) أي لا يقطع السارق الثاني بطلب الخ
قوله ( لو سرق ) قيد لطلب المالك ولطلب السارق
قوله ( بعد القطع ) أي قطع الأول
قوله ( لسقوط عصمته ) أي المال لأنه لا ضمان على السارق بعد ما قطعت يمينه كما يذكره المصنف
قال في الفتح وقال مالك والشافعي في قول يقطع بخصومة المالك لأنه سرق نصابا من حرز لا شبهة فيه
ولنا أن المال لما لم يجب على السارق ضمانه كان ساقط التقوم في حقه وكذا في حق المالك لعدم وجوب الضمان له فيد السارق الأول ليست يد ضمان ولا أمانة ولا ملك فكان المسروق مالا غير معصوم فلا قطع فيه اه
قوله ( أو بعد ما درىء بشبهه ) كدعواه أنه ملكه ونحو ذلك كما يأتي
واعترض بأن هذا يغني عن قوله قبل القطع وفيه أن المتبادر من قوله قبل القطع كون القطع لازما له وهذا ساقط عنه بشبهة نعم يعلم حكم الساقط بالأولى لكنه تابع الهداية لزيادة الإيضاح فافهم
قوله ( فإن له ) أي للسارق الأول
قوله ( لأن سقوط التقوم ضرورة القطع الخ ) كذا في الهداية وهو برفع ضرورة على أنه خبر أن أو بنصبه على أنه مفعول لأجله والخبر محذوف أي ثابت لضرورة القطع أي أنه أمر ضروري للقطع أي أنه يلزم من وجوب القطع سقوط التقوم لا ينفك عن القطع ولا يوجد بدونه لأن عدم سقوطه ينافي وجوب القطع كما يأتي بيانه هذا ما ظهر لي
وفي هذا التعليل إشارة إلى الرد على ما قاله الكرخي والطحاوي من إطلاق عدم القطع سواء قطع الأول أو لا كما قدمناه أول كتاب السرقة
قلت ومفهوم هذا التعليل أن المراد بقوله قبل القطع ما إذا لم يقطع الأول أصلا ويدل عليه ما يأتي من أنه لا فرق في عدم الضمان بين هلاك العين واستهلاكها قبل القطع أو بعده فإذا لم تكن مضمونة بالاستهلاك قبل
____________________
(4/108)
القطع يعني ثم قطع تحقق سقوط التقوم
فعلم أن التقوم لا يسقط إلا إذا لم يوجد قطع أصلا
تأمل
قوله ( فصار كالغاصب ) أي في أن له يدا صحيحة هي يد الضمان
قوله ( ثم بعد القطع الخ ) أي قطع السارق الأول والأولى ذلك هذا قبل قوله بخلاف ما إذا سرق الخ
قوله ( روايتان ) إحداهما له استرداد المسروق من السارق الثاني لحاجته إلى الرد الواجب عليه والأخرى لا لأن يده ليست يد ضمان ولا أمانة ولا ملك
فتح
قوله ( واختار الكمال الخ ) أي اختار أن القاضي يرده من يد الثاني إلى المالك إن كان حاضرا وإلا حفظه له كما يحفظ أموال الغيب ولا يرده إلى الأول ولا يبقيه مع الثاني لظهور خيانة كل منهما
قوله ( ورده قبل الخصومة ) أي الدعوى والشهادة المترتبة عليها أو الإقرار وقيد بالرد قبل الخصومة لأنه لو رده بعدها سواء قضى بالقطع أو لا فإنه يقطع
نهر
قوله ( ولو حكما كأصوله ولو في غير عياله ) أي كوالده وجده ووالدته وجدته لأن لهؤلاء شبهة الملك فيثبت به شبهة الرد بخلاف ما إذا رده إلى عيال أصوله لأنه شبهة الشبهة وهي غير معتبرة ومن الرد الحكمي الرد إلى فروعه وكل ذي رحم محرم منه إن كانوا في عياله والرد إلى مكاتبه وعبده
بحر وكذا إلى زوجته وأجيره مشاهرة وهو الذي يسمى غلامه أو مسانهة
فتح
وتمامه فيه
قوله ( أو ملكه بعد القضاء بالقطع ) لأن الإمضاء من القضاء في الحدود أي فالملك الحادث في هذه الحالة كالملك الحادث قبل القضاء لأن القاضي لما لم يمض صار كأنه لم يقض فلا يستوفي القطع كما قبل القضاء وهذا لأن القاضي لا يخرج عن عهدة القضاء في باب الحدود بمجرد قوله قضيت بل بالاستيفاء جلدا أو رجما أو قطعا فلا جرم كان الإمضاء من القضاء بخلاف حقوق العباد فإنه ثمة بمجرد قوله قضيت يخرج عن عهدة القضاء وإن السارق لو قطع بعد الملك قطع في ملك نفسه اه
ط عن الشلبي
قوله ( ولو بهبة مع قبض ) هكذا وقع التقييد بالقبض في الهداية
ولقائل أن يقول لا يشترط القبض لأن الهبة تقطع الخصومة لأنه ما كان يهب ليخاصم فليتأمل
شرنبلالية
قلت وهو بحث مخالف للمنقول من أنه غير معقول فهو غير مقبول وذلك أن الخصومة قد وجدت لأن الكلام فيما بعد القضاء بالقطع لكنهم عدوا ملك المسروق بعد القضاء شبهة والهبة بدون قبض لا تفيد الملك فلم توجد الشبهة ولم يقل أحد باشتراط خصومة أخرى بعد القضاء بالقطع بل طلبه القطع غير شرط على الظاهر كما مر نعم يشترط حضوره عنده القطع كما تقدم فافهم
قوله ( أو ادعى أنه ملكه ) أي بعد ما ثبتت السرقة عليه بالبينة أو بالإقرار
بحر
قوله ( للشبهة ) هي احتمال صدقه ولذا صح رجوعه بعد الإقرار
قوله ( أو نقصت قيمته ) أي بعد القضاء لأن كمال النصاب لما كان شرطا يشترط قيامه عند الإمضاء لما ذكرنا
قوله ( بنقصان السعر ) أي لا بنقصان العين لأن العين لو نقصت فإنه يقطع لأنه مضمون عليه فكمل النصاب عينا ودينا كما إذا استهلكه كله أما نقصان السعر فغير مضمون فافترقا
بحر
والمراد بنقصان العين فوات بعضها أو حدوث عيب فيها كما قدمناه أول كتاب السرقة
قوله ( في بلد الخصومة ) أي وإن كان في البلد التي سرق فيها لم ينقص لما قدمه أول السرقة من أن المعتبر القيمة وقت السرقة ووقت القطع ومكانه
قوله ( أقرا بسرقة نصاب ) أي أقر اثنان أنهما
____________________
(4/109)
سرقا نصابا أي جنسه إذ لا بد أن يصيب كلا منهما نصاب كما قدمه المصنف
قوله ( لم يقطعا ) أي المدعي والآخر لأنها سرقة واحدة فلا تكون موجبة للقطع وغير موجبة
قوله ( قطع المقر ) أي وحده لأن إقراره على غيره لم يصح بتكذيبه فلم توجد الشركة في السرقة
قوله ( لأن شبهة الشبهة لا تعتبر ) قال الزيلعي وكان أبو حنيفة أولا يقول لا يجب عليه القطع لأن الغائب ربما يدعي الشبهة عند حضوره ثم رجع وقال يقطع لأن سرقة الحاضر تثبت بالحجة فلا يعتبر الموهوم لأنه لو حضر وادعى كان شبهة واحتمال الدعوى شبهة الشبهة فلا تعتبر اه
ح قوله ( ولو أقر عبد مكلف الخ ) أما لو كان صغيرا لم يقطع ويرد المال لو قائما وكان مأذونا وإن هالكا يضمن وإن كان محجورا وصدقه المولى برد المال إلى المسروق منه لو قائما ولو هالكا فلا ضمان ولا بعد العتق
بحر
قوله ( قطع ) لأن إقرار العبد على نفسه وبالحدود والقصاص صحيح من حيث إنه آدمي لأنه لا تهمة فيه وإذا صح بالقطع صح بالمال بناء عليه ولا فرق بين كون العبد مأذونا أو لا صدقه المولى أو لا وتمامه في البحر
قوله ( لو قائمة ) فلو مستهلكة فلا ضمان ويقطع اتفاقا
بحر
قوله ( كما لو قامت عليه بينة بذلك ) أي فإنه يقطع بالطريق الأولى ويرد المال إلى المسروق منه
بحر
قوله ( ولا غرم على السارق ) التعبير بالغرم يفيد أن المسروق غير باق فلو قائما يؤمر بالرد فقول المصنف بعد ويرد العين تصريح بمفهوم قوله ولا غرم ط
قوله ( وغيرها ) كالهداية
قوله ( ورواه الكمال بعد قطع يمينه ) عزاه إلى الدارقطني لكن عزاه العلامة نوح إلى الدارقطني أيضا بلفظ المتن والمعنى واحد فإن ما مصدرية وأعل الحديث بالإرسال وبجهالة بعض رواته وجوابه مبسوط في الفتح وحاشية نوح على الدرر واستدلوا بعد الحديث بالمعقول أيضا
قال في الفتح ولأن وجوب الضمان ينافي القطع لأنه يتملكه بأداء الضمان مستندا إلى وقت الأخذ فتبين أنه أخذ ملكه فلا يقطع في ملكه لكن القطع ثابت قطعا فما يؤدي إلى انتفائه وهو الضمان فهو المنتفي
قوله ( لبقائها على ملك مالكها ) ولذا قال في الإيضاح قال أبو حنيفة لا يحل للسارق الانتفاع بها بوجه من الوجوه وكذا لو خاطها قميصا لا يحل له الانتفاع به لأنه ملكه بوجه محظور وقد تعذر إيجاب القضاء به فلا يحل الانتفاع كمن دخل دار الحرب بأمن وأخذ شيئا من أموالهم لم يلزمه الرد قضاء ويلزمه ديانة وكالباغي إذا أتلف مال العادل ثم تاب
فتح
قوله ( في الظاهر من الرواية ) وفي رواية الحسن لا يظهر سقوط العصمة في حق الاستهلاك
قوله ( لكنه يفتى الخ ) قال في الفتح وفي المبسوط روى هشام عن محمد أنه إنما يسقط الضمان عن السارق قضاء لتعذر الحكم بالمماثلة فأما ديانة فيفتى بالضمان للحقوق والخسران والنقصان للمالك من جهة السارق
قوله ( قبل القطع ) يعني ثم قطع لأن انتفاء الضمان إنما هو بسبب القطع كما علمت وقدم الشارح أيضا أن سقوط التقوم ضرورة القطع
قوله ( أو بعده ) لكن يفرق بينهما بما في الكافي لو كان قبل القطع فإن قال المالك أنا أضمنه لم يقطع عندنا وإن قال أنا أختار القطع يقطع
____________________
(4/110)
ولا يضمن اه
قال في البحر لأنه في الأولى تضمن رجوعه عن دعوى السرقة إلى دعوى المال
قوله ( فللمالك تضمينه ) أي تضمين المشتري أو الموهوب له ثم يرجع المشتري على السارق بالثمن لا بالقيمة تتارخانية عن المحيط
وفيها عن شرح الطحاوي لو قطع ثم استهلكه غيره كان للمسروق منه أن يضمنه قيمته اه
ومثله في النهر عن السراج
وظاهره أن غير المشتري والموهوب له مثلهما لكن ذكر في التتارخانية أيضا لو أودع عند غيره فهلك الأصل فيه أن كل موضع لو ضمنه المالك له أن يرجع على السارق فليس له أن يضمنه وفي كل موضع لو ضمنه لا يرجع على السارق فله أن يضمنه والذي يرجع عليه المودع والمستأجر والمرتهن اه
قلت ووجهه ظاهر لأن ما يثبت فيه الرجوع على السارق يلزم منه أن يكون مضمونا على السارق بعد القطع مع أنه غير مضمون عليه بخلاف ما لا رجوع فيه عليه لكن هذا التفصيل ظاهر في الهلاك ولذا فرض المسألة فيما لو أودعه فهلك بخلاف الاستهلاك فإن المستهلك متعد فلا رجوع له على السارق أصلا بلا فرق بين كونه مشتريا أو مودعا أو مستأجرا نعم للمشتري الرجوع بالثمن على السارق لأنه لما استهلكه وضمن قيمته ملكه من وقت الاستهلاك فيرجع على السارق بما دفعه إليه من الثمن لا بالقيمة لظهور أن ما دفعه إليه لا يملك قبضه فيرجع به لا بما ضمن فاغتنم تحرير هذا المحل فإنه من فيض المولى عز وجل
قوله ( ولو قطع الخ ) أي لو سرق سرقات فقطع في أحدها بخصومة صاحبها وحده فهو أي ذلك القطع بجميعها ولا يضمن شيئا لأرباب تلك السرقات عنده وقالا يضمن كلها إلا التي قطع فيها فإن حضروا جميعا وقطعت يده بخصومتهم لا يضمن شيئا من السرقات بالاتفاق
فتح
قوله ( ثم أخرجه ) فلو شقه بعد الإخراج قطع اتفاقا
نهر
وهو مفهوم بالأولى
قوله ( قطع ) أي عندهما خلافا لأبي يوسف
ومحل الخلاف ما إذا شقه فاحشا وهو ما يفوت به بعض العين وبعض المنفعة على الأصح واختار المالك تضمين النقصان وأخذ الثوب قطع عندهما خلافا له
أما إذا اختار تضمين القيمة وترك الثوب فلا قطع اتفاقا أما اليسير وهو ما يتعيب به فقط فيقطع فيه اتفاقا
نهر
قوله ( فله تضمين القيمة ) أي من غير خيار
بحر أي ليس له تضمين النقصان والقطع
قوله ( فيملكه ) أي السارق فصار كما إذا ملكه إياه لهبة بعد القضاء لا يقطع على ما تقدم
فتح
قوله ( وهل يضمن الخ ) أي فيما إذا شقه نصفين ولم يكن إتلافا ح
قوله ( صحح الخبازي لا ) أي لا يضمن كيلا يجتمع القطع مع الضمان
قوله ( وقال الكمال الحق نعم ) حيث قال والحق ما ذكر في عامة الكتب الأمهات أنه يقطع ويضمن النقصان إلى أن قال ووجوب ضمان النقصان لا يمنع القطع لأن ضمان النقصان وجب بإتلاف ما فات قبل الإخراج والقطع بإخراج الباقي فلا يمنع كما لو أخذ ثوبين وأحرق أحدهما في البيت وأخرج الآخر وقيمته نصاب
قوله ( ومتى اختار تضمين القيمة ) أي فيما إذا كان الشق فاحشا إذ لو كان يسيرا يقطع بالاتفاق كما قدمناه
قال في الهداية إذ ليس له اختيار تضمين كل القيمة
قوله ( لما مر ) أي قريبا من أنه يملكه مستندا إلى وقت الأخذ
قوله ( فذبحها فأخرجها ) قيد بالإخراج بعد الذبح لأنه لو أخرجها حية وقيمتها عشرة ثم ذبحها يقطع وإن انتقصت قيمتها
____________________
(4/111)
بالذبح
ط عن الحموي
قوله ( من الحجرين ) أي الذهب والفضة
قوله ( دراهم ) مفعول فعل
قوله ( لتقوم الصنعة عندهما خلافا له ) وأصل الخلاف في الغاصب هل يملك الدراهم والدنانير بهذه الصنعة أم لا بناء على أنها متقومة أم لا ثم وجوب القطع عنده لا يشكل لأنه لم يملكها على قوله
وأما على قولهما فقيل لا يجب القطع لأنه ملكها قبله وقيل يجب لأنه صار بالصنعة شيئا آخر فلم يملك عينه وعلى هذا الخلاف إذا اتخذه حليا أو آنية زيلعي
قوله ( فهي للسارق اتفاقا ) لأن هذه الصنعة بدلت العين والاسم بدليل أنه تغير بها حكم الربا حيث خرجت عن كونها موزونة بخلاف مسألة الذهب والفضة لبقاء الاسم مع بقاء العين كما كانت حكما حتى لا يصح بيع آنية فضة وزنها عشرة بأحد عشر كذا يفاد من الفتح
قوله ( فقطع ) إنما قطع باعتبار سرقة الثوب الأبيض وهو لم يملكه أبيض بوجه ما والمملوك للسارق إنما هو المصبوغ وكذا يقطع بالحنطة وإن ملك الدقيق
بحر
قوله ( لا رد ) أي حال قيامه ولا ضمان أي حال استهلاكه وهذا عندهما
وقال محمد يرد الثوب ويأخذ ما زاد الصبغ لأن عين ما له قائم من كل وجه
ولهما أن الصبغ قائم صورة ومعنى بدليل أن المسروق منه لو أخذ الثوب يضمن الصبغ وحق المالك قائم صورة لا معنى بدليل أنه غير مضمون على السارق
نهر
قوله ( خلافا لما في الاختيار ) أي من أنه لو صبغه بعد القطع يرده وهو مخالف لقول الهداية فإن سرق ثوبا فقطع فصبغه أحمر لم يؤخذ منه ولقول محمد سرق الثوب فقطع يده وقد صبغ الثوب أحمر لم يؤخذ منه فإنه دليل على أنه لا فرق بين أن يصبغه قبل القطع أو بعده
زيلعي
وتبعه في البحر والنهر
قلت لكن قول محمد وقد صبغه جملة حالية فمن أين يفيد كون الصبغ بعد القطع
ثم رأيت سعد جلبي اعترض الزيلعي بأن عبارة الهداية ليست كما نقله
اه
قلت لأن عبارة الهداية هكذا فإن سرق ثوبا فصبغه أحمر ثم قطع الخ فعبارة الهداية مساوية لعبارة المصنف والكنز
وقد ذكر الزيلعي أن ما في الكنز ذكر مثله في المحيط والكافي ولا يخفى أن هذه العبارة تؤيد ما في الاختيار ولم يبق لدعوى الزيلعي دليل فالاعتماد على ما قالوه لا على ما قاله فتنبه
قوله ( خلافا للثاني ) لأن السواد زيادة عنده كالحمرة
وعند محمد زيادة أيضا كالحمرة ولكنه لا يقطع حق المالك
وعند أبي حنيفة السواد نقصان ولا يوجب انقطاع حق المالك هداية
قوله ( وهو اختلاف زمان الخ ) فإن الناس كانوا لا يلبسون السواد في زمنه ويلبسونه في زمنهما
فتح
قوله ( سرق في ولاية سلطان الخ ) ذكره مع تعليله في الدرر
وقال في الشرنبلالية ذكره في الفيض
وفي مختصر الظهيرية معزوا إلى الإمام الأجل الشهيد
قوله ( إذ لا ولاية له الخ ) أي في وقت السرقة إذ لا شك أنهما في وقت الدعوى تحت يده وهل كذلك بقية الحدود والقصاص أيضا لم أره والله سبحانه وتعالى أعلم
____________________
(4/112)
باب قطع الطريق أي قطع المارة عن الطريق فهو من الحذف المراد بالطريق المارة من إطلاق المحل على الحال أو الإضافة على معنى في أي قطع في الطريق أي منع الناس المرور فيه أخره عن السرقة لأنه ليس سرقة مطلقة لأن المتبادر منها الأخذ خفية عن الناس وأطلق عليها اسمها مجازا لضرب من الإخفاء وهو الإخفاء عن الإمام ومن نصبهم لحفظ الطريق ولذا لا يطلق عليه اسمها إلا مقيدة بالكبرى ولزوم التقييد من علامات المجاز كما في الفتح وسميت كبرى لعظم ضررها لكونه على عامة المسلمين أو لعظم جزائها
قوله ( من قصده ) أي قصد قطع الطريق وعبر ب من ليفيد أنه لا يشترط كون القاطع جماعة فيشمل ما إذا كان واحدا له منعة بقوته ونجدته كما في القهستاني والفتح وشمل العبد وكذا المرأة في ظاهر الرواية إلا أنها لا تصلب كما سيأتي
قوله ( ولو في المصر ليلا ) أي بسلاح أو بدونه وكذا نهارا لو بسلاح كما سيأتي هذا هو رواية عن أبي يوسف أفتى بها المشايخ دفعا لشر المتغلبة المفسدين كما في القهستاني عن الاختيار وغيره ومثله في البحر
أما ظاهر الرواية فلا بد أن يكون في صحراء دارنا على مسافة السفر فصاعدا دون القرى والأمصار ولا ما بينهما كما في القهستاني
وفي كافي الحاكم وإن قطعوا الطريق في دار الحرب على تجار مستأمنين أو في دار الإسلام في موضع غلب عسكر الخوارج ثم أتى بهم الإمام لم يمض الحدود عليهم
قوله ( وهو معصوم ) أي بالعصمة المؤبدة وهو المسلم أو الذمي
قهستاني
والعصمة الحفظ والمراد عصمة دمه وماله بالإسلام أو عقد الذمة
وفي حاشية السيد أبو السعود مفاده لو قطع الطريق مستأمن لا يحد وبه صرح في شرح النقاية معللا بأنه لا يخاطب بالشرائع
وحكى في المحيط اختلاف المشايخ فيه
قوله ( فلو على المستأمنين فلا حد ) لكن يلزمه التعزير والحبس باعتبار إخافة الطريق وإخفاؤه ذمة المسلمين
فتح
قال في الشرنبلالية ويضمن المال لثبوت عصمة مال المستأمن حالا وإن لم يكن على التأييد ومحل عدل الحد بالقطع على المستأمن فيما إذا كان منفردا أما إذا كان مع القافلة فإنه يحد ولا يصير شبهة بخلاف اختلاط ذي الرحم بالقافلة كما في الفتح اه
قلت لكن لو لم يقع القتل والأخذ إلا في المستأمن فلا حد كما في الفتح أيضا
تنبيه قد علم من شروط قطع الطريق كونه ممن له قوة ومنعة وكونه في دار العدل ولو في المصر ولو نهارا إن كان بسلاح وكون كل من القاطع والمقطوع عليه معصوما ومنها كما يعلم مما يأتي كون القطاع كلهم أجانب لأصحاب الأموال وكونهم عقلاء بالغين ناطقين وأن يصيب كلا منهم نصاب تام من المال المأخوذ وأن يؤخذوا قبل التوبة
ثم اعلم أن القطع يثبت بالإقرار مرة واحدة
وعند أبي يوسف بمرتين ويسقط الحد برجوعه لكن يؤخذ بالمال إن أقر به يثبت بشهادة اثنين بمعاينته أو بالإقرار به فلو لأحدهما بالمعاينة والآخر بالإقرار لا تقبل ولو قالا قطعوا علينا وعلى أصحابنا لأتقبل لأنهما شهدا لأنفسهما ولو شهدا أنهم قطعوا على رجل من عرض الناس وله ولي يعرف أو لا يعرف إلا بمحضر من الخصم وتمامه في الفتح آخر الباب
قوله ( حبس ) وما في الخانية من أنه
____________________
(4/113)
يعزر ويخلى سبيله خلاف المشهور فتح وأفاد أيضا أن الحبس في بلده لا في غيرها خلافا لمالك
قوله ( وهو المراد بالنفي في الآية ) لأن النفي من جميع الأرض محال وإلى بلد أخرى فيه إيذاء أهلها فلم يبق إلا الحبس والمحبوس يسمى منفيا من الأرض لأنه لا ينتفع بطيبات الدنيا ولذاتها ولا يجتمع بأقاربه وأحبابه
قال في الفتح قال صالح بن عبد القدوس فيما ذكره الشريف في الغرر خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها فلسنا من الأحياء فيها ولا الموتى إذا جاءنا السجان يوما لحاجة عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا قوله ( وظاهر أن المراد الخ ) أي وليس المراد ما قاله بعض السلف أن الإمام مخير في هذه الأجزية الأربعة إذ من المقطوع به أنها أجزية على جناية القطع المتفاوتة خفة وغلظا ولا يجوز أن يترتب على أغلظها أخف الأجزية المذكورة وعلى أخفها أغلظ الأجزية لأنه مما يدفعه قواعد الشرع والعقل فوجب القول بالتوزيع على أحوال الجنايات لأنها مقابلة بها فاقتضت الانقسام
فتقدير الآية أن يقتلوا أن قتلوا أو يصلبوا أن قتلوا وأخذوا المال أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن أخذوا المال أو ينفوا إن أخافوا وتمامه في الفتح والزيلعي
قوله ( بعد التعزير ) أي بالضرب وإلا فالحبس تعزير أيضا كما مر في بابه
قوله ( أو يموت ) عطف على يتوب
قوله ( وإن أخذ ) أي القاطع أي جنسه السابق بالواحد والأكثر
قوله ( وأصاب منه كلا نصاب ) أي أصاب كل واحد منهم نصاب السرقة الصغرى
قوله ( إن كان صحيح الأطراف ) حتى لو كانت يسراه شلاء لم تقطع يمينه وكذا لو كانت رجله اليسرى ولو كان مقطوع اليمنى لم تقطع له يد وكذا الرجل اليسرى
نهر
ومفهومه أنه لو كانت يده اليمنى شلاء أو رجله اليسرى أو كلاهما قطع كما سبق في السرقة الصغرى من أن استيفاء الناقص عند تعذر الكامل جائز فالمراد بقوله إن كان صحيح الأطراف غير المستحقة للقطع أو الجمع لما فوق الواحد أو يراد بالصحيح ما يقابل المقطوع دون الأشل
أفاده السيد أبو السعود
قوله ( لئلا يفوت نفعه ) علة لقوله من خلاف ط
قوله ( فلذا لا يعفوه ولي ) أي لكونه حدا خالص حق لله تعالى لا يسع فيه عفو غيره فمن عفا عنه عصى الله تعالى
فتح
قال وفي فتاوى قاضيخان وإن قتل ولم يأخذ المال يقتل قصاصا وهذا يخالف ما ذكرناه إلا أن يكون معناه إذا أمكنه أخذ المال فلم يأخذ شيئا ومال إلى القتل فإنا سنذكر في نظيرها أنه يقتل قصاصا خلافا لعيسى بن أبان اه
والمراد بما سيذكره ما يأتي أنه من الغرائب
قلت لكن ما أول به عبارة الخانية بعيد والأقرب تأويلها بأن المراد بقوله ولم يأخذ المال أي النصاب بل أخذ ما دونه وتصير المسألة حينئذ عين المسألة الآتي أنها من الغرائب
قوله ( ولا يشترط الخ ) أي فيقتل القاتل
____________________
(4/114)
والمعين سواء قتل بسيف أو حجر أو عصا كما يأتي
قوله ( وبهذا الحل ) هو قوله بمخالفة أمره ح
قوله ( عن تقدير مضاف ) أي في قوله تعالى { يحاربون الله } وتقدير المضاف أولياء الله اه ح
قلت والأحسن عباد الله ليشمل الذمي كما نبه عليه في الفتح
والحاصل أنه لما كان المخالفة والعصيان سببا للمحاربة أطلقت المحاربة عليها من إطلاق السبب على المسبب
قوله ( خير الإمام بين ستة أحوال ) ترك السابع من الأقسام العقلية وهو ما إذا اقتصر على القطع لأنه لا يجوز اه ح
أقول الأقسام العقلية عشرة لأنه إما أن يقتصر على القطع أو القتل أو الصلب أو يفعل الثلاثة فهذه أربعة أو يفعل اثنين منها القطع ثم القتل أو عكسه والقطع ثم الصلب أو عكسه والقتل ثم الصلب أو عكسه فهذه ستة مع الأربعة بعشرة لكن القطع بعد القتل غير مفيد كالزاني إذا مات في أثناء الجلد كما في الزيلعي ومثله القطع بعد الصلب
قوله ( إن شاء قطع من خلاف ثم قتل ) أي بلا صلب خلافا لمحمد أنه لا يقطع ولما عن أبي يوسف أنه لا يترك الصلب
قوله ( ويصلب حيا ) أي فيما إذا اختار الإمام صلبه أو فيما إذا قلنا بلزومه على قول أبي يوسف كذا في الفتح
أما فيما إذا اختار الجمع بين القتل والصلب فلا بد أن يكون القتل سابقا وإلا لم يبق فرق بين الجمع والاقتصار على الصلب
قوله ( في الأصح ) وعن الطحاوي أنه يقتل ثم يصلب توقيا عن المثلة ويأتي جوابه قريبا
قوله ( وكيفيته في الجوهرة ) وهي أن تغرز خشبة في الأرض ثم يربط عليها خشبة أخرى عرضا فيضع قدميه عليها ويربط من أعلاها خشبة أخرى ويربط عليها يديه
قوله ( ويبعج بطنه برمح ) كذا في الهداية وغيرها
وفي الجوهرة ثم يطعن بالرمح ثديه الأيسر ويخضخض بطنه إلى أن يموت
وفي الاختيار تحت ثديه الأيسر ولا يرد أن في الصلب مثلة وهي منسوخة منهي عنها لأن الطعن بالرمح معتاد فلا مثلة فيه ولو سلم فالصلب مقطوع بشرعيته فتكون هذه المثلة الخاصة بمستثناة من المنسوخ قطعا
أفاده في الفتح
وفيه أيضا ولا يصلى على قاطع الطريق كما علم من باب الشهيد
قوله ( على الظاهر ) أي ظاهر الرواية لئلا يتأذى الناس برائحته
قوله ( من أخذ مال ) أي إن كان هالكا كما يفيده قوله لا يضمن وذلك لسقوط عصمته بالقطع كما مر في السرقة الصغرى أما لو كان المال باقيا يرده إلى مالكه كما في الملتقى
قوله ( وتجري الأحكام المذكورة ) من حبس وتعزير أو قطع فقط أو تخيير
ط
قوله ( بمباشرة بعضهم ) لأنه جزاء المحاربة وهي تتحقق بأن يكون البعض ردءا للبعض
هداية
قوله ( وحجر ) مبتدأ خبره كسيف
قوله ( لهم ) أي لقطاع الطريق احترازا عن غيرهم فإنه لا يقتل بالقتل بحجر وعصا لكن القتل هنا ليس بطريق القصاص بل هو حد وعن هذا قال في النهر إن هذه الجملة كالتي قبلها معلومة من قوله قتل حدا إلا أنه أراد زيادة الإيضاح
قوله ( إن انضم إلى الجرح أخذ ) لم يتقدم للجرح ذكر فالأولى تعبير الكنز وغيره بقوله وإن أخذ مالا وجرح قطع الخ
____________________
(4/115)
قوله ( وإن جرح فقط ) جواب الشرط قوله الآتي فلا حد كما سينبه عليه الشارح وهذا شروع في ست مسائل لا حد فيها وحيث سقط الحد يؤاخذ بحقوق العباد من قصاص أو مال كما يأتي
قوله ( ولم يأخذ نصابا ) أي بأن لم يأخذ شيئا أصلا أو أخذ ما دون النصاب لأنه لما كان الأخذ الموجب للحد هو النصاب كان ما دونه بمنزلة العدم كما في البحر وتقدم أن الشرط أن يصيب كل واحد نصاب أي إذا كانوا جماعة ومثل ما دون النصاب الأشياء التي لا قطع فيها كالتافه وما يتسارع إليه الفساد كما نبه عليه الزيلعي
قوله ( ولو كان ) مع هذا الأخذ أي أخذ ما دون النصاب المفهوم من قوله ولم يأخذ نصابا فافهم
قوله ( لأن المقصود هنا المال ) أي أنه المقصود في قطع الطريق وهذا جواب عن طعن عيسى بن أبان في المسألة أن القتل وحده يوجب الحد فكيف يمتنع مع الزيادة قال الزيلعي وجوابه أن قصدهم المال غالبا فينظر إليه لا غير بخلاف ما إذا اقتصروا على القتل لأنه تبين أن مقصدهم القتل دون المال فيحدون فعدت هذه من الغرائب اه
قلت وبيانه أن قطع الطريق سمي سرقة كبرى لأن مقصود القطاع غالبا أخذ المال وأما القتل فإنما هو وسيلة إلى أخذ المال لكن إذا أخافوا فقط أو قتلوا فقط رتب عليه الشرع حدا فيتبع لأنه تبين أنه المقصود دون المال
أما إذا وجد مع ذلك أخذ مال ظهر أن مقصودهم ما هو المقصود الأصل وهو المال فحينئذ ينظر إليه فإن بلغ نصابا لكل منهم وجب الحد لوجود شرطه وإلا فلا حد لعدمه وحيث لا حد وجب م وجب القتل من قصاص أو دية ووجب ضمان المال فافهم
قوله ( أو قتل عمدا ) قيد بالقتل ليعلم حكم أخذ المال بالأولى
بحر
قوله ( ومن تمام توبته رد المال الخ ) أي لينقطع به خصومة صاحبه ولو تاب ولم يرده لم يذكره في الكتاب
واختلفوا فيه فقيل لا يسقط الحد كسائر الحدود وقيل يسقط أشار إليه محمد في الأصل لأن التوبة تسقط الحد في السرقة الكبرى بخصوصها للاستثناء في النص فلا يصح قياسها على باقي الحدود مع معارضة النص
فتح
وظاهره ترجيح القول الثاني فقول الشارح فقيل لا حد فيه نظر لأنه يفيد ضعفه
والظاهر أن هذا الخلاف عند عدم التقادم لما في النهر عن السراج لو قطع الطريق وأخذ المال ثم ترك ذلك وأقام في أهله زمانا ثم قدر عليه درىء عنه الحد لأنه لا يستوفي مع تقادم العهد اه
قال في النهر وبه علم أن مجرد الترك ليس توبة بل لا بد أن تظهر عليه سيماها التي لا تخفى
قوله ( أو كان منهم غير مكلف ) أي صبي أو مجنون لأنها جناية واحدة قامت بالكل فإذا لم يقع فعل بعضهم موجبا كان فعل الباقين بعض العلة وأنه لا يثبت الحكم كالعامد والمخطىء إذا اشتركا في القتل حيث لا يجب القود
وعن أبي يوسف يحد الباقون لو باشر العقلاء
زيلعي
قوله ( أو أخرس ) أي خلافا لأبي يوسف
زيلعي
قوله ( أو كان ذو رحم محرم ) كان تامة وذو فاعل والمراد به أحد القطاع وقوله من أحد المارة متعلق بمحرم والعلة فيه كما فيما قبله وشمل ما إذا كان المال مشتركا بين المقطوع عليهم أو لا لكن لم يأخذوا إلا من ذي الرحم المحرم وما إذا أخذوا منه أو من غيره فلا يحدون في الأصح كما في النهر وغيره
تنبيه لو كان في القافلة مستأمن لا يمتنع الحد مع أن القطع عليه وحده يمنعه كما قدمناه والفرق كما في الفتح أن الامتناع في حق المستأمن إنما كان لخلل في عصمة نفسه وماله وهو أمر يخصه أما هنا فهو لخلل في الحرز والقافلة حرز واحد فيصير كأن القريب سرق مال القريب وغير القريب من بيت القريب
قوله ( أو شريك مفاوض )
____________________
(4/116)
أي ولو كان في المقطوع عليهم شريك مفاوض لبعض القطاع لا يحدون
فتح
ومقتضاه أن شريك العنان ليس كذلك وينبغي أنه لو كان مال الشركة معه في القافلة أنهم لا يحدون لاختلال الحرز
تأمل
قوله ( أو قطع بعض المارة ) أي القافلة وبه عبر في الكنز وهو أظهر وإنما لم يقطع لأن الحرز واحد وهو القافلة فصار كسارق سرق متاع غيره وهو معه في دار واحدة
فتح
قوله ( وأقره المصنف ) وكذا في الزيلعي والقهستاني عن الاختيار والفتح عن شرح الطحاوي
قوله ( وللولي القود الخ ) أي في المسائل المذكورة
وحاصله أنه إذا لم يجب الحد لم يصيروا قطاعا فيضمنون ما فعلوا من قتل عمد أو شبهة عمد أو خطإ أو جراحة ورد المال لو قائما وقيمته لو هالكا أو مستهلكا فتقييده بالقود يعلم منه حكم المال بالأولى أو يراد بالأرش ما يشمل ضمان المال والمراد بالولي من له ولاية المطالبة فيشمل صاحب المال ويشمل المجروح أيضا في أولى المسائل المذكورة
وبه اندفع اعتراض البحر على الهداية بأن ذلك للمجروح لا لوليه لأنه إن أفضى الجرح إلى القتل ينبغي أن يحجب الحد اه أي لو مات بالجراحة يرجع إلى الحالة الثالثة وهي ما لو قتل فقط فينبغي أن يحد فلا يكون لوليه القود
قوله ( في ظاهر الرواية ) كذا نص عليه في المبسوط وهو اختيار الطحاوي خلافا للكرخي من أن المرأة كالصبي وهو ضعيف الوجه مع مصادمته لإطلاق القرآن فالعجب ممن عدل عن ظاهر الرواية كصاحب الدراية والتجنيس والفتاوى الكبرى وغيرهم وتمامه في الفتح
قوله ( هو المختار ) قال في الشرنبلالية هذا غير ظاهر الرواية
قوله ( قتلن ) أي قصاصا لا حدا بدليل قوله وضمن المال وهذا بناء على أن المرأة لا تكون قاطعة طريق
قال في الشرنبلالية هو كذلك مبني على خلاف ظاهر الرواية كما في الفتح اه ح
قلت فكان ينبغي للشارح عدم ذكر هذين الفرعين لمخالفتهما لما مشى عليه المصنف من ظاهر الرواية
قوله ( ويجوز أن يقاتل دون ماله ) أي تحت ماله أو فوقه أو قدامه أو وراءه فإن لفظ دون يأتي لمعان المناسب منها ما ذكرنا وقال بعضهم على ماله
قوله ( وإن لم يبلغ نصابا ) أي نصاب السرقة وهو عشرة دراهم كما في منية المفتي
وفي التجنيس دخل اللص دارا وأخرج المتاع فله أن يقاتله ما دام المتاع معه لقوله عليه الصلاة والسلام
قاتل دون مالك فإن رمى به ليس له أن يقتله لأنه لا يتناوله الحديث
وفي البزازية وغيرها رجل قتله رب الدار فإن برهن أنه كابره فدمه هدر وإلا فإن لم يكن المقتول معروفا بالسرقة والشر قتل به قصاصا وإن كان منهما تجب الدية في ماله استحسانا لأن دلالة الحال أورثت شبهة في القصاص لا في المال
وفي الفتح أخذ اللصوص متاع قوم فاستغاثوا بقوم فخرجوا في طلبهم فإن كان أرباب المتاع معهم أو غابوا لكن يعرفون مكانهم ويقدرون على رد المتاع عليهم حل لهم قتال اللصوص وإن كانوا لا يعرفون مكانهم ولا يقدرون على الرد لا يحل وتمامه فيه
قوله ( بكسر النون ) أي ككتف وتسكن للتخفيف ومثله الحلف والحلف وفعله من باب قتل
مصباح
قوله ( في المصر ) وكذا في غيره كما في شرح
____________________
(4/117)
الشلبي عن الجامع الصغير فهو قيد اتفاقي بل غير المصر يعلم بالأولى وإنما قيد به لئلا يتوهم أنه لا يكون كذلك في المصر كما في قطع الطريق
قوله ( أي خنق مرارا ) أراد مرتين فصاعدا بقرينة قوله الآتي وإلا بأن خنق مرة وفي البحر قيد بتعدده لأنه لو خنق مرة واحدة فلا قتل عند الإمام
قوله ( سياسة ) قدمنا الكلام عليها في حد الزنا
قوله ( وكل من كان كذلك ) كاللوطي والساحر والعواني والزنديق والسارق كما قدمناه في أوائل باب التعزير
قوله ( عند غير أبي حنيفة ) أي عند صاحبيه ومن وافقهما من باقي الأئمة أما عند أبي حنيفة فتجب الدية على عاقلته كما في البحر والله سبحانه أعلم
بسم الله وبحمده والصلاة والسلام على نبيه وعبده وعلى آله وصحبه وجنده
وبعد فيقول مؤلفه أفقر العباد إلى عفو مولاه يوم التناد محمد أمين الشهير بابن عبدين خادم العلوم الشرعية في دمشق الشام المحمية قد نجز تسويد هذا النصف المبارك بعون الله جل وتبارك من الحاشية المسماة رد المحتار على الدر المختار في صفر الخير سنة ثمان وأربعين ومائتين وألف من هجرة نبينا محمد الذي تم به الألف وشرف وعظم فجاء بحمد الله تعالى مكملا فرعا وأصلا ردا للمحتار على الدر المختار اسما وفعلا لاشتماله على تنقيح عبارته وتوضيح رموزه وإشاراته والاعتناء ببيان ما هو الصحيح المعتمد وما هو معترض ومنتقد وتحرير المسائل المشكلة والحوادث المعضلة التي لم يوضح كثيرا منها أحد قبل ذلك ولا سلك مهامه بيانها سالك مشحونا بذخائر زبر المتقدمين وخلاصة كتب المتأخرين ورسائلهم المؤلفة في الحوادث الغريبة الجامعة للفوائد العجيبة كرسائل العلامة ابن نجيم الأربعين ورسائل العلامة الشرنبلالي الستين وكثير من رسائل العلامة على القاري خاتمة الراسخين ورسائل سيدي عبد الغني النابلسي الحبر المتين ورسائل العلامة قاسم خاتمة المجتهدين وحواشي البحر والمنح والأشباه وجامع الفصولين للفهامة الشيخ خير الدين وفتاويه الخيرية وفتاوى ابن الشلبي والرحيمي والشيخ إسماعيل والفتاوى الزينية والتمرتاشية والحامدية وفتاوى غيرهم من المفتين وتحويرات شيوخنا ومشايخهم المعتبرين وما من به الله تعالى على عبده من الرسائل التي ناهزت الثلاثين وما حررته ونقحته في كتابي تنقيح الفتاوى الحامدية الذي هو بهجة الناظرين وغير ذلك من كتب السادة الأخيار المعتمدين مع بيان ما وقع من سهو أو غلط في كتب الفتاوى وكتب الشارحين ولا سيما ما وقع في البحر والنهر والمنح والأشباه والدرر وكتب المحشين حتى صار بحمد الله تعالى عمدة المذهب والطراز المذهب ومرجع القضاة والمفتين كما يعلمه من غاص بأفكاره في تياره من العلماء العاملين الخالين عن دار الحسد المضني للجسد الصادقين المنصفين
فدونك كتابا قد أعملت فيه الفكر وألزمت فيه الجفن والسهر وغرست فيه من فنون التحرير أفنانا وفتقت فيه عن عيون المشكلات أجفانا وأودعت فيه من كنوز الفوائد عقود الدرر الفرائد وبسطت فيه من أنفع المقاصد أحسن الموائد وجلوت فيه على منصة الأنظار عرائس أبكارها الأفكار وكشفت فيه بتوضيح العبارات قناع المخدرات ولم أكتف بتلويح الإشارات عن تنقيح كشف تحرير الخفيات فهو يتيمة الدهر وغنيمة أهل العصر وما ذاك إلا بمحض إنعام المولى الذي هو بكل حمد وشكر أحق وأولى حيث أبرز هذه الجواهر المكنونة والدرر الفرائد المصونة في ميمون أيام خليفة الله في أرضه القائم بواجب حقه وفرضه رافع ألوية الشريعة البديعة ومؤيدها وموطد أبنيتها المنيعة والرفيعة ومشيدها المجاهد في سبيل الله حق جهاده والقاطع لدابر الكافرين بحده واجتهاده الذي ابتسمت ثغور البلاد ببارقات مرهفاته وبكت عيون ذوي العناد بقاهرات عزماته وأبدع نظام
____________________
(4/118)
كتائب الجيوش بآرائه السديدة ورفع أفئدة الأكاسرة القياصرة بقوة بطشته الشديدة يكاد سنا برق طلعته يذهب بالأبصار وغصن رأفته يميس لينا كميس الأغصان ذات الأزهار وتكاد صواعق سطوته تزيح صم الجبال ومواكب كتائب حوزته تفني عدد الرمال من أنام الأنام في أيامه في ظل الأمان ورعى الرعية في مراعي الرعاية والإحسان وأنار بنوار رياض أمنه بلاد المسلمين فضاء فضاء صدورهم بنور اليقين وأزاح غيوم غمومهم بردع المشركين فلاح فلاح قلوبهم لأعين الناظرين راح وراح غفلاتهم بإيقاظ النائمين فصاح ألسنتهم بالدعاء له كل حين خليفة خلفت أنوار غرته شمس الضحى ونداه يخلف الديما سالت فواضله للمعتفي نعما صالت نواضله للمعتدي نقما السلطان الأعظم والخاقان الأفخم تاج ملوك العرب والعجم ظل الله في أرضه للأمم محمود الذات ممدوح الصفات لا زالت دعائم سلطنته قائمة وعيون الحوادث عنها نائمة ولا برحت رياض عزته مخضرة بديم الديمومة والأبود ورياحين ذريته ريانة بطلاوة التأبيد والخلود ولا زالت أعيان دولته من علمائه وقضاته ووزرائه يزيل نبراس آرائهم دجى الجور بسناه وسنائه ولا فتئت نجوم جنوده الساطعة في أفلاك سمائه شهبا ثواقب على مردة أعدائه آمين آمين آمين
وهذا وقد نجز هذا السفر المسفر عن روض أريض مزهر مقابلة وتصحيحا بحسب الإمكان سوى ما شد بعروض سهو أو نسيان لا تخلو عنه جبلة الأنسان وذلك برسم من أمر باستكتابه رغبة في نيل رضا مولاه وثوابه الإمام الهمام علي القدر والمقام من امتطى الجوزاء بزمام وصال في مواكب العز وحام واشتهر اشتهار البدر في الظلام قاضي قضاة الإسلام منفذ القضايا والأحكام بالإتقان والإحكام ذي الخيرات الحميدة والمآثر الفريدة التي لا ترام مولانا عبد الحليم أفندي كجه جي زدة القاضي سابقا بدمشق الشام دام في عز وإنعام ومجد واحترام بجاه من هو للأنبياء ختام وآله وصحبه السادة الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام في البدء والختام
كتبه أسير وصمة ذنبه الراجي عفو ربه محمد أمين الشهير بابن عابدين غفر الله تعالى له ولوالديه ولكل المسلمين آمين آمين آمين
كتاب الجهاد هذا الكتاب يعبر عنه بالسير والجهاد والمغازي فالسير جمع سيرة وهي فعلة بكسر الفاء من السير فتكون لبيان هيئة السير وحالته إلا أنها غلبت في لسان الشرع على أمور المغازي وما يتعلق بها كالمناسك على أمور الحج وقالوا السير الكبير فوصفوها بصفة المذكر لقيامها مقام المضاف الذي هو الكتاب كقولهم صلاة الظهر وسير الكبير خطأ كجامع الصغير وجامع الكبير
بحر
مطلب في فضل الجهاد قلت والسير الكبير والسير الصغير كتابان للإمام محمد بن الحسن رحمه الله تعالى على صيغة جمع سيرة لا على صيغة المفرد
هذا وفضل الجهاد عظيم كيف وحاصله بذل أعز المحبوبات وهو النفس وإدخال أعظم المشقات عليه تقربا بذلك إلى الله تعالى وأشق منه قصر النفس على الطاعات على الدوام ومجانبة هواها ولذا قال
____________________
(4/119)
وقد رجع من غزاة رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ويدل عليه أنه أخره في الفضيلة عن الصلاة على وقتها في حديث ابن مسعود قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال الصلاة على ميقاتها
قلت ثم أي قال بر الوالدين
قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله ولو ستزدته لزادني رواه البخاري وجاء تأخيره عن الإيمان في حديث أبي هريرة المتفق عليه قال سئل رسول الله أي العمل أفضل قال إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا قال الجهاد في سبيل الله قيل ثم ماذ قال جج مبرور ويجب أن يعتبر كل من الصلاة والزكاة مرادة بلفظ الإيمان من عموم المجاز
ولا ترد في أن المواظبة على أداء فرائض الصلاة في أوقاتها أفضل من الجهاد لأنها فرض عين وتتكرر ولأن الجهاد ليس إلا للإيمان وإقامة الصلاة فكان حسنا لغيره والصلاة حسنة لعينها وهي المقصود منه وتمام تحقية ذلك ما ورد في فضل الجهاد المذكور في الفتح
مطلب المواظبة على فرائض الصلاة في أوقاتها أفضل من الجهاد قلت وقد نص على ذلك الإمام السرخسي في شرح السير الكبير حيث قال عن أبي قتادة أن رسول الله قام يخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر الجهاد فلم يدع شيئا أفضل من الجهاد إلا الفرائض يريد به الفرائض التي تثبت فريضتها عينا وهي الأركان الخمسة لأن فرض العين آكد من فرض الكفاية والثواب بحسب آكدية الفرضية فلهذا استثنى الفرائض
مطلب في تكفير الشهادة مظالم العباد ثم ذكر أحاديث في أن الشهيد تكفر خطاياه إلا الدين
وقال إذا كان محتسبا صابرا مقبلا
قال وفيه بيان شدة الأمر في مظالم العباد
وقيل كان هذا في الابتداء حين نهى عن الاستدانة لقلة ذات يدهم وعجزهم عن قضائه ولهذا كان لا يصلي على مديون لم يخلف مالا ثم نسخ ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام من ترك مالا فلورثته ومن ترك كلا أو عيالا فهو علي وورد نظيره في الحج أنه دعا لأمته بعرفات فستجيب له إلا المظالم ثم دعا بالمشعر الحرام فستجيب له حتى المظالم فنزل جبريل عليه السلام يخبره أنه تعالى يقضي عن بعضهم حق البعض فلا يبعد مثل ذلك في حق الشهيد المديون
مطلب فيمن يريد الجهاد مع الغنيمة ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يريد عرض الدنيا فقال عليه الصلاة والسلام لا أجر له الحديث
قال ثم تأويله من وجهين أحدهما أن يرى أنه يريد الجهاد ومراده في الحقيقة المال فهذا كان حال المنافقين ولا أجر له أو يكون معظم مقصوده المال وفي مثله قال عليه الصلاة والسلام للذي استؤجر على الجهاد بدينارين إنما لك دينارك في الدنيا والآخرة وأما إذا كان معظم مقصوده الجهاد ويرغب معه في الغنيمة فهو داخل في قوله تعالى { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم } سورة البقرة الآية 198 يعني التجارة في طريق الحج فما أن لا يحرم ثواب الحج فكذا الجهاد
قوله ( لاتحاد المقصود ) وهو إخلاء الأرض من الفساد
ح
قوله ( ووجهه الترقي ) أي من الحدود إلى الجهاد
قوله ( غير خفي ) لأن الحدود
____________________
(4/120)
إخلاء عن الفسق والجهاد إخلاء عن الكفر
ح
قوله ( مصدر جاهد ) أي بذل وسعه وهذا عام يشمل المجاهد بكل أمر بمعروف ونهي عن منكر
ح
قلت فلم يذكر الشارح معناه لغة بل بين تصريفه
قوله ( وقتال من لم يقبله ) أي قتاله مباشرة أو لا فتعريف ابن كمال تفصيل لإجمال هذا
ح
قوله ( في القتال ) أي في أسبابه وأنواعه من ضرب وهدم وحرق وقطع أشجار ونحو ذلك
قوله ( أو معاونة الخ ) أي وإن لم يخرج معهم بدليل العطف
ط
قوله ( أو تكثير سواد ) السواد العدد الكثير وسواد المسلمين جماعتهم
مصباح
قوله ( أو غير ذلك ) كمداواة الجرحى وتهيئة المطاعم والمشارب
ط
مطلب في الرباط وفضله قوله ( ومن توابعه الرباط الخ ) قال السرخسي في شرح السير الكبير والمرابطة المذكورة في الحديث عبارة عن المقام في ثغر العدو لإعزاز الدين ودفع شر المشركين عن المسلمين
وأصل الكلمة من ربط الخيل قال الله تعالى { ومن رباط الخيل } سورة الأنفال الآية 60 والمسلم يربط خيله حيث يسكن من الثغر ليرهب العدو به وكذلك يفعله عدوه ولهذا سمي مرابطة اه
واشترط الإمام مالك أن يكون غير الوطن ونظر فيه الحافظ ابن حجر بأنه قد يكون وطنه وينوي بالإقامة فيه دفع العدو ومن ثم اختار كثير من السلف سكنى الثغور
قوله ( هو المختار ) لأن مأذونه لو كان رابطا فكل المسلمين في بلادهم مرابطون
وتمامه في الفتح
قلت لكن لو كان الثغر المقابل للعدو لا تحصل به كفاية الدفع إلا بثغر وراءه فهما رباط كما لا يخفى
قوله ( وصح الخ ) هذا لم يذكره في الفتح حديثا واحدا لأنه قال والأحاديث في فضله كثيرة منها ما في صحيح مسلم من حديث سلمان رضي الله عنه سمعت رسول الله يقول رباط يوم في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه وإن مات فيه أجري عليه عمله الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن الفتان زاد الطبراني وبعث يوم القيامة شهيدا وروى الطبراني بسند ثقات في حديث مرفوع من مات مرابطا أمن الفزع الأكبر ولفظ ابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة وبعثه الله يوم القيامة منا من الفزع وعن أبي أمامة عنه عليه الصلاة والسلام قال إن صلاة المرابط تعدل خمسمائة صلاة ونفقته الدينار والدرهم منه أفضل من سبعمائة دينار ينفقه في غيره اه
قوله ( أجرى عليه عمله ورزقه ) قال السرخسي وقوله أجرى عليه عمله نمى له عمله وذلك في كتاب الله تعالى { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله } سورة النساء الآية 100 وقال عليه الصلاة والسلام من مات في طريق الحج كتب له حجة مبرورة في كل سنة فهذا هو المراد أيضا في كل من مات مرابطا إنه يجعل بمنزلة المرابط إلى فناء الدنيا فيما يجري له من الثواب لأن نيته استدامة الرباط لو بقي حيا إلى فناء الدنيا والثواب بحسب النية اه
____________________
(4/121)
قلت ومقتضاه أن المراد بإجراء العلم دوام ثواب الرباط كما صرح به في حديث آخر ذكره السرخسي ومن قتل مجاهدا أو مات مرابطا فحرام على الأرض أن تأكل لحمه ودمه ولم يخرج من الدنيا حتى يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وحتى يرى مقعده من الجنة وزوجته من الحور العين وحتى يشفع في سبعين من أهل بيته ويجري له أجرى الرباط إلى يوم القيامة وظاهره أن من مات مرابطا يكون حيا في قبره كالشهيد وبه يظهر معنى إجراء رزقه عليه
مطلب في بيان من يجري عليهم الأجر بعد الموت ( تنبيه ) قال الشارح في شرحه على الملتقى قد نظم شيخنا الشيخ عبد الباقي الحنبلي المحدث ثلاثة عشر ممن يجري عليه الأجر بعد الموت على ما جاء في الأحاديث وأصلها للحافظ الأسيوطي رحمه الله تعالى فقال إذا مات ابن آدم جاء يجري عليه الأجر عد ثلاث عشر علوم بثها ودعاء نجل وغرس النخل والصدقات تجري وراثة مصحف ورباط ثغر وحفر البئر أو إجراء نهر وبيت للغريب بناه يأوي إليه أو بناء محل ذكر وتعليم لقرآن كريم شهيد للقتال لأجل بر كذا من سن صالحة ليقفى فخذها من أحاديث بشعر مطلب المرابط لا يسأل في القبر كالشهيد قوله ( وأمن الفتان ) ضبط أمن بفتح الهمزة وكسر الميم بلا واو وأومن بضم الهمزة وبزيادة واو وضبط الفتان بفتح الفاء أي فتان القبر وفي رواية أبي داود في سننه وأمن من فتان لقبر وبضمها جمع فاتن
قال القرطبي وتكون للجنس أي كل ذي فتنة
قلت أو المراد فتان القبر من إطلاق صفة الجمع على اثنين أو على أنهم أكثر من اثنين فقد ورد أن فتان القبر ثلاثة أو أربعة وقد استدل غير واحد بهذا الحديث على أن المرابط لا يسأل في قبره كالشهيد علقمي على الجامع الصغير
قوله ( هو فرض كفاية ) قال في الدر المنتقى وليس بتطوع أصلا هو الصحيح فيجب على الإمام أن يبعث سرية إلى دار الحرب كل سنة مرة أو مرتين وعلى الرعية إعانته إلا إذا أخذ الخراج فإن لم يبعث كان كل الإثم عليه وهذا إذا غلب على ظنه أنه يكافئهم وإلا فلا يباح قتالهم بخلاف الأمر بالمعروف
قهستاني عن الزاهدي اه
قوله ( إذا حصل المقصود بالبعض ) هذا القيد لا بد منه لئلا ينتقض بالنفير العام فإنه معه مفروض لغيره مع أنه فرض عين لعدم حصول المقصود بالبعض
نهر
قلت يعني أنه يكون فرض عين على من يحصل به المقصود وهو دفع العدو فمن كان بحذاء العدو إذا لم يمكنهم مدافعته يفترض عينا على من يليهم وهكذا كما سيأتي ولا يخفى أن هذا عند هجوم العدو أو عند خوف هجومه وكلامنا في فريضته ابتداء وهذا لا يمكن أن يكون فرض عين إلا إذا كان بالمسلمين قلة والعياذ بالله
____________________
(4/122)
تعالى بحيث لا يمكن أن يقوم به بعضهم فحينئذ يفترض على كل واحد منهم عينا
تأمل
قوله ( ولعله قدم الكفاية ) أي الذي هو فرض كفاية على فرض العين وهو الآتي في قوله وفرض عين إن هجم العدو
قوله ( لكثرته ) أي كثرة وقوعه
قوله ( وأما قوله تعالى الخ ) جواب عما يرد على قوله ابتداء وعلى عدم تقييده بغير الأشهر الحرم
ثم اعلم أن الأمر بالقتال نزل مرتبا فقد كان مأمورا أولا بالتبليغ والإعراض { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين } سورة الحجر الآية 94 ثم بالمجادلة بالأحسن { ادع إلى سبيل ربك } سورة النحل الآية 125 الآية ثم أذن لهم بالقتال { أذن للذين يقاتلون } سورة الحج الآية 39 الآية ثم أمروا بالقتال إن قاتلوهم { فإن قاتلوكم فاقتلوهم } سورة البقرة الآية 191 ثم أمروا به بشرط انسلاخ الأشهر الحرم { فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين } سورة التوبة الآية 5 ثم أمروا به مطلقا { وقاتلوا في سبيل الله } سورة البقرة الآية 190 واستقر الأمر على هذا
سرخسي ملخصا
يعني في جميع الأزمان والأماكن سوى الحرم كما في القهستاني عن الكرماني
ثم نقل عن الخانية أن الأفضل أن لا يبتدأ به في الأشهر الحرم اه
والمراد بقوله سوى الحرم إذا لم يدخلوا فيه للقتال فلو دخلوه للقتال حل قتالهم فيه لقوله تعالى { حتى يقاتلوكم فيه } سورة البقرة الآية 191 وتمامه في شرح السير
قوله ( إن قام به البعض ) هذه الجملة وقعت موقع التفسير لفرض الكفاية
فتح
مطلب في الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية وحاصله أن فرض الكفاية ما يكفي فيه إقامة البعض عن الكل لأن المقصود حصوله في نفسه من مجموع المكلفين كتغسيل الميت وتكفينه ورد السلام بخلاف فرض العين لأن المطلوب إقامته من كل عين أي من كل ذات مكلفة بعينها فلا يكفي فيه فعل البعض عن الباقين ولذا كان أفضل كما مر لأن العناية به أكثر ثم إن فرض الكفاية إنما يجب على المسلمين العالمين به سواء كانوا كل المسلمين شرقا ومغربا أو بعضهم
قال القهستاني وفيه رمز إلى أن فرض الكفاية على كل واحد من العالمين به بطريق البدل وقيل إنه فرض على بعض غير معين والأول المختار لأنه لو وجب على البعض لكان الآثم بعضا مبهما وذا غير مقبول وإلى أنه قد يصير بحيث لا يجب على أحد وبحيث يجب على بعض دون بعض فإن ظن كل طائفة من المكلفين أن غيرهم قد فعلوا سقط الواجب عن الكل وإن لزم منه أن لا يقوم به أحد وإن ظن كل طائفة أن غيرهم لم يفعلوا وجب على الكل وإن ظن البعض أن غيرهم أتى به وظن آخرون أن غيرهم ما أتى به وجب على الآخرين دون الأولين وذلك لأن الوجوب ها هنا منوط بظن المكلف لأن تحصيل العلم بفعل الغير وعدمه في أمثال ذلك في حيز التعسر فالتكليف به يؤدي إلى الحرج
وتمامه في مناهج العقول وإلى أنه لم يجب على الجاهل به وما في حواشي الكشاف للفاضل التفتازاني إنه يجب عليه أيضا فمخالف للمتداولات اه
قوله ( في زمن ما ) مفهومه أنه إذا قام به البعض في أي زمن سقط عن الباقين مطلقا وليس كذلك ط
لما تقدم من أنه يجب على الإمام في كل سنة مرة أو مرتين وحينئذ فلا يكفي فعله في سنة عن سنة أخرى
قوله ( من المكلفين ) أي العالمين به كما مر ونظيره أنه لو مات واحد من جماعة مسافرين في مفازة فإنما يجب تكفينه والصلاة عليه كفاية على باقي رفقائه
____________________
(4/123)
العالمين به دون غيرهم
قوله ( وإياك الخ ) كذا في شرح ابن كمال ومثله في الحواشي السعدية
قوله ( بقيام أهل الروم مثلا ) إذ لا يندفع بقتالهم الشر عن الهنود المسلمين
نهر عن الحواشي السعدية ثم قال فيها وقوله تعالى { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار } سورة التوبة الآية 123 يدل على أن الوجوب على أهل كل قطر ثم قال في موضع آخر
والآية تدل على أن الجهاد فرض على كل من يلي الكفار من المسلمين على الكفاية فلا يسقط بقيام الروم عن أهل الهند وأهل ما وراء النهر مثلا كما أشرنا إليه اه
قال في النهر ويدل عليه ما في البدائع ولا ينبغي للإمام أن يخلي ثغرا من الثغور من جماعة من المسلمين فيهم غناء وكفاية لقتال العدو فإن قاموا به سقط عن الباقين وإن ضعف أهل ثغر عن مقاومة الكفرة وخيف عليهم من العدو فعلى من وراءهم من المسلمين الأقرب فالأقرب أن ينفروا إليهم وأن يمدوهم بالسلاح والكراع والمال لما ذكرنا إنه فرض على الناس كلهم ممن هو من أهل الجهاد ولكن سقط الفرض عنهم لحصول الكفاية بالبعض فما لم يحصل لا يسقط اه
قلت وحاصله أن كل موضع خيف هجوم العدو منه فرض على الإمام أو على أهل ذلك الموضع حفظه وإن لم يقدروا فرض على الأقرب إليهم إعانتهم إلى حصول الكفاية بمقاومة العدو ولا يخفى أن هذا غير مسألتنا وهي قتالنا لهم ابتداء فتأمل
قوله ( بل يفرض على الأقرب فالأقرب الخ ) أي يفرض عليهم عينا وقد يقال كفاية بدليل أنه لو قام الأبعد حصل المقصود فيسقط عن الأقرب لكن هذا ذكره في الدرر فيما لو هجم العدو
وعبارة الدرر وفرض عين إن هجموا على ثغر من ثغور الإسلام فيصير فرض عين على من قرب منهم وهم يقدرون على الجهاد
ونقل صاحب النهاية عن الذخيرة أن الجهاد إذا جاء النفير إنما يصير فرض عين على من يقرب من العدو فأما من وراءهم يبعد من العدو فهو فرض كفاية عليهم حتى يسعهم تركه إذا لم يحتج إليهم فإن احتيج إليهم بأن عجز من كان يقرب من العدو عن المقاومة مع العدو أو لم يعجزوا عنها لكنهم تكاسلوا ولم يجاهدوا فإنه يفترض على من يليهم فرض عين كالصلاة والصوم لا يسعهم تركه ثم وثم إلى أن يفترض على جميع أهل الإسلام شرقا وغربا على هذا التدريج ونظيره الصلاة على الميت فإن من مات في ناحية من نواحي البلد فعلى جيرانه وأهل محلته أن يقوموا بأسبابه وليس على من كان يبعد من الميت أن يقوم بذلك وإن كان الذي يبعد من الميت يعلم أن أهل محلته يضيعون حقوقه أو يعجزون عنه كان عليه أن يقوم بحقوقه كذا هنا اه
مطلب طاعة الوالدين فرض عين قوله ( لا يفرض على صبي ) في الذخيرة للأب أن يأذن للمراهق بالقتال وإن خاف عليه القتل
وقال السعدي لا بد أنه لا يخاف عليه فإن خاف قتله لم يأذن له
نهر
قوله ( وبالغ له أبوان ) مفاده أنهما لا يأثمان في منعه وإلا لكان له الخروج حتى يبطل عنهما الإثم مع أنهما في سعة من منعه إذا كان يدخلهما من ذلك مشقة شديدة وشمل الكافرين أيضا أو أحدهما إذا كره خروجه مخافة ومشقة وإلا بل لكراهة قتال أهل دينه فلا يطيعه ما لم يخف عليه الضيعة إذ لو كان معسرا محتاجا إلى خدمته فرضت عليه ولو كافرا وليس من الصواب ترك فرض عين
____________________
(4/124)
ليتوصل إلى فرض كفاية ولو مات أبواه فأذن له جده لأبيه وجدته لأمه ولم يأذن له الآخران أي أبو الأم وأم الأب فلا بأس بخروجه لقيام أب الأب وأم الأم مقام الأب والأم عند فقدهما والآخران كباقي الأجانب إلا إذا عدم الأولان
فالمستحب أن لا يخرج إلا بإذنهما ولو لم أم أم وأم أب فالإذن لأم الأم بدليل تقدمها في الحضانة ولأن الأخرى لا تقوم مقام الأب ولو له أب وأم أب لا ينبغي الخروج بلا إذنها لأنها كالأم لأن حق الحضانة لها وأما غير هؤلاء كالزوجة والأولاد والأخوات والأعمام فإنه يخرج بلا إذنهم إلا إذا كانت نفقتهم واجبة عليهم وخاف عليهم الضيعة اه
ملخصا من شرح السير الكبير
قوله ( لأن طاعتهما فرض عين ) أي والجهاد لم يتعين فكان مراعاة فرض العين أولى كما في التجنيس وأخذ منه في البحر كراهة الخروج بلا إذنهما واعترض على قول االفتح إنه يحرم
قلت وفيه نظر فإن الأولى هنا بمعنى الأقوى والأرجح أي إن الأقوى مراعاة فرض العين لقوته ورجحانه على فرض الكفاية فحيث ثبت أنه فرض كان خلافه حراما ولذا قال السرخسي فعليه أن يقدم الأقوى نعم قدمنا آنفا عنه في الجد والجدة الفاسدين أن المستحب أن لا يخرج إلا بإذنهما
قوله ( وقال عليه الصلاة والسلام الخ ) دليل آخر على تقديم الوالدين وقدمنا الحديث المتفق عليه وفيه تقديم برهما على الجهاد وفي صحيح البخاري في الرجل الذي جاء يستأذن النبي في الجهاد قال أحي والداك قال نعم قال ففيهما فجاهد وذكر بعضهم أن ذلك الرجل هو جاهمة بن عباس بن مرداس ثم رأيت في شرح سير الكبير قال وذكر عن ابن عباس بن مرداس أنه قال يا رسول الله إني أريد الجهاد قال ألك أم قال نعم قال الزم أمك الخ
قوله ( تحت رجل أمك ) هو في معنى حديث الجنة تحت أقدام الأمهات ولعل المراد منه والله تعالى أعلم تقبيل رجلها أو هو كناية عن التواضع لها وأطلقت الجنة على سبب دخولها
قوله ( فيه خطر ) كالجهاد وسفر البحر والخطر بالخاء المعجمة والطاء المهملة المفتوحتين الإشراف على الهلاك كما في ط عن القاموس
قوله ( ومالا خطر ) كالسفر للتجارة والحج والعمرة يحل بلا إذن إلا إن خيف عليهما الضيعة
سرخسي
قوله ( ومنه السفر في طلب العلم ) لأن أولى من التجارة إذا كان الطريق آمنا ولم يخف عليهما الضيعة
سرخسي
قوله ( ومفاده الخ ) أي تعليل عدم وجوبه كفاية على العبد والمرأة بكونه حق المولى والزوج أي حق مخلوق فيقدم على حق الخالق لاحتياج المخلوق واستغناء الخالق تعالى يفيد وجوبه كفاية على المرأة لو أمرها به الزوج لارتفاع المانع من حق الخالق تعالى وكذا غير المزوجة لعدم المانع من أصله ومثله العبد لو أمره به مولاه لكن سكت عنه لظهور وجوبه كفاية على العبد بإذن مولاه بخلاف المرأة ولو غير مزوجة لأنها ليست من أهل القتال لضعف بنيتها قال في الهداية في فصل قسمة الغنيمة ولهذا أي لعجزها عن الجهاد لم يلحقها فرضه ولأنها عورة كما في القهستاني عن المحيط قال فلا يخص المزوجة كما ظن به ظهر الفرق وهو أن عدم وجوبه على العبد لحق المولى فإذا زال حقه بإذنه ثبت الوجوب بخلاف المرأة فإنه ليس لحق الزوج بل لكونها ليست من أهله ولذا لم يجب على غير المزوجة
قوله ( وفي البحر الخ ) مراد صاحب البحر مناقشة الفتح في دعواه الوجوب على المرأة لو أمرها الزوج بناء على أن المراد وجوبه عليها بسبب
____________________
(4/125)
أمره لها وفيه أن مراده الوجوب بأمره تعالى لا بأمر الزوج بل هو إذن وفك للحجر كما أفاده ح
وقد علمت عدم وجوبه عليها أصلا إلا إذا هجم العدو كما يأتي
قوله ( أي أعرج ) نقله في الفتح عن ديوان الأدب وهو المناسب لقوله وأقطع وفي المغرب أنه الذي أقعده الداء عن الحركة وعند الأطباء هو الزمن وقيل المقعد المتشنج الأعضاء والزمن الذي طال مرضه اه
قوله ( وأقطع ) هو المقطوع اليد والجمع قطعان كأسود وسودان
صحاح
قوله ( لعجزهم ) لقوله تعالى { ليس على الأعمى حرج } سورة النور الآية 61 فإنها نزلت في أصحاب الأعذار
زيلعي
وفيه إشعار بأن من عجز عنه لسبب من الأسباب لم يفرض عليه كما أشير إليه في الاختيار
قهستاني
قوله ( ومديون بغير إذن غريمه ) أي ولو لم يكن عنده وفاء لأنه تعلق به حق الغريم تجنيس فلو أذن له الدائن ولم يبرئه فالمستحب الإقامة لقضاء الدين لأن البدء بالأوجب أولى فإن خرج فلا بأس
ذخيرة
ولو الدائن غائبا فأوصى بقضاء دينه إن مات فلا بأس بالخروج لو له وفاء وإلا فالأولى الإقامة لقضاء دينه
هندية
وكذا لو كان عنده وديعة ربها غائب فأوصى إلى رجل بدفعها إلى ربها فله الخروج
بحر عن التتارخانية
قوله ( لو بأمره ) أي لأنه حينئذ يثبت له الرجوع بما يؤدي عنه بخلاف ما إذا كفله لا بأمره فإنه لا رجوع للكفيل عليه فلا يحتاج إلى استئذانه بل يستأذن الدائن فقط
قوله ( ولو بالنفس ) لأن له عليه حقا بتسليم نفسه إليه إذا طلب منه وقد صرحوا بأن للكفيل بالنفس منعه من السفر وتمامه في النهر على خلاف ما بحثه في البحر
قوله ( فله الخروج ) أي بلا إذن الكفيل لعدم توجه المطالبة بقضاء الدين لكن الأفضل الإقامة لقضائه
ذخيرة
قوله ( إن علم ) أي بطريق الظاهر
ذخيرة
قوله ( فليس له الغزو الخ ) لما كان المتن صادقا بجواز خروجه زاد قوله فليس الخ ليفيد أنه لا يخرج ط
قلت وظاهر التعليل بخوف ضياعهم جواز خروجه لو كان في البلدة من يساويه
تأمل
قوله ( وعمم في البزازية السفر ) يعني أطلقه حيث قال أراد السفر
قوله ( ولا يخفى أن المقيد ) وهو منعه عن سفر الغزو ويفيد غيره بالأولى أي يفيد منعه عن سفر غير الغزو بالأولى لأن الغزو فرض كفاية فإذا منع منه يمنع من غيره سفر التجارة وحج النفل
وأما السفر لحج الفرض أو الغزو إذا هجم العدو فهو غير مراد قطعا فلا حاجة إلى استثنائه على أن في دعوى الأولوية نظرا لأن منعه من السفر الغزو لما فيه من الخطر ولا يلزم منه منعه مما لا خطر فيه كما مر في سفر الابن بلا إذن الأب فإنه يمنع عن سفره للجهاد لا للتجارة وطلب العلم لما قلنا
وأما ما في البزازية فقد يقال إن المراد به السفر الطويل أو على قصد الرحيل فإن فيه ضياعهم بخلاف غيره فافهم
قوله ( وفرض عين ) أي على من يقرب من العدو فإن عجزوا أو تكاسلوا فعلى من يليهم حتى يفترض على هذا التدريج على كل المسلمين شرقا وغربا كما مر في عبارة الدرر عن الذخيرة قال في الفتح وكان معناه إذا دام الحرب بقدر ما يصل الأبعدون ويبلغهم الخبر وإلا فهو تكليف ما لا يطاق بخلاف إنقاذ الأسير وجوبه على الكل متجه من أهل المشرق والمغرب ممن علم ويجب أن لا يأثم من عزم على الخروج وقعوده لعدم خروج الناس وتكاسلهم أو قعود السلطان أو منعه اه
وفي البزازية مسلمة سبيت بالمشرق وجب على أهل المغرب تخليصها من الأسر ما لم
____________________
(4/126)
تدخل دار الحرب
وفي الذخيرة يجب على من لهم قوة اتباعهم لأخذ ما بأيديهم من النساء والعزراري وإن دخلوا دار الحرب ما لم يبلغوا حصونهم ولهم أن لا يتبعوهم للمال
قوله ( إن هجم العدو ) أي دخل بلدة بغتة وهذه الحالة تسمى النفير العام
قال في الاختيار والنفير العام أن يحتاج إلى جميع المسلمين
قوله ( فيخرج الكل ) أي كل من ذكر من المرأة والعبد والمديون وغيرهم
قال السرخسي وكذلك الغلمان الذين لم يبلغوا إذا أطاقوا القتال فلا بأس بأن يخرجوا ويقاتلوا في النفير العام وإن كره ذلك الآباء والأمهات
قوله ( المدنف ) بالبناء للمجهول أي الذي لازمه المرض
وفي ح عن جامع اللغة الدنف المرض الملازم وفي المصباح دنف دنفا من باب تعب فهو دنف إذا لازمه المرض وأدنفه المرض وأدنف هو يتعدى ولا يتعد اه
قوله ( وشرط لوجوبه القدرة على السلاح ) أي وعلى القتال وملك الزاد والراحلة كما في قاضيخان وغيره
قهستاني
وقدمنا عنه اشتراط العلم أيضا
قوله ( لا أمن الطريق ) أي من قطاع أو محاربين فيخرجون إلى النفير ويقاتلون بطريقهم أيضا حيث أمكن وإلا سقط الوجوب لأن الطاعة بحسب الطاقة
تأمل
مطلب إذا علم أنه يقتل يجوز له أن يقاتل بشرط أن ينكي فيهم وإلا فلا بخلاف الأمر بالمعروف قوله ( لم يلزمه القتال ) يشير إلى أنه لو قاتل حتى قتل جاز لكن ذكر في شرح السير أنه لا بأس أن يحمل الرجل وحده وإن ظن أنه يقتل إذا كان يصنع شيئا بقتل أو بجرح أو بهزم فقد فعل ذلك جماعة من الصحابة بين يدي رسول الله يوم أحد ومدحهم على ذلك فأما إذا علم أنه لا ينكي فيهم فإنه لا يحل له أن يحمل عليهم لأنه لا يحصل بحملته شيء من إعزاز الدين بخلاف نهي فسقة المسلمين عن منكر إذا علم أنهم لا يمتنعون بل يقتلونه فإنه لا بأس بالإقدام وإن رخص له السكوت لأن المسلمين يعتقدون ما يأمرهم به فلا بد أن يكون فعله مؤثرا في باطنهم بخلاف الكفار
قوله ( ويقبل خبر المستنفر ) أي طالب النفر وهو الخروج للغزو
أفاده الشلبي ويقبل خبر العبد فيه كما في شرح الملتقى ط
قوله ( لأنه خبر يشتهر في الحال ) أي فلا يكون الوجوب مبنيا على خبر الفاسق فقط أو المراد أن خوف الاشتهار قرينة على صدقه
تأمل
قوله ( وكره الجعل ) بضم الجيم وهو ما يجعل للإنسان في مقابلة شيء يفعله والمراد هنا أن يكلف الإمام الناس بأن يقوي بعضهم بعضا بالكراع أي الخيل والسلاح وغير ذلك من النفقة والزاد
نهر
وعلل الكراهة في الهداية بقوله لأنه يشبه الأجر ولا ضرورة إليه لأن مال بيت المال معد لنوائب المسلمين اه
والثاني يوجب ثبوت الكراهة على الإمام فقط والأول يوجبها على الغازي وعلى الإمام كراهة تسببه في المكروه كما في الفتح وظاهره أن الكراهة تحريمية لقول الفتح إن حقيقة الأجر على الطاعة حرام فما يشبهه مكروه اه
قيل إن هذا إنما يظهر على قول المتقدمين
قلت لا يخفى فساده بل هو على قول الكل لأن المتأخرين إنما أجازوا الأجر على أشياء خاصة نصوا عليها
____________________
(4/127)
من الطاعات وهي التعليم والأذان والإمامة لا على كل طاعة وإلا لشمل نحو الصوم والصلاة ولا قائل به كما نبهنا عليه غيره مرة وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في الإجارات وأوضحناه في رسالتنا شفاء العليل وبل الغليل في أخذ الأجرة على الحتمات والتهاليل فافهم
قوله ( ومفاده الخ ) أي مفاد تفسير الفيء بما ذكر من وجود شيء الخ ونحوه في الذخيرة وغاية البيان وقيد بقوله هنا لأن حقيقة الفيء كما في الفتح ما يؤخذ بغير قتال كالخراج والجزية
أما المأخوذ بقتال فيسمى غنيمة كما يأتي في الفصل الآتي ولا تتقيد الكراهة بوجود الفيء فقط وهو الحق كما في المنح والبحر
وقال لجواز الاستقراض من بقية الأنواع ولذا لم يذكر الفيء في بعض المعتبرات وإنما ذكر مال بيت المال اه
وسيأتي في آخر فصل الجزية بيان مصارف بيت المال وتقدمت منظومة في باب العشر من كتاب الزكاة
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يوجد شيء في بيت المال لا يكره الجعل للضرورة
قوله ( لدفع الضرر الأعلى ) وهو تعدي شر الكفار إلى المسلمين
فتح
قوله ( بالأدنى ) وهو الجعل المذكور فيلتزم الضرر الخاص لدفع الضرر العام
تنبيه من قدر على الجهاد بنفسه وماله لزمه ولا ينبغي له أخذ الجعل ومن عجز عن الخروج وله مال ينبغي أن يبعث غيره عنه بماله وعكسه إن أعطاه الإمام كفايته من بيت المال لا ينبغي له أن يأخذ من غيره جعلا وإذا قال القاعد للغازي خذ هذا المال لتغزو به عني لا يجوز لأنه استئجار على الجهاد بخلاف قوله فاغز به ومثله الحج وللغازي أن يترك بعض الجعل لنفقة عياله لأنه لا يتهيأ له الخروج إلا به وتمامه في البحر
قوله ( دعوناهم إلى الإسلام ) أي ندبا إن بلغتهم الدعوة وإلا فوجوبا ما لم يتضمن ضررا كما يأتي
قوله ( فإن أسلموا ) أي بالتلفظ بالشهادتين على تفصيل ذكره في البحر هنا وسيذكره الشارح في آخر باب المرتد مع التبري عن دينه لو كان كتابيا على ما سيأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى وقد يكون الإسلام بالفعل كالصلاة بالجماعة والحج وتمامه في البحر
وتقدم ذلك منظوما في أول كتاب الصلاة وأشبعنا الكلام عليه ثمة
قوله ( فيها ) أي فبالخصلة الكاملة أخذوا ونعمت الخصلة
قوله ( ولو محلا لها ) بأن لم يكونوا مرتدين ولا من مشركي العرب كما يأتي بيانه في فصل الجزية
قال في النهر وينبغي للإمام أن يبين لهم مقدار الجزية ووقت وجوبها والتفاوت بين الغني والفقير في مقدارها
قوله ( فلهم مالنا من الإنصاف الخ ) أي المعاملة بالعدل والقسط
والانتصاف الأخذ بالعدل
قال في المنح والمراد أنه يجب لهم علينا ويجب لنا عليهم لو تعرضنا لدمائهم وأموالهم أو تعرضوا لدمائنا وأموالنا ما يجب لبعضنا على بعض عند التعرض اه
وفي البحر وسيأتي في البيوع استثناء عقدهم على الخمر والخنزير فإنه كعقدنا على العصير والشاة وقدمنا أن الذمي مؤاخذ بالحدود والقصاص إلا حد الشرب ومر في النكاح لو اعتقدوا جوازه بلا مهر أو شهود أو في عدة لتركهم وما يدينون بخلاف الربا اه
قوله ( فخرج ) أي بالتقييد بالإنصاف والانتصاف
مطلب في أن الكفار مخاطبون ندبا قوله ( إذ الكفار لا يخاطبون بها عندنا ) الذي تحرر في المنار وشرحه لصاحب البحر أنمهم مخاطبون بالإيمان وبالعقوبات سوى حد الشرب والمعاملات
وأما العبادات فقال السمرقنديون إنهم غير مخاطبين بها أداء واعتقادا
قال البخاريون إنهم غير مخاطبين بها أداء فقط
وقال العراقيون إنهم مخاطبون بهما فيعاقبون عليهما وهو المعتمد اه ح
____________________
(4/128)
قوله ( ويؤيده ) أي يؤيد ما ذكر من التقييد بالإنصاف والانتصاف أو يؤيد خروج العبادات
وحاصله أن لهم حكمنا في العقوبات والمعاملات إلا ما استثنى دون الإيمان والعبادات فلا نطالبهم بهما وإن عوقبوا عليهما في الآخرة
قوله ( ولا يحل لنا الخ ) لأن بالدعوة يعلمون أنا ما نقاتلهم على أموالهم وسبي عيالهم فربما يجيبون إلى المقصود بلا قتال فلا بد من الاستعلام
فتح
فلو قاتلهم قبل الدعوة أثم للنهي ولا غرامة لعدم العاصم وهو الدين أو الإحراز بالدار فصار كقتل النسوان والصبيان
بحر
قوله ( من لا تبلغه ) الأولى من لم ط
قوله ( بفتح الدال ) قال في شرحه على الملتقى الدعوة هنا بفتح الدال وكذا في الدعوة إلى الطعام وأما في النسب فبالكسر كذا قاله الباقاني لكن ذكره غيره أنها في دار الحرب بالضم
قوله ( وهو ) أي الإسلام
قوله ( لا ينبغي الخ ) الظاهر أنه بمعنى لا يحل كما يأتي نظيره
قوله ( خلافا لما نقله المصنف ) الأولى تقديمه على قوله بقي الخ أي لا يحل في زماننا أيضا خلافا لما نقله المصنف عن الينابيع من أن ذلك في ابتداء الإسلام وأما الآن فقد فاض واشتهر فيكون الإمام مخيرا بين البعث إليهم وتركه له
قال في الفتح ويجب أن المدار غلبة ظن أن هؤلاء لم تبلغهم الدعوة قوله ( إلا إذا تضمن ذلك ضررا ) ذكروا هذا الاستثناء في الاستحباب مع إمكانه في الوجوب أيضا ط
زاد في شرح الملتقى عن المحيط أن يطمع فيهم ما يدعوهم إليه ط
قوله ( كأن يستعدون الخ ) المناسب إسقاط النون لأنه منصوب بأن المصدرية
قوله ( بنصب المجانيق ) أي على حصونهم لأنه عليه الصلاة والسلام نصبها على الطائف
رواه الترمذي
نهر
وهو جمع منجنيق بفتح الميم عند الأكثر وإسكان النون الأولى وكسر الثانية فارسية معربة تذكر وتأنيثها أحسن وهي آلة ترمى بها الحجارة الكبار
قلت وقد تركت اليوم للاستغناء عنها بالمدافع الحادثة
قوله ( وحرقهم ) أراد حرق دورهم وأمتعتهم قاله العيني
والظاهر أن المراد حرق ذاتهم بالمجانيق وإذا جازت محاربتهم بحرقهم فما لهم أولى
نهر
وقوله بالمجانيق أي برمي النار بها عليهم لكن جواز التحريق والتغريق مقيد كما في شرح السير بما إذا لم يتمكنوا من الظفر بهم بدون ذلك بلا مشقة عظيمة فإن تمكنوا بدونها فلا يجوز لأن فيه إهلاك أطفالهم ونسائهم ومن عندهم من المسلمين
قوله ( إلا إذا غلب الخ ) كذا قيد في الفتح إطلاق المتون وتبعه في البحر والنهر وعلله بأنه إفساد في غير محله الحاجة وما أبيح إلا لها ولا يخفى حسنه لأن المقصود كسر شوكتهم وإلحاق الغيظ بهم فإذا غلب الظن بحصول ذلك بدون إتلاف وأنه يصير لنا لا نتلفه
قوله ( ونحوه ) كرصاص وقد استغنى به عن النبل في زماننا
قوله ( سئل ذلك النبي ) كذا نقله في النهر عن أبي الليث أي بأن نقول له هل نرمي أم لا ونعمل بقوله ولم يذكر ما إذا لم يمكن سؤاله
قوله ( وما أصيب منهم ) أي إذا قصدنا الكفار بالرمي وأصبنا أحدا من المسلمين الذين تترس الكفار بهم لا نضمنه وذكر السرخسي أن القول للرامي بيمينه في أنه قصد الكفار لا لولي المسلم المقتول أنه تعمد قتله
قوله ( لأن الفروض لا تقرن بالغرامات ) أي كما لو مات المحدود بالجلد أو القطع
____________________
(4/129)
وأورد المضطر إلى أكل مال الغير فإنه مضمون وأجاب عنه في الفتح بأن المذهب عندنا أنه لا يجب عليه أكله فلم يكن فرضا فهو كالمباح يتقيد بشرط السلامة كالمرور في الطريق
قوله ( ولو أخرج واحد ما ) أراد بالإخراج ما يعم الخروج وزاد لفظ ما للتعميم فالمراد أي رجل كان لا بقيد كونه مسلما أو ذميا في نفس الأمر أو بتغليب الظن ولذا قال محمد ولو أخرج واحد من عرض الناس
قوله ( لجواز كون المخرج هو ذاك ) فصار في كون المسلم في الباقي شك بخلاف الحالة الأولى فإن كون المسلم والذمي فيهم معلوم بالفرض فوقع الفرق
فتح
قلت ونظير هذه المسألة ما لو تنجس بعض الثوب فغسل طرفا منه ولو بلا تحر فإنه يصح أن يصلي به إذا لم يبق متيقن النجاسة وهذا يرد على قولهم اليقين لا يزول بالشك وقدمنا تحقيق المسألة في الطهارة عن شرح المنية
قوله ( ويحرم الاستخفاف به ) زاد ذلك وإن استلزمه ما قبله لأن ذلك علة النهي فإن إخراجه يؤدي إلى وقوعه في يد العدو وفي ذلك تعريض لاستخفافهم به وهو حرام خلافا لقول الطحاوي إن ذلك إنما كان عند قلة المصاحف كي لا تنقطع عن أيدي الناس وأما اليوم فلا يكره
قوله ( وامرأة ) أي وعن إخراج أمرة فهو معطوف على ما
قوله ( هو الأصح ) احتراز عن قول الطحاوي المذكور
قوله ( إلا في جيش ) أقله عند الإمام أربعمائة وأقل السرية عنده مائة كما رأيته في الخانية وكذا قال في الشرنبلالية نقلها عنها وعن العناية خلافا لما في البحر عن الخانية من أن أقل السرية مائتان وتبعه في النهر
قال في الشرنبلالية وما قاله ابن زياد من أن أقل السرية أربعمائة وأقل الجيش أربعة آلاف قاله من تلقاء نفسه نص عليه الشيخ أكمل الدين اه
وفي الفتح ينبغي أن يكون العسكر العظيم اثني عشر ألفا لقوله عليه الصلاة والسلام لن تغلب اثنا عشر ألفا من قلة
قلت والتقييد بالقلة لأنها قد تغلب بسبب آخر كخيانة الأمراء في زمانا
تتمة في الخانية لا ينبغي للمسلمين أن يفروا إذا كانوا اثني عشر ألفا وإن كان العدو أكثر وذكر الحديث
ثم قال والحاصل أنه إذا غلب على ظنه أنه يغلب لا بأس بأن يفر ولا بأس للواحد إذا لم يكن معه سلاح أن يفر من اثنين لهما سلاح وذكر قبله ويكره للواحد القوي أن يفر من الكافرين والمائة من المائتين في قول محمد ولا بأس أن يقر الواحد من الثلاثة والمائة من ثلاثمائة
قوله ( لكن الخ ) قال في الفتح ثم الأولى في إخراج النساء العجائز للطب والمداواة والسقي دون الشواب ولو احتيج إلى المباضعة فالأولى إخراج الإماء دون الحرائر
مطلب لفظ ينبغي يستعمل في المندوب وغيره عند المتقدمين قوله ( ونهينا عن غدر الخ ) عدل عن قول الهداية وغيرها وينبغي للمسلمين أن لا يغدروا لأن المشهور عند المتأخرين استعمال ينبغي بمعنى يندب ولا ينبغي بمعنى يكره تنزيها وإن كان في عرف المتقدمين استعماله
____________________
(4/130)
في أعم من ذلك وهو في القرآن كثير { ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء } سورة الفرقان الآية 18 قال في المصباح وينبغي أن يكون كذا معناه يجب أو يندب بحسب ما فيه من الطلب اه
مطلب في بيان نسخ المثلة قوله ( عن غدر ) أن نقض عهد وغلول بضم الغين الخيانة من المغنم قبل قسمته ومثله بضم الميم اسم مصدر مثل به من باب نصر أي قطع أطرافه وشوه به كذا في جامع اللغة ح
قوله ( أما قبله فلا بأس بها ) قال الزيلعي وهذا حسن ونظيره الإحراق بالنار وقيد جوازها قبله في الفتح بما إذا وقعت قتالا كمبارز ضرب فقطع أذنه ثم ضرب ففقأ عينه ثم ضرب فقطع يده وأنفه ونحو ذلك اه
وهو ظاهر في أنه لو تمكن من كافر حال قيام الحرب ليس له أن يمثل به بل يقتله ومقتضى ما في الاختيار أن له ذلك كيف وقد علل بأنها أبلغ في كبتهم وأضر بهم
نهر
تنبيه ثبت في الصحيحين وغيرهما النهي عن المثلة فإن كان متأخرا عن قصة العرنيين فالنسخ ظاهر وإن لم يدر فقد تعارض محرم ومبيح فيقدم المحرم ويتضمن الحكم بنسخ الآخر وأما من جنى على جماعة بأن قطع أنف رجل وأذني رجل ويدي آخر ورجلي آخر وفقأ عيني آخر فإنه يقتص منه لكل لكن يستأنى بكل قصاص إلى برء ما قبله فهذه مثلة ضمنا لا قصدا وإنما يظهر أثر النهي والنسخ فيمن مثل بشخص حتى قتله فمقتضى النسخ أن يقتل به ابتداء ولا يمثل به
فتح ملخصا
قوله ( وغير مكلف ) كالصبي والمجنون
قوله ( وشيخ خر فإن ) أصل المتن وشيخ فان لكن زاد الشارح لفظة خر فيكون عطف خاص على عام
قال في الفتح ثم المراد بالشيخ الفاني الذي لا يقتل من لا يقدر على القتال ولا الصياح عند التقاء الصفين ولا على الإحبال لأنه يجيء منه الولد فيكثر محارب المسلمين
ذكره في الذخيرة
زاد الشيخ أبو بكر الرازي أنه إذا كان كامل العقل نقتله ومثله نقتله إذا ارتد والذي لا نقتله الشيخ الفاني الذي خرف وزال عن حدود العقلاء والمميزين فهذا لا نقتله ولا إذا ارتد اه
قلت ومقتضى كلام الرازي أنه إذا كان كامل العقل يقتل وإن لم يقدر على القتال والصياح والإحبال ومقتضى ما في الذخيرة أنه إذا لم يقدر على ذلك لا يقتل وإن كان كامل العقل وهذا هو الموافق لما في شرح السير الكبير وهذا الظاهر لأنه إذا كان عاقلا لكنه لا يقدر على شيء مما ذكر يكون في معنى المرأة والراهب بل أولى
فصار الحاصل أن الشيخ الفاني إن كان خرفان زائل العقل لا يقتل وإن كان له صياح ونسل لأنه في حكم المجنون وإن كان عاقلا لا يقتل أيضا إن لم يقدر على القتال ونحوه وبه تعلم ما في كلام الشارح من عدم الانتظام وكان عليه أن يقول وشيخ فان لا صياح ولا نسل له أو خرفان لا يعقل فلا يقتل ولا إذا ارتد
والمراد بمن لا صياح له من لا يحرض على القتال بصياحه عند التقاء الصفين
قوله ( ومقعد وزمن ) وكذا من في معناهما كيابس الشق ومقطوع اليمنى أو من خلاف لكن نظر فيه الشرنبلالية بأنه لا ينزل عن رتبة الشيخ القادر على الإحبال أو الصياح اه
قلت ومثله يقال في المرأة والصبي والأعمى
وقد يجاب بأنه يندفع ما يحذر منهم بإخراجهم إلى دارنا
____________________
(4/131)
لما يأتي من أن لا يقتل يحمل إلى دارنا سوى الشيخ الفاني عادم النفع بالكلية وتمامه فيما علقناه على البحر
قوله ( وراهب الخ ) قال في الفتح وفي السير الكبير لا يقتل الراهب في صومعته ولا أهل الكنائس الذين لا يخالطون الناس فإن خالطوا قتلوا كالقسيس والذي يجن ويفيق يقتل في حال إفاقته وإن لم يقاتل قال في الجوهرة وكان يجوز قتل الاخرس والأصم وأقطع اليد اليسرى أو إحدى الرجلين لأنه يمكنه أن يقاتل راكبا وكذا المرأة إذا قاتلت
قوله ( إلا أن يكون الخ ) قال في الفتح استثناء من حكم عدم القتل ولا خلاف في هذا لأحد وصح أمره عليه الصلاة والسلام بقتل دريد بن الصمة وكان عمره مائة وعشرين عاما أو أكثر وقد عمي لما جيء به في جيش هوازن للرأي وكذا يقتل من قاتل من كل من قلنا إنه لا يقتل كالمجنون والصبي والمرأة إلا أن الصبي والمجنون يقتلان في حال قتالهما أما غيرهما من النساء والرهبان وغيرهم فإنهم يقتلون إذا قاتلوا بعد الأسر والمرأة الملكة تقتل وإن لم تقاتل وكذا الصبي الملك لأن في قتل الملك كسر شوكتهم وقيد في الجوهرة الصبي الملك بما إذا كان حاضرا
قوله ( في الحرب ) متعلق برأي ومال على تأويل المال بالإنفاق
قوله ( ثم لا يتركونهم الخ ) أي ينبغي أن لا يتركوا من ذكر ممن لا يقتل بل يحملونهم إلى دار الإسلام إذا كان بالمسلمين قوة على ذلك لما ذكر ولئلا يولد لهم فيكون في تركهم عون على المسلمين وكذلك الصبيان يبلغون فيقاتلون وأما الشيخ الفاني الذي لا يقاتل ولا يلقح ولا رأي له فإن شاءوا تركوه إذ لا نفع فيه للكفار أو حملوه ليفادى به أسرى المسلمين على قول من يرى المفاداة وعلى القول الآخر لا فائدة في حمله ومثله العجوز التي لا تلد
منح عن السراج ملخصا
والمعتمد القول بالمفاداة كما سيذكره في الباب الآتي وكذلك الرهبان وأصحاب الصوامع إذا كانوا لا يتزوجون
بحر أي ولا يخالطون وبه وفق بعض المشايخ بين هذا ورواية أنهم يقتلون
أفادة القهستاني عن المحيط
قوله ( وسيجيء ) أي في الباب الآتي
قوله ( وفيه فراغ قلبنا ) أي باندفاع شره عنا لاشتهار قتله بذلك
قوله ( وقد حمل الخ ) وكذا فعل عبد الله بن أنيس بسفيان بن عبد الله ومحمد بن مسلمة بكعب بن الأشرف كما بسطه السرخسي وقال عليه أكثر مشايخنا لو فيه غيظهم وفراغ قلبنا بأن يكون المقتول من قواد المشركين أو عظماء المبارزين اه
قوله ( وعبارة الخانية الخ ) قال في النهر ولم أر نبش قبور أهل الذمة ويجب أن يقال إن تحقق ذلك ولم يكن له وارث إلا بيت المال جاز نبشه ثم نقل ما في الخانية وقال هذا يعم الذمي اه
لكن لا يخفى أن ما في الخانية ليس فيه التقييد بتحقق المال بل الظاهر أن المراد عند توهم ذلك لأنه عند التحقق يجوز النبش في المسلم لحق آدمي كسقوط متاع أو تكفين بثوب مغصوب أو دفن مال معه ولو درهما كما في جنائز البحر فافهم
قوله ( أن يبدأ أصله المشرك ) لأنه يجب عليه إحياؤه بالإنفاق فيناقضه الإطلاق في إفتائه
هداية
والأولى التعليل بأنه كان سبب إيجاده لما يأتي قريبا قيد بالبدء احترازا عما لو قصد الأصل قتله كما يأتي وبالأصل احترازا عن الفرع المشرك وإن سفل فللأب أن يبتدىء بقتله وكذا سائر القرابات كما في البحر والنهر وعدل عن تعبير الكنز بالأب لأن أمه وأجداده
____________________
(4/132)
وجداته من قبل الأب والأم كالأب
قوله ( كما لا يبدأ قريبه الباغي ) أشار إلى فائدة التقييد بالمشرك وهي أنه لو كان المحارب باغيا لا يتقيد بكونه أصلا بل يعم الأخ وغيره
قال في البحر لأنه يجب عليه إحياؤه بالإنفاق عليه لاتحاد الدين فكذا بترك القتل اه
قلت ومفاده تقييد القريب بالرحم المحرم لأنه لا يجب عليه أن ينفق على غيره لكن يراد أنه يجب عليه الإنفاق على فرعه المشرك
ويجاب بأن ذاك في غير الحربي لأنه لا يجب الإنفاق على الأصول والفروع الحربيين كما مر في بابه لكن يلزم منه أن يكون له بدء أصله بالقتل وأن لا يصح التعليل المار عن الهداية بأنه يجب عليه إحياؤه بالإنفاق كما أورده في الحواشي السعدية فالأولى التعليل بما ذكره في شرح السير أن الأب كان سبب إيجاده فلا يكون سبب إعدامه بالقصد إلى قتله كما قدمناه
قوله ( بل يشغله ) أي بالمحاربة بأن يعرقب فرسه أو يطرحه عنها أو يلجئه إلى مكان ولا ينبغي أن ينصرف عنه ويتركه
نهر
قوله ( فإن فقد قتله ) أي إذا لم يكن ثمة غيره قتله كذا قاله في النهر ولم أره لغيره
وعبارة الزيلعي وإن لم يكن ثمة من يقتله لا يمكنه من الرجوع حتى لا يعود حربا على المسلمين ولكنه يلجئه إلى مكان يستمسك به حتى يجيء غيره فيقتله
قوله ( ولو قتله فهدر ) أي باطل لا دية فيه ولا قصاص نعم عليه التوبة والاستغفار كما في شرح الملتقى
قوله ( لجواز الدفع مطلقا ) أي ولو كان الأب مسلما فإنه إذا أراد قتل ابنه ولا يتمكن من التخلص منه إلا بقتله كان له قتله لتعينه طريقا لدفع شره فهنا أولى ولو كانا في سفر وعطشا ومع الابن ماء يكفي لنجاة أحدهما كان للابن شربه ولو كان الأب يموت وينبغي أنه لو سمع أباه المشرك يذكر الله تعالى أو رسوله بسوء أن يكون له قتله لما روي أن أبا عبيدة بن الجراح قتل أباه حين سمعه يسب النبي وشرف وكرم فلم ينكر النبي ذلك كذا في الفتح
قوله ( بمال منهم ) ويصرف مصارف الخراج والجزية إن كان قبل النزول بساحتهم بل برسول أما إذا نزلنا بهم فهو غنيمة نخمسها ونقسم الباقي
نهر
قوله ( أو منا ) أي بمال نعطيه لهم إن خاف الإمام الهلاك على نفسه والمسلمين بأي طريق كان نهر
لقوله تعالى { وإن جنحوا للسلم } سورة الأنفال الآية 61 أي مالوا قال في المصباح والسلم بالكسر والفتح الصلح يذكر ويؤنث والآية مقيدة برؤية المصلحة إجماعا لقوله تعالى { فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون } سورة محمد الآية 35 أفاده في الفتح
قوله ( أن نعلمهم بنقض الصلح ) أفاد شرطا زائدا على المتن وهو إعلامهم به لأن نبذ العهد نقضه لكن لا يجوز قتالهم أيضا حتى يمضي عليهم زمان يتمكن فيه ملكهم من إنفاذ الخبر إلى أطراف مملكته حتى لو كانوا خربوا حصونهم للأمان وتفرقوا في البلاد فلا بد أن يعودوا إلى مأمنهم ويعمروا حصونهم كما كانت توقيا عن الغدر وهذا لو نقض قبل مضي المدة أما لو مضت فلا ينبذ إليهم ولو كان الصلح بجعل فنقضه قبل المدة رد عليهم بحصته لأنه مقابل بالأمان في المدة فيرجعون بما لم يسلم لهم الأمان فيه
زيلعي
قوله ( لفعله عليه الصلاة والسلام بأهل مكة ) تبع فيه الهداية ورده الكمال حيث قال وأما استدلالهم بأنه نقض الموادعة التي كانت بينه وبين أهل مكة فالأليق جعله دليلا لقوله الآتي ( وإن بدءوا بخيانة قاتلهم ) ولم ينبذ إليهم إذا كان باتفاقهم
____________________
(4/133)
لأنهم صاروا ناقضين للعهد فلا حاجة إلى نقضه وإنما قلنا هذا لأنه لم يبدأ أهل مكة بل هم بدءوا بالغدر قبل مضي المدة فقاتلهم ولم ينبذ إليهم بل سأل الله تعالى أن يعمي عليهم حتى يبغتهم هذا هو المذكور لجميع أهل السير والمغازي وتمامه في ح
قوله ( ولو بقتال ) أي ولو كانت خيانة ملكهم بقتال أهل منعة بإذنه أي لا فرق بين قتاله بنفسه أو بقتال بعض أتباعه بإذنه
قوله ( انتقض حقهم فقط ) أي حق المقاتلين ذوي المنعة بلا إذن ملكهم
قال الزيلعي فلا ينتقض في حق غيرهم
لأن فعلهم لا يلزم غيرهم وإن لم يكن لهم منعة لم يكن نقضا للعهد اه أي بأن قاتل واحد منهم مثلا ثم ترك القتال يبقى عهده
قوله ( بلا مال ) أي بلا أخذه منهم لأنه في معنى الجزية وهي لا تقبل منهم
نهر
ولم يذكر صلحهم على أخذهم المال منا ولا شك في جوازه عند الضرورة كما في أهل الحرب ولكن هل يلزم إعلامهم بنقض العهد قبل انقضاء مدته أم لا لكونهم يجبرون على الإسلام بخلاف أهل الحرب فليراجع
قوله ( لأنه غير معصوم ) لأنه يصير فيئا للمسلمين إذا ظهروا
فتح
قوله ( بعد وضع الحرب أوزارها ) أي أثقالها والمراد بعد انتهائها وإنما يرد عليهم لأنه ليس فيئا إلا أنه لا يرده حال الحرب لأنه إعانة لهم
فتح
قوله ( ولم نبع الخ ) أراد به التمليك بوجه كالهبة
قهستاني
بل الظاهر أن الإيجار والإعارة كذلك أفاده الحموي لأن العلة منع ما فيه تقوية على قتالنا كما أفاده كلام المصنف
قوله ( يحرم ) أي يكره كراهة تحريم
قهستاني
قوله ( كحديد ) وكسلاح مما استعمل للحرب ولو صغيرا كالإبرة وكذا ما في حكمه من الحرير والديباج فإن تمليكه مكروه لأنه يصنع منه الراية
قهستاني
قوله ( وعبيد ) لأنهم يتوالدون عندهم فيعودون حربا علينا مسلما كان الرقيق أو كافرا
قوله ( ولا نحمله إليهم ) أي لبيع ونحوه قد بأس لتاجرنا أن يدخل دارهم بأمان ومعه سلاح لا يريد بيعه منهم إذا علم أنهم لا يتعرضون له وإلا فيمنع عنه كما في المحيط
قهستاني
وفي كافي الحاكم لو جاء الحربي بسيف فاشترى مكانه قوسا أو رمحا أو فرسا لم يترك أن يخرج وكذا لو استبدل بسيفه سيفا خيرا منه فإن كان مثله أو دونه لم يمنع والمستأمن كالمسلم في ذلك إلا إذا خرج بشيء من ذلك فلا يمنع من الرجوع به اه
نهر
قوله ( ولو بعد صلح ) تعميم للبيع والحمل
قال في البحر لأن الصلح على شرف الأنقضاء أو النقض
قوله ( فجاز استحسانا ) أي اتباعا للنص لكن لا يخفى أن هذا إذا لم يكن بالمسلمين حاجة إلى الطعام فلو احتاجوه لم يجز
قوله ( ولا نقتل من أمنه الخ ) أي إذا أمن رجل حر أو امرأة حرة كافرا أو جماعة أو أهل حصن أو مدينة صح أمانهم ولم يجز لأحد من المسلمين قتالهم والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام المسلمون تتكافأ دماؤهم أي لا تزيد دية الشريف على دية الوضيع ويسعى بذمتهم أدناهم أي أقلهم عددا وهو الواحد وتمامه في الفتح فهو مشتق من الأدنى الذي هو الأقل كقوله تعالى { ولا أدنى من ذلك ولا أكثر } سورة المجادلة الآية 7 فهو تنصيص على صحة أمان الواحد أو من الدنو وهو القرب كقوله تعالى { فكان قاب قوسين أو أدنى } سورة النجم الآية 9 فهو دليل على صحة أمان المسلم في ثغر بقرب العدو أو من الدناءة فهو تنصيص على صحة أمان الفاسق
أفاده السرخسي
____________________
(4/134)
بحث الأمان قوله ( أذن لهما في القتال ) أي إذا كان الصبي والعبد مأذونين في القتال صح أمانهما في الأصح اتفاقا
قهستاني عن الهداية
خلافا لما نقله ابن الكمال عن الاختيار
در منتقى
قوله ( بعد معرفة المسلمين ذلك ) أي كون ذلك اللفظ أمانا
قلت والظاهر أن الشرط معرفة المتكلم به وإذا ثبت الأمان به ثبت في حق غيره أيضا من المسلمين ولو لم يعرف معناه فافهم
قوله ( فلا أمان لو كان بالبعد منهم ) أشار إلى أن المراد السماع ولو حكما لما نقله ط عن الهندية لو نادوهم من موضع يسمعون وعلم أنهم لم يسمعوا بأن كانوا نياما أو مشغولين بالحرب فذلك أمان
قوله ( كتعال ) قال السرخسي استدل عليه محمد بحديث عمر رضي الله تعالى عنه أيما رجل من المسلمين أشار إلى رجل من العدو أن تعال فإنك إن جئت قتلتك فأتاه فهو آمن وتأويله إذا لم يفهم أو لم يسمع قوله إن جئت قتلتك أما لو علم وسمع فهو فيء
قوله ( إلى السماء ) لأن فيه بيان إني أعطيتك ذمة إله السماء سبحانه وتعالى أو أنت آمن بحقه
سرخسي
قوله ( ولو نادى المشرك ) بالرفع على الفاعلية أي لو طلب المشرك الأمان منا صح لو ممتنعا أي في موضع يمنعه عن وصولنا إليه
قال في البحر وإن كان في موضع ليس بممتنع وهو ماد سيفه أو رمحه فهو فيء اه
قلت ومفاده أنه كان ممتنعا يصير آمنا بمجرد طلبه الأمان وإن لم نؤمنه وليس كذلك بل هذا إذا ترك منعته ولا وجاء إلينا طالبا ففي شرح السير ولو كان في منعة بحيث لا يسع المسلمون كلامه ولا يرونه فانحط إلينا وحده بلا سلاح فلما كان بحيث نسمعه نادى بالأمان فهو آمن بخلاف ما إذا أقبل سالا سيفه مادا برمحه نحونا فلما قرب استأمن فهو فيء لأن البناء على الظاهر فيما يتعذر الوقوف على حقيقته جائز ولو في إباحة الدم كما لو دخل بيته إنسان ليلا ولم يدر أنه سارق أو هارب فلو عليه سيما اللصوص له قتله وإلا فلا ثم
قال والحاصل أن من فارق المنعة عند الاستئمان فإنه يكون آمنا عادة والعادة تجعل حكما إذا لم يوجد التصريح بخلافه ولو وجدنا حربيا في دارنا فقال دخلت بأمان لم يصدق وكذا لو قال أنا رسول الملك إلى الخليفة إلا إذا أخرج كتابا يشبه أن يكون كتاب ملكهم وإن احتمل أنه مفتعل لأن الرسول آمن كما جرى به الرسم جاهلية وإسلاما ولا يجد مسلمين في دارهم ليشهدا له فلو لم يصحبه دليل ولا كتاب فأخذه مسلم فهو فيء لجماعة المسلمين عند أبي حنيفة كمن وجد في عسكرنا في دار الحرب فأخذه واحد لكنه هناك يخمس رواية واحدة وهنا فيه روايتان وعند محمد هو فيء لمن أخذه كالصيد والحشيش
وفي إيجاب الخمس فيه روايتان عن محمد أيضا اه
ملخصا
قوله ( وصح طلبه الخ ) هذا غلط وعبارة البحر لو طلب الأمان لأهله لا يكون هو آمنا بخلاف ما إذا طلب لذراريه فإن يدخل تحت الأمان اه
فإنها صريحة في أنه يصح طلب الأمان لأهله وذراريه جميعا في غير أنه لا يدخل في الأول ويدخل في الثاني اه ح
____________________
(4/135)
قلت وظاهره أن الكلام فيما لو قال آمنوا أهلي أو قال آمنوا ذراري فيدخل الطالب في الثاني دون الأول ووجه الفرق خفي أما لو قال أمنوني على أهلي أو على ذراري أو على متاعي أو قال أمنوني على عشرة من أهل الحصن دخل هو أيضا لأنه ذكر نفسه بضمير الكناية وشرط ما ذكره معه لأن على للشرط لما نص على ذلك السرخسي مع فروع أخر ذكرت بعضها ملخصة فيما علقته على البحر
مطلب لو قال على أولادي ففي دخول أولاد البنات روايتان قوله ( ويدخل في الأولاد أولاد الأبناء الخ ) أي لو قال أمنوني على أولادي دخل فيه أولاده لصلبه وأولادهم من قبل الذكور دون أولاد البنات لأنهم ليسوا بأولاده هكذا ذكر محمد ها هنا
وذكر الخصاف عن محمد أنهم يدخلون لقوله عليه الصلاة والسلام حين أخذ الحسن والحسين أولادنا أكبادنا
ووجه الرواية الأولى أن هذا مجاز بدليل قوله تعالى { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم } سورة الأحزاب الآية 40 أو هو خاص بأولاد فاطمة كما روى أنه عليه الصلاة والسلام قال كل الأولاد ينتمون إلى آبائهم إلا أولاد فاطمة فإنهم ينسبون إلي أنا أبوهم لكنه حديث شاذ وهو مخالف لما تلونا
مطلب لو قال على أولاد أولادي يدخل أولاد البنات ولو قال على أولاد أولادي دخل أولاد البنات لأن اسم ولد الولد حقيقة لمن ولده ولدك وابنتك ولدك فما ولدته ابنتك يكون ولد ولدك حقيقة بخلاف الأول لأن ولدك من حيث الحكم من ينسب إليك وذلك أولاد الابن دون أولاد البنت
سرخسي
وذكر في الذخيرة أن فيه روايتين أيضا وسيأتي تمام تحقيق ذلك في الوقف إن شاء الله تعالى
مطلب في دخول أولاد البنات في الذرية روايتان تنبيه سكت الشارح عن دخول أولاد البنات في الذراري في البحر أن فيه روايتين أيضا وكذا قال السرخسي وذكر وجه رواية عدم الدخول أن أولاد البنات من ذرية آبائهم لا من ذرية قوم الأم ووجه رواية الدخول أن الذرية اسم للفرع المتولد من الأصل والأبوان أصلان للولد ومعنى الأصلية والتولد في جانب الأم أرجح لأن الولد يتولد منها بواسطة ماء الفحل ثم ذكر فيه حكاية
قوله ( ولو غار عليهم ) أي على من أمنهم بعض العسكر الأول
قوله ( وعلى الواطىء المهر ) أي مهر المثل ط
قوله ( والولد حر ) أي من غير قيمة وهو مسلم أيضا تبعا لأبيه كما في البحر
قوله ( يعني بعد ثلاث حيض ) وفي زمان الاعتداد يوضعن على يد عدل والعدل امرأة عجوز ثقة لا الرجل
بحر
قوله ( وينقض الإمام الأمان ) ويعلمهم بذلك كما مر
قوله ( قهستاني )
قوله ( يؤدب ) أي لو علم أنه منهي شرعا وإلا فجهله عذر في دفع العقوبة عنه
قهستاني
قوله ( إلا إذا أمره به مسلم ) بأن قال له
____________________
(4/136)
أمنهم فقال الذمي قد أمنتكم أو أن فلانا المسلم أمنكم فيصح في الوجهين أما لو قال له المسلم قل لهم إن فلانا أمنكم فيصح في الوجه الثاني لأنه أدى الرسالة على وجهها دون الأول لأنه خالف لأنه إنشاء عقد منه وهو لا يملكه بخلاف قول المسلم له أمنهم لأن الذمي صار مالكا للأمان بهذا الأمر فيكون فيه بمنزلة مسلم آخر وتمامه في شرح السرخسي
وصرح أيضا بأنه يصح سواء كان الآمر أمير العسكر أو رجلا غيره من المسلمين لأن أمان الذمي إنما لا يصح لتهمة ميله إليهم وتزول التهمة إذا أمره مسلم به بخلاف ما لو أمره بالقتال إذ لا يتعين به معنى الخيرية في الأمان اه
وبه ظهر أن ما في الزيلعي وغيره من تقييد الآمر بكونه أمير العسكر قيد اتفاقي لأنه الأغلب فافهم
قوله ( وأسير وتاجر ) لأنهما مقهوران تحت أيديهم فلا يخافون والأمان يختص بمحل الخوف
بحر
ثم نقل في البحر عن الذخيرة أنه لا يصح أمانه في حق باقي المسلمين حتى كان لهم أن يغيروا عليهم أما في حقه فصحيح ويصير كالداخل فيهم بأمان فلا يأخذ شيئا من أموالهم بلا رضاهم وكذا معنى عدم صحة أمان العبد المحجور أي في حق غيره أما في حق نفسه فصحيح بلا خلاف اه
قلت والظاهر أن التاجر المستأمن كذلك
تنبيه ذكر في شرح السير لو أمنهم الأسير ثم جاء بهم ليلا إلى عسكرنا فهم فيء لكن لا تقتل رجالهم استحسانا لأنهم جاؤوا للاستئمان لا للقتال كالمحصور إذا جاء تاركا للقتال بأن ألقى السلاح ونادى بالأمان فإنه يأمن القتل
قوله ( محجورين عن القتال ) فلو مأذونين فيه صح في الأصح اتفاقا كما قدمنا
قوله ( وفي الخانية الخ ) عبارتها حربي له عبد كافر فأسلم العبد ثم خدم مولاه كانت الخدمة أمانا اه
وفيه أن تعليلهم عدم جواز أمان الأسير والتاجر بأنهما مقهوران تحت أيديهم يقتضي عدم صحة هذا الفرع فتأمل اه ح
قلت يتعين حمل قوله كانت الخدمة أمانا على معنى كونها أمانا في حق العبد نفسه لا في حق باقي المسلمين نظير ما قدمناه عن الذخيرة في الأسير والعبد المحجور ويدل عليه تعبير الخانية بالحربي أي في دار الحرب من غير ذكر خروج ولا قتال إذ المسألة ذكرها في الخانية في فصل إعتاق الحربي العبد المسلم فافهم والله أعلم
باب المغنم وقسمته لما ذكر القتال وما يسقطه شرع في بيان ما يحصل به
قوله ( والفيء ما نيل منهم بعد ) أي بعد الحرب هذا لا يشمل هدية أهل الحرب بلا تقدم قتال
مطلب بيان معنى الغنيمة والفيء قال في الهندية الغنيمة اسم لما يؤخذ من أموال الكفرة بقوة الغزاة وقهر الكفرة والفيء ما أخذه منهم من غير قتال كالخراج والجزية
وفي الغنيمة الخمس دون الفيء وما يؤخذ منهم هدية أو سرقة أو خلسة أو هبة فليس بغنيمة وهو للآخذ خاصة
____________________
(4/137)
قلت لكن في شرح السير الكبير لو وادع الإمام قوما من أهل الحرب سنة على مال دفعوه إليه جاز لو خيرا للمسلمين ثم هذا المال ليس بفيء ولا غنيمة حتى لا يخمس ولكنه كالخراج يوضع في بيت المال لأن الغنيمة اسم لمال مصاب بإيجاف الخيل والركاب والفيء اسم لما يرجع من أموالهم إلى أيدينا بطريق القهر وهذا رجع إلينا بطريق المراضاة فيكون كالجزية والخراج يوضع في بيت المال اه
ومقتضاه أن ما أخذ بالقتال والحرب غنيمة وما أخذ بعده مما وضع عليهم قهرا كالجزية والخراج فيء وما أخذ منهم بلا حرب ولا قهر كالهدية والصلح فهو لا غنيمة ولا فيء وحكمه حكم الفيء لا يخمس ويوضع في بيت المال فتأمل
قوله ( إذا فتح الإمام بلدة صلحا ) ويعتبر في صلحه الماء الخراجي والعشري فإن كان ماؤهم خراجيا صالحهم على الخراج وإلا فعلى العشر
أفاده القهستاني ط
قوله ( وكذا من بعده ) فلا يغيره أحد لأنه بمنزلة نقض العهد ط
قوله ( أي قهرا ) كذا في الهداية واتفق الشارحون على أن هذا ليس تفسيرا له لغة لأنها من عنا يعنو عنوة ذل وخضع لكن نقل في البحر عن قوله ( القاموس ) أن العنوة القهر
واعترضه في النهر بأن صاحب القاموس لا يميز بين الحقيقي والمجازي بل يذكر المعاني جملة أي يذكر المعاني الاصطلاحية مع اللغوية بلا تمييز
قلت لكن نقل صاحب النهر في أول باب العشر والخراج عن الفارابي أنه من الأضداد يطلق على الطاعة والقهر وكذا في المصباح عنا يعنو عنوة إذا أخذ الشيء قهرا وكذا إذا أخذه صلحا فهو من الأضداد وفتحت مكة عنوة أي قهرا اه
قوله ( قسمها بين الجيش ) أي مع رؤوس أهلها استرقاقا وأموالهم بعد إخراج خمسها لجهاته
فتح
قوله ( أو أقر أهلها عليها ) أي من عليهم برقابهم وأرضهم وأموالهم ووضع الجزية على الرؤوس والخراج على أراضيهم من غير نظر إلى الماء الذي تسقى به أهو ماء العشر كماء السماء والعيون والأودية والآبار أو ماء الخراج كالأنهار التي شقتها الأعاجم لأنه ابتداء التوظيف على الكافر وأما المن عليهم برقابهم وأرضهم فمكروه إلا أن يدفع إليهم من المال ما يتمكنون به من إقامة العمل والنفقة على أنفسهم وعلى الأراضي إلى أن يخرج الغلال وإلا فهو تكليف بما لا يطاق وأما المن عليهم برقابهم مع المال دون الأرض أو برقابهم فقط فلا يجوز لأنه إضرار بالمسلمين بردهم حربا علينا
فتح
قوله ( والأول أولى ) عبارة الاختيار قالوا والأول أولى وعبر في الفتح والبحر بقيل
قوله ( ووضع عليهم الخراج ) أي على أرضهم
قوله ( وضع العشر لا غير ) لأنه ابتداء وضع على المسلمين
منح
تنبيه للشرنبلالي رسالة سماها ( الدرة اليتيمة في الغنيمة ) حاصلها أن تخيير الإمام بين ما ذكر مخالف لإجماع الصحابة على ما فعله عمر من عدم قسمة الأراضي بين الغانمين وعدم أخذ الخمس منها كما نقله علماؤنا وأقروه
قلت وقد يجاب بأن ما فعله عمر إنما فعله لأنه كان هو الأصلح إذ ذاك كما يعلم من القصة لا لكونه هو اللازم كيف وقد قسم خيبر بين الغانمين فعلم أن الإمام مخير في فعل ما هو الأصلح فيفعله
قوله ( وقتل الأسارى ) بضم الهمزة وفتحها
قاموس
والسماع الضم لا غير كما ذكره الرضي وغيره من المحققين أي قتل الذين
____________________
(4/138)
يأخذهم المقاتلين سواء كانوا من العرب أو العجم فلا تقتل النساء ولا الذراري بل يسترقون لمنفعة المسلمين
قهستاني
قوله ( إن لم يسلموا ) فلو أسلموا تعين الأسر
قوله ( أو استرقهم ) وإسلامه لا يمنع استرقاقهم ما لم يكن قبل الأخذ كذا في الملتقى وشرحه
قوله ( ذمة لنا ) أي حقا واجبا لنا عليهم من الجزية والخراج فإن الذمة الحق والعهد والأمان ويسمى أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم كما قال ابن الأثير وقد ظن أن المعنى ليكونوا أهل ذمة لنا
قهستاني
قوله ( إلا مشركي العرب والمرتدين ) فإنهم لا يسترقون ولا يكونون ذمة لنا بل إما الإسلام أو السيف
قوله ( كما سيجيء ) أي في فصل الجزية
قوله ( قلنا نسخ الخ ) أي بآية { فاقتلوا المشركين } سورة التوبة الآية 5 من سورة براءة فإنها آخر سورة نزلت
فتح
وأما ما روي أنه عليه الصلاة والسلام من على أبي عزة الجمحي يوم بدر فقد كان قبل النسخ ولذا لما أسره يوم أحد قتله
وذكر محمد جوابا آخر وهو أنه كان من مشركي العرب ولا يؤسرون فليس في المن عليه إبطال حق ثابت للمسلمين ونحن نقول به فيهم وفي المرتدين وإن رأى الإمام النظر للمسلمين في المن على بعض الأسارى فلا بأس أيضا لأنه عليه الصلاة والسلام من على ثمامة بن أثال الحنفي بشرط أن يقطع الميرة عن أهل مكة ففعل ذلك حتى قحطوا
شرح السير ملخصا
وقد نقل في الفتح أن قول مالك وأحمد كقولنا ثم أيد مذهب الشافعي بما مر من قصة الجمحي ونحوها وقد علمت جوابه
قوله ( وحرم فداؤهم الخ ) أي إطلاق أسيرهم بأخذ بدل منهم إما مال أو أسير مسلم فالأول لا يجوز في المشهور ولا بأس به عند الحاجة على ما في السير الكبير
وقال محمد لا بأس به لو بحيث لا يرجى منه النسل كالشيخ الفاني كما في الاختيار
وأما الثاني فلا يجوز عنده ويجوز عندهما والأول الصحيح كما في الزاد لكن في المحيط أنه يجوز في ظاهر الرواية وتمامه في القهستاني
وذكر الزيلعي أيضا عن السير الكبير أن الجواز أظهر الروايتين عن أبي حنيفة وذكر في الفتح أنه قولهما وقول الأئمة الثلاثة وأنه ثبت عن رسول الله في صحيح مسلم وغيره أنه فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين وفدى بمرأة ناسا من المسلمين كانوا أسروا بمكة
قلت وعلى هذا فقول المتون حرم فداؤهم مقيد بالفداء بالمال عند عدم الحاجة أما الفداء بالمال عند الحاجة أو بأسرى المسلمين فهو جائز قوله ( بعد تمام الحرب الخ ) عبارة الدرر وصدر الشريعة وأما الفداء فقبل الفراغ من الحرب جاز بالمال لا بالأسير المسلم وبعده لا يجوز بالمال عند علمائنا ولا بالنفس عند الإمام وعند محمد يجوز وعن أبي يوسف روايتان وعند الشافعي يجوز مطلقا اه
قلت وهذا التفصيل خلاف الظاهر من كلامهم كما علمت ولذا قال ابن كمال بعد ذكره نحو ما نقلناه عنهم وهذا البيان ظاهر في عدم الفرق بين أن يكون ذلك قبل وضع الحرب أوزارها أو بعده اه
وتبعه في النهر
قوله ( واتفقوا أنه لا يفادى بنساء وصبيان ) إذ الصبيان يبلغون فيقاتلون والنساء يلدن فيكثر نسلهم
منح
ولعل المنع فيما إذا أخذ البدل مالا وإلا فقد جوزوا دفع أسراهم فداء لأسرنا مع أنهم إذا ذهبوا إلى دارهم يتناسلون ط
قوله ( وخيل وسلاح ) أي إذا أخذناهما منهم فطلبوا المفاداة بمال لم يجز أن نفعل لأن فيه تقوية يختص بالقتال فيجوز من غيره
____________________
(4/139)
ضرورة
منح ط
قوله ( إلا إذا أمن على إسلامه ) أي وطابت نفسه بدفعه فداء لأنه يفيد تخليص مسلم من غير إضرار لمسلم آخر
فتح
تنبيه في القنية أراد في دار الحرب أن يشتري أسارى وفيهم رجال ونساء وعلماء وجهال فالأولى تقديم الرجال والجهال
قال وجوابه إن كان منصوصا من السلف فسمعا وطاعة وإلا فقضية الدليل تقديم الناس صيانة لأبضاع المسلمات قلت والعلماء احتراما للعلم اه
وعلل البزازي تأخير العالم لفضله لأنه لا يخدع بخلاف الجاهل
در منتقى
وقد يقال يقدم الرجال للانتفاع بهم في القتال ط
وهذا ظاهر فيما إذا اضطر إليهم وإلا فصيانة الأبضاع مقدمة على ذلك للإنتفاع
تأمل
قوله ( للعلم به ) علة لسقوطه من المتن
قوله ( بالأولى ) لأنه إذا حرم المن وهو الإطلاق يحرم الإطلاق مع الرد إلى الدار
قوله ( وحرم عقر دابة الخ ) أي إذا أراد الإمام العود ومعه مواشي أهل الحرب ولم يقدر على نقلها إلى دارنا لا يعقرها كما نقل عن مالك لما فيه من المثلة بالحيوان
فتح
وفي المغرب عقر الناقة بالسيف ضرب قوائمها
قوله ( قوله إذ لا يعذب بالنار إلا ربها ) علة لمفهوم قوله بعده وهو عدم إحراقها قبل الذبح وفي صحيح البخاري
فإنه لا يعذب بها إلا الله وأخرج البزار في مسنده عن عثمان بن حبان قال كنت عند أم الدرداء رضي الله عنها فأخذت برغوثا فألقيته في النار فقالت سمعت أبا الدرداء يقول سمعت رسول الله يقول لا يعذب بالنار إلا رب النار فتح ملخصا
ولا يرد هذا على ما مر من جواز حرق أهل الحرب عند قتالهم لأن ذاك مقيد بما إذا لم يمكن الظفر بهم بدونه كما قدمناه عن شرح السير فافهم
وأورد المحشي على جواز إحراقها بعد الذبح أنه يقتضي أن الميت لا يتألم مع أنه ورد أنه يتألم بكسر عظمه
قلت قد يجاب بأن هذا خاص ببني آدم لأنهم يتنعمون ويعذبون في قبورهم بخلاف غيرهم من الحيوانات وإلا لزم أن لا ينتفع بعظمها ونحوه ثم رأيت ط ذكر نحوه
قوله ( ولا وجه إلى إبقائهم ) لئلا يعودوا حربا علينا لأن النساء بهن النسل والصبيان يبلغون فيصيرون حربا علينا
الولوالجية واعترضه في الفتح بأن تركهم كذلك أشد من القتل المنهي عنه في حقهم
قال اللهم إلا أن يضطروا إلى ذلك بسبب عدم الحمل والميرة فيتركوا ضرورة اه
وهو عجيب فإن الولوالجي صرح بأن ذلك عند عدم إمكان الإخراج لا مطلقا والمسألة في المحيط أيضا
بحر وفيه نظر فإن مراد الفتح أن تركهم في أرض خربة بلا طعام ولا شراب أشد من القتل فحيث لم يمكن إخراجهم فليتركوا في مكانهم بلا مباشرة السبب في إهلاكهم
قوله ( إبقاء للنسل ) أي لتتناسل بعد رجوع عسكرنا فتؤذي أهل الحرب
قوله ( يحرقن بالنار ) أي إذا لم يمكن دفنهن بمحل يخفى عليهم ولم تطل المدة بحيث يتفسخن ط
____________________
(4/140)
مطلب في قسمة الغنيمة قوله ( ولا تقسم غنيمة ثمة ) على المشهور من مذهب أصحابنا لأنهم لا يملكونها قبل الإحراز وقيل تكره تحريما
در منتقى قوله ( أو لحاجة الغزاة ) وكذا لو طلبوا القسمة من الإمام وخشي الفتنة كما في الهندية عن المحيط
قوله ( فتصح ) أي وتثبت الأحكام لا فتح أي من حل الوطء والبيع والعتق والإرث بخلاف ما قبل القسمة بدون اجتهاد أو احتياج ولو بعد الإحراز بدارنا
قال في الدر المنتقى والذي قرره في المنح كغيره أنه لا ملك بعد الإحراز بدارنا أيضا إلا بالقسمة فلا يثبت بالإحراز ملك لأحد بل يتأكد الحق ولهذا لو أعتق واحد من الغانمين عبدا بعد الإحراز لا يعتق ولو كان له ملك ولو بشركة لعتق وحكم استيلاد الجارية بعد الإحراز قبل القسمة وبعدها سواء نعم لو قسمت الغنيمة على الرايات أو العرافة فوقعت جارية بين أهل راية صح استيلاء أحدهم وعتقه للشركة الخاصة حيث كانوا قليلا كمائة فأقل وقيل كأربعين والأولى تفويضه للإمام اه
ملخصا
وتمام الكلام فيه
والحاصل كما في الفتح عن المبسوط أن الحق يثبت عندنا بنفس الأخذ ويتأكد بالإحراز ويملك بالقسمة كحق الشفعة يثبت بالبيع ويتأكد بالطلب ويتم الملك وبالأخذ وما دام الحق ضعيفا لا تجوز القسمة اه
ويبتنى على هذا ما يأتي في المتن من عدم جواز البيع بل القسمة ومن استحقاق المدد لا من مات قبلها كما يأتي بيانه
قلت وهذا كله إذا لم يظهر عسكرنا على البلد فلو ظهروا عليها وصارت بلد إسلام صارت الغنيمة محرزة بدارنا ويتأكد الحق فتصح القسمة كما يأتي التنبيه عليه قريبا
قوله ( فتحل ) عبر بالحل وفيما قبله بالصحة لأنه ليس المراد هنا قسمة التمليك بل الإيداع ليحملوها إلى دار الإسلام ثم يرجعها منهم ويقسمها كما في الجوهرة وغيرها فليست قسمة حقيقية حتى توصف بالصحة
قوله ( حمولة ) بفتح الحاء كل ما احتمل عليه من حمار وغيره سواء كانت عليه أحمال أو لم تكن اه
قوله ( روايتان ) قال في الفتح والأوجه أنه إن خاف تفرقهم لو قسمها قسمة الغنيمة يفعل هذا وإن لم يخف قسمها قسمة الغنيمة في دار الحرب لأنها تصح للحاجة وفي إسقاط الإكراه وإسقاط الأجرة ا هـ
وقوله يفعل هذا أي جبرهم بأجر المثل
قوله ( فإذا تعذر ) أي القسم للإيداع بسبب عدم الإجبار على إحدى الروايتين أو لم يوجد عندهم حمولة على الرواية الأخرى قسمها بينهم حينئذ اه ح
قوله ( ولم تبع الغنيمة قبلها ) أي قبل القسمة سواء كان في دار الحرب أو بعد الإحراز في دارنا
شرنبلالية
لأنها لا تملك قبل القسمة كما علمت
قال في الفتح وهذا ظاهر في بيع الغزاة وأما بيع الإمام لها فذكر الطحاوي أنه يصح لأنه مجتهد فيه يعني أنه لا بد وأن يكون الإمام رأى المصلحة في ذلك وأقله تخفيف إكراه الحمل عن الناس أو عن البهائم ونحوه وتخفيف مؤنته عنهم فيقع عن اجتهاد في المصلحة فلا يقع جزافا فينعقد بلا كراهة مطلقا اه
وبه يظهر ما في قوله لا للإمام ولا لغيره قوله جوهرة نص عبارتها ولا يجوز بيع الغنائم قبل القسمة لأنه لا ملك لأحد فيها قبل ذلك وإنما أبيح لم بالطعام والعلف للحاجة ومن أبيح له تناول شيء لم يجز له بيعه كمن أباح طعاما لغيره اه
فقوله وإنما أبيح لهم الخ جواب سؤال تقديره كيف لا يجوز البيع مع أنه يجوز لهم الانتفاع بالطعام والعلف كما يأتي والجواب ظاهر ولا يخفى أنه ليس المراد بيع شيء بطعام وإن كان الظاهر أن الحكم كذلك
قوله ( ومدد لحقهم ثمة ) أي إذا لحق
____________________
(4/141)
المقاتلين في دار الحرب جماعة يمدونهم وينصرونهم شاركوهم في الغنيمة لما مر من أن المقاتلين لم يملكوها قبل القسمة
وذكر في التاترخانية أنه لا تنقطع مشاركة المدد لهم إلا بثلاث إحداها إحراز الغنيمة بدارنا
الثانية قسمتها في دار الحرب الثالثة بيع الإمام لها ثمة لأن المدد لا يشارك الجيش في الثمن اه
قال في الشرنبلالية وتقييده بقوله ثمة أي في دار الحرب إشارة إلى أنه لو فتح العسكر بلدا بدار الحرب واستظهروا عليه ثم لحقهم المدد لم يشاركهم لأنه صار بلد الإسلام فصارت الغنيمة محرزة بدار الإسلام
نص عليه في الاختيار اه
قلت وكذا في شرح السير وزاد أن مثله لو وقع قتال أهل الحرب في دارنا فلا شيء للمدد
تنبيه قال في البحر وأفاد المصنف أن المقاتل وغيره سواء حتى يستحق الجندي الذي لم يقاتل لمرض أو غيره وأنه لا يتميز واحد على آخر شيء حتى أمير العسكر وهذا بلا خلاف كذا في الفتح وفي المحيط
والمتطوع في الغزو وصاحب الديوان سواء
قوله ( لا سوقي ) هو الخارج مع العسكر للتجارة
نهر
قوله ( أسلم ثمة ) عائد على الحربي والمرتد وأفرد الضمير للعطف ب أو وزاد في الفتح التاجر الذي دخل بأمان ولحق العسكر وقاتل
قوله ( ولو مات بعد أحدهما ) أي بعد القسمة أو البيع بناء على ما قدمناه عن الطحاوي من أن للإمام بيع الغنيمة
قوله ( أو بعد الإحراز بدارنا ) قال في الدر المنتقى وينبغي أن يزاد رابع هو التنفيل فسيجيء أنه يورث عنه وإن كان مات بدار الحرب وإن لم يثبت له الملك فيه وفيها يلغز أي مال يورث ولا يملكه مورثه ولم أر من نبه على ذلك هنا فلينظر اه
قلت وفي التتارخانية عن المضمرات ومن مات في دار الحرب من الغانمين بعد القسمة أو الإحراز بدارنا أو بعد بيع الإمام الغنائم في دارنا أو في دار الحرب ليقسم الثمن بينهم أو بعد ما نفل لهم شيئا تحريضا أو بعد ما فتح الدار وجعلها دار إسلام فإنه يورث نصيبه وإن مات قبل واحد من هذه بعد إصابة الغنيمة لا يورث اه
والظاهر أنه يملك ما قبضه بالتنفيل ثمة ففي كلام الدر المنتقى نظر فتدبر
قوله ( لتأكد ملكه ) علة لقوله أو بعد الإحراز بدارنا فيورث نصيبه إذا مات في دارنا قبل القسمة للتأكد لا الملك لأنه لا ملك قبل القسمة وهذا لأن الحق المتأكد يورث كحق الرهن والرد بالعيب بخلاف الضعيف كالشفعة وخيار الشرط
فتح
قوله ( استحسانا ) لعل وجهه تعسر النقص
مطلب في أن معلوم المستحق من الوقف هل يورث قوله ( وما في البحر من قياس الوقف ) أي غلة الوقف فإنه قال إنهم صرحوا بأن معلوم المستحق لا يورث بعد موته على أحد القولين ولم أر ترجيحا وينبغي التفصيل فمن مات بعد خروج الغلة وإحراز الناظر لها قبل القسمة يورث نصيبه لتأكد الحق فيه كالغنيمة بعد الإحراز بدارنا وإن مات قبل الإحراز في يد المتولي لا يورث
قوله ( رده في النهر ) حيث قال أقول في الدرر والغرر عن فوائد صاحب المحيط للأمام والمؤذن وقف فلم يستوفيا حتى ماتا سقط لأنه في معنى الصلة وكذا القاضي وقيل لا يسقط لأنه كالأجرة اه
وجزم في البغية بأنه يورث بخلاف رزق القاضي
وأنت خبير بأن ما يأخذه القاضي ليس صلة كما هو ظاهر ولا أجرا لأن مثل هذه العبادة لم يقل أحد بجواز الاستئجار عليها بخلاف ما يأخذه الإمام والمؤذن فإنه لا ينفك عنهما فبالنظر إلى الأجرة
____________________
(4/142)
يورث ما يستحق إذا استحق غير مقيد بظهور الغلة وقبضها في يد الناظر وبالنظر إلى الصلة لا يورث وإن قبضه الناظر قبل الموت وبهذا عرف أن القياس على الغنيمة غير صحيح وسيأتي لهذا مزيد بيان في الوقف إن شاء الله تعالى
أقول لم يف بما وعد من بيانه في الوقف وقوله إن ما يأخذه القاضي ليس صلة مخالف لما في الهداية وغيرها قبيل باب المرتد كما سيأتي نعم ما يأخذه الإمام ونحوه فيه معنى الصلة ومعنى الأجرة والظاهر أن ذلك منشأ الخلاف المحكي في الدرر لكن ما جزم به الغنيمة يقتضي ترجيح جانب الأجرة وهو ظاهر لا سيما على ما أفتى به المتأخرون من جواز الأجرة على الأذان والإمامة والتعليم وعلى هذا مشى الإمام الطرسوسي في أنفع الوسائل على أن المدرس ونحوه من أصحاب الوظائف إذا مات في أثناء السنة يعطى بقدر ما باشر ويسقط الباقي
قال بخلاف الوقف على الأولاد والذرية فإنه إذا مات مستحق منهم في حقه وقت ظهور الغلة فإن مات بعد ظهورها ولو لم يبد صلاحها صار ما يستحقه لورثته وإلا سقط اه
وتبعه في الأشباه وأفتى به الفتاوي الخيرية فليكن العمل عليه من التفصيل
والفرق بين كون المستحق مثل المدرس أو من الأولاد والله تعالى أعلم
ثم رأيت الشيخ إسماعيل في شرحه على الدرر نقل قبيل باب المرتد مثل ذلك عن المفتي أبي السعود وأن المدرس الثاني يستحق الوظيفة من وقت إعطاء السلطان فتلحق الأيام التي قبل المباشرة بأيام المباشرة حيث كان الأخذ عن ميت لأنها من مبادىء أيام المباشرة كأيام التعطيل اه
تنبيه ظهر من كلام الطرسوسي أن معلوم المدرس ونحوه يورث عنه بقدر ما باشر وإن لم تظهر الغلة وأن معلوم المستحق في وقف الذرية يورث عنه بموته بعد ظهور الغلة وإن لم يقبضها الناظر على خلاف ما مر عن البحر وينبغي أن تكون الغلة بعض قبض الناظر لها ملكا للمستحقين وإن لم تقسم حيث كانوا مائة فأقل قياسا على الغنيمة إذا قسمت على الرايات قبل أن تقسم على الرؤوس فقد مر قريبا أنها تملك للشركة الخاصة
فالحاصل أن غلة الوقف بعد ظهورها تورث لأنه تأكد فيها حق المستحقين وبعد إحرازها بيد الناظر صارت ملكا لهم وهي في يده أمانة لهم يضمنها إذ استهلكها وأهلكت بعد امتناعه عن قسمتها إذا طلبوا القسمة وإذا كانت حنطة أو نحوها يصح شراء الناظر حصة أحدهم منها هذا ما ظهر لي
ويؤيده ما سيأتي في الحوالة إن شاء الله تعالى عن البحر حيث جعل الحوالة على الناظر من المستحق كالحوالة على المودع والله سبحانه أعلم
قوله ( أي للغانمين ) أي ممن له سهم أو رضخ
شرنبلالية
ويأخذ الجندي ما يكفيه ومن معه من عبيده ونسائه وصبيانه الذين دخلوا معه
بحر
قوله ( لا غير ) فشرج التاجر والداخل لخدمة الجندي بأجر إلا أن يكون قد خبز الحنطة أو طبخ اللحم فلا بأس به حينئذ لأنه ملكه بالاستهلاك ولو فعلوا لا ضمان عليهم
بحر
قوله ( بعلف ) ولا بأس بعلف دوابه البر إذا لم يوجد الشعير
در منتقى
قوله ( وطعام ) أطلقه فشمل المهيء للأكل وغيره حتى يجوز لهم ذبح المواشي ويردون جلودها في الغنيمة
بحر
قوله ( ودهن ) بالضم لما يدهن به أما بالفتح فهو مصدر والأول هنا أولى لتناسق المعطوفات خلافا للعيني كما أفاده في النهر
والمراد بالدهن ما يؤكل لقول الزيلعي إن ما لا يؤكل عادة لا يجوز له تناوله مثل الأدوية والطيب ودهن البنفسج وما أشبه ذلك اه
ولا شك أنه لو تحقق بأحدهم مرض يحوجه إلى استعمالها جاز كما بحثه في الفتح وصرح به في المحيط
بحر
قوله ( وقيد في الوقاية الخ ) قال في الدر المنتقى اعلم أنه ذكر في فتح
____________________
(4/143)
القدير أن استعمال السلاح والكراع والفرس إنما يجوز بشرط الحاجة بأن مات فرسه أو انكسر سيفه أما إذا أراد أن يوفر سيفه وفرسه باستعمال ذلك فلا يجوز ولو فعل أثم ولا ضمان عليه إن تلف وأما غير السلاح ونحوه مما مر كالطعام فشرط في السير الصغير الحاجة إلى التناول من ذلك وهو القياس ولم يشترطها في السير الكبير وهو الاستحسان وبه قالت الأئمة الثلاثة فيجوز لكل من الغني والفقير تناوله اه
ملخصا
وهكذا ذكره في الشرنبلالية ولا يخفى ترجيح الاستحسان ها هنا
قلت وهو ما اختاره الماتن يعني صاحب الملتقى وهو الحق كما علمت اه
قال في النهر ولو احتاج الكل إلى السلاح والثياب قسمها حينئذ بخلاف السبي إذا احتيج إليه ولو للخدمة لكونه من فضول الحوائج اه
وفسر الحاجة بالفقر
قلت والظاهر أنها أعم إذ لو كان غنيا ولا يجد ما يشتريه فهو كذلك
قوله ( فإن نهى لم يبح ) والحاصل منع الانتفاع بشسلاح ودواب ودواء إلا لحاجة وحل المأكول مطلقا إلا لنهي الإمام فالمنع مطلقا كمنع استباحة الفرج مطلقا لأن الفرج لا يحل إلا بالملك ولا ملك قبل الإحراز بدارنا ولو أمته المأسورة بخلاف امرأته المأسورة ومدبرته وأم ولده إن لم يطأهن الحربي كما سيجيء فليحفظ
در منتقى
لكن في البحر ينبغي أن يقيد النهي عن المأكول والمشروب بما إذا لم تكن حاجة فإن كانت لا يعمل نهيه اه
قوله ( ولا بيع وتمول ) أي لا ينتفع بالكل بالبيع في دار الحرب قبل القسمة أصلا احتيج إليه أولا ولا التمول لعدم الملك وإنما إبيح الانتفاع للحاجة والمباح له لا يملك البيع
در
منتقى
والمراد بالتمول أن يبقى ذلك الشيء عنده يجعله مالا له ولذا قال القهستاني وإذا استعمل السلاح ونحوه يرده إلى المغنم
قوله ( رد ثمنه ) أي إذا أجازه الإمام لأنه بيع الفضولي
نهر
قوله ( فإن قسمت ) أي الغنيمة تصدق به أي بالثمن لأنه لقلته لا تمكن قسمته فتعذر إيصاله إلى مستحقه فيتصدق به كاللقطة كما في الفتح
قوله ( لو غير فقير ) فلو فقيرا يأكله
بحر
قوله ( مالا يملكه أهل الحرب ) أي شيئا غير مملوك لهم لكن يخص منه ما يترك فيه العامة لما في البحر لو حش الجندي الحشيش في دار الحرب أو استقى الماء وباعه طلب له ثمنه
قوله ( فهو مشترك ) أي بين الغانمين فلا يختص به الآخذ
بحر
قوله ( أجازه ) أي وأخذ الثمن ورده في الغنمية وقسمه بين الغانمين
بحر
قوله ( وإلا ) صادق بصورتين إحداهما لو كان المبيع قائما
والثانية لو كان البيع أنفع من الثمن والظاهر أنه فيهما يفسخ البيع ويرد المبيع للغنيمة مع أنه إذا كان قائما والثمن أنفع لهم أجازه كما في البحر فيتعين حمل قوله أو الثمن أنفع على معنى أو لم يهلك والثمن أنفع
قوله ( وبعد الخروج منها ) أي من دار الحرب ( لا ) أي لا ينتفع بشيء مما ذكر لزوال المبيح ولأن حقهم قد تأكد حتى يورث نصيبهم
بحر
زاد في الكنز وغيره وما فضل رده أي والذي فضل في يده مما أخذه قبل الخروج من دار الحرب ورده الآخذ إلى الغنيمة بعد الخروج إلى دارنا لزوال الحاجة التي هي مناط الإباحة وهذا التعليل يفيد أنه لو كان فقيرا أكله بالضمان كم في المحيط هذا كله قبل القسمة أما بعدها فإن كان غنيا وكانت العين قائمة تصدق بها وبقيمتها لو هالكة وإن كان فقيرا انتفع بها
نهر
قوله ( ومن أسلم منهم ) أي في دار الحرب لأن المستأمن إذا أسلم في دار
____________________
(4/144)
الإسلام ثم ظهرنا على داره فجميع ما خلفه فيها من الأولاد الصغار والمال فيء لأن التباين قاطع للعصمة وللتبعية
بحر
قوله ( قبل مسكه ) قيد به لأنه لو أسلم بعده فهو عبد لأنه أسلم بعد انعقاد سبب الملك فيه
بحر
وقيد في البحر وتبعه في النهر بقيد آخر وهو قوله ولم يخرج إلينا وفيه كلام يأتي قريبا
قوله ( فإن كانوا أخذوا ) أي قبل إسلامه
قوله ( أو أودعه معصوما ) قيد بالوديعة لأن ما كان غصبا في يد مسلم أو ذمي فهو فيء عند الإمام خلافا لهما
بحر
قوله ( سوى طفله ) كذا نقله في النهر عن الفتح مع أنه في الفتح قال بعده وما أودعه مسلما أو ذميا ليس فيئا فقد نظر إلى صدر كلامه الموهم ولم ينظر إلى عجزه وستأتي المسألة في المستأمن متنا حيث قال وإن أسلم ثمة فجاءنا فظهر عليهم فطفله حر مسلم ووديعته مع معصوم له وغيره فيء ومن ثم قال الزيلعي هناك إن حكم المسألتين واحد وبه ظهر أن تقييد البحر بقوله ولم يخرج إلينا غير صحيح
قوله ( لا ولده الكبير ) لأنه كافر حربي ولا تبعية وكذا زوجته
بحر
ومفاده أي المراد بالكبير البالغ وأن الصغير يتبعه ولو كان يعبر عن نفسه خلافا لما قيل إنه لا يتبعه في الإسلام إلا إذا كان صغيرا لا يعبر عن نفسه كما قدمناه في الجنائز وسنذكره أيضا في فصل استئمان الكافر فاغتنم ذلك فإنه أخطأ فيه كثير
قوله ( وحملها ) لأنه جزء منها فيرق برقها والمسلم محل للتملك تبعا لغيره بخلاف المنفصل لأنه حر لانعدام الجزئية عند ذلك
بحر
قوله ( وعقاره ) وكذا ما فيه من زرع لم يحصد لأنه في يد أهل الدار إذ هو من جملة دار الحرب فلم يكن في يده إلا حكما
نهر
قوله ( وعبده المقاتل ) لأنه لما تمرد على مولاه خرج من يده وصار تبعا لأهل داره
بحر
قوله ( قبل الإسلام أو بعده ) لعله لانعقاد سبب الملك فيه للمسلمين والإسلام لا يمنع الرق السابق عليه ط
قوله ( وقالا لآخذه ) أي هو لمن أخذه خاصة وقدمنا قبل هذا الباب عن شرح السير نسبة هذا القول لمحمد
قوله ( وفي الخمس ) أي في وجوب الخمس روايتان عن الإمام وكذا عن محمد كما قدمناه
قوله ( استأجره لخدمة سفره الخ ) هذه من مسائل الفصل الآتي ووجهها غير ظاهر فإن أجير الغازي للخدمة لا سهم له لأخذه على خروجه مالا إلا إذا قاتل وترك العمل كما في شرح السير وفيه لو دخل دار الحرب فارسا ثم دفع فرسه لرجل ليقاتل عليه على أن سهم الفرس لصاحبه جاز لأنه لو لم يشرط ذلك كان سهم فرسه له ولو كان ذلك قبل الدخول فسهم الفرس لمن أدخله دار الحرب لأن السبب وهو الانفصال فارسا قد انعقد له ويكون لصاحب الفرس عليه أجر مثل أجر فرسه اه
ملخصا
فتأمل والله سبحانه وتعالى أعلم
مطلب مخالفة الأمير حرام فصل في كيفية القسمة لما فرغ من بيان الغنيمة شرع في بيان قسمتها وأفردها بفصل لكثرة شعبها وهو جعل النصيب الشائع معينا
نهر
قال في الملتقى وينبغي للإمام أن يعرض الجيش عند دخول دار الحرب ليعلم الفارس من الراجل
قال
____________________
(4/145)
في شرحه وأن يكتب أسماءهم وأن يؤمر عليهم من كان بصيرا بأمور الحرب وتدبيرها ولو من الموالي وعليهم طاعته لأن مخالفة الأمير حرام إلا إذا اتفق الأكثر أنه ضرر فيتبع اه
قوله ( المعتبر في الاستحقاق ) أي استحقاق الغانمين لأربعة أخماس الغنيمة لأن خمسها يخرجه الإمام لله تعالى كما سيجيء قال تعالى { فأن لله خمسه وللرسول } سورة الأنفال الآية 41 در
منتقى
قوله ( وقت المجاوزة ) برفع وقت على أنه خبر المبتدأ
قوله ( أي الانفصال من دارنا ) أي مجاوزة الدرب وهو الحد الفاصل بين دار الإسلام ودار الحرب
نهر
قوله ( فلو دخل دار الحرب فارسا ) هو من معه فرس ولو في سفينة كما في الشرنبلالية عن الاختيار وغيره لأنه تأهب للقتال على الفرس والمتأهب للشيء كالمباشر له
قوله ( فنفق ) كفرح ونصر نفد وفنى
قاموس ط
وشمل ما لو قتل فرسه وأخذ منه القيمة كما في البحر ومثله ما لو أخذه العدو كما في شرح السير واحترز به عما لو باعه قبل القتال فإنه يستحق سهم راجل كما يأتي
قوله ( استحق سهمين ) سهم لنفسه وسهم لفرسه وهذا عنده وعندهما ثلاثة أسهم له سهم ولفرسه سهمان لأنه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك على ما رواه البخاري وغيره وحمله أبو حنيفة على التنفيل توفيقا بين الروايات
ملتقى وشرحه
وإذا كان حديث في البخاري وحديث آخر في غيره رجاله رجال الصحيح أو رجال روى عنهم البخاري كان الحديثان متساويين والقول بأن الأول أصح تحكم لا نقول له مع أن الجمع وإن كان أحدهما أقوى أولى من إبطال الآخر وتمامه في الفتح
قوله ( ولا يسهم لغير فرس واحد ) وعند أبي يوسف يسهم لفرسين وما روى فيه يحمل على التنفيل أيضا
در
منتقى
بقوله ( صالح للقتال ) اعترض بأن هذا يغني عن قوله صحيح كبير وفيه أنه لا يلزم من كونه صحيحا كبيرا صلاحيته للقتال لجواز كونه حرونا أو لا يجري فلا يصلح للكر والفر
أفاده ط
لكن مراد المعترض أن كلام المتن يغني عما زاده الشارح فالأولى الجواب بأنه زاد ذلك تفسيرا لقول المتن صالح للقتال نعم كان الأولى تأخيره عنه كما فعله في الشرنبلالية فافهم
تنبيه يشترط في الفرس أن لا يكون مشتركا فلا سهم لفرس مشترك للقتال عليه إلا إذا استأجر أحد الشريكين حصة الآخر قبل الدخول
در منتقى
واستفيد منه أنه لا يشترط أن يكون الفرس ملكه فيشمل المستأجر والمستعار وكذا المغصوب كما يأتي
قوله ( لا لو مهرا فكبر ) أي بأن طال المكث في دار الحرب حتى بلغ المهر وصار صالحا للركوب فقاتل عليه لا يستحق سهم الفرسان
بحر
قوله ( وكأن الفرق الخ ) هو لصاحب البحر ولا يظهر إذا كان المرض بينا
أفاده ط
قلت وقد ذكر الفرق الإمام السرخسي وهو أن المريض كان صالحا للقتال عليه إلا أنه تعذر لعارض على شرف الزوال فإذا زال صار كأن لم يكن بحذف المهر فإنه ما كان صالحا وإنما صار صالحا في دار الحرب ويوضحه أن الصغيرة لا نفقة لها على زوجها لأنها لا تصلح لخدمة الزوج بخلاف المريضة لأنها كانت صالحة ولكن تعذر ذلك لعارض اه
ملخصا
قوله ( قبل دخوله ) أي في الحد الفاصل بين دارنا ودار الحرب
قوله ( ثم أخذه ) أي في المسائل المذكورة أي أخذه قبل القتال فله سهمان استحسانا لأنه التزم مؤنة الفرس من حين خروجه من
____________________
(4/146)
أهله وقاتل عليه فلا يحرم سهمه بعارض غصب ونحوه فيما بين ذلك أما لو قاتل عليه الغاصب حتى غنموا وخرجوا فله سهم الفارس إذ لا فرق بين الفرس المغصوب والمملوك ولصاحب الفرس سهم راجل إلا إذا أصابوا غنائم بعد أخذه فرسه فله منها سهم فارس وللغاصب سهم راجل كما لو كان الغصب بعد دخول دار الحرب
وتمامه في شرح السير
قوله ( فله سهمان ) وكذا لو جاوزه أي جاوز الدرب مستأجرا أو مستعيرا وحضر به أي حضر به الوقعة وكذا الغاصب لكن يستحقه من وجه محظور فيتصدق به
جوهرة
وفي المنح لو رجع الواهب فالموهوب له فارس فيما أصابه قبل الرجوع وراجل فيما أصابه بعده والراجع راجل مطلقا اه
در منتقى أي لأنه جاوز الدرب راجلا باختياره كالمؤجر والمعير بخلاف المغصوب منه
قوله ( لا لو باعه ) أي باختياره فلو مكرها فله سهم فارس كما في البحر وكالبيع ما لو رهنه أو آجره أو وهبه
بحر
قوله ( ولو بعد تمام القتال ) تبع في هذا المصنف حيث قال وفي فتح القدير لو باعه بعد الفراغ من القتال لا يسقط عند البعض
قال المصنف يعني صاحب الهداية الأصح أنه يسقط لأنه ظهر أن قصده التجارة وهو غلط في النقل عن الفتح وهذه عبارة الفتح ولو باعه بعد الفراغ من القتال لم يسقط سهم الفارس بالاتفاق وكذا إذا باعه حال القتال لا يسقط عند البعض
قال المصنف الأصح أنه يسقط لأنه ظهر أن قصده التجارة اه
ومثله في التبيين والجوهرة وعبارة القهستاني موافقة له فلا معنى للاستدراك اه ح ملخصا
قلت والظاهر أنه سقط من نسخة المصنف ما بين لفظتي القتال فحصل الاختلال فاستدراج الشارح عليه في محله نعم كان الأولى له مراجعة عبارة الفتح فافهم
قوله ( ولتحفظ هذه القيود ) أي المذكورة في قوله ولا يسهم لغير فرس واحد صحيح كبير صالح للقتال كما هو صريح عبارته في شرحه على الملتقى وأصل ذلك للمصنف فإنه بعد أن قيد المتن قوله صالح للقتال قال إن صاحب الكنز وغيره من أصحاب المتون أخل بما ذكرنا من القيد وإن العجب من أصحاب المتون فإنهم يتركون في متونهم قيودا لا بد منها وهي موضوعة لنقل المذهب فيظن من يقف على مسائله الإطلاق فيجري الحكم على إطلاقه وهو مقيد فيرتكب الخطأ في كثير من الأحكام في الإفتاء والقضاء اه
فافهم
قوله ( وذمي ) ولو أسلم أو بلغ المراهق قبل القسمة والخروج إلى دار الإسلام يسهم له كما في شرح السير والظاهر أن العبد إذا أعتق كذلك
قوله ( ورضخ لهم ) أي يعطون قليلا من كثير فإن الرضيخة هي الإعطاء كذلك والكثير السهم فالرضخ لا يبلغ السهم
فتح
قوله ( عندنا ) وفي قول للشافعي ورواية عن أحمد أنه من أربعة الأخماس
فتح
قوله ( إذا باشروا القتال ) شمل المرأة فإنها يرضخ لها إذا قاتلت أيضا وأطلاق مباشرة القتال في العبد فشمل ما إذا قاتل بإذن سيده أو بدونه كما في الفتح وبه صرح في شرح السير الكبير وقال القياس أنه إذا قاتل بلا إذن المولى لا يرضخ له كمستأمن قاتل بلا إذن الإمام والاستحسان أنه يرضخ لأنه غير محجور عما يتمحض منفعة وهو نظير القياس والاستحسان في العبد المحجور إذا آجر نفسه وسلم من العمل اه
ملخصا
وبه ظهر أن قوله في الولوالجية إن العبد إذا كان مع مولاه يقاتل بإذنه يرضخ له غير قيد خلافا لما فهمه في البحر ولم أر من نبه عليه فتنبه وظهر به أيضا أن قوله في اليعقوبية ينبغي أن يسهم للعبد المأذون بحث مخالف للمنقول
____________________
(4/147)
تنبيه اقتصر المصنف على المذكورين لأن الأجير لا يسهم له ولا يرضخ لعدم اجتماع الأجر والنصيب من الغنيمة إلا إذا قاتل فإنه يسهم له
بحر أي بخلاف المذكورين فإنهم إذا قاتلوا يرضخ ولا يسهم لهم
قوله ( أو تداوي الجرحى ) هذا داخل فيما قبله مع أنه يوهم التخصيص بهذا النوع فالأولى أن يقول بدله أو تطبخ أو تخبز للغزاة كما في شرح السير ومثل ذلك السقي ومناولة السهام كما في الفتح
والحاصل أن المراد حصول منفعة منها للغزاة احترازا عما إذا خرجت لخدمة زوجها مثلا قوله ( عند الحاجة ) أما بدونها فلا لأنه لا يؤمن غدره
مطلب في الاستعانة بمشرك قوله ( وقد استعان عليه الصلاة والسلام الخ ) ذكر في الفتح أن في سنده ضعفا وأن جماعة قالوا لا يجوز لحديث مسلم أنه عليه الصلاة ولسلام خرج إلى بدر فلحقه رجل مشرك فقال رجع فلن أستعين بمشرك الحديث
وروى رجلان ثم قال وقال الشافعي رده عليه الصلاة والسلام المشرك والمشركين كان في غزوة بدر ثم إنه عليه الصلاة والسلام استعان في غزوة خيبر بيهود من بني قينقاع وفي غزوة حنين بصفوان بن أمية وهو مشرك فالرد إن كان لأجل أنه كان مخيرا بين الاستعانة وعدمها فلا مخالفة بين الحديثين وإن كان لأجل أنه مشرك فقد نسخه ما بعد
قوله ( فيزاد على السهم ) أي إذا كان في دلالته منفعة عظيمة للمسلمين فيرضخ له على قدر ما يرى الإمام ولو أكثر من سهام الفرسان
شرح السير
قوله ( لأنه كالأجرة ) أشار إلى الفرق بين ما إذا قاتل الذمي حيث لا يبلغ في الرضخ له السهم وما إذا دل حيث تصح الزيادة وهو أن ما يدفع له في هذه الحالة ليس رضخا بل قائم مقام الأجرة بخلاف ما إذا قاتل فإنه لا يبلغ به السهم لأنه عمل عمل الجهاد ولا يسوى في عمله بين من يؤجر عليه ومن لا يقبل منه
أفاده في الفتح
تنبيه قال في الحواشي اليعقوبية لا وجه لتخصيص حكم الدلالة على الطريق بالذمي لأن العبد أيضا إذا دخل يعطى له أجر الدلالة بالغا ما بلغ إلا أن تمنع إرادة التخصيص فليتأمل اه
قوله ( سواء ) أي في القسم فلا يفضل أحدها على الآخر
فتح
وهو خبر عن قول المصنف والبراذين والعتاق وعلى حل الشارح خبر لمبتدأ محذوف أي هذه الأربعة سواء لأنه قدر لكل واحد منها على انفراده خبرا فلا يصلح أن يكون خبرا عنها جميعا ولا يخفى أن ما زاده الشارح من الهجين بوزن عجين والمقرف بوزن محسن يفهم حكمه بالأولى لأنه فوق البراذين
قوله ( لا يسهم للراحلة ) هي المركوب من الإبل ذكرا كان أو أنثى والتاء فيها للوحدة أو للنقل من الوصفية إلى الإسمية والجمل يختص بالذكر ط
قوله ( لعدم الإرهاب ) أي تخويف العدو إذ لا تصح للكر والفر
____________________
(4/148)
مطلب في قسمة الخمس قوله ( والخمس الباقي ) أي الباقي بعد أربعة أخماس الغانمين
قوله ( عندنا ) وأما عند الشافعي فيقسم أخماسا سهم لذوي القربى وسهم للنبي يخلفه فيه الإمام ويصرفه إلى مصالح المسلمين والباقي للثلاثة للآية
زيلعي
قوله ( لليتيم ) أي بشروط فقره وفائدة ذكره دفع توهم أن اليتيم لا يستحق من الغنيمة شيئا لأن استحقاقها بالجهاد واليتيم صغير فلا يستحقها ومثله ما في التأويلات للشيخ أبي منصور لما كان فقراء ذوي القربى يستحقون بالفقر فلا فائدة في ذكرهم في القرآن
أجاب بأن أفهام بعض الناس قد تفضي إلى أن الفقير منهم لا يستحق لأنه من قبيل الصدقة ولا تحل لهم
بحر
قوله ( والمسكين ) المراد منه ما يشمل الفقير
قوله ( وجاز صرفه الخ ) علله في البدائع بأن ذكر هؤلاء الأصناف لبيان المصارف لا لإيجاب الصرف إلى كل صنف منهم شيئا بل لتعيين المصرف حتى لا يجوز الصرف إلى غير هؤلاء اه
شرنبلالية
قوله ( وقد حققته في شرح الملتقى ) ونصه
والخمس الباقي من المغنم كالمعدن والركاز يكون مصرفها لليتامى المحتاجين والمساكين وابن السبيل فتقسم عندنا أثلاثا هذه الأموال الثلاثة لهؤلاء الأصناف الثلاثة خاصة غير متجاوز عنهم إلى غيرهم فتصرف لكلهم أو لبعضهم فسبب استحقاقهم احتياج بيتم أو مسكنة أو كونه ابن السبيل فلا يجوز الصرف لغنيهم ولا لغيرهم كما في الشرنبلالية والقهستاني
قلت ونقلت فيما علقته على التنوير عن المنية أنه لو صرف للغانمين لحاجتهم جاز اه
ولعله باعتبار الحاجة فلا تنافي حينئذ فتنبه اه
أقول لا معنى للترجي بعد تصريح المنية بقوله لحاجتهم اه ح
قوله ( من بني هاشم ) بيان لذوي القربى وفيه قصور لأن المراد بهم هنا بنو هاشم وبنو المطلب لأنه عليه الصلاة والسلام وضع سهم ذوي القربى فيهم وترك بني نوفل وبني عبد شمس مع أن قرابتهم واحدة لأن عبد مناف الجد الثالث للنبي له أولاد
هاشم والمطلب ونوفل وعبد شمس
بحر
والمطلب عم الجد الأول وهو عبد المطلب بن هاشم
قوله ( أي من الأصناف الثلاثة ) وكذا الضمير في عليهم راجع إليهم والضمير الثاني يغني عن الأول ولكن زاده مع ما فيه من الركاكة ليفيد أن ذوي القربى إذا كانوا من الأصناف الثلاثة يقدمون على من كان منهم ممن ليس من ذوي القربى فيتيم ذوي القربى مقدم على يتيم غيرهم وهكذا قال في الدر المنتقى والأوضح أن يقال خمس الغنيمة والمعدن للمحتاج وذوو القربى منه أولى
قوله ( لجواز الخ ) علة لقوله وقدم أي لأن غير ذوي القربى يحل له أخذ الصدقة لدفع حاجته بخلافهم فليس في تقديمهم إضرار بغيرهم
قوله ( ولا حق لأغنيائهم عندنا ) وعند الشافعي يستوي فيه فقيرهم وغنيهم ويقسم بينهم للذكر كالأنثيين لأنه لم يفرق في الآية بين الفقير والغني ولنا أن الخلفاء الراشدين قسموه كما قلناه بمحضر من الصحابة فكان إجماعا والنبي كان يعطيهم للنصرة لا للفقر لقوله إنهم لم يزالوا معي هكذا في الجاهلية ولإسلام وشبك بين أصابعه حين أعطى بني هاشم والمطلب لأنهم قاموا معه حين أرادت قريش قتله عليه الصلاة والسلام ودخل بنو نوفل وعبد شمس في عهد قريش
____________________
(4/149)
ولو كان لأجل القرابة لما خصهم لأن عبد شمس ونوفلا أخوان لهاشم لأبيه وأمه والمطلب كان أخاه لأبيه فكان أقرب
والمراد بالنصرة كونهم معه يؤانسونه بالكلام والمصاحبة لا بالمقاتلة ولذا كان لنسائهم فيه نصيب ثم سقط ذلك بموته عليه الصلاة والسلام لعدم تلك العلة وهي النصرة فيستحقونه بالفقر
زيلعي ملخصا
وحاصله أنه كما سقط سهمه بموته عندنا سقط سهم ذوي القربى بموته أيضا لفقد علة استحقاقهم حتى قال الطحاوي لا يستحق فقيرهم أيضا لكن الأول وهو قول الكرخي أظهر وقد حقق في الفتح قسمة الخلفاء الراشدين أثلاثا كما قلنا لا أخماسا كما قال الشافعي فراجعه
تنبيه في الشرنبلالية عن البدائع تعطى القرابة كفايتهم اه
وفيها عن الجوهرة أنه يقسم بينهم للذكر كالأنثيين
قلت واعترضه في الدر المنتقى بأنهم ذكروا هذا عن الشافعي لا عندنا
قلت على أنه ينافيه ما في البدائع
قوله ( وما نقله المصنف ) حيث قال وفي الحاوي القدسي وعن أبي يوسف الخمس يصرف إلى ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وبه نأخذ اه
وهذا يقتضي كما نبه عليه شيخنا يعني صاحب البحر أن الفتوى على الصرف إلى الأقرباء الأغنياء فليحفظ اه
قوله ( نظر فيه في النهر ) حيث قال وأقول فيه نظر بل هو ترجيح لإعطائهم وغاية الأمر أنه سكت عن اشتراط الفقر فيهم للعلم به اه
وأنت إذا تأملت كلام الحاوي رأيته شاهدا لما في البحر وهذه عبارته وأما الخمس فيقسم ثلاثة أسهم سهم اليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل يدخل فقراء ذوي القربى فيهم ويقدمون ولا يدفع لأغنيائهم شيء وعن أبي يوسف أن الخمس يصرف إلى ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وبه نأخذ اه
إذ لو كان كما قاله في النهر لكانت رواية أبي يوسف عين ما قبلها فتدبر اه ح
قلت لكن أنت خبير بأن هذه الرواية عن أبي يوسف وهي خلاف المشهور عنه والمتون والشروح أيضا على خلافها فالواجب اتباع المذهب في هذه المسألة الذي اعتنى الشراح وغيرهم بتأييد أدلته والجواب عما ينافيه فهذا أقوى ترجيح ولا يعارضه ترجيح الحاوي ثم رأيت العلامة الشيخ إسماعيل النابلسي نبه على نحو ما قلته في شرحه على الدرر والغرر
قوله ( وذكره تعالى ) أي قوله تعالى { فأن لله خمسه } سورة الأنفال الآية 41
قوله ( لأنه حكم علق بمشتق وهو الرسالة ) عبارة النهر وهو الرسول فيكون مبدأ الاشتقاق علة وهو الرسالة رسول بعده اه أي كما لو قيل إذا لقيت عالما فأكرمه وإذا لقيت فاسقا فأهنه فإنه علق فيه الأمر بالإكرام والإهانة على مشتق وهو عالم وفاسق فيدل على أن ما اشتق منه ذلك الوصف أعني العلم والفسق علة الحكم أي أكرمه لعلمه وأهنه لفسقه وبه يظهر ما في عبارة الشرح ثم إن هذا أغلبي لما علمت من أن قوله تعالى { ولذي القربى } سورة الأنفال الآية 41 ليس علته القرابة عندنا بل النصرة إلا أن يقال مرادهم نفي كون العلة مجرد القرابة بل العلة قرابة خاصة مقيدة بالنصرة على الوجه المار فتدبر
مطلب في أن رسالته باقية بعد موته تنبيه قدمنا عن الشافعي رحمه الله تعالى أن سهمه يخلفه فيه الإمام بعده أي بناء على أنه كان يستحقه لإمامته وعندنا لرسالته ولا رسول بعده أي لا يوصف بعده أحد بهذا الوصف
____________________
(4/150)
فلذا سقط بموته بخلاف الإمامة والقيام بأمور الأمة وبهذا التقرير اندفع ما أورده المقدسي على قولهم ولا رسول بعده من أنهم إن أرادوا أن رسالته مقصورة على حياته فممنوع إذ قد صرح في منية المفتي بأن رسالة الرسول لا تبطل بموته ثم قال ويمكن أن يقال إنها باقية حكما بعد موته وكان استحقاقه بحقيقة الرسالة لا بالقيام بأمور الأمة اه
ولا يخفى ما في كلامه من إيهام انقطاع حقيقتها بعده فقد أفاد في الدر المنتقى أنه خلاف الإجماع
قلت وأما ما نسب إلى الإمام الأشعري إمام أهل السنة والجماعة من إنكار ثبوتها بعد الموت فهو افتراء وبهتان والمصرح به في كتبه وكتب أصحابه خلاف ما نسب إليه بعض أعدائه لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أحياء في قبورهم وقد أقام النكير على افتراء ذلك الإمام العارف أبو القاسيم القشيري في كتابه شكاية السنة وكذا غيره كما بسط ذلك الإمام ابن السبكي في طبقاته الكبرى في ترجمة الإمام الأشعري
قوله ( كالصفي ) بفتح الصاد وكسر الفاء والياء المشددة
نهر أي كما سقط الصفي بموته
قوله ( يصطفيه لنفسه ) أي قبل قسمة الغنيمة وإخراج الخمس
نهر
كما اصطفى ذا الفقار وهو سيف منبه بن الحجاج حين قتله علي رضي الله تعالى عنه وكما اصطفى صفية بنت حيي بن اخطب من غنيمة خيبر
رواه أبو داود في سننه والحاكم
فتح
وفي الشرنبلالية قال في طلبة الطلبة وكان النبي لا يستأثر بالصفي زيادة على سهمه
قوله ( ومن دخل دارهم بإذن الإمام ) ولو واحدا من أهل الذمة
ط عن الشلبي
قوله ( أو منعة ) في المصباح هو في منعة بفتح النون أي في عز قومه فلا يقدر عليه من يريده
قال الزمخشري وهي مصدر مثل الأنفة والعظمة أو جمع مانع وهم العشيرة والحماة وقد تسكن في الشعر لا غير خلافا لمن أجازه مطلقا
قوله ( خمس ) أي يأخذ الإمام خمسه والباقي لهم
قال في الفتح لأن على الإمام أن ينصرهم حيث أذن لهم كما أن عليه أن ينصر الجماعة الذين لهم متعة إذا دخلوا بغير إذنه تحاميا عن توهين المسلمين والدين فلم يكونوا مع نصرة الإمام متلصصين فكان المأخوذ قهرا غنيمة
قوله ( ما أخذوا ) بضمير الجمع
مر
إعادة لمعنى من كما روعي لفظها في قوله فأغار
قوله ( وإلا لا ) أي وإن لم يدخلوا بإذن الإمام ولم يكونوا ذوي منعة بأن دخلوا بلا إذنه وهم ثلاثة فأقل كما أفاده في الفتح
قال وعن أبي يوسف أنه قدر الجماعة التي لا منعة لها بسبعة والتي لها منعة بعشرة
قوله ( لأنه اختلاس ) من خلست الشيء خلسا من باب ضرب اختطفته بسرعة على غفلة
مصباح
قوله ( وفي المنية الخ ) أفاد به تقدير المنعة
قوله ( وإلا جاز ) لأن الخمس في الثاني واجب بقول الإمام فله أن يبطله بقوله بخلافه في الأول ولذا لو دخلوا بغير إذنه خمس ما أخذوه
بحر عن المحيط
وحاصله أنهم إذا لم يكن لهم منعة لا يجب الخمس إلا إذا أذن فيكون قد وجب بسبب قوله فله أن يبطله بخلاف ما إذا كانت لهم منعة فإنه يجب وإن لم يأذن لهم فلم يجب بقوله فليس له إبطاله
وفي النهر عن التتارخانية لو كان بعضهم بإذنه وبعضهم بلا إذنه ولا منعة لهم فالحكم في كل واحد منهم حالة الاجتماع كما في حالة الانفراد وإن كان لهم منعة يجب الخمس اه
قوله ( وندب للإمام ) وكذا لأمير السرية إلا إذا نهاه الإمام فليس له ذلك إلا برضا العسكر فيجوز من الأربعة الأخماس
بحر
____________________
(4/151)
مطلب في التنفيل قوله ( أن بنفل ) التنفيل إعطاء الإمام الفارس فوق سهمه وهو من النفل ومنه النافلة للزائد على الفرض ويقال لولد الولد كذلك ويقال نفله تنفيلا ونفله بالتخفيف نفلا لغتان فصيحتان
فتح
قوله ( وقت القتال ) قيد به القدوري ولا بد منه لأنه بعده لا يملكه الإمام وقيل ما داموا في دار الحرب بملكه كذا في السراج وقد يؤيد هذا القيل أن قوله من قتل قتيلا فله سلبه إنما كان بعد الفراغ من حنين ولم أر جوازه قبل المقاتلة
نهر
قلت وفيه نظر لأن المنقول أن ذلك كان عند الهزيمة تحريضا للمسلمين على الرجوع إلى القتال
وفي القهستاني إن في قوله وقت القتال إشارة إلى أنه يجوز التنفيل قبله بالأولى وإلى أنه لا يجوز بعده لكن بعد القسمة لأنه استقر فيه حق الغانمين اه
ففيه التصريح بجوازه قبله وعزاه ح إلى المحيط وقوله لكن بعد القسمة الظاهر أنه مبني على القيل المار عن السراج ويؤيده قول المتون وينفل بعد الإحراز من الخمس فقط فإن مفهومه أنه قبل الأحراز بدارنا يجوز من الكل لكن الظاهر أن هذا المفهوم غير معتبر لأنه وقع التصريح بخلافه ففي المنبع عن الذخيرة لا خلاف أن التنفيل قبل الإصابة وإحراز الغنيمة قبل أن تضع الحرب أوزارها جائز ويوم الهزيمة ويوم الفتح لا يجوز لأن القصد به التحريض على القتال ولا حاجة إليه إذا انهزم العدو وأما بعد الإحراز فلا يجوز إلا من الخمس إذا كان محتاجا اه
ملخصا
وفي متن الملتقى ومتن المختار وللإمام أن ينفل قبل إحراز الغنيمة وقبل أن تضع الحرب أوزارها فقولهم وقيل أن تضع الحرب أوزارها فائدته دفع توهم الجواز بعد انتهاء الحرب لأن قولهم قبل إحراز الغنيمة يشمل ما بعد الإصابة أي إصابة العسكر الغنيمة بالهزيمة وانتهاء الحرب مع أنه غير مراد كما بينه عطف هذه الجملة
وفي الفتح التنفيل إنما يجوز عندنا قبل الإصابة فقد ظهر ضعف ما في السراج مع أن صاحب السراج لم يعول عليه في مختصره الجوهرة حيث قال عن الخجندي التنفيل إما أن يكون قبل الفراغ من القتال أو بعده فإن كان بعده لا يملكه الإمام لأنه إنما جاز لأجل التحريض على القتال وبعد الفراغ منه لا تحريض اه
قلت وكل ما ورد من التنفيل بعد القتال فهو محمول عندها على أنه من الخمس كما بسطه السرخسي
مطلب الاقتباس من القرآن جائز عندنا تنبيه قولهم أن تضع الحرب أوزارها اقتباس من القرآن وبه يستدل على جوازه عندنا كما بسطه الشارح في الدر المنتقى فراجعه
قوله ( وتحريضا ) أي ترغيبا في القتال
مطلب في قولهم اسم الفاعل حقيقة في الحال قوله ( سماه قتيلا لقربه منه ) أي من القتل ففيه مجاز الأول مثل أعصر خمرا لكن قال الزركشي قولهم اسم الفاعل حقيقة في الحال أي حال التلبس بالفعل لا حال النطق فإن حقيقة الضارب والمضروب لا تتقدم على الضرب ولا تتأخر عنه فهما معه في زمن واحد ومن هذا ظهر أن قوله عليه الصلاة والسلام من قتل قتيلا فله سلبه أن قتيلا حقيقة وأن ما ذكروه من أنه سمى قتيلا باعتبار مشارفته للقتل لا تحقيق فيه اه
وصرح القرافي في شرح التنقيح بأن المشتق إنما يكون حقيقة في الحال مجازا في الاستقبال مختلفا فيه في الماضي إذا كان محكوما
____________________
(4/152)
به أما إذا كان متعلق الحكم كما هنا فهو حقيقة مطلقا يعني سواء كان بمعنى الحال أو الاستقبال أو الماضي إجماعا وحينئذ فلا مجاز
أبو السعود عن الحموي
وقوله إذا كان محكوما به كقولك زقد قائم فإنه حكم به على زيد بخلاف جاء القائم فإنه جعل متعلق الحكم بالمجيء ففي الأول لا بد من أن يكون متصفا بالقيام حال النطق حتى يصح الحكم عليه بالصفة وإلا كان مجازا بخلاف الثاني فإن قولك جاء القائم غدا حكم بالمجيء على ذات القائم غدا أي على من يسمى قائما غدا أي حال التلبس بالصفة ومنه من قتل قتيلا أي شخصا يسمى قتيلا عند تحقق القتل فيه فافهم
قوله ( أو يقول من أخذ شيئا فهو له ) هذا الفرع منقول في حواشي الهداية وللكمال فيه كلام سنذكره مع جوابه عند قول الشارح وجاز التنفيل بالكل
قوله ( وقد يكون بدفع مال ) كأن يقول له خذ هذه المائة واقتل هذا الكافر
تأمل
ولم أره
قوله ( وترغيب مآل ) الظاهر أنه بهمزة ممدودة والإضافة على معنى في أي ترغيب في المآل مثل إن قتلت قتيلا فلك ألف درهم لكن يشترط أن لا يصرح بالأجر كما سنذكره قريبا
قوله ( فالتحريض الخ ) جواب عما يورد على قوله وندب للإمام الخ
وحاصله أن التحريض الواجب قد يكون بالترغيب في ثواب الآخرة أو في التنفيل فهو واجب مخير وإذا كان التنفيل أدعى الخصال إلى المقصود يكون هو الأولى فصار المندوب اختيار إسقاط الواجب به لا هو في نفسه بل هو واجب مخير
فتح ملخصا
وفيه رد لقول العناية إن الأمر في الآية مصروف لمن الوجوب لقرينة
قوله ( ولا يخالفه ) أي لا يخالف قول المصنف وندب
مطلب كلمة لا بأس قد تستعمل في المندوب قوله ( بل يستعمل في المندوب ) يظهر لي أن محله في موضع يتوهم فيه البأس أي الشدة كما هنا فإن فيه تخصيص الفارس بزيادة مع قطع الخمس بل استعمل نظيره في القرآن في الواجب كما في قوله تعالى { فلا جناح عليه أن يطوف بهما } سورة البقرة الآية 158 فنفى الجناح لما كانوا يعتقدونه من حرمة السعي بين الصفا والمروة
قوله ( قاله المصنف ) أي تبعا للفتح وغيره
قوله ( ولذا ) أي لكونه مندوبا لا خلاف الأولى
قوله ( استحسانا ) والقياس عدمه لأن غيره يستحق بإيجابه وهو لا يملك الإيجاب لنفسه كالقاضي لا يملك القضاء لنفسه وجه الاستحسان أنه أوجب النفل للجيش وهو واحد منهم
قوله ( فلا يستحقه ) لأنه في الأول خصهم بقوله منكم فلا يتناوله الكلام وفي الثاني هو متهم بتخصيصه نفسه
قوله ( إلا إذا عمم بعده ) أي إذا قال إن قتلت قتيلا فلي سلبه ولم يقتل أحدا حتى قال ومن قتل منكم قتيلا فله سلبه فقتل الأمير قتيلا استحقه لأن التنفيل صار عاما باعتبار كلاميه ولا فرق بين كونه بكلامين أو بكلام واحد لأن الأول لم يصح للتهمة بالتخصيص وقد زالت بالثاني
أفاده السرخسي
وحاصله أن التعميم حصل بمجموع الكلامين لا بالثاني فقط فافهم
قوله ( ويستحقه ) أي السلب
قوله ( وغيره ) كالتاجر والمرأة والعبد
بحر
قوله ( أي التنفيل ) أي تنفيل الإمام بقوله من قتل قتيلا إنما يكون في مباح القتل أي وإن كان لفظ قتيلا نكرة لكنه مقيد بمن يباح قتله فيدخل فيه أجير لهم وتاجر منهم وعبد يخدم
____________________
(4/153)
مولاه ومرتد أو ذمي لحق بهم ومريض أو مجروح وإن لم يستطع القتال وشيخ فإن له رأي أو يرجى نسله لأن قتله مباح نعم لو قتل مسلما كان يقاتل في صفهم لم يكن له سلبه لأنه وإن كان مباح الدم لكن سلبه ليس بغنيمة كأهل البغي إلا إذا كان سلبه للمشركين أعاروه إياه
سرخسي
وما ذكره في الدر المنتقى عن البرجندي عن الظهيرية من أنه يستحق السلب بقتل من لم يقاتل استحسانا لم أره في الظهيرية بل الذي فيها عدم الاستحقاق كما عزاه إليها القهستاني فافهم
قوله ( ممن لم يقاتل ) حتى لو قاتل الصبي فله سلبه لأنه مباح الدم وكذا المرأة كما في شرح السير
قوله ( ويعم كل قتلا في تلك السنة ) الأولى السفرة كما عبر في البحر والنهر وفي شرح السير لو نفل في دار الحرب قبل القتال يبقى حكمه إلى أن يخرجوا من دار الحرب حتى لو رأى مسلم مشركا نائما فقتله فله سلبه كما لو قتله في الصف أو بعد الهزيمة أما لو نفل بعد ما اصطفوا للقتال فهو على ذلك القتال حتى ينقضي ولو بقي أياما
قوله ( وإن مات الوالي أو عزل ) في شرح السير لو جاء مع المدد أمير وعزل الأمير الأول بطل تنفيله فيما يستقبل لزوال ولايته بالعزل أما لو لم يقدم أمير بل مات أميرهم فأمر عليهم غيره لم يبطل حكم تنفيل الأول لأن الثاني قام مقامه إلا إذا أبطله الثاني أو كان الخليفة قال لهم إن مات أميركم فأميركم فلان فيبطل تنفيل الأول لأن الثاني نائب الخليفة بتقليده من جهته فكأنه قلده ابتداء فينقطع حكم رأي الأول برأي فوقه اه
ملخصا
وحاصله بطلانه بالعزل وكذا بالموت إذا نصب غيره بعده من جهة الخليفة لا من جهتهم وهو خلاف ما في الشرح تبعا للبحر والنهر
قوله ( لأنه نكرة في سياق الشرط ) فيه أن النكرة في سياق الشرط إنما تعم في اليمين المثبت لأن الحلف على نفيه دون المنفى ك إن لم أكلم رجلا لأنه على الإثبات كأنه قال لأكلمن رجلا كما في التحرير ح
قلت ذكر في التحرير أيضا أنه قد يظهر عموم النكرة من المقام وغيره ك علمت نفس وتمرة خير من جرادة وأكرم كل رجل اه
وهنا كذلك كما يأتي تلوه فافهم
قوله ( بخلاف إن قتلت قتيلا ) أي فقتل المخاطب قتيلين مثلا لا يعم الكل بل له سلب الأول فقط استحسانا والقياس أنه كالأول لأنه علق استحقاقه بشرط يتكرر فلا ينتهي بقتل الأول
وجه الاستحسان أنه في الأول لما لم يعين إنسانا بعينه فقد خرج الكلام عنه عاما ألا ترى أنه يتناول جميع المخاطبين فكما يعم جماعتهم يعم جماعة المقتولين وحقيقة معنى الفرق أن مقصود الإمام من تحريشهم المبالغة في النكاية في المشركين ولا فرق في ذلك بين أن يكون القاتل للعشرة مثلا عشرة من المسلمين أو واحدا منهم
وأما الثاني فالمقصود فيه معرفة جلادة ذلك الرجل وذلك يتم بدون إثبات العموم في المقتولين اه
ملخصا من شرح السير الكبير
وقد خطر لي هذا الفرق قبل رؤيته ولله تعالى الحمد
وحاصله يرجع إلى أن العموم في أحدهما استفيد من قرينة المقام كما نبهنا عليه آنفا فافهم
قوله ( ولو قال إن قتلت ذلك الفارس الخ ) أقول هذا إذا صرح بكونه أجرا وإلا فهو تنفيل لما في السير الكبير للسرخسي ولو قال الأمير لمسلم حر أو عبد إن قتلت ذلك الفارس من المشركين فلك علي أجر مائة دينار فقتله لم يكن له أجر لأنه لما صرح بالأجر لا يمكن حمل كلامه على التنفيل والاستئجار على الجهاد لا يجوز وإن قال ذلك لذمي فكذلك عندهما وعند محمد جاز وأصل جواز الاستئجار على القتل عنده لا عندهما لأنه إزهاق الروح وليس
____________________
(4/154)
من عمله ولو كان الأسرى قتلى فقال من قطع رؤوسهم فله أجر عشرة دراهم ففعل ذلك مسلم أو ذمي استحقه لأن ذلك ليس من عمل الجهاد ولو أراد قتل الأسرى فاستأجر عليه مسلما أو ذميا فهو على الخلاف اه
ملخصا
وهذا صريح بأنه لو لم يصرح بالاستئجار يكون تنفيلا ويشهد له فروع كثيرة في السير الكبير أيضا منها من جاء بألف درهم فله ألفان فجاء رجل بألف لم يكن له غيرها بخلاف من جاء بأسير فهو له وخمسمائة درهم فإنه يعطى ذلك لأن المقصود هنا نكاية العدو وفيما قبله لا مقصود إلا المال ولو قال من قتل الملك فله عشرة آلاف دينار صح وإن لم يحصل بقتله مال
قال حين اصطفوا للقتال من جاء برأس فله مائة دينار فهو على رأس الرجال دون السبي لأن المقصود في هذه الحالة التحريض على القتال اه
ففي هذه الفروع ذكر مال معلوم وقد جعل تنفيلا لا إجارة لعدم التصريح بها فقد ظهر أن ما ذكره الشارح تبعا للنهر عن المنية وكذا ما نقله ح عن قاضيخان ليس على إطلاقه
وأما القول بأن الاستئجار على الطاعات جائز عند المتأخرين ففيه أنهم أجازوه في مسائل خاصة للضرورة وليس الجهاد منها ولا يصح حمل كلامهم على كل عبادة كما نبهنا عليه سابقا فافهم
قوله ( ولو نفل السرية الخ ) من فروع قوله وسماع القاتل الخ
قوله ( هي قطعة من الجيش الخ ) قد علمت ما فيه قبل هذا الباب
قوله ( الربع ) أي ربع الغنيمة أي بأن جعل لهم ربعها يأخذونه دون بقية العسكر زيادة على سهامهم
قوله ( فلهم النفل ) أي للسرية والأولى أن يقول فلها لئلا يتوهم عود الضمير على العسكر
قوله ( استحسانا ) والقياس أنه لا نفل لهم لأن المقصود التحريض ولا يحصل إذا لم يسمعه أحد منهم وتكلم الأمير بذلك في عسكرة كتكلمه ليلا مع عياله
وجه الاستحسان أن ما يتكلم به في عسكره يفشو عادة وأن عادة الملوك التكلم بين خواصهم وتمامه في شرح السير
مطلب مهم في التنفيل العام بالكل أو بقدر منه قوله ( وجاز التنفيل بالكل ) بأن يقول للسرية ما أصبتم فهو لكم سوية بينكم
قوله ( أو بقدر منه ) بأن يقول ما أصبتم فلكم ثلثه سوية بينكم بعد الخمس أو يقول قبل الخمس أي لكم ثلثه بعد إخراج الخمس أو قبل إخراجه أي ثلث الأربعة الأخماس أو ثلث الكل
قوله ( والفرق في الدرر ) أي الفرق بين جواز التنفيل المذكور للسرية وعدم جوازه للعسكر لكنه لم يذكر في الدرر في الفرق إلا التنفيل بالكل لأنه يعلم منه الفرق في التنفيل بقدر منه وعبارة الدرر هكذا في النهاية عن السير الكبير أن الإمام إذا قال لأهل العسكر جميعا ما أصبتم فلكم نفلا بالسوية بعد الخمس فهذا لا يجوز وكذا إذا قال ما أصبتم فلكم ولم يقل بعد الخمس فإن فعله مع السرية جاز وذلك أن المقصود من التنفيل التحريض على القتال وإنما يحصل ذلك بتخصيص البعض بشيء وفي التعميم إبطال تفضيل الفارس على الراجل وإبطال الخمس أيضا إذا لم يستثن اه
قلت وما ذكره من صحته للسرية صرح به في الهداية والاختيار والزيلعي
لكن نقل في البحر عن الكمال التسوية بين العسكر والسرية في عدم الصحة حيث قال لو قال للعسكر كل ما أخذتم فهو لكم بالسوية بعد الخمس أو للسرية لم يجز لأن فيه إبطال السهمين اللذين أوجبهما الشرع إذ فيه تسوية الفارس بالراجل وكذا لو قال ما أصبتم فهو لكم ولم يقل بعد الخمس لأن فيه إبطال الخمس الثابت بالنص
ذكره في السير الكبير
قال الكمال وهذابعينه يبطل ما ذكرناه من قوله من أصاب شيئا فهو له لاتحاد اللازم فيهما وهو بطلان السهمين المنصوصين
____________________
(4/155)
بالتسوية بل وزيادة حرمان من لم يصب شيئا أصلا بانتهائه فهو أولى بالبطلان والفرع المذكور من الحواشي وبه أيضا ينتفي ما ذكر أي صاحب الهداية من قوله إنه لو نفل بجميع المأخوذ جاز إذا رأى المصلحة
وفيه زيادة إيحاش الباقين وزيادة الفتنة اه
وتبعه في النهر
أقول وبالله سبحانه وتعالى التوفيق لا تنافي بين ما نقله الجماعة وما نقله الكمال بحمل الأول على السرية المبعوثة من دار الحرب والثاني على المبعوثة من دار الإسلام وبه يندفع ما أورده الكمال على الفرع المنقول عن الحواشي وغيره كما يعلم مما ذكره الإمام السرخسي في السير الكبير في مواضع متفرقة منه
وحاصله أن السرية إن كانت مبعوثة من دار الحرب بأن دخل الإمام مع الجيش ثم بعث سرية ونفل لهم ما أصابوا جاز لأنهم قبل التنفيل لا يختصون بما أصابوا وهذا التنفيل للتخصيص على وجه التحريض وإن كانت السرية مبعوثة من دار الإسلام لم يكن له ذلك وكذا لو نفل لهم الثلث بعد الخمس أو قبل الخمس كان باطلا لأنه ما خص بعضهم بالتنفيل وليس مقصوده إلا إبطال الخمس أو إبطال تفصيل الفارس على الراجل فلا يجوز كما لو قال لا خمس عليكم فيما أصبتم أو الفارس والراجل سواء فيما أصبتم فإنه يكون باطلا فكذا كل تنفيل لا يفيد إلا ذلك باطل بخلاف قوله من قتل قتيلا فله سلبه ومن أصاب منكم شيئا فهو له دون باقي أصحابه فإنه يجوز لأن فيه معنى التخصيص للتحريض لأن القاتل يختص بالنفل دون باقي أصحابه وهذا وإن كان فيه إبطال الخمس عن الأسلاب لكن المقصود منه التحريض وتخصيص القاتلين بإبطال شركة العسكر عن الأسلاب ثم يثبت إبطال الخمس عنها تبعا وقد يثبت تبعا ما لا يثبت قصدا كالشرب والطريق في البيع والوقف في المنقول يثبت تبعا للعقار وإن كان لا يثبت قصدا ويوضحه أن الإمام لو ظهر على بلدة له أن يجعلها خراجا ويبطل منها سهام من أصابها والخمس ولو أراد قسمتها بين الغانمين ويجعل حصة الخمس خراجا لمقاتلة الأغنياء لم يكن له ذلك لأنه إبطال الخمس مقصودا فلا يجوز وفي الأول يثبت إبطاله تبعا لإبطال حق الغانمين في الغنيمة فيجوز وإن كان في الموضعين تخلص المنفعة للمقاتلة اه
ملخصا من مواضعه
والذي تحرر منه ومما مر أن تنفيل كل العسكر بكل المأخوذ أو ثلثه مثلا بعد إخراج الخمس أو قبله لا يصح وكذا تنفيل السرية المبعوثة من دارنا لأنها بمنزلة العسكر والتنفيل هو تخصيص بعض المقاتلين بزيادة للتحريض وهذا ليس كذلك لأنه جعل كل المأخوذ أو ثلثه بين كل المقاتلين سوية بينهم فصار المقصود منه إبطال التفاوت بين الفارس والراجل وإبطال الخمس أيضا إن لم يستثنه بأن لم يقل بعد الخمس وإبطال ذلك مقصودا لا يصح بخلاف السرية المبعوثة من الجيش في دار الحرب لأن معنى التنفيل موجود فيها لأن المراد تمييزها من بين العسكر بجميع المأخوذ أو بثلثه لأجل تحريضها على القتال وإن لزم منه
____________________
(4/156)
إبطال التفاوت والخمس لكونه ضمنا لا قصدا فصار بمنزلة قوله للعسكر من قتل منكم قتيلا فله سلبه فإنه تخصيص للبعض منهم وهو القاتل بزيادة على الباقي وإن لزم منه ما ذكر بخلاف قوله لكل العسكر ما أصبتم فهو لكم لأنه بمنزلة قوله ذلك للسرية المبعوثة من دار الإسلام لعدم المشارك لها فليس فيه تخصيص بعض دون بعض فلا يصح كما قررناه وبهذا التقرير ظهر صحة الفرع المنقول من حواشي الهداية وهو من أصاب شيئا فهو له لأنه تخصيص للمصيب بما أصابه فهو بمنزلة قوله من قتل قتيلا فله سلبه بخلاف قوله ما أصبتم فهو لكم أو كل ما أخذتم فهو لكم بالسوية لأنه تشريك محض بجميع المأخوذ بين جميع العسكر أو السرية لأن معناه قسمة جميع ما يأخذه كل واحد بينهم سوية فصار المقصود منه إبطال التفاوت والخمس لا يصح إبطال ذلك قصدا كما علمت وكذا ظهر صحة قوله لو نفل بجميع المأخوذ جاز أي بأن قال من أصاب شيئا فهو له بخلاف ما أصبتم فهو لكم لما علمت من أنه تشريك لا تخصيص ولا يرد عليه قوله إن فيه إبطال السهمين أي التفاوت بين الفارس والراجل وكذا إبدال الخمس لما علمت من أن ذلك جائز إذا كان ضمنا لا قصدا وهنا حيث وجد تخصيص كل آخذ بما أخذه للتحريض فقد تحقق معنى التنفيل وإن لزم منه حرمان من لم يصب شيئا
فاغتنم تحقيق هذا المحل فإنه من فيض المولى عز وجل قوله ( ولا ينفل بعد الإحراز هنا ) وكذا قبل الإحراز بعد الإصابة كما أوضحناه عند قوله وندب للإمام أن ينفل وقت الفتال
قوله ( لجوازه لصنف واحد ) أشار به إلى أنه يشترط أن يكون التنفيل المذكور لأحد الأصناف الثلاثة فلا يجوز لغني كما صرح به الزيلعي والقهستاني وغيرهما وما بحثه في البحر رده في النهر وغيره
قوله ( وسلبه ) بفتحتين بمعنى المسلوب والجمع أسلاب
قوله ( ما معه من مركبه وثيابه ) ومن ذهب وفضة في حقيبته أو وسطه وخاتم وسوار ومنطقة في الصحيح نهر عن الحقائق
قوله ( لاما على دابة أخرى ) ولا ما كان مع غلامه أو في خيمته
نهر
قوله ( حكمه قطع حق الباقين ) أي باقي الغانمين وحينئذ فلا خمس فيما أصابه لأحد ويورث عنه ولو مات بدار الحرب
شرنبلالية فليحفظ
در
منتقى
قلت ومن حكمه قطع التفاوت أيضا فيستوي فيه الفارس والراجل كما قدمنا عن شرح السير
قوله ( لا الملك قبل الإحراز ) هذا عندهما وعند محمد يثبت ووجوب الضمان بالإتلاف
هداية وغيرها قلت
والظاهر أن المراد بنفي ثبوت الملك عندهما نفي تمامه وإلا فكيف يورث مال لم يملكه مورثه ولم أر من نبه عليه
در
منتقى
قوله ( لم يحل له وطؤها ولا بيعها ) أي قبل الإحراز خلافا لمحمد كما مر
قوله ( لم تحل له إجماعا ) أي حتى يخرجها ثم يستبرئها ط عن الشلبي
قوله ( والسلب للكل ) أي لكل الجند إن لم ينفل الإمام به للقاتل وخصه الشافعي رحمه الله بالقاتل
در
منتقى
قوله ( لحديث الخ ) ذكر في الفتح أن الحديث ضعيف ولا يضر ضعفه لأنا نستأنس به لأحد محتملي حديث السلب أي قوله عليه الصلاة والسلام من قتل قتيلا فله سلبه بحمله على التنفيل وليس كل ضعيف باطلا وقد تضافرت أحاديث ضعيفة تفيد أن حديث السلب ليس نصبا عاما مستمرا والضعيف إذا تعددت طرقه يرتقي إلى الحسن فيغلب الظن بأنه تنفيل وتمام تحقيق المقام فيه
قوله ( حيث وقع الاشتباه في قسمتهم ) الأولى في قسمتهن بضمير النسوة لعوده إلى الإماء إلا أن يقال أنه عائد إلى الغزاة وفيه بعد ثم الواقع الآن أنه لا تقسم غنيمة أصلا كما ذكره في الجواب
قوله ( وقع التنفيل الكلي ) أي بقول السلطان كل من
____________________
(4/157)
أخذ شيئا فهو له أما لو قال كل ما أصبتم فهو لكم فإنه لا يصح كما مر والمراد وقوعه لأي عسكر كان في أي غزوة كانت وإلا خالفه ما مر من أنه يعم كل قتال في تلك السنة ما لم يرجعوا لكن يبقى النظر فيما بعد موت السلطان المنفل على هذا الوجه أو بعد عزله وتولية غيره هل يبقى الأول العام أم لا ويتعين عدمه ما لم ينفل الثاني مثله وهكذا إلى وقتنا هذا فقد ذكر في الخيرية أن أمر السلطان لا يبقى بعد موته وما قيل من أن كل سلطان من سلاطين آل عثمان نصرهم الله تعالى يؤخذ عليه عهد من قبله لا ينفع كما أوضحت ذلك في كتابي تنبيه الولاة والحكام على شاتم خير الأنام
مطلب في حكم الغنيمة المأخوذة بلا قسمة في زماننا قوله ( فبعد إعطاء الخمس لا تبقى شبهة ) قد علم مما قدمناه قريبا عند قوله وجاز التنفيل بالكل أنه لا يلزم إعطاء الخمس في التنفيل العام المقصود منه التخصيص دون التشريك كما لا يلزم فيه تفاوت الفارس والراجل لسقوط ذلك ضمنا لا قصدا على أن الواقع في زماننا عدم القسمة وعدم إعطاء الخمس فكيف تنتفي الشبهة على فرض لزوم الخمس بل الشبهة باقية من حيث أنا لا نعلم أن سلطان زماننا هل نفل تنفيلا عاما أم لا ولا يقال إن عدم القسمة اليوم دليل على وجود التنفيل لأن جيوش زماننا يأخذون ما تصل إليه أيديهم سلبا ونهبة حتى من بلاد الإسلام ولو ظهر مالكه المسلم لا يدفعه إليه إلا بثمنه فليس في حالهم ما يقتضي حملهم على الكمال وكذا حكام هذا الزمان وأمراء الجيوش لا ينفلون ولا يقسمون ولا يخمسون فالظاهر أن ما يؤخذ من الغنائم اليوم حكمه حكم الغلول وقد ذكر في شرح السير الكبير أن الغال إذا ندم وأتى بما غله إلى الإمام بعد تفرق الجيش فإن شاء رده عليه وأمره بصرفه إلى مستحقيه وإن شاء أخذه منه ودفع خمسه لمستحقه ويكون الباقي كاللقطة فإن لم يقدر على أهله تصدق به أو جعله موقوفا في بيت المال وكتب عليه أمره وإن لم يأت به الغال إلى الإمام إن لم يقدر على رده إلى أهله فالمستحب له أن يتصدق به وإن قدر فالحكم فيه كاللقطة ودفعه إلى الإمام أحب كما في اللقطة فيعطي الخمس منه لأهله وذكر أيضا أن بيع الغازي سهمه قبل القسمة باطل كإعتاقه
مطلب في وطء السراري في زماننا وفي حاوي الزاهدي اشترى جارية مأسورة لم يؤد منها الخمس من الأمير ينفذ ويحل وطؤها وإن اشتراها ممن وقعت في سهمه نفذ في أربعة أخماسها ولا يحل له وطؤها اه أي إذا قسمت ولم تخمس وأنما حل في بيع الأمير بناء على أن له البيع قبل الإحراز كما مر ويكون الخمس حينئذ واجبا في الثمن لا فيها فيحل وطؤها فإذا لم يوجد تنفيل ولا قسمة ولا شراء من أمير الجيش لا يحل الوطء بوجه أصلا لكن لا نحكم على كل جارية بعينها من الغنيمة بأنها لم يوجد فيها شيء من ذلك لاحتمال أن من أخذها اشتراها من الأمير فارتفع تيقن الحرمة وبقيت الشبهة القوية فإن الظاهر من حال الجيوش في زماننا عدم الشراء ولا ترتفع الشبهة بعقده عليها لأنها حيث كانت مشتركة بين الغانمين وأصحاب الخمس لم يصح تزويجها نفسها فالأحوط ما نقله بعض الشافعية عن بعض أهل الورع أنه كان إذا أراد التسري بجارية شراها ثانيا من وكيل بيت المال
قلت أي لأنه إذا حصل اليأس من معرفة مستحقها من الغانمين صارت بمنزلة اللقطة واللقطة من مصارف بيت المال لكن إذا كان المشتري فقيرا له تملكها
____________________
(4/158)
مطلب فيمن له حق في بيت المال وظفر بشيء من بيت المال ونقل في القنية عن الإمام الوبري أن من له حظ في بيت المال ظفر بما له وجه لبيت المال فله أن يأخذه ديانة اه
ونظمه في الوهبانية وفي البزازية قال الإمام الحلواني إذا كان عنده وديعة فمات المودع بلا وارث له أن يصرف الوديعة إلى نفسه في زماننا لأنه لو أعطاها لبيت المال لضاعت لأنهم لا يصرفونه مصارفه فإذا كان من أهله صرفه إلى نفسه وإلا صرفه إلى المصرف اه
وقدم الشارح هذا في باب العشر من كتاب الزكاة وظاهره أن من له حظ في بيت المال بكونه فقيرا أو عالما أو نحو ذلك ووجد ما مرجعه إلى بيت المال من أي بيت من البيوت الأربعة الآتية في آخر الجزية له أخذه ديانة بطريق الظفر في زمانا ولا يتقيد أخذه بأن يكون مرجع المأخوذ إلى البيت الذي يستحق منه وإلا فمصرف تركه بلا وارث ولقطة هو لقيط فقير وفقير لا ولي له
وقوله فإذا كان من أهله أي من أهل بيت المال غير مقيد بكونه من أهل ذلك البيت كما هو ظاهر كلام الوبري أيضا لأنه لو تقيد بذلك لزم أن لا يأخذ مستحق شيئا لأن بيت المال في زماننا غير منتظم وليس فيه بيوت مرتبة ولو رد ما وجده إلى بيت المال لزم ضياعه لعدم صرفه الآن في مصارفه كما حررناه في باب العشر من الزكاة فعلى هذا إذا اشترى جارية من الغنيمة فإن كان ممن يستحق من الخمس جاز له صرفها إلى نفسه بطريق استحقاقه من الخمس وإن لم يكن مستحقا منه وله استحقاق من غيره كالعالم الغني ينبغي له أن يملكها لفقير مستحق من الخمس ثم يشتريها منه أو يملكه خمسها فقط ثم يشتريه منه لأنه لو صرفها إلى نفسه يبقى فيها الخمس فلا يحل له وطؤها لكن قد يقال إن الغنيمة بعد الإحراز صارت مشتركة بين الغانمين وأصحاب الخمس وقد مر أن من مات بعد الإحراز يورث نصيبه ولكن لما جهلت أصحاب الحقوق وانقطع الرجاء من معرفتهم صار مرجعها إلى بيت المال وانقطعت الشركة الخاصة وصارت من حقوق بيت المال كسائر أموال بيت المال المستحقة لعامة المسلمين استحقاقا لا بطريق الملك لأن من مات وله حق في بيت المال لا يورث حقه منه بخلاف الغنيمة المحرزة قبل جهالة مستحقيها وتفرقهم فإنها شركة خاصة وحيث صار مرجعها بيت المال لم يبق فيها حق الخمس أيضا فلمن يستحق من بيت المال أن يتملكها لنفسه هذا ما ظهر لي
وقد رأيت رسالة لمحقق الشافعية السيد السمهودي قال فيها وقد كان شيخنا الوالد قد شرى لي للتسري فذاكر شيخنا العلامة محقق العصر الجلال المحلي في أمر الغنائم والشراء من وكيل بيت المال فقال له شيخنا الوالد نحن نتملكها بطريق الظفر لما لنا من الحق الذي لا نصل إليه في بيت المال لأن تلك الجارية على تقدير كونها من غنيمة لم تقسم قسمة شرعية قد آل الأمر فيها إلى بيت المال لتعذر العلم بمستحقيها فقال شيخنا المحلي نعم لكم فيه حقوق من وجوه اه
وهذا موافق لما نقلناه عن القنية وعن البزازية والله سبحانه وتعالى أعلم
باب استيلاء الكفار لما فرغ من حكم استيلائنا عليهم شرع في حكم استيلاء بعضهم على بعض وحكم استيلائهم علينا
فتح
وبه ظهر أنه من إضافة المصدر إلى فاعله لا إلى مفعوله أيضا لأنه هو ما فرغ من بيانه فافهم
قوله ( على بعضهم بعضا ) تبع في هذا التعبير صاحب النهر وصوابه بعضهم على بعض كما قال ح أو إسقاط لفظ بعضا كما قال ط
قوله ( بدار الحرب ) أفاد إطلاقه أنه لا يشترط الإحراز بدار المالك حتى لو استولى كفار الترك والهند على الروم وأحرزوها
____________________
(4/159)
بالهند ثبت الملك لكفار الترك ككفار الهند كما في الخلاصة
قهستاني ونحوه في البحر
ويأتي ما يؤيده لكن ذكر ابن كمال أن الإحراز هنا غير شرط وإنما هو مخصوص في المسألة الآتية وهي قوله وإن غلبوا على أموالنا الخ على ما أفصح عنه صاحب الهداية اه أي حيث أطلق هنا وقيد بالإحراز في الآتية وذكر في الشرنبلالية مثل ما ذكره ابن كمال فتأمل
قوله ( لاستيلائه على مباح ) أي فيملكه هو بمباشرة سببه كالاحتطاب والاصطياد
قوله ( ولو سبي الخ ) ذكر المسألة بتعليلها في الدرر عن واقعات الصدر الشهيد ولم يذكر أموال أهل الذمة لأنها كأموالنا فتملك بالإحراز وقوله من دارنا الظاهر أنه احتراز عما لو لحق الذمي بدار الحرب فسبى منها أما لو دخل دارهم على نية العود فالظاهر أنه لا يملك بالسبي لبقاء عهد الذمة فله حكمنا
تأمل
قوله ( من ذلك السبي للكافر ) فسر اسم الإشارة بما ذكر ليفيد أنه راجع إلى المسألة الأولى دون مسألة الذمي لأنهم إذا لم يملكوا الذمي إذا سبوه لم نملكه منهم فافهم
قوله ( اعتبارا بسائر أملاكهم ) أي كما نملك باقي أملاكهم وشمل ما إذا كان بيننا وبين المسببين موادعة لأنا لم نغدرهم إنما أخذنا مالا خرج عن ملكهم ولو كان بيننا وبين كل من الطائفتين موادعة كان لنا أن نشتري من السابين لما ذكرنا إلا إذا اقتتلوا بدارنا لأنهم لم يملكوه لعدم الإحراز فيكون شراؤنا غدرا بالآخرين لأنه على ملكهم وتمامه في البحر عن الفتح
وقوله لم يملكوه لعدم الإحراز يدل على اشتراط الإحراز في المسألة المارة كما ذكرناه
مطلب فيما لو باع الحربي ولده تنبيه في النهر عن منية المفتي إذا باع الحربي هناك ولده من مسلم عن الإمام لأنه لا يجوز ولا يجبر على الرد
وعن أبي يوسف أنه يجبر إذا خاصم الحربي
ولو دخل دارنا بأمان مع ولده فباع الولد لا يجوز في الروايات اه أي لأن في إجازة بيع الولد نقض أمانه كما في ط عن الولوالجية
قوله ( ولو عبدا مؤمنا ) وكذا الكافر بالأولى وكان الأولى التعبير بالقن ليخرج المدبر والمكاتب وأم الولد فإنهم لا يملكونهم كما سيذكره المصنف ومثل العبد الأمة كما في الدرر
مطلب يلحق بدار الحرب المفازة والبحر الملح قوله ( وأحرزوها بدارهم ) ويلحق بها البحر الملح ونحوه كمفازة ليس وراءها بلاد إسلام نقله بعضهم عن الحموي
وفي حاشية أبي السعود عن شرح النظم الهاملي سطح البحر له حكم دار الحرب اه
وفي الشرنبلالية قبيل باب العشر سئل قارىء الهداية عن البحر الملح أمن دار الحرب أو الإسلام أجاب إنه ليس من أحد القبيلين لأنه لا قهر لأحد عليه اه
قال في الدر المنتقى هناك لكن قدمنا في باب نكاح الكافر أن البحر الملح ملحق بدار الحرب
قوله ( ملكوها ) هو قول مالك وأحمد أيضا فيحل الأكل والوطء لمن اشتراه منهم كما في الفتح لقوله تعالى { للفقراء المهاجرين } سورة الحشر الآية 8 سماهم فقراء فدل على أن الكفار ملكوا أموالهم التي هاجروا عنها ومن لا يصل إلى ماله ليس فقيرا بل هو ابن سبيل ولذا عطفوا عليهم في آية الصدقات وهذا مؤيد لما ورد من طرق كثيرة وإن كانت ضعيفة تفيد هذا الحكم بلا شك كما أوضحه وأطال في تحقيقه ابن الهمام
قوله ( لا للاستيلاء الخ ) رد على الهداية حيث ذكر أن عند الشافعي لا يملكونها لأن الاستيلاء محظور فلا يفيد الملك
____________________
(4/160)
ولنا أن الاستيلاء ورد على مال مباح لأن العصمة في المال إنما ثبتت على منافاة الدليل وهو قوله تعالى { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا } سورة البقرة الآية 29 فإنه يقتضي إباحة الأموال وعدم العصمة لكنها ثبتت لضرورة تمكن المالك من الانتفاع فإذا زالت المكنة بالاستيلاء وتباين الدارين عاد مباحا كما كان اه
موضحا من العناية والفتح
مطلب في أن الأصل في الأشياء الإباحة قوله ( لما أن الصحيح الخ ) حاصله أن هذا التعليل المار عن الهداية مبني على أن الأصل في الأشياء الإباحة وهو رأي المعتزلة والصحيح من مذهب أهل السنة أن الأصل فيها الوقف حتى يرد الشرع بل الوجه أن العصمة ثابتة بخطاب الشرع عندنا فلم تظهر العصمة في حقهم وعند الشافعي هم مخاطبون بالشرائع فظهرت العصمة في حقهم فلا يملكونها بالاستيلاء هذا حاصل ما في المنبع شرح المجمع
أقول وفيه نظر من وجوه الأول أن ما مر عن الهداية ليس مبنيا على أن الأصل الإباحة لأن الخلاف المذكور فيه إنما هو قبل ورود الشرع وصاحب الهداية إنما أثبت الإباحة بعد ورود الشرع بمقتضى الدليل يعني أن مقتضى الدليل إباحتها لكن ثبتت العصمة بعارض وقد صرح بذلك في أصول البزدوي حيث قال بعد ورود الشرع الأموال على الإباحة بالإجماع ما لم يظهر دليل الحرمة لأن الله تعالى أباحها بقوله { خلق لكم ما في الأرض جميعا } سورة البقرة الآية 29
الثاني أن الكفار مخاطبون بالإيمان وبالعقوبات سوى حد الشرب وبالمعاملات وإنما الخلاف في العبادات كما قدمناه أوائل الجهاد
الثالث أن قوله فلم تظهر العصمة في حقهم أي هو مباح لهم ففيه رجوع إلى القول بالإباحة كما أفاده ط
الرابع أن نسبة الإباحة إلى المعتزلة مخالف لما في كتب الأصول ففي تحرير ابن الهمام المختار الإباحة عند جمهور الحنفية والشافعية اه
وفي شرح أصول البزدوي للعلامة الأكمل قال أكثر أصحابنا وأكثر أصحاب الشافعي إن الأشياء التي يجوز أن يرد الشرع بإباحتها وحرمتها قبل وروده على الإباحة وهي الأصل فيها حتى أبيح لمن لم يبلغه الشرع أن يأكل ما شاء وإليه أشار محمد في الإكراه حيث قال أكل الميتة وشرب الخمر لم يحرما إلا بالنهي فجعل الإباحة أصلا والحرمة بعارض النهي وهو قول الجبائي وأبي هاشم وأصحاب الظاهر
وقال بعض أصحابنا وبعض أصحاب الشافعي ومعتزلة بغداد إنها على الحظر
وقالت الأشعرية وعامة أهل الحديث إنها إلى الوقف حتى إن من لم يبلغه الشرع يتوقف ولا يتناول شيئا فإن تناول لم يوصف فعله بحل ولا حرمة
وقال عبد القاهر البغدادي تفسيره لا يستحق ثوابا ولا عقابا وإليه مال الشيخ أبو منصور اه
وبسط أدلة الأقوال فيه
قوله ( ويفترض علينا اتباعهم ) أي لاستنفاد أموالنا ما داموا في دار الإسلام فإن دخلوا دار الحرب لا يفترض والأولى الاتباع بخلاف الذراري يفترض اتباعهم مطلقا
بحر عن المحيط
وقوله مطلقا أي وإن دخلوا دار الحرب لكن ما لم يبلغوا حصونهم كما قدمناه أول الجهاد عن الذخيرة
قوله ( فإن أسلموا تقرر ملكهم ) أي لا سبيل لأربابها عليها بحر عن شرح الطحاوي وعبر الشارح بالتقرر لأن ملكهم بعد الإحراز
____________________
(4/161)
قبل الإسلام على شرف الزوال إذا غلبنا عليهم وبهذا التعبير صح ذكر هذه المسألة في شرح قوله وإن غلبوا على أموالنا الخ ليفيد أنه قوله ملكوها أي ملكا على شرف الزوال وإلا كان المناسب ذكرها عند قوله وملكنا ما نجده من ذلك الخ بأن يقول إلا أن كانوا أسلموا التقرر ملكهم
تأمل
قوله ( أما قبله ) أي قبل الإحراز
قوله ( مطلقا ) أي قبل القسمة أو بعدها
قوله ( فمن وجد ملكه ) الإضافة للعهد أي الذي يملكه الكفار فلو دخل في دارنا حربي بأمان وسرق من مسلم طعاما أو متاعا وأخرجه إلى دارهم ثم اشتراه مسلم وأخرجه إلى دارنا أخذه مالكه بلا شيء وكذا لو أبق عبد إليهم اشتراه مسلم كما في المحيط وغيره
قهستاني
قوله ( كما حققه في الدرر ) أي رادا على ما وقع في شرح المجمع لمصنفه من حمل القسمة على القسمة بين الكفار حيث قال إنه مخالف لجميع الكتب كما لا يخفى على أولي الأبصار
قوله ( بلا شيء ) تفسير لقوله مجانا
قوله ( بالقيمة ) أي قيمته يوم أخذ الغنائم
قهستاني
وفيه أيضا أنه لو مات الملك لا سبيل لوارثه لأن الخيار لم يورث اه أي لأنه مخير بين أخذه بالقيمة وتركه لكن نقل السائحاني عن الخانية لو مات المأسور منه بعد إخراج المشتري من العدو لورثته أخذه على قول محمد لا لبعض الورثة وعن أبي يوسف ليس للورثة أخذه
تنبيه في الشرنبلالية عن الجوهرة لو كان عبدا فأعتقه من وقع في سهمه نفذ عتقه وبطل حق المالك وإن باعه أخذه مالكه بالثمن وليس له نقض البيع
قوله ( جبرا للضررين الخ ) لأن المالك القديم يتضرر بزوال ملكه عنه بلا رضاه ومن وقع العين في نصيبه يتضرر بالأخذ منه مجانا لأنه استحقه عوضا عن سهمه في الغنيمة فقلنا بحق الأخذ بالقيمة جبرا للضررين بالقدر الممكن وقبل القسمة الملك فيه للعامة فلا يصيب كل فرد منهم ما يبالي بفوته فلا يتحقق الضرر اه
درر
قوله ( ولو قبلها الخ ) مكرر بما قبله ط
قوله ( الذي اشتراه ) الضمير المستتر عائد إلى تاجر لأنه وإن تأخر في اللفظ لكنه متقدم في المعنى لأنه في جواب الشرط فإن التقدير ولو اشتراه منهم تاجر أخذه بالثمن الذي اشتراه به
قوله ( وبالقيمة لو اتهبه منهم ) لأنه ثبت له ملك خاص فلا يزال إلا بالقيمة
بحر
وفيه إشارة إلى أنه لو مثليا لا فائدة في أخذه كما مر
قوله ( أو ملكه بعقد فاسد ) أي فإنه يأخذه بالقيمة لو قيميا
قوله ( ليس لمالكه أخذه ) أي بالخمر والخنزير بل يأخذه بقيمة نفسه كما نقله في النهر عن السراج الوهاج وحينئذ لا معنى للاستدراك بل كان عليه أن يقول لو ملكه بعقد فاسد كما لو شراه بخمر أو خنزير اه ح
قلت لكن صاحب السراج قال في الجوهرة وإن اشتراه بخمر أو خنزير أخذه بقيمة الخمر وإن شاء تركه اه
إلا أن يحمل هذا على ما إذا كان البيع مثليا وما في السراج على ما إذا كان قيميا
تأمل
ولم يذكر هل له أخذه بقيمة الخنزير والظاهر نعم يجعل قيمة الخنزير قائمة مقام المبيع لا مقام الخنزير كما ذكروه في الشفعة فيما لو اشترى دارا بخنزيز وشفيعها مسلم يأخذها بقيمة الخنزير وتكون قائمة مقام الدار فتأمل
قوله ( وكذا لو شراه الخ )
____________________
(4/162)
أي ليس لمالكه أخذه وهذا تقييد لقول المتن وبالثمن الخ
قوله ( فلو بأقل قدرا ) كما لو كان التاجر اشترى قفيز بر بنصف قفيز منه
قوله ( أو أردأ وصفا ) كإن اشترى قفيزا جيدا بأردأ منه وكذا لو بالعكس
قوله ( وليس بربا لأنه فداء ) أي لا عوض وهذا راجع إلى قوله فلو بأقل قدرا أما الأردأ وصفا بعد التماثل في القدر ولا يتوهم كونه ربا لأن جيدها ورديئها سواء
قوله ( وإن وصلية ) أي واصلة ما بعدها بما قبلها لا شرطية
قوله ( فقأ عينه ) المناسب أن يرسم ففيء بالياء مبنيا للمجهول وصورة المسألة إذا أخذ الكفار عبدا ودخلوا به دار الحرب فاشتراه رجل وأخرجه إلى دار الإسلام ففقئت عينه وأخذ أرشها فإن المولى يأخذه بالثمن الذي أخذه به المشتري من العدو ولا يأخذ الأرش لأن الملك فيه صحيح فكان الأرض حاصلا في ملكه ولو أخذه فإنما يأخذه بمثله لأن الأرش دراهم أو دنانير وتمامه في العناية
قوله ( أو فقأها المشتري ) أشار به إلى قول البحر إنه لا فرق في الفاقىء بين أن يكون المشتري أو غيره
قوله ( لأن الأوصاف الخ ) أي والعين كالوصف لأنها بها يحصل وصف الإبصار وقد كانت في ملك صحيح فلا يقابلها شيء منه والعقر كالأرش
نهر
قوله ( والقول للمشتري الخ ) لأنه ينكر استحقاق الأخذ بما يدعيه المالك القديم كالمشتري مع الشفيع
قوله ( لأن البينة مبينة ) أي مظهرة وهو علة لمقدر وهو إما عند وجود البرهان من أحدهما فيقبل لأن الخ
قوله ( أيضا ) أي كما أن بينة المالكم تقبل إذا برهن وحده كما علم مما قبله
قوله ( خلافا للثاني ) فإن البينة عنده بينة المشتري ولا يخفى أن الأوجه الأول لأن البينة لإثبات خلاف الظاهر والظاهر مع من يكون القول قوله وهو المشتري فبينة المالك أقوى لإثباتها خلافه هذا ما ظهر لي فافهم
قوله ( وإن تكرر الأسر والشراء ) قيد بالتكرار لأن المشتري الأول لو وهبه كان لمولاه أخذه من الموهوب له بقيمته كما لو وهبه الكافر لمسلم
فتح
قوله ( لو ورد الأسر على ملكه ) أي على ملك المشتري الأول فكان الأخذ له حتى لو أبى أن يأخذه لم يلزم المشتري الثاني إعطاؤه للأول
فتح
قوله ( ثم يأخذ المالك القديم ) أي ثم بعد أخذ المشتري الأول من المشتري الثاني إذا أراد المالك الأول أن يأخذه من المشتري الأول يأخذه بالثمنين
قوله ( وقبل أخذ الأول ) الظرف متعلق بما بعده وهو قوله لا يأخذه القديم قال في النهر أي لا يأخذه المالك القديم من الثاني ولو كان الأول غائبا أو حاضرا أبى عن أخذه لأن الأسر ما ورد على ملكه
قوله ( كي لا يضيع الثمن ) أي على المشتري الأول
قوله ( ومدبرنا ) ظاهر في المدبر المطلق أما المقيد فهل يملكونه أو لا وفي تعليل المصنف بأن الاستيلاء إنما يكون سببا للملك إذا لاقى محلا قابلا للملك إشارة إلى ملكهم المقيد
قوله ( شرنبلالية )
قوله ( فيأخذه مالكه ) ولو في يد تاجر اشتراه منه أو واحد من العسكر
نهر
قوله ( تؤدي قيمته ) أي لمن وقع في سهمه
____________________
(4/163)
مطلب في قولهم إن أهل الحرب أرقاء قوله ( ونملك عليهم جميع ذلك ) فلو أهدى ملكهم لمسلم هدية من أحرارهم ملكه إلا إذا كان قرابة له ولو دخل دارهم مسلم بأمان ثم اشترى من أحدهم ابنه ثم أخرجه إلى دارنا قهرا ملكه وهل يملكه في دارهم خلاف والصحيح لا كما في المحيط وفيه إشعار بأن الكفار في دارهم أحرار وليس كذلك فإنهم أرقاء فيها وإن لم يكن ملك لأحد عليهم على ما في المستصفى وغيره
قهستاني ملخصا
در
منتقى
قلت لكن قدمنا في العتق أن المراد بكونهم أرقاء أي بعد الاستيلاء عليهم أما قبله فهم أحرار لما في الظهيرية لو قال لعبده نسبك حر أو أصلك حر إن علم أنه سبي لا يعتق وإلا عتق
قال وهذا دليل على أن أهل الحرب أحرار اه
وما في المحيط دليل عليه أيضا
قوله ( ولو ند ) أي نفر من باب ضرب مصدره الندود كما في البحر عن المغرب
قوله ( إذ لا بد للعجماء ) أي للدابة لكونها لا تعقل
قوله ( وإن أبق إليهم قن الخ ) أي سواء كان لمسلم أو ذمي قيد بقوله إليهم لأنهم لو أخذوه من دار الإسلام ملكوه اتفاقا وبقوله مسلم احترازا عن المرتد كما يأتي وفي العبد الذمي إذا أبق قولان كما في الفتح وبقوله قهرا لما في شرح الوقاية من أن الخلاف فيما أخذوه قهرا وقيدوه أما إذا لم يكن قهرا فلا يملكونه اتفاقا
نهر
قوله ( لا ) أي لا يملكونه فيأخذه المالك القديم بلا شيء سواء كان موهوبا منهم للذي أخرجه أو مشتري أو مغنوما لكن لو أخذه بعد القسمة بعوض الإمام المأخوذ منه من بيت المال وتمامه في الفتح
قوله ( لظهور يده على نفسه ) لأنه آدمي مكلف له يد على نفسه وإنما سقط اعتبار يده لتمكين المولى من الانتفاع وقد زالت يد المولى بمجرد دخوله دار الحرب فظهرت يد العبد على نفسه وصار معصوما بنفسه فلم يبق محلا للتملك بخلاف ما إذا أخذوه من دارنا لأن يد المولى قائمة حكما لقيام يد أهل الدار وتمامه في الفتح
قوله ( ملكوه اتفاقا ) لعدم اليد والعصمة ط
قوله ( وأخذ غيره بالثمن مجانا ) أي عند الإمام وعندهما بالثمن أيضا اعتبارا لحالة الاجتماع بالانفراد ولا تكون يده على نفسه مانعة من استيلاء الكفار على مانعه لقيام الرق المانع للملك بالاستيلاء لغيره
بحر ونظر فيه في الفتح بأن ملكهم ما معه لإباحته وإنما يصير مباحا إذا لم تكن عليه يد لأحد وهذا عليه يد العبد
قوله ( وعتق عبد مسلم ) أي عند أبي حنيفة ومثله ما لو أسلم في يده كما في العناية
مطلب إذا شرى المستأمن عبدا ذميا يجبر على بيعه قوله ( لأنه يجبر على بيعه أي بيع العبد الذمي الذي شراه ولا يمكن من إدخاله دار الحرب كما في الزيلعي عن النهاية عن الإيضاح
قوله ( إقامة لتباين الدارين الخ ) هذا وجه قول الإمام وقالا لا يعتق لأن الإزالة كانت مستحقة بطريق معين وهو البيع وقد انقطعت ولاية الجبر عليه فبقي في يده عبدا وله أن تخلص المسلم عن ذل الكافر واجب فيقام الشرط وهو تباين الدارين مقام العلة وهو الإعتاق تخليصا له
____________________
(4/164)
كما يقام مضي الثلاث حيض مقام التفريق فيما إذا أسلم أحد الزوجين في دار الحرب
ابن كمال
قوله ( كما لو استولوا عليه الخ ) ذكر هذا الفرع في الدرر لكن ذكر في البزازية وكذا في التتارخانية من الملتقط عبد أسره أهل الحرب وألحقوه بدارهم ثم أبق منهم يرد إلى سيده
وفي رواية يعتق اه
وظاهره أن المرجح عدم العتق وهو ظاهر لأن سيده المسلم له حق استرداده كما يوضحه ما يأتي عقبه
قوله ( قيد بالمستأمن الخ ) عبارة النهر هكذا قيد بشراء المستأمن لأن الحربي لو أسر العبد المسلم وأدخله داره لا يعتق عليه اتفاقا للمانع عنده من عمل المقتضى عمله وهو حق استرداده المسلم اه
وبه يظهر ما في عبارة الشارح من الخلل
قوله ( لمانع حق استرداده ) الإضافة بيانية أي لمانع هو حق استرداد المولى المسلم عبده
حاصله الفرق من جهة الإمام بين هذه المسألة وما قبلها وهو أن كلامنا فيمن ملكه الحربي في دارنا ووجب إزالته عن ملكه وهنا لم يملكه قبل إدخاله دارهم فكان للمولى حق استرداده فلو أعتقناه على الحربي حين أحرزه أبطلنا حق استرداد المسلم إياه جبرا فكان ذلك مانعا من عمل المقتضى عمله أي من تأثير تباين الدارين في الإعتاق
قوله ( كعبد لهم الخ ) أي كما يعتق عبد الخ وهذا على قوله خلافا لهما
قوله ( أسلم ثمة ) أي في دار الحرب وهو قيد اتفاقي إذ لو خرج مراغما لمولاه فأسلم في دارنا فالحكم كذلك بخلاف ما إذا خرج بإذن مولاه أو بأمره لحاجة فأسلم في دارنا فإن حكمه أن يبيعه الإمام ويحفظ ثمنه لمولاه الحربي
بحر
قوله ( أو إلى عسكرنا ثمة ) لا يعلم فيه خلاف بين أهل العلم
فتح
قوله ( أو اشتراه مسلم الخ ) أي يعتق خلافا لهما لأن قهر مولاه زال حقيقة بالبيع وكان إسلامه يوجب إزالة قهره عنه إلا أنه تعذر الخطاب بالإزالة فأقيم ماله أثر في زوال الملك مقام الإزالة
بحر
قوله ( أو عرضه على البيع الخ ) لأنه لما عرضه فقد رضي بزوال ملكه
فتح
قوله ( ففي هذه التسع صور ) أقول بل هي إحدى عشرة صورة إلا أن العبد الذي اشتراه المستأمن وأدخله دارهم إما مسلم أو ذمي وقوله كما لو استولوا عليه أي على العبد المسلم أو الذمي
اه ح
قلت مسألة الاستيلاء قد علمت ما فيها نعم يزاد مسألة ما لو خرج مراغما لمولاه
قوله ( ولا ولاء لأحد عليه الخ ) عزاه في الدرر إلى غاية البيان عن شرح الطحاوي واعترض بأن الذي في شرح الطحاوي ولا يثبت ولاء العبد الخارج إلينا مسلما لأحد لأن هذا عتق حكمي اه
فقد خصه بالخارج إلينا
قلت لكن العذر لصاحب الدرر أن العتق حكمي في الكل فالظاهر عدم الفرق
قوله ( لو قال الحربي الخ ) الذي تقدم من المسائل صح فيه العتق بلا إعتاق وهذه بالعكس لأن العتق لم يصح فيها مع صريح الإعتاق والمراد بالحربي من كان منشؤه دار الحرب سواء أسلم هناك أو بقي على حربيته احترازا عن مسلم دخل دار الحرب فاشترى عبدا حربيا فأعتقه فالاستحسان أنه يعتق بلا تخلية وله الولاء كما حررناه أول باب العتق فراجعه
قوله ( آخذا بيده ) أي لم يخل سبيله
قوله ( لا يعتق عند أبي حنيفة ) حتى لو أسلم والعبد عنده فهو ملكه وعندهما يعتق لصدور ركن العتق من أهله بدليل صحة إعتاقه عبدا مسلما في دار الحرب في محله لكونه مملوكا
قوله ( لأنه معتق ببيانه ) أي بتصريحه بلسانه مسترق ببنانه أي بيده وهذا وجه قول الإمام
قال الزيلعي وهذا لأن الملك كما يزول يثبت باستيلاء
____________________
(4/165)
جديد وهو أخذه له بيده في دار الحرب فيكون عبدا له بخلاف المسلم لأنه ليس بمحمل التملك بالاستيلاء اه
والله سبحانه أعلم
باب المستأمن بكسر الميم اسم فاعل بقرينة التفسير ويصح بالفتح اسم مفعول والسين والتاء للصيرورة أي من صار مؤامنا
أفاده ط
قوله ( دار غيره ) المراد بالدار الإقليم المختص بقهر ملك إسلام أو كفر لا ما يشمل دار السكنى حتى يرد أنه غير مانع فافهم
قوله ( حرم تعرضه لشيء الخ ) شمل الشيء أمته المأسورة لأنها من أملاكهم بخلاف زوجته وأم ولده ومدبرته لعدم ملكهم لهن وكذا ما أسروه من ذراري المسلمين فله تخليصهم من أيديهم إذا قدر أفاده في البحر
تنبيه في كافي الحاكم وإن بايعهم الدرهم بدرهمين نقدا أو نسيئة أو بايعهم بالخمر والخنزير والميتة فلا بأس بذلك لأن له أن يأخذ أموالهم برضاهم في قولهما ولا يجوز شيء من ذلك في قول أبي يوسف اه
قوله ( إذ المسلمون عند شروطهم ) لأنه ضمن بالاستئمان أن لا يتعرض لهم والغدر حرام إلا إذا غدر به ملكهم فأخذ ماله أو حبسه أو فعل غيره بعلمه ولم يمنعه لأنهم هم الذين نقضوا العهد
بحر
قوله ( فلو أخرج الخ ) تفريع لكون الملك حراما على حرمة التعرض كما أشار إليه بقوله للغدر فافهم
قوله ( فيتصدق به ) لحصوله بسبب محظور وهو الغدر حتى لو كان جارية لا يحل له وطؤها ولا للمشتري منه بخلاف المشتراة شراء فاسدا فإن حرمة وطئها على المشتري خاصة وتحل للمشتري منه لأنه يباع بيعا صحيحا فانقطع به حق البائع الأول في الاسترداد وهنا الكراهة للغدر والمشتري الثاني كالأول فيه وتمامه في الفتح وفيه لو تزوج امرأة منهم ثم أخرجها إلى دارنا قهرا ملكها فينفسخ النكاح ويصح بيعه لها وإن طاوعته لا يصح بيعها لأنه لم يملكها وقيدوا إخراجها كرها بما إذا أضمر في نفسه أنه يخرجها ليبيعها ولا بد منه إذ لو أخرجها لاعتقاده أن له أن يذهب بزوجته إذا أوفاها المعجل ينبغي أن لا يملكها اه
قوله ( قيد بالإخراج لأنه لو غصب الخ ) يعني ولم يخرجه لأنه محترز القيد وعبارته في الدر المنتقى قيد بالإخراج لأنه لو لم يخرجه وجب رده عليهم للغدر
قوله ( وإن أطلقوه ) أي تركوه في دارهم
فتح
قوله ( لأنه لا يباح إلا بالملك ) ولا ملك قبل الإحراز بدارنا
قوله ( إلا إذا وجد ) أي الأسير ومثله التاجر كما قدمناه
وفي قوله امرأته إشارة إلى بقاء النكاح سواء سبيت الزوجة قبل زوجها أو بعده لكن في فتاوى قارىء الهداية أن المأسورة تبين
شرنبلالية
ثم نقل في النكاح ما يفيد أنها لا تبين لعدم تباين الدارين
قال فليتأمل فيما في قتاوى قارىء الهداية
در منتقى
قوله ( بخلاف الأمة ) أي القنة المأثورة فلا يحل له وطؤها مطلقا لأنها مملوكة لهم
بحر
قوله ( تجب العدة ) فلا يجوز وطؤهن حتى تنقضي عدتهن
بحر
قوله ( للشبهة ) أي شبهة الملك ففي البحر في غير هذا الموضع عن المحيط لأنهم
____________________
(4/166)
باشروا الوطء على تأويل الملك فتجب العدة ويثبت النسب اه
قوله ( فإن أدانه التاجر ) الذي دخل دار الحرب بأمان
قوله ( ببيع أو قرض ) ظاهره شمول الدين للقرض وهو موافق لما في المغرب مخالف لما في القاموس
وفي طلبة الطلبة ما حاصله أن من قصر المداينة على البيع بالدين شدد فقال أدان من باب الافتعال ومن أدخل فيه القرض ونحوه مما يجب في الذمة بالعقد أو الاستهلاك خفف وتمامه في النهر
قوله ( وبعكسه ) أي بأن أدان حربيا
قوله ( لأنه ما التزم الخ ) قال الزيلعي لأن القضاء يستدعي الولاية ويعتمدها ولا ولاية وقت الإدانة أصلا إذ لا قدرة للقاضي فيه على من هو في دار الحرب ولا وقت القضاء على المستأمن لأنه ما التزم حكم الإسلام فيما مضى من أفعاله وإنما التزمه فيما يستقبل والغصب في دار الحرب سبب يفيد الملك لأنه استيلاء على مال مباح غير معصوم فصار كالإدانة وقال أبو يوسف يقضي بالدين على المسلم دون الغصب لأنه التزم أحكام الإسلام حيث كان
وأجيب بأنه إذا امتنع في حق المستأمن امتنع في حق المسلم أيضا تحقيقا للتسوية بينهما اه
ملخصا
قال في الفتح ولا يخفى ضعفه فإن وجوب التسوية بينهما ليس في أن يبطل حق أحدهما بلا موجب لوجوب إبطال حق الآخر بموجب بل إنما ذلك في الإقبال والإقامة والإجلاس ونحو ذلك
قوله ( لأنه غدر ) لأنه التزم بالإمان أن لا يغدرهم ولا يقضى عليه لما ذكرنا
زيلعي أي من أنه استيلاء على مال مباح
والحاصل أن الملك حصل بالاستيلاء فلا يقضى عليه بالرد
لكنه بسبب محظور وهو الغدر فأورث خبثا في الملك فلذا يفتى بالرد ديانة فافهم
قوله ( لما بينا ) في قوله لأنه ما التزم حكم الإسلام الخ
قوله ( ككونه مكتوفا أو مغلولا ) أو مع عدد من المسلمين
بحر
قوله ( لوقوعه صحيحا ) أي والولاية ثابتة حالة القضاء لالتزامهما الأحكام بالإسلام
بحر
قوله ( للتراضي ) علة لكونه صحيحا
قوله ( لما مر ) أي أول الباب السابق ولا يؤمر بالرد لأن ملكه صحيح لا خبث فيه
نهر
أي لأنه لا غدر فيه بخلاف المستأمن
قوله ( لسقوط القود ) أي في العمد لأنه لا يمكن استيفاء القود إلا بمنعة ولا منعة دون الإمام وجماعة المسلمين ولم يوجد ذلك في دار الحرب
بحر
قوله ( كالحد ) أي كسقوط الحد لو زنى أو سرق لعدم الولاية
قوله ( فيهما ) أي في العمد والخطإ
قوله ( لتعذر الصيانة ) علة لقوله في ماله أي لا على العاقلة لأن وجوب الدية على العاقلة بسبب تركهم صيانته عن القتل ولا قدرة لهم عليها مع تباين الدارين وهذا في الخطإ فكان ينبغي أن يزيد ولأن العواقل لا تعقل العمد
قوله ( لإطلاق النص ) هو قوله تعالى { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } سورة النساء الآية 92 بلا تقييد بدار الإسلام أو الحرب
درر
قوله ( لما مر ) أي من إطلاق النص
قوله ( ولا شيء في العمد أصلا ) أي لا كفارة لأنها لا تجب في العمد عندنا ولا قود لما ذكره وهذا عنده وقالا في الأسيرين الدية في الخطأ والعمد وتمامه في البحر
قوله ( لأنه بالأسر الخ ) بيان للفرق من جهة الإمام بين المستأمنين والأسيرين
____________________
(4/167)
وذلك أن الأسير صار تبعا لهم بالقهر حتى صار مقيما بإقامتهم ومسافرا بسفرهم كعبيد المسلمين فإذا كان تبعا لهم فلا يجب بقتله دية كأصله وهو الحربي فصار كالمسلم الذي لم يهاجر إلينا وهو المراد بقوله كقتل مسلم من أسلم ثمة أي في دار الحرب فإنه لا يجب بقتل إلا الكفارة في الخطأ لأنه غير متقوم لعدم الإحراز بالدار فكذا هذا لبطلان الإحراز الذي كان في دارنا بالتبعية لهم في دارهم وأما المستأمن فغير مقهور لإمكان خروجه باختياره فلا يكون تبعا لهم وتمامه في الزيلعي
قوله ( فسقطت عصمته المقومة ) هي ما توجب المال أو القصاص عند التعرض والمؤثمة ما توجب الإثم والأولى تثبت بالإحراز بالدار كعصمة المال لا بالإسلام عندنا فإن الذمي م كفره يتقوم بالإحراز والثانية بكونه آدميا لأنه خلق لإقامة الدين ولا يتمكن من ذلك إلا بعصمة نفسه بأن لا يتعرض له أحد ولا يباح قتله إلا بعارض
أفاده الزيلعي
قوله ( كقتل مسلم أسيرا ) أفاد أن تصوير المسألة بالأسيرين غير قيد بل المعتبر كون المقتول أسيرا لأن المناط كون المقتول صار تبعا لهم بالقهر كما علمت سواء كان القاتل مثله أو مستأمنا فلو كان بالعكس بأن قتل الأسير مستأمنا فالظاهر أنه كقتل أحد المستأمنين صاحبه كما بحثه ح
قوله ( ولو ورثته مسلمون ثمة ) كذا في غالب النسخ وكان حقه أن يقول مسلمين لأنه خبر كان المقدرة بعد لو
وفي بعض النسخ المسلمون فهو صفة لورثته وخبر كان قوله قمة والله سبحانه أعلم
فصل في استئمان الكافر قوله ( ولا يمكن حربي مستأمن الخ ) قيد بالمستأمن لأنه لو دخل دارنا بلا أمان كان وما معه فيئا ولو قال دخلت بأمان إلا أن يثبت ولو قال أنا رسول الملك فلو معه كتاب بعلامة تعرف كان آمنا ولو دخل الحرم فهو فيء عنده وقالا لا يؤخذ ولكن لا يطعم ولا يسقى ولا يؤذى ولا يخرج
ولو قال مسلم أنا أمنته لم يصدق إلا أن يشهد رجلان غيره وسواء أخذ قبل الإسلام أو بعده عند الإمام وقالا إن أسلم فهو حر ولا يختص به الآخذ عنده وظاهر قولهما إنه يختص به
اه
ملخصا من الفتح والبحر وقدمنا بعضه قبل باب المغنم
قال الرملي ويؤخذ مما ذكر جواب حادثة الفتوى وهو أنه يخرج كثيرا من سفن أهل الحرب جماعة منهم للاستقاء من الأنهر التي بالسواحل الإسلامية فيقع فيهم بعض المسلمين فيأخذهم اه أي فيكون فيئا لجماعة المسملين عند الإمام
وفي كونه يخمس عنه روايتان كما قدمناه قبل المغنم
قوله ( لئلا يصير عينا لهم الخ ) العين هو الجاسوس والعون الظهير على الأمر والجمع أعوان
عناية
قال الرملي هذه العلة تنادي بحرمة تمكينه سنة بلا شرط وضع الجزية عليه إن هو أقامها
تأمل اه
قوله ( من قبل الإمام ) أي أو نائبه ط
قوله ( قيد اتفاقي ) أي بالنسبة للأقل لا للأكثر فلا يجوز تحديدا أكثر من سنة بقرينة قوله السابق لا يمكن الخ ط
قوله ( وقيل نعم ) أي يكون ذميا والأولى إبدال نعم بلا أي لا يكون شرطا
قوله ( وبه جزم في الدرر ) أي نقلا عن النهاية عن المبسوط لكن عبارة المبسوط ينبغي للإمام أن يتقدم إليه فيأمره إلى أن
____________________
(4/168)
قال وإن لم يقدر له مدة فالمعتبر الحول
قال في الفتح وليس بلازم أي لا يلزم من هذا أن قول الإمام له ذلك غير شرط فإنه يصدق بقوله له إن أقمت طويلا منعتك من العود فإن أقام سنة منعه من العود وفي هذا اشتراط التقدم غير أنه لم يوقت له مدة خاصة والوجه أن لا يمنعه حتى يتقدم اه
وأقره في البحر والنهر
وحاصله أن ما في المبسوط غير صحيح في عدم الاشتراط فلا ينافي تصريح العتابي بالاشتراط وهو ما يشير إليه قول الهداية لأنه لما أقام سنة بغير تقدير الإمام الخ وبه يستغنى عن قول السعدية فلعل فيه روايتين فافهم
وعليه فابتداء المدة من وقت التقدم لا من وقت الدخول
قوله ( ولا جزية عليه في حول المكث ) لأنه إنما صار ذميا بعده فتجب في الحول الثاني
بحر
قوله ( إلا بشرط أخذها منه فيه ) أي في الحول أي بأن قال له إن أقمت حولا أخذت منك الجزية
فتح
مطلب في أحكام المستأمن قبل أن يصير ذميا قوله وإذا صار ذميا يجري القصاص الخ أما قبل صيرورته ذميا فلا قصاص بقتله عمدا بل الدية
قال في شرح السير الأصل أنه يجب على الإمام نصرة المستأمنين ما داموا في دارنا فكان حكمهم كأهل الذمة إلا أنه لا قصاص على مسلم أو ذمي بقتل مستأمن ويقتص من المستأمن بقتل مثله ويستوفيه وارثه إن كان معه وذكر أيضا أن المستأمن في دارنا إذا ارتكب ما يوجب عقوبة لا يقام عليه إلا ما فيه حق العبد من قصاص أو حد قذف
وعند أبي يوسف يقام عليه كل ذلك إلا حد الخمر كأهل الذمة
ولو أسلم عبد المستأمن أجبر على بيعه ولم يترك يخرج به ولو دخل مع امرأته ومعهما أولاد صغار فأسلم أحدهما أو صار ذميا فالصغار تبع له بخلاف الكبار ولو إناثا لانتهاء التبعية بالبلوغ عن عقل ولا يصير الصغير تبعا لأخيه أو عمه أو جده ولو الأب ميتا في ظاهر الرواية
وفي رواية الحسن يصير مسلما بإسلام جده والصحيح الأول إذ لو صار مسلما إسلام الجد الأدنى لصار مسلما بإسلام الأعلى فيلزم الحكم بالردة لكل كافر لأنهم أولاد آدم ونوح عليهما السلام ولو أسلم في دارنا وله أولاد صغار في دارهم لم يتبعوه إلا إذا أخرجوا إلى دارنا قبل موت أبيهم اه
ملخصا
وسنذكر عنه أن تبعية الصغير تثبت وإن كان ممن يعبر عن نفسه وذكر في موضع آخر أن المستأمن لو قتل مسلما ولو عمدا أو قطع الطريق أو تجسس أخبارنا فبعث بها إليهم أو زنى بمسلمة أو ذمية كرها أو سرق لا ينتقض عهده اه
ملخصا
وحاصله أن المستأمن في دارنا قبل أن يصير ذميا حكمه حكم الذمي إلا في وجوب القصاص بقتله وعدم المؤاخذة بالعقوبات غير ما فيه حق العبد وفي أخذ العاشر منه العشر وقدمنا قبل هذا الباب أنه التزم أمر المسلمين فيما يستقبل
مطلب ما يؤخذ من النصارى زوار بيت المقدس لا يجوز أقول وعلى هذا فلا يحل أخذ ماله بعقد فاسد بخلاف المسلم المستأمن في دار الحرب فإن له أخذ ما لهم برضاهم ولو بربا أو قمار لأن مالهم مباح لنا إلا أن الغدر حرام وما أخذ برضاهم ليس غدرا من المستأمن بخلاف المستأمن منهم في دارنا لأن دارنا محل إجراء الأحكام الشرعية فلا يحل لمسلم في دارنا أن يعقد مع المستأمن إلا ما يحل من العقود مع المسلمين ولا يجوز أن يؤخذ منه شيء لا يلزمه شرعا وإن جرت به العادة كالذي يأخذ من زوار بيت المقدس كما قدمناه في باب العاشر عن الخير الرملي
وسيأتي تمامه في الجزية
____________________
(4/169)
مطلب مهم فيما يفعله التجار من دفع ما يسمى سوكرة وتضمين الحربي ما هلك في المركب وبما قررناه يظهر جواب ما كثر السؤال عنه في زماننا وهو أنه جرت العادة أن التجار إذا استأجروا مركبا من حربي يدفعون له أجرته ويدفعون أيضا مالا معلوما لرجل حربي مقيم في بلاده يسمى ذلك المال سوكرة على أنه مهما هلك من المال الذي في المركب بحرق أو غرق أو نهب أو غيره فذلك الرجل ضامن له بمقابلة ما يأخذه منهم وله وكيل عنه مستأمن في دارنا يقيم في بلاد السواحل الإسلامية بإذن السلطان يقبض من التجار مال السوكرة وإذا هلك من مالهم في البحر شيء يؤدي ذلك المستأمن للتجار بدله تماما والذي يظهر لي أنه لا يحل للتاجر أخذ بدل الهالك من ماله لأن هذا التزام ما لا يلزم
فإن قلت إن المودع إذا أخذ أجرة على الوديعة يضمنها إذا هلكت
قلت ليست مسألتنا من هذا القبيل لأن المال ليس في يد صاحب السوكرة بل في يد صاحب المركب وإن كان صاحب السوكرة هو صاحب المركب يكون أجيرا مشتركا قد أخذ أجرة على الحفظ وعلى الحمل وكل من المودع والأجير المشترك لا يضمن ما لا يمكن الاحتراز عنه كالموت والغرق ونحو ذلك
فإن قلت سيأتي قبيل باب كفالة الرجلين قال لآخر اسلك هذا الطريق فإنه آمن فسلك وأخذ ماله لم يضمن ولو قال إن كان مخوفا وأخذ مالك فأنا ضامن ضمن وعلله الشارح هناك بأنه ضمن الغار صفة السلامة للمغرور نصا اه أي بخلاف الأولى فإنه لم ينص على الضمان بقوله فأنا ضامن وفي جامع الفصولين الأصل أن المغرور إنما يرجع على الغار لو حصل الغرور في ضمن المعاوضة أو ضمن الغار صفة السلامة للمغرور فيصار كقول الطحان لرب البر جعله في الدلو فجعله فيه فذهب من النقب إلى الماء وكان الطحان عالما به يضمن إذ غره في ضمن العقد وهو يقتضي السلامة اه
قلت لا بد في مسألة التغرير من أن يكون الغار عالما بالخطر كما يدل عليه مسألة الطحان المذكورة وأن يكون المغرور غير عالم إذ لا شك أن رب البر لو كان عالما بنقب الدلو يكون هو المضيع لما له باختياره ولفظ المغرور ينبىء عن ذلك لغة لما في القاموس غيره غرا وغرورا فهو مغرور وغرير خدعه وأطمعه بالباطل فاغتر هو اه
ولا يخفى أن صاحب السوكرة لا يقصد تغرير التجار ولا يعلم بحصول الغرق هل يكون أم لا
وأما الخطر من اللصوص والقطاع فهو معلوم له وللتجار لأنهم لا يعطون مال السوكرة إلا عند شدة الخوف طمعا في أخذ بدل الهالك فلم تكن مسألتنا من هذا القبيل أيضا نعم قد يكون للتاجر شريك حربي في بلاد الحرب فيعقد شريكه هذا العقد مع صاحب السوكرة في بلادهم ويأخذ منه بدل الهالك ويرسله إلى التاجر فالظاهر أن هذا يحل للتاجر أخذه لأن العقد الفاسد جرى بين حربيين في بلاد الحرب وقد وصل إليه مالهم برضاهم فلا مانع من أخذه وقد يكون التاجر في بلادهم فيعقد معهم هناك ويقبض البدل في بلادنا أو بالعكس ولا شك أنه في الأولى إن حصل بينهما خصام في بلادنا لا نقضي للتاجر بالبدل وإن لم يحصل خصام ودفع له البدل وكيله المستأمن هنا يحل له أخذه لأن العقد الذي صار في بلادهم لا حكم له فيكون قد أخذ مال حربي برضاه
وأما في صورة العكس بأن كان العقد في بلادنا والقبض في بلادهم فالظاهر أنه لا يحل أخذه ولو برضا الحربي لابتنائه على العقد الفاسد الصادر
____________________
(4/170)
في بلاد الإسلام فيعتبر حكمه هذا ما ظهر لي في تحرير هذه المسألة فاغتنمه فإنه لا تجده في غير هذا الكتاب
قوله ( وتحرم غيبته كالمسلم ) لأنه بعقد الذمة وجب له مالنا فإذا حرمت غيبة المسلم حرمت غيبته بل قالوا إن ظلم الذمي أشد
قوله ( ويأخذوه ببينة ) في بعض النسخ ويأخذونه وهو المناسب لعدم ما يقتضي حذف النون
قوله ( ولو من أهل الذمة الخ ) قال في الفتح فإن أقاموا بينة من أهل الذمة قبلت استحسانا لأنهم لا يمكنهم إقامتها من المسلمين لأن أنسابهم في دار الحرب لا يعرفها المسلمون فصار كشهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال فإذا قالوا لا نعلم له وارثا غيرهم دفع إليهم المال وأخذ منهم كفيلا لما يظهر في المآل من ذلك قيل هو قولهما لا قول أبي حنيفة كما في المسلمين وقيل بل قوله جميعا ولا يقبل كتاب ملكهم ولو ثبت أنه كتابه اه أي لأن شهادته وحده لا تقبل فكتابه بالأولى
قوله ( بعد الحول ) أي بعد المدة التي عينها له الإمام حولا أو أقل أو أكثر
قوله ( كما يفيده الإطلاق ) كذا بحثه في البحر وتبعه في النهر وهذا ظاهر إن خيف عدم عوده وإلا فلا كما يفيده التعليل الآتي
قوله ( لأن عقد الذمة لا ينقض ) لكونه خلفا عن الإسلام
بحر
وعبارة الزيلعي لأن في عوده ضررا بالمسلمين بعوده حربا علينا وبتوالده في دار الحرب وقطع الجزية اه
ولا يخفى أن المفهوم منه أن المراد بالعود اللحاق بدارهم بلا رجوع
قوله ( ومفاده منع الذمي أيضا ) كذا في النهر وهو مصرح به في الفتح حيث قال وتثبت أحكام الذمي في حقه من منع الخروج إلى دار الحرب الخ
قلت والمراد الخروج على وجه اللحاق بهم إذ لو خرج لتجارة مع أمن عوده عادة لا يمنع كالمسلم بقرينة التعليل المار فتدبر
ثم رأيت في شرح السير الكبير أن الذمي لو أراد الدخول إليهم بأمان فإنه يمنع أن يدخل فرسا معه أو سلاحا لأن الظاهر من حاله أنه يبيعه منهم بخلاف المسلم إلا أن يكون معروفا بعدواتهم ولا يمنع من الدخول بتجارة على البغال والحمير والسفن لأنه للحمل لكن يستحلف أنه لم يرد بيع ذلك منهم
قوله ( كما يمنع ) الأولى أن يقول كما يصير ذميا كما قال الإمام محمد رحمه الله تعالى في السير الكبير إذا دخل الحربي دار الإسلام بأمان فاشترى أرض خراج فوضع عليه الخراج فيها كان ذميا اه
قال السرخسي فيوضع عليه خراج رأسه ولا يترك أن يخرج إلى داره لأن خراج الأرض لا يجب إلا على من هو من أهل دار الإسلام فكان ذميا
وفي الهداية وإذا لزمه خراج الأرض فبعد ذلك تلزمه الجزية لسنة مستقبلة لأنه يصير ذميا بلزوم الخراج فتعتبر المدة من وقت وجوبه
قوله ( بأن ألزم به وأخذ منه ) الظاهر أن المراد بالأخذ استحقاق الأخذ منه وهو معنى الوضع عليه في عبارة الإمام محمد فليس المراد به الأخذ بالفعل بل هو تأكيد لرد ما قيل إنه يصير ذميا بمجرد الشراء وهو خلاف ظاهر الرواية لأنه قد يشتريها للتجارة
قال في الفتح والمراد بوضعه إلزامه به وأخذه منه عند حلول وقته وهو بمباشرة السبب وهو زراعتها أو تعطيلها مع التمكن منها إذا كانت في ملكه أو زراعتها بالإجارة وهي في ملك غيره إذا كان خراج مقاسمة فإنه يؤخذ منه لا من المالك فيصير به ذميا بخلاف ما إذا كان على المالك اه أي بأن كان خراجا موظفا أي دراهم معلومة فإنه على مالك الأرض فلا يصير به المستأجر ذميا لأنه لا يؤخذ منه أما خراج المقاسمة وهو ما يكون جزءا من الخارج كنصفه أو ثلثه فإنه يؤخذ من المستأجر لكن هذا على قولهما أما على
____________________
(4/171)
قوله فإن الخراج مطلقا على المالك وكذا الخلاف في العشر وقد صرح بذلك السرخسي وهو الموافق لما تقدم في باب العشر وقدمنا ترجيح قول الإمام هناك ففي إطلاق الفتح نظر لإيهامه أن ذلك متفق عليه عندنا ولم ينبه على ذلك في البحر والنهر
فتدبر
قوله ( كخراج الرأس ) أي في أنه إذا التزمه صار ملتزما المقام في دارنا
بحر
قوله ( أو صار لها الخ ) أي تصير ذمية بذلك وظاهره أن النكاح حادث بعد دخولها دارنا وليس بشرط فإنهما لو دخلا دارنا ثم صار الزوج مسلما أو ذميا فهو كذلك كما أفاده في البحر وقيد بالكتابية لأنها لو كانت مجوسية وأسلم زوجها يعرض القاضي عليها الإسلام فإن أسلمت وإلا فرق بينهما ولها أن ترجع بعد انقضاء عدتها كما في شرح السير
قوله ( لتبعيتها له ) المراد بالتبعية كونها التزمت المقام معه كما في البحر وهذا شامل للزوج المسلم والذمي فافهم
قوله ( وإن لم يدخل بها ) فالشرط مجرد عقده عليها كما أشار إليه الزيلعي
بحر
قوله ( لا عكسه ) أي لا يصير المستأمن ذميا إذا نكح ذمية لأنه يمكنه طلاقها فيرجع إلى بلده فلم يكن ملتزما المقام وكذا لو دخلا بأمان فأسلمت
بحر
وما في الهداية في آخر كتاب الطلاق من أنه يصير ذميا بالتزوج في دارنا غلط من الكاتب مخالف للنسخة الأصلية
أفاده في النهر
قوله ( على ما مر عن الدرر ) أي من أنه لا يشترط قول الإمام إن أقمت سنة وضعنا علينا الجزية
قوله ( ومنه الخ ) أي من حكم المهر علم حكم غيره من الدين فإن للدائن منعه من الرجوع أيضا فإذا منعه ومضى حول صار ذميا
قوله ( فإن رجع المستأمن ) ظاهره أنه لا فرق بين كونه قبل الحكم بكونه ذميا أو بعده لأن الذمي إذا لحق بدار الحرب صار حربيا كما سيأتي
بحر
قوله ( فأسر ) أي من غير ظهور على دراهم بأن وجده مسلم فأسره
قوله ( بمعنى غلب ) الأولى تأخيره عن قوله عليهم لقول المغرب ظهر عليه غلب
قوله ( فأخذوه ) احتراز عما لو هرب كما يأتي
قوله ( سقط دينه ) لأن إثبات اليد عليه بواسطة المطالبة وقد سقطت ويد من عليه أسبق إليه من يد العامة فيختص به فيسقط ولا طريق لجعله فيئا لأنه الذي يؤخذ قهرا ولا يتصور ذلك في الدين
نهر وهذا معنى قوله الآتي لسبق يده فهو علة للكل
قوله ( وسلمه ) أي لو أسلم إلى مسلم دراهم على شيء
قوله ( وما غصب منه ) ذكره في البحر بحثا وبنى عليه في النهر السلم والأجرة
قوله ( وصار ماله ) أفاد أن الدين ليس ماله لأنه ملك المديون وللمالك حق المطالبة به ليستوفي مثله لا عينه
قوله ( كوديعته ) أي عند مسلم أو ذمي
ملتقى
قال ط وكذا غيره بالأولى
وفي البحر وإنما صارت وديعته غنيمة لأنها في يده تقديرا لأن يد المودع كيده فيصير فيئا تبعا لنفسه وإذا صار ماله غنيمة لا خمس فيه وإنما يصرف كما يصرف الخراج والجزية لأنه مأخوذ بقوة المسلمين بلا قتال بخلاف الغنيمة
قوله ( واختلف في الرهن ) فعند أبي يوسف للمرتهن بدينه وعند محمد يباع ويستوفي دينه والزيادة فيء للمسلمين وينبغي ترجيحه لأن ما زاد على قدر الدين في حكم الوديعة
بحر
ورده في النهر بأن تقديم قول أبي يوسف يؤذن بترجيحه
____________________
(4/172)
وهذا لأن الوديعة إنما كانت فيئا لما مر أنها في يده حكما ولا كذلك الرهن اه
وأجاب الحموي بأنه على تسليم أن التقديم يفيد الترجيح دائما فيفيد أرجحية الأول فيما إذا كان الرهن قدر الدين أما الزيادة فقد صرحوا في كتاب الرهن بأنها أمانة غير مضمونة وكذا قال ح الحق ما في البحر وذكر نحو ذلك
قوله ( وجب التسليم إليه ) لأن ماله لا يصيره فيئا إلا بأسره أو بقتله ولم يوجد أحدهما ط
قوله ( وعليه ) أي على ما ذكر من وجوب التسليم ووجه البناء أن طلب غريمه كطلبه بوكيله أو رسوله وهذه المسألة ذكرها في البحر بحثا فقال ولم أر حكم ما إذا كان على المستأمن دين لمسلم أو ذمي أدانه له في دارنا ثم رجع ولا يخفى أنه باق لبقاء المطالبة وينبغي أن يوفي من ماله المتروك ولو صارت وديعته فيئا اه
ولا يخفى أن فيما ذكره الشارح تبعا للنهر من بناء المسألة على ما قبلها تقوية للبحث وقد علمت وجهه
وقال في النهر فإن كانت الوديعة من غير جنس الدين باعها القاضي ووفى منها وقد أفتيت بذلك اه
قوله ( فماله له ) وكذا دينه ويلزم من ذلك أنه لو أرسل من يأخذه وجب تسليمه كما لا يخفى
قوله ( له ثمة ) أي في دار الحرب عرس بالكسر أي زوجة
قوله ( وأولاد ) أي ولو صغارا لأن الصغير إنما يتبع أباه في الإسلام عند اتحاد الدار
بحر أي ولو حكما لما في شرح التحرير وكذا يتبعه إذا كان المتبوع في دار الحرب والتابع في دار الإسلام اه أي لأن المسلم في دار الحرب من أهل دارنا
مطلب مهم الصبي يتبع أحد أبويه في الإسلام وإن كان يعقل ما لم يبلغ وخلافه خطأ تنبيه في شرح السير الكبير لو دخل الصغير الذي يعبر عن نفسه دارنا لزيارة أبويه فإن كانا ذميين فله الرجوع إلى دار الحرب بخلاف ما إذا كانا مسلمين أو أحدهما فإنه يصير مسلما تبعا للمسلم منهما لأن الذي يعبر عن نفسه في حكم التبعية في الإسلام كالذي لا يعبر عن نفسه
قال وبهذا تبين خطأ من يقول من أصحابنا إن الذي لا يعبر عن نفسه لا يصير مسلما تبعا لأبويه فقد نص محمد ها هنا على أنه يصير مسلما اه
والحاصل أنه تنقطع تبعية الولد في الإسلام لأحد أبويه ببلوغه عاقلا كما صرح به السرخسي قبل ذلك ومقتضاه أنه لو بلغ مجنونا تبقى التبعية وبه ظهر ما في فتاوى العلامة ابن الشلبي من أن الصبي إذا عقل لا يصير مسلما بإسلام أحد أبويه فقد علمت أن هذا القول خطأ وقد نبهنا على ذلك في باب نكاح الكافر وفي باب الجنائز عند قوله كصبي سبي مع أحد أبويه
وبقي ما لو ادعى الابن البلوغ وبرهن وادعى أبوه أنه قاصر وبرهن أيضا يريد القاضي أهل الخبرة وأما لو كانت الدعوى بعد مضي مدة تقدم بينة الأب إنه قاصر ليجعل الابن مسلما كما أفتى له الرحيمي وأطال في تحقيقه في فتاواه في أواخر كتاب الدعوى
قوله ( ثم ظهرنا عليهم ) أي على دارهم
قوله ( فكله ) أي كا ما ذكر من عرسه وما بعدها
قوله ( ولو سبي طفله الخ ) قال في البحر ولو سبي الصبي في هذه المسألة وصار في دار الإسلام فهو مسلم تبعا لأبيه لأنهما اجتمعا في دار واحدة بخلاف ما قبل إخراجه وهو فيء على كل حال اه
لكن في العزمية قوله ولو سبي أي مع أمه فإنه لو سبي بدونها لا تظهر
____________________
(4/173)
فائدة التبعية بالأب فإنه يحكم بإسلامه بتبعية الدار على ما مر في كتاب الصلاة اه أي في فصل الجنائز
قوله ( لاتحاد الدار ) لأنه لما أسلم في دار الحرب تبعه طفله
درر
فالمراد بالدار دار الحرب فافهم وذلك لأن ما ثبت يكون باقيا ما لم يوجد مزيل ومثله لو لم يسلم بل بعث إلى الإمام إني ذمة لكم أقيم في دار الحرب وأبعث بالخراج كل سنة جاز ويكون الأب أحق به لما قلنا لأن الذمي لا يملك بالقهر وكذا لو أسلم الأب في دارنا أو صار ذميا ثم رجع حتى ظهرنا على دارهم تبعه طفله ولا سبيل عليه وتمامه في شرح السير قوله ( وغيره ) أي غير ما ذكر من الطفل والوديعة مع معصوم وهو أولاده الكبار وعرسه وعقاره ووديعته مع حربي
درر قوله ( لعدم النيابة ) أي نيابة الغاصب عنه قوله ( وللإمام حق أخذ دية الخ ) زاد لفظ حق إشارة إلى ما في البحر من أن أخذه الدية ليس لنفسه بل ليضعها في بيت المال وهو المقصود من ذكرها هنا وإلا فحكم القتل الخطإ معلوم ولذا لم ينص على الكفارة لما سيأتي في الجنايات قوله ( ودية مستأمن أسلم هنا ) أما إذا لم يكن مستأمنا أو لم يسلم لا شيء على قاتله كما في شرح مسكين وتقدم قبيل هذا الفصل ما لو أسلم في دار الحرب فقتله مسلم قوله ( له القتل قصاصا ) لأن الدية وإن كانت أنفع للمسلمين من قتله لكن قد تعود عليهم من قتله منفعة أخرى وهي أن ينزجر أمثاله عن قتل المسلمين
بحر قوله ( أو الدية صلحا ) أي برضا القاتل لأن موجب العمد هو القود
بحر
وحاصله أن للإمام أن يقتل أو يصالح على الدية إن رضي القاتل بالصلح والظاهر أنه ليس له الصلح على أقل من الدية كما يفيده التعليل الآتي إلا إذا لم يمكن إثبات القتل عليه كما في وصي اليتيم
تأمل
قال في الشرنبلالية وهل إذا طلب الإمام الدية ينقلب القصاص ما لا كما في الولي فلينتظر اه
قلت الظاهر نعم لقول الفتح وإنما كان للسلطان ذلك أي القتل أو الصلح لأنه هو ولي المقتول
قال عليه الصلاة والسلام لسلطان ولي من لا ولي له اه
قوله ( نظرا ) لحق العامة فإن ولايته
عليهم نظرية وليس من النظر إسقاط حقهم بلا عوض
فتح
وفيه أيضا أنه لو كان المقتول لقيطا للإمام أن يقتل القاتل عندهما خلافا لأبي يوسف وتمامه فيه قوله ( أو من وجب عليه قود ) أي في النفس أما فيما دونها فيقتص منه في الحرم إجماعا ذكره الشارح في الجنايات ط قوله ( التجأ بالحرم ) فيه ذكره الشارح في الجنايات وفي شرح السير لو كانوا جماعة دخلوا الحرم للقتال فلا بأس أن نقاتلهم لقوله تعالى { حتى يقاتلوكم فيه } سورة البقرة الآية 191 لأن حرمة الحرم لا تلزمنا تحمل أذاهم كالصيد إذا صال على إنسان في الحرم
جاز قتله دفعا لأذاه ولو قاتلوا في غيره ثم انهزموا ودخلوا فيه لا نتعرض لهم إلا إذا كانت لهم فئة في الحرم وصارت لهم منعة لأن المتلجىء إلى فئة محارب وجميع ما ذكر في أهل الحرب هو كذلك في الخوارج والبغاة اه
مطلب فيما تصير به دار الإسلام دار حرب وبالعكس قوله ( لا تصير دار الإسلام دار حرب الخ ) أي بأن يغلب أهل الحرب على دار من دورنا أو ارتد أهل مصر وغلبوا وأجروا أحكام الكفر أو نقض أهل الذمة العهد وتغلبوا على دارهم ففي كل من هذه الصور لا تصير
____________________
(4/174)
دار حرب إلا بهذه الشروط الثلاثة وقالا بشرط واحد لا غير وهو إظهار حكم الكفر وهو القياس
هندية
ويتفرع على كونها صارت دار الحرب أن الحدود والقود لا يجري فيها وأن الأسير المسلم يجوز له التعرض لما دون الفرج وتنعكس الأحكام إذا صارت دار الحرب دار الإسلام فتأمل ط
وفي شرح درر البحار قال بعض المتأخرين إذا تحققت تلك الأمور الثلاثة في مصر المسلمين ثم حصل لأهله الأمان ونصب فيه قاض مسلم ينفذ أحكام المسلمين عاد إلى دار الإسلام فمن ظفر من الملاك الأقدمين بشيء من ماله بعينه فهو له بلا شيء ومن ظفر به بعدما باعه مسلم أو كافر من مسلم أو ذمي أخذه بالثمن إن شاء ومن ظفر به بعدما وهبه مسلم أو كافر لمسلم أو ذمي وسلمه إليه أخذه بالقيمة إن شاء اه
قلت حاصله أنه لما صار دار الحرب صار في حكم ما استولوا عليه في دارهم
قوله ( بإجراء أحكام أهل الشرك ) أي على الاشتهار وأن لا يحكم فيها بحكم أهل الإسلام
هندية
وظاهره أنه لو أجريت أحكام المسلمين وأحكام أهل الشرك لا تكون دار حرب ط
قوله ( وباتصالها بدار الحرب ) بأن لا يتخلل بينهما بلدة من بلاد الإسلام
هندية ط
وظاهره أن البحر ليس فاصلا بل قدمنا في باب استيلاء الكفار أن بحر الملح ملحق بدار الحرب خلافا لما في فتاوى قارىء الهداية
قلت وبهذا ظهر أن ما في الشام من جبل تيم الله المسمى بجبل الدروز وبعض البلاد التابعة كلها دار إسلام لأنها وإن كانت لها حكام دروز أو نصارى ولهم قضاة على دينهم وبعضهم يعلنون بشتم الإسلام والمسلمين لكنهم تحت حكم ولاة أمورنا وبلاد الإسلام محيطة ببلادهم من كل جانب وإذا أراد ولي الأمر تنفيذ أحكامنا فيهم نفذها
قوله ( بالأمان الأول ) أي الذي كان ثابتا قبل استيلاء الكفار للمسلم بإسلامه وللذمي بعقد الذمة
هندية ط
تتمة ذكر في أول جامع الفصولين كل مصر فيه وآل مسلم من جهة الكفار يجوز منه إقامة الجمع والأعياد وأخذ الخراج وتقليد القضاء وتزويج الأيامي لاستيلاء المسلم عليهم وأما طاعة الكفرة فهي موادعة ومخادعة وأما في بلاد عليها ولاة كفار فيجوز للمسلمين إقامة الجمع والأعياد ويصير القاضي قاضيا بتراضي المسلمين ويجب عليهم طلب وآل مسلم اه
وقدمنا نحوه في باب الجمعة عن البزازية
قوله ( وهذا ) أي قوله حربي أو مرتد إلى آخر الباب
وقوله لمجيء بعضه أي المسألة الأولى فإنها ستجيء في الجنايات
وقوله ووضوح باقيه أي مسألة الدار وفي وضوحها نظر والله سبحانه أعلم
باب العشر والخراج والجزية شروع فيما على المستأمن في أرضه من الوظائف المالية إذا صار ذميا بعد الفراغ عما به يصير ذميا وذكر العشر معه تتميما لوظيفة الأرض وقدمه لما فيه من معنى العبادة
نهر
وألحق به الجزية لأن المصرف واحد
____________________
(4/175)
قوله ( أرض العرب ) في مختصر تقويم البلدان جزيرة العرب خمسة أقسام تهامة ونجد وحجاز وعروض
ويمن
فأما تهامة فهي الناحية الجنوبية من الحجاز وأما نجد فهي الناحية التي بين الحجاز والعراق وأما الحجاز فهو جبل يقبل من اليمن حتى يتصل بالشام وفيه المدينة وعمان وأما العروض فهو اليمامة إلى البحرين
وإنما سمي الحجاز حجازا لأنه حجز بين نجد واليمامة
قال الواقدي الحجاز من المدينة إلى تبوك ومن المدينة إلى طريق الكوفة وما وراء ذلك إلى أن يشارف البصرة فهو نجد ومن المدينة إلى طريق مكة إلى أن يبلغ هبط العرج حجاز أيضا وما وراء ذلك إلى مكة وجدة فهو تهامة وما كان بين العراق وبين وجرة وغمرة الطائف فهو نجد وما وراء وجرة إلى البحر فهو تهامة وما بين تهامة ونجد فهو حجاز اه
قوله ( وهي من حد الشام ) نظم بعضهم حدها طولا وعرضا بقوله جزيرة هذه الأعراب حدت بحد علمه للحشر باقي فأما الطول عند محققيه فمن عدن إلى ربو العراق وساحل جدة إن سرت عرضا إلى أرض الشآم بالاتفاق قوله ( وما أسلم أهله ) أي والأرض التي أسلم أهلها وذكر الضمير هنا وفيما سيأتي مراعاة للفظ ما نهر
قوله ( عنوة ) بالفتح قال الفارابي وهو من الأضداد يطلق على الطاعة والقهر وهو المراد هنا
نهر
قوله ( وقسم بين جيشنا ) احترز به عما إذا قسم بين قوم كافرين غير أهله فإنه خراجي كما في النتف ولو قال بيننا لشمل ما إذا قسم بين المسلمين غير الغانمين فإنه عشري لأن الخراج لا يوظف على المسلم ابتداء
ذكره القهستاني
در
منتقى
قوله ( والبصرة أيضا ) والقياس أن تكون خراجية عند أبي يوسف لأنها بقرب أرض الخراج لكنه ترك القياس بإجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم
در
منتقى وغيره
وحاصله أنه سيأتي أن ما أحياه مسلم يعتبر قرية عند أبي يوسف
وعند محمد يعتبر الماء والمعتمد الأول والبصرة أحياها المسلمون لأنها بنيت في أيام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهي في حيز أرض الخراج فقياس قول أبي يوسف أن تكون خراجية
قوله ( لأنه أليق بالمسلم ) أي لما فيه من معنى العبادة وكذا هو أخف حيث يتعلق بنفس الخارج وهذا علة لما أسلم أهله أو قسم بين جيشنا وأما أرض العرب فلأنه لم ينقل عنه ولا عن أحد من الخلفاء أخذ خراج من أراضيهم وكما لا رق عليهم لا خراج على أراضيهم
نهر
وتمامه في الفتح
قوله ( وحررناه في شرح الملتقى ) نصه وفي دار جعلت بستانا خراج إن كانت لذمي مطلقا خلافا لهما أو لمسلم سقاها بمائه أي الخراج وإن سقاها بماء العشر فعشر ولو أن المسلم أو الذمي سقاها مرة بماء العشر ومرة بماء الخراج فالمسلم أحق بالعشر والذمي بالخراج كما في المعراج
واستشكل الباقاني وجوب الخراج على المسلم ابتداء فيما إذا سقاها بماء الخراج بل عليه العشر بكل حال
وفي الغاية عن السرخسي وهو الأظهر
وأجاب في البحر بأن الممنوع وضع في الخراج عليه جبر أما باختياره فيجوز كما هنا وكما لو أحيا مواتا بإذن الإمام وسقاها بماء الخراج فعليه الخراج اه ح
وسيأتي الكلام على ماء العشر والخراج
قوله ( وسواد قرى العراق ) أي عراق العرب
درر
في القاموس سواد البلد قراها وإنما سمي به لخضرة أشجاره وكثرة زروعه
____________________
(4/176)
والعراق بالكسر اسم البصرة والكوفة وبغداد ونواحيها
در
منتقى
وعليه فقوله قرى بدل من سواد أو تفسير على إسقاط أي التفسيرية والاحتراز بعراق العرب عن عراق العجم وهو من الغرب أذربيجان ومن الجنوب شيء من العراق وخورستان ومن الشرق مفازة خراسان وفارس ومن الشمال بلاد الديلم وقرفين كما في تقويم البلدان
قوله ( قرية من قرى الكوفة ) الذي في تقويم البلدان أنه ماء لبني تميم وهو أول ماء يلقي الإنسان بالبادية إذا سار من قادسية الكوفة يريد مكة اه
ولعله أراد بالقرية القادسية المذكورة ويؤيده أنه في تقويم البلدان جعلها الحد فإنه قال وامتداد العراق طولا وشمالا وجنوبا من الحديثة على دجلة إلى عبدان وامتداده عرضا غربا وشرقا من القادسية إلى حلوان
قوله ( بضم فسكون ) أي بضم الحاء وسكون اللام
قوله ( من الثعلبة ) الذي رأيته في غيره الثعلبية بياء النسبة
قوله ( غلط ) لأنها من منازل البادية بعد العذيبة بكثير كما نقل عن ذخيرة العقبى
قوله ( حصن صغير بشط البحر ) أي بحر فارس وهو يدور بها فلا يبقى منها في البر إلا القليل وهي عن البصرة مرحلة ونصف كذا في تقويم البلدان
قوله ( وبالأيام الخ ) قال في تقويم البلدان والسائر من تكريت وهي على النهاية الشمالية للعراق إلى عبدان وهي على النهاية الجنوبية له على تقويس الحد الشرقي مسافة شهر وكذلك من تكريت إلى عبدان إذا سار على تقويس الحد الغربي أعني من تكريت إلى الأنبار إلى واسط إلى البصرة إلى عبادان فيكون دور العراق مسافة شهرين وطوله على الاستقامة من تكريت إلى عبدان نحو عشرين مرحلة وعرض العراق من القادسية إلى حلوان نحو إحدى عشرة مرحلة اه
تأمل
وهذا تحديد العراق بتمامه وأما تحديد سواده ففي البحر عن البناية عن شرح الوجيز طول سواد العراق مائة وستون فرسخا وعرضه ثمانون فرسخا ومساحته ستة وثلاثون ألف جريب اه
قوله ( إلا مكة ) فإنها وإن فتحت عنوة لكنها عشرية لأنها من جزيرة العرب كما مر
قوله ( سواء أقر أهله عليه الخ ) أشار إلى أن قول المصنف تبعا للكنز وأقر أهله عليه ليس بشرط في كونها خراجية بل الشرط عدم قسمتها صرح بذلك في شرح الطحاوي كما في النهر ولم يقيد كونها خراجية بأن تسقى بماء الخراج لأنه لا فرق بينه وبين ما إذا سقيت بماء العشر كما إذا قسمت بين المسلمين فإنها عشرية وإن سقيت بماء الخراج وإنما التفصيل في الفرق بين ما يسقى بماء العشر أو بماء الخراج في الأرض المحياة لمسلم التي لم تقسم ولم يقر أهلها عليها كما حققه في البحر تبعا للفتح وغيره ويأتي بتمامه
قوله ( لأنه أليق بالكافر ) لأنه يشبه الجزية لما فيه من معنى العقوبة ولأن فيه تغليظا حيث يجب وإن لم يزرع بخلاف العشر لتعلقه بعين الخارج لا بالأرض
مطلب في أن أرض العراق والشام ومصر عنوة خراجية مملوكة لأهلها قوله ( وأرض السواد ) أي سواد العراق أي قراه وكذا كل ما فتح عنوة وأقر أهله عليه أو صولحوا ووضع الخراج على أراضيهم فهي مملوكة لأهلها
در
منتقى
قلت وكذا أرض الشام ومصر فتحت عنوة على الصحيح
____________________
(4/177)
وأقر أهلها عليها بالخراج فقد قال أبو يوسف في كتاب الخراج وهذه الأرضون إذا قسمت فهي أرض عشر وإن تركها الإمام في أيدي أهلها الذين قهروا عليها فهو حسن فإن المسلمين افتتحوا أرض العراق والشام ومصر ولم يقسموا شيئا من ذلك بل وضع عمر رضي الله عنه عليها الخراج وليس فيها خمس
اه ملخصا
فقد أفاد أنها مملوكة لأهلها
مطلب في جواز بيع الأراضي المصرية والشامية قوله ( ويجوز بيعهم لها وتصرفهم فيها ) أي بالرهن والهبة لأن الإمام إذا فتح أرضا عنوة له أن يقر أهلها عليها ويضع عليها الخراج وعلى رؤوسهم الجزية فتبقى الأرض مملوكة لأهلها وقدمناه قبل باب قسمة الغنائم
فتح
قال في الدرر المنتقى وتورث عنهم إلى أن لا يبقى منهم أحد فينتقل الملك لبيت المال الخ ويأتي تمامه
قوله ( ويجب الخراج في أرض الوقف ) أي الأرض الخراجية كما يأتي تقييده في قوله لو خراجية الخ
والحاصل أن الأرض تبقى وظيفتها بعد الوقف كما كانت قبله
مطلب أراضي المملكة والحوز لا عشرية ولا خراجية قوله ( فلا عشر ولا خراج ) لم يذكر في البحر العشر وإنما قال بعدما حقق إن الخراج ارتفع عن أراضي مصر لعودها إلى بيت المال بموت ملاكها قال فإذا اشتراها إنسان من الإمام بشرطه شراء صحيحا ملكها ولا خراج عليها فلا يجب عليها الخراج لأن الإمام قد أخذ البدل للمسلمين فإذا وقفها سالمة من المؤن فلا يجب الخراج فيها وتمامه فيما كتبناه في التحفة المرضية في الأراضي المصرية اه
نعم ذكر العشر في تلك الرسالة فقال إنه يجب أيضا لأنه لم ير فيه نقلا
قلت ولا يخفى ما فيه لأنهم قد صرحوا بأن فرضية العشر ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول وبأنه زكاة الثمار والزروع وبأنه يجب فى الأرض الغير الخراجية وأنه يجب فيما ليس بعشري ولا خراجي كالمفاوز والجبال وبأن سبب وجوبه الأرض النامية بالخارج حقيقة بأن يجب في أرض الصبي والمجنون والمكاتب لأنه مؤنة الأرض وبأن الملك غير شرط فيه بل الشرط ملك الخارج فيجب في الأراضي الموقوفة لعموم قوله تعالى { أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض } سورة البقرة الآية 267 وقوله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده } سورة الأنعام الآية 141 وقوله ما سقت السماء ففيه العشر وما سقي بغرب أو دالية ففيه نصف لعشر ولأن العشر يجب في الخارج لا في الأرض فكان ملك الأرض وعدمه سواء كما في البدائع ولا شك أن هذه الأرض المشتراة وجد فيها سبب الوجوب وهو الأرض النامية وشرطه وهو ملك الخارج ودليله وهو ما ذكرنا
وقول المتن يجب العشر في مسقى سماء وسيح الخ فالقول بعدم الوجوب في خصوص هذه الأرض يحتاج إلى دليل خاص ونقل صريح ولا يلزم من سقوط الخراج المتعلق بالأرض سقوط العشر المتعلق بالخارج على أنه قد ينازع في سقوط الخراج حيث كانت من أرض الخراج أو سقيت بمائه بدليل أن الغازي الذي اختط له الإمام دارا لا شيء عليه فيها فإذا جعلها بستانا وسقاها بماء العشر فعليه العشر أو بماء الخراج فعليه الخراج كما يأتي مع أن الواقع الآن في كثير من القرى أو المزارع الموقوفة أنه يؤخذ منها للميري النصف أو الربع أو العشر وقد نبهنا على ذلك في باب العشر من كتاب الزكاة
قوله ( لو كانت الأرض خراجية ) شرط لقوله ويجب الخراج وقوله والعشر
____________________
(4/178)
عطف على الخراج
قوله ( وقالوا الخ ) هو مصرح به في الهداية وغيرها
والحاصل الاتفاق على أنها خراجية وإنما اختلف العلماء في أنها فتحت عنوة أو صلحا ولا يؤثر في كونها خراجية لأنها تكون خراجية إذا لم يسلم أهلها سواء فتحت عنوة ومن على أهلها بها أو صلحا ووضع عليهم الجزية كما مر آنفا
مطلب لا شيء على زراع الأراضي السلطانية من عشر أو خراج سوى الأجرة قوله ( المأخوذ الآن من أراضي مصر أجرة لا خراج ) وكذا أراضي الشام كما يأتي عن ( فضل الله الرومي ) وقال في الدر المنتقى فيؤجرها الإمام ويأخذ جميع الأجرة لبيت المال كدار صارت لبيت المال واختار السلطان استغلالها وإن اختار بيعها فله ذلك إما مطلقا أو لحاجة فثبت أن بيع الأراضي المصرية وكذا الشامية صحيح مطلقا إما من مالكها أو من السلطان فإن كان من مالكها
انتقلت بخراجها وإن من السلطان فإن لعجز مالكها عن زراعتها فكذلك وإن لموت مالكها فقدمنا أنها صارت لبيت المال وإن الخراج سقط عنها فإذا باعها الإمام لا يجب على المشتري خراج سواء وقفها أو أبقاها
قلت وهذا نوع ثالث يعني لا عشرية ولا خراجية من الأراضي تسمى أرض المملكة وأراضي الحوز وهو من مات أربابه بلا وارث وآل لبيت المال أو فتح عنوة وأبقى للمسلمين إلى يوم القيامة وحكمه على ما في التتارخانية أنه يجوز للإمام دفعه للزراع بأحد طريقتين إما بإقامتهم مقام الملاك في الزراعة وإعطاء الخراج وإما بإجارتها لهم بقدر الخراج فيكون المأخوذ في حق الإمام خراجا ثم إن كان دراهم فهو خراج موظف وإن كان بعض الخارج فخراج مقاسمة وأما في حق الإكراه فأجرة لا غير
لا عشر ولا خراج فلما دل الدليل على عدم لزوم المؤنتين العشر والخراج في أراضي المملكة والحوز كان المأخوذ منها أجرة لا غير اه
ما في الدر المنتقى ملخصا
مطلب لا شيء على الفلاح لو عطلها ولو تركها لا يجبر عليها قلت فعلى هذا لا شيء على زراعها من عشر أو خراج إلا على قولهما بأن العشر على المستأجر كما مر في بابه على أنك علمت أن المأخوذ ليس أجرة من كل وجه بل هو في حق الإمام خراج ولا يجتمع عشر مع خراج
تأمل
ثم رأيت في الخيرية الزارع في الأرض الوقف عامل بالحصة وهو المستأجر وليس عليه خراج
قال في الإسعاف وإذ دفع المتولي الأرض مزارعة فالخراج أو العشر من حصة أهل الوقف لأنها إجارة معنى وبمثله نقول إذا كانت الأرض لبيت المال وتدفع مزارعة للمزارعين فالمأخوذ منهم بدل إجازة لا خراج كما صرح به الكمال وغيره ومما هو مصرح به أن خراج المقاسمة لا يلزم بالتعطيل فلا شيء على الفلاح لو عطلها وهو غير مستأجر لها ولا جبر عليه بسببها وبه علم أن بعض المزارعين إذا ترك الزراعة وسكن مصرا فلا شيء عليه فما تفعله الظلمة من الإضرار به حرام صرح به في البحر والنهر اه ملخصا
لكن إذا كان المأخوذ من المزارعين كالربع أو الثلث من الغلة بدل إجارة كما مر يلزم أن يكون استئجار الأرض ببعض الخارج منها وهو فاسد لجهالته فما وجه الجواز هنا قال في الدر المنتقى والجواب ما قلنا إنه جعل في حق الإمام خراجا وفي حق
____________________
(4/179)
الأكرة أجرة لضرورة عدم صحة الخراج حقيقة وحكما لما مر اه أي لعدم من يجب عليه بسبب موت أهلها وصيرورتها لبيت المال
قلت لكن يمكن جعلها مزارعة كما مر في كلام الخيرية وهي في معنى الإجارة لا إجارة حقيقة ولهذا قال في الفتح إن المأخوذ بدل إجارة
مطلب القول لذي اليد أن الأرض ملكه وإن كانت خراجية ثم اعلم أن أراضي بيت المال المسماة بأراضي المملكة وأراضي الحوز إذا كانت في أيدي زراعها لا تنزع من أيديهم ما داموا يؤدون ما عليها ولا تورث عنهم إذا ماتوا ولا يصح بيعهم لها ولكن جرى الرسم في الدولة العثمانية أن من مات عن ابن انتقلت لابنه مجانا وإلا فلبيت المال ولو له بنت أو أخ لأب له أخذها بالإجارة الفاسدة وإن عطلها متصرف ثلاث سنين أو أكثر بحسب تفاوت الأرض تنزع منه وتدفع لآخر ولا يصح فراغ أحدهم عنها لآخر بلا إذن السلطان أو نائبه كما في شرح الملتقى وتمام الكلام على ذلك قد بسطناه في تنقيح الفتاوى الحامدية
قوله ( ألا ترى أنها ليست مملوكة للزراع الخ ) هذا من كلام الفتح وأقره في البحر
قلت لكن عدم ملك الزارع في الأراضي الشامية غير معلوم لنا إلا في نحو القرى والمزارع الموقوفة أو المعلوم كونها لبيت المال أما غيرها فنراهم يتوارثونها ويبيعونها جيلا بعد جيل
وفي شفعة الفتاوى الخيرية سئل في أخوة لهم أراض مغروسة ولرجل أرض مغروسة مجاورة لها وطريق الكل واحد باع الرجل أرضه هل لهم أخذها بالشفعة ولا يمنع من ذلك كونها خراجية أجاب نعم لهم الأخذ بالشفعة وكونها خراجية لا يمنع ذلك إذ الخراج لا ينافي الملك
ففي التتارخانية وكثير من كتب المذهب وأرض الخراج مملوكة وكذلك أرض العشر يجوز بيعها وأيقافها وتكون ميراثا كسائر أملاكه فتثبت فيها الشفعة
وأما الأراضي التي حازها السلطان لبيت المال ويدفعها للناس مزارعة لا تباع فلا شفعة فيها فإذا ادعى واضع اليد الذي تلقاها شراء أو إرثا أو غيرهما من أسباب الملك أنها ملكه وأنه يؤدي خراجها فالقول له أو على من يخاصمه في الملك البرهان إن صحت دعواه عليه شرعا واستوفيت شروط الدعوى وإنما ذكرت ذلك لكثرة وقوعه في بلدنا حرصا على نفع هذه الأمة بإفادة هذا الحكم الشرعي الذي يحتاج إليه كل حين والله تعالى أعلم اه
ما في الخيرية
ولا يخفى أنه كلام حسن جار على القواعد الفقهية وقد قالوا إن وضع اليد والتصرف من أقوى ما يستدل به على الملك ولذا تصح الشهادة بأنه ملكه وفي رسالة الخراج لأبي يوسف وأيما قوم من أهل الخراج أو الحرب بادوا فلم يبق منهم أحد وبقيت أرضهم معطلة ولا يعرف أنها في يد أحد ولا أن أحدا يدعي فيها دعوى وأخذها رجل فحرثها وغرس فيها وأدى عنها الخراج أو العشر فهي له وهذه الموات التي وصفت لك وليس للإمام أن يخرج شيئا من يد أحد إلا بحق ثابت معروف اه
وقدمنا عنه أيضا أن أرض العراق والشام ومصر عنوية خراجية تركت لأهلها الذين قهروا عليها
وفي شرح السير للسرخسي فإن صالحوهم على أراضيهم مثل أرض الشام مدائن وقرى فلا ينبغي للمسلمين أن يأخذوا شيئا من دورهم وأراضيهم ولا أن ينزلوا عليهم منازلهم لأنهم أهل عهد وصلح اه
فإذا كانت مملوكة لأهلها فمن أين يقال إنها صارت لبيت المال باحتمال أن أهلها كلهم ماتوا بلا وارث فإن هذا الاحتمال لا ينفي الملك الذي كان ثابتا وقد سمعت التصريح في المتن تبعا للهداية بأن أرض سواد العراق مملوكة لأهلها يجوز بيعهم لها وتصرفهم فيها وكذلك أرض مصر والشام كما سمعته وهذا على مذهبنا ظاهر وكذا
____________________
(4/180)
عند من يقول إنها وقف على المسلمين فقد قال الإمام السبكي إن الواقع في هذه البلاد الشامية والمصرية أنها في أيدي المسلمين فلا شك أنها لهم إما وقفا وهو الأظهر من جهة عمر رضي الله عنه وإما ملكا وإن لم يعرف من انتقل منه إلى بيت المال فإن من بيده شيء لم يعرف من انتقل إليه منه يبقى في يده ولا يكلف بينة
ثم قال ومن وجدنا في يده أو ملكه مكانا منها فيحتمل أنه أحيى أو وصل إليه وصولا صحيحا اه
مطلب ليس للإمام أن يخرج شيئا من يد أحد إلا بحق ثابت معروف قال المحقق ابن حجر المكي في فتاواه الفقهية بعد نقله كلام السبكي فهذا صريح في أنا نحكم لذوي الأملاك والأوقاف ببقاء أيديهم على ما هي عليه ولا يضرنا كون أصل الأراضي ملكا لبيت المال أو وقفا على المسلمين لأن كل أرض نظرنا إليها بخصوصها لم يتحقق فيها أنها من ذلك الوقف ولا الملك لاحتمال أنها كانت مواتا وأحييت وعلى فرض تحقق أنها من بيت المال فإن استمرار اليد عليها والتصرف فيها تصرف الملاك في أملاكهم أو النظار فيما تحت أيديهم الأزمان المتطاولة قرائن ظاهرة أو قطعية على اليد المفيدة لعدم التعرض لمن هي تحت يده وعدم انتزاعها منه
قال السبكي ولو جوزنا الحكم برفع الموجود المحقق أي وهو اليد بغير بينة بل بمجرد أصل مستصحب لزم تسليط الظلمة على ما في أيدي الناس
ثم قال ابن حجر بعد كلام طويل إذا تقرر ذلك بان لك واتضح اتضاحا لا يبقى معه ريبة أن الأراضي التي في أيدي الناس بمصر والشام المجهول انتقالها إليهم تقر في يد أربابها ولا يتعرض لهم فيها بشيء أصلا لأن الأئمة إذا قالوا في الكنائس المبنية للكفر إنها تبقى ولا يتعرض لها عملا بذلك الاحتمال الضعيف أي كونها كانت في برية فاتصلت بها عمارة المصر فأولى أن يقولوا ببقاء تلك الأراضي بيد من هي تحت أيديهم باحتمال أنها كانت مواتا فأحييت أو أنها انتقلت إليهم بوجه صحيح
اه
مطلب فيما وقع من الملك الظاهر بيبرس من إرادته انتزاع العقارات من ملاكها لبيت المال وقد أطال رحمه الله تعالى في ذلك إطالة حسنة ردا على من أراد انتزاع أوقاف مصر وإقليمها وإدخالها في بيت المال بناء على أنها فتحت عنوة وصارت لبيت المال فلا يصح وقفها
قال وسبقه إلى ذلك الملك الظاهر بيبرس فإنه أراد مطالبة ذوي العقارات بمستندات تشهد لهم بالملك وإلا انتزعها من أيديهم متعللا بما تعلل به ذلك الظالم فقام عليه شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله تعالى وأعلمه بأن ذلك غاية الجهل والعناد وأنه لا يحل عند أحد من علماء المسلمين بل من في يده شيء فهو ملكه لا يحل لأحد الاعتراض عليه ولا يكلف إثباته ببينة ولا زال النووي رحمه الله تعالى يشنع على السلطان ويعظه إلى أن كف عن ذلك فهذا الحبر الذي اتفقت علماء المذاهب على قبول نقله والاعتراف بتحقيقه وفضله نقل إجماع العلماء على عدم المطالبة بمستند عملا باليد الظاهر فيها أنها وضعت بحق اه
قلت فإذا كان مذهب هؤلاء الأعلام أن الأراضي المصرية والشامية أصلها وقف على المسلمين أو لبيت المال ومع ذلك لم يجيزوا مطالبة أحد يدعي شيئا أنه ملكه بمستند يشهد له بناء على احتمال انتقاله إليه بوجه صحيح فكيف يصح على مذهبنا بأنها مملوكة لأهلها أقروا عليها بالخراج كما قدمناه أنه يقال إنها صارت لبيت المال وليست مملوكة للزراع لاحتمال موت المالكين لها شيئا فشيئا بلا وارث فإن ذلك يؤدي إلى إبطال أوقافها وإبطال المواريث فيها
____________________
(4/181)